You are on page 1of 949

‫)المفصل في أحكام الربا )‪4‬‬

‫الباب الخامس‬
‫فتاوى وبحوث معاصرة حول الربا‬
‫وأحكامه‬
‫)‪(3‬‬

‫جمع وإعداد‬
‫الباحث في القرآن والسنة‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫‪#‬رسالة إلى كل تاجر‪:‬‬


‫"التجار هم الفجار"‬
‫* الحمللللد لللللله وكفللللى وسلللللم علللللى عبللللاده الللللذين‬
‫اصطفى‪.......‬وبعد‪:‬‬
‫* المعاملت‪:‬‬
‫** اعلللم أن العبللادات المقصللود منهللا التحصلليل الخللروى ‪,‬‬
‫والمعللاملت المقصللود منهللا التحصلليل الللدنيوي‪...‬بمللا يصلللح‬
‫الدنيا للدين وليس لعبادة الدنيا والهوى والشيطان وما يتفرع‬

‫‪1‬‬
‫ملللن عبلللادة اللللدينار واللللدرهم‪...‬واللللبيع أوسلللع بللاب ملللن‬
‫المعاملت‪...‬‬
‫* فالبيع‪:‬‬
‫* معناه لغة‪ :‬فمطلق المبادلة وهو ضد الشراء ويطلللق اللبيع‬
‫على الشراء أيضا فلفظ البيع والشراء يطلق كل منهما على‬
‫مللا يطلللق عليلله الخللر فهمللا مللن اللفللاظ المشللتركة بيللن‬
‫المعاني المتضادة‪.‬‬
‫* وشرعا‪ :‬هو مبادلة مال بمال على سبيل التراضي‪.‬‬
‫* أركانه‪ :‬إيجاب وقبول‪.‬‬
‫* شرطه‪ :‬اهلية المتعاقدين‪.‬‬
‫* محله‪ :‬هو المال‪.‬‬
‫* حكمه‪ :‬هو ثبوت الملك للمشتري فللي المللبيع وللبللائع فللي‬
‫الثمن إذا كان تاما وعند الجازة إذا كان موقوفا‪.‬‬
‫* حكمته‪ :‬على ما ذكره الحافظ في الفتح إن حاجة النسللان‬
‫تتعلق بما فللي يللد صللاحبه غالبللا وصللاحبه قللد ل يبللذله ففللي‬
‫شرعية البيع وسيلة إلى بلوغ الغرض مللن غيللر حللرج اهللل‪....‬‬
‫وقد ذكر العلماء للبيع حكما كثيرة منها اتساع أمور المعللاش‬
‫والبقللاء‪ .‬ومنهللا اطفللاء نللار المنازعللات والنهللب والسللرقه‬
‫والخيانات والحيل المكروهة‪ .‬ومنها بقاء نظام المعاش وبقاء‬
‫العالم لن المحتاج يميل إلى ما في يد غيره فبغير المعاملللة‬
‫يفضي إلى التقاتل‬
‫والتنلللازع وفنلللاء العلللالم واختلل نظلللام المعلللاش‪).‬ذكلللره‬
‫الشوكانى فى النيل(‪.‬‬
‫* مشروعيته‪ :‬ثابتة بالكتاب والسنة والجماع‪.‬‬
‫* أنواع البيوع‪.‬‬
‫‪ -1‬فالمطلق ان كان ببيع بالثمن كالثوب بالدراهم‪.‬‬
‫‪ -2‬المقايضة بالياء التحتية إن كان عينا بعين كالثوب بالعبد‪.‬‬
‫‪ -3‬السلم إن كان بيع الدين بالعين‪.‬‬
‫‪ -4‬الصرف إن كان بيع الثمن بالثمن‪.‬‬
‫‪ -5‬المرابحة إن كان بالثمن مع زيادة‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -6‬التولية إن لن يكن مع زيادة‪.‬‬
‫‪ -7‬الوضعية إن كان بالنقصان‪.‬‬
‫‪ -8‬اللزم إن كان تاما ‪.‬‬
‫‪ -9‬غير اللزم إن كان بالخيار‪.‬‬
‫‪ -10‬الصحيح والباطل والفاسد والمكروه‪ ..........‬وغير ذلللك‬
‫مما هو مبسوط فى محله‪...‬‬
‫** التجار هم الفجار‪:‬‬
‫ثم ان البيع هو عمل التجللار لنلله سللبيل التجللارة ولكللن هللل‬
‫تعلم أن النيى صلللى الللله عليلله وسلللم قللال‪ :‬إن التجللار هللم‬
‫الفجار ‪...‬فى المستدرك عن عبد الرحمللن بللن شللبل يقللول‪:‬‬
‫سمعت رسول الللله ‪ -‬صلللى الللله عليلله وسلللم ‪ -‬يقللول‪) :‬إن‬
‫التجار هم الفجار(‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أليس قد أحللل الللله‬
‫الللبيع؟ قللال‪) :‬بلللى‪ ،‬ولكنهللم يحلفللون فيللأثمون‪ ،‬ويحللدثون‬
‫فيكذبون(‪...‬وقال هذا حديث صللحيح السللناد‪ ،‬ولللم يخرجللاه‪.‬‬
‫انظر حديث رقم ‪ 1594 :‬في صحيح الجامع ‪.‬‬
‫* وفى الترمذى كتاب الطلق واللعان ‪.‬‬
‫ي صلى الله عليلله وسلللم‬ ‫مي َةِ النب ّ‬ ‫س ِ‬ ‫جارِ وَت َ ْ‬ ‫جاَء في الت ّ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫باب َ‬
‫هم ‪.‬‬ ‫إ ِّيا ُ‬
‫ل‬ ‫ي صللى اللله عليله وسللم قلا َ‬ ‫ن النلب ّ‬ ‫د‪ ،‬عل ِ‬ ‫سلِعي ٍ‬ ‫ن أبلي َ‬ ‫*ع ْ‬
‫ن‬‫صللللد ِّيقي َ‬ ‫ن وال ّ‬ ‫مللللعَ الن ّب ِّييلللل َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫ميلللل ُ‬ ‫دوقُ ال ِ‬ ‫صلللل ُ‬ ‫جُر ال ّ‬ ‫"الت ّللللا ِ‬
‫شَهداِء"‪....‬ليصح مرفوعا ) ضعيف ( انظللر حللديث رقللم ‪:‬‬ ‫وال ّ‬
‫‪ 2499‬في ضعيف الجامع ‪.‬‬
‫ه‬
‫ج لد ّهِ أن ّل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن أِبيهِ ع ل ْ‬ ‫ة‪ ،‬ع ْ‬ ‫ن رَِفاعَ َ‬ ‫ن عُب َي ْدِ ب ِ‬ ‫لب ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬‫نإ ْ‬ ‫* وع ْ‬
‫ص لّلى‪ .‬فَ لَرأى‬ ‫م َ‬ ‫ي صلى الله عليلله وسلللم إل َللى ال ُ‬ ‫معَ النب ّ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫جاُبوا ل َِرسللو ِ‬ ‫س لت َ َ‬‫جللاِر" َفا ْ‬ ‫شَر الت ّ ّ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫ل "َيا َ‬ ‫ن فَقا َ‬ ‫س ي َت ََباي َُعو َ‬‫الّنا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫م إ ِل َي ْل ِ‬
‫صللاَرهُ ْ‬‫م وَأب ْ َ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وَرفَُعوا أعَْناقَهُ ْ‬
‫ن ات َّقى الله‬ ‫م ِ‬ ‫جارًا‪ .‬إل ّ َ‬ ‫مة ِ ف ُ ّ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ن ي َوْ َ‬‫جاَر ي ُب ْعَُثو َ‬ ‫ن الت ّ ّ‬ ‫ل "إ ّ‬ ‫فَقا َ‬
‫ق"‪.‬‬‫صد َ َ‬ ‫وَب َّر و َ‬
‫قوله‪) :‬التاجر الصللدوق الميللن الللخ( أي مللن تحللرى الصللدق‬
‫والمانة كان في زمرة البرار ملن النلبيين والصلديقين وملن‬

‫‪3‬‬
‫توخى خلفهما كان في قرن الفجار مللن الفسللقة والعاصللين‬
‫قاله الطيبي‪....‬‬
‫* وعن ابن عمر‪ :‬بلفظ التاجر المين الصللدوق المسلللم مللن‬
‫الشهداء يوم القيامة‪.‬‬
‫* وعن أنللس بللن مالللك بلفللظ‪ :‬التللاجر الصللدوق تحللت ظللل‬
‫العرش يوم القيامة‪.‬‬
‫* وعن ابن عباس بلفظ‪ :‬التاجر الصدوق ل يحجب من أبواب‬
‫الجنة‪.‬‬
‫*** فالتجار إما من البرار وإما من الفجار!!!!‬
‫* فمن اتقى الله بأن لم يرتكب كبيرة ول صلغيرة ملن غلش‬
‫وخيانة أي أحسن إلى الناس في تجارته أو قام بطاعللة الللله‬
‫وعبادته وصللدق أي فللي يمينلله وسللائر كلملله‪...‬واسللمع هللذا‬
‫الحديث المبشر بحب الله‪" :‬إن الله تعالى يحب سللمح الللبيع‬
‫سمح الشراء سمح القضاء"‪ . ...‬أخرجلله الترمللذى عللن أبللي‬
‫هريللرة ‪ ).‬صللحيح ( انظللر حللديث رقللم ‪ 1888 :‬فللي صللحيح‬
‫الجامع ‪...‬وفى رواية عند البخارى دعللاء مللن النللبى بالرحمللة‬
‫حيث قال‪ ":‬رحم الله عبدا سمحا إذا بللاع سللمحا إذا اشللترى‬
‫سمحا إذا قضى سمحا إذا اقتضى ‪ .‬أخرجه البخارى عن جابر‬
‫‪.....‬وفى روايللة البشللرة بللالمغفرة حيللث يقللول‪ ":‬غفللر الللله‬
‫لرجل ممن كان قبلكم كللان سللهل إذا بللاع سللهل إذا اشللترى‬
‫سللهل إذا اقتضللى ‪).‬أخرجلله أحمللد( عللن جللابر ‪ )....‬صللحيح (‬
‫انظر حديث رقم ‪ 4162 :‬في صحيح الجامع ‪.‬‬
‫واسمع الى هذه البشرة فى الكسب‪ ":‬أطيب الكسب عمللل‬
‫الرجل بيده و كل بيع مبرور ‪.... .‬أخرجه أحمد عن رافللع بللن‬
‫خديج ‪ ) ....‬صحيح ( انظر حللديث رقللم ‪ 1033 :‬فللي صللحيح‬
‫الجامع ‪.‬‬
‫* ومن سار على ما كان من ديدن التجار مللن التللدليس فللي‬
‫المعاملت والتهالك على ترويللج السلللع بمللا تيسللر لهللم مللن‬
‫اليمان الكاذبة ونحوها مللن المخالفللات فللى الللبيع والتجللارة‬
‫حكم عليهم بالفجور‪ ،‬وكانوا من الفجار‪....‬‬

‫‪4‬‬
‫** فأنت أيها التاجر إما مللن الفجللار والعيللاذ بللالله وإمللا مللن‬
‫البرار‪....‬فلماذا التجار مللن الفجللار أو كللادوا أن يكونللوا مللن‬
‫الفجار‪...‬أو كما قال لهم سيد الناس صلى الله عليه وسلللم ‪:‬‬
‫جارًا‪ ( ....‬لماذا‪....‬لماذا؟؟؟‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫مة ِ ف ُ ّ‬ ‫جاَر ي ُب ْعَُثو َ‬
‫ن ي َوْ َ‬ ‫ن الت ّ ّ‬
‫"إ ّ‬
‫* هل تريد أن تعرف لماذا‪...‬نعم لبد أن تعرف‪...‬ثللم لبللد أن‬
‫تعرف ‪...‬فلو عرفت أيهللا المسلللم أيهللا التللاجر لبكيللت كللثيرا‬
‫ولضللحكت قليل ‪...‬ل بللل لللن تضللحك لن المصلليبة كللبيرة‬
‫والمصاب في الدين عظيم‪....‬لقد صرنا بسبب التجارة فجللار‬
‫لماذا‪ ...‬أسمع‪:‬‬
‫أول‪ :‬لننا نبيع بيوع فيها غرر‪:‬‬
‫* ففي الحديث عن أبي هريللرة "أن النللبي صلللى الل ّلله عليلله‬
‫وآله وسلم نهى عن بيع الحصللاة وعللن بيللع الغللرر"‪ .....‬رواه‬
‫الجماعة إل البخاري‪.‬‬
‫قوله‪" :‬وعن بيع الغرر" ومن جملة بيع الغرر بيع السمك فللي‬
‫الماء… ومن جملته بيع الطير في الهواء… وهو مجمع علللى‬
‫ذلك والمعدوم والمجهول والبللق وكللل مللا دخللل فيلله الغللرر‬
‫بوجه من الوجوه‪.‬‬
‫قال النووي‪ :‬النهي عن بيع الغللرر أصللل مللن أصللول الشللرع‬
‫يدخل تحته مسائل كثيرة جدا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬نبيع ما يجوز بيعه وما ل يجوز‪:‬‬
‫* وقد جاءت النصوص تبين تحريم بيللع العصللير ممللن يتخللذه‬
‫خمرا وكل بيع أعان على معصية‪.‬‬
‫* ففى الحديث عن أنس "لعن رسول الّله صلللى الل ّلله عليلله‬
‫وآله وسلم في الخمر عشللرة عاصللرها ومعتصللرها وشللاربها‬
‫وحللامله والمحمللول إليهللا وسللاقيها وبائعهللا وآكللل ثمنهللا‬
‫والمشتري لها والمشتراة له"‪ ...‬رواه الترمذي وابن ماجة‪.‬‬
‫* وعن بريدة عند الطبراني في الوسط مللن طريللق محمللد‬
‫بللن أحمللد بللن أبللي خيثمللة بلفللظ " مللن حبللس العنللب أيللام‬
‫القطف حتى يللبيعه مللن يهللودي أو نصللراني أو ممللن يتخللذه‬
‫خمرا فقد نقحم النار على بصيرة" حسنه الحافظ فللي بلللوغ‬

‫‪5‬‬
‫المرام‪...‬وفى ذلك دليل على تحريم بيع العصير ممن يتخللذه‬
‫خمللرا وتحريللم كللل بيللع أعللان علللى معصللية قياسللا علللى‬
‫ذلك‪....‬أسمع!!!‬
‫ثالثا‪ :‬نبيع مال نملك‪:‬‬
‫فقللد جللاءت النصللوص بللالنهي عللن بيللع مللا ل يملكلله ليمللض‬
‫فيشتريه ويسلمه‪.‬‬
‫* فعن حكيم بن حزام قال "قلت يا رسللول الل ّلله صلللى الل ّلله‬
‫عليه وآله وسلم ياتيني الرجل فيسألني عن البيع ليس عندي‬
‫ما أبيعه منلله ثللم أبتلاعه ملن السللوق فقلال ل تبللع مللا ليللس‬
‫عنللدك"‪ ....‬رواه الخمسللة‪ ) .‬صللحيح ( انظللر حللديث رقللم ‪:‬‬
‫‪ 7206‬في صحيح الجامع ‪.‬‬
‫قوله‪" :‬ما ليللس عنللدك" أي مللاليس فللي ملكللك وقللدرتك‪...‬‬
‫ويدل على ذلك معنى عنللد لغللة أنهللا تسللتعمل فللي الحاضللر‬
‫القريب وما هو في حوزتك وإن كان بعيللدا‪ ....‬فمعنللى قللوله‬
‫صلى الّله عليه وآله وسلم "ل تبع ماليس عندك" أي مللاليس‬
‫حاضرا عندك ول غائبا في ملكللك وتحللت حوزتللك‪ ....‬وظللاهر‬
‫النهي تحريللم مللالم يكللن فللي ملللك النسللان ول داخل تحللت‬
‫مقدرته ‪....‬قال البغللوي النهللي فللي هللذا الحللديث عللن بيللوع‬
‫العيان الللتي ل يملكهللا أمللا بيللع شلليء موصللوف فللي ذمتلله‬
‫فيجوز فيه السلم بشروطه‪...‬‬
‫رابعا‪ :‬نبيع ما نملك قبل أن نقبضه ونحوزه‪:‬‬
‫* فالنصوص تنهي المشتري عن بيع ما اشتراه قبل قبضه‪:‬‬
‫* فعن جابر قللال "قللال رسللول الل ّلله صلللى الل ّلله عليلله وآللله‬
‫وسلم إذا ابتعت طعامللا فل تبعلله حللتى تسللتوفيه"‪ .......‬رواه‬
‫أحمد ومسلم‪ *.‬وعن أبي هريرة قال "نهى رسول الّله صلى‬
‫الل ّلله عليلله وآللله وسلللم أن يشللتري الطعللام ثللم يبللاع حللتى‬
‫يستوفي"‪ ....‬رواه أحمد ومسلم‪ .‬ولمسلللم "أن النللبي صلللى‬
‫الّله عليه وآله وسلم قال من اشترى طعامللا فل يللبيعه حللتى‬
‫يكتاله"‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫* وعن حكيم بن حزام قال "قلت يا رسول الّله أني أشللتري‬
‫بيوعا فما يحل لي منها وما يحرم على قال إذا اشتريت شيئا‬
‫فل تبعه حتى تقبضه"‪.‬‬
‫رواه أحمد‪.‬‬
‫* وعن زيد بن ثابت "أن النبي صلى الل ّلله عليلله وآللله وسلللم‬
‫نهللى أن تبللاع السلللع حيللث تبتللاع حللتى يحوزهللا التجللار إلللى‬
‫رحالهم"‪ ....‬رواه أبو داود والدارقطني‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬أننا نبيع لخر الذي بعناه اول بسبب الطمع‪:‬‬
‫* لقد دلت النصوص على المنع من بيع سلعة مللن رجللل ثللم‬
‫من آخر‪:‬‬
‫* فعن سمرة عن النلبي صللى الّلله عليله وآلله وسللم قلال‬
‫"أيما إمرأة زوجها وليان فهللي للول منهمللا وأيمللا رجللل بللاع‬
‫بيعا من رجلين فهو للول منهما"‪.‬رواه الخمسة إل ابن ملاجه‬
‫لم يذكر فيه فصل النكاح وهو يدل بعمللومه علللى فسللاد بيللع‬
‫البائع للمبيع وإن كان في مدة الخيار‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬نستغل جهل المشترى لسعر السوق‪:‬‬
‫* فعن ابن عمر قال "نهى النبي صلى الّله عليه وآله وسلللم‬
‫أن يبيع حاضر لباد"‪ .‬رواه البخاري والنسائي‪.‬‬
‫* وعن جابر "ان النبي صلى الل ّلله عليلله وآللله وسلللم قللال ل‬
‫يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الّله بعضهم مللن بعللض"‪...‬‬
‫رواه الجماعة إل البخاري‪.‬‬
‫* وعن أنس قال "نهينا أن يبيع حضر لباد وإن كان أخاه لبيه‬
‫وأمه"‪.‬‬
‫متفق عليه ‪ .‬ولبي داود والنسائي "أن النبي صلى الّله عليلله‬
‫وآله وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد وإن كان اباه وأخاه"‪.‬‬
‫* وعن ابن عباس "قال قال رسول الّله صلى الّله عليه وآله‬
‫وسلم ل تلقوا الركبان ول يبع حاضر لباد فقيللل لبللن عبللاس‬
‫ما قوله ل يبع حاضر لباد قال ل يكون لله سمسلارا"‪ ....‬رواه‬
‫الجماعة إل الترمذي‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫* والحاديث تدل على أنلله ل يجللوز للحاضللر أن يللبيع للبللادي‬
‫من غير فرق بين أن يكون البادي قريبا للله أو أجنبيللا وسللواء‬
‫كان في زمن الغلء أول وسواء كان يحتاج إليه أهل البلللد أم‬
‫ل وسواء باعه له علللى التدريللج أم دفعللة واحللدة‪ ....‬وقللالت‬
‫الشللافعية والحنابلللة أن الممنللوع إنمللا هللو أن يجيللء البلللد‬
‫بسلعة يريد بيعها بسللعر الللوقت فللي الحللال فيللأتيه الحاضللر‬
‫فيقول ضعه عندي لبيعه لك علللى التدريللج بللأغلى مللن هللذا‬
‫السعر‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬اننا نقع فى النجش وهو محرم‪ ]...‬المزادات[‪:‬‬
‫* عن أبي هريرة "أن النبي صلى الّله عليه وآله وسلللم نهللى‬
‫أن يبيع حاضر لباد وان يتناجشوا"‪.‬‬
‫* وعن ابن عمر قال "نهى النبي صلى الّله عليه وآله وسلللم‬
‫عن النجش"‪.‬‬
‫متفق عليهما‪.‬‬
‫* قوله‪" :‬النجش بفتح النون وسللكون الجيللم بعللدها معجمللة‬
‫قال في الفتح وهللو فللي اللغللة تنفيللر الصلليد واسللتثارته مللن‬
‫مكان ليصاد يقال نجشت الصيد أنجشلله بالضللم نجشللا وفللي‬
‫الشللرع الزيللادة فللي السلللعة ويقللع ذلللك بمواطللأة البللائع‬
‫فيشتركان في الثم ويقع ذلك بغير علم البائع فيختص بللذلك‬
‫الناجش وقد يختص به البائع كمن يخللبر بللأنه اشللترى سلللعة‬
‫بأكثر مما اشللتراها بلله ليغللر غيللره بللذلك‪....‬وقللال الشللافعي‬
‫النجش أن تحضر السلللعة تبللاع فيعطللى بهللا الشلليء وهللو ل‬
‫يريد شراءها ليقتدي به السوام فيعطون بها أكثر ممللا كللانوا‬
‫يعطون لو لم يسمعوا سومه‪ .‬قال ابن بطللال أجمللع العلمللاء‬
‫على أن الناجش عاص بفعله واختلفوا في البيع إذا وقع على‬
‫ذلك ونقل ابن المنذر عن طائفة من أهل الحديث فساد ذلك‬
‫البيع إذا وقع على ذلك وهو قللول أهللل الظللاهر وروايللة عللن‬
‫مالك وهو المشهور عند الحنابلللة إذا كللان بموطللأه البللائع أو‬
‫صنعته‪.‬‬
‫ثامن‪ :‬نغرر بالتاجر الذى دخل فى التجارة حديثا‪:‬‬

‫‪8‬‬
‫* فعن ابن مسعود قال "نهللى النللبي صلللى الل ّلله عليلله وآللله‬
‫وسلم عن تلقي البيوع"‪ ...‬متفق عليه‪ ....‬فيه دليللل علللى أن‬
‫التلقي محرم‪.‬‬
‫* وعن أبي هريرة قال نهى النبي صلى الّله عليه وآله وسلم‬
‫أن يتلقى الجلب قال تلقاه انسان فابتاعه فصللاحب السلللعة‬
‫فيها بالخيار إذا ورد السوق"‪ .‬رواه الجماعة إل البخاري وفيه‬
‫دليل على صحة البيع‪ ....‬وظاهره أن النهي لجل صنعة البائع‬
‫وازالة الضرر عنه وصيانته ممن يخدعه‪ ...‬وحمله مالك علللى‬
‫نفع أهل السوق ل على نفللع رب السلللعة‪ ...‬والحللديث حجللة‬
‫للشافعي لنه أثبت الخيار للبائع ل لهل السوق اهل‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬نبيع على بيع بعضنا‪:‬‬
‫* فعن ابن عمر "أن النبي صلى الّله عليه وآله وسلم قال ل‬
‫بيع أحدكم على بيع أخيه ول يخطب أحدكم على خطبة أخيلله‬
‫ل أن يأذن له"‪.‬‬
‫رواه أحمد ‪ .‬وللنسائي "ل بيللع أحللدكم علللى بيللع أخيلله حللتى‬
‫يبتاع أو يذر" وفيه بيان أنه أراد بالبيع الشراء‪.‬‬
‫* وعن أبي هريرة "أن النبي صلى الّله عليه وآله وسلم قال‬
‫ل يخطب الرجل على خطبة أخيلله ول يسللوم علللى سللومه"‪.‬‬
‫وفي لفظ "ل يللبيع الرجللل علللى بيللع أخيلله ول يخطللب علللى‬
‫خطبة أخيه"‪ ....‬متفق عليه‪.‬‬
‫* وعن أنس "أن النبي صلى الّله عليه وآله وسلم باع قللدحا‬
‫وحلسا فيمن يزيد"‪ ...‬رواه أحمد والترمذي‪.‬‬
‫قللوله‪" :‬ول يسللوم" صللورته أن يأخللذ شلليئا ليشللتريه فيقللول‬
‫المالك رده لبيعك خيرا منه بثمنه أو يقللول للمالللك إسللترده‬
‫لشتريه منك بأكثر وإنما يمنع من ذلللك بعللد اسللتقرار الثمللن‬
‫وركون أحدهما إلى الخر فإن كان ذلللك تصللريحا فقللال فللي‬
‫الفتح ل خلف في التحريم‪.‬‬
‫العاشرة‪ :‬نأكل الربا شئنا أم أبينا‪:‬‬
‫* فقد جاءت النصوص تبين ما يجري فيه الربا‪ ]...‬بيع الذهب‬
‫والصرف[‪:‬‬

‫‪9‬‬
‫* عن أبي سعيد قال "قال رسول الّله صلى الّله عليلله وآللله‬
‫وسلم ل تبيعوا الذهب بالذهب إل مثل بمثل ول تشفوا بعضها‬
‫على بعض ول تبيعوا الورق بللالورق إل مثل بمثللل ول تشللفوا‬
‫بعضها علللى بعللض ول تللبيعوا منهمللا غائبللا بنللاجز"‪ ....‬متفللق‬
‫عليه‪ .‬وفي لفظ "الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بللالبر‬
‫والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثل بمثللل يللدا‬
‫بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الخذ والمعطى فيه سواء"‬
‫رواه أحمد والبخاري‪ .‬وفي لفظ "لتبيعوا الذهب بالللذهب ول‬
‫الورق بالورق إل وزنللا بللوزن مثل بمثللل سللواء بسللواء" رواه‬
‫أحمد ومسلم‪.‬‬
‫* وعن أبي هريرة عن النبي صلى الّله عليه وآله وسلم قللال‬
‫"الذهب بالذهب وزنا بوزن مثل بمثللل والفضللة بالفضللة وزنللا‬
‫بوزن مثل بمثل"‪ .‬رواه أحمد ومسلم والنسائي‪.‬‬
‫* وعن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الّله عليه وآله وسلللم‬
‫قال "ل تبيعوا الذهب بالذهب إل وزنا بوزن"‪ ....‬رواه مسلللم‬
‫والنسائي وأبو داود‪.‬‬
‫قوله‪" :‬الذهب بالذهب" يدخل في الذهب جميللع أنللواعه مللن‬
‫مضروب ومنقوش وجيد ورديء وصحيح ومكسر وحلى وتللبر‬
‫وخالص ومغشوش‪ .‬وقد نقللل النللووي وغيللره الجمللاع علللى‬
‫ذلك‪.‬‬
‫شللفوا"‪ :‬الشللف بالكسللر الزيللادة ويطلللق علللى‬ ‫قللوله‪" :‬ول ت ُ ِ‬
‫النقص والمراد هنا ل تفضلوا‪.‬‬
‫قوله‪" :‬بناجز" أي ل تبيعوا مؤجل بحللال‪ ....‬وأخللرج الشلليخان‬
‫والنسائي عن أبي المنهال قال سألت زيد بللن أرقللم والللبراء‬
‫بن عازب عن الصرف فقال نهى رسول الّله صلى الّله عليلله‬
‫وآله وسلم عن بيع الذهب بالورق دينللا‪ .‬وأخللرج مسلللم عللن‬
‫أبي نضرة قال سألت ابن عباس علن الصلرف فقللال إل يلدا‬
‫بيد قلت نعم قال فل بأس‪ *....‬وعن عمر بللن الخطللاب قللال‬
‫"قال رسول الّله صلى الّله عليه وآله وسلم الللذهب بللالورق‬

‫‪10‬‬
‫ربا الهاء وهاء والبر بالبر ربا الهاء وهللاء والشللعير بالشللعير‬
‫ربا الهاء وهاء والتمر بالتمر ربا إل هاء وهاء"‪ ...‬متفق عليه‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬نبيع بالعينة والعياذ بالله‪:‬‬
‫* عن ابن إسحاق السللبيعي عللن امرأتلله "أنهللا دخلللت علللى‬
‫عائشللة فللدخلت معهللا أم ولللد زيللد بللن أرقللم فقللالت يللا أم‬
‫المؤمنين أني بعت غلما من زيد بللن أرقللم بثمانمللائة درهللم‬
‫نسيئة وأني ابتعته منه بستمائة نقدا فقالت لها عائشللة بئس‬
‫ما اشتريت وبئس ما شريت إن جهاده مع رسول الّله صلللى‬
‫الّللله عليلله وآللله وسلللم قللد بطللل إل أن يتللوب"‪ ....‬رواه‬
‫الدارقطني‪.‬‬
‫وفيه دليل على أنه ل يجوز لمللن بللاع شلليئا بثمللن نسلليئة أن‬
‫يشتريه من المشتري بدون ذلك الثمن نقدا قبل قبض الثمن‬
‫الول إما إذا كان المقصود التحيل لخذ النقد في الحللال ورد‬
‫أكثر منه بعد أيام فل شك إن ذلك من الربا المحللرم الللذي ل‬
‫ينفع في تحليله الحيل الباطلة‪...‬‬
‫* عن ابن عمر"أن النبي صلى الّله عليه وآله وسلم قللال إذا‬
‫ضن الناس بالدينار والدرهم وتبللايعوا بالعينللة واتبعللوا أذنللاب‬
‫البقر وتركوا الجهاد فللي سلبيل الّلله أنللزل الّلله بهلم بلء فل‬
‫يرفعه حتى يراجعوا دينهم"‪.‬‬
‫رواه أحمللد وأبللو داود‪ .‬ولفظلله "إذا تبللايعتم بالعينللة وأخللذتم‬
‫أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الّله عليكللم‬
‫ذل ل ينزعلله حللتى ترجعللوا إلللى دينكللم"‪ ) ...‬صللحيح ( انظللر‬
‫حديث رقم ‪ 423 :‬في صحيح الجامع ‪.....‬‬
‫قال الرافعي‪ :‬وبيع العينة هو أن يللبيع شلليئا مللن غيللره بثمللن‬
‫مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشللتريه قبللل قبللض الثمللن‬
‫بثمن نقد أقل من ذلك القدر انتهى‪.‬‬
‫** وقللللد انتشللللرت صللللورة ربويللللة تعللللرف بالرجللللل‬
‫المحفظة‪...‬يعنى يشتريلك فوري اللي أنت تريللده‪...‬ويحصللل‬
‫منك قسط‪...‬وهذا ربا صريح والعياذ بالله‬
‫ثاني عشر‪ :‬نحتكر البضاعة‪:‬‬

‫‪11‬‬
‫* فعن سعيد بن المسيب عن معمر بن عبد الّله العدوي "أن‬
‫النبي صلى الّله عليلله وآللله وسلللم قللال ل يحتكللر ال خللاطئ‬
‫وكان سعيد يحتكر الزيت"‪ .‬رواه أحمد ومسلم وأبو داود‪.‬‬
‫الثالثة عشر‪ :‬القاصمة الغش وعدم تبيين العيب‪:‬‬
‫* فقد جاءت النصوص تدل على وجوب تبيين العيب‪:‬‬
‫* فعن عقبة بن عامر قال "سللمعت النللبي صلللى الل ّلله عليلله‬
‫وآله وسلم يقول المسلم أخلو المسللم ل يحلل لمسللم بلاع‬
‫من أخيه بيعا وفيه عيب إل بينه له"‪ .‬رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫* وعن واثلة قال "قللال رسللول الل ّلله صلللى الل ّلله عليلله وآللله‬
‫وسلم ل يحل لحد أن يبيع شيئا ال بين مللافيه ول يحللل لحللد‬
‫يعلم ذلك ال بينه"‪ ...‬رواه أحمد‪.‬‬
‫* وعن أبي هريرة "أن النبي صلى الّله عليه وآله وسلللم مللر‬
‫برجل يبيع طعاما فادخل يده فيه فإذا هللو مبلللول فقللال مللن‬
‫غشنا فليس منا"‪ ...‬رواه الجماعة إل البخاري والنسائي‪.‬‬
‫*** فهذا غيض مللن فيللض وبعللض السللباب الللتي يمكللن أن‬
‫تسلللاعدك عللللى إجابلللة السلللؤال ‪...‬لملللاذا التجلللار هلللم‬
‫الفجار‪...‬وليكن معلوم أن هذه الصور والسباب التى ذكرتهللا‬
‫هى نسبة قليلة من صور كللثيرة للمخالفللات الللتى يقللع فيهللا‬
‫التجار‪ ...‬وقد تخيرت منها ما هو منتشر وكللثير الحللدوث بيللن‬
‫المتبايعان في التجارات ‪...‬وإل فهناك مخالفات التجللارة فللى‬
‫الفاكهة والخضروات ‪ ,‬وبيللع الحقللول والللزروع والثمللار وبيللع‬
‫الحيوان وصور كثيرة لعل من يسمعنى الن ‪...‬ليقللع فيهللا أو‬
‫لتمسه فأردت التنبيه على الضرورى‪...‬ول يظن ظان أن هذا‬
‫هو بيت القصيد وحسب‪...‬ل بللل هللذه امثلللة وسللوق التجللارة‬
‫فيلله الللويلت والللويلت‪...‬فالربويللات ‪...‬وحللرق البضللاعة‪...‬‬
‫والغلللللللللش التجلللللللللاري‪ ...‬وضللللللللرب السللللللللعار‪...‬‬
‫والكذب‪...‬والتللدليس ‪..‬واللبيع بلاليمين والحللف‪...‬وغيللر ذللك‬
‫الكثير‪..‬‬
‫** أخللى المسلللم التللاجر كللن مللن البللرار ولتكللن مللن‬
‫الفجار‪...‬وأدخل الجنة من باب التجارة‪...‬وكن كمللا قللال ابللن‬

‫‪12‬‬
‫عمر‪" :‬كالتاجر المين الصللدوق المسلللم مللن الشللهداء يللوم‬
‫القيامة"‪....‬وكما قال ابن عباس بلفللظ‪" :‬التللاجر الصللدوق ل‬
‫يحجب من أبواب الجنة"‪....‬اللهم لتحجبنا عن الجنة ‪...‬أمين‬
‫*** وأذكر نفسى وإيللاك بمللا جللاء عللن عطيللة السللعدي "أن‬
‫النبي صلى الّله عليه وآله وسلم قال ل يبلغ العبللد أن يكللون‬
‫من المتقين حتى يدع ما ل بأس به حذرا لما به البأس"‪.‬‬
‫رواه الترمذي‪...‬وفى ولفظ "تمام التقوى أن يتقي الّله حللتى‬
‫يترك ما يرى أنه حلل خشية أن يكون حراما"‪.‬‬
‫* وعن أنس قال "ان كان النبي صلى الّله عليه وآللله وسلللم‬
‫ليصيب التمللرة فيقللول لللول أنللي أخشللى أنهللا مللن الصللدقة‬
‫لكلتها"‪ ...‬متفق عليه‪....‬‬
‫*** هذا وما توفيقى ال بالله العلى الكبير ‪...‬سللبحانك اللهللم‬
‫وبحمدك ل إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك ‪.‬‬
‫* * وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين * *‬
‫جمعه ورتبه وكتبه الفقير‬
‫د‪ /‬السيد العربى بن كمال‬
‫==============‬
‫‪#‬فقه التنمية في السلم‬
‫أول ً ‪ -‬تعريف التنمية ‪:‬‬
‫‪ -‬التنمية من )نما(؛ أي زاد وكللثر‪ ،‬وهللو مصللطلح ارتبللط فللي‬
‫العصللر الحللديث بالجللانب القتصللادي والمللالي والصللناعي‪،‬‬
‫وبقي ثابًتا في الذهن ضمن هذه الدائرة فقط‪..‬‬
‫‪ -‬وكللثيًرا مللا تللتردد عبللارات )التنميللة الزراعيللة‪ ،‬القتصللادية‪،‬‬
‫الصناعية‪ ،‬والمالية‪.(..،‬‬
‫‪ -‬أما النظرة السلمية لمفهوم التنميللة‪ ،‬فتشللمل كللل جللانب‬
‫من جوانب الحياة؛ لن الحياة في نظر السلم يجب أن تنمو‬
‫دا؛ لن عدم النمو يعنللي التوقللف‬ ‫وا متكامل ً متوازًنا مضطر ً‬ ‫نم ّ‬
‫والتخلف والتراجع‪ ،‬ثم الموت‪.‬‬
‫‪ -‬ومن هنا كانت نظللرة السلللم إلللى التنميللة نظللرة شللاملة‬
‫كاملة دافعة ومحرضة على تحقيقها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬ففي القول المأثور من تساوى أمسه ويومه فهو مغبون‪.‬‬
‫‪ -‬وفي حديث الرسللول صلللى الللله عليلله وسلللم‪):‬لللو قللامت‬
‫الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها(‪.‬‬
‫‪ -‬وجاء في قول الرسول‪ -‬صلى الللله عليلله وسلللم‪) :-‬اعمللل‬
‫دا(‪.‬‬ ‫دا‪ ،‬واعمل لخرتك كأنك تموت غ ً‬ ‫لدنياك كأنك تعيش أب ً‬
‫‪ -‬وعنف عمر بن الخطاب‪ -‬رضللي الللله عنلله‪ -‬رجل ً بقللي فللي‬
‫المسجد‪ ،‬وقد انطلق الناس إلى أعمالهم التنمويللة المختلفللة‬
‫ل‪ :‬قم‪ ،‬ل تمت علينا ديننا أماتك الله‪.‬‬ ‫قائ ً‬
‫ثانيًا‪ -‬خصائص التنمية في الفقه السلمي ‪:‬‬
‫‪ -‬التنمية المتكاملة‪ :‬المادية‪ +‬المعنوية‪.‬‬
‫‪ -‬التنمية المؤسسية‪ :‬الرسمية ‪ +‬الجماعية‪) .‬ضللمان حقللوق‬
‫النسان( )الناس شركاء(‬
‫‪ -‬التنمية الفردية‪ :‬كلكم راع‪ +‬كل مواطن مسئول وحارس‪.‬‬
‫‪ -‬التنمية المتوازنة‪ :‬للفرد‪ +‬للمجتمع‪ +‬للمناطق‪.‬‬
‫‪ -‬التنمية الوسطية‪ :‬كل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده‪.‬‬
‫‪ -‬الولوية في التنموية‪ :‬تقديم التنمية الحاجية علللى الكماليللة‬
‫)غذائية‪ +‬طبية‪ +‬تعليمية‪ +‬أمنية‪ +‬بيئية(‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ -‬جوانب التنمية في السلم ‪:‬‬
‫‪ -1‬التنمية العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬السلم ُيعنى بالتنمية العلمية عنايللة فائقللة؛ لن العلللم هللو‬
‫الباب الوسع إلى اليملان‪ ،‬وإلللى معرفللة سللنن اللله تعلالى‪،‬‬
‫وإلى التفكير في خلق السموات والرض‪ ،‬وإلى أعطللاء الللله‬
‫ه‬
‫عب َللادِ ِ‬
‫ن ِ‬‫مل ْ‬ ‫شللى الل ّل َ‬
‫ه ِ‬ ‫خ َ‬‫مللا ي َ ْ‬
‫حق قدره‪ ،‬ومن قوله تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ماء{ )فاطر‪.(28 :‬‬ ‫ال ْعُل َ َ‬
‫‪ -‬ومن هنا قول الرسول العظم‪ -‬صلللى الللله عليلله وسلللم‪:-‬‬
‫)العلماء ورثة النبياء(‪ ،‬وقوله أيضًا‪ ):‬فضل العالم على العابد‬
‫كفضل الشمس والقمر(‪.‬‬
‫‪ -‬ومن الشواهد القرآنية التي تحض على التنمية العلمية‪:‬‬

‫‪14‬‬
‫ة ل ّي َت ََفّقُهوا ْ‬ ‫م َ‬
‫طآئ َِف ٌ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ل فِْرقَةٍ ّ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫‪ -‬قوله تعالى‪} :‬فَل َوْل َ ن ََفَر ِ‬
‫ن{‬ ‫ح لذ َُرو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م ل َعَل ّهُ ل ْ‬‫جُعوا ْ إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫ذا َر َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫مه ُ ْ‬‫ن وَل ُِينذُِروا ْ قَوْ َ‬‫دي ِ‬ ‫ِفي ال ّ‬
‫)التوبة‪.(122 :‬‬
‫ُ‬
‫ن أوت ُللوا‬ ‫ذي َ‬ ‫م َوال ّل ِ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫‪ -‬وقوله سبحانه‪} :‬ي َْرفَِع الل ّ ُ‬
‫ت{ )المجادلة‪.(11 :‬‬ ‫جا ٍ‬ ‫م د ََر َ‬ ‫ال ْعِل ْ َ‬
‫نل‬ ‫ذي َ‬ ‫ن َوال ّل ِ‬ ‫مللو َ‬ ‫ن ي َعْل َ ُ‬‫ذي َ‬ ‫وي ال ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬‫ل يَ ْ‬ ‫ل هَ ْ‬ ‫‪ -‬وقوله عز وجل‪} :‬قُ ْ‬
‫ن{ )الزمر‪.(9 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫مللاء{‬ ‫عب َللادِهِ ال ْعُل َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مل ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شللى الل ّل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫‪ -‬وقول الله تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫)فاطر‪.(28 :‬‬
‫‪ -‬ومن الشواهد النبوية التي تحض على التنمية العلمية‪:‬‬
‫‪ -‬قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‪) :‬فضل العالم على‬
‫العابد كفضل القمر على سائر الكواكب(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪) :‬العلماء ورثة النبياء(‪.‬‬
‫ضا‪) :‬أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد(‪.‬‬ ‫‪ -‬وقال أي ً‬
‫‪ -‬وقال‪) :‬أطلبوا العلم ولو في الصين(‪ ،‬وفي هذا بيان واضللح‬
‫الدللة على وجوب العناية بالتنمية العلمية‪.‬‬
‫‪ -‬وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪) :‬من سلك طريًقللا‬
‫ما‪ ،‬سلك الله به طريًقا مللن طللرق الجنللة‪ ،‬وإن‬ ‫يطلب فيه عل ً‬
‫الملئكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم(‪) .‬رواه أبو داوود(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬لن يشللبع المللرء مللن خيللر يسللمعه‪ ..‬حللتى يكللون‬
‫منتهاه الجنة(‪) .‬رواه الترمذي(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬الكلمة الحكمة ضالة المؤمن‪ ،‬فحيث وجللدها فهللو‬
‫أحق بها(‪) .‬رواه الترمذي(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬من تفقه في دين الله‪ -‬عز وجل‪ -‬كفاه الله تعللالى‬
‫ما أهمه‪ ،‬ورزقه من حيث ل يحتسب(‪) .‬رواه الخطيب(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬باب من العلم يتعلمه الرجل خير له من الدنيا وما‬
‫فيها(‪) .‬أخرجه الطبراني(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول ابن المبارك‪ :‬عجبت لملن للم يطللب العللم‪ ..‬كيلف‬
‫تدعوه نفسه إلى مكرمة؟‪ ،‬وقللال أبللو الللدرداء‪ :‬مللن رأى أن‬
‫الغدو في طلب العلم ليس بجهاد فقد نقص في رأيه وعقله‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -2‬التنمية اليمانية‪:‬‬
‫‪ -‬من ركائز التنمية في السلم ما يتصل باليمان‪.‬‬
‫‪ -‬فاليمان يجب أن ينمو باضطراد‪ ،‬وكللل تعطللل فللي عمليللة‬
‫التنمية اليمانيللة ينعكلس سللًبا فللي حيلاة النسلان وسللوكه‬
‫ومجمل تصرفاته‪ ،‬كما ينعكس بالتالي على المجتمع كّله‪.‬‬
‫• شواهد قرآنية ‪:‬‬
‫ُ‬
‫ل‬ ‫مللن ي َُقللو ُ‬ ‫من ْهُللم ّ‬ ‫سوَرةٌ فَ ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫ما أنزِل َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫‪ -‬يقول الله تعالى‪} :‬وَإ ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مان ًللا وَهُل ْ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫من ُللوا ْ فََزاد َت ْهُل ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫ماًنا فَأ ّ‬ ‫ه هَذِهِ ِإي َ‬ ‫م َزاد َت ْ ُ‬ ‫أي ّك ُ ْ‬
‫ن{ )التوبة‪.(124 :‬‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ت‬ ‫جَلل ْ‬ ‫ه وَ ِ‬ ‫كلَر الّلل ُ‬ ‫ذا ذ ُ ِ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اّلل ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫‪ -‬يقول سبحانه‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫م‬ ‫مان ًللا وَعَل َللى َرب ّهِل ْ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه َزاد َت ْهُل ْ‬ ‫م آي َللات ُ ُ‬ ‫ت عَل َي ْهِل ْ‬ ‫ذا ت ُل ِي َل ْ‬ ‫م وَإ ِ َ‬ ‫قُل ُللوب ُهُ ْ‬
‫ن{ )النفال‪.(2 :‬‬ ‫ي َت َوَك ُّلو َ‬
‫دى‬ ‫ن اهْت َلد َْوا هُ ل ً‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّل ِ‬ ‫زي لد ُ الل ّل ُ‬ ‫‪ -‬ويقللول عللز مللن قللائل‪} :‬وَي َ ِ‬
‫دا{ )مريللم‪:‬‬ ‫مَر ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫واًبا وَ َ‬ ‫ك ثَ َ‬ ‫عند َ َرب ّ َ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫َوال َْباقَِيا ُ‬
‫‪.(76‬‬
‫َ‬
‫دا*‬ ‫ج ً‬‫سلل ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ل ِلذ َْقا ِ‬ ‫خّرو َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ذا ي ُت َْلى عَل َي ْهِ ْ‬ ‫‪ -‬ويقول جل جلله‪} :‬إ ِ َ‬
‫ن‬ ‫خلّرو َ‬ ‫ل* وَي َ ِ‬ ‫مْفُعلو ً‬ ‫ن وَعْلد ُ َرب َّنلا ل َ َ‬ ‫كلا َ‬ ‫ن َرب َّنلا ِإن َ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وَي َُقوُلو َ‬
‫ن ي َب ْ ُ‬ ‫َ‬
‫عا{ )السراء‪.(109 -107 :‬‬ ‫شو ً‬ ‫خ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫زيد ُهُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن وَي َ‬ ‫كو َ‬ ‫ل ِلذ َْقا ِ‬
‫َ‬
‫مللا‬ ‫ذا َ‬ ‫ب َقاُلوا هَل َ‬ ‫حَزا َ‬ ‫ن ال َ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ما َرأى ال ْ ُ‬ ‫‪ -‬وقال سبحانه‪} :‬وَل َ ّ‬
‫ماًنللا‬ ‫م إ ِل ّ ِإي َ‬ ‫ما َزاد َهُ ْ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫صد َقَ الل ّ ُ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫وَعَد ََنا الل ّ ُ‬
‫ما{ )الحزاب‪.(22 :‬‬ ‫سِلي ً‬ ‫وَت َ ْ‬
‫س قَلد ْ‬ ‫ن الن ّللا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الن ّللا ُ‬ ‫ل ل َهُل ُ‬ ‫ن قَللا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ -‬وقال عللز وجللل‪} :‬ال ّل ِ‬
‫م‬ ‫ه وَن ِعْ ل َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ماًنا وََقاُلوا ْ َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫م فََزاد َهُ ْ‬ ‫شوْهُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫مُعوا ْ ل َك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ل{ )آل عمران‪.(173 :‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ال ْوَ ِ‬
‫• شواهد نبوية ‪:‬‬
‫‪ -‬يقول رسول الله‪ -‬صلى الله عليه و سلم‪) :-‬ما مللن جرعللة‬
‫ب إلى الله من جرعة غيظ كظمها عبد‪ ..‬ما كظمها إل مل‬ ‫أح ّ‬
‫بها جوفه إيماًنا(‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬ويقول‪ -‬صلى الله عليه و سلم‪) :-‬جددوا إيمللانكم‪ ،‬قيلل‪ :‬يلا‬
‫رسول الله‪ ،‬وكيف نجدد إيماننا؟ قال‪ :‬أكثروا من قول ل إللله‬
‫إل الله(‪) .‬رواه أحمد وغيره(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬إن لكل شيء صقالة‪ ..‬وصقالة القلوب ذكر الله(‪.‬‬
‫)رواه البيهقي(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬ل تميتوا القلللوب بكللثرة الطعللام والشللراب‪ ،‬فللإن‬
‫القلب كزرع يموت إذا كثر عليه الماء(‪) .‬رواه الطبراني(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬إياكم ومحقرات الذنوب‪ ،‬فللإنهن ل يجتمعللن علللى‬
‫الرجل حتى يهلكنه(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪):‬اليمان يخلق كما يخلق الثوب؛ أي يبلى(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬اليمان يزيد وينقص(‪.‬‬
‫د‪،‬‬
‫‪ -‬ويقللول‪) :‬يللا معشللر المسلللمين‪ ،‬شللمروا فللإن المللر ج ل ّ‬
‫وتللأهبوا‪ ،‬فللإن الرحيللل قريللب‪ ،‬وتللزودوا فللإن السللفر بعيللد‪،‬‬
‫دا ل يقطعهللا إل‬ ‫وخففللوا أثقللالكم فللإن وراءكللم عقبللة كئو ً‬
‫دا‪،‬‬‫المخففون‪ ..‬أيها الناس‪ ،‬إن بين يدي السللاعة أمللوًرا شللدا ً‬
‫ما‪ ،‬وزمًنا صعًبا‪ ،‬يتملك فيها الظ ََلمة‪ ،‬ويتصدر فيه‬ ‫وأهوال ً عظا ً‬
‫الفسقة‪ ..‬فيضطهد فيه المرون بالمعروف‪ ،‬ويضللام النللاهون‬
‫وا عليلله بالنواجللذ‪،‬‬ ‫عن المنكر‪ ،‬فأعللدوا لللذلك )اليمللان( عضل ً‬
‫والجئوا إلى العمل الصالح‪ ،‬وأكرهوا عليه النفوس‪ ،‬واصللبروا‬
‫على الضراء‪ ،‬تفضلوا إلى النعيم الدائم(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬ل يبلغ العبد درجة اليمان حتى يكون الله ورسوله‬
‫أحب إليه مما سواهما(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬أل أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفللع بلله‬
‫الدرجات؟‪ ،‬قالوا‪ :‬بلى يا رسلول اللله‪ .‬قلال‪ :‬إسلباغ الوضلوء‬
‫على المكاره‪ ،‬وكثرة الخطا إلللى المسللاجد‪ ،‬وانتظللار الصلللة‬
‫بعد الصلة‪ ،‬فذلكم الرباط( )رواه مسلم(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول عن ربه‪ -‬عز وجل‪ -‬في حللديث قدسللي‪) :‬إذا تقللرب‬
‫ي ذراعًللا‬‫ي شللبًرا تقربللت إليلله ذراعًللا‪ ،‬وإذا تقللرب إلل ّ‬
‫العبد إل ّ‬
‫تقربللت منلله باعًللا‪ ،‬وإذا أتللاني يمشللي أتيتلله هرولللة(‪) .‬رواه‬
‫البخاري(‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬ويقول عن ربه‪ -‬عز وجل‪ -‬في حللديث قدسللي‪):‬مللن عللادى‬
‫ي عبدي بشيء أحب‬ ‫لي ولّيا فقد آذنته بالحرب‪ ،‬وما تقرب إل ّ‬
‫ي بالنوافللل‬ ‫ي مما افترضته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إل ّ‬ ‫إل ّ‬
‫حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الللذي يسللمع بلله‪ ،‬وبصللره‬
‫الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها‪،‬‬
‫وإن سلللألني لعطينللله‪ ،‬ولئن اسلللتعاذني لعيلللذنه(‪) .‬رواه‬
‫البخاري(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪):‬اتق الله حيثما كنت‪ ،‬وأتبع السيئة الحسللنة تمحهللا‪،‬‬
‫وخالق الناس بخلق حسن(‪) .‬رواه الترمذي(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬إن الله تعالى يقول يا ابن آدم‪ :‬تفرغ لعبللادتي أمل‬
‫ل‪،‬‬‫صدرك غنى‪ ،‬وأسللد فقللرك‪ ،‬وإن ل تفعللل ملت يللدك شللغ ً‬
‫ولم أسد فقرك(‪) .‬رواه أحمد والترمذي(‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول‪) :‬الحسان أن تعبد الللله كأنللك تللراه‪ ،‬فللإن لللم تكللن‬
‫تراه‪ ،‬فإنه يراك(‪) .‬من حديث طويل لمسلم(‪.‬‬
‫‪ -‬وصدق الشاعر إذ يقول‪:‬‬
‫رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها‬
‫وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانه‬
‫‪ -3‬التنمية العبادية‪:‬‬
‫‪ -‬ويتناول السلم الجللانب العبللادي )العبللادات(‪ ،‬فيللدعو إلللى‬
‫ما(‪ ،‬وبللذلك تبقللى العبللادة‬ ‫عا(‪ ،‬والكثار منها )ك ّ‬ ‫العناية بها )نو ً‬
‫في تجدد وتألق‪ ،‬وفي تنام دائم ومستمر‪.‬‬
‫• ومن الشواهد القرآنية ‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬‫صلللت ِهِ ْ‬ ‫م فِللي َ‬ ‫ن هُ ل ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن* ال ّل ِ‬ ‫مُنو َ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ح ال ْ ُ‬ ‫‪ -‬قوله تعالى‪? :‬قَد ْ أفْل َ َ‬
‫ن? )المؤمنون‪.(2 -1 :‬‬ ‫شُعو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫عون ََنا‬‫ت وََيللد ْ ُ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫عو َ‬ ‫سارِ ُ‬‫كاُنوا ي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫‪ -‬وقوله تعالى‪? :‬إ ِن ّهُ ْ‬
‫ن? )النبياء‪.(90:‬‬ ‫شِعي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫كاُنوا ل ََنا َ‬ ‫َرغًَبا وََرهًَبا وَ َ‬
‫ت‬ ‫م وَإ ِ َ‬
‫ذا ت ُل َِيلل ْ‬ ‫ت قُُلوب ُهُ ْ‬ ‫جل َ ْ‬‫ه وَ ِ‬ ‫ذا ذ ُك َِر الل ُ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ -‬وقوله تعالى‪? :‬ال ّ ِ‬
‫ن? )النفال‪.(2 :‬‬ ‫م ي َت َوَك ُّلو َ‬
‫ماًنا وَعََلى َرب ّهِ ْ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه َزاد َت ْهُ ْ‬ ‫عَل َي ْهِ ْ‬
‫م آَيات ُ ُ‬
‫ل ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫صللل ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ت وَإ ِقَللا َ‬ ‫خي ْلَرا ِ‬ ‫م فِعْ َ‬ ‫حي َْنا إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫‪ -‬وقوله تعالى‪? :‬وَأوْ َ‬
‫ن? )النبياء‪.(73 :‬‬ ‫دي َ‬ ‫عاب ِ ِ‬ ‫كاُنوا ل ََنا َ‬ ‫كاةِ وَ َ‬ ‫وَِإيَتاء الّز َ‬

‫‪18‬‬
‫م‬
‫ن ب ِلهِ وَهُ ل ْ‬
‫من ُللو َ‬ ‫خَرةِ ي ُؤْ ِ‬‫ن ب ِللال ِ‬ ‫من ُللو َ‬ ‫ن ي ُؤْ ِ‬‫ذي َ‬ ‫‪ -‬وقوله تعالى‪َ? :‬وال ّل ِ‬
‫ن? )النعام‪.(92 :‬‬ ‫ظو َ‬ ‫حافِ ُ‬ ‫صل َت ِهِ ْ‬
‫م يُ َ‬ ‫َ‬ ‫عََلى‬
‫ن? )الحجللر‪:‬‬ ‫ك ال ْي َِقي ل ُ‬‫حت ّللى ي َأ ْت ِي َل َ‬
‫ك َ‬ ‫‪ -‬وقوله تعالى‪َ? :‬واعْب ُلد ْ َرب ّل َ‬
‫‪.(99‬‬
‫ن? )الزمللر‪:‬‬ ‫ري َ‬‫شللاك ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫كن ّ‬ ‫ه َفاعْب ُد ْ وَ ُ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫‪ -‬وقوله تعالى‪?:‬ب َ ِ‬
‫‪.(66‬‬
‫• ومن الشواهد النبوية ‪:‬‬
‫‪ -‬قول رسللول الللله‪ -‬صلللى الللله عليلله و سلللم‪ ) :-‬مللن أكللثر‬
‫جللا‪ ،‬ومللن كللل ضلليق‬ ‫الستغفار‪ ..‬جعل الله له من كل هم فر ً‬
‫جللا‪ ،‬ورزقلله مللن حيللث ل يحتسللب(‪ .‬رواه أحمللد فللي‬ ‫مخر ً‬
‫مسنده‪.‬‬
‫‪ -‬وقلوله‪ -‬صللى اللله عليله وسللم‪ -‬علن رب العلزة سلبحانه‬
‫وتعالى‪ ..) :‬وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حللتى أحبلله‪،‬‬
‫فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع بلله‪ ،‬وبصللره الللذي يبصللر‬
‫به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشي بها‪ ..‬إلللى آخللر‬
‫الحديث(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪ ) :‬الحسان أن تعبد الله كأنللك تللراه‪ ،‬فللإن لللم تكللن‬
‫تراه فإنه يراك(‪.‬‬
‫‪ -‬وقللوله‪) :‬اللهللم ارزقنللي عينيللن هطللالتين‪ ،‬تشللفيان القلللب‬
‫ما(‪) .‬أخرجه‬ ‫بذرف الدمع من خشيتك قبل أن تصير الدموع د ً‬
‫الطبراني(‪.‬‬
‫‪ -4‬التنمية الخلقية‪:‬‬
‫‪ -‬قال رسول الللله‪ -‬صلللى الللله عليلله وسلللم‪) :-‬أتللدرون مللن‬
‫المفلللس؟ قللالوا‪ :‬المفلللس فينللا مللن ل درهللم للله ول دينللار‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إن المفلس من أمللتي مللن يللأتي يللوم القيامللة بصلللة‬
‫وصيام وزكاة‪ ،‬ويأتي وقد شتم هذا‪ ،‬وقذف هللذا‪ ،‬وأكللل مللال‬
‫هذا‪ ،‬وسفك دم هذا‪ ،‬وضرب هذا‪ ..‬فيعطي هذا من حسللناته‪،‬‬
‫وهذا مللن حسللناته‪ ،‬فلإن فنيلت حسلناته قبللل أن يقضللي مللا‬
‫عليه‪ ،‬أخذ من خطاياهم فطرحت عليه‪ ،‬ثم طرح فللي النللار(‪.‬‬
‫)رواه مسلم(‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ -‬وقال‪ -‬صلى الله عليلله وسلللم‪ ):-‬إن أحبكللم إلللي وأقربكللم‬
‫مني منزلة يوم القيامة‪ ،‬أحاسنكم أخلًقا‪ ،‬المللوطئون أكنافًللا‪،‬‬
‫الذين يألفون ويؤلفون(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪ ) :‬ما من شيء بأثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة‬
‫من حسن الخلق‪ ،‬وإن الله يبغض الفاحش البذيء(‪.‬‬
‫‪ -5‬التنمية الوحدوية والخوية‪:‬‬
‫• شواهد قرآنية ‪:‬‬
‫ميًعا وَل َ ت ََفّرُقوْا‪?. ..‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫حب ْ ِ‬ ‫موا ْ ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫‪ -‬قال الله تعالى‪? :‬اعْت َ ِ‬
‫)آل عمران‪.(103 :‬‬
‫ة? )الحجرات‪.(10:‬‬ ‫خو َ ٌ‬‫ن إِ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ما ال ْ ُ‬ ‫‪ -‬وقال سبحانه‪? :‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حلد َةً وَأن َللا َرب ّك ُل ْ‬
‫م‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫مل ً‬
‫مأ ّ‬ ‫مت ُك ُل ْ‬ ‫ن هَلذِهِ أ ّ‬ ‫‪ -‬وقللال سللبحانه‪? :‬وَإ ِ ّ‬
‫ن? )المؤمنون‪.(52 :‬‬ ‫َفات ُّقو ِ‬
‫م?‬‫كلل ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ب ِري ُ‬ ‫شللُلوا ْ وََتللذ ْهَ َ‬ ‫عوا ْ فَت َْف َ‬ ‫‪ -‬وقللال سللبحانه‪? :‬وَل َ ت ََنللاَز ُ‬
‫)النفال‪.(46 :‬‬
‫• شواهد نبوية‪:‬‬
‫‪ -‬قال رسول الله‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪) :-‬المؤمن للمؤمن‬
‫ضا(‪.‬‬ ‫كالبنيان المرصوص يشد بعضه بع ً‬
‫‪ -‬وقال‪ -‬صلى الله عليه وسلللم‪) :-‬المسلللم أخللو المسلللم‪ ،‬ل‬
‫يخونه ول يكذبه ول يخدعه‪ .‬كل المسلم على المسلم حللرام‬
‫عرضه وماله ودمه‪ ،‬التقوى ههنا‪ ،‬بحسب امرئ من الشر أن‬
‫يحقر أخاه المسلم(‪) .‬رواه الترمذي(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪) :-‬حق المسلم على المسلللم‬
‫خمس‪ :‬رد السلم‪ ،‬وعيادة المريض‪ ،‬واتبللاع الجنللائز‪ ،‬وإجابللة‬
‫الدعوة‪ ،‬وتشميث العاطس(‪) .‬متفق عليه(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪ -‬صلللى الللله عليلله وسلللم‪) :-‬حللق المسلللم سللت‪ :‬إذا‬
‫لقيته فسلم عليه‪ ،‬وإذا دعاك فأجبه‪ ،‬وإذا استنصللحك فانصللح‬
‫له‪ ،‬وإذا عطس وحمد الله فشمته‪ ،‬وإذا مرض فعللده(‪) .‬رواه‬
‫مسلم(‪.‬‬
‫‪ -6‬التنمية الدعوية والرعوية‪:‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ -‬والسلللم يجعللل كللل مسلللم خفيلًرا ومسللئول ً عللن سلللمة‬
‫المجتمللع وأمنلله الخلقللي‪ ،‬علللى قاعللدة التواصللي بللالحق‬
‫والتواصللي بالصللبر‪ ،‬ومللن خلل مسللئولية المللر بللالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪ ..‬وبذلك ينعللم المجتمللع السلللمي بنعمللة‬
‫العافية‪ ،‬وتتراجع فيه ظواهر النحراف والنحدار والشذوذ‪.‬‬
‫• من الشواهد القرآنية‪:‬‬
‫ن إ ِل َللى ال ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ -‬قول الله عز وجل‪? :‬وَل ْت َ ُ‬
‫ر‬
‫خي ْل ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ة ي َلد ْ ُ‬ ‫مل ٌ‬ ‫مأ ّ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫كن ّ‬
‫منك َلللرِ وَأ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫ويلللأ ْ‬
‫م‬ ‫ك هُللل ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫لل‬‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫لل‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫رو‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ن ب ِلللال ْ‬‫َ‬ ‫رو‬‫ُ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ََ‬
‫ن? )آل عمران‪.(104 :‬‬ ‫حو َ‬ ‫مْفل ِ ُ‬‫ال ْ ُ‬
‫‪ -‬وقول الله عز وجل‪? :‬وم َ‬
‫عا إ ِل َللى الل ّل ِ‬
‫ه‬ ‫من د َ َ‬ ‫ن قَوْل ً ّ‬
‫م ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ن? )فصلت‪.(33 :‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل إ ِن ِّني ِ‬ ‫حا وََقا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫وَعَ ِ‬
‫َ‬
‫ملَر‬‫نأ َ‬ ‫مل ْ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫واهُ ْ‬ ‫جل َ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫خي َْر ِفي ك َِثيرٍ ّ‬ ‫‪ -‬وقوله عز وجل‪? :‬ل ّ َ‬
‫ل ذ َل ِل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫مللن ي َْفعَ ل ْ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ن ال َن ّللا ِ‬ ‫ح ب َي ْل َ‬ ‫ص لل َ ٍ‬ ‫ف أو ْ إ ِ ْ‬ ‫معْ لُرو ٍ‬ ‫صد َقَةٍ أوْ َ‬ ‫بِ َ‬
‫مللا? )النسللاء‪:‬‬ ‫ظي ً‬‫ج لًرا عَ ِ‬ ‫ف ن ُلؤِْتيهِ أ ْ‬ ‫س لو ْ َ‬ ‫ت الل ّلهِ فَ َ‬ ‫ضا ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫اب ْت ََغاء َ‬
‫‪.(114‬‬
‫• من الشواهد النبوية‪:‬‬
‫‪ -‬قال رسول الله‪ -‬صلى الله عليلله وسلللم‪):-‬مللن رأى منكللم‬
‫منك لًرا فليغيللره بيللده‪ ،‬فللإن لللم يسللتطع فبلسللانه‪ ،‬فللإن لللم‬
‫يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اليمان‪ ،‬وليللس بعللد ذلللك حبللة‬
‫خردل من إيمان(‪) .‬رواه مسلم(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪ -‬صلى الله عليه و سلم‪ ):-‬لتأمرن بالمعروف‪ ،‬ولتنهن‬
‫عللن المنكللر‪ ،‬أو ليسلللطن الللله عليكللم شللراركم‪ ،‬فيللدعوا‬
‫خياركم فل يستجاب لهم(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪ ):‬كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪) :‬الدين النصيحة(‪.‬‬
‫دا خير لك من الدنيا وما‬ ‫‪ -‬وقال‪) :‬لئن يهدي الله بك رجل ً واح ً‬
‫فيها‪ ،‬وفي رواية‪ :‬خير لك من حمر النعم(‪.‬‬
‫‪ -7‬التنمية الخيرية الجتماعية‪:‬‬
‫‪ -‬والسلم حلق في مجال التنمية الخيرية والجتماعيللة‪ ،‬إلللى‬
‫مستويات ل تبلغها المدارك والعقول البشرية؛ وهو مللا جعللل‬

‫‪21‬‬
‫ضللا‪،‬‬ ‫البنيللة الجتماعيللة كالبيللان المرصللوص يشللد ّ بعضلله بع ً‬
‫م الجميع‪ ،‬وصفهم الرسول‪ -‬صلى الله عليه‬ ‫فالجميع يعيش هَ ّ‬
‫و سلللم‪ -‬بقللوله(‪ :‬مثللل المسلللمين فللي تللوادهم وتراحمهللم‬
‫وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد‪ ،‬إذا اشتكى منه عضو تداعى‬
‫له سائر العضاء بالسهر والحمى(‪.‬‬
‫‪ -‬وفي كتاب الله تعالى مئات اليات التي تحض على النفاق‬
‫في سبيل الله؛ بل إن معظم اليات تصف المسلللمين بللأنهم‬
‫ن? )البقرة‪.(3 :‬‬ ‫فُقو َ‬ ‫م ُين ِ‬ ‫ما َرَزقَْناهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫آمنوا‪? :‬و ِ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ن ِفيل ِ‬ ‫خل َِفي َ‬‫سلت َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جعَل َك ُللم ّ‬ ‫مللا َ‬ ‫م ّ‬ ‫فُقللوا ِ‬ ‫‪ -‬ويقول الله تعالى‪? :‬وَأن ِ‬
‫جٌر ك َِبيٌر? )الحديد‪.(7 :‬‬ ‫َفال ّذين آمنوا منك ُم وَأنَفُقوا ل َه َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫ِ َ َ ُ‬
‫مللا‬‫ن وَ َ‬ ‫حب ّللو َ‬‫مللا ت ُ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫فُقوا ْ ِ‬ ‫حّتى ُتن ِ‬ ‫‪ -‬ويقول تعالى‪َ? :‬لن ت ََناُلوا ْ ال ْب ِّر َ‬
‫م? )آل عمران‪.(92 :‬‬ ‫ه ب ِهِ عَِلي ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫يٍء فَإ ِ ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫فُقوا ْ ِ‬ ‫ُتن ِ‬
‫َ‬
‫ة(‬ ‫سللّرا وَعَل َن ِي َل ً‬ ‫م ِ‬ ‫مللا َرَزقَْنللاهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫‪ -‬ويقللول سللبحانه‪? :‬وَأنَفُقللوا ْ ِ‬
‫)الرعد‪.(22 :‬‬
‫م? )البقللرة‪:‬‬ ‫سلك ُ ْ‬ ‫خي ْرٍ َفلنُف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫فُقوا ْ ِ‬ ‫ما ُتن ِ‬ ‫‪ -‬ويقول سبحانه‪? :‬وَ َ‬
‫‪.(272‬‬
‫صلل َةَ‬ ‫مللوا ْ ال ّ‬ ‫من ُللوا ْ ي ُِقي ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ -‬ويقول سبحانه‪? :‬قُللل ل ّعِب َللادِيَ ال ّل ِ‬
‫ة? )إبراهيم‪.(31 :‬‬ ‫علن ِي َ ً‬ ‫سّرا وَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ما َرَزقَْناهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫فُقوا ْ ِ‬ ‫وَُين ِ‬
‫صلللةَ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مللو َ‬ ‫ب وَي ُِقي ُ‬ ‫ن ب ِللال ْغَي ْ ِ‬ ‫من ُللو َ‬ ‫ن ي ُؤْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ -‬ويقول سبحانه‪? :‬ال ّ ِ‬
‫ن? )البقرة‪.(3 :‬‬ ‫فُقو َ‬ ‫م ُين ِ‬ ‫ما َرَزقَْناهُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫وَ ِ‬
‫جعَل َك ُللم‬ ‫َ‬
‫مللا َ‬ ‫م ّ‬ ‫فُقللوا ِ‬ ‫سول ِهِ وَأن ِ‬ ‫مُنوا ِبالل ّهِ وََر ُ‬ ‫‪ -‬ويقول سبحانه‪? :‬آ ِ‬
‫ه? )الحديد‪.(7 :‬‬ ‫ن ِفي ِ‬ ‫خل َِفي َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫كيًنا‬‫سل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حب ّلهِ ِ‬ ‫م عَل َللى ُ‬ ‫ن الط ّعَللا َ‬ ‫مللو َ‬ ‫‪ -‬ويقللول سللبحانه‪? :‬وَي ُط ْعِ ُ‬
‫سيًرا? )النسان‪.(8 :‬‬ ‫َ‬
‫ما وَأ ِ‬ ‫وَي َِتي ً‬
‫‪ -‬وفي سنة رسول اللله‪ -‬صللى اللله عليله وسللم‪ -‬عشلرات‬
‫ض على مختلف أنواع البر والخير‪ ..‬كالسير‬ ‫الحاديث التي تح ّ‬
‫في حوائج الناس‪ ،‬ورفع الظلم عنهلم‪ ،‬والمطالبلة بحقلوقهم‪،‬‬
‫وتيسير عسرهم‪ ،‬وتنفيس كربهللم‪ ،‬وكفالللة أيتللامهم‪ ،‬ورعايللة‬
‫أراملهم‪ ،‬وإيواء مشرديهم‪ ،‬وإطعام الجائعين منهم‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬من ذللك قلوله‪ -‬صللى اللله عليله وسللم‪ ):-‬إن للله تعلالى‬
‫ما يختصهم بالنعم لمنافع العباد‪ ،‬ويقرها فيهم ما بللذلوها‪،‬‬ ‫أقوا ً‬
‫فإذا منعوها نزعها منهم‪ ،‬فحولها إلى غيرهم )رواه الطللبراني‬
‫وأبو نعيم في الحلية(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪) :‬على كل مسلم صدقة‪ ،‬قلال‪ :‬أرأيلت إن للم يجلد؟‬
‫قال‪ :‬يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصللدق‪ .‬قللال‪ :‬أرأيللت إن لللم‬
‫يستطع؟ قال‪ :‬يأمر بالمعروف أو الخيللر قللال‪ :‬أرأيللت إن لللم‬
‫يفعل؟ قال‪ :‬يمسك عن الشر فإنها صدقة(‪) .‬متفق عليه(‪.‬‬
‫‪ -‬وقال‪) :‬من جهز غازًيا في سبيل الله فقد غزا‪ ،‬ومللن خلللف‬
‫غازًيا في أهله بخير فقد غزا(‪) .‬متفق عليه(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪ ) :‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه(‪.‬‬
‫)متفق عليه(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪) :‬المسلم أخلو المسللم‪ ،‬ل يظلمله ول يسلللمه‪ ،‬مللن‬
‫كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته‪ ،‬ومن فرج عنه كربة‬
‫فرج عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ( ‪).‬متفق عليه(‪.‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك قوله‪) :‬من حما مؤمن ًللا مللن ظللالم بعللث الللله للله‬
‫كا يوم القيامة يحمي لحمه من نار جهنم(‪.‬‬ ‫مل ً‬
‫‪ -‬وقوله‪) :‬من نفس عن مؤمن كربة‪ ،‬نفللس الللله عنلله كللرب‬
‫الخرة(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪ ) :‬من سر مؤمًنا فقد سرني‪ ،‬ومن سرني فقللد سللر‬
‫الله(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪) :‬من كان في حاجة أخيه‪ ،‬كان الله في حاجته(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪ ) :‬الساعي على الرملة والمسلكين‪ ،‬كالمجاهلد فلي‬
‫سبيل الله وكالقائم الليل الصائم النهار(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪) :‬إن لله خلًقا خلقهم لحللوائج النللاس‪ ،‬يفللزع النللاس‬
‫إليهم في حوائجهم‪ ،‬أولئك المنون من عذاب الله(‪.‬‬
‫‪ -‬وهللذا عمللر بللن الخطللاب‪ -‬رضللي الللله عنلله‪ -‬يقللول عللام‬
‫مللا‬
‫المجاعة‪ ،‬وقد أقسم علللى أل يللذوق سللمًنا ول لبن ًللا ول لح ً‬
‫حتى يحيا الناس‪ :‬بئس الللوالي أنللا إذا شللبعت وجللاع النللاس‪،‬‬
‫ما إذا لم يمسسني ما يمسهم؟!‪.‬‬ ‫ولم إذن كنت إما ً‬

‫‪23‬‬
‫‪ -‬وجاء في حق الجوار‪:‬‬
‫ش لي ًْئا‬ ‫كوا ْ ب ِلهِ َ‬ ‫ش لرِ ُ‬ ‫ه وَل َ ت ُ ْ‬ ‫دوا ْ الل ّل َ‬ ‫‪ -‬في القللرآن الكريللم‪َ? :‬واعْب ُل ُ‬
‫جللاِر‬ ‫ن َوال ْ َ‬ ‫كي ِ‬‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫مى َوال ْ َ‬ ‫ذي ال ُْقْرَبى َوال ْي ََتا َ‬ ‫ساًنا وَب ِ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫وال ِد َي ْ ِ‬ ‫وَِبال ْ َ‬
‫ل‬‫سلِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ب َواْبل ِ‬ ‫جن ِ‬ ‫ب ِبلال َ‬ ‫ح ِ‬ ‫صللا ِ‬‫ب َوال ّ‬ ‫جن ُل ِ‬ ‫جارِ ال ْ ُ‬ ‫ِذي ال ُْقْرَبى َوال ْ َ‬
‫َ‬
‫خللوًرا?‬ ‫خت َللال ً فَ ُ‬‫م ْ‬
‫ن ُ‬ ‫من ك َللا َ‬ ‫ب َ‬ ‫ح ّ‬‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مان ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫وَ َ‬
‫)النساء‪.(36 :‬‬
‫‪ -‬وفللي السللنة النبويللة الشللريفة‪ :‬قللوله‪ -‬صلللى الللله عليلله و‬
‫سلم‪):-‬من كان يؤمن بالله واليوم الخر فل يؤذ جللاره‪ ،‬ومللن‬
‫كان يؤمن بالله واليوم الخر فليكرم ضيفه‪ ،‬ومن كان يللؤمن‬
‫بالله واليوم الخر فليقل خيًرا أو ليصمت(‪) .‬متفق عليه(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪):‬خير الصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحه‪ ،‬وخيللر‬
‫الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره(‪) .‬رواه الترمذي(‪.‬‬
‫‪ -‬وقوله‪) :‬ل يدخل الجنللة مللن ل يللأمن جللاره بللوائقه(‪) .‬رواه‬
‫مسلم(‪.‬‬
‫‪ -8‬التنمية النتاجية‪:‬‬
‫‪ -‬والسلم يوجب على كل مواطن أن يعمل‪ ،‬وأن يأكللل مللن‬
‫كسب يديه‪ ،‬فهللو ل يرضللى للنللاس أن يكونللوا عللاطلين عللن‬
‫العمل‪ ،‬عالة علللى الخريللن‪ ،‬يسللتجدون النللاس أعطللوهم أو‬
‫منعوهم‪.‬‬
‫‪ -‬وفقه التنمية في السلللم يللدعو إلللى تحقيللق التللوازن بيللن‬
‫عمارة الدنيا وعمارة الخرة‪ ،‬على قاعدة قوله تعالى‪َ? :‬واب ْت َِغ‬
‫ن ال لد ّن َْيا‬ ‫مل َ‬ ‫ك ِ‬ ‫صلليب َ َ‬ ‫س نَ ِ‬ ‫خ لَرةَ َول َتن ل َ‬ ‫داَر ال ِ‬ ‫ه ال ل ّ‬ ‫ك الل ّل ُ‬ ‫مللا آت َللا َ‬ ‫ِفي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ض إِ ّ‬ ‫سللاد َ فِللي الْر ِ‬ ‫ك َول ت َب ْلِغ ال َْف َ‬ ‫ه إ ِل َي ْ َ‬
‫ن الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫سن ك َ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ن? )القصص‪.(77 :‬‬ ‫دي َ‬ ‫س ِ‬‫مْف ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫‪ -‬ويوم رأى عمر بللن الخطللاب‪ -‬رضللي الللله‪ -‬رجل ً بقللي فللي‬
‫المسجد وقد خرج الناس‪ ،‬فخفقه بالدرة )العصا( وقال‪ :‬قلم‪،‬‬
‫ل تمت علينا ديننا أماتك الله‪.‬‬
‫‪ -‬ومن هديه‪ -‬صلى الللله عليلله وسلللم‪ -‬قللوله‪) :‬مللا أكللل أحللد‬
‫ما قط خير من أن يأكل من عمل يده‪ ،‬وإن داوود كان ل‬ ‫طعا ً‬
‫يأكل إل من عمل يده(‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬وعندما صافح أحد المسلمين وشعر بخشونة في يده قللال‪:‬‬
‫دا‪.‬‬
‫إن هذه يد يحبها الله‪ ،‬هذه يد لن تمسها النار أب ً‬
‫‪ -‬وقال‪):‬اليد العليا خير من اليد السفلى(‪.‬‬
‫‪ -‬ثم إن التشريعات التي تناولت الشئون التجاريللة المختلفللة‬
‫ووضعت أصولها وقواعدها‬
‫‪ -‬وضللوابطها‪.‬لتؤكللد علللى مللدى اهتمللام السلللم بالتنميللة‬
‫التجارية‪ ،‬من بيع وشراء ومرابحة ومشاركة‪.‬‬
‫‪ -9‬التنمية الصناعية‪:‬‬
‫إن قاعللدة الخللذ بكللل أسللباب القللوة الللتي بينتهللا اليللة‬
‫ة? )النفللال‪(60 :‬‬ ‫ست َط َعُْتم ّ‬
‫من قُوّ ٍ‬ ‫دوا ْ ل َُهم ّ‬
‫ما ا ْ‬ ‫ع ّ‬‫الكريمة‪? :‬وَأ َ ِ‬
‫لتؤكد وجوب الخذ بكل مقومات التنمية الصناعية في شللتى‬
‫المجللالت الللتي تعللود علللى النللاس بللالخير وليللس بالللدمار‬
‫والخراب‪ ،‬بسبب وجهللة السللتعمال‪ ،‬وبسللبب فللائض النتللاج‬
‫الصللناعي الللذي أدى إلللى تراكللم النفايللات والتلللوث الللبيئي‪،‬‬
‫الذي يتهدد العالم‪ ،‬بالكوارث الصحية والبيئية‪.‬‬
‫‪ -10‬تنمية الدارة والتقان‪:‬‬
‫‪ -‬والسلللم منهللج حيللاة لتنظيللم كللل شلليء‪ ،‬وهللو فللي كللل‬
‫سللا للنجللاح والجللودة‪ ،‬نتيجللة‬ ‫تشللريعاته يعتللبر التنظيللم أسا ً‬
‫شفافية العمل وأخلقيته‪ ،‬والتي عبر عنها رسول الله‪ -‬صلللى‬
‫الله عليه وسلللم‪ -‬أدق تعللبير حيللن قللال‪):‬إن الللله يحللب مللن‬
‫أحدكم إذا عمل العمل أن يتقنه(‪.‬‬
‫‪ -‬في ضوء كل هذه المعطيات يتبين أن التنمية فللي السلللم‬
‫سياسللة شللاملة متوازنللة متكاملللة‪ ،‬تفللرض علللى الفللرد‬
‫والمجتمللع الخللذ بجميللع أسللباب النمللاء والرتقللاء المللادي‬
‫والمعنوي‪.‬‬
‫‪ -‬ووفق القاعدة النبوية الداعية إلللى النمللو والرتقللاء سللاعة‬
‫ما بعد يوم‪ ،‬والتي تتجلى فللي القللول المللأثور‪:‬‬ ‫بعد ساعة ويو ً‬
‫من تساوى يوماه فهو مغبون‪ ،‬وفي رواية‪ :‬من تساوى يللومه‬
‫وأمسه فهو مغبون‪.‬‬
‫المرجع‪-‬فقه التنمية في السلم_موقع الرواق‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫================‬
‫‪#‬إعصار جونو‬
‫د‪ .‬لطف الله بن مل عبد العظيم خوجه‬
‫المحذر من شؤم المعصية اليوم غريب‪..!!..‬‬
‫لقد انتصر المنكرون؛ الذين ينكرون ربط الذنوب بالعقوبللات‬
‫والمصائب‪ ..‬انتصروا‪ ،‬ليس لملكهللم الحجللة والحللق‪ ،‬بللل لن‬
‫من يملك الحجة‪ ،‬ويعرف الحق سكت ؟!!‪ .‬أو تغير‪ ،‬وتطللور‪،‬‬
‫وتجدد!!‪.‬‬
‫كان التحذير من آثار المعاصي صوت ل يعلوه صللوت‪ ..‬يللذكر‬
‫النللاس‪ ،‬ويللردع المجللاهرين والمسللتهترين‪ ،‬لكللن اليللوم عل‬
‫صوت من يفلسف البليا‪ ،‬والمصائب‪ ،‬والكللوارث الللتي علللى‬
‫تقع علللى النللاس والبلد‪ ،‬بأنهللا ظللواهر طبيعيللة‪ ،‬أو حسللابات‬
‫اقتصادية‪ ،‬أو تحولت اجتماعية‪ ،‬أو تطورات عصرية‪.‬‬
‫وهذه خسارة‪ ،‬الخاسر فيهللا النسلان‪ ،‬الللذي لللن يلدرك بهلذا‬
‫سبيل الخروج من الزمات التي تمر به أبللدا‪ .‬والخاسللر فيهللا‬
‫المللة‪ ،‬الللتي لللن تللدرك الطريللق لحللل أزماتهللا القتصللادية‪،‬‬
‫والسياسية‪ ،‬والجتماعية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬والمنية‪..‬‬
‫الصوت الللذي يربللط بيللن المعاصللي والعللذابات الللتي تلحللق‬
‫بالناس؛ أفرادا وجماعات‪ ،‬هو الصوت ينفع الناس‪ ..‬والصوت‬
‫الذين ينكر الربط هو الصوت يغر الناس ويضرهم‪.‬‬
‫***‬
‫العقوبات عموما أثر عن المخالفات المتعمدة خصوصا‪ ،‬وغير‬
‫المتعمدة أحيانا‪ .‬فأنت إذا كنت مسللؤول‪ :‬تعللاقب مللن خللالف‬
‫القانون والنظام‪ ..‬لم ؟‪.‬‬
‫لن المخالفة ضارة بالقللانون والنظللام‪ ،‬ومللن ثللم بالمصلللحة‬
‫العامة والخاصة‪ ،‬التي وضع القانون لجلها‪ ،‬فمصلللحة النللاس‬
‫ل تتحقللق إل بالخضللوع للقللانون والنظللام‪ ،‬فهللي متضللررة‬
‫بمخالفتها‪.‬‬
‫فالقانون‪ ،‬والمخالفات‪ ،‬والعقوبات‪ .‬هذه الثلثة إذا وجد واحد‬
‫منها وجد الباقي‪ ،‬فوجود القانون يعني وجود المخالفات‪ ،‬ثللم‬

‫‪26‬‬
‫العقوبللات؛ لللذا فل تجللد قانونللا يخلللو مللن ذكللر المخالفللات‬
‫والعقوبات المناسبة لها‪.‬‬
‫فهذا المثال مسّلم به عند الجميع‪ ،‬وعليه فل إنكار علللى مللن‬
‫ربط بين الللذنوب والمصلائب الخاصلة والعاملة؛ فأصللل عللة‬
‫وسبب العقوبات ثابت بالمثال النف‪ ،‬وهو‪ :‬المخالفات‪.‬‬
‫بقي إثبات ارتباط المصائب بالذنوب‪ ،‬أو بعبارة أخرى‪ :‬إثبللات‬
‫أن الذنوب هو السللبب المعيللن للمصللائب العامللة والخاصللة‪.‬‬
‫فنقول‪:‬‬
‫الشريعة قانون إلهي‪ ،‬وجودهللا يعنللي وجللود المخالفللات‪ ،‬ثللم‬
‫العقوبات‪ ،‬وهللو كللذلك‪ ،‬فالمخالفللات هللي المحرمللات؛ هللي‪:‬‬
‫تللرك العمللل بللالفرائض‪ ،‬وفعللل المحرمللات‪ .‬فللإذا وقعللت‬
‫المخالفللات هللذه اسللتوجبت العقوبللات الفرديللة والجماعيللة‬
‫بحسللبها؛ فكمللا أن مخالفللة القللانون يفضللي إلللى الضللرر‪،‬‬
‫وتعطيل المصلحة العامة والخاصللة‪ :‬كللذلك مخالفللة القللانون‬
‫اللهي‪ ،‬لكن بزيادة أن الضرر هنا يشمل الدين والدنيا‪.‬‬
‫فالمقارنة وحدها كافية في إثبللات‪ :‬أن المخالفللات الشللرعية‬
‫سبب العقوبات اللهيللة‪ .‬وعنللدنا زيللادة أدلللة‪ :‬هللي النصللوص‬
‫الصللريحة‪ ،‬الصللحيحة المخللبرة أن فعللل المخالفللات يللوجب‬
‫العقوبات‪ ،‬هي على نوعين‪:‬‬
‫‪ -‬عقوبات دينية‪ ،‬وهي على قسمين‪:‬‬
‫‪ o‬في الدنيا‪ ،‬كقللوله تعللالى‪} :‬الزانيللة والزانللي فاجلللدوا كللل‬
‫واحد منهما مللائة جلللدة‪ ،{..‬فهللذا مثللال لمخالفللة اسللتوجبت‬
‫عقوبة دينية في الدنيا‪.‬‬
‫‪ o‬وفي الخرة‪ ،‬فالنصوص المخبرة بعذاب أهل الكبللائر‪ :‬آكللل‬
‫الربا‪ ،‬القاتل‪ ،‬الزاني‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -‬عقوبللات دنيويللة‪ ،‬هللي المصللائب تقللع علللى النسللان فللي‪:‬‬
‫نفسله‪ ،‬وخاصلته ملن أهلله وملاله‪ .‬أو تقلع عللى الملة‪ :‬فلي‬
‫حرثهلللا‪ ،‬ونسللللها‪ .‬هلللي الشلللاملة كلللالبراكين‪ ،‬واللللزلزل‪،‬‬
‫والعاصير‪ ،‬والفيضانات‪ ،‬والمراض‪ ،‬والفقللر‪ ..‬إلللخ‪ ،‬كمللا فللي‬
‫قوله تعالى‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫‪} o‬ظهر الفساد فلي اللبر والبحلر بملا كسلبت أيلدي النلاس‬
‫ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون{‪.‬‬
‫‪} o‬وما أصابكم من مصيبة فبما كسللبت أيللديكم ويعفللو عللن‬
‫كثير{‪.‬‬
‫فبحسب النصوص السابقة‪ ،‬فكل ما يقع من مصيبة فبللذنب‪،‬‬
‫وفي الثر في دعللاء العبللاس عللام الرمللادة‪ ،‬لمللا استسللقى‪:‬‬
‫)اللهم إنه لم ينزل بلء من السماء إل بذنب‪ ،‬ولم يكشللف إل‬
‫بتوبة(‪ ،‬وإذا كان المخالف للنظام والقللانون فللي بلللد عرضللة‬
‫للعقوبة‪ ،‬إل إذا ارتحل إلى بلد آخر‪ ،‬فربما نجا‪ ،‬فإن المخالف‬
‫للقانون اللهي هو عرضة للعقوبة في كل وقت‪ ،‬وكل مكان‪،‬‬
‫بأنواعها‪.‬‬
‫فالعلقللة بيللن الللذنب والعقوبللة ثابتللة‪ ،‬وهنللاك مللن يثبللت‬
‫العقوبللات الدينيللة‪ ،‬لكللن يتسللاءل عللن الدنيويللة‪ :‬مللا علقتهللا‬
‫بالللذنوب‪ ،‬ونحللن نراهللا تقللع علللى المللؤمن والكللافر‪ ..‬الللبر‬
‫والفاجر‪ ..‬حتى على الرض المباركة ؟!‪.‬‬
‫فهللذا عنللده شللبهة‪ ،‬جلؤهللا أن يقللال‪ :‬نعللم‪ ،‬إن المصللائب‬
‫والعقوبللات شللاملة‪ .‬فمللن تأمللل مللا سللبق‪ :‬أدرك هللذا‪ .‬فقللد‬
‫تقرر‪ :‬أن سبب العقوبات هو الذنب‪ .‬وهو ليللس حصللرا علللى‬
‫الكافر‪ ،‬كل؛ لن ذنب الكافر‪ :‬شرك‪ ،‬وكفر‪ ،‬وكبلائر‪ ،‬وصلغائر‪،‬‬
‫بينما المؤمن فذنبه كبللائر‪ ،‬وصللغائر‪ ،‬ليللس فيهللا فللوق ذلللك‪،‬‬
‫وليس من شرط العقوبة أن يكون الذنب كفرا‪ ،‬بللل بالكبللائر‬
‫كذلك‪:‬‬
‫‪ -‬قال تعالى‪} :‬يا أيها الذين آمنللوا اتقللوا الللله وذروا مللا بقللي‬
‫من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب مللن‬
‫الله ورسوله‪.{..‬‬
‫‪ -‬عن ابن عباس قال ‪ ":‬ما نقلض قللوم العهللد إل سللط اللله‬
‫عليهم عدوهم‪ ،‬و ل فشت الفاحشة في قوم إل أخللذهم الللله‬
‫بالموت‪ ،‬و ما طفف قوم الميزان إل أخذهم الله بالسللنين‪ ،‬و‬
‫ما منع قوم الزكاة إل منعهم الللله القطللر مللن السللماء‪ ،‬ومللا‬
‫جار قوم في حكم إل كان البأس بينهم ‪ -‬أظنه قال ‪ -‬و القتل‬

‫‪28‬‬
‫"‪ .‬رواه الللبيهقي‪ ،‬قللال اللبللاني‪" :‬و إسللناده صللحيح و هللو‬
‫موقوف في حكم المرفوع ‪ ،‬لنه ل يقللال مللن قبللل الللرأي"‪.‬‬
‫السلسلة الصحيحة ‪107‬‬
‫‪ -‬وقد هزم المسلمون في أحد لما خللالفوا أمللر النللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم بالعصيان وعدم الثبللات علللى مللواقعهم فللي‬
‫الجبل‪ ،‬فقال تعالى‪} :‬أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليهللا‬
‫قلتم أنى هذا قل هو من أنفسكم{‪.‬‬
‫‪ -‬وفي حنين هزموا‪ ،‬لمللا تعللاجبوا واغللتروا بكللثرتهم‪ ،‬وقللالوا‪:‬‬
‫"لن نغلب اليوم من قلللة"‪ .‬والعجللب والغللرور مللن الللذنوب‪،‬‬
‫قال تعالى‪} :‬ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكللم‬
‫شيئا وضاقت عليكم الرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين{‪.‬‬
‫فهذا عقوبللات عامللة دنيويللة‪ :‬أمللراض‪ ،‬وجللدب‪ ،‬وحللرب اللله‬
‫ورسوله‪ .‬وكذلك الهزيمة‪ ،‬والزلزل‪ ،‬والبراكين‪ ،‬والفيضللانات‪،‬‬
‫والعاصللير‪ ،‬والحللروب‪ ،‬والللدمار‪ ،‬والتشللريد‪ ،‬وتغيللر منللاخ‬
‫الرض‪ ،‬وفسللاد الطعللام والشللراب‪ ،‬وضلليق الللزرق وانتشللار‬
‫العوز والفقر‪ .‬كلها كانت بسبب ذنوب هي كبائر‪ ،‬ليللس بينهللا‬
‫كفر‪ ،‬والكفر أكبر‪ ،‬والعقوبة عليه أعظم‪ :‬تقع على المللؤمنين‬
‫كما تقع الكافرين أيضللا‪ ،‬إذا اسللتوجبوا ذلللك‪ ،‬شللاملة لجميللع‬
‫الناس‪ ،‬بغير فرق بين الديانات‪ ،‬وربما كانت على المسلللمين‬
‫أشد‪:‬‬
‫‪ -‬إذ عندهم من العلم ما ليس عند غيرهم‪ ،‬ومللن عنللده علللم‬
‫فقد قامت عليه الحجة‪.‬‬
‫‪ -‬ولن الله تعالى جعل الدنيا للكافرين يقلبهم فيها في نعيم‪،‬‬
‫والخرة للمؤمنين‪.‬‬
‫فللإذا ثبللت الللذنب علللى المسلللم‪ ،‬كللان معرضللا للعقوبللات‬
‫بأنواعها كالكافر‪ ،‬إل أن الكافر عقوبته أغلظ‪:‬‬
‫‪ -‬فالمسلم إذا سرق‪ ،‬أو زنللى‪ ،‬أو شللرب الخمللر‪ ،‬أو قتللل‪ ،‬أو‬
‫قذف يقام عليه الحد كالكافر‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا مات وعليه كبيرة‪ ،‬كللانت تحللت المشلليئة‪ ،‬فقللد يعللذب‬
‫بالنار‪ ،‬إل أنه أخف ول يخلد‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫***‬
‫قالت عائشة رضي الله عنها‪) :‬مللا رأيللت رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا قط‪ ،‬حتى أرى منه لهواته‪،‬‬
‫إنما كان يتبسم‪ .‬قالت‪ :‬وكان إذا رأى غيما – أو ريحا – عرف‬
‫ذلك في وجهه‪ .‬قالت‪ :‬يا رسول الللله!‪ ،‬النللاس إذا رأوا غيمللا‬
‫فرحوا‪ ،‬رجاء أن يكون فيلله المطللر‪ ،‬وأراك إذا رأيتلله عرفللت‬
‫في وجهك الكراهية؟‪ ،‬فقال‪ :‬يا عائشة!‪ ،‬ما يؤمنني أن يكون‬
‫فيه عذاب‪ ،‬قللد عللذب قللوم بالريللح‪ ،‬وقللد رأى قللوم العللذاب‬
‫فقالوا‪ :‬هذا عارض ممطرنا(‪ .‬رواه أحمد‬
‫فإعصار كالعصار المسمى بل"جونو"‪ ،‬الللذي ضللرب سللواحل‬
‫عمان والمارات وإيران‪ ،‬هو من العقوبات‪ ،‬والقحط والجدب‬
‫العام‪ ،‬مع ضيق فللي الللزرق وفللي النفللس‪ ،‬وظهللور أمللراض‬
‫جديدة‪ ..‬كل هذه سببها موجود في المسلمين‪ ،‬من المجاهرة‬
‫بالعصيان‪ .‬وفي أحوال كهذه‪ ،‬فللإن العقوبللات العامللة سللتأخذ‬
‫الجميللع‪ ،‬وتعللم المفسللد والمصلللح‪ ،‬المرتكللب للللذنب وغيللر‬
‫المرتكللب‪ ،‬مللا دامللوا جميعللا فللي مكللان واحللد‪ ،‬قللال تعللالى‪:‬‬
‫}واتقوا فتنة ل تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة{‪.‬‬
‫فالمذنب معروف لم عوقب؟‪ ،‬فأما غير المذنب فذلك‪::‬‬
‫‪ -‬إما لنه ساكت‪ ،‬فقد ذكر تعالى نجللاة النللاهين عللن المنكللر‬
‫في قصة أصحاب السبت‪ ،‬ولم يذكر نجاة الساكتين‪.‬‬
‫‪ -‬أو راض بالمنكر‪ ،‬فهو أولى‪ ،‬وقللد قللال تعللالى‪} :‬وقللد نللزل‬
‫عليكللم فللي الكتللاب أن إذا سللمعتم آيللات الللله يكفللر بهللا‬
‫ويستهزء بها فل تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيللره‬
‫إنكم إذا ً مثلهم{‪.‬‬
‫‪ -‬أو مغلوب على أمره‪ ،‬فهذا جاء فيلله أن أمللة تغللزو الكعبللة‪،‬‬
‫وفيهلم ملن المكلره‪ ،‬فيخسلف اللله بهلم الرض جميعلا‪ ،‬ثلم‬
‫يبعثلون علللى نيللاتهم‪ ،‬عللن صللفية – وفلي روايلة أم سللمة ‪-‬‬
‫قالت‪ :‬قال رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‪ ) :‬ل ينتهللي‬
‫الناس عن غزو هذا البيت‪ ،‬حتى يغللزو جيللش حللتى إذا كللانوا‬
‫بالبيداء ‪ -‬أو بيداء من الرض ‪ -‬خسللف بللأولهم وآخرهللم ولللم‬

‫‪30‬‬
‫ينج أوسطهم‪ .‬قلت‪ :‬فإن كان فيهم من يكره؟!‪ ،‬قال‪ :‬يبعثهم‬
‫الله على ما فى أنفسهم (‪ .‬رواه ابن ماجة‬
‫وقد دلت النصوص على نجللاة المريللن بللالمعروف والنللاهين‬
‫عن المنكر من عموم العقوبة في قوله تعالى‪:‬‬
‫‪} -‬فلما نسوا ما ذكروا بلله أنجينللا الللذين ينهللون عللن السللوء‬
‫وأخذنا الذين ظلموا ‪.{..‬‬
‫لكن هذا في عذاب الستئصال‪ ،‬وهللو عللذاب قللد انتهللى مللن‬
‫الرض‪ .‬صورته ما حصل لقوم‪ :‬نوح‪ ،‬وعللاد‪ ،‬وثمللود‪ ،‬ومللدين‪،‬‬
‫ولوط‪ ،‬وأصحاب السبت‪ :‬صيحة‪ ،‬أو ريح فيها عللذاب أليللم‪ ،‬أو‬
‫طوفلان مغلرق‪ ،‬أو حجللارة مللن السلماء‪ ،‬أو نلار تقللذف مللن‬
‫السحاب‪ .‬فيهلك الجميع‪ ،‬فل يبقى أحد‪} :‬فأصللبحوا ليللرى إل‬
‫مسلللاكنهم{‪ ،‬إل المنكلللرون‪ ) :‬أنجينلللا اللللذين ينهلللون علللن‬
‫السوء‪.{..‬‬
‫وهذا النوع من العذاب انتهى ببعثة موسى عليه السلم‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪:‬‬
‫‪} -‬ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الولى‬
‫بصائر للناس {‪.‬‬
‫لنه لم يكن جهاد‪ ،‬ومع موسى شرع الجهلاد‪ ،‬وتوقلف علذاب‬
‫الستئصال‪ ،‬الذي ل يبقي أحدا إل الناهين عن المنكر‪ ،‬وصللار‬
‫بدل عنه عذاب التذكير والتحذير‪ ،‬وفلي هلذا العلذاب ل يلأمن‬
‫الناهون عن المنكر أن يصيبهم ما يصيب الظالمين‪} :‬واتقللوا‬
‫فتنة ل تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة{‪.‬‬
‫وقد أصيب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد‪ ،‬ومن معلله‪،‬‬
‫مللا أصللاب المخللالفين أمللره‪ ،‬وتعرضللوا للقتللل‪ ،‬وفللي عللام‬
‫الرمادة عم البلء الجميع‪ ،‬حتى عمر رضي الللله عنلله وسللائر‬
‫الكبار‪.‬‬
‫***‬
‫ليس لنسان أن يبطل الللذكرى والعظللة بالعقوبللات العامللة‪،‬‬
‫بدعوى أنها تصيب الكللافر‪ .‬فهللذا فللي أحسللن أحللواله جاهللل‬

‫‪31‬‬
‫بسنة الله تعالى الشرعية والكونية؛ أي أمره وخلقه‪ ..‬إن لللم‬
‫يكن من الزائغين‪ ،‬الذين قال تعالى فيهم‪:‬‬
‫‪} -‬وإذا ذكللر الللله وحللده اشللمأزت قلللوب الللذين ل يؤمنللون‬
‫بالخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون{‪.‬‬
‫‪} -‬ولقلللد أخلللذناهم بالعلللذاب فملللا اسلللتكانوا لربهلللم وملللا‬
‫يتضرعون{‪.‬‬
‫فهذا العصار "جونو" الذي ضرب سواحل جزيرة العللرب‪ ،‬ل‬
‫شك أنه بسبب المعاصي‪ ،‬وما أصاب وما يصيب الناس اليوم‬
‫مللن جللدب وقحللط‪ ،‬وضلليق فللي الللرزق وفقللر‪ ،‬وضلليق فللي‬
‫النفس‪ ،‬وبرودة فللي العلقللات‪ ..‬كللل هللذه وغيرهللا عقوبللات‬
‫تحذير‪ ،‬لما الناس عليه من جرأة في المحرمات‪ ،‬والستعلن‬
‫بهللا‪ ..‬مللن ربللا‪ ،‬ومعللاملت محرمللة‪ ،‬وعللري وفسللاد عريللض‪،‬‬
‫واتخاذ الكافرين أولياء‪..‬‬
‫فهل كان الله تعالى تاركنا ننعللم بنعملله‪ ،‬ونحللن نللروح ونغللدو‬
‫في سخطه ؟!‪.‬‬
‫=============‬
‫‪ #‬الكتتاب في شركة المساهمة‬
‫الكتتاب‪ :‬هللو عبللارة عللن دعللوة موجهللة إلللى أشللخاص غيللر‬
‫محددين للسهام في رأس المال‪.‬‬
‫فتطرح السهم ويعلن عنها فللي الصللحف‪ ،‬أن هللذه الشللركة‬
‫تفتح باب المساهمة والكتتاب‪ ،‬فيتقدم الناس ويللدخلون فللي‬
‫هذه الشركة‪ ،‬ويدفعون قيم هلذه السلهم‪ ،‬ويكونلون شلركاء‬
‫في شركة المساهمة‪.‬‬
‫ذكرنا أن شركة المساهمة ل تخرج عن أنللواع الشللركة الللتي‬
‫سبق أن بيناها‪ ،‬ويتضح هذا أن مجلس الدارة في الشركة ل‬
‫يخرج عن ثلث حالت‪:‬‬
‫ل؛ وهذا هو الغالب‪ ،‬فهنا‬ ‫‪ -1‬أن يكون المجلس مساهما ً وعام ً‬
‫بذل مال وبدن‪.‬‬
‫البللدن‪ :‬مللن مجلللس الدارة‪ ،‬والمللال الول؛ مللن مجلللس‬
‫الدارة‪ ،‬والمال الثاني من بقية المساهمين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫فهي تجمع بين العنان والمضاربة؛ شركة العنان‪ :‬أن يشللتركا‬
‫في المال والبدن‪ ،‬وشللركة المضللاربة؛ أن يللدفع إليلله المللال‬
‫ويقوم بالعمل‪ ،‬فمن حيث أنه من كل منهما مال فهذه عنان‪،‬‬
‫ومن حيث أن أحدهما عمل والخر لللم يعمللل هللذه مضللاربة‪،‬‬
‫وتقدم أن كل من شركة العنان والمضاربة جائز‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكللون مجلللس الدارة عللامل ً دون مسللاهمة‪ ،‬فهللذه‬
‫شللركة عنللان‪ ،‬لن المللال والعمللل مللن جميللع الشللركاء‪،‬‬
‫فالشركاء دفعوا المال‪ ،‬والعمل أيضا ً منهللم لنهللم اسللتأجروا‬
‫مجلس الدارة‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يكون لمجلس الدارة نسبة من الربح من المساهمين‬
‫ومن مجلس الدارة العمل‪ ،‬فمجلس الدارة لم يساهم لكللن‬
‫منه العمل‪ ،‬فهذه شركة مضاربة‪.‬‬
‫فتلخص أن شركة المساهمة ل تخللرج عللن أنللواع الشللركات‬
‫التي ذكرها العلماء رحمهم الله‪.‬‬
‫تعريف السهم ‪:‬‬
‫السهم في اللغة‪ :‬النصيب ‪.‬‬
‫وأما في الصطلح‪ :‬فهو وثيقة يمثل حقا ً عيني لا ً أو نقللديا ً فللي‬
‫رأس مال الشللركة قابللل للتللداول – يعنللي للللبيع والشللراء –‬
‫ويعطي صاحبه حقوقا ً خاصة‪.‬‬
‫أنواع السهم ‪:‬‬
‫تتنوع السهم إلى عدة أنواع من ثلث حيثيات‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬من حيث الحصة ؛ وتنقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أسهم نقدية‪ :‬وذلك أن يكون رأس مال الشللركة أسللهما ً‬
‫نقدية بحيث يدفع المساهمون نقودا ً من الذهب أو الفضة‪ ،‬أو‬
‫ما يقوم مقام النقود من الوراق النقدية‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬العلماء متفقون على أنه إذا كان رأس مال الشللركة‬
‫أسهما ً نقدية أنها شركة صحيحة‪.‬‬
‫‪ – 2‬أسهم عينية‪ :‬وذلك أن يكون رأس مال الشركة عللروض‬
‫تجللارة‪ ،‬كللأن يسللاهم النللاس بأقمشللة أو بللآلت أو مللواد‬
‫غذائية ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫حكمها‪ :‬فيها خلف بين العلماء‪:‬‬
‫أ– أكثر العلماء على أنه إذا كان رأس مال الشللركة عروضللا ً‬
‫فهذا ل يصح‪.‬‬
‫ب– ما ذهب إليه المام مالك وهو روايللة عللن المللام أحمللد‪،‬‬
‫واختاره شيخ السلم ابن تيمية وابلن القيللم؛ أن هلذا صللحيح‬
‫ول بأس بلله‪ ،‬فلللو تشللارك اثنللان أو أكللثر وجعلللوا رأس مللال‬
‫الشركة من السيارات أو من الطعمة أو اللبسة أو غير ذلك‬
‫مما يتفقان عليه فإن هذا جائز ول بأس بلله‪ ،‬ويعللرف نصلليب‬
‫كل واحد منهم من رأس مال الشركة‪.‬‬
‫التعليل‪ :‬لن الصل في المعاملت الحل كما تقدم ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬من حيث الشكل ؛ وتتنوع إلى نوعين ‪:‬‬
‫‪ –1‬أسهم اسمية‪ :‬وهللي السللهم الللتي تحمللل اسللم صللاحبها‬
‫مدونا ً عليها‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬جائزة بالتفاق ‪.‬‬
‫التعليل‪ :‬لعدم الغرر فيها‪ ،‬فهذا زيللد للله هللذا السللهم واسللمه‬
‫مدون على هذه الوثيقة ‪.‬‬
‫‪ –2‬أسهم لحاملها‪ :‬وهي السهم التي يكتب عليها أن السللهم‬
‫لحامله بدون ذكر اسم المالك‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬ل تجوز ‪.‬‬
‫التعليللل‪ :‬لمللا فيهللا مللن الغللرر والجهالللة‪ ،‬فللإن المالللك غيللر‬
‫معروف وهذا يؤدي إلى التنازع‪.‬‬
‫ومثل هذه السهم الن – كما ذكر بعللض البللاحثين – الغللالب‬
‫أنها غير موجودة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬من حيث الحقوق ؛ وتنقسم إلى أقسام ‪:‬‬
‫‪ –1‬أسهم امتياز تعطي صاحبها أولوية الحصللول علللى شلليء‬
‫من الرباح دون بقية الشركاء‪.‬‬
‫ل‪ :‬يخصص خمس بالمائة من الربح لهذه السهم‪ ،‬والبللاقي‬ ‫مث ً‬
‫يوزع بالتسللاوي علللى الشللركاء بمللا فيهللم أصللحاب السللهم‬
‫الممتازة‪.‬‬
‫الحكم‪ :‬محرمة ول تجوز ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫التعليل‪ :‬لنه ل يجوز أن يأخذ بعض الشركاء زيادة في الربللح‬
‫بل مقابل من زيادة عمل أو مال ‪.‬‬
‫‪ –2‬أسهم امتياز تخول أصحابها الحصول علللى فللائدة سللنوية‬
‫ولو لم تربح الشركة‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬محرمة ول تجوز ‪.‬‬
‫التعليل‪ :‬لن حقيقة هذه السهم أنها قرض بفائدة وهللذا مللن‬
‫الربا‪.‬‬
‫‪ –3‬أسهم امتياز تعطللي أصللحابها الحللق فللي اسللتعادة قيمللة‬
‫السهم بكللامله عنللد تصللفية الشللركة قبللل المسللاهمين ولللو‬
‫خسرت الشركة ‪.‬‬
‫حكمها ‪ :‬محرمة ول تجوز ‪.‬‬
‫التعليللل‪ :‬لن العلمللاء يللذكرون إذا كللان هنللاك خسللارة فللإن‬
‫الوضيعة تكون على قللدر المللال‪ ،‬وعلللى هللذا يشللترك جميللع‬
‫الشركاء في الوضيعة والخسارة‪ ،‬أمللا كللونه يخصللص لبعللض‬
‫الشركاء أن له أن يسحب أسللهمه‪ ،‬ول يللدخل فللي الخسللارة‬
‫فهذا شرط باطل‪.‬‬
‫الشركة مبناها على العدل‪ ،‬وذلللك بللأن يشللترك الجميللع فللي‬
‫المغنللم والمغللرم‪ ،‬كمللا أنهللم يشللتركون فللي الربللح أيضللا ً‬
‫يشتركون في الخسارة‪ ،‬وهذا هو أهللم شللروط الشللركة‪ ،‬أن‬
‫تقوم على العللدل‪ ،‬وذلللك بللأن يشللترك الجميللع فللي المغنللم‬
‫والمغرم‪.‬‬
‫وأما كونه يوضع أسهم امتيللاز لبعللض الشللركاء بحيللث إنلله ل‬
‫يدخل في الخسارة يستحق أن يسحب أسللهمه عنللد تصللفية‬
‫الشركة قبل الخرين‪ ،‬ول يدخل في الخسارة فهللذا ل يجللوز‪،‬‬
‫لن العلماء يقولون ‪ :‬الشركة مبناها علللى العللدل والوضلليعة‬
‫على قدر المال‪.‬‬
‫‪ –4‬أسللهم امتيللاز تعطللي المسللاهمين القللدامى الحللق فللي‬
‫الكتتاب قبل غيرهم‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬جائزة ول بأس بها ‪.‬‬
‫التعليل‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ –1‬لنها تشمل الجميع ‪.‬‬
‫‪ –2‬لن المساهمين لهم الحق في أل يدخلوا أحدا ً معهم فللي‬
‫الشركة ‪.‬‬
‫‪ –3‬السهم التي تعطي أصحابها أكثر من صوت ‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬ل تجوز ‪.‬‬
‫التعليلل ‪ :‬لملا فيهلا ملن التفلاوت فلي الحقلوق بلدون ملبرر‬
‫شرعي ‪.‬‬
‫مسللألة ‪ :‬فللي حكللم المشللاركة فللي أسللهم الشللركات ذات‬
‫العمللال المشللروعة فللي الصللل إل أنهللا تتعامللل بللالحرام‬
‫أحيانا ً ‪.‬‬
‫مثالها ‪ :‬شركة مساهمة تدعو إلللى الكتتللاب‪ ،‬وهللذه الشللركة‬
‫أعمالها مباحة إل أن لها أعمال ً محرمة في بعللض الحيللان أو‬
‫دائمًا‪ ،‬لكن هذه العمال يسلليرة‪ ،‬ومللن ذلللك مللا حصللل قبللل‬
‫أشهر فيما يتعلق بشللركة التصللالت؛ فهللذه الشللركة قائمللة‬
‫على أعمال مباحة من المنافع المعروفة في التصال وخدمة‬
‫الهاتف وغيللر ذلللك مللن الخللدمات إل أن لهللا أعمللال ً محرمللة‬
‫أحيانلًا‪ ،‬فهللل الللدخول فللي مثللل هللذه الشللركة وغيرهللا مللن‬
‫الشركات الللتي قللامت علللى أعمللال مباحللة إل أنهللا تتعامللل‬
‫أحيانا ً بالحرام‪ ،‬فهل الكتتاب في مثل هذه الشللركة جللائز أو‬
‫غير جائز ؟‬
‫أشهر القوال في هذه المسألة ثلثة أقوال ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬أن الشتراك في مثل هذه الشركات ل يجللوز‪،‬‬
‫وذهب إلى هذا القول جمع من الباحثين الذين بحثوا في هذه‬
‫المسألة ‪.‬‬
‫دليلهم ‪:‬‬
‫‪ –1‬عموم أدلة تحريم الربا‪ ،‬كقول الله عللز وجللل‪ )) :‬ي َللا أ َي ّهَللا‬
‫ه ل َعَل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫كلل ْ‬ ‫ة َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬‫ضاعََف ً‬‫م َ‬‫ضَعافا ً ّ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َأك ُُلوا ْ الّرَبا أ ْ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن (( )آل عمران‪.(130:‬‬ ‫حو َ‬ ‫ت ُْفل ِ ُ‬
‫َ‬
‫م الّرب َللا(( )البقللرة‪:‬‬ ‫حلّر َ‬‫ه ال ْب َي ْلعَ وَ َ‬
‫ل الل ّل ُ‬
‫حل ّ‬‫وقللوله تعللالى‪ )) :‬وَأ َ‬
‫‪.(275‬‬

‫‪36‬‬
‫ي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬لعن آكل الربا‬ ‫وحديث جابر أن الن ّب ِ ّ‬
‫وموكله وكاتبه وشاهديه ‪ ،‬وقال‪)) :‬هم سواء(( ‪.‬‬
‫وجلله الدللللة‪ :‬أن المسللاهم فللي مثللل هللذه الشللركات الللتي‬
‫ترابي هللو مللراب سللواء كللان الربللا قليل ً أو كللثيرًا‪ ،‬ول يجللوز‬
‫للمسلم ذلك أو أن يستمر فيه ولو كان قلي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ –2‬ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة‪ -‬رضللي الللله عنلله‪-‬‬
‫ي ‪ -‬صلى الله عليلله وسلللم‪ -‬قللال‪ (( :‬إذا نهيتكللم عللن‬ ‫أن الن ّب ِ ّ‬
‫شيء فاجتنبوه(( ‪.‬‬
‫فقال‪ )) :‬عن شيء((‪ :‬وهذا يعم كل شيء سواء كان قليل ً أو‬
‫كثيرًا‪.‬‬
‫وجه الدللة‪ :‬أن هذه نكرة في سللياق الشللرط فتعللم القليللل‬
‫والكثير ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أنله ينظللر إلللى المصللالح المترتبللة علللى القللول بللالمنع‪،‬‬
‫فهناك مصالح كللثيرة تللترتب علللى القللول بللالمنع مللن ذلللك‪:‬‬
‫التخلص من مفاسد الربا‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬منع المسلمين من المشاركة في الشركات التي تقللع‬
‫في الربا مما يشجع المؤسسات الربوية إلى ترك الربا‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن ذلك يؤدي إلى فتللح البللواب للعمللال المشللروعة‬
‫لكي يستثمر فيها المسلمون أموالهم ‪.‬‬
‫‪ –4‬قاعدة أنه‪ :‬إذا اجتمع الحلل والحرام فإنه يغلللب الحللرام‬
‫ل‪ ،‬إل إذا كللان الحللرام غيللر منحصللر فللإنه يكللون‬ ‫ولو كان قلي ً‬
‫معفوا ً عنه‪ ،‬كما لللو اختلللط فللي هللذا البلللد حللرام فهللذا غيللر‬
‫منحصر‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن الشتراك في هذه الشركات جللائز بشللرط‬
‫أل ينص نظامهللا الساسللي علللى التعامللل بالربللا‪ ،‬مللع تقللدير‬
‫عنصر الحرام واستبعاد نسبته من عائدات السهم‪ ،‬ويصللرف‬
‫في وجوه الخير‪.‬‬
‫دليلهم ‪:‬‬
‫‪ –1‬قاعدة ‪ :‬يجوز تبعا ً ما ل يجوز اسللتقلل ً ‪ ،‬وأنلله يغتفللر فللي‬
‫التابع ما ل يغتفر في المتبوع‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ل‪ ،‬وإذا كللان تابع لا ً‬ ‫فمثل هذا الحرام جاء تبعا ً ولم يأت استقل ً‬
‫فإنه يكون مغتفرًا‪.‬‬
‫ي ‪ -‬صلللى‬ ‫وهذه القاعدة لها أمثلة في الشريعة؛ منها‪ :‬أن الن ّب ِ ّ‬
‫الله عليه وسلم‪-‬حرق نخل بني النضير‪ ،‬هللذا التحريللق يللؤدي‬
‫إلى قتل شيء من الحشرات والطيور وغير ذلك بالنار‪ ،‬وهذا‬
‫ل يجوز لقوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ )) :-‬ول يعذب بالنار إل‬
‫رب النار(( ‪.‬‬
‫لكن هذا القتل بالنار إنما جاء تبعا ً فلما كللان تابع لا ً ولللم يكللن‬
‫مقصودا ً لذاته كان جائزا ً ول بأس به‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬الدود في التمر‪ ،‬فكون النسان يأخللذ التمللرة ويأكلهللا‬
‫وفيها شيء من الدود فهذا جائز ول بأس به‪ ،‬لنه تابع ويثبللت‬
‫ل‪ ،‬لكن لللو أخللرج هللذا الللدود ثللم أكللله‬ ‫تبعا ً ما ل يثبت استقل ً‬
‫قالوا‪ :‬هذا ل يجوز لنه لم يكن تابعا ً وإنما أكله استقل ً‬
‫ل‪.‬‬
‫فقالوا ‪ :‬هذا نظير هذا‪ ،‬فهذه شركة أعمالهللا تسللعين بالمللائة‬
‫حلل‪ ،‬وأما الربا فيها فتابع ولللم يكللن مقصللودا ً لللذاته‪ ،‬ولهللذا‬
‫اشترط أصحاب هذا القول أل ينص نظامهللا الساسللي علللى‬
‫التعامل بالربا‪.‬‬
‫الجواب عن هذا الدليل ‪:‬‬
‫أجاب أصحاب القللول الول عللن هللذا السللتدلل فقللالوا‪ :‬إن‬
‫الستدلل بهذه القاعدة في مثل هذا خطأ‪ ،‬لن هذه القاعدة‬
‫ذكرها العلماء في المور التي تنتهي‪ ،‬فل يستدل بها على أن‬
‫النسان يستمر فللي فعللل المحللرم ‪ ،‬لكللن فللي أمللور تنتهللي‬
‫عقود أو أفعال ‪ ..‬إلخ ‪ ،‬فهنا يغتفر في التابع ما ل يغتفللر فللي‬
‫المتبوع ‪.‬‬
‫أما هذه الشللركات الللتي تتعامللل بللالحرام فإنهللا تسللتمر‪ ،‬فل‬
‫نقول‪ :‬للمسلم يجوز تبعا ً مللا ل يجللوز اسللتقلل ً واسللتمر فللي‬
‫فعل المحرم ‪.‬‬
‫‪ –2‬قاعلللدة‪ :‬الحاجلللة إذا عملللت تنلللزل منزللللة الضلللرورة‪،‬‬
‫والضرورات تبيح المحظورات‪.‬‬
‫الجواب عن هذا الدليل ‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫أجاب أصحاب القول الول عن هذه القاعدة بجوابين ‪:‬‬
‫أ– أن أكثر العلماء على خلف هذه القاعدة‪ ،‬ولهللذا جللاء فللي‬
‫شلللرح الفلللرائد‪ :‬الكلللثر عللللى أن الحاجلللة ل تقلللوم مقلللام‬
‫الضرورة ‪.‬‬
‫ب– أن هذه القاعدة ذكر لها العلماء قيودا ً وشروطا ً فليسللت‬
‫على إطلقها‪ ،‬ومن هذه القيود‪ :‬أل يللأتي نللص مللن الشللريعة‬
‫بالمنع‪ ،‬فإذا جاء نص من الشريعة بالمنع فإن الحاجة ل تنزل‬
‫منزلة الضرورة‪ ،‬وهنا جاء النص من الشريعة بمنع الربا‪.‬‬
‫ومن القيود أيضا ً أن هذه الحاجة إنما تكون في الشياء الللتي‬
‫ورد بها نص من الشريعة‪ ،‬من جواز عقللد السلللم‪ ،‬والجللارة‪،‬‬
‫وجواز تضبي الناء ولبس الحرير لدفع القمل والحكة‪.‬‬
‫‪ –3‬قاعدة ‪ :‬ما ل يمكن التحللرز منلله فهللو عفللو‪ ،‬ومثللل هللذه‬
‫الشياء المحرمة ل يمكن التحرز منها ‪.‬‬
‫الجواب عن هذا الدليل ‪:‬‬
‫قلالوا‪ :‬إن الللذي ل يمكللن التحللرز منله ويكلون عفللوا ً هلو مللا‬
‫يترتب عليه حرج ومشقة‪ ،‬وكون النسان ل يللدخل فللي مثللل‬
‫هذه الشللركات ل يللترتب عليلله حللرج ومشللقة‪ ،‬فللالن أنللاس‬
‫دخلوا وأناس لم يدخلوا‪ ،‬فالذين لم يدخلوا لللم يصللبهم حللرج‬
‫ومشقة‪ ،‬وبإمكانهم أن يستثمروا أملوالهم فلي أشلياء أخلرى‬
‫مباحة ‪.‬‬
‫القول الثالث‪ :‬التفصيل؛ حيللث قسللموا الشللركات إلللى ثلثللة‬
‫أقسام ‪:‬‬
‫أ– شركات أصل نشاطها محرم‪ ،‬كأن تقوم علللى بيللع الخمللر‬
‫أو تصنيعه أو بيع الخنزير‪ ...‬إلخ ‪.‬‬
‫فهذه ل يجوز الدخول فيها‪ ،‬ول تداول أسهمها بيعا ً ول شراًء‪.‬‬
‫ب– شركات أصل نشاطها مباح لكن تتعامل بالمحرم أحيانللا ً‬
‫وهي صغيرة‪ ،‬فهذه أيضا ً ل يجوز الدخول فيها ‪.‬‬
‫ج‪ -‬شركات أصل نشاطها مباح لكن تتعامل بللالمحرم أحيان لًا‪،‬‬
‫وهي شركات كبيرة‪ ،‬ذات خدمات عامة ضرورية للمجتمع قد‬
‫تعجز عنها الدول‪ ،‬فهذه ل بأس بالدخول فيها ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫التعليل‪ :‬وجود المصلللحة الكللبيرة فللي قيللام هللذه الشللركات‬
‫التي تعنى بالخدمة العامة‪.‬‬
‫الجواب عن هذا التعليل ‪:‬‬
‫أجاب المانعون عن هذا التعليل بجوابين ‪:‬‬
‫‪ –1‬أن المصلللحة لكللي تكللون معتللبرة لبللد أن تتللوفر فيهللا‬
‫شروط منها‪ :‬أل تخالف النص فإذا كللان فيهللا مخالفللة للنللص‬
‫فإنها ل تجوز ‪.‬‬
‫‪ –2‬المنازعة فلي المصلللحة فقلد يقلال‪ :‬إن المصلللحة تكلون‬
‫بعدم الشتراك لما يترتب على ذلك من مصللالح‪ ،‬وهللي فتللح‬
‫البواب لشركات مباحللة مشللروعة‪ ،‬وأيضلا ً إلللزام مثللل هللذه‬
‫الشركات بالمعاملت المباحة المشروعة‪ ،‬حيللث إن أصللحاب‬
‫هؤلء الشللركات يهمهللم دخللول النللاس ومشللاركتهم‪ ،‬فكللون‬
‫الناس يحجمون عن الدخول معهم هذا يدفعهم إلللى تحسللين‬
‫أوضاعهم‪.‬‬
‫==============‬
‫‪#‬قصة أصحاب السبت‬
‫د‪ .‬ياسر برهامي‬
‫)‪(1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمللد لللله وأشللهد أل إللله إل الللله وحللده ل شللريك للله وأن‬
‫محمدا ً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهللذه القصللة العظيمللة الللتي وردت فللي عللدة مواضللع مللن‬
‫القرآن‪ ،‬وجعلها اللله علز وجلل موعظلة للمتقيلن‪ ،‬كملا قلال‬
‫ت‬‫سب ْ ِ‬ ‫م ِفي ال ّ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫دوا ْ ِ‬‫ن اعْت َ َ‬ ‫ذي َ‬‫م ال ّ ِ‬ ‫سبحانه وتعالى‪) :‬وَل ََقد ْ عَل ِ ْ‬
‫مت ُ ُ‬
‫ن ي َلد َي َْها‬
‫مللا ب َي ْل َ‬‫كال ً ل ّ َ‬
‫ها ن َ َ‬ ‫جعَل َْنا َ‬
‫ن فَ َ‬ ‫سِئي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫كوُنوا ْ قَِرد َةً َ‬ ‫م ُ‬‫فَُقل َْنا ل َهُ ْ‬
‫ن( ]البقللرة‪ ،65:‬ل ‪ ،[66‬فكللل مللن‬ ‫مت ِّقي َ‬ ‫ة ل ّل ْ ُ‬
‫عظ َ ً‬ ‫خل َْفَها وَ َ‬
‫مو ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫وَ َ‬
‫اتقى الله عز وجل وعلم هذه القصة‪ ،‬فهو ينتفع بهللا ويتعللظ‪،‬‬
‫ويعلم أهميتها في حياة المسلمين عموما ً وخصوصًا‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫هذه القصة وإن وقعت لمة غير أمتنا فقد وقعت في جماعة‬
‫من بني إسرائيل وإن لم يكن زمنها هو زمننللا‪ ،‬إل أننللا نتعلللم‬
‫من قصص القرآن دائما كملا ذكلر اللله علز وجلل أنله علبرة‬
‫عْبللَرةٌ ّل ُوِْلللي‬ ‫م ِ‬ ‫صللهِ ْ‬‫ص ِ‬ ‫ن ِفللي قَ َ‬ ‫لصللحاب العقللول )ل ََقللد ْ َ‬
‫كللا َ‬
‫َ‬
‫ب{ ]يوسف‪ ،[111 :‬فل بد أن نتعلم‪ ،‬ونستفيد‪ ،‬ونطبللق‬ ‫الل َْبا ِ‬
‫هللذه القصللص علللي واقعنللا وعلللي حياتنللا‪ ،‬وليللس فقللط أن‬
‫نجعلها مجرد حكاية للتسلية‪.‬‬
‫فالله عز وجل ليس بينه وبين خلقه نسب‪ ،‬بمعنللي أكللان لن‬
‫من فعل مثلما فعل الولون استحق مثل جزائهم فمن اتقللي‬
‫الللله سللبحانه وتعللالي نللال جللزاء المتقيللن السللابقين‪ ،‬ومللن‬
‫أعرض عن ذكر الله سبحانه وتعالي وترك ما أمره الللله عللز‬
‫وجل به أو كفر أو فسق أو ابتدع‪ ،‬أو عصي الله عز وجل نال‬
‫جزاء السابقين له الفاعلين ذلك‪.‬‬
‫ولقللد كللان الصللحابة رضللي الللله عنهللم يسللتفيدون أعظللم‬
‫السللتفادة ملن قصلص القللرآن وخطللابه علن السلابقين‪ ،‬ول‬
‫يمنعهم أن نزول اليات كان لقللوام غيرهللم مللن أن يحللذروا‬
‫الشر الذي ذموا به وأن يقتدوا بالخير الذي مدحوا‪.‬‬
‫فهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنلله يتللورع‬
‫عن كثير من طيبات المآكل والمشارب ويتنللزه عنهللا ويقللول‬
‫إني أخاف أن أكون كالذين قال الله لهلم و وبخهلم وقرعهلم‬
‫َ‬
‫مت َعُْتم ب َِهللا{‬ ‫سللت َ ْ‬ ‫م الللد ّن َْيا َوا ْ‬ ‫حَيللات ِك ُ ُ‬‫م ِفللي َ‬ ‫م ط َي َّبللات ِك ُ ْ‬‫)أذ ْهَب ُْتلل ْ‬
‫]الحقاف‪ [21:‬مع أن الية بل إشكال فللي الكفللار كمللا ينللص‬
‫ن ك ََفلُروا عَل َللى الن ّللاِر‪،(..‬‬ ‫ذي َ‬‫ض ال ّل ِ‬ ‫م ي ُعْلَر ُ‬ ‫على ذلك أولهللا )وَي َلوْ َ‬
‫ولكن الفهم العميق للصحابة رضي الله عنهم دلهم علللى أن‬
‫الذم للكفار كان على أعمال وصللفات معينللة فمللن شلاركهم‬
‫في بعضها استحق بعض جزائهم وغن لم يكن كافرا ً مثلهم‪.‬‬
‫وهذا حذيفة رضي الله عنه يسأل عن قللول الللله عللز وجللل‪:‬‬
‫ن(‬‫كللافُِرو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫هلل ُ‬ ‫ه َفللأ ُوْل َئ ِ َ‬
‫ك ُ‬ ‫ل الّللل ُ‬ ‫مللا َأنللَز َ‬‫كللم ب ِ َ‬ ‫ح ُ‬
‫م يَ ْ‬ ‫مللن ّللل ْ‬ ‫)و َ َ‬
‫]المائدة‪ [44 :‬قالوا نزلت في بني إسرائيل؟ فقللال متهكمللا ً‬
‫على من يريد تخصيصها بسب نزولها‪" :‬نعم الخوة لكللم بنللو‬

‫‪41‬‬
‫إسرائيل أن تكون لكلم كلل حللوة ولهلم كلل ملرة"‪ ،‬ملع أن‬
‫سياق اليات وسبب نزولها في شلأن اليهللوديين الللذين زنيللا‪،‬‬
‫وكذا قال الحسن رحمه الله‪" :‬نزلت في أهللل الكتللاب وهللي‬
‫لنا واجبة"‪ ،‬وكذا النخعللي‪" :‬نزلللت فيهللم ورضلليها الللله لهللذه‬
‫المة"‪ ،‬فهذه أسباب عظيمة مللن أبللواب الفهللم فللي القللرآن‬
‫تميز به السلف رضوان الله عليهم وحرملله الكللثيرون الللذين‬
‫قصروا أنفسهم على النتفاع بما خوطبت به المة السلللمية‬
‫مدحا ً أو ذما ً أمرا ً أو نهيا ً فغاب عنهم خير عظيم ل يقدره‪.‬‬
‫وقال الشيخ محمللد بللن عبللد الوهللاب فللي فللوائد قصللة ذات‬
‫أنواط في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمللن قللال‬
‫له أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قللال صلللى الللله‬
‫عليه وسلم‪" :‬الله أكبر إنها السنن قلتم والللذي نفسللي بيللده‬
‫ة‬ ‫ما ل َهُ ْ‬
‫م آل َِهلل ٌ‬ ‫جَعل ل َّنا إ ِل ًَها ك َ َ‬ ‫كما قالت بنو إسرائيل لموسى‪) :‬ا ْ‬
‫ن( ]العللراف‪ [138 :‬لتتبعللن سللنن مللن‬ ‫جهَُلو َ‬ ‫م قَوْ ٌ‬
‫م تَ ْ‬ ‫ل إ ِن ّك ُ ْ‬
‫َقا َ‬
‫كان قبلكم"‪.‬‬
‫قال في فوائده أن ما ذم الله به اليهود والنصارى فهو لنا أي‬
‫نحن مخاطبون به ومن فعله منا كان مذموما ً مثلهم‪.‬‬
‫ذلك أن كثيرا ً من الناس قد يظن ما ذكره الله عن الماضيين‬
‫أنه ليس لنا ويقول‪ :‬وما لنا ولهؤلء؟ وهذا باطل فإن أسلوب‬
‫الصحابة رضي الله عنهم في القرآن وتطبيقه لللم يكللن أبللدا ً‬
‫كذلك فإنهم كانوا يرون أن ما خوطب به السللابقون خطللاب‬
‫لنا كذلك ألم يتعلموا ذلك من رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم حين قال له بعض النللاس أجعللل لنللا ذات أنللواط كمللا‬
‫لهم ذات أنواط قال صلى الله عليه وسلللم‪" :‬الللله أكللبر إنهللا‬
‫السللنن قلتللم والللذي نفسللي بيللده كمللا قللالت بنللو إسللرائيل‬
‫ن(‬ ‫جهَل ُللو َ‬‫م تَ ْ‬‫م قَوْ ٌ‬ ‫ل إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫ة َقا َ‬ ‫ما ل َهُ ْ‬
‫م آل ِهَ ٌ‬ ‫جَعل ل َّنا إ ِل ًَها ك َ َ‬ ‫لموسى )ا ْ‬
‫لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلللوا‬
‫جحر ضب لدخلتموه قالوا‪ :‬يا رسول الله اليهللود والنصللارى؟‬
‫فقال‪ :‬فمن"‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فإذا علمنا أن هذه المة فيها من يتبع سنن السللابقين علمنللا‬
‫أنه لبد أن نحذر من كل منكر قص الللله علينللا أن السللابقين‬
‫فعلوه لنه سيوجد مسخ في هذه المللة أمللة السلللم علمنللا‬
‫مدى الخطر الذي يتهدد من ل يفهللم القللرآن الفهللم السللوي‬
‫الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم "سيكون في آخللر‬
‫الزمان خسف وقذف ومسخ فإذا ظهرت المعازف والقينللات‬
‫واستحلت الخمور"‪.‬‬
‫ويزداد المر خطورة في حق من يخشى عليهللم اتبللاع سللنن‬
‫بني إسرائيل وذلك يزداد في آخر الزمان وسوف يوجللد فللي‬
‫المة من يقلد بنللي إسللرائيل والنصللارى حللذو القللذة بالقللذة‬
‫شبرا ً بشبر وذراعا ً بذراع كمللا قللال رسللول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫فالحذر من مشابهة ما فعلتلله هللذه الفئة مللن عصللاة وغللواة‬
‫بني إسرائيل واجب وها نحن نرى كمللا سللنبين إن شللاء الللله‬
‫كيللف انتشللرت الحيللل فللي المللة السلللمية مضللاهاة لهللل‬
‫الكتاب خصوصا ً عند من يرى إن المسلللمين لللن يتقللدموا إل‬
‫بمشابهتهم ومتابعتهم والعياذ بالله‪.‬‬
‫فمن هنا كان لبد ان نطبق مللا نسللمعه مللن قصللص القللرآن‬
‫على واقعنا وحياتنا‪.‬‬
‫والمللر أن نعلللم طبيعللة المللة الللتي سللتظل المواجهللة بيننللا‬
‫وبينهللا قائمللة إلللى قللرب قيللام السللاعة‪ ،‬فللإذا علمنللا حقيقللة‬
‫هؤلء ‪،‬وعلمنا صفاتهم التي بينها الله عز وجللل فللي القللرآن‪،‬‬
‫وفضحهم بها‪،‬لم يغرنا غللار أو مغللرور‪ ،‬ويظللن أنلله يمكللن أن‬
‫تنطلللي علللي المسلللمين دعللاوى المحبللة والسلللم والللوئام‬
‫والصداقة بيللن المسلللمين وبيللن أعللداء السلللم مللن اليهللود‬
‫خصوصا" وممن شابههم من النصارى كذلك ‪.‬‬
‫فالمسلللمون يعلمللون أن عللداوتهم مللع اليهللود ل تنتهللي إل‬
‫بقتالهم ‪ ،‬كما أخبر النبي صلي الللله عليلله و سلللم فقللال ‪":‬ل‬
‫تقللوم السللاعة حللتى يقتتللل المسلللمون واليهللود ‪ ،‬فيقتللل‬
‫المسلللمون اليهللود ‪ ،‬حللتى يختللبئ اليهللودي وراء الحجللر و‬

‫‪43‬‬
‫الشجر‪ ،‬فينطق الله الحجر والشجر‪ ،‬فيقول‪ " :‬يا مسلم ‪،‬هذا‬
‫يهللودي ورائي‪ ،‬فتعللال فللاقتله‪ ،‬إل الغللر قللد فللإنه مللن شللجر‬
‫اليهود‪.‬‬
‫و النبي صلي الله عليه و سلم أخبر أن أكبر الفتللن و أعظللم‬
‫أمر ما بين أدم إلي قيام الساعة هو الدجال ‪ ،‬وهللو منسللوب‬
‫أيضا إلي اليهود ‪.‬فقد قال صلي الله عليله و سللم‪" :‬مللا بيلن‬
‫أدم إلي قيام الساعة أمر أكبر من اللدجال" وثبلت أن النلبي‬
‫صلي الله عليه و سلم أخبر أن اللدجال يهلودي ‪.‬وقلال عليلله‬
‫الصلة و السلم ‪ ":‬يتبع الللدجال مللن يهللود أصللبهان سللبعون‬
‫ألفا عليهم الطيالسة ‪ ".‬وهذا يدل علي أن الللدجال هللو ملللك‬
‫اليهود المنتظر الذي ينتظرونه لفرض سلطانهم علي العللالم‬
‫كللله فيمللا يظنللون ‪ ،‬وأن هلكهللم يكللون مللع هلكلله أو بعللده‬
‫مباشرة كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم‪" :‬يوشللك‬
‫ل‪ ،‬وإماما مقسطا فيكسللر‬ ‫أن ينزل فيكم ابن مريم حكما ً عد ً‬
‫الصليب‪ ،‬ويقتل الخنزير ويضع الجزية‪.‬‬
‫وأن عيسي عليه السلم يقتل المسيح الدجال بحربتلله وذلللك‬
‫بباب لد قرب بيت المقدس‪.‬‬
‫فالظاهر أن ملحمة قتل اليهود تكون بعد قتل الدجال ملكهم‬
‫علللي يللد عيسللي عليلله السلللم وقللد سللبقت ملحمللة قتللال‬
‫النصارى من الروم )الوربيين( قبل ظهور الللدجال بالشللام و‬
‫بعدها تفتح القسطنطينية فتحا ثانيا كما أتت بللذلك الحللاديث‬
‫الصحيحة ‪.‬‬
‫فإذا علمنا صللفات هللؤلء القللوم حللذرنا علللي أنفسللنا منهللا ‪،‬‬
‫وكذلك علمنا خطرهم ‪ ،‬وعلمنا حقيقتهم ‪ ،‬فل يمكللن أبللدا أن‬
‫نصدق في يوم من اليلام ملن يللدعي صلداقتهم ‪،‬ومللن يريللد‬
‫موالتهم ‪ ،‬والدوران في فلكهم ‪ ،‬ونعلم بذلك أن مللن أحبهللم‬
‫وودهم وسا فللي فلكهللم‪ ،‬وحسللب مخططللاتهم فللإنه منللافق‬
‫عدو للسلم وإن صلي وصام وزعم أنه مسلم‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫هذه القصة الكريمة ذكرها الله سبحانه وتعللالي فللي مواضللع‬
‫كما ذكرنا‪ ،‬وتكررت‪ ،‬إل أن أكللثر المواضللع تفصلليل ً كللان فللي‬
‫سورة العراف‪ ،‬وحول آياتها يكون موضوعنا إن شاء الله‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬
‫ر‬
‫حل ِ‬ ‫ضلَرةَ ال ْب َ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬‫ن ال َْقْري َةِ ال ِّتي َ‬ ‫م عَ ِْ‬ ‫سأل ْهُ ْ‬ ‫قال تعالي ‪} :‬وا َ ْ‬
‫شلّرعا ً‬ ‫م ُ‬ ‫سلب ْت ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ي َلوْ َ‬ ‫حيت َللان ُهُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ت إ ِذ ْ ت َلأِتيهِ ْ‬ ‫سب ْ ِ‬ ‫ن ِفي ال ّ‬ ‫دو َ‬ ‫إ ِذ ْ ي َعْ ُ‬
‫ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫سلُقو َ‬ ‫مللا ك َللاُنوا ي َْف ُ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫ك ن َب ْل ُللو ُ‬‫م ك َذ َل ِ َ‬ ‫ن ل َ ت َأِتيهِ ْ‬ ‫سب ُِتو َ‬ ‫م ل َ يَ ْ‬ ‫وَي َوْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫مَعللذ ّب ُهُ ْ‬ ‫م أو ْ ُ‬ ‫مهْل ِك ُهُ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما الل ّ ُ‬ ‫ن قَوْ ً‬ ‫ظو َ‬ ‫م ت َعِ ُ‬ ‫م لِ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ة ّ‬ ‫م ٌ‬ ‫تأ ّ‬ ‫وَإ ِذ َ َقال َ ْ‬
‫مللا‬ ‫ن‪ ،‬فَل َ ّ‬ ‫م ي َت ُّقللو َ‬ ‫م وَل َعَل ّهُل ْ‬ ‫معْلذَِرةً إ ِل َللى َرب ّك ُل ْ‬ ‫دا قَللاُلوا ْ َ‬ ‫دي ً‬ ‫ش ِ‬ ‫ذاًبا َ‬ ‫عَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خلذ َْنا‬ ‫سللوِء وَأ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن عَل ِ‬ ‫ن ي َن ْهَلوْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫جي ْن َللا ال ّل ِ‬ ‫ما ذ ُك ّلُروا ْ ب ِلهِ أن َ‬ ‫سوا ْ َ‬ ‫نَ ُ‬
‫ما عَت َوْا ْ عَللن‬ ‫ن‪ ،‬فَل َ ّ‬ ‫سُقو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َْف ُ‬ ‫ما َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫ب ب َِئي‬ ‫ٍ‬ ‫موا ْ ب ِعَ َ‬
‫ذا‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫ن َرّبل َ‬ ‫ن‪ ،‬وَإ ِذ ْ َتلأذ ّ َ‬ ‫سلِئي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫كوُنلوا ْ ِقلَرد َةً َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه قُل َْنلا ل َُهل ْ‬ ‫ما ن ُُهوا ْ عَن ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫ب إِ ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫سوَء ال َْعلل َ‬ ‫م ُ‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫مة ِ َ‬ ‫م إ َِلى ي َوْم ِ ال ِْقَيا َ‬ ‫ن عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ل َي َب ْعَث َ ّ‬
‫م{ )‪ (167 -163‬سلورة‬ ‫حي ٌ‬ ‫ه ل َغَُفوٌر ّر ِ‬ ‫ب وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ريعُ ال ْعَِقا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫العراف"? ‪.‬‬
‫يأمر الله عز وجل نبيه صلي الله عليه وسلم أن يسللأل بنللي‬
‫إسرائيل عن هذه القرية ‪ ،‬وهذا سؤال توبيللخ فللي الحقيقللة ‪،‬‬
‫لن أولئك الذين عاصروا النبي صلي الله عليه وسلم شابهوا‬
‫هؤلء الذين جعلهم الله قردة خاسئين ‪ ،‬فلذلك أمر بالسللؤال‬
‫عن شي يكتمونه مما جرى لسللفهم وهلم شلابهوهم فيله ‪،‬‬
‫وساروا علي نهجهم ‪.‬‬
‫لذا نجد أن خاتمة القصة ذكر الله عللز وجللل فيهللا أنلله يبعللث‬
‫عليهم إلي يوم القياملة ملن يسلومهم سلوء العلذاب ‪ ،‬فملن‬
‫المقصللودون بعللد هلك المقصللودون هللم مللن كللانوا علللي‬
‫شاكلتهم مللن بقيللة اليهللود ‪ ،‬فهللذا تأكللد علللي الرتبللاط بيللن‬
‫الماضي والحاضر كما ذكرنا ‪.‬‬
‫فهذه القصة توبيخ لبني إسرائيل في عهللد النللبي صلللي الللله‬
‫عليه وسلم لنهم يفعلون مثللل مللا فعللل أولئك مللن التحايللل‬
‫علي أمر الله وعدم اللتزام بشرعه قوله تعللالي ‪?:‬واسللألهم‬
‫عن القرية التي كانت حاضرة البحر?‬

‫‪45‬‬
‫أي علي ساحل البحر ‪،‬ما اسم القريللة ؟ ومللا اسللم البحللر ؟‬
‫ومن كان رئيسها ؟ كل هذا لم يذكره القرآن ‪ ،‬مللع أن كللثيرا‬
‫من الناس يبحثون في ذلك أثر البحث وذلك لنهم لم يفقهوا‬
‫جيدا طريقة القرأن إذ ل فائدة من السللماء كللثيرا ول فللائدة‬
‫من الماكن كثيرا‪ ،‬ول في أي الزمنة بالضبط ‪ ،‬ل يعود علينللا‬
‫كبير فائدة من هذا ‪ ،‬وربما ل فائدة علي الطلق ‪.‬‬
‫فما العظة في أن نعرف ‪ :‬هل هذه القرية أيلللة أم مللدين أم‬
‫منتنا ‪-‬كما يقولون‪ -‬بين مدين و عينونة أو غير ذلك ؟ ولذا لم‬
‫يصح عن النبي صلي الله عليه وسلم تحديد شيء من ذلك ‪،‬‬
‫وإنما نقل ما نقل مللن ذلللك عللن أهللل الكتللاب ‪ ،‬المهللم أنهللا‬
‫كانت قرية علي ساحل بحر ‪ ،‬وكان عملهم صيد السمك ‪.‬‬
‫والختصار في الكلم القرآني بليغ غاية البلغة ‪ ،‬فقللد أوضللح‬
‫كل المللور مللن غيللر إخلل علللي الطلق بللأي مللن المعللاني‬
‫المطلوبة ‪.‬‬
‫قال سبحانه وتعالي‪?:‬إذ يعدون? أي ‪ :‬حين يعدون‪ ،‬و المعني‬
‫و اسألهم عن القرية حين عدت في السبت‪ ،‬ما كان شأنها ؟‬
‫ذلك أن الللله عللز وجللل حللرم علللي اليهللود العمللل فللي يللوم‬
‫السبت ‪،‬وقد كان هذا نوعا مللن الصللار والغلل الللتي كللانت‬
‫عليهم ‪ ،‬والتي جعلها الله بسبب اختلفهم ‪ ،‬فإن اليللوم الللذي‬
‫أمروا بتعظيمه ‪-‬أصل‪ -‬هو يوم الجمعة ‪ ،‬لنه أعظم اليام عند‬
‫الله سبحانه وتعالي فاختلفوا علي نبيهم ‪ ،‬ولللم يطيعللوه فللي‬
‫أول المر عندما بلغهم ‪ ،‬فصرفهم الللله عللن يللوم الجمعللة‪ ،‬و‬
‫جعلهم يعظمون يوم السبت حرمانا لهم يللوم الجمعللة ‪ .‬قللال‬
‫تعالي ‪?:‬إنما جعل السبت علي الذين اختلفوا فيه ? ‪.‬‬
‫وأخبر النبي صلي الللله عليلله وسلللم فقللال‪" :‬نحللن الخللرون‬
‫الولون يوم القيامة‪ ،‬ونحن أول من يللدخل الجنللة‪ ،‬بيللد أنهللم‬
‫أوتوا الكتاب من قبلنللا وأوتينللا مللن بعللدهم‪ ،‬فللاختلفوا‪ ،‬فهللذا‬
‫يومهم الذي اختلفوا فيه هللدانا الللله للله‪ ،‬قللال‪:‬يللوم الجمعللة‪،‬‬
‫فاليوم لنا وغدا لليهود‪ ،‬وبعللد غللد للنصللارى" ولفللظ البخللاري‬
‫"نحن الخرون السابقون يوم القيامة‪،‬بيد أنهم أوتللوا الكتللاب‬

‫‪46‬‬
‫من قبلنا‪ ،‬ثم هذا يللومهم الللذي فللرض عليهللم فللاختلفوا فيلله‬
‫فهدانا الله له‪ ،‬فالناس لنا فيه تبع‪ ،‬اليهود غدا والنصارى بعللد‬
‫غد"‬
‫يقصد صلللي الللله عليلله وسلللم أن يللوم الجمعللة كللان اليللوم‬
‫المعظم ولكنهم صرفوا عنه وجعل الله عز وجل عليهللم مللن‬
‫الغلل الصار تحريم العمل يوم السبت‪ ،‬فل يجوز أن يعملوا‬
‫يللوم السللبت‪،‬ولبللد أن يتفرغللوا للعبللادة‪ ،‬ولنهللم قللوم لللم‬
‫يحافظوا علي العبادات اليومية‪ ،‬فللأمروا أن يتفرغللوا تفرغللا"‬
‫تاما" بترك العمل يوم العبادة السبوعية‪.‬‬
‫والمسلمون أمروا بيسللير مللن ذلللك ‪ ،‬وهللو وقللت أداء صلللة‬
‫َ‬
‫ذا ُنللوِدي‬ ‫مُنللوا إ ِ َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫الجمعة ‪ ،‬قال الله عز وجل ‪َ } :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫وا إ ِل َللى ذِك ْلرِ الل ّلهِ وَذ َُروا ال ْب َي ْل َ‬
‫ع‬ ‫معَلةِ َفا ْ‬
‫س لع َ ْ‬ ‫ن ي َوْم ِ ال ْ ُ‬
‫ج ُ‬ ‫م ْ‬‫صلةِ ِ‬ ‫ِلل ّ‬
‫ن { ? فأمرهم الللله أن يللتركوا‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫ن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬ ‫ذ َل ِك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫أشغالهم بمجرد سماع الذان الذي يبللدأ الخطيللب بعللده فللي‬
‫الخطبة ‪ ،‬ويذهبوا للصلة في المسجد "فاسعوا إلي ذكر الله‬
‫" وأمرهللم بعللد أن ينصللرفوا مللن الصلللة أن ينتشللروا فللي‬
‫الرض و يبتغوا من فضل الله وذلك أن أمللة السلللم ‪-‬بحمللد‬
‫الللله تبللارك و تعللالي‪ -‬أهللل اللللتزام منهللم يحللافظون علللي‬
‫عباداتهم اليومية ويؤدون الصلللوات الخمللس ‪ ،‬فلللم يحتللاجوا‬
‫إلي ما احتاج إليه بنو إسرائيل من تفللرغ كامللل طللول اليللوم‬
‫عن العمل للعبادة في ذلك اليللوم ‪ ،‬وإنمللا لجللل محللافظتهم‬
‫علي العبادة اليومية فإنهم أكرموا ولم يحللرم عليهللم العمللل‬
‫يوم الجمعة ‪ ،‬وإنما أمروا ساعة الصلللة فقللط بللترك العمللل‬
‫للنصراف للصلة ‪.‬‬
‫وقد اخترع اليهللود قصللة قبيحللة مللن بللاطلهم لتعليللل تحريللم‬
‫العمل يوم السبت وهي ‪ :‬أن الله تعالي بعد ان خلللق العللالم‬
‫ابتداء من يوم الحد ‪ ،‬انتهي يوم الجمعة واستراح في اليللوم‬
‫السابع لنه تعب ‪ :‬فلوجب علللي العبلاد أن يسلتريحوا ‪ ،‬أيضلا‬
‫ويتركوا العمل ويتفرغوا للعبادة ‪:‬‬

‫‪47‬‬
‫وهذا من عظيم جهلهم و عظيم ظلمهم ‪ ،‬فرد الللله عليهللم ‪:‬‬
‫ولقد خلقنا السموات و الرض وما بينهما في ستة أيللام ومللا‬
‫مسنا من لغوب ‪ .‬فاصبر علي ما يقولون ‪ ..‬الية لغوب يعني‬
‫‪ :‬العياء الشديد ‪.‬‬
‫فاخترعوا هذا الباطل ‪ ،‬وهم دائما يحرفون و يخترعون وهللم‬
‫طيلة أيام السللبوع مشللغولون بالكسللب و المعللاش ‪ ،‬فلهللم‬
‫الويل مما يضعون ويخترعون ‪.‬‬
‫كان عمل هذه القرية صلليد السللمك ‪ ،‬وبللدأ اعتللداؤهم بصلليد‬
‫السمك يوم السبت _ بشيء عجيب ‪ ،‬قال سبحانه وتعللالي ‪:‬‬
‫ْ‬
‫نل‬ ‫سلب ُِتو َ‬ ‫شلّرعا ً وَي َلوْ َ‬
‫م ل يَ ْ‬ ‫م ُ‬‫سلب ْت ِهِ ْ‬
‫م َ‬
‫م َيلوْ َ‬
‫حيت َللان ُهُ ْ‬ ‫" إ ِذ ْ ت َلأِتيهِ ْ‬
‫م ِ‬
‫م " في يوم السبت المحرم عليهللم العملل فيله يجلدون‬ ‫ْ‬
‫ت َأِتيهِ ْ‬
‫البحر مليئا بالسماك ‪ ،‬والحيتان هنللا معناهللا السللمك ‪ ،‬وهللي‬
‫كذلك في كلم العللرب ‪ ،‬كللل سللمكة تسللمي حوتللا ‪ ،‬فكللانت‬
‫السللماك تللأتيهم يللوم السللبت فللي البحللر شللارعه زعانفهللا‬
‫وخراطيمها في المياه ‪ ،‬تظهر نفسها ‪ ،‬والسماك ‪ -‬قطعللا‪ -‬ل‬
‫تدرك أيام السبوع ‪ ،‬ولكن قدر الله هذا المر العجيللب ويللوم‬
‫ل يسبتون ل تأتيهم باقي أيام السبوع ل تأتيهم ‪ ،‬ل يكون في‬
‫البحر سمكة واحدة ‪ ،‬فسبحان الله ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫الحرام قليل والحلل كثير‬
‫نلحظ من هنا أمرا من أصللول التشللريع وذلللك باسللتقراء مللا‬
‫شرعه الله لعباده ‪ ،‬نجد أن الحرام في الصللل هللو القليللل ‪،‬‬
‫وأن الحلل فلي الصلل هلو الكلثير ‪ ،‬فلالمحرم يلوم واحلد و‬
‫المباح ستة أيام في شريعتهم ‪ ،‬وكذلك أمرنا نحن ‪ ،‬فإن الله‬
‫_عز وجل _ إينما أمرنا نترك العمل في وقللت وجيللز فقللط ‪،‬‬
‫وانظر في سائر مللا حللرم الللله غلللي عبللاده نجللد هللذا المللر‬
‫أيضا ‪ ،‬تجد الحرام قلة والجلل كثرة قال الله عز وجل ‪ ،‬هللو‬
‫الذي خلق لكللم مللا فللي الرض جميعلا‪ ..‬كللل ملا فلي الرض‬
‫حلل‪ ،‬ماذا استثني الله عز وجل ؟‬

‫‪48‬‬
‫استثني الميتة و الدم و لحم الخنزير وما أهل لغير الللله بلله ‪،‬‬
‫يعني جميع بهائم النعام حلل إل أن الجنزير محرم ‪ ،‬كللل مللا‬
‫في الرض جلل إل الجمر ‪.‬‬
‫وهذه المحرمات ‪ ،‬وما حرمه النللبي صللي اللله عليله وسللم‬
‫كالحمار الهلي وكل ذي نان من السباع وكل ذي مخلب من‬
‫الطير ‪.‬‬
‫ونجد المحرمللات ‪ ،‬مللن النسللاء صللنفا معللدودا مللن القللارب‬
‫وأحل لكم ما وراء ذلكم ‪.‬‬
‫وبالنسبة للمعاملت ‪ ،‬فالشركة و المضاربة و البيع و الشراء‬
‫و الجارة و المزارعللة و المسللاقاة و أنللواع المعللاملت كلهللا‬
‫مباحة ‪ ،‬وإنما حرم الله الربا و الميسر ‪ ،‬فتجد أن كللل أنللواع‬
‫النشللطة النسللانية الصللل فيهللا الحللل إل مللا حرملله الللله ‪،‬‬
‫فالصل فللي التشللريع أن الحلل أكللثر مللن الحللرام ليللس إل‬
‫دائرة ضيقة ‪.‬‬
‫ومع ذلك نجد في واقع حياة الناس إن الحللرام ينتشللر جللدا ‪،‬‬
‫حللتي يكللاد يغلللب الحلل ‪ ،‬ول يكللاد النسللان يجللد الحلل إل‬
‫بشق النفس ‪ ،‬وهللذا هللو الللذي وقللع لبنللي إسللرائيل فالللذي‬
‫حدث لهم أن الحرام الذي هو ضيق أصل اتسللع جللدا ‪ ،‬اتسللع‬
‫بمعني أنهم وجدوا السمك يوم السبت فقط ‪ ،‬والحلل الللذي‬
‫هم واسع ستة أيام يباح فيهللا الصلليد ‪ ،‬ل تظهللر سللمك علللي‬
‫الطلق‪.‬‬
‫ومثاله ما يقع الناس فيلله اليللوم ‪ ،‬فمللع أن أنللواع المعللاملت‬
‫المباحة كثيرة جدا ‪ ،‬والربا والميسللر المحللرم تجللد الربللا مل‬
‫السهل والوادي ومل كل مكان ‪ ،‬فل تكاد توجللد معاملللة إل و‬
‫فيها شبهة الربللا ‪ ،‬أو ربللا صللريح أو ميسللر ‪ -‬و العيللاذ بللالله ‪-‬‬
‫فلماذا يحدث ذلك ؟‬
‫تجد الحرام هو الذي يتسع والحلل يضيق ‪ ،‬حللتي فللي بعللض‬
‫الماكن في بعض الزمنللة يكللاد الحللرام يمل البللد كلهلا ‪ ،‬ول‬
‫يكاد يوجد رزق حلل صاف ‪-‬والعياذ بالله من ذلك ‪-‬‬

‫‪49‬‬
‫فلماذا يضيق الله علي الناس ما أحل لهم ويوسع عليهللم مللا‬
‫حرم عليهم؟ يذكر الله عللز وجللل الحكمللة فللي ذلللك ويبينهللا‬
‫فيقول ‪ :‬كذلك نبلوهم بما كانوا يفسللقون "فهللذا اختبللار مللن‬
‫الله عز وجل فالفسق يعني الخروج عن طاعة الله عز وجل‬
‫‪،‬هو الذي يؤدي إلي أن يحدث ذلك ‪ ،‬فيضلليق الحلل علينللا و‬
‫يتسع الحرام ‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله ‪.‬‬
‫فالنسان ل بد أن يفهم أن هناك علقة وطيللدة بيللن الطاعللة‬
‫والمعصللية مللن جللانب ‪ ،‬وبيللن الللرزق والكسللب مللن جللانب‬
‫أخر ‪،‬فالرزق إذا كان واسعا وفتنة للنسان ومن حرام ‪ ،‬فهذا‬
‫يريد الله بله الهلك ‪) ،‬سنسلتدرجهم مللن حيللث ل يعلملون و‬
‫أملي لهم إن كيدي متين (‪.‬‬
‫فمن وسع الله عللز وجللل عليلله فللي رزق محللرم وسللهل للله‬
‫طريق الحرام‪ ،‬فهو يمتحن حتى ينظر ما يفعل ‪ ،‬فإن اسللتمر‬
‫علي الحرام الذي يكتسبه زاده الله سعة ثم أهلكه عز وجللل‬
‫_قال تعالي ‪":‬فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كللل‬
‫شي حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون‬
‫‪".‬‬
‫بل المؤمن ينظر إلي ما هو أعمق مللن ذلللك ‪ ،‬فهللو يللري أن‬
‫هناك ارتباط بين طبيعة العمل وكثرة الشغل ؛ وبيللن الللرزق‬
‫الللذي يصلليبه النسللان فكمللا قللال النللبي صلللي الللله عليلله‬
‫وسلم ‪":‬قال الله عز وجل " يا ابن أدم ‪ ،‬تفللرغ لعبللادتي أمل‬
‫قلبك غني وأمل يدك رزقا ‪ ،‬يللا ابللن أدم ل تباعللد منللي ‪ ،‬أمل‬
‫يديك شغل"‬
‫فالعبد المؤمن ينظر إللي العلقلة بيلن اللرزق و بيلن العملل‬
‫الللذي يعمللله ‪ ،‬فالعمللل الصللالح ييسللر للنسللان رزقللا حلل‬
‫طيبا ‪،‬من غير أن يشغل حياته ووقته ‪،‬بل يجد بعد ذلللك وقتللا‬
‫متسعا كي يعبد الله عز وجل و يتعلم العلم ‪ ،‬ويقللرأ أقللرأن ‪،‬‬
‫ويجد أنواع الطاعات المختلفة ‪.‬‬
‫أما الذي يتعلل بأنه ل يفعللل شلليئا مللن ذلللك لنلله مشللغول ‪،‬‬
‫لماذا ل يقرأ أقرأن ؟ لماذا ل يحفظ القرأن ؟ لمللاذا ل يتعلللم‬

‫‪50‬‬
‫العلم الشرعي ؟ لماذا ل يدعو إلي الللله ؟ لمللاذا ل يصللاحب‬
‫أهل الخير والتقوى و الصلح ؟ يقول ‪ :‬مشللغول ليللس عنللده‬
‫وقت ‪.‬‬
‫فلو كان هذا الرزق حلل كله لكان من علمات بعده من الله‬
‫أن يكون مشغول عن ربه سبحانه و تعالي و عن طاعته كمللا‬
‫قال عز و جل "يا بن أدم ل تباعد مني أمل قلبك فقرا و أمل‬
‫يديك شغل "‬
‫وخصوصللا إذا كللان الللرزق ل يشللعره بالكفايللة ‪ ،‬يعنللي أنلله‬
‫مشغول علي الدوام ليل و نهللارا و مللع ذلللك ل يجللد أن ذلللك‬
‫الدجل يكفيه ‪ ،‬يريد أكثر ‪ ،‬كما قال النبي صلللي الللله عليلله و‬
‫سلم ‪) :‬لو كان لبن أدم و أديا من ذهب أحب أن يكون للله و‬
‫أديان و لو كان له و أديان لبتغي لهما ثالثا ‪ ،‬ولن يمل فاه إل‬
‫التراب ويتوب الله علي من تاب (‪.‬‬
‫فهذا حال الغني المط غللي الللذي ل يشللبع صللاحبه أبللدا مللن‬
‫الدنيا ‪ ،‬ينال منها ويظل يريد المزيللد ‪-‬والعيللاذ بللالله‪ -‬وكللذلك‬
‫الفقر المنسي ‪ ،‬علي الطللرف الخللر المملللوءة يللدا صللاحبه‬
‫بالشغل ول يجد الكفايللة لتباعلده عللن اللله ‪ ،‬لللو أنله اقللترب‬
‫بإرادته وهملله مللن الللله سللبجابه وتعللالي ليسللر الللله للله مللا‬
‫يكفيه ‪ ،‬دون أن ينشغل الشغل الكثير ‪.‬‬
‫قال ‪":‬ابن آدم تفرغ لعبادتي " وهل يعني ذلك أن نجلس في‬
‫المسجد ونترك أعمالنا وأشغالنا ؟‬
‫ليس بالطبع هذا هو المقصود ‪ ،‬إنما التفللرغ معنللاه أن يكللون‬
‫الهم و الرادة هما واحدا ‪ ،‬ف )تفرغ لعبادتي ( معناه ‪ :‬اجعل‬
‫همك طاعة الله وعبوديته ‪ ،‬العبادة بمفهومها الشللامل الللذي‬
‫يشللمل العبللادات الظللاهرة و الباطنللة وكللل مظللاهر حيللاة‬
‫النسان ‪ "،‬قل إن صلتي ونسكي ومحياي وممللاتي لللله رب‬
‫العالمين ‪.‬ل شريك له وذلك أمرت وأنا أول المسلمين " ‪.‬‬
‫فالصلة والنسك )الذبح( والحياة والموت كل ذلك لله عللز و‬
‫جل فلبد إن نسير فللي كللل أمورنللا وفللق شللرع اللله وعلللي‬
‫سبيله وعلي صراطه المستقيم ‪ ،‬فمعني ‪" :‬تفللرغ لعبللادتي "‬

‫‪51‬‬
‫إن يكون هم النسان مرضاة الله عز و جل و أن يطيللع الللله‬
‫عز و جل ‪ ،‬فيمكن أن يكلون فلي زواجله فلي عبلادة ‪ ،‬وفلي‬
‫عمله في عبادة ‪ ،‬وفللي سلليره فللي عبللادة ‪ ،‬وذلللك لن نيتلله‬
‫وإرادته انصرفت إلي تحقيق مرضاة الللله سللبحانه وتعللالي ‪،‬‬
‫وليس المقصود أن يترك أعمال الدنيا والتكسللب و الللرزق ‪،‬‬
‫ويجلس في المسجد ‪ ،‬ويقول ‪ :‬أتفرغ للعبادة ‪ ،‬ليس هذا هللو‬
‫المقصود ‪ ،‬ولكن تفرغ لعبادتي بمعني اجعل الهم هما واحللدا‬
‫واصدق في أنك تريد مرضللاة الللله فللإذا تعللارض شللىء مللن‬
‫الدنيا مع مرضاة الللله قللدمت مرضللاة الللله سللبحانه وتعللالي‬
‫قطعا ‪ ،‬ولم تقدم شيئا مللن الللدنيا علللي طاعللة الللله وطاعللة‬
‫رسوله صلي الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فل يتصور مسلم يقول‪ :‬إنه يلترك الصللة فلي وقتهلا أو فلي‬
‫الجماعة من أجل أنه مشغول بعمل ‪ ،‬فهذا نقللص بل شللك و‬
‫هذا ليس بالمسلم الكامل الذي يؤدى حق الللله عللز و جللل ‪،‬‬
‫فالذي يفرط في واجبات الشرع من أجل أنة مشغول بالدنيا‬
‫بعيد عن الله‪.‬‬
‫والشد بعدا المشلغول بشلغل حلرام ‪-‬والعيلاذ بلالله‪ -‬وعملل‬
‫حرام ‪ ،‬يأكللل الربللا ‪ ،‬أو يغللش النللاس ‪،‬أو تعامللل بالميسللر و‬
‫القمللار ‪ ،‬ويتكسللب المكاسللب المحرمللة أو يعمللل أي عمللل‬
‫يعين فيه علي معصية الله ‪-‬سبحانه وتعالي‪ -‬فهذا فللي خطللر‬
‫عظيم ‪ ،‬وهللذا هلو البعيللد … أبعللد النللاس علن اللله سلبحانه‬
‫وتعالي‪.‬‬
‫نعود إلي قصتنا فنقول ‪ :‬كان هذا البتلء من عز وجللل لهللذه‬
‫القرية لعلهم يتوبون‪،‬كللان لبللد لهللم أن يفكللروا لمللاذا ضللاق‬
‫الرزق ‪ ،‬لماذا وجدنا الفقر ‪ ،‬لبد أن هنللاك سللبب ‪ ،‬كللان لبللد‬
‫أن ينظللروا هللذه النظللرة ويفكللروا هللذا التفكيللر ‪ ،‬وهللو أن‬
‫الفسق هو السبب ‪ ،‬كما قال سبحانه وتعالي ‪":‬ومللا أصللابكم‬
‫من مصيبة فما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير "‬
‫وليللس المطلللوب أن يكللون النسللان ذا مللال كللثير‪ ،‬فحاجللة‬
‫النسان تحصل بالكفاية‪ ،‬أي أن يجد ما يكفيه كما دعا النللبي‬

‫‪52‬‬
‫صلي الله عليه وسلم "اللهللم اجعللل رزق آل محمللد قوتللا "‪،‬‬
‫القللوت هللو الللذي يكفللي ‪،‬دون أن يحتللاج لحللد ‪،‬فهللذا هللو‬
‫المطلوب ‪ ،‬وهذا مع طاعة الله هو أمثل الحوال وهو أفضللل‬
‫ما يكون مع أن النفس النسانية بطبيعتهللا الجاهلللة الظالمللة‬
‫تريد الزيادة علي الكفاية ‪ ،‬وتريللد أكللثر وأكللثر ‪،‬ولكللن النللبي‬
‫صلي الله عليه وسلم بين أن أفضللل الللرزق هللو مللا اختللاره‬
‫لنفسه ولهله وهو القوت الللذي ل يكللون أنقللص ممللا تحتللاج‬
‫فيضرك ذلك ‪ ،‬بأن تضطر إلي سللؤال النللاس ‪ ،‬ول زائدا عللن‬
‫الحاجللة فيشللغلك فلللذلك نقللول أن الللرزق عنللدما يضلليق‬
‫بالنسللان إلللي درجللة الفقللر المنسللي أو يتسللع إلللي الغنللي‬
‫المطغي فلبد أن ينظر إلي أنه مقصر في طاعة الله‪.‬‬
‫فالفسق والمعاصي هي آلتي تجلللب المصللائب والبلء ‪ ،‬كمللا‬
‫قال سبحانه وتعالي لخير الناس بعد النبياء‪" :‬أو لما أصابتكم‬
‫مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنللي هللذا ‪"..‬قللل هللو مللن عنللد‬
‫أنفسكم إن الله علي كل شي قللدير " فكللل مللا يصلليبنا مللن‬
‫مصائب فيما كسبت أيدينا ‪ ،‬فإذا وجدنا المر قد ضاق ‪،‬فلبللد‬
‫أن ننظر في أفعالنا فنتوب إلي الللله عللز وجللل ليتسللع مللرة‬
‫أخري‪.‬‬
‫كللان علج هللذه القريللة أن يتوبللوا إلللي الللله عللز وجللل مللن‬
‫المعاصي والفسق الذي ارتكبللوه ‪ ،‬فيعللود المللر كمللا كللان ‪،‬‬
‫يتسع الحلل ويضيق الحرام ‪،‬تأتي السللماك كمللا تللأتي لكللل‬
‫الناس في كل أيام السبوع ‪.‬‬
‫كيف بدأ تصرف بني إسرائيل ‪ ،‬لللم يفهمللوا معنللي المتحللان‬
‫ومعني البتلء ‪ ،‬فالله ضيق عليهم ليرجعللوا إلللي الهللدي فلللو‬
‫يستجيبوا ‪ ،‬إنما شرعوا يتحايلون علي شرع الله ‪،‬لللم يعلمللوا‬
‫أن السمك إنما يتحرك بأمر من الللله عللز وجللل ‪ ،‬بللل غفلللوا‬
‫عن ذلك ‪ ،‬فكأن السمك يعرف اليام فيحتال عليهم ‪ ،‬فقللالوا‬
‫نحن نحتال عليه‪.‬‬
‫فبدأ أحدهم ينصب شبكة يوم الجمعة ‪ ،‬أي يجئ قبل السلبت‬
‫‪ ،‬فيقع السمك في الشبك يوم السللبت ‪ ،‬وياخللذها هللو الحللد‬

‫‪53‬‬
‫‪،‬فوجد بعض النللاس رائحللة السللمك يشللوى فيمللا يللذكرون ‪،‬‬
‫فتتبعوا الرائحة حتي وجدوها في بيت واحللد منهللم ‪ ،‬فجعلللوا‬
‫يسألون كيف أتي بالسمك وهم يشتاقون له جدا فقللد مللرت‬
‫عليهللم أيللام ‪ ،‬أو أسللابيع ‪ ،‬وربمللا شللهور ‪-‬والللله أعلللم‪ -‬وهللم‬
‫يشتاقون للسللمك ‪ ،‬فلأخبرهم بمللا صللنع ‪ ،‬فأخللذوا يتللدافعون‬
‫علي فعل ما ويقولون "لم نصللطد يللوم السللبت ‪ ،‬لللم نعمللل‬
‫يوم السبت "وكذبوا‪ ،‬فمتي حصل الصلليد فللي الحقيقللة ؟ …‬
‫يوم السبت‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫التحايل على شرع الله‬
‫والتحايل علي شرع الله صللفة مللن صللفات اليهللود ‪ ،‬ولكنهللا‬
‫ورثت فيمن أشبههم ممن ينتسللب إلللي السلللم وكمللا حللذر‬
‫النبي صلللى الللله عليلله وسلللم مللن ذلللك فقللال‪" :‬ل تشللبهوا‬
‫باليهود فتستحلوا الله بأدنى الحيل"‪.‬‬
‫فاستحلل محارم الله بأدنى الحيل والتحايل على شرع الللله‬
‫سمة يهودية والعياذ بالله‪ ،‬وهناك من يفعلها من المسلللمين‪،‬‬
‫ل‪،‬‬‫كمن يسمي الربا بغير اسمه ليضل النللاس‪ ،‬كالسللتثمار مث ً‬
‫أو يسميه بالفائدة‪ ،‬أو عائدا ً أو نحو ذلللك‪ ،‬وهللو فللي الحقيقللة‬
‫ربا‪.‬‬
‫ومن يتعامل مع الناس بالقراض والزيادة عليه أو بللالقراض‬
‫الذي تشترط فيه شروط معينة كللبيع أو إجللارة أو عقللد آخللر‬
‫كما يصنع كثيرا ً من الناس‪ ،‬يقرضهم قرضا ً للصرف علللى مللا‬
‫يحتاجون من أرض وغيرها بشرط أن يبيعوا له إنتاج أرضهم‪،‬‬
‫وهذا للسف كثير‪.‬‬
‫أو مثل كثيرا ً من الناس الذين يتعاملون بأنواع مللن القللروض‬
‫بفائدة مللن البنللوك أو صللناديق السللتثمار أو رجللال العمللال‬
‫وغيرها‪ ،‬كل ذلك من الربا المحرم‪ ،‬وإن سللمي بغيللر اسللمه‪،‬‬
‫حتى ولو تبرع بفتوى باطلة بعض من ينتسب إلى أهل العلم‪،‬‬
‫وهو ليس منهم وإن كان عند الناس يشار إليه بالبنللان‪ ،‬فللإن‬
‫من احل مللا أجمللع العلمللاء علللى تحريملله‪ ،‬وإن كللان متللأول ً‬

‫‪54‬‬
‫ويزعم إنلله مجتهللد‪ ،‬فهللو مبطللل‪ ،‬لللن الجتهللاد ل يكللون فللي‬
‫خلف الجماع‪.‬‬
‫ومن الحيل المنتشرة نكاح التحليل‪ ،‬الذي يطلق امرأته ثلثللا ً‬
‫ثم يتفق مع رجل يحلهللا للله‪ ،‬يسللمى فللي الشللرع السلللمي‬
‫التيس المستعار‪ ،‬كما قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬لعن الللله‬
‫المحلل والمحلل له"‪ ،‬وذلك بأن يتفق مللع رجللل بللأن يللتزوج‬
‫امرأته ويطؤها أو ل يطؤها‪ ،‬ثللم يطلقهللا بعللد يللوم أو يللومين‪،‬‬
‫يزعم بذلك أنه يحله للول‪ ،‬فهذا من التحايل على شرع الله‪،‬‬
‫بل ذلك يبطل العقد الثاني‪ ،‬ول يحلها للزوج الول‪.‬‬
‫وهناك أنواع من الحيل في البيوع‪ ،‬مثل بيع العينللة وهللو نللوع‬
‫من الربا لكن بحيلة على الربا‪ ،‬وذلك بأنه يقول لمن يريد أن‬
‫يقللترض ملله مللائة مثل ً والرجللل لللن يقرضلله مللائة إل بمللائة‬
‫وعشرون‪ ،‬فيقول‪ :‬اشترِ مني هذه السلعة بمائة‪ ،‬وهو يعللرف‬
‫ما سوف يتم‪ ،‬فيشتريها بمائة ويقبضللها إيللاه‪ ،‬ثللم يقللول‪ :‬أنللا‬
‫أشتريها منك بالتقسيط بمائة وعشرون‪ ،‬فرجعت له سلللعته‪،‬‬
‫وأصبح مدينا ً بمائة وعشرون‪ ،‬وهو قبض مائة فصارت المللائة‬
‫مائة وعشرون‪ ،‬ودخلت بينهما السلعة‪.‬‬
‫وقريب جدا ً من هللذا مسللألة التللورق وصللورته لللو أن رجل ً ل‬
‫يجد من يقرضه فيشتري سلعة من السوق بالتقسيط بسللعر‬
‫مائة وعشرون‪ ،‬وهو يعلم أنهللا تسلاوي ملائة‪ ،‬فيبيعهلا بمللائة‪،‬‬
‫وهذا التورق بيع عينة من ثلثة أطراف )‪.(1‬‬
‫فالتعامل بالتقسيط بدون ضوابط شللرعية يوقللع النللاس فللي‬
‫الربا كثيرا ً والعياذ بالله بنوع من التحايللل‪ ،‬فالتقسلليط نفسلله‬
‫جائز ولكن بضوابطه الشرعية‪.‬‬
‫فما يتم في المعارض مثل ً من أنهم يأتون بسلع ل يملكونهللا‪،‬‬
‫ول يشترونها‪ ،‬ولكن يقولون‪ :‬نحللن نحضللر لللك السلللعة الللتي‬
‫تريدها‪ ،‬وسندفع لك الثمن‪ ،‬وسللدد لنللا أنللت بعللد ذلللك‪ ،‬فهللذا‬
‫الوسيط الذي ل يمتلللك السلللعة‪ ،‬ولكللن يبيعهللا قبللل تملكهللا‬
‫وقبضها‪ ،‬والواجب أن يستلم السلللعة وتقللع فللي ضللمانه‪ ،‬ثللم‬
‫يبيعها بعد ذلك‪ ،‬وله الحق في أن يربللح‪ ،‬لن الرسللول صلللى‬

‫‪55‬‬
‫الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن‪ ،‬فأما أن يقول له‬
‫اشتري ما تريد‪ ،‬وأنا أسدده لك وأنللت تسللدد لللي بعللد ذلللك‪،‬‬
‫فهذا هو القرض الذي جر نفعا ً بل شك وطالمللا أنلله لللم يحللز‬
‫السلعة ولم يمتلكها في يده‪ ،‬ويقبضها ل يجوز أن يربح فيها‪.‬‬
‫وهذا نوع من التحايل علللى مللا حللرم الللله عللز وجللل‪ ،‬لللذلك‬
‫نقول‪ :‬الحذر واجب من التحايل على الشللرع‪ ،‬خصوص لا ً فللي‬
‫باب الربا‪ ،‬فإنه من أخطر البواب التي يقللع فيهللا كللثيرا ً مللن‬
‫الناس من التحايل على شرع الله كما فعل اليهود فللي هللذه‬
‫القصة‪.‬‬
‫بدأ المر كما ذكرنا بأنهم صاروا يعتللادون فللي السللبت بهللذه‬
‫الطريقة‪ ،‬وهو أنهم ينصبون الشباك يللوم الجمعللة‪ ،‬ويأخللذون‬
‫السمك يوم الحد‪ ،‬وقيل إنهم حفروا حفرا ً يقع فيهللا السللمك‬
‫عندما يمد البحر‪ ،‬ثم إذا جاء الجذر عجز السمك عن الخروج‬
‫من الحفللر‪ ،‬فيتنللاولنه يللوم الحللد فللالله أعلللم‪ ،‬لكنهللم كللانوا‬
‫يتحايلون بطريقة معينة على عدم الصيد يوم السبت‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر وفوائد الدعوة إلى الله‪:‬‬
‫هنا انقسم المجتمع في هذه القرية إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬قوم معتدين يفعلون هذه الحيلة المحرمة‪.‬‬
‫‪ -2‬قوم آخرون رفضوا ذلك‪ ،‬وأبوا‪ ،‬وهم قللوم صللالحون نهللوا‬
‫المسلليئين عللن ذلللك‪ ،‬ودعللوا إلللى الللله عللز وجللل وشللرعوا‬
‫ينهونهم عن العتداء في السبت‪.‬‬
‫‪ -3‬أمللة ثالثللة سللكتت عللن الللدعوة‪ ،‬وليللس هللذا فقللط‪ ،‬بللل‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫م ل ِل َ‬
‫من ْهُ ل ْ‬
‫ة ّ‬‫مل ٌ‬‫تأ ّ‬ ‫شرعت تيئس الدعاة‪ ،‬قال تعالى‪) :‬وَإ ِذ َ َقال َ ْ‬
‫دا قَللاُلوا ْ‬ ‫ظون قَومللا الل ّله مهل ِك ُهل َ‬
‫دي ً‬ ‫شل ِ‬‫ذاًبا َ‬‫م عَل َ‬ ‫معَلذ ّب ُهُ ْ‬
‫م أوْ ُ‬ ‫ُ ُ ْ ُ ْ‬ ‫ت َعِ ُ َ ْ ً‬
‫ن( ]العللراف‪ ،[164:‬فهللذه‬ ‫م وَل َعَل ّهُ ل ْ‬
‫م ي َت ُّقللو َ‬ ‫معْذَِرةً إ ِل َللى َرب ّك ُل ْ‬
‫َ‬
‫الطائفللة قللالت للللدعاة إلللى الللله نحللو مللا نسللمع اليللوم "ل‬
‫فللائدة"‪" ،‬ل تتعبللوا أنفسللكم"‪" ،‬هللل أنتللم الللذين تصلللحون‬
‫الكون"‪" ،‬الفساد مستمر"‪" ،‬ولن تأتي الدعوة ثمرتهللا"‪" ،‬بللل‬
‫لبد أن يهلك هؤلء على ضللهم"‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫وهذا الصنف نوع من الناس ل يريد المشلاركة اليجابيلة فلي‬
‫تغيير الشر والفسللاد‪ ،‬فهللو يعلللم الخيللر مللن الشللر‪ ،‬ويشللعر‬
‫بالتأنيب من نفسه اللوامة لنلله مقصللر‪ ،‬ويللود لللو أن النللاس‬
‫كلهم مقصرون‪ ،‬ولذلك يقول لغيره دع عنللك إتعللاب نفسللك‪،‬‬
‫ودع عنك ما تبللذل مللن دعللوة‪ ،‬وأمللر بللالمعروف ونهللى عللن‬
‫المنكر‪ ،‬فإنه ل فائدة!!‪.‬‬
‫وهذا منه تبرير لموقفه السلبي في ثوب نصيحة‪ ،‬ول شك أن‬
‫هذا جهل كبير منهللم بفلوائد اللدعوة إللى اللله تعلالى‪ ،‬عللى‬
‫الداعي نفسه‪ ،‬وعلى المجتمع بصفة عامة‪.‬‬
‫وإن كان الللدعاة إلللى الللله أفهللم لللوظيفتهم وواجبهللم الللذي‬
‫افترض على المة من هللؤلء الللذين يثبطللون الللدعاة دائم لًا‪،‬‬
‫ذلللك لن الللدعاة يعلمللون أن الللدعوة إلللى الللله لهللا هللدفين‬
‫أساسيين‪ ،‬ول تخلوا من فائدة طالما وجد هذان الهدفان‪.‬‬
‫الهدف الول وهو الثر العام للدعوة‪:‬‬
‫إبلغ الحق للناس أعذارا ً إلى الله عز وجللل‪ ،‬فللإنه يكللون لنللا‬
‫عذر بين يدي الله سبحانه‪ ،‬إذا كان المنكر يفعل فقلنا للناس‬
‫إنه منكر‪ ،‬وبلغناهم شرع الله عز وجل‪ ،‬وهذا الهللدف يحصللل‬
‫بمجللرد فعللل الللدعوة‪ ،‬وبمجللرد إبلغ الحللق للنللاس سللواء‬
‫اسللتجابوا أم لللم يسللتجيبوا‪ ،‬الللتزموا أو لللم يلللتزموا‪ ،‬قبلللوا‬
‫الدعوة أو لم يقبلوها‪ ،‬فذلك حاصل بدون النظر إلى النتيجة‪،‬‬
‫وهذا يثاب عليه العبد بين يدي الللله فللي الخللرة ويثللاب فللي‬
‫الدنيا بمنع نزول العقاب العام ومنع تعذيب الجميع‪ ،‬وذلك أن‬
‫تعذيب الجميع ونزول الفتن التي ل تخص الظلمة فقط‪ ،‬إنمللا‬
‫يقع عندما يظهر المنكر ول يغيره أحد‪ ،‬كما قال رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا رأى الناس المنكر فلللم يغيللروه‪،‬‬
‫أوشك الله أن يعمهللم بعقللاب"‪ ،‬فالعللذار هنللا معنللاه إظهللار‬
‫كراهيتنا للمنكر‪ ،‬وعذرنا بين يدي الله أننا بلغنا الحق‪.‬‬
‫والحللق أنلله عنللد التأمللل فللي الدلللة المتعلقللة بشللأن وجللود‬
‫الطائفة المؤمنة في مجتمع تظهر فيلله المنكللرات يمكننللا أن‬
‫نلحظ أن هناك عدة مراتب وأحوال‪:‬‬

‫‪57‬‬
‫المرتبة الولى‪:‬‬
‫أن تكون الدعوة ظاهرة وشعر السلللم ظللاهرا ً فللي مجتمللع‬
‫من المجتمعات وتكللون كلمللة الحللق معلومللة‪ ،‬فعنللد ذلللك ل‬
‫يعذب الله الجميع‪ ،‬بلل إذا نللزل عللذاب نجللى اللله الملؤمنين‬
‫َ‬
‫ت‬‫ه ل ِي َُعللذ ّب َُهم وَأنلل َ‬‫كان لل ّ ُ‬
‫ما َ‬ ‫الدعاة‪ ،‬كما قال الله عز وجل‪( :‬وَ َ‬
‫ن)]النفللال‪،[33:‬‬ ‫سلت َغِْفُرو َ‬‫م يَ ْ‬‫م وَهُل ْ‬ ‫معَلذ ّب َهُ ْ‬‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫م وَ َ‬
‫ِفيهِ ْ‬
‫أي‪ :‬وفيهم من يستغفر‪ ،‬ولو أن النبي صلى الله عليه وسلللم‬
‫خرج من عندهم لنللزل فيهللم العللذاب‪ ،‬وذلللك يللدلنا علللى أن‬
‫وجود النبي صلى الله عليلله وسلللم كللان أمان لا ً لمتلله وهكللذا‬
‫ظهور الللدعوة إلللى الللله عللز وجللل‪ ،‬أمللام لكللل مجتمللع مللن‬
‫المجتمعات من العقاب العام‪ ،‬فإذا ضاعت الدعوة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يؤذن بعذاب الجميع‪.‬‬
‫فإذا كانت لديهم قوة على التغيير باليد لم يكن الوعظ كافيًا‪،‬‬
‫بل لبد من إزالة المنكر‪ ،‬كما قللال صلللى الللله عليلله وسلللم‪:‬‬
‫"مللن رأى منكللم منكللرا ً فليغيللره بيللده‪ ،‬فللإن لللم يسللتطع‬
‫فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان"‪ ،‬لكللن‬
‫إذا ترتب على التغيير باليد مفاسد معتبرة أو إيذاء معتللبر للله‬
‫أو لهله أو لعموم المسلمين لم يكن له ذلك)‪.(2‬‬
‫المرتبة الثاني‪:‬‬
‫أن يكون هناك من هو صالح في نفسه وعللاجز عللن أن يبلللغ‬
‫كلمة الحق للناس‪ ،‬لن الناس يمنعونه ويكرهونه على تركها‪،‬‬
‫فهؤلء قد يقع العذاب عليهم جميع لًا‪ ،‬ويبعثللون علللى نيللاتهم‪،‬‬
‫وقد يدفع الله العذاب عن الناس بهم‪ ،‬فهو سبحانه يفعل هذا‬
‫وذاك‪ ،‬ولكنه سبحانه وتعالى ل يعذب أمة بأسرها مللع ظهللور‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬لن العللذاب يحللدث مللع‬
‫عدم الستجابة لمر الله عز وجل لكن إذا وجللد مللن يسللكت‬
‫لعجزه‪ ،‬مستضعف ساكت عن الحق ل يستطيع أن يقوله ول‬
‫جللا ٌ‬
‫ل‬ ‫أن يعلنه فهذا قد ورد فيلله قللول الللله تعللالى‪ ) :‬وَل َلوَْل رِ َ‬
‫كم‬ ‫صلليب َ ُ‬
‫م فَت ُ ِ‬‫ؤوهُ ْ‬‫م َأن ت َط َل ُ‬ ‫مللوهُ ْ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬‫ت لّ ْ‬ ‫مَنا ٌ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ساء ّ‬ ‫ن وَن ِ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ّ‬

‫‪58‬‬
‫شللاء ل َل ْ‬
‫و‬ ‫مللن ي َ َ‬ ‫مت ِلهِ َ‬
‫ح َ‬‫ه فِللي َر ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫خ َ‬‫عل ْم ٍ ل ِي ُد ْ ِ‬
‫معَّرةٌ ب ِغَي ْرِ ِ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫ما( ]الفتح‪.[33:‬‬ ‫م عَ َ‬
‫ذاًبا أِلي ً‬ ‫ن ك ََفُروا ِ‬
‫من ْهُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ََزي ُّلوا ل َعَذ ّب َْنا ال ّ ِ‬
‫فالله دفع عن أهل مكة العذاب الليللم علللى الجميللع لوجللود‬
‫طائفة مستضعفة‪ ،‬وإن لم تكن تدعو إلى الحق وتظهره مللن‬
‫أجل عجزها‪.‬‬
‫وورد في مثل هؤلء أيضا ً قوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬يغزو‬
‫جيش الكعبة‪ ،‬فللإذا كلانوا ببيلداء مللن الرض يخسلف بلأولهم‬
‫وأخرهم"‪ ،‬وقالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله‪:‬‬
‫يخسف بأولهم وأخرهم وفيهم أسللواقهم ومللن ليللس منهللم؟‬
‫قال صلى الله عليلله وسلللم ‪" :‬يخسللف بللأولهم وأخرهللم ثللم‬
‫يبعثون على نياتهم"‪.‬‬
‫وفي رواية أخرى قالت أم سلللمة‪ :‬إن الطريللق تجمللع فيهللم‬
‫المجبللور والمستبصللر وابللن السللبيل‪ ،‬قللال صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم ‪" :‬يهلكون مهلكا ً واحدًا‪ ،‬ثم يصدرون مصادر شتى"‪.‬‬
‫ومن عجز عن الدعوة يكللون معللذورًا‪ ،‬وإن احتمللل أن ينللزل‬
‫العللذاب العللام بللدرجات متفاوتللة‪ ،‬ليللس شللرطا ً أن يكللون‬
‫ل‪ ،‬بل قد يكون أنواعا ً من المحن العامة‪ ،‬لو قلنا مثل ً‬ ‫مستأص ً‬
‫المجاعات‪ ،‬سوء الحال‪ ،‬الفقر الشديد‪ ،‬المللراض المنتشللرة‪،‬‬
‫الزلزل‪ ،‬العاصير‪ ،‬وهذه يمكن أن تصلليب الصللالح والطالللح‪،‬‬
‫وهذا نوعا ً من العذاب الللذي يصلليب الجميللع إذا كللانت هنللاك‬
‫طائفة مستضعفة ل تستطيع ان تؤدي دورها في الدعوة إلى‬
‫الله والمر بللالمعروف والنهللي عللن المنكللر‪ ،‬بحيللث ل تظهللر‬
‫شعائر السلم‪.‬‬
‫فربما عذب البعض من البرياء ويكون ثواب لا ً لهللم عنللد الللله‪،‬‬
‫ويكون نزول العللذاب العللام تكفيللرا ً لسلليئاتهم ويبعثللون يللوم‬
‫ة لّ‬ ‫القيامة على نياتهم‪ ،‬ومن هذا قللوله تعللالى‪َ( :‬وات ُّقللوا ْ فِت ْن َل ً‬
‫ة) ]النفال‪.[25:‬‬ ‫ص ً‬‫خآ ّ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫موا ْ ِ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫صيب َ ّ‬‫تُ ِ‬
‫قال ابن كثير رحمه الللله عللن ابللن عبللاس فللي تفسللير هللذه‬
‫الية‪" :‬أمر الللله المللؤمنين أل يقللروا المنكللر بيللن ظهرانيهللم‬
‫فيعمهم اللله بالعلذاب"‪ ،‬وهلذا تفسلير حسلن جلدًا‪ ،‬ثلم ذكلر‬

‫‪59‬‬
‫جملة من الحاديث في وجوب المر بالمعروف والنهللي عللن‬
‫المنكر‪ ،‬منهللا حللديث أم سلللمة زوج النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم قالت‪ :‬سللمعت رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫يقول‪" :‬إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من‬
‫عنده"‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رسول الله أما فيهم أناس صالحون؟ قللال‪:‬‬
‫"بلى"‪ ،‬قلت‪ :‬فكيف يصنع أولئك؟ فقال‪" :‬يصيبهم مللا أصللاب‬
‫الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان"‪ ،‬وله شاهد‬
‫من حديث ابن ماجه من حديث عائشة‪.‬‬
‫ويؤيد هذا حديث زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ من نومه وهو‬
‫يقول‪" :‬ل إله إل الله ويل للعللرب مللن شللر قللد اقللترب فتللح‬
‫اليللوم مللن ردم يللأجوج ومللأجوج مثللل هللذه )وعقللد سللفيان‬
‫الراوي بيده عشللرة أي حلللق حلقللة( قلللت‪ :‬يللا رسللول الللله‬
‫أنهلك وفينللا الصللالحون قللال‪" :‬نعللم إذا كللثر الخبللث" متفللق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وهذا الحديث يوضح الحالة التي نزل بها العللذاب العللام‪ ،‬مللع‬
‫وجود الصالحين وهو كثرة الخبث‪.‬‬
‫وهللو الفسللق والفجللور وقيللل الزنللا خاصللة‪ ،‬قللال النللووي‪:‬‬
‫والظاهر أنه المعاصي مطلقًا‪ .‬ويلحظ أنلله ل يكللون النسللان‬
‫صالحا ً إل وهو يؤدي الواجب عليه‪ ،‬ولو كان قادرا ً على المللر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر بدرجة من الدرجات ولللم يقللم‬
‫به لم يكن صالحًا‪.‬‬
‫المرتبة الثالثة‪:‬‬
‫أن يوجد من يقدرون علللى الللدعوة والتغييللر فل يفعلللون‪ ،‬أو‬
‫الوعظ فيسللكتون ول ينتقلللون عللن مكللان المنكللر فيكونللون‬
‫ل‬‫مستحقون للعذاب لتقصلليرهم كمللا قللال تعللالى‪( :‬وَقَلد ْ ن َلّز َ‬
‫ذا سمعتم آيات الل ّه يك ََفر بها ويستهزأ ُ‬ ‫َ‬
‫ِ ُ ُ َِ َُ ْ َْ َ‬ ‫ن إِ َ َ ِ ْ ُ ْ َ ِ‬ ‫بأ ْ‬ ‫م ِفي ال ْك َِتا ِ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫ذا‬ ‫م إِ ً‬‫ث غَي ْلرِهِ إ ِن ّك ُل ْ‬‫دي ٍ‬‫ح ِ‬‫ضوا ِفي َ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫معَهُ ْ‬ ‫دوا ْ َ‬‫ب َِها فَل َ ت َْقعُ ُ‬
‫م‬ ‫جهَّنلل َ‬‫ن ِفللي َ‬ ‫ري َ‬ ‫ن َوال ْ َ‬
‫كللافِ ِ‬ ‫مع ُ ا ل ْ ُ‬
‫مَنللافِِقي َ‬ ‫جللا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الّللل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مث ْل ُُهلل ْ‬ ‫ّ‬
‫ميًعا) ]النساء‪.[164:‬‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬

‫‪60‬‬
‫فمن سمع آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها‪ ،‬وهو قللادر علللى‬
‫أن يغير ولم يغير‪ ،‬ولم ينتقل‪ ،‬فهو آثم بسللكوته وبلله يبللدأ إذا‬
‫نزل العذاب العام‪ ،‬كما في بعللض الثللار‪ ،‬أن قريللة أمللر الللله‬
‫بهلكهللا‪ ،‬فتقللول الملئكللة‪" :‬يللا رب إن فيهللم عبللدك فلن‬
‫ي قللط"‪ ،‬أي لللم‬ ‫فيقول‪ :‬فبه فابدؤوا فإنه لللم يتمعللر وجلله فل ّ‬
‫يتغير وجه عند رؤية المنكللر‪ ،‬ولللذلك مللن كللان يجلللس علللى‬
‫مائدة تدار عليها الخمر ملعون مثل من يشربها والعياذ بللالله‬
‫ذلك أنه مشارك لهم وهم يشربون‪.‬‬
‫وروى المام أحمد عللن حذيفللة ابللن اليمللان أن رسللول الللله‬
‫صلى اللله عليله وسللم قلال‪" :‬واللذي نفسلي بيلده لتلأمرن‬
‫بالمعروف ولتنهللون عللن المنكللر أو ليوشللكن الللله أن يبعللث‬
‫عليكم عقابا ً من عنده ثم لتللدعنه فل يسللتجاب لكللم"‪ ،‬وفللي‬
‫رواية له قال‪" :‬أو ليبعثللن الللله عليكللم قوملا ً ثللم تللدعونه فل‬
‫يستجيب لكم"‪.‬‬
‫وروى البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله عنه مرفوعًا‪:‬‬
‫"مثل القائم على حدود الله والواقللع فيله كمثللل قلوم ركبللوا‬
‫سللفينة فأصللاب بعضللهم أسللفلها وأوعرهللا وشللرها وأصللاب‬
‫بعضهم أعلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا الماء مللروا‬
‫على من فوقهم فآذوهم فقالوا لو خرقنللا فللي نصلليبنا خرق لا ً‬
‫فاستقينا منه ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وأمرهم هلكللوا‬
‫جميعا ً وإن اخذوا على أيللديهم نجللوا جميعلًا" ورواه الترمللذي‬
‫في الفتن‪.‬‬
‫وهللذه الحللاديث تختلللف عللن الحللاديث الللتي ذكرناهللا فللي‬
‫المرتبللة الثانيللة وذلللك أن السللاكتين عنللا مقصللرون آثمللون‬
‫مستحقون للعقاب في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫لنهم غير صالحين لعدم قيامهم بالواجب‪ ،‬كما قال سعيد بن‬
‫المسيب في قوله تعالى‪( :‬يا أ َيها ال ّذين آمنوا ْ عَل َيك ُ َ‬
‫م‬‫سك ُ ْ‬
‫م أنُف َ‬
‫ْ ْ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫َ َّ‬
‫م) ]المللائدة‪ .[105:‬قللال‪" :‬إذا‬ ‫ذا اهْت َلد َي ْت ُ ْ‬ ‫ضل ّ‬
‫ل إِ َ‬ ‫من َ‬‫كم ّ‬‫ضّر ُ‬
‫ل َ يَ ُ‬
‫أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر فل يضلرك ملن ضلل إذا‬

‫‪61‬‬
‫اهتديت" رواه ابن جرير عنه‪ ،‬وروى عن حذيفللة وغيللر واحللد‬
‫من السلف مثل ذلك‪.‬‬
‫ومن هنا يظهر لنا أهمية الدعوة إلى الله في تحقيق الهللدف‬
‫الول وهو العذار إلى الله وثمرته منع العقاب العام والفتنللة‬
‫الشاملة وهذا الهدف يتم تحقيقه إذا بلغ الحق للناس وظهللر‬
‫مللن‬ ‫حلقّ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬‫شعار الدين بين النللاس كمللا قللال تعللالى‪( :‬وَقُل ِ‬
‫شاء فَل ْي َك ُْفْر) ]الكهف‪.[29:‬‬ ‫من َ‬ ‫من وَ َ‬ ‫شاء فَل ْي ُؤْ ِ‬‫من َ‬ ‫ّرب ّك ُ ْ‬
‫م فَ َ‬
‫ومللن اجللل تحصلليل هللذه الغايللة تجللوز أو تسللتحب أو تجللب‬
‫القامة بيللن ظهرانللي الكفللار والظلمللة والفسللقة كمللا أقللام‬
‫الرسل صلوات الله وسلمه عليهم أجمعيللن فللي ديللار الكفللر‬
‫ووسط الكفار للقيام بواجب البلغ‪ ،‬وبقى رسول الله صلللى‬
‫الله عليه وسلم ثلثة عشللر عاملا ً فللي مكللة والصللنام حللول‬
‫الكعبة يراها صللباحا ً ومسللاءا ً فللي بيللت الللله الحللرام صللابرا ً‬
‫محتسبا ً لكي يبلغ الحق لجميع الناس‪.‬‬
‫والمة مكلفة بالقيام بهذا الواجب واجب البلغ بالنيابللة عللن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال‪" :‬بلغوا عنللي ولللو‬
‫آية"‪ ،‬وقال‪" :‬فليبلغ الشاهد منكم الغائب"‪.‬‬
‫الهدف الثاني الثر العاجل‪:‬‬
‫من أهداف الدعوة احتمال استجابة البعض‪ ،‬قالوا‪:‬‬
‫ن( ‪.‬‬
‫م ي َت ُّقو َ‬‫م ( ‪ ،‬ثانيًا‪ ) :‬وَل َعَل ّهُ ْ‬
‫معْذَِرةً إ َِلى َرب ّك ُ ْ‬‫ل‪َ ) :‬قاُلوا ْ َ‬
‫أو ً‬
‫جزمللوا بالمعللذرة‪ ،‬وتمنعللوا أو رجللوا التقللوى‪ ،‬النتيجللة الللتي‬
‫نتمناها ونرجوها هي التقوى‪ ،‬وجزموا بالمعللذرة‪ ،‬لللم يقولللوا‪:‬‬
‫لعله معذرة وليتقوا‪ ،‬بللل قللالوا‪ :‬معللذرة أي نللدعوا إلللى الللله‬
‫معذرة‪ ،‬لعلهم يتقون‪ ،‬وذلك أن نتيجة الدعوة إلى الله ليست‬
‫بيد الداعي‪ ،‬فهل يجزم أحد بأن المللدعو سللوف يسللتجيب أو‬
‫يهتدي؟‪ ،‬ل يعلم ذلك إل الله‪ ،‬فهؤلء الللدعاة رجللوا أن يهللدي‬
‫الله طائفة منهم لعلهم يتقون مع تكرار الوعظ‪.‬‬
‫فالداعي إلى الله عز وجللل مللن شللفقته وحبلله للخيللر يحللب‬
‫ل‪ ،‬ول يريللد بللدعوته أن يعللذبوا أو يهلكللوا‪،‬‬ ‫للنللاس الهدايللة أو ً‬
‫ب الصحابة على ذلللك‬ ‫فالرسول صلى الله عليه وسلم لم ير ّ‬

‫‪62‬‬
‫قط‪ ،‬بل يقللول لعلللي رضللي الللله عنلله وقللد أخللبره أن خيللبر‬
‫ستفتح على يديه وخيبر من أغنى حصون اليهود الذين معهللم‬
‫من الموال ما معهم‪ ...‬يقول‪" :‬انفذ على رسلك حللتى تنللزل‬
‫بساحتهم‪ ،‬فادعهم إلى السلللم‪ ،‬وأخلبرهم بمللا يجلب عليهلم‬
‫من حق الله تعالى فيهللم‪ ،‬فللوالله لن يهللدي الللله بللك رجللل‬
‫واحدا ً خير لك من حمر النعم"‪.‬‬
‫ولذلك يقول العلماء‪ :‬إن من ضمن فوائد الدعوة ونفعها الثر‬
‫العاجل المباشر أن يستجيب المدعو مباشرة‪ ،‬كأن تقول للله‬
‫ل فيطيللع ويقللوم ويصلللي‪ ،‬وتقللول للمللرأة‪:‬‬ ‫اتق الله‪ ،‬قم فص ّ‬
‫اتقي الله والبسي الحجاب الشرعي‪ ،‬فتقول سألبسه وتفعل‬
‫فع ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وهذا الثر هو المحبوب المرجو لدى الداعية في أن يستجيب‬
‫المدعو إلى الله تعالى مباشرة‪ ،‬ويتللوب إلللى اللله عللز وجللل‬
‫من معصيته وينجو ملن علذاب اللله قبلل أن يهللك بإصلراره‬
‫على معصيته‪ ،‬وهذا ول شك قليل إل أنه موجود‪ ،‬فقليللل مللن‬
‫يشبه أبا بكر الصديق في سرعة اسللتجابته للحللق‪ ،‬ورجللوعه‬
‫إليه‪ ،‬فعندما عرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلم‬
‫لم يتلعثم‪ ،‬ولم يتردد لحظة‪ ،‬وقبللل مباشللرة‪ ،‬والصللحابة بعللد‬
‫ذلك تأدبوا بهذا الدب‪ ،‬فتعلموا فكانوا واقفين ورجاعين عنللد‬
‫كتاب الله تعالى‪.‬‬
‫وهكذا ينبغي أن يكون المؤمن‪ ،‬إذا ذكر يتللذكر‪ ،‬وهللذه علمللة‬
‫على حيللاة القلللب وصللحته‪ ،‬ذلللك لن النسللان ل يخلللوا مللن‬
‫معصية‪ ،‬لكن إذا ذكر يتذكر وينيب‪ ،‬ويتللوب ويرجللع إلللى الللله‬
‫سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫الهدف الثالث الثر الجل‪:‬‬
‫وهللو داخللل أيضللا فللي قللوله تعللالى عللن المللؤمنين (وَل َعَل ّهُل ْ‬
‫م‬
‫ن)‪ ،‬وذلك لن الللدعوة إلللى الللله تللؤدي إلللى مللا يسللميه‬ ‫ي َت ُّقو َ‬
‫العلماء "إحداث نكاية" في القلللب الفللاجر والعاصللي‪ ،‬وربمللا‬
‫يؤثر ذلك في الكافر بتكرار المر والنهي بأن يرتكب المنكللر‬
‫وهو غير مطمئن إليه لتكرير التذكير‪ :‬أنت علللى منكللر‪ ،‬أنللت‬

‫‪63‬‬
‫على حرام‪ ،‬فيحدث نكاية فوق نكاية في قلبه‪ ،‬إلللى أن يمللن‬
‫الله تعالى عليه في الللوقت الللذي يشللاء عللز وجللل بالهدايللة‬
‫فيهتدي‪ ،‬ويترك المنكر‪.‬‬
‫فتقللول لمللن ل يصلللي‪ :‬قللم فصلللي‪ ،‬فيقللول‪ :‬الللله يهللديني‪،‬‬
‫ل‪ ،‬ونقللول للمللرأة‪ :‬ارتللدي‬ ‫وعنللدما يكللبر ويعقللل يصلللي فع ً‬
‫الحجاب‪ ،‬فهللو فللرض‪ ،‬فتقللول‪ :‬إن شللاء الللله عنللدما أتللزوج‪،‬‬
‫وعندما تعقل تتحجب بالفعل‪.‬‬
‫وهذا أمر مشهود‪ ،‬وكثيرا ً جدا ً مللن النللاس ينصللح مللرات‪ ،‬ثللم‬
‫في المرة بعد المائة يلتزم ويهتدي‪.‬‬
‫فمنللذ خمسللة وعشللرين عاملا ً تقريبلا ً لللم تكللن هنللاك امللرأة‬
‫واحدة ترتدي الزي الشرعي إل نادرا ً جدًا‪ ،‬ثم بدأت الصللحوة‬
‫السلللمية منللذ خمسللة وعشللرين عامللًا‪ ،‬وكللانت الملبللس‬
‫القصيرة آنذاك عادية جللدًا‪ ،‬وفللي الريللف والمدينللة لللم تكللن‬
‫امرأة تغطي شعرها‪ ،‬ثم بدأ الحجاب يظهر‪.‬‬
‫الن من هن في سن الربعين أو الخامسة والربعيللن ل تكللاد‬
‫توجد من تكشف عن شعرها في هللذا السللن إل قليللل جللدًا‪،‬‬
‫كن مللن قبللل متبرجللات‪ ،‬وسللمعن أن الحجللاب واجللب‪ ،‬وأن‬
‫المرأة لبد أن ترتديه‪ ،‬وبعللد سللنين عنللدما مللن الللله عليهللن‬
‫بالهداية استجبن‪.‬‬
‫فالهداية من عند الله‪ ،‬ونحن ل نعلم متى يسللتجيب المللدعو‪،‬‬
‫لكن على القل سيتأثر قلبه‪ ،‬ويعلم أنه مخطللئ‪ ،‬هللذه ثمللرة‬
‫من ثمرات الدعوة لكنهللا ثمللرة مخفيللة ل تظهللر فللي الحللال‬
‫ويرجى بإذن الله أن تثمر في المستقبل‪.‬‬
‫فالنسان الذي يحس أنه مخطئ أفضللل بل شللك مللن الللذي‬
‫يرى نفسه على صواب‪ ،‬فالول قلبه متغير نحو هللذا المنكللر‪،‬‬
‫ل يقر المنكر ويقول‪ :‬أنا على خطأ‪ ،‬والثاني الخطللر والشللد‬
‫جرما ً الذي قلب المعروف منكرًا‪ ،‬والمنكر معروفًا‪ ،‬أصبح مللا‬
‫يفعله هو الصواب‪ ،‬وما تقوله له أنت هو الخطأ‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫ولذلك يريد أعداء السلللم أن يفعللل النللاس المنكللر‪ ،‬وليللس‬
‫هذا فقط بل يفعلونه ويرونه صوابًا‪ ،‬فالللذي يأكللل الربللا وهللو‬
‫يعلم انلله مخطللئ‪ ،‬خيللر مللن الللذي يللأكله ول يللرى بلله بأسلًا‪،‬‬
‫والمتبرجة الللتي تعلللم خطأهللا خيللر مللن الللتي تقللول‪" :‬هللذه‬
‫حرية‪ ،‬وهذا الذي ينبغي أن يكون‪ ،‬والناس كلها تتقللدم وأنتللم‬
‫تتخلفون"‪.‬‬
‫هذا من الممكن أن يوصلها إلى الكفر والعياذ بالله‪ ،‬بللل هللذا‬
‫فعل ً من الكفر‪ ،‬إذا كانت قللد بلغتهللا الحجللة‪ ،‬واعتقللاد القلللب‬
‫وعمله وانقياده من أعظم أركللان اليمللان‪ ،‬فإحللداث النكايللة‬
‫في قلب العاصي من أثللر الللدعوة‪ ،‬وهللو يحللافظ علللى قللول‬
‫القلللب وعمللله وإن كللان ضللعيفا ً ل يسللتطيع التللأثير فللي‬
‫الجوارح‪.‬‬
‫فللإذا نظرنللا فللي تاريخنللا السلللمي‪ ،‬وبالتحديللد فللي تاريللخ‬
‫الصحابة رضي الله عنهم‪ ،‬نجد خالد بن الوليد مثل ً أسلم بعللد‬
‫عشرين سنة‪ ،‬كان خللها يحارب السلم‪ ،‬وكذلك عمللرو بللن‬
‫العاص أسلما بعد صلح الحديبية وغيرهما كثير‪.‬‬
‫فبقللاء الللدعاة إلللى الللله فللي مثللل تلللك القريللة يكللون لحللد‬
‫الهدفين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يوجد أناس لم تبلغهم الللدعوة‪ ،‬فبقللاء الللدعاة مللن‬
‫أجل إبلغهم الدعوة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬استجابة قلوب البعض كليا ً وبسرعة أو جزئيا ً ولو بعللد‬
‫مدة‪.‬‬
‫والذي يجعل الصغير والكبير يفعل المنكللرات‪ ،‬أنلله يجللد فللي‬
‫كل الناس منكرا ً منتشرا ً بشكل عادي‪ ،‬فلو أن كل من شللتم‬
‫أو سب أو قذف وجد من يقول له‪ :‬اتق الله‪ ،‬وهذا حرام‪ ،‬لن‬
‫ينشأ الصغير متعللودا ً علللى سللب الللدين‪ ،‬أو سللب الم والب‬
‫واستعمال ألفاظ القذف والتهام بالزنا والفواحش وكل منها‬
‫يستوجب حدًا‪ ،‬وربما يرتكب الواحد منهم عدة جللرائم كللبرى‬
‫في لحظة واحدة مما يستوجب عددا ً من الحدود‪ ،‬فللإذا وجللد‬

‫‪65‬‬
‫من يقول‪ :‬اتقوا الله‪ ،‬للن يكلون الملر بسليطا ً وطبيعيلا ً عنلد‬
‫الناس ولن يهون في نظرهم‪.‬‬
‫مثل ً ل يوجد في مجتمعنا اليوم شابا ً يقبل فتاة في الطريللق‪،‬‬
‫ولكن قد يحدث فللي بعللض المللاكن الخللرى‪ ،‬فلللو لللم ينكللر‬
‫الناس عليهم فسنجد بعد عدة أعوام رجال ً يقبلون نساًء فللي‬
‫الطرقات‪ ،‬أما لو قلنا لهم اتقوا الله‪ ،‬هللذا حللرام سلليخجلون‪،‬‬
‫أما سكوتنا نحن فهو الحياء المذموم والخجل غير الشرعي‪.‬‬
‫)‪(6‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ن عَل ِ‬ ‫ن ي َن ْهَلوْ َ‬‫ذي َ‬ ‫جي َْنا ال ّ ِ‬‫ما ذ ُك ُّروا ْ ب ِهِ أن َ‬ ‫سوا ْ َ‬ ‫ما ن َ ُ‬ ‫قال تعالى‪ ) :‬فَل َ ّ‬
‫سوِء ( ]العراف‪ ،[165:‬عندما تركللوا مللا ذكللروا بلله أنجللى‬ ‫ال ّ‬
‫الله الذين ينهون عن السوء‪ ،‬فذكر ربنا نجاة الدعاة إلى الله‬
‫مللوا ْ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬‫ذي َ‬ ‫من العللذاب العللام بسللبب دعللوتهم‪( ،‬وَأ َ َ‬
‫خ لذ َْنا ال ّل ِ‬
‫ن)‪ ،‬يللبين سللبحانه أن الظلمللة‬ ‫سلُقو َ‬ ‫كاُنوا ْ ي َْف ُ‬ ‫ما َ‬ ‫س بِ َ‬
‫ب ب َِئي ٍ‬
‫ذا ٍ‬‫ب ِعَ َ‬
‫عذبوا عذابا ً شديدا ً بفسقهم‪.‬‬
‫فأين السللاكتون؟ أيللن الللذين قللالوا‪ :‬لللم تعظللون قوملا ً الللله‬
‫مهلكهم؟ سكت عنهم القرآن كما سكتوا عن الدعوة‪ ،‬سكت‬
‫الله عن الساكتين عن الحق‪ ،‬ولللذلك اختلللف العلمللاء فيهللم‪،‬‬
‫فمنهم من قال‪ :‬نجوا لنهم كرهوا المنكر‪ ،‬فمن كللره المنكللر‬
‫وعرف أنه منكر فهذه أول خطوات النجاة‪ ،‬وهذا مروي عللن‬
‫ابن عباس رضي الله عنهما أنه رجع عن القول بهلكهم‪ ،‬قال‬
‫حماد بن زيللد عللن داود بللن الحصللين عللن عكرمللة عللن ابللن‬
‫ن‬‫ظو َ‬ ‫م ت َعِ ُ‬ ‫عباس في الية‪ ،‬قال‪" :‬ما أدري أنجا الذين قالوا (ل ِ َ‬
‫ذاًبا َ‬ ‫م ع َل َ‬ ‫قَوما الل ّه مهل ِك ُه َ‬
‫دا)‪ ،‬أم ل؟"‪ ،‬قللال‪:‬‬ ‫دي ً‬‫شل ِ‬ ‫معَ لذ ّب ُهُ ْ‬ ‫م أو ْ ُ‬ ‫ُ ُ ْ ُ ْ‬ ‫ْ ً‬
‫فلم أزل به حتى عرفته أنهم قد نجوا فكساني حلة‪،‬‬
‫قال ابن كثير رحمه الله‪" :‬ولكن رجوعه أي ابن عبللاس إلللى‬
‫قول عكرمة في نجاة الساكتين أولى من القول بهللذا )يعنللي‬
‫قوله الخر بهلكهم(‪ .‬لنه تبين حالهم بعد ذلك والله أعلم‪.‬‬
‫س‪ )...‬اليللة‪،‬‬ ‫ب ب َِئي ل ٍ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫مللوا ْ ب ِعَ ل َ‬
‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫خذ َْنا ال ّ ِ‬‫وقوله تعالى‪( :‬وَأ َ َ‬
‫فيه دللة على ان الذين بقوا نجوا‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫وواضح أن حكم الساكتين مما يفهم من الية وليس صللريحًا‪،‬‬
‫لذلك فالحتمال وارد أن يكونوا من الطائفة الهالكللة لللتركهم‬
‫الواجب عليهم‪ ،‬ويحتمل أنهم نجوا بكرهيتهم والله أعلم‪.‬‬
‫وابن عباس كان يبكي رضي الله عنه عند سللماع هللذه اليللة‬
‫وتلوتهللا‪ ،‬وهللذا مللن تطللبيق الصللحابة للقللرآن عملي لا ً علللى‬
‫واقعهلم‪ ،‬قللال ابللن عبللاس‪" :‬رأينللا أشللياء وسللكتنا"‪ ،‬فلنللا أن‬
‫نتخيل المنكرات أيام ابن عباس ماذا كان نوعهللا لكللي يبكللي‬
‫ابن عباس؟‪ ،‬ولما أشار إليه عكرمة بللأنهم ربمللا يكونللون قللد‬
‫نجللوا لنهللم كرهللوا المنكللر كسللاه ثللوبين‪ ،‬ذلللك أن المللر‬
‫المختلف فيه غير الذي نص عليه القرآن‪ ،‬فنحن نحلللف بللالله‬
‫جي َْنا‬ ‫َ‬
‫أنه من دعا إلى الله من هذه الطائفة نجا قال تعالى‪( :‬أن َ‬
‫سللوِء )‪ ،‬ول نسللتطيع أن نحلللف ول أن‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن عَ ل ِ‬ ‫ن ي َن ْهَ لوْ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ال ّ ل ِ‬
‫نجللزم بشللأن الطائفللة السللاكتة‪ ،‬ولللذلك مللن أرد أن ينجللو‪،‬‬
‫فليدخل في ضمان النجاة بإذن الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫كوُنوا ْ ِقللَرد َةً‬ ‫م ُ‬ ‫ه قُل َْنا ل َهُ ْ‬
‫ما ن ُُهوا ْ عَن ْ ُ‬ ‫عن ّ‬ ‫ما عَت َوْا ْ َ‬ ‫قال تعالى‪( :‬فَل َ ّ‬
‫ن)‪.‬‬ ‫سِئي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫لمللا رأت الطائفللة الواعظللة عللدم السللتجابة مللن الطائفللة‬
‫المعتدية في السبت‪ ،‬رحللوا وهلذه كلانت بدايلة النجلاة لهلم‬
‫وبنوا سللورا ً بينهلم وبيللن أهللل المعصللية كمللا ذكلر ذللك ابللن‬
‫عباس رضي الله عنهما‪.‬‬
‫كيف كانت نجاة الدعاة إلى الله؟ انعزلوا بعد أن اكملللوا بلغ‬
‫الحق إلى الناس وانعدمت الستجابة‪ ،‬ول يرجى أن يستجيب‬
‫أحللد لن العتللاة صللاروا يقللابلون الللدعوة بالبللاء والعللراض‬
‫والتولي عن الذكر فالدعوة استنفدت كل أهدافها‪ ،‬فلبد مللن‬
‫الرحيل إلى مكان آخر نستطيع أن نعبد الله فيه‪.‬‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫م ل ِل ّل ِ‬
‫من ُللوا ات ُّقللوا َرب ّك ُل ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَبادِ ال ّ ِ‬
‫ل َيا ِ‬ ‫كما قال تعالى‪( :‬قُ ْ‬
‫أ َحسنوا في هَذه الدنيا حسن ٌ َ‬
‫مللا ي ُلوَّفى‬ ‫ة إ ِن ّ َ‬
‫س لع َ ٌ‬‫ض الل ّهِ َوا ِ‬ ‫ة وَأْر ُ‬ ‫ِ ِ َّْ َ َ َ‬ ‫ْ َ ُ ِ‬
‫ب) ]الزمللر‪ ،[10:‬وقللال‪( :‬ي َللا‬ ‫َ‬
‫سللا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫جَرهُللم ب ِغَي ْلرِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫صللاب ُِرو َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ة فَإ ِي ّلللللا َ‬
‫ي‬ ‫سلللللعَ ٌ‬ ‫ضلللللي َوا ِ‬ ‫ن أْر ِ‬ ‫من ُلللللوا إ ِ ّ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫عب َلللللادِيَ ال ّللللل ِ‬ ‫ِ‬
‫ن) ]العنكبوت‪ ،[56:‬فللالله عللز وجللل أمرنللا أن نعبللده‬ ‫دو ِ‬ ‫َفاعْب ُ ُ‬

‫‪67‬‬
‫في مكان من الرض‪ ،‬فلو لم توجد فائدة من الدعوة إطلقا ً‬
‫فل يجوز أن نبقى في هذه البلدة التي تنتشر فيها المنكرات‪،‬‬
‫كما قال المام مالك بن انس‪" :‬ل يحللل لحللد أن يبقللى فللي‬
‫بلدة يسب فيها السلف"‪ ،‬فإذا كان الرب يسب والدين يسب‬
‫والعياذ بالله‪ ،‬فإذا كنت تبقى للدعوة إلى الللله والعللذار إلللى‬
‫الللله ولكللي يسللتجيب أحللد مللن أبنللاء المسلللمين للحللق‪ ،‬أو‬
‫تستنقذ مسلما ً من هلكة فلتقم‪ ،‬أمللا أن تبقللى لمجللرد الكللل‬
‫والشرب‪ ،‬ولمجرد تحصيل المللوال‪ ،‬فل يجللوز أن تبقللى فللي‬
‫مكان ينتشر فيه المنكر من أجل أغراض دنيوية‪.‬‬
‫فهذه الطائفة المعذبة "عتوا عما نهللوا عنلله" فبعللد أن كللانوا‬
‫يتحايلون‪ ،‬استمروا فللي الجللرام اكللثر‪ ،‬فشللرعوا يصللطادون‬
‫يوم السبت مباشرة‪ ،‬ويعتدون فللي السللبت مباشللرة والعيللاذ‬
‫بالله‪ ،‬وفي يوم من اليام أمر الله عز وجل هلذا الملر اللذي‬
‫ن)‪ ،‬أمللر‬ ‫س لِئي َ‬‫خا ِ‬ ‫كوُنوا ْ قِ لَرد َةً َ‬‫م ُ‬ ‫ذكره سبحانه وتعالى‪( :‬قُل َْنا ل َهُ ْ‬
‫تكوين‪ ،‬أمر الله عز وجللل بكللن فكللانوا قللردة أذلء خاسللئين‬
‫مسخوا قردة والعياذ بالله‪.‬‬
‫فللي يللوم مللن اليللام أراد الصللالحون أن يعرفللوا مللاذا فعللل‬
‫أصحابهم؟ فتسلقوا السور‪ ،‬أو فتحوا بينهلم بابلًا‪ ،‬فللم يجلدوا‬
‫في القرية أحدًا‪ ،‬ووجدوا قردة تتعللاوى‪ ،‬فنزلللوا ينظللرون مللا‬
‫الشللأن‪ ،‬فللم يجللدوا أحلدا ً منهللم وكلان القلرد يعلرف قريبله‬
‫وجاره‪ ،‬ول يعرفه ذلك القريب‪ ،‬فيللأتيه ويشللمه ويربللت عليلله‬
‫فيقول‪" :‬ألم أكن أنهاك؟ فيشير أن نعم‪ ،‬ويبكي ول يسللتطيع‬
‫أن يتكلم والعياذ بالله‪ ،‬وقيل مسخ شبابهم قللردة وشلليوخهم‬
‫خنازير وذلك أن الله ذكر مسخ الخنازير أيضا ً والخنزير أقبح‪،‬‬
‫من‬ ‫عند َ الل ّهِ َ‬
‫ة ِ‬ ‫مُثوب َ ً‬
‫ك َ‬ ‫من ذ َل ِ َ‬ ‫شّر ّ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫ل أ ُن َب ّئ ُ ُ‬
‫ل هَ ْ‬ ‫قال تعالى‪( :‬قُ ْ‬
‫م ال ِْقلَرد َةَ َوال ْ َ‬
‫خن َللاِزيَر وَعَب َلد َ‬ ‫من ْهُل ُ‬
‫ل ِ‬ ‫جع َ َ‬ ‫ب عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ه وَغَ ِ‬‫ه الل ّ ُ‬‫ل ّعَن َ ُ‬
‫َ‬ ‫ت أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫واء‬ ‫سلللل َ‬ ‫عللللن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ضلللل ّ‬‫كانللللا ً وَأ َ‬ ‫م َ‬ ‫شللللّر ّ‬ ‫ك َ‬ ‫طللللا ُ‬
‫غو َ‬ ‫ال ّ‬
‫ل) ]المائدة‪.[60:‬‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ال ّ‬
‫وهذا المسخ سيقع في هذه المة مثله عندما تشرب الخمور‬
‫وتضرب المعازف على الرؤوس كما قللال النللبي صلللى الللله‬

‫‪68‬‬
‫عليلله وسلللم‪" :‬ليكللونن مللن أمللتي أقللوام يسللتحلون الحللر‬
‫والحرير والخمر والمعازف‪ ،‬ولينزلن أقواما ً إلللى جللانب علللم‬
‫يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم لحاجة‪ ،‬فيقولون ارجللع إلينللا‬
‫غدا ً فيبيتهم الله ويضع القلم‪ ،‬ويمسخ آخريللن قللردة وخنللازير‬
‫إلى يوم القيامة"‪.‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قللال رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬يمسلخ قلوم ملن أمللتي فلي آخللر الزملان‬
‫قردة وخنازير"‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول الله ويشهدون أل إله إل الللله‬
‫وأنك رسول الله ويصومون؟‪ ،‬قال‪" :‬نعم"‪ ،‬قيل‪ :‬فما بللالهم؟‬
‫قللال‪" :‬يتخللذون المعللازف والقينللات والللدفوف ويشللربون‬
‫الشربة‪ ،‬فباتوا على شرابهم ولهوهم‪ ،‬فأصبحوا وقد مسللخوا‬
‫قردة وخنازير"‪.‬‬
‫وعند ابن ماجة عن أبي مالك الشعري قال‪ :‬قا لرسول الللله‬
‫صلى الللله عليلله وسلللم‪" :‬ليشللربن نللاس مللن أمللتي الخمللر‬
‫يسللمونها بغيللر اسللمها‪ ،‬يضللرب علللى رؤوسللهم بالللدفوف‬
‫والمغنيات‪ ،‬يخسللف الللله بهللم الرض ويجعللل منهللم القللردة‬
‫والخنازير"‪.‬‬
‫مع أن هللذا قللد انتشللر والعيللاذ بللالله‪ ،‬وهنللاك نللوع آخللر مللن‬
‫المسللخ‪ ،‬وهللو نللوع اخطللر مللن المسللخ الظللاهر‪ ،‬هللو مسللخ‬
‫الباطن‪ ،‬والعياذ بالله وهو أن يصير النسان عبللدا ً لغيللر الللله‪،‬‬
‫ل‬‫ل هَ ل ْ‬ ‫أن يعبد النسان الطللاغوت‪ ،‬كمللا قللال عللز وجللل‪( :‬قُ ل ْ‬
‫ب‬ ‫ضل َ‬ ‫ه وَغَ ِ‬ ‫ه الل ّل ُ‬‫مللن ل ّعَن َل ُ‬
‫عند َ الل ّلهِ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫مُثوب َ ً‬
‫ك َ‬ ‫من ذ َل ِ َ‬ ‫شّر ّ‬‫كم ب ِ َ‬ ‫أ ُن َب ّئ ُ ُ‬
‫ك‬ ‫ت أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫غو َ‬ ‫خن َللاِزيَر وَعَب َلد َ الط ّللا ُ‬
‫م ال ِْق لَرد َةَ َوال ْ َ‬ ‫من ْهُ ل ُ‬‫ل ِ‬ ‫جع َ َ‬‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬
‫ل( المللائدة‪ ،[60 :‬عبللد‬ ‫س لِبي ِ‬
‫واء ال ّ‬ ‫سل َ‬‫ل عَللن َ‬ ‫ضل ّ‬ ‫كان لا ً وَأ َ‬ ‫م َ‬‫ش لّر ّ‬ ‫َ‬
‫الطللاغوت شللر النللواع الثلثللة‪ ،‬لنلله بللدء بللالقردة ثللم ثنللى‬
‫بالخنازير ثم ثلث بعبدة الطاغوت فللالقرد خيللر مللن الخنزيللر‬
‫فالقرد أشبه بالنسان والقرد يغار على أنثاه‪ ،‬يقول عمرو بن‬
‫ميمون أحد ثقات التللابعين‪ :‬فللي الجاهليللة رأيللت قللردا ً شللابا ً‬
‫وقردة شابة‪ ،‬والقردة الشابة معها قرد عجوز‪ ،‬فأشللار القللرد‬
‫الشللاب للقللردة وكللانت واضللعة يللدها تحللت رأس العجللوز‪،‬‬

‫‪69‬‬
‫فنيمتلله‪ ،‬وسلللت يللدها مللن تحللت رأسلله‪ ،‬وذهبللت مللع القللرد‬
‫الشاب‪ ،‬قال‪ :‬فوقع عليها )زنللا بهللا(‪ ،‬وأنللا أنظللر‪ ،‬ثللم رجعللت‬
‫فوضللعت يللدها تحللت رأس القللرد العجللوز )زوجهللا( فللانتبه‬
‫فشلمها فصلاح‪ ،‬فلاجتمعت القلرود فلأتى بلالقردين الزانييلن‬
‫فرجمتهم القرود حتى ماتللا"‪ ،‬فللالقرد يغللار والخنزيللر ل يغللار‬
‫على أنثاه‪ ،‬القرد يجوز بيعه إذا كان منه منفعة لحفظ المتللاع‬
‫ل‪ ،‬والخنزير ل يجوز بيعه بحال‪ ،‬والقللرد طللاهر العيللن فللي‬ ‫مث ً‬
‫الحياة‪ ،‬والخنزير نجس دائمًا‪.‬‬
‫والسوأ من هذين عبلد الطللاغوت‪ ،‬وهللم كللثيرون جلدًا‪ ،‬لكللن‬
‫شكلهم بشر يرتدون الحلل‪ ،‬وتعظمهم الناس‪ ،‬ولكنهللم عبيللد‬
‫الشيطان وجنده مللن الكفللار المشللركين واليهللود والنصللارى‬
‫وعبيللد المنللافقين‪ ،‬ينفللذون كللل مخططللاتهم فللي الكفللر‬
‫والضلل‪ ،‬ويقولون‪ :‬هي أوامللر علينلا‪ ،‬واللذي يعلرف أن هلذا‬
‫كفللر وضلللل وحللرب للسلللم ومللع ذلللك ينفللذه فهللو عبللد‬
‫الطاغوت‪ ،‬عبد الشيطان‪ ،‬هؤلء شر الثلثة‪ ،‬مسخت قلللوبهم‬
‫وبواطنهم‪ ،‬فهذا الذي ذكر الله مللن مسللخهم‪ ،‬ثللم مللاتوا بعللد‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ن( أي أذلء‪.‬‬ ‫سِئي َ‬ ‫كوُنوا ْ قَِرد َةً َ‬
‫خا ِ‬ ‫م ُ‬‫قال عز وجل‪ ) :‬قُل َْنا ل َهُ ْ‬
‫وفي الحديث الصحيح‪" :‬أن الله لم يجعل لمسخ نسل ً‬
‫ل"‪ ،‬بعللد‬
‫أن مسخوا ماتوا ولم يتناسلللوا‪ ،‬فيقللال لليهللود‪ :‬أنهللم إخللوان‬
‫القردة والخنازير‪ ،‬وليسوا أبناء القردة والخنازير لنهم ليسلوا‬
‫أبنائهم لكنهم أشباههم وإخوانهم في صفاتهم وأفعالهم‪.‬‬
‫فهذه بعض فوائد هذه القصة العظيمة نسأل الللله تعللالى أن‬
‫ينفعنا بما فيها من موعظة‪ ،‬وأن يوفقنا للعمل بطاعته والمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر وأن ينجينا عن مضلللت الفتللن‬
‫ما ظهر منها وما بطن‪.‬‬
‫‪---------------‬‬
‫)‪ (1‬المنع من التللورق ملذهب عمللر بلن عبلد العزيللز وماللك‬
‫ورجحه شيخ السلم ابن تيمية وذكر أنه مذهب ابن عباس‪.‬‬
‫)‪ (2‬راجع كتاب المر بالمعروف للمؤلف‬

‫‪70‬‬
‫===============‬
‫‪ #‬ضرورة تنمية ثروات المسلمين‬
‫ه‪ ,‬ونعللوذ ُ بللاللهِ مللن‬ ‫ه‪ ,‬ونستغفر ُ‬ ‫ن الحمد َ ِلله نحمدهُ ونستعين ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‬ ‫مض ل َ‬ ‫ه فل ُ‬ ‫ن َيهدهِ الل ل ُ‬ ‫ت أعماِلنا‪ ,‬م ْ‬ ‫شرورِ أنفسنا‪ ,‬ومن سّيئا ِ‬
‫ن ل إله إل الله وحدهُ ل‬ ‫ن ُيضلل فل هاديَ له‪ .‬وأشهد ُ أ ّ‬ ‫ه‪ ,‬وم ْ‬ ‫ل ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن محمدا ً عبدهُ ورسوله‪َ )) .‬يا أي ّهَللا ال ّل ِ‬ ‫ك له‪ ,‬وأشهد ُ أ ّ‬ ‫شري َ‬
‫َ‬
‫ن(( )آل‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن إ ِّل وَأن ْت ُ ْ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫حقّ ت َُقات ِهِ َول ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خل ََقك ُل ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫س ات ُّقوا َرب ّك ُ ُ‬ ‫عمران‪َ )) .(102:‬يا أي َّها الّنا ُ‬
‫ساًء‬ ‫جال ً ك َِثيرا ً وَن ِ َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬‫ث ِ‬ ‫جَها وَب َ ّ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ن َْف ٍ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ن عَل َي ْك ُل ْ‬ ‫ه ك َللا َ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حللا َ‬ ‫ن ب ِهِ َواْلْر َ‬ ‫ساَءُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫َوات ُّقوا الل ّ َ‬
‫ه وَُقول ُللوا‬ ‫َ‬
‫من ُللوا ات ُّقللوا الل ّل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َرِقيبًا(( )النساء‪َ)) .(1:‬يا أي َّها ال ّل ِ‬
‫قَول ً سديدا ً * يصل ِح ل َك ُ َ‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ذ ُن ُللوب َك ُ ْ‬ ‫م وَي َغِْف لْر ل َك ُل ْ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ظيمًا(( )الحزاب‪.(71-70:‬‬ ‫وزا ً عَ ِ‬ ‫ه فََقد ْ َفاَز فَ ْ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ي ُط ِِع الل ّ َ‬
‫ي‬
‫ب اللله‪ ,‬وخيلُر الهلدي هلد ُ‬ ‫ث كتا ُ‬ ‫ن أصدقَ الحدي ِ‬ ‫أما بعد ُ ‪ :‬فإ ّ‬
‫ل‬ ‫محللدثاُتها‪ ,‬وكللل محدثلةٍ بدعللة‪ ,‬وكل ّ‬ ‫محمدٍ ص وشّر المللورِ ُ‬
‫ل ضللةٍ في النار ‪.‬‬ ‫بدعةٍ ضللة‪ ,‬وك ّ‬
‫أما بعد ُ أيها المسلمون‪:‬‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ة قرونا طويلة من الغفللةِ والضللياع‪ ,‬والنللوم ِ‬ ‫فقد عاشت الم ُ‬
‫ت مللن‬ ‫ت العميق‪ ,‬حتى إذا ما أفاقت من غفلِتها وصح ْ‬ ‫سبا ِ‬ ‫وال ُ‬
‫سها ممزقللة العقللائد‪ ,‬مبعللثرةَ الجللزاء‪,‬‬ ‫رقدِتها‪ ,‬إذا بها تجد ُ نف َ‬
‫صللنِع‬ ‫ض المخلصللين إلللى محاوللةِ ُ‬ ‫ما حدا ببع ِ‬ ‫منهكة القوى‪ ,‬م ّ‬
‫شيٍء ما‪ُُ ,‬يخّللص أمَتهللم ملن محنِتهلا‪ ,‬وينتشلُلها مللن تخلِفهللا‬
‫ة‬
‫دم بعقبلةٍ كللؤود مللن قلل ِ‬ ‫مهم تص ُ‬ ‫وتبعيِتها‪ ,‬فإذا بآمالهم ِ وأحل ِ‬
‫ن لديهم آمال ً في‬ ‫ضعف التمويل‪ ,‬إ ّ‬ ‫ح الموارد‪ ،‬و ُ‬ ‫ت وش ّ‬ ‫المكانا ِ‬
‫ح‬ ‫ل شحي ٌ‬ ‫ن الما َ‬ ‫س والمعاهد‪ ،‬لك ّ‬ ‫بناِء المساجد‪ ,‬وإنشاِء المدار ِ‬
‫ب وكفالةِ الللدعاة‪،‬‬ ‫ن لديهم آمال ً في طباعةِ الكت ِ‬ ‫في أيديهم‪ ,‬إ ّ‬
‫ن لللديهم آمللال ً فللي رعاي ل ِ‬
‫ة‬ ‫ح فللي أيللديهم‪ .‬إ ّ‬ ‫ل شللحي ٌ‬ ‫ن الما َ‬ ‫لك ّ‬
‫ل‬ ‫ن المللا َ‬ ‫اليتام ِ والرامللل‪ ،‬وتعاهلدِ الفقللراِء والمحتللاجين‪ ،‬لكل ّّ‬
‫ن لديهم آمللال ً فللي إطعللام ِ الجللوعى‪ ,‬و إ‬ ‫ح في أيديهم‪ ,‬إ ّ‬ ‫شحي ٌ‬
‫ن المللال شللحيح فللي أيللديهم‪.‬‬ ‫ش وسترِ الُعراة‪ ،‬لك ّ‬ ‫رواِء العط ِ‬

‫‪71‬‬
‫ب الموال‬ ‫ل باستجداِء أربا ِ‬ ‫ن الح ُ‬ ‫ل يا ترى ؟! هل يكو ُ‬ ‫فما الح ُ‬
‫ف‬ ‫ل باسللتعطا ِ‬ ‫ن الحلل ُ‬ ‫طلبللا ً لحسللاِنهم وصللدقاتهم؟ أم يكللو ُ‬
‫ة‬
‫ل برفللع الرايل ِ‬ ‫ب أن ُيمطَر ذهبا ً وفضة ؟!أم يكون الح ُ‬ ‫السحا ِ‬
‫ه‬
‫ط الواقِع ومرارت ِ‬ ‫ن الهزيمة والتراجع أمام ضغ ِ‬ ‫البيضاء‪ ,‬وإعل ِ‬
‫ي ‪ r‬بقللوله )) لن يغللدَو‬ ‫ل فيما أرشد َ إليه النللب ُ‬ ‫ن الح ُ‬ ‫؟!أم يكو ُ‬
‫ل رجل ً‬ ‫دكم فيحط ُللب علللى ظهللرهِ خيلٌر للله مللن أن يسللأ َ‬ ‫أحل ُ‬
‫ل من اليدِ السفلى‪,‬‬ ‫ن اليد َ الُعليا أفض ُ‬ ‫أعطاهُ أو منعه ذلك‪ ,‬فإ ّ‬
‫ن تعول(( ]‪.[1‬‬ ‫ْ‬
‫وابدأ بم ْ‬
‫ه النبويَ الكريم‪ ،‬فشمروا عللن‬ ‫ن هذا التوجي َ‬ ‫ه الخير و َ‬ ‫ل فق َ‬ ‫فه ْ‬
‫ن مللن‬ ‫ب الرض يبتغو َ‬ ‫ساعدِ الجد ِ والرجولة‪ ,‬ومشوا في مناك ِ‬
‫ت‬ ‫ن فللي مشللروعا ِ‬ ‫سللهم‪ ,‬ويسللاهمو َ‬ ‫فضللل الللله وُيعّفللون أنف َ‬
‫ل في تمويِلها عبدةُ الدينارِ والللدرهم‪,‬‬ ‫م بخ َ‬
‫الخير المعطلة‪ ،‬يو َ‬
‫ل‬ ‫كر الشباب الخّير ون في استثمارِ طاقاِتهم‪ ,‬واسللتغل ِ‬ ‫هل ف ّ‬
‫ة‬
‫ن بقللو ٍ‬ ‫إمكانللاِتهم‪ ,‬وأصلللحوا الني ّللة والَقصللد‪ ,‬ونزلللوا الميللدا َ‬
‫ق الحلل سللببا ً لنفِعهللم‪,‬‬ ‫ن ما اكتسبوه مللن الللرز ِ‬ ‫وذكاء‪ ،‬ليكو َ‬
‫واسللتغناِئهم مللن جهللة‪ ،‬ورافللدا ً مللن روافللدِ دعللم ِ الللدعو ِ‬
‫ة‬
‫ي‬ ‫ت الخيرِ من جهةٍ أخرى‪ ,‬أليللس فللي تللوجيهِ النللب ِ‬ ‫ومشروعا ِ‬
‫ه إلى ضرورةِ الخللذِ‬ ‫ل وأوضح ُ‬ ‫صلى الله عليه وسلم أكبُر دلي ٍ‬
‫ب الكسللب‪ ،‬وتنمي لةِ المللوارد نصللرةً للللدين و إ عفاف لا ً‬ ‫بأسللبا ِ‬
‫ن الللثروة‬ ‫ك الخيللر و َ‬ ‫للنفس‪ ,‬وإحسانا ً للخرين‪ُ .‬ترى لللو امتل ل َ‬
‫ل‬ ‫ن عليلله أحللوا ُ‬ ‫ن القصدِ وسلمةِ التدبير‪ ،‬كيف ستكو ُ‬ ‫مع حس ِ‬
‫عهم؟!وكم من المعاهدِ‬ ‫ل إليه أوضا ُ‬ ‫المسلمين؟! وكيف ستؤو ُ‬
‫ة‬
‫ب الناِفعة الملؤثر ِ‬ ‫العلميةِ المنتجة سيرُفعونها ؟!كم من الكت ِ‬
‫ئ والمساجدِ سيبُنونها ؟!كم من‬ ‫سيطبُعونها؟! كم من الملج ِ‬
‫سونها ؟!لللو‬ ‫البارِ سيحُفرونها؟ وكم من الجسادِ العاريةِ سيك ُ‬
‫ن القصدِ وسلمةِ التدبير‪ .‬كلم‬ ‫حس ِ‬ ‫امتلك الخير ون الثروة مع ُ‬
‫ة‬
‫مللن أسللرةٍ فقيللرةٍ سلليكُفلونها ؟وكللم مللن أرمل لةٍ محروم ل ٍ‬
‫جونها ؟!هللاك –‬ ‫دونها ؟!وكللم مللن فئةٍ مريض لةٍ سلليعال ُ‬ ‫سيسع ُ‬
‫ن‬ ‫ف تكلو ُ‬ ‫ن ملن خلِلله كيل َ‬ ‫يرحمك اللله – حلديثا ً صلحيحا ً تتلبي ُ‬
‫ة التللدبير حيللن تقللع‬ ‫ة العقللل‪ ,‬وسللخاُء النفللس‪ ,‬وسلللم ُ‬ ‫رجاح ُ‬

‫‪72‬‬
‫ل‬ ‫ح يتقللي الللله ويراقب ُلله‪ ,‬لللم يسللتو ْ‬ ‫ل صللال ٍ‬ ‫الثروةُ في يد رج ل ٍ‬
‫ة طريقلا ً إليلله‪ ،‬فهللو يشلُعر‬ ‫ف النانيل ُ‬ ‫الجشعُ عليلله‪ ,‬ولللم تعللر ْ‬
‫س بمعانللاِتهم‪ .‬اسللتمعْ إلللى‬ ‫ك حللاجَتهم‪ ,‬ويحل ُ‬ ‫بللالخرين ويللدر ُ‬
‫ث أبي هريرةَ عن رسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم ‪،‬‬ ‫حدي ِ‬
‫ن‬ ‫ن بللأمواِلهم‪ ،‬وكيللف يللديرو َ‬ ‫ف الخيللر و َ‬ ‫ف يتصللر ُ‬ ‫لللترى كيلل َ‬
‫ل‬ ‫ن والبعدين )) بينمللا رج ل ٌ‬ ‫ل ببركتها القربي َ‬ ‫ممتلكاِتهم‪ ،‬لتشم َ‬
‫ة‬ ‫في فلةٍ من الرض فسمع صوتا ً في سحابة‪ ،‬اسللقي حديقلل َ‬
‫ة‬ ‫ُفلن فتنحى ذلك السحاب‪ ،‬فأفرغ ماَءه في حرة فإذا شرج ٌ‬
‫ت الماءََ كل ّلله‪ ,‬فتتب لعَ المللاء‪ ،‬فللإذا‬ ‫شراج قد استوعب ْ‬ ‫من تلك ال ِ‬
‫ل المللاَء بمسللاحاته‪ ,‬فقللال للله مللا‬ ‫م في حديقةِ ُيحلوّ ُ‬ ‫ل قائ ٌ‬ ‫رج ٌ‬
‫ت الس لم ِ الللذي‬ ‫اسمك يرحمك الله ؟!قال ‪ :‬فلن فإذا بلله ذا ُ‬
‫ل قليللل فتعجللب‪ ،‬وأردف سللائل ً مللرة‬ ‫ب قب َ‬ ‫ه في السحا ِ‬ ‫سمع ُ‬
‫ت صوتا ً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول‬ ‫أخرى !!إّني سمع ُ‬
‫ت هللذا‪,‬‬ ‫ما إذ قللل َ‬‫ة فلن فما تصنعُ فيها ؟!قال ‪ :‬أ ّ‬ ‫أسقي حديق َ‬
‫ه‪ ,‬وآكل أنا وعيالي‬ ‫ج منها فأتصدقُ بثلث ِ‬ ‫ظر إلى ما يخر ُ‬ ‫فإّني أن ُ‬
‫ث الباقي(( ]‪!![2‬‬ ‫ثلَثه‪ ,‬وأرد ّ في الحديقةِ الثل َ‬
‫ح‬ ‫ل الصللال ُ‬ ‫ف هللذا الرجل ُ‬ ‫انظلْر – يرحمللك الللله – كيللف يتصللر ُ‬
‫ف‬ ‫ل ح لٌر كريللم يع ل ُ‬ ‫م ماَله إ ّّنه أول ً ؟‪ :‬رج ل ٌ‬ ‫بثروِته؟ وكيف يقس ُُ‬
‫ما في أيدي الخريللن‪ .‬وثانيلا ً ‪ :‬هلو‬ ‫سه وأولَده‪ ,‬ويستغني ع ّ‬ ‫نف َ‬
‫م النفللس‪ ,‬يتعاهلد ُ الفقللراءَ‬ ‫ب‪ ,‬كريل ُ‬ ‫جللواد ٌ سللخي طللاهُر القلل ِ‬
‫ضلله‬ ‫ث أر ِ‬ ‫ص لهم ُثلل َ‬ ‫والمساكين وذوي الحاجةِ والفاقة‪ ،‬فيخص ُ‬
‫المباركة‪.‬‬
‫ك فكللرا ً‬ ‫ن التللدبير‪ ،‬يمل ل ُ‬ ‫ح العقل‪ ،‬حس ل ُ‬ ‫ل راج ُ‬ ‫ثم هو ثالثا ً ‪ :‬رج ٌ‬
‫ث نتلاج حلديقِته فيهلا‪،‬‬ ‫استثماريا ً حيلًا‪ ,‬فهلو يعيلد ُ اسلتثماَر ث ُْلل َ‬
‫ل لللم‬ ‫لمضللاعفةِ النتللاِج ورفلِع الكفللاءة‪ ,‬ثللم هللو رابعلا ً ‪ :‬رجل ٌ‬
‫ت‬ ‫س مع عتبا ِ‬ ‫ن في مغارة‪ ,‬أو جل َ‬ ‫يتقوقعْ في صومعة أو يترهب ْ‬
‫مر عللن سللاعده‪،‬‬ ‫دهم‪ ،‬ولكن ّلله شل ّ‬ ‫ت مللوائ ِ‬ ‫اللئام يستجديْ ُفتللا َ‬
‫ب يللده‪،‬‬ ‫ك بماسللحاته‪ ,‬وج لد ّ واجتهللد‪ ،‬يأك ُللل مللن كس ل ِ‬ ‫وأمس ل َ‬
‫خر للله السللحاب يسللقي‬ ‫سل ّ‬ ‫ف ثللوِبه‪ ,‬ف ُ‬ ‫ح العللرقَ بطللر ِ‬ ‫ويمس ل ُ‬
‫ل الشهيد‪ ،‬شهيد ُ السلللم ‪-‬‬ ‫عه‪ ,‬وهذا البط ُ‬ ‫حديقَته ويروي زرو َ‬

‫‪73‬‬
‫ف‬ ‫ف تصللر َ‬ ‫عثمان رضي الله عنه ‪ -‬مللاذا صللنع بللثروتهِ ؟ وكي ل َ‬ ‫ُ‬
‫بأملكهِ ؟!‬
‫أليس هو الللذي حَفللر بئَر ُرومللة ؟ وس لّبل مللاَءه للمسلللمين‪.‬‬
‫ش الُعسللرة‬ ‫وأنفقَ فيه بل حساب ؟! أليس هو الذي جّهز جيل َ‬
‫ف دينللارٍ مللن‬ ‫بثلثمللائةِ بعيلرٍ بأقتابهللا وأحل سللها ؟!وجللاء بللأل ِ‬
‫ل صلى الله عليه وسلم‬ ‫ذهب‪ ،‬فصّبها في حجرِ رسو ِ‬
‫ت العللالم‬ ‫ن ذهبللت ثللروا ُ‬ ‫ة في الله ‪ :‬إّننا نتسللاءل أيل َ‬ ‫أيها الحب ُ‬
‫يوم َزهِد َ فيها الخيرون‪ ,‬واغتروا بدعوات الخاملين‪ ،‬التي رفللع‬
‫ب شللطٌر كللبيٌر منهللا فللي‬ ‫ة وأذناُبهم‪.‬ألللم يللذه ْ‬‫لواَئها المتصوف ُ‬
‫أيللدي اليهللود؟!فمللاذا صللنع اليهللود؟ يللوم امتلكللوا الللثروة‪,‬‬
‫س الموال؟! مللاذا صللنع‬ ‫وسيطروا على عوامل النتاج‪ ,‬ورؤو ِ‬
‫خروا ثرواِتهم في تنفي لذِ سياسللاِتهم التوسللعية‪،‬‬ ‫اليهود ألم يس ّ‬
‫طهللم الجهنميللة؟ ألللم يوظفللوا ثرواِتهللم فللي تطويللِع‬ ‫وخط ِ‬
‫ت العالميللة‪ ،‬لخدمللة مللآِربهم وأهللداِفهم‪ ,‬وتبنللي‬ ‫السياسللا ِ‬
‫ضاياهم وتوجهاِتهم ؟!‬ ‫ق َ‬
‫ن‬‫ف اليهود ُ ثروَتهم لبناِء قوةٍ عسكريةٍ ضاربة‪ ،‬يرعبو َ‬ ‫ألم يوظ ْ‬
‫ود مللن‬ ‫بها المسلمين ويبتزونهم‪ ,‬وُيذّلونهم؟ ألم يفللر ْ‬
‫ض اليه ل ُ‬
‫ك الربا‪ ،‬وُيفسللدوا العللالم بمللا أنشللأوه مللن‬ ‫ل ثرواِتهم بنو َ‬ ‫خل ِ‬
‫سكر والعربدة ‪,‬‬ ‫ن والخلعة‪ ،‬وبيوت ال ُ‬ ‫دور الف ّ‬
‫ومللاذا صللنعَ النصللارى يللوم امتلكللوا الللثروة ؟! ألللم يوظفللوا‬
‫ه‪ ,‬عللبر مللا جهللزوه مللن‬ ‫ثروَتهللم فللي تنصلليرِ العللالم ِ وإضلللل ِ‬
‫ت التنصلليريةِ الهائلللة؟! ألللم‬ ‫ت الضللخمة‪ ،‬والبعثللا ِ‬ ‫الرسللاليا ِ‬
‫دهم‪ ,‬وُيدّنسللوا‬ ‫ن خاصللة علللى عقللائ ِ‬ ‫يساوموا فقراَء المسلمي َ‬
‫َ‬
‫فطرهم مقابل شربة من مللاٍء ملللوث‪ ،‬أو لقم لةٍ مللن طعللام ٍ‬
‫فاسد؟‬
‫هم كللالقطيع‪ ،‬إلللى‬ ‫ل المسلللمين فللي بللواخر ِ‬ ‫ألم يحملوا أطفا َ‬
‫خ العقيدة وُتدمُر الخلق ؟! ألللم يسللخْر النصللارى‬ ‫ث ُتمس ُ‬ ‫حي ُ‬
‫ب في‬ ‫ثروَتهم في بناِء الكنائس وطباعةِ النجيل‪ ,‬ورفِع الصلي ِ‬
‫ت‬ ‫م بالمحاصلليل‪ ،‬وضللاق ْ‬ ‫ت حقللوله ُ‬ ‫ل مكللان ؟!ويللوم فاض ل ْ‬ ‫كل ّ‬
‫م ملللن كلللثرة النتلللاج‪ ،‬هلللل أطعموهلللا الفقلللراءَ‬ ‫مزارعهللل ُ‬

‫‪74‬‬
‫والمساكين‪ ,‬والجوعى والمحرومين ؟! أم ألقوا بالفائض في‬
‫ب‬ ‫ط السللعار‪ ،‬وتفاديللا ً لغضلل ِ‬ ‫ة هبللو ِ‬ ‫عللْرض المحيللط‪ ،‬خشللي َ‬ ‫َ‬
‫ن والتجلللار؟ فلللأين هلللم رسلللل الرحملللة وملئكلللة‬ ‫الزارعيللل َ‬
‫م امتلكللوا الللثروة‪,‬‬ ‫الحسان؟!ماذا صنعَ الروافض الكفللرة يللو َ‬
‫ض‬ ‫ل الطائلة؟! ماذا صللنع الرواف ل ُ‬ ‫ت في أيديِهم الموا ُ‬ ‫وتكدس ْ‬
‫ظفوها‪ ,‬ولي شيٍء سللخروها؟! ألللم‬ ‫بالثروة ؟! وبأي شيٍء و ّ‬
‫هنا وهناك ؟!‬ ‫ن ُ‬‫يؤججوا الفت َ‬
‫ة بالسلللح كمللا فللي أفغانسللتان‬ ‫ألم يمللددوا الخليللا التخريبي ل َ‬
‫ن‬ ‫خرافلاِتهم اللتي طواهلا الزملا ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫دوا طباعل َ‬ ‫ولبنان ؟! ألم يعي ُ‬
‫ن ؟! ألم ينافسوا النصارى الصللليبين فللي‬ ‫ت السني َ‬ ‫منذ عشرا ِ‬
‫عهم‬ ‫ن فقلَر المسلللمين وجللو َ‬ ‫غللزوِ القللارةِ السللوداء‪ ،‬مسللتغلي َ‬
‫ض كبللارا ً‬ ‫وجهَلهم‪ ،‬وغفلة أهل السللنة عنهللم‪ ,‬فلقنللوهم الرف ل َ‬
‫ة‬
‫ل عللن بكللر ِ‬ ‫ت قبائ ُ‬ ‫ت ُقرى بأكمِلها‪ ,‬وارتد ْ‬ ‫وصغارا ً حتى تشيع ْ‬
‫ل‬ ‫ض الشللقياء يللوم امتلكللوا المللا َ‬ ‫أبيهللا ؟!مللاذا صللنع الرواف ل ُ‬
‫ف‬ ‫خروا أبللواَقهم وإذا عللاِتهم فللي الرجللا ِ‬ ‫والللثروة‪ ،‬ألللم يسلل ّ‬
‫سللّنة‬ ‫ل ال ُ‬ ‫خزعبلتهم‪ ,‬والكيدِ له ِ‬ ‫وتأجيِج الفتن‪ ،‬ونشرِ بدعِهم و ُ‬
‫ك‬ ‫سللنة يللوم امتل ل َ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫صنعَ ُفساقُ أه ِ‬ ‫حماة الملة ؟! بل ماذا َ‬ ‫و ُ‬
‫بعضهم الثروة ؟! أما أفسدوا أبناَءهم وأسَرهم بما هيئوه لهم‬
‫شلر والفتنلة ؟!أملا بلددوا أملواَلهم فلي إرواءِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ملن أسلبا ِ‬ ‫ِ‬
‫هم ؟! وإشباِع غرورهم؟! أمللا علمللوا‬ ‫شهواِتهم وإرضاِء غرائز ِ‬
‫ن فللي‬ ‫ل والمحللروم؟ أمللا علمللوا أ ّ‬ ‫ن في أموالهم ِ حقا ً للسائ ِ‬ ‫أ ّ‬
‫ن في أموالهم حقلا ً‬ ‫أموالهم ِ حقا ً للرملةِ واليتم ؟!أما علموا أ ّ‬
‫ِ‬
‫ن السبيل؟!‬ ‫للمجاهِدِ واب ِ‬
‫ت الشللللمال؟!‬ ‫ت اليميللللن وذا َ‬ ‫فلمللللاذا ُتبعللللثُر المللللوال ذا َ‬
‫ة ومجمدة تشللكو إلللى ربهللا قسللوةَ‬ ‫ت الخيرِ معطل ٌ‬ ‫ومشروعا ُ‬
‫ف الطباع‪ ,‬وبر ود المشاعر ‪.‬‬ ‫القلوب‪ ،‬وجفا َ‬
‫ظ الخيرون‪ ،‬ويسارعون إلى إعللدادِ القللوةِ الللتي‬ ‫فمتى يستيق ُ‬
‫مللا‬ ‫م َ‬ ‫دوا ل َهُل ْ‬
‫عل ّ‬‫ل جلللله ))وَأ َ ِ‬ ‫ُأمروا بإعللداِدها يقللول البللاري جل ّ‬
‫ن قُوّةٍ ‪) ((..‬النفال‪. (60:‬‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬‫ا ْ‬

‫‪75‬‬
‫ة اليللوم هللي القللوةُ القللاهرة‪,‬‬ ‫ن القوةَ القتصللادي َ‬ ‫وقد علموا أ ّ‬
‫ذات الكلمةِ المسموعة‪ ,‬والضربةِ الموجعة !!‬
‫ر‬
‫بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم‪ ،‬ونفعني وأّيا كللم بالللذك ِ‬
‫ه هو الغفوُر الرحيم ‪.‬‬ ‫الحكيم‪ ،‬واستغفر الله لي ولكم إن ّ ُ‬
‫الخطبة الثانية‬
‫ض ويرفع‪ ,‬ويضُر وينفع‪ ,‬أل إلى‬ ‫الحمد لله ُيعطي ويمنع‪ ,‬ويخف ُ‬
‫م عللى الرحملةِ المهلداة‪,‬‬ ‫ُ‬
‫الللهِ تصليُر الملور‪ .‬وأصللي وأسلل ُ‬
‫مسداة‪ ,‬وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين ‪.‬‬ ‫والنعمةِ ال ُ‬
‫أما بعد أيها المسلمون ‪:‬‬
‫فمن الوسائل المثمللرة والمفيللدة فللي تنميللة المللال وزيللادة‬
‫بركته‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬تكللوين الشللركات بيللن الخيريللن‪ ,‬ولللو بللروؤس أمللول‬
‫صللغيرة‪ ,‬وعلللى شللكل أسللهم ٍ ميسللورة‪ ,‬اسللتعدادا ً لللدخول‬
‫السواق وميادين المنافسة المشروعة‪.‬‬
‫ة أحللوال السللوق‪ ،‬وتلمللس حاجللات النللاس‪,‬‬ ‫ثانيللا ً ‪ :‬دراسلل ُ‬
‫ومحاولة تلبية المتطلبات المفقودة بأسعار معقولة‪.‬‬
‫ة أيجلللاد َ بلللدائل ذات جلللودةٍ عاليلللة للسللللع‬ ‫ثالثلللا ً ‪ :‬محاولللل َ‬
‫المعروضة‪ ,‬بأسعار مغرية لتحقيق النجاحات المأمولة ‪.‬‬
‫ق جديدة لترويج البضائع في المللدن‬ ‫ح أسوا ٍ‬ ‫ة فت ُ‬ ‫رابعا ً ‪ :‬محاول ُ‬
‫الصغيرة‪ ،‬وتلبية احتياجاتها‪.‬‬
‫ض غمللار المنافسللات العقاريللة‪ ,‬عللبر شللراء‬ ‫خامسللا ً ‪ :‬حللو ُ‬
‫المخططات الحديثة وتسويقها بأسعار منافسة‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬الستثمار الصلحي‪ ,‬بفتلح المصللحات وفللق ضللوابط‬
‫شرعية‪ ,‬وتلفي المحاذير الموجودة الن‪ ,‬من اختلط وخلفه‬
‫‪.‬‬
‫سللابعا َ ‪ :‬السللتثمار الصللناعي والنتللاجي‪ ,‬والزراعللي بطللرق‬
‫مدروسة ومتأنية ‪.‬‬
‫ن السلللم ديللن الجهللاد‪ ,‬والعبللادة‪ ،‬وديللن‬ ‫أيها المسلللمون ‪ :‬إ ّ‬
‫القتصاد والسياسة‪ ,‬ودين الجتماع و الدارة وغيرها‪ .‬ومنللابر‬
‫ل هللذه‬‫الجمللع والجماعللات‪ ،‬ل ينفللي بمعللزل عللن طللرق ك ل ّ‬

‫‪76‬‬
‫المصللالح العظيمللة‪ ,‬علللى أسللاس مللتين مللن العلللم النللافع‬
‫والمنهج السديد‪.‬‬
‫ل‬ ‫ة قب َ‬ ‫م إّنا نسأُلك إيمانا ً ُيباشُر قلوبنا‪ ،‬ويقينا ً صادقًا‪ ،‬وتوب ً‬ ‫الله ّ‬
‫ك‬ ‫ك لللذةَ النظ لرِ إلللى وجه ل َ‬ ‫ت‪ ،‬ونسأل ُ َ‬ ‫ة بعد المو ِ‬ ‫ت‪ ،‬وراح ً‬ ‫المو ِ‬
‫ة‬‫مضللرة‪ ،‬ول فتن ل ً‬ ‫ك في غِير ضللراَء ُ‬ ‫م‪ ,‬والشوق إلى لقائ ِ َ‬ ‫الكري ِ‬
‫مضلة‪،‬‬
‫ن‪ ،‬واجعلنا هُللداةً مهتللدين‪,‬ل ضللالَين ول‬ ‫م زينا بزينةِ اليما ِ‬ ‫الله ّ‬
‫ب‬ ‫مضلللين‪ ,‬بللالمعروف آمريللن‪ ,‬وعللن المنكللر نللاهين‪ ،‬يللا ر ّ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫العالمين‪ ,‬أل وصلوا وسلموا على من أمرتللم بالصلللة عليلله‪،‬‬
‫إملام المتقيللن‪ ،‬وقلائد الغلّر المحجليللن وعلللى أللهِ وصللحابته‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫ة وولةِ الموِر‪ ,‬يا‬ ‫ح الئم َ‬ ‫دور‪ ،‬وأصل ِ‬ ‫ن وال ُ‬ ‫م آمنا في الوطا ِ‬ ‫الله ّ‬
‫عزيُز يا غفور‪ ,‬سبحان ربك رب العزة عما يصفون‪.‬‬
‫]‪ [1‬رواه مسلم )‪ (1042‬من حديث أبي هريرة ‪. t‬‬
‫]‪ [2‬رواه مسلم )‪ (2984‬من حديث أبي هريرة ‪. t‬‬
‫==============‬
‫‪ #‬الكسب الطّيب‬
‫الخطبة الولى‬
‫الحمد لله ‪ ،‬أمر بالكل من طيبات الرزق ‪ ،‬كما أمللر بشللكره‬
‫وهللو الغفللور الشللكور ‪ ،‬وأشللهد أن ل إللله إل الللله وحللده ل‬
‫شريك له‬
‫َ‬
‫دورِ { ‪،‬‬ ‫صلل ُ‬‫ت ال ّ‬‫ذا ِ‬‫م بِ َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ض إ ِن ّ ُ‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬‫س َ‬
‫ب ال ّ‬ ‫م غَي ْ ِ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫} َ‬
‫دا عبده ورسوله ‪ ،‬أسوةُ كل صّبارٍ شكور ‪،‬‬ ‫وأشهد أن محم ً‬
‫مه عليه ‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ‪ ،‬ومن تبعهللم‬ ‫ت الله وسل ُ‬ ‫صلوا ُ‬
‫بإحسان إلى يوم النشور‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فيا أيها المسلمون اتقللوا الللله تعللالى وكلللوا مللن طيبللات مللا‬
‫م إ ِّيلاهُ‬ ‫شلك ُُروا ْ ل ِّللهِ ِإن ُ‬
‫كنُتل ْ‬ ‫رزقكم الله ‪ ،‬واعملوا صلالحا ً } َوا ْ‬
‫ن{‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫ت َعْب ُ ُ‬
‫معشر المسلمين ‪:‬‬

‫‪77‬‬
‫ن للنللاس فللي‬ ‫َ‬
‫لقد شرع السلم طللرائقَ لكسللب المللال ‪ ,‬أذِ َ‬
‫ة في حب المللال‬ ‫إتباعها إذا أرادوا أن يشبعوا رغبتهم الفطري َ‬
‫ده المسلللم مللن خلل الللتزامه‬ ‫ل مللال يسللتفي ُ‬ ‫وجمعلله ‪ ,‬وك ل ُ‬
‫ب الشرعية ‪ ,‬يعتبر حلل ً طيًبا ‪ ,‬لصلاحبه الحل ُ‬
‫ق‬ ‫ق الكس ِ‬ ‫بطرائ ِ‬
‫ف ول معصللية ‪ ،‬أمللا‬ ‫سلَر ٍ‬ ‫في تملكه والنتفللاِع بلله ‪ ،‬فللي غيللر َ‬
‫ر‬
‫ل أخللرى غيل ِ‬ ‫ن مللن وسللائ َ‬ ‫المال الللذي يحصللل عليلله النسللا ُ‬
‫مشروعة ‪ ,‬فهو مال خبيث ‪ ,‬ل يجوز للمسلللم أن يتملكلله ول‬
‫م على تحري الكسللب الطيللب ‪,‬‬ ‫أن ينتفع به ولقد حث السل ُ‬
‫ب‬ ‫ولللو كللان قليل ً ‪ ،‬وحللذر مللن الكسللب الخللبيث ‪ ,‬ولللو أعج ل َ‬
‫ث‬ ‫خِبيلل ُ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫سللت ُ َ ِ‬ ‫ن كللثرُته ‪ ،‬قللال تعللالى ‪ُ } :‬قللل ل ّ ي َ ْ‬ ‫النسللا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ه َيا أوِْلي الل ْب َللا ِ‬ ‫ث َفات ُّقوا ْ الل ّ َ‬ ‫خِبي ِ‬ ‫ك ك َث َْرةُ ال ْ َ‬ ‫جب َ َ‬ ‫ب وَل َوْ أعْ َ‬ ‫َوالط ّي ّ ُ‬
‫ن { قللال الحسللن رحملله الللله ‪ )) :‬الخللبيث‬ ‫حللو َ‬ ‫م ت ُْفل ِ ُ‬ ‫كلل ْ‬ ‫ل َعَل ّ ُ‬
‫والطيب ‪ :‬الحلل والحرام (( وقال القرطبي رحمه الله ‪ :‬هو‬
‫م في جميع المور ‪ُ ،‬يتصوُر في المكاسب ‪ ،‬والعمللال ‪،‬‬ ‫)) عا ٌ‬
‫ث ملن هلذا‬ ‫والناس ‪ ،‬والمعارف من العلوم وغيرهلا ‪ ،‬فلالخبي ُ‬
‫ن للله عاقبللة وإن كللثر ‪،‬‬ ‫جللب ‪ ،‬ول تحسلل ُ‬ ‫كِللله ل يفلللح ول ي ُن ْ ِ‬
‫ل العاقبة (( ‪.‬‬ ‫والطيب وإن قل ‪ ،‬نافعٌ ‪ ،‬جمي ُ‬
‫عباد الله ‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬واستجابة الدعاء ‪ ،‬كما أن الخللبيث‬ ‫ب سبب للقبو ِ‬ ‫إن الط َي ّ َ‬
‫ل‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ن أ َِبي هَُري َْرةَ رضي الله عنه َقا َ‬ ‫بضد ذلك ‪ ،‬فعَ ْ‬
‫َ‬
‫ب لَ‬ ‫ه ط َي ّل ٌ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م ‪ )) :‬أي َّها الن ّللا ُ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫َ‬ ‫ل إل ط َيبلللا ‪ ،‬وإن الل ّللل َ‬
‫ه‬
‫ملللَر ب ِللل ِ‬ ‫ملللا أ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ملللؤْ ِ‬ ‫ملللَر ال ْ ُ‬ ‫هأ َ‬ ‫َ‬ ‫َِ ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ِ‬ ‫ي َْقب َللل ُ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ن الط ّي ّب َللا ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ل ك ُل ُللوا ِ‬ ‫سل ُ‬ ‫ل ‪ } :‬ي َللا أي ّهَللا الّر ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فََقللا َ‬ ‫س لِلي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م { )‪ (51‬سللورة‬ ‫ن عَِليلل ٌ‬ ‫مُلللو َ‬ ‫مللا ت َعْ َ‬ ‫حا إ ِّنللي ب ِ َ‬ ‫صللال ِ ً‬ ‫مُلللوا َ‬ ‫َواعْ َ‬
‫َ‬
‫مللا‬ ‫ت َ‬ ‫من ط َي ّب َللا ِ‬ ‫مُنوا ْ ك ُُلوا ْ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫المؤمنون ‪ ،‬وقال ‪َ } :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن { )‪ (172‬سللورة‬ ‫دو َ‬ ‫م إ ِّياهُ ت َعْب ُل ُ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫شك ُُروا ْ ل ِل ّهِ ِإن ُ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫َرَزقَْناك ُ ْ‬
‫ش لع َ َ‬ ‫َ‬
‫ملد ّ‬ ‫ث أغَْبلَر ‪ ،‬ي َ ُ‬ ‫سلَفَر ‪ ،‬أ ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫طيل ُ‬ ‫ل يُ ِ‬ ‫جل َ‬ ‫م ذ َك ََر الّر ُ‬ ‫البقرة ‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫ه‬ ‫شللَرب ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ‪ ،‬وَ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫مط ْعَ ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ب َيا َر ّ‬ ‫ماِء ‪َ ،‬يا َر ّ‬ ‫س َ‬ ‫ي َد َي ْهِ إ َِلى ال ّ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫ب ل ِذ َل ِ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫ست َ َ‬‫حَرام ِ ‪ ،‬فَأّنى ي ُ ْ‬ ‫م ‪ ،‬وَغُذِيَ ِبال ْ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬ ‫مل ْب َ ُ‬ ‫م ‪ ،‬وَ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫َ‬
‫(( رواه مسلللم ‪.‬قللال بعللض العلمللاء فللي قللوله } كلللوا مللن‬

‫‪78‬‬
‫ل على العمللل ‪،‬‬ ‫دم الله الك َ‬ ‫الطيبات واعملوا صالحا { ‪ )) :‬ق ّ‬
‫ل الخبيث يثّبط عللن‬ ‫ل خير ‪ ،‬وأك َ‬ ‫ل الطّيب يعين على ك ّ‬ ‫لن أك َ‬
‫ب الشر والبلء (( ‪.‬والكل من الطيب للل‬ ‫كل خير ‪ ،‬ويفتح أبوا َ‬
‫َ‬
‫سلِعيدٍ‬ ‫ن أب ِللي َ‬ ‫أيهللا المسلللمون لل سللبب لللدخول الجنللة ‪ ،‬فعَل ْ‬
‫ه‬ ‫صلّلى الل ّل ُ‬ ‫ل الل ّلهِ َ‬ ‫سللو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ل ‪ :‬قَللا َ‬ ‫خد ْرِيّ رضي الله عنه قَللا َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ن أَ َ‬
‫ن‬ ‫مل َ‬ ‫سلن ّةٍ ‪ ،‬وَأ ِ‬ ‫ل ِفلي ُ‬ ‫مل َ‬ ‫ل ط َي ًّبلا ‪ ،‬وَعَ ِ‬ ‫كل َ‬ ‫مل ْ‬ ‫م ‪َ )) :‬‬ ‫سلل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ن‬ ‫ل الل ّلهِ ‪ :‬إ ِ ّ‬ ‫سللو َ‬ ‫ل ي َللا َر ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ة ‪ ،‬فََقا َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ه ‪ ،‬دَ َ‬ ‫وائ َِق ُ‬ ‫س بَ َ‬ ‫الّنا ُ‬
‫ن‬ ‫ن فِللي قُ لُرو ٍ‬ ‫كو ُ‬ ‫س لي َ ُ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫س ل َك َِثي لٌر ‪ ،‬قَللا َ‬ ‫م فِللي الن ّللا ِ‬ ‫ذا ال ْي َلوْ َ‬ ‫هَ ل َ‬
‫دي (( رواه الترمذي رحملله الللله ‪ .‬قللوله ‪ ) :‬بللوائقه ( أي ‪:‬‬ ‫ب َعْ ِ‬
‫ة‬‫شروره وفساده ‪ .‬ولقد كللان السلللف الصللالح عليهللم رحم ل ُ‬
‫الله يتحرون الحلل ‪ ،‬ويتقون المتشابه ‪ ،‬طلب ًللا للسلللمة فللي‬
‫دينهللم وأعراضللهم ‪ ،‬عمل ً بقللول الرسللول صلللى الللله عليلله‬
‫ملللا‬ ‫ن ‪ ،‬وَب َي ْن َهُ َ‬ ‫م ب َي ّللل ٌ‬ ‫حلللَرا َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن ‪ ،‬وَإ ِ ّ‬ ‫ل ب َي ّللل ٌ‬ ‫حل َ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫وسللللم ‪ )) :‬إ ِ ّ‬
‫ن ات َّقلللى‬ ‫مللل ْ‬ ‫س ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ن الن ّلللا ِ‬ ‫مللل ْ‬ ‫ن ك َِثيلللٌر ِ‬ ‫مهُللل ّ‬ ‫ت ‪ ،‬ل َ ي َعْل َ ُ‬ ‫شلللت َب َِها ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ن وَقَعَ ِفللي ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ال ّ‬
‫شللب َُها ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضه ِ ‪ ،‬و َ َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫دين ِهِ وَ ِ‬ ‫ست َب َْرأ ل ِ ِ‬ ‫ت‪،‬ا ْ‬ ‫شب َُها ِ‬
‫َ‬ ‫ل ال ْ ِ‬
‫ن‬ ‫كأ ْ‬ ‫شل ُ‬ ‫مللى ‪ُ ،‬يو ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ح لو ْ َ‬ ‫عى َ‬ ‫عي ي َْر َ‬ ‫كالّرا ِ‬ ‫حَرام ِ ‪َ ،‬‬ ‫وَقَعَ ِفي ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مللى الّللل ِ‬
‫ه‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مللى ‪ ،‬أل َ وَإ ِ ّ‬ ‫ح ً‬ ‫ك ِ‬ ‫مِللل ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫كلل ّ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫ي َْرَتللعَ ِفيللهِ ‪ ،‬أل َ وَإ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫صللل َ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صللل َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ة ‪ ،‬إِ َ‬ ‫ضللغَ ً‬ ‫م ْ‬ ‫سللدِ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ن ِفللي ال ْ َ‬ ‫ه ‪ ،‬أل َ وَإ ِ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫حللارِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ي‬ ‫هلل َ‬ ‫ه ‪ ،‬أل وَ ِ‬ ‫سللد ُ كللل ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سللد َ ال َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫سللد َ ْ‬ ‫ذا فَ َ‬ ‫ه ‪ ،‬وَإ ِ َ‬ ‫سللد ُ كللل ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ال َ‬
‫ب (( رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬واللفظ لمسلم ‪.‬‬ ‫ال َْقل ْ ُ‬
‫ة ابنه رضي الله‬ ‫فهذا أبو بكر رضي الله عنه تقول عنه عائش ُ‬
‫ج‬ ‫خ لرِ ُ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫غل ٌ‬ ‫ن ل َب ِللي ب َك ْلرٍ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫عنها كما في صحيح البخاري ‪َ )) :‬‬
‫مللا‬ ‫جللاَء ي َوْ ً‬ ‫ج له ِ ‪ ،‬ف َ َ‬ ‫خَرا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن أ َب ُللو ب َك ْلرٍ ي َأ ْك ُل ُ‬ ‫ج ‪ ،‬وَك َللا َ‬ ‫خَرا َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ذا ؟‬ ‫مللا هَ ل َ‬ ‫م ‪ :‬أت َد ِْري َ‬
‫َ‬
‫ه ال ُْغل ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ه أ َُبو ب َك ْرٍ ‪ ،‬فََقا َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ل ِ‬ ‫يٍء فَأ َك َ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫بِ َ‬
‫َ‬
‫ن فِللي‬ ‫سللا ٍ‬ ‫ت ل ِن ْ َ‬ ‫ت ت َك َهّن ْل ُ‬ ‫ل ‪ :‬ك ُن ْل ُ‬ ‫مللا هُلوَ ؟ قَللا َ‬ ‫ل أُبو ب َك ْرٍ ‪ :‬وَ َ‬ ‫فََقا َ‬
‫ه ‪ ،‬فَل َِقي َن ِللي‬ ‫خ لد َعْت ُ ُ‬ ‫ة ‪ِ ،‬إل أ َن ّللي َ‬ ‫ن ال ْك َِهان َل َ‬ ‫ُ‬ ‫سل‬ ‫ح ِ‬ ‫مللا أ ْ‬
‫ُ‬
‫جاهِل ِي ّلةِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل أ َُبو ب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَأ َعْ َ‬
‫كللرٍ َيللد َهُ‬ ‫خ َ‬ ‫ه ‪ ،‬فَأد ْ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫ذي أك َل ْ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬فَهَ َ‬ ‫طاِني ب ِذ َل ِ َ‬
‫يٍء ِفي ب َط ِْنه (( ‪ .‬وذكر إن أبا حنيفللة رحملله الللله‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫فََقاَء ك ُ ّ‬
‫كان تاجر ب َّز ل أي يبيع القماش والثياب لل وكللان للله شللريك ‪،‬‬
‫فقال لشريكه يوما ً ‪ :‬أخشى أن ل أكون حاضللرا ً هللذا اليللوم ‪،‬‬

‫‪79‬‬
‫ولكللن الللبّز الفلنللي فللي بعضلله خللروق ‪ ،‬فللإن بعتهللا فللبّين‬
‫صها حتى يكون على بينة من أمره ‪ ،‬وإن صاحبه‬ ‫للمشتري نق َ‬
‫باعها ولم يخبر المشتري بللذلك ‪ ،‬فجللاء أبللو حنيفللة فسللأله ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬بعُتله دون أن أخللبر بملا فيله مللن عيللب ‪ ،‬قلال ‪ :‬هللل‬
‫أطلعته ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬اشللتراه منللي وذهللب ‪ ،‬قللال ‪ :‬أتعرفلله ؟‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ :‬فإن نصيبي من هذا البّز صدقة لله ‪ ،‬ل أريللد‬
‫أن آكل ما أعلم أن فيه غشا ً لحد ‪ ،‬لني أرشدتك أن تبّين له‬
‫العيب فلم تبين للله ‪.‬هكللذا كللان الصللالحون ‪ ،‬يطبقللون علللى‬
‫أنفسهم ما يعلمون قبل أن يقولوه للخرين ‪ ،‬وهكذا بلغ بهللم‬
‫الصدق والمانة والورع‬
‫مبلغا ً نالوا به العزة في الدنيا ‪ ،‬والبركللة فللي الللرزق ‪ ،‬ولهللم‬
‫ة الللرزق‬ ‫الثواب الحسن عنللد الللله تعللالى ‪ .‬عبللاد َ الللله ‪ /‬بركل ُ‬
‫ب‬‫ة الرزق أمٌر يجعله الللله فللي قل ل ِ‬ ‫ليست بكثرِته ‪ ،‬ولكن برك َ‬
‫سم الله له ‪ ،‬قال النبي صلى الله عليلله‬ ‫ضى بما ق َ‬ ‫العبد ‪ ،‬فير َ‬
‫وسلم )) قد أفلح من أسلم ‪ ,‬ورِزق كفافللاً‪ ,‬وقّنعلله الللله بمللا‬
‫آتاه (( رواه مسلم من أسباب بركةِ الّرزق ل أيها المسلللمون‬
‫جَعل ل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫ل الحوال ‪} ،‬وَ َ‬ ‫وى الله تعالى في ك ّ‬ ‫ل تق َ‬
‫ب{ ] الطلق ‪، [ 3 ، 2 :‬‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ث ل َ يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫جا وَي َْرُزقْ ُ‬‫خَر ً‬‫م ْ‬ ‫َ‬
‫حن َللا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن أه ْ ل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من ُللوا َوات َّقلوْا لَفت َ ْ‬ ‫ل الُقلَرى ءا َ‬ ‫وقال سبحانه ‪} :‬وَللوْ أ ّ‬
‫من‬ ‫ض{ ] العراف ‪ ، [ 96 :‬و ِ‬ ‫عَل َي ِْهم ب ََر َ‬
‫ماء َوالْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ت ّ‬ ‫كا ٍ‬
‫ب‬ ‫ة الرحم ‪ ،‬ففي الحديث ‪ )) :‬من أح ّ‬ ‫ب بركة الرزق صل ُ‬ ‫أسبا ِ‬
‫ملله ((‬ ‫صللل ذا رح ِ‬ ‫سط له فللي رزقلله فلي ِ‬ ‫سأ في أثره ويب َ‬ ‫أن ُين َ‬
‫رواه البخاري ومسلم ‪.‬ومن أسباب بركة الرزق النفللاقُ فللي‬
‫ة علللى المسللاكين والمحتللاجين ‪ ،‬قللال‬ ‫وجوه الخيللر والصللدق ُ‬
‫خْيللُر‬ ‫هللوَ َ‬ ‫ه وَ ُ‬ ‫ىء فَُهللوَ ي ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫تعللالى ‪} :‬ومللا َ‬
‫خل ُِفلل ُ‬ ‫ْ‬ ‫شلل‬ ‫مللن‬ ‫ّ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫تلل‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫أن‬ ‫َ َ‬
‫ن{] سللبأ ‪. [ 39 :‬فبركللة الللرزق فللي الللدنيا ل ل أيهللا‬ ‫الّرازِِقي ل َ‬
‫ضه ‪ ،‬وبركته في الخرة ما‬ ‫ف الله عليك عو َ‬ ‫المسلم ل أن يخل َ‬
‫ينالك من الثللواب العظيللم ‪ ،‬فللي يللوم ٍ أنللت أحللوج فيلله إلللى‬
‫مثقال ذّرة من خير ‪.‬نسأل الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا ‪،‬‬
‫وأن يخّلص مكاسبنا من كل حرام وشبهة ‪ .‬أقول قللولي هللذا‬

‫‪80‬‬
‫وأسللتغفر الللله العظيللم لللي ولكللم ولسللائر مللن كللل ذنللب‬
‫فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫الحمد لله علللى فضللله وإحسللانه والشللكر للله علللى تللوفيقه‬
‫وامتنانه وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك للله‪ ،‬تعظيملا ً‬
‫لشأنه وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله الداعي إلللى رضللوانه‬
‫صلى الله عليه وعلى آللله وأصللحابه وأتبللاعه وسلللم تسللليما ً‬
‫كثيرًا‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فيأيهللا المسلللمون‪ :‬اتقللوا الللله تعللالى واكتفللوا بللالحلل عللن‬
‫الحرام والمتشابه لعلكم تفلحون‪.‬معشر المسلللمين_ لللو خل‬
‫المسلم بنفسه وتفكر في كسبه لبلغ منلله العجللب كللل مبلللغ‬
‫كيف يسوقه الشيطان إلى طلرائق الكسلب الحلرام ويغريله‬
‫بها وقللد علللم أن الللرزق مقسللوم ل يزيللد فيلله الخللوض فللي‬
‫الحرام‪ ،‬كما ل ينقصه الوقوف عنللد حللدود الحلل‪ .‬فقللد روي‬
‫عن جابر رضي الله عنه مرفوعا ‪ ) :‬ل تستبطئوا الرزق فللإنه‬
‫جملوا فللي‬ ‫لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له ‪ ،‬فأ ْ‬
‫الطلب ‪ :‬أخذ الحلل وترك الحرام ( رواه ابللن حبللان ‪ ،‬وجللاء‬
‫في الحديث ) لللو فللر أحللدكم مللن رزقلله أدركلله كمللا يللدركه‬
‫الموت( رواه الطبراني ‪.‬‬
‫لذا على المسلم أن يكتفي بللالحلل ‪ ،‬وأن يتقللي الشللبهات ‪،‬‬
‫اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فقللد كللان علللى جللانب‬
‫عظيللم مللن الللورع وتللرك الشللبهات كيللف ل وهللو قللدوة‬
‫الصالحين وأسوة التقياء والورعين ‪ .‬فعن أنللس رضللي الللله‬
‫عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرة فللي الطريللق‬
‫فقال ‪ ) :‬لول أني أخاف أن تكون من الصدقة لكلتهللا ( رواه‬
‫البخاري ومسلم ‪ .‬فليجتهد المسلم والمسلمة في تللرك كللل‬
‫ما فيه شبهة استبراء لدينه وعرضه ‪.‬‬
‫فللإن كللان موظفللا حللافظ علللى سللاعات دواملله كللامل ولللم‬
‫يتشاغل عن واجبه الوظيفي بعمل خللاص حللتى يكللون راتبلله‬

‫‪81‬‬
‫آخر الشهر من الحلل الطيب‪ ،‬وإن كان تاجرا لم يغش ولللم‬
‫يغرر بالمشترين ولللم يكتللم العيللب عنهللم ليكللون ربحلله مللن‬
‫الحلل الطيب‪ ،‬وإن كان مقلاول ً حلافظ عللى شلروط العقلد‬
‫فنفذها جميعا واكتفى برقابة الله عن كل رقيب ووضع نصب‬
‫عينيله قللول اللله تعلالى‪):‬يأيهللا الللذين آمنللوا أوفلوا بلالعقود(‬
‫المائدة ‪ .1‬وإن كان عامل ً لم يدخل في عمل ل يحسللنه كمللا‬
‫يفعل كثير من المسلمين فيفسدون أكللثر ممللا يصلللحون ول‬
‫يبلللالون بلللالجر اللللذي يأخلللذونه أملللن الحلل هلللو أم ملللن‬
‫الحرام؟‪.‬عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلللى‬
‫الله عليه وسلللم قللال ‪ ) :‬يللأتي علللى النللاس زمللان ل يبللالي‬
‫المرء مللا أخللذ أمللن الحلل أم مللن الحللرام( رواه البخللاري ‪.‬‬
‫نسأل الللله العفللو والعافيللة فللي الللدنيا والخللرة‪ .‬وأن يكفينللا‬
‫بالحلل عن الحرام والمتشابه ‪.‬عبللاد الللله إن الللله وملئكتلله‬
‫يصلون علللى النللبي يأيهللا الللذين آمنللوا صلللوا عليلله وسلللموا‬
‫تسليما ً اللهم صل وسلم علللى عبللدك ورسللولك نبينللا محمللد‬
‫وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهللم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وإحسانك وفضلك‬
‫ورحمتللك يللا أرحللم الراحميللن اللهللم أعللز السلللم وانصللر‬
‫المسلمين وأذل الشللرك واخللذل المشللركين ودمللر أعللداءك‬
‫أعلداء اللدين ‪ .‬اللهللم ادفلع عنلا الغلء والوبلاء والربلا والزنلا‬
‫والزلزل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن ‪ ،‬اللهم‬
‫انصر المجاهدين في سبيلك المضطهدين في دينهم في كللل‬
‫مكان‪ ،‬اللهم انصرهم ‪ ،‬وكن لهللم عون ًللا وظهيلًرا‪ ،‬وهيللئ لهللم‬
‫من لدنك ولًيا ونصلليًرا‪ ،‬اللهللم ارحللم ضللعفه واجللبر كسللرهم‬
‫واشلللف مرضلللاهم واغفلللر لموتلللاهم برحمتلللك يلللا أرحلللم‬
‫الراحميللن‪.‬اللهللم عليللك بللاليهود المعتللدين وسللائر الكفللرة‬
‫الظالمين‪ ،‬اللهللم ألللق الرعللب فللي قلللوبهم‪ ،‬وفللرق جمعهللم‬
‫وشتت شملهم ‪ ،‬وأنزل بهللم بأسللك الللذي ليللرد عللن القللوم‬
‫المجرمين‪ ،‬يا قوي يا عزيز ‪.‬اللهم حبللب إلينللا اليمللان وزينلله‬
‫في قلوبنا‪ ،‬وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من‬

‫‪82‬‬
‫الراشدين‪ .‬ربنا اغفللر لنللا ولخواننللا الللذين سللبقونا باليمللان‪،‬‬
‫ولتجعل في قلوبنا غل للذين آمنللوا ربنللا إنللك رؤوف رحيللم ‪.‬‬
‫ربنا ظلمنللا أنفسللنا وإن لللم تغفللر لنللا وترحمنللا لنكللونن مللن‬
‫الخاسرين‪ ،‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة وقنللا‬
‫عذاب النار ‪.‬عباد الله ‪ :‬إن الله يأمر بالعدل والحسان وإيتللاء‬
‫ذي القربللى وينهللى عللن الفحشللاء والمنكللر والبغللي يعظكللم‬
‫لعلكللم تللذكرون وأوفللوا بعهللد الللله إذا عاهللدتم ولتنقضللوا‬
‫اليمان بعد توكيللدها وقللد جعلتللم الللله عليكللم كفيل ً إن الللله‬
‫يعلم ما تفعلون‪.‬فاذكروا الله الجليل يذكركم‪ ،‬واشكروه على‬
‫نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون‪.‬‬
‫==============‬
‫‪#‬حكم الكتتاب في شركة سبكيم‬
‫فضيلة الدكتور محمد العصيمي‪ :‬ما حكم الكتتاب في شركة‬
‫سبكيم؟ جزاكم الله خيرا‬
‫المجيب ‪ :‬االشيخ ‪ :‬محمد بن سعود العصيمي‬
‫الحمد لللله والصلللة والسلللم علللى رسللول الللله وعلللى آللله‬
‫وصحبه ومن واله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقللد اطلعللت علللى نشللرة الكتتللاب المفصلللة للشللركة‬
‫السعودية العالمية البتروكيماويات )سبكيم(‬
‫المنشللورة فللي موقللع هيئة السللوق الماليللة‪ ،‬وتللبين لللي أن‬
‫أغلللراض الشلللركة الحاليلللة أغلللراض مباحلللة وهلللي إنتلللاج‬
‫البتروكيماويللات وتصللب فللي خانللة دعللم القتصللاد الللوطني‪،‬‬
‫ونشللد علللى يللد القللائمين عليهللا فللي أهميللة تلللك النشللطة‬
‫القتصللادية النافعللة‪ .‬وهللي شللركة قابضللة لمجموعللة مللن‬
‫الشركات هي‪ :‬الشلركة العالميلة للميثلانول وشلركة الخليللج‬
‫للصناعات الكيميائية المتقدمة المحللدودة‪ ،‬ومجمللع السلليتيل‬
‫وهو عبارة عن عدة شركات‪.‬‬
‫وبدراسة القللوائم الماليللة للفللترة المنتهيللة فللي ‪31‬ديسللمبر‬
‫‪2005‬م تبين أنها تحتوي على بنود محرمة هي الستثمار في‬
‫سللندات التنميللة الحكوميللة بقيمللة ‪ 259.5‬مليللون ريللال‪،‬‬

‫‪83‬‬
‫بالضافة إلى قروض ربوية )باستثناء قللرض صللندوق التنميللة‬
‫الصناعي( تبلللغ ‪ 1118‬مليللون ريللال‪ ،‬وقللد حصلللت الشللركة‬
‫على ربا من السندات الحكومية قدره ‪ 36,9‬مليون ريال‪.‬‬
‫وحيث إن ذلك الواقع هللو واقللع الشللركة فل يجللوز الكتتللاب‬
‫فيها‪ .‬وفي الختام‪ ،‬أذكر للقائمين علللى الشللركة وفيهللم مللن‬
‫أهل الخير والصلح بتقوى الله سبحانه وتعالى باجتناب الربللا‬
‫تمويل واستثمارا‪ ،‬وأن يؤمنوا على ممتلكللات الشللركة تأمينللا‬
‫تعاونيا بدل التأمين التجاري‪ ،‬كما أتمنى على القللائمين علللى‬
‫الشلللركة أن يتلللم تمويلللل مجملللع السللليتيل ملللن صلللندوق‬
‫الستثمارات العامة بالطريقة السلمية وليس قرضللا تجاريللا‬
‫كما ذكر فللي النشللرة‪ .‬ول يفللوتني أن أشللكرهم علللى تغييللر‬
‫قللروض الشللركة العالميللة للميثللانول إلللى تمويللل إسلللمي‬
‫وأشكرهم كذلك علللى ودائع المرابحللة الللتي تقللارب المليللار‬
‫ريللال وينتظللر المسللاهمون المزيللد مللن ذلللك التحللول فللي‬
‫القريب العاجل‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله وسلللم علللى نبينللا محمللد وعلللى آللله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي للكتتاب في شللركة‬
‫سبكيم‬
‫المجيب ‪ :‬د‪ .‬يوسف بن عبد الله الشبيلي‬
‫عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬أما بعد‬
‫فإن نشاط شركة سبكيم –وهي الشركة السلعودية العالميلة‬
‫للبتروكيماويللات‪-‬فلي الصللناعات البتروكيماويلة‪ .‬وهللو نشللاط‬
‫مباح‪ .‬وقد شرعت الشركة منذ العام الماضي في اتخاذ عددٍ‬
‫من الجراءات لتحويل ودائعهللا البنكيللة وقروضللها إلللى صلليٍغ‬
‫مجازة من بعض الهيئات الشرعية‪ ،‬إل أن هذه الجراءات للم‬
‫تكتمل حيث ل يزال لديها بعض السندات والقروض التي لللم‬
‫تتخلص منها‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫وبما أن الغلب في نشاط الشركة الباحة فالللذي يظهللر هللو‬
‫جواز الكتتاب فيها‪ ،‬لسيما وأن أمللوال المكتتللبين لللن تللوجه‬
‫إلللى شلليء مللن أنشللطة الشللركة أو إلللى سللداد القللروض‬
‫المستحقة عليها بل ستدفع جميعها إلى المؤسسين البائعين‪.‬‬
‫ومن اكتتب ثم باع أسهمه بربللح قبللل أن يسللتحق شلليئا ً مللن‬
‫الرباح التي توزعها الشركة فليس عليه تطهير شلليء منهللا‪-‬‬
‫أي من أرباح المضاربة‪ ،-‬أما من احتفللظ بأسللهمه إلللى حيللن‬
‫استحقاق الرباح التي توزعها الشركة فقد يلزمه تطهير تلك‬
‫الرباح –أي أرباح الستثمار‪ ،-‬وسيبين ذلك في حينه إن شللاء‬
‫الله‪.‬‬
‫وإني أحث القائمين على هذه الشركة وغيرها من الشركات‬
‫المساهمة إلى المبادرة إلى تنقية جميع معاملتها من العقود‬
‫المحرمللة أو المشللبوهة؛ فللإن جللواز الكتتللاب فللي الشللركة‬
‫للمسللاهمين ل يعفللي القللائمين عليهللا مللن إثللم أي معاملللة‬
‫محرمة يأذنون بها ولو قّلت‪ ،‬فالله قد حذرنا من الربا وتوعللد‬
‫من تعامل به بحرب منه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫نسأل الله يوفقنا إلى ما يرضيه‪ ،‬وأن يجنبنا أسللباب سللخطه‬
‫وعقابه‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫===============‬
‫‪#‬جواز الكتتاب في جبل عمر‬
‫المجيب ‪ :‬الشيخ ‪ :‬محمد بن سعود العصيمي‬
‫الحمد لللله والصلللة والسلللم علللى رسللول الللله وعلللى آللله‬
‫وصحبه ومن واله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد كثر السؤال عن حكم الكتتاب فللي )شللركة جبللل عمللر‬
‫للتطوير(‪ ،‬وحيث إن نشاط الشركة نشاط مباح‪ ،‬وهو تطللوير‬
‫بعض الراضي المحيطة بالحرم المكي الشريف‪ ،‬ولم يظهللر‬
‫في القوائم المالية المنشورة في نشللرة الكتتللاب المطولللة‬
‫قروض ول استثمارات محرمة‪ ،‬فأرى جواز الكتتاب بها‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫وإنللي أسللأل الللله للقللائمين علللى هللذه الشللركة المباركللة‬
‫التوفيللق والسللداد‪ ،‬وأن يسللتمروا علللى نهجهللم القللويم فللي‬
‫التمويل والستثمار السلمي‪ ،‬ويكونوا عند مستوى تطلعللات‬
‫المستثمرين خاصة أن اللجنة التأسيسية تتكون من رجللالت‬
‫عرفوا بحرصهم على التعاملت المالية السلمية‪ .‬وإني أذكر‬
‫كل مساهم أن الربا حرام في كل وقت وفي كل مكان‪ ،‬وهو‬
‫أشد حرمة في مكللة وعنللد بيللت الللله الحللرام‪ .‬وأذكرهللم أن‬
‫المشركين قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لم يللروا أن‬
‫يجعلوا في تمويل بناء الكعبة إل مال ً طيبًا‪ ،‬فلللم يللدخلوا مهللر‬
‫بغي ول بيعا ً ربويا ً ول مظلمة أحللد مللن النللاس‪ .‬والمسلللمون‬
‫أولللى بللذلك التقللدير والحللترام لللدين لللله سللبحانه وتعللالى‬
‫مللن‬‫شَعائ َِر الل ّهِ فَإ ِن َّها ِ‬ ‫من ي ُعَظ ّ ْ‬
‫م َ‬ ‫وللمشاعر المقدسة‪] ،‬ذ َل ِ َ‬
‫ك وَ َ‬
‫وى ال ُْقُلو ِ‬
‫ب[‪.‬‬ ‫ت َْق َ‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله وسلللم علللى نبينللا محمللد وعلللى آللله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫ما حكم الكتتاب في شركة جبل عمر؟‬
‫المجيب ‪ :‬د‪ .‬يوسف بن عبد الله الشبيلي‬
‫عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن نشاط هذه الشركة في تطوير بعض الراضي المحيطللة‬
‫بالحرم المكي الشريف‪ ،‬وهو نشللاط مبللاح‪ ،‬ولللم يظهللر فللي‬
‫القللوائم الماليللة المنشللورة فللي نشللرة الكتتللاب المطولللة‬
‫قروض ول استثمارات محرمة‪ ،‬فالذي يظهللر جللواز الكتتللاب‬
‫بها‪.‬‬
‫وإنللي أسللأل الللله للقللائمين علللى هللذه الشللركة التوفيللق‬
‫والسداد‪ ،‬وأن يستمروا على نهجهم في التمويللل والسللتثمار‬
‫السلمي‪ ،‬ويكونوا عند مستوى تطلعات المستثمرين خاصللة‬
‫أن نشاط الشللركة فللي أفضللل بقعللة فللي الرض‪ .‬وأذكرهللم‬
‫وجميع القائمين على الشركات بأن الربا حرام في كل وقت‬
‫وفي كل مكان‪ ،‬وهو أشللد حرملة فلي مكلة وعنلد بيلت اللله‬

‫‪86‬‬
‫الحرام‪ .‬وقد كان المشركون في الجاهلية يعظمون بيت الله‬
‫الحرام فلم يجعلوا في تمويل بناء الكعبة إل مال ً طيبللًا‪ ،‬فلللم‬
‫يدخلوا مهر بغي ول بيعا ً ربويلا ً ول مظلمللة أحللد مللن النللاس‪.‬‬
‫والمسلمون أولى بذلك التقدير والحترام لدين لللله سللبحانه‬
‫شلَعائ َِر الل ّل ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫مللن ي ُعَظ ّل ْ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫وتعالى وللمشاعر المقدسة‪] ،‬ذ َل ِ َ‬
‫ب[‪.‬‬ ‫وى ال ُْقُلو ِ‬ ‫من ت َْق َ‬ ‫فَإ ِن َّها ِ‬
‫وصلللى الللله وسلللم علللى نبينللا محمللد وعلللى آللله وصللحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫===============‬
‫‪ #‬كاتب يستحل ربا البنوك‬
‫اطلعللت علللى مللا كتبلله الكللاتب يوسللف أبللا الخيللل بعنللوان‬
‫) ضرورة مراعاة المقاصد عند إعمال الحكام الشرعية( في‬
‫العللدد ‪ ،13855‬والللذي انتهللى فيلله إلللى اسللتحلل فللوائد‬
‫جة مراعاة المقاصد !‬ ‫القروض البنكية !! بح ّ‬
‫وقد بنى مقاله على معلومة خاطئة ‪ -‬وما ُبني على خطأ فهو‬
‫ن السلللم ح لّرم الربللا أّول مللا‬ ‫خطأ ‪ -‬وهللي كمللا يقللول‪ )) :‬أ ّ‬
‫حّرمه في بيئة فقيرة وصفها إبراهيم عليه السلللم بأّنهللا )واد‬
‫ولها الفقر إلللى مجتمللع طبقللي‪ ((..‬إلللى‬ ‫غير ذي زرع ‪ ،‬بيئة ح ّ‬
‫كة شّرفها الله‪ .‬وما ذكره خطأ مللن‬ ‫آخر ما ذكر‪ ،‬وهو يقصد م ّ‬
‫ن وصللف إبراهيللم ‪ -‬عليلله السلللم ‪ -‬لمك ّللة كللان‬ ‫وجوه‪ ،‬منها أ ّ‬
‫ن الكللاتب أكمللل اليللة لعللرف معناهللا‬ ‫قبل دعوته لهللا‪ ،‬ولللو أ ّ‬
‫الصحيح‪ ،‬وتتمة الية‪َ)) :‬فاجع ْ َ‬
‫م‬ ‫وي إ ِل َي ْهِل ْ‬‫س ت َهْل ِ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬‫ل أفْئ ِد َةً ّ‬ ‫ْ َ‬
‫ن(( )إبراهيم‪.(37 :‬‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ت ل َعَل ّهُ ْ‬ ‫مَرا ِ‬‫ن الث ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫َواْرُزقُْهم ّ‬
‫فاسللتجاب الللله دعللوة خليللله عليلله السلللم‪ ،‬ورزقهللم مللن‬
‫الطيبات‪..‬‬
‫حلّرم تحريملا ً‬ ‫ن الربللا إّنمللا ُ‬ ‫والوجه الثللاني ‪ -‬وهللو المهللم ‪ :-‬أ ّ‬
‫قاطعا ً في أواخر العهد المدني بعللد أن بلغللت دولللة السلللم‬
‫كمال عزها‪ ،‬وبعد أن أنزل الله‪)) :‬ال ْيو َ‬
‫م‬ ‫م ِدين َك ُل ْ‬‫ت ل َك ُل ْ‬ ‫مل ْل ُ‬‫م أك ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ِدينا(( )المائدة ‪:‬‬ ‫سل َ َ‬ ‫م ال ِ ْ‬ ‫ت لك ُ ُ‬ ‫ضي ُ‬ ‫مِتي وََر ِ‬ ‫م ن ِعْ َ‬‫ت عَلي ْك ُ ْ‬ ‫م ُ‬‫م ْ‬
‫وَأت ْ َ‬
‫‪.(3‬‬

‫‪87‬‬
‫ن آيات الربا هي آخللر مللا نللزل مللن القللرآن كمللا هللو‬ ‫ولذا فإ ّ‬
‫معلوم عند أهل العلم‪ ،‬فأين المجتمع الطبقي في زمن سللّيد‬
‫الخلق ل عليه أفضل الصلة والتسللليم لل ودولتلله‪ ،‬وهللو الللذي‬
‫ُبعث لزالة مثل هذا المجتمع ؟!‪..‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ة(( )آل‬ ‫ضللاعََف ً‬ ‫ض لَعافا ً ّ‬
‫م َ‬ ‫مللا قللوله تعللالى‪)) :‬ل َ ت َلأك ُُلوا ْ الّرب َللا أ ْ‬‫أ ّ‬
‫عمران‪ .(130 :‬فقد نزل ‪ -‬كما هو معلوم ‪ -‬في أعقاب غزوة‬
‫أحد في السنة الثالثة للهجللرة‪ ،‬قبللل أن يحلّرم الربللا تحريملا ً‬
‫ن كثير من الناس‪ ،‬ممن ل علللم‬ ‫قاطعًا‪ ،‬فل مفهوم له كما يظ ّ‬
‫له بنصوص الشريعة‪ ،‬ومقاصدها وتدرجها في بعض الحكام‪.‬‬
‫م من الللذي يحللدد المقاصللد الشللرعية‪ ،‬هللل يحللددها كللاتب‬ ‫ث ّ‬
‫صحفي غيللر متخصللص‪ ،‬أم يحللددها العلمللاء الراسللخين فللي‬
‫العلم ؟‬
‫ما احتجاج الكاتب بما تفعله شركات التقسيط أو البنوك من‬ ‫أ ّ‬
‫شراء السلع نقدا ً شراء صوريا ً ثم بيعهلا عللى النلاس بفلوائد‬
‫كبيرة باسم التورق‪ ،‬فهذا وإن أجازه بعض أهل العلم‪ ،‬فالذي‬
‫عليه أهل التحقيق أّنه ل يجللوز‪ ،‬وقللد نب ّلله إلللى ذلللك المجمللع‬
‫الفقهي التابع لرابطة العللالم السلللمي فللي دورتلله السللابعة‬
‫عشرة بمكة المكرمة‪ ،‬وانتهى إلى تحريمه من وجوه‪ ،‬وأّنه ل‬
‫يعدو أن يكون ضللربا ً مللن التحايللل‪ ،‬وبي ّللن الفللرق بينلله وبيللن‬
‫ي‪ ،‬وقد قامت صحيفة الرياض مشكورة بنشللر‬ ‫التورق الحقيق ّ‬
‫هذا القرار ضمن قرارات المجمع في عددها )‪. (12960‬‬
‫مللد الصللالح‬ ‫ذر منه شيخنا العلمللة مح ّ‬ ‫وممن نّبه إلى ذلك وح ّ‬
‫العثيمين رحمه الله‪ ،‬في محاضللرة للله بعنللوان ) الحيللل فللي‬
‫المعاملت( ألقاها فللي مدينللة الريللاض‪ ،‬وقللد سللمعته بللأذني‬
‫وكنت من بين الحضور‪.‬‬
‫ل‬ ‫ن كل ّ‬
‫ن من القواعد المهمة في موضوع المعاملت أ ّ‬ ‫هذا‪ ،‬وإ ّ‬
‫قرض جّر نفعا ً مشروطا ً أو معلوما ً فهو ربا‪.‬‬
‫وختاما ً ‪ ،‬آمل من الكاتب أن يتنّبه إلى ذلك‪ ،‬وأل يستعجل في‬
‫طرح مثل هذه القضايا الخطيرة قبل استشللارة أهللل العلللم‪،‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫=============‬
‫‪#‬التعويض عن الضرار المترتبة على المماطلة‬
‫في الديون )‪(1/2‬‬
‫الدكتور‪ /‬سلمان بن صالح الدخيل‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلللم علللى مللن ل نللبي بعللده‪،‬‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فهذا بحث في التعويض عن الضرار المترتبة على المماطلة‬
‫في الديون وأحكامها‪.‬‬
‫وفيه تمهيد ومبحثان‪:‬‬
‫المبحللث الول‪ :‬ضللرر مجللرد التللأخير فللي المماطلللة فللي‬
‫الديون‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الضرر الناتج عن فوات الربح المفترض فللي‬
‫المماطلة في الديون‪.‬‬
‫تمهيد‪:‬‬
‫المماطلة في الديون تعود بالضللرر علللى أهللل الحقللوق مللن‬
‫جهة تأخر ديونهم‪ ،‬ومنعهم من النتفاع بها تلك المللدة وعللدم‬
‫تمكنهم من التصرف فيها‪ ،‬وهذا التأخر في سداد الديون هللو‬
‫في نفسه ضرر‪ ،‬وقد يترتب عليه ضرر آخر مللن جهللة فللوات‬
‫أرباح متوقعة أو متيقنة‪ ،‬وقد يكون الضرر فعليلا ً كلأن يحملله‬
‫هللذا التللأخر والمماطلللة إلللى تكبللد الخسللائر الماديللة لجللل‬
‫اسللتخلص حقلله والظفللر بلله أو ببعضلله فضللل ً عللن الضللرر‬
‫المعنللوي الللذي قللد يتكبللده الللدائن مللن الحللزن والبتللذال‬
‫بالمرافعة والمخاصمة وكثرة التردد‪ ،‬المللر الللذي يتنللزه عللن‬
‫مثله أهل المروءات‪.‬‬
‫لذا فإن بحث التعويض عن الضرار المترتبة على المماطلللة‬
‫في الديون ‪ ،‬من جهة جواز التعويض المالي عنهللا أو عللدمه‪،‬‬
‫يعللد مللن أهللم مسللائل هللذا البحللث‪ ،‬وهللي مللن المسللائل‬
‫المعاصرة الملحة في كثير من الجهللات ذات العلقللة‪ ،‬وقبللل‬
‫الشروع في بيان هللذه الضللرار‪ ،‬يجللدر بيللان معنللى الضللرر‪،‬‬
‫وشللروط التعللويض المللالي عنلله‪ ،‬وتحريللر محللل النللزاع فللي‬

‫‪89‬‬
‫التعويض عن أضرار المماطلة في الديون‪ ،‬والكلم في ذلللك‬
‫ينتظم في ثلثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬تعريف الضرر‪.‬‬
‫ضللر فللي اللغللة‪ :‬ضللد النفللع‪ ،‬ويطلللق علللى سللوء الحللال‪،‬‬ ‫وال ّ‬
‫والفقللر‪ ،‬والشللدة فللي البللدن والمللرض)‪ ،(1‬ومنلله قللوله‬
‫ضّر")‪.(2‬‬
‫ي ال ّ‬
‫سن ِ َ‬
‫م ّ‬
‫_تعالى_‪َ " :‬‬
‫والضرر في الصطلح‪ :‬يطلق على"كل أذى َيلحقُ الشللخص‪،‬‬
‫سواء أكان فللي مللال متقللوم محللترم‪ ،‬أو جسللم معصللوم‪ ،‬أو‬
‫عرض مصون")‪.(3‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شروط التعويض المالي للضرر‪.‬‬
‫نللص العلمللاء علللى قاعللدة هللي مللن القواعللد الكللبرى فللي‬
‫الشريعة‪ ،‬وهي أن الضرر يزال‪ ،‬وقد يكون زوال هللذا الضللرر‬
‫بالتعويض المالي‪ ،‬إل أن التعويض أخص مللن الضللرر‪ ،‬فليللس‬
‫كل ضرر يعوض بالمال كي يزول‪ ،‬وقد ذكر الفقهاء شللروطا ً‬
‫لستحقاق الضرر للتعويض المالي)‪ ،(4‬وهي ما يلي‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن يكون الضرر في مال‪.‬‬
‫فل ضللمان علللى مللا ليللس مللال ً كللالكلب والميتللة والللدم‬
‫المسفوح‪(5).‬‬
‫الشللرط الثللاني ‪ :‬أن يكللون المللال متقوملا ً مملوكلا ً للمتلللف‬
‫عليه‪.‬‬
‫وهذا يشمل المباح‪ ،‬فل يجب الضمان بإتلف الخمر والخنزير‬
‫علللى المسلللم؛ لسللقوط تقللوم الخمللر والخنزيللر علللى حللق‬
‫المسلم)‪.(6‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون في إيجاب التعويض فائدة‪.‬‬
‫بمعنى إمكان الوصول إلى الحق ودفع الضرر حللتى ل يكللون‬
‫إيجاب التعويض عبثًا؛ لعدم القدرة على الوصول إلى الحللق‪،‬‬
‫فل يضمن المسلم بإتلف مال الحربي‪ ،‬ول العكس‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬أن يكون المتلف من أهل الضمان‪.‬‬
‫وذلك بأن يكون له أهلية وجوب‪ ،‬وأهلية الوجوب تثبللت لكللل‬
‫إنسان بدون قيد ول شرط )‪.(7‬‬

‫‪90‬‬
‫الشللرط الخللامس‪ :‬أن يكللون الضللرر محقللق الوقللوع بصللفة‬
‫دائمة‪.‬‬
‫فل يضلللمن بمجلللرد الفعلللل الضلللار دون حصلللول الضلللرر‬
‫واسللتمراره‪ ،‬كمللن حفللر حفللرةً فللي طريللق‪ ،‬فسللقط فيهللا‬
‫إنسان‪ ،‬فلم يصب بشيء‪ ،‬أو قلع سنا ً فنبتللت أخللرى مكانهللا)‬
‫‪ ،(8‬وكذا ل يضمن الضرر المحتمل وقللوعه‪ ،‬أو ضللرر تفللويت‬
‫الفرصة‪ ،‬أو الضرر المعنوي‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تحريللر محللل النللزاع فللي الضللرار المترتبللة‬
‫على المماطلة في الديون‪ ،‬وحكم التعويض عنها‪:‬‬
‫التعويض عن أضرار المماطلة في الديون‪ ،‬هو أهم المسللائل‬
‫المتعلقة بهذا البحث؛ وذلك لنها هي الصيغة المطبقة عالميا ً‬
‫في معالجللة الللديون المتعللثرة‪ ،‬سللواء كللان هللذا التعللثر فللي‬
‫السداد بسبب المطل أو غيره‪ ،‬وقد نصت القوانين الوضللعية‬
‫على مشروعية التعويض المالي ضد التأخر في وفاء الديون‪،‬‬
‫ونظرا ً لنتشار البنوك السلمية وتضررها من المماطلة فللي‬
‫الديون بشكل أوضح من البنوك الربوية‪ ،‬لكونهللا تحللرم الربللا‬
‫فلي معاملتهلا فقللد أثيلرت هلذه المسلألة فللي محيللط هلذه‬
‫البنوك السلمية‪ ،‬وحصل فيها خلف بين المعاصرين‪ ،‬وهو ما‬
‫سنعرضه _بإذن الله_ في هذا الفصل ‪.‬‬
‫وقبل الشروع في تفصيل الضرار المترتبللة علللى المماطلللة‬
‫فللي الللديون‪ ،‬تجللدر الشللارة إلللى تحريللر محللل النللزاع فللي‬
‫المسألة‪ ،‬وبيان أحكام اتفق عليها الفقهاء المعاصللرون بمللن‬
‫فيهم القائلون بجواز التعويض‪ ،‬وهي كما يلي ‪:‬‬
‫ل‪ :‬اتفق الفقهاء المعاصللرون علللى أن المللدين المعسللر ل‬ ‫أو ً‬
‫يجوز إلزاملله بللدفع تعللويض مقابللل تللأخيره فللي الوفللاء؛ لن‬
‫المعسر مستحق للنظار إلى الميسللرة‪ ،‬واللللزام بللالتعويض‬
‫ينافي النظار المأمور به شرعًا‪.‬‬
‫وقد نص على هذا القائلون بجواز التعويض المالي عن ضللرر‬
‫مماطلة المدين‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫قال الشيخ مصطفى الزرقاء‪" :‬واستحقاق هذا التعويض على‬
‫المدين مشروط بللأن ل يكللون للله معللذرة شللرعية فللي هللذا‬
‫التأخير‪ ،‬بل يكون مليئا ً مماطل ً يسللتحق الوصللف بللأنه ظللالم‬
‫كالغاصب" )‪.(9‬‬
‫وقال الشيخ عبد الله بن منيع‪ ":‬الغرامة ل يجوز الحكللم بهللا‪،‬‬
‫إل بثلثة شروط هي‪ :‬ثبللوت المطللل واللللي‪ ،‬وثبللوت القللدرة‬
‫على السللداد‪ ،‬وانتفللاء ضللمان السللداد لللدى الللدائن كللالرهن‬
‫والكفالة المليئة" )‪.(10‬‬
‫وقال الدكتور الضللرير‪ " :‬ل يجللوز أن يطللالب البنللك المللدين‬
‫المعسر بتعويض‪ ،‬وعليه أن ينتظره حتى يوسر " )‪.(11‬‬
‫ثانيًا‪ :‬اتفق الفقهاء المعاصرون على منللع اشللتراط التعللويض‬
‫دين مع تحديد نسللبة معين لةٍ أو‬ ‫المالي عن التأخر في سداد ال ّ‬
‫مبلٍغ محدٍد؛ لن ذلك صورة من صور ربلا الجاهليلة المحللرم)‬
‫‪.(12‬‬
‫ثالثًا‪ :‬يخرج من النزاع ما يحكم به الحاكم من عقوبة تعزيرية‬
‫ماليللة إذا رأى المصلللحة فللي ذلللك‪ ،‬موردهللا بيللت المللال‪،‬‬
‫ومصرفها مصالح المسلللمين؛ لن المللال المللأخوذ مللن بللاب‬
‫الزواجر ل من باب الجوابر)‪.(13‬‬
‫المبحللث الول‪ :‬ضللرر مجللرد التللأخير فللي المماطلللة فللي‬
‫الديون‪.‬‬
‫المطلب الول‪ :‬صورة ضرر مجرد التأخير في المماطلة فللي‬
‫الديون‪ .‬إذا تأخر المدين في وفاء دينلله عللن الللوقت المحللدد‬
‫المتفق عليه مللع الللدائن ومضللت مللدة‪ ،‬فللإن مجللرد التللأخير‬
‫ضرر‪ ،‬وإن لم يفته به ربح مفللترض‪ ،‬أو مللتيقن‪ ،‬أو تلحللق بلله‬
‫خسارة‪ ،‬أو يتلأثر بشليء وللو معنويلًا‪ ،‬فمجلرد التلأخير ضلرر‬
‫يستحق الدائن مقابله عوضا ً ماليًا‪ ،‬سواء كان المدين معسرا ً‬
‫أولم يكن‪ ،‬بل يستحق التعللويض المللالي بمجللرد التللأخر عللن‬
‫المدة المتفق عليها ولو ليوم واحد‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬أن يتعاقدا بيعا ً مؤجل ً بعد سنة‪ ،‬أو مقسطا ً يدفع كللل‬
‫شهر كذا من الثمن‪ ،‬فإذا تأخر المللدين عللن الوفللاء بللالتزامه‬

‫‪92‬‬
‫في الموعد المحدد‪ ،‬فإن عليه عن كل يوم مبلغا ً مللن المللال‬
‫قدره كذا‪،‬أو ما نسبته كذا من الثمن‪ ،‬تعويضا ً عللن التللأخرفي‬
‫السداد‪.‬‬
‫وهللذه الصللورة هللي المطبقللة فللي أكللثر البنللوك الربويللة‪،‬‬
‫والمشروطة في أكثر البطاقات المصللرفية القراضللية‪ ،‬ولهللا‬
‫عدة أسماء‪ ،‬منها‪ :‬الغرامة التأخيريللة‪ ،‬والفللوائد التأخيريللة‪ ،‬أو‬
‫بدل التأخير‪ ،‬أو خدمة الديون‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حكم التعويض عن مجرد التأخر ذاته‪.‬‬
‫دين بصللورته السللابقة‬ ‫التعويض عن مجرد التأخر في وفاء الل ّ‬
‫محرم قطعلًا‪ ،‬إذ هللو عيللن ربللا الجاهليللة الللذي نللزل القللرآن‬
‫دين قال له الدائن‪:‬‬ ‫بتحريمه‪ ،‬فقد كان المدين إذا حل عليه ال ّ‬
‫إما أن تقضي وإما أن تربي‪.‬‬
‫وهللو مللا ابتليللت بلله كللثير مللن البنللوك وأقرتلله كللثير مللن‬
‫النظمة‪،‬ويقوم عليه التعامل الدولي‪ ،‬وعليه أكللثر المصللارف‬
‫في العالم‪.‬‬
‫وأدلة تحريم هذا التعويض هي أدلة تحريم الربا‪ ،‬وهي كللثيرة‬
‫ض منها فيما يلي‪:‬‬ ‫متنوعة‪ ،‬وأشير إلى بع ٍ‬
‫الدليل الول‪:‬‬
‫َ‬
‫م الّربلا" )‪ ،(14‬إللى‬ ‫حلّر َ‬ ‫ه ال ْب َْيلعَ وَ َ‬ ‫ل الّلل ُ‬ ‫حل ّ‬ ‫قوله _تعلالى_‪" :‬وَأ َ‬
‫م ِفيَهللا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عاد َ فَأول َئ ِ َ‬
‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫قوله في آخر الية‪" :‬وَ َ‬
‫ن" )‪.(15‬‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫َ‬
‫الدليل الثاني‪:‬‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫ه وَذ َُروا َ‬
‫مللا ب َِق ل َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله _تعالى_‪َ" :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬
‫ن‬‫مل َ‬‫ب ِ‬ ‫حلْر ٍ‬ ‫م ت َْفعَل ُللوا فَلأذ َُنوا ب ِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫ن الّربا إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ن َول‬ ‫مللو َ‬ ‫م ل ت َظ ْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬‫مل َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫م فَل َك ُ ْ‬ ‫ن ت ُب ْت ُ ْ‬
‫سول ِهِ وَإ ِ ْ‬ ‫الل ّهِ وََر ُ‬
‫ن" )‪.(16‬‬ ‫مو َ‬ ‫ت ُظ ْل َ ُ‬
‫و الدللة من اليات من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪:‬‬
‫أن الله نص على تحريم الربللا‪ ،‬وتوعللد ملن فعلله بعلد علمله‬
‫بالتحريم بعذاب النار‪ ،‬وأمللر المللؤمنين بللترك الربللا ووضللعه‪،‬‬

‫‪93‬‬
‫وآذن من لم يذره بالحرب‪ ،‬ومللن حللارب الللله ورسللوله فهللو‬
‫الخاسر المهزوم قطعًا‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫دل عموم اليات على أن الدائن ل يسللتحق علللى المللدين إل‬
‫رأس ماله‪ ،‬وهذا العموم يشمل المللدين الموسللر والمعسللر‪،‬‬
‫والمماطل والباذل‪ ،‬والمدين المماطل داخل في هذا العموم‬
‫من جهة أنه يجب عليه وفاء رأس المال فقط دون ربا‪ ،‬ولللم‬
‫يسللتثن مللن وجللوب الداء إل المعسللر العللاجز فينظللر إلللى‬
‫ميسرته‪ ،‬فالقول باستحقاق الدائن للتعللويض المللالي مقابللل‬
‫مماطلة المدين وتأخره في الوفاء مخالف لعموم اليات‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬
‫أن الربا المحرم الذي كللان العللرب يأخللذونه هللو زيللادة فللي‬
‫دين مقابل تأخير أدائه‪ ،‬فظهللر أن التعللويض المللالي‬ ‫مقدار ال ّ‬
‫دين داخللل فللي الربللا المحللرم‪،‬‬ ‫لجللل التللأخر فللي وفللاء ال ل ّ‬
‫وتسميته بالغرامة التأخيرية‪ ،‬أو الفوائد التأخيرية‪ ،‬أو تعويضللا ً‬
‫عن ضرر‪ ،‬أو أنه عقوبة مالية‪ ،‬ل ينقله من كونه ربًا‪ ،‬ول يللؤثر‬
‫في الحكم بشيء؛ لن العبرة بالمقاصد والمعاني ل باللفاظ‬
‫والمباني‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪:‬‬
‫ما ورد عن أبي هريرة _رضي الله عنلله_ قللال‪ :‬قللال رسللول‬
‫الله _صلى الله عليه وسلللم_ ‪ " :‬اجتنبللوا السللبع الموبقللات‪،‬‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬وما هن؟‪ :‬قال‪ :‬الشرك بالله‪ ،‬والسحر‪،‬‬
‫وقتل النفس التي حرم الله إل بالحق‪ ،‬وأكل الربا‪ ،‬وأكل مال‬
‫اليتيم‪ ،‬والتولي يللوم الزحللف‪ ،‬وقللذف المحصللنات المؤمنللات‬
‫الغافلت " )‪.(17‬‬
‫وجه الدللة من الحديث‪:‬‬
‫دل الحديث على أن الربا من كبللائر الللذنوب‪ ،‬وذلللك يقتضللى‬
‫الترهيب من أخذه ومقارفته‪ ،‬وإلزام المدين بتعلويض اللدائن‬
‫ماليا ً مقابل التأخر في السداد أخ لذ ٌ للربللا المحللرم ومقارفللة‬
‫له‪ ،‬فيكون باط ً‬
‫ل‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫الدليل الثالث‪:‬‬
‫ما ورد عن جابر _رضي الله عنلله_ قللال‪" :‬لعللن رسللول الللله‬
‫_صلللى الللله عليلله وسلللم_ آكللل الربللا‪ ،‬ومللوكله‪ ،‬وكللاتبه‪ ،‬و‬
‫شاهديه‪ ،‬وقال‪ :‬هم سواء " )‪.(18‬‬
‫وجه الدللة من الحديث‪:‬‬
‫دل الحديث على تحريللم الربللا أخللذا ً وإعطللاًء وتعاون لا ً عليلله‪،‬‬
‫وإلزام المدين بدفع زيادة على رأس ماله مقابل تللأخره فللي‬
‫ي تعويض لا ً عللن‬ ‫م َ‬‫سل ّ‬‫الوفاء هو من الربا المحرم‪ ،‬فيحرم وإن ُ‬
‫ضرر الدائن‪.‬‬
‫الدليل الرابع‪:‬‬
‫ما ورد عن جابر _رضي الله عنه_ في قصة حجللة الللوداع أن‬
‫النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال‪ ":‬ربللا الجاهليللة موضللوع‪،‬‬
‫وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب‪ ،‬فإنه موضللوع‬
‫كله ")‪.(19‬‬
‫وفي لفظ‪ " :‬أل وإن كل ربا ً من ربا الجاهليللة موضللوع‪ ،‬لكللم‬
‫رؤوس أموالكم‪ ،‬ل تظلمون ول تظلمون " )‪.(20‬‬
‫وجه الدللة من الحديث‪:‬‬
‫دل الحديث أن الربا موضوع وباطللل‪ ،‬وذلللك يقتضللي تحريللم‬
‫أخذه‪ ،‬وعليه فليس للدائن على المدين إل رأس ماله فقللط‪،‬‬
‫وإلزام المدين بدفع تعويض مالي زائد على أصل دينه مقابل‬
‫مماطلته في الوفاء مخالف لمدلول الحديث‪.‬‬
‫الدليل الخامس‪:‬‬
‫إجماع العلماء على تحريم الربا‪ ،‬ومن الربا المحللرم‪ :‬الزيللادة‬
‫دين لجللل تللأخير وفللائه‪ ،‬ومللن أنللواع الزيللادة‬ ‫علللى أصللل الل ّ‬
‫الربويللة المحرمللة‪ :‬تعللويض الللدائن عللن مماطلللة المللدين‬
‫المماطل؛ لنه زيادة في مقابل التأخر في الوفللاء‪ ،‬والجمللاع‬
‫منعقد على تحريم الربا‪ ،‬ومن عبارات العلمللاء فللي ذلللك مللا‬
‫يلي‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫قللال ابللن المنللذر‪ " :‬وأجمعللوا أن المسلللف إذا شللرط عنللد‬
‫السلف هدية أو زيادة‪ ،‬فأسلف على ذلللك‪ ،‬أن أخللذه الزيللادة‬
‫ربا " )‪.(21‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الضرر الناتج عن فوات الربح المفترض فللي‬
‫المماطلة في الديون‪. .‬‬
‫وفيه مطلبان‪:‬‬
‫المطلللب الول‪ :‬صللورة الضللرر الناتللج عللن فللوات الربللح‬
‫المفترض في المماطلة في الديون‪.‬‬
‫إذا تأخر المدين في وفاء دينه عن وقته المحدد المتفق عليه‬
‫مع الدائن ومضللت مللدة كللان مللن المفللترض أن يربللح فيهللا‬
‫سلّلم إليلله فللي وقتلله‪ ،‬إذ بإمكللانه أن‬
‫الدائن من ماله لو أنلله ُ‬
‫يستثمره في تجارة أو مضاربة أو مزارعة ونحللو ذلللك‪ ،‬إل أن‬
‫دين في وقته قد فللوت علللى‬ ‫المدين بمماطلته وعدم وفاء ال ّ‬
‫الدائن تلك الرباح المفترضة‪ ،‬فهل له المطالبة بتعويضه عن‬
‫ضرر فوات هذا الربح الذي كان يتوقع حصوله لول المماطلة‬
‫في الديون أم ل؟‬
‫مثاله‪ :‬باع رجل سيارة بيعا ً مؤجل ً بمئة ألف ريال إلى سللنة –‬
‫ل‪ -‬فماطللل المللدين فللي الوفللاء‬ ‫شللر مث ً‬
‫بمرابحللة قللدرها العُ ْ‬
‫سنتين‪ ،‬فلو أن ماله سدد في حينلله ولللم يماطللل بلله لمكنلله‬
‫تكللرار هللذه المرابحللة مرتيللن خلل السللنتين اللللتين ماطللل‬
‫فيهما المدين‪ ،‬ولربح فيها ربحا ً مقداره عشرون ألف لا ً تقريب لًا‪،‬‬
‫فهل للدائن أن يطالب المدين المماطل بتعويضه عللن ضللرر‬
‫فوات ربحه المفترض خلل سنتين أم ل؟‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حكم التعويض عن الضرر الناتج عللن فللوات‬
‫الربح المفترض في المماطلللة فللي الللديون اختلللف العلمللاء‬
‫المعاصرون في حكم تعويض الدائن عن ضرر فللوات منفعللة‬
‫المال وربحه بسبب مماطلة المدين القادر على الوفاء علللى‬
‫قولين‪:‬‬
‫القول الول‪:‬‬

‫‪96‬‬
‫عللدم جللواز إلللزام المللدين المماطللل القللادر علللى الوفللاء‬
‫بتعويض مالي غير مشروط في العقد يللدفعه للللدائن مقابللل‬
‫فوات منفعة ماله وتضرره بذلك مدة التأخير‪.‬‬
‫وبهللذا القللول صللدرت قللرارات المجللامع الفقهيللة‪ ،‬والهيئات‬
‫العلمية‪ ،‬وهو قول جمهور العلماء المعاصرين )‪.(22‬‬
‫جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم السلللمي‬
‫في دورته الحادية عشر عام ‪1409‬هل ما نصلله‪ " :‬إن الللدائن‬
‫إذا شرط على المدين أو فرض عليه أن يدفع للله مبلغ لا ً مللن‬
‫المال غرامة مالية جزائية محللددة أو بنسللبة معينللة إذا تللأخر‬
‫عن السداد في الموعد المحدد بينهما‪ ،‬فهو شللرط أو قللرض‬
‫باطل‪ ،‬ول يجب الوفاء به بل ول يحللل‪ ،‬سللواء كللان الشللارط‬
‫هو المصرف أو غيره؛ لن هذا بعينه هللو ربللا الجاهليللة الللذي‬
‫نزل القرآن بتحريمه " )‪.(23‬‬
‫وجاء في قرار مجمع الفقه السلمي التابع لمنظمة المؤتمر‬
‫السلمي فللي دورتله السادسلة المتعللق بلبيع التقسليط ملا‬
‫يلي‪:‬‬
‫" ثالثًا‪ :‬إذا تللأخر المشللتري المللدين فللي دفللع القسللاط عللن‬
‫دين‪،‬‬‫الموعللد المحللدد‪ ،‬فل يجللوز إلزاملله أي زيللادة علللى ال ل ّ‬
‫بشرط سابق أو بدون شرط؛ لن ذلك ربا محرم‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حللل‬
‫من القساط‪ ،‬ومع ذلك ل يجوز شرعا ً اشتراط التعويض في‬
‫حالة التأخر عن الداء" )‪.(24‬‬
‫وجللاء فللي معيللار المللدين المماطللل المعتمللد مللن المجلللس‬
‫الشللرعي لهيئة المحاسللبة والمراجعللة للمؤسسللات الماليللة‬
‫السللللمية‪ ،‬ملللا يللللي‪)" :‬ب(ل يجلللوز اشلللتراط التعلللويض‬
‫المالي‪...‬سواء كان التعويض عن الكسللب الفللائت )الفرصللة‬
‫الضائعة(‪ ،‬أم عن تغير قيمللة العملللة‪) .‬ج( ل تجللوز المطالبللة‬
‫القضائية للمدين المماطل بالتعويض المالي نقدا ً أو عينا ً عن‬
‫دين" )‪.(25‬‬ ‫تأخير ال ّ‬

‫‪97‬‬
‫ومنعته أيضا ً هيئة الرقابللة لبنللك التنميللة التعللاوني السلللمي‬
‫بالسودان بتأريخ ‪6/8/1406‬هل)‪.(26‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫جواز إلزام المللدين المماطللل القللادر علللى الوفللاء بتعللويض‬
‫مالي غير مشروط فللي العقللد يللدفعه للللدائن مقابللل فللوات‬
‫منفعة ماله مدة التأخير‪.‬‬
‫وقال به بعض المعاصرين )‪.(27‬‬
‫قال الزرقاء‪ ":‬مبدأ تعويض الدائن عن ضرره نتيجة لمماطلة‬
‫دين في موعده مبدأ مقبول فقهي لًا‪ ،‬ول‬ ‫المدين وتأخير وفاء ال ّ‬
‫يوجد في نصللوص الشللريعة وأصللولها ومقاصللدها العامللة مللا‬
‫يتنافى معه‪ ،‬بل بالعكس يوجد ما يؤيللده ويللوجبه واسللتحقاق‬
‫هذا التعويض على المدين مشروط بأنه ل يكللون للله معللذرة‬
‫شرعية فللي هللذا التللأخير‪ ،‬بللل يكللون مليئا ً ممللاطل ً يسللتحق‬
‫الوصف بأنه ظالم كالغاصب " )‪.(28‬‬
‫وقال الشيخ عبد الله بن منيع‪ " :‬القول بضمان ما فللات مللن‬
‫منافع المال نتيجة مطل أدائه لمستحقه قول تسللنده قواعللد‬
‫الشريعة وأصولها‪ ،‬والنصوص الصريحة والواضللحة فللي ذلللك‬
‫مللن كتللاب الللله _تعللالى_ وسللنة رسللوله _صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم_ " )‪.(29‬‬
‫وأصحاب هذا القول مختلفون أيضًا‪ :‬فللي حقيقللة هللذا المللال‬
‫المللدفوع للللدائن‪ ،‬هللل هللو عقوبللة تعزيللرة زاجللرة‪ ،‬أم أنهللا‬
‫تعويض مالي جابر لضرر واقللع؟ ويللترتب عليلله كيفيللة تقللدير‬
‫المال المدفوع‪ .‬ومن له سلطة التطبيق؟ خلف على رأيين‪:‬‬
‫م هذا المال بناء على أنه تعزيللز بالمللال‪،‬‬ ‫الرأي الول‪ :‬أن غُْر َ‬
‫والتعويض إنما هو على سللبيل التبعيللة‪ ،‬وعلللى ذلللك فمقللدار‬
‫التعزير بالمال ل يشترط أن يكون مسلاويا ً للضلرر الحقيقلي‬
‫الفعلي‪ ،‬أو الربح الفائت‪ ،‬وهو رأي الشيخ عبد الله بن منيع‪.‬‬
‫قال _حفظه الله_ تعقيبا ً على الشيخ مصطفى الزرقا‪ " :‬ومع‬
‫اتفللاقي مللع فضلليلته فللي النتيجللة إل أننللي أرى أن العقوبللة‬
‫المالية تعزيرية‪ ،‬وليست تعويضا ً " )‪.(30‬‬

‫‪98‬‬
‫وقال بعد ذلك‪ " :‬ولكننا نقول بأنها عقوبة وليست تعويضا ً إل‬
‫على سبيل التبعية")‪.(31‬‬
‫وقال في موضع آخر‪ " :‬خلصة هذه الوقفللة‪ :‬أننللا إذا اعتبرنللا‬
‫ما يأخذه الدائن من المدين تعويضا ً فقط‪ ،‬فهذا العتبار يحيل‬
‫المر من حل إلى تحريم‪ ...‬وإن اعتبرنا ما يغرمه المدين من‬
‫مال لقللاء مطللله عقوبللة ليللس لهللا ارتبللاط أو علقللة بحجللم‬
‫الضللرر الواقللع علللى الللدائن مللن المطللل‪ ،‬وإنمللا تكييفهللا‬
‫وتقديرها راجع إلى ما يللوجب الللردع والزجللر‪ ،‬فهللذا العتبللار‬
‫صحيح")‪.(32‬‬
‫م هذا المال بناء على أنه تعويض لللدائن‬ ‫الرأي الثاني‪ :‬أن غُْر َ‬
‫عن ضرره الذي أصابه بسللبب مماطلللة مللدينه‪ ،‬وعليلله فقللد‬
‫شرطوا أن يكون التعويض مساويا ً للضرر الواقع‪.‬‬
‫ثم اختلف أصحاب هذا الرأي فيمللن يتللولى تقللدير التعللويض‪،‬‬
‫وكيفية تقديره‪:‬‬
‫)‪ (1‬يللرى الشلليخ مصللطفى الزرقللا‪ :‬أن القضللاء وحللده هللو‬
‫صاحب السلطة الوحيد فللي تقللدير التعللويض‪ ،‬وتقللدير ضللرر‬
‫الدائن‪ ،‬وتقلدير علذر الملدين فلي التلأخر‪ ،‬ول يجلوز التفلاق‬
‫مسبقا ً بين الدائن والمدين علللى تقللدير معيللن لضللرر تللأخير‬
‫دين‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫وتقدير الضلرر يكلون بمقلدار ملا فلات ملن ربلح معتلاد فلي‬
‫طريق التجارة العامة بأدنى حدوده العادية‪ ،‬فيما لو أنه قبض‬
‫مللاله واسللتثمره بللالطرق المشللروعة الحلل فللي السلللم‬
‫كالمضللاربة والمزارعللة ونحوهمللا ول عللبرة لسللعر الفللائدة‬
‫المصرفية‪ ،‬وتعتمد المحكمة في هذا التقدير رأي أهل الخبرة‬
‫في هذا الشأن‪ ،‬وبعد وجود البنوك السلمية يمكن للمحكمة‬
‫أن تعتمد في تقللدير التعللويض بنللاء علللى مللا تللوزعه البنللوك‬
‫السلمية من أرباح سنوية)‪.(33‬‬
‫)‪ (2‬يللرى الللدكتور الضللرير‪ :‬أنلله يجللوز التفللاق بيللن الللدائن‬
‫والمللدين ‪ -‬العميللل والبنللك‪ -‬علللى التعللويض عللن الضللرر‬
‫الحقيقي الفعلي مسبقًا‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫ويكون تقديره على أساس الربح الفعلي الذي حققه الللدائن‬
‫– البنك ‪ -‬في المدة التي تأخر فيها المدين عن الوفاء)‪.(34‬‬
‫)‪ (3‬أن التعللويض يكللون بقللدر الربللح الللذي حصللل عليلله‬
‫المماطل من جراء متاجرته بالمال الذي ماطل فيه)‪.(35‬‬
‫الدلة‪:‬‬
‫أدلة القول الول‪:‬‬
‫استدل القائلون بعللدم جللواز إلللزام المللدين المماطللل بللدفع‬
‫تعويض مالي للدائن عن ضرر فوات منفعة ماله وربحه خلل‬
‫مدة المماطلة بمايلي‪:‬‬
‫الدليل الول‪:‬‬
‫عموم أدلة تحريم الربا‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫َ‬
‫م الّربا")‪.(36‬‬ ‫حّر َ‬‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫قوله _تعالى_‪" :‬وَأ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مللو َ‬‫م ل ت َظ ْل ِ ُ‬‫وال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫سأ ْ‬‫ؤو ُ‬ ‫م فَل َك ُ ْ‬
‫م ُر ُ‬ ‫ن ت ُب ْت ُ ْ‬‫وقوله _تعالى_‪" :‬وَإ ِ ْ‬
‫سَرة")‪.(37‬‬ ‫مي ْ َ‬‫سَرةٍ فَن َظ َِرةٌ إ َِلى َ‬ ‫ذو عُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن وَإ ِ ْ‬ ‫َول ت ُظ ْل َ ُ‬
‫مو َ‬
‫وجه الدللة من اليتين‪:‬‬
‫دلت اليتين على تحريم الربا وإبطللاله‪ ،‬ورد أصللحاب الللديون‬
‫إلللى رؤوس أمللوالهم بل زيللادة ول تعللويض عللن تللأخرٍ فللي‬
‫الوفاء‪ ،‬ولم تفرق في ذلك بين موسللر ومعسللر‪ ،‬وبيللان ذلللك‬
‫تفصيل ً من خمسة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪ :‬أن تعويض الدائن عن ضرر فوات منفعة المال‬
‫دين‪ ،‬فهو زيادة‬ ‫مدة المماطلة إنما هو عوض عن تأخر أداء ال ّ‬
‫في دين ثابت مقابل الجل‪ ،‬وهو عين ربا الجاهلية الذي كانوا‬
‫يفعلللونه‪ ،‬وصللورته‪ :‬إمللا أن تقضللي وإمللا أن تربللي‪ ،‬واختلف‬
‫السم ل يغير في المعنى والحكم شيئًا‪ ،‬والعبرة بالمقاصللد ل‬
‫باللفاظ )‪.(38‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬أن آيات تحريللم الربللا ورد الللدائن التللائب عللن‬
‫الربا إلى رأس ماله عامة‪،‬لم تفرق بين مدين معسر ومللدين‬
‫موسر باذل ومدين مماطل‪ ،‬فالزيادة على رأس المللال ربللا‪،‬‬
‫سواء كان المدين موسرا ً أو معسللرًا‪ ،‬والفللرق بيللن المعسللر‬

‫‪100‬‬
‫والموسر إنما هو فللي وجللوب النظللار إلللى الميسللرة وتللرك‬
‫المطالبة )‪.(39‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن تخصيص المماطل بالتعويض دون المعسللر‬
‫مخالف لمدلول اليات التي حرمللت الظلللم علللى الطرفيللن‪،‬‬
‫فظلم الدائن هو أخذه زيادة على رأس ماله‪ ،‬وظلللم المللدين‬
‫دين لصللاحبه‪ ،‬ولللم يخللص‬ ‫هللو ممللاطلته بوفللاء رأس مللال الل ّ‬
‫المعسر إل بوجوب إنظاره إلى الميسرة‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن التعويض المالي عن ضللرر المماطللل ظلللم‬
‫بنص الية؛ لنه زيادة على رأس المللال‪ ،‬ولللو كللان المماطللل‬
‫ظالما ً بمطله‪ ،‬فإنه ل يجوز رد الظلم بظلم آخر)‪.(40‬‬
‫الوجه الخامس‪ :‬أن الله _عز وجل_ أبطللل الربللا ورد الللدائن‬
‫لرأس ماله فحسب‪ ،‬ولو كان يسللتحق تعويضلا ً عللن مللا فللاته‬
‫من منللافع ملاله المحتملل‪ ،‬للبين ذللك وأوضللحه وفللرق بيللن‬
‫الصورتين‪.‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫نوقش الستدلل باليتين بعللدم التسللليم بللأن التعللويض عللن‬
‫ضرر المماطل من جنس الربا‪ ،‬وذلك من أربعة أوجلله‪ ،‬وهللي‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫الوجه الول‪:‬أن الزيادة الربوية في مسألة ) أتقضي أم تربي‬
‫( فللي غيللر مقابلللة عللوض‪ ،‬فهللي نتيجللة تللراض بيللن الللدائن‬
‫والمدين على تأجيللل السللداد مقابللل زيللادة فللي الجللل‪ ،‬أمللا‬
‫التعويض فهو مقابل تفويت منفعة على الدائن بل رضا ً منلله)‬
‫‪.(41‬‬
‫الجابة‪:‬‬
‫أجيب عن ذلك بما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬عدم التسليم بأن الزيادة الربوية في غير مقابلة عوض‪،‬‬ ‫أو ً‬
‫بل هللي فللي مقابللة عللدم السللتفادة مللن المللال خلل مللدة‬
‫التأجيل‪ ،‬وحبس المال‪ ،‬وعدم انتفاع صاحبه به‪.‬‬
‫ثانيلًا‪ :‬أن المرابيللن المعاصللرين حللللوا أخللذ الربللا بمثللل هللذا‬
‫التعليل‪ ،‬وابتكروا نظرية الفرصللة الضللائعة لتللبرير أخللذ الربللا‬

‫‪101‬‬
‫المحرم‪ ،‬و هي نفسللها حجللة مللن يللرى التعللويض‪ ،‬ولللو كللان‬
‫دين جلائزًا‪ ،‬لبلاح‬ ‫التعويض عن الربح الفائت على صلاحب الل ّ‬
‫الشارع الفائدة على الديون المأخوذة للستثمار في التجللارة‬
‫والصناعة؛ لن هذه الفائدة تعويض للللدائن عللن منللافع مللاله‬
‫مدة بقائها عند المللدين‪ ،‬وكللذا المقللرض بل فللائدة تلحللق بلله‬
‫ح للله‬ ‫مضار وتفوته منافع من جراء قرضلله المجللاني‪ ،‬ولللم ي ُب َل ْ‬
‫زيادةٌ أو نفعٌ يزيد على رأس المال إن وقع مشروطا ً ونحللوه‪،‬‬
‫فدل ذلك على أن التعويض نوع من الربا )‪.(42‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫ة سللفًا‪ ،‬ومحلددةٌ لجلل تلأخير‬ ‫أن الزيلادة الربويلة مشلروط ٌ‬
‫مستقبلي برضا ً من الطرفين‪ ،‬أما التعللويض فهللو لجللل رفللع‬
‫ض وقللع‬ ‫الظلم الواقع على صاحب المللال‪ ،‬ولجللل تللأخير مللا ٍ‬
‫بغير رضا ً من صاحب المال )‪.(43‬‬
‫الجابة‪:‬‬
‫أجيب عن ذلك بما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن هذا التفريق نظري ل يصلح أن يكون مناطا ً للحكللم‪،‬‬ ‫أو ً‬
‫ثم على القول بجللواز التعللويض يصللبح المللر معلوم لا ً سلللفا ً‬
‫بالعرف‪ ،‬والمعروف عرفا ً كالمشروط شرطا ً )‪.(44‬‬
‫ثانيًا‪ :‬نسلم أن المطل ظلم واقع على صاحب المال‪ ،‬إل أنلله‬
‫ليس كل ظلم وضرر يلحللق النسللان مللن غيللره يعللد موجبلا ً‬
‫لتعويضه ماليا ً )‪.(45‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬
‫أن الزيادة الربوية الجاهلية ل تفرق بين مدين موسر ومللدين‬
‫معسللر‪ ،‬فمللتى حللل الجللل طللولب بالوفللاء أو بالزيللادة‪ ،‬أمللا‬
‫ل‪ ،‬وإذا ثبللت‬ ‫التعويض فل يلزم به إل من كللان موسللرا ً ممللاط ً‬
‫إعساره‪ ،‬فل يلزم بأداء أي تعويض)‪.(46‬‬
‫الجابة‪:‬‬
‫أجيب عن ذلك بما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬النصللوص فللي تحريللم أخللذ الربللا عامللة لللم تفللرق بيللن‬ ‫أو ً‬
‫المعسر والموسللر‪ ،‬فكلهمللا ل يجللوز أخللذ الربللا منلله‪ ،‬إل أن‬

‫‪102‬‬
‫المعسر روعلي فلي وجلوب تلأخيره وتحريلم مطلالبته حلتى‬
‫يوسر‪ ،‬فيبقى الموسر مطالبا ً برأس المال فقط دون زيادة‪.‬‬
‫دين مقابللل التللأخير فللي‬ ‫ثانيًا‪ :‬أن أخذ مال زائد عن أصللل ال ل ّ‬
‫دين ل يخرج عن ثلث حالت‪:‬‬ ‫وفاء ال ّ‬
‫‪ -1‬حالة المدين الذي ل يجد ما يقضي به‪ ،‬وهي محللل اتفللاق‬
‫على منع التعويض؛ لكون الزيادة ربا محرمًا‪ ،‬وتحرم مطالبته‬
‫لعسرته‪ ،‬وحكمه التأجيل بل زيادة‪.‬‬
‫دين علللى تللأخيره‬ ‫‪ -2‬حالة المدين الذي يتفق مللع صللاحب الل ّ‬
‫مقابل الزيادة‪ ،‬وهي محل اتفاق على منللع التعللويض‪ ،‬لكللونه‬
‫نوع من ربا الجاهلية المحرم الصريح‪.‬‬
‫‪ -3‬حالة المدين الممتنع الذي ل يقضي ما عليه‪ ،‬فيضللع عليلله‬
‫دين زيادة‪ ،‬وهي موضوع بحثنا‪ ،‬وحكم التعويض هنللا‬ ‫صاحب ال ّ‬
‫دين‪ ،‬فالعلماء لم يفرقللوا بيللن‬ ‫محرم؛ لنه زيادة على أصل ال ّ‬
‫الزيادة في الحالتين السابقتين وهللذه الحالللة‪ ،‬فالزيللادة ولللو‬
‫سميت تعويضا ً عن ضرر داخلللة فللي ربللا الجاهليللة المحللرم)‬
‫‪.(47‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن هذا التعويض إن كان لجل جبر ضرر الللدائن وليللس‬
‫لعقاب المللدين‪ ،‬فل فللرق بيللن أن يكللون المللدين موسللرا ً أو‬
‫ضر معسرًا‪،‬‬ ‫م ِ‬‫معسرًا؛ لن المتضرر يستحق الجبر ولو كان ال ُ‬
‫كما يستحق الرش على الجاني ولو كان فقيرا ً )‪.(48‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن نسبة الزيادة الربوية معلومة للطرفين فللي‬
‫بداية العقد‪ ،‬أمللا التعللويض فل يمكللن معرفللة نسللبته ابتللداًء‪،‬‬
‫وإنما يتحدد بناء على مللا فللات مللن ربللح حقيقللي خلل مللدة‬
‫المماطلة )‪.(49‬‬
‫الجابة‪:‬‬
‫أجيب عن ذلك بما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن هللذا فللرق غيللر مللؤثر‪ ،‬وذلللك أنلله مللتى اشللترطت‬ ‫أو ً‬
‫الزيادة‪ ،‬أو قام عرف يللدل عليهللا‪ ،‬أو أمكللن فرضللها للللدائن‪،‬‬
‫فهي ربا‪ ،‬سواء حددت في العقد‪ ،‬أو بعده‪ ،‬أو حددها القضاء‪،‬‬
‫أو التحكيم‪ ،‬وسواء كانت كثيرة أو قليلة‪.‬‬

‫‪103‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن هذا الفرق نظريٌ ليس بعملي‪ ،‬إذ إن نسللبة تحقيللق‬
‫الربلاح ملن العمليلات السلتثمارية فلي البنلوك والمصلارف‬
‫معلومللة تقريبللًا‪ ،‬خصوصللا ً أن معظللم عمليللات المصللارف‬
‫السلللمية تللدور حللول المرابحللة المؤجلللة‪ ،‬ونسللبة أرباحهللا‬
‫معلومة في الجملة‪ ،‬فآل المر إلللى العلللم بنسللبة التعللويض‪،‬‬
‫إذا كللان التعللويض راجللع إلللى معللدل الربحيللة خلل مللدة‬
‫المماطلة)‪.(50‬‬
‫الدليل الثاني‪:‬‬
‫ما ورد عن عمرو بن الشريد عن أبيه أن رسول الله _صلللى‬
‫الله عليه وسلم_ قال‪ " :‬لي الواجد يحل عرضه وعقوبته " )‬
‫‪.(51‬‬
‫وجه الدللة من الحديث‪:‬‬
‫دل الحديث على عدم مشروعية تعللويض الللدائن عللن ضللرر‬
‫مماطلة غريمه‪ ،‬وذلللك أن النللبي _صلللى الللله عليلله وسلللم_‬
‫أحللل عللرض المماطللل وعقللوبته فقللط ولللم يحللل مللاله‪،‬‬
‫فالمشللروع فللي حللق المماطللل الواجللد شللكايته‪ ،‬وفضللحه‪،‬‬
‫وعقوبته بما يزجره ويردعه عن المطل‪ ،‬ولللو كللان التعللويض‬
‫الجللابر لضللرر المماطلللة مشللروعا ً لللبينه _صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم_ ؛ لشدة الحاجة إليه‪ ،‬والسللكوت فللي موضللع الحاجللة‬
‫بيان )‪.(52‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫نوقش الستدلل بالحديث بأن عمللوم لفللظ العقوبللة يشللمل‬
‫العقوبة المالية‪ ،‬والنصوص العامة في اعتبار العقوبة الماليللة‬
‫ضللربا ً مللن التعزيللر صللريحة وواضللحة‪ ،‬ومللن أنللوع العقوبللة‬
‫المالية‪ :‬تمليك الغير‪ ،‬وتعللويض الللدائن عللن ضللرر المماطلللة‬
‫داخل فيها )‪.(53‬‬
‫الجابة‪:‬‬
‫أجيب بأنه ل يصح اعتبار التعويض المالي للدائن عللن ضللرره‬
‫من باب العقوبة المالية؛ لمرين‪:‬‬

‫‪104‬‬
‫الول‪ :‬أن ولية إيقاع العقوبات التعزيرة للحاكم‪ ،‬و التعللويض‬
‫هنا يقع بالشرط أو العرف‪ ،‬ويباشره الدائن‪ ،‬فخرج عن كونه‬
‫تعزيرا ً بالمال‪ ،‬ولو فوض تنفيذ العقوبات إلى آحللاد النللاس أو‬
‫صح لكونه مشروطا ً فللي العقللد‪ ،‬لفضللى ذلللك إلللى فوضللى‬
‫واضطراب ل يقرها الشرع )‪.(54‬‬
‫الثاني‪ :‬أن المراد من العقوبة الزجللر والللردع وليللس الجللبر‪،‬‬
‫وإل لوجب جبر ضرر الدائن من مماطلة مدينه المعسر‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪:‬‬
‫أن مسألة المماطلة في الللديون وتللأخر المللوال المسللتحقة‬
‫بيد من يجللب عليهللم أداؤهللا لصللحابها ليسللت مسللألة نازللة‬
‫تحتاج إلى اجتهاد جديد‪ ،‬بل هي من المسللائل السللابقة الللتي‬
‫يكللثر وقوعهللا‪ ،‬ويعللاني منهللا النللاس فللي سللائر الوطللان‬
‫والزمان‪ ،‬وباستقراء ما ذكره العلماء في المللدين المماطللل‬
‫بغير حق من العقوبات نجد أنه لم ينقل عن أحلد منهللم قبلل‬
‫هذا العصر أنه قضى أو أفتى بجللواز التعللويض المللالي لجللل‬
‫المماطلللة فللي الللديون‪ ،‬مللع أن فكللرة تعللويض الللدائن عللن‬
‫الربللاح الفائتللة والمتوقعللة مقابللل مللاله المحبللوس عنللد‬
‫المماطل قريبة إلى أذهانهم ‪ -‬لو كانت جائزة ‪-‬؛ إذ هي جزاء‬
‫من جنس العمل‪ ،‬ومعاملة بنقيض القصللد‪ ،‬وقللد نصللوا علللى‬
‫العقوبللات الزاجللرة عللن المماطلللة فللي الللديون‪ ،‬كالسللجن‪،‬‬
‫والضرب‪ ،‬والمنع من فضول المباحات‪ ،‬وبيللع المللال ونحللوه‪،‬‬
‫ولم يذكروا التعويض المالي عن ضللرر المماطللة‪ ،‬ممللا يللدل‬
‫على أنه متقللرر لللديهم أن التعللويض المللالي للللدائن بسللبب‬
‫المطل أنه داخل في الربا المحرم‪ ،‬سواء كان مقابل التأخر‪،‬‬
‫أو فوات الربح المتوقع‪ ،‬أو الضرر الفعلي؛ إذ هللو زيللادة فللي‬
‫دين مقابل زيادة في أجل السداد)‪.(55‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫نوقش بأن الفقهاء لللم يبحثللوا هللذه المسللألة فللي عصللرهم؛‬
‫لعللدم حللاجتهم إليهللا‪ ،‬إذ للم يكللن أمللر التجلارة ملن الهميلة‬
‫والتأثير مثل ما أصبح عليه في العصر الحاضر‪ ،‬وكان وصللول‬

‫‪105‬‬
‫الدائن إلى حقله فلي عصلرهم ميسلورا ً وسلريعًا‪ ،‬بخلف ملا‬
‫عليه الوضع الن من طول الجراءات وتأخرها )‪.(56‬‬
‫الجابة‪:‬‬
‫أجيب عن المناقشة بما يلي‪:‬‬
‫عدم التسليم بأن الفقهاء لم يبحثوا هذه المسللألة‪ ،‬بللل إنهللم‬
‫حللوا عليهللا‪ ،‬ولللم يتوقفللوا عنللدها كللثيرًا؛‬
‫بحثوها إل أنهم لم ي ُل ِ ُ‬
‫لكونها فللي نظرهللم مللن مسلللمات الفقلله‪ ،‬إذ هللي مشللمولة‬
‫بعموم نصوص القرآن والسنة في تحريم الربا‪ ،‬ومنه‪ :‬الزيادة‬
‫دين مقابل التأخير )‪.(57‬‬ ‫في ال ّ‬
‫وبيانا ً لذلك يقال‪ :‬إن الفقهاء من خلل استقراء كلمهللم فللي‬
‫المماطلللة‪ ،‬ومللا يشللابهها مللن أحكللام‪ ،‬يظهللر أنهللم ل يللرون‬
‫التعويض المالي مقابل تأخر المال‪ ،‬وأن المماطل ليس عليه‬
‫دين‪،‬‬ ‫إل أداء المال لصاحبه‪ ،‬وأن المطل ل يوجب زيادة في ال ّ‬
‫ول يستحق به غلة المال‪ ،‬وبيان ذلك فيما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن أكللثر العلمللاء فسللروا العقوبللة فللي الحللديث‪ :‬بأنهللا‬ ‫أو ً‬
‫الحبلس‪ ،‬وقللد فسللرها بللذلك وكيلع‪ ،‬وسللفيان الثللوري‪ ،‬وابللن‬
‫المبارك‪.‬‬
‫قال ابن المنذر‪ ":‬أكثر من نحفظ قللوله مللن علمللاء المصللار‬
‫دين‪ ،‬ومملن نحفلظ ذللك عنله‪:‬‬ ‫وقضاتهم يرون الحبس في ال ّ‬
‫مالك‪ ،‬وأصحابه‪ ،‬والشافعي‪ ،‬والنعمان‪ ،‬وأصحابهما‪ ،‬وأبو عبيد‬
‫‪ ،‬وبه قال سوار بن عبد الله‪ ،‬وعبيللد الللله بللن الحسللن‪ ،‬وقللد‬
‫روينا هذا القول عن شريح‪ ،‬والشللعبي‪ ،‬وكللان عمللر بللن عبللد‬
‫العزيز يقول‪ ":‬يقسم ماله بين الغرماء ول يحبس" )‪.(58‬‬
‫وقال الجصاص‪ " :‬جعل مطل الغني ظلمًا‪ ،‬والظالم ل محالة‬
‫مستحق للعقوبة‪ ،‬وهي الحبس؛ لتفللاقهم علللى أنلله لللم يللرد‬
‫غيره " )‪.(59‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ " :‬يعاقب الغني المماطل بالحبس‪ ،‬فإن أصر‬
‫عوقب بالضرب حللتى يللؤدي الللواجب‪ ،‬وقللد نللص علللى ذلللك‬
‫الفقهاء من أصحاب مالك‪ ،‬والشافعي‪ ،‬وأحمللد‪ ،‬وغيرهللم‪ ،‬ول‬
‫أعلم في هذا خلفا ً " )‪.(60‬‬

‫‪106‬‬
‫دين وامتنللع‪ ،‬ورأى‬ ‫وقال أيضًا‪ ":‬ولو كللان قللادرا ً علللى أداء ال ل ّ‬
‫الحاكم منعه من فضول الكل والنكاح فله ذلك؛ إذ التعزير ل‬
‫يختص بنوع معين‪ ،‬وإنما يرجع فيلله إلللى اجتهللاد الحللاكم فللي‬
‫نللوعه وقللدره‪ ،‬إذا لللم يتعللد حللدود الللله " )‪ ،(61‬والقللول‬
‫بالتعويض المالي عن ضرر المماطلة فللي الللديون تعلدٍ علللى‬
‫حدود الله‪ ،‬فيمنع منه؛ لنه ربا‪.‬‬
‫فظهر بما سبق أن السابقين يرون زجر المماطل بالعقوبات‬
‫الرادعة‪ ،‬وهللم متفقللون علللى عللدم القللول بجللواز التعللويض‬
‫المالي للدائن علللى مللدينه المماطللل؛ إذ للو قيللل بله لنقللل‪،‬‬
‫فالقول بالتعويض اجتهاد جديد في مقابلة هذا التفاق )‪.(62‬‬
‫سّنة‪" :‬لم يقل أحد من العلمللاء‬ ‫قال الدكتور أحمد فهمي أبو ِ‬
‫ل‪ ،‬فللالفتوى بللأن المللدين تجللوز‬ ‫بتغريمه – أي المماطللل‪ -‬مللا ً‬
‫عقوبته بتغريم المال‪....‬اجتهاد جديد فللي مقابلللة الجمللاع" )‬
‫‪.(63‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن الفقهاء تكلموا عن مسائل ‪ -‬أشد من المماطلة في‬
‫الديون ‪ُ -‬تمن َعُ فيها الموال عن أصحابها أزمانا ً طويلللة ظلم لا ً‬
‫وعدوانًا‪ ،‬ولللم يوجبللوا فيهللا إل ضللمان المثللل‪ ،‬ككلمهللم فللي‬
‫الموال المسروقة‪ ،‬والمغصوبة‪ ،‬وأمللوال المانللات المعتللدى‬
‫عليهللا‪ ،‬وربللح المللال المغصللوب‪ ،‬فيقللاس عليهللا تضللمين‬
‫المماطل رأس المال فقط وعدم تغريمه من باب أولى‪.‬‬
‫ومن أقوال الفقهاء في المال المغصوب ما يلي‪:‬‬
‫قللال فللي الهدايللة‪ " :‬ومللن غصللب شلليئا ً للله مثللل‪ ،‬كالمكيللل‬
‫والمللوزون‪ ،‬فهلللك فللي يللده‪ ،‬فعليلله‪...‬ضللمان مثللله‪...‬؛ لن‬
‫الواجب هو المثل" )‪.(64‬‬
‫وقال في المعونة‪ " :‬الشيء المغصوب مضمون باليد‪ ،‬فمللن‬
‫غصب شيئا ً فقد ضمنه إلللى أن يللرده‪ ،‬فللإن رده كمللا غصللبه‪،‬‬
‫سقط عنه الضمان ولزم المالك قبوله " )‪.(65‬‬
‫وقال في )روضة الطالبين(‪ " :‬ما كان مثلي لا ً ضللمن بمثللله" )‬
‫‪.(66‬‬

‫‪107‬‬
‫وقال في )المغنلي(‪ ":‬وملا تتماثلل أجللزاؤه وتتقلارب صللفاته‬
‫كالدراهم والدنانير‪....‬ضمن بمثله بغير خلف" )‪.(67‬‬
‫ومن أقوالهم في المال المسروق ما يلي‪:‬‬
‫قال ابن المنذر‪ " :‬وأجمعوا أن السارق إذا قطع ووجد المتاع‬
‫بعينه‪ ،‬أن المتاع يرد على المسروق منه " )‪.(68‬‬
‫وقال في الكتاب‪ ":‬إذا قطع السارق والعين قائمة فللي يللده‪،‬‬
‫دها " )‪.(69‬‬
‫ر ّ‬
‫وقللال فللي المعونللة‪ ":‬إذا قطللع السللارق ثللم وجللد الشلليء‬
‫المسروق عنده‪ ،‬لزمه رده إلى مالكه")‪.(70‬‬
‫رم السارق ما سرق‪ ،‬قطع أو لم يقطللع‪،‬‬ ‫ُ‬
‫وقال في الم‪ " :‬أغ ِ‬
‫م ما أتلف للعباد" )‪.(71‬‬ ‫غر َ‬ ‫قط حد ّ الله ُ‬ ‫والحد لله فل ُيس ِ‬
‫وقال في المغني‪ ":‬ل يختلف أهل العلم في وجوب رد العين‬
‫المسروقة على مالكها إذا كانت باقية‪ ،‬فأما إن كللانت تالفللة‪،‬‬
‫فعلى السارق رد قيمتها‪ ،‬أو مثلها إن كانت مثلية‪ ،‬قطع أو لم‬
‫يقطللع‪ ،‬موسللرا ً كللان أو معسللرا ً " )‪ .(72‬و َ‬
‫مْنللعُ المللال مللن‬
‫صاحبه بسبب الغصب والسرقة أشد ظلما ً من َ‬
‫من ْعِ لهِ بسللبب‬
‫المماطلللة‪ ،‬ومللع ذلللك لللم يوجبللوا علللى الغاصللب والسللارق‬
‫ض عن ضرر التللأخر أو فللوات منللافع المللال أو الضللرر‬ ‫التعوي َ‬
‫الحقيقي مقابل بقاء المال عنده تلك المدة‪ ،‬وحرمان صاحبه‬
‫من النتفاع به‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬نص بعض الفقهللاء علللى عللدم ضللمان الغاصللب للربللح‬
‫المفللترض )الفرصللة الضللائعة(‪ ،‬والغاصللب أشللد ظلم لا ً مللن‬
‫المماطل‪ ،‬ومن ذلك ما يلي‪:‬‬
‫قال البهوتي‪ ":‬ول يضمن ربح فات على مالك بحبس غاصب‬
‫مال تجارة مدة يمكن أن يربح فيها‪ ،‬إذا لم يتجر فيله غاصلب‬
‫" )‪.(73‬‬
‫وأمللا غيللر الحنابلللة‪ ،‬فهللم ل يقولللون بضللمان الغاصللب لربللح‬
‫المال المحقق‪ ،‬فضل ً عن ضمانه للربح المفترض )‪.(74‬‬

‫‪108‬‬
‫رابعًا‪ :‬نص بعض الفقهاء على أن المماطل ليس عليه إل أداء‬
‫دين‪ ،‬ول يغللرم‬ ‫رأس ماله‪ ،‬وأن المطل ل يوجب زيادة في اللل ّ‬
‫غلة المال‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫ما قاله الشيخ عليللش)‪- (75‬بعللد ذكللره قللول الوانللوغي بلأن‬
‫المماطل يضمن قيمة ما آلت إليه السكة الجديللدة‪ ،‬فيمللا إذا‬
‫دين‬ ‫بطلللت الفلللوس أو عللدمت‪ -‬مللا يلللي‪ " :‬بحللث بللدر اللل ّ‬
‫القرافي مع الوانوغي بأن تقييده ‪ -‬أي المدين المماطل‪ -‬لللم‬
‫يللذكره غيللره مللن شللراح المدونللة‪ ،‬وشللراح ابللن الحللاجب‪،‬‬
‫وللبحث فيه مجال ظاهر‪ ،‬لن مطل المللدين ل يللوجب زيللادة‬
‫دين‪ ،‬وله طلبه عند الحاكم‪ ،‬وأخذه منه جبرًا‪ ،‬كيف وقد‬ ‫في ال ّ‬
‫دخللل عنللد المعاملللة معلله علللى أن يتقاضللى حقلله منلله كمللا‬
‫دفعه‪ ..‬وبحث فيه بعض أصحابنا‪ :‬بأن غايته – أي‪ :‬المماطللل‪-‬‬
‫أن يكللون كالغاصللب‪ ،‬والغاصللب ل يتجللاوز معلله مللا غصللب‬
‫ا‪.‬هل‪...‬وقد ذكر في المعيللار أن ابللن لللب‪ :‬سللئل عللن النازلللة‬
‫نفسللها‪،‬فأجللاب‪ :‬بللأنه ل عللبرة بالمماطلللة‪ ،‬ول فللرق بيللن‬
‫المماطل وغيره إل في الثم "‪.‬‬
‫وقد ذكر العدوي)‪ (76‬فللي نفللس المسللألة مللا نصلله‪ " :‬فللإن‬
‫قلت مللا الفللرق بينلله –أي‪ :‬المماطللل‪ -‬وبيللن الغاصللب الللذي‬
‫يضمن المثلى ‪ -‬أي في هذه المسألة‪ -‬ولو بغلء‪ ،‬مع أنه أشد‬
‫ظلما ً من المماطل أو مثله؟ فالجواب‪ :‬أن الغاصب لما كللان‬
‫يغرم الغللة فللي الجمللة خفللف عنلله‪ ،‬ول كللذلك المماطللل"‪.‬‬
‫وهذا نص واضح على أن المماطل ل يغللرم شلليئا ً يزيللد علللى‬
‫أصل الحق‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬نص الحطاب المالكي على منع التعويض المللالي إذا‬
‫كان مشروطًا‪ ،‬فقال‪ " :‬إذا التزم المدعى عليه للمدعي‪ ،‬أنلله‬
‫إن لم يوفه حقه في وقت كذا‪ ،‬فله عليه كللذا وكللذا‪ ،‬فهللذا ل‬
‫يختلف في بطلنلله؛ لنله صللريح الربللا‪ ،‬وسللواء كللان الشلليء‬
‫دين أو غيره‪ ،‬وسواء كان شيئا ً معينللا ً‬ ‫الملتزم به من جنس ال ّ‬
‫أو منفعة " )‪ ،(77‬والحكم بالتعويض بل شرط يللؤول إلللى أن‬

‫‪109‬‬
‫يكللون مشللروطا ً بللالعرف‪ ،‬فيصللبح عرفلا ً لزملًا‪ ،‬والمعللروف‬
‫عرفا ً كالمشروط شرطًا‪.‬‬
‫الدليل الرابع‪:‬‬
‫أن التعويض عن ضرر المماطلة إن لللم يكللن رب لا ً فللي ذاتلله‪،‬‬
‫فهو ذريعة موصلة إليه‪ ،‬وسلد ّ الللذرائع مللن القواعللد الفقهيللة‬
‫المعتبرة شرعًا)‪ ،(78‬والقول به يفتللح بللاب الربللا‪ ،‬والتواطللؤ‬
‫على أخذه‪ ،‬بحجة التعللويض عللن الضللرر‪ ،‬أو فللوات النتفللاع‪،‬‬
‫وبنفس حجللة التعللويض عللن الضررانتشللر أخللذ الربللا‪ ،‬وب لّرَر‬
‫المرابون ظلم المدينين والمعسرين‪ ،‬وبيللان هللذا مللن أربعللة‬
‫أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪:‬‬
‫أن النصارى قد استحلوا الربا المحرم فلي شلريعتهم بسللبب‬
‫دعوى التعويض عن الضرر‪ ،‬إذ كللان إجمللاعهم منعقللدا ً علللى‬
‫تحريللم الربللا‪ ،‬إل أن الضللعف بللدأ يللدب فللي صللفوفهم خلل‬
‫القرنيللن السللادس عشللر والثللامن عشللر‪ ،‬حللتى وقللع رجللال‬
‫الكنائس في الربا‪ ،‬بنللاء علللى فتللوى مجمللع انتشللار اليمللان‬
‫المقللدس فللي رومللا‪ ،‬والللتي أجللازت أخللذ الربللا فللي مقابلللة‬
‫الخطر من فقد أصل المللال‪ ،‬ثللم أث ّللرت الحللوال القتصللادية‬
‫دين النصللراني حللتى ضلليقوا دائرة الربللا‪،‬‬ ‫على آراء رجللال الل ّ‬
‫فأباحوا الفائدة استثناًء في الحالت التية‪:‬‬
‫‪ -1‬إباحة التعويض للمقلترض علن أي خسلارة حصللت عليله‬
‫بسبب القرض‪.‬‬
‫‪ -2‬إباحة التعويض عن الربح الفائت‪.‬‬
‫‪ -3‬إباحة الشرط الجزائي الذي يلتزم بسببه المقترض إذا لم‬
‫يسدد القرض في الميعاد وتأخر في وفائه‪ ،‬بللأن يللدفع مبلغ لا ً‬
‫إضافيًا‪ ،‬وقد ترددت الكنيسللة فللي إباحللة هللذا الشللرط بللادئ‬
‫المر‪ ،‬ثم أجازته )‪.(79‬‬
‫قال أحد النصارى‪ ":‬إذا لحق المقرض ضرر ناجم عللن تللأخير‬
‫المقلترض علن الوفلاء فلي الميعلاد المحلدد للسلداد‪ ،‬يصلبح‬
‫للمقرض الحللق فللي مطالبللة المقللترض بللالتعويض شللريطة‬

‫‪110‬‬
‫إثبات الضرر الذي انتللاب المقللرض " )‪ ،(80‬فللالتعويض عللن‬
‫ضرر تأخر المدين هي حجة من أباح الربا من النصارى‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫توسع بعض المصارف السلللمية الللتي أخللذت بفتللوى جللواز‬
‫التعويض في تطبيق التعللويض‪ ،‬إذ صللار التعللويض عللن ضللرر‬
‫المماطلللة كالفللائدة الربويللة‪ ،‬ممللا حمللل بعللض مللن أفللتى‬
‫بللالتعويض أن يللتراجعوا عللن فتللواهم؛ لعللدم إمكللان تطللبيق‬
‫شروطهم التي قيدوا بها الجواز)‪.(81‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬
‫أن صاحب المال لللن يلللح علللى المللدين بتسللديد دينلله‪ ،‬ولللن‬
‫يحرص على متابعللة مللدينه‪ ،‬إذ إنلله سيحصللل مللن المماطللل‬
‫ض مالي عن مماطلته‪ ،‬بل ربما يطمع‬ ‫على أصل ماله مع عو ٍ‬
‫في هذا العوض ويتطلع لتللأخره ومطللله‪ ،‬ومللن جهللة أخللرى‪:‬‬
‫فإن المدين المماطل لن يبالي في الوفاء في زمللن السللداد‬
‫المحدد‪ ،‬بل سيستسللهل التعللويض‪ ،‬ويستصللعب دفللع المبلللغ‬
‫دين‪ ،‬فينقلب التعللويض مللع مللرور الزمللن إلللى‬ ‫كامل ً لوفاء ال ّ‬
‫اتفاق عرفي على التأخير بزيادة – تسمى تعويضا ً عللن ضللرر‬
‫– وهي ذريعة يجب سدها ومنعها‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪:‬‬
‫أن تأخير تحديد مقدار التعويض يفضي إلى النزاع‪ ،‬مع ما فيه‬
‫مللن صللعوبة التقللدير‪ ،‬فليللس مللن المسللتبعد أن يتللم تحديللد‬
‫التعللويض فللي بدايللة العقللد أو يربللط بعللدد اليللام‪ ،‬كمللا فللي‬
‫الفوائد الربوية أو بنسبة معينة ونحوه‪ ،‬وهذا يؤدي إلللى الربللا‬
‫المحرم بالتفاق‪ ،‬ولللذلك لللزم القللول بمنللع التعللويض؛ سللدا ً‬
‫للذريعة‪ ،‬وصونا ً للشريعة )‪.(82‬‬
‫الدليل الخامس‪:‬‬
‫أن جواز التعويض عن ضرر المماطلة في الديون ‪ -‬عند مللن‬
‫يقول به ‪ -‬مقيد بشروط تخرجه عللن الربللا‪ ،‬وهللذه الشللروط‬
‫نظرية يصعب تحقيقها في الواقع العملي‪ ،‬فمنها‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫ل‪ :‬شرط عدم كللون المللدين معسللرًا؛ لن المعسللر منظللر‬ ‫أو ً‬
‫بنللص القللرآن حللتى يوسللر‪ ،‬إل أن التحقللق مللن اليسللار أو‬
‫العسار أمر صعب في الللوقت الحاضللر‪ ،‬ويكللاد يتعللذر علللى‬
‫اللدائن التحقلق ملن كلل حاللة بعينهلا‪ ،‬ل سليما فلي البنلوك‬
‫والمصارف التي يتعاملل معهللا اللف‪ ،‬ولللذا نجللد أنله ُيحتللال‬
‫على إسقاط هللذا الشللرط ‪-‬وهللو عللدم كللونه معسللرا ً – بللأن‬
‫يكتب في العقد شرط آخر‪ :‬وهللو أن المللدين يعتللبر موسللرًا‪،‬‬
‫ويعاملل بنلاء عللى ذللك ملا للم يحكلم عليله بحاللة الفلس‬
‫قانونًا‪ ،‬وهي حالة نهائية ل توجد إل نادرًا‪ ،‬ممللا يللدل علللى أن‬
‫كللثيرا ً مللن المللدينين الللذين يطللالبون بللالتعويض هللم مللن‬
‫المعسرين حقا ً )‪.(83‬‬
‫ثانيللًا‪ :‬القللول بللالتعويض المللالي علللى المللدين المماطللل‬
‫مفروض بناء على أسللاس وقللوع ضللرر علللى الللدائن بسللبب‬
‫المماطلة‪ ،‬وهو فوات فرصة الربح‪ ،‬إذ يفترض أن هذا المللال‬
‫لو دفللع لصللاحبه لمكللن أن يسللتثمر بتجللارة‪ ،‬أو مضللاربة‪ ،‬أو‬
‫صناعة‪ ،‬أو مشاركة‪ ،‬فيربللح كللذا‪ ،‬وهللذا إن جللاز نظريلًا‪ ،‬فهللو‬
‫بعيد عمليًا؛ لن الدائن ل يقطع بتنمية ماله واستثماره‪ ،‬ثم لو‬
‫استثمره فإنه ل يقطع بحصلول الربلاح‪ ،‬فضلل ً علن تحديلدها‬
‫بمقدار معين‪ ،‬إذ ماله معرض للربح والخسلارة‪ ،‬وهلذا ظلاهر‬
‫في المصارف والبنوك‪ ،‬إذ ل تستفيد مللن كللل مللا لللديها مللن‬
‫أموال‪ ،‬بل إن نسبة السيولة غالبا ً ما تكون أكثر مللن النسللبة‬
‫المحددة التي يجب الحتفاظ بها من قبل البنللوك المركزيللة)‬
‫‪ ،(84‬فإذا كان عند الللدائن مللال – فللائض نقللدي – يمكللن أن‬
‫يدفع بلله عللن نفسلله الضللرار الطللارئة‪ ،‬ويسللتغل أي فرصللة‬
‫استثمارية يظن أنها تدر له ربحًا‪ ،‬فإن دعوى الضرر ل تقبللل‪،‬‬
‫ويبطل شرط حصول الضرر‪.‬‬
‫"أدلة القول الثاني‪:‬‬
‫اسللتدل القللائلون بجللواز إلللزام المللدين المليللء المماطللل‬
‫بتعويض الدائن عن ضرر فوات منفعة ماله وربحه المفللترض‬
‫بتسعة أدلة‪ ،‬وهي ما يلي‪:‬‬

‫‪112‬‬
‫الدليل الول‪:‬‬
‫اليات الدالة على وجوب الوفاء بالعقود‪ ،‬والمانات‪ ،‬وتحريللم‬
‫أكل المال بالباطل‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫مُنوا أوُْفوا ِبال ْعُُقوِد" )‪.(85‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫قوله _تعالى_‪" :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ت إ ِل َللى‬ ‫َ‬ ‫وقللوله _تعللالى_‪" :‬إن الل ّله يلأ ْمرك ُ َ‬
‫دوا اْل َ‬
‫مان َللا ِ‬ ‫ن ت ُلؤَ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ِ ّ‬
‫أ َهْل َِها" )‪.(86‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫كلل ْ‬ ‫وال َك ُ ْ‬
‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫مُنوا ل ت َأك ُُلوا أ ْ‬
‫ملل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقوله _تعالى_‪َ" :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫بال ْباطل إّل أ َ‬
‫م" )‪.(87‬‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ٍ‬ ‫را‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫جا‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ن تَ ُ‬
‫كو‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ ِ ِ ِ‬
‫وجه الدللة من هذه اليات‪:‬‬
‫دلت اليات على وجوب الوفاء بالعقد‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬وتحريم‬
‫أكل المللال بالباطللل‪ ،‬وتللأخير الوفللاء عللن ميعللاده دون رضللا‬
‫صاحبه يعد من أكل المال أو منفعته بالباطل‪ ،‬وعليلله فيكللون‬
‫المتخلف ظالما ً لصاحب المال‪ ،‬ومسللؤول ً عللن الضللرر الللذي‬
‫يلحقه من جراء مماطلته‪ ،‬فيضمن منفعة ماله تلللك المللدة )‬
‫‪.(88‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫نوقش الستدلل باليات من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪:‬‬
‫أن مدلول هذه اليات خارج عن محل النزاع‪ ،‬وهللو التعللويض‬
‫عن منافع المال الفائتة بالمماطلة‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫دين أكل ً لمنفعللة المللال‬ ‫عدم تسليم كون التأخير فللي أداء ال ل ّ‬
‫بغيللر حللق خلل تلللك المللدة الللتي ماطللل فيهللا المللدين؛ لن‬
‫قابلية النقللود للزيللادة أمللر محتمللل‪ ،‬فل تعللد منفعللة محققللة‬
‫الوجللود قللد أكلهللا المللدين المماطللل عللدوانا ً حللتى يطللالب‬
‫بالتعويض المالي عنها )‪.(89‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬
‫أن اعتبللار المللدين المماطللل بغيللر عللذر ظالملا ً معتللديا ً أمللر‬
‫مسلم ل خلف فيه لنص الحديث علللى ذلللك‪ ،‬ومنشللأ ظلملله‬
‫إلحاقه الضرر بالدائن نتيجة تأخير الوفاء عللن وقتلله بل عللذر‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫ن بغيره ظلما ً يعللد موجب لا ً‬‫ه النسا ُ‬
‫إل أنه ليس كل ضرر يلحُق ُ‬
‫للتعويض المالي)‪.(90‬‬
‫الدليل الثاني‪:‬‬
‫ما ورد عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال‪ " :‬ل ضرر‬
‫ول ضرار ")‪.(91‬‬
‫وجه الدللة من الحديث‪:‬‬
‫دل الحللديث علللى تحريللم الضللرر ووجللوب إزالتلله‪ ،‬والضللرر‬
‫الواقع على الدائن ل يزول إل بتعويضه مالي لا ً عمللا فللاته مللن‬
‫منللافع مللاله خلل مللدة المماطلللة‪ ،‬بللل إن معاقبللة المللدين‬
‫المماطل بغير التعويض المالي ل يفيد الدائن المتضرر شيئًا‪،‬‬
‫فل يرتفع ضرره إل بذلك )‪.(92‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫نوقش الستدلل بهذا الحديث من أربعة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪:‬‬
‫تسليم تحريم الضرر ووجوب إزالته بالطرق الشللرعية‪ ،‬لكللن‬
‫من أين لكم أن زوال الضرر ل يكون إل بالتعويض المللالي؟؛‬
‫إذ إن إزالة هذا الضرر بللالتعويض المللالي ليللس مللن مللدلول‬
‫النص صراحة ول إشارة‪ ،‬ولو كللان هللذا النللص يللدل علللى أن‬
‫دين‬ ‫ضرر المماطل يزال بفرض زيادة مالية تضاف لصللل ال ل ّ‬
‫تعويضا ً له عن ضرر فوات ربحه خلل مدة المماطلة لللوجب‬
‫الحكم بها‪ ،‬و لوجب على كل قاض ومفت أن يقضللي ويفللتي‬
‫بالتعويض المالي‪ ،‬ولكن لم يوجد في التاريخ قللاض أو مفللت‬
‫حكم أو أفتى بذلك مع كثرة قضايا المماطلة في الديون في‬
‫كل عصر ومصر )‪.(93‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫أن ضرر الدائن المعترف بلله شلرعا ً هلو علدم حصلوله علللى‬
‫ماله في وقته المحدد‪ ،‬وإزالة هذا الضرر بأن يسلم إليه ذلك‬
‫المبلغ الذي هو حقه‪ ،‬وليس من حقه أخذه ما يزيد عن مبلللغ‬
‫دينه؛ لنه ربا )‪.(94‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫أن من فروع القاعدة الفقهية المستنبطة من هذا الحديث‪) :‬‬
‫الضرر يزال ( قاعدة مقّيدة لها‪ ،‬وهللي‪ ) :‬أن الضللرر ل يللزال‬
‫بمثله ول بما هو أشللد منلله(‪ ،‬وفللي إلللزام المللدين المماطللل‬
‫بالتعويض المالي إزالة للضرر بمثل الضرر الواقللع بللل أشللد؛‬
‫إذ يفرض عليه الربا‪ ،‬وت ُن َّزل المنفعة المحتملة منزل المحققة‬
‫المستوفاة‪ ،‬فهو مقابلة لظلم المطللل بظلللم مللن نللوع آخللر)‬
‫‪.(95‬‬
‫الوجه الرابع‪:‬‬
‫قولكم‪" :‬معاقبة المدين المماطللل بغيللر التعللويض المللالي ل‬
‫يفيد الدائن المتضرر شيئا ً "‪ ،‬ل يعني جواز الحكم بللالتعويض؛‬
‫لن هللذه المسللألة ‪-‬أي عقوبللة المماطللل‪ -‬ل تعالجهللا أص لل ً‬
‫قاعدة الجوابر؛ لخروجها عن نطاقها‪ ،‬وانضوائها تحت قاعللدة‬
‫الزواجر‪ ،‬التي تكفل دفع هذه المفسدة واستئصالها من حياة‬
‫الناس‪ ،‬والعقوبات الشرعية ليس من شأنها الجبر‪ ،‬ووظيفتها‬
‫تنحصر في الزجر‪ ،‬فالسارق إذا قطعت يده‪ ،‬أو المحللارب إذا‬
‫أقيم عليه حد الحرابة‪ ،‬فللإن هللذه العقوبللات ل تزيللل الضللرر‬
‫المادي عن المتضرر المظلوم؛ لن من شأن العقوبات زجللر‬
‫الناس عن الظلم‪ ،‬ومنعهم من اقتراف الذنوب الموجبللة لهللا‬
‫درءا ً للمفسدة المتوقعة)‪.(96‬‬
‫الدليل الثالث‪:‬‬
‫ما ورد عن أبي هريرة _رضي اللله عنله_ قلال‪ :‬قلال _صللى‬
‫الله عليه وسلم_ ‪" :‬مطل الغني ظلم " )‪.(97‬‬
‫الدليل الرابع‪:‬‬
‫ما ورد عن عمرو بن الشريد عن أبيه عن النبي _صلللى الللله‬
‫عليه وسلم_ ‪ " :‬لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"‪.‬‬
‫وجه الدللة من الحديثين‪:‬‬
‫دين مللن القللادر علللى‬‫دل الحديثان أن المماطلة فللي أداء الل ّ‬
‫الوفاء ظلم يستحق فللاعله الفضلليحة والعقوبللة‪ ،‬ومللن أنللواع‬
‫العقوبة التعزيرية‪ :‬التعزير بالمال‪ ،‬وهو مشروع كما قرر ذلك‬
‫المحققين من أهل العلم‪ ،‬والتعزير بالمال أنواع‪:‬‬

‫‪115‬‬
‫النوع الول‪ :‬إتلف‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬تغيير‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬تمليك للغير‪.‬‬
‫ومن النوع الثللالث‪ :‬تعللويض الللدائن عللن فللوات منللافع مللاله‬
‫خلل مدة المماطلة )‪.(98‬‬
‫ومن شواهده‪ :‬مضاعفة الغرم على سارق مال يوجب حللدا ً )‬
‫‪.(99‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫نوقش الستدلل بالحديثين من ستة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪:‬‬
‫عللدم التسللليم بللأن العقوبللة الماليللة داخلللة فيمللا دل عليلله‬
‫الحديث من مشروعية عقوبة المماطل؛ بناء على فهللم أهللل‬
‫العلم لها‪ ،‬إذ قصروا هللذه العقوبللة علللى الحبللس‪ ،‬والضللرب‪،‬‬
‫وبيع المال‪ ،‬ونحللو ذلللك‪ ،‬ولللم ينقللل عللن أحللد منهللم تفسللير‬
‫العقوبة هنا‪ :‬بتغريللم المماطللل مللال ً عوض لا ً عللن تللأخره فللي‬
‫الوفاء يدفع لصالح الللدائن‪ ،‬بللل نصلوا عللى أن العقوبللة هلي‬
‫الحبللس‪ ،‬والضللرب‪ ،‬وبيللع المللال‪ ،‬واتفللاقهم علللى ذكللر هللذه‬
‫العقوبللات مللع إعراضللهم عللن القللول بللالتعويض مللع وجللود‬
‫المقتضي للقول به من كثرة حوادث المماطلة فللي الللديون‪،‬‬
‫دليللل علللى أنلله متقللرر لللديهم منعلله؛ لشللتماله علللى الربللا‬
‫المحرم )‪.(100‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫أن الحللديث أحللل أمريللن مللن المماطللل‪ ،‬همللا‪ :‬العللرض‬
‫والعقوبة‪ ،‬ولللم يقللل‪) :‬ويحللل مللاله(‪ ،‬فللالعرض يعنللي‪ :‬جللواز‬
‫شكايته وذمه وذكللره بسللوء المعاملللة‪ ،‬والعقوبللة كمللا سللبق‬
‫معناها‪ :‬الحبس‪ ،‬والضللرب‪ ،‬وبيللع المللال‪ ،‬ونحللوه‪ ،‬ممللا شللأنه‬
‫الزجر والردع‪ ،‬وأما الجبر بللالتعويض‪ ،‬فليللس داخل ً فيهللا‪ ،‬وإل‬
‫لشرع التعويض في حق المعسر المتأخر في الوفاء متى مللا‬
‫أيسر ولم يقل به أحد )‪.(101‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬

‫‪116‬‬
‫أن مضللاعفة الغللرم علللى سللارق مللا ل يللوجب حللدا ً ل يصللح‬
‫السللتدلل بله علللى مللا نحللن فيلله مللن حكللم إلللزام المللدين‬
‫المماطل بدفع تعويض مقابل المماطلة؛ لن هذا الحكم ثبت‬
‫بالنص الشرعي‪ ،‬وذلللك فيمللا رواه عمللرو بللن شللعيب)‪(102‬‬
‫عن أبيه عن جده أن رسول اللله _صللى اللله عليله وسللم_‬
‫سئل عن الثمر المعلللق‪ ،‬فقللال‪ " :‬ملن أصلاب بفيله مللن ذي‬
‫حاجة غير متخذ خبنة فل شيء عليه‪ ،‬ومللن خللرج بشللي منلله‬
‫فعليه غرامة مثليه والعقوبة‪ ،‬ومللن سللرق منلله شلليئا ً بعللد أن‬
‫رين فبلغ ثمللن المجللن فعليلله القطللع‪ ،‬ومللن سللرق‬ ‫ج ِ‬
‫يؤويه ال َ‬
‫دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة "‪.‬‬
‫ومثله الحديث الخر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عللن جللده‬
‫قال‪" :‬سمعت رجل ً من مزينة يسأل رسول الله _صلى الللله‬
‫عليه وسلم_ ‪ ،‬قال‪ :‬يا رسول الله جئت أسللألك عللن الضللالة‬
‫من البل؟ قال‪ :‬معها حللذاؤها وسللقاؤها تأكللل الشللجر وتللرد‬
‫الماء‪ ،‬فدعها حتى يأتيها باغيها‪ ،‬قال‪ :‬الضالة من الغنم؟ قال‪:‬‬
‫لللك أو لخيللك أو للللذئب‪ ،‬تجمعهللا حللتى يأتيهللا باغيهللا‪ ،‬قللال‪:‬‬
‫الحريسة)‪ (103‬التي توجللد فللي مراتعهللا؟ قللال‪ :‬فيهللا ثمنهللا‬
‫مرتين‪ ،‬وضرب نكال‪ ،‬وما أخذ من عطنه‪ ،‬ففيه القطع إذا بلغ‬
‫ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن ")‪.(104‬‬
‫وجه الدللة من الحديثين‪:‬‬
‫أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ فرق بين العقوبة والغرامة‬
‫المالية‪ ،‬مما يدل على أن العقوبة يراد بها الجزاء البدني مللن‬
‫حبس وضرب وتضييق ونحوه‪ ،‬ويؤيده‪ :‬قوله _صلى الله عليه‬
‫وسلم_ ‪ " :‬ل عقوبة فللوق عشللرة ضللربات إل فللي حللد مللن‬
‫حدود الله ")‪ ،(105‬كما يؤيده أيضًا‪ :‬تفريقه _صلى الله عليه‬
‫وسلم_ بين العرض والعقوبة فيما يحل من المماطل الواجد‪،‬‬
‫مللع أن الشللكوى والتظلللم وذكللره بسللوء المعاملللة عقوبللة‬
‫بالمعنى العام‪ ،‬وبناء على مللا سللبق‪ ،‬يظهللر أن العقوبللة فللي‬
‫الحديث يراد بها الجزاء الواقع على بدن المماطل دون ماله‪،‬‬
‫والله أعلم )‪.(106‬‬

‫‪117‬‬
‫الوجه الرابع‪:‬‬
‫أن الصل في العقوبات الشللرعية أن تكللون زاجللرة رادعللة‪،‬‬
‫وليللس مللن شللأنها أن تجللبر الضللرر‪ ،‬والعقوبللات الزاجللرة‬
‫شرعت لكي ترفع المفسدة عن حياة الناس وتستأصلها‪ ،‬أما‬
‫التعللويض فللإنه ربمللا حمللل الطرفيللن علللى التواطللؤ علللى‬
‫المماطلة والتحايل لخذه‪ ،‬فيصبح هذا التعويض سللتارا ً للربللا‬
‫المحرم)‪ ،(107‬فالتعويض ل يعالج مشكلة المطللل بقللدر مللا‬
‫يزيدها تعقيدًا‪.‬‬
‫الوجه الخامس‪:‬‬
‫أن ولية التعزير بالمال – على افللتراض أن التعللويض داخللل‬
‫في التعزير بالمال‪ -‬للحللاكم وليسللت للللدائن‪ ،‬وقيللام الللدائن‬
‫بتطبيق العقوبللة علللى المللدين وتنفيللذها يللؤدي إلللى فوضللى‬
‫ونزاع ل يقره شرع ول يقبله عقللل‪ ،‬ولللذا لللم يقللل أحللد بللأن‬
‫للدائن أن يعاقب المدين بللالحبس‪ ،‬أو الضللرب‪ ،‬دون الحللاكم‬
‫الشرعي)‪.(108‬‬
‫الوجه السادس‪:‬‬
‫أن هذا المال المأخوذ من المدين المماطل تعزيللرًا‪ ،‬ل يخلللو‬
‫إما أن يذهب إلى بيت المال‪ ،‬أو إلى الدائن‪ ،‬فإن ذهللب إلللى‬
‫بيت المال كما هو الشأن فللي الغرامللات الماليللة التعزيريللة‪،‬‬
‫فإن الغرض وهو تعويض الدائن لم يتحقق‪ - ،‬ول ينفع الللدائن‬
‫تغريم المدين في هذه الحالة‪ ،‬فتبقى العقوبات الخرى أنفللع‬
‫للله؛ لكونهللا تضلليق علللى المللدين فللي عرضلله وبللدنه حللتى‬
‫يسدده‪ ،-‬وقد ل يلحق المدين ضرر مللن دفللع الغرامللة لللبيت‬
‫المال إن كان غنيًا‪ ،‬أو كان يربح من المال الللذي يماطللل بلله‬
‫أكثر مما يدفعه من الغرامة‪.‬‬
‫وأما إن ذهبت إلى الللدائن‪ ،‬فللإن المللر يللؤول إلللى أن تكللون‬
‫زيادة في دين مقابل زيادة في أجل‪ ،‬وهو عين ربللا الجاهليللة‬
‫المحرم‪ ،‬إذ ل فرق بينهما في النتيجة )‪.(109‬‬
‫الدليل الخامس‪:‬‬

‫‪118‬‬
‫أن من أسس الشريعة ومقاصدها العامة عدم المساواة بين‬
‫الميللن والخللائن‪ ،‬وبيللن المطيللع والعاصللي‪ ،‬وبيللن العللادل‬
‫والظالم‪ ،‬وبين المنصف والجائر‪ ،‬ول بين من يللؤدي الحقللوق‬
‫إلى أصحابها ومن يؤخرها‪.‬‬
‫ول شلك أن تللأخير الحللق عللن صللاحبه عمللدا ً ومطل ً بل عللذر‬
‫م وجوٌر بشهادة النصللوص الشللرعية‪ ،‬وفيلله ضللرر‬ ‫شرعي ظل ٌ‬
‫لصاحب الحلق بحرملانه منلافع مللاله مللدة التللأخير اللتي قلد‬
‫تطول كثيرًا‪ ،‬فإذا لم يلزم المماطل بتعللويض صللاحب الحللق‬
‫عن ضرر هذا التأخير‪ ،‬كانت النتيجة أن هذا الظللالم العاصللي‬
‫يتساوى مع المين العادل الللذي ل يللؤخر الحقللوق ول يلحللق‬
‫الضرار‪ ،‬إذ كلهما يؤدي مقدار الللواجب فقللط‪ ،‬بللل إن ذلللك‬
‫يغري ويشللجع المماطللل علللى ممللاطلته‪ ،‬والجللزاء الخللروي‬
‫بمعاقبة هذا الظالم ل يفيد صاحب الحق المهضوم شيئا ً فللي‬
‫الدنيا‪ ،‬وحفظ المال مقصود للشارع‪ ،‬لللذا جعللل للله ضللمانات‬
‫قضائية لتحصيله في الدنيا قبل الخرة‪ ،‬ومنها هذا التعويض )‬
‫‪.(110‬‬
‫المناقشة‪:‬‬
‫نوقش بعدم تسليم دعوى أن عدم تعويض الدائن عللن ضللرر‬
‫المماطلة يستلزم مساواة المماطل بغيره‪ ،‬وأن ذلك يشللجع‬
‫على المماطلة‪ ،‬وذلك من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫الوجه الول‪:‬‬
‫أن المسلم الذي يؤمن بالله واليوم الخر يخاف كل الخللوف‬
‫مللن الوقللوع فيمللا حرملله الللله _تعللالى_ مللن مماطلللة أهللل‬
‫الحقوق بغير عذر؛ لنه ظلم للعباد يترتب عليه ما أعده الللله‬
‫للظالمين من عقوبة حذرت منهللا النصللوص الشللرعية‪ ،‬فهللو‬
‫ظلمللات يللوم القيامللة‪ ،‬وسللبب لسللخط الللله ونقمتلله علللى‬
‫الظالم‪ ،‬وهو فاتح لبواب السماء لسللتجابة دعللوة المظلللوم‬
‫علللى ظللالمه‪ ،‬وهللذا الللوازع اليمللاني هللو الحامللل للمللؤمن‬
‫والزاجللر للله كيل يقللع فللي المماطلللة قبللل أن تفللرض عليلله‬
‫غرامة تعويضية للدائن)‪.(111‬‬

‫‪119‬‬
‫الوجه الثاني‪:‬‬
‫أنه في حال ضعف الللوازع اليمللاني فللي قلللب المللدين عللن‬
‫زجره عن الوقوع في المماطلة‪ ،‬فإن اقترفه للمماطلة بغيللر‬
‫حللق يصلليره فللي حكللم الشللريعة ظالم لا ً يسللتحق الشللكوى‬
‫الفاضحة‪ ،‬والعقوبة الزاجرة‪ ،‬وهمللا كافيتللان بللردع المماطللل‬
‫الظالم عن ظلمه‪ ،‬وكفلله عللن المخالفللة بقللوة ل تعللدلها أيللة‬
‫غرامة مالية )‪.(112‬‬
‫الوجه الثالث‪:‬‬
‫أنه فلي حللال ضلعف اللوازع اليمللاني‪ ،‬وعللدم وجللود الللرادع‬
‫ق لحكام الشريعة في المماطلين‪-‬كما يبرر‬ ‫السلطاني ال ُ َ‬
‫مطب ِ ِ‬
‫بذلك من أجاز التعويض ضللرورة‪ ،-‬فللإن الللواجب علللى أهللل‬
‫الموال أن يحتاطوا بالخذ بللالجوانب التوثيقيللة الللتي تضللمن‬
‫حفظ حقوقهم‪ ،‬وذلللك بعللدم التوسللع فللي عقللود المللداينات‪،‬‬
‫وعمل الدراسات الجادة واللزمة للمشاريع الستثمارية قبللل‬
‫الللدخول فيهللا‪ ،‬وتقييللم جللدوها القتصللادية‪ ،‬وأخللذ الضللمانات‬
‫الكافية لحفظ الحق واستيفائه‪ ،‬كللالرهن والضللمان ونحوهللا‪،‬‬
‫والتحري في المعاملة مع ذوي المانة والصدق والكفللاءة‪ ،‬إذ‬
‫كثيرا ً ما يكون من أسباب المطل حصول التفريط فللي هللذه‬
‫المور‪.‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫بعد عرض القللولين وأدلتهمللا ومللا ورد عليهللا مللن المناقشللة‬
‫والتوجيه‪ ،‬يتبين أن القول الول هو الراجح‪ ،‬وهللو عللدم جللواز‬
‫إلزام المدين بتعويض مالي يدفعه للدائن مقابل ضرر فللوات‬
‫دين‪ ،‬وذلللك‬ ‫منفعة المال وربحه بسبب ممللاطلته بالوفللاء بال ل ّ‬
‫لما يلي‪:‬‬
‫‪ (1‬قوة أدلللة القللائلين بللالمنع‪ ،‬وتللوجيه المناقشللات الللواردة‬
‫عليها‪ ،‬مع مناقشة أدلة القول الثاني‪ ،‬وبيان أنها ل تدل علللى‬
‫التعويض المالي‪.‬‬
‫‪ (2‬اختلف القائلين بالتعويض في تكييفه‪ ،‬هللل هللو تعزيللر أم‬
‫تعويض؟ وفي كيفية تقديره؟ دليل على ضعف هذا القول‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫‪ (3‬أن النتيجللة النهائيللة للتعللويض هللي نفللس نتيجللة الربللا‪،‬‬
‫والفرق بينهما فللي التخريجللات فقللط‪ ،‬فهللو يأخللذ مللال ً زائدا ً‬
‫بسبب التأخر في زمن الوفاء‪.‬‬
‫‪ (4‬إن التعويض عن ضرر المماطلة إذا لم يكن ربا ً في ذاتلله‪،‬‬
‫فهو ذريعة إلى الربا‪ ،‬فيمنع‪.‬‬
‫‪ (5‬ما سبق نقله عن أهل العلم بأن المثلي يضللمن بللالمثلي‪،‬‬
‫دين‪ ،‬وأنلله ل فللرق بيللن‬ ‫وأن المماطلة ل توجب زيادة فللي الل ّ‬
‫المماطل وغيره إل في الثم‪ ،‬وأنه بالشرط يمنع اتفاقًا‪ ،‬فكذا‬
‫باللزام القضائي‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫التعويض عن الضرار المترتبة على المماطلة فللي الللديون )‬
‫‪(2/2‬‬
‫‪----------------------------------‬‬
‫)‪ (1‬ينظر‪ :‬معجم مقللاييس اللغللة ص )‪ ،(598‬لسللان العللرب‬
‫ص )‪ ،(4/482‬القاموس المحيط ص )‪ ،(550‬المصباح المنير‬
‫ص )‪.(136‬‬
‫)‪ (2‬سورة النبياء‪ ،‬جزء من الية )‪.(83‬‬
‫)‪ (3‬التعويض عن الضرر في الفقه السلمي للدكتور محمللد‬
‫بوساق ص )‪ ،(68‬ينظر‪ :‬معجم المصطلحات القتصادية فللي‬
‫لغة الفقهاء ص )‪.(219‬‬
‫)‪ (4‬ينظر في هذه الشروط‪ :‬الضللمان فللي الفقلله السلللمي‬
‫للشيخ علللي الخفيللف )‪ ،(48‬التعللويض عللن الضللرر للللدكتور‬
‫محمللد بوسللاق ص )‪ ،(211-177‬ونظريللة الضللمان للللدكتور‬
‫وهبة الزحيلي ص )‪ (188‬وما بعدها ا‪.‬هل‬
‫)‪ (5‬اختلف الفقهاء في ضللمان المنللافع؟ بنللاء علللى خلفهللم‬
‫في مالية المنافع‪ ،‬فقال الجمهور‪ " :‬هي مضمونة؛ لنها مللال‬
‫يمكن تقويمه وأخذ العوض عنه والمبادلة بينه وبين المللال "‪،‬‬
‫وخالف الحنفية فقالوا‪ :‬بعدم مالية المنللافع‪ ،‬والمللال كللل مللا‬
‫يمكن تملكه من أي شيء‪ ،‬والمنافع ل تملك ول تدخر‪ ،‬ينظر‪:‬‬
‫المبسوط )‪ ،(11/79‬الموسوعة الفقهية )‪ ،(13/37‬التعويض‬
‫عن الضرر د‪ .‬محمد المدني بوساق ص )‪.(180‬‬

‫‪121‬‬
‫)‪ (6‬ينظر‪ :‬بللدائع الصللنائع )‪ ،(7/167‬الضللمان للخفيللف ص )‬
‫‪ ،(169‬التعويض عن الضرر لبوساق ص )‪.(188‬‬
‫)‪ (7‬أهلية الوجوب‪ :‬هي صلحية النسان لوجوب الحقوق للله‬
‫وعليه معا ً أو للله أو عليلله‪ ،‬ومبنللى ذلللك وجللود ذمللة صللالحة‪،‬‬
‫ينظللر‪ :‬بللدائع الصللنائع )‪ ،(7/168‬الشللرح الكللبير للللدردير )‬
‫‪ ،(3/443‬قواعللللد الحكللللام )‪ ،(1/186‬القنللللاع )‪،(2/354‬‬
‫الموسوعة الفقهية الكويتية )‪.(7/152‬‬
‫)‪ (8‬ينظلللر‪ :‬بلللدائع الصلللنائع )‪ ،(7/315‬الخرشلللي )‪(8/42‬‬
‫المهذب )‪ ،(2/205‬المغني )‪.(12/133‬‬
‫)‪ (9‬حول جواز إلزام المدين المماطل بتعويض الدائن‪ ،‬مجلة‬
‫دراسللات اقتصللادية إسلللمية‪ .‬ع‪ ،2 :‬م‪ ،3:‬ص)‪ ،(20‬ينظللر‪:‬‬
‫تعليق زكي شعبان عليه ص )‪ ،(198‬مجلة الملك عبد العزيز‬
‫مجلد ص )‪.(20‬‬
‫)‪ (10‬بحث في مطل الغني وأنه ظلم يحل عرضلله وعقللوبته‬
‫ضمن مجموع فتاوى وبحوث الشيخ )‪.(3/239‬‬
‫)‪ (11‬التفللاق علللى إلللزام المللدين الموسللر بتعللويض ضللرر‬
‫المماطل ص )‪ ،(112‬ينظر‪ :‬التعويض عن الضرر من المدين‬
‫المماطل لمحمد الزحيلي ص )‪ ،(82‬بحوث في قضايا فقهية‬
‫معاصرة للعثماني ص )‪.(37‬‬
‫)‪ (12‬التعلويض عللن الضللرر مللن المللدين الماطللل د‪ .‬محمللد‬
‫دين‬‫الزحيلي ص )‪ ،(82‬التعويض عن ضرر المماطلة فللي اللل ّ‬
‫بين الفقه و القتصاد د‪.‬محمد ابن الزرقاء ود‪ .‬محمد بن علي‬
‫القري ص )‪.(38‬‬
‫)‪ (13‬خللروج هللذه المسللألة مللن النللزاع ل لكللون العقوبللة‬
‫بللالتعزير بالمللال مسللألة متفللق عليهللا‪ ،‬بللل لن الخلف فللي‬
‫التعويض ليس مبنيا ً على جواز التعزير بالمال‪ ،‬أما مللا يتعلللق‬
‫بالتعزير بالمال‪ ،‬فيقال‪:‬‬
‫التعزير بأخذ المال محل إشكال‪ ،‬ومسألة تحتاج إلى تحريللر‪،‬‬
‫وذلك أن كثيرا ً مللن العلمللاء نصللوا فللي مواضللع علللى حرمللة‬
‫التعزير بالمال‪ ،‬وتحريم أخذه بللدون حللق وطيللب نفللس مللن‬

‫‪122‬‬
‫صاحبه‪ ،‬ويعللون المنللع بللالخوف مللن تسلللط الجبللابرة علللى‬
‫أموال الناس‪ ،‬وأخذها بالتشهي ظلملا ً وبغيلا ً بللدعوى التعزيللر‬
‫بالمال ‪.‬‬
‫قال ابن عابدين‪ " :‬المذهب عدم التعزير بأخذ المال "‪ ،‬وقال‬
‫قبل ذلك‪ " :‬وعن أبي يوسف‪ :‬يجوز التعزير للسلللطان بأخللذ‬
‫المال‪ ،‬وعندهما وباقي الئمة ل يجوز ا‪.‬هللل‪ ...‬ول يفللتى بهللذا‪،‬‬
‫لما فيه من تسليط الظلمة على أخذ مللال النللاس فيللأكلونه‪،‬‬
‫… وأفاد في البزازيللة‪ :‬أن معنللى التعزيللر بأخللذ المللال علللى‬
‫القول به‪ :‬إمساك شيء من ماله عنه مدة لينزجر ثللم يعيللده‬
‫الحاكم إليه‪ ،‬ل أن يأخذه الحاكم لنفسه‪ ،‬أو لبيت المللال كمللا‬
‫يتوهمه الظلمة‪ ،‬إذ ل يجوز لحد من المسلمين أخذ مال أحد‬
‫بغيللر سللبب شللرعي "‪].‬ينظللر‪ :‬حاشللية ابللن عابللدين )‪-4/61‬‬
‫‪.[ (62‬‬
‫ل إنسللان "‪.‬‬ ‫ب من الذنوب ما َ‬ ‫ح ُ‬
‫ل ذن ٌ‬ ‫وقال المام مالك‪ " :‬ل ي ُ ِ‬
‫] ينظللر‪ :‬البيللان والتحصلليل لبللن رشللد )‪ ،[ (9/359‬وقللال‬
‫الدسوقي‪ " :‬ول يجوز التعزير بأخذ المال إجماعللا ً "‪] .‬ينظللر‪:‬‬
‫حاشية الدسوقي على الشرح الكبير )‪.[ (4/355‬‬
‫وقال الشافعي‪ " :‬ل يعاقب رجل في ماله‪ ،‬وإنما يعاقب فللي‬
‫بدنه‪ ،‬وإنما جعل الله الحدود على البدان‪ ،‬وكذلك العقوبلات‪،‬‬
‫فأما الموال فل عقوبة عليها"‪] .‬ينظر‪ :‬الم )‪.[ (4/265‬‬
‫وقللال ابللن قدامللة‪ " :‬التعزيللر يكللون بالضللرب‪ ،‬والحبللس‪،‬‬
‫والتوبيخ‪ ،‬ول يجوز قطع شيء منه ول جرحله‪ ،‬ول أخلذ مللاله؛‬
‫لن الشرع لم يرد بشيء من ذلك عن أحد يقتللدي بلله‪ ،‬ولن‬
‫الواجب أدب‪ ،‬والتأديب ل يكون بالتلف "‪] .‬ينظر‪ :‬المغنللي )‬
‫‪.[ (12/526‬‬
‫فهذه عبارات العلماء في تحريم التعزير بأخذ المال‪ ،‬حللتى ل‬
‫ُيفتح الباب للظلمة لستباحة أموال الناس المعصللومة‪ ،‬قللال‬
‫في القناع )‪ " :(4/246‬قال الشيخ ‪-‬يعني ابللن تيميللة‪ :-‬وقللد‬
‫يكون التعزير بالنيل من عرضه‪ ،‬مثل أن يقال له‪ :‬يا ظالم‪ ،‬يا‬
‫معتدي‪ ،‬وبإقامته من المجلس‪ ،‬وقال‪ :‬التعزيللر بالمللال سللائغ‬

‫‪123‬‬
‫إتلفا ً وأخذًا‪ ،‬وقول أبي محمد المقدسي ‪ -‬يعني الموفق ابللن‬
‫قدامة‪ :-‬ل يجوز أخذ ماله‪ ،‬إشارة منه إلى مللا يفعللله الحكللام‬
‫الظلمة " ا‪.‬هل‪.‬‬
‫ل بللالجواز علللى مسللائل مخصوصللة‬ ‫ن تيمية القو َ‬ ‫وقد خّرج اب ُ‬
‫في مذاهب أهللل العلللم‪ ،‬وبيللن أن العلمللاء ممللن نللص علللى‬
‫المنع يقللول بله فللي تفاصليل بعلض المسلائل‪ ،‬قلال _رحملله‬
‫الللله_‪" :‬والتعزيللرات بالعقوبللات الماليللة مشللروع أيضلًا‪،‬فللي‬
‫مواضع مخصوصللة‪ ،‬فللي مللذهب مالللك فللي المشللهور عنلله‪،‬‬
‫ومذهب أحمد في مواضع بل نللزاع عنلله‪ ،‬وفللي مواضللع فيهللا‬
‫نزاع عنه‪ ،‬والشافعي في قول‪ ،‬وإن تنازعوا في تفصيل ذلللك‬
‫"‪] .‬ينظر‪ :‬الحسبة ص )‪.[(93‬‬
‫ولمزيد من البحث في التعزير بالمال‪ ،‬ينظر‪ :‬الفتاوى الكبرى‬
‫)‪ ،(5/530‬الطرق الحكمية ص )‪ ،(207‬فتاوى الشيخ محمللد‬
‫بلن إبراهيلم )‪ ،(12/125‬كتللاب التشللريع الجنلائي السللمي‬
‫لعبد القادر عوده )‪ ،(1/705‬والتعزير في الشريعة السلمية‬
‫للللللدكتور عبللللدالعزيز عللللامر ص )‪ ،(409-394‬الحللللدود و‬
‫التعزيرات عنللد ابللن القيللم للشلليخ بكللر أبللو زيللد ص )‪-496‬‬
‫‪ ،(498‬التعزير بالمال لماجد أبو رخية ص ‪.270-255‬‬
‫)‪ (14‬سورة البقرة‪ ،‬جزء من الية )‪.(275‬‬
‫)‪ (15‬سورة البقرة‪ ،‬جزء من الية )‪.(275‬‬
‫)‪ (16‬سورة البقرة اليتين )‪(278‬و)‪.(279‬‬
‫)‪ (17‬أخرجه البخاري في الصحيح‪ ،‬كتاب الوصللايا بللاب قللول‬
‫مى ظ ُْلم لًا"‪.‬‬ ‫الللله _تعللالى_‪" :‬إن ال ّلذين ي لأ ْك ُُلو َ‬
‫ل ال ْي َت َللا َ‬
‫وا َ‬
‫مل َ‬
‫نأ ْ‬‫َ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ِ ّ‬
‫]سللورة النسللاء‪ ،‬جللزء مللن اليللة )‪ (5/462) [(10‬برقللم )‬
‫‪ ،(2766‬ومسلللم فللي الصللحيح‪ ،‬كتللاب اليمللان‪ ،‬بللاب بيللان‬
‫الكبائر وأكبرها )‪.(1/92‬‬
‫)‪ (18‬أخرجللله مسللللم فلللي الصلللحيح‪ ،‬كتلللاب المسلللاقاة‬
‫والمزارعة‪ ،‬باب الربا )‪.(11/26‬‬
‫)‪ (19‬أخرجه مسلللم فللي الصللحيح‪ ،‬كتللاب الحللج‪ ،‬بللاب حجللة‬
‫النبي _صلى الله عليه وسلم_ )‪.(8/182‬‬

‫‪124‬‬
‫)‪ (20‬أخرجه أبو داود في سننه‪ ،‬كتاب البيوع‪ ،‬باب وضع الربا‬
‫)‪ ،(9/131‬ورقم الحديث )‪ ،(3332‬وابن مللاجه فللي السللنن‪،‬‬
‫كتللاب المناسللك‪ ،‬بللاب الخطبللة فللي يللوم النحللر )‪،(2/1015‬‬
‫ورقم الحديث )‪.(3055‬‬
‫)‪ (21‬الجمللاع )‪ ،(136‬أحكللام القللرآن )‪ ،(1/638‬المغنللي )‬
‫‪ ،(6/52‬المجمللوع )‪ ،(9/391‬ينظللر‪ :‬القللوانين الفقهيللة ص )‬
‫‪ ،(165‬بداية المجتهد )‪ ،(2/128‬إعلم الموقعين )‪.(2/103‬‬
‫)‪ (22‬وممن اختاره من المعاصرين وكتب لنصرته‪:‬‬
‫الستاذ الدكتور أحمد فهمي أبو سنة في مجلللة الزهللر ص )‬
‫‪ ،(754‬ج)‪ ،(7‬السنة )‪ (63‬رجب ‪1411‬هل‬
‫والدكتور نزيه كمللال حمللاد فللي المؤيللدات الشللرعية لحمللل‬
‫المدين المماطل على الوفاء ص )‪.(295‬‬
‫والللدكتور علللي السللالوس كمللا فللي مجلللة المجمللع‪ ،‬العللدد‬
‫السادس )‪.(264 /1‬‬
‫والدكتور تقي العثماني في كتللابه بحللوث فللي قضللايا فقهيللة‬
‫معاصرة ص )‪.(40‬‬
‫والدكتور محمد شبير كما في الندوة الرابعللة لللبيت التمويللل‬
‫الكويتي ص )‪.(281‬‬
‫والدكتور حسن المين كما في تعليقه على بحللث الزرقللا ص‬
‫)‪ (41‬في مجلة دراسات اقتصادية إسلمية )م‪،3:‬ع‪.(2:‬‬
‫والللدكتور رفيللق المصللري كمللا فللي مجلللة المجمللع‪ ،‬العللدد‬
‫السادس )‪.(1/334‬‬
‫والشيخ عبدالله بن بيه كما في تعليقه على بحث الزرقللا ص‬
‫)‪ (54‬في مجلة دراسات اقتصادية إسلمية )م‪-3:‬ع‪.(2:‬‬
‫دين شلعبان كمللا فللي تعليقلله علللى بحللث‬ ‫والللدكتور زكللي الل ّ‬
‫الزرقا ص )‪ ،(99‬في مجلة جامعة الملك عبللد العزيللز )م‪(1:‬‬
‫عام ‪1409‬هل‪.‬‬
‫والدكتور محمللد زكللي عبللد الللبر كمللا فللي تعليقلله علللى رأي‬
‫الضرير ص )‪ ،(61‬في مجلة جامعة الملك عبد العزيللز )م‪(3:‬‬
‫عام ‪1411‬هل‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫والدكتور محمد القري كما في مجلة المجمع‪ ،‬العدد الثامن )‬
‫‪.(3/679‬‬
‫)‪ (23‬قرارات المجمع الفقهي السلمي التابع لرابطة العالم‬
‫السلمي ص )‪.(268‬‬
‫)‪ (24‬مجلة المجمع العدد )‪.(448-447 / 1) (6‬‬
‫)‪ (25‬المعللللايير الشللللرعية لهيئة المحاسللللبة والمراجعللللة‬
‫للمؤسسات المالية السلمية ص)‪.(34‬‬
‫)‪ (26‬الجراءات المقترحة لمواجهة المماطلللة‪ ،‬د‪ .‬أحمللد بللن‬
‫علي عبد الله ص)‪.(6‬‬
‫)‪ (27‬وممن اختاره من المعاصرين وكتب لنصرته‪:‬‬
‫الشيخ مصطفى بلن أحملد الزرقلاء رحمله اللله فلي مقلاله‪:‬‬
‫حول جواز إلزام المدين المماطل بتعويض للدائن‪ ،‬نشر فللي‬
‫مجلة دراسات اقتصللادية فقهيللة‪ ،‬ص )‪ ،(20-11‬مجلللد )‪– 3‬‬
‫ع‪ (2:‬سنة ‪1417‬هل‪.‬‬
‫والشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع في بحثه‪ :‬مطل الغنللي‬
‫ظلم وأنه يحلل عرضله وعقلوبته‪ ،‬نشلر فلي مجملوع فتلاوى‬
‫وبحوث الشيخ )‪.(266-3/191‬‬
‫والللدكتور محمللد الزحيلللي فللي بحللث غيللر منشللور بعنللوان‪:‬‬
‫التعويض عللن الضللرر مللن المللدين المماطللل‪ ،‬ص ‪،82 -81‬‬
‫مقلللدم لهيئة المحاسلللبة والمراجعلللة للمؤسسلللات الماليلللة‬
‫السلمية بالبحرين ‪1421‬هل‪.‬‬
‫والدكتور عبلد الحميلد البعللي فلي كتلابه‪ :‬أساسليات العملل‬
‫المصرفي السلمي ص)‪.(59-57‬‬
‫والشيخ محمد خاطر كمللا فللي ورقللة‪ :‬الجللراءات المقترحللة‬
‫لمواجهة المماطلة ص )‪.(5‬‬
‫والدكتور عبد العزيز القصار في كتابه‪ :‬مطل الغني ظلللم ص‬
‫)‪.(76‬‬
‫)‪ (28‬جواز إلزام المدين المماطل ص )‪.(20‬‬
‫)‪ (29‬بحث في أن مطل الغني ظلم )‪.(3/193‬‬
‫)‪ (30‬بحث في أن مطل الغني ظلم )‪.(3/240‬‬

‫‪126‬‬
‫)‪ (31‬بحث في أن مطل الغني ظلم )‪.(3/252‬‬
‫)‪ (32‬مطل الغني ظلم للمنيع )‪.(3/264‬‬
‫)‪ (33‬حول جواز إلزام المدين المماطل بتعويض الللدائن ص‬
‫)‪ ،(20‬وقد أكد الشيخ أن التفاق المسبق على تقللدير ضللرر‬
‫الدائن له محذور كبير‪ ،‬وهللو أن يصللبح التعللويض ذريعللة لربللا‬
‫مستور بتواطؤ بين الدائن والمدين‪ ،‬كأن يتفقا علللى القللرض‬
‫على فوائد زمنية ربوية‪ ،‬ثم يعقد القرض لمدة قصيرة‪ ،‬وهما‬
‫متفاهمان على أن ل يسدد المدين القرض في ميعاده‪ ،‬لكللي‬
‫يستحق الدائن عليه تعويض تأخير متفق عليه مسللبقا ً يعللادل‬
‫سعر الفائدة‪ .‬ولذا قال‪ " :‬لذلك ل يجوز في نظري إذا أقرت‬
‫فكرة التعللويض عللن ضللرر التللأخير‪ ،‬أن يحللدد هللذا التعللويض‬
‫باتفاق مسبق‪ ،‬بل يجب أن يناط تقدير التعللويض بالقضللاء "‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬حول جواز إلزام المدين ص )‪.(19-18‬‬
‫)‪ (34‬التفللاق علللى إلللزام المللدين الموسللر بتعللويض ضللرر‬
‫المماطل )‪ ،(112‬علما ً أن الشيخ ليس ممن يقللول بتعللويض‬
‫الضللرر بفللوات الربللح المفللترض كمللا سلليأتي فللي المبحللث‬
‫القادم‪.‬‬
‫)‪ (35‬المنهلللج المحاسلللبي لعمليلللات المرابحلللة ص )‪،(120‬‬
‫الخدمات المصرفية للشبيلي )‪.(2/608‬‬
‫)‪ (36‬سورة البقرة‪ ،‬جزء من الية )‪.(275‬‬
‫)‪ (37‬سورة البقرة‪ ،‬جزء من اليتين )‪(279‬و)‪.(280‬‬
‫)‪ (38‬ينظر‪ :‬تعليق ابن بيه على بحث الزرقاء ص )‪.(49‬‬
‫)‪ (39‬ينظر‪ :‬تعليق ابن بيه على بحث الزرقاء ص )‪.(48‬‬
‫)‪ (40‬ينظر‪ :‬المؤيدات الشرعية لحمل المللدين علللى الوفللاء‬
‫ص )‪.(292‬‬
‫)‪ (41‬ينظر‪ :‬بحث في مطل الغني للمنيع )‪.(3/249‬‬
‫)‪ (42‬ينظر‪ :‬تعليق د‪.‬رفيق المصللري ص )‪ ،(63‬تعليللق زكللي‬
‫الدين شعبان ص )‪.(200‬‬

‫‪127‬‬
‫)‪ (43‬ينظر‪ :‬بحث فللي مطللل الغنللي ظلللم )‪ ،(3/250‬ينظللر‪:‬‬
‫مقال‪ :‬حول جواز إلزام المدين المماطل بتعويض للدائن ص‬
‫)‪.(19‬‬
‫)‪ (44‬بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثماني ص )‪.(42‬‬
‫)‪ (45‬المؤيدات الشرعية ص )‪.(209‬‬
‫)‪ (46‬بحث فللي مطللل الغنللي )‪ ،(3/251‬بحللوث فللي قضللايا‬
‫فقهية معاصرة للعثماني ص )‪.(39‬‬
‫)‪ (47‬تعليق‪ :‬ابن بيه في تعليقه على الزرقا ص )‪.(49‬‬
‫)‪ (48‬ينظر‪ :‬تعليق محمد زكي عبلد اللبر عللى بحلث الضلرر‬
‫ص )‪ (62‬مجلة الملك عبد العزيز )م‪1400 (3:‬هل‪.‬‬
‫)‪ (49‬ينظللر‪ :‬مقللال‪ :‬حللول جللواز إلللزام المللدين المماطللل‬
‫بتعويض للدائن ص)‪ ،(19‬بحوث في قضللايا فقهيللة معاصللرة‬
‫للعثماني ص )‪.(39‬‬
‫)‪ (50‬ينظر‪:‬بحوث في قضايا فقهية معاصللرة للعثمللاني ص )‬
‫‪.(43‬‬
‫)‪ (51‬سبق تخريجه ص )‪.(43‬‬
‫)‪ (52‬ينظر‪ :‬بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثمللاني ص )‬
‫‪.(40‬‬
‫)‪ (53‬ينظر‪ :‬بحث في مطل الغني للمنيع )‪.(3/251‬‬
‫)‪ (54‬ينظر‪ :‬بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثمللاني ص )‬
‫‪.(42‬‬
‫)‪ (55‬ينظللر‪ :‬بحللوث فللي قضللايا فقهيللة معاصللرة ص )‪،(40‬‬
‫مجللللة الزهلللر سلللنة ‪) 63‬جلللزء ‪ (7‬ص )‪ ،(754‬المؤيلللدات‬
‫الشرعية ص )‪ ،(291‬تعليق ابن بيه على بحللث الزرقللا ص )‬
‫‪ ،(51‬تعليق حسن المين على بحث الزرقا ص)‪.(43‬‬
‫)‪ (56‬مقللال‪ :‬حللول جللواز إلللزام المللدين المماطللل بتعللويض‬
‫للدائن ص )‪.(12‬‬
‫)‪ (57‬ينظر‪ :‬تعليق ابن بيه على مقال الزرقا ص )‪.(48‬‬
‫)‪ (58‬الشراف )‪.(146-1/145‬‬
‫)‪ (59‬أحكام القرآن للجصاص )‪.(1/648‬‬

‫‪128‬‬
‫)‪(60‬السياسة الشرعية ص )‪.(64‬‬
‫)‪ (61‬الختيارات الفقهية من فتاوى ابللن تيميللة للبعلللي ص )‬
‫‪.(202‬‬
‫)‪ (62‬مقال للدكتور أحمد فهمي أبو سنه‪ ،‬مجللة الزهلر ص)‬
‫‪ ،(754‬ينظر‪ :‬بحوث فللي قضللايا فقهيللة معاصللرة للعثمللاني)‬
‫‪.(42‬‬
‫)‪ (63‬مجلة الزهر ص )‪ (754‬جزء )‪ (7‬عام )‪.(63‬‬
‫)‪ (64‬الهداية مع فتح القدير )‪.(9/318‬‬
‫)‪.(2/1214) (65‬‬
‫)‪ (66‬روضة الطالبين )‪.(5/18‬‬
‫)‪ (67‬المغني )‪.(7/362‬‬
‫)‪ (68‬الجماع ص )‪.(160‬‬
‫)‪ (69‬للقللدوري ص )‪ ،(194‬وقللال شللارحه فللي اللبللاب )‬
‫‪" :(3/210‬باتفاق"‪.‬‬
‫)‪.(3/1428) (70‬‬
‫)‪.(8/371) (71‬‬
‫)‪.(12/454) (72‬‬
‫)‪ (73‬شرح منتهى الرادات )‪.(3/873‬‬
‫ولم أجد أحدا ً قال بتضمين الغاصب لربح المال المفترض إل‬
‫قللول ً مرجوحللا ً لبعللض المالكيللة‪ ،‬بللل حكللى بعضللهم اتفللاق‬
‫المالكية على خلفه‪ ،‬وأن ربح الدراهم المغصوبة للغاصب‪.‬‬
‫قللال القرافللي فللي الللذخيرة )‪ " :(8/317‬إذا غصللب دراهللم‬
‫ودنانير فربح فيها ‪-‬أي تحقق الربح‪ -‬فثلثة أقوال‪ :‬قلال ماللك‬
‫وابن القاسم‪ :‬ل شيء لك إل رأس المال‪....‬وعن ابن حبيب‪:‬‬
‫إن تجر فيهللا موسللرا ً فللله‪-‬أي الغاصللب‪ -‬الربللح لقبللول ذمتلله‬
‫الضللمان أو معسللرا ً فلللك –أي للمغصللوب منلله‪...-‬وعللن ابللن‬
‫سحنون‪ :‬لك ما كنت تتجر فيها لو كانت في يديك ولللم يتجللر‬
‫فيها الغاصب بلل قضلاها فللي ديللن أو أنفقهللا "‪ .‬وحكللى ابلن‬
‫رشللد التفللاق علللى أنهللا للغاصللب‪ ،‬قللال فللي المقللدمات‬
‫الممهللدات )‪ ":(2/497‬مللا اغتللل منهللا بتصللريفها وتفويتهللا‬

‫‪129‬‬
‫وتحويل عينها كالدنانير يغتصبها فيغتلها بالتجارة فيها‪...‬فالغلة‬
‫له –أي الغاصب‪ -‬قول ً واحدا ً في المذهب"‪ ،‬قال العدوي فللي‬
‫حاشيته على الخرشي)‪ (6/143‬بعد ذكر القللوال السللابقة‪":‬‬
‫الراجح أن الربح للغاصب مطلقًا‪ ،‬كمللا أفللاده بعللض الشلليوخ‬
‫خصوصا ً وقد علمللت أنلله كلم مالللك وابللن القاسللم‪ ،‬وحكللى‬
‫التفاق عليه ابن رشد "‪.‬‬
‫)‪ (74‬وهو ملذهب الحنفيللة‪ ،‬والراجللح عنلد المالكيللة‪ ،‬وأظهللر‬
‫الللوجهين عنللد الشللافعية‪ ،‬واحتمللال عنللد الحنابلللة‪ ،‬ينظللر‪:‬‬
‫المبسوط )‪ ،(11/78‬مجمع الضللمانات ص )‪ ،(130‬الرسللالة‬
‫ص )‪ ،(233‬الخرشللي علللى خليللل مللع العللدوي)‪،(6/143‬‬
‫المهللذب )‪ ،(14/248‬روضللة الطللالبين )‪ ،(5/59‬المغنللي )‬
‫‪ ،(7/399‬الفروع)‪ ،(4/494‬النصاف )‪.(15/277‬‬
‫)‪ (75‬ينظر‪ :‬منح الجليل )‪.(533-4/532‬‬
‫)‪ (76‬ينظر‪ :‬الخرشللي مللع حاشللية العللدوي )‪ ،(5/55‬والغلللة‬
‫عند المالكية تشمل المنافع والزوائد‪ ،‬ينظر‪ :‬نظرية الضللمان‬
‫للخفيف ص )‪.(51‬‬
‫)‪ (77‬ينظر‪ :‬تحرير الكلم على مسائل اللتزام ص )‪.(176‬‬
‫)‪ (78‬ينظللر‪ :‬الفللروق للقرافللي )‪ ،(2/32‬موسللوعة القواعللد‬
‫الفقهية )‪.(6/30‬‬
‫)‪(79‬ينظللر‪ :‬متللأخرات البنللوك السلللمية ص )‪ ،(46‬عقللد‬
‫القللرض فللي الشللريعة السلللمية والقللانون الوضللعي لعلء‬
‫خروفة ص)‪ ،(201‬وفللي قللرار مجمللع الفقلله السلللمي فللي‬
‫مكة رقم)‪ (5‬في الدورة العاشرة‪ ،‬وهو بشأن الرد على مللن‬
‫أباح الفائدة الربوية ما نصله‪ " :‬المجمللع يسللتنكر بشللدة هللذا‬
‫البحث‪....‬لمخالفته النصوص الواضحة والجماعات القاطعللة‪،‬‬
‫وترويجه للشبه والحجج الزائفة‪ ،‬بنقله عللن الجهلللة لمقاصللد‬
‫الشريعة‪ :‬أن الربا تعويض عن حرمان المقللرض بمللاله مللدة‬
‫القرض‪ ،‬وهي من شبه اليهود في إحللهللم الربللا " ]قللرارات‬
‫المجمع ص)‪.[(225-224‬‬

‫‪130‬‬
‫)‪ (80‬وهو توما الكويني‪ ،‬ينظر‪ :‬تعليق المصللري علللى بحللث‬
‫الزرقا جواز إلزام المدين المماطل بالتعويض ص )‪.(62‬‬
‫)‪ (81‬وهو الشيخ الضرير‪ ،‬مجلللة جامعللة الملللك عبللد العزيللز‬
‫)م‪،(5:‬ل ‪ 1413‬هل ص )‪ ،(70‬الجراءات المفترضللة لمواجهللة‬
‫المماطلة ص )‪.(5‬‬
‫)‪ (82‬ينظر‪ :‬الخدمات المصرفية )‪.(628 /2‬‬
‫)‪ (84‬بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثماني ص )‪.(42‬‬
‫)‪ (85‬المنهلللج المحاسلللبي لعمليلللات المرابحلللة ص )‪،(115‬‬
‫الخدمات المصرفية )‪.(2/626‬‬
‫)‪ (86‬سورة المائدة‪ ،‬جزء من الية )‪.(1‬‬
‫)‪ (87‬سورة النساء‪ ،‬جزء من الية )‪.(58‬‬
‫)‪ (88‬سورة النساء‪ ،‬جزء من آية )‪.(29‬‬
‫)‪ (89‬مقللال‪ :‬حللول جللواز إلللزام المللدين المماطللل بتعللويض‬
‫للدائن )‪.(14-13‬‬
‫)‪ (90‬ينظر‪ :‬المؤيدات الشرعية )‪.(290‬‬
‫)‪ (91‬ينظر‪ :‬المؤيدات الشرعية )‪.(290‬‬
‫)‪ (92‬رواه ابن ماجة في سننه واللفظ له في كتاب الحكام‪،‬‬
‫باب من بنى في حقه ما يضر بجاره )‪ (2/784‬حديث رقللم )‬
‫‪ ،(2340‬ورواه أحمللد فللي المسللند )‪ (5/327‬عللن عبللادة‬
‫_رضي الله عنه_‪.‬‬
‫ورواه الحللاكم فللي المسللتدرك‪ ،‬كتللاب الللبيوع )‪،(58-2/57‬‬
‫والدارقطني في السنن‪ ،‬كتللاب القضللية والحكللام )‪(4/228‬‬
‫ورقللم الحللديث)‪ ،(85‬والللبيهقي فللي السللنن الكللبرى‪ ،‬كتللاب‬
‫الصلح‪ ،‬باب ل ضرر ول ضرار )‪ (6/69‬عن أبي سعيد _رضلي‬
‫الله عنه_‪.‬‬
‫ورواه مالك في الموطأ عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه‬
‫مرفوعلا ً فللي كتللاب القضللية‪ ،‬بللاب القضللاء فللي المرافللق )‬
‫‪ (2/745‬وهو مرسل قال النووي‪ " :‬للله طللرق يقللوي بعضللها‬
‫بعضا ً "‪ ،‬وقال ابن رجللب‪ " :‬قللال ابللن الصلللح هللذا الحللديث‬
‫أسللنده الللدارقطني مللن وجللوه‪ ،‬ومجموعهللا يقللوي الحللديث‬

‫‪131‬‬
‫ويحسنه وقد تقبله أهل العلللم واحتجللوا بلله " ]جللامع العلللوم‬
‫والحكم ص )‪ ،[(330-329‬وصححه اللباني في إرواء الغليل‬
‫)‪ (3/408‬حديث رقم )‪ ،(896‬وينظر‪ :‬نصب الراية للزيلعي )‬
‫‪ ،(4/384‬فيض القدير)‪.(6/432‬‬
‫)‪ (93‬ينظللر‪ :‬مقللال حللول جللواز إلللزام المللدين المماطللل‬
‫بتعويض للدائن ص )‪.(15‬‬
‫)‪ (94‬ينظر‪ :‬بحوث في قضايا فقهية معاصللرة للعثمللاني ص)‬
‫‪.(40‬‬
‫)‪ (95‬ينظر‪ :‬بحوث في قضايا فقهية معاصللرة للعثمللاني ص)‬
‫‪.(40‬‬
‫)‪ (96‬ينظللللر‪ :‬الشللللباه والنظللللائر للسلللليوطي ص)‪،(176‬‬
‫موسللوعة القواعللد الفقهيللة )‪ ،(6/257‬المؤيللدات الشللرعية‬
‫ص)‪.(292-291‬‬
‫)‪ (97‬المؤيدات الشرعية ص )‪ (292‬ويؤيد هللذا المعنللى‪ :‬أن‬
‫الزواجر ل تقبل الجبر‪ ،‬فعل النبي _صلى الللله عليلله وسلللم_‬
‫حينما رد على العرابي ‪ -‬والللد العسلليف الللذي زنللى بللامرأة‬
‫جره ‪ -‬التعويض المالي الذي بذله لزوج المللرأة‪ ،‬وهللو مئة‬ ‫مؤ ّ‬
‫شللاة ووليللدة‪ ،‬وأمللر بإقامللة الحللد الشللرعي تحصلليل ً لزجللر‬
‫النللاس‪ ،‬وحللتى ل يتواطللأ النللاس علللى الجللرائم والللذنوب‪،‬‬
‫ويتراضوا بالمعاوضة عنها ماليًا‪ ،‬قال _صلى الله عليه وسلم_‬
‫‪ " :‬والذي نفسي بيده لقضللين بينكمللا بكتللاب الللله‪ ،‬الوليللدة‬
‫والغنم رد عليك‪ ،‬وعلى ابنك جلد مئة وتغريب عللام‪ ،‬واغللد يللا‬
‫أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"‪] .‬الحديث أخرج‬
‫البخاري في صحيحه‪ ،‬كتاب الصلح‪ ،‬بللاب إذا اصللطلحوا علللى‬
‫جور فالصلح مردود )‪ (5/355‬وقم الحللديث)‪،(2696-2695‬‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب حد الزنا )‪(11/205‬‬
‫من حديث زيد بن خالد‪ ،‬وأبي هريرة [‪.‬‬
‫وأطال القرافلي الّنفلس فللي التفريللق بيلن قاعلدة الزواجلر‬
‫والجوابر في الذخيرة )‪ ،(8/289‬والفروق )‪.(1/213‬‬

‫‪132‬‬
‫)‪ (98‬ينظر‪ :‬الحسبة ص )‪ ،(93‬ومجموع الفتللاوى )‪-28/109‬‬
‫‪.(119‬‬
‫)‪ (99‬ينظر‪ :‬بحث في مطل الغني )‪.(206-3/200‬‬
‫)‪ (100‬ينظر‪ :‬بحث في مطل الغني )‪ ،(3/200‬الحسبة ص )‬
‫‪.(107‬‬
‫)‪ (101‬ينظر‪ :‬بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثماني ص)‬
‫‪.(42‬‬
‫)‪ (102‬ينظر‪ :‬بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثماني ص)‬
‫‪.(42‬‬
‫)‪ (103‬أخرجه أبو داود في سننه واللفظ للله‪ ،‬كتللاب الحللدود‬
‫بللاب مللا ل قطللع فيلله )‪ (12/37‬رقللم الحللديث )‪،(4380‬‬
‫والنسائي في سننه‪ ،‬كتاب قطع السارق‪ ،‬بللاب الثمللر يسللرق‬
‫بعد أن يؤويه الجريللن )‪ (8/85‬رقللم الحللديث)‪ ،(4958‬وابللن‬
‫ماجه في السنن كتاب الحللدود بللاب مللن سللرق مللن حللرز )‬
‫‪ (2/865‬رقم الحديث)‪ ،(2596‬وابن الجارود فللي المنتقللى )‬
‫‪ (1/210‬رقم الحديث)‪ ،(827‬والبيهقي في السنن الكللبرى )‬
‫‪ ،(4/153‬والحللاكم فللي المسللتدرك فللي كتللاب الحللدود )‬
‫‪ ،(4/381‬و حسنه اللباني كما في إرواء الغليل )‪.(8/69‬‬
‫)‪ (104‬الحريسة‪ :‬هي التي تؤخللذ ملن المرعلى‪ ،‬وليللس فيله‬
‫قطع لعدم الحرز‪ ،‬ينظر‪ ::‬شرح السنة للبغوي)‪.(8/319‬‬
‫)‪ (105‬رواه المام أحمد في المسند واللفللظ للله )‪،(2/180‬‬
‫والبغوي في شرح السنة فللي كتللاب العطايللا بللاب اللقطللة )‬
‫‪ (8/318‬وقد حسن إسناده شللعيب الرنللؤوط وأصللحابه فللي‬
‫تخريج المسند)‪.(11/274‬‬
‫وقد روى البيهقي عن الشافعي أنه قال‪ " :‬ل تضعف الغرامة‬
‫على أحد في شيء‪ ،‬إنما العقوبة في البدان ل في المللوال‪،‬‬
‫وإنما تركنا تضعيف الغرامة من قبل أن رسللول الللله _صلللى‬
‫الله عليه وسلم_ قضى فيما أفسدت ناقة الللبراء بللن عللازب‬
‫أن على أهل الموال حفظها بالنهار ومللا أفسللدت المواشللي‬
‫بالليل‪ ،‬فهو ضامن على أهلها‪ :‬قال‪ :‬فإنما يضمنونه بالقيمة ل‬

‫‪133‬‬
‫بقيمللتين " ] ينظللر‪ :‬السللنن الكللبرى للللبيهقي )‪،[(8/279‬‬
‫والقول بالتضعيف هو مذهب المام أحمد وهو من مفرداتلله‪،‬‬
‫ينظللر‪ :‬الحكللام السلللطانية لبللي يعلللى ص )‪ ،(280‬شللرح‬
‫الزركشي )‪.(6/336‬‬
‫)‪ (106‬رواه البخاري في صحيحه عن أبي بردة _رضللي الللله‬
‫عنه_‪ ،‬كتاب الحدود‪ ،‬باب كم التعزير والدب )‪ (12/183‬رقم‬
‫الحديث )‪(8648‬و)‪.(8649‬‬
‫دين للللدكتور سللامي‬ ‫)‪ (107‬ينظر‪ :‬موقللف الشللريعة مللن ال ل ّ‬
‫السويلم ص )‪.(40‬‬
‫)‪ (108‬ينظر‪ :‬بحوث في قضايا فقهية معاصرة للعثماني ص)‬
‫‪ ،(42‬المؤيدات الشرعية )‪.(295-292‬‬
‫)‪ (109‬ينظر‪ :‬بحوث فللي قضللايا فقهيللة معاصللرة للعثمللاني)‬
‫‪.(42‬‬
‫)‪ (110‬ينظر‪ :‬مجلة الزهر )ج‪ ،(7:‬عام‪ 63:‬ص )‪.(754‬‬
‫)‪ (111‬ينظر‪ :‬جواز إلزام المدين المماطل بالتعويض للزرقا‪،‬‬
‫بتصرف ص )‪.(16‬‬
‫)‪ (112‬ينظر‪ :‬المؤيدات الشرعية ص)‪.(293‬‬
‫المصدر ‪ :‬موقع المسلم‬
‫==============‬
‫‪#‬تأملت في بطاقات الصرف اللي‬
‫عبد الله بن حميد الفلسي‬
‫الحمللد لللله رب العللالمين‪ ،‬والصلللة والسلللم علللى أشللرف‬
‫النبياء والمرسلين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫مع التطور المستمر للشللبكات الماليللة ‪Financial Networks‬‬
‫وامتلك بعض البنللوك لشللبكات خاصللة بهللا ‪ ،‬قللامت بإصللدار‬
‫بطاقات تمكن حاملها من الوصول إلللى حسللابه لللدى البنللك‬
‫والسحب منه عن طريق أجهللزة الصللراف اللللي ‪Automated‬‬
‫‪ Teller Machines‬واختصارها »‪.«ATM‬‬
‫ويمكن تعريف هذه البطاقة بأنها‪» :‬أداة دفع وسحب نقللدي ‪،‬‬
‫كللن حاملهللا مللن الشللراء بمللاله‬ ‫يصللدرها بنللك تجللاري ‪ ،‬تم ّ‬

‫‪134‬‬
‫الموجود لدى البنك ‪ ،‬ومن الحصول على النقد من أي مكللان‬
‫مع خصم المبلغ من حسابه فورا ً ‪ ،‬وتمكنه من الحصول على‬
‫خدمات خاصة« )‪.(1‬‬
‫ولها نوعان )‪: (2‬‬
‫‪ .1‬بطاقات الصراف اللللي الداخليللة‪ :‬وهللي البطاقللات الللتي‬
‫تؤدي وظائفها داخل دولة واحدة‪ ،‬ومع تطور التصالت أمكن‬
‫استعمالها في جهاز أي بنك مللن خلل شللبكة تنظللم العلقللة‬
‫بين البنوك والعملء‪.‬‬
‫‪ .2‬بطاقات الصراف اللي الدولية‪ :‬وهللي الللتي تتبللع منطقللة‬
‫دوليلللة ترعلللى هلللذه البطاقلللات‪ ،‬بحيلللث يسلللتطيع حاملهلللا‬
‫استخدامها في جميع أنحاء العالم‪ ،‬ومن أمثلتها بطاقلة )فيللزا‬
‫إلكترون( التابعة لفيزا‪ ،‬وبطاقللة )مايسللترو( التابعللة لماسللتر‬
‫كللارد‪ ،‬ويتللم التعامللل بهللا مللن خلل شللبكة دوليللة توفرهللا‬
‫المنظمة الراعية للبطاقة‪.‬‬
‫ومما سبق يتضح لنا الفلرق بيلن بطاقلات السلحب الجلاري‪،‬‬
‫وبطاقات الئتمللان )‪ ،(3‬وهللذه الفللروق نوجزهللا فيمللا يلللي )‬
‫‪-: (4‬‬
‫أن بطاقلات الحسلاب الجلاري مرتبطلة برصليد حاملهلا فلي‬
‫در لها‪ ،‬فل يمكن لحاملهللا أن يسللحب أو يشللتري‬ ‫ص ِ‬
‫م ْ‬
‫البنك ال ُ‬
‫دع في البنللك المصللدر‪ ،‬أمللا البطاقللات‬ ‫بأكثر من رصيده المو َ‬
‫الئتمانية فإنها ل ترتبط برصيد حاملهللا‪ ،‬بللل قللد ل يكللون للله‬
‫رصيد فلي البنللك المصللدر‪ ،‬وإنملا تعتمللد عللى ثقلة المصلدر‬
‫بالملءة المالية لحامللل البطاقللة وقللدرته علللى السللداد عنللد‬
‫استحقاق الدفع ‪.‬‬
‫أن البنك المصدر لبطاقة الحساب الجاري ُيعد موفيا ً للقرض‬
‫في حال السحب النقدي بها‪ ،‬والعميل )المقرض( إنما يقللوم‬
‫باستيفاء دينه أو بعضه‪ ،‬أما في البطاقة الئتمانية فللإن البنللك‬
‫المصدر ُيعد مقرضا ً عند استعمال حامل البطاقة لها‪ ،‬ويكون‬
‫مدينا ً للبنك بمقدار استعماله للبطاقة‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫عند السحب النقدي بالبطاقات الئتمانية ُتحسب نسبة مئوية‬
‫مللن المبلللغ المسللحوب‪ ،‬أمللا السللحب النقللدي ببطاقللات‬
‫الحسللاب الجللاري فهللو مجللاني أو ُيحتسللب رسللوم ماليللة‬
‫مقطوعة غالبًا‪.‬‬
‫أن بطاقللات الحسللاب الجللاري تعللد مللن بطاقللات السللداد‬
‫الفوري‪ ،‬أما البطاقات الئتمانية فهي بطاقات تقسيط تعتمللد‬
‫على تدوير الئتمان في غالبها‪.‬‬
‫أن بطاقات الحسللاب الجللاري تعللد مللن البطاقللات المجانيللة‬
‫بالنسبة للبائع‪ ،‬أما البطاقات الئتمانية فيتكبد البائع فيها دفللع‬
‫رسم أو نسبة مئوية من قيمة الفاتورة‪.‬‬
‫أن البطاقللات الئتمانيللة بطاقللات ذات ربحيللة مباشللرة ‪ ،‬إذ‬
‫صدرت لجل الربح المباشر بسبب كثرة الرسوم المفروضللة‬
‫عليها‪ ،‬أما بطاقات الحسللاب الجللاري فهللي ذات ربحيللة غيللر‬
‫مباشللرة ‪ ،‬فالربللح ليللس هللدفا ً لصللدارها فللي الصللل‪ ،‬لكللن‬
‫الخدمات التي تقدمها أصبحت تدر ربحا ً على المصدر ‪.‬‬
‫الغالب أن بطاقللات الحسللاب الجللاري ل يصللدرها إل البنللوك‬
‫لرتباطها برصيد حاملها لدى البنللك المصللدر‪ ،‬أمللا البطاقللات‬
‫الئتمانيلللة فقلللد تصلللدرها البنلللوك أو المنظملللات الدوليلللة‬
‫والمؤسسللات الماليللة؛ لنهللا ل ترتبللط برصلليد حاملهللا لللدى‬
‫المصدر ‪.‬‬
‫يعتمللد اسللتعمال بطاقللات الحسللاب الجللاري علللى تطللور‬
‫التصالت اللكترونية‪ ،‬ول يمكن أن ُتستعمل بشللكل يللدوي ‪،‬‬
‫أما البطاقات الئتمانية فقد تستعمل بشكل يدوي خاصة في‬
‫الدول غير المتقدمة‪.‬‬
‫والتكييللف الشللرعي لبطاقللات الصللرف اللللي أو السللحب‬
‫الجاري )‪: (5‬‬
‫هذا النوع ل يمكن اعتباره مللن بطاقللات الئتمللان؛ لشللتراط‬
‫المصرف وجود رصيد عنده‪ ،‬على عكللس بطاقللات الئتمللان‪،‬‬
‫التي ل يشترط المصرف وجلود رصليد عنلده‪ ،‬وللذلك يمكلن‬
‫اعتبار هذا العقد من عقود الحوالة‪ ،‬على أساس أن المعاملة‬

‫‪136‬‬
‫بين العميل والمصرف معاملة دين أو قرض‪ ،‬حيللث أن رأس‬
‫مال المصارف مللن إيللداعات النللاس‪ ،‬ولهللذا فللإن المصللرف‬
‫مدين لعميله‪.‬‬
‫والظاهر جواز التعامل مع هللذا النللوع‪ ،‬وخاصللة أن كللثير مللن‬
‫المصارف السلمية تصدرها‪ ،‬وأما مللا يصللدر مللن المصللارف‬
‫الربوية لهذا النوع‪ ،‬فإنه غير جائز شرعًا؛ والسللبب فللي ذلللك‬
‫يرجع لتعاملت هذه البنللوك بالربللا الصللريح‪ ،‬الللذي تضللافرت‬
‫الدلة من الكتاب والسنة وإجماع المسلللمين علللى تحريملله‪،‬‬
‫رغم تغييرهم لمسمى الربا الحقيقي إلللى )الفللوائد البنكيللة(؛‬
‫إل أن المضللمون والمعنللى واحللد‪ ،‬وكللم مللن الحقللائق الللتي‬
‫حرمللة فللي الشللريعة السلللمية تللم تغييرهللا لخللداع النللاس‬
‫لترويجها‪.‬‬
‫ومن المسائل الللتي تللثير شللكوك كللثير مللن النللاس‪ ،‬مسللألة‬
‫السحب من أجهزة الصللرف اللللي الللتي تعللود ملكيتهللا إلللى‬
‫بنوك أخرى‪ ،‬حيث يتم أخذ مبلللغ مقطللوع – درهمللان فقللط ‪-‬‬
‫نظير هذه الخدمة‪ ،‬فهذا المبلغ المأخوذ ل يوجد مانع شللرعي‬
‫في أخذه؛ لنه رسوم خدمة‪ ،‬لّنه من بللاب الجعالللة ‪ ،‬و يأخللذ‬
‫حكم أجرة تحويل المال أو إيصاله إل أن بعض البنوك تجعللل‬ ‫ُ‬
‫الرسم نسللبة مئويللة بللدل ً مللن المبلللغ المقطللوع‪ ،‬تتللأثر هللذه‬
‫النسبة بالمبلغ المسحوب زيادةً و ُنقصانا ً ‪ ،‬فهذه صللورة مللن‬
‫صور الربا ‪ ،‬و ل يجوز التعامل بها البتة ‪.‬‬
‫والله أعلم‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمللد وعلللى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫‪------------------------------------------------------------------‬‬
‫‪--------------‬‬
‫)‪ (1‬عبد الرحمن الحجي‪ ،‬البطاقات المصرفية‪ ،‬ص ‪57‬‬
‫)‪ (2‬صالح محمد الفوزان‪ ،‬البطاقات الئتمانية تعريفهللا وأخللذ‬
‫الرسوم علللى إصللدارها والسللحب النقللدي بهللا‪ ،‬موقللع صلليد‬
‫الفوائد‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫)‪ (3‬لقد عرف مجمع الفقه السلمي بطاقات الئتمان بأنهللا‪:‬‬
‫مصللدره لشللخص طللبيعي أو اعتبللاري‪ ،‬بنللاء‬ ‫»مستند يعطيلله ُ‬
‫على عقد بينهما‪ ،‬يمكنه من شراء السلللع أو الخللدمات ممللن‬
‫يعتمد المستند دون دفع الثمن حال ً لتضللمنه الللتزام المصللدر‬
‫بالدفع‪ ،‬ومن أنواع هذا المستند ما يمكن من سحب نقود من‬
‫المصللارف« أ‪.‬هللل انظللر‪ :‬مجلللة مجمللع الفقلله السلللمي )‬
‫‪ (7/1/717‬القرار رقم )‪ (65/1/7‬عام ‪1412‬هل‪.‬‬
‫)‪ (4‬انظلللر‪ :‬محملللد العصللليمي‪ ،‬البطاقلللات اللدائنيلللة‪ ،‬ص‬
‫‪ .145،148،176،184‬والحجي‪ ،‬مرجللع سللابق‪ ،‬ص ‪ .60‬نقل ً‬
‫عن صالح الفوزان‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫)‪ (5‬عبد الله الحمادي‪ ،‬التكييف الشرعي لبطاقات الئتمللان‪،‬‬
‫ص ‪ .24-23‬وبكلللر أبلللو زيلللد‪ ،‬بطاقلللة الئتملللان‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫والبطاقات الئتمانية‪ ،‬مللن إعللداد وزارة الوقللاف السللعودية‪،‬‬
‫أحمد عبد الكريم نجيب‪ ،‬فتوى بعنللوان‪) :‬بطاقللات الئتمللان(‪،‬‬
‫منشوره بموقع إسلم أون لين بتاريخ ‪17/4/2002‬م‪..‬‬

‫==============‬
‫‪ #‬احفظ الله ؛ يحفظك !‬
‫تأليف ‪:‬‬
‫أبي حمزة عبد اللطيف بن هاجس الغامدي‬
‫غفر الله له ولوالديه وللمسلمين‬
‫حقوق الطبع محفوظة‬
‫إل ّ لمن أراد طبعه وتوزيعه مجانا ً لوجه الله تعالى‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫م هذه الوراق منك ‪ ،‬فاجعلها لك ‪..‬‬ ‫اللهُ ّ‬
‫م يعللرض عنللك ‪ ،‬ويللدعو‬‫م ل تجعلني ممن يللدل عليللك ث ُل ّ‬ ‫اللهُ ّ‬
‫م يفر منك‪..‬‬
‫إليك ث ّ‬
‫م فاجعلني عبدا ً لك وحدك ‪ ،‬وأغنني بفضلك عمن سواك‬ ‫اللهُ ّ‬
‫‪..‬‬
‫ي العظيم !‬ ‫وة إل بالله العل ّ‬
‫ول حول ول ق ّ‬

‫‪138‬‬
‫الحمد لله الخافض الرافع ‪ ،‬القابض الباسط ‪ ،‬المعز المذل ‪،‬‬
‫المحيي المميت ‪ ،‬ل إله إل ّ هو ‪ ،‬إليه المصير ‪.‬‬
‫والصلة والسلللم ‪ ،‬علللى البشللير النللذير ‪ ،‬والسللراج المنيللر‪،‬‬
‫محمد بن عبد الله ‪ ،‬وعلى آله وصحبه ‪ ،‬ومن سار على نهجه‬
‫ن بسنته ‪ ،‬إلى يوم البعث والنشور ‪.‬‬ ‫‪ ،‬واست ّ‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫أخي الحبيب ‪..1‬‬
‫احفظ الله ‪ ..‬يحفظك !‬
‫هذا واجبك ‪ ..‬وذلك كرمه ‪..‬‬
‫هذه مهمتك ‪ ..‬وتلك مّنته وفضله ‪..‬‬
‫هذه رسالتك ‪ ..‬وذّياك جوده وإحسانه وبّره ‪..‬‬
‫ب سواه ‪..‬‬ ‫فأنت عبده ‪ ،‬وليس لك ر ّ‬
‫وهو سّيدك ومولك ‪ ،‬ونجاتك في رضاه ‪..‬‬
‫وأنت الفقيللر إليلله ‪ ،‬الحقيللر بيللن يللديه ‪ ،‬وهللو الغنللي عنللك ‪،‬‬
‫المقتدر عليك ‪..‬‬
‫فلن تعجزه في ملكه ‪ ،‬وأنللت فللي قبضللته ‪ ،‬وتحللت سللطوته‬
‫وته ‪..‬‬ ‫وجبروته وق ّ‬
‫ولن تغيب عن سمعه وبصللره ‪ ،‬وأنللت فللي علملله ‪ ،‬وتمضللي‬
‫بعنايته ورعايته ‪..‬‬
‫ولن تسللتغني عنلله ‪ ،‬وأنللت مللن خلقلله ‪ ،‬وتأكللل مللن رزقلله ‪،‬‬
‫وتتقلب في نعمته ‪..‬‬
‫فأنت إلى غضبه ونقمته ‪ ..‬وذلك من تمام عدله !‬
‫أو إلى رحمته ومّنته ‪ ..‬وذلك من كمال فضله !‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهمللا ‪ ،‬قللال ‪ :‬كنللت خلللف النللبي‬
‫ملك‬ ‫ُ‬ ‫صلى الله عليه وسلم يوما ً ‪ ،‬فقال ‪ " :‬يلا ُ‬
‫م ‪ ،‬إن ّللي أعل ُ‬
‫غل ُ‬
‫ك ‪ ،‬إذا‬‫ظ الله تجللدهُ ُتجاهل َ‬ ‫ك ‪ ،‬احف ِ‬ ‫ظ الله يحفظ َ‬ ‫كلمات ‪ :‬احف ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ت فاستعن بللالله ‪ ،‬واعلللم أ ّ‬ ‫ل الله ‪ ،‬وإذا استعن َ‬ ‫ت فاسأ ِ‬ ‫سأل َ‬
‫ك بشلليء‬ ‫ك بشيء لم ينفعللو َ‬ ‫معت على أن ينَفُعو َ‬ ‫ُ‬
‫ة لو اجت َ‬ ‫م َ‬
‫ال ّ‬
‫ضّروك بشيء لم‬ ‫ك ‪ ،‬وإن اجتمُعوا على أن ي ُ‬ ‫ه الله ل َ‬ ‫إل ّ قد كت َب َ ُ‬

‫‪139‬‬
‫ت‬ ‫م وجّفلل ِ‬ ‫ت القل ُ‬ ‫ه الله عليك ‪ُ ،‬رفع ِ‬ ‫يضّروك إل ّ بشيء قد كَتب ُ‬
‫ف "‪2‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ُ‬
‫ال ّ‬
‫فاحفظ الله ‪ ..‬يحفظللك فللي العاجلللة والجلللة ‪ ،‬وفللي الللدين‬
‫والدنيا ‪.‬‬
‫ل شلبهة وشلهوة ‪ ،‬وعقللك‬ ‫احفظ الله ‪ ..‬يحفظ قلبك ملن كل ّ‬
‫ك وحيرة ‪.‬‬ ‫يش ٍ‬ ‫من أ ٍ‬
‫ل عادٍ وصللائل ‪ ،‬وغللادرٍ وفللاجر ‪،‬‬ ‫احفظ الله ‪ ..‬يحفظك من ك ّ‬
‫ل ذي شر ‪.‬‬ ‫ومن شّر ك ّ‬
‫ل‬ ‫احفظ الله ‪ ..‬يحفظك في أصِلك وعِقِبك ‪ ،‬وفللي مال ِللك وك ل ّ‬
‫دخراتك ‪.‬‬ ‫مكتسباتك وم ّ‬
‫احفللظ الللله ‪ ..‬يحفظللك ‪ } ..‬فللالله خيللر حافظلا ً وهللو أرحللم‬
‫الراحمين {‪3‬‬
‫احفظ الله ‪ ..‬في إيمانك‬
‫ن الللله تعللالى لللم يخلقللك‬ ‫احفظ الله فللي إيمانللك ‪ ،‬وأعلللم أ ّ‬
‫سللدى ‪ .‬قللال تعللالى ‪ }:‬أفحسللبتم أنمللا‬ ‫عبث لا ً ‪ ،‬ولللن يتركللك ُ‬
‫خلقناكم عبثا ً وأنكللم إلينللا ل ترجعللون * فتعللالى الللله الملللك‬
‫الحق ل إله إل هو رب العرش الكريم { ‪4‬‬
‫مة جسيمة ؛ أل وهي عبللادته‬ ‫وإّنما خلقك لغاية عظيمة ‪ ،‬ومه ّ‬
‫س الحاجة إليها ‪.‬‬ ‫التي هو في غاية الغنى عنها ‪ ،‬وأنت في أم ّ‬
‫ن والنس إل ّ ليعبدون * ما أريللد‬ ‫قال تعالى ‪ }:‬وما خلقت الج ّ‬
‫منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * إن الله هو الرزاق ذو‬
‫القوة المتين { ‪5‬‬
‫ف أعظم ‪ ،‬وأيّ مكانةٍ أكرم من أن تكللون عبللدا ً لللله‬ ‫وأيّ شر ٍ‬
‫ب الله ؟!‬ ‫كما يح ّ‬
‫ومما زادني شرفا ً وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا‬
‫دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صّيرت أحمد لي نبيا ً‬
‫ل ما يحبه الله ويرضاه‬ ‫والعبادة ل أيها الحبيب ل اسم جامعٌ لك ّ‬
‫من القوال والفعللال الظللاهرة والباطنللة ‪ ،‬وهللي التعبللد لللله‬
‫تعالى بفعل أوامره ‪ ،‬واجتناب نللواهيه وزاجللره ‪ ،‬حبلا ً وخوفلا ً‬
‫ة‪.‬‬ ‫ورجاًء وذل ّ ً‬

‫‪140‬‬
‫فل ُيعبد ُ إل ّ الله تعالى ‪ ،‬ول ُيعبللد سللبحانه إل ّ كمللا شللرع عللن‬
‫طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومن مقتضى هذه العبودية التي هي أشللرف مقامللات العبللد‬
‫أل ّ ُيصرف شلليئا ً مللن العبللادات الشللرعية لغيللر الللله تعللالى ‪،‬‬
‫ل فيملا هلو ملن‬ ‫فتسلوية غيلر اللله تعلالى ملع اللله علّز وجل ّ‬
‫ك ل يغفره الله تعالى ‪ ،‬ول ينفع معه‬ ‫خصائص الله تعالى شر ٌ‬
‫ن الله ل يغفر أن يشرك به‬ ‫ة أو عمل ‪ .‬قال تعالى ‪ } :‬إ ّ‬ ‫طاع ٌ‬
‫ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقللد افللترى‬
‫إثما عظيما ً {‪6‬‬
‫ومن مظاهر الشرك التي ذاعت وشاعت في ديار المسلمين‬
‫هذه القبور والضرحة والمزارات التي ُتقص لد ُ وتعبللد وتللدعى‬
‫ح بأركانهللا ‪،‬‬‫سل ُ‬ ‫وترجى وتخشللى مللن دون الللله تعللالى ‪ ،‬وُيتم ّ‬
‫ل جدرانها ‪ ،‬ويعكف الناس عليها باكين داعين متضرعين‬ ‫وُتقب ُ‬
‫‪ ،‬فتراهم ل ويا للسف ل حول القبر ركعا ً سجدا ً ‪ ،‬يبتغون مللن‬
‫عوضا ً وسلوانا ً ‪ ،‬وهم ل ويا‬ ‫الميت فضل ً ورضوانا ً ‪ ،‬ولمصائبهم ِ‬
‫ة وخللذلنا ً ‪.‬‬
‫ة وخسللرانا ً ‪ ،‬وذل ّل ً‬ ‫للحسرة ل قد ملؤوا أكّفهم خيب ل ً‬
‫قال تعالى ‪ }:‬وملن أضلل مملن يللدعو ملن دون اللله مللن ل‬
‫يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غللافلون * وإذا‬
‫حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين {‪7‬‬
‫ب قللولهم ‪ ،‬وغفلتهللم عللن ربهللم وخللالقهم‬ ‫فإن تعجب ! فعج ٌ‬
‫ومللولهم الللذي بيللده مقاليللد المللور ‪ ،‬وتصللريف الحللوال ‪،‬‬
‫وتقدير ما كان ‪ ،‬وما سيكون ‪ ،‬وأمره بين )الكاف ( و )النللون‬
‫( } إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقول له كن فيكون {‪8‬‬
‫ت مرتهنيللن بأعمللالهم ‪ ،‬مجزييللن‬ ‫وتعّلقللت قلللوبهم بللأموا ٍ‬
‫دموا ‪ ،‬ل يملكون لنفسهم نفعا ً‬ ‫بأفعالهم ‪ ،‬قد أفضوا إلى ما ق ّ‬
‫ول ضرا ً ‪ ،‬ول موتا ً ول حياةً ول نشورا ً ‪ .‬قال تعالى ‪ }:‬ول تدع‬
‫من دون الله ما ل ينفعك ول يضرك فإن فعلت فإنك إذا ً مللن‬
‫الضالمين * وإن يمسسك الله بضر فل كاشف له إل ّ هو وإن‬
‫يردك بخير فل راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهللو‬
‫الغفور الرحيم {‪9‬‬

‫‪141‬‬
‫فتأمل ل زادنا الله وإّياك بصيرة وهدى ل كيف ُتصرف العبللادة‬
‫التي ل يجوز صرفها إل ّ لله تعللالى لهللذه القبللور والضللرحة ‪،‬‬
‫فترى صور الصلة إليهللا ‪ ،‬والعكللوف عليهللا ‪،‬والطللواف بهللا ‪،‬‬
‫وتقبيلهللا واسللتلمها ‪ ،‬وتعفيللر الخللدود علللى ترابهللا ‪ ،‬وعبللادة‬
‫أصللحابها ‪ ،‬والسللتغاثة بهللم ‪ ،‬وسللؤالهم النصللر والظفللر ‪،‬‬
‫والعافية في الجسد ‪ ،‬والبركة في الولد ‪ ،‬والمن في البلللد ‪،‬‬
‫وقضاء الديون ‪ ،‬وتسلية المحزون ‪ ،‬وتفريج الكربات ‪ ،‬وإغاثة‬
‫اللهفات ‪ ،‬وإغنللاء ذوي الفاقللات والحاجللات ‪ ،‬ومعافللاة أولللي‬
‫العاهات والبلّيات ‪...‬‬
‫نسوا الله ‪ ،‬فنسيهم ‪ ،‬ودعوا غيره ‪ ،‬فللتركهم ‪ ،‬وأوكلهللم إلللى‬
‫ن عظيللم ‪ ،‬قللال تعللالى ‪..... }:‬قللل‬ ‫أنفسللهم ‪ ،‬فبللاؤا بخسللرا ٍ‬
‫ن‬
‫أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هلل ّ‬
‫ن ممسللكات رحمتلله‬ ‫كاشفات ضره أو أرادني برحمة هللل ه ل ّ‬
‫قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون {‪10‬‬
‫احفظ الله ‪ ..‬في شعائره ‪.‬‬
‫وملن أعظمهلا وأجّلهللا شلعيرة الصلللة ‪ ،‬فإنهلا الفيصلل بيللن‬
‫ة الهدايللة ‪ ،‬وتركهللا علمللة‬ ‫السلللم والكفللر ‪ ،‬وأداؤهللا علم ل ُ‬
‫الضلل والغواية ‪ ،‬فهي الصلة بين العبللد ورب ّلله ‪ ،‬فللإذا تركللت‬
‫انقطعت الصلة ‪ ،‬ول يبالي الله في أي وادٍ هلك تاركها ‪.‬‬
‫عن جابر بللن عبللد الللله رضللي الللله عنهمللا ‪ ،‬قللال ‪ :‬سللمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليلله وسلللم يقللول ‪ ”:‬إن بيللن الرجللل‬
‫والشرك والكفر ترك الصلة “‪11‬‬
‫وعن بريدة رضي الله عنه ‪ ،‬قللال ‪ :‬قللال رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ”:‬العهللد الللذي بيننللا وبينهللم الصلللة ‪ ،‬فمللن‬
‫تركها فقد كفر “ ‪12‬‬
‫وقللد توعّللد الللله تعللالى مللن تهللاون فللي أدائهللا فللأنقص مللن‬
‫خشوعها ‪ ،‬وضّيع من أركانها وواجباتها ‪ ،‬وأخرجها عن وقتها ل‬
‫مع أدائه لها ل بالويل ! ‪ ،‬وهو شديد العقللاب وأليللم العللذاب ‪.‬‬
‫قللال تعللالى ‪ } :‬فويللل للمصلللين * الللذين هللم عللن صلللتهم‬
‫ساهون {‪.13‬‬

‫‪142‬‬
‫جمللع‬ ‫فما بالك بمن تركها وهجرها وأصبح ل يؤديهللا إل ّ فللي ال ُ‬
‫والمناسبات ؟!!‬
‫قال تعالى عن المجرمين ‪ } “ :‬ما سلككم في سقر * قللالوا‬
‫لم نك من المصلين {‪14‬‬
‫وهي ل أيها الحبيب ل أّول ما ُيسأل العبد عليه من عمللله يللوم‬
‫صُلحت وُقبلت ‪ ،‬فقد أفلح وأنجللح ‪ ،‬وكللانت للله‬ ‫القيامة ‪ ،‬فإن َ‬
‫نللورا ً وبرهانلا ً ونجللاةً يللوم القيامللة ‪ ،‬ومللن تهللاون فللي أدائهللا‬
‫وضّيعها ‪ ،‬فلم يقم بها كما أمر الله تعالى فقد خاب وخسللر ‪،‬‬
‫وحشر مع هامان وفرعون وقارون وأمّية بن خلف ‪ ،‬وهو في‬
‫الخرة من المقبوحين !‬
‫قللال تعللالى ‪ }:‬حللافظوا علللى الصلللوات والصلللة الوسللطى‬
‫وقوموا لله قانتين {‪15‬‬
‫احفظ الله ‪ ..‬في بصرك ‪.‬‬
‫احفظ الله في جارحة النظللر ‪ ،‬فل تقل ّللب البصللر فيمللا ح لّرم‬
‫الله ‪ ،‬ول تتّبع به عورة عبد مسلم ‪ ،‬فإنه من تتبع عللورة عبللد‬
‫مسلم تتبع الله عورته ‪ ،‬ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في‬
‫قعر داره !‬
‫ل لللك مللن أولئك النسللاء‬ ‫ول تنظللر بلله إلللى امللرأة ل تحلل ّ‬
‫المتبرجللات اللئى نزعللن الحيللاء وكشللفن الغطللاء ‪ ،‬وعّريللن‬
‫ل نللاظر ‪،‬‬ ‫ن كّلهللا أو بعضللها ‪ ،‬وأصللبحن مبتللذلت لكل ّ‬ ‫أجساده ّ‬
‫ن كاسلليات عاريللات ‪ ،‬مللائلت‬ ‫ل فللاجر ‪ ،‬فهلل ّ‬‫ومطمعللا ً لكلل ّ‬
‫ن كأسنمة الُبخت المائلة ‪ ،‬ل يللدخلن الجن ّللة‬ ‫مميلت ‪ ،‬رؤوسه ّ‬
‫ول يجدن ريحها ‪.‬‬
‫ن لك الولى وليست لك الثانية ‪،‬‬ ‫فل تتبع النظرة النظرة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫فالنظرة سهم مسموم من سهام إبليس ‪ ،‬قال تعالى ‪ }:‬قل‬
‫ضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكللى‬ ‫للمؤمنين يغ ّ‬
‫ن الله خبير بما يصنعون {‪16‬‬ ‫لهم إ ّ‬
‫ل الحللوادث مبللدؤها مللن النظللر ومسللتعظم النللار مللن‬ ‫كلل ّ‬
‫مستصغر الشرر‬

‫‪143‬‬
‫والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعيللن الغيللد محفللوف علللى‬
‫الخطر‬
‫يسّر ناظره ما ضّر خاطره ل مرحبا ً بسرور عاد بالضرر‬
‫احفظ الله في ‪ :‬سمعك ‪.‬‬
‫ط مللن‬ ‫ل ساق ٍ‬ ‫فل تسمع به ما حّرم الله تعالى ‪ ،‬ونزهه عن ك ّ‬
‫ة‬
‫دة ‪ ،‬ونعم ل ٌ‬‫ح مللن حللديث ‪ ،‬فللإّنه عاري ّللة مسللتر ّ‬ ‫ل ‪ ،‬وقبي ل ٍ‬
‫قللو ٍ‬
‫ل عنه يوم لقللاء الللله ‪ .‬قللال تعللالى ‪:‬‬ ‫مستوفاة ‪ ،‬وأنت مسئو ٌ‬
‫ن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كللان عنلله مسللئول ً {‬ ‫}إ ّ‬
‫‪17‬‬
‫ل الحللذر أن ُتصللغي بسللمعك للمعللازف‬ ‫وأحللذر لل أخللي لل كل ّ‬
‫والغناء ‪ ،‬فإنها تصد ّ عن ذكر الله تعالى ‪ ،‬وتزين المحرمللات ‪،‬‬
‫وُتغري بارتكاب الموبقات ‪ ،‬وُتفقد النسان مروءتلله وعللدالته‬
‫ت النفللاق فيلله ‪ ،‬وتجعللل‬ ‫ورجولته ‪ ،‬وتطمس على قلبلله وُتنب ل ُ‬
‫القلب ساهيا ً لهيا ً غافل ً عن رّبه وموله ‪ ،‬وتزيد في الشللهوة‬
‫وتوقع في الشقوة ‪ ،‬فهي رقية الزنا ‪ ،‬ومهاد الفاحشة ‪ ،‬تقود‬
‫إلى البلّية ‪ ،‬وتوقع في الرزّية ‪ ،‬فيسقط العبد بها فيما يغضب‬
‫الله ‪ ،‬وتوقعه فيما ل تحمد عقباه!!‬
‫وصللدق الللله حيللن قللال ‪ } :‬ومللن النللاس مللن يشللتري لهللو‬
‫الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هللزوا ً أولئك‬
‫ى مسللتكبرا ً كللأن‬ ‫لهم عذاب مهين * وإذا تتلى عليه آياتنللا ولل ّ‬
‫لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا ً فبشره بعذاب أليم {‪18‬‬
‫ولهو الحديث كما عّرفه ابن مسعود وابن عباس رضللي الللله‬
‫عنهم ؛ بأّنه الغناء ‪ .‬وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ن من أمتي أقوام يستحّلون الحللر والحريللر والخمللر‬ ‫‪ ”:‬ليكون ّ‬
‫والمعازف “‪19‬‬
‫احفظ الله في ‪ :‬فرجك ‪.‬‬
‫ل لللك ‪ .‬قللال‬ ‫ج ل يح ل ّ‬‫فل تقضللي شللهوتك ووطللرك فللي فللر ٍ‬
‫تعالى ‪ }:‬ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل {‪20‬‬
‫ل ما يؤدي إليهللا مللن منظللوٍر‬ ‫وأحذر الفواحش ودواعيها ‪ ،‬وك ّ‬
‫ومقللروٍء ومسللموٍع ‪ ،‬وكللن مللن الحللافظين لفروجهللم ‪ .‬قللال‬

‫‪144‬‬
‫تعالى ‪ }:‬والذين هم لفروجهم حافظون * إل ّ علللى أزواجهللم‬
‫أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غيللر ملللومين * فمللن ابتغللى وراء‬
‫ذلك فأولئك هم العادون {‪21‬‬
‫وقال صلى الله عليلله وسلللم ‪ ":‬ل يزنللي الزانللي حيللن يزنللي‬
‫وهو مؤمن " ‪.22‬‬
‫قال تعالى ‪ }:‬والذين ل يدعون مع الله إللله آخللر ول يقتلللون‬
‫النفس التي حرم الله إل ّ بالحق ول يزنون * ومن يفعل ذلللك‬
‫يلق أثاما ً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيلله مهانللا *‬
‫إل ّ من تاب ‪23{..‬‬
‫ولقد بين رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم صللورة عللذاب‬
‫الزنللاة وكيللف يعللاقبهم الللله تعللالى بشللّر أعمللالهم ‪،‬وقبيللح‬
‫أفعالهم ‪ ،‬والجزاء من جنس العمل ‪ ،‬وذلك فللي قللوله صلللى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ”:‬رأيت الليلة رجلين أتيللاني ‪ ،‬فأخللذا بيللدي‬
‫فأخرجللاني إلللى أرض مقدسللة ‪ “ ..‬فللذكر الحللديث إلللى أن‬
‫ه‬‫ب مثللل التن ّللور أعله ضلي ّقٌ وأسللفل ُ‬ ‫قال ‪ ”:‬فانطلقنا إلى ُثقل ٍ‬
‫ب ارتفعللوا حللتى كللاد َ أن‬ ‫واسعٌ ‪ ،‬يتوقّد ُ تحته نارا ً ‪ ،‬فللإذا اقللتر َ‬
‫ل ونسللاءٌ‬ ‫دت رجعللوا فيهللا ‪ ،‬وفيهللا رجللا ٌ‬ ‫خم ل َ‬
‫يخُرجللوا ‪ ،‬فللإذا َ‬
‫ه فللي‬ ‫م قال في آخر الحديث ‪ ... ”:‬والللذي رأيت َل ُ‬ ‫عراةٌ ‪ “ ...‬ث ّ‬ ‫ُ‬
‫م الّزناةُ “‪24‬‬ ‫ب فه ُ‬‫الّثق ِ‬
‫احفظ الله في ‪ :‬عقلك ‪.‬‬
‫فل ُتغط ّللله بالمسلللكرات ول تحجبللله بالمخلللدرات ول تتلفللله‬
‫بالخمور ‪.‬‬
‫قللال تعللالى ‪ }:‬يللا أيهللا الللذين آمنللوا إنمللا الخمللر والميسللر‬
‫والنصاب والزلم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم‬
‫تفلحللون * إنمللا يريللد الشلليطان أن يوقللع بينكللم العللداوة‬
‫والبغضاء في الخمر والميسر ويصلدكم علن ذكلر اللله وعللن‬
‫الصلة فهل أنتم منتهون {‪25‬‬
‫لقد كّرم الله تعالى بني آدم بهذا العقل ‪ ،‬ومّيزه به عن سائر‬
‫ن من عقل ؟!‬ ‫المخلوقات ‪ ،‬فكيف يسعى في جنو ٍ‬

‫‪145‬‬
‫ب الخمللر‬ ‫قال رسول الله صلى الله عليلله وسلللم ‪ ”:‬ل تشللر ِ‬
‫ل شّر “‪ .26‬وقللال صلللى الللله عليلله وسلللم ‪”:‬‬ ‫فإّنها مفتاح ك ّ‬
‫رب الخمللر فللي الللدنيا للم يشلربها فلي الخللرة إل ّ أن‬ ‫من ش ِ‬
‫يتوب “‪ .27‬وقال صلى الله عليلله وسلللم ‪ ”:‬ل يللدخل الجن ّللة‬
‫مدمن خمر “ ‪28‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪ ”:‬من شرب الخمللر وسللكر لللم‬
‫ب‬‫تقبل له صلة أربعين صباحا ً ‪ ،‬وإن مات دخل النار ‪ ،‬فإن تا َ‬
‫ب الله عليه ‪ ،‬وإن عاد فشرب وسللكر لللم تقبللل للله صلللة‬ ‫تا َ‬
‫أربعين صباحا ً ‪ ،‬فإن مات دخل النار ‪ ،‬فإن تاب تاب الله عليه‬
‫‪ ،‬وإن عاد فشرب فسكر لم تقبل له صلللة أربعيللن صللباحا ً ‪،‬‬
‫فإن مات دخل النار ‪ ،‬فإن تاب تاب الله عليه ‪ ،‬وإن عاد كلان‬
‫حقا ً على الله أن يسلقيه مللن ردغلة الخبلال يلوم القياملة “‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول الله ! وما ردغللة الخبللال ؟ قللال ‪ ”:‬عصللارة‬
‫أهل النار “ ‪29‬‬
‫احفظ الله في ‪ :‬قدمك ‪.‬‬
‫فل تمشي إلى حلرام ‪ ،‬ول تخطللو بهللا إللى خطيئة ‪ .‬وإي ّللاك !‬
‫إّياك أن تحملك هذه القدام إلى كللاهن أو سللاحر أو مشللعوذ‬
‫أو دجال ممللن يللدعون علللم الغيللب ‪ ،‬فيسللتحوذ علللى مالللك‬
‫بالخداع ‪ ،‬ويهللدم دينللك بالكللذب ‪ ،‬ويسلللب كرامتللك وعقلللك‬
‫بالمراوغة !‬
‫ن ليسللتعينوا‬ ‫فإّنهم يتكلمون رجما ً بالغيب أو يستحضرون الج ّ‬
‫بهم على ما يريدون ‪ ،‬فل يجوز الللذهاب إليهللم ول سللؤالهم ‪،‬‬
‫ول تصديقهم ‪ ،‬ول السكوت عليهم ‪ .‬قال رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ”:‬من أتى عرافا ً فسأله عن شيء لم ُتقبللل‬
‫له صلة أربعين يوما ً “‪30‬‬
‫دقه بملا‬ ‫وقال صلى الله عليه وسللم ‪ ”:‬ملن أتلى كاهنلا ً فصل ّ‬
‫يقول فقد كفر بما ُأنزل على محمد"‪31‬‬
‫سقم ‪ ،‬أو‬ ‫سك ال ّ‬ ‫م بك اللم ‪ ،‬أو م ّ‬‫فيا أيها الخ المبتلى ‪ :‬إذا أل ّ‬
‫شاك السللوء ‪ ،‬فالجللأ إلللى الللذي بيللده‬ ‫ضك المرض ‪ ،‬أو تغ ّ‬ ‫أم ّ‬
‫الشفاء ‪ ،‬وبأمره دفع البلء ؛ وهو الله ! ول أحد سواه ‪ .‬قللال‬

‫‪146‬‬
‫مللن يجيللب المضللطر إذا دعللاه ويكشللف السللوء‬ ‫تعللالى ‪ }:‬أ ّ‬
‫ه مع الله ‪ .‬قليل ً ما تذكرون {‪. 32‬‬ ‫ويجعلكم خلفاء الرض أإل ٌ‬
‫مع الخذ بالسللباب ‪ ،‬والعتمللاد أول ً وآخللرا ً ‪ ،‬ظللاهرا ً وباطن لا ً‬
‫من داٍء إل ّ وله دواء‬ ‫على مسّبب السباب ورب الرباب ‪ ،‬فما ِ‬
‫‪ ،‬علملله مللن عملله ‪ ،‬وجهللله مللن جهللله ‪ ،‬وقللل مقالللة العبللد‬
‫الصالح والرسول الناصح ‪ }:‬وإذا مرضت فهو يشفين { ‪33‬‬
‫احفظ الله في ‪ :‬بطنك ‪.‬‬
‫فل تأكل أموال الّناس بالباطللل ‪ ،‬ول ُتغللذيه إل ّ بطريللق مبللاح‬
‫ل‬ ‫وسبيل حلل ‪ .‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ”:‬كلل ّ‬
‫سحت فالن ّللار أولللى بلله “‪ .34‬والسللحت هللو‬ ‫جسدٍ نبت من ال ّ‬
‫ب ‪ ،‬ول يأكللل إل ّ‬ ‫الحرام ‪ .‬فالمؤمن ل مثلك إن شاء الله ل طي ٌ‬
‫ن اللله‬ ‫طيبا ً ‪ .‬قال رسلول اللله صللى اللله عليله وسللم ‪ ”:‬إ ّ‬
‫ن الله أمللر المللؤمنين بمللا أمللر بلله‬ ‫ل إل ّ طيبا ً ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ب ل يقب ُ‬‫طي ٌ‬
‫المرسلللين ‪ ،‬فقللال ‪ }:‬يللا أيهللا الرسللل كلللوا مللن الطيبللات‬
‫واعملوا صالحا ً إني بما تعملون عليم {‪ ، 35‬وقال ‪ } :‬يا أيها‬
‫م ذكللر‬ ‫الذين آمنوا كلوا مللن طيبللات مللا رزقنللاكم ‪ ، 36{..‬ثل ّ‬
‫سفر أشعث أغبر ‪ ،‬يمد يده إلى السللماء ‪ :‬يللا‬ ‫الرجل يطيل ال ّ‬
‫رب ! يا رب ! ومطعملله مللن حللرام ‪ ،‬ومشللربه مللن حللرام ‪،‬‬
‫غذي بالحرام ‪ ،‬فأّنى ُيستجاب للله ؟! “‬ ‫وملبسه من حرام ‪ ،‬و ُ‬
‫‪37‬‬
‫ن الذين يللأكلون أمللوال‬ ‫فل تأكل مال اليتيم ‪ .‬قال تعالى ‪ }:‬إ ّ‬
‫اليتامى ظلما ً إنما يأكلون في بطونهم نارا ً وسيصلون سعيرا ً‬
‫{‪38‬‬
‫وتأخذ مالك عن طريق رشوة ‪ ،‬فلقد لعن رسول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم الراشي المرتشي ‪ . 39‬والرائش بينهما ‪.‬‬
‫ول تكسب مالك من ربا ‪ .‬قال رسول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫ُ‬
‫ملله “‬ ‫حوبا ً ‪ .‬أيسرها أن ينكح الرجللل أ ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫وسلم ‪ ”:‬الربا سبُعو َ‬
‫ف تلللك الللدرجات أن‬ ‫‪ 40‬والحوب هو الثم ‪ ،‬والمللراد أن أخ ل ّ‬
‫مه ل عياذا ً بالله ! ل وما أح لد ٌ أكللثر مللن ربللا إل ّ‬ ‫يزني الرجل بأ ّ‬
‫كان عاقبة أمره إلى قَّلة ‪ ،‬وخاتمة حاله إلللى خسللارة ‪ .‬قللال‬

‫‪147‬‬
‫تعالى ‪ }:‬يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله ل يحب كللل‬
‫كفار أثيم {‪41‬‬
‫فل تكن محاربا ً لله تعالى فوق أرضه ‪ ،‬وتحت سللمائه ‪ ،‬وفللي‬
‫ملكه ‪ ،‬وأنت عبد ٌ من عبيده ‪ ،‬وتأكل من رزقه ‪ ،‬وتتقّلب فللي‬
‫نعمه ‪ .‬قال تعالى ‪ }:‬يا أيها الذين آمنوا اتقللوا الللله وذروا مللا‬
‫بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب‬
‫من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ل تظلمللون‬
‫ول تظلمون {‪42‬‬
‫سبل الحرام ‪ ،‬وتجّنب الشللبهات ‪،‬‬ ‫فأحذر ل أخي الكريم ل من ُ‬
‫وأطب مطعمك تكللن مسللتجاب الللدعوة ‪ ،‬مبللارك الخطللوة ‪،‬‬
‫طّيب الجسد ‪ ،‬قد أعددت الجواب للسؤال العظيم يوم تقف‬
‫وحيدا ً فريدا ً بين يدي الّرب العظيم ‪ ،‬فُتسأل عن هذا المال ‪:‬‬
‫هل أخذته من طريق حلل ؟ وأجملت في الطلب ؟‬
‫وهل حفظته حين أتاك في مكان مباح ؟‬
‫وهل أنفقته ل يوم أنفقته ل في طريق جائز ؟‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ":‬ل تزول قللدما ابللن‬
‫من عندِ رّبه حلتى ُيسلأل علن خمللس ‪ :‬علن‬ ‫آدم يوم القيامة ِ‬
‫عمره فيما أفناه ماله من أين اكتسبته؟ وفيما أنفقته ؟ ‪43‬‬ ‫ُ‬
‫احفظ الله في ‪ :‬لسانك ‪.‬‬
‫جرم ‪ ،‬فقد أوكل الله بك ملئكة ل‬ ‫جرم عظيم ال ُ‬ ‫فإنه صغير ال ِ‬
‫يفارقونلللك ‪ ،‬وشلللهودا ً ل ُيغادرونلللك ‪ ،‬يكتبلللون ملللا تقلللول ‪،‬‬
‫ويستنسخون ما تفعللل ‪ .‬قللال تعللالى ‪ }:‬إذ يتلقللى المتلقيللان‬
‫عن اليمين والشمال قعيد * ما يلفظ من قول إل ّ لديه رقيب‬
‫عتيد { ‪44‬‬
‫ل ما‬ ‫ولعّلك تناسيتها ‪ ،‬وخلف ظهرك ألقيتها ‪ ،‬ولكنك سترى ك ّ‬
‫قلت وفعلت أما ناظريك يوم القيامة ‪ .‬قال تعالى ‪ }:‬ووضللع‬
‫الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولللون ياويلتنللا‬
‫مال هذا الكتاب ل يغادر صغيرة ول كبيرة إل ّ أحصاها ووجدوا‬
‫ما عملوا حاضرا ً ول يظلم ربك أحدا ً {‪45‬‬

‫‪148‬‬
‫فل تتكّلم بالغيبة والنميمة والسخرية والستهزاء ‪ ،‬ول تطعللن‬
‫في مسلم ‪ ،‬ول تلعن مؤمن ‪ ،‬فللالمؤمن ليللس بالطعللان ‪ ،‬ول‬
‫باللعلللان ‪ ،‬ول بالفلللاحش البلللذيء ‪ ،‬والمسللللم ملللن سلللِلم‬
‫المسلمون من لسانه ويده ‪ .‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫ت‬ ‫كل لي ما بين رجليه وما بين لحييه ‪ ،‬تللو ّ‬
‫كل ُ‬ ‫وسلم ‪ ":‬من تو ّ‬
‫ه بالجّنة "‪46‬‬
‫ل ُ‬
‫فتجّنللب سللقطات اللسللن ‪ ،‬وهفللوات الحللديث ‪ ،‬وكبللوات‬
‫الكلمللات ‪ ،‬وهللل يكللب النللاس فللي الن ّللار علللى وجللوههم إل ّ‬
‫حصائد ألسنتهم ؟!‬
‫لت اللسان أن تحلف بغير الله تعالى ‪ ،‬فللإنه ل‬ ‫ومن أعظم ز ّ‬
‫يجوز الحلللف بغيللر الللله تعللالى ‪ ،‬بللل إن ّلله مللن بللاب الشللرك‬
‫الصغر ‪ ،‬وربما ارتقى إلى رتبة الشلرك الكلبر عنلدما يعتقلد‬
‫ة تساوي منزلللة‬ ‫الحالف في المحلوف أن له قدرا ً أو له منزل ً‬
‫الله تعالى وقدره !‬
‫ي ‪ ،‬ول تقسم بحياة فلن أو برأسه ‪ ،‬ول‬ ‫فل تحلف بنبي أو ول ّ‬
‫مة ‪ ،‬ول بالمانة ‪ ،‬ول بالطلق‬ ‫بالشرف ‪ ،‬ول بالكعبة ‪ ،‬ول بالذ ّ‬
‫‪ ،‬ول بالحرام ‪ .‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ":‬مللن‬
‫حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك "‪47‬‬
‫ن الللله ينهللاكم أن تحلفللوا‬ ‫وقال صلى الللله عليلله وسلللم ‪ ":‬إ ّ‬
‫مت "‪48‬‬ ‫بآبائكم ‪ ،‬فمن كان حالفا ً فليحلف بالله أو ليص ُ‬
‫احفظ الله في ‪ :‬نسائك ‪.‬‬
‫احفظ الله في زوجتك وبناتك وأخواتك وجميع نسائك ‪ ،‬فأنت‬
‫ن بالحجللاب الللذي يسللتر‬ ‫راٍع ومسئول عن رعيتللك ‪ ،‬فللألزمه ّ‬
‫ن التللبرج والسللفور ‪ ،‬ومللواطن‬ ‫ن ‪ ،‬وجنبهلل ّ‬
‫كامللل أجسللاده ّ‬
‫ة ‪ ،‬ولؤلللؤةٌ‬ ‫الفتللن ‪ ،‬وأمللاكن الّريللب ‪ ،‬فللالمرأة دّرةٌ مكنونلل ٌ‬
‫ف ململلس ‪،‬‬ ‫ة ‪ ،‬فل تمتد إليها يد عابث ‪ ،‬ول تلمسها ك ّ‬ ‫مصون ٌ‬
‫ول تنهشها عين مريللض ‪ .‬قللال تعللالى ‪ }:‬يللا أيهللا النللبي قللل‬
‫ن‬‫لزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن مللن جلبيبهلل ّ‬
‫ذلك أدنى أن ُيعرفن فل يؤذين وكان الله غفورا ً رحيما ً {‪49‬‬

‫‪149‬‬
‫ة على عرشها داخل‬ ‫فالمرأة لب ُد ّ أن تقّر في مملكتها ‪ ،‬متربع ً‬
‫بيتها ‪ ،‬تؤدي حقوق ربهلا ‪ ،‬وتقللوم بواجبللات زوجهللا ‪ ،‬وترعللى‬
‫صغارها ‪.‬‬
‫سامي !‬‫هذا شرفها الغالي ! وعّزها ال ّ‬
‫لجللة خّراجللة ‪ ،‬مخالطللة للجللانب ‪ ،‬مزاحمللة‬ ‫ول تكللون و ّ‬
‫للرجال ‪ ،‬فتقع فريسة لذئاب البشر الذين ينهشون أغلللى مللا‬
‫م ُيلقونها تحت أقدامهم ‪ ،‬رخيصة مبتذلللة ‪ ،‬ومللا ذلللك‬ ‫فيها ‪ ،‬ث ّ‬
‫إل ّ لنها خالفت أمر ربها ‪ ،‬وعصت رسولها ‪ ،‬ولم تحافظ على‬
‫سها !‬‫نف ِ‬
‫قال تعالى ‪ }:‬وقرن فللي بيللوتكن ول تللبرجن تللبرج الجاهليللة‬
‫الولى وأقمن الصلة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسللوله ‪{...‬‬
‫‪50‬‬
‫م لمللادة‬‫وفي ذلك ل أيها الكريم ل ل س لد ّ لبللاب الفتنللة ‪ ،‬وحس ل ٌ‬
‫الرذيلللة ‪ ،‬وصلليانة للمجتمللع ‪ ،‬ومزيللد ترابللط بيللن السللر ‪،‬‬
‫وطهللرة للقلللوب ‪ ،‬ومنللع للللذنوب ‪ ،‬ودفللع للموبقللات ‪ .‬قللال‬
‫ن متاعا ً فسألوهن من وراء حجللاب‬ ‫تعالى ‪... }:‬وإذا سألتموه ّ‬
‫ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ‪51{..‬‬
‫جللب‬ ‫فهل نستجيب ل أيها الحبيب ل لنداء الللله ورسللوله ‪ ،‬ونح ّ‬
‫ن عللن‬ ‫جبه ّ‬‫ن من مواقع الزلل والخلل ‪ ،‬ونح ُ‬ ‫نساءنا ‪ ،‬ونحفظه ّ‬
‫مخالب العابثين ‪ ،‬وأنياب المعتدين ؟!‬
‫أم نسير على خطى الكفار والفجار الذين ل يرجون الللله ول‬
‫الدار الخرة ‪ ،‬ونعّري أجساد نسلائنا ‪ ،‬ونحلور بناتنلا ‪ ،‬ونظهلر‬
‫أرجل وشعور أخواتنا ؟!‬
‫فنهدر ل بأيدينا ل كرامتنا ‪ ،‬ونقتل ل بأنفسنا ل مروءتنا ‪ ،‬ونلغللي‬
‫حيائنا وعفتنا؟!‬
‫ذلك ما ل نرجوه وما ل نأمله !!‬
‫قال تعالى ‪ }:‬ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا ً عظيما {‬
‫‪ 52‬وقال تعالى ‪ }:‬ومن يعص الله ورسوله فقد ضللل ضلللل ً‬
‫مبينا ً {‪53‬‬
‫احفظ الله في ‪ :‬أولدك ‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫احفظ الللله فللي أولدك ‪ ،‬وعلمهللم آداب السلللم ‪ ،‬وشللمائل‬
‫ل راٍع‬ ‫ل كل ّ‬
‫رسول النام صلى الله عليلله وسلللم ‪ ،‬فللالله سللائ ٌ‬
‫ما استرعاه ‪ ،‬أحفظ ذلك أم ضّيع ؟!‬ ‫ع ّ‬
‫وجنبهم بؤر الفساد ‪ ،‬ومسببات النحراف ‪ ،‬وأحطهللم بسللياج‬
‫الرفقللة الصللالحة ‪ ،‬وحفظهللم القللرآن ‪ ،‬وعلمهللم السللّنة ‪،‬‬
‫ب‪،‬‬ ‫وفقههم فلي اللدين ‪ ،‬فهلم ليسلوا بحاجلة لطعلام ٍ وشلرا ٍ‬
‫كحاجتهم وشديد رغبتهم فللي الللدين ‪ ،‬فللإّنهم يصللبرون علللى‬
‫الجوع والعطش ‪ ،‬لكّنهم ل يصبرون على الّنار !‬
‫وده أبوه‬ ‫ع‬ ‫كان‬ ‫ما‬ ‫على‬ ‫فينا‬ ‫الفتيان‬ ‫ئ‬ ‫ناش‬ ‫وينشأ ُ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬
‫وما دان الفتى بحجى ولكن يعوده التدين أقربوه‬
‫قال تعالى ‪ }:‬يا أيها الذين آمنوا قللو أنفسللكم وأهليكللم نللارا ً‬
‫وقودها الناس والحجارة عليها ملئكة غلظ شداد ل يعصللون‬
‫الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون {‪54‬‬
‫الخاتمة‬
‫‪ ...‬وبعد ‪:‬‬
‫أيها الحبيب ‪ ..‬المحفوظ بحفظ الله ‪...‬‬
‫ب بالّرب ‪ ،‬فل دافللع للسللوء غيللره ‪ ،‬ول مللانع للبلء‬ ‫عّلق القل َ‬
‫سواه ‪..‬‬
‫وهو كافيك مما يؤذيك ‪ ،‬ول يكفيك شيٌء عن الله ‪..‬‬
‫ف عبللده ؟! ويخوفونللك بالللذين‬ ‫قال تعالى ‪ } :‬أليس الله بكا ٍ‬
‫من دونه ‪55{..‬‬
‫وامل قلبك برجاه ‪ ،‬واقطع رجاك ممن عداه ‪ ،‬فالمر أمللره ‪،‬‬
‫والخلق خلقه ‪ ،‬والعبللد عبللده ‪ ،‬والقللدر قللدره ‪ ،‬ول مللانع لمللا‬
‫أعطى ‪ ،‬ول معطي لما منع ‪ ،‬ول قابض لما بسط ‪ ،‬ول باسط‬
‫لما قبض ‪ ،‬ول إله إل ّ الله ‪ ،‬فل معبود بحقّ سوى الله !‬
‫دك إليه ‪ ،‬ومآلك الوقللوف بيللن يللديه ‪ ،‬فيسللألك‬ ‫واعلم أن مر ّ‬
‫ل كبير وصغير ‪ ،‬وعظيم وحقير ‪ .‬قال تعالى ‪ } :‬فوربك‬ ‫عن ك ّ‬
‫لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون {‪.56‬‬
‫ل شلليءٍ‬ ‫ن الله بكلل ّ‬ ‫عد ّ للسؤال جوابا ً ‪ ،‬وللجواب صوابا ً ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫فأ ِ‬
‫ل شيٍء قدير ‪.‬‬ ‫عليم ‪ ،‬وهو على ك ّ‬

‫‪151‬‬
‫وكتبه‬
‫عبد اللطيف الغامدي‬
‫حفظه الله من خزي الدنيا ومن عذاب الخرة‬
‫جدة )‪(21468‬‬
‫ص ‪ .‬ب ) ‪(34416‬‬
‫=============‬
‫‪ #‬مناقشة هادئة للقول بجواز ينساب‬
‫مناقشة علمية هادئة للقول بجواز الكتتاب في ينساب‬
‫الحمد لله ‪ ،‬والصلللة والسلللم علللى نبينللا محمللد وعلللى آللله‬
‫وصحبه أجمعين ‪ .‬أما بعد‬
‫فقد أخرجت قبل أسبوع رسالة بعنوان )ثلث رسائل عاجلللة‬
‫حول الكتتاب في شركة ينساب( ‪.‬‬
‫ثللم اطلعللت علللى بعللض المناقشللات العلميللة المكتوبللة‬
‫والشفوية عبر القنوات الفضائية من بعض المشايخ الفضلللء‬
‫الذين أفتوا بالجواز ‪ ،‬وقد لحظت تضمنها بعض الخطللاء فللي‬
‫النقللل وقللراءة نشللرة الصللدار ‪ ،‬فحللاولت بعللدها التصللال‬
‫ببعضهم مرارا ً فلم يتيسر ‪.‬‬
‫ونظرا ً لستشكال كثير من الناس حولها‪ ،‬رأيللت إخللراج هللذه‬
‫المناقشة العلمية على أل ينفك قارئهللا عللن الرسللائل الثلث‬
‫اللللتي سلللبق نشلللرها فلللي موقلللع نلللور السللللم بتاريلللخ‬
‫‪16/11/1426‬هل‪ ،‬وفق النقاط التية ‪:‬‬
‫أول ً ‪ُ :‬نسب القول بجواز الكتتاب فللي الشللركات المختلطللة‬
‫بالربا إلى فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى ‪.‬‬
‫والقرب أنلله رجللع عللن فتللواه ؛ فقللد أفللتى أول ً بللالجواز مللع‬
‫النصللح والتأكيللد علللى تركهللا ‪ ،‬فللي فتللوى بخللط يللده بتاريللخ‬
‫‪21/4/1412‬هل ‪ ،‬ثم أفتى بتحريمها في فتواه المنشورة فللي‬
‫مجلة الدعوة بتاريخ ‪1/5/1412‬هل والتي بين فضلليلته حرمللة‬
‫الكتتاب فيها ‪ ،‬وأن من اكتتب فيها جاهل ً فإنه يسعى في فك‬
‫الشتراك ‪ ،‬فإذا لم يتمكن أخرج النسبة المحرمة ‪ ،‬وهذا نص‬
‫السؤال والجواب ‪:‬‬

‫‪152‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما الحكم الشرعي في أسهم الشركات المتداولللة‬
‫في السواق‪ ،‬هل تجوز المتاجرة فيها ؟‬
‫الجللواب ‪ :‬ل أسللتطيع أن أجيللب علللى هللذا السللؤال ؛ لن‬
‫الشللركات الموجللودة فللي السللواق تختلللف فللي معاملتهللا‬
‫بالربا‪ ،‬وإذا علمت أن هذه الشركة تتعامل بالربا وتوزع أرباح‬
‫الربا على المشتركين ‪ ،‬فإنه ل يجللوز أن تشللترك فيهللا ‪ ،‬وإن‬
‫كنت قد اشتركت ثم عرفللت بعللد ذلللك أنهللا تتعامللل بالربللا ‪،‬‬
‫فإنك تللذهب إلللى الدارة وتطلللب فللك اشللتراكك ‪ ،‬فللإن لللم‬
‫تتمكن ‪ ،‬فإنك تبقللى علللى الشللركة ‪ ،‬ثللم إذا قُللدمت الربللاح‬
‫وكان الكشف قللد بيللن فيلله مللوارد تلللك الربللاح فإنللك تأخللذ‬
‫الرباح الحلل ‪ ،‬وتتصدق بالرباح الحرام تخلص لا ً منهللا ‪ ،‬فللإن‬
‫كنت ل تعلم بللذلك فللإن الحتيللاط أن تتصللدق بنصللف الربللح‬
‫تخلصا ً منه ‪ ،‬والباقي لك ؛ لن هذا ما في اسللتطاعتك ‪ ،‬وقللد‬
‫قال الله تعالى ‪ ":‬فاتقوا الله ما استطعتم"‪ .‬انتهت الفتوى ‪.‬‬
‫وللشيخ رحمه الللله فتللوى أخللرى بللالمنع مطلقلًا‪ ،‬وهللي غيللر‬
‫مؤرخة ‪ ،‬وهذا نص السؤال والجواب ‪:‬‬
‫السؤال ‪ :‬لقد انتشللرت فللي زماننللا هللذا الشللركات التجاريللة‬
‫بأنواعها المختلفة وكثر المساهمون فيها بللأموالهم بحثلا ً عللن‬
‫ن بعلض المسلاهمين يحصلل عللى‬ ‫الربح ولكن الذي يحدث أ ّ‬
‫ربللح ليللس مللن عمللل تلللك الشللركة ولكنلله مللن المتللاجرة‬
‫بسندات السهم التي ساهم بها فيبيع السند الذي قيمته مثل ً‬
‫‪100‬ريللال يللبيعه بللل ‪200‬ريللال أو أكللثر حسللب قيمللة تلللك‬
‫السندات في ذلك الوقت‪ ،‬فهل هذا التعامللل بهللذه الطريقللة‬
‫صحيح أم ل ؟‬
‫الجواب ‪ :‬التعامل صحيح إذا كانت الشركة التي سللاهم فيهللا‬
‫خالية من الربا ‪ ،‬فإن بيع النسان نصلليبه مللن الشللركة بربللح‬
‫جائز ول حرج فيه ‪ ،‬لكن بشرط أن يكون معلوما ً لدى البللائع‬
‫والمشتري ‪ ،‬فيعرف أن له مثل ً ‪ 10‬أسهم أو ‪ 15‬سللهما ً مللن‬
‫كذا وكذا حتى ل يبقى المر مشكل ً فإذا كان معلومللا ً فللإنه ل‬
‫بأس به سلواء كلان ذللك فلي الشلركات أو فللي مسلاهمات‬

‫‪153‬‬
‫عقارية كذلك أهل ‪ ) .‬فتاوى للتجار ورجال العمللال ص ‪- 47‬‬
‫‪. (48‬‬
‫ولو وجد فتللاوى غيللر مؤرخللة أو احتمللل المللر عللدم معرفللة‬
‫التاريخ ‪ ،‬فإن القرب لفتاوى الشيخ هللو التحريللم ‪ ،‬لمللا علللم‬
‫عنه من شدة تحرزه من أخذ الربا ‪ ،‬وتحريمه تأجير المحلت‬
‫على صوالين الحلقة التي تحلللق اللحللى ‪ ،‬وعلللى التموينللات‬
‫التي تبيع الدخان ‪ ،‬إضللافة إلللى تحريملله للعمللل فللي البنللوك‬
‫الربويللة حارسللا ً أو سللائقا ً ‪ ،‬أو اليللداع فيهللا فللي الحسللاب‬
‫الجاري ؛ لنه من التعاون على الثم والعدوان ‪.‬‬
‫وما نحن فيه أولى بالمنع ‪.‬‬
‫ثم لو فرضللنا أن المللر ل يلزال مشلتبها ً ‪ ،‬أو ثبللت أن القلول‬
‫الخير للشيخ هو الجواز ‪ ،‬فإن العبرة فللي معرفللة الحلق هلو‬
‫الدليل ‪ ،‬وليس من الصواب دفللع النللاس بفتللوى الشلليخ ابللن‬
‫عثيمين رحمه الللله إلللى الكتتللاب فللي شللركة ينسللاب الللتي‬
‫أعلنت الربا الصراح نظاما ً لها في المعاملت المالية‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أكد بعللض المشللايخ أن الشللركة إنمللا وضللعت الللودائع‬
‫الربوية من أموال المكتتبين المؤسسللين فقللط دون اكتتللاب‬
‫المواطنين ‪.‬‬
‫وهذا غير صحيح ‪ ،‬فإن الشركة قد نصت علللى أنهللا سللتدخل‬
‫مجموع أموال المكتتبين المؤسسين ‪ ،‬وكذلك الكتتاب العللام‬
‫في حساب الفوائد ‪ ،‬وقد نصت الشركة على ذلك ‪،‬‬
‫وأورد هنا نص ما جللاء فللي نشللرة الصللدار ) ص ‪" : ( 60‬‬
‫حقوق المساهمين ‪:‬‬
‫رأس المللال المللدفوع مللن قبللل المؤسسللين – بالريللالت‪) -‬‬
‫‪ (3.656.250.000‬ورأس المال المتوقع من الكتتاب العام‬
‫)‪. (1.968.750.000‬‬
‫ثم جاء في )ص ‪ (61‬ما نصه ‪ :‬الرصدة لدى البنوك ‪ :‬وديعللة‬
‫لجلللل )‪ .. (5.566.657.000‬الوديعلللة لجلللل ‪ ،‬والحسلللاب‬
‫الجاري محتفظ بهما لدى بنك محلي ‪ ،‬وتحقق الوديعة لجللل‬
‫عمولة سنوية – أي فوائد ربوية – بنسبة ‪%4.85‬تقريبا ً اهل‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫وبهذا يتضح دخول أموال الكتتاب العام من الجمهور فيها ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ذكر بعض المشايخ أن الشركة ستأخذ تمويل ً من بعض‬
‫البنوك ؛ إما بقروض تجارية ‪ ،‬وإما بمرابحات إسلمية ‪.‬‬
‫وهذا غير صحيح ‪ ،‬فمن تأمل نص ما جاء في نشرة الصللدار‬
‫يجد أن البنك الذي وعللد بالتمويللل ‪ ABN AMRO‬يقللوم الن‬
‫بالتفاوض مع المصارف الدولية والقليمية والمحليللة لتقللديم‬
‫قروض تجارية وإسلمية عادية للمشروع ‪.‬‬
‫أي أن أنهم وعدوا بالقتراض الربوي وغيللر الربللوي ‪ ،‬وليللس‬
‫المر على سبيل التردد ‪ ،‬هذا أول ً ‪.‬‬
‫وثانيا ً ‪ :‬أن البنك المتعهد بالتمويل سيقدم مجموع ما تحصللل‬
‫له من هذه البنوك لشللركة ينسللاب ‪ ،‬فهللل سلليكون وسلليطا ً‬
‫بأجرة ‪ ،‬أو مقرضا ً بفائدة فيكون القرض حينئذ كله بالربا؟! ‪.‬‬
‫وهذا نللص مللا جللاء فللي نشللرة الصللدار ‪) :‬ص ‪ : (29‬تمويللل‬
‫المشروع ‪ :‬حصلت سابك لصالح ينساب ‪ ،‬على التزام خطي‬
‫مبللدئي مللن بنللك إيلله‪.‬بللي‪.‬إن‪.‬أمللرو ‪ ABN AMRO‬بمللوجب‬
‫خطاب الللتزام مللؤرخ فللي ‪ 30‬نوفمللبر ‪ 2005‬تعهللد بمللوجبه‬
‫بتغطية تسهيلت تمويلية بدون حق الرجللوع علللى المسللاهم‬
‫الرئيس بقيمة ‪ 13.125‬مليون ريال سعودي ‪ -‬أي ‪ 13‬مليارا‬
‫ومائة وخمسا وعشرين مليون ريال سعودي – "اهل ‪.‬‬
‫وجاء أيضا ً في نفس الصفحة تحت عنوان ‪ :‬القللروض ورأس‬
‫المال العامل البتدائي ‪" :‬يقوم بنلك إيله‪.‬بلي‪.‬إن‪.‬أمللرو حاليلا ً‬
‫بالتفاوض مع المصارف الدولية والقليميللة والمحليللة وبعللض‬
‫الجهللات الشللبه حكوميللة لتقللديم قللروض تجاريللة وإسلللمية‬
‫عادية للمشروع ‪..‬إضافة لتسهيلت القروض المللذكورة أعله‬
‫‪ ،‬سيطلب قرض لتمويل رأس المال العامل البتدائي بقيمللة‬
‫‪ 833‬مليلللون ريلللال سلللعودي‪ ،‬ويتلللم ترتيبللله كجلللزء ملللن‬
‫القروض"اهل ‪.‬‬
‫ون من خطورة الربا على كثير من الناس ‪ ،‬بل حتى‬ ‫رابعا ً ‪ :‬ه ّ‬
‫علللى كللثير مللن طلبللة العلللم مللا ذكللر مللن أن نسللبة الجللزء‬

‫‪155‬‬
‫المحرم في الشركة ل يتجاوز الواحد فللي اللللف ‪ ،‬وأن هللذه‬
‫نسبة قليلة جدا ً ‪.‬‬
‫وهللذا الطلق غيللر صللحيح أيضلا ً ‪ .‬ويللزول اللبللس بالتوضلليح‬
‫التي ‪ :‬أودعت ينساب ما تحصللل لهللا مللن أمللوال المكتتللبين‬
‫المؤسسين في وقت قصير فحصلت عوائد ربوية مقللدارها )‬
‫ل( فالحقيقة إذا ً أن الشركة قللامت بتوظيللف‬ ‫‪4.375.000‬ريا ً‬
‫أموال المكتتبين المؤسسين في الحرام وهو الربا ‪ ،‬ووعللدت‬
‫بإجراء ذلك في أموال الكتتاب العام كما سبق بيانه ‪.‬‬
‫ومما يؤكد تهاون الناس بجريمة الربا أن الناس لو قيللل لهللم‬
‫بأن الشللركة سللتقوم بتشللغيل أمللوال المكتتللبين مللدة شللهر‬
‫واحد فقط في المتللاجرة فللي المخللدرات أو الخمللور أو دور‬
‫البغاء ‪ ،‬وأن العائد منها سلليكون واحللدا ً فللي المليللون ‪ :‬لنفللر‬
‫المؤمنون الناس من ذلك بالفطرة ‪ ،‬ولللم تكللن كلمللة )واحللد‬
‫في المليون( سببا ً في تساهلهم بالكتتاب ‪ ،‬فكيف بأخذ الربا‬
‫الذي هو أعظم منها ؟!‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬العبرة في معرفة نظام الشركة هو نشرة الصللدار‬
‫الرسمية ‪ .‬وينبني عليه أمران ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنه ل عبرة بالكلم الشفوي ‪ ،‬لن الشللركات الكللبرى‬
‫ل تعمل إل وفق نظللام رسللمي ‪ ،‬ومجللالس إداريللة ‪ ،‬ورقابللة‬
‫صارمة بمطابقة مافي نشرة الصدار ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن ما وعدت به الشركة من القللروض الربويللة ‪ ،‬قللد‬
‫وقع عليه المكتتب ‪ .‬فل يقال فيه نشارك ؛ لنه قد يتغيللر ‪ ،‬أو‬
‫أن المللر محتمللل ‪ ،‬ونحللو ذلللك ممللا تنفيلله نشللرة الصللدار‬
‫الرسمية للشركة ‪.‬‬
‫وأدعو الجميع إلللى تأمللل نللص مللا جللاء فللي نشللرة الصللدار‬
‫)صللفحة أ ( تحللت عنللوان ) إشللعار هللام ( ‪ :‬وتتحمللل سللابك‬
‫كامللل المسللؤولية عللن دقللة المعلومللات الللواردة فللي هللذه‬
‫النشرة ‪ ،‬وتؤكد حسب علمها واعتقادها بعد إجراء الدراسات‬
‫الممكنة وإلى الحد المعقول ‪ :‬أنه ل توجللد أيللة وقللائع أخللرى‬
‫يمكن أن يؤدي عدم تضمينها في هذه النشرة إلى جعللل أيللة‬

‫‪156‬‬
‫إفللادة واردة هنللا مضللللة ‪ ..‬ويتحمللل كللل مسللتلم لنشللرة‬
‫الصدار قبل اتخاذ قرار السلتثمار مسلؤولية الحصلول عللى‬
‫استشارة مهنية مستقلة بخصوص الكتتاب ‪ ..‬اهل ‪.‬‬
‫وأخيرا ً ‪:‬‬
‫إن سبب حرصي وكتابتي في هذا الموضوع أن المللر أوسللع‬
‫من أن يكون بحثا ً فقهيا اجتهادي لا ً ؛ لن الفتيللا بللالجواز سللبب‬
‫أساس في بقاء الربا في الشللركات القائمللة والقادمللة ؛ لن‬
‫إقبال الناس على الكتتاب وارتفاع السهم مبني فللي أكللثره‬
‫على الفتيا بالجواز ‪ ،‬ولو لم يفت بالجواز لمللا أقبللل النللاس ‪،‬‬
‫ولخضعت الشركة وأمثالها حينئذ إلى مطالب العلماء ‪ -‬بللإذن‬
‫الله تعالى ‪ -‬وقبلللوا باشللتراط وجللود اللجنللة الشللرعية الللتي‬
‫ترشحها جهة علمية مستقلة ‪.‬‬
‫وعليه فإن هذه المناقشة إنما هللي حسللبة علللى منكللر الربللا‬
‫في الشللركات ‪ ،‬والهجللر مللن أقللوى وسللائل إنكللاره ‪ ،‬وأرهللا‬
‫متعينللة فللي هللذه المرحلللة ‪ .‬راجيلا ً أن يطلللع مللن قللرأ هللذه‬
‫المناقشة على الرسائل الثلث السابقة ‪.‬‬
‫وبهذا تنتهي المناقشة والحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫================‬
‫‪ #‬هل خسرت في السهم ؟‬
‫الحمد لله مالك الملك يؤتي الملك مللن يشللاء وينزعلله ممللن‬
‫يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل‬
‫شيء قدير‪ ،‬أحمده عز وجل وأشكره وأثني عليه الخير كللله‪،‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شللريك للله‪ ،‬للله الملللك وللله‬
‫الحمد وهو على كللل شلليء قللدير‪ ،‬وأشللهد أن محمللدا ً عبللده‬
‫ورسوله صلى الله عليه وعلى آللله وأصللحابه وسلللم تسللليما ً‬
‫كثيرًا‪ ....‬أما بعد ‪:‬‬
‫فيا أيها المسلمون ‪ :‬اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر‬
‫والنجوى واعلموا أنه ل تخفللى عليلله خافيللة مللن أمللر عبللاده‬
‫ن ((‬‫دي َ‬
‫ج ِ‬
‫سللا ِ‬
‫ك ِفللي ال ّ‬‫م * وَت ََقل َّبلل َ‬
‫ن ت َُقللو ُ‬
‫حيلل َ‬
‫ك ِ‬ ‫ذي َيللَرا َ‬ ‫))اّللل ِ‬
‫)الشعراء ‪. (219‬‬

‫‪157‬‬
‫يبتلللي عبللاده بالسللراء والضللراء والنعمللة والبأسللاء والصللحة‬
‫ة وَإ ِل َي ْن َللا‬ ‫شّر َوال ْ َ‬
‫خي ْرِ فِت ْن َل ً‬ ‫والمرض والغنى والفقر ))وَن َب ُْلو ُ‬
‫كم ِبال ّ‬
‫ن (( )النبياء ‪. (35 :‬‬‫جُعو َ‬
‫ت ُْر َ‬
‫أيهللا المسلللمون ‪ :‬لقللد جللاءت هللذه الشللريعة الغللراء بكللل‬
‫الخيرات والكمالت ‪ ،‬وحرمت جميع الضللرار والمفسللدات ؛‬
‫فأباحت للناس الطيبات وحرمللت عليهللم الخبللائث وشللرعت‬
‫لهللم طللرائق يطلبللون بهللا المللال الحلل والللرزق المبللارك‬
‫فأباحت معاملت البيوع والشراء والجللارة والشللركة وأنللواع‬
‫ط‬
‫الحوالت والضمانات وغيرهللا مللن المعللاملت وفللق ضللواب ٍ‬
‫شرعية‬
‫ب مرعية ‪.‬‬ ‫وآدا ٍ‬
‫وإذا كان لكل أمة فتنة فملا هللي فتنلة هلذه المللة ؟ ‪ ،‬يجيبنلا‬
‫المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله ‪)) :‬إن لكل أمة فتنة‬
‫‪ ،‬وفتنة أمتي المال ((]‪.[1‬‬
‫دت فللي عللالم اليللوم طللرائق كللثيرة لكسللب المللال‬ ‫وقللد جل ّ‬
‫وتحقيق الثراء السريع ‪ .‬من أشهرها كما يعلم الجميللع هللي ‪:‬‬
‫وسلليلة التجللار فللي سللوق السللهم الماليللة العالميللة منهللا‬
‫والمحلية ‪.‬‬
‫وأصلللها كمللا هللو معللروف أسلللوب غربللي رأسللمالي أخللذه‬
‫المسلمون عن الدول الغربية الللتي يحكللم أسللواقها القللانون‬
‫المدني‪ ،‬وقد قامت هيئات شرعية في عدد مللن البنللوك فللي‬
‫البلد السللللمية بضلللبطه وتعلللديله ليتوافلللق ملللع الحكلللام‬
‫الشرعية وحصل بللذلك خيللر كللثير ولكللن بقللي فيلله فجللوات‬
‫كبرى طالما حذر منها الناصحون والغيورون ‪.‬‬
‫مثللل آليللات الللبيع والشللراء وحركللات المضللاربة العشللوائية‬
‫والتضخم اللمنطقي‪ ،‬والكذب والتغرير‪،‬والنجللش فللي بعللض‬
‫أوامر الشراء‪ ،‬والنجش المضاد ونحو ذلك مما شاب أسللواق‬
‫السهم وأفسدها‪....‬‬
‫وكلللانت تللللك الشلللركات منهلللا ملللا هلللي محرملللة بلخلف‬
‫كالشللركات الربويللة أو الللتي أصللل نشللاطها محللرم‪ ،‬ومنهللا‬

‫‪158‬‬
‫شللركات مختلطللة أصللل نشللاطها مبللاح ولكنهللا ُتقللرض أو‬
‫تقترض بالربا وقد أباحها بعللض أهللل العلللم بضللوابط معينللة‪،‬‬
‫والصحيح أنها محرمة ل يجوز الدخول فيها على الراجللح مللن‬
‫أقوال جماهير العلماء المعاصرين والمجامع واللجان الفقهية‬
‫والشرعية والقسم الثالث شللركات مباحللة يجللوز المسللاهمة‬
‫فيها وهي معروفة عند أهلل هلذا الشلأن ‪ ،‬وهلي اللتي أصلل‬
‫نشاطها مباح وسلمت من القروض الربوية ‪.‬‬
‫أيهللا المسلللمون ‪ :‬وفللي هللذه اليللام بللدأت أسللواق السللهم‬
‫بالنزول والنحدار حيث المؤشللرات تنللزف نسللبا ً يوميللة فللي‬
‫أكللثر دول الخليللج وبعللض الللدول العربيللة ‪ ...‬وذهللل النللاس‬
‫واندهشوا وأصيبوا بحالة من الوجوم والستغراب فللي بدايللة‬
‫الملللر ثلللم بلللدأ مسلسلللل الخسلللائر والمصلللائب وحّللللت‬
‫بالمسللاهمين خسللائر فادحللة‪ ،‬وجللوائح فاجعللة‪ ،‬فللترى بعللض‬
‫القوم لجلها صرعى يتجرعون منها غصص البلوى ويرفعللون‬
‫بسببها الشكوى فكم ترى من مهموم مغموم مثقل بالللديون‬
‫وتسمع عن آخرين ارتفع عندهم ضللغط الللدم أو السللكري أو‬
‫كليهما فأدخلوا المستشفيات والمصحات وسمع النللاس عللن‬
‫حالة وفيات‪ ،‬ومنهم من أصيب بانهيللار عصللبي؛ لجللل فقللده‬
‫جميع ما يملك ‪ ،‬وتصفية جميع محفظته التي كان قد اقترض‬
‫نصللف رأس المللال فيهللا مللن أحللد البنللوك فاسللتوفى البنللك‬
‫مستحقاته وبقيت الخسلارة يتجرعهلا هلذا المسللكين لوحلده‬
‫إلى غير ذلك من مسلسل المصائب والنكبات الللتي أفرزتهللا‬
‫هذه الزمة وهذا النهيار السريع ‪.‬‬
‫ول ينكر أحد أن المال محبب إلى النفوس فطرة فهو عصب‬
‫الحياة وشقيق الروح وبقدر ما يتمنللى المللرء الحيللاة والبقللاء‬
‫فهو يتمنى المال كمللا قللال النللبي صلللى اللله عليلله وسلللم ‪:‬‬
‫))يهللرم ابللن آدم وتشللب معلله اثنتللان الحللرص علللى المللال‬
‫والحرص على العمر(( ]‪.[2‬‬
‫من حديث أنللس بللن مالللك وفللي البخللاري مللن حللديث أبللي‬
‫هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلللى الللله عليلله‬

‫‪159‬‬
‫وسلم ‪)) :‬ل يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الللدنيا‬
‫وطول المل(( ‪.‬‬
‫وفي هذه المصيبة الماليللة والنقيصللة الدنيويللة نللذكر أنفسللنا‬
‫والمسلمين بعدة قضايا علها أن تساهم في التعزية والتسلية‬
‫للخاسرين من جهة ‪ ،‬ومن جهة أخللرى علهللا أن تسللاهم فللي‬
‫تصللحيح المسللار وضللبط السللتثمار لعمللوم المسللتثمرين‬
‫والمساهمين ‪.‬‬
‫القضية الولى ‪ :‬يا كل مصللاب بخسللارة فللي هللذه السللهم ‪،‬‬
‫اعلم أن الله ابتلك فلي المنلع كمللا ابتلك فللي العطللاء قلال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م(( )آل عمللران ‪:‬‬ ‫س لك ُ ْ‬‫م وَأنُف ِ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬‫مل َ‬ ‫ن فِللي أ ْ‬ ‫تعللالى ‪)) :‬ل َت ُب ْل َلوُ ّ‬
‫‪. (186‬‬
‫جللوِع‬‫ف َوال ْ ُ‬ ‫خللو ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫مل َ‬ ‫يٍء ّ‬‫شل ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫وقللال سللبحانه ‪)) :‬وَل َن َب ْل ُلوَن ّك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن ((‬‫ري َ‬ ‫صللاب ِ ِ‬‫ش لرِ ال ّ‬ ‫ت وَب َ ّ‬ ‫س َوالث ّ َ‬
‫م لَرا ِ‬ ‫ل َوالنُف ل ِ‬ ‫وا ِ‬‫م َ‬
‫ن ال َ‬ ‫م َ‬
‫ص ّ‬‫وَن َْق ٍ‬
‫)البقرة ‪. (155 :‬‬
‫القضية الثانية ‪ :‬إن هذه الحادثة مورد من موارد الصللبر وهللو‬
‫فريضة الوقت في هذه المصيبة ‪ ،‬فتذكر‪ -‬أخي المسلللم ‪ -‬أن‬
‫الصبر على أقدار الله المؤلمة أحد أصول اليمان قال صلللى‬
‫الله عليه وسلم "واعلم أن ما أصابك لللم يكللن ليخطئك ومللا‬
‫أخطأك لم يكن ليصيبك" أخرجه أبو داود بسند صحيح ‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪)) :‬واعلم أن النصللر مللع الصللبر‬
‫وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا(( ]‪.[3‬‬
‫والصبر عباد الله من جميل الخلل‪ ،‬و محمللود الخصللال ‪ ،‬فل‬
‫تتسخط على أقدار الله ول تقع فللي سللب الللدهور والزمللان‬
‫ولتلطم وجها أو تشق جيبا‪ ،‬واحذر أن تفتح على نفسك باب‬
‫الشيطان الكبير وهو كلمة "لو" ؛ فتقول لو أنلي ملا فعلللت ‪،‬‬
‫لو أني ما ساهمت ‪ ...‬إنه أمر قضي وانتهى قللال صلللى الللله‬
‫عليه وسلم ‪)) :‬احرص على ما ينفعك واستعن بالله ول تعجز‬
‫وإن أصابك شيء فل تقل لو أني فعلت كذا لكللان كللذا وكللذا‬
‫ولكللن قللل قللدر الللله ومللا شللاء فعللل فللإن لللو تفتللح عمللل‬
‫الشيطان (( ]‪.[4‬‬

‫‪160‬‬
‫والمؤمن يصبر اختيارا ً ‪ ،‬ومن لم يصبر صبر الكرام سل سلللو‬
‫البهائم ‪.‬‬
‫يقول عمر رضي الله عنه ‪ :‬وجدنا خير عيشنا بالصبر ‪.‬‬
‫ويقول علي بن أبي طالب ‪-‬رضي الله عنله‪ -‬الصلبر مطيلة ل‬
‫تكبو ]‪[5‬‬
‫يجرى القضاء وفيلله الخيللر نافلللة *** لمللؤمن واثللق بللالله ل‬
‫لهي‬
‫إن جاءه فرح أو نابه ترح *** في الحالتين يقول الحمد لله‬
‫وقال الحسن ‪-‬رحمه الللله‪" -‬والعبللد كنللز مللن كنللوز الخيللر ل‬
‫يعطيه الله إل لعبدٍ كريم عنده " وصدق من قال ‪:‬‬
‫والصبر مثل اسمه ملّر مللذاقه *** لكللن عللواقبه أحلللى مللن‬
‫ل‬
‫العس ِ‬
‫وإذا صبر المؤمن زاد إيمانه ‪،‬وتطلع بعللده إلللى الرضللا ‪،‬وهللو‬
‫أعلى درجة من الصبر التي يحفظه الله بها عن مللا هللو أشللد‬
‫منها ‪.‬‬
‫يقول ابن القيم ‪-‬رحمه الله‪ -‬الرضا باب الله العظم ‪ ،‬وجنللة‬
‫الدنيا ‪ ،‬ومستراح العابدين وقرة عيللون المشللتاقين ‪ ...‬ومللن‬
‫مل قلبه من الرضا بالقدر مل الله صللدره غنللى وأمن لا ً وف لّرغ‬
‫قلبه لمحبته والنابة إليه والتوكل عليه ‪ ،‬ومن فاته حظه مللن‬
‫الرضا إمتل قلبه بضدِ ذلك واشتغل عما فيه سللعادته وفلحلله‬
‫]‪[6‬‬
‫ي‬
‫ف بالرضللا علن اللله قلد فلاز الرضل ّ‬ ‫إذا اشتدت البلوى تخّف ْ‬
‫المراقب‬
‫وكم نعمة مقرونة ببلية على الناس تخفى والبليا مواهب‬
‫ة تسللتوجب‬ ‫القضية الثالثة ‪ :‬إن في هذا الحللدث عللبرةً وعظ ل ً‬
‫الخروج مللن المظللالم ‪ ،‬والتوبللة مللن المللآثم ‪ ..‬فكللم ماطللل‬
‫أقوام بحقوق غيرهم ؟ ‪ ...‬بل وتحايلوا على أموال النللاس أو‬
‫أسمائهم رغبة في الثراء السريع والتجارة العاجلللة ‪ ،‬فمنعللوا‬
‫حقوقا ً لصحابها طمعا ً في المال وربمللا كتمللوا عنهللم مقللدار‬
‫الرباح واستأثروا بها عنهم مستغلين جهلم بحقيقللة الكتتللاب‬

‫‪161‬‬
‫وحركللة السللهم‪ ...‬وكللم ولللغ النللاس فللي السللهم المحرمللة‬
‫الربوية منها أوالمختلطة ‪ ،‬وتساهلوا في ذلك ولم يبلالوا بللأي‬
‫تحذير أو توجيه ‪ ...‬أليس الربا شؤم وبلء مؤذن بالحرب مللن‬
‫مُنللوا ْ ات ُّقللوا ْ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫رب الرض والسماء قال تعالى ‪َ)) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫م ت َْفعَُلوا ْ‬ ‫ن * فَِإن ل ّ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ن الّرَبا ِإن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬‫ما ب َِق َ‬ ‫ه وَذ َُروا ْ َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫م فَل َ ُ‬ ‫ْ‬
‫س‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫كلل ْ‬ ‫سللول ِهِ وَِإن ت ُب ُْتلل ْ‬ ‫ن الّلللهِ وََر ُ‬ ‫ملل َ‬‫ب ّ‬ ‫حللْر ٍ‬ ‫َفللأذ َُنوا ْ ب ِ َ‬
‫َ‬
‫ن (( )البقرة ‪. (279 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫ن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫م ل َ ت َظ ْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬
‫أ ْ‬
‫ق‬
‫ح ُ‬‫م َ‬ ‫أليس الربا يمحق الخيرات والبركات ‪ :‬قال تعالى ‪ )) :‬ي َ ْ‬
‫ل ك َّفللارٍ أ َِثيلم ٍ ((‬ ‫ب ك ُل ّ‬ ‫حل ّ‬ ‫ت َوالل ّل ُ‬
‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫صلد ََقا ِ‬ ‫ه ال ّْرَبا وَي ُْرِبي ال ّ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫) البقرة ‪. (276 :‬‬
‫ولذلك إشتد خللوف السلللف مللن الحللرام وحللذروا منلله أشللد‬
‫التحذير‪ ،‬إمتثال ً لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬ل يقبل الللله‬
‫صلة بغير طهور ول صدقة من غلول (( ]‪.[7‬‬
‫وقال ابللن مسللعود ل يكتسللب عبللد مللال ً حراملا ً فينفللق منلله‬
‫فيبارك فيه ول يتصدق به فيتقبل منه ول يتركه خلللف ظهللره‬
‫إل كلان زاده إللى النللار ‪ ،‬إن اللله ل يمحللو السليء بالسليء‬
‫ولكللن ولكللن يمحللو السلليء بالحسللن ‪ ،‬إن الخللبيث ل يمحللو‬
‫الخبيث" ‪.‬‬
‫وكللانت المللرأة توصللي زوجهللا عنللدما يخللرج للعمللل وطلللب‬
‫الرزق فتقول له "يا هذا اتق الله فينا ‪ :‬إنا لنصبر على الجوع‬
‫ول نصبر على النار" ‪.‬‬
‫وللذنوب ‪-‬عباد الله‪ : -‬عقوبات وبليات وأزمات ونكبللات وقللد‬
‫تساهل الناس بالربا والمشتبهات إلللى حللد كللبير نسللأل الللله‬
‫السلمة والعافية حيث تطّلب بعللض النللاس المللال والتجللارة‬
‫من أي طريق قال صلللى الللله عليلله وسلللم ‪ )) :‬يللأتي علللى‬
‫الناس زمان ل يبالي المرء ما أخذ المللال أمللن حلل أم مللن‬
‫حرام(( ]‪.[8‬‬
‫وكم من قضايا ومخالفات شرعية حصلت في زحمة انشغال‬
‫الناس في أسواق السهم ‪،‬‬

‫‪162‬‬
‫فمنها ‪ :‬ترك الصلة بالكلية‪ ،‬أو تأخيرها عن وقتها في صالت‬
‫السهم وأمام الشاشات ‪.‬‬
‫وكللم مللن قضللايا الكللذب والللتزوير والشللاعات والتوصلليات‬
‫الكاذبللة ‪ ...‬أليسللت كلهللا ذنللوب ومعاصللي وبعضللها موبقللات‬
‫وكبائر ؟ ! ‪.‬‬
‫عباد الله ‪ :‬والمخيف في المر أن العقوبللة إذا حل ّللت ونزلللت‬
‫ة لّ‬ ‫شملت الجميع إل من رحم ربك قال تعالى ‪َ)) :‬وات ُّقوا ْ فِت ْن َ ً‬
‫َ‬
‫ديد ُ‬
‫شل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫مللوا ْ أ ّ‬
‫ة َواعْل َ ُ‬
‫صل ً‬
‫خآ ّ‬
‫م َ‬ ‫مللوا ْ ِ‬
‫منك ُل ْ‬ ‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ن ال ّل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫صيب َ ّ‬
‫تُ ِ‬
‫ب(( )النفال ‪. (25 :‬‬ ‫ال ْعَِقا ِ‬
‫وفللي البخللاري بللاب إذا أنللزل الللله بقللوم عللذابا بعثللوا علللى‬
‫أعمللالهم قللال ابللن حجللر رحملله الللله وفللي الحللديث تحللذير‬
‫وتخويف عظيم لمن سكت عن النهي فكيللف بمللن داهللن ؟!‬
‫فكيللف بمللن رضللي ؟! فكيللف بمللن عللاون ؟! نسللأل الللله‬
‫السلمة ]‪[9‬‬
‫ويقللول ابللن القيللم رحملله الللله عللن الللذنوب وآثارهللا ومللن‬
‫عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم وتحل النقم ‪ ،‬ومن تأمل مللا‬
‫قص الله في كتابه من أحوال المم اللذين أزال نعمله عنهلم‬
‫وجد أن سبب ذلك جميعله إنملا هلو مخالفلة أملره وعصليان‬
‫رسله وكذلك من نظر في أحوال أهل عصره وما أزال عنهم‬
‫من نعم وجد ذلك من سوء عواقب الذنوب كما قيل‬
‫إذا كنت في نعمة فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم‬
‫وحطها بطاعة رب العباد *** فرب العباد سريع النقم ]‪[10‬‬
‫وقال أيضا ً وكأنه يشاهد حال الناس اليللوم ‪" :‬ومللن عقوباتهللا‬
‫أنها تزيل النعم الحاضرة وتقطع النعم الواصلة فتزيل‬
‫الحاصل وتمنع الواصلل‪ ،‬فلإن نعلم اللله ملا حفلظ موجودهلا‬
‫بمثل طاعته ول ُأستجلب مفقودها بمثل طاعته‪ ،‬فللإن ماعنللد‬
‫الله ل ينال إل بطاعته‪ ،‬وقد جعللل الللله سللبحانه لكللل شلليء‬
‫ة تبطله‪ ،‬فجعللل أسللباب نعملله الجالبللة لهللا طللاعته‪،‬‬ ‫سببا ً وآف ً‬
‫وآفاتها المانعللة منهللا معصلليته‪ ،‬فللإذا أراد حفللظ نعمتلله علللى‬

‫‪163‬‬
‫عبده ألهمه رعايتها بطاعته فيها‪ ،‬وإذا أراد زوالهلا عنله خلذله‬
‫حتى عصاه بها ‪.‬‬
‫ومن العجب علللم العبللد بللذلك مشللاهدة فللي نفسلله وغيللره‬
‫وسماعا لما غاب عنه من أخبار مللن أزيللت نعلم اللله عنهلم‬
‫بمعاصيه وهو مقيم على معصية الله ]‪[11‬‬
‫القضية الرابعة ‪ :‬إن جمع الموال فللي مجللال واحللد وموضللع‬
‫واحلد إضلافة إلللى كلونه عرضلة للللزوال والخسللارة فللي أي‬
‫لحظة ‪ ،‬ففيه أيضا ً تعطيل لمصالح وتجارات وصناعات أخرى‬
‫كم تركها الناس وصّفوا أموالهم وبللاعوا منللازلهم وحاجيللاتهم‬
‫بل واقترضوا لمدد طويلة وهكذا جمعوا مدخراتهم ليركموهللا‬
‫جميعا في سوق السهم ؟ فكان ماكان والله المستعان‪.‬‬
‫ولعل في هذه الحادثللة دعللوة إلللى التعقللل والتللوازن وتنويللع‬
‫التجارة والستثمار لئل تتعطللل مصللالح المسللمين أو تلذهب‬
‫أموالهم هدرا ً وهباًء في يوم وليلة‬
‫القضية الخامسللة ‪ :‬وليللس وقللود هللذه السللهم هللم الثريللاء‬
‫وحدهم والراغبون في أكل أموال الناس مللن أي طريللق بللل‬
‫اصطلى بنارها ضعفاء ونساء ودخلللت فيهللا أمللوال مسللاكين‬
‫ويتامى وأرامل وأيامى طلبا ً للرزق الحلل وتغطية للتكللاليف‬
‫السللرية‪ ،‬وسللدادا لللديون سللابقة ‪ ...‬ومللن هنللا وجللب علللى‬
‫المسئولين وفقهم الله وصّناع القرار وأهل الحللل والعقللد أن‬
‫ينظللروا فللي هللذه القضللية ويحفظللوا أمللوال المسلللمين ول‬
‫يدعوها تنزف يوميا ً وتذوب كمللا يللذوب الجليللد‪ ،‬علللى مللرأى‬
‫دنا بالمسلللئولين وولة الملللر‬ ‫ومسلللمع ملللن الجميلللع وعهللل ُ‬
‫اهتمامهم بأمور الرعية وأحوالها في قضايا كثيرة ليست هذه‬
‫بأقللل منهللا بللل حقيقللة هللي أشللد ووقعهللا أنكللى حيللث إن‬
‫الحصائيات تقول ‪ :‬إن ما يزيد علللى أربعللة ملييللن فللرد قللد‬
‫دخلوا في سوق السهم ‪.‬‬
‫وقلما تجد بيتا ً إل وله نصيب منها بقليل أو كثير ‪.‬‬
‫وإذا كان يقال "إن النظام ل يحمى المغفليللن" فكيللف يللترك‬
‫ث‬‫للمتلعللبين خلل فللترات ماضللية مزيللدا ً مللن النجللش وب ل ّ‬

‫‪164‬‬
‫الطمئنان وتصدير التوصيات الكاذبة وإغللراء المجتمللع بقللوة‬
‫السوق ومتانته من خلل وسللائل العلم وتسللابق المحلليللن‬
‫الفنييللن فللي الذاعللات والقنللوات لبللث الثقللة والطمأنينللة ‪،‬‬
‫ودراسلللة المؤشلللرات وتبلللادل التوصللليات ورفلللع معلللدلت‬
‫المضاربة في شركات ل تستحق عشر قيمتها الحالية ‪.‬‬
‫ثم بين غمضة عين وانتباهتها يحصل هذا النهيار ويخرج كبللار‬
‫المضاربين من السوق وتختفي السيولة مباشللرة ويتضللاعف‬
‫العرض ول يقللابله طلبللات شللراء بل مسللوغات اقتصللادية أو‬
‫أسللباب أمنيللة أو اجتماعيللة بللل علللى العكللس‪ ،‬الوضللاع‬
‫القتصادية والمنية بحمد اللله عللى أحسلن حلال ‪ ...‬ثلم للم‬
‫نللرى أولئك بعللد ‪ ...‬بللل تللواروا عللن النظللار وتلشللت تلللك‬
‫التوصيات والتحليلت و في بعضهم شبه بمن قال الله عنه ‪:‬‬
‫م وَعْد َ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫حلل ّ‬ ‫ه وَعَد َك ُ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مُر إ ِ ّ‬‫ي ال ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ما قُ ِ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫))وََقا َ‬
‫ن إ ِل ّ َأن‬ ‫سلل ْ َ‬ ‫ي عَل َي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫طا ٍ‬ ‫مللن ُ‬ ‫كلم ّ‬ ‫ن ِلل َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫خل َْفت ُك ُ ْ‬ ‫م فَأ ْ‬ ‫عدت ّك ُ ْ‬ ‫وَوَ َ‬
‫َ‬
‫مللا أن َلا ْ‬ ‫َ‬
‫كم ّ‬ ‫سل ُ‬‫مللوا ْ أنُف َ‬ ‫موِني وَُلو ُ‬ ‫م ِلي فَل َ ت َُلو ُ‬ ‫جب ْت ُ ْ‬
‫ست َ َ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫د َعَوْت ُك ُ ْ‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫مو ِ‬ ‫شَرك ْت ُ ُ‬ ‫ما أ َ ْ‬ ‫ت بِ َ‬‫ي إ ِّني ك ََفْر ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫صرِ ِ‬ ‫م ْ‬‫م بِ ُ‬
‫َ‬
‫ما أنت ُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫خك ُ ْ‬ ‫صرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫بِ ُ‬
‫َ‬
‫م(( )إبراهيم ‪. (22 :‬‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫قَب ْ ُ‬
‫الخطبة الثانية‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على أشرف النبيللاء والمرسلللين‬
‫نبينا محمد وعلى اله وصحبه إلى يوم الدين ‪:‬‬
‫القضية السادسة ‪ :‬إن الخسارة في المال مهمللا كللانت فلللن‬
‫تعادل خسارة الدين والخلق وخسارة النفس والرواح ‪.‬‬
‫فالمال كالريش ينبت ثم يزول ثم ينبت وهكذا ‪..‬‬
‫وقد قيل ‪ :‬أحتال للمال إن ضاع فاجمعه‬
‫ولست للدين إن ضاع بمحتال‬
‫فهللل تسللاوي أموالللك كلهللا أن تسللهر ليلللة علللى السللرر‬
‫البيضاء ‪ ،‬ثم ماذا لو أصيبت إحدى رجليك أو يديك بألم شديد‬
‫وقرر الطباء بتر هذه الرجل أو تلك اليد ؟ ‪.‬‬
‫أرأيت لو قيل إن هناك علجا ً في أقاصي الدنيا وقيمته جميللع‬
‫ما تملك أتراك تدفع هذا المال لصحتك ؟! ‪..‬‬

‫‪165‬‬
‫قطعا ً ل أظن عاقل ً يللتردد فللي ذللك ‪ ...‬إذا ً أل تحمللد الللله أن‬
‫عافاك فللي بللدنك وأطرافللك فلقللد أعطللى كللثيرا وأخللذ قليل‬
‫سع في الرزق فله الحمد على ما أعطى وله‬ ‫ورزق وأنعم وو ّ‬
‫الحمد على ما منع ‪.‬‬
‫ول تنظر – أخي المسلم ‪ -‬إلى النعللم المفقللودة وإنمللا انظللر‬
‫إلى النعم الموجودة واستمتع بها واشكر الله على أن أبقللاك‬
‫صحيحا ً مسلما ً ‪ ،‬والخسارة هي خسارة النفللس والهللل يللوم‬
‫س لُروا‬ ‫خ ِ‬‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّل ِ‬‫ري َ‬ ‫سل ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خا ِ‬ ‫القيامة بالكفر والمعاصي ‪ )) :‬إ ِ ّ‬
‫ن ((‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مِبي ل ُ‬ ‫سَرا ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ك هُوَ ال ْ ُ‬‫مةِ أ ََل ذ َل ِ َ‬
‫م ال ِْقَيا َ‬‫م ي َوْ َ‬
‫َ‬
‫م وَأهِْليهِ ْ‬ ‫سه ُ ْ‬‫أنُف َ‬
‫َ‬
‫)الزمر ‪.(15 :‬‬
‫القضللية السللابعة ‪ :‬ومللن دروس هللذه الحادثللة أن ل ينظللر‬
‫المسلم إلى السباب المادية وحللدها ويعتمللد عليهللا وينسللى‬
‫سؤال الله تعالى وطلب الرزق منه وتعليق المللور بمشلليئته‬
‫تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫وكللم نللرى مللن يجللزم بأخبللار مسللتقبلية دون تعليللق ذلللك‬
‫بالمشيئة وتذكر جميع المور والمحفزات والتوصلليات وكللون‬
‫مستوى السوق بفضل كللذا وكللذا وبسللبب كللذا وكللذا وليللس‬
‫لمشيئة الله وذكر الللله وفضللل الللله وعطللائه أي ذكللر علللى‬
‫لسان الكثيرين من رجللال العمللال وأهللل القتصللاد والمللال‬
‫وقللد عللد العلمللاء ذلللك نوعلا ً مللن كفللر النعللم قللال تعللالى ‪:‬‬
‫م ُينك ُِرون ََها(( )النحل ‪.(83 :‬‬ ‫ت الل ّهِ ث ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن ن ِعْ َ‬ ‫)) ي َعْرُِفو َ‬
‫يقول مجاهد ‪ :‬هو قول الرجل ‪ :‬هذا مالي ورثته عن آبائي ‪.‬‬
‫وقال عون بن عبد الله ‪ :‬يقولون ‪ :‬لول فلن لم يكن كذا ‪.‬‬
‫دادا ً‬ ‫َ‬
‫جعَل ُللوا ْ ل ِّللهِ أنل َ‬‫وقال ابن عباس ‪ :‬عند قوله تعلالى‪)) :‬فَل َ ت َ ْ‬
‫َ‬
‫ن (( )البقرة ‪.(22 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬
‫وَأنت ُ ْ‬
‫قال ‪ :‬النداد هو ‪ :‬الشرك أخفى من دبيب النمل على صللفاة‬
‫سوداء في ظلمة الليل ‪،‬‬
‫وهو أن تقول ‪ :‬والله وحياتك يا فلن وحياتي ‪.‬‬
‫وتقول ‪ :‬لول كليبة هذه لتانا اللصوص ولول البللط فللي الللدار‬
‫لتى اللصوص‪ ...‬وقول الرجل لول الله وفلن ‪. "...‬‬

‫‪166‬‬
‫ومن دروس هذه الحادثة ‪ :‬أن ل يتعلق النسان بأخبار شائعة‬
‫ويبني تجارته على توصيات خادعة لم تبنى على أسس مالية‬
‫واقتصادية صحيحة‬
‫القضية الثامنة ‪ :‬الواجب أن يقتصد النسان في طلب الللدنيا‬
‫ول يصاب بالسللعار والهيللام ورائهللا فكللم رأينللا ورأى الجميللع‬
‫السللراب المتكللاثرة فللي الكتتابللات ‪ ،‬وازدحللام الطرقللات‬
‫والمصللارف ‪ ،‬بللل والقيللام بالسللفار إلللى دول مجللاورة مللع‬
‫العنت والمشقة وترك الهل والولد والوظيفة لجللل لمعللان‬
‫المكاسب وبريقها‬
‫وكم تساهل النللاس فلي الطاعللات والعبللادات ورأينللا أقوامللا‬
‫تركوا صلة الرحم والجتماع بالقرابة وقضاء حقوق الوالللدين‬
‫لجل العكوف فللي صللالت السللهم أو أمللام جهللاز الحاسللب‬
‫يقول صلى اللله عليلله وسللم‪)) :‬قللد أفللح ملن أسللم ورزق‬
‫كفافا ً وقنه الله بما آتاه ((]‪.[12‬‬
‫والقناعة أعظم كنللز وإذا رزق العبللد القناعللة أشللرقت عليلله‬
‫شمس السعادة ‪.‬‬
‫ومن جميل ما يروى لميللر المللؤمنين علللي بللن أبللي طللالب‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪: -‬‬
‫أفادتني القناعة كل عز *** وهل عز أعز من القناعة‬
‫فصّيرها لنفسك رأس مال *** وصّير بعدها التقوى بضاعة‬
‫تحز ربحا وتغنى عن بخيل *** وتنعم في الجنان بصبر ساعة‬
‫وقال الشافعي رحمه الله ‪:‬‬
‫رأيت القناعة كنز الغنى *** فصرت بأذيالها ممسك‬
‫فل ذا يراني على بابه *** ول ذا يراني به منهمك‬
‫وصرت غنيا ً بل درهم *** أمّر على الناس شبه الملك‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫اقنع بما ترزق يا ذا الفتى *** فليس ينسى ربنا نمله‬
‫م له‬ ‫إن أقبل الرزق فقم قائما ً *** وإن تولى مدبرا ً ن َ ْ‬
‫القضية التاسعة ‪ :‬ول يجوز أن تنعكس آثار هذه الحادثة عللى‬
‫السرة والولد أو الزوجة أو الخوان بسبب الديون وتللداخل‬

‫‪167‬‬
‫المللوال وحصللول الخسللارة لن هللذا أمللر خللارج عللن قللدرة‬
‫النسان فل تضاعف خسارتك فتغضب من أي موقف ويتغيللر‬
‫مزاجك ‪ ،‬وتتبدل أخلقك على والديك وزوجتك وأولدك ‪.‬‬
‫وبهذه المناسبة نذكر إخواننا الدائنين والمقرضين ‪ :‬أن يتقللوا‬
‫الله ويرحموا المعسرين وينظرونهم أو يتجللاوزوا عنهللم قللال‬
‫صلى الله عليه وسلم "من أنظر معسرا أو وضع عنلله أظللله‬
‫الله في ظله يوم ل ظل إل ظله" ‪ .‬أخرجه مسلم من حديث‬
‫عبادة بن الصامت – رضي الله عنه ‪.‬‬
‫القضية العاشرة والخيرة ‪ :‬فلنعلم أن ما يقضللي الللله قضللاءً‬
‫للمللؤمن إل كللان للله فيلله خيللر كمللا ثبللت بللذلك الخللبر عللن‬
‫المعصوم صلى الله عليه وسلم فكم فللي هللذه المحنللة مللن‬
‫منحة وفي هذه النقمة من نعمة ففيها عبر وعظللات ودروس‬
‫للجميع وفيها تقوية للمؤمن وتللدريب للله علللى الصللبر وفيهللا‬
‫النظر إلى قهر الربوبية وذل العبودية ‪.‬‬
‫وفيها خضوع النسان لربلله وانطراحلله بيللن يللديه ولللول هللذه‬
‫النوازل لم ُيرى النسان على باب اللتجاء والمسلكنة‪ ،‬واللله‬
‫تعالى يبتلى خلقه بعوارض تللدفعهم إلللى بللابه يسللتغيثون بلله‬
‫فهذه من النعم في طي البلء ‪ :‬كم نعمة لتسللتقل بشللكرها‬
‫لله في طي المكاره كامنة ‪.‬‬
‫قال سفيان بن عيينة ‪) :‬وما يكره العبد خير له مما يحب لن‬
‫ما يكرهه يهيجه للدعاء وما يحبه يلهيه( ]‪. [13‬‬
‫ويقول المنبجي رحمه الله ‪ :‬وليعلللم أهللل الصللائب أنلله لللول‬
‫محن الدنيا ومصائبها لصاب العبد مللن أدواء الكللبر والعجللب‬
‫والفرعنة وقسوة القلب ومللا هللو سللبب هلكلله عللاجل ً وآجل ً‬
‫فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الحيان بأنواع من‬
‫أدوية المصائب تكون حمية له من هذه الدواء وحفظا لصحة‬
‫عبوديته وإستفراغا ً للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة فسبحان‬
‫من يرحم ببلئه ويبتلي بنعمائه كما قيل ‪:‬‬
‫قد ينعللم الللله بللالبلوى وإن عظمللت *** ويبتلللي الللله بعللض‬
‫القوم بالنعم‬

‫‪168‬‬
‫فلول أنه سبحانه وتعالى يداوي عباده بأدوية المحللن والبتلء‬
‫لطغوا و بغللوا وعتللوا وتجللبروا فللي الرض وعللاثوا بالفسللاد ‪،‬‬
‫فإن من شيم النفوس إذا حصل لها أمر ونهي وصحة وفللراغ‬
‫وكلمة نافذة من غير زاجر شرعي يزجرهللا تمللردت وسللعت‬
‫في الرض فسادا ً مع علمهم بما فعل بمن قبلهللم فكيللف لللو‬
‫حصل لهم مع ذلك إهمال ؟ ‪ .‬اهل‬
‫وفيهللا العلللم بحقللارة الللدنيا وهللو أنهللا أدنللى مصلليبة تصلليب‬
‫النسان تعكر صللفوه وتنغللص حيللاته وتنسلليه ملذه السللابقة‬
‫والكيس الفطن ل يغتر بالدنيا بل يجعلها مزرعة للخرة ‪.‬‬
‫وفقني الله وإياكم لغتنام هذه الحياة بالباقيات الصللالحات ‪،‬‬
‫والتزود من أعمال الخير والبر ‪.‬‬
‫دوا ْ فَ لإ ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ه الل ّل ُ‬
‫ه وَت َلَزوّ ُ‬ ‫خي ْرٍ ي َعْل َ ْ‬
‫مل ُ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬‫ما ت َْفعَُلوا ْ ِ‬‫قال تعالى ‪)) :‬وَ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب (( )البقللرة ‪:‬‬ ‫ن ي َللا أوْل ِللي الل َْبللا ِ‬ ‫وى َوات ُّقللو ِ‬ ‫خي ْلَر ال لّزادِ الت ّْق ل َ‬
‫َ‬
‫‪. (197‬‬
‫اللهم أيقظ قلوبنا من الغفلت‪ ،‬وطهر جوارحنا من المعاصي‬
‫ق سرائرنا من الشرور والبليات‪.‬‬ ‫والسيئات‪ ،‬ون ِ‬
‫اللهللم باعللد بيننللا وبيللن ذنوبنللا كمللا باعللدت بيللن المشللرق‬
‫والمغرب‪ ،‬ونقنا من خطايانللا كمللا ينقللى الثللوب البيللض مللن‬
‫الدنس‪ ،‬واغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد‪.‬‬
‫اللهللم اختللم بالصللالحات أعمالنللا‪ ،‬وثبتنللا علللى الصللراط‬
‫المستقيم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الخرة‪ ،‬اللهم‬
‫اجعلنا من المتقين الذاكرين الذين إذا أساؤوا استغفروا‪ ،‬وإذا‬
‫أحسنوا استبشروا‪.‬‬
‫اللهم انصر إخواننا المجاهدين فللي سللبيلك فللي كللل مكللان‪،‬‬
‫الللذين يريللدون أن تكللون كلمتللك هللي العليللا‪ ،‬اللهللم ثبتهللم‬
‫وسددهم‪ ،‬وفرج همهم ونفس كربهم وارفع درجللاتهم‪ .‬اللهللم‬
‫واخللز عللدوهم مللن اليهللود والنصللارى‪ ،‬ومللن شللايعهم مللن‬
‫الباطنيين والمنافقين‪ ،‬وسعى في التمكيللن لهللم وتسللليطهم‬
‫على المسلمين‪ ،‬اللهم فرق جمعهم‪ ،‬وشتت شملهم‪ ،‬وخالف‬
‫بين كلمتهم‪ ،‬واجعلهم غنيمة للمسلمين وعبرة للمعتبرين‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫اللهم عليك بهللم‪ ،‬اللهللم زلللزل بهللم الرض‪ ،‬وأسللقط عليهللم‬
‫كسفا ً من السماء‪ ،‬اللهم أقم علم الجهاد‪ ،‬واقمع أهللل الزيللع‬
‫والبدع والعناد والفساد‪ ،‬اللهم آمنا في أوطاننا‪ ،‬وأصلح ووفق‬
‫أئمتنللا وولة أمورنللا‪ ،‬سللبحان ربللك رب العللزة عمللا يصللفون‬
‫وسلم على المرسلين والحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫]‪ [1‬رواه أحمد والترمذي بسندٍ صحيح ‪.‬‬
‫]‪ [2‬متفق عليه ‪.‬‬
‫]‪ [3‬أخرجه أحمد والبيهقي وصححه اللباني ‪.‬‬
‫]‪ [4‬أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه ‪-‬‬
‫]‪ [5‬ذكرها ابن القيم في عدة الصابرين ‪ ،‬ص ‪. 124‬‬
‫]‪ [6‬مدارج السالكين ‪. 202 ، 2/172‬‬
‫]‪ [7‬أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫]‪ [8‬رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ‪.‬‬
‫]‪ [9‬فتح الباري ‪ -‬ابن حجر ] جزء ‪ - 13‬صفحة ‪. [ 61‬‬
‫]‪ [10‬بدائع الفوائد ‪. 2/432‬‬
‫]‪ [11‬الجواب الكافي ‪ ،‬ص ‪. 73‬‬
‫]‪ [12‬رواه مسلم‬
‫]‪[13‬الفرج بعد الشدة ‪ ،‬ص ‪. 22‬‬
‫==============‬
‫‪ #‬جمعية الموظفين مالها وما عليها ‪2-1‬‬
‫وهذه من المسائل التي يكللثر الن وقوعهللا والسللؤال عنهللا‪،‬‬
‫وإن كان الكثر على جوازها‪ ،‬لكن كللون طللالب العلللم يفهللم‬
‫دليل القول الخر وما يجاب عنه‪ ،‬ودليل من قال بالجواز وما‬
‫اعتمد عليه‪ ،‬هذا مهم جدا ً ‪.‬‬
‫‪ –1‬تعريفها ‪:‬‬
‫الجمعية مأخوذة من الجتماع ‪.‬‬
‫والموظفون‪ :‬جمع موظف‪ ،‬وهو مللن يعمللل لللدى الدولللة‪ ،‬أو‬
‫في مؤسسة‪ ،‬أو شللركة‪ ،‬وأضلليفت الجمعيللة للمللوظفين لن‬
‫الغالب أن من يتعامل فيهلا موظفلون‪ ،‬و إل فإنهلا قلد تكلون‬
‫بين التجار أو المزارعين أو الصناع ونحو ذلك‪ ،‬فإن الموظللف‬

‫‪170‬‬
‫يتحصل علللى مرتللب شللهري مطللرد‪ ،‬فللإذا كللان كللذلك فللإنه‬
‫يتمكن من الدخول في هذه الجمعية‪.‬‬
‫أما بالنسبة للتاجر أو الفلح أو الصانع ونحوهم فقللد يتحصللل‬
‫له ذلك المرتب أو الغلة في آخر الشللهر وقللد ل يتحصللل للله‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪ – 2‬صورها ‪:‬‬
‫جمعية الموظفين لها ثلث صور ‪:‬‬
‫الصورة الولى‪ :‬أن يتفق عدد من الشللخاص علللى أن يللدفع‬
‫كل واحد منهم مبلغا من المال متساويا عند نهاية كللل شللهر‬
‫أو كل شهرين‪ ،‬أو كل سنة حسب ما يتفقون عليه ‪.‬‬
‫الصورة الثانية‪:‬أن يتفق عدد من الشخاص على أن يدفع كل‬
‫واحد منهم مبلغا ً من المال متساويا ً عنللد نهايللة كللل شللهر أو‬
‫شهرين مع اشتراط أل ينسحب أحد منهم حتى تنتهي الدورة‬
‫– يعني حتى يدور عليهم الخذ‪.‬‬
‫الصورة الثالثة‪ :‬كالصورة الثانية‪ ،‬أن يتفق عدد من الشخاص‬
‫على أن يدفع كل واحد منهم مبلغا ً من المال متساويا ً يأخللذه‬
‫أحدهم عند نهاية كل شهر أو شهرين‪ ،‬حتى تنتهللي أكللثر مللن‬
‫دورة؛ دورتان أو ثلث إلخ حكم الصورة الولى ‪:‬‬
‫هذه الصورة أشار إليها العلماء‪ -‬رحمهللم الللله‪ -‬وممللن أشللار‬
‫إليها أبو زرعة الرازي وهو مللن أئمللة المحللدثين وأشللار إلللى‬
‫جوازها ‪.‬‬
‫لما وجدت هذه الصورة الن وكثر تعامل الناس بهللا‪ ،‬اختلللف‬
‫فيها المتأخرون في جوازها‪ ،‬هل هي جائزة أو ليسللت جللائزة‬
‫على قولين ‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬أنها معاملة جائزة ول بأس بهللا‪ ،‬وهللذا قللال بلله‬
‫أكثر المتأخرين‪ ،‬وممن قال به مللن المتللأخرين‪ :‬الشلليخ عبللد‬
‫العزيز بن باز‪ -‬رحمه الله‪ ،-‬وكان الشيخ محمللد ابللن عللثيمين‬
‫يقول‪ :‬كان الشيخ يرى التحريم ثم راجعته فيها‪ ،‬ثم رجع إلللى‬
‫الجواز‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫وكذلك مما قال به الشيخ محمد بن عثيمين‪ :‬وقد انتصللر لهللا‬
‫كللثيرًا‪ ،‬وفللي بعللض كلملله أنهللا مللن العمللال المندوبللة لمللا‬
‫سيأتي‪ ،‬من أنها تفك حاجات المحتللاجين‪ ،‬وأنهللا تغنللي كللثيرا ً‬
‫من الناس عن اللتجاء إلى البنوك الربوية وغيللر ذلللك‪ ،‬ولمللا‬
‫فيها من التعاون على البر والتقوى‪.‬‬
‫وكذلك الشيخ عبد الله بن جللبرين وغللالب أعضللاء هيئة كبللار‬
‫العلماء في المملكة يرون أن هذه المعاملة جللائزة ول بللأس‬
‫بها ‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أنها محرمة ول تجوز‪ ،‬ومن أشهر من قال بهذا‬
‫الشيخ صالح الفوزان‪ ،‬وكذلك الشيخ عبللد العزيللز آل الشلليخ‬
‫مفتي المملكة الن ‪.‬‬
‫أدلة القول الول ‪ :‬وهو الجواز ‪:‬‬
‫‪ –1‬قالوا‪ :‬إن هللذا العقللد مللن العقللود الللتي جللاءت الشللريعة‬
‫بجللوازه‪ ،‬لن حقيقللة هللذا العقللد هللو قللرض فيلله إرفللاق‬
‫بالمقترض‪ ،‬حيث أن المقترض يأخللذ القللرض ويللرد مثللله ول‬
‫زيادة عليه‪ ،‬يعني هللو يأخللذ –مثل ً – ألفلا ً أو ألفيللن أو خمسللة‬
‫آلف ثم يردها‪ ،‬وليس هناك زيادة عليه‪ ،‬فهذا قرض ل يخللرج‬
‫عن القرض المعتاد‪ ،‬إل أن الفرق بينه وبين القللرض المعتللاد‬
‫أن القللراض فللي الجمعيللة يشللترك فيلله أكللثر مللن شللخص‪،‬‬
‫والقرض المعتاد يكون بين شخص وآخر ‪.‬‬
‫‪ –2‬كذلك أيضا ً استدلوا بالصللل‪ ،‬وأن الصللل فللي مثللل هللذه‬
‫الشياء الحل‪ ،‬الصل في المعاملت الحللل‪ ،‬وقللد ذكرنللا هللذا‬
‫في الضابط الول من الضوابط التي تدور عليها المعاملت ‪.‬‬
‫‪ –3‬وكذلك أيضا ً قالوا‪ :‬فللي هللذا تعللاون علللى الللبر والتقللوى‪،‬‬
‫فمثل ً هذه الجمعية طريق لسد حاجة المحتاجين‪ ،‬وإعانة لهم‬
‫على البعد عن البنوك الربوية‪ ،‬والمعللاملت المحرمللة كالربللا‬
‫ونحو ذلك ‪.‬‬
‫‪ –4‬كذلك أيضا ً استدلوا بأن المنفعللة الللتي تحصللل للمقللرض‬
‫في هذه الجمعية ل تنقللص المقللترض‪ ،‬يعنللي قللد يقللال‪ :‬بللأن‬
‫المقرض قد انتفع لكنهم يقولون‪ :‬إن المقرض وإن حصل للله‬

‫‪172‬‬
‫شيء من النتفاع إل أن هذه المنفعة ل تنقص المقترض‪ ،‬ول‬
‫يحصل له ضرر‪ ،‬بل النتفاع متبادل بين المقرض والمقللترض‬
‫كل منهللم ينفللع الخللر‪ ،‬مللع أنله سلليأتي– إن شللاء الللله – مللا‬
‫المراد بالمنفعة التي نص الصحابة علللى أنهللا ربللا؟ يعنللي مللا‬
‫المراد بكل قرض جر نفعا ً فهو ربا؟ ما المراد بهللذه المنفعللة‬
‫الللتي إذا كللانت فللي القللرض فهللي مللن الربللا كمللا ورد عللن‬
‫الصحابة؟ هذا سيأتي بيانه إن شاء اللله‪ ،‬وأن مللا قللد يحصللل‬
‫للمقرض مقابل قرضه من النتفاع أنه ليللس داخل ً فللي هللذه‬
‫المنفعة التي حكم عليها الصحابة‪ -‬رضي الللله تعللالى عنهللم‪-‬‬
‫بأنها ربا‪.‬‬
‫أدلة القول الثاني‪ :‬وهو التحريم‪:‬‬
‫‪ –1‬قالوا‪ :‬القرض فللي هللذه الجمعيللة قللرض مشللروط‪ ،‬فيلله‬
‫القرض من الخر فهو قرض جر نفعًا‪ ،‬وكل قللرض جللر نفع لا ً‬
‫فهو ربا‪ ،‬هذا خلصللة الللدليل‪ ،‬فهللذا يزيللد يقللرض عمللرًا‪ ،‬لللم‬
‫يقرضه إل بشرط أن يقرضه هو‪ ،‬فهذا قرض جر نفعًا‪.‬‬
‫يبقى ما هو الدليل على أن القرض الذي جر نفعا ً محللرم ول‬
‫يجوز‪:‬‬
‫أما من السنة فقللد ورد فللي ذلللك أحللاديث حللديثان أو ثلثللة‪،‬‬
‫ي‪ -‬صلللى الللله عليلله‬ ‫وكلها ل تثبت من ذلك ما يروى عن الن ّب ِل ّ‬
‫وسلم‪ -‬أنه قال‪ )) :‬كل قرض جر نفعا ً فهو ربا ((‪.‬‬
‫ي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬وكللذلك أيضلا ً‬ ‫هذا ل يثبت عن الن ّب ِ ّ‬
‫ي‪ -‬صللى اللله عليلله وسلللم‪ -‬أنله‬ ‫استدلوا بما يروى عللن الن ّب ِل ّ‬
‫قال‪ )) :‬إذا أقرض أحدكم قرضلا ً فأهللدى للله‪ ،‬أو حمللله علللى‬
‫دابة فل يركبها‪ ،‬ول يقبلها إل أن يكون جللرى بينلله وبينلله قبللل‬
‫ذلك ((‪.‬‬
‫هذا أيضا ً أخرجه ابن ماجه وهو ضعيف ل يثبت‪.‬‬
‫لكن القرض الذي جر نفعا ً ورد تحريمه عن الصللحابة‪ -‬رضللي‬
‫الله عنهم‪ -‬جماهير الصحابة ‪:‬‬

‫‪173‬‬
‫فمن ذلك ما ورد عن فضالة بن عبيد‪ -‬رضي الله تعالى عنه‪-‬‬
‫أنه قال‪ )) :‬كل قرض جر منفعة فهللو ربللا(( أخرجلله الللبيهقي‬
‫في سننه ‪.‬‬
‫وكذلك أيضا ً في صحيح البخاري أن عبد الله بللن سلللم قللال‬
‫لبي بردة ‪-‬رضي الله عنهمللا‪ )) :-‬إنللك فللي أرض الربللا فيهللا‬
‫فاش‪ ،‬إذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمللل تبللن‪ ،‬أو‬
‫ت فل تقبل(( ‪.‬‬‫شعير‪ ،‬أو قَ ّ‬
‫وكذلك أيضا ورد نحو هذا عن عمللر‪ -‬رضللي الللله عنلله‪ -‬وعللن‬
‫ابن عمر وأبللي هريللرة وابللن مسللعود وأنللس‪ ،‬وابللن عبللاس‪-‬‬
‫رضي الله عنهم‪ -‬فجماهير الصحابة يللرون أن المنفعللة الللتي‬
‫يفيد منها المقرض أنها محرمة وأنها من الربا‪ ،‬وقللد ورد عللن‬
‫ابللن عمللر أنلله قللال‪ )) :‬مللن أسلللف سلللفا ً فل يشللترط إل‬
‫قضاءه(( أخرجه مالك في الموطأ وإسناده صحيح ‪.‬‬
‫فتلخللص أن تحريللم المنفعللة للمقللرض وارد عللن الصللحابة‪-‬‬
‫رضي الله تعالى عنهم‪.-‬‬
‫لكن ورد عن الصحابة‪ -‬رضي الله تعالى عنهم‪ -‬إجللازة بعللض‬
‫المنللافع للمقللرض‪ ،‬وحينئذ يحتللاج إلللى ضللبط المنفعللة الللتي‬
‫تكون محرمة ‪.‬‬
‫فالصحابة‪ -‬رضي الله تعالى عنهم‪ -‬أجازوا السفتجة‪ ،‬كما ورد‬
‫عللن الحسللن وعلللي بللن أبللي طللالب‪ ،‬والزبيللر وغيرهللم مللن‬
‫الصحابة‪ ،‬والسفتجة‪ :‬هللي أن تقللرض شللخاص مللال ً فللي بلللد‬
‫فيعطيللك إيللاه فللي بلللد آخللر‪ ،‬فهنللا المقللرض اسللتفاد أمللن‬
‫الطريق‪ ،‬فالخطر الذي قد يحصل للله أثنللاء السللفر قللد زال‪،‬‬
‫فقد يكون المكان بعيدا ً فهللو بحاجللة أن يحفللظ المللال‪ ،‬وقللد‬
‫يضيع عليه‪ ،‬فمنفعة الحفظ والسلمة مما قد يحصل للله مللن‬
‫خطر إلى آخره هذا قد زال‪.‬‬
‫وكذلك أيضا ً أجاز العلماء بعض المنللافع للمقللرض فقللالوا‪ :‬ل‬
‫بأس أن يقللرض الشللخص فلحلله دراهللم‪ ،‬لكللي يقللوم الفلح‬
‫بشراء اللت والبذور ويعمل في أرض المقرض‪ ،‬فللأنت مثل ً‬
‫ساقيت زيدا ً من الناس أو زارعته على أن يعمل في أرضللك‬

‫‪174‬‬
‫ولم يكن معه دراهم‪ ،‬فل بأس أن تقرضه ويقوم بالعمل فللي‬
‫أرضك‪ ،‬مع أنك تستفيد الن‪ ،‬أو مثل ً تقرضلله ويقللوم بالعمللل‬
‫في بيتللك فللأنت الن تسللتفيد‪ ،‬فهللذا القللرض أجللازه العلمللاء‬
‫رحمهم الله ‪.‬‬
‫وأيضا ً قال شيخ السلم‪ :‬ل بأس أن يقول للفلح اعمل معي‬
‫وأعمل معك‪ ،‬اعمل معللي اليلوم فللي حصللاد الللزرع أو جلذاذ‬
‫النخل‪ ،‬وأنا أعمل معك غدا ً في حصاد الزرع أو جذاذ النخل‪.‬‬
‫===============‬
‫‪ #‬فتاوى السهم والبنوك‬
‫فتاوى السهم والبنوك‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫فضيلة الشيخ‪ :‬عبد الرحمن الشثري‬
‫سّلمه‬ ‫كاتب عدل في المدينة المنورة‬
‫الله‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫ت على هذه الك ُّراسة المتعّلقلة بشليء مللن‬ ‫وبعد ‪ :‬فقد اطلع ُ‬
‫صللور المبايعللات التجاريللة بالسللهم البنكيللة ونحوهللا ‪ ,‬وقللد‬
‫ن الرشاد إلى مواطن الصور المنقولة ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫س َ‬ ‫ح ُ‬‫أحسن النقل ‪ ,‬و َ‬
‫وأسأل الله أن يوفقك فللي عملللك ‪ ,‬والمثللابرة فللي تحصلليل‬
‫العلم ‪.‬‬
‫ت نقلته إل ّ في جزئيات يسلليرة‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مةِ ما أن َ‬‫وإنِني أوافق على عا ّ‬
‫ل ُتؤّثر ‪.‬‬
‫والله يحفظكم ‪ ,‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫صالح بن محمد اللحيدان‬
‫رئيس مجلس القضاء العلى سابقا ً‬
‫‪14/3/1426‬هل‬
‫بسم لله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله ‪ ,‬وصلى الله وسلم على رسوله نبينا محمد وعلى‬
‫آله ‪ ,‬ورضي الله عن صحبه ومنتبعهم بإحسان ‪ ,‬وبعد ‪:‬‬

‫‪175‬‬
‫ت علللى مللا جمعلله الخ فللي الللله فضلليلة الشلليخ‬ ‫فقللد اطلعل ُ‬
‫عبدالرحمن بن سعد الشللثري مللن فتللاوى سللماحة الشلليخ ‪:‬‬
‫عبدالعزيز بن باز تغمده الله برحمته ‪ ,‬وفتاوى اللجنة الدائمة‬
‫للبحوث العلمية والفتاء ‪ ,‬وما أفتى به الشيخ العلمللة محمللد‬
‫بلن علثيمين تغملده اللله برحمتله ‪ ,‬بتحريلم الّربلا والوسلائل‬
‫حي َللل الللتي ُاسلُتحدثت لخللذه وإعطللائه ‪,‬‬ ‫الموصلللة إليلله ‪ ,‬وال ِ‬
‫ومنها ‪:‬‬
‫بيع البنك مال يملك ‪ :‬من سيارة ‪ ,‬أو عمارة علللى المحتللاج ‪,‬‬
‫بمجلّرد أن يختلار المحتلاج السليارة ‪ ,‬أو العملارة‪ ,‬أو بضلاعة‬
‫أخرى من طرف ثالث ‪ ,‬فيدفع البنك قيمتها لمالكهللا ‪ ,‬وُيقي ّللد‬
‫على المحتاج قيمتها ‪ ,‬والزيادة المقابلة للتأجيل ‪ ,‬وهذا العقد‬
‫قد اجتمع فيه الّربا والحتيال على الله سللبحانه ‪ ,‬وهللو عمللل‬
‫اليهود أصحاب السبت ‪ ,‬والذين باعوا الشللحم وأكلللوا ثمنلله ‪,‬‬
‫وقالوا ‪ :‬إنما حّرم الله علينا أكل الشحم ‪ ,‬فحّقت عليهم لعنة‬
‫الله ‪ ,‬ورسوله ‪ ,‬وملئكته ‪ ,‬والناس أجمعين ‪.‬‬
‫سللأل عللن هللذا الصللنيع مللن علمللاء السلللف‬ ‫ولهذا أفتى من ُ‬
‫م ذنبا ً من الّربا الصريح ‪.‬‬‫الصالح ‪ :‬بأنه أعظ ُ‬
‫دم‬‫وقد أحسن الشيخ عبدالرحمن في جمعلله فتللاوى مللن تق ل ّ‬
‫ذكرهم ‪ ,‬بتحريم التأمين علللى الحيللاة‪ ,‬والسلليارة‪ ,‬والبضللائع‪,‬‬
‫ونحوهللا مللن بطاقللات التخفيللض‪ ,‬والمعللاملت المجهولللة ‪..‬‬
‫وتحريم العمل في البنوك الّربوية ‪ ,‬ولو في وظيفة ل ُيباشللر‬
‫فيها الموظف كتابة عقد ربللوي‪ ,‬لمللا فللي ذلللك مللن التعللاون‬
‫على الثم والعدوان ‪ ,‬وكلذا المسلاهمة فلي الشلركات اللتي‬
‫عللرف عنهللا تعللاطي الّربللا مللع البنللوك ‪ ,‬بتوديللع أمللوال‬ ‫ُ‬
‫مقابل أرباح ربوية ‪.‬‬ ‫المساهمين فيها ُ‬
‫ح أصحاب البنللوك الّربويللة ‪ ,‬والمؤسسللين‬ ‫وإني بدوري ‪ :‬أنص ُ‬
‫للشركات المساهمة التي تتعامل بالّربا ‪ ,‬والعللاملين معهللم ‪,‬‬
‫بأن يتوبوا إلى الله سبحانه من هذه الجريمللة الشللنيعة الللتي‬
‫ذن بحربه ‪ ,‬وأل يغللتّروا‬ ‫ن الله سبحانه وتعالى مرتكبها ‪ ,‬وتأ ّ‬ ‫ل َعَ َ‬

‫‪176‬‬
‫م يأخللذه أخللذ‬ ‫بإمهال الله لهم ‪ ,‬فإنه سبحانه ُيملي للظالم ث ل ّ‬
‫عزيز مقتدر ‪.‬‬
‫ح إخللواني العلمللاء وطلب العلللم الللذين اتخللذت منهللم‬ ‫وأنص ُ‬
‫جة على استحلل معاملتهم الّربوية ‪ ,‬وكللذا‬ ‫البنوك الّربوية ح ّ‬
‫شركات التأمين ومؤسساته التي تتعامل بما ح لّرم الللله مللن‬
‫ح أولئك الخوة ‪ :‬أن يتخّلوا‬ ‫أكل أموال الناس بالباطل ‪ ...‬أنص ُ‬
‫مرابلون‬ ‫ل بهلا ال ُ‬ ‫عن تلك اللجلان وعلن فتلاواهم اللتي اسلتح ّ‬
‫وأكلة الموال بالباطل ما حّرم الله سبحانه بأدنى الحيل ‪.‬‬
‫دم في الختام بنصلليحة لللولة أمرنللا حفظهللم الللله‬ ‫وإنني لتق ّ‬
‫بالسلم ‪ :‬بأن ُيحاربوا هذا المنكللر العظيللم الللذي تللأّذن الللله‬
‫سبحانه بحرب مللن فعللله أو رضللي بلله ‪ ,‬وأن ُيوقفللوا الجهللة‬
‫ن ليل نهار في إذاعللة )بنللو رامللا( وغيرهللا ‪ ,‬وُترهللق‬ ‫التي ُتعل ُ‬
‫أصللحاب الجللوالت بللأن يتصلللوا بهللا ليحصللل المتصللل علللى‬
‫جعل على المتصل مبلغ لا ً خيالي لا ً‬ ‫جائزة )المليون( ريال ً ‪ ,‬وقد ُ‬
‫يصل إلى عشرات الريالت قبل فراغه من التصللال ‪ ,‬فصللار‬
‫مئات الللللوف وأكلللثر ‪ ,‬يتصللللون منخلللدعين بهلللذا الزيلللف‬
‫والكذب ‪ ..‬والذي لو كان صدقا ً لكلانت الجللائزة حراملا ً علللى‬
‫ح ولة أمرنا حفظهم الللله ووقللاهم‬ ‫معطي ‪ ,‬كما أنص ُ‬ ‫الخذ وال ُ‬
‫من كل سوء ومكروه ‪ ,‬أن يبللذلوا مللا فللي وسللعهم فيوقفللوا‬
‫إذاعللة )بنللو رامللا( والجهللات العلميللة الخللرى المرئيللة‬
‫ث ما فيلله خلعللة وفتنللة تللدعو‬ ‫والمسموعة والمقروءة عن ب ّ‬
‫مللوجب لمقللت الللله وعقللابه ‪,‬‬ ‫الناس إلى الرذيلة والفسللاد ال ُ‬
‫نسللأل الللله أن ينصللر دينلله ‪ ,‬ويحفللظ حكومتنللا وشللعبها‬
‫بالسلم ‪ ,‬آمين ‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على رسوله نبينا محمد وآله ‪.‬‬
‫قال ذلك وكتبه الفقير إلى الله‬
‫عبدالرحمن بن حماد العمر‬
‫في ‪30/2/1426‬هل‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫‪177‬‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ,‬والصلة والسلم على نبينللا محمللد‬
‫وعلى آله وصحبه والتابعين ‪.‬‬
‫لء فللي‬ ‫ت هللذه الفتللاوى للعلمللاء الج ّ‬ ‫أمللا بعللد ‪ :‬فقللد قللرأ ُ‬
‫المملكة العربية السعودية برئاسللة سللماحة شلليخنا الشلليخ ‪:‬‬
‫عبدالعزيز بن باز ‪ ,‬رحم الله المللوات ‪ ,‬ومت ّلعَ الحيللاء متاع لا ً‬
‫حسنا ً ‪ ..‬فيما يتعلق بللالبنوك ‪ ,‬والللتي جمعهللا أخونللا الشلليخ ‪:‬‬
‫ن صللنعا ً‬ ‫عبدالرحمن بن سعد الشثري وفقه الله ‪ ,‬ولقد أحس َ‬
‫في جمع هذه الفتاوى لنشللرها وتوزيعهللا علللى النللاس ‪ ,‬فللي‬
‫وقللت تكللالب كللثير مللن النللاس علللى الللدنيا‪ ,‬وأقبلللوا علللى‬
‫المساهمات في البنوك وغيرها من غير تللبّين ول علللم بهللذه‬
‫السللهم ‪ ,‬وهللل هللي متمشللية وموافقللة ِلمللا أبللاحه الشللرع‬
‫المطهّللر أم ل‪ ,‬وذلللك بسللبب ضللعف اليمللان ورقّللة الللدين‪,‬‬
‫مللا حلّرم‬ ‫والواجب على المسلللم أن يتقللي الللله وأن يبتعللد ع ّ‬
‫ن يتوّقف فيما اشَتبه عليه حّتى ل يقع فيما حّرم الللله‬ ‫الله‪ ,‬وأ ْ‬
‫عز وجل ‪.‬‬
‫ي صللى اللله عليله‬ ‫ن النللب ّ‬ ‫وقد ثبت في الحللديث الصللحيح ‪ :‬أ ّ‬
‫ن الحلل بّين والحرام بّين ‪ ,‬وبينهما أمللور‬ ‫وسلم قال ‪ )) :‬إ ّ‬
‫ن كثيٌر من الناس ‪ ,‬فمللن ات َّقللى الشللبهات‬ ‫مشتبهات ل يعلمه ّ‬
‫فقد استبرأ لدينه وعرضه ‪ ,‬ومن وَقَعَ في الشبهات وَقَلعَ فللي‬
‫مى ُيوشك أن يقع فيه(( ‪.‬‬ ‫ح َ‬
‫الحرام ‪ ,‬كالراعي َيرعى حول ال ِ‬
‫ن النللبي‬ ‫وفي حللديث الحسللن بللن علللي ‪ ,‬وسللنده حسللن ‪ ,‬أ ّ‬
‫ك((‬ ‫ك إلى ما ل َيريب ُ َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال ‪)) :‬د َعْ ما َيريب ُ َ‬
‫ك فيه ‪.‬‬ ‫ك فيه إلى ما ل تش ّ‬ ‫أي ‪ :‬د َعْ ما َتش ّ‬
‫وإنني بهذه المناسبة ‪ :‬أرى طبع هللذه الفتللاوى ونشللرها بيللن‬
‫م علللى بصلليرة فللي دينلله فيمللا يتعل ّللق‬ ‫الناس ‪ ,‬ليكون المسل ُ‬
‫بالمساهمات ‪.‬‬
‫وأسأل الله أن ُيثيب الشيخ عبدالرحمن على عنللايته وجمعلله‬
‫لهلذه الفتلاوى ‪ ,‬وأن ينفلع بله وبجهلوده ‪ ,‬وأن يجعلل العملل‬
‫خالصلا ً لللوجهه الكريللم ‪ ,‬وأن يجعلنللا وإيللاه مللن دعللاة الحل ّ‬
‫ق‬
‫وأنصاره‪ ,‬وأسأله سبحانه أن ينفع بهذه الفتاوى خاصللة ‪ ,‬وأن‬

‫‪178‬‬
‫ُيوفللق عمللوم المسلللمين للفقلله فللي دينلله ‪ ,‬والبصلليرة فللي‬
‫شريعته ‪ ,‬كما أسأله سبحانه أن ُيثبتنا على دينه القللويم‪ ,‬وأن‬
‫يتوفانا على السلم غيللر مغيريللن ول مبللدلين ‪ ,‬إنلله سللبحانه‬
‫جواد كريم ‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله نبينا وإمامنا وقللدوتنا‬
‫محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن واله ‪.‬‬
‫كتبه‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي‬
‫في ‪19/2/1426‬هل‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ل زمان فترة من الرسللل ‪ ,‬بقايللا‬ ‫الحمد لله الذي جعل في ك ّ‬
‫ن منهللم‬ ‫ل إلى الهدى ‪ ,‬وَيصلبرو َ‬ ‫ن من ض ّ‬ ‫عو َ‬ ‫من أهل العلم َيد ُ‬
‫صرون بنللور الللله‬ ‫على الذى ‪ُ ,‬يحيون بكتاب الله الموتى‪ ,‬وُيب ّ‬
‫س قلد أحيلوه ‪ ,‬وكلم ملن‬ ‫ل لبليل َ‬ ‫مى ‪ ,‬فكم ملن قتيل ٍ‬ ‫ل العَ َ‬ ‫أه َ‬
‫ح‬‫ن أثَرهم علللى النللاس ‪ ,‬وأقبل َ‬ ‫دوه ‪ ,‬فما أحس َ‬ ‫ل تائهٍ قد هَ َ‬ ‫ضا ّ‬
‫أثَر الناس عليهم‪َ ,‬ينفللون عللن كتللاب الللله تحريللف الغللالين ‪,‬‬
‫وانتحال المبطلين ‪ ,‬وتأويللل الجللاهلين ‪ ,‬الللذين عقللدوا ألويللة‬
‫البدع‪ ,‬وأطلقوا عقال الفتنة ‪ ,‬فهللم مختلفللون فللي الكتللاب ‪,‬‬
‫مجمعون علللى مفارقللة الكتللاب ‪ ,‬يقولللون‬ ‫مخالفون للكتاب‪ُ ,‬‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫على الله‪ ,‬وفي الله ‪ ,‬وفي كتللاب الللله بغيللر علللم‪َ ,‬يتكلمللون‬
‫جّهال النللاس بمللا ُيش لّبهون‬ ‫بالمتشابه من الكلم ‪ ,‬ويخدعون ُ‬
‫عليهم‪ ,‬فنعوذ بالله من فتن الضالين ]‪.[1‬‬
‫ن الللله ل‬ ‫والصلة والسلم على عبدالله ورسوله القائل ‪)) :‬إ ّ‬
‫م‬ ‫ض الِعل ل َ‬ ‫ن َيقب ل ُ‬‫ن العبللادِ ‪ ,‬ولك ل ْ‬ ‫م َ‬ ‫عه ِ‬ ‫م انتزاعا ً َينتز ُ‬ ‫ض الِعل َ‬ ‫َيقب ُ‬
‫س ُرؤسللاءَ‬ ‫خلذ َ النللا ُ‬‫ملا ً ات ّ َ‬
‫عال ِ َ‬‫ق َ‬
‫ِ‬ ‫ض العلماِء ‪ ,‬حّتى إذا لم ي ُب ْل‬ ‫ِ‬ ‫بقب‬
‫ضّلوا(( ]‪.[2‬‬ ‫َ‬
‫ضّلوا وأ َ‬ ‫سئ ُِلوا فأفتوا بغير علم ٍ ‪ ,‬فَ َ‬ ‫جّهال ً ‪ ,‬فَ ُ‬ ‫ُ‬
‫ث هذا الِعلم‬ ‫مروِيّ عنه صلى الله عليه وسلم قوُله ‪َ)) :‬ير ُ‬ ‫وال َ‬
‫ن ‪ ,‬وانتحلا َ‬
‫ل‬ ‫ل الجلاهلي َ‬ ‫ن عنه تأويل َ‬ ‫عدوُله ‪َ ,‬ينُفو َ‬ ‫ف ُ‬‫خل َ ٍ‬‫ل َ‬ ‫من ك ّ‬
‫ف الغالين(( ]‪.[3‬‬ ‫ن ‪ ,‬وتحري َ‬ ‫مبطلي َ‬ ‫ال ُ‬

‫‪179‬‬
‫ورضي الله عن صحابته والتابعين ‪ ,‬ومن تبعهم بإحسان إلللى‬
‫دين ‪.‬‬ ‫يوم ال ّ‬
‫ي‬
‫ن مللن علمللات السللاعة الللتي أخللبر عنهللا النللب ّ‬ ‫أما بعد ‪ :‬فإ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ظهور الّربا ‪ ,‬وانتشاره بيللن النللاس ‪,‬‬
‫وعدم المبالة بطرق جمع المال ‪ ,‬بللل وعللدم المبللالة بأكللل‬
‫الحرام ‪ ,‬وعدم تحّري الحلل في المكاسللب ‪ ,‬فعللن عبللدالله‬
‫ي صلى الللله عليلله وسلللم‬ ‫بن مسعود رضي الله عنه عن النب ّ‬
‫ن ي َد َيّ الساعةِ َيظهُر الّربا ‪ ,‬والّزنللا ‪ ,‬والخللم((]‬ ‫أنه قال ‪)) :‬بي َ‬
‫‪.[4‬‬
‫ل الللله صلللى الللله‬ ‫ن رسللو َ‬ ‫وعن أبي هريرة رضي الله عنلله أ ّ‬
‫ن ل ُيبللالي المللرءُ‬ ‫س زما ٌ‬ ‫ن َعلى النا ِ‬ ‫عليه وسلم قال ‪َ)) :‬ليأت ِي َ ّ‬
‫م(( ]‪. [5‬‬ ‫را‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫حل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫بما َأخذ َ المال ‪ ,‬أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال ‪ :‬قال النبي صلى‬
‫ن ‪ ,‬وبين َُهما أمللوٌر‬ ‫م ب َي ّ ٌ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫ن ‪ ,‬وال َ‬ ‫ل بي ّ ٌ‬ ‫الله عليه وسلم ‪)) :‬الحل ُ‬
‫مللا‬ ‫ن لِ َ‬
‫ه عليلله مللن الثللم كللا َ‬ ‫شلب ّ َ‬ ‫ك مللا ُ‬ ‫ن تلَر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ]‪ ,[6‬فَ َ‬ ‫مشت َب ِهَ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫ك فيه من الثم أوش َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ن اجت ََرأ على ما ي َ ُ‬ ‫ن أتَر َ‬
‫م ِ‬ ‫ك‪,‬و َ‬ ‫استبا َ‬
‫مى الله ‪ ,‬من َيرت لعْ حللول‬ ‫ح َ‬ ‫ن ‪ ,‬والمعاصي ِ‬ ‫أن ُيواقع ما اسَتبا َ‬
‫ه((]‪. [7‬‬ ‫مى ُيوشك أن ُيواقِعَ ُ‬ ‫ح َ‬‫ال ِ‬
‫ت مللن‬ ‫وقال الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما ‪ :‬حفظ ُ‬
‫ك إلى مللا ل‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪)) :‬د َعْ ما َيريب ُ َ‬
‫ة(( ‪.[8].‬‬ ‫ب ريب ٌ‬ ‫ن الكذ َ‬ ‫ة‪ ,‬وإ ّ‬ ‫طمأنين ٌ‬ ‫ن الصدقَ ُ‬ ‫ك ‪ ,‬فإ ّ‬ ‫َيريب ُ َ‬
‫وفي الصحيح ]‪[9‬في ذكر رؤيا النبي صلى الله عليه وسلللم ‪,‬‬
‫ل‪-‬‬ ‫ت أنلله كللان يقللو ُ‬ ‫وفيه ‪)) :‬فانطلقنا فأتينا على ن َهَرٍ ‪ -‬حسب ُ‬
‫ح ‪ ,‬وإذا على‬ ‫ح َيسب ُ‬ ‫ل ساب ٌ‬ ‫ل الد ّم ِ ‪ ,‬وإذا في النهَرِ رج ٌ‬ ‫أحمَر مث ِ‬
‫ملعَ عنللده حجللارةً كللثيرة ‪ ,‬وإذا ذلللك‬ ‫ج َ‬ ‫ل قللد َ‬ ‫ط الن ّهَلرِ رجل ٌ‬ ‫ش ّ‬
‫م يللأتي ذلللك الللذي قللد جملعَ عنللده‬ ‫ح ‪ ,‬ثل ّ‬ ‫سب َ َ‬ ‫ح ما َ‬ ‫سب َ َ‬‫ح َ‬ ‫الساب ُ‬
‫ع‬
‫م يرج ُ‬ ‫جرا ً فينطلقُ يسب ُ‬
‫ح‪ ,‬ث ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫الحجارةَ فَيفغَُر له فاهُ في ُل ِْق ُ‬
‫ت‬ ‫جللرا ً ‪ ,‬قللال ‪ :‬قل ل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬‫إليه ‪ ,‬كّلما رجعَ إليه فَغََر له فاهُ فأل َْق َ‬
‫ق(( ‪.‬‬ ‫ق انط َل ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ :‬قال لي ‪ :‬انطل ِ ِ‬ ‫لهما ‪ :‬ما هذان ؟ قا َ‬

‫‪180‬‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫وفي آخره ‪)) :‬وأما الّرج ُ‬
‫ح فللي الن ّهَ ل ِ‬ ‫ت عليه َيسللب ُ‬ ‫ل الذي أتي َ‬
‫ل الّربا(( ]‪.[10‬‬ ‫حجارةَ فإنه آك ُ‬ ‫م ال ِ‬ ‫وي ُْلق ُ‬
‫وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قللال ‪ :‬قللال لللي رسللول‬
‫جَرةَ‬‫ن عُ ْ‬ ‫بب َ‬ ‫ك بالله يا كع ُ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ُ)) :‬أعيذ ُ َ‬
‫ُ‬
‫دقهم‬ ‫ي أبللواَبهم فصلل ّ‬ ‫ش َ‬‫من غَ ِ‬ ‫من أمراَء يكونون من بعدي ‪ ,‬فَ َ‬
‫ت منه ‪,‬‬ ‫مّني ولس ُ‬ ‫ذبهم ‪ ,‬وأعانهم على ظلمهم ‪ ,‬فليس ِ‬ ‫في ك َ ِ‬
‫ش فلللم‬ ‫ي أبوابهم أو لللم َيغ ل َ‬ ‫ش َ‬ ‫ض ‪ ,‬ومن غَ ِ‬ ‫ي الحو َ‬ ‫ول ي َرِد ُ عل ّ‬
‫مّني وأنا‬ ‫دقهم في كذبهم ‪ ,‬ولم ُيعنهم على ظلمهم ‪ ,‬فهو ِ‬ ‫ُيص ّ‬
‫عجللرةَ ‪ :‬الصلللةُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ب بل َ‬ ‫ض ‪ ,‬يللا كع ل ُ‬ ‫ي الحللو َ‬ ‫سي َرِد ُ عل ل ّ‬‫منه ‪ ,‬و َ‬
‫ة كمللا‬ ‫ئ الخطيئ َ‬ ‫ة ُتطف ُ‬ ‫ة ‪ ,‬والصدق ُ‬ ‫ة حصين ٌ‬ ‫جن ّ ٌ‬‫م ُ‬ ‫ن ‪ ,‬والصو ُ‬ ‫برها ٌ‬
‫ت‬ ‫م نَبلل َ‬ ‫ن عجرة ‪ :‬إنه ل َيرُبو َلحلل ٌ‬ ‫بب َ‬ ‫ئ الماُء الناَر ‪ ,‬يا كع ُ‬ ‫ُيطف ُ‬
‫ت إل ّ كانت الناُر أولى به(( ]‪.[11‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫س ْ‬ ‫من ُ‬
‫ن الناظر بعين البصيرة إلللى واقللع المسلللمين فللي العللاَلم‬ ‫وإ ّ‬
‫اليوم ‪:‬‬
‫ل ما تطرحلله البنللوك أو الشللركات‬ ‫يجد ل ََهفهم الشديد إلى ك ّ‬
‫من أسهم ومعاملت ‪ ,‬فالكثير ُيساهم ويتعامل بدون استفتاء‬
‫معتبرين ]‪.[12‬‬ ‫من أهل العلم ال ُ‬
‫من التبس عليه الحلل مللن الحللرام‬ ‫والقليل يستفتي ولكن م ّ‬
‫ضللهم فلن المتتب ّللع للرخللص ؟‬ ‫من طلبة العلم ‪ ,‬بل يقصللد بع ُ‬
‫أي ‪ :‬المتتّبع لهون أقوال العلماء في مسائل الخلف ‪ ...‬وما‬
‫م ممللن يأخللذ‬ ‫ن هللذا ديللن ‪ ,‬فلينظللر المسللل ُ‬ ‫نأ ّ‬ ‫عَِلم المسللكي ُ‬
‫من يجعله بينه وبين رّبه تبارك وتعالى ‪.‬‬ ‫دينه ‪ ,‬و َ‬
‫قال المام ابن القيم رحمه الله تعالى ‪ ) :‬وذ َك ََر أبو عمر عن‬
‫ل عللى ربيعلة فوجلده يبكلي ‪,‬‬ ‫خل َ‬‫ل أنله د َ َ‬ ‫مالك ‪ :‬أخبرني رجل ٌ‬
‫ة دخلللت عليللك ؟ وارتللاعَ لبكللائه ‪,‬‬ ‫فقال ‪ :‬ما ُيبكيك ؟ أمصلليب ٌ‬
‫م له ‪ ,‬وظهَر في السلللم‬ ‫عل ْ َ‬
‫نل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ي َ‬ ‫فقال ‪ :‬ل ‪ ,‬ولكن اسُتفت َ‬
‫أمٌر عظيم ‪ ,‬قال ربيعة ‪ :‬وَلبعض من ُيفتى ههنا أحقّ بالحبس‬
‫سّراق ( ]‪.[13‬‬ ‫من ال ّ‬
‫ظفي اللجللان‬ ‫مون بمللو ّ‬ ‫ض يعتمد ُ علللى فتللاوى مللن ُيس ل ّ‬ ‫والبع ُ‬
‫ب‬ ‫صل َ‬ ‫مللن ن َ َ‬ ‫م ّ‬‫الشرعية عند البنللوك فللي العللالم السلللمي ‪ ,‬و ِ‬

‫‪181‬‬
‫معارضللة الكللثير‬ ‫نفسه مفتيا ً لها ولسللهمها ومعاملتهللا ‪ ,‬مللع ُ‬
‫معتبرين ‪.‬‬ ‫منها لفتاوى العلماء ال ْ ُ‬
‫فيقع بذلك الفساد لثلثة أوجه ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أصحاب البنوك ‪ ,‬يقولون ‪ :‬لول أّنا على صواب لنكللر‬
‫ظفو هذه اللجان الشرعية ‪ ,‬وكيف ل نكون مصلليبين‬ ‫علينا مو ّ‬
‫وهم يأكلون من أموالنا ‪ ,‬ويعملون لدينا ؟! ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬العوام وضعاف النفللوس ‪ ,‬فللإنهم يقولللون ‪ :‬ل بللأس‬
‫ظفي هللذه‬ ‫ن مللو ّ‬ ‫بالمساهمة والتعامل مللع هللذه البنللوك ‪ ,‬فللإ ّ‬
‫اللجان الشرعية ل يبرحون عندهم ‪.‬‬
‫والثللالث ‪ :‬موظفللو اللجللان الشللرعية حيللث حملللوا أوزارهللم‬
‫وأوزارا ً مع أوزارهم ‪.‬‬
‫قال شلليخنا صللالح بللن فللوزان الفللوزان وفقلله الللله تعللالى ‪:‬‬
‫)والللله أنللا ل أعللرف هللذه الهيئات الشللرعية ‪ ,‬وأخشللى أنهللا‬
‫مسألة حيلة فقط ‪ ,‬أو أنهم يختصللون ناسلا ً يوافقللونهم علللى‬
‫ضللرون ناس لا ً باسللم طلبللة علللم علللى رغبتهللم ‪,‬‬ ‫رغبتهم ‪ُ ,‬يح ّ‬
‫ُيوافقونهم وُيعطونهم شهادة شرعية ‪ ,‬أنا أخشللى مللن هللذا ‪,‬‬
‫إذا كانوا صللادقين أنهللم يتح لّرون الشللرع ‪ ,‬لمللاذا ل يسللألون‬
‫اللجنة الدائمة ‪ ,‬أو هيئة كبار العلمللاء ‪ ,‬إذا كللانوا سلليحترزون‬
‫ونون لجنللة مللن عنللدهم ‪ ,‬لجنللة هللم‬ ‫من الحرام ‪ ,‬أم إنهم ُيك ّ‬
‫الذين يشكلونها على رغبتهم ‪ ,‬فأنا ما أثق مللن هللذا العمللل ‪,‬‬
‫ول أرى العتماد عليه( ]‪.[14‬‬

‫ن انصراف المسلللمين إلللى اسللتفتاء أهللل التخفيللف‬ ‫ويبدوا أ ّ‬


‫مللن‬
‫معتللبرين ‪ ,‬م ّ‬ ‫والترخيص ‪ ,‬وانصرافهم عللن أهللل العلللم ال ُ‬
‫دين عللن التسللاهل بالفتللاوى الشللرعية ‪ ,‬كللان‬ ‫منعتهم هيبة ال ّ‬
‫َ‬
‫مدٍ بعيد ]‪.[15‬‬ ‫أمرا ً مستشريا ً في أمتنا السلمية منذ أ َ‬
‫وفي حديث وابصة بن معبد رضي الله عنه ‪ :‬قال رسول الله‬
‫ت تسللألني عللن الللبّر والثللم‪,‬‬ ‫صلى الللله عليلله وسلللم ‪)) :‬جئ َ‬
‫ن فللي صللدري‬ ‫ت به ل ّ‬ ‫ه فجعللل ينك ل ُ‬ ‫م لعَ أنللامل َ ُ‬
‫ج َ‬
‫فقال ‪ :‬نعم ‪ ,‬ف َ‬
‫ك ‪ -‬ثلث‬ ‫ت نفس ل َ‬ ‫ك ‪ ,‬واسللتف ِ‬ ‫ت قلب ل َ‬ ‫ويقول ‪ :‬يا وابصة ‪ ,‬استف ِ‬

‫‪182‬‬
‫ك فلي‬ ‫م ملا حلا َ‬ ‫س ‪ ,‬والثل ُ‬ ‫مرات ‪ -‬ال ْب ِّر ما اطمأنلت إليه النفل ُ‬
‫س وأفتللوك(( ]‬ ‫ك النللا ُ‬ ‫ن أفتللا َ‬ ‫دد في الصللدر ‪ ,‬وإ ْ‬ ‫النفس ‪ ,‬وتر ّ‬
‫‪. [16‬‬
‫ي صلى الللله‬ ‫وعن أبي برزة السلمي رضي الله عنه عن النب ّ‬
‫م القيامللة حت ّللى‬ ‫دما عب لدٍ يللو َ‬ ‫ل قَ ل َ‬ ‫عليه وسلم قللال ‪)) :‬ل ت َلُزو ُ‬
‫ن‬ ‫ل ‪ ,‬وعَ ل ْ‬ ‫م لهِ فيمللا فَعَ ل َ‬ ‫عل ْ ِ‬‫ما َأفَناهُ ‪ ,‬وعن ِ‬ ‫مرِهِ في َ‬ ‫ن عُ ْ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ُيسأ َ َ‬
‫ه((‬ ‫َ‬ ‫مال ِه م َ‬
‫ملا أبل ُ‬ ‫مهِ في َ‬ ‫سل ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ‪ ,‬وعَ ْ‬ ‫ه وفيما أنفَق ُ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ن اكت َ َ‬ ‫ن أي َ‬ ‫َ ِ ِ ْ‬
‫]‪. [17‬‬
‫قال شيخ السلم محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫ل الله ‪ ,‬أو‬ ‫ب من أطاعَ العلماَء والمراَء في تحريم ما أح ّ‬ ‫) با ُ‬
‫تحليل ما حّرم الله فقد اتخذهم أربابا ً مللن دون الللله ‪ :‬وقللال‬
‫ل عليكم حجللارةٌ‬ ‫ك أن َتنلز َ‬ ‫ابن عباس رضي الله عنهما‪ُ :‬يوش ُ‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ل ‪ :‬قا َ‬ ‫من السماء ‪ ،‬أقو ُ‬
‫ل أبو بكرٍ وعمر ؟! ]‪. [18‬‬ ‫ن ‪ :‬قا َ‬ ‫وتقولو َ‬
‫ت لقللوم ٍ عَرفللوا السللناد َ‬ ‫وقال المام أحمد بللن حنبللل ‪ :‬عجبل ُ‬
‫حته ‪ ،‬يللذهبون إلللى رأي سللفيان ‪ ،‬والللله تعللالى يقللول ‪:‬‬ ‫وص ل ّ‬
‫ة أ َْو‬ ‫م فِت ْن َل ٌ‬ ‫صلليب َهُ ْ‬
‫َ‬
‫م لرِهِ أن ت ُ ِ‬
‫خللال ُِفون عَ ل َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ح لذ َرِ ال ّل ِ‬ ‫)) فل ْي َ ْ‬
‫م(( )النور‪. (63:‬‬ ‫َ‬ ‫م عَ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫صيب َهُ ْ‬ ‫يُ ِ‬
‫ة ‪ :‬الشرك ‪ ،‬لعّله إذا رد ّ بعض قللوله ‪,‬‬ ‫أتدري ما الفتنة ؟ الفتن ُ‬
‫أن يقع في قلبه شيٌء من الزيغ فيهِلك ]‪. [19‬‬
‫ي صلللى‬ ‫وعن عديّ بن حاتم رضي الله عنه ‪ :‬أنلله سللمعَ النللب ّ‬
‫خ ُ َ‬ ‫الله عليه وسلم يقرأ ُ هذه الية ‪)) :‬ات ّ َ‬
‫م‬ ‫م وَُرهَْبللان َهُ ْ‬ ‫حَباَرهُ ْ‬ ‫ذوا ْ أ ْ‬
‫َ‬
‫ه(( )التوبة‪. (31:‬‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫أْرَبابا ً ّ‬
‫ل‬ ‫ت له ‪ :‬إنا لسنا نعبدهم ‪ ,‬قال ‪ )) :‬أليس ُيحّرمون ما أح ّ‬ ‫فقل ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫الله فتحّرمللونه ‪ ,‬وُيحل ّللون مللا حلّرم اللله فتحل ّللونه ‪ ,‬فقلل ُ‬
‫سللنه ]‬ ‫بلى ‪ ,‬قال ‪ :‬فتلك عبادتهم (( رواه أحمد والترمذي وح ّ‬
‫‪.[21] ([20‬‬
‫إذا ً ‪ :‬فُيخشى على من اّتبعَ عاِلما ً مجتهدا ً على خطئه في‬
‫م‬ ‫مساهمة في ذلك البنك أو تلك الشركة ‪ ,‬وهللو يعل ل ُ‬ ‫تحليل ال ْ ُ‬
‫ب من الشرك ‪:‬‬ ‫مخطئ ‪ :‬أن يكون له نصي ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫ن هذا العال ِ ُ‬ ‫أ ّ‬

‫‪183‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله تعللالى ‪ ) :‬ولكللن مللن‬
‫ن هذا أخطأ فيما جاء به الرسول الله صلى الللله عليلله‬ ‫مأ ّ‬ ‫عل َ‬
‫ل عن قول الرسول صلى‬ ‫م اتبعه على خطئه ‪ ,‬وعد َ‬ ‫وسلم ‪ ,‬ث ّ‬
‫ملله‬‫ب من هللذا الشللرك الللذي ذ ّ‬ ‫الله عليه وسلم فهذا له نصي ٌ‬
‫الله ‪ ,‬ل سّيما إن اتبع في ذلك هواه ونصره باللسللان واليللد ‪,‬‬
‫ف للرسول صلى الله عليلله وسلللم ‪ ,‬فهللذا‬ ‫مع علمه أنه مخال ٌ‬
‫ك يستحقّ صاحبه العقوبة عليلله ‪ ,‬ولهللذا اتفللق العلمللاء ‪:‬‬ ‫شر ٌ‬
‫على أنه إذا عرف الحقّ ل يجوز له تقليد أحد في خلفه ‪] (..‬‬
‫‪.[22‬‬
‫وقال الوزير ابللن هللبيرة ‪ ) :‬مللن مكايللد الشلليطان أنلله ُيقيللم‬
‫أوثانلا ً فللي المعنللى ُتعبللد مللن دون الللله ‪ ,‬مثللل أن يتللبين للله‬
‫ظم عنده ‪ ,‬قللد‬ ‫الحق ‪ ,‬فيقول ‪ :‬هذا ليس بمذهبنا‪ ,‬تقليدا ً لمع ّ‬
‫دمه على الحق( ]‪.[23‬‬ ‫ق ّ‬
‫وعن زياد بن حدير قال ‪ :‬قال لي عم لُر بللن الخطللاب رضللي‬
‫ل‬‫ت ‪ :‬ل‪ ,‬قا َ‬ ‫م ‪ :‬قال ‪ :‬قل ُ‬ ‫م السل َ‬ ‫ما ي َهْدِ ُ‬‫ف َ‬‫الله عنه‪) :‬هل تعر ُ‬
‫ة‬
‫م الئمل ِ‬ ‫حك ْل ُ‬‫ق بالكتللاب‪ ,‬و ُ‬ ‫ل المناف ِ‬ ‫دا ُ‬ ‫ج َ‬‫ة العاِلم ‪ ,‬وَ ِ‬‫ه زل ّ ُ‬ ‫م ُ‬‫‪ :‬ي َهْدِ ُ‬
‫ضّلين( ]‪.[24‬‬ ‫م ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ة عللاِلم ؟ قللال ‪:‬‬ ‫م الداريّ رضي الله عنه ‪) :‬ما زل ّل ُ‬ ‫سئل تمي ٌ‬ ‫و ُ‬
‫م‪,‬‬ ‫ب منه العللال ِ ُ‬ ‫سى أن َيتو َ‬ ‫س فُيؤخذ ُ به ‪ ,‬فع َ‬ ‫ل بالنا ِ‬ ‫م ي َزِ ّ‬ ‫العال ِ ُ‬
‫ن به( ]‪.[25‬‬ ‫س يأخذو َ‬ ‫والنا ُ‬
‫وقللال سللليمان الللتيمي ت ‪143‬هلل رحملله الللله تعللالى ‪) :‬لللو‬
‫ك الشللّر‬ ‫م‪ ,‬اجتمعَ في َ‬ ‫ل عال ِ ٍ‬ ‫ل عال ِم ٍ ‪ ,‬أو زّلة ك ّ‬ ‫ت برخصة ك ّ‬ ‫أخذ َ‬
‫كّله( ]‪.[26‬‬
‫م فيه خلفًا( ]‪.[27‬‬ ‫قال ابن عبد البر ‪) :‬هذا إجماعٌ ل أعل ُ‬
‫ن الطاعة نللوٌر ‪,‬‬ ‫وعلى طالب الحقّ أن يبتعد عن الذنوب ) فإ ّ‬
‫ة ‪ ,‬وكّلما قويت الظلمة ازدادت حيرُته ‪ ,‬حّتى‬ ‫ة ظلم ٌ‬ ‫والمعصي َ‬
‫مهِلكللة وهللو ل يشللعر ‪,‬‬ ‫يقعَ في البدع والضللللت‪ ,‬والمللور ال ُ‬
‫كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده ( ]‪.[28‬‬
‫وعليه أن يستعين بالله تعللالى ويتضلّرع إليلله بالللدعاء ليهللديه‬
‫إلى الحقّ ‪ ,‬فإنه هو الهادي سبحانه إلى سواء السبيل ‪ ,‬ففي‬

‫‪184‬‬
‫ل إل ملن هلديته ‪,‬‬ ‫الحديث القدسي ‪ )) :‬يا عبادي ‪ :‬كّلكم ضلا ٌ‬
‫فاستهدوني أهدكم(( ]‪. [29‬‬
‫ي صلى الله عليه وسّلم الذي كللان يسللتفتح‬ ‫وليدعُ بدعاء النب ّ‬
‫ل‬ ‫ل وميكائيل َ‬ ‫جبرائيل َ‬ ‫ب َ‬ ‫م َر ّ‬‫به صلته إذا قام من الليل ‪)) :‬اللُهل ّ‬
‫ة‬
‫ب والشهاد ِ‬ ‫م الغي ِ‬‫ت والرض ‪ ,‬عال ِ َ‬ ‫ل ‪ ,‬فاطَر السموا ِ‬ ‫وإسرافي َ‬
‫مللا‬‫ن ‪ ,‬اهْلدِِني ل ِ َ‬‫ك فيما كانوا فيه يختلفو َ‬ ‫ن عباد َ‬ ‫م بي َ‬
‫ت تحك ُ‬ ‫‪ ,‬أن َ‬
‫ط‬‫من تشاُء إلى صرا ٍ‬ ‫ك تهدي َ‬ ‫ك ‪ ,‬إن َ‬ ‫ف فيه من الحقّ بإذن َ‬ ‫اخت ُل ِ َ‬
‫م(( ]‪.[30‬‬ ‫مستقي ٍ‬
‫وبين يللديك أخللي المسللم ‪ :‬مختللارات فيملا يتعّللق بالسللهم‬
‫لء ‪ :‬سماحة الشلليخ محمللد‬ ‫والبنوك ‪ ..‬من فتاوى علمائنا الج ّ‬
‫بن إبراهيم آل الشيخ ‪ ,‬وأصحاب السماحة والفضلليلة رئيللس‬
‫وأعضللاء اللجنللة الدائمللة للبحللوث العلميللة والفتللاء ‪ ,‬ومللن‬
‫قرارات المجمع الفقه السلمي ‪ ,‬وهيئة كبار العلماء ‪ ,‬ومللن‬
‫فتاوى سماحة شيخنا عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‪ ،‬وسماحة‬
‫شيخنا محمللد الصللالح العللثيمين‪ ,‬وفضلليلة شلليخنا صللالح بللن‬
‫ي لمللا‬ ‫فوزان الفوزان ‪ ,‬رحم الله المتوّفى منهم‪ ,‬ووفللق الحل ّ‬
‫ُيحبه ويرضاه ‪ ,‬آمين‬
‫ويسّرني أن أشكر مشايخي الفضلء ‪ :‬سماحة الشيخ الوالللد‬
‫صالح بن محمد اللحيدان ‪ ,‬وفضيلة الوالد الشيخ عبدالرحمن‬
‫بللن حمللاد العمللر‪ ,‬والوالللد الشلليخ عبللدالعزيز بللن عبللدالله‬
‫الراجحللي‪ ,‬أشللكرهم علللى قراءتهللم لصللل هللذه الرسللالة‬
‫ت عليهللا كللثيرا ً مللن الفتللاوى ممللا‬ ‫والتقللديم لهللا ‪ ,‬وقللد أضللف ُ‬
‫دم ذكرهم ‪ ,‬رزقهم الله الفردوس العلى مللن‬ ‫وجدته لمن تق ّ‬
‫الجنة ‪ ,‬وكذلك أشكر شيخي الجليل الوالد صالح بللن فللوزان‬
‫الفوزان‪ ,‬على قراءته لصل هذه الرسالة ‪ ,‬كما أشكر الشيخ‬
‫الفاضل عبدالله بللن محمللد الحمللود‪ ,‬علللى نصللحه وتللوجيهه‪,‬‬
‫جعل الله مْنزلهما ووالللديهما الفللردوس العلللى مللن الجنللة‪,‬‬
‫ن ربنا لسميع الدعاء ‪.‬‬ ‫ووالدينا وأهلينا وجميع المسلمين ‪ ,‬إ ّ‬
‫وإلى الفتاوى نفعني الللله وإيللاكم والمسلللمين بهللا ‪ ,‬وجعلهللا‬
‫جة لنا ل علينا‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫ُ‬

‫‪185‬‬
‫بماذا يأخذ المسلللم فللي المسللائل الخلفيللة ‪ :‬الفتللوى رقللم‬
‫‪ 2171‬في ‪28/10/1398‬هل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما الحكم في المسائل الخلفيللة‪ ،‬هللل نتبللع القللول‬
‫الرجح والدليل القوى‪ ،‬أو نتبع السهل واليسر ‪ ،‬انطلقا ً من‬
‫مبدأ التيسير ل التعسير ؟‬
‫ل شللرعي بللالتخيير كللان‬ ‫الجواب ‪ :‬إذا كان في المسللألة دلي ل ٌ‬
‫المكّلف في سعة فللله أن يختللار اليسللر‪ ،‬انطلقلا ً مللن مبللدأ‬
‫التيسللير فللي الشللريعة مثللل الخصللال الثلث فللي كفللارة‬
‫ي صلى‬ ‫اليمين ‪ :‬الطعام والكسوة والعتق ‪ِ ،‬لما ثبت عن النب ّ‬
‫ما‬ ‫سللَرهُ َ‬ ‫ن إل اختاَر أي َ‬‫خي َّر بين أمري ِ‬‫الله عليه وسلم أنه ‪)) :‬ما ُ‬
‫ما َلم يكن إْثما ً ‪ ,‬فإن كان إْثما ً كان أبعد َ الناس منه (( ]‪.[31‬‬
‫ن فعليله أن يّتبلع القلول‬ ‫ل لمجتهلدي َ‬ ‫ما إن كانت مجلّرد أقلوا ٍ‬ ‫أ ّ‬
‫الذي يشهد ُ له الدليل أو الرجح دليل ً ‪ ،‬إن كان عنللده معرفللة‬
‫بالدلة صحة ودللللة ‪ ،‬وإن كللان ل خللبرة للله بللذلك فعليلله أن‬
‫س لأ َُلوا ْ‬
‫يسأل أهل العلم الموثللوق بهللم ‪ ،‬لقللوله تعللالى ‪َ)) :‬فا ْ‬
‫ن(( )النبياء‪.(7:‬‬ ‫مو َ‬ ‫م ل َ ت َعْل َ ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫أ َهْ َ‬
‫ل الذ ّك ْرِ ِإن ُ‬
‫فإن اختلفوا عليه أخذ بالحوط له فلي دينله ‪ ،‬وليلس لله أن‬
‫ن تتبع الرخللص‬ ‫يتبع السهل من أقوال العلماء فيعمل به ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل يجوز ‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫*****‬
‫التحذير من الفتاوى التي ُتجيز التعامللل مللع البنللوك ‪ ،‬والللتي‬
‫تنشرها بعض الصحف ‪ ) :‬فتاوى البلد الحرام ص ‪681-677‬‬
‫(‪.‬‬
‫من عبد العزيز بن عبدالله بن باز إلى من يللراه مللن إخواننللا‬
‫المسلمين‪ ،‬وفقني اللله وإيلاهم سللوك صلراطه المسلتقيم‪،‬‬

‫‪186‬‬
‫م‬‫وجّنبنا جميعا ً طريق المغضوب عليهم والضالين‪ ،‬آمين‪ ،‬سل ٌ‬
‫عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫دعايات للمساهمة في البنوك الّربويللة‬ ‫أما بعد ‪ :‬فقد كثرت ال ّ‬
‫في الصحف المحلية والجنبية‪ ،‬وإغراق الناس بإيداع أموالهم‬
‫فيهللا مقابللل فللوائد ربويللة صللريحة معلنللة‪ ،‬كمللا تقللوم بعللض‬
‫الصحف بنشر فتاوى لبعض الناس ُتجيز التعامللل ملع البنللوك‬
‫ن فيه معصية لللله‬ ‫ددة ‪ ،‬وهذا أمٌر خطير‪ ،‬ل ّ‬ ‫الربوية بفوائد مح ّ‬
‫ولرسللوله صلللى الللله عليلله وسلللم ومخالفللة لمللره‪ ،‬والللله‬
‫خللال ُِفون عَل َ‬
‫ه‬
‫م لرِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫حذ َرِ ال ّ ِ‬ ‫سبحانه وتعالى يقول ‪ )) :‬فل ْي َ ْ‬
‫م(( ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫م عَ َ‬ ‫َأن تصيبهم فتن ٌ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫صيب َهُ ْ‬ ‫ة أو ْ ي ُ ِ‬ ‫ُ ِ َُ ْ ِ َْ‬
‫ومللن المعلللوم مللن الللدين بالدلللة الشللرعية مللن الكتللاب‬
‫ب المللوال‬ ‫ن الفللوائد المعّينللة الللتي يأخللذها أربللا ُ‬ ‫والسللنة ‪ :‬أ ّ‬
‫م‬ ‫مسللاهمتهم‪ ،‬أو إيللداعهم فللي البنللوك الّربويللة حللرا ٌ‬ ‫مقابللل ُ‬ ‫ُ‬
‫سحت‪ ،‬وهي من الّربا الذي حّرمه الللله ورسللوله صلللى الللله‬ ‫ُ‬
‫عليلله وسلللم ‪ ،‬ومللن كبللائر الللذنوب ‪ ،‬وممللا َيمحلقُ البركللة ‪،‬‬
‫ب عدم قبول العمل ‪.‬‬ ‫وُيغضب الّرب عز وجل ‪ ،‬وُيسب ّ ُ‬
‫ح عن رسول الله صلى الله عليه وسلللم ‪ :‬أنلله قللال ‪:‬‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ن بما‬ ‫ن الله أمَر المؤمني َ‬ ‫ل إل ّ طيبا ً ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ب ل َيقب ُ‬ ‫ن الله طي ّ ٌ‬ ‫)) إ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مل َ‬ ‫ل ك ُل ُللوا ِ‬ ‫سل ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فقللال ‪ )) :‬ي َللا أي ّهَللا الّر ُ‬ ‫أم لَر بلله المرسلللي َ‬
‫م(( )المؤمنللون‪:‬‬ ‫ن عَِلي ٌ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫صاِلحا ً إ ِّني ب ِ َ‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ت َواعْ َ‬ ‫الط ّي َّبا ِ‬
‫َ‬
‫مللا‬ ‫ت َ‬ ‫مللن ط َي ّب َللا ِ‬ ‫من ُللوا ْ ك ُل ُللوا ْ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ , (51‬وقللال ‪ )) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫م(( )البقرة‪. (172:‬‬ ‫َرَزقَْناك ُ ْ‬
‫ملد ّ يللديه إلللى‬ ‫ث أغللبَر ‪ ،‬ي َ ُ‬ ‫سللفَر‪ ،‬أشللع َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ل ُيطي ُ‬ ‫ج َ‬ ‫م ذكَر الّر ُ‬ ‫ث ّ‬
‫م‪،‬‬ ‫شَرُبه حللرا ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫م‪،‬و َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫مطع ُ‬ ‫ب!و َ‬ ‫ب ! يا ر ّ‬ ‫السماء ‪ ،‬يا ر ّ‬
‫َ‬
‫ك ((‬ ‫ب لللذل َ‬ ‫حَرام ‪ ،‬ف لأّنى ُيسللتجا ُ‬ ‫م ‪ ،‬وغُلذِّيَ بللال َ‬ ‫سه حللرا ٌ‬ ‫مل ْب َ ُ‬
‫و َ‬
‫رواه مسلم ]‪.[32‬‬
‫وليعلم كل مسلم ‪ :‬أنه مسئول أمام ربه عللن مللاله ملن أيلن‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫اكتسبه وفيما أنفقه ‪ ،‬ففي الحديث عن النب ّ‬
‫ماعبد يوم القيامة حللتى ُيسللأل‬ ‫ل قَد َ َ‬ ‫وسلم أنه قال ‪)) :‬ل تزو ُ‬

‫‪187‬‬
‫عن شبابه فيما أبله‪ ،‬وعن عمره فيما أفناه‪ ،‬وعن مللاله مللن‬
‫أين جمعه وفيما أنفقه‪ ،‬وعن علمه ماذا عمل فيه(( ]‪.[33‬‬
‫واعلم يا عبد َ الله ‪ -‬وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه ‪ -‬أن الّربا‬
‫كبيرة من كبائر الذنوب التي جاء تحريمها مغّلظلا ً فللي كتللاب‬
‫الله وسنة رسول صلللى الللله عليلله وسلللم‪ ،‬بجميللع أشللكاله‪،‬‬
‫من ُللوا ْ ل َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫مياته‪ ،‬قال تعالى ‪ )) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬ ‫وأنواعه ‪ ،‬ومس ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن(( )آل‬ ‫حو َ‬ ‫م ت ُْفل ِ ُ‬ ‫ه ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ة َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬ ‫ضاعََف ً‬ ‫م َ‬ ‫ضَعافا ً ّ‬ ‫ت َأك ُُلوا ْ الّرَبا أ ْ‬
‫عمران‪. (130:‬‬
‫َ‬
‫س‬ ‫ل الن ّللا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫مل َ‬ ‫من ّربا ً ل ّي َْرب ُلوَ فِللي أ ْ‬ ‫ما آت َي ُْتم ّ‬ ‫وقال تعاللى ‪ )) :‬وَ َ‬
‫ه(( )الروم‪. (39:‬‬ ‫عند َ الل ّ ِ‬ ‫فََل ي َْرُبو ِ‬
‫ْ‬
‫م‬ ‫مللا ي َُقللو ُ‬ ‫ن إ ِل ّ ك َ َ‬ ‫مللو َ‬ ‫ن الّرَبا ل َ ي َُقو ُ‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬ ‫وقال تعالى ‪ )) :‬ال ّ ِ‬
‫طان من ال ْمس ذ َل َ َ‬
‫ما ال ْب َي ْل ُ‬
‫ع‬ ‫م َقاُلوا ْ إ ِن ّ َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫َ ّ ِ‬ ‫شي ْ َ ُ ِ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫عظ َ ٌ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫ة ّ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫جاءهُ َ‬ ‫من َ‬ ‫م الّرَبا فَ َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل الّرَبا وَأ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ن عَللاد َ فَأوَْلل لئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫مل ْ‬ ‫مُرهُ إ َِلى الل ّهِ وَ َ‬ ‫ف وَأ ْ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ى فَل َ ُ‬ ‫َّرب ّهِ َفانت َهَ َ‬
‫ن(( )البقرة‪. (275:‬‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫مللا ب َِق ل َ‬ ‫ه وَذ َُروا ْ َ‬ ‫مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫وقال تعالى ‪َ )) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫مل َ‬ ‫ب ّ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫م ت َْفعَُلوا ْ فَأذ َُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫ن * فَِإن ل ّ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ن الّرَبا ِإن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ب اللله ورسلوله ‪،‬‬ ‫ة من حلار َ‬ ‫م جريم َ‬ ‫ه(( فما أعظ َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫الل ّهِ وََر ُ‬
‫نسأل الله العافية من ذلك ‪.‬‬
‫ع‬
‫ي صلللى الللله عليلله وسلللم ‪)) :‬اجتنبللوا السللب َ‬ ‫وقللال النللب ّ‬
‫ك بالله‬ ‫ل الله‪ ،‬قال ‪ :‬الشر ُ‬ ‫ن يا رسو َ‬ ‫ت‪ ،‬قالوا ‪ :‬وما ه ّ‬ ‫الموبقا ِ‬
‫ل‬ ‫م الللله إل ّ بللالحقّ ‪ ،‬وأكل ُ‬ ‫س الللتي حلّر َ‬ ‫ل النفل ِ‬ ‫سحُر‪ ،‬وقت ُ‬ ‫‪ ،‬وال ّ‬
‫ف‬ ‫ف ‪ ،‬وقللذ ُ‬ ‫م الّزحلل ِ‬ ‫م‪ ،‬والتللوّلي يللو َ‬ ‫ل اليللتي ِ‬ ‫مللا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫الّربللا‪ ،‬وأكلل ُ‬
‫ت (( متفق على صحته]‪.[34‬‬ ‫ت المؤمنا ِ‬ ‫ت الغافل ِ‬ ‫المحصنا ِ‬
‫ن‬ ‫وفي صحيح مسلم عن جابر رضللي الللله عنلله قلال ‪ )) :‬ل َعَل َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫مللوك ِل َ ُ‬ ‫ل الّربللا ‪ ،‬و ُ‬ ‫ل الللله صلللى الللله عليلله وسلللم آك ِل َ‬ ‫رسو ُ‬
‫واٌء(( ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬هُ ْ‬ ‫ديهِ ‪ ،‬وقا َ‬ ‫ه ‪ ،‬وشاهِ َ‬ ‫وكات ِب َ ُ‬
‫ض الدلة من كتاب الله وسنة رسللوله محمللد صلللى‬ ‫فهذه بع ُ‬
‫ن تحريم الّربللا وخطللره علللى الفللرد‬ ‫الله عليه وسلم التي ُتبي ّ ُ‬
‫من تعامل به وتعاطاه فقللد ارتكللب كللبيرة مللن‬ ‫ن َ‬ ‫والمة ‪ ،‬وأ ّ‬

‫‪188‬‬
‫محاربلا ً للله ولرسلوله صللى اللله‬ ‫كبائر الذنوب ‪ ،‬وقد أصلبح ُ‬
‫ل مسلم ُيريد الله والدار الخللرة ‪:‬‬ ‫عليه وسلم ‪ ،‬فنصيحتي لك ّ‬
‫أن يتقي الله سبحانه وتعالى فلي نفسله وملاله‪ ،‬وأن يكتفللي‬
‫ما‬ ‫فع ّ‬ ‫بما أباحه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأن َيك ّ‬
‫حّرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ففيمللا أبللاح الللله‬
‫كفاية وغنى عما حّرم‪ ،‬وعلى المسلللم الناصللح لنفسلله الللذي‬
‫ُيريد لها الخير والنجاة من عذاب الله‪ ،‬والفوز برضاه ورحمته‬
‫‪ ،‬أن يبتعد عن الشتراك في البنوك الّربوية‪ ،‬أو اليللداع فيهللا‬
‫ن المسللاهمة فيهللا أو‬ ‫بفللوائد أو القللتراض منهللا بفللوائد‪ ،‬ل ّ‬
‫ل ذلللك مللن‬ ‫اليداع فيها بفوائد‪ ،‬أو القللتراض منهللا بفللوائد كل ّ‬
‫المعاملت الّربوية‪ ،‬ومن التعاون على الثللم والعللدوان الللذي‬
‫وى‬ ‫نهى الله عنه بقوله سبحانه ‪)) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عَل َللى ال ْللبّر َوالت ّْق ل َ‬
‫ديد ُ‬ ‫شل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّل َ‬‫ه إِ ّ‬ ‫ن َوات ُّقللوا ْ الل ّل َ‬
‫وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ عََلى ال ِث ْلم ِ َوال ْعُلد َْوا ِ‬
‫ب(( )المائدة‪. (2:‬‬ ‫ال ْعَِقا ِ‬
‫ج بنفسك ‪ ،‬ول تغتّر بكللثرة البنللوك‬ ‫ق الله يا عبد َ الله ‪ ،‬وان ُ‬ ‫فات ِ‬
‫ل مكان‪ ،‬ول بكثرة‬ ‫الّربوية ‪ ،‬ول بكثرة انتشار معاملتها في ك ّ‬
‫ن ذلك ليس دليل ً على إباحتها‪ ،‬وإنما هللو‬ ‫متعاملين معها ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مخالفلللة شللرعه ‪،‬‬ ‫ل على كثرة العراض عللن أمللر الللله و ُ‬ ‫دلي ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬‫من ِفي الْر ِ‬ ‫والله سبحانه وتعالى يقول ‪)) :‬وَِإن ت ُط ِعْ أك ْث ََر َ‬
‫ه(( )النعام‪. (116:‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬
‫عن َ‬ ‫ك َ‬ ‫ضّلو َ‬ ‫يُ ِ‬
‫م الللله‬ ‫مللا أنع ل َ‬ ‫ومللع السللف الشللديد أن كللثيرا ً مللن النللاس ل َ ّ‬
‫سعَ عليهللم مللن فضللله ‪ ،‬وأغنللاهم بكللثرة المللال ‪،‬‬ ‫عليهم ‪ ،‬وو ّ‬
‫أصبحوا ل يهتمون بالعمل بأحكللام السلللم ‪ ،‬والسللتغناء بمللا‬
‫أباح الله لهم عما حّرم عليهم‪ ,‬إنما يهتمللون بمللا ي ُللدّر عليهللم‬
‫المال من أيّ طريق كان ‪ ،‬حلل ً كان أم حراما ً ‪ ،‬وما ذلللك إل‬
‫لضعف إيمانهم ‪ ،‬وقّلة خوفهم مللن ربهللم عللز وجللل ‪ ،‬وغلبللة‬
‫ب الللدنيا علللى قلللوبهم ‪ ،‬نسللأل الللله لنللا ولهللم السلللمة‬ ‫حل ّ‬
‫ع‬
‫ل مللا ُيخللالف شللرعه المطهّللر ‪ ،‬وهللذا الواق ل ُ‬ ‫والعافية من ك ّ‬
‫ضللب الللله‬ ‫ن بحلللول غَ َ‬ ‫المؤلم لحال كثير من المسلمين‪ ،‬مؤذ ٌ‬
‫ذرا ً ومنذرا ً من شؤم المعاصي‬ ‫مح ّ‬ ‫ونقمته ‪ ،‬وقد قال سبحانه ُ‬

‫‪189‬‬
‫م‬ ‫من ُ‬
‫كلل ْ‬ ‫مللوا ْ ِ‬
‫ن ظ َل َ ُ‬ ‫ن اّللل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫والللذنوب ‪َ)) :‬وات ُّقللوا ْ فِت َْنلل ً‬
‫ة ل ّ تُ ِ‬
‫صلليب َ ّ‬
‫ة(( )النفال‪.(25:‬‬ ‫ص ً‬‫خآ ّ‬ ‫َ‬
‫جه نصيحتي إلللى المسللئولين فللي الصللحف المحّليللة‬ ‫ُ‬
‫وإني أو ّ‬
‫خاصللة ‪ ،‬وفللي صللحف البلد السلللمية عامللة ‪ :‬أن ُيطّهللروا‬
‫ي‬
‫ل ما ُيخالف شرع الله المطّهر ‪ ،‬في أ ّ‬ ‫صحافتهم من نشر ك ّ‬
‫مجال من مجللالت الحيللاة ‪ ،‬كمللا ُأوصللي الجهللات المسللئولة‬
‫بالتأكيد على رؤساء الصحف بأن ل ينشروا شيئا ً فيه مخالفللة‬
‫ب عليهلم ‪،‬‬ ‫ن هلذا أملٌر واجل ٌ‬ ‫كأ ّ‬ ‫للدين اللله وشلرعه ‪ ،‬ول شل ّ‬
‫صروا فيه ‪.‬‬ ‫وسُيسألون عنه أمام الله إذا ق ّ‬
‫كما ُأوصللي إخللواني المسلللمين عامللة أن يتقللوا الللله تبللارك‬
‫سكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله‬ ‫وتعالى ‪ ،‬ويتم ّ‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وأن يكتفوا بما أحللله الللله‪ ،‬ويحللذروا مللا حّرملله‬
‫الله‪ ،‬ول يغتّروا بما قد ُيكتب أو ُينشر مللن فتللاوى أو مقللالت‬
‫ُتجيز المساهمة في البنوك الّربوية أو اليداع فيها بفللوائد‪ ،‬أو‬
‫ن هللذه الفتللاوى والمقللالت لللم‬ ‫ل من سوء عاقبة ذلك‪ ،‬ل ّ‬ ‫ُتقل ّ ُ‬
‫ن على أدلة شرعية ل من كتاب الله ول مللن سللنة رسللول‬ ‫ت ُب ْ َ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإنما هي آراء الّرجال وتللأّولتهم‪،‬‬
‫مضّللت الفتن ‪.‬‬ ‫نسأل الله لنا ولهم الهداية والعافية من ُ‬
‫والله المسئول أن ُيوفّ لقَ المسلللمين عامللة ‪ ،‬وولة أمللورهم‬
‫خاصة للعمل بكتاب ربهم وسنة نبيهم محمد صلى الله عليلله‬
‫وسلللم ‪ ،‬وتحكيللم شللرع الللله فللي جميللع شللئونهم الخاصللة‬
‫والعامللة ‪ ،‬وأن يأخللذ بنواصلليهم إلللى مللا فيلله صلللح دينهللم‬
‫ودنيللاهم ‪ ،‬وأن ُيجّنللب الجميللع طريللق المغضللوب عليهللم‬
‫ي ذلك والقادُر عليلله ‪ ,‬وصلللى الللله وس لّلم‬ ‫والضالين ‪ ،‬إنه ول ّ‬
‫علللى خيللر خلقلله نبينللا محمللد وعلللى آللله وصللحبه أجمعيللن‪،‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫مفتي عام المملكة العربية السعودية‬
‫ورئيس هيئة كبار العلماء ‪ ،‬وإدارة البحوث العلمية والفتاء‬
‫عبد العزيز بن عبدالله بن باز‬

‫‪190‬‬
‫البنك الهلي ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 7655‬ج ‪ 58-15/57‬من مجموع‬
‫فتاوى اللجنة ‪.‬‬
‫ف الجميللع‬ ‫ل في البنك الهللي‪ ,‬وكمللا َيعلر ُ‬ ‫السؤال‪ :‬إنني أعم ُ‬
‫ت إلللى العمللل‬ ‫ن البنك يتعامل ببعض الفوائد ‪ ,‬وقد اضللطرر ُ‬ ‫أ ّ‬
‫فيه بعد أن بحثت مدة ثمانية أشللهر عللن عمللل فلللم أجللد إل‬
‫فيه‪ ,‬وبعيد عن وظائف القروض التي يتعامل بها بالّربا ‪ ,‬وقد‬
‫ن راتبلله حللرام ‪ ,‬والعمللل‬ ‫ت من بعض الناس العامة ‪ :‬بأ ّ‬ ‫سمع ُ‬
‫ن الراتب‬ ‫ت من أحد العلماء يقول ‪ :‬إ ّ‬ ‫فيه حرام ‪ ,‬وأيضا ً سمع ُ‬
‫ب أي‬ ‫ب كمللا يكس ل ُ‬ ‫حلل ‪ ,‬حيث الموظف يعمل بيده‪ ,‬ويكس ل ُ‬
‫شللخص آخللر ‪ ,‬وهللو مللن العلمللاء الللذين يظهللرون علللى‬
‫ن الّربللا علللى صللاحب البنللك والثللم ‪ ,‬ومللا‬ ‫التلفزيللون‪ ,‬وأ ّ‬
‫الموظف إل عامل مثل غيره‪ ,‬أرجو إفتائي ؟ ‪.‬‬
‫مللا فيلله مللن‬ ‫م ‪ ,‬لِ َ‬ ‫الجواب ‪ :‬العمل فللي البنللوك الّربويللة حللرا ٌ‬
‫التعاون على الّربا ‪ ,‬وقد قال الله تعالى ‪ )) :‬وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ عَل َللى‬
‫ن ‪ ((‬سللواء كللان التعللاون بكتابللة الصللك‪ ,‬أو‬ ‫ال ِْثللم ِ َوال ُْعللد َْوا ِ‬
‫الشهادة فيه‪ ,‬أو التقييد في الحساب بالسجلت ‪ ,‬أو نقلل ملا‬
‫و‪ ,‬وتسللهيل الوسللائل‬ ‫كتب من مكتب إلى آخللر‪ ,‬أو تهيئة الج ل ّ‬ ‫ُ‬
‫للقيام بالعمال الّربوية ‪ ,‬ونحو ذلك ‪.‬‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫عبدالله بن قعود عبدالله بللن غللديان عبللدالرزاق عفيفللي‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بللن عبللدالله بللن بللاز رحملله‬ ‫و ُ‬
‫الله تعالى ) س ‪ 236‬مجموع فتاوى سماحته ج ‪. ( 19/386‬‬
‫ك أنه لي ولد اسللمه ع ع م وأنلله مللديون نحللو‬ ‫السؤال ‪ُ :‬أفيد َ‬
‫مائة ألف ريال في زواج ‪ ,‬وفللي سلليارة يركبهللا ‪ ,‬وأنلله دخللل‬
‫في البنك الهلي بعمل مراسل براتب نحو ألللف وخمسللمائة‬

‫‪191‬‬
‫ريال ‪ ,‬ويقول بعض الناس ‪ :‬إن راتبه حرام ‪ ,‬وناس يقولون ‪:‬‬
‫دين ‪,‬‬ ‫حلل ‪ ,‬والله يعلم أنه دخل في هللذا البنللك لضللرورة الل ّ‬
‫ومصاريف أهله ‪ ,‬لذا نرجو الفادة حللال ً عللاجل ً ؟ وهللذا والللله‬
‫يحفظكم ‪.‬‬
‫ل في البنوك الّربوية ‪ ,‬كالبنللك الهلللي‬ ‫الجواب ‪ :‬ل يجوُز العم ُ‬
‫ل‬ ‫ب علللى ابنللك المللذكور أن َيللدعَ العملل َ‬ ‫المللذكور ‪ ,‬والللواج ُ‬
‫سلَر‬ ‫المذكور ‪ ,‬ويلتمس العمل فللي جهللات أخللرى سللليمة ‪ ,‬ي ّ‬
‫ل مسلم ‪.‬‬ ‫لك ّ‬ ‫ح حاَله وحا َ‬ ‫الله أمره ‪ ,‬وأصل َ َ‬
‫***‬
‫البنلللك العربلللي اللللوطني ‪ :‬الفتلللوى رقلللم ‪ 4327‬ج‬
‫‪. 37-15/36‬‬
‫دم البنللك‬ ‫السؤال ‪ :‬لي دكاكين تقع على طريق الحجاز ‪ ,‬وتقل ّ‬
‫ن هذا البنللك مللن البنللوك الللتي‬ ‫الوطني لستئجارها ‪ ,‬وحيث إ ّ‬
‫تتعامل بالّربا ؟ فهل يجوُز لي تأجير هذا البنك وأمثللاله ممللن‬
‫يتعامل بالّربا ؟ أفتونا أثابكم الله ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬ل يجوُز ذلك ‪ ,‬لكون البنك المذكور سيتخذها مق لّرا ً‬
‫ن‬ ‫للتعامل بالّربا المحّرم ‪ ,‬وتأجيرها عليلله لهللذا الغللرض تعللاو ٌ‬
‫معه في عمل محّرم ‪ ,‬وقد قال الله تعالى ‪ )) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى‬
‫ن ‪. ((‬‬
‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ عََلى ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬‫اْلبّر َوالت ّْق َ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب الرئيس الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫* * *‬
‫سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بللن عبللدالله بللن بللاز رحملله‬ ‫و ُ‬
‫الله تعللالى ) مجمللوع فتللاوى سللماحته س ‪ 230‬ج ‪-19/376‬‬
‫‪. ( 377‬‬

‫‪192‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل يجللوُز تللأجير عمللارة أو جللزء منهللا إلللى البنللك‬
‫العربي الوطني ؟ أحسن الله إليكم وجزاكم خيرا ً ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬ل يجوُز التأجيُر علللى البنللك العربللي الللوطني ‪ ,‬ول‬
‫مللا فللي ذلللك مللن التعللاون علللى‬ ‫غيره من البنوك الّربوية ‪ ,‬ل ِ َ‬
‫الثم والعدوان ‪ ,‬وقد نهى الله سبحانه عن ذلك في قوله عز‬
‫ْ َ‬ ‫وجل ‪)) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى اْلبّر َوالت ّْق ل َ‬
‫وى وَل َ ت َعَللاوَُنوا عَلللى ال ِث ْلم ِ‬
‫ب(( ‪ ,‬وفّ لقَ الللله‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقللا ِ‬
‫شل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫ن َوات ُّقوا ْ الل ّل َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫الجميعَ لما ُيرضيه ‪ ,‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫مفتي عام المملكة العربية السعودية ‪ :‬عبدالعزيز بن عبدالله‬
‫بن باز‬
‫***‬
‫بنك الرياض ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 5524‬ج ‪. 507-13/506‬‬
‫ت فللي شللركة ‪ ,‬وأفَلسللت هللذه‬ ‫السؤال ‪ :‬كان لللي مسللاهما ٌ‬
‫الشركة قبل ‪ 25‬عاملا ً ‪ ,‬وكللان هنللاك أوصللياء عللى الشلركة‬
‫اشتروا بالمبلغ المتبقي أسهما ً في بنك الرياض قبل ‪ 25‬عاما ً‬
‫بمبلغ ألف ريال للسهم الواحللد ‪ ,‬والن ثمللن السللهم الواحللد‬
‫‪ 30‬ألف ريال ‪ ,‬وأنا بحاجة لهلذا المبللغ ‪ ,‬فهلل يجلوز للي أن‬
‫ن شللراءهم لسللهم بنللك‬ ‫آخذ المبلغ الحالي للسهم ؟ علما ً بأ ّ‬
‫م بدون علمنا طيلة هذه المدة ‪.‬‬ ‫الرياض ت ّ‬
‫م أمسللك‬ ‫الجللواب ‪ :‬تس لّلم المبلللغ كل ّلله ‪ ,‬أصللله وفللائدته ‪ ,‬ث ل ّ‬
‫دق بالفللائدة فللي وجللوه الخيللر ‪,‬‬ ‫ك ‪ ,‬وتصل ّ‬ ‫ك ل َل َ‬ ‫مل ْ ٌ‬
‫أصله ‪ ,‬لنه ِ‬
‫وضك خيرا ً منها ‪ ,‬وُيعينك‬ ‫لنها ربا ً ‪ ,‬والله ُيغنيك من فضله وُيع ّ‬
‫ه‬‫خَرجًا* وَي َْرُزقْ ُ‬ ‫م ْ‬
‫ه َ‬‫جَعل ل ّ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬ ‫على قضاء حاجتك ))وَ َ‬
‫ب(( )الطلق‪.(3-2:‬‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬‫ث َل ي َ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬

‫‪193‬‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫سئل سماحة شيخنا عبدالعزيز بللن عبللدالله بللن بللاز رحملله‬ ‫و ُ‬
‫الله تعالى ‪ ) :‬فتاوى علماء البلد الحرام ص ‪. ( 672-671‬‬
‫ف شديد ٌ حول المساهمة‬ ‫السؤال ‪ :‬حصل بيني وبين أخي خل ٌ‬
‫في بنلك الريلاض المطروحلة أسلهمه للكتتلاب هلذا العلام ‪,‬‬
‫ن هللذا حللرام ‪ ,‬لنلله‬ ‫ت لله ‪ :‬إ ّ‬‫حول جواز المساهمة فيه ‪ ,‬فقل ُ‬
‫ن فيه شبهة وليس بحرام ‪ ,‬والسؤال‬ ‫يتعامل بالّربا ‪ ,‬وقال ‪ :‬إ ّ‬
‫هو عن ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬حكم المساهمة في البنك المذكور ؟ ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬حكم منح السماء لشخص يريد المساهمة بها في هذا‬
‫ن صللاحب السللماء يللرى الحرمللة ؟ نرجللو مللن‬ ‫البنك ‪ ,‬مللع أ ّ‬
‫سماحتكم جوابنا سريعا ً ‪ ,‬والله يحفظكم ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬وعليكللم السلللم ورحمللة الللله وبركللاته ‪ ,‬وبعللد ‪ :‬ل‬
‫تجوز المساهمة في هذا البنك ول غيره من البنوك الّربويللة ‪,‬‬
‫ن ذللك كّلله ملن‬ ‫ول المساعدة في ذلك بإعطاء السلماء ‪ ,‬ل ّ‬
‫التعاون على الثم والعدوان ‪ ,‬وقد نهى الله سبحانه عن ذلك‬
‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ‬ ‫في قوله عز وجل ‪)) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى اْلبّر َوالت ّْق َ‬
‫ن(( ‪.‬‬ ‫عََلى ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫ل‬ ‫ن آك ِل َ‬‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬أنلله ل َعَل َ‬ ‫وقد ثبت عن النب ّ‬
‫واٌء((‬ ‫سل َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬هُ ل ْ‬ ‫ديهِ ‪ ,‬وقللا َ‬ ‫ه ‪ ,‬وشللاهِ َ‬ ‫ه ‪ ,‬وكللات ِب َ ُ‬ ‫مللوك ِل َ ُ‬
‫الّربللا ‪ ,‬و ُ‬
‫خّرجه المام مسلم في صحيحه ]‪. [35‬‬
‫وفق الله الجميع لما ُيرضيه ‪ ,‬والسلللم عليكللم ورحمللة الللله‬
‫وبركاته ‪.‬‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ‪7/7/1412‬هل‬
‫***‬
‫الفتوى رقم ‪ 2620‬ج ‪. 43-15/41‬‬
‫السؤال ‪ :‬اضطّرته ظللروف المعيشللة للعمللل ‪ ,‬وسللابقَ فللي‬
‫ديللوان المللوظفين العللام ‪ ,‬ولللم ُيحللالفه النجللاح ‪ ,‬وأرغمتلله‬

‫‪194‬‬
‫ظروفه حسب قوله إلى العمل فللي بنللك الريللاض ‪ ,‬ويللذكر ‪:‬‬
‫أنه عمل بأغلب أقسامه ‪ ,‬ووجده يتعامل بالّربا ‪ ,‬عين الّربللا ‪,‬‬
‫حيث ُيقرض الشخص تسعة آلف ريال ‪ ,‬ويرتد المبلغ عشرة‬
‫آلف ريال ‪ ,‬بالضافة إلى كشللف الحسللاب للعملء بفللائدة ‪,‬‬
‫خلَرج تراكملت‬ ‫سٌر من هللذا العملل ‪ ,‬وأنله للو َ‬ ‫متح ّ‬ ‫ويذكر أنه ُ‬
‫ن راتبلله مللن البنللك دخللله الوحيللد ‪ ,‬ويطلللب‬ ‫عليه الديون ‪ ,‬ل ّ‬
‫إرشاده ‪.‬‬
‫ل فللي البنللوك الللتي تتعامللل بالمعاملللة الللتي‬ ‫الجواب ‪ :‬العمل ُ‬
‫وصفتها ‪ ,‬والتي هي عين الّربللا ل يجللوز ‪ ,‬لدلللة تحريللم الّربللا‬
‫الواردة في الكتاب والسنة وإجماع المة ‪ ,‬ومنها ‪:‬‬
‫ل الله صلللى‬ ‫ن رسو َ‬ ‫ما روى ابن مسعود رضي الله عنه ‪)) :‬أ ّ‬
‫ه ((‬ ‫ه‪ ,‬وكاتب ُ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ‪ ,‬وشاهِ َ‬ ‫موك ِل َ ُ‬ ‫ل الّربا‪ ,‬و ُ‬ ‫ن آك ِ َ‬‫الله عليه وسلم ل َعَ َ‬
‫أخرجه الخمسة ‪ ,‬وصححه الترمذي ]‪.[36‬‬
‫ي صلللى‬ ‫ن النب ّ‬ ‫وما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنه ‪)) :‬أ ّ‬
‫ه‪,‬‬‫دي ِ‬‫ه ‪ ,‬وشللاهِ َ‬ ‫ه ‪ ,‬وكات ِب َ ُ‬ ‫موك ِل َ ُ‬ ‫ل الّربا‪ ,‬و ُ‬ ‫ن آك ِ َ‬‫الله عليه وسلم ل َعَ َ‬
‫واٌء (( ]‪.[37‬‬ ‫س َ‬
‫م َ‬ ‫وقا َ‬
‫ل ‪ :‬هُ ْ‬
‫ل فيلله طاعللة لللله سللبحانه‬ ‫ك العمل َ‬ ‫ب عليللك ‪ :‬أن تللتر َ‬ ‫فالواج ُ‬
‫ذرا ً مللن غضللب الللله‬ ‫حل َ‬ ‫ورسوله صلللى الللله عليلله وسلللم ‪ ,‬و َ‬
‫وعقابه ‪ ,‬والتماس عمل آخر مما أباح الله عز وجل ‪ ,‬وأبشللر‬
‫ت عملك في البنك من أجللل الللله‬ ‫بالتيسير والتسهيل إذا ترك َ‬
‫جعَللل ل ّل ُ‬
‫ه‬ ‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّل َ‬ ‫مللن ي َت ّل ِ‬ ‫ل ‪ )) :‬وَ َ‬ ‫سللبحانه ‪ ,‬لقللوله ع لّز وج ل ّ‬
‫ب(( ‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬
‫حت َ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫خَرجًا* وَي َْرُزقْ ُ‬‫م ْ‬
‫َ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله علللى نبينللا محمللد وآللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫عضو نائب الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬

‫‪195‬‬
‫البنك السعودي الهولندي ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 4331‬ج ‪51-15/50‬‬
‫‪.‬‬
‫ُ‬
‫ل فللي بنللك مللن‬ ‫ت أعمل ُ‬ ‫السللؤال ‪ :‬أحيطكللم علملا ً بللأنني كنل ُ‬
‫ت فيه حللال‬ ‫البنوك واسمه ‪ :‬البنك السعودي الهولندي ‪ ,‬عمل ُ‬
‫تخّرجي من الثانويللة بعللام ولمللدة ‪ 6‬أو ‪ 7‬شللهور ‪ ,‬وأخللبرني‬
‫ن العمل بالبنك حرام ‪ ,‬حيللث إنلله يتعامللل فللي‬ ‫أحد ُ الزملء بأ ّ‬
‫ت بالخطوط السعودية كطللالب‬ ‫بعض حساباته بالّربا ‪ ,‬فالتحق ُ‬
‫ت البنللك ومللا أود ّ أن أسللأله هللو ‪ :‬هللل الرواتللب فللي‬ ‫‪ ,‬وتركل ُ‬
‫السبعة شهور التي استلمتها ُتعتبر حراما ً ؟ حيث إنني أعمللل‬
‫كموظف فقط ‪ ,‬أتقاضى راتب لا ً علللى عملللي وجهللدي ‪ ,‬وهللل‬
‫دق بجميع ما تسّلمته من قبل من رواتب ومبالغ‬ ‫يلزم أن أتص ّ‬
‫ت العمل بالبنك ؟‬ ‫‪ ,‬أو يكفي أنني ترك ُ‬
‫ل‬‫ت العملل َ‬ ‫ك تركلل َ‬ ‫ت ‪ :‬من أن َ‬ ‫الجواب ‪ :‬إذا كان الواقعُ كما ذكر َ‬
‫ج‬ ‫ت أنلله ل يجللوز العمل ُ‬ ‫ُ‬
‫ل فللي البنللك‪ ,‬فل حلَر َ‬ ‫به بعد أن أخللبر َ‬
‫دة الشللهر‬ ‫ل عملك لللديه مل ّ‬ ‫مقاب َ‬ ‫عليك فيما قبضته من البنك ُ‬
‫دق بها ‪ ,‬وتكفي التوبللة عللن ذلللك‪,‬‬ ‫المذكورة‪ ,‬ول يلزمك التص ّ‬
‫َ‬
‫ه ال ْب َي ْل َ‬
‫ع‬ ‫ل الل ّل ُ‬ ‫حلل ّ‬
‫عفى الله عنا وعنك‪ ,‬لقول الله سبحانه‪)) :‬وَأ َ‬
‫ف‬ ‫سللل َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ى فَل َ ُ‬‫من ّر َب ّهِ َفانت َهَ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫مو ْ ِ‬
‫جاءهُ َ‬ ‫من َ‬ ‫م الّرَبا فَ َ‬ ‫حّر َ‬ ‫وَ َ‬
‫ُ‬
‫ن عَللاد َ فَأوَْلل لئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫م ِفيهَللا‬ ‫ب الن ّللارِ هُ ل ْ‬ ‫حا ُ‬
‫صل َ‬‫كأ ْ‬ ‫مل ْ‬‫مُرهُ إ َِلى الل ّهِ وَ َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ن(( ‪.‬‬‫دو َ‬‫خال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نلللللللائب الرئيلللللللس‬ ‫عضلللللللو‬ ‫عضلللللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫البنللك السللعودي البريطللاني ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 20507‬ج‬
‫‪14-15/12‬‬

‫‪196‬‬
‫السللؤال ‪ :‬لللدينا عمللارة فللي موقللع ممتللاز ‪ ,‬وعلللى أفضللل‬
‫الشوارع في مدينة الطللائف بحمللد الللله ‪ ,‬والن يللترد ّد ُ علينللا‬
‫مديُر البنك السعودي البريطاني ‪ ,‬وذلك لسللتئجار المعللارض‬
‫التي تحت هذه العمارة لجعل الفرع الرئيسي للبنك بالطائف‬
‫بها ‪ ,‬بمبلغ مغر جدا ً ‪ ,‬ولملدة عشلر سلنوات ‪ ,‬وسلوف يلدفع‬
‫دما ً ‪ ,‬ونحللن أصللحاب العمللارة فللي حاجللة‬ ‫خمس سنوات مقل ّ‬
‫ماسة إلى السيولة في الوقت الحاضر لسداد بعللض الللديون‬
‫التي ترتبت على هذه العمارة ‪ ,‬وديون أخرى للغير ‪ُ ,‬أحرجنللا‬
‫ض منا يريد تأجيرهللا علللى‬ ‫منهم من كثرة ترددهم علينا ‪ ,‬البع ُ‬
‫م علينللا ‪,‬‬ ‫ك إثمه عليه ‪ ,‬ول إثل َ‬ ‫البنك لسداد تلك الديون ‪ ,‬والبن ُ‬
‫لننا لم نتعامل معه بالّربللا ‪ ,‬ول مللع غيللره بحمللد الللله ‪ ,‬وهللو‬
‫مستأجر كغيره مللن المسللتأجرين ‪ ,‬والبعللض منللا يقللول ‪ :‬إن‬
‫ْ َ‬ ‫ً‬
‫فلللي ذللللك إثملللا ملللن بلللاب ‪ )) :‬وَل َ ت َعَلللاوَُنوا عَللللى ال ِث ْلللم ِ‬
‫ن‪ , (( ‬والن نحللن فللي حيللرة مللن أمرنللا ‪ ,‬أفتونللا‬ ‫َوال ُْعللد َْوا ِ‬
‫جُر علللى البنللك وإثملله عليلله ‪ ,‬أم نحللن‬ ‫مللأجورين ‪ ,‬هللل نللؤ ّ‬
‫جرنا عليه تلك المعللارض ؟ حللتى‬ ‫أصحاب العمارة آثمون إذا أ ّ‬
‫نتمكن من الرد على البنك المستعجل على إجابتنا ‪.‬‬
‫الجللواب ‪ :‬ل يجللوُز تللأجيُر المحلت للبنللوك ‪ ,‬لنهللا تتخللذها‬
‫ل الله صلى الله عليلله‬ ‫ن رسو ُ‬ ‫لت للتعامل بالّربا ‪ ,‬وقد ل َعَ َ‬ ‫مح ّ‬
‫ه(( ‪.‬‬‫ديهِ ‪ ,‬وكات ِب َ ُ‬ ‫ه ‪ ,‬وشاهِ َ‬ ‫موك ِل َ ُ‬
‫ل الّربا ‪ ,‬وَ ُ‬ ‫وسّلم ‪)) :‬آك ِ َ‬
‫ن عللى أكلل الّربلا بأخلذ‬ ‫ل في ذللك ‪ ,‬لنله أعلا َ‬ ‫جُر َيدخ ُ‬ ‫والمؤ ّ‬
‫الجرة في مقابل ذلللك ‪ ,‬والللله تعللالى يقللول ‪)) :‬وَل َ ت َعَللاوَُنوا ْ‬
‫ب (( ‪.‬‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقا ِ‬‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬‫ن َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬ ‫عََلى ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫غنيللة عللن الحللرام ‪ ,‬وقللد قللال الللله سللبحانه ‪:‬‬ ‫وفللي الحلل ُ‬
‫ث َل‬ ‫حْيل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مل ْ‬‫ه ِ‬ ‫خَرجلًا* وَي َْرُزْقل ُ‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫جَعلل ّلل ُ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ق الّلل َ‬ ‫ملن ي َّتل ِ‬ ‫)) وَ َ‬
‫ب(( ‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو عضو عضو‬

‫‪197‬‬
‫عبدالعزيز‬ ‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالله بن غديان‬
‫آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫البنلللك السلللعودي المريكلللي ‪ :‬الفتلللوى رقلللم ‪ 4490‬فلللي‬
‫‪30/3/1402‬هل ‪.‬‬
‫ن للديّ خمسلة عشلر سلهما ً ملن أسلهم‬ ‫السؤال ‪ :‬أُفيلدكم أ ّ‬
‫رأس مال البنك السعودي المريكي ‪ ,‬حيث اسللتردتها عنللدما‬
‫ن نظللام هللذا البنللك مللن قيللل‬ ‫طرحللت للكتتللاب ‪ ,‬وأسللمع أ ّ‬
‫طرحللت‬ ‫وقال ‪ :‬ل يخلو في تعامله المالي مللن الّربللا ‪ ,‬والن ُ‬
‫دد فللي شللرائها ‪ ,‬بللل‬ ‫أسهم جديدة للمساهمين الُقدامى وأتر ّ‬
‫أعتزم بناًء على فتواكم التخّلص حتى من السللهم القديمللة ‪,‬‬
‫أنقذوني بفتوى سريعة ‪.‬‬
‫ك فللي البنللوك الللتي تتعامللل بالّربللا ‪,‬‬ ‫الجواب ‪ :‬أول ً ‪ :‬الشترا ُ‬
‫م للدلللة الللواردة فللي تحريللم‬ ‫كالبنك المذكور ونحللوه ‪ ,‬محلّر ٌ‬
‫الّربا‪ ,‬وفي تحريم التعاون على الثم والعدوان ‪.‬‬
‫ب على من اشترك فيه أن يتوب إلى الللله سللبحانه‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬يج ُ‬
‫س مللاله فقللط ‪ ,‬تخّلصلا ً مللن الّربللا‬ ‫ب رأ َ‬ ‫وتعللالى ‪ ,‬وأن َيسللح َ‬
‫المحّرم بالكتاب ‪ ,‬والسنة ‪ ,‬وإجماع المسلمين ‪ ,‬قال تعالى ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن الّرَبلا ِإن‬ ‫مل َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ملا ب َِقل َ‬‫ه وَذ َُروا ْ َ‬ ‫مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الّلل َ‬‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫)) َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬
‫ه‬
‫سول ِ ِ‬‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬‫حْر ٍ‬ ‫م ت َْفعَُلوا ْ فَأذ َُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫ن * فَِإن ل ّ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن((‬‫مو َ‬‫ن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ‬‫مو َ‬ ‫م ل َ ت َظ ْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫سأ ْ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫م فَل َك ُ ْ‬ ‫وَِإن ت ُب ْت ُ ْ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬

‫‪198‬‬
‫بطاقة فيزا )سامبا( لدى البنك السعودي المريكي ‪ :‬الفتللوى‬
‫رقم ‪ 17611‬ج ‪. 525-13/524‬‬
‫السللؤال ‪ُ :‬يتللداول بيللن النللاس فللي الللوقت الحاضللر بطاقللة‬
‫)فيزا( سامبا ‪ ,‬صادرة من البنك السعودي المريكي ‪ ,‬وقيمة‬
‫هذه البطاقة إذا كانت ذهبية ) ‪ (485‬ريال ً ‪ ,‬وإذا كانت فضللية‬
‫دد هلذه القيملة سلنويا ً للبنلك لملن يحملل‬ ‫)‪ (245‬ريلا ً‬
‫ل‪ُ ,‬تسل ّ‬
‫بطاقللة )فيللزا( للسللتفادة منهللا كاشللتراك سللنوي ‪ ,‬طريقللة‬
‫استعمال هذه البطاقة ‪ :‬أنه يحق لمن يحمل هذه البطاقة أن‬
‫دد‬‫يسحب من فروع البنك المبلغ الللذي ُيريللده )سلللفة( وُيسل ّ‬
‫دد‬ ‫بنفس القيمة‪ ,‬خلل مدة ل تتجاوز )‪ (54‬يوما ً ‪ ,‬وإذا لم ُيس ّ‬
‫المبلغ المسحوب )السلفة( في خلل الفترة المحددة ‪ ,‬يأخذ‬
‫البنك عن كل مللائة ريللال مللن )السلللفة( المبلللغ المسللحوب‬
‫فوائد ‪ ,‬قيمتها ريال ً وخمللس وتسللعين هللللة )‪ (1.95‬كمللا أ ّ‬
‫ن‬
‫البنك يأخذ عن كللل عمليللة سللحب نقللدي لحامللل البطاقللة )‬
‫‪ (3.5‬ريال عن كل )مائة ريال( تسحب منهللم ‪ ,‬أو يأخللذون )‬
‫‪ (45‬ريال ً كحد ّ أدنى عن كل عملية سحب نقدي ‪ ,‬ويحق لمن‬
‫يحمل هذه البطاقلة ‪ :‬شلراء البضللائع ملن المحلت التجاريلة‬
‫التي يتعامل معها البنك ‪ ,‬دون أن يللدفع مللال ً نقللديا ً ‪ ,‬وتكللون‬
‫سلفة عليه للبنك ‪ ,‬وإذا تأخر عن سداد قيمة الذي اشللتراه )‬
‫‪ (54‬يوما ً ‪ ,‬يأخذون على حامل البطاقة عللن كللل مللائة ريللال‬
‫مللن قيمللة البضللاعة المشللتراة مللن المحلت التجاريللة الللتي‬
‫يتعامل معها البنك فوائد قيمتها ريال ً وخمس وتسعين هللة )‬
‫‪ , (1.95‬فمللا حكللم اسللتعمال هللذه البطاقللة ‪ ,‬والشللتراك‬
‫السنوي مع هذا البنك للستفادة مللن هللذه البطاقللة ؟ والللله‬
‫يحفظكم ويرعاكم ‪.‬‬
‫ل بطاقة )سللامبا فيللزا( كمللا ُذكللر‪ ,‬فهللو‬ ‫الجواب ‪ :‬إذا كان حا ُ‬
‫مرابيللن ‪ ,‬وأكللل أمللوال النللاس‬ ‫إصللداٌر جدي لد ٌ مللن أعمللال ال ُ‬
‫بالباطل ‪ ,‬وتللأثيمهم ‪ ,‬وتلللويث مكاسللبهم وتعللاملهم ‪ ,‬وهللو ل‬
‫ج عن حكم ربا الجاهلية المحلّرم فللي الشللرع المطهّللر ‪:‬‬ ‫َيخر ُ‬

‫‪199‬‬
‫) إما أن َتقضي ‪ ,‬وإما أن تربي ( لهذا فل يجللوُز إصللداُر هللذه‬
‫البطاقة ‪ ,‬ول التعامل بها ‪.‬‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالعزيز آل الشيخ عبدالله‬
‫بن غديان عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫بنك الجزيرة ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 6760‬في ‪22/3/1404‬هل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬لي تسعون سهما ً في بنك الجزيرة منذ تأسيسلله ‪,‬‬
‫ت الرباح ‪ ,‬وحال ً غيللر معروفللة العللدد خلل السللنوات‬ ‫استلم ُ‬
‫التي عقب التأسيس ‪ ,‬وصرفتها في حينها مع مصاريف حياتنا‬
‫ت هذه السهم للبيع لدى فرع تبللوك ‪ ,‬وقللال‬ ‫اليومية ‪ ,‬وعرض ُ‬
‫لللي موظللف الفللرع المللذكور ‪ :‬بإمكانللك بيللع جميللع السللهم‬
‫الموجودة في البنك بمبلللغ تسللعمائة ريللال للسللهم الواحللد ‪,‬‬
‫ت للستفسللار‬ ‫ولكني شكيت في جللواز بيعهللا شللرعا ً ‪ ,‬وتريثل ُ‬
‫من فضيلتكم ‪ :‬هل الربللاح الللتي سللبق أن اسللتلمتها وأربللاح‬
‫السهم مستقبل ً حلل أم ربا ً ‪ ,‬وهل يجوز لللي أن أبيللع جميللع‬
‫أسهمي بالبنك المذكور بالمبلغ الذي ذكرته ‪ ,‬أو بمبلغ أكثر أو‬
‫أقل ؟ أفتوني أثابكم الله ‪.‬‬
‫خذ ْ جميعَ الثمللن ‪,‬‬ ‫ك في البنك المذكور ‪ ,‬و ُ‬ ‫م َ‬
‫الجواب ‪ :‬ب ِعْ أسهُ َ‬
‫ت بلله فللي البنللك ‪,‬‬ ‫واحتفظ لنفسك بأصل المبلغ الذي ساهم َ‬
‫ن المساهمة فللي‬ ‫وأنفق ما زاد عنه في وجوه البّر العامة ‪ ,‬ل ّ‬
‫م ‪ ,‬واسللتغفرِ الللله‬ ‫ب من ذلللك حللرا ٌ‬ ‫م ‪ ,‬والكس ُ‬ ‫ي حرا ٌ‬ ‫ك ربو ٍ‬ ‫بن ٍ‬
‫ب إليه مما مضى ‪ ,‬واحذر العودة إليلله ‪ ,‬وبللالله التوفيللق ‪,‬‬ ‫وت ُ ْ‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬

‫‪200‬‬
‫عبدالرزاق عفيفي عبللدالعزيز بللن‬ ‫عبدالله بن قعود‬
‫عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫شللركة الراجحللي للصللرافة والتجللارة ‪ ,‬ومكتللب الكعكللي‬
‫سللئل سللماحة مفللتي عللام المملكللة الشلليخ‬ ‫للصللرافة ‪ُ :‬‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بللن بللاز رحملله الللله تعللالى ) س ‪235‬‬
‫مجموع فتاوى سماحته ج ‪. ( 385-19/384‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم من تضللطره ظروفلله للعمللل فللي البنللوك‬
‫والمصللارف المحليللة الموجللودة فللي المملكللة مثللل ‪ :‬البنللك‬
‫الهلللي التجللاري ‪ ,‬وبنللك الريللاض‪ ,‬وبنللك الجزيللرة ‪ ,‬والبنللك‬
‫العربللي الللوطني‪ ,‬وشللركة الراجحللي للصللرافة والتجللارة‪,‬‬
‫ومكتب الكعكي للصرافة‪ ,‬والبنك السعودي المريكي‪ ,‬وغيللر‬
‫ذلك من البنوك المحلية ‪ ,‬علما ً بأنهلا تفتللح حسلابات التللوفير‬
‫للعملء ‪ ,‬والموظللف يشللغل وظيفللة كتابيللة مثللل ‪ :‬كللاتب‬
‫حسللابات أو مللدّقق‪ ,‬أو مللأمور سللنترال أو غيللر ذلللك مللن‬
‫الوظائف الدارية‪ ,‬وهذه البنوك ُيوجد بها مزايا عديدة تجللذب‬
‫الموظفين إليها مثل ‪َ :‬بدل سكن ُيعادل اثني عشر ألف ريال‬
‫تقريبا ً أو أكثر‪ ,‬ورواتب شهرين في نهاية السنة‪ ,‬فمللا الحكللم‬
‫في ذلك ؟ ‪.‬‬
‫ت عللن‬ ‫مللا ثب ل َ‬
‫ل في البنوك الّربوية ل يجللوز ‪ ,‬ل ِ َ‬ ‫الجواب ‪ :‬العم ُ‬
‫ه‪,‬‬‫موك ِل َ ُ‬‫ل الّربا ‪ ,‬و ُ‬ ‫ي صلى الله عليه وسّلم في لعن )) آك ِ َ‬ ‫النب ّ‬
‫م فللي‬ ‫واٌء (( أخرجلله مسللل ٌ‬ ‫سل َ‬‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬هُ ْ‬ ‫ديهِ ‪ ,‬وقا َ‬ ‫ه ‪ ,‬وشاهِ َ‬ ‫وكات ِب َ ُ‬
‫صحيحه ‪.‬‬
‫ما في ذلك من التعاون علللى الثللم والعللدوان ‪ ,‬وقللد قللال‬ ‫ول ِ َ‬
‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ عََلللى‬ ‫الله سبحانه ‪ )) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى اْلبّر َوالت ّْق َ‬
‫ب ((‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقا ِ‬ ‫ش ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫***‬
‫سللئل سللماحة الشلليخ‬ ‫البنللك السللعودي التجللاري المتحللد ‪ُ :‬‬
‫عبدالعزيز بللن عبللدالله بللن بللاز رحملله الللله تعللالى ) فتللاوى‬
‫إسلمية ج ‪. ( 2/399‬‬

‫‪201‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل تجوُز المساهمة في البنوك العاملللة بالمملكللة‬
‫أمثال ‪ :‬البنك السعودي المريكي ‪ ,‬والبنك السعودي التجاري‬
‫المتحد ‪ ,‬التي مطروحة أسهمه الن للكتتاب العام ‪ ,‬وغيرهللا‬
‫من البنوك ؟ أفيدونا جزاكم الله عنا ألف خير ‪.‬‬
‫ة فللي البنللوك الّربويللة ‪ ,‬كمللا ل‬ ‫الجللواب ‪ :‬ل تجللوُز المسللاهم ُ‬
‫ن ذلللك مللن‬ ‫ت الّربوية ملع البنللوك وغيرهللا ‪ ,‬ل ّ‬ ‫تجوُز المعامل ُ‬
‫التعللاون علللى الثللم والعللدوان ‪ ,‬والللله سللبحانه يقللول ‪:‬‬
‫ْ َ‬ ‫)) وَت ََعللاوَُنوا ْ عََلللى اْلللبّر َوالت ّْقلل َ‬
‫وى وَل َ ت ََعللاوَُنوا عَلللى ال ِْثللم ِ‬
‫ن(( ‪.‬‬ ‫َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫***‬
‫سللئل سللماحة الشلليخ عبللدالعزيز‬ ‫شراء وبيع أسهم البنوك ‪ُ :‬‬
‫بن عبللدالله بللن بللاز رحملله الللله تعللالى ) فتللاوى إسلللمية ج‬
‫‪. ( 400-2/399‬‬
‫دة ‪,‬‬ ‫السؤال ‪ :‬مللا حكللم شللراء أسللهم البنللوك وبيعهللا بعللد مل ّ‬
‫بحيث ُيصبح اللف بثلثة آلف مثل ً ‪ ,‬وهل ُيعتبر ذلك من الّربا‬
‫؟‪.‬‬
‫ع‬
‫الجواب ‪ :‬ل يجوُز بيعُ أسهم البنوك ‪ ,‬ول شراؤها ‪ ,‬لكونها بيل ُ‬
‫نقللود بنقللود بغيللر اشللتراط التسللاوي والتقللابض ‪ ,‬ولنهللا‬
‫ن معهللا ل بللبيع ول شللراء ‪,‬‬ ‫مؤسسات ربويللة ل يجللوُز التعللاو ُ‬
‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ‬ ‫لقول الله سبحانه ‪ )) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى اْلبّر َوالت ّْق َ‬
‫ن ((‪.‬‬ ‫عََلى ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫ل‬ ‫ن آك ِل َ‬ ‫ي صلى الله عليه وس لّلم أنلله )) ل َعَ ل َ‬ ‫ت عن النب ّ‬ ‫ما ثب َ‬ ‫ول ِ َ‬
‫واٌء ((‬ ‫سل َ‬‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬هُ ل ْ‬ ‫ديهِ ‪ ,‬وقللا َ‬‫ه ‪ ,‬وشللاهِ َ‬ ‫ه ‪ ,‬وكللات ِب َ ُ‬ ‫مللوك ِل َ ُ‬‫الّربا ‪ ,‬و ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫س مال ِ َ‬ ‫ك إل ّ رأ ُ‬ ‫س لَ َ‬
‫م في صحيحه ‪ ,‬ولي َ‬ ‫م مسل ٌ‬ ‫رواه الما ُ‬
‫ك من المسلمين ‪ :‬هللي الحللذُر مللن جميللع‬ ‫ك ولغير َ‬ ‫ووصي ِّتي ل َ‬
‫المعاملت الّربوية ‪ ,‬والتحذير منها‪ ,‬والتوبة إلى الللله سللبحانه‬
‫ة لللله‬ ‫محارب ل ٌ‬ ‫ن المعللاملت الّربويللة ُ‬ ‫ف مللن ذلللك ‪ ,‬ل ّ‬ ‫س لل َ َ‬‫مما َ‬
‫سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬ومن أسباب غضب‬
‫الله وعقابه ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫ْ‬
‫ن إ ِل ّ‬ ‫مللو َ‬ ‫ن الّرَبا ل َ ي َُقو ُ‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫كما قال الله عز وجل ‪ )) :‬ال ّ ِ‬
‫م َقاُلوا ْ‬ ‫طان من ال ْمس ذ َل َ َ‬
‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫َ ّ ِ‬ ‫شي ْ َ ُ ِ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫ما ي َُقو ُ‬ ‫كَ َ‬
‫َ‬
‫جللاءهُ‬ ‫مللن َ‬ ‫م الّرب َللا فَ َ‬ ‫حلّر َ‬ ‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل الّرَبا وَأ َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ما ال ْب َي ْعُ ِ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬ ‫مُرهُ إ ِل َللى الل ّلهِ وَ َ‬ ‫ف وَأ ْ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ى فَل َ ُ‬ ‫من ّ َرب ّهِ َفانت َهَ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ه ال ّْرَبا‬ ‫ُ‬
‫حقُ الل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن * يَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫عاد َ فَأوَْللئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ل ك َّفارٍ أِثيم ٍ (( ]‪.[38‬‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل َيُ ِ‬ ‫ت َوالل ّ ُ‬ ‫صد ََقا ِ‬ ‫وَي ُْرِبي ال ّ‬
‫َ‬
‫مللا‬ ‫ه وَذ َُروا ْ َ‬ ‫من ُللوا ْ ات ُّقلوا ْ الّلل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫وقال عّز وجل ‪َ )) :‬يا أي ّهَللا اّلل ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬
‫ب‬ ‫حْر ٍ‬ ‫م ت َْفعَُلوا ْ فَأذ َُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫ن * فَِإن ل ّ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫كنُتم ّ‬ ‫ن الّرَبا ِإن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب َِق َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مللو َ‬ ‫م ل َ ت َظ ْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬‫سأ ْ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫م فَل َك ُ ْ‬ ‫سول ِهِ وَِإن ت ُب ْت ُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫دم من الحديث الشريف ‪.‬‬ ‫ما تق ّ‬ ‫ن(( ‪ ,‬ول ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫وَل َ ت ُظ ْل َ ُ‬
‫***‬
‫شللراء وبيللع أسللهم الشللركات ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 6823‬فللي‬
‫‪12/4/1404‬هل‪.‬‬
‫السللؤال ‪ :‬هللل يجللوز المسللاهمة بالشللركات والمؤسسللات‬
‫المطروحة أسهمها للكتتاب العام ‪ ,‬فللي الللوقت الللذي نحللن‬
‫ن هللذه الشللركات أو المؤسسللات‬ ‫ك مللن أ ّ‬ ‫ُيساورنا في الش ل ّ‬
‫تتعامل بالّربا في معاملتها ‪ ,‬ولم نتأكد من ذلللك ‪ ,‬مللع العلللم‬
‫أننا ل نستطيعُ التأك ّد َ من ذلك ‪ ,‬ولكللن كمللا نسللمع عنهللا مللن‬
‫حديث الناس ؟ ‪.‬‬
‫ت الللتي ل تتعامللل بالّربللا‬ ‫ت والمؤسسللا ُ‬ ‫الجللواب ‪ :‬الشللركا ُ‬
‫وشيء مللن المحّرمللات يجللوز المسللاهمة فيهللا ‪ ,‬وأمللا الللتي‬
‫م المساهمة فيها ‪,‬‬ ‫تتعامل بالّربا وشيء من المحّرمات فيحر ُ‬
‫م‪,‬‬ ‫ط للله أن ل ُيسللاه َ‬ ‫ك في أمللر شللركة مللا ‪ ,‬فللالحو ُ‬ ‫وإذا ش ّ‬
‫ك((]‪,[39‬‬ ‫ك إلللى مللا ل َيريب ُل َ‬ ‫أخذا ً من الحديث ‪)) :‬د َعْ ما َيريب ُل َ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله علللى نبينللا محمللد وآللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬

‫‪203‬‬
‫***‬
‫سئل سماحة الشيخ عبللد‬ ‫المساهمة في الشركات والبنوك ‪ُ :‬‬
‫الرزاق عفيفي نائب رئيس اللجنة الدائمة للفتاء رحمه الللله‬
‫تعالى ‪ ) :‬فتاوى ورسائل سماحته ص ‪. ( 474‬‬
‫سللئل الشلليخ ‪ :‬عللن المسللاهمات فللي الشللركات‬ ‫السللؤال ‪ُ :‬‬
‫والبنوك ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬فقال الشيخ ‪ -‬رحملله الللله ‪ ) : -‬المسللاهمات كّلهللا‬
‫محل ريبة ‪ ,‬ل ُيساهم النسان في أيّ شركة مللن الشللركات‬
‫إل ّ على طريقة المضاربة بنسبة من الربح ( ‪.‬‬
‫***‬
‫شراء وبيع السهم ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 4016‬ج ‪. 321-13/320‬‬
‫السؤال ‪ :‬حكم شراء السللهم بللأكثر مللن رأس المللال ‪ ,‬وقللد‬
‫ت بعض السهم وبعتها بأكثر مللن الشللراء ‪ ,‬فمللا حكللم‬ ‫اشتري ُ‬
‫التصّرف فيها ؟ علما ً بأنه يوجد عندي بعض السهم ؟ ‪.‬‬
‫ل نقللودا ً تمللثيل ً كلي لا ً أو‬
‫الجواب ‪ :‬إذا كانت هذه السهم ل ُتمث ّ ُ‬
‫غالبا ً ‪ ,‬وهي معلومة للبائع والمشتري جللاز بيعهللا وشللراؤها ‪,‬‬
‫ل أرضللا ً أو‬ ‫لعمللوم أدلللة جللواز الللبيع والشللراء ‪ ,‬وإنمللا ُتمّثلل ُ‬
‫سيارات أو عمارات ونحو ذلك ‪ ,‬وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الللله‬
‫على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي عبللدالعزيز‬ ‫عبدالله بن غديان‬
‫بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫شللركة السللمدة العربيللة السللعودية ) سللافكو ( ‪ ) :‬مجمللوع‬
‫فتاوى ورسائل سماحة الشلليخ محمللد بللن إبراهيللم بللن عبللد‬
‫اللطيللف آل الشلليخ ‪ -‬مفللتي المملكللة ‪ ,‬ورئيللس القضللاة ‪,‬‬
‫والشئون السلمية ‪ -‬رحمه الله تعالى ج ‪. ( 168-6/167‬‬
‫قال رحمه الله تعالى ‪) :‬فقد اطلعنا على قرار مجلللس إدارة‬
‫شركة السمدة العربية السللعودية ) سللافكو( المنشللور فللي‬

‫‪204‬‬
‫الصحف المحليللة‪ ،‬ومنهللا جريللدة الريللاض رقللم ‪ 876‬وتاريللخ‬
‫‪28/12/1387‬هل وُوجد من ضمنه ما يتعلق بللالقتراض ‪ ،‬وأن‬
‫الشركة اقترضت من البنوك ما يزيد على ‪ 22‬مليلون دولر ‪,‬‬
‫إلى أن قال ‪ :‬وبمجرد استلم الشركة لهذه الموال باشللرت‬
‫في استثمارها لدى البنوك المحليللة والجنبيللة ‪ ،‬ريثمللا يحيللن‬
‫موعد دفعها للشركات المتعاقد معها ‪ ،‬وحققت الشركة منللذ‬
‫بدايتها حتى تاريخ ‪ 31‬ديسمبر ‪ 1976‬مبلغ ‪. 6838245‬‬
‫ول يخفللى أن مثللل هللذه الشللركة الللتي سللاهم فيهللا أنللاس‬
‫كثيرون مللن المللواطنين‪ ،‬الللذين يرغبللون الكسللب الحلل ول‬
‫يقصدون الّربا بوجه من الوجوه‪ ،‬ومرابات الشركة بللأموالهم‬
‫تجعللل كسللبهم خبيث لا ً حرام لا ً ‪ ,‬فلهللذا يتعيللن علللى الشللركة‬
‫اجتناب هذه المعاملت الّربوية الخبيثة ‪ ,‬وسنكتب علللى هللذا‬
‫كتابة مستوفاة فيما بعد ‪ ،‬وإنما أردنا التنبيه على هذا بصللورة‬
‫مسللتعجلة اسللتجابة لمراجعللة الللذين اسللتنكروا هللذا مللن‬
‫المواطنين ‪ ،‬نستنكر هذا ‪ ،‬ونرجللو مللن المسللئولين ملحظللة‬
‫ذلك بصورة مستمرة ‪ ,‬والله الموفق ‪ ,‬والسلم عليكم ‪.‬‬
‫مفتي الديار السعودية‬
‫***‬
‫شركة جمعية التموين المنزلي ‪ :‬قال سللماحة الشلليخ محمللد‬
‫بن إبراهيم آل الشيخ رحملله الللله تعللالى ‪ ) :‬مجمللوع فتللاوى‬
‫سماحته ج ‪.(167-7/160‬‬
‫)فقللد سللمعنا نبللأ تأسلليس شللركة باسللم ) جمعيللة التمللوين‬
‫اْلمْنزلي ( لموظفي الدولة بالريللاض ‪ ,‬وقللد اتصللل بنللا بعللض‬
‫الخوان من طلبة العلللم والمنتسللبين إليلله ‪ ،‬وأطلعونللا علللى‬
‫صللورة مللن اللئحللة النظاميللة لهللذه الجمعيللة ‪ ،‬فجللرى منللا‬
‫دراستها ‪.‬‬
‫ف أن تكون مشتملة على مواد ل ُيقّرها من رضي الللله‬ ‫ونأس ُ‬
‫ربًا‪ ,‬والسلم دينًا‪ ,‬ومحمدا ً صلى الله عليلله وسلّلم نبيلًا‪ ،‬كمللا‬
‫أننا نستغرب أن تكون صادرة من أهل الفطرة ‪ ،‬فإنا لله وإنا‬
‫ن فللي هللذا والللله لشلليء مللن العللراض‬ ‫إليلله راجعللون ‪ ,‬وإ ّ‬

‫‪205‬‬
‫ض عَللن‬ ‫ونسيان آيات الله ‪ ،‬قللال الللله تعللالى ‪ )) :‬ومل َ‬
‫ن أعْلَر َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫َ‬
‫مللى*‬ ‫م لةِ أعْ َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ش لُرهُ ي َلوْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ضللنكا ً وَن َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫مِعي َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ري فَإ ِ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ذِك ْ‬
‫ك‬ ‫كلذ َل ِ َ‬‫ل َ‬ ‫صلليرًا* َقلا َ‬ ‫مللى وَقَلد ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َقا َ‬
‫ت بَ ِ‬ ‫كنل ُ‬ ‫شْرت َِني أعْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫ل َر ّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ‬
‫مل ْ‬ ‫زي َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫لى*‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫تن‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫و‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫سي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ف‬ ‫نا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫يا‬
‫َ‬ ‫آ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫خ لَرةِ أ َ َ‬ ‫ب اْل ِ‬ ‫ت َرب ّهِ وَل َعَ ل َ‬ ‫َ‬
‫ش لد ّ وَأب َْقللى((‬ ‫ذا ُ‬ ‫من ِبآَيا ِ‬ ‫م ي ُؤْ ِ‬ ‫ف وَل َ ْ‬ ‫سَر َ‬ ‫أ ْ‬
‫)طه‪. (127-124:‬‬
‫ونحن إذ نأسف على هذا وننكره بألسنتنا وأقلمنللا وقلوبنللا ‪..‬‬
‫نفيد بملحظاتنا فيما يأتي ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬جاء في المادة الرابعة من الحكللام المللالي مللا نصلله ‪:‬‬
‫يدفع كل عضو في الجمعيلة رسلم خدملة بالنسلبة للقلروض‬
‫الللتي يسللتلفها مللن الجمعيللة ‪ ،‬وتحللدد الجمعيللة قيمللة هللذه‬
‫العمولة ‪ .‬أ‪.‬هل ‪.‬‬
‫وملحظتنا على المادة من حيث الشتراط فللي القللرض ‪ :‬إذ‬
‫ن الغرض من القرض ‪ :‬الرفاق والقربة ‪ ،‬والشللتراط علللى‬ ‫أ ّ‬
‫المقترض أن يدفع رسم خدمة بالنسبة للقرض التي يسللتلفه‬
‫من الجمعية ُيخرجه عن أصله المشروع إلى أنللواع الّربللا ‪ ،‬إذ‬
‫قد أجمع العلماء علللى تحريللم كللل شللرط فللي القللرض ج لّر‬
‫ن‬ ‫نفعللا ً ‪ ،‬قللال ابللن المنللذر رحملله الللله ‪) :‬أجمعللوا علللى أ ّ‬
‫المسلف إذا شرط علللى المسللتلف زيللادة أو هديللة فأسلللف‬
‫ن أخذ الزيادة على ذلك ربا ً ( أ‪.‬هل]‪.[40‬‬ ‫على ذلك ‪ ,‬أ ّ‬
‫وسواء كانت الزيادة في القدر أو الصفة ‪ ...‬وعن أبللي بللردة‬
‫ن‬‫ت عب لد َ الللله ب ل َ‬ ‫ة فلقي ل ُ‬ ‫ت المدين ل َ‬ ‫ابن أبي موسى قال ‪ :‬قدم ُ‬
‫ك‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ش ‪ ،‬فإذا كا َ‬ ‫ض فيها الّربا فا ٍ‬ ‫ك بأر ٍ‬ ‫ل لي ‪) :‬إن َ‬ ‫سلم ٍ ‪ ،‬فقا َ‬
‫شلعيرٍ ‪ ,‬أو‬ ‫ل َ‬ ‫مل َ‬ ‫مل َ‬ ‫َ‬
‫ح ْ‬ ‫ن ‪ ,‬أو ِ‬ ‫ل ت ِب ْل ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫دى إليك ِ‬ ‫حقّ فأه َ‬ ‫ل َ‬ ‫على رج ٍ‬
‫ت فل تأخذه فلإنه ربلًا( رواه البخلاري فلي صلحيحه ]‬ ‫ل قَ ّ‬ ‫حم َ‬ ‫ِ‬
‫‪.[41‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬جاء في المادة الثالثة من الحكام المالية الفقللرة )ب(‬
‫التي هذا نصها ‪ :‬تدفع الجمعيللة عمولللة علللى التللوفيرات ‪ ،‬ل‬
‫تزيد نسبتها على ‪ %3‬سنويا ً ‪ ،‬وذلك في حالة الوديعة ‪ ,‬لجل‬
‫هذه المادة باطلللة مللن أساسللها ‪ ،‬وهللي تشللتمل علللى الّربللا‬

‫‪206‬‬
‫الصريح المحّرم شرعا ً في كتاب الله تعللالى ‪ ،‬وعلللى لسللان‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫حل ّ‬‫رسوله صلى الله عليه وسلّلم ‪ ,‬قللال الللله تعللالى ‪ )) :‬وَأ َ‬
‫م الّرَبا (( ‪.‬‬ ‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬
‫حّر َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ت(( ‪ ..‬وقللال‬ ‫صد ََقا ِ‬‫ه ال ّْرَبا وَي ُْرِبي ال ّ‬ ‫حقُ الل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وقال تعالى ‪ )) :‬ي َ ْ‬
‫صلى الله عليه وسّلم فيما رواه عبد الله بللن حنظلللة رضللي‬
‫م أشد ّ مللن سللتة‬ ‫ل وهو يعل ُ‬ ‫م ربا ً يأكله الرج ُ‬ ‫الله عنه ‪ )) :‬دره ُ‬
‫وثلثين زنية (( رواه أحمد ‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح]‪.[42‬‬
‫ن الّربا بقسللميه ‪ :‬ربللا‬ ‫ن ما تعنيه هذه المادة هو عي ُ‬ ‫ول شك أ ّ‬
‫الفضل ‪ ,‬و ربا النسيئة ‪ ,‬بيان ذلك ‪ :‬أن العضللو فللي الجمعيللة‬
‫ُيسلم مبلغا ً من المال كألف ريال )‪ (1000‬مثل ً ‪ ،‬فللإذا طلبلله‬
‫بعد عام سّلمته له بزيادة قدرها ثلثللون ريللال‪ ,‬فربللا الفضللل‬
‫في هذا ‪ :‬أنه سّلمها ألفا ً وسّلمته ألفا ً وثلثين ريال )‪.(1030‬‬
‫وربا النسليئة ‪ :‬أنله سلّلمها ألفلا ً فلي الحلال ‪ ،‬وسلّلمته إيلاه‬
‫بزيادة بعللد عللام‪ ,‬يتضللح بطلن هللذا وأنلله هللو الّربللا الصللريح‬
‫بقسميه من الحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلللى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ومنها ‪ :‬ما رواه عبللادة بللن الصللامت رضللي‬
‫ب‬ ‫ي صللى اللله عليله وسلّلم قلال ‪)) :‬اللذ ّهَ ُ‬ ‫الله عنه عن النب ّ‬
‫ة‪ ,‬والب ُلّر بللالب ُّر ‪ ,‬والشللعيُر بالشللعيرِ ‪,‬‬ ‫ة بالفض ِ‬ ‫ب‪ ,‬والفض ُ‬ ‫ذه ِ‬ ‫بال ّ‬
‫واٍء ‪َ ,‬يدا ً‬ ‫ل ‪ ,‬سواًء بس َ‬ ‫مث ْ ٍ‬‫مث ْل ً ب ِ ِ‬
‫ح بالملح ‪ِ ,‬‬ ‫مل ْ ُ‬‫والّتمُر بالّتمرِ ‪ ,‬وال ِ‬
‫ن‬‫ف شئتم ‪ ,‬إذا كللا َ‬ ‫ف فبيعوا كي َ‬ ‫بيدٍ ‪ ,‬فإذا اختلفت هذه الصنا ُ‬
‫ن وضوح ما ذكرنا‬ ‫يدا ً بيدٍ (( رواه أحمد ومسلم ]‪[43‬ونعتقد ُ أ ّ‬
‫ُيعفينا من السترسال في استقصاء الحاديث وأقوال العلماء‬
‫‪.‬‬
‫صه ‪ُ :‬تحللال‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬جاء في المادة الثانية من القسم )هل( ما ن ّ‬
‫جميع الخلفللات الللتي تتعلللق بأعمللال الجمعيللة تفسللير هللذه‬
‫دعون بالنيابة عنهم ‪ ,‬أو‬ ‫اللئحة والقائمة بين العضاء الذين ي ّ‬
‫دعون‬ ‫بيللن العضللاء الحللاليين والعضللاء السللابقين الللذين ي ل ّ‬
‫بالنيابة عنهم من جهة واحدة ‪ ,‬والجمعية ومجلس الدارة من‬
‫جهة أخرى ‪ :‬إلى وزارة العمللل والشللئون الجتماعيللة ‪ ,‬الللتي‬
‫حك ّلم ٍ واحللد أو أكللثر‬ ‫م َ‬ ‫ل فللي الخلفللات أو ُتحيللله إلللى ُ‬ ‫تفص ل ُ‬

‫‪207‬‬
‫للفصللل فيلله ‪ ،‬ويكللون القللرار الللذي ُتصللدره وزارة العمللل‬
‫كم والمحكمون المقترن بوزارة‬ ‫والشئون الجتماعية أو المح ّ‬
‫العمل قطعيا ً غير قابل للستئناف ‪.‬‬
‫ح العراض عن حكم‬ ‫إننا قبل أن نستنكَر هذا ‪ ،‬ونبين أنه صري ُ‬
‫مللن أولئك‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫الله ورسوله صلى الللله عليلله وسلّلم ‪ ،‬نتسللاء ُ‬
‫كام الذي سيفصلون فيما َيحللدث مللن مشللاكل فللي هللذه‬ ‫الح ّ‬
‫الشركة من أمثالها ؟ ومع هذا تكللون أحكللامهم قطعيللة غيللر‬
‫قابلة للستئناف ‪ ،‬ول للتمييلز ؟ إنهللم قلانونيون ‪ ،‬قلد يكونللوا‬
‫عرفللوا بعللض أشللياء ‪ ،‬ولكللن ليللس منهللا قطعلا ً أحكللام الللله‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسّلم ‪ ,‬فإنا لللله وإنللا إليلله راجعللون‬
‫))َرب َّنا ل َ ت ُزِغْ قُُلوب ََنا ب َعْد َ إ ِذ ْ هَد َي ْت ََنا (( )آل عمران‪. (8:‬‬
‫لو سمعنا بهذا خلارج بلدنلا لكلان منلا السلتنكار والسلتياء ‪،‬‬
‫ولكن ما الذي يكون منا إذا كان هذا المر فللي عقللر دورنللا ‪،‬‬
‫ومللن أبنللاء ل نللزال نعتقللد فيهللم بقيللة باقيللة مللن الفطللرة‬
‫السللليمة ‪ ،‬والتمسللك بتحكيللم الشللريعة ‪ ،‬إن الللله سللبحانه‬
‫م فِللي‬ ‫وتعالى يقول في محكم كتابه الكريم ‪ )) :‬فَ لِإن ت َن َللاَزعْت ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫ل ِإن ُ‬ ‫دوهُ إ َِلى الل ّهِ َوالّر ُ‬ ‫يٍء فَُر ّ‬ ‫َ‬
‫ن ِباللهِ َوالي َوْم ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬
‫ل(( )النساء‪.(59:‬‬ ‫ن ت َأ ِْوي ً‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬
‫َ‬
‫خي ٌْر وَأ ْ‬‫ك َ‬ ‫خرِ ذ َل ِ َ‬ ‫ال ِ‬
‫جَر‬ ‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫ى يُ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ك ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫ويقول أيضا ً ‪)) :‬فَل َ وََرب ّ َ‬
‫موا ْ‬ ‫َ‬
‫س لل ّ ُ‬ ‫ت وَي ُ َ‬ ‫ض لي ْ َ‬ ‫مللا قَ َ‬ ‫م ّ‬‫حَرج لا ً ّ‬ ‫م َ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫دوا ْ ِفي أنُف ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ل َ يَ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ب َي ْن َهُ ْ‬
‫سِليمًا(( )النساء‪.(65:‬‬ ‫تَ ْ‬
‫م‬ ‫هلل ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه فَأ ُوَْللللئ ِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما َأنَز َ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫ويقول تعالى ‪ )) :‬وَ َ‬
‫ن(( )المائدة‪. (44:‬‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن((‬ ‫مو َ‬ ‫م الظ ّللال ِ ُ‬ ‫ك هُ ل ُ‬ ‫ه فَأ ُوَْلللئ ِ َ‬ ‫ل الل ّل ُ‬ ‫مللا أنلَز َ‬ ‫حك ُللم ب ِ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫)) وَ َ‬
‫)المائدة‪.(45:‬‬
‫ُ‬ ‫مللا َأن لَز َ‬
‫ن((‬ ‫س لُقو َ‬ ‫م ال َْفا ِ‬ ‫ك هُ ل ُ‬ ‫ه فَأوَْلل لئ ِ َ‬ ‫ل الل ّل ُ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫)) وَ َ‬
‫)المائدة‪. (47:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫جاهِل ِي ّلةِ ي َب ْغُللو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ويقول تعالى ‪ )) :‬أفَ ُ‬
‫ن(( )المائدة‪.(50:‬‬ ‫كما ً ل َّقوْم ٍ ُيوقُِنو َ‬ ‫ح ْ‬ ‫الل ّهِ ُ‬

‫‪208‬‬
‫ويقول تعالى ‪ )) :‬أ َل َم تر إَلى ال ّذين يزعُمو َ‬
‫من ُللوا ْ ب ِ َ‬
‫مللا‬ ‫مآ َ‬ ‫ن أن ّهُ ل ْ‬ ‫ِ َ َْ ُ َ‬ ‫ُ ْ ََ ِ‬
‫موا ْ إ ِل َللى‬ ‫َ‬ ‫ل إ ِل َي ْل َ‬‫ُأنزِ َ‬
‫حللاك َ ُ‬‫ن أن ي َت َ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ريل ُ‬‫ِ‬ ‫مللن قَب ْل ِل َ‬
‫ك يُ‬ ‫ل ِ‬‫مللا أنلزِ َ‬ ‫ك وَ َ‬
‫ن َأن‬ ‫طا ُ‬ ‫شللي ْ َ‬ ‫ريللد ُ ال ّ‬ ‫َ‬
‫مللُروا ْ أن ي َك ُْفللُروا ْ ِبللهِ وَي ُ ِ‬
‫ُ‬
‫ت وََقللد ْ أ ِ‬‫غو ِ‬ ‫طللا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ضل َل ً ب َِعيدًا(( )النساء‪. (60:‬‬ ‫م َ‬ ‫ضل ّهُ ْ‬
‫يُ ِ‬
‫قيل ‪ :‬نزلت في رجلين اختصما فقال أحللدهما ‪ :‬نللترافع إلللى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬وقال الخر ‪ :‬نترافع إلى كعللب‬
‫بن الشرف ‪ ,‬ثللم ترافعللا إلللى عمللر ‪ ،‬فللذكر القصللة ‪ ،‬فقللال‬
‫للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسّلم ‪ :‬أكللذلك ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ,‬فضربه بالسيف فقتله]‪.[44‬‬
‫ن التحللاكم إلللى غيللر كتللاب الللله تعللالى وسللنة‬ ‫ول يخفى ‪ ..‬أ ّ‬
‫ف الللله‬ ‫صل َ‬ ‫ة كللبرى‪ ،‬وَ َ‬ ‫رسوله صلللى الللله عليلله وسلّلم جريمل ٌ‬
‫صللت‬ ‫ن مللا ن ّ‬ ‫كأ ّ‬ ‫أصحابها بللالكفر والظلللم والفسللوق ‪ ،‬ول شل ّ‬
‫ن التحللاكم إلللى الطللاغوت ‪( ..‬‬ ‫عليه المادة المذكورة هو عي ل ُ‬
‫انتهى ‪.‬‬
‫***‬
‫سئل شيخنا عبلدالعزيز بلن عبلدالله‬ ‫شركة اتحاد التصالت ‪ُ :‬‬
‫الراجحي وفقه الله تعالى ) صدرت هذه الفتوى مللن مكتللب‬
‫فضيلته برقم ‪/210/26‬ف في ‪11/5/1426‬هل ( ‪.‬‬
‫ت شركة اتحاد التصالت مؤخرا ً خدمللة الشللتراك فللي‬ ‫ح ْ‬ ‫ط ََر َ‬
‫دم ‪ -‬بحسب ما أعلنته‬ ‫ن الشركة ستق ّ‬ ‫الهاتف النقال ‪ ,‬علما ً بأ ّ‬
‫‪ -‬ما يلي ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬استقبال القنوات الفضائية عللبر جهللاز النقللال والللتي ل‬
‫يخفى على فضيلتكم ما تحمله هللذه القنللوات الفضللائية مللن‬
‫شرور وأضرار علللى الفللراد والمجتمعللات ل سلليما الشللباب‬
‫والفتيات الذين تستهويهم هذه الخدمة ؟ ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬مشاهدة المتصل للطرف الخر والعكس ‪ ,‬وما تحمللله‬
‫هذه الخدمة من فتح بللاب مللن أبللواب الشلّر ل يعلللم ضللرره‬
‫وآثاره إل الله تعالى ‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬قيام الشركة بتوظيف النساء ‪ ,‬وفتح بللاب لغيرهللا مللن‬
‫الشركات أن تحذو حذوها ‪ ,‬وما قللد يحمللله ذلللك مللن وجللود‬
‫اختلط الرجال بالنساء ؟ ‪.‬‬
‫فهل يجوز الشتراك في هذه الشركة ؟ ‪ ..‬واستعمال خدمللة‬
‫الجوال الذي تطرحه ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬فإذا كللان حللال شللركة اتحللاد التصللالت كمللا ذكللر‬
‫السائل ‪ :‬تستقبل القنللوات الفضللائية عللبر جهللاز النقللال بمللا‬
‫تحمله هذه القنوات الفضائية من شرور وفتن وعريّ للرجال‬
‫والنساء ‪ ,‬وكذلك مشاهدة المتصل للطرف الخر والعكللس ‪,‬‬
‫ن في هذا من الضرار العظيمة ما ل يعلمه إل الله‬ ‫كأ ّ‬ ‫فل ش ّ‬
‫من القضاء على الحشمة والخلق والستر والعفاف‪ ,‬وكذلك‬
‫قيام الشركة بتوظيف النساء للّرد ّ على المتصلين ‪ ,‬ومللا قللد‬
‫يتسبب من ذلك من اختلط الرجال بالنساء مما يكون سللببا ً‬
‫لوقوع الفواحش والمنكرات لهذه المور المذكورة ‪.‬‬
‫ن هللذا مللن التعللاون‬ ‫فل يجوُز الشتراك في هذه الشركة ‪ ,‬ل ّ‬
‫على الثم والعدوان ‪ ,‬قال الله تعالى ‪)) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عََلللى اْلللبّر‬
‫ن الل ّل َ‬
‫ه‬ ‫ه إِ ّ‬‫ن َوات ُّقللوا ْ الل ّل َ‬ ‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ عََلى ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬ ‫َوالت ّْق َ‬
‫ب(( ‪.‬‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقا ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫ول يجوُز استعمال خدمة الجوال الذي تطرحه بحيث ُيشللاهد‬
‫المتصل للطرف الخر وبالعكس ‪ ,‬لنه وسيلة إلللى مشللاهدة‬
‫النساء الذي هو سبب في الفتنة والفساد ‪ ,‬والشريعة جللاءت‬
‫بسد ّ الذرائع )]‪. ([45‬‬
‫والوسائل الموصلة إلى الباطل ‪ ,‬كما قال الله تعللالى ‪)) :‬وَل َ‬
‫دوا ً ب ِغَي ْل ِ‬
‫ر‬ ‫ه ع َل ْ‬ ‫سلّبوا ْ الل ّل َ‬ ‫ن الل ّلهِ فَي َ ُ‬ ‫دو ِ‬ ‫مللن ُ‬‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬‫ذي َ‬‫سّبوا ْ ال ّ ِ‬ ‫تَ ُ‬
‫م(( )النعام‪. (108:‬‬ ‫عل ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫وإنني أناشد ُ شركة اتحاد التصالت أن تتقي الله تعللالى وأن‬
‫ما أعلنته ‪ :‬من توظيف النسللاء ‪ ,‬واسللتقبال القنللوات‬ ‫تعدل ع ّ‬
‫الفضائية عبر جهاز النقال ‪ ,‬وكذا مشاهدة المتصللل للطللرف‬
‫الخر والعكس ‪ ,‬درءا ً للفتنة ‪ ,‬ومنعا ً لسباب الشّر والفساد ‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫أسأل الله لنا ولهلم الهدايللة والعافيللة ملن الفتنلة وأسلبابها ‪,‬‬
‫ي ذلللك والقللادر‬ ‫والثبات على الدين والستقامة عليه ‪ ,‬إنه ول ّ‬
‫عليه ‪ ,‬وصلى الله وسّلم وبارك على عبللدالله ورسللوله نبينللا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ‪.‬‬
‫كتبه ‪ /‬عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي‬
‫***‬
‫من عنللد البنللوك ‪ :‬الفتللوى‬ ‫المساهمة في الشركات الللتي ت ُللؤ ّ‬
‫رقم ‪ 8715‬ج ‪. 409-13/408‬‬
‫السؤال ‪ :‬التأمين لدى البنوك بفائدة ‪ ,‬أو الخذ منها بفللائدة ‪,‬‬
‫م ورب لا ً ‪ ,‬والمسللاهمة بالشللركات الوطنيللة ‪ :‬مثللل ‪:‬‬ ‫هذا حللرا ٌ‬
‫شركة السمنت ‪ ,‬شركة الكهربللاء ‪ ,‬شللركة الغللاز ‪ ,‬الشللركة‬
‫الزراعية في حرض ‪ ,‬الشركة الزراعية في حللائل ‪ ,‬الشللركة‬
‫الزراعيللة فللي القصلليم ‪ ,‬شللركة سللابك بالجبيللل ‪ ,‬شللركة‬
‫من عند البنوك مللا تحصللل‬ ‫السماك ‪ ,‬جميع هذه الشركات ت ُؤَ ّ‬
‫عليه من المساهمين ‪ ,‬وتأخذ عليها فائدة بنسبة تللتراوح مللن‬
‫‪ % 8‬إلى ‪ % 6‬سلنويا ً ‪ ,‬وللم ُتمنللع ملن الجهميلة الرسللمية ‪,‬‬
‫فهللل المسللاهمة بهللذه الشللركات حللرام ؟ علمللا ً بأنهللا لللم‬
‫سللس للّربللا ‪ ,‬أفيللدونا جزاكللم الللله عنللا وعللن المسلللمين‬ ‫ُتؤ ّ‬
‫خيرا ً ‪.‬‬
‫ت ‪ ,‬فإيللداعُ أمللوال هللذه‬ ‫الجواب ‪ :‬إذا كللان الواقلعُ كمللا ذكللر َ‬
‫سللس هللذه‬ ‫م ت ُؤَ ّ‬‫م ‪ ,‬ولللو ل َل ْ‬ ‫الشركات في البنوك بفللائدة حللرا ٌ‬
‫ن العتبار بالواقع ل بالتأسيس ‪.‬‬ ‫الشركات للتعامل بالّربا ‪ ,‬ل ّ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬

‫‪211‬‬
‫المساهمة في شركات التأمين ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 1526‬مجلللة‬
‫البحوث ج ‪. 79-18/78‬‬
‫ن عنللدهم شللركات مسللاهمة خاصللة‬ ‫ل يقو ُ‬
‫ل بللأ ّ‬ ‫السؤال ‪ :‬رج ٌ‬
‫بالعمللال التجاريللة والزراعيللة والبنللوك وشللركات التللأمين‬
‫والبللترول ‪ ,‬ويحللقّ للمللواطن المسللاهمة فيهللا هللو وأفللراد‬
‫عائلته ‪ ,‬فما الحكم الشرعي في ذلك ؟ ‪.‬‬
‫م فلي هلذه الشلركات إذا‬ ‫الجواب ‪ :‬يجوُز للنسلان أن ُيسلاه َ‬
‫ن كان تعاملها بالّربا فل يجوُز ذلللك‪,‬‬ ‫كانت ل تتعامل بالّربا‪ ,‬فإ ْ‬
‫لثبوت تحريم التعامل بالّربا فللي الكتللاب والسللنة والجمللاع‪,‬‬
‫وكللذلك ل يجللوُز للنسللان أن ُيسللاهم فللي شللركات التللأمين‬
‫جَهال َل ِ‬
‫ة‬ ‫ض لَرر وال َ‬ ‫ن عقود التأمين مشللتملة علللى ال ّ‬ ‫التجاري‪ ,‬ل ّ‬
‫جَهاَلللةِ والّربللا‬
‫ضللَررِ وال َ‬‫والّربللا‪ ,‬والعقللود المشللتملة علللى ال ّ‬
‫ة في الشريعة السلمية ‪.‬‬ ‫محّرم ٌ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبدالرزاق عفيفلي عبلدالعزيز بلن‬ ‫عبدالله بن غديان‬
‫عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫التللأمين التجللاري والتللأمين التعللاوني ‪ ) :‬بيللان مللن اللجنللة‬
‫الدائمة حول التللأمين التجللاري والتللأمين التعللاوني ( الفتللوى‬
‫رقم ‪ 19406‬ج ‪. 269-15/266‬‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ,‬والصلة والسلم على نبينللا محمللد‬
‫وعلى آله وصحبه ‪.‬‬
‫صلد ََر مللن هيئة كبللار العلمللاء قللراٌر‬ ‫سلب َقَ أن َ‬ ‫أما بعد ‪ :‬فللإنه َ‬
‫ض لَرِر‬
‫ما فيلله مللن ال ّ‬ ‫بتحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه ‪ ,‬ل ِ َ‬
‫مخاطرات العظيمة‪ ,‬وأكل أمللوال النللاس بالباطللل‪ ,‬وهللي‬ ‫وال ُ‬
‫أموٌر ُيحّرمها الشرعُ المطّهر‪ ,‬وينهى عنها أش لد ّ النهللي ‪ ,‬كمللا‬
‫صد ََر قراٌر من هيئة كبار العلماء بجواز التأمين التعاوني وهللو‬ ‫َ‬

‫‪212‬‬
‫الذي يتكون من تبرعللات المحسللنين ‪ ,‬وُيقصللد بلله مسللاعدة‬
‫المحتللاج والمنكللوب‪ ,‬ول يعللود ُ منلله شلليٌء للمشللتركين‪ ,‬ل‬
‫ن قصللد‬ ‫رؤوس أمللوال ول أربللاح ول أي عللائد اسللتثماري‪ ,‬ل ّ‬
‫المشترك ثواب الله سبحانه وتعالى بمساعدة المحتاج ‪ ,‬ولم‬
‫ل في قوله تعالى ‪)) :‬وَت َعَللاوَُنوا ْ‬ ‫يقصد عائدا ً دنيويا ً ‪ ,‬وذلك داخ ٌ‬
‫ن (( وفللي‬ ‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ عَل َللى ال ِث ْلم ِ َوال ْعُ لد َْوا ِ‬ ‫عََلى اْلبّر َوالت ّْق َ‬
‫ن العَب ْلدِ‬ ‫ه فللي عَ لوْ ِ‬ ‫ي صلى الله عليه وسّلم ‪ )) :‬والل ُ‬ ‫قول النب ّ‬
‫ح ل إشللكال‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬
‫خيلهِ ((]‪ ,[46‬وهللذا واضل ٌ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ن العَب ْد ُ في عَوْ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫فيه ‪.‬‬
‫ن ظهللَر فللي الونللة الخيللرة مللن بعللض المؤسسللات‬ ‫ولكلل ْ‬
‫موا‬ ‫سل ّ‬ ‫ب للحقائق‪ ,‬حيث َ‬ ‫س على الناس ‪ ,‬وقل ٌ‬ ‫والشركات تلبي ٌ‬
‫ن التجاري المحّرم تأمينا ً تعاونيا ً ‪ ,‬ونسبوا القول بإباحته‬ ‫التأمي َ‬
‫دعايللة‬ ‫إلى هيئة كبللار العلمللاء مللن أجللل التغريللر بالنللاس وال ّ‬
‫ل‬ ‫ة من هذا العمل كلل ّ‬ ‫لشركاتهم]‪ ,[47‬وهيئة كبار العلماء بريئ ٌ‬
‫ح في التفريق بين التللأمين التجللاري‬ ‫ن قرارها واض ٌ‬ ‫البراءة‪ ,‬ل ّ‬
‫والتللأمين التعللاوني‪ ,‬وتغييللر السللم ل ُيغي ّللر الحقيقللة‪ ,‬ولجللل‬
‫البيان للناس‪ ,‬وكشللف التلللبيس‪ ,‬ودحللض الكللذب والفللتراء‪,‬‬
‫صد ََر هذا البيان ‪ ,‬وصلى الله وسلللم علللى نبينللا محمللد وآللله‬ ‫َ‬
‫وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫المفتي العام للمملكة العربية السعودية‬
‫ورئيس هيئة كبار العلماء ‪ ,‬ورئيللس اللجنللة الدائمللة للبحللوث‬
‫العلمية والفتاء‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫***‬
‫حي ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 19399‬ج ‪. 294-15/292‬‬ ‫التأمين الص ّ‬
‫السؤال ‪ :‬بعض المؤسسات والشركات الهليللة تكفللل العلج‬
‫الطبي لموظفيها وُأسرهم ‪ ,‬ومن أجل ذلك تتفللق مللع بعللض‬
‫المستشللفيات الهليللة لتللأمين هللذا العلج ‪ ,‬وتكللون صللورة‬
‫التفاق كالتالي ‪:‬‬

‫‪213‬‬
‫ل شللخص‬ ‫‪ -1‬تدفع المؤسسة للمستشفى مبلغا ً شهريا ً عن ك ّ‬
‫ض النظر عن عللدد الزيللارات‬ ‫قدره ‪ 100‬مائة ريال فقط ‪ ,‬بغ ّ‬
‫التي يترد ّد ُ بها المريض على المستشفى لتلّقي العلج ‪.‬‬
‫‪ -2‬يتوّلى المستشفى علج الشخاص وصرف الدوية اللزمة‬
‫م المر ‪.‬‬
‫ن لز َ‬ ‫لهم ‪ ,‬وإجراء بعض العمليات الجراحية إ ْ‬
‫ومن المعلوم أنه في بعض الشللهر ُينفلقُ المستشللفى علللى‬
‫علج الشخص أكثر من ‪ 100‬مائة ريال ‪ ,‬وخاصة إذا ُأجريللت‬
‫للله عمليللة جراحيللة أو نحوهللا ‪ ,‬وأحيانللا ً ُأخللرى قللد ل يللأتي‬
‫م‬‫محتاجا ً لذلك ‪ ,‬ومن ث ّ‬ ‫الشخص إلى المستشفى ‪ ,‬لنه ليس ُ‬
‫فإنه لم يستهلك شلليئا ً مللن المللائة ريللال ‪ ,‬أو اسللتهلك جللزءا ً‬
‫يسيرا ً منها ‪ ,‬والسؤال هو ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬هللل هللذا التللأمين الطللبي جللائز شللرعا ً ‪ ,‬أو أنلله مللن‬
‫جهاَلة والغرر ؟ ‪.‬‬ ‫الشروط المبنية على ال َ‬
‫ثانيا ً ‪ :‬هل هذا يدخل في باب الجعالللة الجللائزة شللرعا ً ‪ ,‬كمللا‬
‫قللال بللذلك بعللض البللاحثين فللي مجلللة البحللوث الفقهيللة‬
‫المعاصرة ‪ ,‬العدد ‪ 31‬؟ ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ما صورة التأمين الطبي التعاوني الجائزة شرعا ً ؟ ‪.‬‬
‫الجللواب ‪ :‬مللا ُذكللر فللي السللؤال هللو مللن التللأمين التجللاري‬
‫جهالللة ‪ ,‬وأكللل أمللوال النللاس‬ ‫المحّرم ‪ِ ,‬لما فيه من الغََرر وال َ‬
‫ق‬
‫بالباطل ‪ ,‬والتأمين التعاوني الجللائز هللو ‪ :‬أن ُيوضللع صللندو ٌ‬
‫ُتجمعُ فيه تبّرعات المحسنين لمساعدة المحتللاجين للعلج أو‬
‫متللبّرع ‪ ,‬وإنمللا ُيقصللد بلله‬ ‫ي لل ُ‬
‫ب مللال ّ‬‫غيره ‪ ,‬ول يعود ُ منه كس ٌ‬
‫مساعدة المحتاجين ‪ ,‬طلبا ً للجر والثواب من الله تعالى ‪.‬‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالله بن غديان عبدالعزيز‬
‫آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬

‫‪214‬‬
‫***‬
‫الفتوى رقم ‪ 4560‬ج ‪. 296-15/295‬‬
‫حةِ ‪ ,‬وذلللك‬ ‫م الشرع في التللأمين علللى الص ل ّ‬ ‫السؤال ‪ :‬ما حك ُ‬
‫من عليله مبلغلا ً شلهريا ً أو سلنويا ً إللى شلركة‬ ‫بأن َيدفع الملؤَ ّ‬
‫ن عليه إذا دعت‬ ‫مؤ َ ّ‬
‫م ُ‬ ‫مقابل أن تقوم الشركة بعلج ال ُ‬ ‫التأمين ُ‬
‫الحاجة إلى ذلك على حسابها ‪ ,‬علما ً بأنه إذا لم يكللن هنالللك‬
‫ن عليه فإنه ل يسترد ّ ما دفعه من تأمين ؟‬ ‫مؤ َ ّ‬
‫م ُ‬ ‫حاجة لعلج ال ُ‬
‫‪.‬‬
‫جللز ‪,‬‬ ‫ت لللم ي َ ُ‬ ‫ي كما ذكر َ‬ ‫ح ّ‬‫الجواب ‪ :‬إذا كان واقع التأمين الص ّ‬
‫ن علللى‬ ‫م لؤ َ ّ‬
‫م ُ‬ ‫ض ال ُ‬
‫مخاطرة ‪ ,‬إذ قد َيمللر ُ‬ ‫ما فيه من الغََررِ وال ُ‬ ‫لِ َ‬
‫ج بللأكثَر ممللا د َفَ لعَ للشللركة ‪ ,‬ول تلزملله‬ ‫صحته كللثيرا ً ‪ ,‬وُيعال َل ُ‬
‫مث َل ً ‪ ,‬ول ي ُلَرد ّ‬ ‫دة شهر أو شللهرين َ‬ ‫م ّ‬
‫ض ُ‬‫الزيادة ‪ ,‬وربما ل َيمر ُ‬
‫ل مللا كللان كللذلك فهللو نللوعٌ مللن‬ ‫إليه مما دفعه للشركة ‪ ,‬وك ّ‬
‫مرةِ ‪.‬‬‫مقا َ‬
‫ال ُ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫عبلللدالله بلللن غلللديان‬ ‫عبلللدالله بلللن قعلللود‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫سئل سللماحة الشلليخ محمللد الصللالح‬ ‫التأمين على الرخصة ‪ُ :‬‬
‫العثيمين رحمه الله تعالى ) ‪ 809‬قضللية تهللم المسلللم ورأي‬
‫العلماء فيها ( ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ماذا تقولون فيما تقوم به الشركة الوطنية للتأمين‬
‫التعاوني في التأمين على الرخصللة الخاصللة ‪ ،‬بحيللث تتكفللل‬
‫بمسؤولياتك تجاه الغير ‪ ،‬نتيجللة حللادث سلليارة ‪ ،‬لغايللة ثلثللة‬
‫ملييللن ريللال علللى أن تللدفع لهللا اشللتراك ‪ 365‬ريللال فللي‬
‫السنة ‪ ،‬وجزاكم الله خيرا ً ؟ ‪.‬‬
‫م ‪ ،‬لنه من الميسر]‪.[48‬‬ ‫الجواب ‪ :‬هذا العقد التأميني حرا ٌ‬

‫‪215‬‬
‫***‬
‫م بلله القللانون مللن تللأمين فللي حللوادث السلليارات ‪:‬‬ ‫مللا يحكل ُ‬
‫الفتوى رقم ‪ 2759‬ج ‪. 250-15/249‬‬
‫السؤال‪ :‬ما رأي السللم فلي التلأمين عللى السليارات ضلد ّ‬
‫الحللوادث ‪ ,‬وإذا حللدث حللادث وكللان الطللرف الثللاني هللو‬
‫م لي القانون بغرامة ‪ ,‬فهل يجوز أخللذها‬ ‫ب فيه ‪ ,‬وحك َ َ‬ ‫المتسب ّ ُ‬
‫؟‪.‬‬
‫الجللواب ‪ :‬التللأمين علللى السلليارات مللن التللأمين التجللاري ‪,‬‬
‫والتأمين التجاري محّرم ‪ِ ,‬لما يشتمل عليه من الّربللا والغللرر‬
‫والجهالة وغير ذلك من مبّررات التحريم ‪ ,‬فل يجوُز لللك أخللذ‬
‫ما حكم لك به القانون بناء على التأمين ‪ ,‬ومن ترك شيئا ً لله‬
‫ه‬‫ق الل ّل َ‬
‫من ي َت ّل ِ‬‫وضه الله خيرا ً منه ‪ ,‬كما قال سبحانه ‪ )) :‬وَ َ‬ ‫ع ّ‬
‫ب(( ‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬
‫حت َ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ه ِ‬‫خَرجًا* وَي َْرُزقْ ُ‬
‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫جَعل ل ّ ُ‬‫يَ ْ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫الشلللتراك فلللي بطاقلللات التخفيلللض للللدى المستشلللفيات‬
‫والمستوصفات ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 18017‬ج ‪. 274-15/271‬‬
‫خصلله ‪ :‬نريللد أن نعمللل‬ ‫سئلت اللجنة الدائمة ما مل ّ‬ ‫السؤال ‪ُ :‬‬
‫في مستوصفنا الطبي برنامج مخّفض لعلج المترددين علللى‬
‫المستوصف طوال السنة بالصيغة التاليللة ‪ :‬يللدفع المشللترك‬
‫في البرنامج مبلغا ً معينا ً ُتقّرره الدارة ‪ ,‬والذي يشمل إجللراء‬
‫الكشف الطبي كّلما أراد المشترك طللوال مللدة الشللتراك ‪,‬‬
‫وذلك إلى ثلث مرات في الشهر إذا دعت الحاجة ‪ ,‬بالضافة‬
‫إلى المميزات التالية ‪ :‬حصوله على خصم ‪ % 5‬على الدوية‬

‫‪216‬‬
‫‪ ,‬وحصللوله علللى خصللم ‪ % 15‬علللى العمليللات الجراحيللة ‪,‬‬
‫وحصوله على خصم ‪ % 20‬على التحاليل الطبية ‪ ,‬وحصللوله‬
‫على خصللم ‪ % 5‬علللى تركيبللات السللنان ‪ ,‬وقيمللة البرنامللج‬
‫ك وأسللرته يكللون بل ل‬ ‫للشخص الواحد ‪ 580‬ريال ً ‪ ,‬وإذا اشللتر َ‬
‫‪ 475‬ريال ً في السنة على الشخص الواحد ‪.‬‬
‫وكذلك لللدينا برنامللج متابعللة الحمللل ‪ ,‬مللن أول الحمللل إلللى‬
‫موعد الللولدة بمبلللغ ‪ 800‬ريللال ً ‪ ,‬وبمثللل مللا مضللى تقريبلا ً ‪,‬‬
‫وكللذلك لللدينا برنامللج الطفللل بمبلللغ ‪ 490‬ريللال ً عللن السللنة‬
‫الواحدة وبمثل ما مضى ‪ ,‬فهل يجوز هذا العمل ‪ ,‬والشتراك‬
‫فيه ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذا العمل نوعٌ من أنواع التأمين التجاري الصحي ‪,‬‬
‫وهللو مح لّرم ‪ ,‬لنلله مللن عقللود المقللامرة والغَ لَرر ‪ ,‬فللالمبلغ‬
‫دة سللنة أو‬ ‫المدفوع من المستأمن ليحصل به على خصللم م ل ّ‬
‫أكثر أو أقل ‪ ,‬قد ل يستفيد ُ منلله مطلق لا ً ‪ ,‬لعللدم حللاجته إلللى‬
‫دة ‪ ,‬فيغلللرم بهلللذا ملللاله ويغنمللله‬ ‫المستوصلللف تللللك المللل ّ‬
‫المستوصللف ‪ ,‬وقللد يسللتفيد منلله كللثيرا ً ‪ ,‬ويفللوق مللا دفعلله‬
‫ب‬ ‫م منهمللا كاس ل ٌ‬ ‫مضاعفا ً ‪ ,‬فيغنم ويغرم المستوصف ‪ ,‬فالغان ُ‬
‫ن المقللامرة‬ ‫ل عي ل ُ‬ ‫م خاسٌر فيه ‪ .‬وهذا العم ُ‬ ‫في رهانه ‪ ,‬والغار ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ص الكتاب ‪ ,‬قللال الللله تعللالى ‪ )) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬ ‫المحّرمة بن ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫م ِ‬‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬‫س ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َوالْزل َ ُ‬ ‫صا ُ‬‫سُر َوالن َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫مُر َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ما ال ْ َ‬
‫مُنوا ْ إ ِن ّ َ‬
‫آ َ‬
‫ن(( )المائدة‪. (90:‬‬ ‫حو َ‬ ‫جت َن ُِبوهُ ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت ُْفل ِ ُ‬ ‫ن َفا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ل في هذا كله مغّرر به ‪ ,‬وقد نهى النب ّ‬ ‫والما ُ‬
‫وسلم عن بيع الغَرر]‪ ,[49‬وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى اللله علللى‬
‫نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالعزيز آل الشيخ عبدالله‬
‫بن غديان عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬

‫‪217‬‬
‫الشللتراك فللي بطاقللات التخفيللض]‪ ,[50‬كبطاقللة المعل ّللم ‪:‬‬
‫الفتوى رقم ‪ 19558‬ج ‪. 17-15/16‬‬
‫السؤال ‪ :‬حكم بطاقللة المعل ّللم ‪ ,‬والللتي ُيؤخللذ عليهللا رسللوم‬
‫معينة ‪ ,‬من أجل حصوله على تخفيضات مللن بعللض الفنللادق‬
‫والمستشفيات والمراكز والمحال التجارية ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬بطاقة المعّلم على هللذا النظللام المللذكور ‪ ,‬وهللو ‪:‬‬
‫مللا فيهللا مللن‬‫أخذ ُ الرسوم عليها ‪ ,‬غي لُر جللائزة شللرعًا]‪ ,[51‬ل ِ َ‬
‫الغَ لَرر وأكللل المللال بالباطللل ‪ ,‬وبنللاًء علللى ذلللك ‪ :‬فل يجللوُز‬
‫إصدارها ‪ ,‬ول التعامل بها ‪.‬‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللائب الرئيللس‬ ‫عضللو‬ ‫عضللو‬ ‫عضللو‬
‫الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالله بن غديان عبدالعزيز‬
‫آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫المساهمة فللي شللركة الراجحللي المصللرفية ‪ :‬الفتللوى رقللم‬
‫‪ 18670‬في ‪5/3/1417‬هل ‪.‬‬
‫ت فللي شللركة الراجحللي المصللرفية عنللد‬ ‫السللؤال ‪ :‬سللاهم ُ‬
‫تأسيسها بمبلغ وقدره ‪ 3500‬ريال ‪ ,‬قيمللة ‪ 35‬سللهم ‪ ,‬والن‬
‫صلَرفت‬ ‫أصبحت قيمة السللهم حللوالي ‪ 50000‬ريللال ‪ ,‬وقللد َ‬
‫الشركة أرباحا ً للمساهمين علللى السللنوات الماضللية ‪ ,‬فهللل‬
‫صللرفت جللائزة ‪,‬‬ ‫الزيادة في قيمة هذه السهم والرباح التي ُ‬
‫أم أنها غير جائزة ؟ أفتونا ‪.‬‬
‫ت فيها ل تتعامل‬ ‫الجواب ‪ :‬إذا كانت هذه الشركة التي ساهم َ‬
‫ل لللك ‪ ,‬وإن كللانت‬ ‫بللالحرام مللن الّربللا وغيللره فأرباحهللا حل ٌ‬
‫م‪,‬‬‫تتعامل بالحرام فالمساهمة فيها ل تجللوز ‪ ,‬وأرباحهللا حللرا ٌ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله علللى نبينللا محمللد وآللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬

‫‪218‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللائب الرئيللس‬ ‫عضللو‬ ‫عضللو‬ ‫عضللو‬
‫الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالله بن غديان عبدالعزيز‬
‫آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫شراء السهم من شركة الراجحي ‪ :‬الفتوى رقللم ‪ 19018‬ج‬
‫‪. 352-14/351‬‬
‫دة أسللهم مللن شللركة الراجحللي‬ ‫ت علل ّ‬‫السللؤال ‪ :‬اشللتري ُ‬
‫المصرفية للستثمار ‪ ,‬وأريد بيعها الن ‪ ,‬والسؤال ‪ :‬مللا حكللم‬
‫شراء السهم من هذه الشركة ‪ ,‬وما حكم بيعها ‪ ,‬وهل يجللوز‬
‫أن أتعامل مع الشركة المذكورة بشراء أسهم أو بيعها ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬إذا كانت السهم أسهما ً تجارية ‪ ,‬عبارة ‪ :‬عن نقللود‬
‫ُيباع بها وُيشترى طلبا ً للربح ‪ ,‬فل يجوُز بيعها ‪ ,‬لنه يكون بيللع‬
‫نقود بنقود غائبة ‪ ,‬وغير متساوية ‪ ,‬وذلللك هللو الّربللا بنللوعيه ‪:‬‬
‫التفاضل والنسيئة ‪.‬‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله علللى نبينللا محمللد وآللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالعزيز آل‬ ‫صللالح الفللوزان‬ ‫بكللر أبللو زيللد‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬ ‫الشيخ‬
‫***‬
‫شراء أسماء الغير للمساهمة بها ‪ :‬مجلة الحسبة ) العدد ‪59‬‬
‫عام ‪1425‬هل ( ‪.‬‬
‫سئل فضلليلة شلليخنا صللالح بللن فللوزان الفللوزان وفقلله الللله‬ ‫ُ‬
‫تعالى ‪:‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم شراء أسماء الغير من أجل المساهمة في‬
‫الشركات المساهمة والبنوك ؟‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫الجللواب ‪ :‬شللراء أسللماء الغيللر مللن أجللل المسللاهمة فللي‬
‫الشركات المساهمة والبنوك هللو مللن الللتزوير المحلّرم ‪ ،‬فل‬
‫م عليلله ‪،‬‬ ‫يجوز فعله ‪ ،‬والثمن الذي يأخذه صاحب السم حرا ٌ‬
‫م عليه أيضا ً‬ ‫والكسب الذي يحصل عليه مشتري السماء حرا ٌ‬
‫م الشركات المساهمة الغالب عليها أن تشتغل بالّربا ‪ ،‬فل‬ ‫‪،‬ث ّ‬
‫يجوُز المساهمة فيها ‪ ،‬وكذلك البنوك هللي مؤسسللات ربويللة‬
‫فل تجوز المساهمة فيها ‪.‬‬
‫***‬
‫الصللناديق السللتثمارية فللي البنللوك المحّليللة ‪ :‬الفتللوى رقللم‬
‫‪ 21406‬في ‪23/3/1421‬هل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬هناك عدد من الصللناديق السللتثمارية فللي البنللوك‬
‫المحلية والتي تقول ‪ :‬أنها تعمل وفق الشريعة السلمية من‬
‫خلل تجارة المرابحة ‪ ,‬حيللث يتللم شللراء سلللع غيللر محّرمللة‬
‫شللرعا ً ‪ ,‬مثللل ‪ :‬المعللادن ‪ ,‬الزيللوت النباتيللة ‪ ,‬والسلليارات ‪,‬‬
‫متاجرة فيها ‪ ,‬وُتساهم في رأس مللال الصللندوق‬ ‫وغيرها ‪ ,‬وال ُ‬
‫عدد من الشركات والمؤسسات المحليللة والعالميللة ‪ ,‬والللتي‬
‫يغلب على أنشطتها التجارية في المواد غير المحّرمة شرعا ً‬
‫كما سبق ذكره ‪ ,‬فما حكم الشللتراك فللي هللذه الصللناديق ؟‬
‫علما ً بأنها تأخذ ‪ % 10‬من الرباح نظير أتعابها ‪ ,‬علما ً أنهللا ل‬
‫تضمن الربح ؟ ‪.‬‬
‫ك اسللتثمارا ً شللرعيا ً فللي غيللر البنللوك ‪,‬‬ ‫الجواب ‪ :‬استثمر مال َ َ‬
‫دقون‬ ‫ن البنوك أساسا ً قائمة على التعامل الّربوي ‪ ,‬فل ُيص ل ّ‬ ‫ل ّ‬
‫ن‬‫في قولهم ‪ :‬إنهم يستثمرون الموال اسللتثمارا ً شللرعيا ً ‪ ,‬ل ّ‬
‫ن التعامللل ملع‬ ‫العبرة بغالب أحللوالهم فل ُيوثلق بهلم ‪ ,‬كملا أ ّ‬
‫هللذه البنللوك الّربويللة فيلله تشللجيعٌ لهللم ‪ ,‬وإعانللة لهللم علللى‬
‫الستمرار في معاملتهم المحّرمة ‪ ,‬وكل ذلك يشمله النهللي‬
‫المنصوص عليه في قللول الللله تعللالى ‪ )) :‬وَل َ ت َعَللاوَُنوا ْ عَل َللى‬
‫ب(( ‪.‬‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقا ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫ش ِ‬ ‫ن َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله علللى نبينللا محمللد وآللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضلللللللللو‬ ‫عضلللللللللو‬ ‫عضلللللللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالله الغللديان‬ ‫صللالح الفللوزان‬ ‫بكللر أبللو زيللد‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ‬
‫***‬
‫شللللهادات السللللتثمار ‪ :‬الفتللللوى رقللللم ‪ 6605‬فللللي‬
‫‪ 10/2/1404‬هل ‪.‬‬
‫مى بشهادات الستثمار‬ ‫السؤال ‪ :‬عندنا أيضا ً في بلدي ما ُيس ّ‬
‫التي ُتباع في البنوك وهللي بللدون فللوائد ‪ ،‬أي ‪ :‬لللو اشللتريت‬
‫م أردت أن أردها ولو بعد عشللر سللنوات أو أكللثر أو‬ ‫شهادة ث ّ‬
‫أقل فهي ترد بنفس السلعر اللذي اشلتريت بله ‪ ،‬وبعلد ذللك‬
‫يقوم الكمبيوتر بسحب رقللم مللن أرقللام الشللهادات المباعللة‬
‫في البلد ويكللون هللذا هللو الفللائز الول ‪ ،‬ويوجللد فللائز ثللاني‬
‫وثالث إلى أكثر من )‪ (400‬فائز‪ ،‬ويحصل الفللائز الول علللى‬
‫عشرين ألف جنيه قيمللة الجللائزة ‪ ،‬فأريللد أن أعللرف أنله لللو‬
‫ت من أحد الفللائزين فهللل‬ ‫م كن ُ‬ ‫اشتريت من هذه الشهادات ث ّ‬
‫يجوز لي أن آخذ هذا المبلغ أم ل ؟ وهل أكون مرتكب إثلم ؟‬
‫‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬ما ذكرته في سؤالك مما يتعّلق بشهادة السللثتمار‬
‫م ‪ ،‬بل من كبللائر‬ ‫نوع من أنواع القمار ‪ -‬اليانصيب ‪ -‬وهو محّر ٌ‬
‫الذنوب بالكتاب والسنة والجماع ‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن قعود عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬

‫‪221‬‬
‫صللندوق التللوفير ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 2923‬فللي ‪8/4/1400‬‬
‫هل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل يجللوُز للنسللان أن ي ُللودع أمللواله فللي صللندوق‬
‫التوفير ؟ ‪.‬‬
‫الجلواب ‪ :‬ل يجلوُز وضلع أملواله فلي البنلك أو فلي صلندوق‬
‫معّينللة أو نسللبة‬ ‫التللوفير أو عنللد تللاجر أو نحللو ذلللك بفللائدة ُ‬
‫معلومة من رأس ماله كسبعة أو تسعة في المائة مللن رأس‬
‫ت تحريملله بالكتللاب والسللنة‬ ‫المللال ‪ ،‬لنلله ربللا ً ‪ ،‬وقللد ثبلل َ‬
‫والجماع ‪ ،‬ول يجوُز أيضا ً إيداعه فيما ُذكر أو نحللوه بل فللائدة‬
‫ن يتعامل بالّربا ِلما فللي ذلللك مللن التعللاون معلله علللى‬ ‫م ْ‬
‫عند َ َ‬
‫المحّرم إل إذا اضطر إلللى إيللداعه لخللوف سللرقته أو غصللبه‬
‫مثل ً فيجوُز بل فوائد ‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫عضو نائب الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبدالله بن قعود عبللدالله بللن غللديان عبللدالرزاق عفيفللي‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫سللئل سللماحة‬ ‫القتراض من أجل المساهمة في الشركات ‪ُ :‬‬
‫الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعللالى ) س ‪911‬‬
‫مجموع فتاوى سماحته ج ‪. ( 113-18/112‬‬
‫السللؤال ‪ :‬مللا حكللم المسللاهمة مللع الشللركات ؟ ومللا حكللم‬
‫القتراض لشراء السهم ؟‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬وضع السهم في الشركات فيه نظر ‪ ،‬لننا سللمعنا‬
‫أنهم يضعون فلوسهم لللدى بنللوك أجنبيللة ‪ ،‬أو شللبه أجنبيللة ‪,‬‬
‫ن‬
‫ح ذلللك فللإ ّ‬‫ويأخذون عليها أرباحا ً ‪ ،‬وهذا من الّربا ‪ ،‬فللإن صل ّ‬
‫ن الّربللا مللن‬‫م ‪ ،‬ومن كبائر الذنوب ‪ ,‬ل ّ‬ ‫وضع السهم فيها حرا ٌ‬
‫ن وضلع‬ ‫أعظلم الكبللائر ‪ ،‬أمللا إن كلانت خاليلة مللن هلذا ‪ ,‬فللإ ّ‬
‫ل إذا لم يكن هناك محذوٌر شرعي آخر ‪.‬‬ ‫السهم فيها حل ٌ‬

‫‪222‬‬
‫وأما استدانة الشخص ليضللع مللا اسللتدانه فللي هللذه السللهم‬
‫ه‪ ،‬سللواء اسللتدان ذلللك بطريللق شللرعي‬ ‫سلللَف ِ‬ ‫فللإنه مللن ال ّ‬
‫كالقرض‪ ،‬أو بطريللق ربللوي صللريح‪ ،‬أو بطريللق ربللوي بحيلللة‬
‫ُيخادع بها رّبه والمؤمنين‪ ،‬وذلللك لنلله ل يللدري هللل يسللتطيع‬
‫دين ‪،‬‬ ‫الوفاء في المستقبل أم ل‪ ،‬فكيللف يشغل ذمته بهذا ال ّ‬
‫ن‬ ‫دو َ‬ ‫جل ُ‬ ‫ن َل ي َ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف ال ّل ِ‬ ‫س لت َعِْف ِ‬ ‫وإذا كان الله تعللالى يقللول ‪)) :‬وَل ْي َ ْ‬
‫مللا‬ ‫م ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫ن ال ْك َِتا َ‬ ‫ن ي َب ْت َُغو َ‬‫ذي َ‬ ‫ضل ِهِ َوال ّ ِ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّتى ي ُغْن ِي َهُ ْ‬ ‫كاحا ً َ‬ ‫نِ َ‬
‫خي ْللرا ً َوآت ُللو ُ‬ ‫َ‬
‫مللن‬ ‫هم ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ِفيهِ ل ْ‬ ‫مت ُ ْ‬
‫ن عَل ِ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫كات ُِبوهُ ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫مان ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن أَرد ْ َ‬ ‫م عََلى ال ْب َِغللاء إ ِ ْ‬ ‫هوا فَت ََيات ِك ُ ْ‬ ‫م وََل ت ُك ْرِ ُ‬ ‫ذي آَتاك ُ ْ‬ ‫ل الل ّهِ ال ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ّ‬
‫مللن‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن فَإ ِ ّ‬ ‫رههّ ّ‬ ‫من ي ُك ْ ِ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا وَ َ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫صنا ً ل ّت َب ْت َُغوا عََر َ‬ ‫ح ّ‬ ‫تَ َ‬
‫م(( )النور‪.(33:‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ن غَُفوٌر ّر ِ‬ ‫ب َعْدِ إ ِك َْراهِهِ ّ‬
‫ن الحاجللة‬ ‫دمين إلى السللتقراض‪ ,‬مللع أ ّ‬ ‫مع َ‬ ‫ولم ُيرشد هؤلء ال ُ‬
‫ي‬
‫إلى النكاح أشد ّ من الحاجة إلى كثرة المللال ‪ ،‬وكللذلك النللب ّ‬
‫م يسللتطع البللاءة إلللى‬ ‫ن ل َل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫صلى الله عليه وسّلم لم ُيرشد َ‬
‫ذلك ‪ ،‬ولم ُيرشد من لم يجد خاتما ً من حديللد يجعللله مهللرا ً ]‬
‫ب أن‬ ‫ل على أن الشللارع ل ُيحلل ّ‬ ‫‪[52‬إلى ذلك‪ ،‬فإذا كان هذا د ّ‬
‫ديون‪ ،‬فليحللذر العاقللل الحريللص علللى‬ ‫يشغل المرء ذمته بال ل ّ‬
‫ديون ‪ ( ..‬إلخ ‪.‬‬ ‫سمعت ِهِ من التوّرط في ال ّ‬ ‫دينه و ُ‬
‫***‬
‫العمل في البنللوك الحاليللة ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 1338‬ج ‪-15/38‬‬
‫‪. 39‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم العمل في البنوك الحالية ؟ ‪.‬‬
‫الجللواب ‪ :‬أكللثُر المعللاملت فللي البنللوك المصللرفية الحاليللة‬
‫م بالكتللاب والسللنة وإجمللاع‬ ‫يشللتمل علللى الّربللا ‪ ,‬وهللو حللرا ٌ‬
‫ن من أعان‬ ‫ي صلى الله عليه وسّلم ‪ :‬بأ ّ‬ ‫م النب ّ‬ ‫حك َ َ‬ ‫المة ‪ ,‬وقد َ‬
‫آكل الّربا ‪ ,‬وموكله ‪ ,‬بكتابة له ‪ ,‬أو شهادة عليلله ‪ ,‬ومللا أشللبه‬
‫ذلك ‪ ,‬كان شريكا ً لكله وموكله في اللعنة والطرد من رحمة‬
‫الله ‪ ,‬ففي صحيح مسلم وغيره ‪ :‬من حديث جابر رضي الله‬
‫ل الّربللا ‪,‬‬ ‫ل الله صلى الله عليلله وسلّلم آك ِل َ‬ ‫ن رسو ُ‬ ‫عنه ‪)) :‬ل َعَ َ‬
‫واٌء(( ‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬هُ ْ‬ ‫ديهِ ‪ ,‬وقا َ‬ ‫ه ‪ ,‬وشاهِ َ‬ ‫ه ‪ ,‬وكات ِب َ ُ‬ ‫موك ِل َ ُ‬ ‫و ُ‬

‫‪223‬‬
‫ن لربللاب البنللوك‬ ‫والذين يعملون في البنوك المصرفية أعللوا ٌ‬
‫فللي إدارة أعمالهللا ‪ :‬كتابللة ‪ ,‬أو تقييللدًا‪ ,‬أو شللهادة ‪ ,‬أو نقل ً‬
‫للوراق ‪ ,‬أو تسليما ً للنقود ‪ ,‬أو تسّلما ً لها‪ ..‬إلى غير ذلك مما‬
‫ملللل النسلللان‬ ‫ن عَ َ‬‫مرابلللي ‪ ,‬وبهلللذا ُيعلللرف أ ّ‬
‫فيللله إعانلللة لل ُ‬
‫م ‪ ,‬فعلللى المسلللم أن يتجن ّللب ذلللك ‪,‬‬ ‫بالمصارف الحالية حرا ٌ‬
‫ب مللن الطللرق الللتي أحّلهللا الللله ‪ ,‬وهللي‬ ‫وأن يبتغللي الكس ل َ‬
‫كللثيرة ‪ ,‬وليتللق الللله رّبلله ‪ ,‬ول ُيعللّرض نفسلله للعنللة الللله‬
‫ورسوله ‪ ,‬وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمللد وآللله‬
‫وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن منيع عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫القسام السلمية في البنوك الّربوية ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪5317‬‬
‫ج ‪. 56-15/55‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل هناك أقسام معّينة في البنك حلل كمللا يللترد ّد ُ‬
‫الن ؟ وكيف ذلك إذا كان صحيحا ً ؟ ‪.‬‬
‫مستثنى فيمللا‬ ‫الجواب ‪ :‬ليس في أقسام البنك الّربوي شيٌء ُ‬
‫ن علللى الثللم‬ ‫ن التعللاو َ‬ ‫مطهّللر ‪ ,‬ل ّ‬‫يظه لُر لنللا مللن الشللرع ال ُ‬
‫ل من جميع موظفي البنك ‪.‬‬ ‫والعدوان حاص ٌ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله علللى نبينللا محمللد وآللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبدالرزاق عفيفي عبللدالعزيز‬ ‫عبدالله بن قعود‬
‫بن عبدالله بن باز‬
‫***‬

‫‪224‬‬
‫سئل سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي ‪ -‬رحمه الله تعللالى‬ ‫و ُ‬
‫‪ -‬نللائب رئيللس اللجنللة الدائمللة للفتللاء ) فتللاوى ورسللائل‬
‫سماحته ص ‪. ( 475‬‬
‫سئل الشيخ ‪ :‬بعض البنوك ُيعلن عن نفسه أنه بنك‬ ‫السؤال ‪ُ :‬‬
‫إسلمي ول يتعامل بالربا ؟ فهل يكفي هذا لليللداع فيلله ‪ ,‬أم‬
‫كد من صحة ذلك ؟ ‪.‬‬ ‫ل ب ُد ّ من البحث والتأ ّ‬
‫الجواب ‪ :‬فقللال الشلليخ ‪ -‬رحملله الللله ‪ ) : -‬ل ب ُلد ّ مللن التأك ّللد‬
‫والبحث عن كون البنك ل يتعامل بالّربا ( ‪.‬‬
‫‪  ‬‬
‫اليداع في البنوك بللدون فللوائد ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 1080‬ج‬
‫‪. 13/345‬‬
‫السؤال ‪ :‬هل إيداع النقود في البنللك بفللائدة أو بللدون فللائدة‬
‫حللرام ؟ والقللتراض مللن البنللك بفللائدة لحاجللة السللتهلك‬
‫حرام ‪ ,‬أو التجارة حرام ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬إيللداعُ نقللود فللي البنللوك ونحوهللا تحللت الطلللب أو‬
‫م ‪ ,‬وإيداعها‬ ‫مقابل النقود التي أودعها حرا ٌ‬ ‫مثل ً بفائدة ‪ُ ,‬‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٍ‬‫لَ َ‬
‫ك تتعامللل بالّربللا فيمللا لللديها مللن أمللوال‬ ‫بدون فائدة في بنو ٍ‬
‫مللا فللي ذلللك مللن إعانتهللا علللى التعامللل بالّربللا ‪,‬‬ ‫مح لّرم ‪ ,‬ل ِ َ‬
‫سع في ذلك ‪ ,‬اللهم إل ّ إذا كان مضطرا ً‬ ‫والتمكين لها من التو ّ‬
‫ليداعها خشية ضياعها أو سرقتها ‪ ,‬ولم يجد وسيلة لحفظهللا‬
‫إل ّ اليداع في البنوك الّربوية ‪ ,‬فرّبما كان له في إيداعها فيها‬
‫رخصة من أجل الضرورة ‪.‬‬
‫ض منه إن كان بفائدة ربوية فهو‬ ‫ض البنك أو القترا ُ‬ ‫وأما إقرا ُ‬
‫م ‪ ,‬سواء كان ذلللك لحاجللة السللتهلك ‪ ,‬أو كللان للتنميللة‬ ‫حرا ٌ‬
‫والسللتثمار عللن طريللق التجللارة أو الصللناعة أو الزراعللة أو‬
‫غيرها من طرق النتاج لعموم أدلللة تحريللم الّربللا ‪ ,‬وإن كللان‬
‫إقراض البنك من دون ربا ً فهو جائز ‪ ,‬وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى‬
‫الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬

‫‪225‬‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالرزاق عفيفللي‬ ‫عبدالله بن منيع عبدالله بن غديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫استلم الراتب عن طريق البنوك التي تتعامل بالّربا ‪ :‬الفتوى‬
‫رقم ‪ 16501‬ج ‪. 289-13/288‬‬
‫السؤال ‪ :‬نحن من موظفي هذه الدولللة والللتي قللامت علللى‬
‫الشريعة السلمية السمحاء ‪ ,‬أدام الله عّزها وبقاءها ‪ ,‬وفللي‬
‫الونة الخيرة بدأت إدارتنا بصرف رواتبنا الشللهرية بشلليكات‬
‫دث مشللايخنا‬ ‫علللى البنللك الهلللي التجللاري ‪ ,‬وكللثيرا ً مللا تح ل ّ‬
‫جزاهم الله خيللرا ً عللن أنظمللة هللذه البنللوك ‪ ,‬ممللا أثللار فللي‬
‫نفوسنا الشك والريبة حيال قبولنا لطريقة هذا الصرف ‪ ,‬لللذا‬
‫أردنا عرض هذا الموضللوع علللى سللماحتكم ‪ ,‬راجيللن إفادتنللا‬
‫عن مدى تقبل صللرف رواتبنللا عللن طريللق هللذا البنللك أو مللا‬
‫ُيماثله ‪ ,‬مع وجود البديل لهذا دون أدنى مشّقة ‪ ,‬مثل صرفها‬
‫نقدا ً عن طريق أمين الصندوق الموجود لدينا ‪ ,‬أو عن طريق‬
‫ن العقد المللبرم بيللن البريللد والبنللك‬ ‫شركة الراجحي ‪ ,‬علما ً أ ّ‬
‫م إيللداع صللافي الرواتللب فللي البنللك خلل‬ ‫الهلللي ‪ :‬أن يتلل ّ‬
‫السبوعين الولين من كل شهر ‪ ,‬ويبدأ صرف الرواتللب فللي‬
‫‪ 25‬من كل شهر ‪ ,‬أي ‪ :‬بعد ‪ 10‬أيام من اليداع ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬ل بللأس بأخللذ الرواتللب الللتي ُتصللرف عللن طريللق‬
‫البنك ‪ ,‬لنك تأخذها في مقابل عملك فللي غيللر البنللك ‪ ,‬لكللن‬
‫بشرط ‪ :‬أن ل تتركها في البنك بعللد المللر بصللرفها لللك مللن‬
‫أجل الستثمار الّربوي ‪ ,‬وبللالله التوفيللق ‪ ,‬وصلللى الللله علللى‬
‫نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬

‫‪226‬‬
‫عبدالله‬ ‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالعزيز آل الشيخ‬
‫بن غديان عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫أخذ البنك مبلغ )‪ (10‬ريال على صرف الراتب إذا كانت عللن‬
‫طريق غيره من البنوك ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 16180‬ج ‪-13/286‬‬
‫‪. 287‬‬
‫السؤال ‪ :‬كثيرا ً ما تردنا أسئلة عللن حكللم أخللذ البنللوك مبلللغ‬
‫ن الفللرد‬ ‫عشرة ريالت مقابل إعطاء الفرد راتبه ‪ ,‬بمعنللى ‪ :‬أ ّ‬
‫ُيعطى شيكا ً براتبه من قبل الفرع المالي على بنللك الريللاض‬
‫دة الزحللام لللدى البنللك ‪,‬‬ ‫فرع المدينة العسكرية ‪ ,‬ولكللن لشل ّ‬
‫يذهب الفرد إلى بنك الراجحي أو البنك الهلي بنفس الشيك‬
‫‪ ,‬فيطلب منهللم صللرف راتبلله ‪ ,‬فيطلبللون منلله مبلللغ عشللرة‬
‫مقابل صرف راتبه من قبلهم ‪ ,‬والبنك بدوره يسللحب‬ ‫ريالت ُ‬
‫سّلم له ملن قبلل الفلرد ‪ ,‬آملل‬ ‫الراتب بموجب الشيك الذي ُ‬
‫التكلّرم بللالرفع لجهللات الختصللاص لعطائنللا فتللوى شللرعية‬
‫حول هذا الموضوع ؟ ‪.‬‬
‫ل ل يجللوُز ‪ ,‬بللل هللو مللن المعللاملت‬ ‫الجللواب ‪ :‬هللذا العملل ُ‬
‫الّربوية ‪ ,‬لنه بيعُ دراهم بدراهم مع الزيادة ‪ ,‬وبالله التوفيق ‪,‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضلللللو‬ ‫عضلللللو‬ ‫عضلللللو‬ ‫عضلللللو‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبللدالعزيز آل الشلليخ عبللدالله‬
‫بن غديان عبدالرزاق عفيفيي عبدالعزيز بن باز‬
‫***‬
‫شراء الراضي وتعميرها عللن طريللق البنللوك ‪ :‬الفتللوى رقللم‬
‫‪ 19492‬ج ‪. 13/401‬‬
‫مى إسلمية ‪ ,‬وهي ‪:‬‬ ‫السؤال ‪ :‬بعض البنوك تنتهج سياسة ُتس ّ‬
‫أنلله يشللتري الرض بمعرفتنللا ‪ ,‬وُيس لّلمها لنللا لقللاء ضللمانات‬
‫مرهللا‬‫دة معينللة ‪ ,‬وكللذلك يتفللق مللع المقللاول ُيع ّ‬ ‫وشروط ومل ّ‬

‫‪227‬‬
‫ب رغبتنا ‪ ,‬ولمدة سللنة أو سللنتين أو أكللثر ‪ ,‬وهللو بللدوره‬ ‫س َ‬‫ح َ‬ ‫َ‬
‫دة‬ ‫دد المقترض قبللل الملل ّ‬ ‫هذا يحسب له ربحا ً سنويا ً ‪ ,‬وإن س ّ‬
‫يخصللم للله ربللح بقيللة المللدة ‪ ,‬هللل هللذه الطريقللة ُتعتللبر‬
‫إسلمية ؟ وما تنصحون به حيالها ‪.‬‬
‫م‬‫مرهللا لكللم ‪ ,‬ث ل ّ‬
‫ك يشللتري الرض وُيع ّ‬ ‫الجواب ‪ :‬إذا كان البن ل ُ‬
‫عماره مع زيادة ‪,‬‬ ‫دفع ثمنا ً للرض وتكاليف َ‬ ‫يسترجع منكم ما َ‬
‫ض جّر نفعا ً ‪ ,‬وقد أجمعَ العلماُء على‬ ‫فهذا ربا ً صريح ‪ ,‬لنه قر ٌ‬
‫ة فهو ربًا]‪. [53‬‬ ‫ض جّر منفع ً‬ ‫ل قر ٍ‬ ‫نك ّ‬ ‫أ ّ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله علللى نبينللا محمللد وآللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نلللللائب الرئيلللللس‬ ‫عضلللللو‬ ‫عضلللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالعزيز آل الشلليخ‬ ‫صللالح الفللوزان‬ ‫بكللر أبللو زيللد‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫شراء السيارات والبيوت من البنوك بالتقسيط ‪ :‬الفتوى رقم‬
‫‪ 21286‬في ‪18/1/1421‬هل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬انتشر بين النللاس الشللراء مللن البنللوك بالتقسلليط‬
‫ن البنللك ل يملللك‬ ‫مقابللل الزيللادة فللي سللعر المللبيع ‪ ,‬علملا ً أ ّ‬
‫السيارة أو العمارة ‪ ,‬وليست عنده ‪ ,‬وإنما يختارها المشللتري‬
‫م يأتي إلللى البنللك يطلبهللا ‪ ,‬والبنللك يقللوم‬ ‫لك ‪ ,‬ث ّ‬ ‫م ّ‬‫من أحد ال ُ‬
‫بشرائها ودفع قيمتها النقدية ‪ ,‬وُيسّلمها للمشتري بالتقسلليط‬
‫بعد أن ُيوّقع العقد بينهما ‪ ,‬ويلتزم بالشللروط المطلوبللة فللي‬
‫التسديد ‪ ,‬ويستلمها بعد ذلك ‪.‬‬
‫والسؤال هو ‪ :‬هل يجوز هذا البيع ؟ لننللا نسللمع منكللم ومللن‬
‫العلماء ونقرأ في الحديث ‪ :‬أنه ل يجوز للنسان أن يبيع شيئا ً‬
‫إل ّ إذا ملكه وحازه إلى رحللله ]‪ ,[54‬والبنللك فللي الواقللع لللم‬
‫يملك هذه السيارة أو العمارة ‪ ,‬ولم يشتريها لنفسلله ‪ ,‬وإنمللا‬
‫اشتراها لهذا المشتري الذي طلبها بعينها بعدما طلبهللا علللى‬

‫‪228‬‬
‫مل َْزما ً بشرائها لو عدل‬ ‫ن المشتري ليس ُ‬ ‫جون بأ ّ‬ ‫أنها له‪ ,‬ويحت ّ‬
‫عنلله ‪ ,‬لكللونهم يعلمللون أنلله عللازم عليهللا ‪ ,‬ولللول ذلللك لللم‬
‫يشتروها ؟ ‪ ,‬والسؤال الثاني ‪ :‬يشترط البنك على المشللتري‬
‫م بدفع ما يلحللق البنللك مللن‬ ‫أنه لو عدل عن الشراء فإنه ملز ٌ‬
‫نقص نتيجة عدوله عن الشراء ‪ ,‬فهل هللذا الشللرط صللحيح ‪,‬‬
‫ن لديهم فتوى شرعية بللذلك ‪ ,‬وإذا كللان لللديه‬ ‫دعي البنك أ ّ‬ ‫وي ّ‬
‫فتوى بذلك فهل هي شرعية أم احتيال علللى الللله سللبحانه ‪,‬‬
‫ن الحقيقة في هذه المعاملة ‪ :‬هي شراء نقد بنقللد وزيللادة‪,‬‬ ‫ل ّ‬
‫جعلت واسطة لسللتحلل الّربللا‬ ‫لكن تلك السيارة أو العمارة ُ‬
‫ن المللر قللد شللاع وعظللم‬ ‫بأدنى الحيل‪ ,‬أفتونا مللأجورين‪ ,‬فللإ ّ‬
‫انتشاره ؟ ‪.‬‬
‫ن حقيقتهللا‬ ‫ل بالمعاملة المذكورة ‪ ,‬ل ّ‬ ‫الجواب ‪ :‬ل يجوُز التعام ُ‬
‫ض بزيادة مشروطة عند الوفاء ‪ ,‬والصللورة المللذكورة مللا‬ ‫قر ٌ‬
‫هللي إل حيلللة للتوصللل إلللى الّربللا المحلّرم بالكتللاب والسللنة‬
‫ب تللرك التعامللل بهللا طاعللة لللله‬ ‫وإجمللاع المللة ‪ ,‬فللالواج ُ‬
‫ولرسوله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضلللللللللو‬ ‫عضلللللللللو‬ ‫عضلللللللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالله الغللديان‬ ‫صللالح الفللوزان‬ ‫بكللر أبللو زيللد‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ‬
‫***‬
‫الفتوى رقم ‪ 20838‬في ‪2/3/1420‬هل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬هناك بنك يشتري كل ما أطلبه من أثاث أو قطعللة‬
‫ول راتللبي‬ ‫ُ‬
‫أرض أو سيارة بشرط ‪ :‬أن أكون موظف ‪ ,‬وأن أح ّ‬
‫في ذلك البنك ولمدة خمس سنوات ‪ ,‬وذلللك ضللمانا ً لحقلله ‪,‬‬
‫فمثل ً ‪ :‬أذهب إلى ذلك البنللك وأقللول للله ‪ُ :‬أريللد منللك شللراء‬
‫سيارة ‪ ,‬فيقول لي ‪ :‬اذهب إلللى الشللركة أو المعللرض الللذي‬

‫‪229‬‬
‫توجد فيها السيارة التي تريدها ‪ ,‬وأعطني من ذلك المعللرض‬
‫مبّين فيها قيمة السلليارة ‪ ,‬فللإذا‬ ‫أو تلك الشركة ورقة رسمية ُ‬
‫أحضللرت الورقللة ‪ ,‬أعطللاني شلليك باسللم تلللك الشللركة أو‬
‫المعرض بلله قيمللة السلليارة ‪ ,‬وبرفقتلله ورقللة مكتوبلا ً فيهللا ‪:‬‬
‫ادفعوا لحامل هذا الشيك سلليارته‪ ,‬فللإذا كللان ثمللن السلليارة‬
‫ملائة أللف ريلال ‪ ,‬فلإنه ُيضليف عليهلا ‪ % 7‬للسلنة الواحلدة‬
‫مقابل الللبيع الجللل ‪ ,‬ولمللدة خمللس سللنوات ‪ ,‬فيصللبح ثمللن‬ ‫ُ‬
‫ي في الوراق الرسمية لدى البنك مللائة وخمللس‬ ‫السيارة عل ّ‬
‫وثلثون ألف ريال ‪.‬‬
‫ت شراء قطعللة أرض فللإنه يطلللب‬ ‫وهناك مثال آخر ‪ :‬إذا أرد ُ‬
‫ُ‬
‫مني إحضار ورقة من مكتب العقار أبّين فيهللا قيمللة الرض ‪,‬‬
‫ي الشيك وُيضيف ‪ % 7‬فائدة مقابل الجل ولمللدة‬ ‫م يدفع إل ّ‬ ‫ث ّ‬
‫خمس سنوات ‪ ,‬فإذا كان ثمن الرض مائة ألف ريللال ُيصللبح‬
‫ي لذلك البنك ‪ 135‬أللف ريلال ‪ ,‬هلل هلذا اللبيع نلوعٌ ملن‬ ‫عل ّ‬
‫دما ً ‪ ,‬ولمللدة خمللس‬ ‫سلَلم ‪ ,‬لنلله ضللمن حّقلله مقل ّ‬ ‫أنواع بيع ال ّ‬
‫ي أوراق وتعهللدات‬ ‫سنوات ‪ ,‬حيللث أنللي موظللف ‪ ,‬وأخللذ عل ل ّ‬
‫بموجبها تحول راتبي تلقائيلا ً لللذلك البنللك ‪ ,‬فيأخللذ كللل شللهر‬
‫قسطه ‪ ,‬ويترك لي الباقي ‪ ,‬وهل هللذا الللبيع جللائز شللرعا ً أم‬
‫ل؟‪.‬‬
‫ن حقيقتهللا‬ ‫الجواب ‪ :‬ل يجوُز التعامل بالمعاملة المذكورة ‪ ,‬ل ّ‬
‫قللرض بزيللادة مشللروطة عنللد الوفللاء ‪ ,‬والصللورة المللذكورة‬
‫مجّرد حيلللة ‪ ,‬وإل فهللي معاملللة ربويللة محّرمللة فللي الكتللاب‬
‫والسنة وإجماع المة ‪ ,‬فيجلب تلرك التعاملل بهلا طاعلة للله‬
‫جعَللل ل ّل ُ‬
‫ه‬ ‫ق الل ّل َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫من ي َت ّ ِ‬‫ولرسوله صلى الله عليه وسلم ‪)) :‬وَ َ‬
‫ب(( ‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬
‫حت َ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫خَرجًا* وَي َْرُزقْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫عضلللللللللو‬ ‫عضلللللللللو‬ ‫عضلللللللللو‬
‫الرئيس‬

‫‪230‬‬
‫عبللدالله الغللديان‬ ‫صللالح الفللوزان‬ ‫بكللر أبللو زيللد‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ‬
‫***‬
‫سئل سماحة الشيخ محمد بن صللالح العللثيمين رحملله الللله‬ ‫و ُ‬
‫تعالى ) فتاوى معاصرة ص ‪. ( 52-47‬‬
‫ن بعللض الشللركات ‪ :‬يللأتي إليهللا‬ ‫السللؤال ‪ :‬لقللد لللوحظ أ ّ‬
‫الشخص وهو بحاجة إلى شللراء أثللاث أو سلليارة أو منللزل أو‬
‫غير ذلك ‪ -‬وهي غير مملوكة لدى الشركة ‪ -‬فتقللوم الشللركة‬
‫م بيعها على هذا الشخص بالتقسيط مع‬ ‫بشراء هذه الحاجة ث ّ‬
‫م تقللوم الشللركة‬ ‫أخذ الفللوائد عليهللا ‪ ,‬أو ُتكّلفلله بشللرائها ‪ ,‬ثل ّ‬
‫سب الفواتير وتأخذ على هذا الشخص فائدة‬ ‫ح َ‬ ‫بتسديد المبلغ َ‬
‫‪ ,‬فما الحكم ؟‬
‫ن ملن اسلتقرض ملائة أللف ريلال‬ ‫الجلواب ‪ :‬ملن المعللوم أ ّ‬
‫ل قسط ‪ ,‬وتزيد هللذه‬ ‫ليوفيها على أقساط مع زيادة ‪ % 8‬لك ّ‬
‫ن هذا مللن الّربللا ‪ ,‬ربللا‬ ‫النسبة كّلما امتد ّ الجل ‪ ,‬أو ل تزيد ‪ ,‬أ ّ‬
‫النسيئة والفضل ‪ ,‬وأنه يزداد ُقبحا ً إذا كان كّلمللا امت لد ّ الجللل‬
‫ازدادت النسبة ‪ ,‬وهذا من ربا الجاهلية الذي قال الللله فيلله ‪:‬‬
‫ة َوات ُّقللوا ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ضللاعََف ً‬ ‫م َ‬ ‫ضَعافا ً ّ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َأك ُُلوا ْ الّرَبا أ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫)) َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن*‬ ‫ري َ‬ ‫ت ل ِل ْك َللافِ ِ‬
‫ع لد ّ ْ‬‫ن* َوات ُّقللوا ْ الن ّللاَر ال ّت ِللي أ ُ ِ‬ ‫حللو َ‬ ‫م ت ُْفل ِ ُ‬ ‫ه ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫الل ّ َ‬
‫َ‬
‫ن(( )آل عمللران‪-130:‬‬ ‫مللو َ‬‫ح ُ‬ ‫ل ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت ُْر َ‬ ‫سو َ‬ ‫ه َوالّر ُ‬ ‫طيُعوا ْ الل ّ َ‬ ‫وَأ ِ‬
‫‪. (132‬‬
‫ل علللى‬ ‫ل علللى هللذه المعاملللة َتحي ّل ٌ‬ ‫ن التحي ّل َ‬ ‫ومن المعلوم ‪ :‬أ ّ‬
‫محارم الله ‪ ,‬ومكلٌر ‪ ,‬وخللداعٌ لمللن يعلللم خائنللة العيللن ومللا‬
‫ل على محللارم الللله‬ ‫ن التحي ّ َ‬ ‫ُتخفي الصدور ‪ ,‬ومن المعلوم ‪ :‬أ ّ‬
‫دها‬‫ل يجعلهللا حلل ً بمجللّرد صللورةٍ ظاهُرهللا الحلل ومقصللو ُ‬
‫الحرام ‪.‬‬
‫دها إل‬ ‫ل علللى محللارم الللله ل يزي ل ُ‬ ‫ن التحي ّل َ‬ ‫ومللن المعلللوم ‪ :‬أ ّ‬
‫ل عليها يقعُ في محذورين ‪:‬‬ ‫متحي ّ َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫قبحًا‪ ,‬ل ّ‬
‫المحذور الول ‪ :‬الخداع ‪ ,‬والمكر ‪ ,‬والتلعب بأحكام الله علّز‬
‫وجل ‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫المحللذور الثللاني ‪ :‬مفسللدة ذلللك المح لّرم الللذي تحي ّللل إلللى‬
‫الوصول إليه ‪ ,‬لنها تحققت بذلك الحيلة ‪.‬‬
‫ل على محارم الله تعالى وقوعٌ فيما‬ ‫ن التحي ّ َ‬ ‫ومن المعلوم ‪ :‬أ ّ‬
‫مشابها ً لهم في ذلك ‪ ,‬ولهذا‬ ‫ل ُ‬ ‫متحي ّ ُ‬‫ن ال ُ‬ ‫ارتكبته اليهود ‪ ,‬فيكو ُ‬
‫حّلوا‬ ‫جاء في الحديث ‪)) :‬ل ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ‪ ,‬فتسللت ِ‬
‫حيل(( ]‪.[55‬‬ ‫م الله بأدنى ال ِ‬ ‫محار َ‬
‫ن مللن قللال‬ ‫مللل المتجلّرد عللن الهللوى ‪ :‬أ ّ‬ ‫ومن المعلللوم للمتأ ّ‬
‫لشخص ُيريد ُ سيارة ‪ :‬اذهللب إلللى المعللرض وتخي ّللر السلليارة‬
‫م أبيعها عليك مؤجلللة‬ ‫التي ُتريد ‪ ,‬وأنا أشتريها من المعرض ث ّ‬
‫بأقساط ‪ ,‬أو قال لشخص يريد أرضا ً ‪ :‬اذهب إلللى المخطللط‬
‫م أبيعهللا‬ ‫وتخّير الرض التي تريد وأنا أشتريها من المخطط ث ل ّ‬
‫عليك مؤجلة بأقساط ‪...‬‬
‫مللل المنصللف المتجلّرد عللن هللوى‬ ‫أقول ‪ :‬من المعلللوم للمتأ ّ‬
‫ل على الّربللا ‪,‬‬ ‫ن التعامل على هذا الوجه من التحي ّ ِ‬ ‫النفس ‪ :‬أ ّ‬
‫ن التاجر الذي اشترى السلعة لم يقصد شراءها ولللم‬ ‫وذلك ل ّ‬
‫يكن ذلك يدور في فكره ‪ ,‬ولم يكن اشتراها من أجل الزيادة‬
‫التي يحصل عليها منه في مقابلة التأجيل ‪ ,‬ولهذا كّلمللا امت لد ّ‬
‫الجللل كللثرت الزيللادة ‪ ,‬فهللو فللي الحقيقللة كقللول القللائل ‪:‬‬
‫مقابللل التأجيللل ‪,‬‬ ‫ُ‬
‫أقرضللك ثمللن هللذه الشللياء بزيللادة ربويللة ُ‬
‫ولكنه أدخل بينهما سلعة ‪ ,‬كما ثبللت عللن ابللن عبللاس رضللي‬
‫م‬ ‫سئل عن رجل باع من رجللل حريللرة بمئة ث ل ّ‬ ‫الله عنهما أنه ُ‬
‫اشتراها بخمسين ‪ ,‬فقال ‪ :‬دراهللم بللدراهم متفاضلللة دخلللت‬
‫بينهما حريرة ‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله ‪ 5/103‬من تهلذيب السلنن ‪ :‬وهلذا‬
‫الّربا تحريمه تابعٌ لمعنللاه وحقيقتله ‪ ,‬فل يللزول بتبللدل السللم‬
‫بصورة البيع ‪ .‬اهل ‪.‬‬
‫وأنت لو قارنت مسللألة العينللة بهللذه المسللألة لوجللدت هللذه‬
‫المسألة أقرب إلى التحّيل على الّربا من مسألة العينللة فللي‬
‫ن العينة كما قال الفقهللاء ‪ :‬أن يللبيع سلللعة‬ ‫بعض صورها ‪ ,‬فإ ّ‬
‫ن‬ ‫م يشتريها منه نقدا ً بأقل ‪ ,‬مللع أ ّ‬ ‫على شخص بثمن مؤجل ث ّ‬

‫‪232‬‬
‫البائع قد ل ينوي حيللن بيعهللا أن يشللتريها ‪ ,‬ومللع ذلللك يحللرم‬
‫عليه ‪ ,‬ول ي ُللبّرُر هللذه المعاملللة قللول البللائع المتحي ّللل ‪ :‬أنللا ل‬
‫ُأجبره على أخذ السلعة التي اشللتريُتها للله ‪ ,‬وذلللك لنلله مللن‬
‫المعلوم أن المشتري لللم يطلبهللا إل ّ لحللاجته إليهللا وأنلله لللن‬
‫يرجع عن شرائه‪ ,‬ولم نسمع أحدا ً من الناس الذين يشللترون‬
‫ن التللاجر‬ ‫هذه السلللع علللى هللذا الللوجه رجللع عللن شللرائه‪ ,‬ل ّ‬
‫ن المشتري لللن يرجللع‪,‬‬ ‫المتحّيل قد احتاط لنفسه وهو يعلم أ ّ‬
‫اللهم إل أن يجد في السلعة عيبا ً أو نقصا ً في المواصفات ‪.‬‬
‫فإن قيل ‪ :‬إذا كانت هذه المعاملة مللن التحي ّللل علللى الّربللا ‪,‬‬
‫فهل من طريق تحصل به مصلحة هذه المعاملة بدون تحّيللل‬
‫على الّربا ؟ ‪.‬‬
‫ن الله تعالى بحكمته ورحمته لم ُيغلق عن عبللاده‬ ‫الجواب ‪ :‬أ ّ‬
‫أبواب المصالح ‪ ,‬فإنه إذا حّرم عليهم شيئا ً مللن أجللل ضللرره‬
‫فتح لهم أبوابا ً تشتمل على المصالح بدون ضرر ‪.‬‬
‫والطريللق للسلللمة مللن هللذه المعاملللة ‪ :‬أن تكللون السلللع‬
‫موجودة عند التاجر فيبيعها على المشترين بثمن مؤجل ولللو‬
‫بزيادة على الثمن الحال ‪ ,‬ول أظن التاجر الكللبير ُيعجللزه أن‬
‫يشتري السلع الللتي يللرى إقبللال النللاس عليهللا كللثيرا ً ليبيعهللا‬
‫إياهم بالثمن الذي يختاره فيحصل له ما يريد مللن الربللح مللع‬
‫السلمة من التحّيل على الّربا ‪ ,‬وربما يحصل له الثواب فللي‬
‫الخرة إذا قصد َ بللذلك التيسللير علللى العللاجزين علللى الثمللن‬
‫ي صلللى الللله عليلله وسلللم ‪ )) :‬إنمللا‬ ‫الحللال ‪ ,‬فقللد قللال النللب ّ‬
‫العمال بالنيات ‪ ,‬وإنما لكل امرئ مللا نللوى (( )]‪ , ([56‬ومللا‬
‫ذكره السائل ‪ :‬مللن كللون الشللركة ُتكل ّللف المشللتري بشللراء‬
‫السلعة التي ُيريدها ‪ ,‬فإن كانت ُتريد أن يكون وكيل ً عنها في‬
‫ذلك فهذه هي المسألة التي تكّلمنا عنها ‪ ,‬وإن كانت تريد أن‬
‫ض جّر نفعا ً ‪ ,‬ول إشكال في أنه ربللا ً‬ ‫يشتريها لنفسه فهذا قر ٌ‬
‫صريح ‪.‬‬
‫***‬

‫‪233‬‬
‫مللن الحلللول الشللرعية فللي بيللع السلليارات ‪ :‬الفتللوى رقللم‬
‫‪ 17337‬في ‪28/10/1414‬هل ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬حضر عنللدي رجللل وقللال ‪ :‬أعطنللي مبلللغ ‪23000‬‬
‫ثلثة وعشرون ألف ريال ‪ ,‬وبعد سنة ُأعطيك سيارة داتسون‬
‫غمارة واحدة موديل ‪ , 94‬فهل هذا جائز ‪ ,‬أم ل ؟ ‪.‬‬
‫دم لشخص مبلغ لا ً مللن المللال علللى أن‬ ‫الجواب ‪ :‬يجوز أن ُتق ّ‬
‫ط بالوصف ‪ ,‬ويكللون ذلللك مللن‬ ‫مقابله سيارة تنضب ُ‬ ‫َيرد عليك ُ‬
‫سَلم الذي هو ‪ :‬تعجيللل الثمللن وتأجيللل المثمللن ‪ ,‬ل ّ‬
‫ن‬ ‫قبيل ال ّ‬
‫ط أن يقبللض الثمللن‬ ‫السيارة تنضبط بالوصف ‪ ,‬ولكللن ُيشللتر ُ‬
‫ل معلوم لا ً ‪ ,‬وبللالله‬ ‫كامل ً في مجلس العقد ‪ ,‬وأن يكللون الج ل ُ‬
‫التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬ ‫الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبللدالعزيز آل الشلليخ عبللدالله‬
‫بن غديان عبدالرزاق عفيفيي عبدالعزيز بن باز‬
‫***‬
‫سئل سللماحة الشلليخ محمللد بللن‬ ‫شراء العملت والشيكات ‪ُ :‬‬
‫صالح العثيمين رحمه الله تعالى ) فتاوى معاصرة ص ‪: ( 46‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم شراء العملت الجنبية مللن البنللوك ؟ وإذا‬
‫أراد شخص أن يشتري دولرا ً أو غيره بريالت ‪ ,‬هل ُيشللترط‬
‫التقابض ؟ وهل الشيك من البنك ُيعتبر قبضا ً ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬شراء الُعملت مللن البنللوك أو غيرهللا جللائز ‪ ,‬لكللن‬
‫ُيشترط أن يكون التقابض قبل التفّرق ‪ ,‬لن العملت يجللري‬
‫فيها ربا النسيئة ‪ ,‬فإذا تقابضا قبل التفّرق فل بأس ‪.‬‬
‫حواَلة ‪ ,‬بدليل ‪ :‬أنه لللو‬ ‫أما الشيك ‪ :‬فل نرى أنه تسليم ‪ ,‬لنه َ‬
‫ج لعَ علللى صللاحبه الللذي‬ ‫اسللتلم الشلليك مثل ً فضللاع منلله ‪َ ,‬ر َ‬
‫أعطاه إياه ‪ ,‬ولم يقل إنللي قبضللتك ‪ ,‬فل شلليء لللك ‪ ,‬وعلللى‬
‫هذا ‪ :‬يقع في ربا النسيئة ‪.‬‬
‫***‬

‫‪234‬‬
‫معنللى ربللا الفضللل وربللا النسلليئة ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 18612‬ج‬
‫‪. 331-13/330‬‬
‫ضللل ببيللان ربللا الفضللل وربللا النسلليئة ‪,‬‬ ‫السؤال ‪ :‬نرجللو التف ّ‬
‫والفرق بينهما ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬ربا النسيئة مأخوذ مللن النسللأ‪ ,‬وهللو التللأخير‪ ,‬وهللو‬
‫دين علللى المعسللر‪ ,‬وهللذا هللو ربللا‬ ‫ب ال ل ّ‬ ‫نوعللان ‪ :‬الول ‪ :‬قلل ُ‬
‫ل‬‫جللل‪ ,‬فللإذا ح ل ّ‬ ‫ل مؤ ّ‬ ‫الجاهلية‪ ,‬فيكون للرجل على الرجل مللا ٌ‬
‫ما أن تقضللي‪ ,‬وإمللا أن تربللي ‪ ,‬فللإن‬ ‫دين ‪ :‬إ ّ‬ ‫قال له صاحب ال ّ‬
‫مقابللل‬ ‫دين ُ‬ ‫قضللاه وإل زاد الللدائن فللي الجللل وزاد فللي اللل ّ‬
‫دين في ذمة المدين ‪.‬‬ ‫التأجيل ‪ ,‬فيتضاعف ال ّ‬
‫الثاني ‪ :‬ما كان في بيع جنسين اتفقا في عل ّللة ربللا الفضللل ‪,‬‬
‫مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما ‪ ,‬كلبيع اللذهب باللذهب أو‬
‫جل ً أو بللدون تقللابض فللي‬ ‫بالفضللة ‪ ,‬أو الفضللة بالللذهب مللؤ ّ‬
‫مجلس العقد ‪.‬‬
‫ما ربا الفضل ‪ :‬فهو مأخوذ ٌ من الفضل ‪ ,‬وهلو ‪ :‬الزيلادة فلي‬ ‫أ ّ‬
‫أحد العوضين ‪ ,‬وجاءت النصوص بتحريمه فللي سللتة أشللياء ‪,‬‬
‫وهللي ‪ :‬الللذهب ‪ ,‬والفضللة ‪ ,‬والُبللر ‪ ,‬والشللعير ‪ ,‬والتمللر ‪,‬‬
‫والملح ‪.‬‬
‫م التفاضللل بينهمللا ‪,‬‬ ‫حلُر َ‬ ‫فإذا ِبيلعَ أحلد ُ هللذه الشللياء بجنسلله َ‬
‫وُيقاس على هذه الشياء الستة مللا شللاركها فللي العل ّللة ‪ ,‬فل‬
‫جّيد ‪ ,‬وكذا‬ ‫مث َل ً ‪ :‬بيع كيلو ذهب رديء بنصف كيلو ذهب َ‬ ‫يجوز َ‬
‫الفضللة بالفضللة ‪ ,‬والللبّر بللالب ُّر ‪ ,‬والشللعير بالشللعير ‪ ,‬والتمللر‬
‫بالتمر ‪ ,‬والملح بالملح ‪ ,‬ل يجللوز بيللع شلليء منهللا بجنسلله إل‬
‫مث ْل ً بمثل ‪ ,‬سواًء بسواٍء ‪ ,‬يدا ً بيدٍ ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لكن يجوز بيع كيلللو ذهللب بكيلللوين فضللة إذا كللان يللدا ً بيللد ‪,‬‬
‫ب‬ ‫لختلف الجنس ‪ ,‬وقد قال صلى الله عليه وسّلم ‪)) :‬اللذ ّهَ ُ‬
‫شللعيرِ ‪,‬‬ ‫شللعيُر بال ّ‬ ‫ضةِ ‪ ,‬والب ُّر بالب ُّر ‪ ,‬وال ّ‬ ‫ة بالِف ّ‬ ‫ض ُ‬‫ب ‪ ,‬والِف ّ‬ ‫بال ّ‬
‫ذه ِ‬
‫واٍء ‪ ,‬ي َد َا ً‬
‫س َ‬
‫واًء ب َ‬ ‫س َ‬‫ل‪َ ,‬‬ ‫مث ْل ً ِبمث ْ ٍ‬
‫ح‪ِ ,‬‬ ‫ح بال ِ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫مل ِ‬ ‫والّتمُر بالّتمرِ ‪ ,‬وال ِ‬
‫ن‬ ‫م ‪ ,‬إذا كللا َ‬ ‫شئت ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ف فبيُعوا كي َ‬ ‫ت هذه الصنا ُ‬ ‫بي َدٍ ‪ ,‬فإذا اختل ََف ْ‬

‫‪235‬‬
‫يد َا ً بيدٍ (( رواه مسلم من حديث عبللادة بللن الصللامت رضللي‬
‫الله عنه]‪.[57‬‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللائب الرئيللللس‬ ‫عضللللو‬ ‫عضللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبللدالعزيز آل‬ ‫صللالح الفللوزان‬ ‫بكللر أبللو زيللد‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬ ‫الشيخ‬
‫***‬
‫بيللع شللهادة الزراعللة ‪ :‬الفتللوى رقللم ‪ 12564‬ج ‪-13/221‬‬
‫‪. 222‬‬
‫السؤال ‪ :‬أنا رجل مزارع عندي قمح قليل مقداره ‪ :‬رد واحد‬
‫على سيارة قلبي عادي ‪ ,‬وعندي شللهادة مللن الزراعللة إنللي‬
‫مزارع ‪ ,‬ثم أبيع زرعي على أخي في ثمللن معلللوم ‪ ,‬مقللداره‬
‫‪ 10000‬ريال مثل ً ‪ ,‬ثم أخي يأخذ مني الشللهادة الللتي عنللدي‬
‫من الزراعة ‪ ,‬ويحط مع زرعي هذا القليللل عيللش كللثير مللن‬
‫مزرعته ‪ ,‬يمل سيارة كبيرة سللكس أو عايللدي أو تريلللة ‪ ,‬ثللم‬
‫ُيسلمه لمطاحن الدقيق هو ‪ ,‬وشهادة في اسمي ‪ ,‬علما ً أنني‬
‫بايعه في المبلغ المذكور عشللرة آلف ريللال ‪ , 10000‬فهللل‬
‫هذا يجوز لي أم هللذا مللن التحي ّللل الممنللوع ‪ ,‬والكللذب علللى‬
‫الحكومة ؟ أرجللو الجابللة فللي أسللرع وقللت ممكللن إن شللاء‬
‫ن الحاجة إلى ذلك ماسة ‪ ,‬وأكثر المزارعين واقعيللن‬ ‫الله ‪ ,‬ل ّ‬
‫في هذا ‪ ,‬وحجتهم يقولون ‪ :‬ما فيه بأس ‪ ,‬البائع يأخذ القيمللة‬
‫في سعر معلوم‪ ,‬والشاري تنفعله الشلهادة ‪ ,‬ول عللى البلائع‬
‫مضّرة ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬إذا كللان الملُر كمللا ُ‬
‫ذكللر فل يجللوز ‪ِ ,‬لمللا فيلله مللن‬
‫ش والكذب ‪.‬‬ ‫الغ ّ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬

‫‪236‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبللللدالرزاق عفيفللللي‬ ‫عبللللدالله بللللن غللللديان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫طباعة تعريف لمن سيأخذ سلللفة مللن البنللك ‪ :‬الفتللوى رقللم‬
‫‪ 15229‬ج ‪. 60-15/58‬‬
‫السؤال ‪ :‬أنا موظللف بجامعللة ‪ ,‬قسللم النسللخ ‪ ,‬ومللن ضللمن‬
‫طبيعة عملنا الذي نقوم به ‪ :‬طباعة تعاريف لبعض منسللوبي‬
‫الجامعة ‪ ,‬لغرض أخذ سلفة من بنك القاهرة ‪ ,‬والذي تتعامل‬
‫ن البنللك يأخللذ مللن‬ ‫معه الجامعة في صرف الرواتب ‪ ,‬علما ً أ ّ‬
‫جراء هذه السلفة من العميل ‪ %10‬فائدة ربوية فللوق قيمللة‬
‫السلفة ‪ ,‬فأرجو من سماحتكم توضيح التي ‪:‬‬
‫ده قبللل‬ ‫‪ -1‬ما حكم قيامي بنسخ هذا التعريف ‪ ,‬وحكم من أع ّ‬
‫نسخه ) علما ً بأننا مجبورون على هذا العمل ( ؟ ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما حكم المستفيد من هذا التعريف ؟ ‪.‬‬
‫‪ -2‬حكم عمل البنك ؟ وجزاكم الله خيرا ً ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬ل يجوُز هذا النسخ ‪ ,‬ول التعريللف لصللاحبه إذا كللان‬
‫ن بله عللى‬ ‫المعلّرف والناسلخ يعلللم أن المكتللوب لله يسلتعي ُ‬
‫المعاملة الّربوية ‪ ,‬لعموم الحديث الصحيح عللن رسللول الللله‬
‫ن آكللل الربللا ‪ ,‬ومللوكله ‪,‬‬ ‫صلى الللله عليلله وسلللم ‪)) :‬أنلله لعل َ‬
‫وكاتبه ‪ ,‬وشاهديه (( ‪.‬‬
‫وقال ‪ )) :‬هم سللواٌء (( رواه مسلللم فللي صللحيحه ‪ ,‬ولعمللوم‬
‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ‬ ‫قول الله عز وجل ‪ )) :‬وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى اْلبّر َوالت ّْق َ‬
‫ب(( ‪.‬‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقا ِ‬
‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن َوات ُّقوا ْ الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫عََلى ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ,‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نلللائب الرئيلللس‬ ‫عضلللو‬ ‫عضلللو‬ ‫عضلللو‬
‫الرئيس‬

‫‪237‬‬
‫عبدالعزيز آل الشلليخ صللالح الفللوزان عبللدالله بللن غللديان‬
‫عبدالرزاق عفيفيي عبدالعزيز بن باز‬
‫***‬
‫قرار هيئة كبار العلماء فللي المسللابقات التجاريللة ‪ :‬مضللمون‬
‫القرار رقم ‪ 162‬وتاريخ ‪26/2/1410‬هل ‪.‬‬
‫) درس المجلس موضوع المسابقات التجارية بصفة عامللة ‪،‬‬
‫ج لها بواسللطة بعللض وسللائل العلم ‪ ،‬أو بواسللطة‬ ‫التي ُيروّ ُ‬
‫بعض المؤسسات التجارية كالتي سبق ذكرها آنفا ً ]‪.[58‬‬
‫وبعد دراسة المجلس لموضوع هذه المسابقات الللتي لجللأت‬
‫إليها بعللض الشللركات والمؤسسللات لطلللب الحصللول علللى‬
‫الموال الكثيرة دون مقابللل اعتمللادا ً علللى التغريللر والخللداع‬
‫لعامة الناس ‪ ،‬وبعد اطلعه على البحث المعد في الموضوع‬
‫ص علللى تحريللم الميسللر‬ ‫وتللأمله للدلللة الشللرعية الللتي تن ل ّ‬
‫ل معاملة فيهللا مقللامرة أو تغريللر أو أكللل للمللال‬ ‫)القمار( لك ّ‬
‫بالباطل أو إضرار بالخرين ‪ ،‬اتضح للمجلس تحريم مسللابقة‬
‫مى بالللدولر الصللاروخي ‪،‬‬ ‫جاسابا الدولية ‪ ،‬ومسابقة مللا ُيس ل ّ‬
‫ومسابقة مؤسسة رشا التجارية وأمثالها ‪ِ ،‬لما تشللتمل عليلله‬
‫ن كللل‬ ‫هذه المسابقات من أكللل أمللوال النللاس بالباطللل ‪ ،‬ل ّ‬
‫مشترك يدفع مبلغا ً من المال مخللاطرة ‪ ،‬وهللو ل يللدري هللل‬
‫يحصل على مقابل أم ل ‪ ،‬وهذا هللو القمللار ‪ ،‬وِلمللا فيهللا مللن‬
‫التلعب بعقول الناس والتغرير بهم ‪ ،‬وخداعهم ‪ ،‬وجميع هذه‬
‫المسابقات من الميسر ‪ ،‬وهو مح لّرم شللرعا ً كمللا فللي قللول‬
‫َ‬
‫سلُر‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫ملُر َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬‫مللا ال ْ َ‬ ‫من ُللوا ْ إ ِن ّ َ‬‫نآ َ‬ ‫الله سبحانه ‪ )) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫جت َن ُِبوهُ ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫ن َفا ْ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬‫س ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َوالْزل َ ُ‬ ‫صا ُ‬ ‫َوالن َ‬
‫داوَةَ‬ ‫م ال َْعلل َ‬ ‫كلل ُ‬‫ن َأن ُيوِقللعَ ب َي ْن َ ُ‬ ‫طا ُ‬‫شللي ْ َ‬ ‫ريللد ُ ال ّ‬ ‫مللا ي ُ ِ‬ ‫ن* إ ِن ّ َ‬ ‫حللو َ‬‫ت ُْفل ِ ُ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫علن ذِ ْ‬ ‫صلد ّك ُ ْ‬ ‫مرِ َوال ْ َ‬ ‫ضاء ِفي ال ْ َ‬ ‫َوال ْب َغْ َ‬
‫كلرِ الللهِ وَعَل ِ‬ ‫م َ‬ ‫سرِ وَي َ ُ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫خ ْ‬
‫الصل َة فَه ْ َ‬
‫ن(( )المائدة‪ (91-90:‬والله الموفلق ‪،‬‬ ‫منت َُهو َ‬ ‫ل أنُتم ّ‬ ‫ّ ِ َ‬
‫وصلللى الللله علللى عبللده ورسللوله نبينللا محمللد وعلللى آللله‬
‫وصحبه ‪.‬‬
‫هيئة كبار العلماء‬

‫‪238‬‬
‫***‬
‫لت‬ ‫دمللة مللن الشللركات والمؤسسللات والمح ّ‬ ‫الجللوائز المق ّ‬
‫التجارية ‪ :‬فتاوى إسلمية ج ‪. 366-2/365‬‬
‫الحمد لله ‪ ,‬والصلة والسلم على رسول الله وآله وصحبه ‪.‬‬
‫لت‬ ‫أمللا بعللد ‪ :‬فقللد لللوحظ قيللام بعللض المؤسسللات والمح ّ‬
‫التجارية بنشر إعلنات في الصحف وغيرها عن تقديم جللوائز‬
‫لمللن يشللتري مللن بضللائعهم المعروضللة ‪ ,‬ممللا ُيغللري بعللض‬
‫الناس على الشراء من هللذا المحللل دون غيللره ‪ ,‬أو يشللتري‬
‫سلعا ً ليس له فيها حاجة ‪ ,‬طمعا ً فللي الحصللول علللى إحللدى‬
‫هذه الجوائز ‪.‬‬
‫دي إلللى‬ ‫ن هذا نوعٌ من القمار المحّرم شرعا ً ‪ ,‬والمؤ ّ‬ ‫وحيث أ ّ‬
‫أكل أموال الناس بالباطل ‪ ,‬وِلما فيه مللن الغللراء والتس لّبب‬
‫في ترويج سلعته وإكساد سلعة الخريللن المماثلللة ممللن لللم‬
‫ن‬ ‫ت تنللبيه المسلللمين علللى أ ّ‬ ‫مقامرته‪ ,‬لذلك أحبب ُ‬ ‫ُيقامر مثل ُ‬
‫هذا العمل محّرم‪ ,‬والجائزة التي تحصل عن طريقله محّرملة‬
‫مللن الميسللر المحلّرم شللرعًا‪ ,‬وهللو القمللار‪ ,‬فللالواجب علللى‬
‫أصحاب التجارة الحذر من هذه المقامرة‪ ,‬وليسعهم ما يسللع‬
‫مُنوا ْ ل َ َتللأ ْك ُُلوا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬
‫َ‬
‫الناس‪ ,‬وقد قال الله سبحانه ‪َ)) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫م‬ ‫منك ُل ْ‬ ‫ض ّ‬ ‫را‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫لن‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ً‬ ‫ة‬‫ر‬‫َ‬ ‫جا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫كو‬ ‫ل إ ِل ّ َأن ت َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫با‬
‫َ‬ ‫م ِبال ْ‬ ‫ْ‬ ‫م ب َي ْن َك ُ‬
‫ْ‬ ‫وال َك ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ‬
‫أَ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ل ذ َل ِل َ‬ ‫من ي َْفعَ ل ْ‬ ‫حيمًا* وَ َ‬ ‫م َر ِ‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫وَل َ ت َْقت ُُلوا ْ أنُف َ‬
‫ك عَل َللى الل ّل ِ‬
‫ه‬ ‫ن ذ َل ِل َ‬ ‫ص لِليهِ ن َللارا ً وَك َللا َ‬ ‫ف نُ ْ‬ ‫س لو ْ َ‬ ‫عُلد َْوانا ً وَظ ُْلم لا ً فَ َ‬
‫سيرًا(( )النساء‪.(30-29:‬‬ ‫يَ ِ‬
‫وهذه المقامرة ليست من التجارة التي ُتباح بالتراضي ‪ ,‬بللل‬
‫هي من الميسر الذي حّرمه الله ‪ِ ,‬لمللا فيلله مللن أكللل المللال‬
‫بالباطل ‪ ,‬وِلما فيه من إيقاع الشحناء والعداوة بين النللاس ‪,‬‬
‫مللا ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ملُر‬ ‫خ ْ‬ ‫من ُللوا ْ إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫كما قللال الللله سللبحانه ‪)) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫شللي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫طا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ملل ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫ملل ْ‬ ‫س ّ‬ ‫جلل ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َوالْزل َ ُ‬ ‫صللا ُ‬ ‫سللُر َوالن َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫طا َ‬
‫م‬ ‫ن أن ُيوقِلعَ ب َي ْن َك ُل ُ‬ ‫شي ْ َ ُ‬ ‫ريد ُ ال ّ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫ن* إ ِن ّ َ‬ ‫حو َ‬ ‫م ت ُْفل ِ ُ‬ ‫جت َن ُِبوهُ ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫َفا ْ‬
‫عن ذِك ْرِ الّللل ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫صد ّك ُ ْ‬ ‫سرِ وَي َ ُ‬ ‫مي ْ ِ‬‫مرِ َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضاء ِفي ال ْ َ‬ ‫داوَةَ َوال ْب َغْ َ‬ ‫ال ْعَ َ‬
‫ن(( ‪.‬‬ ‫وعَن الصل َة فَه ْ َ‬
‫منت َُهو َ‬ ‫ل أنُتم ّ‬ ‫ّ ِ َ‬ ‫َ ِ‬

‫‪239‬‬
‫والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلللمين لمللا فيلله رضللاه‬
‫وصلح أمر عباده ‪ ,‬وأن ُيعيذنا جميعا ً مللن كللل عمللل ُيخللالف‬
‫شرعه ‪ ,‬إنه جواد كريم ‪ ,‬وصلى الله وسّلم على نبينللا محمللد‬
‫وآله وصحبه ‪.‬‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫الرئيس العللام لدارات البحللوث العلميللة ‪ ,‬والفتللاء والللدعوة‬
‫والرشاد‬
‫***‬
‫دمها بعض البنوك قرعة بيللن مللن يفتللح‬ ‫حكم الجوائز التي ُتق ّ‬
‫لديها حسابا ً ‪ :‬الفتوى رقم ‪ 18528‬ج ‪. 197-15/196‬‬
‫السؤال ‪ :‬بعض البنللوك التجاريللة بللدول الخليللج تقللوم بوضللع‬
‫جوائز ‪ ,‬مثل ‪ :‬سيارات ‪ ,‬أو بيوت جاهزة لمن يفتح في البنك‬
‫حساب توفير لحفظ أمواله ‪ ,‬وتعمل قرعة بين زبائن البنك ‪,‬‬
‫م يفوز بالجائزة أحد الزبائن ‪ ,‬فما حكم هذه الجائزة ‪ ,‬سواء‬ ‫ث ّ‬
‫كانت عينية أو مادية ؟ ‪.‬‬
‫ن هللذه الجللوائز غيللر‬‫الجواب ‪ :‬إذا كان المللر كمللا ذكللر ‪ ,‬فللإ ّ‬
‫مقابللل إيللداع المللوال فللي البنللوك‬ ‫جائزة ‪ ,‬لنها فوائد ربوية ُ‬
‫الربوية ‪ ,‬وتغيير السماء ل ُيغير الحقائق ‪.‬‬
‫وبالله التوفيللق ‪ ،‬وصلللى الللله علللى نبينللا محمللد وصللحه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو عضو‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالله بن غديان عبدالعزيز‬
‫آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫شراء العلب الغذائية التي بداخلها جوائز نقدية ‪ :‬الفتوى رقم‬
‫‪ 20656‬في ‪6/11/1419‬هل ‪.‬‬
‫ت إلى إحدى البقالت قبل أيللام لشللراء حليللب‬ ‫السؤال ‪ :‬ذهب ُ‬
‫لولدي ‪ ،‬فقال لي البللائع ‪ :‬عنللدنا نللوعٌ مللن الحليللب بللداخله‬
‫جوائز نقدية عبارة عن ريالت ‪ :‬تبدأ من ريال إلى ‪ 500‬ريال‬

‫‪240‬‬
‫‪ ،‬فاشتريت أربع علب طمعا ً في المال ‪ ،‬فوجدت فللي اثنللتين‬
‫منها ‪ :‬ريال ً في كللل علبللة ‪ ،‬وفللي الثالثللة ‪ :‬عشللرة ريللالت ‪،‬‬
‫ل لي هللذه المبللالغ ‪،‬‬ ‫وفي الرابعة ‪ :‬خمسمائة ريال ‪ ،‬فهل تح ّ‬
‫ي أن أفعللل بهللا ؟ وإذا كللان ذلللك‬ ‫وإذا لم يكن ذلك فماذا علل ّ‬
‫حرامللا ً فلمللاذا ل ُتمنللع حللتى ل يقللع النللاس فللي الحللرام ؟‬
‫أرشدونا جزاكم الله خيرا ً ‪.‬‬
‫ن الصل عللدم جللواز وضللع نقللود أو هللدايا داخللل‬ ‫الجواب ‪ :‬إ ّ‬
‫ما في ذلك من التغرير بالناس‬ ‫معّلبات والبضائع التي ُتباع ل ِ َ‬ ‫ال ُ‬
‫وجلب أكبر قللدر ممكللن مللن الزبللائن ‪ ،‬وصللرف النللاس عللن‬
‫بضائع الناس الللتي ل يوجللد فيهللا مثللل ذلللك ‪ ،‬وشللراء علللب‬
‫الحليب المشتملة على نقود بداخلها يتفاوت قدرها من علبللة‬
‫إلى أخرى لجل ما بها من نقود ل يجوز شرعا ً ‪ ،‬بل هللو مللن‬
‫مللا فيلله مللن الغ لَرر والجهالللة ‪،‬‬‫الميسللر الللذي حّرملله الللله ل ِ َ‬
‫ن حقيقته اسللترداد بعللض مللاله أو‬ ‫ولدخول ذلك في الّربا ‪ ،‬ل ّ‬
‫ن الجهل بالتسللاوي‬ ‫م التعامل به ‪ ،‬ل ّ‬ ‫أكثر منه ‪ ،‬وذلك ربا ً َيحر ُ‬
‫كالعمل بالتفاضل ‪ ،‬وعلى ذلك ل يجوز لك أخللذ هللذه المبللالغ‬
‫الللتي وجللدتها داخللل الحليللب ‪ ،‬وعليللك أن ُترجعهللا لصللحابها‬
‫سللر لللك ذلللك ‪ ،‬وإل ّ فتخل ّللص منهللا‬ ‫المللوردين للحليللب إن تي ّ‬
‫دق بها على الفقراء والمساكين ‪.‬‬ ‫بالتص ّ‬
‫وبالله التوفيق ‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نللللللائب الرئيللللللس‬ ‫عضللللللو‬ ‫عضللللللو‬
‫الرئيس‬
‫عبدالعزيز آل‬ ‫عبدالله بن غديان‬ ‫صالح الفوزان‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬ ‫الشيخ‬
‫***‬
‫مسلللللابقات الصلللللحف ‪ :‬الفتلللللوى رقلللللم ‪ 18172‬فلللللي‬
‫‪ 15/10/1416‬هل ‪.‬‬

‫‪241‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم شللراء الصللحف بغللرض الفللوز بالمسللابقة‬
‫التي ُتطرح فيها مقابل مبلغ من المال لمللن ُيحللالفه الحللظ ‪،‬‬
‫ن المسابقة عبارة عن أسئلة ثقافية عامللة ‪ ،‬ويتخللهللا‬ ‫علما ً بأ ّ‬
‫بعض السئلة الدينية ؟ ‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬هذه المسللابقات الللتي ُتنشللر فللي بعللض الصللحف‬
‫الغرض منها ترويج الصحف والدعاية لها ‪ ،‬وليس القصد منها‬
‫ن ذلللك مللن أكللل‬ ‫نشر العلم ‪ ،‬فل تجللوز المشللاركة فيهللا ‪ ،‬ل ّ‬
‫مللا فيهللا مللن المغللامرة ‪ ،‬وقللد تكللون هللذه‬ ‫المللال بالباطللل ل ِ َ‬
‫الصحف أو المجلت الللتي تعمللل المسللابقات تحمللل أفكللارا ً‬
‫ب الحلذُر منهلا ‪ ،‬وعلدم‬ ‫سليئة تريلد ترويجهلا ونشلرها ‪ ،‬فيجل ُ‬
‫الشتراك فيها ‪.‬‬
‫وبالله التوفيللق ‪ ،‬وصلللى الللله علللى نبينللا محمللد وصللحه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نلللائب الرئيلللس‬ ‫عضلللو‬ ‫عضلللو‬ ‫عضلللو‬
‫الرئيس‬
‫بكر أبو زيد صالح الفوزان عبدالله بن غديان عبدالعزيز‬
‫آل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز‬
‫***‬
‫قللرار مجمللع الفقلله السلللمي حللول سللوق الوراق الماليللة‬
‫والبضائع ) البورصة ( ‪ :‬مجلة البحوث ج ‪. 377 -52/367‬‬
‫الحمد لله وحده ‪ ،‬والصلة والسلم على مللن ل نللبي بعللده ‪،‬‬
‫سيدنا ونبينا محمللد ‪ ،‬وآللله وصللحبه ‪ ،‬وسلللم تسللليما ً كللثيرا ً ‪،‬‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫ن مجلللس المجمللع الفقهللي السلللمي قللد نظللر موضللوع‬ ‫فإ ّ‬
‫سوق الوراق المالية والبضائع )البورصة( وما ُيعقد فيها مللن‬
‫عقود بيعا ً وشراء على العملت الورقية وأسللهم الشللركات ‪،‬‬
‫وسندات القروض التجارية والحكومية]‪ ،[59‬والبضللائع ‪ ،‬ومللا‬
‫جللل ‪ ،‬ومللا كللان منهللا علللى‬ ‫كللان مللن هللذه العقللود علللى مع ّ‬
‫طلع مجللس المجملع عللى الجلوانب اليجابيلة‬ ‫جل ‪ ,‬كما ا ّ‬ ‫مؤ ّ‬

‫‪242‬‬
‫المفيللدة لهللذه السللوق فللي نظللر القتصللاديين والمتعللاملين‬
‫فيها ‪ ،‬وعلى الجوانب السلبية الضاّرة فيها ‪.‬‬
‫)أ( فأما الجوانب اليجابية المفيدة فهي ‪:‬‬
‫ل تلقي البائعين والمشترين‬ ‫أول ً ‪ :‬أنها ُتقيم سوقا ً دائمة ُتسهّ ُ‬
‫‪ ،‬وتعقد فيها العقود العاجلة والجلة على السهم والسللندات‬
‫والبضائع ‪.‬‬
‫ثانيللا ً ‪ :‬أنهللا ُتسللّهل عمليللة تمويللل المؤسسللات الصللناعية‬
‫والتجاريللة والحكوميللة عللن طريللق طللرح السللهم وسللندات‬
‫القروض للبيع ‪.‬‬
‫ثالث لا ً ‪ :‬أنهللا ُتس لّهل بيللع السللهم وسللندات القللروض للغيللر‪،‬‬
‫درة لهللا ل تصللّفي‬ ‫ن الشللركات المصلل ّ‬ ‫والنتفللاع بقيمتهللا‪ ،‬ل ّ‬
‫قيمتها لصحابها ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬أنها ُتس لّهل معرفللة ميللزان أسللعار السللهم وسللندات‬
‫القروض والبضائع ‪ ،‬وتموجاتها في ميدان التعامل عن طريق‬
‫حركة العرض والطلب ‪.‬‬
‫)ب( وأما الجوانب الضارة في هذه السوق فهي ‪:‬‬
‫ن العقود الجلة التي تجري في هللذه السللوق ليسللت‬ ‫أول ً ‪ :‬أ ّ‬
‫في معظمها بيعا ً حقيقيا ً ‪ ،‬ول شللراء حقيقيلا ً ‪ ،‬لنهللا ل يجللري‬
‫فيها التقابض بين طرفي العقد فيما ُيشترط له التقابض فللي‬
‫العرضين أو أحدهما شرعا ً ‪.‬‬
‫ن البائع فيها غالبا ً يبيع ما ل يملك من عملت وأسللهم‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬أ ّ‬
‫أو سندات قروض أو بضللائع علللى أمللل شللرائه مللن السللوق‬
‫وتسليمه في الموعد ‪ ،‬دون أن يقبض الثمن عند العقد ‪ ،‬كما‬
‫هو الشرط في السلم ‪.‬‬
‫ن المشتري فيها غالبا ً يبيع ما اشتراه لخر قبل قبضه‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬أ ّ‬
‫‪ ،‬والخر يبيعه أيض لا ً لخللر قبللل قبضلله ‪ ،‬وهكللذا يتكللرر الللبيع‬
‫والشللراء علللى الشلليء ذاتلله قبللل قبضلله ‪ ،‬إلللى أن تنتهللي‬
‫الصفقة إلى المشتري الخير الذي قد يريد أن يتسّلم المللبيع‬
‫مللن البللائع الول الللذي يكللون قللد بللاع مللا ل يملللك ‪ ،‬أو أن‬
‫ُيحاسللبه علللى فللرق السللعر فللي موعللد التنفيللذ ‪ ،‬وهللو يللوم‬

‫‪243‬‬
‫التصفية ‪ ،‬بينملا يقتصلر دور المشلترين والبلائعين غيلر الول‬
‫والخير على قبض فرق السعر في حالة الربح ‪ ،‬أو دفعه في‬
‫حالللة الخسللارة ‪ ،‬فللي الموعللد المللذكور ‪ ،‬كمللا يجللري بيللن‬
‫مقامرين تماما ً ‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫رابعا ً ‪ :‬ما يقوم به المتمولون من احتكار السللهم والسللندات‬
‫والبضائع في السوق للتحكم في البائعين الللذين بللاعوا مللا ل‬
‫يملكون علللى أمللل الشللراء قبللل موعللد تنفيللذ العقللد بسللعر‬
‫أقل ‪ ،‬والتسليم في حينه ‪ ،‬وإيقاعهم في الحرج ‪.‬‬
‫ن خطورة السوق المالية هللذه تللأتي مللن اتخاذهللا‬ ‫خامسا ً ‪ :‬أ ّ‬
‫ن السعار فيهللا ل‬ ‫وسيلة للتأثير في السواق بصفة عامة ‪ ،‬ل ّ‬
‫تعتمللد كليللا ً علللى العللرض والطلللب الفعلييللن مللن قبللل‬
‫المحتللاجين إلللى الللبيع أو إلللى الشللراء‪ ،‬وإنمللا تتللأثر بأشللياء‬
‫كثيرة ‪ ،‬بعضها مفتعل من المهيمنيللن علللى السللوق ‪ ،‬أو مللن‬
‫المحتكرين للسلع أو الوراق المالية فيها ‪ ،‬كإشاعة كاذبللة أو‬
‫ن ذلللك‬ ‫نحوها ‪ ،‬وهنا تكمللن الخطللورة المحظللورة شللرعا ً ‪ ،‬ل ّ‬
‫دي إلى تقلبات غير طبيعية في السللعار ‪ ،‬ممللا ي ُللؤثر علللى‬ ‫ُيؤ ّ‬
‫الحياة القتصادية تأثيرا ً سيئا ً ‪.‬‬
‫ولين إللى‬ ‫ممل ّ‬ ‫وعلى سبيل المثال ل الحصر ‪ :‬يعمد كبار ال ْ ُ‬
‫طرح مجموعة من الوراق مللن أسللهم أو سللندات قللروض ‪،‬‬
‫فيهبط سلعرها لكلثرة العلرض ‪ ،‬فُيسلارع صلغار حمللة هلذه‬
‫الوراق إلى بيعها بسعر أقل‪ ،‬خشية هبوط سعرها أكللثر مللن‬
‫ذلك وزيادة خسارتهم ‪ ،‬فيهبط سعرها مجددا ً بزيادة عرضهم‬
‫‪ ،‬فيعود الكبار إلى شراء هذه الوراق بسللعر أقللل بغيللة رفللع‬
‫سعرها بكثرة الطلب ‪ ،‬وينتهي المر بتحقيق مكاسب للكبار‪،‬‬
‫وإلحللاق خسللائر فادحللة بللالكثرة الغالبللة وهللم صللغار حملللة‬
‫الوراق المالية‪ ،‬نتيجللة خللداعهم بطللرح غيللر حقيقللي لوراق‬
‫مماثلة ‪ ،‬ويجري مثل ذلك أيضا ً فللي سلوق البضلائع ‪ ،‬وللذلك‬
‫قللد أثللارت سللوق البورصللة جللدل ً كللبيرا ً بيللن القتصللاديين‪،‬‬
‫والسبب في ذلك ‪ :‬أنها سّببت في فللترات معّينللة مللن تاريللخ‬
‫العالم القتصادي ضياع ثروات ضخمة في وقت قصير‪ ،‬بينمللا‬

‫‪244‬‬
‫جهللد ‪ ،‬حللتى إنهللم فللي الزمللات‬ ‫سلّببت غنللى الخريللن دون ُ‬
‫ب الكللثيرون بإلغائهللا‪ ،‬إذ‬ ‫الكللبيرة الللتي اجتللاحت العللالم طللال َ‬
‫تذهب بسببها ثروات ‪ ،‬وتنهللار أوضللاع اقتصللادية فللي هاويللة‪،‬‬
‫وبللوقت سللريع ‪ ،‬كمللا يحصللل فللي الللزلزل والنخسللافات‬
‫ن مجلللس المجمللع الفقهللي‬ ‫الرضللية ‪ ،‬ولللذلك كللله ‪ :‬فللإ ّ‬
‫السلمي‪ ،‬بعللد اطلعلله علللى حقيقللة سللوق الوراق الماليللة‬
‫والبضائع ) البورصة ( وما يجري فيها من عقود عاجلة وآجلللة‬
‫على السهم وسندات القللروض والبضللائع والعملت الورقيللة‬
‫ومناقشتها في ضوء أحكام الشريعة السلمية ُيقّرر ما يلي ‪:‬‬
‫ن غاية السللوق الماليللة )البورصللة( هللي إيجللاد سللوق‬ ‫أول ً ‪ :‬أ ّ‬
‫مستمرة ودائمة يتلقى فيهللا العللرض والطللب والمتعللاملون‬
‫بيعللا ً وشللراء ‪ ،‬وهللذا أمللر جيللد ومفيللد ‪ ،‬ويمنللع اسللتغلل‬
‫المحترفين للغافلين والمسترسلين الذين يحتللاجون إلللى بيللع‬
‫أو شراء‪ ،‬ول يعرفللون حقيقللة السللعار ول يعرفللون المحتللاج‬
‫ن هللذه المصلللحة‬ ‫إلى البيع ومن هو محتاج إلى الشراء‪ ،‬ولك ل ّ‬
‫الواضحة يواكبها في السواق المذكورة )البورصة( أنواع من‬
‫الصفقات المحظورة شرعًا‪ ،‬والمقللامرة حكللم شللرعي عللام‬
‫ب بيان حكم المعاملت التي تجري فيها ‪ ،‬كل‬ ‫بشأنها ‪ ،‬بل يج ُ‬
‫واحدة منها على حده ‪.‬‬
‫ن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬أ ّ‬
‫ملك البائع التي يجري فيها القبض فيمللا ُيشللترط للله القبللض‬
‫في مجلس العقد شرعا ً هي عقود جائزة ‪ ،‬ما لم تكن عقودا ً‬
‫على محّرم شرعا ً ‪ ،‬أما إذا للم يكلن الملبيع فلي مللك البلائع‬
‫م ل يجللوز‬ ‫سللَلم ‪ ،‬ثلل ّ‬
‫فيحللب أن تتللوافر فيلله شللروط بيللع ال ّ‬
‫للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه ‪.‬‬
‫ن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسللات‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬أ ّ‬
‫حين تكون تلك السهم في ملك البائع جائزة شللرعًا‪ ،‬مللا لللم‬
‫تكن تلك الشللركات أو المؤسسلات موضللوع تعاملهللا محلّرم‬
‫شرعا ً كشركات البنوك الربويللة‪ ،‬وشللركات الخمللور ‪ ،‬فحينئذ‬
‫يحرم التعاقد في أسهما بيعا ً وشراًء ‪.‬‬

‫‪245‬‬
‫ن العقللود العاجللة والجللة علللى سللندات القللروض‬ ‫رابعلا ً ‪ :‬أ ّ‬
‫بفائدة ‪ ،‬بمختلف أنواعها غير جللائزة شللرعا ً ‪ ،‬لنهللا معللاملت‬
‫تجري بالّربا المحّرم ‪.‬‬
‫ن العقللود الجلللة بأنواعهللا ‪ ،‬الللتي تجللري علللى‬ ‫خامسللا ً ‪ :‬أ ّ‬
‫المكشوف ‪ ،‬أي ‪ :‬على السهم والسلع التي ليست في ملللك‬
‫البائع ‪ ،‬بالكيفية التي تجري فللي السللوق الماليللة )البورصللة(‬
‫غير جائزة شرعا ً ‪ ،‬لنها تشتمل على بيع الشخص ما ل يملك‬
‫‪ ،‬اعتمادا ً على أنه سيشتريه فيما بعد وُيسّلمه فللي الموعللد ‪،‬‬
‫ح عن رسول الللله صلللى الللله‬ ‫ي عنه شرعا ً ‪ِ ،‬لما ص ّ‬ ‫وهذا منه ّ‬
‫عليه وسّلم أنه قال ‪ )) :‬ل تبع ما ليس عندك(( ]‪.[60‬‬
‫وكذلك ما رواه المام أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن زيللد‬
‫ي صلى الله عليه وسللّلم‬ ‫ن النب ّ‬ ‫بن ثابت رضي الله عنه ‪ )) :‬أ ّ‬
‫نهللى أن ُتبللاع السلللع حيللث تبتللاع حللتى يحوزهللا التجللار إلللى‬
‫رحالهم (( ]‪.[61‬‬
‫سادسلللا ً ‪ :‬ليسلللت العقلللود الجللللة فلللي السلللوق الماليلللة‬
‫سللَلم الجللائز فللي الشللريعة‬ ‫) البورصللة ( مللن قبيللل بيللع ال ّ‬
‫السلمية ‪ ،‬وذلك للفرق بينهما من وجهين ‪:‬‬
‫)أ( في السوق المالية )البورصة( ل ُيدفع الثمن في العقللود‬
‫جل دفع الثمن إلللى موعللد‬ ‫الجلة في مجلس العقد ‪ ،‬وإنما ُيؤ ّ‬
‫سَلم يجللب أن ي ُللدفع فللي‬ ‫ن الثمن في بيع ال ّ‬ ‫التصفية ‪ ،‬بينما أ ّ‬
‫مجلس العقد ‪.‬‬
‫)ب( في السوق )البورصة( ُتباع السلعة المتعاقد عليها وهي‬
‫دة‬‫في ذمة البائع الول ‪ ،‬وقبل أن يحوزها المشتري الول علل ّ‬
‫بيوعات ‪ ،‬وليللس الغللرض مللن ذلللك إل قبللض أو دفللع فللروق‬
‫السعار بين البللائعين والمشللترين غيللر الفعلييللن ‪ ،‬مخللاطرة‬
‫منهم على الكسب والربح ‪ ،‬كالمقامرة سواء بسللواء ‪ ،‬بينمللا‬
‫ل يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبل قبضه ‪.‬‬
‫دم يرى المجمع الفقهي السلمي ‪:‬‬ ‫وبناًء على ما تق ّ‬
‫ب على المسللئولين فللي البلد السلللمية أن ل يللتركوا‬ ‫أنه يج ُ‬
‫أسواق البورصة فللي بلدهللم حلّرة تتعامللل كيللف تشللاء فللي‬

‫‪246‬‬
‫عقود وصفقات ‪ ،‬سواء أكانت جائزة أو محّرمة ‪ ،‬وأل يللتركوا‬
‫المتلعبين بالسعار فيها أن يفعلوا ما يشاءون ‪ ،‬بل يوجبللون‬
‫فيها مراعاة الطرق المشروعة في الصفقات التي تعقد فيها‬
‫‪ ،‬ويمنعون العقود غير الجائزة شرعا ً ‪ ،‬ليحولوا دون التلعللب‬
‫الذي يجّر إلى الكللوارث الماليللة ‪ ،‬ويخللرب القتصللاد العللام ‪،‬‬
‫ن الخير كللل الخيللر فللي الللتزام‬ ‫ويلحق النكبات بالكثيرين ‪ ،‬ل ّ‬
‫ل شيء ‪ ،‬قال الللله تعللالى ‪:‬‬ ‫طريق الشريعة السلمية في ك ّ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫س لت َِقيما ً فَللات ّب ُِعوهُ وَل َ ت َت ّب ِعُللوا ْ ال ّ‬
‫س لب ُ َ‬ ‫م ْ‬‫طي ُ‬ ‫ص لَرا ِ‬
‫ذا ِ‬‫هل ل َ‬‫ن َ‬‫)) وَأ ّ‬
‫ن((‬ ‫م ت َت ُّقلو َ‬ ‫كم ِبلهِ ل َعَل ّ ُ‬
‫كل ْ‬ ‫صلا ُ‬ ‫م وَ ّ‬ ‫كل ْ‬‫سلِبيل ِهِ ذ َل ِ ُ‬‫علن َ‬ ‫م َ‬ ‫فَت ََفلّرقَ ب ِ ُ‬
‫كل ْ‬
‫)النعام‪. (153:‬‬
‫ي التوفيق ‪ ،‬والهادي إلى سواء السبيل ‪،‬‬ ‫والله سبحانه هو ول ّ‬
‫وصلى الللله علللى سلليدنا ونبينللا محمللد ‪ ،‬وعلللى آللله وصللحبه‬
‫وسّلم ‪.‬‬
‫رئيللس مجلللس المجمللع‬ ‫نللائب الرئيللس‬
‫الفقهي‬
‫عبدالعزيز بن عبدالله بللن‬ ‫د‪ .‬عبدالله عمر نصيف‬
‫باز‬
‫العضاء‬
‫صالح بن فوزان الفوزان‬ ‫عبدالله العبدالرحمن البسام‬
‫محمللد الصللالح العللثيمين محمللد بللن عبللدالله بللن سللبيل‬
‫محمد محمود الصواف‬ ‫مصطفى أحمد الزرقاء‬
‫محملللدح رشللليد قبلللاني‬ ‫محملللد سلللالم علللدود‬
‫محمد الشاذي النيفر‬
‫عبدالقللللدوس الهاشللللمي‬ ‫أبللللو بكللللر جللللومي‬
‫محمد رشيدي‬
‫محمد أحمد قمر‬
‫مقّرر مجلس المجمع الفقهي السلمي‬
‫***‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫‪247‬‬
‫من ُللوا ْ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ب سبحانه وتعللالى ‪ )) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬ ‫قال شديد ُ العقا ِ‬
‫م‬ ‫ن* َفللِإن ّللل ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ن الّرَبا ِإن ُ‬ ‫م َ‬‫ي ِ‬ ‫ما ب َِق َ‬ ‫ه وَذ َُروا ْ َ‬ ‫ات ُّقوا ْ الل ّ َ‬
‫ْ‬
‫س‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫م فَل َك ُل ْ‬ ‫سول ِهِ وَِإن ت ُب ْت ُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫ت َْفعَُلوا ْ فَأذ َُنوا ْ ب ِ َ‬
‫َ‬
‫ن(( ‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫ن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫م ل َ ت َظ ْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫ن تلد َعَ شلليئا ً لللله علّز‬ ‫ك ل َل ْ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسّلم ‪ )) :‬إن ّ َ‬
‫ك منه ((]‪.[62‬‬ ‫دلك الله به ما هو خيٌر ل َ َ‬ ‫ل إل ب ّ‬ ‫وج ّ‬
‫م‬ ‫حك َل ٌ‬ ‫مجِلس لا ً للللذكر إل ّ قللال ‪ :‬الللله َ‬ ‫س َ‬ ‫وكللان معللاذ ل يجل ل ُ‬
‫ن ورائكللم فَِتن لا ً َيكللثُر فيهللا‬ ‫مل ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مرتللابون ‪ ،‬إ ّ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫ط ‪ ،‬هل َل َ‬ ‫سل ٌ‬ ‫قِ ْ‬
‫ن والمنللافقُ ‪،‬‬ ‫خ لذ َهُ المللؤم ُ‬ ‫ن‪ ،‬حللتى َيأ ُ‬ ‫ح فيها القرآ ُ‬ ‫ل‪ ،‬وُيفت ُ‬ ‫الما ُ‬
‫ك‬ ‫شل ُ‬‫ح لّر ‪ ،‬فيو ِ‬ ‫ة‪ ،‬والصغيُر والكبيُر‪ ،‬والعب لد ُ وال ْ ُ‬ ‫ل والمرأ ُ‬ ‫والّرج ُ‬
‫ن‪ ،‬مللا‬ ‫ت القلرآ َ‬ ‫ن يقول ‪ :‬ما للناس ل ي َّتبعوِني وقد ْ قلرأ ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫قائ ٌ‬
‫َ‬
‫ن مللا‬ ‫ه‪ ،‬فإّياكم ومللا ابت ُللدعَ فللإ ّ‬ ‫ي حّتى أبتد َعَ َلهم غيَر ُ‬ ‫مت ِّبع ّ‬ ‫مب ُ‬ ‫هُ ْ‬
‫ن قللد‬ ‫ن الشلليطا َ‬ ‫ة الحكي لم ِ ‪ ،‬فللإ ّ‬ ‫ذركم َزي ْغَ ل َ‬ ‫ة ‪ ،‬وُأح ل ّ‬ ‫ابُتدع ضلل ٌ‬
‫ق‬
‫ل المنللاف ُ‬ ‫ة الضللةِ على لسان الحكيم ‪ ،‬وقد يقللو ُ‬ ‫ل كلم َ‬ ‫يقو ُ‬
‫ن‬ ‫ك الللله أ ّ‬ ‫ت لمعاذ ‪ :‬مللا ي ُللدريِني رحمل َ‬ ‫ل ‪ :‬قل ُ‬ ‫ة الحقّ ‪ ،‬قا َ‬ ‫كلم َ‬
‫ة‬ ‫ل كلم ل َ‬ ‫ن المنافقَ قد ْ يقو ُ‬ ‫ة الضللةِ ‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ل كلم َ‬ ‫م قد يقو ُ‬ ‫الحكي َ‬
‫ت الللتي‬ ‫ن كلم الحكيم ِ المشتهَِرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الحقّ ‪ ،‬قال ‪ :‬بلى‪ ،‬اجتنب ِ‬
‫ن‬ ‫ك عنلله ‪ ،‬فللإنه لعل ّلله أ ْ‬ ‫ك ذلل َ‬ ‫ل لهللا ‪ :‬مللا هللذه ‪ ،‬ول ي َث ِْنين ّل َ‬ ‫ُيقللا ُ‬
‫ن على الحقّ نورًا( ]‪.[63‬‬ ‫ُيراجع ‪ ،‬وتل ّقَ الحقّ إذا سمعته ‪ ،‬فإ ّ‬
‫مللن سللواه‬ ‫كفانا الله بحلللله عللن حراملله ‪ ,‬وأغنانللا بفضللله ع ّ‬
‫)) إ ُ‬
‫ما ت َوِْفيِقي إ ِل ّ ِبالل ّهِ عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ست َط َعْ ُ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صل َ َ‬ ‫ن أِريد ُ إ ِل ّ ال ِ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ُ‬
‫ب(( )هود‪. (88:‬‬ ‫ت وَإ ِل َي ْهِ أِني ُ‬ ‫ت َوَك ّل ْ ُ‬
‫جهدي ‪ ،‬والحمد لله رب العالمين ‪.‬‬ ‫هذه نصيحتي وغاية ُ‬
‫وصلى الله وسّلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه ‪.‬‬

‫________________________________________‬
‫]‪ [1‬خطبة المام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في كتابه ‪:‬‬
‫الرد على الجهمية والزنادقة ص ‪. 57-55‬‬

‫‪248‬‬
‫ف‬ ‫ب ‪ :‬كي ل َ‬ ‫]‪ [2‬رواه المام البخللاري واللفللظ للله ح ‪ ) 100‬بللا ٌ‬
‫ن‬ ‫ب عمُر بلل ُ‬ ‫م ( ؟ ‪ ,‬وقال رحمه الله تعالى ‪ » :‬وكت َ‬ ‫ض العل ُ‬ ‫ُيقب ُ‬
‫ن مللن حللديث‬ ‫ن حزم ٍ ‪ :‬انظر ما كللا َ‬ ‫عبد العزيز إلى أبي بكر ب ِ‬
‫ت‬ ‫خفل ُ‬ ‫ه ‪ ,‬فللإني ِ‬ ‫رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم فللاكتب ُ‬
‫ي صلى‬ ‫ث النب ّ‬ ‫ب العلماِء ‪ ,‬ول تقبل إل ّ حدي َ‬ ‫س العلم ِ وذها َ‬ ‫د ُُرو َ‬
‫مللن‬ ‫م َ‬ ‫م ‪ ,‬ولَيجلسوا حّتى ُيعل ّل َ‬ ‫شوا العل َ‬ ‫الله عليه وسلم ‪ ,‬ولُيف ُ‬
‫سّرا ً « ‪.‬‬‫ن ِ‬ ‫ك حّتى يكو َ‬ ‫م ل َيهل ِ ُ‬ ‫ن العل َ‬ ‫م ‪ ,‬فإ ّ‬ ‫ل َيعل َ ُ‬
‫ب ‪ :‬رفللع العلللم وقبضلله ‪,‬‬ ‫ورواه المللام مسلللم ح ‪ 2673‬بللا ُ‬
‫وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان ‪.‬‬
‫ب ‪ :‬الرجل مللن‬ ‫]‪ [3‬رواه البيهقي في الكبرى ح ‪ ) 20700‬با ُ‬
‫أهل الفقه ُيسأل عن الرجل من أهل الحديث فيقول ‪ :‬ك ُّفللوا‬
‫دث بما لم َيسمع ‪ ,‬أو أنه ل ُيبصللر‬ ‫عن حديثه لنه يغلط أو ُيح ّ‬
‫الفتيللا ( وابللن عسللاكر فللي تاريللخ مدينللة دمشللق ج ‪, 7/38‬‬
‫ححه المام أحمد ) فتح المغيث للسخاوي ج ‪. ( 1/297‬‬ ‫وص ّ‬
‫]‪ [4‬رواه الطبراني في الوسط ح ‪ , 7695‬وقال الهيثمي ‪) :‬‬
‫ورجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد ج ‪. 4/118‬‬
‫]‪ [5‬رواه المام البخاري ح ‪ 1977‬باب قول الله تعالى ‪} :‬ي َللا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة َوات ُّقللوا ْ الل ّل َ‬
‫ه‬ ‫ضللاعََف ً‬‫م َ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َأك ُُلوا ْ الّرَبا أ ْ‬
‫ض لَعاًفا ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن{ )‪ (130‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫حو َ‬ ‫م ت ُْفل ِ ُ‬ ‫ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫ه‬‫شّبهة ‪ :‬قللال ابللن منظللور ‪ ) :‬مشللكلة ُيشللب ُ‬ ‫م َ‬‫مشتبهة و ُ‬ ‫]‪ُ [6‬‬
‫بعضللها بعضللا ً ( لسللان العللرب ج ‪ , 2/266‬وقللال العينللي ‪:‬‬
‫) الشبهات هي المور التي لم يّتضح حكمها ( عمللدة القللاري‬
‫ج ‪. 2/297‬‬
‫ن‪,‬‬ ‫ل بي ّللل ٌ‬‫ب ‪ :‬الحل ُ‬ ‫]‪ [7‬رواه الملللام البخلللاري ح ‪ ) 2051‬بللا ٌ‬
‫ت(‪.‬‬ ‫ن ‪ ,‬وبينهما مشتبها ٌ‬ ‫والحرام بي ّ ٌ‬
‫]‪ [8‬أخرجه المام أحمد ح ‪ , 1723‬والترمللذي واللفللظ للله ح‬
‫حح إسناده الحافظ ابن‬ ‫‪ 2518‬وقال ‪ ) :‬حسن صحيح ( ‪ ,‬وص ّ‬
‫حجر في تغليق التعليق ج ‪. 3/211‬‬
‫]‪ [9‬أي صللحيح المللام البخللاري رحملله الللله تعللالى ح ‪6640‬‬
‫) باب ‪ :‬تعبير الرؤيا بعد صلة الصبح ( ‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫عوقب آكل الّربللا بسللباحته فللي‬ ‫]‪ ) [10‬قال ابن هبيرة ‪ :‬إنما ُ‬
‫النهر الحمر ‪ ,‬وإلقامه الحجارة ‪ :‬لن أصل الّربللا يجللري فللي‬
‫الذهب ‪ ,‬والذهب أحمر ‪ ,‬وأما إلقللام المل َللك للله ال َ‬
‫حجللر فللإنه‬
‫إشارة إلى أنه ل ُيغني عنه شيئا ً ‪ ,‬وكذلك الّربللا فللإن صللاحبه‬
‫ل أن ماله يزداد ‪ ,‬والله من ورائه يمحقه ( فتح الباري ج‬ ‫يتخي ّ ُ‬
‫‪. 12/445‬‬
‫]‪ [11‬رواه أحمد ح ‪ , 14481‬والترمللذي واللفللظ للله ح ‪614‬‬
‫باب ‪ :‬ما ذكر في فضل الصلللة ‪ ,‬وقللال الهيثمللي ‪ ) :‬ورجللاله‬
‫ثقللات ( مجمللع الللزوائد ج ‪ , 10/231‬وصللححه الحللافظ ابللن‬
‫حجر في المالي المطلقة ص ‪. 214‬‬
‫]‪ [12‬وهم ) فقهاء السلم ‪ ,‬ومن دارت الفتيا علللى أقلوالهم‬
‫عنللوا بضللبط‬‫صللوا باسللتنباط الحكللام ‪ ,‬و ُ‬ ‫خ ّ‬‫بين النام ‪ ,‬الذين ُ‬
‫قواعد الحلل والحرام ( إعلم المللوقعين للمللام ابللن القيللم‬
‫رحمه الله تعالى ج ‪. 1/7‬‬
‫ل عمللاد النللاس عليهللم‬ ‫وهم أيضا ً ‪ ) :‬الذين جعل الله عّز وجل ّ‬
‫فلي الفقلله والعللم ‪ ,‬وأمللور اللدين والللدنيا( ‪ُ,‬ينظلر ‪ :‬تفسلير‬
‫الطبري ج ‪. 3/327‬‬
‫]‪ [13‬بدائع الفوائد ج ‪. 3/277‬‬
‫]‪ [14‬الّربا وبعض صوره المعاصرة ص ‪. 42‬‬
‫وصدقَ شيخنا حفظه الله ) لماذا ل يسألون اللجنة الدائمللة ‪,‬‬
‫أو هيئة كبار العلماء ( فقد كان من هدي السلف الصالح كمللا‬
‫مبارك رحمه الله تعالى ‪ ) :‬كان فقهاء أهللل‬ ‫قال المام ابن ال ُ‬
‫المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة ‪ :‬ابن المسليب‬
‫‪ ,‬وسليمان بن يسللار ‪ ,‬وسللالم ‪ ,‬والقاسللم ‪ ,‬وعللروة ‪ ,‬وعبيللد‬
‫الله بن عبد الله ‪ ,‬وخارجة بن زيد ‪ ,‬وكانوا إذا جاءتهم مسألة‬
‫دخلوا فيها جميعا ً فنظروا فيها ( سير أعلم النبلء للللذهبي ج‬
‫‪ , 4/461‬تهذيب التهذيب لبن حجر ج ‪ , 3/378‬فتح المغيللث‬
‫للسخاوي ج ‪. 3/159‬‬
‫سعة فقه شليخنا ‪ -‬حفظله اللله ‪ -‬فللي‬ ‫ل على َ‬ ‫وأيضا ً ‪ :‬مما يد ّ‬
‫قللوله ‪ ) :‬لمللاذا ل يسللألون اللجنللة الدائمللة ‪ ,‬أو هيئة كبللار‬

‫‪250‬‬
‫ن ولي المر فللي هللذه البلد – حفظهللا الللله‬ ‫العلماء ( حيث أ ّ‬
‫صلَر الفتيللا فللي المللور العامللة علللى هيئة كبللار‬ ‫بالسلللم – قَ َ‬
‫العلماء وعلى اللجنة الدائمللة للفتللاء ‪ ,‬وهللذا أيضلا ً للله أصللله‬
‫سنة أمير المللؤمنين عمللر بللن الخطللاب رضللي‬ ‫ي من ُ‬ ‫الشرع ّ‬
‫ل‪:‬‬ ‫الله عنه ‪ ,‬فعن محمد بللن سلليرين رحمله الللله تعللالى قللا َ‬
‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل عُمر رضي الله عنه لبن مسعود أ َل َل ُ‬ ‫) قا َ‬
‫م أن َّبل لأ ‪ ,‬أو أنللبئ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬
‫ها ( أخرجلله‬ ‫ن ت َوَّلى قاّر َ‬ ‫م ْ‬‫ها َ‬
‫حاّر َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت بأمير ‪ ,‬وَ ّ‬ ‫ك ُتفِتي وََلس َ‬ ‫أن ّ َ‬
‫ة‬
‫شللد ّ ِ‬‫ب ‪ :‬الفتيا وما فيه مللن ال ّ‬ ‫الدارمي واللفظ له ح ‪ 175‬با ُ‬
‫ص ‪ , 77‬وعبد الرزاق في مصنفه ح ‪ , 15293‬وابن عبد البر‬
‫في الجامع ج ‪ , 2/143‬والذهبي في السير ج ‪. 2/495‬‬
‫ل‬ ‫قال أبللو داود فللي سللننه ح ‪ ) : 4481‬وقللال الصللمعي ‪ :‬وَ ّ‬
‫ن ت َوَّلى هَي ّن ََها ( ‪.‬‬‫م ْ‬ ‫دها َ‬ ‫ل شدي َ‬ ‫ها ‪ :‬و ّ‬ ‫ن ت َوَّلى قاّر َ‬‫م ْ‬‫ها َ‬
‫حاّر َ‬ ‫َ‬
‫ب عمللر‬ ‫ن مللذه َ‬ ‫ل علللى أ ّ‬ ‫قال الذهبي رحمه الله تعالى ‪) :‬ي َللد ّ‬
‫م من أفتى بل إذن ( السللير ج‬ ‫رضي الله عنه ‪ :‬أن َيمنع الما ُ‬
‫‪. 2/495‬‬
‫وروى المام المروزي في )ما رواه الكابر ح ‪ 47‬ص ‪: ( 61‬‬
‫ت مناديلا ً ُينللادي بالمدينللة ‪ :‬أل ل‬ ‫عن ابن وهب قال ‪ ) :‬سللمع ُ‬
‫ك بللن أنللس ‪ ,‬وابللن أبللي ذئب( وانظللر ‪:‬‬ ‫س إل مالل ُ‬ ‫ُيفتي النللا َ‬
‫العلو للعلي الغفار للللذهبي ح ‪ 351‬ج ‪ 2/967‬وفيلله ‪) :‬ن ُللودي‬
‫مّرة بالمدينة بأمر المنصور ‪. (..‬‬
‫ت سنة ثمان‬ ‫وقال أبو الوليد الباجي ‪ :‬قال ابن وهب ‪) :‬حجج ُ‬
‫ك بللن‬ ‫س إل مالل ُ‬ ‫ح ‪ :‬ل ُيفللتي النللا َ‬ ‫ح َيصي ُ‬ ‫وأربعين ومائة ‪ ,‬وصائ ٌ‬
‫أنللس ‪ ,‬وعبللد العزيللز بللن أبللي سلللمة( التعللديل والتجريللح ج‬
‫‪ , 2/699‬وانظللر ‪ :‬تاريللخ بغللداد ج ‪ , 10/436‬المنتظللم لبللن‬
‫الجوزي ج ‪. 8/275‬‬
‫وروى المام البخاري رحملله الللله فللي تللاريخه ح ‪ 2999‬عللن‬
‫عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان قال ‪) :‬أخبرني أبي ‪:‬‬
‫س‬‫ح ‪ :‬أل ل ُيفتي النللا َ‬ ‫أذكرهم في زمان بني أمية صائحا ً يصي ُ‬
‫إل عطاُء ‪ ,‬فإن لم يكن عطاء فابن أبي نجيح( وانظر ‪ :‬أخبللار‬
‫مكللللة للفللللاكهي ح ‪ 1643‬ج ‪ , 2/347‬طبقللللات الفقهللللاء‬

‫‪251‬‬
‫للشيرازي ص ‪ , 57‬تهذيب الكمال للمللزي ج ‪ , 20/78‬تاريللخ‬
‫مدينة دمشق ج ‪. 40/385‬‬
‫]‪ُ [15‬ينظر ‪ :‬الفتاوى الكللبرى الفقهيللة للهيتمللي ج ‪, 4/324‬‬
‫وكتاب زجر السفهاء عن تتبع رخص الفقهاء ‪ ,‬لجاسم الفهيللد‬
‫الدوسري ص ‪. 22-20‬‬
‫وازداد ظهوُر هذا المنهج في هذا العصر ‪ :‬عندما ُتللوّفي كبللار‬
‫أهل العلم المشهود لهم بالعلم والعمل ‪.‬‬
‫ومللن أبللرز أصللول هللذا المنهللج ‪ :‬النظللر إلللى المقاصللد دون‬
‫سع في فهم خاصية الُيسر في السلم ‪ ,‬تتّبللع‬ ‫النصوص ‪ ,‬التو ّ‬
‫متشللابه ‪ ,‬تعميللم إعمللال‬ ‫محكللم واّتبللاع ال ْ ُ‬ ‫الرخللص ‪ ,‬تللرك ال ْ ُ‬
‫قاعدة عموم البلوى فللي التخفيللف ‪ ,‬الخللذ بمبللدأ التلفيللق ‪,‬‬
‫جعل الخلف دليل ً ‪ ,‬البحث عن القوال السللاقطة ليرفعللوا ‪-‬‬
‫ج عن الكثير من الناس الذين وقعوا في كثير‬ ‫بزعمهم ‪ -‬ال ْ َ‬
‫حَر َ‬
‫من المعاملت الربوية ‪...‬‬
‫ن‬
‫ملل ْ‬‫وينتمي لمنهج التيسير المعاصر مدرستان هما ‪ :‬مدرسة َ‬
‫مون أنفسهم بالسلميين‪ ,‬وغالبهم من المتللأّثرين بحركللة‬ ‫ُيس ّ‬
‫الخوان المسلمين ‪ ,‬والثانية ‪ :‬مدرسة العلمانيين ‪ ,‬ومن أبرز‬
‫م يتعللارض مللع‬ ‫ن الدين صحيح ما ل َل ْ‬ ‫سماتهم ‪ :‬أنهم يعتبرون أ ّ‬
‫ور ‪ُ ,‬ينظر ‪ :‬منهج التيسللير المعاصللر ‪ -‬دراسللة تحليليللة ‪-‬‬ ‫التط ّ‬
‫رسالة ماجستير ‪ ,‬للشيخ عبدالله بن إبراهيم الطويللل ‪ -‬ط ‪1‬‬
‫‪ -‬دار الفضيلة ‪.‬‬
‫]‪ [16‬أخرجه المام أحمد ح ‪ , 18035‬والللدارمي ح ‪, 2533‬‬
‫وأبو يعلى ح ‪ , 1587‬وحسنه النووي في رياض الصللالحين ح‬
‫‪. 591‬‬
‫]‪ [17‬رواه الترمذي وقال ‪ ) :‬هللذا حللديث حسللن صللحيح ( ح‬
‫‪ 2417‬باب ‪ :‬ما جاء في شأن الحساب والقصاص ‪.‬‬
‫ج به المام ابن القيللم فللي إعلم‬ ‫]‪ [18‬ذكره بهذا اللفظ واحت ّ‬
‫الموقعين ج ‪ , 2/238‬ومعناه ثللابت فللي الحللديث الللذي رواه‬
‫المام أحمد ح ‪ , 3121‬وابن عبد البر في جامع بيان العلم ج‬
‫‪ , 2/196‬والمقدسللي فللي الحللاديث المختللارة ح ‪, 357‬‬

‫‪252‬‬
‫سنه ابن مفلح فللي الداب الشللرعية ج ‪ , 2/74‬والهيثمللي‬ ‫وح ّ‬
‫ححه أحمللد شللاكر ‪ ,‬ولفللظ‬ ‫في مجمع الزوائد ج ‪ , 3/234‬وص ّ‬
‫ع‬
‫المام أحمد ‪ :‬عن ابن عباس رضي الله عنهما قللال ‪ ) :‬تمت ّل َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬فقال عللروة بللن الزبيللر ‪َ :‬نهللى‬ ‫النب ّ‬
‫أبو بكر وعمللر عللن المتعللة ! فقللال ابللن عبللاس ‪ :‬مللا يقللول‬
‫عَُرّية ‪ ,‬قال ‪ :‬يقول ‪َ :‬نهى أبو بكر وعمر عللن المتعللة ‪ ,‬فقللال‬
‫ي صلللى الللله‬ ‫سي َهْل ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫كون ‪ ,‬أقول ‪ :‬قال النب ّ‬ ‫ابن عباس ‪ :‬أراهم َ‬
‫عليه وسلم ‪ ,‬ويقول ‪ :‬نهى أبو بكر وعمر ! ( ‪.‬‬
‫]‪ ( [19‬ذكر هذا الثر شيخ السلم ابن تيمية رحمه الللله فللي‬
‫كتابه ‪ :‬الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ج ‪ 117-2/116‬بلفظ ‪ ) :‬وقيل له – أي للمام أحمد ‪-‬‬
‫ث ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره ‪,‬‬ ‫دعون الحدي َ‬ ‫ن قوما ً ي َ ّ‬ ‫‪:‬إ ّ‬
‫ث ‪ ,‬وعرفللوا السللناد‬ ‫ب لقللوم سللمعوا الحللدي َ‬ ‫فقللال ‪ :‬أعجلل ُ‬
‫ه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره ‪ ,‬قال الله‬ ‫عون َ ُ‬ ‫وصحته ‪ ,‬ي َد َ ُ‬
‫ضللا قَ لد ْ‬ ‫كم ب َعْ ً‬ ‫ضل ُ‬ ‫عاء ب َعْ ِ‬ ‫م ك َلد ُ َ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُل ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫عاء الّر ُ‬ ‫جعَُلوا د ُ َ‬ ‫‪َ} :‬ل ت َ ْ‬
‫ن‬ ‫خللال ُِفو َ‬‫ن يُ َ‬
‫ذي َ‬ ‫حذ َرِ ال ّل ِ‬‫ذا فَل ْي َ ْ‬‫وا ً‬‫م لِ َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سل ُّلو َ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫م{ )‪(63‬‬ ‫َ‬ ‫م عَل َ‬ ‫عَلن أ َملره َأن تصلليبهم فتنل ٌ َ‬
‫ب أِليل ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫صلليب َهُ ْ‬ ‫ة أو ْ ي ُ ِ‬ ‫ُ ِ َُ ْ ِ َْ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬
‫سورة النللور وتدري ما الفتنللة ؟ الكفللر ‪ ,‬قلال اللله تعلالى ‪:‬‬
‫ن‬ ‫دعو َ‬ ‫ل { )‪ (191‬سللورة البقللرة في َل َ‬ ‫ن ال َْقت ْ ِ‬
‫م َ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫ة أَ َ‬ ‫} َوال ِْفت ْن َ ُ‬
‫الحديث عللن رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم وتغلبهللم‬
‫أهواؤهم إلى الرأي ( وذكره ابن مفلح في الفروع ج ‪6/375‬‬
‫مقارب ‪.‬‬ ‫بلفظ ُ‬
‫وذكر بعض العلماء قريبا ً من هذا الثر عن المام مالك رحمه‬
‫الله تعالى ‪ُ ,‬ينظللر ‪ :‬الفقيلله والمتفقلله للخطيللب ج ‪, 1/379‬‬
‫واعتقاد أهللل السللنة لللكللائي ج ‪ , 1/144‬وذم الكلم وأهللله‬
‫للهللروي ج ‪ , 3/115‬ومللواهب الجليللل للمغربللي ج ‪, 3/40‬‬
‫والباعث على إنكار البدع والحوادث لبي شامة ص ‪. 21‬‬
‫]‪ [20‬رواه الترمللذي ح ‪ 3095‬بللاب ‪ :‬ومللن سللورة التوبللة ‪,‬‬
‫ت النللبي صللى اللله‬ ‫ولفظه ‪ :‬عن عدي بن حللاتم قلال ‪) :‬أتيل ُ‬
‫ي‬
‫ب مللن ذهللب ‪ ,‬فقللال ‪ :‬يلا عللد ّ‬ ‫عليه وسلم وفي عنقي صلي ٌ‬

‫‪253‬‬
‫اطَرح عنك هلذا اللوثن ‪ ,‬وسلمعته يقلرأ ُ فلي سلورة بلراءة ‪:‬‬
‫ذوا ْ أ َحبارهُم ورهْبانه َ‬
‫ن‬‫ح اْبلل َ‬ ‫سي َ‬‫م ِ‬ ‫ن الل ّهِ َوال ْ َ‬ ‫دو ِ‬‫من ُ‬ ‫م أْرَباًبا ّ‬ ‫ْ َ َ ْ َُ َ َُ ْ‬ ‫خ ُ‬‫}ات ّ َ‬
‫ُ‬
‫ه‬
‫حان َ ُ‬ ‫سلب ْ َ‬‫هلوَ ُ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬‫دا ل ّ إ َِلل َ‬
‫حل ً‬ ‫دوا ْ إ ِل ًَهلا َوا ِ‬
‫مُروا ْ إ ِل ّ ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫ما أ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مْري َ َ‬‫َ‬
‫ملا إنهلم للم‬ ‫َ‬ ‫شلرِ ُ‬ ‫ملا ي ُ ْ‬
‫ن{ )‪ (31‬سلورة التوبلة ‪ ،‬قلال ‪ :‬أ َ‬ ‫كو َ‬ ‫عَ ّ‬
‫يكونوا َيعبدونهم ‪ ,‬ولكنهم كانوا إذا أحّلوا لهم شيئا ً استحّلوه ‪,‬‬
‫وإذا حّرموا عليهم شيئا ً حّرموه ( ‪ ,‬ورواه أيضا ً ‪ :‬البيهقي فللي‬
‫الكبرى ح ‪ 20137‬باب ‪ :‬مللا يقضللي بلله القاضللي وُيفللتي بلله‬
‫المفتي فإنه غير جائز له أن ُيقّلد أحلدا ً ملن أهلل دهلره ‪ ,‬ول‬
‫أن يحكم أو ُيفتي بالستحسان ‪ ,‬قال الله جل ثناؤه ‪َ} :‬يا أ َي َّها‬
‫م‬ ‫من ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ّذين آمنوا ْ أ َطيعوا ْ الل ّه وأ َطيعوا ْ الرسو َ ُ‬
‫كلل ْ‬ ‫مرِ ِ‬ ‫ل وَأوِْلي ال ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ َ ِ ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ َ ُ‬
‫م‬ ‫كنت ُل ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬ ‫سللو ْ ِ‬ ‫دوهُ إ ِل َللى الل ّلهِ َوالّر ُ‬ ‫يٍء فَُر ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫فَِإن ت ََناَزعْت ُ ْ‬
‫ن ت َلأِوي ً‬ ‫َ‬ ‫خلرِ ذ َل ِل َ‬ ‫ن ِبالل ّهِ َوال ْي َوْم ِ ال ِ‬
‫ل{ )‪(59‬‬ ‫سل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫خي ْلٌر وَأ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ت ُؤْ ِ‬
‫سنه شيخ السلم ابللن تيميللة فللي كتللاب‬ ‫سورة النساء ‪ ,‬وح ّ‬
‫ج به المام ابن عبد الللبر ‪ :‬علللى فسللاد‬ ‫اليمان ص ‪ , 64‬واحت ّ‬
‫التقليد ) جامع بيان العلم وفضله ج ‪. ( 2/109‬‬
‫]‪ [21‬فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص ‪. 427-419‬‬
‫]‪ [22‬مجموع الفتاوى ج ‪. 7/71‬‬
‫]‪ [23‬لوامع النوار ج ‪. 2/465‬‬
‫كراهية أخذِ الللّرأي ‪,‬‬ ‫ب ‪ :‬في َ‬ ‫]‪ [24‬أخرجه الدارمي ح ‪ 220‬با ٌ‬
‫وأبو نعيم في الحلية ج ‪ , 4/196‬وابن عبد البر في الجامع ج‬
‫‪. 2/110‬‬
‫]‪ [25‬تاريخ مدينة دمشق ج ‪. 11/81‬‬
‫]‪ [26‬أخرجه ابن الجعد في مسنده ح ‪ , 1319‬وأبو نعيم في‬
‫الحليللة ج ‪ , 3/32‬وذكللره ابللن القيللم فللي إغاثللة اللهفللان ج‬
‫‪ , 1/230‬وغيره ‪.‬‬
‫]‪ [27‬جامع بيان العلم وفضله ج ‪ , 2/92‬وذكر غير واحد مللن‬
‫ص فس لقٌ ( ُينظللر مثل ً ‪ :‬إعلم‬ ‫ن تتب ّلعَ الّرخ ل ِ‬ ‫أهللل العلللم ‪ ) :‬أ ّ‬
‫الموقعين ج ‪ , 4/222‬مطالب أولي النهى ج ‪ , 1/371‬حاشية‬
‫ابن عابدين ج ‪. 6/290‬‬
‫]‪ [28‬الجواب الكافي ص ‪. 84-83‬‬

‫‪254‬‬
‫]‪ [29‬رواه مسلم في باب ‪ :‬تحريلم الظللم ح ‪ , 2577‬وقلال‬
‫المام أحمللد عللن هللذا الحللديث ‪) :‬هللو أشللرف حللديث لهللل‬
‫الشام ( مجموع فتاوى شيخ السلم ج ‪. 510 /8‬‬
‫]‪ [30‬رواه المللام مسلللم رحملله الللله تعللالى ح ‪ 770‬بللاب ‪:‬‬
‫الدعاء في صلة الليل وقيامه ‪.‬‬
‫ب‬‫]‪ [31‬رواه المام البخاري رحمه الله تعللالى ح ‪ 3560‬بللا ُ‬
‫ي صلى الله عليه وسّلم ‪.‬‬ ‫صفةِ النب ّ‬
‫]‪ [32‬ح ‪ 1015‬باب ‪ :‬قبول الصللدقة مللن الكسللب الطيللب‬
‫وتربيتها ‪.‬‬
‫دم تخريجه ‪.‬‬ ‫]‪ [33‬رواه البزار ح ‪ , 1435‬وقد تق ّ‬
‫]‪ [34‬رواه المامان البخاري ح ‪ 2615‬باب قول الله تعللالى ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫}إن ال ّلذين يلأ ْك ُُلو َ‬
‫ن فِللي‬ ‫مللا ي َلأك ُُلو َ‬ ‫مى ظ ُل ْ ً‬
‫مللا إ ِن ّ َ‬ ‫ل ال ْي َت َللا َ‬
‫وا َ‬‫مل َ‬
‫نأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ِ ّ‬
‫سِعيًرا{ )‪ (10‬سورة النساء‪ ،‬ومسلم‬ ‫ن َ‬ ‫صل َوْ َ‬ ‫سي َ ْ‬
‫م َناًرا وَ َ‬‫طون ِهِ ْ‬‫بُ ُ‬
‫ح ‪ 89‬باب ‪ :‬بيان الكبائر وأكبرها ‪.‬‬
‫]‪ [35‬ح ‪ 1598‬باب ‪ :‬لعن آكل الّربا ومؤكله ‪.‬‬
‫]‪ [36‬رواه المللام أحمللد ح ‪ 3725‬ج ‪ , 1/393‬وأبللو داود ح‬
‫‪ 3333‬باب ‪ :‬آكل الّربا وموكله ‪ ,‬وابن ماجللة ح ‪ 2277‬بللاب ‪:‬‬
‫ح(‬ ‫ن صحي ٌ‬ ‫س ٌ‬‫ح َ‬ ‫ث َ‬ ‫التغليظ في الّربا ‪ ,‬والترمذي وقال ‪ ) :‬حدي ٌ‬
‫ح ‪ 1206‬باب ‪ :‬ما جاء فللي أكللل الّربللا ‪ ,‬والنسللائي ح ‪5104‬‬
‫كتاب الزينة ‪.‬‬
‫]‪ [37‬رواه المللام مسلللم ح ‪ 1598‬بللاب ‪ :‬لعللن آكللل الّربللا‬
‫ومؤكله ‪.‬‬
‫]‪ [38‬قلللال الحلللافظ أبلللو القاسلللم الغرنلللاطي ‪ ) :‬أجملللع‬
‫ن المعنى ‪ :‬ل يقومون من قبللورهم فللي البعللث‬ ‫المفسرون أ ّ‬
‫إل كللالمجنون ( كتللاب التسللهيل لعلللوم التنزيللل ج ‪-1/167‬‬
‫‪. 168‬‬
‫]‪ [39‬أخرجلله المللام أحمللد ح ‪ 1723‬ج ‪ , 1/200‬والترمللذي‬
‫وقللال ‪ ) :‬حسللن صللحيح ( ح ‪ 2518‬واللفللظ للله ‪ ,‬وصللحح‬
‫إسناده الحافظ ابن حجر ) تغليق التعليق ج ‪. ( 3/211‬‬
‫]‪ [40‬الجماع لبن المنذر رقم ‪ 508‬ص ‪. 95‬‬

‫‪255‬‬
‫]‪ [41‬ح ‪ 3603‬باب ‪ :‬مناقب عبد الله بللن سلللم رضللي الللله‬
‫عنه ‪.‬‬
‫]‪ [42‬رواه المام أحمد ح ‪ , 22007‬وغيره ‪ ,‬وقال الهيثمي ‪:‬‬
‫) ورجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد ج ‪. 4/117‬‬
‫]‪ [43‬رواه المامللان أحمللد ح ‪ , 22779‬ومسلللم ح ‪1587‬‬
‫ب ‪ :‬الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا ً ‪.‬‬ ‫با ُ‬
‫]‪ُ [44‬ينظر ‪ :‬تفسير السمرقندي ج ‪ , 1/339‬تفسير البغوي‬
‫ج ‪ , 1/446‬تفسير القرطللبي ج ‪ , 247-5/246‬الللدر المنثللور‬
‫للسيوطي ج ‪. 2/582‬‬
‫ل مللن أصللول الشللريعة‬ ‫ن ) سللد ّ الللذرائع أصلل ٌ‬
‫) ]‪ ( [45‬إ ّ‬
‫السلمية ‪ ،‬وحقيقته ‪ :‬منع المباحللات الللتي ُيتوصللل بهللا إلللى‬
‫مفاسد أو محظورات ‪ ..‬ول يقتصر ذلك على مواضع الشتباه‬
‫والحتياط ‪ ،‬وإنما يشتمل كل ما من شللأنه التوصللل بلله إلللى‬
‫الحرام ( قرارات وتوصيات مجمع الفقلله السلللمي ص ‪209‬‬
‫بتصرف ‪.‬‬
‫وعّرف الباجي ت ‪474‬هلل هللذه القاعللدة بقللوله ‪ ) :‬المسللألة‬
‫التي ظاهرها الباحة وُيتوصل بها إلى فعل المحظور ( إحكام‬
‫الفصول في أحكام الصول ص ‪ 765‬للباجي ‪.‬‬
‫وشيخ السلم ابن تيمية ت ‪728‬هل بقوله ‪ ) :‬الذريعة ‪ :‬الفعل‬
‫الللذي ظللاهره أنلله مبللاح وهللو وسلليلة إلللى فعللل المح لّرم (‬
‫الفتاوى الكبرى ج ‪. 3/256‬‬
‫ولقد اتفقت جميع المذاهب الربعة على إعمال قاعللدة سللد ّ‬
‫الذرائع في الذريعة الللتي تللؤول إلللى المح لّرم قطعلا ً ‪ ,‬وفللي‬
‫الذريعة التي تؤول إلى المحّرم ظنا ً ) ُينظر ‪ :‬قواعد الحكللام‬
‫في مصالح النام للعز بن عبد السلللم ص ‪ , 76‬والموافقللات‬
‫للشاطبي ج ‪. ( 3/350‬‬
‫]‪ [46‬رواه المام مسلم رحملله الللله تعللالى ح ‪ 2699‬بللاب ‪:‬‬
‫فضل الجتماع على تلوة القرآن وعلى الذكر ‪.‬‬
‫]‪ [47‬وهما ‪ :‬شللركة التللأمين التعللاوني ‪ ,‬والشللركة المتحللدة‬
‫ذكر ذلك في بداية الفتوى المذكورة ‪.‬‬ ‫للتقسيط ‪ ,‬وقد ُ‬

‫‪256‬‬
‫]‪ [48‬والميسللر هللو ‪ :‬القمللار ) ُينظللر ‪ :‬تفسللير الطللبري ج‬
‫‪ , 4/324‬معالم التنزيل للبغللوي ج ‪ , 1/252‬الجللامع لحكللام‬
‫القرآن ج ‪ , 53-2/52‬الصحاح مادة يسللر ‪ , 2/857‬المصللباح‬
‫المنير ص ‪ 351‬مادة ي س ر ( ‪.‬‬
‫]‪ [49‬روى المام مسلم رحمه الللله تعللالى عللن أبللي هريللرة‬
‫رضي الله عنلله قللال ‪ ) :‬نهللى رسللو ُ‬
‫ل الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم عن بيلع الحصلاة ‪ ,‬وعلن بيلع الَغلَرر ( ح ‪ 1513‬بلاب ‪:‬‬
‫بطلن بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر ‪.‬‬
‫]‪ [50‬لقد ) نّبهت وزارة التجارة في المملكة إلى الحذر في‬
‫التعامل مع من يعرضون البطاقللات التجاريللة الخاصللة بمنللح‬
‫تخفيضات وخصومات في المحال والمعارض التجارية ‪ ,‬وأنلله‬
‫م تصفية العديد من الشركات والمؤسسات الللتي ُتعلللن‬ ‫قد ت ّ‬
‫عن تخفيضات وهمية مكذوبة ل حقيقة لهلا – ُينظلر ‪ :‬جريلدة‬
‫الجزيللرة السللبت ‪29/2/1415‬هللل العللدد ‪ 7982‬ص ‪( 23‬‬
‫الحوافز التجارية التسويقية ص ‪ 191-190‬رسللالة ماجسللتير‬
‫للشيخ خالد المصلح ‪.‬‬
‫]‪ [51‬أمللا ) البطاقللات التخفيضللية الللتي ُتمنللح للمسللتهلكين‬
‫مكافأة لهم على التعامل ‪ ,‬أو تشجيعا ً عليه ‪ :‬جائزة ل محذور‬
‫فيها ‪ ..‬وقد ذهب إلى إباحة هذا النوع من بطاقات التخفيللض‬
‫اللجنللة الدائمللة ‪ ..‬ففللي جللواب لهللا عللن هللذا النللوع قللالت‬
‫اللجنة ‪ :‬بطاقة التخفيض التي تحملها ليللس لهللا مقابللل ‪ ,‬فل‬
‫حرج عليك في استخدامها والنتفاع بهللا ( الحللوافز التجاريللة‬
‫التسويقية ص ‪. 194‬‬
‫]‪ [52‬رواه البخاري ح ‪ 4855‬باب ‪ :‬المهللر بللالعروض وخللاتم‬
‫مللن حديللد ‪ ,‬ومسلللم ح ‪ 1425‬بللاب ‪ :‬الصللداق وجللواز كللونه‬
‫تعليللم قللرآن وخللاتم حديللد ‪ ,‬وغيللر ذلللك مللن قليللل وكللثير ‪,‬‬
‫واستحباب كونه خمسمائة درهم لمن ل يجحف به ‪.‬‬
‫]‪ [53‬قال ابن المنذر رحمه الله تعالى ‪ ) :‬وأجمعوا على أن‬
‫شللر السلللف هديللة أو زيللادة ‪ ،‬فأسلللفه‬ ‫المسلف إذا شرط عُ ْ‬

‫‪257‬‬
‫ن أخذه الزيادة ربا ً ( الجماع لبللن المنللذر رقللم‬ ‫على ذلك ‪ ،‬أ ّ‬
‫‪ 508‬ص ‪. 95‬‬
‫ف وبي لعٌ ‪,‬‬ ‫س لل َ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫حل ّ‬
‫]‪ [54‬كقوله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ل ي َ ِ‬
‫س‬ ‫من ‪ ,‬ول بيعُ ما ليلل َ‬ ‫ح ما لم ُيض َ‬ ‫ن في بيٍع ‪ ,‬ول رب ُ‬ ‫ول شرطا ِ‬
‫ك ( رواه أحمللد ح ‪ , 6671‬وأبللو داود ح ‪ ) 3504‬بللاب ‪:‬‬ ‫عنللد َ‬
‫في الرجل يبيع ما ليس عنللده ( والترمللذي وقللال ‪ ) :‬حللديث‬
‫حسن صحيح ( ح ‪ 1234‬باب ‪ :‬مللا جللاء فللي كراهيللة بيللع مللا‬
‫ن الحديث ثابت ) مجملوع‬ ‫ليس عندك ‪ ,‬وذكر شيخ السلم بأ ّ‬
‫الفتاوى ج ‪. ( 20/350‬‬
‫ف وبيعٌ ( قال ابن الثير ‪) :‬هو مثل أن يقول ‪ :‬بعتك هللذا‬ ‫سل َ ٌ‬ ‫) َ‬
‫العبد بألف على أن تسلفني ألفا ً ‪ ,‬إنمللا ُيقرضلله ليحللابيه فللي‬
‫ل قلرض جلّر منفعلة‬ ‫نك ّ‬ ‫الثمن ‪ ,‬فيدخل في حد ّ الجهالة ‪ ,‬ول ّ‬
‫ح ( النهاية ج ‪2/390‬‬ ‫ن في العقد شرطا ً ول يص ّ‬ ‫فهو ربا ً ‪ ,‬ول ّ‬
‫وب ن َْقللدا ً‬ ‫ك هللذا الث ّل ْ‬ ‫ك ب ِعْت ُل َ‬ ‫ولل َ‬ ‫ن فللي ب َي ْلٍع ( ‪) :‬هللو كَق ْ‬ ‫شلْرطا ِ‬ ‫) َ‬
‫ن في ب َْيعةٍ ( النهاية ج‬ ‫ة بديناَرْين ‪ ,‬وهو كالب َْيعتي ْ ِ‬ ‫بدينارٍ ‪ ,‬وَنسيئ َ ً‬
‫‪. 2/459‬‬
‫ح ما لم يضمن ( قال العظيم آبادي ‪ ) :‬يعنللي ل يجللوز أن‬ ‫)رب ُ‬
‫يأخذ ربح سلعة لم يضمنها ‪ ,‬مثل ‪ :‬أن يشللتري متاعلا ً ويللبيعه‬
‫ل وربحلله ل‬ ‫إلى آخر قبل قبضه من البللائع ‪ ,‬فهللذا الللبيعُ باط ل ٌ‬
‫يجوز‪ ,‬لن المبيع في ضمان البللائع الول وليللس فللي ضللمان‬
‫المشتري منه لعدم القبض( عون المعبود ج ‪. 293-9/292‬‬
‫ت زيت لا ً‬ ‫وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قللال ‪ ) :‬ابتع ل ُ‬
‫ل فأعطللاني‬ ‫ما استوجبُته لنفسي َلقَينللي رج ل ٌ‬ ‫ق ‪ ,‬فل ّ‬ ‫سو ِ‬ ‫في ال ّ‬
‫ل مللن‬ ‫ب على يده ‪ ,‬فأخذ َ رج ٌ‬ ‫ت أن أضر َ‬ ‫سنا ً ‪ ,‬فأرد ُ‬ ‫به ربحا ً ح َ‬
‫ث‬ ‫ه حي ُ‬ ‫ل ‪ :‬ل تبعْ ُ‬ ‫ت فقا َ‬ ‫ن ثاب ٍ‬ ‫ت فإذا زيد ُ ب ُ‬ ‫خلفي بذراعي فالتف ّ‬
‫ل الللله صلللى الللله‬ ‫ن رسللو َ‬ ‫ك ‪ ,‬فإ ّ‬ ‫حل ِ َ‬
‫ه حتى تحوَزهُ إلى َر ْ‬ ‫ابتعْت َ ُ‬
‫ث ُتبتللاعُ حللتى يحوَزهللا‬ ‫سلل َعُ حيل ُ‬ ‫عليه وسلللم نهللى أن ُتبللاعَ ال ّ‬
‫جاُر إلى رحاِلهم ( رواه أبللو داود ح ‪ 3499‬بللاب ‪ :‬فللي بيللع‬ ‫الت ّ ّ‬
‫الطعام قبل أن ُيستوفى ‪ ,‬وروى البخاري عللن عبللد الللله بللن‬
‫س فللي عه لدِ‬ ‫ت النللا َ‬ ‫عمر رضي الله عنهما قللال ‪ ) :‬لقللد رأي ل ُ‬

‫‪258‬‬
‫جَزاف لا ً ‪ -‬يعنللي‬ ‫ن ِ‬ ‫ل الله صلى الللله عليلله وسلللم َيبتللاعو َ‬ ‫رسو ِ‬
‫ن أن ي َللبيُعوه فللي مكللانهم حت ّللى ي ُللؤوُهُ إلللى‬ ‫م ‪ُ -‬يضلَرُبو َ‬ ‫الطعا َ‬
‫جزافا ً‬ ‫من رأى إذا اشترى طعاما ً ِ‬ ‫ب‪َ :‬‬ ‫حاِلهم ( ح ‪ ) 2030‬با ُ‬ ‫رِ َ‬
‫ب في ذلك ( ‪ ,‬ورواه‬ ‫حِله ‪ ,‬والد ِ‬ ‫ه إلى َر ْ‬ ‫ه حتى ُيؤوِي َ ُ‬ ‫أن ل َيبيعَ ُ‬
‫ب ‪ :‬بطلن بيع المبيع قبل القبض ( ‪.‬‬ ‫مسلم ح ‪ ) 1527‬با ُ‬
‫وقد أجمع العلماء على النهي عن بيع ما َلم يملك ) المبدع ج‬
‫‪. ( 4/18‬‬
‫وقال ابن المنللذر ‪ ) :‬بيللع مللا ليللس عنللدك يحتمللل معنييللن ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أن يقول ‪ :‬أبيعك عبللدا ً أو دارا ً معينللة وهللي غائبللة ‪,‬‬
‫فيشبه بيع الغرر ‪ ,‬لحتمال أن تتلف أو ل يرضللاها ‪ ,‬ثانيهمللا ‪:‬‬
‫أن يقول ‪ :‬هذه الدار بكذا على أن أشتريها لك من صللاحبها ‪,‬‬
‫أو على أن ُيسلمها لك صاحبها ( فتح الباري ج ‪. 4/349‬‬
‫]‪ [55‬قال المام ابن القيم رحمه الللله تعللالى ‪ ) :‬روى ابللن‬
‫بطة وغيره بإسناد حسن ( وسللاق الحللديث ‪ ,‬انظللر‪ :‬حاشللية‬
‫ابللن القيللم ج ‪ , 9/244‬وقللال ابللن عبللدالهادي رحملله الللله‬
‫ن الحديث ثابت ) تنقيح تحقيق أحللاديث التعليللق ج‬ ‫تعالى ‪ :‬بأ ّ‬
‫‪. ( 3/426‬‬
‫ن بدُء الوحي إلى‬ ‫ف كا َ‬ ‫ب ‪ :‬كي َ‬ ‫) ]‪ ( [56‬رواه البخاري ح ‪ 1‬با ٌ‬
‫ل ذكللره ‪:‬‬ ‫ل الللله جل ّ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬وقللو ُ‬ ‫رسو ِ‬
‫حي ْن َللا إ َِللى ن ُللو‬ ‫َ‬ ‫حي َْنلا إ ِل َي ْل َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مللن ب َعْلدِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ح َوالن ّب ِّييل َ‬ ‫ٍ‬ ‫ملا أوْ َ‬ ‫ك كَ َ‬ ‫}إ ِن ّللا أوْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ط‬ ‫سلَبا ِ‬ ‫ب َوال ْ‬ ‫حقَ وَي َعُْقللو َ‬ ‫سل َ‬ ‫ل وَإ ْ ْ‬‫عي َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫حي َْنا إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫وَأوْ َ‬
‫َ‬
‫داُوود َ‬‫ن َوآت َي َْنللا َ‬ ‫ما َ‬ ‫سللل َي ْ َ‬
‫ن وَ ُ‬ ‫هللاُرو َ‬ ‫س وَ َ‬ ‫ب وَُيللون ُ َ‬ ‫سللى وَأّيللو َ‬ ‫عي َ‬ ‫وَ ِ‬
‫َزُبوًرا{ )‪ (163‬سورة النساء‪.‬‬
‫ب ‪ :‬الصرف وبيع الذهب بالورق نقدا ً ‪.‬‬ ‫]‪ [57‬ح ‪ 1587‬با ُ‬
‫]‪ [58‬وهللي ‪ :‬مسللابقة جاسللبا الدوليللة ‪ ،‬ومسللابقة الللدولر‬
‫الصاروخي ‪ ،‬ومسابقة مؤسسة رشا للتجارة ‪.‬‬
‫]‪ [59‬السهم ‪ :‬حصة الشخص ُتمثل جزءا ً شللائعا ً مللن رأس‬
‫مقابللل مبلللغ‬ ‫مال شللركة أهليللة أو هيئة حكوميللة ‪ ،‬يسللتحقها ُ‬
‫يدفعه للستثمار في مشروع ‪.‬‬

‫‪259‬‬
‫والسند ُ ‪ :‬هو صك بمبلغ لشخص أقرضه لشللركة مسللاهمة أو‬
‫در بنسبة مئوية ثابتلة ملن هلذا‬ ‫هيئة حكومية بفائدة ‪ ،‬عادة ُتق ّ‬
‫المبلغ ‪.‬‬
‫)ُينظر ‪ :‬بورصة الوراق المالية والضرائب ‪ ،‬لسماحة الشلليخ‬
‫عبدالرزاق عفيفي رحملله الللله تعللالى ‪ ،‬نللائب رئيللس اللجنللة‬
‫الدائمة للبحوث العلمية والفتاء( ‪.‬‬
‫]‪ [60‬رواه الئمللة ‪ :‬أحمللد ح ‪ ، 15346‬وأبللو داود ح ‪3503‬‬
‫باب ‪ :‬في الرجل يللبيع مللا ليللس عنللده ‪ ,‬والترمللذي ح ‪1232‬‬
‫باب ‪ :‬ما جاء في كراهية بيع ما ليس عنللدك ‪ ،‬وابللن ماجللة ح‬
‫‪ 2187‬باب ‪ :‬النهي عن بيع ما ليس عندك ‪ ,‬وعن ربح ما لللم‬
‫يضمن ‪ ،‬والنسائي ح ‪ 4613‬بيع ما ليس عند البائع ‪.‬‬
‫]‪ [61‬رواه أبو داود ح ‪ 3499‬باب ‪ :‬في بيللع الطعللام قبللل أن‬
‫يسللتوفي ‪ ،‬والللبيهقي فللي الكللبرى ح ‪ ، 10473‬والحللاكم ح‬
‫‪ ، 2271‬ورواه المام أحمد ح ‪ 4517‬من روايللة عبللدالله بللن‬
‫عمر قال ‪ ) :‬أنهم كانوا ُيضربون على عهد رسول الله صلللى‬
‫الللله عليلله وسلللم إذا اشللتروا طعاملا ً جزافلا ً أن يللبيعوه فللي‬
‫مكانه حتى ُيؤُوه إلى رحالهم ( ‪.‬‬
‫]‪ [62‬رواه المام أحمد ح ‪ , 23124‬والبيهقي في الكبرى ح‬
‫‪ , 10603‬وقال الهيثمي ‪ ) :‬ورجالها رجال الصللحيح ( مجمللع‬
‫الزوائد ج ‪. 10/296‬‬
‫ب لللزوم السللنة ‪ ,‬وعبللد‬ ‫]‪ [63‬رواه أبللو داود ح ‪ 4611‬بللا ُ‬
‫الرزاق في مصنفه ح ‪ , 20750‬والحللاكم فللي المسللتدرك ح‬
‫‪ 8422‬كتاب الفتن والملحم ‪ ,‬وقللال ‪ ) :‬هللذا حللديث صللحيح‬
‫على شرط الشيخين ولم يخرجاه (‬
‫==============‬
‫‪ #‬المساهمة في الشركات‬
‫الشركات نوعان ‪:‬‬
‫النوع الول‪ :‬شركات ذات نشاط محللرم ؛ كللالبنوك الربويللة‪،‬‬
‫وكشللركات بيللع الللدخان‪ ،‬وأشللرطة الغنللاء‪ ،‬والمجلت الللتي‬

‫‪260‬‬
‫تحللوي صللورا ً محرمللة‪ ،‬فهللذه ل يجللوز المسللاهمة فيهللا‪ ،‬لن‬
‫عملها محرم‪ ،‬والتحريم في هذا النوع واضح‪.‬‬
‫النللوع الثللاني‪ :‬شللركات ذات نشللاط مبللاح‪ ،‬ولكنهللا تقللرض‬
‫وتقترض بالربا‪ ،‬وهذا النوع من الشركات ل يجوز المسللاهمة‬
‫فيها‪ ،‬ووجه التحريللم‪ :‬أن السللهم مللك مشلاع فللي الشللركة؛‬
‫فأي نشاط للشلركة فالمسلاهم شلريك فيله‪ ،‬وعليله فلإنه ل‬
‫يجوز المساهمة في الشركات التي تقترض وتقللرض بالربللا‪،‬‬
‫َ‬
‫ملا‬‫ه وَذ َُروا َ‬ ‫من ُللوا ات ُّقلوا الّلل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ ")) :‬يا أي َّها ال ّل ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬
‫ب‬ ‫م ت َْفعَُلوا فَأذ َُنوا ب ِ َ‬
‫حْر ٍ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫ن * فَإ ِ ْ‬ ‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ن الّرَبا إ ِ ْ‬‫م َ‬ ‫ي ِ‬‫ب َِق َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مللو َ‬ ‫م َل ت َظ ْل ِ ُ‬‫وال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫سأ ْ‬ ‫م ُرُءو ُ‬ ‫م فَل َك ُ ْ‬‫ن ت ُب ْت ُ ْ‬‫سول ِهِ وَإ ِ ْ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬‫ِ‬
‫ن"(( )البقرة ‪،278‬ل ‪ . ( 279‬وعللن جللابر بللن عبللد‬ ‫مو َ‬‫وََل ت ُظ ْل َ ُ‬
‫الله‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال ‪ ") :‬لعن رسللول اللله‪ -‬صلللى الللله‬
‫عليه وسلم‪ -‬آكل الربا‪ ،‬ومؤ كله‪ ،‬وكللاتبه‪ ،‬وشللاهديه‪ ،‬وقللال ‪:‬‬
‫هم سواء "( أخرجه مسلم ‪.‬‬
‫وقد قال بعض أهللل العلللم المعاصللرين بالتفصلليل بيللن الربللا‬
‫الكثير والربا اليسير‪ ،‬فإن كان الربا قليل ً جاز وإل فل‪.‬‬
‫وحددوا الربا اليسير وفق الشروط التية ‪:‬‬
‫‪ .1‬أل يتجاوز إجمللالي المبلللغ المقللترض بالربللا عللن الثلللث ‪،‬‬
‫والرأي الخر أل يتجاوز ‪ %25‬من إجمالي موجودات الشركة‬
‫‪.‬‬
‫‪ .2‬أل تتجاوز الفوائد الربويللة‪ ،‬أو أي عنصللر محللرم عللن ‪%5‬‬
‫من إيرادات الشركة ‪.‬‬
‫‪ .3‬أل يتجاوز القراض بالربا‪ ،‬أو أي استثمار أو تملللك محللرم‬
‫عن ‪ %15‬من إجمالي موجودات الشركة‪.‬‬
‫وقد عللوا الجواز بالحاجة‪ ،‬وعموم البلوى‪ ،‬فجميع الشللركات‬
‫الكبرى المساهمة ترابي إل ما ندر‪ ،‬والناس بحاجة إلى تنمية‬
‫أمللوالهم ول يجللدون إل هللذه الشللركات‪ ،‬وخصوصلا ً أصللحاب‬
‫رؤوس الموال الصغيرة‪ ،‬وفي القول بالتحريم تضيق عليهم‪،‬‬
‫ومتى مللا انللدفعت هللذه الحاجللة عللاد الحكللم إلللى التحريللم‪،‬‬

‫‪261‬‬
‫وتندفع الحاجة بوجود الشركات الملتزمة بالضوابط الشرعية‬
‫‪.‬‬
‫والقول الراجح في المسألة هو التحريم ‪:‬‬
‫‪ .1‬لن الربا محرم شرعا ً قليله وكللثيره‪ ،‬وقللد أجمللع العلمللاء‬
‫علللى حرمتلله مطلقللًا‪ ،‬ول أعللرف أحللدا ً مللن أهللل العلللم‬
‫المتقدمين قال بجواز ربا النسيئة عند الحاجلة‪ ،‬إذا كلان أقلل‬
‫من الثلث‪ ،‬بل جاءت النصوص بتعظيم جريمة الربا‪ ،‬حتى لللو‬
‫ل؛ فعن عبد الله بن حنظلللة غسلليل الملئكللة‪ -‬رضللي‬ ‫كان قلي ً‬
‫الله عنهما‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول الله‪ -‬صلى الله عليه وسلللم‪: -‬‬
‫)" درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلللم أشللد مللن سللتة وثلثيللن‬
‫زنية "( أخرجه أحمد بسند صحيح‪ .‬وعن عبد الله بن مسللعود‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عن النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬قللال ‪") :‬‬
‫الربا ثلثة وسبعون بابا ً أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه ‪(" ..‬‬
‫أخرجه الحللاكم وصللححه ووافقلله الللذهبي‪ ،‬والحللديث صللحيح‬
‫بمجموع شواهده‪.‬‬
‫‪ .2‬لو سلمنا جدل ً بالجواز عند الحاجللة‪ ،‬فللإن المسللاهمة فللي‬
‫هذه الشركات ليست من الحاجة ؛ لن حاجة تنميللة المللوال‬
‫مندفعة بأنواع التجارة الخللرى؛ كللالبيع والشللراء الفللردي‪ ،‬أو‬
‫بالتوكيللل‪ ،‬أو بالمضللاربة‪ ،‬أو بأسللهم شللركات العقللار الللتي ل‬
‫تتعامل بالربا‪ ،‬وهي كثيرة ولله الحمد وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬أن هللذا القللول‪ ) :‬وهللو القللول بجللواز المسللاهمة فللي‬
‫الشركات التي تتعامل بالربا القليل ( ‪ :‬فيه إسهام فللي بقللاء‬
‫هذه الشركات على هذا المسلك الربللوي‪ ،‬ودعللوة لمشللاركة‬
‫الناس فيها‪ ،‬وتضييق ضمني للشركات السلمية الناشئة ‪.‬‬
‫ولو كانت الفتوى صريحة في المنع‪ ،‬للجأت هللذه الشللركات‪-‬‬
‫إن شاء الله‪ -‬في بلد المسلمين إلى وضع اللجان الشللرعية‪،‬‬
‫والبعد عن الربا ؛ لن معظم الناس أقدموا علللى المسللاهمة‬
‫بناًء على الفتوى الشللرعية‪ ،‬وخصوصلا ً مللع اللوعي الشلرعي‬
‫في السنوات الخيرة‪ ،‬والمشايخ يدركون هللذه الحقيقللة مللن‬

‫‪262‬‬
‫خلل كللثرة أسللئلة النللاس عنهللا‪ ،‬والللتي ربمللا طغللت علللى‬
‫أسئلتهم في الطهارة والصلة ‪.‬‬
‫النوع الثالث‪ :‬النوع الثاني‪ :‬شركات ذات نشلاط مبلاح‪ ،‬وهلي‬
‫ل تقرض ول تقترض بالربا‪ ،‬والمساهمة فيهللا جللائزة‪ ،‬لبعللدها‬
‫عن المحرمات‪.‬‬
‫أمللا تللداول أسللهمها بيع لا ً وشللراًء مللن خلل المحللافظ‪ ،‬فللله‬
‫تفصلليل آخللر‪ ،‬ول أريللد عرضلله الن حللتى أناقشلله مللع أهللل‬
‫الختصاص الفقهي‬
‫==============‬
‫‪ #‬تداول ‪ ..‬ولكن ؟‬
‫أمة السلم ‪:‬‬
‫ة قلبيللة ‪،‬‬ ‫ط بالقلب‪ ،‬وارتفاعٌ للسللكرِ فللي الللدم ‪ ،‬و سللكت ٌ‬ ‫هبو ٌ‬
‫ة‬
‫ل مسلللم ٍ‬ ‫س وجنون ‪ ،‬كل ذلك جرى ويجري‪ ،‬ل من أجلل ِ‬ ‫وهو ٌ‬
‫ل مؤمنةٍ َبقَر العلدو بطَنهللا‪ ،‬ول مللن‬ ‫ضها‪ ،‬ول من أج ِ‬ ‫انتهك عر ُ‬
‫ط‬ ‫ل مسلم ٍ مزقَ الكافُر أعضاُءه‪ ،‬كل ؛ ولكن من أجل هبللو ٍ‬ ‫أج ِ‬
‫في السهم المالية !! فما بين لحظةٍ وأخرى ترتف لعُ السللعاُر‬
‫س ل يتحملللون تلللك المواقللف‪،‬‬ ‫وتنخفض‪ ،‬وتزيد ُ وتنقص‪ ،‬فأنا ٌ‬
‫فإذا بهم صرعى على السرةِ البيضاء ‪ ،‬وربما انتقللل آخللرون‬
‫مللن هللذه الللدارِ إلللى دارٍ أخللرى‪ ،‬ول حللول ول قللوة إل بللالله‬
‫العظيم !!‬
‫ض إخواننا الذين فتنوا في السهم الماليللة‪ ،‬فبللاع‬ ‫هذا حال بع ُ‬
‫ل الفوزِ بأعلى المكاسللب‪،‬‬ ‫ل ما يملك من عقارٍ ودار من أج ِ‬ ‫ك َ‬
‫ف‬ ‫ت البنللوك‪ ،‬وخل ل َ‬ ‫ن في صال ِ‬ ‫وأسرِع المرابح‪ ،‬فترى المسكي َ‬
‫ب اللي ُيحدقُ بعينه في أسعارِ السهم‪ ،‬لعله‬ ‫ت الحاس ِ‬ ‫شاشا ِ‬
‫د‪ -‬صلللى‬ ‫أن يظفَر بشيٍء يفوُز به ‪ ،‬ونحن من على منبرِ محم ٍ‬
‫ة‬‫ة معطللرةً بالخللاء‪ ،‬محمل ل ً‬ ‫ل رسللال ً‬ ‫الللله عليلله وسلللم‪ -‬نرسل ُ‬
‫ة‬ ‫ن لهللم الخيللر‪ ،‬ونللود ُ لهلم العافيللة‪ ،‬رسللال ً‬ ‫بالصفاء‪ ،‬لمللن ُنكل ُ‬
‫ل أن‬ ‫ح هادفللة‪ ،‬فآم ل ُ‬‫ل في طياِتها وصايا مخلصللة‪ ،‬ونصللائ َ‬ ‫تحم ُ‬
‫تجد آذنا صاغية ‪ ،‬وقلوبا ً واعية ‪.‬‬
‫الوصية الولى ‪:‬‬

‫‪263‬‬
‫ي‬ ‫ج غربللي‪ ،‬مبنل ٌ‬ ‫م جميعا ً أن سوقَ السللهم ِ نمللوذ ٌ‬ ‫يجب أن نعل َ‬
‫على فلسفةِ القتصادِ الرأسمالي‪ ،‬والذي يعتمد أساسا ً علللى‬
‫ل‬ ‫ه القماَر والحتكللار‪ ،‬فالص ل ُ‬ ‫الربا بأشكالهِ المختلفة‪ ،‬ويخالط ُ ُ‬
‫ت محرمة ‪ ،‬ل بلد للمسللمين أن يجلردوهُ‬ ‫فيه أنه سوقُ شبها ٍ‬
‫ل وُلوجهِ واستيراده‪ ،‬وهو وإن كللان‬ ‫ب المحرمةِ قب َ‬ ‫من الشوائ ِ‬
‫ن‬ ‫ق منافعَ اقتصادية‪ ،‬إل أن هذه المنافعَ يمكلل ُ‬ ‫ً‬
‫قائما على تحقي ِ‬
‫ة الللتي ُتللدار‬ ‫تحقيَقها بدون ما يحتوي عليه من مفاسد‪ ،‬فاللي ُ‬
‫ل‬ ‫ت شرعية‪ ،‬تللدوُر حللو َ‬ ‫بها السوق؛ ل تزال ُتعاني من إشكال ٍ‬
‫ة‪ ،‬إضللافة إلللى‬ ‫ت المساهم ِ‬ ‫ض الشركا ِ‬ ‫ل به بع ُ‬ ‫الربا الذي تتمو ُ‬
‫ت‬ ‫ب لمعلومللا ٍ‬ ‫ب وغللش‪ ،‬وتسللري ٍ‬ ‫ل مللن خللداٍع وكللذ ٍ‬ ‫مللا يحصل ُ‬
‫ب‬ ‫ة‪ ،‬ويجل ل ُ‬
‫جللو ِ‬‫ت المصالح المر ُ‬ ‫خاطئة داخل السوق‪ ،‬مما ُيفو ُ‬
‫ط‬ ‫المفاسد‪ ،‬ولهذا كثيرا ً ما نتساءل‪ ،‬مللا س لُر الصللعودِ والهبللو ِ‬
‫م عللدم ِ تغي لرِ واق لِع‬ ‫لهللذه السللهم ِ مللن لحظ لةٍ لخللرى ؟ رغ ل َ‬
‫ضللها‬ ‫مها ؟!! بللل بع ُ‬ ‫ل علللى أسلله ِ‬ ‫ت التي يجري التعام ُ‬ ‫الشركا ِ‬
‫في خسارة !!!‬
‫ة السللهم ‪ ،‬فهنللاك‬ ‫أيهللا المسلللمون‪ :‬ينبغللي أن نعللي لعبلل َ‬
‫ف الللله تعللالى ول ترجللو الللداَر الخللرة‪،‬‬ ‫ت ل تخللا ُ‬ ‫مجموعللا ٌ‬
‫ض‬ ‫ت خاصللة؛ مللع بعل ِ‬ ‫يتحكمون في السللوق ويعقللدون اتفاقللا ٍ‬
‫ل‬ ‫مها؛ وبالمقاب ل ِ‬ ‫ن في زيادة أسعارِ أسلله ِ‬ ‫ت التي يرغبو َ‬ ‫الشركا ِ‬
‫ت أخللرى بمللا يملكللون مللن‬ ‫ن أسللعاَر أسللهم ِ شللركا ٍ‬ ‫يكسللرو َ‬
‫سيطرةٍ ماليةٍ احتكاريةٍ علللى السللوق‪ ،‬ولهللذا فهللم يتلعبللون‬
‫ب بما قد يؤدي فعل ُلله‬ ‫ل لعبو اليانصي ِ‬ ‫بأسعارِ السهم؛ كما يفع ُ‬
‫ف فئام ٍ‬ ‫هذا إلى أضرارٍ اقتصادية؛ فها نحن اليوم نرى انصللرا َ‬
‫س عللن المشللاريِع النتاجي لةِ الفاعلللة ‪ ،‬ركض لا ً وراءَ‬ ‫مللن النللا ِ‬
‫ح العاجلة؛ فقلي بربك؟!‬ ‫الربا ِ‬

‫أل يعد ُ هذا ضررا ً على المجتمع ؟!‬


‫م الموا ُ‬
‫ل فللي البنللوك دون أن يكللون لهللا أثللر فللي‬ ‫ألم تتراك ْ‬
‫تطوير البلد‪ ،‬وإنشاء المصانِع وإقامة المشاريع ؟!!‬
‫ألم ترتفع أسعار اليجارات ؟!! فمن المتضرر !!!‬

‫‪264‬‬
‫ألم تتقلص حركة البناء في البلد ؟!!‬
‫ألم تتقلص الحركة التجارية في البلد ؟!!‬
‫ألللم يخسللر أصللحاب المصللانع والمحلت بسللبب وقللوف‬
‫المشللاريع التجاريللة أو بسللبب تللأخر دفللع المسللتحقات ؛ لن‬
‫الموال تحرك في السهم ؟!!‬
‫ق‬ ‫ل في هللذه السللو ِ‬ ‫ح بالتعام ِ‬ ‫وبناًء على ما سبق فإنني ل أنص ُ‬
‫ل‬ ‫ضها فوق بعللض‪ ،‬وإننللي آمل ُ‬ ‫ت بع ُ‬ ‫ة‪ ،‬فهي شبها ٌ‬ ‫بحالِتها الراهن ِ‬
‫ة‬
‫ب الخبرةِ القتصادية والمالي ِ‬ ‫ل العلم ِ الشرعي وأصحا ِ‬ ‫من أه ِ‬
‫ج‬ ‫ت التي ُتداُر بها السوق؛ ليجللادِ مخللر ٍ‬ ‫إعادةَ النظرِ في الليا ِ‬
‫ح المعتبرة ‪.‬‬ ‫ي و اقتصادي ُيحققُ المصال َ‬ ‫شرع ٍ‬
‫الوصية الثانية ‪:‬‬
‫ق وقللد سللبقَ لللك أن‬ ‫ل فللي هللذا السللو ِ‬ ‫ت إل الللدخو َ‬ ‫ن أبي ل َ‬ ‫فإ ْ‬
‫ل‬‫ك أل تستعم ْ‬ ‫ل والحرام‪ ،‬فإني أنصح َ‬ ‫ت ما فيه من الحل ِ‬ ‫تعلم َ‬
‫ح طعما ً سهل ً للكبللاِر‬ ‫ك في السهم؛ لنك قد تصب ُ‬ ‫جميعَ ما تمل ِ‬
‫ك بمبل لٍغ‬ ‫دون أن تشعر‪ ،‬فإذا بي أراك ُتساهم في بداي لةِ أمللر َ‬
‫ل له لعابك؛ ثم تطمعُ فتزيد َ مللن‬ ‫ي‪ ،‬فيعطوَنك طعما ً يسي ُ‬ ‫رمز ٍ‬
‫ب‬ ‫ل الفللوزِ بمكاسل َ‬ ‫ل فتربللح؛ فتللبيعَ بيتللك مللن أجل ِ‬ ‫س المللا ِ‬ ‫رأ ِ‬
‫ت‬ ‫ك إل وقللد أصللبح َ‬ ‫س َ‬ ‫ت قياسي؛ فل تشعْر بنف ِ‬ ‫ضخمةٍ في وق ٍ‬
‫من المفلسين‪ ،‬ول حول ول قللوة إل بللالله !! إذن ليللس مللن‬
‫ه فللي سلللةٍ واحللدة‪ ،‬ول مللانعَ أن‬ ‫ض كل ّل ُ‬‫الحكمةِ أن تضعَ الللبي َ‬
‫هم باسللمهِ والخلُر بمللاله ويكللون‬ ‫هما ُيسللا ُ‬ ‫ن أحللد ُ‬ ‫يشترك اثنا ِ‬
‫ب التفاق ؛ ولكلن اللذي ُيمنلعُ منله أن‬ ‫ح بينهما على حس ِ‬ ‫الرب ُ‬
‫م ليللس‬ ‫م للمساهمةِ بلله فللي الشللركات؛ )لن السل َ‬ ‫تبيعَ الس َ‬
‫ب في ذلللك مللن الكللذب‪،‬‬ ‫ل ول في حكم ِ المال‪ ،‬ولما يترت ُ‬ ‫بما ٍ‬
‫ص للله‬ ‫خصل َ‬ ‫ولن المشتريَ يأخذ ُ بالسم ِ أسهما ً زيادةً على ما ُ‬
‫ة‬
‫ث العلمي ِ‬ ‫ة للبحو ِ‬ ‫ة الدائم ُ‬ ‫وهو ل يستحُقها ( هكذا قالت اللجن ُ‬
‫والفتاء ‪.‬‬
‫الوصية الثالثة ‪:‬‬
‫ة ولللو‬ ‫ل بالربا أو فيها نسللب ُ‬ ‫ت التي تتعام ُ‬ ‫ل مع الشركا ِ‬ ‫ل تتعام ْ‬
‫ب على الله ورسللوله‪ ،‬فيللا‬ ‫ن للحر ِ‬ ‫ة من الربا‪ ،‬فالربا إعل ٌ‬ ‫قليل ٌ‬

‫‪265‬‬
‫ب الله ورسوَله أتراه ينتصر ؟!! يقول الله جل‬ ‫ترى من يحار ُ‬
‫َ‬
‫ن الّربا‬ ‫م َ‬‫ي ِ‬ ‫ما ب َِق َ‬‫ه وَذ َُروا َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫جلله‪َ )) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬
‫ن الل ّل ِ‬
‫ه‬ ‫مل َ‬‫ب ِ‬ ‫حلْر ٍ‬‫م ت َْفعَل ُللوا فَلأذ َُنوا ب ِ َ‬ ‫ن ل َل ْ‬ ‫ن ‪ ،‬ف َ لإ ِ ْ‬ ‫مِني َ‬‫م لؤ ْ ِ‬
‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬
‫ن َول‬ ‫مللو َ‬ ‫م ل ت َظ ْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬‫ملل َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫م فَل َ ُ‬
‫كلل ْ‬ ‫ن ت ُب ُْتلل ْ‬
‫سللول ِهِ وَإ ِ ْ‬ ‫وََر ُ‬
‫ن(( )البقرة‪. (279:‬‬ ‫مو َ‬ ‫ت ُظ ْل َ ُ‬
‫ل‬ ‫وقال‪ -‬صلى الله عليلله وسلّلم‪ )) : -‬درهللم ربللا يللأكّله الرجل ُ‬
‫وهللو يعلللم ؛ أش لد ّ مللن سللتةٍ وثلثيللن زنيللة(( ]رواه أحمللد و‬
‫صححه اللباني ]صحيح الترغيب ‪ -‬الرقللم ‪ [ 1855‬عللن عبللد‬
‫الله بن حنظلة‪ -‬رضي الله عنه‪. [-‬‬
‫ث وسللبعون بابللا ؛‬ ‫وقال عليلله الصلللة و السلللم ‪)) :‬الربللا ثل ٌ‬
‫ل أملله (( ]صللححه اللبللاني فللي‬ ‫ح الرج ل ُ‬ ‫ل أن ينك ل َ‬ ‫أيسُرها مث ُ‬
‫صحيح الترغيب )‪.[ (1851‬‬
‫ل الحرام ‪.‬‬ ‫ك لك ِ‬ ‫سك وأهل َ‬ ‫ض نف َ‬ ‫فاتق الله في نفسك ول تعر ْ‬
‫م ول‬ ‫ة لحل ٌ‬ ‫ل الجن َ‬ ‫ل النبي صلى الله عليه وسّلم ‪)) :‬ل يدخ ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ت‪ ،‬الناُر أولى به (( ]رواه الطبراني ورجللاله‬ ‫ت من سح ٍ‬ ‫م نب َ‬ ‫د ٌ‬
‫ثقاة‪ ،‬عن كعب بن عجرة‪ -‬رضي الله عنه‪ ،-‬ورواه أحمد عللن‬
‫جابر‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬ورجاله رجال الصحيح [ ‪.‬‬
‫ت شراَء أسهم ِ أيّ شللركةٍ فعليللك‬ ‫م إذا أرد َ‬ ‫ولذلك أيها المسل ُ‬
‫م‬ ‫ن تسللاه َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ح بحللا ٍ‬ ‫طها مباح لًا‪ ،‬فل يص ل ّ‬ ‫ن نشا َ‬ ‫ت من أ ّ‬ ‫أن تتثب َ‬
‫ك الربويلللة ‪ ،‬أو‬ ‫ن التجلللاري‪ ،‬أو البنلللو ِ‬ ‫ت التلللأمي ِ‬ ‫فلللي شلللركا ِ‬
‫ن‬ ‫ت المصنعةِ للسلِع التي حرمها الله تعللالى‪ ،‬كالللدخا ِ‬ ‫الشركا ِ‬
‫ة من الربا إيداعا ً‬ ‫م الشرك ُ‬ ‫ن تسل َ‬ ‫أو الخمرِ وما شابه ذلك‪ ،‬و أ ْ‬
‫ط جاَز تللداوُله حيللن‬ ‫ت عليه هذه الشرو ُ‬ ‫واقتراضًا‪ ،‬فما انطبق ْ‬
‫ق المالية‪ ،‬وهذا ما يقودنا ‪.‬‬ ‫ح في السو ِ‬ ‫يطر ُ‬
‫أيها الخوةُ في الله ‪:‬‬
‫ك‬ ‫ق السللتثمارِ الموجللودةِ فللي البنللو ِ‬ ‫ث عللن صللنادي ِ‬ ‫للحللدي ِ‬
‫م علللى فتللوى بجللوازِ أسللهم ِ الشللركاتِ‪،‬‬ ‫التجارية‪ ،‬فكّلها تقللو ُ‬
‫م لله‪،‬‬ ‫ل ل يسعُ المقا ُ‬ ‫ب تفصي ٍ‬ ‫ض بالربا حس َ‬ ‫ض وُتقرِ ُ‬ ‫التي تقتر ُ‬
‫ن‬ ‫ن يقضلليا ِ‬ ‫ن]‪ [1‬قراريل ِ‬ ‫ن مشللهورا ِ‬ ‫ن فقهيللا ِ‬ ‫وقد أصدَر مجمعا ِ‬
‫ن‬ ‫ن يحويللا ِ‬ ‫بتحريم ِ هذا النوِع من الشركات‪ ،‬وهللذان المجمعللا ِ‬

‫‪266‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ب إلى هذا القو ِ‬ ‫ة من علماِء العصرِ المعتبرين‪ ،‬وممن ذه َ‬ ‫ثل ٌ‬
‫ة‪ ،‬وعلللى‬ ‫ث العلميلةِ والفتللاِء بالمملكل ِ‬ ‫ة للبحللو ِ‬ ‫ة الدائمل ُ‬ ‫اللجنل ُ‬
‫ن باز‪ ،‬رحمه الله ‪.‬‬ ‫خ عبد ُ العزيزِ ب ِ‬ ‫ة الشي ِ‬ ‫سها سماح ُ‬ ‫رأ ِ‬
‫ب عسلليٌر ‪،‬‬ ‫فاتق الله أيها المسلم ‪ ،‬و استبرأ لدينك؛ فالحسللا ُ‬
‫ة‪ ،‬والخرةُ باقية ‪.‬‬ ‫ف مهول ‪ ،‬والدنيا زائل ٌ‬ ‫والموق ُ‬
‫أيها المسلمون ‪:‬‬
‫ك‬‫ب البنللو ِ‬ ‫ه عليهللا‪ ،‬وهللي أن غللال َ‬ ‫ة حللريٌ التنللبي ُ‬ ‫وهنللا قضللي ُ‬
‫ن شللرعية‪ ،‬ولكنهللا تفتقلُر إلللى‬ ‫م‪ ،‬يوجد لها لجا ٌ‬ ‫الموجودةِ اليو َ‬
‫م‬
‫ت للرقابةِ الشرعية‪ ،‬والتي تتولى التدقيقَ على ما يقو ُ‬ ‫إدارا ٍ‬
‫ت‬ ‫ث المخالفللا ُ‬ ‫ت تجاريللة‪ ،‬ومللن هنللا تحللد ُ‬ ‫ك من عمليللا ٍ‬ ‫به البن ُ‬
‫ة فللي ذلللك‬ ‫ت الشللرعي ُ‬ ‫ت بلله الهيئا ُ‬ ‫والتي أحيانا ُتخالف ما أفت ْ‬
‫البنك ‪.‬‬
‫ب ما ذكللر‪،‬‬ ‫ل حس َ‬ ‫ق يعم ُ‬ ‫ك في أي صندو ٍ‬ ‫ولذا ل يجوُز الشترا ُ‬
‫ت فيهللا‬ ‫ت الللتي تللوفر ْ‬ ‫سلله فللي الشللركا ِ‬ ‫ل بنف ِ‬ ‫وعليلله أن يعمل َ‬
‫ض المستثمرين الثقاة‬ ‫الشرو ُ‬
‫ث عن بع ِ‬ ‫ط السابقة‪ ،‬أو أن يبح َ‬
‫ن وق لعَ أحيانلا ً دون عللم ٍ بشللراءِ‬ ‫ليستثمَر له أمللواَله فيهللا‪ ،‬وإ ْ‬
‫ت غي لرِ نقيللة‪ ،‬فللإن‬ ‫م لشركا ٍ‬ ‫ن له أنها أسه ٌ‬ ‫ت تبي َ‬ ‫أسهم ٍ لشركا ٍ‬
‫م فهللي‬ ‫ح من هللذه السلله ُ‬ ‫ص منها ببيعها‪ ،‬وما رب َ‬ ‫عليه أن يتخل َ‬
‫له ‪.‬‬
‫الوصية الرابعة ‪:‬‬
‫ك بالمانلةِ فللي‬ ‫ت مضماَر السهم فعليل َ‬ ‫أخي الكريم ‪ :‬إذا دخل َ‬
‫ق‬
‫ش ول خداع ‪ ،‬فل يح ُ‬ ‫ح لهم‪ ،‬فل غ َ‬ ‫س‪ ،‬والنص ِ‬ ‫ل مع النا ِ‬ ‫التعام ِ‬
‫س فللي أسللعارِ السللهم ‪ ،‬أو أن‬ ‫ب على النللا ِ‬ ‫ل أن تكذ َ‬ ‫لك بحا ٍ‬
‫م هذه الشركةِ في ازدياد‪ ،‬وفي حقيقِتها أنها‬ ‫مُهم أن أسه َ‬ ‫ُتوهِ َ‬
‫ت‬ ‫في خسارةٍ ‪ ،‬أو تللدعي أنللك تسللتثمُر أمللواَلهم فللي شللركا ٍ‬
‫ي‪ -‬صلللى الللله‬ ‫ل بللالحرام ‪ ،‬فللالنب ّ‬ ‫ت الحل َ‬ ‫ت قد خلط َ‬ ‫نقية‪ ،‬وأن َ‬
‫عليه وسلم‪ -‬يقول ‪)) :‬من غشنا فليللس منللا(( رواه مسلللم ‪،‬‬
‫ل لحدٍ يللبيعُ شلليئا ً إل‬ ‫وقال‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ )) : -‬ل يح ُ‬
‫ل لمن علم ذلللك إل بّينلله (( ]رواه الحللاكم‬ ‫بّين ما فيه‪ ،‬ول يح ُ‬

‫‪267‬‬
‫وصححه ووافقه الللذهبي عللن واثلللة بللن السللقع رضللي الللله‬
‫عنه ‪. [.‬‬
‫ن بالخيللارِ مللا لللم‬ ‫وقال‪ -‬صلللى الللله عليلله وس لّلم‪)) : -‬البيعللا ِ‬
‫ن كتمللا‬ ‫ن صللدقا وبينللا ب ُللورك لهمللا فللي بيعهمللا‪ ،‬وإ ْ‬ ‫يتفرقا‪ ،‬فإ ْ‬
‫ة بيعهما(( ]متفق عليه عن حكيم بن حللزام‬ ‫محقت برك ُ‬ ‫وكذبا ُ‬
‫رضي الله عنه[ ‪.‬‬
‫الوصية الخامسة ‪:‬‬
‫ب الماليللة‪ ،‬لهللا بري لقٌ ولمعللان؛ قللد تص لد ّ‬ ‫م والمكاس ل ُ‬ ‫السلله ُ‬
‫ن عن ذكرِ الله تعالى وعن الصلة ؛ فليتق الله أولئك ؛‬ ‫النسا َ‬
‫ن فعَلهم ذاك خطٌر وعظيم ‪ ،‬فقل لي بربك ؟ ماذا بعللد أن‬ ‫فإ ْ‬
‫ت الهائلللة‪،‬‬ ‫ت بعللدك المليللارا ِ‬ ‫ل الطائلللة‪ ،‬وتركل َ‬ ‫ت المللوا َ‬ ‫جمع َ‬
‫ت فللي طاع لةِ ربللك‪ ،‬مللاذا‬ ‫ت صلللَتك‪ ،‬وفرط ل َ‬ ‫وأنت قللد ضلليع َ‬
‫تنفُعك تلك الموال ؟!!‬
‫ت علللى‬ ‫ُ‬
‫صك على جمِع حطام ِ الللدنيا إذا أوقفل َ‬ ‫ماذا ينفُعك حر ُ‬
‫ر‪،‬‬ ‫ة للبش ل ِ‬ ‫سقر؟ وما أدراك ما سقر ؟ ل ُتبقي ول تذر ‪ ،‬لواح ل ٌ‬
‫ة عشر ؟!!‬ ‫عليها تسع ُ‬
‫ت‬ ‫ث وراَءهللا إذا أوقفل َ‬ ‫صك على السهم ِ واللهل ِ‬ ‫ماذا ينفُعك حر ُ‬
‫ة‬
‫ة ويسللرةً عللن حسللن ٍ‬ ‫ث يمن ل ً‬ ‫ت تبح ُ‬ ‫بين يدي الله تعالى‪ ،‬وبدأ َ‬
‫واحدةٍ ُتنجيك بإذن الله تعالى من ناره وجحيمه فلم تجد ؟!!‬
‫جاَرةٌ َول‬ ‫م تِ َ‬ ‫ل ل ت ُل ِْهيهِ ْ‬ ‫جا ٌ‬ ‫يا أخي كن ممن قال الله فيهم ‪)) :‬رِ َ‬
‫وم لا ً‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫خللاُفو َ‬ ‫صلللةِ وَِإيت َللاءِ الّزك َللاةِ ي َ َ‬ ‫ن ذِك ْرِ الل ّهِ وَإ َِقام ِ ال ّ‬ ‫ب َي ْعٌ عَ ْ‬
‫َ‬
‫صاُر(( )النور‪. (37:‬‬ ‫ب َواْلب ْ َ‬ ‫ب ِفيهِ ال ُْقُلو ُ‬ ‫ت َت ََقل ّ ُ‬
‫ت‬ ‫ت علللى صلللِتك‪ ،‬وداوم ل َ‬ ‫واعلم رعاك الللله أنللك إذا حللافظ َ‬
‫ب فضلِله‪،‬‬ ‫ح لللك الللرزاقُ الكريللم أبللوا َ‬ ‫علللى طاعلةِ ربللك‪ ،‬فتل َ‬
‫ملن‬ ‫ث ل تحتسب‪ ،‬يقول الله تعلالى‪)) :‬وَ َ‬ ‫ك الخيُر من حي ُ‬ ‫وجاء َ‬
‫من‬ ‫ب وَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬‫ث َل ي َ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫جا * وَي َْرُزقْ ُ‬ ‫خَر ً‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫جَعل ل ّ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬ ‫ي َت ّ ِ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّل ُ‬ ‫جع َ ل َ‬ ‫مرِهِ قَ لد ْ َ‬ ‫ه َبال ِغُ أ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬
‫سب ُ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ل عََلى الل ّهِ فَهُوَ َ‬ ‫ي َت َوَك ّ ْ‬
‫يٍء قَد ًْرا(( )سورة الطلق ‪. (3.2:‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ِك ُ ّ‬

‫‪268‬‬
‫سلله‬ ‫ن نف َ‬ ‫س مللن دا َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬الكي ّ ُ‬ ‫يقول النب ّ‬
‫سه هواهللا وتمنللى‬ ‫ت‪ ،‬والعاجُز من اتبعَ نف َ‬ ‫ل لما بعد المو ِ‬ ‫وعم َ‬
‫على الله الماني(( رواهُ الترمذي ‪.‬‬
‫بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫الوصية السادسة ‪:‬‬
‫ج ما وجلب عليللك مللن زكلاةٍ فلي‬ ‫ن تخر َ‬ ‫عليك أخي الفاضل أ ْ‬
‫ب بللذلك وليللس الشللركة‪ ،‬وزكللاةُ‬ ‫ت المطللال ُ‬ ‫أسهمك؛ لنك أن َ‬
‫ج وفقَ الطريقةِ التية‪:‬‬ ‫السهم ِ ُتخر ُ‬
‫ت فللي الشللركةِ بقصلدِ السللتفادةِ مللن ريلِع‬ ‫ت سللاهم َ‬ ‫إن كنل َ‬
‫ب هللذه‬ ‫ن صللاح َ‬ ‫ة‪ ،‬فللإ ّ‬ ‫السهم ِ السنوية‪ ،‬وليللس بقص لدِ التجللار ِ‬
‫ب الزكاةُ في‬ ‫ل السهم‪ ،‬وإنما تج ُ‬ ‫السهم ِ ل زكاةَ عليه في أص ِ‬
‫ض‬ ‫ل مللن يللوم ِ قبل ِ‬ ‫ن الحللو ِ‬ ‫الربح‪ ،‬وهي ربلعُ العشلرِ بعلد َ دورا ِ‬
‫ح إن كان نصابا ً ‪.‬‬ ‫الرب ِ‬
‫م بقص لدِ التجللارة‪ ،‬فزكاُتهللا زكللاةُ‬ ‫ت السه َ‬ ‫ت قد اقتني َ‬ ‫وإن كان َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ل زكاتللك وهللي فللي ملكل َ‬ ‫ض التجللارة‪ ،‬فللإذا جللاَء حللو ُ‬ ‫عرو ِ‬
‫ق ل بما اشتريَتها به‪ ،‬وإذا لللم‬ ‫زكيَتها بقيمِتها الحاليةِ في السو ِ‬
‫ع‬
‫ج رب َ‬ ‫ل الخبرة ‪ ،‬فيخر ُ‬ ‫ق‪ ،‬زكيت قيمَتها بتقويم ِ أه ِ‬ ‫ن لها سو ٌ‬ ‫يك ْ‬
‫ك القيمةِ ومن الربِح ‪ ،‬إذا كان للسهم ِ ربح ‪.‬‬ ‫العشرِ من تل َ‬
‫م ثمَنهللا إلللى‬ ‫وإذا باعَ المساه َ‬
‫ل ضل َ‬ ‫مه فللي أثنللاِء الحللو ِ‬ ‫م أسهُ َ‬ ‫ُ‬
‫ل زكلاته‪ .‬أملا المشلتري‬ ‫كاه معله‪ ،‬عنلدما يجيلُء حلو ُ‬ ‫ماِله وز ّ‬
‫م الللتي اشللتراها علللى النحللوِ السللابق‪ ،‬وإذا‬ ‫فُيزكللي السلله َ‬
‫م‪،‬‬ ‫جها المسللاه ُ‬ ‫ة الزكاةَ فيكتفي بذلك ول يخر َ‬ ‫ت الشرك ُ‬ ‫أخرج ِ‬
‫ل واحد‪.‬‬ ‫ن في ما ٍ‬ ‫ب زكاتا ِ‬ ‫س لئل تج َ‬ ‫وكذلك العك ُ‬
‫الوصية السابعة ‪:‬‬
‫ن من العلماِء قال‬ ‫ل قائلهم‪ :‬فل ٌ‬ ‫س فيقو ُ‬ ‫ل النا ُ‬ ‫كثيرا ً ما يتساء ُ‬
‫ن قللال بحرمِتهللا‪،‬‬ ‫بجوازِ شللراِء أسللهم ِ الشللركةِ الفلنيللة‪ ،‬وفل ٌ‬
‫ف نوفقُ بينهما ؟‬ ‫فكي َ‬

‫‪269‬‬
‫ل العل لم ِ فللي‬ ‫ف بين أه ل ِ‬ ‫ب الخل ِ‬ ‫م أن سب َ‬ ‫وأقول‪ :‬يجب أن نعل َ‬
‫ل‬‫ة في شركةٍ أصلُلها حل ٌ‬ ‫هذه القضيةِ هو؛ هل يجوُز المساهم ُ‬
‫ة من الربا أم ل ؟‬ ‫ة قليل ٌ‬
‫وفيها نسب ٌ‬
‫فبعضهم يرى جواز ذلك‪ ،‬وقد ذكرت لك في ثنايا الخطبللةِ أن‬
‫ة المسللاهمةِ فللي ذلللك؛ لن الللله‬ ‫جماهيَر العلماِء يرون حرمل َ‬
‫ن علللى الث لم ِ‬ ‫ره‪ ،‬ونهانللا عللن التعللاو ِ‬ ‫حللرم الربللا قليللهِ وكللثي ِ‬
‫والعدوان ‪.‬‬
‫ت حرصلا ً عللى دينله‪،‬‬ ‫ب الشلبها ِ‬ ‫ن يتجن َ‬ ‫ل في المسلم ِ أ ْ‬ ‫والص ُ‬
‫ث‬ ‫وحفظا ً لخرته‪ ،‬ولذلك أخبر صلى الله عليه وسلم في حدي ِ‬
‫ق عليه عن ذلللك بقللوله‪)) :‬إن الحلل‬ ‫ن بشير المتف ِ‬ ‫نب ِ‬ ‫النعما ِ‬
‫بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشللتبهات ل يعلمهللن كللثير‬
‫من الناس فمن اتقى الشللبهات فقللد اسللتبرأ لللدينه وعرضلله‬
‫ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول‬
‫الحمى يوشك أن يرتع فيه(( ‪.‬‬
‫م‬ ‫والمشتبه هو ما اخت ُِلف في حله أو تحريمه‪ ،‬وفسللرها المللا ُ‬
‫ة بيللن‬ ‫ن حنبللل رحملله الللله بأنهللا منزل ل ٌ‬ ‫الزاهد ُ الورعُ أحم لد ُ بل ُ‬
‫ل والحللرام ‪ ،‬وقللال‪ :‬مللن اتقاهللا فقللد اسللتبرأ لللدينه‪،‬‬ ‫الحل ِ‬
‫ن‬ ‫ن بل ُ‬‫ل والحللرام ‪ ،‬وقللال سللفيا ُ‬ ‫ط الحل ِ‬ ‫وفسرها تللارةً بللاختل ِ‬
‫ل‬ ‫ن حتى يجعلل َ‬ ‫ة اليما ِ‬ ‫ب عبد ٌ حقيق َ‬ ‫عيينة‪ -‬رحمه الله‪ : -‬ل ُيصي ُ‬
‫م ومللا‬ ‫بيَنه وبين الحرام ِ حللاجزا ً مللن الحللِ‪ ،‬وحللتى يللدعَ الثل َ‬
‫تشابه منه‪.‬‬
‫نسأل الله أن يكفينا بحلله عن حرامه وبفضله عمن سواه ‪.‬‬
‫]‪ [1‬ل وهما المجمعُ الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر السلمي‬
‫بجدة والمجمع الفقهي التابع لرابطللة العللالم السلللمي فللي‬
‫مكة المكرمة ‪.‬‬
‫================‬
‫‪ #‬المكاسب الخبيثة‬
‫ه‪ ,‬ونعللوذ ُ بللاللهِ مللن‬ ‫ه‪ ,‬ونستغفر ُ‬ ‫ن الحمد َ ِلله نحمدهُ ونستعين ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‬ ‫مض ل َ‬ ‫ه فل ُ‬ ‫ن َيهدهِ الل ل ُ‬ ‫ت أعماِلنا‪ ,‬م ْ‬ ‫شرورِ أنفسنا‪ ,‬ومن سّيئا ِ‬
‫ه وحدهُ ل‬ ‫ن ل إله إل الل ُ‬ ‫ن ُيضلل فل هاديَ له‪ .‬وأشهد ُ أ ّ‬ ‫ه‪ ,‬وم ْ‬ ‫ل ُ‬

‫‪270‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬‫ن محمدا ً عبدهُ ورسوله‪َ )) .‬يا أي ّهَللا ال ّل ِ‬ ‫ك له‪ ,‬وأشهد ُ أ ّ‬ ‫شري َ‬
‫َ‬
‫ن (( [‬ ‫مو َ‬ ‫سللل ِ ُ‬ ‫م ْ‬‫م ُ‬ ‫ن إ ِّل وَأن ُْتلل ْ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫حقّ ت َُقات ِهِ َول ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫خل ََقك ُل ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّل ِ‬ ‫س ات ُّقللوا َرب ّك ُل ُ‬ ‫آل عمران‪َ )).]102:‬يا أي َّها الّنا ُ‬
‫جللال ً ك َِثيللرا ً‬ ‫مللا رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ث ِ‬ ‫جَها وَب َل ّ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ن ن َْف‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ٍ‬
‫ن‬ ‫ن الل ّل َ‬
‫ه ك َللا َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حللا َ‬ ‫ن ب ِلهِ َواْلْر َ‬ ‫ساَءُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ساًء َوات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫وَن ِ َ‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫من ُللوا ات ُّقللوا الل ّل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َرِقيبا ً (( [النساء‪َ )) .]1:‬يا أي َّها ال ّ ِ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫وُقوُلوا قَول ً سديدا ً * يصل ِح ل َك ُ َ‬
‫م‬ ‫م ذ ُُنللوب َك ُ ْ‬ ‫م وَي َغِْفْر ل َك ُ ْ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ظيملا (( [الحللزاب‪:‬‬ ‫ً‬ ‫وزا عَ ِ‬ ‫ً‬ ‫ه فََقد ْ فَللاَز فَل ْ‬ ‫َ‬
‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ّ‬
‫ن ي ُط ِِع الل َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫‪.]71-70‬‬
‫ي‬
‫ب اللله‪ ,‬وخيلُر الهللدي هللد ُ‬ ‫ث كتللا ُ‬ ‫د‪ :‬فإن أصدقَ الحدي ِ‬ ‫ما بع ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ل بدعللةٍ‬ ‫ل محدثةٍ بدعة‪ ,‬وك ّ‬ ‫محدثاُتها‪ ,‬وك ّ‬ ‫محمدٍ ‪ r‬وشّر المورِ ُ‬
‫ل ضللةٍ في النار‬ ‫ضللة‪ ,‬وك ّ‬
‫أما بعد ُ ‪ ،‬أّيها المسلمون ‪:‬‬
‫ف اليمان‪ ,‬وضعف اليقين باليوم الخر‪,‬‬ ‫ت ضع ِ‬ ‫ن من علما ِ‬ ‫فإ ّ‬
‫ب الدنيا‪ ,‬وإيثاَرها على الخرة‪ ,‬والتعلقَ بالشبهِ الواهيةِ في‬ ‫ح َ‬
‫ل بأي وجهٍ كان‪ ,‬ولقللد تعللددت فللي زماننللا هللذا‪,‬‬ ‫ل الما ِ‬ ‫تحصي ِ‬
‫ب الحللرام‪ ،‬الللتي وقللع فيهللا الكللثيرون‪ ،‬فللأهلكوا‬ ‫ب الكس ِ‬ ‫أبوا ُ‬
‫ت فالنللار‬ ‫سللح ٍ‬ ‫ل جسلدٍ نبللت مللن ُ‬ ‫بذلك أنفسهم وأهليهم‪ ،‬وكل ّ‬
‫أولى به‪ ,‬ووقعَ آخرون في الشبهات‪ ,‬ومن وقع في الشبهات‬
‫ع‬
‫ك أن يرت َ‬ ‫ل الحمى‪ُ ,‬يوش ُ‬ ‫وقع في الحرام ِ كالراعي يرعى حو َ‬
‫ن حمللى الل لهِ محللارمه‪,‬‬ ‫ك حمللى‪ ،‬أل وإ ّ‬ ‫ل مل ل ٍ‬ ‫ن لك ل ّ‬ ‫فيه‪ ،‬أل وإ ّ‬
‫ل وجمعلله‪،‬‬ ‫ب المللا ِ‬ ‫ومللن المصللادرِ الخبيثللةِ المحرمللةِ لكسلل ِ‬
‫ه فيلله حقلًا‪ ،‬أو‬ ‫ن لل ُ‬ ‫ت مال المسلمين بدعوى أ ّ‬ ‫ة من بي ِ‬ ‫السرق ُ‬
‫ة وهو ضللعيف‪ ،‬أو‬ ‫ة قوي ٌ‬ ‫ن الحكوم َ‬ ‫ن ما يتعاطاهُ ل يكفيه‪ ،‬أو أ ّ‬ ‫أ ّ‬
‫ل‪ ،‬وتبدأ هللذه‬ ‫ُ‬ ‫ك من الدعاوى التي ل ُتغنيهِ عند اللهِ فتي ً‬ ‫غيَر ذل َ‬
‫ة‬
‫ل المسلللمين‪ ,‬بسللرق ِ‬ ‫ت مللا ِ‬ ‫الجريمة‪ -‬أعنى السرقة‪ -‬من بي ل ِ‬
‫ن الريللالت‬ ‫ة‪ ،‬وتنتهللي بسللرقةِ مليي ل َ‬ ‫قل لم ٍ أو ورق لةٍ أو محللبر ٍ‬
‫ق الللتزوير‪ ،‬ممللا ينطلللي علللى البشللر‪,‬‬ ‫ل وطللر ِ‬ ‫بش لّتى الحي ل ِ‬
‫ب والشهادة‪ ،‬الذي ل تخفللى‬ ‫م الغي ِ‬ ‫ب البشر‪ ،‬عال ُ‬ ‫ف لر ّ‬ ‫وينكش ُ‬
‫ق‬
‫عليه خافيللة‪ ،‬وهللو العزي لُز الحكيللم‪ ،‬ول يللدري ذلللك السللار ُ‬

‫‪271‬‬
‫ي الملرِ وحللدهُ بللل‬ ‫ه فللي هللذا ليللس ولل ّ‬ ‫ن خصللم ُ‬ ‫نأ ّ‬ ‫المسكي ُ‬
‫ه هللو‬ ‫ن خصللم ُ‬ ‫المسلمون جميعًا‪ ،‬فقد سرقَ من مالهم‪ ,‬بللل إ ّ‬
‫ن‬ ‫ل‪ )) :‬إ ِ ّ‬ ‫م العزيُز الجبار‪ ،‬الذي يقللو ُ‬ ‫ه الواحد ُ القهار‪ ,‬المنتق ُ‬ ‫الل ُ‬
‫َ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫يأ ْ‬ ‫ن ل ِن َِبلل ّ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫ه ‪ )) :‬وَ َ‬ ‫سبحان ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن(( ويقو ُ‬ ‫خائ ِِْني َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫مةِ (( ‪.‬‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫ل ي َوْ َ‬ ‫ما غَ ّ‬‫ت بِ َ‬ ‫ل ي َأ ِ‬ ‫ن ي َغْل ُ ْ‬‫م ْ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ي َغُ ّ‬
‫ق غيلرِ مشللروع‪،‬‬ ‫ل بطريل ٍ‬ ‫ت المللا ِ‬ ‫ل‪ :‬هلو الخلذ ُ مللن بيل ِ‬ ‫والغلو ُ‬
‫ل النفوذ والجاه‪ ,‬فمللن‬ ‫ب والحتيال‪ ،‬أو استغل ِ‬ ‫كالتزويرِ والكذ ِ‬
‫ل للحرام ‪ -‬والعياذ ُ بالله‪ -‬حاكم لا ً‬ ‫ل سارقٌ آك ٌ‬ ‫ل ذلك فهو غا ّ‬ ‫فع َ‬
‫م‬ ‫م مسللل ُ‬ ‫كان أو محكومًا‪ ،‬رئيسا ً كان أو مرؤوسًا‪ ،‬أخرج الما ُ‬
‫ل‬ ‫في صحيحة من حديث أبي هريرة‪ -t-‬قللال قللام فينللا رسللو ُ‬
‫م قال ‪:‬‬ ‫م أمره‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ه‪ ,‬وعظ َ‬ ‫ظم ُ‬‫الله ‪ r‬ذات يوم فذكر الغلول فع ّ‬
‫ٍ‬
‫ه‬ ‫)) ل ألفين أحدكم يجيُء يللوم القيام لةِ علللى رقبتلله بعي لرٍ ل ل ُ‬
‫ك لللك شلليئا ً‬ ‫ل‪ :‬ل أمل ُ‬ ‫ل‪ :‬يا رسول الله أغثني‪ ،‬فأقو ُ‬ ‫رغاء‪ ،‬يقو ُ‬
‫قد أبلغتك‪ ,‬ل ألفين أحدكم يجي لُء يللوم القيامللة علللى رقبتلله‬
‫ل‪ :‬ل‬ ‫ل الللله أغثنللي فللأقو ُ‬ ‫ل‪ :‬يللا رسللو َ‬ ‫س له حمحمة فيقللو ُ‬ ‫فر ٌ‬
‫ك لك شيئا ً قد أبلغتك‪ ,‬ل ألفين أحدكم يجيُء يوم القيامللة‬ ‫أمل ُ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ل‪ :‬يا رسول الله أغثني‪ ،‬فللأقو ُ‬ ‫على رقبته شاةُ لها ُثغاء يقو ُ‬
‫ك لك شلليئا ً قللد أ بلغتللك‪ ,‬ل ألفيللن أحللدكم يجي لءُ يللوم‬ ‫ل أمل ُ‬
‫س لها صلياح‪ ،‬فيقلول‪ :‬يللا رسلول اللله‬ ‫القيامة على رقبته نف ٌ‬
‫ك لك شيئا ً قد أبلغتك‪ ,‬ل ألفيللن أحللدكم‬ ‫أغثني‪ ،‬فأقول‪ :‬ل أمل ُ‬
‫يجيُء يوم القيامة على رقبته رقاع تخنقه‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رسللول‬
‫ل‪ :‬ل أملللك لللك شلليئا ً قللد أبلغتللك‪ ,‬ل ألفيللن‬ ‫الله أغثني‪ ،‬فأقو ُ‬
‫ب‬ ‫أحللدكم يجيلُء يللوم القيامللة علللى رقبتلله صللامت‪ -‬أي ذه ل ٌ‬
‫ل‪ :‬ل أملللك لللك‬ ‫وفضة‪ -‬فيقول‪ :‬يا رسللول الللله أغثنللي‪ ،‬فللأقو ُ‬
‫ل‬ ‫م مخيللف‪ُ ،‬يزلللز ُ‬ ‫ث عظي ل ٌ‬ ‫شيئا ً قد أبلغتللك هللذا (( ) ‪ (1‬حللدي ٌ‬
‫ب الحيلةِ ويهُزهللا هللزًا‪ ،‬فمللن سللرقَ شللاةً أو بعيللرًا‪ ،‬أو‬ ‫القلللو َ‬
‫م القياملةِ عللى‬ ‫ه يلو َ‬ ‫مل ُ‬‫ل‪ ,‬جاَء َيح ِ‬ ‫سرقَ ما ً‬ ‫سيارةً أو متاعًا‪ ،‬أو َ‬
‫ب إلى الله تعالى‪ ،‬ويُرد ّ‬ ‫ه‪ ،‬مفضوحا ً بين العباد‪ ،‬إل ّ أن يتو َ‬ ‫رقبت ِ‬
‫ل الللله‬ ‫ت المللال‪ ،‬وحللتى المجاه لد ُ فللي سللبي ِ‬ ‫ه إلى بي ِ‬ ‫ما سرق ُ‬
‫ه من الغنيمةِ كبيرًا‪ ،‬لللو انتظللر القسللمة‪،‬‬ ‫ن نصيب ُ‬ ‫الذي قد يكو ُ‬

‫‪272‬‬
‫ة يللوم‬ ‫ة‪ -‬لكللانت عليلله ندامل ً‬ ‫فإّنه لللو اختلللس مخيطلًا‪-‬إي إبللر ً‬
‫القيامة يقول ‪ )) : r‬أّدوا الخيط والمخيللط‪ ،‬وإي ّللاكم والغلللول‪،‬‬
‫ل‬ ‫ه عاٌر على أهلهِ يللوم القيامللة (( )‪ ، (2‬وهللذا مجاهلد ٌ ُقتل َ‬ ‫فإن ّ ُ‬
‫ه‬‫ة – رضللي الللله عنهللم‪ -‬هنيئا ً لل ُ‬ ‫ل الله‪ ،‬فقال الصحاب ُ‬ ‫في سبي ِ‬
‫ن‬ ‫بالشهادةِ يا رسول الله ‪ ,‬قال ‪ )) :‬كل ّ والذي نفسي بيللده إ ّ‬
‫ب عليه نارًا‪ ,‬أخذها يوم خيبر مللن الغنللائم‪ ،‬لللم‬ ‫ة‪ ,‬لتلته ُ‬ ‫الشمل َ‬
‫ك أو‬ ‫ل بشللرا ٍ‬ ‫س فجللاَء رج ل ٌ‬ ‫ُتصبها المقاسم قللال‪ :‬فََف لزِعَ النللا ِ‬
‫ل الللله ‪: r‬‬ ‫شراكين‪ ،‬وقال‪ :‬أخللذتهما يللوم خيللبر فقللال رسللو ُ‬
‫ك أو شراكان في النار (( )‪ (3‬متفق عليه‪.‬‬ ‫شرا ٌ‬
‫ه‬ ‫ك يللا إلهللي!! هللذا المجاهلد ُ فللي سللبيلك‪ ،‬البللائعُ نفسل ُ‬ ‫رحما َ‬
‫ن‬ ‫ه المارةُ بسرقةِ شيٍء زهيد‪ ،‬قد يكو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ه نف ُ‬‫لمرضاتك‪ ,‬تدفع ُ‬
‫ب عليه ما‬ ‫م يلته ُ‬ ‫ه لو صبر حتى القسمة‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫مستحقا ً لعظم من ُ‬
‫ل العبللادِ‬ ‫ن حا ُ‬ ‫ك يا الله ! فكيف يكو ُ‬ ‫ه نارا ً تلظى‪ ,‬رحما َ‬ ‫اختلس ُ‬
‫المقصللرين فللي طاعتللك‪ ،‬السللادرين فللي غّيهللم وضللللهم ‪،‬‬
‫ن لعظم من ذلك أو أحقلَر منلله‪ ،‬وهللذا مجاهلد ٌ آخللر‬ ‫السارقي َ‬
‫ت المال‪ ,‬فلانظروا إلللى مصلليرهِ ونهللايته! علن‬ ‫س من بي ِ‬ ‫اختل َ‬
‫ل‬ ‫ت المللا ِ‬ ‫عبد الله بن عمرو بن العاص‪ t -‬قللال‪ :‬كللان فللي بي ل ِ‬
‫ل له‪ :‬كركرة فمات‪ ،‬فقال النبي ‪ )) :r‬هو فللي النللاِر‪،‬‬ ‫ل ُيقا ُ‬ ‫رج ٌ‬
‫فللذهبوا ينظللرون إليلله فوجللدوا عبللاءةً قللد غّلهللا (( )‪ (4‬رواه‬
‫البخاري ‪،‬‬
‫ل فللي غللزوةِ خيللبر‪,‬‬ ‫ن رجل ُقت ل َ‬ ‫وعن خالد بن زي لدٍ الجهنللي‪ ،‬أ ّ‬
‫ي‪ -‬عليه الصلة والسلم‪ -‬من الصلةِ عليلله وقللال‪:‬‬ ‫فامتنعَ النب ّ‬
‫ه فوجدنا خرزا ً من‬ ‫ل‪ ،‬قال‪ :‬ففتشنا متاع ُ‬ ‫ن صاحبكم قد غ ّ‬ ‫)) إ ّ‬
‫خرزِ اليهود‪ ,‬ل يساوي درهمين (( )‪.(5‬‬
‫ل‬ ‫ل اللله ‪ r‬يمتنلعُ علن الصللةِ عللى رجل ٍ‬ ‫سلبحان اللله‪ ,‬رسلو ُ‬
‫ل مللا يسللاوي درهميللن‪,‬‬ ‫ت المللا ِ‬ ‫مجاهد‪ ,‬اختلس من بي ِ‬ ‫مسلم ٍ ُ‬
‫ن‬ ‫ف المؤلفةِ والمليين المكدسة‪ ،‬إ ّ‬ ‫فكيف بمن يسرقون اللو َ‬
‫ب أو ألقلى السللمعَ وهلو‬ ‫ه قلل ٌ‬‫في ذللك للذكرى لمللن كلان لل ُ‬
‫ل كللذلك‪ ،‬هللدايا المللوظفين‪ ،‬الللتي‬ ‫ل فللي الغلللو ِ‬ ‫شهيد‪ ،‬ويدخ ُ‬

‫‪273‬‬
‫يهلللديها إليهلللم أولئك المتعهلللدون‪ ,‬ملللن أصلللحاب المصلللانِع‬
‫ة‪ ,‬أو التكريم‪ ,‬أو الصداقة‪،‬‬ ‫والمؤسسات‪ ,‬باسم الدعاي ِ‬
‫حميدٍ الساعد ي‪ -t -‬قال ‪ )) :‬استعمل رسول الللله ‪r‬‬ ‫عن أبي ُ‬
‫رجل ً من الزد على صدقات بني سليم ‪ ،‬ي ُللدعى ابللن اللتللبيه‪،‬‬
‫فلما جاَء يحاسبه قال ‪ :‬هذا مللالكم وهللذا ُأهللدي إلللي‪ ،‬فقللال‬
‫مك‪ ,‬حللتى تأتيللك‬ ‫ت أبيك وأ ّ‬ ‫ل الله ‪ : r‬فهل ّ جلست في بي ِ‬ ‫رسو ُ‬
‫ت صادق‍ًا؟ ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه‪ ,‬ثللم‬ ‫هديتك إن كن َ‬
‫مللا‬ ‫ل منكم علللى العمللل‪ ,‬م ّ‬ ‫ما بعد‪ ,‬فإّني استعمل الرج َ‬ ‫قال‪ :‬أ ّ‬
‫ة أهللديت‬ ‫ل‪ ,‬هذا مالكم‪ ،‬وهللذه هدي ل ٌ‬ ‫ه‪ ،‬فيأتيني فيقو ُ‬ ‫ول ني الل ُ‬
‫ت أبيه وأمه‪ ,‬حتى تأتيه هديته‪ ,‬إن كللان‬ ‫س في بي ِ‬ ‫لي‪ ،‬أفل جل َ‬
‫صادقا ً ؟ واللهِ ل يأخذ ُ أحدا ٌ منكللم منهللا شلليئًا‪ ,‬بغيلرِ حّقلله‪ ,‬إل‬
‫ن أحللدا ً منكللم‬ ‫ه يللوم القيامللة فل أعرفل ّ‬ ‫ه تعالى يحملل ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫لق َ‬
‫ه رغللاء‪ ،‬أو بقللرةً لهللا خللوار‪ ,‬أو شللاةً‬ ‫ل بعيرا ً لل ُ‬‫لقي الله يحم ُ‬
‫تيعر‪ ،‬ثم رفعَ يديه‪ ,‬حتى رؤي بياض إبطيلله يقللول اللهللم هللل‬
‫بلغت بصر عيني وسللمع أذنللي (( )‪ (6‬أخرجلله مسلللم‪ .‬وفللي‬
‫ث عدي بن عميرة الكندي قال‪,‬‬ ‫صحيح مسلم كذلك‪ :‬من حدي ِ‬
‫ل الله ‪ r‬يقول ‪ )) :‬مللن اسللتعملناهُ منكللم علللى‬ ‫ت رسو َ‬ ‫سمع ُ‬
‫ل‪ ,‬فكتمن َللا مخيطلا ً فمللا فللوق‪ ,‬كللان غلللول ً يللأتي بلله يللوم‬ ‫عم ٍ‬
‫ل أسود ٌ من النصار‪ ،‬كللأني انظ لُر‬ ‫م إليه رج ٌ‬ ‫القيامة‪ ،‬قال‪ :‬فقا َ‬
‫إليلله‪ ,‬فقللال‪ :‬يللا رسللول الللله اقبللل عن ّللى عملللك‪ -‬وبللالتعبير‬
‫المعاصللر‪ ,‬اقبلل اسلتقالتي مللن العملل‪ -‬قلال رسللول اللله ‪r‬‬
‫ل كللذا وكللذا قللال‪ -‬عليلله الصلللة‬ ‫ومالك؟ قال‪ :‬سللمعتك تقللو ُ‬
‫ل‪,‬‬ ‫ه الن‪ :‬من استعملناهُ منكللم علللى عمل ٍ‬ ‫والسلم‪ :-‬وأنا أقول ُ‬
‫فليجئ بقليله وكثيرة (( )‪. (7‬‬
‫ض‬ ‫ل كذلك‪ :‬ما يتقاضللاهُ بع ل ُ‬ ‫ت الما ِ‬ ‫ل في السرقةِ من بي ِ‬ ‫ويدخ ُ‬
‫ن باسللم ِ خللارج الللدوام أو النتللداب‪ ،‬مللن غيللرِ أن‬ ‫المللوظفي َ‬
‫ت‬ ‫ؤهم فللي مسلليرا ِ‬ ‫ل‪ ،‬وإّنمللا ت ُللدرج أسللما ُ‬‫يقوموا بالمهملةِ فع ً‬
‫ب‬ ‫ض الموظفين يتغي ُ‬ ‫الرواتب‪ ,‬وهم جالسون في بيوتهم‪ ،‬وبع ُ‬
‫عللن عمل لهِ اليللوم واليللومين والثلثللة بل عللذرٍ شللرعي‪ ,‬أو ل‬
‫ج لقضللاِء‬ ‫ت الللدوام ِ الرسللمي‪ ,‬فيعتللاد ُ الخللرو َ‬ ‫ل سللاعا ِ‬ ‫يستكم ُ‬

‫‪274‬‬
‫ت‬ ‫ح النللاس‪ ،‬وحاجللا ِ‬ ‫ك مصللال َ‬ ‫مشللاغلهِ الخاصللة‪ ,‬معطل ً بللذل َ‬
‫ك كللهِ ل يتللورعُ عللن اسللتلم ِ مرتبلله‬ ‫المراجعين‪ ,‬وهو مللع ذلل َ‬
‫ن*‬ ‫مط َّفِفي َ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬ ‫ه إذ يقول‪ )) :‬وَي ْ ٌ‬ ‫كامل ً غيَر منقوص‪ ,‬وصدقَ الل ُ‬
‫ذا ك َللاُلوهُم أوَ‬ ‫ذا اك ْت َللاُلوا عَل َللى الن ّللا‬
‫ْ ْ‬ ‫ن * وَإ ِ َ‬ ‫س لت َوُْفو َ‬ ‫س يَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّل ِ‬
‫خس لرون * َأل يظ ُلن ُأول َئ ِ َ َ‬
‫ن * ل ِي َلوْم ٍ‬ ‫مب ُْعوث ُللو َ‬ ‫م َ‬ ‫ك أن ّهُ ل ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫م يُ ْ ِ ُ َ‬ ‫وََزُنوهُ ْ‬
‫ن (( [المطففين‪]6-1:‬‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫س ل َِر ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫م ي َُقو ُ‬ ‫ظيم ٍ * ي َوْ َ‬ ‫عَ ِ‬
‫ه يتغيبللون عللن‬ ‫ن رؤسللائ ُ‬ ‫ض أولئك الموظفين بأ ّ‬ ‫وقد يتعذُر بع ُ‬
‫س‬ ‫ل ن َْف ل ٍ‬ ‫ك المساكين قللوله تعللالى ‪ )) :‬ك ُل ّ‬ ‫ل‪ ،‬ونسي أولئ َ‬ ‫العم ِ‬
‫ة (( [المدثر‪. ]38:‬‬ ‫هين َ ٌ‬
‫ت َر ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫بِ َ‬
‫خلللَرى (( [النعلللام‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ه تعلللالى‪َ )) :‬ول ت َلللزُِر َوازَِرةٌ وِْزَر أ ْ‬ ‫وقلللول ُ‬
‫م‬ ‫مت ُل ْ‬ ‫م إ ِذ ْ ظ َل َ ْ‬ ‫م ال ْي َلوْ َ‬ ‫ن ي َن َْفعَك ُل ُ‬ ‫ه جللل جلللله ‪ )) :‬وَل َل ْ‬ ‫‪ ]164‬وقول ُ‬
‫ش لت َرِ ُ‬ ‫م ِفي ال ْعَ ل َ‬ ‫َ‬
‫ل فللي‬ ‫ن (([الزخللرف‪ ]39:‬ويللدخ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫أن ّك ُ ْ‬
‫ض‬ ‫ه بعل ُ‬ ‫ت مللال المسلللمين‪ ،‬مللا يفعلل ُ‬ ‫ل والسرقة من بي ِ‬ ‫الغلو ِ‬
‫ن‬ ‫ب بفللواتيرِ الشللراء‪ ,‬فتللدو َ‬ ‫ت مللن تلع ل ٍ‬ ‫مللأموري المشللتريا ِ‬
‫ف القيملللةِ الحقيقيلللةِ للسللللع‬ ‫م المشلللتريات بأضلللعا ِ‬ ‫أرقلللا ُ‬
‫ق‬
‫ن فللر ُ‬ ‫ض الباعةِ الظلمللة‪ ،‬فيكللو ُ‬ ‫ئ من بع ِ‬ ‫المشتراة‪ ،‬وبتواط ٍ‬
‫ف الخللائن للمانللة‪،‬‬ ‫ه ذلللك الموظ ل ُ‬ ‫ل‪ ,‬يللأكل ُ‬ ‫سحتا ً وغلللو ً‬ ‫القيمةِ ُ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ف شهوةَ نفسلله‪ ،‬وهللوى قلب ل ِ‬ ‫ض الناس خل َ‬ ‫وهكذا ينساقُ بع ُ‬
‫ق‬ ‫ذته‪ ،‬فيتفانى في جمعهِ مللن أيّ طريلل ٍ‬ ‫ُتغريه حلوةُ المال ول ّ‬
‫ه‪-‬‬ ‫مللا قللول ُ‬ ‫ه أم مللن حللرام‪ ,‬أ ّ‬ ‫ل جمعَ مال ُ‬ ‫كان‪ ،‬ل يفكُر أمن حل ٍ‬
‫سحت‪ ,‬فالناُر أولى بلله‪,‬‬ ‫ل جسدٍ من ُ‬ ‫عليه الصلة والسلم‪ :-‬ك ّ‬
‫م‬ ‫ب الحرام‪ ،‬الله ل ّ‬ ‫م جنبنا الكس َ‬ ‫فهذا آخُر شيٍء ُيفكُر فيه‪ ،‬الله ّ‬
‫ك‬ ‫ك عن حرامك‪ ،‬وب َ‬ ‫م أغنينا بحلل َ‬ ‫سحت والغلول‪ ,‬الله ّ‬ ‫جنبنا ال ُ‬
‫عمن سواك‪.‬‬
‫ر‬
‫ن العظيم‪ ،‬ونفعني وأّيا كللم بالللذك ِ‬ ‫ه لي ولكم بالقرآ ِ‬ ‫ك الل ُ‬ ‫بار َ‬
‫ه هو الغفوُر الرحيم‬ ‫ه لي ولكم إن ّ ُ‬ ‫الحكيم‪ .‬واستغفُر الل َ‬
‫الخطبة الثانية‬
‫ض ويرفع‪ ,‬ويضُر وينفع‪ ,‬أل إلى‬ ‫الحمد ُ لله ُيعطي ويمنع‪ ,‬ويخف ُ‬
‫م عللى الرحملةِ المهلداة‪,‬‬ ‫ُ‬
‫الللهِ تصليُر الملور‪ .‬وأصللي وأسلل ُ‬
‫ة المسداة‪ ,‬وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين‪,‬‬ ‫والنعم َ‬

‫‪275‬‬
‫د‪:‬‬
‫ما بع ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ب الحرام متعللددةً ومتنوعللة‪ ،‬وقللد تفتقللت‬ ‫ن مصادَر الكس ِ‬ ‫فإ ّ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ن النللس والجللن‪ ,‬فللاخترعوا ألوان لا ً وأشللكا ً‬ ‫ل شللياطي ِ‬ ‫عقللو ُ‬
‫ض تلللك‬ ‫ب حصلُرها فضلل ً عللن تفصلليلها‪ ،‬وأن َللا أذكلُر بعل ُ‬ ‫يصللع ُ‬
‫ة أخللرى‬ ‫ه جللل جلللله‪ ,‬مناسللب ً‬ ‫الكسب الحرام‪ ،‬حتى ييسَر الل ُ‬
‫س مللن شللرها‪ ،‬وشلّر الوقلوِع‬ ‫لتوضيحها وبيانها‪ ,‬وتحلذيرِ النلا ِ‬
‫ل‬ ‫ه أشللكا ٌ‬ ‫ح ل لبس فيه‪ ،‬ول ل ُ‬ ‫فيها‪ ,‬فمن ذلك‪ ،‬الربا وأمرهُ واض ٌ‬
‫م‪ :‬الرشللوة‬ ‫ب الحللرا ِ‬ ‫وصور‪ ,‬كبيِع العينةِ وغيرها ومللن المكسل ِ‬
‫قلللال‪ -‬عليللله الصللللة و السللللم‪ )) :-‬لعلللن اللللله الراشلللي‬
‫والمرتشللي والرئشللى بينهمللا (( )‪ ، (8‬ومنهللا كللذلك ‪ ،‬بيللعُ‬
‫ش‬‫ت الفسادِ كالدشو ِ‬ ‫ن‪ ,‬أو آل ُ‬ ‫ت أو الدخا ِ‬ ‫الخمور‪ ,‬أو المخدرا ِ‬
‫ن‬ ‫ي‪ ,‬وحلللوا ُ‬ ‫ن الكلللب‪ ,‬ومهلُر البغل ّ‬ ‫ونحوها‪ ,‬ومنهللا كللذلك‪ :‬ثمل ُ‬
‫ن نظيلَر كهللانته‪ ،‬ومنهللا كللذلك‪:‬‬ ‫الكاهن‪ ،‬أي ما يتعاطاه الكللاه ُ‬
‫ف المنحرفلللة‪ .،‬والفلم ِ‬ ‫ت الفاسلللدة‪ ,‬والصلللح ِ‬ ‫ن المجل ِ‬ ‫ثمللل ُ‬
‫الماجنة والشرطةِ الخليعة‪.‬‬
‫ل‬ ‫ة قب َ‬ ‫م إّنا نسأُلك إيمانا ً ُيباشُر قلوبنا‪ ،‬ويقينا ً صادقًا‪ ،‬وتوب ً‬ ‫الله ّ‬
‫ك‬ ‫ك لللذةَ النظ لرِ إلللى وجه ل َ‬ ‫ت‪ ،‬ونسأل ُ َ‬ ‫ة بعد المو ِ‬ ‫ت‪ ،‬وراح ً‬ ‫المو ِ‬
‫ة‬
‫مضللرة‪ ،‬ول فتن ل ٍ‬ ‫ك في غِير ضللراَء ُ‬ ‫م‪ ,‬والشوقُ إلى لقائ ِ َ‬ ‫الكري ِ‬
‫مضلة‪،‬‬
‫مهتللدين‪ ,‬ل ضللالَين ول‬ ‫ن واجعلنا هُللداةً ُ‬ ‫م زي َّنا بزينةِ اليما ِ‬ ‫الله ّ‬
‫ب‬ ‫ف آمريللن‪ ,‬وعللن المنكللر نللاهين يللا ر ّ‬ ‫مضلللين‪ ,‬بللالمعرو ِ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫العالمين‪ ,‬أل وصلوا وسلموا على من أمرتللم بالصلللة عليلله‪،‬‬
‫م المتقيلن‪ ،‬وقلائد ُ الُغلّر المحجليلن‪ ،‬وعللى أللهِ وصلحابته‬ ‫إما ُ‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫م عن الخلفاِء الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمللان‬ ‫وأرضي الله ّ‬
‫وعلي‬
‫ة وولةِ الموِر‪ ,‬يا‬ ‫ح الئم َ‬ ‫ن والدور‪ ،‬وأصل ِ‬ ‫م آمّنا في الوطا ِ‬ ‫الله ّ‬
‫ب العللزةِ عمللا يصللفون وسلللم‬ ‫عزيُز يا غفور‪ ,‬سبحان رّبك ر ّ‬
‫على المرسلمين ‪.‬‬
‫للللللللللللللللللللللللللللللللللل‬

‫‪276‬‬
‫‪ -1‬رواه مسلم )‪ (1831‬من حديث أبي هريرة ‪. t‬‬
‫‪ -2‬رواه المللام أحمللد )‪ (22766‬مللن حللديث عبللادة بللن‬
‫الصامت ‪. t‬‬
‫‪ –3‬رواه البخاري )‪ (6329‬من حديث أبي هريرة ‪. t‬‬
‫‪ –4‬رواه البخاري )‪ (2909‬عن عبد الله بن عمرو رضي الللله‬
‫عنهما‪.‬‬
‫‪ –5‬رواه أبو داود )‪ (2710‬عن زيد بن خالد الجهني ‪.‬‬
‫‪ -6‬رواه مسلم )‪ (1832‬عن أبي حميد الساعدي ‪. t‬‬
‫‪ -7‬رواه مسلم )‪ (1833‬عن عدي بن عميرة الكندي ‪. t‬‬
‫‪ -8‬أخرجه احمد والبيهقي من حديث ثوبان‪.‬‬
‫=============‬
‫‪ #‬السهم والسندات وأحكامها في الفقه‬
‫السلمي‬
‫هذا عنوان لرسالة كتبهللا د ‪ /‬أحمللد بللن محمللد الخليللل وفللي‬
‫نهاية البحث ذكر خاتمة ضمنها أهم النتائج التي توصللل إليهللا‬
‫وهي ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬أحكام السهم ‪:‬‬
‫أ – أحكام السهم تأسيسا ً وأنواعا ً ‪:‬‬
‫‪ -1‬يجوز الشتراك في شركة المساهمة وهي شركة شرعية‬
‫تخرج على شركة العنان أو العنللان والمضللاربة حسللب حللال‬
‫المساهمين مع مجلس الدارة‪.‬‬
‫‪ -2‬ل تجللوز المسللاهمة فللي الشللركات الللتي أنشللئت لقصللد‬
‫مزاولة العمال المحرمة‪.‬‬
‫‪ -3‬تجوز المساهمة في الشركات ذات العمال المباحة‪.‬‬
‫‪ -4‬الشركات التي تتعامل بللالحرام أحيان لا ً كللالتي فللي بعللض‬
‫عقودها معاملت ربوية أو عقود فاسللدة ل تجللوز المسللاهمة‬
‫فيها وإن كانت أعمالها في الصل مباحة‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا كانت الحصة التي يدفعها الشريك – المساهم – عينية‬
‫أو نقدية فهي شركة صحيحة‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫‪ -6‬حصص التأسلليس بوضلعها الحللالي ملن العقلود الفاسللدة‬
‫ويمكن أن تصبح جللائزة إذا قللدم صللاحب حصللص التأسلليس‬
‫عمل ً جديرا ً أن يكون به مساهما ً باعتبار أنه شارك بالعمل‪.‬‬
‫‪ -7‬ل محللذور شللرعا ً أن تصللدر السللهم بشللكل " السللهم‬
‫السمية "‪ .‬أما إن صدرت السهم بشكل " السهم لحاملها "‬
‫فإنه إصدار غير جائز‪.‬‬
‫‪ -8‬جميع أنواع السهم الممتازة غير جائزة وفيها ظلم لبللاقي‬
‫الشللركاء إل نوع لا ً واحللدا ً فقللط وهللي السللهم الللتي تعطللي‬
‫المساهمين القدامى الحق في الكتئاب قبل غيرهم‪.‬‬
‫‪ -9‬أسهم التمتع التي تنتج عن الستهلك ل تجوز على صفتها‬
‫الحالية في شركات المساهمة ويمكن أن تكللون شللرعية إذا‬
‫اعتبرت فيه النقاط التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن يكون الستهلك بالقيمة الحقيقة للسهم السمية‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يكون ثمللن السللتهلك مللن أربللاح الشللركاء الخريللن‬
‫الذين لم تستهلك أسهمهم‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا استهلكت أسللهم بعللض الشللركاء مللن أربللاح الخريللن‬
‫بأقل من قيمتهلا فهلذا صلحيح لكلن يبقلى لصلحاب السلهم‬
‫المستهلكة ربح بقدر الباقي من قيمة أسهمهم فكأنهم بللاعوا‬
‫بعض أسهمهم‪.‬‬
‫د‪ -‬استهلك جميع السهم ل معنلى لله ول حقيقلة ول ينطبلق‬
‫على عقد شرعي صحيح‪.‬‬
‫ب‪ -‬أحكام السهم في معاملت البورصة ‪:‬‬
‫‪ -1‬العمليللات العاجلللة الفوريللة تجللوز مللن حيللث الصللل ول‬
‫محذور في تداول السهم فيها‪.‬‬
‫‪ – 2‬العمليات الجلة بنوعيها ‪:‬‬
‫أ – العمليات المحدودة الجلة الباتة القطعية‪.‬‬
‫ب‪ -‬العمليات الخيارية الشرطية‪.‬‬
‫كلها ل تجوز وتحوي أنواعا ً من الربا والقمار‪.‬‬
‫‪ -3‬عقود الخيارات أو المتيلازات كلهللا تحتلوي علللى محلاذير‬
‫شرعية تجعلها محرمة ويستثنى من ذلك ثلثة أنواع ‪:‬‬

‫‪278‬‬
‫الول ‪ :‬صكوك الشراء اللحق لسهم المنشأة‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬خيار تمنحه الشركة لبعض العاملين لديها‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬الخيار الذي تمنحه الشركة لحاملي أسهمها‪.‬‬
‫‪ -4‬أنواع الدفع في عمليات البورصة ثلثة ‪:‬‬
‫أ‪ -‬الدفع بالكامل وهو جائز ومشروع‪.‬‬
‫ب‪ -‬الدفع الجزئي ) الشراء بالهامش ( وهو ملن عقلود الربلا‬
‫المحرمة‪.‬‬
‫ج‪ -‬البيع على المكشوف هو بيع لما ل يملكه البائع وهللو غيللر‬
‫مشروع‪.‬‬
‫ج – عقود السهم الخرى ‪:‬‬
‫القرض ‪:‬‬
‫يجوز قرض السلهم ‪ ،‬لنله يجلوز بيعله ويلرد المقلترض مثلل‬
‫السهم الذي اقترض وتبرأ‬
‫ذلك ذمته ول ينظر إلى قيمة السهم السوقية‪.‬‬
‫الرهن ‪:‬‬
‫يجوز رهن السهم ‪ ،‬ويمكن أن يباع ويستوفى منه الدين من‬
‫قيمته السوقية ‪ ،‬العمل على هذا بين الناس‪.‬‬
‫ضمان الصدار في السهم ‪:‬‬
‫* ل يوجد محذور شرعي في قيام جهة مالية معينة بتسللويق‬
‫السهم الجديدة وتقديم التسهيلت التجارية مقابل أجر معين‬
‫تتقاضاه من الشركة‪.‬‬
‫* أما إذا أرادت تلللك الجهللة شللراء جميللع السللهم ثللم بيعهللا‬
‫للجمهور مستفيدة من فارق السعر فهذا ل يجللوز ‪ ،‬لن هللذا‬
‫بيع نقد بنقد ‪ ،‬وهو الصرف فيشترط له التساوي والتقابض‪.‬‬
‫* يجوز تقسيط سداد قيمة السهم إذا كان الشللتراك بالقللدر‬
‫المدفوع فقط من قيمة السهم‪.‬‬
‫السلم في السهم ‪:‬‬
‫ل يجللوز السلللم فللي السللهم ‪ ،‬لفقللدها شللرطا ً مللن شللروط‬
‫السلم عدم تعيين المسلللم فيلله ‪ ،‬وهللو مفقللود فللي السللهم‬
‫المسماة باسم شركة معينة‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫فإن لم يسم الشركة فقد تخلف شرط الوصف المنضبط‪.‬‬
‫الحوالة في السهم ‪:‬‬
‫تجوز الحوالة في السهم لنها تنضبط بالصفات المعتبرة في‬
‫السلم‪.‬‬
‫رسوم الصدار في السهم ‪:‬‬
‫* يجوز أن تصدر السهم مع رسوم إصللدار تمثللل مبلغ لا ً مللن‬
‫المال يغطي تكاليف الصدار‪.‬‬
‫* أسللهم الصللدار ل تجللوز لنهللا تسللاوي فللي الربللاح بيللن‬
‫المساهمين مع تفاوت رأس المال‪.‬‬
‫المضاربة في السهم ‪:‬‬
‫* المضلاربة فلي السلهم صلحيحة باعتبارهلا علروض تجلارة‬
‫بذاتها بغض النظر عما تمثله من موجودات الشركة‪.‬‬
‫* أمللا المضللاربة بالسللهم باعتبللار مللا تمثللله مللن موجللودات‬
‫الشركة فغير صحيح‪.‬‬
‫* وعلى القول الراجح في تكييف السهم أنه يمثل العتبارين‬
‫السابقين ينتج من ذلك عدم جواز المضاربة بالسهم ‪.‬‬
‫ضمان السهم ‪:‬‬
‫يجوز أن تشتري الشركة بعض السهم ويكللون بمثابللة بعللض‬
‫الشركاء من بعض ول‬
‫يتصور شرعا ً شراء الشركة كل السهم‪.‬‬
‫د – أحكام زكاة السهم ‪:‬‬
‫يخرج المساهم زكاة أسهمه وفق الطريقة التية‪:‬‬
‫إن كان تملك السهم بقصد السللتمرار فيهللا بصللفته شللريكا ً‬
‫للستفادة من عوائدها فهذا يزكى حسب مللال الشللركة مللن‬
‫حيث الحلول والنصاب والمقدار ) فقد تكون شللركة زراعيللة‬
‫أو تجارية أو صناعية (‪.‬‬
‫وإن كان تملك السهم بقصد المتاجرة بها بيع لا ً وشللراء فهللو‬
‫يزكي زكاة عروض التجارة ‪ ،‬ول ينظللر إلللى طبيعللة الشللركة‬
‫سواء كانت تجارية أو زراعية أو غيرها‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫وإذا زكللى السللهم باعتبارهللا مللن عللروض التجللارة فالزكللاة‬
‫تكون بحسب القيمة السوقية ل الحقيقية‪.‬‬
‫* المطللالب بللإخراج الزكللاة أساسلللا ً هللم المسللاهمون ل‬
‫الشركة‪.‬‬
‫* إذا أخرجللت الشللركة الزكللاة فيكتفللي بللذلك ول يخرجهللا‬
‫المساهم وكذلك العكس لئل تجب زكاتان في مال واحد‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أحكام السندات ‪:‬‬
‫* ل يجوز التعامل بالسلندات تأسيسلا ً ول بيعلا ً ول شلراءا ً ول‬
‫ترهن ول تصح الحوالة بها ول المضاربة بهللا لنهللا مللن عقللود‬
‫الربا المحرمة‪.‬‬
‫* تكون الزكللاة علللى أصللل الللدين فقللط فللي السللندات أمللا‬
‫الفوائد الربوية فالواجب ردها إلى أصحابها ‪.‬‬
‫لللللللللللللللللللللللللللللللللللللل‬
‫الناشر ‪ :‬دار ابن الجوزي ‪ /‬السعودية ‪.‬‬
‫عدد الصفحة ‪. (423) :‬‬
‫===============‬
‫‪ #‬حكم تداول أسهم شركة الصحراء‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وبعد‪.‬‬
‫تتميز الشركات حديثة التأسيس بأن أغلب موجودات ها مللن‬
‫النقود‪ ،‬وقد يكون مع هذه النقود بعللض الموجللودات الخللرى‬
‫من العيان‪ ،‬أو المنافع‪ ،‬أو الحقوق‪.‬‬
‫ومن هنا نشأ الشكال في حكم تداول أسهم هذه الشركات؛‬
‫لن تداولها يعني تداول نقللد بنقللد معلله أعيللان‪ ،‬ومنللافع‪ ،‬وإن‬
‫كان هذا الشكال ل يختص بالشركة التي نشللأت حللديثًا‪ ،‬بللل‬
‫يشمل كل شركة بقية غالب موجوداتها من النقود ولللم يبللدأ‬
‫تشغيل واستثمار تلك النقود‪.‬‬
‫وُأحب في هذه الكلمات المختصللرة بيللان حكللم تللداول هللذه‬
‫السهم‪ ،‬راجيا ً من الللله التوفيللق والسللداد‪ ،‬فللأقول مسللتعينا ً‬
‫بالله‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫مللن أهللم المللور الللتي تحتللاج إلللى بيللان وإيضللاح فللي هللذه‬
‫الشركات ما يتعلق بالنقد الموجود فيها هل هو مقصللود أم ل‬
‫؟‬
‫وإذا نظر النسان إلللى النقللد الموجللود فللي هللذه الشللركات‬
‫وجده مقصودا ً لعدة اعتبارات ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬قوام هذا النوع من الشركات في هذا الوقت هو النقللد‬
‫الذي تملكه الشركة‪ ،‬فهو مهم جللدا ً فللي هللذه المرحلللة مللن‬
‫مراحللل الشللركة؛ لن المشللروعات النتاجيللة الللتي سللتقوم‬
‫تعمتلد بالدرجلة الوللى عللى هلذا النقلد‪ ،‬بلل ربملا احتلاجت‬
‫الشركة إلى القتراض لزيادة هذا النقد‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬الجزء غير المقصود في السلعة من خصائصه أنلله تبللع‬
‫ل يؤثر فقده على السلعة‪ ،‬ولو فقدت الموال النقديللة لهللذه‬
‫الشركة بأي سللبب مللن السللباب لسللقطت سللقوطا ً ذريعلًا‪،‬‬
‫ولصبح سهمها ل قيمة له فكيف يقال مع ذلك أن النقود غير‬
‫مقصودة؟!‬
‫وبالمقابل لو فقدت بعض العيان‪ ،‬أو المنافع‪ ،‬أو الحقوق‪ ،‬لم‬
‫تؤثر على الشركة تأثير فقد النقود‪.‬‬
‫وأنا ل أقول ل قيمة لهذه العيان‪ ،‬والحقللوق‪ ،‬بللل لهللا قيمللة‪،‬‬
‫لكن النقود أيضا ً مقصودة ومهمة في هذه المرحلة للشركة‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬هذه النقود هي الغالب في موجودات الشللركة فكيللف‬
‫يكون غالب السلعة ليس مقصودا ً ؟‬
‫رابعا ً ‪ :‬عندما تحدث الفقهاء عن قاعللدة )التللابع تللابع( ذكللروا‬
‫مللن أمثلتهللا ‪:‬جلللد الحيللوان‪ ،‬والجفللن والحمللائل للسلليف‪,‬‬
‫ونحوها‪.‬‬
‫فهل نسبة الموال النقدية للشركة كنسبة الحمائل للسليف؟‬
‫إن في التسوية بينهما بعدا ً ل يخفى‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬المساهم الذي يشتري السللهم يقصللده كللله بنقللده‬
‫وموجللوداته الخللرى غيللر النقديللة كللالموجودات العينيللة‪,‬‬
‫والحقوق المعنوية ونحوها‪.‬‬
‫فإن قيل إنه ل يقصد النقد ول يخطر بباله‬

‫‪282‬‬
‫فالجواب أنه ل يقصد أيضا الموجودات الخرى غيللر النقديللة‪،‬‬
‫وهذا يدل على أنه يقصد سهم الشركة بموجوداته جملة مللن‬
‫غير تعيين)‪. (1‬‬
‫وكون الشللركة فللي الصللل تريللد اسللتثمار هللذه النقللود فللي‬
‫المستقبل‪ ،‬ل ينفي أن ننظللر إليهللا الن)‪ (2‬باعتبللار حقيقتهللا‪،‬‬
‫وهي أنها نقود وأعيان؛ لن الحكللم يللدور مللع علتلله وجللودا ً و‬
‫عدمًا‪.‬‬
‫فإذا ثبت أن أسهم الشركات حديثة التأسلليس تشللتمل علللى‬
‫أموال وأعيان كلهما مقصود صارت هذه المسألة تدخل في‬
‫مسألة "مد عجوة ودرهم" التي ذكرها الفقهاء‪.‬‬
‫ول أريد هنا الطالة بذكر الخلف مع الدلة والترجيح في هذه‬
‫المسألة‪ ، ،‬إنما سأذكر القوال فقط ثم أذكر بعد ذلللك حكللم‬
‫مسألتنا‪.‬‬
‫وقد اختلف فيها الفقهاء على ثلثة أقوال ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬ل يجوز بيع الربوي بجنسلله‪ ،‬ومللع إحللداهما‪ ،‬أو‬
‫معهمللا‪ ،‬مللن غيللر جنسللهما‪ ،‬كمللد عجللوة ودرهللم بمللدين‪ ،‬أو‬
‫بدرهمين‪ ،‬أو بمد ودرهم‪ ،‬وهذا قول جماهير أهل العلم)‪.(3‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬يجوز إن لم يكن الذي معه مقصودًا‪ ،‬كالسيف‬
‫المحلى)‪،(4‬وهللو روايللة لحمللد‪ ،‬وأحللد قللولي شلليخ السلللم‪،‬‬
‫واختارها ابن قاضي الجبل)‪.(5‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬يجوز بشرط أل يكون حيلللة علللى الربللا‪ ،‬وأن‬
‫يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره‪ ،‬أو يكون مع كل واحد‬
‫منهما من غير جنسه‪ ،‬وهو مذهب الحنللاف‪ ،‬وحمللاد بللن أبللي‬
‫سليمان‪ ،‬ورواية لحمد‪ ،‬وأحد قولي شيخ السلللم)‪ ،(6‬ولهللذا‬
‫القول شرط آخر سيأتي تفصيله‪.‬‬
‫فإذا عرفت القوال في هذه المسألة فأقول‪:‬‬
‫علللى القللول الول ل يجللوز تللداول أسللهم الشللركات حديثللة‬
‫التأسيس لعدم جواز بيع الربوي بجنسه ومع أحدهما من غير‬
‫جنسهما‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫وعلى القول الثاني أيضا ً ل يجوز تداول هذه السهم‪ ،‬باعتبللار‬
‫أن النقد الذي فيها مقصود‪ ،‬على ما سبق بيانه ‪.‬‬
‫وإنما يتصور الجواز على القول الثالث فقط‪.‬‬
‫والصواب أنه ل يجوز تداول أسهم هذه الشركات‪ ،‬حتى على‬
‫القول الثالث؛ لن لهذا القول شرطا ً يمنع من الجواز‪.‬‬
‫ذلك؛ لن الفقهاء الذين أخذوا بالقول الثالث إنما يجيزون بيع‬
‫الربوي بجنسه‪ ،‬ومعه من غيللر جنسلله إذا كللان المفللرد أكللثر‬
‫بشرط وهو المقابلة‪.‬‬
‫ومعنى المقابلللة تقسلليم الثمللن علللى المثمللن‪ ،‬فمثل ً إذا بللاع‬
‫درهميللن بللدرهم ومللد‪ ،‬فللإن المللد مقابللل الللدرهم والللدرهم‬
‫مقابل الدرهم‪.‬‬
‫قال حرب‪ :‬قلت لحمد‪ :‬دفعت دينارا ً كوفيا ً ودرهمللا ً وأخللذت‬
‫دينارا ً شاميا ً وزنهما سواء‪ ،‬قال ‪ :‬ل يجوز إل أن ينقص الدينار‬
‫فيعطيه بحسابه فضة )‪.(7‬‬
‫وذكر شيخ السلم أن الفضللة إذا كللان معهللا نحللاس وبيعللت‬
‫بفضة خالصة "والفضة المقرونة بالنحاس أقل‪ ،‬فإذا بيع مائة‬
‫درهم من هذه بسبعين مثل مللن الللدراهم الخالصللة فالفضللة‬
‫التي في المائة أقللل مللن سللبعين‪ ،‬فللإذا جعللل زيللادة الفضللة‬
‫بإزاء النحاس جاز علللى أحللد قللولي العلمللاء الللذين يجللوزون‬
‫مسألة " مد عجوة "‪ ،‬كما هو مذهب أبي حنيفة‪ ،‬وأحمللد فللي‬
‫إحدى الروايتين" )‪. (8‬‬
‫ولزيادة اليضاح أنقل كلما ً نفيسا ً للحافظ ابللن رجللب‪ ،‬حللول‬
‫حكم مسألة مد عجوة ودرهم‪ ،‬قال ابن رجب‪:‬‬
‫"ومنها مسألة مد عجوة وهي قاعدة عظيمة بنفسها فلنللذكر‬
‫هاهنا مضمونها ملخصا‪:‬‬
‫إذا باع ربويا ً بجنسه ومعه مللن غيللر جنسلله مللن الطرفيللن أو‬
‫أحدهما كمد عجوة ودرهم بمد عجللوة أو مللد عجللوة ودرهللم‬
‫بمدي عجوة أو بدرهمين ففيه روايتان أشهرهما بطلن العقد‬
‫وله مأخذان‪:‬‬

‫‪284‬‬
‫أحللدهما‪ :‬وهللو مسلللك القاضللي وأصللحابه أن الصللفقة إذا‬
‫اشتملت على شلليئين مختلفللي القيمللة يقسللط الثمللن علللى‬
‫قيمتهما وهذا يؤدي هاهنا إما إلللى يقيللن التفاضللل وإمللا إلللى‬
‫الجهل بالتساوي وكلهما مبطل للعقد في أموال الربا‪ .‬وبيان‬
‫ذلللك ‪ :‬أنلله إذا بللاع مللدا يسللاوي درهميللن ودرهمللا بمللدين‬
‫يساويان ثلثة دراهم كان الدرهم في مقابلة ثلثي مد ويبقللى‬
‫مد في مقابلة مد وثلث ذلك ربا وكذلك إذا بللاع مللدا يسللاوي‬
‫درهما ودرهميللن بمللدين يسللاوين ثلثللة دراهللم فللإنه يتقابللل‬
‫الدرهمان بمد وثلث مد ويبقى ثلثا مد في مقابلة مللد ‪ ,‬وأمللا‬
‫إن فرض التساوي كمد يساوي درهما ‪ ,‬ودرهم بمللد يسللاوي‬
‫درهمللا ودرهللم فللإن التقللويم ظللن وتخميللن فل يللتيقن معلله‬
‫المسللاواة والجهللل بالتسللاوي هاهنللا كللالعلم بالتفاضللل فلللو‬
‫فرض أن المدين مللن شللجرة واحللدة أو مللن زرع واحللد وإن‬
‫الدرهمين من نقد واحد ففيلله وجهلان ذكرهملا القاضللي فلي‬
‫خلفه احتمالين ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬الجواز لتحقق المساواة ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬المنع لجواز أن يتغيللر أحللدهما قبللل العقللد فتنقللص‬
‫قيمته وحده وصحح أبو الخطاب في انتصاره المنع قال ; لنا‬
‫ل نقابل مدا بمد ودرهملا بلدرهم بلل نقابلل ملدا بنصلف ملد‬
‫ونصف درهم ‪ ,‬وكذلك لو خرج مستحقا لسللترد ذلللك وحينئذ‬
‫فالجهللل بالتسللاوي قللائم ‪ ,‬هللذا مللا ذكللره فللي تقريللره هللذه‬
‫الطريقة ‪.‬‬
‫هو عندي ضعيف ; لن المنقسم هو قيمة الثمللن علللى قيمللة‬
‫المثمن ل إجراء )‪ (9‬أحدهما على قيمة الخللر ففيمللا إذا بللاع‬
‫مدا يساوي درهمين ودرهملا بملدين يسلاويان ثلثلة ل نقلول‬
‫درهم مقابل بثللثي ملد بلل نقلول ثللث الثمللن مقابلل بثللث‬
‫المثمن فنقابل ثلث المدين بثلث مد وثلث درهم ونقابل ثلث‬
‫المدين بثلثي مد وثلثي درهم فل تنفك مقابلة كللل جللزء مللن‬
‫المدين بجزء من المد والدرهم‪ .‬ولهذا لو بللاع شقصلا ً وسلليفا‬
‫بمائة درهم وعشرة دنانير لخذ الشفيع الشقص بحصته مللن‬

‫‪285‬‬
‫الدراهم والدنانير ‪ ,‬نعم نحتاج إلى معرفة ما يقابل الدرهم أو‬
‫المللد مللن الجملللة الخللرى إذا ظهللر أحللدهما مسللتحقا أو رد‬
‫بعيب أو غيره ليرد ما قابله من عوضلله حيللث كللان المللردود‬
‫هاهنا معينا مفردا ‪ ,‬أما مع صحة العقد في الكللل واسللتدامته‬
‫فإنا نوزع أجزاء الثمن علللى أجللزاء المثمللن بحسللب القيمللة‬
‫وحينئذ فالمفاضلللة المتيقنللة كمللا ذكللروه منتفيللة ‪ ,‬وأمللا أن‬
‫المساواة غير معلومة فقد تعلم في بعض الصور كما سللبق"‬
‫)‪.(10‬‬
‫فهذا الكلم نقلته لبيان أن العلماء يرون أنه فللي مسللألة مللد‬
‫عجوة ودرهم ل بد مللن انقسللام أجللزاء أحللدهما علللى قيمللة‬
‫الخر على طريقة القاضي‪.‬‬
‫أو انقسام قيمة الثمن على قيمة المثملن عللى طريقلة ابلن‬
‫رجب‪.‬‬
‫ل ل بد من هذا التقسيم‪.‬‬ ‫وعلى ك ٍ‬
‫وقد نقلت هذا لليضاح كما سبق‪ ،‬وإل فإن هذا التفصيل كللله‬
‫يتعلق بالرواية الولى وهللي المنللع‪ .‬ونللأتي الن إلللى الروايللة‬
‫الثانية يقول ابن رجب‪:‬‬
‫"والرواية الثانية ‪ :‬يجوز ذلك بشرط أن يكون مع الربوي من‬
‫غير جنسه من الطرفين‪ ،‬أو يكون مع أحدهما ولكللن المفللرد‬
‫أكثر من الذي معه غيره نص عليه أحمد فللي روايللة جماعللة‪،‬‬
‫جعل لغير الجنس في مقابلة الجنس‪ ،‬أو في مقابلة الزيادة ‪,‬‬
‫ومن المتأخرين كالسامري من يشترط فيما إذا كان مع كللل‬
‫واحد من غير جنسه من الجانبين التسلاوي جعل لكلل جنلس‬
‫في مقابلة جنسه‪ ،‬وهو أولى ملن جعلل الجنلس فلي مقابللة‬
‫غيره‪ ،‬ل سيما مع اختلفهما في القيمة‪ ،‬وعلللى هللذه الروايللة‬
‫فإنما يجوز ذلك ما لم يكن حيلة على الربا‪ ،‬وقللد نللص أحمللد‬
‫على هذا الشرط في رواية حللرب ول بللد منلله ‪ .‬وعلللى هللذه‬
‫الروايللة يكللون التوزيللع هاهنللا للفللراد علللى الفللراد‪ ،‬وعلللى‬
‫الرواية الولى هو مللن بللاب توزيللع الفللراد علللى الجمللل‪ ،‬أو‬
‫توزيع الجمل على الجمل" )‪. (11‬‬

‫‪286‬‬
‫إذا ً على هذه الرواية ل الجواز لل يكللون التوزيللع للفللراد عللى‬
‫الفراد‪ ،‬أي نجعل غيللر الجنللس فللي مقابللة الجنللس‪ ،‬أو فللي‬
‫مقابلة الزيللادة‪ ،‬كمللا تقللدم عللن ابللن رجللب‪ ،‬وإذا اختللل هللذا‬
‫المبدأ حرمت المعاملة‪.‬‬
‫وإذا أردنللا أن نطبللق هللذه المقابلللة ‪ ،‬أو التقسلليم ‪ ،‬علللى‬
‫مسألتنا فإنه ينتج من ذلك عدم الجواز‪.‬‬
‫ولبيان ذلك أقول ‪:‬‬
‫طرحت شركة الصحراء أسهمها للكتتاب بقيمللة )‪ (50‬ريللال ً‬
‫للسهم الواحد )‪.(12‬‬
‫صرف جزء يسير من هللذه ألل ل )‪ (50‬فللي شللراء أعيللان‪ ،‬أو‬ ‫و ُ‬
‫منافع ولنفرض أنها تشكل ‪ %10‬من قيمة السهم‪ ،‬فبقي من‬
‫الموال النقدية ‪ 45‬ريا ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ثم ارتفعللت قيمللة السللهم لتصللل إلللى )‪ (220‬ريللال ً للسللهم‬
‫الواحد‪.‬‬
‫فإذا أردنا تطبيق مبدأ مد عجوة ودرهم فنقول‪:‬‬
‫ألللل)‪ (45‬ريللال ً مللن الثمللن أي )‪ (220‬مقابللل ألللل)‪ (45‬مللن‬
‫المثمن )النقد في الشللركة( ويبقلى مللن الثمللن ‪220‬لل ‪=45‬‬
‫‪175‬‬
‫فهذا المبلغ المتبقي من الثمن وهو )‪ (175‬ل يمكن أن يكون‬
‫كله مقابل العيان والمنافع فقط لما يلي‪:‬‬
‫ل‪،‬‬‫‪ -‬هذه العيان والمنافع ل يعرفها كثير من المساهمين أصلل ً‬
‫بل كثير من النللاس ل يعللرف عللن هللذه الشللركة إل أنهللا مللا‬
‫زالت نقلودًا‪ ،‬وإذا كلان المسلاهمون اللذين رفعلوا السلهم ل‬
‫يعرفون فيه هذه الحقوق والمنافع‪ ،‬بللل قللد تكللون معرفتهللم‬
‫بوجود النقد أكثر من معرفتهم بها‪ ،‬فكيف نجعل سبب ارتفاع‬
‫السللهم منحصللرا ً فللي أشللياء ل يعرفونهللا‪ ،‬أو معرفتهللم بهللا‬
‫قليلة‪.‬‬
‫ل هذه القيمة قد ترتفللع أو تنللزل فللي دقللائق‪ ،‬ممللا يللدل أنهللا‬
‫قيمة سوقية للسهم كله‪ ،‬نقده‪ ،‬وأعيانه‪ ،‬وحقللوقه؛ لن قيمللة‬
‫هذه العيان والحقللوق لللن ترتفللع فللي دقللائق بمفردهللا‪ ،‬بللل‬

‫‪287‬‬
‫الللذي يرتفللع هللو السللهم بكللل موجللوداته العينيللة‪ ,‬والنقديللة‪،‬‬
‫وغيرها‪ ,‬ول يوجد مطلقا ً ما يدل على أن هذا الرتفاع إنما هو‬
‫في قيمة العيان والمنافع فقط‪ ,‬بل هذه غاية في البعد‪ ،‬عند‬
‫تصور حقيقة المعاملة‪.‬‬
‫إذ إن القول بأن هذه السهم ارتفع سعرها نظرا ً للموجودات‬
‫غير النقدية‪ ,‬وسمعت الشللركة‪ ,‬ونحللو ذلللك‪ ,‬قللول بعيللد عللن‬
‫حقيقة ما يقع في أسواق تللداول السللهم؛ فللإن المسللاهمين‬
‫في الغالب ل يعرفللون شلليئا ً كللثيرا ً عللن الشللركات‪ ،‬ل سلليما‬
‫الحديثة منها‪ ،‬إنما يتحكم في ارتفاع سعر السهم أو هبوطهللا‬
‫ما يجللري علللى السللهم مللن مضللاربات بيللن المتللداولين‪ ،‬أو‬
‫ظهور الشاعات‪ ،‬أو تحركلات كبلار المسلاهمين‪ ،‬ونحلو هلذه‬
‫السباب‪.‬‬
‫والمضللاربات هللي العنصللر الهللم فللي ارتفللاع قيللم السللهم‪,‬‬
‫والمضللاربون يرفعللون قيللم السللهم مللن خلل السللاليب‬
‫المتنوعة في العرض والطلب‪ ،‬وذلك كله بعيدا ً عن مراعللات‬
‫شئ معيللن مللن موجللودات الشللركة مللن الحقللوق والمنللافع‬
‫والعيللان والنقللود‪ ،‬فللإذا ارتفللع السللهم فهللو يرتفللع بكللل‬
‫موجوداته ول يقصد منها شيئا ً معينا ً‬
‫ول أدل على ذلك من أن أسهم بعض الشركات ترتفللع رغللم‬
‫إعلنهللا الخسللارة ووجللود انطبللاع سلليء عللن أدائهللا عنللد‬
‫المسللاهمين‪ ،‬وهللذا كللله يفللترض أن يللؤدي إلللى تللدني قيللم‬
‫الحقوق والموجودات العينية‪ ،‬ولكن مع ذلللك ترتفللع أسللهمها‬
‫بسبب المضاربات السوقية‪.‬‬
‫ومع ما سبق ما الذي يجعلنللا نفللترض أن الزيللادة فللي قيمللة‬
‫السللهم فللي مقابللل تلللك الموجللودات )العيللان والحقللوق‬
‫والمنافع( فقط‪.‬‬
‫وقد عرفنا أن هذا الرتفاع سببه الحقيقللي المضللاربات علللى‬
‫السهم‪ ،‬وهي ل تفرق بيللن موجللودات الشللركة مللن النقللود‪،‬‬
‫والحقوق‪ ،‬والعيان‪ ،‬وغيرها فهي فللي الواقللع مقابللل السللهم‬
‫برمته نقده وموجوداته‪.‬‬

‫‪288‬‬
‫فالزعم أن سبب الرتفاع هو الموجودات غير النقديللة فقللط‬
‫يخالف الواقع‪.‬‬
‫وخلصللة مللا سللبق أن هللذا الرتفللاع ل يقابللل هللذه الحقللوق‬
‫والمنافع فقط‪ ،‬بل يقابل السهم كله نقده وحقوقه ومنافعه‪.‬‬
‫ونخلص من هذا إلى أن جزء من هذا المبلغ المتبقي )أي ألللل‬
‫‪ (175‬مقابل للنقد الموجود في الشركة بالضافة إلللى ألللل )‬
‫‪ (45‬الولللى مللن الثمللن أي أنلله اشللترى )‪ (45‬ريللال ً بللل)‪(45‬‬
‫وزيادة وهذا هو ربا الفضل‪.‬‬
‫وبهذا يتبين أنه حللتى علللى القللول بجللواز مسللألة مللد عجللوة‬
‫ودرهم فإنهللا ل تنطبللق علللى شللركة الصللحراء لعللدم تحقللق‬
‫شرط الجواز على ما سبق تفصيله‪.‬‬
‫هللذا مللا ظهللر لللي فللي هللذه المسللألة والللله تعللالى أعلللم‬
‫بالصواب‪.‬‬
‫وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫لمزيد من الدراسة حول الموضوع ‪:‬‬
‫)حكم تداول أسهم الشركات التي في مرحلة التأسيس( ‪.‬‬
‫لللللللللللللللللللللللللللللللللللللل‬
‫)‪ (1‬وسيأتي مزيد إيضاح لهذه النقطة إن شاء الله‪.‬‬
‫)‪ (2‬أي قبل بدء النشاط‪.‬‬
‫)‪ (3‬القوانين الفقهية ص ‪ ،166‬مغني المحتاج ‪ ،2/28‬المغني‬
‫‪.6/93‬‬
‫)‪ (4‬أي كبيع سيف محلى بفضة فإن الفضة التي في السيف‬
‫ليست مقصودة‪.‬‬
‫)‪ (5‬الشرح الكبير مع النصاف ‪.12/79‬‬
‫)‪ (6‬البنايلللة ‪ ،7/518‬المبسلللوط ‪ ,12/189‬المغنلللي ‪،6/93‬‬
‫النصاف مع الشرح الكبير ‪.12/79‬‬
‫)‪ (7‬الشرح الكبير ‪.12/78‬‬
‫)‪ (8‬مجموع الفتاوى ‪.29/452‬‬
‫)‪ (9‬هكذا في المطبوعة والمحققللة ولعللل صللوابها‪) :‬أجللزاء(‬
‫وذكر في المحققة نسخة ) أجزاء ( هكذا‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫)‪ (10‬قواعد ابن رجب ‪.2/478‬‬
‫)‪ (11‬قواعد ابن رجب ‪.2/480‬‬
‫)‪ (12‬سيكون التطبيق على سهم واحد ليسهل فهم المسألة‬
‫وتصورها‪.‬‬
‫=============‬
‫م الجاهلية يبغون‬ ‫‪ #‬أفحك َ‬
‫ب إليلله‪,‬‬ ‫ن الحمللد لللله‪ ,‬نحمللده ونسللتعينه‪ ,‬ونسللتغفره ونتللو ُ‬ ‫إ ّ‬
‫ونعوذ ُ بالله من شرور أنفسنا‪ ,‬وسلليئات أعمالنللا‪ ,‬مللن يهللدي‬
‫ل له‪ ,‬ومن ُيضلل فل هادي له‪ ,‬وأشللهد ُ أل إللله إل‬ ‫مض ّ‬ ‫ه فل ُ‬ ‫الل ُ‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ,‬وأشهد ُ أن محمدا ً عبد الللله ورسللوله‬
‫صلى الله عليه وعلى آللله وصللحبه وتللابعيهم وسلللم تسللليما ً‬
‫كثيرا ً ‪.‬‬
‫س‬ ‫ة الله َإليكم‪ ,‬وهي خيُر لبا ٍ‬ ‫عباد الله ‪ :‬اتقوا الله‪ ,‬فهي وصي ُ‬
‫مُنللوا ات ُّقللوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫في الدنيا‪ ,‬وخيُر زادٍ إلى الخرة‪َ )) .‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫مللا‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ت ل ِغَدٍ َوات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قَد ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ه وَل ْت َن ْظ ُْر ن َْف ٌ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ن (( )الحشر‪. (18:‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ت َعْ َ‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫ص لل ِ ْ‬‫ديدا ً * ي ْ‬ ‫سل ِ‬ ‫ه وَُقول ُللوا قَلوْل ً َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّل َ‬ ‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫))َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ل َك ُ َ‬
‫ه فََقد ْ‬ ‫سول َ ُ‬‫ه وََر ُ‬ ‫ن ي ُط ِِع الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫م وَي َغِْفْر ل َك ُ ْ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ْ‬
‫ظيما(( )الحزاب‪ :‬من الية ‪(71,70‬‬ ‫ً‬ ‫وزا عَ ِ‬ ‫ً‬ ‫َفاَز فَ ْ‬
‫ة‬
‫س هللذا الللدين علللى أم ل ِ‬ ‫أّيها المؤمنون‪ :‬لقللد أشللرقت شللم ُ‬
‫كللن شلليئا ً فللي الوجللودِ‬ ‫ة‪ ,‬لللم ت ُ‬ ‫ة خامللل ً‬ ‫ب‪ ,‬وكللانت أملل ً‬ ‫العللر ِ‬
‫ن الحضللارةِ البشللرية‪,‬‬ ‫ن في موازي ِ‬ ‫كن لها وز ٌ‬ ‫النساني‪ ،‬ولم ي ُ‬
‫ة‪,‬‬ ‫ه لهللا بالحيللا ِ‬ ‫ن الل ل ُ‬ ‫مللا أذ َ‬ ‫ول ذك لٌر فللي التاريللخ العللالمي‪ ,‬فل ّ‬
‫ب الكريللم‪,‬‬ ‫ل فيهللا الكتللا ُ‬ ‫ل العظيللم‪ ,‬وأنللز َ‬ ‫ل فيها الرسللو ُ‬ ‫أرس َ‬
‫م‬ ‫جها فقللد كللان السللل ُ‬ ‫هناِلك نشأَتها‪ ,‬وكان ذلك إخرا ُ‬ ‫فكانت ُ‬
‫ب على وجه الخصوص حياةٌ بعد مللوت‪,‬‬ ‫للبشرية هجاء‪ ,‬وللعر ِ‬
‫ل وحيرة‪ ,‬لقللد جللاَء هللذا‬ ‫ة بعد ضل ٍ‬ ‫ف‪ ,‬وهداي ً‬ ‫وحضارةٌ بعد تخل ٍ‬
‫ج قللائم ٍ علللى العل لم ِ المطلللق بحقيق لةِ النسللان‬ ‫ن بمنه ل ٍ‬ ‫الللدي ُ‬
‫ن مللا‬ ‫ه للنسللا ِ‬ ‫ة الكللون ونظللامه‪ ,‬فشللرعَ اللل ُ‬ ‫وحاجاته‪ ,‬وطبيع َ‬
‫ش‬ ‫ة والطمأنينللة‪ ,‬والعي ل َ‬ ‫م والعللدل‪ ,‬والحري ل َ‬ ‫ه السللل َ‬ ‫ُيحق لقُ ل ل ُ‬

‫‪290‬‬
‫دها لمللا اتخللذت‬ ‫ة السلللم‪ ,‬وسللما مجل ُ‬ ‫الكريم‪ ,‬وإّنما علت أم ُ‬
‫من شريعة السلم منهجا ً وحاكم لا ً علللى أفعالهللا واختياراتهللا‬
‫ت إلللى‬ ‫ن العظيللم مللن اللتفللا ِ‬ ‫وتصللوراتها‪ ,‬ولقللد ح لذ َّر القللرآ ُ‬
‫ن أن هنللاك‬ ‫سواها‪ ,‬أو الخذ مللن غيرهللا‪ ,‬بللل لقللد بيللن القللرآ ُ‬
‫دعون التوحيلللد‪ ,‬ويّتسلللمون‬ ‫م يزعملللون اليملللان‪ ,‬ويللل ّ‬ ‫أقلللوا ٌ‬
‫ة‬
‫ة ويسرةً للخلذِ مللن ُنظللم الجاهليل ِ‬ ‫م يلتفتون يمن ً‬ ‫بالسلم‪ ,‬ث ّ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫م ت َلَر إ ِل َللى ال ّل ِ‬ ‫ه عز وجل‪ )) :‬أل َ ْ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ة‪ ,‬يقو ُ‬ ‫القديمةِ والحديث ِ‬
‫ك‬ ‫ن قَب ْل ِل َ‬ ‫ُ‬
‫مللا أن ْلزِ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْل َ‬ ‫مللا أن ْلزِ َ‬ ‫ُ‬ ‫يزعُمللو َ‬
‫مل ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫من ُللوا ب ِ َ‬ ‫مآ َ‬ ‫ن أن ّهُل ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن ي َك ُْف لُروا ب ِل ِ‬
‫ه‬ ‫مُروا أ ْ‬ ‫ت وَقَد ْ أ ِ‬ ‫غو ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫حاك َ ُ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ضلل ً ب َِعيدًا(( )النساء‪. (60:‬‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫ضل ّهُ ْ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ريد ُ ال ّ‬ ‫وَي ُ ِ‬
‫ن أملَر المنللافقين‬ ‫ة واضللحة‪ ,‬أ ّ‬ ‫ن القللرآن ُيعلُنهللا صللريح ً‬ ‫أجل إ ّ‬
‫جللوهَُهم فللي أنظملةِ البشللر‪ ,‬أو سللائَر أحكللام‬ ‫الذين ُيقلُبون و ُ‬
‫ة‪ ,‬أو يسلتجلبوا منهجلا ً‬ ‫الطواغيت‪ ,‬وجعللوا منهلا نظملا ً للحيلا ِ‬
‫يسيرون عليه‪ ,‬ويحتكمون إليه‪ ,‬إّنما هلم ملارُقون ملن اللدين‬
‫ل‬ ‫جون من السلم‪ ,‬وعاشوا على أرضهِ يقللو ُ‬ ‫وإن ادعوه‪ ,‬خار ُ‬
‫ه وَإ َِللى‬ ‫َ‬
‫ل الل ّ ُ‬‫ما أن َْز َ‬ ‫وا إ َِلى َ‬ ‫م ت ََعال َ ْ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬ ‫ذا ِقي َ‬ ‫عز وجل عنهم‪)) :‬وَإ ِ َ‬
‫دودًا(( )النساء‪(61:‬‬ ‫َ‬
‫ص ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ن عَن ْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫مَنافِِقي َ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫ل َرأي ْ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫‪.‬‬
‫ل العلقلةِ ملع الك َُفلار‪ ,‬أو‬ ‫فتراهم ُيثيرون القضلايا الكبلار‪ ,‬مثل َ‬
‫ُنظم القتصاد‪ ,‬أو أوضاع المرأةِ وما يتعل لقُ بهللا مللن أحكللام‪,‬‬
‫ع‪ ,‬وملع‬ ‫ل تلك القضايا أمورٍ حسمها القلرآن‪ ,‬وبّينهلا الشلر ُ‬ ‫وك ّ‬
‫ة‬
‫ذلك فُهم ُيجادلون فيها‪ ,‬ويحتجون بالتجاه العالمي‪ ,‬والثقاف ل ِ‬
‫ة‬ ‫ه ثقافل ُ‬ ‫ن ذلللك التجللاهَ إّنمللا صللنعت ُ‬ ‫السائدة‪ ,‬وهللم يعلمللون أ ّ‬
‫ل الللذين ل يؤمنللون‬ ‫ه عقللو َ‬ ‫ر‪ ,‬بل هو النموذج التي صممت ُ‬ ‫الكف ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫بللالله ول رسللوله‪ ,‬فللإذا قي ل َ‬
‫ل لهللم هللذا حكللم الللله‪َ)) ,‬رأي ْل َ‬
‫دودًا(( )النساء ‪. (61 :‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ن عَن ْ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫مَنافِِقي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ل ابن كثير‪ :‬أي ُيعرضون عنك إعراضًا‪ ,‬كالمستكبرين عن‬ ‫يقو ُ‬
‫م‬ ‫ل ل َهُ ل ُ‬ ‫ذا ِقي ل َ‬ ‫ذلك‪ ,‬كما قال الله تعالى عللن المشللركين‪ )) :‬وَإ ِ َ‬
‫َ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫جلد َْنا عَل َي ْلهِ آَباَءن َللا أوَل َل ْ‬
‫و‬ ‫مللا وَ َ‬ ‫ل ن َت ّب ِعُ َ‬ ‫ه َقاُلوا ب َ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ات ّب ُِعوا َ‬
‫سِعيرِ (( )لقمان‪. (21:‬‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫م إ َِلى عَ َ‬ ‫عوهُ ْ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬

‫‪291‬‬
‫ن‬ ‫مللا ك َللا َ‬ ‫ف المؤمنين الذين قللال الللله فيهللم‪)) :‬إ ِن ّ َ‬ ‫وهؤلِء بحل ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫مأ ْ‬ ‫م ب َي ْن َُهل ْ‬‫حك ُل َ‬ ‫سللول ِهِ ل ِي َ ْ‬ ‫عوا إ ِل َللى الّللهِ وََر ُ‬ ‫ذا د ُ ُ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫قَوْ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن(( )النور‪. (51:‬‬ ‫حو َ‬ ‫مْفل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫معَْنا وَأط َعَْنا وَأول َئ ِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ي َُقوُلوا َ‬
‫ة‪ ,‬أو‬ ‫أّيها المصلون‪ :‬إّنها قضية مهمة وذلك عندما تختلف الم ل ُ‬
‫ن خلُفهللم حللول‬ ‫يختلللف مثقفوهللا وكتبتهللا ومفكروهللا‪ ,‬ويكللو َ‬
‫ت منلله بالضللرورة‪,‬‬ ‫مسألةٍ من مسائل الدين‪ ,‬ومن المعلومللا ِ‬
‫كللالولِء والللبراء‪ ,‬أو الجهللادِ أو السللفوُر والحجللاب‪ ,‬والرضللى‬
‫ل شرٍخ عميق في منهج‬ ‫ت كهذهِ دلي ُ‬ ‫ن خلفا ٍ‬ ‫بالربا أو رفضه‪ ,‬إ ّ‬
‫ح فللي اليمللان‪,‬‬ ‫ل واضل ٍ‬ ‫ل خلل ٍ‬ ‫التفكيرِ والستدلل‪ ,‬بل هي دليل ُ‬
‫حكم الله وأمره‪ ,‬ولقد‬ ‫نل ُ‬ ‫م والذعا ُ‬ ‫ن السلم‪ :‬هو الستسل ُ‬ ‫فإ ّ‬
‫خ المجيد‪ -‬محمد بن عبللد الوهللاب‪ -‬بابلا ً فللي كتللاب‬ ‫عقد َ الشي ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫م ت َلَر إ ِل َللى ال ّل ِ‬ ‫التوحيللد‪ ,‬أسللماه قللول الللله تعللالى ‪)) :‬أل َل ْ‬
‫ك‬ ‫ن قَب ْل ِل َ‬‫مل ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫مللا أ ُن ْلزِ َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْل َ‬ ‫مللا أ ُن ْلزِ َ‬ ‫من ُللوا ب ِ َ‬ ‫مآ َ‬ ‫ن أن ّهُل ْ‬
‫يزعُمللو َ‬
‫َ‬ ‫َْ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن ي َك ُْف لُروا ب ِل ِ‬
‫ه‬ ‫مُروا أ ْ‬ ‫ت وَقَد ْ أ ِ‬ ‫غو ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫حاك َ ُ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ضلل ً ب َِعيدًا(( )النساء ‪. (60:‬‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫ضل ّهُ ْ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ريد ُ ال ّ‬ ‫وَي ُ ِ‬
‫ة‬ ‫ب الشرك بالله‪ ,‬لّنه استعاض ً‬ ‫ل ذلك بابا ً غليظا ً من أبوا ِ‬ ‫وجع َ‬
‫م هللم إذا عللدلوا عللن أحكللام ِ‬ ‫عن أحكام ِ الله بأحكام ِ غيره‪ ,‬ثل ّ‬
‫السلم وتصوراتهِ وآدابهِ وثقافته‪ ,‬فللإلى أيّ شليٍء يتحولللون‪،‬‬
‫ن إذا زهدوا في نظلام ٍ جلاَء ملن عنلد اللله عللى‬ ‫ماذا سيجدو َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫جاهِل ِّيلل ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ه؟ ماذا يريدون؟ ))أفَ ُ‬ ‫ل صورهِ وأحسن وج ِ‬ ‫أكم ِ‬
‫َ‬
‫ن(( )المللائدة‪:‬‬ ‫كما ً ل َِقلوْم ٍ ُيوقِن ُللو َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن الل ّهِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ي َب ُْغو َ‬
‫‪. (50‬‬
‫ج عن حكللم ِ الللله‬ ‫ه تعالى على من خر َ‬ ‫ر‪ُ :‬ينكُر الل ُ‬ ‫قال ابن كثي ٍ‬
‫ل‬ ‫ر‪ ،‬وعللد َ‬ ‫ر‪ ,‬الناهي عن كللل شل ٍ‬ ‫ل خي ٍ‬ ‫تعالى‪ ,‬المشتمل على ك ِ‬
‫ت التي وضللعها‬ ‫إلى ما سواهُ من الراِء والهواِء‪ ,‬والصطلحا ِ‬
‫ل بل مسللتندٍ مللن شللريعة‪ ,‬نعللم قللد تسللوقُ الجاهليللة‬ ‫الرجللا ُ‬
‫ت الللتي ل‬ ‫لنظمها وثقافتها وماديتها‪ ,‬قد تمل ُ العالم بالشللعارا ِ‬
‫ة‪ ,‬والتسللامح‪ ,‬والنفتللاح‪,‬‬ ‫ة‪ ,‬والديمقراطي ل ِ‬ ‫ة لهللا‪ ,‬كالحري ل ِ‬ ‫حقيق َ‬
‫ة المطلقللة‪,‬‬ ‫ل الحضللاري‪ ,‬والتفللاكر الممللي‪ ,‬والعدال ل َ‬ ‫والتبللاد ِ‬
‫حهم‬ ‫حللر إلللى غيللر ذلللك‪ ,‬ولكّنهللم كللاذبون‪ ,‬يفض ل ُ‬ ‫والقتصاد َ ال ُ‬

‫‪292‬‬
‫ن‬ ‫ت كوبللا‪ ,‬وسللجو ِ‬ ‫القللرآن‪ ,‬وُتخزيهللم شللواهد َ الواقللع‪ ,‬معتقل ِ‬
‫مهللم فللي اليابللان وفيتنللام‪ ,‬ونهبهُللم لللثروات‬ ‫العللراق‪ ,‬وجرائ ُ‬
‫م أمللةٍ‬ ‫ق‪ ,‬أّنهم أغش َ‬ ‫ل ذلك يشهد ُ شهادةَ الح ّ‬ ‫المستضعفين‪ ,‬ك ّ‬
‫ن‬ ‫ب لسللا ٍ‬ ‫م نظام ٍ قام على الرض‪ ,‬وأكللذ َ‬ ‫عرفها التاريخ‪ ,‬وأظل َ‬
‫ج بمظللاهر‬ ‫ن مجتمعاتهم هناك تعُ ل ّ‬ ‫م والمباديء‪ ,‬بل إ ّ‬ ‫زعم القي َ‬
‫م‬ ‫حكل ُ‬ ‫ظلم ِ النسللاِء والطفللال‪ ,‬والغربللاِء والسللود‪ ،‬ذلكللم هللو ُ‬ ‫ُ‬
‫الجاهليللة الللذي يبغيلله المنللافقون‪ ,‬دنيئون بصللورهم نحللوه‬
‫))وم َ‬
‫ن(( )المائدة ‪. (50:‬‬ ‫كما ً ل َِقوْم ٍ ُيوقُِنو َ‬ ‫ح ْ‬‫ن الل ّهِ ُ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ب التوحيد‪ )) :‬وفللي اليللة التحللذيُر مللن‬ ‫شرا ح كتا َ‬ ‫ض ُ‬ ‫قال بع ُ‬
‫ل‬ ‫حكم الجاهلية‪ ,‬واختيارهُ على حكم ِ اللهِ ورسوله‪ ,‬فمللن فع ل َ‬ ‫ُ‬
‫ذلك فقد أعللرض عللن الحسللن‪ ,‬وهللو الحلقّ إلللى ضللدهِ مللن‬
‫ف تصورات السلم‬ ‫سه إلى ما ُيخال ُ‬ ‫الباطل‪ )) ,‬فمن مالت نف ُ‬
‫ن والمعتقلد‪،‬‬ ‫ل فلي اليملا ِ‬ ‫كم هو الخلل ُ‬ ‫وأحكامه وأقضيته‪ ,‬فذل ُ‬
‫ل الللله‬ ‫ن رسللو َ‬ ‫عن عبد ُ الله بن عمر‪ -‬رضللي الللله عنهمللا‪ : -‬أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ )) :‬ل ي ُللؤمن أحللدكم حللتى يكللون‬
‫ت به(( ‪.‬‬ ‫هواهُ تبعا ً لما جئ ُ‬
‫ل إليلله‪,‬‬ ‫ه نفسه‪ ,‬وتمي ُ‬ ‫قال العلماُء‪ :‬والهوى‪ :‬أي ما تهواهُ وُتحب ُ‬
‫ت المعتقللد‪ ,‬وبثهللا‬ ‫ت الدين‪ ,‬وثواب ِ‬ ‫ل مسلما ِ‬ ‫فإثارة ُ النقاش حو َ‬
‫ض‬ ‫صللحف وعلللى القنللوات‪ ,‬بل خطللام ٍ ول زمللام‪ ,‬وخللو َ‬ ‫في ال ُ‬
‫ش‬ ‫ل ذلك ليس من باب النقللا ِ‬ ‫س فيها بل علم ٍ ول دليل‪ ,‬ك ّ‬ ‫النا ِ‬
‫ة أكللبر‬ ‫حر كما يقول‪ ,‬ول تعدد الرأي الذي به ُينادون‪ ,‬القضي ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ل الدين وقاعدةِ السلم‪,‬‬ ‫من ذلك وأخطر‪ ,‬فالمُر متعلقٌ بأص ِ‬
‫ش فيهللا‬ ‫ن لهللا‪ ,‬فالنقللا ُ‬ ‫التي هي الرضى بأحكام ِ الله‪ ,‬والذعللا ِ‬
‫شقاقٌ لله ورسوله‪ ,‬والحواُر حولها محادٍ لهمللا‪ ,‬قللال تعللالى ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫دى وَي َت ّب ِعْ غَْيللَر‬ ‫ه ال ْهُ َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬
‫ن ب َعْدِ َ‬‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ق الّر ُ‬ ‫شاقِ ِ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫)) وَ َ‬
‫صلليرًا((‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ساَء ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫جهَن ّ َ‬ ‫صل ِهِ َ‬ ‫ما ت َوَّلى وَن ُ ْ‬ ‫ن ن ُوَل ّهِ َ‬ ‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫)النساء‪. (115:‬‬
‫ة‬
‫ن قد تبين لنا الُهدى فللي كتللاب ربنللا‪ ,‬وسللن ِ‬ ‫ن أّيها المؤم َ‬ ‫ونح ُ‬
‫خ أمتنا المجيد‪ ,‬وواقِع‬ ‫نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم‪ ,‬وتاري ِ‬

‫‪293‬‬
‫ق‪,‬‬ ‫شللقا ُ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ت عللدونا البغيللض‪ ,‬فعل َ‬ ‫مللؤلم‪ ,‬وممارسللا ِ‬ ‫حياتنا ال ُ‬
‫م الخلف‪.‬‬ ‫وإل َ‬
‫الخطبة الثانية‬
‫ض ويرفع‪ ,‬ويضُر وينفع‪ ,‬أل إلى‬ ‫الحمد لله ُيعطي ويمنع‪ ,‬ويخف ُ‬
‫م عللى الرحملةِ المهلداة‪,‬‬ ‫ُ‬
‫الللهِ تصليُر الملور‪ .‬وأصللي وأسلل ُ‬
‫مسداة‪ ,‬وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين‪:‬‬ ‫والنعمةِ ال ُ‬
‫ت الللتي كللانت تللدوُر‬ ‫ن الفرق بيللن النقاشللا ِ‬ ‫أّيها المؤمنون ‪ :‬إ ّ‬
‫ت‬‫ل فئا ِ‬ ‫بيللن علمللاِء المللة وأسلللفها الصللالحين‪ ,‬وبيللن جللد ِ‬
‫ن علماَء الم لةِ كُلهللم‬ ‫المجتمع وكتبته‪ ,‬ومتحاوروه اليوم‪ ,‬هو أ ّ‬
‫ف بينهم‬ ‫ن الخل ُ‬ ‫ن إليه‪ ,‬ويكو ُ‬ ‫ينطلقون من نص الوحي ويعودو َ‬
‫ن فيختلفللون أيرجعللون إلللى النللص أم إلللى‬ ‫ما ال َ‬ ‫في فهمه‪ ,‬أ ّ‬
‫ل عللّز وجللل‬ ‫ت العالم ِ الحر كما يقولون‪ ,‬يقو ُ‬ ‫غيره من معطيا ِ‬
‫ل((‬ ‫سللو ِ‬ ‫دوهُ إ ِل َللى الل ّلهِ َوالّر ُ‬ ‫يٍء فَ لُر ّ‬‫شل ْ‬ ‫م فِللي َ‬ ‫ن ت َن َللاَزعْت ُ ْ‬‫)) فَ لإ ِ ْ‬
‫)النساء ‪. (59:‬‬
‫ت تفكيرنللا‪,‬‬ ‫منللا ووجهللا ُ‬ ‫لنا أن نختلف‪ ,‬وُيمكن أن تتباين أفهللا ُ‬
‫ع‬
‫ة النهائيللة الللتي نرجل ُ‬ ‫وأطروحاتنللا الثقافيللة‪ ,‬ولكللن المرجعيل َ‬
‫ن بله مقلداَر‬ ‫ن الللذي نللز ُ‬ ‫إليهلا‪ ,‬وتصلدُر عنهللا آراَءنلا‪ ,‬والميلزا َ‬
‫ب الله وسنة رسللوله‬ ‫ب والخطأ فيما ذهبنا إليه‪ ,‬هو كتا ُ‬ ‫الصوا ِ‬
‫صلى الله عليه وسلللم‪ ,‬ليبقلى كتللاب اللله منهجنلا‪ ,‬عللى ملا‬
‫ت ومسللتجدات أبللد الللدهر‪ ,‬ول‬ ‫ُ‬
‫يطرأ على الحياة من مشللكل ٍ‬
‫ة له‪ ,‬إل ّ إذا احتكمللت إلللى‬ ‫ة بربها ول مسلم ٌ‬ ‫ة مؤمن ً‬ ‫ن الم ُ‬ ‫تكو ُ‬
‫كتاب اللهِ وسنة رسوله‪ ,‬في كل خلفاتهللا ونزاعاتهللا‪ ,‬وليللس‬
‫ن ول إسلللم‪ ,‬إل ّ إذا اتخللذوا منهمللا حكم لًا‪,‬‬ ‫للمتحللاورين إيمللا ٌ‬
‫حت ّللى‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬‫ك ل ي ُؤْ ِ‬ ‫منطقهم ورأيهم يقول عز وجل‪َ )) :‬فل وََرب ّ َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫م ّ‬‫حَرجا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫سه ِ ْ‬‫دوا ِفي أن ُْف ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ل يَ ِ‬‫م ثُ ّ‬
‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬‫يُ َ‬
‫سِليمًا(( )النساء‪. (65:‬‬ ‫موا ت َ ْ‬ ‫سل ّ ُ‬
‫ت وَي ُ َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫قَ َ‬
‫م شرط اليمان وحد السلم‪ ,‬يقرُرهُ‬ ‫دنا أما َ‬ ‫ومرةً بعد مرة تج ُ‬
‫ن إل بإذعللان‪ ,‬ول‬ ‫الللله بنفسلله‪ ,‬ويقسللم عليلله بللذاته‪ ,‬ل إيمللا َ‬
‫م المتحللاورون‬ ‫م إل باستسلللم‪ ,‬ول يكفللي أن يتحللاك َ‬ ‫إسللل َ‬
‫والمتناقشون إلى السلم‪ ,‬بللل لب لد َ أن يصللحب ذلللك رضللى‬

‫‪294‬‬
‫ج السلللم وثقللافتهِ‬ ‫ل قلبي‪ ,‬واعتزاٌز وفخٌر بمنه ل ِ‬ ‫نفسي‪ ،‬وقبو ٌ‬
‫ه‬ ‫ضللى الّللل ُ‬ ‫ذا قَ َ‬ ‫مَنللةٍ إ ِ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َول ُ‬ ‫ٍ‬ ‫مللؤْ ِ‬
‫م‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫كللا َ‬ ‫مللا َ‬ ‫وأحكللامه‪)) ,‬وَ َ‬
‫َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ورسول ُ َ‬
‫م (( )الحزاب ‪:‬‬ ‫مرِهِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرةُ ِ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫مرا ً أ ْ‬
‫ن يَ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ََ ُ ُ‬
‫‪. (36‬‬
‫م‬ ‫م إلللى الللله ورسللوله‪ ,‬والتسلللي َ‬ ‫واعلموا أّنه لما كان الحتكا ُ‬
‫ن‬ ‫ة السلللم‪ ,‬فللإ ّ‬ ‫ن وعلم ُ‬ ‫ط اليما ِ‬ ‫لهما‪ ,‬والرضى بهما‪ ,‬هو شر ُ‬
‫ل فيلله‪ ,‬فإّنمللا هللي‬ ‫ض عنلله‪ ,‬وتجللاد ُ‬ ‫أيّ نفسا ً تأبى ذلك‪ ,‬وُتعللر ُ‬
‫ق مغمللوس فللي النفللاق‪ ,‬متوعلد ٌ بأشلد ّ العللذاب‪,‬‬ ‫س منللاف ٍ‬ ‫نف ُ‬
‫ه‬ ‫ن ل َل ُ‬ ‫ما ت َب َي ّ َ‬
‫ن ب َعْدِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ق الّر ُ‬ ‫شاقِ ِ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫يقول عز وجل ‪ )) :‬وَ َ‬
‫م‬ ‫جهَن ّل َ‬‫ص لل ِهِ َ‬ ‫ما ت َوَّلى وَن ُ ْ‬ ‫ن ن ُوَل ّهِ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫دى وَي َت ّب ِعْ غَي َْر َ‬ ‫ال ْهُ َ‬
‫صيرًا(( )النساء ‪. (115 :‬‬ ‫م ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ساَء ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ف سبيلهم الذي‬ ‫جون على المسلمين بقضايا ُتخال ُ‬ ‫فالذين يخر ُ‬
‫جاء به السلم‪ ,‬إّنما يشهدون على أنفسللهم بللالكفرِ الصللريح‬
‫ه مللن‬ ‫ل الل ل ُ‬ ‫كرهِ مللا أنللز َ‬ ‫ةل ُ‬ ‫ث نتيج ً‬ ‫والردةِ الغليظة‪ ,‬وإّنما يحد ُ‬
‫دهم يكرهون حدود َ السلم‪ ,‬ويضيقون بهللا ذرعللا‪,‬‬ ‫م‪ ,‬فتج ُ‬ ‫أحكا ٍ‬
‫ث النقاشات‪ ,‬ولللذلك‬ ‫شبهات‪ ,‬وبع ِ‬ ‫فيسوقهم ذلك إلى إثارةِ ال ُ‬
‫كفر‪ ,‬كمللا ذكلَر ذلللك‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ه بابا ً من أبوا ِ‬ ‫كرهُ ما جاء به الل ُ‬ ‫كان ُ‬
‫خ ابن عبد الوهاب ‪.‬‬ ‫الشي ُ‬
‫ه كللثيٌر مللن الطللرح‬ ‫جل ُ‬ ‫ن المنحللى الللذي يت ُ‬ ‫أّيهللا المؤمنللون ‪ :‬إ ّ‬
‫الثقافي‪ ,‬المتجرئُ على أحكام الدين منحلا ً خطيللر‪ ,‬للله وثيل ُ‬
‫ق‬
‫ن الله عز وجل قد نّزل علينللا أّنلله‬ ‫العلقةِ بحقيقةِ اليمان‪ ,‬فإ ّ‬
‫ن شللرائعه الللتي س لّنها للنللاس‬ ‫ل إللله إل هللو‪ ,‬ومعنللى ذلللك أ ّ‬
‫بمقتضى أو لوصيتهِ لهم وعبوديتهم له‪ ,‬وعاهدهم على القيام ِ‬
‫كلم حيللاتهم ويرضللوا بهللا ويفخلروا‬ ‫ب أن تح ُ‬ ‫بها‪ ,‬هي التي َيجل ُ‬
‫ص فللي شلليٍء منلله‪,‬‬ ‫خل ّ‬ ‫ر‪ ,‬ول تر ُ‬ ‫بتمثلها‪ ,‬ل هوادةَ في هذا الم ِ‬
‫ب وصغير‪ ،‬إّنه ل عبرةَ بمللا تواضللع عليلله‬ ‫ف عن جان ٍ‬ ‫ول انحرا َ‬
‫جيل‪ ،‬أولما اصطلح عليلله قبيللل‪ ،‬أو لمللا تللوا ثللق عليلله نظللام‬
‫ن لشيٍء من ذلك ما لم يأذن بلله‬ ‫عالمي جديد أو قديم‪ ,‬ل وز َ‬
‫ة رسوله صلى الله عليه وسلللم‪,‬‬ ‫ه ول سن َ‬ ‫الله‪ ,‬ولم ُيقرهُ كتاب ُ‬
‫ة انفتللاٍح أو انغلق‪ ,‬تحللررٍ أو‬ ‫ة في هذا ليسللت مسللأل َ‬ ‫والمسأل ُ‬

‫‪295‬‬
‫م أو جاهليللة‪ ,‬شللرعٌ أو‬ ‫ن وكفر‪ ,‬إسل ٌ‬ ‫ة إيما ٍ‬
‫انحباس‪ ,‬إّنها مسأل ُ‬
‫هدنة‪ ,‬فللالمؤمنون‬ ‫صلح ول ُ‬ ‫ط في هذا المرِ ول ُ‬ ‫هوى‪ ،‬فل وس َ‬
‫م أخلقلله‬ ‫عون إلللى شللرِع الللله وكتللابه‪ ,‬والللتزا َ‬ ‫هم الللذين يللد ُ‬
‫وآدابله‪ ,‬والكللافرون الظللالمون الفاسللقون والمنللافقون‪ ,‬هللم‬
‫ة‬
‫الذين يدعون إلى غيره‪ ,‬وينادون بما سللواه‪ ,‬ويللدفعون المل َ‬
‫في اتجاهٍ ُيعاكسه ‪.‬‬
‫===============‬
‫‪ #‬المساهمة في شركات أصل نشاطها مباح‬
‫خالد بن إبراهيم الدعيجي‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف خلق‬
‫الله أجمعين محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫هذه المسألة من المسائل النازلة التي تحتاج إلى بسط فللي‬
‫إجابتها‪ ،‬فأقول وبالله التوفيق‪:‬‬
‫هذا النللوع مللن الشللركات اختلللف فيلله العلمللاء المعاصللرون‬
‫اختلًفا كبيًرا‪ ،‬وقبل أن نبدأ في ذكر القللوال فللي هللذا النللوع‬
‫من الشللركات يحسللن بنللا أن نحللرر محللل النللزاع فللي هللذه‬
‫المسللألة‪ :‬أن المسللاهمة فللي الشللركات الللتي يغلللب عليهللا‬
‫المتاجرة بالنشطة المحرمة‪ ،‬محرمة ول تجوز لما فيهللا مللن‬
‫العانة على الثم والعدوان‪.‬‬
‫وأن من يباشللر إجللراء العقللود المحرمللة بالشللركة‪ -‬كأعضللاء‬
‫مجلس الدارة الراضين بذلك‪ -‬أن عملهم محرم‪ ،‬قّلت نسللبة‬
‫الحرام في الشركة أم كثرت‪.‬‬
‫وأن الشتراك في تأسيس شركات يكللون مللن خطللة عملهللا‬
‫أن تتعامل فللي جملللة معاملتهللا بللالعقود المحرمللة‪ ،‬أو كللان‬
‫صا في نظامها علللى جللواز ذلللك‪ ،‬فللإن هللذا الشللتراك‬ ‫منصو ً‬
‫محرم‪.‬‬
‫وأن المساهم ل يجوز له بأي حال من الحوال أن يدخل فللي‬
‫مللاله كسللب الجللزء المحللرم مللن السللهم ‪ ،‬بللل يجللب عليلله‬
‫إخراجه والتخلص منه‪ ،‬حتى على القول بجواز مساهمته‪.‬‬

‫‪296‬‬
‫واختلفوا في حكم المساهمة في الشركات المشللروعة مللن‬
‫حيلث الصلل لكنهلا تتعاملل فلي بعلض معاملتهلا بالنشلطة‬
‫المحرمة أو تقترض أو تودع بالفوائد على قولين‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬الجواز‬
‫وممللن ذهللب إلللى هللذا القللول ‪ :‬الهيئة الشللرعية لشللركة‬
‫الراجحلللي‪ ،‬والهيئة الشلللرعية للبنلللك السللللمي الردنلللي ‪،‬‬
‫والمستشار الشرعي لدلة البركة ‪ ،‬وندوة البركللة السادسللة‪،‬‬
‫وعدد من العلماء المعاصرين منهم الشيخ عبد الله بللن منيللع‬
‫حفظه الله‪.‬‬
‫طا ؛ إذا تللوفرت جللاز‬ ‫وقد اشترط أصحاب هللذا القللول شللرو ً‬
‫تداول أسهم هذا النوع من الشركات‪ ،‬وإذا تخلف منها شرط‬
‫لم يجز‪ ،‬و منها‪:‬‬
‫ما جاء في قرار الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصللرفية‬
‫رقم )‪(485‬‬
‫يجب أن يراعللى فللي السللتثمار والمتللاجرة فللي أسللهم هللذا‬
‫النوع من الشركات المساهمة الضوابط التالية‪:‬‬
‫إن جواز التعامل بأسهم تلك الشركات مقيللد بالحاجللة‪ ،‬فللإذا‬
‫وجدت شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربللا وتسللد‬
‫الحاجة فيجب الكتفاء بها عن غيرها ممن ل يلتزم بذلك‪.‬‬
‫ضللا‬
‫أل يتجاوز إجمالي المبلغ المقترض بالربا‪ -‬سواء أكللان قر ً‬
‫ضللا قصللير الجللل‪ (%25) -‬مللن إجمللالي‬ ‫طويل الجللل أم قر ً‬
‫ما أن القتراض بالربا حرام مهما كان‬ ‫موجودات الشركة‪ ،‬عل ً‬
‫مبلغه‪.‬‬
‫أل يتجاوز مقدار اليراد الناتج مللن عنصللر محللرم )‪ (%5‬مللن‬
‫جللا عللن‬
‫إجمالي إيللراد الشللركة‪ ،‬سللواء أكللان هللذا اليللراد نات ً‬
‫الستثمار بفائدة ربوية أم عن ممارسة نشاط محرم أم عللن‬
‫تملك المحرم أم عن غير ذلك ‪.‬‬
‫وإذا لللم يتللم الفصللاح عللن بعللض اليللرادات فيجتهللد فللي‬
‫معرفتها‪ ،‬ويراعي في ذلك جانب الحتياط‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫أل يتجاوز إجمالي حجللم العنصللر المحللرم‪ -‬اسللتثماًرا كللان أو‬
‫كا لمحرم‪ -‬نسبة )‪ (%15‬من إجمالي موجودات الشركة‪.‬‬ ‫تمل ً‬
‫والهيئة توضح أن ما ورد من تحديد للنسللب فللي هللذا القللرار‬
‫مبني على الجتهاد‪ ،‬وهو قابل لعادة النظر حسب القتضاء‬
‫وذهبللت الهيئة الشللرعية لدلللة البركللة إلللى التفريللق بيللن‬
‫النشطة المحرمة التي تزاولها الشركة‪:‬‬
‫حا‪ ،‬ولكنها تتعامل بجزء مللن رأس‬ ‫فإن كان أصل نشاطها مبا ً‬
‫مالها مثًل بتجلارة الخملور‪ ،‬أو إدارة صلالت القملار‪ ،‬ونحوهلا‬
‫من النشطة المحرمة‪ ،‬فل يجللوز تملللك أسللهمها ول تللداولها‬
‫ببيع أو شراء‪.‬‬
‫أما إن كانت تودع أموالها فللي البنللوك الربويللة‪ ،‬وتأخللذ علللى‬
‫ذلك فوائد‪ ،‬أو أنها تقللترض مللن البنللوك الربويللة‪ ،‬مهمللا كللان‬
‫الدافع للقتراض‪ ،‬فإنه في هذه الحالللة يجللوز تملللك أسللهمها‬
‫بشرط احتساب النسبة الربوية وصرفها في أوجه الخير‪.‬‬
‫واستدل أصحاب هذا القول بقواعد فقهية عامة ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ 1-‬قاعدة‪ :‬الحاجة العامللة تنللزل منزلللة الضللرورة الخاصللة"‪.‬‬
‫وقالوا‪ :‬إن حاجة الناس تدعو للمساهمة بهذه الشركات‪.‬‬
‫‪ 2-‬قاعدة‪ :‬يجوز تبًعا ما ل يجوز اسللتقلًل"‪ .‬وقللالوا‪ :‬إن الربللا‬
‫في هذه الشركات تابعٌ غير مقصود فيعفى عنه‪.‬‬
‫‪ 3-‬قاعللدة‪ :‬اختلط الجللزء المحللرم بللالكثير المبللاح ل يصللير‬
‫ما"‪.‬‬
‫المجموع حرا ً‬
‫دا فيكللون‬ ‫فقللالوا ‪ :‬إن الربللا فللي هللذه الشللركات يسللير ج ل ّ‬
‫مغموًرا في المال المباح الكثير‪.‬‬
‫القول الثاني‪:‬‬
‫يرى جمهور العلماء المعاصرين‪ ،‬وعدد من الهيئات الشللرعية‬
‫تحريم المساهمة في الشللركات الللتي يكللون أصللل نشللاطها‬
‫حا‪ ،‬إذا كانت تتعامل ببعض المعاملت المحرمة كالقراض‬ ‫مبا ً‬
‫والقللتراض بفللائدة‪ ،‬فيحللرم الكتتللاب بهللا‪ ،‬وبيعهللا وشللراؤها‬
‫وامتلكها‪.‬‬

‫‪298‬‬
‫وممن ذهب إلى هذا القول‪ :‬اللجنة الدائمة للبحللوث العلميللة‬
‫والفتاء بالمملكة‪ ،‬وعلى رأسها سللماحة الشلليخ عبللد العزيللز‬
‫بن باز‪ ،‬رحمه الله‪ ،‬والهيئة الشرعية لبيت التمويللل الكويللتي‪،‬‬
‫والهيئة الشرعية لبنك دبي السلمي‪ ،‬وهيئة الرقابة الشرعية‬
‫للبنك السلمي السوداني‪ ،‬وعدد من الفقهاء المعاصرين‪.‬‬
‫وأصدر مجمعان فقهيان مشهوران قراريللن يقضلليان بتحريللم‬
‫هذا النوع من الشركات‪ ،‬وهذان المجمعان يحويللان ثلللة مللن‬
‫علماء العصر المعتبرين‪ ،‬فأما المجمع الول فهو‪:‬‬
‫المجمللع الفقهللي التللابع لمنظمللة المللؤتمر السلللمي بجللدة‪،‬‬
‫ونص قراره هو‪ ) :‬الصل حرمة السهام في شركات تتعامل‬
‫أحياًنا بالمحرمات‪ ،‬كالربللا ونحللوه‪ ،‬بللالرغم مللن أن أنشللطتها‬
‫الساسية مشروعة ( ‪.‬‬
‫وأما المجمللع الثللاني فهللو ‪ :‬المجمللع الفقهللي التللابع لرابطللة‬
‫العالم السلمي في مكللة المكرمللة‪ ،‬ونللص قللراره هللو ‪ ) :‬ل‬
‫يجوز لمسلم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان فللي‬
‫ما بذلك‬ ‫بعض معاملتها ربا‪،‬وكان المشتري عال ً‬
‫واستدل أصحاب هذا القول‪:‬‬
‫‪ -1‬أدلة تحريم الربا في الكتللاب والسللنة ‪ ،‬وقللالوا ‪ :‬إن هللذه‬
‫الدلة لم تفرق بين قليل أو كثير‪ ،‬وبين تابع أو مقصود ‪.‬‬
‫وى وََل ت ََعللاوَُنوا‬ ‫‪2-‬قول الله تعالى‪ )) :‬وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِّر َوالت ّْق َ‬
‫ب((‬ ‫ديد ُ ال ْعَِقللا ِ‬ ‫شل ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫ه إِ ّ‬‫ن َوات ُّقللوا الل ّل َ‬ ‫عََلى اْل ِث ْلم ِ َوال ْعُلد َْوا ِ‬
‫)المائدة‪. (2 :‬‬
‫وعن جابر‪ ،‬رضي الله عنه‪ ،‬أن النبي صلى الله عليه وسللم ‪:‬‬
‫ه(( ‪ .‬رواه مسلللم )‬ ‫شللاهِد َي ْ ِ‬‫ه وَ َ‬ ‫كات ِب َ ُ‬ ‫مؤْك ِل َ ُ‬
‫ه وَ َ‬ ‫ل الّرَبا وَ ُ‬ ‫ن آك ِ َ‬ ‫)) ل َعَ َ‬
‫‪. (1598‬‬
‫ووجلله الدللللة مللن هللذين النصللين ‪ :‬أن الللذي يسللاهم فللي‬
‫الشركات الللتي تتعامللل بالمحرمللات معيللن لهللا علللى الثللم‪،‬‬
‫فيشمله النهي‪.‬‬
‫ْ‬
‫جل ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫ه الّر ُ‬ ‫م رِب ًللا ي َلأك ُل ُ ُ‬ ‫‪ -3‬قوله عليه الصلة والسلم ‪ )) :‬دِْرهَ ل ُ‬
‫ة((‪ .‬أخرجله أحملد )‬ ‫ت وَثلِثيلن َزْنيل ً‬ ‫سل ّ‬‫مللن ِ‬ ‫شلد ّ ِ‬ ‫م‪ ،‬أ َ َ‬‫وَهُوَ ي َعْل َل ُ‬

‫‪299‬‬
‫‪ ، (21957‬والللدارقطني ‪ ،3/16‬والطللبراني فللي الوسللط )‬
‫‪.(2628‬‬
‫ووجه الدللة منه ‪ :‬أن النللبي‪ ،‬صللى اللله عليلله وسللم ‪ ،‬عللد‬
‫أكللل درهللم واحللد مللن الموبقللات‪ ،‬ورتللب عليلله هللذا الوعيللد‬
‫الشديد‪ ،‬فكيللف بمللن يضللع المئيللن واللف مللن أمللواله فللي‬
‫المصارف الربوية؟ وإخراج قللدر الحللرام تخميللن‪ ،‬فمللن غيللر‬
‫المستبعد أن يدخل ماله شيء من الحرام‪.‬‬
‫بقي أن يقال‪:‬‬
‫إن أصحاب القول الول اشترطوا في جواز المشاركة بمثللل‬
‫هذه الشركات‪ :‬أن يتخلص المساهم من الكسب المحرم‪.‬‬
‫ومما يؤكد أن هللذا الشللتراط افتراضللي وليللس واقعي ّللا‪ ،‬أنلله‬
‫يستحيل تحديد مقدار الكسب المحرم من عوائد السهم‪.‬‬
‫ونحن هنا في مقام ل يحتمل الظن والتخمين‪ ،‬بللل ل بللد مللن‬
‫القطع واليقين‪.‬‬
‫وإيجللاب البعللض‪ -‬عنللد الجهللل بللالحرام‪ -‬إخللراج نصللف ربللح‬
‫السهم أو ثلثه فهم قالوا به من باب الحتياط‪ ،‬وهو نافع فللي‬
‫حالة وجود أرباح حقيقية للشركة مللن النشللاط المبللاح‪ ،‬وهللو‬
‫ضا غير شاق من الناحية العملية‪ ،‬إل أنه غير عملي ول يفي‬ ‫أي ً‬
‫بالغرض في صورتين‪:‬‬
‫حا تذكر من مبيعاتها في‬ ‫الولى ‪ :‬عندما ل تحقق الشركة أربا ً‬
‫بعض السنوات‪ ،‬فتبقى معتمللدة فللي توزيعللات الربللاح علللى‬
‫فوائد الودائع‪ ،‬والسندات البنكية والوراق قصيرة الجل ذات‬
‫الدخل الثابت‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬كما أن بعض الشركات تقوم بتوزيع الرباح قبل البدء‬
‫بتشغيل منشآتها وهذه الرباح تحصلت عليها من إيللداع رأس‬
‫المال في البنوك‪.‬‬
‫وعليلله‪ :‬إذا كللان المللر محتمًل فل يكفللي التقللدير فللي هللذه‬
‫الحالة‪.‬‬

‫‪300‬‬
‫أما تحديد مقدار الكسب الحللرام‪ ،‬كمللا تفعللله بعللض الهيئات‬
‫الشرعية‪ ،‬من أجللل دقلة التخلللص مللن الحللرام فهللو متعللذر؛‬
‫لمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن جميللع المجيزيللن يفترضللون أن الشللركة تللودع وتأخللذ‬
‫فللوائد‪ ،‬فيوجبللون علللى المسللاهم إخللراج مللا يقابللل نصلليب‬
‫الودائع من الرباح‪.‬‬
‫فإذا كانت الشركة تقللترض مللن البنللوك لتمويللل أعمالهللا‪ ،‬أو‬
‫لجراء توسعات رأسمالية ونحو ذلك‪ ،‬فما السبيل لتحديد مللا‬
‫يقابل هذه القروض من الرباح؟‬
‫‪ -‬أن أغلللب المسللتثمرين يشللترون السللهم بقصللد الحصللول‬
‫على الرباح الرأسمالية‪ ،‬أي فرق السعر بين الشراء والللبيع‪،‬‬
‫ومن المتعذر في هذه الحالة تحديد مقدار الكسللب الحللرام‪،‬‬
‫لسلليما وأن مللن العوامللل المللؤثرة علللى القيمللة السللوقية‬
‫للسهم مدى قللدرة الدارة علللى الحصللول علللى التسللهيلت‬
‫والقروض البنكية‪.‬‬
‫‪ -‬إذا خسرت الشركة‪ ،‬فما هللو نصلليب الكسللب الحللرام مللن‬
‫هذه الخسارة؟ إذا علمنا أن إيرادات الودائع والسندات ثابتة‪،‬‬
‫فهذا يعني أن الخسللارة علللى مللن يريللد التخلللص مللن الربللا‬
‫ستكون مضاعفة‪.‬‬
‫‪ -‬ومن المعتللاد أن الشللركة تسللتثمر جللزًءا مللن أموالهللا فللي‬
‫شركات تابعة أو شركات زميلللة أو فللي صللناديق اسللتثمارية‬
‫بالسهم أو السندات‪ ،‬وقد تكون تلك السللهم لشللركات ذات‬
‫أنشللطة محرمللة أو ذات أنشللطة مباحللة وتتعامللل بللالفوائد‪،‬‬
‫وهكذا تمتد السلسلة إلى ما ل نهاية‪ ،‬ويصللبح تحديللد الحللرام‬
‫في هذه السلسلة من الشركات أشبه بالمستحيل‪.‬‬
‫ضا لو فرضللنا أنلله يمكللن التخلللص مللن الربللاح المحرمللة‬ ‫وأي ً‬
‫الربوية‪ ،‬فهو تخلص من الكل للربا‪ ،‬لكن هللذا المسللاهم قللد‬
‫شارك في دفع الربا للممولين للشللركة‪ ،‬فهللو وإن لللم يللأكله‬
‫فقد آكله‪ ،‬والنبي صلى الله عليه وسلللم حللرم المريللن فهللو‬
‫لعن آكل الربا ومؤكله‪ .‬أخرجه مسلم )‪. (1597‬‬

‫‪301‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫من خلل استعراض بعض أدلة القولين يتبين ما يلي‪:‬‬
‫أن القول الول يتوجه القول به بالشروط التالية‪:‬‬
‫عا‬
‫‪ -‬إذا لللم توجللد شللركة مسللاهمة ل تتعامللل بالربللا إيللدا ً‬
‫ضا‪ ،‬حيث كللانت جميللع شللركات السللوق ممللا يتعامللل‬ ‫واقترا ً‬
‫بالربا‪.‬‬
‫‪ -‬وهذا الشرط منتللف فللي هللذا العصلر حيللث أثبتللت دراسلة‬
‫أجريتها نشرها الموقع‪ ،‬أنه توجد شركات مساهمة معاملتهللا‬
‫حلل بالكامل‪ ،‬وممللا يؤيللد هللذا الشللرط أن الهيئة الشللرعية‬
‫للراجحللي ذكللرت فللي قرارهللا رقللم )‪ ) : (485‬إن جللواز‬
‫التعامل بأسهم تلللك الشللركات مقيللد بالحاجللة‪ ،‬فللإذا وجللدت‬
‫شركات مساهمة تلتزم اجتناب التعامل بالربا وتسللد الحاجللة‬
‫فيجب الكتفاء بها عن غيرها ممن ل يلتزم بذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬إذا كان نظام الدولللة يجللبر الشللركات أن تللودع جللزًءا مللن‬
‫ضا بأن تللدخل الفللوائد‬ ‫أموالها في البنوك الربوية ويجبرهم أي ً‬
‫ضمن أرباح المساهمين‪.‬‬
‫وهذا الشللرط حسلب علمللي غيللر موجللود فللي هللذا العصللر‪،‬‬
‫لنتشللار البنللوك السلللمية‪ ،‬ومللن ثللم انتشللار المعللاملت‬
‫السلمية المصرفية‪.‬‬
‫دا مللن إتمللام عملياتهللا إل عللن طريللق‬‫‪ -‬أّل تجللد الشللركة ب ل ّ‬
‫القتراض بالربا‪.‬‬
‫وهذا الشرط منتف في هذا العصر؛ إذ وجدت بنوك إسلللمية‬
‫تمللول الشللركات بللالطرق المباحللة‪ :‬كالمرابحللة‪ ،‬وعقللود‬
‫الستصناع‪ ،‬والسلم‪ ،‬والمشاركة المنتهية بالتمليك‪ ،‬والجللارة‬
‫المنتهية بالتمليك‪ ،‬وغير ذلك مما جاءت شريعتنا بإباحته‪.‬‬
‫‪ -‬ثم إن المتأمل في القول الول يجد‪ :‬أن القول به كان فللي‬
‫فترة فشا فيها الربا‪ ،‬والبنوك السلمية لم تقم على ساقيها‪،‬‬
‫أما في هذه المرحلة فللالمر عكللس ذلللك‪ ،‬فنحمللد الللله عللز‬
‫وجل أن انتشرت هذه البنللوك السلللمية فللي أنحللاء الرض‪،‬‬
‫فأيهما أسهل بالله عليكم تحويل بنك ربوي إلى بنك إسلللمي‬

‫‪302‬‬
‫أم تحويل شركة تتعامل بالربا إلى شللركة خاليللة مللن ذلللك؟‬
‫لشك أنه الثاني‪.‬‬
‫فالللذي يظهللر لللي رجحللان القللول الثللاني ‪ ،‬وهللو حرمللة‬
‫حللا‪،‬‬
‫المساهمة في الشركات الللتي يكللون أصللل نشللاطها مبا ً‬
‫وتتعامل بالفوائد أو بغيرها من المعاملت المحرمللة‪ ،‬لعمللوم‬
‫الدلة الشرعية في تحريم الربا قليله وكللثيرة ‪ ،‬فلللم تسللتثن‬
‫تلك الدلة ما كان تابًعا أو مغموًرا أو يسيًرا‪.‬‬
‫وبالتالي يحرم المتاجرة والسللتثمار بهللذه السللهم مللن هللذا‬
‫النوع من الشركات‪.‬‬
‫وأما السهم التي عندك من التأسيس فما استلمته من أرباح‬
‫سابقة‪ ،‬وهي أرباح ربوية وأنت ل تعلم عنهللا فل بللأس عليللك‬
‫فيها‪ ،‬ويجب عليك التخللص ملن هللذه السللهم وبيعهلا‪ .‬واللله‬
‫تعالى أعلم‪ .‬وصلى الله وسلم علللى نبينللا محمللد وعلللى آللله‬
‫وصحبه أجمعين‬
‫===============‬
‫‪ #‬البديل السلمي بين النضباط والتسيب‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ن ثلث فتيللات فللي مدرسللتها‬ ‫دثتني إحللدى الصللالحات أ ّ‬‫)حلل ّ‬
‫ن برنامج سللتار‬ ‫اتفقن على قيام الليل ل ولكن من نوع آخرل إ ّ‬
‫أكلاديمي قلد خللب لّبهلم ‪ ،‬وسلحر فكرهلم ‪ ،‬ولجلل ذا فقلد‬
‫ل واحللدة‬ ‫سمن الليللل إلللى ثلثللة أثلث كل ّ‬ ‫تواعدن على أن يق ّ‬
‫م تتصل على‬ ‫منهن تنظر في هذا البرنامج وتقوم بتسجيله ‪ ،‬ث ّ‬
‫زميلتهللا بعللد أن تنتهللي ورديتهللا فللي ملزمللة التسللجيل لهللذا‬
‫البرنامج وتقوم الثانية بهذا الدور‪ ،‬وهكذا العمللل مللع الزميلللة‬
‫الثالثة إلى أن ينتهي البرنامج(‬
‫بهذا المنطق يتفاعل الكثير من الشباب والفتيات المنتسللبين‬
‫للسلم حين يريدوا مشاهدة هللذه البرامللج الهابطللة‪ ،‬والللتي‬
‫بّثت أخيرا ً عبر الفضائيات‪ ،‬وجعللت للدى الشللباب نوعلا ً مللن‬
‫الهوس لعجابهم بهذه البرامج المباشرة ‪ ،‬وكأّنها مغنللاطيس‬

‫‪303‬‬
‫وة وقهللر‪ ،‬وليللس لهللم إّل تلبيللة رغبللات النفللس‪،‬‬ ‫يجللذبهم بقل ّ‬
‫وخطرات الروح‪.‬‬
‫أما آن للمصلحين أن يفيقوا من نومهم العميق‪ ،‬لنقاذ شبابنا‬
‫وفتياتنا من مأساة فكرية وشهوانية تعصف بهم ذات اليميللن‬
‫شاشللات‬ ‫وذات الشللمال ‪ ،‬وقللد جعلتهللم يتطللايرون علللى ال ّ‬
‫كالفراش وهم ل يشعرون!!‬
‫ودعونا أيها الفضلء أن نراجع أنفسللنا ‪ ،‬وننقللد ذاتنللا !فجللزى‬
‫الله علمائنا خيرا ً حين أفتوا بتحريم هذه البرامللج ‪ ،‬وبينللوا بل‬
‫لبس أو غموض حكم مشاهدتها ‪ ،‬والنظر إليهللا ‪ ،‬فقللد أث ّللرت‬
‫تلك الفتاوى في البعض وأقلعوا عن مشاهدتها ل ولله الحمللد‬
‫والمّنة ل‬
‫مللة‬‫م الهائل من شللباب ال ّ‬ ‫ولكن هل نكتفي بهذا‪ ،‬ومازال الك ّ‬
‫يشاهدون ويصّفقون ‪ ،‬ويحلمون فللي منللامهم ويقظتهللم فللي‬
‫ذكريات البرنامج الشبابي!‬
‫ف رفيقللة لّينللة تحتضللن‬ ‫أل يوجللد لللدينا حلللو ٌ‬
‫ل وافللرة ‪ ،‬وأك ل ٌ‬
‫الشباب والفتيللات فللي برامللج إسلللمية مشللوقة ‪ ،‬ومشللاريع‬
‫ل منضللبطة بميللزان‬ ‫مث ُل ِ‬
‫تربوية وترفيهية ‪ ،‬وبدائل عللن تلللك ال ُ‬
‫الشريعة؟‬
‫أين أصحاب الحلول المنتجة ‪ ،‬أين أهل الثراء والمال والغنللى‬
‫‪ ،‬أين أصحاب الفكار البداعية ‪ ،‬والمشاريع البتكارية؟‬
‫مللة ‪ ،‬ويخللاط لهللم‬ ‫أين هم مللن الللذي يحللاك لشللباب هللذه ال ّ‬
‫وينسللج فللي مللواخير الفسللاد ‪ ،‬وأنديللة الظلم‪ ،‬والكللواليس‬
‫الخفية لتعليمهم دروسا ً في العربدة والشهوات؟‬
‫ن جيشلا ً عرمرملا ً أحللاط ببلللدة مللن بلد السلللم ‪،‬‬ ‫ترى لللو أ ّ‬
‫م‬
‫وأثخن فيها وأكثر مللن القتللل والتعللذيب لبنللاء السلللم ‪ ،‬ثل ّ‬
‫ذر‬‫خللرج علينللا رجللل يللبّين خبللث هللذا العللدو ومكللره‪ ،‬وحلل ّ‬
‫م وقللف إلللى هللذا‬ ‫المسلمين مللن اسللتقباله أو احتضللانه‪ ...‬ثل ّ‬
‫الحد‪ ،‬واكتفى بهذا القدر‪.‬‬
‫ن هنللاك‬ ‫دي هذا إلى دحر العدو وإنقللاذ الن ّللاس؟ أم أ ّ‬ ‫هل سيؤ ّ‬
‫لوازم ينبغي إضافتها على ذلك الحدث!!‬

‫‪304‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫ن المراقب لهذه الوضاع ‪ ،‬وتلك الحداث ‪ ،‬ينبغي عليه أن‬ ‫فإ ّ‬
‫ن من أسباب وجوده فللي هللذه الرض دعللوة النللاس‬ ‫يعرف أ ّ‬
‫ل الدعوة‬ ‫ب العالمين ‪ ،‬وتقريبه إلى قلوبهم‪،‬فليست ك ّ‬ ‫لدين ر ّ‬
‫بالمحاضرات ول بالخطب‪ ،‬وليست كّلها بالدروس أو الفتاوى‬
‫فحسب ‪ ،‬بل ل بد من استخدام جميللع الوسللائل المشللروعة‬
‫والمتاحة فالدعوة إلى الله ل تحد ّ بحدود ‪ ،‬ول تقيد بقيود‪.‬‬
‫ن مللن الولويللات الهامللة‬ ‫وحيث أّنني شرعت في المقصد فإ ّ‬
‫للعمل في حقل الدعوة السلمية ؛ الفهم الناضج لدى طّلبلة‬
‫صلللت‬ ‫العلم‪ ،‬ومتعلمللي الشللريعة بالللذات‪ ،‬ليخرجللوا لنللا بمح ّ‬
‫مدروسللة‪ ،‬ونتللائج محروسللة فللي فقلله البللديل السلللمي‬
‫المواكب لروح هللذا العصللر ومتطلبللاته ‪ ،‬وكيفيللة إنقللاذ هللذه‬
‫ل بهللا سللواء أكللانت‬ ‫مللة المنكوبللة مللن الزمللات الللتي تحل ّ‬‫ال ّ‬
‫تعليميللة أو تربويللة أو اقتصللادية أو سياسللية أو اجتماعيللة أو‬
‫عسكرية وغيرها من ألوان المشاكل‪ ،‬وأشكال المحن‪.‬‬
‫والعالم الحق هو من وصفه المام أبو العبللاس ابللن تيميللة ل ل‬
‫رحملله الللله للل بللأّنه) الللذي يعللرف الحللق‪ ،‬ويرحللم الخلللق(‬
‫وأّنه)كّلما اتسللعت معرفتلله بالشللريعة وروحهللا ‪ ،‬كللان أرحللم‬
‫بالعباد وأعظم الناس تيسيرا ً عليهم ورفقا ً بهم(‪.‬‬
‫وحين يتأمل النسان الهدي الرّباني في القرآن الكريللم يجللد‬
‫أّنه ل سبحانه وتعالى ل ما حّرم على عبللاده شلليئا ً إّل وأبللدلهم‬
‫عوضا ً عنه ما هو خير منه ‪ ،‬بل وصل ذلك إلى اللفللاظ فللإّنه‬
‫تعالى قال ) يا أّيها الذين آمنوا ل تقولوا راعنا وقولوا انظرنللا‬
‫واسمعوا وللكافرين عذاب أليم( البقرة)‪ (104‬فقد نهللاهم للل‬
‫ن فيه شبها ً بيهود حين كانوا يقولون ذلللك‬ ‫تعالى ل عن ذلك ل ّ‬
‫لمحمد ل صّلى الله عليه وسّلم ل ويقصللدون بللذلك السللخرية‬
‫به ل عليه الصللة والسلللم لل فنهلى اللله صللحابة رسللوله أن‬
‫يقولوا هذه الكلمة لمحمد ل صّلى الله عليه وسّلم ل وأبللدلهم‬
‫بأن يقولوا له)انظرنا(‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫كذلك من تدبر سيرة المصطفى ل صّلى اللله عليله وسلّلم لل‬
‫يجد ذلك واضحا ً في منهجيته في التربية والتعليم‪ ،‬فللإّنه كللان‬
‫إذا حللّرم شلليئا ً أتللى بالبللديل المشللروع مقابللل ذلللك المللر‬
‫ب‬ ‫ن النفوس ضلعيفة ‪ ،‬ومجبولللة علللى حل ّ‬ ‫حّرم لّنه يعلم أ ّ‬ ‫م َ‬
‫ال ُ‬
‫العوض والبديل ‪ ،‬وخذ أمثلة على ذلك‪/‬‬
‫فعن أبي سعيد الخدري ل رضي الله عنه ل قال‪ :‬جاء بلل إلى‬
‫النبي ل صّلى الله عليه وسّلم ل بتمر برني‪ ،‬فقال له‪ :‬النبي للل‬
‫صّلى الله عليه وسّلم ل من أين هذا ؟ قلال بلل‪ :‬كلان عنللدنا‬
‫تمر رديء ‪ ،‬فبعت منه صاعين بصللاع لُنطعللم النللبي لل صلّلى‬
‫الله عليه وسّلم ل فقال ل عليه السلللم ل ل أّوه أّوه عيللن الربللا‬
‫عين الربا لتفعل ‪ ،‬ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر بللبيع‬
‫م اشتره( رواه البخاري)‪ (2201‬ومسلم )‪(1593‬‬ ‫آخر ث ّ‬
‫أتأملت أيها المبارك كيف أّنه ل عليه الصلة والسلللم ل ل حيللن‬
‫حّرم فعل بلل ل رضي الله عنلله لل نقلله نقللة توعويلة بديللة‬
‫ومشللروعة قبالللة ذلللك المللر المحللرم‪ ،‬وتلللك صللفة العللالم‬
‫الرباني ‪ ،‬والبصير بالواقع الذي حوله ولهذا قللال المللام ابللن‬
‫القّيم في ذلك‪):‬من فقه المفتي ونصحه إذا سأله المسللتفتي‬
‫عن شيء فمنعه منه‪،‬وكانت حاجته تدعوه إليه ‪،‬أن يدّله على‬
‫ما هو عوض له منه‪،‬فيسد عليه باب المحظور‪ ،‬ويفتح له باب‬
‫المباح ‪ ،‬وهذا ل يتأتى إّل من عالم ناصح مشفق قد تاجر الله‬
‫وعامله بعلمه ‪ ،‬فمثاله في العلماء مثال الطبيب الّناصح فللي‬
‫ما يضره ‪ ،‬ويصف له ما ينفعه ‪ ،‬فهللذا‬ ‫الطباء يحمي العليل ع ّ‬
‫شأن أطباء الديان والبدان ‪ ،‬وفي الصحيح عن النبي ل صّلى‬
‫ه قال‪):‬ما بعث الله من نبي إل ّ كان حّق لا ً‬ ‫الله عليه وسّلم ل أن ّ َ‬
‫مته على خير ما يعلمه لهم ‪ ،‬وينهاهم عن شللر‬ ‫لأ ّ‬‫عليه أن يد ّ‬
‫ما يعلمه لهم ( وهذا شأن خلق الرسل وورثتهم من بعدهم ‪،‬‬
‫دس الله روحه ل ل يتح لّرى ذلللك فللي فتللاويه‬ ‫ورأيت شيخنا ل ق ّ‬
‫مل فتاويه وجد ذلك ظاهرا ً فيهللا ( أعلم‬ ‫مهما أمكنه ‪ ،‬ومن تأ ّ‬
‫الموقعين )‪4/121‬ل ‪ (122‬و سأنقل كلما ً للشلليخ ابللن تيميللة‬
‫في ذات الموضوع الذي ملدحه بله تلميللذه ابللن القّيلم حيلث‬

‫‪306‬‬
‫ل بهللا‬‫قللال ابللن تيميللة‪):‬إذا أراد تعريللف الطريللق اّلللتي ي َُنللا ُ‬
‫الحلل ‪ ،‬والحتيال للتخلص من المأثم بطريق مشروع يقصد‬
‫سللف‬ ‫به ما شرع له ‪ ،‬فهذا هو الذي كانوا يفتللون بله لل أي ال ّ‬
‫دللة عليه ‪ ،‬كما قال‬ ‫الصالح ل‪ ،‬وهو من الدعاء إلى الخير‪ ،‬وال ّ‬
‫م ابتللع‬‫لل صلّلى اّلللله عليلله وسلّلم لل بللع الجمللع بالللدراهم‪ ،‬ثل ّ‬
‫بالللدراهم جنيبلًا( وكمللا قللال عبللد الرحمللن بللن عللوف لعمللر‬
‫ف علينا أفنزيد عليها ونأخللذ مللا هللو‬ ‫ن أوراقنا ُتزي ّ ُ‬‫طاب‪ ):‬إ ّ‬ ‫الخ ّ‬
‫م‬
‫أجود منها؟ قال‪ :‬ل ولكن ائت النقيع فاشللتر بهللا سلللعة ‪ ،‬ثل ّ‬
‫بعها بما شئت( بيان الدليل على بطلن التحليل ‪ /‬صل ‪.133‬‬
‫صلللة‬‫ومن المثلة على ذلك من هللدي المصللطفى لل عليله ال ّ‬
‫والسلم ل في أّنه إذا منع شيئا ً فتح لمن منعلله باب لا ً آخللر مللن‬
‫شللريعة‪ ،‬مللا رواه‬ ‫المر المشروع‪ ،‬والبديل المنضبط بمعيار ال ّ‬
‫أنس بن مالك ل رضي الله عنه ل قال‪ :‬قدم النبي ل صلى الله‬
‫عليلله وس لّلم ل ل ولهللل المدينللة يومللان يلعبللون فيهمللا فللي‬
‫الجاهلية ‪ ،‬فقال‪) :‬قدمت عليكم ولكم يومللان تلعبللون فيهمللا‬
‫في الجاهلية ‪ ،‬وقد أبدلكم الله بهما خيرا ً منهما ‪ :‬يوم النحللر‪،‬‬
‫ويوم الفطر( أخرجه أحمد في المسند)‪3/103‬ل ‪178‬للل ‪(235‬‬
‫وأبو داود)‪ (1134‬والّنسائي)‪ (3/179‬بسندٍ صحيح‪).‬واليومان‬
‫اّلذين يلعبون فيهما أهل الجاهليللة همللا ‪ /‬يللوم النيللروز ويللوم‬
‫المهرجان ‪ .‬وللمزيد انظللر‪ /‬عللون المعبللود)‪ (3/485‬للعظيللم‬
‫آبادي(‬
‫سلم ل في‬ ‫أرأيت ل أخي القارئ ل إلى هديه ل عليه الصلة وال ّ‬
‫ذلك‪ ،‬حيث أّنه ل يرضى بوقوع المنكر‪ ،‬ول أن يؤلف ‪ ،‬ولكّنلله‬
‫سلم ل يبّين خطللر الشلليء المحلّرم‪ ،‬ومللن‬ ‫ل عليه الصلة و ال ّ‬
‫م يبين البديل الشرعي عن ما حّرمه الله ‪ ،‬ومن هنللا فطللن‬ ‫ث ّ‬
‫علمللاء السلللم لتوضلليح هللذه القضللّية فللي مللدوناتهم ‪،‬‬
‫ورسائلهم ومنهم شيخ السلم ‪ /‬ابن تيمية ل طّيب الله ثراه ل‬
‫ن المبتلللى بللالمنكر أو البدعللة فللإّنه يتللوجب علللى‬ ‫فقد بّين بأ ّ‬
‫ناصحه أن يدعوه للقلع عن هذا المر المحّرم ولو كان فللي‬
‫ظاهره الخير‪ ،‬ومّثل لذلك ابن تيمية‪ ،‬بالبدعة فقال‪):‬إذا كانت‬

‫‪307‬‬
‫وض عنلله مللن الخيللر المشللروع‬ ‫فللي البدعللة مللن الخيللر فع ل ّ‬
‫بحسلللللب المكلللللان‪ ،‬إذ النفلللللوس ل تلللللترك شللللليئا ً إّل‬
‫بشلليء‪...‬فللالنفوس خلقللت لتعمللل ل لتللترك‪ ،‬وإّنمللا الللترك‬
‫مقصود لغيره( اقتضاء الصراط المستقيم)‪(2/125‬‬
‫ن البحث المضني من العالم أو المربي‬ ‫ومن هذا المنطلق فإ ّ‬
‫ذابللة تكللون‬ ‫مة السلم من برامللج ج ّ‬ ‫أو المفكر لما يخدم به أ ّ‬
‫بللديل ً عللن مللا هللو متللاح ويسللتطاع الوصللول إليلله بأسللرع‬
‫صللة فللي‬ ‫الوسائل‪ ،‬وأدنى السبل ؛ من الضللرورة بمكللان وخا ّ‬
‫دة‬‫هللذا العصللر الراهللن فأمتنللا تحتللاج لبللدائل كللثيرة فللي ع ل ّ‬
‫مضمارات ‪ ،‬وتحتاج للبدائل المفيللدة عللن القنللوات الفاسللدة‬
‫ب‬‫ث بل سللمين ‪ ،‬وتلهللي الن ّللاس عللن ديللن ر ّ‬ ‫التي تنشللر الغ ل ّ‬
‫العللالمين ‪ ،‬وإيقللاعهم بفتللن الشللبهات أو الشللهوات ‪ ،‬ومللا‬
‫البرامج الخيرة التي نشللرت فللي هللذه القنللوات الفضللائحية‬
‫كسللوبر سللتار‪ ،‬وسللتاركلوب ‪ ،‬وسللتار أكللاديمي ‪ ،‬وتحللدي‬
‫ن أهل العلمنللة والكفللر‬ ‫الخوف‪ ،‬وغيرها إّل شاهدا ً قوّيا على أ ّ‬
‫والفجور يريدون إلهاء المة وشبابها عللن قضللاياها الكللبرى ‪،‬‬
‫وشؤونها المصيرية ‪ ،‬بللل كللانت تعللرض بعللض هللذه البرامللج‬
‫العاهرة في الوقت الذي تضرب فيه بلد الرافدين )العللراق(‬
‫بالصلللواريخ ‪ ،‬وتقصلللف بالطلللائرات ‪ ،‬وتجتلللاح باللللدّبابات‬
‫والمجنللزرات ‪ ،‬وكللذلك فللي فلسللطين المباركللة فللي أزمللة‬
‫الحصللار المشللدد علللى مللدنها وقراهللا ‪ ،‬وعمليللات الغتيللال‬
‫الصهيوني لقادة الجهاد والصمود ‪ ،‬في الوقت الذي كان فيلله‬
‫كثير من شباب العالم السلمي قللد أطلللق بصللره ‪ ،‬وأرخللى‬
‫سمعه لما يعرض في هذه الفضائيات مللن مشللاهد مخزيللة ‪،‬‬
‫يستحيا والله من ذكرها‪.‬‬
‫ن شباب وفتيات المسلمين اليوم يعانون مللن أزمللة الفللراغ‬ ‫إ ّ‬
‫المدقع ‪ ،‬فليس لهم من العمال التي تشغلهم أيّ أثر ‪ ،‬ولللذا‬
‫مر عينيلله‬ ‫يحاول الكثير منهم أن يفّر إلى هذه الشاشللة ويس ل ّ‬
‫صوبها ‪ ،‬لعّّلهم يلبون بعض رغبات النفس وهواها ‪ ،‬وكمللا هللو‬

‫‪308‬‬
‫ن الفراغ للرجال غفلة ‪ ،‬وللنساء غلمةل أي تحريللك‬ ‫معلوم فإ ّ‬
‫للشهوة ل وصدق من قال‪:‬‬
‫لقد هاج الفراغ عليه شغل ً وأسباب البلء من الفراغ‬
‫داء ‪ ،‬وموطن الخلل ‪ ،‬فليت دعللاة‬ ‫وإذا كّنا قد علمنا مكمن ال ّ‬
‫الصللللح والتغييلللر أن يستشلللعروا المسلللؤولية الفرديلللة‬
‫والجماعيللة ‪ ،‬والتأهللل للنقللاذ وللمشللاريع الصلللحّية لهللذا‬
‫ل مللن أخللذ بيللده ‪ ،‬وبي ّللن للله طريللق‬ ‫الشباب التائه‪ ،‬الللذي قل ّ‬
‫الّنجاة ‪ ،‬والحلول المثمرة ‪ ،‬والبدائل النافعة واليجابّية‪.‬‬
‫في الوقت نفسه فنحن ل نريد حلول ً مسللتوردة مللن الغللرب‬
‫الكافر‪ ،‬ول بدائل غير شرعّية ‪ ،‬أو فيها تنازلت عن سّنة خيللر‬
‫البرية ‪ ،‬فمعاذ الله أن ينصح بذلك وقد قال المام ابن تيميللة‬
‫ل‪):‬لكللن ل‬ ‫ل رحمه الله ل شيئا ً من هذا القبيللل ث ل ّ‬
‫م أعقبلله قللائ ً‬
‫يجوز لحدٍ أن يغّير شلليئا ً مللن الشللريعة لجللل أحللد( اقتضللاء‬
‫الصراط المستقيم)‪(2/133‬‬
‫ن من أراد أن يحمل نفسه على تجّنب البدائل المباحة ‪،‬‬ ‫بيد أ ّ‬
‫واللتزام بللالوامر والن ّللواهي الشللرعية فللله ذلللك ‪ ،‬وصللاحب‬
‫العزمات يأخذ بالقوى ‪ ،‬وقد يكون في جللانبه أفضللل ‪ ،‬إّل أ ّ‬
‫ن‬
‫عليه أن ل يقارن نفسه بغيره من الناس ‪ ،‬ويفرض رأيه على‬
‫ضعفاء الدين ‪ ،‬وقليلي اليمان ‪ ،‬ومن المعلوم بللأّنه إذا أردت‬
‫أن تطاع فأمر بالمستطاع‪.‬‬
‫ولن يستطيع الداعية بقدر مللا أوتللي مللن فصللاحة وإقنللاع أن‬
‫صة أننلا‬ ‫يصنع ذلك المجتمع المثالي المتخيل في الذهن ‪ ،‬وخا ّ‬
‫ج فيلله الفوضللى‬ ‫نعيش في هذا العصللر المنفتللح ‪ ،‬والللذي تع ل ّ‬
‫ل منهللا تضللغط بطللرف‬ ‫الفكرية ‪ ،‬والمتنوعات الثقافي ّللة ‪ ،‬وكل ّ‬
‫على العقول والمزجة محاولة أن تقنعها بمثلها ومبادئها‪.‬‬
‫مة الدعاة إذا ً أن يأتوا البيت من بابه ‪ ،‬ويضعوا الحقّ في‬ ‫فمه ّ‬
‫ططللات‬ ‫نصللابه‪ ،‬ويرشللدوا أبنللاء هللذا الجيللل مللبّينين لهللم مخ ّ‬
‫الغرب‪ ،‬ووسائل المجرمين بالطاحة بهذا الجيللل عللن غايللاته‬
‫سامية‪.‬‬
‫الّنبيلة وأهدافه ال ّ‬

‫‪309‬‬
‫ب أن أذك ّللر بهللا نفسللي ومللن سلللك طريللق‬ ‫وثمللة نقللاط أحل ّ‬
‫الللدعوة ‪ ،‬وكللل قللارئ لهللذا المقللال ‪ ،‬يجللدر التنللبيه إليهللا ‪،‬‬
‫والتلويح بها‪/‬‬
‫‪1‬ل يجدر بدعاة السلم وأهللل التربيللة أن ل يخللاطبوا النللاس‬
‫من بللرج عللاج ‪ ،‬أو صللومعة فكريللة ‪ ،‬بللل ينزلللوا فللي ميللدان‬
‫ق‬
‫الناس ‪ ،‬وواقللع البشللرية ‪ ،‬ويتللداخلوا معهللم ‪ ،‬ويتللأملوه حل ّ‬
‫التأمل فما كان فيه من خير أثنوا عليه وأشادوا به ‪ ،‬وما كان‬
‫فيه من خطأ فلينبهوا الناس له‪ ،‬ويرسموا لهم طريق الصلح‬
‫‪ ،‬ويزنوا جميلع الملور بمعيلار الشلريعة ‪ ،‬ويعطلوهم البلدائل‬
‫المباحة بقدر المكان ‪ ،‬وإيجاد الحلول والمخارج الشللرعّية‪،‬ل‬
‫الحيل الباطلة البدعّية‪.‬‬
‫ما التشديد على الناس فللي أمللورهم فهللذا ل يليللق بللدعاة‬ ‫فأ ّ‬
‫ل أحد ‪ ،‬وقد قال المللام‬ ‫الحق والرشاد‪ ،‬بل هو أمر يحسنه ك ّ‬
‫سفيان الثوري ل رحمه الله ل)إّنما العلللم عنلدنا الرخصلة مللن‬
‫ل أحد( جامع بيلان العللم وفضلله‬ ‫ثقة فأما الّتشدد فيحسنه ك ّ‬
‫لبن عبد البر)‪ (1/784‬وقال المام أحمد بن حنبل‪):‬من أفتى‬
‫دد عليهللم(‬ ‫ليس ينبغللي أن يحمللل الن ّللاس علللى مللذهبه ويشل ّ‬
‫الداب الشرعية لبن مفللح)‪ (2/45‬ول يعنللي ذللك أن نكلون‬
‫مماثلين لدعاة العصللرنة والمسللايرة لهللذا العصللر‪ ،‬والللتراجع‬
‫تحللت ضللغط الواقللع ‪ ،‬وال ّللذين يتبنللون تتبللع رخللص العلمللاء‬
‫وزّلتهم ويبنون عليها أحكاما ً يقّننونها للناس حّتى يتعاملوا بها‬
‫خ للفللراط ‪،‬‬ ‫ن التفريللط أ ٌ‬ ‫ن هللذا غيللر هللذا ‪ ،‬ولشلل ّ‬
‫كأ ّ‬ ‫فللإ ّ‬
‫داعية وسطيا ً في فتللاويه وآرائه علللى‬ ‫فالمطلوب أن يكون ال ّ‬
‫وسطّية أهل السّنة والجماعة ورحم الله من قال‪:‬‬
‫عليك بأوساط المور فإّنها نجاةً ول تركب ذلول ً ول صعبا‬
‫ن العالم الذي جمع بين العلم والتربية لن يغفل عللن‬ ‫ولهذا فإ ّ‬
‫ق حّقه من الحكم‬ ‫ل ذي ح ٍ‬ ‫دراسة نفسّيات الّناس ‪ ،‬وإعطاء ك ّ‬
‫الملئم له‪ ،‬ورضي الله عن المام ابن تيمية حين عل ّللق علللى‬
‫ل لهو يلهو به‬ ‫حديث رسول الله ل صّلى الله عليه وسّلم ل ) ك ّ‬
‫الرجللل فهللو باطللل‪ ،‬إّل رميلله بقوسلله ‪ ،‬وتللأديبه فرسلله ‪،‬‬

‫‪310‬‬
‫ن من الحق( أخرجه ابن ماجه )‪(2/940‬‬ ‫وملعبته امرأته فإّنه ّ‬
‫والّنسائي ‪،‬أنظره مع شرح السيوطي)‪ (6/185‬بسند صحيح‪.‬‬
‫فقد عّلق ابن تيميللة علللى هللذا الحللديث تعليقلا ً نفيسلا ً مبينلا ً‬
‫ن كلمللة‬ ‫خلف ما يعتقده البعض من قللارئي هللذا الحللديث بللأ ّ‬
‫)الباطل( فيه يعني )المحّرم( فقال‪:‬‬
‫) والباطل من العمال هو ما ليس فيه منفعة‪ ،‬فهللذا يرخللص‬
‫للنفس اّلتي ل تصبر على ما ينفللع ‪ ،‬وهللذا الح لقّ فللي القللدر‬
‫اللذي يحتلاج إليله فلي الوقلات اّللتي تقتضلي ذللك‪ :‬العيللاد‬
‫والعراس وقدوم الغائب ونحو ذلللك( السللتقامة)‪ (1/277‬ل ل‬
‫وقد كلان فللي هللذا المللوطن يتكل ّللم عللن ضللرب الللدف وأن ّلله‬
‫ن الرجال لم يكن منهم أحد يفعللل ذلللك فللي‬ ‫للنساء فقط وأ ّ‬
‫عهده ل صّلى الله عليه وسّلم ل ولهذا ذكر ابن تيمية أثرا ً عللن‬
‫م نفسللي‬ ‫أبي الدرداء ل رضي الله عنه ل ل يقللول‪ :‬إن ّللي لسللتج ّ‬
‫شلليء مللن الباطللل‪،‬لسللتعين بلله علللى الحللق( مجمللوع‬ ‫بال ّ‬
‫الفتاوى)‪(28/368‬‬
‫داعيللة لنفسلليات المللدعوين‬ ‫ن معرفللة ال ّ‬ ‫ومللن هنللا نسللتنتج أ ّ‬
‫م المهمللات‬ ‫ل بحسبه‪ ،‬بأّنه من أه ّ‬ ‫وأهل المعصية ومراعاتها ك ٌ‬
‫ليتدرج معهم في إزالة ما لديهم من قصور ديني ‪ ،‬فهو خللبير‬
‫ن الخروج عن المألوفات من أشق الشياء على النفللوس ‪،‬‬ ‫بأ ّ‬
‫ولذا فإّنه يعطيهم من البدائل المباحة اّلتي تجعلهم يتناسللون‬
‫ما كانوا عليه‪ ،‬متدرجا ً بهم بهذه الطريقة إلى مرحلة القناعللة‬
‫ج به لذلك ‪ ،‬ما قاله‬ ‫والطمأنينة بما هم فيه‪،‬ومن أقوى ما يحت ّ‬
‫عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز لبيه يوما ً منكرا ً عليه عدم‬
‫ل بقايللا النحللراف والمظللالم والتعفيللة‬ ‫إسراعه في إزالللة ك ل ّ‬
‫على آثارها ورد المور إلى سنن الراشدين‪:‬‬
‫ن القللدور‬ ‫ت ل تنفذ المور؟ فوالله مللا أبللالي‪ ،‬لللو أ ّ‬ ‫مالك يا أب ِ‬
‫غلت بي وبك في الحق!!‬
‫وتأمل كيف كان جواب الب الفقيه عمللر بللن عبللد العزيللز ل ل‬
‫م الخمللر فللي‬ ‫ن الللله ذ ّ‬‫رضي الله عنه ل)ل تعجل يا بنللي ‪ ،‬فللإ ّ‬
‫القرآن مرتين وحّرمهلا فللي الثالثلة ‪ ،‬وإّنلي أخلاف أن أحملل‬

‫‪311‬‬
‫الّناس على الحقّ جملة فيدعوه جملة‪ ،‬فيكللون مللن ذا فتنللة(‬
‫الموافقات للشاطبي)‪(2/94‬‬
‫ب‬‫ن التدرج في الوصول إلى الحقّ بهذه التربيلة سلب ٌ‬ ‫ولهذا فإ ّ‬
‫أكيد لقناعة المدعوين ‪ ،‬وليأخذوا بهذه الحكام بتمام الرضى‬
‫والفهم العميق لمقاصد الشريعة السلمية‪ ،‬قال المللام ابللن‬
‫ن حكمة هذا التدريج ؛ التربيللة علللى قبللول الحكللام ‪،‬‬ ‫القّيم)إ ّ‬
‫والذعللان لهللا ‪ ،‬والنقيللاد لهللا شلليئا ً فشلليئًا( بللدائع الفللوائد)‬
‫‪(3/184‬‬
‫‪2‬ل التشللجيع للشللباب المخلصللين بإيجللاد البللدائل الشللرعية‪،‬‬
‫ذابللة لمللن ابتلللي‬ ‫وإنتللاج المشللاريع والبرامللج المعينللة والج ّ‬
‫م‬
‫ن مللن أه ل ّ‬ ‫بمتابعة الصور الهابطة ‪ ،‬والصوات المحّرمللة‪ ،‬وإ ّ‬
‫طمللوح‬‫ث روح البداع والتفكير‪،‬والبتكللار وال ّ‬ ‫المور في ذلك ب ّ‬
‫شلللريعة‬ ‫لصلللناعة البلللدائل وإيجادهلللا والموافقلللة للللروح ال ّ‬
‫والستفادة من المعطيللات الجديللدة‪ ،‬وتنميللة الحللس لهميللة‬
‫الطلع والقراءة ‪ ،‬وكسر جميع الحواجز اّلتي تحللول للتيللان‬
‫طامحينا‪.‬‬ ‫بالجديد‪ ،‬وبورك في الشباب ال ّ‬
‫وما قتل البعض من ّللا إّل الترديللد لتلللك المقولللتين القللائلتين ‪،‬‬
‫ليس بالمكان أحسن مما كان ‪ ،‬وما تللرك الولللون للخللرون‬
‫ل يللائس أو‬ ‫ما ً يلوكه ك ّ‬
‫ن هاتين المقولتين أصبحتا س ّ‬ ‫شيئا ً ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ضللحالة العلميللة والعقللم‬ ‫كسول أو رجل ألللف التقليللد‪ ،‬مللع ال ّ‬
‫الفكري ) وحين يكون هناك جللدب ثقللافي ‪ ،‬وضللحالة فكريللة‬
‫ن النسان ل يهتدي إلى كثير من البدائل ال ّللتي تتللاح لهللل‬ ‫فإ ّ‬
‫الّثراء الفكلري( ملن كتلاب ‪ /‬خطلوة نحلو التفكيلر القلويم لل‬
‫كارصل ل‬‫ثلثون ملمحا ً في أخطاء التفكير وعيوبه لعبد الكريم ب ّ‬
‫‪.59‬‬
‫كر جمال سلطان ل وفقه الله ل حيللن‬ ‫وقد أحسن الستاذ المف ّ‬
‫كتب) فإذا لم يكن لدى المللة ومشللروعها الحضللاري ‪ ،‬بللديل‬
‫جاد ومتفوق يمتلك الجاذبيللة الفّنيللة العاليللة ‪ ،‬ويتحللرك علللى‬
‫تقنيللات فّنيللة رفيعتللة المسللتوى ‪،‬أو إذا لللم يكللن بمقللدور‬
‫المشروع الحضاري أن يحقللق موازنللة جديللدة بيللن النشللاط‬

‫‪312‬‬
‫العلمللي‪ ،‬والنشللاط الللترفيهي‪ ،‬أو لللم يكللن بمقللدوره إعللادة‬
‫مللة للمللة ‪ ،‬بمللا يحقللق وعي لا ً جديللدا ً‬‫صللياغة المللدركات العا ّ‬
‫لمفهوم الوقت ‪ ،‬وتقسيمه وقيمته ودوره ‪ ،‬أو تباين ذلك كل ّلله‬
‫بين المللم ‪ ،‬حسللب متطّلباتهلا النسلانية ‪ ،‬وحسلب مناهجهللا‬
‫الفكرية العقائدية )اليديولوجية( وحسب مكانتها الحضللارية ‪،‬‬
‫وحسب تحدياتها التاريخية والمستقبلية ‪ ،‬أي أّنه ل بللوجه عللام‬
‫لل إذا لللم يكللن لللدى المشللروع الحضللاري خططلله وبرامجلله‬
‫للسيطرة على وقت الفللراغ فسلليكون ذلللك بمثابللة تأشلليرة‬
‫دخول مفتوحة للّتيارات الثقافية والقيمة والخلقية والجنبية‬
‫مة من خلل ثقب )وقللت الفللراغ((‬ ‫‪ ،‬لكي تنفذ إلى صميم ال ّ‬
‫مقدمات في سبيل مشروعنا الحضاري صل ‪62‬ل ‪.63‬‬
‫‪3‬ل عدم الدوران في فلك الذات ‪ ،‬وإغلق منافذ البصيرة في‬
‫ن هذه العولمة المعاصللرة أكثرهللا ش لٌر‬ ‫جة أ ّ‬
‫وجه أيّ جديد بح ّ‬
‫ل جديلد ونلوازنه بالشللرع‬ ‫وفساد ‪ ،‬بل ينبغي أن ننفتح على ك ّ‬
‫دة‬ ‫ي هل ‪ ،‬وما خالفه فإن استطعنا أن نبيللد مللا ّ‬ ‫فما وافقه فح ّ‬
‫الحرام منه فعلنا‪ ،‬وإن لم نستطع فلنضرب به عرض الحائط‬
‫ول نبالي‪ ،‬ورحم الله من قال‪:‬‬
‫والشرع ميزان المور كلها وشاهد لصلها وفرعها‬
‫ومن جميل كلم أبو حفص النيسابوري)مللن لللم يللزن أفعللاله‬
‫ل وقت بالكتاب والس لّنة ‪ ،‬ولللم يتهللم خللواطره فل‬ ‫وأقواله ك ّ‬
‫تعده في ديوان الرجال( الستقامة لبن تيمية ‪96/‬ل ‪.99‬‬
‫شاهد ذلك أّنه قبل أن نحكم على أي شيء فعلينا أن نعللرف‬
‫حقيقته وماهيته ‪ ،‬ثم ُيطلق الحكللم الشلرعي المناسلب لله ‪،‬‬
‫والقاعدة الصللولية تقللول ‪ /‬الحكللم علللى الشلليء فللرع عللن‬
‫تصوره‪.‬‬
‫‪4‬ل ل يعني أّنه إذا نودي بإيجللاد البللديل المنضللبط ‪ ،‬أن يكللون‬
‫ل‬‫هذا ديدن الدعاة ‪ ،‬بل ينبغي أن ينادي الدعاة بللأّنه ليللس كل ّ‬
‫ن هللذا‬ ‫شلليء حلّرم يسللتطاع أن يللؤتى ببللدائل تحللل عنلله‪ ،‬وأ ّ‬
‫البديل الذي استهلك العقل البشللري فللي التفكيللر ليجللاده ‪،‬‬
‫ذة والمتعلة عللن‬ ‫ل مظللاهر اللل ّ‬‫ليس شرطا ً أن يكللون فيله كل ّ‬

‫‪313‬‬
‫دة تصرف مللن‬ ‫الشيء المحّرم‪ ،‬إّل أّنه ينبغي أن تكون فيه ما ّ‬
‫ذابللة‬ ‫تعلقللت نفسلله بالماضللي ‪ ،‬وتكللون فيلله روح ش لّفافة ج ّ‬
‫ليتعلق بها‪.‬‬
‫لكلن ملن المهلم جلد ّا ً أن يللواكب هلذا التغييلر لتللك النفلس‬
‫البشرية التي نشأت من قريب علللى طاعللة الللله بللأن تربللى‬
‫هذه النفس على طاعة الله ‪ ،‬وأن يكون ديللدنها لوامللر الللله‬
‫ونواهيه بكلمة )سمعنا وأطعنا( و إذا كان البللديل ليللس علللى‬
‫مستوى درجة الجاذبية لمللا ألفتلله النفللس فللي الماضللي ‪ ،‬أو‬
‫في أيام الجاهلية فل يعني ذلك أن ترجللع النفللس لماضلليها ‪،‬‬
‫ن ذلك من تبديل نعمة الله على العبد والتنكر لها‪.‬‬ ‫ل ّ‬
‫بل يكون على لسان المسلم الثر المعروف ) من ترك شيئا ً‬
‫وضه الله خيللرا ً منلله( وهللذا التعللويض كمللا ذكللر علمللاء‬ ‫لله ع ّ‬
‫ما أن يكون في الحياة الدنيا‪ ،‬أو أن يكون ذلك في‬ ‫الشريعة إ ّ‬
‫دار الخرة وجّنة الرضوان‪.‬‬
‫‪5‬ل أن يتعدى الدعاة والمصلحون مرحلة المدافعة والتحللذير‪،‬‬
‫إلللى مرحلللة المواجهللة والتبشللير‪ ،‬ولقللد كللانت هللذه وص لّية‬
‫رسول الله ل صّلى الله عليه وسّلم ل لبعللض أصللحابه فقللال‪:‬‬
‫شروا ول تنفروا ‪ ،‬ويسروا ول تعسروا( أخرجه البخاري في‬ ‫)ب ّ‬
‫كتاب العلم)‪ ، (2001‬ومسلم في كتاب الجهاد)‪(251‬‬
‫فالعقلية السلمية تحتاج في هللذا الزمللن الصللعب أن تكللون‬
‫ما مجرد النقد اللذع‪ ،‬والبقاء علللى هللذا‬ ‫داعية خير وتبشير‪ ،‬أ ّ‬
‫المنهللج فلللن يوصللل المسلللمين إلللى مرحلللة س لّباقة ‪ ،‬بللل‬
‫يجعلهم ذلك يرجعون للوراء لنهم لم يعرفللوا كيللف يواجهللوا‬
‫ن‬ ‫هذا العصر بتقنياته‪ ،‬وما هي اللغللة المناسللبة للله ‪ ،‬ولللذا فللإ ّ‬
‫ن إيقاد شللمعة خيللر مللن لعللن الظلم ؛ مثللل‬ ‫المثل القائل بأ ّ‬
‫ن مجرد التشكي مللن أبنللاء‬ ‫رائع‪ ،‬يحتاجه دعاة هذا العصر‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن كثيرا ً من‬ ‫هذا الزمان وهذا الدهر لن يفيد شيئا ً ‪ ،‬والغريب أ ّ‬
‫الشباب الصالح قد صار ديدنه فللي بعللض اللقللاءات التحللدث‬
‫بمآسي هذا الجيل ‪ ،‬على حد ّ قول الشاعر‪:‬‬
‫ل من لقيت يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن‬ ‫ك ّ‬

‫‪314‬‬
‫ن القليللل مللن يحللاول أن ينقللي الواقللع الجتمللاعي الللذي‬ ‫لك ّ‬
‫يعيش فيه‪ ،‬ويبين الخلل والهتراءات التي حّلت في وسطه ‪،‬‬
‫محاول ً التغيير والصلللح بالحكمللة الحسللنة والكلمللة الطيبللة‪،‬‬
‫حتى يتم المقصود‪ ،‬وينال المراد‪.‬‬
‫إننا نحتاج حاجة ماسة لعادة النظر في الطرق التربوية التي‬
‫أ َل َِفَها بعض المربين أكثر من أربعة عقود من هذا الزمان ‪ ،‬أو‬
‫وسائل الدعوة التقليدية والتي كللانت منللذ عشللرات السللنين‬
‫وبقي الكثير على نمطها‪.‬‬
‫نحتاج لوسائل البلغ المبين ‪ ،‬ولجميع المنابر التي نتواجه بهللا‬
‫مع أبناء الجيل المسلم ‪ ،‬والستفادة من المعطيللات الحديثللة‬
‫التي تتناسب مع طبيعتنا الشللرعية ‪ ،‬ومثلنللا العقديللة ) ومللن‬
‫خلل معرفتنا بسنن الللله لل تعللالى لل والللتي تللبرز لنللا طبللائع‬
‫الشياء ‪ ،‬يرتقي لدينا ما أسميه بل)فقله الطلرق المسلدودة (‬
‫وهلو فقلله عظيلم ل نجلده فلي أي كتلاب ‪ ،‬وإّنملا فلي سللفر‬
‫الوجود الهائل والمللترامي ‪ ،‬حيللث إننللا مللن خلل الممارسللة‬
‫العملية نكتشف الهائل والمترامي‪ ،‬وما ل يمكن الوصول إليه‬
‫‪ ،‬وبذلك الكتشاف نقترب من معرفة ما هو متللاح ‪ ،‬كمللا أّننللا‬
‫نللوفر علللى أنفسللنا عنللاء )الحللرث فللي البحللر( حيللث ألللف‬
‫الكللثيرون من ّللا تبديللد الجهللد والللوقت والمللال فللي محللاولت‬
‫الوصول إلى أشياء ليس إلى الحصول عليها أي سبيل( جللزء‬
‫من كلم الدكتور‪:‬عبدالكريم بك ّللار فللي كتللابه تشللكيل عقليللة‬
‫إسلمية معاصرة صل ‪.78‬‬
‫ن الداعية لل باختصللار لل مللن ينفللع أمتلله ‪ ،‬ويللبين لهللا طللرق‬ ‫إ ّ‬
‫الخير‪ ،‬فهو كما قال الشاعر‪:‬‬
‫واضح المنهج يسعى دون غش أو نفاق‬
‫راضي النفس‪ ،‬كبير القلب‪ ،‬يدعو للوفاق‬
‫قلبه المؤمن بالخالق مشدود الوثاق‬
‫نبضه الذاكر يمتد إلى السبع الطباق‬
‫‪7‬ل وقبل الختام فهناك تنبيه‪/‬وهو في الحقيقللة أمللر وقللع فيلله‬
‫دعاة لللل هلللداهم اللللله لللل فلللي قضلللّية‬ ‫بعلللض الخلللوة الللل ّ‬

‫‪315‬‬
‫البللديل‪،‬فللالمراقب لبعللض البللدائل الللتي أتيللح نشللرها داخللل‬
‫الوساط السلمية يجد أّنها قد تجاوزت ل وللسف ل ل الحللدود‬
‫الشرعية‪ ،‬وصلار فيهللا مللن التنللازلت علن الشللريعة الشلليء‬
‫الذي ينذر بوقوع حالة مكارثية ممن لهم توجهللات إسلللمية ‪،‬‬
‫فأكثرهم لللم يدرسللوا هللذا الللدين علللى حقيقتلله ‪ ،‬وإن كللانوا‬
‫مللن)محللبي السلللم( ول شللك ‪ ،‬لكنهللم يتصللرفون بعللض‬
‫ن كللثيرا ً منهللم ينتللج إنتللاجه‬‫التصرفات المخلة بهذا الدين ‪ ،‬ل ّ‬
‫العلمي أو القتصادي أو التربوي ول يستشير إّل أمثاله مللن‬
‫قليلللي العلللم ‪ ،‬وضللحلي المعرفللة فللي الجللذور السلللمية ‪،‬‬
‫أضف على ذلك قّلة استشارتهم لهل العلم وفقهاء الشريعة‬
‫الربللانيين‪ ،‬فللي عللرض مثللل هللذه المنتجللات‪ ،‬وأخللذ آرائهللم‬
‫تجاهها‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫‪1‬ل ما يسمى بفيديو كليب فقد شاهد البعض من طلبة العلللم‬
‫مثل هذه البرامج ‪ ،‬وما يعرض فيها من الناشيد وما يصاحبها‬
‫من تكسر وتميع ‪ ،‬وحركات ل تمت إلى الرجولة بصلللة ‪ ،‬بللل‬
‫فيها من مشلابهة بعلض الفسلقة مللن المغنيللن فللي حركللات‬
‫الرجل وضرباتها الخفيفة على الرض ‪ ،‬أو حركات اليد والتي‬
‫تدغدغ مشاعر الرجال فضل ً عن الفتيللات ) المراهقللات( ث ل ّ‬
‫م‬
‫مى هذا العمل إنتاجا ً إعلميا ً )إسلميًا(‪.‬‬ ‫يس ّ‬
‫ط أن يكون منضللبطا ً بميللزان‬ ‫فهل هذا من البديل الذي اشت ُرِ َ‬
‫الشريعة ‪ ،‬ومأمونا ً لجميع شرائح المجتمع؟!‬
‫‪2‬ل ما صار يصللاحب بعللض أشللرطة الناشلليد السلللمية مللن‬
‫ضرب بالدف ويرافقه أصوات الصلصل والمزاهر والخلخيل‬
‫‪ ،‬دع عنللك أن يرافللق بعضللها الضللرب بالطبللل ‪ ،‬والجهللاز‬
‫جل‬‫المسمى بجهاز)السلامبر(‪ ،‬وأجهلزة الكملبيوتر واللتي سل ّ‬
‫ل ذلللك‬‫في بعضها بعض النغمات مللن الكمنجللة ‪ ،‬والبيللانو‪ ،‬كل ّ‬
‫ن هذا من البديل ]السلمي[ وأن ّلله إذا لللم نضللع مثللل‬ ‫بحجة أ ّ‬
‫ن السللامعين للناشلليد‬ ‫هللذه الملحقللات مللع الناشلليد فللإ ّ‬
‫ن أفضل وسيلة لجذبهم‬ ‫السلمية سيكون تعدادهم قلي ً‬
‫ل!! وأ ّ‬
‫ن السلمي البديع!!‬ ‫هي هذه الطريقة ولجل الرتقاء بالف ّ‬

‫‪316‬‬
‫ن‬
‫جة الباطلة قد يطللول ولكّننللا نقللول‪ :‬إ ّ‬ ‫والجابة عن هذه الح ّ‬
‫دم للناس بديل ً مشروعا ً فعليه بأن يتقي الله ل‬ ‫من أراد أن يق ّ‬
‫سبحانه وتعالى ل ويرضيه قبل إرضاء إيّ طرف مللن النللاس‪،‬‬
‫وليتذكر المرء حديث رسول الله ل صّلى الله عليلله وس لّلم ل ل‬
‫) من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ‪ ،‬ومللن‬
‫أسخط الّناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس( أخرجلله ابللن‬
‫حّبان بسند جيد ل انظر‪:‬السلسلة الصحيحة )‪(2311‬‬
‫ن هؤلء القوم المنتسبون للدعوة ويصاحبون فللي‬ ‫والحقيقة أ ّ‬
‫أعمالهم ما حّرم الله بحجة اجتماع الناس عليهم وللمصلللحة‬
‫ب‬‫العقلية الموهومة فإّنهم وكما قيل في المثل‪ :‬يريد أن يطلل ّ‬
‫زكاما ً فيحدث جذاما ً ‪ ،‬فل هللم للبللديل نصللروا ‪ ،‬ول للمعصللية‬
‫كسروا ل نسأل الله لنا ولهم الهداية ل‪.‬‬
‫ن العللالم السلللمي اليللوم ‪ ،‬يحتللاج لمصللارف‬ ‫كأ ّ‬‫‪3‬للل ل شلل ّ‬
‫إسلمية ‪ ،‬وبنللوك تتعامللل مللع الطبقللات البشللرية بالشللريعة‬
‫السلمية‪ ،‬ونحن نحمد الله ل تعالى ل ل أن صللار لهللذه البنللوك‬
‫وجودا ً ولللو كللان بطيئا ً فللي شللوارع بعللض الللدول السلللمية‬
‫دم لهم البذل‬ ‫جار‪ ،‬وتعين المساكين وتق ّ‬ ‫والتي تلبي رغبات الت ّ‬
‫والمعونة ‪ ،‬وتقرضهم القروض التي ل تجر نفعا ً ‪ ،‬وتتعامل مع‬
‫مللن يريللد تنميللة مللاله بالمعللاملت المشللروعة كالمضللاربة‬
‫والمشاركة والمساهمات التجارية‪.‬‬
‫ن هناك ل ل وللسللف ل ل بنوك لا ً أرادت أن تسللوق بضللاعتها‬ ‫بيد أ ّ‬
‫بزيللادة )السلللمي( علللى كلمللة ) البنللك( للتغريللر بعللوام‬
‫المسلمين ‪ ،‬وعقول البسطاء والمسللاكين ‪ ،‬ليتعللاملوا معهللم‬
‫ويشتركوا في معاملتهم المالية وأكثرها ل عياذا ً بللالله ل ل مللن‬
‫م معظم معاملتها المصللرفية‬ ‫أبواب الحيل الباطلة ‪ ،‬والتي يت ّ‬
‫بالتحايللل عللللى أبللواب الشلللريعة‪ ،‬جلللاعلين زّلت العلمللاء‬
‫المتقللدمين ‪ ،‬ورخللص المعاصللرين المتسللاهلين ديللدنهم فللي‬
‫الترويج لللتحاق بهم والتعامل معهم‪.‬‬
‫فيا سبحان الله !! وهل أصللبحت البللدائل المسللماة إسلللمية‬
‫بهذا الشكل المرعللب ‪ ،‬وأصللبح البعللض الللذي ليللس للله مللن‬

‫‪317‬‬
‫الثقافة السلمية رصيدا ً ولو يسلليرًا‪ ،‬يسل ّ‬
‫وق لمللا يريللد فعللله‬
‫ويضيف عليه كلمة )إسلمية( أو)إسلمي(أو على ) الشللريعة‬
‫السلللمية( علللى طرفللة السللمك المللذبوح علللى الطريقللة‬
‫السلمية! وإذا كان البعض هكذا؛ فليحذروا من عقوبللة تح ل ّ‬
‫ل‬
‫بهم من الله ل عّز وجل ل ونقمة شللديدة يللوم القيامللة إن لللم‬
‫يتوبوا ويتداركوا أمرهم‪.‬‬
‫‪4‬ل ومن ذلك بعللض فتللاوى المنتسللبين للعلللم والللدعوة بللأّنه‬
‫يجوز للمرأة أن تشترك مع الرجل في التمثيل على شاشات‬
‫الرائي)التلفاز( بحجة أن الرسول ل صّلى الله عليه وسللّلم للل‬
‫ن المللرأة نصللف المجتمللع‬ ‫قال) النساء شقائق الرجللال( ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ولهللا دورهللا فيلله ‪ ،‬فل بللأس عليهللا أن تشللارك فللي التمثيللل‬
‫بشرط أن يكون )إسلميًا(‪.‬‬
‫ن هذا يفتح بابا ً كبيرا ً لهل العلمنللة والفسللق فللي‬ ‫والحقيقة أ ّ‬
‫محاولة التللدرج بمللن أردن التمثيللل مللن النسللاء المنتسللبات‬
‫للخير والدعوة في مهاوٍ تللوقعهم فللي الللردى‪ ،‬وفللي أصللعب‬
‫الظللروف ‪ ،‬وأحلللك المواقللف ‪ ،‬هللذا عللدا أكللثر مللن عشللرة‬
‫مخالفات شرعية في هذا الباب‪.‬‬
‫مى بللالفلم المدبلجللة ‪ ،‬والللتي أنتجتهللا‬ ‫‪5‬ل ومن ذلك مللا يس ل ّ‬
‫بعض الشللركات العلميللة الكللافرة‪،‬أو الشللركات الفاسللقة ‪،‬‬
‫فمللا كللان مللن البعللض إّل وأن حللذف منهللا أصللوات الغللاني‬
‫ن تسمية هذه الفلم بأفلم إسلمية هللو‬ ‫نأ ّ‬‫والموسيقي‪ ،‬وظ ّ َّ‬
‫ن البعض من هذه الشللرطة فيهللا مللن‬ ‫الهدف الرئيس ‪ ،‬مع أ ّ‬
‫دامة ما يقشعّر له البدن ‪ ،‬ويهتز‬ ‫التلوثات العقدية‪ ،‬والراء اله ّ‬
‫له الفؤاد‪ ،‬من بعض اللفاظ الشللركية ‪ ،‬والعللادات المخالفللة‬
‫للقيم السلمية ‪ ،‬كالشرب بالشمال‪ ،‬والنللوم علللى البطللن ‪،‬‬
‫وعدم تشميت العاطس‪ ،‬والسخرية بمن ابتلي بسمنة أو داٍء‬
‫في جسده ‪ ،‬ومظاهر الختلط بين الرجال والنساء‪ ،‬وعللرض‬
‫بعض صللور النسللاء كاشللفات لشلليء مللن شللعورهن وإبللراز‬
‫بعض مفاتن جسدهن ‪ ،‬ومع ذلك تبقى أشرطة إسلمية !!‬

‫‪318‬‬
‫فللأين المراقبللة العلميللة المتخصصللة ‪ ،‬وأيللن المراجعللة‬
‫والتدقيق الشرعي على مثل هذه الشرطة المد بلجة؟‬
‫بللل ظهللرت بعللض الفلم السلللمية !! يقمللن فيهللا فتيللات‬
‫ن العاشللرة‬ ‫ن البلللوغ فللي السلل ّ‬ ‫جميلت قللد قللارب أكللثره ّ‬
‫والحادية عشرة ‪ ،‬يقمن بالنشاد السلمي‪ ،‬مع بعض حركات‬
‫الرقص المرافقة ليقاع الدف ‪ ،‬ويكون بللالطبع معهللن بعللض‬
‫دم‬ ‫الحداث الفتيان ينشللدون جميعلا ً عنللد بحللر‪ ،‬أو تل ّ‬
‫ل ‪ ،‬وتق ل ّ‬
‫إحدى الفتيات وردة حمراء لحد الحداث الذكور وهي تبتسم‬
‫ابتسامة ساحرة!!‬
‫دثني بذلك ل والله ل جمللع مللن الشللباب الللذين كللانوا علللى‬ ‫ح ّ‬
‫ن الله عليهم بهدايته ل سبحانه لل فللأقلعوا‬ ‫مم ّ‬ ‫طريق الغواية ث ّ‬
‫ما حّرم الله ‪ ،‬وقالوا لي جميعا ً اشترينا هذه الشللرطة مللن‬ ‫ع ّ‬
‫التسجيلت السلمية! ورأينللا أناسللا يشللترونها! وكن ّللا نتنللاوب‬
‫عللللى مشلللاهدة هلللذه الفلم! لملللا فيهلللا ملللن الصلللور‬
‫)السلمية(!!!‬
‫بل قرأت لحد هؤلء المنتسبين للسلم مقال ً كتبه في إحدى‬
‫الجرائد يطالب فيه بديسكو إسلللمي! ومللا أدري والللله مللاذا‬
‫زّور أمثللللال هللللؤلء فللللي صللللدورهم بعللللد ذلللللك مللللن‬
‫البرامج)الستسلمية للواقع(‪.‬‬
‫وصدق من قال في هذا الزمن‪:‬‬
‫ل العجائب وأصبحت الذناب فوق الذوائب‬ ‫زمان رأينا فيه ك ّ‬
‫والن‪...‬أساءل أصحاب هذه البدائل الظالمة‪...‬أسائلهم بللالله‬
‫العلي العظيم أذلك كّله من باب البديل السلمي المنضبط ‪،‬‬
‫ن هذا لشيء عجاب(‬ ‫عن أشرطة الفسق والمعصية؟ )إ ّ‬
‫ده ‪ ،‬وخرج عن أصله ‪ ،‬وبلغ السيل الزبى ‪،‬‬ ‫لقد تعدى المر ح ّ‬
‫والله المستعان‪..‬‬
‫فليتدارك أمثال هلؤلء القلوم منهجهلم ‪ ،‬وليصللحوا أمرهلم ‪،‬‬
‫وليتوبوا إلى ربهم ‪ ،‬ويعللودوا إلللى بللارئهم ‪ ،‬ول يكونللوا سللببا ً‬
‫لفساد الشباب ‪ ،‬وهم يظنون أنهم مصلحون‪.‬‬

‫‪319‬‬
‫ن بالضللوابط الشللرعية‪،‬‬ ‫ونبقللى نقللول نعللم للبللديل ولكلل ْ‬
‫واللتزامات العقديللة ‪ ،‬وتحللت استشللارة أهللل الشللريعة‪ ،‬ول‬
‫ط علن الصلواب ‪ ،‬وانخلرط فلي‬ ‫للبديل المتسيب ‪ ،‬والذي ش ّ‬
‫ن هللذا ليللس للله‬ ‫م فللي الشللبهات‪ ,‬فللإ ّ‬ ‫حل َ‬ ‫دوائر النفلت ‪ ،‬وأ ُقْ ِ‬
‫مكللان فللي قلللوب أهللل اليمللان‪ ،‬ويبقللى الح لقّ عليلله دلئل‬
‫الشعاع الرب ّللاني ‪ ،‬والباطللل عليلله دلئل التحايللل العصللياني‪.‬‬
‫ما ما ينفع النللاس فيمكللث فللي‬ ‫ما الّزبد فيذهب جفاًء ‪،‬وأ ّ‬ ‫) فأ ّ‬
‫الرض كذلك يضرب الّله المثال(ومن الله الحول والطللول ‪،‬‬
‫وهو حسبنا ونعم الوكيل‪.‬وصّلى الله على نبينللا محمللد وعلللى‬
‫آله وصحبه وسّلم أجمعين ‪.‬والحمد لله رب العالمين‪..‬‬
‫كتبه‬
‫خباب بن مروان الحمد‬
‫==============‬
‫‪ #‬فتن ووهن وغثائية وذل حتى ترجعوا إلى دينكم‬
‫حاتم الفرائضي‬
‫مقدمة‬
‫]][[ إن الحمد لله‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعللوذ بللالله‬
‫من شرور أنفسنا‪،‬ومللن سلليئات أعمالنللا‪ ،‬مللن يهللده الللله فل‬
‫مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشللهد أن ل إللله إل الللله‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن إ ِل ّ وَأن ُْتلل ْ‬‫مللوت ُ ّ‬ ‫حقّ ت َُقات ِهِ َول ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫] َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن[‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫ح لد َ ٍ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ن ن َْفل ٍ‬ ‫مل ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خل ََقك ُل ْ‬‫ذي َ‬ ‫م ال ّل ِ‬ ‫س ات ُّقوا َرب ّك ُل ْ‬ ‫] َيا أي َّها الّنا ُ‬
‫سللاًء َوات ُّقللوا الّلل َ‬
‫ه‬ ‫جال ً ك َِثيرا ً وَن ِ َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬
‫ث ِ‬ ‫جَها وَب َ ّ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫وَ َ‬
‫م َرِقيبا ً [‬ ‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫ن ب ِهِ َوال َْر َ‬ ‫ساَءُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫ص لل ِ ْ‬‫ديدا ً للللل ي ُ ْ‬ ‫سل ِ‬ ‫ه وَُقوُلوا قَوْل ً َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫] َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ل َك ُ َ‬
‫ه فََقد ْ‬ ‫سول َ ُ‬‫ه وََر ُ‬ ‫ن ي ُط ِعْ الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫م وَي َغِْفْر ل َك ُ ْ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ْ‬
‫ً‬
‫ظيما [‬ ‫وزا عَ ِ‬ ‫ً‬ ‫َفاَز فَ ْ‬

‫‪320‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فللإن خيللر الحللديث كتللاب الللله‪ ،‬وخيللر الهللدي هللدي‬
‫محمد صلى الله عليه ‪ ،‬وشر المور محللدثاتها‪ ،‬وكللل محدثللة‬
‫بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضللة‪ ،‬وكل ضللة في النار‪.‬‬
‫أما بعد ‪.‬‬
‫ة( وهللي‬ ‫فإن الكلمات السللابقات تسللمى ب ) خطب لةِ الحاج ل ِ‬
‫ت كان يخطب بها رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‬ ‫كلما ٌ‬
‫لهمية معانيها واليللات هللي )آل عمللران‪ ،(102:‬النسللاء ‪، 1‬‬
‫الحزاب ‪71-70‬‬
‫أما عن هذه السلسلة ))) ]فتن ووهن وغثائية وذل[ من أيللن‬
‫نبدأ ؟!؟!؟! (((‬
‫فإني أحسب أن كل داعية مخلص لللله حريللص علللى متابعللة‬
‫سللنة رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم يتخللوف مللن أن‬
‫ينحرف به طريقه أو طريق من يأخللذون عنلله ‪ ،‬فَت ََفلّرقَ بهُل ْ‬
‫م‬
‫ل الله !!‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن َ‬ ‫عَ ْ‬
‫سلت َِقيما ً َفلات ّب ُِعوهُ َول‬ ‫هل َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫صلَرا ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫قلال اللله تعلالى ] وَأ ّ‬
‫م‬‫م ب ِلهِ ل َعَل ّك ُل ْ‬ ‫صاك ُ ْ‬ ‫م وَ ّ‬ ‫سِبيل ِهِ ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ل فَت ََفّرقَ ب ِك ُ ْ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ت َت ّب ُِعوا ال ّ‬
‫ن [ ] النعام‪[153:‬‬ ‫ت َت ُّقو َ‬
‫وما من شك أن هللذه الطائفللة اليقظللة مللن الللدعاة تتخللوف‬
‫كثيرا من أن يضل سعيها أو أن تتيه وسط العواصللف العاتيللة‬
‫التي تعصف بأهللل السلللم تريللد اقتلع العلللم واليمللان مللن‬
‫قلللوبهم بنشللر فتللن الشللهوات وزخللرف الشللبهات والبللدع‬
‫والمعتقللدات المنحرفللة بينهللم أو تحللاول جاهللدة أل يصللل‬
‫المسلمون إلى ما يأملونه من انتشار السلم وعز أهله‬
‫مُلللوا‬ ‫م وَعَ ِ‬ ‫كلل ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫مُنللوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه اّللل ِ‬ ‫عللد َ الّللل ُ‬ ‫قللال الللله تعللالى ] وَ َ‬
‫ف ال ّل ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫َْ‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫س لت َ ْ‬
‫ما ا ْ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫م ِفي الْر ِ‬ ‫خل َِفن ّهُ ْ‬‫ست َ ْ‬‫ت ل َي َ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫ال ّ‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬‫م ِ‬ ‫م وَل َي ُب َلد ّل َن ّهُ ْ‬ ‫ضللى ل َهُ ل ْ‬ ‫ذي اْرت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫م ِدين َهُ ُ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫مك ّن َ ّ‬ ‫م وَل َي ُ َ‬ ‫قَب ْل ِهِ ْ‬
‫شْيئا ً [ سورة النللور‬ ‫خوفه َ‬
‫ن ِبي َ‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫دون َِني ل ي ُ ْ‬ ‫منا ً ي َعْب ُ ُ‬‫مأ ْ‬ ‫ب َعْدِ َ ْ ِ ِ ْ‬
‫‪55‬‬
‫فحتى ل تتيه مراكب الدعاة أو يضل سعيهم و يكونوا من‬

‫‪321‬‬
‫]] الذين ضل سعيهم في الحياة الللدنيا وهللم يحسللبون أنهللم‬
‫يحسنون صنعا [[‬
‫كتبت هذه السطور وأنا أبرأ من حللولي وقللوتي وأعللوذ بللالله‬
‫من شرور نفسي وسيئات أعمالي لكن ‪ ،‬لبد مما ليللس منلله‬
‫بد ‪ ،‬فإنه ل يختلف اثنان من الدعاة إلى الله على بصلليرة أن‬
‫سللائَر المللم وأمَتنللا خاصللة تمللر بتحللديات كللبيرة فللي هللذه‬
‫الزمان‬
‫]][[ أما )) الفتن (( فإن أبناء المة ُيغللزون بسلليل مللن فتللن‬
‫الشهوات وأخطر منه سيل من زخرف الشبهات‬
‫قال رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم محللذرا ‪)) :‬بللادروا‬
‫بالعمللال فتنللا كقطللع الليللل المظلللم يصللبح الرجللل مؤمنللا‬
‫ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يلبيع دينله بعلرض‬
‫من الدنيا (( عن أبي هريرة عند مسلم )‪.(2/300‬‬
‫وروى المام البخاري عن أبي سللعيد الخللدري ل ل رضللي الللله‬
‫عنه ل قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪)) :‬يوشك‬
‫أن يكللون خيللر مللال المسلللم غنللم يتبللع بهللا شللعف الجبللال‬
‫طر يفر بدينه من الفتن((‪.‬‬ ‫ومواقع الَق ْ‬
‫و" شعف الجبال " هي رؤوس الجبال‬
‫س الجبل [‬ ‫قال في معجم مقاييس اللغة ‪] :‬ال ّ‬
‫شَعفة ‪ :‬رأ ُ‬
‫بل كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ن على الناس زمان ل يدري القاتل‬ ‫] و الذي نفسي بيده ليأتي ّ‬
‫في أي شيء قََتل و ل يدري المقتللول فللي أي شلليء قُت ِللل [‬
‫رواه مسلم‬
‫وروى مسلم برقم )‪ (2887‬عن أبي بكرة ل رضي الله عنه ل‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫))إنها ستكون فتن أل ثم تكللون فتنللة القاعللد فيهللا خيللر مللن‬
‫الماشي فيها والماشي فيها خير مللن السللاعي إليهللا أل فللإذا‬
‫نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بللإبله ‪ ،‬ومللن كللانت‬
‫له غنم فليلحق بغنمه ‪ ،‬ومن كانت له أرض فليلحللق بأرضلله‪،‬‬

‫‪322‬‬
‫قال‪ :‬فقال رجل يا رسول الله ‪ :‬أرأيت من لللم يكللن للله إبللل‬
‫ول غنم ول أرض ؟‬
‫قال ‪ :‬يعمد إلى سيفه فيللدق علللى حللده بحجللر ثللم لينللج إن‬
‫استطاع النجاء ‪ ،‬اللهم هل بلغلت؟ اللهلم هلل بلغلت؟ اللهلم‬
‫هل بلغت؟‬
‫فقال رجل يا رسول الله ‪ :‬أرأيت إن أكرهت حتى ُينط َل َقُ بي‬
‫إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين ‪ ،‬فضللربني رجللل بسلليفه ‪،‬‬
‫أو يجيء سهم فيقتلني؟‬
‫قال‪ :‬يبوء بإثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار(( ‪.‬‬
‫‪ #‬وأما بداية الفتن فهي مخالفة شرع الله‬
‫قال الله ‪] :‬فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة‬
‫أو يصيبهم عذاب أليم []النور[‪.‬‬
‫فإذا غفل المرء عن شرع الله وذكره صار أمره فرطا ً ‪ ،‬مللن‬
‫سيء إلى أسوأ‬
‫]][[ أما )) الوهن والغثائية (( فهمللا مرضللان خطيللران وهمللا‬
‫مّرتان لضعف العلم واليمان ‪.‬‬ ‫ثمرتان ُ‬
‫فل يخفى أن كثيرا ً من أبناء المة صاروا "غثاء كغثللاء السلليل‬
‫" كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ومللا أظللن أنللي بحاجللة إلللى إثبللات وجللود أوانتشللار ظللاهرة‬
‫الغثائية ‪!!.‬‬
‫ولقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها‬
‫ة مللن الللدعاة مللن ينبلله المللة إلللى هللذه الحللاديث‬‫ولكن قِل ّل ٌ‬
‫النبوية الصحيحة‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫]] يوشللك الملم أن تلداعى عليكلم كملا تللداعى الكللة إلللى‬
‫قصعتها‪.‬‬
‫فقال قائل ‪ :‬ومن قلة نحن يومئذ؟‬
‫قللال ‪ :‬بللل أنتللم يللومئذ كللثير‪ ،‬ولكنكللم غثللاء كغثللاء السلليل‪،‬‬
‫ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم‪!! ،‬‬
‫وليقذفن الله في قلوبكم الوهن‪!! .‬‬

‫‪323‬‬
‫فقال قائل ‪ :‬يا رسول الله!وما الوهن؟‬
‫قال ‪ :‬حب الدنيا وكراهية الموت [ !!‬
‫صحيح طالع صحيح أبي داود ‪3610‬‬
‫وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫]] يوشك أن تداعى عليكم المم من كللل أفللق‪ ،‬كمللا تللداعى‬
‫الكلة إلى قصعتها‪ ،‬قيل ‪ :‬يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟‬
‫قال ل‪ ،‬ولكنكم غثاء كغثاء السيل‪ ،‬يجعل الوهن في قلللوبكم‪،‬‬
‫وينزع الرعب من قلللوب عللدوكم؛ لحبكللم الللدنيا وكراهيتكللم‬
‫الموت [ !! صحيح الجامع ‪8183‬‬
‫ل على ابتلء المسلمين به‬ ‫]][[ أما )) الذل (( فل أ َد َ ّ‬
‫من تمكن ألف ألف يهودي من استلب أرض فلسللطين مللن‬
‫مليار مسلم‬
‫وقبللل ذلللك وبعللده اعتللداء النصللارى والمشللركين علللى بلد‬
‫أخرى والعالم كله يتفرج على ذبح المسلمين والعتداء علللى‬
‫نسائهم وحرماتهم ‪.‬‬
‫ووسللائل إعلمهللم تتغنللى بأناشلليد الحريللة والديموقراطيللة‬
‫يسمون الشياء بغير أسماءها ‪.‬‬
‫فإن سألتني عن علج الذل فإن رسول الله صلى الللله عليلله‬
‫وسلم قد بينه ووضحه لهل السنة حقا ً !!‬
‫عن ابن عمر‪ -‬رضي الله عنهما‪ -‬قال ‪ :‬سللمعت رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلللم يقللول ‪ ] :‬إذا تبللايعتم بالعِي ْن َلةِ وأخللذتم‬
‫أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكللم‬
‫ذ ُل ّ ‪ ،‬ل َينزعه شيٌء حتى ترجعوا إلى دينكم [‬
‫رواه أحمد وأبو داود وصححه ابللن القطللان ‪ ،‬وقللال الحللافظ‬
‫في البلوغ رجاله ثقات ‪.‬‬
‫والحديث روي من أكثر من طريق قال الشيخ سليم الهللللي‬
‫حفظه الله ‪:‬‬
‫ود إسللناده شلليخ السلللم ‪-‬رحملله الللله‪ -‬كمللا فللي‬ ‫]] وقللد جل ّ‬
‫»مجموع الفتاوى« )‪ (30 /29‬ووافقلله شلليخنا ‪-‬رحملله الللله‪-‬‬
‫فللي »الصللحيحة« )‪ ،(1/43/11‬وصللححه ابللن القطللان فللي‬

‫‪324‬‬
‫»بيان الوهم واليهللام« )‪ ،(2484 / 296- 5/295‬والشلليخ‬
‫أحمد شاكر ‪-‬رحمه الله‪ -‬في »شرح المسند« )‪7/27/4825‬‬
‫( [[‬
‫فأول أسباب الذل استحلل الربا تحت ستار بيع العينة ‪،‬‬
‫فتأمل تحايل الناس اليللوم علللى الربللا بللتزيين مللن الللرؤوس‬
‫الجهال الذين ل يملكون من العلم إل حرف الللدال ومللا عللدا‬
‫ذلك فهو ل يعدو زخرف القول وسفسطة الفكر ‪.‬‬
‫وثاني أسباب الذل ترك أسباب عزة المسلمين والتخلي عن‬
‫صناعة القوة التي ترهب العدو يكون ذلك عند التعلق بالللدنيا‬
‫والفرح والرضا بحصول ملذاتها كمطعم المرء ومسكنه وقللد‬
‫عّبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلللم بقللوله ))وأخللذتم‬
‫أذناب البقر ورضيتم بالزرع ((‬
‫ن‬‫مل ْ‬ ‫ن قُ لوّةٍ وَ ِ‬‫مل ْ‬‫م ِ‬‫س لت َط َعْت ُ ْ‬ ‫مللا ا ْ‬‫م َ‬ ‫دوا ل َهُ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫قال الله تعالى ‪] :‬وَأ َ ِ‬
‫م‬‫دون ِهِ ْ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ري َ‬‫خ ِ‬‫م َوآ َ‬ ‫ن ب ِهِ عَد ُوّ الل ّهِ وَعَد ُوّك ُ ْ‬ ‫ل ت ُْرهُِبو َ‬ ‫خي ْ ِ‬‫ط ال ْ َ‬ ‫رَِبا ِ‬
‫ل الّلل ِ‬
‫ه‬ ‫سِبي ِ‬‫يٍء ِفي َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫فُقوا ِ‬ ‫ما ُتن ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫مون َهُ ْ‬ ‫ل ت َعْل َ ُ‬
‫َ‬
‫ن [ سورة النفال )‪(60‬‬ ‫مو َ‬ ‫م ل ت ُظ ْل َ ُ‬ ‫م وَأن ْت ُ ْ‬‫ف إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ي ُوَ ّ‬
‫وثالث أسباب الذل هو ترك الجهاد !!‪،‬‬
‫وليس الجهاد كما يتصلور البعلض قتلال ولة أملر المسللمين‬
‫المصلين الموحدين ‪ ،‬ول قتل البرياء من المسلللمين ‪ ،‬ل ول‬
‫قتل اليهللود أو النصللارى غيللر المحللاربين ‪ ،‬كالللذين أعطللاهم‬
‫إمام المسلمين العهد أو المان ‪.‬‬
‫كل ذلك ليس من الجهاد !! ‪ ،‬فل يقللوم الجهللاد علللى فتللاوى‬
‫الجهال ول على ترأس المتعالمين وليس من الجهاد العمال‬
‫الفردية التي ُيعصى بها إمام المسلمين لن من مقتضى بيعة‬
‫المام أن ل يعصللى وأن يطللاع وكللل ذلللك فللي غيللر معصللية‬
‫الله ‪.‬‬
‫إن جهاد المسلمين ‪:‬‬
‫حماية للمسلمين وأرضهم ودينهم ودعوتهم لتكون كلمة اللله‬
‫ة أشد ّ من القتل وذلك عند من عظمللت‬ ‫هي العليا ‪ ،‬لن الفتن َ‬

‫‪325‬‬
‫الخرة في قلللوبهم بخلف مللن عظمللت الللدنيا فللي قلللوبهم‬
‫فإنهم يقولون إن "القتل أشد من الفتنة " ‪ ،‬فتأمل ‪.‬‬
‫ولن فتنة الناس أعظم من هلك أنفسهم وأموالهم ‪.‬‬
‫فإن الله قد أثنى على من بذلوا أنفسهم وأموالهم في سبيل‬
‫الله قال تعالى ‪ ] :‬إن الل ّلله اشللترى مللن المللؤمنين أنفسللهم‬
‫وأموالهم بأن لهم الجنللة يقللاتلون فللي سللبيل الل ّلله فَيقتلللون‬
‫وُيقتلون‪ ،‬وعدا ً عليه حقا ً في التوراة والنجيل والقرآن؛ ومللن‬
‫أوفى بعهده من الّله‪ ،‬فاستبشللروا بللبيعكم الللذي بللايعتم بلله‪،‬‬
‫وذلك هو الفوز العظيم [ سورة التوبة آية ‪111‬‬
‫وما وصف رسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم الجهللاد بللأنه‬
‫ذروة سنام السلم إل لنه يصللان بلله الللدين ‪ ،‬الللذي صلليانته‬
‫ب المسلللمون أن يعتللدى علللى‬ ‫أول مقاصد الشارع وبه ُيره ل ُ‬
‫أرواحهللم الللتي حمايتهللا ثللاني مقاصللد الشللارع وبلله تصللان‬
‫أعراض نساء المسلللمين الللتي صلليانها مللن مقاصللد الشللارع‬
‫المهمة عند أهل اليمان والغيرة علللى محللارم الللله ‪ ،‬بخلف‬
‫من تبلد حسه ومات قلبه ‪.‬‬
‫ولهذا يجب أن ُُيربى أبناؤنا على الدفاع عللن دينهللم وأرضللهم‬
‫ونسائهم ويكون ذلك باللتفاف حول قيللادتهم وولة أمللورهم‬
‫من العلماء والمراء‪.‬‬
‫أما الذين ينشرون بين أبنائنا‬
‫أن أعللدائنا أقويللاء وأن الزمللن تغيللر وأن " القتللل أشللد مللن‬
‫الفتنة " !!!‬
‫وأن الواجب علينا نبذل ديننا وأنفسللنا وأموالنللا لتسلللم دنيانللا‬
‫ودورنا وأموالنا !!‬
‫وأن نسلم بلدنا إلى أعدائنا إذا هوجمنا‬
‫فهم منافقون !!‬
‫أو قوم مرضت قلوبهم من فتن القنوات !!‬
‫سواء صرحوا بذلك أو لمحوا له ‪.‬‬
‫كيف يكون ذلك مع أن من مللات ولللم يحللدث نفسلله بللالغزو‬
‫فهو ميت على شعبة من نفاق !! ‪،‬‬

‫‪326‬‬
‫سّلم ‪:‬‬ ‫ه عََليهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫سول الل ّهِ َ‬ ‫قال َر ُ‬
‫] من مات ولم يغز ‪ ،‬ولللم يحللدث نفسلله بغللزو ‪ ،‬مللات علللى‬
‫م مللن حللديث أبللي هريللرة رضللي‬ ‫مسل ِ ٌ‬ ‫شعبة من نفاق[ َرَواهُ ُ‬
‫الله عنه‬
‫فكيف بمن يتجاهللل أو يغطللي هللذه الحللاديث وهللي ل تللأمر‬
‫بأكثر من حديث النفس !!‬
‫موعدهم الخزي وعذاب الله في الدنيا والخرة‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ن ال ْب َي ّن َللا ِ‬ ‫مل ْ‬ ‫مللا أنَزل ْن َللا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مللو َ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّل ِ‬ ‫قال الله تعالى ]] إ ِ ّ‬
‫س ِفي ال ْك َِتا ِ‬
‫ب‬ ‫ما ب َي ّّناهُ ِللّنا ِ‬ ‫ن ب َعْدِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫دى ِ‬ ‫َوال ْهُ َ‬
‫ن ت َللاُبوا‬ ‫ذي َ‬‫ن )‪ (159‬إ ِل ّ ال ّل ِ‬ ‫عن ُللو َ‬ ‫م الل ّ ِ‬ ‫ه وَي َل ْعَن ُهُل ْ‬ ‫م الل ّل ُ‬ ‫ك ي َل ْعَن ُهُ ْ‬ ‫أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫َ‬ ‫وأ َصل َحوا وبينوا فَأ ُول َئ ِ َ َ‬
‫م [[ )‬ ‫حي ل ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫م وَأَنا الت ّل ّ‬ ‫ب عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ك أُتو ُ‬ ‫ْ‬ ‫ََُّ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫‪(160‬‬
‫منا ً قَِليل ً !!‬ ‫ن بكتمانهم العلم ث َ َ‬ ‫شت َُرو َ‬ ‫أما الذين ي َ ْ‬
‫ْ‬ ‫ف ]أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫م الّلل ُ‬
‫ه‬ ‫مُهل ْ‬ ‫م إ ِل ّ الّنلاَر َول ي ُك َل ّ ُ‬ ‫طلون ِهِ ْ‬ ‫ن ِفلي ب ُ ُ‬ ‫ما ي َأك ُُلو َ‬ ‫ك َ‬
‫َ‬
‫م[‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م عَ َ‬ ‫م وَل َهُ ْ‬ ‫كيهِ ْ‬ ‫مةِ َول ي َُز ّ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ي َوْ َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ن ال ْك ِت َللا ِ‬ ‫مل ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما أنَز َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬
‫ْ‬
‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫ن ال ّ ِ‬‫قال الله تعالى ]]إ ِ ّ‬
‫م إ ِل ّ الّنللاَر‬ ‫طون ِهِ ْ‬ ‫ن ِفي ب ُ ُ‬ ‫ما ي َأك ُُلو َ‬ ‫ك َ‬ ‫منا ً قَِليل ً أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫ن ب ِهِ ث َ َ‬ ‫شت َُرو َ‬ ‫وَي َ ْ‬
‫َ‬
‫م)‬ ‫ب أِلي ل ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م ع َل َ‬ ‫م وَل َهُل ْ‬ ‫كيهِل ْ‬ ‫مةِ َول ي َُز ّ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬ ‫ه ي َوْ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫مه ُ ْ‬ ‫َول ي ُك َل ّ ُ‬
‫‪(174‬‬
‫مللا‬ ‫مغِْفَرةِ فَ َ‬ ‫ب ب ِللال ْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫دى َوال ْعَل َ‬ ‫ة ِبال ْهُ َ‬ ‫ضلل َ َ‬ ‫شت ََرْوا ال ّ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫م عََلى الّنارِ )‪[[ (175‬‬ ‫َ‬
‫صب ََرهُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫]][[ ول شك أن تفوق عدد وعتاد العدو معتبر !!‬
‫شرع لمام المسلمين أن يهادن ويصالح العللداء مللتى‬ ‫ولهذا ُ‬
‫رأى في ذلك مصلحة معتبرة ‪ ،‬لكن فرق بين هذا وذاك !!‬
‫فرق بين هذا وبين من يغرس في قلوب أبنائنا أن قوة العدو‬
‫ل تقهر ‪ ،‬وأننا حتى لو نصرنا الللله بنصللرة دينلله فلللن ينصللرنا‬
‫الله لننا أضعف منهم ويتناسى بدر وأخواتهللا ويتناسللى تنللزل‬
‫الملئكة لنصرة المؤمنين ‪.‬ويتناسى قوله تعالى‬
‫ع‬
‫مل َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّلهِ َوالل ّل ُ‬ ‫ة ك َِثيلَرةً ب ِلإ ِذ ْ ِ‬ ‫ت فِئ َ ً‬ ‫ن فِئ َةٍ قَِليل َلةٍ غَل َب َل ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫م ِ‬ ‫] كَ ْ‬
‫ن[‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ال ّ‬

‫‪327‬‬
‫َ‬
‫م [ وقللوله تعللالى‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ت أقْل َ‬
‫دا َ‬ ‫م وَي ُث َب ّل ْ‬ ‫صلْرك ُ ْ‬ ‫صُروا الل ّل َ‬
‫ه ي َن ْ ُ‬ ‫ن ت َن ْ ُ‬ ‫] إِ ْ‬
‫ن[‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫صُر ال ْ ُ‬ ‫حّقا عَل َي َْنا ن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫]و َ َ‬
‫ه[‬ ‫صُروا الل ّ َ‬ ‫ن ت َن ْ ُ‬
‫بل لسان حال بعض مفتي القنوات يقول ] إ ِ ْ‬
‫م لنكم أضعف عتادا ً‬ ‫َ‬
‫مك ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫م ولن ي ُث َّبت أقْ َ‬ ‫صرك ُ ْ‬ ‫فلن ي َن ْ ُ‬
‫]][[ نعم !! ‪ ،‬إن تفوق عدد وعتاد العللدو معتللبر ولكللن ليللس‬
‫على إطلقه ‪،‬‬
‫فالمر راجع إلى القرار الميداني لولة المر ‪ ،‬ل دخل لعامللة‬
‫الناس بل ول دخل لعامة الجند به ‪.‬‬
‫أما نتيجللة )التبللايع بالعينللة ( و)أخللذ أذنللاب البقللر ( و)الرضللا‬
‫بالزرع (‬
‫فهي ]] سلط الله عليكم ذل [[‬
‫جى من هذه الظلمات‬ ‫من ْ َ‬‫ج وال َ‬ ‫خَر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫فإن سألت عن العلج وال َ‬
‫ل الهدى صلى الله عليه وسلم في قوله ‪:‬‬ ‫فقد بّينه رسو ُ‬
‫)) ل ينزعه شيء حتى ترجعوا إلى دينكم (( !!‬
‫فليسللمع هللذه النصلليحة النبويللة أصللحاب التجمعللات الثوريللة‬
‫والنقلبات العسكرية ل حل إل بتربيللة النللاس علللى السلللم‬
‫والعودة إلى الدين الذي أنزل علللى محمللد صلللى الللله عليلله‬
‫ن‬‫وسلللم فللذلك طريللق النصللر والعللزة قللال الللله تعللالى ] إ ِ ْ‬
‫َ‬
‫م[‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ت أقْ َ‬ ‫صْرك ُ ْ‬
‫م وَي ُث َب ّ ْ‬ ‫ه ي َن ْ ُ‬ ‫صُروا الل ّ َ‬ ‫ت َن ْ ُ‬
‫ن[‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫صُر ال ْ ُ‬ ‫حّقا عَل َي َْنا ن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫وقال ]وَ َ‬
‫ل حل إل بحمل تركة رسول الله صلللى الللله عليلله وسللم أل‬
‫وهي العلم‬
‫سللول الل ّل ِ‬
‫ه‬ ‫ه قللال سللمعت َر ُ‬ ‫عنل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي الل ّل ُ‬ ‫ضل َ‬ ‫عن أبي الدرداء َر ِ‬
‫سّلم يقول ]] من سللك طريقلا ً يبتغللي فيلله‬ ‫ه عََليهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫علما سهل اللله لله طريقلا إلللى الجنللة‪ ،‬وإن الملئكللة لتضللع‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أجنحتها لطالب العلم رضا ً بما يصنع‪ ،‬وإن العالم ليستغفر للله‬
‫من في السماوات ومن في الرض حتى الحيتان فللي المللاء‪،‬‬
‫وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكللواكب‪،‬‬
‫وإن العلماء ورثللة النبيللاء‪ ،‬وإن النبيللاء لللم يوّرثللوا دينللارا ً ول‬

‫‪328‬‬
‫درهما ً إنما وّرثوا العلم‪ ،‬فمن أخذه أخذ بحظ وافر[ َرَواهُ أُبللو‬
‫ي‪.‬‬‫مذِ ّ‬ ‫داوُد َ َوالّتر ِ‬ ‫َ‬
‫وبعد حمل الدعاة لتركة النبياء يأتي دورهم في تزكيللة أبنللاء‬
‫المة و تعليمهم الكتاب والحكمة‬
‫ك‬ ‫م آَياِتلل َ‬ ‫م ي َت ُْلو عَل َي ْهِ ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫سول ً ِ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ث ِفيهِ ْ‬ ‫قال تعالى ]] َرب َّنا َواب ْعَ ْ‬
‫َ‬
‫م)‬ ‫كي ل ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ت ال ْعَ ِ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫كيهِ ْ‬ ‫ة وَي َُز ّ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ب َوال ْ ِ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫مه ُ ْ‬‫وَي ُعَل ّ ُ‬
‫‪[[ ( 129‬‬
‫م‬
‫ث ِفيهِ ل ْ‬ ‫ن إ ِذ ْ ب َعَ ل َ‬ ‫مِني َ‬ ‫م لؤ ْ ِ‬ ‫ه عَل َللى ال ْ ُ‬ ‫ن الل ّل ُ‬ ‫مل ّ‬ ‫وقال تعالى ]] ل ََقد ْ َ‬
‫رسللول ً م ل َ‬
‫م‬‫مه ُ ل ْ‬ ‫م وَي ُعَل ّ ُ‬ ‫كيهِ ل ْ‬‫م آي َللات ِهِ وَي َُز ّ‬ ‫م ي َت ْل ُللوا عَل َي ْهِ ل ْ‬ ‫س له ِ ْ‬ ‫ن أن ُْف ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫َ ُ‬
‫ن )‪( 164‬‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫ل ل َِفي َ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ة وَإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب َوال ْ ِ‬
‫حك ْ َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫[[‬
‫م ي َت ْل ُللو‬ ‫سللول ً ِ‬ ‫ُ‬ ‫وقال تعالى ]] هُوَ ال ّ ِ‬
‫من ْهُل ْ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مّييل َ‬ ‫ث ِفي ال ّ‬ ‫ذي ب َعَ َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ة وَإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ب َوال ْ ِ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫مه ُ ْ‬‫م وَي ُعَل ّ ُ‬ ‫كيهِ ْ‬‫م آَيات ِهِ وَي َُز ّ‬ ‫عَل َي ْهِ ْ‬
‫ن )‪[[ ( 2‬‬ ‫مِبي ٍ‬‫ل ُ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫ل ل َِفي َ‬ ‫قَب ْ ُ‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫‪.‬‬
‫حرر في ‪ 1426 /6/6‬من هجرة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وكتب‬
‫حاتم بن عبد الرحمن بن محمد الفرائضي‬
‫خطيب مسجد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بجدة‬
‫=============‬
‫‪#‬معالم في طريق المستثمر المسلم‬
‫عبدالعزيز بن سعد الدغيثر‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينللا محمللد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد‪:‬‬
‫فإن المال عصب الحياة‪ ،‬وحفظه من مقاصد الشرع‪ ،‬والكللل‬
‫يجري وراءه؛ لنه يسهل على الناس حياتهم ويوصلهم لكللثير‬
‫من رغباتهم‪ ،‬وقد كثرت التللآليف فللي القللديم والحللديث فللي‬
‫هللذا المجللال‪ ،‬ولكللن كللثيرا ً منهللا يحكللي تجللارب ونظريللات‬

‫‪329‬‬
‫اقتصللادية ماديللة مللع إهمللال الشللياء غيللر الماديللة لنتعللاش‬
‫القتصاد والحد من الزمللات القتصللادية‪ .‬وفللي هللذه الوراق‬
‫محاولة للمسللاهمة فللي هللذا المجللال معتمللدا علللى نصللوص‬
‫الوحيين وما ورد عن السلف الصالح ومن الله أستمد العون‪.‬‬
‫من أسباب الغنى‪:‬‬
‫من السباب الشرعية لجلب الرزق والبركة فيه ما يلي‪:‬‬
‫ل‬ ‫جع َ ل ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّل َ‬ ‫ن ي َت ّل ِ‬‫م ْ‬ ‫تقوى الله _عز وجل_‪ ،‬قال _تعالى_‪" :‬وَ َ‬
‫ب" )الطلق‪.(3 ،2 :‬‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ث ل يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫خَرجا ً وَي َْرُزقْ ُ‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫أل يعتمد العبد على السباب‪ ،‬بل يقرن ذلك بالتوكل كما في‬
‫حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله‬
‫_صلى الله عليه وسلم_‪" :‬لو توكلتم على الللله حللق التوكللل‬
‫لرزقكم كما يللرزق الطيللر تغللدو خماصللا وتللروح بطانللا")‪،(1‬‬
‫وصدق أبو السود الدؤلي في قوله‪:‬‬
‫ق دلللوك فللي‬ ‫وليس الرزق عللن طلللب حللثيث *** ولكللن ألل ِ‬
‫الدلء)‪(2‬‬
‫ست َغِْفُروا َرب ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫تا ْ‬ ‫ومنها الستغفار‪ ،‬كما في سورة نوح‪" :‬فَُقل ْ ُ‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫وا ٍ‬ ‫م َ‬
‫م ب ِلأ ْ‬ ‫مدِد ْك ُ ْ‬ ‫مد َْرارا ً وَي ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ماَء عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ن غَّفارا ً ي ُْر ِ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬‫إ ِن ّ ُ‬
‫م أ َن َْهارًا" )نوح‪،(12 -10 :‬‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫جع َ ْ‬‫ت وَي َ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬‫جع َ ْ‬
‫ن وَي َ ْ‬‫وَب َِني َ‬
‫َ‬
‫م‬‫كلل ْ‬ ‫مت ّعْ ُ‬ ‫م ُتوُبوا إ ِل َي ْهِ ي ُ َ‬ ‫م ثُ ّ‬‫ست َغِْفُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫وفي سورة هود‪" :‬وَأ ِ‬
‫متاعا ً حسنا ً إَلى أ َ‬
‫ه"‬ ‫ض لل َ ُ‬‫ل فَ ْ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫ل ِذي فَ ْ‬ ‫ت ك ُل ّ‬ ‫ى وَي ُلؤْ ِ‬ ‫ً‬ ‫م‬
‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬
‫ٍ‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َ َ‬
‫)هود‪ :‬من الية ‪.(3‬‬
‫ومنهللا السللتعاذة مللن الفقللر وسللؤال الللله الغنللى‪ ،‬كمللا فللي‬
‫حديث أبي بكرة رضي الله عنه أن النللبي _صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم_ كان يدعو حين يصبح ثلثا‪ ،‬وحين يمسي ثلثللا‪ :‬اللهللم‬
‫إني أعوذ بك من الكفر والفقر وأعوذ بك من عذاب القللبر")‬
‫‪ .(3‬وفي الحديث الخر‪" :‬من نزلت به فاقة فأنزلهللا بالنللاس‬
‫لم تسد فاقته ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشللك الللله‬
‫له برزق عاجل أو آجل")‪.(4‬‬
‫أن يأخللذ المللال بسللخاوة نفللس ول يأخللذه بإشللراف نفللس‬
‫لحديث حكيم بن حزام رضي الله عنلله قللال‪ :‬سللألت رسللول‬

‫‪330‬‬
‫الله _صلى الله عليه وسلم_ فأعطاني ثللم سللألته فأعطللاني‬
‫ض لَرةٌ‬
‫خ ِ‬
‫ثم سألته فأعطاني ثم قال‪ :‬يا حكيللم إن هللذا المللال َ‬
‫حلوة‪ ،‬فمن أخذه بسخاوة نفس بللورك للله فيلله‪ ،‬ومللن أخللذه‬
‫بإشراف نفس لم يبارك له فيه‪ ،‬كالذي يأكل ول يشللبع‪ ،‬اليللد‬
‫العليا خير من اليد السفلى‪.(5)"...‬‬
‫الرضا بقسمة الله _عز وجل_‪ ،‬فقد صح عن رجللل مللن بنللي‬
‫سليم رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليلله‬
‫وسلم_‪" :‬إن الله _تعالى_ يبتلي العبد فيما أعطاه فإن رضي‬
‫بما قسم الله للله بللورك للله فيلله ووسللعه وإن لللم يللرض لللم‬
‫يبارك له ولم يزد على ما كتب له")‪.(6‬‬
‫تفريغ القلب لعبادة الله تعالى؛ لحديث أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬إن الله‬
‫_تعالى_ يقول‪ :‬يا ابللن آدم تفللرغ لعبللادتي أمل صللدرك غنللى‬
‫وأسد ّ فقرك وإن ل تفعل ملت يديك شغل ولم أسد فقرك")‬
‫‪.(7‬‬
‫جعل الهتمام القلبي للخرة‪ ،‬لحديث أنللس رضللي الللله عنلله‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليه وسلللم_‪" :‬مللن كللانت‬
‫الخرة همه‪ ،‬جعل الله غناه في قلبه وجمع له شللمله‪ ،‬وأتتلله‬
‫الدنيا وهي راغمة‪ ،‬ومن كانت الدنيا هملله‪ ،‬جعللل الللله فقللره‬
‫بين عينيه‪ ،‬وفرق عليه شمله‪ ،‬ولم يأته من الدنيا إل مللا قللدر‬
‫له")‪.(8‬‬
‫نفع العباد وبذل النعم لهللم‪ ،‬لحللديث ابللن عمللر _رضللي الللله‬
‫عنه_ قال‪ :‬قال رسول اللله _صللى اللله عليله وسللم_‪" :‬إن‬
‫لله _تعللالى_ أقواملا ً يختصللهم بللالنعم لمنللافع العبللاد ويقرهللا‬
‫فيهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم")‬
‫‪ .(9‬وفي الحديث الخر‪" :‬ما نقص مال من صللدقة بللل تللزده‬
‫بل تزده")‪.(10‬‬
‫الزواج من أسباب الللرزق لحللديث أبللي هريللرة _رضللي الللله‬
‫عنه_ قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليه وسلللم_‪" :‬ثلثللة‬

‫‪331‬‬
‫حق على الله عونهم‪ :‬المجاهللد فللي سللبيل الللله‪ ،‬والمكللاتب‬
‫الذي يريد الداء‪ ،‬والناكح الذي يريد العفاف")‪.(11‬‬
‫المتابعة بين الحج والعمرة‪ ،‬لحديث عمر _رضللي الللله عنلله_‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليه وسلللم_‪" :‬تللابعوا بيللن‬
‫الحج والعمرة فإن متابعة بينهما تنفللي الفقللر والللذنوب كمللا‬
‫ينفي الكير خبث الحديد")‪.(12‬‬
‫صلة الرحم‪ ،‬لحديث أنس _رضي الله عنه_ قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله _صلى الله عليه وسلم_‪":‬مللن أحللب أن يبسللط للله فللي‬
‫رزقلله وينسللأ للله فللي أثللره فليصللل رحملله")‪.(13‬وعللن أبللي‬
‫هريرة _رضي الله عنه_ قال‪ :‬قال رسللول الللله _صلللى الللله‬
‫عليه وسلم_‪" :‬تعلموا من أنسابكم ما تصلللون بلله أرحللامكم‪،‬‬
‫فإن صلة الرحم محبة في الهل مثراة في المال منسأة في‬
‫الثر")‪.(14‬‬
‫حسن التعامل مع الخريللن وخصوصللا الجللار منهللم‪ ،‬لحللديث‬
‫عائشة _رضي الله عنها_ قالت‪ :‬قال رسول الله _صلى الللله‬
‫عليه وسلم_‪" :‬صلللة الرحللم وحسللن الخلللق وحسللن الجللوار‬
‫مرن الديار ويزدن في العمار")‪.(15‬‬ ‫يع ّ‬
‫من أسباب الزمات القتصادية وتفشي الفقر‪:‬‬
‫ل يشك أحد أن العالم السلمي يشكو من أزمات اقتصللادية‬
‫خانقة في بعض الدول‪ ،‬و أسباب هذه المشللكلة داخليلة كملا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ديك ُ ْ‬
‫ت أي ْل ِ‬‫سلب َ ْ‬ ‫مللا ك َ َ‬
‫صيب َةٍ فَب ِ َ‬
‫م ِ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬ ‫صاب َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ما أ َ‬
‫قال _تعالى_‪" :‬وَ َ‬
‫عن ْلدِ‬
‫ن ِ‬ ‫مل ْ‬ ‫ل ه ُ لو َ ِ‬ ‫ر" )الشللورى‪ ،(30:‬وقللال‪" :‬قُل ْ‬ ‫ن ك َِثي ٍ‬
‫وَي َعُْفو عَ ْ‬
‫َ‬
‫م" )آل عمللران‪ :‬مللن اليللة ‪ ،(165‬وقللد حللذر النللبي‬ ‫س لك ُ ْ‬
‫أن ُْف ِ‬
‫_صلى اللله عليله وسلللم_ أمتلله مللن بعللض المللور المسللببة‬
‫للزمات القتصادية فمن هذه السباب‪:‬‬
‫‪ -1‬الغش التجاري بنقص المكيال والميزان؛ لحديث ابن عمر‬
‫التي‪.‬‬
‫‪ -2‬منع الزكاة الواجبة‪،‬لحديث ابللن عمللر _رضللي الللله عنلله_‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليلله وسلللم_‪" :‬يللا معشللر‬
‫ن وأعللوذ بللالله أن‬ ‫المهاجرين‪ :‬خصللال خمللس إذا ابتليتللم به ل ّ‬

‫‪332‬‬
‫تدركوهن‪ :‬لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إل‬
‫فشللا فيهللم الطللاعون والوجللاع الللتي لللم تكللن مضللت فللي‬
‫أسلللفهم الللذين مضللوا‪ ،‬ولللم ينقصللوا المكيللال والميللزان إل‬
‫أخذوا بالسنين وشدة المؤونة‪ ،‬وجور السللطان عليهلم‪ ،‬وللم‬
‫يمنعللوا زكللاة أمللوالهم إل منعللوا القطللر مللن السللماء‪ ،‬ولللول‬
‫البهائم لم يمطروا‪ ،‬ولم ينقضوا عهللد الللله وعهللد رسللوله إل‬
‫سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم‪ ،‬فأخللذوا بعللض مللا فللي‬
‫أيديهم‪ ،‬ولم تحكم أئمتهم بكتللاب الللله _عللز وجللل_ ويتحللروا‬
‫فيما أنزل الله إل جعل الله بأسهم بينهم")‪.(16‬‬
‫‪ -3‬الحكم بغير ما أنزل الله؛ لحديث ابن عباس _رضللي الللله‬
‫عنه_ قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬خمس‬
‫بخمس‪ ،‬ما نقللض قلوم العهلد إل سللط عليهلم علدوهم ومللا‬
‫حكموا بغير مللا أنللزل الللله إل فشللا فيهللم الفقللر ول ظهللرت‬
‫فيهم الفاحشة إل فشا فيهللم المللوت ول طففللوا المكيللال إل‬
‫منعوا النبات وأخذوا بالسنين ول منعوا الزكاة إل حبس عنهم‬
‫القطر")‪.(17‬‬
‫‪ -4‬التعامللل بالربللا؛ لقللول الللله _تعللالى_‪":‬يمحللق الللله الربللا‬
‫ويربي الصدقات" وعن ابن مسعود _رضي الللله عنلله_ قللال‪:‬‬
‫قال رسول الله _صلى الللله عليلله وسلللم_‪" :‬الربللا وإن كللثر‬
‫ل")‪.(18‬‬ ‫فإن عاقبته إلى ق ّ‬
‫‪ -5‬تفشي الحلف بالله _تعالى_ بين التجار لترويج بضللائعهم؛‬
‫لحديث أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال‪ :‬قللال رسللول الللله‬
‫_صلى الله عليله وسللم_‪" :‬الحللف منفقلة للسللعة ممحقلة‬
‫للكسب")‪ .(19‬علن أبلي قتلادة رضلي اللله عنله قلال‪ :‬قلال‬
‫رسول الله _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬إيللاكم وكللثرة الحلللف‬
‫في البيع فإنه ينّفق ثم يمحق")‪.(20‬‬
‫فضيلة العمل والكتساب‪:‬‬
‫لقد أمر الله عباده بالعمل وطلب الكسب ‪ ،‬فمن ذلللك قللوله‬
‫م ِفيَها‪) "...‬هود‪:‬‬ ‫مَرك ُ ْ‬
‫ست َعْ َ‬
‫ض َوا ْ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫من اْل َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫شأ َك ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫_تعالى_‪" :‬هُو أ َ‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫مَناك ِب ِهَللا وَك ُل ُللوا‬
‫شللوا فِللي َ‬ ‫م ُ‬‫من الية ‪ ،(61‬وقال _تعللالى_‪َ" :‬فا ْ‬

‫‪333‬‬
‫ذا‬‫ه‪) "...‬الملك‪ :‬من الية ‪ ،(15‬وقال _سللبحانه_‪" :‬فَ لإ ِ َ‬ ‫ن رِْزقِ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫ل الل ّل ِ‬
‫ه‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صلةُ َفان ْت َ ِ‬ ‫قُ ِ‬
‫ضل ِ‬ ‫مل ْ‬
‫ض َواب ْت َغُللوا ِ‬ ‫شُروا ِفي الْر ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضي َ ِ‬
‫ن" )الجمعللة‪ ،(10:‬وقللال‬ ‫حللو َ‬‫م ت ُْفل ِ ُ‬‫ه ك َِثيللرا ً ل َعَل ّك ُل ْ‬ ‫َواذ ْك ُلُروا الل ّل َ‬
‫ل‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫َْ‬
‫ضل ِ‬ ‫مل ْ‬‫ن ِ‬‫ض ي َب ْت َغُللو َ‬
‫ن فِللي الْر ِ‬ ‫ضلرُِبو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫خُرو َ‬ ‫_تعالى_‪َ" :‬وآ َ‬
‫ه" )المزمللل‪ :‬مللن اليلة‬ ‫ل الّلل ِ‬‫سلِبي ِ‬ ‫ن فِللي َ‬ ‫ن ي َُقات ُِلو َ‬‫خُرو َ‬ ‫الل ّهِ َوآ َ‬
‫‪.(20‬‬
‫وفي السنة نجد أن النبي _صلى الله عليه وسلللم_ اسللتخدم‬
‫عللدة طللرق للسللتفادة مللن القللوى المعطلللة وحثهللا علللى‬
‫الكسب والعمل فمنها‪:‬‬
‫‪ -1‬الخبار بأن من عمل ليسعى على نفسه وعائلته فهو فللي‬
‫سبيل الله‪ ،‬كما في حديث كعب بن عجرة _رضي الله عنلله_‬
‫قال‪ :‬قال رسول الللله _صلللى الللله عليلله وسلللم_‪" :‬إن كللان‬
‫خرج يسعى على ُولده صغارا فهو في سللبيل الللله وإن كللان‬
‫خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو فللي سللبيل الللله‬
‫وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو فللي سللبيل الللله‬
‫وإن كللان خللرج يسللعى ريللاء ومفللاخرة فهللو فللي سللبيل‬
‫الشيطان")‪ .(21‬بل إن النفقة علللى الهللل صللدقة كمللا فللي‬
‫حديث أبي مسعود النصللاري رضللي الللله عنهمللا عللن النللبي‬
‫_صلللى الللله عليلله وسلللم_ قللال‪" :‬نفقللة الرجللل علللى أهللله‬
‫صدقة")‪ .(22‬بل إن المزارع يؤجر على ما أكلته الطيور مللن‬
‫زرعه كما في حديث أنس رضي الله عنهما عن النبي _صلى‬
‫الله عليه وسلم_ قال‪ " :‬ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع‬
‫زرعا فيأكل منه إنسان أو طير أو دابللة إل كللان للله صللدقة")‬
‫‪.(23‬‬
‫‪ -2‬الخبار بلأن أطيلب الكسلب ملا كلان ناتجلا علن عملل أو‬
‫تجارة‪ ،‬كما في حديث رافع بن خديج _رضي الله عنه_ قللال‪:‬‬
‫سللئل رسللول الللله _صلللى الللله عليلله وسلللم_ عللن أطيللب‬
‫الكسب فقال‪" :‬عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور")‪.(24‬‬
‫‪ -3‬ذم مسألة الناس وأن الحتطاب خير منه‪ ،‬كما في حديث‬
‫هشام بن عروة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قللال‪ :‬قللال‬

‫‪334‬‬
‫رسول الله _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬لن يأخذ أحدكم حبللله‬
‫فيللأتي الجبللل فيجيللء بحزمللة حطللب علللى ظهللره فيبيعهللا‬
‫ويسللتغني بثمنهللا خيللر للله مللن أن يسللأل النللاس أعطللوه أو‬
‫منعوه")‪.(25‬‬
‫‪ -4‬تحذير الصحابة من سؤال الناس وأن ذلك محللرم إل فللي‬
‫حالت خاصة؛ لحديث قبيصة بن المخارق _رضي الللله عنلله_‬
‫أن النبي _صلى الله عليه وسلللم_ قللال للله‪" :‬يللا قبيصللة‪ ،‬إن‬
‫المسأله ل تحل إل لحللد ثلثللة ‪ :‬رجللل تحمللل حمالللة ورجللل‬
‫أصابته جائحة اجتللاحت مللاله‪ ،‬ورجللل أصللابته فاقللة‪.(26)"...‬‬
‫وفي حديث عبدالله بن عمرو _رضي الللله عنهمللا_‪" :‬ل تحللل‬
‫ي")‪ ،(27‬ومللن المللأثور عللن‬ ‫مرةٍ سللو ّ‬ ‫الصدقة لغني ول لذي ِ‬
‫علي _رضي الله عنه_ أنه قال‪:‬‬
‫لنقل الصخر من قلل الجبال *** أحب إلي من منن الرجال‬
‫يقول الناس لي في الكسب عللار *** فقلللت العللار فللي ذل‬
‫السؤال)‪(28‬‬
‫‪ -5‬ذكر القدوات من النبياء‪ ،‬وأنهللم كللانوا يعملللون بأيللديهم)‬
‫‪ ،(29‬فقد ذكر _صلللى الللله عليلله وسلللم_ مهللن النبيللاء حثللا‬
‫لمته عللى القتللداء بهلم‪ ،‬كمللا فلي قلوله _تعلالى_ ‪ُ" :‬أول َئ ِ َ‬
‫ك‬
‫ه" )النعللام‪ :‬مللن اليللة ‪،(90‬‬ ‫م اقْت َلدِ ْ‬ ‫داهُ ُ‬ ‫ه فَب ِهُل َ‬‫دى الل ّل ُ‬‫ن هَ ل َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫فعمل نوح بالنجارة وداود كان يأكللل مللن عمللل يللده مللع مللا‬
‫أعطاه الله من الملك كمللا فللي حللديث المقللدام بللن معللدي‬
‫كرب ‪-‬رضي الله عنه_ قللال‪ :‬قللال رسللول الللله _صلللى الللله‬
‫عليه وسلم_‪" :‬ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل مللن‬
‫عمل يده‪ ،‬وإن نبي الله داوود _عليه السلم_ كان يأكللل مللن‬
‫عمل يده")‪ ،(30‬وورد أنه كان يعمل بالحدادة وفي التنزيللل‪:‬‬
‫ْ‬
‫م" )النبيلاء‪:‬‬ ‫سلك ُ ْ‬
‫ن ب َأ ِ‬
‫مل ْ‬ ‫صن َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫س ل َك ُ ْ‬
‫م ل ِت ُ ْ‬ ‫ة لُبو ٍ‬
‫صن ْعَ َ َ‬‫مَناهُ َ‬‫"وَعَل ّ ْ‬
‫من الية ‪ (80‬وفي آية أخرى‪" :‬وألنللا للله الحديللد")سللبأ‪،(10:‬‬
‫وكان زكريا نجارًا)‪ ،(31‬وعمل إدريس بالخياطة وما من نللبي‬
‫إل ورعى الغنم كما ثبت في الصحيح)‪ .(32‬وعمل نبينا محمد‬
‫_صلى الله عليه وسلم_ بالرعي كمللا فللي الحللديث السللابق‬

‫‪335‬‬
‫وفيه‪ :‬حتى أنت يا رسول الله؟ قال نعللم كنللت أرعاهللا علللى‬
‫قراريط لهل مكة" وعمل بالتجارة كما في حللديث السللائب‬
‫بن أبي السائب _رضي اللله عنلله_ قللال‪" :‬كلان رسلول اللله‬
‫_صلللى الللله عليلله وسلللم_ شللريكي‪ ،‬وكللان خيللر شللريك‪ ،‬ل‬
‫يللداري ول يمللاري")‪ .(33‬واقتللدى بهللم صللحابة رسللول الللله‬
‫_صلللى الللله عليلله وسلللم_ فعملللوا فللي التجللارة والصللناعة‬
‫والزراعة كما في تراجمهم)‪.(34‬‬
‫فقد وعى السلف _رضي الله عنهم_ هذا المقصللد الشللرعي‬
‫فكثرت أقاويلهم في الحث عليه‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫ما رواه ابن المبارك عن عمر بن الخطاب _رضي الله عنلله_‬
‫أنلله قللال‪ :‬تعلمللوا المهللن)‪ .(35‬وقللال _رضللي الللله عنلله_‪:‬‬
‫"مكسبة فيها بعض الدناءة خير من مسألة الناس")‪.(36‬‬
‫ولما حج بعض أهل اليمن بغير زاد وقالوا‪ :‬نحن متوكلون‪ ،‬بلغ‬
‫ذلك عمر فقال‪ :‬كذبتم إنمللا المتوكللل رجللل ألقللى حبلله فللي‬
‫التراب وتوكل على رب الرباب)‪.(37‬‬
‫وقال الفضل بن زياد‪ :‬سمعت أبللا عبللدالله –يعنللي أحمللد بللن‬
‫حنبللل‪ -‬يللأمر بالسللوق ويقللول‪" :‬مللا أحسللن السللتغناء عللن‬
‫الناس")‪.(38‬‬
‫وقال له رجل‪ :‬إني في كفايللة‪ ،‬فقللال أحمللد‪" :‬الللزم السللوق‬
‫تصل به الرحم وتعود به على عيالك")‪.(39‬‬
‫وقال أيوب لرجل‪" :‬الزم السوق فإنللك ل تللزال كريمللا علللى‬
‫إخوانك ما لم تحتج إليهم")‪.(40‬‬
‫وقال علي بن جعفللر‪ :‬مضللى أبللي إلللى أبللي عبللدالله‪ -‬يعنللي‬
‫المام أحمد‪ -‬وذهب بي معه فقللال للله‪ :‬يللا أبللا عبللدالله‪ ،‬هللذا‬
‫ابني‪ ،‬فدعا لي‪ ،‬وقال لبي‪ :‬ألزمه السوق وجنبه أقرانه)‪.(41‬‬
‫وقال أسود بن سلالم لحلد أصللحابه‪ :‬اشللتر وبلع وللو بلرأس‬
‫المال)‪ .(42‬وقال معروف الكرخي‪" :‬ملن اشلترى وبلاع وللو‬
‫برأس المال بورك فيه كما يبارك في الللزرع بمللاء المطللر")‬
‫‪ .(43‬وذلك أنه ببيعه ولو برأس ماله يستفيد خبرة فللي الللبيع‬

‫‪336‬‬
‫وأساليبه‪ ،‬كما أن البضاعة كلما خزنت أكثر فإن سعرها يقللل‬
‫في الجملة‪.‬‬
‫ورؤي على علي _رضي الله عنه_ إزار غليظ فقال‪ :‬اشتريته‬
‫بخمسة دراهم‪ ،‬من أربحني فيه درهما بعته")‪.(44‬‬
‫ومن وصايا السلف لمن يريد أن ينجح في عمللله التجللاري أو‬
‫الزراعي أن يباشر العمل بنفسه ويراقللب عمللاله‪ ،‬فقللد قللال‬
‫عبدالله بن عمرو _رضي الله عنهمللا_ لبللن أخيلله وقللد خللرج‬
‫من بستانه ‪ :‬أيعمل عمالك؟ قال‪ :‬ل أدري‪ ،‬قال‪ :‬أما لو كنللت‬
‫ثقيفا لعلمت ما يعمل عمالك‪ ،‬ثم التفللت _رضللي الللله عنلله_‬
‫إلى جلسائه‪ ،‬وقال‪ :‬إن الرجل إذا عمل مللع عمللاله فللي داره‬
‫أو في ماله كان عامل من عمال الله _عز وجل_")‪.(45‬‬
‫استثمار الموال‪:‬‬
‫صح عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال‪" :‬أل من ولي يتيما‬
‫له مال فليتجر فيه ول يتركه حتى تأكله الصدقة")‪.(46‬‬
‫وفي قصة صاحب البستان الذي سمع صللوت فللي السللحاب‬
‫يقول‪ :‬اسق حديقللة فلن" فسللأله السللامع عللن سللبب ذلللك‬
‫فقال‪ :‬فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكللل أنللا‬
‫وعيالي ثلثه وأرد فيه ثلثه")‪.(47‬‬
‫ومما جاء في ذلك أيضا أن من باع عقارا فليجعله فللي عقللار‬
‫آخر وإل نزعت منه البركة‪ ،‬كمللا فللي حللديث حذيفللة _رضللي‬
‫الله عنه_ قال‪ :‬قال رسول الللله _صللى اللله عليلله وسللم_‪:‬‬
‫"من باع عقارا ثم لم يجعللل ثمنهللا فللي مثلهللا لللم يبللارك للله‬
‫فيها")‪ .(48‬وعن سعيد بن حريللث _رضللي الللله عنلله_ قللال‪:‬‬
‫قال رسول الله _صلى الله عليلله وسلللم_‪" :‬مللن بللاع منكللم‬
‫دارا أو عقارا فليعلم أنه مللال قمللن أل يبللارك للله فيلله إل أن‬
‫يجعله في مثله")‪.(49‬‬
‫القتصاد في النفاق‪:‬‬
‫السراف والتبذير في الموارد يزيد في تضخم مشكلة تدهور‬
‫البيئة‪ ،‬لذلك وضع السلم قواعد تمنع أي هدر في أي مللورد‪،‬‬
‫قال تعالى‪" :‬وال ّذين إ َ َ‬
‫ن‬
‫كللا َ‬ ‫سرُِفوا وَل َ ْ‬
‫م ي َْقُتللُروا وَ َ‬ ‫ذا أن َْفُقوا ل َ ْ‬
‫م يُ ْ‬ ‫َ ِ َ ِ‬

‫‪337‬‬
‫هل‬ ‫واملًا" )الفرقللان‪ .(67:‬وقللال‪َ" :‬ول ت ُ ْ‬
‫سلرُِفوا إ ِن ّل ُ‬ ‫ك قَ َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬
‫ب َي ْ َ‬
‫ن‬
‫ن" )النعللام‪ :‬مللن اليللة ‪ ،(141‬وقللال‪" :‬إ ِ ّ‬ ‫سللرِِفي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫حلل ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫ن" )السللراء‪ :‬مللن اليللة ‪،(27‬‬ ‫طي ِ‬
‫شَيا ِ‬‫ن ال ّ‬
‫وا َ‬
‫خ َ‬‫كاُنوا إ ِ ْ‬‫ن َ‬ ‫مب َذ ِّري َ‬‫ال ْ ُ‬
‫وقال النبي _صلى الله عليه وسلم_ لسعدٍ وهللو يتوضللأ‪" :‬مللا‬
‫هذا السرف يا سللعد؟"‪ ،‬فقللال‪ :‬أفللي الوضللوء سللرف؟ قللال‬
‫_صلى الله عليه وسلم_‪" :‬نعلم‪ ،‬وإن كنلت عللى نهلر جلار")‬
‫‪ .(50‬وقللال _صلللى الللله عليلله وسلللم_ لعرابللي سللأله عللن‬
‫الوضوء‪ ،‬فأراه _صلى الللله عليلله وسلللم_ الوضللوء ثلثلًا‪ ،‬ثللم‬
‫قال‪" :‬هكذا الوضوء‪ ،‬فمن زاد على هذا فقد أساء وتعللدى أو‬
‫ظلم")‪.(51‬‬
‫فإن كللان فللي الوضللوء سللرف وهللو مللدخل للعبللادة‪ ،‬فكيللف‬
‫بالسراف والتبذير الللذي يتعللدى حللدود الحلل‪ ،‬والللذي ي ُن َّفللذ‬
‫بشللكل واسللع عنللد كللثير مللن المللم علللى مسللتوى الفللراد‬
‫والجماعات والدول؟!‬
‫ول شللك أن الكللثير مللن النللاس يعللانون مللن عللدم كفايللة‬
‫مرتباتهم مع أنها ليست قليلة والسبب الرئيس في ذلك عدم‬
‫القدرة على القتصاد في المعيشة‪ ،‬وقد ورد أن القتصاد في‬
‫حال الغنى فضل عن حال الفقر من أسباب النجاة‪ ،‬فقد ثبت‬
‫في الحديث‪" :‬ثلث منجيات‪ :‬القصد فللي الفقللر والغنللى‪)"...‬‬
‫‪ .(52‬قال ميمون بن مهران‪" :‬اقتصادك في المعيشللة يلقللي‬
‫عنك نصف المؤونة")‪.(53‬‬
‫أهمية الصيانة‪:‬‬
‫من المعلوم أن العمر الفتراضي لي آلة أو مبنى أو ملبوس‬
‫يتأثر بطريقة الستخدام ومدى الهتمام بالصيانة‪ ،‬وفللي ذلللك‬
‫يقللول عمللر بللن الخطللاب رضللي الللله عنلله‪" :‬الخللرق فللي‬
‫المعيشة أخوف عندي عليكم مللن العللوز‪ ،‬ل يقللل شلليء مللع‬
‫الصلح ول يبقى شيء مع الفساد")‪.(54‬‬
‫وأنشد المام أحمد‪:‬‬
‫قليل المال تصلحه فيبقى *** ول يبقى الكللثير مللع الفسللاد)‬
‫‪(55‬‬

‫‪338‬‬
‫بعد النظر للمستقبل‪:‬‬
‫إن بعللد النظللر للمسللتقبل وأخللذ الحللذر مللن الحللوادث غيللر‬
‫المتوقعة دليل على حصافة الرجل وحسن تدبيره‪ ،‬وقللد روى‬
‫عمر بن الخطاب _رضللي الللله عنلله_ أن النللبي _صلللى الللله‬
‫عليه وسلم_ كان يبيع نخل بني النضير ويحبللس لهللله قللوت‬
‫سنتهم")‪.(56‬‬
‫ورد الحث على العمل ولو لم يكن العامل سيستفيد من هذا‬
‫العمل في القريب العاجل بل ربما ل يسللتفيد منلله إل الجيللل‬
‫القادم‪،‬حتى إنه ورد عن أنللس بللن مالللك _رضللي الللله عنلله_‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الله عليلله وسلللم_‪" :‬إن قللامت‬
‫على أحدكم القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها")‪.(57‬‬
‫وقال عمر بن الحطاب _رضي الله عنلله_ لخزيمللة بللن ثللابت‬
‫_رضللي الللله عنلله_‪ :‬مللا يمنعللك أن تغللرس أرضللك؟ فقللال‬
‫خزيمة‪ :‬أنا شيخ كبير أموت غدا‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬أعللزم عليللك‬
‫لتغرسنها)‪.(58‬‬
‫وقال الحارث النخعي‪ :‬رجعنا من القادسية فكان أحللدنا ُينت َللج‬
‫فرسه من الليل‪ ،‬فإذا أصبح نحللر مهرهللا فيقللول‪ :‬أنللا أعيللش‬
‫حتى أركب هذه؟ فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فكتب إلينا‪ :‬أن‬
‫أصلحوا ما رزقكم الله فإن المر ن ََفس" أي‪ :‬سعة)‪.(59‬‬
‫وذكر بعض الخباريين أن أحد الخلفاء مر على شلليخ يغللرس‬
‫شللجرة زيتللون‪ ،‬فتعجللب الخليفللة وقللال‪ :‬كيللف تغللرس هللذه‬
‫الشجرة مع علمك أنها ل تثمر إل بعللد سللنوات طويلللة ومللن‬
‫البعيد أن تدرك ذلك‪ ،‬فقال الشيخ‪ :‬زرع آباؤنللا فأكلنللا ونللزرع‬
‫ليأكل أبناؤنا‪.‬‬
‫الستفادة من النفايات‪:‬‬
‫بدأت الدعوات من المتخصصين في المحافظللة علللى الللبيئة‬
‫والقتصاديين إلللى ضللرورة تللدوير النفايللات والسللتفادة مللن‬
‫الصالح منها‪ ،‬وقد ورد مثللل ذلللك عللن سلللفنا الصللالح ‪ ،‬فقللد‬
‫روى ابن قتيبة عن الصمعي أن عمللر بللن الخطللاب _رضللي‬

‫‪339‬‬
‫الله عنه_لقط نويات من الطريللق فأمسللكها بيللده حللتى مللر‬
‫بدار قوم فألقاها فيه وقال‪" :‬تأكله داجنتهم")‪.(60‬‬
‫ورأى أبو الدرداء _رضي الله عنه_حّبا منثللورا فللي غرفللة للله‬
‫فالتقطه وقال‪":‬من فقه الرجل رفقه في معيشته")‪.(61‬‬
‫وتصدقت عائشللة بحبللة عنللب‪ ،‬وقللالت لنسللوة عنللدها‪" :‬هللذا‬
‫أثقل من مثاقيل ذر كثيرة" وذكر مثل ذلك عللن عبللدالرحمن‬
‫بن عوف وأبي هريرة وغيرهم)‪.(62‬‬
‫أهمية التكافل والشتراك‪:‬‬
‫صح في الحديث أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال‪" :‬إن‬
‫الشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينللة‬
‫جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهلم فلي‬
‫إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم")‪.(63‬‬
‫ومن صور التكافل العارية‪ ،‬وقد ذم الله قوما بمنعهللم إعللارة‬
‫ن"‬
‫عو َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مللا ُ‬ ‫من َعُللو َ‬
‫ما عندهم مللن مللاعون ونحللوه فقللال‪" :‬وَي َ ْ‬
‫)الماعون‪.(7:‬‬
‫التشديد في الدين‪:‬‬
‫فإن احتاج أحد إلى المال بعد كل مللا سللبق مللن الرشللادات‬
‫الشللرعية لتقللاء شللبح الفقللر والحاجلة؛ فهللل يسللتعجل فللي‬
‫دين؟‪ ،‬ل‪ ،‬بل عليه أن يفكللر كللثيرا قبللل القللدام علللى هللذا‬ ‫ال ّ‬
‫المر‪ ،‬فقد وردت النصوص في التشديد في أمر الدين فمللن‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪-1‬ما رواه محمللد بللن جحللش _رضللي الللله عنلله_قللال‪ :‬قللال‬
‫رسول الله _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬سبحان الله ماذا أنزل‬
‫من التشديد في الدين والذي نفسللي بيللده لللو أن رجل قتللل‬
‫في سبيل الله ثم أحيي ثم قتل ثم أحيي ثم قتل‪ ،‬وعليه دين‬
‫ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه")‪.(64‬‬
‫‪-2‬ومنه ما رواه ثوبان _رضي الله عنه_قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫_صلى الله عليه وسلم_‪" :‬من فارق الروح جسده وهو بريء‬
‫من ثلث دخل الجنة‪ :‬الكبر والدين والغلول")‪.(65‬‬

‫‪340‬‬
‫فإذا تأمل هذه النصوص ورأى أنه ل مفر من الدين ولم يكللن‬
‫دينه فيما يكره الله‪ ،‬فل بأس بالدين حينئذ‪ ،‬فقد روى عبدالله‬
‫بن جعفر _رضي الله عنه_قال‪ :‬قال رسول الله _صلى الللله‬
‫عليه وسلم_‪" :‬إن الله تعالى مع الدائن حتى يقضي دينلله مللا‬
‫لم يكن دينه فيما يكره الله")‪ .(66‬وقللال _صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم_‪":‬من أخذ أمللوال النللاس يريللد أداءهللا أدى الللله عنلله‬
‫ومن أخذ أموال الناس يريد إتلفها أتلفه الله")‪.(67‬‬
‫وبعد الستدانة عليه أن يكثر من الدعيللة الللتي وردت فيمللن‬
‫عليه دين‪ ،‬فمن ذلك ما رواه علي _رضي الله عنه_قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬أل أعلمك كلمللات لللو‬
‫كان عليك مثل جبل صلبير دينلا أداه اللله عنلك؟ قلل‪ :‬اللهلم‬
‫اكفني بحللك عن حرامللك وأغننللي بفضلللك عمللن سللواك")‬
‫‪ ،(68‬ومللن ذلللك مللا رواه أبللو سللعيد الخللدري _رضللي الللله‬
‫عنه_قال‪" :‬دخل رسول الله _صلى الللله عليلله وسلللم_ ذات‬
‫يوم المسجد‪ ،‬فإذا هو برجل من النصار يقال له‪ :‬أبو أمامللة‪،‬‬
‫فقال‪ :‬يا أبا أمامة‪ ،‬ما لي أراك جالسا في المسجد فللي غيللر‬
‫وقت صلة؟ قال‪ :‬هموم لزمتني وديون يا رسول الله‪ .‬قللال‪:‬‬
‫أفل أعلمك كلما إذا أنت قلته أذهب الله همك‪ ،‬وقضى عنللك‬
‫دينك؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬بلى يا رسول الله‪ ،‬قال‪ :‬قللل‪ :‬إذا أصللبحت‬
‫وإذا أمسيت‪ :‬اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك‬
‫من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخللل وأعللوذ بللك‬
‫من غلبة الللدين وقهللر الرجللال‪ .‬قللال‪ :‬ففعلللت‪ ،‬فللأذهب اللله‬
‫همي وقضى عني ديني")‪.(69‬‬
‫توثيق العقود‪:‬‬
‫يخطئ الكثير مللن النللاس حينمللا يجللرون بعللض العقللود دون‬
‫كتابة أو شهادة‪ ،‬ولو وثق الناس ديونهم ومعللاملتهم بالكتابللة‬
‫والشهادة لرتاح القضاة في المحاكم من كثير مللن القضللايا‪،‬‬
‫ومن المتقرر أن من مقاصللد الشللرع الحللرص علللى كللل مللا‬
‫يجمع كلمة المسلمين والمر به والمنللع مللن كللل مللا يسللبب‬
‫الفرقة والشحناء بينهم ولهللذا فإننللا نجللد أن أطللول آيللة فللي‬

‫‪341‬‬
‫متللاب الللله تعالللج مشللكلة عللدم توثيللق العقللود‪ ،‬فقللد قللال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫جل ٍ‬ ‫ن إ ِل َللى أ َ‬ ‫م ب ِلد َي ْ ٍ‬ ‫داي َن ْت ُ ْ‬ ‫من ُللوا إ ِ َ‬
‫ذا ت َل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫_تعالى_‪" :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫ذي َ‬
‫ه‪) "...‬البقللرة‪ :‬مللن اليللة ‪ ،(282‬وفيهللا المللر‬ ‫ى فَللاك ْت ُُبو ُ‬ ‫م ً‬ ‫س ّ‬‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫مل ِل ِ‬ ‫ْ‬
‫ب وَلي ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫بكتابة الدين وأجل ذلللك الللدين‪ ،‬ثللم قللال‪" :‬فَلي َك ْت ُل ْ‬
‫ه‪) "...‬البقرة‪ :‬مللن اليللة ‪(282‬‬ ‫ه َرب ّ ُ‬‫ق الل ّ َ‬ ‫ْ‬
‫حقّ وَلي َت ّ ِ‬ ‫ذي عَل َي ْهِ ال ْ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫وفيها أن من عليه الللدين هللو الللذي يكتللب إقللرارا بالللدين أو‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ت َك ْت ُب ُللوهُ‬ ‫موا أ ْ‬ ‫س لأ ُ‬ ‫يملللي إن لللم يكللن كاتبللا‪ ،‬ثللم قللال‪َ" :‬ول ت َ ْ‬
‫َ‬ ‫ص لِغيرا ً أ َو ك َبيللرا ً إل َللى أ َجل ِله ذ َل ِك ُل َ‬
‫م‬‫عن ْلد َ الل ّلهِ وَأقْ لوَ ُ‬ ‫ط ِ‬ ‫سل ُ‬ ‫م أقْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬
‫شَهاد َةِ وَأد َْنى أّل ت َْرَتاُبوا" )البقرة‪ :‬من الية ‪ (282‬وفيهللا أن‬ ‫َ‬ ‫ِلل ّ‬
‫الدين ولو قل فإن من الحكمللة أن يكتللب‪ ،‬وأن الحكمللة مللن‬
‫ذلك أن الكتابة من القسط والحكمة التي أمر الله بهللا وأنهللا‬
‫تدفع الريبللة والخطللأ الللذي يسللبب ضللياع الحقللوق ومللن ثللم‬
‫ذا‬ ‫دوا إ ِ َ‬ ‫ش له ِ ُ‬‫يسبب الشحناء‪ ،‬ثم أكد المر بالشهادة فقللال‪" :‬وَأ َ ْ‬
‫م" )البقرة‪ :‬من الية ‪.(70)(282‬‬ ‫ت ََباي َعْت ُ ْ‬
‫والجمهور على أن هذه الوامر للستحباب لما ثبت أن النللبي‬
‫_صلى الله عليه وسلم_ اشترى مللن جللابر جمل فلللم يشللهد‬
‫عليه‪ ،‬قالوا‪ :‬ولن المر للرشاد‪ .‬واختللار ابللن حللزم الوجللوب‬
‫لظاهر المر‪ .‬ولحديث أبللي موسلى _رضلي اللله عنلله_قلال‪:‬‬
‫قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬ثلثة يدعون الللله‬
‫_عز وجل_ فل يستجاب لهم ‪ :‬رجل كانت تحته امللرأة سلليئة‬
‫الخلق فلم يطلقها ورجل كان له على رجل مال فلللم يشللهد‬
‫عليه ورجل آتى سللفيها مللاله وقللد قللال الللله _تعللالى_‪َ" :‬ول‬
‫َ‬
‫م" )النساء‪ :‬من الية ‪.(71)"(5‬‬ ‫وال َك ُ ُ‬‫م َ‬‫سَفَهاَء أ ْ‬ ‫ت ُؤُْتوا ال ّ‬
‫ومن العجيب أن البعض يتساهل في هذا المللر معلليللن بللأن‬
‫الثقة موجودة‪ ،‬مع أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ اشللترى‬
‫من أحد أصحابه وكتب كتابا في ذلللك‪،‬فعللن العللداء بللن خالللد‬
‫_رضي الله عنه_في قصة شرائه _صللى اللله عليله وسللم_‬
‫منه وأنلله كتللب كتابللا بللذلك جللاء فيلله‪" :‬بسللم الللله الرحمللن‬
‫الرحيم‪ ،‬هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هللوذة مللن محمللد‬
‫رسول الله _صلى الله عليه وسلللم_ ‪ ،‬اشللترى منلله عبللدا أو‬

‫‪342‬‬
‫خبثللة‪ ،‬بيللع المسلللم للمسلللم")‬ ‫أمة على أل داء ول غائلة ول ُ‬
‫‪.(72‬‬
‫وسبب المر بالتوثيق أنه قد يحصللل نسلليان لبعلض الحللق أو‬
‫جميعللله‪ ،‬أو لصلللاحب الحلللق‪ ،‬وقلللد تحصلللل الوفلللاة لحلللد‬
‫المتعاقدين فيضيع الحللق‪ ،‬ولسللبب تشللريع الكتابللة والشللهود‬
‫قصة رواها أبو هريرة _رضي الله عنه_عن رسول الله_صلى‬
‫الللله عليلله وسلللم_ وفيهللا أن الللله أرى آدم ذريتلله فقللال‬
‫_تعالى_‪" :‬هؤلء ذريتك‪ ،‬فإذا كل إنسان مكتللوب عمللره بيللن‬
‫عينيه‪ ،‬فإذا فيهم رجل أضوأهم أو من أضوئهم‪ ،‬قللال‪ :‬يللا رب‬
‫من هذا؟ قال‪ :‬هذا ابنللك داوود‪ ،‬وقللد كتللب للله عمللر أربعيللن‬
‫سنة‪ .‬قال‪ :‬يا رب زد في عمره‪ ،‬قللال‪ :‬ذاك الللذي كتبللت للله‪،‬‬
‫قال‪ :‬أي رب فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أنت وذاك‪ ،‬ثم أسكن الجنللة مللا شللاء الللله‪ ،‬ثللم أهبللط منهللا‪،‬‬
‫فكان آدم يعد لنفسه‪ ،‬فأتاه ملك الملوت‪ ،‬فقلال لله آدم‪ :‬قلد‬
‫تعجلت‪ ،‬قد كتب لي ألف سنة‪ ،‬قال بلى‪ ،‬ولكنك جعلت لبنك‬
‫داوود سللتين سللنة‪ ،‬فجحللد فجحللدت ذريتلله‪ ،‬ونسللي فنسلليت‬
‫ذريته‪ ،‬فمن يومئذ أمر بالكتاب والشهود")‪.(73‬‬
‫والحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا محملد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫أهم المراجع‪:‬‬
‫الداب الشللرعية لبللن مفلللح تحقيللق عمللر القيللام وشللعيب‬
‫الرناؤوط‪.‬‬
‫جمع الفوائد للمغربي‪.‬‬
‫الحث على التجارة للخلل تحقيق محمود الحداد‪.‬‬
‫الرؤية السلمية لسلوك المستهلك‪ -‬للللدكتور زيللد الرمللاني‪-‬‬
‫الطبعة الولى‪1422-‬هل‪ -‬دار طويق للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫السلسة الصحيحة لللباني‬
‫صحيح الترغيب والترهيب لللباني‬
‫صحيح الجامع لللباني‬

‫‪343‬‬
‫كتللاب الكسللب – محمللد بللن الحسللن الشلليباني‪ -‬تحقيللق‬
‫عبللدالفتاح أبوغللدة‪ -‬نشللر‪ :‬مكتللب المطبوعللات السلللمية‪-‬‬
‫الطبعة الولى‪.‬‬
‫الكشاف القتصادي للحاديث النبوية‪ -‬لمحيي الللدين عطيللة‪-‬‬
‫الطبعة الولى ‪1408‬هل ‪-‬دار البحوث العلمية –الكويت‪.‬‬
‫المعجم المفهرس لمحمد فؤاد عبدالباقي‪.‬‬
‫‪-----------------------------------------‬‬
‫)‪ (1‬رواه الترمذي ‪ 4/573‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪ ،‬وابللن‬
‫ماجه ‪.2/1394‬‬
‫)‪ (2‬ديوان أبي السود ‪.160/‬‬
‫)‪ (3‬رواه أبو داود ‪ 5/325‬والنسائي ‪ ،3/74‬و ‪.8/262‬‬
‫)‪ (4‬رواه الترمذي كما في جمع الفوائد)‪.(2844‬‬
‫)‪ (5‬رواه البخاري ‪ 3/335‬ومسلم ‪.2/717‬‬
‫)‪ (6‬رواه احمد وصححه اللباني فللي صللحيح الجللامع ‪1869/‬‬
‫والصحيحة ‪.1658/‬‬
‫)‪ (7‬رواه أحمللد والترمللذي وابللن مللاجه والحللاكم وصللححه‬
‫اللباني ‪ 1914/‬والصحيحة‪.1359/‬‬
‫)‪ (8‬رواه الترمللذي وصللححه اللبللاني فللي صللحيح الجللامع‪/‬‬
‫‪ 6510‬والصحيحة‪.949،950/‬‬
‫)‪ (9‬رواه الطللبراني وغيللره وحسللنه اللبللاني فللي صللحيح‬
‫الجامع‪ 2164/‬والصحيحة‪.1692/‬‬
‫)‪ (10‬أصل الحديث في مسلم ‪ ،‬جمع الفوائد)‪.(2798‬‬
‫)‪ (11‬رواه الترمذي وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬وابن حبان والحاكم‬
‫وقال صحيح على شرط مسلم‪.‬‬
‫)‪ (12‬رواه احملد وابلن ملاجه وصلححه اللبلاني فلي صلحيح‬
‫الجامع‪ 2899/‬والصحيحة‪.1200/‬‬
‫)‪ (13‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫)‪ (14‬رواه احللد والترمللذي والحللاكم وصللححه اللبللاني فللي‬
‫صحيح الجامع‪ 2965 /‬والصحيحة‪276/‬‬

‫‪344‬‬
‫)‪ (15‬رواه أحمد وصححه اللباني في صللحيح الجللامع‪3767/‬‬
‫والصحيحة‪.519/‬‬
‫)‪ (16‬رواه الحللاكم وصللححه اللبللاني فللي الصللحيحة‪106/‬‬
‫وصحيح الجامع‪.7978/‬‬
‫)‪ (17‬رواه الطبراني وحسللنه اللبللاني فللي صللحيح الجللامع ‪/‬‬
‫‪ 3240‬وصحيح الترغيب‪.763/‬‬
‫)‪ (18‬رواه الحللاكم وصللححه اللبللاني فللي صللحيح الجللامع‪/‬‬
‫‪.3542‬‬
‫)‪ (19‬متفق عليه وطرقه في الرواء‪.1281/‬‬
‫)‪ (20‬رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وصححه اللبللاني فللي‬
‫صحيح الجامع‪.2685 /‬‬
‫)‪ (21‬رواه الطبراني وصححه اللبللاني فللي صللحيح الجللامع ‪/‬‬
‫‪.1428‬‬
‫)‪ (22‬رواه البخاري‪ ،4006/‬كما في الفتح ‪.7/317‬‬
‫)‪ (23‬رواه البخاري‪ 2320/‬كما في الفتللح ‪ ،8/109‬ومسلللم‪/‬‬
‫‪.1553‬‬
‫)‪ (24‬رواه أحمد ‪ 4/141‬والحللاكم ‪ 2/10‬وغيرهمللا كمللا فللي‬
‫الصحيحة لللباني)‪.(607‬‬
‫)‪ (25‬رواه البخاري) كتاب البيوع – باب كسب الرجل وعمله‬
‫بيده( الفتح ‪.4/304‬‬
‫)‪ (26‬رواه مسلم)‪ (1044‬وغيره‬
‫)‪ (27‬رواه الترمذي)‪ (647‬وحسنه وأبوداوود)‪ ،(1634‬ورواه‬
‫النسائي ‪ 5/99‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬
‫)‪ (28‬كتاب الكسب لمحمد بن الحسن ‪.190/‬‬
‫)‪ (29‬في كتاب الكسب لمحمد بن الحسن بعللض الثللار فللي‬
‫مهن النبياء من صفحة ‪.80-74‬‬
‫)‪ (30‬رواه البخاري ‪.4/303‬‬
‫)‪ (31‬رواه مسلم كما في جمع الفوائد )‪.(4571‬‬
‫)‪ (32‬رواه البخاري ‪ 4/441‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪.‬‬

‫‪345‬‬
‫)‪ (33‬رواه أبو داوود ‪ 5/170‬وابن ماجه ‪ 2/768‬والحاكم في‬
‫المستدرك ‪ 2/61‬وقال حديث صحيح السناد وأقره الذهبي‪.‬‬
‫)‪ (34‬كما في كتاب المعللارف لبللن قتيبللة‪ ،575/‬عللن تعليللق‬
‫الشيخ عبدالفتاح أبللو غللدة رحملله الللله علللى كتللاب الكسللب‬
‫لمحمد بن الحسن‪.89 /‬‬
‫)‪ (35‬رواه ابن المبارك في الجهاد )‪.(178‬‬
‫)‪ (36‬نسبه صاحب كنز العمال ‪ 4/122‬إلى وكيع في الزهد‪.‬‬
‫)‪ (37‬نسبه صاحب كنز العمال ‪ 4/129‬إلى الحكيم الترمللذي‬
‫وابن أبي الدنيا في التوكل والعسكري في المثال والدينوري‬
‫في المجالسة وعللزاه السلليوطي فللي الللدر المنثللور ‪8/238‬‬
‫إلى الحكيم الترمللذي‪.‬ونسللبه محقللق الحللث علللى التجللارة ‪/‬‬
‫‪ 142‬إلى الللدميري فللي حيللاة الحيللوان ‪ 1/666‬وبنحللوه عنللد‬
‫البيهقي في الشعب‪.‬‬
‫)‪ (38‬رواه الخلل في الحث على التجارة ‪ 27/‬ومن طريقلله‬
‫ابن الجوزي في تلبيس إبليس)‪.(285‬‬
‫)‪ (39‬الموضع السابق‪.‬‬
‫)‪ (40‬روضة العقلء ‪ 266/‬والحلية ‪ ، 3/11‬نقله محقق الحث‬
‫على التجارة ‪.26/‬‬
‫)‪ (41‬رواه الخلل في الحث على التجارة ‪.29/‬‬
‫)‪ (42‬رواه الخلل فللي الحللث علللى التجللارة ‪ .57/‬ومقصللده‬
‫رحمه الله‪ :‬حتى يتعلم التجارة ويعتاد على البيع‪.‬‬
‫)‪ (43‬نسبه محقللق الحللث علللى التجللارة ‪ ،57/‬إلللى طبقللات‬
‫الحنابلة لبن أبي يعلى ‪.1/387‬‬
‫)‪ (44‬رواه الخلل في الحث على التجارة ‪.96/‬‬
‫)‪ (45‬رواه البخاري في الدب المفرد ‪ 448/‬وحسنه اللبللاني‬
‫في الصحيحة ‪.1/13‬‬
‫)‪ (46‬رواه الترمذي كما في جمع الفوائد )‪.(2731‬‬
‫)‪ (47‬رواه مسلم كما في جمع الفوائد)‪.(2770‬‬
‫)‪ (48‬رواه ابن ماجه والطيالسي وحسنه اللباني في صللحيح‬
‫الجامع‪ 6119/‬والصحيحة‪2327/‬‬

‫‪346‬‬
‫)‪ (49‬رواه احمللد وابللن مللاجه وحسللنه اللبللاني فللي صللحيح‬
‫الجامع‪ 6120/‬والصحيحة‪. 2327/‬‬
‫)‪ (50‬رواه الحاكم في الكنللى‪ ،‬وابللن عسللاكر‪ ،‬عللن الزهللري‬
‫مرسل ً )كنز العمال ج ‪ ،(9/327‬ول يصح مرفوعا والله أعلم‪.‬‬
‫)‪ (51‬رواه النسللائي فللي سللننه‪ ،‬كتللاب ]الطهللارة[‪ ،‬رقللم )‬
‫‪ .(140‬وروى نحوه أبو داود‪ ،‬كتاب ]الطهللارة[‪ ،‬رقللم )‪،(135‬‬
‫وابن مللاجه‪ ،‬كتللاب ]الطهللارة[‪ ،‬وأحمللد فللي مسللنده )مسللند‬
‫المكثرين(‪.‬‬
‫)‪ (52‬رواه القضللاعي فللي مسللند الشللهاب ‪،215-1/214‬‬
‫وحسنه بعض العلماء لشواهده والله أعلم‪.‬‬
‫)‪ (53‬ورد مرفوعللا ول يصللح وموقوفللا ول بللأس بإسللناده و‬
‫نسبه محقق كتاب الخلل في الحث عللى التجلارة ‪ 60/‬إللى‬
‫المحدث الفاصل للرامهرمزي)‪.(360‬‬
‫)‪ (54‬رواه الخلل في الحث على التجارة‪.40/‬‬
‫)‪ (55‬روى صاحب الغاني ‪ 21/137‬عن أبللي علللي الحللاتمي‬
‫أنه قال‪ :‬أشرد مثل قيل فللي حفللظ المللال وتثميللره قللوله –‬
‫وأنشد البيت‪ -‬وهو للمتلمس‪ .‬كما في المرجع السابق‪.‬‬
‫)‪ (56‬رواه البخاري ‪ 9/501‬ومسلم ‪.1379-3/1378‬‬
‫)‪ (57‬رواه أحمللد ‪ 3/191‬والطيالسللي)‪ (275‬والبخللاري فللي‬
‫الدب المفرد) رقم ‪(479‬وقال الهيثمي ‪ :4/63‬رجاله أثبات‪،‬‬
‫وصححه اللباني في الصحيحة)‪.(9‬‬
‫)‪ (58‬رواه ابن جرير كما في السلسلة الصحيحة )‪.(7‬‬
‫)‪ (59‬رواه البخللاري فللي الدب المفللرد)‪ (168‬وهنللاد فللي‬
‫الزهد)‪ (1289‬وقال محقق الحث على التجارة‪ :41/‬سنده ل‬
‫بأس به‪ ،‬وصححه اللباني في الصحيحة ‪.1/12‬‬
‫)‪ (60‬نقله محقق الحث على التجارة‪ ،41/‬ونسبه لبن قتيبللة‬
‫في الغريب ‪ 2/41‬وقال ‪ :‬إسناده منقطع‪.‬‬
‫)‪ (61‬رواه وكيع في الزهد ‪ 783-3/782‬وقال محقق الحللث‬
‫على التجارة‪ :42/‬سنده محتمل التحسين‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫)‪ (62‬الموال لبي عبيد)‪ (440‬والزهد لحمللد)‪ (212‬والزهللد‬
‫لوكيع )‪.(784-3/783‬‬
‫)‪ (63‬متفق عليه‪.‬‬
‫)‪ (64‬رواه أحمللد والنسللائي والحللاكم وحسللنه اللبللاني فللي‬
‫صحيح الجامع‪ 3600/‬وأحكام الجنائز‪.107/‬‬
‫)‪ (65‬رواه احمد والترمذي وابن ماجه والنسائي وابللن حبللان‬
‫والحاكم وصححه اللباني في صحيح الجامع‪.6411/‬‬
‫)‪ (66‬رواه الحالكم والدارمي وصللححه اللبللاني فللي صللحيح‬
‫الجامع‪ 1825/‬والصحيحة‪.1000/‬‬
‫)‪ (67‬رواه البخاري كما في جمع الفوائد)‪.(4765‬‬
‫)‪ (68‬رواه أحمللد والترمللذي والحللاكم وحسللنه اللبللاني فللي‬
‫صحيح الجامع ‪.2625/‬‬
‫)‪ (69‬رواه أبو داوود ‪.2/195‬‬
‫)‪ (70‬البقرة آية الدين‪.‬‬
‫)‪ (71‬رواه الحللاكم وصللححه اللبللاني فللي صللحيح الجللامع‪/‬‬
‫‪ 3075‬والصحيحة‪.1805/‬‬
‫)‪ (72‬رواه الترمذي وابن ماجه وحسنه اللبللاني فللي صللحيح‬
‫الجامع‪.2821/‬‬
‫)‪ (73‬رواه الترمذي)‪ (3078‬وقللال‪ :‬حسللن صللحيح والحللاكم‬
‫‪ 1/64‬و ‪ 2/325‬وصلللححه ووافقللله اللللذهبي وابلللن حبلللان‬
‫وصححه‪ ،‬صحيح الجامع‪ ،5209/‬والمشكاة‪.4662/‬‬
‫المصدر ‪ :‬موقع المسلم‬
‫=============‬
‫‪#‬حكم تداول أسهم الشركات التي في مرحلة‬
‫التأسيس‬
‫)شركة الصحراء للبتروكيماويات أنموذجا(‬
‫د‪ .‬يوسف بن عبدالله الشبيلي )*(‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فيكثر السؤال في هذه اليام عن حكم تلداول أسلهم شللركة‬
‫الصللحراء ‪ ،‬وهللي شللركة حديثللة التأسلليس رأسللمالها ألللف‬

‫‪348‬‬
‫وخمسللمائة مليللون ريللال ‪ ،‬أنشللأت بغللرض السللتثمار فللي‬
‫المنتجات البتروكيماوية ‪ ،‬وقد طرحت أسهمها للتللدوال بيعللا ً‬
‫وشراًء مع أن أغلب موجوداتها في هذه الفترة مللن النقللود ‪،‬‬
‫وليس لها مشروعات إنتاجية قائمة حتى الن ‪.‬‬
‫وتحقيقا ً للفائدة فقد جمعت هذه الحلرف اليسلليرة لسلتبانة‬
‫الحكم الشرعي لتداول هذه السهم ‪ ،‬وقسمت هللذه الورقللة‬
‫إلى العناصر التية ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬موجودات الشركات المساهمة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬التكييف القانوني والشرعي للسهم ‪.‬‬
‫الثللالث ‪ :‬بيللع السللهم ذات الموجللودات المختلطللة وعلقتلله‬
‫بمسألة " مد عجوة ودرهم " ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬خلصة البحث ‪.‬‬
‫أسأل الله أن يلهمنا الصواب ‪ ،‬وأن يجنبنا الزيغ والرتياب ‪.‬‬
‫ل‪ -‬موجودات الشركات المساهمة‬ ‫أو ً‬
‫ل تخلللو عامللة الشللركات المسللاهمة فللي أي لحظللة مللن‬
‫اللحظات من الموجودات التية ‪:‬‬
‫ل‪ -‬العيان ‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫والمقصود بالعيان هنا‪ :‬ما سوى النقود والللديون ‪ ،‬وهللي مللا‬
‫يعبر عنهللا بلغللة المحاسللبة الحديثللة بلل )الصللول الحقيقيللة(‪،‬‬
‫وتشمل‪:‬‬
‫أ‪ -‬الصول الثابتة ‪:‬‬
‫وهي إما أن تكون ‪:‬‬
‫‪ .1‬عقارات ‪ :‬كالراضي والمباني والضيعات ونحو ذلك ‪.‬‬
‫‪ .2‬أو منقولت ‪ :‬كالسيارات المعللدة للسللتخدام ‪ ،‬والجهللزة‬
‫والثاث ونحو ذلك من عروض القنية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الصول المتداولة غير المالية ‪:‬‬
‫وهي ما يعبر عنها الفقهللاء بل ل )) عللروض التجللارة (( ‪ ،‬وهللي‬
‫العللروض المعللدة للللبيع ‪ ،‬سللواء كللانت منتجللات زراعيللة أو‬
‫صناعية أو تجارية أو طبية أو غير ذلك ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ -‬المنافع ‪:‬‬

‫‪349‬‬
‫المنفعة لغة ‪ :‬ما يتوصل به النسان إلى مطلوبه)‪(1‬‬
‫والمقصود بالمنفعة هنا ‪ :‬الفائدة العرضية الللتي تسللتفاد مللن‬
‫العيان بطريق استعمالها ‪ ،‬كسكنى المنازل وركوب السيارة‬
‫ولبللس الثللوب وعمللل العامللل ‪ ،‬ول تتنللاول الفللوائد الماديللة‬
‫كاللبن بالنسبة إلى الحيللوان ‪ ،‬والتمللر بالنسللبة إلللى الشللجر‬
‫والجرة بالنسبة إلى العيان التي تستأجر ونحو ذلك)‪(2‬‬
‫وعرفهللا ابللن عرفلله ‪ :‬مللا ل يمكللن الشللارة إليلله حس لا ً دون‬
‫إضافة ‪ ،‬يمكن استيفاؤه ‪ ،‬غير جزء مما أضيف إليه)‪(3‬‬
‫فالمنللافع تكتسللب مللن العيللان بواسلطة اسللتعمالها ‪ ،‬وهللي‬
‫الهدف من ملكية العيان وغايتها في الحقيقة ‪ ،‬فليس تملللك‬
‫العيان إل لجل الحصول على منافعها ‪.‬‬
‫غير أن ملك المنفعة قلد يكلون مسلتقل ً ومنفصلل ً علن مللك‬
‫مصللادرها مللن العيللان فيملللك منفعللة العيللن مللن ل يملللك‬
‫العين ‪ ،‬وعندئذٍ يكون له ملك المنفعة دون ملك العين )‪(4‬‬
‫فمن ملك دارا ً فقد ملك عينها ومنفعتها ‪ ،‬ومللن اسللتأجر دارا ً‬
‫للسكنى ملك منفعة سكناها ومن استأجر عامل ً لعمل معيللن‬
‫ملك عمله الذي حدد في عقد الجارة ‪.‬‬
‫فالمنفعة تارة يكون محلها عينا ً من العيان كالسكن بالنسبة‬
‫للدور ‪ ،‬وتارة يكون محلها الذمم كالعمال بالنسبة للعمللال )‬
‫‪(5‬‬
‫وتتجسد ملكية المنافع فللي الشللركات المسللاهمة فللي حللال‬
‫وجود أصول ذات منافع كالمباني واللت ‪ ،‬أو منللافع مجللردة‬
‫كلللالبيوت المسلللتأجرة ‪ ،‬والملللوظفين والعملللال التلللابعين‬
‫للشركة ‪.‬‬
‫ول خلف بين الفقهاء على جواز المعاوضة على المنافع مللن‬
‫حيث ال)‪ ،(6‬فيمكن أن يكون ثمنا ً ومثمنلا ً ‪ ،‬كمللا لللو اسللتأجر‬
‫رجل دارا ً مقابل انتفاع المؤجر بسيارة المستأجر )‪.(7‬‬
‫ثالثًا‪-‬الحقوق المعنوية ‪:‬‬

‫‪350‬‬
‫وهذه الحقوق ملزمللة لوجللود الشللركة منللذ تأسيسللها ‪ ،‬إذ ل‬
‫تخلو شركة مساهمة – ولو في مرحلة التأسيس – مللن هللذه‬
‫الحقوق ‪.‬‬
‫وتشمل هذه الحقوق ‪ :‬السم التجللاري للشللركة ‪ ،‬والتصللريح‬
‫بالكتتاب والتللداول ‪ ،‬والدراسللات السللابقة لنشللأتها ‪ ،‬وكلفللة‬
‫المخاطرة ‪ ،‬وكفاءة الدارة وجودتها وغير ذلك ‪.‬‬
‫فحصة مستثمر مع مدير للستثمار ذي كفللاءة عاليللة قيمتهللا‬
‫عند البيع أعلى من حصة آخللر مللع مللدير كفللاءته أقللل ‪ ،‬ولللو‬
‫تساوت حصتاهما من حيث القيمة الرأسللمالية النقديللة ‪ ،‬لن‬
‫الزيادة ليست بسبب زيادة في الموجودات العينية بل بسبب‬
‫قوة الدارة‪.‬‬
‫وقد تللوهم البعللض أن هللذه الحقللوق المجللردة ليسللت محل ً‬
‫للعقد ‪ ،‬لنها ليست بمال متقوم شرعا ً ‪ ،‬وهذا اللرأي ضلعيف‬
‫ن محسوسة يصح أن‬ ‫ً‬
‫جدا ‪ ،‬فإن المعاوضة كما تكون على عي ٍ‬
‫ي غيللر ململلوس ‪ ،‬وقللد أجللاز جمهللور‬ ‫ق معنللو ٍ‬‫تكون علللى حل ٍ‬
‫الفقهللاء بيللع الحقللوق المجللردة ‪ ،‬مثللل حللق المللرور ‪ ،‬وحللق‬
‫التعلي ‪ ،‬وحق التسييل ‪ ،‬وحق الشرب ‪ ،‬وحق وضع الخشللب‬
‫علللى الجللدار ‪ ،‬وحللق فتللح البللاب ‪ ،‬ونحللو ذلللك )‪ ،(8‬ودلللت‬
‫ق‬ ‫الشريعة على جواز المعاوضة ببذل المال للتنللازل عللن ح ل ٍ‬
‫مللن الحقللوق ‪ ،‬كالمصللالحة علللى العفللو عللن القصللاص ‪،‬‬
‫والخللع ‪ ،‬والصللح بعلوض للتنلازل علن حلق الشلفعة ‪ ،‬وبيلع‬
‫العربون ‪ ،‬وغير ذلك من المعاوضات التي يكون محل العقللد‬
‫فيها حقا ً مجردا ً ‪.‬‬
‫رابعًا‪ -‬النقود ‪:‬‬
‫وبيع النقد بنقد هو الصرف ‪ ،‬ويشترط فيه ‪:‬‬
‫‪ .1‬التماثل إذا بيلع النقلد بجنسله ‪ ،‬فلإن بيلع بغيلر جنسله فل‬
‫يشترط التماثل ‪.‬‬
‫‪ .2‬والتقابض في الحال ‪.‬‬
‫خامسًا‪ -‬الديون ‪:‬‬

‫‪351‬‬
‫وقللد تكللون بسللبب تسللهيلت ائتمانيللة مللن الشللركة لبعللض‬
‫عملئها ‪ ،‬أو مستحقات مالية بسبب بيوٍع آجلة ونحو ذلك ‪.‬‬
‫وقد اختلف أهل العلم في حكم بيع الدين مللن غيللر مللن هللو‬
‫عليه والظهر هو جواز بيع الدين من غير من هو عليلله بثمللن‬
‫حاضر ‪ ،‬بالشروط التيه ‪:‬‬
‫‪ .1‬أل يتفق العوضان )الللدين وعوضلله( فللي العلللة الربويللة ‪،‬‬
‫كأن يكللون الللدين ريللالت ويشللترى بريللالت أو دولرات ‪ ،‬أو‬
‫يكللون الللدين بللرا ً ويشللترى بتمللر أو بللبر ‪ ،‬لن مللن شللرط‬
‫المبادلة بين هذه الصناف التقللابض ‪ ،‬ول يتحقللق القبللض إذا‬
‫كان أحدهما دينا ً ‪ .‬قال في القواعد الفقهية ‪)) :‬بيللع الصللكاك‬
‫قبل قبضها ‪ ،‬وهي الللديون الثابتللة علللى النللاس ‪ ..‬فللإن كللان‬
‫الدين نقدا ً وبيع بنقد لم يجز بل خلف ‪ ،‬لنه صرف بنسلليئة((‬
‫)‪.(9‬‬
‫‪ .2‬أل يربح الدائن من البيع ‪ ،‬فللله أن يللبيعه بنفللس قيمتلله أو‬
‫بأقل ول يزداد ‪ ،‬لئل يدخل في النهي عن ربح ما لم يضمن ‪.‬‬
‫فهذه هي الموجودات المعتللادة للشللركة المسللاهمة ‪ ،‬حيللث‬
‫تتألف من العيان والمنللافع والحقللوق والنقللود والللديون ‪ ،‬أو‬
‫من أوراق مالية ترجع إلى شيء من ذلك ‪.‬‬
‫وفي الشللركات الللتي فللي مرحلللة التأسلليس تكللون الغالبيللة‬
‫العظمللى مللن هللذه الموجللودات هللي النقللود المحصلللة مللن‬
‫أمللوال المكتتللبين ‪ ،‬ففللي شللركة الصللحراء مثل ً تصللل نسللبة‬
‫النقود من موجودات الشركة في هذه الفللترة مللا يزيللد عللن‬
‫تسللعين بالمللائة حسللب إفللادة القللائمين عليهللا ‪ ،‬ومللع ذلللك‬
‫فالشركة ل تخلو من بعض الموجودات الخللرى ذات القيمللة‬
‫المعتلللبرة شلللرعا ً ‪ ،‬كلللالحقوق المعنويلللة ومنلللافع العيلللان‬
‫والشللخاص العللاملين فيهللا إضللافة إلللى بعللض الممتلكللات‬
‫اليسيرة ‪.‬‬
‫والسؤال المطروح الن ‪:‬هل المعتبر عنللد بيللع هللذه السللهم‬
‫قيمتها السوقية بغض النظر عمللا تمثللله مللن موجللودات فللي‬

‫‪352‬‬
‫الشركة ؟ أم ينظر إلى موجودات الشركة ويأخذ الللبيع حكللم‬
‫تلك الموجودات ؟‬
‫وعلى الثاني يجب أن تطبق شروط الصرف فللي بيللع أسللهم‬
‫الشللركات الللتي أغلللب موجوداتهللا النقللود ‪ ،‬فيلللزم التماثللل‬
‫والتقللابض ‪ ،‬ويتحقللق التماثللل فللي بيللع السللهم أثنللاء فللترة‬
‫الكتتاب وقبل التشغيل ببيعه بقيمتلله السللمية دون زيللادة أو‬
‫نقصان ‪ ،‬أما بعد التشغيل فيتحقق التماثل ببيع السهم بقيمته‬
‫الحقيقية ‪ ،‬وهي النصيب الذي يسللتحقه السللهم فللي صللافي‬
‫أموال الشركة ‪ ،‬فيشللمل رأس المللال المللدفوع وموجللودات‬
‫الشلللركة وملللا أضللليف إللللى رأس الملللال ملللن الربلللاح‬
‫والحتياطيات )‪.(10‬‬
‫وتساوي هذه القيمة ‪ :‬القيمة الدفتريللة لخللر فللترة ‪ ،‬مضللافا ً‬
‫إليها الرباح المحتجزة ‪.‬‬
‫والجواب عن هذا السؤال يتطلللب تحريللر التكييللف القللانوني‬
‫والشللرعي للسللهم ‪ ،‬وعلقللة السللهم بموجللودات الشللركة ‪،‬‬
‫وهذا ما سنجيب عنه بمشيئة الله تعالى في السطر القادمة‬
‫ثانيًا‪-‬التكييف القانوني والشرعي للسهم‬
‫التكييف القانوني ‪:‬‬
‫السهم في القانون التجاري هو صللك يمثللل حصللة فللي رأس‬
‫مال شركة المساهمة)‪.(11‬‬
‫وللسللهم خصللائص متعللددة منهللا ‪:‬التسللاوي فللي القيمللة ‪،‬‬
‫والقابلية للتداول ‪ ،‬والقابلية للتسللييل )‪ ، (12‬وعللدم القابليللة‬
‫للتجزئة ‪ ،‬وغير ذلك )‪.(13‬‬
‫وخلفا ً للنظرة الشرعية ‪ ،‬فإن القانون التجاري – بما يمنحلله‬
‫للشركة المساهمة من شخصية اعتبارية – يميللز بيللن ملكيللة‬
‫السهم ‪ ،‬وملكية الصول والعيان التي يتضمنها السهم ‪.‬‬
‫فالسللهم يملللك علللى وجلله السللتقلل عللن ملكيللة الصللول‬
‫والعيان التي تملكها الشركة ‪ ،‬بحيث إن الحصللص المقدمللة‬
‫للمساهمة في الشركة تنتقل على سبيل التمليك إلى ملكيللة‬
‫الشركة ‪ ،‬ويفقد الشركاء المستثمرون كل حق عيني عليها ‪،‬‬

‫‪353‬‬
‫ول يبقى لهم إل حق فللي الحصللول علللى نصلليب مللن أربللاح‬
‫الشركة أثناء وجودها ‪ ،‬وفي اقتسام قيمة بيع موجوداتها عند‬
‫التصفية ‪.‬‬
‫ولقد ل حظت كللثير مللن القللوانين هللذا السللتقلل ففرضللت‬
‫ضريبة الدخل أو الرباح على الشركات بشكل منفصللل عللن‬
‫ضريبة الللدخل علللى الفللراد ‪ ،‬فالشللركة تللدفع ضللريبة علللى‬
‫مجموع أرباحهللا سللواء وزعتهللا أم لللم توزعهللا ‪ ،‬والمسللتثمر‬
‫يدفع ضريبة أيضا ً عما حصل عليه من أرباح موزعة ‪ ،‬دون أن‬
‫يعتللبر ذلللك ازدواجللا ً ضللريبيا ً ‪ ،‬لن للشللركة أو الصللندوق‬
‫السللتثماري شخصللية قانونيللة وذمللة ماليللة مسللتقلتين عمللا‬
‫للمستثمرين أفرادا ً أو مجتمعين )‪.(14‬‬
‫التكييف الشرعي للسهم ‪:‬‬
‫ل يختلللف التكييللف الشللرعي للسللهم كللثيرا ً عللن التكييللف‬
‫القللانوني ‪ ،‬إل فللي دمللج ملكيللة السللهم بملكيللة موجللوداته ‪،‬‬
‫فالسهم ل يملك علللى وجلله السللتقلل عللن ملكيللة الصللول‬
‫والعيان ‪ ،‬بل إن الشركة أو الوعاء الستثماري مملللوك بمللا‬
‫فيه للمساهمين ‪.‬‬
‫وعلى هذا فالتكييف الشرعي للسهم أنه‪)) :‬حصة شائعة من‬
‫موجودات الشركة ‪ ،‬أيا ً كان نوع هذه الموجودات((‪.‬‬
‫فقد تكون موجودات الشركة أصول ً مالية – نقللودا ً أو أوراق لا ً‬
‫مالية – ‪ ،‬وقد تكون أصول ً حقيقية من عقارات وسلع ومنافع‬
‫وغير ذلك ‪ ،‬وقد تكون مزيجا ً من هذه الصول أو بعضها ‪.‬‬
‫وقد أوجدت الطبيعة المزدوجة للسللهم ‪ ،‬تباين لا ً فللي وجهللات‬
‫النظر عند العلماء المعاصرين ‪ ،‬في تحديد النظرة الشللرعية‬
‫التي يجب أن يعامللل بهللا السللهم لتنزيللل الحكللام الشللرعية‬
‫عليه ‪.‬‬
‫فمع أن الجميع متفقون علللى أن السللهم حصللة شللائعة فللي‬
‫موجودات الشركة ‪ ،‬إل أن قابليته للتداول والتسييل بسلهولة‬
‫ض (( مطلقلا ً‬ ‫علْر ٌ‬
‫جعل البعض يميل إلى تكييفه عللى أنله )) َ‬
‫بصرف النظر عما يتكون منه من نقود أو ديللون أو منللافع أو‬

‫‪354‬‬
‫غيللر ذلللك ‪ ،‬وهللو رأي يقللترب مللن النظللرة االقانونيللة الللتي‬
‫قللدمناها آنف لا ً ‪ ،‬والللتي تفصللل بيللن ملكيللة السللهم ‪ ،‬وملكيللة‬
‫موجوداته ‪ ،‬فموجودات الشركة ليست بالضرورة – على هذا‬
‫الرأي – هي موجودات السهم ‪.‬‬
‫ويظهر أثر هللذا الختلف جليلا ً فللي ثلثللة أبللواب مللن أبللواب‬
‫الفقه ‪ ،‬هي ‪:‬‬
‫‪ -‬باب الزكاة ‪.‬‬
‫‪ -‬وباب البيع ‪.‬‬
‫‪ -‬وباب الرهن ‪.‬‬
‫وفيما يلي عرض لهذين الرأيين ‪ ،‬وما يترتب على كل منهمللا‬
‫من أثر في هذه البواب ‪ ،‬وإن كان بعضهم قد أبدى رأيه في‬
‫باب دون الخر إل أن إجراء الحكم في جميللع المسللائل مللن‬
‫لزم قوله ‪.‬‬
‫فنقول ‪:‬‬
‫اختلف العلماء المعاصرون في تكييللف الوراق الماليللة الللتي‬
‫تمثل حصص ملكية كالسهم على قولين‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫يرى بعض العلماء أن السهم أموال قد اتخذت للتجار ‪ ،‬فإن‬
‫صاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء ‪ ،‬ويكسب منها كما يكسللب‬
‫كل تاجر مللن سلللعته ‪ ،‬فهللي بهللذا العتبللار عللروض تجللارة ‪،‬‬
‫مهما كانت موجودات أو طبيعة عمل الشركة الللتي أصللدرتها‬
‫)‪.(15‬‬
‫وإلللى هللذا ذهبللت نللدوة البركللة الثانيللة ‪ ،‬وبعللض الهيئات‬
‫الشللرعية للمصللارف السلللمية وذلللك إذا كللان مللن ضللمن‬
‫موجودات الشركة نسبة ولو يسيرة من العيان )غير النقللود‬
‫والديون( )‪(16‬‬
‫ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يلي ‪:‬‬
‫الحجة الولى ‪:‬‬
‫قوله عليه الصلة والسلم ‪)) :‬من بللاع عبللدا ً للله مللال فمللاله‬
‫للذي باعه إل أن يشترطه المبتاع(( )‪.(17‬‬

‫‪355‬‬
‫عللرض ‪،‬‬ ‫ووجه الدللة منه ‪ :‬أنه اجتمع في المبيع ‪ :‬عبد وهللو َ‬
‫ومال ‪ ،‬فأعطي الجميع حكم العرض ‪ ،‬فيجوز بيعه سواء كان‬
‫المال الذي معه معلوما ً أو مجهول ً ‪ ،‬من جنس الثمن أو مللن‬
‫غيره ‪ ،‬عينا ً كان أو دينا ً ‪ ،‬وسواء كللان مثللل الثمللن أو أقللل أو‬
‫أكثر )‪.(18‬‬
‫وقياسا ً على ذلك يجوز بيع الورقة المالية بغللض النظللر عمللا‬
‫في موجوداتهللا مللن الللديون والنقللود ‪ ،‬فللإن مللن موجوداتهللا‬
‫ن وآلت ونحللو ذلللك ‪ ،‬ونقللودا ً ‪ ،‬فتأخللذ حكللم‬ ‫عروضا ً من مبللا ٍ‬
‫العروض بدللة الحديث ‪.‬‬
‫ويمكن مناقشة هذه الحجة ‪:‬‬
‫)بللأن الحللديث محمللول علللى أن قصللد المشللتري للعبللد ل‬
‫للمللال ‪ ،‬فيللدخل المللال فللي الللبيع تبع لا ً ‪ ،‬فأشللبه أساسللات‬
‫الحيطان والتمويه بالذهب في السقوف ‪ ،‬فأما إذا كان المال‬
‫مقصودا ً بالشراء فيجللوز اشللتراطه إذا وجللدت فيلله شللرائط‬
‫البيع من العلم به ‪ ،‬وأل يكون بينه وبين الثمن ربا ‪ ،‬كما يعتبر‬
‫ذلك في العينين المبيعتين ‪ ،‬لنه مبيع مقصود( )‪(19‬أ‪.‬هل‪.‬‬
‫وعليه ‪ :‬فيصح الستدلل لو كان القصد مللن الورقللة الماليللة‬
‫هو العروض دون النقود ‪.‬‬
‫ويجاب عن هذه المناقشة ‪:‬‬
‫بللأن المسللاهم – عنللد شللرائه السللهم – ل يقصللد امتلك‬
‫موجودات ذلك السهم ‪ ،‬بللل لربمللا ل يعللرف مللافي الشللركة‬
‫مللن موجللودات ‪ ،‬وإنمللا قصللده الحصللول علللى الربللح إمللا‬
‫بالمضاربة بالسهم في السوق الماليللة )الربللاح الرأسللمالية(‬
‫أو بالحتفاظ به حتى موعد توزيع الربللاح )الربللاح الدوريللة(‪،‬‬
‫فللالنقود أو الللديون الللتي مللن موجللودات الشللركة ليسللت‬
‫مقصللودة للله ولللو كللانت تمثللل النسللبة العظمللى مللن تلللك‬
‫الموجودات ‪.‬‬
‫الحجة الثانية ‪:‬‬
‫أن الوراق المالية ومنها السهم أصبحت سلعا ً تباع وتشترى‬
‫‪ ،‬وصاحبها يكسب منها كما يكسللب كللل تللاجر مللن سلللعته ‪،‬‬

‫‪356‬‬
‫وقيمتها الحقيقية التي تقدر في السواق ‪ ،‬تختلف فللي الللبيع‬
‫والشراء عن قيمتها السمية )‪.(20‬‬
‫ويمكن مناقشة هذه الحجة ‪:‬‬
‫بأن كون الوراق المالية قابلة للتداول ل يخرجها عن ماهيتها‬
‫وحقيقتهللا الشللرعية ‪ ،‬فللالنقود الورقيللة أصللبحت سلللعا ً تبللاع‬
‫وتشترى ‪ ،‬ومع ذلك فهي ليست عروض ‪.‬‬
‫ما يترتب على هذا القول ‪:‬‬
‫)‪ -(1‬في الزكاة ‪:‬‬
‫يجب أن تزكى الوراق المالية زكاة عروض التجارة مطلقلا ً ‪،‬‬
‫سواء قصد المشتري من امتلك الورقللة الماليللة التجللارة أو‬
‫الغلة ‪ ،‬وذلك بأن تقوم تلك الوراق في نهاية الحول بقيمتهللا‬
‫السوقية ‪ ،‬ويؤخذ ربع العشر من قيمتها‪.‬‬
‫)‪ -(2‬في البيع )‪.(21‬‬
‫ينطبق علللى بيللع الورقللة الماليللة أحكللام بيللع العللروض ‪ ،‬فل‬
‫يجللري فيهللا ربللا الفضللل أو النسلليئة حللتى ولللو كللان معظللم‬
‫موجوداتهللا نقللودا ً أو ديونللا ً ‪ ،‬فيجللوز بيعهللا بللالنقود بقيمتهللا‬
‫السوقية ‪ ،‬وإن كانت مختلفة عن قيمتهللا الحقيقيلله ) القيمللة‬
‫الدفترية ‪ +‬الرباح ( ‪ ،‬ويجوز بيعها أيضا ً من غير قبض لثمنها‬
‫‪.‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫ذهب بعض العلماء المعاصرين إلى أن للسهم حكم ما يمثله‬
‫فللي موجللودات الصللندوق أو الشللركة الللتي أصللدرته ‪ ،‬مللن‬
‫عروض أو نقود أو ديون أو منافع ‪ ،‬فيختلللف حكملله بللاختلف‬
‫تلك الموجودات)‪.(22‬‬
‫وبهذا القول صللدر قللرار مجملع الفقله السللمي بجللدة فلي‬
‫دورته الرابعه )‪.(23‬‬
‫احتج أصحاب هذا القول بما يلي ‪:‬‬
‫الحجة الولى ‪:‬‬

‫‪357‬‬
‫أن السهم ما هو إل مستند لثبات حللق المسللاهم ‪ ،‬فل قيمللة‬
‫له في نفسه وإنما بما يمثله من موجودات الشركة ‪ ،‬فيجللب‬
‫أن يأخذ حكمها )‪.(24‬‬
‫نوقش ‪:‬‬
‫بأن القيمة السوقية للسهم تختلف ارتفاعا ً وهبوطا ً ‪ ،‬فهللي ل‬
‫تمثل القيمة الحقيقية لموجودات الشركة)‪.(25‬‬
‫أجيب ‪:‬‬
‫بأن تقلب القيمة السوقية ارتفاعا ً وهبوط لا ً أمللر طللبيعي لن‬
‫رأس المللال المللدفوع قللد اسللتخدمته الشللركة فللي شللراء‬
‫موجوداتها ‪ ،‬وهذه الموجودات استخدمت في أنشطة إنتاجية‬
‫قد تنجلح فتقللوي مللن مركللز الشللركة المللالي ‪ ،‬وقللد تفشللل‬
‫فيحدث العكس ‪ ،‬وفي كلتا الحللالتين تتللأثر القيمللة الحقيقيللة‬
‫للورقللة ‪ ،‬وتبع لا ً لللذلك تتللأثر القيمللة السللوقية ‪ ،‬لن القيمللة‬
‫الحقيقية تعتبر مؤشرا ً موضوعيا ً للقيمة السوقيه )‪.(26‬‬
‫الحجة الثانية ‪:‬‬
‫أن الشركة المساهمة إما أن تكون على سبيل المضللاربة أو‬
‫العنان ‪ ،‬وعلى كل الحالين فللإن نصلليب الشللريك نافللذ علللى‬
‫موجودات الشركة ‪.‬‬
‫ويمكن مناقشة هذه الحجة ‪:‬‬
‫بأن شركة المساهمة تختلف علن شلركة المضلاربة والعنللان‬
‫اللتين عرفهما الفقه السلمي باعتبارات متعددة ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن شركة المساهمة مللن شللركات المللوال الللتي تتجلللى‬
‫فيها الشخصللية العتباريللة المسللتقلة للشللركة عللن ملكهللا ‪،‬‬
‫بخلف المضاربة والعنان فإنهما من شركات الشخاص الللتي‬
‫يرتبللط تكوينهللا وماهيتهللا بأشللخاص ملكهللا ولهللذا تفصللل‬
‫القوانين التجارية بين المساهمين الذين يمتلكللون "السللهم"‬
‫والشركة التي تمتلك "الموجودات"‪.‬‬
‫‪ .2‬أن ملكية السهم منفصلة عن ملكيللة موجوداتهللا ‪ ،‬ولهللذا‬
‫لوصفيت الشركة ل يحق لي من الشركاء المطالبة بقسللمة‬
‫الموجللودات أو بحصللته مللن أعيانهللا حللتى ولللو كللانت مثليللة‬

‫‪358‬‬
‫‪،‬بخلف شللركتي العنللان والمضللاربة فللإن الصللل فيهمللا هللو‬
‫التصللفية الحقيقيللة ل الحكميللة )التقديريللة( ‪ ،‬فلللو طلللب‬
‫الشللريك عنللد التصللفية حصللته بعينهللا مللن الموجللودات أي‬
‫المقاسمة لزم الخر إجابته إلى ذلك ‪ ،‬قللال فللي المغنللي ‪" :‬‬
‫وإن طلب أحدهما القسمة والخر البيع أجيب طالب القسمة‬
‫دون طالب البيع ")‪. (27‬‬
‫‪ .3‬أن السهم –إذا تحقق المتعاقدان بأنفسللهما أوبقللول مللن‬
‫يثقان به من خلوه من المحاذير الشرعية– فإنه يجوز تللداوله‬
‫بيعا ً وشراًء وإن لللم يعلمللا حقيقللة مللا يمثللله مللن موجللودات‬
‫الشركة ‪ ،‬وليعد بذلك ملن عقللود الغللرر ‪ ،‬لن قصلدهما فلي‬
‫الربح ل في الموجودات ‪ ،‬والغرر إنما يؤثر في العقد إذا كان‬
‫مقصودا ً ل تابعا ً ‪ ،‬أما حصة الشللريك فللي العنللان والمضللاربة‬
‫فل يجوز بيعها أو شراؤها إل بعللد العلللم بموجوداتهللا تحديللدا ً‬
‫وإل كان مللن عقللود الغللرر ‪ ،‬لن تلللك الموجللودات مقصللودة‬
‫بذاتها‪.‬‬
‫‪ .4‬أن شركة المساهمة ذات مسؤلية محدودة بخلف العنان‬
‫والمضاربة ‪.‬‬
‫‪ .5‬قابلية السهم في الشركات المساهمة للتداول والتسللييل‬
‫بخلف حصة الشريك في العنان والمضاربة ‪.‬‬
‫‪ .6‬اختلف القيمللة السللوقية للسللهم عللن القيمللة الحقيقيللة‬
‫) القيمللة الدفتريللة ‪ +‬الربللاح ( بخلف حصللة الشللريك فللي‬
‫العنان والمضاربة فإن قيمتها عند التصللفية بقيمللة مللا تمثللله‬
‫من موجودات ‪.‬‬
‫‪ .7‬ثبللوت حللق الشللفعة فللي العنللان والمضللاربة عنللد تللوفر‬
‫شروطه بخلف الشركات المساهمة ‪.‬‬
‫فكل هذه العتبارات وغيرها تمنع من تطللبيق أحكللام العنللان‬
‫والمضاربة وغيرهللا بحللذافيرها علللى الشللركات المسللاهمة ‪،‬‬
‫وتجعل العلقة بين السهم وموجوداته أضعف مما هللي عليلله‬
‫في شركات الشخاص‪.‬‬
‫ما يترتب على هذا القول ‪:‬‬

‫‪359‬‬
‫‪ -1‬في الزكاة ‪ :‬يأخذ السهم حكللم زكللاة موجللودات الشللركة‬
‫الللتي أصللدرته وطبيعللة نشللاطها ‪ ،‬فينظللر إلللى موجللودات‬
‫الشركة ونشاطها وتحسب الزكاة وفقا ً لذلك ‪.‬‬
‫‪ -2‬في البيع ‪ :‬تأخذ الوراق حكم بيع موجوداتها ‪ ،‬فللإن كللانت‬
‫ديونا ً فلها حكم بيع الديون وإن كللانت نقللودا ً فلهللا حكللم بيللع‬
‫النقود ‪ ،‬وإن كللانت أعيان لا ً أو منللافع فلهللا حكللم بيللع العيللان‬
‫والمنافع ‪.‬‬
‫الترجيح بين القولين السابقين ‪:‬‬
‫مملا لشلك فيله أن الخلف السلابق جلوهري ويلترتب عليله‬
‫مسللائل متعللددة ‪ ،‬وأحكللام متباينللة ‪ ،‬ولكنللي سللأحجم عللن‬
‫الترجيح بين القولين لن نتيجللة القللولين فللي المسللألة الللتي‬
‫نحن بصدد دراستها بخصوصها واحدة كما سيأتي ‪.‬‬
‫ثالثًا‪-‬بيع أسهم الشركات وعلقته بمسألة "مد عجوة ودرهم"‬
‫عرفنا فيما تقدم أن موجودات الشركات المسللاهمة ل تخلللو‬
‫من كونها خليطا ً من أنواٍع متعددةٍ من الموال ‪ ،‬ولكن أغلللب‬
‫هذه الموجودات في الشركات حديثللة التأسلليس تكللون مللن‬
‫النقللود ‪ ،‬فعلللى قللول مللن يللرى أن للسللهم حكللم العللروض‬
‫مطلقا ً فل إشكال في تداول أسللهم هللذه الشللركات بقيمتهللا‬
‫السوقية بغض النظللر عللن موجوداتهللا ‪ ،‬لن الحكللم للعيللان‬
‫مطلقا ً ‪ ،‬اكتفاًء بمبدأ الخلطة ‪ ،‬فل يشللترط للللبيع تقللابض ول‬
‫تماثل ولو كانت النقود أو الديون هي الغالبة‪.‬‬
‫أما على رأي مللن يللرى أن حكللم بيللع السللهم للله حكللم بيللع‬
‫موجوداتها فللإنه ينظللر إلللى الغلللب مللن تلللك الموجللودات ‪،‬‬
‫فيعطي السهم حكم الغلب فإن كانت العيان هي الغالبللة ‪،‬‬
‫فله حكم بيع العيان ‪ ،‬وإن كللانت النقللود هللي الغالبللة ‪ ،‬فللله‬
‫حكم المصارفة ‪ ،‬وإن كانت الديون هي الغالبة فله حكم بيللع‬
‫الديون ‪.‬‬
‫وإلى هذا القول ذهب مجلس مجمع الفقه السلمي بجللدة )‬
‫‪.(28‬‬

‫‪360‬‬
‫ويجللري علللى هللذا القللول – الثللاني – الخلف بيللن الفقهللاء‬
‫المتقدمين فيما إذا بيع ربوي بجنسه ومعهمللا أو مللع أحللدهما‬
‫من غير جنسهما ‪ ،‬وتعرف بمسألة )) مد عجللوة ودرهللم (( )‬
‫‪.(29‬‬
‫وللفقهاء في هذه المسألة ثلثة أقوال ‪:‬‬
‫‪ .1‬المنع مطلقا ً ‪.‬‬
‫‪ .2‬الجواز إن كان المفرد أكثر من الذي معه غيللره ‪ ،‬أو كللان‬
‫مع كل واحد منهما من غير جنسه ‪.‬‬
‫‪ .3‬الجواز إن كان غير الربوي تابعا ً ‪.‬‬
‫وقبل الشروع في ذكر الخلف وما يللترتب عليلله وحجللج كللل‬
‫فريق ‪ ،‬يحسن أول ً تحرير محل النزاع في المسألة ‪.‬‬
‫فثمت مسائل اتفقت هذه القوال عليها ‪:‬‬
‫‪ -1‬إن باع ما فيه الربا بغير جنسه ‪ ،‬ومعه من جنللس مللا بيللع‬
‫بلله ‪ ،‬إل أنلله – أي الربللوي – تللابع غيللر مقصللود ‪ ،‬فللإن كللان‬
‫يسلليرا ً ‪ ،‬فللالبيع جللائز ‪ ،‬قللال ابللن قدامللة ‪ )) :‬ل أعلللم فيلله‬
‫خلفا ً (( )‪.(30‬‬
‫ووجود الربوي في هذا البيع كعدمه ‪.‬‬
‫وذلك مثل أن يشتري دارا ً مموها ً سلقفها بالللذهب ‪ ،‬بللذهب ‪،‬‬
‫أو بدار سقفها مموه بالذهب ‪.‬‬
‫وتتفاوت المذاهب في تحديد القدر الذي يتسامح فيه بوجللود‬
‫الربوي فللي الصللفقه ‪ ،‬فنجللد المللذهب الشللافعي أشللد هللذه‬
‫المذاهب ثم المالكي والحنبلي ثم الحنفي ‪.‬‬
‫فالشللافعية يضللبطون ذللك بللأن يكللون الربللوي يسلليرا ً تابعلا ً‬
‫بالضافة إلى المقصلود ‪ ،‬كلبيع حنطلة بشلعير ‪ ،‬وفيهلا أوفلي‬
‫أحدهما حبات من الخر يسيرة )‪.(31‬‬
‫والحنابلة يحددون ذلك بأن يكللون الربللوي التللابع يسلليرا ً غيللر‬
‫مقصود ‪ ،‬كالملح فيما يعمل فيه ‪ ،‬أو كثيرا ً لمصلحة المقصود‬
‫كالماء في خل التمر والزبيب )‪.(32‬‬
‫بينما يرى المالكية جواز بيللع المحلللى إذا بيللع بنقللد مللن غيللر‬
‫جنسه بثلثة شروط ‪:‬‬

‫‪361‬‬
‫الول ‪ :‬أن تكللون الحليللة مباحللة ‪ ،‬كتحليللة السلليف والخللاتم‬
‫ونحوهما ‪ ،‬فإن كانت محرمة كالثياب فلتجوز‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن تكون الحلية مسمرة ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬أن يباع معجل ً من الجانبين ‪ ،‬لن العقللد اجتمللع فيلله‬
‫بيع وصرف ‪.‬‬
‫فإن بيع بجنسه فيشترط إضافة إلى ما تقدم شرط رابع وهو‬
‫أن تكون الحيلة بقدر الثلث فأقل ‪.‬‬
‫ومع هذه الشروط فالمالكية يللرون أن العقللد مشللتمل علللى‬
‫المصارفة ولذا اشترطوا التقابض ‪.‬‬
‫وفيما سوى ذلك ل يجوز بيع ما فيه فضللة أو ذهللب بنللوع مللا‬
‫فيه منهما إل أن يكون ما فيه من الفضة والذهب إذا نزع لللم‬
‫يجتمع منه شيء له بللال فل بللأس حينئذٍ بللبيعه بنللوع مللا فيلله‬
‫نقدا ً أو نسأ ً ‪ ،‬لن وجود النقد كعدمه )‪.(33‬‬
‫ويقيد الحنفية ذلك بما إذا كان النقد يسيرا ً كللالتمويه اليسللير‬
‫الذي ل يحصل منه شيء يدخل فللي الميللزان بللالعرض علللى‬
‫النار ‪ ،‬فوجود الربوي في هذه الحالة ل يؤثر )‪.(34‬‬
‫ويرى المام الوزاعي ‪ :‬إن كانت الحليللة تبع لا ً وكللان الفضللل‬
‫في الفضل جاز بيعه بنوعه نقدا ً وتأخيرًا)‪.(35‬‬
‫‪ -2‬ل أعلم خلفا ً بين العلماء أنلله إذا بيللع ربللوي بجنسلله ومللع‬
‫أحدهما من غير جنسه ‪ ،‬وكان كل منهما – أي الربللوي وغيللر‬
‫الربلللوي – مقصلللودا ً فلللي العقلللد ‪ ،‬فيجلللب التقلللابض بيلللن‬
‫العوضين ‪.‬‬
‫فحتى الحناف الذين يللرون صللحة الللبيع ل ينللازعون فللي أن‬
‫العقد يشتمل على الصرف فيجب فيه التقابض ‪.‬‬
‫قال في الهداية ‪)) :‬إن باع سيفا ً محلى بمائة درهم ‪ ،‬وحليتلله‬
‫خمسون فدفع من الثمن خمسين جاز البيع وكللان المقبللوض‬
‫حصة الفضة ‪ ..‬فإن لم يتقابضا حتى افترقا بطللل العقللد فللي‬
‫الحلية(( قال في الشرح‪)) :‬لنه صرف فيها(( )‪.(36‬‬
‫‪ -3‬إذا بيع النقد من غير جنسه ومع أحدهما أو كليهما متللاع ‪،‬‬
‫كما لو بيع ذهب بفضة وثوب ‪ ،‬أو ريالت بللدولرات وكتللاب ‪،‬‬

‫‪362‬‬
‫وحصل التقللابض فللي المجلللس ‪ ،‬صللح العقللد عنللد الجمهللور‬
‫مطلقا ً مجازفة كان أو متفاضل ً أو متساويا ً لختلف الجنسين‬
‫‪ ،‬ويصح عند المالكية أيضا ً بشروطهم السابقة )‪.(37‬‬
‫فللإذا بيللع الربللوي بجنسلله ومعهمللا أو مللع أحللدهما مللن غيللر‬
‫جنسهما ‪ ،‬وكان كل من الربويين مقصودا ً فللي العقللد ‪ ،‬فقللد‬
‫اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلثة أقوال ‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬‬
‫المنع مطلقا ً ‪.‬‬
‫وهذا مللذهب الجمهلور مللن المالكيللة)‪ ،(38‬والشلافعية)‪،(39‬‬
‫والحنابلة في الرواية المشهورة )‪(40‬والظاهرية‪.(41) .‬‬
‫استدل أصحاب هذا القول بما يلي ‪:‬‬
‫الدليل الول ‪:‬‬
‫ما روى فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال ‪ :‬أتي النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يوم خيبر بقلدة فيها ذهب وخرز ‪ ،‬وهي مللن‬
‫المغللانم تبللاع ‪ ،‬فللأمر رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫بالذهب الذي في القلدة فنزع وحده ‪ ،‬ثلم قلال لهلم رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬الذهب بالللذهب وزن لا ً بللوزن(()‬
‫‪.(42‬‬
‫ووجه الدللة منلله ‪ )) :‬أنلله أمللر بنللزع الخللرز وإفللراد الللذهب‬
‫ليمكن بيعه ‪ ،‬ولو جاز بيعه مع الخرز لما احتاج إلى وزنه ‪ ،‬ثم‬
‫قال ‪)) :‬الذهب بالذهب وزنا ً بوزن(( فنبه بذلك إلللى أن علللة‬
‫إفراده بالبيع أن يتحقق فيه الوزن بالوزن(( )‪.(43‬‬
‫نوقش هذا الستدلل من جهتين ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬من حيث ثبوته ‪:‬‬
‫ظ مختلفللة )‪،(44‬ل ‪،‬‬ ‫فإن الحديث مضطرب ‪ ،‬فقد روي بألفللا ٍ‬
‫ففي بعض الروايات أنه اشترى قلدة ))فيها خللرز وذهللب(()‬
‫‪.(45‬‬
‫وفي بعضها ))ذهب وجوهر(( )‪ ، .(46‬وفللي بعللض الروايللات‬
‫أنها بيعت ))باثني عشر دينارًا(( )‪ ،(47‬وفي بعضها )) بتسعة‬
‫دنانير أو بسبعة دنانير(( )‪.(48‬‬

‫‪363‬‬
‫أجيب ‪:‬‬
‫)) بللأن هللذا الختلف ل يللوجب ضللعفا ً بللل المقصللود مللن‬
‫الستدلل محفوظ ل اختلف فيه وهو النهي علن بيلع ملا للم‬
‫يفصل ‪ ،‬وأما جنسها وقدر ثمنها فل يتعلق به في هذه الحالللة‬
‫ما يوجب الحكم بالضللطراب ‪ ،‬وحينئذٍ فينبغللي الترجيللح بيللن‬
‫رواتها ‪ ،‬وإن كان الجميع ثقات فيحكم بصحة رواية أحفظهللم‬
‫وأضبطهم ‪ ،‬وتكللون روايللة البللاقين بالنسللبة إليلله شللاذة (( )‬
‫‪.(49‬‬
‫الثانية ‪ :‬من حيث دللته ‪:‬‬
‫فإن الحديث ل دللة فيه على المقصود لمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أنه يحتمل أن النبي صلى الللله عليلله وسلللم رده لن‬
‫ذهب القلدة أكثر من ذهب الثمن بدليل مللا جللاء فللي بعللض‬
‫روايات مسلم ‪)) :‬أنلله اشللتراها بللاثني عشللر دينللارا ً ‪ ،‬قللال ‪:‬‬
‫ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا(()‪.(50‬‬
‫الثاني ‪ :‬ويحتمل أنه رده لن هذه القلدة ل يعلم مقدار ذهبها‬
‫أهو مثل وزن جميع الثمن أو أقللل مللن ذلللك أو أكللثر ‪ ،‬ومللن‬
‫شرط صحة البيع التحقق من أن الثمللن أكللثر مللن الللذهب )‬
‫‪.(51‬‬
‫أجيب ‪:‬‬
‫بأن ما ذكر من احتمالت غير وارد لثلثة أمور ‪:‬‬
‫‪ )) .1‬أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الجواب من غيللر‬
‫سؤال فدل على استواءالحالين(( )‪.(52‬‬
‫‪ .2‬أنه جاء في روايللة أبللي داود أن المشللتري قللال ‪ )) :‬إنمللا‬
‫أردت الحجارة (( فدل على أن الذهب يسير دخل على وجلله‬
‫التبع )‪.(53‬‬
‫‪ .3‬أن فضالة بن عبيد رضي الله عنه وهو صاحب القصة قللد‬
‫حمل النهي على العموم ‪ ،‬فقد سللئل عللن شللراء قلدة فيهللا‬
‫ذهب وورق وجوهر ‪ ،‬فقال ‪ :‬انزع ذهبهللا فللاجعله فللي كفللة ‪،‬‬
‫واجعل ذهبللك فللي كفللة ‪ ،‬ثللم ل تأخللذه إل مثل ً بمثللل ‪ ،‬فللإني‬

‫‪364‬‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‪)) :‬من كللان‬
‫يؤمن بالله واليوم الخر ‪ ،‬فل يأخذن إل مثل ً بمثل(()‪.(54‬‬
‫الدليل الثاني ‪:‬‬
‫عموم الحاديث في النهللي عللن بيللع الربللوي بجنسلله إل مثل ً‬
‫بمثل ‪ ،‬مثل قوله عليه الصلة والسلم ‪ )) :‬ل تللبيعوا الللذهب‬
‫بالللذهب إل مثل ً بمثللل ‪ ،‬ول تشللفوا بعضللها علللى بعللض ‪ ،‬ول‬
‫تبيعوا الورق بالورق إل مثل ً بمثللل ‪ ،‬ول تشللفوا بعضللها علللى‬
‫بعض ((‬
‫ووجه الدللة ‪ :‬أن وجود شيء مللع الربللوي يمنللع مللن تحقللق‬
‫المساواة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلللم فل يصللح‬
‫البيع إل بفصل الربوي وحده ‪.‬‬
‫ويناقش ‪:‬‬
‫بأن شرط المساواة متحقق فيما إذا كللان المفللرد أكللثر مللن‬
‫الذي معه غيره ‪ ،‬بأن يجعل الربوي المخلوط بما يقللابله مللن‬
‫خلط الذي مع الربوي ‪.‬‬ ‫المفرد ‪ ،‬وما فضل من المفرد بال ِ‬
‫الدليل الثالث ‪:‬‬
‫أن العقللد إذا جمللع عوضللين مختلفللي القيمللة ‪ ،‬كللان الثمللن‬
‫مقسطا ً على قيمتهما على الشيوع ‪ ،‬ل على أعدادهما ‪.‬‬
‫يوضح ذلك أصلن ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬أن من اشترى شقص لا ً )‪.(55‬مللن دارٍ وعبللدا ً بللألف‬
‫فاستحق الشقص بالشفعة كلان مللأخوذا ً بحصللته مللن الثمللن‬
‫اعتبارا ً بقيمته وقيمة العبد ول يكون مأخوذا ً بنصف الثمن ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن من اشترى عبدا ً وثوبا ً بألف ثم استحق الثللوب أو‬
‫تلف كان العبد مأخوذا ً بحصته من اللف ‪ ،‬ول يكللون مللأخوذا ً‬
‫بنصف اللف ‪.‬‬
‫وبتطبيق ذلك على العقد هنا يلللزم الفسللاد لن العقللد يللتردد‬
‫بين أمرين ‪ :‬إما العلم بالتفاضل أو الجهل بالتماثل ‪ ،‬وكلهمللا‬
‫مفسللد للعقللد ‪ ،‬لنلله يجللوز أن تكللون قيمللة المللد الللذي مللع‬
‫الدرهم أقل أو أكثر أو يكللون درهم لا ً ل أقللل ول أكللثر ‪ ،‬فللإن‬
‫كان أقل أو أكثر كان التفاضل معلوما ً ‪ ،‬وإن كان درهما ً كللان‬

‫‪365‬‬
‫التماثل مجهول ً ‪ ،‬لن التقويم ظن وتخمين والجهللل بالتماثللل‬
‫– في باب الربا –كالعلم بالتفاضل ‪ ،‬ولذلك لم يجز بيع صبرة‬
‫ص )‪.(56‬‬
‫بصبرة بالظن والخر ِ‬
‫نوقش هذا الستدلل من ثلثة أوجه ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن انقسام الثمن بالقيمة لغير حاجللة ل دليللل عليلله )‬
‫‪.(57‬‬
‫الثاني ‪ )) :‬أن مطلق المقابلة تحتمل مقابلة الجنس بالجنس‬
‫على سبيل الشليوع مللن حيللث القيمللة كملا قلتلم ‪ ،‬وتحتمللل‬
‫مقابلة الجنس بخلف الجنس ‪ ..‬إل أنا لو حملناه علللى الول‬
‫لفسد العقد ‪ ،‬ولو حملناه على الثاني لصح ‪ ،‬فالحمل على ما‬
‫فيه الصحة أولى (( )‪.(58‬‬
‫الثالث ‪ :‬وعلى فرض التسليم بأن التماثل مبني على الظن ‪،‬‬
‫فإن بيع الربوي بالربوي على سبيل التحللري والخللرص جللائز‬
‫عند الحاجة ‪ ،‬إذا تعذر الكيل أو الوزن ‪ ،‬كما يقول ذلك مالللك‬
‫والشافعي وأحمد في بيع العرايا بخرصها )‪.(59‬‬
‫الدليل الرابع ‪:‬‬
‫أن هذا العقد ممنوع سدا ً لذريعة الربا ‪ ،‬فإن اتخاذ ذلك حيلللة‬
‫على الربا الصريح وارد ‪ ،‬كبيع مائة درهم في كيللس بمللائتين‬
‫جعل ً للمائة في مقابلة الكيس ‪ ،‬وقد ل يساوي درهما ً )‪.(60‬‬
‫القول الثاني ‪:‬‬
‫الجواز إذا كان ما مع الربوي تابعا ً ‪.‬‬
‫فيجوز بيع الفضة التي لم يقصد غشها بالخالصة مثل ً بمثل ‪.‬‬
‫وهو رواية في مذهب المام أحمد )‪.(61‬‬
‫‪ ،‬اختارها شيخ السلم ابن تيميه في أحد قوليه )‪.(62‬استدل‬
‫أصحاب هذا القول ‪:‬‬
‫بقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬من ابتاع عبدا ً للله مللال فمللاله‬
‫للذي باعه إل أن يشترط المبتاع ((‪.‬‬
‫ووجه الدللة منه ‪ :‬أن الحديث دل على جواز بيع العبد بملاله‬
‫إذا كان قصد المشتري للعبد ل للمللال ‪ ،‬فيجللوز الللبيع سللواء‬
‫كللان المللال معلوم لا ً أو مجهللول ً ‪ ،‬مللن جنللس الثمللن أو مللن‬

‫‪366‬‬
‫غيره ‪ ،‬عينا ً كان أو دينا ً ‪ ،‬وسواء كللان مثللل الثمللن أو أقللل أو‬
‫أكثر)‪.(63‬‬
‫ويقاس عليه إذا كان اللذي مللع الربلوي تابعلا ً غيللر مقصللود )‬
‫‪.(64‬‬
‫ويناقش ‪:‬‬
‫بأن الربوي في مسألة مد عجوة ودرهم مقصود بالعقد ‪ ،‬أما‬
‫المال الذي مع العبد فالمقتضي لجواز بيعه بثمن من جنسلله‬
‫كللونه تابعلا ً غيللر مقصللود بالصللالة ‪ ،‬ول يصللح قيللاس إحللدى‬
‫المسألتين على الخرى لمرين‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن الربوي إذا كان تابعا ً غيللر مقصللود ل يتصللور كللون‬
‫العقد حيلة على الربلا ‪ ،‬بخلف ملا إذا كلان غيلر الربلوي هلو‬
‫التابع ‪.‬‬
‫الثللاني ‪ :‬أنلله إذا بيللع الربللوي بمللا يسللاويه مللن جنسلله ومللع‬
‫أحللدهما جنللس آخللر غيللر مقصللود ‪ ،‬فللإن ذلللك يللؤدي إلللى‬
‫التفاضل ‪ ،‬لن غير الربوي للله قسللط ولللو يسلليرا ً مللن قيمللة‬
‫العوض المفرد ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪:‬‬
‫جواز بيع الربوي بجنسلله ومعلله مللن غيللر جنسلله بشللرط أن‬
‫يكون المفرد أكثر من الللذي معلله غيللره ‪ ،‬أو يكللون مللع كللل‬
‫واحد منهما من غير جنسهما ‪.‬‬
‫وهللذا مللذهب الحنللاف )‪ ،.(65‬وروايللة عللن المللام أحمللد ‪،‬‬
‫اختارها شيخ السلم ابن تيميه في أشهر قوليه )‪ ،(66‬وقيللد‬
‫المام أحمد وشيخ السلم ابن تيمية الجواز بقيدٍ آخر وهو أل‬
‫يكون القصد من هذه المعاملللة التحايللل علللى الربللا ‪ ،‬وذلللك‬
‫بأن يكون لما مع الربوي قيمة حقيقية )‪.(67‬‬
‫وجوز الشافعية في وجه ضعيف عندهم ‪ :‬إذا باع مدا ً ودرهما ً‬
‫بمد ودرهللم ‪ ،‬والللدرهمان مللن ضللرب واحللد ‪ ،‬والمللدان مللن‬
‫شجرة واحدة فإنه يصح)‪.(68‬‬
‫فعلللى هللذا القللول ‪ :‬مللن بللاع سلليفا ً محلللى بثمللن أكللثر مللن‬
‫الحلية ‪ ،‬وكان الثمن مللن جنللس الحليللة جللاز وذلللك لمقابلللة‬

‫‪367‬‬
‫الحلية بمثلها ذهبا ً كانت أم فضة ‪ ،‬والزيادة بالنصل والحمائل‬
‫والجفن )‪.(69‬‬
‫فإن تساوى المفرد مع المضموم إليه غيره ‪ ،‬أو كان المفللرد‬
‫أقل بطل البيع ‪ ،‬لتحقق التفاضللل ‪ ،‬وكللذا إذا لللم يللدر الحللال‬
‫لحتمال المفاضلة أو الربا ‪.‬‬
‫قال في الهداية ‪ )) :‬ولو تبايعا فضللة بفضللة أو ذهبلا ً بللذهب ‪،‬‬
‫وأحدهما أقل ‪ ،‬ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة‬
‫جاز البيع من غير كراهية ‪ ،‬وإن لم تبلللغ فمللع الكراهللة ‪ ،‬وإن‬
‫لم يكن له قيمة كالتراب ل يجوز البيع (( )‪.(70‬‬
‫فإن تساوى المفرد مع المضموم إليه غيره ‪ ،‬أو كان المفللرد‬
‫أقل بطل البيع ‪ ،‬لتحقق التفاضللل ‪ ،‬وكللذا إذا لللم يللدر الحللال‬
‫لحتمال المفاضلة أو الربا ‪.‬‬
‫قال في الهداية ‪)) :‬ولو تبايعللا فضللة بفضللة أو ذهبلا ً بللذهب ‪،‬‬
‫وأحدهما أقل ‪ ،‬ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة‬
‫جاز البيع من غير كراهية ‪ ،‬وإن لم تبلللغ فمللع الكراهللة ‪ ،‬وإن‬
‫لم يكن له قيمة كالتراب ل يجوز البيع(( )‪.(71‬‬
‫نوقش هذا الستدلل من وجهين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن الواجب حمل العقد علللى مللا يقتضلليه مللن صللحة‬
‫وفساد ‪ ،‬وليس تصحيح العقد ‪ ،‬ولو كان ما قالوه أصل ً معتبرا ً‬
‫لكان بيع مد تمر بمدين جائزا ً ليكللون تمللر كللل واحللد منهمللا‬
‫بنوى لخر )‪.(72‬‬
‫الثللاني ‪ :‬أن هللذا منتقللض )) بمللن بللاع سلللعة إلللى أجللل ثللم‬
‫اشتراها نقدا ً بأقل من الثمن الول فإنه ل يجوز عند الحناف‬
‫مع إمكان حمله على الصحة ‪ ،‬وهما عقدان يجللوز كللل واحللد‬
‫منهمللا علللى الفللراد ‪ ،‬فجعلللوا العقللد الواحللد هاهنللا عقللدين‬
‫ليحملوه على الصحة فكان هذا إفسادا ً لقولهم(()‪.(73‬‬
‫الدليل الثاني ‪:‬‬
‫أن الربا إنما حرم لمللا فيلله مللن ظلللم يضللر المعطللي ‪ ،‬وقللد‬
‫يكون في هذه المعاوضللة مصلللحة للعاقللدين همللا محتاجللان‬
‫إليها ‪ ،‬كما في الدراهم الخالصللة بالمغشوشللة ‪ ،‬والمنللع مللن‬

‫‪368‬‬
‫ذلللك مضللرة عليهمللا ‪ ،‬والشللارع ل ينهللى عللن المصللالح‬
‫الراجحة ‪ ،‬ويوجب المضرة المرجوحة ‪ ،‬كما قللد عللرف ذلللك‬
‫من أصول الشرع )‪.(74‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫باستعراض القوال المتقدمة وأدلتها نجد أن الفريللق الثللالث‬
‫يسللتند إلللى الللبراءة الصلللية بينمللا اسللتدل الفريقللان الول‬
‫والثاني على المنع بأدلة ل تخلو من مناقشة ‪:‬‬
‫فحديث فضالة بللن عبيللد – وهللو عمللدة المللانعين – ل يسلللم‬
‫السللتدلل بلله للحتمللالت الللواردة عليلله ‪ ،‬وهللي احتمللالت‬
‫قوية ‪ ،‬والقاعدة أن الللدليل إذا طللرأ عليلله الحتمللال ‪ ،‬وكللان‬
‫الحتمال قويا ً ‪ ،‬بطل به الستدلل ‪.‬‬
‫وأجوبة الفريق الول عللن هللذه الحتمللالت غيللر وجيهللة لن‬
‫الثابت في صحيح مسلم أن الللذهب الللذي فللي القلدة أكللثر‬
‫من الثمن ‪.‬‬
‫وأما الدليل العقلي فقد أجيب عنه ‪.‬‬
‫ويبقى كون العقد ذريعة إلى الربا ‪ ،‬وهو دليل متوجه وقوي ‪،‬‬
‫لكن ينبغي حمله على ما إذا تضمن العقد تحايل ً على الربللا ‪،‬‬
‫فيحرم لذلك ‪ ،‬أما إذا لم يكللن حيلللة للربللا بللأن كللان مللا مللع‬
‫الربوي مقصودا ً فعل ً للعاقللد فل يظهللر المنللع ‪ ،‬ل سلليما وأن‬
‫هذه المعاملللة قللد يحتللاج إليهللا العاقللدان ‪ ،‬ول يتمكنللان مللن‬
‫إجراء العقد على سبيل التفضيل بأن يقول ‪ :‬بعتك مدا ً بمللد ‪،‬‬
‫ودرهما ً بمد ‪ ،‬وهي الصورة التي يجيزها الفريق الول)‪.(75‬‬
‫وأقرب شاهد على ذلك العقد الذي نحللن بصللدده ‪ ،‬وهللو بيللع‬
‫السهم التي موجوداتها مختلطة ‪ ،‬فمللن الصللعوبة بمكللان أن‬
‫يلزم العاقدان بالتفصيل على النحو السابق ‪.‬‬
‫ولذلك فإن الذي يترجح هو جواز هذه المعاملللة إذا لللم تكللن‬
‫حيلة عللى الربللا وكلان الربللوي المخلللوط أقللل ملن الربلوي‬
‫المفرد ‪ ،‬وذلك بأن يكون ما مللع الربللوي للله قيمللة حقيقيللة ‪،‬‬
‫ولم يؤت به للتحليل ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫وتطبيقا ً للحكام السابقة ‪:‬‬

‫‪369‬‬
‫فعلى فرض صحة القول الثاني وهو أن بيع السهم للله حكللم‬
‫بيع موجوداتها ‪:‬‬
‫‪ .1‬فإن بيع السهم إذا كللانت موجوداتهللا مختلطللة مللن نقللود‬
‫وغيرها وكانت تلك النقود مقصودة لذاتها فالبيع ل يصح عنللد‬
‫الجمهور إل إذابيعللت بعملللة غيللر عملللة السللهم فيصللح عنللد‬
‫الجميع سوى المالكية ‪.‬‬
‫وأمللا علللى القللول الراجللح فيصللح الللبيع بنفللس العملللة‬
‫بشرطين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن يكون الثمللن الللذي يشللترى بله السللهم أكلثر مللن‬
‫قيمة موجوداته من النقود والديون ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن يتقابضا العوضين ‪ -‬شهادة السللهم وثمنهللا ‪-‬قبللل‬
‫التفرق ‪.‬‬
‫‪ -2‬فإن كانت موجودات السللهم مللن النقللود والللديون تابعللة‬
‫غيللر مقصللودة فيصللح الللبيع مطلق لا ً عنللد الجميللع مللن غيللر‬
‫اشللتراط التقللابض أو زيللادة الثمللن علللى قيمللة تلللك النقللود‬
‫والديون ‪ ،‬لن هذه النقود تابعة فل حكللم لهللا والقاعللدة عنللد‬
‫أهللل العلللم أن " التللابع تللابع " و " يثبللت تبعللا ً مللا ليثبللت‬
‫استقل ً‬
‫ل"‪.‬‬
‫والذي يحللدد كللون النقللود والللديون تابعللة أم ل ‪ ،‬هللو طبيعللة‬
‫نشاط الشركة ‪ ،‬فإذا كانت الشركة تستثمر أموالها في بيوع‬
‫آجلة فالديون أصيلة فيها حتى ولو كللانت نسللبتها – عنللد بيللع‬
‫السهم ‪-‬من الموجودات قليلة‪.‬‬
‫وإذا كانت الشركة مصرفية فللالنقود أصلليلة فيهللا ولللو كللانت‬
‫نسبتها من الموجودات قليلة ‪.‬‬
‫وإذا كانت شركة ذات نشاط زراعي أو تجللاري أو عقللاري أو‬
‫صناعي أو أي اسللتثمارات حقيقيللة أي غيللر ماليللة ‪ ،‬فللالنقود‬
‫والديون تعتبر تابعللة وليسللت مقصللودة ‪ ،‬فيصللح بيللع السللهم‬
‫بمثللل قيمتلله الحقيقيللة أو بأقللل أو بللأكثر ‪ ،‬وبقبللض وبللدون‬
‫قبض ‪.‬‬

‫‪370‬‬
‫وعلى هذا فليست العبرة فللي جريلان أحكللام الصلرف عللى‬
‫المعاملة بغلبة نسبة النقللود إلللى موجللودات الشللركة – كمللا‬
‫قال به أصحاب القول الثاني – وذلك لعدة أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬أن هذا القول إذ لم يقل به أحد من أهل العلم المتقدمين‬
‫– فيما أعلم – ‪.‬‬
‫‪ .2‬فضل ً عن أن هذا المللر ل ينضللبط فللي تللداول السللهم إذ‬
‫تتغير المراكز المالية للشركات بصورة مستمرة ‪.‬‬
‫‪ .3‬ولن هللذا القللول نظللر إلللى الموجللودات المحسوسللة‬
‫للشللركة ولللم يلتفللت إلللى العوامللل والحقللوق الخللرى غيللر‬
‫المحسوسللة والللتي ل تقللل أهميللة فللي التللأثير علللى القيمللة‬
‫السوقية للسهم عن الموجودات المحسوسة ‪.‬‬
‫رابعًا‪-‬خلصة البحث‬
‫وملن خلل ملا تقلدم فاللذي يظهلر هلو جلواز تلداول أسلهم‬
‫الشركات حديثللة التأسلليس الللتي تمللارس أنشللطة مباحللة –‬
‫ومنها شركة الصحراء – ولو كان الغلب فللي موجوداتهللا هللو‬
‫النقود ‪ ،‬لما يأتي ‪:‬‬
‫أول ً ‪ -‬لن هذه الشركات ل تخلو مللن موجللودات أخللرى غيللر‬
‫النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعا ً ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫‪ .1‬الحقوق المعنوية كالسللم التجللاري للشللركة‪،‬والدراسللات‬
‫السللللابقة لنشللللائها ‪ ،‬وتصللللاريح العمللللل ‪ ،‬وقللللوة الدارة‬
‫وكفاءتها ‪،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫ت أو‬‫ض أو سيارا ٍ‬ ‫‪ .2‬بعض الصول المملوكة للمنشأة من أرا ٍ‬
‫ث أو غير ذلك ‪.‬‬ ‫أثا ٍ‬
‫‪ .3‬ومنللافع العيللان المسللتأجرة والشللخاص العللاملين فللي‬
‫الشركة وقت تأسيسها ‪.‬‬
‫ثانيللًا‪ -‬ولن التكييللف الشللرعي للسللهم –علللى رأي بعللض‬
‫العلماء المعاصرين‪ -‬أنهللا عللروض مهمللا كللانت موجللودات أو‬
‫طبيعة عمل الشركة التي أصللدرتها لنهللا أمللوال قللد اتخللذت‬
‫للتجار ‪ ،‬وصاحبها يتجر فيها بالبيع والشللراء ‪ ،‬ويكسللب منهللا‬
‫كما يكسب كل تاجر من سلعته ‪ ،‬وهذا الرأي للله قللوة وحللظ‬

‫‪371‬‬
‫من النظر ‪ ،‬ويتأيد بعددٍ من العتبارات الشرعية والقانونيللة ‪،‬‬
‫ومنها ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن القانون التجاري – بما يمنحه للشركة المسللاهمة مللن‬
‫شخصية اعتبارية – يميز بين ملكية السهم ‪ ،‬وملكية الصللول‬
‫والعيان التي يتضللمنها السللهم ‪ ،‬فالسللهم يملللك علللى وجلله‬
‫الستقلل عن ملكية الصول والعيان التي تملكها الشركة ‪،‬‬
‫بحيث إن الحصص المقدمة للمسللاهمة فللي الشللركة تنتقللل‬
‫على سبيل التمليللك إلللى ملكيللة الشللركة ‪ ،‬ويفقللد الشللركاء‬
‫المستثمرون كل حق عيني عليها ‪ ،‬ول يبقى لهم إل حق فللي‬
‫الحصول على نصيب من أرباح الشركة أثناء وجودهللا ‪ ،‬وفللي‬
‫اقتسام قيمة بيع موجوداتها عند التصفية‪.‬‬
‫‪ .2‬ولن القيمة السوقية للسهم لتعكللس بالضللرورة القيمللة‬
‫الفعليللة لموجللودات الشللركة ) القيمللة الدفتريللة ( ‪ ،‬فقللد‬
‫تتنللاقص قيمللة موجللودات الشللركة بينمللا القيمللة السللوقية‬
‫للسهم في تصاعد ‪ ،‬والعكللس كللذلك ‪ ،‬وقللد تخسللر الشللركة‬
‫وقيمتهللا السللوقية تللزداد وهكللذا ‪ ،‬فقيمللة السللهم ل تعللبر‬
‫بالضرورة عن قيمة الموجودات ‪ ،‬فهي قد تتأثر بها ولكنهللا ل‬
‫ترتبط بهللا ارتباطلا ً مباشللرا ً صللعودا ً وهبوطلا ً ‪ ،‬وذلللك لوجللود‬
‫ملؤثرات أخلرى فلي قيملة السلهم غيلر موجلودات الشلركة‬
‫ونشللاطها ‪ ،‬فجللودة الدارة وسللمعتها التجاريللة وخبرتهللا فللي‬
‫مجال النشاط كلها عوامل ترفع من قيمة السهم ‪ ،‬مما يعني‬
‫أن الزيادة في قيمة السهم ليست مقابل الموجللودات وإنمللا‬
‫لعوامل أخرى متعددة ‪.‬‬
‫‪ .3‬ولن النقد إنما يمثل أغلبية بالنظر إلى قيمة الموجللودات‬
‫العينيللة ) المحسوسللة ( للشللركة ‪ ،‬أي بللالنظر إلللى القيمللة‬
‫السللمية للسللهم ‪ ،‬ل إلللى قيمتهللا السللوقية ‪ ،‬لن القيمللة‬
‫السوقية تتأثر بعوامل أخرى –كما سبق‪ -‬ل تقللل أهميللة عللن‬
‫الموجودات العينية ‪ ،‬فللإذا أخللذ بعيللن العتبللار تلللك العوامللل‬
‫المعنوية المؤثرة على قيمة السهم السوقية والللتي يكتسللبها‬
‫المساهم بمجرد دخوله فلي الشلركة فلإن نسلبة النقلد إللى‬

‫‪372‬‬
‫موجودات الشركة الجمالية تكون أقل ‪ ،‬والواجب عند النظر‬
‫إلى موجودات السللهم أن ينظللر إلللى الموجللودات والحقللوق‬
‫التي يشللتمل عليهللا السللهم بقيمتلله السللوقية ) أي العوامللل‬
‫التي أوصلته إلى تلك القيمة ( ‪ ،‬ل أن ينظللر إلللى موجللودات‬
‫قيمته السمية فحسب ‪.‬‬
‫‪ .4‬ولن الزيادة في قيمللة السللهم بعللد بللدء التللداول ليسللت‬
‫زيادة في قيمة موجودات السهم ‪ ،‬وإنما هي زيادة في قيمة‬
‫السهم نفسه ‪ ،‬و"السهم" شيٌء و " ما يمثله من موجللودات‬
‫في الشركة" شيٌء آخر ‪ ،‬ولهذا لو طلب مالك السهم حصته‬
‫كن من ذلك لن امتلكه للسهم ليعني‬ ‫م ّ‬ ‫من الموجودات لم ي ُ َ‬
‫ت بأعيانها ‪.‬‬
‫امتلكه لما يمثله من موجودا ٍ‬
‫‪ .5‬ومن الناحية الشرعية فإنه يترتب على القول بأن للسهم‬
‫حكم ما يمثله في موجودات الشركة التي أصدرته عللدد ٌ مللن‬
‫اللوازم الباطلة التي تؤدي إلى القول بتحريم السهم مطلقا ً‬
‫وهو أمر لم يلتزم به القائلون بذلك ‪ ،‬ومن ذلك ‪:‬‬
‫‪ .6‬أن عامة الشركات المساهمة ل تخلو موجوداتها من نقودٍ‬
‫أو ديون ذات قيمةٍ مؤثرة ‪ ،‬ويتم تداول أسهمها دون مراعللاة‬
‫لضللوابط الصللرف أو بيللع الللدين ‪ ،‬والقللول بإعطللاء الحكللم‬
‫للغلب من موجودات الشركة ل دليل عليه بل إن النصللوص‬
‫الشرعية تدل على أن المبيع إذا اشللتمل علللى نق لدٍ مقصللودٍ‬
‫وبيع بنقد فيأخذ حكم الصرف وإن لم يكن النقد غالبا ً وكذلك‬
‫في سائر المللوال الربويللة ‪ ،‬فمللن يشللتري حلي لا ً ثلثلله ذهللب‬
‫وثلثاه ألماس فللإنه يجللب قبللض ثمنلله قبللل التفللرق مراعللاة‬
‫للذهب الذي فيه مع أنه القل ‪ ،‬ونصوص الفقهاء التي أشرنا‬
‫إليها في مسألة "مد عجوة ودرهم " وفي مسللألة " التخللارج‬
‫" تدل على ذلك ‪ ،‬قال في الهداية ‪ )) :‬وإذا كانت التركة بين‬
‫الورثة فأخرجوا أحدهم منها بمال أعطوه إياه والتركللة عقللار‬
‫أو عروض ‪ ،‬جللاز قليل ً كللان مللا أعطللوه إيللاه أو كللثيرا ً ‪ ..‬وإن‬
‫كانت التركة فضة فأعطوه ذهبا ً أو كان ذهبلا ً فللأعطوه فضللة‬

‫‪373‬‬
‫فهو كذلك ‪ ..‬فل يعتبر التساوي ويعتبر التقابض في المجلس‬
‫لنه صرف ‪.‬‬
‫وإن كانت التركة ذهبا ً وفضة وغير ذلك فصالحوه على ذهللب‬
‫أو فضة فل بد أن يكون‬
‫ما أعطوه أكثر من نصيبه من ذلك الجنس حتى يكون نصيبه‬
‫بمثله والزيادة بحقه من بقية التركة احللترازا ً عللن الربللا ‪ ،‬ول‬
‫بد من التقابض فيما يقابل نصلليبه ملن اللذهب والفضلة لنله‬
‫صرف في هذا القدر‪.‬‬
‫وإن كان في التركة دين علللى النللاس فللأدخلوه فللي الصلللح‬
‫على أن يخرجوا المصالح عنه ويكللون الللدين لهللم ‪ ،‬فالصلللح‬
‫باطل ‪ ،‬لن فيه تمليك الدين من غير من عليلله ‪ ،‬وهللو حصللة‬
‫المصالح ‪ ،‬وإن شرطوا أن يبرأ الغرماء منه ول يرجللع عليهللم‬
‫نصيب المصالح ‪ ،‬فالصلح جائز (( )‪.(76‬‬
‫‪ .7‬ولن الكللثير مللن المسللاهمين ل يعلللم حقيقللة مللا يمثللله‬
‫السللهم مللن موجللودات فللي الشللركة ‪ ،‬بللل لربمللا ل يعللرف‬
‫موجودات الشركة أصل ً أو نشاطها ‪ ،‬ومن الشللروط المتفللق‬
‫عليها لصحة البيع ‪ :‬العلم بللالمبيع ‪ ،‬وإذا قلنللا ‪ :‬إن المللبيع هللو‬
‫حصللته مللن الموجللودات فيلزملله العلللم ‪-‬ولللو إجمللا ً‬
‫ل‪ -‬بتلللك‬
‫الموجودات ‪ ،‬وهو ما ليقع ‪ ،‬لن نظر المسللاهم إلللى أمريللن‬
‫فقط هما ‪ :‬القيمة السوقية ‪ ،‬والرباح الدورية ‪.‬‬
‫ومن باب الستطلع فقد قمت بسؤال عددٍ من المستثمرين‬
‫في شركتي "اللجين"و "أميانتيت " عللن نوعيللة نشللاط تينللك‬
‫الشركتين ‪ ،‬فكانت الجابة بعللدم العلللم ‪ ،‬فعرفللت أن الكللثير‬
‫من المساهمين إنما يستقي معلومللاته عللن نشللاط الشللركة‬
‫من اسمها فقط ‪ ،‬وأن غاية ما يبلذله فلي التحلري أن يسلأل‬
‫أهل العلم عن حكم المساهمة في تلك الشللركة دون درايللة‬
‫بما فيها من النقد ومللا عليهللا مللن المللديونيات ومللا لهللا مللن‬
‫الصول وغير ذلك‪.‬‬
‫‪ .8‬ومللن لزم هللذا القللول تحريللم تللداول أسللهم البنللوك‬
‫السلمية بقيمتها السللوقية لن الغلالب فللي موجللودات تللك‬

‫‪374‬‬
‫البنوك أنها نقللود أو ديللون فللي ذمللم المتمللولين ‪ ،‬ومللع ذلللك‬
‫فعامة الهيئات الشرعية لتلك البنوك على الجواز ‪.‬‬
‫ثالثًا‪-‬وعلى فرض التسليم بصحة التكييف الثاني لبيع السللهم‬
‫– وهو أن له حكم ما يمثله السللهم مللن موجللودات – فالللذي‬
‫دل عليه حديث ابللن عمللر السللابق "مللن بللاع عبللدا ً للله مللال‬
‫فمللاله للللذي بللاعه إل أن يشللترطه المبتللاع" أن المللبيع إذا‬
‫اشتمل على نقدٍ واشتري بنقدٍ من جنسلله ‪ ،‬ولللم يكللن النقللد‬
‫المخلوط مقصودا ً فل يلتفت إليلله بمعنللى أنلله ليجللري علللى‬
‫الصفقة حكم الصرف ‪ ،‬حتى ولو كانت قيمة النقد المخلللوط‬
‫خلط الللذي معلله ‪ ،‬قللال ابللن قدامللة –رحملله‬ ‫أكثر من قيمة ال ِ‬
‫الله‪" : -‬الحديث دل على جواز بيع العبد بماله إذا كللان قصللد‬
‫المشتري للعبللد ل للمللال‪ ...‬فيجللوز الللبيع سللواء كلان المللال‬
‫معلوما ً أو مجهول ً ‪ ،‬من جنس الثمن أو من غيره ‪ ،‬عين لا ً كللان‬
‫أو دينا ً ‪ ،‬وسواء كان مثل الثمن أو أقل أو أكثر )‪.(77‬‬
‫ومن المعلوم أن العبد ل يملللك وأن المللال الللذي بيللده مللآله‬
‫للمشتري ‪ ،‬ومع ذلك جاز البيع مطلقا ً بدون تقابض ول تماثل‬
‫حتى مع اتفاق النقللدين ) المللال الللذي معلله ‪ ،‬والثمللن الللذي‬
‫يشترى به العبد ( ‪ ،‬وحتى لو كان المال الذي مع العبللد أكللثر‬
‫من قيمة العبد نفسه ‪.‬‬
‫ول يشكل على هذا الحديث حديث القلدة – المتقدم – فللإن‬
‫الللذهب الللذي فللي القلدة مقصللود للمشللتري بخلف المللال‬
‫الذي مع العبد ‪.‬‬
‫وهذا أحسن ما قيل في الجمع بين الحديثين ‪.‬‬
‫ويؤخذ من هذين الحديثين أن العبرة بالقصد ل بقيمللة المللال‬
‫الربللوي ‪ ،‬فللإن كللان المللال الربللوي مقصللودا ً فوجللوده فللي‬
‫الصفقة مؤثر ‪ ،‬وإن كان تابعا ً فل يؤثر ‪ ،‬كما أن هذا التفصيل‬
‫يتماشللى مللع القواعللد الشللرعية ‪ " :‬العللبرة فللي العقللود‬
‫بالمقاصد " و " التابع تابع " وغيرها‪.‬‬

‫‪375‬‬
‫وبخصللوص الشللركة الللتي نتحللدث عنهللا ‪ ،‬وهللي شللركة‬
‫الصحراء ‪ ،‬وغيرها من الشللركات النتاجيللة حديثللة التأسلليس‬
‫فإن النقد الذي فيها ليس بمقصود لمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن المشللتري –بشللرائه السللهم‪ -‬ل يقصللد الحصللول‬
‫على النقد الذي في الشركة ‪ ،‬ول ينتقي من الشركات ما هو‬
‫ة ‪ ،‬بل قصده الحصللول علللى الربللح الرأسللمالي أو‬ ‫أكثر نقدي ً‬
‫الدوري أيا ً كانت الموجودات ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬لن المقصود من نشاط الشركة هو الستثمار فللي‬
‫المنتجللات البتروكيماويللة ‪ ،‬وهللي مللن العللروض ‪ ،‬وأمللا غلبللة‬
‫النقدية في موجوداتها لفترة من الفترات فهللي أمللر عللارض‬
‫ول يعد ذلك من نشاطها المقصود‪.‬‬
‫رابعًا‪ -‬وعلى فللرض التسللليم بللأن النقللد الللذي فللي الشللركة‬
‫مقصود وأن بيع السهم له حكم بيللع موجوداتهللا فللإن صللورة‬
‫هللذه المعاملللة كمسللألة " مللد عجللوة ودرهللم " وهللي ‪ :‬بيللع‬
‫الربوي بجنسه ومللع أحللدهما مللن غيللر جنسللهما ‪ ،‬وكللل مللن‬
‫الربويين مقصود في العقد ‪ ،‬وبيللان ذلللك أن السللهم مؤلفللة‬
‫من ‪:‬‬
‫‪ .1‬النقد ‪ ،‬وهو بالريالت ‪.‬‬
‫ن ومنافع ‪.‬‬‫ق وأعيا ٍ‬
‫‪ .2‬والموال الخرى من حقو ٍ‬
‫والثمن من الريالت ‪ ،‬فالريالت في طرفي العقد مقصودة ‪،‬‬
‫ل غير ربوي ‪.‬‬‫ومع أحد الطرفين ما ٌ‬
‫والذي ترجح مللن الخلف السللابق فللي مسللألة " مللد عجللوة‬
‫ودرهم" ‪ -‬وهو اختيار شلليخ السلللم ابللن تيميللة وروايللة عللن‬
‫المام أحمد ‪ -‬أن العقد يصح بشرطين ‪:‬‬
‫الول ‪:‬أن يكون المال الربوي المفللرد أكللثر مللن الللذي معلله‬
‫غيره ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬أل يكون القصد مللن المعاملللة التحايللل علللى الربللا‬
‫وذلك بأن يكون ما مع الربوي له قيمة حقيقية ‪ ،‬ولم يؤت به‬
‫للتحليل‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫وكل الشللرطين متحقلقٌ فللي بيللع هللذه السللهم ‪ ،‬فإنهللا تبللاع‬
‫بقيمتها السوقية وهي أعلللى مللن القيمللة السللمية الللتي تللم‬
‫الكتتاب بها ‪ ،‬كما أن الموجللودات الخللرى غيللر النقديللة فللي‬
‫الشركة ذات قيمة حقيقية ولم يؤت بها حيلة ‪.‬‬
‫وقد يرد على هذا التخريج أن الصللول العينيللة للشللركة عنللد‬
‫بدء التداول ل تمثل شيئا ً مقارنة بالنقدية التي فيها ‪.‬‬
‫والجواب عن ذلك ‪ :‬أن المقصللود بللالموجودات الخللرى غيللر‬
‫النقدية أعم من أن يكون أعيانا ً فقط ‪ ،‬فقللد تكللون أعيان لا ً أو‬
‫منافع أو حقوقا ً ‪ ،‬فكل ما يؤثر في القيمة السوقية للسللهم –‬
‫إذا كان له قيمة معتللبرة شللرعًا‪ -‬فتحمللل الزيللادة فللي قيمللة‬
‫السهم على أنها مقابله ‪ ،‬ونظير ذلك ما ذكره شلليخ السلللم‬
‫ابن تيمية وغيره من أهل العلم من جللواز بيللع المصللوغ مللن‬
‫الذهب والفضة بجنسلله مللن غيللر اشللتراط التماثللل‪ ،‬ويجعللل‬
‫الزائد في مقابلة الصنعة ‪ ،‬وهي منفعة وليسللت عين لا ً ‪،‬والللله‬
‫أعلم‪.‬‬
‫نسأل الله أن يرينا الحق حقا ً ويرزقنا اتباعه ‪ ،‬والباطل باطل ً‬
‫ويرزقنا اجتنابه ‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك علللى نبينللا محمللد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫‪---------------------------------------------‬‬
‫)*( الستاذ المساعد بقسم الفقه المقللارن بالمعهللد العللالي‬
‫للقضاء جامعة المام محمد بن سعود السلمية‬
‫)‪ (1‬المصباح المنير ص ‪ ، 236‬المفردات في ألفاظ القللرآن‬
‫الكريم ص ‪. 819‬‬
‫)‪ (2‬معجللم المصللطلحات القتصللادية فللي لغللة الفقهللاء ص‬
‫‪. 330‬‬
‫)‪ (3‬الحدود لبن عرفه ص ‪. 556‬‬
‫وخرج بقوله‪)) :‬حسا ً دون إضافة(( ‪ :‬ما يمكللن الشللارة إليلله‬
‫حس لا ً مللن العيللان كللالثوب والدابللة ‪ ،‬فإنهمللا ليسللا بمنفعللة‬
‫لمكللان الشللارة إليهمللا حس لا ً دون إضللافة ‪ ،‬بخلف ركللوب‬
‫الدابة ولبس الثوب ‪.‬‬

‫‪377‬‬
‫وبقوله ‪)) :‬يمكن استيفاؤه(( أخللرج العلللم والقللدرة لنهمللا ل‬
‫يمكن استيفاؤهما ‪.‬‬
‫وبقوله ‪)) :‬غير جزء مما أضيف إليه((‪ :‬أخرج به نفس نصللف‬
‫الدار مشاعا ً لنه يصدق عليه ‪.‬‬
‫)‪ (4‬الملكيللة فللي الشللريعة السلللمية‪ ،‬لعلللي الخفيللف ص‬
‫‪. 180‬‬
‫)‪ (5‬الملكيللة فللي الشللريعة السلللمية‪ ،‬لعلللي الخفيللف ص‬
‫‪. 181‬‬
‫)‪ (6‬يللرى أبللو حنيفللة وصللاحباه خلفللا ً لزفللر والجمهللور أن‬
‫المنفعة ل تعتبر مال ً حقيقية ‪ ،‬وإن كان يصح العتياض عنها ‪،‬‬
‫وكونهللا ثمن لا ً أو مثمن لا ً ‪ ،‬وترتللب علللى هللذا الخلف مسللائل‬
‫متعددة ل علقة لها فيما نحللن بصللدده مثللل ‪ :‬ضللمان منللافع‬
‫المغصوب ‪ ،‬وإجارة المشاع ‪ ،‬وانتقللاض الجللارة بمللوت أحللد‬
‫العاقدين ‪ ،‬مع أنه ورد في بعض كتب الحناف ما يشللعر بللأن‬
‫المنفعللة مللال عنللدهم ‪ ،‬ومللن ذلللك قللول البللابرتي ) العنللايه‬
‫‪ )) : ( 8/7‬العيان والمنافع أموال فجاز أن تقع أجرة (( ‪.‬‬
‫)‪ (7‬رد المحتلللار ‪ ، 9/85‬جلللواهر الكليلللل ‪ ، 2/150‬روضلللة‬
‫الطالبين ‪ ، 5/177‬شرح المنتهى ‪. 2/140‬‬
‫)‪ (8‬انظر ‪ :‬حاشية الدسوقي ‪ ، 3/14‬نهاية المحتاج ‪، 3/372‬‬
‫شرح المنتهى ‪. 2/140‬‬
‫)‪ (9‬قواعد ابن رجب ص ‪. 84‬‬
‫)‪ (10‬انظر ‪ :‬الشركات للخياط ‪. 2/214‬‬
‫)‪ (11‬معجم مصطلحات القتصاد والمال وإدارة العمال ص‬
‫‪. 498‬‬
‫)‪ (12‬المراد بالتسييل ‪ :‬سهولة تحويلها إلى نقود ) سيولة ( ‪.‬‬
‫)‪ (13‬ينظللر ‪ :‬الللوجيز فللي النظللام التجللاري السللعودي ص‬
‫‪. 200‬‬
‫)‪ )) (14‬السلللتثمار فلللي السلللهم والوحلللدات والصلللناديق‬
‫الستثماريه (( ص ‪ ، 37‬أسواق الوراق الماليه ص ‪. 266‬‬

‫‪378‬‬
‫)‪ (15‬من أنصار هذا القول ‪ :‬أبو زهرة ‪ ،‬وعبد الرحمن حسن‬
‫‪ ،‬وخلف ‪ ،‬والقرضاوي ‪ ،‬والشيخ جاد الحق شيخ‬
‫الزهللر سللابقا ً ‪ ،‬انظللر ‪ :‬فقلله الزكللاة ‪ ، 1/527‬بحللوث فللي‬
‫الزكاة ص ‪ ، 183‬أسواق الوراق الماليه ص ‪. 318‬‬
‫)‪ (16‬الفتلللاوى القتصلللادية ص ‪ ، 15‬صلللناديق السلللتثمار‬
‫السلمية ص ‪ ، 48‬مناقشات مجلس مجمع الفقه السلمي‬
‫حول سندات المقارضللة ‪ ،‬مجلللة المجمللع ‪– 2045 ) /4/3‬‬
‫‪ ، (2060‬وهللذا القللول لزم لجميللع الهيئات الشللرعية الللتي‬
‫أجازت تداول أسهم بنوكها بالقيمة السوقيه ‪.‬‬
‫)‪ (17‬أخرجه البخاري ) كتاب المساقاة ‪ /‬باب الرجللل يكللون‬
‫له ممر أو شرب في حائط أو نخل ( ومسلم ) كتاب‬
‫البيوع ‪ /‬باب من باع نخل ً عليها ثمر برقم ‪ ( 1543‬من حديث‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما ‪.‬‬
‫)‪ (18‬المغني ‪. 6/258‬‬
‫)‪ (19‬المغني ‪. 6/258‬‬
‫)‪ (20‬فقه الزكاة ‪. 1/527‬‬
‫)‪ (21‬هذا الثر وإن لم يكن من منصوص قللولهم إل أنلله مللن‬
‫لزملله ‪ ،‬بللل ومللن لزم فتللاوى الهيئات الشللرعية للبنللوك‬
‫السلمية التي أجازت تداول أسهم بنوكها بقيمتها السوقية ‪،‬‬
‫مع أن الغالب في موجلودات البنلك أنهلا نقلود أو ديلون فلي‬
‫ذمم المتمولين ‪.‬‬
‫)‪ (22‬فقلله الزكللاة ‪ ، 1/523‬تنظيللم ومحاسللبة الزكللاة فللي‬
‫التطبيق المعاصر ص ‪. 84‬‬
‫)‪ (23‬مجلة المجمع ‪. 4/3/2162‬‬
‫)‪ (24‬شللركة المسللاهمة فللي النظللام السللعودي ص ‪، 347‬‬
‫مجلة مجمع الفقه السلمي ‪. 4/1/761‬‬
‫)‪ (25‬الشركات للخياط ‪. 2/215‬‬
‫)‪ (26‬أسواق الوراق المالية وآثارهللا النمائيللة فللي القتصللاد‬
‫السلمي ص ‪ ، 186‬الشركات للخياط ‪. 2/216‬‬
‫)‪ (27‬المغني ‪7/132‬‬

‫‪379‬‬
‫)‪ (28‬مجلة المجمع ‪ ،‬الدورة الرابعة ‪ ،‬القرار رقم )‪.(5‬‬
‫)‪ (29‬مثل أن يبيع ‪ :‬مد عجوة ودرهم بمدين ‪ ،‬أو بللدرهمين ‪،‬‬
‫أو بمدودرهم ‪ .‬والعجوة ‪ :‬أجود التمر ‪ .‬المغرب ص ‪306‬‬
‫)‪ (30‬المغنللي ‪ ، 6/96‬وانظللر ‪ :‬بدايللة المجتهللد ‪، 2/234‬‬
‫مجموع فتاوى ابن تيميه ‪. 29/461‬‬
‫)‪ (31‬مغنلللي المحتلللاج ‪ ، 2/376‬وانظلللر ‪ :‬الحلللاوي الكلللبير‬
‫‪ ، 6/140‬تكملللة المجمللوع ‪ ، 10/407‬حواشللي الشللرواني‬
‫‪ 4/286‬فتح الباري ‪. 5/51‬‬
‫)‪ (32‬المغنللي ‪ ، 6/97،258‬قواعللد ابللن رجللب ص ‪، 252‬‬
‫النصاف ‪ ، 12/78‬المبدع ‪ ، 4/137‬الكافي ‪. 2/59‬‬
‫)‪ (33‬حاشية الدسوقي ‪ ، 3/40‬بداية المجتهد ‪ ، 2/234‬التاج‬
‫والكليللل ‪ ، 6/134‬بلغللة السللالك ‪ ، 2/15‬حاشللية العللدوي‬
‫‪. 5/36‬‬
‫)‪ (34‬رد المحتار ‪. 7/527‬‬
‫)‪ (35‬تكملة المجموع شرح المهذب ‪. 10/359‬‬
‫)‪ (36‬فتح القدير ‪. 6/266‬‬
‫)‪ (37‬فتللح القللدير ‪ ، 6/265‬رد المحتللار ‪ ، 7/528‬الدسللوقي‬
‫‪ ، 3/40‬الحاوي الكبير ‪ ، 6/129‬المغني ‪. 6/96‬‬
‫)‪ (38‬الستذكار ‪ ، 19/240‬المنتقى شرح الموطللا ‪، 6/266‬‬
‫بلغة السالك ‪ ، 2/15‬حاشية العللدوي ‪ ، 5/36‬التللاج والكليللل‬
‫‪. 6/134‬‬
‫)‪ (39‬الم ‪ ، 3/21‬الحاوي الكللبير ‪ ، 6/132‬تكملللة المجمللوع‬
‫شرح المهذب ‪ ، 10/236‬نهاية المحتاج ‪. 3/441‬‬
‫)‪ (40‬مسللائل المللام أحمللد لبللي داود ص ‪ ، 196‬مسللائل‬
‫المام أحمد لبنه صالح ‪ ، 1/432‬المحرر في الفقه ‪، 1/320‬‬
‫الكافي ‪ ، 3/86‬الشرح الكبير علللى المقنللع ‪ ، 12/77‬فتللاوى‬
‫الشيخ محمد بن إبراهيم ‪. 7/178‬‬
‫)‪ (41‬المحلى ‪. 8/494‬‬
‫)‪ (42‬أخرجه مسلم ) كتاب المساقاة ‪ /‬باب بيع القلدة فيهللا‬
‫ذهب وخرز برقم ‪ ( 1591‬وأبو داود ) كتاب البيوع ‪ /‬باب في‬

‫‪380‬‬
‫حليللة السلليف تبللاع بالللدراهم – برقللم ‪ ( 3351‬والترمللذي‬
‫) كتاب البيوع ‪ /‬باب ما جللاء فللي شللراء القلدة وفيهللا ذهللب‬
‫وخرز – برقم ‪ ( 1255‬والنسللائي ) كتللاب الللبيوع ‪ /‬بللاب بيللع‬
‫القلدة فيها الخرز والذهب بالذهب – برقم ‪. ( 4573‬‬
‫)‪ (43‬المنتقى شرح الموطا ‪ ، 6/267‬المغني ‪. 6/94‬‬
‫)‪ (44‬شرح معاني الثار ‪ ، 4/72‬إعلء السنن ‪. 14/285‬‬
‫)‪ (45‬وهي عند مسلم في الموضع السابق ‪.‬‬
‫)‪ (46‬وهي عند مسلم في الموضع السابق ‪.‬‬
‫)‪ (47‬وهي عند مسلم في الموضع السابق ‪.‬‬
‫)‪ (48‬وهي رواية أبي داود في الموضع السابق ‪.‬‬
‫)‪ (49‬التلخيص الحبير ‪. 3/20‬‬
‫)‪ (50‬المبسلللوط ‪ ، 14/12‬مجملللوع فتلللاوى ابلللن تيميللله‬
‫‪. 29/453‬‬
‫)‪ (51‬شرح معاني الثللار ‪ ، 4/72‬مجمللوع فتللاوى ابللن تيميلله‬
‫‪. 29/453‬‬
‫)‪ (52‬الحاوي الكبير ‪. 6/133‬‬
‫)‪ (53‬الحاوي الكبير ‪. 6/133‬‬
‫)‪ (54‬أخرجه مسلم في الموضع السابق ‪.‬‬
‫شللْقص ‪ :‬السللهم والنصلليب ‪ ،‬النهايللة فللي غريللب‬ ‫)‪ (55‬ال ِ‬
‫الحديث والثر ‪. 2/490‬‬
‫)‪ (56‬الحاوي الكبير ‪ ، 6/134‬فتح العزيللز ‪ ، 8/174‬المنتقللى‬
‫شللرح الموطللا ‪ ، 6/266‬الفللروق ‪ ، 3/251‬المغنللي ‪، 6/94‬‬
‫قواعد ابن رجب ص ‪. 249‬‬
‫)‪ (57‬مجموع فتاوى ابن تيميه ‪. 29/452‬‬
‫)‪ (58‬بدائع الصللنائع ‪ ، 7/78‬وانظللر ‪ :‬فتللح القللدير ‪، 6/269‬‬
‫تبيين الحقائق ‪. 4/38‬‬
‫)‪ (59‬مجموع فتاوى ابن تيميه ‪ ، 29/454‬وبيع العرايللا ‪ :‬بيللع‬
‫الرطب في رؤوس النخللل خرصلا ً ‪ ،‬بمللآله يابسلا ً بمثللله مللن‬
‫التمر كيل ً معلوما ً ل جزافا ً ‪ .‬الموسوعة الفقهية ‪. 9/91‬‬

‫‪381‬‬
‫)‪ (60‬القواعد فللي الفقلله السلللمي لبللن رجللب ص ‪، 249‬‬
‫المنتقى شرح الموطا ‪. 6/266‬‬
‫)‪ (61‬الفروع ‪ ، 4/160‬النصاف ‪ ، 12/78‬قواعد ابللن رجللب‬
‫ص ‪. 249‬‬
‫)‪ (62‬مجموع فتاوى ابن تيميه ‪ ] 29/462‬وممن نسللب هللذا‬
‫القللول لبللن تيميلله ‪ :‬ابللن مفلللح فللي الفللروع ‪، 4/160‬‬
‫والمللرداوي فللي النصللاف ‪ ، 12/78‬والللذي يظهللر أن شلليخ‬
‫السلم ل يقول به بإطلقه بل يشترط لذلك أل يكللون حيلللة‬
‫على الربا ‪ ،‬فإنه قيد الجواز بما إذا كان الربويان متساويين [‬
‫‪.‬‬
‫)‪ (63‬المغني ‪. 6/258‬‬
‫)‪ (64‬مجمللوع فتللاوى ابللن تيميلله ‪ ، 29/462،465‬الفللروع‬
‫‪. 4/160‬‬
‫)‪ (65‬المبسللوط ‪ ، 12/189‬بللدائع الصللنائع ‪ ، 7/78‬العنايللة‬
‫‪ ، 6/266‬الختيار ‪. 2/289‬‬
‫)‪ (66‬المغني ‪ ، 6/92‬مجموع فتللاوى ابللن تيميلله ‪، 29/452‬‬
‫الفروع ‪ ، 4/160‬النصاف ‪. 12/78‬‬
‫)‪ (67‬قواعد ابن رجب ص ‪ ، 249‬مجموع فتللاوى ابللن تيميلله‬
‫‪. 29/466‬‬
‫)‪ (68‬روضة الطالبين ‪ ، 3/386‬تحفة المحتاج ‪. 4/287‬‬
‫)‪ (69‬النصل ‪ :‬حديدة السيف ‪ ،‬الحمائل ‪ :‬جمللع حمالللة وهللي‬
‫علقته ‪ ،‬الجفن ‪ :‬غلفه ‪ .‬طلبة الطلبه ص ‪103،116‬‬
‫)‪ (70‬الهداية ‪. 6/271‬‬
‫)‪ (71‬بدائع الصنائع ‪ ، 7/78‬فتح القدير ‪. 6/267‬‬
‫)‪ (72‬المغني ‪ ، 6/94‬الحاوي الكبير ‪. 6/135‬‬
‫)‪ (73‬الحاوي الكبير ‪. 6/135‬‬
‫)‪ (74‬مجموع فتاوى ابن تيميه ‪. 29/455‬‬
‫)‪ (75‬انظر ‪ :‬الحاوي الكبير ‪. 6/135‬‬
‫)‪ (76‬الهداية ‪ ، 7/410‬وانظر ‪ :‬شرح الخرشي ‪. 6/6‬‬
‫)‪ (77‬المغني ‪. 6/258‬‬

‫‪382‬‬
‫المصدر‪ :‬السلم اليوم‬
‫===============‬
‫‪#‬الظاهرية الجدد ؟!! ‪..‬‬
‫عبد الله بن راضي المعيدي الشمري‬
‫إنني أكره لغة القصاء ‪ ..‬وأرفض تغييللب العقللل ‪ ..‬وأنللا ضللد‬
‫من يجعل عقله وعاًء لكلم غيره ‪..‬‬
‫والدين كما يقول الديللب الطنطللاوي رحملله الللله ‪ " :‬ليسللت‬
‫المسالة إما )ل( أو )نعم( "‪..‬‬
‫بل لبلد ملن الخلذ والعطلاء ‪ ..‬والطلرح والنقلد ‪ ..‬والسلؤال‬
‫والبحث ‪..‬‬
‫ولكن !!‬
‫يجب على كل احد أن يعرف قدره ‪ ..‬وان يحللترم غيللره فللي‬
‫فنه ‪..‬‬
‫)أي بعبارة أخرى احترام التخصص ( ‪..‬‬
‫ففرق بين الكلم ‪ ..‬والخذ والرد ‪ ..‬والسؤال والمناقشة فللي‬
‫المسائل ‪..‬‬
‫فرق بين هذا ‪ ..‬وبين أن يخوض النسان فيما ليعنيه !!‬
‫ومن تكلم بغير فنه أتللى بالعجللآئب !! هكللذا قللال الحللافظ _‬
‫رحمه الله _ ‪..‬‬
‫بل ربما تكلم المرء ‪ ..‬أو كتب ‪ ..‬وكان قبللل ذلللك قللد اصللدر‬
‫الحكم الشرعي ؟!‬
‫والمصيبة العظمللى ‪ ..‬والخطيللة الكللبرى ‪ ) ..‬أنلله ليللس أهللل‬
‫لذلك !!(‬
‫أوآآآآآآآه ‪ ..‬أصار الدين كلًء مباحا ً لكل احد ‪..‬‬
‫كتاب جرائد ‪ ..‬وعلماء أقراص ‪ ..‬ومحركات !! ‪..‬‬
‫وكل من قلبه مرض ‪..‬‬
‫وفي فكره عوج ‪..‬‬
‫وفي فؤاده هوى ‪..‬‬
‫من هؤلء ‪ ..‬ومللن وهللؤلء !! جللاء انتهللاك الللدين ‪ ..‬وتمييللع‬ ‫ف ِ‬
‫أحكامه ‪..‬‬

‫‪383‬‬
‫والركض خلف كل فتوى تنشر تحليل ماكان محرما ً ؟!!‬
‫عجبا ً لهؤلء‪!!..‬‬
‫المسألة فيها خلف ؟!‬
‫ل كذوب ؟!‬ ‫ل كاذب ‪ ..‬ودعوى ك ّ‬ ‫مطية ك ّ‬
‫ولكن ما المراد بها ؟! ولماذا الحديث عنها ؟!‬
‫الخلف حللق ‪ ..‬مللن ينكللره ؟! بللل هللو ميللزة لهللذه المللة‬
‫الخالدة ‪ ..‬وتوسعة على أفرادها ‪..‬‬
‫ولكن !!‬
‫فرق بين طرح الخلف بادلته ‪ ..‬والبحث عن الحكم الشرعي‬
‫متجردا صاحبه عن الهوى !!‬
‫وبيللن مللن يريللد نقللض عللرى الللدين ‪ ..‬وتمييللع المحرمللات ‪..‬‬
‫وشيوع الفاحشة بين المؤمنين ‪..‬‬
‫فالول رابح لمحالة ‪ ..‬فهو دائر بين الجر والجرين ‪..‬‬
‫وهكذا هم علماء الملة ‪ ..‬لعلماء المة !!‬
‫وأما الخر فله النصيب الوفر من " أولئك لهو عذاب اليم "‬
‫والشللد أن يكللون )الحللديث عللن الخلف ( مطيللة لتللدمير‬
‫الدين ‪ ..‬وضياع الحكام ‪..‬‬
‫فهو يبحث عن غرائب القوال ‪ ..‬وشواذ الخلف ‪ ..‬ثم ينشره‬
‫بين الناس!!‬
‫أما جاهل ً ‪ ..‬فحمار توما أفضل منه !!‬
‫وإما عالما ً بما يقول ويقصد ‪ ..‬ولكن هو الهوى !!‬
‫داء من سبق من المم ‪..‬‬
‫‪ ..‬بالله عليكم يأهل اليمان ‪ ..‬يأهل التوحيد ‪..‬‬
‫أين هؤلء وكتاباتهم ؟ بل واستماتتهم ؟ بل وحرقتهم ؟‬
‫أيللن هللم مللن هللذه المشللاهد المروعللة ؟ وتلللك الصللور ؟ آل‬
‫يكتبون عنها ؟ آل يتكلمون عنها ؟‬
‫الم يروا مشهد المرأة المحترقة ‪ ..‬تجري مذهولللة فللي أحللد‬
‫شوارع هيروشلليما ‪ ..‬تشلتعل فيهللا النللار‪ ،‬اللتي صلبها فوقهلا‬
‫)رسل الحضارة( ‪ ..‬حماة حقوق النسان؟!‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫من رأى منكم مزق اللحم ‪ ..‬لشيء كانوا يسللمونه طفل ً ‪!!..‬‬
‫في واحد مللن أحيللاء بغللداد ‪ ..‬الللتي يحرقهللا )مغللول( القللرن‬
‫الحللادي والعشللرين ‪..‬؟!! الللذين جللاؤوا مللن أجللل )حريللة(‬
‫العراق‪..‬؟!‬
‫وبهذا يصبح حال أولئك الناس إما بحثا ً عللن القللوال الشللاذة‬
‫والمرجوحة فيقلللدونها ولللن يعللدموها ‪ ..‬وإمللا ينبللذون التقيللد‬
‫بالحكام الشرعية في معاملتهم وهي الطامة الكبرى ‪..‬‬
‫وهو مراد القوم !!‬
‫والطآمة الكبرى هي هدم الدين ؟!‬
‫ولكن كيف ؟!!‪..‬‬
‫هم العدو فاحذرهم ‪..‬‬
‫إن تعظيم النصوص وتقديمها أصل ديني ومطلللب شللرعي ل‬
‫يصح للمجتهد نظر إذا لم يأخذ بالنصوص ويعمل بهللا ‪ ،‬ولكللن‬
‫النحللراف يحصللل بالتمسللك بظللواهر النصللوص فقللط دون‬
‫فقهها ومعرفة مقصد الشرع منها يقللول د ‪ .‬صللالح المزيللد _‬
‫فيما نقله عند د ‪ .‬مسفر القحطللاني )*( ‪ )) :‬وقللد ظهللر فللي‬
‫عصرنا من يقللول ‪ :‬يكفللي الشللخص لكللي يجتهللد فللي أمللور‬
‫الشرع يقتني مصحفا ً مع سنن أبي داود‪ ،‬وقاموس لغوي ((‪.‬‬
‫وهذا النوع من المتطفلين لم يشموا رائحللة الفقلله فض لل ً أن‬
‫يجتهللدوا فيلله ‪ ،‬وقللد سللماهم د ‪ .‬القرضللاوي ) بالظاهريللة‬
‫الجدد ( ل مع فارق التشبيه في نظري ل ل حيللث قللال عنهللم ‪:‬‬
‫))المدرسة النصية الحرفية ‪ ،‬وهم الذين أسميهم )الظاهريللة‬
‫الجدد( وجلهم ممن اشتغلوا بالحديث ‪ ،‬ولم يتمرسللوا الفقلله‬
‫وأصوله ‪ ،‬ولم يطلعوا علللى اختلف الفقهللاء ومللداركهم فللي‬
‫السللتنباط ول يكللادون يهتمللون بمقاصللد الشللريعة وتعليللل‬
‫الحكام بتغير الزمان والمكان والحال(( ‪.‬‬
‫وهؤلء أقللرب شلليء إلللى ألسللنتهم وأقل مهللم إطلق كلمللة‬
‫التحليل دون مراعاة لخطورة هذه الكلمة ودون تقديم الدلة‬
‫الشافية مللن نصللوص الشللرع وقواعلده سلندا ً لللذلك وحمل ً‬
‫للناس على أشد مجاري التكليف ‪ ،‬والله عللز وجللل قللد حللذر‬

‫‪385‬‬
‫من ذلك حيث قال سبحانه ‪] :‬ول تُقوُلوا ل ِما تص ل ُ َ‬
‫م‬ ‫ف أل ْ ِ‬
‫س لن َت ُك ُ ْ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َ َ‬
‫ن‬ ‫ب إِ ّ‬ ‫م ل ِت َْفت َلُروا عَل َللى الل ّلهِ ال ْك َلذِ َ‬
‫حلَرا ٌ‬ ‫ذا َ‬‫ل وَهَل َ‬‫حل ٌ‬ ‫ب هَ َ‬
‫ذا َ‬ ‫ال ْك َذِ َ‬
‫ن [‪.‬‬ ‫حو َ‬‫ب ل ي ُْفل ِ ُ‬ ‫ن عََلى الل ّهِ ال ْك َذِ َ‬
‫ن ي َْفت َُرو َ‬
‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫يقول المام ابن القيم ل رحمه الله ل ‪ )) :‬ل يجوز للمفللتي أن‬
‫يشهد على الله ورسوله بأنه أحل كللذا أو حرملله أو أوجبلله أو‬
‫كرهه إل لما يعلم أن المر فيه كذلك مما نص الللله ورسللوله‬
‫على إباحته أوتحريمه أو إيجابه أو كراهيتله ‪..‬قلال غيلر واحللد‬
‫من السلف ‪ :‬ليحذر أحدكم أن يقول ‪ :‬أحل الله كذا أو حللّرم‬
‫كذا ‪ ،‬فيقول الله له كذبت لم أحل كذا ‪ ،‬ولم أحرمه (( إعلم‬
‫الموقعين ‪.. 134 / 4‬‬
‫قاعدة سد الذرائع ‪..‬‬
‫دلت النصوص الكلثيرة عللى اعتبلار سلد اللذرائع والخلذ بله‬
‫حماية لمقاصد الشريعة وتوثيق لا ً للصللل العللام الللذي قللامت‬
‫عليه الشريعة من جلللب المصللالح ودرء المفاسللد ‪ .‬ولللله در‬
‫ابن القيم ل رحمه الله ل إذ يقول ‪-:‬‬
‫)) فإذا حّرم الرب تعالى شيئا ً وله طرق ووسائل تفضي إليه‬
‫‪ ،‬فإنه يحرمها ويمنع منها‪ ،‬تحقيقا ً لتحريمه ‪ ،‬وتثبيتا ً له ‪ ،‬ومنعا ً‬
‫من أن يقرب حماه ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليلله‬
‫لكان ذلك نقصا ً للتحريم وإغراًء للنفوس به (( ‪..‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬منهج المبالغة في التساهل والتيسير‬
‫ظهللر ضللمن مناهللج النظللر فللي النللوازل المعاصللرة منهللج‬
‫المبالغة والغلو في التساهل والتيسير ‪ ،‬وتعتبر هذه المدرسة‬
‫في النظر والفتوى ذات انتشار واسع على المستوى الفردي‬
‫والمؤسسي خصوصا ً أن طبيعة عصرنا الحاضر قد طغت فيه‬
‫المادية على الروحية ‪ ،‬والنانية على الغيرية ‪ ،‬والنفعية علللى‬
‫الخلق ‪ ،‬وكثرت فيه المغويات بالشر والعوائق عللن الخيللر ‪،‬‬
‫وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر حيث تللواجهه‬
‫التيارات الكافرة عن يمين وشمال تحللاول إبعللاده عللن دينلله‬
‫ن يعينه بل ربما يجد من يعوقه ‪.‬‬ ‫م ْ‬‫وعقيدته ول يجد َ‬

‫‪386‬‬
‫وأمام هذا الواقع دعللا الكللثير مللن الفقهللاء إلللى التيسللير مللا‬
‫استطاعوا في الفتوى والخذ بالترخص في إجابة المستفتين‬
‫ترغيبا ً لهم وتثبيتا ً لهم على الطريق القويم‪.‬‬
‫ولشك أن هذه دعللوى مباركللة قائمللة علللى مقصللد شللرعي‬
‫عظيم من مقاصد الشللريعة العليللا وهللو رفللع الحللرج وجلللب‬
‫النفع للمسلم ودرء الضرر عنه فللي الللدارين ؛ ولكللن الواقللع‬
‫المعاصللر لصللحاب هللذا التللوجه يشللهد أن هنللاك بعللض‬
‫التجاوزات في اعتبار التيسللير والخللذ بللالترخص وربمللا وقللع‬
‫أحدهم في رد بعض النصوص وتأويلها بما ل تحتمل وجها ً في‬
‫اللغة أو في الشرع ‪.‬‬
‫وغ التضللحية‬ ‫وضغط الواقع ونفللرة النللاس عللن الللدين ل يس ل ّ‬
‫بالثوابت والمسلمات أوالتنازل عن الصول والقطعيات مهما‬
‫بلغت المجتمعات من تغير وتطور فإن نصوص الشرع جاءت‬
‫صالحة للناس في كل زمان ومكان ‪..‬‬
‫فمن الخطأ والخطر تبرير الواقع والمبالغة في فقه التيسللير‬
‫ل والعمللل بللأي اجتهللادٍ دون اعتبللار الحجللة‬ ‫بالخللذ بللأي قللو ٍ‬
‫مّهما ً في النظر والجتهاد ‪.‬‬ ‫والدليل مقصدا ً ُ‬
‫ولعل من الدوافع لهذا التجللاه الجتهللادي ؛أن أصللحاب هللذه‬
‫المدرسة يريدون إضفاء الشرعية على هذا الواقع ‪ ،‬بالتماس‬
‫تخريجات وتأويلت شرعية تعطيه سندا ً للبقللاء ‪ .‬وقللد يكللون‬
‫مهمتهم تبرير‪ ،‬أو تمرير ما يراد إخراجه للناس من قوانين أو‬
‫قرارات أو إجراءات تريدها السلطة ‪..‬‬
‫ومن هؤلء من يفعل ذلك مخلصا ً مقتنعا ً ل يبتغي زلفللى إلللى‬
‫أحد ‪ ،‬ول مكافأة من أحللد ولكنلله واقللع تحللت تللأثير الهزيمللة‬
‫النفسية أمام حضارة الغرب وفلسفاته ومسلماته ‪..‬‬
‫ومنهللم مللن يفعللل ذلللك ‪ ،‬رغبللة فللي دنيللا يملكهللا أصللحاب‬
‫من وراءهم من الذين يحركللون الزرار مللن وراء‬ ‫السلطة أو َ‬
‫الستار ‪ ،‬أو حبا ً للظهور والشهرة على طريقة ‪:‬‬

‫‪387‬‬
‫خالف تعرف ‪ ،‬إلى غير ذلك من عوامللل الرغللب والرهللب أو‬
‫الخوف والطمع التي تحللرك كللثيرا ً مللن البشللر ‪ ،‬وإن حملللوا‬
‫ألقاب أهل العلم وألبسوا لبوس أهل الدين ‪.‬‬
‫ول يخفى على أحد ما لهذا التيللار الجتهللادي مللن آثللار سلليئة‬
‫على الدين وحتى على تلك المجتمعات الللتي هللم فيهللا‪،‬فهللم‬
‫قد أزالوا من خلل بعض الفتللاوى الفللوارق بيللن المجتمعللات‬
‫المسلللمة والكللافرة بحجللة مراعللاة التغيللر فللي الحللوال‬
‫والظروف عما كانت عليه في القرون الولى‪.‬‬
‫ويمكن أن نبرز أهم ملمح هذا التجاه فيما يلي ‪-:‬‬
‫ا ‪ -‬الفراط بالعمل بالمصلحة ولو عارضت النصوص ‪:‬‬
‫إن المصلحة المعتبرة شرعا ً ليست بللذاتها دليل ً مسللتقل ً بللل‬
‫هي مجموع جزئيللات الدلللة التفصلليلية مللن القللرآن والسللنة‬
‫التي تقوم علللى حفللظ الكليللات الخمللس فيسللتحيل عقل ً أن‬
‫تخللالف المصلللحة مللدلولها أو تعارضلله وقللد ُأثبتللت حجيللة‬
‫المصلحة عن طريق النصوص الجزئية فيكون ذلك من قبيللل‬
‫معارضة المدلول لللدليله إذا جللاء بمللا يخللالفه وهللذا باطللل )‬
‫‪.(34‬‬
‫فالمصلحة عند العلماء ما كانت ملئمة لمقاصللد الشللريعة ل‬
‫تعارض نصا ً أو إجماعا ً مع تحققها يقينيا ً أو غالبا ً وعموم نفعها‬
‫في الواقع ‪ ،‬أمللا لللو خللالفت ذلللك فل اعتبللار بهللا عنللد عامللة‬
‫كي عن المام الطوفي للل رحملله‬ ‫ح ِ‬
‫الفقهاء والصوليين إل ما ُ‬
‫الله ل أنه نادى بضرورة تقديم دليللل المصلللحة مطلق لا ً علللى‬
‫النص والجماع عند معارضتهما له‪.‬‬
‫وواقع الفتاء المعاصر جنح فيه بعض الفقهاء والمفللتين إلللى‬
‫المبالغة في العمللل بالمصلللحة ولللو خللالفت الللدليل المعتللبر‬
‫ومن ذلك ما قاله بعض المعاصللرين ممللن ذهبللوا إلللى جللواز‬
‫تولي المرأة للمناصب العالية ‪ )) :‬إن النبي صلى الللله عليلله‬
‫وسلم قرأ على الناس في مكة سللورة النمللل وقللص عليهللم‬
‫في هذه السلورة قصلة ملكلة سلبأ اللتي قلادت قومهلا إللى‬
‫الفلح والمان بحكمتها وذكائها ‪ ،‬ويستحيل أن يرسللل حكم لا ً‬

‫‪388‬‬
‫في حديث يناقض ما نزل عليه من وحي …ل إلللى أن قللال لل‬
‫هللل خللاب قللوم ولللوا أمرهللم امللرأة مللن هللذا الصللنف‬
‫النفيس (( ‪.‬‬
‫ول شك في معارضة هذا الكلم لما ورد عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بقوله ‪ )) :‬لن يفلح قوم وّلوا أمرهم امرأة ((‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا ً ما أفتى به فضيلة المفتي السابق بجمهوريللة‬
‫مصر العربية على جواز الفوائد المصرفية مع معلومية الربللا‬
‫فيهللا ‪ ،‬ومخللالفته للنصللوص والجمللاع المحللرم للربللا قليللله‬
‫وكثيره‪.‬‬
‫وظهر فللي الونللة الخيللرة بعللض الفتللاوى الللتي أبللاحت بيللع‬
‫الخمللر مللن أجللل مصلللحة البلد فللي اسللتقطاب السللياحة ‪،‬‬
‫وإباحللة الفطللار فللي رمضللان مللن أجللل أل تتعطللل مصلللحة‬
‫العمال في البلد ‪ ،‬وإباحة التعامل بالربللا مللن أجللل تنشلليط‬
‫الحركة التجارية والنهوض بهللا ‪ ،‬والجمللع بيللن الجنسللين فللي‬
‫ف‬
‫ب للخلق وتخفيل ٍ‬ ‫مرافق المجتمع لما فللي ذلللك مللن تهللذي ٍ‬
‫للميل الجنسي بينهما !! ؟ ‪.‬‬
‫وبعضها جوزت التسوية بين البناء والبنات في الميراث‪ ،‬بللل‬
‫وبعضها جللوزت أن تمثللل المللرأة وتظهللر فللي العلم بحجللة‬
‫التكييف مع تطورات العصر بفقه جديد وفهم جديد‪.‬‬
‫وكل هذه وغيرها خرجت بدعوى العمل بالمصلللحة ومللواكب‬
‫الشريعة لمستجدات الحياة ‪.‬‬
‫ب – تتبع الرخص والتلفيق بين المذاهب ‪:‬‬
‫الرخص الشرعية الثابتة بالقرآن والسنة ل بأس فللي العمللل‬
‫بها لقول النبي صلى الله عليه وسلللم ‪ )) :‬إن الللله يحللب أن‬
‫تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ((‪.‬‬
‫أما تتبع رخص المذاهب الجتهادية والجري وراءها دون حاجةٍ‬
‫يضطر إليها المفتي ‪ ،‬والتنقل مللن مللذهب إلللى آخللر والخللذ‬
‫بأقوال عددٍ من الئمللة فللي مسللألة واحللدة بغيللة الللترخص ‪،‬‬
‫ذروا منلله ‪ ،‬وإمللامهم فللي‬ ‫فهذا المنهج قد كرهلله العلمللاء وحل ّ‬
‫ذلك النبي صلى الله عليلله وسلللم لمللا قللال ‪ )) :‬إنللي أخللاف‬

‫‪389‬‬
‫عليكللم ثلثللا ً وهللي كائنللات ‪ :‬زلللة عللالم ‪ ،‬وجللدال منللافق‬
‫بالقرآن ‪ ،‬ودنيا تفتح عليكم (( ‪.‬‬
‫فزلة العاِلم مخوفة بالخطر لللترتب زلللل العللاَلم عليهللا فمللن‬
‫تتبع زلل العلماء اجتمع فيه الشر كله ‪.‬‬
‫وقد حكى بعض المعاصللرين خلفلا ً بيللن العلمللاء فللي تجللويز‬
‫الخذ برخص العلماء لمن كان مفتيا ً أو ناظرا ً في النوازل‪.‬‬
‫ولعللل حكايللة الخلف ليسللت صللحيحة علللى إطلقهللا وذلللك‬
‫للسباب التالية ‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن الخلف الذي ذكروه في جواز تتبع الرخص أخذوه بناءً‬
‫على الخلف في مسألة الجواز للعامي أن يتخير في تقليللده‬
‫من شاء ممن بلغ درجة الجتهاد ‪ ،‬وأنه ل فرق بيللن مفضللول‬
‫وأفضل ‪ ،‬ومع ذلك فإنهم وإن اختلفوا فللي هللذه المسللألة إل‬
‫أنهم اتفقللوا علللى أنلله إن بللان لهللم الرجللح مللن المجتهللدين‬
‫فيلزمهم تقليللده ول يجللوز لهللم أن يتتبعللوا فللي ذلللك رخللص‬
‫العلماء وزللهم والعمل بها دون حاجه أو ضابط‪.‬‬
‫ف للعلمللاء فللي مسللألة تخريجلا ً علللى‬ ‫فل يصح أن ُيحكى خل ٌ‬
‫مسألة أخرى تخالفها في المعنى والمضمون ‪ ،‬ول تلزم بينها‬
‫وذلك أن الخلف في حق العامي ‪ ،‬أمللا المجتهللد المفللتي فل‬
‫يجوز له أن يفتي إل بما توصل إليه اجتهاده ونظره‪.‬‬
‫وز الللترخص فللي الخللذ بللأقوال أي‬ ‫‪ -2‬أن بعللض العلمللاء ج ل ّ‬
‫العلماء شاء وهذا إنما هو في حق العوام ل كما ذكرنا ل كذلك‬
‫أن يكون في حللالت الضللطرار وأن ل يكللون غرضلله الهللوى‬
‫والشهوة ‪ ،‬يقول المام الزركشي ل رحمه الله ل ل فللي ذلللك ‪:‬‬
‫)) وفي فتللاوى النللووي الجللزم بللأنه ل يجللوز تتبللع الرخللص ‪،‬‬
‫وقال في فتاٍوله أخرى ؛ وقد سئل عللن مقلللد مللذهب ‪ :‬هللل‬
‫يجوز له أن يقلد غير مذهبه في رخصة لضللرورة ونحوهللا ؟ ‪،‬‬
‫أجاب ‪ :‬يجوز له أن يعمل بفتوى من يصلللح للفتللاء إذا سللأله‬
‫اتفاقا ً من غير تلّقط الرخللص ول تعمللد سللؤال مللن يعلللم أن‬
‫مذهبه الترخيص في ذلك ((‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫فالعلماء ل يجوزون تتبع الرخص إل في حالت خاصة يبّررهللا‬
‫حاجة وحال السللائل لللذلك ل أن يكللون منهجلا ً للفتللاء يتبعلله‬
‫المفتي مع كل سائل أوفي كل نازلة بالهوى والتشهي‪.‬‬
‫‪ -3‬أن هناك من العلماء من حكى الجماع علللى حرمللة تتبللع‬
‫الرخص حتى لو كان عامي لا ً ومللن أولئك المللام ابللن حللزم ل ل‬
‫رحمه الله لوابن الصلح ل رحمه الله لللوكذلك ابللن عبللد الللبر‬
‫حيللث قللال رحملله الللله‪)):‬ل يجللوز للعللامي تتبللع الرخللص‬
‫إجماعًا((‪.‬‬
‫وقد أفاض المام الشاطبي ل رحمه الله ل فللي الثللار السلليئة‬
‫التي تنجم عن العمل بتلّقط الرخللص وتتبعهللا مللن المللذاهب‬
‫وخطر هذا المنهج في الفتيا‪.‬‬
‫والتساهل المفرط ليس من سيما العلماء الخيار وقللد جعللل‬
‫ابللن السللمعاني لل رحملله الللله لل مللن شللروط العلمللاء أهللل‬
‫الجتهاد ‪ :‬الكف عن الترخيص والتساهل ‪ ،‬ثم صنف ل رحملله‬
‫الله ل المتساهلين نوعين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتساهل في طلب الدلة وطرق الحكام ويأخللذ ببللادئ‬
‫النظر وأوائل الفكر فهذا مقصر في حق الجتهاد ول يحل لله‬
‫أن يفتي ول يجوز ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن يتساهل في طلب الرخص وتأول السنة فهذا متجللوز‬
‫في دينه وهو آثم من الول‪.‬‬
‫والملحظ أن منهج التساهل القائم على تتبع الرخص يفضللي‬
‫إلللى اتبللاع الهللوى وانخللرام نظللام الشللريعة )) فللإذا عللرض‬
‫العامي نازلته على المفللتي ‪ ،‬فهللو قللائل للله ‪ :‬أخرجنللي عللن‬
‫هواي ودلني علللى اتبللاع الحللق ‪ ،‬فل يمكللن والحللال هللذه أن‬
‫يقول له ‪ :‬في مسألتك قولن فاختر لشهوتك أيهمللا شللئت (‬
‫ل لهللل العلللم يصلللح لللك ‪ ،‬وقللد قللال‬ ‫أو سأبحث لك عن قو ٍ‬
‫المللام أحمللد ل ل رحملله الللله ل ل ‪ )) :‬لللو أن رجل ً عمللل بكللل‬
‫رخصه ؛ بقول أهل الكوفللة فللي النبيللذ ‪ ،‬وأهللل المدينللة فللي‬
‫السماع ‪ ،‬وأهل مكة في المتعة كان فاسقا ً ((‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫ويلروى علن إسلماعيل القاضلي لل رحمله اللله لل أنله قلال ‪:‬‬
‫)) دخلت على المعتضد فللدفع إلللي كتابلا ً فنظللرت فيلله وقللد‬
‫جمع فيه الرخص من زلل العلماء ومللا احتللج بلله كللل منهللم‪،‬‬
‫فقلت ‪ :‬مصنف هذا زنديق ‪،‬فقال‪ :‬لم تصح هللذه الحللاديث ؟‬
‫قلت‪ :‬الحاديث على ما رويت ولكن من أباح المسكر لم يبح‬
‫المتعة ‪ ،‬ومن أباح المتعة لم يبح المسكر ‪ ،‬وما مللن عللالم إل‬
‫وله زلة ‪ ،‬ومن جمع زلل العلماء ‪ ،‬ثللم أخللذ بهللا ذهللب دينلله ‪،‬‬
‫فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب ((‪.‬‬
‫ولعل واقعنا المعاصر يشهد جوانب من تساهل بعض الفقهاء‬
‫في التلفيق بين المذاهب وتتبع الرخص كما هللو حاصللل عنللد‬
‫من يضع القللوانين والنظمللة أو يحتللج بأسلللمة القللانون بنللاءً‬
‫على هذا النوع من التلفيق ‪ ،‬أما حالت الضللرورة فللي الخللذ‬
‫بهذا المنهج فإنها تقدر بقدرها ‪.‬‬
‫ج – التحايل الفقهي على أوامر الشرع ‪.‬‬
‫وهو من ملمح مدرسة التساهل والغلللو فللي التيسللير ؛ وقللد‬
‫جاء النهي في السنة عن هذا الفعل حيث قللال النللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم ‪ )):‬ل ترتكبللوا مللا ارتكللب اليهللود فتسللتحلوا‬
‫محارم الله بأدنى الحيل ((‪ .‬وعلى ذلك اتفق أكثر أهل العللم‬
‫على عدم تجويزه وفي ذلك يقول المللام القرافللي ل ل رحملله‬
‫الله ل ‪ )) :‬ل ينبغي للمفتي ‪ :‬إذا كللان فللي المسللألة قللولن ‪:‬‬
‫أحدهما فيلله تشللديد والخللر فيلله تخفيللف ؛ أن يفللتي العامللة‬
‫بالتشديد والخواص من ولة المللور بللالتخفيف وذلللك قريللب‬
‫مللن الفسللوق والخيانللة فللي الللدين والتلعللب بالمسلللمين ‪،‬‬
‫ودليل علللى فللراغ القلللب مللن تعظيللم الللله تعللالى و إجلللله‬
‫وتقواه ‪ ،‬وعمارته باللعب وحب الرياسة والتقرب إلى الخلق‬
‫دون الخالق نعوذ بالله من صفات الغافلين ((‪.‬‬
‫وقد حكى أبو الوليد الباجي ل رحمه الله ل عن أحد أهل زمانه‬
‫أخبره أنه وقعت له واقعة ‪ ،‬فأفتاه جماعة مللن المفللتين بمللا‬
‫يضره وكان غائبا ً ‪ ،‬فلما حضروا قللالوا ‪ :‬لللم نعلللم أنهللا لللك ‪،‬‬

‫‪392‬‬
‫وأفتللوه بالروايللة الخللرى ‪ ،‬قللال‪ :‬وهللذا ممللا ل خلف بيللن‬
‫المسلمين المعتد بهم في الجماع أنه ل يجوز‪.‬‬
‫صل المام ابن القيم ل رحمه الله ل القللول فللي الحيللل‬ ‫وقد ف ّ‬
‫الممنوعة على المفتي وما هو مشروع له حيث قال ‪:‬‬
‫)) ل يجوز للمفتي تتبع الحيل المحرمة والمكروهة ‪ ،‬ول تتبللع‬
‫م استفتاؤه‬ ‫حرِ َ‬
‫الرخص لمن أراد نفعه ‪ ،‬فإن تتبع ذلك فسق و ُ‬
‫سللن قصللده فللي حيلللةٍ جللائزة ل شللبهة فيهللا ول‬ ‫ح ُ‬
‫‪ ،‬فللإن َ‬
‫مفسدة ‪ ،‬لتخليص المستفتي بهللا مللن حللرج جللاز ذلللك ‪ ،‬بللل‬
‫استحب ‪ ،‬وقد أرشد الله نبيه أيوب عليه السلم إلى التخلص‬
‫من الحنث بأن يأخذ بيللده ضللغثا ً فيضللرب بلله المللرأة ضللرب ً‬
‫ة‬
‫واحدة ‪ .‬وأرشد النبي صلللى الللله عليلله وسلللم بلل ً إلللى بيللع‬
‫التمر بدراهم ‪ ،‬ثم يشتري بالدراهم تمرا ً آخر ‪ ،‬فيخلللص مللن‬
‫الربا ‪.‬‬
‫فأحسن المخارج ما خّلص من المآثم وأقبح الحيللل مللا أوقللع‬
‫في المحارم أو أسللقط مللا أوجبلله الللله ورسللوله مللن الحللق‬
‫اللزم والله الموفق للصواب ((‪.‬‬
‫وقد وقع كثير من الفقهاء المعاصرين في الفتاء بجواز كللثير‬
‫من المعاملت المحرمة تحايل ً على أوامر الشرع ؛ كصور بيع‬
‫العينة المعاصرة ومعاملت الربا المصرفية ‪ ،‬أو التحايل على‬
‫إسقاط الزكاة أو البراء من الديون الواجبللة ‪ ،‬أو مللا يحصللل‬
‫في بعض البلدان من تجويز النكحة العرفية تحايل ً على الزنا‬
‫‪ ،‬أو تحليل المرأة لزوجها بعد مباينته لها بالطلق ‪،‬وكل ذلللك‬
‫وغيره من التحايل المذموم في الشرع‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬المنهج الوسطي المعتدل في النظر والفتاء‬
‫الشللريعة السلللمية شللريعة تتميللز بالوسللطية واليسللر ولللذا‬
‫ينبغي للناظر في أحكام النوازل من أهل الفتيا والجتهللاد أن‬
‫يكونوا على الوسط المعتللدل بيللن طللرف التشللدد والنحلل‬
‫كما قال المام الشاطبي ل رحمه الللله ل ل ‪ )) :‬المفللتي البللالغ‬
‫ذروة الدرجة هو الذي يحمل النللاس علللى المعهللود الوسللط‬

‫‪393‬‬
‫فيما يليق بالجمهور فل يذهب بهللم مللذهب الشللدة ول يميللل‬
‫بهم إلى طرف النحلل ‪.‬‬
‫والدليل على صحة هذا أن الصراط المسللتقيم الللذي جللاءت‬
‫به الشريعة ؛فللإنه قللد م لّر أن مقصللد الشللارع مللن المكلللف‬
‫الحمل على التوسط من غير إفراط ول تفريط ‪ ،‬فللإذا خللرج‬
‫عن ذلك في المستفتين ؛ خرج عن قصد الشارع ولذلك كان‬
‫ن خللرج عللن المللذهب الوسللط مللذموما ً عنللد العلمللاء‬ ‫ملل ْ‬
‫َ‬
‫الراسخين …فإن الخروج إلى الطراف خللارج عللن العللدل ‪،‬‬
‫ول تقوم به مصلحة الخلق ‪ ،‬أما طرف التشديد فللإنه مهلكللة‬
‫ب‬‫وأما طرف النحلل فكذلك أيض لا ً ؛ لن المسللتفتي إذا ذ ُهِ ل َ‬
‫به مذهب العنت والحرج ب ُّغض إليه الدين وأدى إلى النقطاع‬
‫ب بلله‬ ‫عن سلوك طريق الخرة ‪ ،‬وهو مشللاهد ‪ ،‬وأمللا إذا ذ ُهِل َ‬
‫مذهب النحلل كان مظنة للمشللي علللى الهللوى والشللهوة ‪،‬‬
‫والشرع إنما جاء بللالنهي عللن الهللوى واتبللاع الهللوى مهلللك ‪،‬‬
‫والدلة كثيرة ((‪.‬‬
‫ولعللل مللا ذكرنللاه مللن ململلح للمناهللج الخللرى المتشللددة‬
‫والمتساهلة كان مللن أجللل أن يتللبين لنللا مللن خللهللا المنهللج‬
‫المعتللدل ؛ وذلللك أن الشللياء قللد تعللرف بضللدها وتتمللايز‬
‫بنقائضها‪.‬‬
‫وقد أجاز بعض العلماء للمفتي أن يتشدد فللي الفتللوى علللى‬
‫سبيل السياسة لمن هو مقدم على المعاصي متساهل فيها ‪،‬‬
‫وأن يبحث عن التيسير والتسهيل على ما تقتضيه الدلة لمن‬
‫هو مشدد على نفسه أو غيره ‪ ،‬ليكون مآل الفتوى ‪ :‬أن يعود‬
‫المستفتي إلى الطريق الوسط‪.‬‬
‫ولللذلك ينبغللي للمفللتي أن يراعللي حالللة المسللتفتي أو واقلع‬
‫النازلة فيسير في نظره نحللو الوسللط المطلللوب باعتللدال ل‬
‫إفراط فيه نحو التشدد ول تفريللط فيلله نحللو التسللاهل وفللق‬
‫مقتضى الدلة الشرعية وأصول الفتيا ‪ ،‬وما أحسللن مللا قللاله‬
‫المام سللفيان الثللوري لل رحملله الللله للل‪)):‬إنمللا العلللم عنللدنا‬
‫الرخصة من ثقة فأما التشدد فيحسنه كللل أحللد((‪ .‬والظللاهر‬

‫‪394‬‬
‫أنه يعني تتبع مقصد الشارع بالصل الميسللور المسللتند إلللى‬
‫الدليل الشرعي‪.‬‬
‫ولشللك أن هللذا التجللاه هللو اتجللاه أهللل العلللم والللورع‬
‫والعتللدال ‪ ،‬وهللي الصللفات اللزمللة لمللن يتعللرض للفتللوى‬
‫والتحدث باسم الشرع ‪ ،‬وخصوصا ً في هذا العصر ‪.‬‬
‫فالعلم هو العاصم من الحكم بالجهللل ‪ ،‬والللورع هللو العاصللم‬
‫مللن الحكللم بللالهوى ‪ ،‬والعتللدال هللو العاصللم مللن الغلللو‬
‫والتفريللط ‪ ،‬وهللذا التجللاه هللو الللذي يجللب أن يسللود ‪ ،‬وهللو‬
‫الجتهاد الشرعي الصحيح وهو الللذي يلدعو إليلله أئملة العلللم‬
‫المصلحون‪.‬‬
‫‪-----------------------‬‬
‫أخللي ‪ /‬أخللتي ‪ /‬أتشللرف بزياتللك لصللفحتي فللي موقللع صلليد‬
‫الفوائد ‪...‬‬
‫‪http://saaid.net/Doat/almueidi/index.htm‬‬
‫=============‬
‫‪#‬توجيهات لمضاربي المساهمات‬
‫د‪ .‬عصام بن عبد المحسن الحميدان‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلللم علللى مللن ل نللبي بعللده‪،‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فإن النسان يعجب عنللدما يسللمع عللن بعللض النللاس الللذين‬
‫أصيبوا بسكتة قلبية‪ ،‬أو بمرض‪ ،‬أو باعوا بيوتهم‪ ،‬أو غير ذلللك‬
‫نتيجة لمضاربات السهم!‬
‫إن ذلللك دليللل علللى أحللد شلليئين‪ :‬إمللا قلللة اليمللان‪ ،‬أو قلللة‬
‫الحرص والحتياط والخبرة‪.‬‬
‫جه بعض النصللائح والتوجيهللات لهللؤلء النللاس‬ ‫ولذا فإني سأو ّ‬
‫وغيرهم‪ ،‬ممن يريللد أن يقللدم علللى المسللاهمة‪ ،‬أو هللو أحللد‬
‫المساهمين‪.‬‬
‫قبل التجارة ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬عدم الفتاء بغيللر علللم ‪ ،‬وتحريللم مللا لللم يحرملله الللله‪،‬‬
‫فبعض الناس يسأل فيسارع إلى التحريم من باب الحتيللاط‪،‬‬

‫‪395‬‬
‫وهذا ل يجوز شرعًا‪ ،‬لن التحريم والتحليللل لللله تعللالى‪ ،‬قللال‬
‫سبحانه ‪)) :‬ول تُقوُلوا ل ِما تص ُ َ‬
‫حل ٌ‬
‫ل‬ ‫ب هَ ل َ‬
‫ذا َ‬ ‫م ال ْك َلذِ َ‬ ‫ف أل ْ ِ‬
‫س لن َت ُك ُ ُ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َ َ‬
‫ب(( )النحللل‪ :‬مللن اليللة‬ ‫م ل ِت َْفت َلُروا عَل َللى الل ّلهِ ال ْك َلذِ َ‬‫حَرا ٌ‬‫ذا َ‬‫وَهَ َ‬
‫‪ (116‬وهلو جللزء مللن التشللريع للمللة‪ ،‬فهللل هللذا يرضلى أن‬
‫يكون مشّرعا ً مع الله تعالى ؟! وقد كان السلف رحمهم الله‬
‫من الصحابة والتابعين يخافون أن يتحدث أحدهم فللي الللدين‬
‫فيكون مخطئًا‪.‬‬
‫ثللم إن الصللل فللي المعللاملت الباحللة‪ ،‬كمللا قللال العلمللاء‪،‬‬
‫والصل في العبادات الحظر والتوقيف ‪.‬‬
‫والنبي صلى الله عليه وسّلم أبقى على التجارات الموجللودة‬
‫في زمنه‪ ،‬إل استثناءات يسيرة ‪.‬‬
‫جرملا ً ملن‬ ‫وقال صلى اللله عليله وسلّلم ‪ )) :‬أعظللم النلاس ُ‬
‫حّرم مللن أجللل مسللألته(( متفللق‬ ‫سأل عن شيء لم يحّرم‪ ،‬ف ُ‬
‫عليه عن سعد رضي الله عنه ‪.‬‬
‫والورع شيء والتحريم شيء آخر‪ ،‬قد أتوّرع أنا أو يوجه أحللد‬
‫العلماء بالتورع عن شيء‪ ،‬ولكن ذلك ل يعني التحريللم‪ ،‬وأبللو‬
‫ذّر رضي الله عنه من ورعه اعتزل الناس فللي الرب َللذة‪ ،‬لنلله‬
‫يرى أن الناس قللد توسللعوا فللي الللدنيا‪ ،‬ولكللن بقللي عثمللان‬
‫رضي الللله عنلله وكبللار الصللحابة فللي المدينللة‪ ،‬وبقللاؤهم هللو‬
‫الصح‪ ،‬لن يد الله على الجماعة ‪.‬‬
‫صللين مللن العلمللاء‬ ‫ومما يجللب قبللل التجللارة‪ :‬الرجللوع للمخت ّ‬
‫الخللبيرين بللالمور الماليللة شللرعا ً وواقعللا ً ؛ لن المعللاملت‬
‫وعت وتفّرعت‪ ،‬وأصبح مللن الصللعب علللى الفقيلله‬ ‫تعددت وتن ّ‬
‫أن يستوعب كل أنواع المعاملت ‪.‬‬
‫وأما الحكم في حال اختلف الفقهاء‪ ،‬فهللو باعتمللاد المجللامع‬
‫الفقهية واللجان الشللرعية‪ ،‬فإنهللا أقللرب إلللى الصللواب مللن‬
‫غيرها ‪.‬‬
‫ة مللن الللله‬ ‫ل لغيرهللم مللن الفقهللاء‪ ،‬فهللو رحمل ٌ‬ ‫جد قللو ٌ‬ ‫وإذا وُ ِ‬
‫ة علللى المللة‪.‬وقللد جللاء للمللام‬ ‫تعالى‪ ،‬لن في اختلفهم سللع ٌ‬

‫‪396‬‬
‫ب فللي‬ ‫ل يستشلليره فللي تللأليف كتللا ٍ‬ ‫أحمللد رحملله الللله رج ل ٌ‬
‫مه كتاب السعة ‪.‬‬ ‫الختلف‪ ،‬فقال له‪ :‬س ّ‬
‫وقال ابن العربي رحمه الله ) إنه بعد موت النبي صلى الللله‬
‫عليه وسلم تختلف العلماء فيه‪ ،‬فيحللرم عللالم‪ ،‬ويحلللل آخللر‪،‬‬
‫ة للخلق‪،‬‬ ‫ويوجب مجتهد‪ ،‬ويسقط آخر‪ ،‬واختلف العلماء رحم ٌ‬
‫ة في الحق‪ ،‬وطريقٌ مهيع –بّين‪ -‬إلى الرفللق( )أحكللام‬ ‫وفسح ٌ‬
‫القرآن‪.(699 / 2 :‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬الستفادة من أهل العلم والخبرة ‪:‬‬
‫فإن المال أمانة بيد النسان‪ ،‬حتى المال الذي تنسبه لنفسك‬
‫َ‬
‫جعَل َك ُل ْ‬
‫م‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬
‫فُقوا ِ‬ ‫هو حقيقة لله تعالى‪ ،‬قال الله سبحانه ))وَأن ْ ِ‬
‫ن ِفيلهِ (( )الحديلد‪ :‬ملن اليلة ‪ (7‬ومصللادر الزراعللة‬ ‫خل َِفي َ‬
‫ست َ ْ‬‫م ْ‬
‫ُ‬
‫مللا فِللي‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫والتجللارة والرعللي‪ ،‬وكللل الكللون لللله تعللالى )) ل ل ُ‬
‫ت الث َّرى(( )طه‪:‬‬ ‫َْ‬
‫ح َ‬ ‫ما ت َ ْ‬
‫ما وَ َ‬ ‫ما ب َي ْن َهُ َ‬ ‫ض وَ َ‬
‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬‫ال ّ‬
‫‪(6‬‬
‫وهذه هي نظرة السلللم للمللال‪ ،‬وهللي تختلللف عللن النظللرة‬
‫الرأسللمالية الللتي تهللدف إلللى الربللح المللادي الللذاتي – دون‬
‫مراعاة لدور الدين فيلله ‪ ،-‬وينتللج عنهللا تكللوين الطبقيللة فللي‬
‫المجتمع – دون مراعاة للتكافل الجتماعي ‪.-‬‬
‫فإذا كان المال لله تعلالى‪ ،‬فل يحللل تبللذيره بغيلر حللق‪ ،‬قللال‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ل َك ُل ْ‬
‫ل الل ّل ُ‬ ‫م ال ّت ِللي َ‬
‫جع َ ل َ‬ ‫وال َك ُ ُ‬‫مل َ‬ ‫سَفَهاَء أ ْ‬ ‫تعالى ‪َ )) :‬ول ت ُؤُْتوا ال ّ‬
‫قَِيامًا(( )النساء‪ :‬من الية ‪) (5‬النساء‪.(5:‬‬
‫فيتقي النسان الله تعالى في ماله‪ ،‬فل يضيع نفسه وأبنللاءه‪،‬‬
‫جه إلللى السللتفادة مللن أهللل‬ ‫والنبي صلى الله عليه وسّلم و ّ‬
‫الخبرة والتخصللص‪ ،‬فقللال " هل سللألوا إذ لللم يعلمللوا‪ ،‬فإنمللا‬
‫شفاء العي السؤال "‪ ،‬واستجاب لشارة سلمان رضللي الللله‬
‫عنه في حفر الخندق‪ ،‬وقال في الزراعللة " أنتللم أعلللم بللأمر‬
‫دنياكم " رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه ‪.‬‬
‫لذا ينبغي عدم التسرع في المساهمات‪ ،‬واستشارة الثقللات‪،‬‬
‫والسؤال عللن الشللركات‪ ،‬ومعاملتهللا‪ ،‬ومعرفللة واقعهللا مللن‬

‫‪397‬‬
‫الناحية الشرعية‪ ،‬والمالية‪ ،‬لئل يضطر إلى سللحب مللاله بعللد‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫ثللم يسللأل عللن كيفيللة التجللارة‪ ،‬والمرابحللة‪ ،‬والمسللاهمة‪،‬‬
‫وغيرها‪ ،‬لئل يغَبن ‪.‬‬
‫دخار ما‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬عدم استعمال المال الضروري في السهم‪ ،‬وا ّ‬
‫يحتاجه المرء‪ ،‬لن في التجارة مخللاطرة‪ ،‬فربمللا ذهللب مللاله‬
‫بإذن الله تعالى ابتلًء له‪ ،‬فمن الحزم أن يكون مستعدا ً ليوم‬
‫الكريهة ‪.‬‬
‫ثم يلتمس البركة في المال ولو في غير التجارة‪ ،‬كالزراعللة‪،‬‬
‫والصناعة وغيرهما‪ ،‬فإن النبي‬
‫عند التجارة ‪:‬‬
‫جللل الربللح ‪ ،‬فكلمللا زاد الصللبر قل ّللت‬ ‫أول ً ‪ :‬الصللبر وعللدم تع ّ‬
‫الخسارة‪:‬‬
‫والزمن جزء من العلج‪ ،‬والربح السريع خطأ؛ لنه يؤدي إلللى‬
‫عدم مراعاة الضوابط الشللرعية بشللكل كامللل‪ ،‬ويللؤدي إلللى‬
‫السللرعة فللي اتخللاذ القللرار دون التثبللت فللي مللدى نجللاح‬
‫المساهمة‪ ،‬ويؤدي إلللى الغفلللة عللن بعللض الثغللرات الللتي ل‬
‫تتضح إل بالتأمل وذلك تحت تأثير الغراء بالربح ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬عدم التساهل في المور الربوية ‪.‬‬
‫َ‬
‫ه وَذ َُروا َ‬
‫مللا‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الّللل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫فقد قال سبحانه ‪َ )) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬
‫ب‬‫حْر ٍ‬‫م ت َْفعَُلوا فَأذ َُنوا ب ِ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫ن ‪ ،‬فَإ ِ ْ‬ ‫مِني َ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ن الّربا إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬‫ب َِق َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مللو َ‬ ‫م ل ت َظ ْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫سأ ْ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬‫م فَل َك ُ ْ‬ ‫ن ت ُب ْت ُ ْ‬‫سول ِهِ وَإ ِ ْ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬‫ِ‬
‫ن(( )البقرة‪. (279:‬‬ ‫مو َ‬ ‫َول ت ُظ ْل َ ُ‬
‫وقال صلى الله عليه وسّلم ‪ )) :‬درهم ربا يأكله الرجل أشللد‬
‫عند الله من ست وثلثيللن زنيللة(( رواه أحمللد ورجللال رجللال‬
‫الصحيح عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه ‪.‬‬
‫وقال عليه السلم ‪ )) :‬الربا ثلثة وسبعون بابلا ً أيسللرها مثللل‬
‫أن ينكح الرجل أمه (( رواه الحاكم وصححه عن ابن مسعود‬
‫رضي الله عنه ‪.‬‬

‫‪398‬‬
‫وإذا كانت البنوك قد فتحت أبوابها للمساهمين والمضللاربين‪،‬‬
‫فليس معنى ذلك جواز التعامل بأسلهم البنلوك‪ ،‬فلإن رؤوس‬
‫أموالها ربوية ‪.‬‬
‫وهناك فرق بين شللراء أسللهم البنللوك‪ ،‬والشللركات الربويللة‪،‬‬
‫واستخدام غرف وشاشلات البنلوك فلي التعاملل‪ ،‬فلإن هلذه‬
‫الغرف والشاشات وسائل للتداول ل علقة لها بنوع المال أو‬
‫التجارة ‪.‬‬
‫ولكن على المؤمن البتعاد عن الشبهات خصوص لا ً فللي حللال‬
‫شيوع الحرام‪ ،‬قال صلى الله عليه وس لّلم " مللن يأخللذ مللال ً‬
‫بحقه يبارك له فيه‪ ،‬ومن يأخللذ مللال ً بغيللر حقلله‪ ،‬فمثللله مثللل‬
‫الذي يأكل ول يشبع " رواه مسلم عن أبي سعيد رضي الللله‬
‫عنه ‪.‬‬
‫وعلللى المسلللم مراعللاة الضللوابط الشللرعية للمعللاملت‬
‫والمسللاهمات الللتي تصللدرها المجللامع الفقهيللة‪ ،‬واللجللان‬
‫الشرعية في البنوك‪.‬‬
‫ولما جاء السلم أغللق بعلض أبلواب التجلارة لملا فيهلا ملن‬
‫الحرام‪ ،‬وإن كان فيها نفعٌ وأرباح‪ ،‬فقال سلبحانه فلي الخملر‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ما أك ْب َُر ِ‬
‫مل ْ‬ ‫س وَإ ِث ْ ُ‬
‫مه ُ َ‬ ‫مَنافِعُ ِللّنا ِ‬‫م ك َِبيٌر وَ َ‬
‫ما إ ِث ْ ٌ‬
‫والميسر ‪ِ )) :‬فيهِ َ‬
‫ما (( )البقرة‪ :‬من الية ‪.(219‬‬ ‫ن َْفعِهِ َ‬
‫وقللال فللي تشللغيل النسللاء فللي الفتنللة أول السلللم ‪َ)) :‬ول‬
‫ض‬ ‫صلنا ً ل ِت َب ْت َُغلوا َ‬ ‫هوا فَتيلات ِك ُم عََللى ال ْبَغلاِء إ َ‬ ‫ت ُك ْرِ ُ‬
‫علَر َ‬ ‫ح ّ‬‫ن تَ َ‬
‫ن أَرد ْ َ‬
‫ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫حَياةِ الد ّن َْيا (( )النور‪ :‬من الية ‪. (33‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫فأغلق بعض البواب الضللارة بالللدين‪ ،‬وإن كللانت نافعللة فللي‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬عواقب أكل الحرام ‪:‬‬
‫في الدنيا‪ :‬الكتئاب‪ ،‬والقلق‪ ،‬والضلليق‪ ،‬والمللراض النفسللية‪،‬‬
‫والجتماعية ‪.‬‬
‫وفي الخرة‪ ،‬قال صلى الله عليه وسّلم ‪ )) :‬ل يللدخل الجنللة‬
‫لحم ول دم نبت من سحت‪ ،‬النار‬

‫‪399‬‬
‫أولى به (( رواه الطبراني ورجاله ثقات عن كعب بن عجللرة‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬ورواه أحمد عن جابر رضي الله عنه ورجللاله‬
‫رجال الصحيح ‪.‬‬
‫فعلى المؤمن أن يتقي الله تعللالى‪ ،‬ول يعلرض نفسله وأهلله‬
‫لكل الحرام والشبهة‪ ،‬فإن الدعاء مقرون بأكل الحلل‪ ،‬قللال‬
‫صلى الله عليه وسّلم يا سللعد‪ ،‬أطللب مطعمللك تكللن مجللاب‬
‫الدعوة رواه الطبراني بإسناد فيه نظر ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬الرزق من الله تعالى ل من الناس ‪:‬‬
‫و‬
‫هل َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الّلل َ‬ ‫لذا فإن المؤمن يسلأل اللله تعلالى ل النلاس )) إ ِ ّ‬
‫ن(( )الذريات‪. (58:‬‬ ‫مِتي ُ‬ ‫ذو ال ُْقوّةِ ال ْ َ‬ ‫الّرّزاقُ ُ‬
‫ويدعو الله تعالى بالسعة في الرزق ‪ ،‬وكان صلى الللله عليلله‬
‫وس لّلم يقللول‪ )) :‬اللهللم ارزقنللي واهللدني(( ‪ ،‬وكللان يقللول ‪:‬‬
‫ي عنللد كللبر سللني‪ ،‬وانقطللاع‬ ‫)) اللهم اجعل أوسع رزقك عل ل ّ‬
‫عمللري(( رواه الطللبراني فللي الوسللط عللن أم المللؤمنين‬
‫عائشة رضي الله عنها بسند جيد ‪.‬‬
‫ومن أفضل الدعية في كسب الرزق المداومة علللى الللدعاء‬
‫بقول ‪ )) :‬اللهم اكفني بحللك عن حرامك‪ ،‬وأغننللي بفضلللك‬
‫عمن سواك (( ‪.‬‬
‫وبالتالي ل يجزع إذا أصيب في ماله‪ ،‬لنه من الله تعللالى‪ ،‬ول‬
‫سع عليلله‪ ،‬قللال سللبحانه فللي قصللة قللارون ‪ )) :‬ل‬ ‫يبطر إذا و ّ‬
‫ن(( )القصللص‪ :‬مللن اليللة ‪(76‬‬ ‫حي ل َ‬‫ب ال َْفرِ ِ‬ ‫حل ّ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ح إِ ّ‬ ‫ت َْفَر ْ‬
‫ْ‬
‫مللا‬ ‫حللوا ب ِ َ‬ ‫م َول ت َْفَر ُ‬ ‫ما َفات َك ُ ْ‬ ‫وا عََلى َ‬ ‫س ْ‬ ‫وقال سبحانه ‪ )) :‬ل ِك َْيل ت َأ َ‬
‫م (( )الحديد‪ :‬من الية ‪(23‬‬ ‫آَتاك ُ ْ‬
‫خامسا ً ‪ :‬يجب أن ل تشغل التجارة عن ذكر الله تعالى‪ ،‬قللال‬
‫ّ‬ ‫ل ل ت ُل ِْهيهِ ْ‬
‫ن ذِك ْرِ اللهِ وَإ َِقام ِ‬ ‫جاَرةٌ َول ب َي ْعٌ عَ ْ‬ ‫م تِ َ‬ ‫جا ٌ‬‫سبحانه ‪ )) :‬رِ َ‬
‫ب‬ ‫ب ِفيللهِ ال ُْقُلللو ُ‬ ‫ومللا ً ت َت ََقّللل ُ‬‫ن يَ ْ‬‫خللاُفو َ‬ ‫كللاةِ ي َ َ‬‫صلللةِ وَِإيَتللاِء الّز َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫صاُر(( )النور‪(37:‬‬ ‫َواْلب ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫صلةِ ِ‬ ‫ذا ُنودِيَ ِلل ّ‬ ‫مُنوا إ ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ولذا قال سبحانه ‪َ )) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫م‬‫كلل ْ‬ ‫خي ٌْر ل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وا إ َِلى ذِك ْرِ الل ّهِ وَذ َُروا ال ْب َي ْعَ ذ َل ِك ُ ْ‬ ‫معَةِ َفا َ‬
‫سع َ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ي َوْم ِ ال ْ ُ‬
‫ن(( )الجمعة‪(9:‬‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫إِ ْ‬

‫‪400‬‬
‫وفي غير يوم الجمعة كذلك ‪.‬‬
‫ونحن نعلم أن الحفاظ على المال من الضللرورات الخمللس‪،‬‬
‫ولكنه بعد الحفاظ على الدين‪ ،‬والنفس‪ ،‬فهللو وسلليلة لقامللة‬
‫ة في بعللض الحيللان‪،‬‬ ‫الدين‪ ،‬ل غاية لذاته‪ ،‬لذا فقد يكون نقم ً‬
‫كى‪ ،‬وهو الكنز ‪.‬‬ ‫كالمال غير المز ّ‬
‫ت‬ ‫ن أن ْل َ‬ ‫مل ْ‬ ‫سلت َت ُْرك َُها فللانظ ُْر ل ِ َ‬ ‫دنيا ل َِغيلرِ ب َل َِغلهِ *** َ‬ ‫معَ الل ّ‬ ‫فيا جا ِ‬
‫مع‬ ‫جا ِ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ن أطبللا ِ‬ ‫ت لهللم *** بيل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صلب َ َ‬ ‫ن قلد َ ا ْ‬ ‫معي َ‬ ‫َوكم قللد رأينللا الجللا ِ‬
‫مضاجع‬ ‫ب َ‬ ‫الّترا ِ‬
‫ق‪ ،‬فللي‬ ‫ن ال لّرْز َ‬ ‫ك بن َْفعِ لهِ ف لذ َْرهُ *** فللإ ّ‬ ‫ن ت َْرجو عََلي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ض ّ‬ ‫إذا َ‬
‫ع‬
‫ض‪ ،‬واس ُ‬ ‫الْر ِ‬
‫ه‬‫من َللى واسللتعبد َت ْ ُ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫ه *** سلب َت ْ ُ‬ ‫مل ُ‬ ‫ت اللد ّْنيا هَللواهُ وهَ ّ‬ ‫ن كان َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ع‬
‫م ُ‬ ‫طا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال َ‬
‫ل‬ ‫ن قَن ِعَ استغَْنى فََهلل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سه *** و َ‬ ‫م َنف َ‬ ‫ل اسَتحيا‪َ ،‬وأكَر َ‬ ‫ن عََق َ‬ ‫م ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ت َقان ِ ُ‬
‫ع‬ ‫أن ْ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫شلليِء *** أحيان لًا‪ ،‬وََرأ ٌ‬
‫ي‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ه عل ِ‬ ‫ن َرأيٌ ي َك ُّف ل ُ‬ ‫رىء رأَيا ِ‬ ‫ل ام ِ‬ ‫ِلك ّ‬
‫ُينازِعُ‬
‫سادسا ً ‪ :‬الصدقة تطهر المال من الشبهات ‪:‬‬
‫خذ ْ م َ‬
‫م‬ ‫كيهِل ْ‬ ‫م وَت َُز ّ‬ ‫ة ت ُط َهُّرهُل ْ‬ ‫صلد َقَ ً‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫مل َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قال سبحانه ‪ْ ِ ُ )) :‬‬
‫ب َِها(( )التوبة‪ :‬من الية ‪. (103‬‬
‫م‬ ‫ص قصة أصحاب البسللتان ‪ )) :‬إ ِن ّللا ب َل َوْن َللاهُ ْ‬ ‫وقال عز وجل يق ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪َ ،‬ول‬ ‫حي َ‬ ‫صللب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من َّها ُ‬
‫صللرِ ُ‬ ‫موا ل َي َ ْ‬ ‫س ُ‬‫جن ّةِ إ ِذ ْ أقْ َ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ما ب َل َوَْنا أ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫مو َ‬ ‫م َنللائ ِ ُ‬ ‫هلل ْ‬‫ك وَ ُ‬‫ن َرّبلل َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ف عَل َي ْهَللا ط َللائ ِ ٌ‬ ‫ن ‪،‬فَط َللا َ‬ ‫س لت َث ُْنو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ت َ‬ ‫َ‬
‫م(( )القلم‪. (20–17:‬‬ ‫ري ِ‬ ‫ص ِ‬
‫كال ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫صب َ َ‬ ‫فَأ ْ‬
‫وذلك بسبب أنهم تعهدوا أل يدخلنها عليهم مسللكين‪ ،‬فمنعللوا‬
‫الصدقة‪ ،‬فاحترقت المزرعة ‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسّلم ‪ )) :‬ما نقص مال مللن صللدقة ((‬
‫رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وس لّلم‪ )) :‬يللا معشللر التجللار‪ ،‬إن الللبيع‬
‫شللوبوه بالصللدقة (( رواه أصللحاب‬ ‫يحضره اللغللو والحلللف‪ ،‬ف ُ‬

‫‪401‬‬
‫السنن وصححه الترمذي عن قيس بن أبي غرزة رضللي الللله‬
‫عنه ‪.‬‬
‫وكان عثمان رضي الله عنلله يتصللدق كللثيرًا‪ ،‬مللع تللوّرعه فللي‬
‫تجارته‪ ،‬وجاءت تجارة له يومًا‪ ،‬فقال‪ :‬مللن يسللاومني عليهللا‪،‬‬
‫ض‪ ،‬حتى قال‪ :‬إنللي‬ ‫ض‪ ،‬فزيد‪ ،‬فلم ير َ‬ ‫فأعطي ‪ %100‬فلم ير َ‬
‫أعطيت فيهللا ‪ % 1000‬ربح لًا‪ ،‬فتعجبللوا‪ ،‬وقللالوا‪ :‬نحللن تجللار‬
‫المدينة‪ ،‬ولم يسبقنا أحلد ٌ إليللك‪.‬فمللن أعطللاك ؟ فقللال‪ :‬الللله‬
‫أعطاني‪.‬فتصدق بها لوجه الله تعالى ‪.‬‬
‫فالبركة تلتمللس بالصللدقة‪ ،‬وأكللل الحلل‪.‬وهللذا أمللر مج لّرب‬
‫بحمد الله ‪.‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬تحريم الشاعات والكاذيب ونشرها ‪:‬‬
‫فإن إضرار المسلمين حرام‪ ،‬قال صلى الله عليه وسّلم ‪)) :‬‬
‫ل ضرر ول ضرار "‪ ،‬قال " ل تحاسدوا (( ‪.‬‬
‫ص لَر َوال ُْف ل َ‬
‫ؤاد َ‬ ‫معَ َوال ْب َ َ‬
‫سل ْ‬
‫ن ال ّ‬
‫والكلمة أمانة‪ ،‬قال سبحانه ‪ )) :‬إ ِ ّ‬
‫ل(( )السراء‪ :‬من الية ‪. (36‬‬ ‫ؤو ً‬‫س ُ‬
‫م ْ‬
‫ه َ‬
‫ن عَن ْ ُ‬ ‫ك َ‬
‫كا َ‬ ‫ل ُأول َئ ِ َ‬
‫كُ ّ‬
‫فل يجوز الكللذب فللي نقللل أسللعار السللهم‪ ،‬والفللتراء علللى‬
‫الشخاص‪ ،‬وربما حلف بعضللهم كاذب لا ً فللي مواقللع النللترنت‪،‬‬
‫ن غمللوس يغمللس صللاحبه فللي‬ ‫ومنتديات السهم‪ ،‬وهللذا يميل ٌ‬
‫النار – عياذا ً بللالله ‪ ،-‬قللال صلللى الللله عليلله وسلّلم ‪ )) :‬مللن‬
‫حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحللد‪ ،‬لقللي الللله وهللو‬
‫عليه غضبان (( رواه أحمد والنسللائي عللن عللدي بللن عميللرة‬
‫رضي الله عنه‪.‬وهو في الصحيحين بنحللوه عللن ابللن مسللعود‬
‫رضي الله عنه ‪.‬‬
‫وربما عد ّ بعضهم ذلك شطارة ‪ ,‬وذكاء‪ ،‬وهو ل يعلم أنه يوقللع‬
‫إخوانه المسلمين فللي الحللرج‪ ،‬والخسللارة‪ ،‬وربمللا قللال‪ :‬لللم‬
‫أجبر أحللدا ً علللى الشللراء والللبيع‪ ،‬ولكللن أليللس هللو مللن أراد‬
‫الناس أن يثقوا به‪ ،‬فكان عند سوء ظنهم‪ ،‬وأصبح غيللر محللل‬
‫ثقة ‪.‬‬

‫‪402‬‬
‫م‬ ‫ل ل ي َعْل َل ُ‬
‫ثامنا ً ‪ :‬الغيب ل يعلمه إل الله‪ ،‬قللال سللبحانه‪ )) :‬قُل ْ‬
‫َْ‬
‫ه(( )النمل‪ :‬من الية‬ ‫ب إ ِّل الل ّ ُ‬
‫ض ال ْغَي ْ َ‬
‫ت َوالْر ِ‬‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬
‫ن ِفي ال ّ‬‫م ْ‬
‫َ‬
‫‪) (65‬النمل‪. (65:‬‬
‫فل يجوز الحكم بالغيب في السعار‪ ،‬وما يسللمى بللالتنبؤات ‪،‬‬
‫ظ‪،‬‬ ‫أو العتماد علللى الللرؤى‪ ،‬أو العتمللاد علللى الطللالع والح ل ّ‬
‫ونشر الشاعات على ضوئها ‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬المانة في المال‪ ،‬والنصيحة للمسلمين‪:‬‬
‫تبيين عيب السهم وحالها الصحيح‪ ،‬فل يبيع علللى أحللد شلليئا ً‬
‫يعلم أنه خاسر‪ ،‬ويوهمه‬
‫أنه رابح‪ ،‬فإن هذا غش‪ ،‬وقد قللال صلللى الللله عليلله وسلّلم ‪:‬‬
‫ش فليس منللا (( رواهمللا‬ ‫))الدين النصيحة (( وقال‪ )) :‬من غ ّ‬
‫مسلم في صحيحه ‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلللم ‪ )) :‬ل يحللل لحللد يللبيع شلليئا ً إل‬
‫بّين ما فيه‪ ،‬ول يحل لمن علللم ذلللك إل بّينلله (( رواه الحللاكم‬
‫وصححه ووافقه الللذهبي عللن واثلللة بللن السللقع رضللي الللله‬
‫عنه ‪.‬‬
‫وقللال صلللى الللله عليلله وس لّلم ‪ )) :‬البيعللان بالخيللار مللا لللم‬
‫يتفرقا‪ ،‬فإذا صللدقا وبينللا بللورك لهمللا فللي بيعهمللا‪ ،‬وإن كتمللا‬
‫وكذبا محقت بركة بيعهما (( متفق عليه عن حكيم بن حللزام‬
‫رضي الله عنه ‪.‬‬
‫ونهى صلى الله عليه وسّلم عن تلقللي الركبللان‪.‬متفللق عليلله‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه ‪.‬‬
‫لنه يؤدي إلى غبن البائع‪ ،‬فإن كان ل بد ّ فالسكوت ‪.‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬اتقاء الله تعالى في أموال الناس مللن قبللل اللوكلء‬
‫والوسطاء‪:‬‬
‫وحفظ حقوق الناس‪ ،‬وعدم طلب الربح الفاحش بالسمسرة‬
‫‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬أمانة مجللالس الدارة فللي البعللد عللن الحللرام‬
‫والربا‪ ،‬والتماس منفعة الناس ‪.‬‬

‫‪403‬‬
‫فإن لمجالس الدارة دور كبير في توعية المسلاهمين بلأنواع‬
‫المسللاهمات‪ ،‬والصللحيح منهللا‪ ،‬والرابللح‪ ،‬والخاسللر‪ ،‬والسللعر‬
‫الحقيقي‪ ،‬وغير ذلك ‪.‬‬
‫عند الربح ‪:‬‬
‫تذكر فضل الله تعالى‪ ،‬قال سبحانه "وما بكم من نعمةٍ فمن‬
‫الله" [النحل‪ ،]53:‬ونتذكر حديث البللرص والقللرع والعمللى‬
‫الذين ابتلهم الله تعالى بكثرة المال‪ ،‬فجحد البرص والقرع‬
‫نعمة الله‪ ،‬وأقّر بها العمى‪ ،‬فقال له الملللك‪ :‬إنمللا هللو ابتلء‪،‬‬
‫فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك‪.‬رواه مسلللم عللن‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه ‪.‬‬
‫عند الخسارة ‪:‬‬
‫عللدم القنللوط مللن رحمللة الللله ‪ ،‬واليمللان بالقللدر ‪ :‬قللال‬
‫ه ل ََنا(( )التوبللة‪ :‬مللن‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ما ك َت َ َ‬ ‫صيب ََنا إ ِّل َ‬
‫ن يُ ِ‬ ‫ل لَ ْ‬
‫سبحانه ‪ )) :‬قُ ْ‬
‫الية ‪. (51‬‬
‫‪ ،‬وتذكر أن الخسارة المادية أهون من خسارة الدين‪ ،‬وتوّقللع‬
‫الخسارة ‪:‬‬
‫ه *** لللن تبلللغ المجللد حللتى‬ ‫ل تحسب المجد تمللرا ً أنللت آكلل ُ‬
‫تلعق الصبرا‬
‫وتذكر آلم المسلمين وفجائعهم‪ ،‬وأن هذه أنواع مللن البتلء‪،‬‬
‫فبعض الناس يبتلى بالفقر‪ ،‬وبعضهم يبتلى بالتهجير‪ ،‬وبعضهم‬
‫يبتلللى بللالمرض‪ ،‬وبعضللهم يبتلللى بالزوجللة والول َللد‪ ،‬وبعضللهم‬
‫ة‬ ‫شلّر َوال ْ َ‬
‫خْيلرِ فِت ْن َل ً‬ ‫م ِبال ّ‬ ‫يبتلى بالغنى‪ ،‬قال سلبحانه‪ )) :‬وَن َب ْل ُللوك ُ ْ‬
‫ن()النبياء‪ :‬من الية ‪) ((35‬النبياء‪ (35 :‬وقللال ‪:‬‬ ‫جُعو َ‬ ‫وَإ ِل َي َْنا ت ُْر َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫وا ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ن اْل ْ‬‫مل َ‬ ‫ص ِ‬ ‫جلوِع وَن َْقل ٍ‬ ‫ف َوال ْ ُ‬ ‫خو ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫يٍء ِ‬‫ش ْ‬‫م بِ َ‬ ‫))وَل َن َب ْل ُوَن ّك ُ ْ‬
‫َْ‬
‫ن(( )البقرة‪. (155:‬‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬
‫شرِ ال ّ‬ ‫ت وَب َ ّ‬‫مَرا ِ‬ ‫س َوالث ّ َ‬ ‫َوالن ُْف ِ‬
‫‪-------------‬‬
‫* السللتاذ المسللاعد بقسللم الدراسللات السلللمية والعربيللة‬
‫جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬شبكة نور السلم‬
‫===============‬

‫‪404‬‬
‫‪#‬تنبهوا قبل الهلك يا مسلمون‬
‫أمير بن محمد المدري‬
‫جرت سللنة الللله عللز وجللل فللي عبللاده أن يعللاملهم بحسللب‬
‫أعمالهم فإذا اتقى الناس ربهللم عللز وجللل وأطللاعوه ونفللذوا‬
‫أوامللره وأقللاموا شللريعته منحهللم بركللات السللماء وبركللات‬
‫الرض وصدق القائل )ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا‬
‫عليهم بركات من السماء والرض ‪.‬‬
‫وقال تعالى ‪)) :‬وألوا استقاموا على الطريقة لسقيناهم مللاء‬
‫غدقا (( لو استقاموا على شريعة الله ومنهجلله وطاعللة الللله‬
‫ورسوله لجاءهم الخير من كل مكان ‪.‬‬
‫وإذا تمرد العباد على شرع الله وضيعوا أوامر كان مصلليرهم‬
‫العذاب والنكال من الكبير المتعال‪.‬‬
‫ومتى ما كان العباد مطيعين لله عز وجل معظميللن لشللرعه‬
‫أسبغ الله عز وجل عليهم النعم وأزال عنهم النقم فإذا تبللدل‬
‫حال العباد من الطاعة إلى المعصية ومن الشكر إلى الكفللر‬
‫ومن الصلح إلى الفساد ومن الحكم بما أنزل به إلى الحكللم‬
‫بقوانين بشرية وضعية حينئذ يسلط الله عليهم من ذلوا ومن‬
‫هانوا و حينئذ تمحق البركات وتحل اللعنللات مللن رب الرض‬
‫والسماوات ‪ .‬وتلك سنة الله ولن تجد لسنة اللله تبلديل وللن‬
‫تجد لسنة الله تحويل ‪.‬قال تعالى ‪ )) :‬ضللرب الللله مثل قريللة‬
‫كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكللان فكفللرت‬
‫بللأنعم الللله فاذاقهللا الللله لبللاس الجللوع والخللوف بمللا كللانوا‬
‫يصنعون (( اللهم احفظ كل بلد المسلمين من كل سوء ورد‬
‫المسلمين إلى السلم ردا جميل ‪.‬‬
‫إن الله عز وجل ل يبدل حال العباد من النقمللة إلللى النقمللة‬
‫ومن الرخاء إلى الضنك والشللقاء حللتى يغيللروا مللا بأنفسللهم‬
‫من اليمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى الفسق ‪ .‬قال تعالى‬
‫‪)) :‬ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمهللا علللى قللوم حللتى‬
‫يغيروا ما بأنفسهم ((‬
‫ما هي السباب التي ينزل سببها عذاب الله ‪.‬‬

‫‪405‬‬
‫ما هي السباب التي بها يحل الهلك بالمم ‪.‬‬
‫‪ (1‬الكفللر بالملللك الوهللاب وتكللذيب الرسللل الكللرام عليهللم‬
‫الصلة واتم التسليم‬
‫فقد أهلك الله المم السابقة قوم نوح وعاد وفرعون وقرونا‬
‫بين ذلك كثيرا بسبب كفرهم بالله وتكذيبهم دعوة الللله قللال‬
‫تعالى )) كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب اليكة وقوم تبع كل‬
‫كذب الرسل فحق وعيد (( ‪.‬وقال تعالى )) أولم يسلليرا فللي‬
‫الرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهللم دمللر الللله‬
‫عليهم وللكللافرين أمثالهللا ((‪.‬هللي دعللوة للتأمللل فللي مصللير‬
‫الغابرين وهم ناس من النللاس وخلللق مللن خلللق الللله – هللم‬
‫أقوى وأشد منا وأثاروا الرض فحرثوهللا وشللقوا عللن باطنهللا‬
‫وكشفوا عن ذخائرها وعمروها أكثرمنا ‪ ..‬وكانوا أكثر حضاره‬
‫وجاءهم الحق فما آمنوا وتعلقللوا بالللدنيا وحكملوا غيلر شلرع‬
‫الله فمضت فيهم سللنة الللله فللي المكللذبين ولقللوا جزاءهللم‬
‫العللادل فمللا كللان الللله ليظلمهللم ولكللن كللانوا أنفسللهم‬
‫يظلمون ‪.‬قال تعالى (( ظهللر الفسللاد فللي الللبر والبحللر بمللا‬
‫كسللبت أيللدي النللاس ليللذيقهم بعللض الللذي عملللوا لعلهللم‬
‫يرجعللون (( فللالله يكشللف للنللاس إرتبللاط أحللوال الحيللاة‬
‫وأوضاعها بأعمال العباد وإن فساد قلللوب النللاس وعقللائدهم‬
‫وأعمالهم يوقع في الرض الفسللاد ويملؤهلا بللرا وبحلرا بهلذا‬
‫الفساد ‪.‬وهؤلء قوم سبأ أنعم الله عليهم بنعم عظيمة وقللال‬
‫لهللم كلللوا مللن رزق ربكللم واشللكروا للله بلللدة طيبللة ورب‬
‫غفور ‪.‬فلما أعرضوا ‪..‬أعرضوا عللن شللكر الللله وعللن العمللل‬
‫الصالح والتصرف الحميد فيما أنعم الله عليهم فسلب منهللم‬
‫هذه النعم وأرسل عليهم السيل الجارف الذي يحمللل العللرم‬
‫في طريقه وهي الحجارة فيحطللم كللل شللئ وأغرقهللم الللله‬
‫بهذا السيل فاسمع إلى قول الله ‪ )):‬ذلك جزيناهم بما كفروا‬
‫وهل نجازي إل الكفور ((‬
‫‪ (2‬مللن أسللباب هلك المللم كللثرة الفسللاد وكللثرة الخبللث‬
‫والذنوب والمعاصي ‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫قال تعالى )) وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيهللا ((وفللي‬
‫مرنا ‪.‬فالله أمرهم بالتوحيللد والطاعللة‬ ‫قراءه بالتشديد للميم أ ّ‬
‫وتطبيق شرعه ففسقوا وعصللوا أمللره وارتكبللوا المحرمللات‬
‫فحق عليهم القول ‪.‬وها هي أم المؤمنين زينب بنللت جحللش‬
‫رضي الله عنها تسأل النبي صلى الله عليه وسلم ‪)) :‬أنهلللك‬
‫وفينللا الصللالحون قللال نعللم إذا كللثر الخبللث (( أي الزنللا‬
‫والفللواحش ‪.‬نظللرة إلللى واقعنللا نجللد أن اليهللود والنصللارى‬
‫يخططون لهلكنا بإخراج النسللاء مللن بيللوتهن بحجللة الحريللة‬
‫وتمييع النساء بنشر العلم الفاسد لثارة الشللهوات فلنحللذر‬
‫أيها المسلمون ‪.‬‬
‫‪ (3‬النقص والتطفيف في المكيللال والميللزان ونقللص العهللود‬
‫والمواثيق والعراض عن حكم الله ‪.‬عن عبللد الللله بللن عمللر‬
‫قال قال رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم ‪ )) :‬يللا معشللر‬
‫المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهللن وأعللوذ بللالله أن تللدركوهن‬
‫لم تظهر الفاحشة في قللوم حللتى يعلنللوا بهللا إل فشللا فيهللم‬
‫الطاعون والوجاع التي لم تكن فللي أسلللفهم ولللم ينقصللوا‬
‫المكيال والميزان إل أخللذوا بالسللنين وشللدة المؤونللة وجللور‬
‫السلطان عليهم ولم يمنعوا زكللاة أمللوالهم إل منعللوا القطللر‬
‫من السماء ولول البهائم لم يمطروا ولللم ينقضللوا عهللد الللله‬
‫سلط الله عليهم عللدوا ملن غيرهلم فأخللذوا‬ ‫وعهد رسوله إل َ‬
‫بعض ما كان في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عللز‬
‫وجل ويتحروا فيما أنزل اللله إل جعللل اللله بأسللهم بينهللم ((‬
‫صحيح اللباني ‪.‬‬
‫‪ (4‬التنافس على الدنيا والرغبة فيها والمغالبة عليها‬
‫عبللاد الللله إذا دخلللت الللدنيا القلللوب فأبشللروا بغضللب علم‬
‫الغيوب وإليكم هذا الحديث النبوي الشللريف ‪.‬عللن عمللر بللن‬
‫عوف النصاري رضي الللله عنلله أن رسللول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم بعث أبللا عبيللدة بللن الجللراح إلللى البحريللن يللأتي‬
‫بالجزية فسللمعت النصللار بقللدوم أبللي عبيللدة فوافللوا صلللة‬
‫الفجلر فلملا صللى الرسللول أنصلرف النلاس فلقيهلم النلبي‬

‫‪407‬‬
‫وابتسم و قال ا ظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قد أتللى بالجزيللة‬
‫مللن البحريللن قللالوا أجللل يللا رسللول الللله قللال ابشللروا بمللا‬
‫يسركم فوا الله ما الفقللر أخشللى عليكللم ولكللن أخشللى أن‬
‫تبسط عليكم الدنيا كما بسطت لمن كان قبلكم فتتنافسللوها‬
‫كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتهم (( رواة البخاري ‪.‬‬
‫‪(5‬الشح وهو شللدة حللب المللال وجمعلله مللن أي جهللة ومنللع‬
‫الحقوق الواجبة وظلم العباد بعضهم لبعض ‪.‬قال صلللى الللله‬
‫عليه وسلم ‪ )) :‬اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامللة‬
‫واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن‬
‫سفكوا دمللاءهم واسللتحلوا محللارمهم (( رواه مسلللم ‪.‬وقللال‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬إياكم والشح فإنما أهلك من كللان‬
‫قبلكللم بالشللح أمرهللم بالبخللل فبخلللوا وأمرهللم بالقطيعللة‬
‫فقطعوا وأمرهم بللالفجور ففجللروا (( رواه أبللو دواود ‪ .‬قللال‬
‫تعالى )) وتلك القللرى أهلكنللاهم لمللا ظلمللوا وجعنللا لمهلكللم‬
‫موعدا (( ‪.‬‬
‫‪ (6‬كثرة التعامل بالربا وانتشار الزنا ‪ ،‬قال صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم )) ما ظهر فللي قللوم الربللا والزنللا إل أحلللوا بأنفسللهم‬
‫عقاب الله عز وجل (( صحيح الجامع ‪.‬‬
‫وصدق المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال ‪ )) :‬أدنى‬
‫الربا كأن يزني الرجل بأمه ((‬
‫‪ (7‬التقصير في واجب المر بالمعروف والنهي عن المنكللر ‪،‬‬
‫قللال صلللى الللله عليلله وسلللم )) مللا مللن قللوم يعمللل فيهللم‬
‫مهللم‬‫بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إل ع َ‬
‫اللله بعقللاب مللن عنلده ( ‪.‬قللال الغزاللي ‪ :‬المللر بلالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر هو القطب العظم في الدين وهللو النهللج‬
‫الذي إبتعث الله له النبيين أجمعين ولو طوي بساطه وأهمل‬
‫علملله وعمللله لتعطلللت النبللوة واضللمحلت الديانللة وفشللت‬
‫الضللة وشلاعت الجهاللة واستشلرى الفسلاد وخربلت البلد‬
‫وهلك العباد ولم يشعروا بالهلك إل يوم التناد ‪.‬‬

‫‪408‬‬
‫‪ (8‬ترك الجهاد وحللب الللدنيا ‪ :‬قللال صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫)) إذا تبايعتم بالعينللة وأخللذتم أذنللاب البقللر ورضلليتم بللالزرع‬
‫وتكتم الجهاد سلط الله عليك ذل ل ينزعلله حللتى ترجعللا إلللى‬
‫دينكم (( السلسلة الصحيحة ‪.‬نظرة إلى فلسللطين – العللراق‬
‫– أفغانسللتان إلللى كللل شللبر مللن أرض السلللم ل حللل إل‬
‫بالجهاد ورفعة راية الحق خفاقة عالية ‪.‬‬
‫‪ (9‬مخالفة أمر النبي صلللى الللله عليلله وسلللم قللال تعللالى ‪:‬‬
‫)) فليحللذر الللذين يخللالفون عللن أمللره أن تصلليبهم فتنللة أو‬
‫يصلليبهم عللذاب أليللم (( ‪.‬وقللال صلللى الللله عليلله وسلللم ‪:‬‬
‫)) بعثت بالسلليف بيللن يللدي السللاعة حللتى يعبللد الللله وحللده‬
‫وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعلت الذلللة والصللغار علللى‬
‫من خالف أمري ومن تشبة بقوم فهو منهم (( صحيح الجامع‬
‫‪.‬‬
‫‪ (9‬الغلو في الدين والتنطللع ‪ :‬قللال صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫)) هلك المتنطعون وقال إياكم والغلو في الدين فإنما أهلللك‬
‫من كان قبلكم الغلللو فللي الللدين (( صللحيح اللبللاني ‪.‬آن لنللا‬
‫حكم شرعه فيما بيننا ليصلح‬ ‫نرجع إلى ديننا ونعود إلى ربنا ون ِ‬
‫أحوالنا ولتعود عزتنا وليرجع مجدنا ولترتفع راية الحق خفاقة‬
‫عالية وصدق الله القائل ))وإن جندنا لهم الغللالبون (( ‪.‬عبللاد‬
‫الله أصلحوا ذات بينكلم واعلمللوا أن الفرقللة هلك – الفرقللة‬
‫عذاب الفرقة دمار )) ول تنللازعوا فتفشلللوا وتللذهب ريحكللم‬
‫واصبروا إن الله مع الصابرين (( ‪.‬‬
‫امير بن محمد المدري‬
‫امام وخطيب مسجد اليمان‬
‫=============‬
‫‪#‬زكاة السهم والسندات‬
‫تعريف السهم والسندات‪:‬‬
‫السهم‪ :‬صك يمثل حصة في رأس مال شركة مساهمة‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫أو نقول السهم‪ :‬صكوك متساوية القيمة‪ ،‬غير قابلة للتجللزئة‬
‫وقابلة للتداول بالطرق التجارية‪ ،‬وتمثللل حقللوق المسلاهمين‬
‫في الشركات التي أسمهوا في رأس مالها‪.‬‬
‫السندات‪ :‬جمع سند‪ ،‬والسند‪ :‬صك مالي قابل للتداول‪ ،‬يمنح‬
‫للمكتتب لقاء المبالغ الللتي أقرضللها‪ ،‬ويخللوله اسللتعادة مبلللغ‬
‫القرض‪ ،‬علوة على الفوائد المستحقة‪ ،‬وذلللك بحلللول أجللله‪.‬‬
‫أو نقول‪ :‬تعهد مكتوب بملبغ من الدين )القرض( لحامله فللي‬
‫تاريخ معين نظير فائدة مقدرة‪.‬‬
‫الفرق بين السهم والسند‪:‬‬
‫‪ -1‬السهم يمثل جللزًء مللن رأس مللال الشللركة‪ ،‬وأمللا السللند‬
‫فيمثل جزًء من قرض على الشركة أو الحكومة‪.‬‬
‫‪ -2‬السهم تتغير قيمته‪.‬‬
‫‪ -3‬حامل السند يعتبر مقرضا ً أما حامل السهم فيعتبر مالكللا ً‬
‫لجزء من الشركة ‪ ،‬ولذلك فللإن السللهم يعطللي حللامله حللق‬
‫التدخل في الشركة‪.‬‬
‫‪ -4‬للسند وقت محدد لسداده أمللا السللهم فل يسللدد إل ّ بعللد‬
‫تصفية الشركة‪.‬‬
‫‪ -5‬السند عند الفلس يللوزع بالحصللص ‪ ،‬أمللا السللهم فيأخللذ‬
‫مالكه نصيبه بعد سداد الديون‪.‬‬
‫حكم السهم والسندات‪:‬‬
‫السهم هي أجزاء تمثل رأس مال لشركة قد تكون صللناعية‬
‫أو زراعية ‪ ،‬فهي جائزة شرعا ً إذا كان النشاط مباحلا ً ‪ ،‬ومملا‬
‫يدل على جوازها القياس على ما حدث مع تماضر الشجعية‬
‫في عهد عثمان بن عفللان )رضللي الللله عنلله( بعللد استشللارة‬
‫الصحابة حيث أعطيت مقابللل سللهمها مللن التركللة ‪ 80‬ألللف‬
‫دينار ‪ ،‬وكانت التركة أنواعا ً من المال النقدي والعيني‪.‬‬
‫وكون السهم تحتوي على نقللود فهللذا ل يمنللع مللن حلهللا ول‬
‫يكون بيع نقدٍ بنقدٍ لن النقد تابع لغيره والقاعدة تقول‪ :‬يثبت‬
‫تبعا ً ما ل يثبت استقلل ً ‪ ،‬وفي الحديث عن ابن عمللر )رضللي‬
‫الله عنه( أن النبي )صلى الللله عليلله وسلللم( قللال‪ :‬مللن بللاع‬

‫‪410‬‬
‫عبدا ً وللله مللا ل فمللاله للبللائع إل ّ أن يشللترطه المبتللاع‪ .‬رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وأما السندات فمحرمة لنها مبنية على الربا‪.‬‬
‫زكاة السهم والسندات‪:‬‬
‫سنبدأ بالسندات لن السهم تحتاج إلى تفصيل‪.‬‬
‫‪ -1‬السندات محرمة لما سبق ولكن هللل تزكللى ؟ ملا يأخلذه‬
‫من الربا يجب عليه أن يتخلص منه بإعادته إلللى صللاحبه وإذا‬
‫لم يعلم صاحبه فيتصدق به جميعه بنية جعل الثواب لصاحبه‪.‬‬
‫وقال الشلليخ الزحيلللي‪ :‬بللالرغم مللن تحريللم السللندات فإنهللا‬
‫تجب زكاتها لنها تمثل دينا ً لصاحبها ‪ ،‬وتؤدى زكاتها عللن كللل‬
‫عللام عمل ً بللرأي جمهللور الفقهللاء غيللر المالكيللة‪ ،‬لن الللدين‬
‫ر( تجب زكللاته فللي كللل‬ ‫المرجو )وهو ما كان على مقرٍ موس ٍ‬
‫عللام‪ ،‬وشللهادات السللتثمار أو سللندات السللتثمار هللي فللي‬
‫الحقيقية سندات وتجب فيها الزكللاة وإن كللان عائدهللا خبيث لا ً‬
‫وكسبها حراما ً ‪ ،‬وتزكى السندات كزكاة النقللود… وذلللك لن‬
‫تحريم التعامللل بالسللندات ل يمنللع مللن وجللود التملللك التللام‬
‫فيجللب فيهللا الزكللاة‪ ،‬أمللا المللال الحللرام غيللر المملللوك‬
‫كالمغصوب والمسروق وملال الرشلوة… والربلا ونحوهلا فل‬
‫زكللاة فيلله لنلله غيللر مملللوك لحللائزه ويجللب رده لصللاحبه‬
‫الحقيقي منعا ً من أكل أموال الناس بالباطل فللإن بقللي فللي‬
‫حوزة حائزه وحال عليه الحول ولم يرد لصللاحبه فيجللب فيلله‬
‫زكاته رعاية لمصلحة الفقراء‪.‬أ‪.‬هل ل وذكللر ابللن تيميللة )رحملله‬
‫الللله( أن المللال إن كللان أهللله غيللر معروفيللن ول معينيللن‬
‫كالعراب المتناهبين تجب فيه الزكاة‪.‬‬
‫‪ -2‬السهم‪ :‬تنقسم السهم إلى ثلثة أنواع‪:‬‬
‫‪ -1‬السهم في شركة زراعية فتخللرج زكاتهللا كمللا فللي زكللاة‬
‫الزروع والثمار‪.‬‬
‫‪ -2‬أسهم في شركات تجاريللة فتجللب زكللاة السللهم جميعهللا‬
‫كعروض التجارة‪ ،‬وتقللدر فيهللا السللهم بقيمتهللا فللي السللوق‬
‫وقت وجوب الزكاة‬

‫‪411‬‬
‫‪ -3‬أسهم في الشركات الصناعية فهذه اختلف في زكاتها‪:‬‬
‫أ‪ -‬فقيللل‪ :‬تجللب الزكللاة فللي صللافي الربللح ل فللي المعللدات‬
‫والمبللاني ونحوهللا ‪ ،‬اختللار هللذا القللول الشلليخ عبللدالرحمن‬
‫عيسى في كتابه المعاملت الحديثة وأحكامها‪.‬‬
‫ت صللناعية أو‬ ‫ب ل ل وقيللل‪ :‬ل فللرق بيللن السللهم فللي شللركا ٍ‬
‫تجارية ما دامت معدة للتجارة ولما في التفريللق بينهمللا مللن‬
‫المشقة ‪ ،‬واختار هذا القول الشيخ يوسف القرضاوي‪.‬‬
‫‪ -3‬وفرق بعض العلماء بينها بحسب النية فإن كان المسللاهم‬
‫يقصد الستمرار في تملك حصةٍ شللائعة فللي الشللركة وأخللذ‬
‫العائد الدوري فل يزكي الصول‪ ،‬وإن كان تملكه على سللبيل‬
‫المتاجرة فيزكيها باعتبار قيمتها السوقية ‪ ،‬وهذا قول الشيخ‪:‬‬
‫عبدالله بن منيع‪.‬‬
‫ونوقش هذا القول بأنه تفريق بين المتماثلين‪.‬‬
‫وأجيب بأن النية لها دور في تغييللر الزكللاة كمللا فللي التملللك‬
‫للقنيللة والسللكنى ‪ ،‬والتملللك للتجللارة‪ ،‬ولن مللن ل يقصللد‬
‫المتاجرة قد تمضي عليلله فللترة طويلللة ل يللبيع فيهللا ثللم قللد‬
‫تنخفض السعار بخلف الول فإنه يبيع ويشتري دومًا‪.‬‬
‫الترجيح‪:‬‬
‫الراجح والله أعلم هو القول الول لما تقرر لدى الفقهاء من‬
‫أن آلت الصناعة والمباني ونحوها ل زكللاة فيهللا إذا لللم تكللن‬
‫هي ذاتها معدة للتجارة‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫‪1‬ل مجلة مجمع الفقه السلمي‪ .‬العدد )‪ ،(4‬ج )‪ (1‬ص ‪.707‬‬
‫‪2‬ل بحوث في القتصاد السلمي ‪ ،‬لعبدالله بللن سللليمان بللن‬
‫منيع ص )‪.(67‬‬
‫‪ -3‬مجموع رسائل الشيخ‪ /‬عبدالله المحمود‪.‬‬
‫‪ -4‬زكاة السهم والسندات للشيخ‪ /‬صالح السلن‪.‬‬
‫‪ -5‬أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة‪.‬‬
‫المصدر‪ :‬بحوث لبعض النوازل الفقهية المعاصرة‬
‫===============‬

‫‪412‬‬
‫شخصّية‬ ‫‪#‬الحصانة الشرعية ودورها في تشكيل ال ّ‬
‫السلمّية‬
‫كتبه‬
‫خباب بن مروان الحمد‬
‫‪Khabab00@hotmail.com‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله الواحد الحد‪ ،‬وصّلى الله على نبينا محمللد‪ ،‬وعلللى‬
‫آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪...‬‬
‫ما بعد‪:‬‬
‫أ ّ‬
‫يعيللش المسلللمون فللي زمللن انفتحللت فيلله الللدنيا علللى‬
‫دت مقولللة العيللش فللي قريللة واحللدة‬ ‫مصللراعيها ؛ فقللد تع ل ّ‬
‫مرحلتها ‪ ،‬وصرنا في حقيقة المر نعيش في عالم يجتمع في‬
‫غرفة واحدة ‪ ،‬فالقنوات الفضائية دخلت الللبيوت ‪ ،‬والمواقللع‬
‫اللكترونية استقطبتها أروقللة الللدور والعمللل ‪ ،‬فصللار المللرء‬
‫يتلّقى آراء عديدة‪ ،‬وتوجهات متغايرة‪ ،‬تجعله يتابعها وهو فللي‬
‫غرفته ليل نهار‪.‬‬
‫م هذه التحديات ‪ ،‬والختلفات البينّية يجللدر بللالمرء‬ ‫ض ّ‬
‫خ َ‬ ‫وفي ِ‬
‫ن الله عليه بالسلم ‪ ،‬أن تكون لديه رؤية ناضجة في‬ ‫الذي م ّ‬
‫ن فيها الحق والباطللل ‪،‬‬ ‫كيفية التعامل مع هذه التحديات ‪ ،‬فإ ّ‬
‫وة عقديللة‪،‬‬ ‫ومواجهتنا لهذه التحديات الثقافية تتطل ّل ُ‬
‫ب من ّللا ق ل ّ‬
‫وركائز ثابتة‪ ،‬تأخذنا لبّر المان ‪ ،‬وشاطئ النجاة‪.‬‬
‫ن علينللا بنعمللة‬ ‫ن الللله لل تعللالى ل ل قللد م ل ّ‬
‫كأ ّ‬‫وليللس مللن شل ّ‬
‫عظيمة ‪ ،‬وهي‪:‬نعمة العقل ‪ ،‬والتي ُيعرف مللن خللهللا لل فللي‬
‫كثير من المسائل ل الخير من الشر‪ ،‬والهللدى مللن الضللللة ‪،‬‬
‫ل بها وأعرض‬ ‫ن النسان إذا استق ّ‬ ‫والصواب من الخطأ ‪ ،‬بيد أ ّ‬
‫عللن الللوحي ‪ ،‬فسلليرتكب مللا تهللواه النفللس‪ ،‬ولللذا نزلللت‬
‫الشريعة اللهية على عبللاد الل ّلله ‪ ،‬لتمي ّللز للنللاس مللا يفيللدهم‬
‫ويضبط عقولهم ‪ ،‬فتتوازن الحياة ‪ ،‬وتنضبط المسيرة‪.‬‬
‫ل بالهدايللة إل ّ باّتبللاعه‬ ‫والعقل على شرف منزلته ‪ ،‬لن يسللتق ّ‬
‫لشللريعة السلللم ‪ ،‬وشللريعة السلللم لللن تتللبين مراداتهللا إّل‬

‫‪413‬‬
‫بواسطة العقللل ‪ ،‬فكل المريللن يحتللاج أحللدهما الخللر‪ ،‬ولللن‬
‫يعارض العقل الصحيح النقللل الصللريح أبللدا ً كمللا بّينلله علمللاء‬
‫السلم‪.‬‬
‫فصل‬
‫التعريف بل‪):‬الحصانة الشرعية(‪:‬وأهمّية هذا الموضوع‬
‫م القضللايا العلمي ّللة فللي ديللن السلللم معرفللة حقللائق‬ ‫من أه ّ‬
‫الشياء وتعريفاتها ؛ لتكون الصورة واضحة في الذهن ‪ ،‬جلّية‬
‫في الفكر )إذ المرء ما لم يحط علملا ً بحقللائق الشللياء الللتي‬
‫يحتاج إليها يبقى في قلبه حسكة(كما قال المللام ابللن تيمي ّللة‬
‫"الفتاوى ‪."10/368‬‬
‫مللل فكللري لسللتخراج تعريللف لهللذا المفهللوم ‪:‬‬ ‫ومن خلل تأ ّ‬
‫)الحصانة الشرعية( وتبيين المقصود منلله ‪ ،‬أرى أن ّلله‪) :‬البنللاء‬
‫العقدي المللتين ملن خلل الفهللم الناضلج لمنهلاج اللله كتابلا ً‬
‫ل بهما مللن الراء‬ ‫ل ما يخ ّ‬‫وسّنة ‪ ،‬ووقاية الفكر والعقل عن ك ّ‬
‫الفاسدة ‪ ،‬المخالفة لمنهج أهل السّنة والجماعة فللي التلقللي‬
‫والستدلل(‪.‬‬
‫ق مللن أن‬ ‫فالحصللانة الشللرعّية مشللابهة لجهللاز مناعللة وا ٍ‬
‫ل بلله‪.‬‬ ‫يتسّرب إليه شيء من الخلل والعطب ‪ ،‬فيفسده ويخلل ّ‬
‫ق‬
‫وهكذا المسلم ‪ ،‬فإّنه محتاج لما يحوط عقيدته ويرعاها حلل ّ‬
‫رعايتها من أن تتلّقى شيئا ً من شبه أهل الضلل ‪ ،‬فيقللع فللي‬
‫قلبه شيء من النخداع بها ‪ ،‬فيزيللغ قلبلله لل عيللاذا ً بللالله مللن‬
‫ذلك ل فيهلك مع الهالكين‪.‬‬
‫*تتجّلى أهمّية الموضوع ل فيما أرى ل بأّنه منللذ خللروج المللرء‬
‫مله ‪ ،‬فليلس فلي ذهنله رصليد معرفلي‪ ،‬ول خلبرة‬ ‫من بطن أ ّ‬
‫عملية ‪ ،‬كما قال الله ل تعالى ل‪):‬والللله أخرجكللم مللن بطللون‬
‫أمهاتكم ل تعلمون شيئا ً وجعل لكم السمع والبصار والفئدة‬
‫لعّلكم تشللكرون( )النحللل ‪ (78‬فللالمرء المسلللم مللا دام أن ّلله‬
‫سيبدأ بالتلقي والتصال مع بني النسان ‪ ،‬فسلليجد اختلفللات‬
‫دعي الحللق‬ ‫فللي الراء ‪ ،‬وتباينللات فللي المناهللج‪ ،‬وكلل ّ‬
‫ل يلل ّ‬
‫والصواب‪ ،‬فما مللوقفه إذن مللن هللذه التضللاربات الفكريللة ؟‬

‫‪414‬‬
‫وكيللف يسللتطيع أن يمّيللز بيللن الصللواب والخطللأ ؟ هنللاك‬
‫خطوات لتحقيق ذلك ‪ ،‬وست ََتجّلى في هللذه الدراسللة لل بللإذن‬
‫الله ل‪.‬‬
‫فصل‬
‫ضرورة تلقي العلم من منابعه الصيلة‬
‫ن النسان المسلم إذا لم يتلقّ العلم من‬ ‫ليس من شك في أ ّ‬
‫منللابعه الصلليلة ‪ ،‬وروافللده الصللحيحة ‪ ،‬أخللذا ً مللن الكتللاب‬
‫والسللنة علللى هللدي السلللف الصللالح ‪ ،‬فللإّنه سلليخبط خبللط‬
‫جهاتها العقدية‪ ،‬ول‬ ‫عشواء ويتلّقى العلم من جهات ل يعلم تو ّ‬
‫أصولها الشرعية ‪ ،‬ويقع في عدة مزالق يتباين حجللم خطئهللا‬
‫وضللها ‪ ،‬ولهذا كان علماؤنا السابقون يوصون بتلقللي العلللم‬
‫مللن صللدقوا الللله فللي تعلمهللم وتعليمهللم ‪ ،‬ولحللت قللوة‬ ‫م ّ‬
‫ذرون طلبهللم مللن‬ ‫حججهم أمام خصومهم‪ ،‬وفي المقابل يحل ّ‬
‫أهل الزيغ والهوى ‪ ،‬لئل يقعوا فيما وقع فيه أولئك المبتدعة ‪،‬‬
‫فكان الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود ل رضي الّله عنه ل‬
‫يقول‪):‬ل يزال الّناس بخير ما أخذوا العلم عن الكابر ‪ ،‬وعللن‬
‫أمنللائهم وعلمللائهم؛ فللإذا أخللذوا مللن صللغارهم وشللرارهم‬
‫هلكلللوا ‪ .‬قلللال ابلللن المبلللارك لللل رحمللله الّلللله لللل فلللي‬
‫تفسير))الصاغر((‪):‬يعني أهللل البللدع()أخرجلله ابللن المبللارك‬
‫في الزهد‪:‬صل ل ‪ ، 815‬و عبللدالرزاق فللي المص لّنف)‪20446‬و‬
‫‪،20483‬بسند صحيح(‪.‬‬
‫وهذا المام عبدالله بن المبارك ل رحمه الله ل يوصللي طللالب‬
‫العلم قائل ً له‪:‬‬
‫ماد بن زيد‬‫أيها الطالب علما ً ائت ح ّ‬
‫م قّيده بقيد‬‫فاكتسب علما ً وحلما ً ث ّ‬
‫ودع الفتنة من آثار عمرو بن عبيد‬
‫)ديوان ابن المبارك للدكتور‪:‬مجاهد مصطفى‪:‬صل ‪ ،45‬وانظللر‬
‫البداية والنهاية‪.(10/79:‬‬
‫من نّبه على ذلك المام الغزالي ل رحمه الله ل حيث ألمللح‬ ‫وم ّ‬
‫للمسلم الذي يريللد أن يكللون ذا عقلي ّللة واعيللة بللأّنه ل بللد أن‬

‫‪415‬‬
‫يعمللل علللى حصللانة عقليتلله مللن النحرافللات الفكريللة ‪،‬‬
‫وخصوصا ً إن كان في منطقة يكثر بهللا أهللل البللدع والهللوى ‪،‬‬
‫فقال‪):‬فللإن كللان فللي بلللد شللاع فيلله الكلم وتنللاطق النللاس‬
‫بالبدع فينبغي أن يصان في أول بلوغه عنهللا بتلقيللن الحللق ؛‬
‫فإنه لو ُألقي إليه الباطل لوجبت إزالته عن قلبه وربما عسر‬
‫ذلك ‪ ،‬كما أنه لو كان هذا المسلم تاجرا ً وقد شاع فللي البلللد‬
‫معاملة الربا وجب عليه تعلم الحذر مللن الربللا( إحيللاء علللوم‬
‫الدين للغزالي‪(1/29):‬‬
‫ل وحاد َ عن طريق الهدى‬ ‫وحين يفتش المراقب ضلل من ض ّ‬
‫ن من أسباب ذلللك ضللعف الحصللانة‬ ‫وعلئم الحق ‪ ،‬فسيجد أ ّ‬
‫دي لولوج المشتبهات فللي فكللره وعقللله ‪،‬‬ ‫ما يؤ ّ‬
‫الشرعية ‪ ،‬م ّ‬
‫وقد نّبه على ذلك المام ابللن بط ّللة العكللبري فقللال‪):‬اعلمللوا‬
‫إخواني أني فكرت في السبب الذي أخرج أقواما ً من السللنة‬
‫والجماعة واضطرهم إلى البدعة والشناعة ‪ ،‬وفتح باب البلية‬
‫على أفئدتهم وحجب نور الحق عللن بصلليرتهم فوجللدت ذلللك‬
‫من وجهين ‪:‬‬
‫أحدهما ‪ :‬البحث والتنقير وكثرة السللؤال عمللا ل ينبغللي ‪ ،‬ول‬
‫يضر العاقل جهله ‪ ،‬ول ينفع المؤمن فهمه‪.‬‬
‫والخللر‪ :‬مجالسللة مللن لتللؤمن فتنتلله ‪ ،‬وتفسللد القلللوب‬
‫صحبته("البانة ‪."1/390:‬‬
‫وقد يتساءل بعض المستشكلين عن عّلة الهتملام والّتشلّبث‬
‫تجاه مصادر التلقي ؛ والسبب في ذلك ‪ ،‬لئل ّ تختلط المناهللج‬
‫في الذهن ‪ ،‬وتتضارب التصورات ‪ ،‬فتكون النتيجللة المنطبعللة‬
‫بعد ذلك في العقل السلمي منهجا ً غوغائيا ً ل تلزمه ضلوابط‬
‫‪ ،‬ول تحكمه قيود ‪.‬‬
‫فالمطلوب لمن أراد الهداية والتثبيت علللى سلّلم الشللريعة ‪،‬‬
‫ليدفع بها الهللواء ‪ ،‬ومكللائد أهللل الضلللل ‪ ،‬أن يكللون معتنيلا ً‬
‫بحماية عقللله‪ ،‬بسللياج الشللريعة السلللمّية وأصللولها‪ ،‬والللتي‬
‫ون له ثللوابت عقديللة تحميلله لل بعللون الللله لل مللن سللريان‬‫تك ّ‬
‫الفكار المضلل َّلة إللى منهجله ‪ ،‬ملن أهلل الهلواء والعصلرنة‬

‫‪416‬‬
‫ن العبد بنفسه حين قرأ شيئا ً في عقيللدة‬ ‫ما أن يظ ّ‬‫والعلمنة‪ .‬أ ّ‬
‫كللرا ً‬
‫أهل السنة والجماعة أّنه صار مدركا ً لها بالكلّيللة ‪ ،‬أو مف ّ‬
‫م يطالع كتب أولي الهللواء والبللدع‪ ،‬ويشللاهد بعللض‬ ‫ألمعيا ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫البرامللج الدينيللة أو الفكريللة فللي بعللض القنللوات الفضللائية ‪،‬‬
‫صب الفكري‪ ،‬أو بغية العثور علللى‬ ‫جة الستنارة وعدم التع ّ‬ ‫بح ّ‬
‫فكللرة ضللالة ‪ ،‬فيبللدأ مشللاهدا ً ومطالع لا ً متوجس لا ً مللن كلم‬
‫دة شللهور أو سللنوات ‪ ،‬حت ّللى‬ ‫المتحللدث ‪ ،‬ومللا أن تمضللي ع ل ّ‬
‫ن أّنله قللد أحللاط علملا ً بأصللول السلللم ‪،‬‬ ‫يدمن ذاك الذي ظ ّ‬
‫علللى مشللاهدة الفضللائيات وملحقللة الصللحف والمنتللديات‬
‫الثقافية ‪ ،‬فتبدأ الشبهات تقع في ذهنه ‪ ،‬لقّلة علمه ‪ ،‬بللل قللد‬
‫يللأتي بعضللهم لهللل العلللم فللي مجللالس خاصللة أو عامللة ‪،‬‬
‫ن في ذلك البرنامج الفلنللي ‪ ،‬أو‬ ‫يحدثونهم سرا ً أو علنية ‪ ،‬بأ ّ‬
‫الصللحيفة الفلني ّللة‪ ،‬ذكللر الكللاتب كللذا ‪ ،‬وأقللام الدلللة علللى‬
‫ن‬ ‫حديثه ‪ ،‬فهل كلمه صواب ؟ وكيللف نللرد عليلله؟! والح لقّ أ ّ‬
‫هؤلء أحسنهم ‪ ،‬وإل ّ فقللد ينخللدع هللؤلء ببعللض أهللل الهللوى‬
‫من أوتوا فصاحة وبيانا ً بل علما ً ‪ ،‬فتختلط المعللايير لللديهم‪،‬‬ ‫م ّ‬
‫م يلتفتون مّرة أخرى إلى منهجهم الللذي‬ ‫ويضطربون فكريًا‪ ،‬ث ّ‬
‫مية نقضه ونسلفه ‪ ،‬ومعلاودة‬ ‫دعون أه ّ‬ ‫ساروا عليه سنوات في ّ‬
‫جللة أّنهللم رجللال وعلمللاء السلللف‬ ‫النظر في كلم علمللائه بح ّ‬
‫رجال؛ لّنه لم يقم على الصول العلمية الصللحيحة!! وصللدق‬
‫عمر بن عبدالعزيز ل رضي الله عنه لل حيلن قلال‪):‬ملن جعلل‬
‫دينه غرضا ً للخصومات أكثر التنقل()تأويللل مختلللف الحللديث‬
‫لبن قتيبة‪/‬صل ‪.(115‬‬
‫فصل‬
‫الحذر من مخالفة منهج أهل السّنة والجماعة‬
‫من يتابع مسيرة سلفنا الصالح ل رضوان الله عليهم ل يجدهم‬
‫يتحاشون السللتماع لهللل البللدع والهللوى ‪ ،‬أو محللادثتهم ‪ ،‬أو‬
‫مجالسلتهم ‪ ،‬وفلي هلذا يقلول سلفيان الثلوري‪):‬ملن أصلغى‬
‫بسمعه إلى صللاحب بدعللة ‪ ،‬وهللو يعلللم ‪ ،‬خللرج مللن عصللمة‬

‫‪417‬‬
‫الله ‪ ،‬ووكل إلللى نفسلله ‪ ،‬وقللال كللذلك‪:‬مللن سللمع بدعللة فل‬
‫يحكها لجلسائه ‪ ،‬ل يلقها في قلوبهم ‪.‬‬
‫عل ّللق المللام الللذهبي علللى مقولللة المللام سللفيان الثللوري‬
‫بقوله‪:‬أكثر الئمة على هذا التحذير يرون أن القلوب ضللعيفة‬
‫طافة ("السير ‪ ، "7/261‬وقد أحسن من قال‪:‬‬ ‫شبه خ ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ل تستمع إل ّ لقول صادق يغنيك عن خطل من القوال‬
‫ن وعت ذكرا ً تله التالي‬ ‫فالذن نافذة العلوم وخيرها أذ ٌ‬
‫ن مللن منهللج أهللل العلللم الراسللخين تجللاه‬ ‫بللل إننللا نجللد أ ّ‬
‫المدارس الضاّلة ؛ التحذير منها ‪ ،‬بللله محاولللة انتزاعهللا مللن‬
‫أيللدي أصللحابها‪ ،‬لئل ّ تفسللد عقللول النللاس بتلللك الفكللار‬
‫المضّللة ‪ ،‬ويذكر شيخ السلم ابن تيمّية ل رحمه الله ل شلليئا ً‬
‫ل‪):‬وقد أمر الشيخ أبو عمللرو بللن الصلللح بللانتزاع‬ ‫من هذا قائ ً‬
‫ه‬‫ذها منل ُ‬‫مدرسة معروفة من أبي الحسن المدي ‪ ،‬وقال‪ :‬أخل ُ‬
‫ل من أخذِ عكا ل وقللد كللانت بأيللدي الصللليبيين لل مللع أن‬ ‫أفض ُ‬
‫المدي لم يكن في وقته أكثر تبحللرا ً فللي الفنللون الكلميللة ‪،‬‬
‫والفلسللفية منلله ‪ ،‬وكللان مللن أحسللنهم إسلللما‪ ،‬وأمثلهللم‬
‫اعتقادًا("مجموع الفتاوى ‪"18/53‬‬
‫وقد يقول قائل‪ :‬أليس ذلللك مصللادرة للللرأي ‪ ،‬وحجللرا ً علللى‬
‫الفكار ؟‬
‫ن هذه المصادرة لرأي الخللر ليللس كمللا‬ ‫وإجابة على ذلك ؛ أ ّ‬
‫مللن ينتسللبون إلللى‬ ‫يظّنه بعللض أهللل الهللوى أو المنهزميللن م ّ‬
‫السلم ؛ بسبب الخوف والجبللن مللن السللتماع لهللل البللدع‬
‫والهوى ‪ ،‬بل لّنه حفظ لعقول المسلمين ‪ ،‬والحتياط للدينهم‬
‫من سماع كلم أهل الضلل والكفر ‪ ،‬استدلل ً بقللوله تعللالى‪:‬‬
‫)وإذا رأيت الذين يخوضللون فللي آياتنللا فللأعرض عنهللم حللتى‬
‫ما ينسيّنك الشيطان فل تقعد بعد‬ ‫يخوضوا في حديث غيره وإ ّ‬
‫الذكرى مع القوم الظالمين(وقوله تعالى‪):‬وقللد نللزل عليكللم‬
‫في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فل‬
‫تقعدوا معهم حّتى يخوضوا في حديث غيره("النساء‪."140/‬‬

‫‪418‬‬
‫ومن الدّلة على ذلك قوله ل صّلى الله عليلله وسلّلم للل‪):‬وإن ّلله‬
‫من يعش منكم فسيرى اختلفا ً كثيرا ً فعليكللم بس لّنتي وس لّنة‬
‫ضللوا عليهللا‬ ‫سللكوا بهللا وع ّ‬‫الخلفللاء الراشللدين المهللدّيين ‪ ،‬تم ّ‬
‫ل محدثة بدعة وكلل ّ‬
‫ل‬ ‫نك ّ‬ ‫بالنواجذ وإّياكم ومحدثات المور‪ ،‬فإ ّ‬
‫بدعة ضللة( أخرجه أحمللد فللي مسللنده )‪(4/126‬والترمللذي‬
‫برقم )‪ (2676‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح ‪ ،‬فإّنه ل صّلى الللله‬
‫ذرنا من محدثات المور‪ ،‬ودعانا إلى اجتنابها ‪.‬‬ ‫عليه وسّلم ل ح ّ‬
‫ومن الدلة كذلك مللا رواه عمللران بللن حصللين عنلله ل ل عليلله‬
‫جال فلينأ عنه ‪ ،‬مللن‬ ‫الصلة والسلم ل أّنه قال‪):‬من سمع بالد ّ‬
‫ن‬‫جال فلينللأ عنلله‪ ،‬فللإ ّ‬ ‫جال فلينأ عنه ‪ ،‬من سمع بالد ّ‬ ‫سمع بالد ّ‬
‫الرجل يأتيه وهو يحسب أّنه مؤمن‪ ،‬فما يزال به بما معه من‬
‫الشللبه حّتللى يّتبعلله(أخرجلله المللام أحمللد فللي المسللند)‬
‫ود إسللناده المللام ابللن مفلللح فللي‬ ‫‪(4/431‬بسند صللحيح‪،‬وج ل ّ‬
‫ن المصطفى لل عليلله الصلللة‬ ‫الداب الشرعية)‪ .(1/220‬بل إ ّ‬
‫والسلم ل حين أتاه عمر بللن الخطللاب لل رضللي الللله عنلله ل ل‬
‫بكتاب أصابه من بعض أهل الكتللاب فقللرأه عليلله ‪ ،‬غضللب لل‬
‫ك يللاابن الخط ّللاب ؟!‬ ‫يش ّ‬ ‫عليه الصلة والسلم ل وقال ‪):‬أوف ّ‬
‫لقد جئتكم بها بيضاء نقّية ‪ ،‬ل تسألوهم عن شيء فيخبرونكم‬
‫بحق فتكللذبوا بلله ‪ ،‬أو بباطللل فتصللدقوا بلله ‪ .‬والللذي نفسللي‬
‫ن موسى كان حي ّا ً ما وسعه إل ّ أن يتبعني( أخرجلله‬ ‫بيده ‪ ،‬لو أ ّ‬
‫أحمد في مسلنده )‪ ،(3/338‬وابلن أبلي شليبة فلي مصلّنفه)‬
‫سنه اللباني‪.‬‬
‫‪ (6/228‬بسند ح ّ‬
‫كان ذلك منه ل عليه الصلة والسلم ل تربية لصحابه على أن‬
‫يكون الينبوع الذي يتلقون منه واحدا ً عذبا ً نقي ًّا‪):‬يسللقى بمللاء‬
‫واحد(‪ ،‬ليفارقوا أهل الضللللة ويسللتقوا المنهللج مللن غيرهللم‪،‬‬
‫ن مفارقتهم منهللج لهللل السللنة والجماعللة ‪ ،‬وليسللت مللن‬ ‫ل ّ‬
‫ددين كما يزعمه بعضهم ‪ ،‬ويكفينا أّنه ل‬ ‫إنشاءات بعض المتش ّ‬
‫سبحانه وتعالى ل يقول في محكم التنزيل لمن يطلب النظللر‬
‫في غير كتاب بدعوى عدم الحجر الفكري ‪):‬أولم يكفهللم أّنللا‬
‫أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم(!!‬

‫‪419‬‬
‫دعيه بعضهم من أولي التوجهات الحديثة العصرّية ‪:‬‬ ‫ما ما ي ّ‬
‫وأ ّ‬
‫ن ذلك التحفظ من باب الحجر على الفكللار ‪ ،‬والسللترقاق‬ ‫بأ ّ‬
‫الفكري ‪ ،‬والرهاب الثقافي تجاه النلاس ‪ ،‬وأّنله ل بلأس بلأن‬
‫ي المنهللج أو‬ ‫يستمع من شاء إلى من يشاء ‪ ،‬سواء أكان سللن ّ ّ‬
‫ن الحللق‬ ‫نقيضه‪ ،‬بل توجيه أو رعاية أو تربية وعنايللة ؛ بزعللم أ ّ‬
‫أبلج ناصع ‪ ،‬ومن خلل نصاعة الحق سيتبين للناس أّنلله حللق‬
‫مللا‬‫مللا الزبللد فيللذهب جفللاء وأ ّ‬
‫ن الله يقللول‪):‬فأ ّ‬ ‫ويأخذون به‪،‬ل ّ‬
‫ماينفع الناس فيمكث في الرض( ويقولللون ‪ :‬إّنله ليلس مللن‬
‫إشللكال أن يقل ّللب المللرء بصللره فللي كلم النللاس ‪ ،‬ويسللتمع‬
‫م يرى من كان كلمه حقا ً فيأخذ به‪.‬‬ ‫لجدال المجادلين ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن هذا الطرح متولد من العقليللة الغاليللة‬ ‫فالجواب عن ذلك‪:‬بأ ّ‬
‫في تحكيم النصوص ‪ ،‬والتي تزايللد فللي إعطللاء العقللل مللا ل‬
‫ن هللدي‬ ‫ن على الصول الشللرعية‪ ،‬وإّل فللإ ّ‬ ‫يقدر عليه ‪ ،‬ولم ي ُب ْ َ‬
‫رسول الهدى ل صّلى الله عليه وسّلم لل والصللحابة والتللابعين‬
‫ممن بعده يقوم على تحصين الفكار ‪ ،‬وصلليانة العقللول مللن‬
‫ب ‪ ،‬وعلللى هللذا قللام منهللج أهللل‬ ‫ب ود ّ‬
‫ل مللن هل ّ‬ ‫الستماع لك ّ‬
‫السّنة والجماعة ‪ ،‬ورحم الله عمر بن عبد العزيز‪ ،‬حين قال‪:‬‬
‫ن رسول الله ل صّلى الله عليه وسّلم ل وولة المر بعللده‬ ‫)س ّ‬
‫وة‬ ‫سننًا‪،‬الخذ بها تصديق لكتاب الله ‪،‬واستكمال لطاعته ‪ ،‬وق ّ‬
‫على دين الله‪ ،‬ليس لحد تغييرها ول تبديلها ‪ ،‬ول النظللر فللي‬
‫رأي من خالفها‪،‬فمللن اقتللدى بمللا سلّنوا فقللد اهتللدى ‪ ،‬ومللن‬
‫استبصر بها بصر ‪ ،‬ومن خالفهللا واّتبللع غيللر سللبيل المللؤمنين‬
‫وّله الللله مللاتولى وأصللله جهّنللم وسللاءت مصلليرًا(أخرجلله‬
‫الجري في الشريعةص ‪،48‬واّلللكللائي شللرح أصللول اعتقللاد‬
‫أهللللل السللللنة والجماعللللةبرقم)‪،(1/94)(134‬وعبللللدالغني‬
‫المقدسي في القتصاد في العتقادص ‪(216‬وحين جاء رجل‬
‫للمام الوزاعي ل رحمه الله ل فقال‪:‬أنا أجالس أهل السللّنة ‪،‬‬
‫وأجللالس أهللل البللدع ‪ .‬قللال الوزاعللي‪):‬هللذا رجللل يريللد أن‬
‫يساوي بيللن الحلقّ والباطللل(أخرجلله ابللن بط ّللة فللي البانللة)‬

‫‪420‬‬
‫‪ (2/456‬واّلللكللائي )‪ (252‬فللي شللرح أصللول اعتقللاد أهللل‬
‫السّنة والجماعة‪.‬‬
‫لمة السيد محمد رشيد رضا ل ل‬ ‫وكم أعجبتني فتوى الشيخ الع ّ‬
‫رحمه الله ل حين سئل ‪ :‬ما هو حكم الله فيمن يطالع الكتللب‬
‫السماوية الخرى مثل التوراة بقصد الحاطة خللبًرا بمللا جللاء‬
‫مللا ‪ ،‬وإذا‬
‫في غير شريعتنا ‪ ,‬وهل كان النهللي عللن قراءتهللا عا ّ‬
‫سلللمنا ذلللك تكللون الشللعوب غيللر السلللمية متميللزة علللى‬
‫المسلللمين بعللدم منللع أنفسللهم إجالللة النظللر فللي القللرآن ‪،‬‬
‫جللون بلله‬ ‫فيستفيدون مما جاء فيه من اليللات البينللات ‪ ,‬ويحت ّ‬
‫علينا ‪ ,‬ونحن ل نقدر أن نقللابلهم بالمثللل ؛ لن كتبهللم مغلقللة‬
‫في وجوهنا ‪ .‬أفيدونا بما علمكم الله ؟‪.‬‬
‫فأجاب فضيلته ‪ :‬بسم الله ‪ ،‬والحمد لله ‪ ،‬والصلللة والسلللم‬
‫على رسول الله ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫المور بمقاصدها ‪ ,‬فمن يطالع كتب الملللل بقصللد السللتعانة‬
‫على تأييد الحق ورد ّ شبهات المعترضين ونحوه وهو مسللتعد‬
‫لذلك ‪ ,‬فهو عابد لله تعالى بهذه المطالعللة ‪ ,‬وإذا احتيللج إلللى‬
‫ما ‪.‬‬
‫ضا لز ً‬
‫ذلك ؛ كان فر ً‬
‫وما زال علماء السلم في القديم والحللديث يطلعللون علللى‬
‫كتب الملل ومقالتهم ‪ ,‬ويللرّدون بمللا يسللتخرجونه منهللا مللن‬
‫الدلئل اللزامية ‪ ,‬وناهيك بمثللل ابللن حللزم وابللن تيميللة فللي‬
‫الغابرين ‪ ،‬وبرحمللة الللله الهنللدي صللاحب إظهللار الحللق فللي‬
‫المتللأخرين ‪ ،‬أرأيللت لللو لللم يقللرأ هللذا الرجللل كتللب اليهللود‬
‫والنصارى ‪ ،‬هل كان يقدر علللى مللا قللدر عليلله مللن إلزامهللم‬
‫وقهرهم في المناظرة ‪ ,‬ومن تأليف كتابه الذي أحبط دعات َُهم‬
‫في الهند وغير الهند ‪ ،‬أرأيت لو لم يفعللل ذلللك هللو ول غيللره‬
‫أمللا كللان يللأثم هللو وجميللع أهللل العلللم ‪ ,‬وهللم يللرون عللوام‬
‫المسلمين تأخذهم الشبهات من كل ناحية ول يدفعونها عنهم‬
‫؟‬
‫نعم إنه ينبغي منع التلمذة والعوام مللن قللراءة هللذه الكتللب‬
‫لئل تشلللوش عليهلللم عقلللائدهم وأحكلللام دينهلللم ‪ ،‬فيكونلللوا‬

‫‪421‬‬
‫كللالغراب الللذي حللاول أن يتعلللم مشللية الطللاووس فنسللي‬
‫مشيته ولم يتعلم مشية الحجل ‪ ،‬والله أعلم ‪)1).‬‬
‫ن علماء أهل السّنة والجماعة فتحوا المجال‬ ‫ولنفترض جدل ً أ ّ‬
‫للّناس أجمعين ليطلالعوا مللا يشلاؤون‪،‬ويشلاهدوا مايريلدون‪،‬‬
‫دعي أن ّلله الحللق‬ ‫ل واحد منهللم بمنهللج ي ل ّ‬ ‫ن أّنه سيخرج ك ّ‬ ‫فالظ ّ‬
‫ن فللي القلللوب‬ ‫الذي ل مريللة فيلله ‪ ،‬وخاصللة إذا استصللحبنا أ ّ‬
‫ركيزة الهوى ‪ ،‬وتزيين السللوء باسللم المصلللحة تللارة والحللق‬
‫أخرى ووجهة النظللر ثالثللة والحريللة رابعللة ‪ ،‬وتكللون النتيجللة‬
‫صلة لنا ملن هلذه الراء ؛ التملذهب بمذهبيلة اللل)حيلص‬ ‫المح ّ‬
‫بيص!( في المعتقدات والفهام ‪ ،‬والكل يقول أنللا الللذي ! دع‬
‫ب الستئثار بالرأي لدى البشر‪ ،‬وتعظيمهم لقللوالهم ‪،‬‬ ‫عنك ح ّ‬
‫م إخراجهم للكتب والمؤلفات لنصرة رأيهللم‪،‬والنتصللار‬ ‫ومن ث ّ‬
‫لفكرتهم )وكللم كتللاب صللنع ليطعللن حّقللا( كمللا قللاله الشلليخ‬
‫محمد الخضر حسين في كتابه‪):‬نقض كتاب الشعر الجللاهلي‬
‫ص ‪(4‬‬
‫ن أّنه عقلنللي ‪،‬‬ ‫ظم الذي يظ ّ‬ ‫والحقيقة أّننا إذا نظرنا فيمن يع ّ‬
‫فسنجدهم قد صاروا إلى أقوال متباينة ‪ ،‬وأفكار غريبة‪ ،‬وقل ّ‬
‫ل‬
‫ن‬‫دعى من قِب َِلهللم ؛ ل ّ‬ ‫أن نراهم يوافقون الحق والصواب الم ّ‬
‫المعيار بل معيار ل يكون ‪ ،‬والعقول تختلف ‪ ،‬والراء تتبللاين ‪،‬‬
‫والفكار تتضارب ‪ ،‬فتتكون لديهم رؤية مبعللثرة غيللر مّتزنللة ‪،‬‬
‫تسّفها الرياح العاتية ‪ ،‬وتتلعب بها العاصللير الجارفللة ‪ ،‬وقللد‬
‫قيل‪):‬للناس بعدد رؤوسهم آراء !( ولهذا فلم نَر من كبللارهم‬
‫إّل الندم والحسرة علللى تلللك اليللام الللتي خلللت حيللن كللانوا‬
‫يضلللربون الخملللاس فلللي السلللداس فلللي ماهيلللة المنهلللج‬
‫الصائب‪،‬حّتى انتهوا بل نهاية‪،‬وقالوا‪:‬‬
‫ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنللا فيلله قيللل‬
‫وقالوا‬
‫ولل ّلله دّر المللام ابللن قتيبللة حيللث قللال عللن هللؤلء المّتبعيللن‬
‫دعونه مللن‬ ‫للمنهج "الرأيللتي" ‪):‬وقللد كلان يجللب لل مللع مللا يل ّ‬
‫معرفة القيللاس وإعللداد آلت النظللر ل ل أن ل يختلفللوا كمللا ل‬

‫‪422‬‬
‫ساح ‪ ،‬والمهندسون ‪ ،‬لن آلتهللم ل تللد ّ‬
‫ل‬ ‫ساب والم ّ‬ ‫ح ّ‬
‫يختلف ال ُ‬
‫إل ّ على عدد واحد ‪ ،‬وإل على شللكل واحللد ‪ ،‬وكمللا ل يختلللف‬
‫ن الوائل قللد‬ ‫ذاق الطّباء في الماء وفي نبللض العللروق ؛ ل ّ‬ ‫ح ّ‬
‫وقفوهم من ذلك على أمللر واحللد ؛ فمللا بللالهم أكللثر النللاس‬
‫اختلفا ً ‪ ،‬ل يجتمع اثنان مللن رؤسللائهم علللى أمللر واحللد فللي‬
‫الدين()انظر‪:‬تأويللل مختلللف الحللديث‪/‬صلل ‪ (63‬وصللدق اللله‪:‬‬
‫)ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلفا ً كثيرًا(‪.‬‬
‫حة الفكلرة القائللة‪:‬بلأن يقّللب‬ ‫ما ما اّدعاه بعضهم ملن صل ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫المرء ناظريه بين القوال المتضاربة ‪ ،‬ويرى الحق الذي يبدو‬
‫ب ذلللك‬ ‫ن هناك شخصا ً ت َعَّق َ‬ ‫له في بعضها فيختاره ‪ ،‬ثم يرى أ ّ‬
‫م أبدى مللا لللديه مللن حللق ‪،‬‬ ‫الحق الذي اّتبعه فجعله باطل ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫فيللأتي المللرء ليختللار الحللق الللذي اختللاره ذلللك الشللخص‬
‫م يللأتي شللخص ثللالث فيبطللل‬ ‫المتعقللب لكلم مللن قبللله ‪ ،‬ثل ّ‬
‫وب القول الذي اختللاره بعنايللة وتحقيللق‪ ،‬فيللأتي‬ ‫القولين ويص ّ‬
‫هللذا المللرء المسللافر بيللن عقللول هللؤلء ليختللار قللول هللذا‬
‫الرجل ‪ ،‬لّنه قوي في المناظرة ‪ ،‬رابط الجأش في المجادلة‬
‫ن ديللن‬ ‫ن هذا الرأي المطللروح ليللس صللوابا ً ‪ ،‬ل ّ‬ ‫‪ ،‬وهكذا‪....‬فإ ّ‬
‫الله لم يأت ليحاكمه العقل البشري‪ ،‬بل ليسمع له ويطيعه ‪،‬‬
‫ور لصحابه في البداية بللأّنه‬ ‫نص ّ‬ ‫ن المنهج العقلي وإ ْ‬ ‫ولهذا فإ ّ‬
‫منهج المنطقية والعقلنية ‪ ،‬إّل أّنه في الحقيقة منهللج الحيللرة‬
‫ن هللذا المنهللج وإن كللانت للله قيللود ‪ ،‬فقيللوده‬ ‫والضللللة ‪ ،‬ل ّ‬
‫متفّلتة ‪ ،‬وقواعده متسّيبة‪ ،‬فينتج من ذلك ثلثة أمور‪:‬‬
‫ما أن يصللاب أصللحابه بتبل ّللد الحسللاس فيختللاروا قللول ً ‪،‬‬ ‫‪1‬ل إ ّ‬
‫ضوا مع تعصب مقيت ‪ ،‬وهوى مّتبع‪.‬‬ ‫يبقون عليه إلى أن ي ُْقب َ ُ‬
‫دوا‬ ‫مللا أن يصللطدموا بمللا ل طاقللة لعقللولهم بلله فيللر ّ‬ ‫‪2‬للل وإ ّ‬
‫الشريعة جملة وتفصي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ما أن يصاب أصحابه بالرتحال الفكري ‪ ،‬والتجوال بيللن‬ ‫‪3‬ل وإ ّ‬
‫عقول البشر ‪ ،‬ومناهللج الفلسللفة أو المفكريللن العصللريين ‪،‬‬
‫دوار مع القلق الفكري ‪ ،‬وتغلب عليهللم الحيللرة‬ ‫فيعانوا من ال ّ‬
‫والضطراب المنهجي ل عيللاذا ً بللالله مللن ذلللك ل ل وقللد ابتلللي‬

‫‪423‬‬
‫بعض من سار على هذا المنهج بللذلك مثللل‪:‬الفخللر الللرازي ‪،‬‬
‫والشهرستاني‪ ،‬والجويني‪ ،‬والكرابيسي‪،‬والخللونجي‪ ،‬وشللمس‬
‫الللدين الخسروشللاهي ‪ ،‬وابللن واصللل الحمللوي ‪ ،‬والمللدي ‪،‬‬
‫ن‬‫وإبراهيم الجعبري ‪ ،‬وغيرهم ‪ ،‬وإن كان بعض هللؤلء قللد م ل ّ‬
‫الله عليهم بالرجوع لمنهج أهل السنة والجماعة قبل وفللاتهم‬
‫ل ولله الحمد والمّنة ل‪.‬‬
‫وحين جاء رجل للمام مالك يقال للله أبللو الجويريللة ل ل مّتهللم‬
‫بالرجاء ل فقال له‪:‬اسمع من ّللي‪،‬فقللال مالللك‪:‬احللذر أن أشللهد‬
‫عليك ‪ .‬فقال هذا الرجل‪:‬والله مللا أريللد إّل الحللق ‪،‬فللإن كللان‬
‫صوابا ً ‪ ،‬فقل به ‪ ،‬أو فتكّلم ‪ .‬فقال مالك‪:‬فإن غلبتني ‪ .‬فقللال‬
‫الرجل‪:‬ا ِت ّب ِْعني‪.‬فقال مالك‪:‬فإن غلبتللك ‪ ،‬قللال ‪:‬اّتبعتللك ‪.‬فقللال‬
‫مالك‪:‬فإن جاء رجل فكّلمنا‪ ،‬فغلبنا؟قال‪:‬اّتبعناه‪.‬فقال مالك‪:‬يا‬
‫ن الله بعث محمدا ً ل صلّلى اللله عليله وسلّلم لل بلدين‬ ‫هذا ‪ ،‬إ ّ‬
‫واحلللد ‪ ،‬وأراك تتنقلللل!!()سلللير أعلم النبلء ‪8/99‬لللل ‪(106‬‬
‫)الفتوى الحموية الكللبرى‪ /‬ص ‪(277‬ول يعنللي ذلللك بحللال أل ّ‬
‫ن هللذا المللر غيللر‬‫يتطلللب المسلللم الحللق ويبحللث عنلله ‪ ،‬فللإ ّ‬
‫ذاك‪،‬والفللارق بينهمللا أن مللن يريللد تتبللع الحللق فللي أصللول‬
‫السلم وقضاياه الكلية يرجع إلى كتاب الله ‪ ،‬وسّنة رسوله ل‬
‫صّلى الله عليه وسّلم ل فيستقي منهما الحقّ والصواب‪،‬علللى‬
‫طريقللة علمللاء أهللل السللّنة والجماعللة‪ ،‬ومنهجّيتهللم فللي‬
‫الستدلل‪.‬‬
‫فصل‬
‫حتى ل نقع في النحرافات‬
‫صللفة مّتبللع الحللق أنلله يللدور مللع الدلللة الشللرعية حيللث‬
‫مه التسليم لكلم الله ورسوله ؛ لنلله عابلد ٌ لللله ‪ ،‬ول‬ ‫تدور‪،‬فه ّ‬
‫يكون العبد مسلما ً لللله إل إذا ابتعللد عللن هللواه وسلّلم عقللله‬
‫ما من يريد تتبع الحق لقوال من‬ ‫ونفسه لحكم الله وأمره ‪ ،‬أ ّ‬
‫ل أن يصللل للمنهللج السلللمي‬ ‫عرفوا بالزيغ والهللوى‪،‬فللإّنه قل ّ‬
‫الصحيح ‪ ،‬ومن دلئل معرفة هؤلء أّنهم يبعدون النجعة كثيرا ً‬
‫م‬ ‫عن الدلة الشرعية‪،‬ول يتحاكمون إل ّ إلللى عقللولهم ومللن ثل ّ‬

‫‪424‬‬
‫يختللارون مللن الشللريعة مللا يوافللق هللواهم ‪ ،‬بللل لللو قيللل‬
‫ن هذا القول خطأ واللدليل عليلله ملن كتلاب اللله‬ ‫لبعضهم ‪ :‬إ ّ‬
‫جوا وأكثروا وقللالوا أنللت رجللل مماحللك ؛ فمللا‬ ‫كذا وكذا ‪ ،‬لض ّ‬
‫أشبههم بقوله تعالى‪):‬وإذا ذكر الللله وحللده اشللمأزت قلللوب‬
‫الذين ل يؤمنون بللالخرة وإذا ذكللر الللذين مللن دونلله إذا هللم‬
‫يستبشرون( نسأل الله العافية والسلمة!‬
‫ل متبللع لمنهللج أهللل السللنة أن يكللون فكللره‬ ‫ومن هنا يلزم ك ّ‬
‫مبني ّا ً على كتاب الله وسنة رسول الله بالفهم المنضبط على‬
‫منهج أهل السنة والجماعللة ‪ ،‬خشللية الوقللوع فللي الشللبهات‬
‫م صللعوبة النفكللاك عنهللا‪ ،‬حيللث‬ ‫ووصولها إلى ذهنه‪ ،‬ومللن ثل ّ‬
‫سر لنا ما ذكره المام أبللو‬ ‫ل هذا يف ّ‬ ‫سخت في العقل ‪ ،‬ولع ّ‬ ‫تر ّ‬
‫بكر بن العربي عن أبي حامد الغزالي ل رحمهما الله لل حيللث‬
‫ن المللام الغزالللي تنقللل فللي عللدة أطللوار‬ ‫إّنه من المعلللوم أ ّ‬
‫عقدية ومنهجية من اعتزاليللة فلسللفّية‪ ،‬فك ُ ّ‬
‫لبي ّللة ‪ ،‬فصللوفية ‪،‬‬
‫م أراد النفكاك عنها والخروج من لوازمها ‪ ،‬لكّنه‬ ‫فأشعرّية ‪ ،‬ث ّ‬
‫ل ما انغرس في فكره من تلك العقائد‬ ‫لم يستطع أن يتقيأ ك ّ‬
‫البدعية ‪ ،‬فقال عنه أبللو بكللر بللن العربللي‪):‬شلليخنا أبللو حامللد‬
‫م أراد أن يخللرج منهللم فمللا‬ ‫دخللل فللي بطللن الفلسللفة‪ ،‬ثلل ّ‬
‫قدر("درء تعارض العقل والنقل ‪ "1/5‬وكذا المام أبو الحسن‬
‫الشعري فقد كان معتزلي ّا ً ‪ ،‬ثم تبّنى الفكر الشللعري ‪ ،‬وبعللد‬
‫هذه التنقلت الفكرية ترك أبللو الحسللن الشللعري ذلللك كل ّلله‬
‫وأقبل على منهج أهل السّنة والجماعة وأّلف كتللابين جليليللن‬
‫فيلله همللا‪):‬البانللة عللن أصللول الديانللة(وكتللاب‪):‬مقللالت‬
‫السلميين واختلف المصّلين(ولكّنه مللع ذلللك لللم يخللل مللن‬
‫بعض الخطاء بسبب التكللوين العقللدي المرك ّللب فللي عقللله‪،‬‬
‫من ألمح لذلك شيخ السلم ابن تيمية ل رحمه الله ل حيث‬ ‫وم ّ‬
‫قال‪):‬لم يستطع التخّلص من مذهب المعتزلة لّنه نشأ عليلله‬
‫مع قّلة خبرته بمللذهب أهللل الس لّنة وعللدم تمكنلله مللن علللم‬
‫الكتاب والسنة()فتاوى ابن تيمّية(‬

‫‪425‬‬
‫عرضت هذين النموذجين لبّين دور البناء والتأصلليل للتكللوين‬
‫ن‬‫العقللدي فللي الخريطللة الذهنيللة لللدى الفللرد المسلللم ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ل ما يثبت بالللذهن مللن الخطللاء العقدي ّللة قللد‬ ‫النفكاك عن ك ّ‬
‫ل‬‫يكون صعبا ً ‪ ،‬إل ّ من أراد الله له ذلك وتفّلت فكللره مللن ك ل ّ‬
‫مخالفة شرعّية‪.‬‬
‫فصل‬
‫استدراك لبد ّ منه‬
‫ل يعني التحذير من القللراءة لكتللب أهللل الزيللغ والهللوى ‪ ،‬أو‬
‫ن الللله‬ ‫دب أناس ملل ّ‬ ‫متابعة آرائهم وأفكارهم بأي حال ؛ أل ّ ُينت َ َ‬
‫عليهم بالعمق العلمي في معرفة منهج أهل السنة ‪ ،‬ورصانة‬
‫جللة فللي الكلم ‪،‬‬ ‫الدفاع عنه ‪ ،‬مع ما آتاهم الله مللن قللوة وح ّ‬
‫دي لهل البدع والضللت‬ ‫وجزالة في المعاني والتبيان‪ ،‬بالتص ّ‬
‫ن أهللل السللنة محتللاجون أشللد‬ ‫‪ ،‬وكشللف زيللف شللبههم ؛ فللإ ّ‬
‫كنيللن ‪ ،‬وخاصللة فللي هللذا‬ ‫الحاجة لولي العلم الربانيين المتم ّ‬
‫الزمان ‪ ،‬الذي كثرت فيه الشبهات وتسلط فيه الجهال علللى‬
‫منابر العلم ‪ ،‬وانتشر فيله الرويبضلات اللذين ينطقلون فلي‬
‫ن الللله عليهللم بللذلك‬ ‫سة لمللن م ل ّ‬ ‫أمر العامة ‪ ،‬فإنّنا بحاجة ما ّ‬
‫دبوا لجدال الزائغين‬ ‫وتكونت لديهم الحصانة العقدية ‪ ،‬لن ُينت َ‬
‫‪ ،‬ومناقشة المغرضين ‪ ،‬وقد كان في السابق من أهل العلللم‬
‫من ينتدب لذلك إذا رأى الشبهات قد كثرت ‪ ،‬بللل قللد ينللاظر‬
‫ويجادل أمام العامة ‪ ،‬إذا خشي أن تتسللرب الفكللرة الضللالة‬
‫إلى عقولهم من أهل الضلل ‪ ،‬حماية لهم منهللم ‪ ،‬وردا ً لكيللد‬
‫ن أبللي دؤاد ‪،‬‬ ‫لل في نحورهم ‪ ،‬كما ناقش المام أحمد ُ اب َ‬ ‫ض ّ‬
‫ال ّ‬
‫ة علمللاءَ‬ ‫ن تيمي ل َ‬
‫ش لَر المريسللي ‪ ،‬واب ل ُ‬ ‫ي بِ ْ‬
‫وكمللا جللادل الكنللان ّ‬
‫الشاعرة ‪ ،‬وغيرهم كثير ‪ .‬وكلانت هللذه الحالللة عنللد العلمللاء‬
‫اسللتثنائية ‪ ،‬مللن أصللل عللدم منللاظرة هللؤلء ‪ ،‬أو السللتماع‬
‫إليهم ‪ ،‬إل ّ إن اضطروا إلى ذلك ‪ ،‬وخشوا أن تستفحل الفتنللة‬
‫ن أهل الس لّنة اسللتحّبوا أن ينتهللض الرب ّللانيون‬ ‫أكثر فأكثر ؛ فإ ّ‬
‫لل ‪.‬‬ ‫لمجادلة الض ّ‬

‫‪426‬‬
‫من نبه على ذلك من علماء السلم‪ :‬الجّري ل رحمه الللله‬ ‫وم ّ‬
‫ل بقوله عن أهل الضللة والبدع ‪):‬فإن قال قائل‪:‬فإن اضللطر‬
‫في المر وقتا ً من الوقات إلللى منللاظرتهم ‪ ،‬وإثبللات الحجللة‬
‫عليهم أل يناظرهم؟قيل‪:‬الضطرار إّنمللا يكللون مللع إمللام للله‬
‫مذهب سوء ‪ ،‬فيمتحن الناس ‪ ،‬ويدعوهم إلى مذهبه ‪ ،‬كفعللل‬
‫من مضى ‪ ،‬في وقت المام أحمد بن حنبل رحمه الللله‪:‬ثلثللة‬
‫خلفاء امتحنوا الناس ‪ ،‬ودعوهم إلللى مللذهبهم السللوء ‪ ،‬فلللم‬
‫ب عن الللدين ‪ ،‬وأرادوا بللذلك معرفللة‬ ‫يجد العلماء بد ّا ً من الذ ّ‬
‫الحق من الباطل ‪ ،‬فناظروهم ضرورة ل اختيارًا‪،‬فأثبت الله ل‬
‫عّز وجل ل الحق مع المام أحمد بن حنبل ‪ ،‬ومللن كللان علللى‬
‫ل الللله العظيللم المعتزلللة وفضللحهم ‪ ،‬وعرفللت‬ ‫طريقته ‪ ،‬وأذ ّ‬
‫ن الحقّ ما كان عليه أحمد بن حنبل ومن تللابعه إلللى‬ ‫العامة أ ّ‬
‫كر أن‬ ‫يوم القيامة()الشريعة للجلّري‪/‬ص ‪ ، (66‬ولهللذا فل ي ُلذ ْ َ‬
‫م أهل السنة في مناقشاتهم لهل البدع ‪ ،‬أو منللاظراتهم‬ ‫ح َ‬ ‫ُأف ِ‬
‫ور طريقهم ‪،‬‬ ‫ن الله هاديهم ‪ ،‬ومن ّ‬ ‫لهم ل ولله الحمد والمنة ل ل ّ‬
‫وحّقًا‪:‬‬
‫ب فكيف حال البعوض في الوسط‬ ‫ج ٍ‬‫إذا تلقى الفحول في ل َ َ‬
‫ما من أرادوا جّر أهل البدع والهوى لمناقشللات ل يحسللنون‬ ‫أ ّ‬
‫الجدل معهم فيها ‪ ،‬بل يلقون في أذهللانهم شللبها ً تلجلللج فللي‬
‫عقولهم أّياما ً حتى يفرجهللا اللله بإزاللة تللك الشلكالت مللن‬
‫أهلللل العللللم الربلللانيين ‪ ،‬بعلللد أن يطلللوف عليهلللم هلللؤلء‬
‫ن هللؤلء القللوم ل يقللال لهللم ‪ ،‬إل ّ ل تعرضللوا‬ ‫المغمللورون‪...‬إ ّ‬
‫أنفسكم للفتنة ‪ ،‬فتكونوا للناس فتنة ‪ ،‬حيللن ل يجللدوا لللديكم‬
‫جة ‪ ،‬وعمقا ً في المناظرة ‪ ،‬وكم ُأتي أهل السللنة‬ ‫وة في الح ّ‬ ‫ق ّ‬
‫والجماعة من أمثال هؤلء !‬
‫وقد قيل‪):‬كثيرا ً ما يكون الباطل أهل ً للهزيمة ‪ ،‬ولكّنه ل يجللد‬
‫دث المللام ابللن‬ ‫من هو أهل للنتصار عليلله( وحيللن كللان يتح ل ّ‬
‫تيمّية عن مناظرة أهل السللنة لهللل البللدع والهللوى ‪ ،‬بي ّللن ل ل‬
‫ن أهل السنة والجماعللة ل يؤي ّللدون أن يتصللدى‬ ‫رحمه الله ل أ ّ‬
‫لمناظرة أهل البدع من كان قليل العلم ‪ ،‬فقال‪) :‬وقد ينهللون‬

‫‪427‬‬
‫عللن المجادلللة والمنللاظرة إذا كللان المنللاظر ضللعيف العلللم‬
‫جللة وجللواب الشللبهة ‪ ،‬فيخللاف عليلله أن يفسللده ذلللك‬ ‫بالح ّ‬
‫ل ‪ ،‬كما ُينهى الضعيف في المقاتلة أن يقاتل علجا ً قوي ّا ً‬ ‫المض ّ‬
‫ن ذلللك يضلّره ويضلّر المسلللمين بل‬ ‫مللن علللوج الكّفللار ‪ ،‬فللإ ّ‬
‫منفعة("درء تعللارض العقللل والنقللل ‪"7/173‬وعل ّللة ذلللك أن ّلله‬
‫حين النقاش يظهر السّني أمام أهل الضلل والهوى بمظهللر‬
‫وة في الحتجاج والطرح ‪ ،‬فيسلّبب ذلللك للله‬ ‫ضعف ‪ ،‬وعدم ق ّ‬
‫دث ابللن‬ ‫ولبعض أهل السّنة حيرة وفتنة في دينهم ‪ ،‬وقللد تح ل ّ‬
‫ل‪):‬وكللثيرا ً مللا‬ ‫تيمية في موضللع آخللر حللول هللذه القضلّية قللائ ً‬
‫ق‬
‫يعارضهم من أهل السلم من ل يحسللن التمييللز بيللن الح ل ّ‬
‫جللة الللتي تللدحض بللاطلهم ‪ ،‬ول يللبّين‬ ‫والباطل ‪ ،‬ول يقيللم الح ّ‬
‫جللة الللله الللتي أقامهللا برسللله ‪ ،‬فيحصللل بسللبب ذلللك‬ ‫ح ّ‬
‫فتنة("مجموع الفتاوى ‪"35/190‬‬
‫فصل‬
‫ل إشكال قد يقع في البال‬ ‫ح ّ‬
‫قد يقول بعض إّننا نعيش في زمن النفتاح ‪ ،‬والقرية الكونيللة‬
‫؛ التي فرضت نفسها على المجتمعات ‪ ،‬وقد يصلح مللا أكتبلله‬
‫صللة بهللا ‪ ،‬أو‬ ‫لبعض المجتمعات المنغلقللة علللى كينونتهللا الخا ّ‬
‫أزمنة سابقة ‪ ،‬وكثير من الناس يعيش في بلد يكثر بها أهللل‬
‫الهوى والبتداع‪ ،‬فليس من بد ّ إل أن يسللتمع للفكللار حسللنها‬
‫ن فكري لا ً وعقللديا ً ‪ ،‬كمللا تزعللم‬ ‫ص ٍ‬
‫وسيئها ‪ ،‬وقد يكون غير مح ّ‬
‫أهمّيته ‪ ،‬فما قولك؟!‬
‫ن هذا الطرح فيلله شلليء صللحيح و‬ ‫فالجواب عن هذا اليراد‪:‬أ ّ‬
‫ن هنلاك مجتمعلات لهلا خصوصلّيتها‬ ‫ما الصلحيح فلإ ّ‬ ‫باطل ‪ ،‬فأ ّ‬
‫الفكريللة والعقديللة ‪ ،‬وهنللاك مجتمعللات تكللثر فيهللا المللذاهب‬
‫العقدّيللة ‪ ،‬والراء الفكريللة المغللايرة لمنهللج أهللل السللّنة‬
‫والجماعة ‪ ،‬ولكن‪...‬هل نقف عند هذا الحد ‪ ،‬ول ننتقي ونختار‬
‫ما‬ ‫ل مكان من الرض ‪ ،‬م ّ‬ ‫علماء أهل السّنة الموجودين في ك ّ‬
‫يساعدنا على البناء العقدي المتين ؟‬

‫‪428‬‬
‫م من الذي قال لهؤلء احضروا لمللن تشللاؤون ‪ ،‬لقل ّللة أهللل‬ ‫ث ّ‬
‫السّنة والجماعة الموجودين في أراضيكم ؟‬
‫ي ل عليه الصلة والسلم ل أخبرنا بأّنه سيأتي زمان‬ ‫أليس الّنب ّ‬
‫ن‬
‫القابض فيلله علللى دينله كالقلابض علللى الجملر؟! وذللك ل ّ‬
‫صحابة رسول الله ل صّلى الله عليلله وسلّلم لل يجللدون علللى‬
‫الخير أعوانا ً وهؤلء القابضللون علللى الجمللر ل يجللدون علللى‬
‫الحقّ أعوانًا‪.‬‬
‫ألم يخبرنا بأّنه ل يأتي زمان إل والللذي بعللده شلّر منلله حللتى‬
‫نلقى ربنا ؟ وأوصانا بأن نصبر حّتى نلقاه علللى الحلوض غيللر‬
‫مبدلين ول مغيرين؟ كما قال القائل‪:‬‬
‫تزول الجبال الراسيات وقلبه على العهد ل يلوي ول يتغّير‬
‫م هنللاك فللرق بيللن أن يجلللس إنسللان مسلللم فللي مجلللس‬ ‫ث ّ‬
‫ث بكلم خاطئ ‪ ،‬ويكون المسلم الجالس فللي‬ ‫دث متحد ٌ‬ ‫فيتح ّ‬
‫ن العمللال بالني ّللات كمللا‬ ‫ضلا ً ل قصللدا ً ‪ ،‬فللإ ّ‬
‫ذلك المجلللس عََر َ‬
‫أخبرنللا المصللطفى للل صللّلى الللله عليلله وسللّلم للل والمللور‬
‫بمقاصدها ‪ ،‬وقد ُرفِعَ الحرج عن هذا وأمثاله حين حضللر هللذا‬
‫دث‬ ‫المجلس ‪ ،‬ولكن ليس له إن علم ضلل قول ذللك المتحل ّ‬
‫أن يبقى جالسا ً في المجلس ذاك ‪ ،‬بل يجب عليه مفللارقته ‪،‬‬
‫صة إن كان قليل العلم ‪ ،‬وقد قال أبو قلبة ل رحملله الللله‬ ‫وخا ّ‬
‫ل‪):‬ل تجالسوا أهل الهواء ‪ ،‬ول تجللادلوهم ‪ ،‬فللإّني ل آمللن أن‬
‫يغمسللوكم فللي ضللللتهم ‪ ،‬أو يلّبسللوا مللاتعرفون()البانللة‬
‫‪.(2/437‬‬
‫ن فرض لّيات الواقللع والللتي يغلللب عليهللا اللغللة النهزامي ّللة ‪،‬‬ ‫إ ّ‬
‫والفكللار المضللّللة ‪ ،‬تقتضللي أن نكللون أشللد ّ إصللرارا ً فللي‬
‫مللس الجللاد لوجللود‬ ‫مفاصلتنا العقدية‪ ،‬وأصلب عودا ً فللي التل ّ‬
‫أهل السنة المعينين لنا بالبقاء على اسللتنبات الفطللرة الللتي‬
‫ولدنا عليها‪ ،‬وأهمّية معرفة مصادر التلقي لنتصورها ونعتقدها‬
‫مستمسللكين بهللا‪ ،‬ولللدينا أهللل العلللم وحملتلله الربللانّيون‪،‬‬
‫فلنسألهم ولنستوضح منهم ما أشكل من أصول ديننا‪.‬‬
‫الفصل الخير‬

‫‪429‬‬
‫حلللول وأصللول فللي حمايللة العقللل المسلللم مللن شللبهات‬
‫المغرضين‬
‫وبعد هذه الطروحة الللتي عرضللت قض لّية أحسللب أّنهللا مللن‬
‫مللات قضللايا الفكللر السلللمي ‪ ،‬فلبللد لسللائل أن يقللول‪:‬‬ ‫مه ّ‬
‫صن أنفسنا وفكرنا من الداخل ‪ ،‬خشية أن يضّلنا ما‬ ‫وكيف نح ّ‬
‫هو زائغ عللن المنهللج القللويم ‪ ،‬ومللا السللس والصللول الللتي‬
‫ون لدينا حصانة شرعّية ‪ ،‬نستطيع ل بإذن اللله لل بعللدها أن‬ ‫تك ّ‬
‫ل مللا‬ ‫نللرد ّ الغلللط إذا أوردت الشللبهات ‪ ،‬وخصوص لا ً فللي ظ ل ّ‬
‫يمارس الن من الحرب العلمي ّللة الغازيللة للفكللار والعقللول‬
‫المسلمة؟‬
‫دة نقاط أرى أّنها ل ل بللإذنه تعللالى ل ل‬‫ل الجواب يكمن في ع ّ‬ ‫لع ّ‬
‫تساهم في بناء الحصانة الشرعية للعقلّية السلللمية ‪ ،‬وهللي‬
‫كالتالي‪:‬‬
‫‪1‬ل التعّلق بللالّله لل علّز وجللل لل والسللتعانة والسللتعاذة بلله ‪،‬‬
‫وسؤاله الهداية والثبات والممات على دين السلم مللن غيللر‬
‫تبديل ول تغيير ‪ ،‬ولنا في رسول الله أسوة وقدوة ‪ ،‬فقد كان‬
‫يسأل رّبه الهداية ‪ ،‬وكان كثيرا ًَ مللا يسللأله الثبللات علللى هللذا‬
‫الدين ‪ ،‬وعدم تقّلب قلبه عن منهج السلم ‪ ،‬ويستعيذ به من‬
‫ل ‪ ،‬كما كللان ل ل عليلله السلللم لل يسللتعيذ مللن‬ ‫ل أو ُيض ّ‬
‫أن يض ّ‬
‫الفتللن مللا ظهللر منهللا ومللا بطللن ‪ ،‬فالللدعاء الملزم لللذلك‬
‫والنطللراح علللى عتبللة العبودّيللة ‪ ،‬وملزمللة القللرع لبللواب‬
‫السماء بل‪):‬رّبنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لللدنك‬
‫ن‬
‫كأ ّ‬ ‫رحمة إّنك أنت الوهاب( إذا اجتمعت هللذه كّلهللا ‪ ،‬فلشل ّ‬
‫رحمتلله سللبحانه سللابقة لغضللبه وعقللابه ‪ ،‬ومحللال أن يتعلللق‬
‫العبد برّبه حقّ التعّلق ‪ ،‬ويعرض عنه الله ل سبحانه وبحمده ل‬
‫وهو الكريم الوهاب‪.‬‬
‫‪2‬ل الّثقة بمنهج الللله ووعللده وحكملله وأوامللره ‪ ،‬واليقيللن بلله‬
‫ومراقبته ‪ ،‬والشعور بالمسؤولّية عن حفظ الدين من شبهات‬
‫م‬‫المغرضين ‪ ،‬وعدم خلطه بالباطل ‪ ،‬أو لبسه إيللاه ‪ ،‬ومللن ثل ّ‬
‫شللبهات‪ ،‬فللإّنه‬‫وغين لل ّ‬ ‫الصللبر علللى مكللائد المنّفللذين والمسل ّ‬

‫‪430‬‬
‫سبحانه وتعالى يقول‪):‬وإن تصبروا وتّتقللوا ل يضلّركم كيللدهم‬
‫شيئًا( وقد قال المام سفيان الثوري‪):‬بالصللبر واليقيللن تنللال‬
‫مللا يشللهد لللذلك قللوله تعللالى‪):‬وجعلنللا‬ ‫المامة في الللدين(وم ّ‬
‫مللا صللبروا وكللانوا بآياتنللا يوقنللون(‬ ‫منهم أئمة يهدون بأمرنللا ل ّ‬
‫السجدة)‪(24‬‬
‫‪3‬لل تلّقللي العلللم عللن العلمللاء الرب ّللانيين ‪ ،‬وإرجللاع المسللائل‬
‫ضحوا ما أبهللم علللى صللاحبها‪ ،‬فل‬ ‫المشكلة إليهم ليحّلوها ويو ّ‬
‫يستعجل في قبللول فكللرةٍ أطلقهللا مللن ل يللؤمن فكللره ‪ ،‬ول‬
‫شبهة في صدره حّتى تعظم ‪ ،‬بل ينبغي عليلله أن‬ ‫يبقي تلك ال ّ‬
‫يضبط نفسه بالرجوع للراسخين من أهل العلم ؛ فإن الله للل‬
‫تعالى ل يقول‪):‬فاسألوا أهل الذكر إن كنت ل تعلمللون(وذلللك‬
‫ن هذا العلم دين يللدين بله العبلد لرب ّلله ويلقللاه بلله إذا مللات‬ ‫ل ّ‬
‫ن‬‫عليه‪ ،‬ولهذا قال المام محمد بن سيرين ل رحمه الللله للل‪):‬إ ّ‬
‫من تأخذون دينكم()أخرجه مسلم‬ ‫هذا العلم دين ؛ فانظروا ع ّ‬
‫دمة صحيحه)‪((1/14‬‬ ‫في مق ّ‬
‫‪4‬ل البناء الذاتي بمعرفة مصادر الّتلقللي ‪ ،‬ومناهللج السللتدلل‬
‫الصحيحة ‪ ،‬وملء القلب بنور الوحي من الكتاب والسّنة‪ ،‬ملع‬
‫ن هللذه المصللادر‬ ‫ملزمة إجمللاع أهللل السلّنة والجماعللة ‪ ،‬فللإ ّ‬
‫عاصمة من قاصمة الوقوع في الخطللأ والنحللراف والزلللل ‪،‬‬
‫وسبب أكيد لسد ّ باب الشبهات المظلمللات ‪ ،‬وذلللك لل بعللونه‬
‫لت الفتن‪.‬‬ ‫تعالى ل مساعد ٌ لحماية العقل المسلم من مض ّ‬
‫سّنة على نفسه قللول ً‬ ‫قال أبو عثمان النيسابوري‪):‬من أمّر ال ّ‬
‫وفعل ً نطق بالحكمة ‪ ،‬ومن أمّر الهوى على نفسه قول ً وفعل ً‬
‫ن اللللله تعلللالى يقلللول‪):‬وإن تطيعلللوه‬ ‫نطلللق بالبدعلللة ل ّ‬
‫تهتدوا(مجموع الفتاوى)‪.(14/241‬‬
‫ومللن ذلللك إرجللاع المجمللل إلللى المللبّين ‪ ،‬والمطلللق إلللى‬
‫المقي ّللد ‪ ،‬والمللؤّول إلللى الظللاهر‪ ،‬والجمللع بيللن الدل ّللة الللتي‬
‫ظاهرهللا التعللارض ‪ ،‬بللالرجوع لكتللب أهللل العلللم ‪ ،‬واسللتقاء‬
‫معاني اللفاظ من العلماء الرّبانيين ‪ ،‬وكذا برد المتشابه إلى‬
‫ن رسللول‬ ‫المحكم ‪ ،‬وقد روت عائشة ل رضللي الللله عنهللا ل ل أ ّ‬

‫‪431‬‬
‫الله ل صّلى الللله عليلله وسلّلم لل قللرأ‪):‬هللو الللذي أنللزل إليللك‬
‫م الكتللاب وأخللر متشللابهات‬ ‫نأ ّ‬‫الكتاب منه آيات محكمات هل ّ‬
‫ما الذين في قلللوبهم زيللغ فيّتبعللون مللا تشللابه منلله ابتغللاء‬ ‫فأ ّ‬
‫الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إل ّ الله والراسخون فللي‬
‫ذكر إل ّ أولللو‬
‫ل مللن عنللد رّبنللا ومللا يل ّ‬‫العلم يقولون آمّنا بلله كل ّ‬
‫اللباب( ثم قال ل صّلى الله عليه وسّلم ل فللإذا رأيللت الللذين‬
‫مى الله ؛ فاحذروهم(‬ ‫يتبعون ما تشابه منه ‪ ،‬فأولئك الذين س ّ‬
‫أخرجه البخاري برقم‪.(7454):‬‬
‫ُ‬
‫‪5‬ل التعّلق بكتاب الله قراءة وفقها ً وتللدّبرا ً وعمل ً ‪ ،‬ولللو أقبللل‬
‫الخلق على كتاب الله والنتهاج بنهجه ‪ ،‬لجارهم ل سللبحانه ل ل‬
‫من الفتن ‪ ،‬فالقرآن شفاء لمللا فللي الصللدور ‪ ،‬ومللن يعللرض‬
‫عنه فسيصيبه من العذاب بقدر ابتعاده عنه )وأّلللو اسللتقاموا‬
‫علللى الطريقللة لسللقيناهم مللاًء غللدقا ً * لنفتنهللم فيلله ومللن‬
‫يعرض عن ذكر رّبه يسلكه عذابا ً صعدا( ورضي الله عن ابللن‬
‫عّباس إذ قال‪):‬من قرأ القرآن فاّتبع مللا فيلله هللداه الللله مللن‬
‫ضللة في الدنيا ‪ ،‬ووقاه يوم القيامة الحساب( أخرجه عبللد‬ ‫ال ّ‬
‫الرزاق في المصّنف)‪ (6033‬وصدق الله ‪):‬فمللن اّتبللع هللداي‬
‫ن للله معيشللة‬ ‫ل ول يشقى* ومن أعرض عن ذكري فإ ّ‬ ‫فل يض ّ‬
‫ن آثللارا ً كللثيرة وردت عللن السلللف بللأّنه مللن‬ ‫ضنكًا( ويكفي أ ّ‬
‫ن الللله سيض لّله ‪ ،‬كمللا‬ ‫ابتغى الهدى من غير كتللاب الللله ‪ ،‬فللإ ّ‬
‫ححه‬ ‫أخللرج ابللن أبللي شلليبة فللي المصللّنف)‪ (12/165‬وصلل ّ‬
‫اللباني في الصحيحة)‪(713‬أّنه لل صلّلى اللله عليلله وسلّلم لل‬
‫ن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله ‪ ،‬وطرفه بأيديكم ‪،‬‬ ‫قال‪):‬إ ّ‬
‫سكوا به ‪ ،‬فإّنكم لن تضّلوا ولن تهلكوا بعده أبدًا( وأخبر ل‬ ‫فتم ّ‬
‫صّلى الله عليه وسّلم ل بقوله‪):‬تركت فيكللم مللا إن تمسللكتم‬
‫به لن تضلوا بعدي أبللدًا‪ :‬كتللاب الللله وسللنتي( أخرجلله مالللك‬
‫وأحمد في مسنده‪.‬‬
‫حت به الثار ديني‬ ‫ل قولي وماص ّ‬ ‫كتاب الله عّز وج ّ‬
‫فدع ما صد ّ من هذي وخذها تكن منها على عين اليقين‬
‫)البيتين السابقين في‪:‬نفح الطيب للمّقري ‪(2/127‬‬

‫‪432‬‬
‫‪6‬ل إصلح القلب ومجاهدته ‪ ،‬ومللن حللاول ذللك وجلد ّ واجتهلد‬
‫في تحصلليله ‪ ،‬فليبشللر بالهدايللة واليقيللن ‪ ،‬فللالّله لل تعللالى لل‬
‫ن الللله لمللع‬ ‫يقللول‪):‬والللذين جاهللدوا فينللا لنهللديّنهم سللبلنا وإ ّ‬
‫المحسنين(‪.‬‬
‫‪7‬ل معرفة مقاصد الشريعة ‪ ،‬ومرامي الدين السلمي ‪ ،‬لّنهللا‬
‫وة منهجّية كبيرة ‪ ،‬ولقاحا ً ضد ّ النحرافات‪.‬‬ ‫تمنح المسلم ق ّ‬
‫ص بالللذكر وسللائل العلم‬ ‫‪8‬ل تكثيف البرامج التوجيهّية ‪ ،‬وأخ ّ‬
‫بشّتى أصنافها ‪ ،‬ومحاولة زرع الثقللة فللي قلللوب المسلللمين‬
‫بللالعتزاز بللدينهم وعقيللدتهم ‪ ،‬وتمكيللن قواعللد السلللم فللي‬
‫قلوبهم ‪ ،‬والرد على ما يضلادها ‪ ،‬وحتملا ً سليوّلد ذللك قناعلة‬
‫بأولوي ّللة الصللول السلللمّية فللي قلللوب المسلللمين ‪ ،‬وبنللاء‬
‫الرسوخ العقدي في قلوبهم ‪ ،‬وذاك التحصين الذي نريد‪.‬‬
‫‪9‬للل إنشللاء مراكللز البحللاث والدراسللات المعنّيللة برصللد‬
‫شلللبه ‪،‬‬ ‫النحرافلللات الفكري ّلللة ‪ ،‬والتعقيلللب عليهلللا بتفنيلللد ال ّ‬
‫والجللواب عللن الشللكوك و الثللارات الللتي تخللرج مللن بعللض‬
‫دها‪،‬‬ ‫المارقين من قيم السلم ومبادئه ‪ ،‬والجهاد الفكللري ض ل ّ‬
‫من منطلق قوله تعالى‪):‬وجاهدهم بلله جهللادا ً كللبيرا( وتفعيللل‬
‫خ المللال الللداعم لهللا ‪،‬‬ ‫وة البحللوث ‪ ،‬وضلل ّ‬ ‫هللذه المراكللز بقلل ّ‬
‫كنيللن فيهللا‪ ،‬وإعطاءهللا قللدرا ً مللن‬ ‫وتوظيللف البللاحثين المتم ّ‬
‫الشهرة والنفتاح على الوسائل العلمّية‪.‬‬
‫‪10‬للل فسللح المجللال مللن وسللائل العلم بشللّتى صللورها‬
‫وألوانها ؛ للمنتمين لمدرسة أهل السّنة بللالخروج العلمللي ‪،‬‬
‫صللة مللن القويللاء‬ ‫وعللرض رأيهللم تجللاه الراء الخللرى ‪ ،‬وبخا ّ‬
‫مللا يؤسللف للله ‪ ،‬أن تجللد بعضلا ً مللن‬ ‫نم ّ‬ ‫كنين منهم ‪ ،‬وإ ّ‬ ‫المتم ّ‬
‫وسللائل العلم ‪ ،‬تستضلليف رجل ً بأفكللار منحرفللة ‪ ،‬وتقللابله‬
‫بآخر من المنتسبين لمنهج أهل السّنة ل يكلون مسللتواه فلي‬
‫مللا يللؤثر سلللبا ً تجللاه‬ ‫وة ال ّ‬
‫لزمللة‪ ، ،‬م ّ‬ ‫الطرح الفكري بتلك الق ّ‬
‫طللات العلمّيللة لطللرح هللذا الرجللل‬ ‫النللاظرين لتلللك المح ّ‬
‫سّني ‪ ،‬كما أّنه مللن اللزم حقيقللة لبعللض أهللل العلللم أن ل‬ ‫ال ّ‬
‫ينأى بنفسه عن تلك المواجهات بللل يغل ّللب جللانب المصلللحة‬

‫‪433‬‬
‫العظمى والكبرى في نصللرة أهللل السلّنة وقضللاياهم ‪ ،‬علللى‬
‫عدم الخروج بسبب بعض السلللبيات أو المفاسللد الصللغرى ‪،‬‬
‫ن كثيرا ً من المهيمنين على الوسللائل‬ ‫مع الدراك والمعرفة بأ ّ‬
‫صلللوا لنللا‬
‫العلمي ّللة يأتوننللا بمفكريللن ومنتسللبين للعلللم ‪ ،‬ليف ّ‬
‫مونه بللل)السلللم‬ ‫إسلللما ً علللى المللزاج الغربللي ‪ ،‬أو مللا يس ل ّ‬
‫الليبرالي(! وما الللدعوات السلليئة الللتي تخللرج منهللم أو مللن‬
‫بعلض أذنلابهم بملا يسللمى بلل )تطلوير الخطللاب الللديني( إل ّ‬
‫ليصدوا المسلمين عن تمسكهم بدينهم الحق‪ ،‬وليستبدلوا به‬
‫النهزامية والتراخي ‪ ،‬والذي لن ينصر حقا ً ولن يكسر باطل ً ‪،‬‬
‫بل مقصللوده السللاس تحريللف المفللاهيم لللدى المسلللمين ‪،‬‬
‫وتحريف المفاهيم أشد ّ خطرا ً من الهزيمة العسكرية ‪ ،‬ومللن‬
‫ملة فلي‬ ‫ن هزيملة ال ّ‬ ‫ططلات أعلداء السللم )ل ّ‬ ‫هنا كانت مخ ّ‬
‫أفكارها تجّردها من الحصللانة وتتركهللا فريسللة لي مللرض أو‬
‫وباء فيسهل بعد ذلك احتواؤها وتفكيك معتقللديها(كمللا يقللول‬
‫كر‪ :‬محمللد قطللب لل حفظلله الللله لل فللي واقعنللا‬ ‫الستاذ المف ّ‬
‫المعاصر‪:‬صل ‪.(356‬‬
‫‪11‬ل ملزمة الجلوس مع الصالحين ‪ ،‬والمنتميللن لمنهللج أهللل‬
‫السّنة ‪ ،‬وقد نهانا رسول الله ل صّلى الله عليه وسلّلم لل عللن‬
‫صحبة ضعاف اليمللان ‪ ،‬وأمرنللا بصللحبة المللؤمنين فقللال‪):‬ل‬
‫تصاحب إل ّ مؤمنا ً (أخرجه الترمللذي)‪ (4/600‬برقللم )‪(2395‬‬
‫ححه الحللاكم فلي‬ ‫وأحمد في مسنده )‪(3/38‬و )‪ (4/143‬وصل ّ‬
‫المسللتدرك )‪ (4/143‬وابللن حّبللان فللي صللحيحه )‪(2/314‬‬
‫سللنه الترمللذي و ابللن مفلللح فللي الداب الشللرعّية‪،‬وكللذا‬ ‫وح ّ‬
‫اللباني في صحيح الجامع الصللغير برقللم ‪ (7341) :‬فينبغللي‬
‫الحذر من الجلوس إلى أهل الزيغ والهوى واللتفات إليهللم ‪،‬‬
‫صة إن كانت الخلفّية لذاك الجالس مهلهلللة فللي الجللانب‬ ‫وخا ّ‬
‫العقدي ‪ ،‬وقد كان أهللل السلّنة يوصللون تلميللذهم بمجالسللة‬
‫الخيللار والصللالحين ‪ ،‬والعللراض عللن أهللل الزيللغ والفسللق‬
‫والهوى ‪ ،‬ورحم الله المام أبو الحسن البربهاري حيللن قللال‪:‬‬

‫‪434‬‬
‫)وعليللك بالثللار ‪ ،‬وأهللل الثللار ‪ ،‬وإيللاهم فاسللأل ‪ ،‬ومعهللم‬
‫فاجلس ‪ ،‬ومنهم فاقتبس()شرح السنة للبربهاري‪/‬ص ‪.(102‬‬
‫ن أصحاب الخير يدّلون رفقائهم‬ ‫ن من فضائل ذلك أ ّ‬ ‫ويكفي أ ّ‬
‫على سبل الهدى ‪ ،‬ولهذا فحيللن كللان ابللن القيللم يللورد علللى‬
‫شيخ السلم ابن تيمّية بعض كلم أهل الهوى إيرادا ً بعد إيراد‬
‫ل‪):‬ل تجعل قلبك لليللرادات والشللبهات‬ ‫‪ ،‬أوصاه ابن تيمّية قائ ً‬
‫ح إل ّ بهللا ‪ ،‬ولكللن اجعلله‬ ‫جة ‪ ،‬فيتشللربها ‪ ،‬فل ينضل َ‬ ‫سِفن ْ َ‬
‫مثل ال ّ‬
‫مّر الشبهات بظاهرها‪ ،‬ول تستقّر فيهللا ‪،‬‬ ‫مَتة ت ُ‬
‫مص َ‬
‫كالزجاجة ال ُ‬
‫شَرْبت قلبك ك ّ‬
‫ل‬ ‫فيراها بصفائه ‪ ،‬ويدفعها بصلبته ‪ ،‬وإل ّ فإذا أ َ ْ‬
‫م قللال‬ ‫شبهة تمر عليها صار مقرا ً للشبهات أو كما قال‪ (.‬ل ثلل ّ‬
‫ابن القيم ل فما أعلم أني انتفعت بوصّية فللي دفللع الشللبهات‬
‫كانتفاعي بذلك( مفتاح دار السعادة)‪(1/443‬‬
‫‪12‬للل الدراسللة الواعيللة والناقللدة للفكللار والملللل والنحللل‬
‫المغايرة لمنهج أهل السّنة ‪ ،‬مع الحللذر مللن أهلهللا ‪ ،‬وتمكيللن‬
‫العقلية السلمّية من أدوات الفهم والنظر والمعرفللة لرصللد‬
‫مللا‬‫النحرافات الفكرية ‪ ،‬ومعالجتها على ضوء الشللريعة ‪ ،‬وم ّ‬
‫صل لنا وسائل وأسللاليب وحجللج‬ ‫يبّين أهمّية ذلك أّنه تعالى ف ّ‬
‫المجرمين ‪ ،‬ورد ّ عليها داحضا ً لها ‪ ،‬فمعرفللة وفقلله المللداخل‬
‫مه‬ ‫التي يدخل بها أهل الزيغ والهللوى لقنللاع مللن يريللدون ضل ّ‬
‫صللل اليللات‬ ‫ل نّبه عليلله تعللالى فقللال‪):‬وكللذلك نف ّ‬ ‫إليهم ‪ ،‬أص ٌ‬
‫ولتستبين سبيل المجرمين(‪،‬ولهذا يقول حذيفللة بللن اليمللان‪:‬‬
‫)كان الناس يسألون رسول الله ل صّلى الللله عليلله وس لّلم ل ل‬
‫عللن الخيللر ‪ ،‬وكنللت أسللأله عللن الش لّر مخافللة أن يللدركني(‬
‫أخرجه البخاري في صحيحه برقم‪ (7084):‬ومسلللم برقللم‪):‬‬
‫‪ (1847‬فمعرفللة الشللّر وأهللله منهللج أسللاس لهللل السللنة‬
‫دعه ‪ ،‬كما يقول قائلهم‪:‬‬ ‫خ َ‬
‫والجماعة وكشف ُ‬
‫شر لكن لتوقيه ومللن ل يعللرف الخيللر مللن‬ ‫شّر ل لل ّ‬ ‫عرفت ال ّ‬
‫شر يقع فيه‬ ‫ال ّ‬
‫‪13‬ل إذا شعر المرء أو غلللب علللى ظن ّلله بللأّنه قللد يفتللن فللي‬
‫دينه ؛ فل ينبغي له قراءة كتب أهل الهوى والزيغ ‪ ،‬ولو قصللد‬

‫‪435‬‬
‫ن درء المفاسللد عللن‬ ‫بذلك الرد ّ عليهم ‪ ،‬ومناقشة شبههم ‪ ،‬ل ّ‬
‫ب عللن هللذا‬ ‫دمة على جلللب المصللالح فللي الللذ ّ‬ ‫هذا المرء مق ّ‬
‫الدين ‪ ،‬بل ينأى المسلللم بنفسلله عللن الشللبهات‪ ،‬ول يجعلهللا‬
‫متهافتة على قبولها ‪ ،‬ويجعل نفسه مطمئن ّللة إلللى السللتيقان‬
‫دين ‪ ،‬وثبات أصوله ‪ ،‬فيخّلي قلبلله ونفسلله مللن‬ ‫بعظمة هذا ال ّ‬
‫متابعة الشللبهات ‪ ،‬ول يجعلهللا لقطللة لي تشللكيك فللي ديللن‬
‫مللا زاغللوا أزاغ الللله‬‫مللل قللوله تعللالى‪):‬فل ّ‬
‫السلللم ‪ ،‬ومللن تأ ّ‬
‫قلوبهم ( وقوله ‪):‬ولكّنكم فتنتم أنفسللكم وترّبصللتم وارتبتللم(‬
‫ن بعللض النفللوس تتطللاير علللى منافللذ الشللبهات‬ ‫علللم أ ّ‬
‫طاب ل رضللي‬ ‫والضللت ل عياذا ً بالّله ل وحين بلغ عمر بن الخ ّ‬
‫سللل قللدم المدينللة‬ ‫ن رجل ً يقال للله‪ :‬صللبيغ بللن ع ْ‬ ‫الله عنه ل أ ّ‬
‫طاب‬ ‫وكان يسأل عن متشابه القرآن ‪ ،‬بعث إليه عمر بن الخ ّ‬
‫ل رضي الله عنه ل وقد أعللد للله عراجيللن النخللل‪ ،‬فلمللا دخللل‬
‫عليه وجلس قال‪ :‬من أنت؟ قال‪ :‬أنللا عبللد الللله صللبيغ‪ .‬قللال‬
‫عمر‪ :‬وأنا عبد الله عمللر‪ ،‬وأومللأ عليلله‪ ،‬فجعللل يضللربه بتلللك‬
‫العراجين؛ فما زال يضربه حتى شجه‪ ،‬وجعل الدم يسيل عن‬
‫وجهه‪ ،‬قال‪ :‬حسُبك يا أمير المؤمنين! فقد والله ذهللب الللذي‬
‫أجللد فللي رأسللي« أخرجلله الج لّري فللي الشللريعة‪/‬صل ل ‪،75‬‬
‫والللكائي بسنده في شرح أصول اعتقللاد أهللل السللنة )‪/ 4‬‬
‫حح ابللن حجللر إحللدى روايللات هللذا الثللر فللي‬ ‫‪ (703‬وقللد صل ّ‬
‫الصابة)‪ (5/169‬كما ذكره محّقق كتاب الللكائي‪.‬‬
‫‪14‬ل التربية للنشء بمللا يرضللي اللله ‪ ،‬والتحللاور معلله بتللبيين‬
‫وة القنللاع‪ ،‬وأدب‬ ‫فساد شبهات أهللل الزيللغ والهللوى ‪ ،‬مللع قل ّ‬
‫الحوار ‪ ،‬فالتنشئة الصحيحة على التحصين العقللدي هللي أول‬
‫عملّية في التربية ؛ بتربيتهم على العقيدة الصحيحة ‪ ،‬وحماية‬
‫ذواتهم من العبث الفكري ‪ ،‬وبناء الشخصية السلللمّية الللتي‬
‫ل تؤّثر فيها تّيارات التشكيك ‪ ،‬وإرسالهم إلى المرّبين الثقات‬
‫ن‬
‫لتربيتهم على أصول ديننا ‪ ،‬وقللد قللال أيللوب السللختياني‪):‬إ ّ‬
‫من سعادة الحدث والعجمي ‪ ،‬أن يوّفقهمللا الللله لعللالم مللن‬
‫أهللل الس لّنة( شللرح أصللول اعتقللاد أهللل الس لّنة والجماعللة‬

‫‪436‬‬
‫لللكائي)‪ (1/60‬ليكون أهل التربية معينين لهللم علللى تقويللة‬
‫عقيللدتهم ‪ ،‬ودرء عبللث غللزاة الفكللار والعقللول عنهللا ‪ ،‬مللع‬
‫التحذير الملزم لهم بخطر الخذ عللن غيللر أهللل السلّنة‪ ،‬وإن‬
‫ن المنللع لبللد أن‬ ‫استطعنا منعهم من ذلك فهو الحسن ‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫يكون بإقناع لهم ‪ ،‬وقد يكون منعهم متعذرا ً في هذا الّزمللن ‪،‬‬
‫لّنهم قد يمنعوا فتأتيهم رّدة فعل تجعلهللم يص لّرون علللى مللا‬
‫جللح أن‬ ‫سيطالعونه أو يسمعونه ‪ ،‬ولكن السلوب الللتربوي ير ّ‬
‫يناقش الب أو المرّبي ذلك الشللاب ويللبّين للله أوجلله الخطللأ‬
‫التي وقع بها أهل الضلل ‪ ،‬فل منع مطلق ‪ ،‬ول إباحة مطلقة‬
‫‪ ،‬بل إباحة وفق ضوابط وتحذير ودعم تربوي‪.‬‬
‫ن منهللج جمللع مللن السلللف الصللالح منللع‬ ‫وقد يقول قللائل ‪ :‬إ ّ‬
‫ن ذلللك الفضللل‬ ‫الناس من سماع البدع والشبهات ؛ وحّقا ً فإ ّ‬
‫ن السلف الصالح في ذاك الزمن كانت قاعللدته‬ ‫ول شك‪ ،‬ولك ّ‬
‫مللا‬
‫هي السلم وقيمه ومبادئه ‪ ،‬وكان المر إليهم وبيدهم ‪ ،‬وأ ّ‬
‫ن الّنللاس‬ ‫وة السلم ما كان ‪ ،‬وحقيقة فللإ ّ‬ ‫الن ليس لنا من ق ّ‬
‫في هذا الزمن للفتنة أقللرب منهللم للسلللم ‪ ،‬وتربيتهللم الن‬
‫وة الكلمللة الحّقللة الللتي تصللنع المنهللج‪ ،‬وتقنللع‬ ‫تكللون بقلل ّ‬
‫المخاطب‪...‬‬
‫إّنها حكمة في الملور وتربيلة تسلتدعي الّتأملل والنظلر فلي‬
‫المآلت )ومن لم يجعل الله له نورا ً فما للله مللن نللور( فمللن‬
‫صنا ً ل بإذن الله ل مللن لقاحللات‬ ‫الضروري إذا ً أن نبني جيل ً مح ّ‬
‫وة فللي دينهللم‬ ‫طعم ِ الشكوك ‪ ،‬ليكونللوا علللى ق ل ّ‬ ‫الشبهات ‪ ،‬و ُ‬
‫تجللاه الهجمللات الشرسللة الللتي يواجههللا أهللل السلللم مللن‬
‫أعدائه‪.‬‬
‫دثتني بها إحدى القريبات‬ ‫صة ح ّ‬‫ولعّلي في هذا المقام أذكر ق ّ‬
‫ن العامل الثقافي للله دوره الرئيللس‬ ‫الداعيات ‪ ،‬توضح كيف أ ّ‬
‫في تشكيل هوّية النشء ‪ ،‬فقد كللانت هللذه القريبللة مدرسللة‬
‫للمواد الشرعّية ‪ ،‬وفي إحدى الّيام دخلت على أحد صللفوف‬
‫المرحللة البتدائّيلة الوللى لتلدّرس الطلب كتللاب التوحيللد ‪،‬‬
‫ل علللى‬ ‫ن الللله عللا ٍ‬‫وحين بدأت بشللرح عقيللدة المسلللمين بللأ ّ‬

‫‪437‬‬
‫لب وقال‪:‬كل يللا أسللتاذة ‪ ،‬فل يجللوز‬ ‫عرشه ‪ ،‬انتفض أحد الط ّ‬
‫ل على عرشه ‪ ،‬بل هللو‬ ‫ن الله فوق السماء عا ٍ‬ ‫لنا أن نقول‪ :‬إ ّ‬
‫ن الله فوق السماء ‪ ،‬فقد كفللر !‬ ‫ل مكان ‪ ،‬ومن قال بأ ّ‬ ‫في ك ّ‬
‫ن اعتقللاد‬ ‫فأجابته المعّلمة قائلة له ‪ :‬ل يجوز أن تقول ذلللك ل ّ‬
‫ل وتعللالى ل ل‬ ‫ن الله عال على عرشه وهللو لل جل ّ‬ ‫المسلمين ؛ أ ّ‬
‫فوق خلقه ‪ ،‬ومن خالف هذه العقيدة فللإّنه كللافر ‪ ،‬وإيللاك أن‬
‫ل‪:‬كل‬ ‫تقول هذا الكلم مّرة أخرى ‪ ،‬فأجابها ذلك الطللالب قللائ ً‬
‫ن هللذه عقيللدتي وهكللذا رب ّللاني والللدي وهللو‬ ‫سأقول ذلك ‪ ،‬ل ّ‬
‫شيخ ‪ ،‬وأنا مقتنع بكلمه ‪ ،‬وبقيت هذه المعلمللة تجللادل ذلللك‬
‫الطالب ‪ ،‬وفي اليوم التالي جاءت المعلمللة للفصللل ‪ ،‬وحيللن‬
‫لب‬ ‫قالت للطلب‪ :‬أخرجوا كتاب التوحيلد ‪ ،‬رفلض بعلض الط ّ‬
‫وقالوا ‪ :‬يا أسللتاذة‪:‬كيللف تدّرسلليننا هللذا الكتللاب وفيلله كفللر‪،‬‬
‫ن كتابنا فيه كفر ‪ ،‬وفللي‬ ‫ووالد هذا الطالب شيخ وهو يقو ُ‬
‫ل بأ ّ‬
‫زمن حديث الطلب مع معلمتهم حللول ذلللك ‪ ،‬كللان الطللالب‬
‫يشللير لصللدقائه الطلب بإشللارات النصللر ‪ ،‬ويللوافقهم عللى‬
‫حديثهم‪،‬ويؤيدهم على أل ّ يخرجوا الكتاب من الدرج!‬
‫ن هللذا الطللالب تللبّين أن ّلله مللن‬ ‫شاهد ما أحببت التنبيه إليه ‪ ،‬أ ّ‬
‫ضللاّلة ‪ ،‬اللتي جمعلت مللن الكفللر والضللل‬ ‫فرقة الحبلاش ال ّ‬
‫ن أهللل البللدع يدّرسللون‬ ‫ملنللا كيللف أ ّ‬ ‫الشلليء الكللثير‪ ،‬ولللو تأ ّ‬
‫صللنوهم مللن أي عقيللدة واردة‬ ‫ضللالة‪ ،‬ويح ّ‬ ‫أبنللاءهم العقللائد ال ّ‬
‫عليهللم ‪ ،‬بللل يللدعوهم لمناقشللة مللن يخللالفهم ‪ ،‬فض لل ً عللن‬
‫التحللذير منهللم ومللن كتبهللم ‪ ،‬ويعلمللون أبنللاءهم ح لقّ الللرد‬
‫والجرأة في الدعوة لمّلتهم ونحلتهم ؛ لرأينا مللن ذلللك شلليئا ً‬
‫عجبا ً ‪ ،‬فأين أهل السّنة من دعوة أبنائهم بمثل ذلك ؟‬
‫وأين هم مللن ترسلليخ العقيللدة الصللافية فللي عقللول أبنللائهم‬
‫وتعليمهم كيف يثبتون عليها ويناضلون عنها ؟‬
‫ن من المهمات التي يجدر التنبيه عليهللا ‪ ،‬مللا للوالللدين مللن‬ ‫إ ّ‬
‫كبير الثر على تنشئة الولد تنشئة إسلمّية خالصللة مللن كللدر‬
‫الشللبهات والشللهوات قللدر المسللتطاع ‪ ،‬وتعميللق السلللم‬
‫مللا‬ ‫وأسسه العقدية في أنفسهم ‪ ،‬ووصّيتهم بالثبات عليه‪ ،‬وم ّ‬

‫‪438‬‬
‫ل به لذلك ما قاله تعالى عن النبيللاء والمرسلللين حيللن‬ ‫يستد ّ‬
‫كللانوا يوصللون أبنللاءهم بالثبللات علللى السلللم‪ ،‬ومللن ذلللك‪:‬‬
‫ن اللله اصللطفى‬ ‫يإ ّ‬‫صى بها إبراهيم بنيلله ويعقللوب يللا بنل ّ‬ ‫)وو ّ‬
‫ن إل ّ وأنتم مسلمون()البقرة‪ (132/‬وكللل‬ ‫لكم الدين فل تموت ّ‬
‫مولود يولد على فطرة السلم ‪ ،‬فإن كان الوالدان مسلمين‬
‫صنوه بترسيخ السلم ‪ ،‬وإن كانا كافرين فإّنه لبد ّ أن يكون‬ ‫ح ّ‬
‫لهما دور كبير في تحريف فطرة ذلك المولود ‪ ،‬وقد أخبرنا ل ل‬
‫ل مولللود يولللد علللى‬ ‫صّلى الله عليه وسّلم ل بذلك فقللال‪):‬ك ل ّ‬
‫جسللانه ‪ ،‬أو ينصللرانه(‬ ‫ودانه أو يم ّ‬ ‫الفطللرة ‪ ،‬وإّنمللا أبللواه يهلل ّ‬
‫أخرجه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ومن جميل الكلم حول طريقة ترسيخ الوجللود العقللدي فللي‬
‫النشء ؛ ما قاله المام الغزالي‪):‬وليس الطريق فللي تقللويته‬
‫وإثبللاته أن يعلللم صللنعة الجللدل والكلم ‪ ،‬بللل يشللتغل بتلوة‬
‫القللرآن وتفسلليره ‪ ،‬وقللراءة الحللديث ومعللانيه ‪ ،‬ويشللتغل‬
‫بوظائف العبادات ‪ ،‬فل يزال اعتقاده يزداد رسوخا ً بما يقللرع‬
‫سمعه من أدّلة القرآن وحججه ‪ ،‬وبما ي َرِد ُ عليلله مللن شللواهد‬
‫الحاديث وفوائدها ‪ ،‬وبمللا يسللطع عليلله مللن أنللوار العبللادات‬
‫ووظائفها()إحياء علوم الدين ‪1/94‬ل ‪2(95‬‬
‫ن المستمسللك بهللذا المنهللج‬ ‫ما يحسن التنبيه إليلله‪:‬أ ّ‬ ‫وختامًا‪:‬م ّ‬
‫يجللب أن يكللون قويللا ً فللي طرحلله لللدى النللاس بتعامللل‬
‫لطيف‪،‬مبينا ً له بل عنف‪ ،‬عارفا ً للحق‪،‬راحما ً للخلق‪ ،‬يريد لهم‬
‫الهداية ‪ ،‬بل جباية أو وصاية ‪ ،‬فللالحق أبللج ‪ ،‬والباطلل لجللج ‪،‬‬
‫وماذا بعد الحقّ إّل الضلل!‬
‫ن علينللا بهللدايته ‪ ،‬وأن يثبتنللا علللى دينلله ‪،‬‬ ‫نسأله تعالى أن يم ّ‬
‫لت الفتن ما ظهر منها وما بطللن ‪ ،‬وأن‬ ‫وأن يحفظنا من مض ّ‬
‫مللن قللال‬ ‫يهيئ لنا من أمرنا رشدا ً ‪ ،‬وعياذا ً بللالله أن نكللون م ّ‬
‫فيهم رّبهم‪):‬ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الللله شلليئا ً‬
‫أولئك الذين لم يللرد الللله أن يطهّللر قلللوبهم لهللم فللي الللدنيا‬
‫خزي ولهم فللي الخللرة عللذاب عظيللم( المللائدة )‪ (41‬والللله‬
‫المستعان‪...‬‬

‫‪439‬‬
‫وصّلى الله وسلّلم وبللارك علللى عبللده ورسللوله نبينللا محمللد‬
‫وعلللى آللله وصللحبه وسلللم تسللليما ً كللثيرا ً إلللى يللوم الللدين ‪،‬‬
‫والحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫* جريدة المراجع‪:‬‬
‫ل القرآن الكريم ‪.‬‬
‫ل صحيح البخاري‪.‬‬
‫ل صحيح مسلم‪.‬‬
‫ل جامع الترمذي‪.‬‬
‫ل الموطأ للمام مالك‪.‬‬
‫ل المسند للمام أحمد‪.‬‬
‫ل المستدرك للحاكم‪.‬‬
‫ل صحيح ابن حّبان‪.‬‬
‫ل المصّنف لعبدالرزاق الصنعاني‪.‬‬
‫ل المصنف لبن أبي شيبة‪.‬‬
‫ل سلسلة الحاديث الصحيحة لللباني‪.‬‬
‫ل صحيح الجامع الصغير لللباني‪.‬‬
‫ل الزهد لبن المبارك‪.‬‬
‫ل تأويل مختلف الحديث لبن قتيبة‪.‬‬
‫ل سير أعلم النبلء للذهبي‪.‬‬
‫ل البداية والنهاية لبن كثير‪.‬‬
‫ل مجموع الفتاوى لبن تيمّية‪.‬‬
‫ل إحياء علوم الدين للغزالي‪.‬‬
‫طة العكبري‪.‬‬ ‫ل البانة لبن ب ّ‬
‫ل الشريعة للجّري‪.‬‬
‫ل أصول اعتقاد أهل السّنة والجماعة لللكائي‪.‬‬
‫ل الداب الشرعّية لبن مفلح‪.‬‬
‫ل القتصاد في العتقاد لعبد الغني المقدسي‪.‬‬
‫ل شرح السّنة للبربهاري‪.‬‬
‫ل الفتوى الحموّية الكبرى لبن تيمّية‪.‬‬
‫ل درء تعارض العقل والنقل لبن تيمّية‪.‬‬

‫‪440‬‬
‫ل مفتاح دار السعادة لبن القيم‪.‬‬
‫ل نفح الطيب للمقري‪.‬‬
‫ل ديوان ابن المبارك‪.‬‬
‫ل نقض كتاب الشعر الجاهلي لمحمد الخضر حسين‪.‬‬
‫ل واقعنا المعاصر لمحمد قطب‪.‬‬
‫ل موقع إسلم أون لين على الشبكة العنكبوتّية )النت‬
‫================‬
‫‪#‬المضاربة في سوق السهم العالمية‬
‫د‪ .‬سامي بن إبراهيم السويلم‬
‫السؤال‬
‫أرجللو التكللرم ببيللان الحكللم الشللرعي للتعامللل بالمضللاربة‬
‫بالسهم في سوق السهم العالميللة والمريكيللة ‪ ،‬مللع العلللم‬
‫بأن عملية الربح والخسارة تكون )عملي لًا( مللن خلل ارتفللاع‬
‫وانخفاض قيمة السهم فقللط ‪ ،‬دون أن يكللون لهللذه السللهم‬
‫أية عوائد فللي نهايللة السللنة الماليللة نتيجللة للنشللاط الجللاري‬
‫للشركة التي تطرح هذه السللهم فللي السللوق ‪ ،‬وكللأن هللذه‬
‫السهم ما هي إل سلعة تطرحها الشللركات تنخفللض وترتفللع‬
‫قيمتها حسب العرض والطلب ‪ ،‬ودون أن تمثل هذه السللهم‬
‫أية قيمة من أصول الشركة أو نشاطها‪ ،‬لقد أفتيت من بعض‬
‫العلماء أن هذه التجارة في حقيقتها ما هي إل نوعٌ من أخطر‬
‫أنللواع الميسللر‪ ،‬حيللث يللرون أن السللهم تحللولت فعليلا ً فللي‬
‫البورصة العالميللة إلللى سلللع ذات قيمللة وهميللة تتلعللب بهللا‬
‫السواق كما تشللاء ‪ ،‬بينمللا أرى العديللد مللن فقهللاء المملكللة‬
‫يجيزونهللا بشللروط )النشللاط الحلل وعللدم التعامللل بالربللا(‬
‫ومنهم من ذهب أكثر من ذلك فأباح شراء أسللهم الشللركات‬
‫العالمية والمريكية الللتي تسللتفيد مللن الربللا بشللرط تصللفية‬
‫الجزء الربوي من الرباح )توزيع ‪ %20‬من الربح فللي منللافع‬
‫المسلمين(‪.‬أرجو التفصلليل فللي بيللان الفتللوى‪ ،‬وشللرح كيللف‬
‫يمكللن أن يظهللر الختلف الكللبير بيللن فتللاوى العلمللاء فللي‬

‫‪441‬‬
‫مسللألة واحللدة تهللم النشللاط التجللاري لشللريحة كللبيرة مللن‬
‫الناس؟‪.‬‬
‫الجواب‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫السلهم يمثلل ملكيلة شلائعة فلي الشلركة المسلاهمة‪ ،‬وهلو‬
‫يستمد قيمته من موجودات الشركة وربحيتها وأدائهللا‪ ،‬ولللول‬
‫ذلك لكان عديم القيمة‪ .‬لكللن كللأي سلللعة أخللرى‪ ،‬قللد يسللاء‬
‫استخدام السهم‪ ،‬وقد تخضع لمجازفات تصل إلى المقامرة‪،‬‬
‫كما يحصل ذلك في أسواق السلع والعقارات وغيرها‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بالشللركات الللتي تتعامللل بالربللا‪ ،‬فل خلف بيللن‬
‫الفقهاء‪ ،‬القدامى والمعاصرين‪ ،‬أن الربا محرم قليله وكثيره‪.‬‬
‫وإنمللا وقللع الخلف فللي أن الشللركة إذا اختلطللت أموالهللا‬
‫الحلل بمال حرام‪ ،‬كالربا وغيره‪ ،‬فهل يجب اجتنابهللا كلي لا ً أو‬
‫تكون العبرة بالغالب؟ فهناك من منع كليًا‪ ،‬وهنللاك مللن أجللاز‬
‫بشرط غلبة الحلل على الحرام ترجيحا ً لمصلللحة السللتثمار‬
‫وتنميللة المللال علللى مصلللحة التللورع وتللرك الشللبهات‪ .‬ول‬
‫غضاضة في الختلف فللي هللذه المسللائل‪ ،‬لن الختلف هنللا‬
‫ليس في أصل الحكم الشرعي‪ ،‬وإنما في تنزيله على الواقع‬
‫وتطبيقه عليلله‪ ،‬أو مللا يسللمى "تحقيللق المنللاط"‪ .‬والشللريعة‬
‫السلمية تتسللع لتعللدد الراء وتنللوع الجتهللادات طالملا كلان‬
‫ذلك وفق المنهج العلمي في الجتهاد والستدلل‪ ،‬وهللذا مللن‬
‫رحمة الله بهذه المة‪ .‬والله الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬السلم اليوم‬
‫============‬
‫‪#‬الحسابات الجارية حقيقتها ‪ -‬تكييفها‬
‫حسين بن معلوي الشهراني‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪ ،‬نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫‪442‬‬
‫هذا بحث مختصر في موضوع مهم مللن موضللوعات القضللايا‬
‫الماليلللة المعاصلللرة‪ ،‬وبالتحديلللد المعلللاملت المصلللرفية‬
‫المعاصرة‪ ،‬وعنوانه‪) :‬الحسابات الجارية‪ :‬حقيقتها وتكييفهللا(‪،‬‬
‫وقد وضعت لهذا البحث خطللة تتكللون مللن مقدمللة وخمسللة‬
‫مباحث‪ ،‬وكانت المباحث كالتالي‪:‬‬
‫المبحث الول‪ :‬حقيقة الحسابات الجارية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية الحسابات الجارية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تكييفها الفقهي‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الشكالت الواردة على التكييف المختار‪.‬‬
‫المبحث الخللامس‪ :‬الحكللام والثللار المترتبللة علللى التكييللف‬
‫المختار‪.‬‬
‫المبحث الول‪ :‬حقيقة الحساب الجاري)‪:(1‬‬
‫الحساب الجللاري هللو أحللد العمليللات المصللرفية المعاصللرة‪،‬‬
‫وتندرج في عرف المصارف تحللت مسللمى الوديعللة النقديللة‬
‫الصرفية‪ ،‬وسيأتي بيان أهميته _إن شاء الله تعالى_‪ ،‬والمراد‬
‫هنا تعريفه وبيان حقيقته‪.‬‬
‫والناظر في كتب الباحثين المعاصرين الذين كتبللوا فللي هللذه‬
‫المسائل‪ ،‬سواء أكانت من الناحية الشرعية أم القانونيللة‪ ،‬أم‬
‫القتصادية البحتة‪ ،‬يلحظ اختلف المسللميات الللتي أطلقوهللا‬
‫علللى الحسللاب الجللاري مللع اتحللاد المسللمى‪ ،‬ومللن تلللك‬
‫التسميات‪:‬‬
‫)‪ (1‬الحساب الجاري‪.‬‬
‫)‪ (2‬الحساب تحت الطلب‪.‬‬
‫)‪ (3‬الوديعة الجارية‪.‬‬
‫)‪ (4‬الوديعة المتحركة‪.‬‬
‫)‪ (5‬الودائع تحت الطلب‪.‬‬
‫)‪ (6‬ودائع الحساب الجاري‪.‬‬
‫)‪ (7‬الودائع الواجبة للدفع عند الطلب‪.‬‬
‫)‪ (8‬ودائع بدون تفويض بالستثمار‪ ،‬وهللذه تسللمية بنللك دبللي‬
‫السلمي )تأسس عام ‪1395‬هل(‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫ومن المسلميات السلابقة يظهلر أن بعضللها اسلتخدم عبلارة‬
‫الحساب‪ ،‬وبعضها الخللر اسللتخدم عبللارة الوديعلة‪ ،‬مللع تعللدد‬
‫ل‪ ،‬فبعضها يصفها بالجارية أو تحت الطلب أو‬ ‫الوصف على ك ٍ‬
‫المتحركة‪.‬‬
‫والختلف في هذه الطلقات هو من باب التنللوع ل التضللاد‪،‬‬
‫إل أن بعضها نظر إلى ذات المبلغ الذي تم التعاقد عليه بيللن‬
‫المصرف والعميل فأطلق لفظ الوديعة‪ ،‬والقسم الخر نظللر‬
‫إلى المعاملة والقائمة التي تقيد بها المعاملت المتبادلة بيللن‬
‫الطرفين فاختار لفظ الحساب‪.‬‬
‫والحقيقللة أن الوديعللة المصللرفية أو المبللالغ أو النقللود الللتي‬
‫يعهد بها الشخص إلى المصللرف هللي الللتي تنشللئ الحسللاب‬
‫الجاري‪ ،‬وليست هي الحساب الجاري ذاته‪.‬‬
‫وز تعريف الحساب الجاري بأنه النقود‬ ‫وقد يقال‪ :‬إن من التج ّ‬
‫أو المبالغ‪ ،‬كمن أطلق لفظ السفتجة على النقود المقرضللة‪،‬‬
‫وهي في الصل ورقة يكتب فيها الدين‪.‬‬
‫والذي يظهر أن البحث منصللب علللى حكللم المللال أو النقللود‬
‫التي يعهد بها صاحبها إلى المصللرف‪ ،‬ويتعاقللد عليهللا‪ ،‬وليللس‬
‫البحث في الحساب أو القائمة التي تقّيد فيها المعاملت بين‬
‫الطرفين‪.‬‬
‫ولن عنوان البحث المطروح هو‪ :‬الحسابات الجاريللة‪ ،‬وحللتى‬
‫أتجنب الحكم المبكر عللى المسلألة؛ فلإني سلوف أسلتعمل‬
‫هذا الطلق في هذا البحث فيما يللأتي مللن المبللاحث‪ ،‬والللله‬
‫الموفق‪.‬‬
‫تعريف الحساب الجاري‪:‬‬
‫عرف الحساب الجاري‪ :‬بأنه القائمة التي تقّيد بها المعاملت‬
‫المتبادلة بين العميل والبنك)‪.(2‬‬
‫وعرفت ودائع الحساب الجاري‪ :‬بأنها "المبللالغ الللتي يودعهللا‬
‫أصللحابها فللي البنللوك بشللرط أن يردهللا عليهللم البنللك كلمللا‬
‫أرادوا")‪.(3‬‬

‫‪444‬‬
‫أو "هي النقود التي يعهللد بهللا الفللراد أو الهيئات إلللى البنللك‬
‫علللى أن يتعهللد الخيللر بردهللا أو بللرد مبلللغ مسللاوٍ لهللا لللدى‬
‫الطلب أو بالشروط المتفق عليها")‪.(4‬‬
‫أو "هي المبالغ التي يودعهللا أصللحابها فللي البنلوك بقصلد أن‬
‫تكون حاضرة التداول‪ ،‬والسحب عليها لحظة الحاجللة بحيللث‬
‫ترد بمجرد الطلب‪ ،‬ودون توقف على أي إخطللار سللابق مللن‬
‫أي نوع")‪.(5‬‬
‫والتعللاريف السللابقة فللي مجملهللا متقاربللة‪ ،‬وبعضللها اهتللم‬
‫بتعريللف المعاملللة أو المعاقللدة الللتي تكللون بيللن الطرفيللن‬
‫)المصرف والعميل(‪ ،‬وبعضها الخر عرف انطلقا ً من المللال‬
‫الذي يتم عليه العقد بين الطرفين‪.‬‬
‫ويمكن القول – كما سبق – بأن الوديعة المصرفية أو المللال‬
‫الموضوع لدى المصرف هو اللذي ينشلئ الحسلاب الجلاري؛‬
‫فالحسللاب الجللاري عبللارة عللن قائمللة تقيللد بهللا المعللاملت‬
‫المصرفية المتبادلة بين العميللل والمصللرف؛ ويقللوم صللاحب‬
‫المال بفتلح هلذا الحسلاب فلي المصللرف لوضلع مللاله فيله‪،‬‬
‫بغللرض حفظهللا وصللونها ثللم طلبهللا عنللد الحاجللة إليهللا‪ ،‬أو‬
‫لغراض التعامل اليومي والتجاري‪ ،‬دون الضطرار إلى حمل‬
‫النقود)‪.(6‬‬
‫وقد يسلم المصرف للعميل دفتر شيكات‪ ،‬يسمح له بمللوجبه‬
‫– وبحسللب إجللراءات معروفللة – بالسللحب مللتى شللاء مللن‬
‫حسابه‪ ،‬بحيللث ل تزيللد المبللالغ عللن مقللدار المللال الللذي تللم‬
‫تسليمه للمصرف عاليًا‪ ،‬وقد يدفع صللاحب المللال للمصللرف‬
‫مصاريف يسيرة مقابل الحتفاظ بالحساب الجاري على هذا‬
‫النحو‪.‬‬
‫وبهللذا يتللبين أن الحسللابات الجاريللة أو تحللت الطلللب هللي‬
‫حسابات ليس هدفها الستثمار وإنمللا هللي حسللابات لغللرض‬
‫حفظ هذه الموال وصيانتها من السرقة أو الهلك‪ ،‬أو لغرض‬
‫تسهيل التعامل التجاري والمعاملت المصرفية الخرى الللتي‬
‫تقدمها هذه المصارف لعملئها؛ لذا فإن هذه الحسابات ليس‬

‫‪445‬‬
‫لها أي علقة بالمضاربة أو المشاركة‪ ،‬ول تستحق أي عائد أو‬
‫ربح في المصارف السلمية‪ ،‬بل إنه قللد يتقاضللى المصللرف‬
‫عليهللا أجللرا ً أو عمالللة فللي مقابللل مللا يمنحلله لصللحابها مللن‬
‫امتيازات)‪.(7‬‬
‫وإنما سمي الحساب الجاري بهذا السم؛ لن طللبيعته تجعللله‬
‫في حركة مستمرة من زيادة باليللداع أو نقصللان بسللبب مللا‬
‫يطرأ عليه من قيود بالحسب واليداع فتغير من حللاله بحيللث‬
‫ل يبقى على صفة واحدة)‪.(8‬‬
‫وتختلف طرق المصارف في التعامل مع الحسابات الجارية‪،‬‬
‫ويمكن حصرها في أربعة طرق)‪:(9‬‬
‫الول‪ :‬أل يتقاضللى المصللرف أيللة أجللور مقابللل خدمللة فتللح‬
‫الحساب وما يتعبه من خدمات؛ كإصللدار الشلليكات‪ ،‬وبطاقللة‬
‫السحب اللي‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫الثللاني‪ :‬أن يتقاضللى المصللرف أجللورا ً مقابللل خدمللة فتللح‬
‫الحساب الجاري‪ ،‬وما يتبعه من خدمات‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يتقاضى المصرف أجورا ً مقابل ما سبق إذا نقص‬
‫رصيد العميل في الحساب عن مبلغ محدد‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن يمنح المصرف فوائد للعميل مقابل وجللود المبلللغ‬
‫في الحساب‪ ،‬وبعضها يشترط مبلغا ً معينا ً لجل منح الفللوائد‪،‬‬
‫وهذا هو المعمول به في البنوك الربوية‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أهمية الحسابات الجارية‪:‬‬
‫تتضح أهمية الحسابات الجارية في المنافع التي يحصل عليها‬
‫طرفللا العقللد‪ ،‬وهمللا المصللرف والعميللل مللن فتللح هللذه‬
‫الحسللابات والتعامللل بهللا‪ ،‬وفيمللا يلللي ذكللر لهللم المنللافع‬
‫والفوائد التي يحصل عليها كل منهما‪:‬‬
‫ل‪ :‬المنافع التي تعود على المصرف)‪.(10‬‬ ‫أو ً‬
‫‪ -1‬استثمار الموال الموجللودة فللي الحسللابات الجاريللة دون‬
‫أن يشترك عملؤه – أصحاب هذه الموال – في الرباح التي‬
‫تدرها هذه الستثمارات‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫ويتبين هذا إذا علمنا أن أموال الحسللابات الجاريللة تعللد أهللم‬
‫موارد المصرف‪ ،‬وتمثل ما قد يزيد في غلالب الحلوال علللى‬
‫‪ %90‬من مجمل المللوارد‪ ،‬ونللادرا ً مللا تقللل عللن ‪،(11)%20‬‬
‫وبهذا يسللتفيد منهللا المصللرف فللي تللوفير السلليولة والوفللاء‬
‫باحتياجاته واحتياجات عملئه)‪.(12‬‬
‫‪ -2‬فتح حسللاب جللارٍ لحللد العملء يللؤدي غالب لا ً إلللى أن هللذا‬
‫العميل يحتاج إلللى خللدمات مصللرفية أخللرى – يسللتفيد منهللا‬
‫المصرف‪ ،‬وطبعي أن يلجأ العميللل إلللى المصللرف الللذي بلله‬
‫حسابه الجاري‪.‬‬
‫‪ -3‬فتح الحسابات الجاريللة يزيللد مللن قللدرة المصللرف علللى‬
‫توسيع الئتمللان أو مللا يسللمى )بخلللق الللودائع( واسللتثمارها‪،‬‬
‫حيث يزيد الرصيد النقدي لهذا المصرف‪ ،‬وبالتالي يزيد ربحه‬
‫من جراء استثمار هذه المبالغ‪.‬‬
‫‪ -4‬الجور التي تتقاضاها بعللض المصللارف مقابللل الخللدمات‬
‫الللتي تقللدمها للعملء؛ كفتللح الحسللاب‪ ،‬وإصللدار الشلليكات‪،‬‬
‫وبطاقات السحب اللي وغيرها‪.‬‬
‫‪ -5‬يستفيد المصرف من الحسابات الجارية التي تفتحها لديه‬
‫المصارف الخرى التي تعامل معها – وهي تمثل قرابة ‪%10‬‬
‫صللة فللي الشلليكات‬ ‫من مجموع الخصوم – في عمليات المقا ّ‬
‫المحللررة مللن قبللل عملء المصللارف الخللرى‪ ،‬وفللي عمليللة‬
‫الحوالت التي يقومون بها من المصارف الخللرى‪ ،‬ول سلليما‬
‫التحللويلت مللن بلللد إلللى آخللر‪ ،‬وغيللر ذلللك مللن العمللال‬
‫المصرفية التي تستدعي وجود رصيد كاف لدى المصرف‪.‬‬
‫ثاني لًا‪ :‬المنللافع الللتي تعللود علللى العميللل )صللاحب الحسللاب‬
‫الجاري()‪.(13‬‬
‫‪ -1‬حفظ أمواله من المخاطر المختلفة؛ كالسرقة أو الضياع‪،‬‬
‫وهللذا يتللبين أكللثر كلمللا كللانت المللوال كللثيرة؛ بحيللث يشللق‬
‫حفظها في المنزل أو في المحل التجاري‪ ،‬ولللذا يلحللظ فللي‬
‫الشركات التجارية الكبرى والمصانع الكبيرة التي تكللثر فيهللا‬
‫عمليات البيع والتحصيل أن موظف الخزينللة ل يسللتبق لللديه‬

‫‪447‬‬
‫أيللة مبللالغ نقديللة فللي الخزينللة‪ ،‬بللل عليلله أن يودعهللا فللي‬
‫المصرف يوميًا‪.‬‬
‫‪ -2‬إضافة إلى ميزة حفظ المللال فللإنه يكللون مضللمونا ً علللى‬
‫المصرف‪ ،‬ولصاحبه حرية التصرف فيه متى شاء‪.‬‬
‫‪ -3‬النتفللاع ملن الخلدمات اللتي يقلدمها المصللرف لصلاحب‬
‫الحساب الجاري غالبا ً بدون مقابل‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحصول على دفللتر الشلليكات ممللا يسللهل علللى صللاحب‬
‫الحساب الوفاء بالتزاماته واحتياجاته المختلفللة دون الحاجللة‬
‫إلى حمل النقود وعللدها ومراجعتهللا مللع المللن مللن ضللياعها‬
‫وسرقتها وبخاصة في المبالغ الكبيرة‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحصللول علللى بطاقللة السللحب اللللي‪ ،‬والللتي يمكنلله‬
‫بواسطتها‪:‬‬
‫‪ -‬سحب ما يحتاجه من أموال في أي زمان ومكان‪.‬‬
‫ت‪ -‬تسديد قيمللة مشللترياته عللن طريللق أجهللزة نقللاط الللبيع‬
‫بواسطة الشبكة اللكترونية‪.‬‬
‫ث‪ -‬تسديد فواتير الخدمات العامة؛ كفواتير الكهرباء والهاتف‬
‫والماء ونحوها‪.‬‬
‫ج‪ -‬الستعلم عن رصيده في حسابه الجاري‪ ،‬وطلللب كشللف‬
‫لحسابه‪.‬‬
‫ح‪ -‬التحويلت واليداعات المصرفية‪.‬‬
‫‪ -4‬يعد فتح الحساب الجاري المصرفي أسهل وأيسر طريقة‬
‫لعمل حسابات نظامية دقيقة عن أي نوع من أنواع النشللاط‬
‫الذي يقوم به العميل؛ كأن يعرف ربحلله بللالفرق بيللن رصلليد‬
‫أول السنة ورصيد آخر السنة‪.‬‬
‫‪ -5‬توثيق الحسابات وضبطها‪ ،‬بحيث يحصل العميل في نهاية‬
‫كل شهر أو أقل أو أكثر – على كشف مفصل يتضللمن جميللع‬
‫المدفوعات وتواريخهللا ومبالغهللا والمدفوعللة إليهللم‪ ،‬وكللذلك‬
‫الحال فللي المللوال الللتي يتلقاهللا مللن الخريللن مثللل أثمللان‬
‫السلع التي يللبيع أو مللوارده مللن اليجللارات والربللاح‪ ...‬إلللخ‪،‬‬
‫وهذا يغنيه عن موظف متخصص في المحاسبة‪.‬‬

‫‪448‬‬
‫‪ -6‬تمكين العميللل مللن إثبللاته وتللوثيقه لمللدفوعاته للخريللن‪،‬‬
‫سللواء عللن طريللق الشللبكات تكفللي عللن اليصللالت؛ لن‬
‫المستفيد من الشيك يوقع عللى ظهلر الشليك عنلد تحصليله‬
‫مللن المصللرف‪ ،‬أم عللن طريللق بطاقللة السللحب اللللي فللي‬
‫تسديد فواتير الخدمات‪.‬‬
‫‪ -7‬الحصول على الخدمللة المصللرفية عللن طريللق الهللاتف –‬
‫بواسطة البطاقة – بحيث يستطيع صاحب الحسللاب الجللاري‬
‫تحريك معاملته المصرفية والتجارية عن طريق الهاتف ممللا‬
‫يوفر عليه وقتا ً طويل ً في التنقل وإجراء هذه المعاملت‪.‬‬
‫‪ -8‬سهولة وسرعة تحصيل النقود المحولة إلى المصرف من‬
‫جهات حكومية أو غير حكوميللة؛ كتحويللل الرواتللب الشللهرية‬
‫مث ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -9‬السعار المميزة للخدمات الخرى التي يقدمها المصرف‪،‬‬
‫والتي تتعلق غالبا ً بالحوالت والصرف الجنللبي ورسللوم فتللح‬
‫العتمادات وبطاقات الئتمان وخطابات الضمان‪.‬‬
‫‪ -10‬شللهادة المصللرف بملءة العميللل )صللاحب الحسللاب(‬
‫وأكثر ما يحتاج لهذا التجار ورجللال العمللال الللذين يحتللاجون‬
‫إلى شهادة تثبت ملءتهم يقدمونها إلى الجهات الحكوميللة أو‬
‫الخاصة بحيث يتمكنون بموجبها من الدخول في المناقصللات‬
‫والمزايدات أو عقود المقاولة أو التوريد وغيرها‪.‬‬
‫‪ -11‬استخدام الموال فللي الحسللاب الجللاري كرهللن‪ ،‬وذلللك‬
‫بأن يتفق العميل مع مصرفه على حجز مبلغ من المللال فللي‬
‫حسابه الجللاري ل يسللمح للله أن يسللحبه أو يحللرر الشلليكات‬
‫مقابله؛ ليكون رهنا ً لضمان وفائه بالتزاماته الواجبللة أو الللتي‬
‫مآلها إلى الوجوب للمصرف أو لمؤسسة أخرى‪ ،‬مثل حالت‬
‫فتللح العتمللاد المسللتندي للسللتيراد‪ ،‬أو إصللدار البطاقللة‬
‫الئتمانية‪ ،‬أو كفالة جهة أخرى من قبل ذلك العميل‪.‬‬
‫‪ -12‬يعد كشف الحساب للعميل مستندا ً قوي لا ً لمللا جللاء فيلله‬
‫من أرقام‪ ،‬ويستفيد من هللذا الموظفللون الملزمللون بتقللديم‬

‫‪449‬‬
‫تقللارير سللنوية عللن التغييللرات الطللارئة فللي ثرواتهللم طبقلا ً‬
‫لنظمة الكسب غير المشروع في بعض الدول‪.‬‬
‫إضللافة إلللى مللا سللبق فللإن الحسللاب الجللاري يسللتفيد منلله‬
‫الطرفان في تيسير واختصار كثير من العمليات التي تحصلل‬
‫بينهما؛ إذ إن تسوية كل عملية من العمليات المتتابعة يسبب‬
‫كثيرا ً مللن التعقيللد‪ ،‬بينمللا يمكللن بواسللطة الحسللاب الجللاري‬
‫تجميع العمليات كلها وإخضاعها لنظام واحد‪ ،‬وكذلك فإن من‬
‫فوائد الحسابات الجارية عللدم تعطيللل رؤوس المللوال؛ لنلله‬
‫إذا اسللتحق علللى أحللد طرفيلله ديللن فللإنه ل يللدفعه نقللدا ً‬
‫ومباشرة‪ ،‬بل يستغله ويقيد في حساب الدائن ما يقابله‪.‬‬
‫ومن فوائدها كذلك أنها تقللوم بوظيفللة نقديللة مهمللة؛ إذ إنهللا‬
‫تمثل وسائل دفللع فللي المجللال القتصللادي والتجللاري‪ ،‬وأداة‬
‫وفاء لتسوية الديون عن طريق نقل ملكيتها من شخص لخر‬
‫باستعمال الشيكات والتحويل المصرفي والمقاصة‪.‬‬
‫وبهذا يتبين أن أموال الحسابات الجارية هي مما يمثل قطب‬
‫الرحى بالنسبة لموارد البنوك ومحور نشاطاتها فللي المجللال‬
‫القتصادي والتجاري وفي ميادين أنشطتها الخرى‪.‬‬
‫المبحللث الثللالث‪ :‬التكييللف )التخريللج( الفقهللي للحسللابات‬
‫الجارية‪:‬‬
‫اختلفللت آراء الفقهللاء والبللاحثين المعاصللرين فللي التكييللف‬
‫الفقهي للحسابات‪ ،‬ومما يلي عرض للخلف‪:‬‬
‫ل‪ :‬القوال في المسألة‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫القول الول‪ :‬إنها قرض؛ فالمودع هللو المقللرض‪ ،‬والمصللرف‬
‫هو المقترض‪.‬‬
‫وهذا قول أكثر الفقهاء والباحثين المعاصرين)‪ ،(14‬وهللو رأي‬
‫مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق مللن منظمللة المللؤتمر‬
‫السلللمي بجللدة‪ ،‬ونللص عليلله بللالقرار رقللم ‪ (3/9) 86‬فللي‬
‫دورتلله التاسللعة المنعقللدة فللي أبللي ظللبي ‪ 5-1‬ذي القعللدة‬
‫‪1415‬هل‪ ،‬وفيما يلي نص القرار‪:‬‬

‫‪450‬‬
‫"إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة‬
‫مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولللة المللارات العربيللة المتحللدة‬
‫من ‪ 6-1‬ذي القعدة ‪1415‬هل‪ ،‬الموافق ‪ 6-1‬نيسللان )أبريللل(‬
‫‪1995‬م‪ ،‬بعد اطلعلله علللى البحللوث ا لللواردة إلللى المجمللع‬
‫بخصوص موضوع الودائع المصللرفية )حسللابات المصللارف(‪،‬‬
‫وبعد استماعه إلللى المناقشللات الللتي دارت حللوله‪ ،‬قللرر مللا‬
‫يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬الودائع تحت الطلب )الحسابات الجارية(‪ ،‬سواء أكللانت‬ ‫أو ً‬
‫لللدى البنللوك السلللمية أو البنللوك الربويللة هللي قللروض‬
‫بالمنظور الفقهي‪ ،‬حيث إن المصرف المستلم لهللذه الللودائع‬
‫يده يد ضمان لها وهللو ملللزم شللرعا ً بللالرد عنللد الطلللب‪ ،‬ول‬
‫يؤثر على حكم القرض كون البنك )المقترض( مليئًا)‪.(15‬‬
‫القول الثاني‪ :‬إنها وديعللة بللالمعنى الفقهللي‪ ،‬وقللال بلله بعللض‬
‫الباحثين المعاصرين)‪ ،(16‬وبه أخذ بنك دبي السلمي)‪.(17‬‬
‫ومال إليه الدكتور حسين كامل فهمي‪ ،‬ورأى ضللرورة إعللادة‬
‫النظللر فللي التكييللف الفقهللي المعمللول بلله حاليللا ً بالنسللبة‬
‫للحسللابات الجاريللة فللي البنللوك السلللمية ليصللبح‪ :‬وديعللة‬
‫)بمفهومها الشرعي( لدى كل مللن البنللك السلللمي‪ ،‬والبنللك‬
‫المركزي في نفس الوقت‪ ،‬مع الذن للبنللك المركللزي فقللط‬
‫باستخدامها)‪.(18‬‬
‫القول الثالث‪ :‬إنها تدخل تحت عقد الجارة ‪.‬‬
‫أي أن الجارة واقعة على النقللود‪ ،‬وأن مللا يللدفعه المصللرف‬
‫لصاحب النقود هو أجر لستعمال هللذه النقللود‪ ،‬وهللذا القللول‬
‫نقله بعض الباحثين ولم ينسبه لحللد‪ ،‬وانتقللد بللأنه قللول مللن‬
‫أراد أن يستحل فوائد الربا من البنوك)‪.(19‬‬
‫وهنللاك قللولن آخللران‪ ،‬يغلللب عليهمللا أنهمللا مللن أقللوال‬
‫القانونيين؛ فأكتفي بإيرادهما فقط‪:‬‬
‫الول‪ :‬إنهللا وديعللة شللاذة أو ناقصللة‪ ،‬أي‪ :‬وديعللة مللع الذن‬
‫بالستعمال‪.‬‬

‫‪451‬‬
‫الثاني‪ :‬إنه عقد ذو طبيعللة خاصللة‪ ،‬أو إنلله ليللس مللن العقللود‬
‫المسماة‪.‬‬
‫أدلة القوال‪:‬‬
‫أدلة القول الول‪:‬‬
‫‪ -1‬إن المال في الحساب الجللاري عبللارة عللن نقللود يضللعها‬
‫صللاحب الحسللاب وهللو يعلللم أن المصللرف يتصللرف فيهللا‪،‬‬
‫ويخلطها بالموال التي لديه بمجرد استلمها وإدخللال بياناتهللا‬
‫بالحاسب‪ ،‬ثم يستثمرها‪ ،‬وقد دفعها إليه راضلليا ً بللذلك فكللان‬
‫إذنا ً بالتصللرف؛ فهللذه المللوال فللي حقيقتهللا قللرض وليسللت‬
‫وديعة)‪.(20‬‬
‫‪ -2‬أن المصرف يملك المال في الحساب الجاري‪ ،‬ويتصلرف‬
‫فيه فيكون قرضًا‪ ،‬وليس إيداعًا‪ ،‬إذ في عقد اليللداع ل يملللك‬
‫الوديللع الوديعللة‪ ،‬وليللس للله أن يتصللرف فيهللا‪ ،‬والعللبرة فللي‬
‫العقود للمعاني ل لللفاظ والمباني‪ ،‬وتسميتها وديعة إنما هللو‬
‫على سللبيل المجللاز ل الحقيقللة لعللدم تللوفر حقيقللة الوديعللة‬
‫فيها)‪.(21‬‬
‫‪ -3‬أن المصللرف يعللد ضللامنا ً لمللوال الحسللاب الجللاري بللرد‬
‫مثلها‪ ،‬ولو كانت هذه المللوال وديعلة بللالمعنى الحقيقللي لملا‬
‫ضمنها المصرف‪ ،‬والمديونية والضمان ينافيان المانة‪ ،‬بل لللو‬
‫شللرط رب الوديعللة علللى الوديللع ضللمان الوديعللة لللم يصللح‬
‫الشرط ؛ لنه شرط ينافي مقتضللى العقللد‪ ،‬وكللذلك لللو قللال‬
‫الوديع‪ :‬أنا ضامن للوديعللة لللم يضللمن مللا تلللف بغيللر تعللد أو‬
‫تفريط؛ لن ضمان المانللات غيللر صللحيح‪ ،‬وهللذا علللى خلف‬
‫المعمللول بلله فللي المصللارف قللول علللى أن مللال الحسللاب‬
‫الجاري قرض وليس وديعة)‪.(22‬‬
‫‪ -4‬مللن المعلللوم أن المصللرف ل يأخللذ أمللوال الحسللابات‬
‫الجاريللة كأمانللة يحتفللظ بعيهللا لللترد إلللى أصللحابها‪ ،‬وإنمللا‬
‫يستهلكها ويستثمرها في أعماله‪ ،‬ومن عرف أعمللال البنللوك‬
‫علم أنها تستهلك نسبة كللبيرة مللن هللذه الحسللابات‪ ،‬وتلللتزم‬
‫برد مثلها‪ ،‬وهذا واضح فللي أمللوال الحسللابات الجاريللة الللتي‬

‫‪452‬‬
‫تدفع بعض المصارف عليها فوائد ربوية‪ ،‬فما كللان المصللرف‬
‫ليدفع هللذه الفللوائد مقابللل الحتفللاظ بالمانللات وردهللا إلللى‬
‫أصحابها فقط)‪.(23‬‬
‫أدلة القول الثاني‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن أموال الحساب الجاري عبارة عن مبالغ توضللع لللدى‬
‫المصرف ويسحب منهللا فللي الللوقت الللذي يختللاره المللودع‪،‬‬
‫وذلك كل ما يطلب في الوديعة الحقيقية‪ ،‬ول توجد أي شائبة‬
‫في ذلك)‪.(24‬‬
‫ونوقش هذا الستدلل بعدم التسليم؛ وذلك لن الوديعة وإن‬
‫كان المقصود ردها عند الطلب‪ ،‬إل أنه يقصد بهللا أيضلا ً عللدم‬
‫التصللرف فيهللا‪ ،‬وأمللوال الحسللابات الجاريللة يتصللرف فيهللا‬
‫المصرف بمجرد استلمها ثم يللرد بللدلها‪ ،‬وهللذا ينطبللق علللى‬
‫القرض بمعناه الشرعي ل على الوديعة)‪.(25‬‬
‫)‪ (2‬أن المصرف ل يتسلللم هللذه الوديعللة علللى أنهللا قللرض‪،‬‬
‫بدليل أنه يتقاضى أجرة )عمولة( علللى حفللظ الوديعللة تحللت‬
‫الطلب‪ ،‬بعكس الوديعة لجللل الللتي يللدفع هللو عليهللا فللائدة)‬
‫‪.(26‬‬
‫ونللوقش بللأن الجللور الللتي يأخللذها المصللرف مللن صللاحب‬
‫الحساب الجاري ل ُيسلم على أنها فللي مقابللل الحفللظ‪ ،‬بللل‬
‫هي فللي مقابللل الخللدمات الللتي يقللدمها المصللرف لصللاحب‬
‫الحساب؛ كإصدار دفللتر الشلليكات‪ ،‬وبطاقلة السللحب اللللي‪،‬‬
‫وكشوف الحساب وغيرها مللن الخللدمات‪ ،‬مللع أن الواقللع أن‬
‫أغلب المصارف ل تأخذ أجورا ً في مقابل فتح الحساب‪.‬‬
‫)‪ (3‬أن المصرف يتعامل بحذر شللديد عنللد اسللتعمال أمللوال‬
‫الحسابات الجارية والتصرف فيها‪ ،‬ثم يبادر بردهللا فللورا ً عنللد‬
‫طلبها مما يدل على أنها وديعة)‪.(27‬‬
‫نوقش بأن هذا التصرف مللن المصللرف ل يغيللر مللن حقيقللة‬
‫العقللد‪ ،‬والواقللع أن المصللرف يتصللرف فللي مللال الحسللاب‬
‫ذكر حيث يقوم بخلطها بماله ومال العملء‬ ‫الجاري بخلف ما ُ‬

‫‪453‬‬
‫الخرين بمجللرد اسللتلمها‪ ،‬ثللم يتصللرف فيهللا كمللا لللو كللانت‬
‫ملكه‪.‬‬
‫وأما كونه يبادر بردها عند طلبها فهذا ل ينفللي كونهللا قرض لًا؛‬
‫لن المقرض له طلب بدل القرض فللي الحللال مطلقللا)‪(28‬؛‬
‫لن القللرض يثبللت فللي الذمللة حللال ً فكللان للله طلبلله كسللائر‬
‫الديون الحالة‪ ،‬ولنه سبب يوجب رد المثللل أو القيمللة فكللان‬
‫ل)‪.(29‬‬‫حا ً‬
‫وكذلك فإن المبادرة بردها عند طلبها فيه حفاظ على سمعة‬
‫المصرف‪ ،‬وتحفيز للتعامللل معلله‪ ،‬وفللي هللذا التعامللل فللوائد‬
‫ترجع إلى المصرف‪ ،‬كما هو معلوم‪.‬‬
‫)‪ (4‬أن المللودع عنللدما يللدفع المللال فللي الحسللاب الجللاري‬
‫للمصرف ل يقصد أبدا ً أن يقرض المصللرف‪ ،‬ول أن يشللاركه‬
‫في الرباح العائدة للمصرف من استغلل لمال المودع ومال‬
‫غيره‪ ،‬وإنما مقصوده – أي المودع – حفظ ماله ثم طلبه عند‬
‫الحاجة إليلله وهللذا مقتضللى عقللد الوديعللة؛ فل يسللمى فعللله‬
‫إقراضًا)‪.(30‬‬
‫نوقش بأن كون الملودع ل يقصلد إقلراض المصلرف ل يلؤثر‬
‫فللي حقيقللة العقللد؛ لن عامللة المتعللاملين مللع المصللارف ل‬
‫يللدركون الفللرق بيللن معنللى القللرض ومعنللى الوديعللة‪ ،‬ول‬
‫يستحضرون الفروق بينهما‪ ،‬فهم ل تهمهم المصطلحات بقدر‬
‫مللا تهمهللم النتللائج والغايللات‪ ،‬والحاصللل أن المتعللاملين مللع‬
‫المصلارف بوضلع أمللوالهم فللي الحسلابات الجاريلة يريلدون‬
‫حفظ أموالهم مع ضمانها من المصللرف‪ ،‬وهللذا فللي حقيقتلله‬
‫قرض ل وديعة‪ ،‬ومللن المعلللوم كللذلك أن المصللرف ل يقبللل‬
‫حفظ هذه الموال إل لجل التصللرف فيهللا‪ ،‬وهللذا هللو معنللى‬
‫القرض‪ ،‬والقاعدة أن العبرة في العقود بالمقاصلد والمعلاني‬
‫ل باللفاظ والمباني)‪.(31‬‬
‫الترجيح‪:‬‬

‫‪454‬‬
‫الذي يترجللح – والعلللم عنللد الللله تعللالى – أن المللوال الللتي‬
‫يضعها أصحابها في حساب جارٍ لدى المصللرف القللرب أنهللا‬
‫قرض وليست وديعة‪ ،‬وذلك للسباب التية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تعريف القرض وأحكامه متمشللية مللع هللذه المسللألة؛‬
‫فقد عرف القللرض بللأنه "عبللارة عللن دفللع مللال إلللى الغيللر؛‬
‫لينتفع به ويللرد بللدله")‪ ،(32‬ومللال الحسللاب الجللاري يللدفعه‬
‫صاحبه إلى المصرف‪ ،‬لينتفع به ويرد بدله‪.‬‬
‫‪ -2‬أن صللاحب الحسللاب الجللاري يعلللم أن المصللرف الللذي‬
‫يتلقى ماله لن يحتفللظ للله بهللذا المللال سللاكنا ً مسللتقرا ً فللي‬
‫صناديقه ليعيللده بعينلله عنللد الطلللب‪ ،‬بللل إنلله سللوف يختلللط‬
‫بغيللره مللن المللوال وبللأموال المصللرف‪ ،‬كمللا أن المصللرف‬
‫سوف يستعمل هذه الموال في أعمللاله واسللتثماراته‪ ،‬وهللذا‬
‫يعني أن المصرف لن يعيد عين المللال‪ ،‬بللل يعيللد مثللله عنللد‬
‫الطلب‪ ،‬وهذه الموال في حقيقتها قروض ل ودائع)‪.(33‬‬
‫‪ -3‬أن صللاحب المللال إذا وضللعه فللي حسللاب جللارٍ ل يقصللد‬
‫مجرد الحفظ فقط ‪ ،‬بل يريد الحفللظ والضللمان مع لًا‪ ،‬بللدليل‬
‫أنه ل يقوم على اليداع ما لم يكللن المللال مضللمونًا‪ ،‬وكللذلك‬
‫المصرف ل يقبل هذه الموال لحفظها فقط‪ ،‬بل للنتفاع بهللا‬
‫مع ضمانها‪ ،‬وهذه حقيقة القرض‪.‬‬
‫‪ -4‬فللي القللرض يضللمن المقللترض‪ ،‬وفللي الوديعللة يضللمن‬
‫المودع – ما لم يكن المودع مفرطا ً – وكل منهما ضامن لنه‬
‫مالك‪ ،‬وعلللى هللذا فالوديعللة فللي العللرف المصللرفي القللائم‬
‫قرض في الشرع السلمي)‪.(34‬‬
‫‪ -5‬أن القاعدة الفقهية المشهورة نصت على أن العبرة فللي‬
‫العقود بالمقاصد والمعاني ل باللفاظ والمباني‪ ،‬وتسمية هذا‬
‫العقد بين صاحب المال والمصرف وديعة ل يغير من حقيقللة‬
‫العقد وأنه قرض‪ ،‬وإنما سمي وديعة أو إيداعا ً لسباب منهللا)‬
‫‪:(35‬‬

‫‪455‬‬
‫أ‪ -‬أن هذه الكلمة استعملت بمعناها اللغوي؛ فإنها فعيلة مللن‬
‫"ودع يدع‪ :‬بمعنى أنها متروكة عنللد المللودع‪ ،‬وهللو المصللرف‬
‫هنا بغض النظر عن كونها أمانة أو مضمونة‪.‬‬
‫ب‪ -‬لن تأريخها بللدأت بشللكل ودائع وتطللورت خلل تجللارب‬
‫المصارف واتساع أعمالها إلى قروض؛ فظلت محتفظة مللن‬
‫الناحية اللفظية باسم الودائع‪ ،‬وإن فقدت المضمون الفقهللي‬
‫لهللذا المصللطلح‪ ،‬وعليلله فاسللتخدام لفللظ "ودائع" بللدل ً مللن‬
‫"قروض" إنما كان صحيحا ً في مرحلللة تأريخيللة مللن مراحللل‬
‫التطور المصرفي‪ ،‬حيث كللان النللاس يودعللون نقللودهم عنللد‬
‫الصائغ أو الصلليرفي مقابللل أجللر يتقاضللاه‪ ،‬لكللن عنللدما بللدأ‬
‫هؤلء الصيارفة باستغلل هذه الموال وبإقراضها إلى غيرهم‬
‫أو استغللها‪ ،‬لم تعد هذه العمليللات ودائع‪ ،‬وكللان ينبغللي منللذ‬
‫ذلللك الللوقت هجللر هللذه التسللمية وتركهللا لعمليللات أخللرى؛‬
‫)كإيداع الشللياء الثمينللة( والنتقللال إلللى التسللمية الحقيقيللة‬
‫قروض‪.‬‬
‫وإذا أغفلت البنوك الروية هذا فحللري بالمصللارف السلللمية‬
‫أن تتنبه لهللذا‪ ،‬وأل تقلللد البنللوك الربويللة فللي هللذه التسللمية‬
‫وغيرهللا‪ ،‬سللواء كللان ذلللك فللي المقاصللد والمعللاني‪ ،‬أم فللي‬
‫اللفاظ والمباني‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬الشكالت الواردة على تخريجها قرضًا‪:‬‬
‫على القول الراجح بأن القرب في أموال الحسللاب الجللاري‬
‫تخريجها أنها قرض ل وديعة‪ ،‬قد يرد من الشكالت ما يلي‪:‬‬
‫الشكال الول‪ :‬إن الصل في مشروعية القرض هو الرفاق‪،‬‬
‫وأدلة مشروعيته تؤكد هذا‪ ،‬ولذا عرفلله بعللض الفقهللاء بللأنه‪:‬‬
‫دفع مال إرفاقا ً لمن ينتفع به ويرد بدله)‪.(36‬‬
‫ومن المعلوم أن الللذين يللدفعون أمللوالهم إلللى المصللارف –‬
‫على شكل حسابات جارية – ل يقصللدون الرفللق بالمصللارف‬
‫والحسان إليها‪ ،‬والمصارف ليسللت فقيللرة أو محتاجللة حللتى‬
‫تقرض‪ ،‬وإنما يريدون نفع أنفسهم بحفظ أموالهم ثللم طلبهللا‬
‫عند الحاجة‪.‬‬

‫‪456‬‬
‫الجواب‪ :‬يمكن أن يجاب عن هذا الشكال بأن القرض – وإن‬
‫كان الصل في مشروعيته هو الرفاق – قد يخللرج عللن هللذا‬
‫الصل؛ فليس فللي جميللع حللالته مللن بللاب الرفللاق‪ ،‬وليللس‬
‫الرفاق شرطا ً فللي صللحته؛ بمعنللى أن الرفللاق صللفة غالبللة‬
‫على القرض ل مقيدة له‪ ،‬ويدل على هذا ما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬ما ثبت في الصحيح من حديث هشام بن عروة عن أبيلله‬
‫عن عبد ا لله بن الزبير _رضي الللله تعللالى عنلله_ قللال‪..." :‬‬
‫وإنما كان دينه – أي الزبيللر رضللي الللله تعللالى عنلله – الللذي‬
‫عليه أن الرجللل كللان يللأتيه بالمللال فيسللتودعه إيللاه؛ فيقللول‬
‫الزبير‪ :‬ل‪ ،‬ولكنه سلف‪ ،‬فإني أخشى عليه الضيعة‪..‬‬

‫قال عبد الله بن الزبير‪ :‬فحسبت ما عليه من الدين فوجللدته‬


‫ألفي ألف ومائتي ألف‪...‬‬
‫قال‪ :‬وكان للزبير أربع نسوة‪ ،‬ورفع الثلث فأصاب كل امللرأة‬
‫ألف ألف ومائتا ألف"‪.‬‬
‫وفي بعض النسخ‪" :‬فجميع ماله خمسللون ألللف ألللف ومائتللا‬
‫ألف")‪.(37‬‬
‫وجه الدللة من الحديث‪ :‬أن الزبير – رضي الله تعالى عنه –‬
‫كان قد قبل تلك الموال على أنها قللرض مضللمون ل وديعللة‬
‫مع عدم حاجته إليها‪ ،‬بل كان – رضي الله تعللالى عنلله – مللن‬
‫ل؛ فدل على أنلله‬‫أكثر الصحابة – رضي الله تعالى عنهم – ما ً‬
‫ل يشترط في القرض قصد الرفاق بالمقترض‪ ،‬ول أن كللونه‬
‫فقيرا ً أو محتاجًا‪.‬‬
‫قللال ابللن حجللر – رحملله الللله تعللالى ‪" :-‬قللوله‪" :‬ل‪ ،‬ولكنلله‬
‫سلف" أي ما كان يقبض من أحد وديعة إل إن رضي صللاحبها‬
‫أن يجعلها في ذمته‪ ،‬وكان غرضه بذلك أنه كان يخشى علللى‬
‫المال أن يضلليع؛ فُيظللن بلله التقصللير فللي حفظلله؛ فللرأى أن‬
‫يجعله مضمونا ً فيكون أوثق لصاحب المال وأبقى لمروءته‪.‬‬
‫زاد ابن بطال‪ :‬وليطيب له ربح ذلك المال")‪.(38‬‬

‫‪457‬‬
‫وقال ابن حجر‪" :‬وفيه مبالغة الزبير في الحسان لصللدقائه؛‬
‫لنلله رضللي أن يحفللظ لهللم ودائعهللم فللي غيبتهللم‪ ،‬ويقللوم‬
‫بوصاياهم على أولدهم بعد مللوتهم‪ ،‬ولللم يكتللف بللذلك حللتى‬
‫احتاط لموالهم وديعة أو وصية بأن كان يتوصل إلى تصييرها‬
‫في ذمته مع عدم احتياجه إليها غالبًا‪ ،‬وإنمللا ينقلهللا مللن اليللد‬
‫للذمة مبالغة في حفظها لهم")‪.(39‬‬
‫‪ – 2‬مسألة السفتجة)‪ ،(40‬وهي قرض لم يقصد به الرفللاق‪،‬‬
‫ومع ذلك فهي جائزة على الصحيح‪ ،‬قللال شلليخ السلللم ابللن‬
‫تيمية – رحمه الله تعالى ‪" :-‬والصحيح الجواز؛ لن المقترض‬
‫رأى النفع بللأمن خطللر الطريلق إللى نقلل دراهمله إلللى بلللد‬
‫دراهم المقترض؛ فكلهما منتفع بهذا القللتراض‪ ،‬والشللارع ل‬
‫ينهى عما ينفع الناس ويصلحهم ويحتللاجون إليلله‪ ،‬وإنمللا نهللى‬
‫عما يضرهم ويفسدهم‪ ،‬وقد أغناهم الله عنلله‪ ،‬والللله أعلللم")‬
‫‪.(41‬‬
‫‪ – 3‬ما ذكره العلماء من أن للوصي قللرض مللال اليللتيم فللي‬
‫بلد آخر ليربح خطر الطريق‪ ،‬قال ابللن قدامللة – رحملله الللله‬
‫تعالى ‪" :-‬والصحيح جوازه؛ لنه مصلحة لهما مللن غيللر ضللرر‬
‫بواحد منهما‪ ،‬والشرع ل يرد بتحريم المصالح الللتي ل مضللرة‬
‫فيها‪ ،‬بل بمشروعيتها")‪.(42‬‬
‫ومن المعلوم أن الغاية من إقراض مال اليتيم الرفق بللاليتيم‬
‫ل بالمقترض‪ ،‬ومصلحة اليتيم ل مصلحة المقللترض‪ ،‬والمللراد‬
‫والمقصود اليداع والحفظ غير أن الوديعة ل تضمن؛ ففضللل‬
‫القراض لغني أمين حتى يحفظ المال لصالح اليتيم ل لصالح‬
‫الغني)‪.(43‬‬
‫وبهذا يتبين أنه ل يشترط في القللرض أن يكللون إرفاق لا ً مللن‬
‫غني لمحتاج‪ ،‬وإن كان الصل فيه كذلك‪.‬‬
‫الشللكال الثللاني‪ :‬إن اعتبللار مللال الحسللاب الجللاري قللرض‬
‫يترتب عليه بعض الصعوبات فللي إخضللاع اسللتعمالها وسلليلة‬
‫دفع وأداة وفاء من الناحية الشرعية‪ ،‬ومن ذلك)‪:(44‬‬

‫‪458‬‬
‫‪ – 1‬أنه ل يجوز لصاحب الحساب الجاري أن يشتري بضللاعة‬
‫مؤجلة – أي سلما ً – ويكتب لصاحب البضللاعة شلليكا ً بللالثمن‬
‫على المصرف؛ لنه يؤدي إلى بيللع الكللالئ بالكللالئ؛ فيبطللل‬
‫الشراء‪.‬‬
‫‪ – 2‬أنه ل يجوز لصاحب الحساب الجاري أن يهب شلليئا ً مللن‬
‫مال حسابه الجاري لشخص ثالث؛ لنه من هبة الدائن للدين‬
‫الذي يملكه في ذمة شخص آخر؛ فالهبة باطلة عند من يللرى‬
‫من الفقهاء أن قبض الموهوب له المال الموهوب شرط في‬
‫صحة الهبة‪.‬‬
‫ويمكن أن يجاب عن هذا الشكال‪ :‬بفرعيه بأن مللا ذ ُك ِللر غيللر‬
‫مسّلم‪ ،‬وبيان ذلك أن صللاحب الحسللاب الجللاري إذا اشللترى‬
‫بضاعة مؤجلة )سلمًا( وكتب لصاحب البضللاعة شلليكا ً فقبللله‬
‫كللان ذلللك بمنزلللة تسللليمه الثمللن نقللدًا‪ ،‬وذلللك أن العللرف‬
‫المصرفي مضى على صرف الشيك فورا ً إذا كللان مسللتوفيا ً‬
‫لشروطه‪ ،‬وكذلك الحللال بالنسللبة للهبللة؛ فللإذا وهللب إنسللان‬
‫ماله في حسابه الجاري إلى غير مدينه – المصللرف – وحللرر‬
‫شيكا ً للموهوب له ورضي به فقد تم القبض)‪ ،(45‬وقد سبق‬
‫رض المطالبللة‬ ‫أن القرض يثبللت فللي الذمللة حللا ً‬
‫ل‪ ،‬وأن للمق ل ِ‬
‫ببدله في الحال كسائر الديون الحاّلة)‪.(46‬‬
‫الشكال الثالث‪ :‬استخدام مللال الحسللاب الجللاري كرهللن أو‬
‫ضمان‪.‬‬
‫عند الجمهور أن المرهون يجب أن يكون عينا ً متقوملة يجلوز‬
‫بيعها؛ فل يجوز رهلن اللدين)‪ ،(47‬وبنلاء عللى هلذا فل يجلوز‬
‫استخدام مال الحساب الجللاري كرهللن أو ضللمان؛ لنلله ديللن‬
‫لصاحب الحساب في ذمة المصرف‪.‬‬
‫قال الدكتور الصديق الضرير – أثابه الله تعالى ‪" :-‬ل أتصللور‬
‫رهن وديعة حسللابية مللن صللاحب الوديعللة؛ لن هللذا مقللرض‬
‫والمقرض يخرج المال عن ملكه‪ ،‬ويكلون فلي يلد المقلترض‬
‫فل محل لرهنه")‪.(48‬‬

‫‪459‬‬
‫الشكال الرابع‪ :‬مللن المعلللوم أن صللاحب الحسللاب الجللاري‬
‫يمكنه أن يسحب من المال الذي في الحساب في أي وقت‪،‬‬
‫بللل قللد يسللحب جميللع المللال فللي وقللت واحللد‪ ،‬والمللال‬
‫المسحوب ليس هو عين ماله الذي أقرضلله للمصللرف‪ ،‬فللإذا‬
‫ل؛ فهل المال الذي يسللحبه مللن‬ ‫ما سحب جزءا ً من المال مث ً‬
‫الحساب هو استرجاع للمال الذي أقرضه للمصرف أو لجللزء‬
‫منه‪ ،‬أم أنه قرض جديد اقترضه هو من المصرف بعقد آخر؟‬
‫هذه المسألة تحتاج إلى نظر لما يللترتب عليهللا مللن ثمللرات‪،‬‬
‫وهي مطروحة هنا للمناقشة‪.‬‬
‫الشكال الخامس‪ :‬إذا أدخل شخص مال ً جديللدا ً فللي حسللابه‬
‫الجللاري؛ فهللل هللذا المللال عقللد قللرض جديللد بينلله وبيللن‬
‫المصرف‪ ،‬أو هو ملحق بالعقد الول؟‬
‫الشكال السادس‪ :‬إذا أدخللل شللخص مبلغلا ً مللن المللال فللي‬
‫حساب شخص آخر؛ فهل هذا المبلغ يعد قرضا ً للمصرف‪ ،‬أم‬
‫أن المصرف وسيلة للوفاء فقللط؟ وإذا قلنللا إنلله قللرض مللن‬
‫صاحب الحساب؛ فهل يمكن أن يتم القرض إذا كان صللاحب‬
‫الحساب ل يعلم بدخول المال في حسابه؟‬
‫المبحللث الخللامس‪ :‬الحكللام والثللار المترتبللة علللى تكييللف‬
‫الحسابات الجارية بأنها قرض‪.‬‬
‫الخلف السابق في تكييللف الحسللابات الجاريللة يللترتب آثللار‬
‫وثمرات عملية مهمللة‪ ،‬تللدل علللى أهميللة الموضللوع وأهميللة‬
‫صرحه والبحث فيه‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫ل‪ :‬أحكام المنافع العائدة من فتح الحساب الجاري‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫إذا دفع صاحب المال نقوده إلى المصرف فإن الخير تلقائيا ً‬
‫يفتح لصاحب المال حسابا ً جاريًا‪ ،‬تتم عن طريقه المعللاملت‬
‫التي تكون بين الطرفين‪ ،‬ويترتب على فتح الحساب الجاري‬
‫منافع منها مللا يرجللع إلللى المصللرف )المقلترض(‪ ،‬ومنهللا ملا‬
‫رض(‪ ،‬ومنهللا مللا يرجللع‬ ‫يرجللع إلللى صللاحب الحسللاب )المق ل ِ‬
‫إليهما‪.‬‬
‫)أ( المنافع العائدة إلى المصرف )المقترض(‪:‬‬

‫‪460‬‬
‫‪ – 1‬استثمار أموال الحساب الجاري ‪:‬‬
‫من المعلوم أن المصرف بمجرد استلم المللال مللن العميللل‬
‫يقوم بخلطه مباشرة بالموال الموجودة لديه‪ ،‬وبناًء علللى أن‬
‫هذه الموال هللي فللي الواقللع قللروض؛ فللإن للمصللرف حللق‬
‫التصرف فيها بموجب هذا العقد‪ ،‬بناء علللى أن عقللد القللرض‬
‫ينقل الملكيللة إلللى المقللترض؛ إذ إن المقصللود مللن القللرض‬
‫اسللتهلكه والنتفللاع بلله‪ ،‬وبالتللالي فللإن المنللافع العللائدة مللن‬
‫استثمار هذا القرض هي للمصللرف دون أن يكللون للمقللرض‬
‫منها شيء)‪.(49‬‬
‫ويللترتب علللى هللذا أن للمصللرف السللتفادة مللن مجمللوع‬
‫الموال التي آلت إلى ملكيته من مجموع الحسابات الجاريللة‬
‫في توليد الئتمان أو ما يسمى بل)خلللق الللودائع(‪ ،‬وهللذا ناتللج‬
‫عن طبيعة عمله واستثماره لمجموع القروض‪.‬‬
‫‪ – 2‬أخذ عمولة)‪ (50‬مقابل الخدمات الللتي يقللدمها لصللاحب‬
‫الحساب‪:‬‬
‫يترتب على فتح الحساب الجاري أن يقللدم المصللرف بعللض‬
‫الخدمات أو العمال في نطاق المعاملة بينهما؛ كإصدار دفتر‬
‫الشيكات‪ ،‬وبطاقة السحب اللي‪ ،‬وكشف بالعمال التي قام‬
‫بها صاحب الحساب‪ ،‬وغيرها من الخدمات‪ ،‬ومللن المصللارف‬
‫ما يأخذ مقابل ً لهذه الخللدمات‪ ،‬والللذي يظهللر – والللله تعللالى‬
‫أعلم – أنه ل مانع من أخذ مقابل لهللذه الخللدمات علللى أنهللا‬
‫أجرة لما يقدمه المصرف من أعمال‪.‬‬
‫)ب( المنلللافع العلللائدة عللللى صلللاحب الحسلللاب الجلللاري‬
‫رض(‪:‬‬‫)المق ِ‬
‫‪ – 1‬منفعة حفظ ماله وضمانه‪ :‬الغرض الساسي من تعامللل‬
‫غالب الناس مع المصللارف عللن طريللق الحسللابات الجاريللة‬
‫أنهم يريدون حفللظ أمللوالهم وضللمانها بإقراضللها للمصللرف‪،‬‬
‫ومن ثم استرجاعها أو بعضها عنللد الحاجللة إليهللا‪ ،‬وقللد تقللدم‬
‫فيما سبق بحثه أن إقراض الشخص ماله لخر بقصد الحفللظ‬

‫‪461‬‬
‫يجوز ول إشكال فيه‪ ،‬كما في قصة الزبير _رضي الله تعللالى‬
‫عنه_‪.‬‬
‫وأما مسألة قصد أن يكون المال مضمونا ً فللإن الضللمان أثللر‬
‫من الثار المترتبة على عقد القرض ساء قصده المقرض أم‬
‫لم يقصده‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪ – 2‬الحصول على الخدمات التي يقللدمها المصللرف؛ كللدفتر‬
‫الشيكات وبطاقة السحب اللي وغيرها‪:‬‬
‫البحث هنا في مسألة الستفادة من هذه الخدمات إذا كللانت‬
‫بدون مقابل؛ حيث سللبق أنهللا إذا كللانت بمقابللل فإنهللا تأخللذ‬
‫حكم الجارة‪ ،‬ول يظهر في هذا إشكال‪.‬‬
‫وأما إذا كانت بدون مقابل‪ ،‬فهل يجوز الستفادة منها؟‬
‫جرى الخلف في هذه المسألة على قولين)‪:(51‬‬
‫القول الول‪ :‬إنلله يجللوز لصللاحب الحسللاب الجللاري النتفللاع‬
‫بدفتر الشيكات وبطاقة السحب اللي بدون مقابل)‪.(52‬‬
‫القول الثللاني‪ :‬إنلله يكللره للله النتفللاع بهللذه الخللدمات بللدون‬
‫مقابل)‪.(53‬‬
‫أدلة القول الول‪:‬‬
‫الدليل الول‪ :‬إن هذه المنللافع والخللدمات مشللتركة يسللتفيد‬
‫منها الطرفان – المقرض والمقترض – وربما تكللون مصلللحة‬
‫المصرف فيها غالبة بل أساسية‪ ،‬وذلك أنه بإصدار الشلليكات‬
‫وبطاقات السحب اللي يخفللض مللن نسللبة التكللاليف وعللدد‬
‫الموظفين الذين يحتللاجهم فللي القيللام بأعمللاله مثللل تحريللر‬
‫أوامر السحب النقللدي وتنفيللذها‪ ،‬وتحريللر المسللتندات الللتي‬
‫يسحب بها العميل بعض ماله أو كله‪ ،‬واستخدام الشيك يوفر‬
‫عليه كل ذلك‪.‬‬
‫وكذلك فإن المصلرف بإصلداره لهلذه الشليكات والبطاقلات‬
‫يقلل من استخدام العملء المباشر للنقود الورقية‪ ،‬مما يوفر‬
‫لديه سيولة نقدية ورقيلة يسللتفيد منهللا باسللتثمارها وبتسلليير‬
‫عملياته المصرفية‪ ،‬إضافة إلى أنه يحافظ علللى هللذه النقللود‬

‫‪462‬‬
‫من السرقة والتزوير‪ ،‬وذلك بتقليص تللداولها‪ ،‬كمللا أنلله يقلللل‬
‫من عناء عدها ونقلها وحفظها‪.‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬إن هذه المنافع والخدمات هللي وسلليلة لوفللاء‬
‫المصرف للقروض التي يقترضللها‪ ،‬وليسللت منفعللة منفصلللة‬
‫عن القرض؛ حيث إنه مطالب بسداد القروض لكللل مقللرض‬
‫متى طلب ذلك‪.‬‬
‫دليل القول الثاني‪:‬‬
‫إن المنافع التي يحصل عليها صاحب الحساب الجاري بللدون‬
‫مقابللل ذات صلللة قويللة بسللداد الللدين والوفللاء بلله؛ فتكللون‬
‫مكروهة‪ ،‬وأقل ما يقال فيها إنها شبهة‪ ،‬وقد تكون ذريعة إلى‬
‫الوقوع في الحرام‪.‬‬
‫ونوقش بأن هللذه المنفعللة مشللتركة بيللن الطرفيللن‪ ،‬بللل إن‬
‫منفعة المقترض )المصرف( أظهر‪ ،‬وقد أجللاز بعللض العلمللاء‬
‫المنفعة في القرض إذا كانت مشللتركة للطرفيللن‪ ،‬كمللا فللي‬
‫مسألة السفتجة)‪ ،(54‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫‪ – 3‬النتفاع بالسعار المميزة لبعض الخدمات‪:‬‬
‫قد تعطي بعض المصارف لعملئها أو لبعضهم أسعارا ً مميزة‬
‫لبعللض الخللدمات؛ كالسللكن فللي الفنللادق‪ ،‬أو شللراء بعللض‬
‫السلللع‪ ،‬ونحللو ذلللك؛ فللإذا كللانت هللذه المنفعللة للعميللل دون‬
‫غيره‪ ،‬ولم يكن للمصرف منفعللة فللي بللذلها سللوى القللرض؛‬
‫فإنه يتوجه القول بتحريمها؛ لنها منفعللة للمقللرض ل يقابلهللا‬
‫عوض سوى القرض‪ ،‬وهللي وإن لللم تكللن مشللروطة إل أنهللا‬
‫واقعة قبل الوفاء بسبب القرض‪.‬‬
‫ومثل ذلك أن تنص تعليمات المصرف وأنظمتلله علللى نسللبة‬
‫معينة من الربح – قد تحددها إدارة المصرف – في نهاية كل‬
‫دورة مالية‪ ،‬أو جوائز بالقرعة‪ ،‬أو أولوية فللي الحصللول علللى‬
‫قرض من المصللرف؛ فللإن هللذه المزايللا ل تخلللو مللن شللبهة‬
‫الربللا‪ ،‬وخاصللة إذا كللانت معانللة مسللبقا ً علللى أسللاس ثللابت‬
‫مؤكد)‪ ،(55‬وجوائز المقرضين إذا كانت معروفة تكون كأنهللا‬
‫مشروطة؛ فل تجوز مطلقًا)‪.(56‬‬

‫‪463‬‬
‫‪ – 4‬النتفاع بشهادة المصرف بملءة صاحب الحساب‪:‬‬
‫الذي يظهر أن هذه الشهادة مللن المصللرف هللي إخبللار عللن‬
‫حللال العميللل وواقعلله مللن خلل تعللامله مللع المصللرف عللن‬
‫طريق الحسللاب الجللاري بصللفته – أي المصللرف – المصللدر‬
‫لهذه المعلومات؛ فالذي يظهر أنه ل مانع من انتفللاع صلاحب‬
‫الحساب بهذه الشهادة‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬
‫‪ – 5‬النتفاع بتنظيم الحسابات وضبطها‪:‬‬
‫هذه المنفعة هي منفعة آلية تللأتي تبع لا ً لجللراءات المصللرف‬
‫في ضبط حساباته وتنظيمها وتوثيقهللا‪ ،‬بللدليل أن هللذه قللد ل‬
‫تكون حاضرة أحيانا ً قبل أن يطلبها العميل كما فللي الكشللف‬
‫المختصر للحساب؛ فالذي يظهر أنه ل مانع من النتفاع بهذه‬
‫الخدمة بدون مقابل‪.‬‬
‫‪ – 6‬النتفاع بأخذ الفوائد المشروطة أو ما في حكمها‪:‬‬
‫يحرم أخذ هذه الفوائد‪ ،‬سواء أكانت مشللروطة أم معروفللة؛‬
‫إذ المعروف عرفا ً كالمشروط شرطًا‪ ،‬والمعروف بين التجار‬
‫كالمشروط فيما بينهم‪ ،‬وعليه فهذه الفوائد زيادة مشللروطة‬
‫أو في حكم المشروطة في بدل القرض للمقرض فهللي ربللا‬
‫محرم دلت الدلة على تحريمها)‪.(57‬‬
‫ثانيًا‪ :‬من الثار المترتبة على تكييف الحسابات الجاريللة بأنهللا‬
‫قروض‪:‬‬
‫يللترتب علللى القللول بتكييللف الحسللابات الجاريللة علللى أنهللا‬
‫قروض بعض الثار والثمرات‪ ،‬من أهمها‪:‬‬
‫‪ – 1‬أن ضمان تلك المبالغ في الحسابات الجاريللة هللي علللى‬
‫المصللرف كللذلك )المقللترض()‪ ،(58‬ويمثللله المؤسسللون‬
‫والمساهمون؛ لنها مملوكة له‪ ،‬والقاعدة الفقهية المشللهورة‬
‫أن )الخراج بالضمان(‪ ،‬وأن )الغنم بالغرم(‪.‬‬
‫‪ – 2‬إذا أفلللس المصللرف فليللس للمللودع أن يللدخل فللي‬
‫التفليس على أنه مالك للوديعة وتكون له الولوية‪ ،‬بللل علللى‬
‫أساس أنه دائن عادي يخضع لقسمة غرمائه)‪.(59‬‬

‫‪464‬‬
‫هذا ما تيسر جمعه وتحريره‪ ،‬إن كان من صللواب فمللن الللله‬
‫_تعالى_ هو الموفق له‪ ،‬وإن يكن من خطأ فمن نفسي ومن‬
‫الشيطان‪ ،‬وأنا راجع عنه‪ ،‬وأستغفر الله‪.‬‬
‫______________‬
‫)‪ (1‬الحساب فللي اللغلة ملأخوذ مللن الفعللل حسلب‪ ،‬والحللاء‬
‫د‪ ،‬وثانيها‪ :‬الكفاية‪.‬‬
‫والسين والياء أصول أربعة‪ ،‬أحدها‪ :‬الع ّ‬
‫حسابة‪ :‬عدك الشيء‪ ،‬وحسب الشلليء يحسللبه‬ ‫ب وال ِ‬‫والحسا ُ‬
‫ده‪.‬‬‫بالضم حسبا ً وحسابا ً وحسابة‪ :‬ع ّ‬
‫ونقل ابن منظور عن الزهري قللوله‪ :‬وإنملا سلمي الحسلاب‬
‫في المعاملت حسابًا؛ لنه ُيعلم به ما فيلله كفايللة ليللس فيلله‬
‫زيادة على المقدار ول نقصان‪ .‬ينظر‪ :‬معجللم مقللاييس اللغلة‬
‫ص ‪ ،244‬لسان العرب ‪3/161‬‬
‫وأما لفظ )الجاري( فقد قال ابن فارس في معجم مقللاييس‬
‫اللغة )ص ‪:(195‬‬
‫"الجيم والراء والياء أصل واحد‪ ،‬وهو انسياق الشيء‪ ،‬يقللال‪:‬‬
‫جرى الماء يجري جرية وجريا ً وجريانًا‪.‬‬
‫وفي المعجللم الوسلليط ص ‪" :171‬والحسللاب الجللاري )فللي‬
‫القتصللاد( اتفللاق بيللن شخصللين بينهمللا معللاملت مسللتمرة‪.‬‬
‫)مج("‪..‬‬
‫)‪ (2‬الودائع المصرفية‪ ،‬د‪ .‬حسين كامل فهمي‪) ،‬مجلة مجمللع‬
‫الفقه السلمي‪.(9/1/689 ،‬‬
‫)‪ (3‬أحكام الودائع المصرفية‪ ،‬محمللد تقللي العثمللاني )مجلللة‬
‫المجمع ‪.(9/1/792‬‬
‫)‪ (4‬المصارف والعمال المصرفية فللي الشللريعة السلللمية‬
‫والقانون‪ ،‬د‪ .‬غريب الجمال )ص ‪.(36‬‬
‫)‪ (5‬الودائع المصرفية النقدية‪ ،‬واسللتثمارها فللي السلللم‪ ،‬د‪.‬‬
‫حسن عبد الله المين )ص ‪.(209‬‬
‫)‪ (6‬ينظر‪ :‬المصارف السلللمية بيللن النظريللة والتطللبيق‪ ،‬د‪.‬‬
‫عبد الرزاق الهيتي )ص ‪.(259 ،258‬‬

‫‪465‬‬
‫)‪ (7‬ينظر‪ :‬المصارف السلمية بيللن النظريللة والتطللبيق )ص‬
‫‪.(245‬‬
‫)‪ (8‬ينظر‪ :‬بنوك تجاريللة بللدون ربللا‪ ،‬د‪ .‬محمللد بللن عبللد الللله‬
‫الشيباني )ص ‪.(74‬‬
‫)‪ (9‬ينظللر‪ :‬الحسللابات والللودائع المصللرفية‪ ،‬د‪ .‬محمللد علللي‬
‫القري )مجلة المجمللع ‪،9/1/720‬ل ‪ ،(721‬الربللا والمعللاملت‬
‫المصرفية‪ ،...‬د‪ .‬عمر المترك )ص ‪ ،(346‬البنللوك السلللمية‪،‬‬
‫عائشة الشرقاوي المالقي )ص ‪ ،(228‬المصللارف السلللمية‬
‫بين النظرية والتطبيق‪ ،‬للهيتي )ص ‪.(245‬‬
‫)‪ (10‬ينظر‪ :‬بنوك الللودائع‪ ،‬كمللال الللدين صللدقي )ص ‪،(104‬‬
‫الودائع المصرفية النقدية‪ ،‬حسن المين )ص ‪.(211‬‬
‫)‪ (11‬ينظر‪ :‬الحسابات والللودائع المصللرفية‪ ،‬د‪ .‬محمللد علللي‬
‫القري )مجلة المجمع ‪.(9/1/720‬‬
‫)‪ (12‬ينظللر‪ :‬النظللام المصللرفي السلللمي‪ ،‬د‪ .‬محمللد أحمللد‬
‫سراج )ص ‪.(87‬‬
‫)‪ (13‬ينظر‪ :‬بنوك الللودائع‪ ،‬كمللال الللدين صللدقي )ص ‪،(105‬‬
‫الحسابات والودائع المصرفية‪ ،‬د‪ .‬محمد علي القللري )مجلللة‬
‫المجمع ‪ ،(9/1/724‬الودائع المصرفية النقدية‪ ،‬حسن الميللن‬
‫)ص ‪ ،(216‬الربا والمعاملت المصرفية )ص ‪ ،(349‬الترشلليد‬
‫الشللرعي للبنللوك القائملة‪ ،‬جهللاد عبللد الللله أبللو عللويمر )ص‬
‫‪.(166-164‬‬
‫)‪ (14‬ينظر‪ :‬مجلة مجمع الفقه السلمي )‪،777 ،9/1/730‬‬
‫‪،802‬ل ‪،838‬ل ‪،883‬ل ‪،888‬ل ‪،890‬ل ‪ ،(906‬حكم ودائع البنوك‬
‫وشهادات الستثمار في الفقه السلمي‪ ،‬د‪ .‬علللي السللالوس‬
‫)ص ‪،52‬ل ‪ (55‬بحللوث فللي المعللاملت المصللرفية‪ ،‬د‪ .‬رفيللق‬
‫يونس المصري )ص ‪ ،(203‬موقف الشللريعة السلللمية مللن‬
‫المصارف المعاصرة‪ ،‬د‪ .‬عبد الله العبادي )ص ‪،(199 ،198‬‬
‫المصللارف والعمللال المصللرفية فللي الشللريعة السلللمية‬
‫والقانون‪ ،‬د‪ .‬غريب الجمال )ص ‪ ،(59‬الشامل في معللاملت‬
‫وعمليات المصارف السلمية‪ ،‬د‪ .‬محمود عبد الكريم الرشيد‬

‫‪466‬‬
‫)ص ‪ ،159‬ل ‪ ،(160‬الربللا والمعللاملت المصللرفية فللي نظللر‬
‫الشللريعة السلللمية‪ ،‬د‪ .‬عمللر المللترك )ص ‪ ،(346‬النظللام‬
‫المصرفي السلمي‪ ،‬د‪ .‬محمد أحمد سراج )ص ‪ ،(93‬الودائع‬
‫المصرفية‪ ،‬أحمللد بللن حسللن الحسللني ‪ ،‬المعللاملت الماليللة‬
‫المعاصرة في الفقه السلمي‪ ،‬د‪ .‬محمللد عثمللان شللبير )ص‬
‫‪.(222‬‬
‫)‪ (15‬قرارات وتوصيات مجمع الفقه السلمي‪ ،‬الللدورات ‪-1‬‬
‫‪ ،10‬القلللرارات ‪) ،97-1‬ص ‪ ،(196‬مجللللة المجملللع‪ ،‬العلللدد‬
‫التاسع‪ ،‬الجزء الول )ص ‪.(931‬‬
‫)‪ (16‬وممن قال بهذا القول‪ :‬الدكتور‪ :‬حسن عبد الله المين‬
‫فللي كتللابه )الللودائع المصللرفية النقديللة ص ‪ ،(233‬والللدكتور‬
‫عيسى عبده )مستشار سابق لبنك دبي السلمي( في كتابه‬
‫العقود الشرعية الحاكمة للمعاملت الماليللة المعاصللرة )ص‬
‫‪ ،(113‬نقل ً عن‪ :‬د‪ .‬رفيللق المصللري فللي كتللابه )بحللوث فللي‬
‫المعللاملت المصللرفية( )ص ‪ ،(193‬والللدكتور عبللد الللرزاق‬
‫الهيللتي فللي كتللابه )المصللارف السلللمية بيللن النظريللة‬
‫والتطلبيق( )ص ‪ ،(261‬والللدكتور أحمللد عبيلد الكبيسللي فللي‬
‫بحثلله المقللدم لمجمللع الفقلله السلللمي )مجلللة المجمللع‬
‫‪.(9/1/755‬‬
‫)‪ (17‬نصت المللادة ‪ 53‬مللن النظللام الساسللي للبنللك الللذي‬
‫تأسس عام ‪1975-1395‬م على أن البنك يقبل نللوعين مللن‬
‫الودائع‪:‬‬
‫‪ -1‬ودائع بدون تفويض بالستثمار‪ :‬وتأخللذ صللورة الحسللابات‬
‫الجارية ودفاتر الدخار المعمللول بهللا فللي النظللم المصللرفية‬
‫المعاصللرة‪ ،‬وهللذه تأخللذ حكللم "الوديعللة" المعتمللدة فللي‬
‫الشريعة السلمية‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬بحوث فللي المصللارف السلللمية‪ ،‬د‪ .‬رفيللق المصللري‬
‫)ص ‪..(190‬‬
‫)‪ (18‬ينظر‪ :‬مجلة المجمع ‪.700 ،9/1/694‬‬

‫‪467‬‬
‫)‪ (19‬ينظلللر‪ :‬حكلللم ودائع البنلللوك‪ ،‬للسلللالوس )ص ‪،(51‬‬
‫الحسللابات الجاريللة‪ ،‬د‪ .‬مسللعود الثبيللتي )مجلللة المجمللع ص‬
‫‪.(835‬‬
‫)‪ (20‬ينظر‪ :‬بحوث في المصارف السلمية )ص ‪.(201‬‬
‫)‪ (21‬ينظر‪ :‬حكم ودائع البنوك )ص ‪ ،(61‬النظللام المصللرفي‬
‫السلللمي‪ ،‬د‪ .‬محمللد سللراج )ص ‪ ،(93‬مجلللة المجمللع )ص‬
‫‪.(730‬‬
‫)‪ (22‬ينظر‪ :‬الللودائع المصللرفية‪ ،‬للحسللني )ص ‪ ،(105‬حكللم‬
‫ودائع البنللوك )ص ‪ ،(52‬النظللام المصللرفي السلللمي )ص‬
‫‪ ،(88‬الربا والمعاملت المصرفية‪ ،‬للمترك )ص ‪ ،(347‬مجلللة‬
‫المجمع )ص ‪.(883‬‬
‫)‪ (23‬ينظلللر‪ :‬حكلللم ودائع البنلللوك )ص ‪ ،(52‬بحلللوث فلللي‬
‫المصارف السلمية )ص ‪.(201‬‬
‫)‪ (24‬ينظر‪ :‬الودائع المصرفية‪ ،‬للمين )ص ‪.(233‬‬
‫)‪ (25‬ينظر‪ :‬المنفعة في القرض )ص ‪.(304‬‬
‫)‪ (26‬ينظر‪ :‬الودائع المصرفية )ص ‪.(233‬‬
‫)‪ (27‬ينظر‪ :‬الودائع المصرفية )ص ‪.(234‬‬
‫)‪ (28‬ينظر‪ :‬الشرح الكبير مع المقنع والنصللاف )‪،(12/332‬‬
‫كشاف القناع )‪.(3/314‬‬
‫)‪ (29‬ينظر‪ :‬كشاف القناع )‪.(3/314‬‬
‫)‪ (30‬ينظر‪ :‬الودائع المصرفية )ص ‪.(234 ،233‬‬
‫)‪ (31‬ينظر‪ :‬مجلة المجمع )ص ‪.(795‬‬
‫)‪ (32‬النصاف )‪.(12/323‬‬
‫)‪ (33‬ينظللر‪ :‬بحللوث فللي المصللارف السلللمية )ص ‪،201‬‬
‫‪.(202‬‬
‫)‪ (34‬ينظر‪ :‬المرجع نفسه )ص ‪.(203‬‬
‫)‪ (35‬ينظر‪ :‬أحكام الودائع المصرفية‪ ،‬محمللد تقللي العثمللاني‬
‫)مجلة المجمع ‪ ،(9/1/794‬الربا والمعاملت المصللرفية‪ ،..‬د‪.‬‬
‫عمر المترك )ص ‪ ،(348‬مجلة المجمع ‪ 9/1/782‬بحوث في‬
‫المصارف السلمية )ص ‪.(204‬‬

‫‪468‬‬
‫)‪ (36‬كشاف القناع)‪.(3/312‬‬
‫)‪ (37‬أخرجه البخاري فللي صللحيحه‪ ،‬كتللاب فللرض الخمللس‪،‬‬
‫باب بركة الغازي في ماله حي ّا ً وميتلا ً مللع النللبي _صلللى الللله‬
‫عليلله وسلللم_ وولة الملللر‪ ،‬حللديث رقللم ‪) ،3129‬الفتلللح‬
‫‪ (6/273‬ط دار السلم‪.‬‬
‫)‪ (38‬فتح الباري )‪.(6/277‬‬
‫)‪ (39‬المرجع نفسه )‪ .(6/282‬وعقللب المصللنف علللى قللول‬
‫ابن بطال المتقدم بقوله‪" :‬وفللي قللول ابللن بطللال المتقللدم‪:‬‬
‫"كان يفعل ذلك ليطيب له رب ذلك المال" نظر؛ لنه يتوقف‬
‫على ثبوت أنه كان يتصرف فيه بالتجارة‪ ،‬وأن كثرة ماله إنما‬
‫زادت بالتجارة‪ ،‬والذي يظهر خلف ذلك"‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ولو استعمله في التجارة لطاب للله ذلللك؛ لنلله يصللبح‬
‫مالكا ً للمال فيجوز له التصرف فيه‪.‬‬
‫)‪ (40‬السللفتجة فللي الصللل كلمللة فارسللية معّربللة‪ ،‬أصلللها‬
‫)سفتة( وهي ورقة أو رقعة أو كتاب أو صك يكتبلله الشللخص‬
‫لنائبه أو مدينه في بلد آخر ُيلزمه فيه بدفع مبلللغ مللن المللال‬
‫لشخص أقرضه مثللله‪ ،‬وسللميت هللذه المعاملللة سللفتجة لمللا‬
‫فيها من إحكام المر وتوثيقه وتجنب العناء والخطر‪) .‬معجللم‬
‫المصطلحات القتصادية في لغة الفقهللاء‪ ،‬د‪ .‬نزيلله حمللاد ص‬
‫‪ (190‬وينظللر‪ :‬مجمللوع الفتللاوى ‪ ،19/455،456‬والمغنللي )‬
‫‪.(6/436‬‬
‫)‪ (41‬مجموع الفتاوى )‪.(19/456‬‬
‫)‪ (42‬المغني )‪.(6/437‬‬
‫)‪ (43‬ينظللر‪ :‬حكللم ودائع البنللوك‪ ،..‬د‪ .‬علللي السللالوس )ص‬
‫‪.(60‬‬
‫)‪ (44‬ينظللر‪ :‬الللودائع المصللرفية‪ ،‬للميللن )ص ‪ ،237‬ل ‪،(238‬‬
‫المصارف السلمية‪ ،‬للهيتي )ص ‪.(263‬‬
‫)‪ (45‬ينظر‪ :‬الودائع المصرفية‪ ،‬للحسلني )ص ‪ ،(105‬دراسلة‬
‫شرعية لهم العقود المالية المستحدثة‪ ،‬د‪ .‬محمللد مصللطفى‬
‫أبوه الشنقيطي )‪.(1/282‬‬

‫‪469‬‬
‫)‪ (46‬ينظر‪ :‬ص من هذا البحث‪.‬‬
‫)‪ (47‬ينظلللر‪ :‬بلللدائع الصلللنائع )‪ ،(5/195‬بدايلللة المجتهلللد )‬
‫‪ ،(2/329‬الغاية والتقريب )ص ‪ ،(29‬المنثللور فللي القواعللد )‬
‫‪ ،(3/139‬المغني )‪ ،(6/455‬كشاف القناع )‪.(3/321‬‬
‫)‪ (48‬مجلة المجمع )المناقشات( ‪.9/1/901‬‬
‫)‪ (49‬ينظر‪ :‬المنفعة في القرض‪ ،‬عبد الله العمراني )رسللالة‬
‫ماجستير غير منشورة( )ص ‪.(311‬‬
‫)‪ (50‬العمولة اصطلح متداول في المصارف‪ ،‬ويقصد به مللا‬
‫يأخللذه المصللرف نظيللر عمللل مللن أعمللاله‪ ،‬ويقللابله فللي‬
‫الصطلح الفقهي أجرة أو جعالة‪ ،‬ويلحظ أن لفظللة عمولللة‬
‫غير صحيحة لغللة‪ ،‬ولللم يللرد هللذا الشللتقاق فللي القللواميس‪،‬‬
‫والصللحيح )عمالللة( بضللم العيللن أو كسللرها‪ ،‬ومعناهللا‪ :‬رزق‬
‫العامل‪.‬‬
‫ينظللر‪ :‬دراسللة شللرعية لهللم العقللود الماليللة المسللتحدثة‬
‫‪) 2/256‬الهامش(‪.‬‬
‫)‪ (51‬ينظر‪ :‬المنفعة في القرض )ص ‪.(315‬‬
‫)‪ (52‬ينظر‪ :‬مجلة المجمللع ‪) 9/1/734،735‬بحللث د‪ .‬محمللد‬
‫القره داغي(‪ ،‬الربا والمعاملت المصللرفية‪ ،‬د‪ .‬عمللر المللترك‬
‫)ص ‪.(349‬‬
‫)‪ (53‬ينظر‪ :‬تحول المصرف الربوي إلللى مصللرف إسلللمي‪،‬‬
‫سلعود بللن محمللد الربيعللة )ص ‪ ،(1/199‬نقل ً عللن عبللد الللله‬
‫العمراني في رسالته المنفعة في القرض )ص ‪.(315‬‬
‫)‪ (54‬ينظر‪ :‬مجموع الفتاوى ‪.29/456‬‬
‫)‪ (55‬ينظر‪ :‬المصارف السلمية‪ ،‬د‪ .‬رفيللق يللونس المصللري‬
‫)ص ‪.(18‬‬
‫)‪ (56‬مجلة المجمع ‪) 9/1/900‬مناقشة د‪ .‬الصديق الضرير(‪.‬‬
‫)‪ (57‬ينظر‪ :‬الحسللابات الجاريللة‪ ،‬د‪ .‬مسللعود الثبيللتي )مجلللة‬
‫المجمع ‪ ،(9/1/839،841‬المنفعة في القرض )ص ‪.(321‬‬
‫)‪ (58‬ينظر‪ :‬مجلة المجمع )‪ ،(883 ،803 ،9/1/782‬وينظر‬
‫نص القرار‪.‬‬

‫‪470‬‬
‫)‪ (59‬ينظللر‪ :‬الربللا والمعللاملت المصللرفية‪ ،‬للمللترك )ص‬
‫‪.(347‬‬
‫المصدر ‪ :‬موقع المسلم‬
‫=============‬
‫‪#‬انهيار السهم‬
‫د‪ .‬لطف الله بن مل عبد العظيم خوجه‬
‫في طبع النسللان البحللث عللن المللال‪ .‬وهللو فللي أصللله غيللر‬
‫مذموم؛ إذ بدون المال ل يقدر على تحقيق الحوائج‪ ،‬بللل هللو‬
‫محمود؛ لنه يعفلله ويغنيلله عللن سللؤال النللاس‪ .‬فللي التللوجيه‬
‫النبوي الكريم‪:‬‬
‫)لن يغللدو أحللدكم فيحطللب علللى ظهللره‪ ،‬فيتصللدق بلله‪،‬‬
‫ويستغني به عن لناس‪ ،‬خير له مللن أن يسللأل رجل‪ ،‬أعطللاه‬
‫أو منعه ذلك؛ فإن اليد العليا أفضل من اليللد السللفلى‪ ،‬وابللدأ‬
‫بمن تعول(‪] .‬مسلم‪ ،‬الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬كراهة المسألة للناس[‬
‫لكن إذا صار المال أكبر همه‪ ،‬وشغله الشاغل فللإنه مللذموم؛‬
‫ده وهللدفه الحسللن إلللى الطغيللان‪،‬‬ ‫لخروجلله حينئذ عللن حلل ّ‬
‫والهدف السيء والسوء‪.‬‬
‫‪ -‬فيحصللل للله بلله الللترف‪ ،‬وهللو مللن أسللباب التحلللل مللن‬
‫الشريعة‪ ،‬والتفريط فللي الللتزام الحكللام‪ ،‬وهكللذا هللي أخلق‬
‫مللن خلق للله‪ ،‬كمللا فللي قللوله تعللالى‪} :‬إنهللم كللانوا قبللل‬
‫مترفين{‪.‬‬
‫‪ -‬ويقع به في الطغيان والبطر‪ ،‬كما في قوله تعالى‪} :‬كل إن‬
‫النسان ليطغى * أن رآه استغنى{‪.‬‬
‫ومن جاء هنا ذم التوسع مللن الللدنيا‪ ،‬واعتبللاره سللبب الهلك‪،‬‬
‫ما ال َْفْقَر‬ ‫وعدم الفلح‪ ،‬كما في قوله صلى الله عليه وسلم‪َ ) :‬‬
‫ط عَل َي ْ ُ‬
‫سل َ‬ ‫َ‬ ‫م وَل َك ِّنلي أ َ ْ‬ ‫شى عَل َي ْ ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫ملا‬‫م اللد ّن َْيا ك َ َ‬
‫كل ْ‬ ‫ن ت ُب ْ َ‬
‫شلى أ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫كل ْ‬ ‫خ َ‬
‫ها‬
‫سللو َ‬ ‫مللا ت ََنافَ ُ‬‫ها ك َ َ‬ ‫م فَت ََنافَ ُ‬
‫سللو َ‬ ‫ن قَب ْل َك ُل ْ‬ ‫ن ك َللا َ‬‫مل ْ‬ ‫ت عَل َللى َ‬ ‫س لط َ ْ‬ ‫بُ ِ‬
‫َ‬
‫م(‪] .‬البخاري[‬ ‫ما أهْل َك َت ْهُ ْ‬ ‫م كَ َ‬ ‫وَت ُهْل ِك َك ُ ْ‬
‫وجاء مدح التقلل مللن الللدنيا فللي الخللبر النبللوي الكريللم‪ :‬أن‬
‫الفقراء يدخلون الجنة قبل الغنياء بخمسمائة عام ‪.‬‬

‫‪471‬‬
‫فالميزان ضرورة‪ ،‬والحد دقيق‪ ،‬من وقف عنده انتفللع ونفللع‪،‬‬
‫ومن تجاوز تضرر وأضر‪.‬‬
‫فالميزان في النتفاع بالمال دنيويا‪ ،‬بللدون الضللرار بللالخرة‪،‬‬
‫يكون بشرطين‪:‬‬
‫صل من حّله‪ ،‬الواضح البّين‪.‬‬ ‫الول‪ :‬أن يح ّ‬
‫وفي هذا الشرط وصفان‪ :‬الحّلية‪ ،‬ووضوح الحّلية‪ .‬فقد يكون‬
‫المال حلل لكن بشبهة؛ كلأن يكللون مختلطللا بله شليء مللن‬
‫الحللرام‪ :‬النصللف‪ ،‬أو الثلللث‪ ،‬أو الربللع‪ ...‬أو العشللر‪ .‬فهللذا‬
‫الللواجب فيلله‪ :‬أن يجتنللب‪ .‬فاتقللاء الشللبهات اسللتبراء للللدين‬
‫والعرض‪ ،‬كما في الثر النبوي المقدس‪.‬‬
‫وأوجب منه اجتناب المحرم الصريح الواضح‪ } :‬يا أيها الللذين‬
‫آمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ول تعتدوا إن الللله ل‬
‫يحب المعتدين{‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬أل يلهي ويشغل‪ .‬وآيته‪ :‬أن يكون المللال هللو الشللغل‬
‫الشاغل‪ ،‬فل يبقى للخرة إل القليل‪.‬‬
‫فهذا ينسي ذكر الله تعالى‪ ،‬ويجعل من النسان آلة تعمل بل‬
‫هدف سوى الدنيا‪.‬‬
‫كللذلك‪ ،‬فللإنه يحمللل علللى الوقللوع فللي الشللبهات‪ ،‬كللالراعي‬
‫يرعللى حللول الحمللى يوشللك أن يرتللع فيلله‪ .‬وإذا وقللع فللي‬
‫الشبهات وقع في الحرام‪ ،‬كما في النص النبللوي‪ ،‬وهللو علللى‬
‫معنيين‪:‬‬
‫الول‪ :‬وقللوع حقيقللي فللي الحللرام‪ ،‬فتكللون الشللبهات بهللذا‬
‫المعنى هو‪ :‬الوقوع في الحرام‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه ذريعة إلى الوقوع في الحرام‪.‬‬
‫ومتى مللا كللان تحصلليله المللال بهللذين الشللرطين‪ :‬حلل بّينللا‬
‫واضحا‪ ،‬غير مشغل ول يلهي‪ .‬فإنه مال صالح‪ ،‬لرجللل صللالح‪،‬‬
‫ثمره عمل صالح‪ ،‬وأجر جزيل‪.‬‬
‫بدء سللوق السللهم منللذ سللنوات قريبللة‪ ،‬وهللو نظللام تجللاري‬
‫اقتصادي‪ ،‬مستورد من الرأسمالية الغربية‪ ،‬التي تعبد المللادة‬
‫عبادة اليهود للعجل‪ ،‬والمجوس للنار‪ ،‬والهندوس للبقر ؟!!‪.‬‬

‫‪472‬‬
‫استورد هذا النظام حديثا‪ ،‬كما اسللتوردت مللن قبللل‪ :‬أنظمللة‬
‫اقتصادية رأسمالية‪ ،‬على رأسها البنوك الربويللة‪ ،‬الللتي ملت‬
‫العالم السلمي‪.‬‬
‫هذا النظام الربوي وإن كان مر عليه زمن ‪ -‬ليس بالقصللير –‬
‫والفتوى مصروفة ضده؛ تحريملا‪ ،‬وتنبيهللا وتحلذيرا‪ .‬ملا جعلل‬
‫كللثيرا مللن النللاس ينصللرفون عللن البنللوك يطلبللون السلللمة‬
‫لدينهم ودنياهم‪ :‬فإن سوق السهم مّر ولللم يعللترض طريقلله‬
‫عللائق يعللوقه‪ ،‬إنمللا فتحللت للله البللواب والطرقللات‪ ،‬وانهمللر‬
‫الناس عليه كأسراب الجراد‪ ،‬يرجون خضرته وثماره‪.‬‬
‫ذلللك لن مللن حللظ هللذا السللوق‪ ،‬وكللذا الللذين اسللتوردوه‪،‬‬
‫وطبقللوه‪ :‬أن جللاء بعللد تغيللرات كللبيرة فللي عللالم القتصللاد‬
‫السلمي‪ ،‬والستراتيجيات الدعوية ؟‪.‬‬
‫فبعللد أن كللان طريقللة التعللاطي مللع النظمللة القتصللادية‬
‫الرأسللمالية الكللبرى‪ ،‬يقللوم علللى فكللرة المنللع‪ ،‬والكتفللاء‬
‫بالوضاع السائدة‪ ،‬دون طرح البديل‪ :‬ظهر علماء مختصللون‪،‬‬
‫كان همهم مصروفا في إنشاء أنظمة بديلللة تغنللي‪ ،‬وتتوافللق‬
‫مع الشريعة‪.‬‬
‫نشأ جراء هذا الجهد‪ :‬بنوك إسلللمية‪ ،‬ترفللض فكللرة القللرض‬
‫الربوي )وإن كللانت لللم تسلللم مللن ملحظللات علللى طريقللة‬
‫أدائها !!(‪ .‬وأسلمة بعض البنوك العادية الربوية‪.‬‬
‫كان لهذا التغير‪ ،‬في استراتيجية التعامل مع القضايا العصرية‬
‫القتصادية‪ ،‬أثر إيجابي علللى سللوق السللهم‪ ،‬حيللث لللم يلللق‬
‫معارضة ومنعا‪ ،‬كالذي لقيتلله البنللوك حيللن بللدأت‪ .‬فقللد كللان‬
‫المختصلللون الشلللرعيون القتصلللاديون جلللاهزين بأبحلللاثهم‬
‫وفتللاواهم لهللذا الجديللد‪ ،‬فمللا أن فتللح أبللوابه للتعامللل‪ ،‬وبللدء‬
‫التداول إل وكان عند الناس القدر الكافي من العلم والفتوى‬
‫لمعرفة كيفية الدخول والمشاركة بالبيع والشراء‪.‬‬
‫م مصللروفا لرفللض فكللرة البنللوك جملللة‬ ‫وبعللد أن كللان اله ل ّ‬
‫وتفصيل‪ ،‬صار المهم‪ :‬معرفة ما يجوز شراؤه من السهم وما‬

‫‪473‬‬
‫ل يجوز‪ .‬وكان هللذا مللن حلظ هللذا السلوق‪ ،‬والللذين يملكللون‬
‫زمامه‪.‬‬
‫نعم بين سوق السهم والبنوك فرق جوهري‪ ..‬هذا صحيح‪.‬‬
‫فالبنوك تقوم على معاملت محرمة يقينا‪ ،‬لكون الربللا أصللل‬
‫في وجودها‪ ..‬أما سوق السهم فيقوم علللى الللبيع والشللراء‪:‬‬
‫}وأحل الله البيع وحرم الربا{‪.‬‬
‫غير أن سوق السهم فيه من البليا‪ ،‬والتي ظهللرت ككللوارث‬
‫بعد حين‪ ،‬ذاق مرارتها أكللثر النللاس‪ :‬مللا يجعللله تحللت النظللر‬
‫والريبة؛ في طبيعللة معللاملته‪ ،‬ومللدى مشللروعية هللذا النللوع‬
‫المعاملت السريعة في‪ :‬آليتها‪ ،‬وربحها‪ ،‬وخسارتها‪ .‬ليس في‬
‫كونها بيعا وشراء أصله مباح‪.‬‬
‫وهكذا انساق الناس جميعا ‪ -‬إل من حذر‪ ،‬واتقللى ‪ -‬مللن دون‬
‫أي حذر مللن مخالفللة شللرعية‪ ،‬فللالقوائم موزعللة‪ ،‬ومقسللمة‬
‫إلى‪ :‬نقية‪ ،‬ومختلطة‪ ،‬ومحرمة‪.‬‬
‫فالنقية والمحرمة ل كلم فيها‪ ،‬فأمرها واضح‪.‬‬
‫والكلم في المختلطة‪ ،‬التي تضاربت القوال حيالها‪ ،‬مللا بيللن‬
‫محرم‪ ،‬ومبيح بحسب نسبة الحرام فيها‪ ،‬على اختلف بينهللم‬
‫في تحديد هذه النسبة‪.‬‬
‫وهذه المختلطة تمثل نسبة كبيرة من أسهم السللوق‪ ،‬إن للم‬
‫يكن الكللبر‪ ،‬واختلف المختصللين فيهللا‪ ،‬كللان ذريعللة لتهللافت‬
‫الناس على الشراء منها‪ ،‬فأكثر الناس ل يبتغي سوى بصيص‬
‫فتوى بالباحة‪ ،‬ولو بالشبهة؛ ليتهافت علللى مللا يظنلله طريقللا‬
‫لربح وزيادة دخل‪.‬‬
‫وإذا أضلليف إليهللا النقيللة‪ ،‬فهمنللا كيللف أن البللاب اتسللع جللدا‬
‫لدخول المليين من الراغبين الطامعين فللي تحقيللق الربللاح‬
‫السريعة‪.‬‬
‫وما بين عشية وضحاها‪ :‬انقلب حال النللاس‪ ،‬فصللاروا أسللرى‬
‫سوق السهم‪!..‬؛ فالسوق هو الللذي يسللجنهم مللتى مللا أراد‪،‬‬
‫وهو الذي يطلق سراحهم متى شاء !!‪.‬‬

‫‪474‬‬
‫دخل الناس سللوقا ل يملكللون مللن أمللره شلليئا‪ ،‬ول يقللدرون‬
‫على شيء سوى الفرجة والمراقبة‪ .‬ل يدركون كيف يتحرك‪،‬‬
‫ول كيف يسير‪ ،‬وفي أي اتجاه‪..‬؟!!‪.‬‬
‫ول شك أن سيره ليس بقدر محللض‪ ،‬ليللس فيلله اختيللار‪ ،‬بللل‬
‫هناك من يحركه‪ ،‬ويؤثر فيه‪ ،‬لكنه قطعا لم يكن هذه الجموع‬
‫المتربصة ربحا‪ ،‬وزيادة دخللل يحسللن مللن أوضللاعهم‪ ،‬ويزيللل‬
‫عنهم بعض معاناة الحياة‪ ،‬أو يزيد شيئا من رفاهيتهم‪.‬‬
‫لقد كان المر بيد فئة لديها الخبرة الكافية‪ ،‬واللت والدوات‬
‫اللزمة للتحكم في السوق‪.!!..‬‬
‫دخل النلاس فلي لعبلة خطيلرة‪ ،‬عللى كافلة الصلعدة‪ ،‬وهلم‬
‫يجهلون قواعدها التجارية‪ ،‬والشرعية‪ ،‬والرأسللمالية‪ .‬دخلوهللا‬
‫بللأموالهم كلهللا‪ ،‬أو بعضللها‪ ،‬أو أمللوال غيرهللم‪ ،‬أو أمللوالهم‬
‫أولدهللم وآبللائهم‪ ،‬غيللر معتللبرين تحصلليل المللال مللن حّللله‬
‫الواضح‪ ،‬ول حذرين من أن يشللغلهم ويلهيهللم عللن ذكللر الللله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫فللاقتحموا المختلللط‪ ،‬وبعضللهم حللتى المحللرم‪ ،‬وغرقللوا فللي‬
‫السللوق‪ ،‬فأشللغلهم عللن ذكللر الللله تعللالى‪ ،‬وعللن أعمللالهم‪،‬‬
‫وأولدهم‪ ،‬وأزواجهم‪ ،‬وبيوتهم‪ .‬فأصبحوا وأمسوا فللي صللالت‬
‫السللهم‪ ،‬فأضللروا بأنفسللهم‪ ،‬وبالمصللالح العامللة والخاصللة‪،‬‬
‫فكانت هذه أول الخسارة‪ ،‬وأول الثمرة لتجارة مريبة كهذه‪.‬‬
‫وما كانوا ليستفيقوا‪ ..‬لول أن ما أتوا مللن أجللله‪ ،‬وبللاعوا كللل‬
‫شيء مللن أجللله‪ ،‬وبللذلوا كللل شلليء مللن أجللله‪ :‬عللاد عليهللم‬
‫بالخسارة الثقيلة‪ ،‬والفاجعة العظيمة‪..‬؟!!‪.‬‬
‫لقد خسروا في لحظة مللا كللانوا جمعللوه فللي عقللود‪ ،‬وذهللب‬
‫عنهم في لحظة كل ما كسبوه في لحظة‪ ،‬وذهب معهللم كللل‬
‫ما كان لديهم‪ ،‬فمنهم من مات‪ ،‬ومنهم من انهار‪ ،‬ومنهم مللن‬
‫لزم فراش المرض‪ ،‬ومنهللم مللن سللجن‪ ،‬ومنهللم الللذي صللار‬
‫يستجدي ويسأل‪.!!.‬‬
‫لقد كانوا في غفلة واضحة في كل شيء‪:‬‬

‫‪475‬‬
‫‪ -‬غفلة عن حقيقللة مللا خلقللوا لجللله‪ ،‬وحقيقللة الحيللاة الللدنيا‬
‫والخرة‪.‬‬
‫‪ -‬وغفلة عن حقيقة أحكام الله تعالى في البيع والشراء‪.‬‬
‫‪ -‬وغفلة عن أسواق السهم‪ ،‬والطريقة الرأسمالية فللي هللذه‬
‫الصالت‪ ،‬التي هللي فللي حللالت منهللا أقللرب مللا يكللون إلللى‬
‫الميسللر والقمللار‪ ،‬خصوصللا فللي الحللالت الللتي يكللون فيهللا‬
‫النخفللاض والرتفللاع فللي قيمللة السللهم بشللكل سللريع غيللر‬
‫معلل ول مبرر‪.‬‬
‫؟!!؛ إذ‬ ‫لقد كانوا في غفلة واضحة غير معقولة‪ ،‬ول مقبولة ‪ّ ..‬‬
‫كيف كانوا ل يفطنون إلى النهاية السيئة‪ ،‬وهم ينظللرون إلللى‬
‫زيادات غير طبيعة‪ ،‬ول مبررة ؟!!‪.‬‬
‫ألم يكونوا يدركون أنه سللوق‪ ،‬وليسللت هبللات مضللمونة مللن‬
‫محسنين ؟‪.‬‬
‫أللم يعرفللوا أنهللا رأسللمالية قاسللية ل ترحللم‪ ..‬فيهللا أطللراف‬
‫متصرفون‪ ،‬قادرون على التلعب‪ ،‬ومتصرف فيهم‪ ،‬ليس لهم‬
‫من المر شيء‪ ،‬وهم هؤلء الجموع‪ ،‬إل أنهم هم الخاسللرون‬
‫في كل حال ؟‪.‬‬
‫لو كان لديهم الوعي‪ ،‬والفهللم الكللافي لمللا كللانوا وقللود هللذا‬
‫السوق‪ ،‬ول حجارته ‪..‬‬
‫لكنها المال‪ ،‬وحب الدرهم والدينار ؟!!‪.‬‬
‫غرهللم أن فلنللا صللار مللن أصللحاب الملييللن‪ ،‬بيللن عشللية‬
‫وضحاها‪ ،‬وقلد كلان يسلتدين ليشللتري ملبسله‪ .‬وملا تلذكروا‬
‫الطعم الذي يأتي بالصيد‪ ،‬وهل الصيد إل بطعللم‪ ،‬فهللؤلء هللم‬
‫الطعم‪ ،‬ولولهم ما جاءت الجمللوع زرافللات ووحللدانا تطلللب‬
‫الغنيمة‪.‬‬
‫لقد كان منظر الجموع مزريا وهي تتدافع‪ ،‬وتتقاتل‪ ،‬وتتهافت‬
‫تهافت الفراش على النار‪ ،‬عنللد أبللواب الشللركات للكتتللاب‪،‬‬
‫بعضهم يطأ بعضا‪ ،‬وكأنها أبواب الجنة‪.‬‬
‫بعد كل هذه المعاناة‪ ،‬لم يخرجوا ل بقليل ول كثير‪ ،‬ولو أنهللم‬
‫كانوا من الذين يتقون الشللبهات‪ ،‬ويسللتبرءون لللدينهم‪ ،‬ومللن‬

‫‪476‬‬
‫الرجال الذين ل تلهيهم تجللارة ول بيللع عللن ذكللر الللله‪ .‬لكللان‬
‫خيرا لهم وأقوم‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬هي تجربة مرت‪ ..‬والمؤمن ل يلدغ من جحر مرتين‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ثم حظ الخرة ثانيللا‪،‬‬ ‫إن الله تعالى خلقنا لنبتغي الخرة أو ً‬
‫فقال‪:‬‬
‫}وابتغ فيمللا آتللاك الللله الللدار الخللرة ول تنللس نصلليبك مللن‬
‫الدنيا{‪.‬‬
‫وهكذا يفلح وينعم‪ ،‬أملا ملن عكلس الملر‪ ،‬فلالمر كملا قلال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫)من كان الخرة همه‪ ،‬جعل الله غناه في قلبله‪ ،‬وجملع عليله‬
‫شمله‪ ،‬وأتته الدنيا وهي راغمة‪ .‬ومن كانت الدنيا همه‪ ،‬جعللل‬
‫الله فقره بين عينيه‪ ،‬وفرق عليه شمله‪ ،‬ولم يأته مللن الللدنيا‬
‫إل ما قدر له( الترمذي‬
‫===============‬
‫‪#‬المشروع التغريبي إذ يحمله الصحويون ؟!‬
‫محمد جلل القصاص ]‪[1‬‬
‫في القرآن الكريم تتكرر الحداث ‪ ،‬بللل واللفللاظ ‪ ،‬حللتى أن‬
‫القرآن الكريم يحكي عن المفسللدين فللي كللل العصللور ذات‬
‫الكلمات بنصها ‪ ،‬ثم يتساءل متعجبللا ) أتواصللوا بلله ( ويجيللب‬
‫مقررا ) بل هم قللوم طللاغون ( ‪ ،‬فالشللتراك فللي المفللاهيم‬
‫والتصورات لل وهي هنا الظلم والطغيان لل ل أدى إلللى تطللابق‬
‫الخارج من الجوارح ‪.‬‬
‫نعم تتشابه القلوب فتتكللرر الكلمللات والفعللال والمواقللف ‪،‬‬
‫في الخير والشر ‪ ،‬وفي ثنايا السيرة شللواهد عديللدة ؛ ُيش لّبه‬
‫أبو بكر ل رضي الله عنه لل بمللؤمن آل فرعللون ‪ ،‬وعُللروة بللن‬
‫مسعود الثقفي بالرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسللعى]‬
‫‪ ، [2‬وأبو جهل بفرعون]‪ ، [3‬وأمية بن أبي الصلت بالذي آته‬
‫ي‬‫ل ن َِبلل ّ‬‫ن ل ِك ُ ّ‬ ‫الله آياته فانسلخ منها]‪ ... [4‬وقريب من هذا " إ ِ ّ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫حواريا وحواري الزبير]‪ " [5‬و " ل ِك ُ ّ ُ‬
‫ن هَ لذِ ِ‬ ‫مي ل ُ‬ ‫ن وَأ ِ‬ ‫مي ل ٌ‬
‫م لة ٍ أ ِ‬
‫لأ ّ‬ ‫َ َ ِّ َ َ َ ِ ّ ّ َُْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ح]‪ . [6‬وغير هذا كثير ‪.‬‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫جّرا ِ‬ ‫اْل ّ‬
‫مةِ أُبو عُب َي ْد َةَ ب ْ ُ‬

‫‪477‬‬
‫وفي الواقع المعاصر عجيبة لم أراها في التاريخ كللله ‪ ،‬وهللي‬
‫أن الحداث ‪ ...‬المشاريع ‪ ...‬تتكرر على مسافات قريبة جللدا‬
‫بذات الليات ‪ .‬ول يستطيع أحد أن يوقفها ‪ ،‬مللع أن الحللداث‬
‫ُتنقل بالصوت والصورة من كل مكان في كل مكللان ‪ .‬وهللذا‬
‫المللر كللثير جللدا ‪ ،‬وبي ّللن جللدا فللي رحيللل السللتعمار وتللولي‬
‫القوميون ‪ . . .‬العلمانيون ‪ ،‬تم المللر بللذات الطريقللة تقريبللا‬
‫في كل الدول ‪ ،‬وذات الشيء يحدث في مللا يعللرف بتغريللب‬
‫المجتمعات السلمية ‪،‬وهو ما أردت الحللديث عنلله فللي هللذا‬
‫المقال ‪.‬‬
‫أقللول ‪ :‬بعللد فشللل المشللروع التغريللبي فللي مصللر ‪ ،‬وقيللام‬
‫الصحوة السلمية على أنقاده ‪ ،‬بعللد إفلسلله وانقلب بعللض‬
‫كوادره وجمهوره عليه]‪ ، [7‬بدأ يظهر في أماكن أخللرى مللن‬
‫العالم السلمي المحافظ الذي تربللى علللى التوحيللد ودعللى‬
‫إليه في جميع أنحاء المعمورة ‪ ،‬وبذات الليات ‪ ،‬وعلللى ذات‬
‫المحاور ‪ ،‬وبذات الفكار التي كانت ‪!! .‬‬
‫ول يستخفنك العجب وتمهل ‪.‬‬
‫سأعرض عليك الخطوط الرئيسللية للمشللروع التغريللبي فللي‬
‫مصر لتعلم كيف أنها اليوم تتكرر ‪.‬‬
‫بدأ المشروع التغريبي في مصر علللى عللدة محللاور للل وكللل‬
‫محور كان يتطور في نفسه ويتعاون مع غيره لل ل ؛ كللان مللن‬
‫أهمها حسب الترتيب الزمني ‪:‬‬
‫للل البعثات العلمية ‪ ،‬التي أخرجت للمجتمع المصري فئة من‬
‫ب الغرب ‪ ،‬وراحوا يكتبللون عنلله بمللا‬ ‫) المثقفين ( تشبعوا بح ّ‬
‫سن أحواله ‪ ،‬ويطالبون من طرف خفي أول ثم على المل‬ ‫ُيح ّ‬
‫بعلللد ذللللك أن يتخللللى المجتملللع المصلللري علللن تلللوجهه‬
‫) المحافظ ( وينفتح علللى العللالم ؛كللي يتقللدم ويرتقللي كمللا‬
‫تقدم القوم وارتقوا ‪.‬‬
‫ل المدارس الخاصللة ‪ ،‬ذات الخلفيللات الدينيللة العلمانيللة فللي‬
‫مناهجهللا أو مدرسلليها ومللدرائها ]‪ ،[8‬وهللذه كللانت إحللدى‬
‫المصائب الكللبرى الللتي ُرميللت بهللا المللة فللي مصللر وتركيللا‬

‫‪478‬‬
‫وغيرهمللا ‪ ،‬وكللان لهللا أثللرا كللبيرا فللي المجتمللع بعللد ذلللك ‪،‬‬
‫والكلم فيها يطول ‪ .‬وهللو مبثللوث منشللور فللي أمللاكن عللدة‬
‫ومن شاء أن يطلع فليفتش ]‪. [9‬‬
‫ويلحظ أن أصللحاب البعثللات وخريجللي المللدارس الخاصللة ‪،‬‬
‫كللان لهللم وضللع خللاص فللي الهيكللل التللوظيفي فللي الدولللة‬
‫يومها ‪ ،‬ومازال الحال كما هو إلى اليوم ‪.‬‬
‫لل المجلت والصحف ‪ ،‬كانت إحدى المحاور الرئيسية أيضللا ‪،‬‬
‫فبعضها كان ثقللافي تنظيللري يتحللدث عللن القضللايا الجديللدة‬
‫وينظر لها ‪ ،‬وبعضها كان يرتللدي ثللوب ) الدب ( ‪ ،‬يجللدد فللي‬
‫الدب ‪ ،‬وتجديده كللان معللول فللي جللدار الشللريعة ‪ ،‬ولللك أن‬
‫تراجع ما كتبت يد ُ إيليا أبو ماضللي ‪ ،‬وجللبران خليللل جللبران ‪.‬‬
‫وغيرهما ممن تطاول على عقيللدة القضللاء والقللدر ‪ ،‬وبعللض‬
‫المجلت عملللت علللى ترويللض أصللحاب الهمللم الللدنيئة مللن‬
‫الذين في قلوبهم مرض بإظهار الكاسيات العاريات المائلت‬
‫المميلت ‪ ،‬وبث أخبار الفن والفنانين ‪ ،‬وتلميعهللم فللي أعيللن‬
‫الناس ليكونوا ) أبطال ( يحتذي بهم ‪.‬‬
‫دوم الذي تكفل بقطع أواصل الللولء ودق‬ ‫لل الوطنية وهي الَق ُ‬
‫وَتد البراء ‪ ،‬فخرجت الحركات الوطنيللة الللتي عقللدت الللولء‬
‫على الوطن بحدوده المصطنعة ‪ ،‬ونظرت ) للخر ( على أنه‬
‫محتل ذي أطماع اقتصادية وعنجهية عنصرية ‪ ،‬وتعللامت عللن‬
‫أنه كافر ل يؤمن بالله ول باليوم الخر ول يحرم ما حرم الله‬
‫ورسوله ول يدين دين الحق ‪ ،‬وأن المسلمون أمللة واحللدة ‪..‬‬
‫كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسللد‬
‫بالسهر والحمى ‪.‬‬
‫لل ومن المحاور المهمة جدا محور المرأة ‪ ،‬الللذي بللدأ يتكلللم‬
‫عن جواز كشف الوجه ‪ ،‬وأن الحجاب في الشريعة ل يطللاله‬
‫لل وهو قول مرجوح لل ‪ ،‬ثم تسلل إلى جميع أجزاء المللرأة إل‬
‫مل ستره ‪ .‬فقد كانت دعوة قاسم أميللن ل‬ ‫ج ُ‬‫ما قبح كشفه و َ‬
‫تتعدى المطالبة بكشف الوجه ‪ ،‬وكانت زوجته هو متسللترة ل‬
‫يراها الجانب من الرجال ‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫وهي ذات الدغدغة التي تللدور اليللوم فللي الصللحف علللى يللد‬
‫) المتنورين ( ‪.‬‬
‫ثللم تكلمللوا فللي خللروج المللرأة وعملهللا ‪ .‬مشللروع أم غيللر‬
‫مشروع ؟!‬
‫وما زالوا بالمرأة حتى أخرجوها من بيتها ؛ وكانت أقل الثللار‬
‫التي ترتبت على خللروج المللرأة مللن بيتهللا تفكيللك السللرة ‪،‬‬
‫وإهمللال الولد ‪ ،‬ونشللر الرزيلللة فللي أمللاكن الختلط ‪ ،‬فللي‬
‫الشللارع وفللي العمللل ‪ ،‬نعللم كللانت هللذه أقللل الثللار علللى‬
‫عظمها ‪ ،‬وكان أكبرها لل وهو الغاية من التحرك علللى محللور‬
‫المرأة من وجهة نظري لل هللو مهاجمللة العقيللدة السلللمية ؛‬
‫فبخروج المرأة ودخولها فيما ل يتناسب مع تركيبها الجسمي‬
‫والنفسي الذي فطرها الله عليه ظهرت لهللا قضللايا تتعللارض‬
‫مللع الشللريعة السلللمية ‪ ،‬وتتعللارض مللع صللريح النصللوص‬
‫القرآنية وصحيح الحاديث النبويللة ‪ ،‬فقللالوا ‪ :‬تعمللل كالرجللل‬
‫فلم تأخذ نصف الميراث ؟! وقالوا ‪ :‬تنفق من مالها كالرجللل‬
‫فلم القوامة للرجل وليست لها ؟‬
‫وقالوا وقالوا وكذبوا فيما قالوا ‪.‬‬
‫فكانت المرأة إحدى القناطر التي عَب ََر عليها الغللرب لثوابتنللا‬
‫ث من خللها خطابا أقل نتائجه هي القول بللأن‬ ‫الشرعية ‪ ،‬وب ّ‬
‫الشريعة السلمية لم تعد تصلح لهذا الزمان ‪.‬‬
‫والن يدغدغون بكلم حول الوجه ويستأنسون بقللول الشلليخ‬
‫اللباني ل رحمه الله ل بأن كشللف الللوجه جللائز ‪ ،‬ويسللتدعون‬
‫الغافلين من تلميذه ليؤيدوا كلمهم ‪ .‬وكل نللبيه ذكللي يللدري‬
‫أن هؤلء ليسوا كالشيخ اللباني لل رحمه الللله لل ل وإن التقللوا‬
‫في هذه النقطة ؛ وكل نبيه ذكي ُيعللرض عليلله هللذا النقللاش‬
‫عليه أن ينظر في المآلت ثم يركل القوم بكلتا قدميه ‪.‬‬
‫لل وكان محور الهجوم على التراث السلمي بالتشللكيك فللي‬
‫بعضلله ‪ ،‬وبللالنبش عللن النمللاذج السلليئة فللي تاريللخ المللة‬
‫وتقديمها للناس على أنه هذا هو ثمرة ) تحكيلم الشلريعة ( ‪،‬‬
‫أو تقللديم نمللوذج مللن تخلللوا عللن الللدين وكفللروا بللالله رب‬

‫‪480‬‬
‫العالمين ممن أمدهم الله بظاهرٍ من الحياة الدنيا ‪ ،‬وتشويق‬
‫عامة النا]‪[10‬س إلى رقي كرقي هؤلء وتحضر كتحضرهم ‪.‬‬
‫لل وانتشر الغناء وأقبل أهل الرقص والزمللر " الفللن" يثبتللون‬
‫الفكار والمفاهيم بأجسادهم العارية ووجوههم الجميلة ‪.‬‬
‫كللان فللي طرحهللم هجللوم مباشللر علللى ثللوابت الشللريعة‬
‫السلمية ‪ ،‬مثل تعدد الزوجات ‪ ،‬وترسيخ مفهوم الولء علللى‬
‫الوطن ل الدين ‪ .‬والسخرية من اللغة العربية ومن مدرسللي‬
‫اللغلللة العربيلللة ‪ ،‬وملللن رجلللال اللللدين ) المللللتزمين للللل‬
‫المطاوعة ( ‪ ،‬وتقديم النموذج الغربي للشباب علللى أنلله هللو‬
‫النموذج المثالي ‪ .‬هذا بجانب نشر الرذيلة ‪.‬‬
‫لل ثم جاء دور ) رجال الدين ( وكانوا هللم ثلاني المحللاور مللن‬
‫حيللث الهميللة للل مللن وجهللة نظللري للل وكللانوا هللم الفاعللل‬
‫الرئيسي في مشروع التغريب ‪ ،‬فكل ما سبق كان بالمكللان‬
‫رده أو حصللره فللي إطللار النحللراف الخلقللي ‪ ،‬إلللى أن جللاء‬
‫بعض المنتسبين للشريعة فألبسوا التغريللب ثللوب ) الصلللح‬
‫الديني ( ‪ .‬وبللرزوا للمللة كمصلللحين ‪ ...‬مناضلللين ‪ ...‬ثللائرين‬
‫على ) الجمود ( و ) التعصب ( ‪.‬‬
‫فقط أضع بعض الملمح للشخصيات الفاعلة في هذا المحور‬
‫لترى كيف ُينتقى الشخصيات حديثا ‪.‬‬
‫لل من أبرز سمات الشخصلليات ) الصلللحية ( فللي المجتمللع‬
‫المصري يومها وخاصللة ) محمللد عبللده (و ) اليرانللي جمللال‬
‫الدين ( أنها كانت شخصلليات ثللائرة ‪ ،‬محسللوبة علللى الثللورة‬
‫المصرية ضد النجليز ومللن الللواقفين فللي وجلله الملللك مللن‬
‫أجل ) الصلح ( والمطالبة بالحقوق ‪ ،‬فقد برز لل أو بالحرى‬
‫ُأبرَز لل اسم محمد عبده في ثورة عرابي وتم نفيه للبنان ثللم‬
‫معوه للل ‪ .‬فكان هو ) رجل ( المرحلة ‪ ،‬كللان‬ ‫أعادوه بعد أن ل ّ‬
‫هو التطور الطبيعي للطهطاوي و اليراني ‪.‬‬
‫ل كل ما فعله ) الشيوخ ( هو أنهللم تكلمللوا بللأن ) الرقللي ( و‬
‫) التحضر ( أو ) التجديللد ( للل بمفهللومه المطللروح مللن قبللل‬
‫الليللبراليين اليللوم لللل ل يتعللارض مللع الشللريعة السلللمية ‪،‬‬

‫‪481‬‬
‫وإقصاء ) الخر ( لل وهو البراء منه عندنا لل مناطللاته متعللددة‬
‫وليس محرما من كل وجه ‪.‬‬
‫وأعرض عليك في عجالة بعض أفكارهم ‪.‬‬
‫ط القللوم علللى حيللاض الغللرب‬ ‫رفاعة الطهطاوي لل وهو فَ لَر ُ‬
‫الكدرة النجسة لل في كتابيه ) المرشد المين للبنات والبنين‬
‫( و ) تخليللص البريللز فللي تلخيللص بللاريز ( امتللدح المجتمللع‬
‫الغربي ‪ ..‬أسلوب حيللاته وثقللافته ‪ ،‬وحللاول أن يحصللر المللر‬
‫فقط في اختلف المسميات‪.‬‬
‫وأثنى على الدستور الفرنسي الشرطة ‪ ،‬ووصفها بأنها عللدل ً‬
‫وإنصافا أدى إلى تعمير الممالك وراحة العباد وارتياح القلوب‬
‫حتى أنه ما عاد يسمع عندهم من يشكو ظلما ً أبدا ‪!!.‬‬
‫وأحسللب أن موسلليقى حفلت الرقللص الللتي أطللال فللي‬
‫مت‬ ‫وصفها ‪ ،‬ونساء باريس التللي يرقصللن مللع الرجللال ‪ ،‬ص ل ّ‬
‫أذن ) الشيخ ( وألهته عن البحث في ضواحي بللاريس وقللرى‬
‫فرنسا عن إخوان ) المورسكيين ( وغيرهم ممن يثير الرض‬
‫ويسقي الحرث طلبا للرزق ‪.‬‬
‫ثم جاء جمال الدين السد أبادي المشللهور بالفغللاني والللذي‬
‫نفي إلى مصر لفكره العللتزالي وأرائه الغريبللة ‪ ،‬وادعللى أن‬
‫المللة هللي مصللدر الحكللم ‪ ،‬وأن الشللتراكية مللن السلللم ‪.‬‬
‫ونللادى بوحللدة الديللان ‪ ،‬والسلللم العللالمي ؛ ومللن أراد أن‬
‫يستيقن أو يستزيد فليقللرأ خللاطرات جمللال الللدين الفغللاني‬
‫اختيار عبد العزيز سيد الهللل ص ‪ 14 :‬والتجاهللات الفكريللة‬
‫والسياسية والجتماعية علي الحوافظة ‪181،182 ،102:‬‬
‫ثم جاء محمد عبده لل ول حظ التطور في الطللرح لل ل وتحللت‬
‫مسمى ) الصلح (]‪ [11‬أباح التشبه بالخواجات في الفتللوى‬
‫الترنسفالية ‪ ،‬وأباح الربا في شكل صناديق التللوفير ‪ ،‬وح لّرم‬
‫تعدد الزوجات ‪ ،‬وكان ظهيرا ً لقاسم أمين في كتابه " تحريللر‬
‫المرأة " وكان مللن ) أعظللم مللن تجللرأ علللى مفهللوم الللولء‬
‫والللبراء ودار الحللرب ودار السلللم مللن المنتسللبين للعلمللاء‬
‫بتعاونه مع الحكومة النجليزية الكافرة ودعوته إلللى التعامللل‬

‫‪482‬‬
‫مللع النجليللز وغيرهللم بحجللة أن التعامللل مللع الكللافر ليللس‬
‫محرما ً من كل وجه ( ] العلمانية ‪. [578 :‬‬
‫وقد لخص العقاد ما أريد قوله عن محمد عبده في سللطرين‬
‫ة يمكن أن يقللال‬ ‫يقول في ] أعلم العرب ‪ ) : [ 176 :‬وجمل ً‬
‫ل من أعمال الخدمة الجتماعية تم بعللد وفللاته‬ ‫أن ما من عم ٍ‬
‫إل كان من مشروعاته التي هيأ لها الذهان ومهد لها الطريق‬
‫وبدأ فعل ً بالستعداد لتنفيذها ومنهللا الجامعللة المصللرية الللتي‬
‫كان يعني بها أن تقوم بتعليم العلللوم وفقلا ً للمناهللج الحديثللة‬
‫وتسهم في تجديد الحضارة العربية القديمة ( ]‪[12‬‬
‫وتدبر ‪ :‬التعامل ملع الكفلار ) قبللول الخلر ( ‪ ،‬التشلبه بهللم ‪،‬‬
‫إباحة الربا ‪ ،‬تحرير المرأة ‪ ،‬تحريم تعللدد الزوجللات ‪ ،‬أليسللت‬
‫هي ذات المطالب التي ينادي بها الليبراليون اليوم ؟‬
‫لل لم يتجه محمد عبده ومن معه في نقده للمؤسسة الدينية‬
‫الرسمية ) الزهر ( إلى من يخالفونه فيها ‪ ،‬لم يجلس معهللم‬
‫يخللاطبهم بمللا عنللده ‪ ،‬يعللرض عليهللم أطروحللاته ويسللتمع‬
‫لردودهم ‪ ،‬وقد كان الخلص يقتضلي ذللك ‪ ،‬بلل إن نصلوص‬
‫الشللريعة تللأمر بللذلك ففللي الحللديث ) الللدين النصلليحة ‪...‬‬
‫الحللديث ( ‪ ،‬ولكنلله اتجلله للجمللاهير ‪ ،‬وأخللذ يقلبهللا علللى‬
‫المؤسسة الدينية الرسمية ‪ ،‬بل وينفرها منها ‪ ،‬بللدعوى أنهللم‬
‫غير متفتحين ‪ ،‬ل يفقهللون الواقللع ‪ ،‬فتللاويهم تصلللح لخمسللة‬
‫قرون ماضية ‪ ،‬أما هللذا اليللوم فيحتللاج لمفللتي أوعللى وأدرى‬
‫بحال الناس ‪ ،‬وأخذ يرميهللم بمللا ينفللر النللاس منهللم ‪ .‬وكللان‬
‫متللدنيا فللي كلمللاته يصللف الزهللر بللأنه ) المخللروب ( و‬
‫) الستبل ( في إشارة واضللحة إلللى أن مللا فيلله مللن علمللاء‬
‫حيوانات ل يفقهون شيئا ‪ ،‬يتكلم بهذا ثم هو إمام ومجدد عند‬
‫بعضللهم !! ‪ ،‬وطللبيعي أن يجللد مللن يسللمع للله ويتحمللس‬
‫لفكرته ‪.‬‬
‫لل ومن أهم ما حدث أن هذا التيار الجديد أخذ ُيربي مجموعة‬
‫من النابهين الطامحين المتحمسللين علللى أفكللاره ‪ ،‬ولللك أن‬
‫تقرأ سير كل الشخصيات الللتي بللرزت بعللد ذلللك فللي جميللع‬

‫‪483‬‬
‫المجالت حتى السياسية لتجد أنها تأثرت مباشرة بالخطللاب‬
‫المنبعث من المؤسسة الدينية في شخص محمد عبده يومها‬
‫‪ ،‬قاسم أمين ‪ ،‬أحمد لطفي السلليد ‪ ،‬سللعد زغلللول ‪ ،‬والللذين‬
‫جاءوا من بعدهم كلابن العقللاد وغيللره ‪ .‬وكللانت تربيللة هلؤلء‬
‫الكوادر تعتمد على أسلوب النتقاء والمتابعة ‪ .‬وسيأتي مزيد‬
‫بيان لهذه النقطة إن شاء الله وقدر‬
‫للل فالصللورة الللتي انتهللى إليهللا هللؤلء ) الصلللحيون ( أنهللم‬
‫استدبروا المؤسسة الدينية ‪ ،‬وأخذوا يتكلمون للناس ويربون‬
‫‪ ،‬وأوجدوا واقعا جديدا بعيللدا عللن الواقللع القللديم ‪ ،‬وفرضللوه‬
‫على الواقع القللديم ‪ .‬ثللم حللدث السللتبدال بعامللل الللوقت ‪،‬‬
‫وبعصا السلطان ‪.‬‬
‫لل المحور الخير وهو المنسق والمفعل لكل هذه المحاور هو‬
‫عصا السلطان ‪ ،‬التي سللمحت لهللذا ومنعللت هللذا ‪ ،‬وقللدمت‬
‫هذا وأخرت هذا ‪ ،‬وولت هذا وعزلت هذا ‪ ،‬كللانت يومهللا فللي‬
‫أرض الكنانة مع المجرميللن وتحللارب الطيللبين ‪ ،‬وهللي اليللوم‬
‫غائبة بل منحازة ) للملتزمين لل المطاوعة ( وهي نعمللة مللن‬
‫الله ل بد من شكرها ‪.‬‬
‫لل بقى أن شيء لبد من ذكره ‪ ،‬وهو أن سبب تقبل المجتمع‬
‫المصللري للطللرح التغريللبي هللو الرجللاء جرثومللة الرجللاء ‪،‬‬
‫مَلت جرثومة الرجاء عملها فللي عقيللدة المللة ‪ ،‬فللأخرجت‬ ‫عَ َ‬
‫العمل من مسمى اليمان ليكون شرط كمال ل شرط صحة‬
‫واقتضللاء ‪ ،‬فانحسللر اليمللان فللي ذهللن العللوام إلللى نطللق‬
‫بالشهادتين ‪ ،‬وإقللرار باللسللان ‪ ،‬وانتسللاب فللي الجملللة إلللى‬
‫السلم ‪.‬‬
‫ولوله ل أعني الرجاء ل ما انبهر بهللم الشللعب ول مللن ذهبللوا‬
‫مبعوثين عن الشعب ‪.‬‬
‫لوله ما ذهبت النخبة مللن أبنللاء المللة بللل مللن طلبللة العلللم‬
‫الشرعي في الزهللر الشللريف ‪ ،‬إلللى هللذه البلللدان الكللافرة‬
‫تتلمذ على يلد أبنللائهم ‪ ،‬وتثنللي عليهلم ‪ ،‬وتريللد منلا تقليلدهم‬
‫والسير في ركابهم ‪.‬‬

‫‪484‬‬
‫لللول الخلللل العقللدي الللذي أحللدثته جرثومللة الرجللاء فللي‬
‫المفاهيم السلمية ‪ ،‬والتصورات العقدية عنللد هللذه النخبللة ‪،‬‬
‫لوقفوا في ديارهم حين رأوا حالهم يقولللون لهللم ‪ " :‬اعبللدوا‬
‫الله ما لكم من إله غيره ‪ " ".‬قل إنما حللرم ربللي الفللواحش‬
‫ما ظهر منها وما بطن الثم والبغي بغير الحللق وأن تشللركوا‬
‫بالله مللا لللم ينللزل بلله سلللطانا وأن تقولللوا علللى الللله مللا ل‬
‫تعلمون " " ما اتخذ الله من ولد ومللا كللان معلله مللن إللله إذا‬
‫لذهب كل إللله بمللا خلللق ولعل بعضللهم علللى بعللض سللبحانه‬
‫وتعالى عما يشركون ‪.‬‬
‫ولعادوا إلينا يقولون لنا ‪ :‬إنهم أهل دياسة ل يغار الرجل على‬
‫عرضه ‪ ،‬وأهل كفر ل يتحاكمون إلى شرع الله ‪...‬ولكن شلليئا‬
‫من هذا لللم يحللدث ‪ .‬بللل ُأشللربت قلللوبهم الفسللق بضللللهم‬
‫وُبعدهم عن منهج الله الصحيح ‪ ،‬فعادوا يريدون من المة أن‬
‫تسير في ركاب الضالين ‪ ...‬وأن تقتفي أثر باريس وبرليللن ‪،‬‬
‫وأن تحمل على أعناقها الفسقة والمجرمين ‪.‬‬
‫واليوم الرجاء موجود ولكن بشكل آخر ) سلفي ( ملتزم هو‬
‫دل‬‫بالسمت والشعائر ‪ ،‬ولكنه ل يرى حرجا على من ترك وبلل ّ‬
‫أو رد ّ وعاند واستكبر ما دام ينطق بكلمة التوحيللد ‪ .‬والمللوت‬
‫بالزهرِ مثل الموت بللالفحم ‪ .‬فالمحصلللة واحللدة بيللن إرجللاء‬
‫المس وإرجاء اليوم ‪.‬‬
‫إرشادات لحباط كيد المجرمين ]‪[13‬‬
‫لل غالب من يتكلم يتجه للجماهير بخطاب عام ‪ ،‬وهلذا وحلده‬
‫ل يكفي ‪.‬‬
‫من يتدبر في نشللأة الللدول ‪ ،‬والفللرق ‪ ،‬يجللد أن الجمللاهير ل‬
‫ن غلللب‬ ‫مل ْ‬
‫تدخل مراحل الصراع الولى ‪ ،‬وان الجمللاهير مللع َ‬
‫في الخير ‪ ،‬فهي طّيعة ُتؤتى من أذنهلا ‪ .‬ولكلن تنشلأ اللدول‬
‫والفكللار بطريقللة التنشللئة والتربيللة ثللم التللوجه للجمللاهير‬
‫بخطاب عام يتناسب مع مستوى وعيها وقتئذ ‪.‬‬
‫مثل الدولة العباسية ‪ ،‬بللدأت بالللدعاة المخلصللين ثللم مللارس‬
‫هؤلء الدعوة السرية ثم اتجهوا ل بمن أطللاعهم للل للجمللاهير‬

‫‪485‬‬
‫بخطاب حماسي تحريضي وساروا إلى بني أمية في دمشللق‬
‫وأسسوا الدولة ‪ ،‬واشُتهر في التاريخ اصطفاء مجموعللة مللن‬
‫الفراد ذوي المهارات المعينة من أجل تنفيذ مهللام محللددة ‪،‬‬
‫وكان أكثر ذلك في القتال ‪ ،‬وعلللى سللبيل المثللال المماليللك‬
‫البحرية]‪ [14‬والفتيان العامريون]‪ [15‬والنكشارية ]‪[16‬‬
‫ومن هذا الكلية التي أنشأها اللللورد ) كرومللر ( و ) الشلليخ (‬
‫محملللد عبلللده ) ‪1849‬م لللل ‪1905‬م ( فلللي مطللللع القلللرن‬
‫العشرين لتخريج قضاة شرع من ذوي الطابع التحللرري ‪. . .‬‬
‫كانت بمثابللة محضللن تربللوي لمجموعللة منتقللاة مللن الطلبللة‬
‫وتعتمللد علللى برامللج علميللة منتقللاة أيضللا لتحقيللق أهللداف‬
‫خاصة ‪ ...‬كانت ) نظم تذود الطالب ببرامج ثقافية ذات طابع‬
‫تحرري ول تحصللر الطللالب فللي الدراسللات الخاصللة( و) قللد‬
‫كانت تجربللة أثبتللت نجاحهللا مللن كللل والوجللوه ( كمللا يقللول‬
‫) كرومر ( في تقريللره لحكللومته عللام ‪1905‬م]‪ . [17‬وهللذه‬
‫المدارس هي التي خرج منها جيل كامل من الشاذين فكريللا‬
‫وأصحاب الطموحات الدنيوية ل كمللا يصللفهم الللدكتور محمللد‬
‫محمد حسين ل يرحمه الله ل والذين كللانوا سللببا رئيسلليا مللن‬
‫أسباب تغريب المة ]‪.[18‬‬
‫وقد فطن عباد الصليب إلى هللذا المللر فعمللدوا إلللى إنشللاء‬
‫مدارس تربوية خاصة ‪ .‬تعتمد مناهج معينة تحقلق أهلدافهم ‪،‬‬
‫وتقبل طلبا بصفات معينة من الذكاء أو الوضع الجتماعي للل‬
‫أبنللاء المللراء وكللبراء القللوم ل ل ولكللي تعللرف خطللورة هللذه‬
‫المدارس أنقل لك كلمة أحدهم ‪ ،‬يقول وقد أسللس مدرسللة‬
‫في اسطنبول عام ‪1863‬م ‪ » :‬لقد أنشأ التراك حصنا ً لفتللح‬
‫إسطنبول ‪ ،‬وأنا سأنشئ هنا مدرسة لهدمهم « ‪ ،‬وما يعنينللي‬
‫هنا أن هذا المدارس قامت على نوعي النتقللاء الللذي أتكلللم‬
‫عنه انتقاء الفراد وانتقاء المنهج ‪ .‬وكانت محصلللتها مللا نحللن‬
‫فيه اليوم]‪. [19‬‬

‫‪486‬‬
‫ول بللد مللن العمللل علللى ذات المحللور ‪ ،‬أعنللي تربيللة كللوادر‬
‫علميه تتصدى للمجرمين وتتولى مسللئولية تللوجيه المللة ‪ .‬أو‬
‫تفرض واقعا جديدا على الموجودين ‪.‬‬
‫إن الصراع بين الحق والباطل ل يظهر على السللطح إل فللي‬
‫المراحل الخيللرة ‪ ،‬ومراحللل العللداد تكللون كلهللا فللي إطللار‬
‫ضيق خفي ل يدري بها إل النابهون مللن المهتميللن ‪ ،‬فانتظللار‬
‫أن يحتدم الصراع على السطح ‪ . . .‬أمر من السذاجة بمكان‬
‫‪ ،‬ويكفي ما مضى في التاريخ من دروس وعبر ‪.‬‬
‫لل طرد الرجاء الفكري ‪ ،‬والتصدي للمحاولت ) الصلللحية (‬
‫التي تنبثق من داخل الصف السلمي ) الصحوي ( تحديللدا ‪،‬‬
‫فكمللا رأينللا فللي التجربللة المصللرية ‪ ،‬ل بللد مللن الصللحويين‬
‫أصحاب اليدي النظيفة ‪ ،‬ليتكلموا للناس بأن الللذي يللدعوهم‬
‫إليه القوم ل يفارق الشرع في كللثير ‪ ،‬وهللذا يقتضللي إشللاعة‬
‫فقه المآلت في الفتوى ‪ ،‬والنظر فللي الخلفيللات والللدوافع ‪،‬‬
‫وعلينا أن نذكر هؤلء بالله وأن ينظروا في مآل مللا يتكلمللون‬
‫به ‪.‬‬
‫‪-------------------------------------------------‬‬
‫]‪ [1‬طالب علم‬
‫]‪ [2‬الروض النف قصة مقتللل عللروة بللن مسللعود الثقفللي ‪.‬‬
‫وحاء في سنن الترمزي ‪3582‬في كتاب المناقب من حديث‬
‫جابر بن عبد الله رضي الله عنه وهو في السللراء والمعللراج‬
‫وصف عروة بن مسعود الثقفي بعيسى عليه السلم ‪ .‬وجللاء‬
‫ذلك أيضا في صحيح مسلم كتاب اليمان حديث رقم ‪. 251‬‬
‫]‪ [3‬مسند أحمد ‪5172‬‬
‫]‪ [4‬والبداية والنهاية لبن كثير ‪ :‬جل ‪ 2‬لل ‪220‬‬
‫]‪ [5‬البخاري ‪2634‬ومسلم ‪.4436‬‬
‫]‪ [6‬البخاري كتاب المغازي حديث رقم ‪4382‬‬
‫]‪ [7‬يذكر مثل أن سيد قطب ومحمد قطب ‪ ،‬وهم من أشللهر‬
‫السماء فللي الصللحوة السلللمية ‪ ،‬كللانوا ممللن تربللوا ضللمن‬
‫منظومللة التيللار التغريللبي ‪ ،‬وكللذا بللدأ الحجللاب لل ل بمفهللومه‬

‫‪487‬‬
‫الشرعي الصللحيح لل ل يظهللر فللي الجامعللات العلمانيللة وفللي‬
‫الشارع المصري حتى أصبح ظللاهرة ‪ .‬وكللذا اللحيللة وتقصللير‬
‫الثياب بين الشباب ‪.‬‬
‫]‪ [8‬خطللورة المعلللم كخطللورة المناهللج إن لللم تكللن أشللد ‪،‬‬
‫فالقدوة لها تأثيرها القوي جدا في حس الناشئة ‪ ،‬ويسللتطيع‬
‫أي معلم أن يخرج على المنهج ويبث مفللاهيم جيللدة أو رديئة‬
‫أثناء تدريس المنهج الرسمي ‪ .‬لذا ينبغي أن يكللون الهتمللام‬
‫بالمعلم من جنس الهتمام بالمناهج ‪.‬‬
‫]‪ [9‬انظر ل مثل لل ل ) التعليللم الجنللبي مخللاطر ل تنتهللي ( لل ل‬
‫مهيمن عبد الجبار ‪.‬مجلة البيان العدد ‪174 /‬صل ‪ ، 18‬والعللدد‬
‫‪ 175‬صل ل ‪ . 8‬وهللو مللن أفضللل مللا اطلعللت عليلله فللي هللذا‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫]‪[10‬‬
‫]‪ [11‬قلت كل يدعي الصلللح ‪ ،‬وفللي المنللافقين نللزل قللول‬
‫الله تعالى ‪ ) :‬وإذا قيل لهم ل تفسدوا في الرض قللالوا إنمللا‬
‫نحن مصلحون ‪ .‬أل إنهم هم المفسدون ولكن ل يشعرون ( ‪.‬‬
‫]‪ ] [12‬العقاد ‪:‬أعلم العرب ص ‪[176 :‬‬
‫]‪ [13‬لم أقصد بالمجرمين إخواننا ممللن يصللب كلمهللم فللي‬
‫حياض القلوم ‪ ،‬فهللؤلء دون ذللك ‪ ،‬وهلم أخللوة لنلا فللي كللل‬
‫حال ‪ .‬ولكن عنيت الذي يتولى كبره ‪.‬‬
‫]‪ [14‬وهم من المماليك الللترك ويعرفلون فللي كتلب التاريللخ‬
‫بالمماليك البحرية نسبه لقلعتهللم الللتي كللانت بالروضللة فللي‬
‫البحر ) نهر النيل ( ‪ .‬جلبهم الملك الصالح نجللم الللدين أيللوب‬
‫المتوفي سنة ‪ 647‬هل ل واسللتعان بهللم فللي حروبلله الداخليللة‬
‫والخارجية ‪ ،‬ثم استولوا بعد ذلللك علللى الحكللم وقللامت لهللم‬
‫دولة في مصر والشام سنة ‪650‬هلل ‪ ،‬وهلم مللن تصلدوا بعلد‬
‫ذلللك للتتللار ‪ .‬وخلفهللم فللي الحكللم المماليللك البرجيللة ثللم‬
‫المماليك الشراكسة ‪ .‬واستمرت دولتهم إلى أن قضى عليها‬
‫السلطان سليم الول العثماني سنة ‪922‬هل ل ‪ .‬أنظللر البدايللة‬
‫والنهاية لبن كثير أحداث عام ‪922‬هل‬

‫‪488‬‬
‫]‪ [15‬ينسللبوا إلللى الحللاجب المنصللور بللن أبللي عللامر أميللر‬
‫الندلس الشهير المتوفي عام ‪ 393‬هل ل ‪ ،‬وكللانوا مللن العبيللد‬
‫البيض ) الصقالبة ( ‪ ،‬دربهم وأحسن تدريبهم ‪ ،‬واعتمد عليهم‬
‫في تثبيت أركان ملكة والقضاء علللى خصللومه ‪ .‬وكللانوا أحللد‬
‫السباب الهامة في الفتن الداخلية التي نشللأة فللي النللدلس‬
‫وكانوا سببا في مللا عللرف تاريخيللا بدولللة الطللوائف الثانيللة ‪.‬‬
‫أنظر ترجمة الحاجب المنصور في أحداث عام ‪ 392‬وما تلى‬
‫ذلك من أحداث ‪ .‬البداية والنهاية بن كثير ‪.‬‬
‫]‪ [16‬كلمة ) انكشارية ( كلمة عربيللة محرفللة لكلمللة تركيللة‬
‫هي ) يني تشاري ( وتعني الجيللش الجديللد ‪ ،‬وهللم مجموعللة‬
‫من الشبان صغار السن من أسرى الحرب أخذهم السلطان‬
‫الغللازي ) أورخللان الول ( وربللاهم تربيللة إسلللمية بحيللث ل‬
‫يعرفون أبا إل السلطان ول حرفة إل الجهاد في سبيل الله ‪،‬‬
‫ولعدم وجود أقارب لهم بين الهلالي ل يخشلى ملن تحزبهلم‬
‫مع الهالي على الدولة ‪ .‬وكانوا في البداية فرقة صغيره ثللم‬
‫زاد عللددهم حللتى صللار ل يعللول إل عليهللم فللي الحللروب ن‬
‫وكانوا من أهم وأكبر عوامل امتداد سلطة الدولة العثمانية ‪،‬‬
‫واشتهروا بالفتك بخصومهم والغدر أحيانا ‪ ،‬كما أنهللم خرجللوا‬
‫فيما بعد عن حدودهم وتعدوا واستبدوا بما جعلهم سللببا فللي‬
‫تأخر الدولة وتقهقرها ‪ .‬انظر ل إن شئت ل تاريخ الدولة العلية‬
‫العثمانية ج ‪/1‬ص ‪ .123‬محمد فريد بك ‪ .‬دار النفائس بيروت‬
‫‪ .‬بتصرف يسير ‪.‬‬
‫]‪ [17‬العلمانية للشيخ الدكتور سفر بن عبد الرحمن الحوالي‬
‫‪577 ، 576‬‬
‫]‪ [18‬أنظر للكللاتب ) حاجتنللا للنتقللاء فللي التربيللة ( ‪ ،‬موقللع‬
‫المسلم الركن الشرعي ‪ ،‬وصيد الفوائد في الصفحة الخاصة‬
‫‪.‬‬
‫]‪ [19‬لمزيد من التفاصيل حول التعليلم الجنلبي فلي العلالم‬
‫السلللمي ‪ ،‬انظللر ) التعليللم الجنللبي مخللاطر ل تنتهللي ( لل ل‬

‫‪489‬‬
‫مهيمن عبد الجبار ‪.‬مجلة البيان العدد ‪174 /‬صل ‪ ، 18‬والعللدد‬
‫‪ 175‬صل ‪. 8‬‬
‫=================‬
‫‪#‬الستثمار في صناديق السهم في البنوك‬
‫الدكتور محمد بن سعود العصيمي‬
‫نص السؤال‬
‫هللل يجللوز السللتثمار فللي صللندوق السللهم المحليللة للبنللك‬
‫الهلي؟‬
‫نص الجواب‬
‫الحمد لله والصلة والسلللم علللى رسللول الللله ‪ ،‬وعلللى آللله‬
‫وصحبه ومن واله‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫موضللوع صللناديق السللهم مبنللي علللى الكلم فللي السللهم‪،‬‬
‫وبدون الدخول فللي التفاصلليل المعروفللة‪ ،‬فللي حكللم تللداول‬
‫أسللهم الشللركات المسللاهمة الللتي تقللترض وتقللرض بالربللا‪،‬‬
‫وبدون الدخول في مسميات الصناديق المحلية المقدمة من‬
‫البنوك التجارية في السعودية أقول _وبالله التوفيق_‪:‬‬
‫• ل يللرى جمللاهير العلمللاء المعاصللرين صللحة شللراء سللهم‬
‫شركة مساهمة نشاطها محرم‪ ،‬أو تقترض أو تقرض بالربا‪.‬‬
‫• كللل الصللناديق الموجللودة الن تقللوم علللى فتللوى بجللواز‬
‫التعامل بأسهم الشركات المسللاهمة الللتي تقللترض وتقللرض‬
‫بالربا حسب تفصيل ل يسع المقام له‪ ،‬وقد فصلته فللي كلم‬
‫سابق‪ ،‬وهي بين مقل ومكثر في التوسع في تلك الشركات‪،‬‬
‫وبعضها يزعم أنه إسلمي لمجللرد أنلله ل يتعامللل فللي أسللهم‬
‫البنوك التجارية‪.‬‬
‫• النوافذ المسللماة "نوافللذ إسلللمية" أبعللد عللن الدقللة فللي‬
‫التدقيق والتحري علللى تطللبيق القللرارات الخاصللة بللالهيئات‬
‫الشللرعية الخاصلة بهللا؛ لنله ل يوجللد عنلدها إدارات للرقابلة‬
‫الشرعية تتولي التدقيق على تلك العمليللات‪ ،‬وكللثير منهللم ل‬
‫يخرج نسبة التطهير التي أفتت بها الهيئات الشرعية‪.‬‬

‫‪490‬‬
‫• ل أنصح السائل بالشتراك في أي صندوق يعمل حسب ما‬
‫ذكرت‪ ،‬وعليلله أن يعمللل بنفسلله فللي الشللركات النقيللة مللن‬
‫الربا‪ ،‬أو أن يبحث عن بعض المستثمرين الثقات ليستثمر له‬
‫أمواله فيها‪.‬‬
‫• أرى أن تسارع البنوك لنشللاء صللناديق اسللتثمارية تحتللوي‬
‫فقللط علللى الشللركات النقيللة مللن التعامللل الربللوي بأسللرع‬
‫وقت‪ ،‬حتى يكون للعملء مجال آخر لستثمار أموالهم‪.‬‬
‫• يجب أن ندعم الشركات المساهمة النقية مللن الربللا بكللل‬
‫ما أوتينا من طاقة وعلم ووقت ودعاية‪.‬‬
‫كما يجب على البنوك السلمية والنوافذ السلللمية التعللاون‬
‫فللي ذلللك‪ ،‬ونشللر القللوائم النافعللة للسللهم النقيللة‪ ،‬ودعللم‬
‫الشركات المساهمة النقية دعللم للتجربللة البنكيللة السلللمية‬
‫التي آتت أكلها _بفضل الله وبرحمته_‪.‬‬
‫• ويجلللب علينلللا أن نناصلللح المسلللؤولين علللن الشلللركات‬
‫المساهمة في سرعة التحول إلى المنتجللات السلللمية فللي‬
‫المرابحللة والمشللاركة )بللدل ً القللتراض الربللوي والسللتثمار‬
‫الربوي(‪ .‬فكل البنلوك السلعودية تقللدم تللك الخلدمات الن‪،‬‬
‫ومع ما فيه من النصياع لحكم الله _سبحانه وتعالى_‪ ،‬ففيلله‬
‫مسابقة للبنللوك الجنبيللة القادمللة مللن أوربللا وغيرهللا‪،‬والللتي‬
‫ستطرح منتجاتهللا السلللمية علللى النطللاق الواسللع‪ ،‬وبنوكنللا‬
‫المحلية أولى بذلك‪.‬‬
‫• وفق الله القائمين علللى المؤسسللات الماليللة والشللركات‬
‫المساهمة لما يحبلله ويرضللاه‪ ،‬ويسللر أمرهللم بمللا فيلله رضللا‬
‫ربهم‪.‬‬
‫والله _سبحانه وتعالى_ أعلم‪ ،‬وصلى الللله وسلللم علللى نبينللا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫=============‬
‫‪#‬وقفات مع زلزال أسيا‬
‫الدكتور عصام بن هاشم الجفري‬

‫‪491‬‬
‫الحمد لله القوي الجبار المقتدر‪،‬العليم الحليم الرحيللم جعللل‬
‫كل شيء بقدر‪،‬أحمده سبحانه وأشكره على حلمه علينا مللع‬
‫ماتفشى من الذنوب وظهر‪،‬وأشللهد أن ل إللله إل الللله وحللده‬
‫لشللريك للله وأشللهد أن نبينللا وحبيبنللا وسلليدنا محمللدا ً عبللده‬
‫ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصللحبه ومللن اتبللع النهللج‬
‫على وعي وبصر‪.‬أما بعد‪:‬فاتقوا الله عباد الله ول يغرنكللم مللا‬
‫فتح الله عليكم من زهرة الدنيا ونعيمها فتنسوا مافرض الله‬
‫مللا‬‫وشرع ؛فقد قال الللله محللذرا ً فللي محكللم التتنزيللل ‪} :‬فَل َ ّ‬
‫حت ّللى إ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫ل َ‬ ‫ب ك ُل ّ‬ ‫نسوا ْ ما ذ ُك ّروا ْ بله فَتحنللا عَل َيهل َ‬
‫يٍء َ‬
‫شل ْ‬ ‫وا َ‬‫م أب ْل َ‬ ‫ِْ ْ‬ ‫ِ ِ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما أوُتوا ْ أ َ‬
‫ن{)النعللام ‪:‬‬ ‫سللو َ‬
‫مب ْل ِ ُ‬
‫ذا هُللم ّ‬ ‫ة ف َ لإ ِ َ‬
‫هم ب َغْت َ ً‬‫خذ َْنا ُ‬ ‫حوا ْ ب ِ َ‬
‫فَرِ ُ‬
‫‪.(44‬معاشر المؤمنين بالله واليوم الخر تمر بنا في كل يللوم‬
‫العديد من العبر والعظات الللتي تهللز الجبللال الراسلليات فمللا‬
‫أحوجنللا للتوقللف والتأمللل والعتبللار فهللذا هللو دأب أصللحاب‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫القلوب الحية‪ ،‬وهذا هو توجيه الله لنا يوم أن قال ‪}:‬ل ََقد ْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪){...‬يوسف‪.(111:‬وقد مللر‬ ‫عب َْرةٌ ّلوِْلي الل َْبا ِ‬ ‫م ِ‬‫صه ِ ْ‬
‫ص ِ‬ ‫ِفي قَ َ‬
‫معنا في السبوع الماضي عبرة عظيمللة تقشللعر مللن هولهللا‬
‫البدان‪ ،‬أعرفتم ماهي؟ إنها زلزال أسيا المدمر ولي مع هللذا‬
‫الزلزال وقفات ‪:‬‬
‫الوقفة الولى‪ :‬مللع عظيللم قللدرة الجبللار جللل جلللله فحركللة‬
‫أرضية في قاع المحيط انظروا ماذا ترتب عليها؛ القتلللى لللم‬
‫يحصروا حتى اليوم على جهة التحديد ولكن آخر الحصللاءات‬
‫تقللول أنهللم يزيللدون علللى مللائة ألللف قتيللل‪،‬عللدا ملييللن‬
‫المشردين‪،‬فجأة وبل سابق إنذار ترتفع المياه لتغطي عمارة‬
‫يزيللد طولهللا علللى ثلث طوابللق؛ فتغللرق وتللدمر وتقتللل ول‬
‫يستطيع النجاة منها إل من أنجاه الله؛ تغللرف عائلللة بأكملهللا‬
‫وينجو طفل رضيع يطفو فوق الماء على فراشه البلستيكي‪،‬‬
‫تسير المواج العاتية بإذن ربها لمسافة سللبعة الف كيلومللتر‬
‫بسرعة تفوق سرعة الطائرات لتضرب بلدانا ً علللى سللواحل‬
‫أفريقيا‪.‬تعود الناس أن تكون الزلزل في دولة واحدة أو فللي‬
‫مدينة واحدة أما أن تتضللرر تلللك المسللاحات الشاسللعة مللن‬

‫‪492‬‬
‫الكرة الرضية من زلزال واحد فهذا مالم يكن يتوقعه البشللر‬
‫ك‬ ‫خذ ُ َرب ّ َ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫الضعفاء لكنها قدرة القوي الجبار المنتقم‪} :‬وَك َذ َل ِ َ‬
‫َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ذا أ َ َ‬
‫د{)هللود ‪:‬‬ ‫دي ٌ‬ ‫شل ِ‬ ‫م َ‬ ‫خلذ َهُ أِليل ٌ‬ ‫ة إِ ّ‬ ‫مل ٌ‬ ‫ظال ِ َ‬ ‫خلذ َ ال ُْقلَرى وَهِل َ‬ ‫إِ َ‬
‫‪ .(102‬نعم فإن الرض ل تزلزل مللن عنللد نفسللها‪ ،‬والمللاء ل‬
‫يطغى من عند نفسه؛ ومع تقديرنا للتفسيرات العلمية الللتي‬
‫تبرز عند مثل هذه الحداث والتي وصفت السبب أنه تحللرك‬
‫مللا‬ ‫للصفائح‪ ،‬فالسؤال من حركها؟‪.‬إنه الله القوي المقتللدر‪َ }:‬‬
‫َ‬
‫من ب ِللالل ّهِ ي َهْ لدِ قَل ْب َل ُ‬
‫ه‬ ‫مللن ي ُلؤْ ِ‬ ‫ن الل ّلهِ وَ َ‬ ‫صيب َةٍ إ ِّل ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫من ّ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬ ‫أ َ‬
‫م{)التغللابن ‪ (11:‬ولكنهللا غضللبة إلهيللة‬ ‫يٍء عَِلي ل ٌ‬ ‫شل ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫َوالل ّ ُ‬
‫نسأل الله العافية والسلمة ‪ ،‬وقد يكون بينهم مسلمين فللإن‬
‫كانوا فإنا نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة ‪ ،‬لكن العقاب إذا‬
‫ة‬‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫نزل شمل الصالح والطالح أخرج المام الترمذي عن َ‬
‫ل الل ّلهِ صلللى الللله عليلله‬ ‫سللو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ت قَللا َ‬ ‫رضللي الللله عنلله قَللال َ ْ‬
‫ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫ف قَللال َ ْ‬ ‫خ وَقَلذ ْ ٌ‬ ‫سل ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫سل ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫مة ِ َ‬ ‫خرِ اْل ّ‬ ‫ن ِفي آ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫وسلم ‪)):‬ي َ ُ‬
‫ذا‬ ‫م إِ َ‬ ‫ل‪ :‬ن َعَل ْ‬ ‫ن؟ قَللا َ‬ ‫حو َ‬ ‫صللال ِ ُ‬ ‫ك وَِفين َللا ال ّ‬ ‫ل الل ّلهِ أ َن َهْل ِل ُ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫قُل ْ ُ‬
‫ب‪ ،‬وقللال عليلله الصلللة‬ ‫ريل ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ث غَ‬ ‫دي ٌ‬ ‫حل ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل هَ ل َ‬ ‫ث((وَقا َ‬ ‫خب ْ ُ‬ ‫ظ َهََر ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫س له ِ ْ‬ ‫حل ّللوا ب ِأن ُْف ِ‬ ‫ما ظ َهََر ِفي قَوْم ٍ الّرب َللا َوالّزن َللا إ ِّل أ َ‬ ‫والسلم‪َ )):‬‬
‫ل(()مسند أحمد ‪ ،‬حديث )‪.( (3618‬‬ ‫ج ّ‬ ‫ب الل ّهِ عَّز وَ َ‬ ‫عَقا َ‬ ‫ِ‬
‫نداء‪..‬نداء أوجهه إلى من أسرفوا على أنفسهم فللي الللذنوب‬
‫والمعاصي وإلى مللن جللاهروا بللذنوبهم وفسللقهم‪،‬وإلللى مللن‬
‫يدعون المجتمع للغرق في مستنقع الثام ولجميع المسلمين‬
‫نقول لهللم نرجللوكم‪..‬ثللم نرجللوكم‪..‬ثللم نرجللوكم عللودوا إلللى‬
‫رشدكم ول تكونوا سببا ً لهلك مجتمعكم ونزول العقوبللة بلله؛‬
‫ول يغرنكم أنه لللم يصللبكم شلليئا ً مللن تلللك المصلليبة فللالقوم‬
‫الذين أصيبوا كانوا يسمعون بالحداث تهز العللالم فاسللتمروا‬
‫في غيهم ظانين أن الللله غللافل ً عنهللم حاشللاه سللبحانه وهللو‬
‫مللا‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل الظ ّللال ِ ُ‬ ‫مل ُ‬ ‫مللا ي َعْ َ‬ ‫ه غَللافِل ً عَ ّ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫سلب َ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫القائل‪}:‬وَل َ ت َ ْ‬
‫صللاُر{ )إبراهيللم ‪.(42:‬غرتهللم‬ ‫َ‬ ‫م ل ِي َوْم ٍ ت َ ْ‬ ‫ي ُؤَ ّ‬
‫ص ِفي لهِ الب ْ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫خُرهُ ْ‬
‫سنة الملء فل تغرنكم فقللد حللذركم الللله مللن ذلللك بقللوله‪:‬‬
‫ي‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ة ث ُلم أ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ظا‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫لا‬‫ل‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫}وك َأ َين من قَرية أ َ‬
‫َِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ٍ‬ ‫َ ّ ّ‬

‫‪493‬‬
‫صيُر{)الحج ‪.(48:‬فهاهم بينما هم في غفلتهللم وسللكرتهم‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فجأهم عذاب ل قبل لهم به؛فكم منهم مات وهو علللى الزنللا‬
‫وكم منهم مات وزجاجة الخمر في يده وكم منهم مات وهللو‬
‫منسجم يتراقص على أنغام الموسيقى والغنللاء؛وصللدق الللله‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن أ َهْ ُ‬ ‫يوم أن قال‪}:‬أ َفَأ َ‬
‫م‬ ‫س لَنا ب ََيات لا ً وَهُ ل ْ‬ ‫م ب َأ ُ‬ ‫ل ال ُْقَرى أن ي َلأت ِي َهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن أه ْ ُ‬ ‫َ َ‬
‫حى وَهُ ل ْ‬ ‫ضل ً‬ ‫س لَنا ُ‬ ‫م ب َأ ُ‬ ‫ل الُقَرى أن ي َأت ِي َهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ن)‪(97‬أوَ أ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫َنآئ ِ ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مك ْلَر الل ّلهِ إ ِل ّ ال َْقلوْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ُ‬ ‫مك ْلَر الل ّلهِ فَل َ ي َلأ َ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫ن)‪(98‬أفَأ ِ‬ ‫ي َل ْعَُبو َ‬
‫ن{)العراف‪.(99-97:‬‬ ‫سُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫الوقفللة الثانيللة مللع سللبيل الوقايللة مللن مثللل تلللك الكللوارث‬
‫المؤلمة ‪ :‬أتدرون أحبتي ما هو صمام المللان لمجتمعنللا مللن‬
‫أن تحل به العقوبة اللهية‪-‬عياذا ً بالله‪-‬؟‪.‬إنه المللر بللالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر الذي قال عنلله الصللادق المصللدوق صلللى‬
‫ْ‬
‫ف‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن ب ِللال ْ َ‬‫مُر ّ‬ ‫سللي ب ِي َلدِهِ ل َت َلأ ُ‬ ‫ذي ن َْف ِ‬ ‫الله عليه وسلللم ‪َ)):‬وال ّل ِ‬
‫ول َتنهون عَن ال ْمنك َر أ َو ل َيوشك َن الل ّ َ‬
‫عَقاب ًللا‬ ‫م ِ‬ ‫ث عَل َي ْك ُل ْ‬ ‫ن ي َب ْعَ ل َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ ِ ْ ُ ِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ََْ ُ ّ‬
‫م(()الترمللذي‪،‬الفتللن‪،‬ح)‬ ‫كلل ْ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جا ُ‬‫سللت َ َ‬ ‫ه فََل ي ُ ْ‬ ‫عون َ ُ‬ ‫م َتللد ْ ُ‬ ‫ه ُثلل ّ‬ ‫مْنلل ُ‬ ‫ِ‬
‫ن[‪.‬وهللو أمانللة فللي‬ ‫سى هَ َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ]((2095‬قا َ‬
‫سل ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ث َ‬ ‫دي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫عي َ‬ ‫ل أُبو ِ‬
‫عنقك أخي المسلم وعنق كل مسلم ومسلمة كل على قللدر‬
‫طاقته وليس كما يتصور البعض أنه قصرا ً على هيئة أو إدارة‬
‫معينة!وضع تلك المانة بعنقك رسولك وحبيبك محمللد صلللى‬
‫َ‬
‫من ْك ًَرا فَل ْي ُغَّيللْرهُ‬ ‫م ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ن َرأى ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الله عليه وسلم يوم أن قال‪َ )):‬‬
‫ك‬ ‫سلت َط ِعْ فَب َِقل ْب ِلهِ وَذ َل ِل َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن ل َل ْ‬ ‫سان ِهِ فَإ ِ ْ‬ ‫ست َط ِعْ فَب ِل ِ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫ب ِي َدِهِ فَإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن(()مسلم‪،‬اليمان‪،‬ح)‪.((70‬‬ ‫ما ِ‬ ‫فاِْ‬
‫لي َ‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫الوقفة الثالثة مع مبشرات الحادثة‪ :‬فإنه مع مللا فللي الحللدث‬
‫من قتل وتدمير لكنه يحمل في طياته بشرى واطمئنان لعباد‬
‫الله المؤمنين؛ فهذا الزلزال يوم أن وقللع لللم تسللتطع أقللوى‬
‫قوة على وجله الرض‪،‬بللل للم تسلتطع البشلرية جمعلاء بمللا‬
‫أوتيت من قوة أن تتنبأ به فضل ً عن أن تدفعه‪ ،‬وها هي أيضا ً‬
‫عاجزة عن محو آثاره سريعًا؛ كل ذلك يبين للعبد المؤمن أن‬
‫البشرية جمعاء مهما بلغت من قوة وعلللم وتقللدم ل تسللاوي‬
‫إلللى جللوار القللدرة اللهيللة شلليئا ً بللل تقللف عللاجزة مكتوفللة‬

‫‪494‬‬
‫اليللدي‪،‬وتلللك القللوة اللهيللة جعلهللا الللله فللي نصللرة عبللاده‬
‫المؤمنين أخبر الله عن ذلك في أكثر من مللوطن فللي كتللابه‬
‫منها قوله جل شأنه‪} :‬ك َتب الل ّه َل َغْل ِب َ‬
‫ه‬‫ن الل ّل َ‬ ‫س لِلي إ ِ ّ‬ ‫ن أن َللا وَُر ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫زيلٌز{)المجادلللة ‪.(21:‬لكللن مللتى نسللتفيد مللن نصللر‬ ‫قَلوِيّ عَ ِ‬
‫الله؟‪ .‬نستفيد منه إذا عدنا إلى سبيل ربنا والتزمنللا شللريعته‪.‬‬
‫ن{)الروم ‪ .(47:‬أعللوذ بللالله‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫صُر ال ْ ُ‬ ‫حّقا عَل َي َْنا ن َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫}‪..‬وَ َ‬
‫من الشيطان الرجيم‪}:‬وك َ َ‬
‫شت ََها‬‫مِعي َ‬ ‫ت َ‬ ‫من قَْري َةٍ ب َط َِر ْ‬ ‫م أهْل َك َْنا ِ‬ ‫َ ْ‬
‫ن‬ ‫حل ُ‬ ‫ً‬
‫م إ ِل قَِليل وَك ُن ّللا ن َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫مللن ب َعْلدِهِ ْ‬ ‫كن ّ‬ ‫سل َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫م ل َل ْ‬ ‫سللاك ِن ُهُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫فَت ِل ْل َ‬
‫ن{)القصص ‪.(58:‬‬ ‫وارِِثي َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫الخطبة الثانية‬
‫الحمد لله على إحسللانه والشللكر للله علللى تللوفيقه وامتنللانه‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله تعظيملا ً لشلأنه وأشلهد نبينلا وحبيبنلا‬
‫محمللدا ً الللداعي إلللى رضللوانه صلللى الللله عليلله وعلللى آللله‬
‫وصحبه وأتبللاعه ‪ .‬أمللا بعللد‪ :‬فللاتقوا الللله عبللاد الللله واعلمللوا‬
‫رحمني الله وإياكم أنه ليللس لحللد عنللد الللله عهللد أل يعللذبه‬
‫فالسنن اللهية ماضية إلى يوم القيامة فإن كان جيش فيهللم‬
‫خير البرية صلى الله عليلله وسلللم مضللت فيهللم تلللك السللنة‬
‫وهو ماحدث للمسلللمين يللوم أحللد وأخللبر الللله عنهللا بقللوله‪:‬‬
‫و‬
‫ل هُ َ‬ ‫ذا قُ ْ‬ ‫م أ َّنى هَ َ‬ ‫مث ْل َي َْها قُل ْت ُ ْ‬
‫صب ُْتم ّ‬
‫َ‬
‫ة قَد ْ أ َ‬ ‫صيب َ ٌ‬
‫م ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ما أ َ‬
‫َ‬
‫}أوَل َ ّ‬
‫َ‬
‫ه عََلى ك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ديٌر{)آل عمللران ‪:‬‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫عندِ أن ُْف ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫‪ .(165‬كان ذنبا من قلة فللي الجيللش ونتيجللة اجتهللاد وليللس‬ ‫ً‬
‫عللن عمللد‪،‬فكيللف بللالله بللذنوب كالجبللال‪ ،‬كيللف بللالله بللترك‬
‫للصلللللوات والجماعللللات‪،‬كيللللف بللللالله بالغنللللاء وفحللللش‬
‫القنوات‪،‬كيف بالله بالزنللا‪ ،‬كيللف بللالله بللاللواط‪ ،‬كيللف بللالله‬
‫بأكللل الربللا‪ ،‬كيللف بللالله بظلللم الضللعفاء والعمللال وأكللل‬
‫أموالهم‪،‬كيف بالله‪...‬وكيف بالله‪..‬؟‪ .‬فأما آن لنا أن نعود إلللى‬
‫رشدنا قبل أن يحل بنا عياذا ً بالله مللال تحمللد عقبللاه فنكللون‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫من َْهللا‬‫هللم ّ‬ ‫ذا ُ‬‫سللَنا إ ِ َ‬ ‫سللوا ب َأ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫مللا أ َ‬ ‫كمللن قللال الللله فيهللم‪}:‬فَل َ ّ‬
‫ُ‬
‫ه‬
‫م ِفيلل ِ‬ ‫مللا أت ْرِفُْتلل ْ‬ ‫جُعللوا إ َِلللى َ‬ ‫ضللوا َواْر ِ‬ ‫ن)‪َ(12‬ل ت َْرك ُ ُ‬ ‫ضللو َ‬ ‫ي َْرك ُ ُ‬
‫َ‬
‫ن{)النبياء ‪.(13:‬أيها الحبة في الله‬ ‫سأُلو َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ساك ِن ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫وَ َ‬

‫‪495‬‬
‫مللا ك َللا َ‬
‫ن‬ ‫أعطى الله هذه المة طرفي أمان فقال سبحانه‪}:‬وَ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫هلل ْ‬‫م وَ ُ‬‫مَعللذ ّب َهُ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الّللل ُ‬ ‫مللا َ‬
‫كللا َ‬ ‫م وَ َ‬
‫ت ِفيِهلل ْ‬
‫م وَأنلل َ‬ ‫الّللل ُ‬
‫ه ل ِي َُعللذ ّب َهُ ْ‬
‫ن{)النفال ‪.(33:‬وقد فقدنا أحدهما بمللوت الحللبيب‬ ‫ست َغِْفُرو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫المصطفى صلى الله عليه وسلم وما بقللي لنللا إل السللتغفار‬
‫فضللجوا إلللى ربكللم بالسللتغفار ليللل نهللار وعلللى كللل حللال‪:‬‬
‫م ال ْعَ َ‬ ‫ْ‬ ‫}وأ َِنيبوا إَلى ربك ُم وأ َسل ِموا ل َه من قَب َ‬
‫م‬ ‫ب ثُ ّ‬‫ذا ُ‬ ‫ل أن ي َأت ِي َك ُ ُ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ ّ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ ِ‬
‫ن{)الزمر ‪.(54:‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫َل ُتن َ‬
‫============‬
‫‪#‬الستثمار في السهم‬
‫د‪ .‬علي محيي الدين القره داغي‬
‫كلية الشريعة والقانون والدراسات السلمية ‪ -‬جامعة قطر‬
‫المقدمة‪:‬‬
‫الحمللد لللله رب العللالمين والصلللة والسلللم علللى المبعللوث‬
‫رحمة للعاملين وعلى آله وصللحبه ومللن تبللع هللداه إلللى يللوم‬
‫الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فل شللك أن الشللركات المسللاهمة تلعللب دورا ً كللبيرا ً فللي‬
‫القتصاد المعاصر‪ ،‬وأن أهم ركائزهللا وأدواتهللا هللي السللهم‪،‬‬
‫حيث يتم من خللها جمع أكبر قدر ممكللن مللن المللوال؛ لن‬
‫تجزئة رأس المال إلللى حصللص صللغيرة تمكللن الجميللع مللن‬
‫المسلاهمة فيهلا مملا يمكلن تجميلع رأس ملال كلبير وبلذلك‬
‫تستطيع الدخول في المشروعات الضخمة ‪.‬‬
‫ولللم يقللف التعامللل فللي السللهم اليللوم علللى المسللاهمين‬
‫المؤسسين للشركة‪ ،‬بل أصبحت كورقة تجارية مالية تتداول‬
‫بيللن النللاس بشللكل واسللع ول سلليما فللي السللواق الماليللة‬
‫العالمية )البورصة(‪.‬‬
‫ومن هنا يثور التسلاؤل حللول مللدى مشلروعية التعاملل فللي‬
‫السهم بصورة عامللة‪ ،‬والسللتثمار فيهللا ول سلليما السللتثمار‬
‫في السهم التي تمتلكهللا الشللركات العالميللة‪ ،‬أو الشللركات‬

‫‪496‬‬
‫المحلية داخل العالم السلمي ولكن معاملتهللا ل تخلللو مللن‬
‫شوائب الربا‪.‬‬
‫ومن أخطر ما تعاني منلله مجتمعاتنللا هللو وجللود النظللام غيللر‬
‫السلمي ) الرأسللمالي ‪ ،‬أو الشللتراكي( الللذي تكللونت فللي‬
‫ظله الشركات في عالمنا السلمي حيث ل يللتزم معظمهلم‬
‫بالمنهللج السلللمي القللويم‪ ،‬فتقللرض وتقللترض مللن البنللوك‬
‫الربوية ‪.‬‬
‫ومعظللم المسلللمين اليللوم فللي حيللرة‪ ،‬هللل يللتركون هللذه‬
‫الشللركات فيقاطعونهللا ول يسللاهمون فيهللا‪ ،‬وبالتللالي ينفللرد‬
‫الفسللقة وضللعفاء الللدين بللإدارة هللذه الشللركات الللتي تعللد‬
‫العمللود الفقللري للحيلاة القتصلادية؛ وذللك لنهلا قائملة وأن‬
‫مقاطعة الغيورين المخلصين ل تللؤثر فللي مسلليرتها أم أنهللم‬
‫يدخلون فيها لغرض الصلح والتغيير؟‬
‫وفي مقابل هللذا التحيللر مللن عامللة المسلللمين نجللد اختلف‬
‫المعاصرين حيث إن منهم ملن ينظلر إللى مقاصلد الشلريعة‬
‫وما يترتب على المقاطعة وعدم المساهمة فيها من مفاسللد‬
‫فأجاز المساهمة فيهللا بشللروط وضللوابط‪ ،‬ومنهللم مللن نظللر‬
‫نظرة خاصة إلى ما يشوب هذه المعاملة من حرام فرفضللها‬
‫رفضا ً مطلقًا‪.‬‬
‫ونحن فللي هللذه العجالللة ننللاقش هللذه المسللألة بكللل أمانللة‬
‫وإخلص راجيا ً مللن اللله _تعلالى_ أن يسللدد خطانللا‪ ،‬ويلهمنللا‬
‫الصواب‪ ،‬وأن يعصمنا من الخطللأ فللي العقيللدة وفللي القللول‬
‫والعمل‪.‬‬
‫ل‪ :‬الستثمار في اللغة والصطلح‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫الستثمار في اللغة‪:‬‬
‫الستثمار لغة‪ :‬مصدر اسللتثمر يسللتثمر وهللو للطلللب بمعنللى‬
‫طلب الستثمار‪ ،‬وأصله من الثمر وهو له عدة معان منها مللا‬
‫يحمله الشجر وما ينتجه‪ ،‬ومنها الولد‪ ،‬حيث يقال‪ :‬الولد ثمرة‬
‫القلب‪ ،‬ومنها أنواع المال‪.‬‬

‫‪497‬‬
‫ويقال‪ :‬ثمر )بفتح الميم( الشجر ثمورا ً أي‪ :‬ظهر ثمره‪ ،‬وثمللر‬
‫الشيء أي نضللج وكمللل‪ ،‬ويقللال‪ :‬ثمللر مللاله أي كللثر‪ ،‬وأثمللر‬
‫الشجر أي بلغ أوان الثمللار‪ ،‬وأثمللر الشلليء أي آتللى نللتيجته‪،‬‬
‫وأثمللر مللاُله –بضللم اللم‪ -‬أي كللثر‪ ،‬وأثمللر القللوم‪ :‬أطعمهللم‬
‫الثمر‪ ،‬ويقللال‪ :‬اسللتثمر المللال وثمللره ‪ -‬بتشللديد الميللم ‪ -‬أي‬
‫استخدمه في النتللاج‪ ،‬وأمللا الثمللرة هللي واحللدة الثمللر فللإذا‬
‫أضيفت إلى الشجر فيقصد بها حمل الشللجر‪ ،‬وإلللى الشلليء‬
‫فيراد بها فائدته‪ ،‬وإلى القلب فيراد بها مودته‪ ،‬وجمع الثمرة‪:‬‬
‫ثمر –بفتح الثاء والميم‪ -‬وثمر‪ -‬بضمها‪ -‬ثمار وأثمار )‪(1‬‬
‫وقللد وردت كلمللة "أثمللر"‪ ،‬وثمللرة‪ ،‬وثمللر‪ ،‬وثمللرات أربعللا ً‬
‫وعشللرين مللرة فللي القللرآن الكريللم منهللا قللوله _تعللالى_‪:‬‬
‫م َل َ‬ ‫ذا أ َ‬
‫ٍ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ت‬
‫ٍ‬ ‫لا‬
‫ل‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫مرِهِ إ ِ َ‬ ‫"ان ْظ ُُروا إ َِلى ث َ َ‬
‫ن" ]النعللام‪ [99 :‬أي انظللروا إلللى ثمللار تللك الشللجار‬ ‫مُنو َ‬ ‫ي ُؤْ ِ‬
‫والنباتات‪ ،‬ونضجها للوصول إلى اليمان بالله _تعللالى_ حيللث‬
‫يحمل ذلك عجللائب قللدرته _تعللالى_‪ ،‬ومنلله قللوله _تعللالى_‪:‬‬
‫"وهو ال ّذي أ َن َ َ‬
‫ل‬ ‫خل َ‬ ‫ت َوالن ّ ْ‬ ‫شللا ٍ‬ ‫معُْرو َ‬ ‫ت وَغَي ْلَر َ‬ ‫شا ٍ‬ ‫معُْرو َ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫شأ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ ِ‬
‫ُ‬
‫ه‬
‫شللاب ِ ٍ‬ ‫مت َ َ‬ ‫شاب ًِها وَغَي َْر ُ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َوالّر ّ‬ ‫ه َوالّزي ُْتو َ‬ ‫خت َل ًِفا أك ُل ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َوالّزْرعَ ُ‬
‫ك ُُلوا من ث َمره إ َ َ‬
‫سرُِفوا إ ِن ّ ُ‬
‫ه‬ ‫صادِهِ وََل ت ُ ْ‬ ‫ح َ‬‫م َ‬ ‫ه ي َوْ َ‬ ‫حّق ُ‬ ‫مَر وَآ َُتوا َ‬ ‫ذا أث ْ َ‬ ‫ِ ْ َ ِ ِ ِ‬
‫ن" ]النعام‪ ،[141 :‬حيث امتن الله _تعالى_‬ ‫سرِِفي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫َل ي ُ ِ‬
‫علينا بالثمار‪ ،‬وأمرنا أن نأكل من ثمار هذه الشجار والنباتات‬
‫عنللدما تثمللر وتنتللج‪ ،‬وأن نعطللي حقهللا )وهللو الزكللاة( عنللد‬
‫حصللادها فللورا ً للمسللتحقين‪ ،‬كمللا أمرنللا بللأن ل نسللرف فللي‬
‫الباقي‪ ،‬وهذا يدل على أن حق الملكية ليس حّقا مطلقًا‪ ،‬بللل‬
‫مقيد بضوابط الشرع‪.‬‬
‫وفي هذه الية وآيات أخرى أسند الله _تعللالى_ الثمللار إلللى‬
‫الشجر والنبات أنفسهما مما يدل على أهمية العناية بالسللنن‬
‫والسباب الظاهرة التي لها تأثير على النمو والثمللر والنضللج‬
‫مع أن الفاعل الحقيقي هو الللله _تعللالى_‪ ،‬ولللذلك أكللد هللذه‬
‫مللاءً‬ ‫ماِء َ‬ ‫سل َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مل َ‬ ‫ل ِ‬ ‫الحقيقة فللي آيللات أخللرى فقللال‪" :‬وَأ َن ْلَز َ‬
‫ف َ لأ َ‬
‫م" ]البقللرة‪ [22 :‬وقللوله‬ ‫ت رِْزقًللا ل َك ُل ْ‬ ‫ملَرا ِ‬ ‫ن الث ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫خ‬
‫ْ‬

‫‪498‬‬
‫َ‬
‫ت"‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ن الث ّ َ‬ ‫م َ‬‫ه ِ‬ ‫مًنا َواْرُزقْ أهْل َ ُ‬ ‫دا آ َ ِ‬‫ذا ب َل َ ً‬
‫ل هَ َ‬‫جع َ ْ‬‫با ْ‬ ‫_تعالى_‪َ" :‬ر ّ‬
‫]البقرة‪.[126 :‬‬
‫ويلحللظ أن القللرآن الكريللم أطلللق )فللي الغللالب( الثمللر أو‬
‫الثمرة‪ ،‬أو الثمرات على مللا تنتجلله الشللجار والنباتللات مثللل‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ت"‬ ‫م لَرا ِ‬ ‫س َوالث ّ َ‬ ‫ل َوالن ُْف ل ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن اْل ْ‬
‫مل َ‬ ‫مل َ‬ ‫ص ِ‬ ‫قوله _تعللالى_‪" :‬وَن َْق ل ٍ‬
‫]البقرة‪ ،[155 :‬ولم يطلق على ما تنتجه التجارة مللن أربللاح‬
‫َ‬
‫مللا‬ ‫حَر ً‬
‫م َ‬ ‫ن ل َهُ ل ْ‬ ‫مك ّل ْ‬ ‫م نُ َ‬ ‫إل إذا عممنا المراد بقوله _تعالى_‪" :‬أوَل َ ْ‬
‫يٍء" ]القصص‪.[57 :‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬‫مَرا ُ‬ ‫جَبى إ ِل َي ْهِ ث َ َ‬ ‫آَ ِ‬
‫مًنا ي ُ ْ‬
‫وقد وردت هذه الكلمة أيضا ً في السللنة كللثيرا ً وهللي ل تعللدو‬
‫معانيها عن ثمار الشجار والنباتات‪ ،‬منها أنه _صلى الله عليه‬
‫وسلم_‪" :‬نهى عن بيع الثمر حتى يزهو" متفق عليلله‪ ،‬وقللوله‬
‫_صلى الله عليه وسلم_‪ ":‬اللهم ارزقنا مللن ثمللرات الرض"‬
‫)مسند أحمد ‪ (3/342‬وغير ذلك‪.‬‬
‫الستثمار في الصطلح‪:‬‬
‫ورد لفظ "التثميللر" فللي عللرف الفقهللاء عنللدما تحللدثوا عللن‬
‫السفيه والرشيد‪ ،‬فقالوا‪ :‬الرشيد هو القادر على تثميللر مللاله‬
‫وإصلحه‪ ،‬والسفيه هو غير ذلك‪ ،‬قال المام مالك ‪" :‬الرشللد‪:‬‬
‫تثمير المالي‪ ،‬وإصلحه فقط" )‪(2‬‬
‫وأرادوا بالتثمير ما نعني بالستثمار اليوم )‪(3‬‬
‫وأما لفللظ "السللتثمار" فلللم يللرد بمعنللاه القتصللادي اليللوم‪،‬‬
‫ولذلك في معجم الوسيط‪ :‬الستثمار‪ :‬استخدام الموال فللي‬
‫النتللاج إمللا مباشللرة بشللراء اللت والمللواد الوليللة‪ ،‬وإمللا‬
‫بطريقة غير مباشرة كشراء السهم والسندات ثم وضع رمز‬
‫"مج" الذي يدل على أن هللذا المعنللى هللو مللن وضللع مجمللع‬
‫اللغة )‪(4‬‬
‫حكم الستثمار‪:‬‬
‫الذي يظهللر مللن النصللوص الشللرعية ومقاصللدها العامللة أن‬
‫الستثمار واجب في مجموعه‪ ،‬أي أنه ل يجوز للمة أن تترك‬
‫الستثمار‪.‬‬

‫‪499‬‬
‫* ذلك لن النصوص الثابتة في أهمية المال في حيللاة الفللرد‬
‫والمة‪ ،‬وتقديم المال على النفس في معظم اليات وامتنان‬
‫الله _تعالى_ بالمال‪ ،‬والمساواة بين المجاهللدين‪ ،‬والسللاعين‬
‫فلي سلبيل الللرزق كمللا فللي آخلر سللورة المزملل‪ ،‬وتسللمية‬
‫العامل والتاجر بالمجاهد في سبيل الله في أحاديث كثيرة‪...‬‬
‫كل ذلك يدل بوضللوح علللى وجللوب العنايللة بالمللال وتثميللره‬
‫وتقويته حتى تكون المة قادرة على الجهاد والبناء والمعرفة‬
‫والتقللدم والتطللور والسللعادة والنهضللة والحضللارة‪ ،‬حيللث إن‬
‫ذلك ل يتحقق إل بالمال كما يقللول الللله _تعللالى_‪":‬وََل ت ُؤْت ُللوا‬
‫َ‬
‫م ِفيهَللا"‬ ‫ما َواْرُزقُللوهُ ْ‬ ‫م قَِيا ً‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫جع َ َ‬ ‫م ال ِّتي َ‬ ‫وال َك ُ ُ‬
‫م َ‬ ‫سَفَهاَء أ ْ‬
‫ال ّ‬
‫]النساء‪.[5 :‬‬
‫فقد سمى الله _تعالى_ المال بأنه قيام للمجتمع السلللمي‪،‬‬
‫وهذا يعني أن المجتمللع ل يقللوم إل بلله ول يتحللرك إل بلله ول‬
‫م ِفيَهللا"‬ ‫ينهللض إل بلله‪ ،‬كمللا أن قللوله _تعللالى_ ‪َ":‬واْرُزُقللوهُ ْ‬
‫]النسللاء‪ [5:‬ولللم يقللل‪" :‬منهللا" يللدل بوضللوح علللى وجللوب‬
‫السللتثمار حللتى تكللون نفقللة هللؤلء المحجللور عليهللم )مللن‬
‫الطفللال والمجللانين( فللي الربللاح المتحققللة مللن السللتثمار‬
‫وليست من رأس المال نفسه‪.‬‬
‫يقول المام الرازي‪" :‬اعلم أنه _تعلالى_ أملر المكلفيلن فللي‬
‫مواضع من كتابه بحفظ المللوال"‪ ،‬قللال _تعللالى_‪" :‬وََل ت ُب َلذ ّْر‬
‫ن" ] السراء‪:‬‬ ‫طي ِ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وا َ‬ ‫خ َ‬‫كاُنوا إ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مب َذ ِّري َ‬ ‫ذيًرا )‪ (26‬إ ِ ّ‬ ‫ت َب ْ ِ‬
‫ة إ ِل َللى‬ ‫مغُْلول َل ً‬ ‫ك َ‬ ‫ل ي َلد َ َ‬ ‫‪ .[27 – 26‬وقللال _تعللالى_‪" :‬وََل ت َ ْ‬
‫جع َل ْ‬
‫سللوًرا"‬ ‫ح ُ‬ ‫م ْ‬‫مللا َ‬ ‫مُلو ً‬ ‫ط فَت َْقُعللد َ َ‬ ‫سلل ِ‬ ‫ل ال ْب َ ْ‬ ‫سللط َْها ُ‬
‫كلل ّ‬ ‫ك وََل ت َب ْ ُ‬
‫عُن ُِقلل َ‬
‫]السراء‪ [29 :‬وقال _تعالى_‪" :‬وال ّذين إ َ َ‬
‫سرُِفوا‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ذا أن َْفُقوا ل َ ْ‬ ‫َ ِ َ ِ‬
‫م ي َْقت ُُروا" ]الفرقان‪ [67 :‬وقد رغب الله في حفللظ المللال‬ ‫وَل َ ْ‬
‫في آية المداينة‪ ،‬حيث أمر بالكتابة والشهاد والرهن‪ ،‬والعقل‬
‫يؤيد ذلك؛ لن النسان ما لم يكن فارغ البال ل يمكنه القيللام‬
‫بتحصلليل مصللالح الللدنيا والخللرة‪ ،‬ول يكللون فللارغ البللال إل‬
‫بواسللطة المللال"‪ ،‬ثللم قللال‪" :‬وإنمللا قللال‪" :‬فيهللا" ولللم يقللل‬
‫"منها" لئل يكون ذلك أمرا ً بأن يجعلللوا بعللض أمللوالهم رزق لا ً‬

‫‪500‬‬
‫لهم‪ ،‬بل أمرهم أن يجعلوا أمواله مكانا ً لرزقهللم بللأن يتجللروا‬
‫فيها ويثمروها فيجعلوها أرزاقهم من الربللاح ‪ ،‬ل مللن أصللول‬
‫الموال ‪(5) "....‬‬
‫* ومن الدلة المعتبرة أن وجوب الزكللاة فللي المللوال يللدفع‬
‫أصحابها إلى التجارة؛ لنه إن لم يتاجروا فيها تأكلها الصللدقة‬
‫والنفقة‪ ،‬وهللذا مللا يؤيللده الفكللر القتصللادي الحللديث‪ ،‬حيللث‬
‫يفرض أنواعا ً من الضرائب لدفع أصحاب المللوال إلللى عللدم‬
‫اكتنازها‪ ،‬بل قد وردت أحللاديث تصللل بمجموعهللا إلللى درجللة‬
‫الصحيح أو الحسن الذي ينهض به حجة على وجوب التجللارة‬
‫فلي أملوال الصللغار )اليتلامى وغيرهلم( والمحجلور عليهلم ‪:‬‬
‫السفهاء ‪ ،‬والمجانين ‪ ،‬وناقصي الهلية‪ ،‬فقللد روى الشللافعي‬
‫بإسناده عن يوسف بللن ماهللك أن رسللول الللله _صلللى الللله‬
‫عليه وسلللم_ قللال‪":‬ابتغللوا فللي مللال اليللتيم –أو فللي أمللوال‬
‫اليتللامى ‪ -‬ل تللذهبها‪ -‬أو ل تسللتهلكها‪ -‬الصللدقة " وقللد قللال‬
‫الللبيهقي والنللووي ‪" :‬إسللناده صللحيح‪ ،‬ولكنلله مرسللل معضللد‬
‫بعموم النصوص الخرى وبما صح عللن الصللحابة مللن إيجللاب‬
‫الزكاة في مال اليتيم" )‪(6‬‬
‫قال البيهقي ‪" :‬وهذا –أي حلديث ابلن ماهلك‪ -‬مرسلل إل أنلا‬
‫الشافعي_رحمه الللله_ أكللده بالسللتدلل بللالخبر الول‪ ،‬وهللو‬
‫عموم الحديث الصحيح في إيجاب الزكاة مطلقلًا‪ -‬وبمللا روى‬
‫عن الصحابة في ذلك" )‪(7‬‬
‫وقال النووي ‪" :‬ورواه البيهقي عن عمر بن الخطاب _رضللي‬
‫الله عنه_ موقوفا ً عليه بلفظ‪" :‬وابتغوا في أمللوال اليتللامى ل‬
‫تأكلها الصدقة" وقال‪ :‬إسناده صحيح‪ ،‬ورواه أيضلا ً عللن علللي‬
‫بن مطرف‪(8) "...‬‬
‫‪ -‬وروى الطبراني في الوسط عن أنس بن مالك قال‪ :‬قللال‬
‫رسول الله _صلى الله عليلله وسلللم_‪ " :‬اتجللروا فللي أمللوال‬
‫اليتامى ل تأكلها الزكاة " قال الهيثمي فللي )مجمللع الللزوائد(‬
‫نقل ً عن شيخه الحافظ العراقي ‪" :‬إن إسناده صحيح" )‪(9‬‬

‫‪501‬‬
‫يقلول فضليلة الشليخ القرضلاوي‪" :‬إن الحلاديث والثلار قلد‬
‫نبهت الوصللياء علللى وجللوب تثميللر أمللوال اليتللامى حللتى ل‬
‫تلتهمها الزكاة‪ "....‬فواجب علللى القللائمين بللأمر اليتللامى أن‬
‫ينموا أموالهم كما يجب عليهم أن يخرجوا الزكاة عنهللا‪ ،‬نعللم‬
‫إن في هذين الحديثين )أي حديث عمرو بن شعيب المرفللوع‬
‫وحديث يوسف بن ماهك( ضعفا ً من جهة السند‪ ،‬أو التصللال‬
‫ولكن يقويهمللا عللدة أمللور‪ ،‬وذكللر منهللا‪ " :‬أنلله يوافللق منهللج‬
‫السلللم العللام فللي اقتصللاده القللائم علللى إيجللاب التثميللر‬
‫وتحريم الكنز" )‪(10‬‬
‫* وكذلك يدل على وجوب تثمير الموال في قوله _تعللالى_‪:‬‬
‫م" ]الحشللر‪ [7 :‬حيللث إن‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ن اْل َغْن َِياِء ِ‬‫ة ب َي ْ َ‬‫دول َ ً‬
‫ن ُ‬ ‫كو َ‬‫ي َل ي َ ُ‬ ‫"ك َ ْ‬
‫الموال ل تتداول إل عن طريق توزيع الصدقات‪ ،‬والسللتثمار‬
‫الذي يؤدي إلى أن يستفيد منها الجميع من العمللال والصللناع‬
‫مللا‬ ‫دوا ل َهُل ْ‬
‫م َ‬ ‫والتجللار ونحللوهم‪ ،‬وكللذلك قللوله _تعللالى_‪":‬وَأ َ ِ‬
‫عل ّ‬
‫ة" ]النفال‪ [60 :‬ومن القللوة بل شللك قللوة‬ ‫ن قُوّ ٍ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬‫ا ْ‬
‫المال بل هي مقدمة في معظم اليللات علللى النفللس‪ ،‬فللإذا‬
‫كانت قوة البدن والسلح مطلوبة فإن قوة المال أشد طلبللا ً‬
‫ووجوبًا‪.‬‬
‫ثم إن من مقاصد هذه الشريعة الحفاظ على الموال‪ ،‬وذلك‬
‫ل يتحقللق إل عللن طريللق اسللتثمارها وتنميتهللا‪ ،‬كمللا أن مللن‬
‫و‬
‫مقاصدها تعمير الكون علللى ضللوء منهللج الللله _تعللالى_"هُل َ‬
‫َْ‬ ‫أ َن َ َ‬
‫م ِفيَهللا" ]هللود‪ [61 :‬فقللال‬ ‫مَرك ُ ْ‬‫سللت َعْ َ‬ ‫ض َوا ْ‬‫ن الْر ِ‬ ‫ملل َ‬‫م ِ‬ ‫شللأك ُ ْ‬ ‫ْ‬
‫المفسرون‪" :‬معناه‪ :‬أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها من‬
‫بناء مساكن وغللرس أشللجار" )‪ (11‬وكللذلك ومللن مقاصللدها‬
‫السللتخلف الللذي يقتضللي القيللام بشللؤون الرض وتللدبيرها‬
‫والفللادة منهللا وتعميرهللا وكللل ذلللك ل يتحقللق علللى وجههللا‬
‫الكمل إل عن طريق الستثمار ‪.‬‬
‫والخلصة‪:‬‬
‫أن الستثمار للموال بوجهها العام واجب كفائي فيجب على‬
‫المة أن تقوم بعمليات الستثمار حتى تكللون وفللرة المللوال‬

‫‪502‬‬
‫وتشتغل اليادي ويتحقق حد الكفايللة للجميللع إن لللم يتحقللق‬
‫الغنى‪ ،‬ومن القواعد الفقهية في هذا المجال هو أن ما ل يتم‬
‫الواجب إل به فهو واجب ‪.‬‬
‫ويثور التساؤل حول وجوب الستثمار على الفرد إذا كان للله‬
‫فائض مالي‪ ،‬فالذي يقتضيه المنهج السلللمي فللي أن المللال‬
‫مال الله _تعالى_ وأن ملكية النسان له ليست مطلقللة عللن‬
‫قيد‪ ...‬إنه يجب عليه أن يستثمر أمواله بللالطرق المشللروعة‬
‫سللواء كللان بنفسلله‪ ،‬أو عللن طريللق المضللاربة والمشللاركة‬
‫ونحوهمللا‪ ،‬وأنلله ل ينبغللي للله أن يللترك أمللواله الصللالحة‬
‫للستثمار فيعطلها عن أداء دورها في التدوير وزيادة دورانها‬
‫القتصادي الذي يعود بالنفع العام على المجتمع‪.‬‬
‫كما أن قوة المجتمع والمللة بقللوة أفرادهمللا ول سلليما علللى‬
‫ضوء منهج القتصاد السلمي الذي يعترف بالملكية الفردية‪،‬‬
‫وأن ملكيللة الدولللة محللدودة‪ ،‬ومللن هنللا فتقللع علللى الفللراد‬
‫مسللؤولية كللبرى فللي زيللادة المللوال وتقويتهللا عللن طريللق‬
‫الستثمار‪ ،‬يقول الشيخ محمود شلتوت‪" :‬إذا كان من قضللايا‬
‫العقل والدين أن ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب ‪ ،‬وكانت‬
‫عزة الجماعة السلمية أول مللا يللوجبه السلللم علللى أهللله‪،‬‬
‫وكللانت متوقفللة علللى العمللد الثلثللة‪ :‬الزراعللة والصللناعة‬
‫والتجارة‪ ،‬كانت هذه العمد واجبة وكان تنسيقها علللى الللوجه‬
‫الذي يحقق خير المة واجبًا‪(12) "...‬‬
‫المعالم الساسية لمنهج السلم في الستثمار‬
‫ل يمكن الخوض في تفاصيل هذا الموضوع في هللذا البحللث‪،‬‬
‫وإنما نكتفي بذكر أهم معالمه بصورة موجزة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن منهج الستثمار في السلم ل ينفصللل عنلله العقيللدة‬ ‫أو ً‬
‫والفكر السلمي ‪ ،‬وكما أن الفكللر الرأسللمالي يسللير عجلللة‬
‫الستثمار في النظللام الرأسللمالي ‪ ،‬والفكللر الشلليوعي كللان‬
‫يسير عملية الستثمار في التحاد السوفيتي السابق والللدول‬
‫الشتراكية نحو إطاره الفلسفي وأهللدافه مللن خلل وسللائله‬
‫الخاصة‪....‬‬

‫‪503‬‬
‫فكذلك العقيدة السلمية هي المهيمنة في الفكر القتصادي‬
‫السلمي‪ ،‬وفللي منهللج السللتثمار وأدواتلله ووسللائله وآليللاته‪،‬‬
‫فالمسلم يعتقد أن المال مال الله _تعالى_‪ ،‬وأنلله مسللتخلف‬
‫فيه‪ ،‬ولذا يجلب عليلله أن يسلير فللي السلتثمار وغيلره عللى‬
‫ضوء منهللج الللله _تعللالى_‪ ،‬ول يخللالف شللرعه كمللا عليلله أن‬
‫يعمر الكون بالعدل والحق‪ ،‬ويكون شاهدا ً على الخرين‪.‬‬
‫ولجل هذه العقيللدة تختلللف تصللرفات المللؤمن عللن الكللافر‬
‫فبينما يضع المسلم في الكتساب والنفاق والستثمار رضاء‬
‫الله _تعالى_ نصب عينيه يضع الكافر مصالحه الشخصية أول ً‬
‫ثم مصالح قومه فللوق كللل العتبللارات‪ ،‬بللل قللد ل يكللون للله‬
‫اعتبار إل لهما‪ ،‬يبين ذلك قوله _تعالى_ في وصف المؤمنين‪:‬‬
‫َ‬
‫مللا‬
‫سيًرا )‪ (8‬إ ِن ّ َ‬ ‫ما وَأ ِ‬ ‫كيًنا وَي َِتي ً‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫حب ّهِ ِ‬‫م عََلى ُ‬ ‫ن الط َّعا َ‬ ‫مو َ‬ ‫"وَي ُط ْعِ ُ‬
‫كوًرا )‪"(9‬‬ ‫شل ُ‬ ‫ج لَزاًء وََل ُ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُل ْ‬ ‫ري لد ُ ِ‬‫جهِ الل ّلهِ َل ن ُ ِ‬ ‫م ل ِلوَ ْ‬ ‫مك ُل ْ‬ ‫ن ُط ْعِ ُ‬
‫]النسان‪ .[9 – 8 :‬بينما يصف الكافر بأنه ليللس راغب لا ً فللي‬
‫إطعام اليتامى والمساكين؛ لنه ليس فيه مصلحة دنيوية للله‪،‬‬
‫حتى لو أطعم فإنما يطعم من يرجو منلله مصلللحة كأصللحاب‬
‫َ َ‬
‫ن )‪(1‬‬ ‫دي ِ‬‫ب ِباللل ّ‬ ‫ذي ي ُ َ‬
‫كللذ ّ ُ‬ ‫ت ال ّ ِ‬ ‫الجاه‪ ،‬حيث يقول _تعالى_‪" :‬أَرأي ْ َ‬
‫ن)‬ ‫كي ِ‬ ‫سلل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ض عََلى ط ََعام ِ ال ْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م )‪ (2‬وََل ي َ ُ‬ ‫ذي ي َد ُعّ ال ْي َِتي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫فَذ َل ِ َ‬
‫‪ ] "(3‬الماعون‪ [3-1 :‬ولجل هذه العقيللدة يللرى المللؤمن أن‬
‫الربا محق للموال ونقص حقيقي‪ ،‬وأن دفع الصدقات زيللادة‬
‫لهلا‪ ،‬وهللذا بالتأكيللد عكللس تصللور الكللافر‪ ،‬حيللث يقللول اللله‬
‫ت" ]البقللرة‪:‬‬ ‫صللد ََقا ِ‬ ‫ه الّرَبللا وَي ُْرِبللي ال ّ‬ ‫حللقُ الّللل ُ‬ ‫م َ‬‫_تعللالى_‪" :‬ي َ ْ‬
‫‪.[276‬‬
‫ولجل هذه العقيدة أيضا ً يمتنع عللن المحرمللات ويقبللل علللى‬
‫الطاعات‪ ،‬ويعد أنه مثاب مأجور ينفذ أمر الله _تعالى_ حينما‬
‫يستثمر ويتاجر ويعمل‪ ،‬إضافة إلى إسناده النتيجللة إلللى الللله‬
‫_تعالى_ وحينئذ ل يحللزن ول يغتللم عنللد الخسللارة‪ ،‬ول يبطللر‬
‫م وََل‬ ‫ْ‬
‫مللا فَللات َك ُ ْ‬ ‫وا عَل َللى َ‬ ‫س ْ‬ ‫ي َل ت َأ َ‬ ‫ويطغى عن الربح والغناء "ل ِك َ ْ‬
‫م" ]الحديد‪ [23 :‬فهو دائما ً في أحد المقامين‬ ‫َ‬
‫ما آَتاك ُ ْ‬ ‫حوا ب ِ َ‬ ‫ت َْفَر ُ‬
‫أو في كليهما‪ :‬مقام الشكر والثناء‪ ،‬ومقام الصبر والرضا‪.‬‬

‫‪504‬‬
‫كما يترتب على هللذه العقيللدة سللرعة المتثللال لوامللر الللله‬
‫_تعالى_ ونواهيه‪ ،‬ولللذلك يقللدم الللله _تعللالى_ علللى أوامللره‬
‫من ُللوا َل‬ ‫ذي َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ونواهيه ذكر اليمان فيقول _تعالى_‪َ" :‬يا أي ّهَللا ال ّل ِ َ‬
‫ض‬ ‫را‬ ‫تلل‬ ‫ن‬ ‫علل‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫ة‬‫ر‬ ‫جا‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫كو‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫تأ ْك ُُلوا أ َموال َك ُم بينك ُم بال ْباطل إّل أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ََْ ْ ِ َ ِ ِ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من ُللوا‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م" ]النساء‪ [29 :‬وقوله _تعللالى_‪" :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ِ‬
‫ن" ]البقللرة‪:‬‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ن الّرَبا إ ِ ْ‬‫م َ‬
‫ي ِ‬
‫ما ب َِق َ‬ ‫ات ُّقوا الل ّ َ‬
‫ه وَذ َُروا َ‬
‫‪.[278‬‬
‫ومن جانب آخللر أن المسلللم حينمللا يتحللرك ويسللتثمر فإنمللا‬
‫ينطلق من منطلق العقيدة التي تفرض عليه أن يعمر الكون‬
‫علللى ضللوء منهللج الللله _تعللالى_ وينشللر الخيللر والرحمللة‬
‫للعالمين أجمعين‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن من أهم المعللالم الساسللية للمنهللج السلللمي فللي‬
‫الستثمار قيامه على القيم والخلق والمبادئ ‪ ،‬ولذلك حللرم‬
‫السلم الحيل والغش والسللتغلل والتلدليس‪ ،‬وللذلك وردت‬
‫أحاديث صحيحة على أن "من غشنا فليس منا " )‪ (13‬وعلى‬
‫حرمة التدليس‪ ،‬سواء كان بالقول كما فللي النجللش )‪ (14‬أم‬
‫بالفعل كما في التصرية )‪ (15‬ونحوها‪.‬‬
‫وبالمقابل أوجب السلللم أن يسللير السللتثمار علللى العللدل‪،‬‬
‫والسماحة عند البيع الشللراء والقتضللاء‪ ،‬وبيللان كللل مللا فللي‬
‫المعقود عليه من عيوب دون كذب ول حلف ول زور )‪(16‬‬
‫ثالثللًا‪ :‬إن مللن المعللالم الساسللية للمنهللج السلللمي فللي‬
‫السللتثمار قيللامه علللى التنللافس الشللريف وإتاحللة الفرصللة‬
‫للجميع دون تدخل من الدولة إل لحماية الضللوابط الشللرعية‬
‫والضعفاء‪ ،‬ولذلك كانت حماية السوق منوطة بسلطة شعبية‬
‫تتمثل في نظام الحسبة والرقابة الذاتية والشعبية‪.‬‬
‫ومن هنا أعطى الرسول _صلى الله عليه وسلم_ الحق فللي‬
‫الخيار لمن كان في عقله ضعف كمللا فللي حللديث ابللن عمللر‬
‫رجل ً ذكللر للنللبي _صلللى الللله عليلله وسلللم_ أنلله يخللدع فللي‬
‫الللبيوع‪ ،‬فقللال‪ " :‬إذا بللايعت فقللل‪ :‬ل خلبللة " ‪ ،‬ورواه أحمللد‬
‫وأصحاب السنن بلفظ‪ :‬أن رجل ً على عهد رسول الله _صلى‬

‫‪505‬‬
‫الله عليه وسلم_ كللان يبتللاع وكللان فللي عقللدته –يعنللي فللي‬
‫عقله‪ -‬ضللعف فللأتى أهللله النللبي _صلللى الللله عليلله وسلللم_‬
‫فقالوا‪ :‬يا رسول الله احجر على فلن فإنه يبتاع وفي عقدته‬
‫ضعف‪ ،‬فدعاه ونهاه‪ ،‬فقال‪ :‬إني ل أصبر عن البيع‪ ،‬فقال‪ :‬إن‬
‫كنت غير تارك للبيع فقل‪ :‬هاء وهاء‪ ،‬ول خلبة " ‪. (17) .‬‬
‫فهذا الحديث أصل طيب في الدللة على إعطاء فرصة أكللبر‬
‫لضعاف العقول والمستأمنين الذين ليس لديهم الخللبرة فللي‬
‫العقود بأن يشترطوا لنفسلهم الخيلار‪ ،‬بلل يعطلى لهلم هلذا‬
‫الحق ما داموا وقعوا في غبن حتى ولو لم يشترطوا الخيللار‪.‬‬
‫)‪(18‬‬
‫رابعًا‪ :‬تحريللم الظلللم والربللا‪ ،‬وأكللل أمللوال النللاس بالباطللل‪،‬‬
‫والمقامرة وغير ذلك مما حرمه السلم ونهى عنه‪.‬‬
‫السهم‪:‬‬
‫السللهم هللي جمللع سللهم‪ ،‬وهللو لغللة للله عللدة معللان منهللا‪:‬‬
‫النصيب‪ ،‬وجمعه‪" :‬السهمان" بضم السين‪ ،‬ومنها العود الذي‬
‫يكللون فللي طرفلله نصللل يرمللى بلله عللن القللوس‪ ،‬وجمعلله‪:‬‬
‫السهام‪ ،‬ومنها‪ :‬بمعنى القدح الذي يقارع به‪ ،‬أو يلعب به فللي‬
‫الميسر‪ ،‬ويقللال‪ :‬أسللهم بينهللم أي أقللرع‪ ،‬وسللاهمه أي بللاراه‬
‫ولعبه فغلبه‪ ،‬وسللاهمه أي قاسللمه وأخللذ سللهمًا‪ ،‬أي نصلليبًا‪،‬‬
‫جاء في )المعجم الوسيط(‪" :‬ومنلله شللركة المسلاهمة")‪(19‬‬
‫ن"‬ ‫ضللي َ‬
‫ح ِ‬
‫مد ْ َ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫ملل َ‬
‫ن ِ‬ ‫م فَ َ‬
‫كللا َ‬ ‫وفللي القللرآن الكريللم "فَ َ‬
‫سللاهَ َ‬
‫]الصافات‪ [141 :‬أي قارع بالسللهام فكللان مللن المغلللوبين )‬
‫‪ (20‬والقتصاديون يطلقون السهم مرة على الصللك ‪ ،‬ومللرة‬
‫على النصيب ‪ ،‬والمؤدى واحد‪ ،‬فباعتبار الول قللالوا‪ :‬السللهم‬
‫هو‪ :‬صك يمثل جزءا ً من رأس مللال الشللركة ‪ ،‬يزيللد وينقللص‬
‫تبع رواجها‪.‬‬
‫وبالعتبلار الثلاني‪ :‬قلالوا‪ :‬السلهم هلو نصليب المسلاهم فلي‬
‫شركة من شللركات الملوال ‪ ،‬أو الجلزء اللذي ينقسلم علللى‬
‫قيمته مجموع رأس مال الشركة المثبت في صللك للله قيمللة‬

‫‪506‬‬
‫اسللمية‪ ،‬حيللث تثمللل السللهم فللي مجموعهللا رأس مللال‬
‫الشركة ‪ ،‬وتكون متساوية القيمة‪(21) .‬‬
‫وتتميز السهم بكونها متساوية القيمة‪ ،‬وأن السهم الواحللد ل‬
‫يتجزأ وأن كان نوع منها –عادّيا أو ممتازًا‪ -‬يقللوم ‪ -‬مللن حيللث‬
‫المبدأ‪ -‬على المساواة في الحقللوق واللتزامللات وأنلله قابللل‬
‫للتللداول‪ ،‬ولكللن بعللض القللوانين –مثللل النظللام السللعودي ‪-‬‬
‫استثنى السهم المملوكة للمؤسسين حيللث ل يجللوز تللداولها‬
‫قبل نشر الميزانية إل بعد سنتين مللاليتين كلاملتين –كقاعلدة‬
‫عامة‪ -‬وكلذلك ل يجلوز تلداول أسلهم الضلمان اللتي يقلدمها‬
‫عضللو مجلللس الدارة لضللمان إدارتلله طللوال مللدة العضللوية‬
‫وحتى تنقضي المللدة المحللددة لسللماع دعللوى المسللؤولية )‬
‫‪(22‬‬
‫حكم تقسيم رأس مال الشركة‪:‬‬
‫ومن الجدير بالتنبيه عليه أن تقسيم رأس مال الشللركة إلللى‬
‫حصص وأجزاء‪ ،‬واشللتراط الشللروط السللابقة ل يتنللافى مللع‬
‫المبللادئ العامللة للشللريعة السلللمية ‪ ،‬والقواعللد العامللة‬
‫للشركة في الفقله السللمي‪ ،‬إذ ليلس فيهلا ملا يتنلافى ملع‬
‫مقتضى عقد الشركة ‪ ،‬بل فيها تنظيم وتيسللير ورفلع للحلرج‬
‫الذي هو من سمة هذه الشريعة‪ ،‬وداخل ضمن الوفللاء العللام‬
‫من ُللوا أ َوْفُللوا ب ِللال ْعُُقوِد" ]المللائدة‪[1 :‬‬ ‫ذي َ‬
‫نآ َ‬
‫َ‬
‫بالعقود "ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ َ‬
‫وتحللت قللول رسللول الللله _صلللى الللله عليلله وسلللم_‪" :‬‬
‫المسلمون عند شروطهم" )‪ (23‬وفي روايللة‪ ":‬والمسلللمون‬
‫على شروطهم إل شرطا ً حللرم حلل ً أو أحللل حرام لا ً " )‪(24‬‬
‫قال الترمذي ‪" :‬هذا حديث حسن صحيح"‪(25) .‬‬
‫فهذه النصوص وغيرها تدل على أن كل مصالحة وكل شرط‬
‫جائزان إل ما دل الدليل على حرمته‪ ،‬وعلى أن الصل فيهما‬
‫هو الباحة ‪ ،‬والحظر يثبت بدليل خاص‪ ،‬يقللول شلليخ السلللم‬
‫ابللن تيميللة ‪" :‬وهللذا المعنللى هللو الللذي يشللهد عليلله الكتللاب‬
‫والسللنة‪ (26) "...‬ويقللول أيض لًا‪" :‬إن الصللل فللي الشللروط‬
‫الصحة واللزوم إل ما دل الدليل على خلفلله‪ ...‬فللإن الكتللاب‬

‫‪507‬‬
‫والسللنة قللد دل علللى الوفللاء بللالعقود والعهللود‪ ،‬وذم الغللدر‬
‫والنكث‪ ...‬والمقصود هنا‪ :‬أن مقتضى الصول والنصوص‪ :‬أن‬
‫الشرط يلزم إل إذا خالف كتاب الله‪."...‬‬
‫ول يخفى أن هذه القواعللد السللابقة تجعللل الفقلله السلللمي‬
‫يقبل بكل عقد‪ ،‬أو تصرف أو تنظيم مالي أو إداري مللا دام ل‬
‫يتعارض مع نصوص الكتاب والسللنة‪ ،‬وقواعللدها العامللة‪ ،‬وأن‬
‫الشريعة الغراء تجعل كل حكمللة نافعللة ضللالة المللؤمن دون‬
‫النظللر إلللى مصللدرها أو اسللمها‪ ،‬وإنمللا السللاس معناهللا‬
‫ومحتواها‪ ،‬ووسائلها وغاياتها‪ ،‬وما تحققه من مصللالح ومنللافع‬
‫أو مضار ومفاسد‪.‬‬
‫خصائص السهم وحقوقه‪:‬‬
‫للسهم عللدة خصللائص مللن أهمهللا‪ :‬تسللاوي قيمتهللا حسللبما‬
‫يحللددها القللانون ‪ ،‬وتسللاوي حقوقهللا‪ ،‬وكللون مسللؤولية كللل‬
‫مساهم بقدر قيمة أسهمه‪ ،‬وقابليتهلا للتلداول‪ ،‬وعلدم قابليلة‬
‫السهم للتجزئة وأما حقوق السهم فهي حق بقاء صاحبه في‬
‫الشللركة ‪ ،‬وحللق التصللويت فللي الجمعيللة العموميللة‪ ،‬وحللق‬
‫الرقابة‪ ،‬وحق رفع دعوى المسؤولية على الدارييللن‪ ،‬والحللق‬
‫فللي نصلليب الربللاح والحتياطللات والتنللازل عللن السللهم‬
‫والتصللرف فيلله‪ ،‬والولويللة فللي الكتتللاب‪ ،‬وحللق اقتسللام‬
‫موجودات الشركة عند تصفيتها‪(27) .‬‬
‫حكم السهم باعتبار نشاطها ومحلها‪:‬‬
‫ذكرنا أن تقسيم رأس مللال الشللركة إلللى حصللص متسللاوية‬
‫تسمى بالسهم جائز ليس فيه أية مخافة لمبللادئ السلللمي‬
‫وقواعده‪.‬‬
‫وهنا نذكر بصورة عامة حكم تداول هللذه السللهم والتصللرف‬
‫فيها بالبيع والشراء وغيرهما بصورة عامة‪ ،‬ثم نذكر عند بيان‬
‫كل نوع من السهم حكمه الخاص _بإذن الله تعالى_‪.‬‬
‫ومن الجلدير بلالتنبيه عليله أن بعلض البلاحثين )‪ (28‬أطلقلوا‬
‫اختلف العلماء المعاصرين حول السهم مطلقا ً دون تفصيل‬

‫‪508‬‬
‫من غير أن يجد منهم تصريحا ً بذلك بل اعتمادا ً على ما فهللم‬
‫من آرائهم في الشركات بصورة عامة )‪(29‬‬
‫وهذا الطلق ل ينبغي الركون إليه‪ ،‬إذ إن لزم المذهب ليس‬
‫بمذهب –كما هو مقرر في الصول‪ -‬كما أن جل نقاش هؤلء‬
‫العلماء في الشركات التي أنشللئت فللي بلد السلللم وليللس‬
‫في الشركات التي حللدد نشللاطها فللي المحرمللات كللالخنزير‬
‫والخمور ونحوها‪(30) ...‬‬
‫‪ -‬ولذلك نقسم السهم إلى نوعين‪ :‬نوع محللرم تحريم لا ً بين لًا‪،‬‬
‫ونوع فيه النقاش والتفصيل والخلف‪.‬‬
‫فللالنوع الول‪ :‬هللو السللهم الللتي محلهللا الخنزيللر‪ ،‬والخمللور‬
‫والمخللدرات‪ ،‬والقمللار ونحوهللا مللن المحرمللات‪ ،‬وكللذلك‬
‫الشركات التي يكللون نشللاطها محصللورا ً فللي الربللا كللالبنوك‬
‫الربوية‪.‬‬
‫فهذه السهم جميعهللا ل يجللوز إنشللاؤها‪ ،‬ول المسللاهمة فللي‬
‫إنشائها‪ ،‬ول التصرف فيه بالبيع والشراء ونحوهللا‪ ،‬يقللول ابللن‬
‫القيللم ‪- :‬بعللد أن ذكللر الحللاديث الخاصللة بحرمللة بيللع بعللض‬
‫الشياء‪" :-‬فاشتملت هذه الكلمات الجوامع على تحريم ثلثة‬
‫أجناس‪ :‬مشارب تفسللد العقللول –كللالخمر‪ -‬ومطللاعم تفسللد‬
‫الطباع وتغذي غذاء خبيثا ً –مثل الميتللة‪ ،‬والخنزيللر‪ -‬وأعيللان –‬
‫كالصنام تفسد الديان وتدعو إلللى الفتنللة والشللرك‪ ،‬فصللان‬
‫بتحريم النوع الول‪ ،‬العقول عما يزيلهللا‪ ،‬ويفسللدها‪ ،‬وبالثللاني‬
‫القلوب عما يفسدها من وصول أثر الغللذاء الخللبيث إليهللا‪،...‬‬
‫وبالثالث الديان عما وضع لفسادها" )‪(31‬‬
‫هذا هو المبدأ الذي ل يجوز تجاوزه‪ ،‬ول ينبغللي التوقللف فيلله‪،‬‬
‫وما سوى هذا النوع من السهم الحرام قسمان‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬أسهم لشركات قائمة على شرع الله _تعالى_‬
‫حيث رأس مالها حلل ‪ ،‬وتتعامل في الحلل ‪ ،‬وينص نظامهللا‬
‫وعقدها التأسيسي على أنهللا تتعامللل فللي حللدود الحلل‪ ،‬ول‬
‫صللا أو‬ ‫تتعامل بالربا إقراضًا‪ ،‬واقتراضًا‪ ،‬ول تتضمن امتيللازا ً خا ّ‬
‫ضمانا ً مالّيا لبعض دون آخر‪.‬‬

‫‪509‬‬
‫فهللذا النللوع مللن أسللهم الشللركات –مهمللا كللانت تجاريللة أو‬
‫صللناعية أو زراعيللة‪ -‬مللن المفللروض أن يفللرغ الفقهللاء مللن‬
‫القول بحلها وحل جميع التصرفات الشرعية فيها؛ وذلللك لن‬
‫الصل في التصرفات والعقللود الماليللة الباحللة ‪ ،‬ول تتضللمن‬
‫هذه السللهم أي محللرم‪ ،‬وكللل مللا فيهللا أنهللا نظمللت أمللوال‬
‫الشللركة حسللبما تقتضلليه قواعللد القتصللاد الحللديث دون‬
‫التصادم بأي مبدأ إسلمي‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد أثير حول هذا النوع أمران‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬ما أثاره أحد الكتاب مللن أن هللذه السللهم جللزء‬
‫مللن النظللام الرأسللمالي الللذي ل يتفللق جملللة وتفصلليل ً مللع‬
‫السلم‪ ،‬بل إن الشركات الحديثة ول سيما شركات المللوال‬
‫حرام ل تجوز شللرعًا؛ لنهللا تمثللل وجهللة نظللر رأسللمالية فل‬
‫يصح الخذ بهللا‪ ،‬ول إخضللاعها لقواعللد الشللركات فللي الفقلله‬
‫السلمي )‪(32‬‬
‫وهللذا الحكللم العللام ل يللؤبه بلله‪ ،‬ول يجنللح إليلله‪ ،‬فالسلللم ل‬
‫يرفض شيئًا؛ لنه جاء من النظام الفلني‪ ،‬أو وجد فيه‪ ،‬وإنمللا‬
‫الحكللم فللي السلللم موضللوعي قللائم علللى مللدى موافقللاته‬
‫لقواعد الشرع‪ ،‬أو مخللالفته‪" ،‬فالحكمللة ضللالة المللؤمن فهللو‬
‫أحق بها أنى وجدها" وبما أن السهم القائمللة علللى الحلل ل‬
‫تتضمن مانعا ً شرعّيا فل يجوز القول بتحريمها‪- ،‬كما سبق‪.-‬‬
‫واستدل كذلك بأن السهم بمثابة سللندات بقيمللة موجللودات‬
‫الشركة ‪ ،‬وهي تمثل ثملن الشلركة وقلت تقلديرها‪ ،‬وليسلت‬
‫أجللزاء ل تتجللزأ مللن الشللركة‪ ،‬ول تمثللل رأس مالهللا عنللد‬
‫إنشائها‪(33) .‬‬
‫غير أن هذا الحكم والتصور للسهم مجاف للحقيقة‪ ،‬والواقللع‬
‫الذي عليه الشركات المعاصرة‪ ،‬أن السهم ليسللت سللندات‪،‬‬
‫وإنما هي حصص الشركة‪ ،‬وأن كل سهم بمثابة جزء ل يتجزأ‬
‫مللن كيللان الشللركة‪ ،‬وأن مجمللوع السللهم هللي رأس مللال‬
‫الشركة )‪(34‬‬

‫‪510‬‬
‫كملا قللاس السللهم عللى أوراق النقلد حيلث يهبلط سلعرها‪،‬‬
‫ويرتفع‪ ،‬وتتفاوت قيمتها وتتغير‪ ،‬ومن هنا ينسلخ السللهم بعللد‬
‫بدء الشركة عن كونه رأس مال‪ ،‬وصار ورقة مالية لها قيمللة‬
‫معينة‪.‬‬
‫والواقع أن هذا التكييف الفقهي للسهم غير دقيق‪ ،‬وقياسللها‬
‫علللى الوراق النقديللة قيللاس مللع الفللارق؛ لن السللهم فللي‬
‫حقيقتهللا هللي حصللص الشللركة ‪ ،‬وأجللزاء تقابللل أصللولها‪،‬‬
‫وموجوداتها‪ ،‬وهي وإن كانت صكوكا ً مكتوبة لكنهللا يعنللي بهللا‬
‫ما يقابلها‪.‬‬
‫ومسألة الهبللوط والرتفللاع يختلللف سللببها فللي السللهم عللن‬
‫سللببها فللي النقللود‪ ،‬فتغيللر قيمللة السللهم يعللود إلللى نشللاط‬
‫الشركة نفسها‪ ،‬حيث ترتفع عنللدما تللزداد أرباحهللا ‪ ،‬أو تللزداد‬
‫معها موجودات‪ ،‬وثقة النللاس بهللا‪ ،‬وتنخفللض عنللد الخسللارة‪،‬‬
‫ومثل ذلك كمثل شخص أو شركاء لهم سلللع معينللة فباعوهللا‬
‫بأرباح جيدة فزادت نسبة مال كل واحللد منهللم بقللدر الربللح‪،‬‬
‫وكذلك تنقص نسبة مال كل واحد منهم لو فقد منها بعضللها‪،‬‬
‫أو هلك‪ ،‬أو بيعت السلعة بخسارة‪ ،‬فهذا هو النموذج المصغر‬
‫للسهم في الشركات ‪.‬‬
‫أمللا الورقللة النقديللة فيعللود انخفاضللها إلللى التضللخم ‪ ،‬وإلللى‬
‫النظمة الدولية بهذا الخصوص وسياسة الدولللة فللي إصللدار‬
‫المزيللد مللن الوراق النقديللة الللتي قللد ل يوجللد لهللا مقابللل‬
‫حقيقي‪ ،‬وغير ذلك مللن العوامللل القتصللادية ‪ ،‬بينمللا السللهم‬
‫يمثل ذلك المبلغ الذي تحول إلى جزء من الشركة ممثل في‬
‫أصولها وموجوداتها‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬الذي أثير حول هذا النوع من السهم هو ما أثير‬
‫حول شرائها‪ ،‬أو بيعها من ملحوظات ثلث نذكرها مع الجابة‬
‫عنها‪(35) .‬‬
‫الملحوظة الولللى‪ :‬الجهالللة‪ ،‬حيللث ل يعلللم المشللتري علم لا ً‬
‫تفصيلّيا بحقيقة محتوى السهم‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫للجواب عن ذلك نقللول‪ :‬إن الجهالللة إنمللا تكللون مانعللة مللن‬
‫صحة العقد إذا كانت مؤديللة إلللى النللزاع‪ ،‬أو كمللا يعللبر عنهللا‬
‫الفقهللاء بالجهالللة الفاحشللة )‪ (36‬يقللول المللام القرافللي‪:‬‬
‫"الغرر والجهالة ثلثة أقسام‪ :‬كثير ممتنع إجماعا ً كالطير فللي‬
‫الهللواء‪ ،‬وقليللل جللائز إجماع لا ً كأسللاس الللدار‪ ،...‬ومتوسللط‬
‫اختلف فيه" )‪ (37‬ويقول شلليخ السلللم ابللن تيميللة فللي بيللع‬
‫المغيبات كللالجزر‪ ،‬واللفللت والقلقللاس‪" :‬والول –أي القللول‬
‫بصحة بيعها وهو ملذهب ماللك وقلول أحملد ‪ -‬أصلح‪ ،...‬فلإن‬
‫أهل الخبرة إذا رأوا ما ظهر منها من الورق وغيره وهم ذلك‬
‫على سائرها‪ ،‬وأيضا ً فإن الناس محتاجون إلللى هللذه الللبيوع‪،‬‬
‫والشارع ل يحرم ما يحتاج الناس إليلله مللن الللبيع لجللل نللوع‬
‫من الغرر‪ ،‬بل يبيح ما يحتاج إليه في ذلك‪ ،‬كما أباح بيع الثمار‬
‫قبل بدو صلحها مبقاة إلى الجذاذ وإن كان بعض المللبيع لللم‬
‫يخلق‪ ...‬وأباح بيللع العرايللا بخرصللها فأقللام التقللدير بللالخرص‬
‫مقام التقدير بالكيل عند الحاجة مع أن ذلك يدخل فللي الربللا‬
‫الذي هو أعظم من بيع الغرر ‪ ،‬وهذه قاعللدة الشللريعة‪ ،‬وهللو‬
‫تحصلليل أعظللم المصلللحتين بتفللويت أدناهمللا‪ ،‬ودفللع أعظللم‬
‫الفسللادين بللالتزام أدناهمللا" )‪ (38‬ويقللول السللتاذ الصللديق‬
‫الضرير‪" :‬الغرر الذي يؤثر في صحة العقد هللو مللا كللان فللي‬
‫المعقود عليه أصالة‪ ،‬أما الغرر في التابع‪ ...‬فإنه ل يللؤثر فللي‬
‫العقد" )‪(39‬‬
‫فالواقع أن المشتري يعلم علما ً إجمالّيا كافيا ً بقيمللة السللهم‪،‬‬
‫وما يقابله من الموجودات من خلل نشر الميزانيللة ونشللاط‬
‫الشركة ونحو ذلك‪ ،‬وهذا العلم يكفي لصللحة الللبيع بالضللافة‬
‫إلى أن العلم في كل شيء بحسبه‪.‬‬
‫ثلم إن بيلع الحصلص المشلاعة جلائز بالتفلاق ‪ ،‬يقلول شليخ‬
‫السلم ابن تيمية ‪" .‬يجللوز بيللع المشللاع باتفللاق المسلللمين‪،‬‬
‫كما مضت بذلك سنة رسول الله _صلى الله عليه وسلم_" )‬
‫‪ (40‬يراجع‪ :‬المغني )‪(5/45‬؛ والمجمللوع )‪(9/292‬؛ ويراجللع‪:‬‬

‫‪512‬‬
‫د‪ .‬صللالح بللن زابللن‪ :‬المرجللع السللابق ص )‪ (348‬والمصللادر‬
‫السابقة الخرى ‪.‬‬
‫الملحوظة الثانية‪ :‬أن بيع السهم يعني بيع جزء من الصللول‪،‬‬
‫وجزء من النقود‪ ،‬وهذا يقتضي ملحظة قواعللد الصللرف مللن‬
‫التماثللل والتقللابض فللي المجلللس بيللن الجنللس الواحللد‪،‬‬
‫والتقابض فيله عنللد اختلف الجنلس؛ وذللك لن السلهم فللي‬
‫الغالب يكون مساويا ً لموجودات الشركة بما فيها النقود‪.‬‬
‫للجواب عن ذلك أن وجود النقود في السهم يأتي تبعللا ً غيللر‬
‫مقصود؛ لن الصل والساس فيها هللي الموجللودات العينيللة‪،‬‬
‫ولذلك تقول‪ :‬إن بيع السلهم قبلل بللدء عمللل الشللركة وقبللل‬
‫شراء المباني ونحوها‪ ،‬ل يجوز إل مع مراعاة قواعد الصرف‪.‬‬
‫فالسهم يراد به هذا الجزء الشللائع مللن الشللركة دون النظللر‬
‫إلى تفصيلته فما دام للسهم مقابل من موجللودات الشللركة‬
‫ل يعامل معاملة النقد بسبب أن جزءا ً من الموجللودات نقللد‪،‬‬
‫والقاعدة الفقهية تقضي أنه يغتفر في التابع ما ل يغتفر فللي‬
‫غيره‪ ،‬وأنه يغتفر في الشيء ضمنا ً مللا ل يغتفللر فيلله قصللدًا‪،‬‬
‫قللال السلليوطي‪" :‬ومللن فروعهللا‪ ...‬أنلله ل يصللح بيللع الللزرع‬
‫الخضر إل بشرط القطع‪ ،‬فإن باعه مع الرض جاز تبعًا‪) "...‬‬
‫‪(41‬‬
‫بل إن مسألتنا هذه لهللا أصللل مقللرر فللي السللنة المشللرفة‪،‬‬
‫حيث إن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أجاز شراء عبد‬
‫وله مال –حتى وإن كان نقدًا‪ -‬فيكون ماله تبعا ً للمشللتري إذا‬
‫اشللترط ذلللك دون النظللر إلللى قواعللد الصللرف فقللد روى‬
‫البخاري ومسلم ‪ ،‬وغيرهما بسندهم عن عبللد الللله بللن عمللر‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول الله _صلى الللله عليلله وسلللم_ يقللول‪":‬‬
‫ومن ابتاع عبدا ً وللله مللال فمللاله للللذي بللاعه إل أن يشللترط‬
‫المبتاع " )‪ (42‬قال الحافظ ابن حجر ‪" :‬ويؤخذ من مفهللومه‬
‫أن من باع عبدا ً ومعه مال وشلرطه المبتلاع أن اللبيع يصلح"‬
‫ثم ذكر اختلف العلماء‪ ،‬فيما لو كان المال ربوّيا‪ ،‬حيث ذهب‬
‫مالك إلى صحة ذلك ولو كان المال الذي معلله ربوي ّللا لطلق‬

‫‪513‬‬
‫الحديث؛ ولن العقد إنما وقع على العبد خاصة والمال الللذي‬
‫معه ل مدخل له في العقد )‪ (43‬قال مالك ‪" :‬المر المجتمع‬
‫عليه عندنا أن المبتاع إن اشترط مللال العبللد فهللو للله‪ ،‬نقللدا ً‬
‫كان أو دينا ً أو عرضا ً يعلم أو ل يعلم‪(44) "...‬‬
‫الملحوظة الثالثة‪ :‬إن جزءا ً مللن السللهم يمثللل دين لا ً للشللركة‬
‫وحينئذ ل يجوز بيعه بثمن مؤجل؛ لنه يكون بيع الدين بالللدين‬
‫وهو منهي عنه حيث روي أن رسول الللله _صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم_ نهى عن بيللع الكللالئ بالكللالئ –أي‪ :‬الللدين بالللدين‪) -‬‬
‫‪(45‬‬
‫والجواب عن ذلك من وجوه‪:‬‬
‫الللوجه الول‪ :‬الحللديث ضللعيف؛ لن فللي سللنده موسللى بللن‬
‫عبيدة‪ ،‬وهو ضلعيف )‪ (46‬فل ينهلض حجلة‪ ،‬كملا أن الحلديث‬
‫ت ل يدخل موضوعنا في أكثرها‪.‬‬ ‫سَر ب َعْد ُ تفسيرا ٌ‬‫فُ ّ‬
‫الوجه الثاني‪ :‬ل ينطبللق عليلله بيللع الللدين بالللدين‪ ،‬إذ إن هللذا‬
‫الجزء من ديون الشركة داخل في السهم تبعًا‪ ،‬وحينئذ يكون‬
‫الجواب السابق في الملحوظلة الثانيللة جوابلا ً لهللذا الشلكال‬
‫بكل تفاصيله‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬ليس الحكم السابق –فللي كللون الللدين جللزءا ً‬
‫مللا‪ ،‬إذ قللد ل توجللد الللديون للشللركة‪ ،‬وإنمللا‬ ‫مللن السللهم‪ -‬عا ّ‬
‫تتعامل بالنقد ‪ ،‬وعلى فرض وجودها فهي تمثلل نسلبة قليللة‬
‫من موجودات الشركة‪ ،‬والقاعدة الفقهية تقضي بللأن العللبرة‬
‫بالكثر‪(47) .‬‬
‫والخلصلللة أن السلللهم اللللتي تقلللوم عللللى الحلل ‪ ،‬وتتبلللع‬
‫الشركات التي تمتنع عن مزاولة أي نشللاط محللرم‪ ،‬وتتللوافر‬
‫فيلله قواعللد الشللركة مللن المشللاركة فللي العبللاء‪ ،‬وتحمللل‬
‫المخاطر‪ ،‬ول تكون لهذه السهم ميزة ماليللة علللى غيرهللا‪...‬‬
‫فهي حلل لما ذكرناه‪ ،‬ويجوز إنشاؤها‪ ،‬والتصرف فيها؛ وذلك‬
‫لن ذلك كله داخل في حدود التصرفات المباحة التي أجازها‬
‫َ‬
‫ه‬ ‫ل الّلل ُ‬
‫ح ّ‬‫الشارع للمالك في ملكه‪ ،‬امتثال ً لقوله _تعالى_‪" :‬وَأ َ‬
‫ع" ]البقرة‪ [275 :‬والدلة الخرى التي ذكرنا بعضها‪.‬‬ ‫ال ْب َي ْ َ‬

‫‪514‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬أسهم لم تتوافر فيها الشروط السابقة‪.‬‬
‫وهللي السللهم الللتي ليسللت لشللركات تللزاول المحرمللات –‬
‫كللالنوع الول‪ -‬ول لشللركات قائمللة علللى الحلل –كالقسللم‬
‫الول‪ -‬وإنما هي أسهم لشركات قد تودع في بعللض الحيللان‬
‫بعض فلوسها في البنوك بفائدة‪ ،‬أو تقللترض منهللا بفللائدة‪ ،‬أو‬
‫قللد تكللون نسللبة قليلللة مللن معاملتهللا تتللم مللن خلل عقللود‬
‫فاسدة كمعظم الشركات في الدول السلمية ‪ ،‬والشللركات‬
‫في الللدول غيللر السلللمية ممللا يكللون محلهللا أمللورا ً مباحللة‬
‫كالزراعللة‪ ،‬والصللناعة والتجللارة )أي فيمللا عللدا المحرمللات‬
‫السابقة في النوع الول(‪.‬‬
‫وقبللل أن أذكللر حكللم هللذه السللهم أود أن أبيللن جملللة مللن‬
‫المبادئ الشرعية في هذا الصدد منها‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن المسلمين مطللالبون بتللوفير المللال الحلل الطللبيب‬ ‫أو ً‬
‫َ‬
‫ما ِفي‬ ‫م ّ‬‫س ك ُُلوا ِ‬‫الذي ل شبهة فيه‪ ،‬قال _تعالى_‪َ" :‬يا أي َّها الّنا ُ‬
‫اْل َ‬
‫م الل ّل ُ‬
‫ه‬ ‫مللا َرَزقَك ُل ُ‬ ‫حَلًل ط َي ًّبا" ]البقرة‪" [168 :‬فَك ُل ُللوا ِ‬
‫م ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬
‫ْ‬
‫شللك ُُروا" ]النحللل‪ [114 :‬ويقللول رسللول الللله‬ ‫حَلًل ط َي ًّبللا َوا ْ‬ ‫َ‬
‫_صلى الله عليه وسلم_‪ ":‬الحلل بين والحللرام بيللن وبينهمللا‬
‫أمللور مشللتبهات ل يعلمهللا كللثير مللن النللاس‪ ،‬فمللن اتقللى‬
‫الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه‪(48) " ...‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر ‪" :‬واختلف في حكم الشبهات‪ ،‬فقيللل‪:‬‬
‫التحريم ‪ .‬وهو مردود‪ ،‬وقيل‪ :‬الكراهة ‪ ،‬وقيللل‪ :‬الوقللف " ثللم‬
‫قال‪ ..." :‬رابعها‪ :‬أن المراد بها المباح‪ ،‬ول يمكن قائل هذا أن‬
‫يحمله على متساوي الطرفين من كل وجه‪ ،‬بل يمكن حمللله‬
‫على ما يكون من قسم الخلف الولى‪ "...‬ونقل ابللن المنيللر‬
‫في مناقب شيخه القبللاري عنلله أنله كللان يقللول‪ " :‬المكللروه‬
‫عقبة بين العبد الحرام فمن استكثر من المكروه تطرق إلى‬
‫الحرام‪ ...‬وهو منزع حسن" )‪(49‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن الشريعة السلمية الغراء مبناهللا علللى رفللع الحللرج‬
‫ودفع المشقة‪ ،‬وتحقيق اليسر والمصالح للمة‪ ،‬فقد قال الله‬
‫ج" ]الحج‪[78 :‬‬ ‫حَر ٍ‬‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م ِفي ال ّ‬ ‫جع َ َ‬
‫ما َ‬‫_تعالى_‪" :‬وَ َ‬

‫‪515‬‬
‫م ال ْعُ ْ‬
‫س لَر"‬ ‫سَر وََل ي ُ ِ‬
‫ري لد ُ ب ِك ُل ُ‬ ‫م ال ْي ُ ْ‬ ‫ريد ُ الل ّ ُ‬
‫ه ب ِك ُ ُ‬ ‫وقال _تعالى_‪" :‬ي ُ ِ‬
‫]البقرة‪ ،[185 :‬وهذا المبللدأ مللن الوضللوح مللا ل يحتللاج إلللى‬
‫دليل‪ ،‬بل هو مقصد من مقاصد الشريعة ‪.‬‬
‫وبناء على هذا الصل العظيم أبيحت المحظورات للضللرورة‪،‬‬
‫ه" ]البقرة‪.[173 :‬‬ ‫م عَل َي ْ ِ‬
‫عادٍ فََل إ ِث ْ َ‬ ‫ضط ُّر غَي َْر َباٍغ وََل َ‬
‫نا ْ‬ ‫"فَ َ‬
‫م ِ‬
‫وكمللا أن الضللرورة مرفوعللة كللذلك نزلللت الحاجللة منزلللة‬
‫الضرورة‪ ،‬يقول السيوطي‪ ،‬وابللن نجيللم وغيرهمللا‪ " :‬الحاجللة‬
‫تنزل منزلة الضرورة عامة كانت‪ ،‬أو خاصللة " ولهللذا جللوزت‬
‫الجارة والجعالة‪ ،‬ونحوها )‪(50‬‬
‫يقول الشيخ أحمللد الزرقللاء‪" :‬والمللراد بالحاجللة هللي الحالللة‬
‫الللتي تسللتدعي تيسلليرًا‪ ،‬أو تسللهيل ً لجللل الحصللول علللى‬
‫المقصود فهي دون الضرورة من هذه الجهة وإن كان الحكم‬
‫الثابت لجلها مستمرًا‪ ،‬والثابت للضرورة مؤقتًا‪(51) "...‬‬
‫ومن المثلة الفقهية لهذه القاعدة مللا أجللازه فقهللاء الحنفيللة‬
‫من بيع الوفاء مع أن مقتضاه عدم الجواز؛ لنه إما من قبيللل‬
‫الربا؛ لنه انتفاع بالعين بمقابلة الللدين‪ ،‬أو صللفقة مشللروطة‬
‫في صفقة كللأنه قللال‪ :‬بعتلله منللك بشللرط أن تللبيعه منللي إذا‬
‫جئتك بالثمن‪ ،‬وكلهما غير جللائز‪ ،‬ولكللن لمللا مسللت الحاجللة‬
‫إليه في بخارى بسبب كللثرة الللديون علللى أهلهللا جللوز علللى‬
‫وجه أنه رهللن أبيللح النتفللاع بثمراتلله ومنللافعه كلبللن الشللاة‪،‬‬
‫والرهن على هذه الكيفية جائز‪(52) .‬‬
‫ومن هذه الجتهادات ما ذكره ابن عابللدين أن مشللايخ بلللخ ‪،‬‬
‫والنسفي أجازوا حمل الطعام ببعض المحمول‪ ،‬ونسج الثوب‬
‫ببعض المنسوج لتعامل أهل بلدهللم بللذلك‪ ،‬وللحاجللة مللع أن‬
‫ذلللك خلف القيللاس ‪ ،‬وأن متقللدمي الحنفيللة صللرحوا بعللدم‬
‫جوازه )‪ (53‬وذكر أيضا ً أن بعض قللدماء الحنفيللة لمللا سللئلوا‬
‫عن النسبة المئوية التي يأخذها السمسللار مثللل ‪ ?10‬قللالوا‪:‬‬
‫ذاك حرام عليهم‪ ،‬وإنما يجب لهم أجللر المثللل ‪ .‬بينمللا أجللازه‬
‫بعضللهم مثللل محمللد بللن سلللمة‪ ،‬حيللث سللئل عللن أجللرة‬
‫السمسار فقال‪ :‬أرجو أنه ل بأس بلله –وإن كللان فللي الصللل‬

‫‪516‬‬
‫فاسدًا‪ -‬لكثرة التعامللل‪ ،‬وكللثير مللن هللذا غيللر جللائز فجللوزوه‬
‫لحاجة الناس إليه‪(54) ...‬‬
‫ولهذه القاعدة أدلللة عمليللة مللن السللنة المشللرفة‪ ،‬منهللا أن‬
‫رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أباح بيع العرايا )‪ (55‬مع‬
‫أن أصلها يدخل في باب الربلا‪ ،‬حيلث للم يجلوز _صللى اللله‬
‫عليه وسلم_ بيع التمر بالرطب )‪ (56‬لوجود النقصان‪ ،‬وعدم‬
‫تحقيق التماثل الحقيقي‪ ،‬ومع ذلك أباح العرايا لحاجة النللاس‬
‫إليها‪ ،‬يقول شيخ السلم ابن تيمية ‪" :‬وأباح بيع العرايا‪ ...‬عند‬
‫الحاجة مع أن ذلك يدخل في الربا‪ (57) "...‬ويقللول أيض لًا‪" :‬‬
‫الشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضللية للتحريلم‬
‫إذا عارضللتها حاجللة راجحللة أبيللح المحللرم" )‪ (58‬ويقللول‪:‬‬
‫"والشارع ل يحرم ما يحتاج الناس إليه في الللبيع لجللل نللوع‬
‫الغرر‪ ،‬بل يبيح ما يحتاج إليه في ذلك" )‪(59‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ل ينكر دور العرف وأثره في الفقه السلمي مللا دام ل‬
‫يتعارض مع نصوص الشرعية‪ ،‬يقللول ابللن نجيللم‪" :‬واعلللم أن‬
‫اعتبار العادة والعرف يرجع إليه في الفقه في مسائل كللثيرة‬
‫ل‪ "...‬ثللم قللال‪ " :‬والحاصللل أن المللذهب‬ ‫حتى جعلوا ذك أص ل ً‬
‫عدم اعتبار العرف الخاص‪ ،‬ولكللن أفللتى كللثير مللن المشللايخ‬
‫باعتباره‪ ،‬فأقول على اعتباره أن يفتى بأن ما يقع فللي بعللض‬
‫أسواق القاهرة من خلللو الحللوانيت لزم‪ ،‬ويصللير الخلللو فللي‬
‫الحانوت حّقا له‪ ،‬فل يملك صاحب الحانوت إخراجه منهلا‪ ،‬ول‬
‫إجارتهللا لغيللره ولللو كللانت وقفللًا‪ ،‬وقللد وقللع فللي حللوانيت‬
‫الجملوث بالغوريللة أن السلللطان الغللوري لمللا بناهللا أسللكنها‬
‫للتجار بالخلو‪ ،‬وجعل لكل حللانوت قللدرا ً أخللذه منهللم‪ ،‬وكتللب‬
‫ذلللك بمكتللوب الوقللف ‪ ،‬وكللذا أقللول علللى اعتبللار العللرف‬
‫الخاص"‪.‬‬
‫ويقول ابن نجيم مضلليفا ً إلللى مللا سللبق مللن مسللائل‪" :‬وقللد‬
‫اعتبروا عرف القاهرة في مسائل‪ ،‬منها ما فللي فتللح القللدير‬
‫من دخول السلم في البيت المبيع في القللاهرة دون غيرهللا؛‬
‫لن بيلللوتهم طبقلللات ل ينتفلللع بهلللا إل بللله"‪ (60) .‬بلللل إن‬

‫‪517‬‬
‫المحققين من العلماء ل يبيحون لعالم يفتي إل بعللد معرفتلله‬
‫بأحوال الناس‪ ،‬وأعرافهم‪ ،‬وأن يلحظ عللرف كللل بلللد‪ ،‬وفللي‬
‫هذا يقول ابن القيم ‪ ..." :‬فمهما تجدد في العللرف فللاعتبره‪،‬‬
‫ومهما سقط فألغه‪ ،‬ول تجمد على المنقول في الكتب طول‬
‫عمرك‪ ،‬بللل إذا جللاءك رجللل مللن غيللر إقليمللك يسللتفتيك فل‬
‫تجللره علللى عللرف بلللدك‪ ،‬وسللله عللن عللرف بلللده فللأجره‬
‫عليه‪(61) "...‬‬
‫رابعًا‪ :‬أننا –نحن المسلمين اليوم‪ -‬ل نعيش عصرا ً يطبق فيلله‬
‫المنهج السلمي بكامله‪ ،‬فيسوده نظامك السلم السياسي‪،‬‬
‫والقتصادي والجتماعي والللتربوي‪ ،‬وإنمللا نعيللش فللي عصللر‬
‫يسوده النظام الرأسمالي ‪ ،‬والشتراكي‪ ،‬وحينئذ ل يمكللن أن‬
‫نحقللق مللا نصللبو إليلله فجللأة مللن أن تسللير المعللاملت بيللن‬
‫المسلمين على العزائم دون الرخللص‪ ،‬وعلللى المجمللع عليلله‬
‫دون المختلف فيه‪ ،‬وعلى الحلل الطيب الخالص دون وجللود‬
‫الشبهة‪ ،‬فعصرنا يقتضي البحث عن الحلول النافعة حتى ولو‬
‫قللامت علللى رأي فقيلله واحللد معتللبر مللا دام رأيلله يحقللق‬
‫المصلللحة للمسلللمين‪ ،‬بللل ل ينبغللي اشللتراط أن نجللد رأي لا ً‬
‫سابقًا‪ ،‬وإنمللا علينللا أن نبحللث فللي إطللار المبللادئ والصللول‬
‫العامة التي تحقق الخير للمة‪ ،‬ول يتعارض مع نللص شللرعي‬
‫ثابت‪.‬‬
‫علينا أن نبحث عن تحقيق نظللام اقتصللادي‪ ،‬علينللا أن نبحللث‬
‫بجد عن حماية أموال المسلمين‪ ،‬وإبقللاء اقتصللادهم بأيللديهم‬
‫دون سيطرة غيرهم عليلله‪ ،‬فننظللر إلللى هللذا الفللق الواسللع‬
‫لشيخ السلم العللز بللن عبللد السلللم حيللث يقللول‪" :‬لللو عللم‬
‫الحرام الرض بحيث ل يوجد فيها حلل جاز أن يسللتحل مللن‬
‫ذلللك مللا تللدعو إليلله الحاجللة‪ ،‬ول يقللف تحليللل ذلللك علللى‬
‫الضرورات؛ لنه لو وقف عليها لدى ضلعف العبلاد‪ ،‬واسلتيلء‬
‫أهل الكفر والعناد علللى بلد السلللم‪ ،‬ول نقطللع النللاس عللن‬
‫الحرف والصنائع والسباب التي تقوم بمصالح النام" )‪(62‬‬
‫حكم هذا القسم من السهم ‪:‬‬

‫‪518‬‬
‫بعد ذكر تلك المبادئ نعود إلى حكم هذا القسم من السهم‪،‬‬
‫واختلف المعاصرين‪ ،‬وأدلتهم مع الترجيح‪.‬‬
‫لقد اختلف المعاصرون على رأيين‪:‬‬
‫الرأي الول‪ :‬هو حرمة التصرف في هذه السهم ما دامت ل‬
‫تقوم على الحلل المحض ‪ ،‬وبعضهم فضل وجود هيئة رقابللة‬
‫شرعية لها )‪(63‬‬
‫الرأي الثاني‪ :‬إباحة السهم )السابقة( والتصرف فيها‪.‬‬
‫هذا وقد قال الكثيرون بإباحة السللهم فللي الللدول السلللمية‬
‫مطلقللا ً دون التطللرق إلللى التفصلليل الللذي ذكرتلله‪ ،‬منهللم‬
‫الشيوخ‪ :‬علللي الخفيللف‪ ،‬وأبللو زهللرة‪ ،‬وعبللد الوهللاب خلف‪،‬‬
‫وعبد الرحمن حسن‪ ،‬وعبد العزيز الخياط‪ ،‬ووهبللة الزحيلللي‪،‬‬
‫والقاضي عبد الله بن سليمان بن منيع‪ ،‬وغيرهم على تفصيل‬
‫وتفريع لدى بعضهم يجب أن يراجع )‪(64‬‬
‫وقد بنى أصحاب الرأي الول رأيهم على أن هذه السهم مللا‬
‫دام فيهللا حللرام ‪ ،‬أو تللزاول شللركاتها بعللض أعمللال الحللرام‬
‫كإيداع بعضها بعض أموالها في البنلوك الربويللة فتصللبح هلذه‬
‫السللهم محرملا ً شللراؤها‪ ،‬بنللاء علللى النصللوص الدالللة علللى‬
‫وجوب البتعللاد عللن الحللرام‪ ،‬والشللبهات‪ ،‬وعلللى قاعللدة‪ :‬إذا‬
‫اجتمع الحلل والحرام غلب الحرام‪.‬‬
‫أما المللبيحون فهللم يعتمللدون علللى أن السللهم فللي واقعهللا‬
‫ليسللت مخالفللة للشللريعة‪ ،‬ومللا شللابها مللن بعللض الشللوائب‬
‫والشبهات والمحرمات قليل بالنسبة للحلل‪ ،‬فما دام أكثريللة‬
‫ل‪ ،‬وأكثر التصرفات حلل ً فيأخذ القليل النللادر‬ ‫رأس المال حل ً‬
‫حكم الكثير الشائع‪ ،‬ول سيما يمكلن إزاللة هللذه النسللبة ملن‬
‫المحرمات عن طريق معرفتها من خلل الميزانية المفصلللة‪،‬‬
‫أو السؤال عن الشركة ‪ ،‬ثم التخلص منها‪(65) .‬‬
‫ويمكللن تأصلليل ذلللك مللن خلل القواعللد الفقهيللة‪ ،‬ونصللوص‬
‫الفقهاء‪ ،‬المبنية على عمللوم الشللريعة ومبادئهللا فللي اليسللر‪،‬‬
‫رفع الحرج على ضوء ما يأتي‪:‬‬

‫‪519‬‬
‫ل‪ :‬اختلط جزء محرم ل يجعل مجموع المللال محرملا ً عنللد‬ ‫أو ً‬
‫الكثيرين‪ ،‬حيث أجازوا في المال الحلل المختلط بقليل مللن‬
‫الحللرام التصللرفات الشللرعية مللن التملللك والكللل والللبيع‬
‫والشراء ونحوها‪ ،‬غير أن الفقهاء فرقللوا بيللن مللا هللو محللرم‬
‫لذاته وما هو محرم لغيره‪ ،‬يقول شلليخ السلللم ابللن تيميللة ‪:‬‬
‫"إن الحللرام نوعللان"‪ :‬حللرام لوصللفه كالميتللة والللدم ولحللم‬
‫الخنزير‪ ،‬فهذا إذا اختلط بالماء والمائع وغيره مللن الطعمللة‪،‬‬
‫وغير طعملله‪ ،‬أو لللونه‪ ،‬أو ريحلله حللرم‪ ،‬وإن لللم يغيللره ففيلله‬
‫نزاع‪...‬‬
‫والثاني‪ :‬الحرام لكسبه‪ :‬كالمأخوذ غصبًا‪ ،‬أو بعقد فاسد فهللذا‬
‫إذا اختلط بالحلل لم يحرمه‪ ،‬فلللو غصللب الرجللل دراهللم‪ ،‬أو‬
‫دنللانير أو دقيقلًا‪ ،‬أو حنطللة‪ ،‬أو خللبزًا‪ ،‬وخلللط ذلللك بمللاله لللم‬
‫يحرم الجميع ل على هذا ول على هذا بللل إن كانللا متمللاثلين‬
‫أمكن أن يقسموه‪ ،‬ويأخذ هذا قدر حقه‪ ،‬وهذا قدر حقه‪.‬‬
‫فهذا أصل نللافع‪ ،‬فللإن كللثيرا ً مللن النللاس يتللوهم أن الللدراهم‬
‫المحرمللة إذا اختلطللت بالللدرهم الحلل حللرم الجميللع‪ ،‬فهللذا‬
‫خطأ‪ ،‬وإنما تورع الناس فيما إذا كللانت –أي الللدراهم الحلل‪-‬‬
‫قليلة‪ ،‬أما مع الكثرة فما أعلم فيه نزاعًا‪(66) ...‬‬
‫وعلى ضوء ذلك فمسألتنا هذه من النوع الثاني حيللث كلمنللا‬
‫في أسهم شابتها بعض تصرفات محرمة كإيداع بعض نقودها‬
‫في البنوك الربوية ‪ ،‬وحتى تتضح الصورة أكثر نللذكر نصللوص‬
‫الفقهاء في هذه المسألة‪:‬‬
‫يقول ابن نجيم الحنفي ‪ " :‬إذا كان غالب مال المهللدي حلل ً‬
‫فل بأس بقبول هديته‪ ،‬وأكل ماله ما لم يتبين أنه حرام ‪ ،‬وإن‬
‫كان غالب ملاله الحلرام ل يقبلهللا‪ ،‬ول يأكللل إل إذا قلال‪ :‬إنله‬
‫حلل ورثه‪ ،‬أو استقرضه " ثم ذكر أنه إذا أصبح أكثر بياعللات‬
‫أهل السوق ل تخلو عن الفساد والحرام يتنزه المسلللم عللن‬
‫شرائه‪ ،‬ولكن مع هذا لو اشتراه يطيب له‪ .‬وقللال أيضللًا‪" :‬إذا‬
‫اختلط الحلل والحرام في البلد فإنه يجوز الشللراء ‪ ،‬والخللذ‬
‫إل أن تقوم دللة على أنه من الحرام‪ ،‬كذا في الصل" )‪(67‬‬

‫‪520‬‬
‫ثم ذكر صورا ً أخرى فقال‪" :‬ومنها البيع ‪ ،‬فإذا جمع بين حلل‬
‫وحللرام فللي صللفقة واحللدة‪ ،‬فللإن كللان الحللرام ليللس بمللال‬
‫كالجمع بين الذكية والميتة‪ ،‬فإنه يسللري البطلن إلللى الحلل‬
‫لقوة بطلن الحرام‪ ،‬وإن كان الحرام ضعيفا ً كأن يكون مللال ً‬
‫في الجملة كما إذا جمع بين المدبر والقللن‪ ...‬فللإنه ل يسللري‬
‫الفساد إلى القن لضعفه‪(68) "...‬‬
‫وقال الكاساني ‪" :‬كل شيء أفسده الحللرام‪ ،‬والغللالب عليلله‬
‫الحلل فل بأس ببيعه"‪(69) .‬‬
‫وقد أفاض الفقيه ابن رشد في هذه المسألة‪ ،‬نللذكر مهللا مللا‬
‫يلي‪ :‬حيث قال‪" :‬فأما الحال الولى‪ :‬وهي أن يكللون الغللالب‬
‫علللى مللاله الحلل‪ ،‬فللالواجب عليلله فللي خاصللة نفسلله أن‬
‫يستغفر الله _تعالى_‪ ،‬ويتوب إليه برد ما عليه من الحللرام‪...‬‬
‫أو التصدق به عنهم إن لم يعرفهم‪ ...‬وإن كان الربا لزملله أن‬
‫دا على ما أعطى‪"...‬‬ ‫يتصدق بما أخذ زائ ً‬
‫ثم قال‪" :‬وإن علم بائعه في ذلك كله رد عليه مللا أربللى فيلله‬
‫معه فإذا فعللل هللذا كللله سللقطت حرمتلله‪ ،‬وصللحت عللدالته‪،‬‬
‫وبرئ من الثم‪ ،‬وطاب له ما بقي من ماله‪ ،‬وجللازت مبللايعته‬
‫فيه وقبول هديته وأكل طعامه بإجماع من العلماء"‪.‬‬
‫واختلف إذا لم يفعل ذلك في جواز معللاملته‪ ،‬وقبللول هللديته‪،‬‬
‫وأكل طعامه‪ ،‬فأجاز ابللن القاسللم معللاملته‪ ،‬وأبللى ذلللك ابللن‬
‫وهب وحرمه أصبغ‪...‬‬
‫ثم قال ابلن رشللد ‪" :‬وقللول ابلن القاسللم هلو القيللاس ؛ لن‬
‫الحرام قد ترتب على ذمته‪ ،‬فليس متعينا ً في جميللع مللا فللي‬
‫يده من المال بعينه شللائعًا‪ ...‬وأمللا قللول أصللبغ فللإنه تشللديد‬
‫على غير قياس"‪.‬‬
‫وأما الحال الثانية‪ :‬وهي أن يكون الغالب علللى مللاله الحللرام‬
‫فالحكم فيما يجب على صللاحبه فللي خاصللة نفسلله علللى مللا‬
‫تقدم سواء‪.‬‬
‫وأما معاملته وقبول هديته فمنع من ذلك أصحابنا‪ ،‬قيل علللى‬
‫وجه الكراهة –وعز هذا القول إلى ابن القاسللم‪ -‬وقيللل علللى‬

‫‪521‬‬
‫وجه التحريم إل أن يبتاع سلعة حلل ً فل بأس أن تشترى منه‬
‫وأن تقبل منه هبة‪(70) ...‬‬
‫وقال العز بن عبللد السلللم ‪" :‬وإن غلللب الحلل بللأن اختلللط‬
‫درهم حرام بألف درهم حلل جازت المعاملة‪ (71) ...‬ومثللله‬
‫قال الزركشي " )‪(72‬‬
‫بل إن السيوطي ذكر أن الصح عند فقهاء الشافعية –ما عدا‬
‫الغزالي ‪ -‬أنهم لم يحرموا معاملة من أكثر ماله حرام إذا لللم‬
‫يعرف عينه‪ ،‬ولكن يكره‪ ،‬وكذا الخذ من عطايا السلللطان إذا‬
‫غلب الحرام على يده كما قللال فللي المهللذب‪ :‬إن المشللهور‬
‫فيه الكراهة‪ ،‬ل التحريم خلفا ً للغزالللي‪ ...‬قللال فللي الحيللاء‪:‬‬
‫"لو اختلط في البلد حرام ل ينحصر لم يحرم الشراء منه بل‬
‫يجوز الخذ منه إل أن يقترن به علمة على أنه مللن الحللرام"‬
‫وقال‪ :‬ويدخل فللي هللذه القاعللدة تفريللق الصللفقة‪ ،‬وهللي أن‬
‫يجمع في عقللدين حللرام وحلل‪ ،‬ويجللري فللي أبللواب‪ ،‬وفيهللا‬
‫غالبا ً قولن‪ ،‬أو وجهان أصحهما الصللحة فللي الحلل‪ ،‬والثللاني‬
‫البطلن في الكل‪ ...‬ومن أمثلللة ذلللك فللي الللبيع أن يللبيع خّل‬
‫وخمرًا‪ (73) ...‬وقال ابن المنللذر ‪ :‬اختلفللوا فللي مبايعللة مللن‬
‫يخللالط مللاله حللرام‪ ،‬وقبللول هللديته وجللائزته‪ ،‬فرخللص فيلله‬
‫الحسن ‪ ،‬ومكحول‪ ،‬والزهلري والشللافعي ‪ ،‬قللال الشلافعي ‪:‬‬
‫"ل أحب ذلك‪ ،‬وكره ذلك طائفة‪(74) "...‬‬
‫وقد فصل شيخ السلم ابن تيمية هذه المسألة تفصيل ً حينما‬
‫سئل سؤال ً ل نزال نسمعه حتى في عصرنا الحاضللر ‪ ،‬وهللو‪:‬‬
‫أن رجل ً نقل عن بعض السلف ملن الفقهلاء‪ :‬أنله قلال‪ :‬أكلل‬
‫الحلل متعذر ل يمكن وجوده في هذا الزمان‪ ،‬فقيل للله‪ :‬لللم‬
‫ذلك؟ فللذكر‪ :‬أن وقعللة المنصللورة لللم تقسللم الغنللائم فيهللا‪،‬‬
‫واختلطت الموال بالمعاملت بها‪ ،‬فقيل له‪ :‬إن الرجل يللؤجر‬
‫ل‪ ،‬فللذكر‬‫نفسه لعمل من العمال المباحة‪ ،‬ويأخللذ أجرتلله حل ً‬
‫أن الدرهم في نفسه حرام ‪.‬‬
‫فأجاب –رحمه الله‪ -‬هذا القائل‪ ...‬غالط مخطئ‪ ...‬فلإن مثلل‬
‫هذه المقالة كان يقولها بعض أهل البدع ‪ ،‬وبعض أهل الفقلله‬

‫‪522‬‬
‫الفاسد‪ ،‬وبعض أهل الشك الفاسد‪ ،‬فللأنكر الئملة ذللك حللتى‬
‫المللام أحمللد فللي ورعلله المشللهور كللان ينكللر مثللل هللذه‬
‫المقالللة‪ ...‬وقللال‪ :‬انظللر إلللى هللذا الخللبيث يحللرم أمللوال‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫ثلم ذكلر خطلورة آثلار هلذا التصلور الفاسلد‪ ،‬منهلا أن بعلض‬
‫النللاس ظنللوا مللا دام الحللرام قللد أطبللق الرض‪ ،‬إذن لمللاذا‬
‫البحث عن الحلل؟ فاعتبروا الحلل ما حل بأيديهم والحللرام‬
‫ما حرموا منلله‪ ،‬وبعضللهم اخللترعوا الحكايللات الكاذبللة بحجللة‬
‫الورع‪.‬‬
‫ثللم رد علللى هللذه المقالللة‪ ،‬وبيللن بللأن الغللالب علللى أمللوال‬
‫المسلمين الحلل‪ ،‬ثم ذكر عدة أصول‪:‬‬
‫"أحدها‪ :‬أنه ليس كل ما اعتقللد فقيلله معيللن أنلله حللرام كللان‬
‫حرامًا‪ ،‬وإنما الحرام ما ثبلت تحريمله بالكتللاب‪ ،‬أو السلنة‪ ،‬أو‬
‫الجماع ‪ ،‬أو قياس مرجح لللذلك‪ ،‬ومللا تنللازع فيلله العلمللاء رد‬
‫إلى هذه الصول" ثم بين بأن حمل المسلمين علللى مللذهب‬
‫معين غلط‪.‬‬
‫ثم ذكر أصل ً آخر وهو أن خلط الحرام بالحلل ل يحرم جميع‬
‫المال‪- ،‬كما سبق‪ -‬كما ذكر أصل ً آخر وهلو أن المجهلول فلي‬
‫الشللريعة كالمعللدوم والمعجللوز عنلله ‪ ،‬ولللذلك إذا لللم يعلللم‬
‫صاحب اللقطة حل لملتقطهللا بعللد التعريللف بهللا‪ ،‬ومللن هنللا‪،‬‬
‫فإذا لم يعلم حللال ذلللك المللال الللذي بيللده بنللى المللر علللى‬
‫الصل‪ ،‬وهو الباحة )‪(75‬‬
‫وذكر في جواب سللؤال حللول التعامللل مللع مللن كللان غللالب‬
‫أموالهم حراما ً مثل المكاسين وأكلة الربا؟‬
‫فأجللاب‪" :‬إذا كللان الحلل هللو الغلللب لللم يحكللم بتحريللم‬
‫المعاملة وإن كان الحرام هلو الغللب‪ ،‬قيلل بحلل المعامللة‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬بل هي محرمة‪ ،‬فأمللا المعاملللة بالربللا فالغللالب علللى‬
‫ماله الحلل إل أن يعرف الكره من وجه آخللر‪ .‬وذلللك أنلله إذا‬
‫باع ألفا ً بألف ومائتين فالزيادة هي المحرمة فقللط وإذا كللان‬
‫في ماله حلل وحرام واختلللط لللم يحللرم الحلل‪ ،‬بللل للله أن‬

‫‪523‬‬
‫يأخذ قدر الحلل‪ ،‬كما لو كان المال لشللريكين فللاختلط مللال‬
‫أحدهما بمال الخر‪ ،‬فإنه يقسم بين الشللريكين‪ ،‬وكللذلك مللن‬
‫اختلط بمللاله الحلل والحللرام أخللرج قللدر الحللرام‪ ،‬والبللاقي‬
‫حلل له" )‪(76‬‬
‫وسللئل عللن الرجللل يختلللط مللاله الحلل بللالحرام؟ فأجللاب‪:‬‬
‫يخرج قدر الحرام بالميزان فيدفعه إلى صاحبه‪ ،‬وقدر الحلل‬
‫له‪ ،‬وإن لم يعرفه وتعذرت معرفته تصدق به عنه )‪(77‬‬
‫وقريبا ً من ذلك يقرره ابللن القيللم موضللحا ً أن " التحريللم للم‬
‫يتعلق بذات الدرهم –أي الدرهم الحرام الذي اختلللط بمللاله‪-‬‬
‫وجوهره‪ ،‬وإنما تعلق بجهة الكسب فيه‪ ،‬فإذا خرج نظيره من‬
‫كل وجه لم يبق لتحريم ما عداه معنى‪ ...‬وهللذا هللو الصللحيح‬
‫في هذا النوع‪ ،‬ول تقوم مصالح الخلق إل به" )‪(78‬‬
‫وعلى ضوء هللذا المبللدأ نللرى كللثيرا ً مللن أهللل العلللم أجللازوا‬
‫التعامل مع من كان في ماله حرام‪ ،‬ولكن غالبه حلل‪ ،‬ومللن‬
‫هنا يمكن القول بإباحة التعامل في هذا النوع مللن السللهم ‪،‬‬
‫ولكن يخرج صاحبها بقللدر نسللبة الحللرام فيهللا إلللى الجهللات‬
‫الخيرية العامة‪ ،‬مع مراعاة الضوابط التي نذكرها في الخيللر‬
‫)‪(79‬‬
‫ثانيًا‪ :‬قاعدة‪ :‬يجوز تبعا ً ما ل يجوز استقلل ً ‪ ،‬وقد ذكرنللا هللذه‬
‫القاعدة مع دليلها من السنة الصحيحة المتفق عليها‪(80) .‬‬
‫وعلى ضوء ذلك فهذا النوع من السهم وإن كللان فيلله نسللبة‬
‫بسيطة من الحرام لكنها جاءت تبعًا‪ ،‬وليست أص لل ً مقصللودا ً‬
‫بالتملك والتصرف‪ ،‬فما دامت أغراض الشركة مباحللة‪ ،‬وهللي‬
‫أنشئت لجل مزاولة نشاطات مباحللة‪ ،‬غيللر أنهللا قللد تللدفعها‬
‫السلليولة أو نحوهللا إلللى إيللداع بعللض أموالهللا فللي البنللوك‬
‫الربوية ‪ ،‬أو القتراض منها‪.‬‬
‫فهذا العمل بل شك عمل محرم يؤثم فاعله ) مجلس الدارة‬
‫( لكنه ل يجعللل بقيللة المللوال والتصللرفات المباحللة الخللرى‬
‫محرمة‪ ،‬وهو أيضا ً عمل تبعي وليس هو الصل الغالب الللذي‬
‫لجله أنشئت الشركة‪.‬‬

‫‪524‬‬
‫ثالث لًا‪ :‬قاعللدة‪ :‬للكللثر حكللم الكللل ‪ ،‬وقللد ذكرنللا فيمللا سللبق‬
‫نصوص الفقهاء في حكم المال المختلط بللالحرام‪ ،‬حيللث إن‬
‫الجمهور على أن العبرة بالغلب –كما سبق‪ (81) -‬وقد ذكللر‬
‫الفقهاء لهذه القاعدة تطبيقات كللثيرة فللي أبللواب الطهللارة‪،‬‬
‫والعبلللادات‪ ،‬والمعلللاملت ‪ ،‬اللبلللاس –كلللالحرير‪ -‬والصللليد‪،‬‬
‫والطعام‪ ،‬واليمان‪ ،‬وغيرها‪(82) .‬‬
‫إضافة إلى قاعدة‪ " :‬الحاجة العامة تنزل منزلة الضللرورة "–‬
‫كما سبق ذكرها‪ -‬وقد ذكر شيخ السلم ابن تيمية أن الشراء‬
‫ممن في ماله شبهة ل كراهة فيه إذا وجدت الحاجللة إليلله‪) .‬‬
‫‪(83‬‬
‫وتنزيللل هللذه القاعللدة علللى موضللوعنا مللن حيللث إن حاجللة‬
‫الناس إلللى أسللهم الشللركات فللي عالمنللا السلللمي ملحللة‪،‬‬
‫فالفراد كلهم ل يستغنون عن استثمار مللدخراتهم ‪ ،‬والللدول‬
‫كللذلك بحاجللة إلللى تللوجيه ثللروات شللعوبها إلللى اسللتثمارات‬
‫طويلللة الجللل بمللا يعللود بللالخير علللى الجميللع‪ ،‬ولللو امتنللع‬
‫المسلمون من شراء أسللهم تلللك الشللركات لدى ذلللك إلللى‬
‫أحد أمرين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬توقف هذه المشروعات التي هي حيوية في العللالم‬
‫السلمي‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬غلبللة غيللر المسلللمين علللى هللذه الشللركات‪ ،‬وعلللى‬
‫إدارتها‪ ،‬أو على القل غلبة الفسقة والفجرة عليها‪.‬‬
‫لكن لو أقدم على شللرائها المسلللمون المخلصللون لصللبحوا‬
‫قادرين في المستقبل على منع تعاملهللا مللع البنللوك الربويللة‬
‫ولغيروا اتجاه الشركة لصالح السلم‪.‬‬
‫وهللذا ل يعنللي أن المسللؤولين القللادرين فللي الشللركة وفللي‬
‫غيرها على التغيير معفون عللن الثللم‪ ،‬بللل هللم آثمللون‪ ،‬لكللن‬
‫عامللة النللاس لهللم الحللق فللي شللراء هللذه السللهم حسللب‬
‫الضوابط التي نذكرها‪ ،‬ولذلك لو كلان المسلاهم قلادرا ً عللى‬
‫منع الشركة من إيداع بعض أموالها في الشركة لوجب عليه‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪525‬‬
‫مناقشللة الللرأي الول المللانع مللن تللداول هللذا النللوع مللن‬
‫السهم ‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن وجود نسبة ضئيلة من الحللرام فللي المللال الحلل ل‬ ‫أو ً‬
‫يجعللله حراملًا‪ ،‬وإنمللا يجللب نبللذ المحللرم فقللط –كمللا سللبق‬
‫تفصيله‪.-‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن اشللتراط البعللض فللي حللل السللهم أو التعامللل مللع‬
‫الشركات وجود رقابة شرعية لشللركتها ل نجللد للله دليل ً مللن‬
‫كتاب‪ ،‬أو سللنة ‪ ،‬أو إجمللاع‪ ،‬أو قيللاس صللحيح ‪ ،‬فالمسلللمون‬
‫مؤتمنون على دينهم وعلى الحل والحرمة‪ ،‬وهم مسللتورون‪،‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية ‪:‬‬
‫"والمسلم إذا عامل معاملت يعتقد جوازها كالحيل‪ "...‬الللتي‬
‫يفتي بها من يفتي‪ ...‬جاز لغيره من المسلمين أن يعامله في‬
‫ذلك المال‪ ،‬ثم قال‪" :‬وأما المسلللم المسللتور فل شللبهة فللي‬
‫ل‪ ،‬ومن ترك معللاملته ورعلا ً كللان قللد ابتللدع فللي‬‫معاملته أص ً‬
‫الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان" )‪(84‬‬
‫بل إن التعامل مع الكفرة جائز فيما ليللس محرم لا ً بالتفللاق‪،‬‬
‫يقول ابن تيمية‪:‬‬
‫"‪ ...‬وحينئذ فجميع المللوال الللتي بأيللدي المسلللمين واليهللود‬
‫والنصارى ل يعلم بدللة ول أمارة أنها مغصللوبة‪ ،‬أو مقبوضللة‬
‫ل يجوز معه معاملة القابض‪ ،‬فإنه يجوز معاملته فيها بل ريب‬
‫ول تنازع في ذلك بين الئمة أعلمه"‪(85) .‬‬
‫نعلم ل شلك أن معرفلة الحلل والحلرام ضلروري لكللل ملن‬
‫يلدخل فلي السلوق حلتى يحلافظ عللى دينله‪ ،‬ويعللم الحلل‬
‫والحرام إما بنفسه‪ ،‬أو عن طريق السؤال عن أهل الذكر‪.‬‬
‫لكللن ل ينبغللي الحكللم بعللدم جللواز التعامللل معهللم‪ ،‬أو مللع‬
‫شركاتهم إل مع وجود رقابة شللرعية‪ ،‬فهللذا الشللرط تعسللف‬
‫وتضييق لما وسعته الشريعة‪.‬‬
‫وصحيح أن وجود الرقابللة الشللرعية للشللركة يعطللي المللان‬
‫للمتعاملين معها لكللن اشللتراط حللل التعامللل بوجودهللا أمللر‬
‫يستدعي إعادة النظر‪.‬‬

‫‪526‬‬
‫الرأي الراجح مع ضوابطه‪:‬‬
‫الذي نرى رجحانه –والله أعلم‪ -‬هو أن هذا النوع من السلهم‬
‫بالنسبة للشركات التي يمتلكها المسلمون هو ما يأتي‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن مجلللس الدارة ‪ ،‬والمللدير المسللؤول ل يجللوز لهللم‬ ‫أو ً‬
‫قطعا ً مزاولة أي نشللاط محللرم‪ ،‬فل يجللوز لهللم القللراض أو‬
‫القتراض بفائدة‪ ،‬ولو فعلوا ذلللك لللدخلوا فللي الحللرب الللتي‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫ملل َ‬
‫ب ِ‬ ‫م ت َْفعَُلوا فَأذ َُنوا ب ِ َ‬
‫حْر ٍ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫أعلنها الله _تعالى_ عليهم "فَإ ِ ْ‬
‫ه" ]البقللرة‪ [279 :‬ول سلليما بعللد مللا يسللر الللله‬ ‫الل ّهِ وََر ُ‬
‫سللول ِ ِ‬
‫للمسلمين وجود بنوك إسلمية في أغلب الماكن‪ ،‬أو قيامهللا‬
‫باستثمار جميع أموالها في خيارات إسلمية كثيرة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أما مشللاركة المسلللمين فللي هللذه الشللركات السللابقة‬
‫وشراء أسهمها‪ ،‬والتصرف فيها فجائزة ما دام غالب أموالهللا‬
‫ل‪ ،‬وإن كان الحوط البتعاد عنها‪.‬‬ ‫وتصرفاتها حل ً‬
‫ولكن ينبغي على من يشترك مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يقصد بشراء أسهم هذه الشركات تغييرها نحو الحلل‬
‫المحض من خلل صوته في الجمعيللة العموميللة‪ ،‬أو مجلللس‬
‫الدارة ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يبذل جهده وماله لتوفير المال الحلل الطيب المحض‬
‫ل‪ ،‬ول يتجه نحو ما فيلله شللبهة إل عنللد‬ ‫ما أمكنه إلى ذلك سبي ً‬
‫الحاجلللة الملحلللة ومصللللحة المسللللمين‪ ،‬واقتصلللادهم ملللن‬
‫المشاركة في التنمية والستثمار والنهللوض باقتصللادهم مللن‬
‫خلل الشركات الكبرى‪.‬‬
‫‪ -3‬أن صاحب هللذه السللهم عليلله أن يراعللي نسللبة الفللائدة‬
‫التي أخللذتها الشللركة علللى المللوال المودعللة لللدى البنللوك‪،‬‬
‫ويظهللر ذلللك مللن خلل ميزانيللة الشللركة‪ ،‬أو السللؤال عللن‬
‫مسؤولي الحسللابات فيهللا‪ ،‬وإذا لللم يمكنلله ذلللك اجتهللد فللي‬
‫تقديرها‪ ،‬ثم يصرف هذا القدر في الجهات العامة الخيرية‪.‬‬
‫‪ -4‬ل يجللوز للمسلللم أن يؤسللس شللركة تنللص فللي نظامهللا‬
‫الساسي على أنها تتعامل بالربا إقراضا ً واقتراضًا‪ ،‬ول يجللوز‬

‫‪527‬‬
‫كذلك التعاون في تأسيسها ما دامت كذلك؛ لنه تعاون علللى‬
‫الثم والعدوان‪ ،‬إل لمن يقدر على تغييرها إلى الحلل‪.‬‬
‫ثالثللًا‪ :‬أن الحكللم بإباحللة تللداول هللذه السللهم – مللع هللذه‬
‫الضوابط‪ -‬خاص بما إذا كانت السهم عادية‪ ،‬أو ممتازة لكللن‬
‫ليس امتيازها على أساس المال‪.‬‬
‫وأما غيرهما فسيأتي حكم كل نوع على حدة‪.‬‬
‫أما أسهم الشركات الللتي يمتلكهللا غيللر المسلللمين ول ينللص‬
‫نظامها على التعامل في الحرام فقد شدد فيها البعللض أكللثر‬
‫)‪ (86‬ولكن ل أرى مانعا ً من التعاملل فيهللا حسللب الضلوابط‬
‫السللابقة‪ ،‬وقللد انتهللت نللدوة السللواق الماليللة مللن الوجهللة‬
‫السلمية التي عقدت في الرباط ‪ 25 -20‬ربيع الخر ‪1410‬‬
‫هلل إلللى أن أسللهم الشللركات الللتي غرضللها الساسللي حلل‬
‫لكنها تتعامل أحيانا ً بالربا‪ ...‬فإن تملكها‪ ،‬أو تداولها جائز نظرا ً‬
‫لمشللروعية غرضللها‪ ،‬مللع حرمللة القللراض ‪ ،‬أو القللتراض‬
‫الربوي‪ ،‬ووجوب تغيير ذلك‪ ،‬والنكار والعتراض على القللائم‬
‫به‪ ،‬ويجب على المساهم عند أخذ ريللع السللهم التخلللص بمللا‬
‫يظن أنه يعادل مللا نشللأ مللن التعامللل بالفللائدة بصللرفه فللي‬
‫وجوه الخير‪.‬‬
‫وكذلك ندوة البركة للقتصاد السلمي حيللث أجللازت باتفللاق‬
‫المشاركين شراء أهم الشركات العاملة في البلد السلللمية‬
‫لقصد العمل على أسلمة معاملتها ‪ ،‬بللل اعتللبروا ذلللك أمللرا ً‬
‫مطلوبا‪ ،‬لما فيه من زيادة مجالت التزام المسلمين بأحكللام‬
‫الشريعة السلمية‪.‬‬
‫وأجازوا بالغلبية شللراء أسللهم الشللركات العاملللة فللي البلد‬
‫غير السلمية‪ ،‬إذا لم يجدوا بديل ً خالصا ً من الشوائب‪(87) .‬‬
‫والقول بالجواز إن كان نظام الشركة ل ينص علللى التعامللل‬
‫في الحرام ‪ ،‬ومع الضوابط السللابقة هللو الللذي يتناسللب مللع‬
‫روح هللذه الشللريعة القائمللة علللى التيسللير‪ ،‬ورفللع الحللرج‪،‬‬
‫ومراعاة حاجات الناس في السللتثمار ؛ وذلللك لنلله إذا وجللد‬
‫فيه حرام فهو نسبة ضئيلة ل تؤثر فللي بللاقي المللال وكللذلك‬

‫‪528‬‬
‫يمكن التخلللص منهللا عللن طريللق إعطائهللا للجهللات الخيريللة‬
‫العامة‪ ،‬بالضافة إلى أن محل البيع المعقود عليه في جملتلله‬
‫أمور مباحة‪ ،‬وأن المشاركة في ذلك جائزة ‪ ،‬ولللم يمنللع أحللد‬
‫من الرعيل الول التعامل مع أهل الكتللاب فللي الجملللة‪ ،‬بللل‬
‫كان رسول الله _صلى الله عليه وسلللم_ والصللحابة الكللرام‬
‫يتعاملون معهم‪ ،‬مع أن معاملت أهللل الكتللاب وأمللوالهم لللم‬
‫يكن جميعها على الشروط المطلوبة في السلم‪ ،‬فقد ترجم‬
‫البخاري ‪ :‬باب المزارعة مع اليهود‪ ،‬فقال الحافظ ابن حجر ‪:‬‬
‫"وأراد بهذا‪ :‬الشارة إلى أنه ل فرق في جواز هذه المعاملللة‬
‫بين المسلمين وأهل الذمة " )‪ (88‬كما صح أن النبي _صلللى‬
‫الله عليه وسلم_ اشترى من يهودي طعاما ً إلى أجللل ورهنلله‬
‫درعه )‪ (89‬وكذلك المر عنللد الصللحابة _رضللي اللله عنهللم_‬
‫حيث كان التعامل معهم سائدا ً في الجملة‪.‬‬
‫الخاتمة‪:‬‬
‫‪ -1‬الستثمار في السلم له منهجلله الخللاص المتميللز القللائم‬
‫على العقيدة والقيم والخلق‪.‬‬
‫ويترتب على ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬اندفاع المؤمن نحو العمل والستثمار من مطلق تنفيذ أمر‬
‫الله _تعالى_ بالتعمير‪ ،‬وإيمللانه بللأن الربللا وبقيللة المحرمللات‬
‫نقص ومحق للمال‪ ،‬وأن النفاق في سبيل الله زيادة وبركللة‬
‫وخير‪.‬‬
‫‪ -‬وأن المؤمن يجعل رضاء الله _تعالى_ نصب عينيه‪ ،‬ولللذلك‬
‫يهتم بإطعام الفقراء واليتامى والسارى‪ ،‬بينما يجعلل الكلافر‬
‫مصلحته هي الساس‪ ،‬ولللذلك ل ينفللق إل لمصلللحته الماديللة‬
‫الظاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬وتحريم الحيل والغش والستغلل والحتكار والظلم والربللا‬
‫وغيره مما حرمه الله _تعالى_ ورسوله الكريللم _صلللى الللله‬
‫عليه وسلم_‪.‬‬

‫‪529‬‬
‫‪ -2‬السهم هي جمع السهم وهو صك يمثللل جللزءا ً مللن رأس‬
‫مللال الشللركة ‪ ،‬أو هللو نصلليب المسللاهم فللي شللركة مللن‬
‫شركات الموال ‪...‬‬
‫‪ -3‬أسللهم الشللركات الللتي يكللون نشللاطها فللي المحرمللات‬
‫كللالبنوك الربويللة والشللركات الللتي تتعامللل فللي الخنزيللر‬
‫والمسكرات والمخدرات فحكم الستثمار فللي هللذه السللهم‬
‫التحريم بدون خلف‪.‬‬
‫‪ -4‬أسهم شركات يكون نشاطها في الحلل المحض كالبنوك‬
‫السلمية‪ ،‬والشركات السلللمية فحكللم السللتثمار فللي هللذا‬
‫النوع الباحة بل شك‪.‬‬
‫‪ -5‬أسهم شركات يكللون محللل نشللاطها الحلل‪ ،‬وليللس فللي‬
‫نظامها الساسي أن تتعامل في الحرام ‪ ،‬ولكللن قللد تتعامللل‬
‫مللع البنللوك الربويللة إقراض لا ً أو اقتراض لا ً فحكللم هللذا النللوع‬
‫مختلف فيه‪.‬‬
‫فالذي تقتضلليه مقاصللد الشللريعة والمصللالح المرسللة جللواز‬
‫الستثمار فيه بالشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون دخول المساهم في مثل هللذه الشللركات لجللل‬
‫تغيير الشركة وأسلمتها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يتخلص المساهم مللن نسللبة المللوال المحرمللة علللى‬
‫ضوء الميزانية فيدفعها إلى الجهات العامة‪.‬‬
‫وأما المدير وأعضللاء مجلللس الدارة وكللل مللن يشللارك فللي‬
‫كتابة العقود الربوية فآثمون بل شك إلى أن يذروا الربا‪.‬‬
‫ومع ذلك فعلى النسان المسلم أن يتحرى الحلل بعيدا ً مللن‬
‫الشللبهات‪ ،‬وعلللى الللدول السلللمية أن تلللتزم بالشللريعة‬
‫السلمية‪ ،‬وتطهر أنظمتها من الربللا والمحرمللات والشللبهات‬
‫والله المستعان‪.‬‬
‫______________‬
‫)‪ (1‬يراجللع لسللان العللرب‪ ،‬ط‪ .‬دار المعللارف؛ والقللاموس‬
‫المحيط؛ والمعجم الوسيط مادة "الثمر"‬
‫)‪ (2‬بداية المجتهد‪ ،‬ط‪ .‬الحلبي )‪(2/281‬‬

‫‪530‬‬
‫)‪ (3‬مبدأ الرضا في العقود‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة الدكتوراه‬
‫بجامعة الزهر الشريف عام ‪ ،1985‬د‪ .‬علللي القللره داغللي )‬
‫‪.(353-1/331‬‬
‫)‪ (4‬المعجم الوسيط )‪ (1/100‬مادة "ثمر"‪.‬‬
‫)‪ (5‬التفسير الكبير ‪ ،9/186‬ط‪ .‬دار إحياء الللتراث العربللي –‬
‫بيروت‪.-‬‬
‫)‪ (6‬السللنن الكللبرى للللبيهقي ‪ 4/107‬ط‪ .‬الهنللد؛ والمجمللوع‬
‫للنووي ‪ 5/329‬ط‪ .‬شركة كبار العلماء‪.‬‬
‫)‪ (7‬السللنن الكللبرى )‪ (4/107‬حيللث ذكللر عللددا كللثيرا ً مللن‬
‫الحاديث والثار في هذا المعنى‪.‬‬
‫)‪ (8‬المجموع للنووي )‪(5/329‬؛ والسنن الكبرى )‪.(4/107‬‬
‫)‪ (9‬فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي‪ 1/130 ،‬ط‪ .‬وهبه‬
‫بالقاهرة‪.‬‬
‫)‪ (10‬فقه الزكاة )‪.(1/107‬‬
‫)‪ (11‬تفسير الماوردي المسمى‪ :‬النكت والعيون ‪ 2/218‬ط‪.‬‬
‫أوقاف الكويت‪.‬‬
‫)‪ (12‬نقل ً عن د‪ .‬رفعت العوضي‪ :‬منهج الدخللار والسللتثمار‪،‬‬
‫ص ‪ 73‬ط‪ .‬التحاد الدولي للبنوك السلمية‪.‬‬
‫)‪ (13‬الحللديث رواه مسلللم )‪ (1/99‬وأبللو داود –مللع عللون‬
‫المعبود‪ (9/32) -‬والترمذي –مللع تحفللة الحللوذي‪(4/544) -‬؛‬
‫وابن ماجه )‪ (2/749‬عن أبي هريللرة أن رسللول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت‬
‫أصابعه بلل ً فقال‪ :‬ما هذا يللا صللاحب الطعللام؟ قللال‪ :‬أصللابته‬
‫السماء يا رسول الله‪ .‬قال‪ ) :‬أفل جعلتلله فللوق الطعللام كللي‬
‫يراه الناس؟ من غللش فليللس منللي ( والحللديث صللريح فللي‬
‫تحريم كل غش وكتمان للحقيقة‪.‬‬
‫)‪ (14‬النجش‪ :‬هو المزايدة ممن ل يريد الشراء‪ .‬انظر حديثه‬
‫في البخاري –مع الفتح‪(4/355) -‬؛ ومسلم )‪.(3/1156‬‬

‫‪531‬‬
‫)‪ (15‬التصرية‪ :‬وهي حبس الحليب في ضرع الحيوان ليظهر‬
‫أنله حللوب‪ ،‬والحلديث فللي النهلي عنله متفلق عليله‪ .‬انظللر‪:‬‬
‫صحيح البخاري –مع الفتح‪(4/361) -‬؛ ومسلم )‪.(3/1155‬‬
‫)‪ (16‬يراجع‪ :‬مبدأ الرضا في العقود ص ‪ 673‬إلى ص ‪.850‬‬
‫)‪ (17‬صللحيح البخللاري –مللع الفتللح‪(4/337) -‬؛ ومسلللم )‬
‫‪(3/1165‬؛ ومسند أحمد )‪ ،2/80‬ل ‪(129‬؛ وسللنن أبللي داود –‬
‫ملللع العلللون‪(9/395) -‬؛ والترملللذي ملللع التحفلللة )‪(4/455‬؛‬
‫والنسائي )‪(7/222‬؛ وابن ماجه )‪.(2/753‬‬
‫)‪ (18‬يراجع في تفصلليل ذلللك‪ :‬مبللدأ الرضللا فللي العقللود ص‬
‫‪ 852‬وما بعدها‪.‬‬
‫)‪ (19‬القاموس المحيط‪ ،‬ولسان العرب‪ ،‬والمعجللم الوسلليط‬
‫مادة "سهم"‬
‫)‪ (20‬النكت والعيون للماوردي‪ 2/426 ،‬ط‪ .‬أوقاف الكويت‪،‬‬
‫ويراجلللع‪ :‬أحكلللام القلللرآن لبلللن العربلللي‪ 4/1622 ،‬ط‪ .‬دار‬
‫المعرفة بيروت‪.‬‬
‫)‪ (21‬يراجع‪ :‬د‪ .‬علي حسن يللونس‪ :‬الشللركات التجاريللة‪ ،‬ص‬
‫‪ 539‬ط‪ .‬العتمللاد‪ ،‬بالقللاهرة؛ ود‪ .‬شللكري حللبيب شللكري‪،‬‬
‫وميشيل ميكال‪ :‬شركات الشخاص‪ ،‬وشركات الموال علمللا ً‬
‫وعمل ً ص ‪ 184‬ط‪ .‬السللللكندرية؛ ود‪ .‬صللللالح بللللن زابللللن‬
‫المرزوقي البقمي‪ ،‬ط‪ .‬جامعة أم القرى ‪ 1406‬هل ص ‪332‬؛‬
‫ود‪ .‬أبو زيد رضوان‪ :‬الشركات التجارية في القانون المصري‬
‫المقارن‪ ،‬ص ‪ 526‬ط‪ .‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة ‪.1989‬‬
‫)‪ (22‬د‪ .‬صالح البقمي‪ :‬ط‪ .‬جامعة أم القرى ‪ 1406‬هللل ص )‬
‫‪.(338 – 337‬‬
‫)‪ (23‬رواه البخللاري فللي صللحيحه –تعليق لا ً بصلليغة الجللزم –‬
‫كتاب الجارة )‪.(4/451‬‬
‫)‪ (24‬سنن الترمذي –مع شرح تحفة الحوذي‪ -‬كتاب الحكام‬
‫)‪ ،(4/584‬ويقول شيخ السلم ابن تيميللة )مجمللوع الفتللاوى‬
‫‪" :(29/147‬وهللذه السللانيد‪ ،‬وإن كللان الواحللد منهللا ضللعيفا ً‬
‫فاجتماعها من طرق يشد بعضها بعضًا"‪.‬‬

‫‪532‬‬
‫)‪ (25‬مجموع الفتاوى‪ 29/150 ،‬ط‪ .‬الرياض‪ .‬ويراجع لثبللات‬
‫أن الصل في العقود والشروط هو الباحة‪ :‬مبدأ الرضللا فللي‬
‫العقود‪ 2/1148 ،‬ط‪ .‬دار البشائر السلمية‪.‬‬
‫)‪ (26‬مجموع الفتاوى )‪.(351 ،29/346‬‬
‫)‪ (27‬يراجع‪ :‬المراجع الفقهية السابقة ويراجع‪ :‬د‪ .‬محمد عبد‬
‫الغفار الشريف‪ ،‬بحثه المقدم لمجمللع الفقلله السلللمي فللي‬
‫دورته السادسة ص )‪(11 – 10‬؛ ود‪ .‬محمد الحبيب الجراية‪،‬‬
‫بحثلله عللن الدوات الماليللة التقليديللة‪ ،‬المقدمللة إلللى مجمللع‬
‫الفقلله فللي دورتلله السادسللة؛ ود‪ .‬الخيللاط‪ :‬الشللركات‪ ،‬ط‪.‬‬
‫الرسالة )‪(...2/94‬؛ ود‪ .‬صالح بللن زابللن‪ :‬شللركة المسللاهمة‬
‫ص )‪.(334‬‬
‫)‪ (28‬د‪ .‬صالح بن زابن البقمي‪ :‬المرجع السللابق ص )‪(340‬‬
‫حيث قال‪ :‬ومن هنا يمكن أن نقسم أقوالهم إلى ثلثة‪ :‬قسم‬
‫حرم التعامل بها –أي بالسهم‪ -‬مطلقًا‪ ،‬وقسللم أبللاح السللهم‬
‫مطلق لًا‪ ،‬واشللترط بعضللهم خلوهللا ممللا يسللتوجب الحرمللة‪،‬‬
‫وقسم أباح أنواعا ً من السهم‪ ،‬وحرم أنواعا ً أخرى‪.‬‬
‫)‪ (29‬د‪ .‬صالح بن زابن البقمي‪ :‬المرجع السللابق ص )‪(340‬‬
‫حيث قال‪ :‬ومن هنا يمكن أن نقسم أقوالهم إلى ثلثة‪ :‬قسم‬
‫حرم التعامل بها –أي بالسهم‪ -‬مطلقًا‪ ،‬وقسللم أبللاح السللهم‬
‫مطلق لًا‪ ،‬واشللترط بعضللهم خلوهللا ممللا يسللتوجب الحرمللة‪،‬‬
‫وقسم أباح أنواعا ً من السهم‪ ،‬وحرم أنواعا ً أخرى‪.‬‬
‫)‪ (30‬يراجع في تفصيل ذلك‪ :‬الشركات في الفقه السلللمي‬
‫للشللليخ عللللي الخفيلللف ص ‪ 96‬ط‪ .‬دار النشلللر للجامعلللات‬
‫المصللرية؛ والشللركات فللي الشللريعة السلللمية والقللانون‬
‫الوضللعي للللدكتور عبللد العزيللز الخيللاط‪." 212-2/153 ،‬‬
‫المطابع التعاونيللة ‪1971‬ح وشللركة المسللاهمة فللي النظللام‬
‫السللعودي للللدكتور صللالح بللن زابللن ص ‪ 340‬ط‪ .‬جامعللة أم‬
‫القرى ‪ 1406‬هل‪ ،‬ومن الذين حرموا التعامل بالسهم حرامللا ً‬
‫مطلقللا ً الشلليخ تقللي الللدين النبهللاني فللي كتللابه النظللام‬
‫القتصللادي فللي السلللمي‪ ،‬ص ‪ 142– 141‬ط‪ .‬القللدس‬

‫‪533‬‬
‫‪ 1953‬ومن الذين قالوا بإباحتها دون تفصلليل فيهللا‪ ،‬الللدكتور‬
‫محمللد يوسللف موسللى‪ ،‬والشلليخ شلللتوت‪ ،‬لكنهللم بل شللك‬
‫يقولون بضرورة خلوها من المحرمات‪ .‬انظر الفتاوى للشلليخ‬
‫شلتوت ص ‪ 355‬ط‪ .‬الشروق‪.‬‬
‫)‪ (31‬زاد المعاد في هدي خيللر العبللاد‪ 5/746 ،‬ط‪ .‬مؤسسللة‬
‫الرسالة‪.‬‬
‫)‪ (32‬الشلليخ تقللي الللدين النبهللاني‪ :‬النظللام القتصللادي فللي‬
‫السلم ص ‪ 133‬ط‪ .‬القدس‪ ،‬الثالثة ‪ 1372‬هل‪.‬‬
‫)‪ (33‬النبهاني‪ :‬النظام القتصادي فللي السلللم ص )‪– 141‬‬
‫‪ (142‬ط‪ .‬القدس‪ ،‬الثالثة ‪ 1372‬هل‪.‬‬
‫)‪ (34‬د‪ .‬صالح بن زابن المرجع السابق ص )‪.(344‬‬
‫)‪ (35‬يراجع الشيخ عبد الللله بللن سللليمان‪ :‬بحللث فللي حكللم‬
‫تللداول أسللهم الشللركات المسللاهمة‪ ،‬ص )‪ (0003‬وفتللوى‬
‫الشلليخ محمللد بللن إبراهيللم مفللتي الللديار السللعودية‪ ،‬بجللواز‬
‫تداول أسهم الشركات الوطنية ضمن كتاب فتللاوى ورسللائل‬
‫‪.(43 – 7/42‬‬
‫)‪ (36‬يراجع‪ :‬الموسوعة الفقهية )الكويتية( مصطلح جهالللة )‬
‫‪.(16/167‬‬
‫)‪ (37‬الفروق‪ (266– 3/265) ،‬ط‪ .‬دار المعرفة‪.‬‬
‫)‪ (38‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ط‪ .‬الرياض )‪.(29/227‬‬
‫)‪ (39‬الغرر وأثره‪ ،‬ص )‪.(594‬‬
‫)‪ (40‬مجموع الفتاوى )‪ .(29/233‬ويقول ابن قدامللة‪ " :‬وإن‬
‫اشترى أحد الشريكين حصة شريكه جاز؛ لنلله يشللتري ملللك‬
‫غيره وكذلك المر لو باعه لجنبي‪ ،‬وكللذلك المللر عنللد غيللره‬
‫من العلماء"‪.‬‬
‫)‪ (41‬الشللباه والنظللائر للسلليوطي‪ ،‬ص ‪ 133‬ط‪ .‬عيسللى‬
‫الحلبي بالقاهرة‪ ،‬ويراجع في نفس المعنى‪ :‬الشباه والنظائر‬
‫لبن نجيم‪ ،‬ص )‪ (122 – 121‬ط‪ .‬مؤسسة الحلبي بالقاهرة‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫)‪ (42‬صللحيح البخللاري –مللع الفتللح ط‪ .‬السلللفية‪ -‬المسللاقاة‬
‫‪(5/49‬؛ ومسلللم‪ ،‬ط‪ .‬عيسللى الحلللبي – الللبيوع )‪(3/1173‬؛‬
‫وأحمد )‪(2/150‬؛ والموطأ ص )‪.(378‬‬
‫)‪ (43‬فتح الباري )‪(5/51‬‬
‫)‪ (44‬الموطأ‪ :‬ص ‪.378‬‬
‫)‪ (45‬قال الهيثمي فللي مجمللع الللزوائد ‪ :(4/80‬رواه الللبزار‪،‬‬
‫وفيه موسى بن عبيدة‪ ،‬وهو ضعيف‪.‬‬
‫)‪ (46‬تقريب التهذيب )‪ ،(2/286‬ومجمع الزوائد )‪.(4/80‬‬
‫)‪ (47‬المراجع السابقة جميعها‪.‬‬
‫)‪ (48‬صحيح البخاري –مع الفتح‪ -‬اليمللان )‪(1/126‬؛ وسلللم‪،‬‬
‫المساقاة )‪(3/1220‬؛ وأحمد )‪.(4/267‬‬
‫)‪ (49‬فتح الباري )‪.(1/127‬‬
‫)‪ (50‬الشباه والنظائر للسيوطي ص )‪(98 – 97‬؛ والشباه‬
‫والنظائر لبن نجيم ص )‪.(92 – 91‬‬
‫)‪ (51‬شرح القواعد الفقهيللة‪ ،‬تللأليف الشلليخ أحمللد الزرقللاء‪،‬‬
‫رحمه الله‪ ،‬ص )‪ (155‬ط‪ .‬دار الغرب السلمي‪.‬‬
‫)‪ (52‬شرح القواعد الفقهيللة‪ ،‬تللأليف الشلليخ أحمللد الزرقللاء‪،‬‬
‫رحمه الله‪ ،‬ص )‪ (155‬ط‪ .‬دار الغرب السلمي‪.‬‬
‫)‪ (53‬حاشللية ابللن عابللدين‪ .(37– 5/36) ،‬ط‪ .‬دار إحيللاء‬
‫التراث العربي‪ ،‬بيروت‪.‬‬
‫)‪ (54‬حاشية ابن عابدين )‪(5/39‬‬
‫)‪ (55‬انظر حديث ترخيص بيع العرايللا‪ ،‬لحاجللة النللاس إليهللا‪:‬‬
‫صحيح البخاري –مللع الفتللح‪(4/390) -‬؛ ومسلللم )‪(3/1168‬؛‬
‫وأحمد )‪(5/181‬؛ والعرية هي بيع الرطب فوق النخل بللالتمر‬
‫بالتخمين والتقدير‪.‬‬
‫)‪ (56‬فقد سئل عليه السلم عن بيع الرطللب بللالتمر فقللال‪:‬‬
‫) أينقص الرطب إذا جف؟ ( فقيللل‪ :‬نعللم‪ ،‬فقللال‪ ) :‬فل إذن (‬
‫انظللللر‪ :‬مسللللند الشللللافعي ص )‪(51‬؛ وأحمللللد )‪(3/312‬؛‬
‫والترملللذي )‪(1/231‬؛ والنسلللائي )‪(7/269‬؛ وابلللن ملللاجه )‬

‫‪535‬‬
‫‪(2/761‬؛ وسلللنن أبلللي داود )‪(3/251‬؛ والسلللنن الكلللبرى )‬
‫‪ .(5/294‬ويراجع تلخيص الحبير )‪.(3/9/10‬‬
‫)‪ (57‬مجموع الفتاوى )‪.(29/227‬‬
‫)‪ (58‬مجموع الفتاوى )‪(29/227‬‬
‫)‪ (59‬مجموع الفتاوى )‪(29/227‬‬
‫)‪ (60‬الشباه والنظائر لبن نجيم ص )‪(104 – 103 – 93‬‬
‫ويراجع‪ :‬نشر العرف في بنللاء بعللض الحكللام علللى العللرف‪،‬‬
‫ضمن رسائل ابن عابدين )‪ (118– 2/115‬ط‪ .‬أستانه‪.‬‬
‫)‪ (61‬إعلم الموقعين ‪ 3/78‬ط‪ .‬شقرون بالقاهرة‪.‬‬
‫)‪ (62‬قواعد الحكام )‪.(2/159‬‬
‫)‪ (63‬السواق المالية للستاذ الدكتور علي السالوس‪ ،‬بحللث‬
‫مقدم لمجملع الفقله السللمي بجلدة فلي دورتله السادسلة‬
‫ص‪.‬‬
‫)‪ (64‬الشركات للشيخ علي الخفيف ص )‪(97 -96‬؛ وبحللث‬
‫الشيخ أبي زهللرة المنشللور فللي منشللورات المللؤتمر الثللاني‬
‫لمجمع البحوث السلمية )‪(2/184‬؛ ود‪ .‬الخيللاط‪ :‬الشللركات‬
‫فللي الشللريعة السلللمية والقللانون الوضللعي ط‪ .‬الرسللالة )‬
‫‪(2/187‬؛ وبحللث د‪ .‬وهبللة الزحيلللي المقللدم لمجمللع الفقلله‬
‫السلمي فللي دورتلله السادسللة‪ ،‬ص ؛ ود‪ .‬صللالح بللن زابللن‪:‬‬
‫المرجللع السللابق ص )‪(342‬؛ وبحللث القاضللي عبللد اللله بللن‬
‫سليمان المشار إليه سابقًا‪.‬‬
‫)‪ (65‬المراجع السابقة‪ ،‬ول سلليما بحللث فضلليلة الشلليخ عبللد‬
‫الله بن سليمان حيث أفاض فيه إفاضة جيدة‪.‬‬
‫)‪ (66‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ط‪ .‬الرياض )‪.(321-29/320‬‬
‫)‪ (67‬الشباه والنظائر لبن نجيللم ص )‪ ،112‬ل ‪ ،113‬ل ‪(114‬؛‬
‫ويراجع حاشية ابن عابدين )‪.(4/130‬‬
‫)‪ (68‬الشباه والنظائر لبن نجيللم ص )‪ ،112‬ل ‪ ،113‬ل ‪،(114‬‬
‫ويراجع حاشية ابن عابدين )‪.(4/130‬‬
‫)‪ (69‬بدائع الصنائع )‪.(6/144‬‬

‫‪536‬‬
‫)‪ (70‬فتاوى ابن رشد‪ (649 – 1/631) ،‬تحقيق‪ :‬المختار بن‬
‫الطاهر التليلي‪ ،‬ط‪ .‬دار الغرب السلمي؛ ومواهب الجليللل )‬
‫‪.(5/277‬‬
‫)‪ (71‬قواعد الحكام )‪.(73 – 1/72‬‬
‫)‪ (72‬المنثور في القواعد‪ 2/253 ،‬ط‪ .‬أوقاف الكويت‪.‬‬
‫)‪ (73‬الشلللباه والنظلللائر للسللليوطي ص )‪(121 – 120‬؛‬
‫وحاشيتي‪ :‬القليوبي مع عميرة على المنهاج ‪.2/186‬‬
‫)‪ (74‬المجموع للنووي )‪ ،(9/353‬ط‪ .‬المنيرية‪.‬‬
‫)‪ (75‬مجموع الفتاوى )‪.(323 – 29/311‬‬
‫)‪ (76‬مجموع الفتاوى )‪.(273 – 29/272‬‬
‫)‪ (77‬مجموع الفتاوى )‪(29/308‬‬
‫)‪ (78‬بدائع الفوائد )‪.(3/257‬‬
‫)‪ (79‬المراجع السابقة‪ ،‬وبحث الدكتور عبد الله بن سللليمان‬
‫ص )‪(16‬‬
‫)‪ (80‬المراجع السابقة‪ ،‬والشيخ عبد الله بللن سللليمان بحثلله‬
‫السابق‪.‬‬
‫)‪ (81‬المراجع السابقة‪ ،‬والشيخ عبد الله بللن سللليمان بحثلله‬
‫السابق‪.‬‬
‫)‪ (82‬يراجللع‪ :‬جمللل الحكللام للنللاطقي‪ ،‬رسللالة ماجسللتير‬
‫بالزهر‪ ،‬تحقيق حمد الله سيد ص )‪.(381 – 370‬‬
‫)‪ (83‬مجموع الفتاوى )‪ (241 /29‬كما ذكر قاعللدة العتبللار‬
‫بالغلب فيمن في ماله حرام‪.‬‬
‫)‪ (84‬مجموع الفتاوى )‪.( 324 -29/319‬‬
‫)‪ (85‬مجموع الفتاوى )‪.(29/327‬‬
‫)‪ (86‬الشيخ عبد الللله بللن سللليمان بحثلله السللابق ص )‪(21‬‬
‫حيث مع إباحته شراء السهم لشللركات يمتلكهللا المسلللمون‬
‫حتى وإن كانت تتعامل بالربللا لكللن غللالب معاملتهللا وأمللواله‬
‫حلل لكنه لم يجز تملك أسهم شركات يملكها غير مسلم إل‬
‫إذا كان قادرا ً فعل ً تغيير مسارها‪ ،‬ومنعها من مزاولة الحللرام‬
‫مطلقا ً وذكر أن الشيخ صالح كامل ذكللر للله أنلله اسللتطاع أن‬

‫‪537‬‬
‫يحللول خمسللين شللركة مسللاهمة إلللى اللللتزام بالحكللام‬
‫الشرعية من خلل مساهمته فيها‪ ،‬واشتراطه ذلك بعدها‪.‬‬
‫)‪ (87‬الفتاوى الشرعية فللي القتصللاد‪ ،‬ص ‪ 17‬ط‪ .‬مجموعللة‬
‫بركة سنة ‪ 1411‬هل‪.‬‬
‫)‪ (88‬صحيح البخاري‪ ،‬مع فتح الباري ‪ 5/15‬ط‪ .‬السلفية‪.‬‬
‫)‪ (89‬صحيح البخاري‪ ،‬مع فتح الباري ‪ 5/15‬ط‪ .‬السلفية‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬موقع المسلم‬
‫==============‬
‫‪#‬الجولة القادمة‬
‫محمد بن شاكر الشريف‬
‫تغيرات سريعة متلحقة تحدث في سنوات قلئل‪ ،‬وربما فللي‬
‫أشهر‪ ،‬كانت ل تحدث فيما مضللى إل فللي عشللرات السللنين‪،‬‬
‫وهذه سمة من سمات العصر الذي نحياه؛ وقد أدى إلى ذلك‬
‫عاملن‪:‬‬
‫‪ 1‬ل أولهما وأخطرهما على العالم‪ :‬تفللرد دوللة ظالملة باغيلة‬
‫بامتلك وسيلة القوة الللتي ل ُتجللارى؛ فانهللار بللذلك التللوازن‬
‫الذي كان يحكم تصرفات النداد والنظراء‪.‬‬
‫‪ 2‬ل الثاني‪ :‬النقلة‪ ،‬أو القفزة بل الطفرة التقنية التي باعللدت‬
‫كثيرا ً بين الدول المتقدمة تقنيا ً والللدول المتخلفللة فللي ذلللك‬
‫المضمار‪َ ،‬فقْبل التطور الهائل في التقنيللة الحديثللة لللم يكللن‬
‫مرور الزمن يكاد ُيحدث تغييرا ً يذكر في موازين القوى‪ ،‬وأما‬
‫اليوم فإن السنة الزمنية ربمللا باعللدت تقنيلا ً بيللن فئة الللدول‬
‫المتقدمة وبين فئة الدول المتخلفة ما يعللادل خمسللين سللنة‬
‫زمنية أو يزيد‪.‬‬
‫وفي ظل هذين العاملين وقللع العللالم العربللي والسلللمي ل ل‬
‫وهو ينتمي في جملته إلى العالم المتخلللف ل ل تحللت تللأثير أو‬
‫في دائرة جذب المعسكر الصليبي المتفوق تقنيا ً واقتصللاديًا‪،‬‬
‫وهو يتعرض اليوم إلى محنة شديدة تكونت من تشللابك ثلث‬
‫زوايا‪:‬‬

‫‪538‬‬
‫الولى‪ :‬كره الصليبيين لدين السلللم والمسلللمين‪ ،‬ورغبتهللم‬
‫في القضاء عليه والثأر منه؛ إذ إن كثيرا ً من دوله كانت قبللل‬
‫مجيء السلم ممالك نصرانية‪ ،‬ثللم اسللتطاع السلللم بنقللائه‬
‫أن يجللذبهم إليلله‪ ،‬وينقلهللم إلللى صللفه حللتى فقللدت أصلللها‬
‫القديم‪ ،‬وصارت دول ً إسلمية‪ .‬ويدل عللى ذللك الكلره كلثرة‬
‫كاثرة من أقوال الصليبيين‪ ،‬ل فرق في ذلك بين الساسللة أو‬
‫المفكرين والمثقفين أو العسكريين أو حتى العامة الللدهماء‪،‬‬
‫وهذا الموقف ليس نتيجة لما يروجلله بعضللهم بمللا يعللرف بل ل‬
‫»أحداث الحادي عشر من سبتمبر«؛ فإن موقللف الصللليبيين‬
‫من السلم موقف قديم ضارب بأطنابه فللي أعمللاق التاريللخ‬
‫لبدايللة ظهللور السلللم‪ ،‬ثللم امتللد عللبر مللا يعللرف بللالحروب‬
‫الصليبية في القرون الوسطى مدة قرنيللن مللن الزمللان‪ ،‬ثللم‬
‫إلى يومنا هذا‪ ،‬ولهم في ذلللك كلمللات مشللهورة مدونللة فللي‬
‫وثللائقهم الللتي لللم تعللد اليللوم شلليئا ً مسللتورًا‪ .‬وفللي العصللر‬
‫الحللديث تللوالت الحملت الصللليبية علللى الللدول السلللمية‬
‫والعربية منها خاصة لحتللها؛ فقد احتلت فرنسللا فللي نهايللة‬
‫القرن الثامن عشر مصر حتى اضطرتها الحرب مللع إنجلللترا‬
‫للجلء عنها‪ ،‬ثم أعيد احتلل مصر في الربع الخير من القرن‬
‫التاسللع عشللر مللن قِب َللل إنجلللترا‪ ،‬ثللم تللوالى احتلل الللدول‬
‫الصليبية للدول العربية‪ ،‬فاحتلت إنجلللترا العللراق والسللودان‬
‫وفلسطين واليمن الجنللوبي‪ ،‬واحتللت فرنسللا سلوريا ولبنللان‬
‫والجزائر والمغرب وتونس‪ ،‬واحتلت إيطاليا ليبيا‪ ،‬كما احتلللت‬
‫هولندا أندونيسيا‪ ،‬وغير ذلللك مللن الللدول الللتي وقعللت تحللت‬
‫الحتلل الصليبي‪ .‬لقد قامت تلك الدول بسرقة خيرات البلد‬
‫في الوقت الذي حاولوا فيه بكل ما وسعتهم الطاقة القضللاء‬
‫على السلم‪ ،‬والعمل على تحريفه؛ فما الللذي حملهللم علللى‬
‫ذلك؟ هل كانوا حملللة رسللالة يللودون إبلغهللا غيللر كراهيتهللم‬
‫للمسلمين والرغبة في القضاء على دينهم؟‬
‫الثانيللة‪ :‬تمتللع كللثير مللن الللدول العربيللة والسلللمية بللثروات‬
‫ضخمة متعددة‪ ،‬وخاصة النفط‪ ،‬إضافة إلى الراضي الزراعية‬

‫‪539‬‬
‫الخصبة‪ ،‬والتي تلهللب حمللاس الطللامعين فللي نهللب خيللرات‬
‫البلد‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬عدم كفاءة كثير من قيادات البلد العربية والسلمية‬
‫لقيادة تلللك الفللترة الحرجللة مللن حيللاة المللة‪ ،‬وبعللدهم عللن‬
‫اللتزام والتقيد بالسلم وشريعته‪ ،‬ممللا أوقعهللم فللي ضللعف‬
‫شديد وتخاذل كبير أمام القوى الصليبية الباغية‪.‬‬
‫فباجتمللاع تلللك الزوايللا الثلث فللي ظللل العللاملين السللابقين‬
‫تصبح الصورة واضحة جدًا؛ بحيث ل تخطئها العين المبصللرة‪،‬‬
‫وإن لم تكن كاملة البصار‪ ،‬وهو أن هناك جولة قادمللة تهجللم‬
‫فيهللا الللدول الصللليبية )التحللالف الصللليبي بقيللادة أميركللا‬
‫وبريطانيا( علللى الللدول العربيللة والسلللمية؛ وذلللك لتحقيللق‬
‫عدة أهداف‪:‬‬
‫ل‪ :‬للتهامها والقضاء على إسلمها سعيا ً للتمكيللن للصللليب‬ ‫أو ً‬
‫ونشللر الصللليبية‪ ،‬وضللمان أمللن واسللتقرار اليهللود‪ ،‬وتحقيللق‬
‫أحلمهم في تكوين دولتهم من النيل إلى الفرات‪.‬‬
‫وثانيًا‪ :‬لسرقة خيراتها وثرواتها‪.‬‬
‫وثالثًا‪ :‬لتحويل أهلها خللدما ً وعبيلدا ً عنللد الصلليبيين؛ فالهجملة‬
‫قادمة قادمة ل شك في ذلك‪ ،‬والدلئل كلها تشللير إلللى ذلللك‬
‫إل أن يشاء ربي الذي يدبر المر في السموات والرض شيئا ً‬
‫غير ذلك‪ ،‬وقد قال كبير التحللالف الصللليبي‪» :‬سنشللنها حربلا ً‬
‫صليبية«‪ ،‬كما قالوا‪ :‬إن الحرب علللى الرهللاب )وهللو السللم‬
‫الذي يحلللو للصللليبيين أن يسللموا بلله المتمسللكين بالسلللم‪،‬‬
‫الرافضللين لهيمنللة الللدول الصللليبية علللى بلدهللم( سللتطاول‬
‫ستين دولة‪ ،‬وقد تستمر لكثر من عشللر سللنوات‪ ،‬والسللتون‬
‫ن‬ ‫دولة المرادة هي الدول العربية والسلمية؛ فإن عددها ثما ٍ‬
‫وخمسون دولة‪.‬‬
‫إن القوم لفللرط ثقتهللم فللي قللوتهم وآلتهللم العسللكرية فللي‬
‫مقابل الضعف الشديد للطرف المقابل‪ ،‬جعلهم يتحدثون عن‬
‫خطط الحرب التي يعتزمون شنها قبل ذلك بكثير‪ ،‬ويقومللون‬
‫بعمل التجهيزات والتحضيرات الميدانية في وضح النهار‪ ،‬ولم‬

‫‪540‬‬
‫يعد ذلك سرا ً تحرص تلك الدول على إخفائه وعدم إفشللائه؛‬
‫وذلك أنها ترى أنه ل مفر لهذه الدول من بطشها‪ ،‬وأنه مهما‬
‫أخذت من استعدادات واحتياطات فلللن تكللون بقللادرة علللى‬
‫التصدي لقواتها التي يمكنها أن تطلللق نيرانهللا علللى أهللدافها‬
‫من مسافات تبعد مئات الكيلو مترات‪ ،‬وهللي بعللد لللم تللدخل‬
‫أرض العللدو‪ ،‬أو تقللع فللي مرمللى نيرانلله‪ ،‬ومهمللا حللاولت أن‬
‫أصف أو أصور قوة العدو فقد تكون قلوتهم أكلثر بكلثير مملا‬
‫أقول‪ ،‬وليس في هذا الكلم أي قدر من المبالغة أو التهويل)‬
‫‪ ،(1‬ولن تكون الدول السلمية ل في نظر الصليبيين ل بمأمن‬
‫من بطش الكفار وانتقامهم‪ ،‬إل بالستسلم التللام والخضللوع‬
‫الكامل لسليطرة التحلالف الصلليبي‪ ،‬وهلذا العلن المسلبق‬
‫عن الحرب وخطتها ل يللترتب عليلله ضللرر يلحللق بللأمن تلللك‬
‫القوة الطاغية‪ ،‬مللن أي رد فعللل قللد يقللوم بلله المسللتهدفون‬
‫بتلك الحرب‪ ،‬لكن يكون له عندهم فللي الللوقت نفسلله نتللائج‬
‫إيجابيللة كللثيرة يحرصللون عليهللا؛ فمللن ذلللك‪ :‬إلقللاء الرعللب‬
‫والفزع في قلوب الناس جميعا ً حكاما ً ومحكللومين‪ ،‬وقللد بللدأ‬
‫مللا يسللمى بل ل )ضللربة‬‫ي َُتداَول في وسللائل العلم الحللديث ع ّ‬
‫الصدمة والفزع(‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬حمللل الللدول علللى الستسلللم‬
‫بمجرد هذا التهديد‪ ،‬والتخويللف مللن غيللر احتيللاج إلللى خللوض‬
‫معركة حقيقية قد تكلفهم الكلثير‪ ،‬وعنلدنا مثلال واقعلي مللن‬
‫ذلك وهو استسللم نظلام عربلي‪ ،‬والقيللام بتحطيلم أسللحته‬
‫بيده وتسليم أسرارها للعدو الذي كان يظهر العداوة له علدة‬
‫عقود‪ ،‬وإن كنت أرجح أنه لو وجدت دولة تظهللر الستسلللم‪،‬‬
‫فإن هذا لن يمنع من دخولها في مظاهرة مسلحة إمعانا ً في‬
‫الذلل والقهللر ولللو بعللد حيللن‪ ،‬ومللن ذلللك‪ :‬حمللل كللثير مللن‬
‫ضللعاف النفللوس علللى المسللارعة فيهللم ليضللمنوا لنفسللهم‬
‫المان‪ ،‬فيكونوا لهم أعوانا ً وجواسيس‪ ،‬حللتى إذا مللا رفضللت‬
‫قيادة الدولة الستسلللم‪ ،‬أو أظهللرت بعلض البللاء والمتنللاع‪،‬‬
‫كانت هذه الصللفوف تعمللل علللى سللقوط الدولللة‪ ،‬وانهيارهللا‬
‫وعدم قدرتها على الصمود‪ ،‬وهناك من المحللين مللن يفسللر‬

‫‪541‬‬
‫النهيللار السللريع غيللر المتوقللع‪ ،‬وسللقوط بغللداد فللي غللزو‬
‫التحالف الصليبي للعراق بذلك‪.‬‬
‫لقللد أعلللن أعللداؤنا بوضللوح شللديد ل لبللس فيلله‪ ،‬وبصللفاقة‬
‫شديدة ل أثر للمجاملة فيها‪ ،‬أنهم عازمون على تغييللر ديننللا‪،‬‬
‫أو تغيير مفهومنا للدين‪ ،‬وأنهم سوف يسلكون لتحقيللق ذلللك‬
‫كل سبيل بما في ذلللك الكللراه بللالقوة المسلللحة‪ ،‬ولللم يعللد‬
‫يهمهم اليوم أن يقدموا مسوغات حقيقية لعدوانهم غير رفللع‬
‫شعار محاربة الرهاب‪ ،‬أو الحرب الستباقية الللتي بمقتضللاها‬
‫يضربون من شللاؤوا وقتمللا شللاؤوا‪ ،‬وبللدؤوا يطالبوننللا بتغييللر‬
‫مناهجنا الدراسية‪ ،‬وحذف كل ما ل يتوافق مع تصللوراتهم‪ ،‬أو‬
‫يكون حجر عثرة في سبيل طموحاتهم فللي السلليطرة علللى‬
‫العالم التي لم يعودوا يخفونها عن أحد‪ ،‬كما بللدؤوا يطالبوننللا‬
‫بإغلق مدارسنا ومعاهدنا الشرعية بللدعوى أن تلللك المعاهللد‬
‫والمدارس تخرج إرهابيين‪ ،‬لنها تدرس الدين السلمي الذي‬
‫يعللد دينلا ً إرهابيلا ً فللي نظللر الصللليبيين‪ ،‬وصللارت مؤسسللاتنا‬
‫الخيرية غير مرغوب فيها‪ ،‬وليس لها من ذنب عنللدهم سللوى‬
‫أنها تقف في وجه التنصير في بلد المسلمين‪ ،‬وتعين النللاس‬
‫على شدة الحياة وقسللوتها‪ ،‬وقللد بللدأت بعللض النظمللة فللي‬
‫الستجابة لللذلك‪ ،‬وقللامت بللإغلق اللف مللن تلللك المعاهللد‪،‬‬
‫وإني لظن لو أن الللدول العربيللة‪ ،‬أو بعضللها طللالبت أمريكللا‬
‫بتوقيع معاهدة عدم اعتداء بين الجانبين فلن تستجيب لذلك؛‬
‫لن مثل هذه المعاهدة تعيق المخطط التوسعي الذي يسعى‬
‫إلللى تكللوين إمبراطوريللة عالميللة‪ ،‬وهللم قللد بللدؤوا جللولتهم‬
‫بأفغانستان‪ ،‬ثم العراق‪ ،‬ثم‪ ،...‬ثم‪...‬‬
‫فما نحن فاعلون؟ من حقي ومن حللق كللل مسلللم أن يفكللر‬
‫لمصلحة أمته‪ ،‬وفيما يدفع عنها البلء والشللدة‪ ،‬ويسللعى فللي‬
‫ذلك بجهده ما استطاع‪ ،‬بل هذا ممللا يجللب علللى كللل امللرئ‬
‫حسب مكانته وإمكاناته‪ ،‬وهذه نفثات صدر مكلوم‪ ،‬وهو يللرى‬
‫ما يدبر لمته‪ ،‬والكثيرون لهون عللابثون؛ فهللو كللالرائد الللذي‬
‫يحذر قومه مما قد يفجؤهم و »الرائد ل كما قالوا لل ل يكللذب‬

‫‪542‬‬
‫أهله«‪ ،‬والمشوار العظيم إنما يبدأ بخطوات يسيرة‪ ،‬وأول ما‬
‫نبدأ به مشوارنا‪:‬‬
‫‪ 1‬ل أن نوقن يقينا ً تاملًا‪ ،‬وأن نجللزم جزملا ً أكيللدًا‪ ،‬أن أعللداءنا‬
‫عللازمون علللى غللزو بلدنللا لحتللهللا‪ ،‬أو لجعلهللا فللي حكللم‬
‫ن تكون قلوبهم معهم‬ ‫م ْ‬ ‫المحتلة؛ حيث يوّلون علينا بعد غزونا َ‬
‫ممن يتكلم بألسنتنا‪ ،‬وإنما ينفذ من ذللك ملا تسلمح الحلوال‬
‫بتنفيذه وفق الخطط المعلدة‪ ،‬وكللل شلليء عنللدهم لله وقتلله‬
‫المناسب‪ ،‬وإنما يبدؤون بمللا يكللون مللن البلد أسللهل عليهللم‬
‫وأنسب‪ :‬إما لعزلته عن العللام العربللي بمشللاكله مللع جيرانلله‬
‫وتخويفه لهم‪ ،‬فيفرط العرب فيه كما حصل مع العراق‪ ،‬وإما‬
‫لضللعفه خاصللة مللن الناحيللة العسللكرية‪ ،‬وإمللا للسللتفادة‬
‫والستعانة بثرواته علللى تمويللل الحللرب‪ ،‬وإمللا لن سللقوطه‬
‫يضعف غيره ويسهل استسلمه؛ فإذا تساقطت الللدول دولللة‬
‫بعد دولة‪ ،‬أمكن أن يتساقط البللاقي بللدون قتللال‪ ،‬ومللن هللذا‬
‫التصور فللإني أرى أن آخللر دولللتين يمكللن غزوهمللا فللي هللذا‬
‫المسلسل الذي يرسمه الشلليطان‪ ،‬همللا السللعودية لمكانتهللا‬
‫الدينية في نفوس المسلللمين جميع لًا‪ ،‬لشللتمالها علللى مكللة‬
‫)الللتي فيهللا بيللت الللله الحللرام( والمدينللة )الللتي فيهللا قللبر‬
‫الرسللول ‪-‬صلللى الللله عليلله وسلللم ‪ ( -‬أقللدس البقللاع عنللد‬
‫المسلمين‪ ،‬وأن المسلللمين ل يمكنهللم التهللاون‪ ،‬أو التفريللط‬
‫في تلك البقاع؛ لن ذلللك يقللرب مللن التفريللط فللي السلللم‬
‫نفسه‪ ،‬وأنه لذلك ل يمكللن أن يفكللر التحللالف الصللليبي فللي‬
‫غزوها إل بعد الضعاف والنهاك الشديد للمللة السلللمية‪ ،‬أو‬
‫أن الخطة قد تعتمد على تقسيمها إلى جزأيللن‪ :‬جللزء يشللمل‬
‫مكة والمدينة وهذا يترك للمسلمين يحكمونه حللتى ل يللثيروا‬
‫حفيظتهم‪ ،‬وجزء يشتمل على الماكن الغنيللة بللالنفط‪ ،‬وهللذا‬
‫يتللم احتلللله المباشللر مللن قَِبلهللم‪ ،‬أو احتلللله بالواسللطة أي‬
‫بواسطة أوليائهم‪ ،‬وأتباعهم الللذين ينتشللرون فللي كللل بلدنللا‬
‫خْيللُر‬ ‫ه َوالّللل ُ‬
‫ه َ‬ ‫كللُر الّللل ُ‬
‫م ُ‬‫ن وَي َ ْ‬ ‫م ُ‬
‫كللُرو َ‬ ‫العربيللة والسلللمية }وَي َ ْ‬
‫ن{ ]النفللال‪ ،[30 :‬والثانيللة مصللر لكثافتهللا العدديللة‪،‬‬ ‫ري َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ماك ِ ِ‬

‫‪543‬‬
‫ولتللدرب أكللثر شللبابها علللى اسللتخدام السلللحة المتنوعللة‪،‬‬
‫لقضائهم فترة إلزامية من عمرهم في الجيش‪ ،‬ولذلك ُيعمل‬
‫الن على تحديللد النسللل كللإجراء مللؤقت‪ ،‬كمللا يتللم السللماح‬
‫للمحترفين العسكريين بالتقاعد المبكر نظير مكافللآت ماليللة‬
‫كبيرة‪ ،‬وليس ببعيد عن هلذه الخطلة ملا يجلري ملن تطويلق‬
‫مصر من ناحيلة إضلعاف السلودان‪ ،‬وافتعلال المشلاكل بيلن‬
‫مصر وبين دول حوض النيل حول تقاسم مياه النيل‪ ،‬لكنهمللا‬
‫مدرجتان على الخطة إذا لم يسقطا من تلقاء نفسيهما‪ ،‬بعللد‬
‫النهاك الشديد الذي تتعللرض للله المللة العربيللة والسلللمية‪،‬‬
‫وخاصة بعللد تللدخل المللم المتحللدة فللي خصوصلليات الللدول‬
‫العربيللة‪ ،‬وفيمللا يعللد مللن قبيللل السلليادة القوميللة‪ ،‬وفرضللها‬
‫عليهم لمور للم تسلتطع أن تفرضلها‪ ،‬أو تفلرض جلزءا ً منهلا‬
‫على من يحتلون بلد العرب والمسلمين‪.‬‬
‫وهناك سيناريوهات كثيرة عنللد الشللرار لتحقيللق ذلللك‪ ،‬وقللد‬
‫بدأت دعللوات كللثيرة عنللد المريكييللن تظهللر بيللن كللل فللترة‬
‫وأخرى تدعو إلى احتلل منابع النفللط فللي السللعودية‪ ،‬وإلللى‬
‫تقسيم مصر وتمكين النصارى فيهللا‪ ،‬وقللد تنللاقلت كللثير مللن‬
‫المواقللع الخباريللة مفللاهيم وتصللريحات أمريكيللة بالنسللبة‬
‫للستراتيجية المريكية في الشرق الوسط تللدور حللول »أن‬
‫العراق الهدف التكللتيكي‪ ،‬والسللعودية الهللدف السللتراتيجي‪،‬‬
‫ومصر الجائزة الكبرى«‪ .‬إن المر جد ل هللزل فيلله‪ ،‬وإن مللن‬
‫أكللبر الخطللاء الللتي يمكللن أن نقللع فيهللا الركللون والنخللداع‬
‫ببعض الكلم الذي قد يردده العداء أو العملء‪ ،‬بأنه ل خللوف‬
‫من الحرب؛ لن أمريكا ل تشللن الحللرب علللى أصللدقائها‪ ،‬أو‬
‫أنها ل تشن الحرب إل بمسوغات مقبولللة‪ ،‬أو أنهللا ل تخللالف‬
‫الشرعية الدولية التي تمنع العتداء على الخرين‪ ،‬ونحو ذلك‬
‫الكلم الجوف الذي ل مصداقية للله؛ فللإن ممللا هللو معللروف‬
‫إلى درجة تبلغ اليقين أن هذه الدولة‪ ،‬أو تلك التي تملك مللن‬
‫القوة ما تتمكن به من تحقيق ما تريد‪ ،‬إذا لم يكللن لهللا ديللن‬
‫صحيح يقودها؛ فإنها تتصرف بمقتضى الهوى‪ ،‬ول يوقفها عن‬

‫‪544‬‬
‫ذلللك إل القللوة المضللادة الللتي تجبرهللا إجبللارا ً علللى مراعللاة‬
‫الخرين‪ .‬أما ما يدعى من حقوق النسان‪ ،‬والسلم العالمي‪،‬‬
‫ونشللر الحريللة فللذلك مجللرد كلم ل رصلليد للله مللن الواقللع‪،‬‬
‫والشرعية الدولية التي يزعمونهللا ليسللت إل وسلليلة لمضللاء‬
‫إرادة الدول القوية على الدول الضللعيفة‪ ،‬فللي شللكل يحفللظ‬
‫ماء وجه الحكام الضعاف عند شعوبهم‪ ،‬وهذه جملة ل يحتللاج‬
‫المرء فيها إلللى إقاملة الللدليل؛ إذ يكفلي النظللر إللى أحلوال‬
‫العالم اليوم ليظهر الدليل على ذلك بل خفاء‪.‬‬
‫لقد تبين للعالم أجمع أن كل المسوغات التي زعموها لشللن‬
‫الحرب على العراق كانت كذبا ً في كللذب‪ ،‬ولسللت أشللك أن‬
‫أمريكلا كلانت عللى يقيلن كاملل‪ ،‬وهلي تشلن الحلرب عللى‬
‫العراق‪ ،‬وتستنفر دول العالم في حملتها الظالمة بأن العراق‬
‫ل يمتلك شيئا ً من هذه السلحة المدعاة‪ ،‬ولللو كللانت أمريكللا‬
‫تشللك مجللرد شللك أن العللراق يمتلللك أسلللحة دمللار شللامل‬
‫صالحة للعمل‪ ،‬لم تقدم علللى دخللول الحللرب بهللذه الصللورة‬
‫الللتي لللم يظهللر فيهللا علللى الجنللود أو المعللدات أي أثللر‬
‫للحتياطات التي ينبغي اتخاذها في مثل تلك الحالت‪ ،‬تحسبا ً‬
‫لستخدام تلك السلحة؛ فلما حدث الغزو‪ ،‬وانتهى كل شيء‪،‬‬
‫وبدا لهم أنهم حققوا أو قاربوا ما أرادوا‪ ،‬لم يهمهم أن يعلنوا‬
‫على العالم أنهم لم يعثروا على أسلحة الدمار الشامل الللتي‬
‫ل‪ ،‬حتى‬ ‫كانت مسوغا ً للغزو‪ ،‬وأنهم قد ل يعثرون عليها مستقب ً‬
‫اعترف المسؤولون فيهم بعد ذلك بكل برود أن ملف أسلحة‬
‫الدمار الشامل في العراق قد جلرى التلعلب فيله مللن قِب َللل‬
‫المخللابرات عللن قصللد وعمللد‪ ،‬ولنللا أن نتسللاءل‪ :‬هللل جللرى‬
‫التلعب فعل ً من المخابرات‪ ،‬أم أنلله قللد طلللب ذلللك منهللم؟‬
‫والشيء الغريب أنهم بعد فضيحتهم في ذلك يقولللون‪ :‬لكننللا‬
‫وإن لم نجد السلحة‪ ،‬فإن العراق كان في نيته أن ينتج هللذه‬
‫السلحة‪ ،‬وهو منطللق معللوج وهللو نفللس منطللق الللذئب مللع‬
‫الحمل المعروف فللي الللتراث الشللعبي‪ .‬وبغللض النظللر عللن‬
‫الحديث بأنه ل حق لهم في منع أحد ملن امتلك أسللحة هلم‬

‫‪545‬‬
‫أنفسلهم يملكونهلا‪ ،‬بللل هلم أول ملن اسلتخدمها فقتللوا بهللا‬
‫مئات اللف مللن المللدنيين اليابللانيين مللن الرجللال والنسللاء‬
‫والطفال غير أضعاف ذلك العدد من المصابين‪ ،‬مللع تخريللب‬
‫الرض والتربة فللي تلللك المللاكن لكللثر مللن خمسللين سللنة؛‬
‫حيث جرى ضرب مدينتي نجازاكي وهيروشيما اليابانيتين في‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وذلك في لحظات من دون أيللة دواٍع‬
‫عسكرية تدعو لذلك؛ حيث إن هاتين المدينتين لم تكونللا مللن‬
‫المللدن العسللكرية‪ ،‬وإنمللا ُفعللل ذلللك فقللط مللن أجللل إلقللاء‬
‫الرعب والفزع في قلوب الشعب‪ ،‬والقيادة‪ ،‬وفرض شللروط‬
‫الستسللم؛ فلجلل تحقيلق ذللك جلرى ضلرب اليابلان بكلل‬
‫قسوة‪ ،‬دون التحلي بأي قدر مللن المسللؤولية الخلقيللة فللي‬
‫ذلللك؛ فمللن يسللتطيع الن بعللد الللتيقن مللن كللذب هللذه‬
‫المسللوغات‪ ،‬واعللترافهم أنفسللهم بللذلك أن يعللوض الشللعب‬
‫العراقي عما حللدث للله نتيجللة كللذب المخللابرات أو خطئهللا؟‬
‫وأين الشرعية الدولية التي يزعمونها؟ وماذا قللدمت لشللعب‬
‫العراق المسكين سوى إسباغ الشرعية على الحتلل؟ لكني‬
‫ل أنظر إلى ما تم في ذلك علللى أنلله خطللأ مخللابراتي؛ فللإن‬
‫النظر إليه على هذا النحو هو نوع مللن البلهللة‪ ،‬بللل هللو أمللر‬
‫مقصود ُرتب له بعناية على مدى سنوات متطاولة‪.‬‬
‫‪ 2‬ل ل إن مللن أكللبر الخطللاء الفادحللة أن نللرّوج فللي وسللائل‬
‫إعلمنا‪ ،‬أو أن نقبل أن يروج أحد بيننا أن أمريكا بلللد الحريللة‬
‫والعدل والمحافظة على حقوق النسان وكرامتلله؛ فللإن هللذا‬
‫مما يسهل عليها غزونا فكريلا ً واحتللنللا عسللكريًا‪ .‬ألللم يقتللل‬
‫في الحرب المريكية على العراق أكثر من مائة ألف نفللس؟‬
‫وغ لمريكا قتل هذه النفوس‪ ،‬أو التسللبب فللي‬ ‫فأي شيء يس ّ‬
‫قتلها؟ إن العراقيين لم يهاجموا أمريكا ولللم يبللدؤوها بقتللال‪،‬‬
‫بل المريكان وحلفاؤهم هللم الللذين جللاؤوا مللن وراء البحللار‪،‬‬
‫ومن على بعد آلف الكيلللو مللترات‪ ،‬فنزلللوا أرضللهم‪ ،‬وقتلللوا‬
‫رجللالهم ونسللاءهم وأطفللالهم‪ ،‬وسللجنوا شللبابهم‪ ،‬وعللذبوهم‬
‫بطرق وأساليب يندى لها الجبين خزيا ً وعللارا ً وشللنارًا‪ ،‬وتللدل‬

‫‪546‬‬
‫ل أن يعللرف التاريللخ لهللا نظيللرًا‪ .‬وهللل كللانت‬
‫على همجية قل ّ‬
‫أمريكللا تعللرف معللاني الحريللة والعللدل وحقللوق النسللان‬
‫وكرامته‪ ،‬وهي تقدم الللدعم غيللر المحللدود لعصللابات اليهللود‬
‫التي قامت بالستيلء على فلسطين بعد أن مكنتهم بريطانيا‬
‫من ذلك؟ هل عرف التاريخ مثل هذه المأسللاة؟ قللوم يللأتون‬
‫مللن بلد بعيللدة متفرقللة فينزلللون أرضللا ً فيقتلللون أهلهللا‬
‫ويشللردون مللن بقللي منهللم‪ ،‬ويسللتولون علللى أراضلليهم‬
‫وممتلكاتهم‪ ،‬ثم يجدون من يدافع عنهم ويؤيدهم ويناصللرهم‪،‬‬
‫بل يعدون أهل الرض وأصحابها الذين يدافعون عن أرضللهم‪،‬‬
‫وأمللوالهم مللن السللاعين فللي الرض بالفسللاد‪ ،‬الللذين يجللب‬
‫سحقهم والقضاء عليهم؟ لكننا ما لنللا نللذهب بعيللدًا‪ ،‬أليسللت‬
‫ل أجللداد‬‫أمريكا نفسها قامت على المبدأ نفسلله؟ ألللم يسللتو ِ‬
‫المريكان على الرض من أهلها الصليين الهنود الحمر؟ ألللم‬
‫يقوموا بعملية إبادة منظمة لهم؟ أليس من الكذب والتضليل‬
‫الذي يقوم به بعللض مللن هللم مللن بنللي جلللدتنا أن يقللال‪ :‬إن‬
‫أمريكا تعرف معاني الحرية والعدل وحقللوق النسللان‪ ،‬وأنهللا‬
‫في تصرفاتها تعمل على تحقيق ما تعرف من تلك المعاني؟‬
‫‪ 3‬ل خذوا حذركم! لقد أمرنا الله ل تعالى ل ل بللذلك‪ ،‬وإن أْولللى‬
‫ما يستدعى فيه الخذ بالحذر هي الوضللاع الللتي نحللن فيهللا؛‬
‫ففي ظل تفرد دولة بالقوة الباطشة وأحلمها غير المحدودة‬
‫فللي التوسللع والتمللدد‪ ،‬وبسللط سلللطانها‪ ،‬ونفوذهللا‪ ،‬وفللرض‬
‫ثقافتها ودينهللا علللى العللالم‪ ،‬ومحاربللة مللا يخللالف ذلللك مللن‬
‫ثقافللات وعقللائد‪ ،‬مللا يجعلنللا مللوقنين أن المعركللة بيللن جنللد‬
‫الرحمن وبيللن عبيللد الشلليطان قادمللة ل مفللر منهللا؛ إذ همللا‬
‫نقيضان ل يلتقيان‪ ،‬ونحن نخوضها فللي هللذا الظللرف بصللفتها‬
‫معركة مفروضة علينا‪ ،‬ولسللنا نحللن الللذين فرضللناها‪ ،‬ونحللن‬
‫ندخلها حين ندخلها في هذا الوقت كارهين مرغميللن‪ ،‬ومثلنللا‬
‫في ذلك مثل القائل‪:‬‬
‫إذا لم تكللن غيللر السللنة مركب لا ً *** فمللا حيلللة المضللطر إل‬
‫ركوبها‬

‫‪547‬‬
‫وليس سوى ذلك إل الذل والهوان‪ ،‬وتسليم أمرنا للصليبيين‪:‬‬
‫يقتلون من شاؤوا‪ ،‬ويستعبدون مللن شللاؤوا‪ ،‬ويشللردون مللن‬
‫ل مللن ذلللك‪،‬‬ ‫شاؤوا‪ ،‬ولن يقبل الصليبيون من المسلللمين أق ل ّ‬
‫وتاريخهم معنللا معللروف فللي القللديم وفللي الحللديث؛ فرغللم‬
‫عقيرتهلم الللتي ترتفلع صلباح مسلاء مطالبلة الللدول العربيلة‬
‫بالصلللح‪ ،‬فللإنهم ل يقبلللون الصلللح الحقيقللي؛ لن الصلللح‬
‫الحقيقي إنما ينحصر في اتباع شللرع الللله لل تعللالى لل وعللدم‬
‫ن‬
‫الخروج عليه كما قال نبي الله شعيب ل عليه السلم للل‪} :‬إ ْ‬
‫ُ‬
‫ت{ ]هللود‪ [88 :‬فسللوف يمللانع‬ ‫سلت َط َعْ ُ‬
‫مللا ا ْ‬
‫ح َ‬ ‫أِريلد ُ إل ّ ال ْ‬
‫صللل َ‬
‫الصليبيون في أية خطللة حقيقيللة للصلللح‪ ،‬وسللوف يسللعون‬
‫في تخريبها؛ لنها تهدد مصالحهم‪ ،‬وتقضللي علللى أطمللاعهم‪،‬‬
‫وهم يسعون لقرار خطط الفساد تحت اسم خطط الصلللح‬
‫تزويرا ً وكذبًا؛ لن الصلح الذي يسعون إليه هو الصللح مللن‬
‫وجهة نظرهم‪ ،‬وهو اللذي يحقلق مصلالحهم‪ ،‬حلتى وإن أضلر‬
‫بمصالح البلد والعباد‪ .‬إن النظر إلللى المشللروعات الصللليبية‬
‫على أنها خطط للفساد ليس نابعا ً فقط من الرؤيللة الدينيللة‪،‬‬
‫بللل هللي إفسللاد حللتى مللن المنظللور القللومي أو الللوطني؛‬
‫فللالقومي أو الللوطني الحقيقللي الللذي يحللرص علللى مصللالح‬
‫قومه ووطنه ويسعى في سبيلها حتى ولو لم يكللن إسلللميًا‪،‬‬
‫سوف يللرى بكللل وضللوح أن الصلللح المريكللي ضللد القللوم‬
‫والوطن؛ لنه في النهاية إذابللة للقللوم والللوطن فللي مسلللخ‬
‫المركللة؛ فللالجري أمللام الصللليبيين وقبللول مللا يللأتون بلله‪،‬‬
‫والستسلم لهم ليس طريقلا ً لمللن شللرهم‪ ،‬بللل هللو طريللق‬
‫ن وعللد الشلليطان ومن ّللى بغيللر ذلللك؛ فل‬ ‫الهلك والللدمار؛ وإ ْ‬
‫ل مللع‬ ‫ينبغي أن نفعل معهم كما فعل بعض المسلمين من قب ُ‬
‫التتار؛ حيث كان التتري يخرج على جماعللة مللن المسلللمين‪،‬‬
‫وليس معه ملا يقتلهلم بله‪ ،‬فيقلول لهلم‪ :‬مكلانكم حلتى آتلي‬
‫بالسيف فأقتلكم! فما يستطيع أحد أن يغادر مكانه‪ ،‬ويظلون‬
‫واقفين في مكانهم ل يبرحونه إلى أن يأتي التللتري بالسلليف‬
‫فيذبحهم به ذبح الشياه؛ وهذا ما ل يرضاه مسلم لنفسه‪ ،‬ول‬

‫‪548‬‬
‫لمته التي شرفها الله ل تعالى ل ل وجعلهللا خيللر أمللة أخرجللت‬
‫للناس‪ ،‬تلك المللة الحاملللة للرسللالة الخاتمللة‪ ،‬والللتي كللانت‬
‫تحرص على الموت في سبيل الله‪ ،‬كما يحرص أعداؤنا على‬
‫جم عرينلله‪،‬‬ ‫الحياة‪ ،‬بل علينا أن نقف وقفة السللد عنللدما ُيهللا َ‬
‫ولسان حالنا قول الشاعر‪:‬‬
‫ولست بمبتاع الحياة بسبة *** ول مرتق من خشللية المللوت‬
‫سلما‬
‫تأخرت استبقي الحياة فلم أجللد *** لنفسللي حيللاة مثللل أن‬
‫أتقدما‬
‫فلسنا على العقاب تللدمى كلومنللا *** ولكلن عللى أقلدامنا‬
‫تقطر الدما‬
‫فل منللاص لنللا أن نللوقن بحتميللة المواجهللة وبقللرب سللاعة‬
‫النللزال‪ ،‬فنسللتعد لللذلك ونتجهللز ونأخللذ الهبللة ونعللد العللدة‬
‫دوا ل َهُللم ّ‬
‫مللا‬ ‫عل ّ‬‫المسللتطاعة‪ ،‬امتثللال ً لقللوله ل ل تعللالى للل‪} :‬وَأ َ ِ‬
‫ن ِبلهِ عَلد ُوّ الّلل ِ‬
‫ه‬ ‫ل ت ُْرهِب ُللو َ‬
‫خْيل ِ‬ ‫ط ال ْ َ‬
‫من ّرَبلا ِ‬ ‫من قُوّةٍ وَ ِ‬ ‫ست َط َعُْتم ّ‬ ‫ا ْ‬
‫م{ ]النفال‪ [60 :‬وإني والللله لمللوقن مللن نصللر الللله‬ ‫وَعَد ُوّك ُ ْ‬
‫للمسلمين ومن هزيمة الكافرين‪ ،‬رغم ما عندهم مللن القللوة‬
‫وفراغ أيدينا من كثير من أدواتها ووسائلها؛ فإن القوم علوة‬
‫على كفرهللم قللد طغللوا وبغللوا وأكللثروا فللي الرض الفسللاد‪،‬‬
‫وأتوا بكل أسباب الخذلن لهم من الله‪ ،‬فاسللتحقوا بللذلك أن‬
‫يكتب الله عليهم الهزيمة والخزي‪.‬‬
‫ولللم يبللق لتحقيللق ذلللك فللي عللالم الواقللع إل أن يحقللق‬
‫المسلمون شروط النصر‪ ،‬حتى يحقق الللله لهللم مللا وعللدهم‬
‫به؛ فإن الله ل يخلف وعده‪ ،‬وإن سنته ل تتبدل‪.‬‬
‫* شروط النصر‪:‬‬
‫ومن شروط النصر‪ :‬أن ننصر الله‪ .‬قال الله ل تعللالى للل‪} :‬إن‬
‫َ‬
‫م{ ]محمد‪ [7 :‬ونصر الله‬ ‫مك ُ ْ‬‫دا َ‬‫ت أقْ َ‬
‫م وَي ُث َب ّ ْ‬‫صْرك ُ ْ‬ ‫صُروا الل ّ َ‬
‫ه َين ُ‬ ‫َتن ُ‬
‫هو نصر دينه وكتابه وسنة نبيه‪ ،‬فأعظم مخللزون اسللتراتيجي‬
‫عند المة هو دينها الذي أعزهللا الللله بلله‪ ،‬وهللو أعظللم سلللح‬
‫تمسكت به‪ ،‬وبتحقيقها له وتمسكها بأحكللامه حققللت النصللر‬

‫‪549‬‬
‫في المعارك الصعبة‪ ،‬وإننا لو فتشنا حياة العللرب كلهللا علللى‬
‫مدى تاريخهم القديم والحديث‪ ،‬لم نكد نجد لهللم مللن نقطللة‬
‫ضللوا علللى ذللك‬ ‫مضيئة إل يلوم أن آمنللوا بلالله ورسللوله‪ ،‬وع ّ‬
‫بالنواجذ‪ ،‬ولول السلم لملا راح العلرب ول جللاؤوا‪ ،‬وللذلك ل‬
‫يمكننا الحديث عن النصللر الكامللل‪ ،‬أو النصللر المسللتقر ل ل ل‬
‫مجرد نصر زائف أو نصللر خللاطف مللؤقت ل ل إل مللع اللللتزام‬
‫بالسلم‪ ،‬والتمسك به‪ ،‬والرجوع إليه‪.‬‬
‫ونحن بحاجة إلى جهود مخلصة مع عزمات الرجللال الشللداء‬
‫لنحقق نصر الله‪ ،‬حتى ينصرنا الله ل تعللالى لل كمللا وعللد مللن‬
‫ينصره بنصرٍ من عنده‪ ،‬ول مجال هنا للتفاصيل‪ ،‬ويكفللي كللل‬
‫دولة من دول المسلمين أن تستعين بمجموعللة مللن العلمللاء‬
‫البارزين المخلصين ل وهم ك ُللثر بحمللد الللله ل ل تعللالى ل ل وهللم‬
‫قادرون بللإذن اللله لل تعللالى لل علللى وضلع الخطلط الجيللدة‪،‬‬
‫والسريعة‪ ،‬والقابلة للتنفيذ في عللالم الواقللع‪ ،‬للعللودة بالمللة‬
‫إلللى دينهللا فللي جميللع المجللالت‪ :‬السياسللية‪ ،‬والقتصللادية‪،‬‬
‫والقضائية‪ ،‬والتربويللة‪ ،‬والجهاديللة‪ ،‬والعلميللة‪ .‬وينبغللي علللى‬
‫الدولة المسلمة أن تعتمد هذا التجللاه؛ فتللذلل أمللام العلمللاء‬
‫الصعوبات التي تعترضللهم‪ ،‬وتمللدهم بمللا يحتللاجون إليلله مللن‬
‫رجال أو مال أو دعم؛ أي يكون هذا المشروع مشلروع دوللة‬
‫ل مشللروع فئة مللن النللاس صللغرت أو كللبرت؛ فللإن الخطللر‬
‫الداهم هو خطر بحجم المة كلها‪ .‬وينبغي أن يكللون التحللدي‬
‫المقابل بالحجم نفسه‪.‬‬
‫ومللن شللروط النصللر‪ :‬التحللاد؛ فللالختلف والتنللازع سللبب‬
‫للهزيمة والجبن والضعف‪ ،‬وإفساد الخطط وضياع الهللداف‪.‬‬
‫والوقت الن ليس وقت حروب داخلية‪ ،‬أو نزاعات بين أقلية‬
‫وأكثريللة‪ ،‬أو بيللن حكومللة ومعارضللة‪ ،‬أو بيللن عللدة اتجاهللات‬
‫سياسية‪ ،‬والوقت يمللر بأسللرع ممللا نتصللور‪ ،‬والعللداد الجيللد‬
‫يتطلب وقتا ً مكافئًا‪ ،‬وخاصة في مثل الوضللاع الللتي نعيشللها‬
‫في ظل البعد عن الفهم واللتزام الحقيقي بالدين؛ فللالحرب‬
‫القادمة تستهدف الجميع‪ ،‬ول تعتد بهذه التفاريق والختلفات‬

‫‪550‬‬
‫التي بين المسلمين‪ ،‬أو بين الحكللام والمحكللومين؛ فللالجميع‬
‫أعداء بالنسبة للصللليبيين‪ ،‬ومللا يظهرونلله مللن اعتللداد ببعللض‬
‫الفرق‪ ،‬أو الجماعات‪ ،‬أو الحكومللات فإنمللا علللى اعتبللار أنهللا‬
‫مرحلة تكتيكيللة تخللدم مخططهللم الكللبير؛ فهللي إذا ناصللرت‬
‫بعضلا ً وأظهللرت لهللم المعاونللة والتأييللد فإنمللا ذلللك لتحقيللق‬
‫أهداف خاصة بهم‪ ،‬كأن تناصر فريقا ً وتمللده بللالعون ليقضللي‬
‫على الفريللق الخللر‪ ،‬وفللي ذلللك إضللعاف للجميللع‪ ،‬أو تناصللر‬
‫المجاهدين للقضاء على عدو مشترك كما حدث في الحللرب‬
‫الفغانيللة الولللى؛ فقللد ناصللرهم الصللليبيون )وإن كللان ذلللك‬
‫حدث بطريق غيللر مباشللر عللبر البللواب الخلفيللة( مللن أجللل‬
‫القضاء على الشيوعيين؛ فلما تم لهم ذلك قلبوا للمجاهللدين‬
‫ظهر المجللن‪ ،‬والللدروس فللي التاريللخ كللثيرة‪ ،‬والواقللع ماثللل‬
‫مشاهد للعيان‪ ،‬ومن ل يعتللبر فللإنه يجنللي ثمللار ذلللك علقم لا ً‬
‫ل‪ ،‬يجنيه على نفسه وعلى قللبيله‪ ،‬فل مسللوغ للختلف‬ ‫وحنظ ً‬
‫بين المخلصين الذين يرجللون رحمللة الللله‪ ،‬ويحرصللون علللى‬
‫مصالح دار السلم؛ فالعدو يستهدف الجميع‪ ،‬ونصر دين الله‬
‫هو عمل الجميللع‪ ،‬وقللد قللال لل تعللالى لل محللذرا ً مللن التنللازع‬
‫ن‬‫صب ُِروا إ ّ‬
‫م َوا ْ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫شُلوا وَت َذ ْهَ َ‬
‫ب ِري ُ‬ ‫عوا فَت َْف َ‬
‫والختلف‪َ} :‬ول ت ََناَز ُ‬
‫ن{ ]النفللال‪ [46 :‬ويعظللم التنللازع‪ ،‬ويكللثر‬ ‫ري َ‬ ‫صللاب ِ ِ‬
‫ملعَ ال ّ‬ ‫الل ّل َ‬
‫ه َ‬
‫الختلف عندما يكون العداء على مشارف البلد‪ ،‬وهذا أمللر‬
‫ل بد أن يللدركه الجميللع‪ ،‬وليللس المطلللوب أن يللدركه فريللق‬
‫بينمللا بقيللة الفرقللاء يغطللون فللي نللوم عميللق‪ :‬ل يهمهللم ول‬
‫يعنيهم غير تحقيق مصلللحة حزبهللم أو جمللاعتهم‪ ،‬بمنظللارهم‬
‫الضيق‪ ،‬تلك المصلحة الحزبيللة أو الفئويللة الللتي ل يمكللن أن‬
‫تستوعب مصلحة المة كلها‪.‬‬
‫ومن شروط النصر‪ :‬إعداد المستطاع من القوة‪ ،‬وقد تعددت‬
‫وسللائل القللوة‪ ،‬واختلفللت صللورتها مللن جيللل إلللى جيللل‪،‬‬
‫والمطلللوب أن يعللد المسلللمون مللا اسللتطاعوا مللن القللوة‬
‫المناسبة لعصرهم‪ ،‬كما جاء المر بذلك في كتاب الله ل ل عللز‬
‫مللن‬ ‫ست َط َعُْتم ّ‬
‫ما ا ْ‬ ‫دوا ل َُهم ّ‬
‫ع ّ‬ ‫وجل ل فقال ل عز من قائل ل‪} :‬وَأ َ ِ‬

‫‪551‬‬
‫م{‬ ‫ن ب ِلهِ عَ لد ُوّ الل ّلهِ وَعَ لد ُوّك ُ ْ‬
‫ل ت ُْرهِب ُللو َ‬ ‫ط ال ْ َ‬
‫خي ْل ِ‬ ‫مللن ّرب َللا ِ‬‫قُ لوّةٍ وَ ِ‬
‫]النفال‪ .[60 :‬إن من فوائد إعداد العدة أنهللا تقللوم بوسلليلة‬
‫الدفاع من حيث ل يللدري المسلللمون؛ فاسللتعداد المسلللمين‬
‫وتحصنهم باللت والوسائل القتالية المناسبة لعصرهم‪ ،‬تلقي‬
‫فللي قلللوب العللداء الللذين ل نعلمهللم أو ل نعلللم بعللداوتهم‬
‫الرعب والخوف‪ ،‬فل يجرؤون على العدوان علينا‪ ،‬ولذلك جاء‬
‫ن‬‫قوله ل تعالى ل بعد الحديث عن إعداد القوة فقال‪} :‬ت ُْرهِب ُللو َ‬
‫م الل ّل ُ‬
‫ه‬ ‫م ل ت َعْل َ ُ‬
‫مللون َهُ ُ‬ ‫دون ِهِل ْ‬
‫مللن ُ‬‫ن ِ‬ ‫ريل َ َ‬‫خ ِ‬
‫م َوآ َ‬ ‫ب ِهِ عَد ُوّ الل ّهِ وَعَلد ُوّك ُ ْ‬
‫مر الللله ل ل تعللالى ل ل بإعللداد مللا‬ ‫م{ ]النفللال‪ [60 :‬ف لأ ْ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫مه ُ ل ْ‬
‫يستطاع من القوة‪ ،‬يعني أن المسلمين مكلفللون بللذلك‪ ،‬وأن‬
‫التهللاون أو التفريللط فيلله يعرضللهم لعقللاب الللله تعللالى‪ ،‬بللل‬
‫عليهللم أن يبللذلوا جهللدهم مللا اسللتطاعوا وأن يسللتفرغوا‬
‫وسعهم‪ ،‬ثم بعد ذلك يقال‪» :‬ل يكلف الله نفس لا ً إل وسللعها«‬
‫أي ل يكلفها ما تعجز عنه‪ ،‬أو مللا ل يمكنهللا فعللله إل بمشللقة‬
‫شديدة‪ ،‬تخرج عن حد الوسع والطاقة‪ ،‬وغير ذلللك فإنمللا هللو‬
‫التهاون والتخاذل‪.‬‬
‫وفللي واقعنللا المعاصللر يمكننللا أن نحللدد أربللع مجللالت مللن‬
‫مجالت إعداد القوة‪:‬‬
‫ل‪ :‬المجال التربوي‪ :‬فإن المجتمعات تقاس قوتها اليوم بما‬ ‫أو ً‬
‫لديها من نظم تربويللة وتعليميللة قللادرة علللى إعللداد الجيللال‬
‫وتهيئتها‪ ،‬وفق عقيدة المجتمع وثقافته‪ .‬وعلينا نحللن فللي هللذا‬
‫المجال أن نعتني بالتربية في الجانب الشللرعي اللتي تحفلظ‬
‫علينا ديننللا‪ ،‬كمللا نعتنللي بللالتعليم فللي الجللانب التقنللي الللذي‬
‫يمكننا من مواكبة العصللر وعللدم التخلللف عنلله‪ ،‬مللن غيللر أن‬
‫ينفي أحلدهما الخلر؛ إذ ل تعللارض بيللن المريللن؛ فللإن تعلللم‬
‫المعارف الدنيوية التي تحتاج إليهللا المجتمعللات مللن فللروض‬
‫الكفايللات‪ ،‬كمللا بّيللن ذلللك أهللل العلللم‪ ،‬ونصللوا عليلله فللي‬
‫مصنفاتهم‪ ،‬والنسان ينبغي له أن يتخصص في جانب بعد أن‬
‫يكون قد حصل المور الساس في بقية الجوانب‪ ،‬كما أن ما‬
‫عللرف بلل »سياسللة تجفيللف المنللابع« أي منللابع التللدين فللي‬

‫‪552‬‬
‫المجتمعللات السلللمية والللتي اعتمللدتها بعللض المؤسسللات‬
‫الحاكمة‪ ،‬ل تكون إل معول ً من معاول الهدم في يللد العللداء‪،‬‬
‫وضوا صللروحنا‪ ،‬ويسللتولوا علللى ديارنلا‬ ‫كي يهدموا بنياننا‪ ،‬ويق ّ‬
‫ن فهم الدين الفهم الصحيح‪ ،‬والعمل بله‪ ،‬واللدعوة‬ ‫وثرواتنا‪ .‬إ ّ‬
‫مام‬‫صل َ‬
‫إليه على بصيرة‪ ،‬وإزالة كل ما يعارضه ويخللالفه‪ :‬هللو ِ‬
‫المان للمجتمعات في داخلها وخارجها‪ .‬إن الللدين هللو الللذي‬
‫ُينشئ مجاهدين أقوياء شجعانا ً ومقاومين‪ ،‬لهللم بللأس شللديد‬
‫أمللام عللدو السلللم والمسلللمين‪ ،‬وإن العنايللة بللالتعليم فللي‬
‫الجانب التقني تجعل أبناءنا يحوزون خبرات ومعارف العصر‪،‬‬
‫حتى يمكن لنا أن نقيم مصانعنا بأيدينا‪ ،‬وننتج ما نحتللاج إليلله‪،‬‬
‫فل نكون عالة على غيرنا‪ ،‬حتى نسللتورد منهللم أتفله الشللياء‬
‫في بعض الحيان‪ ،‬بحجة رخص ثمنها وجودة صناعتها‪ ،‬ومللتى‬
‫يمكن لنا أن نتقدم في هذا المجال إذا ظللنللا نعتمللد سياسللة‬
‫ن من أهم ما ينبغي أن نحرص عليلله فللي مجللال‬ ‫الستيراد‪ ،‬إ ّ‬
‫التقنية أن تكون بلدنا قادرة على إنتاج سلحها الللذي تحمللي‬
‫به نفسللها ورعاياهللا‪ ،‬فتحمللي بللذلك البلد والعبللاد مللن بللأس‬
‫الكافرين وظلمهم‪ ،‬وليس من المعقول أو المقبللول أن تنتللج‬
‫كثير مللن الللدول علللى اختلف مللهللا النصللرانية‪ ،‬واليهوديللة‪،‬‬
‫والبوذية‪ ،‬وعباد البقر والوثن‪ ،‬كثيرا ً من أسلحتها الللتي تحتللاج‬
‫إليها لتحقيق أهدافها ولحماية أراضيها‪ ،‬بينما يقف المسلمون‬
‫وحدهم يتسولون السلح‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬المجللال التثقيفللي‪ :‬وهللذا دور وسللائل العلم الملتزمللة‬
‫بعقيللدة بلللدها وثقافللة أمتهللا؛ حيللث تقللوم بتثقيللف العبللاد‬
‫وتبصلليرهم؛ ببيللان الحقللائق‪ ،‬وكشللف مخططللات العللداء‬
‫وأساليبهم‪ ،‬ومن يجاريهم ويسير في دربهم وعلى منللاهجهم‪،‬‬
‫حتى تتكون لدى عامللة المسلللمين ثقافللة المناعللة والمتنللاع‬
‫أمللام الغللزو الفكللري‪ ،‬ل أن تكللون تلللك الوسللائل هللي رأس‬
‫الحربة‪ ،‬والجسر الللذي تعللبر عليلله كللل الفلسللفات الباطلللة‪،‬‬
‫والخلق الهادمللة؛ فللالعلم ل بللد أن يعللد نفسلله هللو رأس‬
‫الحربة والجسر الذي يعللبر عليلله المسلللمون لفهللم واقعهللم‬

‫‪553‬‬
‫على الوجه الصحيح‪ ،‬وفهم أعدائهم وخططهم وطرقهم‪ ،‬وأن‬
‫يحصنهم ضد كثير من أفكارهم الللتي تتنللاثر عللبر الفضللائيات‬
‫وشلللبكات النلللترنت تنلللاثر الهلللوام؛ لن تنلللويم الشلللعوب‪،‬‬
‫وإشعارها بالطمأنينللة الكاذبللة‪ ،‬وعللدم إطلعهللا علللى حقيقللة‬
‫تربص العداء بها‪ ،‬ل يصب إل في مصلحة العدو‪ ،‬بل يعد ذلك‬
‫نوعا ً من مشاركة العدو في استهدافهم لبلدنا‪ .‬وللو أردنللا أن‬
‫نحللدد للعلم أهللدافا ً يجللول مللن خللهللا‪ ،‬وهللو يقللوم بللدوره‬
‫العلمي لقلنا‪ :‬إن على العلم أن يعمل على بيان الحقللائق‬
‫وتوضللليحها‪ ،‬وخاصلللة المتعلقلللة بعلقلللة الغلللرب بالسللللم‬
‫والمسلمين‪ ،‬وتوحيد قوى المللة كافللة‪ ،‬وإزالللة مللا بينهللا مللن‬
‫فرقللة واختلف‪ ،‬أو شللحناء‪ ،‬وإشللاعة الللتراحم بيللن النللاس‪،‬‬
‫وحثهللم علللى التعللاون والتكامللل‪ ،‬وشللحذ الهمللم نحللو البللذل‬
‫والعطاء‪ ،‬والجهاد فللي سللبيل الللله؛ فمللن خلل العمللل علللى‬
‫تحقيق هذه الهداف يقوم العلم برسالته العلمية‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬المجال القتصادي‪ :‬صار القتصاد اليوم من أهم عناصر‬
‫القوة‪ ،‬لذلك كانت تقوية القتصاد في بلد المسلللمين تقويللة‬
‫للمة في معركتها المفروضة عليها من أعدائها‪ ،‬وأول خطوة‬
‫في تقوية القتصاد هو اجتنللاب الربللا اجتنابلا ً كللامل ً تاملًا؛ لن‬
‫أصحاب الربللا مخللذولون غيللر منصللورين؛ إذ الربللا والخللذلن‬
‫َ‬
‫من ُللوا‬
‫نآ َ‬ ‫قرينان‪ ،‬وقد آذنهم الله بالحرب فقال‪َ} :‬يا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن * َفإن ّللل ْ‬
‫م‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ن الّرَبا إن ُ‬ ‫م َ‬‫ي ِ‬ ‫ه وَذ َُروا َ‬
‫ما ب َِق َ‬ ‫ات ُّقوا الل ّ َ‬
‫ْ‬
‫ه{ ]البقللرة‪- 278 :‬‬ ‫ن الل ّلهِ وََر ُ‬
‫سللول ِ ِ‬ ‫مل َ‬
‫ب ّ‬ ‫ح لْر ٍ‬‫ت َْفعَُلوا فَ لأذ َُنوا ب ِ َ‬
‫‪...[279‬اليات؛ فمتى ُينصر من يحللاربه اللله ورسلوله؟ وقلد‬
‫ل‬‫بّين الله ل تعالى ل أن الربا ل فائدة فيه‪ ،‬وأن عاقبته إلى ُقلل ّ‬
‫ه الّرب َللا{ ]البقللرة‪:‬‬ ‫ح لقُ الل ّل ُ‬ ‫م َ‬‫وإن كثر؛ كما قال ل تعالى للل‪} :‬ي َ ْ‬
‫‪ .[276‬ومن ذلك أيضا ً نشر ثقافة السللتهلك الرشلليدة الللتي‬
‫تهدف إلى الحصول علللى الحتياجللات مللن غيللر إسللراف‪ ،‬أو‬
‫توسع في الكماليات‪ ،‬وزيادة النتاج‪ ،‬وتجويده وتنللويعه‪ ،‬حللتى‬
‫يغطللي أكللثر احتياجللات السللوق المحليللة؛ ممللا يحفللظ قللوة‬
‫العملللة‪ ،‬وقللدرتها فللي السللواق الماليللة‪ ،‬والسللتغناء عللن‬

‫‪554‬‬
‫الستيراد في كثير من المور إل ما ل بد منلله‪ ،‬والعمللل علللى‬
‫أن يكللون لللدينا فللائض مللن إنتاجنللا‪ ،‬نصللدره لضللمان قللوة‬
‫اقتصادنا؛ وهذه بل شك أمور ل تتم بالمللاني والرغبللات‪ ،‬بللل‬
‫هي في حاجة إلى تخطيط جيد مللن عللدة نللواٍح‪ ،‬وليللس فللي‬
‫هذا مشكلة؛ إذ المخططون الكفللاء موجللودون‪ ،‬والمطلللوب‬
‫الن الستعانة بهم‪ ،‬وعدم تهميشهم‪ ،‬والعمل بما يشيرون به‬
‫فللي هللذا المجللال‪ ،‬وقللد جربللت أمتنللا كللثيرا ً مللن الخطللط‬
‫القتصادية‪ ،‬سواء ما ينتمي إلى الفكر الغربي الرأسمالي‪ ،‬أو‬
‫الفكر الشرقي الشيوعي أو الشتراكي‪ ،‬ولم تجللن مللن وراء‬
‫ذلك تقدما ً أو تحسللنًا‪ ،‬بللل الوضللاع القتصللادية تللزداد سللوءا ً‬
‫بمرور اليام؛ فهذه الديون على الدول قد زادت زيادات غيللر‬
‫معقولة‪ ،‬حتى إنها لو وزعللت علللى أفللراد بعللض الللدول ذات‬
‫التعداد الكبير لكانت كل نفس فيها )حللتى الطفللال الرضللع(‬
‫مدينة بعدة آلف من الدولرات‪ ،‬ولللم يبللق للللدول إن أرادت‬
‫الخيللر إل أن تبحللث عللن الخطللط الللتي تنطلللق مللن الفهللم‬
‫السلمي للقتصللاد‪ ،‬وهللم مللدعوون إلللى ذلللك مللن منطلللق‬
‫ل‪ :‬لن هذا هو الفرض عليهم‪ ،‬ومللدعوون إليلله ثاني لًا‪:‬‬ ‫الدين أو ً‬
‫من قَِبل الدنيا؛ لنه هو الكفيل بتحقيق الحياة السعيدة بعيللدا ً‬
‫عن الحياة التعيسة البئيسة‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬المجال العسكري‪ :‬وهو أشهر مظاهر القوة وأصرحها‪،‬‬
‫وعليلله يقللع عبللء كللبير‪ ،‬لكنلله إذا لللم تسللانده المجللالت‬
‫المتقدمة؛ فإن فعاليته تكون ضعيفة‪ ،‬والناس تنقسم في هذا‬
‫المجال إلى عسكريين ومدنيين‪ ،‬لكن هذا التقسيم إنما ينظر‬
‫إليلله عنللد جهللاد الطلللب‪ ،‬أمللا عنللد الللدفاع عللن الحرمللات‬
‫والحريللم‪ ،‬والعيللال والللديار؛ فللإن الجميللع مللن عسللكريين‬
‫ومدنيين يطالبون بللذلك‪ ،‬ول أثللر لللذلك التفريللق علللى تللوجه‬
‫الطلب للجميع‪ .‬واستعدادا ً للجولة القادمة التي يفرضها علينا‬
‫أعداؤنا في تللك الظللروف‪ ،‬وحللالت الضلعف الللتي تمللر بهللا‬
‫المة‪ ،‬فإنه ينبغللي علينللا أن نقللوم بتللدريب الجيللوش تللدريبيا ً‬
‫حسنًا‪ ،‬وأن نمدها بالسلحة الحديثة المتقدمة المتطورة‪ ،‬مللع‬

‫‪555‬‬
‫إجراء المناورات المتعددة واختبار القدرات‪ ،‬وربط ذلللك كللله‬
‫بالجللانب العقللدي فللي المحافظللة علللى الللدين‪ ،‬وحمايللة دار‬
‫السلللم‪ ،‬وشللحن العسللكر شللحنا ً إيماني لا ً عللن طريللق جهللاز‬
‫التوجيه الديني المعللاون للجيللوش‪ .‬وإذا كللانت الجيللوش بمللا‬
‫لديها من أسلحة قديمة وغير متطورة‪ ،‬ل تستطيع بعللد بللذلها‬
‫لما يمكن بذله من النفوس أن تحقق التفوق والتغلللب علللى‬
‫أسلللحة العللداء؛ فللإن هنللاك مللن أنللواع الخطللط العسللكرية‬
‫)التكتيك( التي يمكن اتباعهلا‪ ،‬واللتي يمكلن أن توقلع بالعلدو‬
‫خسائر جسيمة ل يستطيع تحملهللا مللع طللول أمللد المعركللة‪،‬‬
‫وهذه الخطط تعتمد علللى حرمللان العللدو مللن القللدرة علللى‬
‫استعمال السلح الكللثر تطللورًا‪ ،‬والللذي ل يملكلله أحللد غيللره‬
‫سللوى حلفللائهم؛ فللإذا أمكللن تحييللد هللذه السلللحة بللالطرق‬
‫المعروفة في الفنون العسكرية‪ ،‬صارت المعركة بيننللا وبيللن‬
‫أعدائنا تعتمد في أغلب جوانبها على السلح التقليللدي الللذي‬
‫يمكننللا صللناعته‪ ،‬أو الحصللول عليلله بطللرق كللثيرة مللن خلل‬
‫المنافذ المتعددة‪ .‬وهنا يظهللر تللأثير الجنللدي القللوي المللؤمن‬
‫بقضيته وحقه‪ ،‬بل واجبه في الدفاع عن دينه وأمتلله ووطنلله‪،‬‬
‫ومع العداد اليماني لجنودنا‪ ،‬إضافة إلللى العلداد العسلكري‬
‫الجيد‪ ،‬فإن النصر في صفنا بإذن الله‪ ،‬ولللن نخسللر المعركللة‬
‫أبدا ً من قَِبل نقص السلح والعتاد‪ ،‬وإنما تللأتي الخسللارة مللن‬
‫قَِبل ضعف العزيمة والللوهن الللذي يصلليب النفللوس‪ ،‬برغبتهللا‬
‫فللي الحيللاة‪ ،‬وتغليللب العيللش الللذليل علللى عللز الجهللاد‬
‫والستشهاد‪ ،‬وقد أثبتت الخبرة المكتسبة مللن عللدة حللروب‪،‬‬
‫مللن آخرهللا الحللرب الللدائرة فللي العللراق الن بيللن المحتللل‬
‫الصليبي وبين أهلل البللد المقلاومين؛ أن السللحة التقليديللة‬
‫قادرة ل بإذن الله لل علللى فعللل العللاجيب‪ ،‬وإيقللاع الخسللائر‬
‫البالغللة بأصللحاب القللوة العظمللى‪ ،‬وهللذا يسللتلزم مللن دول‬
‫المسلمين‪ ،‬وهي تخشى على نفسها من عدوان العدو الغادر‬
‫الذي ل يقيم وزنا ً لي شيء إل ما وافق مصلحته الذاتيللة‪ ،‬أن‬
‫تقوم بتدريب فئة قوية ملن الشلعب )تلتراوح أعمارهلا غالبلا ً‬

‫‪556‬‬
‫بيللن العشللرين والربعيللن( علللى مختلللف السلللحة إلللى حللد‬
‫التقان‪ ،‬مع تكديس الكثير من هللذه السلللحة وذخيرتهللا فللي‬
‫مخازن عدة متفرقللة فللي أمللاكن مختلفللة علللى طللول البلد‬
‫وعرضها‪ ،‬بالضافة إلى تمكين الشللعوب مللن الحصللول عللى‬
‫ذلللك السلللح عنللد قللرب اقتحللام العللداء لحللدود البلد‪ ،‬مللع‬
‫تنظيم تلك المجموعات الشللعبية‪ ،‬وترتيبهللا وتعويللدها العمللل‬
‫الجماعي المنضبط‪ ،‬مع ما يتبع ذلك من تأمين وسائل اتصال‬
‫جيدة بين تلك المجموعات‪ ،‬وغير ذلللك ممللا ُيحتللاج إليلله فللي‬
‫ذلللك‪ ،‬وهللو مللا يعرفلله العسللكريون بصللورة أكمللل وأشللمل‪،‬‬
‫وينبغللي أن نجهللز ذلللك مللن الن قبللل أن يللدهمنا العللدو‪ ،‬فل‬
‫نملك التجهيز والعداد إل والعللدو فللوق رؤوسللنا؛ فللإن المللر‬
‫أعجللل ممللا نتصللور بكللثير‪ ،‬وليللس يمنللع أعللداؤنا مللن هللذه‬
‫الخطوة إل عدم قدرتهم العسللكرية علللى إشللعال أكللثر مللن‬
‫حرب في أماكن متعددة‪ ،‬وخاصة بعد الصللمود غيللر المتوقللع‬
‫من المقاومين العراقيين‪ ،‬ولو أن العراقيين س لّلموا مللن أول‬
‫أمرهم‪ ،‬ولم يقاوموا بل استقبلوا ذلك بالتسليم والتاييد لتغير‬
‫التاريخ والجغرافيا في منطقة الشرق الوسط بأكملها‪.‬‬
‫إن المستقرئ للحداث يدرك أن أحداث الحللادي عشللر مللن‬
‫سبتمبر ليست هي المحرك الوحيد لما تلها من أحداث‪ ،‬وإن‬
‫حللاول الصللليبيون أن يروجللوا ذلللك‪ ،‬ولكنهللا كللانت الظللرف‬
‫الفضل الذي يمكن من خلله عمللل مللا جللرى التخطيللط للله‬
‫منذ زمن‪ .‬إن أمريكا بعد انهيار توازن الرعب بانهيللار التحللاد‬
‫السوفييتي اشرأب عنقها نحو السيطرة الفعلية على العالم‪،‬‬
‫وإن هذا قد جرى التخطيط له منذ فترة رئاسة )ريجان(‪ ،‬بللل‬
‫قبل ذلك‪ ،‬ولكننا نحن الذين لم نتفطن لللذلك ولللم ننتبلله للله‪،‬‬
‫وكان ينبغي علينا أن نحسب لهذه اليام حسابها‪ ،‬وأن نعد لها‬
‫العدة‪ ،‬فإن الذي يبدأ بالضربة الولى هللو الللذي يملللك زمللام‬
‫المللر لفللترة تطللول أو تقصللر بحسللب قللوته‪ ،‬واسللتعداده‪،‬‬
‫وبحسب قوة الخصم‪ ،‬واستعداده لستيعاب الضللربة الولللى‪،‬‬
‫ول شك أن الذي يكون في وضع الدفاع يفقد جزءا ً من قوته‬

‫‪557‬‬
‫مع الضربة الوللى‪ ،‬وتتوقلف اسلتعادته لتللوازنه عللى قلدرته‬
‫وتدريبه على مثللل تلللك المواقللف‪ ،‬وكيفيللة مواجهتهللا ووضللع‬
‫ن كنلا للن نضلرب الضلربة‬ ‫الخطلط المناسلبة لهلا‪ ،‬ونحلن وإ ْ‬
‫الولى لعدم استطاعتنا لذلك‪ ،‬بل سنظل ننتظر الضربة التي‬
‫تقع علينا؛ فما زال في الوقت فسحة ولو قصيرة للمخلصين‬
‫للتخطيللط لتلقللي الضللربة الولللى‪ ،‬وكيفيللة العمللل علللى‬
‫إفسادها‪ ،‬ومن ثم العمل على إيقللاف تلللك الهجمللة الللتي للو‬
‫قدر لها أن تنجح فلن تبقي ولن تللذر‪ ،‬وسلليتحول المسلللمون‬
‫الطاهرون عندها إلى رعاة خنازير عند عبللاد الصللليب‪ .‬وبع لد ُ‬
‫فنحن هنا لسنا دعاة حرب‪ ،‬بللل فللي حالللة دفللاع عللن الللدين‬
‫والنفس والمال والعرض‪ ،‬وكلها من الضروريات‪ ،‬ولسنا فللي‬
‫حالة هجوم؛ فنحن ل نخطللط للللذهاب إلللى بلدهللم وديللارهم‬
‫ومهاجمتهم‪ ،‬وإنما نللدعو أمتنللا للتخطيللط مللن أجللل الحفللاظ‬
‫على ديننا وديارنا وأهلينللا وثرواتنللا‪ ،‬وليللس فللي هللذا عللدوان‬
‫على أحد‪ ،‬وإنما هو محاولة لرد العدوان‪ ،‬ومحاولة لزجر مللن‬
‫تسول له نفسه أن يقترب من حياضنا؛ حتى يعلللم أننللا لسللنا‬
‫مّرة‬ ‫لقمة سائغة يسهل ابتلعها وهضمها‪ ،‬بل يدرك أننا لقمة ُ‬
‫يصللعب ابتلعهللا‪ ،‬وأنلله لللن يشللعر بالسللعادة أبللدا ً إذا حللاول‬
‫ابتلعها‪ ،‬بل سيجدها أشواكا ً ضخمة في حلقه مثللل الكلليللب‬
‫َ‬
‫ن ب َعْ لد ُ‬‫ملل ْ‬‫ل وَ ِ‬‫من قَب ْ ُ‬‫مُر ِ‬ ‫تسد حلقه‪ ،‬حتى تقضي عليه‪} ،‬ل ِل ّهِ ال ْ‬
‫شللاُء{‬ ‫مللن ي َ َ‬ ‫صللُر َ‬ ‫صللرِ الّلللهِ َين ُ‬‫ن * ب ِن َ ْ‬
‫مُنللو َ‬ ‫ح ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫مئ ِذٍ ي َْفللَر ُ‬
‫وََيللوْ َ‬
‫]الللروم‪ .[5 - 4 :‬وإنللي أرى أن تقللوم الن فللي كللل دولللة‬
‫مسلمة هيئة هدفها العللام إعللداد الدولللة للمواجهللة والجولللة‬
‫القادمة‪ ،‬وهي هيئة حكومية أو مدعومة من الحكومة تتعللاون‬
‫فيهللا وزارات الللدفاع‪ ،‬والللدعوة‪ ،‬أو الوقللاف‪ ،‬والتعليللم مللع‬
‫مجموعة من الكفاءات الشعبية‪ ،‬ومن أول مللا ينبغللي القيللام‬
‫به من هذه الهيئة أن تطلع الشعوب على ما يراد بهللم؛ فللإن‬
‫عدونا لم يعد اليوم يخشى من التصريح بمللا يريللد فعللله فللي‬
‫ديار المسلمين‪ ،‬فألفاظهم صريحة محللددة‪ ،‬ومباشللرة ليللس‬
‫فيها تورية؛ فل بللد مللن إطلع أمتنللا علللى ذلللك‪ ،‬حللتى تكللون‬

‫‪558‬‬
‫لديهم البصيرة بما يراد بهم‪ ،‬وماذا يريد هؤلء منهم‪ ،‬وحتى ل‬
‫ينخدعوا ببعض ما قد تبثه وسائل العلم التابعة‪ ،‬أو المواليللة‬
‫لهم‪ ،‬ولست أتمنى أن يأتي اليوم الللذي يقللف فيلله النسللان‪،‬‬
‫كما وقف الشاعر العربي قديما ً بعدما نصح قومه بالستعداد‬
‫للعدو فأهملوا نصحه‪ ،‬حتى فجأهم العللدو ضللحى علللى حيللن‬
‫غرة‪ ،‬فحصل لهم ما حصل من الهزيمللة والخسللران؛ فوقللف‬
‫الشاعر وقال‪:‬‬
‫منَعلَرج الّللوى *** فلللم يسللتبينوا النصللح إل‬ ‫م أمللري ب ُ‬‫أمرت ُُهل ُ‬
‫ضحى الغدِ‬
‫أسأل الله ل تعالى ل أن يوفقنا وأمتنا‪ ،‬وأن يحفظ علينللا ديننللا‬
‫وأمننا‪ ،‬وأن يرد كيد عدونا في نحره‪.‬‬
‫==============‬
‫‪#‬فقه النوازل في العبادات‬
‫القسم الثاني‬
‫) الزكاة (‬
‫من إلقاء الشيخ‪:‬‬
‫أ ‪ .‬د ‪ /‬الدكتور ‪ :‬خالد بن علي المشيقح‬
‫اعتنى بها‪:‬‬
‫أبو معاذ‪ /‬محمد عمر ليامين فيصل محمد الصعيدي‬
‫نسخة مصححة ومفهرسة‬
‫‪m‬‬
‫إن الحمد لله أحمده وأسللتعينه واسللتغفره وأعللوذ بللالله مللن‬
‫شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فل مضل له‬
‫ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أل إله إل الللله وأن محمللدا ً‬
‫عبده ورسوله ‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك علما ً نافع لا ً ورزق لا ً حلل ً طيب لا ً واسللعا ً وعمل ً‬
‫متقبل ً ‪ ،‬اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد ‪.‬‬
‫أيهللا الحبللة ‪ :‬نحللن فللي أول درس مللن دروس هللذه الللدورة‬
‫ن بلله علينللا‬‫المباركة نحمد الله عز وجل ونشكره على مللا مل ّ‬
‫مللن هللذه العلللوم والللدروس ‪ ،‬فللإن تعلللم العلللوم مللن أجللل‬

‫‪559‬‬
‫ضللى بلله الللدقائق‬ ‫العبللادات وأفضللل القربللات وخيللر مللا ت َُق ّ‬
‫والساعات ‪.‬‬
‫وفضللل العلللم وأجللره كللبير والثللار فللي ذلللك كللثيرة جللدا ً‬
‫متضافرة ل تخفى على الجميع ولهذا قال ابن المبارك رحمه‬
‫الله تعالى ‪ » :‬ل أعلم مرتبللة بعللد مرتبللة النبللوة أفضللل مللن‬
‫تعلم العلم وتعليمه «‪.‬‬
‫وقال المام أحمد رحمه الله تعالى‪ »:‬العلللم ل يعللدله شلليء‬
‫لمن صحت نيته ‪ ،‬قيل ‪ :‬وكيف تصح النيللة ؟ قللال ‪ :‬أن ينللوي‬
‫أن يرفع الجهل عن نفسه وعن غيره «‪.‬‬
‫وأهنئ الخوة الذين يحرصون على تقضللية لحظللات عمرهللم‬
‫وأنفاسللهم فللي مثللل هللذه المجللالس المباركللة الللتي تحفهللا‬
‫الملئكة وتغشاها السكينة وتنزل عليها الرحمة ‪.‬‬
‫وتواصل ً للدورة السابقة فإننا في الدورة السللابقة فللي مثللل‬
‫هذا الوقت من العام الماضي كنا شلرعنا فلي دراسلة جمللة‬
‫من النوازل المتعلقلة بكتلاب الطهلارة ثلم أخللذنا جمللة ملن‬
‫النوازل المتعلقة بالصللة ‪ ،‬وتوقفنلا عللى ملا يتعللق بنلوازل‬
‫الزكاة وسنجتهد إن شاء الله خلل هذه الدروس السللتة فللي‬
‫جمع شيء من المسائل والنوازل المتعلقة بالزكاة ‪.‬‬
‫فهناك نوازل كثيرة تتعلق بأحكام الزكاة مثل ما يتعلق بزكاة‬
‫السندات وزكاة السهم وزكاة خدمة نهاية السنة ومللا يتعلللق‬
‫باستثمار أموال الزكاة من قَِبل المالك هل للله أن يسللتثمرها‬
‫وأن يضللارب فيهللا وأن يللبيع ويشللتري ؟ وأيضللا ً مللا يتعلللق‬
‫باستثمار أموال الزكاة من قَِبل المام العظم هل له ذلك أو‬
‫ليس له ذلك ؟ وكذلك ما يتعلق بزكاة الموال المحرمة مثل‬
‫أموال الربا ومثل أموال الميسر ‪ ،‬هل تجب فيها الزكللاة أو ل‬
‫تجب فيها الزكاة ؟ ومثل ما يتعلق بالوراق النقدية وما قللدر‬
‫النصللاب فللي الوراق النقديللة ؟‪ .‬ومثللل مللا يتعلللق بزكللاة‬
‫الرواتب الشهرية التي يلبسها كثير من الناس اليوم ‪.‬‬
‫ت كثيرا ً منها وسنطرح إن شاء الللله‬ ‫جمع ُ‬ ‫فهذه مسائل كثيرة َ‬
‫هذه المسائل حسب ما يسمح به الوقت ‪.‬‬

‫‪560‬‬
‫قبل أن نبدأ بطرح هذه المسائل سنعرف النوازل فللي اللغلة‬
‫والصللطلح ثللم بعللد ذلللك نقللوم بتعريللف الزكللاة فللي اللغللة‬
‫والصطلح ثم سنذكر حكم الزكاة وبيان مكانتها في السلم‬
‫حكمها أو شيئا ً من حكمها كمقدمة لموضوعنا ثم بعللد ذلللك‬ ‫و ِ‬
‫نشرع بدراسة النوازل المتعلقة بأحكام الزكاة ‪.‬‬
‫تعريف النوازل‬
‫النوازل في اللغة ‪:‬جمع نازلة وهي اسم فاعل وتطلللق علللى‬
‫المصيبة الشديدة من شدائد الدهر التي تنزل بالناس ‪.‬‬
‫وأما في الصلطلح ‪ :‬اختللف المتللأخرون فلي تعريفهللا عللى‬
‫عدة تعريفات ‪:‬‬
‫فقيل ‪ :‬أنهللا الوقللائع الجديللدة الللتي لللم يسللبق فيهللا نللص أو‬
‫اجتهاد ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬بأنها الحادثة الجديدة التي تحتاج إلى حكم شرعي ‪.‬‬
‫وقيل ‪ :‬الحادثة التي تحتاج إلى حكم شرعي ‪.‬‬
‫وهناك تعريفات أخرى لكن نكتفي بهذه التعريفات الثلثة ‪.‬‬
‫وأقللرب هللذه القللوال ‪ :‬أن النازلللة فللي الصللطلح ‪ " :‬هللي‬
‫الحادثة الجديدة التي تحتاج إلى حكم شرعي " ‪.‬‬
‫جد ّ من الوقائع والمسائل‬ ‫فقولنا ‪ ":‬الحادثة الجديدة " أي ما ي َ ِ‬
‫التي تستدعي إلى بيان حكمها الشرعي بالجتهللاد عنللد أهللل‬
‫العلم ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ ":‬التي تحتللاج إلللى حكللم شللرعي " ُيخللرج الحللوادث‬
‫الجديلدة اللتي ل تحتلاج إللى حكلم شلرعي مثلل اللبراكين ‪،‬‬
‫والزلزل ‪ ،‬والفيضانات ‪ .‬فهذه حوادث جديدة لكنها من أقدار‬
‫الله الكونية القدرية ومثل هللذه ل ينظللر فيهللا المكلللف فيمللا‬
‫يتعلق بحدوثها هل يحتاج إلى حكم شرعي أو ل يحتاج ‪.‬‬
‫وقولنا ‪ ":‬التي تحتللاج إلللى حكللم شللرعي " يخللرج الحللوادث‬
‫التي استقر فيها الرأي واتفق على حكمها ‪.‬‬
‫تعريف الزكاة‬
‫الزكاة في اللغة ‪ :‬تطلق على معاني منها ‪ :‬النماء والزيادة و‬
‫التطهير و المدح ‪.‬‬

‫‪561‬‬
‫أما في الصطلح ‪ :‬هي إخراج نصيب مقدر شللرعا ً فللي مللا ٍ‬
‫ل‬
‫معين لصناف مخصوصة على وجه مخصوص ‪.‬‬
‫حكم الزكاة‬ ‫ُ‬
‫تعتبر الزكاة الركن الثالث مللن أركللان السلللم ‪ ،‬وقللد قرنهللا‬
‫الللله عللز وجللل فللي كتللابه بالصلللة فيمللا يقللرب مللن اثنللتين‬
‫وثمانين موضعا ً ‪.‬‬
‫والدلة عليها كثيرة جدا ً من كتاب الللله وسللنة رسللوله ‪ r‬مللن‬
‫ذلك‪:‬‬
‫صل َةَ َوآُتوا ْ الّز َ‬ ‫َ‬
‫ة? ‪.‬‬
‫كا َ‬ ‫موا ْ ال ّ‬
‫* قوله تعالى ‪â :‬وَأِقي ُ‬
‫* حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين أن النللبي‬
‫‪ r‬قال ‪ »:‬بني السلم علللى خمللس ‪ :‬شللهادة أل إللله إل الللله‬
‫وأن محمللدا ً رسللول الللله ‪ ،‬وإقللام الصلللة ‪ ،‬وإيتللاء الزكللاة ‪،‬‬
‫وصوم رمضان ‪ ،‬وحج البيت لمن استطاع إليه سبيل ً ( )‪.(1‬‬
‫* وأجمع المسلمون على فرضيتها )‪.(2‬‬
‫حكم تارك الزكاة‬ ‫ُ‬
‫من ترك الزكاة ل يخلو من أمرين ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬أن يتركها جاحدا ً لوجوبها نقللول هللذا كللافر لنلله‬
‫مكذب لله ولرسوله ‪ r‬ولجماع المسلللمين حيللث دل الكتللاب‬
‫ودلت السنة على أن الزكاة فرض والمسلمون أجمعوا على‬
‫فرضيتها ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬أن يتركها بخل ً وكسل ً فهل هذا يكفر أو ل يكفر‬
‫؟ هذا موضوع خلف بين أهل العلم رحمهم الله ‪.‬‬
‫أكثر العلماء على أنه ل يكفر وهذا القول هو الصللواب ويللدل‬
‫لذلك ما ثبت في صللحيح مسلللم أن النللبي ‪ r‬لمللا ذكللر تللارك‬
‫الزكاة وذكللر عقللوبته فللي الخللرة قللال النللبي ‪ »: r‬ثللم يللرى‬
‫سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار «‪.‬‬
‫حكم الزكاة‬ ‫ِ‬
‫حكم كثيرة ومقاصد شرعية كبيرة منها ‪:‬‬ ‫الزكاة لها ِ‬
‫‪ -1‬التعبد لله ‪ U‬بإخراج هذا النصيب من المال ‪.‬‬

‫‪562‬‬
‫‪ -2‬الستجابة لمر الله ولمر رسوله ‪ ، r‬كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫صل َةَ َوآُتوا ْ الّز َ‬ ‫َ‬
‫ة? ‪ ،‬وكذلك كما تقدم من حديث‬ ‫كا َ‬ ‫موا ْ ال ّ‬ ‫‪ â‬وَأِقي ُ‬
‫ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ‪.‬‬
‫‪ -3‬شكر الله ‪ U‬على نعمة المال ‪ ،‬فللإن الللله ‪ U‬أنعللم عليللك‬
‫بهذا المال فمن حكم الزكاة ومقاصللدها أن تشللكره بللإخراج‬
‫جزء من هذا المال لهله المسللتحقين والللله ‪ U‬يقللول‪ â :‬وَإ ِذ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذاِبي‬ ‫ن عَ ل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫م وَل َِئن ك ََفْرت ُل ْ‬ ‫م لِزي لد َن ّك ُ ْ‬ ‫ش لك َْرت ُ ْ‬ ‫م ل َِئن َ‬ ‫ن َرب ّك ُل ْ‬‫ت َلأذ ّ َ‬
‫ديد ٌ ? )‪. (3‬‬ ‫ش ِ‬ ‫لَ َ‬
‫‪ -4‬تطهير المزكي من البخل والشح والطمع والتعلق بالللدنيا‬
‫وتحليته بمحاسللن الخلق ومكللارم العللادات بللالجود والكللرم‬
‫خلذ ْ مل َ‬
‫م‬ ‫ة ت ُط َهُّرهُل ْ‬ ‫صلد َقَ ً‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬‫مل َ‬‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫والبذل والله ‪ U‬يقللول ‪ُ â :‬‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬ ‫سل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م َوالل ّل ُ‬ ‫ن ل ّهُ ل ْ‬ ‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ْ‬‫ص ّ‬
‫كيِهم ب َِها وَ َ‬ ‫وَت َُز ّ‬
‫م ? )‪.(4‬‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫‪ -5‬أنهللا تطهللر الفقيللر مللن الغللل والحسللد ومللا قللد يحللدثه‬
‫الشيطان في قلب هذا الفقير على أقدار الللله وحكملله فقللد‬
‫يكره قضاء الله وقدره وقد يحسد أخاه الغني وقد يغل عليلله‬
‫م‬ ‫ة ت ُط َهُّر ُ‬‫صلد َقَ ً‬ ‫خلذ ْ مل َ‬
‫هل ْ‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬‫مل َ‬‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ويدل لهذا الية السابقة ‪ُ â‬‬
‫كيِهم ب َِهللا?‬ ‫م وَت َُز ّ‬ ‫كيِهم ب َِها? فقوله سبحانه وتعالى ‪â‬ت ُط َهُّرهُ ْ‬ ‫وَت َُز ّ‬
‫تطهير للغني وتطهير أيضا ً للفقير ‪.‬‬
‫‪ -6‬تطهير المال المزكى ويحفظ عنله الفلات والمصلائب إذا‬
‫خرج هذا القدر من المال ويدل لذلك ما تقللدم عنللد قللوله ‪U‬‬
‫كيِهم ب َِها?‪،‬وكذلك أيض لا ً النللبي ‪ r‬وصللف الزكللاة‬ ‫م وَت َُز ّ‬‫‪â‬ت ُط َهُّرهُ ْ‬
‫بأنها أوساخ الناس مما يللدل علللى أن المللال يتطهللر بللإخراج‬
‫هذا الجزء المعين من المال ‪.‬‬
‫‪ -7‬مواساة الغني للفقير ‪.‬‬
‫‪ -8‬طهارة المجتمع بالكلية ‪.‬‬
‫‪ -9‬ما يحصل مللن رفعللة الللدرجات وتكفيللر السلليئات وزيللادة‬
‫الحسللنات وفللي حللديث معللاذ أن النللبي ‪ r‬قللال ‪ »:‬الصللدقة‬
‫تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار « )‪.(5‬‬

‫‪563‬‬
‫ويقول ‪»: r‬كل أمريء في ظل صدقته يللوم القيامللة « ومللن‬
‫السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم ل ظل إل ظللله رجللل‬
‫تصدق بصدقة فأخفاها حتى ل تعلم شماله مللا تنفللق يمينلله ‪.‬‬
‫والثار في ذلك من القرآن والسنة كثيرة جدا ً ‪.‬‬
‫‪ -10‬ما يحصل من تكافل المجتمع ‪.‬‬
‫المسائل المتعلقة بنوازل الزكاة ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ : :‬ما يتعلق بزكاة الوراق النقدية‬
‫وهذا تحته مسائل ‪:‬‬
‫‪ -1‬مراحل تعاملل النلاس فلي اللبيع والشلراء قبلل تعلاملهم‬
‫بالوراق النقدية والسندات الموجودة الن ‪:‬‬
‫المرحلة الولى ‪:‬‬
‫كان الناس في بداية الحيللاة البشللرية يتبللادلون الشللياء عللن‬
‫طريق المقايضة ‪ ،‬مثال ذلللك ‪ :‬إذا احتللاج شللخص إلللى ثللوب‬
‫عند التاجر فإنه يذهب ويعطيلله كتاب لا ً أو بللرا ً مثل ً ويأخللذ هللذا‬
‫الثوب ‪ ،‬وهكذا هذه هي المرحلة الولى‪.‬‬
‫المرحلة الثانية ‪:‬‬
‫ومع مرور الزمن وجللد النللاس أن المقايضللة فيهللا شلليئا ً مللن‬
‫الصعوبة ‪ ،‬فانتقلوا إلى المرحلة الثانيللة وهللي أنهللم خصصللوا‬
‫بعض السلع من المللواد الغذائيللة وكللذلك أيضلا ً الجلللود لكللي‬
‫تكللون ثمللن الشللياء عنللد المبادلللة ‪ ،‬فللإذا أراد أن يشللتري‬
‫المشتري مثل ً كتبا ً أعطى للبائع جلدا ً وأخللذ الكتللاب وإذا أراد‬
‫أن يشتري ثوبا ً أعطاه برا ً أو تمرا ً وأخذ الثوب ‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة ‪:‬‬
‫ومع مرور الزمن وجد الناس أن هذا العمل أيضا ً فيلله شلليء‬
‫من الصعوبة إذ أنه يحتللاج إلللى نقللل فللانتقلوا إلللى المرحلللة‬
‫الثالثة وهي أنهم عمدوا إلى الذهب والفضة فجعلوهما أثمانا ً‬
‫سِبكت هذه المعللادن الثمينللة‬ ‫عند البيع وعند مبادلة الموال و ُ‬
‫وختمت لكللي ل يللدخلها الغللش فظهللر مللا يسللمى بالللدينار ‪-‬‬
‫والللدينار قطعللة مللن الللذهب ‪ -‬وظهللر مللا يسللمى بالللدرهم ‪-‬‬

‫‪564‬‬
‫والدرهم قطعة من الفضة‪ ، -‬فأصبح الناس يبيعون ويشترون‬
‫وتكون الثمان هي هذه الدراهم والدنانير ‪.‬‬
‫المرحلة الرابعة ‪:‬‬
‫ثم بعد ذلك تطور المر فالتجار لما حصل عنللدهم مثللل هللذه‬
‫الللدراهم والللدنانير وكللثرت فللي أيللديهم خشللوا عليهللا مللن‬
‫السرقة فأودعوها عند الصاغة والصيارفة وأخذوا مقابل هللذا‬
‫اليداع سندا ً ‪ ،‬وأن هذا التاجر له عند هذا الصائغ مقللدار كللذا‬
‫وكذا من الذهب ومقدار كذا وكذا من الفضللة‪ .‬الن أصللبحت‬
‫السندات بأيدي الناس والناس يثقللون بهللذه السللندات وأنهللا‬
‫ة عند هؤلء الصيارفة والصللاغة لهللذا‬ ‫تقابل ذهبا ً أو تقابل فض ً‬
‫التاجر فوثقوا في مثل هللذه السللندات فأصللبحوا يسللتعملون‬
‫هذه السندات في البيع والشللراء فظهللر عنللدهم مللا يسللمى‬
‫الن بالوراق النقدية ‪.‬‬
‫ولما ظهرت هذه السندات أصدرت الدول قانونا ً ُيلزم الناس‬
‫بقبول التعامل بمثللل هللذه السللندات وذلللك عللام ‪1254‬هلل ‪،‬‬
‫وكانت هذه السندات التي أصدرتها الللدول وأخللذت بهللا فللي‬
‫أول المر تغطى غطاًء كامل ً بالذهب فالدولة إذا أصدرت هذا‬
‫السند مثل ً فئة الريال أو المئة ريللال تكتللب عليلله أنهللا تتعهللد‬
‫لحامله كذا وكذا من الذهب أو كذا وكذا من الفضة ‪.‬‬
‫المرحلة الخامسة ‪:‬‬
‫ثم بعد ذلك تطللور المللر لمللا احتللاجت الللدول إلللى النقللود ‪،‬‬
‫فطبعت الدول كميللات كللبيرة تفللوق مللا عنللدها مللن الللذهب‬
‫فأصبحت هذه الوراق النقدية ل تكون مغطاة بالذهب إل في‬
‫حالة واحدة فقط وهي عند تعامل الللدول بعضللها مللع بعللض‪،‬‬
‫فإنها إذا أرادت أن تتعامل دولة مع دولة تقللوم بتحويللل هللذه‬
‫الوراق النقدية علللى ذهللب أي تللوفر الغطللاء الللذهبي لهللذه‬
‫الوراق النقدية‪ ,‬والدولة تحمللي مثللل هللذه الوراق النقديللة ‪،‬‬
‫ووثق الناس بهذه الوراق النقدية واتخذوها ثمنا ً للسلع ‪.‬‬
‫المرحلة السادسة ‪:‬‬

‫‪565‬‬
‫ثم بعد ذلك تطور المللر فلجللأت بعللض الللدول الكللبيرة إلللى‬
‫إلغاء مثل هذا التعامللل وذلللك فللي عللام ‪1392‬هلل فأصللبحت‬
‫هذه الوراق النقدية أيضا ً يتعامللل بهللا حللتى علللى المسللتوى‬
‫الدولي ول تكون مغطاة بالذهب ‪.‬‬
‫‪ -2‬التكييف الفقهللي لهللذه الوراق النقديللة وهللل تجللب فيهللا‬
‫الزكاة ‪:‬‬
‫اختلف فيها العلماء رحمهم الله فللي تكييفهللا ومللا هللي هللذه‬
‫الوراق ؟ هل هي عللروض تجاريللة ‪ ،‬وهللل هللي بللدل الللذهب‬
‫مصدره لحامله ؟ اختلللف‬ ‫والفضة ‪ ،‬وهل هي سند بدين على ُ‬
‫المتأخرون في تكييف هذه الوراق النقدية على أقوال ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬بأن هذه الوراق النقدية تعتبر سندا ً بدين على‬
‫مصللدرها لحاملهللا ‪ ،‬مثل ً ورقللة مئة ريللال أصللدرها البنللك‬
‫المركزي أو مؤسسة النقد فحامل هللذه المئة ريللال يسللتحق‬
‫دينا ً بمقدار الرقم المكتوب على هللذا السللند علللى مللن قللام‬
‫بإصدارها ‪ :‬إما مؤسسة النقللد أو البنللك المركللزي فللي هللذه‬
‫الدولة ‪.‬‬
‫ذهللب إليلله بعللض المتللأخرين واسللتدلوا علللى ذلللك ‪ :‬بللأن‬
‫الحكومات تلتزم بهذه الشياء فدل ذلك على أنها ديون ‪.‬‬
‫القللول الثللاني ‪ :‬قللالوا بللأن هللذه الوراق النقديللة هللي مللن‬
‫عروض التجارة ‪ ،‬وليس لهللا وصللف الثمنيللة مثللل ‪ :‬الكتللب ‪،‬‬
‫ومثل الثياب ‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك قللالوا بللأن هللذه الوراق النقديللة ليسللت‬
‫ذهبا ً ول فضة ول مكيل ً ول موزونا ً فهذه عروض تجارة ‪.‬‬
‫وهذا القول من أضعف القللوال لننللا لللو قلنللا بأنهللا عللروض‬
‫تجارة يؤدي ذلك إلى عدم وجوب الزكاة فيها وكذلك يللترتب‬
‫على ذلك عدم جريان الربا في هذه الوراق ‪.‬‬
‫القللول الثللالث ‪ :‬أن هللذه الوراق النقديللة بللدل عللن الللذهب‬
‫‪،‬والفضة ‪.‬‬

‫‪566‬‬
‫واستدلوا على ذلك ‪ :‬بللأن التعامللل فللي الصللل فللي الللذهب‬
‫والفضة ثم خرجت هذه الوراق النقدية فقالوا بأن البلدل لله‬
‫حكم المبدل فأخذت حكمها ‪.‬‬
‫القول الرابع و الخير ‪ :‬أن هللذه الوراق النقديللة عبللارة عللن‬
‫نقد مستقل قائم بذاته يجري عليلله مللا يجللري علللى الللذهب‬
‫والفضة من الحكام ‪.‬‬
‫وهذا القول هو قول أكثر العلماء وبه أفتت هيئة كبار العلماء‬
‫بالمملكة العربية السعودية وكللذلك أيض لا ً هللو قللرار المجمللع‬
‫الفقهي بمكة المكرمة وكذلك أيض لا ً هللو قللرار مجمللع الفقلله‬
‫السلمي وهذا القول هو الصواب ‪.‬‬
‫فنقول بأن هذه الوراق عبارة عن نقللد مسللتقل قللائم بللذاته‬
‫يجري عليه ما يجري على الذهب والفضة من الحكام ‪.‬‬
‫ويترتب على ذلك ‪ :‬أن الزكاة تجب في هذه الوراق النقديللة‬
‫كما أن الزكاة تجب فللي الللذهب والفضللة ‪ ،‬وإن لللم يحركهللا‬
‫بالبيع والشراء كما أن النسان لللو كللان عنللده ألللف جنيلله أو‬
‫ألف سبيكة من سبائك الذهب تجب فيها الزكاة ‪ ،‬بخلف من‬
‫قال ‪ :‬بأنها عروض تجارة مثل الكتب ومثل اللبسللة فهللذه ل‬
‫تجب فيها الزكاة إل إذا كان يباع ويشترى فيها فقط ‪.‬‬
‫والصواب أنها نقد قائم بذاته وأن الزكاة واجب فيهللا ويجللري‬
‫عليها ما يجري على الذهب والفضة من الحكللام ‪ ،‬ويسللتثنى‬
‫من ذلك حلي النساء علللى الخلف المعللروف مللا عللدا ذلللك‬
‫تجب الزكاة في ذاتها ‪.‬‬
‫‪ -3‬نصاب الوراق النقدية ‪:‬‬
‫اختلللف العلمللاء رحمهللم الللله تعللالى فللي نصللاب الوراق‬
‫النقدية ‪ .‬هل يقدر بالذهب أو يقدر بالفضللة أو يقللدر بللالحظ‬
‫للفقراء من الذهب والفضة ‪ ,‬المتأخرون لهم في ذلللك ثلثللة‬
‫أراء ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬قالوا بأن نصاب الوراق النقدية يقللدر بالفضللة‬
‫يعني إذا بلغ نصاب الفضللة وجبللت فيلله الزكللاة وإذا لللم تبلللغ‬
‫نصاب الفضة ل تجب فيها الزكاة ‪ .‬واستدلوا على ذلك ‪:‬‬

‫‪567‬‬
‫* بأن التقدير بالفضة مجمع عليه لثبوت الفضة ‪.‬‬
‫* لن هذا أنفع للفقراء لن الغالب أن الفضة هي أرخص من‬
‫الذهب ‪.‬‬
‫الللرأي الثللاني ‪ :‬أن هللذه الوراق يقللدر نصللابها ببلللوغ نصللاب‬
‫الذهب واستدلوا على ذلك ‪:‬‬
‫* بأن قيمة الذهب ثابتللة ل تتغيللر بخلف قيمللة الفضللة فإنهللا‬
‫تهبط ‪.‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬أنه ينظر إلى الحللظ للفقللراء مللن الللذهب أو‬
‫الفضة ‪ ،‬واستدلوا على ذلك ‪:‬‬
‫* أن الشريعة جاءت بإثبات نصللاب الللذهب ‪ ،‬وإثبللات نصللاب‬
‫الفضة ‪.‬‬
‫* ولنه أحوط وأبرأ للذمة وأنفع للفقراء ‪.‬‬
‫وهذا القول هللو القللرب ‪ ،‬نقللول ‪ :‬بللأن نصللاب هللذه الوراق‬
‫النقدية يعتبر بنصللاب الللذهب أو نصللاب الفضللة بنظللر القللل‬
‫منهما ‪ ،‬فينظر للقل من نصاب الذهب أو نصاب الفضة ‪.‬‬
‫وعلى هذا إذا أردت أن تخللرج نصللاب الوراق النقديللة اليللوم‬
‫بالريللالت السللعودية أو بالجنيهللات المصللرية أو بالجنيهللات‬
‫السودانية أو غير ذلك من هذه العملت ‪ ،‬فإنك تنظر لنصللاب‬
‫الفضة كم يساوي اليوم وتنظر أيضا ً إلى نصللاب الللذهب كللم‬
‫يساوي بالوراق النقدية ‪ ،‬فنصاب الفضة بالغرامات يساوي ‪:‬‬
‫خمس مئة وخمسة وتسعين )‪ (595‬جراما ً من الفضة ‪.‬‬
‫وأما نصاب الللذهب بالغرامللات يسللاوي ‪ :‬خمسللة وثمللانون )‬
‫‪ (85‬جراما ً على الصحيح وهو موضع خلف ؛ الللدينار يسللاوي‬
‫مثقال ‪.‬‬
‫و اختلف العلماء رحمهم الله في وزن المثقلال بالجرامللات ‪:‬‬
‫قيل ثلث ونصف )‪ (3.5‬جراما ً ‪ ،‬وقيللل ثلث وسللتين )‪(3.60‬‬
‫جراما ً ‪ ،‬وقيل أربعة وربللع )‪ (4.25‬جراملا ً ‪ ،‬وهللذا القللول هللو‬
‫القرب أنه أربعة وربع جراما ً ‪ ،‬فعندنا نصاب الللذهب يسللاوي‬
‫عشللرين مثقللال ً فنضللرب أربعللة وربللع فللي عشللرين مثقللال‬

‫‪568‬‬
‫يساوي خمسة وثمانين جراما ً من الللذهب)‪85 =20×4.25‬‬
‫جراما ً (‪.‬‬
‫وأما نصاب الفضة فيسلاوي خمللس مئة وخمسلة وتسلعين )‬
‫‪ (595‬جراما ً من الفضة ‪ ،‬ونصاب الذهب يساوي ‪ 85‬جرامللا ً‬
‫من الذهب ‪.‬‬
‫فإذا قلنا أن المعتبر هو نصاب الفضة نصللاب ‪ ،‬فكللم يسللاوي‬
‫غرام الفضة اليوم ؟ الظاهر أن غرام الفضة مللا يقللرب مللن‬
‫ريللال ‪ ،‬ولنفللرض أنلله ريللال فيكللون نصللاب الوراق النقديللة‪:‬‬
‫فنضرب الريال بعدد الغرامات فيساوي خملس مئة وخمسلة‬
‫وتسعين )‪ (595‬ريال )‪595‬جراما ً × ‪ 1‬ريال = ‪ 595‬ريللال ً (‬
‫فالذي عنده من الوراق النقدية نصاب خمللس مئة وخمسللة‬
‫وتسعين )‪ (595‬ريال ً وجبت عليه الزكاة ‪ ،‬والذي عنللده أقللل‬
‫من هذا النصاب فل تجب عليه الزكاة‪.‬‬
‫وإذا قلنا أن المعتبر هو نصاب الذهب ‪ :‬فنصاب الذهب اليوم‬
‫مرتفع ‪ ،‬وسمعت أنه وصل الغرام الواحد إلى سبعين ريللال ً ‪:‬‬
‫فنضرب خمسة وثمانين جراما ً من الذهب في سللبعين ريللال ً‬
‫فيساوي خمسة آلف وتسعمائة وخمسين )‪ (5950‬ريال ً ‪.‬‬
‫فإذا قلنا بأن المعتبر نصاب الذهب فل تجب الزكاة في هللذه‬
‫الوراق النقديللة حللتى تبلللغ هللذا المقللدار وهللو خمسللة آلف‬
‫وتسع مئة وخمسين )‪ (5950‬ريال ً سعودي ‪ ،‬لكن إذا قلنا أن‬
‫المعتبر هو نصاب الفضة فتجب الزكاة إذا بلغت هذه الوراق‬
‫النقدية خمللس مئة وخمسللة وتسللعين )‪ (595‬ريللال ً ‪ .‬فأيهمللا‬
‫الحظ للفقللراء فهللل بللأن نقللدر بالللذهب أو نقللدر بالفضللة ؟‬
‫نقللول ‪ :‬نقللدر بالفضللة فللالحظ اليللوم ومللن زمللان قللديم أن‬
‫الحظ هو الفضة ‪.‬‬
‫وعلى هذا إذا أردت أن تعرف مقدار نصللاب الوراق النقديللة‬
‫عليك أنك تسأل كم قيمللة الغللرام الفضللة فللإذا قيللل لللك إن‬
‫غرام الفضة يساوي ريال ً أو ريالين فاضللربه فللي خمللس مئة‬
‫وخمسة وتسعين )‪ (595‬جراما ً من الفضة وحينئذ يتللبين لللك‬
‫كم مقدار النصاب في هذه الوراق النقدية ‪ ،‬ومثل ذلك أيضا ً‬

‫‪569‬‬
‫العملت الخللرى ‪ :‬الجنيلله المصللري أو الجنيلله السللوداني أو‬
‫الليللرة اللبنانيللة أو السللورية فاضللرب هللذا الجنيلله أو الليللرة‬
‫بخمس مئة وخمسة وتسعين غراما ً مللن الفضللة ويخللرج لللك‬
‫نصاب الوراق النقدية بتلك العملة ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬ما يتعلق بزكاة الراتب الشهري‬
‫تعريف الراتللب الشللهري ‪ :‬هللو الجللر الللذي يتقاضللاه الجيللر‬
‫الخاص مقابل عمله كللل شللهر وهللذا هللو الغللالب الن علللى‬
‫المللوظفين فللإنهم يأخللذون أجللورا ً شللهرية ل سللنوية ول كللل‬
‫شهرين‪.‬‬
‫بالنسبة للراتب الشهري لكي نعرف كيف تكون زكللاته ل بللد‬
‫أن نبين المال المستفاد فللي أثنللاء الحللول هللل يسللتأنف للله‬
‫حول مستقل أو أن حوله حول المال الذي عنده ؟‪.‬‬
‫الموال المستفادة تنقسم إلى ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يكون المال المستفاد ربللح تجللارة أو نتللاج‬
‫سائمة ‪:‬‬
‫فلإذا كلان ربللح تجلارة أو نتللاج سللائمة فحللوله حلول أصلله ‪،‬‬
‫ولنضرب مثال ً على نتاج السللائمة ‪ :‬هللذا رجللل عنللده خمللس‬
‫من البل سائمة ابتدأ عليها الحول مللن محللرم ‪ ،‬وفللي شللهر‬
‫ذي الحجة في آخللر السللنة أنتجللت خمس لا ً أخللرى فللالخمس‬
‫الثانيللة هللذه هللل لهللا حللول مسللتقل أو نقللول حولهللا حللول‬
‫أصلها ؟ نقول حولها حول أصلها وحينئذ إذا جاء شللهر محللرم‬
‫نقول يزكي عن عشر من البل مع أن الخمس الجديدة هذه‬
‫من البل ما مكثت عنده إل شهرا ً ‪.‬‬
‫وأيضا ً ربح التجارة الذي يبيع ويشتري ‪ ،‬المللوال هللذه حولهللا‬
‫حول أصلها ‪ ،‬مثال على ذلللك ‪ :‬صللاحب بقالللة افتتللح البقالللة‬
‫في شهر محرم بخمسين ألف ريال يبيع ويشللتري ولمللا جللاء‬
‫شهر محرم مللن السللنة المقبلللة عنللده بضللائع الن اشللتراها‬
‫وأصبحت قيمة البقالة تساوي ثمانين ألف فحكم الزيادة هذه‬
‫بأن حولها حللول أصلللها ‪ .‬فللإذا جللاء محللرم ل يقللول أن هللذه‬
‫البضائع الن جديدة و ل يقول الربح الللذي اكتسللبه الن إنمللا‬

‫‪570‬‬
‫نقول هذه حولها حول أصلها فيجللب عليلله أن يزكللي الجميللع‬
‫يقدر سعر بيع هذه البقالة تساوي ثمانين ألف والتي اشتراها‬
‫الن فيخرج زكاة الجميع ‪.‬‬
‫فتلخص لنا القسم الول وهو ما إذا كان نتاج سللائمة أو ربللح‬
‫تجارة هذا نقول بأن حوله حول أصله ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يكون المال المستفاد ليللس نتللاج سللائمة‬
‫ول ربح تجارة ويخالف جنس المال الذي عنده ‪:‬‬
‫ولنفرض أن عنده نصاب من البل وجاءته أمللوال مثل ً ‪ :‬إرث‬
‫أو هبة كما لو وهب له شخص عشللرة آلف ريللال ‪ ،‬أو جللاءه‬
‫راتب شهري خمسللة آلف ريللال أو ورث مللن أبيلله أو جللاءته‬
‫هبة خمسة ألف وعنده سائمة ‪ ،‬فهذه الموال التي جاءته ل‬
‫تضللم إلللى السللائمة بالتفللاق ‪ ،‬السللائمة لهللا حولهللا وهللذه‬
‫الدراهم التي جاءته لها حول مستقل من حين ملكها ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن يكون المال المسللتفاد ليللس ربللح تجللارة‬
‫ول نتاج سائمة ويكون من جنس المال الذي عنده ‪:‬‬
‫مثال ‪ :‬رجل عنده عشرة آلف ريللال ثللم جللاءه مرتللب ألللف‬
‫ريال هذه اللللف هللل يضللمها إللى العشلرة الللتي عنللده فلي‬
‫الحول أو نقول بأن هذه اللف يستأنف لها حول ً جديدا ً ؟ هذا‬
‫موضع خلف بين الجمهور وبين الحنفية رحمهم الله ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬مذهب الحنيفية ‪ :‬يقولون مادام أنه من جنسلله‬
‫عنده الن عشللرة آلف وجللاءه ألللف والجنللس واحللد يضللمه‬
‫ويكون هذا المستفاد حوله حول أصله ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬رأي الجمهور أنه يستأنف له حول ً مستق ً‬
‫ل‪.‬‬
‫والصواب ما ذهب إليه جمهور العلماء رحمهم الله ‪.‬‬
‫إذا فهمنا هللذا الخلف يللأتي عنللدنا الن مللا يتعلللق بللالرواتب‬
‫الشهرية الن هذا الموظف قبض في شهر محرم ألفي ريال‬
‫راتب وقبض في شهر صفر ألفي ريال وقبض في شهر ربيع‬
‫ألفي ريال‬
‫على رأي الحنفية يبدأ الحول من أول شهر قبض فيلله المللال‬
‫‪ -‬وهو محرم ‪ -‬لنه يضمونه بالحول ‪.‬‬

‫‪571‬‬
‫وعلى رأي الجمهور كل راتب يكون له حول مستقل فراتللب‬
‫محرم تجب فيه الزكاة في محرم وراتب صفر تجللب الزكللاة‬
‫فيه في صفر وربيع في ربيللع وهكللذا فكللل مرتللب يكللون للله‬
‫حول مستقل وهذا فيه مشللقة ولهللذا أفتللت اللجنللة الدائمللة‬
‫للفتللاء بالمملكللة بللأن الحسللن للنسللان أن يحللدد وقتللا ً‬
‫وينظركم تجمع عنللده مللن الرواتللب فمللا حللال عليلله الحللول‬
‫يكون أدى زكاته في وقته وما لللم يحللل عليلله الحللول يكللون‬
‫عجل زكاته وتعجيل الزكاة عند جمهور العلماء أن هللذا جللائز‬
‫ول بأس به خلفا ً للمالكية‪.‬‬
‫وحينئذ نقول إذا غلب عل النسان الحرص كما ذكرت اللجنة‬
‫الدائمة للفتاء بالمملكة فعليه أن يجعل جدول ً حسللابيا ً وهللذا‬
‫الراتب مللتى يكللون ملكلله ومللتى يكللون يحللول عليلله الحللول‬
‫والراتب الثاني وهكذا وهذا فيه مشقة وفيه تعب وقللد يللؤدي‬
‫إلى نسيان الزكاة وإن غلب عليه نفع المستحقين والحتيللاط‬
‫فنقول هذا يضللرب وقتلا ً محللددا ً وينظللر إلللى الرواتللب الللتي‬
‫تجمعت عنده ولم يستهلكها فما حال عليه الحول يكللون أدى‬
‫زكاته في حوله وما لللم يحللل عليلله الحللول يكللون قللد عجللل‬
‫زكاته وتعجيل الزكاة عند جمهور العلماء رحمهم الللله جللائزة‬
‫خلفا ً لما ذهب إليه المام مالك رحمه الله تعال فإنه ل يللرى‬
‫تعجيل الزكاة إل في المسألة اليسيرة ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ : :‬زكاة مكافأة نهاية الخدمة‬
‫وتحتها مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬تعريف مكافأة نهاية الخدمة‪:‬‬
‫مكافللأة نهايللة الخدمللة‪ :‬هللي حللق مللالي أوجبلله ولللي المللر‬
‫بشروط محددة على رب العمل لصالح الموظف عنللد انتهللاء‬
‫خدمته ‪.‬‬
‫والموظف كما أشرنا سللواًء كللان موظف لا ً ضللمن مؤسسللات‬
‫الدولة أو ضمن الشركات الخللرى فللإنه يسللتحق هللذا الحللق‬
‫المللالي عنللد تركلله للعمللل سللواٌء كللان سللبب الللترك هللي‬
‫الستقالة أو التقاعد أو الوفاة ‪.‬‬

‫‪572‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬خصائص هذه المكافأة وسماتها ‪:‬‬
‫النظمة المنظمة لهذه المكافأة جعلت لها سمات وخصائص‬
‫‪:‬‬
‫السمة الولى‪ :‬أن هذه المكافأة أمر واجب فرضه ولي المر‬
‫على رب العمل لصالح الموظللف ول يخضللع فللي فرضلله ول‬
‫صفته إلى إرادة طرفي العقد أي هذا أمر واجب جعللله ولللي‬
‫المر على هللذه المؤسسللة الللتي يتبللع لهللا الموظللف لصلالح‬
‫الموظف ‪ ،‬فإذا أنهى الموظف خدمته فإن هذه المؤسسة أو‬
‫الشركة يجب أن تدفع لهذا الموظف كذا وكذا من المال ‪.‬‬
‫السمة الثانية ‪:‬أن مقدار مكافأة نهاية الخدمة يتحدد بناءً عل‬
‫سبب انتهاء خدمته ومدة الخدمة ومقللدار الراتلب الخيللر لله‬
‫أثر في كثرة هذه المكافأة أو قلتها ‪.‬‬
‫السللمة الثالثللة‪:‬وهللذه مهمللة جللدا ً ولهللا أثللر فللي زكللاة هللذه‬
‫المكافأة أن وقت اسللتحقاق الموظللف للمكافللأة عنللد نهايللة‬
‫خدمته فل يحق له أن يطالب بها قبل انتهاء خللدمته كمللا أنلله‬
‫أيضا ً ل يجوز له أن يتنازل عنها ‪.‬‬
‫السللمة الرابعللة ‪ :‬أن هللذه المكافللأة يسللتحقها الموظللف إذا‬
‫انتهت خدمته أثناء حياته أما إذا انتهت خدمته بسللبب الوفللاة‬
‫فيسللتحق المكافللأة مللن يعللولهم هللذا الموظللف دون التقيللد‬
‫بقواعد الرث الشرعية بمعنى أن الذين ل يعللولهم الموظللف‬
‫ل يستحقون شيئا ً من هذه المكافأة ولو كانوا وارثين ‪ .‬وهللذه‬
‫أيضا ً لها أثر في بيان كيفية زكاة هذه المكافأة‪.‬‬
‫السمة الخامسللة ‪ :‬أن هللذه المكافللأة يحللق لللرب العمللل أن‬
‫يحرم منها الموظف في بعض الحالت كما لو ارتكللب بعللض‬
‫الخطاء ‪.‬‬
‫المسللألة الثالثللة ‪ :‬التكييللف الشللرعي لزكللاة مكافللأة نهايللة‬
‫الخدمة‪:‬‬
‫اختلف المتأخرون في ذلك على أقوال ‪:‬‬
‫القللول الول ‪ :‬أن مكافللأة نهايللة الخدمللة هللي أجللرة مؤجلللة‬
‫ويعللون ذلك بأن رب العمل سواء كللانت مؤسسللة حكوميللة‬

‫‪573‬‬
‫أو كانت شركة أثناء تعاقللده مللع هللذا الموظللف يلحللظ قللدر‬
‫هذه المكافأة وكذلك قدر الراتللب ممللا يللدل عللل أنهللا أجللرة‬
‫مؤجلة ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أنها تأمين من مخاطر انتهللاء العقللد يعنللي أن‬
‫هذا الموظف عند انتهاء خدمته يحتاج إلى شلليء مللن المللال‬
‫واسلتدلوا بلأن هلذه المكافلأة فيهلا خصلائص التلأمين ففيهلا‬
‫من عليه وقسط التأمين والنتيجة ‪.‬‬ ‫مؤ َ ّ‬
‫من و ُ‬‫مؤ َ ّ‬
‫ُ‬
‫القول الثالث ‪ :‬بأنها تبرع أو التزام بالتبرع ‪.‬‬
‫القللول الرابللع ‪ :‬أنلله حللق مللالي أوجبتلله الدولللة للموظللف‬
‫واستدلوا على ذلك قالوا ‪ :‬بأن مللن حللق المللام العظللم أن‬
‫ينشئ بعض الحقوق والواجبات على الرعية وللرعية إذا كان‬
‫هناك مصلحة ‪.‬‬
‫وهذا القول الخير هو الصواب ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬مكافأة نهاية الخدمة كيف تكون زكاتها‬
‫إذا أنهى الموظف وظيفته بسبب الستقالة أو بسبب التقاعد‬
‫أو بسبب الوفاة وأخذ هذه المكافأة من يعللولهم الموظللف ‪،‬‬
‫فكيف زكاة هذه المكافأة ؟‬
‫نقللول‪ :‬مللن خلل مللا ذكرنللا مللن خصللائص هللذه المكافللأة‬
‫وتكييفها الشرعي تبين لنا أن الموظف يمتلك هذه المكافللأة‬
‫ضه لهذه المكافأة ‪ ،‬فللإذا انتهللت خللدمته‬ ‫بعد نهاية خدمته وقَب ْ ِ‬
‫وقبض هذه المكافأة أو قبضها مللن يعللولهم نقللول الن ابتللدأ‬
‫عليها حول الزكاة أما حين القبللض فللإنه ل زكللاة فيهللا إل إذا‬
‫قلنا على الرأي الول إذا قلنا بأنها أجرة مؤجلللة فللإذا قبضللها‬
‫يزكيها مباشرة ‪.‬‬
‫أما إذا قلنا على الرأي الخير وهو الللذي رجحنللاه وأنهللا حللق‬
‫مالي توجبه الدولة للموظف أو أنها التزام بالتبرع نقول على‬
‫هذين الرأيين بأن الموظف إذا قبض هذه المكافأة بعد نهايللة‬
‫خدمته فإنه يسللتأنف بهلا حللول ً مسللتقل ً فلإن اسللتهلكها قبللل‬
‫الحول فل زكاة فيها وإن حال عليها الحول وهللي عنللده فللإن‬
‫فيها الزكاة ويرجح هذا القول ويعضده ‪:‬‬

‫‪574‬‬
‫در لهذه المكافللأة بي ّللن وقللت اسللتحقاقها وأن‬ ‫ص ِ‬‫م ْ‬‫أول ً ‪ :‬أن ال ْ ُ‬
‫الموظف ل يستحقها إل عند نهايللة خللدمته فللالن ملكهللا أمللا‬
‫قبل ذلك فللإنه ل يسللتحقها ول يجللوز للله أن يتنللازل عنهللا ول‬
‫يجوز له أن يتصرف فيها بشراء ونحو ذلللك فللإنه ل يسللتحقها‬
‫إل عند نهاية خدمته وإن كان كذلك فل تجلب فيهلا الزكلاة إل‬
‫بعد أن يحول عليها الحول ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن الموظف ل يملك أن يتصرف في هذه المكافأة ول‬
‫يملللك أن يشللتري فيهللا ‪ ،‬فمثل ً لللو كللان يسللتحق عنللد نهايللة‬
‫خدمته مبلغ مئة ألف ريال ل يملك أن يشللتري فيلله ل يملللك‬
‫أن يتنازل عنهللا ممللا يللدل علللى أنلله ل يملكهللا إل عنللد نهايللة‬
‫خدمته وحينئذٍ تدخل في ملكه وبالتللالي فللإنه يحتللاج إلللى أن‬
‫يحول عليها الحول ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أن الموظف لو كان سبب ترك وظيفته هو الوفاة فإنه‬
‫ل يسللتحق هلذه المكافللأة وإنمللا يسلتحقها ملن يعلولهم هللذا‬
‫الموظف ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬أن هذه المكافأة غير مستقرة فقد يحرمها الموظللف‬
‫حسب الشروط والنظمللة الللتي سللنت هللذه المكافللأة فقللد‬
‫يكللون عنللد الموظللف أخطللاء تقتضللي أن يحللرم مللن هللذه‬
‫المكافأة ‪.‬‬
‫الترجيح ‪ :‬أن هذه المكافأة الللتي يقبضللها الموظفللون سللواءً‬
‫كانوا تابعين لمؤسسات الدولة أو تللابعين للشللركات الخللرى‬
‫أن هذه المكافأة ل تجب فيها الزكاة إل بعد أن يحللول عليهللا‬
‫الحول فإن استهلكوها قبل الحول فإنه ل زكاة فيها ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬ما يتعلق بزكاة المال المحرم‬
‫بسبب وجود الن بعض المعاملت التي تخالف الشللرع يكللثر‬
‫سؤال الناس عن زكللاة المللوال المحرمللة وهللل تجللب فيهللا‬
‫الزكاة أو ل تجب فيها الزكاة ؟‬
‫عندنا في هذه المسألة ثلث مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬تعريف المال المحرم‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬بيان قسمي المال المحرم‪.‬‬

‫‪575‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬زكاة المال المحرم بقسميه ‪.‬‬
‫فالمسألة الولى ‪ :‬وهي تعريف المال المحرم ‪:‬‬
‫المال المحرم ‪ :‬هو كل ما حرم الشارع على المسلم تملكلله‬
‫والنتفاع به ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬قسما المال المحرم ‪:‬‬
‫فالمال المحرم ينقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬محرم لذاته ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬محرم لوصفه ‪.‬‬
‫المحرم لذاته ‪ :‬هو الللذي ذاتله وعينلله محرمللة مثللل ‪ :‬الخمللر‬
‫فالخمر ذاته وعينه محرمة ‪،‬ومثل الدخان ‪ ،‬الخنزير‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫المحرم لكسبه ‪ :‬وهو المال الذي ذاته مباحة ليست محرمللة‬
‫لكن طرأ عليله التحريلم بسلبب مخالفلة الشلرع فلي وجلوه‬
‫الكتساب ‪ ،‬مثال ذلللك ‪ :‬هللذه الريللالت ذاتهللا وعينهللا مباحللة‬
‫لكن قد يطرأ عليها التحريم فتكون جاءت مللن جهللة محرمللة‬
‫كالربللا مثل ً أو مللن جهللة بيللع المحرمللات أو مثل ً عللن طريللق‬
‫الرشوة فهذا نسميه محرم لكسبه ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬الزكاة في الموال المحرمة ‪:‬‬
‫الزكاة في الموال المحرمة تختلف باختلف هذين القسمين‬
‫‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬زكاة المال المحرم لعينه وذاته ‪ :‬فهذا باتفللاق‬
‫الفقهاء أنه ل تجب فيلله الزكللاة ولنفللترض أن صللاحب بقالللة‬
‫يبيع في بقللالته مللوادا ً غذائيللة ويللبيع دخانلا ً ‪ ،‬المللواد الغذائيللة‬
‫بخمسين ألف ريال والدخان بألف ريال نقول هذا الدخان مللا‬
‫تجب فيه الزكاة يخرج الزكاة عن الموال المباحة شرعا ً أمللا‬
‫الدخان فهذا ل تجب في الزكاة ‪.‬‬
‫ومثل ذلك أيضا ً لو كان صاحب الللدكان يللبيع الللدخان أو يللبيع‬
‫الشيشة أو يبيع الغاني فهذا ل زكاة فيه والدليل على هذا ‪:‬‬
‫حديث أبي هريرة ‪ t‬أن النبي ‪ r‬قال‪ » :‬أيهللا النللاس ‪ ،‬إن الللله‬
‫طيب ل يقبل إل طيبا ‪ ،‬وإن الله أمللر المللؤمنين بمللا أمللر بلله‬
‫المرسلللين ‪ ،‬فقللال ‪â :‬يللا أيهللا الرسللل كلللوا مللن الطيبللات‬

‫‪576‬‬
‫واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم? وقال ‪â :‬يا أيهللا الللذين‬
‫آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم? ‪ ،‬ثم ذكر ‪ :‬الرجللل يطيللل‬
‫السفر أشعث أغبر ‪ ،‬ثم يمد يللده إلللى السللماء ‪ ،‬يللا رب ‪ ،‬يللا‬
‫رب ‪ ،‬ومطعملله حللرام ‪ ،‬ومشللربه حللرام ‪ ،‬وملبسلله حللرام ‪،‬‬
‫وغللذي بللالحرام ‪ ،‬فللأنى يسللتجاب لللذلك «)‪ (6‬أي ب َُعللد أن‬
‫يستجاب لهذا فهذا الرجللل اسللتجمع صللفات إجابللة الللدعاء ‪:‬‬
‫مسافر وأطال المسير وأشعث رأسلله واغللبرت قللدماه ومللد‬
‫يديه إلى السماء لكن ردت يداه خائبتين لنه جعل بينه وبيللن‬
‫رحمة الله عز وجل مانعا ً بأكل الحرام ولبس الحرام ‪ ،‬فللالله‬
‫عز وجل طيب ل يقبل إل طيبا ً ‪.‬‬
‫وأيضا ً نعلم أن عدم إجابة الزكاة عليه ليس تخفيفا ً وإنما هللو‬
‫من باب التغليظ عليه والرد لفعله وأن مثللل أمللواله هللذه إذا‬
‫كان الله عز وجل ل يلثيبه عليهلا ول يلؤجره عليهلا ول يقبلهلا‬
‫منه ففي هذا زجر له وردع في أن يللترك مثللل هللذا العمللل ‪،‬‬
‫فماذا تساوي الدنيا إذا كنا نقللول للله ل نريللد أموالللك ل نريللد‬
‫صدقتك ؟!‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬زكاة الموال المحرمة لكسبها ‪ :‬وكما أشللرنا‬
‫أن هذه أن أصلها مباحة لكللن طللرأ عليهللا التحريللم بمخالفللة‬
‫الشرع في وجوه الكتساب كما لو اكتسب عشرة ألف ريال‬
‫عن طريق الرشوة ‪ ،‬أو اكتسبه عن طريق الربا ‪ ،‬أو اكتسللبه‬
‫عن طريق بيع المحرمات مثل بيع الللدخان ونحللو ذلللك فهللل‬
‫فيه الزكاة أوليس فيه الزكاة ؟‬
‫هذا اختلف فيه المتأخرون ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬عدم وجللوب الزكللاة فللي هللذا المللال المحللرم‬
‫وهذا ما عليه عامة المتقللدمين وكللذلك أيضلا ً هللو قللول أكللثر‬
‫الفقهاء المعاصرين )‪. (7‬‬
‫واستدلوا ‪:‬‬
‫* بحديث ابن عمر قال‪ :‬سللمعت رسللول الللله ‪ » : r‬يقللول ل‬
‫تقبل صلة بغير طهور ول صدقة من غلول « رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪577‬‬
‫* حديث أبي هريرة ‪ t‬وفيه قول النبي ‪ » : r‬إن الللله طيللب ل‬
‫يقبل إل طيبا ً « )‪.(8‬‬
‫* أن الزكاة ل تجب إل فيمللا يملكلله المسلللم وهللذا المللال ل‬
‫يملكه المسلم لنلله يجللب عليلله أن يتخلللص مللن هللذا المللال‬
‫المحرم بطرق التخلص التي ذكرها العلماء رحمهم الله ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أن الزكاة واجبة في هذا المال المحرم ‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك ‪:‬‬
‫* أن هذه الموال المحرمة لو أعفي النللاس مللن زكللاة هللذه‬
‫الموال المحرمة لتتايع الناس في هذه المكاسللب المحرمللة‬
‫فلهذا نوجب عليهم الزكاة ‪.‬‬
‫والجواب عن هذا ‪:‬‬
‫سلم ‪.‬‬ ‫م َ‬‫أول ً ‪ :‬نقول بأن هذا غير ُ‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن عدم أخذ الزكاة ليس من باب التخفيللف وإنمللا هللو‬
‫من باب الزجر والردع بل إن عللدم أخللذ الزكللاة هللذا سلليؤثر‬
‫في نفسه وسيدفعه إلى ترك مثل هذا العمل ‪.‬‬
‫* أن الزكاة تجب في الحلي المحرم ‪ ،‬فالحلي المحرم ينص‬
‫العلماء على أن الزكاة واجبة مثال ذلك لو كلان عنلدنا ذهلب‬
‫على صورة تمثللال هللذا التمثللال محللرم ول يجللوز ومللع ذلللك‬
‫العلماء رحمهم الله ينصون عل وجوب الزكاة فيه ‪.‬‬
‫والجواب عن هذا ‪:‬‬
‫نقول ‪ :‬فرق بين هذا التمثال وبيللن هللذه المللوال المكتسللبة‬
‫من الحرام ‪ ،‬فهذا التمثال تجب الزكاة فللي عينلله يعنللي فللي‬
‫الذهب الموجود فقللط دون اعتبللار للصللورة المحرمللة ‪ ،‬فلللو‬
‫فرضنا أن هذا التمثال وهو بهللذه الصللورة المحرمللة يسللاوي‬
‫ألف ريال فإننا ل نعتبر هذه الصورة المحرمة ونلغيها ونعتبره‬
‫كأنه لم يصنع ونقدره موزونا ً ‪ ،‬وأمللا الصللورة المحرمللة فللإن‬
‫الفقهاء ينصون على أنهللا ل تجللب فيهللا الزكللاة وأن المحللرم‬
‫شرعا ً كالمعدوم حسا ً ‪.‬‬
‫وحينئذ يتلخص لنا أن القسم الثاني وهللي المللوال المحرمللة‬
‫بسبب الكسب أيضا ً ل تجب فيها الزكاة ‪.‬‬

‫‪578‬‬
‫المسألة الخامسة ‪ :‬زكاة الموال العامة‬
‫المللوال العامللة هللذه تشللمل المللوال التابعللة لللبيت مللال‬
‫المسلمين ‪،‬والموال التابعة للجهات الخيرية كجميعة تحفيظ‬
‫القللرآن ‪ ،‬وجمعيللات الللبر ‪ ،‬والمكللاتب التعاونيللة للللدعوة ‪،‬‬
‫والموال الموصى بها في جهات عامة ‪،‬ومثلها الوقاف الللتي‬
‫تكون على جهات عامة مثل رجل وقف مئة ألف ريللال علللى‬
‫جهللة عامللة لطلب العلللم ‪ ،‬للفقللراء ‪ ،‬لكللي يشللتري بلله‬
‫المسجد‪..‬إلخ ‪ ،‬وغير ذلك من الجهات الخيرية فهذه الجهللات‬
‫ونحوها الللتي يكللون عنللدها شلليء مللن المللال مللن صللدقات‬
‫المحسنين ‪ ،‬هللل إذا حللال عليلله الحللول علللى هللذه المللوال‬
‫العامة عيها زكاة أو ليس فيها زكاة ؟‬
‫هذه المسألة تحتها مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف المال العام ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬مبنى القول بزكاة المال العام ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬إذا استثمرت هذه الموال العامة في الللبيع‬
‫والشراء وأصبحت عروض تجارة يباع ويشترى فيها‪.‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف المال العام‬
‫المال العام ‪ :‬هو المال المرصللد للنفللع العللام دون أن يكللون‬
‫مملوكا ًً لشخص معين ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬مبنى وجوب الزكاة في المال العام أو عدم‬
‫الوجوب‪.‬‬
‫ينبني على هذه المسألة ما ذكره الفقهاء رحمهم الله من أن‬
‫من شروط وجوب الزكاة أن يكللون المللال الللذي تجللب فيلله‬
‫الزكاة مملوكا ً ملكا ً تاما ً لمعين ‪.‬‬
‫والملك التام ‪ :‬كما فسره كثير من العلمللاء أي ملللك الرقبللة‬
‫والقدرة على التصرف فيه في الحال وفي المآل ‪.‬‬
‫ودليل هذا الشرط ‪ -‬أن يكون المال مملوكا ً ملكا ً تاما ً لمعين‬
‫‪:-‬‬
‫ة ت ُط َهُّر ُ‬‫صللد َقَ ً‬ ‫َ‬
‫م‬‫هلل ْ‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫ملل َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ملل ْ‬ ‫خللذ ْ ِ‬‫* قللول الللله تعللالى‪ُ â :‬‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬‫سل ِ‬‫ه َ‬ ‫م َوالل ّل ُ‬ ‫ن ل ّهُ ل ْ‬‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ل عَل َي ْهِ ْ‬
‫ص ّ‬ ‫وَت َُز ّ‬
‫كيِهم ب َِها وَ َ‬

‫‪579‬‬
‫م ?فأضللاف‬ ‫خذ ْ م ل َ‬
‫وال ِهِ ْ‬
‫مل َ‬
‫نأ ْ‬‫م ? )‪ (9‬فقال الله عز وجل ‪ْ ِ ُ â‬‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫الملللوال إليهلللم مملللا يلللدل عللللى ملكهلللم لهلللذه الملللوال‬
‫واختصاصللهم بالتصللرف فيهللا فللدل ذلللك علللى أنلله يشللترط‬
‫لوجوب الزكاة أن يكون مالكا ً لها ملكا ً تاما ً وأن يكون معينا ً ‪.‬‬
‫* حديث ابن عباس رضي الله عنهما لما بعث النبي ‪ r‬معللاذا ً‬
‫إلى اليمن فقال‪ » :‬إنك تأتي قوما ً أهل كتاب فليكللن أول مللا‬
‫تدعوهم إليه شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الللله‬
‫فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس‬
‫صلوات في اليوم والليلة فإن هم أجابوك لذلك فللأخبرهم أن‬
‫الللله افللترض عليهللم صللدقة تؤخللذ مللن أغنيللائهم وتللرد عللل‬
‫فقرائهم « )‪ (10‬الشاهد هنا قوله عليلله الصلللة والسلللم‪» :‬‬
‫تؤخذ من أغنيائهم « فإن النبي ‪ r‬أضاف المللال إليهللم ‪ ،‬فللدل‬
‫ذلك على اشتراط الملك التام لن‪.‬‬
‫* أن الزكاة تمليك للفقير والتمليك لبد أن يكون مللن مالللك‬
‫لهذا المال فإذا لم يكن هللذا المللال للله مالللك لللم تجللب فيلله‬
‫الزكاة ‪.‬‬
‫شكر الله عز وجللل علللى نعملة المللال‬ ‫ح َ‬
‫كم الزكاة ُ‬ ‫* أن من ِ‬
‫وهذا ل يكون إل من المالك ‪.‬‬
‫بعد أن قررنلا أنله يشلترط لوجلوب الزكلاة أن يكللون المللال‬
‫لمالك يملك ملكا ً تاما ً ‪ ،‬نسللتطيع أن نفهللم أن هللذه المللوال‬
‫العامة التي ليس لهلا ماللك معيلن أنله ل تجللب فيهللا الزكلاة‬
‫فالموال التي تكون في بيت المال ويحول عليها الحول هذه‬
‫ل تجب فيها الزكاة وكذلك أيضا ً الموال الني تكون لجمعيات‬
‫الللبر ويحللول عليهللا الحللول أو جمعيللات تحفيللظ القللرآن أو‬
‫لمكاتب الدعوة وغير ذلك مللن الجهللات الخيريللة أو المللوال‬
‫الموقوفة عل جهات عامة كالموقوفللة علللى طلبللة العلللم أو‬
‫على بناء مساجد أو موصى بها ‪ ،‬نقول هذه كلها ل تجب فيها‬
‫الزكاة إذا حال عليها الحول لنها ليس لها مالك معين ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬إذا استثمرت هذه الموال‬

‫‪580‬‬
‫يعني لو أن الجهة التي عندها هذه الموال اسللتثمرتها بللالبيع‬
‫والشراء والمضاربة لكي ُتنمي هذه الموال فهل تجللب فيهللا‬
‫الزكاة أو ل تجب فيها الزكاة ؟‬
‫سللبق أن قررنللا أنلله ل تجللب فيهللا الزكللاة لكللن اختلللف‬
‫المتأخرون فيما إذا استثمرت هللذه المللوال بللالبيع والشللراء‬
‫فهل هذا العمل يوجب الزكاة أو ل يوجب الزكاة ؟‬
‫اختلفوا في ذلك عل رأيين ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬إذا استثمرت هذه المللوال فللإن الزكللاة تجللب‬
‫فيها ‪ ،‬وهذا قال به بعض المتأخرين وأخللذ بلله قللانون الزكللاة‬
‫السوداني‪.‬‬
‫استدلوا على هذا ‪ :‬قالوا بأن بيت المللال قبللل أن تسللتثمر ل‬
‫زكاة فيه لن مصرف بيت المال يختلف عن مصللرف الزكللاة‬
‫أما الن ِبيعَ واشُتريَ فأصبحت أموال زكوية ‪.‬‬
‫الللرأي الثللاني ‪ :‬ل تجللب فيلله الزكللاة وهللذا مللا عليلله أكللثر‬
‫المتللأخرين وبلله أفتللت النللدوة الثالثللة عشللر لقضللايا الزكللاة‬
‫المعاصرة في الكويت بالكثرية ‪.‬‬
‫استدلوا بأدلة منها ما تقدم من أنله يشلترط لوجلوب الزكلاة‬
‫أن تكون مملوكة ملكا ً تاما ً لمعين وكونه عمل بها الن هذا ل‬
‫يخرجها عن أن تكون غير مملوكة ‪.‬‬
‫وهذا القول أنه ل زكاة فيها هذا هو القرب وعلى هذا نقللول‬
‫هذه الموال وإن أتجللر فيهللا وعمللل بهللا نقللول بللأنه ل زكللاة‬
‫فيها ‪.‬‬
‫ويترتب عل هذا القول ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬أن الشركات السللتثمارية الللتي تكللون ملك لا ً للدولللة ل‬
‫زكاة فيها ‪.‬‬
‫ثاني لا ً ‪ :‬أن الشللركات السللتثمارية الللتي تملللك الدولللة فيهللا‬
‫أسهما ً فنصيبها من هذه السهم ل زكاة فيها ‪.‬‬
‫المسألة السادسة ‪ :‬ما يتعلق بزكاة السندات‬
‫أول ً ‪ :‬تعريف السندات‬

‫‪581‬‬
‫صلدُِرها بعللض الللدول أو‬ ‫السندات ‪ :‬هي عبارة عللن صللكوك ت ُ ْ‬
‫مثل قرضا ً عليها تلتزم بسللداد هللذا القللرض‬ ‫بعض الشركات ت ُ َ‬
‫الذي عليها في زمن محدد وبفوائد ثابتة‪.‬‬
‫مثللال ذلللك ‪ :‬شللركة بحاجللة إلللى أمللوال لكللي تتلفللى هللذه‬
‫الخسللارة أو أن هللذه الشللركة تريللد أن تنمللي اسللتثماراتها‬
‫فتقوم بإصدار مثل هذه السندات فتطلب من النللاس أمللوال ً‬
‫مثل ً ألف ريال ‪ ،‬فتعطيهم هذه السندات بفائدة ‪ ،‬ولشللك أن‬
‫هذه السندات محرمة ول تجوز لنهللا مللن الربللا فهللي قللرض‬
‫بفائدة فهي داخلة في الربا المحرم ‪.‬‬
‫اختلف العلماء رحمهم الللله تعللالى فللي هللذه السللندات هللل‬
‫تجب فيها الزكاة أو ل تجب فيها الزكاة ؟‬
‫لكي يتبين لنا هل في هذه السندات زكاة أو ليس فيها زكللاة‬
‫لبد لنا أن نبحث مسألتين ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬هل تجب الزكاة في الديون أو ل تجب ؟‬
‫لن هذه السندات عبللارة عللن ديللون – قللروض – علللى هللذه‬
‫الدولة أو هذه الشركة ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬هل تجللب الزكللاة فللي المللال المحللرم أو ل‬
‫تجب الزكاة في المال المحرم ؟‬
‫وهذه المسألة سبق الكلم عليها وقلنا أن المللوال المحرمللة‬
‫سواٌء كانت محرمة لكسبها أو لعينها أنه ل زكاة فيها ‪.‬‬
‫بالنسبة للمسألة الولى العلماء رحمهم الله يقسمون الللدين‬
‫إلى ثلثة أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬الدين الذي يكون على مليء باذل ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬الدين الذي يكون على معسر أو مماطل ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬دين مؤجل ‪.‬‬
‫هللذه ثلثللة أقسللام فنحتللاج إلللى أن نسللتعرض كلم العلمللاء‬
‫رحمهم الله في كل قسم من هذه القسام ولو علللى سللبيل‬
‫الجمللال لكللي نرتللب علللى هللذه المسللألة مللا يتعلللق بزكللاة‬
‫السندات ‪:‬‬

‫‪582‬‬
‫القسم الول ‪ :‬وهللي الللديون الللتي تكللون علللى مليللء بللاذل‬
‫يعني غني غير مماطل ‪ .‬هل تجب الزكاة في هذه الللديون أو‬
‫ل تجب الزكاة في هذه الديون ؟‬
‫هذه اختلف فيها العلماء رحمهم الله على ثلثة أراء ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬وجوب الزكاة فللي الللديون مطلقلا ً وهللذا قللول‬
‫أكثر أهل العلم فهو مذهب الشافعية ومذهب الحنابلة ‪ ،‬لكللن‬
‫الشللافعية أشللد مللن الحنابلللة فالشللافعية يقولللون يجللب أن‬
‫يزكي كل سنة بسنتها ولو لم يقبض المال ‪.‬‬
‫والحنابلة يقولون ‪ :‬هللو بالخيللار إن شللاء أن يزكللي كللل سللنة‬
‫بسنتها وإن شاء أن ينتظر حتى يقبض فلإذا قبلض زكلى علن‬
‫كل السنوات الماضية )‪.(11‬‬
‫واستدلوا عل ذلك ‪:‬‬
‫بعمومات الدلة ‪:‬‬
‫َ‬
‫م ?)‪.(12‬‬ ‫معُْلو ٌ‬ ‫حق ّ ّ‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬‫م َ‬‫ن ِفي أ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫* قوله تعالى ‪َâ :‬وال ّ ِ‬
‫وهذا دين مال فهو مال من المللوال فيشللمل المللال العينللي‬
‫والمال الديني ‪.‬‬
‫خلذ ْ مل َ‬
‫م‬‫ة ت ُط َهُّرهُل ْ‬‫صلد َقَ ً‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫مل َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫* وأيضلا ً قللوله تعللالى‪ُ â :‬‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬‫سل ِ‬‫ه َ‬ ‫م َوالل ّل ُ‬ ‫ن ل ّهُ ل ْ‬‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬‫ن َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫وَت َُز ّ‬
‫كيِهم ب َِها وَ َ‬
‫م ? )‪. (13‬‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫* ولقوله ‪ »: r‬فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكللاة تؤخللذ‬
‫من أموالهم «)‪ . (14‬فهذه أموال ل شك أنها أموال ول أحللد‬
‫يقول بأن الدين ليس مال ً فيدخل تحت هذه العمومات ‪.‬‬
‫* وهذا وارد عن جمع من الصحابة رضي الله عنهللم كعثمللان‬
‫وابن عمر وجابر وعلي وعائشة رضي الله تعالى عن الجميع‬
‫)‪.(15‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬مذهب المالكية يقولون يجب أن ُيزكللى لسللنة‬
‫واحدة فقط بعد أن ُيقبض )‪.(16‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬مذهب الظاهرية أنه ل زكاة فيه قالوا لن هذا‬
‫وارد عن عائشة رضي الله عنها ‪(17).‬‬

‫‪583‬‬
‫والصواب في هذه المسألة ‪ :‬ما ذهب إليلله أكللثر أهللل العلللم‬
‫من وجوب الزكاة فيها وكما ذكرنا أن هذا هو الللذي دلللت للله‬
‫العمومات وأيضا ً هو الوارد عن أكثر الصحابة كعثمان ‪ ،‬وابللن‬
‫عمر وجابر ‪ ،‬وعائشة ‪ ،‬وعلي ‪ -‬رضي الله تعالى عن الجميللع‬
‫‪.-‬‬
‫القسللم الثللاني ‪ :‬الللدين الللذي يكللون علللى معسللر أو مليللء‬
‫مماطللل أو جاحللد فهللل تجللب فيلله الزكللاة أو ل تجللب فيلله‬
‫الزكاة ؟ هذا موضع خلف بين أهل العلم ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬مذهب المام الشافعي ومذهب الحنابلة ‪:‬‬
‫قالوا تجب فيه الزكاة مطلقا ً لجميع السنوات إذا كان الللدين‬
‫على معسر أو عللى مليلء مماطلل فلإذا قبضله يزكيله علن‬
‫جميع السنوات‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك ‪:‬‬
‫* بأن هذا وارد عن علللي رضللي اللله عنلله فللإنه قللال ‪ » :‬إذا‬
‫كان صادقا ً فليزكيه إذا قبضه «)‪.(18‬‬
‫* أنه وارد عن ابن عباس رضي الله عنهما )‪.(19‬‬
‫* ويؤيد ذلك أيضلا ً ملا سلبقت الشلارة إليلله مللن أن الللديون‬
‫أموال يصح للنسان أن يتصرف فيها بالبراء والحوالة والللبيع‬
‫وغير ذلك من التصللرفات بشللروطها المعتللبرة عنللد العلمللاء‬
‫صلد َقَ ً‬
‫ة‬ ‫خلذ ْ مل َ‬
‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬‫مل َ‬
‫نأ ْ‬‫ِ ْ‬ ‫رحمهم الله والله عز وجل يقول ‪ُ â‬‬
‫ه‬‫م َوالل ّ ُ‬ ‫ن ل ّهُ ْ‬
‫سك َ ٌ‬‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫م وَت َُز ّ‬
‫كيِهم ب َِها وَ َ‬ ‫ت ُط َهُّرهُ ْ‬
‫م ? )‪. (20‬‬ ‫ميعٌ عَِلي ٌ‬‫س ِ‬‫َ‬
‫* وفي حديث معاذ يقول النبي ‪ »: r‬فللإن هللم أجللابوك لللذلك‬
‫فأخبرهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من‬
‫أغنيائهم فترد عل فقرائهم «)‪. (21‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أن الدين إذا كللان علللى معسللر أو مماطللل أو‬
‫جاحد أنه ل زكاة فيه ‪ ،‬وهلذا قللول أبلي حنيفلة رحمله اللله )‬
‫‪.(22‬‬
‫استدلوا على ذلك ‪:‬‬

‫‪584‬‬
‫* بأنه وارد عن علي رضي الله عنه أيضا ً فإنه قال‪ »:‬ل زكاة‬
‫في الدين الضمار « أي الدين الذي ل يرجى رجوعه ‪.‬‬
‫وعلى هذا القول فإن الدين إذا كلان عللل معسلر أو مماطلل‬
‫فل زكاة فيه ‪ ،‬فإذا قبضه يستأنف فيه حول ً مستقل ً ‪.‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬وسط بين الرأيين ‪ ،‬ذهب إليه المام مالك أن‬
‫الدين الذي يكون على المعسر أو علللى المماطللل إذا قبللض‬
‫فإنه تجب فيه الزكاة لسنة واحدة فقط )‪.(23‬‬
‫واستدل على هذا بالقياس على الثمرة فإن الثمرة معدومللة‬
‫أو في حكم المعللدوم ثللم بعللد ذلللك إذا حصلللت هللذه الثمللار‬
‫وأثمرت الشجار فإن النسان يزكي هذه الثمار مللرة واحللدة‬
‫صللادِهِ وَل َ‬‫ح َ‬ ‫م َ‬
‫ه ي َلوْ َ‬
‫حّقل ُ‬ ‫فقط والللله عللز وجللل يقللول ‪َ:â‬وآت ُللوا ْ َ‬
‫ن ?)‪ (24‬فللإذا أثمللرت هللذه‬ ‫س لرِِفي َ‬‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫حل ّ‬ ‫س لرُِفوا ْ إ ِن ّل ُ‬
‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫تُ ْ‬
‫النخيل يزكيها مرة واحدة فقللط ‪ ،‬والثمللرة هللذه معدومللة أو‬
‫في حكم المعلدوم قلد تحصلل لهلا شليء ملن الفلات اللتي‬
‫تتلفها ومع ذلك ل يجب فيها إل زكاة مرة واحللدة ولللو بقيللت‬
‫عنده الثمار سنة أو سنتين أو ثلث سنوات ل يجب أن يزكيها‬
‫إل مرة واحدة فقط ‪.‬‬
‫وهذا قول وسط بين القولين فنقول الموال التي تكون على‬
‫معسرين أو مماطلين أو جاحدين هللذه ل تجللب أن تزكللى إل‬
‫مرة واحللدة ومثللل ذلللك أيضلا ً المللوال المنسللية أو المللوال‬
‫المسروقة أو المغصوبة أو المنتهبللة أو المختلسللة فللإذا قللدر‬
‫عليها النسان فإن يزكيها مرة واحدة فقط ‪.‬‬
‫القسم الثالث من أقسام الللديون ‪ :‬الللديون المؤجلللة ‪ :‬وهللذا‬
‫يكثر اليوم في حياة الناس فهذه الديون المؤجلللة هللل تجللب‬
‫فيها الزكاة أو ل تجب فيها الزكاة ؟‬
‫هذه موضع خلف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬مذهب المام أحمد والشافعي أنه يجب الزكاة‬
‫في الديون واستدلوا على ذلك ‪:‬‬
‫َ‬
‫م ?)‬‫معْل ُللو ٌ‬
‫ح لق ّ ّ‬‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫مل َ‬‫ن فِللي أ ْ‬ ‫ذي َ‬‫* بقول الله عز وجل‪َâ :‬وال ّ ِ‬
‫‪ (25‬فهذه الديون تعتبر أموال ً ‪.‬‬

‫‪585‬‬
‫خذ ْ م َ‬
‫م‬ ‫ة ت ُط َهُّرهُ ل ْ‬ ‫ص لد َقَ ً‬
‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫مل َ‬‫نأ ْ‬ ‫* وبقول الله عز وجل ‪ْ ِ ُ â :‬‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬‫سل ِ‬‫ه َ‬ ‫م َوالل ّل ُ‬ ‫ن ل ّهُ ل ْ‬‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫وَت َُز ّ‬
‫كيِهم ب َِها وَ َ‬
‫م ? )‪ (26‬فهذه الديون وإن كانت مؤجلة فإنها تعتبر مللال ً‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫ويصللح أن يتصللرف فيهللا بللالبراء ‪ ,‬وبالحوالللة ‪ ,‬وبللالبيع ‪,‬‬
‫وبالشراء بشروطها المعتبرة فإذا كللان كللذلك فتللدخل تحللت‬
‫العمومات ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬مللذهب الظاهريللة أن الللديون المؤجلللة أنلله ل‬
‫زكاة فيها وهذا ما رجحه شيخ السلم ابن تيميلة رحمله اللله‬
‫تعالى ‪ .‬وهو وجه عند الشافعية ووجه عن الحنابلة ‪.‬‬
‫والظاهرية هم أضيق الناس في مسللألة الللديون فل يوجبللون‬
‫الزكاة مطلقا ً فللي الللدين سللواء كللان الللدين علللى مليللء أو‬
‫معسر أو كان الدين حال ً أو مؤج ً‬
‫ل‪.‬‬
‫وأوسع النللاس فللي مسللألة إيجللاب الزكللاة فللي الللديون هللم‬
‫الشافعية والحنابلة ‪.‬‬
‫واستدل الظاهرية بما تقدم مثل ‪ :‬ما ورد عن عائشللة رضللي‬
‫الله عنها أنها قالت ‪»:‬ل زكاة في الدين « ‪.‬‬
‫وأيض لا ً الللدين هللذا غيللر موجللود فل يكلللف النسللان بللإخراج‬
‫الزكاة فيه ‪.‬‬
‫والراجح بالنسللبة للللديون المؤجلللة‪ :‬أنهللا تجللب فيهللا الزكللاة‬
‫كسائر الموال فإن كانت هذه اللديون المؤجللة عللى مليلء‬
‫بللاذل يجللب أن يزكللي كللل عللام وإن كللانت علللى معسللر أو‬
‫مماطل ل تجب الزكاة إل مرة واحدة إذا قبضها ‪.‬‬
‫ومما يؤيد بأن الديون المؤجلة تجب فيها الزكاة ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬لما ذكرنا من أن هذه الديون تعتبر أموال ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن التأجيل إنما كان باختيار صللاحب المللال فهللو الللذي‬
‫اختار أن يؤجل هذا المال أي كللونه غيللر نللامي الن بيللده ول‬
‫يملك أن يطالب فيه فهو الذي اختار ذلك ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أن التأجيل قد يكللون مقابللل فللائدة اسللتفادها صللاحب‬
‫المال وهذا ما يحصل في تقسيط السلع مثللل السلليارات أي‬
‫عن طريللق مسللائل التللورق وبيللع السلللع بأجللل فالغللالب أن‬

‫‪586‬‬
‫الذي يللبيعون السلللع بأجللل وتكللون أثمللان المبيعللات مؤجلللة‬
‫الغالب أنهم استفادوا من هذا التأجيل فهذا يدل على أن هذا‬
‫التأجيل لهم فائدة فيله وإذا كلان لهللم فلائدة فيلله فيطلالبون‬
‫بزكاة هذه الموال ‪.‬‬
‫قد يكون الدين إذا كان غير مؤجل مللا اسللتفاد لكللن إذا كللان‬
‫مؤجل ً فإنه يكون استفاد فائدةً كبيرة ‪.‬‬
‫قد يقول بعض الناس بأن هلذه الفلائدة تأكلهلا الزكلاة نقلول‬
‫هذا غير مسلم فبالنظر إلللى واقللع النللاس نجللد أن الزكللاة ل‬
‫تساوي شيئا ً بالنسبة لما يستفيده من التأجيل ‪.‬‬
‫فتلخص لنا أن الديون المؤجلة تجللب فيهللا الزكللاة لكللن كمللا‬
‫ذكرنا على حسب التقسيم ‪.‬‬
‫بعللد هللذا العللرض لقسللام الللديون الثلثللة يتللبين لنللا زكللاة‬
‫السندات وسبق أن تعرضنا لزكاة المال المحرم فنلخص لنللا‬
‫أن المال المحرم ل تجب عليه ‪.‬‬
‫السندات عبارة عللن ديللون بفللوائد والغللالب أن الللذي يصللدر‬
‫هذه السندات شللركات أو بنللوك أو دول وهللذه الشللركات أو‬
‫البنللوك أو الللدول فللي حكللم المليللء البللاذل‪ ,‬فتأخللذ هللذه‬
‫السندات حكم القسم الول من أقسام الديون فنقول تجللب‬
‫الزكاة في هذه السندات لنهلا عبلارة عللن ديللون عللى هللذه‬
‫البنوك أو الشركات أو الدول وهذه تكون فللي حكللم المليللء‬
‫الباذل ولو كانت مؤجلة كما سلف لنللا أن الزكللاة تجللب فللي‬
‫الموال المؤجلة ‪.‬‬
‫أما ما يتعلق بالفائدة الربوية فهللذه موضللع خلف وسللبق أن‬
‫ذكرنا أن الموال المحرمة ل تجب الزكاة فيها ‪ ،‬فنقول هللذه‬
‫القللروض تجللب الزكللاة فيهللا أمللا بالنسللبة لفوائدهللا الربويللة‬
‫فنقللول ل يزكيهللا فلللو كللان مثل ً القللرض عشللرة ألف ريللال‬
‫وفائدته الربوية ألفان أو ثلثللة آلف ريللال نقللول يزكللي عللن‬
‫عشرة وأما الفائدة الربوية فهذه كمللا تقللدم لنللا أن المللوال‬
‫المحرمة ل تجب الزكاة فيها ‪.‬‬
‫المسألة السابعة‪ :‬زكاة أسهم الشركات‬

‫‪587‬‬
‫ومما ل شك فيه أن كثيرا ً من الناس اليوم صللار لهللم تعامللل‬
‫مع هذه السهم سواء كان ذلك عن طريلق الكتتلاب أو كلان‬
‫عن طريق البيع والشراء والمضاربة ونحن ذلك ‪.‬‬
‫وأسهم الشركات فيها مسألتان ‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬تعريف أسهم الشركات‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬خلف العلماء رحمهم الله فللي زكللاة أسللهم‬
‫الشركات وكيفية زكاتها ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬بيان الراجح في كيفيللة إخللراج زكللاة أسللهم‬
‫الشركات ‪.‬‬
‫المسألة الولى في بيان تعريف أسهم الشركات‪:‬‬
‫أسهم الشركات ‪ :‬يراد بها الحصة التي يملكهللا الشللريك فللي‬
‫شركات المساهمة ‪ .‬وهذه الحصة تمثل جزءا ً من رأس مللال‬
‫الشركة ‪.‬‬
‫وقال بعض العلماء في تعريف السهم فللي الشللركات ‪ :‬بللأنه‬
‫صك يمثل نصيبا ً عينيا ً أو نقديا ً في رأس مللال الشللركة قابللل‬
‫للتداول ُيعطي مالكه حقوقا ً خاصة ‪.‬‬
‫وقلنا في تعريف أسهم الشركات بأنها الحصللة الللتي يملكهللا‬
‫الشريك في الشركات المساهمة ‪.‬‬
‫والشللركات المسللاهمة ‪ :‬هللي الللتي يقسللم رأس مالهللا إلللى‬
‫أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول ‪.‬‬
‫فمثل ً هذه الشركة تجعل قيمة السهم خمسين ريال ً أو قيمللة‬
‫السهم مئة ريال ثم بعد ذلك يدخل الناس في الكتتللاب فللي‬
‫هللذه الشللركة فهللذه تسللمى فللي اصللطلح المتللأخرين بأنهللا‬
‫شركة مساهمة ‪.‬‬
‫بخلف الشركات الللتي كللانت موجللودة فللي الزمللن السللابق‬
‫شللركة المضللاربة وشللركة الجللور وشللركة العنللان وشللركة‬
‫البدان ‪ .‬الن المقصود من الشركات التي وجدت الشللركات‬
‫المساهمة التي يقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة‬
‫وقابلة للتداول ‪.‬‬

‫‪588‬‬
‫السهم في الشركة يعتللبر مللال والزكللاة تجللب فللي المللوال‬
‫وتقدم الدليل على ذلك‪.‬‬
‫ولهللذا اختلللف المتللأخرون فللي كيفيللة إخللراج زكللاة السللهم‬
‫وذكروا في ذلك تفصيلت ولهم أقوال كثيرة لكنني سأقتصللر‬
‫على أهم القوال ثم بعد ذلك سأقوم بتلخيلص المسلألة فلي‬
‫زكاة السهم حسللب مللا يترجللح مللن الللدليل ومللا تللدل عليلله‬
‫الدلة الشرعية إلى أقسام ثلثة كما سيأتي بيانها ‪:‬‬
‫القوال في كيفية زكاة السهم ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬قللالوا ينظللر إلللى نشللاط الشللركة فللإن كللانت‬
‫الشركة صناعية فتجب الزكاة في ربحهللا وإن كللانت تجاريللة‬
‫فتجب الزكاة في قيملة السلهم السلوقية يعنلي ملا تسلاويه‬
‫هذه السهم في السوق عند حولن الحول ‪.‬‬
‫ومقدار الزكاة على هذا القلول كزكلاة التجلارة ربللع العشللر‪،‬‬
‫وإن كانت صناعية فالزكاة في الربح ربللع العشللر وإن كللانت‬
‫تجارية قالوا بأن الزكللاة تكللون فللي قيمللة السللهم السللوقية‬
‫ويكون ذلك بمقدار ربع العشر لن هذا هو قدر زكاة عللروض‬
‫التجارة ‪.‬‬
‫القول الثلاني ‪ :‬أن الزكلاة فلي السلهم يختللف بحسلب نيللة‬
‫المساهم ونوعية السهم ‪ ،‬وهذا ل يخلو من أمرين ‪:‬‬
‫ملللك السللهم للفللادة مللن‬ ‫المر الول ‪ :‬أن يكون المساهم ت َ َ‬
‫ريعها ل للتجارة فيهللا فهللو ل يريللد أن يضللارب وأن يللبيع وأن‬
‫يشتري وإنما تملك السهم لكي يستفيد من ريعها ‪ ،‬في آخللر‬
‫السنة الشركة تعطيلله كللذا وكللذا مللن الربللح ‪ ،‬وهللذا يختلللف‬
‫باختلف نشاط الشركة فللإن كللانت الشللركة زراعيللة فتجللب‬
‫عليه زكاة الزروع ؛ العشر أو نصف العشر ‪ .‬العشر إن كانت‬
‫هذه المزروعات تسقى بل مؤونللة ونصللف العشللر إن كللانت‬
‫تسقى بمؤونة ‪.‬‬
‫وإن كللانت صللناعية فللإن الزكللاة تكللون فللي صللافي أربللاح‬
‫الشركة ويخرج ربع العشر من الربح ‪.‬‬

‫‪589‬‬
‫وإن كللانت تجاريللة فللإنه يخللرج ربللع العشللر قيمللة السللهم‬
‫الحقيقية وليس السوقية ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬إن كان المساهم تملك هذه السهم فللي هللذه‬
‫الشركات وهو يريد الستثمار البيع والشراء ول يريد أن يأخذ‬
‫ريعا ً فإنه يزكي أسهمه بقيمتها السوقية وليس الحقيقة ‪.‬‬
‫القول الثالث ‪ :‬أن هذه المسألة ل تخلو من أمرين ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬أن تقوم بإخراج الزكاة ‪ ،‬فالشركة تعتبر أمللوال‬
‫المساهمين كمال الشخص الواحد بناءً على مسللألة الخلطللة‬
‫التي يتكلم عليها العلماء رحمهم الله في الماشية ‪.‬‬
‫فإن كانت صناعية تخرج ربع العشر من صافي الربللاح ‪ .‬وإن‬
‫كانت زراعية تخرج زكاة الزروع العشر أو نصف العشللر وإن‬
‫كانت تجارية تخرج ربع العشر من قيمة السهم السوقية ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬أن يكللون المسللاهم هللو الللذي يريللد أن يخللرج‬
‫الزكاة ‪.‬‬
‫فللإن كللان المسللاهم اقتنللى هللذه السللهم للللبيع والشللراء‬
‫والمضاربة فيها ‪ ،‬فإنه يخرج زكاة عروض تجارة فينظللر إلللى‬
‫قيمة السهم السوقية ويخرج ربع العشر ‪.‬‬
‫وإن كان المساهم اقتنى هذه السهم لكن لم يقصد التجللارة‬
‫إنما قصد الربح فإنه يزكيها زكاة مستغلت وهللذا سلليأتينا إن‬
‫شاء الله في زكاة المصانع ‪.‬‬
‫كيف زكاة مستغلت ؟‬
‫يعني ينظر إلى الربح ويخرج ربع العشللر ‪ ،‬فللإذا قبللض الربللح‬
‫يزكيه ربع العشر وأيضا ً يقولون يزكيه ربع العشر بعللد قبضلله‬
‫مللن حللولن الحللول ‪ .‬وقريللب مللن هللذا قللرار مجمللع الفقلله‬
‫السلمي المنعقد في مكة برقم )‪. (120‬‬
‫هناك أقوال أخرى لكن هذه القللوال الللتي ذكللرت هللي أبللرز‬
‫القوال ‪.‬‬
‫والخلصة في زكاة السهم نقللول بللأن زكللاة السللهم يترجللح‬
‫بحسب الدليل أنها تنقسم إلى ثلثة أقسام ‪:‬‬

‫‪590‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يكون المساهم هللو الللذي يريللد أن يخللرج‬
‫الزكاة وتملك هذه السهم للفادة من ريعهلا ل يريللد أن يللبيع‬
‫ويشتري إنما يريد أن يجني أرباحًا‪.‬‬
‫أما كيفية الزكاة نقللول ‪ :‬فللإن كللانت الشللركة تجاريللة فهللذه‬
‫يزكللي ربللع العشللر مللن قيمللة السللهم الحقيقللة ‪،‬وإن كللانت‬
‫زراعية فإنه يخرج زكاة زروع‪ :‬العشر أو نصف العشللر ‪ ،‬وإن‬
‫كانت صناعية فإنه يخرج ربع عشر الربح ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يكون المزكي هو المسللاهم وتملللك هللذه‬
‫السهم للستثمار للبيع والشراء والمضاربة ‪ ،‬فنقول إذا حال‬
‫عليها الحول فإنه يخللرج قيمللة السللهم السللوقية يخللرج ربللع‬
‫عشر قيمتها‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬أن يكون المزكي هو الشللركة فللإن الشللركة‬
‫كما تقدم تجعل أموال المساهمين كمال الشللخص الواحللد ‪،‬‬
‫فإن كان نشاطها تجاريا ً فإنها تخرج ربع عشر قيمللة السللهم‬
‫السوقية ‪.‬‬
‫وإن كان نشاطها صناعيا ً فإنها تخرج ربع عشر صافي الرباح‬
‫وإن كان نشاطها زراعيا ً فإنها تخرج زكاة الزروع ‪ :‬العشر أو‬
‫نصف العشر ‪.‬‬
‫المسألة الثامنة ‪ :‬زكاة الحساب الجاري‬
‫وزكاة الحساب الجاري فيه ثلث مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف الحساب الجاري ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬التكيف الشرعي للحساب الجللاري ‪ ،‬وهللذه‬
‫مسألة مهمة ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬كيفية إخراج زكاة الحساب الجاري ‪.‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف الحساب الجاري ‪.‬‬
‫الحساب الجاري ‪ :‬هي المبالغ النقدية الللتي يودعهللا صللاحبها‬
‫المصرف – البنك ‪ -‬ويلتزم المصللرف بللدفعها لصللاحبها مللتى‬
‫طالب بها ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬ما هو التكيف الشرعي لهللذه المبللالغ الللتي‬
‫تودع عند هذه المصارف ؟‬

‫‪591‬‬
‫العلماء اختلفللوا فللي ذلللك علللى أقللوال وأهللم هللذه القللوال‬
‫قولن ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬قالوا بأن هذه المبالغ المودعة في هذه البنوك‬
‫هي إقراض من صاحب المال للمصرف ‪ ،‬لكن من خصللائص‬
‫هذا القرض أن صاحب المال متى أراد أن يأخذ هللذا القللرض‬
‫أخذه ‪ ،‬وهذا ما عليه أكثر المتللأخرين وهللو الللذي ذهللب إليلله‬
‫مجمع الفقه السلمي ‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرة منها ‪:‬‬
‫* أن العللبرة بالمعللاني وليللس باللفللاظ والمبللاني ‪ ،‬فهللذه‬
‫الموال التي تودع عبارة عن قروض لن الللذي يللودع أمللواله‬
‫للمصرف يأذن للمصللرف أن يتصللرف فيهللا كمللال التصللرف‬
‫يبيع ويشتري ويضارب فيها وهكذا حكللم الوديعللة ‪ ،‬والفقهللاء‬
‫رحمهم الللله ينصللون علللى أن المللودع إذا قللال للمللودع لللك‬
‫تتصرف فيها وتبيع وتشتري أنها تنقلب من كونها وديعللة إلللى‬
‫كونها قرضا ً ‪.‬‬
‫* أن القرض هو بللذل مللال لمللن ينتفللع بله وي َلُرد بللدله وهللذا‬
‫موجود في هذه الودائع فأنت تبذل هللذه المللوال للمصللارف‬
‫والمصرف يرد بللدله وأمللا الوديعللة فيللرد عينهللا ‪ .‬الن تجعللل‬
‫عشرة آلف ريال بأرقامها ومع ذلك المصرف ما يللرد عليللك‬
‫هذه العشرة بعينها إنما يرد عليك بدلها ‪ ،‬لكن لو كللان وديعللة‬
‫يرد عليك عين هذه العشرة وليس بدلها ‪.‬‬
‫* أن المصللرف يلللتزم ضللمان هللذه المللوال ‪ ,‬فلللو تلللف‬
‫المصرف واحترق قالوا بأنه يضمن وهذا هو القللرض ‪ ،‬فللأنت‬
‫لو أقرضت زيدا ً مللن النللاس ألللف ريللال وأخللذه وتلللف بيللده‬
‫يضمن لنه دخل في ملكه سواء تعدى أو لم يتعدى أو فللرط‬
‫أو لم يفرط ‪ ,‬لكن لو كان وديعة فإن المودع أمين ل يضللمن‬
‫إل إن تعدى أو فرط ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أن هذه الموال الللتي تللودع فللي البنللوك أنهللا‬
‫ودائع وليست قرضا ً ‪.‬‬

‫‪592‬‬
‫قالوا لن الحسللاب الجللاري تحللت طلللب المللودع يملللك رده‬
‫متى شاء وهذا معنى الوديعة ‪.‬‬
‫ول شك أن ما ذهب إليه مجمع الفقه السلمي هو الصللواب‬
‫في هذه المسألة وكونه يملك رده مللتى شللاء أيض لا ً القللرض‬
‫يملك رده متى شاء فهذا الدليل كما أنه يكللون فللي الوديعللة‬
‫أيضا ً يكون في القرض بل إن الحنابلة يقولون بأن القرض ل‬
‫يتأجل بالتأجيل أي إذا أقرضته ألف ريال لمللدة سللنة لللك أن‬
‫تطالبه الن ‪ ,‬وحتى لو قلنا بأنه يتأجل بالتأجيل نقول أنت إذا‬
‫أودعت البنك هذه الدراهم فإنك اشترطت عليه أن تستردها‬
‫متى شئت ‪ ,‬والمسلمون على شروطهم ‪.‬‬
‫هللذا هللو التكييللف الشللرعي لهللذه الللودائع الللتي تكللون فللي‬
‫المصارف وبهذا نفهم أنها تكون من قبيل الديون التي تكللون‬
‫علللى مليللء ‪ ,‬والللدين علللى مليللء تجللب فيلله الزكللاة بللل‬
‫المصرف أشللد ملءة مللن المللدينين لن المصللرف أي وقللت‬
‫وأي ساعة تستطيع أن تأخذ مالك ‪.‬‬
‫فإذا كنا نرجح أن الزكللاة تجللب فللي الللديون إذا كللانت علللى‬
‫مليء فوجوب الزكاة في الللديون الللتي فللي المصللارف مللن‬
‫باب أولى لن ملءة المصارف أشد من غيرهللا لنللك فللي أي‬
‫وقت تستطيع أن تسحب مالك ‪ ,‬فكأن المال تحت يدك ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬كيفية إخراج زكاة الحساب الجاري ‪.‬‬
‫هذه الموال التي يودعها أصحابها فللي هللذه المصللارف تزيللد‬
‫وتنقص تقدم لنا في الراتب الشهري أنه الحسن كمللا أفتللت‬
‫اللجنة الدائمة أن النسان يحدد له وقت لا ً أنلله مللن أول راتللب‬
‫يتملكه ينظر بعد أن يحول الحول ينظر إلى مللا تجمللع عنللده‬
‫من الموال فإن كانت حال عليهللا الحللول يللؤدي زكاتهللا فللي‬
‫وقتها وإن كانت لم يحل عليها الحللول فللإن يكللون قللد عجللل‬
‫زكاتها ‪.‬‬
‫ومثللل هللذا يأخللذ الحكللم فللي المللوال الللتي تللودع إن كللانت‬
‫ليست ربح تجارة ول نتللاج سللائمة وإن كللانت ربللح تجللارة أو‬
‫نتاج سائمة فحولهللا واحللد لكللن ليسللت ربللح تجللارة ول نتللاج‬

‫‪593‬‬
‫سائمة فعنده مال وأضاف إليه مال آخر اكتسبه عللن طريللق‬
‫الهبة أو راتب أو إرث فلكل له حول مستقل إما أن يجعل له‬
‫جدول ً حسابيا ً وينظر متى أودع هذا المللال ومللتى حللال عليلله‬
‫الحول وهذا فيه مشقة وعسر أو أنه يحللدد للله زمن لا ًً ويخللرج‬
‫فيه زكاة هذه الموال ‪ .‬ينظر كم تجمع عنده فإذا حللال عليلله‬
‫الحول ينظر قد يكون قليل ً وقد يكون كللثيرا ً ومللا حللال عليلله‬
‫الحول يكون قد أدى زكاته ومللا لللم يحللل عليلله الحللول فللإنه‬
‫عجل زكاته ‪ ,‬اللهم إل إذا سحب من الموال بحيث أنه نقص‬
‫النصاب أي ما عنده شيء ‪ .‬أي البنك ليس فيه شيء فليللس‬
‫عنده أموال أخرى – انتبه لهللذه المسللألة – قللد يكللون عنللده‬
‫أموال أخرى أي قد يكون هذا الحاسللب مللا فيلله شلليء لكللن‬
‫عنده حساب ثاني أو عنده في البيت مال أو عنده ذهب ‪.‬‬
‫مثل ً إذا سحب المال وبقي أقل مللن النصللاب انقطللع الحللول‬
‫فإذا تم النصاب ابتدأ الحول لكن نتنبه إلللى مسللألة وهللي أن‬
‫بعض الناس يقول أن الحاسب ما فيه شيء وما عليلله زكللاة‬
‫قد يكللون فيلله مثل ً ‪ 200‬ريللال والنصللاب خمللس مئة ريللال ‪,‬‬
‫لكن عنده أموال ثانية في حساب آخر أو فللي الللبيت يضللمها‬
‫في تكميل النصاب فقد يكللون عنللده ذهللب قللد يكللون عنللده‬
‫عللروض تجللارة فتضللم ويخللرج زكللاة هللذا المللال الللذي فللي‬
‫الحساب وإن كان أقل من النصاب ‪.‬‬
‫المسألة التاسعة ‪ :‬زكاة الصناديق الستثمارية‬
‫وفيها مسألتان ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف الصناديق الستثمارية ‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬كيفية زكاة الصناديق الستثمارية ‪.‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف الصناديق الستثمارية ‪:‬‬
‫الصناديق السلتثمارية‪ :‬هللي وعللاء للسلتثمار لله ذمللة ماليلة‬
‫مستقلة يهدف إلى تجميع الموال واسللتثمارها فللي مجللالت‬
‫متعددة ‪ ،‬وتدير هذه الصناديق شركة استثمار ‪.‬‬
‫وهناك تعاريف أخرى لكن نقتصر على هذا التعريف ‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬زكاة الصناديق الستثمارية ‪:‬‬

‫‪594‬‬
‫نقول أن هذه الصناديق تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أن يكون اسللتثمارها فللي نشللاط معيللن مثللل‬
‫النشاط الصناعي أو الزراعي ‪ ،‬فهذه حكم زكاتها حكم زكللاة‬
‫هذا النشاط كما تقدم لنا ‪:‬‬
‫فإذا كان نشاطها صناعيا ً فإن الزكللاة علللى صللافي الربللاح ‪:‬‬
‫ربع العشر ‪.‬‬
‫وإن كان نشاطها زراعي لا ً فزكاتهللا زكللاة الللزروع ‪ :‬العشللر أو‬
‫نصف العشر ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬أن يكللون اسللتثمارها فللي النشللاط التجللاري‬
‫بتقليب المال بالبيع والشراء ‪ ،‬وهذا هللو الغللالب اليللوم علللى‬
‫الصناديق الستثمارية ‪.‬‬
‫فالذي يودع أمواله في هذه الصناديق فل يخلو من أمرين ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬أن يكون التفاق بين رب المال والقائمين على‬
‫هذه الصناديق الستثمارية هو المضللاربة بهللذا المللال بمعنللى‬
‫أنهم يعملون في هذه الموال بللالبيع والشللراء بجللزء معلللوم‬
‫مشاع من الربح مثل ً بل ‪. %2‬‬
‫فنقللول بالنسللبة لللرب المللال – المضللارب – يجللب عليلله أن‬
‫يزكي زكاة عروض التجارة ‪ ،‬فينظر إذا حال الحول إلى قيمة‬
‫أسهمه السللوقية كللم تسللاوي ‪ ،‬ثللم يخللرج ربللع العشللر‪ ،‬وإذا‬
‫أعطي شيئا ً من الرباح فإنه يخرج زكاتها مباشرة ربع العشر‬
‫‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للقائمين على الصناديق الستثمارية هللذا ينبنللي‬
‫على خلف أهل العلم رحمهم الللله المضللاَرب ‪ -‬مللن أعطللى‬
‫المللال وهللم هللذه الشللركة القائمللة علللى هللذه الصللناديق‬
‫الستثمارية ‪ -‬هل يجب عليه أن يزكي على الربح أو ل ؟‬
‫الرأي الول ‪ :‬إذا ظهر الربح أي إذا اشتغلت ثم ربحللت هللذه‬
‫الشركة ‪ ،‬فالن ملكت فيجب عليها أن تزكي إذا حللال عليهللا‬
‫الحول من حين الربح‪.‬‬

‫‪595‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬وهو المشهور من مذهب المام أحمللد رحملله‬
‫الله تعالى أنه ل تجلب علللى الشللركة ‪ -‬القلائمين عللى هلذه‬
‫الصناديق ‪ -‬الزكاة حق تقبض هذا الربح ويحول عليه الحول‪.‬‬
‫المللر الثللاني ‪ :‬أن تكللون حقيقللة العلقللة بيللن رب المللال‬
‫كلهم‬ ‫والقائمين على هذه الصناديق هي الوكالة بمعنى أنه يللو ّ‬
‫في العمل بأمواله بجزء ‪.‬‬
‫فبالنسبة لرب المال فإنه يزكي زكاة عللروض تجللارة فينظللر‬
‫إلى قيمة السهم السللوقية ويخلرج ربللع العشللر ‪ ،‬وإذا قبلض‬
‫شيئا ً من الربح أخرج ربع عشره لن الربللح هللذا حللوله حللول‬
‫الصل ‪.‬‬
‫وأما بالنسبة للقائمين على هذه الصللناديق فمللا يأخللذونه هللو‬
‫أجرة على عملهم ‪.‬‬
‫والصحيح من أقوال أهل العلم أن الجرة ل تجب فيها الزكاة‬
‫حتى يحللول عليهللا الحللول مللن حيللن العقللد فنقللول إذا حللال‬
‫الحول على هذه الجللرة مللن حيللن العقللد نقللول تجللب فيهللا‬
‫الزكاة ‪.‬‬
‫المسألة العاشرة ‪ :‬زكاة المصانع‬
‫وفيها أربع مسائل‪:‬‬
‫المسللألة الولللى ‪ :‬هللل تجللب الزكللاة فللي زكللاة غلللة هللذه‬
‫المصانع وعن أعيان المستغلت ؟ ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬زكاة السلع المصنعة ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬زكاة المواد الخام ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬زكاة المواد المساعدة في التصنيع ‪.‬‬
‫الفقهاء في الزمن السللابق تحللدثوا عللن زكللاة المسللتغلت ‪،‬‬
‫والملراد بالمسللتغلت هلي كلل أصللل ثللابت يلدر دخل ً تتجللدد‬
‫منفعتلله ‪ .‬وفللي زماننللا هللذا خللاض الفقهللاء فللي الهيئات‬
‫والمللؤتمرات الفقهيللة فللي الحللديث عللن زكللاة المسللتغلت‬
‫وخصوصا ً فيملا يتعللق بالمصللانع لن المصللانع نشللأت حللديثا ً‬
‫وتطورت سريعا ً وهي من أكبر قنوات الستثمار فللي العصللر‬
‫الحاضر لضخامة رؤوس أموالها وكثرة إنتاجها ‪.‬‬

‫‪596‬‬
‫المسللألة الولللى ‪ :‬هللل تجللب الزكللاة فللي زكللاة غلللة هللذه‬
‫المصانع وفي أعيان المستغلت ؟‬
‫والمراد " بأعيان المستغلت "‪ :‬ما تحتويه هذه المصللانع مللن‬
‫آلت ومكائن ‪ ...‬الخ ‪.‬‬
‫والمراد "غلة العيان" ‪ :‬أي غلته ما تنتجه هذه المصانع ‪.‬‬
‫فهذه اختلف فيهللا العلمللاء رحمهللم الللله تعللالى علللى أقللوال‬
‫نقتصر على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬أن الزكاة ل تجب في أعيان المستغلت أي ما‬
‫يوجد في هذه المصانع الضخمة مللن آلت ومكللائن ومعللدات‬
‫ُيحتاج إليها فلي المصلنع إنملا تجللب الزكلاة فلي الغللة الللتي‬
‫ل على إنتاجها ‪.‬‬ ‫ينتجها المصنع بعد أن يمضي حو ٌ‬
‫وهذا رأي مجمع الفقه السلمي ‪.‬‬
‫واستدلوا بأدلة منها ‪:‬‬
‫* أن النبي ‪ r‬قال ‪ » :‬ليس على المسلم في فرسه ول عبده‬
‫صدقة « )‪.(27‬‬
‫فالشياء التي يقتنيها المسلم ل لقصد البيع والشللراء ‪ ،‬وإنمللا‬
‫للقنية مثلل الفللرس يختللص بله والرقيللق للخدمللة والسليارة‬
‫والبيت هذه قالوا ل زكاة فيها لنه ل يراد فيها البيع والشللراء‬
‫وإنما تراد هذه الشياء لما يترتب عليها من إنتاج ونحللو ذلللك‬
‫أي للفادة منها في تصنيع هذه المواد فهذه مثل البيت الذي‬
‫يسكنها النسان والسيارة التي يركبهلا والنلاء اللذي يسلتفيد‬
‫منه في الكللل والطبللخ والشللرب ومثللله أيضلا ً هللذه اللت ‪،‬‬
‫وأما الغلة فإنه تجب الزكاة فيها لن حقيقللة هللذه الغللة أنهلا‬
‫عروض تجارة وأنها مال لنها ل تراد لللذاتها وإنمللا تللراد للللبيع‬
‫دفع بيعا ً‬‫شترى ثم بعد ذلك تصنع ثم بعد ذلك ت ُ ْ‬ ‫فهذه الشياء ت ُ ْ‬
‫للمستهلك ‪ ،‬فهي مال ‪.‬‬
‫َ‬
‫م?)‬ ‫معْل ُللو ٌ‬
‫حلقّ ّ‬‫م َ‬
‫وال ِهِ ْ‬
‫مل َ‬
‫ن ِفي أ ْ‬ ‫والله عز وجل يقول ‪َâ :‬وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪. (28‬‬

‫‪597‬‬
‫خلذ ْ مل َ‬
‫م‬ ‫ة ت ُط َهُّرهُل ْ‬ ‫صلد َقَ ً‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫مل َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫والله عز وجل يقللول ‪ُ â :‬‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬ ‫سل ِ‬‫ه َ‬ ‫م َوالل ّل ُ‬ ‫ن ل ّهُ ل ْ‬ ‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ل عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫كيِهم ب َِها وَ َ‬‫وَت َُز ّ‬
‫م ? )‪.(29‬‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫القول الثاني ‪ :‬أنه تجب الزكاة في أعيان المستغلت وكذلك‬
‫أيضا ً تجب الزكاة في غلتها ‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك ‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ة ت ُط َهُّرهُل ْ‬ ‫صلد َقَ ً‬ ‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫مل َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫خلذ ْ ِ‬ ‫بقول اللله علز وجللل ‪ُ â :‬‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬ ‫سل ِ‬‫ه َ‬ ‫م َوالل ّل ُ‬ ‫ن ل ّهُ ل ْ‬ ‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ل عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫كيِهم ب َِها وَ َ‬‫وَت َُز ّ‬
‫م ? )‪ .(30‬وهذه أموال ‪.‬‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫ونوقش ‪ :‬صحيح أنها مال لكن دل الدليل على أن هذا المال‬
‫خللارج منلله وجللوب الزكللاة كالسلليارة الللتي يملكهللا النسللان‬
‫والبيت الذي يملكه ويختص به للسكنى ‪ ،‬هذه ل زكاة فيها ‪.‬‬
‫الترجيح ‪ :‬الصواب في ذلك أن الزكاة إنما تجللب فللي الغلت‬
‫دون أعيان الغلت ‪.‬‬
‫والخلصة في هذه المسللألة ‪ :‬أن مللا يتعلللق بزكللاة المصللانع‬
‫فيما يتعلق بأعيانها وغلتها أنها تنقسم إلى قسمين ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬أعيان الغلت من آلت ونحوهللا هللذه ل تجللب‬
‫فيها الزكاة ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬مللا يتعلللق بللالغلت الللتي تنتجهللا هللذه اللت‬
‫نقول هذه تجب فيها الزكاة إذا حال عليهللا الحللول مللن حيللن‬
‫إنتاجها لنها مال واحللد يتقلللب والربللح فيلله تللابع لصللله فللي‬
‫حوله وِنصابه ‪.‬‬
‫ويتبين بهذا أن المصانع إذا بللاعت هللذه السلللع الللتي صللنعتها‬
‫فإنها تزكيها إذا حال عليها الحول من حين النتاج فُينظر إلى‬
‫خَرج قدر زكاة تجارة ربع العشر‪.‬‬ ‫صافي الرباح وي ُ ْ‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬زكاة السلع المصنعة ‪:‬‬
‫إذا كللان هنللاك سلللع ُأنتجللت ولللم ُتبللع كللأن تكللون فللي‬
‫المسللتودعات ‪ ،‬فهللل تجللب فيهللا الزكللاة أو ل تجللب فيهللا‬
‫الزكاة ؟ هذا موضع الخلف بين المتأخرين ‪:‬‬

‫‪598‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬أنه تجب فيها الزكاة وإن لم تبللع لنهللا عللروض‬
‫تجارة تراد للبيع ‪ ،‬فإذا بقيت حول ً من حين إنتاجها فإنه يجللب‬
‫أن يخرج فيها ربع العشر ‪.‬‬
‫وهذا ما عليه أكثر العلماء المتأخرين ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬ذهب بعلض المتلأخرين إللى أنله ل تجلب فيله‬
‫الزكاة في مثل هذه البضائع التي لم تبع ‪.‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬
‫ص لّنعت‬‫والصواب هو الرأي الول وأنه تجب الزكللاة فيهللا إذا ُ‬
‫خللرج ربللع‬‫وحال عليها الحول من إنتاجها فتقدر كم قيمتهللا وي ُ ْ‬
‫العشر ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة ‪ :‬زكاة المواد الخام ‪:‬‬
‫ويقصد بالمواد الخام المواد الولية التي تتركب منهللا السلللع‬
‫المصلللنعة مثلللل الحديلللد للسللليارات والقطلللن والصلللوف‬
‫للمنتوجلللات والخشلللب لللللدواليب أو اللمنيلللوم للبلللواب‬
‫والنوافذ ‪..‬إلخ ‪.‬‬
‫فهل تجللب الزكللاة فللي هللذه المللواد الخللام أو ل تجللب فيهللا‬
‫الزكاة ؟ هذا موضع الخلف بين المتأخرين ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬أنه تجب فيها الزكاة ‪.‬‬
‫وهذا قللول أكللثر أهللل العلللم المعاصللرين وبلله أفتللت النللدوة‬
‫السابعة لقضلايا الزكلاة المعاصللرة المنعقلدة فلي الكللويت ‪.‬‬
‫واستدلوا على ذلك ‪:‬‬
‫قالوا بأن هذه المواد الخام ل تقصد لذاتها وإنما يقصد بها أن‬
‫تصنع وأن تباع فهي داخلة في عللروض التجللارة فتجللب فيهللا‬
‫الزكاة وحولها حللول أصلللها لن هللذه المللوال ل تللراد لعينهللا‬
‫وإنما تراد لقيمتها ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أنه ل تجب الزكاة فيها ‪.‬‬
‫استدل القائلون بأنها ل تجب فيها الزكللاة بأنهللا ل تللراد للللبيع‬
‫وإنما تراد للتصنيع‬

‫‪599‬‬
‫مسّلم لن هذه الموال هي مرادة للبيع‬ ‫نوقش ‪ :‬أن هذا غير ُ‬
‫فالمصنع إنما اقتنى هذه الشياء لكي يصنعها على شكل آخر‬
‫ثم بعد ذلك يبيعها على المستهلك ‪.‬‬
‫المسألة الرابعة ‪ :‬زكاة المواد المساعدة في التصنيع ‪:‬‬
‫والمراد " بالمواد المساعدة في التصنيع " ‪:‬هي المواد الللتي‬
‫ل تللدخل فللي تركيللب المصللنوعات ولكللن يحتللاج إليهللا فللي‬
‫التصنيع ‪ .‬مثل الوقود ومثل الزيوت والغلاز و نحلو ذللك فلإذا‬
‫اقتنيت مثل هذه المواد‬
‫فهل تجب فيها الزكاة أو ل تجب فيها الزكاة ؟‬
‫هذه الشياء ل تجب فيها الزكاة فهللي كالصللول الثابتللة كمللا‬
‫تقدم لنا ‪.‬‬
‫وهذا قول أكثر المتأخرين فلو حال عليهللا الحللول وهللي عنللد‬
‫النسان فإنه ل يجب عليه أن يخرج الزكاة ‪.‬‬
‫وأما ما تحتاج إليه هللذه المصللنوعات مللن العلللب والكراتيللن‬
‫ومواد البلستيك والعلب التي توضع فيه هللذه الشللياء نقللول‬
‫هذه داخلة في السلع التي تصللنع فتجللب فيهللا الزكللاة نقللول‬
‫هذه تجللب فيهللا الزكللاة فهللي تختلللف عللن الوقللود لن هللذه‬
‫تذهب فهي ل تبقى إنما تذهب ‪.‬‬
‫المسألة الحادية عشر‪ :‬حفر البار للفقراء من الزكاة‬
‫وهذا يوجد اليوم عند كثير من الجمعيات الخيريللة وخصوصللا ً‬
‫الجمعيات الخيرية التي تعمل خارج البلد ويحتاج المسلللمون‬
‫في تلك البلد إلى حفر البار ‪ ,‬فهل لهذه الجميعات الخيريللة‬
‫أن تقوم بحفر البار من الزكاة أو ل ؟‬
‫هذه المسألة تنبني على شللرط ذكللره العلمللاء رحمهللم الللله‬
‫مّلك الفقير للزكللاة‬ ‫تعالى فقالوا بأنه يشترط في الزكاة أن ي ُ َ‬
‫ويدل لهذا قوله ‪ » : r‬تؤخذ من أغنيائهم وترد علللى فقرائهللم‬
‫« وعلى هذا لو أن الغني صنع طعاما ً وقال للفقراء كلوا منه‬
‫‪ ،‬قال العلماء ل يجزئه ذلللك عللن الزكللاة لن هللذا ليللس فيلله‬
‫تمليكا ً لهم ‪.‬‬

‫‪600‬‬
‫و تنبنللي علللى مسللألة أخللرى وهللي أن الزكللاة لهللا مصللارف‬
‫مللا‬ ‫محددة في الشرع بّينها الله عز وجل في كتابه فقال‪ â :‬إ ِن ّ َ‬
‫مؤَل َّف ل ِ‬
‫ة‬ ‫ن عَل َي ْهَللا َوال ْ ُ‬ ‫ن َوال ْعَللا ِ‬
‫مِلي َ‬ ‫كي ِ‬ ‫سللا ِ‬ ‫م َ‬‫ت ل ِل ُْفَق لَراء َوال ْ َ‬ ‫ص لد ََقا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ل‬‫سِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سِبي ِ ّ‬ ‫ب َوال َْغارِ ِ‬ ‫م وَِفي الّرَقا ِ‬ ‫قُُلوب ُهُ ْ‬
‫ل اللهِ َواب ْ ِ‬ ‫ن وَِفي َ‬ ‫مي َ‬
‫م ? )‪. (31‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ن الل ّهِ َوالل ّ ُ‬
‫م َ‬‫ة ّ‬‫ض ً‬‫ري َ‬ ‫فَ ِ‬
‫فإذا حفرنا مثل ً بئرا ً بعشرة آلف ريال مللن الزكللاة فللإن هللذا‬
‫البئر ليس لها مالك معيللن فيتخلللف عنللدنا هللذا الشللرط لن‬
‫ملللك الفقيللر‬ ‫الزكاة كما أسلفنا ل بد أن يكون لها مالك وأن ت ُ َ‬
‫وهنا لم يملك الفقير هللذا الللبئر ل يختللص بلله زيللد ول عمللرو‬
‫وإنما هي لعموم المسلمين ‪.‬‬
‫‪.‬‬
‫والمر الثاني‪ :‬وهي أن الزكللاة لهللا مصللارف محللددة شللرعا ً‬
‫ومثللل هللذه البللار ل تكللون خاصللة بللالفقراء فيسللتفيد منهللا‬
‫الغنياء وكذلك أيضا ً يستفيد منها الفقراء ‪ ,‬والغني ليس مللن‬
‫أهل الزكاة ‪.‬‬
‫وبهذا يتبين لنا أن الزكللاة ل تصللح فيمللا يتعلللق بحفللر البللار‪،‬‬
‫واستثنى بعض المتأخرين إذا لم يمكللن حفللر البللار إل بمللال‬
‫الزكللاة وهللذا يكللون داخللل تحللت قاعللدة الضللرورات تبيللح‬
‫المحذورات ‪.‬‬
‫المسألة الثانية عشر‪ :‬شراء بيت للفقير من مال الزكاة‬
‫هل يجوز أن نشتري للفقير بيتا ً من مال الزكاة ؟‬
‫هذه المسألة تنبني على مسألة وهي ما هو مقدار ما يعطللاه‬
‫الفقير من الزكاة ؟‬
‫الللرأي الول ‪ :‬أن مقللدار مللا يعطللاه الفقيللر مللن الزكللاة هلو‬
‫كفاية العام له ولمن يمونه من النفقلات الشلرعية والحلوائج‬
‫الصلية )‪ . (32‬وهذا هو المشهور مللن مللذهب المللام أحمللد‬
‫رحمه الله تعالى ‪.‬‬
‫" النفقات الشرعية "‪ :‬مثل الطعام والشراب وأجرة السكن‬
‫‪.‬‬

‫‪601‬‬
‫"والحوائج الصلية " ‪ :‬مثل اللت التي يحتاج إليهللا مثللل آلللة‬
‫تبريد ‪ ،‬آلة تغسيل ‪ ،‬آلة طبخ ‪ ،‬الفرش‪ ،‬أواني ‪ ،‬غطاء ‪ ...‬الللخ‬
‫فهذه حوائج أصلية نعطيه منها‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أن الفقير أنه يعطى كفاية العمر ‪.‬‬
‫وهو رأي الشافعي رحمه الله وهو أوسع المذاهب فللي هللذه‬
‫المسألة )‪.(33‬‬
‫الرأي الثالث ‪ :‬أن الفقير يعطى أقل من النصللاب وهللو مئتللا‬
‫درهم ‪.‬‬
‫وهو رأي أبي حنيفة رحمه الله وهو أضيق المذاهب‪.‬‬
‫لن النصاب في الفضة مئتا درهم ونصللاب الللذهب عشللرون‬
‫مثقال ً فيعطى أقل من النصاب وهو مئتا درهم ‪.‬‬
‫الترجيح ‪ :‬ويظهر من حيث الدليل أن أرجح القوال في هللذه‬
‫المسألة هو ‪ :‬ما ذهب إليه المام أحمد بن حنبل رحملله الللله‬
‫من أن الفقير يعطى من الزكاة كفاية عللام كاملللة أو تتمتهللا‬
‫من النفقات الشرعية والحوائج الصلية لن الزكاة تجب كللل‬
‫عللام ‪ ،‬وحينئذ ٍ يأخللذ كفللايته هللذا العللام إلللى العللام المقبللل ‪.‬‬
‫فنعطيه من الزكللاة كفايللة عللام كامللة أو تتمتهللا فقللد يكللون‬
‫عنده مرتب ألف ريال ‪ ،‬وألف ريال فللي السللنة يسللاوي اثنللا‬
‫عشللر ألللف ريللال ‪ ،‬ومللا يحتللاج هللو وعللائلته مللن النفقللات‬
‫والحوائج الصلية إلى عشرين ألللف فعنللده إثنللا عشللر ألفلا ً ‪،‬‬
‫فيحتاج إلى زيادة ثمانية آلف ‪ ،‬فنعطيه تمام عشرين ألف ‪.‬‬
‫واستثنى شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله وكذلك أيضا ً جمع‬
‫من الحنابلة ما يتعلق بآلة المهنللة قللالوا ل بللأس أننللا نعطللي‬
‫الفقير من الموال ما يستطيع به أن يشللتري آلللة مهنللة مثل ً‬
‫أن يشللتري آلت يشللتري مكللائن بحيللث أنلله يعمللل ويكتفللي‬
‫بنفسه بمقدار ما ينفق على نفسه وعلى من يمونه أو نعطيه‬
‫مثل ً رأس مال تجارة مثل ً نعطيلله عشللرة آلف ريللال بعللد أن‬
‫نعطيه حاجته من النفقات والحوائج الصلية فيضارب فيها أو‬
‫يفتح محل ً بحيث أنه يكتفي وقللدر مللا يعطللى مللا يشللتري بلله‬

‫‪602‬‬
‫اللة وما يكون رأس مال تجارة بقدر ما ينفق عليه هو ومللن‬
‫يمونه ل زيادة على ذلك ‪.‬‬
‫من عرض هذا الخلف يتبين لنا حكم شراء البيت من الزكاة‬
‫هل نشتري للفقير بيتا ً من الزكاة أو نقول ل نشتري ؟‬
‫ذكرنا أن الراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه المام أحمللد‬
‫رحمه الله يتبين بهذا أنه ل يجوز أن يشتري للفقيللر بيتلا ً مللن‬
‫الزكاة فهذا غير جائز لن الفقير نسللتطيع أن نعطيلله كفللايته‬
‫بأن نعطيه مقدار الجرة قللد يكللون الللبيت يسللاوي مئة ألللف‬
‫فنعطيه ما يستأجر مثله بعشرة آلف ريللال فنعطيلله عشللرة‬
‫آلف ريال ول نعطيلله مئة ألللف أو مئتللي ألللف لكللي يشللتري‬
‫بذلك منزل ً ‪.‬‬
‫لكن هناك طريق آخر ذهب إليه بعض المتأخرين أنه ل بللأس‬
‫أن الفقير يشتري المنزل وحينئذٍ يكون من أصناف الغللارمين‬
‫‪ ،‬فحينئذٍ يعطللى مللن الزكللاة لكللي يسللدد غرملله لنلله غللارم‬
‫لنفسه في أمر يتعلق بحاجته ‪.‬‬
‫ومثل ذلك أيضلا ً شلراء السليارة للفقيلر هلل لله أن يشلتري‬
‫زيادة عن الزكاة أو ل ؟‬
‫إذا كانت السيارة سلليعمل عليهللا بالتحميللل والتنزيللل وينفللق‬
‫على أهله فكما قلنا أن شيخ السلم رحمه الله استثنى هذه‬
‫المسألة وإذا كانت هذه السلليارة سلليركبها فهنللا ل يجللوز أن‬
‫نعطيه من الزكاة ما يشتري به سيارة لنه بإمكللانه أن يأخللذ‬
‫من الزكاة ما يستأجر به ‪ ،‬لكن كما أسلفنا لو أن هذا الفقيللر‬
‫اشترى سيارة ولحقه غللرم بشللرط أن تكللون هللذه السلليارة‬
‫لمثله فحينئذٍ نعطيه من الزكاة لكونه أصبح من الغارمين ‪.‬‬
‫المسألة الثالثة عشر‪ :‬شراء المواد الدراسية للفقير‬
‫هل يشللترى للفقيللر المللواد الدراسللية ؟ أو هللل نعطيلله مللن‬
‫الزكاة ما يشتري بها المواد الدراسية ؟‬
‫نقول هذا جائز ول بأس أن نعطي الفقير زكاة ويقوم بشللراء‬
‫مللواد الدراسللة لن هللذا داخللل فللي الحللوائج الصلللية وكمللا‬

‫‪603‬‬
‫أسلفنا أنه يعطى من الزكاة مللا يحتللاج إليلله لمللدة عللام مللن‬
‫النفقات الشرعية وكذلك أيضا ً الحوائج الصلية ‪.‬‬
‫وقد نص العلماء رحمهم الله على أن طالب العلللم إذا تفللرغ‬
‫لطلب العلم وترك العمللل فللإنه يعطللى مللن الزكللاة وكللذلك‬
‫نصوا على أنه يعطى من الزكاة مللا يشللتري بهللا كتبلا ً يحتللاج‬
‫إليها في طلب العلم )‪.(34‬‬
‫المسألة الرابعة عشر ‪ :‬صرف الزكاة لعلج الفقراء‬
‫هل هذا جائز أو ليس جائز ؟ من المعلوم اليوم ترقي الطب‬
‫ووجود المصحات الكثيرة وخصوصا ً المصحات التجارية وهذه‬
‫المصحات قد تطلب أموال ً ل يستطيعها الفقراء فالمتلأخرون‬
‫جوزوا مثل هذا ‪ ،‬جمع من المتللأخرين جللوزوا صللرف الزكللاة‬
‫للفقراء بشروط ‪:‬‬
‫الشرط الول ‪ :‬أل يتوفر علجه مجانا ً ‪.‬‬
‫الشرط الثاني ‪ :‬أن يكون العلج مما تمس الحاجة إليه وأمللا‬
‫المور التي ل تمس الحاجة إليهللا كللأمور التجميللل أو المللور‬
‫الكمالية فهذا ليس له ذلك ‪.‬‬
‫الشرط الثالث ‪ :‬أن يراعى فللي مقللدار تكللاليف العلج عللدم‬
‫السراف بحيث يبحث عن أقل المصحات تكلفة ‪.‬‬
‫فإذا توفرت مثل هذه الشروط فإن هذا جائز ول بأس به ‪.‬‬
‫المسألة الخامسة عشر ‪ :‬ما يتعلق بالعاملين على الزكاة‬
‫العاملون على الزكاة صنف من أصناف الزكاة واليللوم توجللد‬
‫كثير من الجمعيات وهذه الجمعيات الخيرية تحتوي كثيرا ً من‬
‫المللوظفين وقللد تحتللوي أيضلا ً موظفللات يحتللاج إليهللن فيمللا‬
‫يتعلق بجلب الزكاة ‪ .‬فهل يجوز لهذه الجمعيللات الخيريللة أن‬
‫تعطي هؤلء الموظفين الذين تحت إدارتها ‪ .‬أن تعطيهم مللن‬
‫الزكاة بأن تصرف لهم رواتب مللن الزكللاة أو تعطيهللم نسللبا ً‬
‫عند جلبهم لهذه الزكاة ؟‬
‫أول ً ‪ :‬العاملون على الزكاة ما المراد بهم ؟‬
‫الفقهاء يتفقون على أن المراد بالعاملين بالزكاة هم السعاة‬
‫الذين ينصبهم المام لجمع الزكاة من أهلها ‪ .‬فنأخذ مللن هللذا‬

‫‪604‬‬
‫أنه يشترط في العاملين أو في العامل أن يكون ممن نصللبه‬
‫المام العظم وعينه )الدولة( ‪.‬‬
‫وعلى هذا ل يدخل في العاملين من يوليه آحاد النللاس ‪ ،‬فلللو‬
‫أن شخصا ً أعطاك عشرة آلف ريال على أن تقللوم بتوزيعهللا‬
‫أو أنت ذهبت إلى زيد من الناس التاجر وأخذت منلله عشللرة‬
‫آلف وقمت بتوزيعها فهل يجوز لك أن تأخلذ شليئا ً ملن هلذه‬
‫الزكاة مقابل أنك جبيتهللا وفرقتهللا وبحثللت عللن مسللتحقيها ‪.‬‬
‫نقول ليس لك ذلك ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬من هو العامل على الزكاة ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬كما ذكللر ابللن قدامللة رحملله اللله قلال ‪ »:‬هلم‬
‫السللعاة الللذين يبعثهللم المللام لخللذها مللن أربابهللا وجمعهللا‬
‫وحفظها ونقلها ومن ُيعينهم ممن يسوقها – إذا كانت ماشللية‬
‫– ويرعاها ويحملها وكذلك أيض لا ً الحاسللب والكللاتب والكيللال‬
‫داد وكللل مللن يحتللاج إليلله فيهللا لللدخولهم فللي‬‫والللوّزان والعل ّ‬
‫مسمى العاملين «)‪ .(35‬وهذا رأي الجمهور في الجملة وإن‬
‫كللان المالكيللة والشللافعية يقولللون أن الحللارس والراعللي‬
‫والخازن ليس داخلون‪ ،‬لكن على كلم ابن قدامة رحمه الللله‬
‫أنهم داخلون لنه قال ‪ »:‬وكل من يحتاج إليه فيها « ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬هم السعاة فقط ‪.‬‬
‫هذا رأي الحنفية ‪.‬‬
‫فجمهور أهل العلم يتوسعون في تفسير العامل وأما الحنفية‬
‫فإنهم يضيقون ‪.‬‬
‫لما فهمنا ما المراد بالعاملين وأنه يشترط أن ينصبهم المام‬
‫اختلف المتأخرون فللي هللؤلء المللوظفين الللذين تحللت إدارة‬
‫هذه الجمعيللات الخيريللة هللل لهللم أن يأخللذوا مللن الزكللاة أو‬
‫ليس لهم أن يأخذوا من الزكاة‪.‬‬
‫هذا ينقسم إلى أقسام ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬العاملون الذين وضفتهم الدولة وصرفت لهللم‬
‫رواتب ‪ ،‬وهؤلء ل يجللوز لهللم أن يأخللذوا مللن الزكللاة مثللل ‪:‬‬

‫‪605‬‬
‫موظفوا مصلحة الزكاة والللدخل فللإنهم يكتفللون بمللا تعطيلله‬
‫الدولة لهم ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬العاملون في الجمعيات الخيرية لكللن الدوللة‬
‫ل تصرف لهم رواتب ‪ ،‬فهذه الجمعيات إن كانت بإذن الدولة‬
‫فهي نائبة مناب المام ‪ ،‬وكما أن المام له أن يبعللث العامللل‬
‫فكللذلك أيضللا ً هللذه الجمعيللات فيجللوز صللرف الزكللاة لهللم‬
‫كرواتب ؛ لن هذه الجمعية لما أذن فيها المام أصبحت نائبة‬
‫مناب المام ‪.‬‬
‫القسم الثالث ‪ :‬الجمعيات التي للم تلأذن فيهلا الدوللة وإنملا‬
‫هي اجتهاد من جمع من الناس فأنشأوا هذه الجمعية وقللاموا‬
‫بجمع الموال ‪ ،‬فنقول هؤلء ل يجوز للعللاملين تحللت إدارتهللا‬
‫أن يأخذوا من الزكاة وإنما ل بأس أن يعطوا من الصدقات ‪.‬‬
‫مسللألة ‪ :‬بالنسللبة للنسللاء العللاملت فللي بعللض الجمعيللات‬
‫والهيئات الخيرية فهل ُيعطيللن مللن الزكللاة مقابللل العمللل أو‬
‫نقول ل يعطين من الزكاة ؟‬
‫هذه المسألة تنبني على مسألة ذكرها العلمللاء رحمهللم الللله‬
‫تعالى وهي العامل على الزكاة الذي يحللق للله أن يأخللذ مللن‬
‫الزكاة هل تشترط فيه الذكورة أو ل تشترط فيه الذكورة ؟‬
‫الرأي الول ‪ :‬أن العامل على الزكللاة تشللترط فيلله الللذكورة‬
‫‪،‬وحينئذٍ ل يصح أن تكون المللرأة مللن العللاملين علللى الزكللاة‬
‫وعلى هذا ل تأخذ من الزكاة وإنما تعطى من الصدقات‪.‬‬
‫وهذا قول جمهور أهل العلم ‪ :‬مذهب المام مالك والشافعي‬
‫وأحمد رحمهم الله ‪.‬‬
‫واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ‪ r‬قال‪ »:‬ما‬
‫أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة «)‪.(36‬‬
‫نوقش ‪ :‬بأن هذا محمللول علللى الوليللات العامللة وأمللا هللذه‬
‫فإنها ولية خاصة ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أن الذكورة ليست شرطا ً وأنه يجوز أن تكللون‬
‫الملرأة ملن العلاملين عللى الزكلاة‪ .‬وهلذا ذهلب إليله بعلض‬
‫الحنابلة ورجحه بعض المتأخرين ‪.‬‬

‫‪606‬‬
‫ت‬ ‫ْ‬
‫جْر َ‬‫سلت َأ َ‬
‫نا ْ‬
‫مل ِ‬
‫خي ْلَر َ‬
‫ن َ‬‫واستدلوا بعموم قوله عللز وجللل ‪ â :‬إ ِ ّ‬
‫ن? )‪. (37‬‬ ‫ال َْقوِيّ اْل َ ِ‬
‫مي ُ‬
‫وهللذا الوصللف ينطبللق علللى المللرأة فللإذا تللوفر فيهللا هللذان‬
‫الوصفان القوة والمانة فإنه يجوز لها أن تعمل وأن تأخذ ‪.‬‬
‫المسألة السادسة عشر ‪ :‬زكلاة الحيوانلات المتخلذة للتجللار‬
‫بألبانها ومشتقاته أو بيضها ولحمهما ونحو ذلك ‪:‬‬
‫نقول هذه الحيوانات ل تخلو من أمرين ‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬أن تكون هذه الحيوانات مما تجللب الزكللاة فللي‬
‫عينه كسائمة بهيمة النعام البل والغنم والبقللر اتخللذت هللذه‬
‫الشللياء للبنهللا ومنتجللات اللبللان كمللا هللو موجللود الن فللي‬
‫الشركات الكللبيرة الللتي تعنللى بمثللل هللذه الشللياء شللركات‬
‫اللبان ونحو ذلك ‪ ،‬فاختلف فيها المتأخرون على أقوال أهللم‬
‫هذه القوال قولن ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬أن الزكاة تجب في أعيانها ونتاجها ‪:‬‬
‫أما العيان فتجب فيها الزكللاة زكللاة سللائمة وأمللا المنتجللات‬
‫فتجب فيها الزكاة زكاة تجارة أي ربع العشللر وسلليأتي بيللانه‬
‫إن شاء الله ‪.‬‬
‫وقالوا بأن هذه الحيوانات أما كونهللا تجللب فيهللا الزكللاة فللي‬
‫أعيانها لكونها سائمة وأما كونهللا تجللب الزكللاة فللي منتجاتهللا‬
‫لكونهللا أصللبحت عللروض تجللارة فأصللبحت مللال يقصللد بلله‬
‫التجارة ‪.‬‬
‫استدلوا ‪:‬‬
‫بالدلة العامة على وجوب زكاة السائمة في كل أربعين شاة‬
‫شاة واحدة‪ .‬وتجب الزكاة في المنتجات لن المنتجللات هللذه‬
‫أصبحت أموال تقصد للتجارة ‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬أن الزكاة تجب في العيان والمنتجللات زكللاة‬
‫تجارة يجب فيها ربع العشر‬
‫قالوا بأن هذه العيان الن أصبحت تجارة ويقصد بها المال ‪.‬‬
‫الترجيح ‪ :‬والصواب في هذه المسألة نقول بالنسبة للزكاة ل‬
‫تخلو من أمرين ‪:‬‬

‫‪607‬‬
‫المر الول ‪ :‬زكللاة العيللان الحيوانللات ونحللو ذلللك فهللذه إن‬
‫كانت سائمة ترعى المباح فتجب فيها زكللاة سللائمة إل علللى‬
‫رأي المام مالك رحمه الله فإنه يوجب الزكاة في المعلوفللة‬
‫)‪.(38‬‬
‫فنقول هذه العيان الحيوانات التي يستفاد من نتاجها كالبقر‬
‫الذي يستفاد من لبنه والغنم والبل أو الدجاج الللذي يسللتفاد‬
‫من بيضه إن كانت سائمة ما عدا الدجاج حتى لو أكل المباح‬
‫ل تجب الزكاة في عينه ‪.‬‬
‫وإن كانت ليست سائمة وإنما صاحبها يعلفهللا فهللذه ل زكللاة‬
‫فيها إل إن كانت معدة للتجللارة للللبيع والشللراء فتجللب فيهللا‬
‫زكاة تجارة ‪.‬‬
‫المر الثاني ‪ :‬زكاة منتجاتها من ألبان ونحو ذلك فنقول تجب‬
‫الزكاة في هذه اللبان إذا بيعت وحللال الحللول علللى ثمنهللا ‪،‬‬
‫وإن كان يشق على أصحاب هذه الشركات أن يعرفللوا مللتى‬
‫حال الحول على هذا الثمن فإنهم يحلددون يوملا ً – كملا قلنلا‬
‫في الرواتب الشهرية – يوما ً من السنة يخرجون فيه الزكللاة‬
‫وحينئذ ٍ ما حال عليه الحللول يكونللون قللد أدوا زكللاته ومللا لللم‬
‫يحللل عليلله الحللول فقللد عجلللوا زكللاته وتعجيللل الزكللاة عنللد‬
‫جمهور أهل العلم جائز ول بأس به ‪.‬‬
‫بالنسبة لما يتعلق بالدجاج عينه ل تجللب فيلله الزكللاة مطلقلا ً‬
‫اللهم إل إذا كانت للتجللار ‪ -‬يبللاع ويشللتر‪ -‬فتجللب فيلله زكللاة‬
‫تجارة ‪.‬‬
‫أما بالنسبة لنتاجه فنقللول إذا بيللع هللذا النتللاج وحللال الحللول‬
‫على الثمللن وجبللت الزكللاة كمللا أسلللفنا إذا كللان هنللاك فيلله‬
‫مشقة في معرفة الحول فإن أصحاب هذه الشركات يعينون‬
‫يوما ً من السنة ويخرجون فيه زكاة هذا النتاج فما حال عليلله‬
‫الحول فقد أدوا زكاته وما لم يحل عليلله الحلول فقلد عجللوا‬
‫زكاته ‪.‬‬
‫المسألة السابعة عشر ‪ :‬صرف الزكاة لنفقة الزواج‬
‫هل هذا جائز شرعا ً أو ليس جائز ؟‬

‫‪608‬‬
‫أول ً ‪ :‬نفهم أن النفقة التي ذكرها العلمللاء رحمهللم الللله فللي‬
‫باب النفقات قالوا بللأن هللذه النفقللة هللي كفايللة مللن يمللونه‬
‫طعاما ً وكساًء وسكنا ً وزواجلا ً ‪ .‬فللإن كللان عنللدك أولد وأنللت‬
‫قادر على نفقتهم فيجب عليك أن تنفق عليهللم فللي الطعللام‬
‫والشراب والسكن واللباس وكذلك أيضا ً في الزواج ‪ .‬فنفهلم‬
‫من هذا التعريف للنفقة أن الزواج داخل في النفقة والزكللاة‬
‫تصرف في النفقات ‪.‬‬
‫ويدل لهذا حديث قبيصة بن مخللارق الهللللي قللال ‪ :‬تحملللت‬
‫حمالة فأتيت رسول الله ‪ r‬أسللأله فيهللا فقللال ‪ » :‬أقللم حللتى‬
‫تأتينا الصدقة فنأمر لك بها « ‪ .‬قال ثم قال ‪ » :‬يا قبيصللة إن‬
‫المسألة ل تحل إل لحد ثلثة ‪ :‬رجل تحمل حمالة فحلللت للله‬
‫المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت‬
‫ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيللش أو قللال‬
‫سدادا من عيش ورجل أصللابته فاقللة حللتى يقللوم ثلثللة مللن‬
‫ذوي الحجى من قومه ‪ .‬لقللد أصللابت فلنللا فاقللة فحلللت للله‬
‫المسألة حتى يصلليب قوامللا مللن عيللش أو قللال سللدادا مللن‬
‫عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها‬
‫سحتا « )‪.(39‬‬
‫ومعنى قول النبي ‪ » : r‬قواما ً من عيش أو قللال سللدادا مللن‬
‫عيش « أي ما يقوم بعيشله ويللدخل فللي ذللك نفقللة اللزواج‬
‫وتكاليف الزواج فإنه من تحقيق قوام العيش ‪.‬‬
‫ثانيللا ً ‪ :‬أن تكللاليف الشللريعة ترجللع إلللى حفللظ الضللرورات‬
‫الخمس الللتي اتفقللت الشللرائع علللى حفظهللا وهللي ‪ :‬حفللظ‬
‫الدين ‪ ،‬حفظ النفس ‪ ،‬حفللظ المللال ‪ ،‬حفللظ العقللل ‪ ،‬حفللظ‬
‫العرض والنسل ‪ .‬والزواج هذا من حفللظ العللرض والنسللل ‪،‬‬
‫إذا كان هذا الذي يريد الزواج ل يستطيع على تكاليف الزواج‬
‫ليس له أب ينفق عليه أو جد أو أبناء ينفقون عليلله ويكفللونه‬
‫مؤونة الزواج وهو ل يستطيع تكاليف الزواج فهذا يعطى من‬
‫الزكاة ؛ لن الزكاة تشمل النفقات الشللرعية ‪ :‬مللن الطعللام‬
‫والشراب والسكن والكساء ‪.‬‬

‫‪609‬‬
‫والحوائج الصلية ‪ :‬من اللت التي يحتاج إليها في البيت ‪.‬‬
‫والواجبات الشرعية ‪ :‬من الديون لله أو للدمي ‪.‬‬
‫فالخلصة في هذه المسألة ‪ :‬أن دفع الزكاة للمتزوج أن هذا‬
‫جائز ول بأس به بشرط أل يكون له أحد ينفق عليه قللادر أن‬
‫يزوجه ممن يجب عليه أن ينفق عليه ‪ ،‬فالب يجب عليلله أن‬
‫يزوج ولده ول يجوز له أن يمتنع لن هذا داخل فللي النفقللة ‪،‬‬
‫وإن كان الب قادرا ً فللإن الولللد ل نعطيلله مللن الزكللاة يجللب‬
‫على أبيه أن يزوجه ‪ ،‬اللهم إل إذا امتنللع الب فحينئذٍ ل بللأس‬
‫أن نعطيه من الزكاة لكن الب يأثم في هذه الحالة ‪.‬‬
‫وإذا كان ليس له أب ينفق عليه أوجد أو نحو ذلللك أو للله أب‬
‫لكنه فقيللر ل يسللتطيع فإننللا نعطيلله كفايللة الللزواج وهللي مللا‬
‫يتزوج به مثله أو تمام الكفاية ‪.‬‬
‫المسألة الثامنة عشر ‪ :‬ما يتعلق باستثمار أموال الزكاة‬
‫ومعنى استثمار أموال الزكاة أي تنميتها بالبيع والشراء ‪.‬‬
‫تعريف الستثمار ‪:‬‬
‫مر الرجل ماله إذا كّثرة ‪.‬‬ ‫في اللغة ‪ :‬طلب الثمر يقال ث ّ‬
‫وأما في الصطلح ‪ :‬طلب الحصول على الرباح المالية عللن‬
‫طريق المضاربة بأموال الزكاة ‪.‬‬
‫استثمار أموال الزكاة من قبل المؤسسات الخيرية والهيئات‬
‫الغاثية هل هو جائز أو ليس جائز ؟‬
‫نقللول فللي الجملللة اسللتثمار أمللوال الزكللاة ينقسللم إلللى‬
‫قسمين ‪:‬‬
‫القسم الول ‪ :‬استثمار أموال الزكاة من قبل المزكي نفسه‬
‫‪ .‬هذا الرجل عنده مثل ً مئة ألف ريللال زكللاة أو عنللده مليللون‬
‫مرهللا‬‫ريال زكاة فأراد أن يبيع ويشتري بهذه الدراهم لكللي ي ُث َ ّ‬
‫أو يكثرها هل هذا جائز أو ليس جائز ؟‬
‫نقول هذه المسألة تنبني على مسألة أخللرى ذكرهللا العلمللاء‬
‫رحمهم الله وهي‪ :‬إخراج الزكاة هل هو على سبيل الفللور أو‬
‫على سبيل التراخي ؟ للعلماء في ذلك قولن ‪:‬‬

‫‪610‬‬
‫القول الول ‪ :‬إن إخراج الزكللاة يجللب علللى الفللور وهللذا مللا‬
‫عليه جمهور العلماء رحمهم الله‪.‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬إن إخللراج الزكلاة ل يجلب علللى الفلور وإنملا‬
‫يجوز على التراخي وهذا قال به أكثر الحنيفية )‪.(40‬‬
‫الذين قالوا بأن إخراج الزكاة يجب على الفور استدلوا بأدلللة‬
‫من أهم هذه الدلة ‪:‬‬
‫َ‬
‫ع‬
‫مل َ‬‫ص لل َةَ َوآت ُللوا ْ الّزك َللاةَ َواْرك َعُللوا ْ َ‬
‫مللوا ْ ال ّ‬
‫* قللوله تعللالى ‪â‬وَأِقي ُ‬
‫ن ? وقالوا بأن المر بإيتاء الزكاة هذا مطلللق وأوامللر‬ ‫الّراك ِِعي َ‬
‫الشارع المطلقة عند الصللوليين تقتضللي الوجللوب والفوريللة‬
‫مالم يكن هناك صارف ‪.‬‬
‫* وعن عقبة بن الحارث قال ‪ :‬صليت وراء النللبي ‪ r‬بالمدينللة‬
‫العصر فسلم ثللم قللام مسللرعا فتخطللى رقللاب النللاس إلللى‬
‫بعض حجر نسائه ففللزع النللاس مللن سللرعته فخللرج عليهللم‬
‫فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته قللال ‪ » :‬كنللت خلفللت فللي‬
‫البيت تبرا من الصدقة فكرهت أن أبيته « ‪.‬‬
‫فالنبي ‪ r‬أسرع في صرف هذه الصدقة ‪.‬‬
‫* أن حاجة الفقراء حاضرة ناجزة ‪.‬‬
‫* القياس على الصلة فكمللا أن الصلللة ل تللؤخر حللتى يللأتي‬
‫وقت الصلة الخرى فكذلك أيضلا ً الزكلاة ل تلؤخر بلل يجلب‬
‫عليه أن يبادر بها ‪.‬‬
‫* لن النسان ل يللدري مللا يعللرض للله فللي هللذه الحيللاة قللد‬
‫ينسى وقد يموت ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬قالوا بأن إخللراج الزكللاة ل يجللب علللى الفللور‬
‫وقالوا بأن المر المطلق ل يقتضي الفورية ‪.‬‬
‫نوقش ‪ :‬أن هذا غير مسّلم بل المر المطلق عن الصللوراف‬
‫هذا يقتضي الوجوب والفورية على الصحيح من أقللوال أهللل‬
‫العلم رحمهم الله والدلة على ذلك كثيرة ‪:‬‬
‫* حديث أم سلمة لما أمر النبي ‪ r‬الصحابة رضي الللله عنهللم‬
‫في صلح الحديبية بأن ينحروا ويحلقوا ويحلوا تأخروا فغضللب‬
‫النبي ‪ r‬مما يدل على أن المر يقتضي الفورية )‪. (41‬‬

‫‪611‬‬
‫* حديث عائشة رضي الله عنهللا فللي حجللة الللوداع لمللا أمللر‬
‫النبي ‪ r‬ملن للم يسلق الهلدي أن يتحللل وأن يجعلل إحرامله‬
‫بالحج عمرة وتأخروا غضب النبي ‪.(r (42‬‬
‫* أيضا ً من حيللث اللغللة لللو أن أحللدا ً أمللر ولللده أو غلملله أن‬
‫يفعل شيئا ً ثم تأخر فإنه يحصل لومه على هذا ‪.‬‬
‫وعلى هذا نفهم أنه إذا كانت الزكاة تجب على الفورية أنه ل‬
‫يجوز للمالك أن يستثمر أمللوال الزكللاة ‪ ،‬بللل يجللب عليله أن‬
‫يبادر بصرف هذه الموال إلى المستحقين ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪:‬استثمار أموال الزكاة مللن قبللل المللام ومللن‬
‫ينيب عنه مثل ‪ :‬الوزارات والجمعيات الخيريللة الللتي أنشللئت‬
‫بللإذن المللام وكللذلك الهيئات الغاثيللة فهللل يجللوز لهللؤلء أن‬
‫يسللتثمروا أمللوال الزكللاة أو نقللول بللأنه ل يجللوز لهللم أن‬
‫يستثمروا أموال الزكاة ؟‬
‫العلماء المتأخرون اختلفللوا فللي ذلللك علللى آراء وأهللم هللذه‬
‫الراء رأيان ‪:‬‬
‫الرأي الول‪ :‬أن هذا جائز ول بأس به ‪.‬‬
‫وهذا الذي انتهى إليه مجمللع الفقلله السلللمي وكللذلك لجنللة‬
‫الفتللوى بللوزارة الوقللاف الكويتيللة واسللتدلوا بأدلللة كللثيرة ‪,‬‬
‫فأهمها ‪:‬‬
‫* أن النللبي ‪ r‬وخلفللاءه الراشللدين كللانوا يسللتثمرون أمللوال‬
‫الصدقات من إبل ونحوها ‪ .‬فكان هناك أماكن خاصللة تحمللى‬
‫لهذه البل ‪ -‬إبل الصدقة ‪ -‬للرعي ويستفاد من لبنها ونسلللها‬
‫وعمر ‪ t‬حمى إبل الربذة وكانت فيها إبل الصدقة وهي كانت‬
‫ترعى ويؤخذ منها اللبن وهذا نوع من السللتثمار لنلله يتوالللد‬
‫منها النسل‪.‬‬
‫* حديث أنس ‪ t‬أن رجل ً من النصار أتى إلللى النللبي ‪ r‬يسللأله‬
‫حل ْللس‬
‫فقال النبي ‪ »:‬أما في بيتللك شلليء ؟ « فقللال ‪ :‬بلللى ِ‬
‫ب نشرب فيلله المللاء فقللال ‪:‬‬ ‫نلبس بعضه ونبسط بعضه وقُعْ ٌ‬
‫»ائتني بهما« فأتاه بهما فأخذهما رسول الله ‪ r‬فقللال » مللن‬
‫يشتري هاذين « أخرجه أبو داود والمام أحمد وفيه ضعف‪.‬‬

‫‪612‬‬
‫لكن هم استدلوا بهذا ووجه الدللة أن الرسللول ‪ r‬عمللل فللي‬
‫مال هذا الفقير باع في مال هذا الفقير وكذلك أموال الزكاة‬
‫هي للفقراء ‪.‬‬
‫* أن الولي يتصرف في أموال اليتام لقول عمر ‪ » : t‬ابتغوا‬
‫في أمللوال اليتللام كللي ل تأكلهللا الصللدقة « فللأموال اليتللام‬
‫يعمل فيها الولي كما ورد عن عمر وورد عللن عائشللة رضللي‬
‫الله تعالى عنهما فكذلك أيضا ً ولي أمر المسلمين يعمل فللي‬
‫أموالهم ‪.‬‬
‫* حديث ابن عمر رضي الله عنهما فللي قصللة الثلثللة الللذين‬
‫انطلقوا ودخلوا في غار وانطبقت عليهللم الصللخرة وقللالوا ل‬
‫ينجيكم من هذا إل أن تدعوا الله بصالح أعمالكم وكل منهللم‬
‫دعا منهم من دعى بترك الزنا ومنهم من دعى بللبره بوالللديه‬
‫والثالث دعى بأنه استأجر أجيرا ً ولم يعطه أجرة ثم بعد ذلللك‬
‫ثمره له حتى كان كثيرا ً من الماشية فجاءه وقال يا هذا أتللق‬
‫الله وأعطني حقي فقال ‪ -:‬كل هذا لللك ‪ .‬فقللال " يللا هللذا ل‬
‫تهزأ بي‪....‬إلخ" فأعطاه إياه ولم يرزأ منه شيئا ً ‪ .‬فقالوا هللذا‬
‫عمل في مال هذا الجير فكذلك أيضا ً مثله ولي المر يعمللل‬
‫في أموال الفقراء ‪.‬‬
‫* أن عبيد الله ابن عمر رضي الله عنهما لما مللر علللى أبللي‬
‫موسللى الشللعري ‪ t‬وكللان أميللرا ً فللي العللراق فأعطللاه أبللو‬
‫موسى شيئا ً من بيت المال فعمل به عبيد الللله فربللح ‪ ,‬فللرد‬
‫عمر رضي الله عنه جميع المللال فللي بيللت مللال المسلللمين‬
‫لنه ل يحق له أن يأخذ شيئا ً من مال بيت المسلمين ‪ .‬وسأل‬
‫عمر ‪ t‬فأفتي بأن عبيد الله يأخذ النصف وأن بيت المال يأخذ‬
‫النصف ‪.‬‬
‫فقالوا هذا عمللل فللي مللال بيللت المللال ومثللله يقللاس عليلله‬
‫العمل في أموال الفقراء ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أنه ل يجوز التصرف بالبيع والشراء في أموال‬
‫الزكاة حتى ولو كان من قبللل الجمعيللات الخيريللة الللتي أذن‬
‫فيها المام ‪.‬‬

‫‪613‬‬
‫وهذا ما أفتت بلله اللجنللة الدائمللة للبحللوث العلميللة والفتللاء‬
‫بالمملكة ‪ ,‬وأيضا ً مللا عليلله شلليخنا ابللن عللثيمين رحملله الللله‬
‫تعالى ‪.‬‬
‫واستدلوا بأدلة منها ‪:‬‬
‫ن‬ ‫كي ِ‬
‫سللا ِ‬
‫م َ‬ ‫ت ل ِل ُْفَقلَراء َوال ْ َ‬‫صلد ََقا ُ‬‫مللا ال ّ‬ ‫* قول الله عز وجل ‪â :‬إ ِن ّ َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫ب َوال َْغلارِ ِ‬ ‫م وَفِللي الّرقَللا ِ‬ ‫مؤَل َّفلةِ قُُللوب ُهُ ْ‬ ‫ن عَل َي َْها َوال ْ ُ‬ ‫َوال َْعا ِ‬
‫مِلي َ‬
‫م‬‫ه عَِليل ٌ‬‫ن الّللهِ َوالّلل ُ‬ ‫مل َ‬ ‫ة ّ‬‫ضل ً‬
‫ري َ‬ ‫ل فَ ِ‬‫سلِبي ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫سِبي ِ ّ‬
‫ل اللهِ َواب ْ ِ‬ ‫وَِفي َ‬
‫م ? )‪.(43‬‬ ‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬ ‫َ‬

‫فاليللة حصللرت مصللارف الزكللاة فللي ثمانيللة فليللس هنللاك‬


‫مصرف تاسع ‪.‬‬
‫* أن الزكاة عبادة عظيمة لهللا شللروطها ولهللذا قللال رسللول‬
‫الله ‪» : r‬من عمل عمل ً ليس عليه أمرنا فهو رد «‪.‬‬
‫* أن هذا يؤدي إلى تأخير الزكاة عن مستحقيها ‪.‬‬
‫* أن هذا يؤدي إلى تعريلض هللذه المللوال إلللى الخطللر عنللد‬
‫المضاربة فيها بالبيع والشراء ‪.‬‬
‫وقد جعلوا لجواز ذلك ضوابط ‪:‬‬
‫الضابط الول ‪ :‬مراعاة حاجللة الفقللراء والمسللاكين فلبللد أل‬
‫يكلون هنللاك وجللوه صلرف عاجللة ‪ ،‬فلإذا كلان هنللاك وجللوه‬
‫صللرف عاجلللة فللإنه ل يجللوز المضللاربة أي هنللاك فقللراء‬
‫يحتاجون إلى الغذاء يحتاجون إلى الكساء فيجب أن تصللرف‬
‫لهم كفايتهم والفاضللل يضللارب بلله إذا لللم يفضللل شلليء فل‬
‫مضاربة ‪.‬‬

‫الضابط الثللاني ‪ :‬أن ُيتحقللق مللن السللتثمار مصلللحة حقيقللة‬


‫بحيث الذي يغلب على الظن بسؤال أهللل الخللبرة أنلله يربللح‬
‫أمللا إذا كللان يحتمللل الربللح ويحتمللل الخسللارة قللالوا هللذا ل‬
‫يجللوز ‪ ،‬وبهللذا نعللرف أن مللا يحصللل مللن بعللض الجمعيللات‬
‫الخيرية أنهللم يضللاربون بللأموال الصللدقات أو الزكللوات فللي‬
‫السهم أن هذا محرم ول يجوز لن مثل هذه السهم عرضللة‬

‫‪614‬‬
‫للتلف دون مقابل بخلف ما إذا باع واشترى فللي بضللائع قللد‬
‫تخسر لكن العيان هذه – البضائع – ل يزال باقيا ً ‪.‬‬
‫الضابط الثالث ‪ :‬المبادرة إلى تنضيد هذه الموال عند وجللود‬
‫حاجة أي إذا وجدت حاجللة عاجلللة إلللى الفقللراء والمسللاكين‬
‫فإنه يبادر إلى تنضيد المال أي إلى بيع هللذه الصللول وقلبهللا‬
‫إلى أموال تعطى للفقراء والمساكين ‪.‬‬
‫الضابط الرابع ‪ :‬أن يكون هذا العمل مللن ولللي المللر أو مللن‬
‫ينيبه من الوزارات أو الجمعيات الخيرية أوالهيئات الغاثية ‪.‬‬
‫الضابط الخللامس ‪ :‬أن يسللند هللذا العمللل إلللى ذوي الخللبرة‬
‫والمانة ‪.‬‬
‫الضابط السادس ‪ :‬أن يكون ذلك في مجالت مشروعة دون‬
‫أن يكون ذلك في مجالت محرمة ‪.‬‬
‫المسألة التاسعة عشر ‪ :‬زكاة جمعية الموظفين‬
‫هذه المسألة سبق أن طرحناها وتطرقنللا إليهللا قبللل سللنتين‬
‫عندما تكلمنا عن جمعيللة المللوظفين وعللن أقسللامها وذكرنللا‬
‫كلم أهل العلم في هذه المسللألة وتكلمنللا أيض لا ً عللن كيفيللة‬
‫زكاة جمعية المللوظفين فل حاجللة إلللى أن نعيللد الكلم فيهللا‬
‫مرة أخرى )‪.(44‬‬
‫المسألة العشرون ‪ :‬قيمة الركاب لبن السبيل‬
‫والمراد بابن السللبيل ‪ :‬هللو المنقطللع وهللو مللن أهللل الزكللاة‬
‫فيعطى مللن الزكللاة ولللو كللان غنيلا ً ويعطللى مللن الزكللاة مللا‬
‫يوصله إلى الغرض الذي قصده وما يرجعلله إلللى بلللده ‪ ،‬هللل‬
‫يعطى أجرة سيارة ‪ ،‬أو يعطى أجللرة طللائرة ؟ لن الركللوب‬
‫في وسائل النقل هذا يختلف فهل نعطيه قيمة عالية أو قيمة‬
‫متوسطة أو قيمة أدنى ؟‪:‬‬
‫نقول هذا يختلف باختلف الشخص فإذا كان من عامة الناس‬
‫وفقرائهم هذا نعطيلله أجللرة السلليارة وإذا كللان مللن الغنيللاء‬
‫الذين يركبون الطائرة فهذا نعطيه أجرة الطائرة وعلللى هللذا‬
‫فقس‪.‬‬
‫المسألة الواحدة والعشرون ‪ :‬زكاة الحقوق المعنوية‬

‫‪615‬‬
‫بسللبب تطللور التجللارات وتوسللعها وكللثرة المللال فللي أيللدي‬
‫الناس ظهر ما يمسللى بللالحقوق المعنويللة وهللذا فللي مجللال‬
‫التجارة وفي غيره لكن في مجال التجارة أظهر من غيره ‪.‬‬
‫الحقوق المعنوية تحتها مسائل ‪:‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريفها ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬التكييف الشرعي لهذه الحقوق المعنوية ‪.‬‬
‫المسللألة الثالثللة ‪ :‬اختلف المتللأخرين فللي زكللاة الحقللوق‬
‫المعنوية ‪.‬‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف الحقوق المعنوية ‪:‬‬
‫ل عينلي ول‬ ‫ق ل يتعللق بملا ٍ‬
‫الحقلوق المعنويلة ‪ :‬هلي كلل حل ٍ‬
‫بشيٍء من منافعه ‪ .‬ومن أمثلتها فللي الزمللن السللابق مثللل ‪:‬‬
‫حللق القصللاص ‪ ،‬حللق الوليللة ‪ ،‬حللق الطلق هللذه حقللوق‬
‫معنوية ‪.‬‬
‫ومللن أمثلتلله فللي عصللرنا الحاضللر ‪ :‬حللق التللأليف ‪ ،‬حللق‬
‫الختراع ‪ ،‬حق السم التجاري ‪ ،‬حق العلمة التجارية ‪ ،‬فهللذه‬
‫حقوق معنوية ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬التكييف الشرعي لهذه الحقوق المعنوية ‪.‬‬
‫اختلللف المتللأخرون فللي التكييللف الشللرعي لهللذه الحقللوق‬
‫المعنوية والصواب في ذلك أن الحقوق المعنوية هي حقللوق‬
‫غير مادية ذات قيمةٍ مالية معتبرة شرعا ً وعرفا ً ‪ ،‬ولهللا شللبه‬
‫كبير بالمنافع ‪.‬‬
‫وهذا نص قرار مجمع الفقه السلمي قال ‪ »:‬السم التجاري‬
‫والعنللوان التجللاري والعلمللة التجاريللة والتللأليف والخللتراع‬
‫والبتكار هي حقوق لصحابها أصبح لها في العرف المعاصللر‬
‫ول الناس لها وهذه الحقللوق يعتللد بهللا‬ ‫م ّ‬
‫قيمة مالية معتبرة لت َ‬
‫شرعا ً فل يجوز العتداء عليها «‬
‫المسللألة الثالثللة ‪ :‬اختلف العلمللاء المتللأخرين فللي زكللاة‬
‫الحقوق المعنوية ‪.‬‬
‫هذه الحقللوق اختلللف العلمللاء رحمهللم الللله هللل تجللب فيهللا‬
‫الزكاة أو ل تجب فيها الزكاة ؟‬

‫‪616‬‬
‫فالسم التجاري قد يعاوض عليه بمائة ألللف ريللال ‪،‬والعلمللة‬
‫التجارية قد يعاوض عليها ‪ ،‬والشللركات الكللبيرة قللد يعللاوض‬
‫عليها بكذا وكذا ‪ ،‬وحق التأليف قد يعاوض عليه ‪ .‬فهل تجللب‬
‫الزكاة في هذه الشياء أو ل تجب فيها الزكاة ؟‬
‫المتأخرون اختلفوا في هذه المسألة على رأيين ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬أن الحقوق المعنوية أنه ل زكللاة فيهللا وعلتهللم‬
‫قالوا بأن هذه الحقللوق حللتى لللو كللانت تجاريللة مثللل السللم‬
‫التجاري أو العنوان التجاري أو العلمة التجارية فإنهللا حقللوق‬
‫ذهنية وليسللت سلللعا ً ت ُللدخل فللي المللوال الزكويللة وحينئذٍ ل‬
‫تجب فيها الزكاة ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬التفصيل ‪ :‬قالوا بأن الزكاة ل تجب في حقوق‬
‫التأليف والبتكار والخللتراع وإنمللا تجللب الزكللاة فيمللا يتعلللق‬
‫بأمور التجارة فتجب الزكاة في حق السم التجاري والعلمة‬
‫التجارية والعنوان التجاري ‪.‬‬
‫وهذا القول هو القرب لن هذه المور التجارية أصبحت فللي‬
‫عرف الناس اليوم أنهللا مللن التجللارة ويعللاوض عليهللا فحينئذٍ‬
‫نقول حق التأليف ونحوه هللذه ل تجللب فيلله الزكللاة وأمللا مللا‬
‫يتعلق بالعلمة التجارية أو السم التجللاري ونحللو ذلللك نقللول‬
‫هذه داخلة في عروض التجارة وامتللداد لهللا فيجللب عليلله أن‬
‫يزكيها إذا عاوض عنها ‪.‬‬
‫المسألة الثانية والعشرون ‪ :‬الديون الستثمارية‬
‫المسألة الولى ‪ :‬تعريف الديون الستثمارية ‪.‬‬
‫اللللديون السلللتثمارية‪ :‬هلللي اللللديون اللللتي تؤخلللذ لتمويلللل‬
‫مشروعات تجارية بقصد التكسب وتنمية الموال ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬هل الديون الستثمارية تنقص النصاب أو ل‬
‫تنقصه و هل تمنع وجوب الزكاة أو ل تمنعه ؟‬
‫هذه المسألة تنبني على مسألة ذكرها العلمللاء رحمهللم الللله‬
‫وهللي الللدين هللل يمنللع وجللوب الزكللاة أو ل يمنللع وجللوب‬
‫الزكاة ؟‬

‫‪617‬‬
‫ولنفرض أن إنسانا ً عنده مئة ألف ريال في المصرف وعليلله‬
‫دين مئة ألللف ‪ ،‬فهللل تجللب الزكللاة عليلله أو ل تجللب ‪ ،‬وهللل‬
‫الدين يقابل المال وتسقط عنه الزكاة أو نقول ل تسقط ؟‬
‫للعلماء رحمهم الله لهم في هذه المسألة ثلثة أراء ‪:‬‬
‫الرأي الول ‪ :‬قالوا بأن الدين يمنع الزكاة‪.‬‬
‫وهو مذهب الحنابلة وهو أوسللع المللذاهب‪ ،‬فللإذا كللان عنللدك‬
‫مئة ألف وعليك دين مئة ألف ل زكاة عليك ‪ .‬إذا كللان عنللدك‬
‫مئة ألف وعليك خمسون ألف عليك زكاة خمسين ‪.‬‬
‫و استدلوا بأدلة منها ‪:‬‬
‫* قول عثمان ‪ t‬أنه قال ‪ »:‬هذا شهر زكاتكم فمن كان عليلله‬
‫دين فليؤده «)‪ ، (45‬فقال » مللن عليلله ديللن « فبللدأ بالللدين‬
‫قبل الزكاة فدل على أن الللدين يمنللع الزكللاة أو يسللقطها أو‬
‫ينقصها ‪.‬‬
‫* حديث ‪ »:‬من كان عنده ألف درهللم وعليلله ألللف فل زكللاة‬
‫عليه « وهذا الحديث ضعيف ‪.‬‬
‫الرأي الثاني ‪ :‬أن الزكاة تجب وأن الدين ل يمنع الزكاة ‪.‬‬
‫وهو مذهب الشافعي وهللذا رأي الشلليخ محمللد ابللن عللثيمين‬
‫رحمه الله ‪.‬‬
‫فإذا كان عندك مئة ألف وعليك دين يساوي مئة ألللف تزكللي‬
‫عن المئة ألف ‪.‬‬
‫واستدلوا ‪:‬‬
‫ص لد َقَ ً‬
‫ة‬ ‫خ لذ ْ م ل َ‬
‫م َ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫مل َ‬
‫نأ ْ‬‫ِ ْ‬ ‫* بالعمومللات ‪ :‬كقللوله تعللالى ‪ُ â :‬‬
‫ه‬‫م َوالل ّ ُ‬‫ن ل ّهُ ْ‬
‫سك َ ٌ‬‫ك َ‬ ‫صل َت َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫م وَت َُز ّ‬
‫كيِهم ب َِها وَ َ‬ ‫ت ُط َهُّرهُ ْ‬
‫م ? )‪.(46‬‬ ‫ميعٌ عَِلي ٌ‬‫س ِ‬‫َ‬
‫* قوله ‪ » : r‬تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم « ‪.‬‬
‫وهذا عنده مال فتجب عليه الزكاة ‪.‬‬
‫الللرأي الثللالث ‪ :‬التفريللق بيللن الللديون الظللاهرة و الللديون‬
‫الباطنة ‪.‬‬
‫وهو مذهب المام مالك رحمه الله تعالى‪.‬‬

‫‪618‬‬
‫فقال بأن الدين ل يمنع الزكللاة فللي المللوال الظللاهرة وهللي‬
‫زكللاة البللل والغنللم و الللزروع والثمللار ويمنعلله فللي المللوال‬
‫الباطنة ‪ :‬وهي عروض التجارة والللذهب والفضللة ومللا يقللوم‬
‫مقامهما من النقدين ‪.‬‬
‫واستدل بأدلة منها‪:‬‬
‫* أن النللبي ‪ r‬كللان يبعللث السللعاة ليأخللذوا زكللاة المللوال‬
‫الظاهرة دون أن يسألوا أرباب هذه الموال هل عليهم ديون‬
‫أو ل ؟ مع أن أهل الزروع والثمللار مظنللة الللدين لن الللزروع‬
‫والثمار بحاجة إلى الكلفة والمئونة ‪.‬‬
‫الرأي الرابع ‪ :‬بعض الباحثين توسط فللي المسللألة فقللال أن‬
‫الدين يمنع الزكاة بشرطين ‪:‬‬
‫الشرط الول ‪ :‬أن يكون الدين حال ً ليس مؤجل ً ‪.‬‬
‫الشرط الثاني ‪ :‬أن يكون الللدين ليللس مللن المللور الكماليللة‬
‫وإنما فللي المللور الحاجيللة وأيض لا ً ليللس عنللده مللن المللوال‬
‫الزائدة عن حاجاته ما يقابل الدين ‪.‬‬
‫نضرب لذلك مثل ً ‪ :‬هذا رجل اشللترى سلليارة بالتقسلليط مللن‬
‫شركات التقسيط كل شهر عليلله ألللف ريللال و الن القسللط‬
‫حل ألف ريال ‪ ،‬هذا اللف هل يمنع الزكاة أم ل ؟‬
‫أما القساط المؤجلة هللذه ل تمنللع الزكللاة لكللن الللذي يمنللع‬
‫الزكاة هو القسط الذي حل وهو ألف ريال ‪.‬‬
‫وأيضا ً يشترط لكي يمنع الزكاة أن يكون هذا الشخص ليللس‬
‫عنده إل المور الحاجية فإذا كان مثل ً اشللترى هللذه السلليارة‬
‫وعنده سيارة ثانية زائدة نقول يجب عليك أنك تبيعها وتسللدد‬
‫الدين الذي عليك ‪.‬‬
‫مثال آخر ‪ :‬إنسان عليه ثلث مئة ألف ريال لصندوق التنميللة‬
‫العقاري كل سنة يحللل تسللعة آلف ريللال ‪ ،‬فللإذا حللل الللدين‬
‫تسعة آلف ريال نقول هذا القسلط يمنلع الزكلاة ‪ ،‬أملا بقيلة‬
‫المال ما يمنع ‪.‬‬

‫‪619‬‬
‫وأيضا ً يمنع بشرط أن يكون النسان عنللده حللوائجه الصلللية‬
‫إذا كان عنده زائد على ذلك فإنه يجعللله للللدين وهللذا معنللى‬
‫قول النبي ‪ »: r‬خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى « )‪.(47‬‬
‫وبهذا نفهلم أن اللديون السلتثمارية الللتي ل تتعلللق بحاجلات‬
‫النسان الصلية مثل ً يقترض مليللون ريللال أو عشللرة ملييللن‬
‫ريال من البنك أومللن البنللوك سللواًء كللانت رسللمية أو تابعللة‬
‫للدولللة أو غيرهللا ويريللد بللذلك أن ينمللي المللوال فللإن هللذه‬
‫الديون ل تمنع الزكاة لنها ل تتعلق بحوائج النسللان الصلللية‬
‫وإنما هي أمور كمالية بإمكانه أن يتخلص منها ‪.‬‬
‫وبهذا ننتهي ‪ ،‬فهذه بعض المسائل التي استطعت أن أحصللل‬
‫عليهللا وهنللاك مسللائل أخللرى سللنقوم بشللرحها فللي الللدورة‬
‫القادمة إن شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫ونسأل الله عللز وجللل أن يجعللل مللا سللمعناه حجللة لنللا ‪ ،‬ول‬
‫يجعله حجة علينا ‪ ،‬وأن يرزقنا الفهم في كتابه والبصيرة فللي‬
‫سنة نبيه ‪ r‬إنه ولي ذلك والقادر عليه ‪.‬‬
‫===================‬
‫‪#‬الصيرفة السلمية‬
‫مفهومها وعملياتها‬
‫دراسة تحليلية على المصرف العراقي السلمي‬
‫بالعتماد على عدد من المؤشرات المالية‬
‫بحث تمهيدي لمرحلة الماجستير‬
‫إعداد الطالب‬
‫سيف هشام صباح‬
‫بإشراف الدكتور‬
‫مسلم اليوسف‬
‫قائمة المحتويات‬
‫الموضوع الصفحة‬
‫المقدمة ‪1‬‬
‫منهجية البحث ‪1‬‬
‫أهمية البحث ‪1‬‬

‫‪620‬‬
‫مشكلة البحث ‪1‬‬
‫هدف البحث ‪2‬‬
‫أساليب جمع البيانات وتحليلها ‪2‬‬
‫فرضية البحث ‪2‬‬
‫المبحث الول‪ :‬الطار النظري للبحث ‪3‬‬
‫استخدامات الموال في المصارف السلمية‬
‫المطللللب الول ‪ :‬نشلللوء المصلللارف السللللمية _ تعريفهلللا‬
‫وخصائصها ‪4‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أشكال استخدامات الموال في المصللارف‬
‫السلمية ‪10‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الطار التطبيقي للبحث ‪19‬‬
‫اتجاهات الستثمارات في المصرف العراقي السلمي‬
‫المطلب الول ‪ :‬نشأة المصرف العراقي السلمي _ أهدافه‬
‫‪20‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تحليل استخدامات المللوال فللي المصللرف‬
‫العراقي السلمي ‪22‬‬
‫الستنتاجات ‪24‬‬
‫التوصيات ‪24‬‬
‫المصادر ‪25‬‬
‫المقدمة ‪:‬‬
‫المصرف السلمي ليست وظيفة اقتصادية بالمعنى الضلليق‬
‫بل هو يسلعى لتحقيلق وتعميلم مقوملات روحيلة واجتماعيلة‬
‫ترتبط ارتباطا وثيقا بالنسان لهذا فإن تحقيق الربح بالنسللبة‬
‫للمصرف السلمي يعتبر حللافزا ً وليللس هللدفا ً بحللد ذاتلله لن‬
‫الدافع الساسي للمصرف السلمي هللو النهللوض بللالمجتمع‬
‫مللن هنللا جللاء المصللرف السلللمي ليجمللع بيللن النشللطة‬
‫الجتماعية والقتصللادية والماليللة والمصللرفية وذالللك بنفللس‬
‫الوقت‪.‬‬
‫لعل أهم ما يميللز المصللارف السلللمية بعضللها عللن البعللض‬
‫الخر هو درجة الجهد المبذول فللي كللل منهللا لتحللري الحلل‬

‫‪621‬‬
‫مللن الربللح الللذي يمكللن الحصللول عليلله مللن خلل عمليللة‬
‫الستثمار وقياس هذا الربح بطريقة دقيقة وواضللحة تللوزيعه‬
‫بما يحقق العدالة لمستحقيه ‪ .‬وقد بدأت الصيرفة السلللمية‬
‫في العراق مع بداية التعددية المصرفية في العراق بعد عللام‬
‫‪ 1993‬إذ تم السماح بإنشاء مصللارف أهليللة )خاصللة( ومنهللا‬
‫المصللرف العراقللي السلللمي الللذي يعللد نللواة الصلليرفة‬
‫السلمية في العراق ‪ .‬ومن هنللا جللاء هللذا البحللث كمحاولللة‬
‫لتسليط الضوء على الصيرفة السلمية فللي العللراق وأدائهللا‬
‫المللالي خلل سللنوات عمللل المصللرف لللذلك تللم تنللاول‬
‫الموضوع ضمن مبحثين الول نظللري تطللرق إلللى عللدد مللن‬
‫المفاهيم المتعلقة بالصيرفة السلمية أما الخر فهو ميللداني‬
‫إذ تناول العديد من الجللوانب المتعلقللة بالصلليرفة السلللمية‬
‫في العراق وقد توصل البحث إلللى العديللد مللن السللتنتاجات‬
‫والمقترحللات النظريللة والميدانيللة الللتي تشللكل اسللتكمال‬
‫لمنهجية البحث‪.‬‬
‫منهجية البحث‬
‫أهمية البحث‪:‬‬
‫يعد المصرف العراقي السلمي الذي تأسس سللنة )‪(1993‬‬
‫نواة الصيرفة السلللمية فللي العللراق ومللن أوائل المصللارف‬
‫الهليللة أيض لا ً ‪ .‬ومللن هنللا تكمللن أهميللة البحللث مللن أهميللة‬
‫الصيرفة السلمية فللي العللراق وآفاقهللا إذ أن هللذه التجربللة‬
‫الفتية تستقطب الكثير من الموال المجهللزة الللتي يتحاشللى‬
‫أصحابها استثمارها عن طريق الفللوائد الربويللة ولهللذا كللانت‬
‫الهمية بوجوب محاولللة دراسللة الجللوانب ذات الهميللة فللي‬
‫نشاط المصارف )الستخدامات (‪.‬‬
‫مشكلة البحث‪:‬‬
‫يقللوم المصللرف العراقللي السلللمي بمختلللف العمليللات‬
‫المصرفية التي تغطي احتياجات زبائنه في مختلف النشللطة‬
‫المصرفية وفق الشريعة السلمية وخاصة السللتثمارية وقللد‬
‫بدأ المصرف نشاطه في ظل ظروف اقتصادية غير مستقرة‬

‫‪622‬‬
‫وهذا ما شكل فعل خطر على نشاط المصرف وعلى ربحيللة‬
‫المصرف بل أكثر من هذا أن المصرف قد تعرض للعديد من‬
‫الخسلللائر وقلللد تعلللرض للخسلللائر نتيجلللة انخفلللاض قيملللة‬
‫استثماراته وبقاء التزاماته على ما هي عليه‪.‬‬
‫وتعد هذه الحالة مشكلة بحثية تستوجب الدراسة ‪.‬‬
‫هدف البحث‪:‬‬
‫يهدف البحث وفي إطاره النظري والميداني لتوضيح العديللد‬
‫من النقاط تتعلق بالتي‪:‬‬
‫‪ .1‬مفهوم الصيرفة السلمية وأشكال الستخدامات فيها‪.‬‬
‫‪ .2‬خلفيات تأسيس المصرف العراقي السلمي ‪.‬‬
‫‪ .3‬قياس الهمية النسبية لستخدامات الموال في المصرف‬
‫العراقي السلمي وخاصة فيما يتعلق منها بالستثمار‪.‬‬
‫أساليب جمع البيانات وتحليلها ‪:‬‬
‫من أجل الوصول إلى هدف الدراسة وإثبات فرضللية البحللث‬
‫اعتمد على عدد من المصادر العربية والوثائق الرسمية التي‬
‫تنللاولت موضللوع البحللث نظريللا وكللان ذلللك تمهيللدا للجللانب‬
‫الميداني التي تم العتماد على الميزانيات والتقارير السنوية‬
‫عللللى المصلللرف العراقلللي السللللمي للفلللترة )‪_1999‬‬
‫‪(1993‬وقد تم أيجاد الهمية النسبية لفقللرات السللتخدامات‬
‫عن طريق المعادلة التية‪:‬‬
‫الجزء‬
‫للللللللل *‪100‬‬
‫الكل‬
‫وكذلك تم إيجاد نسب التغيير السنوية والتي احتسللبت وفللق‬
‫المعادلة‪:‬‬
‫)السنة الحالية‪ -‬السنة السابقة (‪/‬السنة السابقة*‪100‬‬
‫فرضية البحث ‪:‬‬
‫ل تشكل توظيفات الموال فللي الجللانب السللتثماري أهميللة‬
‫نسبية كبيرة في نشاط المصرف العراقي السلمي‪.‬‬
‫المبحث الول‬

‫‪623‬‬
‫الطار النظري للبحث ‪:‬‬
‫استخدامات الموال في المصارف السلمية‬
‫التعرف على المصارف السلمية يحتاج إيضللاح ماهيتهللا ومللا‬
‫يزيد المعرفة بالشئ وضوحا ً الحاطة بشي من تاريخ نشللأتها‬
‫وخصائصها‪.‬‬
‫ومن هنا سيتناول هذا المبحث كللل هللذه القضللايا وذللك فللي‬
‫مطلبين ‪:‬‬
‫المطللللب الول ‪ :‬نشلللوء المصلللارف السللللمية ‪ .‬تعريفهلللا‬
‫وخصائصها‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬أشكال استخدامات الموال في المصللارف‬
‫السلمية‪.‬‬
‫المطلب الول ‪:‬‬
‫نشوء المصارف السلمية – تعرفها وخصائصها‬
‫نشأت المؤسسات المالية في الدولة العربية السلللمية فللي‬
‫الوقت الذي أتت فيه قوية وفتية بفضل تمسكها بكتللاب الللله‬
‫عز وجل وسنة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسللم‬
‫وهذه المؤسسللات تتللولى رعايللة شللؤون المسلللمين وتعنللى‬
‫باحتياجاتهم أفرادا ً وجماعات ويأتي بيت المال في مقدمتها‪.‬‬
‫لقد أدى تكالب العداء على الدول السلللمية إلللى إضللعافها‬
‫مما دفع المحتاجين إلى أهل اليسار لسد احتياجاتهم أما فللي‬
‫العصر الحديث بعد تغير ظروف الحياة فللي كافللة المجللالت‬
‫ظهرت النقلود الورقيلة وملن ثلم المؤسسلات الماليلة اللتي‬
‫تتعامل بالفائدة التي انفرد بها اليهود ومن ثللم النصللارى فللي‬
‫أوربا خاصة وبسبب خطورة هذه المؤسسللات الللتي أدخلللت‬
‫إلى المجتمعات السلمية عنللوة بللذل أبنللاء المللة السلللمية‬
‫جهودهم من أجل إيجاد البديل عن تلك المؤسسات الربوية)‬
‫‪. (1‬‬
‫إن الصللحوة السلللمية الللتي عاشللتها وتعيشللها الشللعوب‬
‫السلمية كانت سببا رئيسيا في البحللث عللن بللديل إسلللمي‬
‫للمصارف الربوية التي انتشرت في البلد السلمية ووجدت‬

‫‪624‬‬
‫مللن يشللجع علللى قيامهللا والتعامللل معهللا بالسللتفادة مللن‬
‫الخدمات التي تخلو من الشبهات)‪.(2‬‬
‫لقد كانت أفكار معظم العلماء والمفكرين المسلمين تقتصر‬
‫على تحريم عمليات تلللك المصللارف وتللوجيه النتقللادات لهللا‬
‫دون وضللع البللديل المناسللب ولكللن بعللد ذلللك ازداد اهتمللام‬
‫هؤلء بها‪ ،‬ذلك أن أعمال هذه المصارف لتخلو مللن الفللائدة‬
‫والمنفعة وتحقق الكثير من مصالح العباد‪ ،‬فنصللبت جهللودهم‬
‫بعد ذلك في التعرف على مواطن الحرام فيها والبحللث عللن‬
‫البديل المناسب دون مخالفة الخالق عز وجل‪.‬‬
‫طرحت فكرة البديل السلللمي فكللانت بللدايات البحللث عللن‬
‫بديل مصرفي إسلمي فللي المللؤتمر السللنوي الثللاني ‪1965‬‬
‫والثللالث ‪1966‬لمجمللع البحللوث السلللمية حيللث كللان مللن‬
‫توصياته مواصلة دراسة البديل المصرفي السلمي وطريقة‬
‫تنفيللذه بالسللتعانة بالقتصللاديين ودعللا المللؤتمر السللنوي‬
‫السللادس إلللى إنشللاء مصللرف إسلللمي يتفللق مللع أحكللام‬
‫الشريعة السلللمية الغللراء)‪ (3‬كللانت أول محاولللة أو تجربللة‬
‫لتنفيذ هذه الفكرة في منطقة ريفية في الباكستان في نهاية‬
‫الخمسينيات أما التجربة الثانية فكانت فلي الريللف المصلري‬
‫في عام ‪1963‬م في )ميت عمر(‪ ،‬وبالرغم مللن عللدم نجللاح‬
‫هاتين التجربتين إل أن السبعينات شهدت انطلقة جديدة في‬
‫عام ‪ 1971‬لتأسلليس مصللرف يقللوم علللى اسللتبعاد الفللائدة‬
‫فأنشأ مصرف ناصر الجتملاعي فلي مصلر‪ ،‬ثلم بعلده البنلك‬
‫السلمي للتنمية‬
‫عام ‪، 1974‬وبنك دبي السلمي عللام ‪ 1975‬وهكللذا تللوالت‬
‫المصارف السلللمية حللتى أصللبح هنللاك مللا يزيللد عللن )‪(90‬‬
‫مصرفا في نهايللة عللام ‪ 1992‬تعمللل جميعهللا وفللق السللس‬
‫والمبادئ السلمية )‪ ،(4‬وعندما حرمللت الشللريعة الحصللول‬
‫على الفائدة )ربا( فقد سللمحت بالحصللول علللى الربللح ذلللك‬
‫لن المال الذي ل يرغللب أو ل يسللتطيع مللالكه أن يسللتثمره‬
‫بنفسه يمكن أن يعطللى بطريللق المشللاركة بعقللد المضللاربة‬

‫‪625‬‬
‫لمن يعمل فيه على حصللة مللن الربللح المتحقللق مللن العمللل‬
‫بهذا المال فقد وجللدت البنللوك اللربويللة لجللذب المللدخرات‬
‫ومنح القروض)‪.(5‬‬
‫وعليه فإن الهدف من المصللارف السلللمية هللو تعللبيرا عللن‬
‫السلللم والنهللج السلللمي الللذي يربللط الحيللاة القتصللادية‬
‫بالحياة الخلقية والحياة الجتماعية بالحيلاة الدينيلة‪ .‬ونسلتدل‬
‫أيضا بذلك على قيام السلم فللي تشللريعاته الماليللة بللالمزج‬
‫بين القتصللاد والخلق وكللذلك نظللرة السلللم إلللى الفللائدة‬
‫)فهو يحرمها ولو قليل()‪.(6‬‬
‫ومما تجدر الشارة إليه انه ليس مللن الجللائز إطلق تصللنيف‬
‫المصرف السلمي باعتباره من المصارف التجارية حيث أن‬
‫الطبيعة الربوية التي تحيط بغالبية أشكال الئتمان القصلليرة‬
‫الجل تقطع بعدم إمكانية اعتمللاد المصلرف السللمي علللى‬
‫التعامل في نطاقه‪،‬وبالتالي فإن المصللرف السلللمي يمكللن‬
‫تصنيفه باعتباره من مصارف الدخللار أو مصللارف السللتثمار‬
‫والنظللرة الكللثر واقعيللة للمصللرف السلللمي تصللنيفه وفللق‬
‫مكانللة متداخلللة بيللن النللوعين‪ ،‬حيللث يصللعب إزاء طبيعللة‬
‫المصرف السلمي أن يتبين للمحلل حدا فاصللل يقطللع بيللن‬
‫كل مللن طللبيعته الدخاريللة والسللتثمارية)‪ . (7‬وفللي الللوقت‬
‫الحاضللر أصللبحت فكللرة البنللوك السلللمية تجتللذب حللتى‬
‫الغربيين غير المسلللمين وقللد جللاء فللي مقللال عللن عمليللات‬
‫المصارف السلمية نشر مؤخرا ً في مجلة الدراسات المالية‬
‫والمصرفية التي تصدر عن المعهد العربي للدراسات المالية‬
‫والمصللرفية أن جامعللة )هللارفرد( تضللطلع بمشللروع بحللث‬
‫لدراسللة ماضللي وحاضللر ومسللتقبل العمليللات المصللرفية‬
‫السلللمية وصلليغ السللتثمار السلللمي حيللث يحيرهللم حجللم‬
‫السوق السلمي والسباب وراء نموه رغم مللا يعترضلله مللن‬
‫عقبات وقد جاء في المقللال أيضللا أن سلليتي بنللك المريكللي‬
‫يزمع تأسيس مصرف إسلمي متكامل في البحرين‪.‬‬

‫‪626‬‬
‫وكللل ذلللك لن المصللارف السلللمية أصللبحت أحللد أعمللدة‬
‫القتصاد الوطني في البلد التي أنشأت فيها ولقد أكللد نجللاح‬
‫المصارف السلمية وسرعة انتشارها قابلية الفكر السلمي‬
‫للتطبيق وإن الشرع موجود أينمللا توجللد مصللحة العبلاد فلي‬
‫الدنيا والخرة)‪.(8‬‬
‫وأخيللرا ً يمكننللا القللول أن التطللبيق العملللي الصللحيح لفكللرة‬
‫المصللارف السلللمية هللو الللذي يحقللق مصلللحة العبللاد وهللو‬
‫الطريللق إلللى التحللرر مللن نظللام ربللوي يقللوم عليلله النظللام‬
‫القتصادي الرأسمالي‪.‬‬
‫تعريف المصرف السلمي ‪:‬‬
‫فالمصرف السلللمي هللو مؤسسللة ماليللة مصللرفية لتجميللع‬
‫الموال وتوظيفها في نطللاق الشللريعة السلللمية بمللا يخللدم‬
‫بناء مجتمع متكامل وتحقيق عدالة التوزيع ووضع المللال فللي‬
‫المسللار السلللمي)‪، (9‬أو هللو منظمللة إسلللمية تعمللل فللي‬
‫مجال العمال بهدف بناء الفرد المسلللم والمجتمللع المسلللم‬
‫وإتاحة الفللرص المواتيللة للله للنهللوض علللى أسللس إسلللمية‬
‫تلتزم بقاعدة الحلل والحرام‪.‬‬
‫إزالة الغموض عن الصيرفة السلمية والتمويل السلمي‬
‫هناك مايكفي من المستثمرين والمفترضين المسلللمين فللي‬
‫البلللدان السلللمية وغيللر السلللمية لتأكيللد اهتمللام البنللوك‬
‫التقليدية التي تبحث عن خدمة عملء كهؤلء وتجني أرباحا ً ل‬
‫بأس بها من سوق ل يزال غير مطروق‪.‬‬
‫يوضح كللاتب المقللال بعللض الغمللوض ويللبين كيللف أن بعللض‬
‫المنتجلللات السللللمية يمكلللن أن تلئم النظلللام المصلللرفي‬
‫التقليدي ونتيجة لذلك تخدم البيع بالتجزئة للمصرف الغربللي‬
‫وزبللائن الللبيع بالجملللة أو تسللاعد مؤسسللة تعللرض تمللويل‬
‫إسلميا‪ .‬وقد تجد بعض المؤسسللات الماليللة غيللر السلللمية‬
‫أنه من الحكمة استخدام التمويلل السللمي للحصللول عللى‬
‫مكاسللب السللواق السلللمية لتسللهيل الللدخول أو تعزيللز‬
‫العمال‪.‬‬

‫‪627‬‬
‫هناك اثنان من المبللادئ الساسللية فللي الصلليرفة السلللمية‬
‫غياب الفللائدة‪ ،‬تحريللم الربللا علللى أسللاس مبللدأ ل ضللرر ول‬
‫ضللرار إضللافة إلللى الميللزات الجتماعيللة والخلقيللة والللتي‬
‫تتجنب الستثمارات الغير المرغوب بها والتجارة التعزيزية ‪.‬‬
‫إن تحريللم الربللا مرتبللط بقللوانين المرابللاة فللي العديللد مللن‬
‫البلدان الغربية أو المنع على الفائدة الفائضة ‪ .‬إن ما نسميه‬
‫الصلليرفة السلللمية "النقيللة" يبللدو بللأنه مشللابه للتمويللل‬
‫الرأسمالي المستند على المضاربة ‪ ,‬أو تمويل المشروع غير‬
‫المطالب بحق صاحب الكمبيالة أو استثمار المساواة العادي‬
‫‪ .‬وتكللون للمسللتثمر حصللة فللي الربللاح للمضللاربة ومعللرض‬
‫لفقدان رأسماله ‪.‬‬
‫وهذا يتضمن الستثمار ولكللن ليللس تقللديم القللروض ‪ .‬لكللن‬
‫بعض المنتجات إسلمية أكثر ومن ثم أخرى وكمللا فللي إدارة‬
‫الضريبة تم تطوير منتجات هائلة لليفاء بحرفية‪ ،‬ولكن ليللس‬
‫بالضرورة روحية التنظيمات وكما في عملية تحويللل الفللائدة‬
‫إلى مكاسب رأس مال لغراض ضريبية ‪ .‬كان المسللتثمرون‬
‫السلللميون الوائل مقتنعيللن بالللدخول فللي قللوائم خزانللة‬
‫مخصومة وتلقى الفائدة على شكل مكاسب رأس مال‪،‬وفي‬
‫منتصف الثمانينيات عالجت التبادل الجنبي وصفقات اليداع‪،‬‬
‫أشترى الزبون "السلمي" عملة ذات نسبة فائدة منخفضللة‬
‫أو حتى ذهب من البنك ووضع هللذا فللي اليللداع الحللالي مللن‬
‫الفائدة‪ ،‬وبنفللس الللوقت تللم بيللع العملللة النقديللة أو الللذهب‬
‫مقدما مع إعادة النعكاس المتقدم لحقيقة عللدم دفللع فللائدة‬
‫على اليداع‪ ،‬ويعد مكسب رأس المال المقفللل كهللذا فللائدة‬
‫بالنسبة للغراض الضريبية وبنفس الصورة عللن العديللد مللن‬
‫وسائل تحويللل الفللائدة إلللى مكاسللب رأس المللال ل تقبلهللا‬
‫السلطات السلمية بشكل متزايد‪.‬‬
‫وعلى الرغم مللن ذلللك وحسللب ملحظللاتي فللإن ‪ %85‬مللن‬
‫الصلليرفة السلللمية تشللمل شللكل معينللا للتحديللد المسللبق‬
‫للرباح التي ستعد الن كمكاسب رأس مال من قبل العديللد‬

‫‪628‬‬
‫مللن السلللطات الماليللة وبالنسللبة لبعللض المؤسسللات تعللد‬
‫المظاهر مهمة فيما يتعلق برؤيتها إسلمية في أعيللن زبائنهللا‬
‫وأصحاب اسمها ومنظميها وعندما يكون هناك ربللح مضللمون‬
‫متولد خلل مخطط "‪"mark up‬يعد الرتباط بصللفقة تجاريللة‬
‫ضمنية شلليئا جيللدا وكمللا أنلله ل توجللد سلللطة ماليللة عالميللة‬
‫ومركزية ليس هنللاك سلللطة إسلللمية واسللعة تحللدد مللا هللو‬
‫الحلل وما هو الحرام وهناك خطر فللي أن البعللض سلليحاول‬
‫الحصول على استحسان إسلمي لمخططاتهم كما هو الحال‬
‫مع أعمال الصيرفة الغربية الللتي تنتقللل مللن ملكيللة قضللائية‬
‫ضريبية إلى أخرى‪.‬‬
‫المسائل الخلقية‬
‫هناك مسائل ما وراء مسألة الفائدة فالستثمارات السلمية‬
‫تبعللد التبللغ والكحللول والتسلللية والقطاعللات الخللرى غيللر‬
‫المقبولللة ويتحفللز المسللتثمرون السلللميون فللي اختيللارهم‬
‫للستثمارات بنفس المعيللار الللذي يحفللز نظرائهللم الغربييللن‬
‫الخلقييلللن ويتلللوازن البحلللث علللن اسلللتثمارات مقبوللللة‬
‫بكللرة_الخطللورة الطللبيعي ويظهللر المقترضللون المسلللمون‬
‫مقاومة للتخلي عن حصة في أرباح مشللروعهم ‪،‬وليللس مللن‬
‫المدهش نتيجللة لللذلك إن معظللم الصلليرفة السلللمية تأخللذ‬
‫شكل أحد أنواع ‪ mark‬أو أشللكال أخللرى غيللر الشللتراك فللي‬
‫الرباح لكللن الصلليرفة السلللمية ل تللزال صللناعة فللي بدايللة‬
‫طريقها مع ‪ 20‬عاما ً من الممارسة‪،‬ووفقلا لمبلدأ ل ضلرر ول‬
‫ضرار فإن أي شخص غير ملزم بأية إضافة للمبلغ الرئيسي‪.‬‬
‫خصائص المصارف السلمية‪:‬‬
‫‪ _1‬استبعاد التعامل بالفائدة‬
‫النهللج القتصللادي فللي السلللم بهللذا الصللدد موقللف محللدد‬
‫وحاسم ل لبس فيه وهو ))إسقاط الفللائدة الربويللة مللن كللل‬
‫عملياته أخذا وعطاء((وتعد هللذه الخاصللية المعلللم الرئيسللي‬
‫والول للمصللرف السلللمي وبللدونها يصللبح هللذا المصللرف‬

‫‪629‬‬
‫ربوي آخر وذلك لن السلم حرم الربا بكللل أشللكاله وشللدد‬
‫العقوبة عليها)‪.(10‬‬
‫‪ _2‬توجيه كل جهة نحو الستثمار الحلل‬
‫من المعلوم أن المصارف السلمية مصارف تنموية بالدرجة‬
‫الولى ولما كانت هذه المصارف تقوم على إتباع منهللج الللله‬
‫المتمثل بأحكام الشللريعة السلللمية‪ .‬لللذا فإنهللا وفللي جميللع‬
‫أعماله تكون محكومة بما أحللله الللله والتقيللد بللذلك بقاعللدة‬
‫الحلل والحرام التي يحللددها السلللم ممللا يللترتب عليلله مللا‬
‫يلي)‪: (11‬‬
‫* توجيه الستثمار وتركيزه في دائرة إنتاج السلع والخللدمات‬
‫التي تشبع الحاجات السوية للنسان المسلم ‪.‬‬
‫* تجللري أن يقللع المنتللج سلللعة كللان أم خدمللة فللي دائرة‬
‫الحلل‪.‬‬
‫* تجري أن تكون كللل أسللباب النتللاج)أجللور‪ -‬نظللام عمللل (‬
‫منسجمة مع دائرة الحلل‪.‬‬
‫* تحكيللم مبللدأ احتياجللات المجتمللع ومصلللحة الجماعللة فبللل‬
‫النظر إلى العائد الذي يعود على الفرد‪.‬‬
‫‪ _3‬ربط التنمية القتصادية بالتنمية الجتماعية‬
‫ويللأتي هللذا مللن ناحيللة أن المصللارف السلللمية بطبيعتهللا‬
‫السلمية تللزاوج بيللن جللانبي النسللان المللادي والروحللي ول‬
‫تنفصل في المجتمع السلمي الناحية الجتماعية عن الناحية‬
‫القتصللادية فالسلللم وحللدة متكاملللة لتنفصللل فللي جللوانب‬
‫الحياة المختلفة وتعتبر السلم التنمية الجتماعيللة أساسللا ل‬
‫تؤدي التنمية القتصادية بثمارها إل بمراعاته)‪.(12‬‬
‫‪ _4‬إحياء نظام الزكاة‬
‫حيث تقوم هذه المصارف وانطلقا من رسالتها السامية في‬
‫التوفيق بين الجللانبين الروحللي والملادي معللا‪ ،‬لللذلك أقللامت‬
‫هذه المصارف صندوقا خاصا لجمع الزكاة تتولى هللي إدارتلله‬
‫وهي بذلك تؤدي واجبا إلهيللا فرضلله الللله علللى هللذه المللة )‬
‫‪.(13‬‬

‫‪630‬‬
‫‪ _5‬القضللاء علللى الحتكللار الللذي تفرضلله بعللض شللركات‬
‫الستثمار‬
‫تقوم المصارف وانطلقا من وظيفتها الساسللية فللي التقيللد‬
‫في معاملتها بالحكام الشرعية بالقضاء على الحتكار الللذي‬
‫تفرضه بعض الشركات المسللاهمة علللى أسللهمها فللإن هللذه‬
‫الشركات تلجأ إلى إصدار )أسهم( تمكنها من الحصول علللى‬
‫رأس مللال جديللد وإبقللاء أسللهم الشللركة محصللورة فللي يللد‬
‫المسللاهمين فقللط أمللا المصللارف السلللمية فإنهللا ل تصللدر‬
‫السندات نظرا لن فقهاء الشللريعة قللالوا بحرمتهللا‪ .‬بللل أنهللا‬
‫وبهدف زيادة رأس المللال والتوسللع فللي أعمالهللا تفتللح بللاب‬
‫الكتتاب على أسهمها أمام جميع الراغبين في ذلك‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬‬
‫أشكال استخدامات الموال في المصارف السلمية ‪:‬‬
‫تقوم المصارف السلمية بعمليات متنوعة تساعد كلها علللى‬
‫تللدعيم تنميللة المجتمللع ومللن ابللرز هللذه العمليللات عمليللات‬
‫استثمارية للموال المودعة لديها‬
‫والستثمار يعني )استخدام الموال الفائضة بغرض الحصللول‬
‫على ربح عبر فترة من الزمن( أن الستثمار بل شك يعد من‬
‫العمال المشروعة التي يقرها ديننا الحنيف بلل يرغلب فيهلا‬
‫إل أن ذلك مقيد بأن تكون أسس الستثمار مشروعة‪.‬‬
‫أسس الستثمار في المصارف السلمية ‪:‬‬
‫أن أهم الركللائز والسللس الللتي يقللوم عليهللا نظللام السلللم‬
‫القتصادي هو مبدأ الستخلف والذي يعنللي )أن المللال مللال‬
‫الله وإن البشر ل يملكون إل حق النتفاع به(‬
‫والسللتثمار بشللكله المعللروف يللأتي فللي مقدمللة العمليللة‬
‫السللتخلفية وهللذا يعنللي أنلله يجللب أن تكللون للله أسللس‬
‫ومقومات يعتمد عليها ومن أهللم السللس الللتي يقللوم عليهللا‬
‫استثمار رأس المال في السلم هي)‪: (14‬‬
‫‪ _ 1‬تجنب الربا في جميع المعاملت‪.‬‬
‫‪ _ 2‬تحرم الحتكار‪.‬‬

‫‪631‬‬
‫‪ _ 3‬قيام الستثمار على عنصر من عناصر النتاج‪.‬‬
‫‪ _ 4‬قيام الستثمار على أساس تعبدي‪.‬‬
‫‪ _ 5‬إمهال المدين المعسر‪.‬‬
‫‪ _ 6‬شرعية المشروعات الستثمارية‪.‬‬
‫فالستثمار في السلم يجب أن يقتصر على العمللل الصللالح‬
‫فقط‪ ،‬أما العمل المحرم فهو بعيد كللل البعللد عللن السللتثمار‬
‫السلمي ذلك لن السلع التي ينتجهللا هللذا النللوع وإن كللانت‬
‫لها قيمة في النظم القتصادية الخرى فإنها تعد خارجللة عللن‬
‫العمل المنتج في القتصاد السلمي‪.‬‬
‫أشكال الستثمار في المصارف السلمية‬
‫تقوم المصارف السلللمية بعمليللات مختلفللة تهللدف جميعهللا‬
‫إلى تدعيم التنمية في المجتمع ويأتي الستثمار فللي مقدمللة‬
‫العمليللات وللسللتثمار السلللمي طرقللا وأسللاليب متميللزة‬
‫وعديدة تهدف كلها إلى تحقيق الربح الحلل ومن أبللرز هللذه‬
‫الساليب والشكال)‪. (15‬‬
‫أول‪ :‬المضاربة‬
‫تعتبر المضاربة هي الوسيلة التي تجمللع بيللن المللال والعمللل‬
‫بقصد استثمار الموال التي ل يستطيع أصحابها اسللتثمارها ‪.‬‬
‫كما أنها الوسيلة التي تقوم على الستفادة من خبرات الذين‬
‫ل يملكون المال‪.‬‬
‫والمقصود بالمضاربة‪:‬عقد بين طرفين أو أكثر يقدم أحللدهما‬
‫المال والخر يشارك بجهده على أن يتم التفاق على نصلليب‬
‫كل طرف من الطراف بالربح بنسللبة معلومللة مللن اليللراد)‬
‫‪.(16‬‬
‫وهناك عدة أشكال أو صور للمضاربة نذكر منها)‪:(17‬‬
‫المضاربة الخاصللة‪ :‬بمعنللى أن المللال والعمللل مقللدمان مللن‬
‫شخص واحد‪.‬‬
‫المضاربة المشتركة‪ :‬يتعدد فيهللا أصللحاب المللوال وأصللحاب‬
‫العمل‪.‬‬

‫‪632‬‬
‫المضاربة المطلقة ‪ :‬وهي الللتي ل يقيللد فيهللا صللاحب المللال‬
‫المضارب بنوع محدد من الستثمار أو التجارة وإنما يكون له‬
‫مطلق الحرية في اختيار النشاط الذي يراه مناسبا‪.‬‬
‫المضاربة المقيدة‪ :‬وهي المضللاربة الللتي يلللزم فيهللا صللاحب‬
‫رأس المال المضارب باستخدام الموال في نشاط أو تجارة‬
‫معينة من قبله‪.‬‬
‫شروط المضاربة)‪:(18‬‬
‫‪ _ 1‬يجب أن يكون رأس المال المضارب به نقدا ومعلوما‪.‬‬
‫‪ _2‬إن المضارب ل يضمن رأس المال المضارب به في حالة‬
‫الخسارة إل إذا أثبت صاحب المال أن تقصير المضللارب هللو‬
‫السبب وراء هذه الخسارة‪.‬‬
‫‪ _3‬يمكللن للمصللرف أن يطللالب بضللمان يقللدمه المضللارب‬
‫يحفظ فيه حقه في حالة تقصيره عللن تنفيللذ الشللروط الللتي‬
‫تم التفاق عليها‪.‬‬
‫‪ _4‬يجب أن يتم تحديد نصيب كل طرف من الربللاح كنسللبة‬
‫من الرباح ول يجوز أن يكون الربح مقللدارا محللددا لنلله قللد‬
‫تكون الرباح المتحققة أقل من ذلك‬
‫‪ _5‬يجوز التفاق على وقت المضاربة ومكانها‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬المشاركات‬
‫المشاركة هي صورة قريبة من المضاربة والفرق الساسللي‬
‫بينهما أنه في حالة المضاربة يتم تقديم رأس مللال مللن قبللل‬
‫صاحب المللال وحللده ‪ .‬أمللا فللي حالللة المشللاركة فللإن رأس‬
‫المال يقدم بين الطرفيللن ويحللدد عقللد المشللاركة الشللروط‬
‫الخاصة بين الطراف المختلفة)‪. (19‬‬
‫وتعرف المشاركة ‪ :‬بأنها عقد بين طرفيللن يقللدم كللل منهمللا‬
‫مقدارا معلوما من رأس المال ويكون فيلله الحللق بالتصللرف‬
‫في المال تصرفا كامل باعتباره شريكا ومالكا له ويتم توزيللع‬
‫الربللح حسللب مللا يتللم التفللاق عليلله ببللن الطرفيللن ‪ .‬أمللا‬
‫الخسارة فتوزع حسب نسبة المشاركة برأس المال)‪.( 20‬‬
‫ويمكن أن تقسم المشاركة إلى نوعين رئيسيين ‪:‬‬

‫‪633‬‬
‫المشاركة المتناقصة ‪:‬‬
‫تقوم المشاركة بين طرفيللن أحللدهما المصللرف وأي طللرف‬
‫أخر سواء كان فردا أم شركة يكون فيها الحللق للشللريك أن‬
‫يحل محل المصرف في ملكيللة المشللروع المشللترك بينهمللا‬
‫وذلك أما دفعة واحدة أو على دفعات ‪ .‬علللى أن ل يتللم دفللع‬
‫نصيب الفللرد أو الشللركة مللن الربللاح المتحققللة كجللزء مللن‬
‫استرداد قيملة حصلة المصللرف أي أن الشلريك فلي النهايللة‬
‫سيتمكن من تملك المشروع بعد أن تمكللن مللن رد التمويللل‬
‫إلى المصرف)‪.( 21‬‬
‫المشاركة الثابتة ‪:‬‬
‫قد يأخذ المشللروع المعللول شللكل قانونيللا ثابتللا مثللل شللركة‬
‫مساهمة أو التوصللية البسلليطة أو توصللية بأسللهم أو تضللامن‬
‫حسللب صلليغة المشللروع وحجملله‪،‬وهنللا يقللوم المصللرف‬
‫السلمي بتمويل جزء من رأس المال لمشروع معين يجعله‬
‫شريكا في إدارته والشراف عليه وشريكا في الربللح حسللب‬
‫النسبة المتفق عليها‪ ،‬وتبقى حصة كل شللريك مللن الشللركاء‬
‫ثابتة لحين النتهاء من مدة المشروع أو الشركة التي حددت‬
‫في التفاق)‪.(22‬‬
‫بعض أنواع الشركات في الفقه السلمي‬
‫‪ _1‬شركات الملك‬
‫اشتراك شخصين أو أكللثر فللي ملللك عيللن معينللة ذات قيمللة‬
‫مالية‪.‬‬
‫‪ _2‬شركات العقود‬
‫عقد بين طرفيللن أو أكللثر علللى الشللتراك فللي رأس المللال‬
‫والرباح الناتجة عن استثماره وتقسم شركات العقود إلى‪:‬‬
‫آ_ شركات العنان ‪ :‬وهي أحد أنواع شركات العقود الللتي تللم‬
‫التفاق فيها بين الطراف المتشاركة عللى عللدم تصللرف أي‬
‫شريك إل بإذن صاحبه ‪.‬‬
‫ب _شللركة المفاوضللة ‪ :‬وهللي الشللركة الللتي يتسللاوى فيهللا‬
‫الشركاء في كل شيء ‪.‬‬

‫‪634‬‬
‫وتعتللبر شللركة العنللان مللن أنسللب الصلليغ السللتثمارية فللي‬
‫المصللارف السلللمية مثللل المشللاركة الدائمللة والمشللاركة‬
‫المنتهية بالتمليك)‪.(23‬‬
‫ثالثا‪ :‬المرابحة‬
‫هي البيع بالثمن الذي اشللتريت بلله السلللعة مللع ربللح معلللوم‬
‫واتفق الفقهاء في المذاهب المختلفللة علللى أمريللن بالنسللبة‬
‫للمرابحة) ‪.(24‬‬
‫الول ‪ :‬بيان الثمن وما يدخل فيه ويلحق فيه ‪.‬‬
‫الثللاني ‪ :‬زيللادة ربللح معلللوم علللى الثمللن ‪ .‬ومللن شللروط‬
‫المرابحة ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون ثمن السلعة معلوما‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يكون الربح معلوما للبائع والمشتري ‪.‬‬
‫‪ .3‬أن يكون المبيع عرضا فل يصح بيع النقود مرابحة‪.‬‬
‫‪ .4‬أن يكون العقد الول صحيحا ‪ .‬فلللو كللان فاسللدا لللم تجللر‬
‫المرابحة لنها بيع بالثمن الول مع زيادة الربح‪.‬‬
‫أنواع البيوع‬
‫تصنف البيوع إلى أنواع متعددة هي ‪:‬‬
‫‪ ( 1‬بيع المقايضة ‪ :‬وهو مبادلة عين بعين بدون نقد وقد كان‬
‫هذا البيع شائعا قبل استخدام النقود‪.‬‬
‫‪ (2‬بيع الصللرف‪ :‬وهللو بيللع الثملن بللالثمن سلواء كلان الثملن‬
‫عاجل أو أجل ويشمل ‪:‬‬
‫آ _ بيللع السللم ‪ :‬ويتلم بلدفع الثملن ملال ملع تأجيلل تسلليم‬
‫المبيع‪.‬‬
‫ب_ بيع الجل ‪ :‬ويتم بتسليم المبيع مال مع تأجيل دفع الثمن‬
‫‪.‬‬
‫ج_ بيللع المسللاومة ‪ :‬ويتللم دون معرفللة المشللتري لتكلفللة‬
‫السلعة على البائع فل يعرف المشتري مقللدار ربللح البللائع أو‬
‫خسللارته ويجللوز هللذا الللبيع إذا لللم يكللن مللن الللبيوع غيللر‬
‫المشروعة كبيع المسترسل‪.‬‬

‫‪635‬‬
‫د_ بيوع المانللة ‪ :‬ويتللم فيهللا الللبيع بمعرفللة المشللتري كلفللة‬
‫السلعة على البائع ويتم تحديد الثمن بينهما بنللاء علللى ذلللك)‬
‫‪. (25‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬بيع السلم‬
‫وهو بيع شيء يقبض ثمنلله مللال وتأجيللل تسللليمه إلللى فللترة‬
‫قادمة وقد يسمى بيع السلف ‪.‬‬
‫فصللاحب رأس المللال يحتللاج أن يشللتري السلللعة وصللاحب‬
‫السلعة يحتاج إلى ثمنها مقدما لينفقلله سلللعته حللتى يصللفها‪.‬‬
‫وبهذا نجد أن المصرف أو أي تاجر يمكن له أن يقرض المال‬
‫للمنتجيللن ويسللدد القللرض ل بالمللال النقللدي لنلله سلليكون‬
‫)قرض بالفائدة(‪ ،‬ولكن بمنتجات مما يجعلنلا أملام بيلع سللم‬
‫يسمح للمصرف أو للتللاجر بربللح مشللروع ويقللوم المصللرف‬
‫بتصريف المنتجات والبضائع التي يحصللل عليهللا وهللو بهللذا ل‬
‫يكون تاجر نقللد وائتمللان بللل تللاجر حقيقللي يعللترف السلللم‬
‫بمشلروعيته وتجلارته ‪ .‬وبالتلالي يصلبح المصلرف السللمي‬
‫ليللس مجللرد مشللروع يتسلللم المللوال بفللائدة لكللي يوزعهللا‬
‫بفائدة أعلى ولكن يكون له طابع الخاص حيث يحصللل علللى‬
‫الموال ليتاجر ويضارب ويساهم بها ‪.‬‬
‫وهكذا يمكن أن يكون عقد السلم طريقا للتمويل يغنللي عللن‬
‫القللرض بالفللائدة ‪ .‬فأصللحاب السلللع والبضللائع يمكنهللم أن‬
‫يحصلوا من المصرف علللى ثمللن بضللائعهم مقللدما علللى أن‬
‫تسلم للمصرف مستقبل ليتاجر بها كما يمكللن للمصللرف أن‬
‫يستخدم بيع السلم في بيع تجارته)‪.(26‬‬
‫مشروعية السلم ‪:‬‬
‫إن المستند الشرعي قوله )صلللى الللله عليلله وسلللم( ))مللن‬
‫أسلللم فليسلللم فللي كيللل معلللوم ووزن معلللوم إلللى أجللل‬
‫معلوم(( ولن السلم على غيللر القيللاس فقللد وضللع العلمللاء‬
‫شروط وقيود تحفظ للسلم إباحته ومنها)‪: (27‬‬
‫‪ (1‬بيان الجنس والنوع والصفة في الثمن تجنبا للنزاع ‪.‬‬
‫‪ (2‬بيان جنس ونوع وصفة المسلم فيه)السلعة(‬

‫‪636‬‬
‫‪ (3‬أن يكون المسلم فيه مؤجل إلى أجل معلوم ‪.‬‬
‫‪(4‬أن يكون المسلم موجودا عند حلول الجل ‪.‬‬
‫‪ (5‬يشترط في المسللم فيله أن ل يكلون مللن جنللس الثمللن‬
‫وأن ل يكون متفقا معه في على ربوية‬
‫‪(6‬البعض اشترط بأن ل يقل الجل عن شهر واحللد ذلللك لن‬
‫الشهر أقل مدة يمكن أن تتحقق فيها الفائدة من بيع السلم‪.‬‬
‫‪ (7‬يجب أن يكون الثمن معجل ً ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬الستصناع‬
‫ومعناه طلب الصنعة كأن يطلللب مللن شللخص أن يصللنع لللك‬
‫حذاء أو حقيبللة أو غيللر ذلللك فللإن هللذا المللر هللو مللا يعللرف‬
‫بالستصللناع ‪ .‬وبعللض الفقهللاء قللالوا أنلله يجللب أن يوضللع‬
‫الستصناع من حيلث محلل العقلد وصلفته ووزنله‪ ......‬اللخ ‪.‬‬
‫ويذكر أن الناس تعاملوا بهذا العقد منذ زمن رسللولنا محمللد‬
‫صلى الله عليه وسلم الذي استصنع خاتما وقيل أنه استصنع‬
‫منللبرا‪ .‬ومللن فللوائد الستصللناع أنلله يشللجع النتللاج والعمللل‬
‫وتشغيل اليللدي العاملللة ويزيللد النشللاط القتصللادي ويللؤمن‬
‫عملية التسويق‪.‬‬
‫هذا ويمكن للمصارف السلللمية الن الللدخول فللي عمليللات‬
‫الستصناع‪ ،‬كمثال يمكن لها أن تجعللل عقللود استصللناع عللن‬
‫طريق امتلكها المصانع والقيام بالتصنيع أو أن تكللون صللانعا‬
‫ومستصللنعا فللي نفللس الللوقت وهللو يعللرف ب )الستصللناع‬
‫المللوازي( وهللذا النللوع هللو الكللثر ملئمللة لعمللل المصللارف‬
‫السلمية)‪. (28‬‬
‫شروط الستصناع )‪:(29‬‬
‫‪ (1‬أن يكللون محللل العقللد معلللوم الجنللس والنللوع والصللفة‬
‫والقللدرة وهللذا التحديللد الللدقيق يجعللل الوقللوع فللي النللزاع‬
‫والخلفات بين الصانع والمستصنع في أضيق الحدود‪.‬‬
‫أن يكون محللل العقللد ممللا يجعللل فيلله التعامللل بيللن النللاس‬
‫استصناعا مثل الحذية والملبس والثاث‪2).‬‬
‫أن يقدم الصانع مستلزمات الصناعة ‪3) .‬‬

‫‪637‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬القرض الحسن‬
‫عرفنا أن المصارف السلمية ل تمنح المتعاملين معها قرضا‬
‫بالمعنى الذي تقوم به المصارف التقليدية كمللا أنهللا ل تقللوم‬
‫بخصلللم الكمبيلللالت كملللا هلللو الحلللال فلللي المصلللارف‬
‫التقليدية‪،‬وذلك لنه ل يجوز للمصرف تقاضي أيلة زيلادة عللن‬
‫المبالغ الممنوحة في هذه الحالة فأيما قرض جرمنفعللة فهللو‬
‫ربا‪.‬‬
‫ولكللن هنللاك حللالت يكللون فيهللا المتعامللل مللع المصللرف‬
‫السلمي مضطرا للحصول على نقد لي سبب من السباب‬
‫فقد يحتاج نقودا للعلج أو للتعليلم أو للسلفر وغيرهلا وليلس‬
‫مللن المعقللول أن ل يلللبي المصللرف السلللمي حاجللة هللذا‬
‫الزبون لسببين هما‪:‬‬
‫‪ _1‬إن مصلحة هذا الزبون مرتبطة بالمصرف السلمي فهللو‬
‫يودع نقوده فيه ويشتري منه ويتعامل معه في جميللع أمللوره‬
‫المجدية مما يعني استفادة المصرف من الزبون‪.‬‬
‫‪ _2‬أن هناك مسؤولية اجتماعيللة تقللع علللى عللاتق المصللرف‬
‫وهو مد يد العون والمساعدة للمجتمع الذي يعمل فيه وأهللم‬
‫ما يمكن أن يقحمه لعضاء هذا المجتمع هنا هو إبعادهم عللن‬
‫القتراض بالفائدة لذلك يتم منح أي فرد من أفللراد المجتمللع‬
‫المسلم هذا القرض سواء كان زبون المصرف أم ل)‪.(30‬‬
‫مصادر تمويل صندوق القرض الحسن‬
‫‪ _1‬يتم تمويل صندوق القرض الحسن من أمللوال المصللرف‬
‫الخاصة ‪.‬‬
‫‪ _2‬المللوال المودعللة لللدى المصللرف علللى سللبيل القللرض‬
‫)حسابات الئتمان(‪.‬‬
‫‪ _3‬الموال المودعة من قبل الجمهور فللي صللندوق القللرض‬
‫الحسللن الللتي يفوضللون المصللرف بإقراضللها للنللاس قرضللا‬
‫حسنا)‪.(31‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬الستثمار في الشركات الستثمارية‬

‫‪638‬‬
‫تعرف شركات الستثمار‪ :‬بأنها شركات متخصصللة فللي بنللاء‬
‫وإدارة المحللافظ السللتثمارية حيللث تقللوم هللذه الشللركات‬
‫بتلقلي المللوال مللن مسللتثمرين مللن مختلللف الفئات لتقلوم‬
‫باسللتثمارها فللي محللافظ )صللناديق(وكللونه مللن اسللتثمارات‬
‫مختلفة‪،‬وثلم توزيلع أربلاح وخسلائر هلذه السلتثمارات عللى‬
‫المشاركين مقابل حصول شركة الستثمار علللى نسللبة مللن‬
‫الرباح ‪ .‬كمللا هللو معللروف فللإن المصللارف السلللمية لللديها‬
‫فائض سيولة )فللي بعللض الحيللان(ل تسللتطيع أن تسللتثمرها‬
‫لذلك تقوم هذه المصارف بدفع تلللك المللوال إلللى شللركات‬
‫اسللتثمارية وبشللرط أن تكللون المحفظللة السللتثمارية الللتي‬
‫تقوم هذه الشركات بتكوينها ل تحتلوي علللى أصلول محرمللة‬
‫شرعا )مثل السندات التي تحمل الفائدة الثابتة( وغيرها من‬
‫الشروط الشرعية التي تقوم هيئة الرقابة بتحديدها )‪.(32‬‬
‫ثامنا ‪ :‬الستثمار في الوراق المالية‬
‫تقوم المصارف السلمية بالستثمار في الوراق المالية عن‬
‫طريق شراء أسهم شللركات يكللون نشللاطها الساسللي غيللر‬
‫مخللالف لحكللام الشللريعة السلللمية وقللد أجللاز الفقهللاء‬
‫ذلك‪،‬فعلى سللبيل المثللال يجللوز للمصللرف السلللمي شللراء‬
‫سهم في مصنع الحديد والسيارات ولكللن ل يجللوز للله شللراء‬
‫أسهم في مصنع للخمور أو في بنوك ربوية‪.‬‬
‫أما أهداف الستثمار في الوراق المالية فهي ‪:‬‬
‫‪ _1‬استغلل السيولة المتاحة وعدم إضاعة فرصة استثمارها‬
‫لتحقيق عوائد وأرباح سواء عنللد الللبيع أو عنللد توزيللع الربلاح‬
‫في نهاية السنة المالية‪.‬‬
‫‪ _2‬تعزيز السيولة خاصة في ظل عدم وجود القرض الخيللر‬
‫فهي سهلة التسييل‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬أساليب أخرى‬
‫وتستطيع المصارف اسللتخدام أنمللاط عديللدة مللن الخللدمات‬
‫الستثمارية شللريطة خلوهللا مللن عنصللر الفللائدة ومللن هللذه‬
‫النماط)‪:( 33‬‬

‫‪639‬‬
‫تقديم خطابات الضمان ‪.‬‬
‫تقديم الئتمانات المستندية ‪.‬‬
‫البيع بالتقسيط أو البيع بالجل ‪.‬‬
‫إدارة الحقائب المالية وتأسيس صناديق الستثمار المشللترك‬
‫وأعمال الوساطة في السواق المالية‪.‬‬
‫أهم صور معاملت المصارف المباحة ‪:‬‬
‫‪ _ 1‬تحويل النقود من مكان إلى اخر مقابل مبلغ يسللير مللن‬
‫المال حيث يسلمها للشخص نفسه أو لشخص اخر وما يأخذ‬
‫المصرف من المال نظير التمويل هو أجرة مشروعة‪.‬‬
‫‪ _2‬إصدار شيكات السفر التي لها قوة النقود لبيعهللا فللي أي‬
‫مكان بنفس المبلغ الذي تتضمنه أو بقيمة مللن عمللله أخللرى‬
‫وفي هذا يسير للتداول وسلمة من محل النقود نفسها‪.‬‬
‫‪ _3‬تحصليل اللديون بملوجب سلندات يضلعها اللدائنون للدى‬
‫المصرف ويوقعون عليها بتفويض للمصللرف بقبضللها مقابللل‬
‫أجر على هذا العمل ‪.‬‬
‫‪ _4‬تأجير الخزائن الحديدية لمن يريد النتفاع بهللا وذلللك مللن‬
‫أجل وضع الموال فيها‪.‬‬
‫‪ _5‬تسهيل التعامل مع الدول الخرى حيللث ينللوب المصللرف‬
‫عللن المتعللاملين فللي دفللع الثمللن واسللتلم وثللائق شللحن‬
‫البضائع ‪....‬الخ ‪ .‬وفي هذا يللوفر المصللرف علللى المتعللاملين‬
‫كثيرا من العناء والمشقات‪.‬‬
‫وكل هذه المعاملت التي يقللوم بهللا المصللرف مقابللل أجللور‬
‫يسيرة يتقاضاها تعتبر من نوع خللدمات الوكاللة يحصلل فيهللا‬
‫الوكيل )المصرف( على أجللره مقابللل عمللله ول يخللرج عللن‬
‫دائرة الحلل)‪.(34‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬‬
‫الطار التطبيقي للبحث‬
‫اتجاهات الستثمارات في المصرف العراقي السلمي‬
‫في العراق يعد المصرف العراقي السلللمي نللواة الصلليرفة‬
‫السلمية ولكن هذا المصرف بللدء بالعمللل ولزال فللي ظللل‬

‫‪640‬‬
‫ظروف اقتصادية معقدة تمثلت في ظللروف الحصللار الجللائر‬
‫الذي فرض على القطر‪.‬‬
‫هذا المصرف تضمن مطلبين وهما كما يأتي ‪:‬‬
‫المطلب الول ‪ :‬نشأة المصرف العراقي السلمي _ أهدافه‬
‫‪.‬‬
‫المطلب الثاني ‪ :‬تحليل استخدامات المللوال فللي المصللرف‬
‫العراقي السلمي‪.‬‬
‫المبحث الول ‪:‬‬
‫نشأة المصرف العراقي السلمي _ أهدافه‬
‫لقللد كللانت بدايللة العمللل المصللرفي السلللمي فللي العللراق‬
‫عندما أصدر مجلس قيللادة الثللورة قللرار رقللم )‪(205‬لعللام )‬
‫‪ (1992‬بتأسلليس ))شللركة المصللرف العراقللي السلللمي‬
‫للستثمار والتنمية(( حيث يعد المصرف العراقللي السلللمي‬
‫نواة الصيرفة السلمية ولكن هللذا المصللرف بللدأ العمللل ول‬
‫زال في ظل ظروف اقتصللادية معقللدة تمثلللت فللي ظللروف‬
‫الحصار الجائر الذي فرض على القطر‪ .‬وقد بلغ رأس المللال‬
‫المكتتب به عند التأسيس )‪ (116‬مليون دينار عراقي وبلغت‬
‫نسبة مساهمة المؤسسين )‪ (%90‬وتم تسللديد )‪ (%25‬مللن‬
‫قيمة السهم ‪ .‬ولقد تم فتح أول فرع له فللي )‪(25/4/1993‬‬
‫في بغللداد ومباشللرة أعمللاله ومللن ثللم باشللر بافتتللاح فللروع‬
‫متعددة داخل بغداد وعدد من محافظات القطر)‪.(35‬‬
‫أسباب ودوافع إنشاء المصرف العراقي السلمي‬
‫نستطيع أجمال السباب والدوافع التي دعت إلى إنشاء هللذا‬
‫المصرف‪:‬‬
‫‪ _1‬إثبات الهوية السلمية لهذا البلد السلمي )‪.(36‬‬
‫‪ _2‬محاولة دعم وتعزيللز القتصللاد الللوطني وذلللك مللن خلل‬
‫تحفيللز أصللحاب رؤوس المللوال الللذين يرفضللون اسللتثمار‬
‫أموالهم عن طريق أخذ فوائد ربوية ودفعهم إلى المسللاهمة‬
‫في دعم القتصاد الوطني باستثمار أمللوالهم مللن خلل هللذه‬
‫المؤسسة بالطرق المشروعة ‪.‬‬

‫‪641‬‬
‫‪ _3‬قيللام هللذه المؤسسللة جللاء مثبتللا لمكللان وجللود البللديل‬
‫السلمي الذي يمكن أصحاب رؤوس الموال المحددة والتي‬
‫ل تساعدهم على إقامة مشاريع إنتاجية مستقلة من استثمار‬
‫أموالهم وذلك بإشراكهم في استثمارات هذا المصرف‪.‬‬
‫أهداف المصرف العراقي السلمي وغايته‬
‫يهدف المصرف كما جاء في عقد التأسيس إلللى المسللاهمة‬
‫فللي النمللو القتصللادي فللي القطللر ضللمن السياسللة العامللة‬
‫للدولة وخلق أوسع محللالت التعللاون مللع المصللارف الهليللة‬
‫والحكومية ضمن إطار السياسة القتصادية والمالية للدولة‪.‬‬
‫العمللال والخللدمات الللتي يقللوم بهللا المصللرف العراقللي‬
‫السلمي‬
‫يقوم هذا المصرف بمختلف العمليات المصرفية التي تغطي‬
‫احتياجللات زبللائنه فللي مختلللف الختصاصللات المصللرفية‬
‫والخدمية منها والستثمارية وفيمللا يلللي عللرض سللريع لهللم‬
‫النشاطات التي يقوم بها)‪:(37‬‬
‫أول ‪ :‬العمال المصرفية غير الربوية‬
‫يمارس هذا المصرف سواء كللان لحسللابه أو لحسللاب الغيللر‬
‫جميللع أوجلله النشللاطات المصللرفية المعهللودة أو المتحدثللة‬
‫ويمكن أجمالها بما يأتي ‪:‬‬
‫‪ _1‬قبللول الللودائع النقديللة وفتللح الحسللابات الجاريللة وفتللح‬
‫العتمادات وغيرها‪.‬‬
‫‪ _2‬التعامل بالعملت الجنبية بيعا ً وشراء‪.‬‬
‫‪ _3‬التعامل مع سوق بغداد للوراق المالية‪.‬‬
‫‪ _4‬إدارة الممتلكات وغيرها‪.‬‬
‫‪_5‬القيام بالدراسات الخاصة لحساب الزبائن ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أعمال التمويل والستثمار‬
‫يقوم المصرف بجميع أعمال التمويل والستثمار غير أساس‬
‫الربا وذلك من خلل الوسائل التية‪:‬‬
‫‪ _1‬فتح حسابات استثمار مع أموال المصرف للراغللبين فللي‬
‫الستثمار في كل ما تجيزه الشريعة السلمية‪.‬‬

‫‪642‬‬
‫‪ _2‬تأسلليس الشللركات والكتتللاب فللي أسللهم الشللركات‬
‫والشتراك مع الغير من أفراد أو شركات أو مؤسسللات فللي‬
‫أعمال ومشاريع تتفق مع أهداف المصرف‪.‬‬
‫المبحث الثاني ‪:‬‬
‫تحليل استخدامات الموال في المصرف العرافي السلمي‬
‫يؤدي التحليل المالي دورا مهملا فلي تقييلم أوضلاع وسللمة‬
‫المؤسسات المصللرفية كللونه يللبرز المنجللزات الللتي يحققهللا‬
‫المصرف أو المصارف سللنة بعللد سللنة وكللذلك يكشللف عللن‬
‫الخلل في أداء هذه المصارف والمصرف العراقي السلمي‬
‫والللذي يعللد نللواة الصلليرفة السلللمية فللي العللراق أحللد‬
‫المصارف الناشئة الذي تعرض للكللثير مللن الخفاقللات خلل‬
‫سنوات أداءه لنشاطه وهذا الدور يمكللن توضلليحه مللن خلل‬
‫دراسة عددا من المؤشللرات الماليللة الللتي قللد تكشللف عللن‬
‫نقللاط الضللعف أو القللوة فللي هللذا المصللرف‪ .‬إذ تشللكل‬
‫استخدامات الموال في المصللرف السلللمي العراقللي فللي‬
‫محل ما تجيزه الشريعة السلللمية مللن معللاملت يمللا يتفللق‬
‫والشريعة السلمية وضمن تعليمات وقوانين البنك المركزي‬
‫العراقي وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بما يلي‪:‬‬
‫‪ _1‬للمصرف أن يشترك مع غيره من الفراد أو الشركات أو‬
‫المؤسسات التي تزاول أعمللال تتفللق مللع أهللدافه أو تعللاونه‬
‫على تحقيق أغراضه في العراق أو خارجه ‪.‬‬
‫‪ _2‬للمصرف السلمي أن يدخل فيمللا للله مصلللحة مباشللرة‬
‫كمسللاهم أو شللريك أو مالللك أو بللأي صللفة أخللرى فللي أي‬
‫مشروع تجاريا أو صناعيا أو زراعي أو عقاري ‪.‬‬
‫‪ _3‬للمصللرف الشللتراك فللي تأسلليس الشللركات والكتتللاب‬
‫والمسلللاهمة فلللي أسلللهم الشلللركات المسلللاهمة ويمثلللل‬
‫استخدامات الموال في المصرف العراقللي السلللمي علللى‬
‫أساس عمل المصرف لتحقيق الرباح‪.‬‬
‫الجدول )‪(1‬‬

‫‪643‬‬
‫)الهمية النسلبية ونسلب التغيللر السللنوية للسللتثمارات فلي‬
‫المصرف السلمي(‬
‫الهمية النسبية لستثمارات المصرف السلللمي وعللدد مللن‬
‫بنلللود الميزانيلللة …نسلللب التغيلللر لسلللتثمارات المصلللرف‬
‫السلمي العراقي وعدد من بنود الميزانية‬
‫…النقديلللة‪… %‬السلللتثمارات‪… %‬الئتملللان النقلللدي‪… %‬‬
‫المدينون‪… %‬النقدية‪… %‬الستثمارات‪… %‬الئتمان النقدي‬
‫‪… %‬المدينون‪%‬‬
‫‪… … … … 14… 3… 21… 56… 1993‬‬
‫‪… 513… 873… 83… 25… 2… 25… 43… 1994‬‬
‫‪129‬‬
‫‪76… 343… 492… 50… 2… 4… 63… 26… 1995‬‬
‫‪(90)… (23)… (47)… 4… 0.06… 70… 20… 1996‬‬
‫…)‪(48‬‬
‫‪44… 76… (14)… 5… 7… 1… 65… 23… 1997‬‬
‫‪… (25)… 9… 144… 6… 0.06… 50… 40… 1998‬‬
‫‪13‬‬
‫‪(9)… 292… 19… (17)… 5… 2… 58… 32… 1999‬‬
‫‪… … … … Mean …34 …50 …1.7 …9‬‬
‫إذ يلحظ من خلل الجللدول رقللم )‪ (1‬بللأن الهميللة النسللبية‬
‫النقدية تراوحت بين )‪ (%20‬حدا ً أدنللى سللنة )‪ (1993‬وهللي‬
‫سنة التأسيس وهللذا ملا يلبرر ارتفللاع النسلبة لهللذه السللنة ‪.‬‬
‫ويلحللظ أيضللا بللأن نسللب التغيللر السللنوية موجبللة مللا عللدا‬
‫السنوات ‪1999‬و ‪.1996‬‬
‫أما بالنسبة لستثمارات المصرف العراقي السلللمي والللتي‬
‫تشللمل السللتخدامات المختلفللة لهللذا المصللرف والمتمثلللة‬
‫)بالمضللاربة المرابحللة المشللاركة( والللتي لللم تظهللر كأرقللام‬
‫تفصيلية في الميزانية فقد تراوحللت بيللن )‪ (%21‬حللدا أدنللى‬
‫سنة )‪ (1993‬و)‪ (%70‬حدا أعللى سلنة )‪ (1996‬وبمتوسلط‬
‫سنوي )‪ (%50‬وانجراف معياري )‪ .(18/219‬وهذا أحد أهللم‬

‫‪644‬‬
‫السباب من وراء تعللرض المصللرف العراقللي إلللى الخسللائر‬
‫فقد انخفضت قيمة استثماراته بشكل كبير بعد ارتفاع قيمللة‬
‫الللدينار العراقللي سللنة )‪ (1996‬بينمللا بقيللت المطلوبللات‬
‫والتزاماته كما هي ‪ .‬وقد كانت نسب التغير السللنوية موجبللة‬
‫ماعدا السنوات )‪.(1996.1997‬‬
‫أمللا فيمللا يتعلللق بالئتمللان النقللدي فقللد تراوحللت الهميللة‬
‫النسللبية بيللن )‪ (%2‬حللد أدنللى سللنة )‪(1995‬و )‪ (%25‬حللد‬
‫أعللللى سلللنة )‪ (1994‬وبمتوسلللط سلللنوي )‪(%9‬وانحلللراف‬
‫معياري )‪،(7.4‬وهذا النخفاض قد يكون سببه أن المصرف ل‬
‫يتعامل بمنح القللروض لنلله ل يتعامللل بالفللائدة ‪ .‬وقللد كللانت‬
‫نسلللبة التغيلللر السلللنوية موجبلللة ملللا علللدا السلللنوات )‬
‫‪ .(1998،1996‬أما فيما يتعلق بالفقرات الخرى كالمللدينون‬
‫فيلحظ بأن أهميتها النسبية كانت ضئيلة جدا‪.‬‬
‫الستنتاجات‬
‫لقد خلص إلى جملللة مللن النتللائج والمقترحللات يمكللن إبللراز‬
‫أهمها ‪:‬‬
‫‪ _1‬تسعى المصارف السلمية إلى تحقيق أهداف ذات طابع‬
‫إنسللاني واجتمللاعي إضللافة إلللى تحقيللق هللدف الربحيللة‬
‫الضروري لبقاء ونمو المصرف وقللد أخللذت هللذه المصللارف‬
‫بالزدياد وبشكل كبير في مختلف أنحاء العالم ‪.‬‬
‫‪ _2‬بللدء المصللرف العراقللي السلللمي فللي ظللل ظللروف‬
‫اقتصادية معقدة وهللي ل زالللت قائمللة لحللد الن وقللد أثللرت‬
‫كثيرا على نشاط المصرف‪.‬‬
‫‪ _3‬شكلت الستثمارات الهمية النسبية الكبر لسللتخدامات‬
‫الموال وهذا ما يثبت فرضية البحث وهو أحد أسباب تعللرض‬
‫لمصللرف للخسللارة أو الخسللائر نتيجللة لرتفللاع قيمللة هللذه‬
‫الستثمارات وانخفاض قيمها قياسا بالتزامات المصرف ‪.‬‬
‫‪ _4‬تشكل السيولة النقدية جانبللا مهمللا لنشللاط المصللرف إذ‬
‫تحتل الهمية النسبية الثانية بعد الستثمارات‪.‬‬

‫‪645‬‬
‫‪ _5‬لم توضح الميزانيات تفاصليل وطبيعلة السلتثمارات فلي‬
‫المصرف بل كانت بشكل مطلق ‪.‬‬
‫المقترحات‬
‫‪ _1‬توسلليع النشللطة الللتي تسللتند علللى العمولللة المصللرفية‬
‫بدون القتراب أو التعامل بالفائدة‪.‬‬
‫‪ _2‬ضلللرورة أن تكلللون التقلللارير أو الميزانيلللات العموميلللة‬
‫للمصرف العراقي السلمي موضحة بشكل تفصلليلي بحيللث‬
‫تعطللي للبللاحثين والمهتميللن صللورة أوضللح حللول نشللاط‬
‫المصرف‪.‬‬
‫‪ _3‬ضلللرورة تحسلللين المصلللرف واللللدخول فلللي محلللالت‬
‫استثمارية أوسع بعد دراستها بشللكل علمللي حللتى ل تنتكللرر‬
‫الخفاقات التي حدثت سنة )‪.(1996‬‬
‫‪ _4‬ضرورة تكثيف الحملت العلنية حللول نشلاط المصللرف‬
‫العراقي السلمي لجذب العديد من الزبائن والمنافسللة مللع‬
‫بقية المصارف العاملة في العراق‪.‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫الوثائق الرسمية‬
‫‪ _1‬التقريلللر السلللنوي والميزانيلللة العاملللة فلللي المصلللرف‬
‫السلمي العراقي ‪.1999_1993‬‬
‫‪ _2‬عقللد تأسلليس شللركة المصللرف العراقللي السلللمي‬
‫للستثمار والتنمية ‪. 1992‬‬
‫الكتب‬
‫‪ _1‬البعلي ‪ ,‬عبد الحميد محمللود )‪ (1990‬أساسلليات العمللل‬
‫المصرفي السلمي ‪ :‬الواقع والفاق‪ ،‬ط ‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪.‬‬
‫‪ _2‬الحسيني ‪ ،‬فلح حسللن‪ ،‬الللدوري‪ ،‬مؤيللد عبللد الرحمللن‪) ،‬‬
‫‪ ،(2000‬إدارة البنلوك ملدخل إسلتراتيجي معاصلر‪ ،‬دار وائل‬
‫للنشر‪،‬عمان‪ ،‬الردن ‪.‬‬
‫‪ _3‬الحنللاوي‪ ،‬محمللد صللالح‪ ،‬فتللاح‪ ،‬عبللد السلللم سللعيد‪) ،‬‬
‫‪ ،(2000‬المؤسسللات الماليللة البورصللة والبنللوك التجاريللة‪،‬‬
‫الدار الجامعة‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.‬‬

‫‪646‬‬
‫‪ _4‬الساهي‪ ،‬شوقي عبده‪ ،(1984) ،‬المال وطرق استثماره‬
‫في السلم‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر ‪.‬‬
‫‪ _5‬سمحان‪ ،‬حسللن محمللد‪ ،‬العمليللات المصللرفية السلللمية‬
‫)مفهوم ومحاسبة(‪ ،‬مطابع الشمس ‪ ،‬عمان‪ ،‬الردن‪.‬‬
‫‪ _6‬شابرا‪،‬محمد عمللر وآخللرون‪،(1990) ،‬نحللو نظللام نقللدي‬
‫عادل‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار البشير‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الردن‪.‬‬
‫‪ _7‬مجيللللللد‪ ،‬ضللللللياء‪ ،(1997) ،‬البنللللللوك السلللللللمية‪،‬‬
‫السكندرية‪،‬مصر ‪.‬‬
‫‪ _8‬المصللنف‪ ،‬جاسللم ‪،‬محمللود‪ ،‬يوسللف محمللد‪،(1990)،‬‬
‫التجاهات الحديثة في محاسبة البنوك‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ _9‬النجللار‪،‬محمللد عبللد العزيللز‪،(1970) ،‬بنللوك بل فللوائد‪،‬‬
‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫‪ _10‬نجيللب‪ ،‬نعمللة الللله وآخللرون‪،(2001) ،‬مقدمللة فللي‬
‫اقتصللاديات النقللود والصلليرفة والسياسللات النقديللة‪ ،‬الللدار‬
‫الجامعية‪ ،‬السكندرية‪ ،‬مصر ‪.‬‬
‫‪ _11‬الهيتي‪ ،‬عبد الرزاق رحيم‪،(1998)،‬المصارف السلمية‬
‫بين النظرية والتطبيق‪،‬‬
‫ط ‪ ،1‬عمان‪ ،‬الردن ‪.‬‬
‫==============‬
‫‪#‬فتاوى مهمة لموظفي المة‬
‫جمع ‪/‬‬
‫محمد بن فنخور العبدلي‬
‫مدير المعهد العلمي بمحافظة القريات بالسعودية‬
‫منتديات البرق السلفية‬
‫الصلة في مقر العمل‬
‫س ‪ :1‬هل يجللوز للمللوظفين أن يصلللوا فللي إدارتهللم مللع أن‬
‫بجوارهم مسجدا ً أم لبد من الصلة في المسجد؟‬
‫ج‪ :‬جرت السنة الفعلية والقولية من الرسللول ص علللى أداء‬
‫الصلة جماعة في المسجد وقد هم لل ص لل أن يحللرق علللى‬

‫‪647‬‬
‫المتخلفين عنها بيوتهم بالنار وجرى على أدائهللا جماعللة فللي‬
‫المساجد خلفاءه والصحابة رضوان الللله عليهللم‪ ,‬وصللح عنلله‬
‫ص أنه قال‪)) :‬من سمع النداء فلم يأت فل صلة للله إل مللن‬
‫مللى ي َللا‬ ‫عللذر(( وثبللت عنلله أيضلا ً ص‪)) :‬أن قللال للله رجل ٌ َ‬
‫ل أعْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫َ‬
‫ل‬‫س لأ َ‬ ‫جدِ فَ َ‬ ‫سل ِ‬‫م ْ‬ ‫س ل ِللي قَللائ ِد ٌ ي َُقللود ُِني إ ِل َللى ال ْ َ‬ ‫ل الل ّلهِ ل َي ْل َ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬
‫ي فِللي‬ ‫ص لل ّ َ‬
‫ه فَي ُ َ‬‫ص لَ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ن ي َُر ّ‬
‫مأ ْ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫داءَ‬ ‫معُ الن ّل َ‬‫سل َ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫مللا وَل ّللى د َعَللاهُ فََقللا َ‬
‫ل هَ ل ْ‬ ‫ه فَل َ ّ‬
‫ص ل َل ُ‬‫خل َ‬ ‫ب َي ْت ِلهِ فََر ّ‬
‫َ‬ ‫صَلةِ َقا َ‬
‫ب(( وفي رواية قال‪)) :‬ل أجللد لللك‬ ‫ج ْ‬ ‫ل فَأ ِ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ل ن َعَ ْ‬ ‫ِبال ّ‬
‫رخصة((‪ ,‬وبذلك يتضللح أن الللواجب علللى مللوظفي أي إدارة‬
‫نحوها أن يصلوا الظهللر جماعللة فللي المسللجد المجللاور لهللم‬
‫عمل ً بالسنة وأداء للللواجب وسللدا ً لذريعللة التخلللف عللن أداء‬
‫الصلة فللي المسللاجد وابتعللادا ً عللن مشللابهة أهللل النفللاق‪...‬‬
‫]اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :2‬بأحد الدوائر الحكومية يوجد مكان للصلة يصلون فيه‬
‫أغلبهم ولكن توجد بعض الفئات تصلي منفردة جماعات؟‬
‫ل‪ :‬نسأل هذه الدوائر هل يمكن أن تخرج إلى المسللاجد‬ ‫ج‪:‬أو ً‬
‫القريبللة حللولهم أم ل؟ إذا كللان يمكللن أن تخللرج للمسللجد‬
‫القريب حولهم دون أن يعطلوا العمل فإنهم يجب عليهللم أن‬
‫يصلوا في المسجد لن القول الراجح من أقوال أهللل العلللم‬
‫أن صلة الجماعلة يجلب أن تكلون فلي المسلاجد‪ ,‬وأن كلان‬
‫بعض العلماء يقول الواجب الجماعة سواء كان في المسللجد‬
‫أو في البيت أو في المكتب‪ ,‬وإذا كان ل يمكن أن تخرج إلى‬
‫المسللجد لبعللده أو تخشللى أنهللم إذا خرجللوا إلللى المسللجد‬
‫تفرقوا أو تلعبوا كما يوجد من البعض إذا حرجوا ذهللب إلللى‬
‫بيته أو إذا خرج تعطل العمللل لكللون العمللل كثيف لا ً يختللل إذا‬
‫خرجوا إللى المسلجد فللإنهم يصللون فلي الللدائرة فللي هللذه‬
‫الحال‪ ,‬لن المحافظة على واجب الوظيفللة واجبللة ول يجللوز‬
‫الخلل بها وإذا قلنا أنهم في الللدائرة فللالواجب أن يجتمعللوا‬
‫جميعا ً على إمام واحد إذا أمكن‪ ,‬فإن لم يمكن صلى كل ذي‬

‫‪648‬‬
‫دور فللي دوره يجتمعللون فللي مكللان واحللد يصلللون‪]...‬ابللن‬
‫عثيمين[‬
‫س ‪ :3‬نحن جماعة من الموظفين نعمللل فللي إدارة حكوميللة‬
‫تضللم نحللو ‪ 25‬موظفللا ً ونصلللي فللي مصلللي الدارة خلللف‬
‫المسللؤول‪ ,‬وبعلض زملئنللا ل يصللون معنللا بلل يصللون فللي‬
‫مسجد يبعد عنا نحللو ‪ 300‬م فمللا الصللواب فللي المصلللى أم‬
‫في المسجد مع الجماعة؟‬
‫ج‪ :‬الواجب الصلة في المسجد إذا أمكن‪ ,‬وتجوز الصلة فللي‬
‫الدوائر إذا كان الذهاب يخل بالعمللل أو يللترتب عليلله تخلللف‬
‫بعللض الكسللالى أو تركهللم الصلللة فللإن ضللبطهم وإلزامهللم‬
‫بالصلة ولو داخل الدائرة أمر واجللب‪ ,‬لن الصلللة تجللب لهللا‬
‫الجماعة مهما أمكن وفللي تفللرق المللوظفين وتللرك بعضللهم‬
‫للصلة أو صلته منفردا ً مفاسد تتلفى بضبطهم بالصلة فللي‬
‫الدائرة‪ ,‬ومن أدار من الموظفين أن يذهب إلى المسللجد ول‬
‫يصلي مع المصلين في الللدائرة فل بللأس بللذلك فكللل منكللم‬
‫على صواب إن شاء الله ‪] ....‬الفوزان[‬
‫س ‪ :4‬أنا موظف بإدارة حكومية تبعللد عللن المسللجد حللوالي‬
‫خمسين مترا ً تقريبا ً ولكننا نؤدي صلللة الظهللر جماعللة بهللذه‬
‫الدارة وكذلك صلللة العصللر والمغللرب ولللي زملء وآخللرون‬
‫يداومون في فللترة مسللائية فهللل يجللوز ذلللك بصللفتنا بللدوام‬
‫رسمي أو أنه ل بد من أداء الصلة بالمسجد؟‬
‫ج‪ :‬الصلة في المسجد مطلوبة وواجبة علللى المسلللم الللذي‬
‫يسمع النداء فيجب عليه أن يذهب إلى المسجد ويصلللي مللع‬
‫المسلمين إل إذا كان ذهابه عن الدائرة الحكومية يقتضي أن‬
‫الموظفين يتفرقون ول يصلون‪ ,‬وإذا صلوا جميعا ً في الدائرة‬
‫انتظللم حضللورهم جميعللا ً وأداؤهللم للصلللة جماعللة فنظللرا ً‬
‫للمصلحة الشرعية فل بأس أن تصلي الجماعللة فللي الللدائرة‬
‫إذا كان في هذا ضمان لصلللتهم جميع لا ً فعلللى كللل حللال إذا‬
‫امكن ذهابهم جميعا ً إلى المسجد فهذا أمر واجللب ول ينبغللي‬
‫لهللم أن يللتركوه‪ ,‬وأمللا إذا ترتللب علللى ذهللاب بعضللهم إلللى‬

‫‪649‬‬
‫المسجد تكاسل الخرين وتركهلم لصلللة الجماعللة فللإن مللن‬
‫الفضل أو قد يكون من الواجب صلللتهم فللي الللدائرة لجللل‬
‫المصلحة الشرعية وهي ضبطهم لداء الصلللة جماعللة والللله‬
‫تعالى أعلم‪]...‬الفوازان[‬
‫الصلة على وقتها‬
‫س ‪ :1‬أنا مهاجر أعمل من ‪ 7‬مساًء إلى ‪ 7‬صباحًا‪ ,‬فهل يجوز‬
‫لي أن أجمع الفروض وأصلي كل الصلوات معًا؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز تقديم الصلة قبل دخول وقتها المحدد شرعا ً ولو‬
‫كان هناك عمل أو عذر ول يجوز تأخيرها حتى يخرج وقتها بل‬
‫علذر‪ ,‬ول يكلون العملل المعتلاد علذرا ً فلي التلأخير أو إباحلة‬
‫الجمع‪ ,‬ففي المكان فصل الصلة في مقللر العمللل أو إغلق‬
‫المحل والذهاب إلى المسللجد وقللد أشللرط ا لعلمللاء تمكيللن‬
‫الجير من فصل الصلوات الخمس في أوقاتها بسللنتها وإنمللا‬
‫جللاز الجمللع بيللن الصلللوات لعللذر سللفر أو مطللر أو مللرض‬
‫ونحوه‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ :2‬جندي مكلف بحراسة أحد الماكن وحان وقللت صلللة‬
‫العصر ولم يصلها إل بعد صلللة المغللرب‪ ,‬لنلله لللم يجللد مللن‬
‫ينيبه للقيام بخفارته‪ ,‬هل عليه إثم في تأخيرهللا ومللاذا يفعللل‬
‫من هو على تلك الحال؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للحارس وغيره أن يؤخر الصلة عن وقتها لقللوله‬
‫موُْقوتلًا( أي‬
‫ن ك َِتابلا ً َ‬ ‫ت عَل َللى ال ْ ُ‬
‫م لؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫صلللةَ ك َللان َ ْ‬
‫ن ال ّ‬
‫تعللالى )إ ِ ّ‬
‫مفروضة فللي الوقللات ولدلللة أخللرى مللن الكتللاب والسللنة‪,‬‬
‫وعليه أن يصلي الصلة في وقتها مللع قيللامه بالحراسللة كمللا‬
‫صلى المسلمون مع النبي ص ل صلة الخوف وهم مصللافون‬
‫للعدو والله ولي التوفيق‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :3‬غالبا ً ما تفللوتني صلللة العصللر‪ ,‬وأصللليها فللي المنللزل‬
‫وذلك بسبب عملي الذي ل ينتهي إل بأذان العصر وأخرج من‬
‫العمل وأنا مرهق وليس لدي وقت للراحللة والكللل ول أقللدر‬
‫على الصلة فللي وقتهللا‪ ,‬فهللل يصللح لللي الصلللة فللي الللبيت‬
‫وتأخير الصلة عن وقتها؟‬

‫‪650‬‬
‫ج‪ :‬ليس ما ذكرته عذرا ً يسوغ لك تأخير الصلة مع الجماعة‪,‬‬
‫بل الواجب عليك أن تبادر إليها مللع إخوانللك المسلللمين فللي‬
‫بيوت الله عز وجل ثم تكون الراحة وتناول الطعام بعد ذلك‪,‬‬
‫لن الللله سللبحانه أوجللب عليللك أداء الصلللة فللي وقتهللا مللع‬
‫إخوانك المسلمين مع الجماعة وليس ما ذكرته عذرا ً شرعيا ً‬
‫في تأخيرها‪ ,‬ولكن ذلك من خداع الشيطان والنفس المللارة‬
‫بالسوء ومن ضعف اليمان وقلة الخوف من الله عللز وجللل‪,‬‬
‫فأحذر هواك وشيطانك ونفسك المارة بالسوء تحمد العاقبة‬
‫وتفز بالنجاة والسعادة في الللدنيا والخللرة‪ ,‬وقللاك الللله شللر‬
‫نفسك وأعاذك من نزعات الشيطان‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :4‬بعض الناس ينامون عن صلللة الفجللر ول يصلللونها إل‬
‫بعد طلوع الشمس قبيل ذهابهم إلى الللدوام‪ ,‬وإذا قلللت للله‪:‬‬
‫هذا أمر ل يجوز قال‪ :‬رفع القلم عن ثلثة‪)) :‬عن النائم حللتى‬
‫يستيقظ(( وهذا ديدنه‪ ,‬ما تقولون؟‬
‫ج‪ :‬هذا الشخص اسأله وقل له‪ :‬ما رأيك لو كان الللدوام يبللدأ‬
‫بعد طلوع الفجر بنصف ساعة هل تقوم أو تقول رفللع القلللم‬
‫عن ثلثة؟ فسيجيبك بللأنه سلليقوم‪ ,‬فقللل للله إذا كنللت تقللوم‬
‫لعملك في الدنيا فلماذا ل تقوم لعملللك فللي الخللرة‪ ,‬ثللم أن‬
‫النائم الذي رفع عنه القلم هو الذي ليس عنللده مللن يللوقظه‬
‫ول يتمكن من إيجاد شيء يستيقظ به‪ ,‬أما شخص عنده مللن‬
‫يللوقظه أو يتمكللن مللن إيجللاد شلليء يسللتيقظ بلله‪ ,‬كالسللاعة‬
‫وغيرها ولم يفعل فإنه ليس بمعذور وعلى هذا أن يتوب إلللى‬
‫الله ويجتهد في القيام لصلة الفجر ليصليها مع المسلمين‪...‬‬
‫]ابن عثيمين[‬
‫س ‪ :5‬أنا عسكري فإذا حان وقت الصلللة ينتهللي الللدوام فل‬
‫أستطيع الصلة وفي بعض الحالت في بعض اليام حتى ولو‬
‫سمحت الفرصة خوفا ً من العواقب فأنا ل أؤديهللا فللي وقتهللا‬
‫وفي بعض الحيان تمر علي صلة أو صلتان ل أصليها بسبب‬
‫هذه الحال فما الحكم في هذا وكيف أؤديها؟‬

‫‪651‬‬
‫ج‪ :‬أما ما ورد في السؤال من أن هللذه الرجللل يشللتغل فللي‬
‫الجنديللة وقللد يللأتي عليلله وقللت العمللل ول يتمكللن مللن أداء‬
‫الصلة فيه فماذا يعمل؟‬
‫ل‪ :‬يجللب عليللك أن تراعللي الظللروف والحلوال فللإذا‬ ‫نقول أو ً‬
‫كان يدخل وقت الصلة قبل بدايللة العمللل فعليللك أن تصلللي‬
‫قبللل بدايللة العمللل فللي أول وقللت الصلللة‪ ,‬وإذا كللان وقللت‬
‫الصلة يللدخل وأنللت فللي أثنللاء العمللل فحينئذ إذا أمكنللك أن‬
‫تصلي وأنت في عملك فإنه يجب عليك ذلك بأن تصلي وأنت‬
‫في عملك‪ ,‬فإنه يجب عليك ذلك بأن تصلي وأنت في العمللل‬
‫م( وإذا‬ ‫س لت َط َعْت ُ ْ‬‫مللا ا ْ‬‫ه َ‬ ‫إذا أمكنك ذلك‪ ,‬قال تعالى )فَللات ُّقوا الل ّل َ‬
‫كنت ل تتمكن من أداء الصلة في أثناء العمل ويخللرج وقتهللا‬
‫قبل نهاية العمل وكانت هللذه الصلللة ممللا يصللح جمعهللا مللع‬
‫الخللرى فلللك أن تنللوى جمللع التللأخير كللالظهر مللع العصللر‬
‫والمغرب مع العشللاء‪ ,‬فتصللليها جمللع تللأخير نظللرا ً لظروفللك‬
‫وأنك ل تستطيع الصلللة فللي وقللت الولللى‪ ,‬ولعللل هللذا مللن‬
‫العذار المبيحة للجمع في حقك لن هذا العمل ل يسمح بأن‬
‫تصلي‪ ,‬ول يمكن الجمع بين العمل والصلة فإذا تنوي الجمع‪,‬‬
‫فالحاصل عليك أن تهتم بصلتك وتراعي الرخص التي رخص‬
‫الله تعالى بها في هذه الحوال والللله تعللالى يقللول‪) :‬فَللات ُّقوا‬
‫م(‪]...‬الفوزان[‬ ‫ست َط َعْت ُ ْ‬
‫ما ا ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫س ‪ :5‬أنا شاب أحافظ على بعللض الصلللوات فللي المسللجد‪,‬‬
‫وأحيانا ً أؤخرها عن وقتها بعللذر أو بغيللر عللذر‪ ,‬وإذا جئت مللن‬
‫العمل وأنا مرهق أنام عن صلتي العصر والمغرب ونيللتي إل‬
‫أقوم من النوم إل بعدهما أو بعد المغرب علللى القللل‪ ,‬فهللل‬
‫صلتي صحيحه أن صليتها بعد الستيقاظ من النوم كما أننللي‬
‫أفوت أحيانا ً صلة أو صلتين متتابعتين ولللو لللم أكللن مرهق لا ً‬
‫من العمل ‪....‬فما حكم عملي هذا؟‬
‫موُْقوتللًا(‬ ‫ن ك َِتابا ً َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ت عََلى ال ْ ُ‬ ‫صلةَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ج‪ :‬قال تعالى )إ ِ ّ‬
‫أي مفروضة في أوقات معينه ل يجللوز إخراجهللا عنهللا‪ ,‬فمللن‬
‫أخرجها عنها من غير عذر شرعي كان مضلليعا ً لصلللته‪ ,‬وقللد‬

‫‪652‬‬
‫صلللةَ َوات ّب َعُللوا‬ ‫خل ْ ٌ َ‬ ‫خل َ َ‬
‫قال تعالى‪) :‬فَ َ‬
‫عوا ال ّ‬
‫ضا ُ‬
‫فأ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ب َعْدِهِ ْ‬‫م ْ‬
‫ف ِ‬
‫ن غَي ًّا(‪ ,‬والمراد بإضاعتها تأخيرها عللن‬ ‫ف ي َل َْقوْ َ‬
‫سو ْ َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫شه َ َ‬
‫وقتها ل تركها بالكلية كما ذكللر ذلللك أئمللة المفسللرين‪ ,‬وفللي‬
‫الثر‪) :‬أن لله عمل ً بالليل ل يقبله في النهار وإن لللله عمل ً ل‬
‫يقبله في الليل( وفي الصحيح عن النبي ص أنلله قللال‪" :‬مللن‬
‫ه" وفي رواية‪" :‬فكأنما وتللر‬ ‫مل ُ ُ‬
‫ط عَ َ‬ ‫حب ِ َ‬‫صرِ فََقد ْ َ‬ ‫صَلةَ ال ْعَ ْ‬‫فاتته َ‬
‫أهله وماله" والمراد فللوات وقتهللا‪ ,‬فللالواجب علللى المسلللم‬
‫أداء كل صلة في وقتها مع الجماعة في المسللجد ولللو كللان‬
‫مرهقا ً من العمل‪ ,‬بللل الللواجب أن يفللرغ وقللت الصلللة مللن‬
‫العمللل لداء الصلللة ول يسللتغله للعمللل أو النللوم ويللؤخر‬
‫الصلة‪ ,‬لنها عمود السلم "فل إسلللم لمللن ل صلللة للله"‪...‬‬
‫]الفوزان[‬
‫س ‪ :6‬كثير ما تفوتني الصلة وأجمعها مع التي بعللدها وذلللك‬
‫لكثرة العمل في التمريض أو الكشف على المرضى وكللذلك‬
‫أتخلف عن صلة الجمعة في خدمة المرضى فهل عملي هذا‬
‫جائز؟‬
‫ج‪ :‬الواجب أن تصلي الصلة في وقتها وليس لك أن تؤخرهللا‬
‫عن وقتها‪ ,‬أمللا الجمعللة فللإن كنللت حارسلا ً أو نحللوه ممللن ل‬
‫يسللتطيع أن يصلللي مللع النللاس الجمعللة فإنهللا تسللقط عنلله‬
‫ويصلللي ظهللرا ً كللالمريض ونحللوه وأمللا الصلللوات الخللرى‬
‫فالواجب عليك أن تصليها في وقتها وليس لك أن تجمع بيللن‬
‫صلتين‪]...‬ابن باز[‬
‫موظف ل يصلي‬
‫س ‪ :1‬هل أسعى لطرد الموظف الذي ل يصلي وهو مسلللم‪:‬‬
‫إذا كان تحت إدارتي أفتونا مأجورين؟‬
‫ج‪ :‬الواجب عليك نصحه أول لعل الله أن يهديه‪ ,‬فإن لم يفللد‬
‫ذلك تلغي عقدة لنه إذا كان ل يصلي فهو كافر مرتد‪]...‬ابللن‬
‫عثيمبن[‬
‫الذان في مقر العمل‬

‫‪653‬‬
‫س ‪ :1‬إذا كنا في مقر العمل ول يبتعد إل قليل ً عن المسللجد‪,‬‬
‫فهل نؤذن في مقر عملنا؟‬
‫ج‪ :‬الواجب عليكم الصلة فللي المسللجد مللع الجماعللة لقللول‬
‫النبي ص "مللن سللمع النلداء فللم يللأت فل صلللة لله إل مللن‬
‫عذر" فإن منع مانع قهري من ذلك شرع لكم الذان والقامة‬
‫في محلكم لعموم الدلة في ذلك‪]...‬ابن باز[‬
‫صلة الجمعة‬
‫س ‪ :1‬نحن مجموعلة أفلراد علددنا قابلل للزيلادة والنقصلان‬
‫ونقيم لمدة أسبوع كامل في معسكر عملنا وخلل أيللام أداء‬
‫العمل في المعسكر الذي ل نسللتطيع تركلله جميع لا ً يصللادفنا‬
‫يوم جمعة‪ ,‬فنصلي صلة الجمعة صلة ظهر بحجة أن عللددنا‬
‫لم يكمل أربعين فردا ً فهللل تصللح صلللتنا علللى هللذا الحللال؟‬
‫وماذا نفعل إذا صادف عملنا يوم عيد‪ ,‬هل نصلي صلة العيللد‬
‫جماعة أم نتركها؟ أفيدونا وجزاكم الله خيرا ؟‬
‫ج‪ :‬ليس المانع في إقامة صلة الجمعة في حقكم هو نقصان‬
‫العدد وإنما المانع هو عدم الستيطان الدائم وعلى كل حللال‬
‫ل يسمح بإقامة صلة الجمعة إل بإذن من جهة دار الفتاء ‪...‬‬
‫]الفوزان[‬
‫جمع وقصر الصلة‬
‫س ‪ :1‬هل يجوز للجنود المقيمين في غير وطنهم مللن إفللراد‬
‫القوات المسلحة الجمللع والقصللر‪ ,‬وهللل يجللوز لمللن يسللافر‬
‫يوميا ً من عاصمة تلك البلد إلى مقللر عمللله والمسللافة تبعللد‬
‫‪ 130‬كم أن يجمع ويقصر أثناء السفر ذهابا ً وإيابًا؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت إقامتهم على نية القامة لكللثر مللن أربعللة أيللام‬
‫فالمللذهب أن عليهللم التمللام وعللدم الجمللع لن الللترخيص‬
‫برخص السفر مشروط بأن ل تزيد القامة على أربعللة أيللام‪,‬‬
‫أما إذا لم تكن لهم فيه إقامة أو كانت لهم إل أنها أربعة أيللام‬
‫فأقل فلهم القصر والجمع على المشهور من المذهب ‪.‬‬
‫أم الجواب على الشللق الثللاني مللن السللؤال‪ :‬فمللا دام مقللر‬
‫إقامتهم عاصمة تلك البلد فل يجوز لهم الجمع والقصر فيهللا‪,‬‬

‫‪654‬‬
‫أمللا إذا غادروهللا إلللى مقللر عملهللم أو إلللى غيللرة ممللا تزيللد‬
‫مسافته على ‪ 80‬كم فإن لهم الخذ برخص السفر ومن ذلك‬
‫الجمع والقصر حتى يرجعوا إلى مقر إقامتهم مللا لللم يسللكن‬
‫هناك نية في القامة اكثر من أربعة أيام فإذا كللان كللذلك فل‬
‫يجوز الجمع ول القصر ‪] .‬اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :2‬شخص أنتدب فللي مهمللة رسللمية مللذكور فيهللا لمللدة‬
‫خمس ليال وأحيانا ً تكون أكثر من خمس ليللال فللي بلللد غيللر‬
‫بلدة الذي يسكن فيه فما الحكم بالنسبة للجمع والقصر هللل‬
‫يقصر كل صلة لوحدة كل المدة أم يجمع ويقصر مللع بعللض‬
‫كل الصلوات طيلة المدة؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت المسافة التي سافر إليها تبلغ ‪ 80‬كم فله قصللر‬
‫الصلة في حالة سيرة في الطريق فإن كانت القامللة لمللدة‬
‫أربعة أيام فأقل أو كانت غير محددة فإنه يقصر الصلة فيهللا‬
‫إل إذا صلي مع من يتم الصلة فإنه يجب عليلله التمللام تبع لا ً‬
‫لمامة ول يجوز له أن ينفرد ويصلي معهللم ويتللم‪ ,‬وأن كللانت‬
‫القامة يعلم أنهللا تزيللد علللى أربعللة أيللام فللإنه يلزملله إتمللام‬
‫الصلة ول يجوز له القصر لنه صللار للله حكللم المقيميللن ‪....‬‬
‫]الفوزان[‬
‫س ‪ :3‬رجل مقر عمله خارج بلده وسافر إلية فهو يبيت فللي‬
‫مقر عمله أربعة أيام ثم يرجع إلى بلللده بقيللة السللبوع فهللل‬
‫يعتبر مسافرًا؟‬
‫ج‪ :‬هذا يعتبر مسافرا ً مثللل إنسللان وكللل إليللة التللدريس فللي‬
‫قرية من القرى‪ :‬يبقى فيها أسبوعا ً وفي عطلة آخر السللبوع‬
‫يرجع إلى أهله فهذا يعتبر مسافرًا‪ ,‬لكن يجب عليه أن يصلي‬
‫مع الجماعة ‪...‬‬
‫*السائل‪ :‬لكللن إذا رجللع إلللى بلللده هللل يعتللبر مسللافرا ً لنلله‬
‫سيرجع؟‬
‫*ل لنه رجع إلى وطنه‪ ,‬فينقطع السفر‪]...‬ابن عثيمبن[‬

‫‪655‬‬
‫س ‪ :4‬عندما يندب موظفا ً ويرسل في دورة إلى خارج البلد‬
‫لمدة ثلثة أسابيع فهل يعتبر مسافرا ً فيقصر الصلة ويمسللح‬
‫ثلثة أيام ويترك السنن الرواتب أم ل؟‬
‫ج‪ :‬المسللافر سللفرا ً تبلللغ مسللافته ثمللانين كيلللو مللترا ً فللأكثر‬
‫يقصر الصلة ويمسح على الخفيللن ثلثللة أيللام بلياليهللا إل إذا‬
‫نوى أثناء سفرة إقامة تزيد على أربعة أيام فإنه يجللب عليلله‬
‫إتمام الصلة ول يمسح على الخفين إل يوما ً وليلة فقللط لن‬
‫سللفره قللد انقطللع بهللذه القامللة فيأخللذ أحكللام المقيللم ‪....‬‬
‫]الفوزان[‬
‫أداء السنن أثناء الدوام الرسمي‬
‫س ‪ :5‬هللل يجللوز لللي أداء سللنة الضللحى فللي وقللت العمللل‬
‫الرسللمي علملا ً بللأن ذلللك ل يللؤدي إلللى تعطيللل العمللال أو‬
‫تأخيرها؟‬
‫ج‪ :‬صلة الضحى سنة وفيها فضل وإذا كنت موظفا ً ول يللؤثر‬
‫فعلها على العمل الوظيفي المنوط بك فل بللأس أن تصللليها‪,‬‬
‫أما إذا كان فعلها يؤثر على العمل فإنه ل يجوز لك فعلها لنه‬
‫يشغلك عن القيام بالواجب‪]...‬الفوزان[‬
‫حمل السلح والرتبة أثناء الصلة‬
‫س ‪ :1‬هللل يجللوز لرجللل أن يصلللي حللامل ً سلللحه وإذا كللان‬
‫حامل ً رتبة عسكرية فهل يجب عليه خلعها أم ل؟‬
‫ج‪ :‬قضية حمل السلح إذا كان في حال خوف فل بأس بذلك‬
‫َ‬
‫ت ل َُهل ُ‬
‫م‬ ‫م َ‬‫م فَلأقَ ْ‬ ‫ت ِفيهِل ْ‬ ‫ذا ك ُن ْل َ‬ ‫بل قد أمر الله به في قوللة ))وَإ ِ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫م(‪ ,‬فللإذا‬ ‫حت َهُ ْ‬‫س لل ِ َ‬
‫ذوا أ ْ‬ ‫خل ُ‬‫ك وَل ْي َأ ُ‬ ‫مع َ ل َ‬
‫م َ‬
‫من ْهُ ل ْ‬
‫ة ِ‬ ‫م َ‬
‫طائ َِف ٌ‬ ‫صلةَ فَل ْت َُق ْ‬
‫ال ّ‬
‫كانت الحالة حالة خوف مللن هجللوم العللدو علللى المسلللمين‬
‫فإنهم يحملون سلحهم في الصلة‪ ,‬أما في غير حالة الخوف‬
‫فلإذا كلان هللذا السللح خفيفلا ً وليللس فيله نجاسلة فل بللأس‬
‫بحمله‪ ,‬أما إذا لم يكن خفيفا ً أو كان فيه نجاسة فإنه ل يجلوز‬
‫حمله لنه يشغل عن الصلة إذا كان غير خفيف وإذا كان بلله‬
‫نجاسة فل يجللوز للمصلللي أن يصللحب مللا فيلله نجاسللة‪ ,‬أمللا‬
‫الرتب العسكرية أن كانت صورا ً وتماثيل فل يجللوز حملهللا ل‬

‫‪656‬‬
‫في الصلة ول في غيرها‪ ,‬وفللي الصلللة أشللد‪ ,‬إمللا إذا كللانت‬
‫خالية من الصللور أو التماثيللل فل بللأس بللذلك والللله أعلللم‪...‬‬
‫]الفوزان[‬
‫قراءة القرآن أثناء الدوام‬
‫س ‪ :1‬أنا موظف وفي العمل أقرأ القرآن الكريم في أوقات‬
‫الفراغ ولكن المسؤول ينهاني عن ذلك بقوله أن هذا اللوقت‬
‫للعمل وليس لقراءة القرآن‪ ,‬فما الحكللم فللي ذلللك وجزاكللم‬
‫الله خيرًا؟‬
‫ج‪ :‬إذا لم يكن لديك عمل فل حرج في قراءة القرآن‪ ,‬وهكذا‬
‫التسلبيح والتهليلل واللذكر وهلو خيلر ملن السلكوت‪ :‬أملا إذا‬
‫كانت القراءة تشغلك عن شيء يتعلق بعملللك فل يجللوز لللك‬
‫ذلك لن الوقت مخصص للعمل فل يجوز لك أن تشللغله بمللا‬
‫يعوقك عن العمل‪]...‬ابن باز[‬
‫زكاة الراتب الشهري‬
‫س ‪ :1‬أنا موظف راتللبي الشللهري مللا يعللادل )‪ (3000‬ريللال‬
‫فهل تجب على الزكاة‪ ,‬وما مقدارها مع العلم بللأني أصللرف‬
‫منها إل اليسير )‪ (600‬ريال؟‬
‫ج‪ :‬إذا حللال الحللول علللى شلليء مللن المرتللب يبلللغ النصللاب‬
‫فعليك زكاته وإن كان دون ذلك فل زكاة فيه‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :2‬أنا حاليا ً موظف في إحدى الدوائر الحكوميللة وأسللتلم‬
‫شهريا ً حوالي أربعة آلف ريال جمعت حوالي سنة مبلللغ ‪17‬‬
‫ألف ريال موجودة في البنلك للم تسلتثمر‪ ,‬وأسلتعد لصلرفها‬
‫في شهر شلوال أن شلاء اللله حيللث أننللي سلأتزوج وسلآخذ‬
‫أضعاف هذا المبلغ دينا ً لكي تغطي تكاليف الزواج‪ ,‬وسللؤالي‬
‫هو‪ :‬هل تجب على هذه الل ‪ 17‬ألف زكاة‪ ,‬علما ً بأنه قد حللال‬
‫عليهللا الحللول تقريبللا ً وإذا كللانت تجللب فيهللا الزكللاة فكللم‬
‫مقدارها؟‬
‫ج‪ :‬تجب الزكاة في المبلغ المذكور إذا حال عليه الحول ولللو‬
‫كان مرصدا ً للزواج أو لقضاء الدين أو لتعمير منللزل ونحللوه‪,‬‬
‫لعموم الدلللة علللى وجللوب الزكللاة فللي النقللدين ومللا يقللوم‬

‫‪657‬‬
‫مقامهما والواجب ربع العشر وهو ‪ 25‬ريال ً على كللل ألللف ل ل‬
‫والله ولي التوفيق‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :3‬أنني أقوم بإدخار مبلغ مللن المللال مللن راتللبي شللهريا ً‬
‫ى زكاة على هذا المللال علملا ً أن هللذا المللال أوفللره‬ ‫فهل عل ّ‬
‫لبناء منزل لللي وكللذلك تللوفير مهللر لزواجللي قريب لا ً أن شللاء‬
‫الله؟‬
‫أقوم بإدخار هذا المال منذ سنوات بأحد البنوك حيث ل يوجد‬
‫لللدي مكللان أدخللر بلله هللذا المللال وكللان البنللك يضلليف إلللى‬
‫حسابي مبلغا ً ل يخصني يطلللق عليلله فللائدة )الللذي هللو ربللا(‬
‫وأخيرا ً قررت سحب مالي المودع بالبنللك ولللم أخللذ الفللائدة‬
‫وتركتهللا لللدي البنللك وهللي مكتوبللة بإسللمي حللتى الن‪ ,‬هللل‬
‫أتصدق به‪ ,‬أم هل أتركه للبنك أم ماذا أفعل وهللل إذا دفعتلله‬
‫لسرة محتاجة للمال بشكل كللبير جللدا ً لعللدم وجللود المعيللل‬
‫لهم أو أدفعه لجمعية خيرية وشكرا ً لفضلليلتكم وزادكللم الللله‬
‫من فضله؟‬
‫ج‪ :‬المال المدخر للزواج أو لبناء مسللكن أو غيللر ذلللك تجللب‬
‫فيه الزكاة إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول سواء كان ذهبا ً‬
‫أو فضة أو عمللله ورقيللة لعمللوم الدلللة الدالللة علللى وجللوب‬
‫الزكاة فيما بلغ نصابا ً وحال عليه الحول من غير استثناء‪ ,‬أما‬
‫وضع المال في البنوك الربويلة فل يجللوز لملا فلي ذلللك ملن‬
‫إعانتها على الثم والعدوان وأن دعت الضرورة القصوى إلى‬
‫ذلك جاز لكن بدون فائدة‪ ,‬أما الفائدة الملذكورة الللتي توجللد‬
‫عند البنك باسمك من غير اشتراط منك فلرجح جواز أخللذها‬
‫وصر فها في جهة بللر كفقللراء محتللاجين وتللأمين دورة ميللاه‬
‫وأشباه ذلك من المشاريع النافعة للمسلمين وذلك أولى من‬
‫تركها لمن يصرفها في غير وجه بر وفي أعمللال كفريلة وقللد‬
‫أحسنت في سحب مالك من البنللك زادنللا الللله وإيللاك هللدى‬
‫وتوفيقًا‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :4‬أنا موظف فللي شللركة أهليللة وأتقاضللى راتبلا ً شللهريا ً‬
‫وقدره )‪ (4000‬ريال سعودي‪ ،‬ضمنه بدل إيجار سكن وقدره‬

‫‪658‬‬
‫)‪ (1000‬ريال سعودي‪ ,‬فهل علي زكاة من راتبي هللذا‪ ,‬وكللم‬
‫تبلغ قيمة الزكاة‪ ,‬علما ً بأنه ليس لي مورد ثاني أنفق منه؟‬
‫ج‪ :‬متى كلان لللديك تللوفير ملن راتبلك الشللهري فاضلل علن‬
‫النفقة ففيه الزكاة وذلك بعدما يتم التوفير نصابا ً بمللا يقللرب‬
‫من اربعمائة ريال سعودي مللن الورا ق النقديللة‪ ,‬ولبللد مللن‬
‫تمام الحول على النصاب‪ ,‬فإذا كنت تللدخر كللل شللهر بعض لا ً‬
‫من مرتبك فالحوط والرفق أن تجعل شهرا ً معينا ً كللل عللام‬
‫تخرج فيه زكاة ما تدخر هللذا العللام‪ ,‬ومللا قبللله وقللدر الجللزء‬
‫الللواجب ربللع العشللر‪ :‬أي أثنيللن ونصللف فللي المللائة والللله‬
‫الموفق‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ :5‬أنا موظف أتسلم راتبًا‪ ,‬وكللل شللهر أدخللر جللزءا ً منلله‪,‬‬
‫وليس هناك نسللبة معينللة للدخللار‪ ,‬فكيللف أخللرج زكللاة هللذا‬
‫المال؟‬
‫ج‪ :‬الواجب عليك أن تخللرج زكللاة كللل قسللط تللوفره إذا تللم‬
‫حوله‪ ,‬وإن أخرجللت زكللاة الجميللع عنللد تمللام حللول القسللط‬
‫الول كفى ذلك وصارت زكاة القساط الخيرة معجلللة قبللل‬
‫تمام حولها وتعجيل الزكاة قبل تمام الحللول جللائز ول سلليما‬
‫إذا دعت الحاجة أو المصلحة لذلك‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :6‬كيف يتم إخراج زكاة الرواتب الشهرية؟‬
‫ج‪ :‬إخراج الزكللاة فللي الرواتللب الشللهرية‪ ,‬إن كللان النسللان‬
‫كلما أتاه الراتب أنفقه بحيث ما يبقى إلى الشهر الثاني فهذا‬
‫ليس عليه زكاة لن من شروط وجوب الزكاة تمللام الحللول‪,‬‬
‫وإن كان يدخر يعني مثل ً ينفق نصف الراتب ونصللف الراتللب‬
‫يدخره فعليه زكاة كلما يتللم الحللول ويللؤدي زكللاة مللا عنللده‪,‬‬
‫لكن هذا فيلله مشللقة أن النسللان يحصللى كللل شللهر بشللهر‪,‬‬
‫ودرءا ًَ لهذه المشقة يجعل الزكاة في شللهر واحللد لجميللع مللا‬
‫عنده من المال‪ ,‬مثل ً إذا كان يتم الحول في شهر محرم‪ ,‬إذا‬
‫جاء شهر محرم الذي يتللم بلله حللول أول راتللب يحصللي كللل‬
‫الذي عنده ويخرج زكاته وتكلون الزكلاة واقعلة موقعهلا عنلد‬

‫‪659‬‬
‫تمام الحول وتكون لما بعده معجلللة والتعجيللل جللائز‪]...‬ابللن‬
‫عثيمبن[‬
‫س ‪ :7‬كيف يتم الزكاة علللى المللال المتزايللد كللل شللهر مللن‬
‫رواتب الموظف فقد يحول الحول وتحت يدي من المللال مللا‬
‫تجب فيه الزكاة‪ ,‬ولكن بعضه يحل عليه الحللول فمللاذا أفعللل‬
‫به؟‬
‫ج‪ :‬إذا خصصت شهرا ً من السنة تخرج فيه الزكاة عن المللال‬
‫المتحصللل لللديك والمجتمللع لللديك‪ ,‬شللهر رمضللان مثل ً فهللذا‬
‫شيء طيب تخرج الزكاة عما ّ تحصل لديك‪ ,‬ما كان تم حللوله‬
‫فتكون الزكاة قد أخرجت في وقتها وما لم يتم حوله فتكللون‬
‫قللد عجلللت زكللاته‪ ,‬وتعجيللل الزكللاة جللائز إذا كللان لغللرض‬
‫شرعي‪ ,‬وهذا هو الذي ل يسع الناس خصوصا ً المللوظفين إل‬
‫العمل به‪]...‬الفوزان[‬
‫س ‪ :8‬أنا إنسان مسلم أعمل في القطاع الحكومي ويللأتيني‬
‫دخل شهري مثل أي موظف حكومي‪ ,‬في كثير من الوقللات‬
‫أدخر من الراتب الشهري مبلغا ً من المال غير محدد حسللب‬
‫الظروف‪ ,‬مثل ً في شهر من الشهور قد أسللتطيع أن أدخللر )‬
‫‪ (2000‬ريال وفي شهر آخر )‪ (4000‬ريال وشهر آخر قللد ل‬
‫أستطيع أن أدخر أي شيء‪ ,‬ومع مرور اليام والشهور تكللون‬
‫عندي مبلغ من المال ل بأس به‪ ,‬فهل تجللب الزكللاة؟ وكيللف‬
‫أستطيع أن أحدد هل مضى الحول الكامل على كل مبلغ من‬
‫المال‪ ,‬وحيث أننللي ل أتبللع نظاملا ً معينلا ً للدخللار مملا يجعلل‬
‫تحديد الحول صعبًا‪ ,‬وأنا أخشللى أن أكللون عصلليت أمللر الللله‬
‫في الزكاة دون علم ودراية لذلك أرجو من سماحتكم توضيح‬
‫ذلك وجزاكم الله خيرا ؟‬
‫ج‪ :‬الواجب عليك أن تخللرج زكللاة كللل مبلللغ إذا حللال حللوله‪,‬‬
‫وعليك أن تقيد ذلك بالكتابللة حللتى تكللون علللى بصلليرة‪ ,‬وإذا‬
‫أخرجت زكاة الجميع إذا حال الحول على أول الدخللار كفللي‬
‫ذلك وبرئت ذمتك لن تعجيل الزكاة قبل تمام حولها ل بللأس‬
‫به‪ ,‬والله ولي التوفيق ‪]...‬ابن باز[‬

‫‪660‬‬
‫س ‪ :9‬إذا كان النسان يستلم راتبا ً على وظيفته وفللي نهايللة‬
‫كل شهر يأخذ هذا الراتب فكيف يؤدى زكاة المال؟‬
‫ج‪ :‬ل يجب حتى يتم عليلله الحللول فللإن شللاء راقللب المللوال‬
‫التي تأتيه شيئا ً فشيئا ً وأدى زكاة كل مللال عنللد تمللام حللوله‪,‬‬
‫وهذا فيه مشقة وأن شاء أدى الزكاة عند تمام أول حول ثللم‬
‫أستمر على ذلك‪ ,‬ويكون ما تللم حللوله قللد أديللت زكللاته فللي‬
‫عجلللت زكللاته وتعجيللل الزكللاة ل‬ ‫وقتها وما لم يتم حوله قللد ُ‬
‫بأس به‪ ,‬هذا هو الذي نحن نستعمل في زكاة الرواتب نجعل‬
‫شهرا ً معينا ً كشهر رمضان مثل ً نؤدي فيه زكاة كل مللا عنللدنا‬
‫حللتى مللا لللم يتللم عليلله إل شللهر واحللد لن هللذا أريللح وأبللر‬
‫للذمة ‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :10‬رجللل يعتمللد فللي دخللله علللى المرتللب الشللهري‬
‫فيصرف بعضه ويوفر البعض الخللر فكيللف يخللرج زكللاة هللذا‬
‫المال؟‬
‫ج‪ :‬عليه أن يضبط بالكتابة ما يدخره من مرتبللاته‪ ,‬ثللم يزكيلله‬
‫إذا حال عليه الحللول‪ ,‬كللل وافللر شللهر يزكللي إذا حللال عليلله‬
‫الحول وإن زكى الجميع تبعا ً للشهر الول فل بأس وللله أجللر‬
‫ذلك وتعتبر الزكلاة معجللة علن اللوفر اللذي للم يحللل عليله‬
‫الحول‪ ,‬ول مانع من تعجيل الزكاة إذا رأى المزكي المصلللحة‬
‫في ذلللك‪ ,‬أمللا تأخيرهللا بعللد تمللام الحللول فل يجللوز إل لعللذر‬
‫شرعي * غيبة المال * غيبة الفقراء ‪......‬‬
‫إعطاء الموظف من الزكاة‬
‫س ‪ :1‬أنا موظف وأستلم راتب شهريا ً يصل إلى ثلثة اللللف‬
‫ريال تقريبا ً وفي إحللدى المناسللبات سللمعت أن أحللد التجللار‬
‫يوزع صدقة فذهبت إليلله وأعطللاني مبلغلا ً مللن المللال‪ ,‬فهللل‬
‫يحل لي هذا المال؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان الراتب ل يكفيك لقضللاء حاجاتللك وحاجللات أهلللك‬
‫المعتادة التي ليس فيها إسراف ول تبللذير حلللت لللك الزكللاة‬
‫وإل فل‪ ,‬رزقنللا الللله وإيللاك الفقلله فللي الللدين وأغنللاك مللن‬
‫فضله ‪]...‬ابن باز[‬

‫‪661‬‬
‫س ‪ :2‬أنا معلمة أعمل في إحدى المدارس وحللالتي الماديللة‬
‫ولله الحمد جيدة ولي أخ مريض يشتغل شهر ويجلس الخللر‬
‫وأنا أساعده ول أقصر علية‪ ,‬ولكن هل يجللوز لللي أن أعطيللة‬
‫زكاتي كلها حيث أنه ليس له أي كسب غير راتبه البسيط إذا‬
‫اشتغل‪ ,‬وهل يجوز أن أعطيها إياه دون أن أعلمله أنهللا زكللاة‬
‫لكي ل أخدش شعوره أفيدونا جزاكم الله خيرَا؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان أخوك فقيرا ً ل يكفيه راتبه أو أجلرة عملله للقيلام‬
‫بمصللارفه ومصللارف عللائلته فللإنه يجللوز لللك أن تعطيلله مللن‬
‫زكاتك‪ ,‬بل أنها أفضل مللن إعطائهللا لمللن ليللس بقريللب‪ ,‬لن‬
‫النبي ص يقللول )صللدقة علللى ذي رحللم صللدقة وصلللة(‪ ,‬أي‬
‫علللى القريللب‪ ,‬أمللا إذا كللان راتبلله يكفيلله فل يجللوز أن يأخللذ‬
‫الزكاة‪ ,‬أما في مثل الحالة الولى إذا كان فقيرا ً وتعلمين أنه‬
‫يقبل الزكاة فل بأس أن تعطيه ولم لو يعلم أنها زكاة‪ ,‬إل إذا‬
‫علمت أنلله ل يقبلهللا إل إذا كللانت زكللاة ففللي هللذه الحالللة ل‬
‫تعطيه شيئا ً حتى تخبريه أنه زكاة والله الموفق ‪]...‬ابن باز[‬
‫حكم العمل في البنوك الربوية والتعامل معها ‪..‬‬
‫س ‪ :1‬مللا حكللم مللن تضللطره ظروفلله للعمللل فللي البنللوك‬
‫والمصارف المحلية الموجودة في الملكة مثل البنللك الهلللي‬
‫التجاري وبنك الرياض وبنك الجزيرة والبنك العربي الوطني‪,‬‬
‫وشللركة الراجحللى للصللرافة والتجللارة ومكتللب الكعكللي‬
‫للصرافة والبنك السعودي المريكي وغيللر ذلللك مللن البنللوك‬
‫المحلية‪ ,‬علما ً بأنها تفتح حسابات التوفير للعملء‪ ,‬والموظف‬
‫يشغل وظيفة كتابية مثل كاتب حسابات أو مللدقق أو مللأمور‬
‫سنترال أو غيللر ذلللك مللن الوظللائف الداريللة‪ ,‬وهللذه البنللوك‬
‫يوجد بها مزايا عديدة تجذب الموظفين إليها مثل بدل سللكن‬
‫يعادل ‪ 12‬ألف ريال تقريبا ً أو أكثر وراتب شهرين فللي نهايللة‬
‫السنة فما حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬العمل في البنوك الربوية ل يجوز لما ثبت عللن النللبي ص‬
‫م‬ ‫شللاهِد َي ْهِ وَقَللا َ‬
‫ل هُ ل ْ‬ ‫ه وَ َ‬
‫كات ِب َ ُ‬ ‫مؤْك ِل َ ُ‬
‫ه وَ َ‬ ‫أنه قال‪) :‬لعن آك ِ َ‬
‫ل الّرَبا وَ ُ‬
‫واٌء(‪ ,‬ولما في ذلك من التعاون على الثللم والعللدوان وقللد‬ ‫س َ‬
‫َ‬

‫‪662‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى )وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِّر َوالت ّْق َ‬
‫وى َول ت ََعاوَُنوا عَلى ال ِث ْم ِ‬
‫ن(‪] ,‬ابن باز[‬ ‫َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫س ‪ :2‬لي ابن علم يشللتغل فلي بنللك الجزيللرة موظفلا ً فهللل‬
‫يجوز له أن التوظيف أم ل يجوز‪ ,‬أفيدونا جزاكللم الللله خيللرًا‪,‬‬
‫حيث سمعنا من الخوان أنه ل يجوز التوظيف في البنك؟‬
‫ج‪ :‬ل يجللوز التوظيللف فللي البنللوك الربويللة لن العمللل فيهللا‬
‫يللدخل فللي التعللاون علللى الثللم والعللدوان وقللد قللال تعللالى‬
‫ن(‪,‬‬ ‫وى َول ت ََعاوَُنوا عََلى اْل ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬ ‫)وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِّر َوالت ّْق َ‬
‫ومعلوم أن الربا من أكبر الكبائر فل يجوز التعاون مللع أهللله‪,‬‬
‫ه‬‫ملؤْك ِل َ ُ‬ ‫ل الّرَبلا وَ ُ‬ ‫كل َ‬
‫وقد صح عن رسول الله أنه قللال‪) :‬لعللن آ ِ‬
‫واٌء(‪]...‬ابن باز[‬ ‫س َ‬‫م َ‬ ‫ل هُ ْ‬ ‫شاهِد َي ْهِ وََقا َ‬‫ه وَ َ‬‫كات ِب َ ُ‬‫وَ َ‬
‫س ‪ :3‬لي ابن عم يعمل في بنك الجزيرة كاتبا ً وأفتللاه بعللض‬
‫العلماء أل يبقى فيه وأن يبحث عن وظيفة أخري غير البنللك‪,‬‬
‫أفيدونا جزاكم الله خيرًا‪ ,‬هل يجوز أم ل؟‬
‫ج‪ :‬قد أحسن الذي أفتاه بالفتوى المللذكورة لن العمللل فللي‬
‫البنوك الربوية ل يجللوز لكللون ذلللك مللن اعانتهللا علللى الثللم‬
‫وى َول‬ ‫والعدوان وقد قلال تعلالى )وَت ََعلاوَُنوا عََللى ال ِْبلّر َوالت ّْقل َ‬
‫ن(‪ ,‬وقد صح عللن رسللول الللله أنلله‬ ‫ت ََعاوَُنوا عََلى اْل ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫م‬ ‫ل هُ ل ْ‬ ‫شللاهِد َي ْهِ وَقَللا َ‬ ‫ه وَك َللات ِب َ ُ‬
‫ه وَ َ‬ ‫ملؤْك ِل َ ُ‬‫ل الّرب َللا وَ ُ‬ ‫قال‪) :‬لعللن آك ِل َ‬
‫واٌء(‪ ] ,‬ابن باز [‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫س ‪ :4‬هللل يجللوز العمللل فللي مؤسسللة ربويللة كسللائق أو‬
‫حارس؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز العمللل بالمؤسسللات الربويللة ولللو كللان النسللان‬
‫حارسا ً أو سائقًا‪ ,‬وذلك لن دخوله في وظيفة عند مؤسسات‬
‫ربوية يستلزم الرضى بها لن من ينكللر الشلليء ل يمكللن أن‬
‫يعمل لمصلحته‪ ,‬فإذا عمل لمصلحته فللإنه يكللون راضلليا ً بلله‪,‬‬
‫والراضي بالشيء المحرم يناله من أثمه‪ ,‬أما من كان يباشر‬
‫القيد والكتابة والرسال والبداع وما أشبه ذلللك فهللو ل شللك‬
‫أنه مباشر للحرام‪ ,‬وقد صح عن رسول الله أنلله قللال‪) :‬لعللن‬

‫‪663‬‬
‫واٌء(‪]...‬ابللن‬ ‫سل َ‬‫م َ‬ ‫شاهِد َي ْهِ وَقَللا َ‬
‫ل هُ ل ْ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ه وَ َ‬
‫كات ِب َ ُ‬ ‫مؤْك ِل َ ُ‬ ‫آك ِ َ‬
‫ل الّرَبا وَ ُ‬
‫عثيمبن[‬
‫س ‪ 5‬رجل يعمل فلي أحلد البنلوك ملن ملدة عشلر سلنوات‬
‫ولقد علم أن العمل في البنوك غير جائز وهو يعمللل حارس لا ً‬
‫ليليا ً وليس له علقة في المعاملت هل يستمر في العمل أو‬
‫يتركه؟‬
‫ج‪ :‬البنللوك الللتي تتعامللل بالربللا ل يجللوز للمسلللم أن يكللون‬
‫حارسا ً لها لن هذا ملن التعلاون عللى الثلم والعلدوان‪ ,‬وقلد‬
‫ن(‬‫نهى الله عنه بقولة تعالى‪َ) :‬ول ت ََعاوَُنوا عََلى اْل ِث ْم ِ َوال ُْعللد َْوا ِ‬
‫وأغلب احوال البنوك التعامل بالربا وينبغي لك أن تبحث عن‬
‫طريق حلل مللن طلرق طلللب اللرزق غيللر هللذا الطريلق ‪...‬‬
‫]اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :6‬ما حكم العمل في البنوك الربوية ومعاملتها؟‬
‫ج‪ :‬العمل فيها محرم لنه إعانة علللى الربللا فللإذا كللان إعانللة‬
‫على الربا فإنه يكون داخل ً في لعنة المعيللن حيللث صللح عللن‬
‫ل الّرَبا( وإن لم يكن إعانة فهو رضللا بهللذا‬ ‫النبي ص‪) :‬لعن آك ِ َ‬
‫العمل وإقرار له ول يجوز التوظيف في البنوك الللتي تتعامللل‬
‫بالربا‪ ,‬وأما وضع الفلوس عندهم للحاجة فل بأس إذا لم نجد‬
‫مأمنا ً سوى هذه البنوك فللإنه ل بللأس بلله بشللرط أن ل يأخللذ‬
‫النسان منه الربا فإنه أخذ الربا فهو حرام‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :7‬إنني على وشك التخرج وأنوي العمل في أحد البنللوك‬
‫الموجودة في مدينتي‪ ,‬ما رأي سماحة الشيخ في ذلللك وهللل‬
‫يدخل العمل في البنوك ضمن الحديث الشريف عن الربا؟‬
‫ج‪ :‬أنصحك بعدم العمل في البنوك الربوية لما في ذلللك مللن‬
‫إعانة القائمين عليها على ما حللرم الللله سللبحانه مللن الربللا‪,‬‬
‫وقد قال تعالى )وَت ََعاوَُنوا عَل َللى ال ْب ِلّر( ولن النللبي ص ل ل لعللن‬
‫آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال همللا سللواء‪ ,‬وأسللال‬
‫الله أن يوفق القائمين عليها للتمسللك بالشللريعة السلللمية‪,‬‬
‫وترك ما حرم الللله عليهللا مللن الربللا وأن يوفللق ولة المللور‬

‫‪664‬‬
‫لمنعهم من ذلك حتى يلتزموا بشللرع الللله سللبحانه ويحللذروا‬
‫مخالفته إنه خير مسؤول‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :8‬ما الحكم الشرعي في كل من‪:‬‬
‫‪ -‬الموظف العامل في تلك البنوك سواء كان مديرا ً أو غيرة؟‬
‫ج‪ :‬وإما العمل في البنوك الربوية فل يجوز سواء كان مللديرا ً‬
‫أو كاتبا ً أو محاسبا ً أو غير ذلك لقللوله تعللالى )وَت َعَللاوَُنوا عَل َللى‬
‫ال ْب ِّر( ولما ثبت عن النبي ص ل لعن آكل الربا وموكله وكللاتبه‬
‫وشاهديه وقال هما سواء‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :9‬ما حكم الراتب الذي أتحصل عليه من أحد البنللوك إذا‬
‫كنت اشتغل بالبنك‪ ,‬هل هذا الراتب حلل أم ل؟‬
‫ج‪ :‬يجب أن يعلم كل مؤمن بأن الربللا أمللره عظيللم وخطللره‬
‫جسيم توعد الله عليه بالعقوبات العظيمة‪ ,‬فقللال تعللالى )ي َللا‬
‫َ‬
‫م‬‫ن ك ُن ْت ُل ْ‬‫ن الّربللا إ ِ ْ‬ ‫مل َ‬‫ي ِ‬ ‫ما ب َِق ل َ‬ ‫ه وَذ َُروا َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫ذي‬‫أي َّها ال ّ ِ‬
‫ْ‬
‫ه(‬ ‫سللول ِ ِ‬ ‫ن الل ّلهِ وََر ُ‬ ‫مل َ‬‫ب ِ‬ ‫ح لْر ٍ‬ ‫م ت َْفعَل ُللوا فَ لأذ َُنوا ب ِ َ‬ ‫ن ل َل ْ‬
‫ن ف َ لإ ِ ْ‬‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫َ‬
‫س لل َ‬ ‫مللا َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ن َرب ّلهِ فَللان ْت ََهى فَل ل ُ‬ ‫مل ُ ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫َ‬
‫عظ ٌ‬ ‫مو ْ ِ‬
‫جاَءهُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫وقال‪) :‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫ن عَللاد َ فَلأول َئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫م ِفيهَللا‬ ‫ب الن ّللارِ هُ ل ْ‬ ‫حا ُ‬‫صل َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫مل ْ‬ ‫مُرهُ إ َِلى الل ّلهِ وَ َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ن(‪ ,‬ولما ثبت عن النبي ص ل لعن آكل الربا ‪ (....‬وهللذا‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫َ‬
‫دليل على أنه ل يجوز لحد أن يتعاون مع حد في عمل الربللا‬
‫أيا ً كان أسم ذلك الشيء الذي يتعللاون فيلله‪ ,‬وأنلله إذا رضللي‬
‫بذلك وشاركهم فللإنه يكللون مثلهللم‪ ,‬كمللا قللال عليلله الصلللة‬
‫والسلم هما سواء ‪.‬فأحذر يا أخي أن يكون عملك من كسب‬
‫محلرم بلأي حلال ملن الحلوال وبلأي مسلمى كلان فلالعبرة‬
‫بالمور مقاصدها وليس بزخارفها نسأل الله سبحانه وتعللالي‬
‫الحمايللة والتوفيللق وأن يخلللص المسلللمين مللن وبللال هللذه‬
‫المعاملت إلى معاملت سليمة‪ ,‬يتمشى فيها المسلمون مللع‬
‫ما جاء في كتاب الله وسنة نبيه ص‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :10‬أحيطكم علما ً بأني كنت أعمل في بنك مللن البنللوك‬
‫أسمه البنك السعودي الهولندي وهو أحللد البنللوك المنتشللرة‬
‫في السللعودية‪ ,‬وقللد علمللت بلله حللال تخرجللي مللن الثانويللة‬
‫العامة بعام ولمدة ‪6‬لل ‪ 7‬شللهور وأخللبرني أحللد الللزملء بللأن‬

‫‪665‬‬
‫العمل في البنك حرام‪ ,‬حيث أنه يتعامل في بعللض حسللاباته‬
‫بالربا‪ ,‬فالتحقت بالخطوط السعودية كطللالب وتركللت البنللك‬
‫وما أود أن أسأله هو هل الراتب في ‪ 7‬شهور التي اسللتلمتها‬
‫تعتبر حراما ً حيث أنني أعمل كموظللف فقللط أتقاضللى راتب لا ً‬
‫على عملي وجهدي‪ ,‬وهل يلزم أن أتصدق بجميع ما تسلللمته‬
‫مللن قبللل مللن رواتللب ومبللالغ أو يكفللي أننللي تركللت العمللل‬
‫بالبنك؟‬

‫ج‪ :‬إذا كان الواقللع كمللا ذكللرت بعللد أن أخللبرت أنلله ل يجللوز‬
‫العمل في بنك‪ ,‬فل حرج عليك فيما قبضته من البنك مقابللل‬
‫عملك لدية مدة الشلهر الملذكورة‪ ,‬ول يلزملك التصلدق بهللا‬
‫وتكفي التوبة عن ذلك‪ ,‬عفا الله عنا وعنك‪]...‬اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ 11‬أعمل في شركه صللناعية وقللد سللمعت أن الرواتللب‬
‫الللذي نأخللذ مللن أربللاح البنللوك كمللا أن عملللي وضللع أرقللام‬
‫وتواريخ المعاملت الموجهة لهذه البنوك فما حكم عملي؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز لك أن تعمل كاتبا ً في المعاملت الربويه ول يحللل‬
‫لك الراتب الذي تأخذه في مقابل هذا العمل لن هذا العمللل‬
‫من التعاون على الثم والعدوان وقد لعن النبي ص آكل الربا‬
‫ومؤكلللة وشللاهديه وكللاتبه وإذا كللان العمللل حراملا ً فللالراتب‬
‫الذي يقابله حرام والله أعلم‪...‬‬
‫س ‪ :12‬بالنسبة لسعاة البريد الن يأتيهم شغل حسابات من‬
‫البنوك ليصالها إلى أمناء البنوك ما أدري ما حكم هللذا بللارك‬
‫الله فيك؟‬
‫ج‪ :‬هل يعلمون أن في هذه الخطابات ربا؟ يعلمللون أن فيهللا‬
‫كشف حساب ‪ .‬وليس في ذللك شليء لن كشلف الحسلاب‬
‫إذا لم يكن فيه ربا فليس فيه شيء‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :13‬أنا موظف مرتبي حوالي )‪ (3048‬ريال ً ومتزوج منللذ‬
‫ى ديون تصل إلللى ‪ 53‬ألللف ريللال وكللثيرا ً مللا‬ ‫ً‬
‫عام تقريبا وعل ّ‬
‫يحرجني أصحاب الديون ول أجد ما أسد لهم‪،,‬فهل يجوز لللي‬

‫‪666‬‬
‫أن أقترض من أحد البنوك التي تقللرض بأخللذ الفللائدة علم لا ً‬
‫بأن القرض ل يكفي نصف ديوني أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلللم أن يقللترض مللن البنللك ول غيللره قرضلا ً‬
‫بالفائدة لن ذلك من أعظم الربا‪ ,‬وعليلله أن يأخللذ بالسللباب‬
‫المباحة في طلب الرزق وقضاء الدين وفيمللا أبللاح الللله مللن‬
‫المعاملت وأنواع الكسب ما يغنلي المسللم عملا ّ حلرم اللله‬
‫عليه‪ ,‬والواجب على أصحاب الدين أن ينظروك إلى ميسللرة‬
‫ة‬
‫س لَر ٍ‬‫ذو عُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن ك َللا َ‬ ‫إذا عرفوا إعسارك لقللول الللله تعللالى )وَإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن(‪,‬‬ ‫مللو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫م إِ ْ‬ ‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬
‫صد ُّقوا َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫سَرةٍ وَأ ْ‬ ‫فَن َظ َِرةٌ إ َِلى َ‬
‫مي ْ َ‬
‫َ‬ ‫وصح عن رسول الله ص أنه قال‪" :‬م َ‬
‫ه‬ ‫سلًرا أظ َل ّل ُ‬ ‫مع ْ ِ‬‫ن أن ْظ َلَر ُ‬ ‫َ ْ‬
‫ه"‪ ,‬وقال‬ ‫ّ‬
‫ل إ ِل ظ ِل ُ‬‫ّ‬ ‫م ل ظِ ّ‬ ‫َ‬ ‫شهِ ي َوْ َ‬‫ل عَْر ِ‬ ‫ت ظِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ِْقَيا َ‬
‫مة ِ ت َ ْ‬ ‫ه ي َوْ َ‬‫الل ّ ُ‬
‫ه عَل َْيللهِ ِفللي الللد ّن َْيا‬ ‫سللَر الّللل ُ‬ ‫سللرٍ ي َ ّ‬ ‫سللَر عََلللى ُ‬
‫مع ْ ِ‬ ‫ن يَ ّ‬ ‫ملل ْ‬ ‫‪َ ":‬‬
‫ة"‪...‬والله ولي التوفيق‪]...‬ابن باز[‬ ‫خَر ِ‬ ‫َواْل ِ‬
‫فتاوى للموظفين تتعلق بالحج‬
‫س ‪ :1‬منذ ثلثة أعوام وأنا أقدم التماس لا ً لعملللي لكللي أودي‬
‫فريضة الحج لكن الطلللب يرفللض نظللرا ً لحاجللة العمللل إلللى‬
‫ى شيء إذا حججت بدون‬ ‫فهل على شيء في ذلك‪ ,‬وهل عل ّ‬
‫علمهم أو موافقتهم؟‬
‫ج‪ :‬نعم ملا دملت مقيلدا ً بغيلرك فلإنه ليلس للك حلج إل بعلد‬
‫موافقة ذلك الغيللر‪ ،‬وإذا كللانت الحاجللة تتطلللب أن تبقللى فل‬
‫مانع متى تزول الحاجة إمللا بالتنللاوب وإمللا بأسلللوب آخللر ‪...‬‬
‫]ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :2‬هل يجوز للشرطي أن يحج بدون أذن مرجعه؟‬
‫ج‪ :‬ليس للعامل والشرطي الحج إل بللأذن مرجعهمللا مطلقلًا‪,‬‬
‫ول يجللوز لهللم الحللج بللدون أذن مرجعهمللا‪ ,‬لن اوقاتهمللا‬
‫ل‪ ,‬ولن‬ ‫مسللتحقه لمرجعهمللا سللواء أكللان الحللج فرضلا ً أم نف ً‬
‫أعمللال الحللج قللد تعللوق العامللل و الشللرطي عللن بعللض مللا‬
‫يلزمهما أداءه في وقته‪...‬فتاوى إسلمية ‪.2/189‬‬

‫‪667‬‬
‫س ‪ :3‬أنا جندي بالشرطة وأريد الحللج بوالللدتي ولللم يرخللص‬
‫ى إثم إذا حججت بوالدتي بدون إذن مللن‬ ‫لي مرجعي فهل عل ّ‬
‫مرجعي؟‬
‫ج‪ :‬أنت أجير في عملللك تسللتلم راتبلا ً مقابللل مللا تؤديللة مللن‬
‫عمل وتركك العملل بلدون إذن ملن مرجعلك لتحلج بواللدتك‬
‫ف في غير محله لن ذمتك مشللغولة بالعمللل الللوظيفي‬ ‫تصر ّ‬
‫فل تشغل هذه الذمة بما يتعللارض مللع مللا هللي مشللغولة بلله‬
‫سابقا ً إل بماله حق السبق على ذلك كمللا لللو كنللت أنللت مللا‬
‫حججت فرضك فل مانع أن تحج بللدون إذن‪ :‬لن تعلللق الحللج‬
‫في ذمتك سابق لشغل ذمتك بالعمل الحكللومي وبهللذا يعلللم‬
‫أنلله ل يجللوز لللك أن تحللج بأمللك إل بللأذن وإن الحللوط هللو‬
‫الستئذان إذا كنلت للم تحلج فرضلك وملن جهلة أملك مملن‬
‫الممكن أن يحج بها أحد من محارمها غيرك وتقوم أنت بدفع‬
‫النفقة إذا أردت ذلك‪]...‬اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :4‬يعمل جنديا ً في تنظيم الحج ولم يحج حيللث ل يسللمح‬
‫له بذلك بدون إذن مرجعه؟‬
‫ج‪ :‬النسان الموظف ملتزم بأداء وظيفته حسب مللا تقتضلليه‬
‫ن ال ْعَهْد َ َ‬ ‫َ‬
‫ل(‪ ,‬وقال‬ ‫ؤو ً‬
‫س ُ‬
‫م ْ‬‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫وقد قال تعالى‪) :‬وَأوُْفوا ِبال ْعَهْدِ إ ِ ّ‬
‫مُنوا أ َوُْفوا ِبال ْعُُقوِد‪ ,‬فالعقد الللذي جللري‬ ‫نآ َ‬
‫َ‬
‫تعالى‪َ) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫بينك وبين الدولة عهد يجب عليك أن توفي بلله علللى حسللب‬
‫ما يوجهونك به ولكني أرجو أن يكون للمسللؤولين فللي هللذه‬
‫المللور نظللر بحيللث يوزعللون هللؤلء الجنللود‪ :‬جنللود المللرور‪,‬‬
‫وجنود المن‪ ,‬والمطللافئ‪ ,‬وغيرهللم ينظمللونهم بحيللث يكللون‬
‫لبعضهم فرصة أن يؤدوا الحج في هذا العللام والبعللض الخللر‬
‫فرصة أن يؤدوه في العام الخر وهكذا حتى يتم للجميللع أداء‬
‫الفريضة‪ ,‬وأمللا أن تختفللي الفريضللة وأنللت مطللالب بالعمللل‬
‫وليس عنللدك إجللازة فهللذا محللرم عليللك ول حللرج عليللك إذا‬
‫أخرت الحج إلى أي سنة أخللرى مللن أجللل اشللتغالك بللواجب‬
‫عملك ‪]...‬ابن عثيمبن[‬

‫‪668‬‬
‫س ‪ :5‬ما حكم من لم تسمح له ظروف عمله بالمبيت بمنللى‬
‫أيام التشريق؟‬
‫ج‪ :‬المبيت بمنى يسللقط لصللحاب العللذار ولكللن عليهللم أن‬
‫يغتنموا بقية الوقات للمكث بمنى مع الحاج‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :6‬إذا خرج الحاج مللن منللى قبللل غللروب الشللمس يللوم‬
‫الثاني عشر بنية التعجل ولدية عمل في منى سيعود له بعللد‬
‫الغروب فهل يعتبر متعج ً‬
‫ل؟‬
‫ج‪ :‬نعم يعتبر متعجل ً لنه أنهى الحج ونيللة رجللوعه إلللى منللى‬
‫لعمله فيها ل يمنللع التعجيللل لنلله إنمللا نللوى الرجللوع للعمللل‬
‫المنوط به ل للنسك‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :7‬موظف كلف بللدورة فللي جللدة ولنفللرض بللدايتها فللي‬
‫شهر شعبان ونهايتها في شهر صفر فوافق عليها ونوى الحج‬
‫من حين علمه بها‪ ,‬فمن أين يحرم علما ً بأنه ليللس مللن أهللل‬
‫جدة‪ ,‬وهل إذا أحرم من جدة عليه شيء أرجو التفصيل؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان ناويا ً الحج حال قدومه مللن بلللده إلللى جللده فللإنه‬
‫يلزمه أن يرجع إلى الميقات الذي مر به حال قدومه وليحرم‬
‫منه بالحج فإن لم يرجع وأحرم من جدة صللار عليلله دم وهللو‬
‫ذبح فدية في مكللة يوزعهللا علللى فقللراء الحللرم‪ ,‬إل إذا كللان‬
‫حال قدومه أحرم من الميقات بعمرة وأداهللا ثللم ذهللب إلللى‬
‫جدة للعمل فإنه يحرم بالحج من جدة‪]...‬الفوزان[‬
‫س ‪ :8‬موظللف قللد عللزم علللى الحللج لكللن للله أعمللال فللي‬
‫الطائف يتردد من أجلها بين الطائف وجدة بغير إحرام؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج في ذلك لنه حين تردده من الطائف إلى جدة لم‬
‫يقصد حجا ً ول عمرة وإنما أراد قضاء حاجاته لكللن مللن علللم‬
‫في الرجعة الخيرة من الطائف أنه ل عودة له إلى الطللائف‬
‫قبل الحج فعليه أن يحرم من الميقات يالعمرة أو الحج‪ ,‬أمللا‬
‫إذا لم يعلم وصادف وقت الحج وهو في جدة فإنه يحرم مللن‬
‫جدة بالحج ول شيء عليه ويكون حكمه حكم المقيميللن فللي‬
‫جدة الذين جاؤوا إليها لبعللض العمللال ولللم يريللدوا حجللا ول‬
‫عمرة عند مرورهم بالميقات‪]...‬اللجنة الدائمة[‬

‫‪669‬‬
‫س ‪ :9‬شخص يعمل في المن العام وحللاول الحصللول علللى‬
‫إجازة لداء فريضة الحج فلم يسمح له مرجعه بذلك‪ ,‬فتغيللب‬
‫عللن العمللل وذهللب لداء الفريضللة بللدون إذن مللن مرجعلله‬
‫وحيث أنه لم يسبق له أن حج فهللل حجلله صللحيح أم ل‪ ,‬هللل‬
‫عليه ذنب علما ً بأن مدة التغيب هذه لم يستلم مقابلها راتب‬
‫أفتونا جزاكم الله خيرًا؟‬
‫ج‪ :‬هذا السؤال جوابه من شقين‪:‬‬
‫الول‪ :‬كون هذا الرجل يذهب إلى الحج مع منع مرجعلله مللن‬
‫َ‬
‫من ُللوا‬
‫نآ َ‬ ‫ذلك أمر ل يحل ول يجوز لقوله تعالى‪) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬ ‫أ َطيعوا الل ّه وأ َطيعوا الرسللو َ ُ‬
‫م(‪ ,‬وطاعللة‬ ‫من ْك ُل ْ‬
‫ملرِ ِ‬ ‫ل وَأول ِللي اْل ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ َ ِ ُ‬ ‫ِ ُ‬
‫ولة المور في غير معصية الله تعالى أمر واجب أوجبه الللله‬
‫على عبادة في هذه اليللة الكريمللة‪ ,‬وذلللك لن مخالفللة ولة‬
‫المور يترتب عليها فساد كبير وشر وفوضى لنه لو وكل كل‬
‫إنسان إلى رأيه لم يكن هناك فللائدة فللي الحكللم والسلللطة‪,‬‬
‫وولة المور عليهم أن يرتبللوا الحللج بيللن الجنللود حللتى يهيللؤا‬
‫لمن لم يؤد الفريضة أن يؤديها بالطرق التي يرون أنها كفيلة‬
‫بالمصلحة مع تمكين هؤلء الفراد من أداء فريضة الحج وهم‬
‫فاعلون إن شاء الله ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬فهو إبراء ذمتك بهذا الحج‪ ,‬فإنه قد برئت وقللد أديللت‬
‫الفريضة ولكنك عللاص للله تعلالى بمخالفتللك أوامللر رئيسلك‬
‫فعليك أن تتوب إلى الله تعالى وأن ل تعود لمثلها وليس لللك‬
‫حق في أن تأخللذ الراتللب المقابللل لليللام الللتي تغيبتهللا عللن‬
‫العمل والله ولي التوفيق‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫فتاوى تتعلق بالعمرة‬
‫س ‪ :1‬شخص كلف بانتداب إلى الطائف فأنهي العمللل خلل‬
‫ساعات وأراد أن يأخذ عمرة مللع موافقللة العمللل علللى ذلللك‬
‫هل يصح له هذا؟‬
‫ج‪ :‬يصح للنسان إذا انتللدب لعمللل معيللن وأنهللاه ثللم أراد أن‬
‫يأتي بعمرة يصح له أن يلأتي بللذلك لن العمللل الللذي انتللدب‬
‫من أجله قد أتمه وبقي بقية وقللت للله أن ينصللرف فيلله بمللا‬

‫‪670‬‬
‫شاء ل سيما إذا كان قد أسلتأذن ملن مسللؤله وأذن لله فلإن‬
‫المر واضح بأن هذا جائز‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :2‬هللل طلللب الجللازة الضللطرارية لداء العمللرة فللي‬
‫رمضان جائز أم ل؟‬
‫ج‪ :‬ل بأس بذلك فإنهللا حللق للموظللف‪ ,‬كمللا فللي النظللام أن‬
‫الموظف له الحق في السنة إجازة عشرة أيام عنللد الحاجللة‬
‫ول شك أن أداء العمرة في رمضان له فضله وأهميته‪ ,‬وكثير‬
‫من المللوظفين يتمتللع بهللذه الجللازة فللي الخللارج أو يجلللس‬
‫بدون عمل فالعمرة فيها أفضل من البطالة‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ ::3‬ما حكم أخذ الجللازة الضللطرارية لداء العمللرة فللي‬
‫رمضان والبقاء في مكة؟‬
‫ج‪ :‬الللذهاب إلللى العمللرة مسللتحب وليللس ضللروريا ً ل فللي‬
‫رمضللان ول فللي غيللرة‪ ,‬فأخللذ إجللازة اضللطرارية مللن أجللل‬
‫العمرة وترك العمل ل يجوز من وجهين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن هذا كذب واحتيللال علللى النظللام لنلله ليللس هنللاك‬
‫ضرورة ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن في ذلك تركا ً للللواجب وهللو القيللام بالعمللل الللذي‬
‫تعهد بالقيام به وأخذ مقابلة مرتب لا ً شللهريًا‪ ,‬فللالواجب التوبللة‬
‫إلى الله وترك هذا الهمال والحتيال‪ ,‬والعمرة فللي رمضللان‬
‫سنة والقيام بالعمل واجب فكيف يترك واجبا ً مللن أجللل أداء‬
‫سنة‪]...‬الفوزان[‬
‫فتاوى للموظفين تتعلق بالصيام‬
‫س ‪ :1‬موظف يقول أنه نام أكثر من مرة في الشللركة أثنللاء‬
‫العمل وترك العمل هل يفسد صومه؟‬
‫ج‪ :‬صومه ل يفسد لنله ل علقللة لله بيللن تلرك العملل وبيلن‬
‫الصوم ولكن يجب على النسلان الللذي تللولي عمل ً أن يقللوم‬
‫بالعمل الذي وكل إليه لنه يأخذ على هذا العمل جزاًء وراتب لا ً‬
‫ويجب أن يكون عمله على الوجه الذي تبرأ به ذمته كما أنلله‬
‫يطلللب راتبلله كللامل ً ولكللن صللومه ينقللص أجللره لفعللله هللذا‬
‫المحرم وهو نومه عن العمل المنوط به‪]...‬ابن عثيمبن[‬

‫‪671‬‬
‫س ‪ :2‬شخص في أول ليلة من رمضان نام قبل أن يعلللم أن‬
‫غللدا ً هللو أول الصلليام فلمللا قللام لصلللة الفجللر سللأل أحللد‬
‫المصلين فإذا هو الخر ليلس لديللة عللم‪ ,‬فواصلل ذللك وللم‬
‫يأكل شيئًا‪ ,‬ولما ذهب إلى العمل وجد الناس صللائمين وعلللم‬
‫بعد ذلك بالصيام‪ ,‬وعلى ذلللك واصللل صلليامه حللتى المسللاء‪,‬‬
‫فهل صيامه صحيح في ذلك اليللوم أم أن عليلله قضللاء أفتونللا‬
‫جزاكم الله خيرًا؟‬
‫ج‪ :‬من لم يعلللم بللدخول شللهر رمضللان إل أثنللاء النهللار فللإنه‬
‫يجب عليه المساك في بقية اليوم ويقضي هذا اليوم لنه لم‬
‫ينو الصيام من الليل وقد جاء فللي الحللاديث أنلله ل صلليام إل‬
‫لمن يجمع النية من الليل‪ ,‬أي في صيام الفرض‪ ,‬وهللذا فللاته‬
‫جزء من النهار لم ينو فيه الصوم‪]...‬الفوزان[‬
‫س ‪ :3‬لقللد سللمعت مللن بعللض الللزملء فللي المكتللب أنهللم‬
‫يتسللحرون عنللد السللاعة الواحللدة بعللد منتصللف الليللل‪ ,‬ثللم‬
‫ينامون بنية الصيام حتى الساعة التاسعة صباحًا‪ ,‬ثللم يصلللون‬
‫الفجر عند هذا الوقت ثم ينطلقون إلى أعمالهم ‪...‬مللا حكللم‬
‫هذا العمل؟‬
‫ج‪ :‬هذا العمل غير جائز من عدة وجوه‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن فيه مخالفة للسنة في تقديم السحور على وقته لن‬ ‫أو ً‬
‫تأخير السحور إلى قبيل الفجر هو السنة ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن فيه النوم عن صلة الفجر في وقتهللا ومللع الجماعللة‬
‫ففيه ترك واجبين عظيمين‪:‬‬
‫‪ .1‬تأخير الصلة عن وقتها وهو إضاعة لها وعليه وعيد شديد‪.‬‬
‫‪ .2‬ترك صلة الجماعة وهو محرم وإثم‪.‬‬
‫فالواجب التوبة إلى الله من هذا الفعل وتأخير السحور إلللى‬
‫وقته وأداء الصلة في وقتها مع جماعة المسلللمين والللواجب‬
‫الهتمام بالصلة أول ً لنها هي عمود السلللم والركللن الثللاني‬
‫من أركان السلم فهي آكد من الصلليام بللل ل يصللح الصلليام‬
‫ول غيللرة مللن العمللال إل بعللد أداء الصلللة علللى الللوجه‬
‫المشروع‪]...‬الفوزان[‬

‫‪672‬‬
‫الكذب والتزوير‬
‫س ‪ :1‬العذار الذي يقدمها الموظف لرئيسه قللد تكللون فللي‬
‫اكثر الحيان كذبا ً ما رأي فضيلتكم؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على المسلم أن يتقي الله ويترك الكذب والحيل‬
‫التي يتعذر بها إلى ترك العمل الوظيفي الذي وكل إليلله فللي‬
‫مقابل راتب يتقاضاه‪ ,‬وعلى المسؤولين عن دوام الموظفين‬
‫من رؤساء الدوائر أن يتقوا الله ويدققوا في الجللازات الللتي‬
‫يمنحونها لموظفيهم بأن تكون جاريللة علللى المنهللج الصللحيح‬
‫والنظللام الللوظيفي‪ ,‬وأن يسللدوا الطريللق علللى المحتللالين‬
‫والمتلعبين لن هذه أمانة في أعنللاق الجميللع يسللألون عنهللا‬
‫أمام الله سبحانه‪]...‬الفوزان[‬
‫س ‪ :2‬بعض الناس عندما يريد اسللتخراج حفيظللة نفللوس أو‬
‫بطاقللة الحللوال يكتللب مهنتلله بللأنه متسللبب وهللو موظللف‬
‫حكومي ويأتي بشهود ويشهدون على ذلللك مللع علمهللم بللأن‬
‫صاحبهم موظف وليس متسببًا‪ ,‬فهل هذا العمللل جللائز وهللل‬
‫تعتبر الشهادة من شهادة الزور؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان هناك فرق في استخراج الحفيظة بيللن المتسللبب‬
‫والموظف بموجب النظام فإنه ل يجوز التمويه بل يجب بيان‬
‫الحقيقة ول يجوز للشهود أن يشهدوا بخلف الواقللع لن هللذا‬
‫من شللهادة الللزور ومللن الحتيللال بالباطللل‪ ,‬فللالواجب علللى‬
‫المسلللم الصللدق وقللول الحللق فللي حللق الصللديق والقريللب‬
‫َ‬
‫ط‬‫س ِ‬ ‫ن ِبال ِْق ْ‬
‫مي َ‬ ‫وا ِ‬ ‫كوُنوا قَ ّ‬ ‫مُنوا ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫والعدو‪ ,‬قال تعالى )َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫شهداَء ل ِل ّه ول َو عََلى أ َنُفسك ُ َ‬
‫ن‬ ‫كلل ْ‬ ‫ن يَ ُ‬
‫ن إِ ْ‬‫ن َواْلقَْرِبيلل َ‬ ‫ِ‬ ‫م أو ِ ا ل ْ َ‬
‫وال ِد َي ْ‬ ‫ْ ِ ْ‬ ‫ِ َ ْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ن ت َعْدُِلوا وَإ ِ ْ‬‫وى أ ْ‬ ‫ما َفل ت َت ّب ُِعوا ال ْهَ َ‬ ‫ه أوَْلى ب ِهِ َ‬ ‫غَن ِي ّا ً أوْ فَِقيرا ً َفالل ّ ُ‬
‫خِبيللرًا(‪ ,‬وتجللب‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫مل ُللو َ‬ ‫مللا ت َعْ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ه ك َللا َ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫ضوا فَإ ِ ّ‬ ‫ووا أوْ ت ُعْرِ ُ‬ ‫ت َل ْ ُ‬
‫طاعة ولي المللر فللي النظللام الللذي ل يخللالف الشللريعة ول‬
‫َ‬
‫طيعُللوا الل ّل َ‬
‫ه‬ ‫يجللوز الحتيللال عليلله ومخللالفته‪ ,‬قللال تعللالى )أ ِ‬
‫َ‬ ‫وأ َطيعوا الرسو َ ُ‬
‫م(‪]...‬الفوزان[‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫مرِ ِ‬ ‫ل وَأوِلي اْل ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ ِ ُ‬
‫التجارة للموظف‬

‫‪673‬‬
‫س ‪ :2‬ذكرتم ‪....‬أن موظف الدولة ل يجوز له لن يتاجر فللي‬
‫إحدى التجارات‪ ,‬فهل يجللوز لموظللف الدولللة أن يفتللح محل ً‬
‫باسم زوجته أو باسم أحد إخوانه وهو له؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للنسللان الموظللف أن يفتللح محللل تجللارة باسللم‬
‫والللدة أو زوجتلله أو أحللد مللن أقللاربه أو أصللدقائه‪ ,‬لن ذلللك‬
‫كذب‪ ,‬فإن هذا المحل ليس لمللن كتللب باسللمه وهللو الللوقت‬
‫نفسلله خيانللة للدولللة‪ ,‬لن النسللان فعللل مللا منعتلله الدولللة‬
‫وتحايل عليه‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :3‬بالنسبة لبعض الشخاص يستغل اسم غيرة في إقامة‬
‫مؤسسه تجارية‪ ,‬هللو مثل ً فللي أحللد المللوظفين فللي الدولللة‪,‬‬
‫نعرف قرار الدولة يمنع أن الموظف يفتللح محل ً تجاريلًا‪ .‬هللل‬
‫يجوز هذا أم ل؟‬
‫ج‪ :‬أسألك هل هذا كذب أو صدق؟ هذا كذب ‪.‬‬
‫هل الكذب جائز ‪...‬؟ ل ليس بجائز لكن الملحظ ‪.‬‬
‫دعنا من الملحظ‪ ,‬أنت تسأل الن ‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬هل هذا من النصح للدولة أم غش؟ ‪....‬من الغش ‪.‬‬
‫المال المكتسب من عمل مبني على الكذب والغش هل هللو‬
‫باطل أو حق؟ هو باطل ‪.‬‬
‫إذن ثلثة محاذير في هذه المسألة ] الكذب ل غش الدولللة ل ل‬
‫أكل المال بالباطل [ وعلى هذا فإنه حرام ول يجوز للنسللان‬
‫أن يستعير أسم غيرة ليفعل مللا منعتلله الدولللة‪ ,‬ويقللال لهللذا‬
‫الرجل إما تبقى على وظيفتك وتللترك العمللل وإمللا أن تأخللذ‬
‫العمل وتترك الوظيفة‪ ,‬الدولة للم تجللبرك أن تكلون موظفلا ً‬
‫عندها‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :4‬إذا كنت موظفا ً حكوميا ً فإن النظام الحكومي ل يجيللز‬
‫لي فتح محل تجاري باسمي فإذا فتحللت هللذا المحللل باسللم‬
‫شخص آخر غير موظللف وأديللر هللذا المحللل بمللوجب وكالللة‬
‫شرعية تخولني البيع والشراء وكل ما يقوم به صاحب السم‬
‫وأتحمل مكسبه وخسارته فهل يجوز هذا؟‬

‫‪674‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان الواقع كما ذكرت فإنه ل يجوز للك ذللك لملا فيلله‬
‫مللن الكللذب والمخادعللة لللولي المللر والحتيللال عليلله فللي‬
‫مخالفللة مللا وضللعه محافظللة علللى إدارة العمللل الحكللومي‬
‫والذي أسللند إليللك خدمللة للمللة ومراعللاة للمصلللحة العامللة‬
‫ومنعا ً للثرة‪ ,‬فإن الشأن فيما ذكرت أن يغلب النسان طبعه‬
‫وحب نفسه وأن يللؤثر مصلللحته الشخصللية‪ ,‬فيللؤثر مصلللحته‬
‫صر في العمللل‬ ‫الخاصة فيعمل لها اكثر ويبذل فيها جهده ويُق ِ‬
‫للمصلحة العامة وهو يظن أنه لم يحصل منه ذلللك‪]...‬اللجنللة‬
‫الدائمة[‬
‫س ‪ :5‬هناك واحد من الناس بحكم أنه موظف فل يسمح للله‬
‫بممارسة التجارة دون أن يسللتغل اسللم أملله وهللي موجللودة‬
‫في فتح محل خياط نسائي وله أخوة وأخوات من هللذه الم‪,‬‬
‫فأمه أعطته وكالة مللن أجللل اسللتقدام عمللال وفتللح المحللل‬
‫والربح طبعا ً ربح المحل سيكون له شخصيا ً من دون إخللوانه‬
‫فأمه سمحت له بهذا الشيء فما رأي فضيلتكم في هذا؟‬
‫ج‪ :‬وتضمن المكر بالدولة والخللداع لهللا وتضللمن أكللل المللال‬
‫بالباطل لنه بغير حق وتضمن محاباة أحد البناء دون البقية‪,‬‬
‫وقللد قللال النللبي ص "اتقللوا الللله واعللدلوا بيللن أبنللائكم"‬
‫فنصيحتي للم أن تسحب هذه المنحة التي أعطتها ابنها وأن‬
‫تستغفر الله‪ ,‬ونقول لهللذا الشللخص الموظللف أنللت بالخيللار‪:‬‬
‫الحكومللة لللم تلزمللك بشلليء إمللا أن تللدع الوظيفللة وتفتللح‬
‫المحل‪ ,‬وإما أن تبقللى فللي الوظيفللة وتللترك المحللل‪ ,‬ثللم أن‬
‫الذي فهمته من السؤال أن هذا الخ سلليجعل المحللل باسللم‬
‫أمه وسيعطيه العامللل ويأخللذ عليلله الربللح‪ ,‬فللإن كللان الربللح‬
‫مشاعًا‪ ,‬بأن قال لللك كللذا‪ ,‬الثلللث مثل ً يحصللل مللن الربللح أو‬
‫الربع أو النصف فهذا جائز من الناحيللة الشللرعية يكللون مللن‬
‫هذا المواد واللت ومللن هللذا العمللل لكللن أن كللانت الدولللة‬
‫تمنع هذا فهو أيضا ً ل يجوز لن علينا أن نسمع للدولة في كل‬
‫أمر إل ما خالف الشرع‪ ,‬وهذا ل يخالف الشللرع‪ ,‬إذا قللالت ل‬
‫ل‪ ,‬وإنمللا يبقللون عنللدكم بللالجرة الشللهرية‬ ‫تمنحوا هللؤلء عم ً‬

‫‪675‬‬
‫المقطوعة‪ ,‬ولكن يقول بعللض النللاس‪ :‬إذا جعلنللاهم بللالجرة‬
‫المقطوعة حصل إشكال وهو تلعب العمال بحيث ل ينتجون‬
‫فنقول‪ :‬دفعا ً لهذا المحللذور يجعللل للعامللل نسللبة فيمللا ينتللج‬
‫فيقال لك الجر الشهري المتفق عليه ولك على كل متر كذا‬
‫وكذا أو على كل ثوب إذا كان خياطلا ً كللذا وكللذا‪ ,‬وعلللى كللل‬
‫وحللدة إذا كللان كهربائي لا ً كللذا وكللذا‪ ,‬وبهللذا يحصللل موافقللة‬
‫الحكومة فيما الللتزمت بلله الجللالب ويحصللل مصلللحة وعللدم‬
‫تلعب ‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :6‬بالنسبة للموظف الذي ل يكفيلله راتبلله فللي مصللاريفه‬
‫الخاصة هل يجوز له العمل بآخر؟‬
‫ج‪ :‬الموظف الذي ل يكفيه راتبه لشللئونه الخاصللة‪ ,‬يجللوز للله‬
‫أن يعمل العمللل الللذي ل تمنللع منلله الحكومللة أو يمنعلله منلله‬
‫النظام‬
‫س ‪ :7‬النظام يمنع السجل التجاري لعمل مؤسسة؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان النظام يمنع فللإنه ل يجللوز أن يفتللح ل باسللمه ول‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫باسم مستعار‪ ,‬لماذا لن الله عز وجل يقول‪) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ال ْعَْهللد َ‬ ‫مُنوا أوُْفوا ِبال ْعُُقوِد(‪ ,‬ويقول تعالى‪) :‬وَأوُْفوا ِبال ْعَهْدِ إ ِ ّ‬ ‫آ َ‬
‫ل(‪ ,‬والموظللف تقللدم للعمللل فللي الحكومللة وهللو‬ ‫ؤو ً‬ ‫س ُ‬‫م ْ‬ ‫ن َ‬‫كا َ‬ ‫َ‬
‫يعلللم أن هللذا مشللروط علللى كللل موظللف يكللون بللدخوله‬
‫الوظيفة التزام منه بللال يفتللح سللجل ً أو يشللتغل بتجللارة‪ ,‬قللد‬
‫يقول بعض النللاس الحكومللة ليللس لهللا الحللق أن تمنللع مللن‬
‫ذا‬ ‫ابتغللاء رزق الللله‪ ,‬لن الللله قللال فللي القللرآن الكريللم‪) :‬فَلإ ِ َ‬
‫ض‬ ‫َْ‬ ‫ة( أي صلللة الجمعللة‪َ) ,‬فان ْت َ ِ‬ ‫قُ ِ‬
‫ش لُروا فِللي الْر ِ‬ ‫صللل ُ‬‫ت ال ّ‬ ‫ض لي َ ِ‬
‫ه(‪ ,‬فأباح الله لنللا أن ننتشللر فللي الرض‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ض ِ‬‫ن فَ ْ‬‫م ْ‬ ‫َواب ْت َُغوا ِ‬
‫ونبتغللي مللن فضللل الللله بعللد صلللة الجمعللة فكيللف تمنعنللا‬
‫الحكومة من ذلك؟‬
‫نقول له‪ :‬الحكومة لم تمنعك ولكنها قالت ل أدخل معك فللي‬
‫عقد إل بهذا الشرط وهذا الشرط مباح يعنللي تركلله للتجللارة‬
‫إذن مباح فإذا كان مباحا ً والتزم النسان بللتركه وفللاًء بعهللدة‬

‫‪676‬‬
‫للحكومة‪ ,‬صار هذا جار على القواعد الشللرعية فنقللول لهللذا‬
‫الموظف‪ :‬أنت بين أمرين بل ثلثة أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬إما أن تدع الوظيفة وتفتح السجل التجاري‪.‬‬
‫‪ .2‬أو تدع السجل التجاري وتبقى في عملك‪.‬‬
‫‪ .3‬أو تستأذن من الحكومة وتبين لها حاجتك‪.‬‬
‫وربمللا إذا بينللت لهللا حاجتللك وأنللت راتبللك قليللل ومتطلبللات‬
‫حياتك كثيرة ربما تسمح لك‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :7‬ما حكم العمل بالتجارة للموظف سواء كان عسللكريا ً‬
‫أو مدنيا ً علما ً بأنه لدية وقت فراغ كيومي الخميس والجمعللة‬
‫وكذلك من بعد الدوام حتى بداية الللدوام فللي اليللوم الثللاني‪,‬‬
‫وإن كانت التجارة تجارة بسيطة كالتجارة في أيام المواسللم‬
‫كرمضان والعيدين بالشياء البسيطة؟ افيدونا مأجورين؟‬
‫ج‪ :‬التجارة على الوجه المباح للموظف وغيرة مباحة‪ ,‬لقللوله‬
‫َ‬
‫م(‪ ,‬ولكللن إذا كللان‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ض ِ‬
‫ن ت ََرا ٍ‬
‫جاَرةً عَ ْ‬
‫ن تِ َ‬
‫كو َ‬ ‫تعالى‪) :‬إ ِّل أ ْ‬
‫ن تَ ُ‬
‫نظللام الدولللة يمنللع مللن ممارسللة التجللارة للموظللف فللإن‬
‫الواجب الوفاء بذلك‪ ,‬ول يمارسها إل بإذن الدولة‪ ,‬لنلله دخللل‬
‫ن ال ْعَهْد َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫كللا َ‬ ‫على هذا الساس وقال تعالى‪) :‬وَأوُْفوا ِبال ْعَهْدِ إ ِ ّ‬
‫ل(‪]...‬ابن عثيمبن[‬ ‫ؤو ً‬
‫س ُ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫س ‪ :8‬رجللل موظللف لللدى الحكومللة ولكللن ل يكفيلله راتبلله‬
‫ويعمللل مللع اثنيللن أو ثلثللة كمشللاركة يعنللي دفللع مللال ً لديللة‬
‫واشتغل معهم باسم أحدهم فهل في ذلك شيء؟‬
‫ج‪ :‬يعني يقول خذ من المال واتجر به ولي نصف الربح ولللك‬
‫نصللف الربللح‪ ,‬لن الموظللف الن لللم يباشللر العمللل أمللا إذا‬
‫شاركه وباشر معه العمل فهذا ل يجوز‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :9‬أنا موظف في إحدى الدوائر الحكومية وقللد أعطللوني‬
‫الوراق الخاصللة بالكشللف الطللبي وقللد أتممللت الفحوصللات‬
‫الطبية عدا النظر فقد اختبره عني أحد القللارب وقللد مضللى‬
‫ى في الخدمة عشر سنوات افيللدوني مللاذا أفعللل جزاكللم‬ ‫عل ّ‬
‫الله خيرًا؟‬

‫‪677‬‬
‫ج‪ :‬ل يجللوز لللك التللدليس أو الغللش فللي العيللن أو فللي غيللر‬
‫العين‪ ,‬كأن تستعمل أحللدا ً ينللوب عنللك فللي الختبللار وعليللك‬
‫بإخبار الجهة عن ذلك وإن كنت قمت بللالواجب فالحمللد لللله‬
‫عما مضى ولكن إل تعللود امثللل هللذا وأن تسللتغفر اللله عمللا‬
‫حصل من الغش‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :10‬وقعللت لللي حادثللة خللارج العمللل ولمللا عجللزت عللن‬
‫تحمل مصاريف العلج جعلتها حادثلة عملل ودفعلت الشلركة‬
‫مصروفات العلج وأنا نادم الن فهل ما فعلت حرامًا؟‬
‫ج‪ :‬يلزمللك أن تخللبر أهللل الشللركة بحقيقللة الحللال وتعللرض‬
‫عليهم ردك ما صرفوا عليك من أجرة العلج أو خصللمها مللن‬
‫راتبك فإن عفوا عنك أن كان لهم الصلحية سقط الغرم وإل‬
‫فل تلللبرأ ذمتلللك إل باسلللتباحتهم أو رد المصلللاريف إليهلللم‪,‬‬
‫واستغفر ربك عن الكذب والظلم ‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ :11‬إذا كان إنسان يرغب العمل بوظيفللة وهللو يسللتطيع‬
‫القيام بعملها والنجاح في المسابقة ولكن ليس لدية شللهادة‬
‫تخوله الدخول فيها فهل يجوز له تزييف شهادة الدخول فللي‬
‫المسابقة‪ ,‬وإذا نجح فهل يجوز له الراتب أم ل؟‬
‫ج‪ :‬الذي يظهر لي من الشرع المطهر وأهدافه السامية عدم‬
‫جواز مثل هذا العمل لنه توصل إلللى الوظللائف مللن طريللق‬
‫الكذب والتلبيس وذلك من المحرمللات المنكللرة وممللا يفتللح‬
‫أبوابا ً من الشر وطرقا ً من التلبيس ول شك أن الواجب على‬
‫من يسللند إليهللم أمللر التوظيللف أن يتحللروا الكفللاء والمنللاء‬
‫حسب المكان‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :12‬إذا دخللل مسللابقة الوظللائف صللديقان قللد تللوفرت‬
‫فيهما شروط القبول واختللبر أحللدهما علن الخلر فهلل يحللل‬
‫ذلللك إذا كللان يسللتطيع القيللام بالعمللل وهللل يبللاح للله أخللذ‬
‫الراتب؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز مثل هذا العمللل لمللا فيلله مللن التللدليس والكللذب‬
‫وفتح أبواب تجرؤ غير الكفاء على العمللال بوسللائل الكللذب‬
‫والحتيال على ما ل يباح له ‪]...‬ابن باز[‬

‫‪678‬‬
‫حكم مكافأة المدير للموظف‬
‫س ‪ :1‬هل المكافأة الذي يعطيها الرئيللس فللي العمللل نظيللر‬
‫الجهد المخلص تعتبر رشوة لنها فوق الراتب الصلي؟‬
‫ج‪ :‬ل ‪....‬هذه ليست رشللوة مللادام المقصللود منهللا التشللجيع‬
‫على هذا العمل إل إذا كان هذا العامل ل يقوم بما يجب عليه‬
‫إل بهذه المكافأة فإنه في هذه الحللال يكللون رشللوة ويكللون‬
‫حراما ً عليه لن هللذه المكافللأة بللذلت للله فللي مقابللل قيللامه‬
‫بواجب عليه‪ ,‬والقيام بللالواجب ل يجللوز لحللد أن يأخللذ عليلله‬
‫مكافأة لن ذلك من صميم عمله‪ :‬فهناك فرق بين أن يُعطي‬
‫النسان المكافأة تشجيعا ً له على القيللام بللالواجب وبيللن أن‬
‫يعطللي المكافللأة ليقللوم بللالواجب لن القيللام بللالواجب أمللر‬
‫واجب عليه سواء كللوفئ أو لللم يكافللأ‪ ,‬وأمللا التشللجيع علللى‬
‫القيام بالواجب بعد فعله فل يدخل في الرشوة فهو مبللاح إل‬
‫أن يقضي إلى محذور فللي المسللتقبل بحيللث يكللون العامللل‬
‫متشوقا ً له فإن لم يحصل قصّر في عمله ففي هذه الحال ل‬
‫يعطي شيئا ً لن الوسائل لها اجكام المقاصد‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫حكم الجلوس مع أهل الفساد من الموظفين‬
‫س ‪ :1‬زملء لي بمكتب واحللد ودائم لا ً مللن يللوم مللا عرفتهللم‬
‫وهم يتحدثون عن الجنللس والمجلت الخليعللة وأنللا ل أرضللى‬
‫بهذا الشلليء ولكللن بحكللم ظللروف العمللل مرغللم للجلللوس‬
‫معهم وفللي بعللض الحيللان أخللرج مللن المكتللب منكللرا ً ذلللك‬
‫عليهم ولكن أتحللرج بسللبب أنلله إذا جللاء رئيللس العمللل ولللم‬
‫يجللدني علللى مكتللبي فللإنه يلللومني علم لا ً بللأنه لللو وجللدهم‬
‫يتحدثون لشللاركهم فللي ذلللك دون حيللاء ول خجللل وهللذا قللد‬
‫حصل فماذا أعمل؟‬
‫ج‪ :‬إذا كللان هللؤلء الللذين يتحللدثون حللديثا ً محرمللا ً ل يمكللن‬
‫إصلللحهم بنصللح فللإن الللواجب عليللك أن تخللرج مللن هللذه‬
‫الوظيفللة إلللى وظيفللة أخللرى لن الجلللوس مللع العصللاة مللع‬
‫القللدرة علللى مفللارقتهم مشللاركة لهللم فللي الثللم كمللا قللال‬
‫َ‬
‫ت الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م آَيا ِ‬
‫معْت ُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ن إِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫بأ ْ‬‫م ِفي ال ْك َِتا ِ‬
‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬
‫تعالى‪) :‬وَقَد ْ ن َّز َ‬

‫‪679‬‬
‫ُ‬
‫ضللوا فِللي‬ ‫خو ُ‬ ‫حت ّللى ي َ ُ‬‫م َ‬ ‫معَهُ ل ْ‬‫دوا َ‬ ‫ست َهَْزأ ب ِهَللا َفل ت َْقعُ ل ُ‬ ‫ي ُك َْفُر ب َِها وَي ُ ْ‬
‫م(‪.‬‬‫مث ْل ُهُ ْ‬
‫م ِإذا ً ِ‬ ‫ث غَي ْرِهِ إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫دي ٍ‬‫ح ِ‬‫َ‬
‫فالواجب عليك إذا لم يحصللل تغيللر فللي أحللوالهم أن تطلللب‬
‫وظيفة أخرى حتى ل تشاركهم في الثم وإذا علللم الللله مللن‬
‫نيتك أنك تحاول الهروب من هذا المحرم يسر الله لك المللر‬
‫ل ل َه م َ‬
‫ن‬
‫مل ْ‬‫سللرًا()وَ َ‬‫مرِهِ ي ُ ْ‬
‫نأ ْ‬ ‫جع َ ْ ُ ِ ْ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬‫م ْ‬ ‫لقوله تعالى‪) :‬وَ َ‬
‫ب(‪...‬‬ ‫سل ُ‬‫حت َ ِ‬
‫ث ل يَ ْ‬ ‫حي ْل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫خَرجا ً * وَي َْرُزقْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫جع َ ْ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬
‫ي َت ّ ِ‬
‫]ابن عثيمبن[‬
‫الواجب تجاه زملء العمل من الكفار‬
‫س ‪ :1‬الكفار الذين يعملون معنا في الشركات من المسلليح‬
‫والهندوس والنصللارى مللاذا لهللم ومللاذا علينللا نحللوهم وكيللف‬
‫يمكننا معاملتهم دون الوقوع في المولة؟‬
‫ج‪ :‬تدعونهم إلى السلم وتأمرونهم بالمعروف وتنهونهم عن‬
‫المنكللر وتقللابلون برهللم بللالبر تسللتميلونهم بللالمعروف إلللى‬
‫السلم مع بغض ماهم عليلله مللن الكفللر والضلللل‪]...‬اللجنللة‬
‫الدائمة[‬
‫س ‪ :2‬حيث أن طبيعة العمل تستدعي الحتكاك بالعمالة من‬
‫المسلمين وغير المسلمين ونجد أحيانا ً في الغرفللة الواحللدة‬
‫الكفللار مللع المسلللمين وهللذا يتطلللب المؤاكلللة والمشللاربه‬
‫والختلط فنحس من بعضهم أن هذا شيء عادي ول يهتم به‬
‫ونلمللس مللن آخريللن أن قصللدهم بالعشللرة الطيبللة وإظهللار‬
‫الخلق الحسنة جللذبا ً لغيللر المسلللمين إلللى السلللم‪....‬فمللا‬
‫حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ل تجوز موادة الكفار ول محللالطتهم مخالطللة تنشللأ عنهللا‬
‫فتنة‪ ,‬أما مؤاكلتهم ومخالطتهم والحسان إليهم بمللا يرغبهللم‬
‫في السلم فل بأس به مع المن من الفتنة وعدم المللودة‪...‬‬
‫]اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :3‬لللدينا فللي منطقللة العمللل بعللض المسلليحين العللرب‬
‫يصادف أن يوجوهوا إلينا الدعوة أحيانا ً لزيللارتهم فهللل تجللوز‬
‫زيارتهم وهل يجوز دعونهم لزيارتنا؟‬

‫‪680‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان القصد من زيارتكم لهم فللي مسللاكنهم ودعللوتكم‬
‫لهم لزيارتكم دعوتهم إلى دين السلللم ونصلليحتهم فالللدعوة‬
‫إلى السلم غاية نبيلة ودعوتهم وزيارتهم في محلهم وسلليلة‬
‫لتحقيق هللذه الغايللة النبيلللة والوسللائل لهللا حكللم الغايللات‪...‬‬
‫]اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :4‬نكللون فللي المستشللفى نحللن الممرضللين فيكللون‬
‫الختلط في بعض أوقات العمل فما نصيحتكم لنا بين هللؤلء‬
‫الكفار وهل علينا من إثم بترك دعوتهم للسلم ول سلليما أن‬
‫الممرضين السعوديين ولله الخمد قد كثروا؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على المسللم أن ينتهلز الفرصلة فلي كلل مكلان‬
‫وفي كل وقت للدعوة إلللى الللله عللز وجللل احتسللابا ً للثللواب‬
‫العظيللم‪ ,‬حيللث قللال ص "والللله لن يهللدي الللله بللك رجل ً‬
‫واحدا ً ‪.‬خير لك من حمر النعم"‪.‬‬
‫يعني من البل وكانت أفضل الموال عند العللرب فللإذا وجللد‬
‫فرصة فليدع إلى السلم حللتى ولللو فللرض أنلله دعللا الرجللل‬
‫الكافر إلى بيته وعرض عليلله السلللم واعطللاءه أشللرطة أو‬
‫كتيبات فيها الدعوة إلى السلم فإن هذا خير‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :5‬شخص يعمل في وظيفته مع الكفار فبماذا تنصحونه؟‬
‫ج‪ :‬ننصح هذا الخ الذي يعمل مع الكفار أن يطلب عمل ً ليس‬
‫فيه أحدا ً مللن أعللداء الللله ورسللوله ممللن يللدينون بغيللر ديللن‬
‫السلم‪ ,‬فإذا تيسر فهذا هو الللذي ينبغللي وأن لللم يتيسللر فل‬
‫حرج عليه لنه في عمله وهم في عملهم ولكن بشرط أن ل‬
‫يكون في قلبه مودة لهم ومحبة وموالة وأن يلللتزم مللا جللاد‬
‫به الشرع فيما يتعلق بالسلم عليهم ورد السلللم ونحللو هللذا‬
‫وكذلك أيضا ً ل يشيع جنائزهم ول يحضرها ول يشهد أعيللادهم‬
‫ول يهنئهم بها‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫السلم على الكفار‬
‫س ‪ :1‬هل يجوز السلم على الكفار ولو كان ذلك في سللبيل‬
‫دعوتهم للسلم وكيف نرد عليهم إذا سلموا علينا؟‬

‫‪681‬‬
‫ج‪ :‬ل يجللوز ابتللداء الكفللار بالسلللم لن النللبي ص نهللى عللن‬
‫صللاَرى‬ ‫ابتدائهم بالسلم حيللث قللال‪َ) :‬ل ت َب ْت َلدُِئوا ال ْي َهُللود َ َول الن ّ َ‬
‫م( ولكن ل بللأس أن قلللت‪ :‬مرحبلا ً أو صللباح الخيللر إذا‬ ‫ِبال ّ َ‬
‫سل ِ‬
‫كنت في الصباح أو مساء الخير إذ كنللت فللي المسللاء وذلللك‬
‫علللى سللبيل الللدعوة وإذا سلللموا علينللا نللرد عليهللم بقولنللا‬
‫وعليكم‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :2‬أعمل في شركة تضم مللوظفين غيللر مسلللمين وفللي‬
‫كل صللباح يحللي بعضللنا بعضللا‪ ,‬لكنللي سللمعت أن تحيللة غيللر‬
‫المسلمين ل تجوز فهل هللذا صللحيح‪ ,‬وهللل هنللاك فللرق بيللن‬
‫السلم والتحية المعتادة كصباح الخير أو نحوهما؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلم أن يبللدأ الكللافر بالسلللم ولكللن إذا بللدأه‬
‫الكافر به فإنه يرد عليه بأن يقول ] وعليكم [ كما أرشد إلللى‬
‫ذلك النبي ص وذلك لن السلم يبنللئ عللن المللودة والمحبللة‬
‫في القلب ول يجوز للمسلم أن يحب الكافر لن الله ل يحب‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫الكافرين ونهى المؤمنين عن محبتهللم فقللال )ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫ذوا عَدوي وعَدوك ُ َ‬
‫ة‬
‫موَد ّ ِ‬‫م ب ِللال ْ َ‬
‫ن إ ِل َي ْهِ ل ْ‬
‫م أوْل ِي َللاَء ت ُل ُْقللو َ‬‫َ ُ ّ ْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫خ ُ‬‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫آ َ‬
‫ق(‪ ,‬وكل ألفللاظ التحيللة سللواء‬ ‫ح ّ‬‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬
‫م ِ‬‫جاَءك ُ ْ‬ ‫وَقَد ْ ك ََفُروا ب ِ َ‬
‫ما َ‬
‫في التحريم مثل صباح الخير ونحوها لعموم الدلة ولن ذلك‬
‫يدل على المحبة‪]...‬الفوزان[‬
‫العمل مع الروافض‬
‫س ‪ :1‬فللي الونللة الخيللرة دخللل معنللا بعللض الروافللض فللي‬
‫العمللل ونتعامللل معهللم فللي الكللل والشللرب والمجالسللة‬
‫والمحالطة ونعلم بنواياهم الخبيثللة وكللثير مللن إخواننللا هنللاك‬
‫يتعللاملون معهللم بضللحك وأخللذ وعطللاء ومعاملللة كللثيرة ول‬
‫يبدون الكراهية لهم فما حكم هذا يا شيخ؟‬
‫ج‪ :‬الذي أرى أن تحرصللوا علللى أن تتللألفوهم للخللذ بالسللنة‬
‫وتقولوا لهم أنتللم الن مللدركون أننللا أهللل السللنة فهللل أنتللم‬
‫تكرهون السنة أم ل؟ ونحن نوافقكم أن مللن آل الللبيت مللن‬
‫ظلم كالحسين بن علي رضي الله عنلله ولكللن هللذا ل يمنعنللا‬ ‫ُ‬
‫من أن نتبع سنة محمد ص‪ ,‬وأن تجادلوهم بهذه الشياء لكن‬

‫‪682‬‬
‫بدون عنف بإرادة الهداية ولعل الللله أن يهللديهم‪ ,‬فللإذا قللالوا‬
‫ل‪ :‬الئمة أئمللة الشلليعة فيهللم كللذا وكللذا قلنللا نعللم‪ ,‬وأئمللة‬ ‫مث ً‬
‫السنة فيهم الخير والصلح وجادلوهم بمثل ذلك فلعلهللم مللع‬
‫كثرة المجادلة والمناقشة يرجعون للحللق فيحصللل فللي هللذا‬
‫خير ]لقاء الباب المفتوح[ ‪37/ 31‬‬
‫حكم العمل في مصانع المحرمات‬
‫س ‪ :1‬ما حكم عمل المسلم المستخدم في مصانع ل يصللنع‬
‫فيها إل عصير الخمر والمسكرات؟‬
‫ج‪ :‬الخمر وسائر المسكرات محرمة وتأسلليس المصللانع لهللا‬
‫والستخدام بها كل ذلك حرام فعللن ابللن عبللاس رضللي الللله‬
‫عنهما قال‪ :‬سللمعت رسللول الللله ص يقللول‪) :‬أتللاني جبريللل‬
‫علية السلم فقال يللا محمللد أن اللله عللز وجللل لعللن الخمللر‬
‫وعاصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إلية وبائعهللا ومبتاعهللا‬
‫وساقيها ومسقاها( ‪...‬فهذا الشخص المستخدم في المصللانع‬
‫التي تصنع فيها الخمور ل يجوز له البقاء فيهللا لهللذا الحللديث‬
‫الذي سبق وهو دال على أنه ملعون ولن من التعللاون علللى‬
‫وى‬ ‫الثم والعدوان وقد قال تعالى‪) :‬وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِلّر َوالت ّْق ل َ‬
‫ن(‪ ,‬أما ما مضى من الستخدام‬ ‫َول ت ََعاوَُنوا عََلى اْل ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫وهو يجهل الحكم فهو معذور في ذلللك لعمللوم قولللة تعللالى‪:‬‬
‫ل( والرسللول ينللزل عليلله‬ ‫سللو ً‬ ‫ث َر ُ‬ ‫حت ّللى ن َب ْعَل َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ك ُّنا ُ‬
‫معَذ ِّبي َ‬ ‫)و َ َ‬
‫الوحي من الله ويبلغه المة فالعبد ل يكون مكلفا ً إل بعللد أن‬
‫يبلغه كما كلف به‪]...‬اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :2‬ما حكم الذي يبللع الخمللر أو المخللدرات وهللل نسللميه‬
‫مسلما ً أم ل‪ ,‬وما حكم المسلم الذي يعمل في مصنع الخملر‬
‫وهل يجب عليه ترك عمله إذا لم يجد سواه؟‬
‫ج‪ :‬بيللع الخمللر وسللائر المحرمللات مللن المنكللرات العظيمللة‬
‫وهكذا العمل في مصانع الخمر مللن المحرمللات والمنكللرات‬
‫وى َول ت َعَللاوَُنوا عَل َللى‬ ‫لقوله تعالى‪) :‬وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِلّر َوالت ّْق ل َ‬
‫ن( ول شك أن بيع الخمر والمخللدرات والللدخان‬ ‫اْل ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ‬
‫من التعاون على الثم والعللدوان وهكللذا العمللل فللي مصللانع‬

‫‪683‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫الخمر من العانة والعدوان وقد قال تعللالى‪) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َواْلْزل ُ‬ ‫صا ُ‬ ‫سُر َواْلن ْ َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫مُر َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫مُنوا إ ِن ّ َ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬ ‫شلي ْ َ‬
‫ن‬ ‫نأ ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫ريلد ُ ال ّ‬ ‫مللا ي ُ ِ‬ ‫ن *إ ِن ّ َ‬ ‫حللو َ‬ ‫م ت ُْفل ِ ُ‬‫جت َن ُِبوهُ ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ن َفا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬‫ال ّ‬
‫م‬ ‫ص لد ّك ُ ْ‬ ‫س لرِ وَي َ ُ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫م لرِ َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضاَء ِفي ال ْ َ‬ ‫داوَةَ َوال ْب َغْ َ‬ ‫م ال ْعَ َ‬ ‫ُيوقِعَ ب َي ْن َك ُ ُ‬
‫ن(‪ ,‬وصللح عللن‬ ‫عَن ذك ْر الل ّه وعَلن الصلللة فَه ل ْ َ‬
‫من ْت َهُللو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل أن ْت ُل ْ‬ ‫ّ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ِ ِ‬
‫النللبي ص أنلله لعللن الخمللر وشللاربها وسللاقيها وعاصللرها‬
‫ومعتصلللرها وشلللاربها وحاملهلللا والمحموللللة إليلللة وبائعهلللا‬
‫ن عَل َللى‬ ‫ومشتريها وآكل ثمنها‪ ,‬وصح عنه أنلله قللال إيض لًا‪) :‬وَإ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫طين َ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫سِقي َ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫سك َِر أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫دا ل ِ َ‬ ‫ل عَهْ ً‬ ‫ج ّ‬ ‫الل ّهِ عَّز وَ َ‬
‫ل‬ ‫هلل ِ‬ ‫ل عََرقُ أ َ ْ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫خَبا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫طين َ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل الل ّهِ وَ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ل فََقاُلوا َيا َر ُ‬ ‫خَبا ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ل الّناِر( أما حكمه فهو عاص وفاسق بذلك‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صاَرةُ أهْ ِ‬ ‫الّنارِ أوْ عُ َ‬
‫وناقص اليمان وهو يوم القيامة تحللت مشلليئة الللله أن شللاء‬
‫غفر له وأن شاء عاقبة إذا مات قبل التوبة عنللد أهللل السللنة‬
‫َ‬
‫ك ب ِهِ وَي َغِْفللُر‬ ‫شَر َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ه ل ي َغِْفُر أ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫والجماعة لقوله تعالى‪) :‬إ ِ ّ‬
‫شاء(‪ ,‬وهذا الحكم إذا لم يستحلها أمللا أن‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬
‫استحلها فإنه يكفر بذلك ول يغسل ول يصلى عليلله إذا مللات‬
‫على استحللها عند جميع العلمللاء‪ ,‬لنلله بللذلك يكللون مكللذبا ً‬
‫بالله عز وجل ولرسوله ص‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :3‬شخص يعمل في مصنع لبيع الدخان فيسأل مللا حكللم‬
‫الجر الذي أتقاضاه مقابل هذا العمل هل هو حلل أم حللرام‬
‫مع العلم أني مخلص في عملي والحمد لله؟‬
‫ج‪ :‬ل يحل لك أن تعمل في هذه الشركة التي تصنع السجائر‬
‫وذلللك لن صللنع السللجائر والتجللار بهللا بيع لا ً وشللراًء محللرم‬
‫والعمل في الشركة التي تصنع إعانة على هذا المحللرم وقللد‬
‫قال تعالى‪):‬وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِّر( ‪...‬‬
‫فبقائك في هذه الشركة محرم والجرة التي تكسبها محرمة‬
‫أيضللا ً وعليللك أن تتللوب إلللى الللله وتللدع العمللل فللي هللذه‬
‫الشركة‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫الموسيقى العسكرية‬

‫‪684‬‬
‫س ‪ :1‬يتحرج كثير مللن الطلبللة العسللكريين الللذين مللن الللله‬
‫عليهم باللتزام بسماع الموسلليقى‪ ,‬فكيللف يتصللرفون حيللث‬
‫إنه إجباري أي الموسيقى؟‬
‫ج‪ :‬ل شك أن الموسيقى في الجيش وغير الجيش مللن البلء‬
‫الذي أصيب به الناس اليوم وصارت جزءا ً من أعمللال بعللض‬
‫الجهات ‪ .‬وهذا ل شك إنه جهل بالشللريعة أو تهللاون أو تقليللد‬
‫لبعض من أجاز ذلك من أهل العلم‪ ,‬لن من العلماء من أجاز‬
‫المعازف بحجة أن حديثها الذي في البخاري فيه إنقطاع كمللا‬
‫يزعمون‪ ,‬ومن هؤلء ابللن حللزم وبعللض العلمللاء المعاصللرين‬
‫فربما يعتمد بعض الناس علللى مثللل هللذه القللوال الضللعيفة‬
‫ويرى لنفسه حجللة فللي هللذا لكننللا نللرى أن المعللازف حللرام‬
‫سللوى فللي الجيللش أو فللي غيللر الجيللش وأنلله يجللب علللى‬
‫المسلمين أن يسللتغنوا بمللا أحللل الللله لهللم عم لا ّ حللرم الللله‬
‫عليهم وليست الشللجاعة ول القللدام مبنيللة علللى هللذا أبللدًا‪,‬‬
‫الذي يمل القلوب شجاعة وإقداما ً هو ذكر الله عز وجل‪َ) :‬يللا‬
‫ه ك َِثيللرا ً‬ ‫َ‬
‫ة فَللاث ْب ُُتوا َواذ ْك ُلُروا الل ّل َ‬ ‫ذا ل َِقيت ُل ْ‬
‫م فِئ َ ً‬ ‫من ُللوا إ ِ َ‬‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫ن( هذا الذي يمل القلوب شجاعة وإقللداما ً لكللن‬ ‫حو َ‬‫م ت ُْفل ِ ُ‬‫ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫على كل حللال هللؤلء الخللوة الللذين يكرهللون الموسلليقى أو‬
‫العزف هم مأجورون على كراهيتهم ومثابون عنللد الللله فللإن‬
‫قدروا على إزالتهللا أو تخفيفهللا فهللذا هللو المطلللوب وأن لللم‬
‫يقدروا فل تترك المصالح العظيمة في اللتحاق بالجيش مللن‬
‫أجل هذه المفسدة اليسيرة بالنسبة للمصللالح‪ ,‬لن النسللان‬
‫ينبغي له أن يقارن بين المصللالح والمفاسللد وأهللل الخيللر إذا‬
‫تركوا مثل هذه العمال من أجل هذه المعصللية بقيللت لهللل‬
‫الشر وتعرفون خطورة الجيش فيما لو لم يوفق لنلاس ملن‬
‫أهل الخير ول أحب أن أعين بضرب المثلة لما ّ استولى أهل‬
‫الشر والفساد على الجيوش ووصلوا إلى سللدة الحكللم مللاذا‬
‫كان‪ ,‬كان ملن الشلر والفسلاد ملا للله بله عليلم‪ ,‬فأنلا أحلث‬
‫أخواني الملتزمين خاصة بأن يلتحقوا بلالجيش وأن يسلتعينوا‬
‫بالله عز وجل في إصلح ما أمكنهم إصلحه وهذه المفسللدة‬

‫‪685‬‬
‫أعنللي مفسللدة الموسلليقى أو العللزف مفسللدة ل شللك فيهللا‬
‫عندي وأن كان فيهللا اختلف اشللرت إليلله قبللل قليللل‪ ,‬لكنللي‬
‫أقول هذه المفسدة تنغمس بجانب المصالح الكبيرة فللي أن‬
‫يتولى قيادة أناس أهل دين وصلح‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫حكم حلق اللحية للعسكري‬
‫س ‪ :1‬ما حكم حلق اللحية فللي حللق العسللكري الللذي يللؤمر‬
‫بذلك وما حكم من قال في حق المحلوق أنه مخنث؟‬
‫ج‪ :‬حلق اللحية ل يجوز وكذا قصها لقللول النللبي ص‪) :‬قصللوا‬
‫ج لّزوا‬ ‫س( وقولة ص‪ُ ) :‬‬ ‫جو َ‬ ‫م ُ‬‫خال ُِفوا ال ْ َ‬
‫حى َ‬‫خوا الل ّ َ‬ ‫ب وَأ َْر ُ‬‫وارِ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫س( والللواجب علللى‬ ‫جللو َ‬
‫م ُ‬‫خللال ُِفوا ال ْ َ‬‫حللى َ‬‫خوا الل ّ َ‬ ‫ب وَأْر ُ‬ ‫وارِ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫المسلم طاعة الرسول في كل شلليء قللال تعللالى‪) :‬ي َللا أي ّهَللا‬
‫َ‬ ‫ال ّذين آمنوا أ َطيعوا الل ّه وأ َطيعوا الرسو َ ُ‬
‫م(‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مرِ ِ‬‫ل وَأوِلي اْل ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ َ ِ ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ َ ُ‬
‫وأولى المللر هللم المللراء والعلمللاء والللواجب طللاعتهم فيمللا‬
‫يأمرون به ما لم يخالف الشرع فإذا خالف الشرع مللا أمللروا‬
‫مللا‬ ‫به لم تجب طاعتهم في ذلك الشيء لقول النللبي ص‪) :‬إ ِن ّ َ‬
‫ق فِللي‬ ‫خل ُللو ٍ‬‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬ ‫ف( وقولللة ص‪َ) :‬ل َ‬
‫طاعَل َ‬ ‫معْ لُرو ِ‬ ‫ة ِفي ال ْ َ‬ ‫طاعَ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫صي َةِ الخالق( وحكومتنا بحمد الله ل تأمر الجندي ول غيرة‬ ‫مع ْ ِ‬
‫َ‬
‫بحلق اللحية وإنما يقع ذلك مللن بعللض المسللؤولين وغيرهللم‬
‫فل يجوز أن يطاعوا فلي ذلللك‪ ,‬واللواجب أن يخللاطبوا بللالتي‬
‫هي أحسن وأن يوضح لهللم أن طاعللة الللله ورسللوله مقدمللة‬
‫على طاعة غيرهما‪ ,‬أما قول بعض الوعللاظ أن حللالق لحيتلله‬
‫مخنللث فهللذا كلم قللاله بعللض العلمللاء المتقللدمين ومعنللاه‬
‫المتشبه بالنساء لن التخنث هو التشبه بالنساء وليس معناه‬
‫أنه لوطي كما يظنه بعض العامة اليوم والذي ينبغي للللواعظ‬
‫وغيللرة أن يتجنللب هللذه العبللارة لنهللا موهمللة فللإن ذكرهللا‬
‫فالواجب بيان معناها حتى يتضح للسللامعين مللراده وحللتى ل‬
‫يقع بينه وبينهم مال تحمد عقباه ولن المقصود من الوعظ و‬
‫التذكير هو إرشاد المسللتمعين وتللوجيههم إلللى الخيللر وليللس‬
‫المقصود تنفيرهم من الحق وإثارة غضبهم‪]...‬ابن باز[‬

‫‪686‬‬
‫س ‪ :2‬إذا أردت أن أعمل بعمللل يقتضللي منللي حلللق اللحيللة‬
‫فماذا أعمل؟‬
‫ف( ويقللول ص‪:‬‬ ‫مْعللُرو ِ‬ ‫ة ِفي ال ْ َ‬ ‫طاعَ ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫ج‪ :‬يقول النبي ص‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫صي َةِ الخالق( فعليك أن تتقللى الللله‬ ‫مع ْ ِ‬ ‫ق ِفي َ‬ ‫خُلو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫طاعَ َ‬ ‫)َل َ‬
‫وأن ل توافق على هذا الشرط‪ ,‬وأبواب الللرزق كللثيرة بحمللد‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬ ‫الله وليست مغلقة بل مفتوحة والللله سللبحانه يقللول‪) :‬وَ َ‬
‫خَرج لًا( وأي عمللل يشللترط فيلله معصللية‬ ‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫جع َ ْ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬‫ي َت ّ ِ‬
‫الله فل توافق عليه وسواء كان هللذا العمللل فللي الجنديللة أو‬
‫غير ذلك من العمال فاترك ذلك العمللل والتمللس عمل ً آخللر‬
‫أباحه الله عز وجل ول تتعاون على الثم والعللدوان لن الللله‬
‫يقللول‪) :‬وَت َعَللاوَُنوا عَل َللى ال ْب ِلّر والتقللوى( والللواجب علللى ولة‬
‫المور وعلى جميع المسئولين في الدولة السلمية أن يتقوا‬
‫الله وأن ل يلزموا الناس بما حللرم الللله عليهللم وأن يحكمللوا‬
‫بشريعة الله في كل ما يلأتونه ويلأمرون بله لن اللله يقلول‪:‬‬
‫مل‬ ‫م ث ُل ّ‬ ‫جَر ب َي ْن َهُ ل ْ‬ ‫شل َ‬ ‫مللا َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ك ل ي ُؤْ ِ‬ ‫)َفل وََرب ّ َ‬
‫سلِليمًا(‬ ‫َ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫س لل ّ ُ‬ ‫ت وَي ُ َ‬ ‫ضلي ْ َ‬ ‫مللا قَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫حَرج لا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫س له ِ ْ‬‫دوا فِللي أن ُْف ِ‬ ‫جل ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ويقول تعالى )أ َفَحك ْم ال ْجاهل ِية يبُغون وم َ‬
‫ن الل ّل ِ‬
‫ه‬ ‫مل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ ِ ّ ِ َْ‬ ‫ُ َ‬
‫َ‬
‫من ُللوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن( * ويقللول تعللالى‪) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬ ‫كما ً ل َِقوْم ٍ ُيوقُِنو َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن ت ََناَزعْت ُ ْ‬ ‫م فَإ ِ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مرِ ِ‬ ‫ل وَأوِلي اْل ْ‬ ‫سو َ‬ ‫طيُعوا الّر ُ‬ ‫ه وَأ ِ‬ ‫طيُعوا الل ّ َ‬ ‫أ ِ‬
‫ن ب ِللالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫من ُللو َ‬ ‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُل ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫دوهُ إ َِلى الل ّهِ َوالّر ُ‬
‫س ْللو ِ‬ ‫يٍء فَُر ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫ِفي َ‬
‫ل(‪ ,‬فللالواجب طاعللة الللله‬ ‫ن ت َأِوي ً‬ ‫َ‬ ‫خرِ ذ َل ِ َ‬ ‫َوال ْي َوْم ِ اْل ِ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬‫خي ٌْر وَأ ْ‬ ‫ك َ‬
‫ورسوله‪ ,‬وما أشكل من أمور الناس يرد إلى الللله ورسللوله‪,‬‬
‫فما ذكر الله في كتابه الكريم أو ما في السنة المطهرة عن‬
‫الرسول ص وجب الخذ به وتنفيلذه‪ ,‬هلذا هلو اللواجب عللى‬
‫المسللئولين فللي مسللألة اللحللى وفللي مسللألة الربللى وفللي‬
‫مسللألة الحكللم بيللن النللاس وفللي جميللع المللور‪ ,‬عليهللم أن‬
‫يحكموا شلرع اللله وذللك واللله هلو طريللق عزهلم وطريللق‬
‫نجاتهم وهو طريق سلمتهم في الللدنيا والخللرة ولللن يبلغللوا‬
‫العز الكامل ورضللاء الللله التللام إل بطللاعته سللبحانه وتعللالي‬

‫‪687‬‬
‫واتباع شريعته‪ ,‬نسأل الله لنا ولهم التوفيق لما يرضيه‪]...‬ابن‬
‫باز[‬
‫جمعيات الموظفين‬
‫س ‪ :1‬جماعة من المدرسين يقومللون فللي نهايللة كللل شللهر‬
‫بجمع مبلغ من المللال مللن رواتبهللم ويعطللي لشللخص معيللن‬
‫منهم وفي الشهر الثللاني يعطللى لشللخص آخللر وهكللذا حللتى‬
‫يأخذ الجميع نصيبهم وتسمى عند البعض بالجمعية‪ ,‬فما حكم‬
‫الشرع في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ليس في ذلك بأس وهلو قلرض ليللس فيله اشللتراط نفللع‬
‫زائد لحد وقد نظر في ذلك مجلس هيئة كبار العلمللاء فقللرر‬
‫بالكثرية جللواز ذلللك لمللا فيلله مللن المصلللحة للجميللع بللدون‬
‫مضرة‪ ,‬والله ولي التوفيق‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :2‬أسأل عن مجموعة من الشللباب وضللعوا لهللم جمعيللة‬
‫والمللراد بهللذه الجمعيللة أن يأخللذ أحللد أفللراد هللذه الجمعيللة‬
‫رواتب الجميع في شهر أو بعضها ثم يأخللذ شللخص آخللر فللي‬
‫الشهر الثاني فما حكم هذه الجمعيللة؟ وإذا كللان عللدد أفللراد‬
‫هذه الجمعية أكثر من ثلثة عشر رجل ً فيكون أحد الشخاص‬
‫يدور على راتبه الحول وهو لم يسللتلمه هللل يكللون فللي هللذا‬
‫الراتب الذي حال عليه الحول زكاة أم ل؟‬
‫ج‪ :‬هذه الجمعية ليس فيها بأس وهي جائزة ول إشكال فيهللا‬
‫أبدًا‪ ,‬يعني يجتمع ناس موظفون يقولون سنعطي واحللدا ً منللا‬
‫ألف ريال كل واحد يعطيه ألف ريال إذا كانوا عشرة سلليأخذ‬
‫الول كم؟ تسعة اللف في الشهر الثاني يأخذ الثللاني تسللعة‬
‫اللف وهكذا حتى تدور عليهم جميعًا‪ ,‬هللذه ليللس فيهللا بللأس‬
‫إطلقا ً ومن توهم من الناس أن هذا من بللاب القللرض الللذي‬
‫جر نفعا ً فهو وهم منه‪ ,‬أين النفع الذي جره‪ ,‬أنللا سلللفت هللذا‬
‫الرجل ألفا ً وأخذت كم‪ :‬ألفا ً أيضا ً ما جللاءني نفللع‪ ,‬يقللول أنلله‬
‫يعلم أنه سيوفيه وسوف يأخذ عشرة اللف نقول نعللم‪ ,‬وهللو‬
‫يعلللم أن هللؤلء الللذين تسلللفوا منلله سللوف يوفللونه‪ ,‬وهللل‬

‫‪688‬‬
‫النسان الذي يسلف شخصا ً بشرط أن يوفيه هل هذا قللرض‬
‫جر نفعًا‪ ,‬أبدا ً على كل حال هي ل بأس بها‪,‬‬
‫والفقرة الثانية من السلؤال‪ :‬هللل يجللب الزكلاة فلي الللديون‬
‫التي على إخوانك الذين أقرضتهم؟ الجواب‪ :‬نعم وذلك لنهم‬
‫أغنياء والديون التي على الغنياء تجب فيها الزكاة‪ ,‬لكن أنت‬
‫بالخيار إن شئت أخرجت زكاتها مع مالك وإن شئت أخرجللت‬
‫زكاتها بعد قبض الجمعية‪]...‬ابن عثيمين[‬
‫التبرع خجل ً‬
‫س ‪:1‬تللبرعت لمشللروع خيللري خوفللا ً وخجل ً مللن الرئيللس‬
‫المباشر في العمل ولو ترك المجال لي لم أتبرع ول بنصللف‬
‫قرش فهل لي ثواب كامل على عملي هذا كما لللو كنللت قللد‬
‫تللبرعت لهللذا المشللروع مللن حسللن خللاطري واختيللاري مللع‬
‫الدليل؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان المر كما ذكرت فأنت ل تللؤجر علللى هللذا المبلللغ‬
‫لنك لم تقصد به وجه الله وإنما قدمته لوجه صللاحبك خوفللا ً‬
‫َ‬
‫ل‬‫مللا ُ‬ ‫مللا اْلعْ َ‬‫منه وقد ثبت عن رسللول الللله ص أنلله قللال‪) :‬إ ِن ّ َ‬
‫ه إ َِلللى د ُن َْيللا‬
‫جَرت ُ ُ‬ ‫ت هِ ْ‬ ‫ن َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫م ْ‬‫وى فَ َ‬ ‫ما ن َ َ‬
‫ئ َ‬ ‫مرِ ٍ‬ ‫لا ْ‬ ‫ما ل ِك ُ ّ‬‫ت وَإ ِن ّ َ‬
‫ِبالن ّّيا ِ‬
‫جَر إ ِل َي ْلله(‪...‬‬ ‫يصيبها أ َو إَلى ا َ‬
‫مللا هَللا َ‬ ‫ه إ ِل َللى َ‬ ‫حَها فَهِ ْ‬
‫جَرت ُل ُ‬ ‫مَرأةٍ ي َن ْك ِ ُ‬‫ْ‬ ‫ُ ِ َُ ْ ِ‬
‫]اللجنة الدائمة[‬
‫طعام الوظيفة أو الترقية‬
‫س ‪ :1‬انتشر بين الناس أنه مللن نللزل بيتلا ً جديللدا ً أو اشللترى‬
‫سيارةً جديدةً أو توظللف أو ترقللى فللي وظيفللة أو نحللو ذلللك‬
‫فإنه يصنع وليمة فما حكم هذه الوليمة؟‬
‫ج‪ :‬هذه من الولئم المباحة فيجوز للنسللان أن يصللنع وليمللة‬
‫عند نزول البيت أو عند نجاحه مثل ً المهم إذا كان له مناسللبة‬
‫فل بأس به‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫وشاية موظف ضد زميله‬
‫س ‪ :1‬كذب أحد الموظفين على زميللة بالعملل علن طريلق‬
‫الوشاية فألحق به ضررا ً فقام المكذوب عليه بنفللس الفعلللة‬
‫فالحق بصاحبة ضررا ً فما الحكم؟‬

‫‪689‬‬
‫ج‪ :‬كل واحدا ً منهما قد أساء بما فعل وعلى كل وأحلد منهملا‬
‫أن يستبيح لصاحبه من مظلمته له وإن لم يحصل على ذلللك‬
‫فالله هو الللذي يقضللي بيللن عبللادة يللوم القيامللة مللع وجللوب‬
‫المبللادرة بالتوبللة إلللى الللله سللبحانه وتعللالي مللن كللل واحللد‬
‫منهما‪]...‬اللجنة الدائمة[‬
‫المحاماة‬
‫س ‪ :1‬ما حكم الشريعة السلمية في حرفة المحاماة؟‬
‫ج‪ :‬ل أعلللم حرجلا ً فللي المحامللاة‪ ,‬لنهللا وكالللة فللي الللدعوى‬
‫والجابة إذا تحرى المحامي الحق ولم يتعمد الكللذب كسللائر‬
‫الوكلء‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :2‬ما رأي فضيلتكم مللن اشللتغالي بالمحامللاة مللن حيللث‬
‫الترافع أمام المحاكم المدنيللة للللدفاع عللن القضللايا المدنيللة‬
‫والتجارية التي بها شبهة الربا؟‬
‫ج‪ :‬ل شك أن كون النسان ينوب عن غيرة فللي الخصللومة ل‬
‫بأس به ولكن الشأن في نوعية الخصومة‪:‬‬
‫‪ .1‬فإذا كانت بحق والنائب إنما يللدل بمللا عنللده مللن حقللائق‬
‫ليس فيها تزوير ول كذب ول احتيال وهو ينللوب عللن صللاحب‬
‫القضية لبداء ما معه من البينة والبراهين على صدق ادعللائه‬
‫أو دافع به فهذا ل بأس به‪.‬‬
‫‪ .2‬أما إذا كللانت الخصللومة فللي باطللل أو يخاصللم النللائب أو‬
‫الوكيل عن مبطل فهذا ل يجوز‪ ,‬فالله جللل وعل يقللول لنللبيه‬
‫صيمًا((‪.‬‬ ‫خ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ل ِل ْ َ‬
‫خائ ِِني َ‬ ‫ص )َول ت َك ُ ْ‬
‫وكلنا يعرف أنه إذا كانت القضية قضية حق ول يستعمل فيها‬
‫شيء من الكذب والتزوير فهذا شيء ل بأس به خصوص لا ً إذا‬
‫كان صاحب القضية ضعيف ل يستطيع الدفاع عن نفسه أو ل‬
‫يستطيع إقامة الدعوى لحقه‪ ,‬فكونه ينوب من هو أقوى منلله‬
‫ذي عَل َي ْل ِ‬
‫ه‬ ‫ن ال ّل ِ‬ ‫ن ك َللا َ‬‫جائز في الشرع‪ ,‬والله تعالى يقللول‪) :‬فَلإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫مل ِ ْ‬
‫ل وَل ِّيل ُ‬ ‫ل هُوَ فَل ْي ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن يُ ِ‬‫طيعُ أ ْ‬ ‫ضِعيفا ً أوْ ل ي َ ْ‬
‫ست َ ِ‬ ‫سِفيها ً أوْ َ‬ ‫حقّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫دل(‪ ,‬فالنيابة عن الضعيف لستخراج حقه أو دفع الظلللم‬ ‫ِبال ْعَ ْ‬
‫عنه شيء طيب‪ ,‬إما إذا كان خلف ذلك بأن كللان فيلله إعانللة‬

‫‪690‬‬
‫لمبطل أو دفاع عن ظلم أو بحجج مزيفللة ومللزورة والوكيللل‬
‫أو النائب يعلم أو القضية من أصلها باطلة‪ ,‬وكالنيابة في أمر‬
‫محرم كالربا فهذا ل يجوز‪ ,‬فل يجوز للمسلللم أن يكللون نائبلا ً‬
‫أو وكيل ً في باطللل ول محاميلا ً فللي المعللاملت الربويللة لنلله‬
‫معينا ً على أكل الربا فتشمله اللعنة‪]...‬الفوزان[‬
‫استغلل المسؤول لموظفيه‬
‫س ‪ :1‬رجل يعملل فللي إدارة حكوميلة فقللال لله ملدير هلذه‬
‫الدارة أريدك أن تدير أعمال ً تجارية لي وأعفيك مللن العمللل‬
‫فهل يرضى بذلك أم يستمر على عمله؟‬
‫ج‪ :‬أول ً يجب أن نعلم أن النظام فللي الدولللة أن الموظللف ل‬
‫يعمل بعمللل تجللاري سللواء كللان مللديرا ً أو غيللر مللدير‪ ,‬فهللذا‬
‫المدير الذي قللال للموظللف أعمللل فللي تجللارتي نقللول أو ً‬
‫ل‪:‬‬
‫تجارتك حرام إل بإذن الحكومة‪.‬‬
‫سل‪ :‬ربما الزراعة أذن له؟‬
‫ج‪ :‬في هللذا ل يجللوز أن يسللتعمل هللذا الموظللف فللي وقللت‬
‫عمللله فللي زراعتلله لن هللذا مللن بللاب الختصللاص بأعمللال‬
‫الحكومة كمللا ورد فللي أول الجلسللة فمللن اسللتعمل سلليارة‬
‫الحكومة في أعماله الخاصة‪ ,‬فل يجللوز للموظللف أن يوافللق‬
‫على هذا التكليف بل يقول‪ :‬ل أنا أريد أن أعمللل فللي عملللي‬
‫الذي آخذ الراتب من أجله وإذا كان هذا المدير سيعطيه اكثر‬
‫من الراتب الحكومي فلينفصل عن الراتب الحكومي ويعمللل‬
‫لهذا المدير عمل ً خاصا ً بأجرة منه‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :2‬أننللي رئيللس فللي إحللدى الللدوائر ولللدي موظفللون‬
‫وسائقون وفي بعللض الحيللان اسللتخدم أحللدهم فللي أعمللال‬
‫ى؟‬‫خاصة بي فهل في هذا شيء عل ّ‬
‫ج‪ :‬ل يجوز لك أن تستخدم الموظفين والسائقين الللذين هللم‬
‫تبللع للللدائرة الحكوميللة فللي مصللالحك الخاصللة لن هللذا‬
‫السللتخدام خللارج عمللا خصصللوا للله مللن ناحيللة واسللتغلل‬
‫لموظفي الدولللة لمصللالحك الخاصللة وإذا كللان عنللدك عمللل‬
‫خاص فاستأجر له على حسابك الخاص‪]...‬الفوزان[‬

‫‪691‬‬
‫النتداب‬
‫س ‪ :1‬أعمل في إدارة حكوميللة معينللة وجللرى انتللدابي إلللى‬
‫مدينة معينة لمدة عشرين يوما ً وقد أنهيت ما كلفت به خلل‬
‫سبعة أيام ورجعت إلى عملي في إدارتي وبعللد مللدة صللرف‬
‫لي بدل انتلداب لعشلرين يوملا ً فهلل يجلوز ذللك المبللغ ملع‬
‫العلم أن إدارتي بملن فيهلا الملدير يعلملون بلذلك وهلو مللن‬
‫صلحية المدير وإذا كان ل يجوز لي ذلك المبلغ فماذا أعمللل‬
‫به؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان العمل الللذي انتللدبت للله كللثيرا ً أو شللاقا ً ل يمكللن‬
‫النتهاء منه عادة إل في عشرين يوم لا ً لكنللك حملللت نفسللك‬
‫وواصلت الشغل أكثر من المعتاد حتى أنهيللت العمللل الكللثير‬
‫في هذه المدة فإنك تستحق مللا قللدر للمللدة الكللثيرة سلليما‬
‫والدارة والمسؤولين على علم بذلك كما ذكرت والللله ولللي‬
‫التوفيق‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ :2‬نظرا ً لمسؤوليتي في عملي فلإنه تصلرف للي بلدلت‬
‫دون الخروج إلى الماكن التي أخذ عليها هللذه البللدلت وقللد‬
‫وافق رئيس المصلحة على ذلك فهل يجوز؟‬
‫ج‪ :‬من أنيط به عمل وأعطي مال ً على مباشرته لم يحللل للله‬
‫المال حتى يقوم بذلك العمل كمللا ينبغللي وبللالخص إذا كللان‬
‫تابعا ً لمصالح الدولة وهي التي تبذل المال ولو رضللي رئيللس‬
‫المصلحة‪ ,‬ولكن في المكان تعويض المسئول وكبير القسللم‬
‫عن هذا النتداب بمكافأة أو ترقية ونحو ذلك‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ :3‬انتدبت أنا وزميلي إلللى إحللدى المنللاطق لمللدة أربعللة‬
‫أيام إل أنني لم أذهب مع زميلللي وبقيللت علللى رأس عملللي‬
‫وبعد فترة استلمت ذلك النتداب فهل يجوز لي اسللتهلكه أم‬
‫ل وإذا ل يحل لي أخذه فهللل يجللوز صللرفه فللي مسللتلزمات‬
‫المكتب الذي اعمل فيه؟‬
‫ج‪ :‬الواجب عليك رده لنك ل تستحقه لعدم قيامك بالنتللداب‬
‫فإن لم يتيسللر ذلللك وجللب صللرفه فللي بعللض جهللات الخيللر‬
‫كالصدقة على الفقراء والمساهمة بلله فللي بعللض المشللاريع‬

‫‪692‬‬
‫الخيرية مع التوبة والستغفار والحذر مللن العللودة إلللى مثللل‬
‫ذلك‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :4‬شخص انتدب في مهمة لمللدة معينللة وقضللى أكثرهللا‬
‫في هذه المهمة الموكلللة للله مللع بقيللة زملئه وبقللي يللوم أو‬
‫يومان وقال المسئول عن هذه المهمة للمنتدبين هللذا اليللوم‬
‫تنتهي المهمة وغدا ً الذي يرغب المغللادرة إلللى أهللله بإمكللانه‬
‫أن يرجللع فهللل يصللح أن يأخللذ قيمللة انتللداب هللذا اليللوم أو‬
‫اليومين الذين لم يجلس فيهما للمهمة؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز أن يأخذ من قيمة النتداب إل بمقدار اليللام الللتي‬
‫كان يعمل فيها أما اليام التي تركها ورجع إلى اهله فل يجوز‬
‫له أن يأخذ عنها شيئا ً لنه في غير مقابل وإذن المسؤول للله‬
‫بالرجوع إلى أهله ل يسوغ له الخللذ عللن اليللام الللتي تركهللا‬
‫لنه لما رجع انقطللع انتللدابه‪ ,‬نعللم يعتللبر يللوم الللذهاب ويللوم‬
‫الرجوع إذا كان المكان بعيدًا‪]...‬الفوزان[‬
‫س ‪ :5‬إذا انتدب الموظف لمدة خمسللة أيللام وأنهللى العمللل‬
‫خلل ثلثة أو أربعة أيام فهللل يحللق لله أن يأخلذ الزيللادة ملع‬
‫العلم أن النظام يجيز ذلك؟‬
‫ج‪ :‬من انتدب للقيام بعمل خلل خمسللة أيللام ثللم أنهللاه فللي‬
‫أقل من ذلك فل بأس بذلك ما لم يكن فللي اختصللار الللوقت‬
‫إخلل بالعمل ويجب أن تكون مدة النتللداب بقللدر العمللل‪...‬‬
‫]الفوزان[‬
‫الجازة المرضية والضطرارية‬
‫ً‬
‫س ‪ :1‬هل يجوز للطبيب أن يعطي أحللدا ً مللن النللاس إجللازة‬
‫مرضية وخاصة للموظفين عندما يكون هذا الشخص ل يحتاج‬
‫حقيقة إلى هذه الجازة وهذا الطبيب لم يعاين هذا الشللخص‬
‫ولم يكشف عليه وهل يأثم الطبيب لو أعطى المريض إجازة‬
‫مرضية أكثر مما يستحق؟‬
‫ج‪ :‬في الصحيين عن أبي بكر رضللي الللله عنلله أن النللبي ص‬
‫ل الل ّلهِ قَللا َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ل‬ ‫سللو َ‬‫م ب ِأك ْب َرِ ال ْك ََبائ ِرِ قُل ْن َللا ب َل َللى ي َللا َر ُ‬
‫قال‪) :‬أَل أن َب ّئ ُك ُ ْ‬
‫ل أ ََل‬ ‫جل َل َ‬
‫س فََقللا َ‬ ‫مت ّك ًِئا فَ َ‬
‫ن ُ‬
‫كا َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ك ِبالل ّهِ وَعُُقوقُ ال ْ َ‬
‫وال ِد َي ْ ِ‬ ‫اْل ِ ْ‬
‫شَرا ُ‬

‫‪693‬‬
‫شَهاد َةُ الّزورِ أ ََل وَقَ لوْ ُ‬
‫ل اللّزورِ وَ َ‬
‫شلَهاد َةُ ال لّزوِر(‬ ‫وَقَوْ ُ‬
‫ل الّزورِ وَ َ‬
‫ولشك أن الطللبيب إذا أعطللى شخص لا ً إجللازة مرضللية وهللو‬
‫ليس بمريض ل شك أنه قال الزور وشهد شهادة الزور وأنلله‬
‫آثم وأتى كبيرة من أكبر الكبائر وكذلك الذي أخذ الجازة آثم‬
‫وكاذب على الجهللات المسللئولة وآكللل المللال بالباطللل فللإن‬
‫الراتب الذي يقابل هذه الجازة آخللذه بغيللر حللق وكللذلك إذا‬
‫أعطاه أكثر مما يحتاج مثل أن يحتللاج إلللى ثلثللة أيللام إجللازة‬
‫مرضية ويعطيه أربعا ً فإن هذا حرام من أكبر الكبائر‪]...‬اللقاء‬
‫الشهري ‪[7/37‬‬
‫س ‪ :2‬ما هي نصيحتكم للمشتغلين بهذه الهواية اعني هوايللة‬
‫الصيد خصوصا ً أن بعضهم يترك أهله واولده بل بعضللهم قللد‬
‫يطلب إجازة من اجل ممارسة هذه الهواية؟‬
‫ج‪ :‬نصيحتي للمشتغلين بالصيد أن يتقوا الله عللز وجللل حللال‬
‫اصلطيادهم وأن يحللافظوا علللى ملا أوجلب اللله عليهللم مللن‬
‫الطهللارة والصلللة وأن يتجنبللوا إيللذاء المسلللمين بانتهللاك‬
‫حرمات مزارعهم وغيللر ذلللك وأن ل يللدعوا أهلهللم واولدهللم‬
‫مدة يخشى عليهم الضياع فيها‪.‬‬
‫وأما قول السللائل‪ :‬أن بعضللهم قللد يطلللب إجللازة مللن أجللل‬
‫ممارسة هذه الهواية فهذا حرام بل شك لنه يؤدي إلى تللرك‬
‫العمللل الللواجب الللوظيفي لشلليء ليللس بللواجب‪ ,‬بللل ول‬
‫مطلوب ول مستحب فنسأل الله لخواننللا الهدايللة والتوفيللق‬
‫لما يحبه ويرضاه‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫الهدية‬
‫س ‪ :1‬قبل اثنتي عشر سنة كنت منللدوب مشللتريات لحللدى‬
‫الدوائر الحكومية وكنت أذهب إلى الوكالة لتأمين السلليارات‬
‫ويتم الشراء بأمر مكتوب فقط وبموجب التسعيرة الرسللمية‬
‫وصاحب الوكالة يعطي أي مندوب سللواء أنللا أو غيللري ألللف‬
‫ريال مكافللأة لمللن جللاء بللأمر شللراء مللع أن الدولللة تصللرف‬
‫انتدابا ً وهذا المبلغ المعطى لي ولغيري ل ينقص من شللروط‬
‫ى مللن‬ ‫ً‬
‫مواصفات السيارات وهي جديدة شيئا وقللد دخللل عل ل ّ‬

‫‪694‬‬
‫ذلك في حدود ‪ 30 _27‬ألف ريال وكنت محتاجا ً إليها ولكني‬
‫أخيرا ً أصبحت أفكللر هللل هللي حلل أم حللرام‪ ,‬مللع أننللي لللم‬
‫أقصر في واجبي مقابل ذلك المبلللغ وتعللودت الوكالللة دفعلله‬
‫إلى أي مندوب يصل إليها ‪...‬افتوني عن حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬إذا كللان النسلان عللامل ً للدوللة فللي أي عمللل عنللد جهلة‬
‫أخرى كشركة أو غيرها فإنه ل يحل له أن يأخذ شيئا ً من تلك‬
‫الجهة التي يعمل عندها ودليل ذلك النللبي ص اسللتعمل رجل ً‬
‫يقال له عبد الله بن اللتبية على الصدقة فلملا جللاء بهلا قلال‬
‫للنبي ص "هذا لكم وهذا اهدي إلى" فقام النبي ص وخطللب‬
‫في الناس وعظم المر وقال‪" :‬ما بال الرجل نستعمله علللى‬
‫العمل فيرجع فيقول هذا لكم وهذا اهدي إلى فهل جلس في‬
‫بيللت أبيلله وأملله ينتظللر أيهللدى إليلله أم ل" ومعلللوم أن هللذه‬
‫الهدايا التي تهدى لهؤلء الذين يعملللون للدولللة ل ريللب أنهللا‬
‫ليست من أجل قرابة ول صداقة أو صلة ولكن من أجللل أنلله‬
‫كان عامل ً في هذا الحقل الذي عينتلله الحكومللة والغللالب أن‬
‫النسان إذا أهدي إليه شيء يكون معصللرا ً فيمللا يجللب عليلله‬
‫لن هذه الهديلة سلوف ترغمله عللى التعلاطف ملع المهلدي‬
‫الذي أهدى إليه الهدية ثم إن هذه الهدية تكللون محل ً للشللك‬
‫فيه من قبل الناس من جهة أمانته ثم أنه لللو قللدر أنله سلللم‬
‫واتى بالشيء على وجهه فإنه ل بد مع كثرة الهدايا أن تتغيللر‬
‫وجهة نظره ولهذا أقول يجب عللى هلذا الشلخص أخلذ هلذه‬
‫الدراهم أن كان يعرف أصحابها أن يردها إليهللم أو أن يردهللا‬
‫في بيت المال ولعل ردها في بيت المال احسن من أجل أن‬
‫يكون نكاية للذين أعطوه وأسلم له من الوقوع في الحرج‪...‬‬
‫]ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :2‬تقوم بعض شركات الدوية بتقديم عينات من الدويللة‬
‫والقلم والمللذكرات الللتي تحمللل دعايللة لشللركات الدويللة‪،‬‬
‫فتقوم بتقديم العينات وهذه الدويللة إلللى الطبللاء والصلليادلة‬
‫فهل يجوز قبولها أم ل؟‬

‫‪695‬‬
‫ج‪ :‬ل بأس ما لم يكن ذلك مللن بللاب الرشللوة وإن كللان مللن‬
‫باب الرشوة فل‪ ,‬وأمللا إن كللان مللن بللاب الللدعوة لهللا وهللي‬
‫مؤسسة جائزة ليس فيها حرام فل بأس‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :3‬هل من يتقرب لمديرة بالكلمة الطيبة والهدية القيمللة‬
‫ويظهر الحترام للله وهللو ل يرغللب فيلله ويتمنللى للو يسللتبدل‬
‫بغيرة‪ ,‬فهل هذا من النفاق علما ً أن المدير يتصف بالصللفات‬
‫الحميدة؟‬
‫ج‪ :‬الواجب عليه أن ينصحه لله ويدعو للله فللي ظللاهر الغيللب‬
‫أن يهديه الله ويوفقه ويترك عنه الهدية في هذا الموضع فقد‬
‫تكون رشوة‪ ،‬ولكن عليلله بالنصللح والللدعاء للله فللي سللجوده‬
‫وآخللر صلللته بللأن يللوفقه الللله ويعينلله علللى أداء المانللة‪،‬‬
‫فللالمؤمن مللرآة أخيلله وإيللاك والنفللاق والرشللوة وأمللا الكلم‬
‫الطيب فمطلوب مثل السلم عليكم‪ ,‬كيف حالك‪ ,‬كيف اهلك‬
‫وغير ذلك‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :4‬ما حكم من يسلم أشياء ثمينة بدعوة أنها هديللة لمللن‬
‫يرأسه في العمل؟‬
‫ج‪ :‬هذا خطأ ووسيلة لشر كثير والواجب علللى الرئيللس أن ل‬
‫يقبل الهدايا فقد تكون رشوة ووسيلة إلى المراهنة والخيانللة‬
‫إل إذا أخللذها للمستشللفى ل لنفسلله ويخللبر صللاحبها بللذلك‬
‫فيقول له هذه لمصلللحة المستشللفى ل آخللذها أنللا والحللوط‬
‫ردها ول يقبلها للله ول للمستشللفى لن ذلللك قللد يجللره إلللى‬
‫أخذها لنفسه وقد يساء به الظن وقد يكون للمهللدي بسللببها‬
‫جرأة عليلله ونطلللع لمعللاملته أحسللن مللن معاملللة غيللرة لن‬
‫النبي ص لما بعث بعض الناس لجمع الزكللاة قللال هللذا لكللم‬
‫وهللذا لللي فللأنكر عليلله الرسللول ص ذلللك فقللام النللبي ص‬
‫وخطللب فللي النللاس وعظللم المللر وقللال‪" :‬مللا بللال الرجللل‬
‫نستعمله على العمل فيرجع فيقول هذا لكم وهذا اهدي إلللى‬
‫فهل جلس في بيت أبيه وأمه ينتظر أيهللدى إليلله أم ل" وهللذا‬
‫الحديث يدل على أن الواجب علللى الموظللف فللي أي عمللل‬
‫من أعمال الدولة أن يؤدي ما وكل إليلله وليللس للله أن يأخللذ‬

‫‪696‬‬
‫هدايا فيما يتعلق بعمله وإذا أخذها فليضعها فللي بيللت المللال‬
‫ول يجوز له أخذها لنفسه لهذا الحللديث ولنهللا وسلليلة للشللر‬
‫والخلل بالمانة ول حول ول قوة إل بالله‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :4‬ما حكم إهداء الموظف هدية للمدير و ما حكم الهدايا‬
‫المتبادلة بين الموظفين؟‬
‫ج‪ :‬ل تجوز الهدايا للموظفين ل من ملوظفين مثلهلم ول مللن‬
‫غيرهم لنها رشوة وقد لعن النللبي ص الراشللي والمرتشللي‪,‬‬
‫والرشوة سحت وكسب خبيث ودفعها وقبولهللا كبيرتللان مللن‬
‫كبائر الذنوب‪ ,‬لنها تفسللد المجتمللع وتعطللل العمللال وتفتللح‬
‫باب التلعب في الداء الوظيفي‪]...‬الفوزان[‬
‫استعمال أملك الدولة للمور الخاصة‬
‫س ‪ :1‬هل الذي يأخذ شلليئا ً مللن العمللل يللأثم مثللل ظللرف أو‬
‫يصور أوراقًا؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للموظف أن يسللتخدم شلليئا ً مللن أدوات المكتللب‬
‫لعماله الخاصة ول يأخللذ شلليئا ً مللن ممتلكللات المكتللب مللن‬
‫الوراق والقلم وغيرها لن هذا يعتبر من الخيانة ومن الخذ‬
‫بغير حق‪]...‬الفوزان[‬
‫س ‪ :2‬ما حكم استعمال بعض الغراض الحكوميللة الصللغيرة‬
‫بالمكتب استعمال ً شخصيا ً كالقلم والظرف والمسطرة ونحو‬
‫ذلك للموظف جزاكم الله خيرًا؟‬
‫ج‪ :‬اسللتعمال الدوات الحكوميللة الللتي تكللون فللي المكللاتب‬
‫لعمال خاصة حرام لن ذلك مخالف للمانة التي أوجب الله‬
‫المحافظلللة عليهلللا إل بالشللليء اللللذي ل يضلللر كاسلللتعمال‬
‫المسطرة فهو ل يؤثر ول يضر أما اسللتعمال القلللم والوراق‬
‫وآلة الكتابة وآلة التصوير فإن اسللتعمالها للغللراض الخاصللة‬
‫فهي حكومية ل يجوز‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :3‬ملللا حكلللم اسلللتخدام سللليارات الدوللللة للغلللراض‬
‫الشخصية؟‬
‫ج‪ :‬اسللتخدام سلليارات الدولللة وغيرهللا مللن الدوات التابعللة‬
‫للدولة كآلة التصوير وآلة الطباعة وغيرها ل يجللوز للغللراض‬

‫‪697‬‬
‫الشخصللية الخاصللة وذلللك لن هللذه للمصللالح العامللة‪ ,‬فللإذا‬
‫استعملها النسان في حاجته الخاصة فإنه جناية على عمللوم‬
‫النللاس لنهللا تختللص بالشلليء مللن دونلله والشلليء العللام‬
‫للمسلمين عموما ً ل يجوز لحد أن يختص به ودليل أن النللبي‬
‫ص حللرم الغلللول أي يختللص النسللان بشلليء مللن الغنيمللة‬
‫لنفسه لن هذا عام والواجب على من رأي شخصيا ً يستعمل‬
‫أدوات الحكومة في أغراضه الخاصة أن ينصحه ويبللن للله أن‬
‫هذا حرام‪ ,‬فإن هداه الله عز وجللل فهللذا هللو المطلللوب وإن‬
‫كانت الخرى فليغير عنه لن هذا من باب التعاون على الللبر‬
‫مللا‬ ‫ك َ‬
‫ظال ِ ً‬ ‫صْر أ َ َ‬
‫خللا َ‬ ‫والتقوى وقد ثبت عن النبي ص أنه قال‪ :‬ان ْ ُ‬
‫ل الل ّلهِ هللذا المظلللوم فكيللف‬ ‫َ‬
‫مللا‪ ,‬قَللالوا‪ ٌ :‬ي َللا َر ُ‬
‫سللو َ‬ ‫مظ ُْلو ً‬ ‫أو ْ َ‬
‫ن الظ ّل ْلم ِ فَللذلك نصللرك إيللاه ّف لذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫مل ْ‬‫ه ِ‬ ‫من َعُل ُ‬
‫الظالم؟ قال‪ :‬ت َ ْ‬
‫ه(‬‫صُر ُ‬‫نَ ْ‬
‫س‪ :‬وإذا كان رئيسه راض بهذا فهل هناك حرج؟‬
‫ج‪ :‬ولو رضي الرئيس بهذا‪ ,‬الرئيس ل يملك هذا الشلليء هللو‬
‫نفسه ل يملك هذا الشيء فكيللف يملللك إذنلله لغيللرة فيهللا‪...‬‬
‫]ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :3‬ما حكم استعمال سيارات الدولة؟‬
‫ج‪ :‬اسللتعمال السلليارات الحكوميللة فللي الللدوام الرسللمي أو‬
‫خارج الدوام الرسللمي إذا لللم يكللن لمصلللحة العمللل فللإنه ل‬
‫يجوز لحد استعمالها في شغله الخلاص والمشلكل أن بعلض‬
‫الناس يتهاون في أموال الدولة مدعيا ً أن للله حللق فللي بيللت‬
‫المال‪ ,‬ونقول إذا كان لك حق في بيت المال فكل فللرد مللن‬
‫الناس له حق في بيت المال أيضًا‪ ,‬فلماذا تخللص بلله نفسللك‬
‫وتستعمله لنفسك أليس لو جاء أحللد مللن النللاس الللذين قللد‬
‫يكونون أحق من هذا الرجل وأراد أن يستعمل هذه السلليارة‬
‫فللي أغراضلله الخاصللة يمنللع فكللذلك هللذا الرجللل‪ ,‬وإذا كللان‬
‫النسان محتاجا ً للسيارة فليشتري سيارة من ماله الخاص‪...‬‬
‫]ابن عثيمبن[‬

‫‪698‬‬
‫س ‪ :4‬هللل يجللوز للمسللم الموظللف فلي دائرة حكوميلة أن‬
‫يستخدم سيارة العمل علما ً أن لدية سيارة يملكها؟‬
‫ج‪ :‬الموظف عند الدولة يعتللبر كالعامللل بللأجرة فهللو مللؤتمن‬
‫على ذلك العمل الذي نيط به وفوض إليه‪ ,‬ومؤتمن علللى مللا‬
‫أعطيه من الدوات واللت التي يتم بها العمللل الللذي فللوض‬
‫إليه فل يستعمل شلليئا ً منهللا إل فللي العمللل الحكللومي أو مللا‬
‫يتعلق به فل يركب السيارة المذكورة في حاجاته الشخصللية‬
‫ول يستخدم الهاتف ونحوه في مصلحة خاصللة وكللذا الللدفاتر‬
‫والوراق والقلم ونحللوه فللالتورع عنهللا وعللدم اسللتعمالها‬
‫م‬
‫هلل ْ‬
‫ن ُ‬ ‫لنفسلله مللن تمللام المانللة وقللد قللال تعللالى‪َ) :‬واّللل ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن(‪ ,‬والله أعلم‪]...‬ابن جبرين[‬ ‫عو َ‬
‫م َرا ُ‬ ‫َ‬
‫م وَعَهْدِهِ ْ‬‫ماَنات ِهِ ْ‬
‫ِل َ‬
‫حللول‬ ‫س ‪ :5‬أعرف قريبا ً لي يعمل بأحد أقسام السللنترال وي ّ‬
‫لي بعللض المكالمللات الدوليللة دون علللم أصللحابها بالمجللان‪,‬‬
‫ى في هذا العمل شيء رغم أن أصحاب الهاتف ناس‬ ‫فهل عل ّ‬
‫مقتدرون؟‬
‫ج‪ :‬هذا العمل ل يجوز إل بإذنهم وهو خيانة من قريبك نسللأل‬
‫الله لنا ولكم الهداية‪]...‬ابن باز[‬
‫الكسب الحرام‬
‫س ‪ :1‬إذا كان من حقوق الموظف عنللد تعيينلله بللدل ترحيللل‬
‫عائلته من بلدته إلى مقر عمله ولم يرحل عائلته حقيقللة بللل‬
‫زيف سندات واستلم المبلغ فهل ذلك جائز أم ل؟‬
‫ج‪ :‬هذا العمل ل يجوز في الشرع المطهر لنه إكساب للمال‬
‫من طريللق الكللذب والتللدليس ومللا كللان بهللذه المعللابه فهللو‬
‫محرم يجب إنكاره والتحذير منلله‪ ,‬رزق اللله الجميللع العافيلة‬
‫من ذلك‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :2‬أعطيت مبلغا ً من المال بصفه انتداب علما ً بللأنني لللم‬
‫أذهب خارج عملي والنتداب عللادة ل يصللرف إل لمللن يغللادر‬
‫في مهمة خارج البلد فمللاذا أفعللل بهللذا المللال وهللل يمكللن‬
‫وضعه في مسجد يراد بناؤه أم ل؟‬

‫‪699‬‬
‫ج‪ :‬أنا أرى في مثللل هللذه المسللائل أنلله إذا أعطللى النسللان‬
‫انتدابا ً وهللو لللم ينتللدب أرى أن يبلللغ المسللئول الللذي يللرأس‬
‫رئيسه ويقول أنه أعطاني انتللدابا ً دون أن ينتللدبني مللن أجللل‬
‫أن يتبين للمسئول الكبير خيانة المسئول الثاني حللتى يجللري‬
‫معه ما يجب اجراؤه على الخونة‪ ,‬لن المللديرين أيض لا ً ومللن‬
‫دون المديرين ومللن فللوقهم إذا كللانوا يعُللوُدون النللاس علللى‬
‫مثل هذه الحيل التي تفسد المجتمع والمانة ويحل بنا البلء‪,‬‬
‫فالللذي أرى أن الطريللق السللليم أن يبلللغ عللن هللذا المللدير‬
‫المباشر من فوقه ويعيد الدراهم للدولة وليسلم من شللرها‪,‬‬
‫وهذا من البلء الذي حل بالبعض وهي المحاباة في أكل مال‬
‫الدولة بغير حق‪ ,‬فما الذي ُيحل لللك أن تأخللذ مللال ً مللن مللال‬
‫الدولة وأنت لم تقم بهذا العمل ثم كيف يحل لهذا المسللئول‬
‫أن يفعل ذلك ‪.‬‬
‫وقد قيل لي أننا نفعل هذا لن الرجللل المنتللدب ينتللج وليللس‬
‫عندنا بنود للمكافأة فنتحايل على ذلك بأن نعطيه انتدابا ً دون‬
‫أن يذهب فهذه الملحظة غير صللحيحه لن مللن ينتللج ويقللوم‬
‫بعمله يكون قد حلل مشربه ومللأكله وجللزاه الللله خيللرًا‪ ,‬وإذا‬
‫كان يقوم بأكثر مما كلللف بلله فل حللرج وأن يكتللب للله شللكر‬
‫وتقديم له ورقه شرف تبقى معه أو يكتب للمسئول العلللى‬
‫وتطلب مكافأة له لعمللله اكللثر ممللا يجللب عليلله‪ ,‬أمللا نخللدع‬
‫الرجل وأنفسنا ودولتنا فهذا ليس بجائز‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :3‬أنا موظف أعمل في إحدى الدوائر الحكومية وأحيانللا ً‬
‫يصرف لنا بدل خارج وقت الدوام مللن إدارتنللا بللدون تكليفنللا‬
‫بالعمل خارج وقت الدوام وبدون حضللورنا للدارة ويعتللبرونه‬
‫مكافأة للموظفين بيللن الحيللن والخللر مللع العلللم أن رئيللس‬
‫الدارة يعلم عنه ويقره افيدونا جزاكم الله خيللرًا‪ ,‬هللل يجللوز‬
‫اخذ هذا المال؟ وإذا كان ل يجوز فكيف أعمل فيما اسللتلمته‬
‫من أموال في السابق مع العلم أني قد تصرفت فيها جزاكم‬
‫الله خيرًا؟‬

‫‪700‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان الواقع ما ذكرت فذلك منكر ل يجوز بللل هللو مللن‬
‫الخيانة‪ ,‬والواجب رد ما قبضت من هذا السللبيل إلللى خزنتلله‬
‫الدولللة‪ ,‬فللإن لللم تسللتطع فعليللك الصللدقة بلله فللي فقللراء‬
‫المسلمين وفي المشاريع الخيرية مع التوبة إلى الله سبحانه‬
‫والعزم الصادق أل تعود فللي ذلللك لنلله ل يجللوز للمسلللم أن‬
‫يأخذ شيئا ً من بيت مال المسلمين إل بالطرق الشرعية التي‬
‫تعلمها الدولة وتقرها والله ولي التوفيق‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :4‬إحللدى الشللركات يبقللى مللن ميزانيتهللا مبللالغ كللبيرة‬
‫تصرفها للعاملين لديها على أنهللا مكافللأة عمللل خللارج وقللت‬
‫الدوام الرسللمي ويوقللع الموظفللون علللى ذلللك ويسللتلمونها‬
‫بالتناوب كل سنة وهم لم يعملوا خارج الدوام فهل يجوز أخذ‬
‫هذه الموال؟‬
‫ج‪ :‬على المسؤولين في هذه الدارة أل يتلعبوا بهذه الموال‬
‫وأن يردوا ما فضللل منهللا إلللى الخزينللة وذلللك لنهللا صللرفت‬
‫لجهات فللإذا للم تسللتغرقها تللك الجهللات‪ ,‬فل يجللوز لهللم أن‬
‫يعطوها لمن لم يعمل بل عليهم أن يردوها ولو لم تخرج لهم‬
‫فللي السللنة القادمللة أو فللي السللنوات الخللرى وذلللك لنهللم‬
‫مؤتمنون عليها‪ ,‬والمؤتمن عليه أن يؤدي أمانته الللتي أؤتمللن‬
‫عليها‪ ,‬وإذا احتللاجوا إلللى خللارج دوام ضللروري عملللوا بللذلك‬
‫وصرفوا قدر ما يستحقون وأما الموظفون فإذا عملللت تلللك‬
‫الدائرة بهذا التنظيم‪ ,‬وصرف لهم فلهللم أخللذه عمل ً بمللا ورد‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬‫في الحديث من قولة ص‪ :‬لعمر رضي الله عنه‪):‬ما اتاك ِ‬
‫َ‬
‫ه‬‫مللا َل فََل ت ُت ْب ِْعلل ُ‬ ‫ف فَ ُ‬
‫خللذ ْهُ وَ َ‬ ‫شللرِ ٍ‬ ‫ت غَْيللُر ُ‬
‫م ْ‬ ‫ل وَأْنلل َ‬ ‫ذا ال ْ َ‬
‫مللا ِ‬ ‫هلل َ‬
‫َ‬
‫ك(‪]...‬ابن جبرين[‬ ‫س َ‬‫ن َْف َ‬
‫درس بالمدرسللة أو الجامعللة أو فللي أي مجللال‬ ‫س ‪ :4‬رجل ي ّ‬
‫من مجالت التعليم وقد توظف في وظيفة ل يعمل بها شيئا ً‬
‫إل أنه يأتي ليتسلم الراتب فقللط‪ ,‬وأحيان لا ً يكل ّللف بعمللل مللا‪,‬‬
‫وأحيانا ً ل يكلف وهو الغالب فما حكم وظيفة هذه؟‬
‫ج‪ :‬هذا الشخص ل يسللتحق راتبلله إل إذا قللام بالعمللل وعلللى‬
‫هذا فإذا توظف وظيفة وذهب يدرس ثم صار ل يأتي للعمللل‬

‫‪701‬‬
‫إل إذا تم الشهر جاء يأخللذ راتبلله فل أرى أن ذلللك جللائز لنلله‬
‫أخذ هذا المال بغير حللق وإذا كللان يعمللل فللترة يسلليرة فللي‬
‫الشهر فإنه يأخذ من الراتب بقدر ما عمل‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :5‬كنت مدرسا ً في مدرسللة فيهللا بللدل نللائي ‪ %6‬ولكللن‬
‫التحقت بالكلية المتوسطة ول زلت آخذ مرتللبي وعليلله بللدل‬
‫النائي علما ً بأنني لم أعد في المدرسة النائية‪ ,‬بل في الكلية‬
‫المتوسطة فهل يجوز لي أن أستلم بدل النائي؟‬
‫ج‪ :‬ل يحل لك إل ّ أخذ راتب الكلية المتوسللطة الللتي التحقللت‬
‫بها أخيرا ً ول يجوز لللك البقللاء علللى تسللليم راتللب المدرسللة‬
‫المذكورة التي تحولت عنها لن الراتب إنما هللو فللي مقابلللة‬
‫العمل الذي تؤديه وما لم يكللن فللي مقابلللة عمللل فللإنه أخللذ‬
‫بغير حق‪]...‬الفوزان[‬
‫إتقان العمل‬
‫س ‪ :1‬إذا كان النسان لدية معاملة يدرسللها ثلم أخللص فللي‬
‫دراستها وأبدى رأيه الصحيح ثم من له الصلحية خللالف ذلللك‬
‫أي خللالف الدراسللة الحقيقللة فللأمر بحفظهللا أو تغييللر تلللك‬
‫الدراسة هل تبرأ ذمته أم ل؟‬
‫ج‪ :‬إذا وكل للنسان دراسة قضية فلالواجب عليله أول ً تقللوى‬
‫الله سبحانه وتعالي وأن يعلم أنه كما كللان الن محكم لا ً فللي‬
‫هذه القضية فسيقف أمللام حكللم عللدل الللله – جللل جلللله –‬
‫فليتق الله في نفسه في هذه القضية‪ ,‬ثم إذا تللبين للله حكللم‬
‫في هذه القضية وجب عليلله أن ينفللذه إن كللان موكللول ً إليلله‬
‫النظر والتنفيذ‪ ,‬وأن كان موكول ً له النظر فقط‪ ,‬وإبداء الرأي‬
‫فعلية أن يبدى رأيه في هذا والثم على مللن ينفللذ إذا خللالف‬
‫الحق‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :2‬يوجد في العمل الذي أعمللل بلله أنللاس يفرقللون فللي‬
‫عملهم ونصحتهم لكنهللم جللاهلون لللذلك الفعللل مللاذا أعمللل‬
‫وهل يجوز ذلك؟‬
‫ج‪ :‬يظهللر أن المللراد بللالتفريق فللي العمللل كللونهم يقللدمون‬
‫شخصا ً على شخص وهذا فيه ظلللم وجللور لوجللوب التسللوية‬

‫‪702‬‬
‫بيللن المراجعيللن وأهللل العمللال بحسللب الوليللة‪ ,‬فللإن كللان‬
‫المراد بالتفريق كونهم يخلصون إذا كان هناك من يراقبهم أو‬
‫ينظر إليهم فإذا انفردوا تكاسلوا وتساهلوا فهللذا أيضلا ً حللرام‬
‫وخيانة في العمال التي تسند إلللى النسللان ويكللون مأمونلا ً‬
‫عليها والواجب تكرار نصحهم ثم إن ينتهوا رفللع أمرهللم إلللى‬
‫رؤسائهم براءة للذمة ‪...‬والله الموفق‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ :3‬أعمللل فللي عيللادة خارجيللة فللي أحللد المستشللفيات‬
‫وعددنا أربع طبيبات ونتقاسم وقت العمل في بعض الحيللان‬
‫عندما ل يكون هناك ضغط أو كثرة مراجعين‪ ,‬ولذلك فإننللا ل‬
‫نعمل كل الساعات المطلوبة منا ّ في اليوم الواحللد‪ ,‬ورئيللس‬
‫القسم المباشر موافق على ذلللك‪ ,‬فهللل فللي هللذا المللر أي‬
‫حرمة مع العلللم أن جميللع المرضللي يتلقللون العلج والعيللادة‬
‫تعمل طوال الساعات المطلوبة ولكن بنصف العدد؟‬
‫ج‪ :‬إذا كللانت العيللادة الخارجيللة ليسللت تبعللا ً للدولللة فللإن‬
‫المسؤول عنها إذا رخص لبعض الطبيبات بترك العمل فالمر‬
‫إليه‪ ،‬وأما إذا كلان المستشللفى تبعلا ً للحكومللة فللإنه ل يجللوز‬
‫التخلف عللن العمللل إل حيللث يجيللزه النظللام لن الللذي عنللد‬
‫الحكومة ملزم بمقتضى النظللام‪ ,‬وقللد قللال تعللالى‪) :‬وَأ َوْفُللوا‬
‫ل(‪]...‬ابن عثيمبن[‬ ‫ؤو ً‬
‫س ُ‬
‫م ْ‬
‫ن َ‬ ‫ن ال ْعَهْد َ َ‬
‫كا َ‬ ‫ِبال ْعَهْدِ إ ِ ّ‬
‫س ‪ :4‬فللي المكتللب لللدينا هنللاك مللن يشللغلنا مللن الللزملء‬
‫الموظفين بأمور خارجللة عللن اختصاصللات العمللل وننصللرف‬
‫عللن عملنللا إلللى كلم خللارجي وحللديث طويللل ل علقللة للله‬
‫بالعمل ول بمصالح الناس‪ ,‬والمشللكلة أن المتحللدث يسللتمر‬
‫في حديثه دائما ً ليعطللل العمللل ويشللغله بللالكلم ويقللول أن‬
‫ذلللك مفيللد للمسلللمين‪ ,‬وينسللى أنلله يللترتب عليلله تعطيللل‬
‫المصالح وترك الدوام الواجب فما حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على من وكل إليه القيام بعمل وظيفللي أو غيللره‬
‫ملن العملال المفيلدة أو اللتي تتعللق بحاجلات المجتملع أن‬
‫ينصرف إلى أداء ذلك العمل على الوجه المطلوب وأن يفرغ‬
‫نفسه ووقته لذلك‪ ,‬لنه أمانة في عنقه ويتقاضى عليلله راتب لا ً‬

‫‪703‬‬
‫ل يرضى أن ينقص منه شيء فكيللف يرضللى أن ينقللص فللي‬
‫عمللله‪ ,‬والللذي يريللد أن يشللغل النللاس عللن أداء مهللامهم‬
‫الوظيفية يجب أن يناصح بترك ذلك‪ ,‬فإن أصللر وجللب الرفللع‬
‫بشأنه إلى مديرة المسؤول عنه ليكلفه عللن ذلللك‪ ,‬ول يجللوز‬
‫السكوت على فعله‪ ,‬وإذا كان قصده أن يفيد المسلمين كمللا‬
‫يقول وعنللده الهليللة لللذلك فليفللدهم خللارج وقللت العمللل‪...‬‬
‫]الفوزان[‬
‫المحافظة على الحضور والنصراف المحافظة على الدوام‬
‫س ‪ :1‬النظام الذي هو الدوام الرسمي للدولللة تجللد البعللض‬
‫يأتي متأخرا ً نصللف سللاعةأو يخللرج مللن الللدوام أيضلا ً نصللف‬
‫سللاعة واحيان لا ً يتللأخر سللاعة أو اكللثر فمللا أدري مللاهو هللذا‬
‫الشيء؟‬
‫ج‪ :‬الظاهر أن هذا ل يحتاج إلى جواب لن العللوض يجللب أن‬
‫يكون في مقابل المعللوض فكمللا أن الموظللف ل يرضللى أن‬
‫تنتقص الدولة من راتبه شيئا ً فكذلك يجب ال ّ ينتقص من حق‬
‫الدولة شيئًا‪ ,‬فل يجوز للنسان أن يتأخر عن الدوام الرسمي‬
‫ول أن يتقدم قبل إنتهائه‪.‬‬
‫س‪ :‬ولكن البعض يتحجج أنه ما فللي عمللل أص لل ً لن العمللل‬
‫قليل؟‬
‫ج‪ :‬المهلم أنلت مربلوط بزمنلا ً ل بعملل يعنلي قيلل للك هلذا‬
‫الراتب على أن تحضر من كذا ‘ال كذا سواء في عمل أم لم‬
‫يكن في عمل‪ ,‬فما دامت المكافأة مربوطة بزمن فل بللد أن‬
‫يستوفي هللذا الزمللن يعنللي أن يللوفى هللذا الزمللن‪ ,‬ل بللد أن‬
‫يوفى هذا الزمن وإل كان أكلنا لمللا لللم نحضللر فيلله بللاط ً‬
‫ل‪...‬‬
‫]ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :2‬يعض الموظفين يترك دوامه فيخرج قبل انتهاء الدوام‬
‫أو اثناء الدوام ويعود أو يتأخر عللن موعللد الللدوام فمللا حكللم‬
‫ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ل يحل لموظف أن يخرج قبل انتهاء الللدوام ول أن يتللأخر‬
‫عن بدء الدوام ول أن يخرج في اثناء الدوام‪ ,‬لن هذا الللدوام‬

‫‪704‬‬
‫ملك للدولة يأخذ عليه مقابل ً من بيت المال‪ ,‬لكللن مللا جللرت‬
‫به العللادة إذا دعللت الحاجللة إلللى الخللروج فللي اثنللاء الللدوام‬
‫واستأذن رئيسه او مديره ولم يتعطل العمل بخروجه فأرجوا‬
‫أن ل يكون في ذلك بأس‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :3‬كنت موظفا ً في إمارة إحللدى القللرى الللتي تبعللد عللن‬
‫منزلي حوالي ‪75‬كم طريق صحرواحي وعللر‪ ,‬وعنللدما كنللت‬
‫أتردد لحقتني مشقة فقلللت لميللر المنطقللة إئذن لللي أداوم‬
‫يومين في السبوع وكان في بعض اليام يأذن لي وبعضللها ل‬
‫يأذن ومضى على ذلللك عامللان فمللا حكللم اليللام الللتي كنلت‬
‫أتغيب فيها من غير إذن من أمير المنطقة؟‬
‫ج‪ :‬اليام التي تغيبت فيها عن عملللك بللدون إذن ل يحللل لللك‬
‫أن تأخذ ما يقابلها من الراتب في مقابل عمل‪ :‬فللإذا أتممللت‬
‫ل‪ ,‬وأن نقصللت لللم تسللتحقه‬ ‫العمللل إسللتحققت الراتللب كللام ً‬
‫ل‪ ،‬وإذا كنللت الن أخللذت الراتللب كللامل ً بللدون خصللم‬ ‫كللام ً‬
‫فالواجب عليك أن ترده إلى ملن أخلذته منله أن أمكلن‪ ،‬وأن‬
‫كنت تخشى من المسئولية والتعب فتصدق به تخلصا ً منه أو‬
‫أدخله في عمارة مسجد أو فللي إصلللح طريللق لتسللليم مللن‬
‫إثمه‪.‬‬
‫س ‪ :4‬واستأذنت من نفس المسئول فما الحكم؟‬
‫ج‪ :‬إذا استأذنت منه أي من المسئول المباشللر عنللدك وأنللت‬
‫تعلم أن العمل يحتاج إلى وجودك فل تقبل منلله الذن‪ ،‬يجللب‬
‫أن تحضر ولو أذن لك بالغياب‪ ،‬وأما إذا كان العمللل ل يحتللاج‬
‫وأذن لك صاحبه المباشر فأرجوا أل يكون في ذلللك بللأس إل‬
‫إذا كان النظام ل يبيحه أن يأذن لك‪]...‬ابن عثيمبن[‬
‫س ‪ :5‬بعللض المللوظفين الللذين تقللل مراجعتهللم مللن قبللل‬
‫الموظفين يخرجون ظهلرا ً قبللل نهايلة اللدوام لتنللاول طعللام‬
‫الغذاء مع زوجاتهم ثللم يعللودون ويبقللون فللي مكللاتبهم حللتى‬
‫نهاية الدوام ‪..‬هل هذا الفعل جائز وما نصيحتكم لهم؟‬
‫ج‪ :‬الموظف يجب عليه الحضور في مكان العمل مللن بدايللة‬
‫وقللت الللدوام إلللى نهايللة ول يجللوز للله الخللروج إلللى بيتلله أو‬

‫‪705‬‬
‫أعماله الخاصة في وقت الدوام بللل يجللب عليلله البقللاء فللي‬
‫مكان العمل ولو كللان المراجعللون قليليللن لن وقللت الللدوام‬
‫ملك للعمل وليس ملكا ً له‪ ,‬لنه قد اشتري منلله هللذا الللوقت‬
‫بللالراتب الللذي يسللتلمه‪ ,‬فل يجللوز للله أن يبخللس شلليئا ً مللن‬
‫الوقت لمصالحه الخاصه إل بعذر يقللره النظللام الللوظيفي‪...‬‬
‫]الفوزان[‬
‫س ‪ :6‬هل يجوز للعامل أن يخرج وقت دواملله بصللفة دوريللة‬
‫بحجة أنه ل يوجللد عمللل يللؤديه‪ ,‬برغللم أن راتبلله كللبير نسللبة‬
‫للعمل القليل الذي يؤدية؟‬
‫ج‪ :‬ل يخرج الموظف من مقر عمله حتى ينتهي وقت الللدوام‬
‫ل‪ ,‬لكللن إن‬ ‫ولللو كللان فارغلا ً وسللواء كللان راتبلله كللثيرا ً أو قلي ً‬
‫عرض له عارض وحدث له أمر بضطره إلى الخروج كمللرض‬
‫أو شغل ضروري ل يجد من الخروج له بدا ً فله ذلك ثم يرجع‬
‫بعد انتهائه من شغله وذلك لن وقته مملوك عليلله للدولللة أو‬
‫للشركة التي يعمل فيها إل أن كان عمله ميللدانا ً محللددا ً فللله‬
‫أن ينهى ذلللك العمللل المحللدد ثللم يللذهب حيللث يشللاء والللله‬
‫أعلم‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س‪7 :‬بعللض المللوظفين يتهللرب مللن العمللل لوجللود مصللالح‬
‫أخللرى لديللة شخصللية غللبر الوظفيللة فيسللتأذن مللن رئيسلله‬
‫ويختلق العذار التي غالبا ً ما تكون مقنعللة فللإذا كللان رئيسلله‬
‫يعلم بعدم صحتها فهل يأثم على موافقه الذن للموظف؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز لرئيس الدائرة أو مللديرها أو مللن يقللوم مقامهمللا‬
‫أن يوافق على شيء يعتقد عدم صحته بللل عليلله أن يتحللرى‬
‫أن هناك ضرورة في السللتئذان لحاجللة ماسللة والسللتذان ل‬
‫يضر العمل فل بأس به أما العذار التي يعرف أنها باطلللة أو‬
‫يغلب على ظنه أنها باطلة فإن على رئيسة أن ل ياذن له ول‬
‫يوافق عليه لن ذلك خيانة للمانة وعللدم نصللح لمللن إتمنملله‬
‫ن‬‫علل ْ‬‫ل َ‬ ‫سللُئو ٌ‬‫م ْ‬
‫م َ‬
‫كلل ْ‬‫م َراٍع وَك ُل ّ ُ‬ ‫وللمسلللمين‪ ,‬يقللول ص "ك ُل ّ ُ‬
‫كلل ْ‬
‫ن الل ّل َ‬
‫ه‬ ‫ه" وهللذا أمانللة والللله سللبحانه وتعللالي يقللول‪) :‬إ ِ ّ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬
‫َر ِ‬
‫ت إ ِل َللى أ َهْل ِهَللا(‪ ,‬ويقللول سللبحانه فللي‬ ‫َ‬ ‫يأ ْمرك ُ َ‬
‫دوا اْل َ‬
‫ماَنا ِ‬ ‫ن ت ُؤَ ّ‬
‫مأ ْ‬‫َ ُ ُ ْ‬

‫‪706‬‬
‫ن(‬‫م َراعُللو َ‬ ‫َ‬ ‫وصف المللؤمنين‪َ) :‬وال ّل ِ‬
‫م وَعَهْلدِهِ ْ‬
‫مان َللات ِهِ ْ‬
‫م ِل َ‬‫ن هُ ل ْ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬
‫خون ُللوا‬ ‫ل وَت َ ُ‬‫سللو َ‬
‫ه َوالّر ُ‬‫خوُنوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ل ت َ ُ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ويقول‪َ) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن(‪]...‬ابن باز[‬ ‫مو َ‬‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫ماَنات ِك ُ ْ‬
‫م وَأن ْت ُ ْ‬ ‫أ َ‬
‫متفرقات‬
‫س ‪ :1‬ما حكم تذنيب الخطابات والعرائض بكلمة ودمتم؟‬
‫ج‪ :‬يكون ذلك لن الدوام لللله سللبحانه وتعللالى والمخلللوق ل‬
‫يدوم‪]...‬اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :2‬هل يجوز أن أقول للضللابط فللي الشللرطة أو القللوات‬
‫المسلحة‪ :‬حاضر يا سيدي؟‬
‫ج‪ :‬يجوز أن تقول له‪ :‬حاضر ول يجوز أن تقول له‪ :‬يا سلليدي‬
‫لقول النبي ص لما قال له بعللض أنللت سلليدنا قللال‪" :‬السلليد‬
‫الله تبارك وتعالى"‪]...‬اللجنة الدائمة[‬
‫س ‪ :3‬ما حكم وضع الوراق التي فيهلا أسلماء اللله أو صلفة‬
‫من صفاته في سلة المهملت أو في برميللل الزبالللة؟ علم لا ً‬
‫بلللأن أكلللثر ملللن وقلللع فلللي هلللذا العلللاملين فلللي الدارات‬
‫والمؤسسات الحكومية ] المكاتب [؟‬
‫ج‪ :‬يجب احترام أسماء الللله تعللالى وصللفاته ومللن احترامهللا‬
‫رفعها عن المتهان إذا وجدت في الصللحف والوراق العاديللة‬
‫والمعاملت‪ ,‬فل يجوز إلقائها علللى الرض تحللت الحذيللة ول‬
‫إلقائها مع الزبالت في سلة المهملت حيث إنهللا تلقللى فللي‬
‫القمامات ويسللتهان بهللا‪ ,‬بللل يلللزم إتلفهللا وإحراقهللا وعلللى‬
‫الكّتاب أن يحضروا عندهم آلت التلف الللتي تمزقهللا قطعلا ً‬
‫صغيرة كما هو معتاد والله اعلم‪]...‬ابن جبرين[‬
‫س ‪ :4‬تقع تحلت يلدي بحكلم عمللي أوراق ومعلاملت يلذكر‬
‫فيها اسم الله ما الواجب اتباعه نحو ذلك الوراق؟‬
‫ج‪ :‬هللذه الوراق الللتي فيهللا ذكللر الللله يجللب الحتفللاظ بهللا‬
‫وصيانتها عن البتذال والمتهان حتى يفللرغ منهللا‪ ,‬فللإذا فللرغ‬
‫ولم يبق لها حاجة وجب دفنها في محل طاهر أو إحراقهللا أو‬
‫حفظها في محل يصللونها عللن البتللذال كالللدواليب الرفللوف‬
‫ونحو ذلك‪]...‬ابن باز[‬

‫‪707‬‬
‫س ‪ :5‬هل يجوز تعليق بعللض اليللات القرآنيللة فللي المكللاتب‬
‫وهل صحيح أن حكمها حكم الصور المعلقة؟‬
‫ج‪ :‬تعليق الصور ل يجللوز أمللا تعليللق اليللات والحللاديث فللي‬
‫المكاتب للتذكير فل نعلم بأسا ً بللذلك والللله ولللي التوفيللق‪...‬‬
‫]ابن باز[‬
‫س ‪ :6‬ما حكم تعليق الصور؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز تعليق الصور فللي الجللدران ول فللي المكللاتب ول‬
‫غيرها مطلقا ً بل الواجب طمسها لقول النللبي ص لعلللي‪" :‬ل‬
‫تللدع صللورة إل طمسللتها" ولن تعليقهللا يفضللي لتعظيمهللا‬
‫وعبادتهللا مللن دون الللله إذا كللانت مللن صللور المعظميللن‬
‫كالملوك والزعماء وإن كانت من صور النساء فتعليقهللا مللن‬
‫أسباب الفتنة بها‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :7‬هناك من يقللول أن تعليللق السللور القرآنيللة أو اليللات‬
‫على الحائط حرام مللع العلللم أن هللذه اليللات أو السللور لللم‬
‫توضع إل لفضائلها مثل يس وآية الكرسي وغيرها‪ ,‬نأمل مللن‬
‫سماحتكم بيان حكم ذلك‪ ,‬جزاكم الله خيرًا؟‬
‫ج‪ :‬تعليللق اليللات أو السللور علللى الجللدران فللي المكتللب أو‬
‫المجلس للتذكير والعظة ل بأس بللذلك علللى الصللحيح ولقللد‬
‫كره بعض علماء العصر وغيرهم تعليقا ً ولكن ل حرج فيلله إذا‬
‫كان ذلك للتذكير والعظة وكللان المكللان محترم لا ً كللالمجلس‬
‫والمكتب ونحو ذلك أو يعلق حديثا ً عن النبي ص كل ذلك فيه‬
‫مواعظ وذكرى‪ ,‬أما إذا كان القصد غير ذلك كأن يعتقللد أنهللا‬
‫تحفظه من الجن أو العين أو هكذا فل يجوز بهذا القصد وهذا‬
‫العتقاد لن هذا لم يرد في الشللرع وليللس للله اصللل يعتمللد‬
‫عليه والله ولي التوفيق‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :8‬اصللدر أولللو المللر قللرارا ً حكيم لا ً يمنللع التللدخين فللي‬
‫المؤسسللات الحكوميللة وبعللض المسللؤولين ملللتزمون بهللذا‬
‫القللرار وحريصللون علللى تنفيللذه وبعللض آخللر ليللس ملتزم لا ً‬
‫‪...‬فهل هؤلء الذين لم يلتزموا به يعتبرون في عداد الخائنين‬
‫للمانة التي اسندها لهم ولي المر؟‬

‫‪708‬‬
‫ج‪ :‬هؤلء الذين لم يمتثلللوا المللر يعتللبرون قللد خللانوا المانللة‬
‫وارتكبوا معصيتين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬تعللاطي التللدخين وهللو محللرم ومنكللر لمللا فيلله مللن‬
‫المضار العظيمة والسكار في بعض الحيان ‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬عصيانهم لولي المر فيما أمرهم به مللن تللرك هللذه‬
‫المعصية ومنع الموظفين منها وقد قللال الللله عللز وجللل‪) :‬يللا‬
‫َ‬ ‫أ َيها ال ّذين آمنوا أ َطيعوا الل ّه وأ َطيعللوا الرسللو َ ُ‬
‫ر‬
‫مل ِ‬‫ل وَأول ِللي اْل ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ َ ِ ُ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫َّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬ ‫ن أطاعَِني فََقلد ْ أطللاعَ اللل َ‬
‫ه وَ َ‬ ‫م ْ‬‫م(‪ ,‬وقال النبي ص‪َ " :‬‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مل ْ‬‫ميرِ فََقد ْ أط َللاعَِني وَ َ‬‫طاعَ ال ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫صى الل ّ َ‬
‫ه وَ َ‬ ‫صاِني فََقد ْ عَ َ‬ ‫عَ َ‬
‫َ‬
‫صاِني" والمراد بللذلك طاعللة الميللر فللي‬ ‫ميرِ فََقد ْ عَ َ‬ ‫صى ال ِ‬ ‫عَ َ‬
‫المعروف لقول النبي ص "إنمللا الطاعللة بللالمعروف" وبللالله‬
‫التوفيق‪]...‬ابن باز[‬
‫س ‪ :9‬هللل يجللب علللى مللن تللولى أمللرا ً مللن المللور ومعلله‬
‫موظفون تحت سلطته أن يللأمر المقصللر منهللم فللي الصلللة‬
‫بأدائها وهكذا غيرها من أمور الشللرع وهللل يللدخل ذلللك فللي‬
‫حديث "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"؟‬
‫ج‪ :‬يلزم كل مسؤول أن يأمر من تحت يللده مللن المللوظفين‬
‫بما أوجب الله عليهم كأداء الصلة في الجماعة وأداء المانة‬
‫في الوظيفة وترك ما حرم الله عليهللم مللن الغللش والخيانللة‬
‫وإيذاء المراجعين وظلمهم وغير ذلك وهللو داخللل فللي قولللة‬
‫ه"‪]...‬ابن باز‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫سُئو ٌ‬ ‫م ْ‬‫م َراٍع وَ َ‬‫ص‪" :‬ك ُل ّك ُ ْ‬
‫=============‬
‫‪ #‬إلقاء الضوء على حكم التعامل مع شركة‬
‫) بزناس ( ومثيلتها‬
‫حكم التعامل مع شركة بزنس كوم‬
‫د‪.‬سامي السويلم‬
‫…‬
‫حكم ) بزناس ( ومثيلتها من عمليات الخداع‬
‫محمد صالح المنجد‬
‫حكم التعامل مع شركة )بزناس كوم(‬

‫‪709‬‬
‫د‪ /‬أحمد بن موسى السهلي‬
‫…‬
‫التكييف الفقهي لشركات التسويق الشبكي‬
‫إبراهيم أحمد الشيخ الضرير‬
‫بزناس وما شابهها قمار‬
‫مجمع الفقه السلمي بالسودان‬
‫…‬
‫فتوى بزناس‬
‫الدكتور عبدالحي يوسف‬
‫حكم التعامل مع بزناس‬
‫الشيخ يحيى الزهراني‬
‫…‬
‫حكم التعامل مع شركة بزنس كوم‬
‫أجاب عليه ‪ :‬د‪.‬سامي السويلم‬
‫موقع السلم اليوم‬
‫السؤال‪:‬‬
‫ما حكم التعامل مع شركة بزنس كوم ‪ biznas.com‬بالطريقة‬
‫المشهورة عندهم؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي‬
‫بعده‪ ،‬محمد وآله وصحبه‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫هذه الشللركة‪ ،‬وغيرهللا كللثير‪ ،‬تعمللل وفللق مفهللوم "التنظيللم‬
‫الهرمي ‪ ،"pyramid scheme‬ويسمى أحيانا ً التسويق الشبكي‬
‫" ‪ "network marketing‬أو التسويق متعدد الطبقللات "‪multi-‬‬
‫‪ ."layer marketing--MLM‬وهذا النوع مللن التسللويق يصللنف‬
‫مللن حيللث المبللدأ ضللمن صللور الغللش والحتيللال التجللاري‬
‫‪ . business fraud‬وقد تناولته دراسات وأبحاث وكتللب‪ ،‬تح ل ّ‬
‫ذر‬
‫من هذه الشبكات والوهم والتغرير الذي توقللع فيلله أتباعهللا‪،‬‬
‫فتجعلهم يحلمون بالثراء السريع مقابل مبالغ محدودة‪ .‬وفللي‬
‫نهايللة المللر تصللب هللذه المبللالغ فللي جيللوب أصللحاب هللذه‬

‫‪710‬‬
‫الشللركات والمنظمللات‪ ،‬ول يحصللد التبللاع سللوى السللراب‪.‬‬
‫ولذلك تمنع قوانين العديد من الدول التنظيم الهرمي بشكل‬
‫أو بآخر‪ .‬كما تحذر الجهزة الرسمية الجمهور من الوقوع في‬
‫مصيدة هذه الشبكات بعد تغليفهللا بصللورة جذابللة مللن خلل‬
‫الزعم بأنها فرصة لتسويق منتجات مفيدة للجمهور‪ ،‬تعليميللة‬
‫أو غير ذلك‪.‬‬
‫وملللن المهلللم للقلللارئ أن يعللللم أن هيئة الوراق الماليلللة‬
‫بباكستان قد حذرت الجمهور من التعامل مع شللركة بزنللاس‬
‫العاملة هناك‪ .‬وقالت في تحذيرها الذي صدر فلي أغسلطس‬
‫مللن هللذا العللام إن الشللركة المللذكورة وجللد أنهللا "تضللطلع‬
‫بممارسات غير مشروعة وتحايلية وغير أخلقية" حسللب مللا‬
‫جاء في التحذير‪.‬‬
‫)انظللللللللللللللللللللللللللللر موقللللللللللللللللللللللللللللع الهيئة‪:‬‬
‫‪http://www.secp.gov.pk/otherlinks/Biznas/Biznas.com.htm‬‬
‫(‪.‬‬
‫كما أن هناك شركة تعمل في نفس المجال‪ ،‬تسللمى سللكاي‬
‫بللز ‪ ، skybiz.com‬وهللي شللديدة الشللبه بشللركة بزنللاس مللن‬
‫حيللث نوعيللة المنتجللات وآليللة التسللويق ونظللام العمللولت‪،‬‬
‫مقرها الوليات المتحدة ولها فروع عبر العالم‪ .‬هذه الشللركة‬
‫رفعللت وزارة التجللارة المريكيللة ضللدها قضللية تتهمهللا فيهللا‬
‫بالغش والحتيال على الجمهور‪ ،‬وصدر قرار المحكمة بوليللة‬
‫أوكلهوما في ‪6/6/2001‬م بإيقاف عمليات الشركة وتجميللد‬
‫أصللولها تمهيللدا ً لعللادة أمللوال العملء الللذين انضللموا إليهللا‪.‬‬
‫)انظللللللللر موقللللللللع وزارة التجللللللللارة المريكيللللللللة‪:‬‬
‫‪.( http://www.ftc.gov/opa/2001/06/sky.htm‬‬
‫إن هذا الموقف ضد شركات التسللويق الهرمللي مبنللي علللى‬
‫قناعة في معظم دول العالم بأن هذا النمط من التسويق ما‬
‫هو إل صورة من الصللور الحتيللال والتغريللر بالنللاس‪ .‬سللنبّين‬
‫فيما يلي كيفية عمل هذه الشبكات‪ ،‬ثم نللبّين مكمللن الخلللل‬
‫فيها‪.‬‬

‫‪711‬‬
‫أول‪ :‬آلية العمل‬
‫الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي بسيطة‪ .‬وتتلخص في أن‬
‫يشتري الشللخص منتجللات الشللركة مقابللل الفرصللة فللي أن‬
‫يقنع آخرين بمثل ما قام بلله )أن يشللتروا هللم أيضلا ً منتجللات‬
‫الشركة(‪ ،‬ويأخذ هو مكافأة أو عمولللة مقابللل ذلللك‪ .‬ثللم كللل‬
‫واحللد مللن هللؤلء الللذين انضللموا للبرنامللج سلليقنع آخريللن‬
‫ليشتروا أيضًا‪ ،‬ويحصلل الول عللى عموللة إضلافية‪ ،‬وهكلذا‪.‬‬
‫فأنت تدفع لزيد على أن تأخذ من عمرو وعبيد‪.‬‬
‫وفيما يلي مثال عملي يوضح ذلك‪.‬‬
‫لنفلللترض أن "زيلللدًا" قلللرر أن يشلللتري منتجلللات الشلللركة‬
‫المذكورة مقابل ‪ 100‬دولر‪ .‬تعطيه الشركة بنللاء علللى ذلللك‬
‫الحق في أن يسوق منتجاتها لخرين مقابل عمولت محددة‪.‬‬
‫يقوم زيللد بإقنللاع شخصللين بالنضللمام للبرنامللج‪ ،‬بمعنللى أن‬
‫يشتري كل منهما منتجات الشركة‪ ،‬ويكللون لهمللا الحللق فللي‬
‫جذب مسوقين آخرين مقابل عمولت كللذلك‪ .‬ثللم يقللوم كللل‬
‫من هذين بإقناع شخصين آخرين بالنضمام‪ ،‬وهكذا‪ .‬ستتكون‬
‫من هذه اللية شجرة من التباع الذين انضموا للبرنامج على‬
‫شكل هرمي‪) .‬انظر الشكل(‪.‬‬
‫لحظ أن عدد العضاء في كل مستوى يساوي ضللعف العللدد‬
‫في المستوى الذي قبله‪ ،‬وأن عدد أعضللاء المسللتوى الخيللر‬
‫يزيللد قليل ً عللن مجمللوع أعضللاء المسللتويات السللابقة كلهللا‪.‬‬
‫لحللظ أيض لا ً أن عللدد العضللاء ينمللو أسلليًا‪ ،‬بمعنللى أن عللدد‬
‫العضاء في المستوى الرابللع =‪ ،16 = 42‬وعللدد العضللاء‬
‫في المستوى العاشر = ‪102‬‬
‫= ‪ ،1024‬وهكذا‪.‬‬
‫طريقة احتساب العمولت‬
‫تشلللترط الشلللركة أل يقلللل مجملللوع الفلللراد اللللذين يتلللم‬
‫اسللتقطابهم مللن خلل زيللد ومللن يليلله فللي الهللرم عللن ‪9‬‬
‫أشخاص من أجل الحصول على العمولة )على أل يقللل عللدد‬
‫العضاء في كل فرع عن ‪ .(3‬وتبلللغ العمولللة ‪ 55‬دولرًا‪ .‬ثللم‬

‫‪712‬‬
‫بعد ذلك يتم صرف العمولة لكللل ‪ 9‬أشللخاص )ويسللمى كللل‬
‫تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة"(‪ .‬ونظللرا ً إلللى‬
‫أن الهرم يتضاعف كللل مللرة يضللاف فيهللا مسللتوى جديللد أو‬
‫طبقة جديدة للهللرم‪ ،‬فللإن العمولللة تتزايللد كللل مللرة بشللكل‬
‫كبير‪ .‬إذا افترضنا أن الهرم ينمو كل شهر‪ ،‬بمعنى أنه في كل‬
‫شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم )كما هو افتراض‬
‫الشركة في موقعها(‪ ،‬فهللذا يعنللي أن العمولللة الللتي يحصللل‬
‫عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشللرين ألللف دولر‬
‫في الشهر الثاني عشر )انظر الجدول(‪.‬‬
‫الشهر …العضاء …مجموع العضاء …العمولة بالدولر‬
‫‪0… 2… 2… 1‬‬
‫‪0… 6… 4… 2‬‬
‫‪55… 14… 8… 3‬‬
‫‪110… 30… 16… 4‬‬
‫‪65… 62… 32… 5‬‬
‫‪440… 126… 64… 6‬‬
‫‪000… 000… 000… 000‬‬
‫‪25.080… 8.190… 4.096… 12‬‬
‫‪1.602.040… 524.286… 262.144… 18‬‬
‫‪102.527.480… 33.554.430… 16.777.216… 24‬‬
‫…‬ ‫…‪2.147.483.646‬‬ ‫…‪1.073.741.824‬‬ ‫‪30‬‬
‫‪6.561.755.640‬‬
‫ويتللم حسللاب العمولللة كالتللالي‪ :‬ينظللر عللدد الللدرجات فللي‬
‫مجموع العضاء‪ ،‬ويتم صللرف العمولللة بنللاء علللى ذلللك بعللد‬
‫إسللقاط الللدرجات فللي المسللتوى السللابق‪ .‬فللي المسللتوى‬
‫الثللالث يبلللغ المجمللوع ‪ ،14‬وهللو يتضللمن درجللة واحللدة )أي‬
‫تسعة واحللدة فقللط(‪ ،‬فيصللرف للعضللو عمولللة واحللدة‪ .‬فللي‬
‫المستوى الرابع يبلغ المجموع ‪ ،30‬وهذا يتضللمن ‪ 3‬درجللات‪،‬‬
‫تخصم منهللا درجللة واحللدة صللرفت فللي المسللتوي السللابق‪،‬‬
‫يتبقلللى درجتلللان‪ ،‬فتصلللرف عمولتلللان = ‪ 110‬دولر‪ .‬فلللي‬

‫‪713‬‬
‫المسللتوى الخللامس يبلللغ المجمللوع ‪ ،62‬وهللذا يتضللمن ‪6‬‬
‫درجات‪ .‬تخصم منها الدرجات في المستوى السابق وهي ‪،3‬‬
‫فيبقللى ‪ 3‬درجللات‪ ،‬فيصللرف ‪ 3‬عمللولت‪ ،‬أي ‪،165=55×3‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫لحللظ أن العضللو ل يحصللل علللى أي عمولللة قبللل الشللهر‬
‫الثالث‪ ،‬أي أنه ل بد من نمو الهرم تحته بثلثة مستويات قبل‬
‫أن يحصللل علللى العمولللة‪ .‬ولكللن مقللدار العمولللة‪ ،‬وهللو ‪55‬‬
‫دولر‪ ،‬أقل من المبلغ الذي دفعه وهو ‪ 100‬دولر‪ .‬فل بد إذن‬
‫من أجل تحقيق أي ربح من نمو الهرم إلى أربعللة مسللتويات‬
‫تحت العضو على أقل تقدير‪.‬‬
‫إذا تابعنا نمو الهرم شهريا ً )حسب الفتراض المنشللور علللى‬
‫موقع شركة بزنللاس(‪ ،‬سللنجد أنلله فللي نهايللة السللنة تتجللاوز‬
‫العمولللة الشللهرية للعضللو ‪ 25000‬دولر‪ .‬وبعمليللة حسللابية‬
‫بسيطة نجد أن العمولة في منتصللف السللنة الثانيللة )الشللهر‬
‫‪ (18‬تتجاوز مليون وستمائة ألللف شللهريًا‪ ،‬بينمللا تتجللاوز فللي‬
‫نهاية السنة الثانية مائة مليون دولر شهريًا‪.‬‬
‫وهذا مصللدر الغللراء فللي هللذا النللوع مللن البرامللج الهرميللة‪:‬‬
‫مقابللل مبلللغ زهيللد ل يتجللاوز ‪ 100‬دولر‪ ،‬يحصللل المشللترك‬
‫وق هللذه‬ ‫على آلف بللل ملييللن أضللعاف المبلللغ‪ .‬ولللذلك تسل ّ‬
‫الشركات برامجها من خلل وعود بالثراء الفاحش فللي مللدة‬
‫يسيرة من خلل النمو المضاعف للهرم‪.‬‬
‫أين الخلل؟‬
‫إن مكمن الخلل في هذا النظام هو أنه غير قابل للستمرار‪،‬‬
‫فل بد له من نهاية يصطدم بهللا ويتوقللف عنللدها‪ .‬وإذا توقللف‬
‫كلللانت الطبقلللات الخيلللرة ملللن العضلللاء هلللي الخاسلللرة‪،‬‬
‫والطبقات العليا هي الرابحة‪ .‬والطبقات الخيللرة تفللوق فللي‬
‫العدد أضعاف الطبقات العليا‪ ،‬وهذا يعني أن الكثريللة تخسللر‬
‫لكي تربللح القليللة‪ .‬ولللذلك فللإن هللذه البرامللج فللي حقيقتهللا‬
‫تدليس وتغرير وبيع للوهم للجمهور لمصلللحة القلللة أصللحاب‬
‫الشركة‪.‬‬

‫‪714‬‬
‫لتتضح الصورة لنتابع نمو الهرم حسب الجدول السابق‪ .‬فللي‬
‫الشللهر الثلثيللن‪ ،‬أي منتصللف السللنة الثالثللة‪ ،‬يبلللغ مجمللوع‬
‫أعضللاء الهللرم أكللثر مللن ‪ 2‬مليللار شللخص‪ ،‬أي ثلللث سللكان‬
‫المعمورة‪ .‬في الشهر الذي يليلله يبلللغ المجمللوع ‪ 4.3‬مليللار‪،‬‬
‫وفي الشهر الذي يليه )الثاني والثلثين( ‪ 8.6‬مليار‪.‬‬
‫لكنا نعلم أن سكان الكرة الرضية ل يتجاوز عددهم ‪ 6‬مليللار‬
‫نسمة‪ ،‬وهذا يعني أن الهرم ل بد أن يتوقف قبل المستوى أو‬
‫الشهر ‪ ،32‬أي قبل نهاية السنة الثالثة‪ ،‬حيث يتجاوز مجمللوع‬
‫العضلللاء ‪ 8‬مليلللارات‪ .‬فلللإذا توقلللف النملللو‪ ،‬فلللإن أعضلللاء‬
‫المسللتويات الخيللرة لللن ينجحللوا فللي تحقيللق أي مبيعللات‬
‫إضافية أو انضمام أعضاء جدد‪ ،‬فهم قد دفعوا ثمن النضللمام‬
‫للبرنامج دون مقابل‪ .‬هذه المبالغ تمثل خسللارة علللى هللؤلء‬
‫وربحا ً للمستويات العليا‪.‬‬
‫إن حال الهرم يشبه إلى حد كبير حال نمو الورم السرطاني‬
‫في الجسللم‪ .‬فالخليللة السللرطانية تنقسللم باسللتمرار‪ ،‬وبهللذا‬
‫يتضاعف حجم الورم في كل مرة‪ .‬ونظرا ً لن الورم هو أكثر‬
‫الخليا نموا ً في الجسم‪ ،‬فإنه يستهلك من طاقة الجسم أكثر‬
‫من بقية أجهللزة الجسللم العضللوية‪ .‬ومللع النمللو المتضللاعف‪،‬‬
‫يسللتأثر الللورم بالطاقللة دون بقيللة الجسللم‪ ،‬لتكللون النتيجللة‬
‫توقللف أجهللزة الجسللم عللن إنتللاج الطاقللة‪ ،‬ومللن ثللم وفللاة‬
‫الجسم‪ .‬وإذا توقف إنتاج الطاقة فليس بمقدور خليللا الللورم‬
‫النمو‪ ،‬فتموت هي أيضًا‪ .‬أي أن النمللو المضللاعف للللورم هللو‬
‫نفسه سبب هلكه في النهاية‪ .‬وهذا هو الحال فللي التسللويق‬
‫سي للهرم يستدعي دائما ً انضمام أعضللاء‬ ‫الهرمي‪ .‬فالنمو ال ّ‬
‫جدد ضعف أعضاء المستوى الخير‪ ،‬وهذا يجعل حجم الهللرم‬
‫الكلللي يتضللاعف كللذلك كللل مللرة‪ .‬وكلمللا كللبر الهللرم كلمللا‬
‫تضاعف العدد المطلوب للستمرار‪ .‬ولكن توافر هذه العداد‬
‫الهائلللة متعللذر‪ ،‬فتكللون النتجيللة الحتميللة هللي انهيللار الهللرم‬
‫ونهايته‪ ،‬كما كانت نهاية الورم السرطاني‪.‬‬

‫‪715‬‬
‫ومن الناحية العملية سلليتوقف الهللرم قبللل اسللتنفاد العللداد‬
‫المطلوبة بكثير‪ ،‬إذ ل يمكن للسوق أن تسللتوعب هللذا العللدد‬
‫الهائل من المبيعات‪ .‬ومن المعروف فللي علللم التسللويق أن‬
‫لكل منتج درجة معينة من المبيعات تبلغ السوق بعدها درجللة‬
‫التشلللبع )‪ ،(saturation‬فيتعلللذر بعلللدها تحقيلللق أي مبيعلللات‬
‫إضافية‪ ،‬ومن ثم يتعذر نمو الهرم بعدها‪.‬‬
‫لنفترض أن التسويق توقللف عنللد المسللتوى ‪ ،18‬حيللث يبلللغ‬
‫أعضاء هذا المستوى أكثر قليل ً من ربع مليون‪ .‬بناء علللى مللا‬
‫سبق فإن العضو ل يحصل علللى أي عمولللة حللتى يبلللغ عللدد‬
‫المسللتويات تحتلله ‪ 3‬مسللتويات‪ .‬أي أن المسللتويات الثلثللة‬
‫الخيرة )‪ ،16‬ل ‪ ،17‬ل ‪ (18‬لن تحصللل علللى أي عمولللة‪ ،‬بينمللا‬
‫سيحصل أعضاء المستوى الرابع من السفل )المستوى ‪(15‬‬
‫على عمولة لكنها أقل مما دفعللوه )العمولللة ‪ 55‬دولر بينمللا‬
‫كل منهم قللد دفللع ‪ 100‬دولر(‪ .‬وإذا كللان أعضللاء المسللتوى‬
‫الخير نحو ربع مليون‪ ،‬والذي قبللله ‪ 131‬ألللف‪ ،‬والللذي قبللله‬
‫‪ 65‬ألف‪ ،‬فهذا يعني أن نحو ‪ 450‬ألف عضوا ً قد دفعللوا نحللو‬
‫‪ 45‬مليون دولر بدون أي مقابل‪ .‬أما أعضاء المستوى الرابع‬
‫من السفل )وعددهم نحللو ‪ 32‬ألللف( فسيحصللل كللل منهللم‬
‫على عمولة أقل من ثمن المنتجات التي اشتراها لينضم إلى‬
‫البرنامج‪.‬‬
‫لحلللظ أن نسلللبة أعضلللاء المسلللتويات الربعلللة الخيلللرة‬
‫)المستويات ‪ (18-15‬إلى مجموع أعضاء الهرم تعادل ‪93.8‬‬
‫‪ .%‬أي أن نحو ‪ %94‬مللن أعضللاء البرنامللج خاسللرون‪ ،‬بينمللا‬
‫‪ %6‬فقط هم الرابحون‪.‬‬
‫وحتى لو فرض جدل ً استمرار البرنامللج الهرمللي فللي النمللو‪،‬‬
‫فإن واقع الهرم أن المستويات الربعة الخيرة دائما ً خاسرة‪،‬‬
‫ول يمكنها الخروج من الخسارة إل باسللتقطاب أعضللاء جللدد‬
‫ونوا مستويات دنيللا تحتهللم‪ ،‬فتكللون المسللتويات الجديللدة‬ ‫ليك ّ‬
‫هي الخاسرة‪ ،‬وهكذا‪ .‬فالخسارة لزمة لنمو الهرم‪ ،‬ول يمكن‬

‫‪716‬‬
‫في أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابحا ً بحال من‬
‫الحوال‪.‬‬
‫وبهذا يتبين أن البرنامج الهرمي وهم أكللثر منلله حقيقللة‪ ،‬وأن‬
‫الغلبية الساحقة من المشاركين في هذا البرنامج يخسللرون‬
‫لمصلحة القلة القليلة‪ .‬ولهذا صدرت دراسات وكتابات كثيرة‬
‫تحذر من هللذه البرامللج‪ ،‬وسلليجد القللارئ فللي نهايللة البحللث‬
‫بعض المراجع لهذه الكتابات‪.‬‬
‫موقف القانون من البرامج الهرمية‬
‫تمنع القوانين في أكثر دول العالم برامج التسلسللل الهرمللي‬
‫)‪ (pyramidshemes‬حيللث يللدفع المشللترك رسللوما ً لمجللرد‬
‫النضمام للبرنامج‪ ،‬دون وجود أي منتج أو سلعة يتم تللداولها‪.‬‬
‫أما إذا كانت هناك سلع‪ ،‬فإن القانون المريكي حاليا ً ل يمنللع‬
‫منها‪ ،‬وهذه نقطة ضعف انتقدها كللثير مللن الكتللاب الغربييللن‬
‫بنللاء علللى أن السلللعة فللي هللذه البرامللج هللي مجللرد سللتار‬
‫وذريعة للبرامج الممنوعللة‪ ،‬إذ النتيجللة واحللدة فللي الحللالين‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن وزارة التجارة المريكية تحذر الجمهور صراحة‬
‫مللن أي برامللج تسللويق أو مبيعللات تللدعو لجللذب مسللوقين‬
‫آخرين )انظر موقع وزارة التجارة المريكية‪:‬‬
‫‪http://www.ftc.gov/bcp/conline/edcams/pyramid/index.htm‬‬
‫‪ .( l‬وما القضية المرفوعة ضد سكاي بز‪ ،‬وهي شديدة الشبه‬
‫ببزناس‪ ،‬إل مثال عملي لرفللض اسللتخدام المنتجللات سللتارا ً‬
‫للتحايللل عللى الجمهللور‪ .‬وسلليأتي مزيللد حللول هللذه النقطلة‬
‫لحقًا‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬التقويم الشرعي‬
‫السلم هو دين الفطللرة‪ ،‬والشللريعة السلللمية قائمللة علللى‬
‫العدل ومنع الظلم‪ ،‬فإذا أدرك العقلء ما فللي هللذه المعاملللة‬
‫من الغش والستيلء على أموال الخريللن بغيللر حللق ودعللوا‬
‫من ثم إلى منعها‪ ،‬فالسلم أولى بذلك‪.‬‬
‫ويمكن تعليل القللول بحرمللة الشللتراك فللي هللذا النللوع مللن‬
‫البرامج بالسباب التالية‪:‬‬

‫‪717‬‬
‫‪ .1‬أنه أكل للمال بالباطل‪.‬‬
‫‪ .2‬ابتناؤه على الغرر المحرم شرعًا‪.‬‬
‫أكل المال بالباطل‬
‫تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج ل يمكللن أن‬
‫ينمو إل في وجود من يخسر لمصلحة من يربح‪ ،‬سواء توقف‬
‫النمللو أم لللم يتوقللف‪ .‬فالخسللارة وصللف لزم للمسللتويات‬
‫الخيرة في جميع الحوال‪ ،‬وبدونها ل يمكن تحقيق العمولت‬
‫الخيالية للمستويات العليا‪ .‬والخاسرون هم الغلبية الساحقة‬
‫كما سبق‪ ،‬والرابحللون هللم القلللة‪ .‬أي أن القلللة كسللبوا مللال‬
‫الكثريلة بلدون حلق‪ ،‬وهلذا أكلل الملال بالباطلل اللذي نلزل‬
‫القرآن بتحريمه‪ .‬ويسمى هذا النمط عند القتصاديين‪ :‬تعامل‬
‫صفري )‪ ،(zero-sum game‬حيللث مللا يربحلله البعللض هللو مللا‬
‫يخسره البقية‪.‬‬
‫الغرر‬
‫أصل الغرر المحرم‪ :‬هو بذل المال مقابل عوض يغلب علللى‬
‫الظن عدم وجوده أو تحققه علللى النحللو المرغللوب‪ .‬ولللذلك‬
‫قال الفقهاء‪ :‬الغرر هو التردد بيللن أمريللن‪ ،‬أغلبهمللا أخوفهمللا‬
‫)انظر الغرر وأثره في العقود‪ ،‬د‪ .‬الصديق الضرير‪ ،‬ص ‪.(30‬‬
‫والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغا ً مللن المللال مقابللل‬
‫أرباح الغالب عدم تحققها‪.‬‬
‫ولبيان هذه النقطة أكثر‪ ،‬لنفللترض أن احتمللال نجللاح العضللو‬
‫فللي إقنللاع آخللر بالنضللمام للبرنامللج هللو ‪ .% 80‬بمعنللى أن‬
‫العضو إذا عللرض علللى شللخص شللراء بضللاعة مللن الشللركة‬
‫والنضمام إلى التسلسل الهرمي في التسويق‪ ،‬فالغللالب أن‬
‫هذا الشخص سيقبل العرض وينضم للبرنامج‪ .‬لحظ أن هللذه‬
‫النسبة أعلى بكثير من الواقع‪ ،‬لكنللا نفللترض تنفيللذ البرنامللج‬
‫على أفضل الحوال‪.‬‬
‫ما هو احتمال حصول العضو على عمولت تعوض ما دفعلله؟‬
‫إذا كان احتمال نجاح كل عضو في الهللرم فللي ضللم شللخص‬

‫‪718‬‬
‫آخر إليلله هلو ‪ ،% 80‬فللإن احتمللال تحقللق ‪ 18‬عمليلة )لكللي‬
‫يسترد المشترك رأسماله( يساوي‪% 1.8 = 18(% 80) :‬‬
‫أي أنه احتمال تافه من الناحية العمليللة‪ .‬أمللا تحقيللق عمولللة‬
‫تساوي ‪ 25000‬دولر شهريًافيتطلب انضمام ‪ 8190‬شخصًا‪،‬‬
‫واحتمللال وقللوع ذلللك هللو‪ =8190(% 80) :‬صللفر‪ .‬أي أنلله‬
‫بمنطق الحتمالت الحصائية يتعذر تحقيق هذه العمولة‪.‬‬
‫لحظ أن هذه النسبة أقل بكثير من نسبة الفوز باليانصيب )‬
‫‪ ،(lottery‬حيث تبلغ النسبة مقلوب مقدار الجائزة‪ .‬فلو كللانت‬
‫الجائزة عشرة ملييللن دولر‪ ،‬لكللان احتمللال الفللوز للتللذكرة‬
‫الواحللدة أقللل قليل ً مللن واحللد مللن عشللرة ملييللن‪ ،‬وهللذا‬
‫وق للحلم الللتي‬ ‫الحتمللال أكللبر مللن احتمللال تحقيللق المس ل ّ‬
‫يعدونه بها‪ .‬واليانصيب أفضل من التسويق الهرمي من وجلله‬
‫آخر‪ ،‬وهو أن صاحب التذكرة ل يحتاج لبذل أي جهد أو عمللل‬
‫وق فهللو يتعللب ويكللد نفسلله‬ ‫بعللد شللراء التللذكرة‪ .‬أمللا المسل ّ‬
‫ويخسر من ماله الخاص أكثر مما دفعلله للنضللمام للبرنامللج‬
‫الهرمي‪ ،‬مع أن احتمال ربحه وفوزه أقل بكللثير مللن احتمللال‬
‫الفوز باليانصيب‪ .‬فاليانصيب أكثر احتمال ً بالفوز وأقل كلفللة‪.‬‬
‫فإذا كان مع ذلك محرمًا‪ ،‬فالتسويق الهرمي أولى بالتحريم‪.‬‬
‫وإذا علمنا أن الهرم ل بد أن يتوقف مهما كللان الحللال‪ ،‬فهللذا‬
‫يعني أن الدخول في هذا البرنامج في حقيقته مقللامرة‪ :‬كللل‬
‫يقامر على أنه سيربح قبل انهيار الهرم‪ .‬ولللو علللم الشللخص‬
‫أنه سيكون من المستويات الدنيا حين انهيار الهرم لللم يكللن‬
‫ليقبل بالدخول في البرنامج ول بربلع الثملن المطللوب‪ ،‬وللو‬
‫علم أنه سيكون من المسلتويات العليلا لرغللب فللي اللدخول‬
‫ولو بأضلعاف الثمللن‪ .‬وهللذا حقيقللة الغللرر المحللرم‪ ،‬إذ يقبللل‬
‫الشخص بالدخول علللى أمللل الثللراء حللتى لللو كللان احتمللال‬
‫تحقق هذا المل ضعيفا ً جللدا ً مللن حيللث الواقللع‪ .‬فللالثراء هللو‬
‫الذي يغري المرء لكي يللدفع ثمللن النضللمام للبرنامللج‪ ،‬فهللو‬
‫يغره بالحلم والماني والوهم‪ ،‬بينما حقيقة المر أن احتمال‬
‫خسارته أضعاف أضعاف احتمال كسبه‪.‬‬

‫‪719‬‬
‫شبهة وجود المنتج‬
‫أما الشبهة التي يتعذر بها المدافعون عن هذه البرامج‪ ،‬وهي‬
‫وجود منتج حقيقي ينتفع به المشتري ومن ثم ل يعد خاسللرا ً‬
‫وقون‬ ‫إذا توقف الهللرم‪ ،‬فهللي شللبهة أول مللن ينقضللها المسل ّ‬
‫والعاملون في هذه البرامج أنفسهم‪.‬‬
‫وذلك أنهم حين تسويق هذه المنتجات نجدهم يعتمدون على‬
‫إبللراز العمللولت الللتي يمكللن تحقيقهللا مللن خلل النضللمام‬
‫للبرنامج‪ ،‬بحيللث يكللون ذكللر هللذه العمللولت الخياليللة كافي لا ً‬
‫لقناع الشخص بالشراء‪ .‬فلو لم يكن الهدف هو التسويق لما‬
‫لجأ العضاء إلى إغراء الجللدد بعمللولت التسللويق‪ .‬ولللذلك ل‬
‫وق العضلو هلذه المنتجلات دون ذكللر عمللولت‬ ‫يمكن أن يسل ّ‬
‫التسويق‪ ،‬فهللذا ينللاقض مصلللحة العضللو نفسللها الللتي انضللم‬
‫للبرنامج ابتداء من أجلها‪ ،‬وهي‪ :‬جللذب مسللوقين جللدد علللى‬
‫شكل متسلسل لتحقيق الحلم بالثراء الموعود‪.‬‬
‫وممللا يؤكللد أن المنتللج مللا هللو إل سللتار وهمللي‪ ،‬المقارنللة‬
‫السريعة بين عمولت التسويق وبين منافع المنتجات نفسها‪.‬‬
‫فهذه المنتجللات قيمتهللا ل تتجللاوز ‪ 100‬دولر بحسللب سللعر‬
‫الشركة المعلن‪ .‬أما العمولت فتصل كما ذكرنا إلى ‪25000‬‬
‫دولر شللهريًا‪ ،‬أو مللا يعللادل ‪ 50000‬دولر فللي نهايللة السللنة‬
‫الولى فقط‪ .‬فهل يوجد عاقللل يقصللد مللا قيمتلله مللائة ويللدع‬
‫خمسين ألفًا؟ لو وجد ذلك من شخص لما كللان معللدودا ً مللن‬
‫العقلء‪ .‬فالعاقل في المعاوضات المالية يبحث عن مصلحته‪،‬‬
‫والمصلللحة هللي مللع التسللويق‪ ،‬فل بللد أن يكللون القصللد هللو‬
‫التسويق‪.‬‬
‫إن هذه المنتجات‪ ،‬مهمللا كللانت فائدتهللا‪ ،‬ل يمكللن أن تحقللق‬
‫للمشتري منافع تتجاوز فللي قيمتهللا تلللك العمللولت الخياليللة‬
‫الناتجة من التسويق‪ .‬والعبرة‪ ،‬كما هو مقرر شرعًا‪ ،‬بالغالب‪.‬‬
‫فقصد العمولت هللو الغللالب علللى قصللد المنتجللات‪ ،‬فيكللون‬
‫الحكم مبنيا ً على ذلك‪.‬‬

‫‪720‬‬
‫ومما يؤكد أن شراء المنتجات غير مراد‪ :‬أن البرامج والمللواد‬
‫التدريبيللة لمنتجللات ميكروسللوفت‪ ،‬خصوصلا ً أوفيللس‪ ،‬توجللد‬
‫بكثرة على النترنت‪ ،‬وكثير منها متوفر مجانًا‪ .‬وهنللاك برامللج‬
‫تدريبية متخصصة لجميع برامللج أوفيللس تللتراوح قيمتهللا بيللن‬
‫‪ 35-20‬دولرًا‪ .‬أما إنشاء موقع وبريللد علللى النللترنت‪ ،‬فهللذا‬
‫يمكن الحصول عليلله مقابللل ‪ 10‬دولر فللي السللنة بسللهولة‪.‬‬
‫بينما تبيع الشركة منتجاتها بل ‪ 99‬دولرا ً سنويًا‪ .‬أي أنهللا تزيللد‬
‫الثمن عن المتاح فعليا ً بما ل يقل عن ‪ 55‬دولرًا‪.‬‬
‫وهذه الزيادة في الثمن لم تكن لتوجد لول برنامللج التسللويق‬
‫الهرمي هذا‪ .‬فيقال في ذلك كما قال شيخ السلم ابن تيمية‬
‫رحمه الله‪" :‬أفل أفردت أحد العقدين عن الخللر ثللم نظللرت‬
‫هل كنت مبتاعهللا أو بللايعه بهللذا الثمللن؟" )بيللان الللدليل‪ ،‬ص‬
‫‪ ،233-232‬ط المكتب السلمي(‪ .‬فلو أفللرد النضللمام عللن‬
‫الشراء لما كان سعر السلعة بهذا المقدار‪.‬‬
‫ول يتردد المسؤولون في الشركة في التصريح بللأن التكلفللة‬
‫الفعلية للمنتجللات تعللادل ‪ 24‬دولرًا‪ ،‬أمللا المتبقللي‪ ،‬وهللو ‪75‬‬
‫دولرًا‪ ،‬فهو مخصص لمصاريف "التسللويق‪ ".‬ولكللن بللدل ً مللن‬
‫صرف هذا المبلغ على الدعايات والعلنللات كمللا هللو الحللال‬
‫في المنتجات الخرى‪ ،‬فللإن الشللركة تصللرفها علللى عملئهللا‬
‫الذين يقومللون بشللراء منتجاتهللا‪ .‬وهللذا فللي نظرهللم أفضللل‬
‫لمصلحة العميل من الطريقة "التقليدية" في العلن‪.‬‬
‫والحقيقللة أن هللذا الزعللم ينللاقض الواقللع‪ .‬وبعمليللة حسللابية‬
‫بسيطة يتبّين مدى الغبن الللذي يقللع علللى العميللل أو العضللو‬
‫وق من هذا السلوب‪ .‬إذ تشترط الشركة أن يستقطب‬ ‫المس ّ‬
‫المسوق ‪ 9‬أشخاص قبل أن تصللرف للله العمولللة‪ ،‬وهللي ‪55‬‬
‫وق‬ ‫دولرا ً كما سبق‪ .‬ولكللن مبيعللات ‪ 9‬أشللخاص )عللدا المسل ّ‬
‫نفسلله( تعنللي أن الشللركة حصلللت علللى ربللح فللوق تكلفللة‬
‫المنتجللات يعللادل ‪ 675 = 75×9‬دولرًا‪ ،‬صللرف منهللا ‪،55‬‬
‫فيبقى ‪ 620‬دولرًا‪ .‬أي أنه مقابل كل ‪ 9‬أعضاء جللدد يحصللل‬
‫وق على ‪ 55‬في حيللن يحصللل أصللحاب الشللركة علللى‬ ‫المس ّ‬

‫‪721‬‬
‫صافي ربح ‪ 620‬دولرًا‪ .‬وهذا غبن فاحش‪ ،‬فكيللف يقللال مللع‬
‫ذلك إن تكللاليف التسللويق تصللرف للعضللاء؟! فهلذا المبللغ‪،‬‬
‫وهللو ‪ 75‬دولر‪ ،‬هللو فللي الحقيقللة رسللوم الشللتراك فللي‬
‫البرنامج‪ ،‬ومعظمه كما ترى يذهب لصحاب الشركة‪.‬‬
‫ومما يبين أن الهدف من الشراء هو الشتراك في التسللويق‬
‫وليس المنتجات‪:‬‬
‫‪ -1‬أن لوائح وأنظمة الشركة معظمها يتعلق بشروط وأحكام‬
‫النضمام وصللرف العمللولت‪ ،‬وأمللا مجللرد الشللراء فتحكملله‬
‫بضعة فقرات‪ .‬فهللل هللذا صللنيع مللن هللدفه تسللويق السلللعة‬
‫فحسب والنضمام تابع لها أم العكس؟‬
‫‪ -2‬أن الشركة تشللترط للسللتمرار فللي البرنامللج لكللثر مللن‬
‫سنة دفع نفس المبلغ مرة أخرى‪ .‬وواضللح أن هللذا ل لشلليء‬
‫سوى استمرار التسويق‪ ،‬فالبرامللج تللم شللراؤها مللن المللرة‬
‫الولى‪ ،‬والبرامللج الجديللدة إن وجللدت ل تعللادل فللي القيمللة‬
‫المبلغ المطلوب‪.‬‬
‫‪ -3‬لو كانت الشركة تبيع المنتجات فعل ً لكانت تللوجه دعمهللا‬
‫لمنتجاتها‪ ،‬بينما نجد من خلل لوائح وأنظمة الشركة أنها تبيع‬
‫المنتجات كما هي ودون أي مسؤولية‪ ،‬في حين تقدم الللدعم‬
‫لبرامج التسويق وكسب العضللاء‪ ،‬كمللا تنللص عليلله اللئحللة‪.‬‬
‫فهل هذا صنيع من يبيع منتجات حقيقية؟‬
‫‪ -4‬أن الشركة تسمح لمن يرغللب فللي التسللويق دون شللراء‬
‫المنتجللات‪ ،‬لكنهللا ل تتيللح للله السللتفادة مللن خللدمات موقللع‬
‫الشركة على النترنت للتسويق‪ ،‬بل من خلل الفاكس‪ .‬كمللا‬
‫أنها ل تقبل أن يكون من دونلله فللي التسلسللل الهرمللي هللم‬
‫أيضا ً مسوقون بدون شراء‪ ،‬بل ل بد من الشللراء ممللن يليلله‬
‫لكللي يحصللل علللى العمولللة‪ .‬وواضللح أن هللذا تضللييق علللى‬
‫التسويق بدون شراء‪ .‬وتجدر الشارة إلى أن شللركة سللكاي‬
‫بز المريكية‪ ،‬التي سبقت الشارة إليها‪ ،‬تملك نفس التنظيللم‬
‫والترتيب لجراءات التسويق بدون شراء‪ .‬ومع ذللك اعتلبرت‬

‫‪722‬‬
‫وزارة التجارة المريكية الشركة مجرد بناء هرمللي ول قيمللة‬
‫للمنتج )انظر التقرير المنشور في‪:‬‬
‫‪http://www.mlmsurvivor.com/resources/sky_biz_pvn-‬‬
‫‪.( vandernat.pdf‬‬
‫والحاصل أن المنتجات التي تبيعها الشركة مللا هللي إل سللتار‬
‫للنضمام للبرنامج‪ ،‬بينما النضمام للبرنامج مقابل ثمللن مللن‬
‫الغرر وأكل المال بالباطل‪ ،‬كما تقدم‪ ،‬ومنعه محل اتفاق بين‬
‫الفقه السلمي والقانون الوضعي‪ .‬فالتحيل بتقديم المنتللج ل‬
‫قيمة له في الشريعة السلمية‪ ،‬لن العبرة بالمللآل‪ ،‬والحكللم‬
‫يدور مع علته وجودا ً وعدمًا‪ .‬فللإذا كللانت العلللة قائمللة سللواء‬
‫وجد المنتج أم لم يوجد‪ ،‬فلن يغير وجوده مللن الحكللم شلليئًا‪.‬‬
‫وإذا كان القانون الوضعي عاجزا ً عن معالجللة هللذا الحتيللال‪،‬‬
‫فهو لذلك محل انتقاد من المحللين والكتاب الغربيين‪ ،‬إل أن‬
‫الفقه السلمي بحمد الله أكمللل وأقللوم‪ ،‬إذ هللو مبنللي علللى‬
‫الوحي الللذي ل يللأتيه الباطللل مللن بيللن يللديه ول مللن خلفلله‪.‬‬
‫ولذلك جاءت النصوص الصريحة عن النبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم بسد أبواب التحايل المقيت‪ ،‬مثل نهيه صلى الله عليه‬
‫وسلم عن بيعتين في بيعة‪ ،‬وعن سلف وبيع‪ ،‬وعللن شللرطين‬
‫فللي بيللع‪ .‬كللل ذلللك منع لا ً لللتفللاف علللى أحكللام الشللريعة‬
‫المطهرة وإفراغها من مضمونها‪ ،‬فهي شريعة كاملة ل نقص‬
‫فيها ول خلل‪} :‬ومن أحسن من الله حكما ً لقوم يوقنون{‪.‬‬
‫الفرق بين التسويق الهرمي والسمسرة‬
‫ومن خلل ما تقدم يتبّين أن التسللويق الهرمللي ليللس مجللرد‬
‫سمسرة كما تزعم الشللركة فللي موقعهللا‪ ،‬وكمللا حللاولت أن‬
‫توحي بذلك لهل العلم الذين سئلوا عنها‪ .‬فالسمسللرة عقللد‬
‫يحصللل بمللوجبه السمسللار علللى أجللر لقللاء بيللع سلللعة‪ .‬أمللا‬
‫وق هو نفسه يدفع أجرا ً لكللي يكللون‬ ‫التسويق الهرمي فالمس ّ‬
‫وقًا‪ ،‬وهذا عكس السمسرة‪ .‬كما أن الهدف من التسويق‬ ‫مس ّ‬
‫وقين جللدد‬ ‫الهرمي ليس بيع بضاعة أو خدمة‪ ،‬بل جللذب مس ل ّ‬
‫وقين آخرين‪ ،‬وهكذا‪ .‬وقد سللبق أن هللذا‬ ‫ليجذبوا بدورهم مس ّ‬

‫‪723‬‬
‫التسلسل ل يمكن أن يستمر بل نهاية‪ .‬فهذا التسلسل باطللل‬
‫وق الخيلللر خاسلللر‬ ‫لنللله ل بلللد أن يتوقلللف‪ .‬وحينئذ فالمسللل ّ‬
‫بالضرورة لنلله لللم يجللد مللن يقبللل النضللمام إلللى البرنامللج‬
‫الهرمللي‪ .‬لكللن ل وجللود لهللذا التسلسللل فللي السمسللرة أو‬
‫التسويق العادي‪ .‬فالتسوية بين المرين كالتسوية بيللن الللبيع‬
‫والربا من الذين حكى الله تعالى عنهللم فللي القللرآن‪} :‬ذلللك‬
‫بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا{‪ .‬وهللي كالتسللوية بيللن الللبيع‬
‫وبين العينة الممنوعة بالنص‪ .‬فالتسويق الهرمللي أخللص مللن‬
‫مطلق التسويق‪ ،‬وقد تضللمن مللن الخصللائص والشللروط مللا‬
‫ل‪ ،‬فل يصح قياس أحدهما على الخر‪.‬‬ ‫يجعله عقدا ً باط ً‬
‫ومما يللبّين الفللرق بيللن المريللن أن السمسللرة أو التسللويق‬
‫وقين‬ ‫العادي يتم من خلل ضوابط تنظللم العلقللة بيللن المس ل ّ‬
‫لكي يضمن كل منهللم عمللولته‪ .‬فالشللركة البائعللة للمنتجللات‬
‫وق )أو لكل موزع لمنتجاتها أو لكللل فللرع مللن‬ ‫تحدد لكل مس ّ‬
‫الفروع( نطاقلا ً محللددا ً يختللص بله‪ ،‬تجنبلا ً لضللرار المللوزعين‬
‫بعضهم لبعض إذا تكدسوا في منطقة واحدة‪ .‬فهللذا التكللدس‬
‫من جهة مضر بمنتجات الشركة لنه يؤدي إلى تشبع السوق‬
‫المحلي‪ ،‬كما سبق‪ .‬كما أنه مضللر بللالموزعين أو المسللوقين‬
‫أنفسهم‪ ،‬لنه يحرم بعضهم مللن الللبيع ومللن ثللم مللن عمولللة‬
‫التسويق‪.‬‬
‫أما في التسويق الهرمي فل يوجد أي ضوابط للتسللويق‪ ،‬ول‬
‫توجد حدود تنظم عمل كل موزع أو كللل سمسللار‪ .‬والسللبب‬
‫أن الهدف ليس المنتجات وإنما النضمام للهللرم‪ .‬والنضللمام‬
‫يتطلب أعدادا ً متزايدة مللن العضللاء الجللدد دائملًا‪ ،‬ولللذلك ل‬
‫وق‪ ،‬بللل‬ ‫توجد مصلحة من تحديد مجللال اختصللاص لكللل مسل ّ‬
‫هذا مضر بنمو الهرم‪ ،‬ومن ثم بعوائد أصحاب الشركة‪.‬‬
‫وحقيقة المللر أن النظللام الهرمللي يجعللل السلللعة الحقيقيللة‬
‫التي يبيعها العضاء هي العمللولت الموعللودة مللن النضللمام‬
‫للهرم‪ ،‬وليللس المنتجللات الللتي ل تتجللاوز قيمتهللا ‪ %0.2‬مللن‬
‫عمولت التسويق للسنة الولى فحسللب‪ .‬أمللا السمسللرة أو‬

‫‪724‬‬
‫التسويق المعروف فهو نيابة في البيع مقابل عمولة‪ .‬فالعائد‬
‫الحقيقي للسمسار ينبع مللن المبيعللات المباشللرة للمنتجللات‬
‫وقين‬ ‫على المستهلكين الفعليين‪ ،‬وليس من مشتريات المسلل ّ‬
‫الجدد‪.‬‬
‫ولهذا السبب تشترط عللدة وليللات أمريكيللة أن يكللون عللائد‬
‫التسويق المباشر للمستهلك النهائي ل يقللل عللن ‪ %70‬مللن‬
‫إجمالي عوائد التسويق‪ .‬بمعنى أل يزيد عائد التسللويق علللى‬
‫المسوقين الجدد عن ‪ %30‬من عوائد الشركة‪ .‬ومللا ذلللك إل‬
‫تأكيدا ً للفرق بين البيع علللى المسللتفيد الفعلللي مللن المنتللج‪،‬‬
‫وقين طمعا ً‬ ‫وبين البيع على من يريد النضمام إلى هرم المس ّ‬
‫في العمولت الهائلة التي يعدونه بها‪.‬‬
‫الخلصة‬
‫إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمللي‪ ،‬ومنهللا البرنامللج‬
‫المللذكور فللي السللؤال‪ ،‬مبنيللة علللى أكللل المللال بالباطللل‬
‫والتغرير بالخرين‪ ،‬لن هذا التسلسل ل يمكللن أن يسللتمر بل‬
‫نهاية‪ ،‬فإذا توقللف كللانت النتيجللة ربللح القليللة علللى حسللاب‬
‫خسارة الكثرية‪ .‬كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على‬
‫عوائد فاحشة للطبقات العليا علللى حسللاب الطبقللات الللدنيا‬
‫من الهرم‪ .‬فالطبقات الخيرة خاسرة دائملا ً حللتى لللو فللرض‬
‫عدم توقللف البرنامللج‪ .‬ول يفيللد فللي مشللروعية هللذا العمللل‬
‫وجود المنتج‪ ،‬بللل هللذا يجعللله داخل ً ضللمن الحيللل المحرمللة‪.‬‬
‫والعلم عند الله تعالى‪.‬‬
‫مصادر مفيدة حول الموضوع‬
‫‪http://www.falseprofits.com‬‬
‫‪http://www.pyramidschemealert.org‬‬
‫‪http://www.skepdic.com/pyramid.html‬‬
‫‪http://www.ftc.gov/speeches/other/dvimf16.htm‬‬
‫‪http://www.impulse.net/~thebob/Pyramid.html‬‬
‫‪http://www.mlmsurvivor.com‬‬
‫حكم ) بزناس ( ومثيلتها من عمليات الخداع‬
‫محمد صالح المنجد‬

‫‪725‬‬
‫السؤال‪:‬‬
‫ظهرت قبل عدة أشهر شركة تسللمى )بزنللاس( تقللوم علللى‬
‫نوع من التسويق وتتلخص فكرتها فللي أن يشللتري الشللخص‬
‫منتجللات الشللركة لل وهللي عبللارة عللن برامللج وموقللع وبريللد‬
‫إلكتروني ل بمبلغ ‪ 99‬دولرا وُيعطى بعد الشراء الفرصة فللي‬
‫وق منتجاتها لخرين مقابل عمولت محددة ‪.‬‬ ‫أن ُيس ّ‬
‫ثم يقللوم هللذا الشللخص بإقنللاع شخصللين آخريللن بالنضللمام‬
‫للبرنامج ‪ ،‬بمعنى أن يشتري كللل منهمللا منتجللات الشللركة ‪،‬‬
‫ويكون لهما الحق أيضا فللي جللذب مسللوقين آخريللن مقابللل‬
‫عمولت كذلك ‪.‬‬
‫ثللم يقللوم كللل واحللد مللن هللذين بإقنللاع شخصللين آخريللن‬
‫بالنضمام‪ ،‬وهكللذا ‪ .‬فسللتتكون مللن هللذه الليللة شللجرة مللن‬
‫التباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرم ‪.‬‬
‫أمللا طريقللة احتسللاب العمللولت فتشللترط الشللركة أل يقللل‬
‫مجموع الفراد الللذين يتللم اسللتقطابهم مللن خلل المشللتري‬
‫)المشترك( ومن يليه في شجرة المشللتري عللن ‪ 9‬أشللخاص‬
‫من أجل الحصول على العمولة )على أل يقللل علدد العضللاء‬
‫تحت كل واحد من الثنين الولين عن اثنين ‪ ،‬وتبلللغ العمولللة‬
‫‪ 55‬دولرا ً ‪ .‬ويتم صرف العمولة في مقابل كل ‪ 9‬أشخاص )‬
‫ويسلللمى كلللل تسلللعة أشلللخاص فلللي التسلسلللل الهرملللي‬
‫"درجة" (‪.‬‬
‫ونظرا ً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيهللا مسللتوى‬
‫جديد أو طبقة جديدة للشجرة‪ ،‬فإن العمولة تتزايد كللل مللرة‬
‫بشكل كبير ‪.‬‬
‫إذا افترضنا أن الشجرة تنمو كل شهر ‪ ،‬بمعنى أنلله فللي كللل‬
‫شللهر ينضللم شخصللان لكللل شللخص فللي الهللرم ) كمللا هللو‬
‫افتراض الشركة في موقعها ( ‪ ،‬فهذا يعني أن العمولة الللتي‬
‫يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف‬
‫دولر في الشهر الثاني عشر ‪ ،‬ويسللتمر التضللاعف فللي كللل‬
‫شهر‬

‫‪726‬‬
‫وهذا مصدر الغراء في هذا النوع من البرامج ‪ ،‬فمقابل مبلغ‬
‫زهيد ل يتجاوز ‪ 100‬دولر ‪ ،‬يحصل المشترك على مئات بللل‬
‫آلف أضعاف المبلغ ‪.‬‬
‫وق هذه الشركات برامجها من خلل وعود بللالثراء‬ ‫ولذلك تس ّ‬
‫الفاحش في مدة يسيرة من خلل النمو المضاعف للهرم ‪.‬‬
‫السؤال ‪ :‬ما حكم هذه المعاملة خاصة أنها انتشللرت بصللورة‬
‫واضحة وتعددت القوال فيها ؟‪.‬‬
‫الجواب‪:‬‬
‫الحمد لله‬
‫الكلم على مثل هذه المعاملت التي يسرع انتشارها ويكللثر‬
‫غموضها والتباسها على العامة ‪ ،‬ويشتد إغراؤها ل بد فيه من‬
‫أمرين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬بيان الحكم الشرعي المبني على النصوص والقواعد‬
‫الشرعية ‪ ،‬وعلى تصور المسألة من حيث حقيقتهللا ونتائجهللا‬
‫وتاريخها ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬علج النفس وتوطينها على الخللذ بللالحكم الشللرعي‬
‫شبه ‪.‬‬ ‫وعدم التعلق بال ّ‬
‫دم‬ ‫ونظللرا ً لحاجللة المسللألة إلللى إطالللة النفللس فيهللا فسللنق ّ‬
‫بجواب مختصر للسؤال يتلوه ذكر للقواعد الشرعية في هذا‬
‫المقام وتفصيل للجواب ‪.‬‬
‫الجواب المجمل على السؤال ‪:‬‬
‫بالنظر إلى صورة هذه المعاملة ) بزنللاس ( وحقيقتهللا ‪ ،‬ومللا‬
‫ذكره مندوبو هللذه الشللركة مللن معلومللات وشللروط عنهللا ‪،‬‬
‫وكذلك ما ذكره المتكلمون عنها من أدلة وشروط للمنع منها‬
‫أو إباحتها‪.‬‬
‫وبعللرض كللل هللذا علللى نصللوص القللرآن والسللنة وقواعللد‬
‫الشريعة في أبواب المعاملت وٌأقوال العلماء يتبين أن هللذه‬
‫المعاملة محّرمة ‪ ،‬لعدة وجوه أهمها ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن هذه المعاملة مبنية على الميسر وأكل أمللوال النللاس‬
‫بالباطل وتحللوي تغريللرا ً وخللداعا ً للنللاس وإطماعلا ً لهللم فللي‬

‫‪727‬‬
‫المال واستغلل ً لغريزة حب الكثار منلله عنللدهم ‪ .‬وقللد قللال‬
‫َ‬
‫س لُر‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫م لُر َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫مللا ال ْ َ‬
‫من ُللوا إ ِن ّ َ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫الللله تعللالى ‪ ) :‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫َ‬ ‫َوال َن ْ‬
‫م‬‫جت َن ُِبوهُ ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ن َفا ْ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫ن عَ َ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫س ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ج‬‫م رِ ْ‬‫ب َوالْزل ُ‬ ‫صا ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫كلل ْ‬ ‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫وال َك ُ ْ‬
‫ملل َ‬ ‫ن ( المائدة ‪ ، 90 /‬وقال ‪َ ) :‬ول ت َأك ُُلوا أ ْ‬ ‫حو َ‬ ‫ت ُْفل ِ ُ‬
‫ل ( البقرة ‪ ، 188 /‬وقال عليه الصلة والسلللم ‪ ) :‬إن‬ ‫ِبال َْباط ِ ِ‬
‫دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم‬
‫هذا في شهركم هذا ( مسلللم ) ‪ ( 2137‬وهللذا التشللبيه فللي‬
‫الحديث يجعل هذا التحريم مغلظا جدا ‪.‬‬
‫‪ .2‬يتللبّين بعللد النظللر الفللاحص أن إدخللال السلللعة ل ل وهللي‬
‫البرامج والموقع والبريللد ل ل فللي هللذه المعاملللة ل يغي ّللر مللن‬
‫حكمها ‪ ،‬لوضوح كون هذه السلعة ليست مقصودة مللن قِب َللل‬
‫معظللم المتهللافتين علللى الشللراء ‪ .‬وإذا ثبللت هللذا بللالقرائن‬
‫المللذكورة فللي تفصلليل الجللواب فللإن دخللول السلللعة بهللذا‬
‫دي‬ ‫الشكل ل يزيدها إل حرمة لشللتمالها علللى التحايللل المللؤ ّ‬
‫إلى معاملة محرمة من معاملت الميسر ‪.‬‬
‫‪ .3‬المعاملة ليست من قبيل السمسللرة المباحللة مللن أوجلله‬
‫متعللددة منهللا ‪ :‬اشللتراط دفللع مللال للللدخول فيهللا بخلف‬
‫السمسللرة فللإنه ل يشللترط فيهللا ذلللك ‪ ،‬وكللذلك فللإنه ليللس‬
‫المقصود فيها بيع سلعة لمن يحتاجها وإنما بناء نظام حللوافز‬
‫سّلم جدل بأنها سمسرة فإنها محرمة لشتمالها‬ ‫شبكي ‪ .‬ولو ُ‬
‫على التغرير بالمشتري وتمنيته بالباطل وعدم نصللحه وعليلله‬
‫ح قول من أباحها على أنها سمسرة ‪ ،‬ولعللل ذلللك لن‬ ‫فل يص ّ‬
‫وروها‬ ‫المسللألة لللم تعللرض لهللم علللى حقيقتهللا ‪ ،‬أو لللم يتصل ّ‬
‫ورا صحيحا ‪.‬‬ ‫تص ّ‬
‫وهذا الحكم منسحب في مجمله عللى كللثير ملن المعلاملت‬
‫الموجودة الن والتي تشابهها مما يطرح في السوق الن ‪.‬‬
‫ومن أراد الستزادة فليراجللع تفاصلليل النقللاط فللي الجللواب‬
‫صل وما يسبقه من قواعد عامة ‪.‬‬ ‫المف ّ‬
‫صل ‪:‬‬ ‫الجواب المف ّ‬

‫‪728‬‬
‫قبل تفصيل الجابة على هذا السللؤال وتحقيقلا ً لمللر تللوطين‬
‫النفس على قبول الحكم الشرعي ل بد ّ مللن التقللديم ببعللض‬
‫القواعد الشرعية ونحوها التي تعين المسلم ل المذعن لحكم‬
‫الللله ل ل علللى التعامللل باطمئنللان وثقللة وانشللراح مللع هللذه‬
‫المعاملللة ومللع أمثالهللا مللن المعللاملت الللتي تفتقللت عنهللا‬
‫وستتفتق عنها عقول بعض أصحاب المشللروعات التجاريللة ‪،‬‬
‫لسيما مع توفر خمسللة عوامللل رئيسللية لنتشللار مثللل هللذه‬
‫المعاملت ‪ .‬هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ذيوع وسائل التصال والدعاية والعلن ‪.‬‬
‫‪ -2‬سهولة التواصل المالي عبر البطاقات ونحوها ‪.‬‬
‫‪ -3‬تزايد الحاجة للمال عند عامة الناس ‪ ،‬بسبب الغراق في‬
‫الكماليات ‪.‬‬
‫‪ -4‬وجللود أصللل غريللزة الطمللع وحللب المللال فللي النفللس‬
‫البشرية ‪.‬‬
‫‪ -5‬ضعف التدين وقلة تحّري الحلل عند كثير من المسلللمين‬
‫‪.‬‬
‫وفيما يلي عدة قواعد تعين على التعامل مللع هللذه المعاملللة‬
‫وما ظهر وما سيظهر من مثيلتها ينبغي النتباه لها والهتمام‬
‫بها ‪:‬‬
‫‪ -1‬فتنة المال من أعظم الفتن التي تؤثر على النسللان فللي‬
‫دينلله وفللي بركللة مللا عنللده مللن مللال وولللد فينبغللي الحللذر‬
‫ل مصادره أشد التحري ‪.‬‬ ‫والتحّري في ح ّ‬
‫‪ -2‬اتقاء المللور المشللتبهات ‪ ،‬قاعللدة مقللررة فللي الشللريعة‬
‫حتى لو لم ُيسّلم النسان بتحريم المر المشللتِبه ‪ ،‬كمللا قللال‬
‫النبي صلللى الللله عليلله وس لّلم ‪ ) :‬الحلل بي ّللن الحللرام بي ّللن‪،‬‬
‫وبينهما أمور مشللتبهات ل يعلمهللن كللثير مللن النللاس ‪ ،‬فمللن‬
‫اتقى الشبهات فقد اسللتبرأ لللدينه وعرضلله ‪ ،‬ومللن وقللع فللي‬
‫الشللبهات وقللع فللي الحللرام ( البخللاري ) ‪ ( 52‬مسلللم )‬
‫‪. ( 1599‬‬

‫‪729‬‬
‫‪ ) -3‬ما جاءك من هذا المللال وأنللت غيللر سللائل ول مشللرف‬
‫سللك ( رواه البخللاري ) ‪( 138‬‬ ‫فخللذه ‪ ،‬ومللا ل فل ت ُْتبعلله نف َ‬
‫مرفوعا ‪ ،‬أي ل تجعل نفسك تتعلق بالمللال الللذي ليللس فللي‬
‫يدك دفعا ً لما يحصل في النفللس مللن حللزن وحسللرة إذا لللم‬
‫صل عليه ‪ .‬والنهي عن التعّلق فللي هللذا الحللديث ورد فللي‬ ‫تح ُ‬
‫الكلم عللن العطيللة وهللي هديللة مباحللة فللي أصلللها فكيللف‬
‫بللالتعّلق بللالموال المشللتبهة ؟ بللل كيللف بللالتعّلق بللالموال‬
‫المحرمة ؟ ‪ ،‬فل بلد ّ أن يكللون أكللثر أثللرا سلللبيا فللي النفللس‬
‫وأشد في المنع ‪.‬‬
‫وضلله الللله خيللرا ً منلله ( رواه أحمللد‬ ‫‪ ) -4‬من ترك شيئا ً لله ع ّ‬
‫ن ت َلَرك الحللرام ومللن تللرك‬ ‫مل ْ‬
‫م َ‬‫وصححه اللبللاني ‪ ،‬وهللذا يعل ّ‬
‫المشتبه فيه ‪.‬‬
‫ل أعظم وأولى بالبحث من كثرته‬ ‫‪ -5‬الب ََركة في المال وإن ق ّ‬
‫من طريق محرم أو مشكوك فيه ‪.‬‬
‫‪ -6‬على المسلم أن يكون صادقا مع نفسه تمام الصدق فللي‬
‫معرفة مقصده من مثل هذه المعاملت هل هللو الرغبللة فللي‬
‫الوصول للمال والسلعة حيلة لضعاف لوم النفللس والنللاس‪،‬‬
‫أم أن السلعة مقصودة أساسا ؟ وأن يعلم أن ما يخفيلله مللن‬
‫مقاصده معلوم عنللد الللله الللذي يعلللم السللر وأخفللى ‪ ،‬وأنلله‬
‫سبحانه سائله ومحاسبه عن ذلك ‪.‬‬
‫‪ -7‬الحكللم علللى الشلليء فللرع عللن تصللوره ‪ ،‬وإخفللاء بعللض‬
‫المعلومات عن المفتي ل يبيح الخذ بفتواه ‪ ،‬ول يعللذر الخللذ‬
‫بها ما دام يعلم أن المفتي لم تعرض عليلله الصللورة كاملللة ‪،‬‬
‫طلع على حقيقة المسألة ‪.‬‬ ‫ولم ي ّ‬
‫‪ ) -8‬الللبر مللا اطمللأنت إليلله النفللس واطمللأن إليلله القلللب ‪،‬‬
‫والثم ما حاك فللي النفللس وتللردد فللي الصللدر ‪ ،‬وإن أفتللاك‬
‫الناس وأفتوك ( رواه أحمللد ) ‪ ( 17320‬وقللال اللبللاني فللي‬
‫صحيح الترغيب ‪ 1734‬حسن لغيره ‪.‬‬
‫كل المال الحرام إذا كلان معترفللا بوقللوعه فللي الحرمللة‬ ‫‪ -9‬آ ِ‬
‫أخف جرما ممن يأكله مستعمل الخديعة والتدليس والحيللل ؛‬

‫‪730‬‬
‫لن الثاني قد أضاف إلى أكله للحرام ذنبا آخر وهللو مخادعللة‬
‫الله ‪ .‬قال ابن القيم ‪ ) :‬فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع‬
‫بقاء مقاصدها وحقائقهللا زيللادة فللي المفسللدة الللتي حرمللت‬
‫لجلها مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكللر‬
‫والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يحرم الشيء‬
‫لمفسدة ويبيحه لعظللم منهللا ولهللذا قللال أيللوب السللختياني‬
‫يخادعون الله كأنملا يخلادعون الصلبيان للو أتلوا الملر عللى‬
‫وجهه كان أهون ( إغاثة اللهفان ‪. 1/354‬‬
‫‪ -10‬ما ثبت عند النسان تحريمه فعليه أن يقطع تعّلق نفسه‬
‫به وأسفه إذا فاته ورآه عند الخريللن وليحمللد الللله علللى أن‬
‫سّلمه ‪ ،‬وليسأْله سللبحانه أن يبغّللض إليلله الحللرام مهمللا كث ُللر‬
‫ويرزقه دوام اجتنابه ‪ ،‬وأن يعينه على مجاهللدة نفسلله لقطللع‬
‫هذا التعّلق ‪.‬‬
‫‪ -11‬أحكام الشرع مبناها على تمام العلللم والحكمللة ‪ .‬وهللي‬
‫تراعي المصلحة العامة الكّليللة وإن كللان فيهللا مللا ُيظللن أنلله‬
‫إضرار ببعض المصالح الخاصلة ‪ ،‬فعللى المسللم أن ل ينظلر‬
‫صله هو من نفع مادي خاص وُيغفل ما ترمللي إليلله‬ ‫إلى ما يح ّ‬
‫الشريعة من المصلحة الكلية العامة ‪.‬‬
‫أما تفاصيل الجواب فيمكن حصرها في ثلث نقاط ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬هذه المعاملة بناًء على تكييفها القتصادي فيها مشابهة‬
‫كبيرة بمعاملة ) التسلسل الهرمي ( أو ) التسويق الهرمي (‬
‫وإن كللانت ل تماثلهللا مللن جميللع الوجللوه ‪ ،‬وأصللل معللاملت‬
‫التسللويق الهرمللي يقللوم علللى بنللاء نظللام حللوافز شللبكي‬
‫هرمي ‪ ،‬ولم ينظر الذين وضعوها في الغرب إل إلللى كسللب‬
‫ل المصللدر وحرمتلله ‪ .‬وبعللرض هللذا‬ ‫ض النظر عن ح ّ‬ ‫المال ِبغ ّ‬
‫النظام على نصوص الشريعة وقواعللدها يتللبين تحريملله مللن‬
‫عدة وجوه منها ‪:‬‬
‫‪ .1‬بناؤه على أكل أموال الناس بالباطل نظرا ً لنه ل بد ّ لهللذا‬
‫التسلسل الهرمي من أن يكون له مستوى نهائي ‪ ،‬وهو آخللر‬
‫من وصل إليهم التسلسل الهرمي ‪ ،‬وهؤلء خاسللرون قطع لا ً‬

‫‪731‬‬
‫لمصلحة الطبقات العلى ‪ .‬ول يمكن نموّ الهرم إل في وجود‬
‫من يخسر لمصلحة المسلتويات العليلا اللتي تجنلي عملولت‬
‫خيالية ‪ ،‬وآخر طبقتين في كل فرع تكون الولى منهما كاذبة‬
‫ُتمّني التي تليها بالربح ‪ ،‬والطبقة الخيرة مستغفلة مخدوعللة‬
‫ستشللتري ولللن تجللد مللن تللبيعه ‪ ،‬وقللد تقللدم ذكللر اليللات‬
‫ددة في حرمة أكل أموال الناس بالباطل ‪.‬‬ ‫والحاديث المش ّ‬
‫‪ .2‬بناؤه على الميسر وهو أن يللدفع شللخص مللال ً مقابللل أن‬
‫يحصل على مال أكثر منه أو يخسر ماله ‪ .‬وهذا هو واقع من‬
‫يللدخل فللي مثللل هللذه المعللاملت ‪ ،‬وهللذا مللن أهللم وأوضللح‬
‫أسباب التحريم ‪.‬‬
‫‪ .3‬نظللرا ً لحتللواء معللاملت التسلسللل الهرمللي علللى تغريللر‬
‫وخداع ومفاسد كثيرة فقد منعتلله وحّرمتلله النظمللة الغربيللة‬
‫الكافرة ل إذا كان في صورته الخالية من إدخال سلعة فيها ل ل‬
‫ذر‬‫مللع كللونهم يللبيحون الربللا والقمللار والميسللر أص لل ً ‪ ،‬وح ل ّ‬
‫عقلؤهللم منلله ) انظللر الموقللع التللالي والمواقللع العديللدة‬
‫المرتبطة به ‪. ( http://skepdic.com/pyramid.html‬‬
‫وبناء على ما سبق فللإن معاملللة بزنللاس الللتي ورد السللؤال‬
‫عنها تدخلها عدة أوجه من أوجه التحريم هنا بسبب مشابهتها‬
‫للتسلسل الهرمي في أصل السباب التي يحللرم مللن أجلهللا‬
‫وهي الميسر وأكل المال بالباطل ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬إدخال السلعة في هذه المعاملة ل ينقلها إلللى الباحللة‬
‫ول يزيل أسباب التحريم بل هو أقللرب إلللى كللونه سللببا ً فللي‬
‫تشديد حرمتها ‪ .‬نظرا لكونه تحّيل للوصول إلللى تمريللر هللذه‬
‫المعاملللة واليهللام بكللون السلللعة مقصللودة " وتغييللر صللور‬
‫المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيللادة علللى‬
‫مللت لجلهللا مللع تضللمنه لمخادعللة الللله‬ ‫حّر َ‬
‫المفسللدة الللتي ُ‬
‫ورسوله " إغاثة اللهفان ‪1/354‬‬
‫ويظهللر عللدم تللأثير السلللعة فللي إباحللة المعاملللة مللن خلل‬
‫التي ‪:‬‬

‫‪732‬‬
‫‪ .1‬أهم دافع للشراء عند المشتركين هو التسويق ل السلللعة‬
‫بدليل أن أمثال هذه البرامج والخدمات كللانت موجللودة قبللل‬
‫ل ! فمللا الللذي‬ ‫هذه الشركة بسنوات ول تزال ‪ ،‬وبأسللعار أق ل ّ‬
‫جعل التكالب عليها بهذه الكثرة ‪ ،‬ومن هذه الشللركة بالللذات‬
‫سوى قصد الدخل المتولد من الشتراك فيها ؟؟‪.‬‬
‫‪ .2‬الحتجاج بأن المللواد نافعللة جللدا وسللهلة ولهللا تمي ّللز عللن‬
‫غيرها وتستحق أن يدفع فيها ملائة دولر ‪ ،‬عللى التسلليم بله‬
‫فللي بعللض الخللدمات إل أن هللذا الكلم مخللدوش بللأن هللذه‬
‫البرامج غير محفوظللة الحقللوق فللي الموقللع عللن السللتفادة‬
‫الشخصية عبر من سبق له الشراء دون أن يللدفع المسللتفيد‬
‫الجديللد شلليئا ً ‪ ،‬بللل الشللتراك الواحللد يمكللن أن يسللتعمله‬
‫العشرات ويستفيدوا من كل ما فللي الموقللع مللن خللدمات ‪.‬‬
‫وهللي غيللر محفوظللة الحقللوق إل عللن اسللتغللها مللن قبللل‬
‫شركات أخرى ‪ .‬فما الدافع لبذل المال فيها إل الللدخول فللي‬
‫هذا التسويق الهرمي )الميسر( ؟‪.‬‬
‫‪ .3‬وجود شرط ملجئ للللدخول فللي هللذا التسللويق الهرمللي‬
‫ممللاثله ؛ مللن‬ ‫وهو شرط شراء المنتج بسعر أكثر مللن قيمللة ُ‬
‫أجل الحصول على العمولة الكبر واستعمال موقللع الشللركة‬
‫في الدعاية والتسويق ‪ .‬فبتلأثير الغلراء يلدفع النسلان هلذه‬
‫الزيادة الباهظة على أمل تعويضها وأكثر منها عللبر التسللويق‬
‫الذي هو قصده الول ‪ ،‬وهذا هللو عيلن الميسللر المنهللي عنلله‬
‫شرعا ً ‪.‬‬
‫‪ .4‬ذكر العمولت المغريللة نظيللر التسللويق هللو دافللع النللاس‬
‫للشراء والشتراك ‪ ،‬بدليل عدم شرائهم ل غالبا ل إل بذكرها ‪.‬‬
‫وبللدليل إمكانيللة موافقللة البعللض علللى الشللراء دون الطلع‬
‫على فحوى المواد أو عدم الحاجة إليهللا مللن حيللث الصللل ‪.‬‬
‫وواقع الكثيرين من حيث عدم السللتفادة مللن أكللثر البرامللج‬
‫يزيد تأكيد هذا ‪ ،‬بل البعللض لللم يسللتعمل شلليئا مللن البرامللج‬
‫أصل ‪.‬‬

‫‪733‬‬
‫‪ .5‬المبلغ المطلوب للشتراك )‪ 99‬دولرا( يوازي فللي بعللض‬
‫البلد راتب شهر أو يزيد ‪ ،‬ويمتنع في عادة الناس دفللع مثللل‬
‫هللذا المبلللغ نظيللر هللذه البرامللج إل مللع وجللود قصللد الربللح‬
‫مل تحصيُله ‪ ،‬ومللع ذلللك يكللثر شللراؤها بللل قللد يقللترض‬ ‫المؤ ّ‬
‫النسان من أجلها ‪.‬‬
‫‪ .6‬من اشترى من أجل المنتج ) السللعة ( عنلدما يعلللم بلأن‬
‫الشركة تصّرح بأن ثلثة أرباع ما دفعه سُينفق على التسويق‬
‫بدل من شركات العلن فإن ذلك سيحّفزه نفسيا للشللتراك‬
‫في التسويق لتعويض ما دفعه من زيادة كبيرة علللى القيمللة‬
‫فيدخل في عملية التسويق ‪ ،‬ثللم ينسللاق وراءهللا ول يتوقللف‬
‫عند تعويض خسارته ‪ ،‬بل يواصل العملية ‪.‬‬
‫‪ .7‬بعض المتهافتين يشتري سلعة هذه الشركة أكثر من مرة‬
‫دث بنفسه إلى مللائة مللرة !! ل ل‬ ‫ل ووصلت عند بعضهم كما ح ّ‬
‫مللع العلللم أن الشللراء مللرة واحللدة كفيللل باسللتفادة هللذا‬
‫المشترك من كل البرامج في أي جهاز شاء وفي أي وقللت ‪،‬‬
‫وهذه الصورة ل يشك أحد فللي كونهللا ميسللرا ‪ ،‬وفيهللا دليللل‬
‫واضح علللى أن قصللد هللذه المعاملللة إنمللا هللو هللذا التعامللل‬
‫الميسري ‪.‬‬
‫‪ .8‬تلللزم الشللركة المشللتركين لسللتمرارهم فللي التسللويق‬
‫واستمرار العمولت المتضاعفة لهم بتجديد الشتراك سللنويا‬
‫بنفس المبلغ ‪ ،‬زعما بأنهللا ستضلليف خللدمات جديللدة ‪ ،‬وهللذا‬
‫التجديد ل على التسليم بحصوله ل عبارة عن شللراء لمجهللول‬
‫بثمن معلللوم ؛ إذ هللذا المسللتحدث قللد يكللون قليل أو يحللوي‬
‫برامج ليس للمشترك عناية بها ‪ ،‬وهذا الشراء محّرم لما فيه‬
‫من الغرر وجهالة أحد طرفي البيع جهالة مؤّثرة ‪.‬‬
‫‪ .9‬رجوع النسان إلى نفسه لمعرفة نّيتله وقصلده ملن هلذه‬
‫المعاملللة يسلّهل عليلله إدراك أن المقصللد هللو الللدخول فللي‬
‫التسويق الهرمي خاصة مع وجود أكثر ما يحتاجه من البرامج‬
‫والخدمات مجانا أو بسعر أقل بكثير في مواقللع أخللرى ‪ ،‬مللع‬

‫‪734‬‬
‫إمكانية تركه لشراء ما ل يحتاجه مللن البرامللج إمللا لسللهولته‬
‫عليه أو عدم اهتمامه به ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة لختلفهللا‬
‫عنها في نقاط جوهرية ُتغّير الحكم وتمنع إلحاقها بهللا ‪ ،‬ومللن‬
‫ذكر من المفتين أنها سمسرة فإنمللا أجللاب علللى أسللئلة لللم‬
‫ور للله المسللألة تصللويرا ً‬ ‫يذكر فيهللا مللن التفاصلليل الللتي تصل ّ‬
‫صحيحا ً مما يجعلل فتللواه غيلر منطبقللة علللى الواقلع ‪ ،‬وملن‬
‫ح للمسلألة ‪،‬‬ ‫شلروط صلحة الحكلم بنلاؤه عللى تصلوّرٍ صلحي ٍ‬
‫ي‬‫وعليه فل يجوز للنسان أن ُيقل ّللد ملن يعلللم أن حكملله مبنل ّ‬
‫على تصوير ناقص للمسألة ‪.‬‬
‫ومن الفروق بين هذه المعاملة وبين السمسرة المباحة ‪:‬‬
‫ة‬
‫‪ .1‬أن السمسرة هي دللة علللى سلللعة أو منفعللة مقصللود ٍ‬
‫ة لينتفللع بهللا ‪،‬‬
‫لذاتها ستصل في النهاية إلى المسللتفيد حقيقل ً‬
‫أما عملية التسويق الموجللودة فللي هللذه الشللركة فهللي بيللع‬
‫فرص تسللويق علللى أشللخاص ليبيعوهللا لغيرهللم لتصللل فللي‬
‫ملللونه مللن‬‫النهاية إلللى شللخص أو أشللخاص ل يجللدون مللا يؤ ّ‬
‫العقد ‪.‬‬

‫‪ .2‬أن السمسرة ل يشترط أن يدفع فيها السمسار شيئا ً من‬


‫المللال إذ ليللس مللن مصلللحة صللاحب السلللعة أن يعرقللل‬
‫السمسار بوضع شرط الللدفع للله أو الشللراء منلله ‪ ،‬أمللا هللذا‬
‫التسويق لمن كللان قاصللدا للله فمللن شللرط الللدخول فيلله أو‬
‫ميزاته دفعُ مبلغ ل ضمن ثمن البرامج ل ليكللون‬ ‫الحصول على ِ‬
‫وقا ً ‪ ،‬وتجديد الدفع سنويا للستمرار في التسويق ‪.‬‬ ‫مس ّ‬
‫‪ .3‬السمسلار يحلرص عللى البحلث علن أكلثر النلاس حاجلة‬
‫وق في هذه المعاملة فيحرص على البحللث‬ ‫للسلعة أما المس ّ‬
‫ض النظر عن حاجته ‪.‬‬ ‫عن القدر على تسويق المعاملة‪ ،‬ب ِغَ ّ‬
‫‪ .4‬السمسار ل علقة له بما يفعله المشللترون بالسلللعة أمللا‬
‫وق فللي هللذه المعاملللة فيحتللاج إلللى أن يسللتمر فللي‬ ‫المس ل ّ‬
‫تسويق السلعة حتى يكمل العدد ليحصل على العمولة ‪.‬‬

‫‪735‬‬
‫وقه مللن‬ ‫‪ .5‬في السمسرة يأخذ السمسار على قللدر مللا يس ل ّ‬
‫السلع ‪ ،‬أما في هذه المعاملة فقد يشترك اثنان في عدد من‬
‫وق لهم السلعة مباشرة أو بالتسللبب ويكللون بينهمللا مللن‬ ‫ُتس ّ‬
‫التفاوت في العمولت فرق كبير جدا بسللبب مللا يشللترطونه‬
‫من كيفيللة لسللتحقاق العمولللة ‪ ،‬وهللذا يؤكللد أن بنللاء شللبكة‬
‫دعون من السلع‬ ‫ة ل ما ي ّ‬‫التسويق الهرمي هو المقصود أصال ً‬
‫‪.‬‬
‫وهذه الفللروق الخمسللة بيللن المعللاملتين تللدل علللى اختلف‬
‫حقيقتهما بملا يمنلع ملن إباحلة معامللة بزنلاس قياسلا عللى‬
‫السمسرة ‪ ،‬لسيما أن في معاملللة بزنللاس أسللباب واضللحة‬
‫للتحريم كما سبق ‪.‬‬
‫‪ .6‬لو فرضنا أنها سمسرة ل وهذا غير صحيح لل فللإن الحرمللة‬
‫وق ل يمكللن أن ي ُللبّين لمللن‬ ‫تللدخلها مللن جهللة أن هللذا المس ل ّ‬
‫يعللرض عليلله أن هللذه السلللعة يوجللد مثلهللا فللي غيللر هللذه‬
‫الشركة بربع المبلغ أو نصفه ‪ ،‬أو أنلله قللد ل يحتللاج لبعضللها ‪،‬‬
‫فضل عن أن يخبره بإمكان الستفادة الشخصية الكاملة منها‬
‫وق الخاص دون التأثير عليه ودون‬ ‫من الموقع عبر رقم المس ّ‬
‫كز معه علللى ذكللر العمولللة الكللبيرة‬ ‫دفع شيء ‪ ،‬ول بد أن ير ّ‬
‫وق ‪.‬‬ ‫التي سيحصل عليها إذا اشترى وس ّ‬
‫‪ .7‬مللن جعلهللا سمسللرة وأباحهللا اشللترط أن ل يكللون فللي‬
‫تسويقها مخادعة أو أن ل يمدحها بما ليس فيهللا ‪ ،‬وهللذا غيللر‬
‫وقين لما سبق بيانه ‪.‬‬ ‫متحقق عادة عند كثير من هؤلء المس ّ‬
‫وبهذا التفصيل في الجواب يتبّين حرمة هذه المعاملة وحرمة‬
‫مثيلتها ‪ ،‬ونصيحتنا في هللذا المقللام لصللحاب هللذه الشللركة‬
‫ومندوبيها أن يتقوا الله في البحث عن مصادر الرزق البعيدة‬
‫عن الحرمة أو الشبهة ‪ ،‬وأن يتقوا اللله فلي أملوال إخللوانهم‬
‫المسلللمين قبللل أن ل يكللون درهللم ول دينللار وإنمللا هللي‬
‫الحسنات والسيئات ‪ ،‬وليس هناك إل جنة أو نار ‪.‬‬
‫وصلى الله وسّلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫‪.‬‬

‫‪736‬‬
‫السلم سؤال وجواب )‪(www.islam-qa.com‬‬
‫حكم التعامل مع شركة )بزناس كوم(‬
‫د‪ /‬أحمد بن موسى السهلي‬
‫رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف‬
‫مقدمة لبد منها ‪:‬‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على سيد النبيللاء‬
‫والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫أما بعد ‪ :‬فقد سأل كللثير مللن إخواننللا المسلللمين عللن حكللم‬
‫التعامل مع شركة ))بزناس كوم(( ؟ منهم ‪ :‬د‪ /‬فواز الزايدي‬
‫‪ ،‬وسللطام الغامللدي ‪ ،‬وفيصللل الثبيللتي ‪ ،‬ونبيللل الشللامي ‪،‬‬
‫وأناس آخرون حضروا للمسجد ‪ ،‬وآخرون عبر الهاتف ‪ ،‬فقللد‬
‫رأيت أن تكون الجابة محررة ‪.‬‬
‫نظرا ً لن هذه الشللركة كغيرهللا مللن الشللركات والمعللاملت‬
‫التجارية المعاصرة التي استحدثت في هذا العصر ‪ ،‬والجابللة‬
‫عليها يحتاج إلى معرفة نظللام هللذه الشللركة وطريقتهللا فللي‬
‫البيع والشراء وشروطها ؛ إذا ً لبد من تصورها وتكييفها فقهيا ً‬
‫لن الحكم على الشيء فرع تصوره – ول سيما وقللد نشللأت‬
‫في هذه العصور عقود تجارية هي من صياغة اليهود ‪ ،‬الللذين‬
‫يقوم اقتصادهم علللى الربللا والتحايللل علللى مللا حلّرم الللله –‬
‫وكثير من المعاملت المعاصللرة ل عهللد لهللل السلللم بهللا ؛‬
‫واليهود معلوم عنهم مكرهم ودهللاؤهم وتلعبهللم بالشللرائع ‪،‬‬
‫وتحايلهم على ما حّرم الله ‪ ،‬وأصبحوا في هذا العصر – هم ‪-‬‬
‫رواد التجارة العالمية ومنظروها ‪ ،‬ولهم أساليبهم في الحيللل‬
‫والدعاية والعلم واستحلل ما حّرم الللله – ومللن هنللا يجللب‬
‫على طالب العلم الشرعي والعالم والمفتي للناس أن يكون‬
‫على حذر من لعب اليهود وحيلهم ‪ ،‬وقد كثر في هللذا العصللر‬
‫التحايل على الربا والقمار والميسللر ‪ ،‬فحسللن الظللن بقللادة‬
‫التجلارة العالميلة ورطلة للذا فلإني أههيلب بإخواننلا العلملاء‬
‫الصالحين الذين يحسنون الظللن ويسللتندون إلللى أن الصللل‬
‫فللي المعللاملت القاعللدة الشللرعية الصللحيحة المعروفللة‬

‫‪737‬‬
‫)الباحللة( ‪ ،‬هللذه القاعللدة اسللتغلها كللثير مللن عب ّللاد الللدينار‬
‫والدرهم – الذين دعى عليهم رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم بالتعاسة – نسأل الله العافية ‪.‬‬
‫لللذلك طلبللت مللن الخللوة السللائلين إحضللار نظللام الشللركة‬
‫لقراءتلله والطلع عليلله وقللد قمللت – والحمللد لللله ‪ -‬بقللراءة‬
‫نظللام شللركة )بزنللاس كللوم(‪ ،‬لكللي أسللتطيع أن أكتللب فللي‬
‫المسألة فقهيا ً عن تصور بحسب ما يظهر لي – ثللم اطلعللت‬
‫علللى مللا كتبلله الخ الفاضللل الللدكتور‪ /‬سللامي بللن إبراهيللم‬
‫السللويلم – عللن تصللوره وفهملله لهللذه الشللركة وتصللويره‬
‫للمسألة فجللزاه اللله خيللرا ً ‪ ،‬فقللد أفللادني كللثيرا ً حللول هللذه‬
‫الشركات العالمية‪.‬‬
‫وقبل الجابة عن حكم التعامل مللع شللركة ))بزنللاس كللوم((‬
‫أود أن أضع بيللن يللدي المسللتفتين بعللض قواعللد المعللاملت‬
‫الشرعية الجامعة لصول ما يحل وما يحللرم مللن المعللاملت‬
‫التجارية لتكون منطلقا ً لمعرفللة الحكللم علللى هللذه الشللركة‬
‫وغيرها من البيوع المستحدثة في هذا العصر ‪.‬‬
‫ل‪ :‬أن من فضل الله تعالى على أمللة السلللم – أن الحلل‬ ‫أو ً‬
‫بّين ‪ ،‬وأن الحرام بّين ‪ ،‬وأن ملن تملام الشلريعة وكمالهلا أن‬
‫رسولها ‪ -‬محمد صلى الله عليه وسلم ‪ُ -‬أعطي جوامع الكلم‬
‫‪ ،‬وأنه الشارح والمبّين لمللا ُأجمللل فللي القللرآن الكريللم مللن‬
‫ن‬ ‫مل ْ‬
‫م ِ‬ ‫ه ل َك ُل ْ‬ ‫ل الل ّل ُ‬ ‫مللا أ َن ْلَز َ‬ ‫م َ‬
‫أمثال قول الله تعالى‪ } :‬قُ ْ َ َ‬
‫ل أَرأي ْت ُ ْ‬
‫م عَل َللى‬ ‫ل َأالل ّله أ َذن ل َك ُل َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫حلل ً قُ ل ْ‬ ‫حَرام لا ً وَ َ‬‫ه َ‬‫من ْ ُ‬ ‫جعَل ْت ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ق فَ َ‬‫رِْز ٍ‬
‫َ‬
‫من ُللوا ل‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن { النحل ‪ .‬وقوله تعالى ‪َ }:‬يا أي َّها ال ّل ِ‬ ‫الل ّهِ ت َْفت َُرو َ‬
‫ض‬ ‫را‬ ‫تلل‬ ‫ن‬ ‫علل‬‫َ‬ ‫ً‬ ‫ة‬‫ر‬ ‫جا‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن تَ ُ‬
‫كو‬ ‫تأ ْك ُُلوا أ َموال َك ُم بينك ُم بال ْباطل إل ّ أ َ‬
‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َْ َ ْ ِ َ ِ ِ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫حيما ً { النساء ‪.‬‬ ‫م َر ِ‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫م إِ ّ‬ ‫م َول ت َْقت ُُلوا أنُف َ‬
‫سك ُ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ِ‬
‫فقد وردت أحاديث تبين معنى التراضي ‪ ،‬والمراد بلله شللرعا ً‬
‫وليس كل تراضي بيللن المتبللايعين معتللبر شللرعا ً – فالرضللى‬
‫المعتبر شرعا ً بين المتعاملين هو الرضى المنضبط بضللوابط‬
‫الشللرع فللي الللبيوع ‪ ،‬فلللو تراضلليا المتعاقللدين علللى عقللود‬
‫محرمة لم ينفعهما رضاهما لن العبد ليللس للله أن يفعللل مللا‬

‫‪738‬‬
‫يشاء ‪ ،‬وإنما له أن يفعللل مللا أجللازه الشللارع ‪ ،‬فالعبللد مقيللد‬
‫بالعبودية لله ‪ ،‬والتعبد بشرعه ؛ فل يجللوز للله أن يخللرج عللن‬
‫أحكام شرع الله تعالى – بحجة الرضى‪. -‬‬
‫القاعدة الثانية ‪:‬‬
‫أن هناك أصل ً جامعا ً للمنهيات والمأمورات قائما ً على العدل‬
‫والقسط ‪ ،‬فالشللارع ل يللأمر إل بمللا فيلله صلللح النللاس فللي‬
‫دينهم ودنيللاهم ‪ ،‬ول يح لّرم عليهللم إل مللا فيلله ضللرر وفسللاد‬
‫عليهم في دينهم ودنياهم ‪ ،‬ول يشذ عن هللذا القاعللدة شلليء‬
‫كما ذكر الله تعالى في وصف شريعته الغللراء الخالللدة علللى‬
‫م‬ ‫ْ‬
‫مُرهُ ْ‬ ‫الزمللن ‪ ،‬الصللالحة لكللل زمللان ومكللان فقللال‪َ }:‬يللأ ُ‬
‫م‬
‫ح لّر ُ‬ ‫ت وَي ُ َ‬ ‫م الط ّي ّب َللا ِ‬ ‫ل ل َهُ ل ْ‬ ‫حل ّ‬ ‫منك َرِ وَي ُ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫ف وَي َن َْهاهُ ْ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ت‬ ‫ل ال ّت ِللي ك َللان َ ْ‬ ‫غل َ‬ ‫م َوال َ ْ‬ ‫ص لَرهُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ض لعُ عَن ْهُ ل ْ‬ ‫ث وَي َ َ‬ ‫خب َللائ ِ َ‬ ‫م ال ْ َ‬‫عَل َي ْهِ ل ْ‬
‫مَر َرّبللي‬ ‫عَل َيهم ‪ {(157) ...‬العراف ‪ .‬وقال سبحانه ‪ }:‬قُ ْ َ‬
‫لأ َ‬ ‫ِْ ْ‬
‫مللا‬‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َرّبي ال َْف َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫ط ‪ { (29) ..‬وقال ‪ }:‬قُ ْ‬
‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ِبال ِْق ْ‬
‫َ‬
‫كوا‬ ‫ش لرِ ُ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫ح لقّ وَأ ْ‬ ‫ي ب ِغَي ْلرِ ال ْ َ‬ ‫م َوال ْب َغْ ل َ‬ ‫ن َوال ِث ْ َ‬ ‫ما ب َط َ َ‬ ‫من َْها وَ َ‬ ‫ظ َهََر ِ‬
‫َ‬
‫مللا ل‬ ‫ن ت َُقول ُللوا عَل َللى الل ّلهِ َ‬ ‫طانا ً وَأ ْ‬ ‫س لل ْ َ‬ ‫ل ب ِلهِ ُ‬ ‫م ي ُن َلّز ْ‬ ‫مللا ل َل ْ‬ ‫ِبالل ّهِ َ‬
‫ن )‪{ (33‬‬ ‫مو َ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫فكل ما أبللاحته الشللريعة السلللمية قسللط وعللدل ‪ ،‬وصلللح‬
‫وخير ‪ ،‬ومنافع للناس ‪ ،‬وكللل مللا نهللت عنلله وحرمتلله ‪ ،‬ظلللم‬
‫وجور ‪ ،‬وفساد وضرر‪ ،‬ومن تتبللع أحكلام الشلريعة السللمية‬
‫يجدها ل تخرج عن هذا الصل الصيل ‪ ،‬ومن ذلك المعاملت‬
‫المالية ‪.‬‬
‫القاعدة الثالثة‪:‬‬
‫الصل في المعاملت التجارية الذن ‪ ،‬والباحللة والحللل – فل‬
‫يمنع ول يحرم إل ما ورد الشرع بتحريمه ومنعلله ‪ ،‬قللال الللله‬
‫َ‬
‫م الّرَبا {‬ ‫حّر َ‬ ‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫تعالى ‪ }:‬وَأ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل)‬ ‫م ِبال َْباط ِ ِ‬ ‫م ب َي ْن َك ُ ْ‬‫وال َك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مُنوا ل ت َأك ُُلوا أ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫وقال ‪َ }:‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫‪. { (29‬‬
‫ومعنى )بالباطل( بللالحرام كالربللا والغللرر والجهالللة وبيعللتين‬
‫في بيعة ‪..‬الخ ‪.‬‬

‫‪739‬‬
‫وهذا شامل لجميللع أنللواع التجللارات فمللتى جمعللت التجللارة‬
‫والمعاملة المالية ‪ ،‬الرضى المعتبر شرعا ً ‪ ،‬والصدق والبيللان‬
‫والعدل وعدم الغرر‪ ،‬وعدم الغللش ‪ ،‬وعللدم الخللداع ‪ ،‬وعللدم‬
‫التغرير ‪ ،‬وتوفرت شروط البيع الصحيح التي استنبطها فقهاء‬
‫السلم من كتاب الله تعللالى الفرقللان وسللنة رسللوله صلللى‬
‫الللله عليلله وسلللم المللأمور بالبيللان ‪ ،‬عللن تللراض بيللن البللائع‬
‫والمشتري ‪ ،‬وكون البائع والمشتري جللائز التصللرف ‪ ،‬وكللون‬
‫ل‪ ،‬والمبيع ملك لا ً للبللائع ‪ ،‬قللادرا ً البللائع علللى تسللليم‬ ‫المبيع ما ً‬
‫المبيع للمشتري ‪ ،‬والمشتري قادر على دفع الثمن ‪ ،‬والمللبيع‬
‫مباح لًا‪ ،‬والثمللن معلوم لًا‪ ،‬والمللبيع معلوم لًا‪ ،‬لكللل مللن البللائع‬
‫والمشللتري ‪ ،‬إمللا بمشللاهدة ورؤيللة ‪ ،‬وإمللا بوصللف – وان ل‬
‫يكون البيع معلق بشللرط ‪ ،‬فل بللد مللن التنجييللز فللي الللبيع –‬
‫يعني ‪ :‬إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع ‪.‬‬
‫القاعدة الرابعة ‪:‬‬
‫تأكيدا ً لما قبله حّرم الشارع الحكيم بعض المعللاملت رحمللة‬
‫منه بعباده لما فيها من الضرر ‪ ،‬فحّرم السلم الربا والقمللار‬
‫والميسر والغللرر لن فللي الغللرر مخللاطرة ؛ لكللونه مجهللول‬
‫العاقبة – المفضللية إلللى النللزاع والشللقاق والخصللام والغبللن‬
‫ما‬‫والتحسر والتألم الذي من أجله حّرم الخمر والميسر‪ } :‬إ ِن ّ َ‬
‫ضللاَء فِللي ال ْ َ‬ ‫طا َ‬
‫ر‬
‫مل ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫داوَةَ َوال ْب َغْ َ‬
‫م ال ْعَل َ‬
‫ن ُيوقِعَ ب َي ْن َك ُ ْ‬‫نأ ْ‬ ‫شي ْ َ ُ‬ ‫ريد ُ ال ّ‬ ‫يُ ِ‬
‫َ‬
‫م‬‫ل أن ْت ُل ْ‬ ‫صلللةِ فَهَل ْ‬‫ن ال ّ‬ ‫ن ذِك ْلرِ الل ّلهِ وَعَل ْ‬ ‫م عَل ْ‬‫صلد ّك ُ ْ‬
‫سلرِ وَي َ ُ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬
‫ن )‪ { (91‬المائدة‪ .‬أقول ‪:‬‬ ‫منت َُهو َ‬ ‫ُ‬
‫حّرم التغرير بالناس والتدليس والغش والخداع ‪.‬‬
‫حّرم بيع الحاضر للبادي – أي ل يكون له سمسارا ً ‪.‬‬
‫وحّرم تلقي الركبان ‪ .‬وحّرم بيعتان في بيعة ‪.‬‬
‫القاعدة الخامسة ‪:‬‬
‫أن ل يشتمل عقد الللبيع علللى تللرك واجللب كللالبيع بعللد نللداء‬
‫الجمعللة الثللاني ‪ ،‬أو وسلليلة لفعللل محلّرم كللبيع العنللب لمللن‬
‫يتخذه خمرا ً ‪ ،‬وما شابه ذلك ‪.‬‬

‫‪740‬‬
‫والخلصة أن المعاملت المالية تدور مع المصلحة الراجحة ‪،‬‬
‫وتبتعد عن المفاسد الراجحة ‪ ،‬وكما قلال شليخ السللم ابلن‬
‫تيمية والعز بن عبد السلم والشاطبي وابن القيم وغيرهللم ‪:‬‬
‫)) إن الشللريعة مللا جللاءت إل لتحقيللق مصللالح العبللاد فللي‬
‫العاجل والجل وذلك بتحصيل المصللالح وتكميلهللا ‪ ،‬وتعطيللل‬
‫جللح خيللر الخيريللن ‪ ،‬وتللدفع شللر‬ ‫المفاسد وتقليلها ‪ ،‬فهللي تر ّ‬
‫صل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهمللا وتللدفع‬ ‫الشرين ‪ ،‬وتح ّ‬
‫أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما ((‪.‬‬
‫ثانيللا ً ‪ :‬وقبللل الجابللة – علللى السللؤال – أود أن أشللكر الخ‬
‫الدكتور‪ /‬سامي السويلم الذي قللام مشللكورا ً بدراسللة نظللام‬
‫الشركة وموقف حكومات الغرب منها ‪ ،‬وتكيفه للموضللوع –‬
‫وإبدائه وجهة نظره ‪ ،‬ومن حقه ومللن حللق كللل طللالب علللم‬
‫شللرعي يملللك آلللة الجتهللاد والسللتنباط ومعرفللة الشللباه‬
‫والنظائر ‪ ،‬وأن يتبين موقف الشريعة السلمية فيما يجد من‬
‫قضلللايا العصلللر المتشلللابكة فلللي إطلللار قواعلللد الشلللريعة‬
‫السلمية ‪.‬‬
‫أما رأي في التعامل مع شركة ))بزناس كوم(( – بيعا ً وشراء‬
‫فل يجوز ‪ ،‬وذلك لما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬العقد اشتمل على غرر ‪ ،‬ومقامرة ‪ ،‬وبينه وبين )يانصيب(‬
‫شبه كبير كما ظهر لي ‪.‬‬
‫‪ -2‬اشتمل العقد على مضمون نهي الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم عن بيع الحاضر للبادي‪.‬‬
‫‪ -3‬اشتمل على بيعتين في بيعة ‪.‬‬
‫)) توضيح لبعض الفقرات السابقة ((‬
‫لقلللد حلللّرم السللللم الميسلللر – القملللار – فقلللال تعلللالى ‪:‬‬
‫} يسأ َ‬
‫ع‬
‫من َللافِ ُ‬ ‫م ك َِبي لٌر وَ َ‬ ‫ما إ ِث ْل ٌ‬‫ل ِفيهِ َ‬ ‫سرِ قُ ْ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫مرِ َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫لو‬‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬
‫ما )‪ { (219‬البقرة‪.‬‬ ‫ن ن َْفعِهِ َ‬ ‫م ْ‬‫ما أك ْب َُر ِ‬ ‫س وَإ ِث ْ ُ‬
‫مه ُ َ‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫َ‬
‫س لُر‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫م لُر َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫مللا ال ْ َ‬ ‫من ُللوا إ ِن ّ َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقللال أيض لا ً ‪ }:‬ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫جت َن ُِبوهُ ل َعَل ّك ُ ْ‬‫ن َفا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َوالْزل ُ‬ ‫صا ُ‬ ‫َوالن َ‬
‫طا َ‬
‫داوَةَ‬ ‫م ال ْعَل َ‬ ‫ن ُيوقِلعَ ب َي ْن َك ُل ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫شلي ْ َ ُ‬ ‫ريلد ُ ال ّ‬ ‫مللا ي ُ ِ‬ ‫ن )‪ (90‬إ ِن ّ َ‬ ‫حو َ‬ ‫ت ُْفل ِ ُ‬

‫‪741‬‬
‫كلرِ الّللهِ وَعَل ْ‬
‫ن‬ ‫ن ذِ ْ‬
‫عل ْ‬ ‫صلد ّك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫سرِ وَي َ ُ‬ ‫مرِ َوال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫ضاَء ِفي ال ْ َ‬
‫خ ْ‬ ‫َوال ْب َغْ َ‬
‫ن )‪ { (91‬المائدة ‪.‬‬ ‫الصلة فَه ْ َ‬
‫منت َُهو َ‬‫م ُ‬ ‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫ّ ِ َ‬
‫هللذه اليللات معناهللا كمللا قللال علمللاء التفسللير ‪)):‬إن الللله‬
‫سبحانه وتعالى جمع هذه المحرمات الربع ‪ :‬الخمر ‪ ،‬الميسر‬
‫‪ ،‬النصاب والزلم فللي آيللة واحللدة ‪ ،‬حيللث قللرن الميسللر –‬
‫القمار – بالخمر والنصاب والزلم – نظرا ً لمللا للميسللر مللن‬
‫إشغال للقلب والفكر عن مصالح الدين والللدنيا ‪ ،‬وإيقللاد نللار‬
‫العداوة والبغضاء بيللن أصللحابه ‪ ،‬وقليللله يللدعو إلللى كللثيره ‪،‬‬
‫ويفعل بالعقل والفكر ما يفعل الخمر ويصللير صللاحبه عللاكف‬
‫عليه عكوف شارب الخمر على خمللره ؛ لنلله ل يسللتحي ول‬
‫يخاف كما يخاف شارب الخمر ‪.‬‬
‫وقللد ثبللت عللن الصللحابة أن الميسللر مللذهب للعقللل سللالب‬
‫للمللال ‪ ،‬ولللذلك قللال شلليخ السلللم ابللن تيميللة رحملله الللله‬
‫تعالى ‪)):‬أن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربللا ‪ ،‬لنلله‬
‫يشللتمل علللى مفسللدتين مفسللدة أكللل المللال الحللرام ‪،‬‬
‫ومفسدة القمار المحرم (( ]مجموع الفتاوى‪:‬ج ‪.[32/237‬‬
‫ولم يفرق فقهاء السلم بين الميسر والقمار والغرر إل فللي‬
‫صور يسيرة – والغرر حرام كما ثبت نهي الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬عنه في أحاديث عدة في صحيح مسلم غيللره ‪:‬‬
‫)) نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ((‬
‫فما هو الغرر ؟ هو ما كان عاقبته مجهولة ؛ لنلله قللائم علللى‬
‫الحتمال والشك والتردد – وهللذا الللبيع بيللع شللركة ))بزنللاس‬
‫كوم(( عاقبته مجهولة فيسري في هذا اللبيع ملا قلاله فقهلاء‬
‫السلم عن تعريف الغرر أنه يقوم على الغنللم والغللرم – أي‬
‫أنه متردد بين أمريللن الغنللم – والغللرم ‪ ،‬وكللل مللا تللردد بيللن‬
‫الغنللم والغللرم فهللو غللرر مح لّرم عنللد جميللع الفقهللاء لنهللي‬
‫الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬الصريح فللي ذلللك (( راجللع‬
‫إن شئت ‪ :‬فتاوى شيخ السلم ج ‪ – 491-483-29/22‬وفقه‬
‫المعاملت للمام ابن سيرين مقارنا ً بفقه الصحابة والتللابعين‬
‫والئمة الربعة – لكاتب هذه السطر ج ‪ – 161-1/145‬فللإن‬

‫‪742‬‬
‫فيه خلصة كلم أهل العلم في بحث القمار والغللرر ‪ ،‬وراجللع‬
‫في بحث ))يانصيب(( ما كتبه الشيخ محمد رشلليد رضللا فللي‬
‫تفسيره المنار عند كلمه على الميسللر وراجللع أيض لا ً فتللاوى‬
‫اللجنللة الدائمللة فللي المملكللة السللعودية ج ‪ 15/200‬ومللا‬
‫بعدها ‪.‬‬
‫وستجد صورا ً مشابهة لشركة بزناس كوم – والفقه يللا أخللي‬
‫المسللتفتي إنمللا هللو الشللباه والنظللائر ‪ ،‬ومعرفللة القواعللد‬
‫الشللرعية – وليلس حفللظ المتلون فقللط ‪ ،‬وإن كلان الحفلظ‬
‫مطلوبًا‪.‬‬
‫ثانيللا ً ‪ :‬العقللد فللي شللركة بزنللاس كللوم ‪ ،‬مشللتمل علللى‬
‫السمسرة المحرمة – التي هي داخلة في بيع الحاضر للبادي‬
‫‪ ،‬وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحاضر‬
‫للبادي‪.‬‬
‫وذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم بيع الحاضر للبادي – راجللع‬
‫إن شئت كتاب فقه المعاملت عند ابن سلليرين لكللاتب هللذه‬
‫السطر ج ‪.9،291-202/2 ،161-1/145‬‬
‫ثالثًا‪ :‬يشتمل العقد في شركة ))بزناس كوم((‪ ،‬علللى بيعللتين‬
‫في بيعة ‪ ،‬وكذلك بيع وشرط – وهو شرط خارجي ليس مللن‬
‫مقتضى العقد ‪ ،‬وذلك أن الشللركة تشللترط علللى المشللتري‬
‫للموقللع – أو المنتللج – أن يللأتي بأشللخاص – ول تعطيلله مللا‬
‫يسللللمى بالعمولللللة – أو السمسللللرة إل إذا جللللاء بالعللللدد‬
‫المطلوب ‪ ،‬إضافة إلى الغرر الموجود ‪ ،‬ومجيء الزبائن أمللر‬
‫مجهول ‪ ،‬هل يجد أشخاصا ً أم ل ؟ إذا ً ‪ :‬هو غرر وداخللل فللي‬
‫بيعتين في بيعة ‪ ،‬وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫‪)) :‬عن الغرر وعن بيعتين في بيعة (( ‪.‬‬
‫إضافة إلى وجود شرط يخلالف مقتضلى الللبيع ‪ ،‬وهلو تعليللق‬
‫البيع على شرط‬
‫راجع إن شئت ‪ :‬المغنللي لبللن قدامللة ج ‪،6/118،308،332‬‬
‫وكشاف القناع ج ‪،3/193‬ونيل الوطار للشوكاني ج ‪.6/288‬‬
‫والخلصة ‪:‬‬

‫‪743‬‬
‫والذي يظهر لي أن التعامللل مللع هللذه الشللركة ل يجللوز لمللا‬
‫ذكرت سابقا ً ‪ ،‬ولما ُأأكده لحقا ً ‪:‬‬
‫‪ -1‬ما فللي هللذا الللبيع مللن المقللامرة والمغالبللة والمخللاطرة‬
‫والجهالة ‪ ،‬فالشراء للمنتج بنية إحضار زبائن ممللا يللدل علللى‬
‫أن المشتري يشتري الموقع ل غرض للله فيلله – إل الحصللول‬
‫علللى المكاسللب مللن الزبللائن فللي التنظيللم الهرمللي‪ ،‬وقللد‬
‫صدرت فتوى من اللجنة الدائمة بعللدم جللواز شللراء السلللعة‬
‫من أجل الجائزة ‪ ،‬والمشتري هنا في شركة بزناس يشللتري‬
‫ل زبللون خمسللة دولرات ‪ ،‬وفللي هللذا محللاذير‬ ‫مقابللل كلل ّ‬
‫شرعية ‪ :‬منها أكل المال بالباطل الذي قال عنه الله تعللالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل ‪) .....‬‬ ‫م ِبال َْبا ِ‬
‫طل ِ‬ ‫وال َك ُ ْ‬
‫م ب َي ْن َك ُل ْ‬ ‫مل َ‬‫مُنوا ل ت َأك ُُلوا أ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫} َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪ { (29‬النساء‪.‬‬
‫ومعنى أكل المال بالباطل ‪ :‬أي بالحرام كالربا والغللرر ‪ ،‬ومللا‬
‫شابه ذلك من المكاسب غير الشرعية ‪ ،‬ومن سللائر صللنوف‬
‫الحيل ‪ ،‬وإن ظهر في قالب الحكم الشرعي ممللا يعلللم الللله‬
‫أن متعاطيها إنما يريد الحيلة ‪ .‬راجع إن شللئت ‪ :‬تفسللير ابللن‬
‫كثير ))العمدة(( ج ‪. 1/147‬‬
‫وراجللع فللي المسللألة ‪ :‬فتللاوى اللجنللة الدائمللة للفتللوى فللي‬
‫المملكللة السللعودية ج ‪ ، 193-15/192‬لمللا فللي المسللألة‬
‫المدونة من الشبه بينها وبيللن شللركة )بزنللاس كللوم( إضللافة‬
‫إلى الشروط التي تنافي مقتضى العقد ‪.‬‬
‫‪ -2‬نصيحة محب ‪:‬‬
‫إن أقل الحتمالت أنه من المور المشللتبهات – فمللن اتقللى‬
‫الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه – والمسلم مطللالب بللأن‬
‫يكون كسبه يقوم على الطرق الشرعية الصحيحة ‪ ،‬وقد بّين‬
‫س‬
‫رسول ا لله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬أنه »يللأتي علللى النللا ِ‬
‫ن الحرام«‪.‬‬ ‫ل أم م َ‬ ‫ن الحل ِ‬ ‫م َ‬ ‫خذ َ منه أ ِ‬ ‫ن ل ُيبالي المرُء ما أ َ‬ ‫زما ٌ‬
‫رواه الشيخان‪.‬‬

‫‪744‬‬
‫فيجب عليك – أخي المستفتي – أن تتحرى الطرق الشرعية‬
‫الصللحيحة لكسللبك ‪ ،‬وأن تكللون حلل ً ل شللبهة فيهللا حللتى ل‬
‫يسرى فيك نص الحديث السابق‪.‬‬
‫وقد كثر فللي هللذا العصللر التسللاهل بحجللة مللا يسللمى بفقلله‬
‫التيسير وارتكللب النللاس مللن خلل – هللذه النغمللة الجديللدة‪-‬‬
‫طرقللا ً محرمللة فللي الللبيع والشللراء وأكللل أمللوال النللاس‬
‫بالباطل ‪ ،‬وكم كان النبي ‪ -‬صلى الله عليلله وسلللم ‪ -‬حريص لا ً‬
‫على أمته أن ل يأكلوا إل طيبا ً كما كان يأكل الرسللول صلللى‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫ب ل َ ي َْقب َل ُ‬ ‫ه ط َي ّل ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫الله عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪» :‬أي َّها الّنا ُ‬
‫َ‬ ‫إل ّ ط َيبًا‪ .‬وإن الل ّ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ن‪ .‬فََقا َ‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫مَر ب ِهِ ال ْ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫مَر ال ْ ُ‬ ‫هأ َ‬ ‫َ‬ ‫َِ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫مللا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬
‫صللاِلحا إ ِن ّللي ب ِ َ‬ ‫ملللوا َ‬ ‫ت َواعْ َ‬ ‫ن الطي َّبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل كلوا ِ‬ ‫} َيا أي َّها الّر ُ‬
‫َ‬
‫ل‪ } :‬ي َللا أي ّهَللا‬ ‫م{ )‪32‬المؤمنللون اليللة‪ (15 :‬وَقَللا َ‬ ‫ن عَِلي ل ٌ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ت َعْ َ‬
‫م { )‪2‬البقللرة اليللة‪:‬‬ ‫مللا َرَزقْن َللاك ُ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ط َي َّبا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مُنوا ك ُُلوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫شع َ َ‬ ‫َ‬
‫مد ّ َيللد َي ْهِ‬ ‫ث أغْب ََر‪ .‬ي َ ُ‬ ‫سَفَر‪ .‬أ ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫طي ُ‬ ‫ل يُ ِ‬ ‫ج ُ‬‫م ذ َك ََر الّر ُ‬ ‫‪ .«(271‬ث ُ ّ‬
‫م‪َ ،‬و‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫شَرب ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م‪ ،‬وَ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬‫مط ْعَ ُ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫ب َيا َر ّ‬ ‫ماِء‪َ .‬يا َر ّ‬ ‫س َ‬‫إ َِلى ال ّ‬
‫َ‬
‫ب ِلذاِلك؟«‪.‬رواه‬ ‫جا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م‪ .‬فَأّنى ي ُ ْ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫م‪ ،‬وَغُذِيَ ِبال ْ َ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬‫مل ْب َ ُ‬‫وَ َ‬
‫البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫فليحذر المسلمون من التجارة العالمية وشركاتها ‪ ،‬وليحرص‬
‫المسلم على البعد عن معاملت اليهود وعدم التللأثر بللأخلق‬
‫اليهود في التعامللل المللالي وغيللره ‪ ،‬لن بريللق المللال جعللل‬
‫اليهود يحتالون على ما حّرم الله من قديم الزمان ‪ ،‬كملا هلو‬
‫معلللوم لكللم فللي الشللحوم ‪ ،‬وصلليد السللمك والربللا ‪ ..‬الللخ ‪،‬‬
‫ولكونهم في هذا العصر هم قادة التجارة العالمية ومنظريهللا‬
‫ومروجيها ‪ ،‬فهم يبتكرون وسائل كثيرة للتحايللل علللى الللله ‪،‬‬
‫فقللد رأينللا فللي أسللواق المسلللمين أمللورا ً ل عهللد للتجللار‬
‫المسلمين بها ‪ ،‬ول تمت إلللى المعللاملت السلللمية بصلللة ‪،‬‬
‫والفقه السلمي ل ينشأ في أحضللان الحيللل اليهوديللة ويبللدأ‬
‫يبحللث عللن الحلللول وتصلليد النصللوص لسلللمة المعللاملت‬
‫اليهودية ‪ ،‬فقد قدم الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلللم ‪ -‬وفللي‬
‫المدينة بيوع – فحّرمها ونهللى عنهللا ‪ ،‬وأق لّر مللا ينللدرج تحللت‬

‫‪745‬‬
‫القواعد الشرعية من العللدل والقسللط ‪ ،‬ونهللى عمللا يسللبب‬
‫العداوة والبغضاء ‪.‬‬
‫وأخيرا – فالذي ظهر لي‪ -‬أن نظلام شلركة ))بزنلاس كلوم((‬
‫يقوم على الغرر والمقللامرة وأكللل أمللوال النللاس بالباطللل ‪،‬‬
‫والبيع والشراء في السلم ل يقوم على التسلسللل الهرمللي‬
‫كما هو في شركة ))بزناس كوم(( ‪ ،‬وكللذلك الشللروط الللتي‬
‫تخالف مقتضى العقد ‪ .‬هذا ما ظهر لي ‪.‬‬
‫والله أعلم ‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسّلم‪.‬‬
‫كتبه‬
‫د‪ /‬أحمد بن موسى السهلي‬
‫رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف‬
‫والمدرس في جامع المير أحمد بن عبد العزيز بالطائف‬
‫‪Alkhalil123@hotmail.com‬‬
‫التكييف الفقهي لشركات التسويق الشبكي‬
‫شركة بزناس‬
‫إبراهيم أحمد الشيخ الضرير‬
‫مركز الكلم الطيب للبحوث والدراسات‬
‫أسس الشركة كل من السيد‪/‬علي الشرجي عماني الجنسية‬
‫والسيد‪/‬عمران خان باكسللتاني‪ ,‬وكلهمللا صللاحب خللبرة فللي‬
‫التسويق الشبكي‪.‬‬
‫بدأت الشركة عملها في أكتوبر ‪2001‬‬
‫مقر الشركة الم بسلطنة عمان‬
‫تدار عملياتها بواسطة فريللق مختللص بباكسللتان حيللث توجللد‬
‫أجهزة الحاسب الرئيسية للستفادة من الخللبرة الباكسللتانية‬
‫ورخص اليدي العاملة‪.‬‬
‫يقللدر عللدد المشللتركين بهللا أكللثر مللن ‪ 110.000‬مشللتركا ً‬
‫موزعين على ‪ 50‬دولة حتى الن‪.‬‬
‫المنتج الرئيسللي للشللركة عبللارة عللن حزمللة مللن المبيعللات‬
‫التجارية الخاصة بالحاسب تتكون من‪:‬‬

‫‪746‬‬
‫‪ -‬خمسلللللة مواقلللللع عللللللى النلللللترنت بمسلللللاحة ‪10‬‬
‫ميغابايت)المجموع ‪ 50‬ميغابايت(‪.‬‬
‫‪ -‬مناهج تعليمية للكمبيوتر والنترنت‪.‬‬
‫‪ -‬بريد إلكتروني بمساحة ‪ 25‬ميغابايت‪.‬‬
‫‪ -‬بطاقة الخصومات والمزايا‪.‬‬
‫يستفيد المشترك من كل المزايا الخمسة المللذكورة مقابللل‬
‫‪ 99‬دولرا ً أمريكيا ً ما يعادل ‪ 27000‬دينارا ً سودانيًا‪.‬‬
‫بالضافة للدخل فللي برنامللج الفللوائد وهللو عبللارة عللن ثلثللة‬
‫مكافآت تتمثل في التي‪:‬‬
‫‪ .1‬فوائد الخطة الثنائية وهي الخطة الرئيسية‪.‬‬
‫‪ .2‬خطة الدخل من الحوافز‪.‬‬
‫‪ .3‬خطة الدخل من يونيفيل ‪.uni-level‬‬
‫‪ .1‬الخطة الثنائية‪:‬‬
‫وللللدخول فللي شللبكة الشللركة والسللتفادة مللن فوائدهللا‬
‫الرئيسية المسماة في مصطلح الشركة بالخطة الثنائية لبللد‬
‫من توافر عدة شروط‪:‬‬
‫‪ .1‬امتلك مركز عمل‪.‬‬
‫‪ .2‬التسويق لثنين مللن الزبللائن الجللدد أحللدهما عللن اليميللن‬
‫والخر عن اليسار‪.‬‬
‫‪ .3‬تسويق ‪ 9‬مبيعات وتعتبر هذه في عرف الشركة)خطللوة(‬
‫‪ step‬وتعطي الشركة عن كل خطوة‬
‫)‪ 9‬مبيعلللات( مبللللغ ‪ 55‬دولرا ً تقريبلللًا‪ .‬الشلللرط الساسلللي‬
‫لستحقاق الحافز عن كللل ‪ 9‬مبيعللات أن تكللون علللى القللل‬
‫ثلث من هذه المبيعات من أحد الجهات اليمنللى أو اليسللرى‬
‫وبصورة أخرى لبد من تحقيق ثلثة مبيعات مللن جهلة وسللتة‬
‫من جهة أخرى أو أربعة من جهة وخمسة من الجهة الخرى‪,‬‬
‫فلو كانت التسعة مبيعات من جهة واحللدة فللإن المشللترك ل‬
‫يستحق شيئا ً فالنمو غير متوازن للشبكة يقف‬
‫المشترك حقه في الحلافز وللو بللغ علدد المشللتركون تحتلله‬
‫بالمئات‪.‬‬

‫‪747‬‬
‫‪ .4‬يمكن للمشترك أن يشكل عللددا ً ل نهائي لا ً مللن الخطللوات‬
‫وفي أي مدى زمني أسبوعي أو يومي أو على مدار السللاعة‬
‫ويستحق على كل خطوة ‪ 55‬دولرًا‪.‬‬
‫فإن افترضنا أن شبكة المشترك تمت بصورة مثاليللة أي أنلله‬
‫بعد أن سوق لثنين واحد عن اليمين و آخللر عللن اليسللار ثللم‬
‫قام كل واحد من المشترين الجدد بالتسللويق لثنيللن آخريللن‬
‫وبنفس الطريقة فإن الشبكة سوف تنمو في شللكل متواليللة‬
‫هندسية أساسها اثنين ومن ثم يحقق المشترك الول التالي‪:‬‬
‫…مبيعات جديدة …مجموع المبيعات …الدخل بالدولر‬
‫‪-… 2… 2… 1‬‬
‫‪-… 6… 4… 2‬‬
‫‪55… 14… 8… 3‬‬
‫‪110… 30… 16… 4‬‬
‫‪165… 62… 32… 5‬‬
‫‪440… 126… 64… 6‬‬
‫‪770… 254… 128… 7‬‬
‫‪1540… 510… 256… 8‬‬
‫‪3135… 1022… 512… 9‬‬
‫‪6215… 2046… 1024… 10‬‬
‫‪12485… 4094… 2048… 11‬‬
‫‪25080… 8190… 4096… 12‬‬
‫مجموع المقبوضات …‪ 49.995‬دولر‬
‫‪ .2‬خطة الحوافز‪:‬‬
‫أما خطة الحوافز فهي إعطاء حافز مقداره خمسللة دولرات‬
‫عن كل مشترك جديدي يدخل الشبكة عن طريقللك مباشللرة‬
‫بعد أول مشتركين مباشرين‪.‬‬
‫ول يوجد حد أقصللى لعللدد الشللخاص الللذين يمكللن إدخللالهم‬
‫مباشرة مع الخذ في العتبللار فللي أن هللؤلء الزبللائن الجللدد‬
‫سوف يحلون في أسفل الشللبكة وتحللت آخللر مشللترك فيهللا‬

‫‪748‬‬
‫على أن يكون مللوقعه فللي أقصللى يميللن الشللبكة أو أقصللى‬
‫يسار الشبكة‪.‬‬
‫فللي هللذه الحالللة يسللتفيد جميللع المشللتركين العلللى مللن‬
‫المشللترك الجديللد بللدخوله فللي خططهللم الثنائيللة )الخطللة‬
‫الرئيسية( ويحق لهم الستفادة من مزاياها وتقاضللي عمولللة‬
‫عنه‪.‬‬
‫‪ .3‬خطة الدخل من )يونيلفل( ‪:uni-level‬‬
‫‪ -‬يسجل في هذه الخطة كافللة الزبللائن الللذين اشللتروا منتللج‬
‫الشركة) المجموعة التجارية( تلقائيًا‪.‬‬
‫‪ -‬الشخاص الذين قامت الشركة بإشراكهم بطريقة مباشرة‬
‫يعتللبرون مسللتوى أول و الشللخاص الللذين يشللترون مللن‬
‫المستوى الول يعتبرون مستوى ثان لك وهكذا إلللى عشللرة‬
‫مستويات بحد أقصى‪.‬‬
‫‪ -‬يعطللي المشللترك دولرا ً واحللدا ً عللن كللل زبللون فللي هللذه‬
‫الخطة بحد أقصى عشرة مستويات عن كل زبون مباشر‪.‬‬
‫‪ -‬لمللا كللان عللدد الزبللائن المباشللرين متوقفللا علللى النشللاط‬
‫المشللترك فللإن الخطللة )يونيلفللل( تمتللد بامتللداد زبائنللك‬
‫المباشرين بواقع عشرة مستويات لكل مشترك مباشر‪.‬‬
‫يتضح من السرد السابق أن كل مللن بزنللاس و جولدكوسللت‬
‫يشللتركان فللي جللوهر الفكللرة مللع بللض الختلفللات غيللر‬
‫الجوهريللة فللي طريقللة الحللوافز ومقللدارها وشللرط تللوازن‬
‫الشلللبكة المفضلللي لسلللتحقاق الحلللافز فبينملللا تشلللرط‬
‫جولدكوست التوازن التام المتمثل في خمسة من كللل جهللة‬
‫فإن التوازن في بزناس يتم ب ‪3‬و ‪ 6‬من كل جللانب أو ‪ 5‬و ‪4‬‬
‫من كل جانب مع اختلف كل من المشتركين في نوع المنتج‬
‫التجاري ومن أوجه الختلف غيللر المللؤثرة فللي الحكللم بيللن‬
‫الشركتين التي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن بزنللاس لللديها برنامللج حللوافز مللواز لبرنامللج الللدخل‬
‫الرئيسي حيث تعطي كل مروج لمنتجاتها ‪ 5‬دولرات عن كل‬
‫منتج يسوقه مباشرة ول علقة له بالبرنامج الرئيسي ويطلق‬

‫‪749‬‬
‫عليه في عرف الشركة بخطللة الحللوافز وهللو عقللد جعالللة ل‬
‫غبللار عليلله حيللث ألزمللت الشللركة نفسللها ‪ 5‬دولرات لكللل‬
‫شخص يسوق لها منتجًا‪.‬‬
‫‪ .2‬يتم الشتراك في جولدكويسللت مللرة واحللدة‪ ,‬أمللا نظللام‬
‫بزناس فيطالب المشترك بتجديللد اشللتراكه سللنويا ً وإل فقللد‬
‫مركزه‪.‬‬
‫‪ .3‬في جولدكويست شراء المنتللج شللرط أساسللي للللدخول‬
‫في الشبكة مما أدخل المعاملة في حكم البيعللتين فللي بيعللة‬
‫وشركة بزناس ل تشترط هذا الشرط‪.‬‬
‫‪ .4‬تتفق الشركتان في أن دخل العميللل لللو تللرك ينمللو دون‬
‫ضابط لدى إلى إفلسهما ومن ثللم وضللعت كللل شللركة فللي‬
‫نظامها كابح حول دون نمو دخل العميل بصورة غير متناهيللة‬
‫و مع اتفاق الشركتين في المبدأ إل أنهما اختلفتا في الكيفية‬
‫التي يكبح بها نمو دخل العميل‪ ,‬فبينمللا تجعللل جولدكويسللت‬
‫حدا ً زمانيا ً و سقفا ًَ أعلى للدخل يتمثل في دورة واحللدة فللي‬
‫اليللوم و هللو مللا يعللادل ‪ 2400‬دولر فللي خمسللة أيللام فللي‬
‫السبوع فقط أي أن دخل العميل المشترك بمركللز واحللد ل‬
‫يتجاوز ‪ 48000‬دولر فللي الشللهر‪ ,‬أمللا بزنللاس فللإن الكابللح‬
‫يتمثل في إدخال المشتركين الذين تجاوزت خطواتهم ال ‪20‬‬
‫خطوة في الشهر فللي سلللة واحللدة يتقاسللمون فيمللا بينهللم‬
‫)وفق خطواتهم المتكونللة( الللدخل المسللتقطع مللن القاعللدة‬
‫للخطللة الرئيسللية)‪55‬دولرًا( غنم لا ً وغرمللا ً فللإذا زادت عللدد‬
‫الخطوات المتشكلة قل الدخل‪ ,‬وإذا قلت زاد الدخل‪.‬‬
‫ومن ثم يتضح أن بزناس تتفق مع جولدكويسللت فللي جللوهر‬
‫المعاملة مع الختلف في بعض الشللروط وأيض لا ً فللي بعللض‬
‫الحوافز غير المؤثرة في جوهر المعاملة‪.‬‬
‫أوجه التفاق‪:‬‬
‫‪ .1‬نظام البناء الشبكي ففي كل مللن الشللركتين يبنللى علللى‬
‫أساس متوالية هندسية أساسها اثنللان ل يجللوز لي مشللترك‬

‫‪750‬‬
‫أن يسجل تحته مباشرة أكثر مللن اثنيللن أحللدهما عللن يمينلله‬
‫والخر عن يساره‪.‬‬
‫‪ .2‬نظام الحوافز المتنامي والمتسع مع اتساع الشبكة يللدفع‬
‫فيه الذين في أسفل الشبكة لمن هو في أعلها‪ ,‬الرابح فيلله‬
‫السلللابق والخاسلللر فيللله اللحلللق‪ .‬تقلللول دعايلللة شلللركة‬
‫بزناس) سوف تخسر الكللثير إذا تللأخر انضللمامك إلينللا بيللوم‬
‫واحللد ‪...‬كلمللا انتظللرت أكللثر كلمللا خسللرت أكللثر ‪ ...‬ابللدأ‬
‫الن‪(....‬‬
‫‪ .3‬ل من النظامين يحفز المشترك غير المسبوق ‪.‬‬
‫‪ .4‬المقصللد والهللدف هللو بنللاء نظللام حللوافز شللبكي هرمللي‬
‫وليس تسويق المنتج‪.‬‬
‫ل مللن الشللركتين هللو‬ ‫‪ .5‬مقصد وأهداف المشتركين فللي ك ل ّ‬
‫الللدخل المتولللد مللن الشللتراك فللي المرتبللة الولللى وليللس‬
‫المنتج‪.‬‬
‫هذه النقطة والتي قبلها في حاجة إيضاح‪ .‬فمللن المعلللوم أن‬
‫شركات إنتاج البرامج الكمبيوتر )وحفظا ً لحقها كمنتج( تضللع‬
‫حماية خاصة على برامجها تحول دون نسخها أما بزناس فللد‬
‫تركت برامجها التعليمية مللع قيمتهللا العاليللة فقللد تركتهللا كل‬
‫مباحا ً لكل راغب وإن لم يشترك‪.‬‬
‫ولم تحفظ حقها إل مقابل استغللها من قبل شركات أخللرى‬
‫إملللا للسلللتفادة الشخصلللية فلللالمر مفتلللوح دون أن يلللدفع‬
‫المسلللتفيد شللليئا ً وملللا ذللللك إل لعللللم الشلللركة أن هلللدف‬
‫المشتركين هو تيار الدخل في المقللام الول ولهلذا للم يللؤثر‬
‫ترك المنتج مباحلا ً فللي سلللوك المسللتهلكين وتكللالبهم علللى‬
‫شللرائه‪ ,‬ومللن ثللم يتضللح سلللوك المشللتركين وهللدفهم مللن‬
‫الشتراك‪ ,‬فالمنتج بيللن أيللديهم ويمكللن السللتفادة منلله دون‬
‫قيد شروط ودون مقابل مادي فما الدافع إذا لشللرائه وبللذل‬
‫الثمن في سلعة تكلفة استعمالها تعللادل صللفرا ً إل إذا كللانت‬
‫هنالك غاية أخرى وفرصة أعظم سوف يضحي بها عند عللدم‬
‫الشتراك وهي واضحة وتتمثل في فقد تيار الدخل المتللدفق‬

‫‪751‬‬
‫وهو لشللك يللدخل فللي تقييللم الفرصللة البديلللة وهللو المللبرر‬
‫الساسي لشراء المنتج‪.‬‬
‫ول يقال أن المنتجات الخللرى مللن موقللع علللى النللترنت أو‬
‫البريد اللكتروني وهو الذي يشكل سلوك المشتركين فيللؤثر‬
‫في اختيارهم إذ الحاجللة لهللذه المواقللع تكللاد تكللون منعدمللة‬
‫لمعظم المشتركين أما البريد اللكللتروني فخللدمته موجللودة‬
‫علللى النللترنت مجانللا ً ودون مقابللل فللإذا انعللدمت الحاجللة‬
‫للمواقع لدى جمهور المشلتركين ملع وجلود بلاقي الخلدمات‬
‫مجانا ً لم يبق إل ما قدمناه هدفا ً لشتراكهم وهو الطمللع فللي‬
‫تيار دخل متنامي‪.‬‬
‫ومللن ثللم يسللقط المنتللج عنللد النظللر فللي التكييللف الفقهللي‬
‫لشركة بزناس كمللا سللقط فللي تقييللم شللركة جولدكويسللت‬
‫ليبدو الحكم واحلدا ً وهلو حلقلات قملار متداخللة الرابلح فيله‬
‫السابق في الهرم والخاسر فيه اللحق في أسفله‪.‬‬
‫ومال المقامرة في بزناس أكثر وضوحا ً حيللث حللددت بل ل ‪55‬‬
‫دولرا ً مضاف إليه صافي عمولة الشركة ‪ 24‬دولرا ً مخصوما ً‬
‫منها التكاليف الحقيقية للمنتجات‪.‬‬
‫وعليه يمكن لي شركة إذا حازت على ثقللة النللاس أن تللدير‬
‫شبكة كهذه وبنفس الشروط وضوابط الشتراك في بزنللاس‬
‫دون أن توسط منتجا ً تصدر فقط شللهادات تثبللت للمشللترك‬
‫حقه ومركزه‪ .‬ويحقق المشتركون فيها نفس الدخل وتحقللق‬
‫إدارة الشركة نفس الرباح‪.‬‬
‫فالمنتجات فللي التسللويق الشللبكي أيللا كللانت ليسللت سللوى‬
‫طعم دس فيه مال المقامرة ليحقق للشركات المعينة عللدة‬
‫أهداف منها‪:‬‬
‫‪ .1‬إعطللاء واجهللة سلللعية مقبولللة ليبنللي عليهللا الللترخيص‬
‫القانوني لمزاولة النشاط في الدولة المعينة‪.‬‬
‫‪ .2‬مراعللاة الحالللة النفسللية للمشللتركين وإيهللامهم بللأنهم‬
‫يزاولون عمل ً منتجا ً ومفيدًا‪.‬‬

‫‪752‬‬
‫‪ .3‬إعطللاء ضللمان للمشللتركين فللي حالللة فشلللهم فللي بنللاء‬
‫الشللركة وهللو أمللر ضللروري فللي لحللداث قللدر مللن الثقللة‬
‫والطمئنان لدى جمهور الراغلبين فلي التعاملل ملع الشلركة‬
‫خاصة عند بداية العمل وقبل أن يحقللق أي مللن المشللتركين‬
‫السابقين مكسبا ً ليمثل سابقة مقنعة ومثل ً يضرب للراغللبين‬
‫في الشتراك‪.‬‬
‫فالحكم على بزناس كالحكم على جولدكويسللت وعلللى كللل‬
‫سلعة سوقت بهذه الطريقة ول يشفع لشركة بزنللاس عظللم‬
‫منتجاتها وفائدتهللا للفللرد والمللة فالغايللات ل تللبرر الوسللائل‪,‬‬
‫وتحريللم القمللار بالمللال ممللا ل يقبللل السللتثناء بحللال ونفللع‬
‫المنتج مهدر بنص القرآن قال تعالى‪) :‬يسللألونك عللن الخمللر‬
‫والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر مللن‬
‫نفعهما( ]سورة البقرة‪.[ 219 :‬‬
‫والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل‬
‫شبكة المشكاة السلمية‬
‫بزناس وما شابهها قمار‬
‫مجمع الفقه السلمي بالسودان‬
‫نص بيان مجمع الفقه السلمي حلول الحكلم الشلرعي فلي‬
‫الشللتراك فللي شللركة بزنللاس المحللدودة ومللا يشللابهها مللن‬
‫شركات التسويق الشبكي‪:‬‬
‫الحمد لله والصلة على أشرف خلق الله وعلى آللله وصللحبه‬
‫ومن واله‪.‬‬
‫التكييف الفقهي لنظام شللركة بزنللاس المحللدودة وشللركات‬
‫التسويق الشبكي‪:‬‬
‫بعد دراسة نظام شللركة بزنللاس ومللا يشللابهها مللن شللركات‬
‫التسلللويق الشلللبكي بواسلللطة دائرة الشلللؤون القتصلللادية‬
‫والمالية بمجمع الفقه السلمي والتي خلصت للتي‪:‬‬
‫ل‪ :‬إن المنتج في شركات التسويق الشبكي ليس مقصودا ً‬ ‫أو ً‬
‫للمشتركين إنما المقصود الول والدافع المباشللر للشللتراك‬
‫هو الدخل الذي يحصل عليه المشترك من خلل هذا النظام‪.‬‬

‫‪753‬‬
‫كما أن مقصود الشللركة هللو بنللاء شللبكة مللن الفللراد ) فللي‬
‫شكل متواليللة هندسللية أساسللها اثنللان( تتسللع قاعللدتها فللي‬
‫شكل هرم‪ ،‬صاحب الحظ فيه هللو قمللة الهللرم الللذي تتكللون‬
‫تحته ثلث طبقات‪ ،‬وتدفع فيه قاعدة الهرم مجموع عمللولت‬
‫الذين فللوقهم‪ ،‬فالمنت َللج ليللس سللوى واجهللة سلللعية مقبولللة‬
‫لُيبنى عليها الترخيص القانوني‪ ،‬حيث تمنع أكللثر قللوانين دول‬
‫العالم برنامج التسلسل الهرمي الللذي يللدفع فيلله المشللترك‬
‫رسوما ً لمجرد النضمام للبرنامج دون توسللط أو سلللعة يتللم‬
‫تدوالها‪.‬‬
‫ولما كلانت الحكللام تبنللى علللى المقاصللد والمعللاني ل علللى‬
‫اللفاظ والمباني؛ فإن المنتج يسللقط عنللد التكييللف الفقهللي‬
‫لشركة بزناس وما يشابهها من الشركات‪.‬‬
‫وعليه فللإن المللر مللن الوجهللة الفقهيللة ليللس سللوى تجميللع‬
‫اشتراكات من أفراد تديرها الشللركة‪ ،‬ويلدفع فيله الشللخاص‬
‫الذين في أسفل الهرم حوافز من سبقهم فللي أعلللى الهللرم‬
‫بالضافة لعمولة الشركة التي تقول دعايتها‪" :‬سللوف تخسللر‬
‫الكثير إذا تأخر انضمامك إلينا بيوم واحد‪ ،‬كلما انتظرت أكللثر‬
‫كلما خسرت أكثر‪ ،‬ابدأ الن"‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إن المشترك ل يمكن أن يحقق دخل ً إل إذا تكونت تحته‬
‫ثلث طبقللات‪ ،‬وإن المسللتويات الثلثللة الخيللرة فللي البنللاء‬
‫الهرمللي دائمللا ً مخللاطرة )معرضللة للخسللارة( لنهللا تللدفع‬
‫عمولت قمة الهرم على أمل أن تتبللوأ هللي القمللة‪ ،‬ولكللن ل‬
‫ونوا مستويات دنيا‬ ‫يمكنها ذلك إل باستقطاب أعضاء جدد ليك ّ‬
‫تحتهم‪ ،‬فتكون المستويات الجديدة هللي المعرضللة للخسللارة‬
‫وهكذا‪ ،‬فالتعرض للخسارة لزم لنمللو الهللرم‪ ،‬ول يمكللن فللي‬
‫أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابح لًا‪ ،‬وإنمللا يربللح‬
‫القليللل مقابللل مخللاطرة العللدد الكللبر‪ ،‬وان نسللبة الرابحيللن‬
‫للمعرضين للخسارة في حدها الدنى هي ‪ 1:9‬في أي لحظة‬
‫من لحظات الهرم‪.‬‬

‫‪754‬‬
‫ومن ثللم يتضللح أن الغلبيللة السللاحقة مللن المشللتركين فللي‬
‫أسفل الهرم مخاطرة أبدا ً بالدفع لمن فوقهم‪ ،‬وهم ل يدرون‬
‫ون فيخسرون‬ ‫ون تحتهم ثلث طبقات فيكسبون أم ل تتك ّ‬ ‫أتتك ّ‬
‫ما دفعوه إلى الذين فوقهم‪ .‬وهذا النوع من المخاطرة قمللار‬
‫ل شك فيه‪ ،‬فأصل القمار كما يقول ابللن تيميللة ‪ " :‬أن يؤخللذ‬
‫مال إنسان وهو على مخاطرة هل يحصل على عوضلله أم ل‬
‫يحصل"‪.‬‬
‫ون في حقيقتهللا مللن حلقللات مقللامرة‪ ،‬مللال‬ ‫هذه العملية تتك ّ‬
‫المقامرة فيها مضمن في سلعة ومدسللوس فللي ثمنهللا ]‪.[1‬‬
‫حلبات المقامرة في شركات التسويق الشبكي متداخلة في‬
‫حلقات قمار غير منتهية‪ ،‬الرابح فيها هو السابق في الشللبكة‬
‫الذي يتدفق إليه تيار من الدخل يبدو غير متناه بقللدر اتسللاع‬
‫شللبكته مللن الفللراد الللذين يلللونه‪ ،‬المخللاطر فيهللا القاعللدة‬
‫المتعلقة بالمل في الصعود ونمو شبكتها بالمزيد مللن الللذين‬
‫ج‪،‬‬
‫ل منت ل ٍ‬
‫يلونهم ممن يحدوهم المللل فللي الكسللب دون عم ل ٍ‬
‫فالطبقات الثلثة الخيرة مخاطرة أبدا ً بصورة مستمرة وفي‬
‫أي لحظة من لحظات نمو الهرم وهذا هو معنى القمار‪.‬‬
‫الفرق بين التسويق الشبكي والسمسرة‪:‬‬
‫السمسرة في البيع والشراء عقد يحصل بمللوجبه السمسللار‬
‫على أجر مقابلل توسلطه فللي إتمللام بيللع سللعة أو شلرائها‪،‬‬
‫والتسويق الشبكي الذي تمارسلله بزنللاس ومللا يشللابهها مللن‬
‫الشركات عبارة عن توسيط سلعة لبنللاء شللبكة مللن العملء‬
‫في شكل متوالية هندسية يشكل كل عميل فيهللا قمللة هللرم‬
‫داخل الشبكة يدفع فيه العملء الجدد حوافز من سبقهم فللي‬
‫البناء الشبكي‪.‬‬
‫وعليلله فللإن نظللام بزنللاس والتسللويق الشللبكي يخللالف‬
‫السمسرة المعروفة فقها ً من أربعة أوجه رئيسية هي‪:‬‬
‫‪ -1‬إن السمسرة ل يشترط فيها شراء السمسار سلعة ممن‬
‫يسمسللر للله فهللو مجللرد وسلليط بيللن صللاحب السلللعة‬
‫والمشللتري‪ .‬أمللا نظلام شللركات التسللويق الشللبكي فشللراء‬

‫‪755‬‬
‫ط فللي قبللوله‬ ‫الشخص للمنتج أو امتلكه "مركز عمللل" شللر ٌ‬
‫وقا ً وهللذا‬‫وق يللدفع أجللرا ً ليكللون مس ل ّ‬ ‫وقًا‪ ،‬أي أن المس ل ّ‬‫مس ل ّ‬
‫عكس السمسرة‪.‬‬
‫‪ -2‬إن نظام شركة بزناس ل يسللمح للفللرد أن يسللجل تحتلله‬
‫مباشرة أكثر من اثنين وما زاد على الثنين يسجل تحت آخر‬
‫مشترك تحت شبكته‪ ،‬وهذا يعني أن هناك أفرادا ً في الشبكة‬
‫يستفيدون من جهد الللذين فللوقهم ويتقاضللون عمللولت مللن‬
‫الشركة عن سلع لم يكن لهم جهد في تسويقها فللإذا ضللمت‬
‫هذه النقطة مع الللتي قبلهللا يتضللح أن نظللام الشللركة يحللرم‬
‫وق‪،‬‬ ‫وق غيللر المشللترك ويعطللي المشللترك غيللر المس ل ّ‬ ‫المس ّ‬
‫ومللن ثللم تتضللح مخالفللة مللا تقللوم بلله الشللركة وُبعللده عللن‬
‫السمسللرة المعروفللة فالشللركة تلللتزم بتحفيللز المشللتركين‬
‫بصرف النظر عن جهدهم في تسويق المنتجات في حين أن‬
‫الجر في السمسللرة يكللون لمللن قللام بالتسللويق والللبيع ول‬
‫يشاركه فيه من لم يبذل جهدا ً في تسويق السلعة‪.‬‬
‫‪ -3‬إن السمسار يحصل على عمولته مقابل تسويق السلللعة‬
‫وبيعها لشخص أو عدد من الشخاص ول علقة له بما يفعللله‬
‫المشترون بالسلعة فالعلقة تنتهي بين السمسار والمشتري‬
‫بمجرد الشراء أما فللي التسللويق الشللبكي فللإن المسللوق ل‬
‫وقين آخريللن‪ ،‬وهللؤلء‬ ‫وق لمس ل ّ‬ ‫يحصل على عمولة إل إذا س ل ّ‬
‫وق لمللن‬ ‫وق لمللن يسل ّ‬ ‫وقين فهللو يسل ّ‬ ‫وقون لمسل ّ‬ ‫بدورهم يس ّ‬
‫وق‪ ...‬الللخ‪ ،‬ول يحصللل علللى عمولللة إل بهللذه الطريقللة‬ ‫يس ل ّ‬
‫فليللس فللي مصلللحة أحللد فللي الهللرم أن يللبيع لمللن يشللتري‬
‫السلللعة لينتفللع بهللا أو ليسللتخدمها لنفسلله دون أن يسللوقها‬
‫لغيره‪.‬‬
‫‪ -4‬بناًء على أن تسللويق المنتللج غيللر مقصللود فللي التسللويق‬
‫الشبكي وإنمللا هللو مجللرد سللتار قللانوني لتجميللع اشللتراكات‬
‫وكسب أعضاء لبناء النظام الشبكي فإذا سللقط المنتللج مللن‬
‫قصد التسويق اختل ركن من عقد السمسرة الحقيقللي وهللو‬
‫العين موضع السمسرة‪.‬‬

‫‪756‬‬
‫مما تقدم يتبين أن نظام بزنللاس ومللا يشللابهه مللن شللركات‬
‫التسويق الشبكي ل صلة له بعقد السمرة‪.‬‬
‫الفتوى‪:‬‬
‫بناًء على ما تقدم أصدر مجمع الفقه السلللمي فللي جلسللته‬
‫رقللم ‪ 3/24‬بتاريللخ ‪ 17‬ربيللع الخللر ‪ 1424‬هل ل الموافللق للله‬
‫‪ 17/6/2003‬م الفتوى التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬إن الشتراك في شركة بزناس وما يشابهها من شللركات‬
‫التسويق الشبكي ل يجوز شرعا ً لنه قمار‪.‬‬
‫‪ -2‬إن نظللام شللركة بزنللاس ومللا يشللابهها مللن شللركات‬
‫التسللويق الشللبكي ل صلللة للله بعقللد السمسللرة كمللا تزعللم‬
‫الشركة وكما حاولت أن توحي بذلك لهل العلم الذين أفتللوا‬
‫بالجواز على أنه سمسرة من خلل السئلة التي وجهت لهللم‬
‫ورت لهم المر على غير حقيقته‪.‬‬ ‫والتي ص ّ‬
‫خصللة بسللحب‬ ‫وجه المجمللع الجهللات المر ّ‬ ‫وبنللاء علللى هللذا يل ّ‬
‫تراخيص شركات التسويق الشبكي وعدم منللح أي تراخيللص‬
‫بمزاولة مثل هذا النشاط إل بعد الرجللوع إلللى مجمللع الفقلله‬
‫السلمي‪.‬‬
‫والله الموفق‬
‫أ‪.‬د‪ .‬أحمد خالد بابكر‬
‫المين العام لمجمع الفقه السلمي‬
‫‪--------------‬‬
‫]‪ [1‬مال المقامرة في يزناس هو مبلغ الل ‪ 55‬دولر من قيمة‬
‫المنتج البالغة ‪ 99‬دولر حيث يتللم توزيللع المبلللغ علللى النحللو‬
‫التالي‪:‬‬
‫‪ 55 -1‬دولر تخصص كحوافز للخطة الرئيسللية وتمثللل مللال‬
‫المقامرة في نظام بزناس‪.‬‬
‫‪ 10 -2‬دولر تخصص كحوافز خطة اليونيلفل‪.‬‬
‫‪ 5 -3‬دول ر تخصص للمسوق المباشر‪.‬‬
‫‪ 5 -4‬دولر تخصص للوكيل‪.‬‬
‫‪ 24 -5‬دولر تذهب للشركة‪.‬‬

‫‪757‬‬
‫المصدر شبكة المشكاة السلمية‬
‫فتوى بزناس‬
‫الدكتور عبدالحي يوسف‬
‫السؤال ‪:‬‬
‫لقد انتشرت المعاملة المعروفة باسم بزنللاس وقللد سلمعتك‬
‫فللي احللد الللدروس تفللتي بحرمتهللا ولكللن القللائمين علللى‬
‫المعاملة في السودان يزعمون أنللك قللد أفللتيتهم بجوازهللا!!‬
‫نرجو منك بيانا ً واضحا ً حول هذه المعاملة‪.‬‬
‫الجابة ‪:‬‬
‫الحمللد لللله رب العللالمين‪ ،‬والصلللة والسلللم علللى أشللرف‬
‫المرسلين‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫المعاملة المعروفة باسم بزناس معاملللة غيللر مشللروعة‪ ،‬ول‬
‫يجوز الدخول فيها‪ ،‬وذلك للوجوة التية‪:‬‬
‫ل‪ :‬اشتمالها على بيعتين في بيعة‪ ،‬وعقدين في عقد واحللد‪،‬‬ ‫أو ً‬
‫حيث تضمن العقد بيعا ً للمنتللج وإجللارة –فللي الللوقت نفسله‪-‬‬
‫للتسويق‪ ،‬وقد نهى رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم عللن‬
‫بيعتين في بيعة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬اشللتمالها علللى الغللرر المحللرم شللرعًا‪ ،‬حيللث ل يللدري‬
‫المتعامل بها هل له ملا أراد مللن ربللح باشللتراك غيلره أم ل؟‬
‫وقد علّرف الفقهللاء الغللرر بللأنه الللتردد بيللن أمريللن أغلبهمللا‬
‫أخوفهما‪ .‬والغرر مغتفر ‪ -‬في المعاملة‪ -‬إذا كللان يسلليرًا‪ ،‬أمللا‬
‫إذا كان الغرر هو الغالب –كما في هذه الحالة‪ -‬فإن المعاملة‬
‫ل تباح‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الحتيال والغش ظاهر فيها إذ أنها تللبيع الللوهم للنللاس‪،‬‬
‫وتتبع اسلوب التغرير‪ ،‬وتمنيهم بالثراء السريع‪ ،‬وقد علم كللل‬
‫منصف أن السلللعة – فللي هللذه المعاملللة‪ -‬ليسللت مقصللودة‬
‫لذاتها بل هي مجرد ستار‪ ،‬وحقيقة هللذه المعاملللة أنهللا بللذل‬
‫مال رجاء مال أكثر منه ففيها شبه القمار المحرم شرعًا‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬هذه المعاملة ليسللت سمسللرة مباحللة‪ ،‬إذ السمسللرة‬
‫عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر لقاء بيع سلللعة‪ ،‬أمللا‬

‫‪758‬‬
‫وق يللدفع أجللرا ً لكللي يكللون‬ ‫فللي هللذه المعاملللة فللإن المس ل ّ‬
‫وقا ً فشتان بينهما!!‬‫مس ّ‬
‫أخيرًا‪ :‬انصح السائل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلللم‬
‫‪ " :‬دع مللا يريبللك إلللى مللا ل يريبللك" رواه أحمللد والترمللذي‪،‬‬
‫وبقوله صلى الله عليه وسلم‪ :‬البر ما اطمللأنت إليلله النفللس‬
‫والثم مللا حللاك فللي النفللس وتللردد فللي الصللدر وإن أفتللاك‬
‫الناس وأفتوك" رواه أحمد‪ ،‬والعلم عند الله تعالى ‪.‬‬
‫المصدر شبكة المشكاة السلمية‬
‫==============‬
‫‪#‬مسائل حديثة في فقه المعاملت‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫جمعها وأعدها‬
‫فهد بن محمد الحميزي‬
‫•مدخل ‪:‬‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول ‪...‬‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫أنعم الله عز وجل على عباده بنعللم كللثيرة وكللان منهللا الللبيع‬
‫والشللراء لتنعللم بمللا أحللله الللله لهللا ممللا ليللس بضللرورة ول‬
‫حاجة ‪..‬وقد جللاء فللي فضللل الللبيع المللبرور وكسللبه مللا روى‬
‫رفاعة بن رافع – رضي الله عنه ‪ -‬أن النبي صلى الله عليلله‬
‫وسلم سئل ‪ :‬أي الكسب أطيب ؟ قال ‪ " :‬عمل الرجل بيللده‬
‫وكل بيع مبرور " رواه البزار وصححه الحاكم ‪.‬‬
‫ول بد أن يوافق هذا البيع شللرع الللله ليكللون مللبرورا ً ‪ ،‬وهللذا‬
‫الحديث يعتبر من جوامع كلمه عليه الصلة والسلم حيث أن‬
‫مسائل البيع والشراء بتعدد مشللاربها وفروعهللا داخلللة تحللت‬
‫ل باليد أو ما كان سوى ذلك شريطة‬ ‫هذين الصنفين ‪ ,‬إما عم ٌ‬
‫أن يكون البيع فيه مشتمل ً على البر ‪.‬‬
‫ومع مرور الزمن وتلحق النوازل كان لزاما ً على كل مسلللم‬
‫إطابة مطعمه بتحري الحلل والحرام في ذلك ‪.‬‬

‫‪759‬‬
‫ة للوقوف على أهللم صللور‬ ‫وما هذا المبحث الطيف إل محاول ً‬
‫المعللاملت النازلللة ‪ ،‬أو محاولللة التكييللف الفقهللي لبعللض‬
‫المسللائل وإرجاعهللا إلللى أصلللها ‪ ،‬أو قللد تكللون مسللائل‬
‫ومعللاملت منتشللرة بيللن النللاس ويخفللى عليهللم أنهللا ترجللع‬
‫لمسألة نص عليها الفقهاء منذ القدم ويمكن أن ينزل الحكللم‬
‫عليها ‪ ،‬أو قد يكون في المسألة خلف مشهور ينبغي التنبيه‬
‫اليه وذكره‪.‬‬
‫مع ملحظة أن الترتيب لمسائل هللذا البحللث غيللر مقصللود ‪،‬‬
‫ولم يراعى في ذلللك أهميللة المسللألة أو واقعيتهللا ‪ ،‬أو مللدى‬
‫الحاجة إليها ‪.‬‬
‫أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفق كاتبه وقارئة لتحري الكسب‬
‫الحلل وإطابة المطعم ‪ ..‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬
‫فهد بن محمد الحميزي‬
‫‪Fahad442@maktoob.com‬‬
‫آلية بحث المسائل الفقهية النازلة‬
‫* كيف تبحث عن القضايا الفقهية المعاصرة ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أول ً تبحث في الكتب القديمللة لحتمللال وجللود سللوابق‬
‫فقهية ونوازل أفتى فيها المفتون مثل ‪:‬‬
‫كتب الفقهاء بل استثناء وكذلك كتب الفتاوي لما تحتويه مللن‬
‫نوازل وأسئلة تحاكي المجتمع نحو ‪:‬‬
‫* فتاوى ابن رشد – الفتاوى الهندية – فتللاوى ابللن الصلللح –‬
‫فتاوى النووي – فتاوى السبكي – فتللاوى ابللن بللدران والللذي‬
‫تكلللم فيهللا عللن حكللم الشللركات المسللاهمة وحوالللة النقللد‬
‫بالبريد وأحكام العملة في كتابه ‪ :‬العقود الياقوتية ‪.‬‬
‫* وقد تكون هناك مسألة قريبة منها فيستفاد منهللا ‪ ،‬فبعللض‬
‫القضايا الطبية المعاصرة استفادها بعض العلماء المعاصرين‬
‫من بعض الفتاوى القريبة ‪ :‬كجواز أكل المضطر لقطعة لحم‬
‫مللن جسللمه ‪ ،‬حيللث اسللتأنس بهللا للوصللول إلللى حكللم زرع‬
‫العضاء ‪.‬‬

‫‪760‬‬
‫‪ – 2‬البحث في قرارات المجللامع الفقهيللة والنللدوات الفهيللة‬
‫المتخصصة ‪ ،‬مثلل ‪:‬‬
‫‪ -‬مجلة مجمع الفقه السلمي التي تصدر في جدة ‪.‬‬
‫‪ -‬أعمال ندوات بيت التمويل الكويتي وبنك البركة ‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة القتصاد السلمي والتي تصدر في دبي ‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة البحوث الفقهية التي تصدر في الرياض ‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة أبحاث القتصاد السلمي التي تصدر في جدة ‪.‬‬
‫وغيرها كثير ‪.‬‬
‫مفاتيح البحث ‪:‬‬
‫يقول المام ابللن القيللم رحملله الللله تعللالى فللي كتللابه إعلم‬
‫الموقعين ‪:‬‬
‫" ينبغي للمفتي الموفق إذا نزلت به مسللألة أن ينبعللث مللن‬
‫قلبه الفتقار الحقيقي الحالي ل العلمي المجرد ‪ ،‬إلللى ملهللم‬
‫الصواب ‪ ،‬ومعلم الخيللر وهللادي القلللوب أن يلهملله الصللواب‬
‫ويفتح للله طريللق السللداد ويللدله علللى حكملله الللذي شللرعه‬
‫لعباده في هذه المسألة ‪ ،‬فمتى قللرع هللذا البللاب قللرع بللاب‬
‫التوفيق "‬
‫ويقول ابن العربللي عللن تفسللير قللوله تعللالى ‪ " :‬ول تللأكلوا‬
‫أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكلام لتلأكلوا فريقلا ً‬
‫من أموال الناس بالثم وأنتم تعلمون " ‪ . .‬قال ‪ ) :‬هذه الية‬
‫من قواعد المعاملت وأساس المعاوضات ( ‪.‬‬
‫الصل في المعاملت الباحة ‪ ،‬وقد نبه المام ابن تيمية إلى‬
‫أساس فساد العقللود فللي المعلاملت وإرجاعهللا إلللى أمريللن‬
‫وهما ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الربا وما يؤدي إليه ‪.‬‬
‫‪ -2‬وما في معاناة كالغرر الفاحش ‪ .‬قال رحمه الللله ‪ " :‬إن‬
‫عامة ما نهي عنه في الكتلاب والسلنة مللن المعللاملت يعللود‬
‫إلى تحقيق العدل والنهي عن الظلم ‪ :‬دقة وجله ‪ ،‬مثلل أكللل‬
‫المللال بالباطللل وجنسلله مللن الربللا والميسللر ‪ ،‬وأنللواع الربللا‬

‫‪761‬‬
‫والميسر التي نهى عنها النبي صلى الله عليلله وسلللم ‪ :‬مثللل‬
‫بيع الغرر وبيع حبل الحبلة وبيع الطير في الهواء ‪.‬‬
‫فقه المعاملت مبني على مراعاة العلل والمصالح ‪:‬‬
‫فالمعاملت ليست كالعبادات توقيفية‪ ،‬وقد نهى النللبي صللى‬
‫الله عليه وسلم عن بيع الغرر في حيللن وجللدنا مللن الفقهللاء‬
‫من أجاز من البيوع ما فيه غرر ل يفضي عادة إلى النزاع ‪.‬‬
‫ونهى النبي صلى الله عليلله وسلللم عللن بيللع المعللدوم ‪ ،‬فللي‬
‫حين وجللدنا الفقهللاء أجللازوا عقللد الستصللناع‪ ،‬وذلللك لحاجللة‬
‫الناس إليه وجريان العمل به ‪.‬‬
‫يقول الدكتور يوسللف القرضللاوي فللي كتللابه بيللع المرابحللة‬
‫للمر بالشراء ‪:‬‬
‫" ومن أقل ذلك ل يجد الفقيه المسلم المعاصر حرجللا ً ديني لا ً‬
‫من البحث عن العلللة أو الحكمللة أو الهللدف مللن وراء النهللي‬
‫في الحديث ‪ ) :‬ل تبع ما ليس عندك ( ‪ - .‬رواه الترمذي فللي‬
‫سننه وهو حسن – فقد يظهر له أن المقصود به سد الذرائع‬
‫إلى التنازع ول سيما أن السوق في المدينة في ذلك الللوقت‬
‫كانت محللدودة ‪ ،‬فللإذا تصللورنا الن أن الوضللع مختلللف وأن‬
‫التللاجر الن يسللتطيع بواسللطة الهللاتف أو التلكللس التصللال‬
‫بأسواق العالم ‪ . .‬فقد نجد أن المقصود هنا مللن النهللي غيللر‬
‫متحقق وأن الشلليء المحللذور هنللا هللو العجللز عللن التسللليم‬
‫‪ ،‬والنزاع مأمون " ‪.‬‬
‫عمر بن الخطللاب كللان مللن أفهللم الصللحابة فللي اسللتعمال‬
‫الرأي وذلك بفضل ما أوتي ملن نفلاذ بصليرة ورجاحللة عقلل‬
‫وجودة رأي ‪.‬‬
‫فملن آرائله ‪:‬‬
‫‪ – 1‬منع إعطاء المؤلفة قلوبهم مللن الزكللاة لللزوال مقتضللى‬
‫الستحقاق ‪.‬‬
‫‪ – 2‬لم يقطع يد السارق عام المجاعة لشبهة الضطرار ‪.‬‬
‫‪ – 3‬حرم المعتدة تحريما ً مؤبدا ً على من تزوجها في العللدة ‪،‬‬
‫لن من تعجل شيئا ً قبل أوانه عوقب بحرمانه ‪.‬‬

‫‪762‬‬
‫ينبغللي أن نعللرف أنلله سللتواجه البللاحث والقللارئ فللي كتلب‬
‫الفقلله بعللض الحتمللالت المبللالغ فيهللا ومللن الطللرائف فللي‬
‫التوسع في الفتراضللات والتخريجللات أن رجل ً عراقي لا ً سللأل‬
‫عن وطئ دجاجة ميتة فخرجللت منهللا بيضللة فأفقسللت هللذه‬
‫البيضة عنده ‪ ،‬أيأكله ؟ فقللال مالللك ‪ :‬سللل عمللا يكللون ودع‬
‫مال يكون ‪.‬‬
‫مسائل البحث‬
‫* المسألة الولى ‪ :‬بيع العربون ‪:‬‬
‫قال بعض العلماء ‪ :‬وأصل العربون التقديم والتسليف ‪.‬‬
‫ل الثار الواردة فيه ‪:‬‬
‫* عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قللال ‪ :‬نهللى النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم عللن بيللع العربللان ‪ .‬قللال الشللوكاني ‪:‬‬
‫" الحديث منقطع " ‪.‬‬
‫* أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن زيد بن أسلللم أنلله سللئل‬
‫رسول الله عن العربان في البيع فأحله ‪ .‬قال الشللوكاني ‪:‬‬
‫‪.‬‬ ‫" هو مرسل "‬
‫‪ -‬منع العربون جمهور العلماء ‪ .‬وأجللازه مللن الصللحابة عمللر‬
‫وابنه عبد الله ‪ ،‬والمام أحمللد ‪ ،‬ومللن المعصللرين مصلطفى‬
‫الزرقاء ‪.‬‬
‫ومن حجج المانعين ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أنه أكل لموال الناس بالباطل ‪.‬‬
‫‪ – 2‬وأن فيه شرط شيء للبائع بغير عوض فلم يصح ‪.‬‬
‫وأجيز لعدم ثبوت النهي عن بيع العربون ‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬لملاذا أجلازه الحنلابلة ولم يجلزه الجمهلور ‪:‬‬
‫‪ -‬لن مذهبهم في الشروط أوسع من المذاهب الخرى ‪.‬‬
‫في المملكة العربيلة السلعودية قضلايا الحلوال الشخصلية‬
‫والبيوع تحال إلى الشرع وممكن أن يلزم بالبيع ‪.‬‬
‫وفي القانون المصري‪ :‬إذا عدل البائع عللن بيللع السلللعة رد‬
‫العربون مضاعفا ً ‪.‬‬
‫* المسألة الثانية‪ :‬حكم بيع التلجئة ‪:‬‬

‫‪763‬‬
‫بيع التلجئة‪ :‬هو أن يتظللاهر أو يتواطللأ شخصللان علللى إبللرام‬
‫عقد صوري بينهما إما بقصد التخلص من اعتداء ظللالم علللى‬
‫بعض الملكية ‪،‬أو بإظهار مقدار بدل أكثر من البدل الحقيقي‬
‫ابتغللاء الشللهرة و السللمعة أو لتغطيللة إسللم الشللخص الللذي‬
‫يعمل لمصلحته باطنا )السم المستعار(‪.‬‬
‫و من بيع التلجئة ‪ :‬إظهار بعض العقود الصورية تخلصللا مللن‬
‫الضرائب‪ .‬والمواطئة في بيللع التلجئة قللد تكللون فللي أحللد‬
‫ثلثة‪:‬‬
‫‪ (1‬أصل العقد‪ :‬أن يخاف إنسان إعتداء ظللالم علللى بعللض‬
‫ما يملك‪ ،‬فيتظاهر هو ببيعه لثللالث فللرارا منلله‪ ،‬و مثللله بيللع‬
‫المدين أمواله لتهريبها من وجه الدائنين‪.‬‬
‫‪ (2‬مقدار البدل‪ :‬زيللادة الثمللن فللي عقللد بيللع العقللار لمنللع‬
‫الشفيع من الخذ بالشفعة‪.‬‬
‫‪ (3‬الشخص‪ :‬تواطللؤ اثنيللن علللى إخفللاء وكالللة سللرية فللي‬
‫عمل معين‪.‬‬
‫و قد اختلف أهل العلم في حكم بيع التلجئة على قولين ‪:‬‬
‫القول الول ‪ :‬أن عقد التلجئة فاسد غيللر صللحيح ‪ ،‬وهللذا هللو‬
‫قول الجمهور من الحناف و المالكية و الحنابلة‬
‫و حجتهم ‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن العاقدين ما قصدا البيع‪ ،‬فشرط الرضا غيللر متحقللق‬
‫في هذه المبايعة‬
‫)‪ (2‬أن العبرة في العقود بالمعاني و المقاصللد ل باللفللاظ‪،‬‬
‫بدليل أن الشارع نهى عن الحيللل المحرمللة مللع أن ظاهرهللا‬
‫الجواز‪ ،‬لن المقصود منها التحايل على المحرم‬
‫القول الثاني ‪ :‬أن عقد التلجئة صحيح و نافذ ‪ ،‬وهذا هو قللول‬
‫الشافعية‬
‫و حجتهم ‪ :‬أن البيع تم بأركانه و شروطه‪ ،‬و أتي بللاللفظ مللع‬
‫قصد و اختيار خاليا عن مقارنة مفسد‬

‫‪764‬‬
‫و الصحيح هو القول الول‪ ،‬لقوة أدلته‪ ،‬لكن ينبغلي أن يعلللم‬
‫أنه لبد لمن ادعى أن العقلد كلان عقلد تلجئة أن يلأتي ببينلة‬
‫على ذلك ‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬الشافعية في عموم مسللائل العقللود يغلبللون الظللاهر‬
‫على الباطن‪ ،‬أي يجعلون العبرة بما تلفظ به العاقدان ل بمللا‬
‫قصللداه‪ ،‬و لهللذا أجللازوا العينللة‪ ،‬و بعللض الحيللل الربويللة‪ ،‬و‬
‫اشترطوا أن يكللون الللبيع بصلليغة قللوليه ‪ ...‬الللخ‪ ،‬و هللذا يمللر‬
‫عليك كثيرا ً في المسائل الخلفية ‪.‬‬
‫* المسألة الثالثة ‪ :‬بيع الوفللاء ‪:‬‬
‫هو أن يبيع شللخص عينلا ً لشللخص بثمللن معيللن إلللى أجللل أو‬
‫بالدين الذي عليه له على أنه متى رد الثمن علللى المشللتري‬
‫أو أدى دينه لزم البائع رد البيع إليه وفاًء ‪.‬‬
‫ومثللالله ‪ :‬أن يقول البائع للمشتري ‪ :‬بعتك هذه الدار بشرط‬
‫ردها إلي متى رددت لك الثمن ‪.‬‬
‫‪ -‬سماه الشافعية ‪ :‬الرهن المعاد ‪ .‬وسمي في مصللر ) بيللع‬
‫المانة ( وفي الشام ) بيع الضاعة ( ‪.‬‬
‫تكييفه الفقهي ‪ :‬هو من ناحيللة الصللورة مللن الظللاهر يشللبه‬
‫البيع بشرط خيار الشرط عند الحنابلة على النتفاع بالقرض‬
‫‪ ،‬ليأخذ غّلة المبيع ونفعه في مدة انتفاع المقرض بالثمن ‪.‬‬
‫والصحيح ‪ :‬عدم جوازه لن المقصود منه فللي الحقيقللة إنمللا‬
‫هللو الربللا بإعطللائه دراهللم إلللى أجللل ومنفعللة العقللار هللي‬
‫الفائدة ‪.‬‬
‫*المسألة الرابعة ‪ :‬بيع المرابحة ) المواعدة ( ‪:‬‬
‫حقيقتله ‪ :‬بيع السلعة بثمنها المعلللوم بيللن المتعاقللدين بربللح‬
‫معلوم بينهما فيقول البائع ‪ :‬رأس مالي فيها ‪ / 100 /‬ريال ‪،‬‬
‫وأبيعكها وربح ‪ / 10 /‬ريال ‪ .‬فهذا البيع بصورته الحالية جائز‬
‫‪.‬‬
‫لكن هل هذه الصورة هي الموجودة في المصارف السلمية‬
‫الن ؟ وصورته ‪ :‬تلداول سللعة بلالثمن والربلح ولملا تحصلل‬
‫ملكيتها بعد ‪.‬‬

‫‪765‬‬
‫ويسمى الوعد التجاري ‪ ،‬بدأ الدارسللين يبحثللون هللل الوعللد‬
‫ملزم أم غير ملزم ‪.‬‬
‫وأصل المسألة تخرج على حديث " ل تبع مللاليس عنللدك " ‪،‬‬
‫وما سّلم من الباحثين إل الشيخين ابن باز ومحمد الشقر‬
‫لكن هل إذا أخلف الواعد وعده هل يلزم أم ل ‪:‬‬
‫المسألة فيها ثلثة أقوال ‪:‬‬
‫‪ – 1‬يلزم بالوفاء ‪.‬‬
‫‪ – 2‬ل يلزم ‪.‬‬
‫‪ – 3‬التفصيل ‪.‬‬
‫فإذا دخل الواعد بوعده في ورطة لزم الوفاء ‪ ،‬ومثاله ‪ :‬من‬
‫قال لرجل تزوج والتزم لها الصللداق وأنللا أدفللع عنللك فللتزوج‬
‫على هذا الساس فقد احتمل الوعد ورطة فيلزم الوفاء به ‪.‬‬
‫صورتها في الصرف ‪ :‬لها ثلثة صور ‪:‬‬
‫‪ – 1‬يقول العميل اشتروا هذه البضاعة لنفسكم ولللي رغبللة‬
‫بشرائها بثمن مؤجل أو معجل بربح ‪ ) .‬غير ملزم ولللم يللذكر‬
‫الربح ( ‪.‬‬
‫‪ – 2‬اشللتروا هللذه السلللعة لنفسللكم ولللي رغبللة بشللرائها ‪:‬‬
‫وسأربحكم مثل ً ألف ريال ‪ ) .‬الربح هنا محدد (‬
‫‪ – 3‬اشتروا هذه السلعة لنفسللكم ويلللتزم بشللرائها بمقللدار‬
‫معلوم ‪ " .‬فهذه الصورة باطلة ومحّرمة "‬
‫ما الصورتين الولى والثانية فتصح بشروط ‪:‬‬ ‫وأ ّ‬
‫وها من التزام بإتمام البيع ‪.‬‬ ‫‪ – 1‬خل ّ‬
‫وها من التزام بضمان هلك السلعة ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬خل ّ‬
‫‪ – 3‬أن ل يقع العقلد الملبيع بينهملا إل بعلد قبلض المصلرف‬
‫للسلعة واستقرارها ‪.‬‬
‫*المسألة الخامسة ‪ :‬بيع التصريف ‪:‬‬
‫صورته ‪ :‬أن يعطي صاحب العين ) البضاعة ( للبائع لكي يبيع‬
‫على التصريف ويسلمه المبلغ لكل بضاعة تم بيعها ‪.‬‬
‫حكمه ‪ :‬علماء الحنابلة يرون عدم جواز هذا البيع في احللدى‬
‫الروايتين ‪ .‬ويقولون أن فيه شرط فاسد ‪ .‬وفيه حديث بريرة‬

‫‪766‬‬
‫حينما قال النبي صلللى الللله عليلله وسلللم لعائشللة " ابتاعيهللا‬
‫واشترطي لهم الولء ‪ ،‬فإنما الولء لمن أعتق "‬
‫قال شيخ السلم ‪ " :‬فإن ثبوت الولء للمعتق ل يحتللاج إلللى‬
‫اشتراطه بل هو إذا أعتق كان الولء له ‪ ،‬سللواء شللرط ذلللك‬
‫على البائع أو لم يشترط ‪...‬لكن إن كان المشترط يعلللم أنلله‬
‫شرط محرم ل يحل اشتراطه فوجود اشتراطه كعدمه " ‪.‬‬
‫فكل واحد من البائع والمشتري ل يدري ماذا سينصرف مللن‬
‫هذه البضاعة ‪ ،‬فتعود المسألة إلى الجهالللة ‪ ،‬وقللد ثبللت عللن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلللم أنلله نهللى عللن بيللع الغللرر‬
‫وهذا ل شك أنه من الغرر ‪.‬‬
‫وقد يكون من بيع ما ل يملك ‪.‬‬
‫قال ابن قدامة في "المغني" ‪(6/325) :‬‬
‫" إذا اشترط إن ن ََفقَ المبيع وإل رده فهو شرط فاسد ‪ .‬وهل‬
‫يفسد به البيع ؟ علللى روايللتين ; قللال القاضللي ‪ :‬المنصللوص‬
‫عن أحمد أن الللبيع صللحيح ‪ .‬وهللو قللول الحسللن ‪ ,‬والشللعبي‬
‫والنخعي والحكم وابن أبي ليلى ‪ ,‬وأبي ثور ‪ .‬والثانيللة ‪ :‬الللبيع‬
‫فاسد ‪ .‬وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لنه شرط فاسللد ‪,‬‬
‫فأفسد البيع " انتهى بتصرف واختصار‬
‫ومعنى )نفق المللبيع( أي إن بللاعه ‪ ،‬وهللو صللورة الللبيع علللى‬
‫التصريف ‪.‬‬
‫ولكللن إذا كللان لبللد أن يتصللرف الطرفللان فليعللط صللاحب‬
‫السلعة بضاعته إلى الطرف الخر ليبيعها بالوكالة ‪ ،‬وليجعللل‬
‫له أجرا ً على وكالته فيحصل بذلك المقصود للطرفين فيكون‬
‫الثاني وكيل ً عن الول بأجرة ول بأس بذلك‬
‫وقد سألت الشيخ د ‪ /‬خالد بن علللي المشلليقح حفظلله الللله‬
‫عن الحكم الشرعي في بيع التصريف ‪ ،‬هللل هللو مللن الللبيوع‬
‫الفاسدة ؟‬
‫فأجابني بتاريخ ‪ 1426 / 1 / 7‬هل برسالة مكتوبة عبر البريد‬
‫الكللتروني نصللها ‪ ) :‬بيللع التصللريف أن يقللول المشللتري إن‬
‫ذهبللت السلللعة وإل أردهللا عليللك ‪ ،‬وهللذا شللرط باطللل عنللد‬

‫‪767‬‬
‫العلماء ‪ .‬قال النبي عليه الصلة والسلم ‪" :‬الخراج بالضمان‬
‫" ومقتضى ذلك أن المشتري للله خللراج السلللعة مللن الربللح‬
‫والنماء كالولد واللبن والصوف ‪ ..‬وغير ذلك فعليلله الضللمان‬
‫من الخسارة عند عدم رواجها ونفاقها عند النللاس ‪ ،‬والمللر‬
‫في سلعة البائع سهل فيمكللن للمشللتري أن يشللترط علللى‬
‫البللائع أن يكللون وكيل ً للله فيأخللذ منلله ويبيعهللا للله ويعطيلله ‪،‬‬
‫ويتفقان أن له واحدا ً في المائة مثل ً ‪ ،‬أو له اثنين في المللائة‬
‫‪ ،‬أو ل يحسللب عليلله شلليئا ً مللن المللال ‪ ..‬ألللخ ‪ ،‬فللإذا كللان‬
‫المشللتري وكيل ً لصللاحب الشللركة أو المؤسسللة كصللاحب‬
‫البقالة مثل ً ويبيع له ثم بعد ذلللك يعطيلله بعللض الشلليء فللإن‬
‫هذا جائز ول بأس به – إن شاء الله – والله أعلم ( ‪.‬‬
‫*المسألة السادسة ‪ :‬بيع النموذج ‪:‬‬
‫بيع النموذج أن يريه عينة من السلعة ويبيعه إياها علللى أنهللا‬
‫من جنسها دون أن يصفها‪.‬‬
‫وقد اختلف الفقهاء فيها على قولين‪:‬‬
‫فذهب الشافعية والحنابلة إلى تحريمه لنه من الغرر‪.‬‬
‫وذهب الحنللاف والمالكيللة إلللى جللوازه لن ضللبط النمللوذج‬
‫كذكر الصفات‬
‫ومن بيع النموذج‪:‬عرض صورة للسلعة دون وصفها ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فيصح شراء السلللع المعروضللة عللبر النللترنت أو‬
‫التلفزيون اكتفاء بصورتها دون الحاجة إلى وصفها‪.‬‬
‫*المسألة السابعة ‪ :‬بيع الوكيل لنفسه ‪:‬‬
‫كل بلله‬ ‫المعتمد عند الشافعي أن الوكيل ل يجوز أن يبيع ما و ّ‬
‫من نفسه ولنفسه قال ابن قدامة في العدة ‪ :‬وليس للوكيلل‬
‫أن يفعل إل ما تناوله الذن لفظا ً أو عرفا ً وليللس للله الشللراء‬
‫من نفسه ول البيع لها إل بإذن الوكيل وهناك وجه أنلله يجللوز‬
‫له ‪.‬‬
‫ولكن لو انتفت التهمة والمحاباة جاز للحاجللة إليلله ‪ .‬كمللا لللو‬
‫خضار ‪ . .‬ألخ ‪.‬‬ ‫كل أحد في البيع في محل‬ ‫و ّ‬

‫‪768‬‬
‫ومن الصور الواقعية لهذه المسألة مللا يقللوم بلله السماسلرة‬
‫في بيع السهم‪ ،‬حيث يتوكل السمسللار بيللع السللهم فيبيعهللا‬
‫لنفسه‬
‫وقد اختلف العلماء في حكم شراء الوكيل من نفسه و مثللله‬
‫)الوصي و الولي و الناظر على الوقف( على قولين‪:‬‬
‫‪ -1‬أن البيع ل يصح‪ .‬وهذا قول الحناف و الشللافعية و روايللة‬
‫عنللد الحنابلللة‪ ،‬وعلللى هللذا القللول ل يصللح الللبيع و لللو علللم‬
‫الموكل و حجتهم‪:‬‬
‫‪ -1‬أن للللبيع حقوق لا ً متضللادة مثللل" السللتلم و التسللليم و‬
‫المطالبللة بتسللليم المللبيع و قبللض الثمللن و الللرد بللالعيب و‬
‫الخيارات" و تسللتحيل أن تتللوفر جميعهللا فللي الشللخص فللي‬
‫زمن واحد‪ ،.‬و يتنافى الغرضان في بيعلله نفسلله‪ ،‬لنلله بحكللم‬
‫كونه بائعا يطلب زيادة الثمللن‪،‬و بحكللم كللونه شللاريا يطلللب‬
‫نقصانه‪ ،‬فلم يحز‪.‬‬
‫‪ -2‬ولنه تلحقه تهمة بذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬أن البيع صحيح بشرط أن تنتفي التهمة عللن الوكيللل بللأن‬
‫يعلم الموكللل بللذلك و يللأذن بله‪ ،‬أو يزيللد الوكيللل علللى ثمللن‬
‫السلعة في النللداء‪ ،‬أي يشللتريها بأحسللن مللن ثمللن مثلهللا أو‬
‫يبيعها للموكل بأقل من ثمن مثلها‪ .‬وهللذا مللذهب المالكيللة و‬
‫رواية عند الحنابلة و أدلتهم‪:‬‬
‫‪ -3‬أن الصل في البيوع الحل و ل دليل علللى تحريللم هللذه‬
‫الصورة من البيع‪.‬‬
‫‪ -4‬لنه قللد يكللون فللي شللراء الوكيللل مللن نفسلله مصلللحة‬
‫للموكل‪ ،‬إذ قد ل تطلب السلللعة بمثللل الثمللن الللذي عرضلله‬
‫الوكيل‪.‬‬
‫و الراجح والله أعلم القول الثاني‪ ،‬و يتحقق إذن الموكل إمللا‬
‫بالنص الصريح أو الذن العرفي‪ ،‬كما لو تعللارف التجللار علللى‬
‫أن الوكيل سيبيع و يشتري من نفسه فهذا إذن عرفي‪.‬‬
‫و أما ما استدل به أصحاب القول الول فيناقش بأن التهمللة‬
‫تنتفي عن الوكيل إذا أذن الموكلل أو زاد فللي ثملن السللعة‪،‬‬

‫‪769‬‬
‫وكونه بائعا مشتريا فللي آن واحللد ممكللن لن الذمللة تتبعللض‬
‫في الفقه السلمي‪.‬‬
‫*المسألة الثامنة ‪ :‬السللللللفتجة ‪:‬‬
‫السفتجه ‪ :‬هي أن يعطي مال ً لخر مع اشتراط القضاء في‬
‫بلد آخر ‪.‬‬
‫جللح فللي كتللابه الربللا‬
‫الشلليخ الللدكتور ‪ /‬عمللر المللترك ر ّ‬
‫والمعاملت المصرفيه أن الحوالة التي فللي المصللارف الن‬
‫هي داخلة تحت مسألة السفتجة ‪.‬‬
‫بعد أن ذكر أنه يمكن تكييفها على عدة أوجه ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أنها حوالة‬
‫‪ – 2‬أنها إجارة على إرسال النقود ‪.‬‬
‫‪ – 3‬أنها شبيهة بالسفتجة ‪ .‬إل أنه تفترق عنها أن السفتجة ل‬
‫يتقاض الخذ أجرا ً عادة اكتفاء بأنه سينتفع بالمال في سفرة‬
‫وأما في المصرف يتقاضى أجرا ً يسللمى عمولللة مللن طللالب‬
‫التحويل ‪.‬‬
‫‪ -‬أما لو أحال نقودا ً ريالت طالبا ً تسليمها له جنيهات مصللرية‬
‫في مصر أو ليرات في سورية فإن هذه العملية مركبللة مللن‬
‫صرف وتحويل ‪ .‬ومن شروط صحة الصللرف ‪ :‬التقللابض فللي‬
‫مجلس العقد ول تقابض في هذا الصللرف وهللي غيللر جللائزة‬
‫خروجا ً من شبهة الربا ‪ .‬ولجوازه وجه عند بعض أهل العلم ‪.‬‬
‫*المسألة التاسعة ‪ :‬الحطيطة ‪:‬‬
‫الحلطليلطللة ‪ :‬هي الصلح عن المؤجل ببعضه حال ً ‪.‬‬
‫وهو ما رجحه شلليخ السلللم ابللن تيميللة حيللث قللال ‪ :‬ويصللح‬
‫الصلح عن المؤجل ببعضه حال ً وهو رواية عن أحمد ‪ .‬واختللار‬
‫صحتها ابن القيم ‪.‬‬
‫دليل الصحة ‪ :‬ما روي عن عباس قال ‪ :‬لما أمر النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بإخراج بني النضير من المدينة جاءه أنللاس‬
‫منهم فقالوا ‪ :‬يا رسول الله إنك أمرت بإخراجهم ولهم علللى‬
‫الناس ديون لهم تحللل ‪ ،‬فقللال صلللى الللله عليلله وسلللم ‪" :‬‬
‫جلوا " ‪.‬‬‫ضعوا وتع ّ‬

‫‪770‬‬
‫*المسألة العاشرة ‪ :‬البيع والشراء عن طريق النترنت ‪:‬‬
‫ليخلو البائع عن طريق النترنت من إحدى حالين ‪:‬‬
‫الحال الولى ‪ :‬أن يكون مالك لا ً للسلللعة أو وكيل ً فللي بيعهللا ‪،‬‬
‫فيجوز الشراء منه في هذه الحال سواء أكان التسليم مؤجل ً‬
‫أو حال ً ‪ ،‬وسواء أكان الثمن منقودا ً ‪ ،‬أو مؤجل ً ‪ ،‬ولكن ليجوز‬
‫أن يكون كللل مللن التسللليم والثمللن مللؤجل ً ‪ ،‬لئل يكللون مللن‬
‫الكالئ بالكالئ ‪.‬‬
‫الحال الثانية ‪ :‬أليكون البائع مالكا ً للسلعة ول وكيل ً ‪ ،‬فيجللوز‬
‫الشراء منه إذا كان التسليم مؤجل ً ‪ ،‬بشرط أن يكون الثمللن‬
‫حاضرا ً ‪.‬‬
‫وهاهنا عدة ملحظات ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬أن الغالب فيمن يبيع عن طريق النترنت أنه موكللل‬
‫إما صراحة أو عرفا ً ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬أنه ينبغللي أن يفللرق بيللن طلللب الشللراء ‪ ،‬والشللراء‬
‫نفسه ‪ ،‬فطلب الشراء ليس شراء بل هو وعللد ‪ ،‬وفللرق بيللن‬
‫الوعد والعقد ‪ ،‬فالوعد بالبيع يجوز ولو قبل امتلك السلعة ‪.‬‬
‫ومن العلمات التي يتبين بها طبيعة التصرف هل هو وعللد أم‬
‫عقد ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يعطي المشتري رقم البطاقة الئتمانية للبائع ‪ ،‬فهذا‬
‫عقد وليس بيعا ً ‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يعطي المشتري بريللده اللكللتروني للبللائع لخطللاره‬
‫عند توفر السلعة ‪ ،‬فهذا وعد وليس عقدا ً ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬في الشراء عن طريللق النللترنت يعللد تسللجيل رقللم‬
‫البطاقة إيجابا ً من المشتري ‪ ،‬وموافقة جهة البيع يعد قبول ً ‪،‬‬
‫وهذا التكييف يشمل الشراء المباشر ‪ ،‬أو عن طريق المللزاد‬
‫أو المناقصة العلنية ‪.‬‬
‫*المسألة الحادية عشرة ‪ :‬المسابقات التجارية ‪:‬‬
‫المسابقات التجارية على نوعين ‪:‬‬
‫النوع الول‪:‬مسابقات يكون الشتراك فيها بل عوض‪.‬‬

‫‪771‬‬
‫أي أن قسلليمة الشللتراك فللي المسللابقة تبللذل للمتسللابقين‬
‫مجانا‪ ،‬فهذه اختلف فيها العلماء المعاصرون على قولين‪:‬‬
‫القول الول‪:‬تحريم الشتراك فيها‪،‬وممللن اختللار هللذا القللول‬
‫سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله واللجنة الدائمة‬
‫للفتاء بالمملكة‪.‬‬
‫استدل أصحاب هذا القول بما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬ما روى أبو هريرة رضللي الللله عنلله أن النللبي صلللى الللله‬
‫عليه وسلم قال‪):‬لسبق إل في نصل أوخف أوحافر(أخرجلله‬
‫الخمسة‬
‫السبق‪:‬بفتح السين والباء هو مايوضع للمتسابق من جعل‪.‬‬
‫النصل‪:‬أي السهم و الخف كناية عن البل و الحافر كناية عن‬
‫الخيل‪.‬‬
‫‪-2‬ولن هذه المسابقات تتضمن غررا ً لن المشترك ليعلللم‬
‫هل سيحصل على الجائزة أم ل‪.‬‬
‫القول الثاني‪:‬جواز الدخول فللي هللذه المسللابقات‪،‬وهللذا رأي‬
‫الشيخ ابن عثيمين‪.‬‬
‫استدل أصحاب هذا القول بما يلي ‪:‬‬
‫أن الصل في البيوع الحل ول دليل على االتحريم‪.‬‬
‫وأما حديث أبي هريرة فالمراد به لسللبق أولللى مللن السللبق‬
‫الكائن في هذه الشياء المذكورة بللدليل جللواز الجعالللة فللي‬
‫غير الشياء المذكورة‪.‬‬
‫وأما الغرر الذي في هذه المعاملت فهو غير مللؤثر لنلله فللي‬
‫عقد تبرع لفي عقد معاوضة وقد سبق أن من شروط الغرر‬
‫أن يكون في عقد معاوضة‪.‬‬
‫ملحظة‪:‬‬
‫ألحق بعض الفقهاء بالثلثة المذكورة في الحديث كل ما كان‬
‫معينا ً على الجهاد كالبنادق والطائرات ونحو ذلللك ‪،‬قللالوا لن‬
‫الحكمة من التنصلليص علللى هللذه المللور الثلثللة كونهللا مللن‬
‫أدوات الجهاد فيلحق بها كل ما كان معينللا علللى الجهللاد ‪،‬بللل‬
‫ألحق شيخ السلللم ابللن تيميللة وابللن القيللم المراهنللات فللي‬

‫‪772‬‬
‫المسللائل العلميللة لن الجهللاد كمللا يكللون بالسللنان يكللون‬
‫باللسان بدليل قول الله تعللالى‪) :‬ياأيهللا النللبي جاهللد الكفللار‬
‫والمنافقين( ومعلوم أن جهاد المنافقين بالعلم والبيان‪،‬وهللذا‬
‫هو الصحيح‪ ،‬ويؤيده الرهان الذي وقع بين أبي بكر ‪ ‬وكفللار‬
‫قريش في انتصار الروم على الفرس‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬المسابقات التي يكون الشتراك فيها بعوض‬
‫فهذه لخلف بين أهل العلللم علللى تحريمهللا حللتى ولللو كللان‬
‫العوض يسيرًا‪ ،‬لنها من الميسر‪ ،‬ولن فيها غررا ً ظللاهرُا‪ ،‬لن‬
‫المشترك يدفع قيمللة الشللتراك وقللد يربللح الجللائزة فيكللون‬
‫غانمًا‪ ،‬وقد ليربح شيئا ُ فيكون غارمُا‪.‬‬
‫فإن كانت المسابقة لقيمللة لهللا بنفسللها لكللن الللدخول فيهللا‬
‫مشروط بشللراء سلللعة ونحوذلللك مثللل أن تكللون المسللابقة‬
‫منشللورة فللي جريللدة أو ملصللقة علللى منتللج ومللن شللرط‬
‫الللدخول فيهاشللراء ذلللك المنتللج ‪،‬فهنللا يجللوز الللدخول فللي‬
‫المسلللابقة حلللتى وللللوزادت قيملللة المنتلللج بسلللبب وجلللود‬
‫المسابقة‪،‬لن هذه المعاملة وإن تضمنت غررا ً لكنه غرر غير‬
‫مللؤثر لنلله تللابع‪،‬ومللن شللرط الغللرر كمللا تقللدم أن يكللون‬
‫مقصللودًافي العقللد لتابعللًا‪،‬لكللن يشللترط لللذلك أن يكللون‬
‫المشتري محتاجًافعل ً لتلك السللعة‪ ،‬أملا إن اشلترى السللعة‬
‫لجل المسابقة وهو ليحتاج السلعة فهنللا يحللرم شللراؤه لن‬
‫المال المبذول قصد منه الجائزة وهي غير محققة‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫تلجأبعض المحلت إلللى تضللمين مسللابقاتها التجاريللة أسللئلة‬
‫علميللة تمشلليا ً مللع القللول الللذي يللرى جللواز المراهنللات‬
‫والمسابقات مطلقا ً في المسللائل العلميللة أي سللواء كللانت‬
‫بعوض من أحد المتسابقين أو منهما معاوهو قول ابللن تيميللة‬
‫كما تقدم‪ ،‬فهل هذا الجراء يحلل المسألة؟‬
‫القللرب والللله أعلللم أنلله ليحللهللا لن المقصللود مللن هللذه‬
‫المسابقة في الواقع التسويق وليس التعليم‪.‬‬
‫*المسألة الثانية عشرة ‪ :‬عقد المضاربة ‪:‬‬

‫‪773‬‬
‫من أفضل التعاريف وأشملها لقد المضاربة ‪ :‬تعريف الشلليخ‬
‫عبد الله الخاطر حيث قال ‪:‬‬
‫المضاربة عقد يتضمن دفللع مللال خللاص – ومللا فللي معنللاه –‬
‫معلوم قدره ونوعه وصفته من جائز التصرف لعاقللل مميللز‬
‫رشيد يتجر فيه بجزء مشاع معلوم من ربحه له ‪.‬‬
‫‪ -‬ويتميز عللن الشللركة مللن حيللث أن فيهللا مضللاربا ً ) شللريك‬
‫بعملة ( ‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن أن يتعدد أرباب المال أو المضاربون ‪.‬‬
‫‪ -‬مثلالله ‪:‬‬
‫الشركة السلللمية للسلتثمار الخليجلي بالشللارقة ‪ :‬طرحللت‬
‫صكوك المضاربة والقروض السلمية ‪ ،‬وهي صكوك للتداول‬
‫قيمة الصك ‪ 1000‬دولر لمدة خمس سنوات ) والعقللدعليه‬
‫بعض الملحظات ( ‪.‬‬
‫مسلألة ‪:‬‬
‫تأجير المحل للعامل بأن يعطي صاحب المحل مبلغا ً متفقللا ً‬
‫عليه ما حكمه ‪:‬‬
‫هذا العمل محرم ‪ .‬إذا كان على كفالته ‪ .‬لنلله بمثابللة الجيللر‬
‫فكيف يتفق معه وهو أجير عنده فهي ليست إجللازة وليسللت‬
‫مضاربة إنما مضاربة فاسللدة ‪ .‬وفيهللا مخالفللة لللولي المللر ‪.‬‬
‫ولن فيه جهالة وغرر فما يعلم صاحب البضاعة ما بيللع منهللا‬
‫مما لم يبع وما قيمته ‪..‬‬
‫المضاربة في السهم ‪:‬‬
‫* المضلاربة فلي السلهم صلحيحة باعتبارهلا علروض تجلارة‬
‫بذاتها بغض النظر عما تمثله من موجودات الشركة‪.‬‬
‫* أمللا المضللاربة بالسللهم باعتبللار مللا تمثللله مللن موجللودات‬
‫الشركة فغير صحيح‪.‬‬
‫* وعلى القول الراجح في تكييف السهم أنه يمثل العتبارين‬
‫السابقين ينتج من ذلك عدم جواز المضاربة بالسهم‬
‫*المسألة الثالثة عشرة ‪ :‬التورق ‪:‬‬

‫‪774‬‬
‫تعريفله ‪ :‬هو أن يشتري سلعة بثمن مؤجل ‪ ،‬ثم بيعهللا نقللدا ً‬
‫بثمن أقلل ‪ ،‬ليحصلل عللى النقلد ‪ ،‬فلإن باعهلا إللى البلائع‬
‫فهو التورق ‪.‬‬ ‫نفسه فهي العينه ‪ ،‬وإن باعها إلى غيره‬
‫ومللن مسللمياته فللي المصللارف ‪ :‬المرابحللة والجللارة‬ ‫‪-‬‬
‫التحويلية ‪.‬‬
‫وكثير من الحيل الربوية ترتد بلالفحص والتمحيللص إلللى‬ ‫‪-‬‬
‫العينة أو القرض الربوي ‪.‬‬
‫وفيله قلولن ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ – 1‬الجلواز ‪ :‬وهذا رأي هيئة كبار العلماء ‪ .‬والمجمع الفقهي‬
‫‪.‬وقال به الحنابلة بشرط أن ل يكون له في السلعة حاجللة ‪،‬‬
‫بأن يكون مقصود المشتري التجارة والنتفاع بالسلعة ‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم الجواز ‪ .‬قال عمر بن عبد العزيز ‪ :‬التورق أخيه الربا‬
‫‪.‬‬
‫‪ – 3‬وهناك قول ثالث محدث ووسللط بيللن القللولين قللال بلله‬
‫توفيق يونس من المعاصرين ‪ .‬وهو إجازة التورق بشللرط أل‬
‫يعلم الطرفان الخران بمراده وهللو لجلأ إلللى التللورق لكلونه‬
‫مضطر ‪.‬‬
‫‪ -‬الفلرق بين التورق وبيلن العيلنة ‪:‬‬
‫العينة فيها طرفان ‪ ،‬وأما التوريق ففيه ثلثة أطراف ‪.‬‬
‫*المسألة الرابعة عشرة ‪ :‬التأمين التجاري‪:‬‬
‫التأمين ‪ :‬هو عقود المعاوضات المالية الجتماعية المشللتملة‬
‫على الغرر الفاحش لن التأمين ل يستطيع أن يعرف وقللت‬
‫العقد ومقدار ما يعطي أو يأخذ ‪ ،‬وهللذا العقللد يشللتمل علللى‬
‫ربا الفضل والنسيئة ‪.‬‬
‫فإن الشركة إذا دفعت للتأمين أو لللورثته أو للمسللتفيد أكللثر‬
‫مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضللل ‪ ،‬و المللؤمن – بكسللر‬
‫دة فيكللون‬ ‫الميللم ‪ ) -‬الشللركة ( يللدفع ذلللك للتللأمين بعللد مل ّ‬
‫بالنسلليئة وإذا دفعللت الشللركة للمسللتأمن مثللل مللادفعه لهللا‬
‫يكون ربا نسيئة فقط وكلهما محرم بالنص والجماع ‪.‬‬
‫‪ .‬الفرق بين التأمين التجاري والتعاوني ‪:‬‬

‫‪775‬‬
‫لقد ذكر الفقهللاء المعاصللرون عللدة فللروق‪ ،‬وتكمللن أبرزهللا‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫الفرق الول‪ :‬أن التللأمين التعللاوني مللن عقللود التللبرع الللتي‬
‫يقصد بها أصالة التعللاون علللى تفللتيت الخطللار ‪ ،‬فالقسللاط‬
‫المقدمة من حملة الوثائق في التأمين التعللاوني تأخللذ صللفة‬
‫الهبة )التبرع(‪.‬‬
‫أمللا التللأمين التجللاري فهللو مللن عقللود المعاوضللات الماليللة‬
‫الحتمالية ‪.‬‬
‫الفرق الثاني‪ :‬أن التعويض في التأمين التعاوني يصللرف مللن‬
‫مجموع القساط المتاحة‪.‬فإذا لم تكللن القسللاط كافيللة فللي‬
‫الوفللاء بالتعويضللات طلللب مللن العضللاء زيللادة اشللتراكاتهم‬
‫لتعللويض الفللرق‪ .‬وإذا لللم يمكللن زيللادة الشللتراكات للوفللاء‬
‫بالتعويض لم يقع التعللويض ‪ ،‬إذ ليللس هنللاك الللتزام تعاقللدي‬
‫بللالتعويض‪ .‬أمللا التللأمين التجللاري فهنللاك الللتزام بللالتعويض‬
‫مقابل أقسللاط التللأمين‪ .‬ويللترتب علللى هللذا اللللتزام تحمللل‬
‫الشلللركة لمخلللاطرة الصلللل الملللؤمن عليللله دون سلللائر‬
‫المستأمنين‪ .‬ولذا كان الهدف من العقد هو المعاوضة‪ ،‬ولكن‬
‫هللذه المعاوضللة ل تسللمح بربللح الطرفيللن‪ ،‬بللل إن ربحللت‬
‫الشللركة خسللر المسللتأمن وإن ربللح المسللتأمن خسللرت‬
‫الشركة‪ .‬فهي معاوضللة تتضللمن ربللح أحللد الطرفيللن مقابللل‬
‫خسارة الخر ولبد وهذا أكل المال بالباطل‪.‬‬
‫الفرق الثالث‪ :‬في التللأمين التجللاري ل تسللتطيع الشللركة أن‬
‫تعوض المستأمنين إذا تجاوزت نسبة المصابين النسبة الللتي‬
‫قللدرتها الشللركة لنفسللها‪ ،‬أمللا فللي التللأمين التعللاوني‪ ،‬فللإن‬
‫مجموع المستأمنين متعاونون في الوفللاء بالتعويضللات الللتي‬
‫تصرف للمصابين منهم‪ ،‬ويتم التعللويض بحسللب المتللاح مللن‬
‫اشتراكات العضاء‪.‬‬
‫فالمستأمن في التللأمين التعللاوني ل ينتظللر مقللدارا ً محللددا ً‬
‫سلفا ً إذا وقع الخطر‪ ،‬وإنمللا ينتظللر تضللافر قرنللائه بتعويضلله‬
‫بحسب ملءة صندوق التأمين وقدرة العضاء على تعويضلله‪.‬‬

‫‪776‬‬
‫فالطمأنينللة الللتي يشللعر بهللا المسللتأمن تعاوني لا ً نابعللة مللن‬
‫شللعوره بوقللوف الخريللن معلله‪ ،‬وليللس مللن عللوض محللدد‬
‫بمقتضى التزام تعاقللدي غيللر صللادق فللي حقيقتلله‪ ،‬كمللا هللو‬
‫الحال في التأمين التجاري‪.‬‬
‫الفرق الرابع‪ :‬أن التللأمين التعللاوني ل يقصللد منلله السللترباح‬
‫من الفلرق بيلن أقسلاط التلأمين اللتي يلدفعها المسلتأمنون‬
‫من لللديها بللل إذا‬ ‫وتعويضات الضرار التي تقدمها الجهة المؤ ّ‬
‫حصلللت زيللادة فللي القسللاط المجبيللة عللن التعويضللات‬
‫المدفوعة لترميم الضرار ترد الزيادة إلى المستأمنين‪.‬‬
‫بينما الفائض التأميني في التأمين التجاري يكون مللن نصلليب‬
‫الشركة‪.‬‬
‫منللون هللم المسللتأمنون فللي التللأمين‬ ‫الفللرق الخللامس‪ :‬المؤ ّ‬
‫التعاوني‪ ،‬ول تسللتغل أقسللاطهم المدفوعللة لشللركة التللأمين‬
‫التعاوني إل بما يعود عليهللم بللالخير جميعلًا‪ .‬أمللا فللي شللركة‬
‫من هللو عنصللر خللارجي بالنسللبة‬ ‫التللأمين التجللاري فللالمؤ ّ‬
‫للشللركة‪ ،‬كمللا أن شللركة التللأمين التجللاري تقللوم باسللتغلل‬
‫أموال المستأمنين فيما يعود عليها بالنفع وحدها‪.‬‬
‫الفرق السادس‪ :‬شركة التأمين التعللاوني هللدفها هللو تحقيللق‬
‫التعاون بين أعضائها المستأمنين‪ ،‬وذلك بتوزيع الخطار فيمللا‬
‫بينهم‪ ،‬أي بمعنى ما يشتكي منه أحدهم يشتكون منه جميع لًا‪.‬‬
‫وبمعنى آخللر أنهللا ل ترجللو ربحلا ً وإنمللا الللذي ترجللوه تغطيللة‬
‫التعويضات والمصاريف الدارية‪ .‬وعلى العكس من ذلك فإن‬
‫شركة التأمين التجاري هللدفها الوحللد هللو التجللارة بالتللأمين‬
‫والحصول على الرباح الطائلة على حساب المستأمنين‪.‬‬
‫الفرق السابع‪ :‬في شركة التأمين التعاوني تكون العلقة بين‬
‫حملة الوثائق وشركة التأمين على السس التالية‪:‬‬
‫‍أ‪ -‬يقوم المساهمون في الشللركة بللإدارة عمليللات التللأمين‪،‬‬
‫من إعداد الوثائق وجمع القساط‪ ،‬ودفع التعويضللات وغيرهللا‬
‫من العمال الفنية‪ ،‬في مقابل أجرة معلومة وذلللك بصللفتهم‬

‫‪777‬‬
‫القائمين بإدارة التأمين وينص على هذه الجرة بحيللث يعتللبر‬
‫المشترك قابل ً لها ‪.‬‬
‫‍ب‪ -‬يقوم المساهمون باستثمار) رأس المال( المقدم منهم‬
‫للحصللول علللى الللترخيص بإنشللاء الشللركة‪ ،‬وكللذلك لهللا أن‬
‫تستثمر أموال التأمين المقدمة من حملة الوثللائق‪ ،‬علللى أن‬
‫تسللتحق الشللركة حصللة مللن عللائد اسللتثمار أمللوال التللأمين‬
‫بصفتهم المضارب‪.‬‬
‫‍ج‪ -‬تمسللك الشللركة حسللابين منفصلللين‪ ،‬أحللدهما لسللتثمار‬
‫رأس المال‪ ،‬والخر لحسابات أموال التأمين ويكون الفللائض‬
‫التأميني حقا ً خالصا ً للمشتركين ) حملة الوثائق(‪.‬‬
‫‍د‪ -‬يتحمل المساهمون ما يتحمله المضارب من المصروفات‬
‫المتعلقة باستثمار الموال نظير حصللته مللن ربللح المضللاربة‪،‬‬
‫كمللا يتحملللون جميللع مصللاريف إدارة التللأمين نظيللر عمولللة‬
‫الدارة المستحقة لهم‬
‫‍ه‪ -‬يقتطع الحتيللاطي القللانوني مللن عللوائد اسللتثمار أمللوال‬
‫المسللاهمين ويكللون مللن حقللوقهم وكللذلك كللل مللا يتللوجب‬
‫اقتطاعه مما يتعلق برأس المال‪..‬‬
‫بينما العلقة بين حملة الوثائق وشركة التأمين‪ ،‬فللي التللامين‬
‫التجاري‪ ،‬أن ما يدفعه حملة الوثائق من أمللوال تكللون ملك لا ً‬
‫للشركة ويخلط مع رأس مالها مقابل التلأمين‪ .‬فليلس هنلاك‬
‫حسابان منفصلن كما في التأمين التعاوني‪.‬‬
‫الفرق الثامن‪ :‬المستأمنون فللي شللركات التللأمين التعللاوني‪،‬‬
‫يعدون شركاء مما يحق لهم الحصللول علللى الربللاح الناتجللة‬
‫من عمليات استثمار أموالهم‪.‬‬
‫أما شركات التأمين التجللاري فالصللورة مختلفللة تمام لًا؛ لن‬
‫المسللتأمنين ليسللوا بالشللركاء‪ ،‬فل يحللق لهللم أي ربللح مللن‬
‫اسللتثمار أمللوالهم‪ ،‬بللل تنفللرد الشللركة بالحصللول علللى كللل‬
‫الرباح‪.‬‬
‫الفرق التاسع‪ :‬شركات التأمين التعللاوني ل تسللتثمر أموالهللا‬
‫في النواحي التي يحرمها الشرع‪.‬‬

‫‪778‬‬
‫وعلللى النقيللض مللن ذلللك فشللركة التللأمين التجللاري ل تللأبه‬
‫بالحلل والحرام‪.‬‬
‫الفرق العاشر‪ :‬في التأمين التعاوني لبد أن ينص فللي العقللد‬
‫علللى أن مللا يللدفعه المسللتأمن مللا هللو إل تللبرع وأنلله يللدفع‬
‫القسط للشركة لعانة من يحتاج إليه مللن المشللتركين‪ .‬أمللا‬
‫ل‪ ،‬وبالتللالي ل يللذكر‬ ‫في التأمين التجاري ل ترد نية التبرع أص ً‬
‫في العقد‪.‬‬
‫*المسألة الخامسة عشرة ‪ :‬من صور القمار والميسر‪:‬‬
‫‪ – 1‬أوراق اليانصيب والتي تشترى بمبالغ مالية محللددة مللن‬
‫أجل توقع الحظ بالفوز ‪.‬‬
‫جعللل معين لا ً أو مبلغ لا ً فللي‬
‫‪ – 2‬المراهنة من الطرفين وجعل ُ‬
‫حالة الربح والخسارة ‪.‬‬
‫‪ – 3‬الموال التي تنفق على الشراء من متجر ليللس بغللرض‬
‫الحاجة للشراء ولكن بقصللد اللدخول عللى سلحوبات جلوائز‬
‫وغيرها ‪.‬‬
‫*المسألة السادسة عشرة ‪ :‬حكم بطاقات التخفيض ‪:‬‬
‫بطاقات التخفيض على نوعين‪:‬‬
‫بطاقات تخفيض مجانية‬
‫وهي التي تمنحها بعض المحلت لبعض زبائنهللا مجانللا‪ ،‬فهلذه‬
‫يجوز الشتراك بها لنها وإن كان فيها نوع مللن الغللرر إل أنلله‬
‫غرر معفو عنه لن العقد هنا تبرع وليس معاوضة وقد سللبق‬
‫أن من شروط الغرر المؤثر أن يكون في عقد معاوضة‪.‬‬
‫ولكن قد يرد التحريم مللن جهللة أخللرى وذلللك فيمللا لللو كللان‬
‫الشخص المهدى إليه موظفا وكانت الجهللة المهديللة تتعامللل‬
‫مع الجهة التي يعمل بها‪ ،‬مثل أن يكون موظفا في الجمارك‬
‫أو الجللوازات أويكللون مدرسللا ً لصللاحب المحللل أو قريبلله‬
‫أويرجو منه صاحب المحل منفعة ونحوذلك فيحرم في هللذه‬
‫الحالللة قبللول الهديللة لنهللا رشللوة‪ ،‬وقللد قللال عليلله الصلللة‬
‫والسلم‪):‬هدايا العمال غلول(‪.‬‬
‫ملحظة‪:‬‬

‫‪779‬‬
‫من النوع الول من بطاقات التخفيض أيضا ً ماإذا كان المحل‬
‫يمنللح البطاقللة مجانلا ُ لمللن يشللتري منلله بمبلللغ معيللن ‪،‬أوأن‬
‫المحل يعطي خصما ً فوريًا)بدون بطاقة( لمن تزيد مشترياته‬
‫عن كذا وكذا‪،‬فكل هذه الصور جائزة‪.‬‬
‫بطاقات تخفيض بعوض‪:‬‬
‫وهذه البطاقات قد تكون ثلثية الطللراف وقلد تكللون ثنائيلة‪،‬‬
‫فالثنائيللة مثللل بطاقللة السللامس كلللوب مثل‪،‬والثلثيللة مثللل‬
‫بطاقللة المسللتثمر الللدولي ‪،‬وصللورتها أن تقللوم شللركة بللبيع‬
‫بطاقللات تخفيللض يسللتفيد منهللا المسللتهلك بالحصللول علللى‬
‫تخفيض من عدد من المحلت والمطاعم والفنادق‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء المعاصرون فيها على قولين‪:‬‬
‫القول الول ‪:‬التحريم‪:‬‬
‫وهللذا هللو رأي اللجنللة الدائمللة للفتللاء بالمملكللة وعللدد مللن‬
‫العلماء المعاصرين منهم ابن باز وابن عثيمين وغيرهم‪.‬‬
‫استدلوا‪:‬‬
‫‪-1‬بأن فيها أكل ً للمال بالباطللل لن البللائع يأخللذ قيمتهللا بغيللر‬
‫عوض وقد ليستفيد المشتري منها‪.‬‬
‫‪-2‬ولما فيها من الغرر فإن المشتري ليعرف تحديللدا ً مقللدار‬
‫الخصم الذي سيحصله والبائع كذلك‪،‬فلو فرضللنا أن البطاقللة‬
‫بمللائة واسللتخدمها المشللتري فحصللل علللى خصللم يبلللغ‬
‫‪،200‬فيكون المشتري غانما ً والبائع غارمًا‪،‬اما لوكللان مقللدار‬
‫الخصلللم اللللذي حصلللل عليللله خلل ملللدة الشلللتراك مثل ً‬
‫‪50‬فقطفيكون البللائع غانمللا والمشللتري غارمللا‪،‬وبهللذا يكللون‬
‫العقد دائرًابين الغنم والغرم‪.‬‬
‫القول الثاني‪:‬جواز هذه البطاقات‪.‬‬
‫استدلوا بما يلي‪:‬‬
‫‪-1‬أن الصللل فللي المعللاملت الحللل فل ينتقللض هللذا الصللل‬
‫إلبدليل صحيح صريح‪.‬‬
‫‪-2‬وأما الغرر الذي في المعاملة فهو غير مؤثر لنلله ليسللبب‬
‫ضررا على أي منهما أما البائع فإنه رابح على كل حال سواء‬

‫‪780‬‬
‫اشترى المشتري بالبطاقة أوبدونهالن المحلت تضع هامش‬
‫ربح حتى في حال استخدام البطاقة‪،‬نعللم يتصللور الضللرر لللو‬
‫كان البائع يبيع السلعة على صاحب البطاقة بأقللل مللن رأس‬
‫ماله فيها لكن هذا غير واقع ‪،‬وأما المشللتري فالبطاقللة بيللده‬
‫فمللتى شللاء اسللتخدمهاوهذا كمللا لللو اسللتأجر سلليارة فقللد‬
‫يستعملها طيلة فترة الجللارة وقللد ليسللتخدمها إل للحظللات‬
‫معدودة وليعد ذلك غررا‪،‬وكذلك البيت قد يستأجرها سنة فل‬
‫يحتاج للسكنى فيها إل أياما ً وقد يسكنها طيلة السنه‪.‬‬
‫والراجح والله أعلم هو القول الثاني لن من شللروط الغللرر‬
‫المؤثر أن يكون فيه ضرر وهللذه البطاقللات لضللرر فيهاوأمللا‬
‫المال الذي أخذه البائع فهو ليس من أكل المال بالباطل لن‬
‫المشتري يأخذ عوضا ُ عته نسبة الخصم المتفق عليهللا‪.‬والللله‬
‫أعلم‬
‫*المسألة السابعة عشرة ‪ :‬بطاقة الئتمان ‪:‬‬
‫هي البطاقة الصادرة من بنك أو غيره تخول حاملها الحصول‬
‫على حاجياته من السلع أو الخدمات دينا ً ‪.‬‬
‫يللدخل الربللا فللي بطاقللات الئتمللان حينمللا يفللرض مصللدرها‬
‫غرامات مالية علللى التللأخير فللي السللداد أو علللى تأجيللل أو‬
‫تقسلليط المسللحوبات المسللتخدمة علللى البطاقللة ‪ ،‬وهللذه‬
‫الغرامات تعتبر من ربا النسيئة المحرم ‪.‬‬
‫*المسألة الثامنة عشرة ‪ :‬بطاقة الفيزا ‪:‬‬
‫قمللت بسللؤال الللدكتور ‪ :‬محمللد العصلليمي أسللتاذ القتصللاد‬
‫السلمي المشللارك كليللة الشللريعة‪ ،‬الريللاض ورئيللس هيئة‬
‫الرقابه بمصرف الراجحي سابقا ً السؤال التالي ‪:‬‬
‫ما الحكللم الشللرعي لبطاقللة الفيللزا عنللد مصللرف الراجحللي‬
‫وبطاقة تيسير عند البنك الهلي مع التفصيل ‪ ،‬وما وجلله مللن‬
‫فرق بين الماستر كللارد وبيللن الصللراف فللي الحكللم بالحللل‬
‫والحرمة‪ ،‬وهل ما يأخذه البنك على العمليللة المصللرفية فللي‬
‫دائرة المباح أفتونا مأجورينأ؟‬

‫‪781‬‬
‫فأجللاب بقللوله أخللي السللائل السلللم عليكللم ورحمللة الللله‬
‫وبركللاته ‪ :‬بطاقللة فيللزا الئتمانيللة مللن شللركة الراجحللي‬
‫المصرفية جائزة‪ ،‬ولكني أعتقد أن الرسم الللذي يؤخللذ علللى‬
‫السحب النقدي أكثر مللن التكلفللة الفعليللة الللتي وجهللت بهللا‬
‫الهيئة الشللرعية‪ .‬فل أرى السللحب النقللدي بهللا‪ .‬أمللا بطاقللة‬
‫التيسير فل أرى جوازها البتة‪ .‬وهي محض قلب للللدين علللى‬
‫العميللل‪ ،‬وهللي ربللا بل شللك‪ .‬والماسللتركارد منظمللة تصللدر‬
‫بطاقات مثل فيزا‪ ،‬ولها بطاقات ائتمانية ولهللا غيللر ائتمانيللة‪.‬‬
‫والفرق بين الئتمانية والصللراف أن الولللى تقللرض العميللل‪،‬‬
‫والثانية مربوطة بحسللابه الجللاري‪ .‬وعليلله‪ ،‬فمللا أخللذه البنللك‬
‫على القرض فالصل فيه التحريم‪ ،‬إل ما كان حسب التكلفللة‬
‫الفعلية‪ .‬أما الصراف فل بأس بأخذ الرسللم عليهللا‪ ،‬حيللث إن‬
‫البنك هو المقترض من العميل‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫*المسألة التاسعة عشرة ‪ :‬سعودي تك ‪:‬‬
‫وصفها‪ :‬هي بطاقة شرائية للنترنت كأي بطاقة ماستر كللارد‬
‫توفر لك التسلوق العلالمي ملن خلل شلبكة النلترنت وهلي‬
‫بطاقة مدفوعللة مسللبقا ً ذات اشللتراك سللنوي مقللداره ‪165‬‬
‫ريللال‪ ,‬ويمكللن اسللتخدامها كنقللد حقيقللي لي شللراء علللى‬
‫النللترنت‪.‬وكلمللا انتهللت القيمللة فللي البطاقللة فمللا عليللك إل‬
‫شحنها‪.‬‬
‫ولها حد أقصى ‪ 250‬دولر‪ ,‬وحد أدنى ‪ 25‬دولر‪.‬‬
‫تصدرها آل سرور لتقنية المعلومات‪.‬‬
‫وهي بطاقة ماستر كارد في جميع خصائصها باسللتثناء أنلله ل‬
‫يمكن اسللتخدامها كبطاقللة ملموسللة فللي عمليللات الشللراء‪.‬‬
‫وهي صالحة لمدة سنة‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬الحكم الشرعي لهللذه البطاقللة مبنللي علللى تكييفهللا‬
‫الفقهي‪ ,‬فمن الواضح من العرض السللابق أن هللذه البطاقللة‬
‫ليست بطاقة ائتمانية بالمفهوم المصرفي لبطاقات الئتمللان‬
‫والللتي تتضللمن فللي آليللة عملهللا دين لا ً مللن المصللدر لحامللل‬
‫البطاقللة إذ إن مشللتري هللذه البطاقللة يقللوم بللدفع قيمللة‬

‫‪782‬‬
‫مشترياته بها مسبقا ً قبك استخدامه لها فهي بطاقة مديونيللة‬
‫ل دائنية‪.‬‬
‫وهذ النوع انتشر ويعرف ببطاقات التخزيللن اللكللتروني‬ ‫‪-‬‬
‫أو البطاقات سابقة الدفع‪.‬‬
‫* والتخريج لهذه البطاقة ل يخلو من أحد أمرين ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون لهذه البطاقة حكم الدين ‪ ,‬وعلى هذا فالعلقة‬
‫بين المشتري والمصدر هي علقة قرض ‪ ،‬ويترتب على هللذا‬
‫التخريج أنه لو باعها المصدر بثمن أقل مللن قيمتهللا المخزنللة‬
‫فيهللا فهللو حللرام ‪ ,‬لنلله قللرض جللر منفعللة للمقللرض وهللو‬
‫المشتري وتخّرج البطاقة على عقد القرض وهذا بعيد‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون لهذه البطاقة حكللم النقللد وعلللى هللذا فالعقللد‬
‫بين المصدر والمشتري هو عقد صرف فيجب التقللابض عنللد‬
‫شراء البطاقة كما يجب التساوي بيللن القيمللة المخزنللة فللي‬
‫البطاقة والقيمة التي اشتريت بها إذا كلانت القيمتللان بعمللة‬
‫واحدة ‪ ،‬أما إن اختلفت العملة فل مانع من اختلف القيمتين‬
‫‪.‬‬
‫وهذا هو التخريج الصحيح ‪ ,‬فحكم هذه البطاقة كحكم الشيك‬
‫المصرفي المصدق‪.‬‬
‫وعلى هذا فالبطاقة جائزة‪ ،‬ما لللم تختلللف قيمللة شللحن‬ ‫‪-‬‬
‫البطاقة عن القيمة المخزنة فيها إذا كانت العملة واحدة ‪.‬‬
‫*المسألة العشرون ‪ :‬السهم ‪:‬‬
‫السلهم ‪ :‬هو صك يمثل نصيبا ً عينيلا ً أو نقللديا ً فللي رأس مللال‬
‫الشركة قابل للتداول يعطي مالكه حقوقا ً خاصة ‪.‬‬
‫حكلم بيلع السلهم ‪:‬‬
‫السهم قسمان ‪:‬‬
‫‪ – 1‬أسهم مؤسسات محرمة أو مكسبها حرام ‪ .‬كالمصللارف‬
‫الربوية فهذه محرمة ‪.‬‬
‫‪ – 2‬أسهم في مؤسسات مباحة فهذه جائز ‪.‬‬
‫‪ -‬حكم الحوالة في السهم ‪:‬‬

‫‪783‬‬
‫صورته ‪ :‬أن تكون السهم ثللابته فللي الذمللة لشللخص علللى‬
‫آخر وهذا الخر له أيضا ً دين على ثالث هي أسللهم تتفللق مللع‬
‫السللهم الللتي فللي ذمتلله ‪ ،‬فهنللا يمكللن لمللن عليلله الللدين‬
‫) المحيل ( أن يحيل من له دينا ً ) المحللال ( بالسللهم الللتي‬
‫له على المحال عليه‪.‬‬
‫‪ -‬حكلم وقلف السلهم ‪:‬‬
‫يمكن أن تخّرج المسألة على وقف المشاع ‪ .‬وهو جائز ‪.‬‬
‫‪ -‬حكم الوصية بالسهم ‪:‬‬
‫السهم من الموال فهي تمثللل مللا يسللتحقه المسللاهم مللن‬
‫موجودات الشركة مع ما تمثللله مللن القيمللة السللوقية ‪ ،‬بنللاءً‬
‫على هذا يجوز أن يوصي النسان بأسهم يملكهللا بشللرط أن‬
‫تكون ثلث ماله أو أقل ‪.‬‬
‫‪ -‬رهن السهم ‪:‬‬
‫يجوز رهن السهم ‪ ،‬ويمكن أن يباع ويستوفى منه الدين من‬
‫قيمته السوقية ‪ ،‬العمل على هذا بين الناس‪.‬‬
‫زكاة السهم ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫يخرج المساهم زكاة أسهمه وفق الطريقة التية‪:‬‬
‫إن كان تملك السهم بقصد السللتمرار فيهللا بصللفته شللريكا ً‬
‫للستفادة من عوائدها فهذا يزكى حسب مللال الشللركة مللن‬
‫حيث الحلول والنصاب والمقدار ) فقد تكون شللركة زراعيللة‬
‫أو تجارية أو صناعية (‪.‬‬
‫وإن كان تملك السهم بقصد المتاجرة بها بيع لا ً وشللراء فهللو‬
‫يزكي زكاة عروض التجارة ‪ ،‬ول ينظللر إلللى طبيعللة الشللركة‬
‫سواء كانت تجارية أو زراعية أو غيرها‪.‬‬
‫وإذا زكللى السللهم باعتبارهللا مللن عللروض التجللارة فالزكللاة‬
‫تكون بحسب القيمة السوقية ل الحقيقية‪.‬‬
‫* المطللالب بللإخراج الزكللاة أساسلللا ً هللم المسللاهمون ل‬
‫الشركة‪.‬‬
‫* إذا أخرجللت الشللركة الزكللاة فيكتفللي بللذلك ول يخرجهللا‬
‫المساهم وكذلك العكس لئل تجب زكاتان في مال واحد‪.‬‬

‫‪784‬‬
‫سئل فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز السؤال التالي ‪ :‬أملللك‬
‫عددا ً من السهم في بعض الشركات السعودية المسللاهمة ‪،‬‬
‫وأسأل عن كيفية إخراج زكاتها هل هو حسب قيمتها الحاليللة‬
‫في السوق أم على الرباح السنوية لنني لم أنو بيعها ؟‬
‫فأجاب رحمه الله ‪:‬‬
‫إذا كانت السهم للستثمار ل للللبيع فللالواجب تزكيللة أرباحهللا‬
‫من النقلود إذا حلال عليهلا الحلول وبلغلت النصلاب ‪ ،‬أملا إذا‬
‫كانت السهم للبيع فإنها تزكى ملع ربحهلا كلملا حللال الحلول‬
‫على الصل حسب قيمتها حيللن تمللام الحللول ‪ ،‬سللواء كللانت‬
‫أرضا ً أو سيارات أو غيرهما من العروض ‪ ،‬وفق الله الجميع‬
‫*المسألة الواحدة والعشرون ‪ :‬اليجار المنتهي بالتمليك ‪:‬‬
‫نشأة عقد الجارة المنتهية بالتمليك وتطوره ‪:‬‬
‫نشأ هذا العقد عام ‪1846‬م في إنجلترا تحت اسم الهاير‬
‫بيرشاس ‪ ،‬حيث ظهر هذا العقد أول مرة حين قام أحد تجار‬
‫آلت موسيقية ببيع هذه اللت مع تقسيط أثمانهللا إلللى عللدة‬
‫أقساط ‪ ،‬بقصد رواج مبيعللاته ‪ ،‬ولكللي يضللمن حصللوله علللى‬
‫كامل الثمن لم يلجأ إلى الصورة المعتادة لعقد الللبيع ‪ ،‬وإنمللا‬
‫أبرم العقد في صورة إيجللار مللع حللق المسللتأجر فللي تملللك‬
‫اللللة باكتمللال مللدة اليجللار ‪ ،‬والللتي معهللا يكللون البللائع قللد‬
‫استوفى كامل الثمن المحدد لها‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك انتشلر هلذا العقلد وانتقلل ملن الفللراد إللى‬
‫المصانع ‪ ،‬وكللان أول هللذه المصللانع تطبيقلا ً لهللذا العقللد هللو‬
‫مصنع سنجر للت الحياكللة فللي إنجلللترا ‪ ،‬حيللث كللان يقللوم‬
‫بتسليم منتجاته إلللى عملئه فللي شللكل عقللد إيجللار يتضللمن‬
‫إمكانية تملك اللت المللؤجرة بعللد تمللام سللداد مبلللغ معيللن‬
‫على عدد من القساط ‪ ،‬تمثل في الحقيقة ثمنا ً لها‪.‬‬
‫ثم انتشر هذا العقد ‪ ،‬وانتشللر اسللتعماله – بصللفة خاصللة –‬
‫من ِقبل شللركات السللكك الحديديللة الللتي تأسسللت لتمويللل‬
‫شللراء مركبللات شللركات الفحللم والمحللاجر ‪ ،‬كللانت هللذه‬
‫المؤسسات تقوم بشللراء المركبللات لحسللابها ‪ ،‬ثللم تسلللمها‬

‫‪785‬‬
‫لمناجم الفحم بناء على عقد الللبيع اليجللاري ؛ لمللا فللي هللذا‬
‫العقد من ضمان وحماية لحقوق المؤجر الذي كان له الحللق‬
‫فللي فسللخ العقللد واسللترداد المللوال المسلللمة للمسللتأجر‬
‫بمجرد إخلل هذا الخير بسللداد قسللط واحللد مللن القسللاط‬
‫المتفق عليهللا‪ .‬ثللم ازدادت أهميللة هللذا العقللد بامتللداده إلللى‬
‫شركات المقاولت وغيرها‪.‬‬
‫ثم ظهر عقد الليسلنج فلي الوليلات المتحلدة المريكيلة‬
‫عللام ‪1953‬م ‪ ،‬ثللم ظهللر فللي فرنسللا عللام ‪1962‬م ‪ ،‬وهللذا‬
‫العقد يعتبر حالة جديللدة للجلارة المنتهيلة بالتمليلك ‪ ،‬إل أنله‬
‫اتخذ طابعا ً جديدا ً يتمثل في تدخل طرف ثللالث بيللن طرفللي‬
‫العقد الصليين – المؤجر والمستأجر ‪ ، -‬هذا الطرف الثللالث‬
‫هو الذي يقوم بتمويل العقللد بشللراء أمللوال معينللة هللي فللي‬
‫العللادة تجهيللزات ومعللدات صللناعية وإنشللائية ‪ ،‬ثللم يقللوم‬
‫بتأجيرها لمن يتعاقد معهما لفترة متفق عليها بينهما ‪ ،‬وتكون‬
‫هللذه الفللترة طويلللة الجللل نسللبيا ً حللتى تتمكللن المؤسسللة‬
‫المالية التي تقوم بتمويل المشروع من حصولها على المبالغ‬
‫التي أنفقتها على التمويل وبنهاية الفترة المتفق عليها يكللون‬
‫للمستأجر المتعاقد مع المؤسسة عدة خيارات وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬إعادة السلعة المؤجرة له إلى المؤسسة المالكة‪.‬‬
‫‪ -2‬تمديد مدة اليجار لفترة أو فترات أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬تملك السلعة مقابل ثمللن يراعللى فللي تحديللده المبللالغ‬
‫التي سبق له أن دفعها كأقساط إيجار‪.‬‬
‫فالجديد في هذه الحالة ‪ ،‬أو في هذا العقد )الليسنج( هو‬
‫أن المؤجر ل يكون مالكا ً للصل أو الشياء المللراد تأجيرهللا ‪،‬‬
‫وإنما يقوم بشرائها خصيصا ً لهذا الغرض‪.‬‬
‫بعد ذلك انتقل هذا العقد إلى الدول السلمية مللن خلل‬
‫البنوك السلمية التي جعلت اليجار المنتهي بالتمليك جللزءا ً‬
‫من العمليات الساسية التي تقوم بها ومن البنوك السلللمية‬
‫التي طبقت هذا العقد بنك ماليزيا السلمي‪.‬‬

‫‪786‬‬
‫وقام بنك مصر إيران للتنميللة بالشللتراك مللع هيئة التمويللل‬
‫الدوليللة ‪ ،‬وشللركة مانوفللا كتشللورز ليسللنج المريكيللة فللي‬
‫تأسيس شركة متخصصة في اليجار المنتهللي بالتمليللك فللي‬
‫مصر ‪ ،‬وطبق هذا العقد أيضلا ً بيللت التمويللل الكويللتي بدولللة‬
‫الكويت‪.‬‬
‫كما جعللل البنللك السلللمي للتنميللة عقللد اليجللار المنتهللي‬
‫بالتمليك جزءا ً مللن العمليللات السللتثمارية الللتي يقللوم بهللا ‪،‬‬
‫حيث قام بتطبيق هذا العقد في عام ‪1397‬هل ‪ ،‬ومنذ تطللبيق‬
‫عقد اليجار المنتهي بالتمليلك وحللتى علام ‪1410‬هلل اسلتفاد‬
‫من هذا العقد أكثر من عشرين دولة إسلمية‪.‬‬
‫أما في المملكة العربية السعودية فقد اتجه كثير من البنللوك‬
‫والشركات إلى تطبيق هذا العقد في الوقت الحاضر ‪ ،‬وأقبل‬
‫عليه كثير من أفراد المجتمع‬
‫‪ -‬تكييف المسألة ‪ :‬تعللرف المسللألة باسللم الللبيع بالتقسلليط‬
‫والحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن ‪ ،‬ثم تطور إلى إيجار‬
‫مقترن بوعد البيع ‪.‬‬
‫وقبل تحقق الشرط من البيع يكون المشللتري مالك لا ً للمللبيع‬
‫تحت شرط واقف ول يمنع مللن وقللف ملكيتلله أن يكللون قللد‬
‫تسلم المبيع ‪ ,‬فالذي انتقل إليه بالتسليم هو حيللازة المللبيع ‪،‬‬
‫أما الملكية فانتقلت إليه بالبيع موقوفة‪.‬‬
‫* والللبيع بالتقسلليط ل تنتقللل فيلله الملكيللة إل بعللد الوفللاء‬
‫بالقساط وهي مختلف فيها لوجود شللرط غيللر ملئم للعقللد‬
‫ولن الصل في البيع أن يكون باتا ً ‪ ..‬وفيه ثلثة أقوال ‪:‬‬
‫‪ -1‬القول ببطلن البيع والشرط‪.‬‬
‫‪ -2‬القول بصحة البيع وبطلن الشرط‪.‬‬
‫‪ -3‬القول بصحة البيع وصحة الشرط‪.‬‬
‫الفرق بين اليجار المنتهي بالتمليك وبين التقسيط ‪:‬‬
‫الفللرق بينهمللا‪ :‬الللبيع بالتقسلليط تنتقللل ملكيللة المللبيع إلللى‬
‫المشتري مباشرة‪ ،‬عندما أبيع عليك هذه السيارة بالتقسلليط‬
‫كا لك‪ ،‬وتستطيع أن تبيعها؛ يعني مثل لو بعت عليللك‬ ‫تصبح مل ً‬

‫‪787‬‬
‫سيارة بخمسين ألفا إلى أجل‪ ،‬واستلمتها مني‪ ،‬ومثل افترض‬
‫أنها مقسطة عليك على خمللس سللنوات‪ ،‬إذا اسللتلمت هللذه‬
‫السيارة تستطيع في اليوم الثللاني أن تبيعهللا أنللت وتتصللرف‬
‫فيها‪ ،‬بينما في "التأجير المنتهي بالتمليك" المر ليللس كللذلك‬
‫و إذا أردنا أن نصيغ بالصياغة الصللحيحة نقللول‪" :‬التللأجير مللع‬
‫الوعد بالتمليك"‪ -‬ل تنتقل ملكيللة المللبيع إلللى المسللتأجر بللل‬
‫تبقى مل ً‬
‫كا للمؤجر‪.‬‬
‫قال الشيخ عبدالله بن بية ‪ :‬و الخلصة أنه ل يجوز إل إذا أخذ‬
‫بالصيغ الخمس التية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون إيجارا ً حقيقيلا ً وفيلله بيللع خيللار عنللد مللن يجيللز‬
‫الخيار إلى أجل طويل‪.‬‬
‫‪ -2‬وعد ببيع لحق بعد اليجار‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يبيعه بشرط أل يمضي البيع إل بدفع الثمن‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يبيعه بيعا ً باتا ً على أن ل يتصرف له في المبيع حللتى‬
‫يفي بالثمن فيلزم الوفاء بذلك وتصير كالمرهونة‪.‬‬
‫وعد بهبة لحقة بعقد اليجار جار على سبب وهذه أجودها‪.‬‬
‫قرار مجلس مجمع الفقه السلمي رقم ‪(12/4) 110‬‬
‫بشأن موضوع اليجار المنتهي بالتمليك ‪ ،‬وصكوك التأجير‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على سيدنا محمد‬
‫خاتم النبيين ‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي الللدولي المنبثللق عللن‬
‫منظمة المؤتمر السلمي في دورته الثانية عشللرة بالريللاض‬
‫فلي المملكلة العربيللة السلعودية ‪ ،‬ملن ‪ 25‬جملادى الخلرة‬
‫‪1421‬هل إلى غلرة رجب ‪1421‬هل )‪ 28-23‬سبتمبر ‪.(2000‬‬
‫بعللد اطلعلله علللى البحللاث علللى المقدمللة إلللى المجمللع‬
‫بخصللوص موضللوع )اليجللار المنتهللي بالتمليللك ‪ ،‬وصللكوك‬
‫التأجير( ‪ ،‬وبعد استماعه إلللى المناقشللات الللتي دارت حللول‬
‫الموضللوع بمشللاركة أعضللاء المجمللع وخللبرائه وعللدد مللن‬
‫الفقهاء قرر ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -‬اليجار المنتهي بالتمليك ‪:‬‬

‫‪788‬‬
‫أول ً ‪ :‬ضابط الصور الجائزة والممنوعة ما يلي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬ضابط المنع ‪ :‬أن يرد عقدان مختلفللان ‪ ،‬فللي وقللت واحللد‬
‫على عين واحدة في زمن واحد‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضابط الجواز ‪:‬‬
‫‪ -1‬وجود عقدين منفصلللين يسللتقل كللل منهمللا عللن الخللر‬
‫زمانا ً ‪ ،‬بحيث يكون إبللرام عقللد الللبيع بعللد عقللد الجللارة ‪ ،‬أو‬
‫وجود وعد بالتمليك في نهاية مللدة الجللارة ‪ ،‬والخيللار يللوازي‬
‫الوعد في الحكام‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون الجارة فعلية ‪ ،‬وليست ساترة للبيع‪.‬‬
‫جرة علللى المالللك ل علللى‬ ‫‪ -3‬أن يكون ضمان العيللن المللؤ َ‬
‫المستأجر ‪ ،‬وبذلك يتحمل المستأجر ما يلحق العين من غيللر‬
‫ناشئ من تعللد المسللتأجر أو تفريطلله ‪ ،‬ول ُيلللزم المسللتأجر‬
‫بشيء إذا فاتت المنفعة‪.‬‬
‫جرة فيجللب أن‬ ‫‪ -4‬إذا اشتمل العقد على تأمين العين المللؤ َ‬
‫يكون التأمين تعاوني لا ً إسلللميا ً ‪ ،‬ل تجاري لا ً ‪ ،‬ويتحمللله المالللك‬
‫جر ‪ ،‬وليس المستأجر‪.‬‬ ‫المؤ ِ‬
‫‪ -5‬يجللب أن تطبللق علللى عقللد الجللارة المنتهيللة بالتمليللك‬
‫أحكام الجارة طوال مدة الجارة ‪ ،‬وأحكام الللبيع عنللد تملللك‬
‫العين‪.‬‬
‫جر ‪ ،‬ل‬‫‪ -6‬تكون نفقات الصيانة غيللر التشللغيلية علللى المللؤ ِ‬
‫على المستأجر طول مدة الجارة‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬من صور عقد الممنوعة ‪:‬‬
‫جرة مقابللل مللا دفعلله‬ ‫عقد إجارة ينتهللي بتمليللك العيللن المللؤ َ‬
‫المستأجر من أجللرة خلل المللدة المحللددة دون إبللرام عقللد‬
‫جديد ‪ ،‬بحيث تنقلب الجارة في نهاية المدة بيعا ً تلقائيًا‪.‬‬
‫إجارة عين لشخص بأجر معلومة ‪ ،‬ولمدة معلومة ‪ ،‬مع عقللد‬
‫بيع له معلق علللى سللداد جميللع الجللرة المتفللق عليهللا خلل‬
‫المدة المعلومة ‪ ،‬أو مضافة إلى وقت في المستقبل‪.‬‬

‫‪789‬‬
‫عقد إجارة حقيقلي ‪ ،‬واقلترن بله بيلع بخيلار الشلرط لصلالح‬
‫جر ‪ ،‬ويكون مؤجل ً إلى أجل طويل محدد هللو آخللر مللدة‬ ‫المؤ َ‬
‫عقد اليجار‪.‬‬
‫وهللذا مللا تضللمنته الفتللاوى والقللرارات الصللادرة مللن هيئات‬
‫علمية ‪ ،‬ومنها هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬من صور العقد الجائزة ‪:‬‬
‫جرة‬ ‫كن المستأجر من النتفاع بالعين المؤ َ‬ ‫‪ -1‬عقد إجارة يم ّ‬
‫مقابل أجرة معلومة ‪ ،‬في مدة معلومة ‪ ،‬واقترن به عقد هبة‬
‫العين للمستأجر معلقا ً على سداد كامل الجللرة وذلللك بعقللد‬
‫مستقل ‪ ،‬أو وعد بالهبة بعد سداد كامل الجرة – وذلك وفق‬
‫ما جاء في قللرار المجمللع بالنسللبة للهبللة رقللم ‪ 13/1/3‬فللي‬
‫دورته الثالثة‪.‬‬
‫‪ -2‬عقللد إيجللار مللع إعطللاء المالللك الخيللار للمسللتأجر بعللد‬
‫النتهاء من وفاء جميللع القسللاط اليجاريللة المسللتحقة خلل‬
‫المدة في شراء العين المللأجورة بسللعر السللوق عنللد انتهللاء‬
‫مدة الجرة – وذلك وفق قرار المجمع رقللم ‪ (6/5) 44‬فللي‬
‫دورته الخامسة‪.‬‬
‫جرة‬ ‫كن المستأجر من النتفاع بالعين المؤ َ‬ ‫‪ -3‬عقد إجارة يم ّ‬
‫مقابل أجرة معلومة في مدة معلومة ‪،‬‬
‫جرة للمسللتأجر بعللد سللداد‬ ‫واقترن به وعد بللبيع العيللن المللؤ َ‬
‫كامل الجرة بثمن يتفق عليه الطرفان‪.‬‬
‫جرة‬ ‫كن المستأجر من النتفاع بالعين المؤ َ‬ ‫‪ -4‬عقد إيجار يم ّ‬
‫جر‬‫مقابل أجللرة معلومللة فللي مللدة معلومللة ‪ ،‬ويعطللي المللؤ ِ‬
‫جرة في أي وقت‬ ‫للمستأجر حق الخيار في تمليك العين المؤ َ‬
‫يشاء ‪ ،‬على أن يتم البيع في وقته بعقد جديد بسللعر السللوق‬
‫– وذلللك وفللق قللرار المجمللع السللابق رقللم ‪ ، (6/5) 44‬أو‬
‫حسب التفاق في وقته‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬هناك صور من عقود التأجبر المنتهللي بالتمليللك محللل‬
‫الخلف ‪ ،‬وتحتاج إلى دراسللة ُتعللرض فللي دورة قادمللة – إن‬
‫شاء الله تعالى –‪.‬‬

‫‪790‬‬
‫‪ -‬صحكوك التأجير ‪:‬‬
‫يوصي المجمع بتأجيللل موضللوع صللكوك التللأجير لمزيللد مللن‬
‫البحللث والدراسللة ليطللرح فللي دورة لحقللة‪.‬والللله سللبحانه‬
‫وتعالى أعلم‬
‫قرار مجلس هيئة كبار العلماء في موضللوع اليجللار المنتهللي‬
‫بالتمليك‬
‫فرار رقم ]‪ [198‬وتاريخ ‪6/11/1420‬هل‬
‫الحمد لله وحده ‪ ،‬والصلة والسلم على مللن ل نللبي بعللده ‪،‬‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه ‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن مجلس هيئة كبار العلماء درس موضوع اليجار المنتهللي‬
‫بالتمليللك فللي دوراتلله التاسللعة والربعيللن ‪ ،‬والخمسللين ‪،‬‬
‫والحادية والخمسين ‪ ،‬بنللاء علللى اسللتفتاءات متعللددة وردت‬
‫إلى الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء ‪ ،‬واطلع‬
‫علللى البحللوث المعللدة فللي الموضللوع مللن ِقبللل عللدد مللن‬
‫الباحثين ‪ ،‬وفي دورته الثانية والخمسين المنعقدة في مدينللة‬
‫الرياض ابتداء من تاريخ ‪29/10/1420‬هلل ‪ ،‬اسللتأنف دراسللة‬
‫هللذا الموضللوع ‪ ،‬وبعللد البحللث والمناقشللة رأى المجلللس‬
‫بالكثرية أن هذا العقد غير جائز شرعا ً لما يأتي ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬أنه جامع بين عقللدين علللى عيللن واحللدة غيللر مسللتقر‬
‫على أحدهما وهما مختلفان في الحكم متنافيان فيه ‪ ،‬فللالبيع‬
‫يوجب انتقال العين بمنافعها إلى المشللتري ‪ ،‬وحينئذٍ ل يصللح‬
‫عقد الجارة علللى المللبيع ؛ لنلله ملللك للمشللتري ‪ ،‬والجللارة‬
‫توجب انتقللال منللافع العيللن فقللط إلللى المسللتأجر ‪ ،‬والمللبيع‬
‫مضمون على المشللتري بعينلله ومنللافعه ‪ ،‬فتلفلله عليلله عينلا ً‬
‫ومنفعللة ‪ ،‬فل يرجللع بشلليء منهمللا علللى البللائع ‪ ،‬والعيللن‬
‫المستأجرة من ضمان مؤجرها ‪ ،‬فتلفها عليه عينللا ً ومنفعللة ‪،‬‬
‫إل أن يحصل من المستأجر تعدٍ أو تفريط‪.‬‬
‫ثانيللا ً ‪ :‬أن الجللرة تقللدر سللنويا ً أو شللهريا ً بمقللدار مقسللط‬
‫يستوفي به قيمة المعقود عليه ‪ ،‬يعده البائع أجلرة ملن اجلل‬
‫أن يتوثق بحقه حيث ل يمكن للمشللتري بيعلله ‪ ،‬مثللال ذلللك ‪:‬‬

‫‪791‬‬
‫إذا كانت قيمة العين الللتي وقللع عليهللا العقللد خمسللين ألللف‬
‫ريال ‪ ،‬وأجرتها شهريا ً ألف ريال حسب المعتاد جعلت الجرة‬
‫ألفين ‪ ،‬وهي في الحقيقة قسط من الثمن حتى تبلغ القيمللة‬
‫المقدرة ‪ ،‬فإن أعسر بالقسط الخيللر مثل ً سللحبت منلله بنللاء‬
‫على أنه استوفى المنفعة ‪ ،‬ول يخفى ما في هذا مللن الظلللم‬
‫واللجاء إلى الستدانة إيفاء القسط الخير‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬إن هذا العقللد وأمثللاله أدى إلللى تسللاهل الفقللراء فللي‬
‫الديون حتى أصبح ذمم كثير منهللم مشللغولة منهكللة ‪ ،‬وربمللا‬
‫يؤدي إلى إفلس بعض الدائنين ؛ لضللياع حقللوقهم فللي ذمللم‬
‫الفقراء‪.‬‬
‫ويرى المجلس أن يسلك المتعاقدان طريقا ً صللحيحا ً وهللو أن‬
‫يبيع الشيء ويرهنه علللى ثمنلله ‪ ،‬ويحتللاط لنفسلله بالحتفللاظ‬
‫بوثيقة العقد واستمارة السيارة ‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫ويلحظ أن هذا القرار لللم يفصللل فللي الصللور‪ ،‬وإنمللا اعتللبر‬
‫صورة واحدة‪ ،‬بينما أتى بعلده قللرار المجمللع الفقهلي‪ ،‬وذكلر‬
‫صوًرا للجللواز وصلوًرا للمنلع‪ ،‬وذكلر ضلابط الجلواز‪ ،‬وضلابط‬
‫المنع‪ ،‬ولهذا تميز قرار المجمع الفقهي بشموله وبدقته‪.‬‬
‫ولهذا فإن قرار المجمع الفقهللي يعللد أفضللل مللن قللرار هيئة‬
‫كبار العلماء‪ ،‬أو بعبارة أدق‪ ،‬قرار المجمع الفقهي أشمل من‬
‫قرار هيئة كبار العلماء‪ ،‬ويعتللبر قللرار هيئة كبللار العلمللاء مللن‬
‫ضمن ما تضمنه قرار المجمع الفقهي‪،‬‬
‫*المسألة الثانية والعشرون ‪ :‬الستدانة من أجل بناء مسللجد‬
‫وترميمه ‪:‬‬
‫هل يجوز دفع الزكاة لمن استدان مللن أجللل بنللاء مسللجد أو‬
‫ترميمه ‪:‬‬
‫أكثر العلماء على أنها مثل الستدانة لمصلحة نفسه ‪ ،‬يقضى‬
‫عليه دينه لكللن بشللرط ‪ :‬أل يكللون المسللجد الللذي بنللي فيلله‬
‫إسراف مبلالغ فيله فلإنه فلي هلذا الحلال يقللاس عللى ملن‬
‫أسرف على نفسه وأولده وأغرق نفسه بالديون إل إن تللاب‬
‫عن هذا السراف ‪.‬‬

‫‪792‬‬
‫ولنه لو فتح الباب لدى إلى حرمللان كللثير مللن الفقللراء مللن‬
‫حّقهم المشروع ‪.‬‬
‫يقول ابن حجر ‪ :‬إذا لم يكن في مكللان مللا مسللجد والحاجللة‬
‫سة إليه ولم يتهيللأ للله مللن يتللبرع فللي إنشللاءه ‪ ،‬واسللتدان‬
‫ما ّ‬
‫أحدهم من أجل بناءه بناُء أقر ب إلى البسللاطة ومتفقلا ً مللع‬
‫روح التشريع ففي هذه الحالة يكون لهذا القول اعتباره بللأن‬
‫يجوز أخذ الزكاة لسداد الدين ‪.‬‬
‫*المسألة الثالثة والعشرون ‪:‬‬
‫هل يجوز بيع اليصالت التي يقدمها بعللض المعامللل للعمللال‬
‫قبل قبض ما احتوته من حوائج ؟‬
‫مثلالله ‪:‬‬
‫ما يباع من صكوك نقدية للمر بالشراء لبضاعة موجودة في‬
‫المحل كما يعمله بعض المحسنين فللي رمضللان مللن وجللود‬
‫صك بقيمة مائة ريال مثل ً ‪.‬‬
‫يقللول النللووي رحملله الللله ‪ :‬قللد اختلللف العلمللاء فللي ذلللك‬
‫والصح عند أصحابنا وغيرهم جواز ذلك ‪.‬‬
‫وقد يسأل سللائل فيقللول هللذه الصللكوك أوراق ل قيمللة لهللا‬
‫فكيف يجوز بيعها ‪ :‬فيقال ‪ :‬إن المشتري لهذه الوراق يعلللم‬
‫أنها ليست لهللا قيمللة ‪ ،‬ويعلللم أنهللا مجللرد إشللعار بتخصلليص‬
‫حاملها كمية معلومة من الرزق أو المتللاع ‪ .‬فهللي إعلم بللأن‬
‫صلله بهللا ‪ .‬فهللو يشللتري‬‫لصاحبها ملللك مسللتقر عنللد مللن خ ّ‬
‫الملك وليس الورقة وليس هللو مللن قبيللل بيللع الشلليء قبللل‬
‫استلمه الوارد النهي عنه ‪.‬‬
‫*المسألة الرابعة والعشرون ‪ :‬حكم اسللتثمار أمللوال الزكللاة‬
‫في التجارات والصناعات‪:‬‬
‫أهمية المسألة ‪ :‬أن بعض الباحثين وطلب العلم أفتى بجواز‬
‫استثمار أموال الزكاة بل استحباب ذلك‪.‬‬
‫والنصللوص تللدل علللى أن الزكللاة واجبللة علللى الفللور‬ ‫‪-‬‬
‫وليست على التراخي لنها عبادة مخصوصة بالحول‪.‬‬

‫‪793‬‬
‫وقد ذهب بعض العلملاء أن هللذه الزكللوات يجللوز اسللتثمارها‬
‫في التجارات والصناعات للقائمين على جمعهللا سللواء كللانوا‬
‫حكومات أو هيئات خيرية ‪.‬‬
‫وهذا قول محدث لم يقل به أحد من العلماء السللابقين وهللو‬
‫خطأ لسباب منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أنه تبديل لصورة العبادة وتغيير لحكامها وابتداع فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن استثمارها تصرف لم يأذن به الله ول رسوله‪.‬‬
‫‪ -3‬أن استثمارها هو تصللرف يعرضللها للخسللارة أو الربللح ‪,‬‬
‫ففي حال الخسارة من يضمن ضياع أمول الزكاة وفي حللال‬
‫الربح لمن يكون الربح ‪.‬‬
‫‪ -4‬القول بجواز ذلك يفتح الباب علللى مصللراعيه لن يبللادر‬
‫الغنيللاء فللي اسللتثمار زكللاتهم بأنفسللهم وهللذا سلليؤدي فللي‬
‫النهايللة إلللى حبللس أمللوال الزكللاة عللن مصللارفها وتعطيلهللا‬
‫سنوات في أيدي مخرجيها ‪,‬وإعطاء الغنياء لنفسللهم الحللق‬
‫في الخذ من ريعها‪.‬‬
‫لكللن يتبللادر لنللا سللؤال مهللم ‪ ،‬مللاذا عللن الصللدقات الللتي‬
‫للجمعيللات الخيريللة والحلقللات هللل يجللوز اسللتثمارها‪ ,‬وهللل‬
‫يضمن الخسارة فيما لو خسر وهل ينظر في ذلك للمصللالح‬
‫المرسلة ؟ أرجو أن ينبري لهذه المسألة من يطيللل النفللس‬
‫فيها ويحررها فهي نازلة تحتاج لمزيد اهتمام ‪.‬‬
‫*المسألة الخامسة والعشرون ‪ :‬بيع الستصناع ‪:‬‬
‫هو شراء شيء من صانع يطلب إليلله صللنعه ‪ ،‬فهللذا الشلليء‬
‫ليس جللاهزا ً للللبيع بللل يصللنعه حسللب الطلللب ‪ .‬ويجللوز فيلله‬
‫تأجيل الثمن خلفا ً للسلم ) على قول ( ‪.‬‬
‫و الستصناع مللن حيللث عللدم ذكللر الجللل ‪ ،‬وعللدم اشللتراط‬
‫تعجيل الثمن ل يجيزه إل الحنفية ‪.‬‬
‫‪ -‬ويرى أبللو حنيفللة أن الستصللناع عقللد غيللر لزم ‪ ،‬وهللذا ل‬
‫يسلم له ‪.‬‬
‫‪ -‬ويمكن معاملة الثمللن فللي الستصللناع معاملللة الثمللن فللي‬
‫السلم ‪ ،‬فإن عجل كان أرخص وإن أجل كان أغلى ‪.‬‬

‫‪794‬‬
‫باختصار هو ) تأجيل البدلين في البيع ( ‪.‬‬
‫لكن هلل يجلوز للدائن تغلريم مدينه المملللاطل أو مطالبتللله‬
‫بالتعلويض ؟‬
‫‪ -‬الذي أفتى به الشيخ ‪ /‬مصطفى الزرقاء بجواز الحكم على‬
‫المدين المماطل بالتعويض على الدائن ويرى أن المتعاقدين‬
‫لهما التفاق مسبقا ً على تقدير الضرر ‪.‬‬
‫*المسألة السادسة والعشرون ‪ :‬قللول ) البضللاعة ل تللرد ول‬
‫تستبدل ( ‪:‬‬
‫أفتلت اللجنللة الدائملة بلأنه ل يجللوز ذكلر هلذه العبللارة فللي‬
‫المتاجر لنه شرط غير صحيح لما فيه من الضرر والتعمية‪.‬‬
‫وإن شللرط البللائع إرجاعهللا واسللتبدالها فقللط دون رد المللال‬
‫فهذا إيضا ً شرط باطل ل يجوز العمل به‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العللالمين ‪ ،‬والصلللة والسلللم‬
‫على أشرف النبياء والمرسلين‬
‫صحيفة المراجع‬
‫‪ -1‬الختيارات الفقهية من فتاوى شلليخ السلللم ابللن تيميللة ‪،‬‬
‫اختارها الشيخ علء الدين أبللو الحسللن علللي بللن محمللد بللن‬
‫عباس البعلي الدمشقي ‪ ،‬أشرف على تصحيحه الشلليخ عبللد‬
‫الرحمن حسللن محمللود ‪ ،‬الناشللر المؤسسللة السللعيدية فللي‬
‫الرياض‬
‫‪ -2‬الروض المربع بشرح زاد المستقنع ‪ ،‬للشلليخ منصللور بللن‬
‫يللونس البهللوتي ‪ ،‬مراجعللة وتحقيللق وتعليللق محمللد عبللد‬
‫الرحمللن عللوض ‪ ،‬الناشللر دار الكتللاب العربللي فللي لبنللان ‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1406‬ه‬
‫‪ -3‬العقللود الشللائعة والمسللماة ‪ ،‬للللدكتور جللاك الحكيللم ‪،‬‬
‫طبع عام ‪1970‬م‬ ‫الناشر دار الفكر في لبنان ‪ُ ،‬‬
‫‪ - 4‬مجلللة مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة‬
‫المؤتمر السلمي‬
‫‪ -5‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬جمع وترتيب عبد‬
‫الرحمن بن محمد بن قاسم ‪ ،‬وساعده ابنلله محمللد ‪ ،‬الناشللر‬

‫‪795‬‬
‫مجمع الملك فهللد لطباعللة المصللحف الشللريف ‪ُ ،‬‬
‫طبللع عللام‬
‫‪1415‬هل‬
‫‪ -6‬المغني ‪ ،‬لموفق الدين أبللي محمللد عبللد الللله بللن قدامللة‬
‫المقدسللي ‪ ،‬تحقيللق الللدكتور عبللد الللله ابللن عبللد المحسللن‬
‫التركي ‪ ،‬والدكتور عبد الفتاح محمد الحلللو ‪ ،‬الناشللر مطبعللة‬
‫هجللر للطباعللة والنشللر والتوزيللع والعلن فللي القللاهرة ‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪1412‬هل‬
‫‪ -7‬الربللا والمعللاملت المصللرفية ‪ .‬للللدكتور ‪ :‬عمللر المللترك‬
‫) رسالة جامعية (‪.‬‬
‫‪ -8‬بحللث بعنللوان الجللارة المنتهيللة بالتمليللك فللي الفقلله‬
‫السلمي ‪ .‬للباحث ‪ :‬فهد بن علي الحسون ‪.‬‬
‫‪ -9‬بعلللض المواقلللع الرسلللمية والموثوقلللة عللللى الشلللبكة‬
‫العنكبوتية ‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصللحبه وسلللم‬
‫تسليما ً كثيرا ‪.‬‬

‫================‬
‫‪#‬صنم الحرية‬
‫فهد بن سعد أبا حسين‬
‫* تهافت الحرية عند الغرب ودعاة التغريب‬
‫الحمد لللله والصلللة والسلللم علللى رسللول الللله وعلللى آللله‬
‫وصحبه ومن واله ‪ ....‬وبعد ‪:‬‬
‫لقد كان من أخطر أسلحتهم ‪ .‬سلح تغيير المصطلحات ‪.‬‬
‫وإدخللال المصللطلحات الللتي تحمللل حقلا ً وبلاطل ً ‪ .‬وإشلاعتها‬
‫ونشرها بين المسلمين ‪.‬‬
‫فأدخلوا مصطلح الحرية ‪ .‬ونادوا إلى شعار الحرية ‪.‬‬
‫طالمللا دنللدنت حللوله وسللائل العلم ‪ ..‬ولطالمللا سللطرته‬
‫الجرائد والمجلت ‪.‬‬
‫فجعلوا الحرية الغربية من الثوابت التي ل تتغيللر ‪ ..‬ول يجللوز‬
‫المساس بها ‪.‬‬

‫‪796‬‬
‫وجعلوا حريتهم المزعومة من التقدم والتطور والحضارة ‪.‬‬
‫لقد نادى دعاة التغريب لشعار الحرية ‪ ..‬وكأننللا ل نفهللم بللأن‬
‫م يمللررون عليلله الفكللر‬ ‫رفعهم لشللعار الحريللة إنمللا هللو سللل ٌ‬
‫الغربي إلى عقول المسلمين ‪.‬‬
‫وكأن المسلمين فللي سللجن بسللبب السلللم ينتظللرون فيلله‬
‫الفكللر الغربللي الكللافر حللتى يحللرر عقللولهم بشللعاراتهم‬
‫المزيفة ‪.‬‬
‫)) ول يزاللللون يقلللاتلونكم حلللتى يردوكلللم علللن دينكلللم إن‬
‫استطاعوا ((‬
‫فماذا يريدون بشعار الحرية ؟‬
‫إن دعاة التغريب يريللدون بشللعار الحريللة حصللر الللدين فللي‬
‫زاوية معينة ‪..‬‬
‫يريلدون بمصلطلح الحريلة ‪ ..‬و " حريلة الللرأي " أن يتخطلوا‬
‫أحكام الشريعة !‬
‫كم بالشريعة ‪.‬‬ ‫وأن يتجاوزوا من يح ّ‬
‫نادوا لشعار الحرية لكي يمزقوا عقيدة المسلمين ودينهللم ‪..‬‬
‫لكي يدمروا قيمهم حتى يبقى المسلمون بل هوية !‬
‫وهل تحطم هذه القيم إل بمثل هذه الشعارات فسلللوا دعللاة‬
‫التغريب والحرية المزعومة !‬
‫قولوا لهم ‪ :‬ما الفرق بين الحرية والنحلل من القيم ؟؟؟‬
‫وقبل أن ندخل في هذا الموضوع لبد أن نحذر جميعا ً علمللاء‬
‫ودعاة وأفراد‪.‬‬
‫ة‬
‫لبد أن نحللذر مللن أن تنقلنللا هللذه المصللطلحات إلللى سللاح ٍ‬
‫خارج ساحة الكتاب والسنة‪.‬‬
‫لنحللذر مللن أن نجعللل هللذا المصللطلح ) شللعار الحريللة ( هللو‬
‫الثوابت التي ل تتغير ‪ .‬وهو الدليل الللذي يقللف أمللام الكتللاب‬
‫والسنة ‪.‬‬
‫ولذلك لقللد اسللتطاع دعللاة التغريللب أن يزرعللوا فللي عقللول‬
‫البعض ‪ ،‬مصطلح الحرية ومصطلح التطور ليكللون دليل ً ثابت لا ً‬

‫‪797‬‬
‫مواجها ً للكتاب والسنة ‪ ،‬وهذه من أخطر المراحل في حرب‬
‫دعاة التغريب للسلم ‪.‬‬
‫فإن الكتاب والسنة هي الثوابت التي ل تتغير وهو النهر الذي‬
‫ل ينضب ‪ ..‬وهو الحبل الذي من تمسللك بلله نجللا ومللن تركلله‬
‫هلك ‪.‬‬
‫أما شعاراتهم التي رفعوها ‪ ،‬فهي داخلة تحت قول الللله جللل‬
‫وعل ‪ )) :‬ول يزالون يقاتلونكم حللتى يردوكللم عللن دينكللم إن‬
‫استطاعوا ((‪.‬‬
‫فهم يقاتلونكم بأسلحتهم وأقلمهم ‪ ،‬وكلماتهم وشعاراتهم ‪.‬‬
‫)) يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ‪.(( ..‬‬
‫إنهم يريدون أن يطفئوا النور العظيم في قلللوب المسلللمين‬
‫إنهم يريدون نزع الكتاب والسنة من قلوبهم واستبدالها بتلك‬
‫الشعارات ‪.‬‬
‫)) ودوا لو تكفرون كمللا كفللروا فتكونللون سللواءا ً فل تتخللذوا‬
‫منهم أولياء حتى يهاجروا ((‪.‬‬
‫والعجب أنهلم يقولللون نريللد حريلة مثلل حريلة الغللرب ؟ ول‬
‫يقول ذلك إل صاحب القلب المعلب بأفكار الغرب ؟‬
‫وإل فمن قال أن هناك حرية عند الغرب ؟‬
‫من قال ذلك ؟‬
‫أل يوجد في الغرب أنظمة تقيد الناس !‬
‫أل يوجد نظام للسير هناك ‪.‬‬
‫ألم يتدخلوا في الشؤون الخاصة بالنسان ‪.‬‬
‫أي حرية تلك الحرية التي يزعمون ‪.‬‬
‫أي حرية تللك الحريلة ‪ ..‬اللتي تمنلع المسللم ملن أن يلتزوج‬
‫امرأة ثانية مع أنها راضية ؟؟‬
‫لماذا تتدخل الدولة الغربية لتقييد هذه الحرية !!‬
‫فللي الللوقت الللذي يبللاح فيلله لهللذا الشللخص معاشللرة نسللاءٍ‬
‫أخريات ‪ .‬خارج إطار الزوجية ‪.‬‬
‫مادام ذلك يتم برضاهن ‪ ،‬وحتى لو كان مخالفا ً لدينه ‪.‬‬

‫‪798‬‬
‫المسلم عندهم له أن يعتقد ‪ ،‬ولكنلله ل يسللتطيع أن يمللارس‬
‫بالحرية تطبيق ما يعتقده ‪.‬‬
‫الحرية التي ينادون إليها منعت حرية المسلمات مللن ارتللداء‬
‫الحجاب الشرعي في فرنسا ‪..‬‬
‫ومنعت الذبح الشرعي في أكثر من دولة غربيللة ‪ ،‬وصللودرت‬
‫كتب إسلمية وغير إسلمية من بعض المكتبات هناك ‪.‬‬
‫أهذه الحرية التي نرى لها الدعايات ‪.‬‬
‫ظر لها ؟‪.‬‬ ‫ونسمع من أبناء جلدتنا من ين ّ‬
‫أي عقول هذه العقول التي تسخر بعقول النللاس وتسللتهجن‬
‫عقولهم باسم الحرية !!!‬
‫لقد اختلفت دول الغرب في كثير من القضايا ‪ .‬هل هللي مللن‬
‫الحرية أم ل ‪.‬‬
‫بل إن الحرية تختلف من شخص لخر ‪.‬‬
‫فما يراه النسان حرية ل يراه الخر حرية ‪.‬‬
‫فالحرية إذا نسبية ‪ ..‬في كل بلد لهللا نسللبة معينللة ‪ ،‬بحسللب‬
‫توجه ذلك البلد ‪.‬‬
‫ة مطلقة فهو غالط ‪.‬‬ ‫فالذي يقول بأنه يوجد في بلدٍ ما حري ٌ‬
‫فدعاة التغريب إنما رفعوا شللعار الحريللة حللتى ينقلللوك مللن‬
‫سللماحة ويسللر السلللم إلللى سللجن حريللة دعللاة التغريللب‬
‫والغرب ‪.‬‬
‫دعاة التغريب ينادون إلى الحريللة بللالمفهوم الغربللي ينللادون‬
‫إلى أن تكون التقييدات تقييدات غربية ل إسلمية ‪.‬‬
‫إنهم ينادون إلى حرية الغرب النانية ‪.‬‬
‫حرية تجعل الفللرد يعيللش بل مجتمللع ‪ ..‬تجعللل الفللرد يعيللش‬
‫لوحده ‪ ..‬فل يلتفللت إلللى المجتمللع بعيللن الرحمللة والشللفقة‬
‫والتعاون ‪.‬‬
‫ة فيها تعدي عللى الخريلن ‪ ..‬فلإن للم يكلن فيهلا تعلدي‬ ‫حري ٌ‬
‫على الخرين صارت حرية على حساب الخرين ‪.‬‬
‫يللا دعللاة الحريللة الغربيللة ‪ ...‬إذا دخللل أح لد ٌ بيللت مسلللم بل‬
‫استئذان فهل له ذلك ؟‬

‫‪799‬‬
‫وهل لصاحب البيت إخراجه من البيت ‪.‬‬
‫ومن الحر هنا ! صاحب البيت أم هذا الداخل ؟‬
‫وهل يوجد قانون يحمي هذا الحق ؟‬
‫وهل هذا القانون من البشر أو من رب البشر !‬
‫يا دعاة الحرية الغربية ‪:‬‬
‫هل ينبغي أن يحترم الجميع حق القاذف في حرية التعبير ؟‬
‫أم يحترم حق المقذوف في عدم اليذاء بالتعبير !‬
‫هل يحترم حق الطاعنين في التعبير الحر عن آرائهم !‬
‫أم يحترم حق المطعونين ‪ ،‬فيعيشوا بل إيذاء في أوطانهم !‬
‫يا دعاة الحرية ! أين عقولكم !‬
‫هل ترون وضع قيود على التعبير المستفز ؟‬
‫هل ترون وضع القيود على التعبير الباعث لنتشللار الكراهيللة‬
‫والحقاد بين المجتمع أم ل ؟‬
‫أسئلة فمن يجيب عنها ؟‬
‫يقول باكنيون ‪:‬‬
‫إن البالغين كافة ‪ .‬يجب أن يصبحوا أحللرار بحيللث يمارسللون‬
‫التعبير عن كل الراء !‬
‫حتى ولو كانت أغراضللها غيللر أخلقيللة ‪ ،‬بللل حللتى مللن أجللل‬
‫الدعوة إلى تدمير الحرية ‪ .‬أهل‪.‬‬
‫كتاب تسامح الغرب مع المسلمين ص ‪126‬‬
‫إن هذه الكلمة من باكنيون تللبين لنللا ‪ ،‬أن مجتمعلله ل يمكللن‬
‫بتاتا ً أن يحترم الرأي الخللر ‪ ..‬ول الفكللر الخللر ‪ ..‬ول التعللبير‬
‫من الخر ‪.‬‬
‫إن وجود الحرية المطلقة التي يريدونها ‪ ..‬ويحاولون تصورها‬
‫وتصللويرها لنللا ‪ .‬تعنللي عللدم وجللود نظللام يحكللم الفللرد‬
‫والمجتمع ‪ ،‬فيكون المجتمع كالبهائم ‪.‬‬
‫يكون مجتمع كالغابة ‪ ..‬يأكل فيها القوي الضعيف ‪.‬‬
‫هل يتصور أن بلدا ً ليس فيه نظام للبيع والشراء ‪ ..‬ليس فيه‬
‫نظام للعلج ‪ ...‬ليس فيه نظام لحق التملك ‪ ..‬هل يعقللل أن‬
‫سائق سيارة يأتي ويخالف الطريق السريع ‪.‬‬

‫‪800‬‬
‫أي فوضى هذه الحرية ‪..‬‬
‫إذا عرفتم ذلك عرفتم جيدا ً كيف وضع الغرب القيود وسماها‬
‫باسم الحرية !‬
‫فعاشت تلك الشعوب الغربية مصدقة لهذا الشللعار فصللارت‬
‫تلك الشعوب ل تنقصهم الحرية المطلقللة للتعللبير فقللط بللل‬
‫وتنقصهم الحرية المطلقة للتفكير أيضا ً ‪.‬‬
‫* التوازن بين حقوق الفرد وحقوق المجتمع في السلم‬
‫وقبل أن نتحدث علن الحريلة فلي السللم لبلد أن نعللم أن‬
‫القضية عندنا هي قضية دين وتسليم لله رب العالمين‪.‬‬
‫فالله جل وعل لم يترك مناهج إصلللح البشللر للبشللر بشللكل‬
‫مطلللق ‪ .‬بللل تللولى ذلللك سللبحانه بنفسلله فأرسللل الرسللل‪..‬‬
‫وأنزل الكتب )) يا أيها النلاس قلد جلاءكم برهلان ملن ربكلم‬
‫وأنزلنا إليكم نورا ً مبينا ً ‪ ،‬فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا بلله‬
‫فسلليدخلهم فللي رحمللة منلله وفضللل ويهللديهم إليلله صللراطا ً‬
‫مستقيمًا((‪.‬‬
‫فالله جل وعل ما خلقك عبثا ً ‪ ..‬ولم يتركك همل ً وإنما خلقللك‬
‫لغاية عظيمة ‪ ..‬تفرح بهذه الغاية إذا حققتها ‪ )) ..‬وما خلقلت‬
‫الجن والنس إل ليعبدون ((‪.‬‬
‫يا عبد الله ‪ ..‬إن هذه السماء لم تخلق باطل ً وهذه الرض لم‬
‫تخلق عبثا ً )) وما خلقنا السماء والرض وما بينهما باطل ً ذلك‬
‫ل لللذين كفلروا ملن النلار * أم نجعلل‬ ‫ظن الذين كفروا فويل ٌ‬
‫الذين آمنللوا وعملللوا الصللالحات كالمفسللدين فللي الرض أم‬
‫نجعل المتقين كالفجار ((‪.‬‬
‫لقد دعا دعاة التغريللب إلللى شللعار الحريللة ‪ ..‬شللعار التفلللت‬
‫شعار اللحدود شعار التمرد على التعاليم وفرحوا بذلك كثيرا ً‬
‫‪.‬‬
‫أما نحن فقد رفعنا شعار العبودية لله رب العللالمين وفرحنللا‬
‫أن لم نسجد إل لللله ولللم نركللع إل لللله ولللم نعبللد إل الللله ‪..‬‬
‫فالفرق بيننا وبين دعاة التغريب وحرية التمرد علللى الخللالق‬

‫‪801‬‬
‫هو أننا لم ولن نعبد عقولنللا ‪ ..‬ولللم نعبللد أهواءنللا )) ربنللا مللا‬
‫خلقت هذا باطل سبحانك فقنا عذاب النار ((‪.‬‬
‫جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العبللاد‬
‫ومن جور الديان إلى عللدل السللم وملن ضليق الللدنيا إللى‬
‫سعة الخرة ‪..‬‬
‫وحينمللا يحقللق المللؤمن العبوديللة لللله ‪ ...‬فللإنه يتحللرر مللن‬
‫المخلوقين ‪.‬‬
‫وكلما عظمت هذه العبودية وارتفعت فللي نفللس المسلللم ‪..‬‬
‫كلما ازداد تحرره مللن المخلللوقين فيتحللرر بللدنه مللن عبللادة‬
‫المخلللوقين ويتحللرر قلبلله مللن رق المخلللوقين ‪ ..‬مللن رق‬
‫هواه ‪ ..‬بل يتحرر من استعباد الدنيا له ‪..‬‬
‫فثوابتنا هي ‪ :‬تحقيق العبودية لله رب العالمين ‪.‬‬
‫أمللا عنللد دعللاة التغريللب فالحريللة والتحللرر مللن كللل القيللود‬
‫وإشباع الشهوات ‪.‬‬
‫إن الحرية الللتي يللدعون إليهللا اقتصللرت علللى تلبيللة الغللرائز‬
‫الدنيا في النسان ‪ ،‬دون أدنى اعتبار للقيللم العليللا الللتي مللن‬
‫أجلها كرم الله بني آدم وحملهم في الللبر والبحللر ‪ ،‬وفضلللهم‬
‫على كثير ممن خلق تفضيل ‪.‬‬
‫إنهم يعيشون منفلتين من كل القيود ؟‬
‫يعيشون بل رادع من دين أو أسرة أو مجتمع أو دولة ؟‬
‫)) إن هم إل كالنعام بل هم أضل ((‬
‫إن دعاة التغريب الذين يدعون إلى هللذه الحريللة ‪ .‬يعيشللون‬
‫فللي عبللادة ل شللعائر لهللا يعيشللون فللي عبللادة غيللر واضللحة‬
‫المعالم ‪ ..‬يسيرون هوجاء في طرق مظلمللة ‪ ..‬يبحثللون عللن‬
‫سعادة مفقودة ‪ ...‬وغاية غير موجودة ‪.‬‬
‫إنهم يعبدون أنفسهم وأهواءهم ‪.‬‬
‫ائتمللروا بللأمر أهللوائهم ‪ ..‬وانتهللوا عمللا نهتهللم عنلله أهللواؤهم‬
‫)) أفرأيت من اتخذ إله هللواه وأضللله الللله علللى علللم وختللم‬
‫على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه مللن‬
‫بعد الله أفل تذكرون((‪.‬‬

‫‪802‬‬
‫إنها تلك الحياة اللتي تفلتلت فيهلا النفلس ملن كلل المعلايير‬
‫الثابتة ‪.‬‬
‫إنهلا تللك الحيللاة اللتي تخضلع فيهلا النفللس لهواهلا ‪ .‬وتتعبلد‬
‫لشهواتها ‪.‬‬
‫ولذلك كانت أغيظ كلمة ينفر منها دعاة التغريللب هللي كلمللة‬
‫) الثوابت ( و ) العقيدة (‪.‬‬
‫لن سجيتهم إتباع الهواء ‪.‬‬
‫لقللد كللان أصللحاب هللذا الفكللر الغربللي ردة فعللل للفكللر‬
‫الشيوعي ‪.‬‬
‫لقد سقط الشعار الشيوعي الذي جعل الفللرد وعمللل الفللرد‬
‫ليس له وإنما للمجتمع ‪.‬‬
‫وفي المقابل تهافتت الحرية الغربية ‪ ..‬حرية الفرد التي تأمر‬
‫وتجرح فردا ً آخر ‪ ..‬حرية الفرد علللى حسللاب المجتمللع ولللم‬
‫تبقى الحياة الحقيقية ‪ ..‬والحياة المتوازنة بيللن حقللوق الفللرد‬
‫وحقوق المجتمع إل في السلم ‪.‬‬
‫لقد جاءت الشريعة بمنهج متوازن ل يقيللد طاقللات الفللرد ‪...‬‬
‫حتى يحقق مصلحته ومصلحة المجتمع‪.‬‬
‫ولم تطلق الشريعة للفرد نزواته وشهواته المنحرفللة لتللؤذي‬
‫حياة المجتمع ‪ ..‬أو تسخرها لمتاع فرد أو أفراد ‪..‬‬
‫جللاءت الضللوابط للحريللة فللي السلللم ‪ ..‬حللتى يحمللى هللذا‬
‫النسان وحتى يحمى المجتمع من النسان‪.‬‬
‫)) ولو أنهلم فعللوا ملا يوعظلون بله لكلان خيلرا ً لهلم وأشلد‬
‫تثبيتا ً ((‪.‬‬
‫جاء السلم ليحافظ على النسان ‪..‬‬
‫ليحافظ على عقله وملكلله وعرضلله ‪ ..‬بللل ليطللالبه علللى أن‬
‫يحافظ علللى هللذه المللور ‪ ..‬قللال صلللى الللله عليلله وسللم ‪:‬‬
‫)) من قتل دون ماله فهو شهيد ‪ ،‬ومللن قتللل دون دملله فهللو‬
‫شهيد ‪ ،‬ومن قتل دون دينه فهو شهيد ‪ ،‬ومن قتللل دون أهللله‬
‫فهو شهيد (( ‪ .‬رواه أحمد ‪.‬‬

‫‪803‬‬
‫وفي مسند المللام أحمللد أن النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫قال ‪ )) :‬من قتل دون مظلمته فهو شهيد (( ‪.‬‬
‫)) وجاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب حقللا ً‬
‫من حقوقه فقال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬دعوه فإن لصلاحب‬
‫الحق مقال ً ((‪.‬‬
‫انظر إلى نظللرة السلللم فللي معللاملت الفللرد الماليللة ‪ ،‬إن‬
‫السلم يهدف إلى صلح الفرد والمجتمع معا ً في توازن دون‬
‫أن يطغى أحدهما على الخر ‪.‬‬
‫فهو ل يريد بناء مجتمللع بل فللرد ‪ .‬ول بنللاء فللرد يطغللى علللى‬
‫المجتمع ‪.‬‬
‫لقللد أقللر السلللم حريللة التملللك للفللرد ‪ .‬وحريللة التملللك‬
‫الجماعية في توازن واعتدال ‪.‬‬
‫أما النظمة القتصادية المعاصرة ‪.‬‬
‫فإمللا أن تميللل إلللى إيثللار مصلللحة الجماعللة وإهللدار حقللوق‬
‫الفراد أو جعلها تبعا ً ‪ .‬كما في النظام الشيوعي ‪.‬‬
‫وإما أن تطلق للفرد التصرف والحرية ‪ ،‬ويتاح للله أن يسللعى‬
‫مللا يسللتطيع لتحصلليل المنفعللة الذاتيللة كمللا فللي النظللام‬
‫الرأسمالي ‪.‬‬
‫أما السلم فإذا لم يمكن الجمع بين مصلحة الفرد ومصلللحة‬
‫الجماعة يؤثر السلم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد ‪.‬‬
‫ولذلك قعد العلماء بقاعدة ‪ " :‬يتحمللل الضللرر الخللاص لللدفع‬
‫الضرر العام " ‪.‬‬
‫جاء السلم فأقر الملكية للفرد ‪ ..‬وأن له حق التملك فاندفع‬
‫الناس إلى زيادة النتاج ‪.‬‬
‫حتى إذا بلغ الضرار بالمجتمع جاء التقييد لهذا الفرد ‪.‬‬
‫فأنت لك حق التملللك ‪ ..‬وحريللة التملللك ‪ ..‬ولللذلك أمللر الللله‬
‫بحراسة الموال ‪ ..‬وحافظة الشريعة على حرية التملللك بمللا‬
‫شرع الله من الحدود ‪.‬‬
‫كقطع يد السارق وغير ذلك ‪.‬‬

‫‪804‬‬
‫ولكن هذا التملك يكون من الحلل الطيللب ‪ ..‬ل يكللون علللى‬
‫حساب الخرين فل يخدع اليتام وتؤخذ أموالهم ‪.‬‬
‫ول يستغل فقر الفقير وحاجة المحتاج فللترابي معهللم وتأكللل‬
‫أموالهم بالربا‪.‬‬
‫ول القمار الذي يسبب العداوة بين المجتمع ‪ ..‬والتفكللك بيللن‬
‫أفراد المجتمع ‪ ...‬فل تأكللل أمللوال النللاس بالباطللل ‪ )) ..‬ول‬
‫تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ((‪.‬‬
‫لك الحرية في مسكنك ‪ ..‬لكن لبللد مللن احللترام الجيللران ‪..‬‬
‫فل تؤذيهم ول تزعجهم ول تطلع على عوراتهم ‪ .‬وليللس مللن‬
‫ضّر بجارك بأي شيء تفعله ‪.‬‬ ‫حقك أن ت ُ ِ‬
‫أما تلك الحرية الللتي تجعللل الفللرد يعيللش لوحللده ‪ ..‬ويللؤذي‬
‫الخرين ‪ ..‬أو يعيش على حساب الخرين فالسلم ل يعللرف‬
‫هذه الحرية التي تقيد الخرين ‪.‬‬
‫بل إن السلم يحارب هذا المفهوم من الحرية ‪.‬‬
‫فنحن ل نريد حرية الغرب الزائفة ‪ ..‬وإنما نريد حرية السلم‬
‫‪.‬‬
‫لقد انتشر عند الغرب شرب الخمر ‪ ..‬فتلفللت العقللول حللتى‬
‫قللال قللائلهم فللي إحللدى مللؤتمراتهم ‪ :‬إن نصللف حللوادث‬
‫السيارات هناك ‪ .‬بسبب شرب الخمور ‪.‬‬
‫وظهر الزنا عندهم ‪ ..‬فانتشرت عندهم المراض المستعصية‬
‫التي عجزوا عن علجها وكان من أعظم تلك المراض مرض‬
‫اليدز ‪ .‬الذي كان بسبب حرية الشهوات التي دعوا إليها ‪.‬‬
‫وظهر الربللا فللي بلد الغللرب فظهللرت الطبقيللة بيللن النللاس‬
‫واستضعف الفقير ‪ ..‬واسترق هذا الفقير بالربلا بل رحمللة ول‬
‫شفقة ول بأدنى نظرة من ذلك الفرد للمجتمع ‪.‬‬
‫حتى صار حال هؤلء النانيين كما قال سللقراط ‪ :‬لقللد أصللبح‬
‫الغنياء ينفرون من سائر الطبقللات الخللرى ‪ ،‬يفضلللون معلله‬
‫أن يلقللوا بللثرواتهم فللي البحللر عللن أن يعينللوا بشلليء منهللا‬
‫المحتاجين ‪ .‬أهل ‪.‬‬
‫المدخل إلى فقه المعاملت ص ‪.84‬‬

‫‪805‬‬
‫أما السلم فقد أنهى هذه القضللايا كلهللا وحللرم الربللا والزنللا‬
‫والخمر والسرقة ‪.‬‬
‫الفرد والمجتمع في توازن دقيق وحياة سعيدة ‪ )) ..‬ولو أنهم‬
‫فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا ً لهم وأشد تثبيتا ً ((‪.‬‬
‫* رسالة إلى من يرى حرية التعبير بالرأي ‪:‬‬
‫تذكر‪:‬‬
‫أن الكلمة أمرها عظيم ‪ ..‬وستحاسب عليها )) ما يلفللظ مللن‬
‫قول إل لديه رقيب عتيد ((‪.‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ ‪ )):‬وهل يكب النللاس علللى‬
‫وجوههم أو قال على مناخرهم إل حصائد ألسنتهم ((‪.‬‬
‫تللذكر أن الكلمللة إمللا أن تكللون كلمللة طيبللة أو كلمللة خبيثللة‬
‫)) ألم تر كيف ضللرب الللله مثل كلمللة طيبللة كشللجرة طيبللة‬
‫أصلها ثابت وفرعها في السماء تللؤتي أكلهللا كللل حيللن بللإذن‬
‫ربها ‪ (( ...‬الية‪.‬‬
‫)) ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثللت مللن فللوق الرض‬
‫ما لها من قرار ‪ (( ...‬الية ‪.‬‬
‫)) إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ‪ ،‬ما يظللن‬
‫أن تبلغ ما بلغت ‪ ،‬فيكتللب الللله عليلله بهللا سللخطه إلللى يللوم‬
‫القيامة (( رواه أحمد ‪.‬‬
‫فاحذر أن يكون رأيك وكلمتك في مواجهة السلم ودعاته ‪.‬‬
‫تللذكر أن السلللم أمللر بللالقول الحسللن )) وقولللوا للنللاس‬
‫حسنا ً (( قال صلى الله عليه وسلم ‪ )) :‬من كان يؤمن بللالله‬
‫واليوم الخر فليقل خيرا ً أو ليصمت ((‪.‬‬
‫ونهاك عن الكلمة السيئة )) ل يحب الله الجهللر بالسللوء مللن‬
‫القول إل من ظلم ((‪.‬‬
‫تذكر أن اللله جلل وعل قلد قلال ‪ )) :‬يلا أيهلا اللذين آمنلوا ل‬
‫تقدموا بين يدي الله ورسوله ((‬
‫ل تقدموا بين يدي الله ورسللوله ل باسللم حريللة التعللبير عللن‬
‫الرأي ول غيره ‪.‬‬

‫‪806‬‬
‫ل تقدموا بين يدي الله ورسوله كونوا محللترمين للله مبجليللن‬
‫موقرين له ‪.‬‬
‫قال ابللن عبللاس رضللي الللله عنلله ‪ :‬ل تقولللوا خلف الكتللاب‬
‫والسنة كونوا تبعا ً له في جميع المور‬
‫إنه منهج التلقي للكتاب والسنة ‪.‬‬
‫إنه منهج العمل بالكتاب والسنة ‪.‬‬
‫الذي انبثق من تقوى الله جل وعل ‪.‬‬
‫ثللم تللذكر أن الللله ختللم هللذه اليللة بقللوله )) إن الللله سللميع‬
‫عليم ((‪.‬‬
‫سُبل الرشاد ‪.‬‬ ‫سائل ً المولى جل وعل أن يهدينا ُ‬
‫وأن ينور بصائرنا ويرزقنا علما ً وهدىً وتوفيقا ً ‪.‬‬
‫وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫================‬
‫‪#‬هل ساهم بعض أهل العلم في انهيار سوق‬
‫السهم السعودي‬
‫هيثم بن جواد الحداد‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله محملد بلن عبلد‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وبعد‪،‬‬
‫فإن النهيار الخير في سوق السهم السعودي لم يكن حللدثا‬
‫غريبا على "طبيعة سوق السللهم"‪ ،‬دع عنللك أنلله كللان حللدًثا‬
‫دا لكل مراقب لتلللك الرقللام الفلكيللة‬ ‫متوقًعا وبشكل كبير ج ً‬
‫التي وصللل إليهللا حجللم التللداول وقيمتلله فللي الشللهور الللتي‬
‫سبقت ذلك النهيار ‪..‬‬
‫أما أنه لم يكن حدثا ً غريًبا فإن أي دارس في مجللال السللهم‬
‫ل بد وأن يكون قد قللرأ عللن انهيللارات السللهم العالميللة بللدا‬
‫بيوم الثنين السود عللام ‪ 1987‬ومللرورا بسللوق المنللاخ فللي‬
‫الكويت سنة ‪ 1982‬ثم انهيارات السهم العالمية فللي أواخللر‬
‫القرن الميلدي الماضي‪.‬‬
‫أما أنه كان حدًثا متوقًعا فذلك راجع لعدة أسللباب منهللا تلللك‬
‫الطبيعة التاريخيللة "لهللذا السللوق"‪ ،‬ومنهللا ‪-‬بللل مللن أهمهللا ‪-‬‬

‫‪807‬‬
‫مساهمة هذا السوق الرئيسية في انتاج أو صناعة نوع جديللد‬
‫من الموال‪ ،‬يمكن تسللميتها بللالموال الرقميللة‪ ،‬فلللم يكتللف‬
‫النظللام القتصللادي الربللوي الللرأس مللالي بتلللك الطريقللة‬
‫القديمللة التقليديللة فللي مللا اصللطلح علللى تسللميتها "صللناعة‬
‫النقود"‪ ،‬أو "‪ "creation of money‬حتى أطل بطريقة جديدة‪،‬‬
‫هي أنكى من سابقتها في صللناعة المللال الللوهمي‪ ،‬إذ إنهللا –‬
‫أي الصناعة – ضنت علللى النللاس حللتى بقيمللة الللورق الللذي‬
‫تطبع عليه العملت الورقية‪ ،‬فاكتفت بأصفار رقميللة تصللنعها‬
‫الدوائر الكهربائية التي تشكل العنصر الساسي في شاشات‬
‫تداول السهم في البورصات العالمية والمحلية ‪...‬‬
‫حجللم التللداول وصللل مللؤخرا إلللى أرقللام لللم يكللن يعرفهللا‬
‫النسلللان إل ملللن خلل معلللادلت رياضلللية نظريلللة بحتللله‪،‬‬
‫كالترليون مثل‪ ،‬هذه الرقام ل تعكس فللي الواقللع قيمللة لي‬
‫سلعة حقيقللة تمثللل الغطللاء الفعلللي لهللا‪ ،‬وإنمللا هللي مجللرد‬
‫"أرقللام" عائمللة‪ ،‬سللرعان مللا تتهللاوى عنللد أي ضللربة ماليللة‬
‫لنعدام الغطاء الحقيقي لها‪.‬‬
‫هللذا "الغطللاء الحقيقللي" كللان موضللع إصللرار مللن شللريعتنا‬
‫المعجزة‪ ،‬وفقهائنا الوائل‪ ،‬حيث شدد الشللارع الحكيللم علللى‬
‫دا بيللد ل سلليما عنللد التعامللل بنللوعين‬‫"التقابض"‪ ،‬والتعامل ي ً‬
‫رئيسلليين ممللا يحتللاجه البشللر فللي حيللاتهم أولهللا الثمللان –‬
‫كالذهب والفضة وما يقوم مقامهما‪ -‬التي تعتبر وسائط الللبيع‬
‫والشراء وتقويم الشللياء‪ ،‬فحللديث عبللادة بللن الصللامت عللن‬
‫النبي ‪ e‬أس في هللذا؛ )الللذهب بالللذهب و الفضللة بالفضللة و‬
‫البر بالبر و الشعير بالشعير و التمللر بللالتمر و الملللح بالملللح‬
‫مثل بمثل سواء بسواء يدا بيللد فللإذا اختلفللت هللذه الصللناف‬
‫فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد( وثانيها المكيل أو الموزون‬
‫من القوات‪ ،‬أو لتقل طعام البشر والحيوان‪...‬‬
‫فالمبادلللة بيللن الثمللان عمللدة الحركللة القتصللادية فللي أي‬
‫مجتمع من المجتمعات‪ ،‬فضبطها بضوابط من الخللالق تجعللل‬
‫من هذا التعامل حركة اقتصادية تسللاهم فللي نمللاء المجتمللع‬

‫‪808‬‬
‫مللن خلل توزيللع عللادل للللثروة الللتي قسللمها الشللارع بيللن‬
‫البشر‪ ،‬وتمنع من احتكاره في أيدي الغنياء‪ ،‬كما تمنع صناعة‬
‫النقود المشار إليها سالفا‪ ،‬فكانت قيود الشللريعة فيلله وفيمللا‬
‫يقوم مقامه ل سيما إذا تم التبادل المباشللر بينهمللا مللن أدق‬
‫القيود وأشدها‪.‬‬
‫وزيادة في إحكام الطوق على من تسول له نفسه اللتفللات‬
‫علللى تلللك القيللود‪ ،‬نهللت الشللريعة عللن بيللع مللا لللم يحللوزه‬
‫النسان‪ ،‬ونهته عن بيع ما لم يقبضه‪ ،‬ونهته عللن بيللع الطعللام‬
‫حتى يجري فيه صاع المشتري كما جرى فيه صاع البائع‪ ،‬كل‬
‫ذلك بإعجاز تشريعي‪ ،‬ل يلمسه إل مللن تأمللل فللي مشللكلت‬
‫العالم القتصادية‪ ،‬وصورها‪ ،‬وجذورها‪ ،‬وأسبابها‪.‬‬
‫‪-2-‬‬
‫لكن العجب ل ينقضي بعد ‪-‬وقد عرفنا هذا كله ‪ -‬يوم أن نرى‬
‫انتشار التساهل في هذه الضوابط بحجة الحاجة لذلك نظللًرا‬
‫لتعقد أمور القتصاد المعاصرة وتعذر التعامللل مللع "حرفيللة"‬
‫نصللوص الشللريعة الللواردة فللي أحكللام الللبيع والشللراء‪ ،‬لقللد‬
‫استشرى هذا التساهل‪ ،‬حتى فقد القتصاد السلمي تميللزه‪،‬‬
‫وسعيه لتحقيق أهداف ل يمكن تحققها إل بللالعودة إلللى تلللك‬
‫الضوابط بلدون أي التفللاف "مشلروع" عليهلا‪ ،‬حلتى لللو أدى‬
‫ذلك إلى التعامل الحرفي مع بعض تلك النصوص‪.‬‬
‫وفي خضم هذه الضغوط المتزايدة على فقلله الللبيوع والربللا‬
‫المعاصر انحنت بعض الفتاوى في هذا المجال لتلك الضغوط‬
‫جا خطيًرا للغاية‪ ،‬ل يللدرك خطللورته إلللى المراقللب‬ ‫لتتخذ منه ً‬
‫لحال القتصاد السلمي الن وما يمر بله مللن أزمللات سلواء‬
‫على مسللتوى المجتمللع؛ ومللن أمثلتهللا مللا حللدث فللي سللوق‬
‫السهم السعودي‪ ،‬أو على مستوى الفراد؛ كتلك المديونيات‬
‫الهائلة التي يتحملها كثير من الشخاص بسبب دخللولهم فللي‬
‫"قللروض"‪ ،‬أو شللراء بالجللل‪ ،‬حللتى ولللو كللان متوافقللا مللع‬
‫"الشريعة السلمية"‪.‬‬

‫‪809‬‬
‫هذا المنهج يكمن في اتكاء فقه القتصاد السلمي المعاصللر‬
‫على ثلثة أسس‪:‬‬
‫‪ -1‬تفتيت المعاملة القتصادية موضوع البحث‪ ،‬لعدة عمليات‬
‫مستقلة‪ ،‬والنظر إلى كل عملية مستقلة بمعزل عن النتيجللة‬
‫النهائية لتلك المعاملة بمجملها‪ ،‬فمثل التعامللل بالسللهم فللي‬
‫سوق السهم‪ ،‬بدل أن ينظر إليه كحركة اقتصللادية متكاملللة‪،‬‬
‫نظر إلى كل عملية من عملياته على حدة‪ ،‬فما هو إل مجللرد‬
‫بيع وشراء‪ ،‬والبيع والشراء مباح فللي الشللريعة‪ ،‬والسللهم مللا‬
‫هو إل جزء شائع في ممتلكات الشركة‪ ،‬وبيع جزء شللائع فللي‬
‫الملك جائز لتعذر التعيين‪ ،‬وقبض المنقولت بنقلها‪ ،‬أما مللا ل‬
‫ينقل كجزء من مصنع‪ ،‬أو من شللركة فيحصللل بتخليتلله‪ ،‬ومللا‬
‫أبيح للفرد يباح للجماعة ‪..‬‬
‫‪ -2‬تتبع اليسر والسهل من أقوال الفقهاء بصرف النظر عن‬
‫علة كل قول ومأخذه‪ ،‬و فالقبض مثل للم يشلترطه المالكيلة‬
‫وبعض الفقهاء الخريللن إل فللي الطعللام‪ ،‬وبيللع الوفللاء أبللاحه‬
‫الحنفية‪ ،‬أجازه بعض العلماء‪ ،‬والشرط الجزائي حتى لو كللان‬
‫ماليا أباحه طائفة م الفقهاء‪ ،‬وهكذا ‪...‬‬
‫‪ -3‬التعامل الحرفي مللع نصللوص الفقهللاء‪ ،‬وفتللاوى المجللامع‬
‫الفقهية‪ ،‬وإغفال النظر عن مآل تلللك المعاملللة ل سلليما مللع‬
‫جلا اقتصللادًيا تسللير عليلله المجتمعلات‪،‬‬ ‫تكررهلا واتخاذهلا منه ً‬
‫فالوعد ملزم قضاء‪ ،‬والعربون جللائز‪ ،‬وهللامش الجديللة ‪-‬وهللو‬
‫مبلغ مقدم يدفعه المريد للبيع والشللراء لصللاحب السلللعة أو‬
‫الممول من أجل إظهار جديته في المعاملة المراد تنفيذها –‬
‫جائز‪ ،‬وبيعتان في بيعه مباح في أصله‪ ،‬وشرط وبيع مباح في‬
‫أصله كذلك‪ ،‬وهكذا‪..‬‬
‫إن العمل بأي واحد من تللك السلس علللى حلدة‪ ،‬يمكلن أن‬
‫يؤدي إلى مخالفات عديدة إذا ما نظر إلللى النتيجللة المللترتبه‬
‫عليه – أو مآله ‪ ،-‬فكيف حينما يعمل بها كلها مجتمعة !!‬
‫لقللد رأينللا معللاملت اقتصللادية كللثيرة‪ ،‬ل تختلللف عللن الربللا‬
‫المحرم إل اختلفات شكلية يسيرة بالضافة إلى السم‪ ،‬ومع‬

‫‪810‬‬
‫ذلك أجازتها الهيئات الشرعية لتلللك البنللوك‪ ،‬ولعلللي أضللرب‬
‫لذلك مثل بالقروض التي تقدمها بعض البنوك السلمية‪.‬‬
‫ضا‪ ،‬فيجيبله بلأنه ل‬ ‫يأتي العميل إلى البنك السلمي طالبا قر ً‬
‫دا –فالقرض عملية غير نفعيللة‪ ،‬أو هللو عمليللة‬ ‫يقدم قروض أب ً‬
‫خيرية‪ ،‬وليس عملية ربحية‪ ،‬وهو خلف الصل في المعاملت‬
‫ضا عن القرض‪ ،‬فإن البنك يقللوم‬ ‫البنكية والتجارية – لكن عو ً‬
‫بعملية استثمار أو تمويل مباح‪ ،‬حيث يقوم ببيع العميل أطناًنا‬
‫من الحديد أو غيللره مللن المعللادن – بخلف الللذهب والفضللة‬
‫حتى تكون المعاملة شرعية !‪ -‬بسعر آجل‪ ،‬ثم بعد ذلك يقوم‬
‫العميللل بتوكيللل البنللك بللبيع تلللك الطنللان مللن الحديللد فللي‬
‫السوق العالمية‪ ،‬وفعل يبيع البنك ‪ -‬أو شركة عاملة له – تلك‬
‫البضائع في السوق العالمية بالنقد‪ ،‬ويأخذ هذا النقد ويسلللمه‬
‫للعميل ‪...‬‬
‫دا مللا بيللن‬
‫تستغرق هذه العملية بضللعة أيللام أو أسللبوعا واحل ً‬
‫طلب العميل‪ ،‬وحصوله على النقد‪ ،‬وحينما يحصل على النقد‬
‫ضللا‪ ،‬ولكنلله قيمللة البضللاعة‬ ‫فإن البنك يقول له‪ ،‬هذا ليس قر ً‬
‫التي بعناك إياها بالجللل‪ ،‬ثلم بعناهللا عنللك بالعاجلل ! وعليللك‬
‫الن أن تسدد لنا على أقساط قيمة تلك البضللاعة‪ ،‬علمللا أن‬
‫مجموع القساط – طبعًللا ‪ -‬سلليكون أكللبر مللن القيمللة الللتي‬
‫حصل عليها العميل‪..‬‬
‫يجري ذلك كله‪ ،‬ولم ير العميللل بضللاعة فللي حيللاته‪ ،‬ول رأى‬
‫أطنان الحديد تلللك‪ ،‬ول سللبق أن بللاع واشللترى فللي السللوق‬
‫دا بصللحة مللا‬ ‫العالمية‪ ،‬بل إنه قد قبض النقللود ولمللا يقتنللع أبل ً‬
‫ضللا‬
‫قاله له البنك "السلمي" من أن تلللك النقللود ليسللت قر ً‬
‫يرده بزيللادة‪ ،‬لللم يقتنللع بللذلك لن المعاملللة كلهللا مللن أولهللا‬
‫ما مثل معاملة القرض الربوي من البنك التجاري‪،‬‬ ‫لخرها تما ً‬
‫مللع اختلف يسللير فللي المللدة الزمنيللة وكميللة الوراق الللتي‬
‫يوقعها‪..‬‬
‫هذه الطريقة هي إحدى أشللهر طللرق القللروض "الشللرعية"‬
‫التي تقدمها البنوك السلمية‪.‬‬

‫‪811‬‬
‫وحينما جرى النقاش مع بعض المسللؤولين فللي تلللك البنللوك‬
‫عن شرعية هذه المعاملة‪ ،‬أجاب بقوله‪ :‬وما الخطأ فللي تلللك‬
‫المعاملة! الللبيع مللن البنللك للعميللل بالجللل صللحيح‪ ،‬وتوكيللل‬
‫العميل للبنك بقبض البضائع صللحيح‪ ،‬وبعللض أهللل العلللم لللم‬
‫يشترط قبض البضللائع مللن غيللر الطعمللة‪ ،‬ثللم تللوكيله أيضللا‬
‫للبنك حتى يقوم ببيعها بالنيابة عنه صللحيح فللأين الخطللأ فللي‬
‫ذلك !‬
‫وهكللذا فُت ّللت أكللثر المعللاملت الربويللة المعاصللرة‪ ،‬وغيللرت‬
‫تغييرات طفيفة في الشكليات ومللا يسللمى بالعمللل الللورقي‬
‫والمكتبي‪ ،‬وأصبحت المعاملة شرعية مائة بالمائة‪...‬‬
‫طلت مقاصد الشريعة الجزئية في بللاب الللبيوع‪ ،‬بللل‬ ‫وهكذا عُ ّ‬
‫أتى القتصاد السلمي المعاصر بشكله الحالي بنقيللض تلللك‬
‫المقاصللد‪ ،‬المللر الللذي أدى وسلليؤدي إلللى انهيللارات فللي‬
‫السواق المالية بشتى صورها‪.‬‬
‫‪-3-‬‬
‫لقد كان بعض أهل العلم بعيدي النظللر‪ ،‬يللوم "تحجللروا" فللي‬
‫نظرتهم تجاه بعض تلك المعاملت المالية‪ ،‬وتجرأ كثير منهللم‬
‫الن للبوح ببعض ما كان يكن في نفسه من رفللض لشللرعية‬
‫تلك المعاملت‪ ،‬بللل إن بعللض أهللل العلللم ممللن عللرف عنلله‬
‫تسللاهله فللي تلللك المعللاملت‪ ،‬عللاد ليقللول الن بللأن الللرأي‬
‫القائل بعدم جواز التعامل في السهم بالطريقة الحالية قول‬
‫وجيلله‪ ،‬وقللرأت مقللالته تلللك وأنللا فللي حالللة مللن الدهشللة‬
‫الممزوجة بالغضب‪ ،‬لكنله زال حينملا وجللدت أحلد المعلقيلن‬
‫على تلك المقالة معلقللا علللى تلللك المقالللة بطريقللة عاميللة‬
‫بقوله ‪":‬ومن ورط الناس في تلك التعاملت يا شلليخ فلن؟"‬
‫نعم من أوقعهم في ورطة تلك التعاملت؟ ألم تسللاهم تلللك‬
‫الفتللاوى فللي تشللجيع النللاس – ولللو بصللورة غيللر مباشللرة ‪-‬‬
‫للدخول في تلك التعاملت؟‪.‬‬
‫هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحيللة أخللرى فللإن تلللك الفتللاوى والللتي‬
‫أقبل عليها الناس‪ ،‬وأقبلت عليها القنللوات الفضللائية ومواقللع‬

‫‪812‬‬
‫النللترنت فنشللرتها‪ ،‬سللاهمت فللي إضللعاف أو حللتى إخمللاد‬
‫الصوت الرافللض لهللذا النهللج القتصللادي‪ ،‬فقليللل هللم الللذين‬
‫سمعوا قول بعللض أهللل العلللم الللذي يمنللع مللن بيللع وشللراء‬
‫السهم في سوق السهم‪ ،‬وقليل هم أولئك الذين تأملوا في‬
‫أسباب ذلك المنع‪ ،‬والتي منها المشابهة الكبيرة بين عمليات‬
‫شراء السهم وبيعها بعمليات المقامرة المحرمللة‪ ،‬فالمتللاجر‬
‫بالسللهم يشللتري السللهم الللتي يظللن أن قيمتهللا سللترتفع‪،‬‬
‫ويراقب شاشة السهم‪ ،‬وما أن ترتفع إل وقام ببيعها مباشرة‬
‫حتى ولو كان بين عملية البيع والشراء دقائق‪ ،‬هذا مع العلللم‬
‫بأن ارتفاع وانخفاض السهم عدا رهين عوامل غيللر رئيسللية‬
‫التأثير فيما لو كان السهم سلللعة حقيقللة تمثللل جللزًءا شللائًعا‬
‫مللن ممتلكللات الشللركة – كمللا يقللال عللادة – فالتضللاعف أو‬
‫النخفاض الفلكي للقيمة السوقية للسهم‪ ،‬لمجرد سلمعة‪ ،‬أو‬
‫شائعة‪ ،‬أو توقعات كبار المستثمرين‪ ،‬أو نحو ذلك مما يقللرب‬
‫السهم من سهم القمار‪ ،‬الذي ليس له قيمة حقيقية‪.‬‬
‫ول يمكن أن يقارن هذا الرتفاع والنخفاض بما يحدث لبعض‬
‫السلع الحقيقية التي يللزداد الطلللب عليهللا‪ ،‬لن حللدوث ذلللك‬
‫لتلك السلع إنما هو حللدوث مللؤقت طللارئ محللدود ومرتبللط‬
‫طا وثيًقا بحاجة الناس إلى تلك السلللعة‪ ،‬ثللم إن العلمللاء‬ ‫ارتبا ً‬
‫قد تحدثوا عما يجب علي ولي المر تجلاه هلذا الرتفلاع فلي‬
‫قيمة بعض السلع التي يحتاجها الناس‪ ،‬فل يمكن مقارنة هللذا‬
‫بتلك الرتفاعللات الفلكيللة الللتي تحصللل فللي سللوق السللهم‪،‬‬
‫والتي أصبحت السمة الغالبة على طبيعة تلك السهم‪.‬‬
‫لقد كان الشيخ الدكتور الصديق الضرير موفًقا وثاقب النظر‬
‫يوم أن ذهب إلى القوم بأن بيللع السللهم وشللرائها يجللوز إذا‬
‫كان بينة تملك ما يصدق عليه السللهم وهللو الحصللة الشللائعة‬
‫من ممتلكات الشركة‪ ،‬ويمنع من هذا البيع والشللراء إذا كللان‬
‫مللن أجللل المتللاجرة بالسللهم بالطريقللة الللتي نشللاهدها فللي‬
‫أسواق السهم‪.‬‬

‫‪813‬‬
‫في النصف الثاني من العقد المنصرم استشرى بين أصحاب‬
‫الدخل المحللدود مللن الطبقللة المثقفللة فللي الخليللج العربللي‪،‬‬
‫وبالللذات فللي السللعودية المتللاجرة بالسللهم العالميللة‪ ،‬مثللل‬
‫مايكروسللوفت‪ ،‬وانتللل‪ ،‬وجللي إي‪ ،‬وغيرهللا‪ ،‬جللرى بحللث مللع‬
‫بعللض البللاحثين وطلبللة العلللم‪ ،‬فللي حكللم هللذه المتللاجرة‪،‬‬
‫وعرضت ورقة تشير إلى أن هذا النوع إنمللا هللو أقللرب إلللى‬
‫المقامرة منلله إلللى المتللاجرة المشللروعة‪ ،‬ناهيللك أن ينبغللي‬
‫علينا أن نعيد النظر في تكييف السهم من الناحيللة الفقهيللة‪،‬‬
‫فهل هي ورقة مالية جديدة قائمة بذاتها بعد أن يبدأ التعامللل‬
‫بها في السوق‪ ،‬أم أنها صك إثبات َتمّلك حامله لجللزء مشللاع‬
‫من الشركة؟ وكان الميللل فللي البحللث المعللروض إلللى أنهللا‬
‫ورقة ماليللة قائمللة بللذاتها ومسللتقلة‪ ،‬فجللاءت النصلليحة مللن‬
‫بعللض الخللوة أن ل تنشللر هللذه الراء‪ ،‬أو التسللاؤلت‪ ،‬لنهللا‬
‫ستثير السخرية من قبللل الجميللع‪...‬أمللا الن – ولسللت أدري‬
‫هللل هللو بعللد فللوات الوان أم ل ‪ -‬فللإن الكللثير تجللرء علللى‬
‫التصريح بذلك ‪..‬‬
‫لكن بالرغم من هذا كله‪ ،‬فأنه ل يستبعد أن تكون هذه الهزة‬
‫القتصادية مجرد حدث عابر‪ ،‬ستسارع ذاكرتنا للفه في طللي‬
‫النسلليان‪ ،‬كمللا طللوى النسلليان مللا يسللمى بللالثنين السللود‪،‬‬
‫ومناخ الكويت وغيرها‪ ،‬ولن يلبللث المتعللاملون فللي السللهم‪،‬‬
‫وطائفة من المشايخ‪ ،‬وطلبللة العلللم‪ ،‬إل ويعيللدوا الكللرة مللن‬
‫جديد‪ ،‬وهكذا دواليك‪..‬‬
‫‪-4-‬‬
‫هذا‪ ،‬ويبدوا للباحث أن أحد أهم أسباب مشكلت ممارسللات‬
‫القتصللاد السلللمي الن عللدم التمييللز بيللن مجللرد جللواز‬
‫جللا اقتصللادًيا متبعًللا‪،‬‬
‫المعاملة‪ ،‬وبيللن اتخللاذ هللذه المعاملللة نه ً‬
‫وشتان بين مجرد الباحة‪ ،‬والسنة‪ ،‬وهللذا وإن كللان ل يصللدق‬
‫دا‪ ،‬ولذا فل‬ ‫في بعض المثلة‪ ،‬إل أنه يصدق في أمثلة كثيرة ج ً‬
‫يجوز أن تتخذ مجرد الباحة دليل علللى جللواز شلليوع معاملللة‬
‫من المعاملت‪ ،‬أو فعل من الفعال‪ ،‬فلو ذهب إنسان إلى أن‬

‫‪814‬‬
‫صلة الجماعة في المسجد غير واجبة‪ ،‬وتخلف عن الحضللور‬
‫ف‬
‫في المسجد ليصلي جماعة مع أهل بيته‪ ،‬فربما تللوجه الك ل ّ‬
‫عن إنكار هذا الجتهاد عليه‪ ،‬لكلن للو أصلبح هلذا ديلدن أهلل‬
‫قريللة أو مدينللة مللن المللدن‪ ،‬لتعطلللت المسللاجد‪ ،‬وتعطلللت‬
‫شعيرة من أهم شعائر السلم!! فوجب النكار حينئذ‪.‬‬
‫وفي المعاملت القتصادية‪ ،‬فإن بيع المرابحة للمر بالشللراء‬
‫جللائز عنللد الجمهللور‪ ،‬لكللن البنللوك السلللمية اتخللذته أصللل‬
‫ووسيلة للتمويل‪ ،‬فأصبح سنة متبعللة‪ ،‬وليللس مجللرد معاملللة‬
‫جائزة‪ ،‬فنتج عن ذلك صور كثيرة من التمويل‪ ،‬وثيقللة الشللبه‬
‫بالربللا المحللرم‪ ،‬ففللي التمويللل العقللاري مثل‪ ،‬يقللوم البنللك‬
‫بتفويض المشتري ليشتري المنزل الذي يريللده بالنيابللة عللن‬
‫البنك مرابحللة‪ ،‬فيقللوم المشللتري بشللراء المنللزل مللن أجللل‬
‫البنك‪ ،‬ويقوم بدفع القيمة التي أخذها من البنللك كوكيللل فللي‬
‫الشراء للمالك‪ ،‬وحالما يوقع هللذا العقللد‪ ،‬يقللوم بللإجراء عقللد‬
‫آخللر يتللم مللن خلللله شللراء المنللزل مللن البنللك بالتقسلليط‪،‬‬
‫بصرف النظللر عللن تللولى هللذا العميللل طرفللي العقللد أم ل‪،‬‬
‫المهم أن المنزل ينتقل من المالك الصلي إلللى ملللك البنللك‬
‫لمدة ثوان معدودات‪ ،‬ثم ينتقللل ملرة أخلرى بمعامللة أخللرى‬
‫إلى ملك العميل من خلل شللرائه للله بالتقسلليط‪ ،‬والصللورة‬
‫الكليللة للمعاملللة تظهللر وكللأن البنللك أقللرض العميللل مللال‬
‫ليشتري به منزل‪ ،‬على أن يرد العميل هذا المللال بالتقسلليط‬
‫مع زيادة ‪...‬‬
‫وفي إحدى جلسات المجمع الفقهي التابع لمنظمللة المللؤتمر‬
‫السلللمي والللتي انعقللدت فللي مدينللة الريللاض قبللل عللدة‬
‫سنوات‪ ،‬قلال أحللد المتخصصللين فللي القتصلاد فللي معلرض‬
‫مناقشته لبعض المسائل المطروحة للبحث‪ :‬ونحللن متفقللون‬
‫على التقليل من المرابحة ما أمكن!‪.‬‬
‫ولعل هذا السبب هو الذي حدا بمجمع الفقه السلمي التابع‬
‫لرابطة العالم السلم إصدار قرار يتراجع فيه عما صدر عنه‬
‫سللابًقا بخصللوص التللورق‪ ،‬فإسللاءة اسللتخدام هللذه العمليللة‪،‬‬

‫‪815‬‬
‫جعلها حيلة على الربا‪ ..‬وهنا قد ل نتحدث عللن مجللرد إسلاءة‬
‫اسلتخدام المبلاح‪ ،‬ولكننلا نتحلدث علن اللدروج عللى المبلاح‬
‫حا ‪..‬‬
‫لجعله أصل وسنة متبعة‪ ،‬حتى وإن كان في أصله مبا ً‬
‫ويشللرح الشلليخ الللدكتور تقللي عثمللاني – وهللو مللن أعمللدة‬
‫القتصاد السلمي المعاصر – هذه القاعدة الشللرعية –حكللم‬
‫الفرد ليس حكم الكل‪ ،‬والباحللة ليسللت سللنة ‪ -‬بمثللال رائع‪،‬‬
‫يقللول لللو أن رجل يسللير بسلليارته فللي طريللق طويللل ثللم‬
‫اعترضته إشارة مرورية‪ ،‬وبجانبها محطللة وقللود‪ ،‬فاتخللذ مللن‬
‫محطة الوقود وسيلة لتجاوز الشارة الضوئية‪ ،‬فإن فعله هذا‬
‫جائز ول يتضمن أي مخالفة قانونية‪ ،‬لكن لللو أصللبح كللل مللن‬
‫أراد التوقف عند تلللك الشللارة الضللوئية يتخللذ هللذا الطريللق‬
‫بديل عن الطريق الصلي أو لللو أصللبح هللو الطريللق الصلللي‬
‫للمرور وتجاوز إشللارة المللرور‪ ،‬لدى ذلللك إلللى فوضللى فللي‬
‫السير‪ ،‬واضطراب في عمل محطة الوقود‪ ،‬ونحللو ذلللك مللن‬
‫المفاسد المترتبة على الخذ بمباح من الفعل‪.‬‬
‫ذكرني مثال الشيخ تقللي هللذا بمثللال القشللة‪ ،‬فقللد مللر أحللد‬
‫السلف مع ابن له صغير بحائط‪ ،‬فأخذ منه الطفل عللوًدا مللن‬
‫قش‪ ،‬فنهاه أبوه عن ذلك‪ ،‬فقال البللن مسللتغرًبا إنهللا مجللرد‬
‫قشة ل تؤثر في الحائط شيًئا‪ ،‬فأجاب الب قللائل‪ :‬فكيللف لللو‬
‫أن كل واحد أخذ قشة من الحائط !‬
‫‪-5-‬‬
‫وقد يثور سؤال تلقائي هنللا‪ ،‬وهللل المطلللوب أن نحللرم تلللك‬
‫المعاملت‪ ،‬أو نمنع منها؟ والجللواب أن علللى أهللل العلللم أن‬
‫يبينوا للناس حقيقلة تلللك المعامللة وأنهلا لللو جلازت ملرة أو‬
‫مرتين فل يجوز بحللال أن تتخللذ وسليلة اقتصللادية‪ ،‬فل بلد أن‬
‫يشفعوا القول بالجواز‪ ،‬بيللان الفللرق بيللن هللذا الجللواز وبيللن‬
‫النهج القتصادي المثل‪ ،‬وأن القول بجواز حالة أو حللالتين‪ ،‬ل‬
‫يعني أبدا سنية العمل بهذه المعاملة‪ ،‬واتخاذها نهجا وطريقا‪.‬‬
‫بل لم ل نقول بأن اللجان الشرعية عليها أن ل تصللدر فتللوى‬
‫مكتوبللة بجللواز معاملللة مللن المعللاملت إل إذا كللانت تلللك‬

‫‪816‬‬
‫جا اقتصادًيا لذلك المجتمللع‪،‬‬ ‫المعاملة مما يسوغ استخدامه نه ً‬
‫وعليهم الكف عن إصدار الفتاوى التي تبين مجرد جواز تلللك‬
‫المعاملة‪ ،‬إل يفعلوا ذلك فإنهم يساهمون في تللدمير اقتصللاد‬
‫المجتمعات السلللمية باسللم السلللم والشللريعة السلللمية‪،‬‬
‫فضل عن أنهم يساهمون في إدخال ما ليس من الدين فيه‪.‬‬
‫‪-6-‬‬
‫وبعد ذلك‪ ،‬فإننا نخلص إلى أن ثمللت معللالم منهللج آخللذ فللي‬
‫التشكل من خلل ممارسات المشتغلين بالقتصاد السلللمي‬
‫خلل العقد أو العقدين الماضيين‪ ،‬إنه نهج غريللب شللاذ علللى‬
‫طبيعة الشريعة السلمية والفقه السلمي‪ ،‬إنه نهج الحرفية‬
‫المقيتة في النظرة إلى المعاملت الماليللة‪ ،‬فللإنه ينظللر إلللى‬
‫المعاملة في أصغر صورها وأدقلله‪ ،‬بصلرف النظلر علن ملآل‬
‫تلك المعاملة‪ ،‬أو مللآل هللذه المعاملللة إذا مللا اتخللذت منهجللا‬
‫اقتصادًيا‪ ،‬وهللذا النهللج أهمللل بالكليللة الثللار السلللبية القاتلللة‬
‫للمتاجرة بالسهم بهذه الطريقة على أي اقتصللاد وطنللي ‪ ،‬و‬
‫قصر نظره على مجرد جواز بيللع السللهم أو شللرائه‪ ،‬واجتهللد‬
‫في وضع قائمة بالسهم النقية‪ ،‬وأخللرى بالسللهم المحرمللة‪،‬‬
‫وثالثة بالسهم المختلطة‪ ،‬وما وجدناه انبللس ببنللت شللفة ول‬
‫التفت هو‪ ،‬ول لفت نظرنا – حللتى مللع القللول بجللواز التجللار‬
‫بالسهم النقية أن كان يوجد منها شيء – إلى حقللائق غائبللة‬
‫عن المتجرين في هذا السوق‪ ،‬والتي منها‪:‬‬
‫‪ -‬توقف الناس علن السلتثمار الحقيقلي‪ ،‬واللذي يتمثلل فلي‬
‫النتاج الصناعي وما يتبعه من خدمات‪ ،‬فخسللرت بعللض دول‬
‫الخليج المصللدرة للنفللط وهللي فللي أعلللى مسللتويات دخلهللا‬
‫فرصة ذهبية‪ ،‬ما أثمنها لو اسللتغلت – لكنهللا مللا زال المجللال‬
‫مفتوحا بحمد الله تعالى – في المضي قدما نحو الولوج إلللى‬
‫العالم الصناعي‪،،‬لتكون من الدول المتقدمة‪..‬‬
‫‪ -‬إسللراف النللاس فللي القللروض بجميللع أنواعهللا‪ ،‬البنكيللة‬
‫المحرملللة‪ ،‬و"السللللمية"‪ ،‬وعمليلللات التلللورق‪ ،‬والقلللروض‬
‫العائلية‪ ،‬وتحمل الناس نتيجة لهللذا السللراف فللي القللتراض‬

‫‪817‬‬
‫ديوًنا باهظة ل ينوؤون بحملها‪ ،‬المللر الللذي عللرض عشللرات‬
‫اللف منهم للسجن والملحقة‪ ،‬ومن قبل ومن بعد للسللجن‬
‫النفسللي الللذي يكللون غالب ًللا أسللوء مللن السللجن الحقيقللي‪،‬‬
‫فشلت حركة المجتمع بسبب هذه الغلل والصار‪.‬‬
‫‪ -‬تحول المجتمع إلى مجتمع مسعور بسعار المال‪ ،‬الذي هللو‬
‫أس الشهوات ومبدؤها‪ ،‬والدنيا فتنة كما قال النبي صلى الله‬
‫عليلله وسلللم‪ ،‬وأصللبح حللديث النللاس‪ ،‬مثقفيهللم‪ ،‬وعللامتهم‪،‬‬
‫ونسللائهم‪ ،‬ورجللالهم‪ ،‬صللغارهم‪ ،‬وكبللارهم‪ ،‬عللن السللهم‪،‬‬
‫وارتفاعها وانخفاضها‪ ،‬حتى ولجللت فيلله عجللائز البللدو‪ ،‬فضللل‬
‫عن أشياخهم‪ ،‬ولست أعجب يوم أن حدثتني إحدى القريبات‬
‫م لثمان‪ ،‬وجدة لكثر‪ ،‬عن أنها تبدأ يومها بفتللح شاشللة‬ ‫وهي أ ّ‬
‫الكمللبيوتر‪ ،‬لمتابعللة السللهم‪ ،‬ارتفاعهللا وانخفاضللها وحركتهللا‬
‫ومؤشراتها‪ ،‬وكأنها أرقام سحب تنتظر أن تظفر برقللم فللائز‪،‬‬
‫وأن شئت فقل إنما هي شاشة مقامرة ‪..‬ولسللنا نعجللب بعللد‬
‫هذا كله يوم أن أعلنت إحدى حملت الحج أنها ستوفر خدمة‬
‫فريدة من نوعها‪ ،‬حيث تللوفر للحجللاج "وفللد الللله" شاشللات‬
‫متابعة السهم خلل أيام منلى‪ ،‬حلتى ترتفلع أسلهم إيملانهم‪،‬‬
‫وأسهم طمأنينتهم‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫دا للشللعوب‪،‬‬ ‫‪ -‬هذا‪ ،‬وكأني بالسهم وقد أصبحت "أفيونا" جدي ً‬
‫حتى يخدرها عن الفضائل‪ ،‬والبحث عن المعالي‪ ،‬ولقللد قللال‬
‫لي يوما قائل أل يمكن أن تكون سوق السللهم هللذه‪ ،‬مجللرد‬
‫سياسة تمارس ضد الشعوب لتخديرها عن المطالبة بحقللوق‬
‫لها أخرى‪..‬‬
‫حقا‪ ،‬إنه محزن أن يكون بعض أهل العلم جسًرا يعبر الفساد‬
‫ملن خللله‪ ،‬المللر اللذي يلوجب وقفلة صلادقة وحازمللة ملن‬
‫الجميع تجاه هذا الخطر‪ ،‬والخطار الشبيهة به ‪..‬‬
‫‪ ...‬تمت المقالة‪ ،‬والله الهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫===============‬
‫‪#‬فتنة مسايرة الواقع‬
‫الشيخ عبد العزيز الجليل‬

‫‪818‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم علللى نبينللا محمللد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن من علمة توفيق الله لل عللز وجللل لل لعبللده المللؤمن أن‬
‫يرزقه اليقظة فللي حيللاته الللدنيا؛ فل تللراه إل حللذرا ً محاسللبا ً‬
‫لنفسه خائفا ً من أن يزيغ قلبه‪ ،‬أو تزل قدمه بعد ثبوتها‪ ،‬وهذا‬
‫دأبه في ليله ونهاره يفر بدينه من الفتن‪ ،‬ويجللأر إلللى ربلله ل ل‬
‫عز وجل ل في دعائه ومناجللاته يسللأله الثبللات والوفللاة علللى‬
‫سّنة غير مبدل ول مغير‪.‬‬ ‫السلم وال ّ‬
‫وإن خوف المؤمن ليشتد في أزمنة الفتن الللتي تمللوج مللوج‬
‫البحر والتي يرقق بعضها بعضًا‪ ،‬وما إخال زماننا اليوم إل من‬
‫هللذه الزمنللة العصلليبة الللتي تراكمللت فيهللا الفتللن‪ ،‬وتزينللت‬
‫للناس بلبوسها المزخرف الفاتن‪ ،‬ولم ينج منهللا إل مللن ثبتلله‬
‫الله ل عز وجل ل وعصمه‪ .‬نسأل الله ل عز وجل للل أن يجعلنللا‬
‫منهم‪.‬‬
‫وأجدها فرصة أن أتحدث عن فتنة شديدة تضغط علللى كللثير‬
‫من الناس فيضعفون أمامها‪ ،‬أل وهللي فتنللة مسللايرة الواقللع‬
‫وضللغط الفسللاد ومسللايرة العللادات‪ ،‬ومراعللاة رضللا النللاس‬
‫وسخطهم‪ ،‬وهي فتنة ل يستهان بها؛ فلقللد سللقط فيهللا كللثير‬
‫من الناس وضعفوا عن مقاومتها‪ ،‬والموفق مللن ثبتلله الللله لل‬
‫ل‬ ‫من ُللوا ب ِللال َْقوْ ِ‬‫نآ َ‬ ‫ه ال َل ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت الل ّ ُ‬ ‫عز وجل ل كما قال تعالى ‪)) :‬ي ُث َب ّ ُ‬
‫ة(( ]إبراهيم‪.[27 :‬‬ ‫خَر ِ‬‫حَياةِ الد ّن َْيا وِفي ال ِ‬ ‫ت ِفي ال َ‬ ‫الّثاب ِ ِ‬
‫يقول المام ابن القيم ل رحمه الله تعالى ل ل عللن هللذه اليللة‪:‬‬
‫"تحللت هللذه اليللة كنللز عظيللم‪ ،‬مللن وفللق لمظنتلله وأحسللن‬
‫استخراجه واقتناءه وأنفق منه فقللد غنللم‪ ،‬ومللن حرملله فقللد‬
‫حرم")‪.(1‬‬
‫وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسللم قللد قللال للله ربله لل‬
‫م‬‫ن إل َي ْهِ ل ْ‬‫ت ت َْرك َل ُ‬‫ك ل ََق لد ْ ك ِللد ّ‬‫ول َأن ث َب ّت ْن َللا َ‬
‫تبارك وتعالى ل‪ )) :‬ول َل ْ‬
‫ل(( ]السللراء‪ [74 :‬فسللواه مللن النللاس أحللوج إلللى‬ ‫شْيئا ً قَِلي ً‬‫َ‬
‫التثبيت من ربه ل تعالى ل‪ ،‬وفي هذا تأكيد على أهمية الللدعاء‬

‫‪819‬‬
‫وسؤال من بيده التثبيت والتوفيق وهو الله ل سبحانه وتعالى‬
‫ل‪.‬‬
‫ذكر بعض الصور لفتنة مسايرة الواقع والتقليد العمى‪:‬‬
‫إن فتنة مسايرة الواقع والتأثر بما عليه النللاس لتشللتد حللتى‬
‫تكون سببا ً في الوقوع في الشرك الموجب للخلود في النللار‬
‫ل ل عيللاذا ً بللالله تعللالى للل؛ وذلللك كمللا هللو الحللال فللي شللرك‬
‫المشركين الولين من قوم نوح وعللاد وثمللود والللذين جللاؤوا‬
‫من بعدهم من مشركي العرب‪ ،‬فلقد ذكر لنا القرآن الكريللم‬
‫أنهم كانوا يحتجون على أنبيللائهم ل ل عليهللم السلللم لل عنللدما‬
‫واجهوهم بالحق ودعوهم إلى التوحيد وترك الشرك ل ل بللأنهم‬
‫لم يسمعوا بهذا في آبائهم الولين‪ ،‬وكانوا يتواصون باتباع ما‬
‫وجدوا عليه آباءهم ويحرض بعضهم بعضا ً بذلك ويثيرون نعرة‬
‫الباء والجداد بينهم‪ .‬وسجل الله ل عز وجل ل عن قوم نوح ل‬
‫ذا فِللي آَبائ ِن َللا‬ ‫معَْنا ب ِهَل َ‬ ‫سل ِ‬ ‫مللا َ‬
‫عليه الصلة والسلم ل قللولهم‪ّ )) :‬‬
‫ن(( ]المؤمنون‪.[24 :‬‬ ‫َ‬
‫الوِّلي َ‬
‫َ‬
‫حلد َهُ‬ ‫هو ْ‬ ‫جئ ْت ََنا ل ِن َعْب ُد َ الل ّل َ‬‫وقال ل تعالى ل عن قوم هود‪َ)) :‬قاُلوا أ ِ‬
‫ن ي َعْب ُد ُ آَباؤَُنا‪] ((...‬العللراف‪ ،[70 :‬وقللال لل تبللارك‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ون َذ ََر َ‬
‫جوا ً‬ ‫مْر ُ‬ ‫ت ِفيَنا َ‬ ‫كن َ‬ ‫ح قَد ْ ُ‬ ‫وتعالى ل عن قوم صالح‪َ)) :‬قاُلوا َيا َ‬
‫صال ِ ُ‬
‫ما ي َعْب ُد ُ آَباؤَُنا‪ ] ((...‬هود‪.[62 :‬‬ ‫َ‬ ‫ل هَ َ َ‬ ‫قَب ْ َ‬
‫ذا أت َن َْهاَنا أن ن ّعْب ُد َ َ‬
‫َ‬
‫جئ ْت َن َللا‬ ‫وقال ل سبحانه وتعالى ل ل عللن قللوم فرعللون‪)) :‬قَللاُلوا أ ِ‬
‫جلد َْنا عَل َي ْلهِ آَباَءن َللا(( ]يللونس‪ ،[78 :‬وقللال عللن‬ ‫مللا و َ‬ ‫ل ِت َل ِْفت َن َللا عَ ّ‬
‫مشركي قريش‪:‬‬
‫ه قَللاُلوا ب َل ْ‬ ‫َ‬
‫ج لد َْنا‬ ‫مللا و َ‬ ‫ل ن َت ّب ِلعُ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ما أنَز َ‬‫م ات ّب ُِعوا َ‬ ‫ل ل َهُ ُ‬‫ذا ِقي َ‬ ‫))وإ َ‬
‫عَل َي ْلهِ آَباَءن َللا‪] ((...‬البقللرة‪ [170 :‬واليللات فللي ذلللك كللثيرة‪،‬‬
‫والمقصللود التنللبيه إلللى أن تقليللد البللاء ومسللايرة مللا عليلله‬
‫النللاس وألفللوه لهللو مللن أشللد أسللباب الوقللوع فللي الكفللر‬
‫والشرك‪ ،‬وقد بين الحق للناس؛ ولكن لوجللود الهللوى وشللدة‬
‫ضغط الواقع وضعف المقاومة ي ُلؤْث ُِر المخللذول أن يبقللى مللع‬
‫الناس‪ ،‬ولو كان يعتقد أنهم على باطل وأن ما تركه وأعللرض‬
‫عنه هو الحق المبين‪ ،‬وإل فما معنى إصرار أبللي طللالب عللم‬

‫‪820‬‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم على أن يمللوت علللى عقيللدة‬
‫عبد المطلب الشركية مع قناعته بأن محمدا ً صلى الله عليلله‬
‫وسلم رسول الله والحق معه لول الهوى ومسايرة مللا عليلله‬
‫الباء وخوفه من مصادمتهم وتضليلهم؟‬
‫نعوذ بالله ل تعالى ل من الخذلن‪.‬‬
‫وإذا جئنا لعصرنا الحاضللر وبحثنللا عللن أسللباب ضلللل علمللاء‬
‫الضلل الذين زينوا للناس الشرك والخرافة والبللدع الكفريللة‬
‫رأينا أن مللن أهللم السللباب مسللايرتهم للنللاس‪ ،‬وميلهللم مللع‬
‫الدنيا ومناصبها‪ ،‬وظنهم أنهللم بمصللادمة النللاس سيخسللرون‬
‫دنياهم وجاههم بين الناس‪ ،‬فآثروا الحياة الدنيا على الخللرة‪،‬‬
‫وسايروا الناس مع اعتقادهم ببطلن ما هم عليه‪،‬‬
‫وكذلك الحال في سائر النللاس المقلللدين لهللم فللي الشللرك‬
‫والخرافة والسحر والشعوذة لو بان لحدهم الحق فإنه يحتج‬
‫بما عليه أغلب الناس‪ ،‬فيسير معهلم‪ ،‬ويضلعف علن الصلمود‬
‫دمون‬ ‫أمام باطلهم إل من رحم الللله مللن عبللاده الللذين ل يقل ّ‬
‫على مرضاة الله لل تعلالى لل شليئًا‪ ،‬ول يلتركون الحلق لجلل‬
‫الناس‪ ،‬ول يسايرونهم على ما هم عليلله مللن ضلللل وفسللاد؛‬
‫بل يتللذكرون قللول الرسللول صلللى الللله عليلله وسلللم‪" :‬مللن‬
‫التمس رضا الله في سخط الناس رضلي اللله عنله وأرضلى‬
‫عنه الناس‪ ،‬ومن التمس رضا الناس في سخط الللله سللخط‬
‫الله عليه وأسخط عليه الناس")‪.(2‬‬
‫والصل في مسايرة الناس على ضللهم وتنكبهللم الحللق هللو‬
‫الهوى المتغلب على النفوس بحيث يطمللس البصلليرة‪ ،‬حللتى‬
‫ترى المتبع لهواه يضحي بروحه في سبيل هواه وباطله وهللو‬
‫يعلم نهايته البائسة‪ ،‬ومن كانت هذه حاله فل تنفعه المواعظ‬
‫ول الزواجر كما قال المام الشاطبي ل رحمه الللله تعللالى للل‪:‬‬
‫"فكذلك صاحب الهوى ل إذا ضل قلبه وُأشرب حبه ل ل تعمل‬
‫فيه الموعظة ول يقبل البرهان ول يكترث بمن خالفه")‪.(3‬‬
‫أما ما يتعلق بما دون الكفر من فتنللة مسللايرة الواقللع فهللي‬
‫كثيرة ومتنوعة اليوم بين المسلمين‪ ،‬وهي تترواح بين الفتنللة‬

‫‪821‬‬
‫وارتكاب الكبائر أو الصللغائر‪ ،‬أو الللترخص فللي الللدين‪ ،‬وتتبللع‬
‫زلت العلمللاء لتسللويغ المخالفللات الشللرعية الناجمللة عللن‬
‫مسايرة الركب وصعوبة الخروج عن المألوف‪ ،‬واتباع النللاس‬
‫ن هللذه حللاله ينطبللق عليلله وصللف‬ ‫م ْ‬‫إن أحسنوا أو أساؤوا‪ .‬و َ‬
‫ذر منه؛‬ ‫معة الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وح ّ‬ ‫ال ّ‬
‫معة تقولون‪ :‬إن أحسن الناس أحسّنا‪،‬‬ ‫حيث قال‪" :‬ل تكونوا إ ّ‬
‫طنللوا أنفسللكم إن أحسللن النللاس‬ ‫وإن ظلموا ظلمنا؛ ولكن و ّ‬
‫أن تحسنوا‪ ،‬وإن أساؤوا فل تظلمللوا")‪ .(4‬قللال الشللارح فللي‬
‫تحفة الحوذي‪" :‬المعة هو الذي يتابع كل ناعق ويقللول لكللل‬
‫أحد أنا معك؛ لنه ل رأي له يرجع إليلله‪ ،‬تابع لا ً لللدين غيللره بل‬
‫رؤية‪ ،‬ول تحصيل برهان"‪.‬‬
‫والفتنة بمسايرة الواقع وما اعتاده الناس كللثيرة فللي زماننللا‬
‫اليوم ل يسلم منها إل مللن رحللم اللله لل عللز وجللل لل وجاهللد‬
‫نفسه مجاهدة كبيرة؛ لن ضللغط الفسللاد ومكللر المفسللدين‬
‫وترويض الناس عليه ردحا ً مللن الزمللان جعللل القللابض علللى‬
‫دينه اليوم المستعصي على مسايرة الواقع فللي جهللاد مريللر‬
‫مللع نفسلله ومللع النللاس كالقللابض علللى الجمللر‪ ،‬ولعللل هللذا‬
‫الزمان هو تأويل قول الرسول صلى الله عليه وسلم‪" :‬يللأتي‬
‫على الناس زمللان الصللابر فيهللم علللى دينلله كالقللابض علللى‬
‫الجمر")‪.(5‬‬
‫وإن مما يعيللن العبللد علللى هللذه المشللقة الشللديدة والصللبر‬
‫العظيم هو عظم الجر الللذي ينللاله هللذا القللابض علللى دينلله‬
‫المستعصي على مسللايرة النللاس وضللغط الواقللع ومللا ألفلله‬
‫الناس‪ ،‬ويكفي في ذلك قوله صلى الله عليلله وسلللم‪" :‬فللإن‬
‫من ورائكم أيام الصبر‪ .‬الصبر فيلله مثللل قبللض علللى الجمللر‬
‫للعاملل فيهللم مثللل أجللر خمسللين رجل ً يعمللون مثلل عملله‬
‫وزادني غيره قال‪ :‬يا رسول الله أجر خمسللين منهللم؟ قللال‪:‬‬
‫أجر خمسين منكم")‪.(6‬‬

‫‪822‬‬
‫وفيما يلي ذكر بعض الصور لفتنة مسايرة الواقع فللي زماننللا‬
‫اليللوم‪ ،‬وأخللص بهللا فئة الللدعاة وأهللل العلللم ومللا يجللب أن‬
‫يحذروه من هذه الفتنة‪:‬‬
‫إن أهل العلم والدعاة إلى الله ل عز وجل ل لمن أشد النللاس‬
‫تعرضا ً لفتنة المسايرة؛ وذلك لكثرة الفساد وتنللوعه وتسلللط‬
‫شياطين النس والجن على أهلل الخيلر باليلذاء والوسوسلة‬
‫وتأويل المور‪ ..‬إلخ ممللا قللد يعللرض العللالم أو الداعيللة إلللى‬
‫التنازلت والمداهنات إرضللاءا ً للنللاس أو اتقللاءا ً لسللخطهم أو‬
‫ى بالمر الواقللع سللواء ذلللك بتأويللل أو بغيللر تأويللل‪ ،‬وإن‬ ‫رض ً‬
‫سللقوط العللاِلم أو الداعيللة فللي هللذه الفتنللة ليللس كسللقوط‬
‫غيره؛ ذلك أن غيللره مللن عامللة النللاس ل تتعللدى فتنتلله إلللى‬
‫غيره‪ ،‬وذلك بخلف العالم أو الداعية؛ فإن فتنته تتعللدى إلللى‬
‫غيره؛ لن الناس يرون فيه القدوة والشرعية‬
‫إن الللدعاة إلللى الللله ل ل عللز وجللل ل ل وأهللل العلللم هللم نللور‬
‫المجتمعات وصمام المان بإذن الله ل تعالى ل فإذا وقع منهم‬
‫ن للمللة‬ ‫م ْ‬
‫من وقع في مسايرة الواقع والرضا بالمر الواقع ف َ‬
‫ينقذها ويرفع الذل عنها؟ هذا أمللر يجللب أن يتفطللن للله كللل‬
‫منتسب إلى الدعوة والعلم‪ ،‬ويتفقد نفسه ويحاسبها ويسللعى‬
‫لنجاء نفسه وأهله ل بادئ ذي بدء ل حتى يكللون لللدعوته بعللد‬
‫ذلك أثر على الناس وقبول لها عندهم‪ ،‬أما إذا أهمل الداعيللة‬
‫نفسه‪ ،‬وسار مع ما ألفه الناس وصعب عليه الصمود والصبر‬
‫فإن الخطر كبير على النفس والهل والناس من حوله‪.‬‬
‫إن المطلوب من الداعية والعاِلم فللي مجتمعللات المسلللمين‬
‫هو تغيير المجتمعات وتسييرها إلى ما هو أحسن ل مسايرتها‬
‫ومداهنتها‪ ،‬فهذه ل والله ل هي مهمة النبياء والمصلللحين مللن‬
‫بعدهم‪ ،‬وهذه هي الحياة السللعيدة للعللاِلم والداعيللة‪ ،‬وإل فل‬
‫معنى لحياة الداعية والعالم ول قيمة لها إذا هو ساير النللاس‬
‫واستسلم لضغوط الواقع وأهواء الناس‪ .‬إن العالم والداعيللة‬
‫ل قيمة لحياتهما إل بالللدعوة والتغييللر للحسللن‪ ،‬ول شللك أن‬
‫في ذلك مشقة عظيمة؛ ولكلن العاقبلة حميلدة بلإذن اللله لل‬

‫‪823‬‬
‫تعالى ل في الدارين لمن صبر وصللابر واسللتعان بللالله ل ل عللز‬
‫وجل ل‪ .‬وفي ذلك يتحدث أحد الللدعاة المخلصللين عللن رجللل‬
‫العقيدة الذي يسعى لتغيير الواقع وتسييره في مرضاة الله ل‬
‫عللز وجللل لل وليللس مسللايرته فللي مرضللاة النفللس والنللاس‬
‫فيقول‪" :‬وأهم شيء في الموضوع تكوين رجل العقيدة‪ ،‬ذلك‬
‫النسان الذي تصبح الفكرة همه‪ :‬تقيمه وتقعللده‪ ،‬ويحلللم بهللا‬
‫في منامه‪ ،‬وينطلق في سبيلها في يقظته‪ ،‬وليس لدينا ل بكل‬
‫أسف ل من هذا النوع القوي والعبقللري؛ ولكللن لللدينا نفللوس‬
‫متألمة متحمسة مستعدة بعض الستعداد‪ ،‬ول بد للنجاح من‬
‫ل قويللة تعللي أمرهللا‪ ،‬وتكمللل نقصللها‬ ‫مث ُ ٍ‬
‫أن ينقلب هؤلء إلى ُ‬
‫ليتم تحفزها الذي ينطلق من عدم الرضللا بللالواقع والشللعور‬
‫بالخطار التي تتعاقب‪ ،‬وينتهي باستجابة لمللر الللله ونللداءات‬
‫الكتاب الحكيم ومراقبة وعد الله ووعيللده‪ ،‬والتأسللي بسلليرة‬
‫الرسول الكريم ل عليه صلوات الله وسلمه ل ول بلد لنلا ملن‬
‫وصف عاجل وتحديد مجمل لرجل العقيدة‪.‬‬
‫إن السلوك الول الفطري الذي يأتي به المخلوق إلللى هللذه‬
‫الدنيا هو السلوك الغريزي‪ ،‬وهذا السلوك يظل لدى النسان‬
‫فعال ً مؤثرا ً حياة المرء كلها‪.‬‬
‫وفللي مجتمللع كمجتمعنللا ل يليللق بشللخص محللترم أن يحمللل‬
‫حاجاته إلى منزله ل مع أن ذلك مما يثاب المرء عليه ل‪ ،‬وفللي‬
‫مجتمع كمجتمعنا ل بد من التبذير ول بد من الترف؛ فالرائك‬
‫في المنزل ل يحسن أن تكون مللن خشللب رخيللص وفللراش‬
‫بسيط؛ بل ل بللد مللن المغللالة بأثمانهللا فهللذا تبللذير للمللوال‬
‫ووضعها في غير موضعها والتبذير محرم في عللرف الشللرع‪،‬‬
‫ولكللن سللخط المجتمللع أكللبر عنللد بعللض النللاس مللن الحلل‬
‫والحرام وقد قال ل ل عليلله الصلللة والسلللم للل‪" :‬مللن أرضللى‬
‫الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسللخط عليلله النللاس")‬
‫‪.(7‬‬
‫كما ً يقارب عبادة الوثن‪.‬‬ ‫ويتحكم المجتمع في الزياء تح ّ‬

‫‪824‬‬
‫كثيرون أولئك الذين يعيشون من أجل رضا النللاس والخللوف‬
‫من سخطهم‪ ،‬ل يستطيعون التفلت من هللذه القيللود حيللاتهم‬
‫كلها‪ ،‬وهذا المستوى يرتبط بالمسللتوى الغريلزي الول؛ ذللك‬
‫أن النسان اجتماعي بفطرته يعيش مع الناس ويحرص على‬
‫رضاهم‪.‬‬
‫ل أولئك الذين يستطيعون أن يتجللاوزوا هللذا المسللتوى‪،‬‬ ‫وقلي ٌ‬
‫يتخطونه إلى مستوى أعلى هو مسلتوى العقيلدة‪ ،‬فيعيشلون‬
‫لعقيدة ويمضون في سلوكهم بما تملي بلله عليهللم عقيللدتهم‬
‫سواء سخط الناس أم رضوا‪ ،‬وليس فوق هذا المستوى حين‬
‫ض أو‬‫ل برضللا را ٍ‬ ‫يندفع المرء بوحي عقيدته وإيمانه غيللر مبللا ٍ‬
‫سخط ساخط‪ ،‬ليس فوق هذا المستوى مستوى أرفللع منلله)‬
‫‪.(8‬‬
‫من خلل ما سللبق بيللانه عللن رجللل العقيللدة نللدرك أن أبللرز‬
‫صفاته أنه يعيش لعقيدته ويمضي في سلوكه بما تملي عليلله‬
‫ل بسخط الناس ول رضاهم ول بعاداتهم‬ ‫هذه العقيدة غير مبا ٍ‬
‫وتقاليدهم المحرمة‪ ،‬يغير واقع الناس ول يسايره‪ ،‬يللؤثر فيلله‬
‫ول يتأثر‪ ،‬هذا ما ينبغي أن يكون عليه رجال العقيدة والدعوة‬
‫والعلم‪ ،‬ولكن الناظر اليوم في واقع المللة ومللا تعرضللت للله‬
‫من التبعية والتقليد والمسللايرة يجللد أن الصللفات المللذكورة‬
‫في رجل العقيدة والمشار إليها سابقا ً ل تكاد توجد اليللوم إل‬
‫في فئة قليلة من الداعين إلى الله ل عز وجل ل نسأل الله للل‬
‫عز وجللل لل أن يبللارك فللي أعمللالهم وأوقللاتهم‪ ،‬أمللا السللواد‬
‫العظم فقد تأثر بشكل أو بآخر بفتنة مسايرة الواقع‪ ،‬ما بين‬
‫مقل ومكثر ل وما أبرئ نفسي ل‪.‬‬
‫ومن صور هذه الفتنة التي يجب أن يحذرها المسلمون عامة‬
‫والمصلحون وأهل العلم خاصة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬مسايرة الواقللع ومللا ألفلله النللاس مللن عللادات اجتماعيللة‬
‫وأسرية وذلك أنه قد ظهرت في حياة الناس ل ومن سللنوات‬
‫عديدة ل كثير من العادات والممارسات الجتماعية المخالفللة‬
‫للشريعة والمروءة بفعل النفتاح علللى حيللاة الغللرب الكللافر‬

‫‪825‬‬
‫وإجلب العلم الثم على تزيينها للناس فوافقت قلوبا ً خاوية‬
‫من اليمللان فتمكنللت منهللا وُأشللربت حبهللا وكللانت فللي أول‬
‫المر غريبة ومستنكرة‪ ،‬ولكن النفوس ألفتهللا وسللكنت إليهللا‬
‫مع مرور الوقت وشدة الترويض وقلة الوازع‪ ،‬ومن أبرز هذه‬
‫العادات والممارسات‪:‬‬
‫* ما انتشر في بيوت كثير من المسللمين اليللوم ملن الخلدم‬
‫والخادمات حتى صار أمرا ً مألوف لا ً وصلللت فتنتلله إلللى بيللوت‬
‫بعض الدعاة وأهل العلم‪ ،‬مع أن بعض هؤلء الخدم كفللرة أو‬
‫سَقة‪ ،‬وأكثر الخادمات هن بل محارم‪ ،‬وخضللع النللاس للمللر‬ ‫فَ َ‬
‫الواقللع‪ ،‬وأصللبحت تللرى مللن ابُتلللي بهللذا المللر يتعامللل مللع‬
‫الخادمات وكأنهن إماء غير حرائر ول أجنبيات‪ ،‬يتبرجن أمامه‬
‫وقد يخلو بهن‪ ،‬وكذلك الحال مع الخللادمين السللائقين؛ حيللث‬
‫قد ينفردون بالنساء اللتللي يتسللامحن بكشللف زينتهللن أمللام‬
‫هؤلء الخدم‪ ،‬وكللأنهم ممللا ملكللت اليميللن‪ ،‬وكللل هللذا ل ل ويللا‬
‫للسف ل بعلللم ولللي المللر مللن زوج أو أب أو أخ‪ ،‬وإذا ُنصللح‬
‫الولي في ذلك قال‪ :‬نحن نساير الواقع وكل النللاس واقعللون‬
‫فللي هللذا‪ ،‬ومللن الصللعب مقاومللة ضللغط الهللل والولد‬
‫ومطالبهم وإلحاحهم على مسايرة أقاربهم وجيرانهم!!‬
‫ما انتشر فلي بيلوت كللثير ملن المسللمين مللن أدوات اللهللو‬
‫والجهزة الجالبة للفساد كالتلفاز وغيللره‪ ،‬وكللذلك مللا امتلت‬
‫به الللبيوت مللن صللور ذوات الرواح مللن غيللر ضللرورة حللتى‬
‫أصبحت هذه المقتنيات أمرا ً مألوفا ً ل يمكللن النفكللاك عنلله‪،‬‬
‫ومن ينكره من أوليللاء المللور يعللترف بضللعفه أمللام رغبللات‬
‫الزوجة والولد وسخط المجتمع من حوله‪ ،‬فيستسلللم لمثللل‬
‫هذه المنكلرات مسلايرة للواقلع وإرضلاءا ً للنلاس اللذين للن‬
‫ي ُْغنوا عنه من الله شيئًا‪ ،‬وكفى بذلك فتنة‪.‬‬
‫ما ظهر في السنوات الخيرة في بعللض الللدول مللن انتشللار‬
‫قصللور الفللراح والفنللادق ومللا يحصللل فيهللا مللن منكللرات‬
‫وبخاصة في أوساط النساء كالتبرج الفاضح والغنللاء المحللرم‬
‫المصحوب بأصوات النساء المرتفعة‪ ،‬ناهيللك عللن المفللاخرة‬

‫‪826‬‬
‫والمباهللاة فللي الملبللس والمآكللل‪ ...‬إلللخ‪ .‬ومللع ذلللك فلقللد‬
‫شّنع علللى مللن يخللرج عليلله أو يرفضلله‬ ‫أصبحت أمرا ً مألوفا ً ي ُ َ‬
‫ويقاطعه‪ ،‬حتى أصبح كثير ملن النلاس أسلليرا ً لهلذه العلادات‬
‫مسايرا ً للناس في ذلك إرضاءا ً لهم أو اتقاءا ً لسخطهم‪.‬‬
‫مسايرة النساء في لباسهن وتقليدهن لعادات الغرب الكللافر‬
‫في اللبللاس والزيللاء وصللرعات الموضللات وأدوات التجميللل‬
‫حتى أصبح أمرا ً مألوفا ً لم ينج منه إل أقل القليل ممن رحللم‬
‫الله ل عز وجل ل من النساء الصالحات المتربيات في منللابت‬
‫صالحة تجعل رضا الله ل عز وجل ل فوق رضا المخلللوق‪ ،‬أمللا‬
‫أكثر الناس فقد سقط في هذه الفتنة فانهزمت المرأة أمللام‬
‫ضللغط الواقللع الشللديد‪ ،‬وتل ذلللك انهللزام وليهللا أمللام رغبللة‬
‫موليته‪ ،‬واستسلم هو الخر‪ ،‬وساير في ذلللك مللع مللن سللاير‬
‫حتى صرنا نرى أكثر نساء المسلمين على هيئة فللي اللبللاس‬
‫والموضات ينكرها الشرع والعقل وتنكرها المروءة والغيللرة‪،‬‬
‫وكأن المر تحول ل والعياذ بللالله تعللالى لل إلللى شللبه عبوديللة‬
‫لبيوت الزياء‪ ،‬يصعب النفكاك عنها‪.‬‬
‫وعن هذه العادات والتهالك عليها وسقوط كللثير مللن النللاس‬
‫فيهللا يقللول صللاحب الظلل ل ل رحملله الللله تعللالى للل‪" :‬هللذه‬
‫العللادات والتقاليللد الللتي تكلللف النللاس العنللت الشللديد فللي‬
‫حيللاتهم‪ ،‬ثللم ل يجللدون لنفسللهم منهللا مفللرًا‪ .‬هللذه الزيللاء‬
‫والمراسم التي تفرض نفسها على النللاس فرض لًا‪ ،‬وتكلفهللم‬
‫أحيانا ً ما ل يطيقون من النفقة‪ ،‬وتأكل حيللاتهم واهتمامللاتهم‪،‬‬
‫ثم تفسد أخلقهم وحياتهم‪ ،‬ومع ذلك ل يملكللون إل الخضللوع‬
‫لها‪ :‬أزياء الصباح‪ ،‬وأزياء بعد الظهر‪ ،‬وأزيللاء المسللاء‪ ،‬الزيللاء‬
‫القصيرة‪ ،‬والزياء الضيقة‪ ،‬والزياء المضحكة! وأنللواع الزينللة‬
‫ل‪ :‬مللن‬ ‫والتجميل والتصفيف إلى آخللر هللذا السللترقاق المللذ ّ‬
‫الللذي يصللنعه؟ ومللن الللذي يقللف وراءه؟ تقللف وراءه بيللوت‬
‫الزياء‪ ،‬وتقف وراءه شركات النتاج! ويقف وراءه المرابللون‬
‫فللي بيللوت المللال والبنللوك مللن الللذين يعطللون أمللوالهم‬

‫‪827‬‬
‫للصللناعات ليأخلذوا هللم حصليلة كللدها! ويقللف وراءه اليهللود‬
‫الذين يعملون لتدمير البشرية كلها ليحكموها!")‪.(9‬‬
‫مسللايرة النللاس فللي مللا اعتللادوه اليللوم فللي التوسللع فللي‬
‫المساكن والمراكب والمآكل بشكل يتسم بالترف الزائد بللل‬
‫بالمباهاة والمفاخرة حتى ضعف كثير من الناس عن مقاومة‬
‫مللل‬ ‫هذا الواقع؛ فراح الكثير منهم يرهللق جسللده ومللاله‪ ،‬ويح ّ‬
‫نفسه الديون الكبيرة وذلك حتى يساير النللاس ويكللون مثللل‬
‫فلن وفلن‪ ،‬والمشللكل هنللا ليللس التوسللع فللي المباحللات‬
‫وترفيه النفس؛ فقللد ل يكللون بللذلك بللأس إذا لللم يوقللع فللي‬
‫الحرام‪ ،‬لكن ضغط الواقع وإرضللاء النللاس ومسللايرة عقللول‬
‫النساء والطفال يدفع بعض الطيبين إلى تحميلل نفسله ملن‬
‫الللديون الباهظللة وذلللك ليكللون مثللل غيللره فللي المركللب أو‬
‫المسكن‪ ،‬ولن ينفعه مسللايرة النللاس مللن القللارب والباعللد‬
‫شيئا ً إذا حضره الموت وديون الناس على كاهله لللم يسللتطع‬
‫لها دفعًا‪.‬‬
‫‪ -2‬مسايرة الناس فيما يطرحونه من استفتاءات حول بعللض‬
‫ل بعللض أهللل‬ ‫المخالفات الشرعية المعاصللرة وذلللك مللن قِب َل ِ‬
‫العلم الذين قد يرون مسايرة الواقع‪ ،‬ويفتون ببعض القللوال‬
‫الشللاذة والمهجللورة‪ ،‬أو يحتجللون بقواعللد الضللرورة أو رفللع‬
‫الحرج أو الخذ بالرخص‪ ...‬إلخ‪ ،‬ول يخفللى مللا فللي ذللك مللن‬
‫السير مع أهواء الناس والرضا بللالمر الواقللع‪ ،‬والتحلللل مللن‬
‫أحكللام الشللريعة شلليئا ً فشلليئًا‪ ،‬والمطلللوب مللن أهللل العلللم‬
‫والفتللوى فللي أزمنللة الغربللة أن يعظ ُللوا النللاس ويرشللدوهم‬
‫سللنوا‬ ‫ويأمروهم بالمعروف وينهوهم عللن المنكللر بللدل أن يح ّ‬
‫وغوا صنيعهم فيه‪ .‬يقللول الشللاطبي لل رحملله‬ ‫لهم الواقع ويس ّ‬
‫ضلع الشلريعة هلو‬ ‫ملن و ْ‬
‫اللله تعلالى لل‪" :‬المقصلد الشلرعي ِ‬
‫إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبللدا ً لللله اختيللارا ً‬
‫خص‬ ‫كما هو عبد الله اضطرارًا")‪ (10‬ويقول أيضللًا‪" :‬إن الللتر ّ‬
‫إذا ُأخذ به في موارده على الطلق كللان ذريعللة إلللى انحلل‬
‫عزائم المكلفين في التعبد على الطلق‪ ،‬فإذا أخللذ بالعزيمللة‬

‫‪828‬‬
‫كان حريا ً بالثبات في التعبد والخذ بالحزم فيه‪ ...‬فللإذا اعتللاد‬
‫الترخص صارت كل عزيمة في يللده كالشللاّقة الحرجللة‪ ،‬وإذا‬
‫صارت كذلك لم يقم بهللا حللق قيامهللا وطلللب الطريللق إلللى‬
‫الخروج منها")‪.(11‬‬
‫وقد ل يكون المفتي قاصدا ً مسايرة واقع الناس أو الميل مع‬
‫أهوائهم؛ لكنه يغفل عن مكر بعض النللاس وخللداعهم‪ ،‬وذلللك‬
‫في طريقة استفتاءاتهم وصياغتها صياغة تللدفع المفللتي مللن‬
‫أهل العلم إلى إجابته بما يهوى‪ ،‬وعن هذا يقللول المللام ابللن‬
‫القيم ل رحمه الله تعالى ل‪" :‬يحرم عليه ل أي على المفللتي للل‬
‫إذا جاءته مسألة فيها تحايللل علللى إسللقاط واجللب أو تحليللل‬
‫محرم أو مكر أو خللداع أن يعيللن المسللتفتي فيهللا‪ ،‬ويرشللده‬
‫إلى مطلوبه أو يفتيه بالظاهر الذي يتوصل به إلى مقصللوده؛‬
‫بللل ينبغللي للله أن يكللون بصلليرا ً بمكللر النللاس وخللداعهم‬
‫وأحوالهم‪ ،‬ول ينبغي له أن يحسن الظن بهم‪ ،‬بل يكون حذرا ً‬
‫فطن لا ً فقيه لا ً بللأحوال النللاس وأمللورهم‪ ،‬يللؤازره فقهلله فللي‬
‫الشللرع‪ ،‬وإن لللم يكللن كللذلك زاغ وأزاع‪ ،‬وكللم مللن مسللألة‬
‫ظاهرها جميل وباطنها مكر وخداع وظلم! فللالغر ينظللر إلللى‬
‫ظاهرها ويقضللي بجللوازه‪ ،‬وذو البصلليرة ينفللذ إلللى مقصللدها‬
‫وباطنها‪ ،‬فالول يروج عليه زغللل المسللائل كمللا يللروج علللى‬
‫الجاهل بالنقد زغل الدراهم‪ ،‬والثاني يخرج زيفها كمللا يخللرج‬
‫الناقد زيف النقوذ‪ ،‬وكللم مللن باطللل يخرجلله الرجللل بحسللن‬
‫لفظه وتنميقه وإبرازه في صورة حق! وكم من حق يخرجلله‬
‫بتهجينه وسوء تعبيره في صورة باطل! ومن له أدنللى فطنللة‬
‫وخبرة ل يخفى عليه ذلك")‪.(12‬‬
‫‪ -3‬مسايرة واقع النظمة ببعض التنازلت التي تضر بالللدعوة‬
‫وأهلها‪:‬‬
‫وهذا من أخطر ما يتعرض له أهل الدعوة والعلللم والصلللح‪،‬‬
‫وبخاصة حينما يكثر الفساد وتشتد وطأته على الناس ويبطللؤ‬
‫نصر الله ل عز وجللل لل ويتسلللط الظللالمون علللى عبللاد الللله‬
‫المصلحين‪ ،‬حينئذ يجتهد بعض المهتميللن بالللدعوة والصلللح‪،‬‬

‫‪829‬‬
‫ويظهللر لهللم أن التقللارب مللع أربللاب النظمللة والسلللطان‬
‫واللتقاء معهم في منتصف الطريق قللد يكللون فيلله مصلللحة‬
‫للدعوة وتخفيف شر عن المسلمين‪ ،‬وكل ما في المر بعض‬
‫التنازلت القليلللة الللتي يتمخللض عنهللا لل بزعمهللم لل مصللالح‬
‫كللبيرة!! وليللس المقللام هنللا مقللام الللرد والمناقشللات لهللذه‬
‫الجتهللادات‪ ،‬فيكفللي فللي فشلللها وخطورتهللا نتائجهللا الللتي‬
‫نسمعها ونراها عند من خاضوا هذه التنازلت ورضللوا بللالمر‬
‫الواقع؛ فل مصلحة ظللاهرة حققوهللا بتنللازلتهم‪ ،‬ول مفسللدة‬
‫ذر الله ل عللز وجللل لل نللبيه صلللى الللله‬ ‫قائمة أزالوها؛ ولقد ح ّ‬
‫عليه وسلم عن الركون للظالمين المفسدين أشللد التحللذير؛‬
‫ذي‬ ‫ن ال َل ِ‬ ‫ك ع َل ِ‬ ‫دوا ل َي َْفت ُِنون َل َ‬ ‫وذلك في قوله ل تعالى للل‪)) :‬وإن ك َللا ُ‬
‫َ‬
‫ول‬‫خِليل ً )‪ (73‬ول َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ذو َ‬ ‫ك ل ِت َْفت َرِيَ عَل َي َْنا غَي َْرهُ وإذا ً ل ّت ّ َ‬
‫خ ُ‬ ‫حي َْنا إل َي ْ َ‬ ‫أو ْ َ‬
‫ش لْيئا ً قَِليل ً )‪ (74‬إذا ً ل َذ َقْن َللا َ‬
‫ك‬ ‫م َ‬ ‫ن إل َي ْهِ ْ‬‫ت ت َْرك َ ُ‬‫كد ّ‬‫ك ل ََقد ْ ِ‬ ‫َأن ث َب ّت َْنا َ‬
‫صلليرًا((‬ ‫ك عَل َي ْن َللا ن َ ِ‬
‫جلد ُ ل َل َ‬ ‫م ل تَ ِ‬ ‫ت ث ُل ّ‬‫ما ِ‬ ‫م َ‬‫ف ال َ‬ ‫ضعْ َ‬‫حَياةِ و ِ‬ ‫ف ال َ‬ ‫ضعْ َ‬ ‫ِ‬
‫]السراء‪.[75 - 73 :‬‬
‫يعدد السياق محللاولت المشللركين مللع الرسللول صلللى الللله‬
‫عليه وسلم وأولها‪:‬‬
‫محاولة فتنته عما أوحى الله إليه‪ ،‬ليفللتري عليلله غيللره‪ ،‬وهللو‬
‫الصادق المين‪.‬‬
‫لقد حاولوا هذه المحاولة في صور شتى منها‪ :‬مساومتهم له‬
‫أن يعبدوا إلهه في مقابل أن يترك التنديد بللآلهتهم ومللا كللان‬
‫عليه آباؤهم‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫مساومة بعضهم له أن يجعل أرضللهم حراملا ً كللالبيت العللتيق‬
‫الذي حرمه الله‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬طلب بعض الكبراء أن يجعل لهم مجلسا ً غير مجلللس‬
‫الفقراء‪.‬‬
‫كر بفضللل‬ ‫صلللها‪ ،‬ليللذ ّ‬ ‫والنص يشير إلى هذه المحاولت ول يف ّ‬
‫الله على الرسول صللى اللله عليله وسللم فلي تثلبيته عللى‬
‫الحللق‪ ،‬وعصللمته مللن الفتنللة‪ .‬ولللو تخلللى عنلله تثللبيت الللله‬
‫ل‪ ،‬وللقللي عاقبللة الركللون‬ ‫وعصمته لركن إليهم فاتخللذوه خلي ً‬

‫‪830‬‬
‫إلى فتنة المشركين هذه‪ ،‬وهي مضاعفة العذاب فللي الحيللاة‬
‫والممات دون أن يجد له نصيرا ً منهم يعصمه من الله‪.‬‬
‫هذه المحاولت التي عصم الله منهللا رسللوله هللي محللاولت‬
‫أصللحاب السلللطان مللع أصللحاب الللدعوات دائمللًا‪ ،‬محاولللة‬
‫إغرائهم لينحرفوا ل ولو قليل ً ل عن استقامة الدعوة وصلبتها‪،‬‬
‫ويرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها في مقابل مغللانم‬
‫كثيرة‪ ،‬ومن حملة الدعوات من يفتن بهللذا عللن دعللوته؛ لنلله‬
‫يرى المر هينًا؛ فأصحاب السلطان ل يطلبون منلله أن يللترك‬
‫دعللوته كليللة‪ ،‬إنمللا هللم يطلبللون تعللديلت طفيفللة ليلتقللي‬
‫الطرفان في منتصف الطريللق‪ .‬وقللد يللدخل الشلليطان علللى‬
‫حامل الدعوة من هذه الثغرة‪ ،‬فيتصور أن خيللر الللدعوة فللي‬
‫كسب أصحاب السلطان إليها ولو بالتنازل عللن جللانب منهللا!‬
‫ولكللن النحللراف الطفيللف فللي أول الطريللق ينتهللي إلللى‬
‫النحراف الكامل في نهاية الطريق‪ ،‬وصللاحب الللدعوة الللذي‬
‫يقبل التسليم في جزء منها ولو يسلليرًا‪ ،‬وفللي إغفللال طللرف‬
‫ل‪ ،‬ل يملك أن يقف عند الذي سلم به أول مرة؛‬ ‫منها ولو ضئي ً‬
‫لن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلللى الللوراء!)‬
‫‪.(13‬‬
‫ل دعللاة‬ ‫‪ - 4‬مسايرة ركب الغرب في بعللض ميللادين مللن قِب َل ِ‬
‫العصرانية من أبناء المسلمين‪:‬‬
‫إن الحديث عن العصرانية والعصرانيين يطللول ويطللول)‪(14‬‬
‫ولكن يكفي أن نذكر هنا ما يتعلللق بموضللوعنا وهللو الحللديث‬
‫عن فتنة المسايرة ل ول أحسب العصرانيين مللن بنللي قومنللا‬
‫إل وقد ركسوا فلي هلذه الفتنللة وظهللرت عليهلم فلي أجلللى‬
‫صلورها‪ ،‬وهلم ل يعلترفون بأنهلا مسلايرة؛ ولكنهلم يسلمونها‬
‫تجديدا ً وتطويرا ً يناسب العصر‪ ،‬وتحت هذا المسمى يقضللون‬
‫على كثير من الثوابت الشرعية ويتحللون مللن شللرع الللله ل ل‬
‫عز وجل ل باسم التطوير وهو فللي الحقيقللة مسللايرة للواقللع‬
‫الغربي وتقليد أعمى وانبهللار بإنجللازاته الماديللة بللل الهزيمللة‬
‫النفسية أمامه؛ والغريب في أمر هؤلء أنهم يرفضون التقليد‬

‫‪831‬‬
‫ويشنعون على مللن يقلللد سلللف المللة ويتبعهللم‪ ،‬وعلللى مللن‬
‫يبقللى علللى المللوروث ل يتجللاوزه ول يطللوره‪ ،‬ثللم هللم فللي‬
‫الوقت نفسه يسقطون في تقليد الغرب ومحاكاته بصللورة ل‬
‫تدع مجال ً للريب والشللك؛ وهللم الللذين يتشللدقون بالعقلنيللة‬
‫ورفض التقليد!! ويعّرف الدكتور الزنيللدي العصللرانية بقللوله‪:‬‬
‫"هي التأقلم مللع المعطيللات الجتماعيللة والعلميللة المتجللددة‬
‫في كل عصر‪ ،‬وربط النسان في فرديته وجمللاعيته بهللا فللي‬
‫دائرة التصور البشري")‪.(15‬‬
‫ويتحدث السللتاذ محمللد حامللد الناصللر عللن بعللض شللذوذات‬
‫العصرانيين في ميادين الفقه فيقول‪" :‬لقد خرج العصرانيون‬
‫علينا بفقه غريب شاذ يريد تسللويغ الواقللع المعاصللر لدخللال‬
‫كثير من القيم الغربية في دائرة السلللم؛ ذلللك أن مللوقفهم‬
‫مللن النصللوص الشللرعية عجيللب؛ فللإذا كللانت اليللة واضللحة‬
‫الدللة والحاديث النبوية المتواترة قلالوا‪ :‬إن هلذه النصلوص‬
‫كانت لمناسبات تاريخية ل تصلح لعصرنا الحاضر‪ ،‬وإذا كللانت‬
‫أحاديث آحاد قالوا ل يؤخذ مللن خللبر الحللاد تشللريع ول تبنللى‬
‫عليه عقيدة‪ ،‬أو ألغللوا بعللض الحللاديث الصللحيحة بحجللة أنهللا‬
‫س لّنة غيللر تشللريعية‪ ،‬ثللم يتهمللون الفقهللاء بللالجمود وضلليق‬
‫ُ‬
‫الفق!! إن هذه التجاوزات ل لو أخذ بها ل لن تترك من ثوابت‬
‫السلم إل وحاولت مسخه أو تشويهه‪ .‬ومن شذوذاتهم‪:‬‬
‫‪ -1‬رفضهم تطبيق الحدود الللتي فيهللا رجللم أو قتللل أو قطللع‬
‫عضو إل بعد الصرار والمعاودة والتكرار‪ ،‬ويللأتون ب ِ ُ‬
‫ش لب َهٍ مللن‬
‫هنا وهناك‪.‬‬
‫‪ -2‬إباحتهم الربا في البنوك بحجة الحفاظ على اقتصاد البلد‬
‫وأن الربا المحرم عندهم هو الربح المركب‪.‬‬
‫‪ - 3‬موقفهم من المرأة‪ ،‬والدعوة إلى تحريرها ل بزعمهللم للل‪،‬‬
‫ودعوتهم لها إلى محاكاة المرأة الغربيللة فللي عاداتهللا‪ ،‬وإلللى‬
‫الثورة على الحجاب الشرعي وتعدد الزوجات‪ ،‬يقللول محمللد‬
‫عمارة‪" :‬إن تعدد الزوجللات وتتللابع الللزواج واتخللاذ السللراري‬
‫والجواري مللن سللمات عصللر القطللاع والدولللة القطاعيللة"‬

‫‪832‬‬
‫والترابي يقصر الحجاب علللى نسللاء النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم‪ ،‬ثم راحوا يسوغون الختلط بين الرجال والنساء بعللد‬
‫أن زينوا للمرأة الخروج من بيتها‪.‬‬
‫‪ - 5‬أحكام أهل الذمة‪:‬‬
‫كما يرى العصرانيون أن أحكام أهل الذمة كانت لعصللر غيللر‬
‫عصرنا وهي الن ل تناسب عصرنا!!")‪.(16‬‬
‫ولكللن السللتاذ الناصللر يوضللح مفهللومهم للتجديللد والتطللوير‬
‫ل‪" :‬إن مزاعم التجديللد الللتي رفللع هللؤلء لواءهللا كشللفت‬ ‫قائ ً‬
‫الحقيقة جلية وهي أن التجديد لديهم يعني تطوير الدين على‬
‫طريقة عصرنة الدين عند اليهود والنصارى"‪.‬‬
‫ولذلك فإن التجديد عندهم يعني‪:‬‬
‫هدم العلوم المعيارية‪ :‬أي علللوم التفسللير المللأثور وأصللوله‪،‬‬
‫وعلم أصول الفقه‪ ،‬وعلم مصطلح الحديث‪.‬‬
‫ل ل ويعنللي‪ :‬رفللض الحللاديث الصللحيحة جزئي لا ً أو كلي لا ً بحجللة‬
‫ضرورة ملءمتها لعقولهم ولمصلحة المللة‪ ،‬وظللروف العصللر‬
‫الحاضر‪.‬‬
‫ل ويعني‪ :‬رفض السنة غير التشريعية أي‪ :‬فيما يخص شللؤون‬
‫الحكم والسياسة وأمور الحياة والمجتمع عمومًا‪.‬‬
‫ل التجديللد عنللدهم يعنللي‪ :‬النعتللاق مللن إسللار الشللريعة إلللى‬
‫بحبوحللة القللوانين الوضللعية‪ ،‬الللتي تحقللق الحريللة والتقللدم‪،‬‬
‫ولذلك هاجموا الفقه والفقهاء بل هوادة‪.‬‬
‫‪ -‬الجتهللاد والتجديللد عنللدهم يعنللي‪ :‬تحقيللق المصلللحة وروح‬
‫العصر)‪.(17‬‬
‫ممللا سللبق يتللبين خطللر هللذه البدعللة الجديللدة وأن أصلللها‬
‫مسايرة الواقع والنهزامية أمام ضغطه مصحوبا ً ذلك بالجهل‬
‫بالسلم أحيانًا‪ ،‬وبالهوى والشهوة أحيانا ً كثيرة‪.‬‬
‫الثار الخطيرة لمسايرة الواقع وسبل النجاة منها‪:‬‬
‫إن لمسايرة الواقع وما ألفه الناس من المخالفات الشللرعية‬
‫من الثار الخطيرة على المساير في دينه ودنياه ما لللو انتبلله‬
‫لها الواحد منهم لما رضللي بحللاله الللتي أعطللى فيهللا زمللامه‬

‫‪833‬‬
‫لغيره وأصبح كالبعير المقطور رأسه بذنب غيره‪ ،‬ومن أخطر‬
‫هذه الثار ما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬الثار الدنيوية‪ :‬وذلك بما يظهر على المساير من فقللدان‬
‫الهوية وذوبان الشخصية السلمية‪ ،‬وبما يتكبللده مللن معانللاة‬
‫في جسده ونفسه ومللاله وولللده‪ ،‬وهللذه كلهللا مصللادر عنللت‬
‫وشقاء وتعاسة بخلف المستسلم لشرع الله ل ل عللز وجللل ل ل‬
‫الرافض لما سواه المنجذب إلى الخرة فل تجللده إل سللعيدا ً‬
‫قانعا ً مطمئنا ً ينظر‪ :‬ماذا يرضي ربه فيفعللله‪ ،‬ومللاذا يسللخطه‬
‫ل برضى الناس أو سخطهم‪.‬‬ ‫فيتركه غير مبا ٍ‬
‫‪ - 2‬الثللار الدينيللة‪ :‬وهللذه أخطللر مللن سللابقتها؛ وذلللك أن‬
‫المساير لواقع النللاس المخللالف لشللرع الللله لل عللز وجللل ل ل‬
‫ي الللوقت واسللتمراء المعصللية إلللى أن يألفهللا‬ ‫يتحللول بمض ل ّ‬
‫ويرضى بها ويختفي من القلب إنكارهللا‪ ،‬ومللا وراء ذلللك مللن‬
‫اليمان حبة خردل‪ .‬كما أن المساير لركللب المخللالفين لمللر‬
‫الللله لل عللز وجللل لل ل تقللف بلله الحللال عنللد حللد معيللن مللن‬
‫المسللايرة والتنللازل والتسللليم للواقللع‪ ،‬بللل إنلله ينللزل فللي‬
‫مسايرته خطوة خطوة؛ وكل معصية تساير فيها الناس تقللود‬
‫إلى معصية أخرى؛ وهكذا حتى يظلم القلب ويصيبه الللران لل‬
‫أعاذنا الله من ذلك ل؛ ذلك أن مللن عقوبللة المعصللية معصللية‬
‫بعدها‪ ،‬ومن ثلواب الحسلنة حسلنة بعلدها؛ وفلي ذللك يقلول‬
‫شيخ السلم ابن تيمية ل رحمه الله تعالى ل)‪":(18‬وقللد ذكللر‬
‫في غير موضع من القللرآن مللا يللبين أن الحسللنة الثانيللة قللد‬
‫تكون من ثواب الولى‪ ،‬وكذلك السيئة الثانية قللد تكللون مللن‬
‫مللا ُيوعَ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ظللو َ‬ ‫م فَعَُلوا َ‬ ‫عقوبة الولى‪ ،‬قال ل تعالى ل‪)) :‬ول َوْ أن ّهُ ْ‬
‫مللن ل ّلد ُّنا‬ ‫هم ّ‬ ‫شلد ّ ت َث ِْبيتلا ً )‪ (66‬وإذا ً لت َي ْن َللا ُ‬ ‫م وأ َ َ‬‫خْيرا ً ل ّهُل ْ‬ ‫ن َ‬‫كا َ‬ ‫ب ِهِ ل َ َ‬
‫ست َِقيمًا(( ]النساء‪66 :‬‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫صَراطا ً ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ظيما ً )‪ (67‬ول َهَد َي َْناهُ ْ‬ ‫جرا ً عَ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫‪ [68 -‬وقللال ل ل تعللالى للل‪)) :‬والللذين جاهللدوا فينللا لنهللدينهم‬
‫ن قُت ُِلوا ِفللي‬ ‫ذي َ‬ ‫سبلنا(( ]العنكبوت‪ [69 :‬وقال ل تعالى ل‪)) :‬وال ّ ِ‬
‫سبيل الل ّه فََلن يض ّ َ‬
‫م)‬ ‫ح َبللال َهُ ْ‬‫صللل ِ ُ‬ ‫م وي ُ ْ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫سي َهْ ِ‬ ‫م )‪َ (4‬‬ ‫مال َهُ ْ‬
‫ل أعْ َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫م(( ]محمللد‪ ،[6 - 4 :‬وقللال لل‬ ‫ة عَّرفَهَللا ل َهُل ْ‬ ‫جن ّ َ‬
‫م ال َ‬‫خل ُهُ ُ‬
‫‪ (5‬وي ُد ْ ِ‬

‫‪834‬‬
‫تعالى ل‪)) :‬ثم كان عاقبللة الللذين أسللاٍؤوا السللوأى(( ]الللروم‪:‬‬
‫ن‬ ‫مل ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دي ب ِلهِ الل ّل ُ‬ ‫ن )‪ (15‬ي َهْ ِ‬ ‫مِبي ٌ‬
‫ب ّ‬ ‫‪ ،[10‬وقال ل تعالى ل‪)) :‬ك َِتا ٌ‬
‫م(( ]الملائدة‪،15 :‬ل ‪ ،[16‬وقلال لل‬ ‫سلل ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫سلب ُ َ‬
‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬
‫ضل َ‬‫ات َّبلعَ رِ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫سول ِهِ ي ُؤْت ِك ُ ْ‬ ‫مُنوا ب َِر ُ‬ ‫ه وآ ِ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى ل‪َ)) :‬يا أي َّها ال َ ِ‬
‫م((‬ ‫كلل ْ‬ ‫ن ب ِهِ وي َغِْفللْر ل َ ُ‬ ‫شو َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ُنورا ً ت َ ْ‬‫جَعل ل ّك ُ ْ‬ ‫مت ِهِ وي َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫ك ِْفلي ْ ِ‬
‫ة‬‫مل ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫دى وَر ْ‬ ‫خت َِها هُ ل ً‬‫س َ‬ ‫]الحديد‪ ،[28 :‬وقال ل تعالى ل‪)) :‬وِفي ن ُ ْ‬
‫ن(( ]العراف‪.[154 :‬‬ ‫م ي َْرهَُبو َ‬ ‫م ل َِرب ّهِ ْ‬ ‫ن هُ ْ‬‫ذي َ‬ ‫ل ّل ّ ِ‬
‫وما أجمل ما قاله سيد قطب ل رحمه الله تعالى ل في النقللل‬
‫السللابق حيللث قللال‪" :‬ولكللن النحللراف الطفيللف فللي أول‬
‫الطريق ينتهللي إلللى النحللراف الكامللل فللي نهايللة الطريللق‪،‬‬
‫وصاحب الدعوة الذي يقبللل التسللليم فللي جللزء منهللا لل ولللو‬
‫يسيرا ً لل ل يملللك أن يقللف عنللد مللا سلّلم بلله أول مللرة؛ لن‬
‫استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلى الوراء"‪.‬‬
‫الثار الدعوية‪:‬‬
‫إن الداعية الذي تظهللر عليلله مظللاهر مسللايرة الواقللع يفقللد‬
‫مصداقيته عند نفسه وعند الناس‪ ،‬وإن لم يتدارك نفسه فقد‬
‫ييأس ويخسر ويترك الدعوة وأهلهللا؛ إذ كيللف يسللاير الواقللع‬
‫مللن هللو مطللالب بتغييللر الواقللع وتسللييره؟! وكلمللا كللثر‬
‫المسايرون كثر اليائسون والمتساقطون؛ وهذا‬
‫بدوره يللؤدي إلللى ضللعف الللدعوة وضللعف المللر بللالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫سبل النجاة أو الوقاية من هذه الفتنة‪:‬‬
‫جي من الفتللن صلغيرها وكبيرهللا مللا ظهللر منهللا ومللا‬ ‫إنه ل ين ّ‬
‫بطن إل الله ل عز وجل ل وقد قال لنبيه ومصطفاه صلى الله‬
‫شلْيئا ً‬ ‫م َ‬ ‫ن إل َي ِْهل ْ‬‫ت ت َْرك َل ُ‬ ‫كد ّ‬ ‫ك ل ََقد ْ ِ‬ ‫ول َأن ث َب ّت َْنا َ‬ ‫عليه وسلم‪$)) :‬ول َ ْ‬
‫ل(( ]السراء‪ [74 :‬فأول سبيل من سبل النجاة هو سؤال‬ ‫قَِلي ً‬
‫الله ل عللز وجللل لل وصللدق العزيمللة والخللذ بأسللباب الثبللات‬
‫ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬فعل الطاعات وامتثال الوامر واجتناب النواهي كما قللال‬
‫َ‬
‫م‬‫خْيرا ً ل ّهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن ب ِهِ ل َ َ‬ ‫ظو َ‬ ‫ما ُيوعَ ُ‬ ‫م فَعَُلوا َ‬ ‫ل عز وجل ل‪)) :‬ول َوْ أن ّهُ ْ‬

‫‪835‬‬
‫شد ّ ت َث ِْبيتًا(( ]النساء‪ [66 :‬فذكر ل سبحانه ل فللي هللذه اليللة‬ ‫وأ َ َ‬
‫أن شدة التثبيت تكون لمن قام بفعل ما يوعظ به مللن فعللل‬
‫الوامر وترك النواهي‪ ،‬ويشير المام ابن القيم ل رحملله الللله‬
‫تعالى ل إلى أثر الطاعة في الثبللات فيقللول‪" :‬فللالخلق كلهللم‬
‫قسللمان‪ :‬موفللق بللالتثبيت‪ ،‬ومخللذول بللترك التثللبيت‪ .‬ومللادة‬
‫مللر بلله‬ ‫ُ‬
‫التثبيت وأصله ومنشؤه من القول الثابت وفعللل مللا أ ِ‬
‫العبللد‪ ،‬فبهمللا يثب ّللت الللله عبللده؛ فكللل مللا كللان أثبللت قللو ً‬
‫ل‪،‬‬
‫َ‬
‫وأحسن فعل ً كان أعظم تثبيتلا ً قللال لل تعللالى للل‪)) :‬ول َلوْ أن ّهُل ْ‬
‫م‬
‫م وأ َ َ‬
‫شلد ّ ت َث ِْبيتلًا(( فللأثبت‬ ‫خي ْللرا ً ل ّهُل ْ‬ ‫ن ب ِهِ ل َك َللا َ‬
‫ن َ‬ ‫ظو َ‬‫ما ُيوعَ ُ‬
‫فَعَُلوا َ‬
‫ل‪ ،‬والقللول الثللابت هللو القللول الحللق‬ ‫النللاس قلبلا ً أثبتهللم قللو ً‬
‫والصدق" )‪.(19‬‬
‫‪ - 2‬مصللاحبة الللدعاة الصللادقين الرافضللين للواقللع السلليئ‬
‫والسعي معهم في الدعوة إلى الله ل تعالى لل وتغييللر الواقللع‬
‫السيئ في نفوسللهم وأسللرهم ومجتمعللاتهم‪ ،‬واعللتزال أهللل‬
‫الدنيا الراكنين إليها والمسارعين فيها والمتبعين لكللل نللاعق‪،‬‬
‫وترك مخالطتهم إل لللدعوتهم أو مللا تللدعو الحاجللة إليلله؛ لن‬
‫المجالسة تؤول إلى المؤانسة والمجانسة‪.‬‬
‫‪ - 3‬التفقه في الدين والبصيرة في شرع الله ل ل عللز وجللل ل ل‬
‫لن المسللايرة عنللد بعللض النللاس تنبللع مللن جهللل بالشللريعة‬
‫وأحكامهللا ومقاصللدها‪ ،‬مللع أن أكللثر المسللايرين المخللالفين‬
‫للشريعة إنما يدفعهم إلى المسايرة الهوى والضعف‪.‬‬
‫والمقصود‪ :‬أن من كانت مسايرته بسبب جهله بالشرع فللإن‬
‫في العلم الشرعي دواءه ومنعه من المسللايرة بللإذن الللله لل‬
‫تعالى ل‪ .‬وينبغي على طالب العلم الشرعي والمستفتي فللي‬
‫دينه أن يسأل أهل العلم الراسخين فيه الذين يجمعللون بيللن‬
‫العلم والورع ومعرفة الواقع‪ ،‬وأن يحذر من أهل العلم الذين‬
‫يسيرون على أهواء الناس وتلمللس الرخللص والراء الشللاذة‬
‫لهم‪.‬‬
‫‪ - 4‬إفشاء المناصحة وإشاعتها بين المسلمين وبخاصللة بيللن‬
‫أهل الخير؛ لن السكوت على المخالفات وضعف المناصللحة‬

‫‪836‬‬
‫بيللن المسلللمين مللن أسللباب التلبللس بللالمنكرات ومسللايرة‬
‫الناس فيها‪.‬‬
‫البيان – عدد ‪147‬‬
‫===================‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫)‪ (1‬بدائع التفسير‪.3/17 ،‬‬
‫)‪ (2‬رواه الترمذي‪ ،‬ح‪.2338 /‬‬
‫)‪ (3‬الموافقات للشاطبي‪.268 /2 ،‬‬
‫)‪ (4‬تحفللة الحللوذي‪ ،6/145 ،‬رقللم الحللديث )‪ (2075‬وقللال‬
‫الترمذي حسن غريب‪.‬‬
‫)‪ (5‬رواه الترمذي‪ ،‬ح‪.2186 /‬‬
‫)‪ (6‬أخرجلله أبللي داود‪ ،‬ح‪ ،3778 /‬والترمللذي فللي تفسللير‬
‫القرآن ‪ ،2984‬وأخرجه ابن ماجة في الفتن ‪.4004‬‬
‫)‪ (7‬رواه الترمذي‪ ،‬ح‪.2338 /‬‬
‫)‪ (8‬فللي سللبيل الللدعوة السلللمية‪ ،‬للعلمللة محمللد أميللن‬
‫المصري‪ ،‬ص ‪ 39‬ل ‪) 43‬باختصار(‪.‬‬
‫)‪ (9‬في ظلل القرآن‪.1219 /2 ،‬‬
‫)‪ (10‬الموافقات‪.128 /2 ،‬‬
‫)‪ (11‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.247 /‬‬
‫)‪ (12‬إعلم الموقعين‪.229 /4 ،‬‬
‫)‪ (13‬في ظلل القرآن‪.245 /3 ،‬‬
‫)‪ (14‬من أراد التوسع في هذا الموضوع وكيف نشأ ومن هم‬
‫رموزه فليرجع إلى كتاب‪) :‬العصرانيون بين مزاعللم التجديللد‬
‫وميادين التغريب(‪ ،‬للستاذ محمد حامد الناصر‪.‬‬
‫)‪ (15‬العصرانية في حياتنا الجتماعية‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫)‪ (16‬العصللرانيون بيللن مزاعللم التجديللد وميللادين التغريللب‬
‫)بتصرف واختصار(‪.‬‬
‫)‪ (17‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.354 ،353‬‬
‫)‪(18‬الفتاوى‪.14/245 ،‬‬
‫)‪ (19‬بدائع التفسير‪.1/17 ،‬نقل ً عن موقع العصرانيو‬

‫‪837‬‬
‫==============‬
‫‪#‬ضوابط المصلحة الدعوّية‬
‫د‪.‬مسفر بن علي القحطاني‬
‫رئيس قسم الدراسات السلمية والعربية‬
‫بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن‬
‫)‪(1/2‬‬
‫شاع استخدام مصطلح "المصلللحة الدعويللة" فللي كللثير مللن‬
‫الوساط الدعوية كللدليل احتجللاج وتأصلليل‪ ,‬واسللتخدم أيض لا ً‬
‫كللدليل إدانللة ضللدها مللن بعللض التيللارات المضللادة للصللحوة‬
‫كاتهام بتسييس الدين وأدلجته‪ .‬ونظرا ً لهمية هللذا الموضللوع‬
‫والحاجلللة لزاللللة اللبلللس والخللللط حلللول هلللذا المفهلللوم‬
‫ومستلزماته الشرعية؛ أحببت أن أسلط الضللوء علللى بعللض‬
‫تلك المسائل الصولية وأجلي الموقف حول صحة الستدلل‬
‫بها في قضايا الدعوة والصلح‪.‬‬
‫فالمصلللحة عنللد الصللوليين لهللا تعريفللات مختلفللة اللفللظ‬
‫متقاربة المعنى والمدلول‪ ،‬فقد قال المللام الغزالللي ‪-‬رحملله‬
‫الله‪ -‬في تعريفها‪« :‬هي جلب المنفعة ودفع المضرة» )‪، (1‬‬
‫وقللال المللام الفتللوحي ‪-‬رحملله الللله‪-‬هللي‪« :‬إثبللات العّلللة‬
‫بالمناسبة» )‪(2‬أما شيخ السلم ابن تيمية ‪-‬رحمه الللله‪ -‬فقللد‬
‫قال في بيانها‪« :‬هو أن يرى المجتهللد أن هللذا الفعللل يجلللب‬
‫منفعة راجحة» )‪(3‬‬
‫فالمصلحة الشللرعية هللي مللا تضللمنته أحكللام الشللريعة مللن‬
‫ب للمنافع ودفٍع للمضار في العاجل والجللل‪ ،‬وهللذا النللوع‬ ‫جل ٍ‬
‫من المصالح قد جاء النص مقررا ً لها بعينها أو نوعها؛ كللالمر‬
‫بجميللع أنللواع المعللروف والنهللي عللن جميللع أنللواع المنكللر‬
‫وككتابة القرآن الكريم صيانة له من الضياع وكتعليم القراءة‬
‫منته النصوص الشرعية مللن مصللالح‬ ‫والكتابة وغيرها مما تض ّ‬
‫ومنافع‪ ،‬فالمصلحة هنلا أصلل ثلابت ودليللل قلائم ُتبنللى عليله‬
‫الحكام‪ ،‬وذلك لعتبار النص لها وشهوده عليها‪.‬‬

‫‪838‬‬
‫أما إذا كانت المصلحة مرسلة‪ ،‬وهي كل مصلحة داخلللة فللي‬
‫ص على اعتبارهللا بعينهللا‬‫مقاصد الشرع ولم يرد ْ في الشرع ن ٌ‬
‫أو بنوعها‪ ،‬ول على استبعادها)‪(4‬‬
‫فهذا النوع من المصالح المرسلة معتللبر فللي حقيقتلله ضللمن‬
‫مقاصد الشريعة‪ ،‬وجمهور العلماء قد اعتبروا حجية المصلحة‬
‫المرسلة‪ ،‬وإن أنكرها بعضللهم‪ ،‬كمللا هللو منسللوب للشللافعية‬
‫والحنفية إل أن كتبهم واجتهاداتهم قائمة في كثير منهللا علللى‬
‫اعتبار المصلحة المرسلة)‪.(5‬‬
‫فإنها وإن لم ينص دليل خاص على اعتبارها‪ ،‬لكن السللتقراء‬
‫التام لنصوص الشللرع يللدل علللى قيللام الشللريعة كلهللا علللى‬
‫جلب المصالح واعتبارها‪ ،‬ودرء المفاسد وإلغائها أوتخفيفها‪.‬‬
‫يقول المام الشاطبي ل رحمه الله ل‪« :‬والشريعة ما ُوضللعت‬
‫إل لتحقيق مصالح العباد في العاجللل والجللل ودرء المفاسللد‬
‫عنهم» )‪. (6‬‬
‫ويقول ابن القيم ل رحمه الله ل ‪ « :‬الشريعة مبناها وأساسللها‬
‫على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد‪ ،‬وهللي عللدل‬
‫كلها‪ ،‬ومصالح كلها‪ ،‬وحكمة كلها» )‪. (7‬‬
‫والصحابة ‪-‬رضي الله عنهم‪ -‬جروا في اجتهادهم عللى رعايلة‬
‫مع صحف القللرآن‬ ‫المصالح وبناء الحكام عليها‪ ،‬فمن ذلك‪ :‬ج ْ‬
‫مللع المسلللمين علللى مصللحف واحللد‪،‬‬ ‫في مصحف واحللد‪ ،‬وج ْ‬
‫ص لّناع‪ ،‬وقتللل الجماعللة بالواحللد‪ ،‬وتعريللف البللل‬
‫وتضللمين ال ُ‬
‫الضالة‪ ،‬ومنع صرف الزكاة للمؤلفة قلوبهم وغير ذلك‪.‬‬
‫يقللول المللدي ‪-‬رحملله الللله‪ « : -‬فلللو لللم تكللن المصلللحة‬
‫المرسلة حجة أفضى ذلك أيضا ً إلى خلو الوقائع عن الحكام‬
‫الشرعية لعدم وجود النص أو الجماع أو القياس فيها » )‪(8‬‬
‫وبذلك تبقى الشريعة مرنة صالحة للناس ل تقف بهم وسللط‬
‫الطريق بل تحكم أفعللالهم وترفللع الحللرج عنهللم والللله ‪-‬عللز‬
‫وجل‪ -‬قد جعلها رحمة للعالمين‪.‬‬
‫والدعوة إلى الله ‪-‬عز وجل‪ -‬نللوع مللن أحكللام السلللم؛ أمللر‬
‫الله ‪-‬عز وجل‪ -‬بها وحث عليها المصطفى ‪-‬صلللى الللله عليلله‬

‫‪839‬‬
‫وسلم‪ -‬فأحكامها ووسائلها راجعة إلى قواعد الشللرع وأدلتلله‬
‫وأحكامه‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم نعرف أن المصلحة الدعوية إذا لم يشللهد‬
‫لهللا الشللارع باعتبللار أو بإلغللاء فهللي مللن قبيللل المصلللحة‬
‫المرسلة شرعًا‪.‬واعتبارها حجة؛ أمر مقرر عند العلماء‪ ،‬وذلك‬
‫لقيام الشريعة كلها على جلب المصالح ودفع المضار‪.‬‬
‫فما يراه الدعاة من أمور الدعوة وقضاياها فيه مصلحة كللان‬
‫حكمه العتبار وما رأوا فيه مفسدة كان حكمه اللغاء والرد‪.‬‬
‫ة منهم في دخول الهوى وحظوظ النفللس‬ ‫ولكن العلماء خشي ً‬
‫فللي اعتبللار المصلللحة أو إلغائهللا بالنسللبة للعلمللاء أو الللدعاة‬
‫وخصوصا ً ما يحدث ويستجد من أمور قد يختلط على الناظر‬
‫تقدير المصلحة على وجهها الصحيح قّرروا في ذللك ضللوابط‬
‫ل بد منها في الخذ بالمصلحة‪ ،‬واعتبارها دليل ً ُيحتللج بلله فللي‬
‫النللوازل والحللوادث والمسللتجدات‪ ،‬وعنللد تغيللر الظللروف‬
‫والحوال والزمنة‪.‬‬
‫وهذه بعض الضوابط الشرعية في المصلحة الدعوية ‪-:‬‬
‫ل‪ :‬اندراجها ضمن مقاصد الشريعة‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ص عليهللا ل بللد أن تكللون قائمللة علللى‬ ‫فالمصلحة التي لم ينل ّ‬
‫حفللظ مقاصللد التشللريع الخمسللة‪ :‬حفللظ الللدين والنفللس‬
‫والنسللل والعقللل والمللال‪ ،‬وكللل مللا يفللوت هللذه الصللول أو‬
‫بعضها فهو مفسدة‪ ،‬ثم إن درجة حفظ هذه المقاصللد يتللدرج‬
‫إلى ثلث مراحل بحسب الهمية‪ ،‬وهي ما أطلق عليه علماء‬
‫الصول اسم‪ :‬الضرورّيات والحاجّيات والتحسينّيات )‪. (9‬‬
‫فكل حكم تشريعي في السلم ل يخرج عللن هللذه المقاصللد‬
‫ُنص عيه أو لم ينص عليه؛ بمعنى دلللت عليلله الدلللة الخللرى‬
‫ومنها المصلحة المرسلة وذلك لندراجها تحت نوع مللن تلللك‬
‫المقاصد الشرعية المعتبرة ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن ل تخالف نصوص الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫ويللدل علللى ذلللك عقل ً ‪ :‬أن المصلللحة ليسللت بللذاتها دليللل‬
‫مستقل بل هي مجموع جزئيات الدلة التفصيلية من القللرآن‬

‫‪840‬‬
‫والسنة التي تقوم على حفللظ الكليللات الخمللس‪ ،‬فيسللتحيل‬
‫عقل ً أن تخللالف المصلللحة مللدلولها‪ ،‬أو تعارضلله‪ ،‬وقللد أثبتنللا‬
‫جيتها عن طريقه‪ ،‬وذلك من قبيل معارضة المدلول لللدليله‬ ‫ح ّ‬
‫إذا جاء بما يخالفه وهو باطل‪.‬‬
‫َ‬
‫م‬‫حك ُل ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫وقد دل علللى ذلللك مللن القللرآن قللوله تعللالى‪ } :‬وَأ ْ‬
‫ك‬ ‫ن ي َْفت ِن ُللو َ‬ ‫ل الل ّله ول تتبلع أ َهْ لواَءهُم واح لذ َرهُ َ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ َ ْ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َِّ ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ب َي ْن َهُ ْ‬
‫ه إ ِل َي ْل َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن ت َن َللاَزعْت ُ ْ‬ ‫ك) { وقللوله تعللالى)فَلإ ِ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما أنَز َ‬ ‫ض َ‬ ‫ن ب َعْ ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫ل) ) ( وقللوله تعللالى‪:‬‬ ‫دوهُ إ ِل َللى الل ّلهِ َوالّر ُ‬
‫سللو ِ‬ ‫يٍء فَلُر ّ‬ ‫شل ْ‬ ‫فِللي َ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ه فَأوْل َئ ِ َ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ن{‬ ‫كافُِرو َ‬ ‫ك هُ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫م بِ َ‬‫حك ُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫} وَ َ‬
‫فاعتبار المصلحة ورد الكتاب والسنة من تحكيم الهللوى وهللو‬
‫منازعة لحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فل تعتبر المصالح الموهومة غير المستندة إلللى نللص‪ ،‬وفيهللا‬
‫معارضة للكتللاب والسللنة مثللل مصلللحة إيجللاب الصلليام فللي‬
‫كفارة الجماع بدل عتق الرقبللة فللي حللق الغنللي‪ ،‬كمللا أفللتى‬
‫بذلك القاضي يحيى بن يحيى الليللثي لل رحملله اللله لل لللوالي‬
‫الندلس في عصره‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬تحليل الربللا باعتبللاره مصلللحة اقتصللادية مهمللة‪،‬‬
‫وإباحللة الزنللا وبيللع الخمللور تشللجيعا ً للسللياحة واسللتقطاب‬
‫الموال‪.‬‬
‫ومثاله أيضًا‪ :‬من ذهب إلى القللول بنقللل صلللة الجمعللة إلللى‬
‫يوم الحد في البلد الكافرة‪.‬‬
‫ومثاله أيضا ً إلقاء الرخص الشرعية لعللدم الحاجللة إليهللا فللي‬
‫عصرنا الحاضر كالقصر والفطر في السفر‪ ،‬أو التسلوية بيلن‬
‫البنت والبللن فللي الميللراث بللدعوى المصلللحة‪ ،‬وغيرهللا مللن‬
‫المثلة الكثيرة)‪(12‬‬
‫وقد خالف في ذلك المام الطوفي ل رحمه الله ل كما اشتهر‬
‫عنه‪ ,‬حيث نادى بجواز تقللديم المصلللحة مطلقلا ً علللى النللص‬
‫والجماع عند معارضتها لهما)‪(13‬‬
‫ر‬
‫وهذا القول ل شللك أنلله يللؤدي إلللى تعطيللل الشللريعة بنظ ل ٍ‬
‫ي محض يجعل المجتهد أو الناظر في النصوص‬ ‫ي عقل ٍ‬ ‫اجتهاد ٍ‬

‫‪841‬‬
‫يقبل ما شاء منها‪ ،‬ويرد ما شاء بزعم أنها تخللالف المصلللحة‬
‫التي يراهللا مللن خلل ظنلله وهللواه‪ ،‬فالمصلللحة إذا عارضللت‬
‫النص والجماع تعتبر ملغاة ول يعتد بها‪ ،‬ولللذلك قللال الشلليخ‬
‫الشنقيطي ‪-‬رحمه الله‪ -‬ضمن حديثه عن المصلحة المرسلة‪:‬‬
‫«أل تكللون المصلللحة فللي الحكللام الللتي ل تتغيللر كوجللوب‬
‫الواجبات‪ ،‬وتحريم المحرمات والحدود والمقدرات الشرعية‪،‬‬
‫ويدخل في ذلك الحكللام المنصللوص عليهللا والمجمللع عليهللا‪،‬‬
‫وما ل يجوز فيه الجتهاد» )‪. (14‬‬
‫فالمصلحة إذا خالفت ما هلو منصلوص عليله أو مجملع عليله‬
‫فهي فاسدة غير معتبرة ‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن تكون المصلحة يقينية‪:‬‬
‫بمعنللى أن يعلللم المجتهللد أو النللاظر فللي اعتبارهللا قطعّيللة‬
‫وجودهلللا ل أن يظلللن أو يتلللوهم أويشلللك وجلللود المصللللحة‬
‫المبحوثة فللي المسللألة‪ ،‬ثللم يحكللم باعتبارهللا مللن خلل هللذا‬
‫الظن غير المعتبر في الشرع‪.‬‬
‫وقد ذكر المام الغزالي ‪-‬رحمه الله‪ -‬هذا الشرط وذكره مللن‬
‫خلل أمثلة من ذلك؛ ما لو تترس الكفللار فللي قلعللة بمسلللم‬
‫فقللد قللال رحملله الللله ‪« :‬ل يحللل رمللي الللترس – أي هللذا‬
‫غنيللة فنعللدل‬ ‫المسلم الذي تترسللوا بلله – إذ ل ضللرورة فبنللا ُ‬
‫عنها‪ ،‬إذ لم نقطع بظفرنا بها ‪ ،‬لنها ليست قطعية بل ظنية»‬
‫)‪ ،(15‬وقال في صدد منع قطع المضللطر قطعللة مللن فخللذه‬
‫ليأكلها إلى أن يجد الطعام‪« :‬لكن ربمللا يكللون القطللع سللببا ً‬
‫ظاهرا ً في الهلك يمنع منه؛ لنه ليس فيه تعييللن الخلص فل‬
‫تكون المصلحة قطعّية» )‪(16‬‬
‫أما إذا كان الظللن بوجللود المصلللحة ظن لا ً راجح لا ً ناشللئا ً عللن‬
‫الجتهاد فللإنه ُينلّزل منزلللة اليقيللن؛ لن غلبللة الظللن معتللبرة‬
‫شرعا ً إذا عدم القطع)‪(17‬‬
‫ويكفي للتدليل على اعتبار الظن الغللالب فللي المصلللحة مللا‬
‫اعترض به الغزالي ‪-‬رحمه الللله‪ -‬علللى نفسلله حيللث قللال‪« :‬‬
‫بأن استئصال الكفار للمسلمين أمر مظنون فكيف نجيز قتل‬

‫‪842‬‬
‫الترس بهذا المظنون؟ وأجاب‪ «:‬إنما يجوز ذلك عنللد القطللع‬
‫أو ظن قريب من القطع‪ ،‬والظن القريب من القطع إذا صار‬
‫كليًا‪ ،‬وعظم الخطر منه فتحتقر الشخاص الجزئيللة بالضللافة‬
‫إليه» )‪(18‬‬
‫ذب الظنون نللادر‬ ‫يقول العز بن عبد السلم ‪-‬رحمه الله‪" : -‬ك َ ِ‬
‫وصدقها غالب – أي في المصالح والمفاسللد – وكللذلك ُيبنللى‬
‫جلللب مصللالح الللدارين ودفللع مفاسللده علللى ظنللون غالبللة‬
‫متفاوتة فللي القللوة و الضللعف والتوسللط بينهمللا‪ ،‬علللى قللدر‬
‫حرمة المصلحة والمفسدة ومسيس الحاجة» )‪. (19‬‬
‫رابعًا‪ :‬أن تكون المصلحة كلية‪.‬‬
‫بمعنى أل ّ تقتصر على فئة وتضر أخرى‪ ،‬وهذا الشللرط ذكللره‬
‫الغزالي ‪-‬رحمه الله‪ -‬كذلك وضرب له أمثلة منهللا‪« :‬إذا كللان‬
‫جماعة في مخمصة‪ ،‬ولو أكلوا واحدا ً منهللم بالقرعللة لنجللوا»‬
‫وقال‪ « :‬ل رخصة فيه؛ لن المصلحة ليست كلية‪ ،‬ومثلهللا لللو‬
‫كان جماعة فللي سلفينة للو طرحللوا واحلدا ً منهللم لنجلوا وإل‬
‫غرقوا بجملتهم‪ ،‬وقال‪ :‬إنها ليسللت مصلللحة كليللة؛ إذ يحصللل‬
‫بها هلك عدد محصور» )‪. (20‬‬
‫ومما يجدر التنبيه له هنا أن المقصود بكليللة المصلللحة ليللس‬
‫م المة جمعاء‪ ،‬بل المراد أن المصللحة المتوخللاة لفئة‬ ‫بأن تع ّ‬
‫معينللة ل ينبغللي أن ُينظللر فيهللا إلللى قللوم منهللم دون اعتبللار‬
‫بعضهم ممن هم شهود على هذه المصلللحة‪ ،‬وهللذا مللا أك ّللده‬
‫المام الزركشي ‪-‬رحمه الله‪ -‬في بيانه لمعنى مثال الغزالللي‬
‫‪-‬رحمه الله‪ -‬حيث قال‪ « :‬وصورة الغزالي إنما هي في أهللل‬
‫محلة بخصوصللهم اسللتولى عليهللا الكفللار‪ ،‬ل جميللع العللالم ‪.‬‬
‫وهذا واضح » )‪(21‬‬
‫فالمصلحة الكلية هنا ل تنفي اعتبار المصلحة الجزئية؛ ولكللن‬
‫إذا حصللل التعللارض بينهمللا فل ُينظللر حينئذٍ إلللى المصلللحة‬
‫الجزئية في مقابل الكلية‪(22).‬‬
‫خامسًا‪ :‬عدم تفويت المصلحة لمصلحة أهم منها أو مسللاوية‬
‫لها‪.‬‬

‫‪843‬‬
‫دم‪ ،‬ول‬ ‫وهذا الضابط معتبر عند تعارض المصالح في أيهما ُيق ّ‬
‫دم هو الهم والولللى فللي العتبللار‪ ،‬وميللزان‬ ‫شك أن الذي ُيق ّ‬
‫الهمية يرجع إلى ثلثة أمور؛ كما ذكرها د‪.‬البوطي‪:‬‬
‫ل‪ :‬النظر إلى قيمتهللا مللن حيللث ذاتهللا ودرجتهللا فللي سلللم‬ ‫أو ً‬
‫المقاصللللد‪ .‬فالضللللروريات ل ُتقللللدم عليهللللا الحاجيللللات أو‬
‫التحسينيات‪ ،‬كما ل ُتقدم التحسينيات على الحاجيات‪ ،‬وهكللذا‬
‫فإن كانت المصالح فللي درجللة الهميللة فللي سلللم المقاصللد‬
‫واحدة؛ ينظر حينئذٍ في‪:‬‬
‫الثاني‪ :‬وهو من حيث مقدار شمولها‪ ،‬فالمصلحة العامة ُتقدم‬
‫على المصلللحة الخاصللة فللإن كللانوا فللي الدرجللة والشللمول‬
‫سواء اعتبر‪:‬‬
‫ثالثًا‪ :‬مدى التأكد من وقوع نتائجها من عدمه‪ .‬فُتقدم الكيللدة‬
‫على الظنية كما بينا سابقًا)‪(23‬‬
‫وهناك بعض المعايير المعتبرة أيضا ً في تقديم بعض المصالح‬
‫على بعض عند التعارض منها‪:‬‬
‫ا‪ -‬أن المصلحة الدائمة أوللى ملن المنقطعلة‪ ،‬كملا جللاء فلي‬
‫الحللديث أن النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم قللال ‪" :‬أحللب‬
‫العمال إلى الله أدومها وإن قل" متفق عليه )‪(24‬‬
‫ب‪ -‬أن المصلحة المتعدية أولى من المصلحة القاصرة‪ ،‬مثللل‬
‫مصلحة العلم أولى من مصلحة العبادة‪.‬‬
‫دم على المصلحة المحدودة‪،‬‬ ‫ج‪ -‬أن المصلحة الطول نفعا ً ُتق ّ‬
‫مثل تقديم الصدقة الجارية على غيرها)‪(25‬‬
‫يقول العز بن عبد السلللم ‪-‬رحملله الللله‪« : -‬والوقللوف علللى‬
‫تساوي المفاسد وتفاوتها علّزة ل يهتللدى إليهللا إل مللن وفقلله‬
‫الله تعالى‪ ،‬والوقوف على التساوي أعز مللن الوقللوف علللى‬
‫التفاوت‪ ،‬ول يمكن ضبط المصالح والمفاسد إل بالتقريب» )‬
‫‪. (26‬‬
‫ويزيد ابن القيم ‪-‬رحمه الللله‪ -‬هللذه القاعللدة توضلليحا ً بقللوله‪:‬‬
‫«فالعمال إما أن تشللتمل علللى مصلللحة خاصللة أو راجحللة‪،‬‬
‫وإملا أن تشلتمل علللى مفسللدة خالصلة أو راجحلة‪ ،‬وإملا أن‬

‫‪844‬‬
‫تستوي مصلحتها ومفسدتها‪ ،‬فهذه أقسام خمسة‪ :‬منها أربعة‬
‫تأتي بها الشرائع؛ فتأتي بما مصلحته خالصة أو راجحة آمللرة‬
‫به أو مقتضية له‪ ،‬وما مفسدته خالصة أو راجحة فحكمها فيه‬
‫النهي عنه وطلب إعدامه‪ ،‬فتأتي بتحصيل المصلحة الخالصللة‬
‫والراجحللة وتكميلهللا بحسللب المكللان وتعطيللل المفسللدة‬
‫الخالصللة أو الراجحللة أو تقليلهللا بحسللب المكللان‪ .‬فمللدار‬
‫الشرائع والديانات على هذه القسام الربعة» )‪. (27‬‬
‫وهذا التقديم والتأخير للمصالح أو المفاسد قد يختلف أحيانللا ً‬
‫باختلف أحوال الناس والعللوائد وظللروف الزمنللة والمكنللة‪،‬‬
‫ولذلك كان من المللور الدقيقللة المهمللة‪ ،‬والللتي ينبغللي فيهللا‬
‫على المجتهد أو الناظر أن يكون في غاية التحفظ والحذر‪.‬‬
‫يقللول الشللنقيطي ‪-‬رحملله الللله‪« : -‬والتحقيللق أن العمللل‬
‫بالمصلحة المرسلة أمر يجب فيه التحفظ غايللة الحللذر حللتى‬
‫يتحقق صحة المصلحة‪ ،‬وعدم معارضتها لمصلحة أرجح منهللا‬
‫أو مفسللدة أرجللح منهللا أو مسللاوية لهللا‪ ،‬وعللدم تأديتهللا إلللى‬
‫مفسدة في ثاني حال» )‪. (28‬‬
‫)‪(2/2‬‬
‫ذكر في الجللزء الول مللن المقللال أهللم الضللوابط الشللرعية‬ ‫ُ‬
‫للعمل بالمصلحة المرسلة سواء كان العمل بهللا فللي مجللال‬
‫الدعوة والصلح أو غيره ذلك ‪ ,‬وأحب أن أقلرر بعلد التمهيلد‬
‫السللابق بللذكر بعللض التنبيهللات والشللارات فللي التطبيقللات‬
‫الدعوية للمصلحة في واقعنا المعاصر‪ ،‬أوجزها فيما يلي‪:‬‬

‫أول ً ‪ :‬إن اعتبار الخذ بالمصلحة وبناء الحكللام عليهللا وجعلهللا‬


‫ذريعللة لمواقللف ومنطلقللات تقللوم عليهللا الللدعوة ينبغللي أن‬
‫يحتللاط للله ول يكللون مللدخل ً لنللوازع النفللس والهللوى أو بابلا ً‬
‫مفتوحللا ً للدعيللاء وأنصللاف العلمللاء‪ ،‬أو نوعللا ً مللن القللرار‬
‫بالمصللالح الضللعيفة أو الموهومللة نتيجللة لضللغط الواقللع ‪ ،‬أو‬
‫بحجة فقة التيسير ‪ ،‬أو توسعا ً في النفتاح علللى المجتمعللات‬
‫والرقي في سلم الحضارات ‪.‬‬

‫‪845‬‬
‫ومن وسائل الحتيللاط والهتمللام فللي الخللذ بالمصلللحة فللي‬
‫قضايا الدعوة والمر بالمعروف والنهي عن المنكللر والجهللاد‬
‫أن تكون منطلقة من أهل الجتهاد من العلماء والباحثين من‬
‫أهل الفقه والعلم لسعة اطلعهم وشمول معرفتهللم لحكللام‬
‫الشللريعة‪ ،‬وكلمللا كللان النظللر والسللتدلل مللن خلل اجتهللاد‬
‫جماعي ل فردي كان أكثر دقة وأقللرب إلللى الصللواب وأقللل‬
‫احتمال ً في الخطأ‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬عبد المجيد الشرفي في أهمية الجتهاد الجمللاعي ‪:‬‬
‫«أنه ضمانة لعدم استغلل هللذه القاعللدة فللي تعطيللل شللرع‬
‫الله بذريعة تغير المصلحة… ولكونه أكثر ضمانة في التحري‬
‫عن المصلحة وتغيرها ‪ ،‬وأكلثر دقلة فلي البتعلاد علن الهلوى‬
‫وأكثر إصابة للحق » )‪. (29‬‬
‫وكان هذا النهج في النظر هللو فعللل الصللحابة ‪-‬رضللوان الللله‬
‫عليهم‪ -‬إذا نزل بهم أمر وأرادوا الحكم فيلله؛ فكللان أبللو بكللر‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬يجمع رؤوس الناس وخيللارهم ويستشلليرهم‬
‫فإذا اجتمع أمرهم على أمر قضى به‪ ،‬وكان عمر ‪-‬رضي الللله‬
‫عنه‪ -‬يفعل ذلك إذا أعياه أن يجد حكم مسألة ما في الكتللاب‬
‫والسنة سأل ‪ :‬هل كان أبو بكر قضى فيه بقضاء؟ فللإن كللان‬
‫لبي بكر قضاء قضى به وإل جمع علماء الناس واستشللارهم‬
‫فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به ‪(30) .‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إن النظر في المصلحة ينبغي أن يمتد إلى ما تؤول إليه‬
‫من نتائج مصلحية أو ما سوى ذلك من مفاسد‪ ،‬فقصر الخللذ‬
‫للمصلحة علللى وقتهللا مللن دون اعتبللار الوقللات الخللرى‪ ،‬أو‬
‫على مكان من دون اعتبار الماكن الخرى‪ ،‬أو علللى شللخص‬
‫من دون اعتبار بقية الناس وخصوصا ً في الفتللاوى والنظمللة‬
‫العامة مما قد يكون وسيلة أو ذريعة إلى مفسدة أو الوقللوع‬
‫في محظور ‪ ،‬مع اعتبار الولى من المصالح فلالولى بتقلديم‬
‫المصالح الدائمللة أو المتعديللة أو الكللثر نفعلا ً والطللول بقللاءً‬
‫على غيرها من المصالح المرجوحة الخرى‪.‬‬

‫‪846‬‬
‫يقول المام الشاطبي ‪-‬رحمه الله‪ -‬عن المجتهللد ‪« :‬ل يحكلم‬
‫على فعل مللن الفعللال الصللادرة مللن المكلفيللن بالقللدام أو‬
‫الحجام إل بعد نظره إلى مللا يللؤول إليلله ذلللك الفعللل‪ ،‬فقللد‬
‫يكلون مشللروعا ً لمصلللحة فيلله تسلتجاب‪ ،‬أو لمفسللدة تلدرأ‪،‬‬
‫ولكن له مآل على خلف ما قصد فيلله… فيكللون هللذا مانع لا ً‬
‫من إطلق القول بالمشروعية … وهو مجال للمجتهد صللعب‬
‫ب جللارٍ علللى مقاصللد‬ ‫المورد إل أنه عذب المذاق محمود الغ ّ‬
‫الشرع»)‪.(31‬‬
‫ومن أمثلة اعتبللارات المللآلت والللذرائع فللي الشللرع ‪ :‬قللوله‬
‫سلّبوا الّلل َ‬
‫ه‬ ‫ن الّللهِ فَي َ ُ‬ ‫دو ِ‬‫ن ُ‬
‫مل ْ‬
‫ن ِ‬
‫عو َ‬
‫ن َيلد ْ ُ‬ ‫سّبوا ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫تعالى ) َول ت َ ُ‬
‫ص‬ ‫صلا ِ‬ ‫م ِفلي ال ِْق َ‬ ‫عل ْم ٍ …( )‪ (32‬وقوله تعالى ) وَل َك ُ ْ‬ ‫عَد ًْوا ب ِغَي ْرِ ِ‬
‫ُ‬
‫ب ( )‪. (33‬‬ ‫حَياةٌ َياأوِْلي الل َْبا ِ‬ ‫َ‬
‫ومنها‪ :‬النهي عن بيللع العينللة لنهللا ذريعللة للربللا‪ ،‬وعللدم قتللل‬
‫النبي ‪-‬صلللى الللله عليلله وسلللم‪ -‬للمنللافقين كللي ل يقللال إن‬
‫محمدا ً يقتل أصحابه‪ ،‬وعدم هلدم وبنللاء الكعبلة علللى قواعللد‬
‫إبرهيم لن الناس كانوا حديثي عهد بللالكفر‪ ،‬ونهيلله للصللحابة‬
‫عن إخراج العرابي الذي بال في المسجد لمللا يللتريب علللى‬
‫ذلك من ضرر عليه وأذى في المسجد‪ ،‬ونهيه صلى الله عليه‬
‫وسلم عن التشللدد فللي العبللادة والغلللو فيهللا حللتى ل يحللدث‬
‫للنسان ملل أو إفراط في الغلو المحظور‪(34) .‬‬
‫وللمام ابن القيم تقسيم لطيف في أنللواع الللذرائع مللا يسللد‬
‫منها وما يفتح يقول فيلله ‪-‬رحملله الللله‪ « : -‬والللذرائع تنقسللم‬
‫إلى أربعة أقسام‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون وسيلة موضوعة للفضاء إلى المفسدة‪ ،‬كشرب‬
‫ض إلللى اختلط‬ ‫ض إلى مفسدة السكر ‪ ،‬والزنا مفل ٍ‬ ‫الخمر مف ٍ‬
‫المياه وفساد الفراش‪ ،‬وهذا النوع جاءت الشريعة بمنعه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون وسيلة موضوعة للمباح قصللد بهللا التوسللل إلللى‬
‫المفسدة ‪ ،‬كعقد النكاح بقصد التحليللل أو عقللد الللبيع بقصللد‬
‫الربا‪ ،‬وهذا ممنوع ‪.‬‬

‫‪847‬‬
‫‪ -3‬أن تكون وسيلة موضوعة للمباح ولم يقصد بهللا التوسللل‬
‫إلى المفسدة لكنها مفضية إليها غالبا ً ‪ ،‬ومفسدتها أرجح مللن‬
‫مصلللحتها ‪ ،‬مثللل الصلللة فللي أوقللات النهللي ‪ ،‬وسللب آلهللة‬
‫المشركين ‪ ،‬وتزيين المتوفى عنهللا زوجهللا فللي زمللن العللدة‪.‬‬
‫وهذا ممنوع ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تكللون وسلليلة موضللوعة للمبللاح وقللد تفضللي إلللى‬
‫المفسللدة ومصلللحتها أرجللح مللن مفسللدتها‪ ،‬كللالنظر إلللى‬
‫المخطوبللة أو المشللهود عليهللا‪ ،‬والصلللة ذات السللباب فللي‬
‫أوقللات النهللي ‪ ،‬وكلمللة الحللق عنللد سلللطان جللائر ‪ ،‬وهللذا‬
‫مشروع في الجملة ‪(35) » .‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬إن قاعدة النظر في المآلت قاعدة معتبرة شرعا ً كما‬
‫بينا ذلك وأكده المام الشاطبي ‪-‬حمه الله‪ -‬بقللوله ‪« :‬النظللر‬
‫فللي مللآلت الفعللال معتللبر مقصللود شللرعا ً كللانت الفعللال‬
‫موافقة أو مخالفة » )‪. (36‬‬
‫واعتبار المآلت في النظر والجتهاد أمر مهم للمجتهد يجعللل‬
‫نظره ممتدا ً إلى ما يؤول إليه حكمه أو مللا يتوقللع أن يحللدث‬
‫من المكلف أو ما ينتج عنه في المستقبل ليراعي ذلللك كللله‬
‫في اجتهاده )‪(37‬‬
‫ولشللك أن هللذه النظللرة السستشللرافية للمسللتقبل كمللا‬
‫يحتاجها المجتهد والمفتي وأهل القضاء؛ فللإن الداعيللة أحللوج‬
‫ما يكون إليها وهو يقرر أحكللام اللله ‪-‬عللز وجللل‪ -‬فللي الرض‬
‫ويضللع الخطللط الصلللحيه والهللداف والوسللائل الدعويللة‬
‫لتنزيلها على مختلف أنللواع المكلفيللن وأصللناف المجتمعللات‬
‫وأحوال البيئات والزمنة‪.‬‬
‫وكل ذلللك يتطلللب أن يتجللاوز الللدعاة واقعهللم القريللب إلللى‬
‫استشللراف المسللتقبل البعيللد‪ ،‬وأن تكللون لهللم دراسللات‬
‫مستقبلية يتوقعون فيها ما يمكن حدوثه أو يحصل تغّيره‪ ،‬ثللم‬
‫وضللع برامجهللم الصلللحية مراعيللن مللا يلللزم لللذلك مللن‬
‫احتياطللات واسللتعدادات تكللون سللياجا ً آمنللا ً مللن مفاجللآت‬
‫المستقبل ومتغيرات الزمان‪.‬‬

‫‪848‬‬
‫وليس في ذلك ادعاٌء للغيب أو تجاوز للشرع؛ وحاش للدعاة‬
‫دعوه؛ بل إن ذلك معتللبر ضللمن مللا ذكرنللاه مللن قاعللدة‬ ‫أن ي ّ‬
‫اعتبار المآلت‪ ،‬والنواميس التي وضعها الله ‪-‬عز وجللل‪ -‬فللي‬
‫النفس والمجتمعات والكون ثابتة ل تتغير ومحكمة ل تتبللدل‬
‫إل إذا شاء الله ‪-‬عز وجل‪ -‬ذلك‪ ،‬فللإذا اكتشللف الللدعاة نظللام‬
‫هذه النواميس والسنن وساروا ضمن قانونها العام فإنهم لن‬
‫ب تحقللق‬ ‫يعدموا خيرا ً ‪ ،‬إذ قد بذلوا ما في جهدهم مللن أسللبا ٍ‬
‫لهم العزة والنصر بإذن الله ‪.‬‬
‫وإذا كان واقع الللدعوة المعاصللرة مللع ثقللل مللا تحمللله علللى‬
‫كاهلها من واجبات وأعبللاء ل تعطللي لستشللراف المسللتقبل‬
‫كبير اهتمام مع ضرورته في وقتنا المعاصر ‪ .‬فإننا نجد كللثيرا ً‬
‫من دول العالم الغربي ومنذ زمن بعيد قد اهتمت بذلك المر‬
‫اهتماما ً بالغا ً جعل من دولة السللويد أن تضللع حقيبللة وزاريللة‬
‫في حكومتها للهتمام بالمسللتقبل منللذ عللام ‪1973‬م ‪ ،‬وفللي‬
‫الوليللات المتحللدة المريكيللة أكللثر مللن سللتمائة مؤسسللة‬
‫لدراسلللة المسلللتقبل )‪ (38‬؛إللللى غيرهلللا ملللن مؤسسلللات‬
‫الستشراف الكثيرة في الغرب والشرق السيوي فللي حيللن‬
‫يفتقد عالمنا العربي والسلمي إلى مثلها وهو يحمللل الكللثير‬
‫من الهموم والمشكلت المتجذرة التي تستلزم حلللول ً بعيللدة‬
‫وعلجات طويلة المد ‪.‬‬
‫رابع لا ً ‪ :‬إن اعتبللار حجي ّللة المصلللحة المرسلللة جعللل جمهللور‬
‫الفقهللاء يسللتخرجوا بنللاًء عليهللا أحكام لا ً شللرعية لكللثير مللن‬
‫المسائل التي صدرت بشأنها القللوانين والنظمللة ‪ ،‬كقللوانين‬
‫العمل والعمال وأنظمة التجارة والصناعة والزراعة‪ ،‬وفللرض‬
‫عقوبات رادعة لبعض الجرائم كتعللاطي المخللدرات والتجللار‬
‫فيها ‪ ،‬إلى غيرها من النظمة والقوانين واللوائح الللتي تنظللم‬
‫المجتمع ولم يرد بشأنها نص مللن كتللاب الللله وسللنة رسللوله‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪.-‬‬
‫فللإذا قررنللا اعتبللار المصلللحة المرسلللة فللي تنظيللم شللؤون‬
‫المجتمللع وإلللزام النللاس بهللا فمللا الللذي يمنللع مللن اعتبللار‬

‫‪849‬‬
‫المصلحة في تنظيللم شللؤون الللدعوة وتنظيللم أمللور الللدعاة‬
‫وفق أنظمة وقوانين ولوائح لها قوة التطبيق واللزام ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬يمارس بعض الللدعاة إلللى الللله نوع لا ً مللن التلفيللق‬
‫الجتهللادي المللذموم بغيللة الوصللول إلللى الهللدف المطلللوب‬
‫والسيطرة المنشودة وم لد ّ النفللوذ والعلللو علللى كللل مللوجه؛‬
‫تحقيقللا ً لمصلللحتهم الخاصللة وإن كللانت وسللائلها ممنوعللة؛‬
‫فالغاية عنللدهم تللبرر الوسلليلة مهمللا كللانت‪ ،‬والعللبرة بإيجللاد‬
‫مصلحتهم المتوهمة ولللو خللالفت نصللوص الشللرع وقواعللده‬
‫الكلية ‪.‬‬
‫إن هذا المبللدأ الميكللافيلي الللذي سلليطر علللى مناهللج بعللض‬
‫الدعوات المغرضة حقللق لهللم انتصللارات هامشللية وامتللدادا ً‬
‫سرابيا ً بيلن النلاس‪ ،‬ولكلن عللى حسلاب المبلادئ الشلرعية‬
‫والثوابت الخلقية في السلم ‪.‬‬
‫يظهر هذا النتهللاك فللي عللدة صللور عمليللة واقعيللة كللالطعن‬
‫والثلب في العقائد والعراض وتصيد الخطاء والللزلت لكللل‬
‫داعية يخللالف منهجهللم وتشللويه المناهللج الخللرى مللن أجللل‬
‫التصدر والعتلء على الساحة الدعوية‪.‬‬
‫وقد ترى تقلب المبادئ والمناهج بين الخذ بالعزائم والتشدد‬
‫في العقائد والعبللادات وامتحللان النللاس بهللا وأخللذ خواصللهم‬
‫بالرخص الملفقة وإسرارهم بها‪ ،‬يقول عمر بللن عبللد العزيللز‬
‫منبه لا ً علللى خطللورة هللذا المنهللج البللدعي الللذي ظهللر فللي‬
‫زمانه ‪ )) :‬من جعللل دينلله للخصللومات أكللثر التنقللل (( )‪(39‬‬
‫وه مهملا‬ ‫حل ْ‬
‫كما نجد السعي الدؤوب فلي تلبرير كلل اجتهلاد ن َ َ‬
‫ي أعناق الفتاوى فضلل ً عللن نصللوص الشللرع‬ ‫كان انحرافه ول ّ‬
‫لتوافق أهواءهم وطموحاتهم الحزبية‪.‬‬
‫إن دعللوة قلامت عللى هللذا الجللرف الهلار ل تلبللث أن تنهللار‬
‫وتللذهب ريحهللا ويتفللرق جمعهللا )) إن الللله ل يصلللح عمللل‬
‫المفسدين (( )‪ (40‬وسنن الحق سبحانه في أمثللالهم جاريللة‬
‫والزمن كفيل بإثبات الحق وإظهاره ‪.‬‬

‫‪850‬‬
‫فالمصالح الدعوية إن لم تقللم علللى ربانيللة صللادقة مخلصللة‬
‫وتمييز للثوابت عن المتغيرات والمتغيرات عن الثوابت بفقه‬
‫دقيق وتأصيل عميق‪ ،‬وإل كللانت بدايللة انحللراف وزيللغ وفتنللة‬
‫للدعاة تذكيها مع اليام حركات فاتنللة فللي صللفقات غابنللة ل‬
‫مربح لحد إل أعداء الدعوة ودعاة السوء والفتنة‪.‬‬
‫‪-------------------------------------------------------‬‬
‫)‪ (1‬المستصفى ‪2/139‬‬
‫)‪ (2‬شرح الكوكب المنير ‪4/432‬‬
‫)‪ (3‬مجموع الفتاوى ‪342 /11‬‬
‫)‪ (4‬انظر ‪ :‬الستصلح والمصلحة المرسلة د‪ .‬الزرقا ص ‪39‬‬
‫‪ ،‬السياسة الشرعية د‪ .‬القرضاوي ص ‪. 82‬‬
‫)‪ (5‬انظر ‪ :‬إرشاد الفحول ‪3/808‬و ‪ ، 809‬الللوجيز د‪ .‬زيللدان‬
‫ص ‪ ،240‬رفع الحرج د‪ .‬الباحسين ص ‪ ،270‬وفي ذلك يقللول‬
‫المام القرافي رحمه الله ‪ ‘‘:‬وهي عنلد التحقيلق فلي جميلع‬
‫المللذاهب لنهللم يقومللون ويقعللدون بالمناسللبة ول يطلبللون‬
‫شللاهدا ً بالعتبللار ؛ ول نعنللي بالمصلللحة المرسلللة إل ذلللك "‬
‫تنقيح الفصول ص ‪446‬‬
‫)‪ (6‬انظر ‪ :‬الموافقات ‪. 2/9‬‬
‫)‪ (7‬إعلم الموقعين ‪. 3/13‬‬
‫)‪ (8‬الحكام للمدي ‪. 4/32‬‬
‫)‪ (9‬انظللر المستصللفى ‪ ،1/141‬شللرح تنقيللح الفصللول ص‬
‫‪ ،446‬البحللر المحيللط ‪،79-6/78‬تقريللب الوصللول ص ‪،412‬‬
‫شرح الكوكب المنير ‪ ،4/432‬ضوابط المصلحة للبللوطي ص‬
‫‪ 110‬ومابعدها‪.‬‬
‫)‪ (10‬المائدة ‪. 49‬‬
‫)‪ (11‬النساء ‪. 59‬‬
‫)‪ (12‬المائدة ‪. 44‬‬
‫)‪ (13‬انظللر ‪ :‬الجتهللاد المعاصللر د‪ .‬القرضللاوي ص ‪،72-68‬‬
‫ضوابط المصلحة للبوطي ص ‪. 120‬‬

‫‪851‬‬
‫المسلم المعاصر العدد ‪ 13‬بعنوان ‪ ):‬النللص والمصلللحة بيللن‬
‫التطابق والتعارض ( ‪.‬‬
‫)‪ (14‬المصلحة المرسلة ص ‪. 10‬‬
‫)‪ (15‬المستصفى ‪. 296 /1‬‬
‫)‪ (16‬المرجع السابق ‪. 297 /1‬‬
‫)‪ (17‬انظللر ‪ :‬درر الحكللام شللرح مجلللة الحكللام مللادة )‬
‫‪. ( 1004‬‬
‫)‪ (18‬المستصفى ‪. 1/300‬‬
‫)‪ (19‬مختصر الفوائد في أحكام المقاصد ص ‪133‬و ‪. 134‬‬
‫)‪ (20‬المرجع السابق ‪ ،1/296‬وانظر أيضا ً ‪ :‬إرشللاد الفحللول‬
‫ص ‪ ، 243‬رفع الحرج للباحسين ص ‪. 265‬‬
‫)‪ (21‬البحر المحيط ‪ . 80 /6‬ومثال الغزالي الذي أشار إليه‬
‫الزركشي مسألة تترس الكفار بأسرى من المسلللمين وهللذا‬
‫المثال يجري في هذا الضابط أيضا ً لن المصلحة ليست كلية‬
‫بل تضرر بها أولئك السرى من المسلمين ‪ .‬انظر ‪ :‬ضللوابط‬
‫المصلحة للبوطي ص ‪ ، 341‬نظرية المصلحة لحسين حامللد‬
‫حسان ص ‪ ، 454‬رفع الحرج للباحسين ص ‪. 264‬‬
‫)‪ (22‬انظر ‪ :‬مختصر الفوائد في أحكام المقاصللد لبللن عبللد‬
‫السلم ص ‪141‬و ‪. 142‬‬
‫)‪ (23‬انظر‪ :‬ضوابط المصلحة للبوطي ص ‪ 217‬وما بعدها ‪.‬‬
‫)‪ (24‬رواه البخللاري فللي كتللاب التهجللد بللاب مللن نللام عللن‬
‫السلللحر رقلللم)‪ (1132‬ورواه مسللللم فلللي كتلللاب صللللة‬
‫المسافرين ‪ ،‬باب في صلة الليل رقم )‪( 741‬‬
‫)‪ (25‬انظر‪ :‬مختصر الفوائد فللي أحكلام المقاصللد لبللن عبللد‬
‫السلللم ص ‪141‬و ‪ ،142‬قواعللد الحكللام ‪ 1/66‬طبعللة دار‬
‫الكتب العلمية ‪.‬‬
‫ن‪.‬‬
‫)‪ (26‬قواعد الحكام ص ‪ 47‬تحقيق الخ ّ‬
‫)‪ (27‬مفتاح دار السعادة ‪ 2/14‬مكتبة محمد علي صبيح ‪.‬‬
‫)‪ (28‬المصالح المرسلة للشللنقيطي ص ‪ 21‬نقل ً عللن معللالم‬
‫أصول الفقه للجيزاني ص ‪. 245‬‬

‫‪852‬‬
‫)‪ (29‬الجتهللاد الجمللاعي فللي التشللريع السلللمي د‪ .‬عبللد‬
‫المجيد الشرفي ص ‪. 118‬‬
‫)‪ (30‬انظر ‪ :‬الفكر السامي للحجوي ‪. 1/286‬‬
‫)‪ (31‬الموافقات ‪. 5/177‬‬
‫)‪ (32‬النعام ‪108 :‬‬
‫)‪ (33‬البقرة ‪179:‬‬
‫)‪ (34‬انظر‪ :‬الموافقات ‪5/180‬و ‪. 181‬‬
‫)‪ (35‬إعلم الموقعين ‪ 3/109‬بتصرف ‪.‬‬
‫)‪ (36‬الموافقات ‪. 5/177‬‬
‫)‪ (37‬انظللللللر ‪ :‬الموافقللللللات ‪5/177‬و ‪ ، 233‬الشللللللباه‬
‫والنظائرللسلليوطي ص ‪ ، 325-322‬نظريللة المصلللحة فللي‬
‫الفه السلمي د‪ .‬حسين حامد حسان ص ‪. 199-193‬‬
‫)‪ (38‬انظر ‪ :‬مللدخل إلللى التنميللة المتكاملللة د‪ .‬عبللد الكريللم‬
‫بكار ص ‪. 155‬‬
‫)‪ (39‬الشرح والبانة ص ‪ 143‬نقل ً عللن مناهللج أهللل الهللواء‬
‫للعقل ص ‪. 90‬‬
‫)‪ (40‬يونس‪. 81 :‬‬
‫=============‬
‫‪#‬هوس السهم‬
‫سلمان بن يحي المالكي‬
‫الخطبة الولى‬
‫فإن الله جل وعل خلق المال وقسمه بين عباده ‪ ،‬وأضح لهم‬
‫ة الحيللاة‬‫ن زينل ُ‬
‫ل والبنللو َ‬ ‫أنه زينتهم فللي دنيللاهم فقللال " المللا ُ‬
‫ت خيللر‬‫ت الصللالحا ُ‬ ‫كرهم بالخرة فقللال " والباقيللا ُ‬ ‫الدنيا " وذ ّ‬
‫عنللد ربللك ثوابللا وخي لٌر أمل " وجعللل قيللامه بينهللم مللن أهللم‬
‫م الحياة إل به فقال " ول تؤتللوا السللفهاء‬ ‫مصالحهم ‪ ،‬فل تقو ُ‬
‫حب ّلله غريللزةً فللي‬‫أموالكم التي جعل الله لكم قياما " وجعللل ُ‬
‫نفوسهم فقال " وتحبون المال حبا جمللا " وأمللر بأخللذه مللن‬
‫حل ّلله وإنفللاقه فللي حللله ‪ ،‬وأوجللب علللى الخلللق أداَء حقللوقه‬
‫وواجباته فقال " وفي أموالهم حق معلوم " وأمللر بالتوسللط‬

‫‪853‬‬
‫فلي إنفلاقه فقلال " ول تجعللل يلدك مغلوللة إللى عنقلك ول‬
‫تبسطها كل البسط فتقعللد ملومللا محسللورا " وبي ّللن أن كنللز‬
‫المللال مللن أسللباب عللذاب الخللرة فقللال " والللذين يكنللزون‬
‫الذهب والفضة ول ينفقونها في سبيل الله فبشللرهم بعللذاب‬
‫أليم " وكل مال أوديت زكاته فليللس بكنللز ‪ ،‬وجعللل العقوبللة‬
‫بقطع اليد زجللرا وتغليظللا لمللن سللرقه مللن صللاحبه فقللال "‬
‫والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكال من‬
‫الله والله عزيز حكيم " وأمللر الرسللل بالكللل مللن الطيبللات‬
‫فقال " يا أيها الرسل كلللوا مللن الطيبللات واعملللوا صللالحا "‬
‫وحرم علينللا أن نأكللل أموالنللا بيننللا بالباطللل فقللال " يللا أيهللا‬
‫الذين أمنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " وأمللر بوجللوب‬
‫المانة بحفظه وأدائه فقال " والذين هللم لمانللاتهم وعهللدهم‬
‫راعون "‬
‫عباد الله ‪:‬‬
‫لقد كان المال محترما في الشريعة ول زال ‪ ،‬والله سللبحانه‬
‫يريد أن ُتتناول الموال بين العباد ليستفيدوا منها ‪ ،‬ولذلك لم‬
‫ل الفيَء في أيدي الغنياِء يوزعوه كيف مللا شللاءوا ‪ ،‬بللل‬ ‫يجع ْ‬
‫ف ُتصرف فيه " ما أفاء الله على رسوله مللن‬ ‫جعل له مصار َ‬
‫أهلللل القلللرى فللللله وللرسلللول وللللذي القربلللى واليتلللامى‬
‫ة بين الغنياء منكم‬ ‫ن السبيل كي ل يكون دول ً‬ ‫ن واب ِ‬
‫والمساكي ِ‬
‫" ] أي كي ل يبقى بين الغنياء يتصرفون فيه بمحض إرادتهم‬
‫وآرائهم وشهواتهم فل يصرفون منه شيئا لله ولرسوله ولذي‬
‫القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [‬
‫أيها المسلمون ‪:‬‬
‫لقد امتدح النبي صلى الله عليلله وسلللم المللال الحلل الللذي‬
‫ل الصللالح للرجللل‬ ‫يعين صاحبه على الحق فقللال " نعللم المللا ُ‬
‫الصالح " وقال " ل حسد إل في اثنين ‪ ,‬رجل آتللاه الللله مللال‬
‫فسلطه على هلكته في الحق " وجه النبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم أحد صحابته بتوجيه نبوي رشلليد فقللال " إنللك أن تللذر‬
‫ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس " فهذا‬

‫‪854‬‬
‫م لورثته بعد موته ليرتاح ضميُره وتطمئن‬ ‫ل يوّرُثه المسل ُ‬‫الما ُ‬
‫سه وينتفع به أهُله ‪ ،‬وقد كان أبو بك لرٍ مللن أتجللر قريللش ‪،‬‬ ‫نف ُ‬
‫ة ألللف ‪،‬‬ ‫ت نخله مائ ُ‬ ‫ن رضي الله عنه بلغت غل ّ ُ‬ ‫ولما ُقتل عثما ُ‬
‫ل أصللون بلله‬ ‫ن عوف يقول " يا حبذا الما ُ‬ ‫نب ِ‬ ‫وكان عبد الرحم ِ‬
‫ب بلله إلللى ربللي " فلمللا مللات كللانت الفللؤوس‬ ‫عرضي وأتقر ُ‬
‫تتكسر على الذهب والفضة التي خّلفها لهله وكلان لله أربلع‬
‫نسوة ‪ ،‬نصيب كل واحدة منهن ‪ :‬أربعمائة ألف درهم ‪..‬‬
‫عباد الله ‪:‬‬
‫المال فتنة ‪ ،‬وقد مدح الله رجال ل يلتهون به عن ذكره فقال‬
‫" رجال ل تلهيهم تجارة ول بيع عن ذكللر الللله وإقللام ٍ الصلللة‬
‫وإيتاء الزكللاة يخللافون يومللا تتقلللب فيلله القلللوب والبصللار ‪،‬‬
‫دهم ملن فضلله واللله‬ ‫ن ملا عمللوا ويزيل َ‬ ‫ليجزيهم اللله أحسل َ‬
‫يرزق من يشللاء بغيللر حسللاب " وهللذا المللال وإن كللان مللن‬
‫أسباب السعادةِ في الدنيا فقد يكون شقاًء علللى صللاحبه إذا‬
‫شللرا بط ِللرا‬‫صرفه عن ذكر الللله وأورده المحرمللات وجعللله أ ِ‬
‫ب جللزٍر‬ ‫مختللال فخللورا ‪ ،‬وهللذا مللن كللبراء اليونللان صللاح ُ‬
‫ت ومليارات ‪ ،‬حماماته من الذهب ‪ ،‬كللان‬ ‫وأساطيل ‪ ،‬وطائرا ٍ‬
‫يتباهى بمالهِ وثروته ‪ ،‬فمات وقد بنى لنفسه قللبرا كالقصللر ‪،‬‬
‫فكان يقول لصدقائه وأصحابه ‪ :‬إذا ما مت فإنه يجب عليكم‬
‫أن تأتوا وتشربوا عند قبري الخمر حتى أخرج وأشرب معكم‬
‫‪ ،‬فمات لكن في طائرته المحترقة التي هوت به من السماء‬
‫ولم يدخل ذلك القبر الذي بناه ‪ ،‬فآلت تركته إلى ابنتلله الللتي‬
‫ن مللن عمرهللا ‪ ،‬فللآلت‬ ‫مللاتت منتحللرة فللي السللابعة والثلثيل َ‬
‫ث أليللم ‪،‬‬ ‫التركة بعد ذلك إلى حفيللدته الللتي مللاتت فللي حللاد ٍ‬
‫ليكون الوريث بعد ذلك للمال كلبها ‪..‬‬
‫عباد الله ‪:‬‬
‫ة ولتصللون‬ ‫إن حاجة المة اليوم للمال عظيمللة ‪ ،‬لتكللون قويل ً‬
‫ل أعدائها ‪ ،‬فأنتم تللرون مللا تفعللله المؤسسللات‬ ‫نفسها عن ذ ّ‬
‫الدولية العالمية المالي لةِ والللتي يسلليطر علللى كبللار اليهللود ‪،‬‬
‫كيف يفعلون بالدول والشعوب الفقيرة من القراضات الللتي‬

‫‪855‬‬
‫دد حتى قيام الساعة ‪ ،‬لنها‬ ‫لها فوائد مركبة ‪ ،‬ل يمكن أن تس ّ‬
‫ل تزال في ازدياد ‪..‬‬
‫عباد الله ‪:‬‬
‫لقد جاءت طفرةٌ في عالم السللهم هّبلت رياحهللا علللى هلذه‬
‫ل المنصللرم ِ ألللف وأربعمللائةٍ‬ ‫ج العللام الللذهبي قبل َ‬ ‫البلد ‪ ،‬وت ُلوّ َ‬
‫س وعشلرين للهجلرة النبويلة بارتفلاٍع فلي السلهم للم‬ ‫وخم ٍ‬
‫ت ت ِل ِْريللون بعللد‬ ‫ة بخانا ِ‬ ‫ة السوقي ُ‬ ‫ت القيم ُ‬‫يسِبق له مثيل ‪ ،‬وبلغ ِ‬
‫ق مللن النللاس‬ ‫ما تجاوزت المليارات ‪ ،‬ودخل فللي هللذا السللو ِ‬
‫ث كللبير وغللش‬ ‫ن هللذا السللوقَ فيلله تل لوّ ٌ‬ ‫الكثرةُ الكاثرة ‪ ،‬ولك ّ‬
‫ف‬ ‫ت وكش ل ٌ‬ ‫ة للمانللا ِ‬ ‫ب وخيان ٌ‬ ‫وتدليس وخداعٌ وإشاعات وأكاذي ٌ‬
‫ت غيللُر‬ ‫للسللرارِ واحتكللاُر أشللياء ل يجللوُز احتكارهللا وحركللا ٌ‬
‫ل ‪ ،‬لقللد دخلللت‬ ‫ل أمللوا ٍ‬ ‫ت مقابل َ‬ ‫ب للمعلومللا ِ‬ ‫محسوبةٍ وتسللري ٌ‬
‫ث‬ ‫مللى المضللاربة فاجتللاحت المجتمللع ‪ ،‬حللتى صللارت حللدي َ‬ ‫ح ّ‬
‫ت المجتمللع مللن الغنيللاء‬ ‫ل والنسللاِء وطبقللا ِ‬ ‫ت والرجللا ِ‬ ‫الللبيو ِ‬
‫ة‬‫ت فتن ل ً‬ ‫ل وحتى الفقراء ‪ ،‬وصللارت الشاشللا ُ‬ ‫ومتوسطي الدخ ِ‬
‫ح التشللاؤم فللي اللللون الحمللر والتفللاؤل فللي‬ ‫للناس ‪ ،‬وأصللب َ‬
‫ق المحملوم‬ ‫ّ‬
‫اللون الخضللر ‪ ،‬ويشلهد المجتملعُ ظلاهرةَ التعلل ِ‬
‫بهذه السهم والهتمام ِ الشديد بهللا ‪ ،‬حللتى طغللت علللى أداءِ‬
‫الحقللوق وأشللغلت النللاس عللن متابعللةِ أحللوال إخللوانهم‬
‫ت والتهللادي‬ ‫ت والممتلكللا ِ‬ ‫المسلللمين ‪ ،‬وصللار بيللعُ المللدخار ِ‬
‫س‬ ‫ت المجللال ُ‬ ‫بالسهم ‪ ،‬وأخلذِ القللروض بللأي طريقلةٍ ‪ ،‬وسللر َ‬
‫ف‬ ‫ث خل ل َ‬ ‫ن بسللبب الل َهَللا ِ‬ ‫بالحديث في التفاخرِ بامتلك الملييل ِ‬
‫ل ضللخمة ‪،‬‬ ‫ت تللداو ٍ‬ ‫ت عجيبة ‪ ،‬كميا ُ‬ ‫هذه المضاربات ‪ ،‬مؤشرا ٌ‬
‫ل الفجللائي‬ ‫ص التح لوّ ِ‬ ‫ة رهيبة ‪ ،‬وهكذا ‪ ..‬بلغت قص ل ُ‬ ‫م سوقي ٌ‬ ‫قِي َ ٌ‬
‫ت‬ ‫ت صللال ُ‬ ‫إلى الللثروةِ أمللرا متن َللاَقل عللبر اللسللن ‪ ،‬وازدحم ل ْ‬
‫ن العمللل فللي‬ ‫ل ‪ ،‬وصار الناس يعملون من خلل أمللاك ِ‬ ‫التداو ِ‬
‫ة أحصللت عللدد السللاعات‬ ‫هللذه السللهم ‪ ،‬وأجريللت دراسلل ٌ‬
‫المهللدرة مللن العمللال بثمانمللائةِ ألللف سللاعةٍ يوميللا بسللبب‬
‫السهم لخروجهم من العمللال أو عكللوفهم علللى الشاشللات‬
‫ف‬ ‫ط هواتل َ‬ ‫ضللهم قللام بللتركيب خطللو ِ‬ ‫فللي وقللت العمللل ‪ ،‬وبع ُ‬

‫‪856‬‬
‫ن‬ ‫خاصة في مقّر عمله لكي يعمل مللن خللهللا ‪ ،‬وعنللدما ُيعل َل ُ‬
‫ك‬ ‫ب المعللار ُ‬ ‫م النللاس بتللدافع وفوضللى ‪ ،‬وتنشل ُ‬ ‫الكتتاب يزدح ُ‬
‫في خطللوط النتظللار وبيللن المللوظفين والمراجعيللن ‪ ،‬وبيللن‬
‫ر‬
‫ة إلللى حلد ّ كسل ِ‬ ‫سللهم ‪ ،‬حللتى وصلللت القضللي ُ‬ ‫المراجعين أنف ِ‬
‫ط أحدهم مغمى عليه ‪ ،‬فل يتجرأ‬ ‫ب ‪ ،‬ويسق ُ‬ ‫زجاٍج أو اقتلع با ٍ‬
‫ت دوِره في الصللف ‪،‬‬ ‫شخص لنقاذه ‪ ،‬لن الجميع يخشى فوا َ‬
‫ت إلللى‬ ‫ت والمكالمللا ُ‬ ‫س والمقللاهي والمنتللديا ُ‬ ‫وتحولت المجال ُ‬
‫ت للبيع والشراء ‪ ،‬طمعا فللي الللثراء السللريع ‪ ،‬واتجلله‬ ‫بورصا ٍ‬
‫بعض الناس للقتراض بالربا المحرم الذي لعن الله صاحبه ‪،‬‬
‫ق ضللخمة ‪ ،‬مللن أجللل أن‬ ‫ت تللوّر ٍ‬‫ضللهم دخللل فللي عمليللا ِ‬ ‫وبع ُ‬
‫صل على سلليولةٍ ليتللاجر بهللا فللي سللوق السللهم ‪ ،‬وصللار‬ ‫يح ُ‬
‫ت على حقّ الزوجللة الللذي قضللى‬ ‫النزاع بين الزواج والزوجا ِ‬
‫عليه الللزوج ‪ ،‬فللاكتتب باسللم زوجتلله وبللاع واشللترى وهللي ل‬
‫تدري ‪ ،‬ثم حصل النزاع بيللن الزوجيللن علللى أسللماء الولد ‪،‬‬
‫ت‬ ‫من الذي له الحقّ أن يكتتب بأسمائهم ‪.‬؟ وهكذا ُرهنت بيو ٌ‬
‫ن السكن من أجل الحصول علللى المللوال الللتي‬ ‫وبيعت أماك ُ‬
‫ح معيشللتهم ‪،‬‬ ‫يتاجرون بها في هذا السوق ‪ ،‬وباع أناس مصال َ‬
‫ب أرزاق عددٍ من العللاملين فيهللا " والللله يللرزق‬ ‫وأغلقوا أبوا َ‬
‫مللن يشللاء " حللتى ُرعللاة الماشلليةِ بللاعوا ُقطعللانهم ‪ ،‬وصللار‬
‫ت الكلد‬ ‫ل فلي دواملا ِ‬ ‫أحدهم يقول ‪ :‬لماذا ُأتعب نفسي وأدخل ُ‬
‫والكدح والمشكلت مع العمللال والسللوق وأنللا أسللتطيع مللن‬
‫ب أضللعاف‬ ‫خلل ضغط الزرار علللى هللذه الشاشللة أن أكسل َ‬
‫أضعاف ما أجنيه من وراء هللذه الماشللية ‪ ،‬ولللم يفكللر أولئك‬
‫ت ل تبني شلليئا‬ ‫ت اليسيرة عبر الشاشا ِ‬ ‫القوم أن هذه الحركا ِ‬
‫ت تصنيع ول زراعللة ‪ ،‬وليللس‬ ‫في المجتمع ‪ ،‬إنها ليست عمليا ُ‬
‫ة للمجتمع ‪ ،‬وليس فيهللا ممللا يفيللد المجتم لعَ شلليءٌ‬ ‫فيها تنمي ٌ‬
‫هم ينظ ُلُر‬ ‫ة فقللط ‪ ،‬فالمسللا ِ‬ ‫على الطلق ‪ ،‬إنهللا نظللرةٌ فردي ل ٌ‬
‫ض النظللر عللن مصلللحة المجتمللع ‪ ،‬طفللرة عجيبللة‬ ‫لللذاته بغ ل ّ‬
‫ح إلللى‬ ‫الربللا‬ ‫ت‬ ‫را‬ ‫ر‬ ‫مكلل‬ ‫وصللارت‬ ‫‪،‬‬ ‫السللواق‬ ‫بهللا‬ ‫أصلليبت‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ت لم يسبق لها مثيل ‪ ،‬وإذا كان مكّرُر الربِح هو سعُر‬ ‫مستويا ٍ‬

‫‪857‬‬
‫ر‬
‫السهم زائدِ العائدِ السنوي للسهم ِ ‪ ،‬فتأملل فللي الوضلع غيل ِ‬
‫ح شللركةٍ مللن‬ ‫ل فيه مكّرُر رب ُ‬ ‫ق الذي يص ُ‬ ‫الطبيعي على الطل ِ‬
‫الشركات شبهِ المغلقللة إلللى تسللعةِ آلف ‪ ،‬وهللذا الربللح لللم‬
‫يحللدث فللي البورصللات اليابانيللة والمريكيللة والعالميللة علللى‬
‫ض أنللواع‬ ‫ن حكللم ِ بعلل ِ‬ ‫م فللي تللبي ّ ِ‬‫الطلق ‪ ،‬وهللذا الكلم مهلل ٌ‬
‫ه‬‫الممارسللات مللن هللذه الجهللات ‪ ،‬فللإذا كللانت الشللركة شللب ُ‬
‫مقفللةٍ وأنشللطتها فللي الحللدود الللدنيا ول يكللاد يوجللد عنللدها‬
‫شيء تبيعه ‪ ،‬ول يكاد يوجد لها أرباح ‪ ،‬بل إنهللا فللي خسللائر ‪،‬‬
‫ح لديها إل ستة مللوظفين ‪ ،‬فكيللف وبللأي عقللل‬ ‫وربما لم يصب ْ‬
‫س ُيصبح سعُر سهما قريبللا مللن ألللف‬ ‫وبأي منطق وبأي مقيا ٍ‬
‫ة السللهم الحقيقيللة ل تتجللاوُز السللتين ريللال ‪ ،‬ومعنللى‬ ‫وقيم ل ُ‬
‫الكلم عباد الله ‪ :‬أن الناس يضللاربون فللي الوهللام فيللبيعون‬
‫ل‬ ‫ويشترون في الوهام ‪ ،‬وهذه النواعُ من الشللركات التعام ل ُ‬
‫ب من الميسر والقمللار ‪ ،‬وقللد بللان عوارهللا فللي‬ ‫سُهما ضر ٌ‬ ‫بأ ْ‬
‫النهيار الذي حصل في السوق ‪ ،‬فهذا الرتفاع الذي ل يوجللد‬
‫ح‬ ‫للله أيّ مللبّررٍ فللي ارتفللاعه ‪ ،‬فل يوجللد لهللا ميزانيللة أو أربللا ٌ‬
‫ف سنويةٍ أو ربعُ سنوية تبّرر هذا الرتفاع ‪ ،‬إذا ‪:‬‬ ‫سنوية أو نص ُ‬
‫هي مبنية على المخادعة والغش والتحايل ‪ ،‬وتغشى السللهم‬
‫ت غي لُر‬ ‫عباد َ الله محرمات كثيرة ‪ ،‬ومن ذلك ‪ :‬نش لُر الشللائعا ِ‬
‫ب‬ ‫الصحيحة ‪ ،‬من أجللل التللأثير علللى سللعر السللهم ‪ ،‬وتسللري ُ‬
‫س معينين لقاَء مبالغَ مالية‬ ‫الخبارِ لنا ٍ‬
‫ح‬ ‫ت الوهميللة الللتي تسللبقُ افتتللا َ‬ ‫ض والطلبللا ُ‬
‫‪ ،‬وكللذلك العللرو ُ‬
‫ش‬ ‫ق بدقيقةٍ أو دقيقتين للتأثيرِ علللى السللهم ‪ ،‬وهللذا غل ٌ‬ ‫السو ِ‬
‫ض الضللخمة الللتي يضللعها‬ ‫وتللدليس محللرم ‪ ،‬وكللذا العللرو ُ‬
‫زل بينما هو‬ ‫ب في السهم ليوحي للمساهمين أنه سين ِ‬ ‫المضار ُ‬
‫سلله أيضللا ‪ ،‬والللتزويُر للعلللى‬ ‫يشللتري فللي الحقيقللةِ وعك ُ‬
‫كشللفت‬ ‫وللسفل بينما المضارب يشتري ويبيعُ لنفسه ‪ ،‬وقد ُ‬
‫ب هي في الحقيقللة‬ ‫ل عجيبة في هذا الباب ‪ ،‬وهذه اللعي ُ‬ ‫حي ٌ‬
‫إضللراٌر بالمسلللمين تسللبب الخسللائر الحللادة فللي أمللوالهم ‪،‬‬
‫والللذي ل يعللرف عللن السللهم وأحوالهللا شلليئا هللو الضللحية‬

‫‪858‬‬
‫ق من الجهلة من ل يعللرف‬ ‫الخاسر ‪ ،‬وقد دخل في هذا السو ِ‬
‫فيهللا نظامللا ول قاعللدة ‪ ،‬ول يكللاد يعللرف إل اللللوان ‪ ،‬وقللد‬
‫أجريت إحصاءات َتبّين من خللها أن ثلثة وسبعين بالمللائة ل‬
‫يعرفون سوى الحمر والخضر ‪..‬‬
‫عباد الله ‪:‬‬
‫ل لهللذه المشللكلت فللي التضللخم ِ الللتي‬ ‫ل بد من إيجللادِ حلللو ٍ‬
‫رف المللوال‬ ‫صل في السوق ‪ ،‬وهذه الحلول تكمن في ص ِ‬ ‫تح ُ‬
‫ة‬‫إلى الكتتاب بدل المضاربة ‪ ،‬لن الكتتاب هو إنشللاُء وإقام ل ُ‬
‫ف السلليولة فللي المشللاريِع‬ ‫ت فيها نفع للنللاس ‪ ،‬وصللر ُ‬ ‫شركا ٍ‬
‫م البنية التحتيةِ والفوقيةِ للمجتمع المسلم ‪ ،‬كما‬ ‫الجديدة تخد ُ‬
‫ت الخاسرةِ حتى تعيد َ ترتيب أوراقها‬ ‫ف الشركا ِ‬ ‫أنه ينبغي إيقا ُ‬
‫ت جديللدة فيهللا نف لعٌ للنللاس‬ ‫ة وتشللجيعُ شللركا ٍ‬ ‫‪ ،‬وكذلك إقام ل ُ‬
‫ليكتتبوا فيهللا وينتفعللوا بالمسللاهمة مللن ورائهللا ‪ ،‬سللواٌء فللي‬
‫ل بعد الكتتاب ‪..‬‬ ‫ت التداو ِ‬‫الرباح أو ببيِع أسهما إذا صار وق ُ‬
‫أيها المسلمون ‪:‬‬
‫ب بالسللوق ‪ ،‬ترفللعُ السللعار‬ ‫عنللدما تكللون هنللاك فئة تلعلل ُ‬
‫فضها باتفاقات خفيللة ‪ ،‬أليللس هللذا محللرم شللرعا ‪.‬؟ إنلله‬ ‫وتخ ِ‬
‫حرام ول شك ‪ ،‬والمكاسب من وراء هللذه اللعيللب حللرام ‪،‬‬
‫ت الذي يوردهم‬ ‫واللذين يقومون بها إنما يأكلون المال السح َ‬
‫النار ‪ ،‬وتسمع من يقول ‪ :‬إن التجارة شللطارة ‪ ،‬ويللا سللبحان‬
‫ر‬
‫الللله ‪ ،‬أتكمللن الشللطارة فللي إيقللاع الخريللن فللي الخسللائ ِ‬
‫عهم ‪ ،‬وقللد صللدقوا إذ ْ قللالوا ‪ :‬إن التجللارة‬ ‫والتغريرِ بهم وخدا ِ‬
‫ع‬
‫شطارة ‪ ،‬فإن الشاطر فللي اللغلة هللو اللئيللم الخللبيث قللاط ُ‬
‫الطريق ‪ ،‬إن هذا التلعب الذي شهده السللوق فللي السللابيع‬
‫ت مالية ‪ ،‬وتخضم مالي كبير بغير مبرر‬ ‫الماضية سّبب انهيارا ٍ‬
‫‪ ،‬وإن اسللتغلل الغفلللة الللتي يتصللف بهللا بعللض المسللاهمين‬
‫ليسللت مللن السلللم والمللروءة فللي شلليء ‪ ،‬ولللذلك تكلللم‬
‫ن‬ ‫المتقولون في هذا الجانب بعلم وبغير علللم ‪ ،‬وصللار كللثيرو َ‬
‫ت‬‫دلون بلآرائهم ويكتبلون فلي المنتلديا ِ‬ ‫خبراَء فلي السلوق ُيل ْ‬
‫ت ويعّلقللون فللي الجللرائد والصللحف ‪،‬‬ ‫ويرسلون عبر الجللوال ِ‬

‫‪859‬‬
‫ماعون لهم ممن يجهلللون حقللائقَ المللور ‪ ،‬وبنللاء‬ ‫وكثيرون س ّ‬
‫ت تغدوا وتروح فللي‬ ‫على أقوالهم يبيعون ويشترون ‪ ،‬وعصابا ٌ‬
‫سخط الللله جللل وعل ‪ ،‬والنتيجللة ضللحايا مللن المسلللمين ‪ ،‬ل‬
‫شللك أن مثللل هللذا الوضللع مخللزي ومللردي ومهلللك ‪ ،‬وهللذه‬
‫ة‬
‫النتائج التي رأيناها في الشاشللات مللن الخسللائر هللي نتيج ل ُ‬
‫ة‬‫خلو البركة بسبب هذه اللعيب ‪ ،‬إنها ليست خسائر طبيعيلل ٌ‬
‫لكي نقول لولئك المساهمين ‪ :‬ارضوا بالقضاء والقدر وهللذا‬
‫ح وخسارة ‪ ،‬ول شك ‪ ..‬فإنه يجب الرضا‬ ‫هو حال التجارة ‪ ،‬رب ٌ‬
‫بالقضاِء والقدر في جميع الحالت ‪ ،‬ولكن أن يكون ملن وراء‬
‫ة وإضلللراٌر بلللأموال‬ ‫ب وخديعللل ٌ‬‫ل ونصللل ٌ‬ ‫ب واحتيلللا ٌ‬
‫هلللذا تلعللل ٌ‬
‫المسلمين ثم يقال ‪ :‬هذه تجارة ‪ ،‬كل والله ‪ ،‬وهللؤلء اللللذين‬
‫اقترضوا بالربا ثم دخلوا في هذه المساهمات ‪ ،‬فقللد ابتلهللم‬
‫الله وعاقبهم بهذه الخسائر الفادحة ‪ ،‬لنه لما انهار السوق ‪،‬‬
‫أرادوا الخروج بأي طريقة كللانت فمللا اسللتطاعوا مللا اهتللدوا‬
‫ض‬ ‫إلى ذلك سبيل ‪ ،‬لن الطلب علللى الشللراء صللفر ‪ ،‬والعللر َ‬
‫ن الحمللر‬ ‫هائل ‪ ،‬وهو يرى أرباحه تتآكل على الشاشللة واللللو ُ‬
‫ل إلى رأس المال ‪ ،‬ثم بعد ذلك‬ ‫يستمر ويستمر ‪ ،‬ليصل التآك ُ‬
‫ق شّر ط ِْردة ‪ ،‬وعليلله حينهللا فللإنه ولبللد مللن‬ ‫ُيطرد من السو ِ‬
‫تسديد الربا بالضافة إلى المبلغ الصلي الذي أثقل كاهله بله‬
‫ل‬ ‫‪ ،‬وعندما يعطي البنللك مللا يسللمى بالتسللهيل المللالي مقاب ل َ‬
‫ب في البنللك فيقللول للله مثل ‪:‬‬ ‫مبلٍغ معين يودعه هذا المضار ُ‬
‫تودع مائة ألف لتضارب بها وأزيدك عليها مائة ألف ‪ ،‬فإذا بدأ‬
‫يخسر في أسهمه إلى المائة اللللف الللتي أخللذها مللن البنللك‬
‫طرده البنك وباع أسهمه رغما عنه حتى يضمن البنك حقلله ‪،‬‬
‫ول بد من تسديد البنك بعد ذلك ‪ ،‬وأصللبح أنللاس بيللن عشللية‬
‫وضحاها ضحايا ركبتهم أنواع من الهموم والغموم والللديون ‪،‬‬
‫ولذلك صار من أحسن المشاريع علجا لمن أصبح ضحية هذا‬
‫ض‬ ‫ت وأمللرا ُ‬ ‫النهيار‪ :‬العيادات النفسية ‪ ،‬فقام سللوق الجلطللا ِ‬
‫ت‬ ‫ة المستشلللفيات وسللليارا ُ‬ ‫ط والسلللكري ومراجعللل ُ‬ ‫الضلللغ ِ‬
‫ت الهلوسللة ‪ ،‬وأصللبح مللن النللاس مللن يكلللم‬ ‫السعاف وحال ُ‬

‫‪860‬‬
‫نفسه كالمجنون ‪ ،‬وهذا الذي يصلللي أمللام الشاشللات إدمانللا‬
‫لها ‪ ،‬وثلثة عشرة جلطة أصابت ثلثة عشر شخصا ‪ ،‬وازدهر‬
‫ت والسكتات القلبيللة‬ ‫سوق المستشفيات وعلت الناس النوبا ُ‬
‫‪ ،‬وكل ذلك بسبب السللهم وصللدق الللله " إن النسللان خلللق‬
‫هلوعا ‪ ،‬إذا مسه الشر جزوعا ‪ ،‬وإذا مسه الخير منوعا " إنلله‬
‫أمر ظاهر في سوق السهم اليوم ‪ ،‬هم وغم ونكللد ‪ ،‬وضلليق‬
‫صدر وهلع ‪ ،‬وتسمع الخبار العجيبلة ملن أحلوال النلاس وملا‬
‫آلت إليلله أمللورهم ‪ ،‬ثللم سللوٌء عجيللب حصللل فللي العلقللات‬
‫الزوجيللة بسللبب تتبللع البورصللة بحسللب حللال اللللوان ‪،‬‬
‫فاصطبغت الحياة بألوان المؤشرات وانعكست تلللك اللللوان‬
‫ة‬
‫على المزجللة والعقللول والنفللوس فحصللل الطلق والفرق ل ُ‬
‫م البيوت وتشتت البناء وعانت المهات وتفرقت السرة‬ ‫وهد ُ‬
‫سهم فيهللا ‪ ،‬طيشللان‬ ‫‪ ،‬فأي حال هذه التي ألقى بها هؤلء أنف َ‬
‫ل عنللد نللزول المؤشللرات وهللذه التللأثيرات النفسللية‬ ‫العقللو ِ‬
‫البالغللة علللى النفللوس والرواح ‪ ،‬إنهللا كارثللة خطيللرة تجتللاح‬
‫المجتمللع ‪ ،‬ل بللد أن يتصللدى لهللا أهللل العلللم والخصللائيون‬
‫والجتمللاعيون وعقلُء المجتمللع ‪ ،‬فالمسللألة ليسللت بهللذه‬
‫السهولة ‪ ،‬لنها تحتاج إلى تأملت واستيضاح ‪،‬‬
‫عباد الله ‪:‬‬
‫مهما ارتفع المؤشر فل بد أن يهبط ‪ ،‬وهذا هو مصللداق قللول‬
‫النبي صلى اللله عليله وسللم " حللق عللى اللله أن ل يرتفللع‬
‫شيء من الدنيا إل وضللعه " ] رواه البخللاري [ احفظللوا هللذا‬
‫الحديث جيدا " حق على الله أن ل يرتفع شيء من الللدنيا إل‬
‫وضعه " وهذا أمر ثابت عند الله تعالى أن ل يرتفع شيء من‬
‫طه وطرحه ‪ ،‬وذلك لهوان الدنيا‬ ‫أمور الدنيا إل وضعه الله وح ّ‬
‫على الله والتنبيه على ترك المباهاة والمفللاخرة فيهللا وحللتى‬
‫يتعلم الناس أنها ل تدوم ‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك العفو والعافية ‪ ،‬والمعافاة الدائمة في الدين‬
‫والدنيا والخرة ‪ ،‬أقول ما تسمعون وأستغفر الللله لللي ولكللم‬

‫‪861‬‬
‫ولسللائر المسلللمين مللن كللل ذنللب فللا سللتغفروه إنلله غفللور‬
‫رحيم ‪.‬‬
‫الخطبة الثانية‬
‫إن هذا السوق المليء بالخديعة والتلعب والتدليس والكذب‬
‫والحيل هو في حقيقة المللر سللوق ملوثللة ‪ ،‬والتلللويث أصللل‬
‫واقع في كثير من الشركات المحرمة لحرمتها بالضافة إلللى‬
‫تلعب مساهميها بين فينة وأخرى فيها ‪ ،‬ومن المور المهمللة‬
‫التي ينبغي أن تتضح عباد الله ‪ :‬الحكمة في مثل هذه المور‬
‫‪ ،‬وإن مللن الحكمللة انتهللاز فرص لةِ الكتتللاب فللي الشللركات‬
‫ص على حّلها العلماء ومن لهم رسوخ علمللي‬ ‫المباحة التي ين ّ‬
‫ف فيلله انتهللاُز للفللرص‬
‫ل هذا التصر ّ‬ ‫في هذا المجال ‪ ،‬فإن مث َ‬
‫ض النللاس‬‫واسللتثماٌر فللي تلللك الشللركات ‪ ،‬لكللن أن يبلعَ بعل ُ‬
‫البيوت والسيارات وتللبيعُ بعللض النسللاء مللا لللديها مللن ذهللب‬
‫ومجللوهرات لن مللن النسللاء مللن شللملتها حمللى السللهم ‪،‬‬
‫م بل بيت يللأوي فيلله قللد كللان يومللا مللن اليللام‬‫فيبقى المسل ُ‬
‫يملكه ‪ ،‬ويتحمل عناء ومشقة بل مركللب قللد كللان يومللا مللن‬
‫اليام يركبه ‪ ،‬ويبيعُ أمللورا مللن حاجللاته المعيشلليةِ الساسللية‬
‫التي هي من صلب الحياة اليومية ليدخل في سللوق يضللارب‬
‫فيه وهذه حال اضطرابه وانهياره فهذا ليس من الحكمة في‬
‫شيء ‪ ،‬ومن الناس من يقترض بالحرام ليدخل فللي السللوق‬
‫ل في تجارةٍ كهذه بأموال حللرام ‪ ،‬ل يبللارك‬ ‫الملوث ‪ ،‬والدخو ُ‬
‫الله فيها ‪ ،‬ولذلك خسر الكثير من هؤلء في هللذا النهيللار فل‬
‫ربحوا من جهة المضاربة ول استفادوا من هذا القرض ‪ ،‬عباد‬
‫الله ‪:‬‬
‫كان من القواعد العمريللة الللتي س لّنها أميللر المللؤمنين عم لُر‬
‫ل فللي السللوق إل مللن‬ ‫رضي الله عنه في حياته ‪ :‬أن ل يللدخ َ‬
‫يفقه ‪ ،‬وعلى هذا فإنه ول بد من تعلللم الحكللام الللتي تتعلللق‬
‫ل في سوقها ‪ ،‬وهذه طائفة منها ‪:‬‬ ‫بالسهم لمن يريد الدخو َ‬

‫‪862‬‬
‫ل‬ ‫ة فللي كل ّ‬ ‫ة شلائع ً‬ ‫صل ً‬ ‫كح ّ‬ ‫م في أي شللركةٍ يمِلل ُ‬ ‫أول ‪ :‬المساهِ ُ‬
‫ت حقلله فللي‬ ‫ة ُتثب ل ُ‬‫ت الشركة ‪ ،‬وشهادةُ السللهم وثيق ل ٌ‬ ‫موجودا ِ‬
‫صة ‪.‬‬ ‫ح ّ‬‫تلك ال ِ‬
‫ملارس نشلاطا محرملا‬ ‫ثانيا ‪ :‬شراُء أسللهم ِ الشللركات اللتي ت ُ ِ‬
‫ج المحرمات والمتاجرةِ بها حرام قطعا‪.‬‬ ‫كالربا وإنتا ُ‬
‫ة‬‫ة المباحل َ‬ ‫س النشللط َ‬ ‫ت التي تمار ُ‬ ‫ثالثا ‪ :‬شراُء أسهم ِ الشركا ِ‬
‫كالزراعة والصناعة والخدمات المباح لةِ هللي حلل مللن جهللة‬
‫الصل ‪.‬‬
‫ح ‪ ،‬لكنهللا تتعامللل فللي‬ ‫ل مبللا ٌ‬ ‫ت الللتي لهللا أصل ٌ‬ ‫رابعا ‪ :‬الشركا ُ‬
‫بعض الوضللاع بللالحرام كللالقتراض بالربللا وهللي مللا يسللمى‬
‫ت المعاصللرين‬ ‫بالشللركات المختلطللة فللأكثر العلمللاِء الثقللا ِ‬
‫وفتاوى المجاميع الفقهية على تحريمها ‪.‬‬
‫ت الشركة‬ ‫ة شائعة في موجودا ِ‬ ‫م يملك حص ً‬ ‫خامسا ‪ :‬المساه ُ‬
‫ك في جميِع ما يحدث في هللذه الشللركة ‪،‬‬ ‫‪ ،‬ولذلك فإنه شري ٌ‬
‫ومن ذلك المال المختلط بالربا ‪ ،‬فعندما يشللتري سللهما فللي‬
‫ة فللي الربللا ‪ ،‬فقللد صللار للمسللاهِم ِ‬ ‫شركة ‪ ،‬وتقترض الشللرك ُ‬
‫س‬ ‫ب من المال المأخوذِ بالربا ‪ ،‬ولذلك يجب ُنصللح مجللال ِ‬ ‫نصي ٌ‬
‫ي‬
‫ن دون أن يبللدوا أ ّ‬ ‫ت لن بقللاَء المسللاهمي َ‬ ‫ت الشللركا ِ‬ ‫إدارا ِ‬
‫ك‬ ‫ة وتقاعلد ٌ وتللر ٌ‬ ‫ت المحرمة ‪ ،‬هو غفلل ٌ‬ ‫حراك في هذه العمليا ِ‬ ‫ِ‬
‫ي عللن المنكللر ‪ ،‬وهللذا كسللل وتللدمير‬ ‫للمر بالمعروف والنهل ِ‬
‫س الدارات‬ ‫حهم لمجللال ِ‬ ‫ة المساهمين ونصل ُ‬ ‫للدين ‪ ،‬فأين حرك ُ‬
‫م بالنيابلة عنهلم فللي هلذه‬ ‫س الدارةِ هللو اللذي يقلو ُ‬ ‫لن مجل َ‬
‫القرارات ‪.‬‬
‫ل بالربللا أو‬ ‫ف يتعامل ُ‬ ‫ساداسا ‪ :‬من اشترى أسلُهما مللن مصلرِ ٍ‬
‫ب إلى الله بالندم ِ‬ ‫شركةٍ تتعامل بالحرام ‪ ،‬فيجب عليه أن يتو َ‬
‫ب عليلله أن‬ ‫م على عدم العودة ‪ ،‬كمللا يج ل ُ‬ ‫على ما فات والعز ْ‬
‫يتخّلص من السهم مباشرةً ويخللرج مللن الشللركة المحرمللة‬
‫التي هو شريك ومساهم فيها ‪.‬‬
‫م فللي شللركةٍ اكتشللف أنهللا‬ ‫سللابعا ‪ :‬مللن كللان عنللده أسلله ٌ‬
‫م بالتحريم من قبل ‪ ،‬فإنه يجللب عليلله‬ ‫ة ‪ ،‬ولم يكن يعل ُ‬ ‫محرم ٌ‬

‫‪863‬‬
‫ب منها مباشرةً ‪ ،‬وله ما حصل من الرباح ‪ ،‬لنلله لللم‬ ‫النسحا ُ‬
‫ة‬
‫ة من قبل ‪ ،‬فما استلمه من ربح في الفتر ِ‬ ‫يكن يعلم الحقيق َ‬
‫السابقة التي لم يكن يعلم فيها بالحكم فهو له ‪.‬‬
‫ل في المساهامات فللإنه يجللب‬ ‫ثامنا ‪ :‬من اقترض بالربا ليدخ َ‬
‫عليه أن يتوب إلى الله ويبيعَ السللهم فللورا لتسللديدِ القللرض‬
‫الذي اقترضلله حللال ‪ ،‬لنلله ل يجللوز للمسلللم أن َيمضللي فللي‬
‫العقدِ المحرم ِ لنه عقد ٌ باطل ‪ ،‬والواجب عليلله إعللادُته فللورا‬
‫إلى الجهةِ التي اقترض منها ‪.‬‬
‫ت الشللركة‬ ‫م أن هناك محرما في معامل ِ‬ ‫تاسعا ‪ :‬من كان يعل ُ‬
‫ثم اختلط بحلل فيها وتاب إلى الله عز وجل ‪ ،‬فللإنه يتخلللص‬
‫من نسبة الحرام وينسحب ‪.‬‬
‫ل المحرم الذي حصللل عليلله ينفقلله فللي بعللض‬ ‫عاشرا ‪ :‬الما ُ‬
‫وجللوه الخيللر كتعبيللد الطللرق وحفللر البللار الللتي ينفللع بهللا‬
‫المسلمين ‪ ،‬ول يتصدق منه ول يعطي منه للزكاة ‪ ،‬لن الللله‬
‫حل ّ‬
‫ل للله أن يأخ لذ َ منلله شلليئا ول‬ ‫طيب ل يقبل إل طيبللا ‪ ،‬ول ي ِ‬
‫ب يجللب عليلله أن ُينفللق عليهللم كالزوجللة‬ ‫ة لقللار ٍ‬
‫يعطيه نفقل ً‬
‫والبناء ‪ ،‬فليس إعطاؤهم منه من التخلص الشرعي منه في‬
‫شيء ‪.‬‬
‫ن بناًء علللى‬ ‫ص من الرباح المحرمةِ يكو ُ‬ ‫الحادي عشر ‪ :‬التخل ُ‬
‫ما يخرج في الميزانيللة مللن الشللركة ‪ ،‬فل بللد أن ينظللر فللي‬
‫ميزانيةِ الشركة حتى يتخلص من المال ‪.‬‬
‫الثاني عشر ‪ :‬للشركات التي فيها حرام ‪ ،‬ل فللرق فيهللا بيللن‬
‫ب والمستثمر ‪ ،‬فالللذي أخللذ أسللهمها ليبقيهللا عنللده ‪،‬‬ ‫المضار ِ‬
‫والذي اشترى أسهمها ليتاجر فيها ويضارب بها ‪ ،‬كلهمللا فللي‬
‫الحكللم سللواء ‪ ،‬فللالتحريم فيهمللا سللواء ‪ ،‬لنلله ل فللرق فللي‬
‫الشرع بين أن يبقي السهم عند المسللاهم سللنوات أو يبقيلله‬
‫سلاعات ‪ ،‬لن المسلاهم سليبقى شلريكا فلي هلذه الشلركة‬
‫المحرمة ما دام مشتركا فيها ‪ .‬الثالث عشللر ‪ :‬السللهم الللتي‬
‫ح أكثر من‬ ‫صلوا على رب ٍ‬ ‫تسمى ممتازة وُتميز أصحابها بأن يح ُ‬
‫و‬ ‫َ‬
‫ضللهم عنللد تصللفيةِ الشللركة ونحل ِ‬ ‫الخرين ‪ ،‬أو أن ُيبللدأ بتعوي ِ‬

‫‪864‬‬
‫م محرمللة ل يجللوز شللراؤها ‪ ،‬وأمللا السللهم‬ ‫ذلك ‪ ،‬فهذه أسه ٌ‬
‫ض المساهمين القللدامى الح لقّ فللي‬ ‫طي بع َ‬ ‫الممتازةُ التي ُتع ِ‬
‫الكتتاب قبل غيرهم مللن غيللر المسللاهمين عنللد إرادةِ زيللادة‬
‫س المال ‪ ،‬فليس فيها محذوٌر شرعي ول بأس بهذا العمل‬ ‫رأ ِ‬
‫ض السللهم‬ ‫الرابع عشر ‪ :‬من أحكام السللهم أنلله يجللوز إقللرا ُ‬
‫ض رد ّ مثله سواٌء ارتفع السللعر أم هبللط ‪ ،‬فللإذا‬ ‫وعلى المقتر ِ‬
‫ص عشرة أسهم مللن شللركةٍ معينللة فللإنه يردهللا‬ ‫اقترض شخ ٌ‬
‫عشرة كما أخذها ‪.‬‬
‫الخامس عشر ‪ :‬يجوز رهن السهم ‪ ،‬وعند الحاجةِ إلللى أخللذ‬
‫ن وي ُللرد ّ البللاقي إلللى‬
‫الحق ُتباع هذه السللهم وُيسللتوفى الللدي ُ‬
‫صاحب السهم ‪.‬‬
‫السادس عشر ‪ :‬يجوز شراء السهم عن طريق التقسيط ما‬
‫دامت الشركات مباحة والمعاملت فيها مباحة ‪ ،‬وله أن يللبيع‬
‫ما اشترى من أسهم مللتى مللا أراد لن الشللراء الول انتهللى‬
‫بتملكه للسهم وعليه دين وهو ثمنها ‪ ،‬فيجوز بيعها ما دام قد‬
‫امتلكها في أي وقت يشاء ولو كانت القساط لم تنته بعد ‪.‬‬
‫م جهللات ماليللة بتنظيللم عمليللات‬ ‫السللابع عشللر ‪ :‬يجللوز قيللا ُ‬
‫الكتتاب في السهم والشركات المباحة مقابل أجرة معينة ‪.‬‬
‫الثللامن عشللر ‪ :‬أجللاز بعللض العلمللاء المعاصللرين أن يللدخل‬
‫ة ماليللة مللع آخللر معلله‬ ‫ب السم الذي ليللس معلله سلليول ٌ‬ ‫صاح ُ‬
‫سيولة مالية في اكتتاب ويكون الربح بينهما عند بيللع السللهم‬
‫على حسب النسبة التي اتفقا عليهلا ‪ ،‬أملا بيلع السلماء ملن‬
‫الشخص الذي ليس معه سيولة لشللخص معلله سلليولة فهللذا‬
‫محرم ‪.‬‬
‫التاسع عشر ‪ :‬ل بد من القيام بزكاة السهم ‪ ،‬وعندما يتللاجر‬
‫المسلم فيها فإنها تصبح من عروض التجارة فل ينسللى حللق‬
‫الله فيها ‪ ،‬فتؤخذ الزكاة منها بقدر قيمتها في نهاية كل حول‬
‫والللله أعلللم ‪ ..‬اللهللم إنللا نسللألك فعللل الخيللرات ‪ ،‬وتللرك‬
‫المنكرات ‪ ،‬وحب المساكين ‪ ...‬اللهم طيب أرزاقنللا واجعلهللا‬
‫حلل يا أرحم الراحمين ‪ ،‬اللهللم دلنللا علللى الخيللر واسللتعملنا‬

‫‪865‬‬
‫فيه وجنبنا الشر وابعللدنا عنلله اللهللم اجعلنللا مللن المتعللاونين‬
‫على البر والتقوى ول تجعل في قلوبنا غل للذين أمنوا ‪...‬‬
‫===============‬
‫‪#‬الهدية وأحكامها‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‬
‫للهديللة عظيللم الثللر فللي اسللتجلب المحبللة وإثبللات المللودة‬
‫وإذهاب الضغائن وتأليف القلوب‪.‬‬
‫* وهللي دليللل علللى الحللب وصللفاء القلللوب ‪ ،‬وفيهللا إشللعار‬
‫بالتقدير والحيرام ‪ ،‬ولذلك فقد قبل النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم ‪ ،‬قبلها من المسلم والكافر ‪ ،‬وقبلها مللن المللرأة كمللا‬
‫قبلها من الرجل ‪ ،‬وحث النبي صلى الللله عليلله وسلللم علللى‬
‫التهادي وعلى قبول الهدايا ‪.‬‬
‫* فكم من ضغينة ذهبت بسسبب هدية !!‬
‫* وكم من مشكلة دفعت بسبب هدية !!‬
‫* وكم من صداقة ومحبة جلبت بسبب هدية !!‬
‫* وها هي جملة نصللوص عللن رسللول اللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم في هذا الباب ‪ ،‬باب قبول الهدية ومجازاة مللن أهللدى‬
‫إليك ‪ ،‬والحث على الهداء والهدية من الكافر ومن المسلللم‬
‫وللكافر والمسلم ‪ ،‬والموانللع الللتي قللد تتللدخل لمنللع الهديللة‬
‫ولمنع قبولها أو كراهيتها وكراهية قبولها ‪ .‬وبالله التوفيق ‪.‬‬
‫* أخرج البخاري رحمه الله تعالى ) ‪ / 2585/‬وقد أعله بعض‬
‫العلماء بالرسال وهو الصواب لكن انظر إلى الشواهد الللتي‬
‫ذكرناها في هذا الباب( من حللديث عائشللة رضللي الللله عنهللا‬
‫قالت ‪ :‬كان سول الله صلى الللله عليلله وسلللم يقبللل الهديللة‬
‫ويثيب عليها ‪).‬ومعنى يثيب عليها ‪ :‬أي يجازي المهللدي بهديللة‬
‫أيضا ( ‪.‬‬
‫* وفللي الصللحيحين )البخللاري‪ 2576:‬ومسلللم ‪ (1077:‬مللن‬
‫حديث أبي هريرة رضللي الللله عنلله قللال ‪ :‬كللان رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعللام سللأل عنلله ‪ :‬أهديللة أم‬
‫صدقة ؟ فإن قيل صدقة قال لصللحابه ‪) :‬كلللوا ( ولللم يأكللل‬

‫‪866‬‬
‫وإن قيل ‪ :‬هدية ضرب بيللده صلللى الللله عليلله وسلللم فأكللل‬
‫معهم ‪.‬‬
‫* وكان النصار يهدون لرسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم‬
‫ففي الصحيحين )البخاري‪(2567:‬‬
‫من حديث عائشة رضي الللله عنهللا أنهللا قللالت لعللروة ‪ :‬ابللن‬
‫أخللتي إن كنللا لننظللر إلللى الهلل ثللم الهلل ثلثللة أهلللة فللي‬
‫شهرين ‪ ،‬وما أوقدت في أبيات رسول الله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلللم نللار فقلللت ‪ :‬يللا خالللة مللا كللان يعيشللكم ؟ قللالت ‪:‬‬
‫السودان التمر والماء ‪ ،‬إل أنه قد كان لرسللول الللله جيللران‬
‫من النصار كانت لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله صلى‬
‫الللله عليلله وسلللم مللن ألبللانهم فسللقينا‪) .‬منللائح ‪ :‬النللوق أو‬
‫الشياه (‬
‫* وأخرج المام أحمد)في المسند ‪ ، 4/189:‬وله شاهد يصللح‬
‫به قصة إسلم سلمان عند أحمد‪ (5/441:‬بإسناد حسن مللن‬
‫حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ول يقبل الصدقة ‪.‬‬
‫* وفي )سللنن أبللي داود‪ 4235:‬وابللن مللاجه‪ (3644:‬بإسللناد‬
‫حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ :‬قدمت عللى النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم حلية من عند النجاشي أهداها له فيهللا‬
‫خاتم من ذهب فيه فص حبشي ‪ ،‬قالت ‪ :‬فأخذه رسول الللله‬
‫بعود معرضا عنه أو ببعض أصابعه ثم دعا أمامة أبللي العللاص‬
‫بنت ابنته زينب فقال ) تحلي بهذا يا بنية ( ‪.‬‬
‫الحث على الهدية ولو بالقليل‬
‫* وحث النبي صلى الله عليه وسلم على الهداء ولو بالقليل‬
‫فقال عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬يا نساء المسلمات ل تحقللرن‬
‫جارة لجارتها ولو فرسن شاة (‪.‬‬
‫أخرجه البخاري ‪ 2566:‬من حللديث أبللي هريللرة رضللي الللله‬
‫عنه مرفوعا‪.‬‬
‫} لجارتها ‪ :‬وقد تطلق الجارة على الضرة أحيانا ‪ ،‬وهللي هنللا‬
‫عامة فالمراد جارة المنزل والمراد الضرة أيضا ‪ ،‬والله أعلم‬

‫‪867‬‬
‫{ ‪.‬والفرسن هو موضع الحللافر ‪ ،‬والمللراد أن النبيصلللى اللله‬
‫عليه وسلم حللث المللرأة علللى الهللداء لجارتهللا والجللود بمللا‬
‫تيسللر عنللدها ‪ ،‬وإن كللان هللذا المهللدى قليل فهللو خيللر مللن‬
‫العدم ‪ ،‬وهو دليللل علللى المللودة ‪ ،‬وفلي الحللديث أيضلا حللث‬
‫للمهدى إليها على قبول الهدية وإن قلت الهديللة فهللي دليللل‬
‫على تقدير المهدية للمهدى إليها ‪.‬‬
‫* وروي أيضا عن البنللي صلللى الللله عليلله وسلللم أنلله قللال ‪:‬‬
‫) تهادوا تحابوا(‪.‬‬
‫أخرجه البخاري فللي الدب المفللرد‪ /594/‬ومللن المعلللوم أن‬
‫الدب المفللرد للبخللاري غيللر صللحيح البخللاري ‪ ،‬والحللديث‬
‫إسناده حسن لشواهده‪.‬‬
‫الحث على قبول الهدية‬
‫وأخرج) البخاري في الدب المفرد‪(157 :‬بإسناد صلحيح علن‬
‫عبد الله ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلللم قللال ‪:‬‬
‫) اجيبللوا الللداعي ول تللردوا الهديللة ول تضللربوا المسلللمين(‪.‬‬
‫أخرجه أحمد في المسللند ‪ 1/404:‬وأبللو يعلللى‪ 9/284:‬وابللن‬
‫شلليبة فللي المصللنف ‪ . 6/555:‬ذكللر فريللق مللن العلمللاء أن‬
‫القاضي يحرم عليه قبول الهدية ‪ ،‬خاصة ممن يقضللي بينهللم‬
‫أو ممن يظن أنه سيقضلي بينهلم أو مملن يشلفع عنلده فلي‬
‫القضية ‪.‬‬
‫قبول النبي قليل الهدية وكثيرها‬
‫* وكان عليه الصلة والسلم يقبل القليل كما يقبل الكثير ‪.‬‬
‫ففي الصحيح )البخاري‪ (2568:‬من حديث أبي هريرة رضللي‬
‫الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قللال ‪ ) :‬لللو دعيللت‬
‫إلللى ذراع أو كللراع لجبللت ‪ ،‬ولللو أهللدي إلللي ذراع أو كللراع‬
‫لقبلت (‪.‬‬
‫والكراع من الدابة ما دون الكعب ‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه الللله ) فتللح البللاري ‪: (5/236:‬‬
‫وخص الذراع والكراع بالذكر ليجمع بين الحقير والخطير لن‬
‫الذراع كانت أحب إليه من غيرها ‪ ،‬والكراع ل قيمة له ‪.‬‬

‫‪868‬‬
‫إذا رددت الهدية فبين سبب ردها جبرا للخاطر‬
‫) إذا كان الخاطر يجللبر بللذلك ‪ ،‬أمللا إذا كللان الخللاطر يكسللر‬
‫ببيان سبب الرد فل تبين والله أعلم (‬
‫* وكان إذا رد هدية علل سبب الرد جبرا لخاطر المهدي ‪.‬‬
‫ففللي الصللحيحين ) البخللاري‪ 2573:‬ومسلللم ‪ (1193‬مللن‬
‫حديثالصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا ‪ ،‬وهو بالبواء أو بودان ‪،‬‬
‫فرده عليه فلما رأى ما فللي وجهلله قللال ‪ ) :‬أماإنللا لللم نللرده‬
‫عليك إل أنا حرم ( ‪.‬‬
‫* قال الحافظ البن حجر رحمه الله ‪ :‬وفيه أنه ل يجوز قبللول‬
‫ما ل يحل من الهدية ‪.‬‬
‫قبول الهدية من النساء‬
‫)محل ذلك إذا أمنت الفتنة كما سلليأتي التنبلله عليلله إن شللاء‬
‫الله تعالى (‬
‫* وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية مللن النسللاء‬
‫كذلك ‪.‬‬
‫ففي الصحيحين ) البخاري‪ 2575 :‬ومسلللم ص ‪ (1544‬مللن‬
‫حديث ابن عباس رضي الللله عنهمللا قللال ‪ :‬أهللديت أم حفيللد‬
‫خالة ابللن عبللاس إلللى النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم أقطللا‬
‫وسللمنا وأضللبا فأكللل صلللى الللله عليلله وسلللم مللن القللط‬
‫والسمن وترك الضب تقذرا ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وفيه من الفقه أن المهللدي إذا أهللدى هديللة ورد منهللا‬
‫شيء لعلة فل يحزن ويلتمس العذر لمن رد الهديللة أو جللزاء‬
‫منها ما دامت العلة واضحة ‪.‬‬
‫* وأخرج المام أحملد )المسلند‪ (4/189:‬بإسلناد حسلن ملن‬
‫حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قللال‪ :‬كللانت أخللتي‬
‫تبعثني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدية فيقبلها‬
‫‪.‬‬
‫ل ترجع في هبتك‬

‫‪869‬‬
‫وشيء سيئ أن تهدي ثم تعود في هديتك وترجللع فللي هبتللك‬
‫فأولى لك أن ل تهدي أصل أفضل من أن تهللدي وترجللع فللي‬
‫هديتك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫) العللائد فللي هبتلله كللالكلب يرجللع فللي قيئه ( ‪ } .‬البخللاري‪:‬‬
‫‪ 2589‬ومسلللم‪ 1622:‬مللن حللديث ابللن عبللاس رضللي الللله‬
‫عنهما مرفوعا { ‪.‬‬
‫إياك أن تهدي ثم تمن‬
‫وكذلك ل تهللدي ثللم تمللن علللى مللن أهللديت للله ‪ ،‬فللإن الللله‬
‫سبحانه وتعالى يقول فللي كتللابه الكريللم ‪ ) :‬قللول ومعللروف‬
‫ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والللله غنللي حليللم يللا أيهللا‬
‫الذين آمنوا ل تبطلوا صدقتكم بالمن والذى( ‪.‬‬
‫}البقرة‪. {263،264:‬‬
‫فل تعطي العطيات وهب الهبات وتقدم الصللدقات ثللم تتبللع‬
‫ذلك بالمن فالمن يبطل ثواب الصدقات وثواب الهدايا قضللل‬
‫عما يدخر للمنان من العذاب ‪.‬‬
‫* قال النبي صلى الله عليه وسلللم ‪ ) :‬ثلثللة ل يكلمهللم الللله‬
‫يوم القيامة ول ينظر إليهللم ول يزكيهللم ولهللم عللذاب أليللم (‬
‫قال فقرأها رسول الله صلى الله عليلله وسلللم ثلث مللرار ‪،‬‬
‫قال أبو ذر ‪ :‬خابوا وخسروا ‪ ،‬من هم يارسول الله ؟ قال ‪) :‬‬
‫المسبل والمنان والنفق سلللعته بللالحلف الكللاذب ( ‪.‬اخرجلله‬
‫مسلم ‪ 106:‬من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا ‪.‬‬
‫* وفللي روايللة أخللرى عنللد مسلللم أيضللا ‪ ) :‬المنللان الللذي ل‬
‫يعطي شيئا إل منه ( ‪.‬‬
‫الهدية من أحد الزوجين للخر‬
‫* وللهديللة مللن أحللد الزوجيللن للخللر أثللر طيللب فللي توطيللد‬
‫أواصر المحبة وتنمية مشاعر الود ‪ ،‬ومن ثم قال الللله تبللارك‬
‫وتعالى ‪ ) :‬فإن طبن لكم عن شليء منلله نفسلا فكللوه هنيئا‬
‫مريئا ( ‪} .‬النساء‪.{4:‬‬
‫أي ‪ :‬إن طيبت المرأة نفسها وأعطت زوجها من صلداقها فل‬
‫حرج على الزوج في قبوله والكل منه ‪ ،‬فليأكله هنيئا مريئا ‪.‬‬

‫‪870‬‬
‫وبالنظر إلى الية الكريمة ‪ ،‬نرى _ والله أعلللم _ أن الزوجللة‬
‫إذا أهدت إلى الزوج تهدي إليه شيئا من الصداق ‪ ،‬ليس كللل‬
‫الصداق ‪ ،‬وذلك حتى تبقى لنفسللها شلليئا تتصللرف فيلله عنللد‬
‫احتياجاتها الخاصة ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫وكللذلك للهديللة مللن الللزوج لزوجتلله عظيللم الثللر فللي جلللب‬
‫مودتها ودفع الوساوس عنها وإثبات محبتها ‪ ،‬وهي دليل على‬
‫الللتراحم وخاصللة إذا صللحبت بالكلمللات الطيبللة والعبللارات‬
‫المريحة والبتسامات الصادقة ‪.‬‬
‫وإذا كان عندك هدية واحدة فلمن تهديها ؟‬
‫تهديها للقرب فالقرب ‪ ،‬قرابة النسب وقرابة الجللوار ؛ فهللا‬
‫هي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان لها وليدة )‬
‫أي ‪ :‬أمة من الماء ( فأعتقتها فقال لها النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪) :‬أمللا إنللك أعطيتيهللا أخوالللك كللان أعظللم لجللرك( ‪.‬‬
‫} البخاري ‪ 2592:‬ومسلم ‪.{ 999:‬‬
‫فمع انها أعتقت المة فهي _ بل شك إن شاء الله _ مللأجورة‬
‫لعتقها الرقبة ولكن هنا فللاق أجللر الهديللة أجللر العتللق لقللول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ولو وصلت بها بعض أخوالللك‬
‫كان أعظم لجرك ( ‪.‬‬
‫فالهدية في بعض الحيان تفوق الصدقة في الجر ‪ ،‬وذلك إذا‬
‫وقعت موقعها في التأليف والوصل وابتغاء الجر والثواب ‪.‬‬
‫* وأخرج البخاري‪ 2595 :‬من حديث عائشة رضي الله عنهللا‬
‫قللالت ‪ :‬قلللت ‪ :‬يللا رسللول الللله إن لللي جللارين فللإلى أيهمللا‬
‫أهدي ؟ قال ‪ ) :‬إلى أقربهما منك بابا ( ‪.‬‬
‫* فيستفاد من هذين الحديثين أن القريب يقدم على الغريب‬
‫وأن القارب إذا استووا في درجة القرابة قدم القرب بابللا ‪،‬‬
‫وهذا كله إذا كان هؤلء محل احتياج ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫قبول الهدية من المشركين والهداء لهم‬
‫) ومحل ذلك إذا لم تكن رشوة عللن الللدين أو للقللرار علللى‬
‫الباطل (‬
‫* وقبل نبينا صلى الله عليه وسلم الهدية من المشركين ‪.‬‬

‫‪871‬‬
‫ففي الصحيح ) البخاري‪ 3161:‬ومسلم ‪ ( 1392:‬من حللديث‬
‫أبي حميد الساعدي رضي الللله عنلله قللال‪ :‬غزونللا مللع النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم تبوك ‪ ،‬وأهدى ملللك أيلللة للنللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم بغلة بيضاء وكساه بردا ‪.‬‬
‫وفي الصحيحين ) البخاري‪ 2617:‬ومسلم ‪ 2190:‬من حديث‬
‫أنس بن مالك رضي الله عنه ‪ (.‬كذلك أن يهودية أتللت النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها ‪.‬‬
‫* وأهدي أكيللدر دومللة الجنللدل إلللى النللبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلللم حلللة ‪ ) .‬البخللاري معلقللا‪ 2616:‬ومسلللم متصللل مللن‬
‫حديث أنس رضي الله عنه ‪. (.‬‬
‫* وانظر ترجمة ماريللة رضللي الللله عنهللا ) أم إبراهيللم عليلله‬
‫السلم وسرية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصابة‬
‫( فقد ذكر هناك أن المقوقس أهداها لرسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫* وأيضا فإن إبراهيم الخليل عليه السلم لمللا دخلللت زوجتلله‬
‫سارة على الجبار الكافر ورد الله يده وكبته الله أهللداها هللذا‬
‫الكافر هاجر رضي الله عنها‪.‬‬
‫)البخاري ‪ 2635:‬من حديث أبي هريلرة رضلي اللله عنله أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬هاجر إبراهيم بسارة‬
‫فأعطوها آجر فرجعت فقالت ‪ :‬أشعرت أن الله كبت الكللافر‬
‫وأخللدم وليللدة ؟! والحللديث مطللول فللي مللواطن أخللر مللن‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫* وكذلك فالهداء للمشركين جائز ‪ ،‬قال تعالى ‪ ) :‬ل ينهللاكم‬
‫الله عن الذين لم يقللاتلوكم فللي الللدين ولللم يخرجللوكم مللن‬
‫دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسللطين‬
‫إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من‬
‫ديللاركم وظللاهروا علللى إخراجكللم أن تولللوهم ومللن يتللولهم‬
‫فأولئك هم الظالمون ( ‪} .‬الممتحنة‪ 8:‬ل ‪.{9‬‬
‫* وفي الصحيحين من حديث أسماء بنت أبي يكر رضي الللله‬
‫عنهللا ‪ ،‬قللالت ‪ :‬قللدمت علللي أمللي وهللي مشللركة فللي عهللد‬

‫‪872‬‬
‫رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم فاسللتفتيت رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلللم قلللت ‪ :‬إن أمللي قللدمت وهللي راغبللة‬
‫أفأصل أمي ؟ قال ‪ ) :‬نعم صلللي أمللك ( ‪ .‬أخرجلله البخللاري‪:‬‬
‫‪ 2620‬ل ‪ 5978‬وهناك قال ابن عيينة فأنزل الله تعالى فيها ‪:‬‬
‫) ل ينهاكم الله عن الللذين لللم يقللاتلوكم فللي الللدين ‪. ( .. ..‬‬
‫}الممتحنة‪ 8:‬ل ‪ {9‬وأخرجه مسلم‪. 3/41:‬‬
‫* وأهدي عمر حلة لخ له مشرك بمكة قبل أن يسلللم أخللوه‬
‫)انظرالبخاري‪. (2619:‬‬
‫* لكللن إذا كللان هللذا الكللافر سلليتقوى بهللذه الهديللة علللى‬
‫المسلمين ويؤذيهم ويتمرد عليهم ويتجبر فحينئذ ل يهدي إليه‬
‫و ل كرامة‪.‬‬
‫* وأخللرج الترمللذي ‪ 1943:‬وأبللو داود‪ 5152:‬والبخللاري فللي‬
‫الدب المفرد‪ 105:‬بإسناد صحيح من طريق مجاهللد أن عبللد‬
‫الله بن عمرو ذبت له شاة في أهله فلما جاء قللال ‪ :‬أهللديتم‬
‫لجارنا اليهودي ؟ أهللديتم لجارنللا اليهللودي ؟ سللمعت رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول ‪ ) :‬ما زال جبريللل يوصلليني‬
‫بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ( ‪.‬‬
‫وهناك هدايا ل ترد ‪:‬‬
‫منها ‪ :‬الطيب؛ ففي صحيح البخاري من حللديث أنللس رضللي‬
‫الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ل يرد الطيللب ‪.‬‬
‫)البخاري‪.(2582:‬‬
‫* وصح عن رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم أنلله قللال ‪:‬‬
‫) من عرض عليه ريحان فل يرده فإنه خفيف المحمل طيللب‬
‫الريح ( ‪ .‬أخرجه مسلم‪ 2253:‬من حديث أبي هريللرة رضللي‬
‫الله مرفوعا ‪.‬‬
‫موانع الهداء ومتى ل تقبل الهدية‬
‫فهذه النصوص التي قدمناه نصوص تحث عل الهداء وقبللول‬
‫الهدية ‪ ،‬ولكن قد تللأتي موانللع تمنللع مللن الهللداء مللن قبللول‬
‫الهدية ‪.‬‬

‫‪873‬‬
‫أل ترى أن ملكللة سللبأ أهللدت لسللليمان عليلله السلللم هديللة‬
‫فردها سليمان ‪ ،‬مع أن إبراهيم عليه السلم قبللل هللاجر لمللا‬
‫أهديت إلى زوجته ‪ ،‬وقد قبللل نبينللا محمللد صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم الهدية ‪ ،‬فلما قبللل نبينللا الهديللة وردهللا سللليمان عليلله‬
‫السلم ؟!‬
‫ردها سلليمان عليلله السلللم لمللا كلانت رشللوة عللن الللدين ‪،‬‬
‫فالمرأة أرسلت الهدية إلى سليمان كي يقرها علللى عبادنهللا‬
‫للشمس ويسكت عنها‪ ،‬ولم يكن لسليمان ذلك ‪ ،‬وخاصة أنله‬
‫في مركز قوة واستغناء فمن ثم ردها لما كللانت رشللوة عللن‬
‫الدين ‪.‬‬
‫قال الله تعللالى ‪ ) :‬وإنللي مرسلللة بهديللة فنللاظرة بللم يرجللع‬
‫المرسلون فلما جاء سليمان قال أتمللدونن بمللال فمللا آتللاني‬
‫الله خير مما آتاكم بللل أنللت بهللديتكم تفرحللون ارجللع إليهللم‬
‫فلنللأتينهم بجنللود ل قبللل لهللم بهللا ولنخرجنلله منهللا وهللم‬
‫صاغرون ( }النمل‪ 35:‬ل ‪.{ 37‬‬
‫فإذا كانت الهدية بمثابة الرشوة ليطال الحق وإثبات الباطل‬
‫فل تقبل حينئذ‪.‬‬
‫* وكللذلك إذا كللانت الهديللة للمللراء والللوزراء والمسللئولين‬
‫) كالقضاة والشرط ونحوهم ‪ ( ..‬كي يعطوك شيئا ليس لللك‬
‫من حقك أو يتجاوزوا لك عنشيء ل ينبغي لهللم أن يتجللاوزوا‬
‫عنه فحينئذ يحرم عليك الهداء ويحرم عليهم قبللول الهديللة ‪،‬‬
‫وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم لفظللا شللديدا فللي‬
‫الزجللر فللي هللذا البللاب ففللي الصللحيحين )البخللاري‪2597:‬‬
‫ومسلم ‪ (1832:‬من حديث أبي حميد الساعدي رضللي الللله‬
‫عنه قال ‪ :‬استعمل النبي صلللى الللله عليلله وسلللم رجل مللن‬
‫الزد يقال له ابن التبية على الصدقة ‪ ،‬فلما قدم قللال ‪ :‬هللذا‬
‫لكم وهذا أهدي لي ‪ .‬قال‪ ) :‬فهل جلللس فللي بيللت أبيلله ل ل أو‬
‫بيت أمه ل فينظر أيهدى له أم ل ؟ والذي نفسي بيده ل يأخذ‬
‫أحد منكم شيئا إل جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته ‪ ،‬إن‬
‫كان بعيرا له رغاء ‪ ،‬أو بقرة لها خوار ‪ ،‬أو شاة تيعر ل ثم رفع‬

‫‪874‬‬
‫بيده حتى رأينا عفرة إبطيه ل اللهللم هللل بلغللت ‪ ،‬اللهللم هللل‬
‫بلغت ‪ .‬ثلثا ( ‪.‬‬
‫* ومللن ثللم روى البخللاري معلقللا )مللع الفتللح‪، 5/260:‬قللال‬
‫الحافظ ابن حجر في الفتح ‪ :‬وصللله ابللن سللعد بقصللة فيلله ‪،‬‬
‫فروى من طريق فرات بن مسلللم قللال ‪ :‬اشللتهى عمللر بللن‬
‫عبد العزيز التفاح فلميجد في بيتلله شلليئا يشللتري بلله فركبنللا‬
‫معه فتلقاه غلمان الدبر بأطباق تفاح فتناول واحللدة فشللمها‬
‫ثم رد الطباق فقلت له في ذلك ‪:‬ل حاجة لي فيه ‪ ،‬فقلللت ‪:‬‬
‫ألم يكن رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم يقبللل الهديللة ؟‬
‫فقال ‪ :‬إنها لةلئك هدية ‪ ،‬وهي للعمال بعدهم رشوة(‬
‫عن عمربن عبد العزيز ‪ :‬كانت الهدية في زمللن رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رشوة ‪.‬‬
‫* وأخرج عبد الرزاق في المصنف بإسناد صحيح لغيللره عللن‬
‫ابن مسعود رضي الله عنه قال ‪ :‬السحت الرشوة في الدين‬
‫‪ .‬قال سللفيان ‪ :‬يعنللي الحكللم‪) .‬المصللنف‪، ( 14664:‬وانظللر‬
‫السنن الكبرى للبيهقي)‪.(10/139‬‬
‫* وأخرج أبو داود وغيره بإسناد صحيح من حللديث عبللد الللله‬
‫بن عمرو رضي الله قال ‪ ) :‬لعن رسول الله صلى الله عليله‬
‫وسلم الراشي والمرتشي ( ‪.‬‬
‫أخرجه أبو داود)‪ ( 3580‬والترمذي)مع التحفة ‪( 4/567‬وابللن‬
‫ماجه)‪. ( 2/755‬قال كثير من أهللل العلللم ‪ :‬إن الراشللي هللو‬
‫معطي الرشللوة والمرتشللي هللو آخللذها والللرائش هللو الللذي‬
‫يسعى بينهما ‪ ،‬وقللالوا ‪ :‬الرشللوة مللا يعطللى لبطللال حللق او‬
‫لحقاق باطل ‪ ،‬أما إذا أعطى ليتوصل به إلللى حللق أو ليللدفع‬
‫به عن نفسه ظلما فل بأس به ‪.‬‬
‫انظر مللا ذكلره المبللاركفوري فلي )تحفلة الحللوذي( وكلذلك‬
‫شمس الحق العظيللم أبللادي فللي )عللون المعبللود( ‪ ،‬وكللذلك‬
‫الخطابي في ) معالم السنن ( وغيرهم‪.‬‬

‫‪875‬‬
‫* وكذلك إذا كانت الهدية شلليئا مسللروقا أو شلليئا محللروا فل‬
‫تقبل لما فللي ذلللك مللن أكللل الحللرام والمعاونللة علللى الثللم‬
‫والعدوان ‪.‬‬
‫وفي مسند المام أحمد أن المغيرة بللن شللعبة صللحب قومللا‬
‫من المشركين فوجد منهم غفلة فقتلهم وأخذ اموالهم فجللاء‬
‫بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأبى رسول الللله صلللى‬
‫الله عليه وسلم أن يقبلها ‪) .‬المسند‪ 4/246:‬من طريق أبللي‬
‫معاوية ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن المغيرة ابن شللعبة ‪.‬‬
‫وفي روايللة أبللي معاويللة عللن هشللام مقللال ‪ ،‬لكللن للحللديث‬
‫شاهد في البخللاري ففبلله}‪ .. {2731،2732‬وكللان المغيللرة‬
‫صحب قومللا فللي الجاهليللة فقتلهللم وأخللذ أمللوالهم ثللم جللاء‬
‫فأسلم فقللال النلبي صللى اللله عليله وسللم ‪ ) :‬أم السللم‬
‫فأقبل وأما لمال فلست منه في شيء (‪.‬‬
‫* وكذلك إذا كانت الهدية إنما أهداها صاحبها لخذ أكللثر منهللا‬
‫وإن لم يأخذ أكثر منها يتسخط ‪ ،‬فإذا عللرف مللن عللادته هللذا‬
‫فللك ل والله أعلم ل أن تتوقف في قبول هديته ‪.‬‬
‫وقد قال الله تبللارك وتعللالى ‪ ) :‬واآتيتللم مللن ربللا ليربللو فللي‬
‫أموال الناس فل يربو عنللد الللله ( ‪} .‬الللروم‪.{39:‬وهللذا فللي‬
‫مثل هذا الموطن ‪ ،‬في رجل يهدي وينتظر من المهللدي إليلله‬
‫أضعاف ما يقدمه له ‪.‬‬
‫* أو إن كان المهدي يعتبر هديته بمثابة الدين عليك ن وأنللت‬
‫ل تريد أن تتحمل دينا شرعيا ول عرفا ‪ ،‬فللك في مثللل هللذه‬
‫الحالة أن تتوقف مع اعتذار لطيف للمهدي ‪ ،‬اعتذار ل يكسر‬
‫له خاطر ول يشوش عليه فكرا‪.‬‬
‫* وكذلك إذا كان المهدي منان يمن بهديته ويتحدث بها فلللك‬
‫في مثل هذه الحال أن تتوقف ‪.‬‬
‫وكل هذا يقدر بقللدره والصللل اسللتحباب الهديللة واسللتحباب‬
‫قبولها والثابة عليها ‪.‬‬
‫* وكذلك يكره لك أن تهدي هدية لشللخص سللفيه يسللتعملها‬
‫في معصية الله عز وجل وفي الفساد في الرض ‪ ،‬فإن الللله‬

‫‪876‬‬
‫تعالى يقول ‪ ) :‬والله ل يحللب الفسللاد ( ‪} .‬البقللرة‪{205:‬ل ‪،‬‬
‫ويقول سبحانه ‪ ) :‬ول تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الللله‬
‫لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قول معروفللا‬
‫( }النساء‪. {5:‬‬
‫* وكذلك فأثناء هديتك انتبه هل ستصلح في باب وتفسد في‬
‫باب آخر أم أن الهدية كلها خير ‪ ،‬فقد تهدي لبن مللن أبنللائك‬
‫دون الخرين فتسبب مفسدة وضغينة بين الولد‪.‬‬
‫قال النعمان بن بشير رضي الله عنهما ‪ :‬أعطاني أبي عطيللة‬
‫‪ ،‬فقالت عمرة بنت رواحة ‪ :‬ل أرضى حتى تشهد رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ .‬فللأتى رسللول الللله صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم فقال‪ :‬إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية ‪،‬‬
‫فأمرتني أن أشهدك يا رسللول اللله ‪ .‬قلال‪ ) :‬أعطيلت سلائر‬
‫ولدك مثل هذا ؟ ( قال ‪:‬ل ‪ .‬قال‪ ) :‬فاتقوا الله واعللدلوا بيللن‬
‫أولدكم ( ‪.‬قال‪:‬فرجللع فللرد عطيتلله‪ .‬أخرجلله البخللاري‪2587:‬‬
‫ومسلم ‪. 1623:‬‬
‫وأخرج عبد الرزاق)المصنف ‪ (14650‬بإسناد صحيح عن ابللن‬
‫عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬إذا أسلفت رجل سلفا فل تقبل‬
‫منه هدية ول عارة ركوب دابة ‪.‬‬
‫وأخرج أيضا)المصللنف ‪ 14651‬وهللو صللحيح أيضللا ‪ ،‬وأخرجلله‬
‫البيهقي ‪ (5/350‬من طريق سالم بن ابي الجعد قللال ‪ :‬جللاء‬
‫رجل إلى ابن عباس فقال ‪ :‬إنه كان لنا جار سماك فأقرضته‬
‫خمسين درهما ‪ ،‬وكللان يبعللث إللي مللن سلمكه ‪ ،‬فقلال ابللن‬
‫عباس ‪ :‬حاسبه ‪ ،‬فإن كان فضل فرد عليله ‪ ،‬وإن كلان كفافلا‬
‫فقاصصه ‪.‬‬
‫وأخللرج أيضللا)عبللدالرزاق فللي المصللنف ‪ ( 14649‬بإسللنلد‬
‫صحيح عن إبراهيم عن علقمة قال ‪ :‬إذا نزلت على رجل لك‬
‫عليه دين فأكلت عليلله فأحسللبه للله مللا أكلللت عنللده ‪ ،‬إل أن‬
‫إبراهيم كان يقول ‪ :‬إل أن يكون معروفا كانا يتعاطيللانه قبللل‬
‫ذلك ‪.‬‬

‫‪877‬‬
‫وثم جملة آثار أخر في هذا البللاب ‪ ،‬وفللي أسللانيد كللثير منهللا‬
‫مقال ‪) .‬انظللر فللي المصللنف ‪:‬عبللد الللرزاق}‪ {5/142‬وفللي‬
‫السنن الكبرى‪:‬للبيهقي }‪. {5/349‬‬
‫قلت‪ :‬لكن إذا أقرضت رجل مبلغا من المللال ورده إليللك مللع‬
‫الزيادة ) بدون اشترط منك( وكللانت نفسلله طيبللة بللذلك فل‬
‫مانع من قبوله ‪ ،‬وذلك لمللا فللي الصللحيحن مللن حللديث أبللي‬
‫هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬كان لرجل على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم سللن )يعنللي‪ :‬جمللل للله سللن معيللن ( مللن البللل‬
‫فجاءه يتقاضاه فقال‪) :‬أعطوه ( فطلبوا سنه فلللم يجللدوا إل‬
‫سنا فوقها )وفللي روايللة أخللرى ‪ :‬لنجللد إل سللنا أفضللل مللن‬
‫سنه( ‪ ،‬فقال ‪ ) :‬أعطوه ( ‪ ،‬فقال ‪ :‬أوفيتنللي أوفللى الللله بللك‬
‫فقال النبي صلى الله عليلله وسلللم ‪ ) :‬إن خيللاركم أحسللنكم‬
‫قضاء (‪ .‬البخاري‪2393:‬ومسلم ‪. 1601:‬‬
‫* وفي الصحيحين أيضا من حديث جابر رضي الله عنه قال ‪:‬‬
‫أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد وكان لي‬
‫عليه دين فقضللاني وزادنللي ( ‪.‬البخللاري ‪ 2394:‬ومسلللم ص‬
‫‪1222‬و ‪.1223‬‬
‫* وأيضا ينبغللي أن يتحفلظ الشلخص ويتللورع عللن الهديللة أن‬
‫كانت تقوم مقام الربا فقد يقترض شخص مللن شللخص مللال‬
‫ويحللل وقللت السللداد ول يطيللق المللدين السللداد ؛ فيسلللك‬
‫مسلك الهداء لصاحب المال حتى يسكته وحتى يصللبر عليلله‬
‫فحينئذ من الورع ترك الهدايا ‪ ،‬نعم إنه يجللوز قبولهللا مللا لللم‬
‫يشترط لكن الورع ترك الهدية إذا كانت بهذه المثابة ‪.‬‬
‫وفي هذا الباب أذكر ما أخرجه البخللاري ‪ 3814:‬رحملله الللله‬
‫من طريق أبي بردة قال ‪ :‬أتيت المدينة فلقيت عبد الله بللن‬
‫سلم رضي الله عنه فقال ‪ :‬أل تجيء فأطعمك سويقا وتمرا‬
‫وتدخل بيت ؟ ثم قال‪ :‬إنك في أرض الربا بها فاش ‪ ،‬إذا كان‬
‫لك على رجل حق فأهدي إليك حمل تبللن أو حمللل شللعير أو‬
‫حمل قت فإنه ربا ‪.‬‬

‫‪878‬‬
‫* وكمللا أسلللفنا فيجللوز أن تهللدي المللرأة للرجللل وأن يهللدي‬
‫الرجل للمرأة ومحل ذلك ل كما هو معلوم ل عند أمن الفتنة ‪،‬‬
‫أما إذا كانت هدية المرأة للرجل أو الرجل للمرأة يتأتى مللن‬
‫ورائها فتنة ‪ ،‬وتقع المرأة في قلللب الرجللل ويقللع فللي قلبهللا‬
‫ويحدث من وراء ذلك المحرم ‪ ،‬فحينئذ تمنع الهدية ل لكونهللا‬
‫حراما ‪ ،‬ولكن سللدا للذريعللة الموصلللة إلللى الحللرام فللالله ل‬
‫يحب الفساد‪.‬‬
‫* ول ينبغي أن تحرج أحدا وتحمله علللى الهللداء لللك ‪ ،‬فإنللك‬
‫إن فعلت أوشكت أن ل يبارك لك في هللذا الشلليء المهللدى‬
‫ولكللن إن أهللدي إليللك أو أخللذت الشلليء بغيللر مسللألة و ل‬
‫إشراف نفس بورك لك فيه ‪ ،‬ولتحرص على أن تكون نفللس‬
‫المهدي طيبة وهو يهدي إليك ‪ ،‬وانظر إلى هذا الحديث الذي‬
‫رواه البخاري في صحيحه ‪ ،‬وانظر إلللى حللرص النللبي صلللى‬
‫الله عليه وسلم على تطيب نفس المعطي ‪.‬‬
‫أخللرج البخللاري ‪ 2607) :‬لل ‪( 2608‬مللن حللديث مللروان بللن‬
‫الحكم والمسور بن مخرمة ‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال حين جاءه وفد هوزان مسلمين ‪ .‬فسألوه أن يللرد إليهللم‬
‫أموالهم وسبيهم ‪ ،‬فقللال لهللم ‪ ) :‬معللي مللن تللرون ‪ ،‬وأحللب‬
‫الحديث إلى أصدقه ‪ ،‬فاختاروا إحدى الطائفتين ‪ :‬إما السللبي‬
‫وإما المال ‪ ،‬وقد كنت استأنيت ( وكان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم انتظرهم بضع عشرة ليلة حيللن قفللل مللن الطللائف ل ل‬
‫فلما تبين لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم غير راد إليهللم‬
‫إل إحللدى الطللائفتين قللالوا ‪ :‬فإنللا نختللار سللبينا ‪ .‬فقللام فللي‬
‫المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثللم قللال ‪ ) :‬أمللا بعللد‬
‫فإن إخوانكم هؤلء جاءونا تائبين ‪.‬وإني أحب أن يكللون علللى‬
‫حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعللل( ‪.‬‬
‫فقال الناس ‪ :‬طيبنا يا رسول الله لهم ‪ .‬فقال لهللم ‪ ) :‬آنللا ل‬
‫ندري من أذن منكم فيه ممن لم يأذن ‪ ،‬فارجعوا حللتى يرفللع‬
‫إلينا عرفاؤهم ( ‪ .‬ثم رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلللم‬
‫فأخبروه أنهم طيبوا و أذنوا ‪.‬‬

‫‪879‬‬
‫* وقال النبي صلللى الللله عليلله وسلللم ‪ ) :‬إن المللال خضللرة‬
‫حلوة فمن أخذه بسخاوة بورك له فيه ‪ ،‬ومن أخذه بإشللراف‬
‫نفس لم يبارك فيه كالذي يأكل ول يشبع ( ‪.‬‬
‫الحديث أخرجه البخاري )‪(1472‬ومسلم )‪ (1035‬من حديث‬
‫حكيم ابن حزام رضي الله عنه ولفظه ‪ :‬سألت رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم فأعطاني ‪ ،‬ثللم سللألته فأعطللاني ‪ ،‬ثللم‬
‫سألته فأعطاني ثم قال ‪ ) :‬يا حكيم ‪ ،‬إن هللذا المللال خضللرة‬
‫حلوة ‪ ،‬فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيلله ‪ ،‬ومللن أخللذه‬
‫بإشراف نفس لم يبارك فيه ‪ ،‬كالذي يأكللل و ل يشللبع ‪ .‬اليللد‬
‫العليا خير من اليد السفلى ( ‪.‬قال حكيم ‪ :‬فقلت ‪ :‬يا رسللول‬
‫الله ‪ ،‬والذي بعثك بالحق ل أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفللارق‬
‫الدنيا ‪ .‬فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيما إلى العطاء‬
‫فيللأبى أن يقبللله منلله ‪ .‬ثللم إن عمللر رضللي الللله عنلله دعللاه‬
‫ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئا ‪ .‬فقال عمر ‪ :‬إنللي أشللهدكم‬
‫يا معشر المسلمين على حكيم أني أعللرض عليلله حقلله مللن‬
‫هذا الفيء فيأبى أن يأخذه فلم يرزأ حكيم أحللدا مللن النللاس‬
‫بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي ‪.‬‬
‫* وفي صحيح مسلم )‪ (1037‬من حديث معاوية رضللي الللله‬
‫عنلله قللال ‪ :‬سللمعت رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم ‪:‬‬
‫يقول ‪ ) :‬إنما أنا خازن فمن أعطيته عن طيب نفس فيبللارك‬
‫له فيه ومن أعيطته عن مسألة وشره كان كالللذي يأكللل و ل‬
‫يشبع ( ‪.‬‬
‫* وفيه أيضا من حديث معاوية رضي الله عنه كذلك ‪ :‬قللال ‪:‬‬
‫قال رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم ‪ ) :‬ل تلحفللوا فللي‬
‫المسألة فوالله ل يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسللألته‬
‫شيئا و أنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته ( ‪.‬‬
‫* وإذا أهدى رجل هدية لرجل مللن أجللل مصلللحة مللا أو مللن‬
‫أجل أن يهدي إليه في موطن مشابه فلم يثللب منهللا فللله أن‬
‫يرجع في هبته ‪.‬‬

‫‪880‬‬
‫* قال عمر رضي الله عنه ‪ :‬من وهب هبللة لللذي رحللم فهللي‬
‫جائزة ‪ ،‬ومن وهب لغير ذي رحللم فهللو أحللق بهللا مللالم يثللب‬
‫منها ‪ ) .‬ابن أبي شيبة}المصنف ‪ ( {6/472‬بإسناد صحيح ‪.‬‬
‫* وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال ‪ :‬هو أحق بهللا‬
‫ما لم يرض منها ‪ ) .‬أخرجه ابللن أبللي شلليبة فللي المصللنف}‬
‫‪.({6/474‬‬
‫وفي رواية عنه أيضا ‪ :‬من وهللب لللوجه الثللواب فل بللأس أن‬
‫يرد ‪.‬‬
‫أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف }‪. {6/475‬‬
‫* وصح عن سعيد بن المسيب أن قال ‪ :‬من وهب هبللة لغيللر‬
‫ذي رحم فله أن يرجع ما لم يثبلله ‪ ).‬أخرجلله ابللن أبللي شلليبة‬
‫في المصنف}‪ .{475 /6‬ويظهر لي ل والله أعلم ل أنه يدخل‬
‫في هذا مايسميه العامة ) النقللوط( للعروسللين أو أحللدهما ‪،‬‬
‫فالناس يهدونه وينتظرون رده لهم فللي مناسللبات مشللابهة ‪،‬‬
‫والله أعلم ‪.‬‬
‫من كتاب فقه المعاملت بيللن المللؤمنين والمؤمنللات للشلليخ‬
‫مصطفى العدوي‬
‫نقله أخوكم الفودري‬
‫==============‬
‫‪#‬منهج المسلم في التغيير كما يراه الشيخ‬
‫اللباني رحمه الله‬
‫الشيخ محمد ناصر الدين اللباني‬
‫‪ .::.‬واجب المسلمين أمام مصيبة العالم السلمي ‪.::.‬‬
‫نعلم يا شيخنا في هذه اليام أن السلم محللارب فللي جميللع‬
‫الرض‪ ،‬وبعدم اهتمام من الحكومات فمللاذا علينللا نحللن فللي‬
‫هذا المر ؟‪ ،‬وهل نأثم بجلوسنا بعدم عمل أي شيء ؟‬
‫المجيب الشيخ محمد ناصر الدين اللباني رحمه الله‪.‬‬
‫إن الحمد لله نحمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله مللن‬
‫شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهللده الللله فل مضللل‬
‫له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ .‬و أشهد أل إله إل الللله وحللده ل‬

‫‪881‬‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده و رسوله‪} .‬يا أيهللا الللذين‬
‫آمنوا اتقوا الله حق تقاته‪ ،‬ول تمللوتن إل و أنتللم مسلللمون{‪.‬‬
‫ة‬
‫س واحللد ٍ‬ ‫}يا أيها الناس اتقوا ربكللم الللذي خلقكللم مللن نف ل ٍ‬
‫وخلق منها زوجها وبث منهما رجال ً كثيرا ً ونساًء‪ ،‬واتقوا الللله‬
‫الذي تساءلون به والرحام‪ ،‬إن الله كان عليكم رقيبللًا{‪} .‬يللا‬
‫أيها الذين آمنوا اتقوا الله‪ ،‬وقولللوا قللول ً سللديدًا‪ ،‬يصلللح لكللم‬
‫أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فللاز‬
‫فوزا ً عظيمًا{‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن خير الكلم كلم الله‪ ،‬وخير الهدي هللدي محمللد‬
‫صلى اللله عليله وآلله وسللم وشلر الملور محلدثاتها‪ ،‬و كلل‬
‫محدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعه ضللة‪ ،‬وكل ضللة في النار‪.‬‬
‫السؤال كأنه مللن حيللث ظللاهره وألفللاظه ‪،‬أقللل ممللا يقصللد‬
‫لفظه؛ حيث يقول‪ :‬نقعللد‪ ،‬ول نعمللل أي شلليء ! فهللو يعنللي‬
‫في أي شيء ل ليللس أي شلليء مطلقلا ً لل وإنمللا يعنللي شلليئا ً‬
‫معينًا‪ .‬لنه ل أحد ٌ إطلقا ً يقول‪ :‬بأن المسلللم عليله أن يعيللش‬
‫خلق لشيء عظيم‬ ‫كما تعيش النعام ل يعمل أي شيء ل لنه ُ‬
‫جدًا؛ وهو عبادة الله وحده ل شريك له‪ .‬ولذلك فل يتبادر إلى‬
‫ذهن أحد من مثل هذا السؤال أنه يقصد أل يعمل أي شلليء‪،‬‬
‫وإنما يقصد أل يعمل شلليئا ً يناسللب هللذا الواقللع الللذي أحللاط‬
‫بالمسلللمين مللن كللل جللانب ‪،‬هللذا هللو الظللاهر مللن مقصللود‬
‫السائل و ليس بملفوظ السائل‪.‬‬
‫وعلى ذلك نجيب‪ :‬إن وضع المسلمين اليوم ل يختلللف كللثيرا ً‬
‫و ل قليل ً عما كان عليه وضع الللدعوة السلللمية فللي عهللدها‬
‫الول‪ ،‬وأعني به العهد المكي‪ .‬أقول ل يختلف وضللع الللدعوة‬
‫ملا كلانت عليله‬ ‫السلمية اليوم ل في قليلل و ل فللي كللثير ع ّ‬
‫الدعوة السلمية فللي عهللدها الول‪ ،‬أل وهللو العهللد المكللي‪،‬‬
‫وكلنا يعلم أن القائم على الدعوة يومئذ ‪،‬هو نبينا محمد صلى‬
‫الله عليه وعلى آلله وسللم‪ .‬أعنللي بهلذه الكلمللة أن الللدعوة‬
‫كانت محاربة؛ من القوم الذين بعث فيهم رسول الللله صلللى‬
‫الله عليه وعلى آللله وسلللم مللن أنفسللهم‪ ،‬كمللا فللي القللرآن‬

‫‪882‬‬
‫الكريم ‪،‬ثللم لمللا بللدأت الللدعوة تنتشللر‪ ،‬وتتسللع دائرتهللا بيللن‬
‫القبائل العربية حتى أمر النللبي صلللى الللله عليلله وعلللى آللله‬
‫وسلم بالهجرة من مكة إلى المدينللة –طبعلا ً نحللن الن نللأتي‬
‫برؤوس أقلم لن التاريللخ السلللمي الول والسلليرة النبويللة‬
‫الولى معروفة عند كثير من الحاضرين –لنني أقصللد – بهللذا‬
‫اليجاز و الختصار ‪ ،-‬الوصول إلى المقصود من الجابة على‬
‫ذلك السؤال‪.‬‬
‫ولذلك فإنني أقول‪ :‬بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم وتبعه بعض أصحابه إلى المدينة‪ ،‬وبدأ عليه الصلللة‬
‫والسلم يضللع النللواة لقامللة الدولللة المسلللمة – هنللاك فللي‬
‫المدينة المنورة ‪ -‬بدأت أيضا ً عداوةُ جديدة بين هللذه الللدعوة‬
‫الجديدة –أيضا ً في المدينة ‪ -‬حيث اقتربت اللدعوة ملن عقلر‬
‫ذ؛ ‪ -‬التي كان فيها هرقل ملك‬ ‫دار النصارى وهي سورية يومئ ِ‬
‫الللروم ‪،-‬فصللار هنللاك عللداء جديللد للللدعوة ليللس فقللط مللن‬
‫العرب في الجزيللرة العربيللة؛ بللل ومللن النصللارى أيضلا ً فللي‬
‫شمال الجزيرة العربية –أي في سورية – ثم أيضا ً ظهر عللدُو‬
‫آخر أل وهو فارس‪ ،‬فصارت الللدعوة السلللمية محاربللة مللن‬
‫كللل الجهللات؛ مللن المشللركين فللي الجزيللرة العربيللة‪ ،‬ومللن‬
‫النصارى و اليهود في بعض أطرافهللا‪ ،‬ثللم مللن قبللل فللارس؛‬
‫التي كان العداء بينها و بين النصارى شديدا ً كمللا هللو معلللوم‬
‫مللن قولللة تبللارك و تعللالى‪} :‬ألللم غلبللت الللروم‪ ،‬فللي أدنللى‬
‫الرض‪ ،‬وهم من بعد غلبهم سيغلبون‪ ،‬في بضع سنين { ]‪.[1‬‬
‫ن وضللع الللدعوة السلللمية الن‪ ،‬مللن‬ ‫الشاهد هنا‪ :‬ل نسللتغرب ّ‬
‫حيث إنها ُتحارب مللن كللل جللانب‪ .‬فمللن هللذه الحيثيللة كللانت‬
‫الدعوة السلمية في منطلقها الول أيضا ً كذاك محاربة مللن‬
‫كل الجهات‪ .‬وحينئذ ٍ يأتي السؤال والجواب‪.‬‬
‫ما هو العمل ؟ ماذا عمل النبي صلللى الللله عليلله وعلللى آللله‬
‫وسلم وأصحابه الذين كان عددهم يومئذٍ قليل َ بالنسللبة لعللدد‬
‫المسلمين اليوم – حيث صار عددا َ كثيرا َ وكثيرا َ جدا َ ؟‬

‫‪883‬‬
‫هنا يبدأ الجواب‪ :‬هل حارب المسلمون العرب المعادين لهللم‬
‫–أي قللومهم –فللي أول الللدعوة ؟ هللل حللارب المسلللمون‬
‫النصارى في أول المر ؟ هل حاربوا فارس في أول المر ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ل‪ ،‬ل كل ذلك الجواب ل‪.‬‬
‫إذا َ ماذا فعل المسلمون ؟‬
‫نحن الن يجب أن نفعل ما فعل المسلللمون الولللون تمامل َا‪.‬‬
‫لن ما يصيبنا هو الذي أصابهم‪ ،‬وما عالجوا بلله مصلليبتهم هللو‬
‫الللذي يجللب علينللا أن نعالللج بلله مصلليبتنا‪ ،‬وأظللن أن هللذه‬
‫المقدمة توحي للحاضللرين جميعلا ً بللالجواب إشللارةً وسللتتأيد‬
‫هذه الشارة بصريح العبارة‪.‬‬
‫ن‬
‫فأقول‪ :‬يبدو من هذا التسلسل التاريخي و المنطقي فللي آ ِ‬
‫واحدِ أن الله عز وجل إنما نصر المؤمنين الولين؛ الذين كان‬
‫عددهم قليل ً جدا ً بالنسبة للكلافرين والمشلركين جميعلا ً ملن‬
‫كللل مللذاهبهم ومللهللم‪ ،‬إنمللا نصللرهم الللله تبللارك وتعللالى‬
‫بإيمانهم‪.‬‬
‫إذا ً ما كان العلج أو الدواء يومئذٍ لذلك العلداء الشللديد اللذي‬
‫كان يحيط بالدعوة هو نفس الدواء ونفس العلج الذي ينبغي‬
‫علللى المسلللمين اليللوم أن يتعللاطوه؛ لتحقيللق ثمللرة هللذه‬
‫المعالجة كما تحققت ثمرة تلك المعالجة الولى‪ ،‬والمر كمللا‬
‫يقال‪ :‬التاريخ يعيد نفسه؛ بل خير من هذا القول أن نقول إن‬
‫ظملله‬ ‫الللله عللز وجللل فللي عبللاده وفللي كلونه الللذي خلقلله ون ّ‬
‫وأحسن تنظيمه له فللي ذلللك كللله‪ -‬سللنن ل تتغيللر ول تتبللدل‬
‫) سنة الله ولن تجد لسنة الللله تبللديل ً ولللن تجللد لسللنة الللله‬
‫تحويل ً (‬
‫هللذه السللنن لبللد للمسلللم أن يلحظهللا‪ ،‬وأن يرعاهللا حللق‬
‫رعايتها‪ .‬وبخاصةٍ ما كان فيهللا مللن السللنن الشللرعية‪ .‬هنالللك‬
‫سنن شللرعية وهنالللك سللنن كونيللة‪ .‬وقللد يقللال اليللوم‪ -‬فللي‬
‫العصر الحاضر‪ -‬سنن طبيعية‪ ،‬هذه السنن الكونيللة الطبيعيللة‬
‫يشترك في معرفتهللا المسلللم و الكللافر‪ ،‬و الصللالح والطالللح‬
‫وم حيللاة النسللان البدنيللة ؟ الطعللام‬ ‫بمعنللى؛ مللا الللذي يقلل ّ‬

‫‪884‬‬
‫والشراب والهواء النقي و نحو ذلك‪ .‬فللإذا النسللان لللم يأكللل‬
‫‪،‬لم يشرب‪ ،‬لم يتنفس الهواء النقي‪ ،‬فمعنى ذلك أنلله ع لّرض‬
‫نفسه للموت موتا ً ماديًا‪ .‬هللل يمكللن أن يعيللش إذا مللا خللرج‬
‫عن اتخاذه هذه السنن الكونية ؟‬
‫الجواب ل‪) :‬سنة الله ولن تجد لسنة الللله تبللديل ( هللذا ‪-‬كمللا‬
‫قلت آنفا ً ‪-‬يعرفله معرفلة تجريبيلة كلل إنسلان؛ ل فلرق بيلن‬
‫المسلم و الكافر والصالح والطالح‪ .‬لكن الذي يهمنللا الن أن‬
‫نعرف أن هناك سننا ً شرعية يجللب أن نعلللم أن هنللاك سللننا ً‬
‫شرعية‪ ،‬من اتخذها وصل الى أهدافها و جنلى منهلا ثمراتهلا‪،‬‬
‫ومن لم يتخذها فسوف لن يصل إلى الغايللات الللتى ُوضللعت‬
‫تلك السنن الشرعية لها؛ تماما ً ‪ -‬كما قلنللا ‪ -‬بالنسللبة للسللنن‬
‫الكونية إذا تبّناها النسان و طبقها‪ ،‬و صل إلى أهدافها‪.‬‬
‫كذلك السللنن الشللرعية إذا أخللذها المسلللم؛ تحققللت الغايللة‬
‫التي وضع الله تلك السنن من أجلها – من أجل تحقيقهللا – و‬
‫ئ مللن‬ ‫إل فل‪ .‬أظن هذا الكلم مفهوم و لكن يحتللاج إلللى ش ل ٍ‬
‫التوضلليح‪ ،‬وهنللا بيللت القصلليد وهنللا يبللدأ الجللواب عللن ذاك‬
‫السؤال الهام‪ .‬كلنا يقرأ آية من آيللات اللله عللز وجللل بللل إن‬
‫هذه الية قد ُيزّين بها صدور بعللض المجللالس أو جللدر بعللض‬
‫البيوت وهي قللوله تعللالى }إن تنصللروا الللله ينصللركم { ]‪[2‬‬
‫‪-‬لفتات ‪ -‬توضح وتكتب بخط ذهبي جميل ُرقعللي أو فارسللي‬
‫‪000‬إلى آخره‪ ،‬وتوضع على الجدار‪ ،‬مع السف الشديد هللذه‬
‫الية أصبحت الجدر مزينة بهللا‪ ،‬أمللا قلللوب المسلللمين فهللي‬
‫خاوية على روشها‪ ،‬ل نكاد نشعر ما هو الهللدف الللذي ترمللي‬
‫إليه هذه الية }إن تنصروا الله ينصركم{ ولذلك أصبح وضللع‬
‫العللالم السلللمي اليللوم فللي بلبللة وقلقللة ل يكللاد يجللد لهللا‬
‫مخرجًا‪ ،‬مع أن المخرج مذكور فللي كللثير مللن اليللات‪ ،‬وهللذه‬
‫كرنا المسلمين بهذه الية فأظن‬ ‫الية من تلك اليات‪ ،‬إذا ما ذ ّ‬
‫أن المللر ل يحتللاج إلللى كللبير شللرح وبيللان وإنمللا هللو فقللط‬
‫التذكير و } الذكرى تنفع المؤمنين{‪.‬‬

‫‪885‬‬
‫كلنا يعلم –إن شاء الله – أن قوله تبارك وتعالى }إن تنصروا‬
‫ط‪ ،‬جوابه }ينصْركم{ إن تأكل إن تشلرب إن إن‪...‬‬ ‫الله{ شر ٌ‬
‫الجواب تحيا‪ ،‬إن لم تأكل إن لم تشرب‪ ،‬ماذا؟ تموت ؟‪.‬‬
‫كذلك تماما ً المعنللى فللي اليللة }إن تنصللروا الللله ينصللركم{‬
‫المفهوم ‪ -‬وكما يقول الصوليون ‪ : -‬مفهوم المخالفة‪ ،‬إن لم‬
‫تنصروا الله لم ينصركم؛ هذا هو واقع المسلمين اليوم‪.‬‬
‫توضيح هذه الية جاءت في السنة فللي عديللد مللن النصللوص‬
‫الشرعية‪ ،‬وبخاصةٍ منها الحاديث النبوية‪} .‬إن تنصروا الللله{‬
‫معلوم بداهة أن الله ل يعني أن ننصره على عللدوه بجيوشللنا‬
‫وأساطيلنا وقواتنا المادية؛ ل ! إن الله عز وجلل غلالب عللى‬
‫أمره‪ ،‬فهو ليس بحاجة إلى أن ينصره أحد نصرا ً ماديا ً – هللذا‬
‫أمر معروف بدهيا ً – لذلك كان معنى }إن تنصللروا الللله{ أي‬
‫إن تتبعوا أحكام الله‪ ،‬فذلك نصركم لله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫والن هل المسلمون قد قاموا بهذا الشرط ؟ قد قاموا بهللذا‬
‫الواجب –أول ً ؟ ثم هو شرط لتحقيق نصر الله للمسلللمين –‬
‫ثانيا ً ‪-‬؟‬
‫الجواب‪ :‬عند كل واحدٍ منكم‪ ،‬ما قام المسلللمون بنصللر الللله‬
‫ة؛ أيض لا ً مللن بللاب التللذكير‬
‫عز وجل‪ .‬وأريد أن أذكر هنللا كلم ل ً‬
‫وليللس مللن بللاب التعليللم‪ ،‬علللى القللل بالنسللبة لبعللض‬
‫الحاضللرين‪ .‬إن عامللة المسلللمين اليللوم قللد انصللرفوا عللن‬
‫معرفتهم‪ ،‬أو عن تعرفهم على دينهم ‪ -،‬علن تعلمهلم لحكلام‬
‫دينهللم ‪ ،-‬فللأكثرهم ل يعلمللون السلللم‪ ،‬وكللثيٌر أو الكللثرون‬
‫منهم‪ ،‬إذا ما عرفوا من السلم شيئًا‪ ،‬عرفللوه ليللس إسلللما ً‬
‫مللا كلان عليله رسللول اللله‬ ‫حقيقيًا؛ عرفوه إسلما ً منحرفلا ً ع ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه‪ .‬لللذلك فنصللر الللله‬
‫الموعود به من نصللر الللله يقللوم علللى معرفللة السلللم أول ً‬
‫ة صحيحة‪ ،‬كما جاء في القرآن والسنة‪ ،‬ثم على العمللل‬ ‫معرف ً‬
‫به – ثانيا ً ‪ ،-‬وإل كانت المعرفة وبال ً على صللاحبها‪ ،‬كمللا قللال‬
‫تعالى‪} :‬يا أيها الذين أمنللوا لللم تقولللون مللا ل تفعلللون‪ ،‬كللبر‬

‫‪886‬‬
‫مقتا ً عند الله أن تقولوا مللال تفعلللون{ ]‪ .[3‬إذا ً نحللن بحاجللة‬
‫إلى تعلم السلم ‪،‬وإلى العمل بالسلم‪.‬‬
‫كر به ‪ -‬كما قلت آنفا ً ‪ -‬هو أن عادة جماهير‬ ‫فالذي أريد أن أذ ّ‬
‫المسلمين اليوم أن يصّبوا اللللوم كللل اللللوم بسللبب مللا ران‬
‫ل وهللوان علللى الحكللام‪ ،‬أن‬ ‫ة مللن ذ ٍ‬ ‫علللى المسلللمين قاطب ل ً‬
‫يصللبوا اللللوم كللل اللللوم علللى حكللامهم الللذين ل ينتصللرون‬
‫لدينهم‪ ،‬وهلم ‪ -‬مللع السلف ‪ -‬كللذلك؛ ل ينتصلرون للدينهم‪ ،‬ل‬
‫مللذّلين مللن كبللار الكفللار مللن اليهللود‬ ‫ينتصرون للمسلللمين ال ُ َ‬
‫ف القلللائم اليلللوم بيلللن‬
‫والنصلللارى وغيرهلللم‪ ،‬هكلللذا العُلللر ُ‬
‫المسلمين ! صب اللوم كل اللوم على الحكللام‪ ،‬ومللع ذلللك !‬
‫أن المحكومين كأنهم ل يشملهم اللللوم الللذي يوجهللونه إلللى‬
‫الحاكمين ! والحقيقة أن هذا اللوم ينصب علللى جميللع المللة‬
‫ما‪ ،‬و محكومين‪ .‬و ليس هذا فقط بللل هنللاك طائفلة مللن‬ ‫ح ّ‬
‫كا ً‬
‫أولئك اللئميللن للحكللام المسلللمين بسللبب عللدم قيللامهم‬
‫بتطبيق أحكام دينهم‪ ،‬و هم محقون في هذا اللوم ‪،‬ولكن! قد‬
‫خلللالفوا قوللللة تعلللالى }إن تنصلللروا اللللله{‪ .‬أعنلللي نفلللس‬
‫المسللمين اللئميلن للحلاكمين حينملا يخصللونهم بللاللوم قلد‬
‫خالفوا أحكام السلم؛ حينما يسلكون سبيل تغيير هذا الوضع‬
‫المحزن المحيط بالمسلمين بالطريقة الللتى تخللالف طريقللة‬
‫الرسللول صلللى الللله عليلله و علللى آللله و سلللم‪ .‬حيللث إنهللم‬
‫يعلنللون تكفيللر حكللام المسلللمين‪ -‬هللذا أول ً ‪ ! -‬ثللم يعلنللون‬
‫وجوب الخروج عليهم ‪!-‬‬
‫ثانيا ً ‪ ! -‬فتقع هنللا فتنللة عميللاء صللماء بكمللاء بيللد المسلللمين‬
‫أنفسهم؛ حيث ينشق المسلمون بعضهم علللى بعللض فمنهللم‬
‫هؤلء الذين أشرت إليهم الذين يظنون أن تغيير هللذا الوضللع‬
‫الللذليل المصلليب للمسلللمين إنمللا تغييللره بللالخروج علللى‬
‫الحاكمين‪ ،‬ثم ل يقف المر عند هلذه المشلكلة‪ ،‬وإنملا تتسلع‬
‫وتتسع حتى يصبح الخلف بيللن هللؤلء المسلللمين أنفسللهم !‬
‫ل عن هذا الخلف‪.‬‬ ‫ويصبح الحاكم في معز ٍ‬

‫‪887‬‬
‫بدأ الخلف من غلوّ بعض السلميين في معالجة هذا الواقللع‬
‫الليللم أنلله لبللد مللن محاربللة الحكللام المسلللمين لصلللح‬
‫الوضلللع !‪ ،‬وإذا بلللالمر ينقللللب إللللى أن هلللؤلء المسللللمين‬
‫يتخاصمون مع المسلمين الخريللن الللذين يللرون أن معالجللة‬
‫الواقع الليلم ليلس هلو بلالخروج عللى الحلاكمين‪ ،‬وإن كلان‬
‫كللثيرون منهللم يسللتحقون الخللروج عليهللم ! بسللبب أنهللم ل‬
‫يحكمون بما أنزل الله؛ ولكن هللل يكللون العلج –كمللا يزعللم‬
‫هؤلء الناس – هل يكون إزالة الللذي أصللاب المسلللمين مللن‬
‫الكفللار أن نبللدأ بمحاكمللة الحللاكمين فللي بلد السلللم مللن‬
‫المسلمين ؟– ولو أن بعضللهم نعتللبرهم مسلللمين جغرافييللن‬
‫كما يقال في العصر الحاضر – هنا نحن نقول‪ :‬أوردهللا سللعد ٌ‬
‫ل ما هكذا يا سعد ُ ُتوَرد الب ْ‬
‫ل‪.‬‬ ‫وسعد ٌ مشتم ْ‬
‫ة وهللم اليهللود‬ ‫مما ل شك فيه أن موقف أعداء السلم أصللآل ً‬
‫والنصارى والملحدة من خارج بلد السلم؛ هم أشد بل شك‬
‫ضررا ً من بعض هؤلء الحكام الذين ل يتجللاوبون مللع رغبللات‬
‫المسلمين أن يحكموهم بما أنزل الله فمللاذا يسللتطيع هللؤلء‬
‫المسلمون ؟ وأعني طرفا ً أو جانبا ً منهم وهم الللذين يعلنللون‬
‫وجوب محاربة الحاكمين مللن المسلللمين‪ ،‬مللاذا يسللتطيع أن‬
‫يفعل هؤلء لو كان الخللروج علللى الحكللام واجبلا ً قبللل البللدء‬
‫بإصلح نفوسنا نحن ؟!‪.‬‬
‫كما هو العلج الذي بدأ به الرسول عليه السلم‪ ،‬إن هللؤلء ل‬
‫يستطيعون أن يفعلوا شيئا ً إطلقًا؛ والواقع أكللبر دليللل علللى‬
‫ذلك‪ ،‬مع أن العلج الللذي يتبعللونه –وهللو أن يبللدؤوا بمحاربللة‬
‫الحكام المسلمين! –ل يثمر الثمرة المرجوة لن العلة ‪ -‬كمللا‬
‫قلت آنفا ً ‪ -‬ليست في الحاكمين فقط؛ بل و في المحكللومين‬
‫أيضًا‪ ،‬فعليهم جميعا ً أن يصللحوا أنفسلهم و الصللح هلذا لله‬
‫بحث آخر قد تكلمنا عليه مرارا ً و تكرارا ً و قد نتكلم قريبا ً إن‬
‫شاء الله عنه‪ .‬المهم الن المسلمون كلهم متفقون علللى أن‬
‫و ضعهم أمر ل يحسدون عليه و ل يغبطون عليه ؛بل هو مللن‬
‫الذل و الهوان بحيث ل يعرفه السلم‪ ،‬فمن أيللن نبللدأ ؟ هللل‬

‫‪888‬‬
‫يكون البدأ بمحاربة الحللاكمين المسلللمين ؟! أو يكللون البللدأ‬
‫بمحاربللة الكفللار أجمعيللن مللن كللل البلد ؟! أم يكللون البللدأ‬
‫بمحاربة النفس المارة بالسوء ؟ من هنللا يجللب البللدأ‪ ،‬ذلللك‬
‫لن النبي صلى الله عليه وعلى آله و سلم إنمللا بللدأ بإصلللح‬
‫وين في أول دعللوة السلللم –‬ ‫نفوس أفراد المسلمين المدع ّ‬
‫كما ذكرنا في أول هللذا الكلم‪ -‬بللدأت الللدعوة فللي مكللة ثللم‬
‫انتقلللت إلللى المدينللة ثللم بللدأت المناوشللة بيللن الكفللار و‬
‫المسلمين‪ ،‬ثم بين المسلمين و الروم‪ ،‬ثم بيللن المسلللمين و‬
‫فارس‪ ..‬و هكذا ‪! -‬‬
‫كما قلنا آنفا ً ‪ -‬التاريخ يعيد نفسه ‪0‬فللالن المسلللمون عليهللم‬
‫أن ينصروا الله لمعالجة هذا الواقع الليم‪ ،‬وليس بأن ُيعالجوا‬
‫جانبا ً ل يثمر الثمرة المرجوة فيها‪ ،‬لو استطاعوا القيام بهللا !‬
‫ما هو هذا الجانب ؟ محاربة الحكام الذين يحكملون بغيللر ملا‬
‫أنزل الله ! هذا أول ً – كما قلت آنفا ً لبد من وقفللة قصلليرة –‬
‫غيللر مسللتطاع اليللوم‪ ،‬أن ُيحللارب الحكللام؛ وذلللك لن هللؤلء‬
‫الحكام لو كانوا كفللارا ً كللاليهود والنصللارى؛ فهللل المسلللمون‬
‫اليوم يستطيعون محاربة اليهود والنصارى ؟‬
‫الجواب‪ :‬ل‪ ،‬المر تمام لا ً كمللا كللان المسلللمون الولللون فللي‬
‫العهد المكي‪ ،‬كللانوا مستضللعفين‪ ،‬أذلء‪ ،‬محللاربين‪ ،‬معللذبين‪،‬‬
‫مَقت ِّلين لماذا ؟! لنهم كانوا ضعفاء ل حول لهللم ول قللوة‪ ،‬إل‬ ‫ُ‬
‫ل في صدورهم‪ ،‬بسبب إتباعهم لدعوة نللبيهم‬ ‫إيمانهم الذي ح ّ‬
‫صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ هذا التباع مع الصللبر علللى‬
‫الذى هو الللذي أثمللر الثمللرة المرجللوة؛ الللتي نحللن ننشللدها‬
‫اليوم‪ ،‬فما هللو السللبيل للوصللول إلللى هللذه الثمللرة ؟ نفللس‬
‫السللبيل الللذي سلللكه الرسللول عليلله الصلللة والسلللم مللع‬
‫أصللحابه الكللرام‪ ،‬إذا ً اليللوم ل يسللتطيع المسلللمون محاربللة‬
‫الكفللار علللى اختلف ضللللتهم‪ ،‬فمللاذا عليهللم ؟ عليهللم أن‬
‫ُيؤمنوا بالله ورسوله حقًا‪ ،‬ولكن المسلللمين اليللوم كمللا قللال‬
‫رب العالمين }ولكن أكثرهم ل يعلمون{‪ .‬المسلللمون اليللوم‬

‫‪889‬‬
‫اسللما ً وليسللوا مسلللمين حقللا ً ! أظنكللم تشللعرون معللي‬
‫بالمقصود من هذا النفي‪.‬‬
‫ولكني أذكركم بقوله تعالى‪} :‬قد أفلح المؤمنون‪ ،‬الللذين هللم‬
‫فللي صلللتهم خاشللعون‪ ،‬والللذين هللم عللن اللغللو معرضللون‪،‬‬
‫والذين هم للزكاة فاعلون‪ ،‬والذين هللم لفروجهللم حللافظون‪،‬‬
‫إل علي أزواجهم أو ما ملكللت أيمللانهم فللإنهم غيللر ملللومين‪،‬‬
‫فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون{ ]‪ [4‬أي البللاغون‬
‫الظالمون‪ .‬فإذا أخللذنا هللذه الخصللال فقللط‪ ،‬ولللم نتعللد هللذه‬
‫اليات المتضمنة لهذه الخصال إلى آيللات أخللرى؛ الللتي فيهللا‬
‫ذكر لبعض الصفات والخصال التي لم ُتذكر في هذه اليللات‪،‬‬
‫وهي كلها تدور حول العمل بالسلم‪ .‬فمن تحققت فيه هللذه‬
‫الصفات المذكورة في هذه اليللات المتلللوه آنفلا ً وفللي آيللات‬
‫أخرى؛ أولئك هم الذين قال الله عز وجل في حقهللم }أولئك‬
‫هم المؤمنون حقا{ ]‪.[5‬‬
‫فهل نحن مؤمنون حقا ً ؟!‬
‫الجواب‪ :‬ل‪ ،‬إذا ً يا إخواننا ل تضطربوا!‬
‫فنحن المصلين اليوم؛ ‪ -‬هذه الخصلة ‪} -‬قد أفلح المؤمنللون‪،‬‬
‫الذين هم في صلللتهم خاشللعون{ هللل نحللن خاشللعون فللي‬
‫صلتنا ؟ أنا ما أتكلم عن فرد‪ ،‬اثنين‪ ،‬خمسللة‪ ،‬عشللرة‪ ،‬مللائة‪،‬‬
‫مائتين‪ ،‬ألف‪ ،‬ألفين‪.‬‬
‫ل‪ .‬أتكلم ]‪ [6‬عن المسلمين على القل الذين يتساءلون‪ ،‬مللا‬
‫هو الحل لما أصلاب المسللمين ؟ ل أعنلي أولئك المسللمين‬
‫اللهيللن الفاسللقين الللذين ل تهمهللم آخرتهللم‪ ،‬وإنمللا تهمهللم‬
‫شهواتهم و بطونهم ل‪ .‬أنا أتكلم عن المسلمين المصلين‪.‬‬
‫فهل هؤلء المصلون قد اتصفوا بهذه الصفات المذكورة فللي‬
‫أول سورة المؤمنين ؟ الجواب‪ :‬كجماعة‪ ،‬كأمة ‪ :‬ل‪.‬‬
‫ة ل تجللري‬ ‫كها إن السللفين َ‬ ‫إذًا‪ :‬ترجو النجاةَ ولم تسللل ْ‬
‫ك مسللال ِ َ‬
‫س‬
‫على اليب ِ‬

‫‪890‬‬
‫فلبد من اتخاذ السباب؛ التي هي من تمام السنن الشللرعية‬
‫بعد السنن الكونية؛ حتى يرفع ربنا عز وجل هلذا اللذل اللذي‬
‫ران علينا جميعًا‪.‬‬
‫أنا ذكرت هذه الوصاف من صفات المؤمنين المللذكورة فللي‬
‫كر‬ ‫أول هذه السورة‪ ،‬لكن هناك في الحاديث النبوية التي نللذ ّ‬
‫كر بحال المسلللمين اليللوم؛ وأنهللم لللو‬ ‫بها إخواننا دائمًا‪ ،‬ما ُيذ ّ‬
‫تذكروا هذا الحديث كان من العار عليهللم أن يتسللاءلوا لمللاذا‬
‫أصابنا هذا الذل ؟! لنهم قد غفلللوا عللن مخللالفتهم لشللريعة‬
‫الله‪،‬‬
‫من تلك الحاديث قوله عليه الصلللة و السلللم‪" :‬إذا تبللايعتم‬
‫بالعينة‪ ،‬وأخذتم أذناب البقر‪ ،‬ورضيتم بالزرع‪ ،‬وتركتم الجهللاد‬
‫في سبيل الله؛ سللط اللله عليكللم ذل ً ل ينزعلله عنكللم حللتى‬
‫ترجعوا إلى دينكم " ]‪ .[7‬هللذا الحللديث تكلمللت عليلله كللثيرا ً‬
‫وكثيرا ً جدا ً وبمناسبات عديدة‪ .‬وإنما أنا أقف فقط عند قللوله‬
‫"إذا تبايعتم بالعينة"‪.‬العينة ‪ :‬نوع مللن العمللال الربويللة؛ ‪ -‬ول‬
‫أريد أيضلا ً أن أدخلل فيهلا باللذات ‪ .-‬فهلل منكلم ملن يجهلل‬
‫تعامللل المسلللمين بللأنواع مللن الربللا‪ ،‬وهللذه البنللوك الربويللة‬
‫قائمة على ساق وقدم فلي كلل بلد السللم ومعلترف فيهلا‬
‫بكل النظمة القائمة فللي بلد السلللم‪ .‬وأعللود لقللول ليللس‬
‫فقلللط ملللن الحكلللام؛ بلللل و ملللن المحكلللومين لن هلللؤلء‬
‫المحكومين هم الذين يتعاملون مع هذه البنوك و هللم الللذين‬
‫إذا ُنوقشوا‪ ،‬و قيل لهللم‪ :‬أنتللم تعلمللون أن الربللا حللرام و أن‬
‫المر كما قال عليه السلم‪" :‬درهم ربا يأكله الرجل أشد عند‬
‫ت وثلثيللن زنيللة " ]‪ [8‬لمللاذا يللا أخللي‬ ‫الله عز وجللل مللن سل ٍ‬
‫دنا نسللاوي – بللدنا نعيللش" ]‬ ‫تتعامل بالربا ؟! "بيقلللك شللو بل ّ‬
‫‪ ،!! [9‬إذا ً العلقة ما لها علقللة بالحكللام لهللا علقللة بالحكللام‬
‫والمحكومين‪ .‬المحكومون هم في حقيقة أمرهللم يليللق بهللم‬
‫مثل هؤلء الحكام‪ ،‬وكما يق!‬
‫وللون "دود الخلل مّنله وفيله ‪ -‬دود الخلل مّنله وفيله" ]‪.[10‬‬
‫هؤلء الحكام ما نزلوا علينلا ملن المريلخ !! وإنملا نبعلوا مّنلا‬

‫‪891‬‬
‫وفينللا فللإذا أردنللا صلللح أوضللاعنا فل يكللون ذلللك بللأن نعلللن‬
‫كامنا وأن ننسى أنفسللنا؛ والمشللكلة‬ ‫الحرب الشعواء على ح ّ‬
‫مّنا وفينا؛ حيث المشكلة القائمة في العالم السلمي‪.‬‬
‫لللذلك نحللن ننصللح المسلللمين أن يعللودوا الللى دينهللم‪ .‬وأن‬
‫يطبقوا ما عرفوه من دينهم }ويومئذٍ يفرح المؤمنللون بنصللر‬
‫الله{ ]‪ .[11‬كل المشاكل القائمة اليوم والتي يتحمس بعض‬
‫الشباب ويقول ما العمل ؟! سللواٌء قلنللا مللا هللو بجانبنللا مللن‬
‫المصيبة التي حلت بالعالم السلمي والعالم العربي ! وهللي‬
‫احتلل اليهود لفلسطين‪ ،‬أو قلنا محاربة الصليبين للمسلمين‬
‫بإرتيريا وفي الصومال‪ ،‬فللي البوسللنة والهرسللك فللي فللي‪...‬‬
‫إلى آخر البلد المعروفة اليوم‪ .‬هذه المشاكل كلهللا ل يمكللن‬
‫أن تعالج بالعاطفة وإنما تعالج بالعلم والعمل‪} .‬وقل اعملللوا‬
‫فسيرى الله عملكم ورسللوله ثللم تللردون إلللى عللالم الغيللب‬
‫والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون { ]‪} ،[12‬وقل اعملللوا{‬
‫الن نقف عند هذه النقطة‪ .‬العمل للسلم اليوم في الساحة‬
‫السلللمية‪ ،‬للله صللور كللثيرة وكللثيرة جللدًا‪ ،‬وفللي جماعللات‬
‫وأحزاب متعللددة‪ ،‬والحقيقللة أن هللذه الحللزاب مللن مشللكلة‬
‫كبر المشكلة أكثر مما يراها بعضللهم‪.‬‬ ‫العالم السلمي التي ت ّ‬
‫بعضللهم يللرى أن‪،‬المشللكلة احتلل اليهللود لفلسللطين – أن‬
‫المشللكلة مللا ذكرنللاه آنفلًا‪ ،‬محاربللة الكفللار لكللثير مللن البلد‬
‫السلمية وأهلها –‬
‫ل‪!....‬‬
‫نحن نقول‪ :‬المشكلة أكبر وهي تفرق المسلمين‪ .‬المسلمون‬
‫أنفسللهم متفرقللون شلليعا ً وأحزاب لا ً خلف قللول الللله تبللارك‬
‫وتعالى‪} :‬ول تكونوا من المشركين من الللذين فرقللوا دينهللم‬
‫ب بمللا لللديهم فرحللون{ ]‪ .[13‬الن‬ ‫وكللانوا شلليعا ً كللل حللز ٍ‬
‫الجماعات السلمية مختلفون في طريقة معالجللة المشللكلة‬
‫التي يشكو منها كل الجماعات السلمية‪ ،‬وهللي الللذل الللذي‬
‫ران على المسلمين‪ ،‬وكيف السبيل إلى الخلص منه ؟‬
‫هناك طرق‪:‬‬

‫‪892‬‬
‫الطريقة الولى‪ :‬هي الطريقة المثلى التي ل ثاني لها‪ ،‬وهللي‬
‫التي ندعو إليها دائما ً وأبدًا‪ .‬وهي فهم السلم فهم لا ً صللحيحا ً‬
‫ه وتربية المسلمين على هذا السلللم المصلّفى‪ ،‬تلللك‬ ‫وتطبيق ُ‬
‫هي سنة رسول الله صلى الله عليه وعللى آلله وسللم؛ كملا‬
‫ذكرنا ونذكر أبدًا‪ .‬فرسول الله بللدأ بأصللحابه أن هللداهم إلللى‬
‫اليمان بالله ورسللوله‪ -‬أن علمهللم بأحكللام السلللم‪ ،-‬وكللانوا‬
‫يشكون إليه ما يصيبهم من ظلم المشركين وتعذيبهم إياهم‪،‬‬
‫كان يأمرهم بالصبر‪ ،‬يأمرهم بالصبر ! وأن هذه سنة الله في‬
‫خلقه أن ُيحارب الحق بالباطل وأن ُيحللارب المؤمنللون ]‪[14‬‬
‫بالمشللركين وهكللذا‪ ،‬فالطريقللة الولللى لمعالجللة هللذا المللر‬
‫الواقللع هللي العلللم النللافع والعمللل الصللالح‪ .‬هنللاك حركللات‬
‫ودعللوات أخللرى‪ ،‬كلهللا تلتقللي علللى خلف الطريقللة الولللى‬
‫والمثلى والتي ل ثاني لها وهللي اتركللوا السلللم الن جانبلا ً !‬
‫من حيث وجوب فهمه ! ومن حيث وجوب العمل به ! المللر‬
‫الن أهم مللن هللذا المللر ! وهللو أن نجتمللع وأن نتوحللد علللى‬
‫محاربة الكفار !! سبحان الللله‪ ،‬كيللف يمكللن محاربللة الكفللار‬
‫بدون سلح ؟! كل إنسللان عنللده ذّرة عقللل أنلله إذا لللم يكللن‬
‫لديه سلح مادي فهو ل يستطيع أن يحللارب عللدوه المس لّلح‪،‬‬
‫ليس بسلح مادي بل بأسلحةِ مادية !‪ .‬ف!‬
‫إذا أراد أن يحارب عدوه ‪ -‬هذا ‪-‬المسلح وهو غير مسلح ماذا‬
‫يقال له ؟ حاربه دون أن تتسلح ؟! أم تسلح ثم حاربه ؟‬
‫ل خلف في هذه المسآله أن الجواب‪ :‬تسلح ثم حارب‪ ،‬هللذا‬
‫من الناحية الماديللة‪ ،‬لكللن مللن الناحيللة المعنويللة المللر أهللم‬
‫بكثير من هذا‪ ،‬إذا أردنا أن نحارب الكفار؛ فسللوف ل يمكننللا‬
‫أن نحارب الكفار بأن ندع السلللم جانبلًا؛ لن هللذا خلف مللا‬
‫أمر الله عز وجل ورسوله المللؤمنين فللي مثللل آيللات كللثيرة‬
‫منها قوله تعالى }والعصر إن النسان لفي خسللر‪ ،‬إل الللذين‬
‫آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصللوا بالصللبر{ ]‬
‫‪} .[15‬إن النسللان لفللي خسللر{‪ .‬نحللن بل شللك الن فللي‬
‫خسر‪ .‬لماذا ؟! لننللا لللم نأخللذ بمللا ذكللر الللله عللز وجللل مللن‬

‫‪893‬‬
‫الستثناء حين قال‪} :‬إن النسان لفي خسر‪ ،‬إل الللذين آمنللوا‬
‫وعملوا الصالحات وتواصوا بللالحق وتواصللوا بالصللبر{‪ .‬نحللن‬
‫الن نقول آمنا بالله ورسوله‪ ،‬ولكن ! حينما ندعو المسلللمين‬
‫المتحزبين المتجمعين المتكتلين علللى خلف دعللوة الحللق –‬
‫الرجوع إلى الكتاب والسنة – يقولون هللذا نللدعه الن جانب لًا!‬
‫المر أهم !‪ .‬هو محاربللة الكفللار !‪ ،‬فنقللول‪ :‬بسلللح أم بللدون‬
‫سلللح ؟ !‪ .‬لبللد مللن سللل حيللن‪ ،‬السلللح الول‪ :‬السلللح‬
‫المعنوي‪ ،‬وهم يقولون الن دعوا هذا السلح المعنوي جانبا ً !‬
‫م‪ ،‬ل سلللح مللادي !! لن هللذا غيللر‬ ‫وخذوا بالسلح المادي ! ث ّ‬
‫مستطاع بالنسبة للوضاع التي ُنح!‬
‫كم بها الن؛ ليس فقط مللن الكفللار المحيطيللن بنللا مللن كلل‬
‫جلانب؛ بلل وملن بعلض الحكلام اللذين يحكموننلا ! فنحلن ل‬
‫نستطيع اليوم رغم أنوفنا أن نأخذ بالستعداد بالسلح المادي‬
‫– هذا ل نستطيعه –‪ .‬فنقول ‪ :‬نريد نحارب بالسلح المللادي !‬
‫وهللذا ل سللبيل إليلله‪ ،‬والسلللح المعنللوي الللذي هللو بأيللدينا –‬
‫}فاعلم أنه ل إله إل الله{ ]‪ – [16‬العلم ثم العمل في حدود‬
‫ما نستطيع‪ ،‬هذا نقول بكل بساطة متناهية دعوا هلذا جانبلا ً !‬
‫هللذا مسللتطاع ونللؤمر بللتركه جانب لا ً ! وذلللك غيللر مسللتطاع‪.‬‬
‫فنقللول ‪ :‬يجللب أن نحللارب !! وبمللاذا نحللارب ؟! خسللرنا‬
‫السلحين معًا؛ السلح المعنوي العلمللي نقللول نللؤجله ! لنلله‬
‫ليس هذا وقته وزمانه !! السلح المللادي ل نسللتطيعه فبقينللا‬
‫خرابا ً يبابا ً ضعفاء في السلحين المعنوي والمادي‪ .‬إذا رجعنللا‬
‫إلى العهد الول النور؛ وهو عهد الرسول عليه السلم الول‪،‬‬
‫هل كان عنده سلح مادي ؟ الجواب‪ ،‬ل بماذا إذا ً كان مفتللاح‬
‫النصللر ؟ آلسلللح المللادي أم السلللح المعنللوي ؟ لشللك أنلله‬
‫السلللح المعنللوي‪ ،‬وبلله بللدأت الللدعوة فللي مثللل تلللك اليللة‬
‫}فاعلم أنه ل إللله إل الللله{ إذا ً العلللم‪ -‬قبللل كللل شللئ – إذا ً‬
‫بالسلم قبل كل شئ ثم تطبيق هذا السلللم فللي حللدود مللا‬
‫نستطيع‪ .‬نستطيع أن نعرف !‬

‫‪894‬‬
‫العقيللدة السلللمية ‪ -‬الصللحيحة طبع لا ً – نسللتطيع أن نعللرف‬
‫العبادات السلمية‪ ،‬نسللتطيع أن نعللرف الحكللام السلللمية‪،‬‬
‫نستطيع أن نعرف السلوك السلمي ‪ ،‬هذه الشياء كلها مللع‬
‫أنها مستطاعة فجماهير المسلمين بللأحزابهم وتكتلتهللم هللم‬
‫ة نريلد الجهلاد ! أيلن‬ ‫معرضون عنها؛ ثلم نرفلع أصلواتنا عاليل ً‬
‫الجهاد ؟! مادام السلللح الول مفقللود والسلللح الثللاني غيللر‬
‫موجود بأيدينا ؟!!‬
‫نحن لو وجدنا اليوم جماعة من المسلمين متكتلين حقا ً على‬
‫السلم الصحيح وطبقوه تطبيقا ً صحيحًا‪ ،‬لكن ل سلح مللادي‬
‫عنللدهم؛ هللؤلء يللأتيهم أمللره تعللالى فللي اليللة المعروفللة‪:‬‬
‫ة‪ ،‬ومللن ربللاط الخيللل‬ ‫}وأعللدوا لهللم مللا اسللتطعتم مللن قللو ً‬
‫ترهبون به عدو الله وعدوكم{ ]‪ [17‬لللو كللان عنللدنا السلللح‬
‫الول المعنوي؛ فنحن مخاطبون بهللذا العللداد الملادي‪ .‬فهلل‬
‫نحارب إذا لم يكن عندنا إعداد مادي ؟! الجواب ‪ :‬ل‪.‬لننا لللم‬
‫نحقق هذه الية التي تأمرنا بالعداد المادي؛ فما بالنللا‪ ،‬كيللف‬
‫نستطيع أن نحارب ونحن مفلسون مللن السلللحين المعنللوي‬
‫والمادي ؟ !‪ .‬المادي الن ل نسللتطيعه‪ ،‬المعنللوي نسللتطيعه؛‬
‫إذا ً }ل يكلف الله نفسا ً إل وسللعها { ]‪} .[18‬فللاتقوا لللله مللا‬
‫اسللتطعتم{ ]‪ [19‬فالللذي نسللتطيعه الن هللو العلللم النللافع‬
‫والعمل الصالح‪.‬‬
‫لعلي أطلت في هذا الجواب أكثر من اللزم‪ ،‬لكني أنا ألخص‬
‫الن فأقول‪:‬‬
‫ليست مشكلة المسلمين في فلسطين فقللط ‪ -‬يللا إخواننللا‪،-‬‬
‫لنه مع السللف الشللديد مللن جملللة النحللراف الللتي تصلليب‬
‫المسلمين اليوم؛ أنهم يخالفون علمهللم عمل ً ! حينمللا نتكلللم‬
‫عللن السلللم وعللن الللوطن السلللمي‪ ،‬نقللول‪ :‬كللل البلد‬
‫السلمية هي وطن لكللل مسلللم؛ مللا فللي فللرق بيللن عربللي‬
‫وعجمي‪ ،‬ما في فرق بين حجازي وأردني ومصري ‪....‬و إلللى‬
‫آخللره‪ ،‬لكللن هللذه الفللروق العمليللة موجللودة‪ ،‬هللذه الفللروق‬

‫‪895‬‬
‫عمليه موجودة ! ليس فقط سياسيًا؛ هذا غير مستغرب أبدًا‪،‬‬
‫لكن موجودة حتى عند السلميين !‬
‫مثل ً تجد بعض الدعاة السلللميين يهتمللون بفلسللطين؛ ثللم ل‬
‫يهمهم ما يصيب المسلمين الخرين في البلد الخرى‪.‬‬
‫ل‪ :‬حينما كانت الحرب قائمة بين المسلمين الفغللان وبيللن‬ ‫مث ً‬
‫السوفييت وأذنابهم من الشيوعيين‪ ،‬لماذا ؟!‬
‫لن هؤلء مثل ً ليسوا سوريين ! مصرين ! أو مللا شللابه ذلللك‪.‬‬
‫إذا ً المشكلة الن ليست محصورة في فلسللطين فقللط؛ بللل‬
‫تعدت إلى بلد إسلللمية كللثيرة فكيللف نعالللج هللذه المشللكلة‬
‫العامة ؟ بالقوتين المعنوية والمادية‪ ،‬بماذا نبدأ ؟‬
‫نبدأ قبل كللل شلليء بللالهم فللالهم وبخاصللة إذا كللان الهللم‬
‫ميسورًا؛ وهو السلح المعنوي – فهم السلللم فهملا ً صللحيحا ً‬
‫وتطبيقه تطبيقا ً صحيحا ً ثم السلح المادي إذا كللان ميسللورًا‪.‬‬
‫اليوم ‪ -‬مع السف الشديد –؛ الللذي وقللع فللي أفغانسللتان‪....‬‬
‫السلحة التي حارب المسلللمون – السلللحة الماديللة – الللتي‬
‫حارب المسلمون بها الشيوعيين هل كانت أسلحة إسلمية ؟‬
‫الجواب‪ :‬ل‪.‬‬
‫كانت أسلحة غربية‪ ،‬إذا نحن الن من ناحيللة السلللح المللادي‬
‫مستعبدون؛ لو أردنا أن نحارب وكنا أقوياء مللن حيللث القللوة‬
‫المعنوية‪ ،‬إذا أردنا أن نحارب بالسلح المللادي فنحللن بحاجللة‬
‫إلى أن نستورد هذا السلح؛ إما بالثمن وإما بالمنحة أو شيء‬
‫مقابل شيء ! كما تعلمون السياسة الغربية اليوم علللى ح لد ّ‬
‫مي‪" :‬حك ّّللي لحك ّّللك"! يعنلي أي دولله الن حلتى‬ ‫المثل العلا ّ‬
‫بالثمن ل تبيعك السلح إل مقابل تنللازلت‪ .‬تتنللازل أنللت أيهللا‬
‫الشعب المسلم مقابل السلح الذي تدفع ثمنه أيضا ً فللإذا ً يللا‬
‫إخواننا المر ليس كما نتصور عبارة عن حماسات وحللرارات‬
‫الشباب وثورات كرغوة الصابون تثور ثم تخور في أرضللها ل‬
‫أثر لهلا إطلقلا ً !‪ .‬أخيلرا ً ٌأقلول }وقلل اعمللوا فسليرى اللله‬
‫عملكم ورسوله‪ {..‬إلى آخر الية‪.‬‬

‫‪896‬‬
‫لكن أكرر أن العمل ل ينفع إل إذا كان مقرونا ً بلالعلم النلافع؛‬
‫والعلم النافع إنما هو قال الله قال رسول الله كما قللال إبللن‬
‫القيم رحمه الله‪:‬‬
‫ه‬
‫ة ليس بالتموي ِ‬ ‫ه*** قال الصحاب ُ‬ ‫العلم قال الله قال رسول ُ‬
‫ل‬
‫ل وبيللن قللو ِ‬‫ة*** بين الرسللو ِ‬ ‫ك للخلف سفاه ً‬ ‫م نصب َ َ‬
‫ما العل ُ‬
‫ه‬
‫سفي ِ‬
‫ه‬
‫كل ول جحد الصفات ونفيها*** حذرا من التعطيل التشوي ِ‬
‫مصيبة العالم السلمي مصيبة أخطر – وقد يستنكر بعضللكم‬
‫هذا الذي أقوله !‪-‬مصيبة العالم السلللمي اليللوم أخطللر مللن‬
‫احتلل اليهود لفلسطين ! مصيبة العالم السلمي اليوم أنهم‬
‫ضلوا سواء السبيل‪ .‬أنهم ما عرفوا السلم الذي بلله تتحقللق‬
‫سعادة الدنيا والخرة معًا‪ .‬وإذا عاش المسلللمون فللي بعللض‬
‫الظللروف أذلء مضللطهدين مللن الكفللار والمشللركين وقّتلللوا‬
‫وصّلبوا ثم ماتوا فل شك أنهم ماتوا سعداء ولللو عاشللوا فللي‬
‫الدنيا أذلء مضطهدين‪ .‬أما من عاش عزيللزا ً فلي اللدنيا وهلو‬
‫بعيد عن فهم السلم كما أراد الله عللز وجللل ورسللوله فهللو‬
‫سيموت شقيا ً وإن عاش سعيدا ً في الظاهر‪.‬‬
‫إذا ً بارك الله فيكم‪ :‬العلج هو ف لّروا الللى الللله ! العلج ف لّروا‬
‫الى الله ! فّروا الى الللله تعنللي أفهمللوا مللا قللال الللله وقللال‬
‫رسول الله واعملوا بما قال الله وما قال رسول الله‪ .‬وبهللذا‬
‫أنهي هذا الجواب‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمللد‬
‫لله رب العالمين‪.‬‬
‫‪-------------------------‬‬
‫]‪ [1‬الية رقم ‪ 3-1‬من سورة الروم‪.‬‬
‫]‪ [2‬الية رقم ‪ 7‬من سورة محمد‪.‬‬
‫]‪ [3‬الية رقم ‪ 3‬من سورة الصف‪.‬‬
‫]‪ [4‬اليات رقم ‪ 7–1‬من سورة المؤمنون‪.‬‬
‫]‪ [5‬الية رقم ‪ 4‬وكذا رقم ‪ 74‬كلتاهما من سورة النفال‪.‬‬

‫‪897‬‬
‫]‪ [6‬في الصل‪ :‬بتكلم باللهجة العاميللة حسللب عللادة الشلليخ‬
‫ة‪.‬‬‫أحيانا ً في الفتاوى والمحاضرات وما أثبتناه هو المعهود لغ ً‬
‫]‪ [7‬أخرجه أبو داود في سننه رقم ‪ 3462‬وأحمد في مسنده‬
‫رقم ‪ ،5007‬ل ‪ 5562‬و الطبراني في مسللند الشللاميين رقللم‬
‫‪ 2417‬وغيرهم كلهم من حديث ابن عمر مرفوعًا‪.‬‬
‫]‪ [8‬أخرجلله أحمللد فللي مسللنده رقللم ‪،22007‬لل ‪22008‬‬
‫والللدارقطني فللي سللننه ‪ 3/16‬وغيرهمللا عللن عبللد الللله بللن‬
‫حنظلة‪.‬‬
‫]‪ [9‬باللهجة السورية العامية‪.‬‬
‫شِهر في بعض بلد الشام‪.‬‬ ‫]‪ [10‬مثل عامي ُ‬
‫]‪ [11‬الية رقم ‪ 5‬من سورة الروم‪.‬‬
‫]‪ [12‬الية رقم ‪ 105‬من سورة التوبة‪.‬‬
‫]‪ [13‬الية رقم ‪ 32‬من سورة الروم‪.‬‬
‫]‪ [14‬في الصل بالياء والصحيح مللا أثبتنللاه لكللونه نائب لا ً عللن‬
‫الفاعل‪.‬‬
‫]‪ [15‬سورة العصر‪.‬‬
‫]‪ [16‬الية رقم ‪ 19‬من سورة محمد‪.‬‬
‫]‪ [17‬الية رقم ‪ 60‬من سورة النفال‪.‬‬
‫]‪ [18‬الية رقم ‪ 286‬سورة البقرة‪.‬‬
‫]‪ [19‬الية رقم ‪16‬سورة التغابن‪.‬‬
‫==============‬
‫عرُبون في ضوء الشريعة السلمية‬ ‫‪#‬بيع ال ُ‬
‫أبوحسام الدين الطرفاوي‬
‫حقوق الطبع محفوظة‬
‫مقدمة‬
‫إن الحمد لله نحمده ونسللتعينه ونسللتغفره ونعللوذ بللالله مللن‬
‫شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فل مضللل للله‬
‫ومن يضلل فل هللادى للله وأشللهد أن ل إللله إل الللله وحللده ل‬
‫شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‬

‫‪898‬‬
‫ن إ ِل ّ وََأنت ُللم‬ ‫مللوت ُ ّ‬ ‫حقّ ت َُقللات ِهِ وَل َ ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬
‫َ‬
‫(َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن )‪])(102‬آل عمران آية‪[(102) :‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫ة‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫حلد َ ٍ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫مللن ن ّْفل ٍ‬ ‫خلَقكللم ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ل ِ‬ ‫س ات ُّقللوا َرب ّكل ُ‬ ‫(َيا أي َّها الّنا ُ‬
‫سللاًء َوات ُّقللوا الّلل َ‬
‫ه‬ ‫جال ً ك َِثيرا ً وَن ِ َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬‫ث ِ‬ ‫جَها وَب َ ّ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫وَ َ‬
‫م َرِقيب لا ً (‬ ‫ن عَل َي ْك ُل ْ‬ ‫ه ك َللا َ‬ ‫ن الل ّل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حللا َ‬ ‫ن ب ِلهِ َوال َْر َ‬ ‫سللاَءُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ال ّل ِ‬
‫]النساء آية‪[(1) :‬‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫صللل ِ ْ‬‫ديدا ً )‪ (70‬ي ُ ْ‬ ‫ه وَُقوُلوا قَوْل ً س ِ‬ ‫مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫(َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ل َك ُ َ‬
‫ه فََقد ْ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫من ي ُط ِِع الل ّ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫م وَي َغِْفْر ل َك ُ ْ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ْ‬
‫ظيما ً )‪])(71‬الحزاب آية‪[(71،70) :‬‬ ‫وزا ً عَ ِ‬ ‫َفاَز فَ ْ‬
‫أما بعد‬
‫فإن أصدق الحديث كتللاب الللله وخيللر الهللدي هللدي محمللد ‪e‬‬
‫وشر المور محدثاتها وكل محدثللة بدعللة وكللل بدعللة ضللللة‬
‫وكل ضللة في النار‪.‬‬
‫فإن الله تبارك وتعالى قد فصل لنا في كتابه كللل شللئ ‪ ،‬مللا‬
‫يكون فيه نفعنا شرعه لنا علينا ‪ ،‬وما يكللون فيلله ضللرر علينللا‬
‫م‬ ‫ح لّر َ‬ ‫مللا َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َك ُل ْ‬ ‫صل َ‬ ‫حرمه علينا ‪ ،‬وقد قال سبحانه ‪ ) :‬وَقَد ْ فَ ّ‬
‫َ‬
‫ر‬
‫م ب ِغَي ْ ِ‬ ‫وائ ِهِ ْ‬ ‫ن ب ِأهْ َ‬ ‫ضّلو َ‬ ‫ن ك َِثيرا ً ل َي ُ ِ‬ ‫م إ ِل َي ْهِ وَإ ِ ّ‬ ‫ضط ُرِْرت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن()النعام‪ :‬من الية ‪(119‬‬ ‫دي َ‬ ‫معْت َ ِ‬ ‫م ِبال ْ ُ‬ ‫ك هُوَ أعْل َ ُ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫عل ْم ٍ إ ِ ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫حلّر َ‬ ‫ه ال ْب َي ْلعَ وَ َ‬ ‫ل الّلل ُ‬ ‫حل ّ‬ ‫وقال سلبحانه فللي مجلال اللبيع ‪ ) :‬وَأ َ‬
‫الّربا()البقرة‪ :‬من الية ‪(275‬‬
‫فكل أنواع البيوع مباحة ما عدا ما ذكر في كتابه وفي السللنة‬
‫الصحيحة من بيوع حرمت علينا ‪.‬‬
‫وهنلاك أنلواع مللن الللبيوع قلد اشللتبهت علللى النلاس ‪ ،‬فملن‬
‫العلماء من أجازها ‪ ،‬ومن العلماء من حرمها ‪ ،‬ووقللع تفصلليل‬
‫عند بعض العلماء ‪.‬‬
‫من هذه البيوع )بيع العربون( ومن أجل ذلك أردت أن اجمللع‬
‫ما قيل فيه مع توضيح وجهة الحرمللة والحللل فللي هللذا الللبيع‬
‫‪.‬وأسللأل الللله تبللارك وتعللالى أن يكللون عملللي هللذا خاصللا‬
‫لللوجهه ‪ ،‬وأن ينفللع بلله المسلللمين ‪ ،‬وأن يجعللله الللله تبللارك‬

‫‪899‬‬
‫وتعالى في ميزان حسناتي إنه على كل شئ قللدير ‪ .‬وصلللي‬
‫الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم‬
‫أبوحسام الدين الطرفاوي‬
‫سيف النصر علي عيسى‬
‫المنيا ل سمالوط ل طرفا‬
‫هاتف ‪0867741213 :‬‬
‫بريد الكتروني ‪saefnaser@yahoo.com :‬‬
‫* معنى بيع العربون‬
‫أول ً ‪ :‬لغة‬
‫قال ابن منظور ‪:‬‬
‫ن ‪ ،‬وعُْرُبون ‪ ،‬وعََرب ُللون ؛ وقيللل ؛‬ ‫ن ‪ ،‬وهو عُْربا ٌ‬ ‫ب ‪ ،‬وعَْرب َ َ‬ ‫وعَّر َ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫عرابلا ً لعَْقلدِ اللبيع أي ِإصللحا ً وِإزالل َ‬ ‫لن فيله إ ِ ْ‬ ‫سمي بذلك ‪َ ،‬‬
‫ُ‬
‫كه غيُره باشترائه ‪ .‬أ ل هل)‪(1‬‬ ‫فسادٍ لئل يمل ُ‬
‫ثانيا ‪ :‬تعريفه في الصطلح ‪:‬‬
‫وله صورتان ‪:‬‬
‫الصورة الولى ‪:‬‬
‫أن يشتري الرجل السلعة ويدفع لصاحبها شيئا من ثمنها فإن‬
‫مضى البيع حسب من ثمنها ‪ ،‬وإن لم يمضى البيع رد إليه ما‬
‫دفعه ‪.‬‬
‫والصورة الثانية ‪:‬‬
‫سْلعة ‪ ،‬وي َلد ْفَعَ ِإلللى صللاحبها شلليئا ً‬ ‫شَتري الرجل ال ّ‬ ‫" هو َأن ي َ ْ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مل ِ‬ ‫ب مللن الثمللن ‪ ،‬وِإن لللم ي ُ ْ‬ ‫سل َ‬
‫ح ِ‬‫ضى البيعَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫على أنه ِإن أ ْ‬
‫جْعه المشتري‪(2) ".‬‬ ‫سْلعةِ ‪ ،‬ولم ي َْرت َ ِ‬ ‫ب ال ّ‬
‫ح ِ‬ ‫البيعَ كان لصا ِ‬
‫وهذا التعريف معناه موحدا عند عامللة الفقهللاء وإن اختلفللت‬
‫عباراتهم ‪.‬‬
‫ويسمى أيضا بيع العربان‬
‫* ما ورد في السنة من بيع العربون‬
‫الحديث الول ‪:‬‬
‫ل قال أبو بكر بن أبي شيبة في) مصنفه ( ‪:‬‬

‫‪900‬‬
‫)‪ (23195‬ل حدثنا محمد بن بشر قال ‪ :‬حدثنا هشام بن سعد‬
‫عن زيد بن اسلللم ‪ :‬أن النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم أحللل‬
‫العربان في البيع ‪.‬‬
‫‪ 1‬ل محمد بن يشر ‪ :‬ثقة‬
‫‪ 2‬ل هشام بن سعد ‪:‬‬
‫قال يحيى ‪ :‬ليس بشيء ‪ ،‬وقللال مللرة ‪ :‬فيلله ضللعف ‪ ،‬وقللال‬
‫مرة ‪ :‬ليس بذاك القوي‬
‫وقال أحمد ‪ :‬ليس هو محكم الحديث‬
‫وقال النسائي ‪ :‬ضعيف ‪ ،‬وقال مرة ليس بالقوي‬
‫وقال ابن عدي ‪ :‬مع ضعفه يكتب حديثه‬
‫وأما أبو داود فقال ‪ :‬هو أثبت الناس في زيد بن أسلم‬
‫وقال الحاكم ‪ :‬أخرج له مسلم في الشواهد‬
‫وقال أبو حاتم ‪ :‬هو وابن إسحاق عندي واحد )‪(3‬‬
‫وقال الحافظ في التقريب ‪:‬‬
‫)‪ ( 7294‬هشام بللن سللعد المللدني أبللو عبللاد أو أبللو سللعيد ‪:‬‬
‫صدوق له أوهام ورمي بالتشيع ‪.‬‬
‫وقال الذهبي في )الكاشف( ‪:‬‬
‫)‪ (5964‬هشام بن سعد عن زيد بن أسلم ونافع والمقبري ‪،‬‬
‫وعنه بن وهب والقعنبي وابن مهدي‬
‫قال أبو حاتم ‪ :‬ل يحتج به‬
‫وقال أحمد ‪ :‬لم يكن بالحافظ‬
‫قلت ‪ :‬حسن الحديث ‪ .‬أ ل هل‬
‫والخلصة في الراوي أنه حسن الحديث إن كانت روايته عللن‬
‫زيد بن أسلم ‪ ،‬وضعيف في الباقي ‪ .‬والله أعلم ‪.‬‬
‫‪ 3‬ل زيد بن أسلم ‪:‬‬
‫وهو ثقة عالم ‪ ،‬من كبار التابعين وكان كثير الرسال ‪ .‬إل أنه‬
‫أخذ عليه تفسيره للقرآن برأيه ‪.‬‬
‫وهذا الحديث من مراسيله‬

‫‪901‬‬
‫وقللد ذكللر الحللديث أبللو بكللر بللن أبللي شلليبة فللي مصللنفه )‬
‫‪ ( 23200‬قال ‪ :‬حدثنا الفاء بن سليمان عللن زيللد بللن أسلللم‬
‫أن النبي صلى الله عليه وسلم أحل العربان في البيع ‪.‬‬
‫ولم أجد للفاء بن سللليمان ترجمللة ‪ ،‬ولعللله اسللم مصللحف ‪.‬‬
‫والله أعلم‬
‫وقد ذكره عبد الرزاق في مصنفه ‪ :‬عن السلمي عن زيد بن‬
‫أسلم به ‪.‬‬
‫والسلمي هو ‪ :‬ابراهيم بن محمد بن أبي يحيى السلمي ‪:‬‬
‫قال مالك أن أنس ويحيى بن سعيد وابن معين ‪ :‬هو كذاب‬
‫وكان يحيى بن سعيد يقول ‪ :‬ما أشهد على أحد أنه كلذاب إل‬
‫على إبراهيم بن أبي يحيللى ‪ ،‬ومهللدي بللن هلل فللإني أشللهد‬
‫أنهما كذابان ‪.‬‬
‫وقال مالك بن أنس ‪ :‬ليس بثقة ول في دينه‬
‫وقال أحمد بن حنبل والبخاري ‪ :‬قد ترك الناس حديثه‬
‫وكذلك قال النسائي وعلي بن الجنيد والزدي ‪ :‬هو مللتروك ‪.‬‬
‫أ ل هل)‪(4‬‬
‫فالخلصة ‪ :‬هو ضعف الحديث مرفوعا ‪ .‬وحسن إلى زيد بللن‬
‫أسلم ‪.‬‬
‫الحديث الثاني ‪:‬‬
‫قال ابن ماجة في سننه ‪:‬‬
‫ب‬ ‫ح لد ّث ََنا َ‬
‫حِبي ل ُ‬ ‫ي‪َ ،‬‬ ‫م ّ‬ ‫خللا ِ‬ ‫ب الّر َ‬ ‫ن ي َعُْقو َ‬ ‫ل بْ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫حد ّث ََنا ال َْف ْ‬ ‫)‪َ : (2192‬‬
‫كات ِب مال ِك ب َ‬ ‫َ‬ ‫ب َ‬
‫حد ّث ََنا عَب ْد ُ الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫س‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ن أن َ‬ ‫ِ‬ ‫مدٍ َ ُ َ ِ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫ب أُبو ُ‬ ‫حِبي ٍ‬ ‫ن أِبي َ‬ ‫ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ن أِبي لهِ ‪ ،‬عَ ل ْ‬ ‫ب ‪ ،‬عَ ل ْ‬ ‫ش لعَي ْ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫رو ب ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ي ‪ ،‬عَ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫مرٍ ال ْ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫بْ ُ‬
‫َ‬
‫ن ب َي ِْع ال ْعُْرَبا ِ‬
‫ن‪.‬‬ ‫م ‪ :‬ن ََهى عَ ْ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬‫جد ّهِ أ ّ‬ ‫َ‬
‫مائ َةِ ِديَناٍر‬ ‫ج ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ‬
‫ة بِ ِ‬ ‫داب ّ ً‬‫ل َ‬ ‫شت َرِيَ الّر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ل أُبو عَْبد اللهِ ‪ :‬العُْرَبا ُ‬
‫ن‬ ‫ة َفاللل ّ‬
‫ديَناَرا ِ‬ ‫داب ّ َ‬ ‫شت َرِ ال ّ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬‫ن عُْرُبوًنا فَي َُقو ُ‬ ‫ه ِديَناَري ْ ِ‬ ‫فَي ُعْط ِي َ ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫لَ َ‬
‫يَء فَي َد ْفَعَ إ َِلللى‬ ‫ج ُ‬ ‫ل يعِني والل ّه أ َعْل َ َ‬
‫ش ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫شت َرِيَ الّر ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫وَِقي َ َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه وَِإل َفال لد ّْرهَ ُ‬ ‫خ لذ ْت ُ ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫ل أوْ أك ْث َلَر وَي َُقللو َ‬ ‫ما أوْ أقَ ّ‬ ‫ال َْبائ ِِع دِْرهَ ً‬
‫ك ‪(5).‬‬ ‫لَ َ‬

‫‪902‬‬
‫رجال السند بعد مالك بن أنس‪:‬‬
‫‪ 1‬ل عبد الله بن عامر السلمي‬
‫قال أحمد وأبو زرعة وأبو عاصم والنسائي ‪ :‬ضعيف‬
‫وقال أبو حاتم أيضا ‪ :‬متروك‬
‫وقال الدوري عن يحيى بن معين ليس بشيء ضعيف‬
‫وقال البخاري ‪ :‬يتكلمون في حفظه‬
‫وقال بن عدي ‪ :‬عزيز الحديث ل يتابع في بعلض حلديثه وهلو‬
‫ممن يكتب حديثه ‪ .‬أ ل هل )‪(6‬‬
‫‪ 2‬ل عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ‪.‬‬
‫وهو عمرو بن شعيب بن محمللد بللن عبللدالله بللن عمللرو بللن‬
‫العاص ‪.‬‬
‫وهي سلسلة قد حسن كثير من أهل العلم حديثها ‪.‬‬
‫فالحديث ضعيف ‪.‬‬
‫قال الحافظ بن حجر في )تلخيص الحبير ‪: (3/17:‬‬
‫وفيه راو لم يسم ‪ ،‬وسمي في رواية لبن ماجللة ‪ :‬عبللد الللله‬
‫بن عامر السلمي ‪ ،‬وقيل هو بن لهيعة ؛ وهما ضعيفان ‪.‬‬
‫ورواه الدارقطني والخطيب في الرواة عن مالك من طريق‬
‫الهيثم بن اليمان عنه ‪ ،‬عن عمرو بن الحارث ‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫شعيب ‪.‬‬
‫وعمرو بن الحارث ‪ :‬ثقة ‪.‬‬
‫والهيثم ‪ :‬ضعفه الزدي ‪ ،‬وقال أبو حاتم ‪ :‬صدوق ‪.‬‬
‫وذكر الدارقطني أنه تفرد بقوله ‪ :‬عن عمرو بن الحارث‬
‫قال بن عدي ‪ :‬يقللال إن مالكللا سللمع هللذا الحللديث مللن بللن‬
‫لهيعة ‪.‬‬
‫ورواه الللبيهقي ‪ :‬مللن طريللق عاصللم بللن عبللد العزيللز عللن‬
‫الحارث بن عبد الرحمن عن عمرو بن شعيب ‪ .‬أ ل هل‬
‫وبهللذا أن كل الحللديثين الللذين وردا فللي حللل بيللع العربللون‬
‫وحرمته ل تقوم بهما حجة ‪ ،‬ل في الباحة ول في التحريم ‪.‬‬
‫* حكم بيع العربون‬
‫بالنسبة للصورة الولى ‪:‬‬

‫‪903‬‬
‫فلم يقع فيها خلف بين أهل العلم في ذلك ‪:‬‬
‫قال أبو عمر بن عبد البر في )التمهيد ‪: (11/ 19 :‬‬
‫قال مالك في الرجل يبتاع ثوبللا مللن رجللل ‪ ،‬فيعطيلله عربانللا‬
‫على أن يشتريه ‪ ،‬فإن رضيه أخذه ‪ ،‬وإن سخطه رده ‪ ،‬وأخذ‬
‫عربانه ! إنه ل بأس به ‪.‬‬
‫قال أبو عمر ‪ :‬ل أعلم في هذا خلفا ‪ .‬أ ل هل‬
‫حكم الصورة الثانية ‪:‬‬
‫وهي عدم رد العربون إذا نكس المشتري ‪.‬‬
‫أختلف العلماء من لدن الصحابة رضي الله عنهم وإلى يومنا‬
‫هذا في حكم بيع العربون ‪.‬‬
‫القول الول ‪ :‬من أجاز بيع العربون‬
‫‪ 1‬ل من الصحابة ‪:‬‬
‫ل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ‪:‬‬
‫قال بن عبد البر في كتابه )الستذكار ‪: (19/11 :‬‬
‫وحديث نافع بن عبد الرحمن ؛ رواه سفيان بللن عيينللة ‪ ،‬عللن‬
‫عمرو بن دينار ‪ ،‬عن عبد الرحمن بن فللروخ ‪ ،‬عللن نللافع بللن‬
‫عبد الحارث ل عامل عمر على مكة ل أنه اشترى من صفوان‬
‫بن أمية دارا لعمر بن الخطاب بأربعة آلف درهم ‪ ،‬واشللترط‬
‫عليلله نللافع إن رضللي عمللر ‪ ،‬فللالبيع للله ‪ ،‬وإن لللم يللرض‬
‫فلصفوان أربع مئة درهم ‪.‬أ ل هل‬
‫وقد أخرجه أيضا ابن أبللي شلليبة فللي )المصللنف ‪ (5/7 :‬مللن‬
‫نفس الطريق ‪.‬‬
‫وقد ذكر القصة البخاري في صحيحه معلقة فقال ‪:‬‬
‫ث‬ ‫حارِ ِ‬ ‫ن عَب ْدِ ال ْ َ‬ ‫شت ََرى َنافِعُ ب ْ ُ‬ ‫حَرم ِ َوا ْ‬ ‫س ِفي ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫حب ْ‬‫ط َوال ْ َ‬ ‫َباب الّرب ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ملَر إ ِ ْ‬‫ن عُ َ‬ ‫ة عََللى أ ّ‬ ‫مّيل َ‬
‫نأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ْبل‬‫وا َ‬
‫صلْف َ‬ ‫ن َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫كل َ‬‫م ّ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫س ْ‬ ‫داًرا ِلل ّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫مللائ َ ِ‬
‫ة‬ ‫ن أْرب َلعُ ِ‬ ‫وا َ‬‫ص لْف َ‬‫م لُر فَل ِ َ‬ ‫ض عُ َ‬ ‫م ي َلْر َ‬ ‫ن ل َل ْ‬ ‫ه وَإ ِ ْ‬‫ي َفال ْب َي ْعُ ب َي ْعُ ُ‬ ‫ض َ‬
‫َر ِ‬
‫ة ‪ .‬أ ل هل‬ ‫مك ّ َ‬ ‫ن الّزب َي ْرِ ب ِ َ‬ ‫ن اب ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫س َ‬ ‫ِديَنارٍ وَ َ‬
‫هكذا جزم البخاري ‪ ،‬وعبد الرحمن بن فروخ لللم يللروي عنلله‬
‫غير عمرو بن دينار ‪.‬‬
‫ل عبد الله بن عمر بن الخطاب ‪:‬‬

‫‪904‬‬
‫قال ابن أبي شيبة في مصنفه )‪: (5/7‬‬
‫)‪ (23199‬ل حدثنا يزيد بن هارون ‪ ،‬عن ابللن أبللي ذئب ‪ ،‬عللن‬
‫الزهري ‪ ،‬عن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قللال ‪:‬‬
‫كنا نتبايع بالثياب بين يدي عبد الله بن عمر من اقتدى اقتدى‬
‫بدرهم فل يأمرنا ول ينهانا ‪(7).‬‬
‫‪ 2‬ل من التابعيين‬
‫ل محمد بن سيرين ‪:‬‬
‫أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه )‪: (5/7‬‬
‫)‪ (23198‬ل حدثنا يزيد ‪ ،‬عن هشام ‪ ،‬عن ابللن سلليرين ‪ :‬أنلله‬
‫كان ل يرى بأسا أن يعطللي الرجللل العربللون الملح أو غيللره‬
‫فيقول إن جئت به إلى كذا وكذا وإل فهو لك ‪.‬‬
‫وأخرجه أيضا ‪:‬‬
‫)‪ (23202‬ل حدثنا يزيد بن هارون قللال ‪ :‬حللدثنا هشللام وابللن‬
‫عون عن ابن سيرين قال ‪ :‬كللان يقللول فللي الرجللل يسللتأجر‬
‫الدار والسفينة ‪ ،‬فيقول إن جئت إلى كذا وكذا وإل فهو لك ‪،‬‬
‫قال فإن لم يجئه فهو له ‪.‬‬
‫وهو صحيح‬
‫ل مجاهد بن جبر‬
‫أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه )‪: (5/7‬‬
‫)‪ (23197‬ل حدثنا ابن عيينة عن ابن أبللي نجيللح عللن مجاهللد‬
‫قال ‪ :‬كان ل ُيرى بالعربون بأسا ‪.‬‬
‫ورجاله ثقات‬
‫ل وقد قدمنا عن زيد بن أسلم ونافع بن الحارث ذلك ‪.‬‬
‫‪ 3‬ل العلماء والئمة‬
‫ل مذهب المام أحمد بن حنبل‬
‫الصحيح من مذهبه صحة بيع العربون وجوازه ‪.‬‬
‫قال المام أحمد ‪ :‬ل بأس ببيع العربون لن عمر فعله وأجللاز‬
‫هذا البيع‬
‫قال المرداوي في )النصاف ‪: (4/357 :‬‬

‫‪905‬‬
‫الصحيح من المذهب ‪ :‬أن بيع العربون صللحيح ‪ ،‬وعليلله أكللثر‬
‫الصحاب ‪ ،‬ونص عليه ‪ ،‬وجزم به في الوجيز وغيره ‪ ،‬وقدمه‬
‫فللي المحللرر والتلخيللص والشللرح والفللروع والمسللتوعب‬
‫وغيرهم ‪.‬‬
‫وهو من مفردات المذهب ‪.‬‬
‫وعند أبي الخطاب ‪ :‬ل يصح ‪ ،‬وهو رواية عن أحمد ‪.‬‬
‫قللال المصللنف ‪ :‬وهللو القيللاس ‪ ،‬وأطلقهمللا فللي الخلصللة‬
‫والرعللايتين ‪ ،‬لكللن قللال فللي الرعايللة الكللبرى ‪ :‬المنصللوص‬
‫الصحة في العقد طاعة قوله ‪ :‬وهو أن يشتري شيئا ويعطللي‬
‫البائع درهما ويقول إن أخذته وإل فالدرهم لك ‪.‬‬
‫الصللحيح مللن المللذهب أن هللذه صللفة بيللع العربللون ‪ ،‬ذكللره‬
‫الصحاب ‪ ،‬وسواء وقت أو لم يوقت ‪ ،‬جزم بلله فللي المغنللي‬
‫والشرح والمستوعب وغيرهم وقدمه في الفروع‬
‫وقيل العربللون ‪ :‬أن يقللول إن أخللذت المللبيع وجئت بالبللاقي‬
‫وقت كذا وإل فهو لك جزم به في الرعايتين ‪ .‬أ ل هل‬
‫وقال ابن قدامة في )المغني ‪: (4/160 :‬‬
‫والعربون في البيع هو ‪ :‬أن يشتري السلعة فيدفع إلى البللائع‬
‫درهما ‪ ،‬أو غيره على أنلله إن أخللذ السلللعة احتسللب بلله مللن‬
‫الثمن ‪ ،‬وإن لم يأخذها فذلك للبائع ‪.‬‬
‫يقال ‪ :‬عربون وأربون وعربان وأربان ‪.‬‬
‫قال أحمد ‪ :‬ل بأس به ‪ ،‬وفعله عمر رضللي الللله عنلله ‪ ،‬وعللن‬
‫ابن عمر أنه أجازه ‪.‬‬
‫وقال ابن سيرين ‪ :‬ل بأس به‬
‫وقللال سللعيد بللن المسلليب وابللن سلليرين ‪ :‬ل بللأس إذا كللره‬
‫السلعة أن يردها ويرد معها شيئا‬
‫وقال أحمد هذا في معناه ‪.‬‬
‫واختار أبو الخطاب ‪ :‬أنه ل يصح ‪ ،‬وهو قول مالك والشافعي‬
‫وأصحاب الرأي ‪ ،‬ويروي ذلك عن ابن عباس ‪ ،‬والحسللن لن‬
‫النبي ‪ r‬نهى عن بيع العربون رواه ابن ماجة ‪.‬‬

‫‪906‬‬
‫ولنه شرط للبللائع شلليئا بغيللر عللوض ؛ فلللم يصللح ‪ ،‬كمللا لللو‬
‫شرطه لجنبي‬
‫ولنه بمنزلة الخيار المجهول ‪ ،‬فإنه اشترط إن للله رد المللبيع‬
‫ذلك مدة فلم يصح ‪ ،‬كما لو قللال ‪ :‬ولللي الخيللار مللتى شللئت‬
‫رددت السلعة ومعها درهما‬
‫وهذا هو القياس ‪ ،‬وإنما صار أحمد فيه إلى ما روي فيه عللن‬
‫نللافع بللن عبللد الحللارث أنلله اشللترى لعمللر دار السللجن مللن‬
‫صفوان بن أمية فإن رضي عمر وإل فله كذا ‪.‬‬
‫وكذا قال الثرم ‪ :‬قلت لحمد ‪ :‬تذهب إليه ؟‬
‫قال ‪ :‬أي شيء ؟!! أقول هذا عمر رضي الله عنه‬
‫وضعف الحديث المروي‬
‫روى هذا القصة الثرم بإسناده ‪.‬‬
‫فأما إن دفع إليه قبل البيع درهما ؛ وقال ‪ :‬ل تبع هذه السلعة‬
‫لغيري وإن لم أشترها منك فهذا الدرهم لك ثم اشتراها منلله‬
‫بعد ذلك بعقد مبتدئ وحسب الدرهم من الثمن !! صللح ‪ .‬أ لل‬
‫هل‬
‫ل قرار المجمع الفقهي السلمي‬
‫لسلمي المنعقد في دورة مللؤتمره‬ ‫إن مجلس مجمع الفقه ا ِ‬
‫الثامن ببندر سيري باجوان ‪ ،‬بروناي دار السلم من ‪ 1‬إلى ‪7‬‬
‫محرم ‪ 1414‬هل الموافق ‪ 27-21‬يونيو ‪1993‬م‪.‬‬
‫بعد إطلعلله علللى البحللوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص‬
‫موضوع ‪" :‬بيع العربون"‪.‬‬
‫وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله‪.‬‬
‫قرر ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬المراد ببيع العربون بيع السلعة مع دفللع المشللتري مبلغلا ً‬
‫من المال إلى البائع على أنه إن أخذ السلعة احتسب المبلللغ‬
‫من الثمن وإن تركها فالمبلغ للبائع‪.‬‬
‫ويجري مجرى البيع الجارة ‪ ،‬لنها بيع المنافع‪ .‬ويستثنى مللن‬
‫البيوع كل ما يشترط لصحته قبض أحد البدلين فللي مجلللس‬
‫العقللد )السلللم( أو قبللض البللدلين )مبادلللة المللوال الربويللة‬

‫‪907‬‬
‫والصرف( ول يجري في المراجعة للمر بالشراء في مرحلللة‬
‫المواعدة ولكن يجري في مرحلة البيع التالية للمواعدة‪.‬‬
‫‪ -2‬يجوز بيع العربون إذا قيدت فترة النتظار بزمللن محللدود‪.‬‬
‫ويحتسب العربون جزءا ً من الثمن إذا تم الشراء‪ ،‬ويكون من‬
‫حق البائع إذا عدل المشتري عن الشراء‪ .‬أ ل هل‬
‫ل من فتاوي الدكتور حسين عفانة‬
‫يقول السائل ‪ :‬إنلله صللاحب محجللر ‪ ،‬واتفللق مللع شللخص أن‬
‫يبيعه حجارة للبناء ‪ ،‬وأخذ منه مبلغا ً من المال كعربللون ‪ ،‬ثللم‬
‫إن الشللخص الخللر اتفللق مللع صللاحب محجللر آخللر لتوريللد‬
‫الحجللر ‪ ،‬وجللاء يطللالبه بللالعربون ‪ ،‬فهللل يحللل للله أن يأخللذ‬
‫العربون ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫إن بيللع العربللون هللو أن يللبيع النسللان الشلليء ويأخللذ مللن‬
‫المشتري مبلغا ً مللن المللال يسللمى عربونلا ً لتوثيللق الرتبللاط‬
‫بينهمللا علللى أسللاس أن المشللتري إذا قللام بتنفيللذ عقللده‬
‫احتسب العربون من الثمن ‪ ،‬وإن نكل كان العربللون للبللائع ‪،‬‬
‫)المللدخل الفقهللي ‪ . (1/495‬وقللد اختلللف فيلله الفقهللاء ‪،‬‬
‫فجمهور الفقهاء على أنه غير صحيح ‪ ،‬لما روي في الحللديث‬
‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عللن جللده قللال‪ ) :‬نهللى النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان ( رواه أحمد والنسائي‬
‫وأبو داود ومالك ‪ ،‬وهذا الحديث ضللعيف ‪ .‬قللال الحللافظ ابللن‬
‫م ‪ ،‬وسللمي فللي روايللة لبللن ماجللة‬ ‫حجر‪ " :‬وفيه راوٍ لم يس ل ّ‬
‫ضعيفة عبد الله بن عامر السلمي وقيل هو ابن لهيعة وهمللا‬
‫ضعيفان " )التلخيص الحبير ‪ ، ( 3/17‬وضعف الحديث الشيخ‬
‫اللباني في )تخريجه للمشكاة ‪ . ( 2/866‬وأجاز الحنابلة بيللع‬
‫العربون وروي القول بصحة بيع العربون عن عمر وابنه عبللد‬
‫الله‪ ،‬وقال به محمد بن سيرين وسللعيد بللن المسلليب ‪ ،‬وقللد‬
‫ضعف المام أحمد الحديث الوارد في النهي عن بيع العربون‬
‫‪ ،‬واحتللج لصللحته بمللا ورد عللن نللافع بللن عبللد الحللارث " أنله‬
‫اشترى لعمر دار السجن من صللفوان بللن أميللة بأربعللة آلف‬

‫‪908‬‬
‫درهللم فللإن رضللي عمللر كللان الللبيع نافللذا ً وإن لللم يللرض‬
‫فلصفوان أربعمللائة درهللم "‪ ،‬قللال الثللرم ‪ :‬قلللت لحمللد ‪" :‬‬
‫تذهب إليه ؟ قال ‪ :‬أي شيء أقللول ؟ هللذا عمللر رضللي الللله‬
‫عنلله ‪ ،‬وضللّعف الحللديث المللروي " )المغنللي ‪. ( 4/176‬‬
‫واحتجوا على صحته بما رواه عبد الرزاق في المصنف ‪ ،‬عن‬
‫زيد ابن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬سئل‬
‫عن بيع العربان فأحله ( ‪ ،‬ولكنلله مرسللل وفيلله ضللعيف كمللا‬
‫قال الشوكاني في) نيللل الوطللار ‪ .( 5/173‬والقللول بصللحة‬
‫بيع العربون هو أرجح القولين في المسألة لما في ذلللك مللن‬
‫تحقيق مصالح العبللاد وخاصللة أنلله لللم يثبللت النهللي عللن بيللع‬
‫العربون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ .‬ومللن المعلللوم‬
‫أن طريقة العربون ‪ ،‬هي وثيقة الرتباط العامة فللي التعامللل‬
‫التجللاري فللي العصللور الحديثللة ‪ ،‬وتعتمللدها قللوانين التجللارة‬
‫وعرفها ‪ ،‬وهي أساس لطريقللة التعهللد بتعللويض ضللرر الغيللر‬
‫عن التعطل والنتظار ‪ .‬وقد أيد ذلك ابن القيم رحمه الله بما‬
‫رواه البخاري في صحيحه في باب ما يجوز مللن الشللتراط ‪،‬‬
‫عن ابن عون عن ابن سيرين أنه قال ‪ " :‬قال رجللل لكّريلله ‪:‬‬
‫أرحل ركابك فان لم أرحل معللك فللي يللوم كللذا ‪ ،‬فلللك مللائة‬
‫درهم ‪ ،‬فلم يخرج فقال شريح ‪ :‬من شرط على نفسه طائعا ً‬
‫غير مكره فهو عليه " المللدخل الفقهللي ) ‪(496– 1/495‬ل ‪،‬‬
‫والكّري هو المكللاري الللذي يللؤجر الللدواب للسللفر ‪ ،‬وأرحللل‬
‫ركابك ‪ ،‬أي شد ّ على دوابك رحالهللا اسللتعدادا ً للسللفر‪ .‬وبنللاًء‬
‫على ما تقدم ‪ ،‬يجوز أخذ العربون إن تراجللع المشللتري عللن‬
‫الصفقة ‪ .‬وإن كنت أفضل أن يعاد العربللون لصللاحبه خروجلا ً‬
‫من الخلف ورحمة بالناس ‪(8) ***** .‬‬
‫القول الثاني ‪ :‬من قال بتحريم بيع العربون‬
‫وهم جماهير أهل العلم‬
‫مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم‬
‫ل مذهب مالك‬

‫‪909‬‬
‫قال أبو عمر بن عبلد اللبر فلي كتلابه )التمهيلد ‪، 24/178 :‬‬
‫‪: (179‬‬
‫قال مالك ‪ :‬وذلك في ما نرى والله أعلم أن يشللتري الرجللل‬
‫العبد أو الوليدة ‪ ،‬أو يتكارى الدابة ‪ ،‬ثم يقللول للللذي اشللتراه‬
‫منه ‪ ،‬أو تكارى منه ‪ :‬أعطيك دينارا أو درهما أو أكثر من ذلك‬
‫‪ ،‬أو أقل على أني إن أخذت السللعة ‪ ،‬أو ركبلت مللا تكللاريت‬
‫منك فالذي أعطيتك هو من ثمن السلعة ‪ ،‬أو من كراء الدابة‬
‫‪ ،‬وإن تركت ابتياع السلعة أو كراء الدابللة فمللا أعطيتللك لللك‬
‫باطل بغير شيء‬
‫قال أبو عمر ‪ :‬على قول ماللك هلذا جماعلة فقهلاء المصلار‬
‫مللن الحجللازيين والعراقييللن منهللم الشللافعي والثللوري وأبللو‬
‫حنيفللة والوزاعللي والليللث ؛ لنلله مللن بيللع القمللار والغللرر‬
‫والمخاطرة وأكل المال بغير عوض ول هبللة ؛ وذلللك باطللل ‪،‬‬
‫وبيع العربان منسللوخ عنللدهم إذا وقللع قبللل القبللض وبعللده ‪،‬‬
‫وتلرد السللعة إذا كلانت قائملة ‪ ،‬فلإن فلاتت رد قيمتهلا يلوم‬
‫قبضها ‪ ،‬وعلى كل حال يرد ما أخذ عربانا والبيع ‪ .‬أ ل هل‬
‫وقال القرطبي في تفسيره )‪: (5/150‬‬
‫ومن أكل المال بالباطللل بيللع العربللان ‪ ،‬وهللو أن يأخللذ منللك‬
‫السلعة أو يكترى منك الدابة ويعطيك درهما فما فوقه علللى‬
‫أنه إن اشتراها أو ركب الدابة فهو من ثمن السلللعة أو كللراء‬
‫الدابة ‪ ،‬وإن ترك ابتياع السلعة أو كللراء الدابللة فمللا أعطللاك‬
‫فهو لك ‪ ،‬فهذا ل يصلح ول يجوز عند جماعة فقهللاء المصللار‬
‫من الحجازيين والعراقيين ؛ لنه من باب بيللع القمللار والغللرر‬
‫والمخاطرة وأكل المال بالباطل بغير عوض ول هبللة ‪ ،‬وذلللك‬
‫باطل بإجماع ‪(9).‬‬
‫وبيع العربان مفسوخ إذا وقع علللى هللذا الللوجه قبللل القبللض‬
‫وبعده ‪ ،‬وترد السلعة إن كانت قائمة ‪ ،‬فإن فللاتت رد قيمتهللا‬
‫يوم قبضتها ‪ ،‬وقد روى عن قوم منهم ابللن سلليرين ومجاهللد‬
‫ونافع بن عبد الحارث وزيد بن أسلم أنهم أجازوا بيع العربان‬

‫‪910‬‬
‫على ما وصفنا ‪ ،‬وكان زيد بللن أسلللم يقللول ‪ :‬أجللازه رسللول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫قال أبو عمر ‪ :‬هذا ل يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلللم‬
‫من وجه يصح ؛ وإنما ذكره عبد الرزاق عن السلمي عن زيد‬
‫بن أسلم مرسل ‪ ،‬وهذا ومثله ليس حجة ‪ ،‬ويحتمل أن يكللون‬
‫بيع العربان الجائز على ما تأوله مالك والفقهاء معلله ‪ ،‬وذلللك‬
‫أن يعربنه ثم يحسب عربانه من الثمن إذا اختار تمام الللبيع ‪،‬‬
‫وهذا ل خلف في جوازه عن مالك وغيره ‪ .‬أ ل هل‬
‫ل مذهب الحناف وأهل الرأي‬
‫جاء في كتاب )فتاوى السفدي )‪ (473، 1/467 : (10‬فلي‬
‫ذكر أنواع البيوع الفاسدة ‪:‬‬
‫والثاني والعشرون ‪ :‬بيع العربان ‪ ،‬ويقال ‪ :‬الربان ‪:‬‬
‫وهو أن يشتري الرجللل السلللعة ‪ ،‬فيللدفع إلللى البللائع دراهللم‬
‫على أنه إن اخذ السلعة كانت تلك الدراهم من الثمللن ‪ ،‬وان‬
‫لم يأخذ فيسترد الدراهم ‪ .‬أ ل هل‬
‫ل مذهب الشافعية ‪:‬‬
‫قال المام النووي في )المجمللوع شللرح المهللذب ‪(9/317 :‬‬
‫بعد تعريفه اللغوي للعربون ‪:‬‬
‫وهو أن يشتري شيئا ً ويعطي البائع درهم لا ً أو دراهللم ويقللول‬
‫إن تم البيع بيننا فهللو مللن الثمللن ‪ ،‬وإل فهللو هبللة لللك ‪ ،‬قللال‬
‫أصحابنا ‪ :‬إن قال هذا الشرط في نفس العقد فالبيع باطل ‪،‬‬
‫وإن قاله قبله ولم يتلفظا به حالة العقد فهو بيع صحيح ‪ ،‬هذا‬
‫مللذهبنا ‪ ،‬وقللد ذكللر المصللنف المسللألة فللي »التنللبيه« ولللم‬
‫يذكرها في »المهللذب« فللرع فللي مللذاهب العلمللاء فللي بيللع‬
‫العربون قللد ذكرنللا أن مللذهبنا بطلنلله إن كللان الشللرط فللي‬
‫نفس العقد ‪ ،‬وحكاه ابن المنذر عللن ابللن عبللاس ‪ ،‬والحسللن‬
‫ومالك وأبي حنيفة ‪ ،‬قال ‪ :‬وهو يشبه قول الشافعي ‪ ،‬قللال ‪:‬‬
‫وروينا عن ابن عمر وابن سيرين جللوازه ‪ ،‬قللال ‪ :‬وقللد روينللا‬
‫عن نافع بن عبد الحارث أنه اشترى دارا ً بمكللة مللن صللفوان‬
‫بن أمية بأربعللة آلف ‪ ،‬فللإن رضللي عمللر فللالبيع للله وإن لللم‬

‫‪911‬‬
‫يرض فلصفوان أربعمائة ‪ ،‬قال ابن المنذر ‪ :‬وذكر حصول بن‬
‫حنبل حديث عمر فقال ‪ :‬أي شيء أقدر أقول ؟ هذا ما ذكره‬
‫ابن المنذر ‪ ،‬وقال الخطابي ‪ :‬اختلف النللاس فللي جللواز هللذا‬
‫البيع فأبطله مالك والشافعي للحديث ‪ ،‬ولما فيه من الشرط‬
‫الفاسد والغرر ‪ ،‬وأكل المال بالباطل ‪ ،‬وأبطله أيضا ً أصللحاب‬
‫الرأي ‪ ،‬وعن عمر وابن عمر جللوازه ‪ ،‬ومللال إليلله أحمللد بللن‬
‫حنبل ‪ ،‬والله سبحانه وتعالى أعلم ‪.‬أ ل هل‬
‫* القول الراجح في بيع العربون‬
‫مما سبق ذكره يتبين التي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ل كل من الفريقين اعتمد على حللديث ل تقللوم بلله الحجللة‬
‫لضعفهما‬
‫‪ 2‬ل أن الفريق المجيز معه من الصحابة عمر بللن الخطللاب ‪،‬‬
‫وعبد الله بن عمر ‪ ،‬ومن التابعين ما ذكرنا ‪.‬‬
‫والفريق الثاني ‪ :‬ليس معه من الصحابة من يقول بالمنع ‪.‬‬
‫فهنا يقللدم قللول الصللحابي علللى أي قللول آخللر مللا دام فقللد‬
‫الدليل في المسألة ‪.‬‬
‫‪ 3‬ل فمن هنا الراجح هو جواز بيع العربون ‪.‬‬
‫الدلة على جواز بيع العربون ‪:‬‬
‫َ‬
‫م الّربا()البقللرة‪ :‬مللن‬ ‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬
‫حّر َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ح ّ‬‫‪ 1‬ل قوله تعالى ‪ ) :‬وَأ َ‬
‫الية ‪(275‬‬
‫وهذه الية عموم في كل أنواع البيع إل ما خرج بدليل صريح‬
‫من الكتللاب أو السللنة ول نجللد دليل صللحيحا فللي حرمللة بيللع‬
‫العربون ‪ ،‬فبقي البيع على أصله ‪ ،‬أي هو مباح لذاته ‪.‬‬
‫‪ 2‬ل حديث زيد بللن أسلللم المرسللل ‪ ،‬وهللو كمللا قللدمنا ؛ أنلله‬
‫مرسل حسن إلى زيد بن أسلم ‪.‬‬
‫حكم العمل بالمرسل ‪:‬‬
‫اختلف أهل العلم في جواز العمللل بالحللديث المرسللل علللى‬
‫النحو التالي ‪:‬‬
‫ل ل مللذهب مالللك وأبللي حنيفللة وأحمللد ‪ :‬الحتجللاج بالمرسللل‬
‫والعمل به ‪.‬‬

‫‪912‬‬
‫ل ل مللذهب جمهللور المحللدثين وجماعللة مللن الفقهللاء ‪ :‬عللدم‬
‫الحتجاج به ‪.‬‬
‫ل مذهب الشافعي ‪ :‬الحتجاج به بشروط ‪:‬‬
‫أ ل أن يروى من طريق آخر مسند ‪ ،‬ولو ضعيف‬
‫ب ل أو أن يكون له مرسل آخر‬
‫ج ل أو يكون عمل به صحابي أو تابعي‬
‫د ل أو بعمل أهل العصر الذي ذكر فيه‬
‫هل ل أو يعضده قياس قوي‬
‫و ل أو لم يكن في بابه سواه‬
‫قال النووي في )شرح مسلم ‪: (1/30 :‬‬
‫مللذهب الشللافعي والمحللدثين أو جمهللورهم وجماعللة مللن‬
‫الفقهاء أنلله ل يحتللج بالمرسللل ومللذهب مالللك وأبللى حنيفللة‬
‫وأحمد وأكثر الفقهاء أنه يحتج بلله ومللذهب الشللافعي أنلله إذا‬
‫انضم إلى والجواب ما يعضده احتج به وذلك بأن يروى أيضللا‬
‫مسندا أو مرسل من جهة أخرى أو يعمل بلله بعللض الصللحابة‬
‫أو أكثر العلماء ‪ .‬أ ل هل‬
‫ل وقال السخاوي في )التوضيح البهر لتذكرة ابن الملقن ص‬
‫‪: ( 14‬‬
‫واعلم أن المرسل حجة عند أبي حنيفة ومالك ومن وافقهما‬
‫‪ ،‬كذا إن اعتضد عند الشافعي ‪ ،‬والجمهور بمجيلء آخلر أخللذ‬
‫مرسله العلم عن شلليوخ الول ‪ ،‬ومسللند ولللو كللان ضللعيفا ‪،‬‬
‫وبإسناد رواته نفسه له من باب أولى ‪ ،‬إن لم يترجح مرسله‬
‫بقرينة ‪ ،‬أو قول صحابي أو تبعا التابعين ‪ ،‬فمن يليهم مما قد‬
‫يعللبر عنلله بانتشللار لللم يخللالف ‪ ،‬أو يعمللل أهللل العصللر ‪ ،‬أو‬
‫كللثيرين ‪ ،‬أو بقيللاس ‪ ،‬أو لللم يكللن فللي بللابه سللواه ‪ ،‬وكللان‬
‫المرسل مع كونه من كبار التابعين ل يسند إل عللن ثقللة ‪ ،‬ول‬
‫يخالف الحفاظ فيما يأتي بله مملن الشلروط اجتملاع الثلثلة‬
‫فيه دون العواضد ال ٌَول ‪ ،‬فوجود واحد منها يكفي ‪ .‬أ ل هل‬

‫‪913‬‬
‫ومما ذكر يتبين أن مرسل زيللد بللن أسلللم يتللوفر فيلله عمللل‬
‫الصحابة والتابعين والمام أحمد ‪ ،‬مع وجود الصل العام وهو‬
‫حل البيع ‪ ،‬وعدم صحة دليل المنع ‪.‬‬
‫ن أِبللي‬‫َ‬
‫علل ْ‬
‫‪ 3‬للل روى أبللو داود )‪ (3594‬والترمللذي )‪َ (1352‬‬
‫م‪:‬‬ ‫سللل ّ َ‬‫ه عَل َْيللهِ وَ َ‬
‫صللّلى الّللل ُ‬
‫ل الّلللهِ َ‬‫سللو ُ‬‫ل َر ُ‬‫ل َقللا َ‬‫هَُرْيللَرةَ َقللا َ‬
‫م ( )‪(11‬‬ ‫شُروط ِهِ ْ‬ ‫ن عََلى ُ‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫) ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫وهذا الحديث أصل في المعاملت بيللن النللاس بشللرط أن ل‬
‫يحل الشرط حراما أو يحرم حلل ‪.‬‬
‫وبيع العربون من الشللروط الللتي رضلليها المسلللمون كجللزاء‬
‫نكث البيع‬
‫قال ابن القيم فللي ) أعلم المللوقعين ‪ (3/389 :‬فيمللا يجللوز‬
‫من الشروط ‪:‬‬
‫وروى سلفيان بلن عيينلة ‪ ،‬علن عملرو بلن دينلار ‪ ،‬علن عبلد‬
‫الرحمن بن فروخ ‪ ،‬عن نللافع بللن عبللد الحللارث عامللل عمللر‬
‫على مكة أنه اشللترى مللن صللفوان بللن أميللة دارا لعمللر بللن‬
‫الخطاب بأربعة آلف درهم ‪ ،‬واشللترط عليلله نللافع إن رضللى‬
‫عمر فالبيع له ‪ ،‬وان لم يرض فلصفوان أربعمائة درهم ‪.‬‬
‫ومن ههنا قال المام احمد ‪ :‬ل بأس ببيع العربون ؛ لن عمللر‬
‫فعله ‪ ،‬وأجاز هذا البيع طاعة فيه ‪ :‬مجاهد ومحمد بن سيرين‬
‫وزيد بن اسلم ونافع ابن عبد الحارث ‪.‬‬
‫وقال أبو عمر ‪ :‬وكان زيد بن اسلم يقول أجازه رسللول الللله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫وذكر المام أحمد إن محمد بن مسلمة النصاري اشترى من‬
‫نبطي حزمة حطب ‪ ،‬واشترط عليه حملها إلى قصللر سللعد ‪،‬‬
‫واشترى عبد الله ابن مسللعود جاريللة مللن امرأتلله وشللرطت‬
‫عليه أنه إن باعها فهي لها بالثمن ‪.‬‬
‫وفي ذلك اتفاقهمللا علللى صللحة الللبيع طاعللة ‪ ،‬ذكللره المللام‬
‫احمد ‪ ،‬وأفتى به ‪.‬‬
‫والمقصود ‪ :‬أن للشروط عند الشارع شللأنا ليللس عنللد كللثير‬
‫من الفقهاء ؛ فإنهم يلغللون شللروطا الشللارع ويفسللدون بهللا‬

‫‪914‬‬
‫العقد مفسدة تقتضي فساده ‪ ،‬وهللم متناقضللون فيمللا يقبللل‬
‫التعليق بالشروط من العقود ‪ ،‬وما ل يقبله فليس لهم ضابط‬
‫مطرد منعكس يقوم عليه دليل ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬الضابط الشرعي الذي دل عليه النللص ‪ :‬أن كللل‬
‫شرط خالف حكم الله وكتلابه فهللو باطلل ‪ ،‬وملا للم يخلالفه‬
‫حكمه فهو لزم ‪.‬‬
‫يوضحه إن اللتزام بالشللروط ‪ ،‬كللاللتزام بالنللذر ‪ ،‬والنللذر ل‬
‫يبطل منه إل ما خالف حكم الله وكتللابه ؛ بللل الشللروط فللي‬
‫حقوق العباد أوسع مللن النللذر فللي حللق الللله ‪ ،‬واللللتزام بلله‬
‫أوفي من اللتزام بالنذر ‪ .‬أ ل هل‬
‫‪ 4‬ل أن بيع العربون فيه من الفوائد ما يمنللع احتكللار السلللعة‬
‫علللى المشللتري ‪ ،‬فلللو عللدل المشللتري عللن شللراء السلللعة‬
‫وكسد سللوقها وقعللت الخسللارة علللى صللاحبها ‪ ،‬والمشللتري‬
‫ليس عليه شئ ‪.‬‬
‫‪ 5‬ل يعمد كثير من التجار سواء تجار الفللواكه أو الخضللر إلللى‬
‫حجز السلعة بعربون ما ‪ ،‬ثم ينظللر فللي السللوق فللإن كللانت‬
‫السلعة رائجة ورابحة اشتراها ‪ ،‬وإن كانت كاسدة تركها وقد‬
‫مر عليها أيام ‪ ،‬وهللذا إهللدار لللوقت صللاحب السلللعة وضللياع‬
‫فللرص عرضللت عليلله بسللبب حجزهللا ‪ .‬فللبيع العربللون يمنللع‬
‫المشتري من الضرار بالغير ‪.‬‬
‫‪ 6‬ل في كثير من الحيان ما يخفض ثمن السلعة بعد أيام من‬
‫بيعها ؛ وبهذا يضطر التاجر إلللى المسللاومة عليهللا مللن جديللد‬
‫ونقض البيع الول ‪ ،‬وإل ترك السلعة ‪ ،‬وبذلك يعرض صللاحبها‬
‫لخسارة محققة ‪ .‬فبيع العربون يمنع مثل التلعب من التجار‬
‫‪.‬‬
‫‪ 7‬ل العربون إن أخذه صاحب السلعة بعد نكللس التللاجر مللن‬
‫حقه كشرط جزائي وقع عليه ‪ ،‬وليس من أكللل أمللوال بغيللر‬
‫عوض كم يظن البعض ‪.‬‬
‫‪ 8‬ل قال الدكتور ماجد أبورخية في كتابه )حكم العربللون فللي‬
‫السلم ص ‪: (24 ، 23‬‬

‫‪915‬‬
‫والذي يبدو لللي لل والللله أعلللم لل أن التعامللل بللالعربون بيعللا‬
‫وإجللارة جللائز ‪ ،‬وأن مللا ذهللب إليلله الحنابلللة أولللى بالخللذ‬
‫والعتبار ‪ ،‬وإن كنت أرى أن الولللى هللو قيللام آخللذ العربللون‬
‫برده إذا نكللل الطللرف الخللر ‪ ،‬لن الللرد إقالللة عللثرة ‪ ،‬وقللد‬
‫ن أ َِبللي‬
‫علل ْ‬ ‫حبب إلينا الشارع الحكيم إقالة العثرات ‪ ،‬فقد ورد َ‬
‫ن‬
‫مل ْ‬‫م‪َ :‬‬ ‫س لل ّ َ‬
‫ه عَل َي ْلهِ وَ َ‬
‫صلّلى الل ّل ُ‬
‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬‫ل َر ُ‬ ‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫هَُري َْرةَ َقا َ‬
‫َ‬ ‫أ ََقا َ‬
‫ه )‪(12‬‬ ‫ه الل ّ ُ‬
‫ه عَث َْرت َ ُ‬ ‫ما أَقال َ ُ‬
‫سل ِ ً‬
‫م ْ‬
‫ل ُ‬
‫ولن في رد العربلون إللى الناكلل خلروج ملن الخلف وأخلذ‬
‫بالحتياط وهو أسلم لدين المسلم ‪.‬‬
‫وقد ذهبت إلى اختيار هذا الرأي للسباب التية ‪:‬‬
‫‪ 1‬ل لن أدلة المانعين ليست قوية ‪ ،‬وليست كافية في إثبللات‬
‫الحرمة ‪ ،‬وبالتالي فإن حظر التعامل بالعربون ليس ثابتا ‪.‬‬
‫‪ 2‬ل ولن الوقائع التي ذكرها الحنابلة مستدلين بها على جواز‬
‫العربللون هللي وقللائع يمكللن السللتدلل بهللا لمللذهبهم لوجللود‬
‫الشبه القوي بينهما وبين البيع أو الجارة بالعربون ‪.‬‬
‫‪ 3‬ل من المعروف أن العربون هو وثيقة ارتباط بين الطرفين‬
‫ل البائع والمشتري ‪ ،‬والمؤجر والمستأجر ل والبللائع إنمللا يلجللأ‬
‫لخذ العربون من أجل حفظ حقه حللتى ل يقللع ضللحية الغللرر‬
‫الناتج عن نكول المشتري عن الشراء ‪ ،‬والمللر الللذي يللؤدي‬
‫إلى تفويت الفرص على البائع وإلحاق الضرر به ‪ ،‬وقد يللؤدي‬
‫إلى كساد الشئ المبيع فيما لو فات موسمه إذا كللان المللبيع‬
‫موسميا ‪.‬‬
‫واعتقد أن قواعد الشريعة ل تمنللع احتيللاط النسللان لنفسلله‬
‫في مثل هذه المسائل ‪ ،‬وإن اشتراط البائع لنفسه ل وخاصللة‬
‫في مثل أيامنا هذه الللتي فسلدت فيهللا الللذمم وخربلت فيهلا‬
‫الضمائر ‪ ،‬وكثرت فيها أنواع النصب والحتيال ‪ ،‬وساءت فيها‬
‫المعاملة ل أمر يقره الشرع ول يأباه ‪ ،‬وقد روى البخاري عن‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قللال ‪ :‬مقللاطع الحقللوق‬
‫عند الشروط ‪(13).‬‬

‫‪916‬‬
‫ويؤيد هذا ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬المسلمون عند شروطهم ‪.‬‬
‫‪ 4‬ل إن هذا النوع من التعامللل قللد شللاع بيللن النللاس وجللرى‬
‫عليه العلرف ‪ ،‬والمعللروف عنلد الفقهلاء أن العللرف معتلبر ‪،‬‬
‫وإن في اعتباره رفعا للحرج ‪.‬‬
‫يقول أستاذنا مصطفى الزرقا ‪(14) :‬‬
‫إن النظر في نصوص الفقهاء ينبئ بأن العللرف العملللي فللي‬
‫ميللدان الفعللال العاديللة والمعللاملت المدنيللة للله السلللطان‬
‫المطلللق والسلليادة التامللة فللي فللرض الحكللام وتقييللد آثللار‬
‫العقود وتحديد اللتزامات على وفق المتعللارف ‪ ،‬وذلللك فللي‬
‫كل مللوطن ل يصللادم فيلله العللرف نصللا تشللريعيا ‪ ،‬فللالعرف‬
‫عندئذ يعتبر مرجعا ومنبعا للحكام ‪ ،‬ودليل شرعيا عليها حيث‬
‫ل دليل سواه من النصوص التشريعية الساسللية ‪ ،‬فقلد قللال‬
‫المللام السرخسللي فللي "المبسللوط " ‪ :‬والثللابت بللالعرف‬
‫كالثابت بالنص ‪(15).‬‬
‫* مناقشة أدلة المانعين ‪:‬‬
‫استدل المانعون لبيع العربون بالتي ‪:‬‬
‫‪ 1‬ل حديث ‪ :‬نهى النبي ‪ r‬عن بيع العربون‬
‫وقد ذكرنا ضعفه فل تقوم به حجة ول استدلل ‪.‬‬
‫‪ 2‬ل قال المانعون ‪ :‬هو محرم لن فيه شرط فاسد‬
‫قلنا ‪ :‬الشرط الفاسد فللي المعللاملت هللو ‪ :‬مللا أحللل حرامللا‬
‫وحرم حلل‬
‫وشرط العربون ليس فيه ذلك ‪ ،‬وإنما هو شرط جزائي على‬
‫المشلترى جلزاء نكلوله علن الشلراء وتعريلض سللعة البلائع‬
‫للكسللاد أو الخسللارة ‪ ،‬وحللتى ل يطمللع النللاس فللي أمللوال‬
‫بعضهم البعض نتيجة الطمع في الربح على حساب الغير ‪.‬‬
‫‪ 3‬لل قلالوا ‪ :‬أن بيلع العربلون فيله تغريلر بالمشلتري والغلرر‬
‫محرم ‪.‬‬
‫قلنا ‪ :‬الغرر هو أن يلبيع لله شلئ غيلر معللوم الموصلفات أو‬
‫القدر‬

‫‪917‬‬
‫قال القرطبي في تفسره )‪ (4/392‬في معنى الغرر ‪:‬‬
‫وهو ما كان له ظاهر بيع يغر وباطن مجهول ‪ .‬أ ل هل‬
‫وبيع العربون ليس فيه شئ من الجهالة ؛ إنما هو بيع معلللوم‬
‫بسعر معلوم على سلعة معلومة ‪.‬‬
‫وإذا اتفق البيعان على البيع ثم نكس المشتري وقد كسللدت‬
‫السلعة ‪ ،‬فما هو الضمان ؟!‬
‫فببيع العربللون يمنللع وقللوع الغللرر مللن المشللتري ‪ ،‬ويضللمن‬
‫لصاحب السلعة حقه ‪.‬‬
‫* جملة فتاوى في بيع العربون )‪(16‬‬
‫الفتوى الولى ‪:‬‬
‫المصدر‪ :‬مجموعة فتللاوى الهيئة الشللرعية شللركة الراجحللي‬
‫المصرفية للستثمار قرار رقم ) ‪ ( 99‬السؤال ‪:‬‬
‫ما حكم استلم دفعة مقدمة من العميل بعد الموافقللة علللى‬
‫طلبه لشراء سيارة ففللي حللال تخلفلله عللن إجللراءات إتمللام‬
‫بيعها عليه هل يجوز أن تباع علي عميل آخر ؟ وما حكم هذه‬
‫الدفعة التي قدمها هل ترد عليه أم هي ملك للشركة ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫إن كلمة ) الموافقة ( على بيع السيارة للعميل فيهللا إجمللال‬
‫يحتاج إلى تفصيل ليتضح الحكم في ذلك فإن كانت الموافقة‬
‫المشار إليهللا فللي السللؤال تعنلي أنله قللد تللم التفلاوض بيللن‬
‫الشركة وبين العميللل علللى شللراء السلليارة بمعرفللة السللعر‬
‫وطريقة الدفع وسائر الجراءات الللتي تتبللع لعقللد الللبيع ولللم‬
‫يصدر اليجاب والقبول‬
‫فهذه الصورة ليست بيعا وليس المبلللغ الللذي دفعلله العميللل‬
‫عند مفاوضته مع الشركة في الشراء عربونا فللشركة الحق‬
‫في أن تبيع السلليارة علللى عميللل آخللر ويبقللى المبلللغ الللذي‬
‫دفعه في ذمة الشركة له حق طلبه متى شاء‬
‫أما إن كانت الموافقة الواردة في السؤال تعنللي أن العميللل‬
‫قد اشترى السيارة من الشركة بصدور اليجاب من الشركة‬
‫والقبول من المشتري وبقي إجراءات توثيللق الللبيع فقللط فل‬

‫‪918‬‬
‫يخلو المر بالنسبة للدفعة التي قدمها العميللل إمللا أن تكللون‬
‫عربونا لها حكم العربون في ضياعها على المشترى في حال‬
‫عدوله عن الشراء في مدة خيار يجري التفاق على تحديدها‬
‫بين الطرفين أو ل يتفق على اعتبارهللا عربونللا فتعتللبر جللزءا‬
‫مقدما من الثمن والبيع منجز بل خيار‬
‫فإن كانت عربونا وكان بين الطرفين مدة خيار فللشركة بعد‬
‫انتهاء مدة الخيار فسخ البيع والتصرف في المبيع من سيارة‬
‫أو غيرها والعربون لهللا لقللاء حجزهللا المللبيع ثللم عللدوله عللن‬
‫الشراء بتخلفه عن إقرار إنفاذه في مدة الخيار‬
‫وأما إذا لم يكن بين المشللترى والشللركة خيللار لمللدة معينللة‬
‫وأن البيع قد تم منجزا فإن المبيع يبقللى للمشللترى والدفعللة‬
‫الللتي دفعهللا جللزء مللن الثمللن وللشللركة أن تطللالب بإتمللام‬
‫إجراءات توثيق الللبيع وفللي حللال تهربلله فللشللركة الحللق أن‬
‫ترفع القضللية للمحكمللة الشللرعية لتحكللم فيهللا بمللا يقتضلليه‬
‫الوجه الشرعي نحو مطالبتها بثمن المبيع وتسلللم المشللتري‬
‫ما اشتراه‬
‫وخروجا من هذا الشكال فإن الهيئة توصي الشركة في حال‬
‫بيعها على العميل أن تطلب منه دفعللة مقدمللة هللي عربللون‬
‫وأن تعيللن مللدة معلومللة تتللم فيهللا إجللراءات توثيللق الللبيع‬
‫وتشترط أنه في حال تخلفه عن الحضلور لتملام الجلراءات‬
‫فللي المللدة المحللددة فللإن العربللون يضلليع علللى المشللتري‬
‫وينفسخ البيع وتتصرف الشركة في المبيع بما تراه‬
‫الفتوى الثانية‬
‫المصدر‪ :‬كتاب الفتللاوى الشللرعية فللي المسللائل القتصللادية‬
‫الجزاء ) ‪ ( 3 ) ( 2 ) ( 1‬بيت التمويل الكويتي فتوى رقم )‬
‫‪ ( 4‬السؤال‬
‫ملا الحكلم فيملا للو أراد بيلت التمويلل أن يشلتري محصلول‬
‫زراعيللا أو معللدنا خلف الللذهب والفضللة أو أيللة مللادة أوليللة‬
‫موجودة بالفعل عند البائع وحدد مللدة قصللوى لسللتلم هللذه‬
‫البضاعة على أن له الحق في استلمها فللي أيللة لحظللة مللن‬

‫‪919‬‬
‫هذه المدة‪ .‬وقد دفع إلى البائع مبلغا كعربون علللى أن يللدفع‬
‫الباقي عند الستلم فهل هذا التصرف صللحيح ؟ وهللل يجللوز‬
‫لبيت التمويل الكويتي أن يبيع هذه البضاعة‪ ..‬ومتى ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫إن هللذا الشللراء صللحيح وهللو مللا يسللمى بالشللراء بللالعربون‬
‫ويجوز لبيت التمويل بعد استلم هللذه البضللاعة إمللا بطريقللة‬
‫مباشرة أو غير مباشرة‪ :‬وبعد أن تكون في حيازته أن يبيعهللا‬
‫لمن يشاء أما قبل استلم البضاعة فل يجوز بيعها‬
‫الفتوى الثالثة‬
‫المصدر‪ :‬كتاب الفتللاوى الشللرعية فللي المسللائل القتصللادية‬
‫الجزاء ) ‪ ( 3 ) ( 2 ) ( 1‬بيت التمويل الكويتي فتوى رقم )‬
‫‪ ( 5‬السؤال‪:‬‬
‫ما مدى جواز قيامنا بشراء سلعة معينة بنلاء عللى وعلد ملن‬
‫أحد العملء على أن يشتريها منا إذا ملكناها بثمن آجللل أكللثر‬
‫مللن ثمللن الشللراء ؟ ‪ -‬هللل يجللوز أخللذ العربللون مللن هللذا‬
‫العميل ؟ ‪ -‬وفي حالللة تخلفلله عللن الشللراء منللا بعللد شللرائنا‬
‫للسلعة هل يجوز لنا مصادرة العربون المدفوع ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫أول‪ :‬عن مواعدة أحد العملء بللأن نشللتري سلللعة معينللة ثللم‬
‫نبيعها له بثمن مؤجل زائد عن الثمن الذي اشتريت به أقللول‬
‫وبالله التوفيق‪ :‬إن النصللوص العامللة للشللريعة تللوجب علللى‬
‫المسلمين الوفاء بعقودهم وعهللودهم إل أن يحلللوا حرامللا أو‬
‫يحرموا حلل والوفاء بهذا الوعد عند جميع الئمة واجب تدينا‬
‫وإن كللان غيللر ملللزم قضللاء عنللد الئمللة الثلثللة أبللي حنيفللة‬
‫والشافعي وأحمد وأما مالك فعنه روايات ثلث هي‪:‬‬
‫) ‪ ( 1‬أنه ل يجب الوفاء بالوعد‬
‫) ‪ ( 2‬أنه يجب الوفاء به مطلقا‬
‫) ‪ ( 3‬أنه إن ترتب على الوعلد إللزام الموعلود بشليء للول‬
‫الوعد ما فعله وجب الوفاء به والصورة المسللئول عنهللا مللن‬
‫الوجه الخيللر وهللذا مللا أطمئن إليلله لن الوفللاء بالوعللد مللن‬

‫‪920‬‬
‫أخلق المؤمنين والخللف ملن أخلق المنلافقين وعليله فهلذا‬
‫الوعد ملزم للطرفين‬
‫ثانيا وثالثا‪ :‬أخذ العربللون مللن هللذا العميللل جللائز شللرعا وإذا‬
‫أخلف وعده جاز مصادرة العربون إذا اشترط ذلك في العقد‬
‫الفتوى الرابعة‬
‫المصدر‪ :‬كتاب ‪ -‬الفتاوى السلللمية فللي القتصللاد ‪ -‬الهللرام‬
‫القتصادي فتوى رقم ) ‪ ( 65‬السؤال ‪:‬‬
‫في بيع جمل فيه الخيار للمشترى في دفللع الثمللن بعللد مللدة‬
‫معينة وهى خمس سنوات على أن يدفع عربونا للبائع ثللم إذا‬
‫اختار رد المبيع ترك العربون اللذي دفعله ثلم بلاع المشلترى‬
‫جزءا من العين المبيعة لخر وأخذ منه عربونا على شرط أن‬
‫له الخيار في فسخ البيع ورد العربون إذا هو لم يتمللم عقللده‬
‫مع البائع الول هل تصللح الشللفعة لمللن للله حللق طلبهللا مللن‬
‫المشترى الثاني لو كان البيع صحيحا لزما وهللل يجللب علللى‬
‫طالب الشفعة أن يطلبها بمجرد سماعه بعقد هللذا الللبيع مللع‬
‫بقاء شرط الخيار للبائع فإذا لم يطلب الشللفعة سللقط حقلله‬
‫فيها أو ل يلزم طلب الشفعة إل بعللد سللقوط الخيللار ولللزوم‬
‫البيع ويكون حقه في طلب الشللفعة محفوظللا باقيللا إلللى أن‬
‫يصير البيع لزما ؟‬
‫الجواب‬
‫شللرط الخيللار فللي مللدة الخمللس سللنوات فللي دفللع الثمللن‬
‫وإمضاء البيع أو رد المللبيع وتللرك العربللون ممللا يفسللد الللبيع‬
‫فيكون البيع الول فاسدا ولما كان البيع الثاني قد شرط فيه‬
‫المشترى الول أن للله الخيللار فللي إنقللاذه إن أمضللى العقللد‬
‫الول الذي شلرط لنفسله الخيللار فيلله ملدة خملس سللنوات‬
‫وعدم إنفاذه إن لللم يمضلله فهللذا العقللد يكللون فاسللدا أيضللا‬
‫وعقد البيع إذا كان فاسللدا ل يكسللب حللق الشللفعة لمللن للله‬
‫الحق لو كان البيع صحيحا ول يثبللت حللق الشللفعة إل إذا زال‬
‫الفساد ووجد ما يقتضى لزوم العقد وامتناع التفاسللخ وعلللى‬
‫هذا فإذا كان الحال في هذه الواقعة أن الفساد قد زال ولللم‬

‫‪921‬‬
‫يبق خيار للبائع الثاني في فسخ العقد جاز طلب الشفعة بعد‬
‫سقوط خيار البائع ول يجوز قبلهللا ول شللك أن حللق الشللفيع‬
‫فلي طلللب الشللفعة يبقلى محفوظلا لله إلللى أن يلللزم للللبيع‬
‫ويبطل الخيار فيه ‪.‬‬
‫* بيع العربون والمرابحة‬
‫أول ‪ :‬معنى المرابحة‬
‫المرابحة من الربح ‪ :‬وهو الزيادة في المال عن طريق الللبيع‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫مراَبحة ‪ ،‬أي على الربللح بينهمللا ‪ ،‬وبع ل ُ‬ ‫ويقال ‪ :‬أعطاه مال ً ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫ح ً‬
‫مَراب َ َ‬ ‫الشيء ُ‬
‫قال ابن قدامة في )المغني ‪: (4/129 :‬‬
‫معنى بيع المرابحة ‪ :‬هو البيع برأس المال وربح معلوم ‪.‬‬
‫ويشترط علمهما برأس المال ‪ ،‬فيقول رأس مللالي فيلله ‪ ،‬أو‬
‫هو علي بمائة بعتك بها وربح عشرة ؛ فهذا جائز ل خلف في‬
‫صحته ول نعلم فيه عند أحد كراهة ‪ .‬أ ل هل‬
‫فبيع المرابحة هو ‪ :‬أن يدفع رجل لخر مال على أن يتجر فيه‬
‫ويقسم الربح بينهما على حسب ما اتفقا عليه من غير تحديد‬
‫للربح ‪.‬‬
‫فل يقللول للله مثل ‪ :‬خللذ هللذه النقللود واتجللر فيهللا علللى أن‬
‫تعطيني على كل مائة كذا ‪ .‬فهذا هو الربا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬فتاوى معاصرة تتعلق بالمرابحة والعربون)‪(17‬‬
‫الفتوى الولى‬
‫المصدر‪ :‬كتاب الجوبة الشرعية فللي التطبيقللات المصللرفية‬
‫الجلزء الول إدارة التطلوير والبحلوث مجموعللة دللة البركلة‬
‫فتوى رقم ) ‪ ( 6‬السؤال ‪:‬‬
‫نرجللو إفتاءنللا هللل يجللوز طلللب تللأمين نقللدي لفتللح اعتمللاد‬
‫مستندي لعملية المرابحة ؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫إن التأمين النقدي المشار إليه هو في الواقع ) عربللون ( ول‬
‫علقة له بفتح العتماد المستندي للتمويل بالمرابحة لن فتح‬
‫العتماد فللي هللذه الحللال يكللون علللى مسللئولية البنللك لنلله‬

‫‪922‬‬
‫يشتري لنفسلله قبللل أن يللبيع للعميللل وكللل مللا يتعلللق بفتللح‬
‫العتماد وعمولته وضمانه هو من مسئوليات البنك لكن يحق‬
‫للبنللك عنللد الللدخول فللي مواعللدة مللع العميللل علللى شللراء‬
‫البضاعة التي سيتملكها البنك أن يأخذ عربونا لضمان الجدية‬
‫وتنفيللذ الللتزام الواعللد تجللاه البنللك وقللد أقللر ذلللك مللؤتمر‬
‫المصرف السلمي الثللاني الكللويت ‪ 1983‬التوصللية رقللم ‪9‬‬
‫ونصها يرى المؤتمر أن أخذ العربون فللي عمليللات المرابحللة‬
‫وغيرها جائز بشرط أن ل يستقطع مللن العربللون المقللدم إل‬
‫بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من جللراء النكللول هللذا‬
‫وإذا كان التأمين في صورة وديعة فللإن ربحهللا يكللون لصللالح‬
‫العميل لن المبلللغ قبللل اسللتحقاق البنللك للله بللالنكول يعتللبر‬
‫ملكه للعميل فربحه له‬
‫الفتوى الثانية‬
‫المصدر‪ :‬كتاب الفتللاوى الشللرعية فللي المسللائل القتصللادية‬
‫الجزاء ) ‪ ( 3 ) ( 2 ) ( 1‬بيت التمويل الكويتي فتوى رقم )‬
‫‪ ( 5‬السؤال‪:‬‬
‫ما مدى جواز قيامنا بشراء سلعة معينة بنلاء عللى وعلد ملن‬
‫أحد العملء على أن يشتريها منا إذا ملكناها بثمن آجللل أكللثر‬
‫من ثمن الشراء ؟ هل يجوز أخذ العربون من هللذا العميللل ؟‬
‫وفي حالة تخلفه عن الشللراء منللا بعللد شللرائنا للسلللعة هللل‬
‫يجوز لنا مصادرة العربون المدفوع ؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫أول‪ :‬عن مواعدة أحد العملء بللأن نشللتري سلللعة معينللة ثللم‬
‫نبيعها له بثمن مؤجل زائد عن الثمن الذي اشتريت به أقللول‬
‫وبالله التوفيق‪ :‬إن النصللوص العامللة للشللريعة تللوجب علللى‬
‫المسلمين الوفاء بعقودهم وعهللودهم إل أن يحلللوا حرامللا أو‬
‫يحرموا حلل والوفاء بهذا الوعد عند جميع الئمة واجب تدينا‬
‫وإن كللان غيللر ملللزم قضللاء عنللد الئمللة الثلثللة أبللي حنيفللة‬
‫والشافعي وأحمد وأما مالك فعنه روايات ثلث هي‪:‬‬
‫) ‪ ( 1‬أنه ل يجب الوفاء بالوعد‬

‫‪923‬‬
‫) ‪ ( 2‬أنه يجب الوفاء به مطلقا‬
‫) ‪ ( 3‬أنه إن ترتب على الوعلد إللزام الموعلود بشليء للول‬
‫الوعد ما فعله وجب الوفاء به والصورة المسللئول عنهللا مللن‬
‫الوجه الخيللر وهللذا مللا أطمئن إليلله لن الوفللاء بالوعللد مللن‬
‫أخلق المؤمنين والخللف ملن أخلق المنلافقين وعليله فهلذا‬
‫الوعد ملزم للطرفين‬
‫ثانيا وثالثا‪ :‬أخذ العربللون مللن هللذا العميللل جللائز شللرعا وإذا‬
‫أخلف وعده جاز مصادرة العربون إذا اشترط ذلك في العقد‬
‫الفتوى الثالثة‬
‫المصدر‪ :‬كتاب الفتللاوى الشللرعية فللي المسللائل القتصللادية‬
‫الجزاء ) ‪ ( 3 ) ( 2 ) ( 1‬بيت التمويل الكويتي فتوى رقم )‬
‫‪ ( 321‬السؤال‪:‬‬
‫من خلل التعامل والزيارات التي أقوم بهللا بصللفتي مسللئول‬
‫عللن المرابحللة بفللرع السللالمية تقللدم الكللثير مللن أصللحاب‬
‫المحلت وشركات السيارات المستعملة يشكون عدم جديللة‬
‫العميل الذي يريد شراء سيارة منهللم ل يللدفع العربللون لهللم‬
‫لحجز السيارة له لحين إنهاء إجللراءات بيللت التمويللل للقيللام‬
‫بالشراء وحيث إن بيت التمويل قد منللع دفللع العربللون لهللذه‬
‫المكللاتب والشللركات وأخطللر بعللدم شللرعية ذلللك حيللث إن‬
‫العميل يقوم بالشراء مللن بيللت التمويللل وليللس مللن مكتللب‬
‫السيارات‬
‫لذا نقترح أن يقوم مكتب السلليارات بتحصلليل هللذا العربللون‬
‫لصللالح بيللت التمويللل علللى أن يحتسللب مللن مقللدم شللراء‬
‫السلليارة عنللد التعاقللد وبللذلك نكللون قللد حققنللا لصللحاب‬
‫السيارات ضمان حجز السيارات بناء على رغبللة العملء فللي‬
‫الشراء ونكون قد تلفينا عدم شرعية دفع العربللون لمكللاتب‬
‫السيارات ونكون أيضا قد ضمنا جدية المشتري فللي الشللراء‬
‫وعدم تعطيل بيع السيارة لدى المكتب حيث ل يقللوم العملء‬
‫بمراجعلة هلذه المكلاتب عنلد علدم دفعهلم للعربلون ويظلل‬
‫المكتب منتظرا لمر الشراء مللن بيللت التمويللل فلي الللوقت‬

‫‪924‬‬
‫الذي لم يتقدم العميل بلالعرض إللى بيلت التمويلل الكويلتي‬
‫أيضا ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫تللداولت الهيئة فللي السللؤال وتللبين أن مكللاتب السلليارات‬
‫المستعملة يلتركون فلترة أربعلة أيلام تقريبلا تظلل السليارة‬
‫محجوزة مبدئيا باسم العميل مما يسبب ضياع بعض الفللرص‬
‫عليهم ومع أن أخذ العربون في المرابحللات جللائز شللرعا ول‬
‫علقة له بفكرة اللزام أو عدمها لكن تم التعامل على عللدم‬
‫أخذه لبعاد صورة اللزام التي اختار بيت التمويل عدم الخذ‬
‫بها في المرابحات الداخلية‬
‫وللسللبب نفسله ل تللرى الهيئة أخللذ العربللون مللن قبللل تلللك‬
‫المكاتب ولو كان لصالح بيت التمويل الكويللتي خشللية تللوهم‬
‫تمللام الللبيع بيللن المكتللب وبيللن العميللل ويظللن أن دور بيللت‬
‫التمويلل هلو دفلع الثملن فقلط لقلاء الربلح وملع جلواز أخلذ‬
‫العربون من العميل من المرابحة سواء قللام بأخللذه موظللف‬
‫بيلللت التمويلللل أو وكيلللله ) مكلللاتب شلللركات السللليارات‬
‫المسللتعملة ( فإننللا نللرى عللدم أخللذه سللدا للذريعللة وإبعللادا‬
‫للشللبهات عللن تصللرفات بيللت التمويللل ويلجللأ إلللى تحديللد‬
‫المخاطر بإعطاء العميللل مللدة قصلليرة يحللق للمكتللب الللبيع‬
‫لغيره إذا لم يراجع خللها والله أعلم‬
‫الفتوى الرابعة‬
‫المصدر‪ :‬توصيات وقرارات مؤتمر المصرف السلمي الثاني‬
‫فتوى رقم ) ‪ ( 7‬السؤال‪:‬‬
‫العربون في عمليات المرابحة‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫الفتوى ‪ :‬يرى المؤتمر أن أخذ العربون في عمليات المرابحة‬
‫وغيرها جائز بشرط أن ل يحللق للمصللرف أن يسللتقطع مللن‬
‫العربون المقدم إل بمقدار الضرر الفعلي المتحقق عليه من‬
‫جراء النكول ‪.‬‬
‫* فتاوى في بيع العربون والذهب )‪(18‬‬

‫‪925‬‬
‫المصدر‪ :‬كتاب الفتللاوى الشللرعية فللي المسللائل القتصللادية‬
‫الجزاء ) ‪ ( 3 ) ( 2 ) ( 1‬بيت التمويل الكويتي فتوى رقم )‬
‫‪ ( 126‬السؤال ‪:‬‬
‫يجرى العمل فللي السللواق العالميللة للمعللادن أنلله إذا رغللب‬
‫تاجر في شراء معدن معين يتحدد له سعر معين ومدة معينة‬
‫يلتزم البائع ببيع هذا المعدن خللها بنفس السللعر للمشللترى‬
‫ويدفع المشتري مقدما للبائع مبلغا معينللا وفللي مقابللل ذلللك‬
‫يتعهد البائع تجاه المشتري في أن يحصللل الخيللر علللى هللذا‬
‫العرض للمدة المتفق عليها فإذا تم شراء المشترى للمعللدن‬
‫في خلل هذه الفللترة فللإنه يشللترى المعللدن بنفللس السللعر‬
‫الذي تم التفاق عليه مسبقا أمللا إذا انتهللت المللدة المحللددة‬
‫ولم يشتر المشتري هللذا المعللدن فللإنه يخسللر المبلللغ الللذي‬
‫دفعه للبائع مقدما ويصبح البائع في حللل مللن الللتزامه‪ .‬فهللل‬
‫يجوز شرعا القيام بمثل هذا العمل ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫إن ما يجرى عليه العمل في السواق العالمية بالنسللبة لللبيع‬
‫المعادن بصورة شاملة للذهب والفضة هو بيع المعدوم لعدم‬
‫وجود محل البيع‪ ..‬فإن كان محل البيع معللدنا مللن الللذهب أو‬
‫الفضللة فل يجللوز دخللول الجللل فللي الصللفقة مطلقللا ل مللن‬
‫جانب المبيع ول من جانب الثمن لنه ل بد من التقلابض عنلد‬
‫التعاقد‬
‫وإن كان محل البيع غير الذهب والفضة ملن المعلادن فل بلد‬
‫من تطبيق شروط عقد السلم بقبللض جميللع الثمللن وتحديللد‬
‫أجل لتسليم البضاعة‪ .‬فللإذا حللل الجللل يلللزم البللائع بتسللليم‬
‫البضاعة كلها للمشللتري ممللا عنللده أو مللن السللوق بالسللعر‬
‫المبين في العقد وبالمواصفات المتفق عليها‬
‫أما إذا كان المعدن المللبيع موجللودا بالفعللل عنللد البللائع وتللم‬
‫العقد فل يجوز تأجيل البدلين ) المبيع والثمن ( لئل يكون من‬
‫قبيل بيع الكالئ بالكالئ وإن كان ما تم بين البائع والمشتري‬

‫‪926‬‬
‫مجرد عرض أسعار يلتزم به البائع لمدة محددة فهذا إيجللاب‬
‫ملزم عند المالكية‬
‫ويجوز تقديم عربون من المشترى على أنه إن أتللم الصللفقة‬
‫احتسب من الثمن وإن لم يعقد الصفقة ترك العربون للبللائع‬
‫فهذا جائز بشرط وجللود البضللاعة الللتي هللي محللل الصللفقة‬
‫والولى للبائع أن ل يتقاضى من العربللون إل بقللدر مللا لحقلله‬
‫مللن ضللرر عللدم الشللراء طبقللا لتوصلليات المللؤتمر الثللاني‬
‫للمصرف السلمي ‪.‬‬
‫هذا ما يسر الله لي جمعه في هذه المادة ‪ ،‬فإن وفقت فهذا‬
‫ي وكرملله ‪ ،‬وإن أخفقللت فللي شللئ فمللن‬ ‫من فضل الللله علل ّ‬
‫نفسي والشيطان ورحم الله امرأ أهدى إلي عيللوبي وصلللي‬
‫الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم ‪.‬‬
‫================‬
‫‪ #‬حيل وذرائع ) المفسدين ( ‪ ..‬للطعن في ثوابت‬
‫) الدين (‬
‫المارقال‬
‫إن الحللال الللتي عليهللا هللذا المجتمللع المبللارك مللن تمسللك‬
‫ض لكل ما يناقضه ‪ ،‬جعل جماعللة ) التخريللب‬ ‫بالسلم ‪ ،‬ورف ٍ‬
‫ح‬‫والفسللاد ( الفكريللة بكافللة تصللنيفاتها تتحللرك فللوق صللفي ٍ‬
‫ب ومنهللج واضللح ‪،‬‬ ‫ن ل تقلّر أقللدامهم فيلله علللى أسلللو ٍ‬ ‫سللاخ ٍ‬
‫فحللرارة الغيللرة الظللاهرة علللى السلللم فللي هللذا المجتمللع‬
‫تجعلك ل ترى شيئا ً يتقلب ويتغير وينقللب رأسلا ً علللى عقللب‬
‫وبطنا ً على ظهر كمثل أطروحات أولئك المفسدين‪.‬‬
‫لقد ركب القوم في سبيل تمرير أفكار الضرار كللل مركللب ‪،‬‬
‫وساروا مع كل طريللق ‪ ،‬وسللايروا كللل سللائر ‪ ،‬وجمعللوا بيللن‬
‫السللهل والجبللل ‪ ،‬والشللرق والغللرب ‪ ،‬واليميللن والشللمال ‪،‬‬
‫فعلوا ذلك – بذكاء وغباء ‪ -‬ليفعلوا فعلتهم في هذا المجتمع‪.‬‬
‫لقد تعلم القوم جيدا أن المسلللم قللد يسللتهين بالمحرمللات ‪،‬‬
‫ويتساهل بالواجبات ‪ ،‬لكن هذا التساهل والتجاوز ل يمكن أن‬
‫ل لللرؤى وأفكللار تصللادم‬ ‫ض لللدينه ‪ ،‬أو قبللو ٍ‬‫يؤدي به إلللى رفل ٍ‬

‫‪927‬‬
‫هويته ‪ ،‬فالشهوة ل تنقلب لشبهة ‪ ،‬والهوى ل يضرب الهوية ‪،‬‬
‫فالمسلم قد يشرب الخمر ‪ ،‬لكنلله ل يقللول عنلله بللأنه حلل ‪،‬‬
‫والمرأة قد تتساهل في نزع الحجللاب ‪ ،‬لكنهللا ل تللراه حريللة‬
‫وتطللورا ‪ ،‬فأعمللل المفسللدون الحيللل ‪ ،‬وركبللوا الللذرائع ‪،‬‬
‫وفكروا وقدروا فكانت تلك الذرائع والحيل الكثيرة التي فللي‬
‫ظاهرها تمسك بالشللرع ‪ ،‬وفللي باطنهللا سلللخ لقيللم الللدين ‪،‬‬
‫ومسخ لحكامه‪.‬‬
‫كنت – ول زلت – أتابع باهتمام أطروحات القللوم فللي جميللع‬
‫وسائل العلم المقروءة والمسموعة ‪ ،‬فأعجب من اتفللاقهم‬
‫في الهدف ‪ ،‬مع افتراقهم في الفكر ‪ ،‬وأعجب أكثر حين أجد‬
‫اتفللاقهم علللى الحيللل والللذرائع الللتي يسلللكونها فللي سللبيل‬
‫الوصول لمآربهم ‪ ،‬أفتواصوا به !‬
‫الذريعة الولى ‪:‬‬
‫أن الخلف في فهم النللص ل فللي ذات النللص‪ ،‬وأن الحقيقللة‬
‫نسبية ل يصح لحللد أن يحتكرهللا ‪ ،‬وأن الخلف إنمللا هللو مللع‬
‫الجتهاد الفقهي ل مع الفقه ‪ ،‬ومللع الرؤيللة المتطرفللة ل مللع‬
‫حقيقة الدين ‪.‬‬
‫وهذه أم خبائث هذه الذرائع ‪ ،‬فهم يتوهمللون أنهللم يخللالفون‬
‫فهما ً خاطئا ً للنص ول يخالفون ذات النص‪.‬‬
‫ويتجلى أمر هذه الذريعة في نقاط محددة ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنللك تجللد هللذه الرؤيللة ‪ -‬الللتي ل يرونهللا تعللارض النللص ‪-‬‬
‫مقررة في نفوسهم من قديم ‪ ،‬وكانوا في وقت من الوقات‬
‫يطرحونها علللى أنهللا الخيللار الصللحيح ولللو عارضللت الللدين ‪،‬‬
‫فالدين ليس حكما في شؤون الحياة ‪ ،‬فلما تشربت عقولهم‬
‫وقلوبهم هذا المبدأ المصادم جاؤوا بعللد هللذا ليقولللوا للنللاس‬
‫نحن ل نعارض الدين بل نعارض فهما متشددا للدين!؟‬
‫‪ -2‬أن وجود الختلف في الفهم ل يعني تسويغ هللذا الفهللم ‪،‬‬
‫فمجرد وجود فهم آخر ل يعني أنه فهللم مقبللول ‪ ،‬فض لل ً عللن‬
‫أن يكون صحيحا ‪.‬‬

‫‪928‬‬
‫‪ -3‬وعلى درج هذه الذريعة ‪ :‬فكللل المسللائل والحكللام ‪ ،‬بللل‬
‫والعقللائد والصللول الشللرعية قللد وقللع فيهللا اختلف فللي‬
‫تفسيرها؛ بدءا ً من الشهادتين وأركان السلم وجميع العقللائد‬
‫بل استثناء ‪ ،‬فهل يقللول القللوم بللأن الخلف فيهللا سللائغ لنلله‬
‫فهم للنص!وهذا إلللزام ل محيللد لهللم عنلله ‪ ،‬فسفسللطة هللذا‬
‫) فهمي وفهمك ( ‪ ،‬ل يمكن أن تسلللم لهللم إل إذا قبلللوا كللل‬
‫فهم مهما كان ‪ ،‬وعليه ‪ :‬فأي شخص يرغب فللي مخالفللة أي‬
‫أمر من المور الشرعية ما عليه سوى أن يقول هذا فهمللي‪،‬‬
‫ول بد أن تحترموا تفسيري للنص ‪ ،‬وأذكر أني قلللت لحللدهم‬
‫قديما ً ‪ :‬أعطني أي شيء تراه أنت أنه من السلم؟ ‪ ،‬وكنللت‬
‫سألزمه بوجود فهم آخر له ‪ ،‬وقد فطن لما أريد فكان جوابه‬
‫‪ :‬أن السلم هو بحسب ما يراه كل شخص في نفسه !!‬
‫فأي شيء تراه وتظنه السلم فهو هللو السلللم ‪ ،‬ومللا عليلله‬
‫المرابللي – مثل ‪ -‬إل أن يتصللور أن الربللا جللائز فللي السلللم‬
‫ليكون فعله مباحا ً وصحيحًا‪!!..‬‬
‫‪ -4‬بل ويلزمهم أن ل يقروا بالصحة والحقيقة لدين السلم ‪،‬‬
‫بل يكون السلم تفسلليرا ً واحللدا ً للللدين ‪ ،‬ل يمكللن لهللله أن‬
‫يقطعوا بصجته ‪ ،‬إذ الحقيقة ليس ملكا ً لهللم ‪ ،‬وهللذه النظللرة‬
‫السفسطائية وإن كانوا يختلفون في الخللذ بلوازمهللا إل أنهللا‬
‫أوجدت شكا ً وضفعا ً لللديهم فللي الخللذ بأحكللام الللدين – مللن‬
‫م‬‫ل ومسللتكثر ‪ ، -‬لن الخللوف مللن احتكللار الحقيقللة وه ل ٌ‬ ‫مق ل ٍ‬
‫ت سحيقة من الظلمات والشكوك ‪.‬‬ ‫رماهم في متاها ٍ‬
‫‪ -5‬وهذه الذريعة تصح وتكون صحيحة ومقبولة لو كانت فللي‬
‫المسائل الجتهادية التي ل نص ظاهر فيهللا ‪ ،‬حيللث ل يمكللن‬
‫القطع بصحة فهم ٍ على آخر ‪ ،‬وأما أن يؤتى بهذه السفسللطة‬
‫في مسألة أجمع عليها العلماء ‪ ،‬أو جاء النللص ظللاهرا ً وجلي لا ً‬
‫فيها ‪ ،‬فل معنى له سوى عدم إرادة المتثال‪.‬‬

‫‪ -6‬ثم إن هذه الطريقة في التعامللل مللع النصللوص ل نجللدها‬


‫تشهر إل فللي وجلله النصللوص الشللرعية ‪ ،‬فل نجللد أحللدا مثل‬

‫‪929‬‬
‫يبتدع رأيا ً جديللدا ً فللي الديمقراطيللة مثل ً ويقللول هللذا فهمللي‬
‫لها ‪ ،‬ول يجوز أن تحتكروا الحقيقة ‪ ،‬فلكل فهمه! ‪ ،‬وقل مثل‬
‫هذا في النظمة الدارية والسياسية ل نجلد أحللدا يقلرر مثللل‬
‫هذه السفسطة ‪ ،‬بل لللو قالهللا شللخص لضللرب بلله مثل فللي‬
‫الغباء والبلهة ‪ ،‬حاشا النصللوص والحكللام الشللرعية ‪ ،‬فهللي‬
‫حمى مستباح ‪ ،‬فكل من يملك قلما ً ويكتب شيئا ً فواجبنللا أن‬
‫نتقبله ونحترمه ‪ ،‬ونجل فكره وفهمه !‬
‫الذريعة الثانية ‪:‬‬
‫أن الخلف ليس مع أحكام الشريعة ‪ ،‬بل هي أحكام صحيحة‬
‫ومقبولة ‪ ،‬وإنما الخلف مع من يستغلها لمنهللج سياسللي ‪ ،‬أو‬
‫أيدلوجية فكرية ‪ ،‬أو تطرف دينللي‪ ،‬وهللو خلف مللع الصللحوة‬
‫في الدرجة الولى والخيرة‪.‬‬
‫ونطهر هذه الحيلة بمجموعة من المطهرات ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن هذا تجاوز عن بحث المسائل الشللرعية إلللى الللدخول‬
‫في المقاصد والنيات‪ ،‬بحيث أصبح كل حكللم شللرعي ي ُللدعى‬
‫إليلله يرمللى بلله لن صللاحبه يقصللد ويقصللد ‪ ،‬حللتى الحكللام‬
‫الشللرعية الللتي ل يمكللن أن يفهللم منهللا مقصللد سياسللي أو‬
‫فكري كالمر بإعفاء اللحى مثل ‪ ،‬أو تحريم سماع الغناء يأتي‬
‫المفسدون فيرمونها لن لها أهدافا ً أيدلوجية!‬
‫‪ -2‬ثم إن كانت هللذه المفللاهيم صللحيحة ول ينللازعون فيهللا ‪،‬‬
‫فلم ل نرى ذكرها ولو تلميحا في كتاباتهم وأطروحاتهم؟‬
‫‪ -3‬وإن كللان الحكللم صللحيحا ً كمللا تقولللون فمللا المللانع مللن‬
‫الدعوة إليه وترسيخه في الفهام؟‬
‫سللعي إلللى ترسلليخه فللي‬ ‫فكيف يكون الحكم صحيحا ً ‪ ،‬فللإذا ُ‬
‫الناس أصبح أمرا ً أيدلوجيا ً تجب محاربته؟‬
‫أم أن الدين شيء باطن ل يظهره إل مؤدلج‪!!..‬‬
‫وخذوا هذا المثال ‪ ،‬وبالمثال كما يقال يتضح المقال‬
‫يقول احدهم قبل أيام في احد وسائل العلم ‪ :‬أن ل مشكلة‬
‫لديه مللع مفهللوم ) الكللافر هللو الشللقي ( ‪ ،‬وأن هللذا مفهللوم‬

‫‪930‬‬
‫صللحيح لكللن الشللكالية هللي فللي اختطللاف هللذا المفهللوم‬
‫واستغلله في مناهج التعليم‬
‫طيب ‪..‬‬
‫إن كان المفهوم كما تقول صحيح ‪ ،‬فلم ل نرى له وجود فللي‬
‫جميع مقالتك وكتاباتك المتناثرة التي جاوزت المئات‪!..‬؟‬
‫وإن كان مفهوما صحيحا فما الذي يغيظك مللن الللدعوة الللى‬
‫هذا المفهوم الصحيح ‪ ،‬وترسيخه في الناس ؟؟‬
‫ومللا المللانع مللن إدخللال هللذا المفهللوم الصللحيح فللي مناهللج‬
‫التعليم ؟؟‬
‫وما العيب في استغلل المناسللبات لجللل ترسلليخ المفللاهيم‬
‫الصحيحة؟؟‬
‫وهل سيشمئز الدكتور حين يجد في المناهللج عبللارات تربللي‬
‫علللى الحللب والتسللامح وتقبللل الخلف ‪ ،‬أم أنلله سلليقول أن‬
‫المفهوم صحيح ولكن العبارة في موقع غير مناسب‪..‬؟‬
‫وهل سيقبل الدكتور لو جللاءه شللخص فللأنكر وجللود عبللارات‬
‫تدعو للتسامح في المناهج ‪ ،‬وأنكر كللل دعلوة إلللى التسلامح‬
‫والتعدد بحجة أنها عبارات مؤدلجة وغير نزيهة !‬
‫‪ -4‬ثم ما ماهية المنهج السياسي والفكري واليدلوجي الللذي‬
‫يتهم به من يدعو الى تطبيق الحكام الشرعية ‪..‬؟؟‬
‫هل المراد به مثل الخروج على المجتمع وسفك دماء أبنائه ؟‬
‫وهل يفهم هذا من الدعوة للحكام الشرعية إل من في قلب‬
‫مرض من الشريعة ؟‬
‫أم المراد به تطبيق هذه الحكللام فللي جميللع جللوانب الحيللاة‬
‫السياسية والجتماعية ؟‬
‫أم ماذا ؟‬
‫فلللي ظنلللي أن القلللوم سيسلللتمرون فلللي اسلللتجرار هلللذه‬
‫السطوانة من غير أن يوضحوا مرادهم منهللا ‪ ،‬لنلله ل يظهللر‬
‫مراد يستقيم لهم إل أنه رفللض للحكللم الشللرعي واشللمئزاز‬
‫منلله ‪ ،‬بحيللث يظهللر لنللا احللترامه وحبلله البللاطني للحكللم ‪،‬‬
‫ويحاربه ويستميت في مواجهته علنا وظاهرا‪.‬‬

‫‪931‬‬
‫‪ -5‬ثم إن الواقع أن الخلف مع الليبراليين وبقيللة المفسللدين‬
‫ليس في مسائل إجرائية ‪،‬أو مصلحية بينهم وبيللن الصللحوة ‪،‬‬
‫بل واقع المر أن الخلف فللي منهجيللة التعامللل مللع النللص ‪،‬‬
‫وفي قبول الرؤى المصادمة للنص ‪ ،‬وفي مسائل حاسللمة ل‬
‫يختلف أحد أنها من صميم الشرع ‪ ،‬فمحاولة خللداع النللاس ‪،‬‬
‫ودس رؤوسهم في التراب وإيهامهم أنه صراع مللع أشللخاص‬
‫ل مع دين ‪ ،‬هو أسلوب ماكر لكنه مكشوف ‪ ،‬يصللل إلللى حللد‬
‫الطرافللة عنللد بعضللهم حيللن يللرى المعركللة مللع الحركييللن‬
‫المسيسين للدين وليس مع العلماء والمشايخ الفضللء ‪ ،‬ملع‬
‫أنه يعلم علم اليقين أن هؤلء المشايخ الذين يريد أن يتمسح‬
‫بهم هم أول من ينكر أطروحاتهم وتشغيباتهم‪.‬‬
‫الذريعة الثالثة ‪:‬‬
‫التمسك بالمقاصد الكلية للشريعة السلمية ‪.‬‬
‫وهي ذريعة جديدة لم يتفطن لها القوم في مجتمعنللا إل مللن‬
‫قريب ‪ ،‬وهللو ل يعللدو اسللتغلل وامتطللاء للتمريللر والتللبرير ‪،‬‬
‫ولعلنا نقرب المجهر قليل على طريقة القوم في التعامل مع‬
‫المقاصد الشرعية لتظهر الصورة الحقيقيللة لهللذا السللتغلل‬
‫المكشوف ‪:‬‬
‫‪ -1‬إن المقاصد يراد بها الصول والكليات العامة ‪ ،‬والتي من‬
‫أجلها شرعت الفروع والجزئيات ‪،‬‬
‫وعليلله ‪ :‬فل قيمللة للمقاصللد إل مللن خلل معرفللة الفللروع‬
‫والجزئيات ‪ ،‬ومن يريد الخذ بالمقاصد من غير أخللذ للفللروع‬
‫والجزئيللات فهللو كمللن يريللد أن يعيللش فللي بنللاء مللن غيللر‬
‫أساساته وقواعده !‬
‫‪ -2‬ثم إن كثيرا من المقاصد العاملة ممللا يتفللق عليهللا جميللع‬
‫الناس – مسلمهم وكافرهم – فالعللدل والرحمللة والمسللاواة‬
‫والتيسير هي أمور ل يختلف عليها أحد ‪ ،‬ومن يريللد أن يأخللذ‬
‫بالمقاصد الشرعية من غير التفات لفروعها المقررة لها هللو‬
‫في الحقيقة لم يأخذ من السلللم بشلليء ‪ ،‬لجللل ذلللك كللان‬
‫شيخ السلم ابن تيمية رحملله الللله عميق لا ً حيللن قللال ‪ :‬مللن‬

‫‪932‬‬
‫استحل أن يحكم بين الناس بما يللراه عللدل مللن غيللر الللتزام‬
‫بالشرع فهو كافر‪،‬‬
‫وعليه ‪ :‬فمن يظللن أن السلللم جللاء فللي بللاب مللن البللواب‬
‫بأصول عامة كالعدل وترك للنللاس أن يضللعوا لهللا التفاصلليل‬
‫كما يريدون؛ فهو مغرقٌ في الوهم مللن حيللث ل يشللعر ‪ ،‬لن‬
‫السلم لو جاء كما يقول بمثل هذا فهو في الحقيقة لم يللأت‬
‫بشلليء ‪ ،‬ولكللان حكللم السلللم – وحاشللاه ‪ -‬فضلللة وتأكيللدا‬
‫يمكن الستغناء عنه بغيره ‪.‬‬
‫وعلللى طريقللة أولئك المتلعللبين يمكللن نقللض كللل الحكللام‬
‫الشرعية بل استثناء من خلل التمسك بالمقاصد الشللرعية ‪،‬‬
‫بللل حللتى التوحيللد الللذي مللن أجللله بعثللت الرسللل وأنزلللت‬
‫الكتللب ‪ ،‬يمكللن أن نجعللله أمللرا مباحللا مللن خلل المقاصللد‬
‫الشرعية ‪.‬‬
‫وإل فما الذي يمنع قائل ً أن يقول ‪ :‬الزنا حلل لن فيه تيسير‬
‫ومن مقاصد الشريعة التيسير‪!..‬‬
‫والمرأة كالرجل في الرث لن من مقاصللد الشللريعة العللدل‬
‫والمساواة!‬
‫والكافر إذا مات علللى كفللره فهللو مللن أهللل الجنللة لن مللن‬
‫مقاصد الشريعة الرحمة !‬
‫والخلف في المقاصد ل حد ول حصر له ‪ ،‬فهللي مصللطلحات‬
‫مطاطة يقدر المفسدون أن يضعوا في عباءتهللا مللا يشلاءون‬
‫من كافة النحرافات والتوجهات‪.‬‬
‫‪ -3‬والغرابللة تكمللن أن التمسللك بللروح السلللم ‪ ،‬ومقاصللده‬
‫لنسف فروعه وجزئياته ‪ ،‬هذه الطريقللة العرجللاء ل توجللد إل‬
‫مع النصوص الشرعية ‪ ،‬ولو أن أحدا ً مللن النللاس طبللق هللذه‬
‫ضللرب علللى أم دمللاغه ‪،‬‬ ‫الطريقللة علللى نظللام إداري مثل ل ُ‬
‫فروح النظام ليس ذريعة للغاء تفاصيل النظام ‪ ،‬وإل لغللدت‬
‫البلد فوضى ‪.‬‬
‫أقف عنللد هللذه اللذرائع الثلث ‪ ،‬لن أقلل الجملع ثلثللة ‪ ،‬وإل‬
‫فالللذرائع والحيللل يطللول حصللرها وتتبعهللا ‪ ،‬غيللر أن جماعهللا‬

‫‪933‬‬
‫ل إلللى رؤى منحرفللة ‪ ،‬وأفكللار مشللبوهة مللن خلل‬ ‫وصللو ٌ‬
‫التمسللح بالللدين ‪ ،‬وإظهللار التمسللك بلله ‪ ،‬فتتعللدد السللباب‬
‫والفساد واحد‪.‬‬
‫والله المسئول أن يحمي مجتمعنا من شرهم وشررهم‪.‬‬
‫المارقال‬
‫‪1427/ 4 / 14‬هل‬
‫===============‬
‫‪ #‬أين الخلل وما العمل‬
‫) مجموعة مقالت (‬
‫‪ - 4‬السقوط في التبرير‬
‫م‪ .‬عبد اللطيف البريجاوي‬
‫هذا خلل من نوع آخر وقللع فيلله المسلللمون وازدادوا بسللبب‬
‫ذلك تخبطا فوق تخبطهم ‪.‬إنلله السللقوط فللي التللبرير وعللدم‬
‫الجللرأة علللى مراجعللة الخطللاء وهللذه صللفة ل زمللت بنللي‬
‫إسرائيل في كثير من تصرفاتهم فقال الله عنهم في سللورة‬
‫العراف " واسألهم عن القرية التي كانت حاضللرة البحللر إذ‬
‫يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويللوم‬
‫ل يسللبتون ل تللأتيهم كللذلك نبلللوهم بمللا كللانوا يفسللقون " )‬
‫‪ (163‬العراف‬
‫قال القرطلبي رحملله اللله فللي تفسللير هللذه اليلة " ‪ ...‬وأن‬
‫إبليس أوحى إليهم فقال‪ :‬إنما نهيتم عن أخذها يوم السللبت‪,‬‬
‫فاتخذوا الحياض; فكانوا يسوقون الحيتان إليها يللوم الجمعللة‬
‫فتبقى فيها‪ ,‬فل يمكنها الخروج منهللا لقلللة المللاء‪ ,‬فيأخللذونها‬
‫يوم الحد ‪."..‬‬
‫فطريقة العتداء كانت هللي عبلارة عللن تلبرير لهللم واقتنعلوا‬
‫وأقنعوا أنفسهم بهذا التبرير فكان جزاؤهم أن مسللخهم اللله‬
‫قردة وخنازير قال تعالى ‪:‬‬
‫" ولقد علمتم الللذين اعتللدوا منكللم فللي السللبت فقلنللا لهللم‬
‫كونوا قردة خاسئين" )‪ (65‬البقرة‬

‫‪934‬‬
‫إنها عقوبة من الله لم يعاقب بهللا قللوم غيرهللم وذلللك لنهللم‬
‫اعتدوا وبرروا لنفسهم ما نهاهم الله عنه‬
‫إن هذه الصفة لم تقتصر على بني إسللرائيل فقللط بللل و يللا‬
‫للسف الشللديد تعللدت هللذه الصللفة وغيرهللا إلللى كللثير مللن‬
‫المسلمين فوقعوا بها‬
‫إن سللقوط المسلللمين فللي عقليللة التللبرير جعللل كللثيرا مللن‬
‫الخطاء تتراكب وتتواكب لتشكل حمل ثقيل على صدر المللة‬
‫ل يزاح إل بالقتنللاع الكامللل بضللرورة الجللرأة علللى مراجعللة‬
‫أخطللاء الماضللي ونفللي عقليللة التللبرير والخللروج مللن هللذا‬
‫الكبرياء المزيف ‪.‬‬
‫لقد كان من ميزة الخيار فللي هللذه المللة الخللذ بللالمر دون‬
‫التبرير والسقوط فيه‬
‫فالصحابة رضوان الله عليه كانت ميزاتهم كللثيرة ومللن هللذه‬
‫الميزات أنهم لللم يللبرروا لنفسللهم خطللأ ارتكبللوه بللل كللانوا‬
‫يسارعون إلى تصويب الخطأ وفق الخيارات الصحيحة‬
‫فمن ذلك مثل قصة كعب بن مالك ورفيقاه الذين لم يللبرروا‬
‫لنفسهم ما ارتكبوه من تقصير في عدم خروجهم إلى غزوة‬
‫تبوك مع النبي عليه السلم كما فعل غيرهللم مللن المنللافقين‬
‫بل واجهوا الخطأ واعللترفوا بلله وسللعوا إلللى إزالتلله بللالطرق‬
‫الشرعية حتى تاب الله عليهم وكللانت النتيجللة لهللذه الجللرأة‬
‫قرآنا يذكر قصتهم وتوبة الله عليهم إلى يوم الدين‬
‫ويوم وقللف السلللطان عبللد الحميللد رحملله الللله رافضللا كللل‬
‫الرفض أن يسمح لليهود بالدخول إلى فلسطين ) ومن كللان‬
‫يمنعه وهو خليفة المسلمين وكانت الضغوطات الجنبية على‬
‫أوجها والضعف في بلده يستفحل( فكان بإمكللانه أن يوافللق‬
‫متذرعا بتبريرات مختلفة لكنه وقف وقفة البطل الوحد فللي‬
‫سللاحات الللوغى ولللم يسللمح لعقليللة التللبرير أن تللدخل إلللى‬
‫خلفته ودفع بذلك ما دفعه ! والحياة مواقف !!‪.‬‬
‫لكن الكثير من المسلمين اليوم وقعوا في عقلية التبرير ولم‬
‫يقتصر المر على الفراد بل تعداه إلى الشعوب والدول‬

‫‪935‬‬
‫فعلى صعيد الفراد مثل ترى كثيرا من الناس يتذرعون لتفه‬
‫السللباب ويتحججللون بضللائقة ماديللة ) حقيقيللة أو وهميللة (‬
‫ليمدوا أ يدهم إلى الربا والرشللوة بحجللة عللدم القللدرة علللى‬
‫النفاق ويبررون لنفسهم ما حرمه الله‬
‫وعلى صعيد الدول تللرى الكللثير مللن الللدول السلللمية تللبرر‬
‫لنفسها بطريقة أو بأخرى التعامل مع ألللد أعللداء المسلللمين‬
‫بحجة المصالح واختلل ميزان القوى وغير ذلك‬
‫إن عقلية التبرير من أخطر ما يصاب به العقل المسلللم مللن‬
‫مرض فهللي عقليللة المصللحة وعقليللة المنللافع النيللة ل تللأبه‬
‫بالضوابط ول بالقيم‬
‫ومن أهم السئلة التي يمكن أن تطرح علللى بسللاط البحللث‬
‫لمللاذا يقللع النسللان عمومللا والمسلللم خصوصللا فللي عقليللة‬
‫التبرير ؟؟‬
‫الحقيقة أن هناك أسبابا كثيرة منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬الكبر ‪ :‬وهو من أول السباب وأهمها الللتي تجعللل عقليللة‬
‫التبرير تتسرب إلى عقل النسان المسلللم فهللو يللرى نفسلله‬
‫أنه أكبر من أن يتراجع عن خطأ ارتكبه وأن الحق في جللانبه‬
‫وأنه ل يقول إل حقا وأن غيره دائمللا علللى خطللأ وقللد عللرف‬
‫م َ‬
‫ط‬ ‫ن ب َط َِر ال ْ َ‬
‫حقّ وَغَ َ‬ ‫النبي عليه السلم الكبر فقال ‪" :‬ال ْك ِب َْر َ‬
‫م ْ‬
‫س " أبو داود قال النووي ‪ :‬بطر الحق هو دفعلله وإنكللاره‬ ‫الّنا َ‬
‫ترفعا وتجبرا ) وغمط الناس ( ‪ :‬أي استحقارهم وتعييبهم " ‪.‬‬
‫‪ – 2‬حب الدنيا ‪ :‬وهو من السباب المهمة في عقلية التللبرير‬
‫فالذين لم يلذهبوا ملع رسلول اللله إللى غلزوة تبلوك جعللوا‬
‫يتذرعون الحجج الواهية لنفسهم وللناس لتبرير هذا التقصير‬
‫لكن كعبا وضح ذلك قائل " ‪ ..‬وغللزا رسللول الللله صلللى الللله‬
‫عليه وسلم تلك الغزوة حيللن طللابت الثمللار والظلل وتجهللز‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ‪"..‬‬
‫فكان حب الدنيا سببا مهما مللن أسللباب السللقوط فللي هللذه‬
‫العقلية ‪.‬‬

‫‪936‬‬
‫‪ – 3‬الجهل ‪ :‬وهللو آفللة فللي كللل الحللالت والوقللات فمللن ل‬
‫يعرف الخير من الشر والحق من الباطل تلتبس عليه المور‬
‫ويدخل في حيزات كبيرة من عقلية التبرير ‪.‬‬
‫إن عقليللة التللبرير مللن أخطللر مللا يصلليب الفللراد والللدول‬
‫والشعوب وإن بني اسرائيل لما سقطوا فللي عقليللة التللبرير‬
‫مسخهم الله إلى قردة وخنازير‬
‫والمسلمون لما سللقطوا فللي هللذه العقليللة عوقبللوا بعقوبللة‬
‫المسخ ولكن ليللس إلللى قللردة وخنللازير تكرمللة لهللذه المللة‬
‫ولكنها عقوبة المسخ بين المم حتى أصللبحوا أمللة ممزقللة ل‬
‫سيادة لها ‪,‬ل يهاب لها جانب ول تستشار في أمر من أمورها‬
‫‪.‬‬
‫ومن المهم أن نؤكد على نقطة بالغة الهمية وهي أن عقلية‬
‫التبرير ليست هي عقلية الستراتيجية السلمية الللتي تختللار‬
‫النسب من بين كل الحتمللالت بللل هللي تللك العقليللة الللتي‬
‫تفعل الخطأ عيانا وجهارا ثم تأبى أن تعود عنه متذرعة بحجج‬
‫واهية وأسباب بالية وللحديث بقية والله ولي التوفيق‬
‫=============‬
‫‪#‬الزكاة وفوائدها‬
‫فضيلة الشيخ ‪ /‬محمد بن صالح العثيمين‬
‫الزكاة فريضة من فرائض السلم وهي أحللد أركللانه وأهمهللا‬
‫بعد الشهادتين والصلللة ‪ ،‬وقللد دل علللى وجوبهللا كتللاب الللله‬
‫تعللالى وسللنة رسللوله صلللى الللله عليلله وسلللم وإجمللاع‬
‫المسلمين ‪ ،‬فمن أنكر وجوبها فهو كللافر مرتللد عللن السلللم‬
‫يستتاب ‪ ،‬فإن تاب وإل قتل ‪ ،‬ومن بخل بهللا أو انتقللص منهللا‬
‫شيئا ً فهو من الظالمين المستحقين لعقوبة الللله تعللالى قللال‬
‫الله تعالى ‪ } :‬ول يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم الله مللن‬
‫فضله هو خيرا ً لهم بل هو شر لهم سلليطوقون مللا بخلللوا بلله‬
‫يوم القيامة ولله ميراث السموات والرض والله بما تعملون‬
‫خبير { ] آل عمران ‪.[ 180 :‬‬

‫‪937‬‬
‫وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضللي الللله عنلله قللال ‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬من آتاه اللله مللال ً‬
‫فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شللجاعا ً أقللرع للله زبيبتللان‬
‫ُيطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه ‪ -‬يعني شللدقيه ‪ -‬يقللول‬
‫أنا ماُلك أنا كنزك "‪ 0‬الشجاع ‪ :‬ذكر الحيات‪ ،‬والقرع ‪ :‬الللذي‬
‫سمه ‪.‬‬
‫تمعط فروة رأسه لكثرة ُ‬
‫وقال تعالى ‪ } :‬والذين يكنزون الذهب والفضللة ول ينفقونهللا‬
‫في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم )‪ (34‬يللوم يحمللى عليهللا‬
‫في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هللذا مللا‬
‫كنزتم لنفسكم فللذوقوا مللا كنتللم تكنللزون { ] التوبللة ‪،34 :‬‬
‫‪. [35‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الللله عنلله أن النللبي‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪ " :‬ما من صاحب ذهللب ول فضللة‬
‫ل يؤدي حقها إل إذا كان يوم القيامة صفحت له صللفائح مللن‬
‫نار فأحمي عليها فللي نللار جهنللم ‪ ،‬فيكللوى بهللا جنبلله وجللبينه‬
‫وظهره ‪ ،‬كلما بردت ٌأعيدت في يللوم كلان مقللداره خمسللين‬
‫ألف سنة ‪ ،‬حتى يقضى بيللن العبللاد‪ ،‬فيللرى سللبيله‪ ،‬إمللا إلللى‬
‫الجنة وإما إلى النار " ‪0‬‬
‫وللزكاة فوائد دينية وخلقية واجتماعية كثيرة ‪ ،‬نذكر منهللا مللا‬
‫يأتي ‪:‬‬
‫فمن فوائدها الدينية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنها قيام بركن من أركان السلم الذي عليه مدار سعادة‬
‫العبد في دنياه وٌأخراه ‪0‬‬
‫‪ -2‬أنها ُتقرب العبد إلى ربله وتزيللد فللي إيمللانه ‪ ،‬شللأنها فللي‬
‫ذلك شأن جميع الطاعات ‪0‬‬
‫‪ -3‬ما يترتب على أدائها من الجر العظيم ‪ ،‬قال الله تعالى ‪:‬‬
‫} يمحق الله الربا ويربي الصدقات { ] سورة البقرة ‪276 :‬‬
‫[ وقال تعالى ‪ } :‬وما ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال النللاس‬
‫فل يربوا عند الله ومللا ءاتيتللم مللن زكللاة تريللدون وجلله الللله‬
‫فأولئك هم المضعفون { ] الروم ‪ 0 [ 39:‬وقال النبي صلى‬

‫‪938‬‬
‫الله عليه وسلم " من تصدق بعدل تمرة ‪ -‬أي ما يعادل تمرة‬
‫‪ -‬مللن كسللب طيللب ‪ ،‬ول يقبللل الللله إل الطيللب ‪ ،‬فللإن الللله‬
‫يأخذها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلللوه حللتى‬
‫تكون مثل الجبل " رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن الله يمحو بها الخطايا كما قال النبي صلللى الللله عليلله‬
‫وسلم " والصدقة تطفىء الخطيئة كمللا يطفىللء المللاء النللار‬
‫"‪.‬‬
‫والمراد بالصدقة هنا ‪ :‬الزكاة وصدقة التطوع جميعا ً ‪0‬‬
‫ومن فوائدها الخلقية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أنها تلحق المزكي بركب الكرماء ذوي السماحة والسخاء‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الزكاة تستوجب اتصللاف المزكللي بالرحمللة والعطللف‬
‫على إخوانه المعدمين ‪ ،‬والراحمون يرحمهم الله‬
‫‪ -3‬أنلله مللن المشللاهد أن بللذل النفللس المللالي والبللدني‬
‫للمسلمين يشرح الصدر ويبسللط النفللس ويللوجب أن يكللون‬
‫النسان محبوبا ً بحسب ما يبذل من النفع لخوانه ‪0‬‬
‫‪ -4‬إن في الزكاة تطهيرا ً لخلق باذلها من البخل والشح كما‬
‫قال تعلالى ‪ } :‬خلذ ملن أملوالهم صلدقة تطهرهلم وتزكيهلم‬
‫بها { ] التوبة ‪0 [ 103 :‬‬
‫ومن فوائدها الجتماعية ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن فيها دفعا ً لحاجة الفقللراء الللذين هللم السللواد العظللم‬
‫في غالب البلد ‪.‬‬
‫‪ -2‬أن في الزكاة تقوية للمسلمين ورفعا ً من شأنهم ‪ ،‬ولذلك‬
‫كان أحد جهات الزكاة الجهاد ُ في سبيل الله كما سنذكره إن‬
‫شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫‪ -3‬أن فيها إزالة للحقاد والضللغائن الللتي تكللون فللي صللدور‬
‫الفقللراء والمعللوزين ‪ ،‬فللإن الفقللراء إذا رأوا تمتللع الغنيللاء‬
‫بالموال وعدم انتفللاعهم بشلليء منهلا ‪ ،‬ل بقليللل ول بكللثير ‪،‬‬
‫فربما يحملون عداوة وحقدا ً عللى الغنيلاء حيلث للم يراعلوا‬
‫لهم حقوقا ً ‪ ،‬ولم يدفعوا لهم حاجة ‪ ،‬فإذا صرف الغنياء لهللم‬

‫‪939‬‬
‫شيئا ً من أمللوالهم علللى رأس كللل حللول زالللت هللذه المللور‬
‫وحصلت المودة والوئام ‪.‬‬
‫‪ -4‬أن فيهللا تنميللة للمللوال وتكللثيرا ً لبركتهللا ‪ ،‬كمللا جللاء فللي‬
‫الحديث عن النبي صلللى الللله عليلله وسلللم أنلله قللال ‪ " :‬مللا‬
‫نقصت صدقة مللن مللال " ‪ .‬أي ‪ :‬إن نقصللت الصللدقة المللال‬
‫عدديا فإنها لن تنقصه بركة وزيادة في المستقبل بللل يخلللف‬
‫الله بدلها ويبارك له في ماله ‪.‬‬
‫‪ -5‬أن له فيها توسعة وبسطا ً للموال فإن الموال إذا صرف‬
‫منهللا شلليء اتسللعت دائرتهللا وانتفللع بهللا كللثير مللن النللاس ‪،‬‬
‫بخلف إذا كانت دولللة بيللن الغنيللاء ل يحصللل الفقللراء علللى‬
‫شيء منها ‪.‬‬
‫فهللذه الفللوائد كلهللا فللي الزكللاة تللدل علللى أن الزكللاة أمللر‬
‫ضللروري لصلللح الفللرد والمجتمللع ‪ .‬وسللبحان الللله العليللم‬
‫الحكيم ‪.‬‬
‫والزكاة تجب في أمللوال مخصوصللة منهللا ‪ :‬الللذهب والفضللة‬
‫بشرط بلللوغ النصللاب ‪ ،‬وهللو فللي الللذهب أحللد عشللر جنيهللا‬
‫سعوديا وثلثة أسباع الجنيلله ‪ ،‬وفللي الفضللة سللتة وخمسللون‬
‫ريال ً سعوديا ً من الفضة أو ما يعادلهللا مللن الوراق النقديللة ‪،‬‬
‫والواجب فيها ربلع العشلر ‪ ،‬ول فلرق بيلن أن يكلون اللذهب‬
‫والفضة نقودا ً أم تبرا ً أم حليا ً ‪ ،‬وعلى هذا فتجب الزكللاة فللي‬
‫حلي المرأة من الللذهب والفضلة إذا بلللغ نصلابا ً ‪ ،‬وللو كلانت‬
‫تلبسه او تعيره ‪ ،‬لعموم الدلة الموجبة لزكاة الذهب والفضة‬
‫بدون تفصيل ‪ ،‬ولنه وردت أحاديث خاصة تدل علللى وجللوب‬
‫الزكاة في الحلي وإن كان يلبس ‪ ،‬مثل ما رواه عبللدالله بللن‬
‫عمرو بن العلاص رضلي اللله عنهملا ‪ :‬أن املرأة أتلت النلبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب فقال‬
‫‪ " :‬أتعطيللن زكللاة هللذا ؟ " قللالت ‪ :‬ل ‪ .‬قللال ‪ " :‬أيسللرك أن‬
‫يسورك الله بهما سوارين من نار ؟ " فألقتهما وقللالت‪ :‬همللا‬
‫لله ورسوله " ‪ .‬قال في بلوغ المرام ‪ :‬رواه الثلثللة وإسللناده‬
‫قوي ولنه أحوط وما كان أحوط فهو أولى ‪.‬‬

‫‪940‬‬
‫ومن الموال التي تجب فيها الزكاة ‪ :‬عروض التجارة ‪ ،‬وهللي‬
‫كل ما ٌأعد للتجارة من عقارات وسيارات ومواشي وأقمشللة‬
‫وغيرهللا مللن أصللناف المللال ‪ ،‬والللواجب فيهللا ربللع العشللر ‪،‬‬
‫فيقومها على رأس الحول بما تساوي ويخللرج ربللع عشللره ‪،‬‬
‫سواء كان أقل مما اشتراها به أم أكثر أم مساويا ً ‪ 0‬فأما مللا‬
‫أعده لحاجته أو تأجيره من العقارات والسلليارات والمعللدات‬
‫ونحوها فل زكاة فيه لقول النبي صلى الللله عليلله وسلللم ‪" :‬‬
‫ليللس علللى المسلللم فللي عبللده ول فرسلله صللدقة " ‪ -‬أهللل‬
‫الزكاة هم الجهات التي تصرف إليها الزكاة ‪ ،‬وقد تولى الللله‬
‫تعالى بيانها بنفسه فقال تعللالى ‪ } :‬إنمللا الصللدقات للفقللراء‬
‫والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلللوبهم وفللي الرقللاب‬
‫والغارمين وفي سبيل الللله وابللن السللبيل فريضللة مللن الللله‬
‫والله عليم حكيم { ] التوبة ‪0 [ 60 :‬‬
‫فهؤلء ثمانية أصناف ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬الفقراء وهم الللذين ل يجللدون مللن كفللايتهم إل شلليئا‬
‫قليل ً دون النصف ‪ ،‬فإذا كان النسان ل يجللد مللا ينفللق علللى‬
‫نفسه وعائلته نصف سنة فهو فقير فيعطى ما يكفيه وعائلته‬
‫سنة ‪.‬‬
‫الثاني ‪ :‬المساكين وهم الذين يجللدون مللن كفللايتهم النصللف‬
‫فأكثر ولكن ل يجللدون مللا يكفيهللم سللنة كاملللة فيكمللل لهللم‬
‫نفقة السنة ‪ 00‬وإذا كان الرجل ليس عنده نقود ولكن عنده‬
‫مورد آخر من حرفة أو راتب أو استغلل يقوم بكفللايته فللإنه‬
‫ل يعطى من الزكاة لقول النبي صلى الله عليه وسلللم ‪ " :‬ل‬
‫حظ فيها لغني ول لقوي مكتسب " ‪.‬‬
‫الثالث ‪ :‬العاملون عليهللا وهللم الللذين يللوكلهم الحللاكم العللام‬
‫للدولللة بجبايتهللا مللن أهلهللا ‪ ،‬وتصللريفها إلللى مسللتحقيها ‪،‬‬
‫وحفظها ‪ ،‬ونحو ذلك من الولية عليها ‪ ،‬فيعطون مللن الزكللاة‬
‫بقدر عملهم وإن كانوا أغنياء ‪.‬‬
‫الرابع ‪ :‬المؤلفة قلوبهم وهم رؤساء العشائر الذين ليس في‬
‫إيمانهم قوة ‪ ،‬فيعطون من الزكاة ليقلوى إيملانهم ‪ ،‬فيكونلوا‬

‫‪941‬‬
‫دعللاة للسلللم وقللدوة صللالحة ‪ ،‬وإن كللان النسللان ضللعيف‬
‫السلم ولكنه ليس من الرؤساء المطاعين بل هو من عامللة‬
‫الناس ‪ ،‬فهل يعطى من الزكاة ليقوى إيمانه ؟‬
‫يرى بعض العلماء أنه ُيعطى لن مصلللحة الللدين أعظللم مللن‬
‫مصلحة البدن ‪ ،‬وها هو إذا كللان فقيللرا ً يعطللى لغللذاء بللدنه ‪،‬‬
‫فغذاء قلبه باليمان أشد وأعظم نفعا ً ‪ ،‬ويللرى بعللض العلمللاء‬
‫أنه ل يعطى لن المصلللحة مللن قللوة إيمللانه مصلللحة فرديللة‬
‫خاصة به‪.‬‬
‫الخامس ‪ :‬الرقلاب ويلدخل فيهلا شلراء الرقيللق ملن الزكلاة‬
‫وإعتاقه ‪ ،‬ومعاونة المكاتبين وفك السرى من المسلمين ‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬الغارمون وهم المدينون إذا لم يكن لهم ما يمكن‬
‫أن يوفوا منه ديونهم ‪ ،‬فهؤلء يعطون مللا يوفللون بلله ديللونهم‬
‫قليلة كانت أم كثيرة ‪ 000‬وإن كانوا أغنياء من جهة القوت ‪،‬‬
‫فإذا قدر أن هناك رجل ً له مورد يكفي لقوته وقللوت عللائلته ‪،‬‬
‫إل أن عليه دينا ً ل يستطيع وفاءه ‪ ،‬فإنه ُيعطى من الزكاة مللا‬
‫يوفي به دينه ‪ ،‬ول يجوز أن يسقط الدين عللن مللدينه الفقيللر‬
‫وينويه من الزكاة ‪.‬‬
‫واختلف العلماء فيمللا إذا كللان المللدين والللدا ً أو ولللدا ً ‪ ،‬فهللل‬
‫يعطى من الزكاة لوفاء دينه؟ والصحيح الجواز ‪.‬‬
‫ويجوز لصاحب الزكاة أن يذهب إلى صللاحب الحللق ويعطيلله‬
‫حقه وإن لللم يعلللم المللدين بللذلك ‪ ،‬إذا كللان صللاحب الزكللاة‬
‫يعرف أن المدين ل يستطيع الوفاء ‪.‬‬
‫السابع ‪ :‬في سبيل الله وهو الجهاد في سللبيل الللله فيعطللى‬
‫المجاهدون من الزكاة ملا يكفيهلم لجهلادهم ‪ ،‬ويشلترى ملن‬
‫الزكاة آلت للجهاد في سبيل الله ‪.‬‬
‫م الشللرعي ‪ ،‬فيعطللى طللالب العلللم‬ ‫ومن سللبيل الللله ‪ :‬العلل ٌ‬
‫الشرعي ما يتمكن به من طلب العلم مللن الكتللب وغيرهللا ‪،‬‬
‫إل أن يكون له مال يمكنه من تحصيل ذلك به ‪.‬‬
‫الثامن ‪ :‬ابن السبيل وهو المسللافر الللذي انقطللع بلله السللفر‬
‫فيعطى من الزكاة ما يوصله لبلده ‪.‬‬

‫‪942‬‬
‫فهؤلء هم أهل الزكاة الذين ذكرهم الله تعللالى فللي كتللابه ‪،‬‬
‫وأخبر بأن ذلك فريضة منه صللادرة عللن علللم وحكمللة والللله‬
‫عليم حكيم ‪.‬‬
‫ول يجوز صرفها في غيرها كبناء المساجد وإصلللح الطللرق ‪،‬‬
‫لن الله ذكر مستحقيها على سللبيل الحصللر ‪ ،‬والحصللر يفيللد‬
‫نفي الحكم عن غير المحصور فيه ‪.‬‬
‫وإذا تأملنا هذه الجهات عرفنا أن منهم من يحتاج إلى الزكاة‬
‫بنفسه ومنهم من يحتاج المسلمون إليه ‪ ،‬وبهذا نعرف مللدى‬
‫الحكمة في إيجللاب الزكللاة ‪ ،‬وأن الحكمللة منلله بنللاء مجتمللع‬
‫صالح متكامل متكافئ بقدر المكان ‪ ،‬وأن السلم لم يهمللل‬
‫الموال ول المصالح التي يمكن أن تبنللى علللى المللال ‪ ،‬ولللم‬
‫شحها وهواهللا ‪،‬‬ ‫يترك للنفوس الجشعة الشحيحة الحرية في ُ‬
‫بل هو أعظم موجه للخير ومصلح للمم ‪.‬‬
‫والحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫===============‬
‫‪#‬هكذا كنا ‪ .....‬هكذا أصبحنا‬
‫د‪ .‬نهى قاطرجي‬
‫إذا كللانت قللراءة تاريللخ المللم والشللعوب مفيللدة مللن أجللل‬
‫الطلع على أخبارهم وأخذ العللبر منهللا‪ ،‬علللى اعتبللار المثللل‬
‫المعروف "التاريخ يعيد نفسه"‪ ،‬فإن قراءة التاريخ السلللمي‬
‫تفيد في استرجاع أسباب القوة المطلوبة لقيادة العلالم ملن‬
‫جديللد‪ ،‬وهللذا يتطلللب كمللا هللو معللروف امتلك الشللروط‬
‫الموضللوعية الللتي وضللعها الللله عللز وجللل فللي اطللار سللنن‬
‫ونواميس ثابتة ل تتغير ‪.‬‬
‫ومما يؤكد على أن السلم هو المؤهل لهذه المهمة أمللران‪:‬‬
‫الول صللراع الحضللارات الللتي رك ّللزت عليلله الللدول الغربيللة‬
‫مدركة من خلله أن السلم بما يمثله من تكامل ورقللي هللو‬
‫العللدو الوحيللد لهللا‪ ،‬والثللاني الفسللاد والعللدوان علللى النللاس‬
‫وعلى الموال والعراض الللتي انتهجتلله تلللك الللدول مطبقللة‬
‫سنة الفول التي جعلها الللله عقاب لا ً للمخللالفين ‪ ،‬قللال‬ ‫بذلك ل ُ‬

‫‪943‬‬
‫تعالى‪" :‬وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيهللا‬
‫فحق عليها القول فدمرناها تدميرا" ‪.‬‬
‫كد كثير من المفكريللن القللدامى والمحللدثين علللى‬ ‫هذا وقد أ ّ‬
‫حقيقللة هللذه السللنن‪ ،‬فقللال ابللن خلللدون فللي هللذا المجللال‪:‬‬
‫مِهللم ودمللائهم‬‫حُر ِ‬
‫"العللدوان علللى النللاس فللي أمللوالهم و َ‬
‫وأسرارهم وأعراضهم ‪ ...‬يفضي إللى الخللل والفسلاد دفعلة‬
‫واحللدة وتنتقللض الدولللة سللريعا ً بمللا ينشللأ عنلله مللن الهللرج‬
‫المفضي إلى النتفاض" ‪.‬‬
‫وقال المفكر الغربي "برتراند رسل" ‪ :‬إن بقاء السيادة إلللى‬
‫البللد ليللس قانون لا ً مللن قللوانين الطبيعللة واعتقللد أن الرجللل‬
‫البيض لن يلقى أيام لا ً رضللية كتلللك الللتي لقيهللا خلل أربعللة‬
‫قرون ‪.‬‬
‫من هنا فإن إجللراء مقارنللة بسلليطة بيللن ماضللي المسلللمين‬
‫وحاضرهم أمر ضروري من أجل ادراك سنن الللله عللز وجللل‬
‫فللي النصللر‪ ،‬والخلص مللن الثقافللة النهزاميللة الللتي تتهللم‬
‫السلم بالنقص والتخللف‪ ،‬بينملا الحقيقلة كملا قلال المفكلر‬
‫"محمد أسد" أن السلم كان وسلليبقى كللامل ً بنفسلله‪ ،‬إل أن‬
‫ل‪" ،‬هو إصلح موقفنللا مللن الللدين‪ ،‬لمعالجللة‬ ‫ما نحتاج إليه فع ً‬
‫كسلنا وغرورنا وقصر نظرنا وبكلمة واحدة‪ ،‬معالجة مسللاوئنا‬
‫نحن ل المساوئ المزعومة فللي السلللم‪ ،‬ولكللي نصللل إلللى‬
‫احياء أسلمي فإننا ل نحتاج إلى أن نبحث عن مبادئ جديللدة‬
‫في السلوك نأتي بها من الخللارج‪ ،‬إننللا نحتللاج فقللط إلللى أن‬
‫نرجللع إلللى تلللك المبللادئ القديمللة المهجللورة فنطبقهللا مللن‬
‫جديد" ‪.‬‬
‫ومللن الختلفللات الللتي يمكللن تسللجيلها بيللن مسلللمو اليللوم‬
‫ومسلمو المس ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬التمسك بالوحي اللهي‪ :‬الذي عنى به المسلللمون الوائل‬
‫كل ما جاء به الرسول صلللى الللله عليلله وسلللم عللن طريللق‬
‫الوحي‪ ،‬إن كان ما ورد في القرآن الكريم أو في سنة النللبي‬
‫محمد صلى الله عليه وسلللم القوليللة والفعليللة‪ ،‬والللتي بللذل‬

‫‪944‬‬
‫المسلمون من أجل حفظها من التحريللف والتللدليس الغللالي‬
‫والرخيص من المال والوقت والجهد‪ ،‬وأوجدوا لجلها العلللوم‬
‫الشرعية مثل علم مصطلح الحديث وعلم الجللرح والتعللديل‪،‬‬
‫كل هذا تطبيقا ً لشرع الله عللز وجللل الللذي أورد فللي محكللم‬
‫تنزيله ‪ " :‬ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا "‪.‬‬
‫وهللذه الوحللدة فللي مصللادر الشللريعة لللم تعجللب بعللض‬
‫المسللتغربين مللن أبنللاء المسلللمين اليللوم الللذين دعللوا إلللى‬
‫الفصل بين القرآن الكريم والسنة النبويللة الشللريفة فتقبلللوا‬
‫الول على أن يتعاملوا مع نصوصه معاملة تاريخية‪ ،‬ورفضللوا‬
‫الخللر بحجللة ضللعف الحللاديث والتشللكيك بالرجللال‪ ،‬يقللول‬
‫"جمال البنا" في هللذا المجللال‪ :‬إن النهللوض بالسلللم يكللون‬
‫بالعودة "إلى القرآن الكريم مباشللرة‪ ،‬دون تقي ّللد بتفسلليرات‬
‫سلنة بمعلايير ملن القلرآن إذ ثبلت أن‬ ‫سلرين‪ ،‬وضلبط ال ُ‬ ‫المف ّ‬
‫السند ل يمكن أن يكون معيارا ً لنه جزء مللن عمليللة الوضللع‬
‫التى فشت فى الحديث فلم يبللق إل الحتكللام إلللى القللرآن‪.‬‬
‫سنة مبينة للقرآن‪ ،‬فمن البديهى أنها تلتزم‬ ‫ولما كانت ال ُ‬
‫بالقرآن‪ .‬وأخيرا ً عدم اللتزام بالحكام الفقهيللة الللتى وضللعها‬
‫أئمة المذاهب الربعة أو غيرهم" ‪.‬‬
‫من هنا كانت الدعوة إلى فتح باب الجتهاد الللذي أرادوا مللن‬
‫وراءه إعادة قراءة النصوص القرآنية قراءة جديدة بعيدة عن‬
‫أدوات الجتهاد وهي العلللم بالكتللاب والسللنة واللغللة العربيللة‬
‫والجماع الذي يمثل هوية السلللم والمقاصللد الشلرعية مللن‬
‫حفظ للنفس والعقل والدين والعرض والمال ‪.‬‬
‫وكان من أهم الجتهادات المعاصرة التي خرجوا بها‪ :‬إشللاعة‬
‫الفكر العلمللاني الللذي ل يتعللارض مللع الللدين ‪،‬بزعمهللم‪ ،‬بللل‬
‫يتعارض مع تسييس اللدين‪ ،‬لن السللم للم يلرد للنبيلاء أن‬
‫يكونوا ملوكا ً أو مؤسسي دول وإنما أرادوهللم دعللاة‪ ،‬دورهللم‬
‫التبليغ ‪ ،‬وجردهم من كل سلطة ‪.‬‬

‫‪945‬‬
‫وكان منها أيضا ً اعطاء المرأة حريتها المزعومة‪ ،‬ومنع التعدد‬
‫الزوجات‪ ،‬ورفللض الحجللاب‪ ،‬وإباحللة الربللا‪ ،‬ووقللف عقوبللات‬
‫الجلد والصلب وقطع اليدين ‪.‬‬
‫‪ -2‬العللتزاز بالتاريللخ القيللادي‪ :‬الللذي يشللهد علللى تفللوق‬
‫المسلمين عسكريًا‪ ،‬ويشهد على ذلك انتصاراتهم وفتوحاتهم‬
‫التي وصلللت إلللى الحللدود الفرنسللية‪ ،‬وكللان مللن أبللرز هللذه‬
‫النتصارات‪ ،‬انتصارهم علللى البريطللانيين فللي الشللام وعلللى‬
‫القوط النصارى في الندلس‪ ،‬وعلى الصليبيين في فلسطين‬
‫والتي انتهت باستعادة القصى على يد صلح الدين ‪.‬‬
‫أما اليوم فلقد كان من نتائج اتفاق المم كلهللا علللى تقسلليم‬
‫التركللة العثمانيللة وتفللتيت المسلللمين إلللى دويلت صللغيرة‬
‫مستعمرة‪ ،‬أن نسي المسلمون تاريخهم ورجالهم‪ ،‬وافتخللروا‬
‫بلللدور المسلللتعمرين وبطلللولتهم‪ ،‬حلللتى أن أحلللدهم أشلللاد‬
‫بالمستعمر الفرنسللي "نللابليون" لمصللر والحملللة الفرنسللية‬
‫عليها التي أيقظتها وجعلتها ترى نفسها في مرآة الغرب ‪.‬‬
‫وكان من نتائجه أيضا ً وجود جيل من المسلللمين المشللككين‬
‫بصلحية السلم للحكم‪ ،‬فاعتبر أحدهم أن "صلللحية الغللرب‬
‫للحكم والقيادة‪ ،‬وتوجيه ركب الحضللارة حقيقللة ل ينبغللي أن‬
‫نكابر فيها‪ ،‬أو نتجاهلها‪ ،‬وأن انتصار الغرب على الشرق حكم‬
‫القدر‪ ،‬وناموس الكون‪ ،‬وتدرج التاريخ‪ ،‬ل فائدة من مللواجهته‬
‫ومقلللاومته‪،‬أو مقلللارعته بالحجلللة والبرهلللان ‪ ،‬أو بالسللليف‬
‫والسنان‪ ،‬ول بد لنا من الخضوع أمامه وقبوله على علته‪ ،‬إذا‬
‫كان له علت " ‪.‬‬
‫كما نصح الخر بعدم مقاوملة السللتعمار المريكلي‪ ،‬ووصللف‬
‫هذه المقاومة بأفضل وصفة للنتحار الجماعي وغير ذلك من‬
‫الطروحات النهزامية ‪.‬‬
‫دمت للمجتمللع البشللري‬ ‫‪ -3‬بناء الحضارة السلمية‪ :‬الللتي ق ل ّ‬
‫المللآثر والنجللازات والعلللوم‪ ،‬وهللذا بللاعتراف كللثير مللن‬
‫المفكرين والعلماء الغربييللن المنصللفين أمثللال المستشللرقة‬
‫"زنعريد هونكه" التي أّلفللت كتابهللا "شللمس العللرب تسللطع‬

‫‪946‬‬
‫على الغللرب"‪ ،‬و"جوسللتاف لوبللون" مؤلللف كتللاب "حضللارة‬
‫العرب" و"ول ديورت" مؤلف "قصة الحضللارة" الللذي قللال‪:‬‬
‫"إن "روجر بيكون" و"وينلو"‬
‫وغيرهما من الوروبيين بعد ثلثماية عام يعتمدون بحوث ابن‬
‫الهيثم لختراع المجهر المراقب"‪ ،‬وقال أيضًا‪":‬وأكبر ظننا أننا‬
‫لول ابن الهيثم لما سمع الناس قط بروجر بيكون" ‪.‬‬
‫هللذه الحضللارة العريقللة الللتي حللاول الوروبيللون طمسللها‬
‫وسللرقوا منهللا مئات الكتللب العلميللة العربيللة مللن العصللور‬
‫الوسطى بعد ترجمتها إلى لغاتهم‪ ،‬ونسبوها إلى علمللائهم أو‬
‫المترجمين منهم‪ ،‬كشف حقيقتها" الدكتور فؤاد سزكين خبير‬
‫التراث العربي والسلمي المعروف عن أكثر من مئة سرقة‬
‫كتاب علمي عربي مهللم وأرجعهللا إلللى المللؤلفين الحقيقييللن‬
‫من المسلمين"‪.‬‬
‫وفي العودة للسللباب الللتي سللاهمت فللي نجللاح المسلللمين‬
‫قديما ً في بناء الحضارة السلمية نجدها في كللونهم ربطوهللا‬
‫بالعقيدة السلمية‪ ،‬فإذا دققنا النظر وتعمقنا في دراسة هذه‬
‫الحضارة وجدنا شيئا ً واحدا ً يهيملن عليهلا الوصلول إللى اللله‬
‫ونيل رضاه‪ ،‬وما وظيفة النسان الولللى والخيللرة فللي هللذه‬
‫الحياة إل تحقيق هذا الهدف ‪.‬‬
‫حللم‪ ،‬يربطللون أسللباب‬ ‫بينمللا نجللد مسلللمو اليللوم‪ ،‬إل مللن ُر ِ‬
‫الحضلللارة بناطحلللات السلللحاب وبالختراعلللات التكنولجيلللة‬
‫والقمار الصلناعية ويروهلا أيضلا ً فلي حريلة مزعوملة‪ ،‬وفلي‬
‫أجساد عارية وثروات طائلة ‪.‬‬
‫إن الختلف بين نظللرة القللدامى والمحللدثين إلللى الحضللارة‬
‫تعود لختلفهم في مقاييس هللذه الحضللارة‪ ،‬فمقياسللها فللي‬
‫السلم "روح وقلللب ومقياسللها فللي الغللرب حديللد وصلللب‪،‬‬
‫ومقياسها في السلم مدى ايمللان الفللرد والجماعللة وكيفيللة‬
‫جهادهللا للرسللالة الللتي تحملهللا‪ ،‬والللدعوة الللتي تحضللنها‪،‬‬
‫ومقياسها في الغرب مدى مادية الفللرد والجماعللة ومسللتوى‬
‫غناهلللا ومنطقلللة نفوذهلللا وسللليطرتها وصللللحية اختللهلللا‬

‫‪947‬‬
‫واسللتغللها‪ ،‬مقياسللها فللي السلللم اليثللار وإنكللار الللذات‬
‫ومقاييسللها فللي الغللرب الثللرة وتعبللد الللذات‪ ،‬ومقايسللها ف‬
‫السلللم الللبر والمسللاواة ومقياسللها فللي الغللرب النانيللة‬
‫واللمبالة"‪.‬‬
‫أخيرا ً كثيرة جدا ً هي الفروقات بين مسلللمو اليللوم ومسلللمو‬
‫المس ول يمكن لحد الدعاء بأنه يمكن حصرها في عجالللة‪،‬‬
‫إل أن من أبرز هذه الفروقات وأهمها ‪:‬‬
‫‪ -‬تمسك المسلمون القدامى بفضيلة الجهاد التي عرفوا فيها‬
‫عزهم وعز أمتهم بينما صللار الجهللاد اليللوم فريضللة غائبللة أو‬
‫ممنوعللة أو مؤقتللة إلللى حيللن تحقيللق المكاسللب السياسللية‬
‫والمادية ‪.‬‬
‫‪ -‬تكاتف المسلمين وتعاونهم حتى كانوا كالبنيان المرصوص‪،‬‬
‫وكان ما يجمعهللم هللو أخللوة السلللم الللتي دعمهللا الرسللول‬
‫ضلها على أخوة الدم وكان يقللول "‬ ‫صلى الله عليه وسلم وف ّ‬
‫إنما المؤمنون اخوة" ‪ ،‬بينما نجللد أن الرابللط بيللن كللثير مللن‬
‫المسلمين اليوم هو أخوة الوطن والقومية والمذهبية ‪.‬‬
‫‪ -‬أمرهلللم بلللالمعروف ونهيهلللم علللن المنكلللر اللللذي فهمللله‬
‫المسلمون الوائل قوام الدين‪ ،‬والللذي تركلله مسلللمو اليللوم‬
‫تحت حجة الحرية الشخصية وترك التدخل بشللؤون الخريللن‬
‫حتى حدث ما حذر منه المام الغزالي عندما قللال‪ :‬إن قللوام‬
‫الدين بقيام المر بالمعروف والنهي عن المنكللر‪ ،‬ولللو طللوى‬
‫بسللاط الللدين واهمللل علملله لتعطلللت النبللوة ‪ ،‬ولضللمحلت‬
‫الديانة‪ ،‬وعمت الفترة‪ ،‬وفشت‬
‫الضللللة ‪ ،‬وشللاعت الجهالللة ‪ ،‬واستشللرى الفسللاد ‪ ،‬واتسللع‬
‫الخرق ‪ ،‬وخربت البلد‪ ،‬وهلك العباد‪ ،‬ولم يشعروا بللالهلك إل‬
‫يوم التناد" ‪.‬‬
‫إن ما ينقص المسلم اليوم من أجللل السللتفادة مللن تجللارب‬
‫الماضي وإحياء السلم من جديد أن يرفللع رأسلله عاليلا ً كمللا‬
‫قال "محمد أسد"‪ ،‬وعليه أن "يتحقق أنه متميز‪ ،‬وأنه مختلف‬
‫عن سائر الناس‪ ،‬وأن يكون عظيم الفخر لنه كذلك ‪ ،‬ويجب‬

‫‪948‬‬
‫عليه أن يكد ّ ليحتفظ بهذا الفارق‪ ،‬على أنه صللفة غاليللة‪ ،‬وأن‬
‫يعلم هذا الفارق على الناس بشجاعة بدل ً من أن يعتذر منه‪،‬‬
‫بينما هو يحاول أن يذوب في مناطق ثقافية أخرى" ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫الفهرس العام‬

‫‪949‬‬

You might also like