Professional Documents
Culture Documents
الباب الخامس
فتاوى وبحوث معاصرة حول الربا
وأحكامه
)(4
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
1
فعمل ً بللواجب النصللح لللله -عللز وجللل -ولكتللابه ولرسللوله
_صلللى الللله عليلله وسلللم_ ولئمللة المسلللمين وعللامتهم؛
أتللوجه ببعللض الوصللايا إلللى المسلللمين فللي كللل مكللان،
والدافع إلى توجيهها ما تمر به المة السلللمية اليللوم مللن
محنلللة عصللليبة وخطلللر داهلللم ملللن قبلللل أعلللداء المللللة
والمسلللمين بقيللادة طللاغوت العصللر المتغطللرس أمريكللا
وحلفائها ،والذين رموا المة المسلللمة عللن قللوس واحللدة
يريدون بها الشر ومزيدا ً من التفتت والتفللرق والنيللل مللن
دينها ودعاتها وثرواتها وتغريبها وإقصاء مللا بقللي فيهللا مللن
شرائع الدين وشعائره ،وهذا تأويل قوله _صلى الللله عليلله
وسلم_" :يوشك أن تداعى المم عليكم كما تداعى الكلللة
إلى قصعتها .قالوا :أمن قلللة نحللن يللومئذ .قللال :بللل أنتللم
يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السلليل ،ولينزعللن الللله مللن
صدور عدوكم المهابة منكم ،وليقذفن في قلوبكم الللوهن،
قالوا :وما الوهن يا رسول الله؟ قال :حب الدنيا وكراهيللة
الموت".
معاشر المسلمين:
لقد اقتضت حكمة الله -عز وجل -أن يوجللد الصللراع بيللن
الحق والباطل على هذه الرض منللذ أن ُأهبللط آدم _عليلله
السلم_ وإبليس اللعين إلى الرض إلى أن تقوم السللاعة،
وقد جعل الله ل -عز وجل -ل لهذا الصراع والمدافعة سننا ً
نديل ً وَل َل ْ ت الل ّلهِ ت َب ْل ِ سلن ّ ِجلد َ ل ِ ُ ن تَ ِ ثابتة ل تتغير ول تتبدل "فَل َ ْ
ل" )فللاطر :مللن اليللة .(43ول تظهللر وي ً ح ِت الل ّهِ ت َ ْ سن ّ ِجد َ ل ِ ُ تَ ِ
هذه السنن إل لمن تدبر كتللاب الللله -عللز وجللل -واهتللدى
ه
ك ل ِي َلد ّب ُّروا آي َللات ِ ِ مب َللاَر ٌ
ك ُ ب أ َن َْزل ْن َللاهُ إ ِل َي ْل َبنللوره وهللداه "ك ِت َللا ٌ
َ ُ
ص ،(29 :ومللن سللنن الللله -عللز ب" ) ّ وَل ِي َت َذ َك َّر أول ُللو اْلل ْب َللا ِ
وجل -في إهلكله للملم أو نجلاتهم فلي هلذا الصلراع؛ مللا
قصه الله _تعالى_ علينا في كتابه الكريم من إهلكه للمم
الكافرة وإنجائه لنبيللائه وأوليللائه الصللالحين ،حيللث يلفللت
الله -عز وجل -أنظار المؤمنين إلى سننه -عز وجل -في
م ن قَب ْل ِك ُل ْمل ْ ت ِ خل َل ْالهلك والنجاء ،بقللوله _تعللالى_" :قَ لد ْ َ
ف َ ض َفللان ْظ ُُروا ك َْيلل َ سلليروا ِفللي اْل َ
ة
عاقَِبلل ُ ن َ كللا َ ِ ر
ْ ن فَ ِ ُ سللن َ ٌ ُ
ن" )آل عمران .(137 :ومللن ذلللك قللوله _تعللالى_ ال ْ ُ
مك َذ ِّبي َ
2
بعد أن قلص علينلا قصلص بعلض أنبيلائه فلي سلورة هلود
كان من ال ُْقرون من قَبل ِك ُل ُ
ن ن ع َل ِ م أول ُللو ب َِقي ّلةٍ ي َن ْهَ لوْ َ ْ ُ ِ ِ ْ ْ ول َ َ ِ َ "فَل َ ْ
ال َْفساد في اْل َرض إّل قَِليل ً مم َ
نذي َ م َوات ّب َلعَ ال ّل ِ من ْهُ ل ْجي َْنا ِ ن أن ْ َ ِ ّ ْ ْ ِ ِ َ ِ ِ
ُ
ك ك ل ِي ُهِْللل َ ن َرّبلل َ كا َ ما َ ن وَ َ مي َ جرِ ِ م ْ كاُنوا ُ ما أت ْرُِفوا ِفيهِ وَ َ موا َ ظ َل َ ُ
َ
ن" )هود ،(117 ،116 :وقوله حو َ صل ِ ُ م َْ ال ُْقَرى ب ِظ ُل ْم ٍ وَأهْل َُها ُ
ك مغَيلرا ً ن ِعمل ً َ
مَهلا ة أن ْعَ َ ْ َ م َيل ُ ُ ّ ه لَ ْ ن الل ّ َ ك ب ِأ ّ _ -عز وجل " :_-ذ َل ِ َ
َ َ
م" ميعٌ عَِليل ٌ سل ِ ه َ ن الل ّل َ م وَأ ّ سه ِ ْ ما ب ِأن ُْف ِ حّتى ي ُغَي ُّروا َ عََلى قَوْم ٍ َ
)النفال.(53 :
يقول المام ابن كثير _رحمه الله تعالى_" :يخلبر _تعللالى_
عن تمام عدله وقسطه فللي حكملله بللأنه _تعللالى_ ل يغيللر
نعمة أنعمها على أحد إل بسبب ذنب ارتكبه" ا.هللل .ويقللول
المام ابن القيم _رحمه الله تعالى_ أيضا ً عنللد هللذه اليللة:
"فأخبر الله _تعالى_ أنه ل يغير النعمة التي أنعم بها علللى
أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه فيغيللر طاعللة الللله
بمعصيته ،وشكره بكفره وأسباب رضاه بأسللباب سللخطه،
غير عليه جزاًء وفاقًا ،وما ربك بظلم للعبيد ،فإن فإذا غَّير ّ
غّير المعصية بالطاعة غي ّللر الللله العقوبللة بالعافيللة ،والللذل
حّتى ي ُغَّيللُروا ما ب َِقوْم ٍ َ ه ل ي ُغَي ُّر َ ن الل ّ َ بالعز وقال _تعالى_" :إ ِ ّ
ما بأ َنُفسهم وإ َ َ
مللا ل َهُ ل ْ
م ه وَ َ مَرد ّ ل َ ُ سوءا ً َفل َ ه ب َِقوْم ٍ ُ ذا أَراد َ الل ّ ُ َ ِ ْ ِ ِ ْ َِ
ل" )الرعد :من الية .(11 ن َوا ٍ م ْ دون ِهِ ِ
ن ُ م ْ ِ
...فما زالت عن العبد نعمة إل بذنب ،وما حللت بله نقملة
إل بذنب ،كما قال علي بن أبي طالب _رضي الللله عنلله_:
"مللا نللزل بلء إل بللذنب ول رفللع إل بتوبللة" .وقللد قللال
َ َ
م ديك ُ ْ ت أي ْل ِ سلب َ ْ مللا ك َ َ صلليب َةٍ فَب ِ َ م ِ ن ُ مل ْ م ِ صللاب َك ُ ْما أ َ _تعالى_" :وَ َ
ر" ]الشورى ([30 :ا.هل )الجواب الكافي ص ن ك َِثي ٍ وَي َعُْفو عَ ْ
.(105
نحللن علللى خطللر وشلليك ول ينقللذنا منلله إل أن نفللر مللن
معصية الله إلى طاعته ،ومن أسباب سخطه إلللى أسللباب
رضاه فل نجاة لنا منه إل إليه _سبحانه_
وقال في موطن آخر " :ومن عقوباتهللا – أي :المعاصللي –
أنها تزيل النعم الحاضرة ،وتقطللع النعللم الواصلللة ،فتزيللل
الحاصل وتمنع الواصل ،فإن نعم الله مللا حفللظ موجودهللا
بمثل طاعته ،ول استجلب مفقدوها بمثل طاعته ،فللإن مللا
3
عنده ل ينال إل بطاعته ،وقللد جعللل الللله _سللبحانه_ لكللل
شيء سببا ً وآفة ،سببا ً يجلبه ،وآفة تبطللله ،فجعللل أسللباب
نعمه الجالبة لها طاعته ،وآفتها المانعة منها معصيته ،فللإذا
أراد حفظ نعمته على عبللده ألهمله رعايتهلا بطلاعته فيهلا،
وإذا أراد زوالها عنه خذله حتى عصاه بها.
ومن العجيب علم العبد بذلك مشاهدة في نفسلله وغيللره،
وسماعا ً لما غاب عنه من أخبار من أزيلت نعم الله عنهللم
بمعاصيه ،وهو مقيم على معصية الله ،كللأنه مسللتثنى مللن
هذه الجملة أو مخصوص من هذا العموم ،وكأن هذا المللر
جار على الناس ل عليه ،وواصل إلى الخلللق ل إليلله ،فللأي
جهل أبلغ من هذا؟ وأي ظلم للنفس فوق هذا فالحكم لله
العلي الكبير" ا.هل )الجواب الكافي ص( 145:
أيها المسلمون:
إن الله ل سبحانه وتعالى ل ليس بينه وبين أحللد مللن خلقلله
نسب إل طللاعته ،وسللننه _سللبحانه_ فللي المعرضللين عللن
طللاعته معروفللة ومطللردة ،قللال _تعللالى_" :وَل ََقلد ْ أ َهْل َك ْن َللا
ر" )القمللر ،(51:وقللال _سللبحانه_: ٍ مد ّك ِ
ن ُم ْل ِم فَهَ ْشَياعَك ُ ْ أَ ْ
خير من ُأول َئ ِك ُ َ َ
ر" )القمر: م ل َك ُ ْ
م ب ََراَءةٌ ِفي الّزب ُ ِ مأ ْْ م َ ٌْ ِ ْ "أك ُّفاُرك ُ ْ
،(43فما أهون الخلللق علللى الللله -عللز وجللل-إذا بللارزوه
بالمعصية .عن عبد الرحمللن بللن جللبير بللن نفيللر عللن أبيلله
قال :لما فتحت قبرص ٌفرق بين أهلها ،فبكى بعضهم إلللى
بعض .فرأيت أبا الدرداء جالسا ً وحده يبكي ،فقلت :يللا أبللا
الدرداء ما يبكيك في يللوم أعللز اللله فيلله السلللم وأهلله؟
فقال :ويحك يا جبير ،ما أهون الخلق على الله -عز وجللل
-إذا أضاعوا أمره :بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك،
تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى.
أيها المسلمون:
إن المللة تمللر بنازلللة عظيمللة وأيللام عصلليبة ،فهللي علللى
ضعفها وذلهللا ومهانتهللا ،قللد سلللط الللله _سللبحانه_ عليهللا
أعداءها من اليهود والصللليبيين والمنللافقين وأجلبللوا عليهللا
بخيلهم ورجلهم وطائراتهم وأساطيلهم .فهم من كل حدب
ينسلون ،وأحاطوا بهللا إحاطللة السللوار بالمعصللم يريللدونها
بغال ِ ٌ ه َ في دينها وثرواتها وتمزيق ما بقي من وحدتها "َوالل ّ ُ
4
ن" )يوسف :من الية مو َ س ل ي َعْل َ ُ ِ ن أ َك ْث ََر الّنا
مرِهِ وَل َك ِ ّ
َ
عََلى أ ْ
" ،(21ومللا ظ َل َمهللم الّللله ول َكلل َ
ن" )آل مللو َم ي َظ ْل ِ ُسللهُ ْ ن أن ُْف َ ُ َ ِ ْ َ ُ ُ َ َ
عمران :من الية .(117
وإن الناظر إلى هذه الحداث الجسيمة والنوازل العظيمللة
الللتي أحللاطت بالمسلللمين اليللوم ل يسللتغرب حللدوثها ول
يفاجأ بها حينما يعتصم بكتاب الله -عز وجل -وينطلق من
توجيهاته في ضوء سنن الللله -عللز وجللل -الللتي ل تتبللدل؛
والتي أشرنا إلى بعضها فيما سبق .ويكفللي أن ننظللر إلللى
أحوالنا ومدى قربها وبعدها عن الله -عز وجل -لنللدرك أن
سنة الله -عز وجل -في من أعرض عن طاعته وأمره قد
انعقدت أسللبابها علينللا ،إل أن يرحمنللا الللله _عللز وجللل _،
ويرزقنا التوبة والنابة والستكانة والتضرع إليه _سبحانه_.
يا معشر المسلمين:
إن الخطللب جللد خطيللر ،وإن عقللاب الللله -عللز وجللل -ل
يستدفع إل بتوبة وإنابة ،فالبدار البدار ،فإن أسباب العقوبة
قد انعقدت ،ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم ،ولقد
رفع الله -عز وجل -العذاب عن أمللة رأت بللوادره بتوبتهللا
وإيمانها ورجوعها إلى طاعة الللله -عللز وجللل -قللال الللله
م مان ُهَللا إ ِّل قَ لوْ َت فَن ََفعَهَللا ِإي َ من َ ْ
ةآ َ ت قَْري َ ٌ كان َ ْ ول َ _تعالى_" :فَل َ ْ
ة ي فِللي ال ْ َ
حي َللا ِ خ لْز ِ ب ال ْ ِ ذا َ م ع َل َ ش لْفَنا عَن ْهُ ل ْ مُنوا ك َ َ س لَ ّ
ما آ َ ُيون ُ َ
ن" )يونس.(98 : حي ٍم إ َِلى ِ مت ّعَْناهُ ْالد ّن َْيا وَ َ
إن أحوال المة وما حللل فيلله مللن معاصللي الللله _تعللالى_
ومساخطه لتنذر بالخطر ،فلقد ضل كثير مللن النللاس عللن
أصل هذا الدين وأساسه المتين أل وهو التوحيللد والمللوالة
والمعاداة فيه ،وأصبح الكفللرة المحللاربون يجوسللون خلل
الديار وتقدم لهم المعونات والتسهيلت لحرب المسلللمين
وأوذي أولياء الله ودعاته المصلحون مع أن في ذلك إيذانا ً
بالحرب من الله القللوي العزيللز ،حيللث جللاء فللي الحللديث
القدسي "من عادى لي وليا ً فقد آذنتلله بللالحرب" وضللرب
الشللرك الكللبر مللن دعللاء المللوات والسللحر والشللعوذة
بأطنابه في أكثر بلد المسلمين ،وأبعد شرع الله _تعللالى_
وحكمت قوانين البشر ،وتسللاهل كللثير مللن النللاس بشللأن
الصلة والزكاة وهما أعظم أركان السلم بعد الشهادتين،
5
ووقللع بعللض المسلللمين فللي عقللوق الوالللدين وقطيعللة
الرحام ،وظلم العبللاد وفشللا الربللا الخللبيث فللي معللاملت
كثيرة بين المسلمين ،ووقع بعض المسلللمين فللي تعللاطي
المسكرات والمخدرات ،وكثر الغش في المعاملت ،ووجد
بين المسؤولين من يبخس الناس حقوقهم ويأكل أملوالهم
بالباطل و يتعاطى الرشوة والتي لعن رسول الللله _صلللى
الله عليه وسلم_ السللاعي فيهللا ودافعهللا وآخللذها _ وكللثر
الفجللور فللي الخصللومات والللزور فللي الشللهادات ،وبعللض
النساء يتساهلن بالحجاب ،ويتبرجن بزينة الثيللاب ،وانتشللر
الزنا والخبث وكثرة وسللائله الخبيثللة المللاكرة مللن قنللوات
ومجلت خليعة تدعو إلى الفاحشللة وتحببهللا فللي النفللوس
وتزينهللا ،وامتلت بيللوت المسلللمين مللن الفضللائيات الللتي
تنشر العفللن والفسللاد ،ول حللول ول قللوة إل بللالله العلللي
العظيم.
ولما سألت أم المؤمنين زينللب بنللت جحللش _رضللي الللله
عنها_ رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ فقللالت :أنهلللك
وفينا الصالحون؟ قال لهللا رسللول الللله _صلللى الللله عليلله
وسلم_" :نعم إذا كثر الخبث" رواه البخاري ،وما أصدق ما
قاله ابن القيم _رحمه الله تعالى_ على واقعنا اليللوم وهللو
يصف زمانه ،فكيف لللو رأى زماننللا؟!! .قللال _رحملله الللله
تعالى_" :لما أعللرض النللاس عللن تحكيللم الكتللاب والسللنة
والمحاكمة إليهما ،واعتقدوا عدم الكتفاء بهما ،عرض لهم
من ذلك فساد في فطرهم ،وظلمة في قلوبهم ،وكدر في
أفهامهم ،ومحق في عقولهم ،وعمتهم هذه المور وغلبللت
عليهم حتى ربى عليها الصغير ،وهللرم عليهللا الكللبير .فلللم
يروها منكرًا ،فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البللدع مقللام
السنن والهوى مقام الرشد ،والضلل مقام الهدى والمنكر
مقللام المعللروف والجهللل مقللام العلللم ،والريللاء مقللام
الخلص ،والباطللل مقللام الحللق ،والكللذب مقللام الصللدق،
والمداهنة مقام النصيحة ،والظلللم مقللام العللدل ،فصللارت
الغلبللة لهللذه المللور .اقشللعرت الرض وأظلمللت السللماء
وظهر الفساد في البر والبحر مللن ظلللم الفجللرة ،وذهبللت
البركات وقلت الخيرات ،وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة
6
من فسق الظلملة وبكلى ضلوء النهلار وظلملة الليلل ملن
العمال الخبيثة والفعال الفظيعة ،وشكا الكرام الكللاتبون
والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكللرات
والقبائح ،وهذا والله منذر بسيل عذاب قللد انعقللد غمللامه،
ومؤذن بليل بلء قد ادلهم ظلمه ،فاعزلوا عن طريق هللذا
السبيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابهللا مفتللوح،
وكأنكم بالباب وقد أغلق ،وبالرهن وقد غلق ،وبالجناح وقد
علق "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبللون" ]الفللوائد
ص .[49
أيها المسلمون:
لقد ضرب الله -عز وجللل -لنللا فللي كتلابه الكريللم أمثللال ً
عظيمة لنتدبرها ونعقلها .قال الله _تعالى_" :وت ِل ْ َ َ
ل مَثا ُ ك اْل ْ َ
ن" )العنكبللوت.(43 : مو َ ما ي َعِْقل َُها إ ِّل ال ْعَللال ِ ُس وَ َ ضرِب َُها ِللّنا ِ نَ ْ
ولنستمع إلى هذا المثل الذي ضربه الله -عز وجللل -لمللن
كفر بأنعم الله -عز وجل -وعاقبة مللن وقللع فللي معاصلليه
ه ب الّللل ُ ضللَر َولنتدبره حق التدبر ،قال الله -عز وجل " :-وَ َ
ْ
ل ن ك ُل ّ مل ْ ة ي َأِتيهَللا رِْزقُهَللا َرغَللدا ً ِ مط ْ َ
مئ ِن ّ ً ة ُ من َ ً
تآ ِ ة َ
كان َ ْ مث َل ً قَْري َ ًَ
َ َ
جللوِع س ال ْ ُه ل َِبللا َذاقََهللا الّللل ُت ِبللأن ْعُم ِ الّلللهِ فَأ َ ن فَك ََفللَر ْ م َ
كللا ٍ َ
ن" )النحللل .(112 :فهللذا المثللل ص لن َُعو َ َ
ما كاُنوا ي َ ْ ف بِ َ خو ْ ِ ْ
َوال َ
وإن كان في أهل مكة الذين أشللركوا بللالله وكفللروا نعمللة
الللله _تعللالى_؛ إل أن العللبرة بعمللوم اللفللظ ل بخصللوص
السبب ،وهذا إنذار وتحذير للمم التي تعيش في رغد مللن
العيش وأمن وسكينة؛ أنها إن كفرت بنعمة الللله _تعللالى_
وقابلتها بالمعصية والعراض فإن الله -عز وجل -يسلللبها
نعمة المن والمعيشة ،ويذيقها مكان ذلك الجوع والخوف،
وخطر البتلء بالجوع والخوف ليس فللي ذاتهمللا فحسللب،
ولكن الخطر الحقيقي يكمن فيما يجرانه على الناس مللن
تنازلت رهيبة في الدين والعراض .فكم مللن تللارك لللدينه
ومرخص لعرضه دافعه إلى ذلللك الجللوع والخللوف _عيللاذا ً
بالله_.
وهذه سنة إلهية إذا انعقدت أسللبابها وقعللت بالنللاس ولت
حين مناص .وإن في التاريللخ لعللبرًا ،ويكفللي أن نتللذكر مللا
حللل بالمسلللمين فللي بغللداد سللنة 656هللل ،حينمللا اجتللاح
7
المغول التتر عاصمة السلم فللي ذلللك الللوقت ومللا جللرى
في هذا الهجوم من حوادث مريعة يقشعر لها جلد القللارئ
بعد هذه القلرون ،فكيللف بمللن عاناهلا واصللطلى بحرهللا!!
وقارنوا أحوالنا اليوم بحلال المسللمين فلي ذلللك الزملان،
أعني زمن دخول التتر إلى بغداد ،فهل نحن اليللوم أحسللن
حال ً منهم ،حتى ننجو من خطر العداء الللذين أحللاطوا بنللا
من كل جانب؟؟ والجواب البدهي :ل والله ،لسنا بأحسللن
حال ً منهللم ،فواقعنللا المعاصللر ل يقللارن فللي سللوئه بللذلك
العصر ،ومع ذلك سلللط الللله عليهللم الكفللرة المتوحشللون
الذين سفكوا الدماء وهتكللوا العللراض ،وأفسللدوا الحللرث
َ
م
س له ُ ْ م وَل َك ِل ْ
ن ك َللاُنوا أن ُْف َ ه ل ِي َظ ْل ِ َ
مه ُ ل ْ ن الل ّل ُ
مللا ك َللا َ
والنسللل "وَ َ
ن" )العنكبوت :من الية .(40 ي َظ ْل ِ ُ
مو َ
فيا أيها المسلمون بعامة:
نحللن علللى خطللر وشلليك ول ينقللذنا منلله إل أن نفللر مللن
معصية الله إلى طاعته ،ومن أسباب سخطه إلللى أسللباب
رضاه فل نجاة لنا منه إل إليه _سبحانه_.
أيها الب والراعي المهمل لبيته ورعيته:
اتق الله -عز وجل -ول نللؤتى مللن قبلللك ،تللب إلللى الللله
وأقلع عن مجاهرة لله -عز وجللل -بمعاصلليك ،واعلللم أن
وجود أجهزة اللهو والفساد من التلفاز والقنوات الفضللائية
والمجلت الخليعة هي من المعاصي العظيمة التي تسخط
رب العالمين ،فبادر إلى التوبللة منهللا وإخراجهللا مللن بيتللك
غير مأسوف عليها رجاء ثواب الله _تعالى_ وخوف عقابه،
مر أهلك بالصلة واصطبر عليها ،وكن قللدوتهم فللي ذلللك،
وحث أبناءك على أدائها في جماعة وتفقدهم عليها.
اتق الله في نسائك ومحارمك وأحسن إليهللن بكللل وجللوه
الحسان ،ومن أعظم ذلللك الحسللان إليهللن فللي تربيتهللن
وتأديبهن والحيلولة بينهن وبين ما حرم الللله -عللز وجللل -
عليهن ملن السلفور والتلبرج والختلط المحلرم بالجلانب
مللن خللدم وسللائقين وأقللارب مللن غيللر المحللارم ،وكللذا
إبعللادهن عمللا يفسللد دينهللن وأخلقهللن مللن أفلم سلليئة
وأغاني ماجنة وصواحب فاسقات.
أيها الباء المربون:
8
ربوا أبناءكم وطلبكم على الجد والجتهاد وأعدوهم للجهاد
فللي سللبيل الللله _تعللالى_ ،واربطللوهم بالهللداف العاليللة
النبيلة ول تعلقوهم بالتوافه من المور والهللداف الدنيويللة
الهابطة والحياة المترفة .أليس من المؤسف أل يوجد في
جو المنزل والمدرسللة – إل مللن رحللم الللله _تعللالى_ مللن
يقول للناشئة :إن أمتكم تنتظركم ،وإن لكم دورا ً في نشر
الخير والعلم والدعوة إلى التوحيللد وهدايللة النللاس _بللإذن
الله تعالى_ ،والجهاد في سبيله -عز وجللل ،-والللذود عللن
حمى المة وعقيدتها ،إن هذا ممللا ينبغللي أن يقللال لبنائنللا
فل تقصروا فلي هلذا اللواجب فلالخطب جسليم ،والخطلر
عظيم ،فالمة تحتاجكم في كل وقت واليوم هي في أشللد
الحاجة إليكم فل تخيبوا آمالها.
فأنت أيها الب الكريم ،وأنت أيها المدرس الناصح اللبيب،
وأنتم يا من ولكم الله مسللؤولية التربيللة ومناهجهللا اتقللوا
الللله فللي أبنللاء المسلللمين وأدوا الللواجب الللذي عليكللم؛
اغرسوا فللي قلللوب أبنللاء المللة كللل معللاني التوحيللد مللن
التوكللل علللى الللله -عللز وجللل -والتعلللق بلله _سللبحانه_
وموالة المؤمنين وبغض الكافرين ،واستثمروا هذه النازلة
في تقوية عقيللدة الللولء والللبراء وبيللان خطللر أعللداء الللله
وأهدافهم الحقيقية؛ يقول الشيخ محمللد بللن عبللد الوهللاب
_رحمه الله تعللالى_ " :إن الللواجب علللى الرجللل أن يعلللم
عياله وأهل بيته الحب في الله والبغض في الله ،والموالة
في الله والمعاداة فيه ،مثل تعليم الوضوء والصلة؛ لنه ل
صحة لسلم المرء إل بصللحة الصلللة؛ ول صللحة لسلللمه
أيضا ً إل بصحة الموالة والمعاداة في الله " ا.هل
معاشر الباء والمربين:
اغرسوا في قلللوب الناشللئة الشللجاعة والقللدام ،والجللرأة
عللللى العلللداء ،واغرسلللوا فلللي قللللوبهم حلللب الجهلللاد
والستشهاد في سبيل الله ،فالمة التي تربت على الجهاد
يخاف منها العداء وتصبح أمة قوية قاهرة ظاهرة ،وكونوا
قدوة صالحة لهم في كل ما توجهونهم إليه مللن الفضللائل.
علقللوا أبنللاء المللة بتللاريخهم المشللرق :تاريللخ الصللحابة
البطللال المجاهللدين الللذين رفعللوا رأس المللة ،علمللوهم
9
سيرة نبينا الكريم محمد _صلى الله عليلله وسلللم_ أعظللم
قائد عرفه التاريخ وأعظم شخصية عرفتها المم المسلمة
والكافرة ،والذي غير الله به مجرى التاريخ وأنقللذ بلله مللن
شاء من عباده من الظلمات إلى النور.
يا علماء المة ودعاتها:
إن أمتنا السلمية تمر هذه اليام بساعات حاسمة ونوازل
شديدة ومحن عظيمة لها ما بعدها ،إن المللة تنطلللق مللن
كلمتكم ومواقفكم التي تبينون فيهللا الحللق للنللاس ،فللأنتم
معقد المل فيها بعد الله -عز وجللل ،-وأنتللم الللذين ينيللر
الله بكم الطريق للناس إذا ادلهمت الخطوب ،وأنتم الذين
أخذ الله عليكم الميثاق لتبينن الحللق للنللاس ول تكتمللونه،
فمن للمة في هذه الفتن والنوازل والزمات ومن لهللا إذا
اختلطت عليها المور وكللثر التلللبيس والتللدليس مللن قبللل
أعدائها من الكفار والمنافقين .إنه ل ملجأ لها بعللد الللله إل
إليكم ،فاتقوا الله وكونوا مللع الصللادقين ،ول تللتركوا المللة
في حيرتها ول تسلموها لعدائها يسيرونها وفللق أهللوائهم،
خون ُللوا
وإن الله سائلكم عن علمكللم فيمللا عملتللم بلله "ل ت َ ُ
َ َ
ن" )النفللال: مللو َم ت َعْل َ ُم وَأن ْت ُل ْماَنات ِك ُ ْ
خوُنوا أ َ ل وَت َ ُسو َ ه َوالّر ُ الل ّ َ
من الية (27
يا علماءنا الجلء:
إن المة تحتللاج إلللى سللماع قللولكم فيمللن يظللاهر الكفللار
ويناصللرهم بنفسلله أو سلللحه أو مللاله أو رأيلله أو يسللهل
عليهللم أي أمللر يعينهللم علللى قتللال المسلللمين .إن المللة
محتاجة إلى سماع ملا كنتلم تقوللونه لطلبكلم فلي شلرح
كتب التوحيد واليمان وما يناقضلله ،فللإذا سللكتم فللي مثللل
هذه النوازل عن بيان أصل الللدين ومللا يهللدمه فمللن يللبينه
للناس؟ )حقا ً إن أمانة العلم عظيمة وخطيرة(.
كما أن المة تنتظر بيللانكم فلي كشللف أهلداف الصللليبيين
الحاقدين على السلم وأهله ،وأنهللم كمللا قللال الللله -عللز
ن
م ع َل ْ دوك ُل ْ
حت ّللى ي َُر ّم َ ن ي َُقللات ُِلون َك ُ ْوجل -عنهللمَ" :ول ي ََزال ُللو َ
عوا" )البقرة :من الية .(217 طا ُ ست َ َنا ْم إِ ِِدين ِك ُ ْ
فالكفللار ل تكفيهللم التنللازلت مهمللا كللثرت إل أن يرتللد
المسلللمون عللن دينهللم .فل تللتركوا أمللة السلللم للعلم
10
المضلل الفاسد الذي يبعد الناس عللن حقيقللة الكفللار فللي
حربهم ويحاول حصرها في أهللداف اقتصللادية أو يللردد مللا
يقوله الغلرب الكلافر بلأنهم يهلدفون إللى حلرب الرهلاب
وتخليص المنطقة من أسلحة الدمار الشامل!!.
يا دعاة المة من علماء ومتعلمين:
إن عليكم مسؤولية عظيمة فللي تثللبيت المللة _بللإذن الللله
تعللالى_ فللي مثللل هللذه الظللروف ،وإحيائهللا مللن سللباتها
واستثمار هذه الحداث الكبيرة في إيقاظها وتقوية إيمانهللا
وتوحيدها وولئها وبرائهللا والقضللاء علللى اليللأس والحبللاط
الللذي قللد يتسللرب إلللى بعللض النفللوس فللي مثللل هللذه
الظللروف ،والتأكيللد علللى أن النجللاة مللن الفتللن وتحقيللق
المن يكمن في قوة التوحيد وتخليصه من شوائب الشرك
ُْ م ي َل ْب ِ ُمُنوا وَل َ ْ قال الله _تعالى_" :ال ّ ِ
م ب ِظل لم ٍ
مان َهُ ْسوا ِإي َ نآ َ ذي َ
ن" )النعام .(82 :كمللا يكمللن دو َ مهْت َ ُم ُ ن وَهُ ْ م ُ
َ
م اْل ْ ك ل َهُ ُ ُأول َئ ِ َ
في قلوة التوكلل عللى اللله _تعلالى_ وإحسلان الظلن بله
ه" )الطلق: س لب ُ ُ ل عَل َللى الل ّلهِ فَهُ لوَ َ
ح ْ ن ي َت َوَك ّ ْم ْ _سبحانه_ "وَ َ
ن" )هود :من الية .(49 مت ِّقي َ ة ل ِل ْ ُ ن ال َْعاقِب َ َ من الية ،(3و "إ ِ ّ
يا دعاة المة والصلح:
َ
م" )النفللال :مللن اليللة ،(1 ت ب َي ْن ِك ُ ْ ذا َ حوا َ صل ِ ُه وَأ ْ "َفات ُّقوا الل ّ َ
م" )النفللال :مللن اليللة حك ُ ْ ب ِري ُ شُلوا وَت َذ ْهَ َ عوا فَت َْف َ "َول ت ََناَز ُ
،(46واعلمللوا أن مللن أخطللر الدواء وأفتللك المللراض
التفرق وبخاصة في مثل هذه الظروف العصيبة التي رمانا
فيهللا العللداء عللن قللوس واحللدة ،فمللا أشللد فللرح عللدونا
بخلفنا.
إنلله ل يجللوز بحللال أن نللوجه حرابنللا وخصللامنا إلللى بعللض
والعلللدو يسلللن سللللحه علينلللا جميعلللًا ،فاللللدعاة جميعلللا ً
مستهدفون من الغللرب الكللافر وأذنللابه ،ومللن العجللب أن
دعاة أهل السنة يتفقون في مواطن كثيرة والخلف بينهم
قليل ومع ذلللك يوقللف الشلليطان كللثيرا ً منهللم عنللد نقللاط
الخلف وينسيهم مللواطن التفللاق ،فلنتعللاون فيمللا اتفقنللا
عليه وهو كثير وأهمه التفاق على وجود الخطللر وضللرورة
مواجهته وما اختلفنا عليه من مسائل الجتهاديللة فليناصللح
بعضنا بعضا فيها.
11
معاشر المصلحين:
إنكم تمثلون – بإذن الله تعالى – صمام المان لهذه المة،
فبكم وبأمثالكم يدفع الله العقاب والعذاب عن العباد ،قال
ك ال ُْقلَرى ب ِظ ُْللم ٍ وَأ َهْل َُهلا ك ل ِي ُهِْلل َ ن َرّبل َكا َ ما َ الله _تعالى_" :وَ َ
ن" )هود.(117 : حو َ صل ِ ُ م ْ ُ
فكثفوا الدعوة والمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتربية
الناس على اليمان ونشر الخير ومحاربللة الفسللاد ودعللوة
الناس إلى التوبة الصادقة ،وكونللوا علللى يقظللة تامللة فللي
مثل هلذه الظلروف مملا يحيكله أعلداء الملة ملن الكفلار
وأوليائهم المنافقين في انتهازهم لوقات الفتللن وانشللغال
الناس ليمرروا وينفذوا مخططاتهم الفاسدة في مجتمعات
المسلمين وبخاصة فيما يتعلللق بللالمرأة وسللبل إفسللادها،
فهذه عادة المنافقين في كللل زمللان ومكللان ،وإنمللا ينجللم
نفللاقهم ويظهللر ويفتضللح خبثهللم أيللام الفتللن والنللوازل
والمحللن ،فكونللوا علللى حللذر واقطعللوا عليهللم الطريللق،
وافضللحوهم وعرفللوهم للنللاس حللتى ل ينخللدعوا بهللم،
فالمنافقون في كل زمان ومكللان أوليللاء للكفللار وبخاصللة
َ
نذي َ م ت َلَر إ ِل َللى اّلل ِاليهود والنصارى ،قال الله _تعلالى_" :أَلل ْ
خوان ِهم ال ّذين ك ََفروا م َ
ب ل َئ ِ ْ
ن ل ال ْك َِتللا ِن أه ْ ِ ِ ْ ُ ِ َ ن ِل ِ ْ َ ِ ُ َنافَُقوا ي َُقوُلو َ
َ خرج لن معك ُلم ول نطي لع فيك ُل َ أُ ْ
ن حللدا ً أب َللدا ً وَإ ِ ْ
مأ َ ْ ْ َ ُ ِ ُ ِ م ل َن َ ْ ُ َ ّ َ َ جت ُل ْخرِ ْ
ن" )الحشر.(11: كاذُِبو َ م لَ َ شهَد ُ إ ِن ّهُ ْه يَ ْ م َوالل ّ ُ م ل َن َن ْ ُ
صَرن ّك ُ ْ ُقوت ِل ْت ُ ْ
أيها المسلمون:
إن المرين بالمعروف والناهين عن المنكر هم خير وبركللة
على المة ،فبهم يفتح الللله الخيللر والبركللات علللى النللاس
وبهللم يللدفع الللله الشللرور عللن المللة ،وبهللم يرهللب الللله
العداء.
أل ما أشرف مهنتهم وما أكثر خيرهم وأثرهم على الناس،
فما أجدر المة أن تحبهم وتدعو لهم وتتعاون معهللم علللى
البر والتقوى وتكون معهم على أعدائهم وشانئيهم.
معاشر المسلمين:
إن أيللام الفتللن والنللوازل مظنللة لمزلللة القللدام وضلللل
الفهام وتحير العقول ،وإن من أعظم ما يتسلللح بلله أمللام
هذه الفتن:
12
-1دعللاء الللله -عللز وجللل -والتضللرع إليلله :قللال الللله
ْ
عوا" )النعللام :مللن ضلّر ُ سلَنا ت َ َم ب َأ ُ جللاَءهُ ْ _تعالى_" :فَل َ ْ
ول إ ِذ ْ َ
الية .(43
فالللدعاء سلللح عظيللم تسلللح بلله النبيللاء _عليهللم الصلللة
والسلم_ وأتباعهم من الصالحين ،فلنجهد فيه للنفس.
للمسلمين وعلى الكافرين ،وليحث النللاس عليلله وبخاصللة
كبار السن من الصالحين
قال رسول الله _صلى الله عليه وسلللم_" :هللل تنصللرون
وترزقون إل بضعفائكم" رواه البخاري.
-2العلللم بالشللرع والبصلليرة فللي الللدين :فبللالعلم تللدفع
الشلللبهات ويلللزول اللبلللس ،ول يتعلللرض العبلللد لخلللداع
المضللين ،فإن لم يكن لدى المسلم علم يكفي فللالمتعين
عليه سؤال العلماء الربانيين الذين يجمعون بين
العلللم والتقللوى والللوعي بسللبيل المجرميللن ،فبهللم تللدفع
الشبهات ويميز الله بهم الحق من الباطل.
-3الجتهاد في العبادات :ففي ذلك تثللبيت للعبللد وتوفيللق
له إلى الصواب والحفظ من الفتن بخلف الغافل المقصر
فإنه يخشى عليه أن تزل قللدمه .قللال الللله -عللز وجللل :-
شد ّ ت َث ِْبيتا ًم وَأ َ َ
خْيرا ً ل َهُ ْ ن َ ن ب ِهِ ل َ َ
كا َ ظو َ ما ُيوعَ ُ م فَعَُلوا َ
َ
"وَل َوْ أن ّهُ ْ
ص لَراطا ً َ
م ِ ظيم لا ً وَل َهَ لد َي َْناهُ ْجللرا ً عَ ِ ن ل َلد ُّنا أ ْمل ْ
م ِ وَِإذا ً َلت َي ْن َللاهُ ْ
ست َِقيمًا" )النساء.(68-66 : م ْ ُ
وقال رسول الله _صلى الله عليلله وسلللم_" :احفللظ الللله
ل ،قللال يحفظك" ،كما أن للعبادة وقلت الفتللن شللأنا ً وفضل ً
رسول الله _صلى الله عليه وسلم_" :بادروا بالعمال فتنا ً
كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ً ويمسي كللافرا ً أو
يمسي مؤمنا ً ويصبح كللافرا ً يللبيع دينلله بعللرض مللن الللدنيا"
رواه مسلم .وقال _صلى الله عليه وسلم_" :عبللادة فللي
الهللرج كهجللرة إلللي" رواه مسلللم وأحمللد ولفظلله عنللده
"العبادة في الفتنة كهجرة إلللي" قللال ابللن رجللب _رحملله
الله تعالى_ في شرحه لهذا الحديث في لطائف المعللارف
)وسبب ذلك أن الناس في زمللن الفتنللة يتبعللون أهللواءهم
فل يرجعون إلى دين ،فيكون حالهم شبيها ً بحال الجاهليللة،
فإذا انفرد من بينهم مللن يتمسللك بللدينه ويعبللد ربلله ويتبللع
13
مراضيه ويجتنب مساخطه ،كان بمنزلة من هاجر من بيللن
أهل الجاهلية إلى رسول الله _صلى الله عليلله وسلللم_" ا
هل.
-4الحذر الحذر من العجلة والتسللرع أيللام الفتللن ،ولللزوم
التؤدة في جميع المللور ،فللالتؤدة خيللر كلهللا إل فللي أمللور
الخرة؛ وتتأكد في النوازل والفتن ،فكم هللم الللذين أقللروا
بندمهم على تسرعهم وتعجلهم في أمر كان لهم فيه أنللاة
ولكن حين ل ينفع الندم ،وممللا يعيللن علللى التللؤدة والنللاة
كللثرة المشللاورة لهللل العلللم الناصللحين وأهللل الللوعي
والتجربة ،وعدم النفراد بالرأي في اتخاذ الموقللف ،وممللا
له علقة بالعجلة أيام الفتن تطبيق أحاديث الفتن الللواردة
في آخر الزمان على واقع قائم أو نازلة تحللل بالمسلللمين
فإنه يحلو لبعض الناس المتعجلين مراجعة أحللاديث النللبي
_صلى الله عليه وسلللم_ فللي الفتللن وتنزيلهللا علللى واقللع
قائم وهذا خطأ وتعجل ل يحمد عقباه ،كمثل ظللن بعضللهم
أن المهدي هو رجل من هذا الزمان سموه وعينوه ورتبللوا
على ذلك أفعال ً وأحكاما وكمللا فسللر بعضللهم قللول النللبي
_صلى الله عليه وسلم_" :إن الفتنة في آخر الزمان تكون
من تحت رجل من أهل بيتي" بأنه فلن بن فلن أو القللول
بأن تفسير حديث النبي _صلى الله عليلله وسلللم_ "يكللون
بينكم وبيللن الللروم صلللح آمللن "...إلللى آخللر مللا جللاء فللي
الحديث من أخبار وأحداث هو ما يحصل فللي زماننللا وهللذا
التطللبيق لحللاديث الفتللن علللى الواقللع وبللث ذلللك فللي
المسلمين قبل حصول موجبات القطللع واليقيللن بلله ليللس
من منهج أهل السللنة والجماعللة فللإن السلللف علمونللا أن
أحاديث الفتن ل تنزل على واقع حاضر ،وإنما يظهر صللدق
النبي _صلى الله عليه وسلللم_ بمللا أخللبر بلله مللن حللدوث
الفتللن بعللد حللدوثها وانقضللائها .وأهللل السللنة والجماعللة
يذكرون الفتن وأحاديثها محذرين منها مباعدين للمسلمين
عن غشيانها أو القتراب منها ،وشبيه بالعجلة فللي تفسللير
أحللاديث الفتللن العجلللة فللي تأويللل الللرؤى والتعلللق بهللا
والنطلق منها في اتخاذ المواقف والقيام بأعمال خطيللرة
14
بناء على الرؤى وهذا قد يكون من كيد الشليطان ومكلره،
فالصادق من الرؤى يستبشر به ول يعول عليه.
15
الشيطان ،وأعوذ بالله أن يكلني إلللى نفسللي أو إلللى أحللد
من خلقه طرفة عين .
والحمد لله رب العالمين ،وصلى الللله علللى خللاتم النبيللاء
والمرسلين وعلى آله وصحبه وملن سلار عللى هلديه إللى
يوم الدين.
الحداث المعاصرة في ضوء السنن الربانية 2/2
الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل
11/1/1426
ارسل تعليقك …
تعليقات سابقة …
ارسل الصفحة …
الى مشرف النافذة …
طباعة …
الحمد لله رب العالمين ،وصلللى الللله وسلللم وبللارك علللى
رسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
سيُروا ِفللي ن فَ ِ سن َ ٌ
م ُ ن قَب ْل ِك ُ ْم ْ ت ِ خل َ ْقال الله _تعالى_" :قَد ْ َ
َْ
ن" )آل عمللران: مك َلذ ِّبي َ ة ال ْ ُ عاقِب َل ُن َ كا َف َ ض َفان ْظ ُُروا ك َي ْ َ الْر ِ
.(137
ت الل ّهِ ت َب ْ ِ َ
ديل ً سن ّ ِجد َ ل ِ ُن تَ ِ ن فَل َ ْ ت اْلوِّلي َ سن ّ َ ن إ ِّل ُل ي َن ْظ ُُرو َ "فَهَ ْ
ل" )فاطر :من الية .(43 وي ً ح ِ ت الل ّهِ ت َ ْ
سن ّ ِجد َ ل ِ ُ وَل َ ْ
ن تَ ِ
واليات من كتللاب الللله _عللز وجللل_ فللي ذكللر مثللل هللذه
السنن الربانية كثيرة جدا ً وبخاصة عند التقللديم والتعقيللب
على قصص النبياء _عليهم الصلة والسلم_ مع أقللوامهم،
وإنه لمن الواجب على دعاة الحق و المجاهدين في سبيل
الله _تعالى_ أن يقفوا طويل ً مع كتاب الله _عز وجل_ وما
تضمن من الهدى والنور ومن ذلك ما تضللمنه مللن السللنن
الربانيللة المسللتوحاة مللن دعللوة النبيللاء _عليهللم الصلللة
والسلم_؛ وذلك لن في معرفتها والسير على هداها أخللذ
بأسباب النصر والتمكين والفلح ،ونجاة مما وقع فيه الغير
مللن تخبللط وشللقاء وفلي الغفللة عنهللا تفريللط فلي الخللذ
بأسباب النجاة وإعراض عن هدي النبيللاء _عليهللم الصلللة
والسلم_ في الللدعوة إلللى الللله _عللز وجللل_ ،الللذين هللم
أعرف الناس بالله _سبحانه_ ،وبأسمائه وصفاته ،وبالتللالي
16
فهم أعرف بسلننه _سللبحانه_ وعللاداته وأيلامه وهلم أللزم
الناس لها وللسير على ضوئها،وما ضل من ضل إل بسبب
العراض عن كتاب الله _عز وجللل_ ومللا فيلله مللن الهللدي
والنور ،يقول الدكتور محمد السلمي _حفظه الله_:
"التاريخ بمللا يحتللوي مللن الحللوادث المتشللابهة والمواقللف
المتماثلة يساعد على كشف هذه السللنن الللتي هللي غايللة
في الدقة والعدل والثبللات ،وفللي إدراكنللا للسللنن الربانيللة
فوائد عظيمة حتى لو لم نقدر على تفادي حدوثها والنجللاة
منهللا ،حيللث يعطينللا هللذا الدراك والمعرفللة صلللبة فللي
الموقف ،بخلف مللن يجهللل مصللدر الحللداث؛ فللإن الللذي
يعلم تكون لديه بصيرة وطمأنينة ،أما الللذي يجهللل فليللس
لديه إل الحيرة والخوف والقلق" ا.هل).منهج كتابللة التاريللخ
السلمي ص .(60
وليس المقصود هنا التفصيل في موضوع السللنن الربانيللة
فهذا له مقام آخللر ،وإنمللا المقصللود هللو الستضللاءة بهللذه
السنن في الوصول إلى الموقف الحق الللذي نحسللب أنلله
يرضي الله _عز وجل_ وذلك في الحللداث السللاخنة الللتي
تدور رحاها في العراق وفلسطين وأفغانستان ،والشيشان
وما صاحبها من فتن ومواقف ،وسأقتصر علللى ذكللر ثلث
من هذه السنن التي رأيت أن لها مساس لا ً بهللذه الحللداث
المعاصرة:
السنة الولى :سنة المدافعة والصراع بين الحق والباطل.
السنة الثانية :سنة البتلء والتمحيص.
السنة الثالثة :سنة الملء والستدراج.
السنة الولى :سنة المدافعة والصراع بين الحق والباطل:
مض له ُ ْس ب َعْ َ ول د َفْ لعُ الل ّلهِ الن ّللا َ يقول الله _عللز وجللل_" :وَل َل ْ
ل عََلى ال َْعللال َ ِ َ
ن" مي َ ض ٍذو فَ ْ ه ُ ن الل ّ َ ض وَل َك ِ ّ
ت اْلْر ُ سد َ ِض ل ََف َ ب ِب َعْ ٍ
)البقرة :من الية .(251
م ض له ُ ْس ب َعْ َ ول د َفْ لعُ الل ّلهِ الن ّللا َ ويقول _تبارك وتعالى_ " :وَل َ ْ
جد ُ ي ُلذ ْك َُر ِفيهَللا سللا ِم َت وَ َ وا ٌ ص لل َ َ
معُ وَب ِي َعٌ وَ َ وا ِ ص َت َ م ْض ل َهُد ّ َب ِب َعْ ٍ
ه ل ََق لوِ ّ
ي ن الل ّل َ
ص لُرهُ إ ِ ّن ي َن ْ ُمل ْ ه َ ن الل ّل ُ م الل ّهِ ك َِثيرا ً وَل َي َن ْ ُ
صَر ّ س ُا ْ
زيٌز" )الحج :من الية .(40 عَ ِ
17
شعي؛ أن رسللول الللله _صلللى مجا ِ وعن عياض بن حمار ال ُ
الله عليه وسلم_ قال ذات يوم فللي خطبتلله" :أل إن ربللي
أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمنللي يللومي هللذا؛ كللل
مال نحلته عبدا ً حلل ،وإنللي خلقللت عبللادي حنفللاء كلهللم،
وإنهللم أتتهللم الشللياطين فاجتللالتهم عللن دينهللم ،وحرمللت
عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لللم أنللزل
به سلطانًا ،وإن الله نظر إلى أهل الرض فمقتهم عربهللم
وعجمهللم إل بقايللا مللن أهللل الكتللاب ،وقللال :إنمللا بعثتللك
لبتليك وابتلللى بللك ،وأنزلللت عليللك كتاب لا ً ل يغسللله المللاء
تقرؤه نائما ً ويقظللان ،وإن الللله أمرنللي أن أحللرق قريش لا ً
فقللللت:رب إذن يثلغلللوا رأسلللي فيلللدعوه خلللبزةً قلللال:
اسللتخرجهم كمللا اسللتخرجوك ،واغزهللم نغللرك ،وأنفللق
فسننفق عليك ،وابعث جيشلا ً نبعللث خمسللة مثللله ،وقاتللل
بمن أطاعك من عصاك" الحديث).(1
ففي هاتين اليتين والحديث القدسي أبللغ دليلل عللى أنله
منللذ أن اجتللالت الشللياطين بنللي آدم عللن دينهللم وظهللر
الشللرك والكفللر وظهللر تحريللم الحلل وتحليللل الحللرام
والصراع حتمي بين الحق وأهله من جهللة والباطللل وأهللله
من جهة أخرى؛ هذه سنة إلهيللة ل تتخلللف ووقللائع التاريللخ
القديم والحديث تشللهد علللى ذلللك وهللذه المدافعللة وهللذا
الصراع بين الحق والباطل إن هو إل مقتضللى رحمللة الللله
وفضله ،وهو لصالح البشرية وإنقاذها من فساد المبطلين؛
ولللذلك ختللم الللله _عللز وجللل_ آيللة المدافعللة فللي سللورة
ل عََلللى ضلل ٍذو فَ ْ ه ُن الّللل َ البقللرة ،بقللوله _سللبحانه_" :وَل َ ِ
كلل ّ
ن" )البقرة :من الية .(251حيث لم يجعل الباطللل مي َال َْعال َ ِ
وأهللله ينفللردون بالنللاس بللل قيللض الللله للله الحللق وأهللله
ف ل ن َْقلذِ ُيدمغونه حلتى يزهلق فلالله _تعلالى_ يقلولَ " :بل ْ
ما م ّ م ال ْوَي ْ ُ
ل ِ ذا هُوَ َزاهِقٌ وَل َك ُ ُ ه فَإ ِ َ حقّ عََلى ال َْباط ِ ِ
ل فَي َد ْ َ
مغ ُ ُ ِبال ْ َ
ن" )النبياء.(18: صُفو َ تَ ِ
إن الذين يطمعللون فللي الصلللح ودرء الفسللاد عللن المللة
بدون هذه السنة – أعني سنة المدافعة مع الباطللل وأهللل
الفساد – إنهم يتنكبون منهج النبياء في الللدعوة إلللى الللله
_عز وجل_ الذي ارتضاه واختاره لهم ،وإن الللذين يللؤثرون
18
السلمة والخوف من عنللاء المدافعللة مللع الفسللاد وأهللله،
إنهم بهذا التصرف ل يسلللمون مللن العنللاء والمشللقة ،بللل
إنهم يقعون في مشللقة أعظللم وعنللاء أكللبر يقاسللونه فللي
دينهم ،وأنفسهم ،وأعراضهم ،وأموالهم ،وهذه هي ضللريبة
القعود عن مدافعة الباطل ،وإيثار الحياة الدنيا.
يقول سيد قطب _رحمه الله تعالى_" :إن تكاليف الخروج
من العبودية للطاغوت والدينونة لله وحده – مهما عظمت
وشقت – أقل وأهون من تكللاليف التبعيللة للطللواغيت! إن
تكللاليف التبعيللة للطللواغيت فاحشللة مهمللا لح فيهللا مللن
السلمة والمن والطمأنينة على الحياة والمقللام والللرزق!
إنهللا تكللاليف بطيئة طويلللة مديللدة! تكللاليف فللي إنسللانية
النسللان ذاتلله) .فهللذه النسللانية( ل توجللد والنسللان عبللد
للنسان وأي عبودية شر من خضوع النسان لمللا يشللرعه
له إنسان؟! وأي عبودية شر من تعلق قلب إنسان بللإرادة
إنسان آخر به ورضللاه أو غضللبه عليلله؟! وأي عبوديللة شللر
من أن تتعلق مصللائر إنسللان بهللوى إنسللان مثللله ورغبللاته
وشهواته؟! وأي عبودية شر من أن يكون للنسللان خطللام
أو لجام يقوده منه كيفما شاء إنسان؟!
على أن المر ل يقف عند حد هللذه المعللاني الرفيعللة .إنلله
يهبط ويهبط حتى يكلف النللاس – فللي حكللم الطللواغيت –
أمللوالهم الللتي ل يحميهللا شللرع ول يحوطهللا سللياج ،كمللا
يكلفهم أولدهم؛ إذ ينشئهم الطللاغوت كمللا شللاء علللى مللا
شلللاء ملللن التصلللورات والفكلللار والمفهوملللات والخلق
والتقاليد والعللادات ،فللوق مللا يتحكللم فللي أرواحهللم وفللي
حيللاتهم ذاتهللا ،فيللذبحهم علللى مذبللح هللواه ،ويقيللم مللن
جماجمهم وأشلئهم أعلم المجد لذاته والجاه! ثم يكلفهللم
أعراضهم في النهاية؛ حيث ل يملك أب أن يمنع فتاته مللن
الللدعارة الللتي يريللدها بهللا الطللواغيت ،سللواء فللي صللورة
الغصب المباشر – كما يقع على نطللاق واسللع علللى مللدار
التاريخ -أو في صورة تنشللئتهن علللى تصللورات ومفللاهيم
تجعلهن نهبا ً مباحا ً للشهوات تحت أي شللعار! وتمهللد لهللن
الدعارة والفجور تحت أي ستار .والللذي يتصللور أنلله ينجللو
بماله وعرضه وحياته وحياة أبنائه في حكم الطواغيت مللن
19
دون الله ،إنما يعيش في وهم أو يفقد الحساس بالواقع!(
ا.هل).(2
والمدافعة بين الحق والباطل تأخذ صللورا ً متعللددة :فبيللان
الحق وإزالة الشبه ورفع اللبس عن الحق وأهلله مدافعلة،
والمر بالمعروف والنهي عن المنكر مدافعة ،وبيان سللبيل
المؤمنين وسبيل المجرمين مدافعة ،والصبر والثبات علللى
ابتلء العداء من الكفرة والظلمة مدافعللة ،ويللأتي الجهللاد
والقتال في سبيل الله _عز وجل_ علللى رأس وذروة هللذا
المدافعات لكف شر الكفار وفسادهم عن ديار المسلمين
ودينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم.
يقللول شلليخ السلللم ابللن تيميللة _رحملله الللله تعللالى_:
"والجهاد :منه ما هو باليللد ومنلله مللا هللو بللالقلب والللدعوة
والحجة والبيان والرأي والتدبير والصناعة فيجب بغايللة مللا
يمكنه").(3
واليوم لم يعد خافيا ً على كل مسلم ما تتعللرض للله بلللدان
المسلمين قاطبللة مللن غللزو سللافر وحللرب شرسللة علللى
مختلف الصعدة ،وذلك من قبل أعدائها الكفرة ،وأذنللابهم
المنللافقين؛ فعلللى الصللعيد العسللكري تللرزح بعللض بلللدان
المسلللمين تحللت الحتلل العسللكري لجيللوش الكفللرة
المعتدين التي غزت أهل هذه البلدان في عقر دارهم كمللا
هي الحال في أفغانستان والشيشان والعللراق وفلسللطين
وكشللمير ،وعلللى صللعيد الحللرب علللى الللدين والخلق
والعلم والتعليللم والقتصللاد لللم يسلللم بلللد مللن بلللدان
المسلمين من ذلك.
وكما هو مقرر عند أهل العلم أن جهاد الكفار يصبح متعينا ً
على أهل كل بلد عند ما يغزون فللي عقللر دارهللم ،ويجللب
على كل قادر أن ينفر لصللد العللدوان وقتللال الكفللار حللتى
يجلوا عن أرض المسلمين ،والجهاد في هذه البلدان يكون
بالنفس والمال ول يشترط له شرط كما أوضح ذلك شلليخ
السلم ابن تيمية _رحمه الله تعالى_ بقللوله" :وأمللا قتللال
الدفع فهو أشد أنللواع دفللع الصللائل عللن الحرمللة والللدين،
فواجب إجماعًا؛ فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ل
شيء أوجب بعد اليمان من دفعه ،فل يشللترط للله شللرط
20
بل يدفع بحسب المكللان ،وقللد نللص علللى ذلللك العلمللاء :
أصحابنا وغيرهم ،فيجب التفريق بين دفع الصللائل الظللالم
الكافر وبين طلبه في بلده").(4
ويجب على بقية بلدان المسلمين أن ينصروا إخوانهم فللي
بلللدانهم المغللزوة بللأن يمللدوهم بالمللال والسلللح والبيللان
والدعاء ،وإذا لم يكف المقاتلون في البلللد المعتللدى عليلله
في صد العدوان وجب على البلد المجاورة لهم أن تمدهم
بالرجال والمال حتى يكتفوا كما قللرر ذلللك شلليخ السلللم
ابن تيميللة _رحملله الللله تعللالى_ حيللث يقللول" :وإذا دخللل
العدو بلد المسلمين فل ريب أنه يجب دفعه على القللرب
فالقرب إذا بلد المسلمين كلهللا منزلللة البلللدة الواحللدة")
.(5
كما يجب على من كان من المسلللمين ذا خللبرة عسللكرية
في صنف من فنللون القتللال أن ينفللر لنصللرة إخللوانه فللي
َ
ما مُنوا َ نآ َ ذي َالبلدان المغزوة؛ قال الله _تعالى_" :يا أي َّها ال ّ ِ
ل ل َك ُم ان ِْفروا ِفي سبيل الل ّهِ اّثاقَل ْت ُم إل َللى اْل َ
ض ِ ر
ْ ْ ِ َ ِ ِ ُ ُ ذا ِقي َ م إِ َ ل َك ُ ْ
َ
حَياةِ الد ّن َْيا ِفي مَتاعُ ال ْ َ ما َ خَرةِ فَ َ ن اْل ِ م َ حَياةِ الد ّن َْيا ِ م ِبال ْ َ ضيت ُ ْأَر ِ
َ
ل س لت َب ْدِ ْذابا ً أِليم لا ً وَي َ ْ م ع َل َ ل ،إ ِل ّ ت َن ِْف لُروا ي ُعَ لذ ّب ْك ُ ْ خَرةِ إ ِّل قَِلي ٌ اْل ِ
ديٌر، يٍء قَ ل ِ شل ْ ل َ ه عََلى ك ُل ّ شْيئا ً َوالل ّ ُ ضّروهُ َ م َول ت َ ُ وما ً غَي َْرك ُ ْ قَ ْ
َ َ
ل سلِبي ِ م ِفي َ سك ُ ْ م وَأن ُْف ِ وال ِك ُ ْ م َ دوا ب ِأ ْ جاهِ ُ خَفافا ً وَث َِقال ً وَ َ ان ِْفُروا ِ
ن" )التوبة.(41 -38: مو َ م ت َعْل َ ُ
ن ك ُن ْت ُ ْم إِ ْ خي ٌْر ل َك ُ ْ م َ الل ّهِ ذ َل ِك ُ ْ
هذا فيما يتعلق بقتال الللدفع عللن المسلللمين الللذين احتللل
الكفار ديارهم وغزوهم في عقر دارهم ،أملا البللدان اللتي
غزاها الكفار فللي عقللر دارهللا عقللديا ً واجتماعي لا ً وإعلمي لا ً
واقتصادا ً وثقافيًا ،وتعاون معهللم إخللوانهم المنللافقون فللي
تنفيذ مخططاتهم فهذا النوع من الغزو لم يسلللم منلله بلللد
مللن بلللدان المسلللمين وقللد تسللارع الغللزاة فللي تنفيللذ
مخططهم الفسادي في السللنوات الخيللرة بشللكل لفللت
وخطير ،فما هو الواجب على المسلمين في هللذه البلللدان
لمدافعة هذا الغزو الخطير؟
فقد تقللرر فيمللا سللبق مللن الكلم إن الجهللاد يتعيللن علللى
المسلمين إذا غزاهم الكفار في عقر دارهم ،ويصبح واجبا ً
على كل مسلم قادر أن يشارك في دفع الصائل عن بلللده
21
بكل ممكن ،فإن كان الغزو عسكريا ً وبالسلللح وجللب رده
بالقوة الممكنة والسلللح ،وإذا كللان الغللزو بسلللح الكلمللة
والكتللاب والمجلللة والوسللائل العلميللة الخبيثللة بأنواعهللا
المقروءة و المسللموعة والمشللاهدة منهللا أقللول :إذا كللان
الغزو من الكفار للمسلمين في عقر دارهم بهذه الوسائل
والمعاول الخطيللرة والللتي يباشللر الكفللار بعضللها وينيبللون
إخللوانهم مللن المنللافقين فللي بعضللها فللإن الجهللاد بالبيللان
والمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمدافعة والتحصين
يصبح واجبا ً عينيا ً على كل قادر من المسلمين كل بحسبه،
وإن التقاعس أو التشللاغل أو التخللذيل لهللذا الضللرب مللن
الجهاد يخشى أن يكللون مللن جنلس التللولي يللوم الزحللف،
وتقديما ً للدنيا الفانية على محبة الله _عز وجللل_ ورسللوله
والجهللاد فللي سللبيله _تعللالى_ ،ول يبعللد أن يكللون مللن
َ
مم وَأب ْن َللاؤُك ُ ْ ن آب َللاؤُك ُ ْن ك َللا َ ل إِ ْ المعنيين بقوله _تعللالى_ " :قُل ْ
َ َ
هللا مو َل اقْت ََرفْت ُ ُ وا ٌ ملل َم وَأ ْ شلليَرت ُك ُ ْ م وَعَ ِ كلل ْ ج ُم وَأْزَوا ُ وان ُك ُ ْ
خلل َوَإ ِ ْ
َ
ن م َ
م ِ ب إ ِل َي ْك ُ ْ ح ّ ضوْن ََها أ َ ن ت َْر َ ساك ِ ُم َ ها وَ َساد َ َ ن كَ َ شو ْ َخ َ جاَرةٌ ت َ ْ
وَت ِ َ
ْ
ي الل ّل ُ
ه حت ّللى ي َلأت ِ َ صللوا َ سلِبيل ِهِ فَت ََرب ّ ُجَهادٍ فِللي َ سول ِهِ وَ ِ الل ّهِ وََر ُ
َ
ن" )التوبة.(24: سِقي َ م ال َْفا ِ دي ال َْقوْ َ ه ل ي َهْ ِ مرِهِ َوالل ّ ُ ب ِأ ْ
هذا وإن كانت هذه اليات فللي جهللاد الكفللار فللي سلاحات
القتال ولكن ما الذي يمنع من أن تشللمل أيض لا ً القاعللدين
عن جهاد الكفار والمنلافقين بالبيلان والمدافعلة لفكللارهم
الخبيثللة وأخلقهللم السللافلة ،والوقللوف أمللام وسللائلهم
ومخططاتهم المختلفة وتحصين المة وتحذيرها منها؟
فلقد قال الله _عز وجللل_ آمللرا ً نللبيه محمللدا _صلللى الللله
عليه وسلم_ في سورة مكية بمجاهدة الكفار بالقرآن قبل
فرض الجهاد عليهللم بالقتللال؛ وذلللك فللي سللورة الفرقللان
م هللد ْهُ ْجا ِ ن وَ َ ري َكافِ ِحيث يقول الله _عز وجل_" :فل ت ُط ِِع ال ْ َ
جَهادا ً ك َِبيرًا" )الفرقان.(52: ب ِهِ ِ
وقللد مللر بنللا كل م شلليخ السلللم _رحملله الللله تعللالى_:
"والجهاد منه ما هو باليللد ،ومنلله مللا هللو بللالقلب والللدعوة
والحجة والرأي والتدبير والصناعة فيجب بغاية مللا يمكللن"
ول يعذر أحد من المسلمين فللي النفللرة لهللذا الجهللاد كللل
بحسللب علملله وقللدرته؛ يقللول ابللن القيللم _رحملله الللله
22
تعالى_" :ولله _سللبحانه_ علللى كللل أحللد عبوديللة بحسللب
مرتبته ،سوى العبودية العامة التي سوى بين عبللاده فيهللا:
فعلى العالم من عبودية نشر السنة والعلم الذي بعث الله
به رسوله ما ليس على الجاهل ،وعليه من عبودية الصللبر
على ذلك ما ليس على غيره.
وعلى الحاكم من عبودية إقامة الحق وتنفيذه وإلزامه من
هو عليه به ،والصبر على ذلك والجهاد عليه ما ليللس علللى
المفتي وعلى الغنلي ملن عبوديلة أداء الحقللوق اللتي فلي
ماله ما ليس على الفقير.
وعلى القادر على المر بالمعروف والنهي عن المنكر بيده
ولسانه ما ليس على العاجز عنهما.
ومن له خبرة بما بعث الله بلله رسللوله _صلللى الللله عليلله
وسلم_ ،وبمللا كللان عليلله هللو وأصللحابه رأى أن أكللثر مللن
يشار إليهم بالدين ،هم أقل النللاس دينلا ً واللله المسللتعان،
وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله ُتنتهللك ،وحللدوده
تضاع ،ودينه يترك ،وسللنة رسللول الللله _صلللى الللله عليلله
وسلللم_ يرغللب عنهللا ،وهللو بللارد القلللب سللاكت اللسللان،
شيطان أخرس ،كما أن المتكلم بالباطل شلليطان نللاطق؟
وهل بلية الدين إل من هؤلء الذين إذا سلمت لهم مآكلهم
ورياسللتهم ،فل مبللالة بمللا جللرى علللى الللدين؟ وخيللارهم
متحّزن المتلمظ ،ولو نلوزع فلي بعلض ملا فيله غضاضلة ال ُ
عليه في جاهه أو ماله بذل وتذبل وجد ّ واجتهد ،واسللتعمل
مراتب النكار الثلثة بحسب وسعه ،وهؤلء مع سللقوطهم
من عين الله ومقت الله لهم قللد بلللوا فللي الللدنيا بللأعظم
بلية تكون وهم ل يشعرون ،وهو موت القلوب؛ فإن القلب
كلمللا كللانت حيللاته أتللم كللان غضللبه لللله ورسللوله أقللوى
وانتصاره للدين أكمل").(6
السنة الثانية :سنة البتلء والتمحيص:
َ َ َ
ن ي ُت َْرك ُللوا أ ْ
ن سأ ْب الن ّللا ُ
سل َح ِ
قال الله _عز وجل_ " :الم ،أ َ
م ل ي ُْفت َن ُللون ولقللد فتنللا الللذين مللن قبلهللم ي َُقوُلوا آ َ
من ّللا وَهُل ْ
ليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين " )العنكبللوت:
(1،2
23
صحل َ م ّ
م وَل ِي ُ َ دورِك ُ ْ صل ُ ما فِللي ُ ه َ ي الل ّ ُوقال _تعالى_ " :وَل ِي َب ْت َل ِ َ
دوِر" )آل عمران :من ص ُ ت ال ّ ذا ِ م بِ َه عَِلي ٌ م َوالل ّ ُ ما ِفي قُُلوب ِك ُ ْ َ
ه ل ِي َلذ ََر ّ
ن اللل ُ َ
مللا كللا َ الية (154وقال _سبحانه وتعللالى_َ " :
َ
ب ن الط ّّيلل ِ م َث ِ خِبي َ ميَز ال ْ َ حّتى ي َ ِ م عَل َي ْهِ َ ما أن ْت ُ ْ ن عََلى َ مِني َ مؤ ْ ِال ْ ُ
ن مل ْ جت َب ِللي ِ ه يَ ْ ن الل ّل َ ب وَل َك ِ ّ م عََلى ال ْغَي ْ ِ ه ل ِي ُط ْل ِعَك ُ ْ ن الل ّ ُكا َما َ وَ َ
من ُللوا وَت َت ُّقللوا ن ت ُؤْ ِس لل ِهِ وَإ ِ ْ مُنوا ب ِللالل ّهِ وَُر ُ شللاُء فَللآ ِ ن يَ َ م ْ سل ِهِ َ ُر ُ
َ
ظيم" )آل عمران.(179: جٌر عَ ِ مأ ْ فَل َك ُ ْ
يقللول المللام ابللن كللثير _رحملله الللله تعللالى_ عللن اليللة
الخيرة" :أي ل بد أن يعقللد سللببا ً مللن المحنللة يظهللر فيلله
وليلله ،ويفتضللح فيلله عللدوه ،يعللرف بلله المللؤمن الصللابر
والمنافق الفاجر").(7
ويقول سيد قطللب _رحملله الللله تعللالى_" :ويقطللع النللص
القرآني بأنه ليس مللن شللأن الللله _سللبحانه_ وليللس مللن
مقتضى ألوهيته ،وليللس مللن فعللل سللنته ،أن يللدع الصللف
المسلم مختلطا ً غيللر مميللز ،يتللوارى المنللافقون فيلله وراء
دعوى اليمان ،ومظهر السلم ،بينمللا قلللوبهم خاويللة مللن
بشاشة اليمان ،ومن روح السلم؛ فقد أخللرج الللله المللة
المسلللمة لتللؤدي دورا ً كونيلا ً كللبيرًا ،ولتحمللل منهجلا ً إلهيلا ً
عظيمًا ،ولتنشئ في الرض واقعلا ً فريللدًا ،ونظاملا ً جديللدًا،
وهللذا الللدور الكللبير يقتضللي التجللرد والصللفاء والتميللز
والتماسك ،ويقتضللي أل يكللون فللي الصللف خلللل ،ول فللي
بنائه دخل ،وبتعبير مختصر يقتضللي أن تكللون طبيعللة هللذه
المة من العظمة بحيث تسامي عظمة الدور الللذي قللدره
الله لها في هذه الرض ،وتسامي المكانة التي أعدها الللله
لها في الخرة.
وكل هذا يقتضى أن يصهر الصف ليخرج منه الخبللث ،وأن
يضغط لتتهاوى اللبنات الضعيفة ،وأن تسلط عليه الضلواء
لتتكشللف الللدخائل والضللمائر ،ومللن ثللم كللان شللأن الللله
_سبحانه_ أن يميز الخبيث من الطيب ولم يكللن شللأنه أن
يللذر المللؤمنين علللى مللا كللانوا عليلله قبللل هللذه الرجللة
العظيمة!").(8
وبالنظر إلى ما يدور من الحللداث الخطيللرة والمتسللارعة
فللي بلللدان المسلللمين اليللوم -وذلللك فللي الصللراع بيللن
24
معسكر اليمان ومعسكر الكفر والنفاق سواء ما كان منله
صراعا ً عسكريا ً جهاديا ً باليد والسنان كمللا هللو الحللال فللي
بلد العراق وفلسطين وما صاحب ذلللك مللن التللداعيات أو
ما كان منه صراعا ً عقلديا ً وأخلقيلا ً كملا هلو الحاصلل فلي
عامة بلدان المسلمين -أقول :بللالنظر لهللذا الصللراع فللي
ضوء سنة البتلء والتمحيص نرى أنه هللذه السللنة الربانيللة
الثانية تعمل الن عملها بإذن ربها _سبحانه وتعالى_ لتؤتي
أكلها الذي أراده الله _عللز وجللل_ منهللا؛ أل وهللو تمحيللص
المللؤمنين وتمييللز الصللفوف حللتى تتنقللى مللن المنللافقين
وأصحاب القلوب المريضة؛ وحتى يتعرف المؤمنللون علللى
ما في أنفسهم من الثغللرات والعللوائق الللتي تحللول بينهللم
وبين التمكين لهم في الرض فيتخلصللوا منهللا ويغيللروا مللا
بأنفسهم ،فإذا ما تميزت الصفوف وتساقط المتسللاقطون
في أبواب البتلء وخرج المؤمنون الصادقون منها كالذهب
الحمر الذي تخلص من شللوائبه بللالحرق فللي النللار حينهللا
تهللب ريللاح النصللر علللى عبللاد الللله المصللطفين الللذين
يستحقون أن يمحق الله من أجلهم الكافرين ويمكللن لهللم
دينهم الذي ارتضى لهم وقبل هذا التمحيص والتمييللز فللإن
سنة محق الكافرين وانتصار المسلمين الللتي وعللدها الللله
_عز وجل_ عباده المؤمنين لن تتحقق .هكذا أراد الله _عز
وجل_ وحكم في سننه التي ل تتبدل :أن محق الكافرين ل
بد أن يسبقه تمحيص المؤمنين ،ولللذلك لمللا سللئل المللام
الشافعي _رحمه الله تعالى_ :أيها أفضل للرجل أن يمكللن
أو يبتلى كان من دقيق استنباطه وفهمه لكتاب الللله _عللز
وجل_ أن قال" :ل يمكن حتى يبتلى" ،ولعله فهم ذلك من
ق
حلل َم َ
مُنللوا وَي َ ْ
نآ َ ه اّللل ِ
ذي َ ص الّللل ُ
حلل َ
م ّ
قللوله _تعللالى_" :وَل ِي ُ َ
ن" )آل عمران.(141: ري َ ال ْ َ
كافِ ِ
وللتللدليل والتأكيللد علللى أن مجتمعللات المسلللمين تعيللش
اليوم حالة شديدة من البتلء والتمحيص والفتنة في هللذه
النوازل :أذكر بعض المواقف الللتي أفرزتهللا هللذه السللنة -
أعنللي سللنة البتلء والتمحيللص -فللي خضللم هللذه الفتللن
المتلطمة ولم يكن لهذه المواقف أن تعرف ويعرف أهلها
قبل حصول هذه الفتن ،وقد ظهرت هذه المواقف مع أننللا
25
في أول السنة وبداية البتلء فكيف يكون الحال فللي آخللر
المر نعوذ بالله أن نرجع علللى أعقابنللا أو أن نفتللن ،وفللي
ذكللر هللذه المواقللف نصلليحة وتحللذير لنفسللي ولخللواني
المسلمين من الوقوع فيها أو المبادرة بالخروج منها لمللن
وقع فيها.
الموقف الول :موقف المنافقين والمرجفين:
النفاق داء عضال في المة ،ولقد عانت المة في تاريخهللا
الطويل ما عانت من الخيانات ومظاهرة الكافرين وكشف
عورات المسلمين لعدائهم ،ومن عادتهم أنهم ل يظهرون
إل في أيام المحن الكللبيرة والنللوازل العظيمللة الللتي تمللر
بالمسلمين حيث يظهر الله عللوارهم ويكشللف أسللرارهم،
وهذا مللن رحمللة الللله _عللز وجللل_ وحكمتلله فللي حصللول
البتلءات ،ومن ذلك ما كان منهللم يللوم الحللزاب يللوم أن
أحللاط المشللركون وحلفللاؤهم بالمدينللة ،ونقضللت اليهللود
عهدها مع رسول الللله _صلللى الللله عليلله وسلللم_ وزلللزل
المسلللمون زلللزال ً شللديدا ً وعنللد ذلللك نجللم المنللافقون
والمرجفون والمعوقون ممن كللانوا مندسللين فللي الصللف
المسلللم ،ويكفينللا فللي وصللف حللال المنللافقين فللي هللذه
ن
من َللافُِقو َ ل ال ْ ُ الغللزوة قللول الللله _عللز وجللل_ " :وَإ ِذ ْ ي َُقللو ُ
ه إ ِّل غُُرورًا، سول ُ ُ ه وََر ُ ما وَعَد ََنا الل ّ ُ ض َ مَر ٌ م َ ن ِفي قُُلوب ِهِ ْ ذي َ َوال ّ ِ
جُعوا م َفللاْر ِ كلل ْ م لَ ُمَقا َ بل ُ ل ي َث ْرِ َم َيا أ َهْ َ من ْهُ ْة ِ طائ َِف ٌ ت َ وَإ ِذ ْ َقال َ ْ
ْ
مللان ب ُُيوت َن َللا عَلوَْرةٌ وَ َ ن إِ ّ ي ي َُقول ُللو َ م الن ّب ِل ّ من ْهُ ُ ريقٌ ِ ن فَ ِ ست َأذِ ُ وَي َ ْ
نمل ْ م ِ ت عَل َي ْهِل ْ خل َل ْ ن إ ِّل فِلَرارًا ،وَل َلوْ د ُ ِ دو َ ريل ُ ن يُ ِ ي ب ِعَلوَْرةٍ إ ِ ْ هِ َ
سلليرًا" مللا ت َل َب ّث ُللوا ب ِهَللا إ ِّل ي َ ِها وَ َ ة َلت َوْ َ سئ ُِلوا ال ِْفت ْن َ َ م ُ ها ث ُ ّ طارِ َأ َقْ َ
)الحزاب.(14 ،13 ،12:
م من ْ ُ
كلل ْ ن ِ مَعلل ْوِّقي َ ه ال ْ ُ م الّللل ُ إلللى قللوله _تعللالى_َ ":قللد ْ ي َعَْللل ُ
س إ ِّل قَِلي ً ْ
ل" ن ال ْب َلأ َ م إ ِل َي ْن َللا َول ي َلأُتو َ م هَل ُل ّ وان ِهِ ْ خل َ ن ِل ِ ْ َوال َْقللائ ِِلي َ
)الحزاب.(18:
وها نحن في هذا الزمان نشاهد فريقا ً منهم يقفللون نفللس
الموقف الذي وقفه إخوانهم يوم الحزاب؛ وذلللك عنللد مللا
رأى منافقوا زماننا ما أحاط بالمسلمين من النوازل ،ورأوا
إخوانهم من الصليبيين يحيطون ببلللدان المسلللمين فظهللر
نفاقهم وبدا للنللاس مللا كللانوا يخفللون مللن قبللل ،وأصللبحنا
26
نسمع منهم الرجاف وترديد ما يقوله الكفللرة الغللزاة عللن
المجاهدين والللدعاة الصللادقين ،وراحللوا يحرضللون عليهللم
ويشللمتون بمللا يصلليبهم مللن المحللن والمصللائب ،وصللاروا
يبثللون فللي المللة اليللأس مللن مقاومللة الغللزاة ،يحسللنون
الكفرة الغزاة في عيون المسلمين ،ويستبشرون بمجيئهم
ويساندونهم في تنفيذ مخططاتهم لغزو العقيدة والخلق ،
قللال الللله _تعللالى_ فللي وصللف سلللفهم مللن المنللافقين
َ
ن ذي َ م ال ّل ِ وان ِهِ ُ خ َ
ن ِل ِ ْ ن َنافَُقوا ي َُقوُلو َ ذي َ م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ الولين " :أل َ ْ
م َول معَك ُل ْ ن َ جل ّ خُر َ م ل َن َ ْجت ُل ْ خرِ ْ ن أُ ْ ب ل َئ ِ ْ ل ال ْك ِت َللا ِ ن أه ْ ل ِ
ك ََفروا مل َ
ِ ْ ُ
ّ ُ َ ْ ً َ ً َ ُ
شلهَد ُ ه يَ ْ م َواللل ُ صلَرن ّك ْ م لن َن ْ ُ ن قُللوت ِلت ُ ْ حدا أب َللدا وَإ ِ ْ مأ َ طيعُ ِفيك ْ نُ ِ
ن" )الحشر(11: كاذُِبو َ م لَ َإ ِن ّهُ ْ
وقال _سبحانه وتعالى_ عن شماتتهم بللالمؤمنين وإشللاعة
اليأس والرجاف وإساءة الظن بالله _عز وجل_ ووعده" :
َ ل ظ َننت َ
م ن إ ِل َللى أهِْليهِل ْ من ُللو َ مؤ ْ ِ ل َوال ْ ُ سللو ُ ب الّر ُ ن ي َن َْقل ِ َ ن لَ ْ مأ ْ َُْ ْ بَ ْ
وما ً َ
م قَ ْ سوِْء وَك ُن ْت ُ ْ ن ال ّ م ظَ ّ م وَظ َن َن ْت ُ ْ ك ِفي قُُلوب ِك ُ ْ ن ذ َل ِ َ أَبدا ً وَُزي ّ َ
ُبورًا" )الفتح.(12:
ولم يعد خافيا ً على أحد مللا يطرحللونه فللي وسللائل العلم
المختلفة وبكل وقاحة ودون حياء ول خوف من الللله _عللز
وجل_ أو من الناس ،وذلك في ما يتعلق بثللوابت الللدين أو
مللا يتعلللق بللالمرأة والتحريللض علللى خروجهللا ومخالطتهللا
للرجال والللزج بهللا فللي أعمللال مخالفللة لحكللم الللله _عللز
وجل_ وحكم رسوله _صلى الللله عليلله وسلللم_ ،والسللعي
الحثيث لمحاكاة المرأة الغربية في هديها وأخلقها.
وليس المقصود هنا تتبع ما يفعلله المنلافقون والمرجفللون
في هللذه السللنوات الخيللرة والمحللن العصلليبة الللتي تمللر
بالمسلمين ،وإنما المقصود التدليل على أن سنة الله _عز
وجلللل_ فلللي البتلء والتمحيلللص أنهلللا تكشلللف وتفضلللح
المنافقين وتبرزهم فللي مجتمعللات المسلللمين كمللا فضللح
الله _عللز وجللل_ إخللوانهم وسلللفهم فللي عللزوة الحللزاب
وغزوة أحد وغزة تبوك التي أنللزل الللله _عللز وجللل_ فيهللا
سورة كاملة هي سورة التوبة التي من أسمائها الفاضللحة
لنهللا فضللحت المنللافقين وميزتهللم .وهللذه مللن الحكللم
العظيمللة ،والفللوائد الجليلللة لسللنة البتلء؛ إذ لللو بقللي
27
المنللافقون فللي الصللف المسلللم دون معرفللة لهللم فللإنهم
يشللكلون خطللرا ً وتضللليل ً للمللة ،أمللا إذا عرفللوا وفضللحوا
وتميللزوا فللإن النللاس يحللذرونهم ،وينبللذونهم ويجاهللدونهم
بالحجة والبيللان ،أو بالسلليف والسللنان إن ظهللر انحيللازهم
للكفار ومناصلرتهم لهلم ،وبلذلك يتخللص المسللمون ملن
سبب كبير مللن أسللباب الهزيمللة والفشللل ويتهيئون لنصللر
الله _عز وجل_ وتأييده.
الموقف الثاني :موقف اليائسين والمحبطين والخائفين:
لما كشف أعداء هذا الللدين مللن الكللافرين وبطللانتهم مللن
المنللافقين عللن عللدائهم الصللريح وحربهللم المعلنللة علللى
السلللم وأهللله ،وعنللدما تعللرض كللثير مللن المسلللمين
ومؤسسللاتهم الدعويللة والخيريللة للمضللايقة والذى مللن
الكفرة والمنافقة شعر بعض المسلمين حينئذ بشلليء مللن
اليأس والحباط والخوف وبخاصة لما قام شياطين النللس
والجن يبثون وساوسهم وشبههم في تضخيم قللوة العللداء
وأنها ل تقهر سيطر على بعض النفوس اليأس مللن ظهللور
هذا الدين والتمكين لهللله؛ فكللان منهللم فئة ظهللر ضللعف
يقينها ومرض قلوبها في هذه البتلءات فشكت في ظهور
هذا الدين واهتز يقينهلا بوعلد اللله _تعلالى_ بنصلرة دينله،
وهؤلء على خطر يهدد إيمانهم ويخشى أن يقعوا في فتنة
المنللافقين الظللانين بللالله ظللن السللوء .وفئة أخللرى لللم
يساورها الشللك فللي ديللن الللله _تعللالى_ :بنصللرة أوليللائه،
وإنما أصابها اليأس من ذلك في هذا الزمان حيث رأت أن
المسلمين اليوم غير قادرين على المواجهة لعدم تكافؤهم
مع عدوهم وعليه فل داعي للمقاومللة الللتي ل تفيللد شلليئًا،
وإنما هي بمثابة المحرقة التي تحرق المسلللمين وبخاصللة
المجاهدين منهللم ،والحللل عنللد هللؤلء :الستسلللم للواقللع
وانتظار معجزة ربانية من الله _عز وجل_ كانتظار المهدي
أو المسيح عيسى ابن مريم _عليه الصلة والسلللم_!! ول
يخفى ما في هذه التصور ملن النحلراف والشلطط ،وكلم
هو مفرح للكفرة والمنافقين مثل هذا التفكير ومثللل هللذه
المواقللف المسللتخذية الللتي تبللث اليللأس فللي نفللوس
28
المسلمين وتعيقهم عن بللذل الجهللد فللي الللدعوة والجهللاد
والخذ بالسباب الشرعية والمادية للنصر على العداء.
وإن مواقف الخوف واليأس والحباط ما كانت لتعللرف لللو
ل سنة البتلء والتمحيص وظهور هذه السنة وعملها اليوم
في حياة المسلمين هي التي أفرزت وأظهللرت مثللل هللذه
المواقف وفي ظهورها فائدة لصحابها لعلهللم أن يراجعللوا
أنفسهم ويقلعوا عن هذه المواقللف بعللد أن اكتشللفوا هللذا
المرض الكامن في نفوسهم بفعل هذه السنة ،كما أن فيه
فائدة أيضا ً لغيرهم ليحللذروا مللن هللذه المواقللف ويحللذروا
ممللن ينللادي بهللا؛ قللال الللله _تعللالى_ فللي تحللذير عبللاده
المللؤمنين مللن الللوهن واليللأس والحبللاطَ" :ول ت َهُِنللوا َول
َ
ن" )آل عمران.(139: مِني َ مؤ ْ ِ
م ُ ن ك ُن ْت ُ ْ ن إِ ْم اْل َعْل َوْ َ حَزُنوا وَأن ْت ُ ُ تَ ْ
وقللال _سللبحانه وتعللالى_ فللي وصللف عبللاده الصللابرين
َ
ه
مَعلل ُ ل َ ي َقات َ َ ن ن َب ِ ّ م ْ ن ِ والموقنين بنصره _عز وجل_ " :وَك َأي ّ ْ
َ
مللا ل الل ّلهِ وَ َ سلِبي ِ م فِللي َ صللاب َهُ ْ مللا أ َ مللا وَهَن ُللوا ل ِ َ ن ك َِثيٌر فَ َ رِب ّّيو َ
م ن قَوْل َهُ ْ كا َ ما َ ن ،وَ َ ري َ ِ صاب ِ ب ال ّ ح ّ ه يُ ِ كاُنوا َوالل ّ ُ ست َ َ
ما ا ْ ضعُُفوا وَ َ َ
َ َ
ت مرِن َللا وَث َب ّل ْ سَرافََنا فِللي أ ْ ن َقاُلوا َرب َّنا اغِْفْر ل ََنا ذ ُُنوب ََنا وَإ ِ ْ إ ِّل أ ْ
َ
ب وا َ ه ث َل َ م الل ّل ُ نَ ،فآت َللاهُ ُ ري َ صْرَنا عََلى ال َْقوْم ِ ال ْك َللافِ ِ مَنا َوان ْ ُ دا َ أقْ َ
ن" )آل سلِني َ ح ِ م ْ ب ال ْ ُ حل ّ ه يُ ِ خلَرةِ َوالّلل ُ ب اْل ِ وا ِ ن َثل َ سل َ ح ْ الد ّن َْيا وَ ُ
عمران(148 ،147 ،146:
وقال _سبحانه وتعالى_ في وصف أصحاب محمللد _صلللى
مللا َرأى الله عليه وسلم_ لما تحزبت عليهللم الحللزاب" :وَل َ ّ
ق
صد َ َ ه وَ َ سول ُ ُ ه وََر ُ ما وَعَد ََنا الل ّ ُ ذا َ ب َقاُلوا هَ َ حَزا َ ن اْل َ ْ مُنو َ مؤ ْ ِ ال ْ ُ
سِليمًا" )الحزاب.(22: مانا ً وَت َ ْ م إ ِّل ِإي َ ما َزاد َهُ ْ ه وَ َ سول ُ ُ ه وََر ُ الل ّ ُ
الموقف الثالث :موقللف المسللايرين للواقللع أهللل الحلللول
الوسط:
وهم الذين نظروا إلى شدة ما يصيب المسلمين في هللذه
الزمنة من الذى والتضييق والبتلءات المتنوعة فللرأوا أن
الثبللات والصللمود علللى ثللوابت هللذا الللدين والصللبر علللى
أحكامه الشرعية ومصادمة الواقللع ممللا يصللعب فللي مثللل
هذه الظروف؛ لن أعداء هذا الللدين ل يرضللون بللذلك بللل
يوجهون حربهم إلى هؤلء الثابتين الللذين يطلقللون عليهللم
تللارة :الصللولية ،وتللارة :المتشللددين ،وتللارة :الرهللابيين،
29
والخطير في المر فلي هلذه المواقلف أنهللا تغطللى بشلبه
شرعية ،ويحاول أصحابها أن يؤصلوا مللواقفهم هللذه بأدلللة
يزعمون أنها قواعد شرعية مع أنها غير منضبطة بضللوابط
الشرع ول ملتزمة بمقاصللده؛ كاسللتدللهم مثل ً بالضللرورة
وأحكامهللا ،وقواعللد التيسللير ورفللع الحللرج ،وبالمصللالح
المرسلة وغيرها مما هي صحيحة في أصله لكنهللا فاسللدة
في تطبيقها).(9
وعلمللة أصللحاب هللذا الموقللف أنهللم يصللفون أنفسللهم أو
يصفهم غيرهم بالمعتدلة أو الوسطية .وهذه المواقللف مللا
كانت لتعرف لول سنة البتلء التي تمحص وتميز الصفوف
ويكشف الله بها كوامن النفوس التي يعلمها الللله مسللبقًا،
لكنللله _سلللبحانه_ يظهرهلللا للنلللاس بفعلللل سلللنة البتلء
ن الل ّل ُ
ه ل ِي َلذ ََر مللا ك َللا َوالتمحيللص ،وصللدق الللله العظيللمَ " :
َ
ب ن الط ّّيلل ِ م َ
ث ِ خِبي َميَز ال ْ َ
حّتى ي َ ِ م عَل َي ْهِ َ ن عََلى َ
ما أن ْت ُ ْ مِني َ ال ْ ُ
مؤ ْ ِ
ب" )آل عمران :من اليللة م عََلى ال ْغَي ْ ِ ه ل ِي ُط ْل ِعَك ُ ْ
ن الل ّ ُ ما َ
كا َ وَ َ
.(179
وقد أخبر النللبي _صلللى الللله عليلله وسلللم_ أن المتمسللك
بدينه في آخر الزمان يعد غربيلا ً بيللن النللاس ووصللفه بللأنه
كالقابض على الجمر وهذا الوصف ل يقللدر عليلله إل أولللوا
العللزم مللن المللؤمنين الصللابرين؛ قللال _صلللى الللله عليلله
وسلم_" :إن السلم بدأ غربيا ً وسيعود غريبا ً كما بدأ غريبا ً
فطوبى للغرباء " قيللل :ومللن هللم يللا رسللول الللله؟ قللال:
"الذين يصلحون ما أفسد الناس").(10
وقال _صلى الله عليه وسلم_" :يللأتي علللى النللاس زمللان
الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر".
ول يخفللى علللى مللن يراقللب اليللوم كللثيرا ً مللن الفتللاوى
والحللوارات الللتي تقللوم بهللا بعللض الصللحف والمجلت
والقنوات الفضائية ما تحمل من هللذه المواقللف المتميعللة
والتي يحاول أصحابها أن يتشللبثوا فللي القتنللاع بهللا بللأدنى
شبهة أو أدنى قول شاذ يخالفه الدليل الصحيح من الكتاب
والسنة ،وهذه المواقف والفتاوى لم تقتصر على الحكام
فحسب بل تعدتها إلى أصول العقيدة وأركانها ،وبخاصة ما
يتعلق بمسائل اليمان والكفر وحدودها ،أو بمسائل الللولء
30
والبراء ،أو ما يتعلق بالجهاد وأحكامه؛ والمقصللود أن سللنة
البتلء والتمحيص التي نعيشها هذه اليام قد أفرزت مثللل
هذه المواقف ولله _عز وجل_ الحكمة في ذلللك؛ لن فللي
ظهورها خيرا ً لهلها لعلهم يحاسللبون أنفسللهم فيتخلصللون
منها كما أن فيها خيرا ً أيضا ً لغيرهم حتى يحذروها ويحذروا
منها.
الموقف الرابع :موقف المتعجلين المغيرين بالقوة:
وهللذا الموقللف يقابللل الموقللف السللابق ،فبينمللا ينحللي
الموقف السابق إلى التنازل عللن بعللض الثللوابت والتعلللق
ببعض الشبهات و الشذوذات ،يذهب أصحاب هذا الموقف
إلى الطرف المقابل حيث لم يصبروا علللى مللا يللرون مللن
شللدائد ومحللن وابتلءات تللوجه للمسلللمين فللي دينهللم
وأعراضللهم وعقللولهم ورأوا أن الموقللف إزاء مثللل هللذه
البتلءات هو المواجهة المسلحة دون أن ينظللروا إلللى مللا
يترتب عليهللا مللن مفاسللد كللبيرة ،ودون أن ينظللروا إلللى
واقعية المصالح التي يسعى لتحقيقها فنشأ من جراء ذلللك
أضرار عظيمة عليهم وعللى اللدعوة وأهلهلا فلي المحيلط
الذي تدور فيه هذه المواجهات.
وهنا أود التنبيه إلى أنه ليللس المعنللى فللي هللذه المواقللف
تلك الحركات الجهادية التي تدافع عن المسلمين وديارهم
في أفغانستان والعللراق والشيشللان وفلسللطين وكشللمير
وغيرهللا ممللن يقللوم بجهللاد الللدفع عللن ديللار المسلللمين
المحتلة ،وإنما المعنللي هنللا أولئك الللذين يللرون المواجهللة
المسلحة فللي بعللض بلللدان المسلللمين قبللل وضللوح رايللة
الكفر فللي تلللك البلللدان للنللاس ،ودون وضللوح رايللة أهللل
اليمان في مقابل ذلك ،مملا ينشلأ عنله اللبلس والتللبيس
علللى النللاس ،فتختلللط الوراق ويجللد هللؤلء المجاهللدون
المستعجلون أنفسهم وجها ً لوجهٍ مع إخللوانهم المسلللمين،
فحينئذ تقع الفتنة بين المسلمين ،ويقتل بعضهم بعضًا ،كما
هو حاصل في الجزائر وما قد حصل في مصر وسوريا أما
تلك الحركات الجهادية الللتي أعلنللت جهادهللا علللى الكفللار
في العراق وأفغانستان لمواجهة التحالف الصليبي أو فللي
كشللمير لمواجهللة الهنللدوس والللوثنيين ،أو فللي الشيشللان
31
لمواجهة الملحدة الشيوعيين ،أو فللي فلسللطين لمواجهللة
اليهود الغاشمين فإنهللا حركللات مشللروعة لوضللوح الرايللة
الكفرية ،وزوال اللبس عن المسللمين فلي تللك الملاكن،
كما أنه جهاد للدفاع عن الدين والعللرض والمكللان حللتى ل
ترتفع فيه راية الكفار.
والذي حملني على هذا التنبيه ما نسللمعه – ويللا للسللف –
من بعض الفتاوى المتسرعة والتي مفادها أن القتللال ضللد
الغزاة الكفرة في العراق هو قتللال فتنللة وتعجللل وافللتئات
علللى المللة وهللذا مللن صللور البتلء الللذي يتعللرض للله
المسلمون في هذه الزمنة.
السنة الثالثة :سنة الملء والستدراج للكفار والمنافقين:
َ
م مل ِللي ل َهُ ل ْ مللا ن ُ ْ ن ك ََف لُروا أن ّ َ ذي َ ن ال ّ ِ سب َ ّ
ح َقال _تعالى_َ " :ول ي َ ْ
ب ذا ٌم ع َل َ دوا إ ِْثم لا ً وَل َهُ ل ْ دا ُ م ل ِي َلْز َ مل ِللي ل َهُ ل ْ ما ن ُ ْ
م إ ِن ّ َ
سه ِ ْ خي ٌْر ِل َن ُْف ِ
َ
ن" )آل عمران.(178: مِهي ٌ ُ
ن مل ْم ِ جه ُ ْس لت َد ْرِ ُ
سن َ ْ ن ك لذ ُّبوا ِبآيات ِن َللا َ َ ذي َ ّ
وقال _تعالى_َ " :وال ل ِ
ُ
ن" )العللراف: مِتي ل ٌ دي َ ن ك َي ْل ِم إِ ّ مِلي ل َهُ ل ْ ن ،وَأ ْ مو َ ث ل ي َعْل َ ُ حي ْ ُ َ
.(183 ،182
وهذه السنة اللهية تعمل عملها في هللذه الوقللات؛ وذلللك
في معسكر أهل الكفر والنفاق؛ وبخاصة أولئك الذين بلللغ
بهم الكللبر والغطرسللة والظلللم والجللبروت مبلغلا ً عظيم لا ً
ونراهللم يللزدادون يومللا ً بعللد يللوم فللي الظلللم والبطللش
والكبرياء ومع ذلك نراهم ممكنيللن ولهللم الغلبللة الظللاهرة
كما هو الحاصل الن مللن دولللة الكفللر والطغيللان أمريكللا؛
حيث ظلمت وطغت وقالت بلسللان حالهللا ومقالهللا" :مللن
أشد منا قوة" وقد يحيك في قلوب بعض المسلمين شيء
وهم يرون هؤلء الكفرة يبغللون ويظلمللون ومللع ذلللك هللم
متروكون لم يأخذهم الله بعذاب من عنده ،لكللن المسلللم
الذي يفقلله سللنة الللله _عللز وجللل_ ويتأملهللا ويللرى آثارهللا
وعملها في المم السابقة ل يحيك فللي نفسلله شلليء مللن
هذا لنه يرى في ضوء هذه السنة أن الكفرة اليوم وعلللى
رأسللهم أمريكللا وحلفائهللا هللم الن يعيشللون سللنة الملء
والستدراج والتي تقودهم إلى مزيد من الظللم والطغيلان
والغرور ،وهذا بدوره يقودهم إلللى نهللايتهم الحتميللة وهللي
32
الهلك والقصم في الجل الذي قللد ضللربه الللله لهللم قللال
جعَل ْن َللا َ
مللا ظ َل َ ُ
مللوا وَ َ م لَ ّ
ك ال ُْقللَرى أهْل َك ْن َللاهُ ْ
_تعللالى_ " :وَت ِل ْل َ
عدًا" )الكهف.(59: مو ْ ِ
م َمهْل ِك ِهِ ْ
لِ َ
والله _عز وجل_ ل يسللتجيب لعجلللة المسللتعجلين بللل للله
الحكمة البالغة والسنة الماضللية الللتي إذا آتللت أكلهللا أتللى
الكفرة ما وعدهم الله _تعالى_ ل يسللتأخرون عنلله سللاعة
ول يستقدمون.
يقول صاحب الظلل _رحمه الللله تعللالى_ فللي هللذه اليللة
السابقة الذكر من سورة آل عمران:
"وفي هذه الية يصل السياق إلى العقدة التي تحيللك فللي
بعض الصدور ،والشللبهة الللتي تجللول فللي بعللض القلللوب،
والعتاب الذي تجيش بلله بعللض الرواح ،وهللي تللرى أعللداء
الله وأعداء الحق ،مللتروكين ل يأخللذهم العللذاب ،ممتعيللن
في ظاهر المللر ،بللالقوة والسلللطة والمللال والجللاه! ممللا
يوقع الفتنة في قلللوبهم وفللي قلللوب النللاس مللن حللولهم؛
ومما يجعل ضعاف اليمان يظنللون بللالله غيللر الحللق ظللن
الجاهلية ،يحسبون أن الله – حاشاه – يرضى عللن الباطللل
والشر والجحود والطغيان ،فيملي له ويرخي له العنان! أو
يحسبون أن الله – _سبحانه_ – ل يتدخل في المعركة بين
الحق والباطل ،فيدع للباطل أن يحطم الحللق ،ول يتللدخل
لنصرته! أو يحسبون أن هذا الباطللل حللق ،وإل فلللم تركلله
الله ينمو ويكبر ويغلب؟ أو يحسبون أن من شللأن الباطللل
أن يغلب على الحق في هذه الرض ،وأن ليس مللن شللأن
الحللق أن ينتصللر! ثللم يللدع المبطليللن الظلمللة الطغللاة
المفسدين ،يلجون فللي عتللوهم ويسللارعون فللي كفرهللم،
ويلجون في طغيانهم ،ويظنون أن المر قللد اسللتقام لهللم،
وأن ليللس هنالللك مللن قللوة تقللوى علللى الوقللوف فللي
وجههم!!!
وهذا كله وهم باطل ،وظن بالله غير الحللق ،والمللر ليللس
كذلك ،وها هو ذا الله _سبحانه وتعالى_ يحذر الذين كفروا
أن يظنوا هذا الظن؛ إنه إذا كللان الللله ل يأخللذهم بكفرهللم
الللذي يسللارعون فيلله وإذا كللان يعطيهللم حظلا ً فللي الللدنيا
يسللتمتعون بلله ويلهللون فيلله؛ إذا كللان الللله يأخللذهم بهللذا
33
البتلء فإنما هي الفتنة ،وإنما هو الكيد المللتين ،وإنمللا هللو
َ
مِلي ل َهُ ْ
م ما ن ُ ْ ن ك ََفُروا أن ّ َ ذي َن ال ّ ِ سب َ ّ
ح َ الستدراج البعيدَ " :ول ي َ ْ
بذا ٌ م ع َل َدوا إ ِْثم لا ً وَل َهُ ل ْدا ُ
م ل ِي َلْز َمل ِللي ل َهُ ل ْما ن ُ ْ
م إ ِن ّ َ خي ٌْر ِل َن ُْف ِ
سه ِ ْ َ
ن" )آل عمران.(178: مِهي ٌ ُ
ولو كانوا يستحقون أن يخرجهللم الللله مللن غمللرة النعمللة،
بالبتلء المللوقظ لبتلهللم ،ولكنلله ل يريللد بهللم خيللرا ً وقللد
اشتروا الكفر باليمان ،وسارعوا في الكفر واجتهدوا فيلله!
فلم يعودوا يستحقون أن يوقظهم الله من هللذه الغمللرة –
ن". مِهي ٌ ب ُ ذا ٌ م عَ َغمرة النعمة والسلطان – بالبتلء! "وَل َهُ ْ
والهانة هي المقابل لما هم فيه من مقام ومكانة ونعماء.
وهكذا يتكشف أن البتلء من اللله نعملة ل تصليب إل ملن
يريد له الله به الخير ،فإذا أصللابت أوليللاءه فإنمللا تصلليبهم
لخيللر يريللده الللله لهللم – ولللو وقللع البتلء مترتبللا ً علللى
تصرفات هؤلء الولياء – فهناك الحكمللة المغيبللة والتللدبير
اللطيف ،وفضل الله على أوليائه المؤمنين(.
ويقول في موطن آخر:
"وإنلله لممللا يخللدع النللاس أن يللروا الفللاجر الطللاغي ،أو
المستهتر الفاسد ،أو الملحد الكافر ،ممكنا ً له في الرض،
غير مأخوذ من الللله ولكللن النللاس إنمللا يسللتعجلون؛ إنهللم
يللرون أول الطريللق أو وسللطه ،ول يللرون نهايللة الطريللق
ونهاية الطريللق ل تللرى إل بعللد أن تجيللء! ل تللرى إل فللي
مصارع الغابرين بعد أن يصبحوا أحللاديث والقللرآن الكريللم
يوجه إلى هذه المصارع ليتنبه المخدوعون الللذين ل يللرون
– في حياتهم الفردية القصيرة – نهاية الطريق؛ فيخللدعهم
ما يرون في حياتهم القصيرة ويحسبونه نهاية الطريق!"
ومن حكمة الله _عز وجل_ في سللنة الملء للكللافرين أن
يمكنهم في هذا الملء ليزدادوا إثما ً وطغيان لا ً ينللدفعون بلله
بعجلة متسارعة إلى نهايتهم التي فيها قصللمهم ومحقهللم،
وقد بدت بوادر المحلق فلي المريكللان الكفلرة وحلفلائهم
فيما يتعلق بحقوق النسان التي يتشدقون بهللا وغيللر ذلللك
من عوامل المحق والقصم ،ولكن الله _عز وجل_ بمكللره
لهم قد أغفلهم عن سوءاتهم وعما يترتب علللى حماقللاتهم
وطغيللانهم ليحللق عليهللم سللنته _سللبحانه_ فللي القللوم
34
الكلللافرين ،كملللا أن ملللن حكمتللله _سلللبحانه_ فلللي إملء
الكللافرين وظلمهللم وتسلللطهم علللى المسلللمين تحقيللق
للسللنة الللتي سللبق الحللديث عنهللا أل وهللي سللنة البتلء
والتمحيص للمؤمنين .
ففي الملء للكفار وتركهم يتسلطون على المسلمين في
مدة من الزمللن ابتلء وتمحيللص للمللؤمنين ،حللتى إذا آتللت
سنة البتلء أكلها وتميللز الصللف المللؤمن الللذي خللرج مللن
البتلء نظيفا ً ممحصا ً عندئذ تكون سنة الملء هي الخلرى
قللد أشللرفت علللى نهايتهللا فيحللق القللول علللى الكللافرين
ويمحقهم الله كرامة للمللؤمنين الممحصللين الللذين يمكللن
الله لهم _عز وجل_ في الرض ويخلفون الرض بعد محق
الكافرين.
ق
حلل َ م َمُنللوا وَي َ ْ نآ َ ذي َ ه اّللل ِ ص الّللل ُ حلل َ م ّ قللال _تعللالى_ " :وَل ِي ُ َ
ن" )آل عمران.(141: ري َ كافِ ِال ْ َ
فذكر الله _سبحانه_ التمحيص قبل المحق ولو محق الللله
الكفار قيل تهيأ المؤمنين الممحصين فمللن يخلللف الكفللار
بعللد محقهللم إن الللله _عللز وجللل_ حكيللم عليللم ومللا كللان
_سبحانه_ ليحابي أحدا ً في سننه ولله _عز وجل_ الحكمللة
فللي وضللع السللنتين سللنة البتلء وسللنة الملء فللي آيللتين
متتللاليتين فللي سللورة آل عمللران؛ قللال _تعللالى_َ " :ول
َ
مللا م إ ِن ّ َ خي ْلٌر ِل َن ُْف ِ
س له ِ ْ م َ مل ِللي ل َهُ ل ْ مللا ن ُ ْ ن ك ََفُروا أن ّ َ ذي َ ن ال ّ ِ سب َ ّ
ح َ يَ ْ
ن" )آل عمللران: مِهيل ٌ ب ُ ذا ٌ م ع َل َ دوا إ ِْثما ً وَل َهُ ل ْ دا ُم ل ِي َْز َ مِلي ل َهُ ْ نُ ْ
(178
َ
مي لَز حت ّللى ي َ ِ م عَل َي ْلهِ َ ما أن ْت ُ ْ ن عََلى َ مِني َ مؤ ْ ِ ه ل ِي َذ ََر ال ْ ُن الل ّ ُ كا َما َ " َ
ب م عَل َللى ال ْغَي ْل ِ ه ل ِي ُط ْل ِعَك ُل ْ ن الل ّل ُ مللا ك َللا َ ب وَ َ ن الط ّي ّ ِ م َ ث ِ خِبي َ ال ْ َ
ه
س لل ِ ِ مُنوا ب ِللالل ّهِ وَُر ُ شاُء َفآ ِ ن يَ َ م ْسل ِهِ َ ن ُر ُ م ْجت َِبي ِ ه يَ ْ ن الل ّ َ وَل َك ِ ّ
م" )آل عمران.(179: وإن تؤْمنوا وتتُقوا فَل َك ُ َ
ظي ٌ جٌر عَ ِ مأ ْ ْ ََّ َِ ْ ُ ِ ُ
ولعللل مللن الحكمللة – والللله أعلللم – أن يعلمنللا الللله _عللز
وجللل_ أن هللاتين السللنتين متلزمتللان ومتزامنتللان وأن
إحداهما تهيئ للخرى.
اللهم ثبتنا بالقول الثابت فللي الحيللاة الللدنيا وفللي الخللرة،
الهم أبرم لهذه المة أمرا ً رشدا ً يعز فيه وليللك ويللذل فيلله
35
عدوك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيلله عللن المنكللر إنللك
سميع الدعاء،
اللهم ارحم عبادك الموحدين والطف بهم في العراق وفي
كللل مكللان؛ اللهللم احقللن دمللاءهم واحفللظ لهللم دينهللم
وأعراضهم.
اللهم فك أسر المأسورين من المسلمين في كللل مكللان،
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك فللي كللل مكللان ،اللهللم
اشف صدورنا وأقر أعيننا بنصللرة دينللك وأوليللائك وخللذلن
أعدائك؛ اللهم قاتل أمريكا وحلفاءها الذين يكذبون رسلللك
ويعللادون أوليللاءك ويصللدون عللن سللبيلك ،وأنللزل عليهللم
رجزك وعذابك إله الحق ،اللهم إنا نعوذ بك مللن شللرورهم
وندرأ بك في نحورهم.
والحمد لله رب العالمين ،وصلى الله على نبينا محمد وآله
وأصحابه أجمعين.
_______________
) (1رواه مسلم ) .(2865
) (2في ظلل القرآن 1319 /3بتصرف يسير.
) (3الختيارات الفقهية :ص .447
) (4الختيارات الفقهية ص .310 ،309
) (5الختيارات الفقهية ص .448
) (6إعلم الموقعين .2/176
) (7تفسللير ابللن كللثير عنللد اليللة ) (179مللن سللورة أل
عمران.
) (8في ظلل القرآن .1/525
) (9للرد على هذه الشبهات :انظر كتلاب ) فاسلتقم كملا
أمرت ( للمؤلف.
) (10تحفة الحلوذي ) 6/539 ( 2361وقلال الترملذي:
حديث غريب وقال الرناؤوط في جامع الصول له شواهد
يرتقي بها.
==============
#حرب المس واليوم
سلمان بن فهد العودة 26/1/1424
29/03/2003
36
دعونا نمنح أنفسنا فرصة الفرح بالضرر الفادح الذي لحللق
بقوات الغزو المريكي للعراق ،وبالمقاومللة الصلللبة الللتي
فاجأتهم حيث استقبلوا بالرصللاص بللدل الزهللور ،دون أن
نؤجل هذا الفرح طمعا ً بنصر أوسع ننتظره ،وهو في علم
الغيب .
ف على نفسي وأرجو مفازها … … أخا ُ
وأستار غيب الله دون العواقب
أل من يريني غايتي قبل مذهبي … …
ب؟ ت بعد المذاه ِ ومن أين والغايا ُ
ودعونا نفرح مرةً أخرى بعدم تحول الشعب العراقي إلللى
قطيللع مللن اللجئيللن يسللتجدي لقمللة العيللش مللن أيللادي
الهيئات الدولية والخيرية ،بل ثبت وتمسك بحقه وحقله .
ليس من المستبعد أن تكون آلة الحرب الضخمة ،وحمللم
النار التي تصب على العراق بل حساب قادرةً على حسللم
النتيجة الولية لهذه الحرب لصالح الطرف القوى ،وعلى
اضلللطرار فئات ملللن هلللذا الشلللعب إللللى الرحيلللل نحلللو
المجهول .
لكن هانحن نرى الشللعب الفلسللطيني مثل ً يقللاوم ببسللالة
وضللراوة وصللبر وإصللرار بعللد هللذه الحقللب الطويلللة مللن
الستعمار ،مع الخذ بالعتبار الفارق بين استيطان يهودي
مكشوف ،وسيطرة أمريكية محتملة على العراق .
إن الندفاع المريكي نحو التوسع والسلليطرة قللوي جللدا ً ،
وليس هو استثناء من الندفاعات المبراطورية التاريخية ،
غير أنه مسرف في حسلن ظنله بنفسله ،وإظهلار براءتله
وسلمة أهدافه ونبللل مقاصللده ،وهللو مسللرف أيضلا ً فللي
الستخفاف بالقوى التي ل تتفق مع رؤيته للمور .
ولعل هذا وذاك همللا المسللؤولن عللن سللؤ التقللدير الللذي
وقعت فيه القوات الغازية الللتي يسللمونها خللداعا ً وتضللليل ً
بل"قوات التحالف" .
تقفز إلى ذهني وأنا أشللاهد الموقللف اليللة الكريمللة الللتي
طا َ
ممللال َهُ ْ ن أعْ َ ش لي ْ َ ُ م ال ّ ن ل َهُ ل ُ
نزلت بشأن غزوة بدر "وَإ ِذ ْ َزي ّل َ
ملا م فَل َ ّ جلاٌر ل َ ُ
كل ْ س وَإ ِّنلي َ ن الّنلا ِ م َم ِ م ال ْي َوْ َب ل َك ُ ُ غال ِ َل َل َ وََقا َ
م من ْك ُل ْري لٌء ِ ص عََلى عَِقب َي ْلهِ وَقَللا َ
ل إ ِن ّللي ب َ ِ ن ن َك َ َ ت ال ِْفئ ََتا ِ
ت ََراَء ِ
37
ديد ُشلل ِ ه َ ه َوالّللل ُ ف الّللل َ خللا ُ ن إ ِّنللي أ َ َ مللا َل َتللَروْ َ
َ
إ ِّنللي أَرى َ
ب"]النفال [48:والشلليطان لللم يكللن مريللدا ً للتغريللر ال ْعَِقا ِ
بالكافرين وهزيمتهم ،ول وقوعهم فللي قبضللة الملؤمنين ،
ة التأمل والنظر ولكن الرغبة العمياء ل تمنح النسان فرص ً
وحسن التقدير .
والظلللن أن قلللوى المعارضلللة المندفعلللة ملللع الركلللب
الستعماري ذات أثر في الصورة المرتسللمة عللن الللداخل
العراقللي ،والللتي ظنللت أن الحللرب نزهللة صللحراوية لللن
تتجاوز بضلعة أيلام ،بللل يمكلن تجنبهلا مللن خلل ضللربات
ة للنتفلللاض نوعيلللة سلللريعة تعطلللي الشلللعب فرصللل ً
والنقضاض .
إن الشعب العراقي اليوم يعيش تحت وطأة ظلللم جديللد ،
وغللزو فللاجر ،يتحللدث عللن تحريللره وحقللوقه ،ويبشللره
بالديموقراطية القادملة علبر الصلاروخ والدبابلة ،ويحلاول
تحويله إلى أرتال من الجياع والمرضللى والمصللابين ليمللن
عليه بعد ذلك بالمساعدات النسللانية الللتي تسللتقطع مللن
أرصللدة بلللده ،بينمللا تللذهب ثرواتلله وخيراتلله إلللى جيللب
المعتدي !
وهذا سر من أسرار قوته ،فإن المظلوم منصور ولو بعللد
طاًنا فََل س لل ْ َجعَل ْن َللا ل ِلوَل ِي ّهِ ُ
مللا فََقلد ْ َ مظ ُْلو ً ل َ ن قُت ِل َ مل ْ حيللن "وَ َ
صوًرا"]السراء[33: من ْ ُن َ كا َ ه َل إ ِن ّ ُ ف ِفي ال َْقت ْ ِ سرِ ْ يُ ْ
ُ
ن ذي َن ل ِل ّ ِوحين أذن الله تعالى بالقتال علل ذلك بقوله ":أذِ َ
َ
ديٌر"]الحج : م ل ََق ِ ه عََلى ن َ ْ
صرِهِ ْ ن الل ّ َ موا وَإ ِ ّ م ظ ُل ِ ُ ن ب ِأن ّهُ ْي َُقات َُلو َ
[33اليات .
وفي المسند أن عمر رضي الله عنه سأل رجل ً ممن أنللت
فقال :من عنزة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول ) :حي من هاهنا مبغي عليهم منصورون ( .
ولعل هذا مللن أسللباب اختلف الصللورة اليللوم عمللا كللانت
عليلله أثنللاء حللرب الخليللج الثانيللة ،حيللن احتلل العللراق
الكللويت ،حيللث كللان معتللديا ً ظالم لا ً ،فانكسللر انكسللارا ً
سريعا ً ،ولم يفلح في أي مقاومة ،بينما هو اليوم معتللدى
عليه في أرضه ،ومقصود بالتدمير والقضللاء علللى قللدراته
38
الحاضللرة والمسللتقبلية ،فهللذا عللزز مللوقفه فللي الللدفاع
والمقاومة .
ومن تأمللل سللير الحللداث واسللتقرأ سللنن الللله فيهللا رأى
العجب فللي لطللائف الحكللم الربانيللة ،وكيللف يجللري الللله
تعالى القدر وفللق علملله وحكمتلله وعللدله ،وإن كللان هللذا
المعنى قد يغيللب عمللن يشللهد اللحظلة الحاضلرة ويندملج
فيها ،فتستغرقه عن رؤية ما قبلها ،أو توّقع ما بعدها .
وكان جديرا ً بمن عانى مرارة الظلم أن يكون أبعد النللاس
عنه ،وأشلدهم نفلورا ً منله ،وأعظمهلم خوفلا ً ملن علاقبته
وشؤمه ،ولهللذا يقللال فللي مللأثور الحكمللة )) :مللن أعللان
ظالما ً سلط عليه (( !
إن من الخطأ النسياق في هللذه الحللرب تحللت مسللوغات
خاصة ذاتية ،بينما أهدافها الحقيقية تتجللاوز العللراق ونللزع
أسلحته ،بل وتغيير نظامه إلللى إعللادة صللياغة المنطقللة ،
ورسم خريطتها وفق رؤية أمريكية إسرائيلية .
وهذه الحرب تأسيس خطيللر لمبللدأ التللدخل المباشللر فللي
شؤون الدول ،وخللوض المعللارك بهللدف تغييللر النظمللة ،
فضل ً عما قد يتمخض عنها مللن انكسللار حللاد فللي النظللام
والوجود العربي والسلمي .
وتمهيللد للتطللبيع الكامللل وصللفقة السلللم المذلللة ،وفللق
"خارطللة الطريللق" أو غيرهللا ممللا تتفتللق عنلله قللرائح
الليكوديين !
ة في سلسلللة ممتللدة ترمللي إلللى وربما كانت العراق حلق ً
القضاء على جميع ألوان السللتقلل فللي الرادة والقللرار ،
أو العمللل والتخطيللط ،أو التصللنيع وامتلك القللوة فللي
المنطقة السلللمية كلهللا ،وزحزحللة كللل مشللروع يشللكل
خطللرا ً حاليلا ً أو مسللتقبليا ً علللى الوجللود الغربللي والتفللوق
السرائيلي في المنطقة .
قد تتمكن اللة المتفوقللة مللن حسللم المعركللة فللي نهايللة
المطللاف ،وإقامللة النمللوذج الللذي تنشللده ليكللون قللدوةً
لجيرانه ،ومنطلقا ً لحروب أخرى تشن هنا وهناك ...
39
م
ض له ُ ْ ولكن تظل السنة قائمة " وَل َوَْل د َفْ لعُ الل ّلهِ الن ّللا َ
س ب َعْ َ
ل عََللللى َ
ضللل ٍذو فَ ْ ه ُ ن الّلللل َ ض وَل َ ِ
كللل ّ ت اْلْر ُ سلللد َ ِض ل ََف َ ب ِب َْعللل ٍ
ن"]البقرة[251: مي َال َْعال َ ِ
فصللاحب الحللق أطللول نفس لا ً وأمللد صللبرا ً ،وأقللدر علللى
التضللحية والفللداء ،وهللو إذا مللات يلورث الحفلاد الوصللية
بمحاسبة المعتدي والنتصاف منه .
فإذا رأيت جريمة الجاني وما اجترحت يداه
فانثر على قبري وقبر أبيك شيئا ً من دماه !
وما زالت ذكريات المقاومة الباسلة للستعمار ماثلللة فللي
الذهان ،أو ظاهرة للعيلان ،فلي العلراق والشلام ومصلر
وبلد المغرب وغيرها ،وما الحتلل الجديد عنه ببعيد .
قل للفرنسيس إذا جئته … …
مقالة من ناصح بر فصيح
دار ابن لقمان على حالها … …
والقيد باق..والطواشي صبيح
نل ن ال ْ ُ
مَنللافِِقي َ ن وَل َ ِ
كلل ّ مللؤْ ِ
مِني َ سللول ِهِ وَل ِل ْ ُ
"وَل ِّلللهِ ال ِْعللّزةُ وَل َِر ُ
ن" مو َ ي َعْل َ ُ
============
#ضوابط الفتيا في النوازل المعاصرة )(1/2
الدكتور /مسفر بن علي القحطاني أستاذ الفقلله وأصللوله
في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن 18/2/1424
20/04/2003
إن للنظر والجتهاد في أحكام النوازل المقام السمى في
السللم لمللا لله ملن موصللول الوشلائج بأصللوله وفروعلله
الحظ الوفى والقدح المعلى ،وهو الميدان الفسلليح الللذي
يستوعب ما جد ّ من شؤون الحياة والحيللاء ،وتعللرف مللن
خلللله أحكللام الشللرع فللي الوقللائع والمسللتجدات الدينيللة
والدنيوية .
ول يخفى على أهل العلم والصلح ما وقللع خلل السللابيع
الماضية من عدوان غاشم علللى العللراق اسللتهدف أرضلله
ومقدراته وانتهللك حقللوق شللعبه وحرمللاته ،فكللانت نازلللة
عظيمة أصيبت بها المة العربيللة و السلللمية فللي فؤادهللا
40
وتأثر لها العالم أجمع ،ولعلها بداية السيل الغربللي العللرم
على بلدنا ومقدساتنا وثقافاتنا السلمية.
عنللدها عللت صلليحات الغيللورين محل ّ
ذرةً مللن هللذه الفتنللة
ومرشدةً للمخرج الشرعي منها ،فخرج علللى إثرهللا عللدد
من الفتاوى الشللرعية للجللان وهيئات علميللة وكللذا لفللراد
من أهل العلم ؛ بّينت أحكام بعض النوازل التي وقعت في
الحرب ؛ كحكم جهاد الغزاة من المريكان والبريطللانيين ،
والتعللاون مللع البعللثيين فللي ذلللك ،وحكللم مناصللرتهم
ومظاهرتهم على المسلمين في هذه الزمة ،وهللل يجللوز
لجيللوش المسلللمين المشللاركة فللي هللذه الحللرب بتقللديم
العون والدعم مهما كان لولئك المعتدين إلللى غيرهللا مللن
المسائل الواقعة والمتوقعة الحدوث خلل اليام القادمة .
وقد أدى خروج بعض هذه الفتاوى في السللاحة السلللمية
إلى شيٍء مللن التبللاين والختلف فللي أحكامهللا ،والتنللافر
والتباعد بين أعلمهللا ،إضللافة للحيللرة والضللطراب الللتي
اعترت كثير من المسلمين من جللراء هللذا الختلف ،فللي
حين أننللا فللي أمللس الحاجللة فللي هللذه الزمللات للتقللارب
والئتلف و التعاون وجمع الكلمة على الحللق .ومللن أجللل
هذا المقصد العظيم أحببللت أن أشللارك إخللواني البللاحثين
وطلبللة العلللم الناصللحين بتوضلليح أهللم ضللوابط النظللر
والجتهاد في مثللل هللذه النللوازل ،وذكللر الململلح الهامللة
لجتهللادٍ أمثللل يسللتند علللى نصللوص الشللرع ويتوافللق مللع
مقاصده الكلية وقواعده العامة.
ومن أجل ذلك قسمت هذا البحث إلى ثلثة مطالب :
المطلب الول :مناهج الفتيا في النوازل المعاصرة .
المطلب الثاني:الضوابط التي ينبغللي أن يراعيهللا المجتهللد
قبل الحكم في النازلة .
المطلب الثالث:الضوابط التي ينبغي أن يراعيهللا المجتهللد
أثناء بحث النازلة .
هذا والله أسلأل أن يجلد القلارئ فللي هللذا التأصلليل لفقله
النوازل ما ينتفع به طلبة العلللم والبللاحثين ويللرأب الصللدع
الذي حدث بين بعضهم من جّراء أحداث الزمللة الراهنللة ،
ول أزعم أخواني القللراء الحاطللة والستقصللاء وإنمللا هللي
41
محاولة متواضعة أفتح فيها المجللال لهللل العلللم والفضللل
لشباع هذا الجانب المهم مللن التأصلليل ورب حامللل فقلله
إلى من هو أفقه منه ،كما أود التنبيه أني قد استعنت في
بحثي هللذا بدراسللتي الموسللعة حللول هللذا الموضللوع فللي
رسالتي للدكتوراه والللتي كللانت بعنللوان ):منهللج اسللتنباط
الحكللام الفقهيللة للنللوازل المعاصللرة ،دراسللة تأصلليلية
تطبيقية( والتي سوف تنزل المكتبات قريبا ً إن شاء الله.
المطلب الول :مناهج الفتيا في النوازل المعاصرة
برزت في العصر الحاضر مناهج فللي النظللر فيمللا اسللتجد
حدوثه من نوازل وواقعللات وبللرز لكللل منهللج منهللا علمللاء
ومفتون وجهات تبني اجتهادها في النوازل من خلل رؤيللة
هذه المناهج وطرقها في النظر .
وهذه المناهج المعاصرة في الفتيا والجتهاد ليست وليللدة
هذا العصر بل هي امتداد لوجهات نظر قديمللة واجتهللادات
علماء وأئمة سلكوا هذه المناهج وأسسوا طرقها .
فلن يكون مقصود بحثنللا تأريللخ هللذه المناهلج ورموزهلا إل
بقدر ما يوضح مناهج الفتوى والنظر فللي عصللرنا الحاضللر
إذ هللي الوعللاء لكللل مللا يج لد َ وينللزل بالنللاس مللن أحكللام
وواقعات معاصرة .
ويمكن إجمال أبرز هذه المناهج المعاصرة في النظر فللي
أحكام النوازل إلى ثلثة مناهج ،هي كالتالي- :
أول ً :منهج التضييق والتشديد .
من المقرر شرعا ً أن هللذا الللدين ُبنللي علللى اليسللر ورفللع
الحرج وأدلة ذلك غير منحصرة ،فاستقراء أدلللة الشللريعة
ض بأن الله عز وجلل جعلل هلذا اللدين رحمللة للنللاس ، قا ٍ
ويسرًا ،والرسول صلى الله عليه وسلم أصل بعثته الرأفة
والرحمة بالناس ورفع الصار والغلل الللتي كللانت واقعللة
مجللاءك ْ على من قبلنا من المم ،يقول الله تعللالى ]:ل ََق لد ْ َ
لم َ
م ص عَل َي ْك ُل ْ
ريل ٌ ح ِم َ زيلٌز عَل َي ْلهِ َ
مللا عَن ِت ّل ْ م عَ ِ سك ُ ْ سو ٌ ِ ْ
ن أنُف ِ َر ُ
م [).(1 حي ٌف َر ِ ن َرُءو ٌمِني َ ِبال ْ ُ
مؤ ْ ِ
َ
ن [ )(2 مي َة ل ِل َْعال َ ِم ًح َ ك ِإل َر ْسل َْنا َ
ما أْر َ ويقول عز وجل ] :وَ َ
،ويقول عليه الصلة والسلم )) :إن الله لم يبعثني معنتا ً
ول متعنتا ً ولكن بعثني معلما ً ميسرا ً (()(3
42
ومن أبرز أوصافه عليه الصلة والسلللم ملا قلاله ربله عللز
ضلعُث وَي َ َ م ال ْ َ
خب َللائ ِ َ م عَل َي ْهِل ْحّر ُ م الط ّي َّبا ِ
ت وَي ُ َ ل ل َهُ ْ
ح ّوجل ] :وَي ُ ِ
م[).(4 ت عَل َي ْهِ ْ كان َ ْل ال ِّتي َ م َوال ْ
غل َ صَرهُ ْ م إِ ْ
عَن ْهُ ْ
ولللذلك كللان عليلله الصلللة والسلللم يللترك بعللض الفعللال
والوامر ،خشيه أن يشق على أمته كما قال عليه الصلللة
والسلم ):لول أن أشق على أمللتي لمرتهللم بالسللواك (()
(5
ونظائره من السنة كثير ولذلك كان عليه الصلة والسلللم
يأمر أصحابه بالتيسير أيضا ً على الناس وعدم حملهم على
الشدة والضيق ،فقد قللال لمعللاذ بللن جبللل وأبللي موسللى
الشعري ل رضلي اللله عنهملا لل لملا بعثهملا إللى اليملن :
شرا ول تنّفرا (().(6 سرا وب ّ سرا ول تع ّ )) ي ّ
إن منهج التضييق و التشدد من الغلو المذموم انتهاجه في
أمر الناس سواًء كان إفتاًء أو تعليما ً أو تربية أو غير ذلك ،
وقد يهون المر إذا كان في خاصة نفسه دون إلزام الناس
به ،ولكن المر يختلف عندما ُيتجاوز ذلك إلللى المللر بلله ،
واللزام به،ويمكن إبراز بعض ملمح هذا المنهللج فللي أمللر
الفتاء بما يلي -:
أ-التعصب للمذهب أو للراء أو لفراد العلماء :
تقوم حقيقة التعصب على اعتقاد المتعصب أنه قبض على
الحق النهائي – في المور الجتهاديللة – الللذي ل جللدال ول
نق فللي النظللر وحسللن ظ ل ٍ مللراء فيلله ،فيللؤدي إلللى انغل ٍ
بللالنفس وتشللنيع علللى المخللالف والمنللافس ،ممللا يولللد
منهجللا ً متشللددا ً يّتبعلله الفقيلله أو المفللتي بللإلزام النللاس
بمذهبه في النظر وحرمة غيره من الراء و المذاهب؛ مما
يوقعه وإياهم في الضيق والعنت بالنغلق على هذا القول
أو ذاك المللللذهب دون غيللللره مللللن الراء و المللللذاهب
الراجحة .
يقول المام أحمد ل رحمه الله ل )) :من أفتى الناس ليس
ينبغي أن يحمل الناس على مذهبه ويشدد عليهم(().(7
مع العلم بأن مذهب جمهور العلماء عللدم إيجللاب اللللتزام
بمذهب معين في كل ما يذهب إليه من قول .
يقول شيخ السلم ابن تيمية ل رحمه الله ل -:
43
)) وإذا نزلت بالمسلم نازلة يستفتي من اعتقللد أنلله يفللتيه
بشرع الله ورسوله ملن أي ملذهب كلان ،ول يجلب عللى
أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء في كللل
ما يقول ،ول يجب على أحد من المسلمين التزام مللذهب
شخص معين غير الرسول صلى الله عليه وسلم فللي كللل
ما يوجبه ويخبر به ،بل كل أحد من الناس يؤخذ من قللوله
ويللترك إل رسللول اللله صلللى الللله عليلله وسلللم (().(8ول
يختلف الحال والثر إذا كان التعصب لراء وأقللوال طائفللة
أو إمللام معيللن ل ُيخ لَرج عللن اجتهللادهم وافقللوا الحللق أو
خالفوه .
والناظر في أحوال الناس المعاصرة وما أصابها مللن تغي ّللر
وتطور لم يسبق له مجتمع من قبل مع ما فيه من تشللابك
وتعقيد ،يتأكد لللديه أهميللة معللاودة النظللر فللي كللثير مللن
المسائل الفقهيللة الللتي بنيللت علللى التعليللل بالمناسللبة أو
قامت علللى دليللل المصلللحة أو العللرف السللائد ؛ كنللوازل
المعاملت المعاصرة من أنواع البيوع والسلم والضللمانات
والحوالت وغيرها ،أو كنللوازل الزمللات والحللروب كللالتي
تمر بالمة هذه الوقات ،وقد يكون التمسك بنصوص بعض
ص صللريح أو إجمللاع الفقهاء وشروطهم التي ليس فيهللا ن ل ٌ
من التضييق والتشدد الذي ينافي يسر وسماحة السلللم ،
وخصوصا ً إن احتاج الناس لمثل هذه القضايا أو المعاملت
التي قد تدخل في كثير من الحيان في بللاب الضللرورة أو
الحاجة الملحة .
ومن ذلك ما نراه في مجتمعنا المعاصر من شللدة الحاجللة
لمعرفة بعض أحكام المعاملت المعاصرة التي تنزل بحياة
الناس ،ولهللم فيهللا حاجللة ماسللة ،أو مرتبطللة بمعاشللهم
الخاص من غير انفكلاك ،والصلل الشلرعي فيهلا الحلل ،
ل بعقودهللا ممللا قللد وقد يطرأ على تلك المعاملت مللا يخل ّ
يقربها نحو المنع والتحريللم ،فيعمللد الفقيلله لتغليللب جهللة
الحرمة والمنع في أمثللال تللك العقللود الللتي تشلعبت فللي
حياة الناس ،مع أن الصل فللي العقللود الجللواز والصللحة)
،(9والصل في المنافع الباحة ).(10
44
فيصبح حلال أولئك النلاس إملا بحثلا ً علن القلوال الشلاذة
والمرجوحة فيقلدونها ولن يعللدموها ،وإمللا ينبللذون التقيللد
بالحكام الشرعية فللي معللاملتهم وهللي الطامللة الكللبرى،
سللع الفقهللاء علللى النللاس فللي أمثللال تلللك العقللود ولللو و ّ
وضللبطوا لهللم صللور الجللواز واسللتثنوا منهللا صللور المنللع
ووضعوا لهم البدائل الشرعية خيرا ً من أن يحملللوا النللاس
على هذا المركب الخشن من المنع العام والتحريللم التللام
لكل تلك العقود النازلة (11).
ومللن المثلللة فللي هللذا المجللال أيضلا ً مللا يقللع فللي الونللة
الخيرة أيام الحللج مللن تزايللد مطللرد لعللداد الحجللاج ومللا
ينجم عنه من تزاحم عنيف ومضايقة شديدة أدت إلى تغير
اجتهاد كثير من العلماء المفتين في كللثير مللن المسللائل ،
ومخالفة المشهور من المذاهب تخفيفلا ً علللى النللاس مللن
الضيق والحرج ،وكم سيحصل للناس من شدة وكرب لللو
تمسللك أولئك العلمللاء بللأقوال أئمتهللم أو أفتللوا بهللا دون
اعتبلللار لتغيلللر الحلللوال والظلللروف واختلف الزمنلللة
والمجتمعات .
فرمي الجمار في أيام التشللريق يبللدأ مللن زوال الشللمس
حتى الغروب ،وعلى رأي الجمهللور ل يجللزئ الرمللي بعللد
المغرب (12).
ومع ذلك اختار كثير ملن المحققيلن وجهلات الفتلاء جلواز
الرمللي ليل ً مراعللاة للسللعة والتيسللير علللى الحجللاج مللن
دة والزحام (13). الش ّ
ولعل الداعي يتأكد لمعاودة النظر فللي حكللم الرمللي قبللل
الللزوال وخصوص لا ً للمتعجللل فللي اليللوم الثللاني مللن أيللام
التشريق ؛ لما ترتب على الرمي بعد الزوال في السنوات
الماضية من ضلليق وحللرج شللديد ،ول يخفللى أن القاعللدة
في أعمال الحج كما أنها قائمة على اتباع سنة النبي صلى
الله عليه وسلم قائمة أيضا ً علللى رفللع الحللرج والتيسللير .
وقد أفتى بالجواز بعض الئمللة مللن التللابعين وهللو مللذهب
الحناف ).(14
ب -التمسك بظاهر النصوص فقط .
45
إن تعظيم النصوص وتقديمها أصل ديني ومطلللب شللرعي
ل يصح للمجتهد نظر إذا لم يأخللذ بالنصللوص ويعمللل بهللا ،
ولكن النحراف يحصل بالتمسك بظللواهر النصللوص فقللط
دون فقهها ومعرفة مقصد الشرع منهللا .وممللا يللدل علللى
وجود هذا التجاه ما ذكره د .صالح المزيللد بقللوله )):وقللد
ظهر في عصرنا من يقول :يكفللي الشللخص لكللي يجتهللد
فللي أمللور الشللرع يقتنللي مصللحفا ً مللع سللنن أبللي داود،
وقاموس لغوي (().(15
وهذا النوع من المتطفلين لم يشموا رائحة الفقه فضل ً أن
يجتهللدوا فيلله ،وقللد سللماهم د .القرضللاوي ) بالظاهريللة
الجدد ( ل مع فارق التشبيه في نظري ل حيث قال عنهللم :
))المدرسلللة النصلللية الحرفيلللة ،وهلللم اللللذين أسلللميهم
)الظاهرية الجدد( وجلهللم ممللن اشللتغلوا بالحللديث ،ولللم
يتمرسوا الفقه وأصوله ،ولم يطلعوا على اختلف الفقهاء
ومللداركهم فللي السللتنباط ول يكللادون يهتمللون بمقاصللد
الشريعة وتعليل الحكام بتغير الزمان والمكان والحللال(()
.(16
وهؤلء أقرب شيء إلللى ألسللنتهم وأقلمهللم إطلق كلمللة
التحريم دون مراعللاة لخطللورة هللذه الكلمللة ودون تقللديم
الدلة الشافية من نصوص الشرع وقواعده سندا ً للتحريللم
وحمل ً للناس على أشد مجاري التكليف ،والللله عللز وجللل
فص ُ ما ت َ ِقد حذر من ذلك حيث قال سبحانه َ] :ول ت َُقوُلوا ل ِ َ
َ
م ل ِت َْفت َلُروا عَل َللى الل ّل ِ
ه حلَرا ٌذا َ ل وَهَل َحل ٌ ذا َ ب هَ َ م ال ْك َذِ َ أل ْ ِ
سن َت ُك ُ ْ
ن [) حللو َب ل ي ُْفل ِ ُن عَل َللى الل ّلهِ ال ْك َلذِ َن ي َْفت َُرو َ ن ال ّ ِ
ذي َ ب إِ ّ ال ْك َذِ َ
.(17
فكم من المعاملت المباحة حرمت وكثير من أبواب العلم
والمعرفة ُأوصدت وُأخرج أقللوام مللن المل ّللة زاعميللن فللي
ذلك كله مخالفة القطعي من النصوص والثابت من ظللاهر
الدلة ؛ وليس المر كذلك عند العلماء الراسخين .
يقول المام ابن القيم ل رحمه الله ل )) :ل يجللوز للمفللتي
أن يشهد علللى الللله ورسللوله بللأنه أحللل كللذا أو حرملله أو
أوجبه أو كرهه إل لما يعلم أن المر فيلله كللذلك ممللا نللص
اللللله ورسلللوله عللللى إبلللاحته أوتحريمللله أو إيجلللابه أو
46
كراهيته ..قال غير واحللد مللن السلللف :ليحللذر أحللدكم أن
يقول :أحل الله كذا أو حّرم كذا ،فيقللول الللله للله كللذبت
لم أحل كذا ،ولم أحرمه (().(18
وهذا التحذير مللن إصللدار أحكللام الللله تعللالى قاطعللة فللي
النوازل والواقعات من دون علم راسخ ل شك أنلله يفضللي
إلللى إعنللات النللاس والتشللديد عليهللم بمللا ينللافي سللماحة
الشريعة ورحمتها بالخلق .
وقللد وقللع فللي العصللور الخيللرة مللن كّفللر المجتمعللات
والحكومات حتى جعلوا فعل المعاصي سللببا ً للخللروج عللن
السلم ،ومللن أولئك القللوم ؛ مللا قللاله مللاهر بكللري أحللد
أعضاء التكفير والهجرة )) :إن كلمة عاصي هي اسم من
أسماء الكافر وتساوي كلمة كافر تماما ً ،ومرجع ذلك إلى
قضية السماء ،إنه ليس في ديللن الللله أن يسللمى المللرء
ن واحد مسلما ً وكافرا ً )!!(19؟ في آ ٍ
وكما حدث من بعض طلبة العلم في الزمللة الخيللرة فللي
العراق من التكفير والخللراج مللن الملللة لكللل مللن ظللاهر
الكفار فقط ؛دون التفريق بيللن التللولي و المللوالة أو دون
النظر في حال المعين وما قد يشوبه من إكللراه أو تأويللل
أو غير ذلك
إن هذا المنهج القائم علللى النظللر الظللاهر للنصللوص دون
معرفة دللتها أعنت المة وأوقللع المسلللمين فللي الشللدة
والحرج ولعله امتللداد للخللوارج فللي تشللديدهم وتضللييقهم
على أنفسللهم والنللاس ،أو الظاهريللة فللي شللذوذهم نحللو
بعض الفهام الغريبة والراء العجيبة .
ج ل الغلو في سد الللذرائع والمبالغللة فللي الخللذ بالحتيللاط
عند كل خلف .
دلت النصوص الكثيرة على اعتبار سد الللذرائع والخللذ بلله
حماية لمقاصد الشريعة وتوثيقا ً للصل العام الللذي قللامت
عليه الشريعة من جلب المصالح ودرء المفاسد .ولللله در
ابن القيم ل رحمه الله ل إذ يقول -:
)) فإذا حّرم الرب تعالى شيئا ً وله طللرق ووسللائل تفضللي
إليه ،فإنه يحرمها ويمنللع منهللا ،تحقيقلا ً لتحريملله ،وتثبيتلا ً
له ،ومنعا ً من أن يقرب حماه ولو أباح الوسللائل والللذرائع
47
المفضية إليه لكلان ذللك نقصلا ً للتحريلم وإغلراًء للنفلوس
به (().(20
ويحدث الشكال في اعتبار قاعدة سد الذرائع عندما تؤول
المبالغة في الخذ بها إلى تعطيللل مصللالح راجحللة مقابللل
مصلحة أو مفسدة متوهمة يظنهللا الفقيلله ؛ فيغلللق البللاب
إساءةً للشللرع مللن حيللث ل يشللعر كمللن ذهللب إلللى منللع
زراعة العنب خشية اتخاذه خمرًا،والمنع من المجاورة في
البيوت خشية الزنللا ،فهلذه المثللة وغيرهللا اتفقلت المللة
على عدم سللده،لن مصلللحته راجحللة فل تللترك لمفسللدة
مرجوحة متوهمة(21).وقد يحصل لبعللض متفقهللة العصللر
الحاضر المبالغة في رفللض القتبللاس مللن المللم الخللرى
فيما توصلت إليه من أنظمة وعلوم ومعارف ومخترعات ؛
معتبرين ذلك من الحداث في الدين والمخالفة لهدي سيد
المرسلين ).(22
والنللاظر فللي كللثير مللن النللوازل المعاصللرة فللي مجللال
القتصاد والطب يرى أنهللا فللي غالبهللا قادمللة مللن الللدول
الكللافرة وأن تعميللم الحكللم بللالرفض بنللاًء علللى مصللدره
ومنشأه تحجر وتضللييق .ول تللزال تللرد علللى النللاس مللن
المستجدات والوقائع بحكللم اتصلالهم بلالمم الخللرى مللن
العللادات والنظللم مللا لللو أغل َللق المفللتي فيلله علللى النللاس
دد مللن غيللر دليللل وحجللة ؛ لنفللض النللاس مللن الحكم وش ّ
حول الدين وغرقوا فيها من غيللر حاجللة للسللؤال ،ولللذلك
كان من المهم سد الذرائع المفضللية إلللى مفاسللد راجحللة
وإن كانت ذريعة في نفسها مباحة كما ينبغي فتح
الذرائع إذا كلانت تفضللي إلللى طاعلات وقربللات مصللحتها
راجحة ).(23
ومللن ململلح منهللج التضللييق والتشللدد فللي الفتللوى فللي
النوازل:
الخذ بالحتياط عند كل مسألة خلفية ينهللج فيهللا المفللتي
نحو التحريم أو الوجوب سد ّا ً لذريعة التساهل فللي العمللل
بالحكام أو منعا ً من الوقوع في أمرٍ فيه نوع شبهة يخشى
أن يقع المكلف فيها ،فيجري هذا الحكم عاما ً شامل ً لكللل
أنواع الناس والحوال والظروف .
48
فمن ذلك منع عمل المرأة ولو بضوابطه الشرعية ووجللود
الحاجة إليه ).(24
وكذلك تحريم كافة أنواع التصوير الفوتغرافي والتلفزيوني
مع شدة الحاجة إليه في أوقاتنا المعاصرة )(25إلى غيرها
من المسائل التي أثبت جمهور العلماء جوازهللا بالضللوابط
والشروط الصالحة لذلك .
ويجب التنبيه ل في هذا المقام ل على أن العمل بالحتيللاط
سائغ فللي حللق النسللان فللي نفسلله لمللا فيلله مللن الللورع
واطمئنان القلب ،أما إلزام العامة به واعتباره منهجا ً فللي
الفتوى فإن ذلك مما يفضي إلى وضع الحرج عليهم).(26
وقاعللدة :اسللتحباب الخللروج مللن الخلف )(27؛ ليسللت
على إطلقها بل اشترط العلماء في استحباب العمللل بهللا
شروطا ً هي كالتالي -:
أ ل أن ل يؤدي الخروج من الخلف إلى الوقوع في محذور
شللرعي مللن تللرك سللنة ثابتللة أو اقتحللام مكللروه أو تللرك
للعمل بقاعدة مقررة .
ب للل أن ل يكللون دليللل المخللالف معلللوم الضللعف فهللذا
الخلف ل يلتفت إليه .
ج ل أن ل يؤدي الخروج من الخلف إلى الوقوع فلي خلف
آخر .
د ل أن ل يكون العامل بالقاعدة مجتهدا ً ؛ فإن كان مجتهدا ً
لم يجز له الحتياط في المسللائل الللتي يسللتطيع الجتهللاد
فيها
بل ينبغي عليه أن يفتي الناس بما ترجح عنللده مللن الدلللة
والبراهين ).(28
يقول د .الباحسين في بيان بعللض آثللار العمللل بالحتيللاط
في كل خلف حصل:
))ووجه الشبه في معارضة هذه القاعدة لرفع الحرج ،هو
أنه إذا كان وجللوب الحتيللاط يعنللي وجللوب التيللان بجميللع
محتملت التكليف ،أو اجتنابها عند الشللك بهللا ،فللإن فللي
ذلك تكثيرا ً للفعال التي سيأتي بها المكلف أو سلليجتنبها ،
وفللي هللذه الزيللادة فللي الفعللال مللا ل يتلءم مللع إرادة
التخفيف والتيسير ورفع الحرج ،بل قللال بعللض العلمللاء :
49
إنه لو بنى المكلف يوما ً واحدا ً على اللتزام بالحتياط فللي
جميع أموره مما خرج من موارد الدلة القطعية لوجد مللن
نفسه حرجا ً عظيما ً ،فكيف لللو بنللى ذلللك جميللع أوقللاته ،
وأمر عامة المكلفين حتى النسللاء وأهللل القللرى والبللوادي
فإن ذلك مما يؤدي إلى حصول الخلللل فللي نظللام أحللوال
العباد ،والضرار بأمور المعايش((). (30
ثانيا ً :منهج المبالغة في التساهل والتيسير
ظهر ضللمن مناهللج النظللر فللي النللوازل المعاصللرة منهللج
المبالغللة والغلللو فللي التسللاهل والتيسللير ،وتعتللبر هللذه
المدرسللة فللي النظللر والفتللوى ذات انتشللار واسللع علللى
المستوى الفردي والمؤسسي خصوصا ً أن طبيعللة عصللرنا
الحاضر قد طغت فيه المادية على الروحية ،والنانية على
الغيرية ،والنفعيللة علللى الخلق ،وكللثرت فيلله المغويللات
بالشر والعللوائق عللن الخيللر ،وأصللبح القللابض علللى دينلله
كالقابض على الجمر حيث تلواجهه التيللارات الكلافرة عللن
ن مل ْيمين وشمال تحاول إبعاده عن دينه وعقيدته ول يجللد َ
يعينه بل ربما يجد من يعوقه .
وأمام هذا الواقع دعا الكثير من الفقهللاء إلللى التيسللير مللا
اسللتطاعوا فللي الفتللوى والخللذ بللالترخص فللي إجابللة
المستفتين ترغيبا ً لهم وتثبيتا ً لهللم علللى الطريللق القللويم)
.(31
ولشك أن هذه دعوى مباركة قائمة علللى مقصللد شللرعي
عظيم من مقاصد الشريعة العليا وهو رفللع الحللرج وجلللب
النفع للمسلم ودرء الضرر عنه في الدارين ؛ ولكن الواقللع
المعاصللر لصللحاب هللذا التللوجه يشللهد أن هنللاك بعللض
التجاوزات في اعتبار التيسير والخذ بالترخص وربمللا وقللع
أحدهم في رد بعض النصوص وتأويلها بما ل تحتمللل وجه لا ً
في اللغة أو في الشرع .
وغ التضللحية وضغط الواقع ونفرة الناس عن الللدين ل يس ل ّ
بالثوابت والمسلمات أوالتنللازل عللن الصللول والقطعيللات
مهمللا بلغللت المجتمعللات مللن تغيللر وتطللور فللإن نصللوص
الشرع جاءت صالحة للناس في كل زمان ومكان .
50
يقول الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ل رحمه الللله ل ل فللي
ذلك )) :فعموم الشريعة لسائر البشر في سللائر العصللور
مما أجمع عليلله المسللمون ،وقللد أجمعلوا علللى أنهللا ملع
عمومها صالحة للناس فللي كللل زملان ومكلان ولللم يلبينوا
كيفيللة هللذه الصلللوحية ؛ وهللي عنللدي تحتمللل أن تتصللور
بكيفيتين :
الكيفية الولى :أن هذه الشريعة قابلللة بأصللولها وكلياتهللا
للنطبللاق علللى مختلللف الحللوال بحيللث تسللاير أحكامهللا
مختلف الحوال دون حرج ول مشقة ول عسر …
الكيفية الثانية :أن يكون مختلللف أحللوال العصللور والمللم
قللابل ً للتشللكيل علللى نحللو أحكللام السلللم دون حللرج ول
مشقة ول عسر كمللا أمكللن تغييللر السلللم لبعللض أحللوال
العرب والفرس والقبللط والللبربر والللروم والتتللار والهنللود
والصين والترك مللن غيللر أن يجللدوا حرجلا ً ول عسللرا ً فللي
القلع عما نزعوه من قديم أحوالهم الباطلة(().(32
فمللن الخطللأ والخطللر تللبرير الواقللع والمبالغللة فللي فقلله
ل والعمللل بللأي اجتهللادٍ دون اعتبللار التيسير بالخذ بأي قللو ٍ
مّهما ً في النظر والجتهاد .الحجة والدليل مقصدا ً ُ
ولعل من الدوافع لهذا التجاه الجتهادي ؛أن أصحاب هللذه
المدرسللة يريللدون إضللفاء الشللرعية علللى هللذا الواقللع ،
بالتماس تخريجات وتأويلت شرعية ،تعطيه سندا ً للبقللاء .
وقد يكون مهمتهم تبرير ،أو تمرير ما يراد إخراجلله للنللاس
من قوانين أو قرارات أو إجراءات تريدها السلطة .
ومن هؤلء من يفعل ذلك مخلص لا ً مقتنع لا ً ل يبتغللي زلفللى
إلى أحد ،ول مكافأة مللن ذي سلللطان ولكنلله واقللع تحللت
تللأثير الهزيمللة النفسللية أمللام حضللارة الغللرب وفلسللفاته
ومسلماته .
ومنهم مللن يفعللل ذلللك ،رغبللة فللي دنيللا يملكهللا أصللحاب
مللن وراءهللم مللن الللذين يحركللون الزرار مللن السلطة أو َ
وراء الستار ،أو حبا ً للظهور والشهرة على طريقة :
خالف تعرف ،إلى غير ذلك من عوامل الرغب والرهب أو
الخوف والطمع التي تحرك كثيرا ً من البشللر ،وإن حملللوا
ألقاب أهل العلم وألبسوا لبوس أهل الدين .
51
ول يخفى على أحد ما لهذا التيار الجتهادي من آثللار سلليئة
على الدين وحتى على تلك المجتمعات التي هم فيها،فهللم
قد أزالوا من خلل بعض الفتاوى الفوارق بين المجتمعللات
المسلللمة والكللافرة بحجللة مراعللاة التغيللر فللي الحللوال
والظروف عما كانت عليه في القرون الولى).(33
ويمكن أن نبرز أهم ملمح هذا التجاه فيما يلي -:
ا -الفراط بالعمل بالمصلحة ولو عارضت النصوص :
إن المصلحة المعتبرة شرعا ً ليست بذاتها دليل ً مستقل ً بل
هي مجموع جزئيات الدلة التفصيلية مللن القللرآن والسللنة
التي تقوم على حفظ الكليات الخمس فيسللتحيل عقل ً أن
تخللالف المصلللحة مللدلولها أو تعارضلله وقللد ُأثبتللت حجيللة
المصلحة عن طريق النصللوص الجزئيللة فيكللون ذلللك مللن
قبيل معارضة المللدلول لللدليله إذا جللاء بمللا يخللالفه وهللذا
باطل ).(34
فالمصلحة عند العلماء ما كانت ملئمة لمقاصللد الشللريعة
ل تعارض نصا ً أو إجماعا ً مع تحققها يقينيا ً أو غالبلا ً وعمللوم
نفعها في الواقع ،أما لو خالفت ذلللك فل اعتبللار بهللا عنللد
كي ح ِ
عامة الفقهاء والصوليين إل ما ُ
عن المام الطوفي ل رحمه الله ل أنه نادى بضرورة تقللديم
دليلللل المصللللحة مطلقلللا ً عللللى النلللص والجملللاع عنلللد
معارضتهما له(35).
وواقع الفتاء المعاصر جنللح فيلله بعللض الفقهللاء والمفللتين
إلى المبالغللة فللي العمللل بالمصلللحة ولللو خللالفت الللدليل
المعتبر ومن ذلك ما قللاله بعللض المعاصللرين ممللن ذهبللوا
إلللى جللواز تللولي المللرأة للمناصللب العاليللة )) :إن النللبي
صلى الله عليه وسلم قللرأ علللى النللاس فللي مكللة سللورة
النمل وقص عليهم في هذه السورة قصة ملكة سبأ الللتي
قللادت قومهللا إلللى الفلح والمللان بحكمتهللا وذكائهللا ،
ويستحيل أن يرسل حكما ً في حديث يناقض ما نللزل عليله
من وحي …ل إلى أن قال لل هللل خللاب قللوم ولللوا أمرهللم
امرأة من هذا الصنف النفيس ((). (36
52
ول شك في معارضة هذا الكلم لما ورد عللن النللبي صلللى
الله عليه وسلم بقوله )) :لن يفلح قوم وّلوا أمرهم امرأة
(().(37
ومللن ذلللك أيضللا ً مللا أفللتى بلله فضلليلة المفللتي السللابق
بجمهورية مصر العربية على جواز الفللوائد المصللرفية مللع
معلومية الربا فيها ،ومخالفته للنصوص والجماع المحللرم
للربا قليله وكثيره ).(38
وظهر في الونة الخيرة بعللض الفتللاوى الللتي أبللاحت بيللع
الخمر من أجل مصلحة
البلد في استقطاب السياحة ،وإباحة الفطار في رمضان
من أجل أل تتعطللل مصلللحة العمللال فللي البلد ،وإباحللة
التعامل بالربا من أجل تنشيط الحركة التجاريللة والنهللوض
بها ،والجمع بين الجنسين فللي مرافلق المجتمللع لملا فللي
ف للميلللل الجنسلللي ب للخلق وتخفيللل ٍ ذللللك ملللن تهلللذي ٍ
بينهما !! ؟). (39
وبعضها جوزت التسوية بين البناء والبنللات فللي الميللراث)
، (40بللل وبعضللها جللوزت أن تمثللل المللرأة وتظهللر فللي
العلم بحجللة التكييللف مللع تطللورات العصللر بفقلله جديللد
وفهم جديد).(41
وكللل هللذه وغيرهللا خرجللت بللدعوى العمللل بالمصلللحة
ومواكب الشريعة لمستجدات الحياة .
ب – تتبع الرخص والتلفيق بين المذاهب :
الرخللص الشللرعية الثابتللة بللالقرآن والسللنة ل بللأس فللي
العمل بها لقول النبي صلى الله عليلله وسلللم )) :إن الللله
يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه (().(42
أما تتبع رخص المللذاهب الجتهاديللة والجللري وراءهللا دون
حاجةٍ يضطر إليها المفتي ،والتنقل ملن ملذهب إللى آخلر
والخذ بللأقوال عللددٍ مللن الئمللة فللي مسللألة واحللدة بغيللة
الترخص ،فهذا المنهللج قللد كرهلله العلمللاء وحل ّ
ذروا منلله ،
وإمامهم في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما قال )) :
إني أخاف عليكم ثلثا ً وهي كائنللات :زلللة عللالم ،وجللدال
منافق بالقرآن ،ودنيا تفتح عليكم ((). (43
53
فزلة العاِلم مخوفة بالخطر لترتب زلل العاَلم عليها فمللن
تتبع زلل العلماء اجتمع فيه الشر كله .
وقد حكى بعض المعاصرين خلفا ً بين العلمللاء فللي تجللويز
الخذ برخص العلماء لمن كان مفتيا ً أو ناظرا ً في النللوازل
).(44
ولعل حكاية الخلف ليست صللحيحة علللى إطلقهللا وذلللك
للسباب التالية -:
-1أن الخلف الذي ذكروه في جواز تتبللع الرخللص أخللذوه
بناًء على الخلف في مسألة الجواز للعامي أن يتخيللر فللي
تقليده من شاء ممن بلغ درجة الجتهاد ،وأنه ل فرق بيللن
مفضول وأفضل ،ومع ذلك فللإنهم وإن اختلفللوا فللي هللذه
المسألة إل أنهم اتفقوا على أنه إن بللان لهللم الرجللح مللن
المجتهدين فيلزمهم تقليده ول يجللوز لهللم أن يتتبعللوا فللي
ذلك رخص العلماء وزللهم والعمل بها دون حاجه أو ضابط
).(45
ف للعلماء في مسألة تخريجلا ً علللى فل يصح أن ُيحكى خل ٌ
مسألة أخرى تخالفها فللي المعنللى والمضللمون ،ول تلزم
بينهللا وذلللك أن الخلف فللي حللق العللامي ،أمللا المجتهللد
المفتي فل يجوز له أن يفللتي إل بمللا توصللل إليلله اجتهللاده
ونظره ).(46
وز الللترخص فللي الخللذ بللأقوال أي -2أن بعض العلماء ج ل ّ
العلماء شاء وهذا إنما هو في حق العللوام ل ل كمللا ذكرنللا ل ل
كذلك أن يكون في حالت الضطرار وأن ل يكللون غرضلله
الهوى والشهوة ،يقول المام الزركشي ل رحمه الله ل في
ذلللك )) :وفللي فتللاوى النللووي الجللزم بللأنه ل يجللوز تتبللع
الرخص ،وقال في فتاٍوله أخللرى ؛ وقللد سللئل عللن مقلللد
ملذهب :هلل يجلوز لله أن يقللد غيلر ملذهبه فلي رخصلة
لضرورة ونحوها ؟ ،أجاب :يجوز له أن يعمل بفتللوى مللن
يصلح للفتاء إذا سأله اتفاق لا ً مللن غيللر تلّقللط الرخللص ول
تعمد سؤال مللن يعلللم أن مللذهبه الللترخيص فللي ذلللك (()
.(47
فالعلمللاء ل يجللوزون تتبللع الرخللص إل فللي حللالت خاصللة
يبّررها حاجة وحال السائل لذلك ل أن يكون منهجا ً للفتللاء
54
يتبعلله المفللتي مللع كللل سللائل أوفللي كللل نازلللة بللالهوى
والتشهي ).(48
– 3أن هناك من العلماء من حكى الجماع على حرمة تتبع
الرخص حتى لو كان عاميا ً ومن أولئك المام ابللن حللزم ل ل
رحمه الله ل)(49وابن الصلح ل رحملله الللله للل)(50وكللذلك
ابن عبد البر حيث قال رحمه الله)):ل يجللوز للعللامي تتبللع
الرخص إجماعًا(().(51
وقد أفاض المام الشاطبي ل رحمه الله ل في الثار السيئة
التي تنجم عن العمل بتلّقط الرخص وتتبعها من المللذاهب
وخطر هذا المنهج في الفتيا).(52
والتساهل المفرط ليللس مللن سلليما العلمللاء الخيللار وقللد
جعل ابن السمعاني ل رحمه الله ل من شروط العلماء أهل
الجتهاد :الكللف عللن الللترخيص والتسللاهل ،ثللم صللنف لل
رحمه الله ل المتساهلين نوعين :
-1أن يتسللاهل فللي طلللب الدلللة وطللرق الحكللام ويأخللذ
ببادئ النظر وأوائل الفكر فهذا مقصر في حق الجتهاد ول
يحل له أن يفتي ول يجوز .
- 2أن يتسللاهل فللي طلللب الرخللص وتللأول السللنة فهللذا
متجوز في دينه وهو آثم من الول).(53
والملحللظ أن منهللج التسللاهل القللائم علللى تتبللع الرخللص
يفضي إلى اتباع الهللوى وانخللرام نظللام الشللريعة )) فللإذا
عرض العامي نازلته على المفتي ،فهو قائل له :أخرجني
عن هواي ودلني على اتباع الحق ،فل يمكن والحلال هللذه
أن يقول له :في مسللألتك قللولن فللاختر لشللهوتك أيهمللا
ل لهل العلم يصلح لك شئت () (54أو سأبحث لك عن قو ٍ
،وقد قال المام أحمد ل رحمه الله ل )) :لو أن رجل ً عمل
بكل رخصه ؛ بقول أهل الكوفة في النبيذ ،وأهللل المدينللة
في السماع ،وأهل مكة في المتعة كان فاسقا ً (().(55
ويروى عن إسماعيل القاضي ل ل رحملله الللله ل ل أنلله قللال :
)) دخلت على المعتضد فدفع إلي كتابا ً فنظللرت فيلله وقللد
جمع فيه الرخص من زلل العلماء وما احتج به كللل منهللم،
فقلللت :مصللنف هللذا زنللديق ،فقللال :لللم تصللح هللذه
الحاديث ؟ قلت :الحاديث على ما رويت ولكن مللن أبللاح
55
المسللكر لللم يبللح المتعللة ،ومللن أبللاح المتعللة لللم يبللح
المسللكر ،ومللا مللن عللالم إل وللله زلللة ،ومللن جمللع زلللل
العلماء ،ثم أخذ بها ذهللب دينلله ،فللأمر المعتضللد بللإحراق
ذلك الكتاب (().(56
ولعل واقعنللا المعاصللر يشللهد جللوانب مللن تسللاهل بعللض
الفقهاء في التلفيق بين المذاهب وتتبللع الرخللص كمللا هللو
حاصل عند من يضع القللوانين والنظمللة أو يحتللج بأسلللمة
القللانون بنللاًء علللى هللذا النللوع مللن التلفيللق ،أمللا حللالت
الضرورة في الخذ بهذا المنهج فإنها تقدر بقدرها .
ج – التحايل الفقهي على أوامر الشرع .
وهو من ملمح مدرسة التساهل والغلو في التيسير ؛ وقللد
جاء النهي في السنة عن هذا الفعل حيث قال النبي صلى
الله عليه وسلم )):ل ترتكبوا ما ارتكب اليهللود فتسللتحلوا
محارم الله بأدنى الحيللل (() .(57وعلللى ذلللك اتفللق أكللثر
أهل العلم على عدم تجويزه ) (58وفي ذلك يقول المللام
القرافي ل رحمه الله ل )) :ل ينبغي للمفتي :إذا كان فللي
المسألة قولن :أحدهما فيه تشديد والخر فيلله تخفيللف ؛
أن يفللتي العامللة بالتشللديد والخللواص مللن ولة المللور
بالتخفيف وذلك قريب مللن الفسللوق والخيانللة فللي الللدين
والتلعب بالمسلمين ،ودليل على فراغ القلب من تعظيم
الللله تعللالى و إجلللله وتقللواه ،وعمللارته بللاللعب وحللب
الرياسة والتقرب إلى الخلق دون الخالق نعللوذ بللالله مللن
صفات الغافلين (().(59
وقد حكى أبو الوليد الباجي ل رحمه الللله لل عللن أحللد أهللل
زمانه أخللبره أنلله وقعللت للله واقعللة ،فأفتللاه جماعللة مللن
المفتين بما يضره وكلان غائبلا ً ،فلملا حضلروا قلالوا :للم
نعلم أنها لك ،وأفتوه بالرواية الخرى ،قال :وهللذا ممللا ل
خلف بين المسلمين المعتد بهم في الجماع أنه ل يجوز )
.(60
صل المام ابن القيم ل رحمه الله ل القول في الحيل وقد ف ّ
الممنوعة على المفتي وما هو مشروع له حيث قال :
)) ل يجوز للمفتي تتبللع الحيللل المحرمللة والمكروهللة ،ول
م
حلرِ َ
تتبع الرخص لمن أراد نفعه ،فإن تتبللع ذلللك فسللق و ُ
56
سن قصده في حيلةٍ جائزة ل شبهة فيها ح ُاستفتاؤه ،فإن َ
ول مفسدة ،لتخليص المستفتي بها من حللرج جللاز ذلللك ،
بل استحب ،وقد أرشد الله نبيه أيوب عليلله السلللم إلللى
التخلص من الحنث بأن يأخذ بيده ضغثا ً فيضرب به المرأة
ة واحدة .وأرشد النبي صلللى الللله عليلله وسلللم بلل ً ضرب ً
إلى بيع التمر بدراهم ،ثللم يشللتري بالللدراهم تمللرا ً آخللر ،
فيخلص من الربا .
فأحسن المخارج ما خّلص من المآثم وأقبح الحيل ما أوقع
في المحارم أو أسقط ما أوجبه الللله ورسللوله مللن الحللق
اللزم والله الموفق للصواب (().(61
وقد وقع كثير من الفقهلاء المعاصللرين فلي الفتللاء بجلواز
كثير من المعاملت المحرمة تحللايل ً علللى أوامللر الشللرع ؛
كصور بيع العينة المعاصرة ومعاملت الربا المصللرفية ،أو
التحايل على إسقاط الزكاة أو البراء من الديون الواجبة ،
أو ما يحصل في بعض البلدان من تجويز النكحللة العرفيللة
تحايل ً على الزنا ،أو تحليل المرأة لزوجها بعد مبللاينته لهللا
بللالطلق ،وكللل ذلللك وغيللره مللن التحايللل المللذموم فللي
الشرع ).(62
ثالثا ً :المنهج الوسطي المعتدل في النظر والفتاء
الشريعة السلمية شريعة تتميلز بالوسلطية واليسلر وللذا
ينبغي للناظر في أحكام النوازل من أهل الفتيللا والجتهللاد
أن يكونللوا علللى الوسللط المعتللدل بيللن طللرف التشللدد
والنحلل كمللا قللال المللام الشللاطبي للل رحملله الللله ل ل :
)) المفتي البالغ ذروة الدرجة هو الذي يحمل الناس علللى
المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور فل يذهب بهم مذهب
الشدة ول يميل بهم إلى طرف النحلل .
والدليل على صحة هذا أن الصراط المستقيم الذي جاءت
به الشريعة ؛فإنه قد مّر أن مقصللد الشللارع مللن المكلللف
الحمل عللى التوسلط ملن غيلر إفلراط ول تفريلط ،فلإذا
خرج عن ذلك في المسللتفتين ؛ خللرج عللن قصللد الشللارع
ن خرج عللن المللذهب الوسللط مللذموما ً عنللد م ْولذلك كان َ
العلماء الراسخين …فإن الخروج إلى الطراف خارج عللن
العدل ،ول تقوم به مصلحة الخلللق ،أمللا طللرف التشللديد
57
فللإنه مهلكللة وأمللا طللرف النحلل فكللذلك أيضللا ً ؛ لن
ب به مللذهب العنللت والحللرج ب ُغّللض إليلله المستفتي إذا ذ ُهِ َ
الدين وأدى إلى النقطاع عن سلوك طريق الخرة ،وهللو
ب بلله مللذهب النحلل كللان مظنللة مشللاهد ،وأمللا إذا ذ ُهِل َ
للمشي على الهوى والشهوة ،والشللرع إنمللا جللاء بللالنهي
عن الهوى واتباع الهوى مهلك ،والدلة كثيرة (().(63
ولعل مللا ذكرنللاه مللن ململلح للمناهللج الخللرى المتشللددة
والمتساهلة كان من أجل أن يتبين لنللا مللن خللهللا المنهللج
المعتللدل ؛ وذلللك أن الشللياء قللد تعللرف بضللدها وتتمللايز
بنقائضها.
وقد أجاز بعض العلماء للمفتي أن يتشدد في الفتوى على
سبيل السياسة لمن هللو مقللدم علللى المعاصللي متسللاهل
فيها ،وأن يبحث عن التيسير والتسلهيل عللى ملا تقتضليه
الدلة لمن هو مشدد علللى نفسلله أو غيللره ،ليكللون مللآل
الفتوى :أن يعود المستفتي إلى الطريق الوسط ).(64
ولذلك ينبغي للمفتي أن يراعي حالللة المسللتفتي أو واقللع
النازلة فيسير في نظره نحو الوسط المطلوب باعتللدال ل
إفراط فيه نحو التشدد ول تفريط فيه نحو التسللاهل وفللق
مقتضى الدلة الشرعية وأصول الفتيا ،وما أحسن ما قاله
المام سفيان الثوري ل رحملله الللله للل)):إنمللا العلللم عنللدنا
الرخصة من ثقة فأمللا التشللدد فيحسللنه كللل أحللد(().(65
والظاهر أنه يعني تتبع مقصد الشارع بالصل
الميسور المستند إلى الدليل الشرعي.
ولشللك أن هللذا التجللاه هللو اتجللاه أهللل العلللم والللورع
والعتدال ،وهلي الصلفات اللزملة لملن يتعلرض للفتلوى
والتحدث باسم الشرع ،وخصوصا ً في هذا العصر .
فالعلم هو العاصم من الحكم بالجهل ،والورع هو العاصللم
مللن الحكللم بللالهوى ،والعتللدال هللو العاصللم مللن الغلللو
والتفريط ،وهذا التجاه هللو الللذي يجللب أن يسللود ،وهللو
الجتهاد الشرعي الصحيح وهو الذي يدعو إليه أئمة العلللم
المصلحون).(66
وسلليأتي مزيللد بيللان لبعللض الداب والضللوابط المكملللة
لصحاب هذا التجاه المعتدل من أجللل الوصللول إلللى أدق
58
النتائج وتحقيق الصواب والتوفيق من الله عز وجل ؛ وهللو
موضوع المطلبين القادمين – بإذن الله ل .
المطلب الثاني :الضوابط التي ينبغي أن يراعيها المجتهللد
قبل الحكم في النازلة (1) .سورة التوبة ،آية ) . 128 :
(2سورة النبياء ،آية . 107 :
) (3أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب الطلق،باب بيان
أن تخيير امرأته ل يكون طلقا ً إل بنيلة ،رقمله ) ( 1478
(4) .1104 /2سورة العراف ،آية (5) . 157 :أخرجه
البخاري في صحيحه في كتاب الجمعة ،باب السواك يللوم
الجمعة . 5 / 2وأخرجه مسلم فللي صللحيحه فللي كتللاب
الطهارة ،باب السواك ، 220 / 1 ،رقمه ) (6). ( 1732
أخرجه البخاري في صللحيحه فللي كتللاب الجهللاد بللاب ومللا
يكره من التنازع والختلف في الحرب وعقوبة من عصللى
إمامه . 79 / 4وأخرجه مسلم فللي صللحيحه فللي كتللاب
الجهاد ،باب المر بالتيسير وترك التنفير 1358 / 3رقمه
) (7). ( 1732الداب الشرعية لبن مفلح (8) . 45 / 2
انظر :تحرير النزاع في المسألة :المجموع 91 , 90 / 1
؛ شرح المحلى على جمع الجوامع 393 / 2؛ شرح تنقيح
الفصللول ص 432؛ المسللودة ص 465؛ شللرح الكللوكب
المنير 574 / 4؛ الوصول إلى علم ألصول لبن برهان 2
. 369 /
) (9مجموع الفتاوى (10) ، 209 , 208 / 20انظر :
تهذيب الفروق 120 / 4؛ الفتاوى الكبرى لبن تيمية / 4
. 581
) (11انظر :البحر المحيط 215 / 1؛ القواعد للحصللني
478 / 1؛ البهاج 177 / 3؛ نهاية السول 352 / 4؛
الشباه والنظللائر للسلليوطي ص ، 133ويللدل علللى هللذه
القاعدة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قللال :
)) الحلل ما أحا الله في كتابه ،والحرام ما حرم الله فللي
كتابه ،وما سكت عنه فهو مما عفا عنلله (( رواه الترمللذي
في كتللاب اللبللاس ،بللاب مللا جللاء فللي لبللس الفللراء / 4
. 220ورواه ابللن مللاجه فللي كتللاب الطعمللة ،بللاب أكللل
59
الجبن والسمن (12). 1117 / 2 ،انظر :الفكر السامي
. 215 / 1
) (13انظر :الكافي لبن عبللد الللبر 355 / 1تحقيللق د .
محمد بن محمد ولد مايللك ،الناشللر المحقللق 1399هلل ؛
مغني المحتاج للشربيني ، 377 / 2دار الكتب العلميللة ،
الطبعة الولى 1415هلل ؛ المبللدع لبللن مفلللح 250 / 3
طبعة المكتب السلمي 1400هل ؛ القنللاع للحجللاوي / 1
390طبعة دار المعرفة
) (14انظر :بدائع الصللنائع ، 137 / 2المكتبللة العالميللة
ببيروت ؛ الشرح الممتع على زاد المستنقع لبن عثيمين 7
385 /مؤسسة إمللام للنشللر الطبعللة الولللى 1416هل ل ؛
فتاوى الحج والعملرة والزيلارة ؛ جملع محملد المسلند ص
، 110دار الللوطن الطبعللة الولللى (15).انظللر :بللدائع
الصللنائع 138 / 2؛ المبسللوط للسرخسللي 68 / 4دار
الكتب العلميللة ،الطبعللة الولللى 1414هل ل ؛ المغنللي / 3
328؛ رسللالة فللي فقلله الحللج والعمللرة د .عبللد الرحمللن
النفيسة ص 25-22ضمن العدد ) (33من مجلللة البحللوث
الفقهية المعاصرة (16) .فقه الئمة الربعة بين الزاهدين
فيه والمتعصبين له ص (17) . 66الجتهاد المعاصللر ص
(18). 88سلللورة النحلللل ،آيلللة (19). 116 :إعلم
الموقعين (20) . 134 / 4نقل ً من كتاب الغلو في الدين
د .عبللد الرحمللن اللويحللق ص ، 273مؤسسللة الرسللالة
الطبعة الثانية 1413هل .
) (21إعلم الموقعين (22) . 109 / 3انظر :شرح تنقيح
الفصول للقرافلي ص 449-448؛ الفللروق للقرافلي / 2
33؛ مقاصد الشريعة السلمية د .اليوبي ص 584-574
)(23انظر :السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة
ومقاصدها د .القرضاوي ص ، 231مكتبللة وهبللة بمصللر ،
الطبعة الولى 1419هل (24) .انظر :شرح تنقيح الفصول
ص ، 449إعلم الموقعين . 109 / 3
)(25انظلللر :مركلللز الملللرأة فلللي الحيلللاة السللللمية د
.القرضاوي ص ، 150 – 130المكتب السلمي ،الطبعة
الثالثة 1418هل ؛ المرأة ماذا بعد السقوط ،تأليف :بدرية
60
العزاز ص ، 216 -199مكتبة المنار السلمية بالكويت ).
(26انظر :الجتهاد المعاصر للقرضاوي ص . 88
)(27انظر :الموافقات 194 -184 / 1؛ العمل بالحتياط
فللي الفقلله السلللمي تللأليف :منيللب محمللود شللاكر ص
، 118دار النفائس بالرياض ،الطبعة الولى 1418هل .
)(28انظلللر :الشلللباه والنظلللائر للسللليوطي ص 257؛
الفروق للقرافي . 210 / 4
) (29انظللر :الشللباه والنظللائر للسلليوطي ص 258؛
العمل بالحتياط في الفقه السلمي ص 257-254؛ رفع
الحرج د .صالح بن حميللد ص ، 348-337دار السللتقامة
الطبعة الثانية 1412هل ؛ رفع الحرج د .يعقوب الباحسللين
ص ، 130-115دار النشللر الللدولي بالريللاض ،الطبعللة
الثانية 1416هل .
) (30رفع الحرج ص (31)< 116 , 115انظر :الفتوى
بين النضلباط والتسليب د .القرضللاوي ص (32) . 111
مقاصد الشريعة السلمية ص . 93 , 92
) (33انظللر :بعضلا ً مللن هللذه الفتللاوى مللن كتللاب تغليللظ
الملم على المتسرعين في الفتيا وتغييللر الحكللام للشلليخ
حمود التويجري ص ، 88 – 58دار العتصللام بالريللاض ،
الطبعة الولى 1413هل ؛ الجتهاد المعاصر للقرضللاوي ص
88-62؛ الفتوى في السلم للقاسلمي ص (34) . 125
انظللر :ضللوابط المصلللحة د .البللوطي ص (35) . 110
انظر :المستصفى 293 / 2؛ شرح الكوكب المنير / 4
432؛ شرح تنقيح الفصول ص 446؛ البحر المحيط / 6
79 , 78؛ تقريب الوصول ص 412؛ إرشاد الفحول ص
242؛ ضوابط المصلحة ص 187؛ الستصلح والمصلللحة
للزرقا ص 75؛ السياسة الشللرعية للقرضللاوي ص -245
261؛ نظرية المصلللحة لحسللين حامللد حسللان ص -525
(36). 552السنة النبوية بين أهل الفقلله وأهللل الحللديث
ص . 50 , 47
)(37أخرجه البخاري في صحيحه ,كتللاب المغللازي ،بللاب
كتاب النبي صلى الله عليلله وسللم إللى كسلرى وقيصلر ،
رقمه) (38) .( 4073انظر :رد ّ د .السالوس في كتابه :
61
القتصاد السلمي والقضايا الفقهية المعاصرة – 330 / 1
356دار الثقافة بقطر الطبعة الولللى 1416هل ل ويتضللمن
الكتاب الرد على من أجللاز الفللوائد الربويللة مثللل د .عبللد
المنعم نمر و د . .الفنجري وغيرهم .
) (39انظللر :رفللع الحللرج لبللن حميللد ص 312و 313؛
تزييللف الللوعي لفهمللي هويللدي ص ، 79دار الشللروق ،
الطبعة الثالثة 1420هل فقد نقل عللن د .محمللد فرحللات
عدم ملئمة حد السرقة وتحريم الربا للواقللع والمصلللحة .
من خلل كتابه ) المجتمع والشريعة والقللانون ( ص 78و
. 88
) (40انظر .السياسة الشرعية د .القرضاوي ص 253؛
الجتهاد المعاصر ص . 82 70
) (41انظر :مقال د .سعيد الغامدي في مجلللة المجتمللع
العدد ) ( 1321فللي مناقشللة د .القرضللاوي حللول تمثيللل
المرأة (42) .أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 162 / 3
وقال ":رواه الطبراني في الكللبير والللبزار ورجللال الللبزار
ثقللات وكللذلك رجللال الطللبراني" وانظللر صللحيح الجللامع
لللباني 383 / 1رقم ) . ( 1885
) (43أخرجه الهيثمي فللي مجمللع الللزوائد 186 / 1مللن
حديث معاذ وقال " :رواه الطبراني في الثلثة وفيلله عبللد
الحكيم بن منصور وهو متروك الحديث " وذكر له شللواهد
ل تخلو من ضللعف ،ورواه الللبيهقي فللي الشللعب / 3/ 2
، 347وهذا الحديث له شواهد مرفوعللة وموقوفللة يقللوى
بها إلى الحسن لغيره .انظر :جللامع بيللان العلللم وفضللله
، 980 / 2الفقيه والمتفقه ، 26 / 2حلية الوليلاء / 4
. 196
) .(44انظر :المسللتدرك مللن الفقلله السلللمي وأدلتله د.
وهبه الزحيلللي 41 / 9طبعللة دار الفكللر الطبعللة الولللى
1417هل ؛ بحللث د .سللعد العنللزي بعنللوان ) التلفيللق فللي
الفتللوى ( ص ، 305 -274مجلللة الشللريعة والدراسللات
السلللميةالعدد ) 1420 ( 38هل ل ؛ بحللوث مجلللة مجمللع
الفقه السلمي ،العدد الثامن ، 565 – 41 / 1ومن هذه
البحوث التي تناولت مسألتنا :بحث د .وهبه الزحيلي و د
62
.عبد الله محمد عبد الله والشيخ خليل الميللس ،والشلليخ
محمد رفيع العثماني ،ود .حمد الكبيسي والشيخ مجاهللد
القاسمي ،ود .حمداتي شبيهنا ماء العينين وغيرهم .وقد
ذهب بعضللهم إلللى جللواز التلفيللق وتتبللع الرخللص ونسللبوا
القول بالجواز للمللام القرافللي وأكللثر أصللحاب الشللافعي
والراجللح عنللد الحنفيللة وأنلله اختيللار ابللن الهمللام وصللاحب
مسلم الثبوت .
) (45انظر :المستصفى 390 / 2؛ شرح تنقيح الفصول
ص 432؛ فواتح الرحموت 404 / 2؛ البحر المحيط / 6
325؛ شللرح الكللوكب المنيللر 571,577 / 4؛ روضللة
النللاظر 1024 / 3؛ الحكللام فللي تمييللز الفتللاوى عللن
الحكام ص 230؛ إرشاد الفحول ص (46). 272 , 271
انظر :الموافقات ) الحاشية ( ، 98 / 5الجتهاد والتقليد
د .الدسوقي ص (47) . 233البحر المحيط ). 326 / 6
(48انظر :الموافقات ، 99 / 5أدب المفتي والمستفتي
ص (49). 126 , 125مراتب الجماع ص (50). 58أدب
المفتي والمستفتي ص (51)125جامع بيان العلم وفضله
؛ انظر :شرح الكوكب المنير 578 / 4؛ فواتح الرحموت
406 /2؛حاشية العطار على جمع الجوامع ). 442 / 2
(52انظر :الموافقات . 105 – 79 / 5
) (53تهذيب الفروق (54). 117 / 2الموافقات . 97 / 5
) (55البحر المحيط 325 / 6؛ إرشاد الفحول ص ). 272
(56إرشللاد الفحللول ص (57). 272أورده الحللافظ ابللن
القيم في حاشيته علللى سللنن أبللي داود وقللال فيلله :رواه
ابن بطة وغيره بإسناد حسن ،وقال أيضا ً :وإسللناده ممللا
يصححه الترمذي .انظر :عون المعبود . 244 / 9
) (58انظر :أدب المفتى والمستفتي ص 111؛ المجموع
81 / 1؛ تبصرة الحكام لبن فرحون 51 / 1؛ الموافقات
91 / 5؛ إعلم الموقعين 175 / 4؛ حاشية العطار على
جمع الجوامع . 442 / 2
) (59الحكام في تمييز الفتاوى عن الحكللام ص ). 250
(60انظر :تبصرة الحكام . 64 / 1
) (61إعلم الموقعين . 171 , 170 / 4
63
) (62انظللر :الفتللاوى الكللبرى 430 / 3ومللا بعللدها ؛
الموافقات . 187 / 5 ، 116 – 108 / 3
) (63الموافقات (64). 278-5/276انظللر :الموافقللات
286 / 2؛ أدب المفللتي والمسللتفتي ص 111,112؛
المجموع (65). 51 / 1جامع بيان العلم وفضله 784 / 1
.
) (66انظللر :الفتللوى فللي السلللم للقاسللمي ص 59؛
الجتهلللاد المعاصلللر ص 91؛ الجتهلللاد فلللي السللللم د .
القرضاوي ص 178؛ الفتوى بين النضللباط والتسلليب د .
القرضاوي ص 111؛ أحكللام الفتللوى والسللتفتاء د .عبللد
الحميللد مهيللوب ص 115 – 112؛ دار الكتللاب الجللامعي
بمصر 1404هل ؛ أصول الفتوى والقضاء د .محمللد ريللاض
ص . 232
==============
#ضوابط الفتيا في النوازل المعاصرة)(1/2
د.مسفر بن علي القحطاني 19/2/1424
21/04/2003
المطلب الثاني :الضوابط التي ينبغي أن يراعيها المجتهللد
قبل الحكم في النازلة
يتعلق بالنظر في النوازل شروط جمة منها العلم والعدالة
؛ فشرط العلم يدخل فيه الخبللار بللالحكم الشللرعي علللى
الوجه الكمل بعد معرفة الواقعة من جميع جوانبها .
وشللرط العدالللة يللدخل فيلله عللدم التسللاهل فللي الفتللوى
بالشرع والمحاباة فيها ،مع مراعللاة وجلله الحللق فللي كللل
ذلك والنظر إلى مشكلت الناس برحمللة ويسللر الشللرع ،
وحمل أفعالهم على الوسط في أحكامه .
إلى غيرهللا مللن الشللروط الللتي ذكرهللا أهللل العللم فيمللن
يتصدى للنظر والفتاء ،وهي كالتكملة والتتمة لمللا ينبغللي
أن يكون عليه الناظر من العدالة والعلم ).(1
إل أن خطلللة النظلللر والجتهلللاد والفتلللاء فلللي النلللوازل
والواقعات قد أصابتها عللوارض أخرجتهللا عللن النهللج الللذي
قرره أهل العلم من مبللادئ وأسللس للنظللر ،وهللذا النللوع
مللن الخلللل إمللا أن يكللون مللن جهللة الزيللغ فللي إصللدار
64
الحكام ،أو في كيفية النظر في تناول هذه المستجدات ،
وإما من جهة انحراف الناظر وعللدم إخلصلله وتقللواه فللي
فتواه واجتهاده ؛ مما جعل بعض الئمة والعلماء يتللذمرون
ويشتكون من ذلك في كل عصللر يخللرج فيلله أهللل النظللر
والجتهاد عن الطريق السوي .
وقد حصل ما يدل على ذلك فللي عهللد مبكللر يشللهد عليلله
المام مالك ل رحمه الله ل حيللث قللال )) :مللا شلليء أشللد
ي من أن ُأسأل عن مسألة من الحلل والحرام لن هذا عل ّ
هو القطع في حكم الله ،ولقد أدركت أهل العلللم والفقلله
في بلللدنا وإن أحللدهم إذا سللئل عللن مسللألة كللأن المللوت
أشرف عليه ،ورأيت أهل زماننا هللذا يشللتهون الكلم فيلله
والفتيا ،ولو وقفوا على ما يصيرون إليلله غللدا ً لقللللوا مللن
هللذا ،وإن عمللر بللن الخطللاب وعليللا ً وعلقمللة (2):خيللار
الصحابة كانت ترد عليهم المسائل وهم خير القرون الذين
بعث فيهم النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم كللانوا يجمعللون
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلللم ويسللألون ،ثللم حينئذٍ
يفتون فيها وأهل زماننا هذا قد صار فخرهم الفتيا ،فبقللدر
ذلك ُيفتح لهم من العلم (().(3
ويتضح لنا من كلم المام مالك ل رحملله الللله ل ل المنهجيللة
المثلى التي كان السلف رحمهم الله يتبعونها عند نظرهللم
واجتهادهم في الحكام والواقعات من عللدم التسللرع فللي
الفتللوى أو التقصللير فللي بحثهللا ،والنظللر فيهللا ،أو قلللة
ر
التحري والتشاور في أمرها ،مما يؤدي إلى انخرام ٍ ظاه ٍ
ف في ب واعتسا ٍ في نظام النظر والجتهاد و الفتيا أو تسي ٍ
احترام هذا المقام العللالي مللن الشللريعة ) .(4ومللن أجللل
هذه الهمية في المحافظة على هذا المقام والتأكيد علللى
ما يحتاجه الفقيه من ضوابط وشروط للنظر ل سليما فلي
النوازل المعاصرة التي يكثر فيهللا زلللل القللدام وانحللراف
الفهام وذلك بمللا تميللز بلله عصللرنا مللن صللراعات ثقافيللة
وتيللارات فكريللة بالضللافة إلللى كللثرة المللؤثرات النفسللية
والجتماعية والسياسية مما يجعلها فللي عصللرنا أشللد مللن
أي عصر مضى ،ويزداد أمر النحراف في الجتهاد والنظر
خطرا ً تبعا ً لتساع دائرة انتشار هذه الجتهللادات والفتللاوى
65
بواسطة وسائل العلم الحديثللة مللن طبللع ونشللر وإذاعللة
وتلفزة .
إن الضوابط والداب الللتي ينبغللي أن يراعيهللا النللاظر فللي
النوازل وخصوصا ً ما كان منها معاصللرا ً ،منهللا مللا يحتللاجه
قبل الحكم فلي النازللة وهلذا النلوع ملن الضلوابط يكلون
ضروريا ً لعطاء المجتهد أهلية كاملة وعللدة كافيللة يتسللنى
بها الخوض للنظر والجتهاد فللي حكمهللا ،وهنللاك ضللوابط
أخللرى يحتاجهللا النللاظر أثنللاء البحللث والجتهللاد فللي حكللم
النازلللة ،ينتللج مللن خلل هللذه الضللوابط أقللرب الحكللام
للصواب وأوفقها للحق ؛ بإذن الله :
وسيكون البحث في هذا المطلب حول أهم الضوابط التي
يحتاجها الناظر في النوازل قبل الحكم في النازلللة ؛ علللى
النحو التالي :
أول ً :التأكد من وقوعها
الصل فللي المسلائل النازللة وقوعهلا وحلدوثها فلي واقلع
المر ،وعندها ينبغي أن ينظلر المجتهلد فلي التحقلق ملن
م اسللتنباط حكمهللا وقوعها والتأكللد مللن حللدوثها ،ومللن ثل ّ
الشللرعي ،وقللد يحصللل أن ُيسللأل الفقيلله المجتهللد عللن
مسألة لم تقع تكلفا ً من السلائل وتعمقلا ً منله فلي تخيلت
وتوقعات ل تفيد صاحبها ول تنفع عالملا ً أو متعلملا ً ،وذلللك
لبعد وقوعها واستحالة حدوثها .
ول يخفى أن التوغل في باب الجتهاد إنما هو للحاجة التي
تنزل بالمكلف يحتلاج فيهلا إللى معرفلة حكلم الشلرع وإل
وقع في الحرج والعنت أو الخللوض فللي مسللائل الشللريعة
بغير علم أو هدى ،أما إذا كان بللاب الجتهللاد مفتوحلا ً مللن
غير حاجة وقعت ودون حادثة نزلت،فل شللك فللي كراهيللة
النظر في مسائل للم تنلزل أو يسلتبعد وقوعهلا).(5ويؤيلد
ما لللمذلك ما جاء عن سلفنا الصالح من كراهية السؤال ع ّ
يقللع وامتنللاعهم عللن الفتللاء ،فيهللا وبعضللهم ذهللب إلللى
التشديد في ذلك والنهي عنه ).(6
ويروى عن الصحابة في ذلك آثار كثيرة منها -:
-أن رجل ً جاء إلى ابن عمر رضي الله عنهمللا فسللأله عللن
شيء ؛ فقال له ابن عمر رضي الللله عنهمللا )) :ل تسللأل
66
عما لم يكن فإني سمعت عمر بن الخطاب ل ل رضللي الللله
عنه ل يلعن من سأل عما لم يكن (().(7
-وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه إذا سللأله إنسللان عللن
شيء قال )) :آلله ! أكان هللذا ؟ فللإن قللال :نعللم ،نظللر
وإل لم يتكلم (().(8
-وعن مسروق قال :كنت أمشي مع أبي بن كعب رضللي
ى :ما تقول يللا عمللاه فللي كللذا وكللذا ؛ الله عنه فقال :فت ً
قال :يا بن أخللي ! أكللان هللذا ؟ قللال :ل ،قللال :فاعفنللا
حتى يكون (().(9
-ويروى عن عبد الملك بن مروان ل رحمه الله ل أنه سللأل
ابن شهاب ل رحمه الله ل ،فقال له ابن شهاب :أكللان هللذا
بأمير المؤمنين ؟ قال :ل ،قال :فللدعه ،فللإنه إذا كللان ،
أتى الله عز وجل له بفرج (().(10
فهذه الثار وغيرها كثير ؛ تللبين حللرص الصللحابة والتللابعين
على عدم الخوض في مسائل لم تقع سواًء بالسؤال عنهللا
أو بالجواب فيها ؛ لن النظر فيها ل ينفع كما
هو معلوم عن الصحابة رضي الله عنهللم مللع النللبي صلللى
الله عليه وسلم حيث قللال فيهللم ابللن عبللاس رضللي الللله
عنهما )) :ما رأيت قوملا ً كللانوا خيللرا ً مللن أصللحاب النللبي
صلللى الللله عليلله وسلللم ومللا سللألوا إل عللن ثلث عشللرة
مسألة حتى قبض كلهن في القرآن ،وما كانوا يسألون إل
عما ينفعهم (().(11
ويوضح ابن القيم ل رحمه الله ل مقصد ابن عباس بقللوله :
) ما سألوه إل عن ثلث عشرة مسألة ( )) المسائل الللتي
حكاها الله في القرآن عنهم ،وإل فالمسللائل الللتي سللألوه
عنها وبين لهم أحكامها فللي السللنة ل تكللاد تحصللى ولكللن
إنما كانوا يسألونه عما ينفعهم ملن الواقعللات ولللم يكونلوا
يسألونه عللن المقللدرات والغلوطللات وعضللل المسللائل ،
ولم يكونوا يشتغلون بتفريع المسائل وتوليدها ،بللل كللانت
هممهم مقصورة على تنفيذ ما أمرهم به ،فللإذا وقللع بهللم
أمر سألوا عنه ،فأجابهم ،وقد قال اللله تعلالى َ ]:يلا أ َي َّهلا
ن ت ُْبلد َ ل َ ُ ن أَ ْ ال ّذين آمنوا ل ت َ
نم وَإ ِ ْ سلؤْك ُ ْ
م تَ ُ كل ْ شلَياَء إ ِ ْ سأُلوا عَ ْ َ ْ ِ َ َ ُ
ت َ
ه عَن َْها َوالل ّل ُ
ه م عََفا الل ّ ُ ن ت ُب ْد َ ل َك ُ ْ
ل ال ُْقْرآ ُ
ن ي ُن َّز ُ سأُلوا عَن َْها ِ
حي َ َ ْ
67
حوا ب ِهَللا غَُفور حِليم *قَلد سلأ َل َها قَلوم ملن قَبل ِك ُلم ث ُل َ
صلب َ ُ
مأ ّْ ْ ْ ٌ ِ ْ ْ ْ َ َ ٌ َ ٌ
ن [).(13)(( (12 ري َ َ
كافِ ِ
فعلى المجتهد أو المفتي في النوازل أن يتأكللد مللن وقللوع
النازللللة ول ينظلللر فلللي المسلللائل الغريبلللة والنلللادرة أو
المستبعدة الحصول ،ولكن إذا كانت المسألة ولو لم تقللع
منصوصا ً عليهللا ،أو كللان حصللولها متوقعلا ً عقل ً فتسللتحب
الجابة عنها ،والبحللث فيهللا ؛ مللن أجللل البيللان والتوضلليح
ومعرفة حكمها إذا نزلت .
وفي هذا يقول المام ابللن القيللم لل رحملله الللله لل بعللد أن
حكى امتناع السلف عن الجابة في ما لم يقع )) :والحللق
التفصيل ،فإذا كان في المسللألة نللص مللن كتللاب الللله أو
سنة عن رسول اللله صللى اللله عليله وسللم أو أثلر علن
الصحابة لم يكره الكلم فيها وإن لم يكن فيها نص ول أثللر
؛ فإن كانت بعيدة الوقوع أو مقدرة ل تقع لم يسللتحب للله
الكلم فيها .
وإن كان وقوعها غيلر نلادر ول مسلتبعد ،وغلرض السلائل
الحاطة بعلمها ليكون منها على بصيرة إذا وقعت استحب
له الجواب بما يعلم ول سيما إن كان السائل يتفقه بذلك ،
ويعتللبر بهللا نظائرهللا ويفللرع عليهللا فحيللث كللانت مصلللحة
الجواب راجحة كان هو الولى والله أعلم (().(14
ثانيا ً :أن تكون النازلللة مللن المسللائل الللتي يسللوغ النظللر
فيها
بينا فيما سبق أهمية مراعللاة المجتهللد وتأكللده مللن وقللوع
النازلة وترك النظر عمللا للم يقللع أو يسللتبعد وقللوعه عقل ً
وذلك حتى ل ينشغل أهل الجتهاد عما هو واقع فعل ً أو مللا
ل نفع فيه ول فائدة .
وإذا قررنللا مبللدأ النظللر فللي الوقللائع الحادثللة للنللاس
والمجتمعللات ؛ فللمجتهللد بعللد ذلللك أن يعللرف مللا يسللوغ
النظر فيه ملن المسلائل وملا ل يسلوغ ؛ وهلذا الضلابط ل
ينفك عن الذي قبله ،وذلك لن المجتهد قد يترك الجتهللاد
في بعض المسائل التي ل يسللوغ فيهللا النظللر لن حكمهللا
كحكم ما لم يقع من المسللائل لعللدم الفللائدة والنفللع مللن
ورائها فالضابط الذي ينبغي أن يراعيه المجتهللد النللاظر أل
68
يشغل نفسه وغيللره مللن أهللل العلللم إل بمللا ينفللع النللاس
ويحتاجون إليه في واقع دينهم ودنياهم .
أمللا السللئلة الللتي يريللد بهللا أصللحابها المللراء والجللدال أو
التعالم والتفاصح أو امتحللان المفلتي وتعجيللزه أو الخلوض
فيما ل يحسنه أهل العلم والنظر ،أو نحو ذلك فهللذه ممللا
ينبغي للناظر أن ل يلقي لها بال ً ؛ لنها تضر ول تنفع وتهدم
ول تبني وقد تفرق ول تجمع .
وقد ورد النهي عن ذلك كما جاء عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه )) :نهى عن الغلوطات (().(15
وجاء عن معاوية رضي الللله عنلله :أنهللم ذكللروا المسللائل
عنده ،فقال )) :أما تعلمللون أن رسللول الللله صلللى الللله
عليه وسلم نهى عن عضل المسائل (().(16
قال الخطابي ل رحمه الله ل في هذا المعني )) :أنلله نهللي
أن ُيعترض العلماء بصعاب المسائل التي يكثر فيها الغلللط
ليسللتزلوا و يسللقط رأيهللم فيهللا ،وفيلله كراهيللة التعمللق
والتكلف فيما ل حاجة للنسان إليه من المسللألة ووجللوب
التوقف عما ل علم للمسؤول به (().(17
فشللداد المسللائل وصللعابها ممللا ل نفللع فيلله ول فللائدة إل
إعنات المسئول لشك أنه مذموم شللرعا ً ينبغللي أن يحللذر
الفقيه أو الناظر من النسياق الملهي خلف هذه المسللائل
والنشغال بها عما هو أهم وأعظم ،كللذلك ينبغللي للنللاظر
أن ل يقحم نفسه ويجتهد في المسائل التي ورد بها النللص
إذ القاعدة فيها )) :ل مساغ للجتهاد في مللورد النللص (()
.(18
والمقصود بهذه القاعدة – على وجلله الجمللال – مللا قللاله
المام الزركشي ل رحمه الله ل أن )) المجتهد فيه وهو كل
حكم شرعي عملي أو علمي) (19يقصللد بلله العلللم ليللس
فيه دليل قطعي (().(20
ويمكن من خلل النقاط التالية إبراز ما يسوغ للمجتهد أن
ل -:ينظر فيه من النوازل بإجما ٍ
ص عليها-1أن تكون هذه المسألة المجتهد فيها غير منصو ٍ
ص قاطٍع أو مجمع عليها . بن ٍ
69
-2أن يكون النص الوارد في هذه المسألة – إن ورد فيهللا
ص – محتمل ً قابل ً للتأويل . ن ٌ
-3أن تكون المسألة مترددة بين طرفيللن وضللح فللي كللل
واحدٍ منهما مقصد الشارع في الثبات في أحدهما والنفللي
في الخر).(21
-4أن ل تكون المسألة المجتهد فيهللا مللن مسللائل أصللول
العقيدة والتوحيد أو في المتشابه من القرآن والسنة .
-5أن تكون المسألة المجتهد فيها من النوازل والوقائع أو
مما يمكن وقوعها في الغالب والحاجة إليها ماسة).(22
ثالثا ً :فهم النازلة فهما ً دقيقا ً :
إن فقللله النلللوازل المعاصلللرة ملللن أدق مسلللالك الفقللله
وأعوصللها حيللث إن النللاظر فيهللا يطللرق موضللوعات لللم
تطرق من قبل ولم يرد فيها عن السلللف قللول ،بللل هللي
قضايا مستجدة ،يغلب على معظمها طابع العصر الحللديث
ل علميللة لمشللكلت متنوعللة قديمللة المتميللز بابتكللار حلللو ٍ
وحديثة واسللتحداث وسللائل جديللدة لللم تكللن تخطللر ببللال
البشر يوما ً من الدهر والله أعلم .
مللن هللذا المنطلللق كللان ل بللد للفقيلله المجتهللد مللن فهللم
النازلة فهما ً دقيقا ً وتصورها تصورا ً صحيحا ً قبل البللدء فللي
بحث حكمها ،والحكم على الشيء فرع عن تصوره ،وكللم
أ ُِتي الباحث أو العالم من جهلة جهلله بحقيقلة الملر اللذي
يتحدث فيه ؟ فالناس في واقعهم يعيشون أمرا ً ،والباحث
يتصور أمرا ً آخر ويحكم عليه .
فلبد حينئذ من تفهم المسألة من جميع جوانبهللا والتعللرف
عللللى جميلللع أبعادهلللا وظروفهلللا وأصلللولها وفروعهلللا
ومصطلحاتها وغير ذلك مما له تأثير في الحكم فيها).(23
ولهمية هذا الضابط جاء في كتاب عمر بن الخطللاب إلللى
أبي موسى الشعري رضي الللله عنهمللا مللا يؤكللد ضللرورة
الفهم الدقيق للواقعة حيللث جللاء فيلله )) :أمللا بعللد ،فللإن
ي إليللك ُ
القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة ،فافهم إذا أدل َ
؛ فإنه ل ينفع تكلم بالحق ل نفاذ له…ثم الفهم الفهم فيما
أدلي إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ول سللنة ثللم
70
قايس المور عند ذلللك ،واعللرف المثللال ثللم اعمللد فيمللا
ترى إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق (().(24
يقول المام ابن القيم ل رحمه الله ل ل معلق لا ً وشللارحا ً هللذا
الكتللاب بقللوله )) :ول يتمكللن المفللتي ول الحللاكم مللن
الفتوى والحكم بالحق إل بنوعين من الفهم :
أحدهما :فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة مللا
وقع بالقرائن والمارات والعلمات حتى يحيط به علما ً .
والنوع الثاني :فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله
الذي حكم به فلي كتلابه أو عللى لسلان رسلوله فلي هلذا
الواقع ثم يطبللق أحللدهما علللى الخللر ؛ فمللن بللذل جهللده
واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرا ً … ومللن
ة بهذا ،ومللن تأمل الشريعة وقضايا الصحابة وجدها طافح ً
سلك غير هذا أضللاع علللى النللاس حقللوقهم ،ونسللبه إلللى
الشريعة التي بعث الله بها رسوله (().(25
ومما ينبغي أن يتفطللن للله المفللتي أو النللاظر التللبّين مللن
مقصود السائل أو المستفتي وطلب المزيللد مللن اليضللاح
والستفصللال منلله ؛ وذلللك حيللن ل يفهللم المفللتي صللورة
النازلة كما يجب ،من أجل التعللرف السللليم علللى الحكللم
الشرعي الذي تندرج تحته تلك النازلة أو حين يكون المللر
يدعو إلى التفصيل واليضاح .
دة أمثللةٍ فللي هللذا وقد ضرب ابن القيم ل رحمه الللله لل عل ّ
المجال فمن ذلك :
ل عن رجل حلف ل يفعل كللذا وكللذا ،ففعللله ؛ سئ ِ َ
)) -إذا ُ
لم يجز له أن يفتي بحنثه حتى يستفصله ؛ هل كللان ثللابت
العقل وقت فعله أم ل ؟ وإذا كان ثابت العقللل فهللل كللان
مختارا ً فللي يمينلله أم ل ؟ وإذا كللان مختللارا ً فهللل اسللتثنى
عقيب يمينه أم ل ؟ وإذا لم يسللتثن فهللل فعللل المحلللوف
عليه عالما ً ذاكرا ً مختارا ً أم كان ناسيا ً أو جاهل ً أو مكرهللًا؟
وإذا كان عالما ً مختارا ً فهل كان المحلوف عليلله داخل ً فللي
قصده ونيتلله أو قصللد عللدم دخللوله مخصصلله بنيتلله أو لللم
يقصللد دخللوله ول نللوى تخصيصلله ؟ فللإن الحنللث يختلللف
باختلف ذلك كله (().(26
71
فالمقصود أن يتنبه المفللتي والنللاظر علللى وجللوب الفهللم
الكامللل للنازلللة والستفصللال عنللد وجللود الحتمللال لن
المسائل النازلة ترد في قللوالب متنوعللة وكللثيرة فللإن لللم
يتفطن لذلك المجتهد أو المفتي هلك وأهلك).(27
والمتأمل فللي بعللض فقهللاء العصللر يجللد بعضللهم يجللازف
بالفتوى في أمور المعاملت الحديثة مثل التللأمين بللأنواعه
وأعمال البنوك والسهم والسللندات وأصللناف الشللركات ،
فيحرم ويحلل ،دون أن يحيط بهذه الشياء خبرا ً ويدرسها
جيدا ً ومهما يكن علمه بالنصوص عظيملا ً ومعرفتلله بالدلللة
واسعة ،فإن هذا ل يغنلي ملا للم يؤيللد ذللك معرفللة تاملة
بالواقعة المسئول عنها وفهمه لحقيقتها الراهنة ).(28
رابعا ً :التثبت والتحري واستشارة أهل الختصاص :
بّينا في الضابط السللابق أهميللة فهللم النازلللة فهملا ً دقيقلا ً
واضحا ً كافيا ً يجعل الناظر متصورا ً حقيقة المسألة تصللورا ً
صحيحا ً يحسن بعدها أن يحكم بمللا يللراه الحللق فيهللا وقللد
يحتاج الفقيه أن يستفصل من السائل عند ورود الحتمللال
إذا دعى إلى ذلك المقام .
وممللا ينبغللي أيض لا ً للنللاظر أن يراعيلله هنللا زيللادة التثبللت
والتحللري للمسللألة وعللدم السللتعجال فللي الحكللم عليهللا
والتأني في نظره لها فقد يطرأ ما يغيللر واقللع المسللألة أو
يصل إليه علم ينافي حقيقتها وما يلزم منها ،فإذا أفتى أو
ت وتللروٍ فقللدث وتثب ل ٍ
حكم من خلل نظرٍ قاصرٍ أو قلة بح ل ٍ
يخطئ الصواب ويقع في محذور يزل فيه خلق
كثير)).(29
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسللم ملا يؤيلد التثبلت
والتحري في الفتيا والجتهاد ؛ ومن ذلك قللوله صلللى الللله
عليه وسلم )) :من أفتى بفتيا غير ثبت ،فإنما إثمه علللى
مللن أفتللاه (().(30وقللال أيضللا ً عليلله الصلللة والسلللم :
)) أجرأكم على الفتيا أجرأكم على النار (( )(31
،و يروى عن ابن مسعود رضللي اللله عنلله قللوله )) :مللن
أجاب الناس في كل ما يسألونه عنه فهو مجنون (().(32
72
وكان ابللن مسللعود رضللي الللله عنلله ُيسلَأل عللن المسللألة
فيتفكر فيها شهرا ً ،ثم يقول )) :اللهم إن كان صوابا ً فمن
عندك ،وإن كان خطأ فمن ابن مسعود (().(33
وجاء عن المام ماللك لل رحمله اللله لل أنله قلال )) :إنلي
لفكر في مسألة منذ بضللع عشللرة سللنة ،فمللا اتفللق لللي
فيهللا رأي إلللى الن (() . (34وقللال أيضلا ً )) :ربملا وردت
ي المسألة فأفكر فيها ليالي (().(35 عل ّ
ولشك في دللة هذه الحاديث والثار على أهميللة التثبللت
في الفتوى وعدم الستعجال في إجابة كل أحللدٍ دون تللرٍو
ونظرٍ ،فالمفتي في النوازل إذا وضع نصللب عينيلله أهميللة
خطته وشرفها اتخذ الخلص والتثبت شعاره ضمن النجاح
في القيام بمسئوليته الجسيمة ).(36
يقول المام ابن القيم ل رحمه الله ل فللي ذلللك )) :حقيللق
دته وأن يتأهب للله بمن أقيم في هذا المنصب أن يعد ّ له ع ّ
أهبته وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ,ول يكللون فللي
صدره حرج من قول الحق والصدع به ،فللإن الللله ناصللره
وهللاديه ،وكيللف وهللو المنصللب الللذي تللوله بنفسلله رب
الرباب (().(37
ومملا ينبغلي أن يراعيله النلاظر فلي النلوازل ملن التثبلت
والتحري استشارة أهل الختصاص ،وخصوصا ً في النوازل
المعاصرة المتعلقة بأبواب الطب والقتصاد والفلللك وغيللر
ذلك ،والرجوع إلى علمهم في مثل تلك التخصصات عمل ً
ن[) م ل ت َعْل َ ُ
مللو َ ن ُ
كنت ُل ْ سأ َُلوا أ َهْ ل َ
ل ال لذ ّك ْرِ إ ِ ْ بقوله تعالى َ ]:فا ْ
.(38
فإن كانت النازلة متعلقة بالطب مثل ً ،وجب الرجللوع إلللى
أهل الطب وسؤالهم والستيضاح منهم ،وإن كانت النازلة
جعُ حينئذٍ لصحاب الختصاص متعلقة بالقتصاد والمال فُير َ
في القتصاد أو للمراجع المختصة في ذلك الشأن ،فالذي
ل يعرف حقيقللة النقللود الورقيللة المعاصللرة أفللتى بأنهللا ل
زكاة فيهللا ،أو أن الربللا ل يجللري فيهللا اعتمللادا ً علللى أنهللا
ليست ذهبا ً أو فضة).(39
73
كمللا أن الللذي ل يعللرف مجريللات مللا يسللمى ) بأطفللال
ل حلل ّ
النابيب ( ل يستطيع أن يعطي فتوى صحيحة فيهللا بال ِ
أو الحرمة إل إذا وضحت له حالت هذه العملية
وفروضللها ،فيسللتطيع حينئذٍ أن يعطللي الحكللم المناسللب
لكل حالة ).(40
ولعل في اتبللاع هللدي النللبي صلللى الللله عليلله وسللم فللي
ن للمفلتي ملن القلول بل علللم وخصوصلا ً الستشارة ضما ٌ
فيما ينزل من مسائل معاصرة ،والجتهللاد الجمللاعي فللي
وقتنا الحاضللر المتمثللل بالمجللامع الفقهيللة وهيئات الفتللاء
ومراكز البحث العلمي تحقق الدور المنشللود الللذي ينبغللي
للمفتي أو المجتهد مراعاته واللتزام به لتتسع دائرة العلم
وتللزداد حلقللة المشللورة مللن أجللل الحيطللة والكفايللة فللي
البحث والنظر .
يقول الخطيب البغدادي ل رحمه الله ل معلق لا ً علللى أهميللة
ذلك )) :ثم يذكر المسألة ل ل أي المفللتي لل لمللن بحضللرته
ممن يصلح لذلك من أهل العلم ويشاورهم فللي الجللواب ،
ويسأل كل واحد منهلم عمللا عنللده ،فلإن فلي ذللك بركلة
واقتداء بالسلف الصالح ،وقللد قللال الللله تبللارك وتعللالى :
مرِ [) ، (41وشاور النبي صلى الله عليه م ِفي ال ْ شاوِْرهُ ْ]و َ َ
وسلللم فللي مواضللع وأشللياء وأمللر بالمشللاورة ،وكللانت
الصحابة تشاور في الفتاوى والحكام (().(42
خامسللا ً :اللتجللاء إلللى الللله عللز وجللل وسللؤاله العانللة
والتوفيق
وهللذا الضللابط مللن أهللم الداب الللتي ينبغللي أن يراعيهللا
الناظر في النوازل ليوفق للصواب ويفتح عليه بللالجواب ،
وما ذلك إل من عند الله العليم الحكيم ،القائل في كتللابه
م ل ََنللا ِإل َ
مللا عل ْ َ
كل ِحان َ َ
سب ْ َ
الكريم ؛ يحكي عن الملئكة ُ ] :
عَل ّمتنا إن َ َ
م [).(43 كي ُ
ح ِ م ال ْ َ
ت ال ْعَِلي ُ ك أن ْ َ ْ ََ ِّ
وقللد اسللتحب بعللض العلمللاء للمفللتي أن يقللرأ هللذه اليللة
س لْر ل ِللي
ص لد ِْري*وَي َ ّ
ح ل ِللي َ با ْ
شَر ْ وكذلك قوله تعالى َ ] :ر ّ
سللاِني * ي َْفَقُهللوا َقللوِْلي[) حُللل ْ َ
ن لِ َ ملل ْ
ل عُْقللد َةً ِ ري *َوا ْ ملل ِ أ ْ
(44وغيرها من الدعية والوراد لن من ثابر علللى تحقيللق
74
هذه الصلة الملتجئة بالله كللان حريلا ً بللالتوفيق فللي نظللره
وفتواه ).(45
وما أروع ما قاله المام ابن القيم ل رحمه الله ل مؤكدا ً هذا
النوع مللن الدب للمفللتي )) :ينبغللي للمفللتي الموفللق إذا
نزلت به المسللألة أن ينبعللث مللن قلبله الفتقللار الحقيقللي
الحالي ل العلمي المجرد إلى ملهم الصواب ومعلم الخيللر
وهادي القلوب أن يلهمه الصواب ويفتح له طريق السللداد
ويدله على حكمه الذي شرعه لعباده في هللذه المسللألة ،
فمتى قرع هذا الباب فقد قرع بللاب التوفيللق ،ومللا أجللدر
مل فضل ربه أن ل يحرمه إياه ،فإذا وجللد فللي قلبلله من أ ّ
هذه الهمللة فهللي طلئع بشللرى التوفيللق ،فعليلله أن يللوجه
وجهلله ويحللدق نظللره إلللى منبللع الهللدى ومعللدن الصللواب
ومطلع الرشلد وهلو النصلوص ملن القلرآن والسلنة وآثلار
الصحابة ،فيستفرغ وسعه فللي تعللرف حكللم تلللك النازلللة
منها ،فإن ظفر بذلك أخبر به وإن اشللتبه عليلله بللادر إلللى
التوبة والستغفار والكثار من ذكر الللله ،فللإن العلللم نللور
الللله يقللذفه فللي قلللب عبللده ،والهللوى والمعصللية ريللاح
عاصللفة تطفللئ لللك النللور أو تكللاد ول بللد أن تضللعفه ،
ت شيخ السلم ل ابن تيمية لل قللدس الللله روحلله إذا وشهد ُ
أعيتلله المسللائل واستصللعب عليلله ،فلّر منهللا إلللى التوبللة
والسللتغفار و السللتغاثة بللالله واللجللوء إليلله ،واسللتنزال
الصواب من عنده والستفتاح من خللزائن رحمتلله ،فقلمللا
يلبث المدد اللهي أن يتتابع عليه مدا ً ،وتزدلف الفتوحللات
اللهية إليه بأيتهن يبدأ (46)(( ..
ولعل من أشد المزالق التي يقع بها بعض المفللتين ضللعف
الصلة بالله عللز وجللل وقلللة الللورع ،ممللا قللد يللؤدي إلللى
سلوك هذا الصللنف مللن المفللتين إلللى إرضللاء أهللوائهم أو
أهواء غيرهم ممن ترجى عطاياه وتخشللى رزايللاه ،أو قللد
يكون باتباع أهواء العامة والجري وراء إرضائهم بالتسللاهل
أو بالتشديد ،وكله من اتباع الهوى المضل عن الحق .
جعَل َْنللا َ
ك م َ والله عز وجل قد حذر من ذلك حيث قال ُ ] :ثلل ّ
َ
نل ذي َ واَء ال ّل ِ
م لرِ َفات ّب ِعْهَللا ول ت َت ّب ِلعْ أهْ ل َ
ن ال ْ
مل ْ
ريعَةٍ ِ عَل َللى َ
شل ِ
75
ن مي َ ن الظ ّللال ِ ِ ن الل ّلهِ َ
ش لي ًْئا وَإ ِ ّ م ْ ك ِ عن َ ن ي ُغُْنوا َ م لَ ْ
مون*إ ِن ّهُ ْ ي َعْل َ ُ
بعضه َ
ن[).(47 مت ِّقي َ ي ال ْ ُ ه وَل ِ ّ ض َوالل ّ ُ م أوْل َِياُء ب َعْ ٍَْ ُ ُ ْ
وكذلك قوله تعالى يخاطب رسوله صلى الله عليلله وسلللم
ع
ه َول ت َت ّب ِل ْ ل الل ّل ُ مللا َأن لَز َ
م بِ َ م ب َي ْن َهُ ل ْحك ُل ْ نا ْ
َ
أيض لا ً بقللوله ] :وَأ ْ
ك ه إ ِل َي ْ َل الل ّ ُما َأنَز َ ض َ ن ب َعْ ِ ك عَ ْ ن ي َْفت ُِنو َ أ َهْواَءهُم و احذ َرهُ َ
مأ ْ ْ َ ْ ْ ْ َ
[) ، (48إلى غيرها من اليات والحاديث .
وصدق المام سفيان الثوري ل رحملله الللله لل حيللث قللال :
)) ما من الناس أعز من فقيه ورع(( ) . (49ويعلل المللام
الشاطبي عّزة وندرة هذا النوع من الفقهللاء ؛ بللأن أفعللاله
قد طابقت أقواله فيقول ل رحمه الله ل ل )) :فللوعظه أبلللغ
وقوله أنفع وفتواه أوقع فللي القلللوب ممللن ليللس كللذلك ،
لنه الذي ظهرت ينابيع العلللم عليلله واسللتنارت كليتلله بلله،
وصار كلمه خارجلا ً مللن صللميم القلللب ،والكلم إذا خللرج
من القلب وقع في القلب ،ومن كان بهذه الصفة فهو مللن
ه
عب َللادِ ِ ن ِ مل ْ ه ِ شللى الل ّل َ خ َ مللا ي َ ْ الللذين قللال الللله فيهللم ] :إ ِن ّ َ
ماُء[ ) ، (50بخلف من لم يكللن كللذلك،فللإنه وإن كللان ال ْعُل َ َ
عللدل ً وصللادقا ً وفاضللل ً ل يبلللغ كلملله مللن القلللوب هللذا
المبلغ،حسبما حققته التجربة العادية(().(51
فما أحوج الفقيه المفتي فللي عصللرنا الحاضللر إلللى تقويلة
الصلة بالله والفتقار إليه حللتى يكللون فللي حمللى اليمللان
بللالله مسللتعليا ً وعللن الخلللق مسللتغنيا ً وبللالحق والصللواب
موفقا ً ل بإذن الله ل ).(52
فهذه بعض الضللوابط الللتي ينبغللي للنللاظر والمجتهللد فللي
النوازل مراعاتها قبل البحث في حكم النازلة .
والحقيقة أن هناك ضوابط وآداب أخرى كثيرة ذكرها أهللل
العلم ل ربما يندرج بعضللها فيمللا ذكرنللا لل لعللل مللن أهمهللا
مناسبة للمقام في هذا المطلب مللا قللاله المللام أحمللد ل ل
رحمه الله ل )) :ل ينبغي للرجللل أن ينصللب نفسلله للفتيللا
حتى يكون فيه خمس خصال
-1أن تكون له نية ،فإن لم يكن له نية ؛ لم يكن عليه نور
ول على كلمه نور .
-2أن يكون له علم وحلم ووقار وسكينة .
-3أن يكون قويا ً على ما هو فيه وعلى معرفته .
76
-4الكفاية وإل مضغه الناس .
-5معرفة النللاس (( ) ، (53وقللد وفّللى وكفللى المللام ابللن
القيم ل رحمه الله ل في بيانها وشللرحها بالللدليل والبرهللان
في كتابه القيم إعلم الموقعين ) (1).(54انظر :التفصيل
في شروط الجتهاد في النوازل في كتب الصول .
) (2يحتمل أن يكون علقمللة بللن وقللاص الليللثي المللدني ،
وذكر مسلم وابن عبد البر أنه ولد فللي حيللاة النللبي صلللى
الله عليه وسلم وذكره ابن منده في عداد الصللحابة وقللال
الحافظ ابن حجر في التقريللب " :ثقللة ثبللت ،أخطللأ مللن
زعم أن له صللحبه " التقريللب ) ، ( 4701انظللر :تهللذيب
التهذيب . 240 / 7
ويحتمل أن يكون علقمللة بللن قيللس النخعللي صللاحب ابللن
مسللعود رضللي الللله عنلله وكللان أشللبه النللاس بلله سللمتا ً
وهديا ً .وكان بعض أصحاب النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم
ك للله يسألونه ويستفتونه ،توفي عللام 62هلل .وذكللر مالل ٍ
وز .في الصحابة تج ّ
انظر ترجمته :تهذيب التهذيب ، 237 / 7صفة الصفوة 3
. 27 /
) (3ترتيب المدارك . 179 / 1
) (4انظر :الفقيه والمتفقه 428-386 / 2؛ جللامع بيللان
العلم وفضله 529،559 -501 / 1؛ الداب الشرعية لبن
مفلح 55-44 / 2؛ تغليظ الملم علللى المتسللرعين إلللى
الفتيا الشيخ حمللود التللويجري ص 47-6؛ أصللول الفتللوى
والقضاء د .محمد رياض ص 218و . 219
) (5انظر :المحصلول للللرازي 493 / 2؛ نهايلة السلول
) الحاشية ( 579 / 4؛ البحر المحيط 198 / 6؛ شرح
تنقيح الفصول ص 430؛ تقريب الوصللول لبللن جللزي ص
422؛ كشف السرار للبخاري . 26 / 4
) (6انظر :جامع بيان العلللم وفضللله 1069-1065 / 2؛
أدب المفللتي والمسللتفتي ص 109؛ إعلم المللوقعين / 4
170؛ جامع العلوم والحكم لبن رجب 241 / 1؛ الداب
الشرعية لبن مفلللح 54-52 / 2؛ تغليللظ الملم للشلليخ
حمود التويجري ص . 25-23
77
) (7أخرجه الدارمي في سننه 50 / 1؛ الفقيه والمتفقه
12 / 2؛ جامع بيان العلم وفضله . 1067 / 2
) (8أخرجه الدارمي في سننه 50 / 1؛ الفقيه والمتفقه
13 / 2؛ جامع بيان العلم وفضله . 1068 / 2
) (9أخرجه الدارمي في سننه ،56 / 1الفقيه والمتفقه 2
، 14 /جامع بيان العلم وفضله 1065 / 2
) (10جامع بيان العلم وفضله . 1067 / 2
) (11أخرجلله الللدارمي فللي سللننه فللي المقدمللة ،بللاب
كراهية الفتيا رقمه ) . 51 / 1 ( 125
وأخرجه ابن عبد البر فللي جللامع بيللان العلللم وفضللله / 2
. 1062
) (12سورة المائدة :اليتان . 102 , 101 :
) (13إعلم الموقعين 56 / 1و . 57
) (14المرجع السابق . 170 / 4
) (15رواه أبو داود في سننه كتللاب العلللم ،بللاب التللوقي
فللي الفتيللا ،رقملله ) 243 / 4 ( 3656؛ والخطيللب
البغللدادي فللي الفقيلله والمتفقلله 20 / 2رقللم . 635
والغلوطات أو الغلوطللات هللي :شللداد المسللائل وفيللل :
دقيقها ،وقيل ما ل يحتاج إليه مللن كيللف وكيللف .انظللر :
الفقيه والمتفقه 20 / 2و . 21
) (16أخرجه الطبراني في الكبير 368 / 19رقمه ) 865
(.
) (17معالم السنن للخطابي .
) (18انظر :شرح القواعد الفقهيللة للشلليخ أحمللد الزرقللا
ص ، 147دار القلم ،الطبعة الثانية 1409هل ل ؛ المللدخل
الفقهي العام مصطفى الزرقللا 1008 / 2؛ الللوجيز فللي
إيضاح القواعد الفقهية الكلية د .البورنو ص . 328
) (19المقصود بالعلمي " :مللا تضللمنه علللم الصللول مللن
المظنونات التي يستند العمل إليهللا " البحللر المحيللط / 6
. 227
) (20البحر المحيط . 227 / 6
) (21انظر :الموافقات . 118 – 114 / 5
78
) (22انظللر :الرسللالة ص ، 560الفصللول فللي الصللول
للجصاص 13 / 4؛ جامع بيان العلم وفضللله -844 / 2
891؛ الفقيه والمتفقه 504 / 1؛ الموافقات -114 / 5
118؛ إعلم الموقعين ، 56-54 / 1ل 199 / 2؛ شرح
الكوكب المنير 588-584 / 4؛ جامع العلوم والحكلم /1
252 – 241؛ البحر المحيط 6/227؛ الحكام في تميللز
الفتللاوى عللن الحكللام ص 192؛ الداب الشللرعية لبللن
مفلح 55 / 2؛ إرشاد الفحول ص 253؛ الجتهاد فيما ل
نص فيه 17 , 16 / 1؛ تغليظ الملم للشيخ التويجري ص
29 , 28؛ الفتوى بين النضباط والتسيب ص . 120
) (23انظر :جامع بيان العلم وفضله 848 / 2؛ الفتللوى
بين النضباط والتسيب ص 73, 72؛ ضللوابط الدراسللات
الفقهية للعودة . 92-89
) (24أخرجه البيهقي في السنن الكبرى رقم ) ( 20324
15 / 10طبعللة البللاز ،وذكللره ابللن القيللم فللي إعلم
الموقعين 67 / 1وقال " :هذا كتاب جليل تلقاه العلماء
بالقبول ".
) (25إعلم الموقعين . 69 / 1
) (26المرجع السابق . 146 / 4
) (27انظر :الفقيه والمتفقه 388 , 387 / 2؛ الحكام
في تمييز الفتللاوى عللن الحكللام ص 237 , 236؛ إعلم
المللوقعين 149-143 / 4؛ أصللول الفتللوى والقضللاء د .
محمد رياض ص 223؛ مجمللوع الفللوائد واقتنللاص الوابللد
تللأليف :الشلليخ ابللن سللعدي ص ، 129 , 128دار ابللن
الجوزي ،الطبعة الولى 1418هل .
) (28انظر :الفتوى بين النضباط والتسيب ص . 74
) (29انظر :الفقيه والمتفقه 390 / 2؛ الموافقات / 5
324, 323؛ الحكام في تمييز الفتاوى عللن الحكللام ص
237, 236؛ المفتي في الشريعة السلللمية د .الربيعللة
ص . 31
) (30رواه المام أحمد في مستده ، 321 / 1والللبيهقي
في سننه ، 116 – 112 / 10والخطيب البغللدادي فللي
الفقيه والمتفقه 328 / 2قللال محققلله وإسللناده حسللن
79
لغيره ،وصححه الحكام في المستدرك 183 / 1رقللم )
( 61ووافقه الذهبي ،وبنحوه أخرجه أبللو داود فللي سللننه
كتاب العلم ،باب التوقي في الفتيا رقمه ) / 4 ( 3649
. 243
) (31أخرجه الدارمي فللي سللننه ،المقدمللة ،بللاب الفتيللا
وما فيه من الشدة . 69 / 1
) (32أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيلله والمتفقلله / 2
، 416وأخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلللم وفضللله
. 1124 / 2
) (33إعلم الموقعين . 64 / 1
) (34ترتيب المدارك . 178 / 1
) (35المرجع السابق .
) (36انظر :فتاوى المام الشللاطبي د .أبللو الجفللان ص
. 83
) (37إعلم الموقعين . 9 / 1
) (38سورة النبياء ،آية . 7 :
) (39انظلللر :الجتهلللاد فلللي الشلللريعة السللللمية د .
القرضاوي ص . 176
) (40انظر :بحث المدخل إلى فقه النوازل د .ابو البصل
ص 130ضللمن مجلللة أبحللاث اليرمللوك العللدد ) (1عللام
1997م .
) (41سورة آل عمران :آية . 159 :
) (42الفقيلله والمتفقلله ، 390 / 2انظللر أيضللا ً :إعلم
الموقعين 197 / 4؛ أدب المفتي والمستفتي ص . 138
) (43سورة البقرة ،آية . 32
) (44سورة طه ،اليات . 28 – 25 :
) (45انظر :أدب المفتي والمستفتي ص 141 , 140؛
المجموع . 86 / 1
) (46إعلم الموقعين . 132 , 131 / 4
) (47سورة الجاثية ،اليات . 19 , 18 :
) (48سورة المائدة ،آية . 49 :
) (49أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيلله والمتفقلله / 2
. 340
80
) (50سورة فاطر ،آية . 28
) (51الموافقات . 299 / 5
)(52انظر :الفتوى بين النضباط والتسلليب ص 77-75؛
المفتي في الشريعة السلمية د .الربيعة ص 27؛ أصول
الفتوى والقضاء د .محمد رياض ص 222 – 220؛ أصول
الفتوى د .الحكمي ص . 49 ’ 48
) (53إعلم الموقعين . 152 / 4
) (54المرجع السابق . 160 , 152 / 4
=================
=============
#الحرب الصليبية الثالثة أمريكية
د.عبد العزيز القارئ 27/1/1424
30/03/2003
أمريكا تهاجم السلم؛ لقد أعلنتها حربا ً صليبية؛ هكذا بكللل
وضللوح ووقاحللة ،إذن هللاهي الحللرب الصللليبية الثالثللة قللد
بدأت.
كللان الهجللوم الصلليبي الول علللى يللد الوربييللن ،وسللقط
سموا الشللام ) بيت المقدس ( في أيديهم سنة 402هل ،وق ّ
إلى إمارات صليبية استمرت قرابة مائتي عام وحرر صلح
الدين ) بيت المقدس ( وطرد الصليبيين من معظم الشام
عام )(583هل.
وكان الهجوم الصليبي الثاني على يد الوروبيين أيضًا ،بعللد
الحللرب العالميللة الولللى الللتي انتهللت سللنة )(1337هللل،
تقاسموا العالم السلمي في حملة سميت بل "الستعمار"
وسقطت الشام وشمال أفريقيا بيد " الفرنسلليين " وليبيللا
بيللد " البريطللانيين " والعللراق ومصللر وشللرق الجزيللرة
العربيللة وجنوبهللا بيللد " النجليللز " وكللذلك الهنللد وإيللران،
واحتل الهولنديون أندونيسيا ،وهكللذا تكللالبوا علللى العللرب
َ
ب الك َل َةِ على قَ ْ
صَعتها. كال ُ َ
وعلى العالم السلمي ت َ َ
والن ها هو التاريخ يعيد نفسه ،وها هو الرئيللس المريكللي
المتعجرف يعلللن الحللرب الصللليبية الثالثللة علللى السلللم،
وبعد احتلل أفغانستان ،يريدون الن احتلل العراق ،وبقية
المنطقللة ،وربمللا الوصللول إلللى قلللب العللالم السلللمي
81
واحتلله ،وأما التمكين لليهود في فلسطين وفي المنطقللة
فهللو الهللدف الكللبر ،ولللذا فللالحرب الصللليبية هللذه المللرة
أمريكيللة يهوديللة ؛ وفيهللا أمللور هامللة نلفللت إليهللا انتبللاه
المسلمين:
) أول ً (:يجب أن نوقن بللأن عاقبللة هللذه الحللرب الصللليبية
اليهودية الجديدة سللتكون للسلللم ،لقللد جللرب الوربيللون
مرتين وفشلوا في القضاء على السلللم ،ولللم يسللتطيعوا
الستمرار طويل ً في احتلل العالم السلمي ،كان في كل
مرة ينتفض ولو بعد حين ويقذف بهم بعيدًا ،وأنا مللوقن أن
هجومهم هذه المللرة سللينتهي بعللد سلسلللة مللن الحللروب
والكوارث بالقضاء على اليهود وسللقوط دولتهللم والقضللاء
على أمريكا والصليبيين جميعًا..
من َللا القللرآن وبينللت لنللا السللنة النبويللة أن الصللراع لقللد عل ّ َ
البدي المستمر حتى نهاية العالم هو بين السلم من جهة
وبين اليهودية والنصرانية من الجهة الخرى ،وأنلله مسللتمر
ة حتى تسقط في النهاية إحدى الجبهللتين ،وقللد أخبرنللا دول ً
ُ
نبينا صلى الله عليه وسلم أن نهاية هللذا الصللراع سللتكون
بانتصللار المسلللمين وظهللور السلللم علللى الللدين كللله،
والقضاء على اليهود ،وكسر الصليب..
والمؤمن إذا قرأ نصوص السنة الواردة في هذا الموضللوع
يفهم كل ما يجري الن ،ول ينبغللي أن يقللول مثللل ضللعفاء
اليمان :نلجأ إلى الغيبيات لنبرر عجزنا ونهرب من واقعنا.
بللل المسلللم صللحيح اليمللان يللؤمن بللالغيب ،وبمللا أخللبر
الصادق المين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ وهو قللد
أخبر بكل ما هو كائن بين يدي الساعة من الملور الهاملة،
حفظه من حفظه ونسيه من نسيه ).(1
ونحن نلجأ إلى القرآن وإلى ما أخللبرت بلله السللنة النبويللة
م واقعنا..
ضعََفاَءنا ،ون َْفهَ َ لن َُقوّيَ إيماننا ،ون ُث َب ّ َ
ت ُ
السنة النبوية أخبرت بكل الوقائع الكبرى فللي حيللاة المللة
السلمية إلى قيام السللاعة ؛ حللتى هجللوم المغللول الللذي
عصف بالخلفة العباسية ،ودمر الخضللر واليللابس أخللبرت
به السنة )..(2
82
ولو كان المسلللمون يقللرؤون ويفقهللون كلم ربهللم وسللنة
نبيهم لتسّلحوا بأول سلح للمقاومة وهللو الللوعي ،والفهللم
الصحيح لما يجري ،ولتسلللحوا بللأقوى سلللح وهللو اليمللان
الثابت القوي واليقين الصادق بأن هذا الللدين ظللاهر علللى
الدين كله ،وأن الله غالب على أمره.
ثم ل ننسى أننلا نعيلش فللي عصلر ي ُعَلد ّ الربلع الخيللر ملن
الزمان ،وهذا الربع الخير بدأ ببعثة نبينا محملد صللى اللله
عليه وسلم وينتهي بقيام الساعة؛ ولذلك قللال صلللى الللله
عليه وسلم ) :ب ُِعثت أنا والساعة كهاتين – يعني أصبعيه ()
(3يشير صلى الله عليلله وسلللم إلللى شللدة قربهللا ،وعنللد
التأمل تجد أننا اليوم في الربع الخير من الربع الخير ،لن
أشراط الساعة الصغرى قد تحققت سائرها ؛ ولم يبللق إل
أشراطها الكبرى ،حيث تقع الملحللم الكللبرى الللتي تنتهللي
بالقضللاء علللى اليهللود والنصللارى ،وبظهللور السلللم علللى
أعدائه.
) ثانيا ً (:ينبغي أل نغتّر بهلذه البشلائر اللواردة فللي السللنة،
كل عليها ونتواكللل بسللببها؛ فقللد ل نكللون نحللن هللذا وأل نت ّ ِ
الجيل المقصودين بها ،وينبغي أل نزكي أنفسنا فقد ُنبتَلللى
بتسليط العدو علينا ،حسللب ذنوبنللا ،وحالنللا وحللال قلوبنللا،
وحال قياداتنا وحكامنللا؛ وقللد نكللون نحللن وقللود َ المعركللة،
والذي سيجني ثمار النصر غيرنا ،مسلمون آخرون ي ُوَّفللون
بشروط النصر ،وقد نشهد نحن بشائر النصر وبوادره بعللد
سام..
ج َ
ابتلء شديد وحوادث ِ
نقول هذا لننبه المسلمين إلللى سللنن الللله الللتي ل تتبللدل،
منها أنه لبد من التطهير قبل النصللر ،وأن النصللر ل ينللزل
على الكسالى والغافلين..
ب العللالم ومن سللنن الللله العجيبللة أنلله يحمللي بنفسلله قلل َ
السلللمي وهللو الحرمللان المقدسللان مكللة والمدينللة ،فل
يقتحمهما العداء ،وفي الملحللم الخيللرة يحللاول المسللي ُ
خ
الدجال اقتحامهما وهو يهللودي فل يسللتطيع ،وأخللبر النللبي
صلللى الللله عليلله وسلللم أن المدينللة النبويللة تحميهللا منلله
الملئكة يجللدهم علللى أنقابهللا شللاهري السلليوف وأنقاُبهللا
يعني مداخلها).(4
83
ولكللن العجللب مللن هللذا أنلله ل حصللانة لهللاتين المللدينتين
ظلمة والمنافقين من حكلام المسللمين؛ المقدستين من ال ّ
فلقد ابت ُِليتا بشرورهم في مراحل التاريخ السابقة ،ووقللائع
الحرة بالمدينة النبوية ،وهللدم الحجللاج للكعبللة بللالمنجنيق،
ثم غزو القرامطة لمكة ،أشهُر من أن ُتذكر..
مل :لم يقتحم مكة يوما ً من اليام عدو كافٌر يهود ٌ
ي لكن َتأ ّ
ي ،أو غير ذلك؛ ولما حاول " أبرهللة " ي أو مجوس ٌ أو نصران ٌ
مللى الللله بيتلله منلله بأضللعف خلقللهح َ ي َ
ي النصللران ّ الحبش ل ّ
) البابيللل ( طيللور صلغار جلاءت ملن جهلة البحللر ؛ ولكللن
م مكة ) القرمطي ( الرافضي المنافق وقتللل الحجللاج ح َ
ت ََق ّ
فلي المسلجد الحلرام ،هلذا نلوعٌ ملن البلء للم ُتمنلع منله
المللدينتان؛ إذ ْ أن أهلهللا مثللل بللاقي المسلللمين ،إذا كث ُللرت
ذنللوبهم وأسللاءوا الدب مللع هللذا الجللوار المقللدس فللإنهم
ُيعاقبون ويطّهرون بللأنواع مللن البليللا والفتللن ،ليللس منهللا
ظهور العدو الكافر من اليهود والنصارى وغيرهم ؛ لن في
هذا ذهاب السلم ،واستئصال هذه المة ،وهذا ممنوع.
) ثالثللا ً (:التاريللخ يعيللد نفسلله ،ويكللرر عظللاته ودروسلله
ن أكثر الناس ل يفقهون ،بللل ل يقللرؤون ،لللو سام ،ولك ّ ج َ ال ِ
كنا نقرأ التاريخ ونسللتفيد مللن تجللاربه ودروسله إذن لكللان
حالنا أحسن مما هو عليلله الن ،الحللوادث الكللبرى تتكللرر،
والعلللل والفللات تتكللرر ،وأسللباب الللدمار والنهيللار هللي
نفسها..
في القرون الثلثة الخامس والسادس والسابع هّبت علللى
ف هائلللة كللادت تقتلعهللا مللن جللذورها :بللدأت المة عواصل ُ
بهجللوم الصللليبيين علللى جناحهللا الغربللي الللذي انتهللى
بللاحتللهم لللل) بيللت المقللدس( ،ثللم هجللوم المغللول علللى
جناحها الشرقي الذي انتهى بتدمير بغداد وإسقاط الخلفة
العباسية ،أعظم خلفة بعد )الراشدين (.
والعجيب المؤلم أنه فللي كل هللذين الهجللومين الخطيريللن
كللان ) الروافللض ( مللن داخللل المللة يمّثلللون )الطللابور
الخامس( ،فكللانوا يراسلللون الصللليبيين يحّرضللونهم علللى
مهاجمة الشام ،وكان ) ابللن العلقمللي ( الللوزير الرافضللي
لخر خليفة عباسي يراسل المغللول ،يللدلهم علللى عللورات
84
المسلللمين ،ويحّرضلللهم عللللى مهاجملللة بغلللداد ،واليلللوم
وق والجيوش الصليبية المريكية واليهوديللة الصللهيونية ُتط ل ّ
المللة مللن الشللرق والغللرب والشللمال والجنللوب فللإن
المسلمين ينبغي أل يأمنوا غدَر الروافض وغوائلهم.
عند هجوم الصليبيين ،وكللذلك عنللد هجللوم المغللول كللانت
الحالة السياسية في غاية من التردي ،الحكللام مللن أمللراء
وسلللطين متفرقللون متنللاحرون وعللاجزون أمللام العللدو
الغازي ،حتى بلغ الخبللث بالخليفللة الفللاطمي فللي مصللر –
وهو رافضي – أن راسللل الصللليبيين يحرضللهم علللى غللزو
الشللام نكايللة بالسلللجقة الللذين كللانوا يحكمونهللا وهللم
سنيون..
والن تفللرج علللى حللال حكامنللا :متفرقللون متنللاحرون،
متفقون على أل يتفقوا ويكيد بعضللهم لبعللض ،ويتسللابقون
للغدر بأشقائهم وشعوبهم؛ ولتقديم خلدماتهم للعلدو اللذي
يتربص بهم جميعًا.
ولكن المل أن يهدي الله أحدهم أو بعضللهم فيقللذف الللله
فللي قلبلله اليمللان وإرادة المقاومللة والجهللاد ؛ حينئذ تبللدأ
نهاية العدو..
فإن تولوا جميعا ً وتمادوا في الستسلم للعدو ،فالمللل أن
يبعث الله للمة قيادة جديلدة إيمانيلة ،قيلادة إنقلاذ وجهلاد
وعزة..
كما حدث دائما ً في المرات السابقة من تاريخ هذه المة..
رغم الكللوارث والزمللات الكللبرى الللتي كللانت تحللل بهللذه
المللة ،إل أن هنللاك ومضللات مشللرقة كللانت تتخلللل هللذه
الدياجير ،تتمثل في سلللطين وملللوك صللالحين مجاهللدين
يغيث الله بهم المللة كلمللا اشللتدت أزماتهللا ،تختلللف هللذه
الومضات من حيث المدة وعظم الثر ،فالذين وقفوا فللي
وجه المللد الرافضللي مللن بللويهيين وفللاطميين هللم ملللوك
) السلللجقة ( السللنيون ،وكللان مللن أشللهرهم السلللطان
المجاهد ) ألب أرسلن ( الذي أوقف زحف الصليبيين مللن
الشمال في معركة )ملذكرد ( وهذه المعركة فتحت بوابة
آسلليا الصللغرى ) تركيللا الن ( أمللام العثمللانيين بعللد ذلللك،
وكان من بركات )السلجقة( السلطان عماد الدين زنكي،
85
وابنه نور الدين زنكي الشهيد ،اللذان مهدا الطريق للملك
الصالح والسلطان المجاهد صلح الدين اليوبي الذي طرد
الصليبيين بعد ذلك وحرر ) بيت المقدس ( ،وعنللدما هبللت
عاصفة المغول وأحرقت الخضر واليللابس ،وتمل ّللك الفللزع
سائر المراء والسلطين ،قيض الللله ذلللك الملللك الصللالح
المجاهد ) سيف الللدين قطللز ( المملللوكي فللأوقف زحللف
سللاءالمغول وكسر شوكتهم وهزمهم وملّرغ أنللوفهم الَفط ْ َ
في تراب ) عين جالوت ( سنة 658
ومللن يقللرأ سلليرة هللؤلء الملللوك الصللالحين والسلللطين
المجاهدين يجد منهجلا ً واضللحا ً للنهللوض بالمللة ،ولنقاذهللا
عند الزمات الكبرى ،ويرى بركة الجهاد وأثره العظيم في
إنقاذ هذه المة ،ويعلم أنه ببركة هذه الومضات حفظ الله
هذه المة من الفناء ..وأهم منها – كما أشلرنا فلي موضلع
آخر – حفظ الله هذه المة ببركة العلم والعلماء..
) رابعا ً ( :الصراع المتوقع مللع الغللزو الصللليبي المريكللي
ل ،لن العدو أعلن أنلله يسللتهدف كللل شلليء، سيكون شام ً
حتى المدارس والجامعات ،وطريقة حياة النللاس ،ودينهللم
ومعتقداتهم..
مللن أجللل هللذا سنشللهد فللي الفللترة المقبلللة ) إسلللما ً
أمريكيا ً ( بدأ يروج له البعض منذ الن..
وسنشهد محاولت للترويج للطريقة المريكية في الحيللاة،
وهي لمن كللان جللاهل ً بهللا تمثلهللا نمللاذج معلنللة واضللحة :
سياسللليون بلللارزون ،وشللركات كللبرى فللي اللصوصللية
والكذب ،وآخرون بارزون في التحلل الخلقي..
سيعمل بعض المنافقين عندنا على إلغللاء شللريعة الجهللاد،
وسللتحل محلهللا أحللاديث السلللم ،وأحلم التنميللة والحيللاة
الرغيللدة ،وسلليعمل البعللض علللى إلغللاء عقيللدة ) الللولء
والبراء ( وسيحل محلها مصطلحات جديدة :احترام الللرأي
الخللر ،التعدديللة الفكريللة والثقافيللة ،تكامللل الحضللارات،
الحوار بين الحضارات ،التسامح والمحبة بين بني البشر..
حللتى السللماء الجغرافيللة سللتتغير ،فبللدل ً مللن العللالم
ة ) الشلللرق مى المنطقللل ُالسللللمي أو العلللرب سُتسللل ّ
86
الوسط ( ،وستبدأ المشاريع الشرق الوسللطية بمشللاركة
اليهود الصهاينة ،بل قل تحت هيمنتهم.
وستنشط مشاريع السياحة؛ حتى تتقللاطر وفللود الصللهاينة
وجواسيس ) الموساد ( و ) السي آي إيه( ليكملوا المهمة
فيفسدوا ما لم تتمكللن الجيللوش مللن إفسللاده ؛ والعجيللب
أنهم عندنا يتحدثون منذ الن عن السللياحة الدينيللة لليهللود
والنصارى ،كأنه ل تكفينا أعظم سياحةٍ دينية وهللي ) الحللج
والعمرة ( إنهمللا أعظللم اسلتثمار دينلي واقتصللادي ،وليتنللا
نستطيع إدارتهما على المستوى المطلوب ،والعجيب أنهم
منذ الن يرممون الثار المتعلقللة بللاليهود والنصللارى بينمللا
يهدمون الثار السلمية بما فيها المساجد النبوية في مكة
والمدينة) (5في تناقض ل يفهمه عاقل ول يقبله مسلم..
ملللى ملللن المشلللاريع القتصلللادية ح ّ
ستشلللهد المنطقلللة ُ
والسلللتثمار الجنلللبي حلللتى تكتملللل الحلقلللة بالسللليطرة
القتصادية..
يتحدثون عن السللتثمار الجنللبي بينمللا المللوال السللعودية
الهاربة المستثمرة في أمريكا وحدها تقللارب )الللترليون (،
وهو رقم ل أعرف كيف أعده..
وستبلغ الوقاحة بالمريكللان والمتللأمركين أن ينشللروا فللي
ربوعنا الجامعللات ) المريكيللة ( ،وهللا هللو أحللد المنللافقين
المتأمركين من أبناء جلدتنا يعلن عن نوايللاه فللي مشللروع
إنشاء ) جامعة أمريكية ( في جدة ).(6
أي أن المعركة ستكون شاملة ،أهونها الجانب العسكري..
لذلك فإن المللل بعللد لطللف الللله فللي العلمللاء الربللانيين،
علماء الصحوة ،فهم فقط الذين يستطيعون مقاومللة غللزو
حدوا جهودهم.. شامل بهذا المستوى إذا وَ ّ
ونكاد نجزم أن المريكان بشراستهم وعجرفتهم وغرورهم
سيكفوننا مؤونللة إيقللاظ العللرب والمسلللمين لمللواجهتهم،
وتنبيههم لخطرهم ،وسوف يتسببون بسياساتهم المتهللورة
الحمقللاء فللي إذكللاء روح العللداوة ضللدهم فللي نفللوس
المسلمين ،بل في إشعال نار المقاومة المسلحة..
)خامسًا( :الهجللوم العسللكري المريكللي الصللهيوني علللى
العراق يوشك أن يبدأ ،وربما يكون قد بللدأ فعل عنللد نشللر
87
هذه المقالة ،وحينئذ فالسؤال الللذي يعتلللج فللي فللؤاد كللل
مؤمن ،وربما نطق به لسانه:
ما العمل ؟ ما هو واجبي ؟ هل أبقى متفرجا ؟؟
أول واجللب علللى الجميللع أن يلتفللوا حللول العلمللاء ،أعنللي
العلماء الربانيين الذين يقولون الحق ل يخافون لومة لئم،
علماء الصحوة الذين هم محللل الثقلة فلي صللدقهم ،وفلي
قدرتهم على القول والعمل ،فقد يكون هناك علمللاء فيهللم
صدق وخير ،ولكن ل قدرة لهم على قول الحق ،ول قللدرة
لهم على الحركة بسبب الخوف ،أو لسباب أخرى...
هذا الواجب الللذي هللو اللتفللاف حللول العلمللاء الربللانيين،
والرجوع إليهم ،ورد المر إليهم هو مدلول قوله تعالى:
دوهُ عوا ب ِلهِ وَل َلوْ َر ّ ذا ُف أَ َخو ْ ِ ن أ َوِ ال ْ َِ م
ْ
من ال َ
َ ِ رٌ م
ْ
ذا جاَءهُم أ َ
ْ )َوإ َ َ
َ ُ
نذي َ ه اّللل ِ
ملل ُم ل َعَل ِ َمن ُْهلل ْ
مللرِ َ ل وَإ َِلللى أوِلللي ال ْ سللو ِ إ َِلللى الّر ُ
م( ]/83النساء[. من ْهُ ْ ه ِ ست َن ْب ِ ُ
طون َ ُ يَ ْ
تنبه إلى أن الية تتحدث عن أمور المللن ،وأمللور الخللوف،
ونحن الن في خوف ،في أزمة من أزمات الحرب ،حللرب
شرسة علللى السلللم والمسللمين ،فل ملجلأ بعلد اللله إل
ها،حل َّها وَعَْق لدِ َ مرِ هذه المة ،وأهْ ُ َ
ل َ العلماء الذين هم ولةُ أ ْ
حتى المراء والحكام يجب أن يرجعوا إليهم )..(7
ومما يدل علللى أن العلمللاء هللم فللي الحقيقللة ولة المللر،
ه( والعلللم شللأن العلمللاء ،والللذين مل ُ قللوله فللي اليللة )ل َعَل ِ َ
يستنبطون الحكم من العلماء هم الراسللخون فللي العلللم،
هؤلء هم أهللل السللتنباط ،فللإن السللتنباط هللو اسللتخراج
المعاني الخفية بجهد ومشقة ،من قولهم :نبط الماء مللن
ة.. البئر .أي استخرجه بمشق ٍ
فالمقصود أن الرجوعَ إلى العلماء ،ورد ّ المر إليهم ،وت َل َّقي
ف حللولهم ،هللذا هللو أول التللوجيه والحكللم منهللم ،واللتفللا َ
واجب على الجميع بنص الية ..وبنص الحديث ،وهللو قللوله
صلى الله عليلله وسلللم ) :العلمللاء ورثللة النبيللاء( فالنبيللاء
الذين هم القادة ،استخلفوا على هذه القيادة مللن أتبللاعهم
العلماء ..فل يجوز لمن يريللد أن يسللتبرئ لللدينه أن يتلّقللى
ل والعم َ
ل. م ،والقو َ م والحك َ من غيرهم العل َ
88
ن العدوّ فللي حربلله والواجب الثاني على كل مسلم :أل ّ ي ُِعي َ
مسل َ ُ
على المسلمين بأيّ شيء ،ول حتى بشطر كلمة ،ل ي َ ْ
مَر بإعانةِ العدوّ على المسلمين فل ُ
ه بغير ذلك ،ولو أ ِ له دين ُ ُ
ل النللبي صلللى الللله عليلله يجوز له أن يفعللل ،وليتللذكر قللو َ
ق فللي معصلليةِ الخللالق( ،حللتى لللو ة لمخلو ٍ وسلم) :ل طاع َ
صى الوامللر فللإنه ل يجللوز لله كان يخاف على نفسه إن عَ َ
َ
مك ْلَرهَ ن ال ْ ُ
ل هذه الوامر ،هذا باتفللاق الفقهللاء أ ّ أن ينّفذ مث َ
ُ
ل للله ذلللك. حل ّل غيره من المسلمين لم ي َ ِ إذا أك ْرِهَ على قَت ْ ِ
وما سوى هذين الواجبين ،فللإن عليلله أن ينتظللر مللا يتفللق
عليه العلماء الربانّيون ،فإذا لم يتفقوا على شلليٍء ،فليكللن
ف سلليَفه ،والللله المسللتعان ،عليلله توكلنللا، س بيته وليك ّ حل ْ َ
ِ
وإليه أنبنا وإليه المصير.
المقالة التالية
)الجهاد حياة (1)(3-1متفللق عليلله /وانظللر مختصللر أبللي
داود للمنذري ] .[ 6/130
) (2البخلاري فلي الجهلاد /انظلر الفتلح ] ،6/104ل -604
.[ 610
) (3رواه البخاري في الرقائق ] / 132 ،8/131الحلبي [.
)(4متفق عليه ] :البخاري ،3/53 /ومسلم .[ 2/1005
) (5هللدمت حللتى الن مللن المسللاجد النبويللة بالمدينللة :
المساجد السبعة ،ومسجد الفضيخ ،وقبله هدم مسجد ثنية
الوداع ..في بادرة ل نظن أن المقصود بها حمايلة العقيلدة
لسللببين :أحللدهما أن المسللاجد ل تمثللل تهديللدا ً للعقيللدة،
والخر أن هذه المسللاجد لهللا مئات السللنين وبعضللها منللذ
عهد الصحابة كالمساجد السبعة ،ولللم تهللدد العقيللدة ولللم
يطلب أحد من العلماء هدمها.
هناك فرق بين الثار المخالفة للعقيدة كالبناء على القبللور
– بنللاء المسللاجد علللى القبللور وأشللد منهللا بنللاء الضللرحة
والقباب – وبين الثار الللتي ل مخالفللة فيهللا كللالتي ذكرنللا،
ولنا بحث في ذلك قد ينشر قريبًا.
) (6في جريدة المدينة بتاريخ 27/11/1423هل.
)(7سبق أن أشرنا إلى هذا المعنى.
=============
89
#الجذور القتصادية للحرب على العراق
د .سامي السويلم * 29/1/1424
01/04/2003
تنوعت آراء المحللين حول الدوافع الحقيقية وراء الحللرب
المريكية على العراق ،فهناك مللن يعزوهللا لنفللوذ الللدهليز
)اللللوبي( الصللهيوني علللى الدارة المريكيللة ،وأن الحللرب
تخدم مصالح إسرائيل بالدرجة الولى ،وهناك من يفسرها
بتثبيت الوجود المريكي في الخليج ردا ً على تفجيرات 11
سللبتمبر الللتي نفللذها مجموعللة ينتمللي معظمهللم لبنللاء
المنطقة ،وهناك من يرى أن السيطرة على منللابع النفللط
هي المحرك الول للحرب.
والقرب أن دوافع الحرب هي خليللط مللن كللل مللا سللبق،
ويبعد أن يكون قرار بمثل هذه الخطورة نابع لا ً مللن سللبب
أحادي ل يوجد ما يكفي للتعويض عن جوانبه السلبية.
وما نريد أن نلقي عليه الضوء هنا هو أن الدافع القتصادي
وراء الحرب أكبر من مجرد الحصول على مصللدر إضللافي
للثروة ،وأن مثل هذه الحرب كانت ستقع بشكل أو بللآخر،
ل ،حتى لو لم توجد الدوافع الخرى. عاجل ً أو آج ً
التخطيط المسبق
من المهم الشارة إلى أن التخطيط لحرب العراق قد بللدأ
قبل أحداث سللبتمبر بسللنوات ،حيللث طللرح أول ً فللي عللام
1996م ،ثم تبلور فللي عللام 1998م مللن خلل مللا سللمي
"مشللروع القللرن المريكللي الجديللد" لحمايللة المصللالح
دم هذا المشللروع -للرئيللس كلينتللون -آنللذاك المريكية .وق ّ
عدد ٌ من المستشارين الذين يتبوأون اليوم مناصب قياديللة
فللي إدارة الرئيللس بللوش ،مثللل ديللك تشلليني ودونالللد
رامسفيلد وبول ولفوويتز وغيرهم) .انظر ما نقلته صحيفة
الللوطن السللعودية 21/2/2003م عللن صللحيفة )هللآرتس(
السللرائيلية ،والجزيللرة 20/3/2003م عللن ديللر شللبيجل
اللمانية(.
هذا التخطيط يعني أن دوافع الحرب كانت قائمة قبل ذلك
ف ،مما دفللع بهللؤلء إلللى إعللداد هللذه الدراسللاتبوقت كا ٍ
والمشللاريع لتقللديمها للدارة المريكيللة ،وكللانت المسللألة
90
مسألة تلوقيت ،وللم يكلن هنلاك -فيملا يبلدو -أنسلب ملن
أحللداث 11سللبتمبر لتحويللل هللذه المشللاريع إلللى واقللع
ملموس.
الداء المزمن
يعاني القتصاد المريكي منذ مللدة طويلللة مللن مشللكلتين
جوهريللتين تهللددان اسللتقراره وازدهللاره علللى المللدى
الطويللل ،وتضللاعف إحللداهما حللدة الخللرى .الولللى هللي
المديونية المفرطة ،والثانية هي تدهور التركيبللة السللكانية
للمجتمع المريكي.
المديونية
أما المديونية ،فإن الوليات المتحدة كانت -إلللى مللا قبللل
تولي الرئيس ريجان الرئاسة في 1980م -تعد أكبر دولللة
دائنة في العللالم ،ثللم بفضللل سياسللات ريجللان التوسللعية،
أصبحت في 1985م أكبر دولة مدينة في العالم ،بل وفللي
التاريخ أيضًا .وقد بلللغ حجللم المديونيللة فللي عللام 1993م
أربعة تريليون دولر أمريكي ،وبلغ حجم الفوائد المدفوعللة
نحو 290مليار دولر سنويًا .مما حدا بعللدد مللن المحلليللن
إطلق تحللللذيرات بشللللأن الملءة الئتمانيللللة للحكومللللة
المريكية وقدرتها على الوفاء بديونها .وصدر آنللذاك كتللاب
هاري فيجي المعللروف" :إفلس ،"1995الللذي حللذر فيلله
من أنه إذا استمرت معدلت نمو الدين ،ومللا يللترتب عليلله
من الفوائد ،على مللا هللي عليلله ،فسللوف تتجللاوز الفللوائد ُ
ت الحكومة من الضرائب ،ومن ثم تصللبح المستحقة إيرادا ِ
الحكومة المريكيللة مهللددة بللالفلس .بطبيعللة الحللال لللم
تفلس الحكومة المريكيللة فللي 1995م ،ولكللن اسللتفحال
المديونية وتزايللد معللدلت العجللز فللي الميزانيللة أدى إلللى
نشلللوب خلف بيلللن الرئيلللس كلينتلللون –آنلللذاك -وبيلللن
الكونجرس حول إقللرار الميزانيللة ،وأدى هللذا الخلف إلللى
إعلن مؤسسة "موديز" المختصة بللالتقييم الئتمللاني أنهللا
سللتراجع التصللنيف الئتمللاني لفئة مللن سللندات الخزينللة
المريكية تبلغ قيمتها 387مليار دولر ،وكللان ذلللك بمثابللة
صدمة للسواق المالية.
91
اليوم تبلغ ديللون الحكومللة الفدراليللة المعلنللة أكللثر مللن 6
تريليللون دولر ،فللي حيللن يقللدر الخللبراء أن الللديون غيللر
المعلنللة )الللتي تقترضللها الحكومللة مللن صللندوق الضللمان
الجتماعي ونحوه( قد تصلل إلللى مقلدار مماثللل .وتللتراوح
الفوائد التي تدفعها الحكومة من الميزانية بيللن 220-170
مليللار دولر سللنويًا .أمللا العجللز التجللاري فيبلللغ نحللو 500
مليار دولر سنويا ،في حين يبلغ إجمالي مديونية القتصللاد
المريكي )القطاع العام والخاص عدا القطاع المالي( أكثر
مللن 19تريليللون دولر )هللذه الرقللام مستخلصللة مللن
إحصائيات البنك الحتياطي الفيدرالي(.
والمؤشرات تدل على أن المديونية المريكية فللي ازديللاد.
وباتفاق الخبراء ،فإن هذا النمو ل يمكن أن يستمر إلى مللا
ل نهايللة .فالللديون تجعللل القتصللاد مكبل ً بقيللود الفللوائد
المستحقة سنويًا ،ول مفر للتخلص ملن هلذه القيللود الللتي
تنمو وتزيد مع الزمن سوى البحث عن مللوارد جديللدة .ول
شك أن أهم وأخطر المللوارد اليللوم هللو النفللط ،وإذا كللان
العراق يرقد على ثاني أكبر مخزون من النفط في العالم،
وكان النظللام العراقللي ُيعللد خارجلا ً عللن القللانون لسللباب
شللتى ،فالنتيجللة الطبيعيللة هللي تللوجه الطمللاع إلللى هللذا
المخزون ،وتحويله لنقلاذ الدوللة القلوى فلي العلالم ملن
الفلس ،بدل ً من بقائه بيد نظام منبللوذ دولي لًا .ولللذلك لللم
يكن غريبا ً أن يتزامن تحذير المحلليللن مللن تهديللد الفلس
الذي تواجهه الحكومة المريكيللة ،وإعلن مللوديز لمراجعللة
الملءة المالية لسندات الخزينة ،مع ظهور الخطة الداعيللة
إلى احتلل العللراق والتحكللم فللي مللوارده النفطيللة .لكللن
إدارة الرئيس كلينتون لم تكللن ترغللب فللي تحمللل العبللاء
السلبية لهذا القرار ،خاصللة فللي غيللاب الفرصللة الملئمللة
محليا ً ودوليًا ،ولذلك أخرت الموضللوع ليكللون مللن نصلليب
الدارة التي تليها.
التركيب السكاني
لللو للم يكللن القتصللاد المريكللي يعلاني إل ملن المديونيلة
لكفاه ،لكن هناك مشكلة أخرى من شأنها أن تسبب كارثة
للقتصاد المريكي ما لم يتم علجها بشكل فعال ،لكن مع
92
غللرق القتصللاد فللي المديونيللة ،يتعللذر العلج ومللن ثللم
تتضاعف الكارثة.
هللذه المشللكلة باختصللار هللي تزايللد نسللبة كبللار السللن
والمتقاعللدين فللي المجتمللع المريكللي ،وفللي المجتمعللات
الغربيللة عمومللًا ،وهللي نتيجللة طبيعيللة لتنللاقص معللدلت
المواليد من جهة ،ونقص معللدلت الوفيللات المبكللرة مللن
جهللة أخللرى .وتنللاقص معللدلت المواليللد بللدوره نشللأ مللن
تدهور وضللع السللرة فللي الغللرب ،وشلليوع العلقللات غيللر
الشرعية وانفراط القيم الخلقية.
ومللع تزايللد نسللبة كبللار السللن وتنللاقص نسللبة الشللباب
والقادرين على العمل ،يتزايللد عبللء الضللمان الجتمللاعي
الللذي يللوفر التقاعللد لكبللار السللن ،مللن خلل مسللاهمات
العاملين عبر ما يسمى )ضريبة الضمان الجتماعي( وذلك
أن الضمان الجتماعي في الوليللات المتحللدة مبنللي علللى
إعطاء المتقاعدين مستحقاتهم من خلل ضللريبة الضللمان
الجتماعي التي تفرض على العاملين .فكلما كللانت نسللبة
المتقاعللدين إلللى العللاملين أقللل ،كلمللا كللانت التعويضللات
المتاحة للمتقاعدين أوفر ،والعكس بالعكس .والحاصل هو
أن هذه النسبة تتنللاقص مللع الزمللن ،حيللث يتوقللع أن تبلللغ
نسبة نمو شريحة المتقاعدين )الذين تزيد أعمللارهم علللى
65عامًا( %90خلل العقود الثلثللة القادمللة ،لتصللل إلللى
69مليونًا ،بينما تنمو شريحة العاملين )ممن هللم دون 65
عامًا( بمعدل %15فقط ،لتصل إلى 195مليون لًا .وبللذلك
يتوقللع أن تكللون نسللبة المتقاعللدين إلللى العللاملين فللي
2030م 2:1بحيث يكون لكل متقاعد عاملن اثنان فقط.
فللي حيللن كللانت هللذه النسللبة أول مللا أنشللئ الضللمان
الجتمللاعي قبللل نحللو 70عاملا ً تبلللغ ، 50:1أي خمسللين
عامل ً لكل متقاعد.
وسيترتب على ذلك أن تصللبح الميزانيللة اللزمللة للضللمان
الجتمللاعي تعللادل %15مللن الللدخل المحلللي للقتصللاد
المريكي ،أو ما يعادل تقريبا ً 3-2.5تريليللون دولر سللنويا ً
)بناء على ما جاء فللي تقريللر لجنللة الكللونجرس للميزانيللة
المعد في 2001م(.
93
ولكن واقع المر أن صندوق الضمان الجتماعي يعاني من
مشللكلتين :أولهمللا أن معللدل النفللاق علللى المتقاعللدين
سيتجاوز مقدار الضللريبة المللأخوذة مللن العللاملين بحلللول
عام 2018م .واعتبارا ً من ذلللك الللوقت سلليحتاج صللندوق
الضمان الجتمللاعي إللى مصللادر خارجيلة لتمويللل العجلز.
ونظللرا ً لن الصللندوق حكللومي بطبيعللة الحللال ،فسللتكون
الحكومة هي المسؤولة عن سد العجز.
المشللكلة الثانيللة :أن الفللائض الللذي تراكللم لللدى صللندوق
الضللمان خلل العقللود الماضللية قللد اقترضللته الحكومللة
لتمويللل نفقاتهللا الخللرى .وهللذا يعنللي أن عبللء الضللمان
الجتمللاعي علللى الحكومللة صللار مضللاعفًا :فهللي بحاجللة
لسداد الديون الماضية لتغطيللة عجللز الصللندوق ،كمللا أنهللا
ملزمة بتغطية ما يزيد عن ذلك من مصاريف الضمان.
وهذا يعني أنه يجللب علللى الحكومللة المريكيللة أن تسللتعد
لتوفير هذه المبللالغ الطائلللة لهللذه الشللريحة الكللبيرة مللن
المجتمع.
والوسائل المتاحة للحكومة لذلك ل تخرج عن ثلثة:
-القتراض،
-الضريبة،
-زيادة إصدار النقود.
أما القتراض فهللو خيللار متعللذر بسللبب المديونيللة العاليللة
التي تستهلك فوائدها خمللس الميزانيللة حالي لًا ،وأي توسللع
في القللتراض مللن شلأنه أن يهللدد ثقللة المسللتثمرين فللي
السندات المريكية ،ويعرض من ثم الللدولر إلللى النهيللار.
أما الضريبة فقد تزايدت ضريبة الضللمان الجتمللاعي عللبر
السنين إلى حد أن زيادتها أكثر مما سللبق ستصللبح ضللارة
بالقتصاد ،وقد ل تفي بالمبالغ المطلوبة.
أما إصدار النقود فسيؤدي إلى تدهور قيمة الللدولر ،ومللن
ثم إلى تهديد القتصاد المريكي أكثر من ذي قبل.
وإذا لم تنجح الحكومة المريكيللة فللي سللد عجللز الضللمان
الجتماعي فيصبح المجتمع المريكي مهددا ً بنقص حاد في
دخول شريحة كبيرة من أعضائه .ونظللرا ً للثقللل النتخللابي
لهذه الشريحة فليس من مصلحة أي حكومة أن تتجاهلهللا،
94
ولكن الحللال أنلله ل توجللد مللوارد لحللل المشللكلة" .كيفمللا
نظرت إلى المر" ،يقول القتصللادي المريكللي المعللروف
)بول كروجمان(" :تجد المستقبل مخيفًا".
وإذا كان المر بهذه الخطللورة فل بلد مللن بحللث عللن حللل
خارج الطار المعتاد ،وهذا يقود إلى محاولة تأمين مصللادر
خارجية للثروة ،وأبرز هللذه المصللادر وأهمهللا هللو الطاقللة.
ومللرة أخللرى نجللد المؤشللرات تتجلله نحللو آبللار النفللط؛
ذر التي تهدد القتصاد المريكي. لمواجهة الن ُ ُ
الحرب
إن إقدام الدارة المريكية على احتلل منابع النفللط ليللس
قرارا ً ارتجاليًا .وبالرغم مما يتسم به القللرار مللن الكبريللاء
والغطرسة والستعلء والرغبة في استكثار المال والتحكم
في الثروة ،إل أنه في الحقيقة ينبع ممللا هللو أعمللق وأبعللد
من ذلك :إنه محاولة لنقاذ القتصاد المريكي من النهيللار
تحللت وطللأة الللديون والفللوائد الربويللة المتراكمللة عليلله،
وتحللت وطللأة اختلل التركيبللة السللكانية ،وتزايللد نسللبة
المعتمدين على الضمان الجتماعي.
وعبر التاريخ نشبت العديد من الحروب الللتي دفعللت إليهلا
أغلل الديون وآصار الربا ،وهاهو التاريخ اليوم يعيد نفسه.
ولقد صدق الله تعالى إذ يقللول} :فللإن لللم تفعلللوا فللأذنوا
بحرب من الله ورسوله{ ،ومن مظاهر إعلن الحرب على
الله وآثاره :نشوب الحللروب بيللن الللدول لتللوفير المصللادر
اللزمة لسداد الديون أو مجرد التخفيف منها.
ويتضح مما سبق العلقة الوثيقة لليهود بهذه الحرب ،فمن
جهة فإن اليهللود هللم الللذين تبنللوا النظللام الربللوي السللائد
اليوم ،والذي يتمثل بأجلى صلوره فلي الوليللات المتحللدة،
فأغرقوها بالديون ليجمعوا أكبر قدر ممكن من الثروة من
خلل الفللوائد الربويللة المترتبللة عليهللا ،فأصللبحت أمريكللا
عاجزة عن الوفاء إل من خلل الستيلء على مصادر ثروة
خارجيللة .ومللن جهللة يطمللح اليهللود إلللى بنللاء "إسللرائيل
الكبرى" التي تمتد من الفرات إلى النيل ،ويشكل العللراق
جللزءا ً مهم لا ً مللن هللذا الكيللان .فللاليهود ورطللوا القتصللاد
المريكللي ،فللي هللذه المعضلللة ،ثللم هللاهم أولء يوجهللونه
95
للخروج منها مللن خلل التللورط فللي معضلللة جديللدة هللي
الحرب .وصدق الله فيهم إذ يقول} :ويسعون فللي الرض
فسادا ً والله ل يحب المفسدين{.
نظرة استشرافية
بللالرغم مللن كللل مللا يكيللده اليهللود الصللهاينة واليميللن
المسلليحي للمسلللمين ،فللإن الللله تعللالى راد كيللدهم فللي
نحرهم ،وجاعل عاقبة مكرهم خسارة عليهللم} :إن الللذين
كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله .فسينفقونها
ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون{ .فمآل ما تسللعى إليلله
الدارة المريكية أقرب إلى أن يكون وبللال ً علللى القتصللاد
المريكي من أن يكون إنقاذا ً له من الكوارث التي تهدده.
فمن جهة ستكلف هللذه الحللرب مللا ل يقللل عللن 75مليللار
دولر من النفقات المباشرة ،أما النفقللات غيللر المباشللرة
-سواء أثناء الحرب أو بعدها -فقللد تصللل إلللى 300مليللار
دولر ،كما أن نشللوب الحللرب سلاهم فللي اسلتمرار حاللة
الكسللاد الللتي يعيشللها القتصللاد المريكللي منللذ العللام
2001م.
ومللن جهللة أخللرى فللإن هللذه الحللرب سللتجعل الوليللات
المتحدة دولة تعيش حالة من المواجهة مع الدول الخرى،
خاصة روسيا وأوروبا ،وهو أمر قللد ُيحيللي مللن جديللد عهللد
الحرب الباردة .وهللذه الحللرب سللتكلف الدارة المريكيللة
مبالغ طائللة لملدد طويللة ،علللى غللرار مللا كبللدته الحلرب
البللاردة إبللان الثمانينيللات للقتصللاد المريكللي ،ويكفللي أن
ول الوليات المتحدة من أكبر دولة دائنللة ،إلللى نعلم أن تح ّ
أكبر دولللة مدينللة كللان نتيجللة لسللباق التسلللح الللذي بللدأه
ريجان –آنذاك ،(1988-1980) -وكللان المقصللود منلله هللو
استنزاف القتصاد السوفييتي إلى حد النهيار ،وقد حصللل
هذا بالفعل حيث انهللار جللدار برليللن فللي 1990م وتفكللك
التحلللاد السلللوفييتي ،تماملللا ً كملللا كلللانت تهلللدف الدارة
المريكية .لكن ماذا كان الثمن الذي دفعته؟ إنه أكللثر مللن
6تريليون دولر من الديون تللدفع عليهللا فللوائد نحللو 200
مليار دولر سللنويًا ،وهللذا يعنللي أن الوليللات المتحللدة لللن
يكون بمقدورها الدخول في حرب بلاردة جديلدة أو سلباق
96
تسلح آخر ،إذ ليس بوسللعها أن تقللترض مثللل هللذا المبلللغ
مرة أخللرى ،ول يبعللد أن تكللون هللذه الحللرب البللاردة -إذا
انطلقت -سببا ً لتزعزع الوليات المتحللدة وتصللدعها ،علللى
غرار ما حصل للتحاد السوفييتي من قبل }جزاًء وفاقًا{.
ومن جهة ثالثة فإن الوليات المتحدة ستصبح مهددة أمنيا ً
أكثر من ذي قبل ،وستكون من ثم أقل جذبا ً للمستثمرين.
وإذا علمنا أن نسبة كبيرة من السندات المريكيللة يملكهللا
أجانب ،فإن تراجع هللؤلء عللن شللراء السللندات المريكيللة
سيؤدي إلى تناقص قيمتها ومن ثللم تللدهور قيمللة الللدولر،
وهللذا مللن شللأنه أن يهللدد قللدرة الخزينللة المريكيللة علللى
الوفاء ،ومن ثم يهللدد منزلللة الللدولر كللونه عملللة رئيسللية
عالمية .جميللع هللذه المتغيللرات تصللب فللي خانللة إضللعاف
القتصللاد المريكللي وتراجعلله ،أكللثر ممللا لللو لللم تللدخل
الحكومة المريكية هذه الحرب.
فالحاصل أن محاوللة إنقللاذ القتصلاد المريكلي ملن خلل
الستيلء على مقللدرات الشللعوب الخللرى بللالقوة ،أقللرب
إلى أن يفاقم من مشكلته ويضاعف من حللدتها منلله إلللى
أن يعالجها أو يقضللي عليهللا ،وهللذه نتيجللة طبيعيللة للظلللم
والبغي والطغيان.
واجبنا
قديما ً أمر الله تعالى المسلمين أن يتعظوا بما جرى لبنللي
قريظة ،بقوله }يخربون بيوتهم بأيديهم وأيللدي المللؤمنين.
فاعتبروا يا أولي البصار{ .والمنطللق نفسلله يللوجب علينللا
أن نعتبر بما يجري الن ،فتدهور القتصللاد المريكللي نشللأ
مللن مشللكلتين جوهريللتين :الللديون الربويللة ،والنحللراف
الخلقي .فإذا أرادت دولة ما أن تبني مجتمعها بناء متينللًا،
فعليها أن تتحصن بقوة ضد هذين المرضين :الربللا والزنللا.
والمسلللمون أولللى النللاس بللذلك ،فهللم يملكللون الطللار
الفكري والعقللائدي اللزم لبنللاء مجتمللع متماسللك أخلقيلا ً
واقتصاديًا ،كمللا أن الشللريعة السلللمية نظمللت العلقللات
الجتماعية والتصرفات المالية بشكل محكم ليس له مثيل
في أي نظام تشريعي آخلر .وقلد حلذر النلبي -صللى اللله
عليه وسلم -من هذين المرين خصوصًا ،بقوله" :مللا ظهللر
97
الربللا والزنللا فللي قللوم إل أحلللوا بأنفسللهم العقوبللة" رواه
أحمد وأبو يعلى )صحيح الجامع .(5634
لقللد كللانت الللديون والنحرافللات الخلقيللة عللبر التاريللخ
مؤشرا ً لنهيار الدول والحضارات ،ونحن نملك بحمللد الللله
المبادئ والوسائل الكفيلة بتجنب النهيار ،فهل نحللن علللى
قدر المسؤولية؟* مستشار اقتصادي
==============
#أولويات المرحلة القادمة !
التحرير 15/2/1424
17/04/2003
تتطلللب المرحلللة الحاضللرة والمسللتقبلية العمللل الجللاد
للحفاظ على هوية المجتمع ،وعقيللدته ،ووحللدته ،وتعللاونه،
ووضللوح الرؤيللة الصللحيحة لمجريللات الحللداث القائمللة،
والنظرة بعين البصيرة استشرافا ً للمستقبل القريب ،وقللد
أجرى موقع (السلم اليوم( ل في هذا الشأن ل حلقة حوار
لوضللع رؤيللة مسللتقبلية وعمليللة للتعامللل مللع الحللداث
والمتغيرات التي باتت تسابق سرعة الضوء.
وكللان مللن ضللمن أهللداف هللذه الحلقللة تقللديم أفكللار
وموضوعات مقترحة للمرحلة القادمللة ،يمكللن أن يسللتفيد
منها طلبة العلم والدعاة والخطباء من جهة ،وتحدد معللالم
المستقبل لغيرهم من جهة ،ويسر )موقلع السللم( اليلوم
ة لنتائج هذا الحوار . أن يضع بين يدي قرائه الكرام خلص ً
عناوين مختصرة ؛ لنبدأ بها
تم توجيه هذا السللؤال فللي البللدء علللى عللدد مللن العلمللاء
والمهتميللن بمتابعللة المسللتجدات ،ومنهللم :فضلليلة الشلليخ
سلمان بن فهد العودة ،وفضيلة الشلليخ إبراهيللم الللدويش،
وفضللليلة الشللليخ سلللعود الفنيسلللان ،وفضللليلة الشللليخ
عبدالوهاب بن ناصللر الطريللري ،وفضلليلة الللدكتور عللوض
القرنلللي ،واللللدكتور خاللللد العجملللي ،واللللدكتور عبلللدالله
الصبيح .
حرصللنا أن تكللون إجابللاتهم عنللاوين مختصللرة وواضللحة،
ومقسللمة إلللى قسللمين ،أولهمللا :وصللايا للللدعاة وطلب
العلم ،وثانيهما :موضوعات مهمة للطرح فللي هللذا الللوقت
98
مللة؛ لتكللون لهللا الولويللة فللي
على مسللتوى الخاصللة والعا ّ
الطرح ،وتكوين الوعي العام.
ل :وصايا للدعاة ،وطلب العلم: أو ً
01المشاركة الجللادة فللي مؤسسللات المجتمللع الرسللمية
منها ،وغير الرسمية؛ للقللرب مللن النللاس ،والسللهام فللي
الصلح والتأثير ،ومن ذلللك وسللائل العلم المللرئي منهللا،
والمقروء والمسموع.
02طللرح الصلللحات المطلوبللة مللن الدولللة باعتللدال،
ووضوح ،ولغة صللادقة؛ اتباعلا ً لهللدي القللرآن والسللنة فللي
ذلك ،فإن هذه الزمة كشللفت عللن ثغللرات هائلللة تتطلللب
جدية الصلح.
03تنوع الطرح ،وتعدده ضمن إطار القواعد الشرعية.
04قبللول سللماع الللرأي المخللالف ،مللا دام فللي دائرة
مجمعا ً عليه.الجتهاد ،ولم يخالف أمرا ً عََقديًا ،أو ُ
05دعوة الطوائف المخالفة لهل السللنة ،مللع المحافظللة
على عدم تأجيج النزعة الطائفية؛ تفويتا ً لفرصة العدو فللي
استثمار الخلف الطائفي والمذهبي.
06محاورة جميع شللرائح المجتمللع ،واكتشللاف المسللاحة
الواسللعة مللن المتفللق عليلله واسللتثمارها ،والتعللاون مللع
الجميع في القدر المشترك ،مللع الللدعوة والمناصللحة فللي
مساحة الختلف بالطريقة المناسبة للصلح .
.7دعوة المبهورين بالنموذج الغربللي ،وبيللان تهللافته فللي
الميدان العملي ،وإدارة الحوار حول ذلك.
ة ،وتعليمًا ،وتفقيهًا ،واللتركيز عللى .8العناية بالمرأة :دعو ً
ذلك ،فهي مستهدفة في هذه المرحلة ،وذلك بطرح برامج
تستوعب المرأة في المجتمع ،بنشاطات متنوعللة ،تناسلب
جميع شرائح المجتمع.
09بللث المعللاني العقديللة الكللبيرة فللي نفللوس الللدعاة،
وطلب العلللم؛ بللل وعامللة النللاس أيض لًا ،مثللل :اليمللان،
التوكل ،اليقين ،حسن الظن بالله ،والثقة به ،عللدم القلللق
والتللوتر إزاء الحللداث ،الرتبللاط بللالله – عللز وجللل ، -
والعللتراف بالخطللأ والمسللؤولية ،وليللس إلقاؤهللا علللى
الخرين.
99
010التواصي بحفظ أمللن المجتمعللات المسلللمة؛ فكري لا ً
واجتماعيا ً واقتصاديًا ،والتعللاون علللى ذلللك بكللل الوسللائل
الممكنة شرعًا.
011الجتهللللاد فللللي حمايللللة المؤسسللللات الشللللرعية،
والتعليمية ،والغاثية ،وغيرها ،وعدم العمل علللى زعزعتهللا
أو تقليصها.
012محاولة تحويل جهود الفراد – ما أمكن -إلللى أعمللال
مؤسسية تقوم على الدراسة والتشللاور؛ لتحقللق مكاسللب
أوسع.
013الجد في بناء علقات وثيقة بين العاملين فللي مجللال
الدعوة والصلح ،وتقوية التعاون ،وتعميق التواصل بينهم،
وتللدارس المسللتجدات بحيويللة وشللفافية وجديللة وعللدم
تباطؤ.
.14تعميق التلحم بين فئات المجتمللع العمليللة والداريللة،
والعامللة والخاصللة ،والتعللاون بينهللم فيمللا يخللدم السلللم
والمسلمين ،وكل ما فيه مصلحة البلد والعباد.
015عدم احتقار النفس بأي جهد يقللوم بلله الداعيللة ،فهللو
على ثغر.
016محاورة كل من للله فكللرة غاليللة ،أو رأي مللؤثر فللي
المللة وشللبابها ،محللاورة علميللة مؤصلللة؛ لتوصللل إلللى
الهداف المرجوة.
017بث الثقة في العلماء الربانيين ،والرجللوع إليهللم فللي
الزمات والنوازل.
018بث معللاني الخللوة بيللن أفللراد المجتمللع ،واسللتيعاب
أسللباب الخلف ،ومحاصللرة مظللاهر القطيعللة والتنللافر،
والحرص عللى التماسلك اللداخلي بكلل ملا يسلتطاع ملن
الوسائل المناسبة ،وتفويت الفرصة على كل عدو يستثمر
الفرقة.
019الهتمللام بالشللباب الجللاد ،ومحللاورتهم ،والجلللوس
معهلللم فلللي موضلللوعات جلللادة ملللن خلل جلسلللاتهم،
ورحلتهم… ،وغيرها.
100
020إظهار التفاؤل والبشائر وعدم اليللأس ،مللع الوقللوف
على الداء ،ومعالجته بالساليب المناسبة ،ويدخل في ذلك
أهمية إظهار نقاط الضعف عند العدو ،ومواضع الخلل.
021الحرص على عدم مخالفة الجماعة ،مهمللا كللان رأي
المخالف عنده راجحًا ،ورأي غيره مرجوحًا ،فالتفاق علللى
المرجوح – ما دام ضللمن الضللوابط الشللرعية -أولللى مللن
الختلف.
022كتابللة مشللاريع إصلللحية جللادة ،مجتمعللة ومتفرقللة،
تقللدم للحكوملات بالسلاليب المناسللبة؛ أمللرا ً بلالمعروف،
ونهيا ً عن المنكر.
ثاني لًا :موضللوعات مهمللة للطللرح فللي هللذا الللوقت علللى
مستوى الخاصة والعامة:
01اليمان بالله وتعميقه ،وعوامل زيادته ،وأثره.
02التوكللل علللى الللله مفهللومه ،وأهميتلله ،وواقللع النللاس
تجاهه.
03التفاؤل ،والتشاؤم ،وأثرهما.
04الدعاء ،وأثره في حل المعضلت ونصر المة.
05مواقلف رسلول اللله – صللى اللله عليله وسللم -فلي
الزمات والمهمات.
06مصادر التلقي بين الفراط والتفريط.
07الجتماع وتوحيد الكلمة ،وأثر ذلك ،والفرقة وأثرها.
08مفهوم الجهاد ،وأنواعه ،ووسللائله ،ويللدخل فيلله إعللداد
العدة.
09الصدق مع الله – تعالى -وأثره.
010المخَرج من الفتن.
011الشاعات ،وأثرها في خلخلة الصف.
012العلماء :مكانتهم ،وأهمية الرجوع إليهم ،والثقة بهم.
013الرجاف ،وأساليب المرجفين والمنافقين.
014المصالح والمفاسد العامة ،وضوابطها.
015الخلف بين أهل العلم ،والتعامل معه.
016تربية النفوس على الجد والجهاد.
017المن ،والمحافظة عليه وأثره ،وخطورة الفوضى.
018اليجابية في التعامل مع الحداث.
101
019النصر ،والهزيمة ،المفهوم والعوامل.
020العتصام بالكتاب و السنة؛ مفهوما ً وتطبيقًا.
" 021إن كيد الشيطان كان ضعيفا ً ".
022الللواجب والمؤمللل فللي مثللل هللذه الوقللات علللى
الشباب..
023المرأة :واجبها ،وما يراد لها.
024العداء ،ووسائلهم ،ومخططاتهم ضد السلم وأهله.
025البيت المسلم ،والمحافظة على تماسكه.
026المكتسبات الشرعية ،والمحافظة عليها.
واسلللتكمال للرؤيلللة قمنلللا أيضلللا ً باسلللتكتاب علللدد ملللن
الشخصلليات العلميللة والثقافيللة وسللألناهم -أيضللًا -عللن
"أولويات المرحلة القادمة" من وجهة نظرهم ،وقد قللاموا
مشللكورين بالتفاعللل مللع هللذه القضللية ويسللرنا ان ننشللر
إجاباتهم بين إيديكم ،مصنفة حسب موضوعها...
الرجوع إلى الله هو خط البداية
ل يمكن أن نتحدث عن أولويات المرحلة القادمللة دون أن
نبدأ بهذه القضية الللتي أجمللع المشللاركون علللى أهميتهللا،
وضرورة التأكيد عليها ،يقول فضيلة الشيخ الدكتور ريللاض
المسيميري :ضرورة العودة الصادقة إلى الله تعالى علللى
جّربللت جميللع المللذاهب مسللتوى الللدول والشللعوب ،فقللد ُ
والمناهج الرضية؛ فلم يفلح منها شيء فللي تحقيللق إنجللاز
ُيللذكر سللواء فللي المجللال العسللكري ،أو القتصللادي ،أو
الجتماعي ،ويمكللن أن تتحقللق العللودة إلللى الللله بإسللهام
الللدول ،والشللعوب ،والعلمللاء ،والللدعاة فللي نشللر الللوعي
سّنن المحمدية ،وتخليص الدين بمللا علللق الديني ،وبعث ال ُ
به من الخرافة والبدعة.
ويؤكد فضيلة الشيخ محمد الدحيم على أهمية ربط الناس
بربهم وخالقهم؛ حتى يعلموا أن النصر من عنللد الللله ،وأن
المر له يؤتي وينزع ،ويعز ويذل ،وأن الخيللر فيمللا يختللاره
جل جلله .مع الخللذ بعيللن العتبللار أن يكللون هللذا الربللط
ف تغلللب فيلله العواطللف ،وُتلغللى فيلله ليس ردة فعل تصّر ٍ
العقول ،وليكن هللذا الربللط حللافزا ً لعللداد القللوة ،والتهيئة
للنصر .
102
صل هذا المعنى فضيلة الشيخ الللدكتور حمللد الحيللدري وُيف ّ
ببعض التوجيهات ،منها:
-الفرار إلى الله تعالى والصدق في ذلك ،فإن من تقللرب
منه –تعالى -ذراعا ً تقرب إليلله – سللبحانه -باعلا ً ومللن أتللاه
يمشي أتاه –سبحانه -هرولة ،وهو الغني سبحانه .
-التعرف على الله تعالى في الرخاء بشللكر نعملله ،وكللثرة
دعللائه ،وفللي حللديث ابللن عبللاس –رضللي الللله عنهمللا-
مرفوعًا":تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة"
-كثرة الدعاء ،واللحاح فيه ،وعللدم اليللأس أو السللتعجال؛
فيكثر المسلللم مللن الللدعاء لنفسلله ،ولمجتمعلله ،ولمتلله،
ويلح في ذلك ،وفي الحديث":ل يرد القدر إل الدعاء".
-الصلح ،والمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،بالطريقة
الشرعية التي ل تفسد القلللوب؛ بللل تؤلفهللا وتحبللب إليهللا
الخير وأهله ،فالصلح سبب للنجاة "وما كان ربللك ليهلللك
القرى بظلم وأهلها مصلحون" وأول مللا يبللدأ بلله النسللان
إصلح نفسه ،وأهل بيته.
-كثرة الستغفار الصادق ،قال الله تعللالى":ومللا كللان الللله
معذبهم وهم يستغفرون".
-كللثرة الصللدقة والحسللان إلللى عبللاد اللله ،فللإن الصللدقة
تطفئ الخطيئة ،والخطيئة سللبب كللل مصلليبة ،والحسللان
إلللى العبللاد سللبب لرحمللة الللله "والراحمللون يرحمهللم
الرحمن".
ويواصل فضلليلته :وقبللل ذلللك وبعللده ،التنبلله إلللى السللبب
الحقيقي لمللا يحصللل مللن تسلللط علللى المسللمين ،وذللة
واقعة بهم ،ثم طلب السباب الحقيقية للتخلللص مللن هللذا
الواقع المرير ،والسبب الحقيقي قد وضللحه الللله –تعللالى-
بقوله":وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيللديكم ويعفللو
عن كثير"،وقوله تعالى" :أو لما أصابتكم مصيبة قد أصللبتم
مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم"
تفعيل دور العلماء والدعاة
من ضمن القضايا الللتي أكللد عليهللا المشللاركون "ضللرورة
تفعيل دور العلماء والدعاة فللي هللذه الزمللة" ،ففللي ذات
السياق يتوجه فضيلة الشيخ الدكتور أحمد أبللا بطيللن إلللى
103
ملهللم مسللؤولية المشللاركة فللي وضللع علمللاء المللة ،ويح ّ
الحلول لهذه الزمة ،واللتفللات حللولهم ،ومطللالبتهم بعقللد
جلسللات طللارئة لستصللدار قللرارات تنطلللق مللن رؤيللة
شرعية ،يوضح فيها كيفية التعامل مع هذه الحللداث وقللت
الفتن.
ويرى الشيخ هللاني الجللبير أل ُيكتفللى بتصللريحات وفتللاوى
وأقوال العلماء والمفكريلن منفلردة؛ بلل ل بلد ملن وجلود
فتاوى وتوجيهات جماعية تتسللم بالسللرعة ،والمبللادرة مللع
التعقل في الطرح.
ويؤكد الشيخ علي اللمعللي علللى ضللرورة اتصللال الللدعاة
بالشخصلليات المعتللبرة فللي الدولللة؛ ليصللال فكللرة "أننللا
جميعا ً أمام عللدو مشللترك ،فيجللب التعللاون للوقللوف فللي
وجهة ،وصده عن مخططاته التي أصلبح يرددهلا علنلا ً دون
مواربة ول استحياء ،قال تعالى" :ما يود الذين كفللروا مللن
أهل الكتاب ول المشركين أن ُينزل عليكللم مللن خيللر مللن
ربكم" الية.
والتأكيد على العلمللاء بللأن يكللون لهللم دور واضللح ومعلللن
فيما يجري ،وتذكيرهم بما عليه الناس مللن المعانللاة ومللن
فقدان الثقة ،وأنه ل بللد لهللم مللن بيللان مشللترك؛ يسللمعه
العدو ،وينتفع به الناس فيجبر الكسر ويعيد للنللاس المللل،
قال تعالى " :وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه
للناس ول تكتمونه" الية.
يرى فضيلة الشيخ أحمد الخضيري" :ضرورة قيام العلماء-
وبخاصة من أحيلت إليهم أمور إفتاء الناس -بللواجبهم فللي
بيان الموقف الشرعي للمسلم من هذه الحداث؛ حللتى ل
تضطرب أفكار الناس ،فيتجهوا إلى الخللذ بفتللاوى شللاذة،
أو آراء متعجلللة يطالعونهللا فللي وسللائل العلم المختلفللة،
وينشأ عن ذلك ابتعادهم عن التصال بكبللار العلمللاء وأهللل
الحل والعقد ،وإذا ابتعد الناس عللن أهللل العلللم التمسللوا
البديل في بعض الفتاوى التي ل ُيطمأن إليها ،أو إلللى مللن
أصدرها ،وبخاصة مللع ازديللاد مسللاحة حريللة الكلمللة عمللا
كانت عليه سابقا .كما أن في بيان أهل العلم وتوضلليحهم
هذه الحكام لعامة الناس وطلبة العلم ما يعزز الثقللة بهللم
104
ويقوي الرتباط معهم ويسللاعد فللي القضللاء علللى مللا قللد
يحدثه الشيطان في النفوس من الظنون السيئة.
العلقة اليجابية المتبادلة بين العلماء والشباب
ربمللا شللعر الجميللع مللن خلل تللوالي الزمللات بالنجللذاب
الطللبيعي بيللن هللاتين الشللريحتين ...العلمللاء والشللباب،
واختلفللت مسللتويات هللذا التفاعللل مللدا ً وجللزرًا .فللي هللذا
الصللدد يؤكللد فضلليله الشلليخ أحمللد الخضلليري :إن علللى
العلماء أن ينزلوا إلى الشللباب ،ويصللبروا علللى محللاورتهم
والسماع منهللم ،وليعلمللوا أن حللال النللاس فللي السللنوات
الخيرة اختلف كثيًرا عما كان عليه قبل سللنوات معللدودة؛
من حيث انتشار وسائل العلم فللي كللل مكللان –تقريب ًللا،-
فأصللبح يتللوفر للمللرء سللماع ومطالعللة كللثير مللن الراء
والجتهادات المتنوعة ،بخيرها وشلرها ،فيقتضلي هللذا مللن
أهل العلم أن يواجهوا هذا السيل العارم بالبيللان والتللوجيه
في النوازل التي تهم المة عللبر وسللائل العلم المتاحللة ،
وبخاصة مع ازدياد مساحة حرية الكلمللة عمللا كللانت عليلله
سابقا.
وفي هذا السياق يؤكد فضيلة الدكتور حمد الحيدري :على
الحرص على جمع الكلمة ،واحتواء الشباب ،والخذ بزمللام
المبللادرة فللي ذلللك؛ لئل يكللون الشللباب مرتعللا ً خصللبا ً
للجماعللات المنحرفللة الللتي تسللتميلهم بإرضللاء العواطللف
وتغذيتها ،ولن كبار العلماء عندهم ما يشغلهم مللن المللور
الكبار؛ فأقترح عللى كبلار اللدعاة -مملن هلم محلل الثقلة
والقبول عند الجميللع -أن يتولللوا هللم هللذا المللور ويكونللوا
حلقللة وصللل بيللن الشللباب وكبللار العلمللاء؛ فيكللون فللزع
الشباب وتوجههم إليهم ،وهم يبلغون عنهم وإليهم.
ويرى فضيلة الشيخ عمر المقبل ضرورة فتح أهل العلم –
مللن علمللاء وطلبللة علللم -أبللوابهم للشللباب والسللتماع
لصواتهم –مهما كانت توجهاتهم -وفتح باب الحوار معهللم،
وإبداء وجهللات النظللر ،مدعمللة بالدلللة الشللرعية ،والعلللل
المرعية ،ومقاصد الشريعة العامة.
ويقللول :إن مللن الملحللظ أن كللثيرا ً مللن الحتقللان -الللذي
يعيشه كثير من الشباب -هللو بسللبب تلقيهللم عللبر وسللائل
105
كثيرة من النترنت ،أو المجالس الخاصللة أو غيرهللا ،ومللن
ثم عدم مقدرتهم على فهم وجهة النظر الشرعية ،أو على
القل وجهة النظر الخللرى ،الللتي قللد تخللالف ذلللك الللرأي
المطللروح ،إن كللثيرا ً مللن الشللباب يجلللس أحللدهم أمللام
النترنت؛ فيبحر في عباب هذا البحر الخضللم ،عللبر مواقللع
كثيرة ،فيستقبل؛ لكنلله ل يرسللل! وأحسللب أن مثللل هللذه
المجالس لو فتحت أمام هؤلء الشباب ،لكانت فرصة لبدء
ص بيللن طلب العلللم بهللذا؟، الرسال عندهم ،فهل من توا ٍ
إن أقل ما ُيطالب به في هذه الفترة بالذات ،أن يوجد في
كللل بلللد مجموعللة مللن طلب العلللم ،يفتحللون أبللوابهم؛
لستقبال الشباب ،وسماع مللا لللديهم ،بللل وأرى أن تكللون
هذه المجالس مفتوحة أمام أطياف المجتمع كلها ليرتادهللا
شباب الصحوة ،وعامة الناس ،ومن علللى ظللاهرهم بعللض
المخالفات الشرعية؛ ليكون لهل العلم دورهم الذي يليللق
بهم في توجيه سفينة المجتمع ،حتى ترسللو علللى شللاطئ
النجاة -بإذن الله تعالى ،-ومن جرب هذه المجالس ،سواء
بفتحها أو بحضورها ومللدى اسللتفادة الشللباب منهللا؛ أدرك
تعطشهم إلللى مثلهللا ،فكللم استرشللدها مللن شللاب! وكللم
استنار بها من جاهل!.
نشر الوعي بأبعاد القضية
فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله وكيل الشليخ يلرى ضلرورة
نشر الوعي بحقيقة الهداف المريكية ،وقد ل يجد الباحث
قرارات صادرة بهذه الهداف لكن المر المتواتر -الللذي ل
خذ إل بعد سلليل مللن الدعايللة ُيشك فيه -أن القرارات ل ُتت َ
العلميللة ،والدراسللات البحثيللة؛ لتهيئة النفللوس لتقّبللل
القرارات ،وقد ُيظن أن نشر مثل هذه الهداف يوهن مللن
عزيمة الفرد المسلم ،وربما ُيبتلى بالحباط واليأس؛ لكللن
حقيقة المر أن المعرفة بأهداف العدو ُتول ّللد حاللة التحفللز
والحتياط عند المسلللم ،وهنللا تللأتي الحاجللة إلللى البرامللج
التي تحول المعلومللات مللن وسلليلة للحبللاط إلللى وسلليلة
للتفاعللل الحللي ،فنحللن أمللام عللدو شللرس ،منتهللك لكللل
العراف والقوانين ،يعيش حالة مللن الغللرور ،عّززهللا فللي
106
نفسه ضعُفنا وهواُننا وعجُزنا من اتخاذ مشاريع الدفاع عن
النفس.
وفي هذا السياق يؤكد الشيخ أحمد الخضيري علللى أهميللة
العناية في هذا الوقت بفضح خطط العداء من النصللارى،
وبيان ارتبللاطهم مللع اليهللود والمنللافقين ،وكشللف الللوجه
القبيللح لهللؤلء العللداء ،الللذين يتسللترون بالديمقراطيللة
والحرية وحقوق النسان والشرعية الدولية ،وهم أول مللن
يكُفر بها إذا تعارضللت مللع مصللالحهم وأطمللاعهم ،وتجليللة
دع بثقافللة هللؤلء خ ِهذا المر يكشف الغفلة عن كثير ممن ُ
العللداء ،فاتخللذهم العللداء بوقللا وأداة لهللم فللي تضللليل
المسلمين .
ويؤكد ذلك الشلليخ محمللد الللدحيم بضللرورة رفللع الللوعي،
وفك الغموض حول هللذه الحملللة بجللرأة كافيللة تتلءم مللع
الحللدث ،وليللس هللذا خللاص بعلمللاء الشللريعة؛ بللل هللو
مسؤولية الشرعي ،والجتماعي ،والقتصادي ،والسياسي،
مللل بعضللها البعللض؛ لتخللرج برؤيللة وهللذه المنظومللات يك ّ
متكاملة متناسقة.
ويربللط الشلليخ علللي اللمعللي "قضللية الللوعي بالحللداث
ومخططات العللداء" بالمنظللار الشللرعي حللول الحللداث،
وذلك ببيان عداوة اليهود والنصارى ،وظلم وطغيان الغرب
في الجملة ،ثم تذكيرهم بعقيدة الولء والبراء ،وبسنن الله
الكونية والشرعية ،وتنيبه الخطباء ،والساتذة والمعلميللن،
والكّتاب إلى ضرورة التحدث في الوضللع القللائم بمنهجيللة
واضحة ،مع البعد عللن التهللويش والفوضللى الللتي ل فللائدة
منها ،ويجب التذكير بالثوابت التي يجب أل تتغيللر ،وإظهللار
الحق وقواعلده الثابتللة ،وبيللان الباطللل وأسلاليبه ،وضللوع
اليهود في العالم ،ودورهم فللي التخريللب والفسللاد وإيقللاد
الفتن والحروب ،فهم عبر التاريخ كله ل يعيشللون إل علللى
هذا النمط ،كما قللال تعللالى " :كلمللا أوقللدوا نللارا ً للحللرب
أطفأهللا الللله ويسللعون فللي الرض فسللادا ً والللله ل يحللب
المفسدين".
الهتمام بالدراسات المستقبلة
107
الزمات تتكرر ،والتاريخ يعيد نفسلله ،والحاجللة إلللى إعللادة
أسلوب تجاوبنا مللع الحللداث؛ بحيللث نتجللاوز وصللفها بأنهللا
)ردود أفعللال( إلللى أن تصللبح اسللتباقية تسللتوعب الواقللع،
وتستشرف المستقبل ،في هذا السياق يدعو الشيخ أحمللد
الخضيري إلى أخذ الهبة والسللتعداد لمللا يتوقللع أن تللؤول
إليه المور في المسللتقبل فللي المنطقللة ،وهللذه الللدعوة
تكللون عامللة لللولة المللر ،وللمجتمللع وأفللراده كللل فيمللا
يخصه ،بحسب ما أمر الله –تعللالى -وأرشللد إليلله؛ لتتللوافر
أسللباب الجهللاد .والسللتعداد ُ يشللمل جللوانب كللثيرة منهللا:
الجلللانب العسلللكري ،والقتصلللادي ،والعلملللي ،والتقنلللي،
والجتماعي ،...وغير ذلللك .ول ينبغللي أن ُتسللكرنا الغفلللة،
وتلهينا حياة الترف عما يراد بنا.
ويللرى د.ريللاض المسلليميري ضللرورة صللياغة البرامللج
السياسية والقتصادية والتربوية الفاعلللة ،المرتكللزة علللى
شريعة السلم ،والكفيلة بتحقيق مصللالح المللة فللي هللذه
المجالت المهمة ،ووأد كافللة الخيللارات المخالفللة لحكللام
الدين الحنيف.
كر الشلليخ يوسللف القاسللم بضللرورة تقللديم البحللوث ويللذ ّ
والدراسات العلمية في شتى الميادين ،حتى يرتفع الجهللل
عن المة ،وحتى نرتقي بالفكر إلى الحد الذي يجعلنللا فللي
مستوى المواجهة .
ويرى د.حمد الحيدري ضللرورة إعللادة النظللر فللي معالجللة
بعللض المللور ،والسللتنارة فللي ذلللك بسللنن الللله الللتي ل
تتخلف ،فإنها كما جرت في قوم سللابقين سللتجري فيمللن
بعدهم ،إذا وجدت أسبابها ،وهذه السنن تستفاد من كتللاب
الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم ،-ثم مللن وقللائع
التاريخ .وأكاد أجزم أن الدول لللم تسللتفد منهللا شلليئًا؛ لن
أكللثر المستشللارين ل يبللالون بهللا ،أو ل يللدركونها بالرؤيللة
الشرعية.
وفي نفللس السللياق يللرى الشلليخ محمللد الللدحيم ضللرورة
متابعللة الحللدث أول بللأول ،ومللن مصللادر عللدة ،وإعللداد
دراسات مستقبلية توقعية -غير قطعية -لكل مرحلة؛ حتى
108
ل نفاجأ بما للم نفكلر فيله ،وهلذا للن يكلون سلهل ً ملا للم
نتواجد مع الحدث أينما حصل.
ولن التاريخ يتكرر ،ويمكن أن نستفيد منه لفهم كللثير مللن
دورات التاريخ التي تتغير في ظاهرها ،وليس في حقيقتها.
يؤكللد الشلليخ هللاني الجللبير علللى أهميللة دراسللة التاريللخ،
وخصوصللا مرحلللتي :الهجمللة المغوليللة ،وزمللن ملللوك
الطوائف بالندلس المفقود ،حيث صارت كل مدينللة دولللة
لها توجهاتها ومصالحها التي تهمهللا أكللثر مللن أي شلليء!..
حتى استعان بعضهم علللى بعلض بالنصللارى اللذين وجللدوا
معّبدًا ،ودربا ً سللالكًا؛ لبتلع هللذه الللدول!! الغارقللة
طريقا ُ
في لهوها..إن في كل صورة وموقف دروسا ً كثيرة ،وعبرا ً
عديللدة ،وجللوانب يمكننللا مللن خلل تأملهللا أن نسللتجلي
وسائل الصلح.
الصلح الداخلي
لقد لحظ الجميع اللغة الللتي تسللتخدمها الدارة المريكيللة
لدغدغة مشاعر العراقيين في الداخل ،وذلك بالعزف على
وتر العلقة المتردية بين الحكومة والشعب.
في هذا الصدد يوجه فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن علوش
ة للحكومللات السلللمية -بصللفة عامللة،- المللدخلي نصلليح ً
وحكومات المنطقللة -بصللفة خاصللة -أن تسللعى لتحقيللق
التلحللم مللع شللعوبها ،ممللا يعمللق النتمللاء للبلللد ،ويسللد
الثغرات والفجوات ،ويسد كافة الطرق علللى أعللداء المللة
المتربصين.
ما كيف يتم ذلللك؟؛ فيللرى الشلليخ حسللن أحمللد القطللوي أ ّ
وجوب تقديم القضايا الكبرى والمصيرية على المور النية
والمحدودة ،فإن قوى الشر في العالم بعمومها -والغربيللة
منها علللى وجلله الخصللوص -قللد قللررت إعللادة احتلل بلد
العروبة والسلم ،بحجة أن هذه البلد تمتلك ما ل تستحقه
من الثروات الهائلة ،أو أنها لم تحسن اسللتخدام مللا تملللك
من تلك الثروات ،وقد رأت قوى الغرب -في الحقيقة -أن
هنللاك بللوادر تنللبئ عللن امتلك المللة العربيللة والسلللمية
لبعللض المكانللات الللتي يمكللن بهللا مقاومللة قللوى الشللر
الغربية ،فأعلنت خوفها من أن تؤول تلللك المكانللات إلللى
109
أيد الصادقين ،فللاعتبرت ذلللك ممللا يهللدد كيانهللا ،ويعللرض
مصالحها )النتهازية( للخطر.
وينبه الشيخ عمر المقبل إلللى ضللرورة توعيللة الجمهللور –
وخاصة الشباب -بأهمية توحيد الصف أمام العدو المتربص
المتفق عليه ،ول يعني –بالضرورة -التحاد فللي الراء فللي
المسائل الجتهادية ،فهذا لم يحصل لخيار هللذه المللة فللي
عهد نبيها –صلى الله عليه وسلم ،-بل المقصللود الجتمللاع
علللى مللا اجتمللع عليلله السلللف ،مللن معرفللة مللا ل يجللوز
الختلف فيلله ،ومللا يجللوز الختلف فيلله ،ولكنلله ل يبيللح
التفرق.
ويطالب د.عبد الله وكيل الشيخ الحكومات بتوسيع هامش
الحريللة للشللعوب؛ للتعللبير عللن مشللاعرها ،حيللث تمتلللئ
مشاعر المسلمين بكم هائل من الغضب عللى هلذا العلدو
الللذي ينتهللك حريللة المسلللمين ،الللذين يربللط بينهللم إخللاء
اليمان "إنمللا المؤمنللون إخللوة " هللذه المشللاعر ل بللد أن
يسمح لها بالظهور ،قول ً وفعل ً ل يؤديان إلى الغرر والنيللل
من مصالح المسلللمين ،ومللن عللدم التوفيللق تجاهللل هللذه
المشاعر أو مصادرتها حتى تنقلللب إلللى أعمللال ارتجاليللة،
تغيب عنها الرؤية المصلحية الشرعية ،والتعللبير عللن هللذه
المشاعر ل يتخذ صورة واحدة؛ بل تتنوع صللوره إلللى مللال
نهاية .فسلللوك هللذه المسللالك يخفللف مللن الحتقللان مللن
ناحية ،ويوجد الرعب في نفوس العللدو مللن ناحيللة أخللرى،
وكم هي فتنة شديدة أن ل يعللرف هللؤلء المعتللدون حجللم
الكراهية لهم في نفوسنا ،فُيغريهللم ذلللك بالسللتمرار فللي
عللدوانهم ،ول ينبغللي العتللذار هنللا بللأن التعللبير عللن هللذه
المشاعر اليمانية يقللترن بللأنواع مللن التخريللب والتللدمير،
لنه بالوعي المستمر ،والتعامل الحسللن ،والتللدريب علللى
النضباط تتلشى هذه السلبيات ،أو تخللف إلللى حللد كللبير،
وبكل المقللاييس فالبللديل المتمثللل فللي مصللادرة التعللبير،
وتكميم الفللواه أعظللم ضللررًا ،وأفللدح خطللرًا ،وقللد تقللرر
شرعا ً احتمال أقل الضررين لدفع أعظمهما.
الدعوة للجهاد العام
110
يؤكللد د .ريللاض المسلليميري علللى ضللرورة إحيللاء فريضللة
ب رئيسللي لرفللع الجهاد ،بوصفها ذروة سنام السلم ،وسب ٌ
الذلة والصغار عن المة ،وبناء هاجس الرهبللة فللي قلللوب
العداء؛ لوأد كل مخطط ماكر لغزو ديار السلم.
ويقول إننا لو تأملنا قوله تعللالى " :ول يزالللون يقللاتلونكم
حللتى يردوكللم عللن دينكللم إن اسللتطاعوا" لدركنللا حتميللة
الجهللاد ،وضللرورة إعللداد العللدة لمواجهللة هللذه الحقيقللة
البدية ،وذلك القدر المحتوم.
ويؤكللد د.محمللد الخضلليري علللى أن ضللرورة السللتعداد
للجهاد حقيقة .فما دامت قوات الصليب تمركزت واحتلللت
بلد المسلللمين؛ فقللد َتحّقللق مللا يسللميه الفقهللاء "الجهللاد
العيني".
ويرى الشيخ ناصللر بللن محمللد آل طللالب ضللرورة )تللديين
الحرب( بأن تذكي الجذوة الدينية في النفللوس ،فللإن هللذا
بالضافة إلى أنه الواجب الشرعي؛ فهو أثخن فللي العللدو،
وجللبر للله علللى إعللادة حسللاباته فللي مطللامعه الخللرى،
وضرورة إعداد المة ثقافيا ً وعسللكريًا ،وإحسللان التصللرف
فللي الميزانيللة العسللكرية للللدول السلللمية فللي محاولللة
لعادة بعض هيبة المة المفقودة.
أما الشيخ يوسف القاسللم فيللدعو إلللى توظيللف الطاقللات
نحو النتاج المثمر ،والمشاركة الفعالللة فللي المشللروعات
النافعة ،التي يتحقق بهللا نشللر الخيللر ،والللدعوة إلللى الللله
على أوسع نطاق ،وذلك من خلل السللتفادة بكللل مللا هللو
متاح من وسائل تقنيللة متطللورة ،وكللذلك شللغل الوقللات،
وشللحنها بالواجبللات ،ومراعللاة الولويللات؛ بتقللديم الهللم
فللالمهم ،فليللس المنللدوب كللالواجب ،وليللس المكللروه
كالمحرم ،..وهكذا...
ويوسع الشيخ حسن القطوي دائرة الجهاد ومجالته فيللرى
النطلق لمقاومللة الزحللف الغربللي ،بجبهللاته المختلفللة:
الثقافية ،والقتصادية ،والسياسية ،والعسللكرية ،مللن واقللع
هوية أمتنا السلللمية ومقوماتهللا الذاتيللة ،وأل ننطلللق فللي
مقاومتنا لهذا الزحف من خلل محاكاتنا لما تفرزه لنا تللك
القوى ،فإن هذه المحاكللاة لللن توصلللنا إل إلللى مزيللد مللن
111
التهويل والتضخيم؛ لما تستند إليه قوى الشر الغربيللة مللن
خطط وإمكانات ،فتوّلد لدينا الحباط واليأس والستسلم،
ثم يؤكد على اعتماد أساس بناء الذات؛ للتحصن مللن كللل
محاولت الختراق ،والقدرة علللى مقاومللة آليللات التبعيللة،
وامتلك الوعي الصادق بحجم ما نعانيه من قصور؛ بهللدف
إصلحها بعزيمة ل تثنيها قوى الشر عن سلوك أفق الحوار
الحضللاري بمللا تمليلله ثقافتنللا الدينيللة وتعللاليم السلللم "
فاستقم كمللا أمللرت ومللن تللاب معللك ول تطغللوا إنلله بمللا
تعملون بصير * ول تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار
وما لكم مللن دون الللله مللن أوليللاء ثللم ل تنصللرون" ]هللود
.[113 – 112
مل الشيخ عمر المقبل أهل العلم مسللؤولية التواصللل ويح ّ
مللع الجهللات المسللؤولة – كللل فللي تخصصلله )الشللرعي،
القتصللادي ،السياسللي ،المللؤرخ...إلللخ( -وبيللان الخطللط
الحقيقية لهذه الحملة ،وما يترتب على النصياع لما تمليلله
الدارة المريكية من الثلار السليئة عللى جميلع الصلعدة:
السياسية ،والمنية والقتصادية ،والجتماعية ،وغيرها.
ويدعود.عبد الله وكيل الشلليخ إلللى البللدء الجللاد والفللوري
ببرامج القوة العسكرية والقتصادية والتعليميللة والداريللة،
فلن تنتفللع المنطقللة بكللثرة التسللويفات لبرامللج الصلللح،
ولقد عاشت المنطقة في عام 1991م ذل ً ليس بعده ذل،
إذ عجزت كافة الدول العربية -بل السلللمية -عللن إحقللاق
الحللق فللي اعتللداء العللراق علللى الكللويت ،وتللم اسللتدعاء
ذر عللن هللذا القوات الجنبية لتحقيق هذا الغرض ،وقد ُاعت ُل ِ
الستدعاء حينها بضللعف المكانللات عللن القيللام بللالواجب،
وقَِبل الناس هذا الملر عللى مضلض لعلهلا سلحابة صليف
تنقشع قريبًا ،وتبدأ الرادة الدارية بللالنهوض بالمللة ،لكننللا
وللسللف الشللديد بعللد اثنللي عشللر عامللا ً نعيللش عيللش
الضعف ،بل ضعفا ً أكثر تجلى فللي المحافللل والمللؤتمرات،
فهل ستؤجل إللى سلنوات أخلرى ،بعللد أن تلتهللم القللوات
المعتديللة دول المنطقللة دولللة بعللد أخللرى؟! إن القواسللم
المشتركة بيللن دول الخليللج أكللثر مللن أن ُتحصللى ،بللل إن
الفوارق تكاد أن تتلشى ،ولكن الفرقة والخصام والموالة
112
للقوى المعتدية من أهم أسباب التشفي ،وقد أوجللب الللله
علينا التحاد ،والعتصام بحبله المتين ،فقال عز مللن قللائل
" واعتصموا بحبل الله جميعا ً ول تفرقوا" ،ولعلل ملن أهلم
أسباب هذه الفرقللة أيضلًا :النفللراد بللالرأي فللي المنطقللة
لدى الدارة السياسية ،ولو كان لهل الحل والعقللد ،وأهللل
الللرأي والمشللورة فاعليللة حقيقيللة -مللن خلل مؤسسللات
فاعلة في صنع قرارات المللة -لمللا وصللل الحللال إلللى مللا
نحن عليه.
ويؤكد د.رياض المسيميري على ضرورة الهتمام بشللرائح
المجتمع ،وشؤون المرأة والطفللل علللى وجلله الخصللوص،
وصياغة السياسات والبرامج الكفيلة بصيانتها مللن الطللرح
العابث ،والمساومة الفكرية ،والخلقيات الهدامة.
ويللوجه د .الشللريف حللاتم العللوني النظللر إلللى الهتمللام
بالعلم ووسللائله؛ فيقللول" :لقللد عللرف النللاس كلهللم مللا
للعلم من أثر سحري في عقول الناس ونفوسللهم ،فلقللد
شاهدنا جميعا ً كيف تتغير الحقائق ،وكيللف تللزول الثللوابت،
وكيف تتبدل العقائد والمبادئ في قلوب النللاس بعللد ذلللك
العلم الموجه لتلك الغراض ،لقللد أصللبحنا نخشللى علللى
من حولنا أن يأتي يوم يصبح فيلله الرجللل مؤمنللا ،ويمسللي
كافرًا ،أو يمسي مؤمنا ً ويصبح كافرًا ،وأن يكون المعللروف
منكرًا ،والمنكر معروفًا ،كمللا أخبرنللا بللذلك رسللول الللله –
صلى الله عليه وسلم -من أخبار المستقبل والغيللب" ،إنلله
ليجب على الناس أن يعرفوا حقيقللة ذلللك العلم المللوجه
من أعدائنا ،ومن يقع تحت تسلللطهم ،وأنلله لللم يكللن ولللن
يكللون إل فللي صللالح العللداء ،وإل هللل نتصللور أن عللدونا
وت فرصة استثمار هذه العصا السحرية فللي تللدجيننا، سُيف ّ
وبث روح التبعية له ،والهزيمة النفسية أمامه؟!
ويدعو الشيخ يوسف القاسم إلى أكثر من ذلك ،فهو يدعو
إلللى مقارعللة العللداء بالمثللل ،مللن خلل تقللديم العلم
السلللمي المنللافس ،والتحليللل العلمللي السللليم ،فمللن
المعيللب أن تعيللش وسللائل إعلم المللة –فللي كللثير مللن
مواقعها -تبعية قاتلة ،ل يرجى منها تحصين فكر ،ول حفللظ
دين.
113
الشعور بالنجاح يدفع إلى مزيد منه
د.أحمد أبللابطين يللرى ضللرورة تحقيللق الطمئنللان والمللن
النفسللي والجتمللاعي للمللة ،ويفسللر ذلللك الشلليخ أحمللد
الخضيري؛ بنشر الفأل الحسن بين المسلمين ،والبعد عللن
حالة الحباط والقنوط التي ربما تصيب مللن يتللابع الخبللار
الدامية في العالم السلمي فيستبطئ النصر ،أو يقع فللي
اليأس التام ،ويتم علج هذه الحالة بعناية أهل العلم؛ بذكر
النصوص الدالة على تكّفل الله تعالى بنصر دينه وإعللزازه
في آخر الزمان ،وأن الله تعالى وعد نللبيه أنلله لللن يسلللط
على هذه المة من يستبيح بيضتها ويقضي عليها ،والتنللبيه
حللا ،ويسللتفيد المسلللمون منهللا على أن المحللن تحمللل من ً
دروسللا وعللبًرا ،ويحصللل فيهللا التمييللز بيللن المللؤمنين
والمنافقين ,ويضرب لذلك بعض المثلة من سلليرة النللبي
-صلى الله عليه وسلم) -كما فللي غللزوة الخنللدق( ،وسللير
الصحابة -رضي الله عنهم -ومن جاء بعدهم .
ويؤكد الشيخ يوسف بن محمد القاسم علللى أهميللة الثقللة
بنصر الله عز وجل ،مع الخذ بأسباب النصر ،وأن العللداء
مهما أوتوا من قوة ،فإن الله عز وجل قادر عللى إهلكهلم
شللاُءن تَ َ
مل ْ ك َ مل ْل َ
ك ت ُلؤِْتي ال ْ ُ
مل ْل ِك ال ْ ُ
مال ِ َ
م َل الل ّهُ ّومحقهم "قُ ِ
ن
ملل ْ
ل َ شللاُء وَُتللذِ ّ ن تَ َملل ْ
شللاُء وَت ُِعللّز َ ن تَ َملل ْ
م ّ ك ِمْللل َ
وَت َْنللزِعُ ال ْ ُ
شاُء."... تَ َ
ويحذر د .الشريف حاتم العوني من تلبيس إبليس وتلعبلله
معه فيما ل يستطيع بلوغه ول يقللدر علللى بابن آدم؛ أن ُيط ّ
تحصيله ،ويعظم في نفسه ما يشللق عليلله غايللة المشللقة،
وفي المقابل تجد هذا العدو الماكر يزهده فيما يقدر عليه،
ويحقر في نفسه ما يسللتطيع القيللام بلله ،فينتللج عللن ذلللك
العجز الكامل ،والقعود عن كل شلليء؛ فل يصللل النسللان
إلى ما ل يقدر عليه ،وينقطع دون ما يشق عليه ،ويترك ما
يقدر عليلله ويفللرط فيمللا يسللهل القيللام بلله ،فللإذا بلله فللي
النهايللة أسللير تلعللب الشلليطان ،سللجين هللذه الحيلللة
الواضحة!.
الضيوف المشاركين في إعداد هذه الورقة:
م…السم…الوظيفة
114
…1الشيخ د.أحمد أبا بطين…عضو هيئة التدريس بجامعللة
المام بالرياض
…2الشيخ د.أحمد الخضيري…عضو هيئة التدريس بجامعة
المام بالرياض
…3الشلليخ حسللن القطللوي…مللدرس بجامعللة اليمللان
بصنعاء
…4الشيخ د.حمد الحيدري…عضو هيئة التللدريس بجامعللة
المام بالرياض
…5الشلليخ د.ريللاض المسلليميري…عضللو هيئة التللدريس
جامعة المام بالرياض
…6الشيخ د.الشريف حاتم العوني…عضللو هيئة التللدريس
بجامعة أم القرى بمكة المكرمة
…7الشيخ د.عبد الرحمن المدخلي…عضو هيئة التللدريس
بكلية المعلمين بجيزان
…8الشيخ د.عبدالله وكيللل الشلليخ…عضللو هيئة التللدريس
بجامعة المام بالرياض
…9الشيخ د.علي اللمعي…عضللو هيئة التللدريس بجامعللة
الملك خالد بأبها
…10الشيخ عمر المقبللل…عضللو هيئة التللدريس بجامعللة
المام بالقصيم
…11د.محمللد الخضلليري…عضللو هيئة التللدريس بجامعللة
المام بالقصيم
…12الشيخ ناصر آل طالب…القاضي بالمحكمللة الكللبرى
بعرعر
…13الشيخ هاني الجبير…القاضي بمحكمة جدة
…14الشيخ يوسللف القاسللم…المحاضللر بالمعهللد العللالي
للقضاء
==============
#المخالفات الشرعية في بطاقتي الخير
والتيسير الئتمانية
إعداد :خالد بن إبراهيم الدعيجي 11/9/1424
05/11/2003
مقدمة
115
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نبي بعده.
أما بعد :ففي ظل تنللامي السللوق الماليللة ،وتطللور شللبكة
التصللالت الدوليللة ،أدى ذلللك إلللى تنللافس المصللارف
التجارية بجلب أكبر عدد من العملء؛ لتوفير قدر أعلى من
الربللح :فقللامت بتقللديم خللدمات مصللرفية ،وتسللهيلت
لعملئها،فأنشأت في ساحة التعامللل المصللرفي مجموعللة
من ":عقود الئتمان" منها:
-1بيع المرابحة للمر بالشراء.
-2بيع الجل.
-3الستصناع.
-4بطاقات الئتمان.
وأوسللع هللذه العقللود انتشللارا ً هللي بطاقللات الئتمللان ،إذ
يصدرها نحو "200":مائتي بنك في العالم في أكللثر مللن "
"163دولة ،مستخدمة في أكثر من ) (12000000محللل
تجاري في العالم ،وللسحب والتمويل فيملا يقلرب ملن ":
"500000مؤسسة مالية ،وجهللاز صللرف إلكللتروني ،مللن
خلل شبكات الصرف الدولية).(1
وهذه البطاقات نشأت وتطورت فللي دول ل تحكللم شللرع
الله في معاملتها ،وكانت في بنوك قائمة على الربللا غيللر
مراعية الشرعية السلمية ،فداخل بعضها مللن الوصللاف،
والشروط ،ما يعلم قطعا ً بحرمة بعضللها ،وبالتللالي تلقفهللا
المسلمون على ما فيها من مخالفللات شللرعية ،وأعظمهللا
القرض بفائدة المجمع على تحريمه(2).
ولكن بتوفيق من الللله ،قللامت جهللود مخلصللة فللي هيئات
شرعية لدى البنوك السلمية ،بتنقيللح وتهللذيب هللذا النللوع
من البطاقات ،حتى صيرتها بطاقات إسلمية .
وتتالت الهيئات الشرعية في البنوك بدراسة هذا النوع من
البطاقات ،ومحاولللة أسلللمتها ،وتأصلليلها ،وتخريجهللا علللى
ضوابط المعاملت وقواعدها ،وذلك إما بإضافة شللروط أو
إلغائها ،أو بتركيبها بعقدين أو أكثر حتى ل تقع فيمللا حرملله
الله من الربا.
ومن ذلك ما قامت بلله الهيئتللان الشللرعيتان لللدى البنكيللن
الهلللي والسللعودي المريكللي ،فقللد قامتللا بإصللدار قللرار
116
بشللرعية بطللاقتي الخيللر والتيسللير الئتمللانيتين التللابعتين
للبنكين ،وأنهما متوافقتان مع الشريعة السلمية.
ولكن بعد التأمل في كيفية عمللل هللاتين البطللاقتين ،تللبين
للبللاحث أنهمللا تتضللمنان مخالفللات ل تتفللق مللع أحكللام
الشريعة السلمية؛ لسباب سوف أذكرها خلل البحث.
وهذه الورقات :هي بيان لبعض المخالفات الشرعية الللتي
تضمنتها بطاقتا الخيللر والتيسللير الئتمانيللة ،ينتظللم عقللدها
في مبحثين:
المبحث الول :تصوير عمل البطاقتين.
المبحث الثاني :المخالفات الشرعية في عمل البطاقتين.
علما ً أني لن أتطرق في هذا البحللث إلللى بعللض المسللائل
وهي :
-1التورق المصرفي.
-2البيع الفضولي.
-3التوكيل بالبيع والشللراء ،أي أن يتللولى الوكيللل طرفللي
العقد .
للسباب التالية:
-1إن العمللل الن علللى جللواز هللذه المعللاملت ،وإن كللان
يوجد فيها خلف قوي.
-2لعدم إطالة البحث ،والخروج به عن مقصوده .
-3إن مسألة التورق المصرفي مثل ً من المسائل الشائكة،
ولهذا سوف ُتبحث في الدورة القادمة لمجمع الفقه التابع
لرابطة العالم السلمي ،فمن الولى عدم الستعجال في
بحثها؛ لنه سيصدر فيها قرار من المجمع الفقهي.
وأخيرًا:
فقد بذلت في هذا البحللث جهللدي وهللو جهللد المقللل ،فمللا
أصبت فيه فمن الله تعالى وله الحمد والثناء ،وما أخطللأت
فيه فمن نفسي وأستغفر الله.
وإني لتوجه بالدعاء إلى الله قيللوم السللموات والرض أن
يأخللذ بأيللدينا إلللى سللواء السللبيل ،وأن يرينللا الحللق حق لا ً
ويرزقنا اتباعه ،وان يرينا الباطل باطل ً ويرزقنا اجتنابه ،إنه
ولي ذلك والقادر عليه.
117
وصلى الله وسلم على خاتم رسله نبينا محمللد وعلللى آللله
وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المبحث الول :تصوير عمل البطاقتين
قال الفقهاء :الحكم على الشيء فرع عن تصللوره ،وقبللل
أن نبدأ بالحكم على البطاقتين لبللد مللن تصللوير عملهمللا،
ومن ثم بيان حكمهما.
ل :تصوير عمل بطاقة تيسير الهلي: أو ً
جاء في شروط وأحكام بطاقة تيسير الهلي:
) ميعاد الستحقاق:تستحق كافة اللتزامات المترتبة علللى
حامللل البطاقللة نتيجللة إصللدار البطاقللة أو اسللتعمالها فللي
تاريخ إصدار البنك لكشف الحساب ،وبحيللث يقللوم حامللل
البطاقة بسداد قيمة الرصيد )كامل ً أو يلللتزم بسللداد الحللد
الدنى الواجب دفعه %5مللن كامللل المبلللغ المسللتحق أو
مبلغ 250ريال ً أيهما أكثر( إلى البنللك خلل 20يوم لا ً مللن
تاريخ إصدار كشف الحساب وبالتالي تنشيط حللد التيسللير
للمبلغ المتبقي.
وفي حالة عدم تسديد المبللغ كلامل ً أو الحللد الدنللى علللى
القل يقوم البنك بلبيع سللعة معينلة يملكهلا البنلك قيمتهلا
تقارب المديونية ويبيعها على العميل بيعا ً فضوليا ً ويقسللط
الثمن على 24قسطًا ،وفللي حالللة عللدم اعللتراض العميللل
بعد إبلغلله بهللذا التصللرف خلل عشللرين يوملا ً مللن تاريللخ
الكشف اللحق يعتبر هذا إجازة منه بذلك (.أ.هل
التوضيح:
ممللا ل يخفللى أن هللدف البطاقللة الئتمانيللة هللو إقللراض
حاملها ،وذلك إما بالسحب الفوري من مكائن الصللرف ،أو
من خلل ضمانه لللدى التجللار ،حيللث إن البنللك يللدفع عنلله
مستحقاته لدى التجار ومن ثم يطالبه فيمللا بعللد بالسللداد،
وغالبا ً تحدد المدة بشهر أو تزيد قلي ً
ل.
فإذا شغلت ذمة حامل البطاقة بالدين نتيجة استعمالها إما
بالقرض أو الشراء ،فللإن مصللدر البطاقللة) البنللك الهلللي(
يتيح له السداد من خلل طريقين:
الطريق الول :إما بالتسديد النقدي لكامل المبلغ.
118
الطريق الثاني :إذا لم يسللدد كامللل المبلللغ ،وحللل الجللل،
يقوم المصرف بعمليللة التللورق ،وذلللك بللبيع سلللعة معينللة
يمتلكها البنك … الخ .كما هو مبين سابقًا.
ولتوضلليح الصللورة أكللثر ،جللاء فللي التعريفللات فللي نفللس
التفاقية ما يلي:
التيسللير :هللو صلليغة تمويللل معتمللدة مللن هيئة الرقابللة
الشرعية تتيح الحصول على النقد على سبيل التورق.
حد التيسير الئتماني :هو مبلغ التمويل الشخصي الئتماني
المعتمد من البنك الهلي التجاري)البنك( لحامللل البطاقللة
بناء على طلبله ليكللون الطريقللة الثانيلة )بجلانب التسللديد
النقدي( لسداد حساب البطاقة الئتمانيللة الللذي ينتللج عللن
استخدام البطاقة من قبل حاملها "حامل البطاقة".
119
ربح %16.30على كامل المدة ،وإذا كان المبلغ المتبقللي
على العميل أقل من خمسمائة ريال فلن يلبي البنك طلبه
لتنفيذ عملية التورق(.
وجاء في التفاقية:
) نموذج وكالة(
أوكل السللادة /مكتللب عبللد العزيللز القاسللم للستشللارات
الشرعية والنظاميللة فللي شللراء سلللع مللن إدارة الئتمللان
الشخصلللي للللدى البنلللك السلللعودي المريكلللي )سلللامبا(
بالتقسيط بغرض تنفيللذ عمليللات التللورق فللي حللال وجللود
رصلليد مللدين علللى بطاقللة الخيللر الئتمانيللة فللي يللوم
الستحقاق أو بعده ملن كلل شلهر وذللك حسلب سلجلت
البنك.
كما أنني أوكل إدارة الئتمان الشخصللي لللدى سللامبا بللبيع
السلع الللتي اشللتريتها وذلللك لطللرف آخللر حسللب السللعر
السائد وقت البيع مع حق توكيل إدارة الئتمان الشخصللي
لدى سامبا لطرف آخر لتمللام عمليللة الوكالللة واسللتخدام
المبللالغ المتحصلللة لتسللوية الرصلليد المللدين علللى بطاقللة
الخيللر الئتمانيللة .ويعتللبر هللذا التوكيللل غيللر قابللل للنقللض
طالمللا كللانت اتفاقيللة بطاقللة الخيللر الئتمانيللة سللارية
المفعول(.
وجاء في نشرة تعريفية لبطاقة الخير ما يلي:
)بطاقللة الخيللر هللي البطاقللة الئتمانيللة الجديللدة ،الولللى
والوحيدة المجازة من هيئة الرقابة الشللرعية لللدى سللامبا
والتي تستخدم في أي مكان حول العالم.
تتم عبر تنفيذ عملية التورق والتي من خللها يقوم العميل
بشراء سلع مملوكة من قبل البنك "معادن" بالجل بسللعر
معين ويفوض البنك ببيع هذه السلع "معادن" حسب سللعر
السوق إلى طرف ثالث.
المبلغ الناتج مللن عمليللة بيللع السلللع"معللادن" سللوف يتللم
اسللتخدامه لتسللوية الرصلليد القللائم علللى بطاقللة الخيللر
الئتمانية في يوم الستحقاق من كل شهر(.
وجاء فيها:
)متى يكون العميل مؤهل ً لتنفيذ عملية التورق؟
120
يجب على العميل على القل أن يقوم بتسديد الحد الدنى
المستحق على بطللاقته فللي يللوم تاريللخ السللتحقاق ،فللي
حال عللدم قيللام العميللل بسللداد أي مبلللغ فلللن يتللم تنفيللذ
عملية تورق .ويجب أن يكللون المبلللغ المتبقللي بعللد سللداد
الحد الدنى يساوي خمسمائة ريال سعودي أو أكثر(.
التوضيح:
من الشللروط المتفللق عليهللا بيللن البنللك المصللدر وحامللل
البطاقة :أنلله مللتى حللل وقللت السللداد ولللم يسللدد حامللل
البطاقة فإنه تجرى عملية تورق بسلع مملوكة للبنك ،ومن
ثم يسدد الدين المستحق على البطاقة ،وينشللأ ديللن آخللر
عللى حاملل البطاقلة بسلبب عمليلة التلورق ولكلن يقلوم
بتسديده خلل ) (15عشر شهرًا.
أوجه الشبه والختلف بين بطاقتي الخير والتيسير:
أما وجه الشبه:
فإن كل من البطاقتين تتيح لحاملهما سللداد الللدين -الللذي
أسللتحق بسللبب اسللتعمالهما – عللن طريللق إجللراء عمليللة
تللورق ،وذلللك بللبيع سلللع مملوكللة للبنكيللن علللى حامللل
البطاقة ،ومن ثم يتولى البنكان بيع هللذه السلللع لمصلللحة
العميل على طرف ثالث ،وتؤخذ القيمة ويسدد بهللا الللدين
الول ،وينشللأ بعللد ذلللك ديللن جديللد علللى حامللل البطاقللة
يسدده خلل مدة معينة.
أما أوجه الختلف فكما يلي:
ل :تختلفان في عملية إجراء التورق: أو ً
ففي بطاقللة التيسللير عللن طريللق الللبيع الفضللولي ،حيللث
يتولى البنك إجراء عمليتي الشراء لحامللل البطاقلة والللبيع
لطرف ثالث لجل مصلحة حامل البطاقة ،ويعتبر التصرف
نافذا ً خلل عشرين يوما ً إذا لم يعترض حامل البطاقة
أما بطاقة الخير فعن طريق التوكيل لطرف ثللالث بشللراء
السلع ،ومن ثم توكيل إدارة الئتمان الشخصي ل وهو تللابع
للبنك المريكي ل ببيعها لطرف آخر.
ثانيًا :معدل الربح في بيع التورق
ففي بطاقة الخير :معدل الربح %16.15وهو أكثر بكلثير
من معدلت الربح العالمية في بيع الجللل والمرابحللة ،بللل
121
إنلله يشللبه إلللى حللد مللا معللدلت الفللائدة علللى بطاقللات
الئتمان الربوية العالمية ،حيث أنها تحتسب أكثر فائدة ربا
على مستعمليها مقارنة بمعدلت الفوائد الربوية الخرى.
أما بطاقة الخير فلم يذكر بشأن معدلت الربح شيئًا.
ثالثًا :مدة الجل في سداد عملية التورق.
ففي بطاقة التيسير ) (24شهرًا ،أمللا فللي بطاقللة الخيللر )
(15شهرًا.
المبحث الثاني :المخالفات الشرعية لعمل البطاقتين
من خلل الوصف السابق لعمل البطاقتين ،يتضح للبللاحث
أن فيهما مخالفات شرعية جلية ،يمكن إيضاحها كالتالي:
المخالفللة الولللى :أنهمللا مللن قلللب الللدين المجمللع علللى
تحريمه.
فسداد الدين في هاتين البطللاقتين يتللم عللن طريللق قلللب
الدين.
وقلب الدين :هو زيادة الدين في ذمة المدين بللأي طريللق
كان.
قللال شلليخ السلللم ":وأمللا إذا حللل الللدين وكللان الغريللم
معسرا :لم يجللز بإجمللاع المسلللمين أن يقلللب بللالقلب ل
بمعاملة ول غيرها ; بل يجب إنظاره وإن كان موسرا كللان
عليلله الوفللاء فل حاجللة إلللى القلللب ل مللع يسللاره ول مللع
إعساره").(3
وجاء في مطللالب أولللى النهللى شللرح غايللة المنتهللى ):(4
) وحللرم قلللب ديللن ( مؤجللل علللى معسللر لجللل ) آخللر
اتفاقا ( قال الشيخ تقي الدين :ويحرم على صاحب الدين
أن يمتنع من إنظار المعسر حتى يقلب عليه الدين ,ومتى
قال رب الدين :إما أن تقلب الدين ,وإما أن تقللوم معللي
إلى عند الحاكم ,وخاف أن يحبسه الحللاكم ; لعللدم ثبللوت
إعساره عنللده ,وهللو معسللر ,فقلللب علللى هللذا الللوجه ,
كانت هذه المعاملة حراما غير لزمللة باتفللاق المسلللمين ,
فإن الغريم مكره عليها بغير حق ,ومن نسب جواز القلب
على المعسر بحيلة مللن الحيللل إللى ملذهب بعلض الئملة
فقد أخطأ في ذلك وغلط.
122
وقال الشيخ السعدي – رحمه الله " : -أعظم أنواع الربللا
قللب اللدين عللى الملدينين ،سلواء فعلل ذللك صلريحا ً أو
ل؛ فلإنه ل يخفلى عللى رب العلالمين ،فملن حلل دينله تحي ً
على غريمه ،ألزم بالوفاء ،إن كان من المقتدرين ،ووجللب
على صاحب الحق إنظاره إن كان من المعسرين").(5
وقد اصلطلح الحنابللة علللى تسلمية هللذه المعامللة بقلللب
الدين ،بينما المالكية يسمونها :فسخ الدين بالدين.
قال المام القيرواني ":ول يجوز فسخ دين في ديلن ،مثلل
أن يكللون شلليء فللي ذمتلله ،فتفسللخه فللي شلليء آخللر ل
تتعجله" ) (6وقال " :وكان فسخ الدين أشد فللي الحرمللة؛
لنه من ربا الجاهلية").(7
بل عده المالكية من أشد صور بيع الكللالئ بالكللالئ الللذي
هو محرم بالجماع).(8
وقلب الدين له طريقان:
الطريقة الولى:قلب الدين صللراحة ،وذلللك بقللول الللدائن
للمللدين :إمللا أن تقضللي وإمللا أن تربللي ،ويقللول المللدين:
أنظرني أزدك .وهذا هو ربا الجاهلية.
الطريقة الثانية :قلب الدين بالحيلة ،وهذا ما يتفنن به أكلة
الربا ،فيعمدون إلى معاملت ظاهرها الصحة؛ لجللل قلللب
الدين على المدين ،ولهذه الطريقة عدة صور:
-1منها :أن يكللون فللي ذمللة شللخص لخللر دراهللم مؤجلللة
فيحل أجلهللا وليللس عنللده مللا يللوفيه ،فيقللول للله صللاحب
الدين :أدينك فتوفيني فيدينه فيوفيه ،وهذا من الربا بل هو
مما قال اللله فيلله ): :يلا أيهلا الللذين آمنللوا ل تلأكلوا الربلا
أضعافا ً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون ( ]آل عمللران:
[130وهذه الصورة من أعمال الجاهلية حيث كللان يقللول
أحدهم للمدين إذا حل الدين :إما أن توفي وإما أن تربي.
إل أنهم في الجاهلية يضيفون الربا إلى الدين صراحة مللن
غير عمل حيلة وهؤلء يضيفون الربللا إلللى الللدين بالحيلللة)
.(9
-2ومنها :أن يكون لشخص على آخر دين فإذا حل قال له:
إما أن توفي دينك أو تذهب لفلن يللدينك وتللوفيني ويكللون
بين الدائن الول والثاني اتفاق مسللبق فللي أن كللل واحللد
123
منهما يدين غريم صاحبه ليوفيه ثم يعيد الللدين عليلله مللرة
أخللرى ليللوفي الللدائن الجديللد.أو يقللول :اذهللب إلللى فلن
لتستقرض منه ويكون بين الللدائن الول والمقللرض اتفللاق
أو شبه اتفاق على أن يقرض المللدين .فللإذا أوفللى الللدائن
الول قلب عليه الدين ثم أوفى المقرض ما أقللترض منلله،
وهذه حيلة لقلب الدين بطريق ثلثية).(10
ل)مللائة ( ول وفللاء -3ومنها :إذا حل الدين على المللدين مث ً
عنده ،وأراد أن يدينه أيضا ً مائة ،جعل فائدة المائة الجديدة
مضاعفة ،فإن كانت فائدة المائة الولى ،%2جعل فللائدة
المائة الثانية ،%4مراعاة للمللائة الحالللة ،والمللدين يلللتزم
بذلك لضطراره).(11
-4ومنها :أن يكللون للرجللل ديللن علللى آخللر ،فيحللل أجللل
الدين ،وليس عند المدين ما يوفي به دينه ،فيحتال الللدائن
ويعطي المدين المعسر نقودا ً على أنهللا رأس مللال سلللم،
لمبيع موصوف مؤجل في الذمة ،ثللم إن الللدائن يسللتوفي
بهللذه النقللود عللن دينلله السللابق ).(12وجللاء فللي الللدرر
السنية :ومنها – أي المعاملت الربوية : -قلب الدين على
المعسر ،إذا حل الدين على الغريم ،ولم يقدر على الوفاء
أحضر طالب الدين دراهم ،وأسلمها إليلله فللي طعللام فللي
ذمتلله ،ثللم أوفللاه بهللا فللي مجلللس العقللد ،ويسللمون هللذا
تصحيحًا ،وهللو فاسلد ليلس بصللحيح ،فلإنه للم يسللم إليلله
دراهم ،وإنما قلب عليه الدين الللذي فللي ذمتلله ،لمللا عجللز
عن استيفائه؛ والمعسر ل يجوز قلب الدين عليه).(13
وقد حرر هذه المسألة الموفق رحمه الله وقال :إذا كللان
له في ذمة رجل دينار ،فجعله سلما ً في طعام إلللى أجللل،
لم يصح .قال ابن المنذر :أجمع على هللذا كللل مللن أحفللظ
عنه ملن أهلل العلللم ،منهلم ماللك ،والوزاعللي ،والثللوري،
وأحمد ،وإسحاق ،وأصحاب الرأي .وعن ابن عمر أنه قال:
ل يصلح ذلك .وذلك لن المسلم فيه دين ،فإذا جعل الثمن
دينا ً كان بيع دين بدين ،ول يصح ذلك بالجماع).(14
-5ومنها :من له دين على شخص قد حل أجله فطللالبه بلله
فوجللده معسللرا بجميعلله ,ووجللد عنللده سلللعة ل تفللي بلله
فأخللذها منلله فللي جميللع الللدين ,ثللم باعهللا للله بللأكثر مللن
124
الدين ,فهذا ل يجوز أيضا ; لن السلعة الللتي خرجللت ملن
اليد وعادت إليها تعد لغوا ,وكأنه فسخ ما في ذمة المدين
في أكثر منه ابتداء فهو ربا الجاهلية).(15
-6ومنها :ما جللاء فللي الموطللأ ) :قللال ماللك فللي الرجللل
يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل فإذا حلت قال له
الذي عليه الدين بعني سلعة يكون ثمنهللا مللائة دينللار نقللدا
بمائة وخمسين إلى أجل قال مالك هذا بيع ل يصلح ,ولللم
يزل أهل العلم ينهون عنه قال مالللك ,وإنمللا كللره ذلللك ;
لنه إنما يعطيه ثملن ملا بلاعه بعينلله ,ويلؤخر عنله الملائة
الولى إلى الجل الذي ذكللر للله آخللر مللرة ,ويللزداد عليلله
خمسين دينارا في تأخيره عنه فهللذا مكللروه ,ول يصلللح ,
وهو أيضا يشبه حديث زيد بن أسلم في بيع أهل الجاهليللة
أنهم كانوا إذا حلت ديونهم قال للللذي عليلله الللدين إمللا أن
تقضي ,وإما أن تربي فإن قضى أخذوا ,وإل زادوهم فللي
حقوقهم وزادوهم في الجل ( .أهللل .قللال البللاجي :وهللذا
على ما قال ; لن من كان له على رجللل مللائة دينللار إلللى
أجل فاشترى منلله عنللد الجللل سلللعة تسللاوي مللائة دينللار
بمللائة وخمسللين فقضللاه دينلله الول ,وإنمللا قضللاه ثمللن
سلعته ,وزاد خمسين دينارا في دينه لتأخيره به عن أجللله
فهللذا يشللبه مللا تضللمنه حللديث زيللد بللن أسلللم مللن بيللوع
الجاهليللة فللي زيللادتهم فللي الللديون عنللد انقضللاء أجلهللا
ليؤخروا بها ,ويدخله أيضا بيع وسلف ; لنه إنما ابتاع منلله
هذه السلعة بمائة معجلة وخمسين مؤجلة ليؤخره بالمللائة
التي حلت له عليه ,ووجوه الفساد فللي هللذا كللثيرة جللدا)
.(16
-7ومنها :ما جاء في فتاوى شيخ السلللم " :وسللئل عللن
رجل له مع رجل معاملة فتأخر له معه دراهم فطالبه وهو
معسر فاشترى للله بضللاعة مللن صلاحب دكللان وباعهللا للله
بزيللادة مللائة درهللم حللتى صللبر عليلله .فهللل تصللح هللذه
المعاملة ؟ فأجاب :ل تجوز هللذه المعاملللة ; بللل إن كللان
الغريم معسرا فله أن ينتظره .وأمللا المعاملللة الللتي يللزاد
فيها الللدين والجللل فهللي معاملللة ربويللة وإن أدخل بينهمللا
125
صاحب الحانوت .والواجب أن صاحب الدين ل يطللالب إل
برأس ماله ل يطالب بالزيادة التي لم يقبضها ").(17
فإذا تقرر أن ما يجري عمله في بطللاقتي الخيللر والتيسللير
إنما هو من قلب الللدين المجمللع علللى تحريملله ،فللإن مللن
تعامل بها فإنه سيقع لزما ً بمخالفتين عظيمتين:،
أحدهما :الوقوع في ربا الجاهلية.
الثاني :التحايل على الربا.
وإليك إيضاح ذلك .
المخالفة الثانية :أنهما داخلتان فللي ربللا الجاهليللة" إمللا أن
تقضي وإما أن تربي".
إن أسوأ أنواع الربا وأشدها تحريما ً هو ربا الجاهليللة الللذي
يزيد فيه الدين لجل تللأخير الوفللاء ،فللإذا حللل الجللل قللال
الدائن:أتقضي أم تربللي؟ ويقللول المللدين :أنظرنللي أزدك.
وهذا هو الذي نزل فيه قوله تعال :يللا أيهللا الللذين آمنللوا ل
تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة واتقوا الللله لعلكللم تفلحللون (
] آل عمللران (18).[130:وقللوله جللل شللأنه ) :أضللعافا ً
مضاعفة ( بيان لما يؤول إليه حال الربا من تضاعف الدين
في ذمة المدين وما يترتب عليه من الظلللم الفللادح وأكللل
المال بغير حق .والمة مجمعة على تحريم هذا النللوع مللن
الربا تحريما ً قطعيا ً ل يتطرق إليه أدنى شك.
وجه الشبه بين ربا الجاهلية و عمل البطاقتين:
أن ما يحدث في بطاقتي الئتمان المشلار إليهملا هلو ملن
هذا الباب ،فالبنك المصدر للبطاقة يخير العميل بين وفللاء
دينه الذي حل أجله وبين تأخير الوفاء مع زيادة الدين فللي
ذمته من خلل التورق ،ثم إذا حل أجل الدين الجديد تكللرر
المر مرة أخرى ،فينمو الدين ويتضاعف في ذمة المللدين،
وهذا عين ربا الجاهلية .ول يؤثر فللي هللذه الحقيقللة كونهللا
تتللم مللن خلل سلللع أو بضللائع غيللر مقصللودة لي مللن
الطرفيللن؛ فللإن العللبرة بالحقللائق والمعللاني ل بالصللور
والمبللاني .والللله شللرع الللبيع والشللراء لتحقيللق مصلللحة
الطرفين ،ل للحتيال به على الربا.
ويؤيد ذلك ما ورد عن المام مالك ):قال مالك في الرجل
يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل فإذا حلت قال له
126
الذي عليه الدين بعني سلعة يكون ثمنهللا مللائة دينللار نقللدا
بمائة وخمسين إلى أجل قال مالك هذا بيع ل يصلح ,ولللم
يزل أهل العلم ينهون عنه قال مالللك ,وإنمللا ك ُللره ذلللك ;
لنه إنما يعطيه ثملن ملا بلاعه بعينلله ,ويلؤخر عنله الملائة
الولى إلى الجل الذي ذكللر للله آخللر مللرة ,ويللزداد عليلله
خمسين دينارا في تأخيره عنه فهللذا مكللروه ,ول يصلللح ,
وهو أيضا يشبه حديث زيد بن أسلم في بيع أهل الجاهليللة
أنهم كانوا إذا حلت ديونهم قال للللذي عليلله الللدين إمللا أن
تقضي ,وإما أن تربي فإن قضى أخذوا ,وإل زادوهم فللي
حقوقهم وزادوهم في الجل ( .أهل.
فالمام مالك -رحمه الله – جعل هذه المعاملة الللتي فيهللا
قلب للدين شللبيهة بربللا الجاهليللة إمللا أن تقضللي وإمللا أن
تربي ،و أما قللول المللام مالللك " وإنمللا ك ُللره ذلللك" ليللس
المراد به الكراهة التي يحدها الصوليون :ما نهي عنه نهيا ً
غير جازم ،أو ما يثاب تاركه ول يعاقب فللاعله ،بللل المللراد
بالكراهة عنللد السلللف التحريللم ،خلف لا ً للمتللأخرين فللإنهم
اصطلحوا على تخصيص الكراهة بما ليس بمحرم).(19
المخالفة الثالثة :أن فيهما تحايل ً على الربا.
من خلل ما سبق ،تبين للباحث أن عمل البطاقتين ما هللو
إل تحايل على الربللا ،وقللد حللذرنا النللبي صلللى الللله عليلله
وسلم من الحتيال على مللا حرملله اللله تعلالى بقللوله ":ل
ترتكبوا ما ارتكبللت اليهللود ،فتسللتحلوا محللارم الللله بللأدنى
الحيل").(20
وقال صلى الللله عليلله وسلللم":قاتللل الللله اليهللود،حرمللت
عليهم الشحوم فجملوها فباعوها").(21
وحقيقة الحيلة المحرمة أنها توسل بعمل مشروع لتحقيللق
غاية محرمة ،فالبيع مشروع لكن التوسل به الزيادة الدين
في ذمة المدين مقابل تأخير الوفللاء توسللل لغايللة ونتيجللة
محرمة ،فيكون البيع في هذه الحالة حيلة محرمة
قللال الموفللق ":ثبللت مللن مللذهب أحمللد أن الحيللل كلهللا
باطلة" ) ،(22وقال ":الحيل كلها محرمة ،غير جللائزة فللي
شيء من الدين ،وهو أن يظهر عقدا ً مباحا ً يريد به محرمًا،
مخادعة وتوسل ً إلى فعل ما حرم الله").(23
127
وقال ابن القيم رحمه الله ":النبي صلى الله عليه وسلللم
قد قال كلمتين كفتا وشفتا وتحتهما كنوز العلم وهما قللوله
} :إنما العمال بالنيات ,وإنما لكل امرئ ما نوى { فبين
في الجملللة الولللى أن العمللل ل يقللع إل بالنيللة ,ولهللذا ل
يكون عمل إل بنية ,ثم بين في الجملة الثانيللة أن العامللل
ليللس للله مللن عمللله إل مللا نللواه وهللذا يعللم العبللادات
والمعللاملت واليمللان والنللذور وسللائر العقللود والفعللال ,
وهذا دليل على أن من نوى بالبيع عقد الربا حصل له الربا
,ول يعصللمه مللن ذلللك صللورة الللبيع …وإذا نللوى بالفعللل
التحيل على ما حرمه الله ورسوله كان له ما نللواه ; فللإنه
قصد المحرم وفعل مقدوره فللي تحصلليله ,ول فللرق فللي
التحيل على المحرم بين الفعل الموضوع لله وبيللن الفعللل
الموضوع لغيره إذا جعل ذريعة للله ,ل فللي عقللل ول فللي
شرع ; ولهذا لو نهى الطبيب المريلض عملا يلؤذيه وحمللاه
منه فتحيل على تناوله عللد متنللاول لنفللس مللا نهللى عنلله ,
ولهذا مسخ الللله اليهللود قللردة لمللا تحيلللوا علللى فعللل مللا
حرمه الله ,ولم يعصمهم من عقوبته إظهار الفعل المبللاح
لما توسلوا به إلى ارتكاب محارمه ,ولهذا عاقب أصللحاب
الجنة بأن حرمهم ثمارها لما توسلوا بجذاذها مصبحين إلى
إسقاط نصيب المساكين ,ولهذا لعن اليهود لما أكلوا ثمن
ما حرم الله عليهم أكله ,ولم يعصمهم التوسل إلللى ذلللك
بصورة البيع .وأيضللا فللإن اليهللود لللم ينفعهللم إزالللة اسللم
الشللحوم عنهللا بإذابتهللا فإنهللا بعللد الذابللة يفارقهللا السللم
وتنتقللل إلللى اسللم الللودك ,فلمللا تحيلللوا علللى اسللتحللها
بإزالة السم لم ينفعهم ذلك .
قللال الخطللابي :فللي هللذا فللي الحللديث بطلن كللل حيلللة
يحتال بهللا المتوسللل إلللى المحللرم ; فللإنه ل يتغيللر حكملله
بتغير هيئته وتبديل اسمه .
إذا تبين هذا فمعلللوم أنله لللو كلان التحريللم معلقللا بمجللرد
اللفظ وبظاهر من القول دون مراعللاة المقصللود للشلليء
المحللرم ومعنللاه وكيفيتلله لللم يسللتحقوا اللعنللة لللوجهين :
أحدهما :أن الشحم خللرج بجمللله عللن أن يكللون شللحما ,
وصار ودكا ,كما يخرج الربا بالحتيال فيه عللن لفللظ الربللا
128
إلى أن يصير بيعا عند من يستحل ذلك ; فللإن مللن أراد أن
يبيع مائة بمائة وعشرين إلى أجل فللأعطى سلللعة بللالثمن
المؤجل ثم اشتراها بالثمن الحال ,ول غرض لواحد منهما
في السلعة بوجه ما ,وإنما هي كما قال فقيه المة دراهم
بدراهم دخلت بينهما حريرة ; فل فرق بين ذلك وبين مللائة
بمائة وعشرين درهما بل حيلة ألبتة ,ل في شللرع ول فللي
عقل ول عرف ,بل المفسدة التي لجلها حرم الربا بعينها
قائمة مع الحتيال أو أزيد منها ,فإنها تضللاعفت بالحتيللال
لم تذهب ولم تنقص ; فمن المستحيل على شريعة أحكللم
الحاكمين أن يحرم ما فيلله مفسللدة ويلعللن فللاعله ويللؤذنه
بحرب منه ورسوله ويوعده أشد الوعيللد ثللم يبيللح التحيللل
على حصللول ذلللك بعينلله سللواء مللع قيللام تلللك المفسللدة
وزيادتهللا بتعللب الحتيللال فللي معصللية ومخادعللة الللله
ورسوله .هذا ل يللأتي بلله شللرع ; فللإن الربللا علللى الرض
أسهل وأقل مفسدة من الربا بسلم طويل صعب الللتراقي
يترابى المترابيان على رأسه ،فيا لله العجب ,أي مفسدة
من مفاسد الربا زالت بهذا الحتيال والخداع ؟ فهللل صللار
هذا الذنب العظيم عند الللله هللو مللن أكللبر الكبللائر حسللنة
وطاعة بالخداع والحتيال ؟ ويللا لللله ,كيللف قلللب الخللداع
والحتيال حقيقته من الخبيث إلى الطيللب ومللن المفسلدة
إلللى المصللحة وجعلله محبوبلا لللرب تعلالى بعللد أن كلان
مسخوطا له ؟ ولئن كان هذا الحتيال يبلغ هذا المبلغ فللإنه
عند الله ورسوله بمكان ومنزلللة عظيمللة وإنلله مللن أقللوى
دعائم الدين وأوثق عراه وأجل أصوله .
ويا لله العجللب ,أي فللرق بيللن بيللع مللائة بمللائة وعشللرين
درهما صريحا وبين إدخال سلعة لم تقصد أصل بل دخولهللا
كخروجها ؟ ولهذا ل يسأل العاقد عن جنسها ول صفتها ول
قيمتها ول عيب فيها ول يبالي بللذلك ألبتللة حللتى لللو كللانت
خرقللة مقطعللة أو أذن شللاة أو عللودا مللن حطللب أدخلللوه
محلل للربللا ,ولمللا تفطللن المحتللالون أن هللذه السلللعة ل
اعتبار بها في نفس المر ,وأنها ليسللت مقصللودة بللوجه ,
وأن دخولها كخروجها – تهاونوا بها ,ولم يبالوا بكونها ممللا
يتمول عادة أو ل يتمول ,ولم يبال بعضهم بكونها مملوكللة
129
للبائع أو غير مملوكة ,بل لم يبال بعضهم بكونها مما يبللاع
أو مما ل يباع كالمسجد والمنارة والقلعة ,وكللل هللذا وقلع
من أرباب الحيل ,وهذا لما علموا أن المشللتري ل غللرض
له في السللعة فقللالوا :أي سللعة اتفللق حضللورها حصللل
بهذا التحليل(24)".
المخالفة الرابعة :أنهما داخلتان فللي حللديث " نهللي النللبي
صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع".
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قللال:قللال رسللول
الللله صلللى الللله عليلله وسلللم ":ل يحللل سلللف وبيللع ،ول
شرطان في بيع،ول ربللح مللا لللم يضللمن،ول بيللع مللا ليللس
عندك")(25
قال ابن القيم – رحمه الله ": -وأما السلف والبيع :فلنلله
إذا أقرضه مائة إلى سللنة ،ثللم بللاعه مللا يسللاوي خمسللين
بمائة :فقد جعل هذا البيع ذريعة إلى الزيللادة فللي القللرض
الذي موجبه رد المثل ،ولول هللذا الللبيع لمللا أقرضلله ولللول
عقد القرض لما اشترى ذلك(26)".
ووجه الشبه بين هذا التفسير للحديث وعمل البطاقتين:
أن العلقة بين مصدر البطاقة وحاملها :هي علقة مقللرض
يتمثل في مصدر البطاقة ،ومقترض هو حامل البطاقة.
فحامل البطاقة إما أن يشتري سلعا ً ومن ثللم يقللوم البنللك
بالسداد ،ويكون هذا المبلغ دينا ً في ذمة حامل البطاقة ،أو
أنلله يسللحب مبلغ لا ً نقللديا ً مللن مكللائن الصللرف ،وفللي كل
الحالتين تكون ذمة حامل البطاقة مشغولة للبنك المصللدر
لها ،ويحدد له يوما ً يقوم بسداد الدين فيه.
وعند الرجوع إلى اتفاقية عمللل البطللاقتين نجللد أن البنللك
السعودي المريكي وضع من ضمن التفاقية أنه متى حللل
سداد الدين ولم يسدد حامل البطاقللة فللإنه سللوف يجللري
عملية تورق بالوكالة.
وأما البنك الهلي فقللد قللرر فللي التفاقيللة أنلله مللتى حللل
الللدين فللإنه سلليجري عمليللة التللورق مللن خلل التصللرف
الفضولي.
وفللي كل الحللالتين :نجللد أن البنكيللن اشللترطا فللي عمليللة
القراض أنه متى حل موعد سداد الدين ولم يسدد حامللل
130
البطاقة فإنه تجرى عملية التللورق ،فهنللا اجتمللع فللي هللذه
المعاملة سلف وبيع.
المخالفة الخامسة :أنهما داخلتان في حديث " نهي النللبي
صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة".
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النللبي صلللى الللله عليلله
وسلم نهى عللن بيعللتين فللي بيعللة .وفللي لفللظ " مللن بللاع
بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا").(27
قللال المللام الخطللابي – رحملله الللله -فللي بيللان معنللى
الحديث ":كأن يسلفه دينارا ً في قفيزيللن إلللى شللهر فلمللا
حل الجل وطالبه بالبر ،قال للله :بعنللي القفيللز الللذي لللك
علي بقفيزين إلى شهر .فهذا بيع ثان قد دخلل عللى اللبيع
الول فصار بيعتين فللي بيعلة فيلردان إلللى أوكسللهما وهلو
الصل ،فإن تبايعا المبيع الثاني قبل أن يتناقضا الول كانللا
مرتبين" معالم السنن )(2/104
وتوضيح ذلك :أن المراد به قلب الدين على المعسللر فللي
صورة بيع الدين المؤجل على المدين إلى أجل آخر بزيادة
عليه.
ووجه الشبه بين هذا التفسير وعمل البطاقتين كالتالي:
ففي عمل البطاقتين لما حل الجل وكان صاحب البطاقللة
مدينا ً للبنك بريالت ،وليس عنده ما يوفيه ،فكأنه بللاع هللذا
الدين بدين آخر إلللى أجللل مللع زيللادة ،ولكللن أدخل بينهمللا
سلعة عن طريق التورق .فاجتمع في المعاملة بيعان ،فإما
أن يأخذان بالبيع الول وهلو الللدين القللل ،وإمللا أن يتملان
البيع الثاني ،فيقعان في النهي وهو الربا.
وهذا التفسير للحديث ل يمنع التفسير المشهور عن شلليخ
السلم وابن القيم بأن المللراد بالحللديث بيللع العينللة ،مللن
وجهين:
الول :أن في كل الصورتين تحايل على الربا.
الثاني :إن من القواعد المقللررة عنللد أهللل العلللم :أنلله إذا
احتمل اللفظ أكثر من معنللى وليللس بينهمللا تعللارض فللإنه
يحمل عليهما.
فكل معاملتين ظاهرهما الصللحة وباطنهمللا التحايللل علللى
أكل الربللا فهمللا داخلتللان فللي النهللي الللذي فللي الحللديث،
131
فيشللمل الحللديث بيللع العينللة وقلللب الللدين وغيرهللا مللن
المعاملت.
وأخيرًا:
هذه بعض المخالفات على هاتين البطللاقتين ،وأحسللب أن
هللذا البحللث مللا هللو إل بدايللة لبحللوث أخللرى مللن العلمللاء
وطلب العلللم المهتميللن بهللذه المعللاملت ،وإنللي أدعللو
الباحثين إلى تجليللة هللذا المللر وزيللادة بحثلله ،حللتى يكللون
الناس على بصيرة من أمرهم.
فوالله لو ترك هذا المر ومر مرور الكرام فلن يكللون ربللا
في البنوك ،وسينتهي الربا إلى غير رجعللة بالتحايللل عليلله،
وسيصعب رد الناس عنه إذا انغمسوا فيه.
ونحن بأمس الحاجة إلى الرجوع إلللى الللله ،والتوبللة إليلله،
فالمة تعيش في عصر تكالب عليهللا أعللداء الللله مللن كللل
جانب ،والنصر ل يأتي إل من عند الللله ،وكيللف نللدعو الللله
النصر؛ ونحن نحاربه بأكل الربا .
كما أدعو القللائمين علللى الهيئات الشللرعية الللذين أجللازوا
مثل هللذه المعللاملت أن يللبينوا لنللا مسللك إبللاحتهم لهللذه
المعاملة بالدلة الصللريحة الصللحيحة ،حللتى تظهللر للعيللان
حجج الطرفين ومسلك كل فريق.
وإني لتوجه بالدعاء إلى الله قيللوم السللموات والرض أن
يأخللذ بأيللدينا إلللى سللواء السللبيل ،وأن يرينللا الحللق حق لا ً
ويرزقنا اتباعه ،وان يرينا الباطل باطل ً ويرزقنا اجتنابه ،إنه
ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على خاتم رسله نبينا محمللد وعلللى آللله
وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
) (1بطاقات الئتمان ،للشيخ بكر أبو زيد ص 11
)(2انظر :الجماع لبلن المنللذر ص ،95المغنلي )(6/436
ط هجر.
) (3مجموع الفتاوى )(29/419
)(3/62) (4
) (5الفتاوى السعدية )ص .(353
) (6الفواكه الدواني .2/101
132
) (7المصدر السابق.
)(8انظر :شرح حدود ابن عرفه ص ،253الفواكه الدواني
.2/101
)(9رسالة المداينة للشيخ محمد العثيمين رحمه الللله )ص
.(15-14
)(10الفتللاوى السللعدية )ص ،(350رسللالة المداينللة )ص
.(16-15
)(11الفتاوى السعدية )ص .(352
) (12نيل المآرب في تهذيب عمدة الطللالب ،للشلليخ عبللد
الله البسام ).(3/86
) (13الدرر السنية في الجوبللة الحنبليللة ) .(6/117وهللي
فتوى لبناء الشيخ محمد وهم:حسللين وإبراهيللم وعبللدالله
وعلي.
) (14المغني ) ،(6/410النصاف ).(4/34
) (15الفواكه الدواني ).(2/102
) (16المنتقى شرح الموطأ )6(5/66
)(17مجموع فتاوى شيخ السلم )(29/439
) (18تفسير الطبري )جامع البيان عللن تأويللل القللرآن ( )
.(7/204
) (19إعلم الموقعين ).(81-2/75
) (20رواه ابن بطة في إبطال الحيل ،وقواه شيخ السلم
في بيان الدليل ص ،55ط المكتب السلمي.
) (21رواه البخاري فللي كتللاب :الللبيوع ،بللاب :بيللع الميتللة
والصللنام ) الحللديث رقللم ،(2236وأخرجلله فللي كتللاب
التفسير ،باب ":وعلى
الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنللم حرمنللا
عليهم شحومهما" )الحللديث رقللم ،(4633وأخرجلله أيضلا ً
في كتاب
المغازي ،بللاب) ،51:الحللديث رقللم ،(4296ورواه مسلللم
فللي كتللاب :المسللاقاة ،بللاب :تحريللم بيللع الخمللر والميتللة
والخنزير والصنام) ،الحديث رقم .(4024
) (22المغني ).(6/116
) (23المغني ).(6/154
133
) (24إعلم الموقعين .(527-4/522
) (25أخرجه أبو داود في كتاب :البيوع ،باب :فللي الرجللل
يبيع ما ليس عنده) ،الحديث رقم ،(3504والترمللذي فللي
كتاب :البيع
باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك) ،الحللديث رقللم
،(1234والنسائي في كتللاب:الللبيوع ،بللاب :شللرطان فللي
بيع ) ،الحديث
رقم ) ،(4644وأحمد فللي المسللند )حللديث رقللم .(6633
والحديث صححه ابن تيمية فللي الفتللاوى الكللبرى ،6/177
وحسنه اللباني في إرواء الغليل .148-5/146
) (26التعليق عل سنن أبي داود) ،عون المعبود .(9/402
) (27أخرجه الترمذي في كتاب :البيوع ،باب ما جلاء فلي
النهللللي عللللن بيعللللتين فللللي بيعللللة) ،الحللللديث رقللللم
،(1231والنسائي في كتاب :البيوع
باب :بيعتين في بيعة)،الحللديث رقللم ،(4646وأحمللد فللي
المسند )حديث رقم ،(9795وحسنه اللباني إرواء الغليل
).5/149
============
#الحرب على الله ورسوله
د .سامي بن إبراهيم السويلم 23/9/1424
17/11/2003
أثارت موجة التفجيللرات الخيللرة فللي الريللاض كللثيرا ً مللن
التساؤلت :ما هي السباب؟ وما هي الحلول؟.
إذا رجعنللا إلللى القللرآن العظيللم؛ فلللن يكللون عسلليرا ً أن
نمسك بخيوط المشكلة.
إن مجتمعنا -ولله الحمد -يللدين بالتوحيللد ،ول توجللد دعللوة
تناقض هللذا المبللدأ ،ظللاهرا ً علللى القللل .وإذا كللان كللذلك
فلننظر في النحرافات الخرى ،وأيها يمكن أن يؤدي إلللى
هذا الوضع.
إن الضللطراب وانعللدام المللن قريللن الحللرب ،فمللا هللي
المعصية التي توعدها الله تعالى بالحرب؟.
لن نجد صعوبة في الجواب عن هذا السؤال ،إذ ليس فللي
القرآن ذنب توعد الللله أهللله بللالحرب سللوى ذنللب واحللد:
134
الربا .قال تعالى) :يا أيها الذين آمنوا اتقللوا الللله وذروا مللا
بقي ملن الربلا إن كنتلم ملؤمنين .فلإن للم تفعللوا فلأذنوا
بحرب من الله ورسوله( .ولهذا قللال المللام مالللك رحملله
الله" :إني تصفحت كتللاب الللله وسللنة نللبيه ،فلللم أر شلليئا ً
أشر من الربا ،لن الله أذن فيه بالحرب) ".الجامع لحكام
القرآن .(3/364
لقللد تطللاولت قلع الربللا فللي بلدنللا ،واسللتفحلت الللديون
الربويللة ،حللتى صللار القتصللاد بللأكمله رهنللا ً للمرابيللن.
وتجاوزت الديون الحكومية 600مليار ريللال ،تللدفع عليهللا
فوائد سللنوية تتجللاوز 30مليللار ريللال .ولمللن تللذهب هللذه
الفوائد؟ ل نحتاج إلى قللدر كللبير مللن الفطنللة لنللدرك أنهللا
تللذهب للمتخميللن بالمللال الللذين لللم يجللدوا أفضللل مللن
إقراضلله بربللا .إن 30مليللار سللنويا ً كفيلللة بحللل معظللم
المشكلت التي يعاني منها المجتمع ،لكنها بللدل ً مللن ذلللك
تذهب لجيوب المرابين الذين ل يزيدون القتصللاد إل وهن لا ً
وضعفًا .فالربا حيثما كان وأينما وجد ،نزيف فللي القتصللاد
ونذير شؤم على البلد.
والربا ل ينشأ من فراغ ،بل هللو نتيجللة للسللراف والتبللذير
والنفللاق غيللر المشللروع .ولهللذا وصللف الللله –تعللالى-
المبذرين بأنهم )إخوان الشياطين( ،ووصف المرابين بأنهم
)ل يقومللون إل كمللا يقللوم الللذي يتخبطلله الشلليطان مللن
المس( .فالتبذير والربا متلزمان ،ولهذا كان كلهما قريللن
الشيطان.
والربا بدوره ل يؤدي إل إلى مزيد من التبللذير والسللراف.
فتتضاعف المشكلة ،وتتفاقم البطالللة ،وتللزداد الهللوة بيللن
الفقراء والغنياء ،وترتفع حللدة التللوتر بيللن فئات المجتمللع
بشكل مخيف .ول أمل في الخللروج مللن هللذه الدوامللة إل
بالعودة الصادقة إلى الله ،والحللد مللن مظللاهر السللراف،
واستئصال الربا من جذوره.
ما هو أسوأ من الربا
إذا كان الربا هللو شللر الللذنوب؛ لن الللله تعللالى آذن أهللله
بالحرب ،فما هو السوأ من الربا؟
135
إنه التحايل على الربا والتلعب بأحكام الشرع ليظهر الربا
المحرم بمظهر البيوع المشروعة .إن اليهود قد أكلوا الربا
صراحة ،ومع ذلك لم يعللاقبهم الللله علللى ذلللك فللي الللدنيا
بعقوبة عاجلة .لكنهم لما احتالوا علللى صلليد الحيتللان يللوم
مسخوا قردة ،كما قال تعالى) :ولقد علمتم الللذين السبت ُ
اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قللردة خاسللئين(.
لمللاذا يمسللخون علللى الحتيللال علللى صلليد الحيتللان ،ول
يمسخون على أكل الربا؟ ،مع أن الصيد أهللون بكللثير مللن
الربا؟ لن التحايل على شرع الله أعظم إثما ً وأشد جرمللا ً
لمن المعصية المجردة .فالتحايل علللى المعصللية اسللتحل ٌ
لها ،والستحلل أشد بمراحل من الوقوع فللي الللذنب دون
استحلل.
وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليلله وسلللم -أنلله قللال" :ل
ترتكبوا ما ارتكبللت اليهللود ،فتسللتحلوا محللارم الللله بللأدنى
ص صللريح أن الحيل" ]رواه ابن بطة بإسناد جيد[ .فهللذا ن ل ٌ
التحايل على المحرمات استحل ٌ
ل لها.
ويدل على ذلك أيضلا ً أن النللبي -صلللى الللله عليلله وسلللم-
ن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، قال" :ليشرب ّ
ُيعزف على رؤوسهم بالمعللازف والمغنيللات ،يخسللف الللله
بهم الرض ويجعل منهم القردة والخنازير" ]رواه مسلللم[.
وذكللر فللي الحللديث الخللر" :ليكللونن مللن أمللتي أقللوام
يسللتحّلون الحللر والحريللر والخمللر والمعللازف" ثللم قللال:
"فَي ُب َّييَتهم الله ويضع العَلم ويمسخ منهم قردة وخنازير إلى
يوم القيامة" ]رواه بهذا اللفظ ابن مللاجه بإسللناد حسللن[.
فللدل مجمللوع الحللديثين علللى أن اسللتحلل الخمللر كللان
بتسميتها إياها بغير اسمها ،وهذا من التحايل بل ريب ،كمللا
يقول شيخ السلم ]بيان الدليل فللي إبطللال التحليللل :ص
.[63
فهذا يدل أيضلا ً علللى أن التحايللل علللى المحرمللات تعجللل
عقللوبته فللي الللدنيا ،وأنلله أشللد وأسللوأ مللن الوقللوع فللي
المحرم بل تحايل .ولهذا قال أيوب السختياني رحمه الللله:
"يتلعبون بالله تلعب الصبيان .لو أتوا المللر علللى وجهلله
كان أهون علي".
136
فإذا كان الربا سببا ً للحرب على الله ورسللوله ،فمللا ظنللك
بالتحايل عليه ،أليس أولى بللالحرب والنكللال المعجللل فللي
الدنيا قبل الخرة؟
واليوم نشاهد ملء السمع والبصر تعاملت ألبسللت لبللاس
الشرعية وأخرجت في صلورة الللبيوع الجللائزة ،وهللي فللي
حقيقتها نقود حاضرة بنقود مؤجلة فللي الذمللة أكللثر منهللا.
فهي في الصورة بيع وفللي الحقيقللة ربللا النسلليئة المحللرم
بالنص والجماع .بل بلغ المر إلى حد الحتيال علللى أسللوأ
أنواع الربا ،وهو ربللا الجاهليللة ،الللذي نللتيجته زيللادة الللدين
مقابللل تللأخير الوفللاء ،أو "أنظرنللي أزدك ".فلللم يقتصللر
التحايل على الفللائدة البسلليطة ،بللل تجللاوزه إلللى الفللائدة
المركبة ،التي تمنعها كثير من النظمة الوضعية ابتداء ،ول
تقبل التحايل عليها بشكل من الشللكال ،حللتى قللال بعللض
الغربيين" :إن المسلمين يتحايلون على دينهم بما ل يمكن
أن نحتال به علللى قضللاتنا ".فللإذا بلللغ بنللا المللر إلللى هللذا
المستوى ،فما ظننا بالله؟ أننتظر من الله النصر والتأييللد؟
أم نتخللوف العقوبللة والنكللال والحللرب فللي الللدنيا قبللل
الخرة؟
إن الله تعالى ليس بحاجة لنا حتى نقبل عليه بهللذه الحيللل
والتلفيقات ،ودين الله تعالى أعز من أن نتلعللب بأحكللامه
وشرائعه تلعب الصبيان .فإذا أردنا لبلدنللا السلللم والمللن
والرخللاء ،فلننبللذ الخللداع جانب لًا ،ولنرجللع إلللى الللله رجعللة
صادقة.
والللله تعللالى ل يسلللط علللى قللوم الخللوف بعللد المللن،
والهزيمة بعد النصر ،إل بذنوبهم .وليس بعلد النبيلاء أكللرم
على الله من أصحاب محمد صلى الله عليلله وسلللم ،ومللع
حد تساءلوا :من أين جاءت الهزيمة؟ ذلك لما أصيبوا يوم أ ُ
فرد الله عليهم بقوله) :أولما أصللابتكم مصلليبة قللد أصللبتم
مثليها قلتم أنى هذا؟ قل هو مللن عنللد أنفسللكم( .فللالعلج
ن إل يبدأ من عندنا وأسللبابه بأيللدينا ،فللإن فّرطنللا فل نلللوم ّ
أنفسنا
===============
#النقود :أثمان أم سلع؟
137
د .يوسف بن أحمد القاسم 26/3/1427
24/04/2006
قبل أكثر من ستة قرون ،صرخ أحد علمللاء القللرن الثللامن
الهجري صرخة اهتز لها جبل قاسيون بالشللام ،ووجللد لهللا
صدى في أنحائه ،إل أنها لم تجد لها صدى في بني قللومه،
فوقع ما لم يكن بالحسبان ،وحل ما حللذر منلله عللالم ذلللك
الزمان ،ثلم هلاهو التاريلخ يعيلد نفسله ،فحلل بنلا ملا حلل
بهم !! فمن هو يا ترى ذلك المام ؟
وما هي تلللك الصللرخة الللتي اهللتز لهللا قلملله ،وعللبر عنهللا
بنانه ؟
وما هي نتيجة تجاهل تلك الصرخة ؟
وكيف أعاد التاريخ نفسه ؟
أما المام ،فهو :العلمة ابن قيم الجوزية )ت 751هل( وأما
الصرخة ،فهللي :إنكللاره علللى بنللي قللومه اتخللاذهم النقللود
سلللعًا ،يتللاجرون بهللا ،ويعللدونها للربللح ،فكللانت النتيجللة
المؤسفة ؛ حيث عم الضرر ،ووقع الظلم .هذا ملخللص مللا
جرى ،وأدع الحديث للمام ابن القيم ،فهو حي بيننا بكتبلله,
شللاهد عللدل بعلملله وفقهلله,إذ يقللول فللي كتللابه إعلم
الموقعين) " : (3/401الدراهم والدنانير أثمللان المبيعللات،
والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقللويم المللوال ،فيجللب
أن يكون محدودا ً مضبوطا ً ل يرتفع ول ينخفض ،إذ لو كللان
الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكللن لنللا ثمللن نعتللبر بلله
المبيعللات ،بللل الجميللع سلللع ،وحاجللة النللاس إلللى ثمللن
يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة ،وذلللك ل يمكللن
إل بسعر تعرف به القيمة ،وذلك ل يكون إل بثمن تقوم بله
الشياء ،ويستمر على حالة واحدة ،ول يقوم هو بغيللره ،إذ
يصير سلعة يرتفع وينخفض ,فتفسد معاملت الناس ,ويقع
الخلف ,ويشتد الضرر ,كمللا رأيللت مللن فسللاد معللاملتهم,
والضللرر اللحللق بهللم ،حيللن اتخللذوا الفلللوس سلللعة تعللد
للربح ,فعللم الضللرر ,وحصللل الظلللم ...فالثمللان ل تقصللد
لعيانها ،بل يقصد التوسل بها إلى السلع"أهل
وقال في الطرق الحكمية)صل " : (350ويمنللع مللن جعللل
النقود متجرا ً ؛ فإنه بذلك يدخل على الناس من الفساد ما
138
ل يعلمه إل الله ،بل الواجب أن تكون النقود رؤوس أموال
يتجر بها ،ول يتجر فيها "أهل
وهاهو التاريخ يعيد نفسه ،وكأن ابللن القيللم يعيللش واقعنللا
الحاضر ،أو كأنه ينظر إليلله مللن سللتر رقيللق ! ولللذا ،فللإنه
يستحق شهادة دكتوراه فخرية في المللال والقتصللاد ،وإن
كنت أشك في حفاوته بها لو كان حيا ً .
نعم,أعاد التاريخ نفسه؛لننللا اليللوم نللرى ونسللمع كللثيرًاعن
تذبذب أسعار العملت,وما نتج عنه من تضخم فللي النقللود
وضعف قوتهللا الشلرائية ,كملا هللو مشلاهد فلي بعلض بلد
الشللرق والغللرب ،وهللذا للله أسللبابه السياسللية ,والمنيللة،
والقتصادية ومن أبرزها العبث بهللذا النقللد اللذي اسلتخدم
في غير ما صنع له ,وهذا ماحللذر منلله العلمللة ابللن القيللم
آنفًا ,وألمح إليلله الفقيلله الشللافعي أبللو حامللد الغزالللي)ت
505هل( في إحياء علوم الدين) (4/91والفقيه الحنفي ابن
عابدين)ت 1252هل( في مجموعة رسللائله)صل ل (57حيللث
قللال ":رأينللا الللدراهم والللدنانير ثمنللا ً للشللياء ،ول تكللون
الشللياء ثمن لا ً لهللا ..فليسللت النقللود مقصللودة لللذاتها ,بللل
وسيلة إلى المقصود"أهل
وأصرح من هذا ما قاله الشلليخ محمللد رشلليد رضللا ,حيللث
قال في تفسير المنار)":(3/108وثم وجد أمر آخر لتحريم
الربا مللن دون الللبيع ،وهللو أن النقللدين إنمللا وضللعا ليكونللا
ميزان لا ً لتقللدير قيللم الشللياء الللتي ينتفللع بهللا النللاس فللي
معايشهم ،فإذا تحول هذا وصار النقد مقصودا ً بالسللتغلل,
فإن هذا يؤدي إلى انتزاع الللثروة مللن أيللدي أكللثر النللاس,
وحصرها في أيدي الللذين يجعلللون أعمللالهم قاصللرة علللى
استغلل المال بالمال "أهل
وبهذا نقف على إحدى الحكللم الللتي حللرم لجلهللا الشللارع
الربللا ،وهللي أن المرابللي يشللتغل بالنقللد عللن المشللاريع
النتاجية ،فيقل المعروض من السلع والخللدمات ,وبالتللالي
يزيد الطلب عليها ,ومع كثرة النقد يقع التضللخم ،وهللو مللا
عبر عنه بعض القتصللاديين ):نقللود كللثيرة ،تطللارد سلللعا ً
قليلة ( .
139
ومن هذا الوجه -وغيره -ذهللب بعللض الفقهللاء المعاصللرين
إلللى المنللع مللن المتللاجرة بللالعملت -ل بيعهللا وشللراؤها
للحاجة -ومن المضاربة بفروق السعار في سللوق المللال؛
ومللن هللؤلء الفقهللاء الللدكتور محمللد الشللباني,كمللا فللي
بحلللثيه) الربلللا والدوات النقديلللة المعاصلللرة,والمضلللاربة
بالسهم والمشتبهات من المكاسب( وعلل مللا ذهللب إليلله
بأدلة ,ومقاصد شرعية ,جديرة بالنظر والتأمل ،ومنها :أنه
عد من المفاسد التي يؤدي إليها هذا النللوع مللن التعامللل،
الضرر على القتصاد ككل؛ حيث يتوجه المال المدخر إلللى
المضللاربة فيلله ،بحيللث يصللبح دولللة بيللن المضللاربين فللي
السهم ،يتحرك في دائرة واحدة ل يتعداها إلللى غيرهللا ...
الخ .
وقللد أشللار إلللى هللذا المحللذور ومللا يللؤدي إليلله مللن
كساد,الشلليخ أبوحامللد الغزالللي فللي إحيللاء علللوم الللدين)
(4/45حيث قللال ":إنمللا حللرم الربللا مللن حيللث إنلله يمنللع
النللاس مللن الشللتغال بالمكاسللب ؛ وذلللك لن صللاحب
الدرهم إذا تمكن بواسللطة الربللا مللن تحصلليل درهللم زائد
نقدا ً أو آجل ً خف عليه اكتساب المعيشللة,فل يكللد ويتحمللل
مشللقة الكسللب والتجللارة والصللناعة ،وذلللك يفضللي إلللى
انقطاع منافع الخلق ،ومللن المعلللوم أن مصللالح العللالم ل
تنتظم إل بالتجارات,والحرف ,والصناعة ,والعمار"أهل
وبنظرة خاطفة إلى واقعنا منذ أربعة أشللهر أو أكللثر ،نجللد
أن أموالنا أصللبحت تصللب فللي فوهللة السللوق حيللن غلللت
القيمللة السللوقية لبعللض الشللركات غلء غيللر مسللبوق,
واقتصرت المضاربة على فروق السعار بعيدا ً عللن الواقللع
القتصللادي للشللركات المسللاهمة ،فأصللبحت السلللع هللي
النقود فللي الحقيقللة,حللتى ظهللرت مقللدمات الكسللاد فللي
سللوق العقللارات ,والسلليارات ...,الللخ ،ولمللس كللثير مللن
الناس ارتفاع قيمة إيجار الدور والمنازل ؛ لقلة المعروض,
وأصبح هذا حديث الناس ،كل هذا في فترة زمنية محدودة
! فما الظن لو استمر الحال سنة أو أكثر !!
ثم أل يكفي هذا حافزًا -على القل-لعادة النظر في حكم
اتخاذ النقود سلعًا ,ومللا تفضللي إليلله هللذه المعللاملت مللن
140
مفاسللد وأخطللار علللى الفللرد والمجتمللع ؟ أم نحتللاج إلللى
جنائز ومرضى ومفلسللين أكللثر عللددًا ،حللتى تتحقللق لللدينا
القناعة بذلك ؟!!
============
#الرأسمالية بأبشع صورها
د .يوسف بن أحمد القاسم 25/3/1427
23/04/2006
ل يخفى أن من أبرز سمات الرأسمالية الغربية أنهللا تزيللد
الغني غنى ،وتزيللد الفقيللر فقللرا ً .والسللؤال الللذي يطللرح
نفسه ،هللو :مللا الفللرق بيللن الربللا الللذي تمارسلله البنللوك
الغربية والشرقية ,والذي يجعل العميللل مللدينا ً حي لا ً وميت لًا،
فيولد وهو مدين ،ويعيش وهو مدين ،ويموت وهو مدين !!
ما الفرق بين ذلك الربا الجاهلي والمعاصر ،وبين هذا الربا
المقنللن الللذي تجريلله بعللض البنللوك والمصللارف باسللم:
)التورق المنظم( ؟! وما الفرق بين المواطن الللذي ابللتزه
الغنللي أو البنللك بالربللا ،وبيللن هللذا المللواطن الللذي ابللتزه
المصللرف أو البنللك بللالتورق المصللرفي السلليء الصلليت،
حتى ركبته الديون وورثها صاغرا ً عن صاغر ؟!!
فللي الواقللع أن الفللرق بينهمللا كللالفرق بيللن مللن يلللغ فللي
الحرام باسم الزنا ،وبين من يقنللن الزنللا ويلللغ فيلله باسللم
المتعة !! ول فرق ،بل هذا الخير أشد حرمللة مللن الول ؛
لنلله اسللتحل محللارم الللله بللأدنى الحيللل ،وهللي مللن أبللرز
صفات اليهود الذين حين حرمت عليهم الشحوم ،أذابوهللا،
ثم باعوها ،فللأكلوا ثمنهللا ! وحيللن حللرم الللله عليهللم صلليد
الحيتللان يللوم السللبت عمللدوا إلللى البحللر فحفللروا حللوله
الحياض ،وشّرعوا منه إليها النهار ،ثلم فتحلوا تللك النهلار
عشية الجمعة ،فأقبل الموج بالحيتللان إلللى الحيللاض ،فلللم
تقدر على الخروج لبعد عمللق الحيللاض وقلللة مائهللا ،فلمللا
جاء يوم الحللد أخللذوها ،فللأنكر الللله ذلللك عليهللم بقللوله :
) ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم فللي السللبت فقلنللا لهللم
كونوا قردة خاسئين ( .
وهكذا الحال فيمن أكل الربا وأموال الناس بالباطل علللى
سبيل المكر والخديعة والحتيال ،ولهللذا حللذر النللبي صلللى
141
الللله عليلله وسلللم أمتلله مللن ارتكللاب الحيللل ،فقللال ) :ل
ترتكبوا ما ارتكبللت اليهللود ،فتسللتحلوا محللارم الللله بللأدنى
الحيللل ( .وهللذا بخلف مللن وقللع فللي الللذنب وهللو مقللر
بخطيئته ،فقد اقللترن بمعصلليته اعللترافه بللالخطيئة ،وبللأنه
مذنب عاص ،مع انكسار قلبه مللن ذل المعصللية ،وازدرائه
على نفسه ،ورجائه لمغفرة ربه ،وعد نفسه من المذنبين،
فلعل ما يقوم بنفسلله مللن هللذه المعللاني يفضللي بلله إلللى
الخير ،والقلع عن هذه المعصية .
وهنا يرد تساؤل عن التورق المنظم ،ما هو ؟ ومللا موقللف
العلماء منه قديما ً وحديثا ً ؟ وما أثر هذه المعاملة وأشباهها
على اقتصادنا المعاصر ؟
والجواب :أن التورق المنظللم ،هللو :أن يتللولى المصللرف
البنك أو المصرف ترتيب الحصللول علللى النقللد للمتللورق،
بأن يبيعه سلعة بأجل ،ثللم يبيعهللا نيابللة عنلله نقللدا ً ويقبللض
الثمن من المشتري ،ثم يسلمه للمتورق .ثم إن البنللك أو
المصرف قد يكون مالكا ً للسلعة ابتداء ،وقد ل يكون مالكا ً
لها ،فيسبقه مرابحة للمللر بالشللراء .وبللالنظر إلللى واقللع
هذه المعاملة ،نجد أنها غالبا ً ما تكون من العقود الصللورية
ل الحقيقية ،حيث يقصد من ورائها دفع النقد لتحصيل نقللد
ل ،وأنها كما قال ابن عباس رضي الله عنه : أكثر منه مؤج ً
) دراهم بدراهم بينهما حريللرة !! ( وهللذا التللورق المنظللم
ليس من العقود الحديثة ،كما يظن البعللض ،بللل جللاء عللن
السلف بعض الثار الدالة على وقللوعه والنهللي عنلله ،كمللا
فللي مصللنف عبللدالرزاق ) (8/294وابللن أبللي شلليبة )
. (7/275ولن العبرة في العقللود بالمقاصللد والمعللاني ل
باللفللاظ والمبللاني ،كمللا قللرر ذلللك المحققللون مللن أهللل
العلم ،لذا فقد صللدر قللرار مجمللع الفقلله السلللمي التللابع
لرابطة العالم السلمي في أواخر سنة )1424هل( بتحريم
التورق المنظم ،وأنه يأخذ حكم العينة الثنائية .وقللد أفللتى
بموجب هذا القرار جمع كبير من علمائنا المعاصللرين ،بللل
ومن خبرائنا في مجال القتصاد السلللمي ،وصللرحوا بللأن
هذا النوع من العقود قد نتج عنه تراجع للهداف الحقيقيللة
الللتي لجلهللا أنشللئت المصللارف السلللمية ،وعلللى رأس
142
قائمتهللا دعللم التنميللة ،والسللهام فللي النشللاط الحقيقللي
للقتصلللللللاد فلللللللي البللللللللد ،وذللللللللك ملللللللن خلل
المشللاركة,والستصللناع ,والجللارة ,ونحوهللا مللن العقللود
التنموية الحقيقية ،حتى تم اختزال ذلك كله في بيللع النقللد
بالنقد باسم التللورق ،تحقيقلا ً للربللاح بأقللل وقللت ممكللن،
ودون مخاطرة أو مشقة ،ولو كان ذلك على حساب ديننا,
وأخلقنا ,واقتصادنا !! حتى أصبح المال دولة بيللن الغنيللاء
منا ،ولذا أصبحوا يمارسون الرأسللمالية فللي بلدنللا بأبشللع
صورها
==============
#المضاربة بالسهم :متاجرة ،أم مقامرة؟
د .يوسف بن أحمد القاسم )*( 13/2/1427
13/03/2006
حللدثني مللن أثللق بلله :أن مسللاهما ً فللي إحللدى الشللركات
المتردية أو النطيحة ،قد بلغه خبر مفاجئ لم يصللدقه مللن
أول وهلة ،وهو أن الشلركة اللتي سلاهم فيهلا منلذ سلنين
بطريللق)الخطللأ!!( قللد أفللاقت مللن سللباتها ،وسللادت بيللن
الشلركات بعلد ترديهلا فلي ظلملات ثلث ،فلارتفع مؤشلر
قيمتها السوقية ل بين عشية وضللحاها لل مللن ) (150ريللال ً
إلللى ) (2600ريللال ،ودون سللابق إنللذار!! وكللأن دعللوة
صللالحة فللي آخللر الليللل قللد وافقللت سللاعة اسللتجابة،
فانتشلتها من بين الركام ،ومن الحضيض إلى القمللة ،فمللا
كللان مللن أخينللا المسللاهم الللذي لللم يسللدد بللاقي القيمللة
السمية لسهمه ل لعدم قناعته المسبقة بجدواها الربحي ل
لم يكن منه إل أن امتطى سيارته ،متجها ً إلى المقر العللام
لتللك الشلركة ،وحيلن وصلل إللى المقلر كلانت المفاجلأة
الخللرى ،وهللي أن هللذه الشللركة المجدولللة فللي قائمللة
الشركات المتداولة ل يديرها إل موظف واحد ،من جنسية
عربية ،ومن قارة أفريقية ،وهللذا وحللده هللو المللدير ،وهللو
المسؤول ،وهو موظف الصادر والوارد...الخ.
وحين سأله أخونا عللن بللاقي المللوظفين ،أفللاده الموظللف
المسؤول بأن البللاقي هللم أعضللاء مجلللس الدارة ،الللذين
يجتمعون مرة ل أو أكثر ل في كل عام!
143
وأما واقع نشاطها ،فحدث ول حرج ،وتسمع بالمعيدي خير
من أن تراه!
دد المساهم بللاقي القيمللة السللمية لسللهمه ،ثللم قفللل س ّ
راجعًا ،وهو عللاجز عللن حللل هللذه المعادلللة؛ إذ كيللف تبلللغ
القيمة السوقية لسهم هذه الشركة أكثر من ألفللي ريللال،
وهي بهذه الحال من الضللعف والخللور ،وقلللة ذات اليللد!!.
فما كان جوابه لنفسه إل أن قال :ربمللا كللان بفعللل خللارج
عن العادة وقانون الطبيعة ،كعصا موسى الذي انقلب إلى
حية ،أو كالحجر الذي انبجست منه اثنتا عشرة عينًا.
فأجابته نفسلله اللوامللة :بللأن هنللاك فارقلا ً بيللن واقللع هللذا
الحجر ،وواقع تلك الشركة ،والفارق بينهما هو الفارق بيللن
الحقيقة والخيال )أو السراب( ،فللالحجر قللد أصللبح بقللدرة
الله تعالى اثنتا عشرة عينًا ،قد علم كللل أنللاس مشللربهم،
ولهذا قال الله تعالى عقب ذلك " :كلوا واشربوا مللن رزق
الله".
وأمللا الواقللع الخللر ،فهللو أشللبه بسللراب )بقيعللة يحسللبه
الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجلده شليئًا( وأنلى للظملآن
أن يللروى مللن السللراب!! وبللذلك انتهللت فصللول القصللة،
ولكن لم تقف آثارها عند هذا الحد.
َ
فذلك السراب وإن وجده بعض المضاربين شيئًا ،إل أنه قد
وجده كثيرون ل شيء ،وجدوه كللذلك وجّربللوه .ولللذا تللرى
هؤلء العارفين بالسراب ،يصفون أسللهم هللذه الشللركة ل ل
وأمثالها ل مما ل تتفللق قيمتهللا السللوقية ،مللع واقللع ربحهللا
وقللوة اسللتثمارها ،بللأن هللذه السللهم لهللا بطللن مللن دون
أرجل! حيث قد وصلت أسعارها إلى أرقام فلكية من دون
سند اقتصادي حقيقي ,حتى قرأت لغيللر واحللد مللن خللبراء
المال والقتصاد ،من يصللف المضللاربة بهللذه السلهم بللأنه
ضرب مللن القمللار! فهللل هللي قمللار حقلًا؟ أم هلي مجللرد
مخاطرة؟ وهل كللل مخللاطرة قمللار ،أم ل؟ وإذا لللم تكللن
قمارًا ،فهللل يتجلله القللول بتحريمهللا لنهللا نللوع مللن أنللواع
الغرر ،أو لما تشتمل عليه من المفاسد الراجحة؟
هللذه التسللاؤلت أضللعها بيللن يللدي أهللل العلللم والبصلليرة
ليمعنوا النظر في هذه المسألة الشللائكة ،والللتي أصللبحت
144
محللل جللدل وخلف بيللن المعاصللرين ،ومللا هللذا البحللث
المتواضع إل مساهمة في إثراء هذا الموضوع ,ولللو بإثللارة
تساؤل ليس إل ،فأقول:
قبل الدخول في الموضللوع ،أنبلله هنللا بللأن مقصللودي مللن
المضاربة :المتاجرة ،كما هو المفهوم الشائع ،ل المضللاربة
المصطلح عليها بين الفقهاء.
ثم إنه ل ريب أن الصل في المعاملت الحل ،ولهللذا فللإن
الذي يطالب بالدليل ،هو مدعي التحريم ،ل العكس ،وهللذا
أمر معلوم لدى أهل العلم ،ومقرر في كتبهم.
وتعليقا ً على التساؤل أقول:
ل يخفى على كل مراقللب للسللوق ل ل ولمؤشللر الشللركات
المساهمة تحديدا ً ل أن القيمة السوقية لسهم العديللد مللن
الشركات يرتفع ويهوي في غمضه عين ،وربما يستمر هذا
الرتفاع أو النخفاض الحاد لفترة أسبوع ،أو أقللل أو أكللثر،
وبعد هذه المدة قد يصبح المضارب ثريا ً فللي لمحللة بصللر،
وقد يكون الواقع عكسيا ً فينحدر إلللى مسللتوى تحللت خللط
الفقر ،ل سيما إن كان حاصل على مال المضاربة بطريللق
القرض ،ونحو ذلك ،ولهذا حذر كثير مللن القتصللاديين مللن
المجازفة في الدخول بكل مللا يملكلله المضللارب ،لئل تقللع
الكارثة .وهنا أقول :هل هذه المخاطرة قمار ،كملا سلماها
بعض الكّتاب المهتمين بالسوق السعودية؟
الواقع أن المخاطرة أعم من القمار ،فكل قمار مخاطرة،
وليس كل مخاطرة قمارًا.
ولشلليخ السلللم ابللن تيميللة كلم نفيللس حللول المخللاطرة
والقمار ،فإنه اعتبر المخاطرة من المظاهر الطبيعيللة فللي
م فهللي جللائزة شللرعًا ،واعتبرهللا فللي المعللاملت ،ومللن ث َل ّ
موضع آخر من القمار المحرم ،والحقيقة أن هذا الختلف
في كلمه إنما هو من اختلف التنللوع ،وليللس مللن اختلف
التضاد؛ لنه يمكن الجمع بين كلمه فللي الموضللعين ،فأمللا
الموضع الول الذي صرح فيه بللالجواز ،فهللو فللي مختصللر
الفتاوى المصرية )ص (532حيث قللال" :أمللا المخللاطرة،
فليس في الدلة الشرعية ما يوجب تحريم كللل مخللاطرة،
بل قد عُِلم أن الله ورسوله لم يحرمللا كللل مخللاطرة" ثللم
145
قال في )ص " "(533وكذلك كل مللن المتبللايعين لسلللعة،
فإن كل ً يرجو أن يربح فيها ،ويخاف أن يخسر ،فمثل هللذه
المخللاطرة جللائزة بالكتللاب والسللنة والجمللاع ،والتللاجر
مخاطر" أهل.
وأما الموضع الثاني الذي صرح فيه بالمنع ،فهو فللي كتللابه
العقود )ص (229حيث قللال":فللإذا قيللل :فهللل يصللح بيللع
المعدوم ،والمجهول ،والذي ل يقدر علللى تسللليمه؟ قيللل:
إن كان في شيء من هذه الللبيوع أكللل مللال بالباطللل لللم
يصح ،وإل جازت ،وإذا كان فيها معنى القمللار ،ففيهللا أكللل
مال بالباطللل ،وإذا كللان فيهللا أخللذ أحللدهما المللال بيقيللن،
والخر )على خطر( بالخذ والفوات ،فهو مقامر ،فهذا هللو
الصل الذي دل عليه الكتاب والسنة ،وهو المعقللول الللذي
تبين به أن الله أمر بالمعروف ،ونهى عن المنكللر ،وشللرع
للعباد ما يصلحهم فللي المعللاش والمعللاد .فللإذا بللاعه ثمللر
الشلللجر سلللنين ،فهلللذا قملللار؛ لن البلللائع يأخلللذ الثملللن،
والمشللتري )علللى الخطللر( ،وكللذلك بيللع الحمللل ،وحبللل
الحبلة ،ونحو ذلك" أ هل
وهذا الكلم النفيس ،يمكن الجمع بينلله وبيللن الللذي قبللله،
بأن شيخ السلم ل رحمه الله ل ل أجللاز مطلللق المخللاطرة،
كما في الموضع الول ،ولم يجز المخاطرة المطلقة ،كمللا
في الموضع الثاني ،ووجه ذلك :أن كل معاملة ل تخلو من
مخاطرة ،وهذا ما ل يمكن منعلله؛ لنلله ممللا يشللق التحللرز
منلله ،ولن يللؤدي إلللى المنللع مللن كللثير مللن المعللاملت
الجائزة ،ويمكن ضبط هللذه المخللاطرة الجللائزة بمللا كللان
الغالب فيها السلمة ،كما يفهم هذا من كلم شيخ السلم
حيث قال بعللد كلملله النللف الللذكر مللا نصلله" :وإذا أكللراه
عقاره سنين جاز ذلك ،ولم يكن هللذا مقللامرة؛ لن العللادة
جارية بسلللمة المنللافع ،ول يمكنلله أن يللؤجر إل هكللذا ،ول
مخاطرة فيها ،فإن سلمت العيلن اسلتقرت عليله الجللرة،
وإن تلفت المنافع سقط عنه من الجرة بقدر ما تلف مللن
المنفعة فليست الجللارة معقللودة عقللدا ً يأخللذ بلله أحللدهما
مللال الخللر مللع بقللاء الخللر علللى الخطللر ،بللل ل يسللتحق
146
أحللدهما إل مللا يسللتحق الخللر بللدله" أهل ل .هللذا بالنسللبة
لمطلق المخاطرة.
أمللا المخللاطرة المطلقللة ،فهللي الللتي اعتبرهللا مقللامرة،
ويمكن ضبطها بما كان الغالب فيها الخسللارة أو العطللب،
ولهذا حّرم الله تعالى بيع المعدوم وبيللع المجهللول ،ومللا ل
يقدر على تسليمه ،وبيع حبل الحبلة ،وبيع الثمرة قبل بللدو
صلحها ،فالبائع يضمن الثمللن ،وأمللا المشللتري فهللو علللى
خطر بالخذ والفوات ،وقد اصطلح كثير من الفقهللاء علللى
تسمية هذا النوع من البيوع غللررًا ،وسللماه شلليخ السلللم
غررا ً وقمارًا ،كما في كتابه العقود )ص ,(227حيث قللال:
"إن النبي ل صلى الله عليه وسلم لل نهلى أن يكلون الغلرر
مبيعلًا ،ونهللى أن يبللاع مللا هللو غللرر ،كللبيع السللنين ،وحبللل
الحبلة ،وبيع الثمرة قبل بدو صلحها ،وعلل ذلللك بمللا فيلله
من المخاطرة التي تتضمن أكل المال بالباطل ،كما قللال:
)أرأيت إذا منع الله الثمرة بم يأكل أحدكم مال أخيلله بغيللر
حق( وهذا هو القمار ،وهللو المخللاطرة الللتي تتضللمن أكللل
المال بالباطل ،فإنه متردد بين أن يحصل مقصوده بللالبيع،
وبين أن ل يحصل ،مع أن ماله يؤخذ على التقديرين ،فللإذا
لم يحصل كان قد أكل ماله بالباطل" أ هل.
وبهذا تعلم أن شيخ السلم ل رحمه الله ل يرى بأن مفهوم
القمار أوسع من المفهوم الذي عليه كثير من أهل العلللم،
وهو أن القمار :التردد بين الغنم والغرم .فهللذا عنللده مللن
القمار ،وكذلك المخاطرة التجارية الللتي يللتردد فيهللا حللظ
أحد المتعاقدين بين الخذ والفوات ،فهي عنده من القمار،
وهو ما يعّبر عنه بعض الفقهاء بالغرر.
بقللي أن يقللال :وهللل فللي المضللاربة بالسللهم مخللاطرة
مطلقللة ,بحيللث يللتردد فيهللا حللظ المشللتري بيللن الخللذ
والفوات؟
وأترك الجواب لما نشلر فلي جريللدة الريلاض فللي علددها
رقللم (13752) :الصللادر يللوم الجمعللة )18/1/1427هلل (
تحت عنوان )سوق السللهم يفقللد 80.2مليللار ريللال فللي
دقائق( ..." :أدى النخفاض السريع إلى إحداث حالة ذعللر
وخوف لدى المتداولين من حدوث نزول تصحيحي شللامل
147
جعلهم يتلدافعون عللى اللبيع ...الملر اللذي جعلل القيملة
السلللوقية للسلللوق تنخفلللض) ( 80.2مليلللار ريلللال فلللي
دقائق"...
وكثيرا ً ما نقرأ مثل هذا الخبر في صحفنا المحلية ،حتى إن
كثيرا ً من المضاربين قد ل يدركه الوقت لبيع ما لللديه مللن
أسللهم ،بسللبب النهيللار المفللاجئ والسللريع للسللهم ،بللل
امتدت موجة هبوط أسعار السهم لتقضي على عللدد مللن
المواطنين الذين توفوا نتيجة تعرضهم لزمللات قلبيللة بعللد
انهيار رؤوس أموالهم بين عشية وضحاها ،وأصبحنا نسللمع
عن تدافع بعض السعوديين نحو عيادات الطبللاء ،مصللابين
بارتفاع في ضغط الدم ،وغير ذلك.
وهللذا الواقللع المؤسللف يقودنللا إلللى نقطللة أخللرى فللي
الموضوع وهللي أنله علللى القللول بللأن المضللاربة بالسللهم
ليسللت مللن المخللاطرة المحرمللة ،فمللا هللو مللدى حجللم
المفاسللد الناتجللة عللن المضللاربة بالسللهم علللى الفللرد
والمجتمع؟ هل هي مفاسد راجحة فيمنع منها لهذه العلللة،
أو هي مرجوجة مغمورة في مصالحها الراجحة فتباح؟
والجواب على هذا السؤال لبد أن يكللون ملمسلا ً للواقللع،
فل يصح أن يكون الجللواب نظريلا ً مجللردا ً عللن حقيقللة مللا
يجري في هذا السوق.
والمتأمل للواقللع ،لل كمللا يحكيلله رأي الجريللدة القتصللادية
الصادرة يوم الربعاء )1/2/1427هل( ل يجده أشبه بمشللهد
مسرحي ،حيث دفع سعار تداول السهم القاصي والللداني
للنخراط في مذبحة السوق ،إذ باع راعللي الغنللم أغنللامه،
وراعللي البللل إبللله ،وصللاحب الورشللة ورشللته ،وصللاحب
البقالة بقالته )بللل وبللاع صللاحب المنللزل منزللله واسللتأجر
لهله وأولده منزل ً أو شقة ،وباع مالللك السلليارة سلليارته،
واستأجر له سيارة بأجر شللهري( بللادروا بللذلك مللدفوعين
ببريق سوق منتعشة ،تغريله ليلل نهلار بربلح وفيلر ،وحللم
يلوح على البعد بالثراء أو اليسر علللى أقللل تقللدير .وكللثير
من هؤلء من هجر عمله أو حقله أو حانوته ،واختطللف مللا
لديه من نقود ،واستل حلتى ملا فلي جيبله ،ثلم ألقلاه فلي
148
فوهة فم السوق التي ل تشبع ،وتقللول :هللل مللن مزيللد؟!
والنتيجة لهذا الواقع ،ما يلي:
-1قيام المضاربين )البالغ عللددهم مليونللان تقريب لًا( بضللخ
السلليولة فللي فوهللة فللم السللوق ،والنللأي بهللا بعيللدا ً عللن
القطاعللات النتاجيللة والخدميللة وغيرهللا ،ممللا أدى إلللى
إحداث كساد في البلد ل يخفى على بصير.
-2أننا أصبحنا نقللوم بعكللس مللا تفعللله المللم والشللعوب،
فعلى حين تستخدم هي أسواقها الماليللة مللن أجللل تللوفير
السلليولة لتمويللل المشللاريع ،قمنللا نحللن بضللخ السلليولة
وجرفها بعيدا ً عن القطاعات النتاجيللة والخدميللة وغيرهللا،
كما صرح بذلك بعض خبراء القتصاد.
--3أن هذه السيولة الكثيرة التي يضخها السللوق ،مللع مللا
تعيشه الدولة من وفللرة فلي اليللرادات النفطيلة ونحوهلا-
بالضافة إلى ذلك الكساد المشار إليه -ينللذر بتضللخم فللي
النقد .
-4تعثر كثير من المضاربين الصللغار ،وهللم الللذين يمثلللون
الغالبية بين )الهوامير( ممللا أدى إلللى انتكاسللات خطيللرة،
كانت سببا ً في تراكم الديون عليهم ،وربمللا إلللى وصللولهم
إلى مستوى تحت خط الفقر ،وذلك في غمضة عين.
-5أن أسلللوب المضللاربة بالسللهم أفللرز نقيللض مللا كللان
يحققه أسلوب الستثمار بها ،فالسلوب الول يقتصر على
المضاربة على فروق السعار ،أما السلوب الثاني ل و هللو
الصل ل فهو الذي يعّزز إنتاجيللة الشللركة ،ويعللدو بهللا إلللى
مصللاف الشللركات المتقدمللة ،وحيللث إن السلللوب الول
يتحقق بدون عناء أو مشقة كان التركيز عليه ،حتى أصللبح
تأثيره سلبيا ً علللى أسلللوب السللتثمار ،بللل حللتى أصللبحت
الشركات نفسها تراهن عليه ،وتشغل ما لديها من سلليولة
فيه ،بدل ً من استثمار هللذه السلليولة فللي مشللاريع ترتقللي
بالشركة إلى المام.
لهذا وغيللره لل ممللا تشللهده السللواق الماليللة عموملا ً مللن
تلعب ،وعللدم الللتزام بأحكللام الشللريعة فللي تعاملتهللا ،ل ل
صّرح بعض العلماء بتحريم المضاربة بالسللهم ،لمللا تللؤدي
إليه من أضرار بالغة بالفرد والمجتمع ،ومن هؤلء العلمللاء
149
الدكتور الصديق محمد المين الضرير ،كما صرح في بحثه
عن الختيارات المقدم إللى مجملع الفقله السللمي ،فلي
العدد السللابع ) (1/270حيللث صللرح فيلله بللأنه يميللل إلللى
المنللع .وهللو رأي الشلليخ الللدكتور صللالح الفللوزان ،وعلللل
تحريم المضاربة بها بأنهللا قمللار محللرم ،كمللا شللافه بللذلك
عددا ً من طلبه.
وهذا الموضوع جدير بأن يعاد فيه النظر من قبل المجللامع
العلمية ،وما يكتنف هذه المعاملت من مصللالح ومفاسللد،
ومدى شبه هذه المضللاربات بالقمللار ،حللتى يصللدر النللاس
عن رأي موثللوق بلله ،يللدرس الموضللوع مللن كللل جللوانبه،
ويحدد مواقع الزلللل ،ويضللع الحلللول الشللرعية المناسللبة،
والله تعالى أعلم ،وأحكم.
)*( عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
=============
#موقف العامة من خلف المفتين
د .يوسف بن أحمد القاسم 24/12/1426
24/01/2006
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
وبعد:
فقللد تميللز عصللرنا الحاضللر بالتقللدم التقنللي فللي مجللالت
عديدة ،ومنها التقدم في المجال العلمي ،وتنللوع وسللائل
التصال الحديثة ،وقد كللان لهللذه التقنيللة الحديثللة جللوانب
إيجابية كثيرة وأخرى سلبية.
ومن جوانبها اليجابية -ول شك -توظيللف هللذا العلم فللي
خدمة العلم الشرعي ،بأسلوب التعليم ،أو الفتاء ،أو نحللو
ذلك مما ل يخفى ،مما أدى إلى تذليل الكثير من العقبات،
وتيسير العديد من الصعاب ،حيث أصبح العلللم يصللل بكللل
يسر وسهولة إلى فرد السرة وهو في بيته ،وإلى السللائق
وهو في سلليارته ،وإلللى الموظللف وهللو فللي عملله ،وإلللى
التاجر وهو في متجره ،وهذا بخلف مللا كللان عليلله الحللال
في أزمنة سابقة ،حيث كان المستفتي يرحل –أحيانًا -مللن
أجل مسألة ،كما ذكر ذلك الخطيب البغدادي )ت 462هللل(
في الفقيه والمتفقه ) (2/375حيللث قللال" :أول مللا يلللزم
150
المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي ليسأله عن
حكم نازلته ،فإن لم يكن في محله وجب عليلله أن يمضللي
إلى الموضع الذي يجللده فيلله ،فللإن لللم يكللن ببلللده لزملله
الرحيل إليلله وإن بعللدت داره ،فقللد رحللل غيللر واحللد مللن
السلف في مسألة" أهل.
وبكل حال ،فإن البرامللج المشللار إليهللا ،مللع مللا فيهللا مللن
فوائد جمة ،ومصالح راجحة ،إل أنهللا كللانت سللببا ً فللي بللث
العديد من الفتاوى المختلفة فللي المسللألة الواحللدة ،ممللا
أدى إلى وقوع اللبس لدى العامة ،حتى كثر سللؤالهم عللن
موقللف المسللتفتي مللن هللذا الخلف ،هللل يأخللذ بللرأي
الجمهور ،أم بالرأي الشد؛ لنه الحوط ،أم بالرأي الخف؛
لنه اليسر...،أم ماذا؟
وقبل الجابة على هذا التساؤل ،أمهّد ُ له بالتنبيهات التية:
التنبيه الول :أنه يجب على العامي أن يستفتي من يثق به
ممن يغلب على ظنه أنه من أهل العلم والدين ،كما أشللار
إلى ذلك ربنا عز وجل إذ يقللول) :فاسللألوا أهللل الللذكر(...
أي :أهل العلم .ولهذا قال ابن سلليرين –رحملله الللله" :-إن
هذا العلم دين فلينظر أحدكم عمن يأخذه".
قال الخطيللب البغللدادي فللي الفقيلله والمتفقلله ):(2/376
"وإذا قصد أهل محله للستفتاء ،فعليه أن يسأل مللن يثللق
بدينه ،ويسكن إلى أمانته عللن أعلمهللم وأمثلهللم ،ليقصللده
ويؤم نحوه ،فليس كل من ادعى العلم أحرزه ،ول كل من
انتسب إليه كان من أهله" .أهل.
وبناء عليه ،فإنه ل يصح أن يستفتي العالم إذا كان فاسقًا،
ول العابد إن كان جاهل ً ولو كللان إماملا ً لمسللجد أو جللامع،
ب ل يحسللنه ،فل ُيسللأل ول أن يستفتي طالب العلم في با ٍ
ل -في باب المعاملت المالية المعاصرة من ل يحسللن –مث ً
فهمها ،أول يللدرك واقعهلا ،أو ل يحيلط بتفاصليلها المللؤثرة
في الحكم ،ولو كان عالما ً شهيرًا ،يقصده العامللة لشللهرته
ل لعلمه ،كما حذر من ذلك العلمللة ابللن القيللم فللي إعلم
المللوقعين ) (6/119حيللث قللال" :وهللذا الضللرب إنمللا
يستفتون بالشكل ل بالفضلل ،وبالمناصلب ل بالهليلة ،قلد
غرهم عكوف من ل علللم عنللده عليهللم ،ومسللارعة أجهللل
151
منهم إليهم ،وتعج منهم الحقوق إلللى الللله تعللالى عجيج لًا،
وتضج الحكام إلى من أنزلها ضجيجًا ،فمن أقللدم بللالجرأة
على ما ليس له بأهل ،فتيا ،أو قضاء ،أو تللدريس ،اسللتحق
اسم الذم ،ولم يحل قبول فتياه ول قضائه ،هذا حكم ديللن
السلم" أهل.
وهذا الكلم القيم من ابن القيم –رحملله الللله -يجرنللا إلللى
التنبيه الثاني وهو :أنه ل يجوز العمل بمجرد فتوى المفللتي
إذا علم المستفتي أن المر في البللاطن بخلف مللا أفتللاه،
كما ل ينفعه لو كان خصما ً قضلاء القاضلي لله بللذلك ،كملا
قال النبي –صلى الله عليه وسلم" -فمن قطعللت للله مللن
حق أخيه شيئًا ،فل يأخذه ،فإنما أقطللع للله بلله قطعللة مللن
النار" متفق عليه.
فللالمفتي والقاضللي فللي هللذا سللواء ،ولهللذا ل ينبغللي
للمستفتي أن يعمل بمجللرد فتللوى المفللتي إذا لللم تطمئن
لها نفسه ،ولم يسكن لها قلبه ،ولو كان هذا المفتي ممللن
يتصدر للفتوى ،كما يدل لذلك الحديث الذي حسنه النووي
في أربعينه )ص (47عن وابصة بن معبد –رضي الله عنه-
وفيلله أن النللبي –صلللى الللله عليلله وسلللم -قللال للله..." :
استفت قلبك ،البر ما اطمأنت إليه النفس ،واطمللأن إليلله
القلب ،والثم ما حاك في النفس ،وتردد في الصللدر ،وإن
أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمللد فللي مسللنده )،(4/227
والدارمي في سللننه ) ،(2/246وبنحللو هللذا صللرح العلمللة
ابن القيللم فللي العلم ) (193-6/192وإذا كللان هللذا فللي
زمانه ،فكيف فللي زماننللا الللذي كللثر فيلله المفتللون الللذين
يجرون وراء رخللص الفقهللاء بحجللة المصلللحة ،أو التيسللير
على الناس !!..ثم قال كلما ً نفيس لًا ،مللا نصلله" :ول يظللن
المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سللأل عنلله إذا
كان يعلم أن المر بخلفه في الباطن ،سواء تردد أو حللاك
في صدره ،لعلمه بالحللال فللي البللاطن ،أو لشللكه فيلله ،أو
لجهله به ،أو لعلمه جهل المفتي ،أو محاباته في فتللواه ،أو
عللدم تقيللده بالكتللاب والسللنة ،أو لنلله معللروف بللالفتوى
بالحيل والرخص المخالفة للسنة ،وغير ذلك مللن السللباب
المانعة من الثقة بفتواه ،وسكون النفس إليها "...أهل.
152
وكلمه القيم هذا –رحمه الله -يجرنا إلى التنبيه الثالث.
وهو :أنه ل يجوز للعامي أن يتتبع رخص الفقهاء ،ل رخللص
الشارع ،ففرق بين الخذ برخصللة الللله تعللالى ،وبيللن تتبللع
رخص خلقه.
فللالول :منللدوب إليلله بقللوله –صلللى الللله عليلله وسلللم:-
"عليكم برخصة الله التي رخللص لكللم" وأمللا الثللاني :فهللو
محرم بإجماع أهل العلم ،كما صرح بذلك الحافظ ابن عبد
البر فيما حكاه عنه ابن النجار في شرح الكوكب المنيللر )
(4/578حيث نقل عنلله أنلله قللال" :ل يجللوز للعللامي تتبللع
الرخص إجماعًا" أهل .وقال المام أحمد –رحملله الللله) -لللو
أن رجل ً عمللل بكللل رخصللة كللان فاسللقًا" وقللال المللام
الغزالي –رحمه الله -في المستصفى )) :(2/391ل يجللوز
ب بمجللرد التشللهي ،أو أن ينتقللي للمستفتي أن يأخذ بمذه ٍ
في كل مسألة أطيبها عنده" أهل.
وحكى الزركشي في البحر المحيط ) (6/325عن النللووي
أنه سئل) :هللل يجللوز أن ُيقل ّللد غيللر المللذهب فللي رخص ل ٍ
ة
لضللرورةٍ ونحوهللا( فأجللاب) :يجللوز أن يعمللل بفتللوى مللن
يصلح للفتاء إذا سأله اتفاقا ً مللن غيللر تلقللط الرخللص ،ول
تعمد سؤال من يعلم أن مذهبه الترخيص في ذلك" أهل.
ومن جليل ما نقل في سد ّ ذريعة الترخص ،ما رواه المللام
الللبيهقي فللي سللننه الكللبرى ) (10/211بإسللناده عللن
إسللماعيل القاضللي )ت 282هللل( أنلله قللال) :دخلللت علللى
ي كتاب لا ً نظللرت فيلله ،وقللد
المعتضد )ت 289هل( فللدفع إل ل ّ
جمع فيه الرخص من زلل العلماء ،وما احتج به كل منهللم،
فقلت :مصَنف هذا زنديق .فقال :لم تصح هذه الحللاديث؟
قلت :الحاديث على ما رويت ،ولكن ملن أبلاح المسللكر –
أي النبيذ -لم يبح المتعة ،ومن أباح المتعة لم يبح المسكر،
وما من عالم إل وله زلة ،ومن جمع زلل العلماء ،ثللم أخللذ
بها ،ذهب دينه ،فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب(.
ومما تؤخذ منه العبرة في هذا الباب ،ما قللاله المللام ابللن
الجوزي )ت 597هل( عن نفسه فللي كتللابه الللوعظي صلليد
ت في شيء يجللوز فللي الخاطر ) (2/304ما نصه" :ترخص ُ
بعض المذاهب ،فوجدت في قلبي قسوة عظيمة ،وتخايللل
153
لي نوع طللرد ٍ عللن البللاب ،وبعللد ،وظلمللة تكللاثفت فقللالت
نفسي :ما هللذا؟ أليللس مللا خرجللت عللن إجمللاع الفقهللاء؟
فقلت لها :يا نفس السوء! جواُبك من وجهين:
تك تأولت ما ل تعتقدين ،فلو است ُْفتيت لللم تفلل ِ أحدهما :أن ِ
بما فعلت .قالت :لو لم أعتقد جواز ذلك ما فعلتلله .قلللت:
ك في الفتوى. ك هو ما ترضينه لغير ِ إل أن اعتقاد ِ
ت من الظلمة عقيب ك الفرح بما وجد ِ والثاني :أنه ينبغي ل ِ
ذلك؛ لنه لول نوُر في قلبك ما أثّر مثل هذا عندك .قللالت:
فلقد استوحشت بهذه الظلمة المتجددة في القلب .قلت:
ت جللائزا ً بالجمللاع،دري مللا ترك ل ِفاعزمي على الترك ،وق ل ّ
ت( أهل.دي هجره ورعًا ،وقد سلم ِ وعُ ّ
فإذا تقرر :أنه ل يجوز تتبع الرخص ،ول تلقللط الزلللل ،فمللا
هو موقف العامي إزاء خلف المفتين؟
في هذه المسألة خلف قديم ،حكاه غيللر واحللد مللن أهللل
العلم ،ومنهم ابللن الصلللح )ت 643هللل( فللي أدب المفللتي
والمسللتفتي )ص ،(164حيللث ع لد ّ فللي المسللألة خمسللة
أوجه عن أصحابه الشافعية ،وتللابعه ابللن حمللدان الحنبلللي
)ت 695هل( في صللفة الفتللوى والمفللتي والمسللتفتي )ص
،(80واعتبرها خمسة مذاهب ،ورجح ما رجحه ابن الصلح
–بالتفصيل الذي ذكره وبالعبارة نفسها -دون أدنللى إشللارة
إلى ذلك! وهذه القوال هي:
الول :أنه يأخذ بأغلظها ،فيأخذ بالحظر دون الباحللة ،لنلله
الحوط ،ولن الحق ثقيل ،وهذا محكي عن أهللل الظللاهر،
وأقوى ما استدلوا به حديث النعمان بن بشير الثللابت فللي
الصحيحين ،وفيه )إن الحلل بّين ،وإن الحرام بّين ،وبينهما
أمور مشللتبهات ل يعلمهللن كللثير مللن النللاس ،فمللن اتقللى
الشللبهات ،فقللد اسللتبرأ لللدينه وعرضلله ،ومللن وقللع فللي
الشبهات وقع في الحرام ،كللالراعي يرعللى حللول الحمللى
يوشك أن يرتع فيه(...
الثاني :أنه يأخذ بأخفها ،لنلله اليسللر ،والنللبي –صلللى الللله
عليه وسلم -بعث بالحنيفية السمحة ،وما خّير رسول الللله
–صلى الله عليه وسلم -بين أمرين إل اختار أيسللرهما ،مللا
لم يكن إثمًا ،كما ثبت بذلك الحديث ،وفي التنزيللل" :يريللد
154
الله بكم اليسر ول يريد بكم العسر" وهذا القول وجه عند
الشافعية.
الثللالث :يسللأل مفتي لا ً آخللر ،فيعمللل بفتللوى مللن يللوافقه،
وحاصل هذا أنلله يأخللذ بللرأي الكللثر ،وهكللذا لللو كللان فللي
المسألة رأيان ،أحلدهما قلول الجمهللور ،فيأخللذ بله ،لغلبلة
الظن بصحة هذا الرأي ،كتعدد الدلة والرواة ،وهذا القللول
هو وجه عند الشافعية.
الرابع :يتخير ،فيأخذ بقول أيهما شاء ،وهذا القول كما فللي
البحر المحيط ) (6/313نقله المحاملي عن أكللثر أصللحابه
من الشافعية –وصححه الشيخ أبو إسحاق الشلليرازي فللي
اللمع ،والخطيب البغدادي في الفقيلله والمتفقلله )(2/432
واحتج له :بأن العامي ليس من أهل الجتهللاد ،وإنمللا عليلله
أن يرجع إلى قول عالم ثقللة ،وقللد فعللل ذلللك ،فللوجب أن
يكفيله ،وكلذا اختلار هلذا القلول القاضلي أبلو يعللى ،وأبلو
الخطللاب ،وذكللر أنلله ظللاهر كلم أحمللد ،كمللا فللي شللرح
الكللوكب المنيللر ) (4/580وكللذا اختللاره المجللد كمللا فللي
المسودة )ص .(519
الخامس :يجتهد في الوثق ،فيأخذ بفتللوى العلللم ،الورع،
واختار هذا القول السمعاني الكللبير ،كمللا حكللاه عنلله ابللن
الصلح في أدب المفتي )ص (165فإن استويا تخير ،وهذا
هو اختيار ابن قدامة في الروضة ) (385واختاره الغزالللي
فللي المستصللفى ) (2/391وصللححه النللووي فللي روضللة
الطالبين ) (11/105وقللرره مللن المعاصللرين الشلليخ ابللن
عللثيمين فللي كتللابه الصللول مللن علللم الصللول ،كملا فللي
مجموع فتاواه ورسائله ).(11/82
دم فللإن كللان أحللدهما أعلللم ،والثللاني أورع ،ففللي أيهمايقل ّ
خلف ،والصللح عنللد ابللن الصلللح الول ،كمللا فللي أدب
المفتي )ص .(160
هذا ،وقد حكى هذه القوال الخمسللة ،العلمللة ابللن القيللم
في العلم ) (6/205إل أنه اعتبر الخذ بقول العلم قللول ً
خامسًا ،والخذ بقول الورع قول ً سادسًا ،وزاد قول ً سابعًا،
وهو :أنه يجب على العامي أن يتحرى ،ويبحث عن الراجح
بحسبه ،ثم رجح هذا القللول ،وقللال" :فيعمللل ،كمللا يعمللل
155
عند اختلف الطريقين ،أو الطبيللبين ،أو المشلليرين" وهللذا
هو عين ما رجحه شيخه ابن تيمية فإنه قللال فللي مجمللوع
الفتللاوى )" :(33/168وأمللا تقليللد المسللتفتي للمفللتي،
فالذي عليه الئمة الربعة ،وسللائر أئمللة العلللم :أنلله ليللس
على أحد ،ول شرع له ،التزام قول شخص معين فللي كللل
ما يوجبه ويحرمه ويبيحه ،إل رسول الله –صلى الللله عليلله
وسلم -لكللن منهللم مللن يقللول :علللى المسللتفتي أن يقلللد
العلم الورع ممن يمكن استفتاؤه .ومنهم من يقللول :بللل
يخّير بين المفتين إذا كان له نوع تمييز ،فقد قيل :يتبللع أي
القولين أرجح عنللده بحسللب تمييللزه فللإن هللذا أولللى مللن
التخييللر المطلللق .وقيللل :ل يجتهللد إل إذا صللار مللن أهللل
الجتهللاد .والول أشللبه؛ فللإذا ترجللح عنللد المسللتفتي أحللد
القولين إما لرجحان دليله بحسب تمييزه ،وإما لكون قائله
أعلم وأورع ،فله ذلك ،وإن خالف قوله المذهب" أهل .هذا،
وفي المسألة أقللوال أخللرى حكاهللا الزركشللي فللي البحللر
المحيللط ) (315-6/313وغيللُره مللن الصللوليين ،ولكللن
أشهرها ما تقدم ذكره.
وبكل حال ،فالرجح ما ذهب إليه شيخ السلم ابن تيميللة،
وتلميللذه ابللن القيللم ،وهللو أن العللامي إذا اختلفللت عليلله
الفتوى ،فللإنه يجتهللد حسللب تمييللزه ،ويتقللي الللله حسللب
استطاعته ،فإن ترجح له قول أحد المفللتين لكللونه العلللم
الورع ،أخذ بفتواه .فإن استويا في العلم والورع ،أو شللق
عليه معرفة العلم منهمللا ،ولكللن مللا اسللتدل بلله أحللدهما
أقوى في الحجة وظهور الدليل مما استدل به الخر ،أخللذ
به ،أو كانت نفسه تسكن لفتيا أحدهما ،ويطمئن لها قلبلله،
دون فتيا الخر ،أخذ بهذا المرجح ،وكذا لو ترجللح للله قللول
أحدهما ،لكللثرة مللن أفللتى بلله مللن أهللل العلللم ،أخللذ بلله..
وهكذا .قال العلمة ابن القيم –رحملله الللله -فللي العلم )
(138-6/137موجها ً هذا القول )وقد نصب الللله سللبحانه
وتعالى على الحق أمارات كثيرة ،ولم يسوّ الللله –سللبحانه
وتعالى -بين ما يحبه وبين ما يسخطه من كل وجه ،بحيللث
ل يتميز هذا من هذا ،ولبد أن تكون الفطر السليمة مائلللة
156
إلللى الحللق ،مللؤثرة للله ،ولبللد أن يقللوم لهللا عليلله بعللض
المارات المرجحة "...أهل.
وبهللذا يظهللر لللك ضللعف قللول مللن قللال :إنلله يخي ّللر بيللن
القلولين ،وقلد أنكلر هلذا القلول ابلن القيلم فلي العلم )
(3/570فقال" :وإن كلفنا بتقليد البعض ،وكان جعل ذلللك
إلى تشهينا واختيارنا ،صار دين الله تبعلا ً لرادتنللا واختيارنللا
وشللهواتنا .وهللو عيللن المحللال" أهللل .وكللذا أنكللره المللام
الشلللاطبي فلللي الموافقلللات ) (97-5/94بكلم نفيلللس،
أسوقه لهميته ،حيث قال ما نصه...." :وذلللك أن المتخيللر
ل -بمجللرد موافقللة الغللرض ،إمللا أن يكللون بللالقولين –مث ً
حاكما ً به ،أو مفتيًا ،أو مقلدا ً عامل ً بمللا أفتللاه بلله المفللتي"
فللذكر حالللة الحللاكم بلله ،ثللم المفللتي ،ثللم العللامي –وهللو
المقصود -فقال ) :وأما إن كان عاميًا ،فهو قد اسللتند فللي
فتللواه إلللى شللهوته وهللواه ،واتبللاع الهللوى عيللن مخالفللة
كم العالم علللى نفسلله ليخللرج الشرع ،ولن العامي إنما ح ّ
عللن اتبللاع هللواه ،ولهللذا بعثللت الرسللل وأنزلللت الكتللب...
وعامة القوال الجارية في مسللائل الفقلله إنمللا تللدور بيللن
النفي والثبات ،والهللوى ل يعللدوهما ،فللإذا عللرض العللامي
نازلته على المفتي ،فهللو قللائل للله) :أخرجنللي عللن هللواي
ودلني على اتباع الحق( فل يمكن –والحال هذه -أن يقللول
له) :في مسللألتك قللولن؛ فللاختر لشللهوتك أيهمللا شللئت!(
فإن معنى هذا تحكيم الهللوى دون الشللرع .ول ينجيلله مللن
هذا أن يقول )ما فعلت إل بقول عالم( لنه حيلة من جملة
الحيل التي تنصبها النفس ،وقاية عن القال والقيل ،وحيلة
لنيللل الغللراض الدنيويللة ،وتسللليط المفللتي العللامي علللى
تحكيم الهوى بعد أن طلب منه إخراجه عن هواه رمي في
عماية ،وجهل بالشريعة ،وغش في النصيحة "...أهل.
ثم تكلم –رحمه الله -عن تتبللع الرخللص ،وأنكللر هللذا بكلم
نفيس ،وكأنه يشير بذلك إلى أن القللول بللالتخيير هللو مللن
تتبع الرخص ،أو أنه كالبوابة له.
ومثل ذلك :القلول بالخلذ بلأخف القلولين ،لنله اليسلر...
استدلل ً بحلديث" :ملا خي ّللر رسلول اللله صللى اللله عليله
وسلم بين أمرين إل اختار أيسللرهما "...أو بنحللو هللذا مللن
157
الدلة ،فليس الستدلل بهذا الحديث أو نحللوه بللأولى مللن
الستدلل بحديث الصللحيحين" :ومللن وقللع فللي الشللبهات
وقع في الحرام "...للخذ بأغلظ القولين.
وكل الحللديثين ل ينهللض السللتدلل بهمللا لللذلك ،فل الول
لجواز الخذ باليسللر ،ول الثللاني لوجللوب الخللذ بللالحوط،
فغاية ما في الول الندب إلللى الخللذ باليسللر فيمللا ثبتللت
إباحته ،بخلف مسألتنا ،فهي فيما اختلللف فيلله ،وغايللة مللا
في الثاني كراهلة الوقلوع فلي الشلبهات ،ونلدب المسللم
الورع إلى البتعاد عنها ،ل غير.
لهذا ،وغيللره فقللد رد ّ المللام الشللاطبي هللذا القللول ،وهللو
الخذ بللأخف القللولين ،وأجللاب عنلله بمللا نصلله" :وهللو –أي
الخللذ باليسللر -أيضلا ً مللؤد إلللى إيجللاب إسللقاط التكليللف
جمللة ،فلإن التكللاليف كلهللا شلاقة ثقيللة ،ولللذلك سلميت
تكليفلا ً مللن الكلفللة ،وهللي المشللقة )قلللت :لكنهللا مشللقة
معتللادة( فللإذا كللانت المشللقة حيللث لحقللت فللي التكليللف
تقتضللي الرفللع بهللذه الللدلئل ،لللزم ذلللك فللي الطهللارات،
والصلللوات ،والزكللوات ،والحللج ،والجهللاد ،وغيللر ذلللك ،ول
يقف عند حد إل إذا لم يبق على العبد تكليف ،وهذا محال،
فما أدى إليه مثله ،فإن رفللع الشللريعة مللع فللرص وضللعها
محال ".......أهل والله تعالى أعلم.
===============-
#سوق السهم..على شفا انهيار
قراءة نقدّية لواقع المساهمات في السوق المحلي
د .يوسف بن أحمد القاسم * 22/11/1426
24/12/2005
ينطق واقعنا الحالي بما حدث به نبينللا محمللد -صلللى الللله
عليه وسلم -حين قال" :يأتي علللى النللاس زمللان ل يبللالي
من الحلل ،أم ملن الحلرام!!" أخرجله المرء ما أخذ منه ،أ ِ
وب عليه )باب مللن لللم يبللال مللن البخاري في صحيحه ،وب ّ
حيث كسب المال(؛ فقد أصبح الحلل في نظر كثيرين هو
ل
ل في اليد أو الجيب ،ل ما حلله الله تعالى ،فلم يبللا ِ ما ح ّ
إن وقللع المللال فللي يللده بسللبب المسللاهمات الربويللة ،أو
بسبب المضاربات والصفقات الناتجللة عللن طريللق الغللش
158
والتدليس ،أو عن طريللق الكللذب والتلللبيس ،أو نحللو ذلللك
من الوسائل المحرمة في كسب المال؛ ولذا أصبح الواحد
ب( فل ُيسلتجاب لله، ب يا ر ّح في الدعاء )يا ر ّمنا يدعو ويل ّ
ولو كللان فللي سللفر ،أو كللان أشللعث أغللبر!! لن مطعملله
حرام ،ومشللربه حللرام ،وملبسلله حللرام ،وغُللذي بللالحرام،
فأنى يستجاب لذلك؟!
وبنظرة سريعة لما يشلهده سلوق السلهم المحللي ،نلرى
كثيرا ً مللن المخالفللات الشللرعية ،والللتي نللوجز الكلم فللي
أبرزها عبر النقاط التية:
نرى بعض المسلمين –وللسف -يدخل في الربا من أوسع
أبوابه ،فيلغ فيه ولوغا ً ل يطهللره المللاء ول الللتراب ،فللتراه
يستثمر في أسهم البنوك الربوية ،أو يضارب فيها ،أو فللي
أسللهم شللركات ل تتللورع عللن الربللا ،إيللداعا ً واقتراضللا ً
واستثمارًا ،وبأي نسبة كانت ولو كثيرة ،والعاقبة أن ُيمحق
هذا المال ،أو ُتمحق بركته ،كما قال سبحانه) :يمحق الللله
الربا( ،وأما صاحبه فقد آذن بحرب من الله ورسللوله ،ومللا
الظن بمن أعلن الله تعالى الحرب عليه – عياذا ً بالله -هذا
واقع.
ن :ممن جعل إشاعة الكللذب مطّيتلله فللي تحقيللق وواقع ثا ٍ
المكاسب وجني الرباح ،فترى مجموعة مللن المسللاهمين
أو المضللاربين فللي السللوق يشللترون أسللهما ً فللي إحللدى
الشركات بثمن بخس ،وعلى سبيل التواطؤ ،ثللم يشلليعون
خبرا ً ما عبر منتديات النترنت وعبر رسائل الجوال ،ونحللو
ذلللك ممللا ينتشللر معلله الخللبر انتشللار النللار فللي الهشلليم،
ل -بللأن رأس مللال تلللك الشللركة سلليرتفع فيشلليعون –مث ً
بسللبب منحللة ،أو بللأن للشللركة مسللتحقات لللدى الدولللة
سوف تتسلمها في القريب العاجل ،أو بأنها ستوقع عقودا ً
معينة مع إحدى الدول ...،إلخ ،ويكذبون مع هللذه الشللاعة
مئة كذبة!! فيشيع الخبر في أوساط المضاربين ،ول سيما
الصللغار منهللم ممللن ل يعللي حجللم الخطللر المحللدق بهللم،
فيقبلون على شراء أسللهم تلللك الشللركة ،فللترتفع قيمتهللا
بسللبب كللثرة الطلللب ،ويللبيع أولئك المشلليعون للخللبر مللا
لديهم من أسهم ،ثم تهوي القيمة السوقية لتلللك السللهم،
159
ويتضح أن هذا الرتفاع خيال ل واقع ،فتقع الكارثللة بسللبب
تلللك الشللاعة الثمللة ،وشللعار هللؤلء المتلعللبين بالسللوق
المقولة السائدة "اشتر على الشاعة وب لعْ علللى الخللبر!!"
وهكذا تكون أموال الناس ألعوبللة فللي أيللدي مللن ل أخلق
ن.له ،ومن غش المسلمين فليس منهم .وهذا واقع ثا ٍ
وواقع ثالث :سببه الطلبات والعروض الوهمية ،فهو نجللش
بصورة عصرية!! فترى بعض ضعاف النفللوس –وللسللف-
يعللرض عللبر شاشللات التللداول عروض لا ً وهميللة مللن خلل
بعللض المحللافظ الللتي يللديرها بالوكالللة ،فيعللرض –مث ً
ل-
عشرة آلف سهم بسعر معيللن فللي إحللدى المحللافظ ،ثللم
يعرض من محفظلة أخلرى وفلي بنلك آخلر عشلرين أللف
سهم بنحو ذلك السعر ،وهكذا من محفظة ثالثة ورابعة،...
ثم يشتري عددا ً قليل ً من هذه السهم –كعشللر المعللروض
ل -من محافظ أخرى بالسعر المعروض ،حتى يوهم من مث ً
يراقب هذا التداول بأن لسهم تلك الشللركة قللوة شللرائية
تستحق الهتمام ،وهو في الحقيقة مناقلة للسهم بطريقة
التدوير ،فيقبل الغرار من المضاربين بشللراء أسللهم تلللك
الشركة ،فيبيع عليهم أسهمه بالسعر الذي خطللط للله ،ثللم
تهوي القيمة السوقية مللرة أخللرى ،فيرجللع هللو ويشللتريها
بثمن بخس ،وهكذا يربح في الدخول والخللروج ،فللي الللبيع
والشراء ،وبأسلوب مبالغ في القبح والدناءة .وهذه صللورة
من صور النجش المحرم ،والللذي حللذر منلله النللبي -صللى
اللللله عليللله وسللللم -فلللي قلللوله":ول تناجشلللوا" قلللال
الخطابي":النجش :أن يرى الرجل السلع ُتبللاع فيزيللد فللي
ثمنهللا ،وهللو ل يريللد شللراءها ،وإنمللا يريللد بللذلك ترغيللب
)السللوام( فيهللا ليزيللدوا فللي الثمللن ،وفيلله غللرر للراغللب
فيهللا "...وقللال النللووي" :وهللذا محللرم بالجمللاع ،والثللم
مختص بالناجش إن لم يعلللم بلله البللائع" .والبللائع هنللا فللي
هذه الصورة هو الناجش!!
وتتجلى هللذه الصللورة مللن الكللذب والتللدليس فللي أسللهم
الشركات التي ل يتفق واقع الربحية في أسهمها مع واقللع
الشركة نفسها ،أو بمعنى أوضح مع مواقع القيمة الدفترية
للشركة ،فربما تللرى الشللركة خاسللرة مللن حيللث الواقللع،
160
ومع هذا تللرى المسللاهمين يضللاربون فللي أسللهمها بأربللاح
خيالية ربما تزيد في السللوق علللى %100أو %200مللن
قيمتها الحقيقية! وهذا واقع ثالث.
ث المعلومللات وواقللع رابللع :وهللو عللدم الشللفافية فللي ب ل ّ
المتعلقة ببعض الشركات المساهمة ،بحيث ل يطلللع علللى
الخبللار المللؤثرة فللي أسللهم تلللك الشللركات إل أفللراد
معدودون أو بعض )الهوامير( بلهجللة السللوق ،وربمللا كللان
لحد أعضاء مجلس إدارة بعض الشركات أثللر سلللبي فللي
ث بعللض المعلومللات لحللد )الهللوامير( هذا الواقع ،فربما ب ّ
لعرض شراء السهم قبل ارتفلاع قيمتهلا السلوقية ،وربملا
كان ذلك لنسبة بينهما فيشتري السهم بثمن بخللس علللى
حين غفلة من بقية المساهمين ،ثم يبيعها بعد ذلللك بسللعر
ل بعد أن ُتحّقق ارتفاعلا ً بسللبب ظهللور تلللك المعلومللة، غا ٍ
لعلمهم المسبق بارتفاع سقف السللهم لتلللك الشللركة ،أو
بدمج هذه الشركة مع أخرى ...إلخ ،ممللا يللؤثر إيجاب لا ً فللي
قيمة تلك السهم ...وهكذا في سلسلة طويلة مللن اللعللب
والعبث بأموال المساهمين وممتلكاتهم ،والتي ربما تكللون
يوما ً ما سببا ً في انهيار السهم ،مما ينلذر بخطللر –ل قللدر-
على أموال أولئك المساهمين.
جه ثلث رسائل: وهنا أو ّ
الولى :إلى هيئة سوق المال ،بأن تقوم مللن سللباتها ،وأن
تؤدي واجبها في هللذا السللوق ،فتلحللق أصللحاب الطلبللات
والعللروض الوهميللة وتعللاقبهم ،وتمنللع أسلللوب التللدوير،
وتحاسلللب أصلللحاب الشلللاعة ،وتطلللالب بتحقيلللق مبلللدأ
الشفافية في بث المعلومات المتعلقللة بجميللع الشللركات؛
لن الشللركة ل تخللص مسللاهما ً دون آخللر ،بللل هللي حللق
للجميع ،كما عليها أن تراقب وتمنع كل ما من شأنه إلحاق
الذى بالمساهمين ،وهنا أوجه رسالة بهذا الصدد ،وهي أن
خر تنفيذ أوامر البيع والشللراء؛ صغار المساهمين يعانون تأ ّ
لن البنوك والشركات تقللوم بتسللهيل هللذه المهمللة لكبللار
المسلللاهمين دون صلللغارهم ،فربملللا انخفضلللت القيملللة
السللوقية لبعللض السللهم فل يسللتطيع أولئك مللن بيللع مللا
يخصهم من أسهم إل بعد فوات الوان ،وهنلا يجللب تفعيللل
161
كن الجميع من تحقيق نشاطهم على سرعة التداول بما يم ّ
الوجه الكمل ،وبهذا يتحقق العدل بين جميللع المسللاهمين
صغارا ً وكبارًا.
والرسالة الثالثة :إلى أولئك المساهمين أو المضاربين بأن
يتقللوا الللله تعللالى ،فيجتنبللوا الحللرام فللي مسللاهماتهم
ومضارباتهم ،وأل ّ تكون هذه التجللارة سللببا ً فللي انحرافللات
سلوكية وأخلقية تجاه باقي المساهمين ،كمللا ل ينبغللي أن
تشغلهم عن الحقوق الواجبة عليهم تجاه أهلهم وأولدهللم،
ن أوعن ذكر الله تعالى وعن الصلة )في بيوت أ َذن الّللل َ
هأ ْ ُ ُُ ٍ ِ َ ِ
ل جا ٌ ل رِ َ ه ِفيَها ِبال ْغُد ُوّ َواْل َ
صا ِ ح لَ ُ
سب ّ ُه يُ َ م ُ س ُ ت ُْرفَعَ وَي ُذ ْك ََر ِفيَها ا ْ
ن ذِك ْرِ الل ّلهِ وَإ ِقَللام ِ ال ّ
صلللةِ وَِإيت َللاءِ جاَرةٌ َول ب َي ْعٌ عَ ْ م تِ َل ت ُل ِْهيهِ ْ
َ
صللاُر( ]النللور: ب َواْلب ْ َ ب ِفيهِ ال ُْقل ُللو ُ وما ً ت َت ََقل ّ ُ خاُفو َ
ن يَ ْ كاةِ ي َ َالّز َ
[36والحقيقة أن هناك واقعا ً مؤسفا ً فللي انشللغال النللاس
بهللذه السللهم ،يصللوره حللال هللذا الكللاتب فللي إحللدى
المنتللديات؛ إذ يقللول بلهجتلله العاميللة" :أنللا ابتعللدت عللن
السوق ،تعبت من متابعة السهم في فللترة التللداول ،مللن
ل ،وثللاني شلليء مللا الساعة الرابعة عصرا ً إلى الواحللدة لي ً
تقدر تشللوف أهلللك ول ربعللك ،كللل الللوقت فللي المكتللب،
وممنوع أحد يدخل عليللك ،والهللم الكرسللي اللللي تجلللس
عليه ،تصدق –يخللاطب أحللد القللراء فللي منتللدى المللارات
للوراق المالية -أنا عندي ثلث كراسي ،كل ساعة أو ثلث
س ظهري بينكسللر "!!...وهللذه ساعات أبدل الكرسي ،أح ّ
الصورة الواقعية أسوقها دون تعليق.
* أستاذ مساعد بالمعهد العالي للقضاء-الرياض
================
#زكاة السهم المتعثرة
د .يوسف بن أحمد بن عبدالرحمن القاسم 25/2/1426
04/04/2005
المقدمة
الحمللد لللله رب العللالمين ،والصلللة والسلللم علللى إمللام
المرسلين ،نبينا محمد ،وعلى آله وصللحبه والتللابعين ،أمللا
بعد:
162
فإن من أهم ما ينبغي أن تجّرد لها القلم والمحللابر ،وأن
تستنهض لها همم الباحثين في مجال الفقه ،هللو اسللتقراء
المسائل النازلة ،واسللتنباط الحكللام الشللرعية المناسللبة
لهللا مللن عمللوم أدلللة الكتللاب والسللنة ،أو مللن القواعللد
الشللرعية ،والمقاصللد الكليللة ،مللع محاولللة اسللتنتاج هللذا
الحكم من كلم أهلل العللم بواسلطة التخريلج والقيلاس ،
وبهذا يمكللن أن نسلد ّ ثغللرة فللي هللذا المجللال المهللم مللن
مجالت العلم الشرعي.
هذا ،وإن من المسائل النازلللة فللي هللذا العصللر المتللاجرة
والستثمار في السهم عللبر الشللركات المحليللة وغيرهللا .
وقد كتب في هللذه النازلللة العديللد مللن الكتللب والرسللائل
العلمية .
وفي الونة الخيرة قامت كللثير مللن المسللاهمات عللبر مللا
يسللمى بشللركات توظيللف المللوال ،ممللا أدى إلللى وقللوع
ب أو لخللر ،وهنللا وقللعالتعثر في مساهمات عديللدة ،لسللب ٍ
الكثير من المشللكلت ،ومنهللا مللا أشللكل علللى كللثير مللن
المساهمين ،وهو مدى وجللوب الزكللاة فللي هللذه السللهم
المتعثرة ،وحيث لم أقف على بحث خاص بهذه المسللألة ،
فقللد عقللدت العللزم – مسللتعينا ً بللالله وحللده – علللى هللذه
المهمة ،ووضعت لهذا البحث المخطط التي:
أو ً
ل :التمهيد ،وفيه مبحثان:
المبحث الول :التعريف بمفردات عنوان البحث.
المبحث الثاني :حكم زكاة السهم )غير المتعثرة(.
ثاني لًا :موضللوع البحللث )زكللاة السللهم المتعللثرة( ،وفيلله
فصلن:
الفصل الول :حقيقة السهم المتعثرة.
وفيه ثلثة مباحث:
المبحث الول :واقع السهم المتعثرة.
المبحث الثاني :أسباب تعثر السهم.
المبحللث الثللالث :مللدى اعتبللار القيمللة السللوقية للسللهم
المتعثرة.
الفصل الثاني :حكم زكاة السهم المتعثرة.
وفيه تمهيد ،ومبحثان:
163
المبحلللث الول :التخريلللج عللللى زكلللاة ديلللن المعسلللر،
والمماطل.
وفيه ثلثة مطالب:
المطلب الول :مفهوم العسار ،والمماطلة.
المطلب الثاني :حكم زكاة دين المعسر ،والمماطل.
المطلب الثالث :التخريج.
ضمار. المبحث الثاني :التخريج على زكاة المال ال ّ
وفيه ثلثة مطالب:
ضمار.
المطلب الول :مفهوم المال ال ّ
ضمار. المطلب الثاني :حكم زكاة المال ال ّ
المطلب الثالث :التخريج.
الخاتمة.
وبالله التوفيق.
التمهيد
وفيه مبحثان:
المبحث الول :التعريف بمفردات العنوان:
أمللا الزكللاة ،فهللي فللي اللغللة :مللن الّزكللاء ،وهللو النمللاء
مي والزيادة ،يقال :زكا الزرع والرض ،تزكللوُ ،زك ُلوًّا .و ُ
سل ّ
ب يرجى به الزكللاء ة؛ لنه سب ٌ القدر المخرج من المال زكا ً
ة ،والزكللاة اسللم كى الرجل مللاله تزكي ل ً – يعني النماء – وز ّ
منله ،وإذا نسلبت إللى الزكلاة وجلب حلذف الهلاء وقللب
اللف واوًا ،فيقال )زكوي( ).(1
والزكاة في الشرع :هي حقٌ يجب في المال ،كمللا عرفهللا
بذلك ابن قدامة في المغني ).(2
وأما السهم ،فهلي فللي اللغلة :جملع سلهم ،وهلو الحلظ
والنصلليب ،والشلليء مللن مجموعللة أشللياء ،يقللال أسللهم
س لْهمة .والنصلليب :أن الرجلن :إذا اقترعللا ،وذلللك مللن ال ُ
م يفوز كل واحد منهما بما يصيبه ،قال الله تعالى" :فَ َ
سللاهَ َ
ن" ) (3ثللم حمللل علللى ذلللك ،فسللمي ضي َح ِ ن ال ْ ُ
مد ْ َ م َن ِ فَ َ
كا َ
السهم الواحد من السهام ،كأنه نصيب من أنصباء ،وحللظ
من حظوظ ،وهذا هو أحد المعاني التي ذكرها ابن فارس
) (4في تعريف السلهم ،وهلو المتعللق بموضلوعنا .وجلاء
164
فللي المعجللم الوسلليط )" :(5سللاهمه :قاسللمه ،أي أخللذ
سهمًا ،أي نصيبا ً معه ،ومنه شركة المساهمة" أ.هل .
والسللهم فللي الصللطلح :هللي مللا يمث ّللل الحصللص الللتي
يقللدمها الشللركاء عنللد المسللاهمة فللي مشللروع الشللركة،
سواء أكانت حصصا ً نقدية أم عينيللة ،ويتكللون رأس المللال
من هذه السهم .
وقيل هي :صكوك تمّثل أنصباء عينيللة أو نقديللة فللي رأس
مال الشركة ،قابلة للتداول ،تعطي مالكها حقوقا ً خاصة )
.(6
عثللارًا ،إذا
وأما المتعثرة ،فهي في اللغة :من عَث َللر ،ي َعْث ُللرِ ،
كبللا ،أو سللقط ،ومنلله العَث ْللرة :أي الَزل ّللة ،يقللال :عللثر بلله
فرسه فسقط ،وتعثر لسانه :تلعثم .والعواثير :جمع عاثور،
وهو المكان الوعث الخشللن؛ لنلله يعللثر فيلله .وقيللل :هللو
الحفرة التي تحفر للسد ،واسللتعير هنللا للورطللة والخطللة
المهلكة .وأما العواثر ،فهي جمع عاثر وهي حبالة الصائد،
أو جمع عاثرة ،وهي الحادثة التي تعثر بصاحبها ).(7
والمتعللثرة فللي اصللطلح البللاحث :هللي السللهم الللتي ل
يستطيع مالكها من النتفاع بها ول من تحصيل قيمتها .
وبهللذا نللدرك العلقللة الواضللحة بيللن التعريللف اللغللوي
والصللطلحي ،فالسللهم حيللن تعللثرت ،فإنهللا قللد َزل ّللت أو
تأخرت عما أنشللئت لجللله ،كمللا أنهللا وقعللت بصللاحبها فل
يمكنه النتفاع بها ،وبهللذا وقللع فللي ورطللة ماليللة ،أو كللأنه
سقط في حفرة صيد ل يستطيع الخلص منها .
المبحث الثاني
حكم زكاة السهم )غير المتعثرة(
الزكاة هي أحد أركان السلم الخمسة ،وهي – في الصل
– واجبة بكتاب الله تعالى ،وسنة رسوله –صلى الله عليلله
وسلم ،-وإجماع أمته ،كما قاله ابن قدامة -رحمه الللله –
في المغني ).(8
ومن الصور المالية المعاصرة :ما يسمى بالسهم التجارية
والسهم الستثمارية ،والمتمثلللة فللي شللركات السللهم أو
الشركات المساهمة ،وهي طريقللة حديثللة فللي السللتثمار
والتجارة جاد بها التقدم العلمي في هذا العصر.
165
وقد اتفق العلماء المعاصرون على وجوب الزكاة في هذه
السهم ،إما في أصلها ،أو في ريعها .واختلفوا في كيفيللة
زكاتها ،وأرجللح هللذه القللوال ،وأقربهللا إلللى الصللواب ،هللو
القول بالتفريق بين المساهمات التجارية فتأخذ حكم زكاة
عروض التجارة ،وبين المساهمات الستثمارية ،والتفريلق
في المساهمات السللتثمارية ،بيللن مللا هللو زراعللي فيأخللذ
حكم زكاة الخارج من الرض ،وما هو حيواني فيأخذ حكللم
زكاة الحيوان ،وهكذا … وتفصيل ذلك على النحو التي:
مالك السهم ل يخلللو ،إمللا أن يكللون قصللده فللي التملللك
التجارة بها بيعا ً وشراًء وهي ما تسمى بالسللهم التجاريللة،
فيشتريها اليوم ليبيعهللا غللدا ً أو بعللد غللد ،طلبلا ً للربللح فللي
تداولها وتقليبهللا ،فهللذا تجللب الزكللاة عليلله فللي جميللع مللا
يملكه من أسهم ،سواء كانت السهم زراعية ،أم صناعية،
أم تجاريللة ،أم حيوانيللة… الللخ ،فيزكللي أسللهمه بحسللب
قيمتها السوقية ،كل سنة .
وإما أن يكون قصد المالك للسللهم السللتثمار بهللا ،بحيللث
يسللتفيد مللن عائدهللا السللنوي ،وهللي مللا تسللمى بالسللهم
الستثمارية ،فهو ل يشتري هذه السهم بنية بيعهللا ،وإنمللا
بقصد الستمرار في تملكها ،فهللذا يزكللي أسللهمه بحسللب
طبيعتها ،فإن كلانت أسللهما ً فللي شللركة زراعيللة ،ومجالهللا
الستثماري في زراعللة الحبللوب والثمللار ،فتخضللع لحكللام
الزكاة فيما تخرجه الرض من الحبوب والثمللار ممللا يكللال
ويدخر ،وإن كانت في شركة حيوانية كتربيللة النعللام علللى
سبيل النتاج والتسمين ،فتخضع لحكللام زكللاة الحيللوان ،
وإن كانت في شللركة تجاريللة تختللص بتللداول السلللع بيعلا ً
وشراًء كشركات الستيراد ،فتخضع لحكام زكاة عللروض
التجلللارة ،وإن كللانت فلللي شلللركة صلللناعية ،كشلللركات
السمنت والجبللس والدويللة ونحوهللا ،فتجللب الزكللاة فللي
صافي أرباحها ،قياسا ً علللى زكللاة مللا يعللد للكللراء .وهللذا
صل هو الذي تجتمع به أدلة الزكاة ،وبه يرتبط القول المف ّ
الحكم بمناطه الذي أناط به الشللارع وجللوب الزكللاة ،وبلله
يللزول التنللاقض والضللطراب الللذي لحللق ببعللض الراء
المعاصرة.
166
وإلى هذا القول ذهب الشيخ عبدالله بن منيع ) –(9حفظه
الله – وغيُره.
ل أخرى ،ليس هللذا التمهيللد محللل وفي هذه المسألة أقوا ٌ
بسطها ).(10
الفصل الول
حقيقة السهم المتعثرة
وفيه ثلثة مباحث:
المبحث الول :واقع السهم المتعثرة:
فلللي عصلللرنا الحاضلللر ،كلللثرت الشلللركات المسلللاهمة
وانتشرت ،وتنوعت أغراضها وتعددت ،وأقبل عليها الغنياء
ومتوسطوا الحال ،بلل وربملا محلدودوا اللدخل – بلأموال
حصلوا عليها بطريق القرض أو التقسيط – كل ذلك؛ لجل
تحصيل ما تجود به السهم من أربللاح ،دون مزيللد عنللاء أو
مشقة.
ولم يقف المر عند هذا الحد ،بل ظهللرت شللركات أخللرى
غير مرخصة ،وهي ما تسمى بشللركات توظيللف المللوال،
تقوم بتحصيل الموال من أربابها ،ثم تقوم بتوظيفهللا – أو
تدعي ذلك أحيانا ً – في مشللاريع عقاريللة أو غيرهللا ،وربمللا
أغرت الناس بأرباح مرتفعة ،ليس لهللا مثيللل فللي السللوق
المحلي ،فيقبل عليها النلاس زرافلات ووحلدانا ،وغالبلا ً ملا
يقع تعثر السهم في مثل هذا النوع مللن الشللركات ،حيللث
إنهللا ل تخضللع لنظللام ٍ قللانوني ول محاسللبي ،فيكللثر فيهللا
التلعللب بللأموال النللاس دون رقيللب ،فربمللا تللم تحصلليل
المللوال لغللرض المسللاهمة فللي عقللارٍ مللا ،أو لجللل بيللع
وشراء سلعة ما ،ثم يتم توظيفهلا لهلذا الغلرض ولغلراض
أخرى ،بل ربمللا كللان بعللض هللذه المللوال هللدفا ً لسلللوب
تدوير المال ،أو لمللا يسللمى بالتسللويق الشللبكي ) ،(11أو
غير ذلك ،ول ينكشللف المللر إل بعللد إيقللاف ضللخ المللوال
المساهمة إلى هذه الشركة ،أو بعللد تجميللدها مللن الجهللة
الرسمية ،وعند ذللك يظهللر العجلز ويقللع التعلثر ،ول يعللم
المساهم بمقدار هذا التعثر الللذي لحللق بمللاله ،ول بمللدى
إمكان الحصول على رأس المال أو ل.
167
ومن صور التعثر التي يكللثر وقوعهللا فللي هللذا العصللر ،مللا
يقوم به مجموعة من أربللاب المللال ،مللن المسللاهمة فللي
أرض عقاريللة – مثل ً – وبعللد شللراء العقللار الخللام لغللرض
دعي اسللتحقاقه لهللذه الرض المتاجرة فيه ،يظهر خصم ي ل ّ
أو لهذا العقار ،فتبدأ الخصومة في الجهة المختصة ،وربمللا
اسللتمرت سللنين عديللدة ،فتتعللثر المسللاهمة ،ول يتمكللن
أربابهللا مللن اسللترجاع المللال ول جللزء منلله ،حللتى تنتهللي
الخصومة ،وهكذا… في مسلسل طويل من الصور.
فللإذا تعللثرت هللذه السللهم ،ولللم يتمكللن المسللاهم مللن
استرداد رأس ماله ول جزٍء منه ،مدة سنة أو أكللثر ،وكللان
هذا المال مما تجب فيه الزكاة فللي الصللل ،فللإنه يشللكل
على كثير من المساهمين مللدى وجللوب الزكللاة فللي هللذه
السهم المتعثرة.
المبحث الثاني
أسباب تعثر السهم
مما تقدم ،يتبين أن لتعثر السهم أسبابا ً عديدةً ،منها :
ل :توظيللف المللوال فللي جهللات مشللبوهة ل يعلللم بهللا أو ً
المساهم ،كتوظيفها في مجال التسللويق الهرمللي ،ونحللو
ذلك ،مما يؤدي في كثير من الحيان إلى تعثر مفللاجئ ،ل
يعرف سببه.
ثانيًا :تجميد حسابات الشركة من قبل الجهللات الرسللمية،
إما لسباب غير قانونيللة وقعللت فيهللا تلللك الشللركة ،وإمللا
لتظلللم بعللض المسللاهمين لللدى الجهللة المختصللة ضللد
القائمين على تلك المساهمات بسبب تأخر صرف الرباح،
أو عدم التمكللن مللن اسللترداد رأس المللال ،لسللباب غيللر
معروفة لديهم.
ثالثًا :ظهور خصومة في بعض المساهمات العقارية -مثل ً
-مما يستدعي إيقاف العمللل فللي تلللك المسللاهمة ،حللتى
تفصللل الجهللة القضللائية لصللالح المسللاهمين ،أو لصللالح
المخاصمين في ذلك العقار )محل المساهمة(.
المبحث الثالث
مدى اعتبار القيمة السوقية )(12للسهم المتعثرة
168
كثير من هذه السللهم المتعللثرة ،يبللادر أصللحابها بللالتخلص
ة لهللذا المبلللغ،
ن بخس ،إما حاجل ً منها ،وذلك ببيعها ولو بثم ٍ
وإمللا خوف لا ً مللن إفلس الشللركة ،وربمللا أعلللن عللن هللذه
السهم المعروضة للبيع في أعمدة الصحف ،فيبللادر بعللض
الناس بشرائها بأقل من قيمتها المدونة في تلك العقود أو
الصكوك ،طمعا ً في تحصيلها من الجهللة المعني ّللة والظفللر
بقيمة السهم التي تفوق سعر الشراء.
وهذه القيمة السوقية للسهم المتعللثرة ل اعتبللار لهللا فللي
الشرع ؛ لنها مبنية على الغلرر ،وهلو بيلع ملا هلو مجهلول
العاقبللة ) ،(13وهللو – هنللا – بيللع مللا هللو مجهللول القللدر ،
صللل كامللل قيمللة فالمشتري لهذه السهم ل يدري هللل يح ّ
السهم ،أو كامل القيمة مع الربللاح ،أو ل يحصللل إل بعللض
القيمة ،أو ل يحصل شيئًا ،وكذا البللائع ل يللدري مللا يح ّ
صللله
المشتري ،وقد )نهى النبي – صلى الله عليه وسلللم -عللن
بيع الغرر( كما في الحديث الذي رواه مسلم في صللحيحه
) (14عن أبي هريرة – رضي الله عنلله . -وهللذه الصللورة
من البيع المجهول العاقبة ،هي كللبيع العبللد البللق والبعيللر
الشارد ،حيللث يللبيعه صللاحبه بثمللن بخللس ،ول يللدري هللل
يظفر به المشتري ،أو ل ،فللإن ظفللر بله غُب ِللن البللائع ،وإل
غُِبن المشتري ،كما صرح بذلك شيخ السلم ابللن تيميللة –
رحملله الللله – فللي قواعللده النورانيللة ) ،(15حيللث قللال:
"والغرر هو المجهول العاقبة ،فإن بيعه من الميسللر الللذي
هو القمار ،وذلك أن العبد إذا أبللق ،أو الفللرس أو البعيللر
إذا شرد ،فإن صللاحبه إذا بللاعه ،فإنمللا يللبيعه مخللاطرة ،
صللل للله قللالح َ فيشتريه المشتري بدون ثمنه بكثير ،فللإن َ
صل ، البائع :قمرتني ،وأخذت مالي بثمن قليل .وإن لم يح ُ
ت الثمللن منللي بل عللوض، قال المشتري :قمرتنللي ،وأخللذ َ
فيفضللي إلللى مفسللدة الميسللر الللتي هللي إيقللاع العللداوة
والبغضاء ،مع ما فيه من أكل المال بالباطل ،الذي هو نوع
من الظلم" أهل .وما ذكره شيخ السلم – رحمه الله – هو
واقع بعينه في بيع مثل هذه السهم المتعثرة ،وعلى هللذا،
فل يصح القول بإخراج الزكاة وفق هللذه القيمللة الللتي لللم
يعتبرها الشارع ،والله تعالى أعلم .
169
الفصل الثاني
حكم زكاة السهم المتعثرة
وفيه تمهيد ،ومبحثان:
التمهيد:
هللذه السللهم المتعللثرة تختلللف مللن حيللث كونهللا مرجللوة
الحصول ،أول ،وذلك أن بعض المساهمات المتعثرة يتوقللع
أصحابها أن ينتهي التعثر في مدة سللنتين أو أقللل أو أكللثر،
ويرجع لهم رأس المال أو بعضلله ،وبعضللها الخللر ل يتوقللع
أصللحابها أن ينتهللي التعللثر ول فللي مللدة عشللرين سللنة
للظللروف المحيطللة بالقضللية ،وربمللا يقطللع البعللض مللن
المساهمين بعدم إمكللان الحصلول علللى شلليء مللن رأس
المال ،فالحال الولى يمكن تخريجهللا علللى ديللن المعسللر
والمماطل ،وهو ما كللان مرجللو الحصللول ولللو بعللد زمللن،
ضمار ،وهللو مللاوالحال الثانية يمكن تخريجها على المال ال ّ
ل يرجللى حصللوله ،كالمللال المغصللوب والمسللروق ،ونحللو
ذلك ،وعلللى هللاتين الحللالتين جللرى تخريللج هللذه المسللألة
المعاصرة ،ولكل حالة مبحث خاص ،فإلى المبحث الول.
المبحث الول
التخريج على زكاة دين المعسر والمماطل
وفيه ثلثة مطالب:
المطلب الول :مفهوم العسار ،والمماطلة:
سر ،وهو ضللد اليسللر، أما العسار ،فهو في اللغة :من العُ ْ
سر المر ،وتعاسر ،واستعسر :إذا اشتد والتللوى . يقال :تع ّ
سرة :هي الضلليق وقلللة ذات وأعسر :إذا افتقر ) .(16والعُ ْ
اليد ).(17
وهو في الصطلح :عدم قللدرة المللرء علللى أداء مللا عليلله
من مال ).(18
طللل ،وهللو م ْ
وأمللا المماطلللة ،فهللي فللي اللغللة :مللن ال َ
وفه بوعد الوفاء مط ْ ً
ل :إذا س ّ التسويف ،يقال :مطله بدينه َ
مرةً بعد أخرى ).(19
وهي في الصطلح :ل تخرج عللن معناهللا اللغللوي ،فهللي:
إطالة المدافعة عن أداء الحق ،وهي غالبا ً ما تطلللق علللى
مطل الموسر ،القادر على قضاء الدين ،بل عذر ).(20
170
المطلب الثاني :حكم زكاة دين المعسر ،والمماطل:
اختلف العلماء في الدين إذا كان على معسللر أو مماطللل،
هل تجب زكاته على الدائن ،أو ل؟ على ثلثة أقوال:
القول الول :أنه تجب فيه الزكاة ،فيزكيلله إذا قبضلله لمللا
مضى ،وهلذا هللو ملذهب الحنفيللة ) ،(21والشلافعية علللى
القول الجديد وهللو المللذهب ) ،(22والحنابلللة علللى روايللة
وهي الصحيح من المذهب ) ،(23وهو قول الثوري ،وأبللي
عبيد ).(24
القول الثاني :أنه يزكيه إذا قبضه لسلنة واحلدة ،وهلذا هلو
مللذهب المالكيللة ) ،(25وهللو قللول عمللر بللن عبللدالعزيز ،
والحسن ،والليث ،والوزاعي ).(26
القول الثللالث :أنلله ل تجللب فيلله الزكللاة بحللال ،وهللذا هللو
القول القديم للشافعية ) ،(27ورواية عنللد الحنابلللة )،(28
وهو قول قتادة ،وإسحاق ،وأبي ثور ).(29
الدلة :
أ – استدل أصحاب القول الول بما يأتي:
) (1ما رواه ابن أبي شيبة ) ،(30وأبوعبيد ) ،(31عن علي
– رضي الله عنه ) :-أنه سئل عن الرجل يكللون للله الللدين
المظنون ،أيزكيه؟ فقال :إن كان صادقا ً فليزكه لما مضللى
إذا قبضه( .
) (2ما رواه أبو عبيللد ) ،(32عللن ابللن عبللاس رضللي الللله
عنهما أنه قال في الدين) :إذا لم ترج أخذه فل تزكه حللتى
تأخذه ،فإذا أخذته فزك عنه ما عليه(.
) (3أن الدائن هللو المالللك الحقيقللي للمللال ،فيجللب عليلله
زكاته كما لو كان المال عنللد مليللء بللاذل ) ،(33وكمللا لللو
كان وديعة ).(34
مناقشة أدلة هذا القول:
يجاب عما استدلوا به بما يأتي :
– 1أمللا أثللر علللي – رضللي الللله عنلله -فيجللاب عنلله مللن
وجهين:
الول :أن هذا القول عن علي – رضي الله عنلله -مخللالف
لعموم النصوص الشرعية ،الدالة على أن الزكاة ل تجللب
إل على رب المال – وهو هنا مللن هللو فللي ملكلله – ومنهللا
171
خذ ْ م َ
م
كيهِ ل ْ ة ت ُط َهُّرهُ ل ْ
م وَت َُز ّ صلد َقَ ً
م َ
وال ِهِ ْ
مل َ
نأ ْقوله تعالى ْ ِ ُ " :
ب َِها" ) (35ولذا قال ابن حزم في المحلى )" :(36إذا خرج
الدين عن ملك الذي استقرضه ،فهو معدوم عنده – يعني
الدائن – ومللن الباطللل المللتيقن أن يزكللي عللن ل شلليء ،
وعما ل يملك ،وعن شيء لو سرقه قطعت يده؛ لنلله فللي
ملك غيره" أ.هل.
الثللاني :أنلله جللاء عللن بعللض الصللحابة قللول مخللالف لهللذا
الرأي ،حيللث روي عللن عائشللة – رضللي الللله عنهللا – أنهللا
قالت) :ليس في الدين زكاة( ) (37يعنللي :مطلق لًا ،سللواء
كان على مليء أو على معسر أو مماطل ،كما حكاه عنها
-وعللن ابللن عمللر أيضلا ً -ابللن قدامللة فللي المغنللي )،(38
وعليه فل يجب الخذ بقول علي – رضي الله عنه .-
– 2وأما أثر ابن عباس – رضي الله عنهما – فيجللاب عنلله
بما أجيب به أثللر علللي – رضللي الللله عنلله ، -وأيضلا ً فللإنه
ضعيف ،كما في الرواء ).(39
– 3ويجللاب عللن القيللاس علللى المليللء البللاذل ،وعلللى
الوديعة ،بأنه قياس مع الفارق ،فالمال الللذي عنللد الملللي،
والمال المودع ،هو بمنزلة ما في يده ) ،(40فيمكنه أخللذه
والتصللرف فيلله ،وهللذا بخلف الللدين الللذي عنللد المعسللر
والمماطل ،فربما يحاول تخليصه منه سنين ،ول يقدر على
ذلك ،وبهذا يتضح الفرق بين المسألتين.
ب – استدل أصحاب القول الثاني :بأن المال كان فللي يللد
الدائن أول الحول ،ثم حصل بعد ذلك في يده ،فللوجب أن
ل تسقط الزكاة عن حول واحد ).(41
مناقشة دليل هذا القول :
يجاب عنه بأن هذا المال قد انقطع حوله بانتقللاله مللن يللد
الدائن إلى يد المدين ،فهو كما لو خرج من يللده بهبللة – أو
نحوها – ثم عاد إليه ،فللإنه ينقطللع حللوله – قللول ً واحللدا ً –
لخروجه عن ملكلله ،فكللذا هنللا ،وكمللا لللو نقللص النصللاب
جد في بعللض الحللول أيضًا؛ فالمانع من وجوب الزكاة إذا وُ ِ
فإنه يمنع .وأيضا ً فإن هذا المال في جميللع العللوام علللى
ل واحللد ،فللوجب أن يتسللاوى فللي وجللوب الزكللاة أو حللا ٍ
سقوطها كسائر الموال ).(42
172
ج – استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:
– 1أن هذا المال الواقع فللي يللد المعسللر والمماطللل قللد
خرج مللن ملللك الللدائن إلللى ملللك المللدين ،ومللن شللروط
وجوب الزكاة :أن يكون المال مملوكا ً ملكا ً تاما ً لصللاحبه،
وعليه فل يتوجه القول بوجوب الزكاة عليه.
– 2أن هذا المال غير مقدور على النتفاع به ،فأشبه ديللن
المكاتب ).(43
– 3أن الزكاة إنما تجب في المللال النللامي أو فللي المللال
الذي يمكن تنميته ،والدين الذي على المعسللر والمماطللل
م ،فلم تجب زكاته ،كعروض الُقْنية ).(44 غير نا ٍ
الترجيح:
وبعد عرض القوال ،والدلة ،ومناقشللة أدلللة القللول الول
والثلاني ،يتلبين رجحلان القلول الثلالث وهلو علدم وجلوب
الزكاة في دين المعسر والمماطل ؛ لقوة ما استدلوا بلله ،
ولن المال إذا خرج من ملك صاحبه فالصللل بللراءة ذمتلله
من زكاته ،فل يقال بالوجوب إل بدليل ظاهر ،ول دليل هنللا
ينقل عن البراءة ،وأيضا ً فإنه يلزم مللن القللول بللالوجوب ،
القول بللالزدواج فلي إيجلاب الزكلاة ،بحيلث تلللزم اللدائن
والمدين ،وهذا لزم باطل؛ لنه يلؤدي إللى إيجلاب زكلاتين
ل واحد ،وهذا القول رجحه شيخ السلم ابللن تيميللة في ما ٍ
) ،(45وصدر به قرار مجمللع الفقلله السلللمي فللي دورتلله
الثانية ) ،(46والله تعالى أعلم .
المطلب الثالث :
التخريج :
مما تقدم يتبين أن هذه السهم المتعثرة إذا كانت مرجللوة
الحصول خلل سنين قليلة ،فإنه يكون حكم زكاتهلا كزكلاة
الللدين الللذي علللى المعسللر والمماطللل ،وعلللى القللول
الراجح ،فإنه إذا انفك التعثر ،وعادت السهم إلى أربابهللا،
ل ،ول تجب الزكاة فيهللا لمللا فإنه يستأنف بها المساهم حو ً
مضى ،والله تعالى أعلم.
المبحث الثاني
ضمارالتخريج على زكاة المال ال ّ
وفيه ثلثة مطالب:
173
ضمار :المطلب الول :مفهوم المال ال ّ
مار في اللغة :هو الغائب الذي ل يرجى عللوده ) ض َ
المال ال ِ
،(47وأصله من الضمار ،وهلو التغيلب والختفلاء ،ومنله
الضمير ،وهو السللر وداخللل الخللاطر ،يقللال :أضللمره :إذا
أخفاه ).(48
وهو في الصطلح ل يخرج عن معنللاه اللغللوي ،فهللو :كللل
ب ل يرجى حصوله ) ،(49مع قيام أصللل الملللك ، ل غائ ٍ ما ٍ
كالمال المغصوب ،والمفقود ،والمسروق ،والمجحود – إذا
لم يكن للمالك بينة – وكالمال المللودع عنللد مللن ل يعرفلله
إذا نسي شخصه سنين ،وكالمال الللذي انللتزعه السلللطان
قهرا ً من صاحبه… )(50الخ .
المطلب الثاني :حكم زكاة المال الضمار:
اختلف العلماء في حكم زكاة المال الضللمار ،فللي الفللترة
الميؤوس فيها من عوده لصاحبه ،على ثلثة أقوال:
القول الول :أنه ل تجب فيه الزكاة بحال ،وهذا هو مذهب
الحنفية ) ،(51والقول القديم عند الشافعية ) ،(52وروايللة
عند الحنابلة ) ،(53وهو قول الليث ).(54
القول الثاني :أنه يزكيه إذا قبضه لسلنة واحلدة ،وهلذا هلو
ملللذهب المالكيلللة ) ،(55وهلللو قلللول عطلللاء ،والحسلللن،
والوزاعي ).(56
القول الثالث :أنه تجب فيه الزكاة ،فيزكيه إذا قبضلله لمللا
مضى ،وهذا هو مذهب الشافعية على القول الجديد وهللو
الظهر عندهم ) ،(57وهو الصحيح مللن مللذهب الحنابلللة )
،(58وهو قول الثوري ،وزفر ).(59
الدلة :
أ – استدل أصحاب القول الول بما يأتي :
– 1ظواهر النصوص الشرعية الدالة على أن الزكاة تؤخذ
خللذ ْمن المال الذي تحت يد مالكه ،ومنها قوله تعللالى ُ " :
صلد ََقة" ) (60وهللذا المللال الضللمار مفقللود، م َ
م َ
وال ِهِ ْ
مل َ
نأ ِْ ْ
فكيف يؤمر بإخراج زكاته .
– 2مللا روي عللن علللي – رضللي الللله عنلله -موقوفللًا،
ومرفوعا ً إلى رسول الله – صللى اللله عليله وسللم -أنله
قال) :ل زكاة في مال الضمار( ).(62) (61
174
– 3أنه مال خرج عن يده وتصللرفه ،وصللار ممنوع لا ً منلله،
فلم يلزمه زكاته ،كمال المكاتب ،فإنه ل تجب فيه الزكاة
على السيد ).(63
– 4أن كل ما استقر في ذمة غيللر المالللك ،فللإنه ل زكللاة
فيه ،وإل لزم منلله أن يزكللى عمللا فللي ذمللة الغيللر ،وهللو
خلف القياس ).(64
– 5أن الزكاة إنما تجب في المال النامي وما في حكمه ،
وهذا المال الضمار ليس بنام ٍ ،فل تجب زكاته ).(65
ب – استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي :
– 1ما رواه ابن أبي شليبة ) ،(66عللن عملرو بللن ميملون
قال) :أخذ الوالي في زمن عبدالملك مال رجللل مللن أهللل
الرقة – يقال له أبو عائشة – عشرين ألف لًا ،فللأدخلت فللي
بيت المال ،فلما ولي عمر بن عبدالعزيز أتاه ولده فرفعوا
مظلمتهم إليه ،فكتب إلى ميمون :ادفعوا إليهم أموالهم ،
وخذوا زكاة عامه هذا ،فلو أنه كان مال ً ضمارا ً أخللذنا منلله
زكاة ما مضى( وفي لفظ له )) :(67أن رجل ً ذهب له مال
في بعض المظالم ،ووقع في بيت المال ،فلما ولللي عمللر
بن عبدالعزيز ،رفع إليه ،فكتب عمر :أن ادفعوا إليه وخذوا
منه زكاة ما مضى ،ثم أتبعهم بعد بكتاب :أن ادفعللوا إليلله،
ثم خذوا منه زكاة ذلك العام ،فإنه كان مال ً ضمارًا(.
– 2واستدلوا أيضا ً :بدليلهم السابق في زكاة الدين الذي
على المعسر ).(68
مناقشة أدلة هذا القول:
– 1أمللا أثللر عمللر بللن عبلدالعزيز -رحملله اللله – فيجلاب
عنه :بأنه اجتهاد منه يخالف مللا تقتضلليه عمللوم النصللوص
الشرعية الدالة على أن الزكاة إنما تؤخذ من الموال التي
تحت يدأربابها،والقاعدة الشرعية:أنه ل اجتهللاد فللي مللورد
النص.
– 1ويجاب عن دليلهم الثاني بما أجيب به فللي المناقشللة
السابقة لهذا الدليل ).(69
ج – استدل أصحاب القول الثالث:
ُ
– 1أن ملكه عليلله تللام ،فلزمتلله زكللاته ،كمللا لللو أسللر أو
حبس وحيل بينه وبين ماله ).(70 ُ
175
– 2أنه يثاب عليه ويؤجر فيه إن ذهب ،فكذا تلزمه زكللاته
).(71
– 3واستدلوا أيضا ً :بأدلتهم السابقة في زكاة الدين الذي
على المعسر ).(72
مناقشة أدلة هذا القول:
– 1أما قياس المال الضمار على ما لو أسر أو حبس عن
ماله ،فهو قياس مع الفللارق ،وذلللك أن محللل الزكللاة فللي
المال الضمار مفقود ،وهو المال – محل الوجوب – فكيف
ل ل وجود له ؟ كما أن مللن شللروط وجللوب يخرج زكاة ما ٍ
الزكاة المللك التللام للملال ،وهللو غيللر متحقلق هنلا ،وهللذا
بخلف ما لو حبس ،فالمال موجود ومملللوك ،ولكنلله لللم
يتمكن من النتفاع به لسللبب خللارجي ،كمللا لللو مللرض أو
سافر فلم يتمكن من النتفاع بله حللال مرضلله أو سللفره ،
فإنه يلزمه زكاته .
– 2وأما الثواب والجر علللى ذهللاب المللال ،فللإنه ل يلللزم
منلله وجللوب الزكللاة؛ إذ ل تلزم بيللن المريللن ،فللالجر
والثواب بابه واسع ،وأما الزكللاة فلهللا شللروط ل تجللب إل
بتحققها .
ويجاب عن أدلتهم السللابقة بمللا أجيللب بلله فللي المناقشللة
السابقة لهذه الدلة ).(73
الترجيح :
وبعللد عللرض القللوال ،والدلللة ،ومناقشللة أدلللة القللول
الثللاني ،والثللالث ،يتللبين رجحللان القللول الول ،وهللو عللدم
وجوب الزكاة في المال الضللمار؛ لقللوة مللا اسللتدلوا بلله ،
ولنه القول الذي يتفق مع أصلل بلراءة الذملة ملن الملال
الخارج عن ملك صاحبه ،ويتفق أيضا ً مع مقاصللد الشللريعة
مللن رفللع الحللرج عللن المكلللف ،حيللث ل يكل ّللف المسلللم
بإخراج زكاة مال ليس في ذمته ،بل هللو فللي ذمللة غيللره،
كما ينسجم مع مقصللد التيسللير الللذي جللاءت بلله شللريعتنا
الغراء ،والله تعالى أعلم.
المطلب الثالث:
التخريج:
176
ممللا تقللدم يتللبين أن هللذه السللهم المتعللثرة إذا لللم تكللن
مرجوة الحصول ،بمعنى أنه ميؤوس مللن تحصلليلها ،فللإنه
يكللون حكلم زكاتهللا كزكلاة المللال الضلمار ،وعلللى القلول
الراجح ،فإنه إذا انفك التعثر ،وعادت السهم إلى أربابها ،
ل ،ول تجب الزكاة فيهللا لمللا فإنه يستأنف بها المساهم حو ً
مضى ،والله تعالى أعلم.
الخاتمة
وتشتمل على ملخص لهم نتائج البحث ،فأقول:
تلخص مما تقدم ،أن تعثر السهم أصبح ظاهرة في واقعنا
المعاصر ،لسباب كثيرة ،منها :كثرة الخصللومات العقاريللة
التي تطال بعض المساهمات فتتعثر بسببها ،ومنهللا كللثرة
الشللركات المسللاهمة الللتي ل تلللتزم بالنظمللة الماليللة
والمحاسبية ،مع ضعف الديانة وقلة المانة – إل مللن رحللم
الله – فساهم هذا الواقع في ظهلور ملا يمكلن أن يسلمى
بالسللهم المتعللثرة ،أو بالمسللاهمات المتعللثرة ،ومللع هللذا
الواقع فقد أشكل على كللثيرين مللدى وجللوب الزكللاة فللي
هذه السهم ،وبالنظر إلللى كلم الفقهللاء المتقللدمين فللإنه
يمكن تخريج هذه المسألة علللى مسللألة الزكللاة فللي ديللن
المعسر والمماطل ،ومسللألة الزكللاة فللي المللال الضللمار،
وعلى هذا ،فإنه إذا كانت هللذه السللهم المتعللثرة مرجللوة
الحصول ،فإنها تخرج على زكاة دين المعسر والمماطللل،
وتبين بعد عرض الخلف في هذه المسألة أن الراجح :هللو
أن الدين الذي علللى المعسللر والمماطللل ل يزكللى ،وإنمللا
ل ،فكذا هنا فللي السللهم المتعللثرة . يستأنف به الدائن حو ً
أما إذا كانت هذه السهم غير مرجوة الحصول أو ميللؤوس
منها ،فإنها تخرج على زكاة المال الضمار ،وقللد تللبين بعللد
عرض الخلف في هذه المسألة أن الراجح هللو :أن المللال
الضمار ل يزكى ،وإنما يستأنف به مالكه حللو ً
ل ،فكللذا هنللا
ل ،ولفي السهم المتعثرة ،فإنه يستأنف بها المساهم حو ً
يزكي لما مضى .
أما ما يثار بأن هللذه السللهم المتعللثرة لهللا قيمللة سللوقية،
وبالتالي فإنه يجب أن تزكى وفق هذه القيمة ،فقلد تقللرر
في ثنايا البحث أن هذه القيمة السوقية ل اعتبار لهللا عنللد
177
الشارع؛ لنها مبنية على الغرر والغبن ،وعليه فل يصح هذا
القول ،والله تعالى هو الموفق والهادي .
فهرس المصادر والمراجع
) (1القرآن الكريم.
) (2صحيح مسلم ،للمام مسلم بن الحجاج القشيري ،دار
الحديث ،الطبعة الولى1412 ،هل.
) (3إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السللبيل ،لمحمللد
بن ناصر الدين اللباني.
) (4أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة ،لمحمد بن
سليمان الشللقر وآخللرون ،دار النفللائس ،الطبعللة الولللى،
1418هل.
) (5السللهم والسللندات وأحكامهللا فللي الفقلله السلللمي،
لحمد بن محمد الخليل ،دار ابن الجوزي1424 ،هل.
) (6المللوال لبللي عبيللد القاسللم بللن سلللم ،دار الفكللر،
1408هل.
) (7النصاف في معرفة الراجح مللن الخلف )مللع الشللرح
الكبير( للمرداوي علي بن سللليمان بللن أحمللد ،دار هجللر،
الطبعة الولى1415 ،هل.
) (8الستذكار لبن عبلدالبر يوسلف بلن عبلدالله النملري،
دار الكتب العلمية ،الطبعة الولى2000 ،م .
) (9بللدائع الصللنائع فللي ترتيللب الشللرائع للكاسللاني علء
الدين أبي بكر بللن مسللعود ،دار الكتللاب العربللي ،الطبعللة
الثانية1402 ،هل.
) (10الدراية في تخريج أحاديث الهداية لبللن حجللر أحمللد
بن علي العسقلني ،دار المعرفة .
) (11روضة الطالبين وعمللدة المفللتين للنللووي يحيللى بللن
زكريا ،المكتب السلمي ،الطبعة الثانية1405 ،هل.
) (12الشرح الكبير لبي الفرج عبدالرحمن بن محمللد بللن
أحمللد بللن قدامللة المقدسللي ،دار هجللر ،الطبعللة الولللى،
1415هل.
) (13طلبة الطلبة في الصطلحات الفقهية للنسفي أبللي
حفللص عمللر بللن محمللد ،دار النفللائس ،الطبعللة الولللى،
1416هل.
178
) (14الغللرر وأثللره فللي العقللود فللي الفقلله السلللمي،
للصديق محمد المين الضرير ،دار الجيل ،الطبعللة الثانيللة،
1410هل.
) (15فتللح القللدير لبللن الهمللام محمللد بللن عبدالواحللد
السكندري ،دار إحياء التراث العربي ،ودار الكتب العلمية.
) (16فتوى جامعللة فللي زكللاة العقللار ،لبكللر بللن عبللدالله
أبوزيد ،دار العاصمة ،الطبعة الولى1421 ،هل.
) (17القاموس المحيط للفيروزآبادي محمللد بللن يعقللوب،
مؤسسة الرسالة ،الطبعة السادسة1419 ،هل.
) (18القواعد النورانية الفقهية )الكلية( ،لبن تيمية أحمد
بن عبدالحليم بن عبدالسلم ،مكتبة التوبة ،الطبعة الولى،
1423هل.
) (19القللوانين الفقهيللة لبللن جللزي محمللد بللن أحمللد بللن
محملللد الكللللبي ،دار الكتلللاب العربلللي ،الطبعلللة الثانيلللة،
1409هل.
) (20الكافي في فقه أهل المدينة المالكي ،لبن عبللدالبر
يوسللف بللن عبللدالله بللن محمللد النمللري ،مكتبللة الريللاض
الحديثة ،الطبعة الثالثة1406 ،هل.
) (21لسللان العللرب ،لبللن منظللور محمللد بللن مكللرم
الفريقي ،دار صادر ،الطبعة الولى.
) (22مجلللة مجمللع الفقلله السلللمي ،التابعللة لمنظمللة
المؤتمر السلللمي ،العللدد الثللاني الصللادر عللام 1407هللل،
والعدد الرابع ،الصادر عام 1408هل.
) (23مجمع النهر في شرح ملتقى البحللر لللداماد افنللدي
عبدالله بن محمد بن سليمان ،دار إحياء التراث العربي.
) (24مجموع فتاوى وبحوث ،لعبدالله بن سليمان المنيع،
دار العاصمة ،الطبعة الولى1420 ،هل.
) (25مختصر الطحاوي ،لبي جعفر أحمللد بللن محمللد بللن
سلمة ،لجنللة إحيللاء المعللارف النعمانيللة بحيللدرآباد الللدكن
بالهند.
) (26المصباح المنير في غريب الشللرح الكللبير ،للفيللومي
أحمللد بللن محمللد بللن علللي ،دار الكتللب العلميللة ،الطبعللة
الولى1414 ،هل.
179
) (27المصنف لبن أبي شيبة أبي بكر عبدالله بللن محمللد
الكوفي ،مكتبة الرشد ،الطبعة الولى1409 ،هل.
) (28معجم المصللطلحات القتصللادية فللي لغللة الفقهللاء ،
لنزيلله حمللاد ،الللدار العالميللة للكتللاب السلللمي ،الطبعللة
الثالثة1415 ،هل.
) (29معجللم مقللاييس اللغللة ،لبللن فللارس أبللي الحسللين
أحمد ،دار الفكر1399 ،هل.
) (30المعونلللة عللللى ملللذهب علللالم المدينلللة للقاضلللي
عبدالوهاب البغدادي ،دار الفكر.
) (31المغني ،لبن قدامة أبي محمد عبدالله بن أحمد بن
محمد المقدسي ،دار هجر ،الطبعة الثانية1412 ،هل.
) (32مغني المحتللاج إلللى معرفللة معللاني ألفللاظ المنهللاج
للشربيني محمد الخطيب ،دار الفكر.
طاب محمللد ) (33مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للح ّ
بن محمد بللن عبللدالرحمن المغربللي ،دار الفكللر ،الطبعللة
الثالثة1412 ،هل.
) (34نصللب الرايللة للزيلعللي عبللدالله بللن يوسللف ،دار
الحديث1357 ،هل.
) (35الهدايللة شللرح بدايللة المبتللدي )مللع فتللح القللدير(
للمرغيناني أبي الحسن علي بن عبدالجليل الرشداني ،دار
إحياء التراث العربي ،ودار الكتب العلمية.
) (1المصباح المنير ص ،254مادة )زكى(.
). 4/5 (2
) (3سورة الصافات ،آية ).(141
) (4معجم مقاييس اللغة ،3/111مللادة )سللهم( وانظللر :
المصباح المنير ص ،293مادة )سهم( .
). 1/459 (5
) (6السهم والسندات وأحكامها ص . 48
) (7لسان العرب ،541-4/539مادة )عثر( .
). 4/5 (8
) (9في مجموع البحوث والفتاوى لله ،189-2/179حيللث
قّرر هذا القول أحسن تقرير ،ومنه استفدت هذا التفصيل.
180
) (10ينظلللر :السلللهم والسلللندات وأحكامهلللا ص ،265
وأبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة ،1/55وبحللوث
زكللاة السللهم فللي الشللركات فللي مجلللة مجمللع الفقلله
السلمي ، 4/1/705وفتوى جامعة فللي زكللاة العقللار ص
.14
) (11التسويق الشبكي )ويسللمى الهرمللي( هللو نللوع مللن
التسللويق يصللنف مللن حيللث المبللدأ ضللمن صللور الغللش
والحتيال التجاري ،وصورته :أن يشتري الشخص منتجات
شركة ما مقابل الفرصة بأن يقنع آخرين بمثل ما قام به ،
ويأخللذ هلو مكافللأة أو عموللة مقابلل ذللك ،وهكلذا يقللوم
المشتري بمثل ما قام به المشتري الول ،فيحصللل علللى
العمولة هو والول أيضا ،فيكون ذلك المنتج ستارا ً وهميللا ً
لعطلللاء هلللذه المعامللللة الصلللفة الشلللرعية ،ومقصلللود
المشتري هو العمولللة ل المنتللج ،ويكللون حللظ المشللتري
الول من العمولة أكثر من الثاني والثللالث ،وحللظ الثللاني
منها أكثر من الثالث والرابع ،وهكذا فللي تسلسللل هرمللي
ث… = ينظللر لهللذه النازلللة )الللتي لللم يقللدم فيهللا بحلل ٌ
مطبوع( :حكللم التعامللل مللع شللركة بزنللس كللوم للللدكتور
سامي السويلم في موقع السلم اليوم ،نافذة الفتاوى.
) (12لم أخصص مبحثا ً للقيمة السمية للسهم المتعللثرة؛
لنه ل يمكن أن يقدم عاقل رشيد على شراء هذه السهم
صل هذه السهم أو ل، بقيمتها السمية ،وهو ل يعلم هل يح ّ
صلها فما هو العائد؟ ولذا فإنه لو أقدم أحللد الغللرار وإذا ح ّ
على شراء هذه السللهم بقيمتهللا السللمية ،فللإنه ل يجللوز
بيعه؛ لما يلحقه من الغبن والغللرر ،حيللث إن التعللثر يللؤدي
إلى حالة من الكساد بحيث تكون قيمللة السللهم أقللل مللن
قيمته السمية بكثير.
) (13ينظللر فللي تعريللف الغللرر :كتللاب الغللرر وأثللره فللي
العقود ص . 34
) (14صحيح مسلم ،كتاب البيوع . 3/1153 ،
) (15القواعد النورانية ص . 223
) (16القاموس المحيط ص ،439مادة )عسر(.
) (17معجم مقاييس اللغة ،4/319مادة )عسر(.
181
) (18معجم المصطلحات القتصادية ص . 69
) (19المصللباح المنيللر ص ،575القللاموس المحيللط ص
،1057مادة )مطل(.
) (20معجم المصطلحات القتصادية ص . 314
) (21مختصللر الطحللاوي ص ،51وفتللح القللدير ،2/123
مجمع النهر . 1/194
) (22روضة الطالبين ،2/194مغني المحتاج . 1/410
) (23المغنللي ، 4/270النصللاف )مللع الشللرح الكللبير(
. 6/326
) (24حكاه عنهما ابن قدامة في المغني . 4/270
) (25الكافي لبن عبدالبر ،1/293مواهب الجليل 2/314
.
) (26حكاه عنهم ابن قدامة في المغني .4/270
) (27روضة الطالبين . 2/194
) (28المغني ،4/270النصاف . 6/327
) (29حكاه عنهم ابن قدامة في المغني . 4/270
) (30مصنف ابن أبي شيبة ،كتاب الزكاة . 2/390 ،
) (31الموال . 1/528
) (32الموال . 1/528
) (33المغني . 4/270
) (34الشرح الكبير . 6/326
) (35سورة التوبة ،آية ).(103
). 6/101 (36
) (37أخرجلله ابللن أبللي شلليبة فللي مصللنفه ،فللي كتللاب
الزكاة . 2/390 ،
). 4/270 (38
) (39إرواء الغليل . 3/254
) (40المغني . 4/270
) (41المعونة . 1/371
) (42المغني ، 4/271الشرح الكبير . 6/326
) (43المغني . 4/270
) (44المغني . 4/270
) (45كما حكاه عنه المرداوي في النصاف . 6/328
182
) (46مجلة مجمع الفقه السلمي التابع لمنظمة المللؤتمر
السلمي . 2/1/113
) (47المصللباح المنيللر ص ، 364القللاموس المحيللط ص
،429مادة )ضمر(.
) (48القاموس المحيللط ص ، 429مللادة )ضللمر( ،طلبللة
الطلبة ص . 95
) (49طلبة الطلبة ص . 95
) (50بدائع الصنائع ، 2/9الكافي لبللن عبللدالبر – وسللمى
هلللذا الملللال :الثلللاوي – ، 1/293معجلللم المصلللطلحات
القتصادية ص ، 221مادة )ضمار(.
) (51بدائع الصنائع ، 2/9الهداية )مع فتح القدير( 2/121
.
) (52روضة الطالبين ، 2/192مغني المحتاج . 1/409
) (53المغني ،4/272النصاف . 6/327
) (54حكاه عنه ابن عبدالبر في الستذكار . 3/161
) (55القوانين الفقهية ص ، 104مواهب الجليللل ،2/314
السللتذكار . 3/162وحكللى ابللن عبللدالبر فللي الكللافي )
(294-1/293عن المام مالك روايتين :الولى :أنه يزكيه
لكل سنة ،والثانية ل زكاة عليه لما مضللى وإن زكللاه لعللام
واحللد فحسللن ،ثللم قللال" :وقللد روي عللن ابللن القاسللم ،
وأشهب ،وسحنون :أنه يزكيه لما مضللى مللن السللنين ،إل
أنهم يفرقون بين المضللمون فللي ذلللك وغيللر المضللمون ،
فيوجبون الزكللاة فللي الغصللوبات إذا رجعللت لعللام واحللد ،
والمانات وما ليس بمضمون على أحللد يزكللى لمللا مضللى
من السنين ،وهذا أعدل أقاويل المذهب" أهل.
) (56حكاه عنهم ابن عبدالبر في الستذكار . 3/162
) (57روضة الطالبين ، 2/192مغني المحتاج . 1/409
) (58النصاف . 6/326
) (59حكاه عنهما ابن عبدالبر في الستذكار . 3/161
) (60سورة التوبة ،آية ). (103
) (61بدائع الصنائع . 2/9
183
) (62قال الحافظ ابن حجللر فللي الدرايللة )" :(1/249لللم
أجده عللن علللي" أهلل وقللال الزيلعللي فللي نصللب الرايللة )
" : (2/334غريب" أهل.
) (63مغني المحتاج ،1/409المغني . 4/272
) (64الستذكار . 3/162
) (65الهدايللة )مللع فتللح القللدير( ،2/122مغنللي المحتللاج
. 1/409
) (66مصنف ابن أبي شيبة ،كتاب الزكاة ،2/420 ،رقللم
). (10614
) ،2/420 (67برقم ).(10615
) (68ينظر :ص . 16
) (69ينظر :ص . 16
) (70المغني . 4/272
) (71الستذكار . 3/162
) (72ينظر :ص . 15-14
) (73ينظر :ص . 16-15
==============
#المساهمة في الشركات التي أعلنت توقفها
عن النشطة المحرمة
عبد المجيد بن صالح بن عبد العزيز المنصور 4/4/1428
21/04/2007
لحمد لله وحده والصلة والسلم علللى مللن ل نللبي بعللده،
أما بعد:
فيحصل أحيانا ً من بعض الشركات أو البنوك أو غيرها مللن
المؤسسات ذات الشخصية المعنوية أن تعزم على إيقللاف
التعاملت المحرمة كاليداع والقراض بللالفوائد توبللة منهللا
إلى الله ،ورجوعا ً إلى الحق بإرادة جازمللة ،واقتناع لا ً منهللا
بخطورة الربا ونحوه .
هذا الموضوع نحتاج إليه في هللذا الللوقت؛ لكللثرة السللئلة
الواردة علللى طلب العلللم والمفللتين عللن الثللار المترتبللة
على إقلع الشركات والبنوك عن التعاملت المحرمة مللن
جواز المساهمة فيهللا وحكللم النشللطة المحرمللة السللابقة
قبل التوبة.
184
وتزداد الحاجة إليه بعد أن بدأنا نسمع بين الفينة والخللرى
احتمال توجه كثير ملن الشللركات إلللى السلللمة الحقيقيللة
والتوقف عن النشطة المحرمة.
وهللذا البحللث عبللارة عللن مشللاركة متواضللعة فللي هللذا
الموضوع ول أزعم أني أوفيته حقه من كل جللوانبه ولعللله
يكون مفتاح باب لمن أراد أن يلللج بحثلله بللأوفى ممللا ُ
ذكللر
فيه؟
فأقول :هل إذا تابت هذه الشركات وأقلعت عن التعاملت
المحرمللة يقضللى لهللا بمللا سلللف مللن المللوال المحرمللة
وبالتالي يجوز المساهمة فيهللا وتمل ُللك أسللهمها بعللد إعلن
توبتها أو أنه يجب عليها التخلللص ممللا سللبق مللن المللوال
المقبوضة بالربا ،ول تملكهللا بللالقبض والتوبللة ،وبالتللالي ل
يجوز المسللاهمة فيهللا وَتمل ّللك أسللهمها حللتى تتخللص مللن
التعاملت المحرمة المقبوضة قبل التوبة كالربا وغيره؟
هذه المسألة يمكن تخريجها على العاصي الذي عاش مدة
فللي مسللتنقع الفجللور والكبللائر ،وقللد تعامللل بللالحرام
والمعاملت الفاسدة والباطللة دهلرا ً ملن الزملن ل بجهلل
يعذر به ول بتأويل سائغ ،ولكن إعراض لا ً عللن طلللب العلللم
الواجب عليه الذي يجنبه الوقوع في هللذه المعللاملت مللع
تمكنه من العلم ،أو سمع بتحريم هذه الللبيوع والمعللاملت
ولم يتركها إعراضا ً ل كفرا ً بالرسالة ،فهذان نوعان يقعللان
كثيرا ً .
الول :من ترك طلب العلم الواجب عليلله مللع تمكنلله منلله
حتى وقع في هذه المعاملت المحرمة غير عالم بتحريمهلا
.
الثللاني :مللن بلغلله الخطللاب بتحريمهللا ،وعلللم بللالحكم
الشرعي ولم يلتزم اتباعه ،تعصبا ً لمللذهبه أو اتباع لا ً لهللواه
وعصيانا ً لربه ،وهذا هو الكثر.
فهل يكون حللال هللذا إذا تللاب إلللى الللله عللز وجللل ورجللع
وأناب ،وأقر بللالتحريم تصللديقا ً والتزام لا ً كحللال الكللافر إذا
أسلم علللى أمللوال محرمللة قللد قبضللها قبللل إسلللمه؛ لن
التوبللة تجللب مللا قبلهللا كمللا أن السلللم يجللب مللا قبللله،
وبالتالي ل يفسخ العقد ،و يقللر علللى أمللواله الللتي قبضللها
185
حال فسقه ،وليللس عليلله التخلللص منهللا،وتكللون للله حلل ً
طيبًا ،ويملكها كما في العقد الصحيح.
أو يجب عليه رد جميع ما اكتسللبه مللن المللوال المحرمللة،
والتخلص منها ،ويجب فسللخ العقللود الفاسللدة المقبوضللة،
ولم يتملكها طوال تلك المدة؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الول:
أنه يجب عليه فسخ تلك العقود والقبوض ،ول يقللر عليهللا،
ويؤمر برد جميع ما قبضه مللن المللوال المحرمللة مللن ربللا
وميسر ومخدرات ويانصيب ونحو ذلك ،أو التخلص منها.
وعلى هذا القول يجب على الشللركة رد جميللع مللا قبضللته
مللن المللوال المحرمللة مللن ربللا وميسللر إن أمكللن ،وإل
تتخلص منها ،ول تقر عليها ،وهذا قول في مذهب الحنابلللة
) ،(1واختيار اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء ).(2
وهو قول المالكية ) (3في الربا خاصة ،فإنه مفسوخ أبللدا ً
فات أم لم يفت ،وليس للله إل رأس مللاله ،أمللا غيللره مللن
العقود فإنه يجب فسخه ما لم يفت ).(4
قال ابن عبد البر) :قللال ماللك :ومللن الللبيوع مللا يجللوز إذا
تفاوت أمره وتفاحش رده ،فأما الربا فإنه ل يكون فيلله إل
الرد أبدًا ،ول يجوز منه قليل ول كثير ول يجوز فيه ما يجوز
م م فَل َك ُل ْ
في غيره؛ لن الله تعالى يقول في كتابه" :وَِإن ت ُب ْت ُ ْ
َ
ن" ).(5 ن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ
مو َ م ل َ ت َظ ْل ِ ُ
مو َ وال ِك ُ ْ
م َ
سأ ْ ؤو ُُر ُ
ثم قال) :هذا قول صحيح في النظر وصحيح من جهة الثر
فمن قاده ولم يضطرب فيه فهو الخّير الفقيه.(6) (...
وقال ) :وقد اتفللق الفقهللاء علللى أن الللبيع إذا وقللع بالربللا
مفسوخ أبدا ( ).(7
جاء في سؤال موجهٍ إلى اللجنة الدائمة :
)س :أنا كنت أساهم فللي البنللوك ،واسللتفدت منهللا بعللض
الشيء ،فإذا هي حرام ونويت التوبة والبتعللاد عنهللا ،فهللل
هذا يكفي أو ل ؟
ل :عليللك التوبللة والسللتغفار مللن ارتكللاب جريمللة ج :أو ً
المشللاركة فللي هللذا المللر المحللرم ،والقلع عللن ذلللك،
وسحب مساهمتك عسى الله أن يتوب عليك ،فهو سبحانه
186
مصلاِلحا ً ُثل ّ ل َ مل َن وَعَ ِ مل َب َوآ َ ملن َتلا َ القائل" :وَإ ِّنلي ل َغَّفلاٌر ل ّ َ
دى" ).(8 اهْت َ َ
ثانيًا :عليك التخلص من الربللاح الللتي حصلللت لللك بسللبب
هذه المساهمة بصرفها على الفقراء والمساكين( ).(9
ب لسؤال آخر: وقالت في جوا ٍ
)إذا تاب العبد من المعاملة الربويللة ،وهللي ل تللزال قائمللة
بينه وبين النللاس ،فيجللب عليلله اسللتلم رأس مللاله فقللط،
م ويللترك الزيللادة الربويللة؛ امتثللال ً لقللوله تعللالى" :وَِإن ت ُب ْت ُل ْ
َ
م" ) ،(10وإذا اسللتلم قيمللة المعاملللة وال ِك ُ ْم َسأ ْ ؤو ُ م ُر ُ فَل َك ُ ْ
الربوية مع ربحهللا فيجللب عليلله تملللك رأس مللاله الصلللي
فقط ،والربح الربوي ينفقه في وجوه البر ( ).(11
واستدل أصحاب هذا القول بأربعة أدلة:
الدليل الول:
َ
ي
مللا ب َِقلل َ ه وَذ َُروا ْ َ مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّ َ نآ َ َ ذي قوله تعالى َ" :يا أي َّها ال ّ ِ
ْ
ب ح لْر ٍ م ت َْفعَل ُللوا ْ فَ لأذ َُنوا ْ ب ِ َ ن * فَِإن ل ّ ْ مِني َ مؤ ْ ِكنُتم ّ ن الّرَبا ِإن ُ م َ ِ
َ
م" ).(12 وال ِك ُ ْ
م َ
سأ ْ ؤو ُ م ُر ُ م فَل َك ُ ْسول ِهِ وَِإن ت ُب ْت ُ ْ ن الل ّهِ وََر ُ م َ ّ
وجه الدللللة مللن اليللة :أن هللذه اليلة عامللة فللي الجاهللل
والعاصي والكافر إذا أسلم وغيرهم ،تجللب عليهللم التوبللة،
ويذرون ما قبضوه من الربا والموال المحرمة ،وليس لهم
إل رؤوس أموالهم.
وقد يناقش :بللأن المقصللود باليللة هللو مللا لللم يقبللض مللن
العقود ،فإن غير المقبوض يجب إبطاله وترك ما بقي منه،
وليس للعاقد إل رأس ماله ،وليس المراد هو ما قبض من
العقود بجهل وتأويل ونحو ذلك ،فإن هذه له بقوله تعللالى:
"فله ما سلف" ،أي :من العقود المقبوضة حال العذر.
الدليل الثاني:
استدلوا بحديث عائشة –رضي الله عنه -أن النللبي –صلللى
الله عليه وسلم -قال)) :من عمل عمل ً ليللس عليلله أمرنللا
فهو رد(( ).(13
وجه الدللة من الحديث :أن هذا النص عام فللي العبللادات
والمعاملت فكل ما وقع منهملا عللى خلف الشلرع يجلب
رده وإبطاله ،والعقود المقبوضة بهللذه الحللال يجللب ردهللا
وإبطالها؛ لدخولها تحت هذا الحديث.
187
قال الخطابي) :في هذا الحديث بيللان أن كللل شلليء نهللى
عنه رسول الله –صلى الله عليلله وسلللم -مللن عقللد نكللاح
وبيع وغيرهما من العقود ،فإنه منقللوض مللردود؛ لن قللوله
فهو رد يوجب ظاهره إفساده وإبطاله إل أن يقوم الللدليل
على أن المراد به غير الظلاهر فينلزل الكلم عليله؛ لقيلام
الدليل فيه( ) .(14قال ابن حزم )ولم يستثن –صلللى الللله
عليلله وسلللم -عالملا ً مللن غيللر عللالم ،ول مكلفلا ً مللن غيللر
مكلف ،ول عامدا ً من غير عامللد ) ،(15والعقللود المحرمللة
ليست من أمر الدين فيجب ردها(.
الدليل الثالث:
ما رواه البخاري ومسلم في صللحيحيهما مللن حللديث أبللي
سعيد الخللدري –رضللي الللله عنلله -قللال)) :جللاء بلل بتمللر
برني ،فقال له رسول الله –صلى الله عليه وسلم)): -من
أين هذا؟(( فقال بلل :تمر كان عندنا رديللء ،فبعللت منلله
صاعين بصاع؛ لمطعم النبي –صلى الله عليه وسلم -فقال
رسول الله –صلى الله عليه وسلم -عند ذلك )) :أوه عيللن
الربا ،ل تفعل ،ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعلله بللبيع
آخر ثم اشتر به(( ) (16وفي رواية لمسلم )) :فللردوه ثللم
بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هذا(( )(17
قللالوا :إذا أوجبنللا فسللخ العقللود والقبللوض علللى الجاهللل
المعذور فعلى العالم بالتحريم العاصي أولى وأحرى ،فهللو
ص ظالم بترك التعلم واللتزام ،ول يلزم من العفو عللن عا ٍ
الجاهل العفو عن هذا .
ويجاب عنه:
بأن المسلم العاصي إذا تاب ليس بأشقى من الكافر ،فإذا
لم نوجب الفسخ علللى الكللافر وصللححنا عقللوده وقبوضلله
فالمسلم التائب أولى .
القول الثاني:
أن تلك العقود والقبوض الفاسدة تملك بعللد التوبللة ،ويقللر
عليها ،ول يجب عليه ردهللا ،ول فسللخها والتخلللص منهللا إل
من تاب من الحرام وكان بيده فإنه يجللب عليلله رده ،فللإن
لم يعللرف مللالكه تصللدق بلله عنلله ،أو صللرفه فللي مصللالح
المسلمين ،وعليه فإن تلك العقود والقبوض الفاسدة التي
188
قبضتها الشركة تملللك بعللد التوبللة ،وتقللر عليهللا ،ول يجللب
عليها ردها لصللحابها ،ول فسللخها ول التخلللص منهللا إل إن
تابت من الحرام وكان بيدها ،فإنه يجللب عليهللا ردهللا إلللى
أصللحابها إن أمكللن ،وإل تتصللدق بلله عنلله ،أو تصللرفه فللي
مصالح المسلمين ،وهذا قول في المللذهب ) ،(18وانتصللر
له شيخ السلم ابن تيمية ).(19
واستدلوا على ذلك بأربعة أدلة:
الدليل الول:
القياس على الكافر إذا أسلم قياسا ً أولويا ً وبيانه:
أن هذا المسلم اللذي تلاب وأنلاب ليلس بأسلوأ حلال ملن
الكافر المعاند الللذي تللرك اسللتماع القللرآن كللبرا ً وحسللدا ً
ى ،أو سمعه وتدبره واستيقنت نفسه أنه حق من عند وهو ً
الله ،ولكن جحد ظلم لا ً وعلللوا ً كحللال فرعللون وأكللثر أهللل
الكتللاب والمشللركين الللذين ل يكللذبونك ولكللن الظللالمين
بآيات الله يجحدون ) ،(20فإذا عفي عن الكافر مللا قبضلله
من المحرمات إذا أسلم ،فالمسلللم كللذلك يعفللى عنلله إذا
تاب بجامع أن كليهما رجع وأناب إلى الله وعرف الحق.
وقلد ينلاقش :بوجلود الفلرق بينهملا ملن حيلث إن الكلافر
وقعللت معللاملته وهللو غيللر مكلللف ،وغيللر مخللاطب بآيللات
أصول الربا ،بخلف المسلم العاصي العالم ،فإن معللاملته
وقعت في حال هو مكلف فيها.
الدليل الثاني:
أن التوبة كالسلم ) (21فإن الذي قللال)) :السلللم يهللدم
ما كان قبله(( ) (22هو الذي قال)) :التوبة تهللدم مللا كللان
قبلهللا(( ) (23وذلللك فللي حللديث واحللد رواه مسلللم فللي
صحيحه .
فإذا عفللي عللن الكللافر إذا أسلللم أنللواع المحرمللات الللتي
ارتكبها ،وأبيحت للله المللوال المقبوضللة بللالحرام ،فكللذلك
المسلم إذا تاب إلى الله ،ول فللرق ،فالحللديثان مخرجهمللا
واحد ،ول يجوز تفسير أحدهما بخلف الخر.
وينللاقش :بللأن مللن مقتضللى التوبللة أن يتخلللص مللن هللذه
الموال المحرمللة ،ويبعللدها عنلله ،ويعللدل إلللى غيرهللا مللن
المكاسب )(24؛ فللإن التوبللة قللول وفعللل فللالقول بإكثللار
189
الستغفار ،والفعل بللالقلع عللن هللذه المللوال ،والتخلللص
منها بالتصدق بها على المحتاجين.
الدليل الثالث:
ما ثبت في صحيح مسلم من حللديث أبللي ذر -رضللي الللله
عنه -قال :قللال رسللول الللله –صلللى الللله عليلله وسلللم: -
))إني لعلم آخر أهل الجنة دخول ً الجنة ،وآخللر أهللل النللار
خروجا ً منها ،رجل يؤتى به يللوم القيامللة ،فيقللال :اعرضللوا
عليه صغار ذنوبه ،وارفعوا عنه كبارها فتعرض عليه صللغار
ذنوبه فيقال :عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا ،وعملللت يللوم
كذا وكذا كذا وكذا ،فيقول :نعم ،ل يستطيع أن ينكللر ،وهللو
مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه ،فيقال له :فإن لللك
مكان كل سيئة حسللنة ،فيقللول :رب قللد عملللت أشللياء ل
أراها ها هنللا ،فلقللد رأيللت رسللول الللله –صلللى الللله عليلله
وسلم -ضحك حتى بدت نواجذه(( ).(25
وجه الدللة من الحديث :أنه إذا كانت تلك التي تللاب منهللا
صارت حسنات لم يبق في حقلله بعللد التوبللة سلليئة أص ل ً
ل،
فيصير ذلك القبض والعقد من باب المعفو عنه ،فل يكللون
بذلك فاعل ً لمحرم ول تاركا ً لواجب ).(26
وقد يناقش :أن هذا حديث يحكي أحوال يللوم القيامللة ،ول
يبنى على الحكام الخروية ،أحكاما ً فقهيللة فللي اللدنيا ،فل
تقاس أحوال الخرة على أحوال الدنيا ،والله أعلم.
الدليل الرابع:
قوله تعالى" :فمن جاءه موعظة من ربله فللانتهى فلله مللا
سلف"
وجه الدللة من الية :أن هذه الية عامة في كل من جاءه
موعظة من ربه فقد جعل الله له ما سلف ،ويدل على أن
ذلك ثابت في حق المسلم مللا بعللد هللذا " :يللا أيهللا الللذين
ءامنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا" فأمرهم بترك ما
بقي ،ولم يأمرهم برد ما قبضوه .فدل علللى أنلله لهللم مللع
قوله" :فله ما سلف وأمره إلللى اللله" واللله يقبللل التوبلة
عن عباده ).(27
ونوقش :بأن هذا مختص بالكافرين ).(28
190
وأجيب :بأنه ليس في القرآن ما يدل على ذلك ،إنما قللال:
"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله مللا سلللف" وهللذا
يتناول المسلم بطريق الولى ).(29
الموازنة والترجيح:
هللذه المسللألة مللن أعقللد المسللائل لقللوة أدلللة الفريقيللن
وتضاربها فللي نظللر البللاحث ،وإن كنللت أميللل إلللى القللول
الثاني ،وهو أن تلك العقود معفو عنها وتقر عليها و تملكها
بعد التوبة ،وذلك لثلثة أمور:
ل :أنلله إذا كللان العفللو عللن الكللافر لجللل مللا وجللد مللن أو ً
السلم الماحي ،والحسنات يذهبن السيئات ،فهذا المعنللى
موجللود فللي التوبلة عللن الجهللل والظلللم والعصلليان ،فللإن
العللتراف بللالحق والرجللوع إليلله حسللنة يمحللو الللله بهللا
السيئات ).(30
ثانيًا :أن في عدم العفو عن تلك العقود والقبوض الماضية
في حللال العصلليان تنفيللرا ً عظيملا ً عللن التوبللة؛ لمللا يلللزم
الداخل فيه من الصللار والغلل الثقيلللة الموضللوعة علللى
لسان هذا النبي –صلى الله عليه وسلم -عن التائبين ،فإن
المر برد جميع ما كسبه التائب من الموال والخروج عمللا
يحبه منها تصير التوبة في حقه عللذابًا ،وكللان الكفللر حينئذ
أحب إليه من ذلك السلم الذي كان عليه ،فإن توبته مللن
الكفر رحمة وتوبته -وهو مسلم عذاب ،(31) -فللإن كللثيرا ً
من الفساق أصحاب رؤوس أموال هائلة ،وغالبهللا أو كللثير
منها من الحرام الفاسد ،وقد يكون غير متميز عن الحلل،
وقللد يكللون لله مصللادر تجللارة متعللددة ،ومطللالبته بردهللا،
والتخلص مما قبضه في غاية الصعوبة والمشقة ،ولو قيللل
له :من شرط توبتك أن ترد كل مللا كسللبته بللالحرام ربمللا
نفر عن التوبة ،وكللان هللذا القللول معينلا ً للشلليطان عليلله،
لكن لو قيل له :بأن الله قللد غفللر لللك بتوبتللك كللل ذنوبللك
المتعلقللة فللي بللاب العبللادات وبللاب المعللاملت ،وعليللك
بالقبال على الله من جديد ،وترك المعاودة لمثل ما سبق
لكان هذا حافزا ً ومشجعا ً له إلللى التوبللة ومحاولللة تصللحيح
وضعه الجديد ،ويكف عن المعاملة بالحرام ،وقد يكون هذا
قدوة لخرين مثله إذا رأوا ذلك منه .
191
وبهذه الطريقة نكون قد قضينا على كللثير مللن المعللاملت
الفاسدة التي ربما كانت تسللتمر لللول القللول بللالعفو عمللا
سلف مما قبضوه.
وكذلك يقال في الشركات والبنللوك ونحوهلا أن فلي علدم
العفو عن تلك العقود والقبوض قبل إعلن الشركة توقفها
عللن التعامللل بللالمحرم تنفيللر عظيللم عللن القلع عللن
التعاملت المحرمة وتنفير عن التوبللة؛ لمللا يلللزم الشللركة
بعد توبتها وإعلن توقفها من الحللرام مللن الصللار والغلل
الثقيللة الموضلوعة عللى لسلان النلبي –صللى اللله عليله
وسلللم -عللن التللائبين ،فللإن المللر بللرد جميللع مللا كسللبته
الشركة من الموال الربوية وغيرهللا ،والخللروج عمللا تحبلله
صّير التوبة وإعلن التوقف فللي حقهللا عللذابًا ،وكللان منها ،ت ُ َ
الستمرار على ما كانت عليه في السابق حينئذ أحب إليها
من إعلن توقفها ،ويضاف إلى ذلك أن التخلص منهللا أمللر
في غاية الصعوبة والمشقة ،ولو قيل :من شرط توبتها أن
ترد كل ما كسبته بالحرام ربمللا نفللرت عللن التوبللة ،وكللان
هللذا القللول معين لا ً للشلليطان عليهللا ،بخلف مللا لللو قيللل
للشركة :ل يلزمك الخروج من الموال الربوية المقبوضللة
ت بصللدق ت ،و أعلنل ِ ك حلل ً إذا تبل ِ
في السللابق ،ويكللون لل ِ
ت التعامللل بالربللا بكللل ك مللن جديللد ،وتركل ِ تصللحيح وضللع ِ
أشكاله وأنواعه ،فإن هذا يكللون لهللا حللافزا ً إلللى التوبللة و
العلن عنها ،كما قلد يكلون حلافزا ً للشلركات الخلرى أن
تحذو حذوها.
ثالثًا :أننا بهذه الطريقللة نكللون قللد قضللينا علللى كللثير مللن
الشلركات والبنللوك المحرمللة والمعلاملت الفاسللدة اللتي
ربمللا اسللتمرت علللى نشلاطاتها وتعاملتهللا المحرمللة لللول
القول بالعفو عما قبضوه ممللا سلللف ،بخلف مللا لللو قيللل
جي كللل خرِ ِ
ك – كشرط من شروط التوبة – أن ت ُ ْ لها :لبد ل ِ
ت تعلميللن ت بللالعقود الفاسللدة المحرمللة مللا دمل ِ ما قبضل ِ
ت عاصية بذلك ) ،(32ربما كان هذا فلي حقهلا حرمتها وكن ِ
شللاقًا ،وربمللا يللترتب عليهللا خسللائر ماليللة ضللخمة كللانت
التزمتها في السابق ،وبالتالي يكون هذا عائقا ً لها ،ومنفرا ً
عن التوبة ،فتحجم الكثير من الشركات عن التوبة بسللبب
192
هذا ،وهذه نظللرة ماراع لا ً فيهللا جللانب المصلللحة الراجحللة
مقابل المفسدة المرجوحة ،قال ابللن تيميللة ) :ومللن تللدبر
أصول الشرع علللم أنلله يتلطللف بالنللاس فللي التوبللة بكللل
طريق ( ).(33
لكللن قللد يللرد علللى هللذه الحللال – أعنللي توبللة الشللركات
والبنللوك – إشللكال وهللو أن توبللة الشللركات ونحوهللا عللن
التعامل بللالحرام والفاسللد غيللر متمكنللة أو ضللعيفة ،فهللي
ليسللت كالشللخاص والفللراد الللذين يملكللون أمللوالهم
بأنفسهم فالشركات والبنوك عبارة عللن شخصللية معنويللة
قائمة بعدد من الشخاص ،وكل عامللل فيهللا ل يعنيلله توبللة
الشركة من عدمها ،فمن التائب فيها؟
ويجاب :بأن هلذه طبيعلة الشخصليات المعنويلة ل يطلالب
فيها شخص بعينه ،وإنما هي قائمة بإرادة الجميع ومتخللذي
القرار فيها ،فإذا كانت الرادة قائمة مللن الدارة ومتخللذي
القرار فيها كانت هذه الرادة – وأعني بها التوبة -مقبولللة،
فهي مثل توبة الفرد والشخص العادي.
ويؤيده إمكانية وجود شللرائط التوبللة فللي هللذه الشللركات
والبنوك ونحوها المساهمة ،وهي العزم علللى عللدم العللود
إلى الحرام من ربا وغيره في المستقبل ،والقلع عنه في
الحال ،وأن تكون صادقة ل بقصد التلعللب بعقللول النللاس
ونحللوه ،والنللدم علللى مللا صللدر منهللا فللي السللابق )،(34
والعزم الجازم على فعل المأمور والتيان به ).(35
وأما الموال الربوية المقبوضة فهي محرمة لحق لله وقللد
عفى عنها ،وليست حق لا ً لدمييللن فيللؤمروا بإرجاعهللا إلللى
أصحابها ،والله أعلم.
وأخيرا ً أقول :أيضا ً يمكن إرجاع الفتوى في هللذه المسللألة
إلللى المفللتي فينظللر فللي ذلللك المصلللحة ،فللإن رأى مللن
الشركة القدرة والستعداد للتخلللص مللن المللوال الربويللة
المقبوضة وصدق في التوبة مهما كلفها ذلك ،فللإنه يفتيهللا
بللالتخلص مللن هللذه المللوال بالتصللدق بهللا فللي مصللالح
المسلمين بنية التخلص ل التطوع.
وإن رأى منها ضعفا ً فللي هللذا البللاب وخشللي نفورهللا مللن
التوبة ،فللإنه يفللتي بعللدم وجللوب التخلللص مللن المقبللوض
193
الفاسللد ،ول يجللب رده باعتبللار أن هللذه الفتللوى أخللف
المفسدتين.
فإنهللا-أي :الشللركة -لللو أفللتي لهللا بوجللوب التخلللص ،لللم
تتخلص من المقبوض بعقد فاسد ولللم تعلللن التوقللف عللن
التعاملت المحرمة بخلف ما لو أفتي لها بعللدم الوجللوب،
فإنها لن تتخلص من المقبوض بعقد فاسللد ،وسللوف تقلللع
عن التعاملت المحرمة في المسللتقبل بعللد إعلن توبتهللا،
والله تعالى أعلم.
ومن خلل ما سبق ،فمن قال بصحة توبة الشركة ،وَتمِلك
ما قبضته من العقود الفاسدة ،فإن من لزم قللولهم جللواز
المساهمة فيها ،وأنها تملك أسهمها بعد إعلن توبتها .
ومن قال بعدم صحة توبتها إل برد جميع الموال المحرمللة
أو التخلص منها فللإن مللن لزم قللولهم تحريللم المسللاهمة
فيها وتملك أسهمها حتى تتخلص من التعللاملت المحرمللة
المقبوضة قبل التوبة ،والله تعالى أعلم.
وصلى الله على بينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
) (1مجموع الفتاوى ) (22/16وما بعللدها ،والللدرر السللنية
في الفتاوى النجدية ).(3/133
) (2فتاوى اللجنة الدائمة )(14/29و)(14/32و)(14/48و)
.(14/62
) (3المدونة الكبرى ) ،(4/148ومواهب الجليل )،(4/381
ومقلللدمات ابلللن رشلللد ص ) ،(503والتمهيلللد )،(5/129
والسلللتذكار ) (19/146و) ،(21/139والجلللامع لحكلللام
القللرآن للقرطلبي ) ،(356-2/355ومسلائل ل يعلذر فيهلا
بالجهل على مذهب المام مالك شرح العلمة المير علللى
منظومللة بهللرام ص) ،(49والفللروق وحواشلليه )،(2/164
والمالكية أوجبوا عللى الجاهلل التخللص منله ،وبنلاء عللى
ذلك فإنه من باب أولى أن يوجبوه على العالم العاصي .
) (4الفوات عند المالكية يعني أحد خمسة أشللياء :الول:
تغير الذات وتلفهللا كللالموت والعتللق وهللدم الللدار وغللرس
الرض وأكللل الطعللام ونمللاء المللبيع ونقصللانه .والثللاني:
حوالللة السللواق .والثللالث :الللبيع .والرابللع :حللدوث عيللب.
194
والخامس :تعلق حق الغير كرهن السلعة .انظر القللوانين
الفقهية لبن جزيء ص) (265والشرح الصغير للدردير
) (5سورة البقرة ،آية).(279
) (6الستذكار ).(21/139
) (7التمهيد ) ،(5/129والستذكار ) (19/146وهذا النقل
لتفاق الفقهاء في هذه المسللألة فيلله نظللر ،فللإن جمهللور
الحنفية يللرون أن المقبللوض بعقللد ربللوي يملللك وإن كللان
واجب الفسخ ،وخالفهم شمس الدين السرخسي في هذه
المسألة ،فوافق الجمهور.
) (8سورة طه ،آية).(82
) (9فتللاوى اللجنللة الدائمللة للبحللوث العلميللة والفتللاء )
.(14/48
) (10سورة البقرة ،آية).(279
) (11فتللاوى اللجنللة الدائمللة للبحللوث العلميللة والفتللاء )
،(14/51وانظر )(13/400و)(13/429وما بعدها.
) (12سورة البقرة ،آية).(279-278
) (13رواه مسلم بهذا اللفظ من طريق القاسم بن محمد
عن عائشلة علن النلبي –صللى اللله عليله وسللم) -كتلاب
القضللية -بللاب نقللض الحكللام الباطلللة ،ورد محللدثات
المور ( رقم .(9/119) 3243
) (14عون المعبود ).(12/234
) (15المحلى ).(8/135
) (16رواه البخاري في صللحيحه )كتللاب الوكالللة -بللاب إذا
بللاع الوكيللل شلليئا ً فاسللدا ً فللبيعه مللردود( (2/613)2188
ومسلم في صحيحه )كتاب المساقاة -باب بيع الطعام مثل ً
بمثل( (3/1215)1594
) (17رواه مسلم في صحيحه )كتاب المسللاقاة -بللاب بيللع
الطعام مثل ً بمثل( )(3/1215
) (18مجموع الفتاوى ) (22/16وما بعدها.
) (19مجموع الفتاوى ) (22/16وملا بعلدها و) (30/328و
تفسير آيات أشكلت ).(595-2/577
) (20مجموع الفتاوى ) (22/17بتصرف.
) (21المرجع السابق بتصرف.
195
) (22رواه مسلم في صللحيحه )كتللاب اليمللان-بللاب كللون
السلم يهدم ما كان قبله وكذا الهجرة والحج( ).(1/112
) (23المرجع السابق .
) (24انظر فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الفتاء
).(14/62
) (25صحيح مسلم )كتاب اليمان -باب أدنللى أهللل الجنللة
منزلة فيها ( رقم .(1/177) 190
) (26مجموع الفتاوى ) (22/18بتصرف.
) (27تفسير آيات أشكلت )(2/586
) (28تفسير آيات أشكلت )(2/586
) (29تفسير آيات أشكلت )(2/586
) (30مجموع الفتاوى بتصرف ).(22/18
) (31مجموع الفتللاوى بتصللرف ) ،(22-22/18ذكللر شلليخ
السلم ابن تيمية :أنه يعللرف طائفللة مللن الصللالحين مللن
يتمنى أن يكون كافرا ً ليسلم فيغفر له مللا قللد سلللف؛ لن
التوبة عنده متعذرة عليه أو متعسرة على ما قللد قيللل للله
واعتقده مللن التوبللة ،ثللم قللال :ثللم هللذا منفللر لكللثر أهللل
الفسوق عن التوبة وهو شبيه بالمؤيس للناس مللن رحمللة
الله ،مجموع الفتاوى ).(22/22
) (32هذه حللال كللثير مللن الشللركات المحرمللة فللي البلد
السلمية فإنها تعلم بتحريم الربا ولكن تتعامل به عصلليانا ً
وعن هوى -نسأل الله السلمة.-
) (33تفسير آيات أشكلت).(2/595
) (34انظللر :شللرائط التوبللة فللي مللدارج السللالكين )
.(1/182
) (35المرجع السابق ).(1/305
===============
#تحريم العينة ،وجواز التورق بل قيد ول شرط
سليمان بن ناصر العلوان 26/3/1424
27/05/2003
كتب هللذا البحللث جوابلا ً علللى سللؤال ورد لفضلليلة الشلليخ
سليمان بن ناصر العلللوان حللول صللورة التللورق والعينللة ،
196
وحكمهمللا ،ويسللر الموقللع أن ينشللر البحللث الللذي خللص
فضيلة الشيخ سليمان العلوان الموقع به.
العينة :في اللغة السلف 0
وصورتها في الشللرع :أن يللبيع مللن رجللل سلللعة بحللوزته
بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشللتريها منلله بأقللل مللن
الثمن الذي باعه بله ،وملن ذللك أن يلبيع سللعة بنقلد ثلم
يشتريها منه بأكثر منها نسيئة 0
وهي محرمة في قول أكثر العلماء ،وهي وسيلة إلى الربا
،وموصلة إليه ،خلفا ً للشافعي وأبي يوسف رحمهللا الللله
تعالى حيث أجازاها 0
قال النووي في روضللة الطللالبين ) (3/416فصللل :ليللس
من المناهي بيع العينة بكسر العين المهملة وبعد الياء نون
،وهو أن يبيع غيللره شلليئا ً بثمللن مؤجللل ويسلللمه إليلله ثللم
يشتريه قبل قبض الثمن بأقل من ذلك الثمن نقدا ً 0
وكذا يجللوز أن يللبيع بثمللن نقللدا ً ويشللتري بللأكثر منلله إلللى
أجل ،سواء قبض الثمن الول أم ل .وسواء صارت العينة
عادة له غالبة في البلد أم ل .هذا هللو الصللحيح المعللروف
في كتب الصحاب ،وأفتى الستاذ أبو إسحق السفراييني
،والشيخ أبو محمد بأنه إذا صار عادة له صار البيع الثللاني
كالمشروط في الول فيبطلن جميعا ً 0
ونقل أيضا ً فللي المجمللوع ) (9/261عللن الرافعللي قللوله -
بعد كلم له سبق -لن العتبللار عنللدنا بظللاهر العقللود ،ل
بما ينويه العاقلدان ،ولهلذا يصلح بيلع العينلة ،ونكلاح ملن
قصد التحليل ونظائره 0
وجاء في حاشية ابن عابدين ) (5/273وعللن أبللي يوسللف
العينة جائزة مأجور من عمل بها ،كذا في مختار الفتللاوى
الهندية 0 ( ..
ن فعلها ،وذلك لوجوه : م ْوالصواب منع ذلك ،وتأثيم َ
-1أن النبي صلى الله عليه وسلم )نهللى عللن بيعللتين فللي
بيعللة( أخرجلله المللام أحمللد ) (2/432والشللافعي )(532
والنسائي ) (7/295والترمذي ) (1231كلهللم مللن طريللق
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقللاص ،عللن أبللي سلللمة ،
عن أبي هريرة رضي الله عنه 0
197
وقال الترمذي حديث حسن صحيح 0
والعينة هي المقصودة في هذا الخبر 0
-2أن الوسيلة إلى الربللا حللرام ،ول يختلللف العلمللاء فللي
تحريم الربا ،والعينة وسيلة إليه ،وحين سئل ابللن عبللاس
عن حريرة بيعت إلى أجللل ،ثللم اشللتريت بأقللل .فقللال :
دراهم بدراهم ،دخلت بينهما حريرة .رواه سعيد وغيللره ،
وجاء نحوه عند عبد الرزاق في مصنفه .وسئل أنلس علن
دع هللذا ممللا حللرم الللله ، خل َ
العينللة ،فقللال :إن الللله ل ي ُ ْ
ورسوله .عزاه ابن القيم لمطين في كتاب البيوع 0
-3مللا جللاء عنللد المللام أحمللد فللي مسللنده ،مللن طريللق
العمش ،عن عطاء بن أبي رباح ،عللن ابللن عمللر رضللي
الله عنهمللا قللال :سللمعت رسللول الللله صلللى الللله عليلله
وسلم يقول) :إذا ضن الناس بالللدينار والللدرهم ،وتبللايعوا
بالعينة ،واتبعوا أذناب البقللر ،وتركللوا الجهللاد فللي سللبيل
الله ،أنزل الله بهم بلء ،فل يرفعلله عنهللم حللتى يراجعللوا
دينهم( 0
وهذا خبر ضللعيف ،وقللد جللاء مللن غيللر وجلله ،ول يصللح ،
وذهب شيخ السلم ،وابللن القيللم ،إلللى تقللويته بمجمللوع
طرقه 0
-4ما رواه علي بن الجعد في مسنده ) (80ومللن طريقلله
البيهقي في سننه ) (5/330علن شلعبة عللن أبللي إسللحاق
قال دخلت امرأتي على عائشة ،وأم ولد لزيد بللن أرقللم ،
فقالت لها أم ولد زيد :إني بعت مللن زيللد عبللدا ً بثمانمللائة
نسيئة واشتريته منه بستمائة نقدا ً ،فقالت عائشللة رضللي
الله عنها )أبلغي زيدا ً أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم إل أن تتوب بئسما شريت وبئس ما
اشتريت( 0
قال البيهقي رحمه الللله تعللالى :كللذا جللاء بلله شللعبة عللن
طريق الرسال 0
وهذا الخبر :ط ُِعن فيه بعلتين :
-1جهالللة العاليللة ،وقللد رد حللديثها الشللافعي فللي الم ،
والدارقطني ،وابن حزم في المحلى 0
198
وُرد هذا ،بأن العالية معروفة ،فقد دخلت علللى عائشللة ،
وسمعت منها 0
قال ابن الجوزي فللي التحقيللق – العاليللة -جليلللة القللدر ،
معروفة 0
وقال ابن عبد الهللادي فللي تنقيللح التحقيللق ) (2/558هللذا
إسناد جيد ،وإن كان الشافعي قد قال :إنلا ل نثبلت مثلله
على عائشة رضي الله عنها ،وكذلك قول الدارقطني في
العالية إنها مجهولة ل يحتللج بهللا ،فيلله نظللر .وقللد خللالفه
غيره ( 0
-2وعلة أخرى ،الختلف فيلله ،فقللد رواه الثللوري ،عللن
أبي إسحاق ،عن امرأة أبي السفر :أنها بللاعت مللن زيللد
بن أرقم .
ورواه عبد الرزاق ،عن الثوري ،عللن أبللي إسللحاق ،عللن
امرأته قالت :سمعت امللرأة أبللي السللفر تقللول :سللألت
عائشة 0
تابعه عبد الله بن الوليد ،عن الثوري 0
قال ابن حزم رحمه الله تعالى في المحلللى ) (7/550قللد
صللح أنلله مللدلس – يعنللي :أبللا إسللحاق -وأن امللرأة أبللي
إسحاق لم تسمعه من أم المؤمنين ،وذلللك أنلله لللم يللذكر
عنها زوجها ،ول ولللدها :أنهللا سللمعت سللؤال المللرأة لم
المؤمنين ،ول جواب أم المؤمنين لها ،إنما فللي حللديثها :
دخلت على أم المؤمنين ،أنللا ،وأم ولللد لزيللد بللن أرقللم ،
فسألتها أم ولد زيد ابن أرقم – وهذا يمكن أن يكللون ذلللك
السؤال في ذلك المجلس ،ويمكن أن يكون في غيره ثللم
روى أبو محمد بسنده إلللى محمللد بللن يوسللف الفريللابي ،
عللن سللفيان الثللوري ،علن أبلي إسللحاق علن املرأة أبلي
السفر :أنها باعت من زيد بن أرقللم خادملا ً لهللا بثمانمللائة
درهم إلى العطاء ......فذكره 0
قال :وبما رويناهللا مللن طريللق عبللد الللرزاق عللن سللفيان
الثوري ،عن أبللي إسللحاق عللن امرأتلله ،قللالت :سللمعت
امرأة أبي السفر تقول :سألت عائشة .....فذكره .قللال
أبللو محمللد :فللبين سللفيان وجلله الدفينللة الللتي فللي هللذا
الحللديث ،وأنهللا لللم تسللمعه امللرأة أبللي إسللحاق مللن أم
199
المؤمنين ،وإنما روته عن امرأة أبي السللفر ،وهللي الللتي
باعت من زيد ،وهي أم ولد لزيد ،وهي في الجهالة أشللد
وأقوى من امرأة أبي إسحاق ،فصارت مجهولة عن أشللد
منها جهاللة ونكللرة ،فبطللل جمللة ،وللله تعلالى الحملد ،
وليس بين يونس ،وبين سفيان نسبة في الثقة والحفظ ،
فالرواية ما روى سفيان 0
وقيل إن هذا الختلف غيللر مللؤثر ،وقللد جللزم ابللن القيللم
رحمه الله تعالى في إعلم المللوقعين بصللحته ،ورد علللى
المخللالفين فللي ذلللك ،ولللم أر لحللد مللن أهللل الحللديث
المتقللدمين تصللحيحا ً للله ،وقللد جللزم الشللافعي وغيللره
بضعفه ،والله أعلم 0
وفي الباب غير ذلك ،فقد جللاءت آثللار كللثيرة فللي تحريللم
العينة ،والقياس ،والنظر الصحيح يقتضي ذلك 0
وقد قال مسروق :العينة حرام .رواه ابن أبي شلليبة فللي
مصنفه )0 (4/282
وجاء عن الحسن وابن سيرين ،أنهمللا كرهللا العينللة ،ومللا
دخل الناس فيه منها .رواه ابن أبللي شلليبة فللي مصللنفه )
0 (4/283
وقال طاووس :من اشللترى سلللعة بنظللرة مللن رجللل فل
يبيعها إياه ،ومن اشترى بنقد فل يبيعها إياه بنظللرة .رواه
عبد الرزاق في مصنفه )0 (8/186
وقال معمر سألت حمادا ً عن رجل اشترى من رجل سلعة
،هل يبيعها منه قبل أن ينقده بوضلليعة ؟ قللال :ل ،وكرهلله
حتى ينقذه .أخرجه عبد الرزاق في مصنفه )0 (8/186
وقال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله تعالى في الكللافي )
(3/325وأما بيع العينة فمعناه أنه تحيللل فللي بيللع دراهللم
بدراهم أكثر منها إلى أجل بينهما سلعة محللة ،وهو أيض لا ً
من باب بيع ما ليس عنللدك ،وقللد نهللى عنلله رسللول الللله
صلى الله عليه وسلللم ؛ فللإن كللانت السلللعة المبيعللة فللي
ذلللك طعام لا ً دخللله أيض لا ً مللع ذلللك بيللع الطعللام قبللل أن
يستوفى ،مثال ذلك أن يطلب رجل من آخر سلعة ليبيعها
منه بنسيئة ،وهو يعلم أنها ليست عنده ويقول له اشللترها
من مالكها هذا بعشرة ،وهي علي باثني عشللر أو القللدرة
200
عشلر إللى أجلل كلذا فهلذا ل يجلوز لملا ذكرنلا ،واختللف
أصحاب مالك في فسخ البيع المذكور بالعينة إذا وقع على
ذلك ،فمنهم من رأى فسخه قبل الفوات ،وبعده يصلللحه
بالقيمة على حكم البيوع الفاسدة 0
وقال أبو محمد ابن حزم في المحلى ) (7/549فإن ابتللاع
سلعة بثمن مسمى إلى أجل مسمى ،فإنه ل يجوز للله أن
يبيعها من الذي باعها منه بثمللن أقللل مللن ذلللك الثمللن ،أو
بسلعة تساوي أقل من ذلك الثمن نقدا ً ،أو إلى أجل أقللل
من ذلك الجل أو مثله :لم يجز شيء ملن ذللك ،ولله أن
يبيعها من الذي باعها منه بثمن أكثر من ذلك الثمن نقللدا ً ،
أو إلى أجل أقل مللن ذللك الجللل أو مثلله ،وليللس لله أن
يبيعها من بائعها منه بثمن أكثر من ذلللك الثمللن إلللى أبعللد
من ذلك الجل ،ول بسلعة تساوي أكللثر مللن ذلللك الثمللن
إلى أبعد من ذلك الجل 0
وقال ابن قدامة في المغني ) (4/256وجملة ذلك أن مللن
باع سلعة بثمن مؤجل ثم اشتراها بأقل منه نقللدا ً لللم يجللز
فللي قللول أكللثر أهللل العلللم ،روي ذلللك عللن ابللن عبللاس
وعائشة والحسن وابن سلليرين والشللعبي والنخعللي ،وبلله
قال أبو الزناد وربيعة وعبد العزيز بن أبي سلللمة والثللوري
والوزاعللي ومالللك وإسللحاق وأصللحاب الللرأي ،وأجللازه
الشافعي لنه ثمن يجوز بيعها به من غير بائعها فجللاز مللن
بائعها كما لو باعها بمثل ثمنها .ونقل عن المام أحمد أنلله
قللال :العينللة أن يكللون عنللد الرجللل المتللاع فل يللبيعه إل
بنسيئة ،فإن باعه بنقللد ونسلليئة فل بللأس .وقللال :أكللره
للرجل أن ل يكون له تجارة غير العينة ل يبيع بنقد ،وقللال
ابن عقيل إنما كره النسيئة لمضارعتها الربللا فللإن الغللالب
أن البائع بنسيئة يقصد الزيللادة بالجللل ،ويجللوز أن تكللون
العينة اسما لهذه المسللألة ،وللللبيع بنسلليئة جميعلا ً ،لكللن
البيع بنسيئة ليس بمحرم اتفاقا ً ،ول يكره إل أن يكون للله
تجارة غيره 0
وقال في النصاف ) (4/335ومللن بللاع سللعة بنسليئة للم
يجز أن يشتريها بأقللل ممللا باعهللا نقللدا ً ،إل أن تكللون قللد
تغيرت صفتها 0
201
قال :هذه مسألة العينة ،فعلها محرم .على الصحيح من
المذهب .نص عليه .وعليه الصحاب ،وعند أبي الخطاب
يحرم استحسانا ً ،ويجوز قياسا ً .وكذا قال في الللترغيب :
لم يجز استحسانا ً .وفي كلم القاضي وأصحابه :القيللاس
صحة البيع 0
قال في الفروع :ومرادهم أن القياس خولف لدليل راجح
،فل خلف إذا ً فللي المسلألة .وحكللى الزركشلي بالصللحة
قول ً ،وذكر الشيخ تقي الدين أيضا ً :أنه يصح البيع الول ،
إذا كان بيانا ً ،بل مواطأة ،وإل بطل ،وأنه قول أحمد 0
وجاء في السؤال :ما صورة التورق 0
والتورق هو :شراء سلعة بثمن مؤجللل بقصللد بيعهللا علللى
غير البائع 0
وحكم ذلك :الجواز في أصللح قللولي العلمللاء ،وهللو قللول
إياس بن معاويللة ،والمللام أحمللد فللي إحللدى الروايللتين ،
وهي المشهورة عند الحنابلة 0
قال في كشاف القناع ) (3/186ولو احتاج إنسان إلى نقد
،فاشترى ما يساوي مائة بمائة وخمسين ،فل بأس بللذلك
.نص عليه ،وهي مسألة التورق ( 0
ودليل الجواز :
) (1أن الصل في العقللود والمعللاملت الحللل حللتى يقللوم
الدليل على تحريمها 0
) (2وبللدليل العمللوم المسللتفاد مللن قللوله تعللالى )ي َللا أ َي ّهَللا
َ
مى فَللاك ْت ُُبوهُ سل ّ م َ
ل ُ ن إ ِل َللى أ َ
جل ٍ ٍ م ب ِلد َي ْداَينت ُ ْ من ُللوا إ ِ َ
ذا ت َل َ نآ َ ذي َ ال ّ ِ
َ
ه ال ْب َي ْ َ
ع ل الل ّ ُ
ح ّل( وقوله تعالى )وَأ َ ب ِبال ْعَد ْ ِكات ِ ٌم َ ب ب َي ْن َك ُ ْوَل ْي َك ْت ُ ْ
م الّرَبا( 0 حّر َ وَ َ
فمن اشترى سلعة قرضا ً ،سواء قصد ذاتها أو ثمنها فالية
مفيدة بجواز هذا البيع ويتأكد هذا بالصل في حكم العقللود
والمعاملت ،فل يخرج عن هذا الصل إل بدليل 0
ول أعلم دليل ً شرعيا ً يمنع هذه المعاملة ،وأما تعليللل مللن
منعهللا بكللون المقصللود منهللا الللدراهم ،أو التحايللل علللى
الربا ،فليس فيه تحيل على الربا بوجه مللن الوجللوه ،مللع
مسيس الحاجة إليها ،لنه ليس كللل أحللد اشللتدت حللاجته
إلى النقللد يجللد مللن يقرضلله بللدون ربللا ،ومللا دعللت إليلله
202
الحاجة ،وليس فيه محذور شرعي ،لم يجز تحريمه علللى
العباد 0
• وذهب عمر بن عبد العزيز ،وطائفة من أهللل المدينللة ،
والمام أحمد في رواية إلى التحريللم ،وهللذا اختيللار شلليخ
السلم ابن تيمية ،وتلميذه العلمة ابن القيم 0
وقللال شلليخ السلللم رحملله الللله تعللالى فللي الفتللاوى )
(29/303إن كلللان المشلللتري محتاجلللا ً إللللى اللللدراهم ،
فاشتراها ليبيعها ،ويأخذ ثمنها ،فهللذا يسللمى التللورق وإن
كان المشتري غرضه أخذ الورق ،فهذا مكروه فللي أظهللر
قولي العلماء ،كما قال عمر بن عبد العزيز :التورق أخية
الربللا .وقللال ابللن عبللاس :إذا قللومت بنقللد ،ثللم بعللت
بنسيئة :فتلك دراهم بدراهم ،وهذا إحللدى الروايللتين عللن
أحمد 0
ومعنى قول عمر بن عبد العزيز أخية الربا ،يعنللي :أصللل
الربا قاله شيخ السلم ابن تيمية رحمه الللله تعللالى ،كمللا
في الفتاوى )(29/431
وقللال شليخ السلللم رحمله اللله تعلالى أيضلا ً ،فللي بيللان
الدليل في إبطال التحليللل ) (119ولهللذا كللره العلمللاء أن
يكون أكثر بيع الرجل أو عامته بنسيئة لئل يدخل في اسللم
العينة ،وبيع المضطر ،فإن أعاد السلللعة إلللى البللائع فهللو
الذي ل يشك في تحريمه ،وأما إن باعها لغيره بيعا ً بتاتللا ً ،
ولم تعد إلى الول بحال فقد اختلف السلف فللي كراهيتلله
ويسمونه التورق لن مقصوده الورق ،وكان عمر بن عبللد
العزيز يكرهه ،وقال التورق أخية الربا وإياس بللن معاويللة
يرخص فيه ،وعن المام أحمد فيه روايتللان منصوصللتان ،
وأشار في رواية الكراهة إلى أنه مضطر 0
وقال ابن القيم رحمله اللله تعلالى فلي إعلم الملوقعين )
(3/370وهذا المضطر إن أعاد السلللعة إلللى بائعهللا فهللي
العينة وإن باعها لغيره فهو التورق وإن رجعللت إلللى ثللالث
يدخل بينهملا فهللو محللل الربللا والقسللام الثلثللة يعتمللدها
المرابون وأخفها التورق ،وقد كرهه عمر ابن عبد العزيللز
وقال هو أخية الربا ،وعن أحمد فيلله روايتللان وأشللار فللي
رواية الكراهة إلى أنه مضطر ،وهذا من فقهه رضي الللله
203
عنه قال فإن هذا ل يدخل فيلله إل مضللطر ،وكللان شلليخنا
رحمه الله يمنع من مسألة التورق وروجع فيها مللرارا ً وأنللا
حاضر فلم يرخص فيهللا وقللال المعنللى الللذي لجللله حللرم
الربا موجود فيها بعينلله مللع زيللادة الكلفللة بشللراء السلللعة
وبيعها والخسارة فيها ؛ فالشريعة ل تحللرم الضللرر الدنللى
وتبيح ما هو أعلى منه 0
وقللال أيض لا ً فللي تهللذيب السللنن ) 250-9/249المطبللوع
ضمن عون المعبللود( فللإن قيللل فمللا تقولللون إذا لللم تعللد
السلعة إليه بل رجعت إلى ثالث هل تسمون ذلك عينة ؟
قيل هذه مسألة )التورق( لن المقصود منها الورق ،وقللد
نص أحمد في رواية أبي داود على أنها من العينة ،وأطلق
عليها اسمها 0
وقللد اختلللف السلللف فللي كراهيتهللا ،فكللان عمللر بللن
عبللدالعزيز يكرههللا ،وكللان يقللول )التللورق أخيللة الربللا(
ورخص فيها إياس بن معاوية 0
وعن أحمد فيها روايتان منصوصتان ،وعلللل الكراهللة فللي
إحداهما بأنه بيع مضطر وقللد روى أبللو داود عللن علللي أن
النبي نهى عللن المضللطر ،وفللي المسللند عللن علللي قللال
سيأتي على الناس زمان يعض المؤمن علللى مللا فللي يللده
م( ل ب َي ْن َك ُل ْ وا ال َْف ْ
ضل َ سل ْ
ولم يؤمر بللذلك ،قللال تعللالى )َول َتن َ
ويبايع المضطرون ،وقد نهى رسول الله صلى الللله عليلله
وسلم عن بيع المضطر ( ...وذكر الحديث 0
فأحمد رحمه الله تعالى أشار إلى أن العينة إنمللا تقللع مللن
رجل مضطر إلللى نقللد لن الموسللر يضللن عليلله بللالقرض
فيضطر إلى أن يشتري منه سلعة ثم يبيعها فللإن اشللتراها
منه بائعها كانت عينة ،وإن باعها من غيره فهي )التللورق(
ومقصوده في الموضللعين :الثمللن فقللد حصللل فللي ذمتلله
ثمن مؤجل مقابل لثمن حال أنقص منلله ،ول معنللى للربللا
إل هذا لكنه ربا بسلم لم يحصل له مقصللوده إل بمشللقة ،
ولو لم يقصده كان ربا بسهولة 0
وقال ابن مفلح في الفروع ) (4/126ولو احتللاج إلللى نقللد
فاشترى ما ساوى مائة بمائتين فل بأس ،نص عليه ،هللي
التورق ،وعنه :يكره .وحرمه شلليخنا ،نقللل أبللو داود إن
204
كان ل يريد بيع المتاع الذي يشتريه منك هللو أهللون ؛ فللإن
كان يريد بيعه فهو العينللة وإن بللاعه منلله لللم يجللز ،وهللي
العينة نص عليه 0
وفيه أدلة أخرى للذين يجيزون التورق ،والللذين يحرمللون
ذلك 0
والصواب من قولي العلماء جللواز التللورق ،وهللذا مللذهب
الجمهور ،فإن الصل في البيوع والمعاملت الحللل ،ولللم
يأت دليل يقضي بأن التورق ربا ،أو فيه شللبهة ربللا ،فقللد
بيعت السلعة على غير المشترى منه ،فانتفت شبهة الربا
الموجودة في بيع العينة ،والعجيب في المسألة أن بعللض
الفقهللاء يجيللز العينللة إذا لللم يكللن فيلله تواطللأ بيللن البللائع
والمشللتري ويمنللع التللورق ،وهللذا تنللاقض ،وتفريللق بيللن
المتماثلين ،والله أعلم 0
هذا ونحث المسلمين ،ممن آتاهم الله بسطة في المال ،
وثلللروة فلللي القتصلللاد ،مواسلللاة ومسلللاعدة إخلللوانهم
المعسرين ،والقيللام معهللم فللي معيشللتهم ،والنظللر فللي
شؤنهم ،فالمسلمون بعضهم لبعض كالعضو الواحد ،وقللد
جاء السلم بالتكافل الجتماعي ،وجاء الركن الثالث مللن
أركان السلم ،الزكاة ،ومما رغللب فيلله الصللدقة ،وممللا
حللث عليلله إنظللار المعسللر والتعللاون مللع المعللوزين ،
والتوسلليع علللى المعسللرين ممللا يعللزز عمللق الخللوة
الصادقة ،وينشر المودة الخالصة ،ويبث روح الرحمة بين
أفراد المجتمع ،يحسن فيها القوي على الضللعيف والغنللي
على الفقير 0
إن السلم ضرب القدح المعلى ،وصور المثل العليللا فللي
التكافل الجتماعي والتضامن السلمي ،فجاء في النفاق
علللى المحتللاجين ،والبللذل للمعللوزين ،والعطللف علللى
الفقراء والمدينين ،ورتب على ذلك تجاوز الله تعالى عللن
الذنوب والثام ،قال رسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم
)تلقللت الملئكللة روح رجللل ممللن كللان قبلكللم ،قللالوا :
أعملللت مللن الخيللر شلليئا ً ؟ قللال :كنللت آمللر فتيللاني أن
ينظروا ويتجللاوزوا عللن المعسللر ،قللال :قللال :فتجللاوزوا
205
عنه( متفق عليه من طريق زهير ،عن منصور ،عن ربعي
بن حراش ،عن حذيفة رضي الله عنه 0
وإنظار المعسر ،من أسباب تنفيس كرب يوم القيامة،كما
جاء في صللحيح مسلللم ) (1563مللن طريللق أيللوب ،عللن
يحيى بن أبي كثير ،عن عبد الللله بللن أبللي قتللادة ،أن أبللا
قتادة طلب غريما ً له فتوارى عنه ،ثم وجده ،فقال :إني
معسر ،فقال :آلللله؟ ،قللال :آلللله قللال :فللإني سللمعت
رسول الله صلى الللله عليلله وسلللم يقللول )مللن سللره أن
ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عللن معسللر ،أو
يضع عنه( 0
وإنظار المعسر ،من أسباب الستظلل بظل الللله يللوم ل
ظللل إل ظللله ،روى مسلللم فللي صللحيحه ) (3006مللن
طريق يعقوب بن مجاهد أبي حزرة ،عن عبادة بن الوليللد
ابن عبادة بن الصامت قال :خرجت أنا وأبي نطلب العلم
في هذا الحي من النصار ،قبل أن يهلكوا ،فكان أول من
لقينا أبا اليسر ،صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلللم
ومعه غلم له ،معه ضمامة من صحف ،وعلى أبي اليسر
بردة ومعافري ،وعلى غلمه بللردة ومعللافري ،فقللال للله
أبي :يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب ،قللال :
أجل كان لي علللى فلن بللن فلن الحرامللي مللال ،فللأتيت
ي ابن للله أهله فسلمت ،فقلت ثم هو ؟ قالوا ل فخرج عل ّ
جفر ،فقلت له أين أبوك ؟ قال سمع صوتك فدخل أريكة
أمي ،فقلت اخرج إلللي فقللد علمللت أيللن أنللت ،فخللرج ،
فقلت :ما حملك على أن اختبللأت منللي ؟ قللال أنللا والللله
أحدثك ،ثم ل أكذبك خشيت ،والللله أن أحللدثك فأكللذبك ،
وأن أعدك فأخلفك ،وكنت صاحب رسول الله صلللى الللله
عليه وسلم ،وكنت والله معسرا ً ،قللال قلللت آلللله ،قللال
الله ،قلت آلله ،قال الللله ،قلللت آلللله ،قللال الللله ،قللال
فللأتى بصللحيفته فمحاهللا بيللده ،فقللال إن وجللدت قضللاء
فاقضني ،و إل أنت في حللل ،فأشللهد بصللر عينللي هللاتين
)ووضع إصبعيه على عينيلله( وسللمع أذنللي هللاتين ،ووعللاه
قلبي هذا )وأشار إلى مناط قلبه( رسول الللله صلللى الللله
206
عليه وسلم وهو يقول )من أنظر معسرا ً ،أو وضللع عنلله ،
أظله الله في ظله( 0
إن النفوس الكريمة ،مجبولة على حب من أحسن إليهللا ،
وصنائع المعروف ساترة لعيللوب صللاحبه ،غللافرة لزلتلله ،
متجاوزة عن هفوته
ب المرِء في الناس بخُله … … وُيظهُر عي َ
وَيستُره عنهم جميعا ً سخا ُ
ؤه
ب السخاِء فإنني … … ط بأثوا َِتغ ّ
ؤه ب والسخاُء غطا ُ ل عي ٍ أرى ك ّ
إن صللاحب المعللروف يسللتعبد قلللوب الحللرار ،ويعطللف
قلوبهم إليه ،ويحبب الناس إليه ولللو لللم ينللل النللاس مللن
إحسانه
م…… أحسن إلى الناس تستعبد قلوبه ُ
ن
فطالما استعبد النسان إحسا ُ
من جاد بالمال مال الناس قاطبة … …
نإليه والمال للنسان فتا ُ
أحسن إذا كان إمكان ومقدرة … …
نفلن يدوم على النسان إمكا ُ
إن البذل والسخاء خلق كريم ،من أشرف القيم العاليللة ،
والخلق الفاضلللة بلله يتبللؤ صللاحبه الرتللب العليللة ،وينللال
الشللرف الرفيللع ،ذلللك لن الجللود مللن أشللرف المكللارم
وأخص الفضائل ،وأهله هم المكرمون عند الله تعالى
ة ل يسللتوي البخللل عنللد الللله ة والبخل مبغضل ٌ الجود مكرم ٌ
والجود ُ
==================
#قرار رقم (2/7 ) 64 :بشأن البيع بالتقسيط
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 21/10/1425
04/12/2004
مجلة المجمع )ع ،6ج 1ص 193والعدد السللابع ج 2ص
(9
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربيللة السللعودية مللن
207
12-7ذي القعدة 1412هل الموافق 14 – 9أيللار )مللايو(
1992م ،
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
موضللوع الللبيع بالتقسلليط ،واسللتكمال ً للقللرار (2/6) 51
بشأنه،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يلي :
أول ً :الللبيع بالتقسلليط جللائز شللرعًا ،ولللو زاد فيلله الثمللن
المؤجل على المعجل .
ثانيا ً :الوراق التجارية )الشيكات-السللندات لمللر-سللندات
السحب( من أنواع التوثيق المشروع للدين بالكتابة .
ثالثا ً :إن حسم )خصم( الوراق التجارية غير جائز شللرعًا،
لنه يؤول إلى ربا النسيئة المحرم .
رابعا ً :الحطيطة من الدين المؤجل ،لجللل تعجيلله ،سلواء
أكانت بطلب الدائن أو المدين )ضع وتعجل( جائزة شرعًا،
ل تدخل في الربللا المحللرم إذا لللم تكللن بنللاء علللى اتفللاق
مسبق ،وما دامت العلقة بين الدائن والمدين ثنائية .فإذا
دخل بينهما طرف ثالث لم تجللز ،لنهللا تأخللذ عنللدئذٍ حكللم
حسم الوراق التجارية .
خامسا ً :يجوز اتفاق المتداينين على حلول سائر القساط
عند امتناع المدين عللن الوفللاء بللأي قسللط مللن القسللاط
المستحقة عليه ما لم يكن معسرا ً .
سادسا ً :إذا اعتبر الدين حال ً لموت المدين ،أو إفلسه ،أو
ممللاطلته ،فيجللوز فللي جميللع هللذه الحللالت الحللط منلله
للتعجيل بالتراضي .
سابعا ً :ضللابط العسللار الللذي يللوجب النظللار :أل يكللون
للمدين مال زائد عن حوائجه الصلية يفللي بللدينه نقللدًا ،أو
عينا ً .
والله أعلم
=============
#السندات
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 19/10/1425
208
02/12/2004
مجلة المجمع )ع ،6ج 2ص 1273ع 7ج 1ص (73
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من
23-17شللعبان 1410هل ل الموافللق 20-14آذار )مللارس(
1990م،
بعد اطلعه على البحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في
ندوة السواق المالية المنعقدة في الرباط 24 – 20ربيع
الثاني 1410هل 1989 / 10/ 24 – 20 /م بالتعاون بين
هذا المجمع والمعهد السلمي للبحللوث والتللدريب بالبنللك
السلمي للتنمية ،وباستضللافة وزارة الوقللاف والشللؤون
السلمية بالمملكة المغربية ،
وبعد الطلع على أن السند شهادة يلتزم المصدر بموجبها
أن يدفع لحاملها القيمة السمية عند الستحقاق ،مع دفللع
فائدة متفق عليها منسوبة إلى القيمة السمية للسللند ،أو
ترتيب نفع مشروط سواء أكللان جللوائز تللوزع بالقرعللة أم
مبلغا ً مقطوعا ً أم حسما ً ،
قرر ما يلي :
أول ً :إن السندات التي تمثل التزاما ً بدفع مبلغا ً مع فللائدة
منسوبة إليلله أو نفللع مشللروط محرمللة شللرعا ً مللن حيللث
الصدار أو الشراء أو التداول ،لنهلا قلروض ربويلة سلواء
أكانت الجهة المصدرة لها خاصة أو عامة ترتبط بالدولللة .
ول أثر لتسميتها شهادات أو صكوكا ً اسلتثمارية أو ادخاريلة
أو تسللمية الفللائدة الربويللة الملللتزم بهللا ربح لا ً أو ريع لا ً أو
عمولة أو عائدا ً .
ثانيلللا ً :تحلللرم أيضللا ً السلللندات ذات الكوبللون الصللفري
باعتبارها قروضا ً يجري بيعها بأقللل مللن قيمتهللا السللمية ،
ويسللتفيد أصللحابها مللن الفللروق باعتبارهللا حسللما ً لهللذه
السندات .
ثالث لا ً كمللا تحللرم أيض لا ً السللندات ذات الجللوائز باعتبارهللا
قروضللا ً ُاشللترط فيهللا نفللع أو زيللادة بالنسللبة لمجمللوع
المقرضين ،أو لبعضهم ل على التعيين ،فضل ً عللن شللبهة
القمار .
209
رابعا ً :من البدائل للسندات المحرمللة – إصللدارا ً أو شللراءً
أو تللداول ً – السللندات أو الصللكوك القائمللة علللى أسللاس
المضاربة لمشروع أو نشللاط اسللتثماري معيللن ،بحيللث ل
يكون لمالكيهلا فللائدة أو نفلع مقطلوع ،وإنمللا تكلون لهللم
نسبة من ربح هذا المشللروع بقللدر مللا يملكللون مللن هللذه
السندات أو الصللكوك ول ينللالون هللذا الربللح إل إذا تحقللق
فعل ً .ويمكللن السللتفادة فللي هللذا مللن الصلليغة الللتي تللم
اعتمادهللا بللالقرار رقللم (5/4) 30لهللذا المجمللع بشللأن
سندات المقارضة .
والله أعلم
============
#التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 21/10/1425
04/12/2004
مجلة المجمع )ع 5ج 4ص 2773ع 6ج 1ص ( 81
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من
23 -17شللعبان 1410هللل الموافللق 20 – 14آذار
)مارس( 1990م،
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
موضوع التمويل العقاري لبناء المساكن وشرائها ،
واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يلي :
أول ً :إن المسللكن مللن الحاجللات الساسللية للنسللان ،
وينبغللي أن يللوفر بللالطرق المشللروعة بمللال حلل ،وإن
الطريقة التي تسلكها البنوك العقارية والسكانية ونحوها ،
من القراض بفائدة قللت أو كلثرت ،هلي طريقلة محرملة
شرعا ً لما فيها من التعامل بالربا .
ثانيا ً :هنللاك طللرق مشللروعة ُيسللتغنى بهللا عللن الطريقللة
المحرمللة ،لتللوفير المسللكن بالتملللك )فضلل ً عللن إمكانيللة
توفيره باليجار( ،منها :
210
أ -أن تقدم الدولة للراغللبين فللي تملللك مسللاكن ،قروض لا ً
مخصصة لنشاء المساكن ،تستوفيها بأقساط ملئمة بدون
فللائدة ،سللواء أكللانت الفللائدة صللريحة ،أم تحللت سللتار
اعتبارها )رسللم خدمللة( ،علللى أنلله إذا دعللت الحاجللة إلللى
تحصيل نفقات لتقديم عمليات القللروض ومتابعتهللا ،وجللب
أن يقتصر فيها على التكاليف الفعلية لعملية القرض علللى
النحو المللبين فللي الفقللرة )أ( مللن القللرار رقللم (1/3)13
للدورة الثالثة لهذا المجمع .
ب – أن تتللولى الدولللة القللادرة إنشللاء المسللاكن وتبيعهللا
للراغبين في تملك مساكن بالجللل والقسللاط ،بالضللوابط
الشرعية المبينة في القرار (2/6) 51لهذه الدورة .
ج -أن يتولى المسللتثمرون مللن الفللراد أو الشللركات بنللاء
مساكن تباع بالجل .
د -أن تملك المساكن عن طريق عقللد الستصللناع – علللى
أساس اعتباره لزم لا ً – وبللذلك يتللم شللراء المسللكن قبللل
بنلائه ،بحسلب الوصلف اللدقيق المزيلل للجهاللة المؤديلة
للنزاع ،دون وجوب تعجيل جميع الثمللن ،بللل يجللوز تللأجيله
بأقسللاط يتفللق عليهللا ،مللع مراعللاة الشللروط والحللوال
المقررة لعقد الستصناع لدى الفقهللاء الللذين ميللزوه عللن
عقد السلم .
ويوصي بما يلي :
مواصلة النظر ليجاد طللرق أخللرى مشلروعة تلوفر تمللك
المساكن للراغبين في ذلك .
والله الموفق.
=============
#حكم شراء المنازل بقرض بنكي ربوي
للمسلمين في غير بلد السلم
قرارات المجلس الوروبي للفتاء والبحوث 16/3/1426
25/04/2005
قرار المجلس:
مللت بهللا البلللوى فللي
نظر المجلللس فللي القضللية الللتي ع ّ
أوروبا وفي بلد الغللرب كلهللا ،وهللي قضللية المنللازل الللتي
تشترى بقرض ربوي بواسطة البنوك التقليدية.
211
وقد ُقدمت إلى المجلس عدة أوراق في الموضوع ما بيللن
مؤيد ومعارض ،قرئت علللى المجلللس ،ثللم ناقشللها جميللع
العضاء مناقشة مستفيضة ،انتهى بعدها المجلس بأغلبيللة
أعضائه إلى ما يلي:
* يؤكد المجلس على ما أجمعللت عليلله المللة مللن حرمللة
الربا ،وأنه من السبع الموبقات ،ومللن الكبللائر الللتي تللؤذن
بحرب من الله ورسوله ،ويؤكد ما قررته المجامع الفقهيللة
السلمية من أن فوائد البنوك هي الربا الحرام.
* يناشد المجلس أبناء المسلمين في الغللرب أن يجتهللدوا
فللي إيجللاد البللدائل الشللرعية ،الللتي ل شللبهة فيهللا ،مللا
اسللتطاعوا إلللى ذلللك سللبي ً
ل ،مثللل )بيللع المرابحللة( الللذي
تسللتخدمه البنللوك السلللمية ،ومثللل تأسلليس شللركات
إسلمية تنشئ مثل هذه البيوت بشروط ميسللرة مقللدورة
لجمهور المسلمين ،وغير ذلك.
* كما يللدعو التجمعللات السلللمية فللي أوروبللا أن تفللاوض
البنللوك الوروبيللة التقليديللة؛ لتحويللل هللذه المعاملللة إلللى
صيغة مقبولة شرعًا ،مثل )بيع التقسلليط( الللذي يللزاد فيلله
الثمن مقابل الزيادة فللي الجللل ،فللإن هللذا سلليجلب لهللم
دا كبيًرا من المسلمين يتعامل معهم على أسللاس هللذه عد ً
الطريقللة ،وهللو مللا يجللري بلله العمللل فللي بعللض القطللار
دا من البنوك الغربية الكللبرى تفتللح الوروبية ،وقد رأينا عد ً
عللا لهللا فللي بلدنللا العربيللة تتعامللل وفللق الشللريعةفرو ً
السلمية ،كما في البحرين وغيرها.
* ويمكن للمجلس أن يساعد في ذللك بإرسلال نلداء إللى
هذه البنوك؛ لتعديل سلوكها مع المسلمين.
وإذا لم يكن هذا ول ذاك ميسرا ً في الوقت الحاضللر ،فللإن
المجلس في ضوء الدلة والقواعد والعتبللارات الشللرعية،
سا من اللجوء إلى هللذه الوسلليلة ،وهللي القللرض ل يرى بأ ً
الربللوي لشللراء بيللت يحتللاج إليلله المسلللم لسللكناه هللو
وأسرته ،بشرط أل يكون لديه بيت آخللر يغنيله ،وأن يكللون
هو مسكنه الساسي ،وأل يكون عنده من فائض المال مللا
كنه من شرائه بغير هذه الوسيلة ،وقد اعتمللد المجلللس يم ّ
في فتواه على مرتكزين أساسيين:
212
المرتكللز الول :قاعللدة )الضللرورات تبيللح المحظللورات(:
وهي قاعدة متفق عليها ،مأخوذة من نصوص القللرآن فللي
خمسة مواضع ،منها قوله تعالى في سورة النعللام" :وقللد
صل لكم ما حّرم عليكللم إل مللا اضللطررتم إليلله" ]اليللة: ف ّ
،[119ومنهللا قللوله تعللالى فللي نفللس السللورة بعللد ذكللر
محرمات الطعمة" :فمن اضطر غير باغ ول عاد فإن ربك
غفور رحيللم" ]اليللة ،[145 :وممللا قللرره الفقهللاء هنللا أن
الحاجة قد تنزل منزلة الضرورة ،خاصة كانت أو عامة.
والحاجة هي التي إذا لم تتحقق يكون المسلللم فللي حللرج
وإن كللان يسللتطيع أن يعيللش ،بخلف الضللرورة الللتي ل
يستطيع أن يعيش بدونها ،والله تعالى رفع الحرج عن هذه
المة بنصوص القلرآن ،كملا فلي قلوله تعلالى فلي سلورة
الحج" :وما جعل عليكم في الدين من حرج" ]اليللة،[78 :
وفي سورة المائدة" :ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج"
]الية.[6 :
والمسكن الذي يللدفع عللن المسلللم الحللرج هللو المسللكن
المناسب له في موقعه وفي سعته وفللي مرافقلله ،بحيللث
يكون سكًنا حًقا.
وإذا كللان المجلللس قللد اعتمللد علللى قاعللدة الضللرورة أو
الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة ،فإنه لم ينللس القاعللدة
الخرى الضابطة والمكملة لها ،هي أن )ما أبيللح للضللرورة
يقدر بقدرها( ،فلم يجز تملك البيوت للتجارة ونحوها.
والمسللكن ول شللك ضللرورة للفللرد المسلللم وللسللرة
المسلمة ،وقللد امتللن الللله بللذلك علللى عبللاده حيللن قللال:
"والله جعل لكم من بيوتكم سللكًنا" ]النحللل ،[80 :وجعللل
النبي – صلى الله عليه وسلم -السكن الواسع عنصرا ً مللن
عناصر السعادة الربعة أو الثلثة ،والمسللكن المسللتأجر ل
يلللبي كللل حاجللة المسلللم ،ول يشللعره بالمللان ،وإن كللان
يكلللف المسلللم كللثيًرا بمللا يللدفعه لغيللر المسلللم ،ويظللل
دا،
سنوات وسنوات يدفع أجرته ول يملك منلله حج لًرا واح ل ً
ومع هذا يظل المسلم عرضة للطرد من هذا المسللكن إذا
كثر عياله أو كثر ضيوفه ،كمللا أنلله إذا كللبرت سللنه أو قللل
دخله أو انقطع يصبح عرضة لن يرمى به في الطريق.
213
كنه أن وتمّلك المسكن يكفي المسلم هذا الهم ،كما أنه يم ّ
يختللار المسللكن قريب ًللا مللن المسللجد والمركللز السلللمي،
والمدرسة السلمية ،ويهيئ فرصللة للمجموعللة المسلللمة
أن تتقللارب فللي مسللاكنها عسللى أن تنشللئ لهللا مجتمعًللا
إسلللمًيا صللغيًرا داخللل المجتمللع الكللبير ،فيتعللارف فيلله
أبناؤهم ،وتقوى روابطهم ،ويتعاونون على العيش في ظل
كن المسلم من إعداد بيتلله مفاهيم السلم .كما أن هذا يم ّ
وترتيبه بما يلبي حاجته الدينية والجتماعية ،ما دام مملو ً
كا
له.
وهناك إلى جانب هذه الحالة الفردية لكل مسللم ،الحاجلة
العامة لجماعة المسلمين الذين يعيشون أقليللة خللارج دار
السلم ،وهي تتمثل في تحسين أحوالهم المعيشية ،حللتى
يرتفللع مسللتواهم ،ويكونللوا أهل ً للنتمللاء إلللى خيللر أمللة
ُأخرجت للناس ،ويغدوا صورة مشرفة للسلللم أمللام غيللر
المسلللمين ،كمللا تتمثللل فللي أن يتحللرروا مللن الضللغوط
القتصادية عليهم ،ليقوموا بواجب الدعوة ويسللاهموا فللي
بناء المجتمع العللام ،وهللذا يقتضللي أل يظللل المسلللم يكللد
وينصب طول عمره من أجل دفع قيمة إيجار بيته ونفقات
عيشه ،ول يجد فرصة لخدمة مجتمعه ،أو نشر دعوته.
المرتكز الثاني :هو ما ذهب إليه أبو حنيفة وصاحبه محمللد
مْفَتللى بلله فللي المللذهب بللن الحسللن الشلليباني ،وهللو ال ُ
الحنفي .وكللذلك سللفيان الثللوري وإبراهيللم النخعللي ،وهللو
رواية عن أحمد بن حنبل ،ورجحها ابن تيمية – فيمللا ذكللره
بعض الحنابلة :-من جواز التعامل بالربا وغيره من العقللود
الفاسدة ،بين المسلمين وغيرهم في غير دار السلم.
ويرجح الخذ بهذا المذهب هنا عدة اعتبارات ،منها:
عا أن يقيم أحكللام الشللرع ) (1أن المسلم غير مكلف شر ً
المدنية والمالية والسياسللية ونحوهللا ممللا يتعل ّللق بالنظللام
العام فللي مجتمللع ل يللؤمن بالسلللم؛ لن هللذا ليللس فللي
سا إل وسللعها ،وتحريللم الربللا هللو وسعه ،ول يكّلف الله نف ً
من هللذه الحكللام الللتي تتعل ّللق بهويللة المجتمللع ،وفلسللفة
الدولة ،واتجاهها الجتماعي والقتصادي.
214
دا،وإنما يطالب المسلم بإقامللة الحكللام الللتي تخصلله فللر ً
مثل أحكام العبادات ،وأحكللام المطعومللات والمشللروبات
والملبوسات ،وما يتعّلق بالزواج والطلق والرجعة والعللدة
والميراث ،وغيرها من الحوال الشخصية ،بحيث لللو ضلليق
عليه في هذه المور ،ولم يستطع بحللال إقامللة دينلله فيهللا
لوجب عليه أن يهاجر إلى أرض الله الواسعة ما وجد إلللى
ذلك سبي ً
ل.
) (2أن المسلللم إذا لللم يتعامللل بهللذه العقللود الفاسللدة –
ومنها عقد الربا -في دار القوم ،سيؤدي ذلك بالمسلم إلى
أن يكون التزامه بالسلم سبًبا لضعفه اقتصادًيا ،وخسارته
مالًيا ،والمفروض أن السلللم يقللوي المسلللم ول يضللعفه،
ويزيللده ول ينقصلله ،وينفعلله ول يضللره ،وقللد احتللج بعللض
علماء السلف على جواز توريث المسلم من غير المسلللم
بحديث) :السلم يزيد ول ينقص() ،(1أي يزيد المسلم ول
ينقصه ،ومثله حديث) :السلللم يعلللو ول ُيعلللى( ) ،(2وهللو
إذا لم يتعامل بهذه العقود التي يتراضونها بينهم ،سيضللطر
إلى أن يعطي ما يطلب منه ،ول يأخللذ مقللابله ،فهللو ينفللذ
هذه القللوانين والعقللود فيمللا يكللون عليلله مللن مغللارم ،ول
ينفذها فيما يكون له من مغانم ،فعليه الُغرم دائم لا ً وليللس
مللا مالي ًللا ،بسللبب
دا مظلو ًله الغُْنم ،وبهذا يظل المسلم أب ل ً
دا إلللى أن يظلللم الللتزامه بالسلللم! والسلللم ل يقصللد أبل ً
المسلم بالتزامه بلله ،وأن يللتركه – فللي غيللر دار السلللم-
لغير المسلم يمتصه ويستفيد منه ،فللي حيللن يحللرم علللى
المسلم أن ينتفع من معاملة غير المسلم في المقابل في
ضوء العقود السائدة ،والمعترف بها عندهم.
وما يقال من أن مذهب الحنفية إنما يجيللز التعامللل بالربللا
فللي حالللة الخللذ ل العطللاء؛ لنلله ل فللائدة للمسلللم فللي
العطللاء وهللم ل يجيللزون التعامللل بللالعقود الفاسللدة إل
بشرطين :الول :أن يكون فيها منفعللة للمسلللم .والثللاني:
أل يكون فيها غدر ول خيانة لغير المسلم ،وهنا لللم تتحقللق
المنفعة للمسلم.
فالجواب :أن هذا غير مسّلم ،كما يللدل عليلله قللول محمللد
بلللن الحسلللن الشللليباني فلللي "السلللير الكلللبير" ،وإطلق
215
المتقدمين من علماء المذهب ،كمللا أن المسلللم وإن كللان
يعطي الفائدة هنا فهو المستفيد ،إذ به يتملك المنزل فللي
النهاية.
وقللد أكللد المسلللمون الللذين يعيشللون فللي هللذه الللديار
بالسلماع المباشلر منهلم وبالمراسللة :أن القسللاط الللتي
يدفعونها للبنك بقللدر الجللرة الللتي يللدفعونها للمالللك ،بللل
أحياًنا تكون أقل.
ومعنى هذا أننا إذا حّرمنا التعامللل هنللا بالفللائدة مللع البنللك
حَرمنا المسلم من امتلك مسكن للله ولسللرته ،وهللو مللن
الحاجات الصلية للنسان كما يعللبر الفقهللاء ،وربمللا يظللل
عشللرين أو ثلثيللن سللنة أو أكللثر ،يللدفع إيجللاًرا شللهريا ً أو
سنوًيا ،ول يملك شلليئًا ،علللى حيللن كللان يمكنلله فللي خلل
عشرين سنة – وربما أقل -أن يملك البيت.
فلو لم يكن هذا التعامللل جللائًزا علللى مللذهب أبللي حنيفللة
ومن وافقه ،لكان جللائًزا عنللد الجميللع للحاجللة الللتي تنللزل
أحياًنا منزلة الضرورة ،في إباحة المحظور بها.
كل الربا ول ي َللأك ُُله ،أي هللو ولسيما أن المسلم هنا ،إنما ُيؤ ِ
بصل ٌ من ْ َيعطي الفللائدة ول يأخللذها ،والصللل فللي التحريللم ُ
على )أكل الربا( كما نطقت بلله آيللات القللرآن ،إنمللا حللرم
دا للذريعلة ،كمللا حرملت الكتابللة لله والشللهادة اليكال سل ً
عليه ،فهو من باب تحريم الوسائل ل تحريم المقاصد.
ومن المعلللوم أن أكللل الربللا المحللرم ل يجللوز بحللال ،أمللا
ص
إيكاله )بمعنى إعطاء الفللائدة( فيجللوز للحاجللة ،وقللد ن ل ّ
على ذلك الفقهاء ،وأجازوا السللتقراض بالربللا للحاجللة إذا
سدت في وجهة أبواب الحلل.
ومن القواعد الشهيرة هنا :أن )مللا حللرم لللذاته ل يبللاح إل
للضرورة ،ومللا حللرم لسللد الذريعللة يبللاح للحاجللة( ،والللله
الموفق.
القرار ].[2/4
ج أبو داود رقم ،(2912) :ومن طريقه :البيهقي ) ) (1أخر َ
دة :أن ،6/205ل (255-254بإسناده إلى عبد الله بللن ب َُري ْل َ
ث مر :يهودي ومسلم ،فوَّر َ صما إلى يحيى بن ي َعْ َأخوين اخت َ
دثه، ن رجل ً ح ل ّ المسلم منهما ،وقال :حدثني أبللو السللود ،أ ّ
216
دثه ،قال :سمعت رسول الله –صلى الله عليلله ن معا ًَ
ذا ح ّ أ ّ
ث المسلللم. وسلم -يقول" :السلم َيزيد ول َينقص" .فوَّر َ
ح ،وإنما هو منقطع بين أبللي ده إلى أبي السود صحي ٌ وإسنا ُ
السود ومعاذ ،لجهالة الراوي بينهما ،ويشهد للمرفوع منلله
ن لغيره. حديث عائذ بن عمرو التالي ،وهو به حس ٌ
) (2حديث حسن لغيره ،أخرجلله الرويللاني فللي "مسللنده"
رقللم ،(783) :وأبللو ُنعيللم فللي )أخبللار أصللبهان( )،(1/65
والبيهقي ) ،(6/205وفي إسناده مجهولن ،لكن يشهد للله
حديث معاذ بن جبل المتقدم قبله ،كما جاء كللذلك بإسللناد
صللحيح عللن ابللن عبللاس موقوفًللا ،أخرجلله الطحللاوي فللي
)شللرح معللاني الثللار( ) ،(3/257وعلقلله البخللاري فللي
)صحيحه( ) -1/454كتاب الجنائز( ،وصححه ابن حجر فللي
دقه واللذي قبلله قلوله تعلالى: "الفتح" ) .(9/421كما يصل ّ
)هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهللره علللى
الدين كله( ]التوبة ،33 :الصف.[9 :
===============
#الورق النقدي
هيئة كبار العلماء 22/8/1426
26/09/2005
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على مللن ل نللبي بعللده
محمد ،وعلى آله وصحبه،وبعد:
فبناء على توصية رئيس إدارات البحللوث العلميللة والفتللاء
والللدعوة والرشللاد ،والميللن العللام لهيئة كبللار العلمللاء –
بدراسة موضوع الورق النقدي من قبل هيئة كبار العلمللاء؛
استنادا ً إلى المللادة السللابعة مللن لئحللة سللير العمللل فللي
الهيئة التي تنص على أن ما يجري بحثه في مجلس الهيئة
يتم بطلب مللن ولللي المللر ،أو بتوصللية مللن الهيئة،أو مللن
أمينهللا ،أو مللن رئيللس إدارات البحللوث العلميللة والفتللاء
والدعوة والرشللاد،أو مللن اللجنللة الدائمللة المتفرعللة عللن
الهيئة -فقد جرى إدراج الموضوع في جدول أعمللال الهيئة
للللدورتها الثالثلللة المنعقلللدة فيملللا بيلللن 1/4/1393هلللل و
17/4/1393هل ،وفي تلك الدورة جرى دراسللة الموضللوع
217
بعد الطلع على البحث المقدم عنلله مللن اللجنللة الدائمللة
للبحوث العلمية والفتاء.
وبعد استعراض القللوال الفقهيللة الللتي قيلللت فللي حقيقللة
الوراق النقدية من اعتبارها أسنادًا ،أو عروض لًا ،أو فلوسللا
ً،أو بدل ً عن ذهب أو فضة ،أو نقدا ً مستقل ً بذاته،وما يترتب
على تلك القوال من أحكام شرعية – جرى تللداول الللرأي
فيها ،ومناقشة ما على كل قول منها مللن إيللرادات .فتنتللج
عن ذلك العديللد مللن التسللاؤلت الللتي تتعلللق بللالجراءات
المتخللذة مللن قبللل الجهللات المصللدرة لهللا:وحيللث أن
الموضوع من المسائل التي تقضللي المللادة العاشللرة مللن
لئحللة سللير عمللل الهيئة بالسللتعانة بالشللؤون القتصللادية
والجتماعية والنظمة العامة بما في ذلك القضللايا البنكيللة
والتجارية والعمالية ،فإن عليها أن تشرك في البحث معهللا
واحدا ً أو أكثر من المتخصصين في تلك العلوم -فقد جللرى
استدعاء سعادة محافظ مؤسسة النقد العربللي السللعودي
الدكتور أنور علي،وحضر معه الللدكتور عمللر شللابريه أحللد
المختصين في العلللوم القتصللادية ،ووجهللت إلللى سللعادته
السئلة التالية:
س :1هل تعتبر مؤسسة النقد ورق النقللد السللعودي نقللدا ً
قائما ً بذاته أم تعتبره سللندات تتعهللد الدولللة بللدفع قيمتهللا
لحاملها،كما هو مدون على كل فئة من فئات أوراق النقللد
السللعودي،وإذا لللم يللرد معنللى هللذه العبللارة ،فمللا معنللى
اللتزام بتسجيلها على كل ورقة،وهل يعني ذلك التعهد أن
ورق النقد السعودي مغطى بريالت فضية أم ل؟
س :2هل لكللل عملللة ورقيللة غطللاء مللادي محفللوظ فللي
خزائن مصدريها ،إذا كان كذلك فهللل هللو غطللاء كامللل أم
غطاء للبعض فقط ،وإذا كان غطاء للبعللض فمللا هللو الحللد
العلى للتغطية ،وما هو الحد الدنى لها؟
س :3ما نوع غطاء العملت الورقية ،وهل توجد عملة لي
دولة ما مغطاة بالفضة،وله هناك جهات إصدار تخلت عللن
فكرة التغطية المادية مطلقًا؟
س :4المعللروف أن الورقللة ل قيمللة لهللا فللي ذاتهللا،وإنمللا
قيمتها في الخارج عنها ،فما هي مقومات هذه القيمة؟
218
س :5نرغب في شرح نظرية غطاء النقد بصفة عامة ،وما
هي مقومات اعتبار العملة الورقية على الصعيدين الدولي
والمحلي؟
س :6هل الغطللاء ل يكللون إل بالللذهب ،وإذا كللان بالللذهب
وغيره فهل غير الذهب فرع عن الذهب باعتبللار أنلله قيمللة
له ،وهل يكفي للغطاء ملءة ومتانة اقتصادها وقوتهللا ولللو
لم يكن لنقدها رصيد؟
س :7ما يسمى بالدينار ،والجنيه هل هو مغطللى بالللذهب؛
ولذا سمي دينارا ً أو جنيها ً رمزا ً لما غطي به ،ومثله الريال
السللعودي هللل هللو مغطللى بفضللة أم أن هللذه التسللميات
يقصللد منهللا المحافظللة علللى التسللميات القديمللة للعمللل
ما هللي مسللتندة عليلله المتداولة فيما مضى بغض النظر ع ّ
من ذهب أو فضة؟
س :8ما السبب في عدم الثقة في النقد المتداول اليللوم
مما أدى إلى ارتفاع الذهب ارتفاعا ً لم يسبق له نظير؟
وإجابة سعادته عنها بواسطة المترجم القائد الدكتور أحمد
المالك إجابة جرى رصد خلصتها في محضللر الجلسللة مللع
سعادته ،وقد توصلت بها الكثرية مللن الهيئة إلللى القتنللاع
بما ارتأته فيها من رأي.
ثم بعد إعادة النظر في القوال الفقهية الللتي قيلللت فيهللا
على ضوء اليضاحات التي ذكرها سللعادة المحللافظ -قللرر
المجلس بالكثرية ما يلي:
بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره فللي العللادة
أو الصطلح ،بحيث يلقى قبول ً عاما ً كوسيط للتبادل ،كمللا
أشار إلى ذلك شلليخ السلللم ابللن تيميللة حيللث قللال)وأمللا
الدرهم والدينار فما يعرف له حللد طبعللي ول شللرعي،بللل
مرجعه إلى العللادة والصللطلح؛وذلللك لنلله فللي الصللل ل
يتعلللق المقصللود بلله ،بللل الغللرض أن يكللون معيللارا ً لمللا
يتعاملون به ،والدراهم والدنانير ل تقصد لنفسها ،بللل هللي
وسيلة إلى التعامل بها؛ولهللذا كللانت أثمانلًا..إلللى أن قللال:
والوسيلة المحضة التي ل يتعلللق بهللا غللرض،ل بمادتهللا ول
بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت(اهل(1).
219
وذكللر نحللو ذلللك المللام مالللك فللي]المدونللة[ مللن كتللاب
الصرف حيث قللال):ولللو أن النللاس أجللازوا بينهللم الجلللود
حللتى يكللون لهللا سللكة وعيللن لكرهتهللا أن تبللاع بالللذهب
والورق نظرة(اهل).(1
وحيلللث أن اللللورق النقلللدي يلقلللى قبلللول ً عاملللا ً فلللي
التداول،ويحمل خصائص الثمان من كللونه مقياس لا ً للقيللم
ومسللتودعا ً للللثروة ،وبلله البللراء العللام ،وحيللث ظهللر مللن
المناقشة مع سعادة المحافظ :أن صفة السندية فيها غيللر
مقصودة ،والواقع يشهد بذلك ويؤكده،كما ظهر أن الغطاء
ل يلزم أن يكون شامل ً لجميللع الوراق النقديللة ،بللل يجللوز
في عرف جهات الصدار أن يكون جزء من عملتهللا بللدون
غطاء ،وأن الغطللاء ل يلللزم أن يكللون ذهب لًا ،بللل يجللوز أن
يكون من أمور عدة الذهب والعملت الورقية القوية ،وأن
الفضة ليست غطاء كلي ّلا ً أو جللزيئا ً لي عملللة فللي العللالم،
كمللا اّتضللح أن مقومللات الورقللة النقللديه قللوة وضللعفا ً
مسللللتمدة ممللللا تكللللون عليلللله حكومتهللللا مللللن حللللال
اقتصادية،فتقوى الورقة بقوة دولتها وتضعف بضعفها ،وأن
الخامات المحليللة؛كللالبترول والقطللن والصللوف لللم تعتللبر
حتى الن لدى أي من جهات الصدار.
)ج( يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقلًا ،إذا كللان
ذلك يدا ً بيد ،يجوز بيللع الليللرة السللورية أو اللبنانيللة بريللال
سعودي ،ورقا ً كان أو فضة ،أو أقل من ذلك أو أكللثر،وبيللع
الدولر المريكي بثلثة أريلللة سللعودية أو أقللل أو أكللثر إذا
كللان ذلللك يللدا ً بيللد ،ومثللل ذلللك فللي الجللواز بيللع الريللال
السعودي الفضة بثلثة أريلة سعودية ورق أو أقللل أو أكللثر
يدا ً بيد؛ لن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنس ول أثر لمجللرد
الشتراك في السم مع الختلف في الحقيقة.
ثانيًا:وجللوب زكاتهللا إذا بلغللت قيمتهللا أدنللى النصللابين مللن
ذهب أو فضة أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الثمان
والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لهل وجوبها.
ثالثًا :جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات.
والله أعلم ،وبالله التوفيق ،وصلى الله علللى نبينللا محمللد،
وآله وصحبه وسلم.
220
هيئة كبار العلماء
…
…
رئيس الدورة الثالثة
…
…
محمد المين الشنقيطي ]متوقف[
عبد الله خياط
…
عبد الله بن حميد
]متوقف[
…
عبد الرزاق عفيفي
]لي وجهة نظر أخرى في الوراق النقدية أقدم بها بيانا ً إن
شاء الله[
عبد العزيز بن باز
…
عبد العزيز بن صالح
…
عبد المجيد حسن
محمد الحركان
…
سليمان بن عبيد
…
إبراهيم محمد آل الشيخ
صالح بن غصون
…
راشد بن خنين
…
عبد الله بن غديان ]متوقف[
محمد بن جبير
…
عبد الله بن منيع
221
…
صالح بن لحيدان ]متوقف[
================
#استفادة الهيئات الخيرية من عوائد الحسابات
الربوية
قرارات المجلس الوروبي للفتاء والبحوث 24/4/1426
01/06/2005
قرار المجلس:
صلا ملن فتلح عموم المسللمين فلي الغلرب ل يجلدون منا ً
حسابات في البنوك الربوية ،ومعلللوم أن هللذه الحسللابات
تللترتب عليهللا زيللادات ربويللة تلحللق بحسللاباتهم ،فيجللدون
أنفسهم بين خيارين :إما ترك هذه الفوائد للبنك ،وفي هذا
تفويت مصلحة للمسلمين ،وربما كللانت عون ًللا لمؤسسللات
تبشيرية ،وإما أن يصرفوها في وجوه الخيللر العامللة ،وبمللا
أن الحكم ل يتعلق بعين المللال وإنمللا بطريقللة تحصلليله أو
ما فحرمته في حللق مللن اكتسللبه صرفه ،فما كان منه حرا ً
بطريقة غير مشروعة ،فالذي يحرم في شللأن هللذا المللال
الربللوي هللو أن ينتفللع بلله الشللخص لنفسلله ،أمللا بالنسللبة
ما.
للفقراء والجهات الخيرية فل يكون حرا ً
سللا مللن أن تسللأل وبناء على ذلك ،فإن المجلس ل يرى بأ ً
المؤسسة الخيرية أصحاب هذه الحسابات أن يمكنوها من
تلك الموال ،كما ل يجد فرًقا في تحصيل هذه الموال من
أي جهة أخرى كالمؤسسات والبنوك وغير ذلك.
وينبغي للمؤسسة أن تتحاشى ما وسعها ذكللر اسللم البنللك
المتبرع على وجه الدعاية له ،بسبب عدم مشروعية أصل
عمله.
ول مانع كذلك من أن يفتح حسللاب خللاص تللودع فيلله تلللك
الموال.
]الدورة السابعة[
=============
#تغير قيمة العملة
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 6/11/1425
222
18/12/2004
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مللؤتمره الخللامس بللالكويت مللن 6-1جمللادى الولللى
1409هل الموافق 15-10كانون الول )ديسمبر(1988م،
بعد اطلعه على البحوث المقدمة مللن العضللاء والخللبراء
في موضللوع تغيللر قيمللة العملللة ،واسللتماعه للمناقشللات
التي دارت حوله ،
وبعللد الطلع علللى قللرار المجمللع رقللم ( 9/3) 21فللي
الدورة الثالثة ،بللأن العملت الورقيللة نقللود اعتباريللة فيهللا
صللفة الثمنيللة كاملللة ،ولهللا الحكللام الشللرعية المقللررة
للذهب والفضة مللن حيللث أحكللام الربللا والزكللاة والسلللم
وسائر أحكامها ،
قرر ما يلي :
-العبرة في وفاء الللديون الثابتللة بعملللة مللا ،هللي بالمثللل
وليس بالقيمة ،لن الديون ُتقضى بأمثالها ،فل يجوز ربط
الديون الثابتللة فللي الذمللة ،أيللا كللان مصللدرها ،بمسللتوى
السعار والله أعلم.
===============
#قضايا العملة
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 6/11/1425
18/12/2004
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة المارات العربية المتحدة
مللن 6 -1ذي القعللدة 1415هل ل الموافللق 6 -1نيسللان
)أبريل( 1995م،
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
موضوع قضايا العملة ،
وبعد استماعه إلى المناقشات الللتي دلللت علللى أن هنللاك
اتجاهللات عديللدة بشللأن معالجللة حللالت التضللخم الجامللح
الللذي يللؤدي إلللى النهيللار الكللبير للقللوة الشللرائية لبعللض
العملت منها :
223
أ -أن تكون هذه الحالت الستثنائية مشمولة أيضا ً بتطبيق
قرار المجمع الصادر في الدورة الخامسة ،ونصه :العللبرة
في وفاء الديون الثابتة بعملة ما هي بالمثل وليس بالقيمة
لن الديون تقضى بأمثالها ،فل يجللوز ربللط الللديون الثابتللة
في الذمة أيا ً كان مصدرها بمستوى السعار .
ب – أن يطبق في تلللك الحللوال السللتثنائية مبللدأ الربللط
بمؤشر تكاليف المعيشة )مراعاة القوة الشرائية للنقود( .
ج – أن يطبق مبدأ ربط النقود الورقيللة بالللذهب )مراعللاة
قيمة هذه النقود بالذهب عند نشوء اللتزام( .
د – أن يؤخذ في مثل هذه الحالت بمبدأ الصلللح الللواجب،
بعد تقرير أضرار الطرفين )الدائن والمدين( .
هل -التفرقة بين انخفاض قيمة العملة عن طريق العللرض
والطلب في السوق ،وبين تخفيض الدولة عملتهللا بإصللدار
قرار صريح في ذلك بما قد يلؤدي إللى تغيللر اعتبلار قيمللة
العملت الورقية التي أخذت قوتها بالعتبار والصطلح .
و – التفرقللة بيللن انخفللاض القللوة الشللرائية للنقللود الللذي
يكون ناتجا ً عن سياسات تتبناها الحكومات وبين النخفاض
الذي يكون بعوامل خارجية .
ز – الخللذ فللي هللذه الحللوال السللتثنائية بمبللدأ )وضللع
الجوائح( الذي هو من قبيل مراعاة الظروف الطارئة .
وفللي ضللوء هللذه التجاهللات المتباينللة المحتاجللة للبحللث
والتمحيص .
قرر ما يلي :
أول ً :أن تعقد المانة العامة للمجمع – بالتعاون مع إحللدى
المؤسسات المالية السلللمية – نللدوة متخصصللة يشللارك
فيها عدد من ذوي الختصاص في القتصاد والفقه ،وتضللم
بعض أعضاء وخبراء المجمللع ،وذلللك للنظللر فللي الطريللق
القوم والصلح الللذي يقللع التفللاق عليلله للوفللاء بمللا فللي
الذمللة مللن الللديون واللتزامللات فللي الحللوال السللتثنائية
المشار إليها أعله .
ثانيا ً :أن يشتمل جدول الندوة على :
أ – دراسة ماهية التضخم وأنواعه وجميع التصورات الفنية
المتعلقة به .
224
ب – دراسة آثار التضلخم القتصلادية والجتماعيلة وكيفيلة
معالجتها اقتصاديا .
ج – طرح الحلول الفقهية لمعالجة التضللخم مللن مثللل مللا
سبقت الشارة إليه في ديباجة القرار .
ثالثا ً :ترفع نتائج الندوة – مللع أوراقهللا ومناقشللاتها – إلللى
مجلس المجمع في الدورة القادمة .والله الموفق.
==============
#نظرات حول الشتراك في القنوات السلمية
الفضائية
عابد الثبيتي 8/4/1424
08/06/2003
الحمد لله رب العالمين ،والصلة والسلم على المبعللوث
رحمة للعالمين ،الذي فتح الله به أعينا ً عميًا ،وآذانا ً صللمًا،
وقلوبا ً غلفًا ،فبّلغ الرسالة وأدى المانة ونصح المة وجاهد
في الله حق جهاده حتى أتاه اليقيللن مللن ربلله صلللى الللله
عليه وعلى آله صحبه وسلم .
أما بعد :
فقد شاع علللى ألسللنة الغيللورين مللن أبنللاء هللذه الصللحوة
المباركللة وخاصللة مللع وجللود أول قنللاة إسلللمية كّرسللت
ل مللن المحللاذير الشللرعية، جهودهللا فللي تقللديم إعلم خللا ٍ
سؤال مهم هو :ما حكم الشتراك في مثل هللذه القنللاة ،
خاصة وأنها تجري المقابلت مع بعض طلبللة العلللم الللذين
منحهم الله جمال الصورة ،وعذوبة المنطق ،فينظللر إليلله
النساء ،ويستمعن لحديثه ،وربما وقع فللي قلللب إحللداهن
الميل له … وزاد من هذا الحذر ملا تنلاقله الشلباب بينهلم
من اتصال نساء على بعض الجمعيات الللتي تعنللى بشللئون
السرة وتيسير الزواج مبللديات رغبتهللن فللي نكللاح الشلليخ
الفلني أو طالب العلم الفلني …
وف يجده يظهر علللى صللورة أسللئلة والذي يتأمل هذا التخ ّ
تطرح بينهم ول يجدون لها جوابللا ،ويمكللن إيجازهللا فيمللا
يلي :
مللا حكللم نظللر المللرأة إلللى الرجللل الجنللبي ،مللا حكللم
الشتراك في مثل هذه القنللوات والحالللة هللذه ،مللا حكللم
225
خروج طلبة العلم ممن هم على تلك الحال في مثل هللذه
القنوات ؟
ن لي أن أبحث ما ورد في شرعنا المطهر فيما ومن هنا ع ّ
يتعلق بالجابة على هللذه السللئلة ،متوخي لا ً الصللواب قللدر
المكان ،فل أتكّلف منع شيء لللم يمنعلله الشللرع ،ول آذن
في شيء قد منعه ،راجيا ً الصواب والتوفيق والسداد مللن
ربي .وقد بذلت جهدي في تسهيل عبارته ليفهملله العامللة
والخاصة فلإن كلان ملا كتبتله حقلا ً وصللوابا ً فهللو ملن اللله
وحده ،وإن كان غير ذلك فمن نفسي والشيطان.
فأقول مستعينا ً بالله :
المسألة الولى :حكم نظر المرأة إلى الرجل الجنبي .
لعل من المناسب قبل الخوض في هذه المسألة أن يحرر
موضع السؤال ،فإن نظر المللرأة للرجللل الجنللبي ل يخلللو
من حالين :
الحال الولى :أن يكون نظر المرأة إلللى مللا بيللن السللرة
والركبة من الرجل ،بمعنللى أن المللرأة تنظللر إلللى عللورة
الرجللل ،فهللذا ممللا جللاءت الشللريعة بحسللم مللادة وبيللان
حكمه ،فهذا النظر حرام بالتفللاق سللواًء كللان هللذا النظللر
بشهوة أو بغير شهوة.
الحال الثاني :أن يكون نظر المرأة إلى مللا فللوق السللرة
وتحت الركبة من الرجل ،وهذا النظر إما أن يكون بشهوة
أو بغير شهوة .فإن كان هذا النظر بشهوة فهو حرام أيضا ً
قللول ً واحللدا ً ،وإن كللان بل شللهوة فهللو مللوطن السللؤال
وللجواب عليلله يقللال :إن مللن يجمللع النصللوص المتعلقللة
بنظر المرأة إلى الرجل من الكتاب والسنة يجدها متقابلة
متعارضلة فيملا يظهلر ،ولهلذا صلار محصللة آراء العلملاء
قولين متقابلين .
القول الول :أن نظر المرأة إلى الرجللل الجنللبي محللرم
مطلقا ً سواًء كان النظر إليها بشهوة أو بغير شهوة .
واستدلوا على ذلك بدليلين :
َ
نصللارِهِ ّ
ن أب ْ َم ْ
ن ِ
ض َض ْ
ت ي َغْ ُ مؤ ْ ِ
مَنا ِ ل ل ِل ْ ُ
الول:قوله تعالى ):وَقُ ْ
ن ()(1فالمر بغلض البصللر هنلا عللام فلي جه ُ ّ حَفظ ْ َ
ن فُُرو َ وَي َ ْ
كل نظر سواًء كان بشهوة أو بغير شهوة .
226
الثاني :عن أم سلمة رضي الللله عنهللا قللالت :كنللت عنللد
النبي صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة ،فأقبللل ابللن أم
مكتوم .وذلك بعد أن أمرنا بالحجللاب ،فقللال النللبي صلللى
الله عليه وسلم " :احتجبا منلله" ،فقلنللا يللا رسللول الللله !
أليس أعمى ل يبصرنا ول يعرفنا ؟ فقال النبي صلللى الللله
عليه وسلم " :أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه!").(2
القول الثللاني :إن نظللر المللرأة للرجللل جللائز إذا كللان بل
شهوة واستدلوا على ذلك بأدلة أشهرها ما يلي:
1ل حديث فاطمة بنت قيس في أمر النبي صلى الله عليلله
دي وسلم لها بالعدة في بيت ابن أم مكتللوم بقللوله ) :اعت ل ّ
عند ابن أم مكتوم ،فإنه رجل أعمى ،تضللعين ثيابللك…()
.(3
وهذا أمر صريح لها بالسكنى عند ابن أم مكتوم ،فلو كللان
النظر إلى الرجل حراما ً لمرهللا بغللض بصللرها عنلله عقللب
أمره لها بالسللكنى عنللده ،وهللذه الحادثللة فللي آخللر حيللاة
النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتللح مكللة بللدليل سللؤالها
للنبي صلى الله عليه وسلم بعد انقضاء عدتها واستشارتها
له في نكاح رجال خطبوها منهم معاوية بن أبللي سللفيان ،
ومعاوية رضي الله عنه من مسلمة الفتح .
2ل عن عائشة رضي الله عنها قالت " :لقللد رأيللت رسللول
الللله صلللى الللله عليلله وسلللم يومللا ً علللى بللاب حجرتللي
والحبشللة يلعبللون فللي المسللجد ،ورسللول الللله يسللترني
بردائه أنظر إلى لعبهم").(4
وهذا الذن من النبي صلى الله عليلله وسلللم لعائشللة فيلله
دليل على أن النظر إلى الرجال بل شهوة غير محرم .
مناقشة القائلين بالتحريم والمنع :
ويمكن مناقشة أدلة القائلين بالمنع بأن قوله تعالى ):وقل
للمؤمنات يغضضن مللن أبصللارهن( عللام والحللاديث الللتي
تبيح النظر إلى الرجال خاصة ،والعام إذا خللص فل يعمللل
بلله وإنمللا يعمللل بالللدليل المخصللص فل حجللة فللي ذلللك ،
ويبقى عمل الية فيما بقي على عمومه ممللا أمللر النسللاء
بكف البصر عنه .وقد قال ابن سعدي في معناها ) :وقللل
227
للمؤمنات يغضضن من أبصارهن( عن النظر إلى العورات
والرجال بشهوة ونحو ذلك).(5
ما حديث أم سلمة فيمكن الجواب عنه بما يلي : وأ ّ
1ل أن الحديث مختلللف فللي صللحته لن فيلله راوٍ مجهللول،
وهو نبهان مولى أم سلمة لم يلوثقه إل ّ ابلن حّبلان كعلادته
في توثيق المجاهيللل،وقللد ضللعف هللذا الحللديث اللبللاني)،
(6وشعيب الرناؤوط).(7
2ل علللى فللرض صللحته فلعللل المللر لهللن بالحتجللاب منلله
لكونه أعمى فربما كان منه شيء ينكشللف وهللو ل يشللعر
به) ،(8أو أنه من باب الستحباب والندب ل الوجوب .
3ل أن هذا الحديث على فرض صحته خللاص بللأزواج النللبي
صلللى الللله عليلله وسلللم قللال أبللو داود بعللد روايتلله لهللذا
الحديث ) :هذا لزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ،
أل ترى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم . ( ..
مناقشة القائلين بالجواز :
جه إلى الدليل الول وهو حديث فاطمة بنت قيللس بأنهللا و ّ
يمكن أن تساكنه وتغض بصرها عنه ،ول يخفى بعده .
ما حديث عائشة فقالوا أنها كانت وقتئذٍ صغيرة لللم تبلللغ وأ ّ
بللدليل قولهللا " :فاقللدروا قللدر الجاريللة الحديثللة السللن" .
وأجيب عليه بأن الروايات الخرى تذكر أن ذلك بعد قللدوم
وفد الحبشة ،ووفد الحبشة كان في السللنة السللابعة مللن
الهجللرة فيكللون عمللر عائشللة حينئذٍ سللت عشللرة سللنة ،
فكانت بالغًا).(9
الترجيح :
الذي يظهر والله أعلم أن نظر المرأة إلى ما يظهللر غالبللا
من الرجل الجنبي جائز إذا كان بل شهوة ،ومن مسوغات
هذا الترجيح ما يلي :
1ل أن الية عامة ،ول يمكللن بقاؤهللا علللى عمومهللا لوجللود
المعارض الصحيح القللوي ال بللترك العمللل بالمعللارض ،أو
تعسف تأويله تعسفا ً متكلفا ً .
2ل قوة أدلة القائلين بللالجواز وجميعهللا فللي الصللحيحين أو
فللي أحللدهما ،فل يقللف فللي وجههللا حللديث أم سلللمة
228
المختلف في صحته ،وعلى فرض صحته فللإنه مللؤول عنللد
العلماء تأويلت مقبولة .
3ل تناسب هذا القول مع الية الكريمة ) :وقللل للمؤمنللات
يغضضن مللن أبصللارهن ويحفظللن فروجهللن( فللإن النسللاء
أمرن بحفظ فروجهن عقب المر بغض البصر لنه وسلليلة
إليه ،فيلمس من هذا أن البصر المأمور بحفظلله مللا كللان
بشهوة قد تؤدي إلى عدم حفظ الفرج .
4ل مللا رواه البخللاري أن امللرأة مللن خثعللم وضلليئة جللاءت
تسللأل النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم فللي حجللة الللوداع
والفضل بن عباس رديفه فطفق ينظر إليهلا وتنظلر إليله ،
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظللر إليهللا ،
فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل ،فعدل وجهله علن النظلر
إليها).(10
فالنبي عليه الصلة والسلم لم يأمر المرأة بغض بصرها ،
وإنما صرف نظر الفضل لما رأى من الريبللة فللي نظللره ،
ولنه مأمور بغض بصره عن النساء مطلقا ً بشهوة أو بغيللر
شهوة .
4ل ما فهمه البخاري رحمه الللله مللع إمللامته فللي الحللديث
والفقه ،فترجم لحديث عائشللة رضللي الللله عنهللا ونظرهللا
للحبشة بقوله :باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم مللن
غير ريبة).(11
المسللألة الثانيللة:حكللم الشللتراك فللي هللذه القنللوات مللع
احتمال حصول هذه المفسدة.
وللجواب عن هذا يقال :
إن هذه القنوات تندرج تحت أحكام الوسائل في الشللريعة
السلمية ،فهي وسيلة إلى دعوة الناس ،وتعليمهم الخير
ور فيلله إعلم الباطللل ليعللرض الفجللور ، فللي زمللن تطلل ّ
والخلعة ،والشرك ،والبدعة بأنواعهللا علللى المسلللمين ،
وحتى أوجز الحديث عللن هللذا أورد مللا سللطره يللراع ابللن
القيم رحمه الله تعالى في تقسيم الوسائل وبيان أحكامها
ثم نصّنف هذه المسألة التي نحن بصللددها ونللدرجها تحللت
قسمها التي هي منه ونعطيها حكمه .
229
فللالقوال والفعلال المتوصللل بهللا إللى المفسللدة ،سللواءً
كللانت محضللة أو راجحللة أو مرجوحللة ل تخلللو مللن أربعللة
أقسام هي :
1ل مللا كللانت وسلليلة موضللوعة للفضللاء إلللى المفسللدة ،
كالزنا المؤدي إلى اختلط النساب وفساد الفرش ،فهللذا
ة أو تحريمًا ،بحسللب درجللاته فللي منعته الشريعة إما كراه ً
المفسدة .
2ل ما كانت وسيلة موضوعة للمباح قصد بها التوسل إلللى
المفسدة ،مثل :عقد الللبيع بقصللد الحصللول علللى الربللا ،
وعقللد النكللاح بقصللد التحليللل ،فهللذا أيضللا ً ممنللوع فللي
الشريعة لن للوسائل أحكام المقاصد .
3لل مللا كللانت وسلليلة موضللوعة للمبللاح ،ولللم يقصللد بهللا
التوسل إلى المفسدة لكنها مفضية إليها غالبا ً ،ومفسدتها
أرجللح مللن مصلللحتها ،مثللل :سللب آلهللة المشللركين بيللن
ظهرانيهم ،فهذا أيض لا ً منعتلله الشللريعة لن درء المفاسللد
مقدم على جلب المصالح .وقللد اسللتدل ابللن القيللم علللى
المنع في هذين القسمين بتسعةٍ وتسعين دليل ً .
4لل مللا كللانت وسلليلة موضللوعة للمبللاح وقللد تفضللي إلللى
المفسدة ومصلحتها أرجح من مفسدتها ،ككلمة الحق عند
سلطان جلائر ونحلو ذللك ،فالشلريعة جللاءت بإباحلة هلذا
القسللم ،أو اسللتحبابه ،أو إيجللابه بحسللب درجللاته فللي
المصلحة).(12
وة مللن هللذه فللإذا أردنللا أن نللوازن بيللن المصلللحة المرج ل ّ
القنوات الفضائية السلمية والمفسدة المتوقعة مللن وراء
ذلللك نقللول :إن فيهللا مللن المصللالح الللتي هللي مطلوبللة
شرعا ً ،كتعليم العقيدة الصللحيحة ،ونشللر العلللم والفقلله ،
وطللرح الحلللول الشللرعية لمشللاكل النللاس المعاصللرة،
وتوجيه الرأي العام المسلم إلى المواقللف الصللحيحة مللن
المستجدات العالميللة ،وتكللوين الشللعور المسلللم الممثللل
بالجسد الواحد وإشغال أوقات الناس علللى أقللل الحللوال
بالمباحات عن المحرمات ..وفيها من المفاسد مللا يتوقللع
حدوثه من نظر النساء إلللى الرجللال بشللهوة ،أو انشللغال
230
الناس بمشاهدة هذه القنوات عن بعض المور المهمة في
حياتهم .
وة مللن مثللل وبعد هذه الموازنة يظهر أن المصللالح المرجل ّ
هذه القنوات أعظم من المفاسد المتوقعة لندرتها ،وعدم
إمكانية الجزم بوقوعها ،فهي داخلة تحللت القسللم الرابللع
دها ابللن القيللم رحملله الللله ،
من أقسام الوسائل الللتي ع ل ّ
فالشتراك فيها مبللاح لمللن رغللب فللي ذلللك ،وقللد يكللون
مستحبا ً أو واجبا ً إذا كان فيه صرف للنللاس عللن مشللاهدة
غيرها مما يشتمل على المحرمات ،كالغناء والموسيقى ،
أو صلور النسلاء ،أو ملا هلو أعظلم ضلررا ً كنشلر البلدع ،
والطعللن فللي الللدين ونحللوه .ول يعنللي الحكللم بإباحللة
الشتراك في هذه القنوات أن يشترك كل مسلم فيها بللل
هي كأحد أنواع الفواكه مباح ول يلزم من إبلاحته أن يلأكله
كل أحد ،
تنبيه :
إن الشللريعة جللاءت بتحصلليل المصللالح وتكميلهللا وتقليللل
المفاسد وتعطيلها .وهنا لبد من توجيه نداء إللى القللائمين
على هذه القنوات السلمية بسد ّ باب الذريعة إلى الفساد
،وذلللك بعللدم استضللافة مللن يللرون فيلله فتنللة للنسللاء،
والستغناء عنه بغيره من العلماء وطلبة العلم ،فللإن ذلللك
من السياسة الشرعية المفضية إلللى إصلللح المسلللمين .
وعلى طلبللة العللم مملن يعلللم أن النظللر إليلله قلد يللورث
تشبب النساء به أل ّ يخرج عليهن ،والحمد لله أن القنوات
الفضائية ليست السبيل الوحيد للدعوة وتبليغ الناس الخير
،فيتخير من وسائل الدعوة ما يكللون أقللرب إلللى تحقيللق
المراد من الللدعوة بل مفسللدة ،فللإن عمللر بللن الخطللاب
رضي الللله عنلله لمللا كللان يمشللي بالمدينللة فسللمع امللرأة
تتغنى بشاب من أهل المدينة اسمه :نصر بن حجاج دعى
به فوجده شابا ً حسنا ً ،فحلق رأسه فلازداد جملال ً ،فنفلاه
إلى البصرة ،لئل تفتتن به النساء ،مع أنلله ل ذنللب للله فللي
ذلك ،وما كان هذا إل ّ سد ّا ً لباب
الذريعة ،وحسما ً لمادته) (13والله أعلم .
وفي الختام ..
231
هللذا مللا تيسللر جمعلله وتحللبيره راجي لا ً مللن الللله التوفيللق
والصواب ،ثللم أرجللو مللن العلمللاء وطلبللة العلللم تصللويب
الخطأ ،والعفو عن الزلل ،فإنما الخير أردت..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
-1سورة النور ،آية .31
- 2أخرجلله أبللو داود برقللم ) ، (4112والترمللذي برقللم )
، (2878وأحمد ). (6/296
- 3أخرجه مسلم برقم ). (1480
-4أخرجه البخاري برقم ) ، (454ومسلم برقم ). (892
-5تفسير السعدي )ص . (566
-6إرواء الغليل ). (6/211
-7حاشية شرح السنة للبغوي ). (4/24
-8انظر فتح الباري ).(9/248
- 9رواه البخاري برقم ). (1513
- 10رواه البخاري
-11فتح الباري ). (9/248
-12إعلم الموقعين ). (3/136
-13ينظللر:مجمللوع الفتللاوى ) ، (28/370،371السياسللة
الشرعية ) ، (1/119الطرق الحكمية)(1/22
============
#بين الثبات والتجديد )(1/3
سلمان بن فهد العودة 30/3/1424
31/05/2003
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ،
وصلى الللله وسلللم علللى نبينللا محمللد وعلللى آللله وصللحبه
أجمعين.
لهللذا الموضللوع قصللة وذلللك أن بعللض الخللوة فللي وليللة
كاليفورنيا من الوليات المتحدة المريكية في مسجد النور
طلبللوا منللي مشللاركة معهللم فللي مللؤتمر أقللاموه وكللانوا
يقللترحون أن يكللون العنللوان ) المراجعللات المنهجيللة فللي
الواقع السلللمي المعاصللر ( فللألقيت لهللم محاضللرة عللبر
الهاتف ثم طلب مني إخوة آخرون في الجامعة السلللمية
العالمية فلي كواللمبلور فلي ماليزيلا محاضلرة أيضلا ً فلي
232
موضوع ) التجديد في الشريعة السلمية ( وحللدثت هللؤلء
وأولئك فتبين لي أن الحديث بين هللذين الموضللوعين فيلله
شيء من الشتراك ل بد من كشفه وبيانه وبناء على ذلللك
جمعت شتاته في هذا المقال .
والعمللل السلللمي فللي هللذا العصللر سللواًء كللان عمللل
جماعات أو أفرادٍ أو مؤسسات أو غير ذلك يمر بمتغيللرات
ومراجعات منذ فترة ليسللت باليسلليرة ،لكللن وتيللرة هللذه
المراجعات وزخمها يتزايد يوما ً بعد يوم خصوصا ً فللي ظللل
العولمة الللتي تحللاول أن تجمللع العللالم كللله تحللت سلللطة
ة واقتصللادا ً وإعلم لا ً وثقافللة ثللم ثاني لا ً
أممية واحدة سياس ل ً
بسبب أحداث 11سبتمبر وما ترتب عليها ملن الجلراءات
العسكرية والسياسية والمنية وغيرها ،فبذلك مللر العللالم
كله بتحولت سياسية وفكرية عميقللة ،وتبع لا ً فللإن الواقللع
السلمي هو جزء من الواقع العام يتأثر به سلبا ً وإيجابا ً .
لقللد كللان بعللض السلللميين منللذفترة طويلللة يحللاربون
ويعترضللون علللى مللا يسللمى بالمشللاركة السياسللية أو
الدخول في البرلمانات ،أو محاولة التأثير من الداخل كما
يقال ،ثم بدا لهللم أن هللذا بلاب ل بلد ملن وللوجه فأصللبح
الذين كللانوا بللالمس يجوبللون القطللر محللذرين مللن هللذه
المشلللاركة وملللبينين أن فيهلللا خطلللرا ً وأن فيهلللا لبسلللا ً
ومتخوفين من هذه التجربللة صللاروا يفعلللون الشليء ذاتله
ن أو فلن أو هللذه القائمللة أو تلللك داعين إلللى ترشلليح فل ٍ
الجمعية اقتناعا ً منهم بأن هللذا ل بللد مللن فعللله ولبللد مللن
مزاحمللة الشللر بللالخير ،كللذلك حمللل بعللض السلللميين
السلح لمواجهة بعض النظمة الحاكمة في عدد من البلد
السلمية ربما كان أقدم هذه التجارب هللي التجربللة الللتي
جللرت فللي سللوريا ،وكللان مللن جرائهللا النتللائج الكللبيرة
المعروفة ونزيف الدماء الهللائل وضللياع المللوال وانسللداد
أبواب كانت مشرعة للدعوة في وقللت مللن الوقللات ،وتل
ذلك أحداث مشابهة في أكللثر مللن قطللر إسلللمي كمصللر
وبعد فترة طويلة من هذه التجربة ترتب على ذلك العلن
الكبير عن أن هذه التجربة مرت بظروف صللعبة واكتنفتهللا
233
أخطاء عديدة وأنه ل بد من تصحيح المسار وتدارك العثللار
وضبط المصطلح والشعار لدى هؤلء الخيار .
كان ثمت آخرون من الدعاة يحملون على البلث الفضللائي
ويحذرون منه ويتحدثون عللن مخللاطره وبعللد ذلللك وجللدوا
أنفسهم مضطرين ل بعد ما أصبح هذا البث واقعا ً ل سللبيل
إلى تجاهله ل أن يقتحموه بدعوتهم وأن يزاحموا فيه الشر
بالخير وأن يعتمدوه كوسلليلة جديللدة مللن وسللائل الللدعوة
كما يعتمدون النترنت أو الكتاب أو الشريط أو الجريدة أو
المجلة أو غيرها والوسائل لها حكم الغايللات ،هللذه مجللرد
نماذج وغيرها كثير تشير إلى أن هناك مايحتاج إلللى تجليللة
وإيضاح.
والمسلللم يللدعو " :اهللدنا الصللراط المسللتقيم " ،و هللذا
الدعاء رباني عظيلم فلي دللتله ،ولحكملة اللله لعبلاده أن
يتلوه ويقرؤوه في كل صلة بللل فللي كللل ركعللة فل تصللح
الصلة إل بهذا ول صلة لمن لم يقرأ بفاتحللة الكتللاب كمللا
ر
في البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ،ولم ٍ
ما شرع الله عللز وجللل هللذا ،ول شللك أن المسلللم يللوقن
يقينا ً قطعيا ً أن ذلللك لحكمللة عظيمللة ،وأن غيللره ل يقللوم
مقامه فيه ،والهداية المطلوبة هي أربعة أنواع :
الهدايللة الولللى هللي منللح الللله عبللاده القللوى والقللدرات
والملكات التي بها يتوصلون إلى معرفة الخيللر والمصلللحة
وإلى معرفة الشر والمفسدة .
ومن ذلك أن الله تعالى زودهللم بللالحواس المعروفللة مللن
سمع وبصر ولمللس وغيللر ذللك ومنحهللم سللبحانه العقللول
التي يحصلون بها العلم والتعلم ولهذا قال الله سبحانه [ :
وعلم آدم السماء كلها ] أن الله جعل لدم ثم لذريته مللن
بعلللده قلللدرة عللللى التعللللم والفهلللم والدراك ل تتحقلللق
لغيرهم ،فربنا سبحانه هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم
هدى ،وهذا وإن كان للحيوان نصلليب منلله بمللا هللداه الللله
إليه بفطرته فهو يعرف أين يختار المرعللى وأنلله يأكللل إذا
جاع ويشرب إذا عطش ويتقي بعض المخللاطر حللتى إنللك
تجد للحيوانات وللحشرات وللهوام والدواب من بديع صنع
234
الله تعالى الشلليء الللذي ينللدهش منلله العقللل إل أن الللله
سبحانه فضل النسان على غيره من ذلك بما ل يخفى .
فالهداية الولى :هي أن الللله زود النللاس بالملكللات الللتي
بها يحصلون على الهداية ويعرفون الخير فيفعلونه والشللر
فيجتنبللونه ،ولهللذا كللان العقللل منللاط التكليللف والسللؤال
والجزاء.
الهدايللة الثانيللة :الهدايللة العامللة بللأن الللله بعللث الرسللل
والنبياء عليهللم الصلللة والسلللم وأنللزل الكتللب وخاتمتهللا
القرآن ولهذا قال تعالى [ :ولكل قوم هاد ] وقال سبحانه
[ إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقللوم ] فللبين أن الرسللل
هداة ،وأن القرآن الكريم والكتللب السللماوية قبللله كللانت
هداية للناس [ إنا أنزلنا التوراة فيهللا هللدى ونللور ] وهكللذا
بقية الكتب حتى جاء القرآن مهيمنا ً عليهللا ،وهللذه الهدايللة
يسميها العلماء هداية الدللة والرشاد ،فالله تعالى يقللول
لرسوله صلى الله عليه وسلم [ :وإنك لتهدي إلى صراط
مستقيم ] فأثبت لرسوله صلى الله عليه وسلم هذا النللوع
من الهداية بتعليملله النللاس وتلوة القللرآن وبيللان السللنة ،
يكون هدى الناس وإن كللان نفللى عنلله نوع لا ً آخللر[ إنللك ل
تهدي من أحببت ] .
الهدايللة الثالثللة :الهدايللة الخاصللة وهللي هدايللة التوفيللق
للصالحين من عباد الله تبارك وتعالى أن يهديهم الله إلللى
صراطه المستقيم ولهذا يقول الله عز وجل [ :وهدوا إلى
الطيلب ملن القلول وهلدوا إللى صلراط الحميلد ] ويقلول
سبحانه [ :أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ] ويقللول
عز وجل [ :والذين جاهللدوا فينللا لنهللدينهم سللبلنا ] فهللذه
هداية التوفيق واللهام أن الله تعالى يأخللذ بيللد مللن يشللاء
من عباده إلللى الصللراط المسللتقيم ،ولللذلك يقللول بعللض
العلماء :إن آيات الله سبحانه وتعالى في الكون مبثوثة ل
يحصيها إل هو ،ولكللن المسللتفيدين منهللا قليللل فكللم مللن
ناظر في ملكوت السللموات والرض ل يتجلله إلللى هللدى ،
ول ينصرف عن ردى ،ولكن الله يهدي من يشاء .
ومن الواضح أن هذا النللوع مللن الهدايللة لل هدايللة التوفيللق
وهدايللة اللهللام للل يتجللزأ ويتكللون للنسللان شلليئا ً فشلليئا ً
235
ويحصل عليه النسان بالتدريج ولهللذا يقللول الللله سللبحانه
وتعالى [ :والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سللبلنا ] فهللم لمللا
جاهدوا فللي الللله سللبحانه وتعللالى كللانوا مهتللدين وإل لمللا
جاهدوا في الله تعالى ،ولكن وعدهم الله تعالى بقللوله[ :
لنهللدينهم سللبلنا ] بمزيللد مللن الهدايللة والتوفيللق والعلللم
والمعرفة ومزيد من العمل والرحمة لم يكن لهم من قبل
،وهكللذا قللول الللله سللبحانه [ :إن الللذين آمنللوا وعملللوا
الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ] فهم أول ً آمنللوا وعملللوا
الصالحات ،واليمان هداية ،وعمل الصللالح هدايللة ،ومللع
ذلك قال [ :يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم النهار
في جنات النعيم ] فهم آمنللوا وعملللوا الصللالحات ،وهللذه
هداية ،ثم تذرعوا بها إلى هداية أكمللل وأعظللم منهللا فللي
الدنيا وفي الخرة بوعد الله تبللارك وتعللالى ،وهكللذا قللول
الله عز وجل [:والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنللدخلنهم
في الصالحين ] ،فيتكلف العمل الصالح أول ً ثم يصبح سهل ً
يسيرا ً عليه بالعتياد والتمرين.
فمن أنللواع الهدايللة الظللاهرة فللي هللذه اليللة أن هللدايتهم
الولى كانت تكلفا ً وتصبرا ً ،ثم تحللولت إلللى جبلللة وعللادة
ة بغير تكلف فتلقنوا هذه العمال ،ولهذا كان قيامهم وكلف ً
الليللل أول المللر فللي عنللاء وجهللد ،ثللم تحللول إلللى عللادة
مألوفللة ل يصللبرون بللدونها ،ول يجللدون لللذتهم إل فيهللا ،
ولهذا يقول الله سللبحانه وتعللالى [:يللا أيهللا الللذين ءامنللوا
اتقوا الله وءامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل
لكللم نللورا ً تمشللون بلله ويغفللر لكللم والللله غفللور رحيللم
] فخللاطبهم باليمللان ،ودعللاهم إلللى أن يتقللوا الللله وأن
يؤمنوا برسوله ،وهذه هدايات ،فللإذا فعلللوا ذلللك قللال [:
يؤتكم كفليللن مللن رحمتلله ويجعللل لكللم نللورا ً تمشللون بلله
] فهذا النور هو ثمرة الهداية ثمللرة التقللوى ثمللرة اليمللان
ثمرة العمل الصالح أن يكون لهللم نللور يمشللون فيلله فللي
الدنيا فيفرقون به بين الخطللأ والصللواب والحللق والباطللل
بل يفرقون به بين الصللوابات المتعللددة أيهللا أفضللل وبيللن
النواع التي كلهللا خيللر أيهللا أخيللر ،ولهللذا قللال عمللرو بللن
العاص رضي الله عنه " :ليس الفقيلله مللن يعللرف الخيللر
236
من الشر ،إنما الفقيه كل الفقيه من يعرف خير الخيريللن
وشر الشرين " وهنا قال [ :ويجعل لكم نورا ً تمشون به ]
وفي الية الخرى قال [ :إن تتقوا الله يجعل لكللم فرقانللا
] فهذا الفرقللان يكللون فللي قلللب النسللان وعقلله ،وفللي
خبرته وعلمه فيفرق بين الشياء ويختار أيها أفضل وأكمل
وأنبل مما يقصر عنه فهم غيره.
الهداية الرابعة :الهداية إلى مجاورته سبحانه وتعالى فللي
جنللات عللدن فللي جنللات النعيللم ،قللال الللله عللز وجللل [ :
ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري مللن تحتهللم النهللار
وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتللدي لللو ل أن
هدانا الله ] فتمام الهداية إنما يتحقق بمصللير النللاس إلللى
جنات النعيم في جوار الرب الرحيم فهذه الهدايات الربللع
يطلبها العبد يطلبها في دعائه .
وقد اختلفت عبارات المفسرين فللي معنللى قللوله [ اهللدنا
الصراط المستقيم ] .
فقللال علللي بللن أبللي طللالب وأبللي بللن كعللب رضللي الللله
عنهمللا [ اهللدنا ] معناهللا ثبتنللا علللى الصللراط المسللتقيم ،
وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال :أرشللدنا ،
وروي عنه أيضا ً أنه قللال :وفقنللا وألهمنللا ،فهنللاك الثبللات
وهناك هداية الرشاد وهناك هداية التوفيق واللهام .
كما اختلفت عبارات المفسللرين فللي الصللراط المسللتقيم
فقيل :هوكتاب الله تعللالى ،وقيللل :السلللم ،كمللا قللاله
ابن مسعود والحسن وأبو العالية وغيرهم ،وقيل :طريللق
الجنة ،وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما .
والصواب أن ذلك كله حق ،وههنا يقول المام ابللن تيميللة
رحمه الله ) " : (13/382فكل مللن المفسللرين يعللبر عللن
الصراط المستقيم بعبارة يدل بها على بعض صللفاته وكللل
ذلك حق بمنزلة ما يسمى الله ورسوله وكتابه بأسماء كل
اسم منها يدل على صللفة مللن صللفاته فيقللول بعضللهم [ :
الصراط المستقيم ] كتاب الله أو اتباع كتاب الللله ويقللول
الخر [ :الصراط المستقيم ] هو السلم أو ديللن السلللم
ويقول الخر [ :الصراط المستقيم ] هو السنة والجماعللة
ويقول الخر [ :الصراط المسللتقيم ] طريللق العبوديللة أو
237
طريق الخوف والرجاء والحب وامتثللال المللأمور واجتنللاب
المحظور أو متابعة الكتاب والسنة أو العمللل بطاعللة الللله
أو نحو هذه السماء والعبارات ،ومعلوم أن المسللمى هللو
واحد وإن تنوعت صفاته وتعددت أسماؤه وعباراته " .
ن كلها حق. ولهذا نقول :إن الية تدل على معا ٍ
المعنى الول منها :ثبتنا على الصراط المسللتقيم ،ولهللذا
روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بللن العللاص رضللي الللله
عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليلله وسلللم يقللول ) :إن
قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلللب
واحد يصرفه حيث يشاء ( ثم قال صلى الله عليه وسلللم :
) اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك ( .
وروى الترمذي وغيره عن أنس وجماعة من الصللحابة أنلله
قال :كان رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم يكللثر أن
يقول ) :يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ( فقلللت :
يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال
) :نعم .إن القلوب بين أصللبعين مللن أصللابع الللله يقلبهللا
كيف يشاء ( فالصراط المستقيم هنا هو السلم ،فل يبتللغ
المسلم دينا ً سواه ،وهو القرآن فل يبتغ كتابا ً غيللره ،وهللو
اليمان فل يختار الكفلر عللى اليملان طائعلا ً راضليًا ،وهلو
السنة فل يصرف قلبه إلى بدعة أو مخالفة أو انحراف .
إن أركان السلم الخمسة وأركان اليمان السللتة وأصللول
الخلق وأصللول المحرمللات والمنهيللات وأصللول العتقللاد
المقررة فللي كتللاب الللله وسللنة رسللوله صلللى الللله عليلله
وسلم ،والتي هي محل إجماع من السلف الصللالح رضللي
اللله عنهللم هللي مللن الضللروريات الظللاهرة ،ومللن قواعللد
الدين ومعاقده ومبانيه الثابتة المستقرة ،فللالمؤمن يللدعو
ربه صباح مساء في قيامه وركوعه وسجوده بالثبات عليها
حتى يلقاه ؛ لن هذه الشياء ممللا ل يجللوز أن يكللون فيهللا
أي خلل أو اضللطراب وكللثير مللن النللاس قللد يقللع عنللدهم
شيء من الزلزال .
والزلزال قد يضرب منطقة معينة ،ولكن الذين يرصللدون
الزلزال يدركون إن توابع الزلللزال قللد تمتللد إلللى منللاطق
بعيدة جدا ً ،وإن لم يشعر الناس فيهللا بزلزلللة قويللة لكللن
238
يللدركها العللارفون ،فهكللذا بعللض النللاس ربمللا بسللبب
اضطرابهم في بعللض المللور يصللل الزلللزال عنللدهم إلللى
القواعد والمعاقد والصول ،وهذا خطر ينبغي النتباه للله ،
ويجللب علللى المسلللم أن يحللاذره فللإن أغلللى مللا يملكلله
المسلم وقرة عينه في الدنيا وسعادته في الخرة وقربانه
إلللى ربلله سللبحانه وتعللالى هللو اليمللان بللالله والتسللليم
لشريعته والوقوف عند حدودها .
فالمعنى الول ثبتنا على الصراط المستقيم.
والمعنى الثاني زدنا هدى ،قللال تعللالى [ :والللذين اهتللدوا
زادهم هدى وآتاهم تقواهم ] وقللال تعللالى [ :ويزيللد الللله
الذين اهتدوا هدى ] فالهدى ل يتوصل النسللان إليله دفعلة
واحدة حتى الرسول صلى الللله عليلله وسلللم كللان الللوحي
يتجدد عنده مرة بعد مرة وكان يرتقي في ملدارج الكملال
زلفة بعد أخرى وكان يقول له ربه سبحانه [ :واعبللد ربللك
حتى يأتيك اليقين ] واليقيللن هللو المللوت فمللا زال رسللول
الله صلى الله عليه وسلم يعبد ربه ،ويصعد سّلم العبودية
،ويرتقي في مدارج الكمال حللتى كللان يقللول صلللى الللله
عليه وسلم كما في صحيح مسلم عن الغر المزني ) :إنلله
ليغان على قلبي وإني لستغفر الله في اليوم مائة مرة (،
وعلمه ربه أنه يطلب المزيد من العلم والعمل.
فمهم للنسان أن يطلب الزيادة من الهللدى ،ومللن زيللادة
الهدى الطمئنان إلى ما عنللد ربلله تبللارك وتعللالى ،ولهللذا
قال إبراهيم عليه الصللة والسللم لربله علز وجلل [ :رب
أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تللؤمن قللال بلللى ولكللن
ليطمئن قلبي] فاطمئنللان القلللب باليمللان هللو مللن زيللادة
الهدى ،وكذلك زيللادة العلللم بتفاصلليل اليمللان و تفاصلليل
العمال هو من الهدى ،ولهذا قال تبللارك وتعللالى [ :وإذا
ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكللم زادتلله هللذه إيمان لا ً
فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمان لا ً وهللم يستبشللرون * وأمللا
اللذين فلي قللوبهم ملرض فزادتهلم رجسلا ً إللى رجسلهم
وماتوا وهم كافرون ] فالمؤمن جاءته آية جديدة فآمن بهللا
وسلم وقرأها ،وكل هذا زيادة إيمان ،والمنافق كذب بهللا
وردها وكفر فكان ذلك زيادة في نفاقه ،ومن هنا قال الله
239
سبحانه وتعالى لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلللم [ :
وقل ربي زدني علما ً ] وقد روى صالح ابن المام أحمد بن
حنبل فقال :رأى رجل مع أبللي محللبرة ً فقللال للله :يللا أبللا
عبدالله ،أنت قد بلغت هذا المبلغ ،وأنت إمام المسلللمين
،فقال " :من المحبرة إلى المقبرة " يعني ل يزال يطلب
العلم إلى أن يموت .
وحللتى فللي مللرض المللوت كللان السلللف يتلقللون العلللم
ويطلبونه ،وليس مقصود العلم المعرفة النظرية المجردة
فقط ،وإنما العلم واليمان ،ولهذا لما قيل للمام أحمد ل ل
وهو في مرض المللوت ،وكللان يئن مللن الوجللع ل ل :بعللض
السلف كانوا يقولون :إن النين يكتب ،ترك النين رحملله
الله
المعنى الثالث :اهدنا أي وفقنا للصواب فيما تختلللف فيلله
النظار وتتفللاوت فيلله الجتهللادات ،ولهللذا كللان مللن دعللاء
الرسول -صلى الله عليه وسلم -دعوته في صلة الليل )
اللهم رب جبرائيل وميكائيل ،وإسرافيل فللاطر السللماوات
والرض ،عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما
كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحللق بإذنللك
إنك تهدي من تشاء إلى صراط مسللتقيم ( والحللديث رواه
مسلم وأحمد وأهل السنن ،وهنا دعللا النللبي -صلللى الللله
عليلله وسلللم -ربلله فاسللتغاث بلله ،وقللال ) :رب جبرائيللل
وميكائيللل وإسللرافيل ( الللذين مهمتهللم تتعلللق بالحيللاة
فجبريل ينزل بالوحي الللذي بلله حيللاة القلللوب ،وميكائيللل
الموكل بالقطر الذي فيلله حيللاة الرض ،وإسللرافيل ينفللخ
في الصور لحياة الناس من قبورهم .
وذلك لن المقام مقام طلب الهدايللة ،والهدايللة هللي نللور
وحيللاة للقلللوب وللبللدان ،فناسللب أن يللذكر اسللم هللؤلء
الملئكة .
وهذا يشمل الهداية الولللى بالثبللات إل أنلله يشللمل هدايللة
جديدة ،وهي طلب الهداية في مواضللع الشللكال ،ولهللذا
قال ) :لما اختلف فيه من الحللق ( وكللثيرا ً ماكللان العلمللاء
يللدعون بهللذا الللدعاء فللي مواضللع الضللطراب والختلف
والمسائل الخفية.
240
وهنا نلحظ أن الرسول -صلى الللله عليلله وسلللم -سللأل
الهداية وليس الثبات -كما في الحديث الذي قبله . -
إن هذه الهداية هلي -فلي حقيقتهلا -ثبللات ،ولكلن قللد ل
تكون صورتها كذلك ،إنها ثبات على المنهج ،ومن الثبللات
أن يتبع المرء الهداية حيث كانت ،فالدين المحللض يسللأل
المللرء الثبللات عليلله بكللل حللال ،والللرأي يطلللب المللرء
الصواب فيه ،ولهذا نقول :إن أعظم الثوابت هو الجتهللاد
،وهو أساس المتغيرات فإن المرء إذا اجتهد فأصلاب فلله
أجران ،وإن أخطأ فله أجر ؛ لن اجتهاد المرء ينتقللل مللن
فاضل إلى أفضل أو من مفضول إلى فاضل.
وعند البخاري وغيره عن زهدم قال :كنا عند أبي موسللى
الشعري ،وكان بيننا وبين هذا الحي من جرم إخللاء فللأتي
بطعام فيه لحم دجاج ،وفي القوم رجل جالس أحمر فلم
يدن من طعامه قال :ادن فقد رأيت رسول الللله -صلللى
الله عليه وسلم -يأكل منه ،قلال :إنلي رأيتله أكلل شليئا
فقذرته فحلفللت أل آكللله ،فقللال :ادن أخللبرك أو أحللدثك
أني أتيت النبي -صللى الللله عليلله وسللم -فللي نفللر مللن
الشعريين فوافقته وهو غضبان ،وهو يقسم نعما ً من نعم
الصدقة فاستحملناه فحلف أل يحملنا :قلال ) :ملا عنلدي
ما أحملكم عليه ( ثم أتي رسللول الللله -صلللى الللله عليلله
وسلم -بنهللب مللن إبللل فقللال ) :أيللن الشللعريون ؟ أيللن
الشعريون ؟ ( قال فأعطانا خمس ذود غر الللذرى ،فلبثنللا
غير بعيد ،فقلت لصحابي :نسي رسول الله -صلللى الللله
عليه وسلم -يمينه ،فوالله لئن تغفلنا رسول الله -صلللى
الله عليه وسلم -يمينه ل نفلح أبدا ً ،فرجعنللا إلللى النللبي -
صلللى الللله عليلله وسلللم ، -فقلنللا :يللا رسللول الللله ،إنللا
استحملناك فحلفت أل تحملنا ،فظننا أنك نسيت يمينللك ،
فقال ) :إن الله هو حملكللم ،إنللي والللله إن شللاء الللله ل
أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا ً منها إل أتيت الللذي هللو
خير وتحللتها ( .
فهنا تلحظ أن النبي -صلى الله عليه وسلم -حلف علللى
شئ ،ثم فعل غيره ،وقللرر فللي ذلللك قاعللدة عظيمللة للله
ولمن يأتي بعده أنه قللد يللرى الشلليء صللوابا ً حللتى يحلللف
241
عليه -صلى الله عليه وسلم ، -ثم يبدو له أن غيللره خيللر
منه ؛ لنه تغيرت الحوال والحداث ،إذ لم يكن عنده نعم
فجاءته النعم ،أولم يكن يرى هذا الشيء فأراه الله تعالى
إياه فيكفر عن يمينه الول ،ثم يأتي الذي هو خيللر ،ولهللذا
قال عمر بن الخطاب في رسالته لبي موسى ل والغريللب
أن أبلا موسللى طللرف فللي المريلن كليهملا لل ضللمن هلذا
الخطاب :ول يمنعنك قضاء قضيته بالمس فراجعت اليوم
فيلله عقللك وهللديت فيلله إللى رشللدك أن ترجللع فيله إلللى
الحق ،فإن الحق قديم ،ومراجعة الحق خيللر مللن التمللادي
بالباطل ،ثم قال له :الفهم الفهم فيما تلجلج في صللدرك
مما ليس في كتاب الله ول سللنة نللبيه -صلللى الللله عليلله
وسلللم ، -ثللم اعللرف المثللال والشللباه وقللس المللور
بنظائرها.
يقلللول ابلللن القيلللم -رحمللله اللللله -فلللي )كتلللاب إعلم
الموقعين( " :هذا كتاب جليل تلقاه العلماء بللالقبول وبنللوا
عليه أصول الحكللام والشللهادة والحللاكم ،والمفللتي أحللوج
شئ إليه وإلى تأمله والفقه فيه ،ثم شرح ابللن القيللم هللذا
الفقرة بالذات في قول عمر لبللي موسللى ":ول يمنعنللك
قضاء قضيته بالمس ثم راجعللت فيلله عقلللك وعللدت فيلله
إلى رشدك أن تراجع الحق فإن الحق قللديم " يقللول فللي
كلم جميل ":يريد أنك إذا اجتهدت في حكومة يعنللي فللي
حكم ثم وقعت في هذه الحكومللة مللرة أخللرى فل يمنعللك
الجتهاد الول من إعادته؛ فإن الجتهاد قد يتعثر ،ول يكون
الجتهاد الول مانعا ً مللن العمللل بالثللاني إذا ظهللر لللك أنلله
الحق ،فإن الحق أولللى باليثللار ؛ لن الحللق قللديم سللابق
على الباطل ،فإذا كان الجتهاد الول قللد سللبق يعنللي هللو
الول عندك وقد تعمل به ؛ لنك تقول :هللذا أول اجتهللاد ،
وهو أول ما ذهبت إليه ،وأول ما نظرت فيه ،فيقللول لللك:
ل يمنعنك ذلك من أن تأخذ بللالحق الجديللد ،فللالحق قللديم
يعني أسبق حتى من اجتهللادك الول والرجللوع إليلله أولللى
من التمادي على الجتهاد الول ،ثم نجد أن عمللر -رضللي
الله عنه -وغيره من الخلفاء الراشدين والئمللة المهللديين
كانوا يعملون بهذا النظام ،فعمر نفسه -رضي الله عنلله -
242
كما عند عبدالرزاق وغيره أنه قضى في مسألة المشللركة
ل وهي مسألة فرضية ل بقضاء ثم جرت مرة أخرى فقضى
فيها -عمر رضي الله عنه -بقضاء آخر ،فقيللل :يللا أميللر
المؤمنين ،إنك قضيت قبل عام بغيللر ذلللك ،فقللال عمللر -
رضي الله عنه : -تلك على ما قضينا يومئذ ،وهذه على ما
قضينا اليوم ،فأخذ عمر -رضي الله عنه -باجتهاد ثم أخذ
باجتهاد آخر بما ظهر له أنه الحق ولم يمنعه القضللاء الول
من الرجوع إلللى الثللاني ،ولللم ينقللض أيض لا ً القضللاء الول
بالقضاء الثاني فجرى أئمة السلم -كما يقول ابن القيم -
من بعده على هذا المنوال ،ومن هنا وجللدنا الئمللة ينهللون
عللن تقليللدهم بللل ويرفضللون هللم أن يقلللدوا أنفسللهم ،
فالمام أحمد يكون له في المسألة الواحدة سبع روايات ،
وهي من القضايا التي قد يكون فيها نصوص ،ولكن توجيه
النصللوص علللى محلهللا والنظللر ،فيهللا واعتبللار الناسللخ
والمنسللوخ ،والنظللر إلللى صللحة السللناد وعللدمه ،وهكللذا
الشافعي كان له مذهب قديم في العراق ثم مذهب جديللد
في مصر ،وتلميذ أبي حنيفة أصللبحوا يخللالفونه فللي نحللو
من ثلثي مذهبه -رضي الله عنهم أجمعين .-
وكان الشافعي يقول :إنما يؤخذ بالخر فالخر من هللدي -
النبي صلى الله عليه وسلم -وقوله :فنحن نجد أن النللبي
-صلى الله عليه وسلم -لما قللدم إلللى المدينللة مثل ً كللان
يحب موافقة أهل الكتاب فيما للم ينللزل عليله فيلله شليء
يحب موافقتهم طمعا ً في إسلللمهم وتأليفلا ً لقلللوبهم ،ثللم
خلللالفهم بعلللد ذللللك ،وأصلللبحت مخالفللة أهلللل الكتلللاب
والمشركين والوثنين شريعة قائمة أمر بهللا النللبي -صلللى
الله عليه وسلم -وقررها وقعد أصولها ،وهكذا نجد بعللد -
هؤلء الئمة -أن المام ابن تيمية ينتقل من المذهبية إلللى
الجتهاد ،ويكتب ويتكلم ويفتي في كثير من المسائل التي
خلالف فيهلا الملذهب وخلالف فيهلا الشليوخ يتكللم برؤيلة
شهودية لم تكن له من قبل حتى إنه يخالف رأيه بللل أكللثر
من هذا فتجده في موضع يتكلم عن مسللألة جريللان الربللا
في الحلي فيقول :إنها باطلة باتفاق العلماء ،ثم يقرر في
آخر عمره وفي السللجن فللي تفسللير آيللات أشللكلت وهللو
243
كتاب مطبوع خلف الرأي الذي قللرره مللن قبللل ،وقللال :
إن عليه اتفاق العلماء؛ وما ذلك إل لنه كللبر عقللله واتسللع
اجتهاده ،وزاد نظره ،و تغيرت رؤيتلله ،وأدرك مللا لللم يكللن
يدرك من قبل ،وإل -فهو ل شللك -فللي المسللألة الثانيللة
أكللثر احتياطللا ً لللدينه وأكللثر ورعللا ً وحرصللا ً علللى مصللالح
الناس ،ولكن أراه الله حينئذ ما لم يكن يرى من قبل ،ول
يلللزم مللن ذلللك بالضللرورة أن يكللون الخللر صللوابًا ،لكللن
المدرك هو سعة المر وأهمية التعبد بالجتهللاد الللذي يللراه
الفقيه ،ول يقلد فيه نفسه ول غيره.
ومللن المهمللات فللي هللذه المسللألة ضللرورة فصللل الللدين
الرباني المحض عن النقللائص البشللرية النفسللية والعقليللة
فإنهما يختلطان على المرء أحيانا ً فتتدثر بعللض الخصللائص
البشرية وبعض الطبائع النسانية بدثار التقوى حتى يلتبس
المر على صاحبها ،وفرز هذا عن ذاك بحيث يعرف المرء
ما كان دينا ً محضا ً صريحا ً ل شوب فيلله ،ومللا كللان رأي لا ً أو
أمرا ً اجتهاديا ً أو أمرا ً شخصيا ً أو نابعا ً من طبيعة أو جبلللة ،
وهذا ل شك مللن أعظللم علمللات الخلص لللله ورسللوله -
صلى الله عليه وسلم -والنجاة من تلبس الهوى بالنسان
،ويللدخل فللي هللذا النتقللال مللن الجتهللاد المرجللوح إلللى
الجتهاد الراجح -من الحصول على أجر واحد إلى الحصول
علللى أجريللن معللا ً -أجللر الجتهللاد وأجللر الصللواب وهللذا
الختلف
والترجيح والنتقال يكون فللي مسللائل ،أذكللر أربعلا ً -منهللا
على سبيل العرض السريع -:
الولى :مسألة الوسائل وليس الغايات ،فالغايات متفقة ،
دعوة الناس إلى رب العالمين وتعبيدهم -لله عللز وجللل -
بالعمل بالكتاب والسللنة وطلللب الجنللة طلللب الرضللوان ،
لكن الوسائل إلللى ذلللك تختلللف ،ولهللذا نللرى أن وسللائل
الدعوة اجتهادية وليست توقيفيللة ،وقللد يجللد للنللاس مللن
الوسائل اليوم ما لم يكن عندهم من قبل ،إما أنه لم يكللن
موجللودًا ،أو لللم يكللن مسللتخدماً ،أو لللم تكللن المصلللحة
الراجحة تقتضي اعتماده كوسيلة ،فالوسللائل تختلللف مللن
244
زمان إلى زمان ومن مجتمللع إلللى مجتمللع ومللن بيئة إلللى
أخرى ،وهي حركة ضمن دائرة المباح الصلي في الجملة.
الثانية :ما يتعلق بالساليب ،فأساليب الدعوة قد تختلللف ،
فالنسللان يسللتخدم النسللان أسلللوب السللرية والعلنيللة -
ونوح عليه السلم يقول } ثم إنللي أعلنللت لهللم وأسللررت
لهم إسرارًا{ وقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم -سرا ً
بمكة ثلث سنين ،ثللم جهللر بللدعوته ،كللذلك التفللاوت بيللن
الشدة واللين وبين التعميم والتخصلليص والتربيللة الفرديللة
والخطاب الجماعي ،وهكذا كلها أساليب يطلللب منهللا مللا
يحقق المقصود وما يحقللق المقصللود اليللوم قللد ل يحققلله
غدًا ،وما يحققه في بلد قد ل يحققه في بلللد آخللر ،ولهللذا
أذنت الشريعة أن يكون هذا مجال نظر واجتهاد وتوسعة.
الثالثللة :مللا يتعلللق بللالفروع وليللس الصللول ،فأصللول
الشريعة والعتقللاد مللن المحكمللات المسلللمات القطعيللة
التي ل خلف فيها ،لكن باب الفروع بللاب واسللع؛ اختلللف
موسى وهارون وهما نبيان كمللا جللاء فللي صللريح القللرآن،
كما اختلف فيه أبو بكللر وعمللر حللتى فللي حضللور -النللبي
صلللى الللله عليلله وسلللم -فللي موضللوع السللرى وغيللره،
واختلف فيه أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ،واختلللف
فيه المام النووي وابن حجر وابن تيمية وغيرهم ،واختلف
فيه ابن باز وابن عثيمين ،فل غللرو إذن أن يختلللف النللاس
فيه إلى قيام الساعة وأل يكون ثمللة تللثريب علللى اختلف
الناس فيما كان من فروع الشريعة ،والخلف المقبول هنا
ليس بسبب الهوى أو التشهي ،أو المزاج أو الللذوق؛ وإنمللا
بسلبب الجتهللاد والنظلر فلي الدللة والراجللح والمرجللوح،
والصحيح والضعيف ،والناسخ والمنسوخ وغيره.
الرابعة :الجتهاد في النوازل الحادثة وليس فللي القواعللد
المستقرة ،والنازلة -بطبيعتها -شيء جديد
تطيش له الفهام وتللذهل العقللول وتسللتوحش النفللوس ،
ولكن العبرة بما يلؤول إليلله المللر ويسلتقر عليله الحللال ،
ولهذا فللإن الجتهللاد فللي النللوازل يكللون مجللال ً وعرضللة ،
ونحن نجد موسى وهللارون قللد اجتهللدا فللي مسللألة نازلللة
وهي كون بني إسرائيل عبدوا العجل ،فعاملهللا كللل منهمللا
245
بطريقة على حسب ما ذكللر الللله تعللالى فللي كتللابه ،وإن
كانوا كلهم وكل الرسل والنبياء بعثوا بدعوة التوحيد ونبللذ
النداد والصنام ورفض الشرك ،إل أن معالجللة نازلللة فللي
هللذا البللاب كللانت محللل اختلف فعالجهللا -هللارون عليلله
السلم -بأن نهاهم عن ذلك وصبر عليهم -بينما موسى -
عليه السلم -أخذ برأس أخيه يجره إليه ،ونهاه عللن ذلللك
فقللال للله ):ل تأخللذ بلحيللتي ول برأسللي إنللي خشلليت أن
تقول فرقت بين بني إسللرائيل ولللم ترقللب قللولي ( فمللن
معاني الهداية :طلب ما هو الفضل والتقى والكثر صوابا ً
والكثر رجحانا ً .
الرابع من معاني الهدايللة :اهللدنا الصللراط المسللتقيم ،أي
ألهمنا عبودية تناسب الحال التي نحن فيها فإن لكل مقلام
مللن مقامللات النسللان عبوديللة تخصلله وتلئملله ،فهنللاك
عبودية النسان في حال الصللحة ،واسللتخدام قللوته فيمللا
يرضللي الللله سللبحانه ،لكللن عبللوديته فللي حللال المللرض
بالصبر والرضا والتسليم والللدعاء ،وهنللاك عبوديللة الغنللى
بالنفاق في سبيل الله وهي الشكر ،وهناك عبودية الفقر
التي هي الرضا والتسليم ،وأل يمد عينيه أو يللديه إلللى مللا
عند الناس ،وأن يدعو الله سبحانه وتعالى ،ويطلب الغنللى
منلله دون غيللره ،وهنللاك عبوديللة القللوة للفللرد والجماعللة
والدولة والمة بلأن تصلرف هلذا القلوة فلي طاعلة اللله ،
وفي حمايللة اليمللان والمللؤمنين ،وفللي تللأديب الظللالمين
والفاسللقين والمعتللدين ،وهنللاك عبوديللة الضللعف الللتي
تقتضللي الصللبر والمصللابرة والنتظللار والتفكيللر وإعمللال
العقل والحيلللة ،فقللد يللدرك النسللان بالحيلللة مللال يللدركه
بالوسيلة والقوة ،وكذلك التسليم لله -سللبحانه وتعللالى -
بأل يسخط النسللان مللن القضللاء أو القلدر ،أو يخللرج علن
طوره أو يكفر بربه أو يشك في دينه ،وبعض الناس يقول
:لماذا مكن الله الكفار وأعطاهم القوة ؟ وحرم المؤمنين
ومنعهم من ذلك ؟
فهذا مما يدل على أهمية إدراك العبودية في حال الضعف
،وأنها غير العبودية في حللال القللوة ،ومللن العبوديللة فللي
حال الضعف أن يسعى النسان بنظره وتفكيره وتخطيطه
246
إلى اسللتجماع واستحضللار القللوة الممكنللة ؛ بحيللث يللزول
الضعف ،وإذا لم يزل عن هذا الجيل فليزل ل على القل ل
عن الجيال القادمة وأن نعرف لجيالنا طريقا ً بللدأناه نحللن
ليكملوه هم من بعدنا ،وهكذا عبودية الشباب غيللر عبوديللة
الكهولة أو عبودية الشيخوخة ،ولهذا نجد أن النبي -صلللى
الله عليه وسللم -كلان يقللول ) :لكللل عابللد شللرة ولكللل
شرة فترة ( رواه ابن حبللان وأحمللد والترمللذي وغيرهللم ،
وفي لفظ ) إن لكل شيء شللرة ولكللل شلليء فللترة فللإن
كان صاحبها سدد وقارب فارجوه وإن أشير إليلله بالصللابع
فل تعدوه ( وهذا لفظ الترمذي ،وفي مسند المللام أحمللد
عن عبد الله بن عمرو قال :ذكر لرسول الله -صلى الله
عليه وسلم -رجال يجتهدون فللي العبللادة اجتهللادا ً شللديدا ً
فقللال ) :تلللك ضللراوة السلللم وشللرته ،ولكللل ضللراوة
شرة ،ولكل شرة فترة ،فمن كللانت فللترته إلللى اقتصللاد
وسنة فلم ما هو ومن كانت فللترته إلللى المعاصللي فللذلك
الهالك ( فأشار النبي -صلى الله عليه وسلم -إلى طبيعة
الشياء وأن لكل شلليء عبللادته أو عبللوديته الللتي تلئملله ،
فالشباب -مثل ً -بطبيعتهم الحادة وحداثة التجربللة لللديهم
يكونللون -كمللا يقللول الللرازي فللي الفراسللة ) ص :( 81
"سللراع التقلللب يغلللب عليهللم الملل ،يشللتهون بللإفراط،
ويملون بإفراط؛ لن النفس الخالية من التصللورات تكللون
شديدة الرغبة في تحصيلها ،فإذا قضت وطرها منها مالت
إلى غيرها.
ويغلب عليهم حب الكرامة ،ورغبتهلم فلي العللو والظهلور
فوق رغبتهم في المال.
ولديهم سرعة التصديق بما يلقي إليهم ،وبسللاطة التصللور
مما يولد نوعا ً من القدام.
أما في السن المتقدم فيغلب علللى المللرء كللثرة التعقلت
والتصورات والتجارب ،وكثرة التردد والشك ،وقلة الجللزم،
والعتدال في الولء وفي الكراهية ،والمعرفة بالعواقب".
وقريللب مللن ذلللك مللا ذكللره ابللن رشللد عللن بعللض أهللل
الفلسفة حيللث قللال " :فممللا يتصللف بلله الشللباب :غلللب
الشهوات عليهم ،وهم سريعو الغضب والرضا وهم محبون
247
للكرامة ،ول يحتملللون تجريحلًا ،ويصللدقون القللول سللريعا ً
لقلة خبرتهم ،ويسهل خداعهم واغترارهم؛ لن من شللأنهم
التصديق من غيللر دليللل أو بللدليل ضللعيف ،والحيللاء يغلللب
عليهم ،ثم هم يقدمون الجميل على النافع إذا أحبللوا شلليئا ً
بللالغوا فللي حبلله ،وإذا أبغضللوا شلليئا ً بللالغوا فللي بغضلله،
ويميلون إلى الهزل والمزح.
أما أخلق الشيوخ فل يكترثون بحمد ول ذم ؛ لن قصللدهم
الحقائق ،ول يجزمون بشيء ألبتة ويقرنللون كلمهللم بلعللل
وعسللى! ،ول يحبللون بشللدة كمللا ل يبغضللون بشللدة ،بللل
أمرهم وسط بل إسراف ،بل بما يقتضيه الحال ،ويللؤثرون
النافع على الجميل ،وهم بعللد ذلللك أطللول صللبرا ً وأمضللى
عزيمة ل يهزلون كثيرًا ،ول يمزحون إل نادرا ً (.
فالمؤمن يللدعو ربلله أن يللوفقه ويلهملله العبوديللة الملئمللة
لحاله كفرد ولحال المجموعة أو المة أو المجتمللع ،ولهللذا
يقول المام ابن تيمية في الفتاوى )" : (22/400كل عبللد
فهو مضللطر دائمللا إلللى مقصللود هللذا الللدعاء وهللو هدايللة
الصللراط المسللتقيم ،فللإنه ل نجللاة مللن العللذاب إل بهللذه
الهداية ول وصول إلى السعادة إل به فمن فاته هذا الهدى
فهللو إمللا مللن المغضللوب عليهللم أو مللن الضللالين ،وهللذا
الهتللداء ل يحصللل إل بهللدى الللله ) :مللن يهللد الللله فهللو
المهتللدي ومللن يضلللل فلللن تجللد للله وليللا مرشللدا ( فللإن
الصراط المستقيم أن تفعل كل وقللت مللا أمللرت بلله فللي
ذلك الوقت من علم وعمل ول تفعل ما نهيت عنلله ،وإلللى
أن يحصل له إرادة جازمة لفعللل المللأمور وكراهللة جازمللة
لترك المحظور ،والصللراط المسللتقيم قللد فسللر بللالقرآن
والسلم وطريق العبودية وكللل ذلللك حللق فهللو موصللوف
بهذا وبغيره ،فحاجته إلى هذه الهداية ضرورية في سعادته
ونجاته ،بخلف الحاجة إلى الرزق.
فالمام -رحمه الله -ذكلر المعنلى الول وهلو أن الهدايلة
في كل وقت بحسبه ،وأن العبد حينما يدعو ويقول :اهدنا
الصللراط المسللتقيم ،فلنلله اليللوم محتللاج إلللى الهدايللة
المتجددة زائدة علللى مللا كللان عنللده بللالمس ،وهللو غللدا ً
يحتاج إلى هدايةزائدة على ما عنده اليوم ،ففي كللل يللوم
248
بل في كل ساعة بل في كل لحظة هو محتاج إلللى هدايللة
جديدة تلئم مقللامه وتحللل المشللكلة الماثلللة أمللامه فهللذا
معنى.
ثم أشللار -رحملله الللله -إلللى أن هللذه الهدايللة ضللرورية ،
بخلف الحاجة إلى الللرزق والنصللر فللإن الللله يرزقلله فللإذا
انقطع رزقه مات ،والموت ل بد منه -فإن كللان مللن أهللل
الهداية كان سعيدا بعد الموت وكان الموت موصل له إلللى
السعادة الدائمة البدية فيكون رحمة في حقه.
وكذلك النصر إذا قدر أنه قهر وغلب حللتى قتللل فللإذا كللان
من أهل الهداية والستقامة مات شللهيدا ،فتللبين أن حاجللة
العباد إلى الهدى أعظم من حاجتهم إلللى الللرزق والنصللر،
بل ل نسبة بينهما ; فلهذا كان هللذا الللدعاء هللو المفللروض
عليهم ،وأيضا فإن هذا الدعاء يتضمن الرزق والنصر ؛ لنه
إذا هدي الصراط المستقيم كان من المتقيللن ) ومللن يتللق
الله يجعل له مخرجللا ( ) ويرزقلله مللن حيللث ل يحتسللب (
وكان من المتوكلين ) ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن
الله بالغ أمره ( وكان ممن ينصر الله ورسوله ،ومن ينصر
الله ينصره الله وكان من جند الله ،وجند الله هم الغالبون
.
فالهدى التام يتضمن حصول أعظم مللا يحصللل بلله الللرزق
والنصر ،فتبين أن هذا الللدعاء هللو الجللامع لكللل مطلللوب
يحصل به كل منفعة ويندفع به كل مضللرة ،فلهللذا فللرض
على العبد ،هذا يدخل فيه سؤال الله -سللبحانه وتعللالى -
اللهام لمعرفة الحوال ومعرفة المراحل وتحقيق عبوديته
كل منها في وقتها ،و النسان ل يعرف ذلك إل بتعليم الله
تعالى له ،ولهذا قال النبي صلى الللله عليلله وسلللم -كمللا
في الحديث المتفق عليه عن ابن عباس ":لما بعث النللبي
-صلى الله عليه وسلم -معلاذا ً إللى اليملن ) :إنلك تلأتي
قوما ً أهل كتاب فليكن أول ما تللدعوهم إليلله شللهادة أن ل
إله إل الله وأن محمللدا ً رسللول الللله ،فللإن هللم أطللاعوك
بذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلللوات فللإن
هم أطاعوك بذلك فأعلمهم أن في أمللوالهم صللدقة تؤخللذ
من أغنيائهم وترد إلى فقرائهللم (...الحللديث ،فللإذا أجللابوا
249
إلى شيء دعوا إلى ما فوقه وإلى ما بعده وهذا يدل على
ملحظة التدرج في دعوة الناس أفرادا ً وجماعللات ،ومللن
هللذا التنللوع فللي العنايللة بالموضللوعات المختلفللة ،فهنللاك
أقللوام يناسللبهم أن يتحللدث معهللم فللي موضللوع التربيللة ،
وآخرون يناسبهم الحديث معهم فللي تفصلليلت العلللم فللي
الفقه والحديث والتفسير وغيرها ،و فئة ثالثة تحتللاج إلللى
من يحدثها في الجوانب الواقعيللة والمسللائل والمشللكلت
السياسية ،وفئة رابعة تحتاج إلى من يحدثها بالنتقال إلى
العمال والمشاريع والمؤسسات وإلى المللور العمليللة - ،
وهكذا بحسب ما لدى هؤلء من الكمال ومن اليمان ومن
العلم ومن القللدرة ،وبحسللب مللا عنللدهم مللن النقللص أو
الختلل -يكون ما يقدم لهم ،ومن ذلك أيضا ً أن الخطاب
يقبل التنوع والتعدد ،ولهذا الله -سبحانه وتعالى -يقول :
) ومللا أرسلللنا مللن رسللول إل بلسللان قللومه ليللبين لهللم (
فالرسالة تكون بلسان القوم المبعللوث إليهللم ،والمقصللود
من ذلللك هللو البيللان ،فالمقصللود مللن دعللوة السلللم هللو
البيان للناس والبيان يكون بالقول والفعل ،والقول يتنللوع
والفعل يتنوع بحسللب حللال المتحللدث وحللال المللدعوين ،
ولذلك كللان خطللاب المللم ذات الحضللارة والعلللم المللادي
الللدنيوي يختلللف عللن خطللاب المللم البسلليطة السللاذجة،
فاللللدعوة فلللي أوروبلللا -مثل ً -تختللللف فلللي متطلباتهلللا
واحتياجاتها و في همومها ومشكلتها الللتي تواجههللا -عللن
الدعوة فلي أفريقيلا أو اللدعوة فلي آسليا ،فحينملا تلدعو
شخصا ً بسيطا ً ساذجا ً ليس عنده أي خلفية مسبقة يختلف
المر عما إذا دعللوت شخص لا ً مليئا ً بالشللبهات والنظريللات
والفلسفات والقللوال السللابقة ،وإذا دعللوت شخصلا ً فللي
الصحراء ليللس كمللا لللو دعللوت شخصلا ً فللي المدينللة ،ثللم
أحوال المجتمعات وتعقيداتها وظروفهللا يحتمللل أبعللد مللن
هللذا ،فالشللبهات غيللر الشللبهات والهمللوم والمشللكلت
والحلول تتفاوت من قوم إلى قللوم ،وكللل قللوم يخللاطبون
بحسللب مللا يناسللبهم ،ووسللائل التللأثير مختلفللة ونوعيللة
الداعية الللذي نحتللاج إليلله فللي أوروبللا غيللر الداعيللة الللذي
نحتاجه في أفريقيا ،والداعية فللي بلد ينتشللر فيهللا العلللم
250
الشرعي غير الداعية في بلد يعم فيهللا الجهللل ،والللدعوة
في بلد غنية غير الدعوة في بلد فقيرة وهكذا
المعنى الخللامس :اهلدنا الصلراط المسلتقيم مللن معانيهللا
النتقال من الحسن إلى ما هو أحسن منه ،فهناك حسللن
وأحسللن ،ولللذلك يقللول الللله سللبحانه وتعللالى ) :الللذين
يستمعون القول فيتبعون أحسنه ( ويقول ) :اتبعوا أحسن
ما أنزل إليكم من ربكم ( فحتى في بعض أوامر الشللريعة
ثمت تخيير ،فهناك تخيير في باب الكفارات ،وهناك تخيير
في الحقوق فالنسان لله أن يأخلذ الديلة لل وهللذا حللق لله
مشروع ،وهو حسن ل ولكن هناك ما هو أحسن منه ،وهللو
العفو والصفح خاصللة إذا كللان معلله الصلللح ،ومللن ذلللك
النتقال من عمل فاضل إلى عمل أفضل منه ،فقد يكون
النسان منصرفا ً إلى عبادة ،والعبادة خير وقربة إلى الللله
سبحانه ،ولكن العبادة نفعهللا لزم خللاص فللإن انتقللل إلللى
التعليم وإلى الدعوة فقللد انتقللل مللن عبللادة إلللى عبللادة ،
لكن العبادة الجديدة أحسن من الولى ؛ لن نفعها متعللدٍ ،
ولهللذا كللان الزهللري ومالللك وغيرهللم يقولللون :إن طلللب
العلم أفضل من نوافل العبادة لمن صحت نيتلله ومللا ذلللك
إل لن العلللم فيلله نفللع للنللاس بخلف العبللادة فللإن نفعهللا
مقصور غالبا ً على صاحبها ،وهذا كما يكللون للفللرد يكللون
للجماعة ويكون للمة ،فقللد يفتللح الللله تعللالى لقللوم هللم
على خير خاص فيفتح الله لهم خيرا ً أعللم وأوسللع وأعظللم
فينبغللي أن يغتنمللوا ذلللك وأن ل يضلليعوا الفرصللة ،وكمللا
قيل :
إذا هبت رياحك فاغتنمها … …
فعقبى كل عاصفة سكون
وقد يكون الشيء حسنا ً ويكون غيره أحسن منه في حللال
أخرى ،وهذا يتجلى في الخلق والمواقف ،ولذلك قيل :
ووضع الندى في موضع السيف بالعل … …
مضر كوضع السيف في موضع الندى
المعنى السادس :أن يتجلى للمؤمن أو العللالم ويثبللت للله
مللا لللم يثبللت لغيللره ،وهللذا مللن معللاني اهللدنا الصللراط
المسلللتقيم ،وللللذا كلللان الئملللة الكبلللار أئملللة الحلللديث
251
المتقللدمون المحققللون يقللع لحللدهم للل بسللبب البحللث
والتحللري والطلع علللى السللانيد ومعرفللة الرجللال وتتبللع
طللرق الحللديث لل مللن القطللع واليقيللن والجللزم بللأن هللذا
الحديث صللحيح ،بللل قللد يكللون عنللده متللواتر ويحلللف أن
الرسول صلى الللله عليلله وسلللم قللال هللذا ونطللق بلله ول
يستثني ويكون محقا ً في ذلك بارا ً راشدا ً ؛ لنه تيقللن ذلللك
يقينا ً قلبيا ً جازملا ً بسللبب عمليللة البحلث الطويللة والطلع
ومعرفة السانيد والمتون والطرق والرجال وغيرها فمثللل
هذا العالم تحقق له من اليقين في مسألةٍ مللا لللم يتحقللق
لغيره حتى من العلماء فضل ً عللن عامللة النللاس ممللن لللم
يصلوا إلى هذا ولم يسلكوا طريقلله ،فيكللون لهللذا العللالم
هداية خاصة خصلله الللله تعللالى بهللا عللرف بهللا صللحة هللذا
الحديث بل ثبوته بل تواتره أحيانلا ً وأنله ضلروري وقطعللي
ويقيني ما لم يقع لغيره ،ول يستطيع هذا العللالم أن يلللزم
غيره بذلك ممن لم يسلك هذا السبيل ولم يصل إلى هللذه
النتيجة ،فهذه أنواع من الهدايات التي يطلبها المرء .
أخيرا ً :لماذا يقع هذا ؟
هذا التنوع الذي يحدث ويتجدد له أسباب عديدة منها:
أول ً :هناك ما هو من باب تجدد الجتهاد الفقهي والللدعوي
ودفع التعصب والهوى وتلرك تقليلد النفللس ،وهلذا يحتللاج
إلى تجرد والللتزام بالنقللد وتصللحيح المفللاهيم والتصللورات
والعمللال والمواقللف والجتهللادات الفرديللة والجماعيللة
فبسبب ذلك يقع النتقال .
ثانيا ً :قد يقع ذلك بسبب تغير الظللروف والللبيئات وأحللوال
الناس ،فيكون لكللل حللال مللا يناسللبها ،الداعيللة كالتللاجر
الذي يعرض بضللاعته فللي السللوق ،لكللن بضللاعته ليسللت
ة من سلع الدنيا ،وإنما هللي أغلللى السلللع وأعظمهللا، سلع ً
بضاعته الهداية والتي ثمرتها الجنة ) أل إن سلعة غاليللة أل
إن سلعة الله الجنلة ( والتلاجر ل يسلتطيع أن يتحكلم فلي
السعار ول في نوعية البضائع ول في طريقة البيع ول فللي
الزبائن ،وإنما قصاراه أن يعللرض بضللاعته علللى النللاس ،
وهللو إذا كللان حريصللا ً علللى تسللويقها ونشللرها وإيصللالها
فسوف يتلطف ويتذرع بكللل وسلليلة أذنللت بهللا الشللريعة،
252
وسوف يجدد من وسائل العرض والتقللديم والتوصللل إلللى
قلوب الناس وعقللولهم والتللأثير عليهللم فيمللا يحبللون ممللا
أباحه الله تعالى ووسع فيه مما هو من التنوع المحمود .
وهاهي النظمة السياسية في العالم السلللمي كللله تغيللر
قراراتها وتغير سياساتها وتحالفاتها بحسب تجللدد الحللوال
وتغير الظروف.
وهاهي الدول العظمى والمبراطوريات الكبرى ،كالوليات
المتحللدة المريكيللة ...تحللاول أن تهيمللن وتسلليطر علللى
معاقد المور فللي العللالم كلله ،ومللع ذللك تغيللر سياسللاتها
وتحالفاتهللا وتغيللر خريطللة علقاتهللا الدوليللة ومواقفهللا
السياسية والقتصللادية وقوانينهللا الداخليللة إلللى غيللر ذلللك
بسبب الحداث التي طرأت.
فالوقوف والجمود على أمر معين ليس أمللرا ً جللديرا ً بمللن
يعيشون الحياة وتقلباتها .
ثالثا ً :ومنه ما يكون بسبب تنوع الخبرة والدرايللة وإحكللام
التجربة المبنية علللى عقللل النسللان ،والتجربللة ل تحصللل
للنسللان إل بخللوض الغمللرات وقللوة الملحظللة والصللبر
والتدبر ،وما يمنح الله سبحانه وتعللالى عبيللده مللن الفهللم
والدراك ،ولهللذا لمللا سللئل علللي رضللي الللله عنلله :هللل
خصكم رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم أهللل الللبيت
بشيء ؟
قال":ل.والذي برأ الحبة وفلق النسمة إل فهما ً أوتيه رجللل
في كتاب الللله تعللالى " .فالنللاس يتفللاوتون فللي فهللومهم
سواء فهمهم لكتللاب الللله عللز وجللل أو فهمهللم لمجريللات
المور ومعرفة النتائج من مقدماتها ،ولهذا يقول بشار بن
برد العقيلي :
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن … …
برأي نصيح أو نصيحة حازم
ول تجعل الشورى عليك غضاضة … …
فإن الخوافي قوة للقوادم
ف أمسك الغل أختها … … وما خير ك ٍ
وما خير سيف لم يؤيد بقائم
وخل الهوينا للضعيف ولتكن … …
253
نؤوما ً فإن الحزم ليس بنائم
وأدن على القربى المقرب نفسه … …
ول تشهد الشورى امرءا ً غير كاتم
فإنك ل تستطرد الهم بالمنى … …
ول تبلغ العليا بغير المكارم
ويقول المتنبي في قصيدته المشهورة :
الرأي قبل شجاعة الشجعان … …
هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا لنفس حرة … …
بلغت من العلياء كل مكان
ولربما طعن الفتى أقرانه … …
بالرأي قبل تطاعن القران
لول العقول لكان أدنى ضيغم … …
أدنى إلى شرف من النسان
ولما تفاضلت النفوس ودبرت … …
أيدي الكماة عوالي المران
إن الواقع السلمي علللى جميللع الصللعد ليللس هللو الخيللار
المثل ول الصورة الشرعية ،ولذا يتحتللم علللى المصلللحين
السعي في التدارك والتغييللر وفللق الحكللام إلللى القاعللدة
الشللرعية )مللا كللان عليلله النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم
وأصحابه(.
================
#بيع التقسيط وأحكامه
سليمان بن ُتركي الُتركي 11/4/1424
11/06/2003
اسم الكتاب :بيع التقسيط وأحكامه
المؤلف :سليمان بن ُتركي الُتركي
الناشر :دار إشبيليا /السعودية
عدد الصفحات 558 :
انتظمت الرسالة بعد المقدمة في تمهيللد ،وثلثللة فصللول،
وتتمة ،وخاتمة.
254
التمهيد خصصله لدراسلة مصلطلحات البحلث ،وجلاء فلي
مطلبين :الول فللي تعريللف الللبيع وأقسللامه ،والثللاني فللي
تعريف التقسيط والجل فيه .
أمللا الفصللل الول فعقللده لبيللان شللروط بيللع التقسلليط ،
وانتظم في تمهيد وثلثة مباحث:
التمهيد كان حول الشللروط العامللة للللبيع .بينمللا المبللاحث
كللللان الول منهللللا فللللي الشللللروط المتعلقللللة بأحللللد
العاقدين،والثاني في الشروط المتعلقة بالعوض ،و الثالث
في الشروط المتعلقة بالجل .
وأملللا الفصلللل الثلللاني فخصصللله لدراسلللة تلللأثر الثملللن
بالتقسيط ،وجاء في ثلثة مباحث :
الول حول زيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال فللي بيللع
التقسيط ،والثاني في الحط مللن الثمللن لقللاء تعجيللل أداء
القسللاط ،والخيللر حللول مللا يللترتب علللى تللأخير أداء
القساط .
أما الفصل الثالث فخصصلله لدراسللة آثللار بيللع التقسلليط ،
وجاء في ثلثة مباحث :
المبحث الول :لزوم الجل في بيع التقسيط،والثاني فللي
انتقال ملكيللة المللبيع للمشللتري ،بينمللا كللان الثللالث حللول
المواعدة وأثرها في بيع التقسيط .
وأما التتمة ،فجعلها دراسللة تطبيقيللة لللبيع التقسلليط مللن
واقع شركتين من الشركات المتعاملة بهذا البيع.
وفي نهاية البحث ذكر خاتمة أوجز فيها ما توصل إليه مللن
نتائج ،وهي كالتالي:
أو ً
ل :بيللع التقسلليط هللو ) عقللد علللى مللبيع حللال ،بثمللن
مؤجل ،يؤَدى مفرق لا ً علللى أجللزاء معلومللة ،فللي أوقللات
معلومة ( وبين التقسيط والتأجيل علقة عمللوم وخصللوص
مطلق ،فكل تقسيط تأجيل ،وقد يكون التأجيل تقسلليطا ً
وقد ل يكون ،فالتأجيل هو العم مطلقا ً .
ثانيًا:يشترط لبيع التقسيط – فوق الشروط العامة للللبيع –
جملة من الشروط .هي كالتالي :
255
الشرط الول :أن ل يكون بيع التقسيط ذريعة إلى الربا .
وأبرز الصور التي يتحقق فيها التذرع بالتقسيط إلى الربا :
بيع العينة.
الشروط الثاني :أن يكون البائع مالكا ً للسعلة .فل يجللوز
أن يقدم البائع على بيع سلعة ليست مملوكة له ،على نية
أنله إذا أتلم العقلد ملع المشلتري ،اشلتراها وسللمها بعلد
ذلك .
أما طلب شراء السلعة مللن شللخص ليسللت عنللده ليقللوم
بتملكها ومن ثم بيعها على طالبهللا بربللح ،فجللائز إن كللان
المأمور يشتري لنفسه ويتملللك ملكلا ً حقيقيلا ً ،ومللن غيللر
إلزام للمر بتنفيذ ما وعد به من شراء السلعة.
الشللرط الثللالث :أن تكللون السلللعة مقبوضللة للبللائع .فل
يكفللي تملللك البللائع للسلللعة الللتي يرغللب فللي بيعهللا
بالتقسلليط ،بللل ل بللد مللن قبللض السلللعة المللراد بيعهللا
بالتقسيط القبض المعتبر لمثلها قبل التصرف فيها بالبيع ،
أيا ً كانت تلك السلعة طعاما ً أو غيره.
الشرط الرابع :أن يكون العوضان مما ل يجري بينهما ربا
النسلليئة .وذلللك للتلزم بيللن بيللع التقسلليط وبيللن الجللل
الموجب لنتفاء الشتراك في علة الربا.
الشرط الخامس :أن يكون الثمن في بيع التقسيط دينا ً ل
عينلا ً .لن الثمللن فللي بيللع التقسلليط ل يكللون إل مللؤجل ً ،
والجل ل يصح دخوله إل على الللديون الللتي تقبللل الثبللوت
في الذمة ،دون العيان.
الشللرط السللادس :أن تكللون السلللعة المبيعللة حالللة ل
مؤجلة .لن المبيع إذا أجل–مللع أن الثمللن مؤجللل أص لل ً –
فقد تحقق كون ذلك من بيع الكالئ بالكللالئ .وهللو منهللي
عنه.
الشرط السابع :أن يكون الجل معلوما ً .فل بد من بيللان
عدد القساط ،ووقلت أداء كللل قسلط ،وملدة التقسلليط
كاملة ،يحدد هذا تحديدا ً منضبطا ً ل يحصل معه نللزاع بيللن
الطرفين.
الشرط الثامن :أن يكون بيع التقسيط منجللزا ً .فل يصللح
تعليق عقد البيع علللى أداء جميللع القسللاط ،بللل ل بللد أن
256
يتم البيع بصورة منجزة ،تترتب عليه جميع الثار المترتبللة
على عقد البيع فور صدوره.
ثالثًا:تجوز زيادة الثمن المؤجل عن الثملن الحلال فللي بيلع
التقسلليط ،فللي قللول جمللاهير أهللل العلللم مللن السلللف
والخلف ،من غير مخالف يعتد بخلفه .بل قد حكى بعض
أهل العلم الجماع على جواز أن الثمن المؤجل أزيللد مللن
الثمن الحال .ومع ذلك فقد وجد من شذ في هذه المسألة
،ورأى تحريم زيللادة الثمللن المؤجللل عللن الثمللن الحللال ،
لشتباه هذه الزيادة عليلله بالربللا .تللبين مللن خلل البحللث
شذوذ هذا الرأي وضعف أدلته .
رابعًا :يجوز الحط من الدين المؤجل مقابل تعجيل الداء .
فيسوغ لمن أدى القسللاط قبللل زمللن حلولهللا أن يطللالب
بالحط عنه من الثمن بقدر ما زيد أصل ً مقابل تلللك المللدة
الملغاة.
خامسًا :ل يجوز إلللزام البللائع بقبللول القسللاط المعجلللة ،
التي سوف يترتب على قبوله لها حط من الثمن ؛ لن في
ذلك إضرارا به ،فهو لم يقصد من البيع بالتقسيط إل هذه
المصلحة ،والجل حق لهما فل يستبد أحدهما بإسقاطه.
سادسًا :يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء مللا
حل من أقساط ،ومع ذلك فل يجوز فرض تعللويض مللالي
على المدين المماطل مقابل تأخير أداء الدين.
سابعًا :يجوز اشتراط حلول بقية القسللاط بتللأخر المللدين
الموسر في أداء بعضها [.
ثامنًا:ل يجوز أن يتم العقللد فللي بيللع التقسلليط علللى عللدة
آجال لكل أجل ثمنه ،كأن يتم التعاقد على بيع سيارة إلى
سنة بمائة ألف ،وإلى سنتين بمائة وعشرين ،وإلللى ثلث
بمائة وثلثين .بل ل بد أن يكون الثمن والجل واحللدا ً بات لا ً
من أول العقد .
تاسعًا :ل يجوز للبائع المطالبة بالثمن قبلل حللول الجلل ،
كما ل يعد المشتري ممللاطل ً لللو امتنللع مللن أداء القسلاط
قبل حلولها .ول حق للبائع في المطالبة إل بانقضاء الجل
وبلوغ غايته ،أو باتفاق المتعاقدين على إسقاطه .
257
عاشرًا :إذا مات المشتري بالتقسيط قبل أداء جميع الثمن
فإن ديونه ل تحل بموته ،إذا وثق الورثة ذلك الدين برهللن
أو كفيل .فإن حل الدين لعدم توثيقه فل بد من الحط منه
بمقدار ما زيد فيه للمدة الباقية التي عجلت أقساطها .
حادي عشر :ل تحل الللديون المؤجلللة والقسللاط المتبقيللة
لفلس المشتري ،وإنما يقسم مال المفلس بين أصحاب
الديون الحالة ،وتبقى الديون المؤجلللة فللي ذمللة المللدين
إلى وقت حلولها .
ثاني عشر:تنتقل ملكية المبيع للمشللتري ،وملكيللة الثمللن
للبائع فور صدور عقد بيع التقسيط ،وبناء عليلله فل يجللوز
للبائع حبس السلعة لستيفاء ثمنها المؤجل ،ولللو اشللترط
البائع ذلك فإن العقد يكون فاسدا ً .
ثالث عشر :إذا أفلس المشتري وفي يده عين مللال ثمنهللا
مؤجل ،فالبائع أحق بسلللعته مللن بقيللة غرمللاء المشللتري
أصحاب الديون الحالة ،فتوقف السلعة المبيعة إلى حلول
الللدين وانقضللاء الجللل ويخيللر البللائع -إن اسللتمر الحجللر
حينئذ -بين أخذ السلعة ،أو تركها ومحاصللة الغرمللاء .كللل
ذلك بشرط أن ل يكون البائع قد قبللض مللن ثمللن السلللعة
شيئا ً ،وأن يكون المشتري حيا ً .
رابع عشر :يجوز للبائع اشتراط رهن المللبيع علللى ثمنلله –
رهنللا ً حيازيللا ً أو رسللميا ً ، -لضللمان حقلله فللي اسللتيفاء
القساط المؤجلة .
خامس عشر :ل يجللوز اشللتراط كللون المواعللدة السللابقة
لعقد البيع بالتقسيط ملزمة للطرفين ؛ لن اللزام بالوعللد
يصيره عقدا ً ،ولن اللللزام السللابق يجعللل العقللد اللحللق
عن غير تراض
===============
#حكم الكتتاب في الشركة المتحدة الدولية
للمواصلت )بدجت السعودية(
المجيب :الشيخ :محمد بن سعود العصيمي
الحمد لله والصلة والسلم علللى رسللول الللله وعلللى آللله
وصحبه ومن واله ،وبعد:
258
فقد اطلعت على نشللرة الكتتللاب الصللادرة مللن الشللركة
المتحدة الدولية للمواصلت ،المطروحللة للكتتللاب العللام،
وحيث إن نشاط الشركة نشاط مباح وهو تأجير السيارات
تأجيرا قصيرا وطويل الجل ،وبيع السلليارات المسللتخدمة،
وبعللض الخللدمات ذات العلقللة ،إل أن النشللرة قللد نصللت
على أن للشركة مطلوبات على البنوك تبلغ مللائة وثمانيللة
عشر مليونا منها قللرض لجللل بللأكثر مللن خمسللة وثلثيللن
مليونللا وذلللك بضللمان عللوائد التللأمين علللى السلليارات
المملوكة للشركة ،وهو في العرف البنكللي قللرض ربللوي،
والبللاقي قللرض تمويللل تللأجيري لللم يفصللح عللن طللبيعته.
وكذلك لدى الشللركة نقللد لللدى البنللوك بقيمللة تزيللد علللى
عشرين مليون ريال لم يفصح عن طبيعته ،ومن البعيد أن
يكون حسابا جاريا بدون فائدة ربويللة ،كللذلك فمللن ضللمن
مصللادر الللدخل الخللرى )ص (28مبلللغ يزيللد علللى أربعللة
عشللر مليونللا سللمته الشللركة دخللل التعللويض والسللترداد
يفرض على العميل المستأجر للسيارات وما هو إل تللأمين
تجاري بحت ،ثم هناك تسهيلت قصيرة ومتوسللطة الجللل
بغلت رسومها أكثر من ثمانية مليين ريال .ومللع كللل هللذا
فقد نصت نشرة الكتتاب على أن "جميع عمليللات تمويللل
السيارات تتم وفق أحكام الشريعة السلمية ،كما تسللعى
الشركة مستقبليا للحفاظ على هلذه التللوجه" ص ،28ثللم
خففت النشرة من قوة العبللارة السللابقة فللي مكللان آخللر
وقللالت" :وتهللدف الشللركة إلللى جعللل جميللع التسللهيلت
الئتمانية التي تحصل عليها والمتعلقة بالسيارات متوافقللة
مع الشريعة السلمية" ص .32وحيللث إن مللا نللص عليلله
مللن اللللتزام بالضللوابط الشللرعية فللي تمويللل السلليارات
طيب ومشروع وتشكر عليه الشركة ،إل أنه غير كاف في
جعلهللا مللن الشللركات المباحللة ،حيللث يجللب أن تلللتزم
بالضوابط الشرعية في القروض كلهللا وفللي السللتثمارات
كلها وهو أمر لللم تنللص عليلله النشللرة ،بللل الحقللائق الللتي
ذكرت أعله تدل على خلفه ،وعليه فل أرى جواز الكتتاب
بها.
259
وإني أوصي القائمين على هللذه الشللركة بتقللوى الللله عللز
وجل ،والحرص على رضاه والتقرب إليلله فللي كللل المللور
خاصللة فللي أمللور التمويللل والسللتثمار .وقللد وجللد مللن
التمللويلت السلللمية مللا يفللي بكللل احتياجاتهللا التمويليللة،
خاصللة أنهللا تقللوم بنشللاط يسللهل علللى البنللوك التجاريللة
السلمية تغطيلله بعقللود شللرعية بللل وأن تضللع لمللديوينته
صللكوكا إسللمية متداولللة قائملة عللى التللأجير التشلغيلي
الحقيقي وليس الصوري .وأرجو أن يكللون ذلللك بللديل لمللا
ذكرته الشركة في ملخلص النظلام الساسلي ملن إصلدار
السللندات و السللهم الممتللازة .كمللا أوصلليهم بالتللأمين
التعللاوني الحقيقللي واللللتزام بلله ،ل كمللا أشللارت نشللرة
الكتتاب فلي ص .43وإن ممللا يعيللن الشلركة عللى مثلل
ذلك التوجه الشرعي تعيين مستشلار شلرعي لهلا ،خاصلة
أنها نصت في النشرة على سللعيها للحفللاظ علللى التللوجه
السلمي في التمويل.
وإن الشركات المساهمة مشكورة تحتاط في أمور كللثيرة
ملللن المخلللاطر )مثلللل المخلللاطر الئتمانيلللة والسلللوقية
والتسللويقية ومخللاطر تقلبللات العملللة وأسللعار الفللائدة
وغيرها( ،وهذه أمور يحمللدون عليهللا وتللدل علللى الحللرص
على تسيير أمور الشركات على الوجه اللئق مللن الناحيللة
الفنية والقتصادية .إل أني أذكرهللم ونفسللي المقصللرة أن
حق الله أولى ،وأننا يجللب أن نللوقر الللله سللبحانه وتعللالى
وأن نحسللب حسللاب المخللاطرة فللي عصلليانة أشللد مللن
حسللباننا للمخللاطرات السللابقة .فللالله سللبحانه يمهللل ول
يهملل ،وهلو علز وجلل يغلار عللى محلارمه أن تنتهلك ،ول
طاقة لحد بعقابه في الللدنيا ول فللي الخللرة .وإن المثلت
أمامنا في كل مكان وعللى كلل مسلتوى .فالحلذر الحلذر،
فإن الله بالمرصاد] .مالكم ل ترجون لله وقارا[.
وفق الله الجميع لكل خيللر ،وعصللمنا وإيللاهم مللن الزلللل،
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينللا محمللد وعلللى آللله
وصحبه أجمعين.
ما حكم الكتتاب في الشركة المتحدة الدولية للمواصلللت
)بدجت(؟
260
المجيب :د .يوسف بن عبد الله الشبيلي
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء
الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله ،أما بعد
فإن نشاط هذه الشركة في تأجير السيارات ،وهلو نشلاط
مبللاح ،وقللد نصللت الشللركة فللي نشللرة الصللدار علللى أن
"جميع عمليات تمويل السيارات تتم وفق أحكام الشللريعة
السلللمية ،وأنهللا تسللعى مسللتقبليا للحفللاظ علللى هللذه
التللوجه" ،إل أن علللى الشللركة قروضللا ً تجاريللة محرمللة
وليست من نشاطها ،فالذي يظهر هو جواز الكتتاب فيهللا؛
لن نشاطها مباح ،ومعظم معاملتهللا الماليللة كللذلك ،ولن
السللهم صللكوك ماليللة مباحللة ،فللإذا خالطهللا شلليء مللن
الحرام فيتخلص منلله ويبقللى مللا عللداه علللى الصللل وهللو
الباحة ،عمل ً بالقاعدة الشرعية في اختلط الحرام اليسير
المغمور بالحلل الكثير .وإثم التعامللل المحللرم علللى مللن
باشره أو أذن به من القائمين على الشركة.
وإنللي أحللث القللائمين علللى هللذه الشللركة وغيرهللا مللن
الشركات على المبللادرة إلللى تنقيللة جميللع معاملتهللا مللن
العقلللود المحرملللة أو المشلللبوهة؛ فلللإن جلللواز الكتتلللاب
للمساهمين ل يعفي القللائمين عليهللا مللن إثللم أي معاملللة
محرمة يأذنون بها ولللو قل ّللت ،فللالله قللد حللذرنا مللن الربللا
وتوعد من تعامل به بحرب منلله ومللن رسللوله صلللى الللله
عليه وسلم .نسأل الله يوفقنا إلى مللا يرضلليه ،وأن يجنبنللا
أسباب سخطه وعقابه .والغللرض مللن هللذه الفتللوى تللبيين
الوضع المالي للشركة من الناحية الشرعية ول يقصد منها
التوصية بالكتتاب ملن علدمه فتللك مسلؤولية المسلتثمر.
والله أعلم.
=============
#دعاوى الصلح
محمد بن شاكر الشريف
الصلح كلمة جميلة سللهلة الخللراج مللن اللسللان ،خفيفللة
الوقللع علللى الذن ،تنشللرح لسللماعها الصللدور ،وتألفهللا
القلللوب؛ لن الصلللح موافللق للفطللرة الللتي فطللر الللله
الناس عليها؛ ولهذا قال نبي الله شعيب لقومه لما دعللاهم
261
إلللى عبللادة الللله وحللده ،ونهللاهم عللن إنقللاص المكاييللل
والموازين ،وأمرهم بتوفيتها ،قال لهم":إن أريد إل الصلح
ما استطعت " ولما كانت هذه الكلمة بهذه المنزلللة ،فقللد
ادعاها كثيرون :من يريد الصلح حقيقة ومن هم مقيمللون
علللى الفسللاد والفسللاد ،لكللن هنللاك ضللابطا يميللز بيللن
المدعين ،إذ الصلح كله مضمن فيمللا جللاء بلله الشللرع ،أو
دل عليلله وأرشللد إليلله ،أو قبللله ،فمللن زعللم الصلللح بمللا
يخالف الشرع فهو مفسد ،وإن زعم غيللر ذلللك ،ومللن رام
الصلح مللن غيللر أن يتخللذ الشللرع هاديللا وإمامللا للله فهللو
يمشي في عماية ،ل يللدري أيللة سللكة سلللك ،فقللد يسلللك
سكة للصلح ،كما قد يسلك سككا للفساد ،ونهاية أمللره
التخبط والفساد ؛لن العقول وإن اهتدت إلى ما فيه بعض
الصلح والصلح في بعض المور ،لكنها ل تستقل بللإدراك
الصلح كله في المور جميعها ،فل مندوحة لحد يدعو إلى
الصلح عن الرجوع إلى الشرع ،والركون إليلله ،والنطلق
منه ،وعلى هذا فإن كل دعوة للصلح مهما كللان حجمهللا،
وأيا كان مطلقها أو الصائح بها ،أو الجهة التي تقف خلفها،
إذا لللم تكللن قائمللة علللى اتبللاع الشللرع المنللزل مللن رب
العللالمين جميعهللم ،فهللي دعللوة للفسللاد ،ومآلهللا إفسللاد
المجتمع وتخريبه ،ولذا فإن شللعار " الللدعوة للصلللح " ل
يصلح أن يرفعه بحق إل من اتخذ الشريعة له قائدا وهاديللا
ودليل ،أما من لم يجعللل الشللريعة دليللله وقللائده وجعلهللا
وراءه ظهريا ،فإنه يقيم على الفساد وهللو يظللن أنلله قللائم
على الصلح ،ويدعو إلى الفساد وهو يزعم أنه من دعللاة
الصلللح ،وهللذه هللي حللال المنللافقين ،فهللم يفسللدون
ويزعمون أنهم مصلحون ،قال الله تعالى" وإذا قيل لهم ل
تفسدوا في الرض قالوا إنما نحن مصلللحون أل إنهللم هللم
المفسدون ولكن ل يشعرون" فهم قللائمون علللى الفسللاد
داعون للفساد ويزعمون أن الصلح في أقوالهم وأفعالهم
وسلوكهم ،وهذا شأنهم في تغيير المعللاني وقلللب الفكللار
وانعكاس المعايير ،فتراهم يدعون إلللى تماسللك الشللعوب
وعللدم تفتيتهللا ) وخاصللة الشللعوب الللتي تللدين بللأكثر مللن
ديللن ( والحفللاظ علللى الوحللدة الوطنيللة ويقولللون :هللذه
262
دعوة للصلح ،فإذا بحثت وفتشت عن حقيقة ذلك وجللدته
دعللوة إلللى إقصللاء الشللريعة السلللمية وتحكيللم القللوانين
الوضللعية ،وهللذا هللو الفسللاد ،وتراهللم يللدعون إلللى عللدم
التمييز بين طبقات المجتمللع ،وعللدم التحيللز لفئة ضللد فئة
أخرى ،ويقولون :هللذه دعللوة للصلللح ،فلإذا فتشللت عللن
حقيقة ذلك وجدته دعوة إلى المساواة التامللة بيللن الللذكر
والنثى ،حتى فيما فرقت فيه النصوص القطعية ،وهذا هللو
الفسللاد ،وتراهللم يللدعون إلللى المحافظللة علللى حقللوق
النسان وإعطائه الحرية ،ويقولون :هللذه دعللوة للصلللح،
فللإذا فتشلت علن حقيقلة ذللك وجللدته دعللوة إللى إباحيللة
مطلقة مللن كللل قيللد حللتى يللأتي الرجللل الرجللل والمللرأة
المرأة وهذا هو الفسللاد ،وتراهللم يللدعون إلللى التسللامح
وإشاعة ثقافة الحوار والنفتاح على الخر المختلف ثقافيللا
ويقولون :هذه دعللوة للصلللح فللإذا بحثللت وفتشللت عللن
حقيقة ذلك وجدته دعوة إلى إذابة الفوارق بين المسلمين
والكفار ،وإضعاف معاني الللولء والللبراء إلللى حللد اللغللاء
وهذا هو الفساد وتراهم يدعون إلى الستفادة من الصللور
المعاصرة فللي كيفيللة تنميللة رأس المللال مللع المللان مللن
تقلبات الحللوال والمعللاملت القتصللادية ويقولللون :هللذه
دعوة للصلح فإذا بحثت وفتشت عن حقيقة ذلللك وجللدته
دعوة إلى التعاملت الربوية عن طريق البنوك التي يقللوم
أمرها على الربا ،وهذا هو الفسللاد ،ولوظللنللا نتتبللع كللثيرا
من ألفاظهم التي يتلعبون بها وجدناها لم تخرج عللن حللد
الكلم الذي تكون حقيقته مخالفة لظاهره وهذا هو النفاق
" وإذا قيللل لهللم ل تفسللدوا فللي الرض قللالوا إنمللا نحللن
مصلللحون" ،فللإذا أردت أن تفللرق بيللن مللن تكللون دعللوته
للصلح بحق ،وبين من يدعو للفساد تحت عباءة الصلللح
فانظر أين موضع الشريعة من دعوته تعرف ذلك
=============
#صناعة الفتوى وفقه القليات ][14/21
الشيخ العلمة /عبد الله بن بيه 19/4/1427
17/05/2006
-التأمين على الحياة
263
-الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التقليدي
-العناصر الساسية للتكافل
-توريث المسلم من أقاربه غير المسلمين
-الوفاء بالعقود
-ضوابط التعامل بين الجنسين
-حكللم اسللتفادة الهيئات الخيريللة مللن عللوائد الحسللابات
الربوية
التأمين على الحياة
ناقش المجلس البحوث المقدمة إليه حللول التللأمين علللى
الحيللاة ،واطلللع عللل مللا صللدر عللن المجللامع الفقهيللة
والمؤتمرات والندوات العلمية بهذا الشأن.
وبعد المناقشة والتحاور حول جوانب هللذا الموضللوع ،ومللا
عليلله أحللوال المسلللمين فللي أوروبللا وسللائر البلد غيللر
السلمية ،ومع مراعاة ما يجري عليه العمل في شللركات
التأمين التجاري ،والتأمين التعاوني في أوروبا ،انتهلى إللى
ما يأتي:
ل :تأكيد ما صدر عن المجلس في دورته السادسة حول أو ً
موضوع التأمين وإعادة التأمين .
ثانيًا :تأكيد ما صدر عن بعض المجامع الفقهية مللن حرمللة
التأمين التجاري على الحياة ،وجللواز التللأمين التعللاوني إذا
خل عن الربا والمحظورات الشرعية ،وعلى ما صدر مللن
الندوة الفقهية الثالثة لبيت التمويل الكويتي الللتي حضللرها
ثلة من الفقهاء المعاصرين والقتصاديين فللي 1413هل ل -
1992م وانتهت إلى إصدار الفتوى التالية :
- 1التأمين على الحيللاة بصللورته التقليديللة القائمللة علللى
المعاوضة بين القسللاط والمبللالغ المسللتحدثة عنللد وقللوع
الخطر أو المستردة مع فوائدها عند عدم وقوعه هللو مللن
المعاملت الممنوعة شرعا ً لشتماله علللى الغللرر ،والربللا،
والجهالة .
- 2ل مانع شرعا ً من التأمين علللى الحيللاة إذا أقيللم علللى
أساس التأمين التعاوني )التكافلي( وذلك من خلل الللتزام
المتبرع بأقساط غير مرتجعة ) ،(1وتنظيم تغطية الخطار
التي تقع على المشتركين مللن الصللندوق المخصللص لهللذا
264
الغرض ،وهو ما يتناوله عموم الدلة الشرعية الللتي تحللض
على التعاون ،وعلى البر والتقوى وإغاثة الملهوف ورعايللة
حقوق المسلللمين ،والمبللدأ الللذي ل يتعللارض مللع نصللوص
الشريعة وقواعدها العامة.
ثالثًا :ومع ما سبق فإن حالت اللزام قانونيا ً ،أو وظيفيللًا،
مسموح بها شرعًا ،إضافة إلى ما سبق إثباته في قللرارات
الدورة السادسة.
تعليق:
قلت :لهمية موضوع التأمين أردت أن أعلق عليه تعليقللا ً
مللوجزًا ،لكنلله يللبين باختصللار حقيقللة التللأمين التجللاري،
والتأمين التكافلي ،وعناصرهما ،والفرق بينهما.
أول :التأمين التقليدي يعرف بللأنه :ضللمان يقللدمه مللؤمن
إلى مومن له بتعويضلله عللن خطللر محتمللل ،مقابللل نقللود
يدفعها ،أو اشتراك ).لروس الصغير الفرنسي(
ويعرفه الفرنسي هيمار :بللأنه عقللد بمللوجبه يحصللل أحللد
المتعاقدين وهو المؤمن له في نظيلر مقابلل يلدفعه عللى
تعهللد بمبلللغ يللدفعه للله ،أو للغيللر إذا تحقللق خطللر معيللن،
المتعاقد الخر وهو المؤمن الذي يدخل في عهدته مجموع
من هذه الخطار يجري مقاصة فيمللا بينهللا طبق لا ً لقللوانين
الحصاء)".الوسيط للسنهوري (7/1090
أهم مميزات التأمين التجاري:
النفصال الكامللل لشخصللية المللأمن "صللاحب المشللروع"
عن شخصية المؤمن له "مالك وثيقة التأمين".
تهللدف الهيئات الممارسللة للتللأمين التجللاري أساس لا ً إلللى
تحقيق الربح ،فالمال الذي يجمع من القساط يصبح ملكا ً
للمؤمن ،والربح أو الخسارة عبارة عللن الناتللج عللن زيللادة
القساط المتحصلة أو نقصها عن التكلفة الفعلية للتللأمين،
مع ملحظللة تحمللل قسللط التللأمين التجللاري المقللدر منللذ
بداية العقد بجزء لمقابلة الرباح المراد تحقيقها.
يتميز التأمين التجاري بأن القساط الللتي يللدفعها المللؤمن
لهم ثابتة منذ إبرام العقد تتحرر على أسس معينة ،وتبقللى
كذلك طيلة مدة العقد فيكون المؤمن لهم لهم علللى علللم
بما يلتزمون به منذ البداية.
265
أمللا التللأمين التكللافلي فقللد ورد تعريفلله فللي قللرارات
المجلللس الوربللي للفتللاء والبحللوث بمللا نصلله :والبللديل
الشرعي لذلك هو التللأمين التكللافلي القللائم علللى تكللوين
محفظة تأمينية لصالح حملة وثائق التللأمين ،بحيللث يكللون
لهللم الغنللم وعليهللم الغللرم ،ويقتصللر دور الشللركة علللى
الدارة بأجر ،واستثمار موجودات التأمين بللأجر ،أو بحصللة
على أساس المضاربة.
وإذا حصللل فللائض مللن القسللاط وعوائدهللا بعللد دفللع
التعويضللات فهللو حللق خللالص لحملللة الوثللائق ،ومللا فللي
التأمين التكافلي من غرر يعتللبر مغتفللرًا؛ لن أسللاس هللذا
التأمين هو التعاون والتللبرع المنظللم ،والغللرر يتجللاوز عنلله
في التبرعات.
وأهم مميزات التأمين التعاوني هي:
اتحللاد شخصللية المللؤمن "صللاحب المشللروع" وشخصللية
المؤمن له "حامل وثيقة التأمين" ومن هنا جاء وصف هللذا
النوع من التأمين بالتكافلي حيللث يللؤمن العضللاء بعضللهم
بعضًا ،فكل منهم مؤمن ومؤمن له في وقت واحد.
إن تعريللف المجلللس الوربللي إنمللا هللو تعريللف لصللورة
مفضلة من التأمين التكافلي لن التأمين التكافلي قد يأخذ
صورا ً متعددة كأن تأسللس جماعللة شللركة مضللاربة تقللوم
بالتجارة في موجودات الشركة ويلحقللون بنظللام الشللركة
عقدا ً تكافليلا ً يلللتزم فيلله أعضللاء الشللركة بتللأمين بعضللهم
البعض وحمللايته مللن الخطللار سللواء كللان ذلللك مللن ربللح
الشركة ،وهو أمر جائز أن يتبرع المضارب بربحه.
وهناك صيغة أخرى طبقناها فللي بعلض البلد وهللي تكلوين
شركة مضاربة بلأموال يقلوم فيهللا بعلض أعضللاء الشللركة
بالدارة لصللالح الجميللع فيكللون لهللؤلء مزيللد مللن الربللاح
لنهم مؤسسون ومشتركون بأموالهم وأبدانهم وهللو جللائز
على مذهب أحمد وقد بين ذلللك ابللن قدامللة حيللث قللال :
وأما المضاربة الللتي فيهللا شللركة وهللي أن يشلترك ملالن
وبدن صاحب أحدهما مثل أن يخرج كل واحللد منهمللا ألف لا ً
ويللأذن أحللدهما للخللر فللي التجللارة بهمللا فمهمللا شللرطا
للعامل من الربح إذا زيد على النصللف جللاز لنلله مضللارب
266
لصاحبه في أللف ولعاملل المضلاربة ملا اتفقلا عليله بغيلر
خلف...
وبعد شرح طويل قال :فحصل مما ذكرنا أن الربح بينهمللا
على ما اصطلحا عليه في جميع أنللواع الشللركة) .المغنللي
140-139-138 /7دار هجر(.
وممللا ذكرنللا يتللبين أنلله قللد تكللون أفضللل صلليغة للتللأمين
السلمي أن تكون شللركة مضللاربة ومعهللا شللركة أمللوال
فيمنللح المسللاهمون الكبللار وهللم المضللاربون بأبللدانهم
ة
لتوليهم الدارة وأرباب المللال لشللتراكهم بللأموالهم حصل ً
مللن الربللح أكللبر مللن حصللص المشللتركين حملللة الوثللائق
لوجللود التراضللى ولهللذا فيكللون لهللؤلء المشللتركين فللي
الجمعية العامة ممثلون.
وهي صيغة مختصرة وبسيطة تقوم علللى تأسلليس شللركة
تجارية من مساهمين كبار تبرعوا بجزء من أمللوالهم لجللبر
الضرار التي تنزل بهللم ويلتحلق مشللتركون صلغار بنفللس
الصيغة أي أنهم شركاء بالقساط التي دفعوها متضللامنين
مع الخرين مع قبولهم بمنح جللزء أكللبر مللن الربللح لهللؤلء
المساهمين المؤسسين وهللي شللركة تلللزم بللالقول وهللذا
مذهب مالك قال خليل )ولزمت بما يدل عرفا ً كاشتركنا(.
ول بأس أن نذكر بكلم للنووي مذكور في البحث السللابق
لتطبيقه علللى موضللوع التللأمين يقللول النللووي ) " :فللرع(
الصل أن بيع الغرر باطل لهللذا الحللديث والمللراد مللا كللان
فيه غرر ظاهر يمكن الحللتراز منلله )فأمللا( مللا تللدعو إليلله
الحاجللة ول يمكللن الحللتراز عنلله كأسللاس الللدار ،وشللراء
الحامل مع احتمال أن الحمل واحد أو أكثر ،ذكللر أو أنللثى،
كامل العضاء أو ناقصها ،وكشراء الشاة في ضللرعها لبللن
ونحو ذلك فهذا يصح بيعه بالجماع .
ونقل العلماء الجماع أيضا ً في أشياء غررها حقيللر )منهللا(
مة أجمعت على صحة بيع الجبة المحشوة وإن لم ير أن ال ّ
حشوها ،ولو باع حشوها منفردا ً لم يصللح ،وأجمعللوا علللى
جواز إجارة الدار وغيرها شهرا ً مع أنه قد يكون ثلثين يوما ً
وقد يكون تسعة وعشللرين ،وأجمعللوا علللى جللواز دخللول
الحمام بأجرة ،وعلى جواز الشرب من ماء السقاء بعوض
267
مع اختلف أحوال الناس في استعمال الماء أو مكثهم في
الحمام .
قال العلماء مدار البطلن بسبب الغرر والصحة مع وجوده
على ما ذكرناه وهو أنه إذا دعت الحاجة إلى ارتكاب الغرر
ول يمكن الحتراز عنه إل ّ بمشقة أو كان الغرر حقيرا ً جللاز
البيع وإل ّ فل.
وقد يختلف العلماء في بعض المسائل كبيع العين الغائبللة،
وبيللع الحنطللة فللي سللنبلها ،واختلفهللم مبنللي علللى هللذه
القاعدة ،فبعضللهم يللرى الغللرر يسلليرا ً ل يللؤثر ،وبعضللهم
يراه مؤثرا ً والله سبحانه وتعالى أعلم )المجمللوع للنللووي:
. (9/258
من هذا الكلم نستفيد أمرين أحدهما الغرر الخفيف الللذي
يغتفر للحاجة وهو مللا بنللي عليلله المجلللس جللواز التكافللل
بأنواعه ،والغرر الكللبير المللؤثر وهللو أصللل التحريللم إل أن
المجلس تجاوز عن هذا الغرر إذا لللم يمكللن الحللتراز منلله
في البيئة الوربية ولعل ذلك ما أشار إليه النووي بقوله ":
أما ما تدعو إليه الحاجة ول يمكن الحتراز منه."...
ولهذا فإن هذه الفتوى مبنيللة علللى قاعللدة تنزيللل الحاجللة
منزلة الضرورة في صللورتي الغللرر المغتفللر فللي الصللل،
وهو ما خف ودعت إليه حاجة وفللي صللورة المحللرم اصللل
وأشللتدت وطللأة الحاجللة ولللم يمكللن الحللتراز فللي حالللة
التللأمين التجللاري فللي أوربللا لفرضلله بالقللانون ولمسلليس
الحاجة المنزلة منزلة الضرورة إليه.
-الفرق بين التأمين التعاوني والتأمين التقليدي :
-1أن التأمين التقليدي يغلب عليه الغرر فيمكللن أن يعللبر
عنه بأنه هو الغرر بعينه ،كما قدمنا عللن البللاجي ،وبالتللالي
فهو من الغرر الشديد الغالب المحرم ،فل تجيللزه الحاجللة
إل في ظروف استثنائية.
وأن التأمين التكافلي يخف فيه الغرر ،وذلك لعنصر التبرع
القائم عليه ومحدودية المؤمنين فتجيزه الحاجلة وهلذا هلو
الفرق الول.
268
-2أن التأمين التكافلي عقد إرفللاق ومعللروف لنلله مبنللي
في نيته على التعاون ولهذا يغتفر فيه الغرر كما قدمنا في
مسألة ":أعني بغلمك على أن أعينك" في بحث الحاجة.
وكما في مسألة الدينار الناقص والطعام فللإن أراد التبللايع
حرم وإن اراد القالة جاز لنه معروف في بحث الحاجة.
بخلف التللأمين التقليللدي فالقصللد الغللالب فيلله التجللارة
وكسب الربح ،ولهذا ل يجوز فيه الغللرر ،وهللذا هللو الفللرق
الثاني.
-3الفرق الثالث أن الغرر في التأمين التقليلدي أصلل لن
المؤسسة قائمة على كسبها من الحوادث التي لم تحصل
بينما الغرر في التكافلي إضافي وتبعي ،وقد قدمنا مسللألة
الظئر والرضيع عن المواق.
-العناصر الساسية للتكافل
وأهم شيء في شركة التكافل ثلثة عناصر :
-1عنصر التبرع وهو تبرع للمتضللرر مللن أعضللاء الشللركة
بجللزء مللن الربللح أو بالربللح بكللامله وهللذا كمللا يجللوز فللي
المضاربة التللبرع بجللزء مللن رأس المللال وهللذا جللائز لنلله
يغتفر الغرر في التبرعات.
-2عنصللر الشللراكة وهللو اعتبللار كللل قسللط يللدفع إلللى
الشللركة ،إنمللا هللو قسللط اشللتراك وليللس مللدفوعا ً فللي
مقابل.
-3عنصر اتحاد الشخص ذي الجهتين بين المللؤمن بصلليغة
اسم الفاعل والمؤمن بصيغة اسم المفعللول سللواء أداروا
الشللركة بأنفسللهم كشللركة أبللدان وأمللوال ،أو أداروهللا
بواسطة جهاز إداري يمارس عملية وكالة بأجر.
أما بالنسبة للفتوى المتعلقة بالتأمين التجاري الذي أجللازه
المجلس في حالت محددة فإن الفتوى تستند إلى الحاجة
الشديدة الناشئة عن الفرض بالقللانون ،أو الحللرج الشللديد
والمشقة طبقا ً لمقولة الشيخ تقلي اللدين ابلن تيميلة فلي
حديثه عن الجوائح إن" الشريعة مبنية علللى أن المفسللدة
المقتضللية للتحريللم إذا عارضللتها مصلللحة راجحللة أبيللح
المحرم".
269
وهي مبنية من جهة أخرى على الخلف الذي أسلللفنا فللي
مبحث الحاجة والذي يرجح به في العقود الفاسدة.
-توريث المسلم من أقاربه غير المسلمين
يللرى المجلللس عللدم حرمللان المسلللمين ميراثهللم مللن
أقاربهم غير المسلمين ومما يوصون لهللم بلله .وأنلله ليللس
في ذلك ملا يعللارض الحللديث الصللحيح" :ل يللرث المسلللم
الكافر ول الكافر المسلم" الذي يتجه حمللله علللى الكللافر
الحربي ،مع التنللبيه إلللى أنلله فللي أول السلللم لللم يحللرم
المسلمون من ميراث أقاربهم من غير المسلمين .وهو ما
ذهب إليه من الصللحابة معللاذ بللن جبللل ومعاويللة بللن أبللي
سفيان ومن التللابعين جماعللة منهللم سللعيد بللن المسلليب،
ومحمللد بللن الحنفيللة ،وأبللو جعفللر البللاقر ومسللروق بللن
الجدع ،ورجحه شيخ السلم ابن تيمية وتلميذه ابن القيم.
-الوفاء بالعقود
توقيع العقد في أي صفقة ملزم للطرفين شرعا ،ول يجوز
لحدهما أن يرجع فيه بإرادته المنفردة ،دون رضا الطللرف
الخر ،فهذا مخالف لما أمللر الللله تعللالى ورسللوله –صلللى
الله علهي وسلم ،-وأكدته نصللوص القللرآن والسللنة.قللال
من ُللوا ْ أ َوْفُللوْا" ]المللائدة [1:وقللال ن َءا َ ذي َ
َ
تعللالىَ" :ياأي ّهَللا ال ّل ِ
ن ال ْعَهْد َ َ َ
ل" ]السراء : ؤو ً س ُ م ْ ن َ كا َ عزوجل" :وَأوُْفوا ْ ِبال ْعَهْدِ إ ِ ّ
ضوا ْ م وَل َ َتنُق ُ هدت ّ ْ عا َ ذا َ .[34وقال تعالى":وَأ َوُْفوا ْ ب ِعَهْدِ الل ّهِ إ ِ َ
َْ
ل" ]النحللل: م ك َِفي ً ه عَل َي ْك ُ ْ م الل ّ َ جعَل ْت ُ ُ ها وَقَد ْ َ كيدِ َ
ن ب َعْد َ ت َوْ ِما َ الي ْ َ
.[91
وحمللل القللرآن بشللدة علللى الللذين يتهللاونون بللالعهود
ن وينقضونها من بعللد ميثاقهللا ،فللي آيللات كللثيرة ،منهللا" :إ ِ ّ
خل َ َ
ق ك لَ َ من ًللا قَِليل ً أ ُوْل َئ ِ َ م ثَ َ مان ِهِ ْ
َ
ن ب ِعَهْدِ الل ّهِ وَأي ْ َ شت َُرو َ ن يَ ْ ذي َ ال ّ ِ
ة
م ِ م ال ِْقَيا َم ي َوْ َ ه وَل َ َينظ ُُر إ ِل َي ْهِ ْ م الل ّ ُ مه ُ ُخَرةِ وَل َ ي ُك َل ّ ُ م ِفي ال ِ ل َهُ ْ
َ
م" ]آل عمران.[77: ب أِلي ٌ ذا ٌ م عَ َ م وَل َهُ ْ كيهِ ْوَل َ ي َُز ّ
واعتبر النبي –صلى الللله عليلله وسلللم -نقللض العهللد مللن
شعب النفاق ،وخصال المنافق الساسللية "أربللع مللن كللن
فيه كان منافقا ً خالصًا ،ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه
خصلة من النفاق حللتى يللدعها....و ذكللر منهللا " :إذا عاهللد
غدر " .رواه الشيخان عن عبدالله بن عمرو.
270
و ليللس مللن الضللروري أن يكللون العقللد مكتوبللا ،فمجللرد
اليجاب والقبول مشافهة يكفي في ايجاد العقد ،ولكن للله
خيار المجلس على ما نرجحه ،فلو تبين له عقد آخر ،وهما
ل يزالن في مجلس العقد ،فمن حقه أن يرجع ،كمللا جللاء
في الحديث الصللحيح ":البيعللان بالخيللار مللا لللم يتفرقللا "
متفللق عليلله عللن ابللن عمللر .فقللد جعللل الحللديث فرصللة
للتراجع لمن تسرع في التعاقد دون روية.
و مثل ذلك لو كان مغبونا غبنا فاحشا يرفع أمره إلى جهللة
تحكيم تثبت له خيار الغبن إذا تبين لها ذلللك ،عمل بمللذهب
الحنابلة وغيرهم.
و يستطيع المسلم أن يخرج من ورطة التراجع في العقللد
بعللد إتمللامه إذا اشللترط لنفسلله الخيللار أيامللا معللدودة،
يستطيع فيها أن يرجع في صفقته خللها ،وهذا ما نصح بلله
النبي –صلى الله عليه وسلم -أحد الصحابة ،حين شكا إليه
أنه كثيرا ما يخدع في البيع ،فقال له ":إذا بايعت فقل :ل
خلبللة " أي ل خللداع ،وهللذا فللي الصللحيحين ،وفللي خللارج
الصحيحين ":ولللي الخيللار ثلثللة أيللام " والمسلللمون عنللد
شروطهم.
أما فيما عدا ذلك ،فالمسلم يحترم كلمته إذا قالهللا ،وهللذه
إحدى القيم التي دعا إليها السلم ،حتى يسللتقر التعامللل،
وتستقيم حياة الناس .وقد قال الشاعر :
و ل أقول ) :نعم( يومًا ،وأتبعها بل ل )ل( ولللو ذهبللت بالمللال
والولد
بل يحرم السلم أن يبيع المسلم على بيع أخيه ،أي يدخل
عليه وقد أوشك أن يعقد الصفقة مع الخر ،فيزايللد عليلله،
ليختطف الصفقة منه ،وفي هذا جاء الحللديث الصللحيح " :
ل يبيع المسلم على بيع أخيه".
والله أعلم.
-مدى حق الموظلف فللي اسللتخدام الدوات العامللة للديه
لمصلحته الشخصية:الصل في المال العام أو شللبه العللام
ونعنللي بلله مللال الدولللة والمؤسسللات العامللة والشللركات
الخاصة هو المنع ،وخصوصا ً أن نصوص الكتاب والسنة قد
شددت الوعيد في تناول المال العام بغير حق ،وقللد جعللل
271
الفقهللاء المللال العللام بمنزلللة مللال اليللتيم فللي وجللوب
المحافظة عليه وشدة تحريم الخذ منه ،ويستثنى من ذلك
مللا تعللارف النللاس علللى التسللامح فيلله مللن الشللياء
الستهلكية فيعفى عنه باعتباره مأذونا ً فيه ضمنًا ،على أن
ل يتوسع في ذلك ،مراعللاة لصللل المنللع ،علللى أن الللورع
أولى بالمسلم الحريص على دينه ،و"مللن اتقللى الشللبهات
فقد استبرأ لدينه وعرضه".
– ضوابط التعامل بين الجنسين :اللقاء والتعاون والتكامل
بين الرجال والنساء أمللر فطللري ،ول يمكللن منعلله واقع لًا،
ولم يرد في دين الفطرة ما يحجره بإطلق ،وإنمللا أحللاطه
بالضوابط التالية:
ترك الخللوة )وهلي وجلود رجلل وامللرأة أجنبيلة عنلله فللي
موضوع ل يراهما فيه أحد( امتثال ً لقول النبي -صلللى الللله
عليه وسلم -في الحديث الصحيح" :ما خل رجل بللامرأة إل
كان الشيطان ثالثهما".
توقي التماس )وهو التلصق والتراص بالبدان بين الرجللل
والمرأة الجنبية عنه( حللذر الثللارة والفتنللة.تجنللب التللبرج
)وهو الكشلف عملا أملر اللله ورسلوله –صللى اللله عليله
وسلللم -بسللتره مللن البللدن( ،إذ يجللب علللى المللرأة حيللن
اجتماعها بالرجال غير المحارم أن تسللتر كللل جسللدها مللا
عدا الوجه واليدين ،على مذهب جمهور الفقهاء.
التزام المرأة الحشمة في حديثها وحركاتها ،فل تتصنع من
الكلم والحركات ما يؤدي إلى إثارة الغللرائز ،قللال تعللالى:
ذي فِللي قَل ْب ِل ِ
ه م لعَ ال ّل ِ
ل فَي َط ْ َ
ن ب ِللال َْقوْ ِ
ض لع ْ َ
خ َن فََل ت َ ْن ات َّقي ْت ُل ّ
"إ ِ ِ
معُْروفًللا" ]الحللزاب [32وقللال تعللالى: ن قَلوًْل ّ ض وَقُل ْل َ مَر ٌ َ
"ول يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن".
وعليه ،فإذا التزم الرجال والنساء فللي أي لقللاء أو نشللاط
بهذه الضوابط الشرعية ،فل حرج عليهم في ذلك ،ما كللان
موضوع اللقاء أو النشاط جديًا ،سواء أكان علميا ً أم ثقافيا ً
ونحو ذلك.
ول فرق في ضرورة اللتزام بهذه الضوابط بين أن يتعلللق
المللر بفتيللات مسلللمات أو غيللر مسلللمات ،لن الثللارة
محتملة فللي الحللالتين ،علللى أن النفصللال فللي المجلللس
272
الواحللد فللي المقاعللد بيللن الرجللال والنسللاء هللو الفضللل،
خاصة إذا لم تكن هناك حاجة إلى خلفه.
-حكللم اسللتفادة الهيئات الخيريللة مللن عللوائد الحسللابات
الربوية من الفراد والبنوك وما يرتبط بللذلك مللن الدعايللة
لها ،وفتح حساب خاص لهذه الموال:
عموم المسللمين فلي الغلرب ل يجلدون مناصلا ً ملن فتلح
حسابات في البنوك الربوية ،ومعلللوم أن هللذه الحسللابات
تللترتب عليهللا زيللادات ربويللة تلحللق بحسللاباتهم ،فيجللدون
أنفسهم بين خيارين:
إما تللرك هللذه الفللوائد للبنللك ،وفللي هللذا تفللويت مصلللحة
للمسلمين وربما كانت عونا ً لمؤسسات تبشيرية ،وإمللا أن
يصرفوها في وجوه الخير العامة ،وبما أن الحكم ل يتعلللق
بعين المال وإنما بطريقة تحصيله أو صرفه ،فما كلان منله
حراما ً فحرمته في حق من اكتسبه أو صرفه بطريقة غيللر
مشروعة ،فالذي يحرم في شأن هذا المال الربوي هللو أن
ينتفع بلله الشللخص لنفسلله ،أمللا بالنسللبة لغيللره فل يكللون
حرامًا.
وبناء على ذلك ،فإن المجلس ل يرى بأس لا ً مللن أن تسللأل
المؤسسة الخيرية أصحاب هذه الحسابات أن يمكنوها من
تلك الموال ،كما ل يجد فرقا ً في تحصيل هذه الموال من
أي جهة أخرى كالمؤسسات والبنوك وغير ذلك.
وينبغي للمؤسسة أن تتحاشى ما وسعها ذكللر اسللم البنللك
المتبرع على وجه الدعاية له ،بسبب عدم مشروعية أصل
عمله.ول مانع كذلك من أن يفتح حساب خللاص تللودع فيلله
تلك الموال.
-وكان من ضمن الستفتاءات التي أجاب عنهللا المجلللس:
مسألة الختلط بين الجنسللين فللي المنتللديات واللقللاءات
العامة ،والمرابحة التي تزاولها بعض البنللوك فللي الغللرب،
والتأمين ،ومعاش التقاعللد ،واسللتفادة الجمعيللات الخيريللة
من فوائد البنوك -.كما عهد المجلللس إلللى بعللض أعضللائه
بمعالجة بعض المشللكلت السللرية الللتي وردت إليلله مللن
خلل التصال المباشر بأصحابها.
273
) (1أي أنهللا ل ترتجللع بالكامللل ،وإذا ارجللع شللئ فهللو مللا
يسمى بالفائض الذي يوزع في أخر العام.
==============
#صناعة الفتوى وفقه القليات][15/21
الشيخ العلمة /عبد الله بن بيه 26/4/1427
24/05/2006
-جمع الزكاة من المسلمين المقيمين في الغرب؟
-ماذا أفعل بالفوائد الربوية غير المقصودة؟
-بناء المساجد بتبرعات غير المسلمين
-بطاقة الفيزا
-العمل في محلت تبيع لحم الخنزير
-بيع الخمر والخنزير لجل كسب العلماء؟
-مضاربة فاسدة
جمع الزكاة من المسلمين المقيمين في الغرب.
السؤال :هل يجللوز لنللا أن نجمللع الزكللاة مللن المسلللمين
المقيمين في هذه البلد ثم نقوم بعد ذلللك بتوزيعهللا علللى
المستحقين في صورة دفعات تستمر لسنة كاملللة وليللس
دفعة واحدة في حالة معرفتنللا أنلله قللد ينفللد المللال الللذي
يصل إلى المستحق ثم يحتللاج ول يجللد مللن يعللاونه أو أنلله
يحتاج إلى هذا المال في مواسم معينة ؟
الجواب :
نعم يجوز جمع أموال الزكاة وحبسها لتعطى إلى الفقللراء
على شكل دفعات بحسب ما يتناسللب مللع حاجللاتهم حللتى
المزكي نفسه يمكنه أن يفعل ذلك إذا رأى مصلحة الفقير
فيه لكن عليه أن يعزل ذلك المال مللن سللائر مللاله وأن ل
ينتفع به انتفاعا ً خاصا.
ماذا أفعل بالفوائد الربوية غير المقصودة؟
السؤال :أنا طالب كنت أدرس منذ سللنتين فللي بريطانيللا
وكنت أتقاضى منحة دراسللية مللن بلللدي عللن طريللق أحللد
البنوك وكما تعلمون فإن البنوك تعطي فائدة بسيطة ولللم
أقم في ذلك الوقت بخصم هذه الفائدة من أمللوالي لنللي
لم أكن أعرف قيمتها بالضبط ول كيفية خصمها حيللث إنهللا
274
لم تكن ذات قيمة ثابتة ولقد قمت بالتصرف في كل مالي
تقريبا ً عدا القليل الذي ما يزال بحسابي بالبنك.
والسؤال هو :هل يجوز لي خصم هذه الفائدة الن وكيللف
يمكنني أن أفعل ذلك ؟ وهل يمكنني تقدير قيمللة الفللائدة
وبالتالي خصمها من المال بالعملة المحلية لبلدي ؟
والسؤال الثللاني :بخصللوص المللال المتبقللي فللي حسللابي
حوالي 1000دولر أمريكي منذ سنتين وهللو ثللابت القيمللة
هل يجوز لي أن أستخرج الزكاة على هذا المال كلمللا مللر
عليه الحول مع العلم بأني أدخر هللذا المللال لللدفع رسللوم
دخول المتحانات في بريطانيا في المستقبل.
الجواب :
بالنسبة إلي التصرف بالفائدة فاجتهد فللي طلللب معرفتهللا
عن طريق حسابك في البنللك فللإن تعسللر عليللك ذلللك فل
بأس أن تقدرها بالتقريب والظن وتحتاط في ذلك التقللدير
بما تحسب أن ذمتك قد برئت به ول يكلللف الللله نفس لا ً إل
وسلعها .وحيلن تحلدد مبللغ الفلائدة فيجلب عليلك صلرفها
للفقراء ول تنتفع بها لنفسك.
أما ما سألت عنه بخصللوص الزكللاة علللى المبلللغ المللذكور
فإن نصللاب المللال هللو مللا يعللادل 85غرام لا ً مللن الللذهب
الخالص والذي يعلن عنه عادة في الصحف وأسواق المال
فإذا بلغ مالللك قيمللة النصللاب المللذكور ومللرت عليلله فللي
حسابك سنة وجبت عليك فيه الزكاة والظاهر من السؤال
أنه ل زكاة عليك حيث إن المبلغ المدخر مرصود لحوائجك
الصلية.
بناء المساجد بتبرعات غير المسلمين
السؤال :بعض الغنياء ممن ل تخلو أموالهم من شبهة إذا
تبرعوا لبناء مسجد كل ً أو بعضا ً فمللا هللو الحكللم الشللرعي
في قبول ذلك منهم؟ ولو تبرعت جمعية أو جهة أخرى من
غير المسلمين لصالح بناء المسجد فهل يقبل منهم ذلك ؟
الجواب:
نعللم يجللوز قبللول التللبرع مللن الفللراد أو المؤسسللات أو
الحكومات مسلمة كانت أو غيللر مسلللمة حللتى ولللو غلللب
علللى ظننللا أنهللا أمللوال غيللر مشللروعة مللن وجهللة النظللر
275
السلمية ،إل إذا كانت محرمة العين مثل الخمر والخنزيللر
وذلللك لن قبللول التللبرع منهللم بمنزلللة قبللول الهدايللة ،إذ
التبرع نوع منها ،هذا عنللد جمهللور الفقهللاء وعنللدما تنتقللل
هذه التبرعات إلينا يصبح ملن اللواجب أن تخضلع للحكلام
الشرعية.
وفي حالة حصول التبرع من غير المسلللمين يسللتثنى مللن
القبول حالتان:
الولللى :مللا إذا كللان هللذا التللبرع يللؤدي إلللى إضللعاف ولء
المسلم للسلم وأهله.
الثانية :ما إذا كان هذا التبرع مشروطا ً بمللا يضللر بمصللالح
المسلمين) .الدورة الثانية(
تعليق:
قلت :قد نص شراح خليل على كراهة الصلة في المسجد
المبني بالمال الحرام.
بطاقة الفيزا
السؤال:إن بعض البنوك تصدر بطاقات ائتمان مثل الفيللزا
VISAبحيث يشتري حامل البطاقة بواسطتها من السواق
ما يريد وفي آخر الشهر يرسللل البنللك إلللى حامللل بطاقللة
فيزا VISAكشف حساب ليسللدد مللا عليلله خلل خمسللين
يوما ً فإذا سدد قبل نهاية الخمسين يوما ً فإنه ل يدفع سوى
ملللا صلللرفه فعل دون أي فلللائدة ربويلللة وإذا تلللأخر علللن
الخمسين يوما ً فإن البنك يقوم بتحميله فللوائد ربويللة عللن
المدة التي تأخرها.
ومعظم المسلللمين فللي الغللرب يحملللون هللذه البطاقللات
ويشترون بواسطتها ويسددون قبللل نهايللة المللدة المتاحللة
وبذلك ل يستحق عليهم أي فوائد ربوية.
واليجابيات لحامل بطاقة فيلزا VISAأنله ل يحملل نقلودا ً
تتعللرض للضللياع أو السللرقة فللي بلللد إقللامته أو سللفره،
ويشتري بواسللطتها مللن معظللم دول العللالم دون الحاجللة
لتصريف العملة وهي قرض حسن لمدة 50يومًا.
واليجابيات للبنك الذي يصللدر بطاقللة فيللزا VISAهللي أن
يأخذ مللن البللائع الللذي اشللترى منلله حامللل بطاقللة الفيللزا
VISAنسبة %2من قيمة المشتريات ويأخذ فللوائد ربويللة
276
من حاملي بطاقة فيللزا الللذين ل يسللددون حسللابهم خلل
الخمسين يومًا.
وهناك عرض من أحد البنوك لصدار بطاقللة الفيللزا باسللم
الهيئة الخيرية بحيث يظهر اسللم الهيئة مكللان اسللم البنللك
وبذلك تظهر الهيئة كمصدرة لهذه البطاقة.وإداريا ً ل تقللوم
الهيئة بأي جهد مطلقًا .فالبنك يقوم بكل ذلك.
واليجابيللات للهيئة الخيريللة هللي أنهللا تحصللل علللى نسللبة
كأرباح من البنك كلما استعمل حامل البطاقة بطاقته فيزا
ول تتحملللل الهيئة الخيريلللة أو حاملللل بطاقلللة الفيلللزا أي
مصروفات تجاه هذا المشروع .وكل مللا هللو مطلللوب مللن
الهيئة الخيرية هو تزويد هذا البنك بعنللاوين متللبرعي الهيئة
ليرغبهم باقتناء بطاقة فيزا ومللن الممكللن أن تللوزع الهيئة
حملتها البريدية عن طريق البريد الصادر من البنك شهريا ً
لحملة البطاقات وبللذلك تللوفر أجللور البريللد وعلللى حامللل
بطاقة الفيزا توقيع اتفاقية مع البنك تشير أحد بنللوده إلللى
أن حامل البطاقة عليه دفللع فللوائد ربويللة إذا مضللت مللدة
خمسين يوما ً الممنوحة له ولللم يسللدد حسللابه قبللل نهايللة
تلك المدة.
والسللؤال هللو :هللل يجللوز لهللذه الهيئة الخيريللة أن تكللون
وكيل عن بنك بتسويق بطاقات فيلزا وذللك مقابلل فرصلة
لدعم المشاريع الخيرية من ذلك البنك ؟
الجواب :
في عدد من البلد السلللمية قللامت المصللارف السلللمية
بإصدار بطاقة فيزا شرعية خالية من الشبهات بعيللدة عللن
الفللوائد كمللا فللي بيللت التمويللل الكويللتي ومصللرف قطللر
السلمي وبنك قطر الدولي السلللمي وشللركة الراجحللي
بالسعودية وغيرهما من المؤسسات المالية السلمية.
وهذه ل حرج في استخدامها بعد أن أجازتها هيئات الرقابة
الشرعية في تلك البنوك.
ولكن يبقى السؤال عن وضع هذه البطاقات خلارج العلالم
السلمي وفي البلد التي ل توجد فيها بنوك إسلمية :مللا
حكم هذه البطاقات ؟
277
والذي عليه الفتوى من أكثر علماء العصر فيما نعللم هلو :
إجازة استخدامها للحاجة الماسللة إليهللا مللع لللزوم تسللديد
الحساب المطلوب قبل نهاية المدة الممنوحللة للله حللتى ل
تترتب عليه فوائد التأخير فيدخل في إثم مؤكل الربا .وهو
الذي جرى عليه تعامل عامللة المسلللمين فللي بلد الغللرب
من غير نكير عليهم من أحد يعتد به.
ويشترط فيمن يستخدم هذه البطاقة أن ل يسللتخدمها إذا
لم يكن له رصيد في حسابه.
وإذا كللانت الفتللوى المعتمللدة هللي جللواز اسللتخدام هللذه
البطاقات للفراد فل مانع أن تقوم بعللض الهيئات الخيريللة
السلمية بالوكالة عن البنك بتسويق هللذه البطاقللات بيللن
متبرعيها وأن تصدر هذه البطاقللات باسللمها بحيللث تظهللر
الهيئة كأنها المصللدرة لهللذه البطاقللة مللا دامللت ل تتحمللل
الفوائد ول يترتب عليها أية مسؤولية فللي ذلللك ول تتحمللل
أي مصروفات تجاه هذا المشروع.
وستحصل الهيئة على نسبة مئوية بوصفها أرباحا ً من البنك
كلمللا اسللتعمل حامللل البطاقللة بطللاقته .فالبنللك يسللتفيد
لنفسه ويفيد الهيئة بإعطائها نسبة معينة من ربحه.
ويشترط فيمن يسللتخدم هللذه البطاقللة أن ل يسللحب بهللا
أموال نقدية إذا لم يكن في حسللابه مللا يغطيهللا ) .الللدورة
الولى(
العمل في محلت تبيع لحم الجنزير
السلللؤال :أنلللا مسللللم أعملللل فلللي ملللا يعلللرف بمحلت
الماكدونالللدز وهللي محلت تلللبيع الطعمللة والملللأكولت
الخفيفة وفي الواقع فإن هذا المحللل يللبيع لحللوم الخنزيللر
وكما تعلمون فإنه ليللس مللن السللهل أن يجللد المللرء عمل
آخر يقتات منه وذللك بسللبب ضللعف المرتبللات علملا ً بللأن
لدي زوجة على وشك أن تضلع موللودا ً وأنلا الوحيللد اللذي
أعمل من أجل أن أعولها.
كذلك أود أن أشللير إلللى أن المحللل يللبيع مللأكولت أخللرى
مثللل السندوتشللات المحشللوة بللالبيض أو الللبيرجر فهللل
يتوجب علي أن أترك هذه الوظيفة وأبحث عن غيرها ؟
الجواب :
278
إن الله عز وجل حرم أكل لحم الخنزيللر بنصللوص قطعيللة
صريحة في كتابه أما بيعه فإنه مما ثبت في السنة تحريمه
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنلله سللمع رسللول
الله -صلى الله عليه وسلم -يقول عام الفتح وهو بمكللة" :
إن الللله حللرم بيللع الخمللر والميتللة والخنزيللر والصللنام".
)متفق عليه البخاري رقم 2121ومسلم (1581
فالصل في هذا العمل المقترن ببيع الخنزير تحريمه بنص
حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم -فالواجب عليك
أن تبحث عن سبب آخر للرزق فإن لم تجللد عمل ً حلل ً ول
مصدرا ً طيبا ً لكسب رزقك فإن كان ل يضر بللك أن تطلللب
من المسللؤولين عللن العمللل أن يعفللوك مللن بيللع الخنزيللر
فيجب عليك أن تفعل ذلك أو تطلب مللن عامللل آخللر غيللر
مسلم ممن يعمل معك أن يكفيك هذا المللر وتعمللل أنللت
فيما سوى ذلك من العمال الللتي ليللس فيهللا حرمللة فللإن
تعسلر عليلك كلل ذلللك فل بلأس باسلتمرارك فللي العملل
الحالي إذا لم يكن عندك من الدخل ما يقوم بكفايتللك مللع
بذل الوسع في الحصول على عمل آخر يخلو من الحرام.
بيع الخمر الخنزير لجل كسب العملء
السؤال :أخ مسلم قام بفتح مطعم في هذا البلللد ويطلللب
الجواب عن المسائل التالية :
-1رأى القبال على الشراء من مطعمه ضعيفا ً وذلك لنلله
ل يبيع الخمر أو المشروبات المحرمة شرعا ً فهل يجوز للله
أن يبيع الخمور أو بعض المشللروبات المحرمللة شللرعا ً ثللم
يتصدق بثمنها دون أن يمس منه شسئا ً ؟
-2بعض الزبائن يطلبون منه أن يؤجر لهللم المحللل لعمللل
بعللض الحفلت وهللم يحضللرون معهللم الخمللور ولكنهللم ل
يسللتعملون أي أدوات مللن المطعللم وصللاحب المطعللم ل
يشاركهم في حفلتهم فهل يجوز له ذلك ؟
-3سمعنا أن هناك نوعا ً من البير "ماء الشعير" تبللاع فللي
بعض الدول السلمية وهللي ل تحتللوي علللى الكحلول كملا
يشاع فهل يجللوز لنللا أن نشللربها ؟ وهللل يجللوز بيعهللا فللي
المطعم المذكور؟
الجواب :
279
-1ل يجوز له أن يبيع الخمور وما هو محرم مللن الطعمللة
أو الشربة حللتى مللع عللدم انتفللاعه بأرباحهللا وتصللدقه بهللا
ق الل ّل َ
ه من ي َت ّ ِوعليه أن يتقي الله تعالى في كسب رزقه "وَ َ
لمللن ي َت َوَك ّل ْب وَ َس ُ ث ل َ يَ ْ
حت َ ِ حي ْ ُ
ن َ
م ْ
ه ِخَرجا ً وَي َْرُزقْ ُم ْ
ه َجَعل ل ّ ُ
يَ ْ
ه" ]الطلق .[3-2 سب ُ ُح ْ عََلى الل ّهِ فَهُوَ َ
ويعلم أن البركة في الحلل وإن قللل فللي نظللره والحللرام
ممحوق البركللة ل خيللر فيلله والمؤاخللذة عليلله باقيللة علللى
مكتسبه إل أن يغفر له الله ويرحمه.
تعليق:
قلللت :مسللألة بيللع الخمللر لغيللر المسلللمين فللي دار غيللر
المسلمين جائزة عند أبي حنيفة وكذلك بيع الخنزير وغيره
فليراجع في هذا الكتاب.
-2ل ملانع ملن تلأجير المحلل للغلرض الملذكور وبالصلفة
المللذكورة وليللس صللاحب المحللل مسللؤول ً عمللا يفعلللونه
ضمن إجارتهم إنما هو مسؤول علن نفللس عمليلة التللأجير
فما دامت خلت من الحرام في نفسها فهي جائزة.
تعليق:
قلت :هذا هو مذهب الشافعي خلفا ً لمالك وأحمد .
-3كل مشروب ل يسكر فهللو حلل فحيللث أن هللذا النللوع
من الشراب المسمى فللي السللؤال ل يسللكر لخلللوه مللن
مللادة السللكار فهللو حلل وإن سللمي باسللم قبيللح جللرت
العادة بإطلقه على المسكرات فإن العبرة بالمسللميات ل
بالسماء وما جاز شربه جاز بيعه ) .الدورة الثانية(
مضاربة فاسدة!
السؤال :لي مبلغ من المللال أعطيتلله لتللاجر ليللدخله إلللى
رأس ماله كي يتاجر به فيستفيد هللو وأسللتفيد أنللا كللذلك.
وأنا والذي نفسي بيده ل أرضى بالربا ول أحبلله ومللا نللويته
وما خطر لي علللى بللال .وقللد طلبللت مللن هللذا التللاجر أن
نتفق على نسبة في الربح والخسارة فأبى بحجللة أن ذلللك
سيشق عليلله بمعنللى أنلله سيضللطر إلللى إجللراء حسللابات
وحسابات وهو ل يريد ذلك وأنا أظن أن هناك سببا ً آخر لم
يصارحني به وهو أنه ل يريد أن يطلعني على أشياء أخللرى
280
على سبيل المثال :كللم هللو ربحلله الحقيقللي وربمللا تكللون
هناك أسباب أخرى.
وخلصة المر :فقد أكللد لللي هللذا التللاجر أن مللاله سلليربح
ومن أجل أن يريح نفسه مللن الحسللابات وغيللر ذلللك فقللد
قرر أن يعطيني %10سنويًا.
فقلت له أخشى أن يكون هذا ربا فأكلد للي أن هلذا ليلس
ربا لن المال يربح أكثر من ذلك وهو إنما يريد أن يعطيني
هذه النسبة كما ذكرت ليريح نفسلله مللن عنللاء الحسللابات
فما هو الحكم الشرعي في هذه الحال؟
بالنسبة لي إذا كان المال يربح أكثر من %10فأنا أسامح
هذا التاجر بما هو فوق ذلك وأرضى بل ل %10لنهللا أفضللل
من أن يكون المال في درج طاولتي أو فللي حسللابي فللي
البنك.
وإذا كان ربح المال أقل مللن %10أو أن المللال سيخسللر
فإني سأستحلف هذا التاجر بالله أن يصدقني القللول فللإن
قال لي إن المال ربح أقل من %10أو خسر فإني سأخذ
قدر ما ربح المال فقط بمعنى أنللي سأشللاركه الربللح وإن
كان قد خسر المال فسوف أشاركه الخسارة.
أفتوني إخواني جزاكم الله خيللرا ً فللي فعلللي هللذا هللل هللو
مطللابق للشللرع أم ل ؟ وإن كللان هللذا ل يرضللي الشللرع
فكيللف يمكننللي أن اسللتثمر مللالي بمللا يرضللى الشللرع
الحنيف؟
الجواب :
نيتك طيبة في حرصك علللى عللدم أخللذ الربللا لكللن العقللد
مضاربة فاسدة وذلك للجهالة في النسبة عند التفللاق لللذا
يجب تصحيح ذلك العقد بتحديد نسللبة صللريحة فللي العقللد
فإذا تعللذر عليللك تصللحيحه فل يجللوز أن تحللدده إذا انتهللت
مدته كذلك ل يجب عليك أن تستحلف شريكك على الربح
أو الخسللارة وإنمللا يكفيللك أن تطلللب منلله أن يخللبرك
بالخسارة عند وقوعها.
=============
#سوق المال ,وصورة طبق الصل !
د .يوسف بن أحمد القاسم 18/4/1427
281
16/05/2006
كللم هللي القللرارات والتوصلليات الللتي تصللدرها المجللامع
الفقهية الموقرة ,والتي يوقع عليها عدد كبير من علمائنللا
الفاضل من شتى البلد السلمية ,ويشللارك فيهللا العديللد
من الباحثين ,والخللبراء فللي التخصصللات المختلفللة ,ومللع
هلذا كلله يطويهلا النسليان ,وتحفلظ فلي مللف الحفلظ ,
ويوقع عليها بلسان الحال بالعبللارة المألوفللة):للحفللظ مللع
التحية!!( ثم توضع فللي الللرف السلليء الصلليت ! فتللذهب
كثير من تلك القللرارات والتوصلليات أدراج الريللاح ,وكللأن
شيئا ً لم يكن !
وهذا التجاهل من الجهات ذات الختصاص هو في الحقيقة
خطيئة من الخطايا ,وهللو إن كللان صللغيرة مللن الصللغائر ,
فإنه مع الصللرار يصللبح كللبيرة ,ويعكللس حجللم اللمبللالة
تجاه ما تتخذه تلك المجامع العلمية من قرارات ,وربما لو
كانت في بلد غربية لكان لها شأن آخر .
ومن تلك القرارات التي طواها النسلليان :القللرار الصللادر
من مجمع الفقه السلمي بشأن السللواق الماليللة ,رقللم)
,(59وتاريخ)1410/ 8/ 23-17هل( في البند الثاني منه ,
ونصه ):إن هذه السلواق الماليلة -ملع الحاجلة إللى أصلل
فكرتها -هي في حالتها الراهنللة ليسللت النمللوذج المحقللق
لهداف تنمية المللال واسللتثماره مللن الوجهللة السلللمية .
وهذا الوضع يتطلب بذل جهود علمية مشتركة من الفقهاء
والقتصاديين لمراجعللة مللا تقللوم عليلله مللن أنظمللة ,ومللا
تعتمده من آليات وأدوات ,وتعديل مللا ينبغللي تعللديله فللي
ضوء مقررات الشريعة السلمية ( أهل .وقبل ذلك أوصى
مجمع الفقه السلمي فللي قللراره رقللم) (38وتاريللخ)-18
23/6/1408هللل( بعللدة توصلليات,منهللا ):إقامللة اقتصللاد
إسلمي ,ل شرقي ول غربي ,بل اقتصاد إسلمي خالص ,
مع إقامة سوق إسلمية مشتركة (....أهل .
لقد أدرك علماؤنللا الفاضللل بللأن أسللواقنا الماليللة ل تفللي
بمتطلباتنا,ول تتفق مع قيمنا السلللمية ؛ لنهللا فللي أصلللها
نموذج غربي قائم على مفهوم الربا والقمار,ولهذا ل يصللح
أن نقلوم بعمليلة استنسلاخ للذلك النملوذج الغربلي ,دون
282
إعادة هيكلته ,وتعديل أنظمته بما يتفق مع شريعتنا الغراء
,والمشكلة أننا نحن العرب والمسلللمين قللد تعودنللا علللى
علدم الخلروج علن مسلار ونملط الجنلبي ,حلتى أصلبحنا
صورة طبق الصل له في كثير من سلوكنا.
وتعاملتنا ,ولو كان ذاك الجنبي ل يتفق مع مبادئنا وقيمنا
,ولهذا صدق فينا قول نبينا صلى الله عليه وسلم ":حللتى
لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه!" وما أضيق جحللر الضللب ,
وما أوحشه و أوعر مسالكه !!
ومتى يأتي اليوم الذي نؤمن فيلله بثرواتنللا ومقللدراتنا ,بللل
وبعقولنا ,حتى نكف عن مد يللد السللؤال ,فل نشللحذ مللن
غيرنللا النظللم الماليللة والقتصللادية ,كمللا نشللحذ منهللم
الخردوات ,وأدوات الزينة !
ولم ل نعيد النظر في واقع أسواقنا ,ونرجع البصللر كرتيللن
فللي أنظمتهللا وقوانينهللا ,فنعيللد صللياغتها بمللا يزيللل عنهللا
المشتبهات من المكاسب ,وبما يحصللنها مللن وقللوع مثللل
هذه النهيارات المالية التي عصفت باقتصادنا ,وبمدخرات
من هم من جلدتنا ,والتي سللرعان مللا تلشللت فللي أيللام ,
وربما في ساعات ,حتى رجلع أكللثر مللن مليلوني ملواطن
بخفي حنين .
وكم هي السواق التي انهللارت بيللن عشللية وضللحاها فللي
طول العالم وعرضه ,وأبلغ شاهد على هذا ,مللا وقللع فللي
السواق المالية لدول النمور السلليوية ,حيللث أدى حمللى
المضللاربات إلللى انهيللار البورصللة ,وقللد تللولى كبرهللا
الملياردير جورج سورس ,الذي قلام بعمليلة بيللع جمللاعي
لستثماراته مما ترتب عليه انخفاض حاد في قيمة الصول
,ثم عاد واشترى فللي اليللوم التللالي بالسللعر المنخفللض ,
فتحسنت السعار ,ثم قام بعملية بيع أخللرى ,ممللا ترتللب
عليه تأكيد النهيار ,حتى قال رئيس وزراء ماليزيا مقللولته
الشهيرة ":أصبحنا فقللراء بفعللل المضللاربة فللي العملت ,
أخذت منا ما يقارب ) (%60من ثروتنا الوطنية ! " وهكذا
سائر أسواق السهم والمال ,يكون مصلليرها,بللل ومصللير
اقتصاد الدولة أحيانًا,مرهونا ً بنظام ل يدعم الستثمار بقدر
ما يزيد من حمى المضاربات الثمة التي يمارسها مصاصو
283
الملللوال واللللدماء ,مملللن يملكلللون الملللوال الطائللللة,
ويفتقدون أدنى مقومات الخلق الفاضلة ,وقد شهد شاهد
من أهلها ,حين صرح مدير الصللندوق الللدولي عقللب أزمللة
سللوق المكسلليك عللام )1995م( فقللال وهللو يعالللج هللذه
الزمة ":العللالم فللي قبضللة هللؤلء الصللبيان" مشلليرا ً إلللى
المضاربين ,وذكر بأنهم صبيان لصغر سنهم فللي الغللالب !
وهذا هو عين ما وقللع فللي سللوقنا المحليللة ,حيللث أصللبح
السلوق فلي قبضلة أصلحاب الملوال الطائللة ,والضلحية
مليونان أو أكثر ! فهل يوثق في سوق يتحكم فيلله أفللراد ,
ويكون الضحايا فيه بالمليين ؟! وهل يقر شللرعنا الحنيللف
الذي جاء بدرء المفاسد الراجحة وبسد الللذرائع مثللل هللذا
النللوع مللن السللواق الللذي أثبللت الواقللع بأنهللا ل تسللتطيع
السيطرة على مجموعللة مللن التعللاملت المحرمللة ,كللبيع
الغرر ,و النجش ,وغيرهما ؟
وإذا كلانت شلريعتنا السللمية السللمحة قلد منعللت بعلض
البيوع التي ل يطال ضررها إل شخص البللائع أو المشللتري
فقط ,كبيع حبل الحبلة ,وبيع الحمل في البطللن ,واللبللن
فللي الضللرع ,وبيللع مللا ل يقللدر علللى تسللليمه ,كللالبق
والشارد ,وبيع الرجل على بيع أخيه ,والسوم على سومه
,إذا كانت هذه الللبيوع ونحوهللا قللد حرمهللا الشللارع,ومنللع
منها ,مع أن أثرهللا ل يتعللدى شللخص البللائع أو المشللتري ,
فما الظن إذا ً بسوق يعصف بللالمليين فللي غمضللة عيللن ,
ولهذا ينبغللي أن تفعّللل قللرارات المجللامع العلميللة بإنشللاء
سللوق ل يتحكللم فيلله أفللراد ,ويكللون الهللدف منلله دعللم
الستثمار والقتصاد على مسللتوى الفللرد والدولللة ,ووضللع
الضمانات الكافية لمنع أسلوب حمى المضاربات الللتي مللا
إن تطل برأسها في سوق ما إل ويكللون نللذيرا ً بانهيارهللا ,
وأن يؤخللذ ببعللض المقترحللات الللتي مللن شللأنها أن تللدفع
الشركات نحو الستثمار ,ل أن تدفعها باتجاه المضللاربات
التي ل تسمن ول تغني من جلوع ,وملن تللك المقترحلات
الجديرة بالنظر ,والتي ذكرها أحد خللبراء القتصللاد ) فللي
مجلة اقتصاديات في عددها الرابع والعشرين(وهي كفيلة-
بإذن الله -بتنشيط الستثمار,وعلج حمى المضاربات :
284
-1أن يتم تحديد سعر السهم على أساس القيمة الدفترية
للسلهم مضلافا ً إليهلا نسلبة مئويلة عللى القيملة الدفتريلة
للسللهم ,وتحللدد هللذه النسللبة وفقللا ً لمؤشللرات ربحيللة
الشركة في الماضي والحاضلر ,وتتغيلر هلذه النسلبة كلل
أربعللة أشللهر ,وفق لا ً للبيانللات والمعلومللات عللن الشللركة
نفسللها وعللن القطللاع القتصللادي الللذي تنتمللي إليلله هللذه
الشركة ,وتتولى هيئة السوق المالي تحديد هذه النسبة .
-2أن يتم تحديد مللدة زمنيللة بيللن حركللة الللبيع والشللراء ,
بحيلث يمنلع بيلع السلهم إل بعلد ملرور هلذه الفلترة لمنلع
)حمى( المضاربة فللي السللهم ,ومللن أجللل العمللل علللى
استقرار السوق المالي .
وبهللذه المقترحللات ونحوهللا ,تسللعى جميللع الشللركات
المساهمة إلللى تفعيللل اسللتثماراتها ودفعهللا نحللو المللام ,
ونقطع الطريق على العبث بالموال في مضاربات وهميللة
تدفع بالناس نحو النهيار والفلس
==========
#نهاية التاريخ أم نهاية الرأسمالية ؟
إدريس الكنبوري* 18/8/1423
24/10/2002
قبل عشر سنوات خرج )فرانسلليس فوكويامللا( -اليابللاني
الصل المريكي الجنسللية -ليبشللر العللالم بنظريللة جديللدة
تقول بنهاية التاريخ ،زعم فيها أن النظللام الرأسللمالي هللو
أرقى ما أنتجته البشرية في تاريخهللا ،وأن الليبراليللة هللي
النموذج النساني الذي بإمكانه تحقيق السللعادة للبشللرية،
وتحقيق مجتمع الرفاه ،وبالتللالي فلللم يعللد أمللام البشللرية
سوى تبجيل هللذا النمللوذج ،والسللعي إلللى النخللراط فللي
مركبه قبل فوات الوان.
وقللد قللوبلت نظريتلله بعللدة انتقللادات مللن مفكريللن كللثر،
اتهموه بضيق الفق والجهل بصيرورة التاريخ ،وبعض هللذه
ب علللى تبيللان علللل الرأسللمالية الحديثللة - النتقادات انص ّ
خاصللة المريكيللة -والنتللائج الكارثيللة الللتي تولللدها فللي
المجتمعللات ،وبيللن المجتمعللات المختلفللة ،وكيللف أنهللا
تتأسللس علللى مبللدأ الصللراع مللن أجللل الربللح والطبقيللة
285
والتفاوت بين مختلللف فئات المجتمللع والتهميللش وسللحق
الفقراء ،وخلصت هذه النتقادات إلى أن الرأسللمالية فللي
نمطها المريكي المتوحش لن يكون بمقللدورها أن تعيللش
طللويل ً أمللام التحللديات القتصللادية الدوليللة المتمثلللة –
بالخصوص -في اليابان وأوروبا التي تتجمع في بيت واحد،
والتي ستشكل تحدًيا حقيقًيا للنموذج القتصادي المريكللي
.
لكللن الللذي حللدث بعللد عشللر سللنوات مللن تلللك النظريللة
المتفائلة ،أن الرأسمالية المريكية بدأت تتآكل من داخلها،
وأخذ النهيار يدب في أوصالها بعد تلحق سللقوط كبريللات
الشركات التي ينهض عليها القتصللاد المريكللي الحللديث ،
فبعد انهيار شركة "انرون" العملقة للطاقللة فللي )دجنللبر(
من العلام الماضلي ،وقبلهلا شلركة الكهربلاء الكاليفورنيلة
الضخمة فللي أبريللل ،2000هللا هللي شللركة "وورلللدكوم"
للتصللالت اللكترونيللة تلتحللق هللي الخللرى بمسلسللل
النهيارات ،ليدخل القتصللاد المريكللي أزمللة ل سللابق لهللا
مللا وأعمللق تللأثيًرا مللن
في تاريخ الرأسمالية ،تعد أكللبر حج ً
أزمة الثلثينات من القرن الماضي.
مرض الرأسمالية المريكية
إن هذا السقوط المريع والمتلحق له عدة دللت ،بعضللها
اقتصلادي ولكلن الكلثير منهلا ثقلافي وأخلقلي؛ لن نظلام
الرأسمالية ليس مبنيا على مجللرد معللادلت اقتصللادية بللل
على فلسفة معينة تعطيه ماهيته ،لقد جلاء إفلس شلركة
"انرون" نتيجة عملية اختلس كبيرة قدرت بأزيللد مللن 20
مليللار دولر ،بينمللا انهللارت شللركة "وورلللدكوم" بسللبب
عملية تزوير في الحسللابات لفللائدة بعللض المللديرين قللدر
مبلغها بحوالي 38مليار دولر ،أي أن وراء النهيللار قضللية
اسمها )الفساد المالي( ،وهي ظاهرة أصللبحت جللزًءا مللن
المنظومللة الرأسللمالية الللتي تنبنللي علللى تقللديس الربللح
واقتنلللاص فلللرص الحلللظ بلللأي ثملللن ،وعللللى الجشلللع
والسمسرة .
لقللد أكللدت السللنوات الخيللرة أن مسلسللل الفسللاد فللي
الوليات المتحدة المريكية تحول إلى مكللون عضلوي فللي
286
القتصاد والسياسة المريكييللن .وتؤكللد مختلللف التقللارير
حول أحوال القتصاد المريكي ما بعد حوادث 11سللبتمبر
2001أنه يتجله نحلو النحلدار ،ملا يلدل عللى أن تصلعيد
العدوان المريكي عبر العالم بعد تلك الحوادث ،بشكل لم
يسللبق للله مثيللل ،يرمللي إلللى تصللدير الزمللات الداخليللة
وإشللغال الللرأي العللام عللن واقللع النهيللارات القتصللادية
والختلسات المالية ،بمثل ما يكشف عن التقللاء المصللالح
بين الرئاسة المريكية وكبريللات الشللركات المتنفللذة فللي
التوسع الخارجي والبحث عن منافذ جديدة للثروة .
ليس هذا الكلم من عندي ،لكنلله رؤيللة تحليليللة لمللا صللدر
فللي المللدة الخيللرة عللن أكللثر مللن جهللة داخللل الوليللات
المتحدة نفسللها ،ويؤكللد أن حلقللة " الغنيللاء الجللدد " بعللد
تفجيرات 11سبتمبر بدأت تضيق أكللثر ،لفللائدة بللوش ذي
الماضللي التجللاري الغللامض ومعللاونيه ،ومجموعللة مللن
الشركات الكبرى ،فقللد أوضللح اسللتطلع للللرأي أجرتلله "
نيويورك تايمز " و " سي بللي إس نيللوز" فللي شللهر يوليللو
الماضي وجود قلق لدى المريكيين مللن الفضللائح الماليللة
الضخمة التي يتكون أبطالها من مديري الشركات ،وعَّبللر
أكثر مللن نصللف المسللتجوبين عللن اعتقللادهم بللأن الدارة
المريكية لها مصلحة في حماية الشركات الكللبرى ،أكللثر
من حماية مصالح المواطنين المريكيين ،وقال ثلثللا الللذين
شاركوا في الستجواب أن الشركات الكبرى تملللك نفللو ً
ذا
قوًيا على إدارة جللورج بللوش البللن والحللزب الجمهللوري،
وخلللص السللتطلع إلللى أن المريكييللن يعللدون الوضللع
القتصادي الحالي السوأ منذ عام ، 1994أثناء عهد )بيللل
كلينتللون( الللذي أزكمللت رائحللة فضللائحه الخلقيللة أنللوف
المريكيين .
هللذه النتللائج الللتي كشللفها اسللتطلع أجللري فللي أوسللاط
المواطنين المريكيين العللاديين ،كشللف مللثيل لهللا تقريللر
متخصص أعده 190خبيًرا ومسؤول ً حكومي ًللا ،وظهللر فللي
المدة نفسها التي ظهرت فيها نتائج الستجواب المذكور ،
أي شهر يوليو الماضي .
287
التقريللر أعللده أحللد مراكللز البحللوث التابعللة للكللونجرس
المريكي ،وورد فيلله أن معللدل الفسللاد فللي عهللد الدارة
المريكية الحالية ارتفع بوثيرة غير مسبوقة بلغت ، %35
وأن الشهر القليلللة الماضللية شللهدت تقللديم 2130حالللة
فساد إلى المحاكم والجهات المختصة بالنظر فللي حللالت
الفساد الحكومي ،وجرى التحقيق مللع مسللؤولي ومللديري
64شركة اقتصادية أمريكيلة ،وأكللثر ملن مئتلي مسلؤول
عن مؤسسة حكومية أمريكية ،وكان موضللوع التحقيقللات
الحصللول علللى رشللاوي وأمللوال ،وتيسللير الحصللول علللى
خدمات مقابل التنازل عن تطبيق القوانين.
التقرير إياه يتوقع حدوث انهيار اقتصادي في أمريكللا خلل
العشللر سللنوات المقبلللة ،ويلحللظ ازديللاد الفللارق بيللن
القتصاد المريكي والقتصاديات الخرى ،بحيث وصل هللذا
الفارق )نسبة 1إلى (4لصالح القتصللاد الوروبللي ،و )1
إلى (2لصللالح القتصللاد اليابللاني ،ويخلللص التقريللر إلللى
خلصة مدوية :القتصللاد المريكللي سلليدخل أزمللة فعليللة
تنتهي بتآكله ! .
نهاية التفرد المريكي
بعللض المحلليللن الغربييللن -مللن طينللة فوكويامللا نفسلله-
ينظرون إلى الزمة الحالية في القتصاد المريكي بوصفها
واحللدة مللن الزمللات الدوريللة الطبيعيللة فللي القتصللاد
الرأسمالي الحديث الللذي مللا يلبللث أن ينهللض ،ومللن ثللم
فهي أزمة طبيعية سيتم تجاوزها .
ومثللل هللؤلء ينسللون العلقللة الرابطللة بيللن الزمللات فللي
القتصللاد الرأسللمالي وبيللن اشللتعال الزمللات العالميللة ،
وذلك الترابط السببي بين النتعللاش الرأسللمالي مللن بعللد
الزمة ،وبين الزمات في مختلف بقاع العالم.
لقلللد حقلللق القتصلللاد الوروبلللي فلللي القرنيلللن الثلللامن
عشروالتاسللع عشللر قمللة الللتراكم الرأسللمالي؛ بسللبب
التوسع السللتعماري فللي آسلليا وأفريقيللا ،وقفللز القتصللاد
المريكللي بعيللد الحللرب العالميللة الثانيللة؛ بسللبب انهيللار
القتصاد الوروبي الناتج عن مخلفللات الحللرب .مللن أجللل
288
ذلللك ،كللان العامللل الخللارجي عللامل ً رئي ً
سللا فللي إنعللاش
القتصاد الرأسمالي )وتزييت مفاصله(.
لكن الزمات العالمية الحالية -ما بعد مرحلللة 11سللبتمبر
، - 2001هي برؤية الكثير من المحللين ،أكبر مللن قللدرة
الوليات المتحدة على احتوائهللا .فقللد ارتضللت لنفسللها أن
تلعب أكثر من دور مع أكثر من طرف ،وأثبتت قدرة فائقة
على خلق العداء وتوسيع الجسور بينها وبين -حتى أولئك-
الذين أوهمتهم بالقيام بدور الحلفاء الطللبيعيين ،وعرضللتها
هللذه السياسللات الملتويللة لنتقللادات أوروبيللة واسللعة،
مرشحة للتحول إلى ردود فعل قوية في التي من اليام.
لقد انسحبت أمريكا من اتفاقيللة )كيوت ّللو( حللول الحللد مللن
جا مغللايًرا للسياسللة هللو تحريللر التلوث البيئي ،واتخذت نه ً
التجارة تبعا لمبادئ منظمة التجارة العالمية ،حيللث سللعت
إلللى حمايللة منتجاتهللا الزراعيللة ،وفرضللت ضللرائب علللى
الحديد والصلب المستورد ،هذا بالضافة إلى الوجه البشع
الذي ظهرت به في مللؤتمر )دربللان( حللول العنصللرية فللي
العام الماضللي بانحيازهللا السللافر إلللى إسللرائيل ،ودعمهللا
المستمر المفضللوح للجللرائم السللرائيلية فللي فلسللطين،
وإغلق البلاب أملام أوروبلا لمنعهلا مللن لعلب أي دور فللي
منطقة الشرق الوسط ،وفي كل هذه المحطات وغيرهللا،
كشفت الوليات المتحللدة عللن أنهللا دولللة دون مشللروعية
أخلقية ،تريد استثمار لحظة التفرد العالمي الراهن للقيام
بدور إمبراطوري يريد كسللر التوازنللات العالميللة لصللالحه،
على حساب مصالح الخرين.
لعل الكثيرين نسوا -في غمرة التطورات المتسللارعة فللي
العلالم – شلليئا كلان اسلمه نظريلة نهايللة التاريلخ ،وهلؤلء
عليهللم أن يسللتعيدوها ،فللي ضللوء الترنللح المريكللي ،بعللد
عشر سنوات من قصيدة المللدح تلللك ! *.مراسللل موقللع
السلم اليوم -الرباط
==============
#تعقيب على فتوى "شراء البيوت بالقرض
الربوي"
د .سامي بن إبراهيم السويلم 22/5/1423
289
01/08/2002
كثيرة هي الفتاوى التي تردنا عللن موضللوع شللراء الللبيوت
عن طريق القرض الربوي حيث انتشر هذا المر في بعض
البلللدان ،ولهميللة هللذا الموضللوع فقللد نشللرنا فللي وقللت
سابق فتوى بعنوان شراء البيوت بالقرض الربوي لفضلليلة
الشيخ الدكتور سامي السويلم والتي تقضللي بتحريللم هللذا
النوع من المعاملت،،
إل أنه وردنا تعقيب على هذه الفتوى من أحد زوار النافذة
،وقللد عللرض هللذا التعقيللب علللى فضلليلة الشلليخ فتكللرم
بالتوضيح والبيان...
التعقيب:
أود أن أبدي بعض الملحظات حول فتوى حرمة القتراض
من البنوك لجل شراء البيوت ،وهي ملحظللات تلجلجللت
في صدري كثيرا ،وكنت أتساءل بداية قائل مللن المعلللوم
أن التمر بالتمر يجري فيه الربا ،ول بللد للله مللن شللرطين
الول التقللابض ،والمثليللة ،ومللع أن الربللا ذنبلله عظيللم
وخطره جسيم ،إل أن نجد في الشريعة إباحة بيع العرايللا
وحقيقته أنه ربا ،أبيح لحاجة الناس إلى التفكه بللالرطب ،
وهذا حكللم معللروف لللديكم ،فقلللت فللي نفسللي متسللائل
النبي صلى الله عليه يبيح الربا لحاجة يمكن أن يقللال إنهللا
نوع من الترفيه ،فكيف بنا اليوم نحللرم القللتراض بفللائدة
من أجل شراء بيللت ومعلللوم أن الللبيت بالنسللبة للنسللان
الواجد لمن يؤجره من الحاجات العظيمة ،هذا من جللانب
من جانب آخر وجدت العلماء قد اتفقللوا علللى الضللرورات
تبيللح المحظللورات وصللحيح أن شللراء الللبيوت ليللس مللن
الضرورات لكنهم في المقابل أيضا ً قالوا إن الحاجة تنللزل
منزلة الضرورة ،هذا بعض ما تلجلج في نفسي حيال هذه
القضية وثمة أمر أود لو استجاب له المفتون وهو التخلللي
عن الخلط بين لغتي الوعظ والفتوى ،حتى تحرر المسألة
تحريرا علميا أما أن يقول المفتي إن هذه المسألة لتحتاج
إلى فتوى ول سيما أنه قد أفتى بها علماء آخرون هلو نلوع
من المصادرة التي ل تنبغي وشكرا وجزاكم الله خيرا.
*****
290
التوضيح:
.1أمللا مسللألة العرايللا فهللي أول ً مقيللدة بمللا دون خمسللة
أوسق ،وثانيا ً هي استثناء من ربللا الفضللل وليللس مللن ربللا
النسيئة .وبحسب اطلعنا لم ينقل في السللنة أي اسللتثناء
من ربا النسيئة في الموال الربوية ،وهي المنصوص عليها
في حللديث عبللادة بللن الصللامت رضللي الللله عنلله مسلللم)
.(1587إذا تقرر ذلك فربا الفضللل حللرم لحكللم متعللددة،
منها كونه ذريعة لربللا النسليئة ،كملا ذكللر ذللك ابلن القيللم
رحمه الله .وما حرم سدا ً للذريعة أبيح للحاجة .يقللول ابللن
القيم رحمه الله" :وما أبيللح سللدا ً للذريعلة أبيللح للمصلللحة
الراجحة ،كما أبيحت العرايا من ربا الفضللل ،وكمللا أبيحللت
ذوات السباب من الصلة بعد الفجر والعصللر ،وكمللا أبيللح
النظر للخاطب والشللاهد والطللبيب ) "...إعلم المللوقعين
.(2/161
أما ربا النسيئة فهو محللرم تحريللم المقاصللد ،ولللذلك قللال
صلللى الللله عليلله وسلللم" :إنمللا الربللا فللي النسلليئة" رواه
البخللاري)،(2179مسلللم) (1596واللفللظ للله .فل يصللح
قيللاس مللا حللرم تحريللم المقاصللد علللى مللا حللرم تحريللم
الوسائل ،لنه قياس مع الفارق المؤثر.
ولو أبيح ربا النسيئة لشراء البيوت ،مللا الللذي يمنللع إبللاحته
لشراء السيارات ،وهي أيضا ً في حللق كللثيرين مللن النللاس
حاجة تنزل منزلة الضرورة ،وما الذي يمنع إبللاحته للللزواج
ابتداء ،وهو أهم من المنزل ومن السيارة؟ وما الذي يمنللع
إباحته لتمويل التنمية وإنشاء المرافق الضرورية كالكهرباء
والماء والهاتف وبناء المدن ،وهي حاجللة عامللة أولللى بللأن
تنزل منزلللة الضللرورة مللن الحاجللة الخاصللة؟ ثللم ل تللزال
الحاجللات تتللوالى ،ول يوجللد مرجللع للنللاس يحللدد مللا هللي
الحاجة المستثناة من غير المسللتثناة ،والنتيجللة فللي نهايللة
المر هي اسللتفحال الربللا فللي القتصللاد ،وتفللاقم الفللوائد
عليلله ،حلتى تصللبح ثلروات المجتمللع رهنلا ً للمرابيلن علللى
حساب الجيللال القادمللة ،وحللتى يصللبح الصللل فللي الربللا
الحل وليس المنع.
291
.2وأما ما اعتبره الخ الكريم خلطا ً بين الوعظ والفتللوى،
فهللذه هللي طريقللة القللرآن .فللإذا تتبعللت القللرآن ،وجللدت
فتاواه تجمع بين بيللان الحكللم وبيللن الللوعظ .قللال تعللالى:
"يسألونك عللن الهلللة .قللل هللي مللواقيت للنللاس والحللج.
وليس البر بأن تأتوا البيوت مللن ظهورهللا ولكللن الللبر مللن
اتقللى وأتللوا الللبيوت مللن أبوابهللا واتقللوا الللله لعلكللم
تفلحللون"]البقللرة .[189:وقللال تعللالى" :يسللألونك عللن
المحيض .قل هو أذى فلاعتزلوا النسلاء فلي المحيلض ،ول
تقربوهن حللتى يطهللرن ،فللإذا تطهللرن فللأتوهن ملن حيللث
أمركللم الللله إن الللله يحللب التللوابين ويحللب المتطهريللن.
نسللاؤكم حللرث لكللم فللأتوا حرثكللم أنللى شللئتم وقللدموا
لنفسلللكم واتقلللوا اللللله واعلملللوا أنكلللم ملقلللوه وبشلللر
المللؤمنين"]البقللرة،222:لل .[223فهللذه فتللاوى اقللترنت
بالمر بالتقوى والستعداد للخرة ،وهذا من الللوعظ الللذي
أمر الله به.
وأما في موضوع الربا ،فآيات الربا هللي الللتي حللذرت مللن
الحرب على الله ورسلوله لبيلان شلدة حرملة هلذا الملر.
فهي جمعت بين بيان الحكم وبين التخويف والتهديد.
.3أمللا اعللتراض الخ الكريللم علللى عبللارة "ل تحتللاج إلللى
فتوى" وأنها نوع من المصادرة لفتاوى علمللاء آخريللن ،فل
ريب أن حرمة الربا مما ل يحتاج إلى فتللوى مللع النصللوص
الصريحة الصحيحة الجلية وإجماع المة عليهللا ،إل إذا كللان
المقصود هو بيللان معللاني هللذه النصللوص والتأكيللد عليهللا.
وأما فتوى بعض أهل العلم بجللواز القللتراض بربللا لشللراء
المنازل لمن يقيللم فللي الغللرب ،فقللد أشللير إلللى أن ذلللك
محمول علللى حللال الضللطرار .فالفتللاوى ليسللت متعلقللة
بحكم الربا ،بل المة مجمعة على حرمته ،ومن يقول الربا
حلل فقللد خللالف المعلللوم مللن الللدين بالضللرورة ،لكنهللا
متعلقة بحالت خاصة قد يرى المفللتي أنهللا مللن الضللرورة
التي تبيح المحرمات ،ويرى غيره خلف ذلك .لكلن الصلل
متفق عليه بين الجميع.
والله تعالى أعلم.
=============
292
#الفقه والتجديد
د .عبد الرحمن بن أحمللد الجرعللي جامعللة الملللك خالللد –
أبها المملكة العربية السعودية 14/3/1423
26/05/2002
المقدمة
الحمد لله رب العللالمين ،والصلللة والسلللم علللى أشللرف
النبياء والمرسلين ،نبينا محمد صلى الله عليلله وعلللى آللله
وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :فهذا بحث عللن الفقلله والتجديللد ،حللاولت فيلله أن
أشللير إلللى معللالم هللذا الموضللوع باعتبللاره مللن أهللم
الموضللوعات الللتي تشللغل بللال الفقيلله المسلللم فللي هللذا
العصللر ،ولقللد انقسللم النللاس حيللال هللذا الموضللوع إلللى
طرفين ووسط ،قسم رأى البقاء على القللديم ،واسللتراب
من كل جديد وتجديد ،وقسلم فتلح البلاب علللى مصلراعيه
لكل تجديد حتى وإن كان فللي الثللوابت والصللول ،وقسللم
رزقلله الللله أصللابة الوسللط فأصللاب الحللق وقبللل التجديللد
بالضوابط الشرعية ،وسد ّ الباب على التفريط والفراط.
وأنا أعلم أن الكتابات في هذا المجال كثيرة ،ولكن أحببت
أن أسهم في إيضاح المعللالم البللارزة لهللذه القضللية الللتي
ربما تتناثر أجزاؤها فللي كتللب وأبحللاث متفرقللة ،بالضللافة
إلى التنبيه على قضايا تهم الفقيه المتصدي للتجديد.
وقد كانت خطة هذا البحث على النحو التالي:
التمهيد :ويشتمل على المطالب التية:
المطلب الول :تعريف الفقه لغة واصطلحًا.
المطلللب الثللاني :تعريللف التجديللد لغللة ،وبيللان المقصللود
بتجديد الفقه ،وبيان أن التجديد سنة ماضية.
المطلب الثالث :خصائص الشريعة ،وتشمل ) (1الربانية )
(2الوسطية والعتدال ) (3الشمول ) (4الثبات والمرونة.
المطلب الرابع :عدم منافاة التجديد للصالة.
المبحث الول:مجالت التجديد ويشتمل على ما يلي:
)(1تنزيل الحكم الشرعي على الواقع المعاش.
)(2مراجعة التراث الفقهي مراجعة استفادة وتمحيص.
)(3إيجاد الحلول الشرعية للمستجدات والنوازل.
293
)(4تقريب الفقه للناس وتيسيره.
المبحث الثانيمبررات التجديد ،وبواعثه ،وهي:
)(1التغيرات الهائلة في الحياة المعاصرة.
)(2سيطرة أنماط الحياة الغربية وأعرافها على كللثير مللن
جوانب الحياة.
)(3النبهللار بللالفكر الغربللي ،وتصللدي هللؤلء المنبهريللن
للحديث عن القضايا الشرعية.
)(4الجمود الفقهي ،والتعصب المذهبي.
المبحث الثالث صفات المجدد:
) (1العلم (2) .العدل (3) .العتدال ) (4القدوة.
المبحث الرابع :مزالق التجديد .وهي:
)(1المصلحة المتوهمة.
)(2مسايرة الواقع بعجره وبجره.
)(3الجتهاد قبل اكتمال الهلية.
)(4الجتهاد في موارد النص.
)(5مسايرة الهوى .
)(6عدم فهم الواقع .
)(7تقليد الفكر الغربي.
المبحث الخامس:تنبيهات:
المصادر والمراجع:
وفي ختام هذه المقدمة ،أسأل الله التوفيق والسداد ،وأن
يجعل عملنا خالصا ً وصوابًا ،إنه على كل شيء قدير
المطلب الول :تعريف الفقه لغة واصطلحا ً
ه
مللا ن َْفَق ل ُ
•تعريف الفقه لغة :مطلق الفهللم قللال تعللالىَ ) :
ل() (1وقللال) :واحلللل عقللدة مللن لسللاني مللا ت َُقللو ُ ك َِثيللرا ً ِ
م ّ
يفقهوا قولي()(2
•والفقلله اصللطلحًا :معرفللة الحكللام العمليللة الفرعيللة
المستنبطة من أدلتها التفصيلية.
وعلم الفقه من أهم العلوم الشللرعية ،إذ هللو العلللم الللذي
تعرف به الحكام من الحلل والحرام والمندوب والمكروه
والمباح ،وتشتد ّ إليه الحاجة في كل عصر وأوان ،وقد يسع
الرجل جهل تفسير آية ،ويند عنه معرفة درجللة حللديث ،أو
حلللال راو ،ولكلللن ل يسلللعه الجهلللل بالحكلللام الشلللرعية
294
المتعلقة بصحة طهارته أو صلللته أو صللومه .وقللديما قللال
بعضهم:
إذا ما اعتّز ذو علم بعلم … …
فعلم الفقه أولى باعتزاز
فكم طيب يفوح ول كمسك … …
وكم طير يطير ول كباز
ولقد مكث النبي – صلى الله عليه وسللم – بيلن ظهرانلي
الصللحابة ،يفللتيهم ،ويجيللب علللى أسللئلتهم ،وكللان القللرآن
يتنزل على النللبي – صلللى الللله عليلله وسلللم – والصللحابة
يتعلمون ويتفقهون من الكتاب والسنة ،ولما قبض النبي –
صلى الله عليه وسلم – حمل رايللة الفقلله أصللحابه ،وكللان
بعضهم أفقه من بعض ،فكان عمر – رضي الله عنه – من
المجلين فلي هللذا الشلأن ،وغيلره كلثير ،ثللم حملل الرايلة
التابعون ثللم تللابعو التللابعين ،حللتى أوصلللوها إلللى الفقهللاء
الربعة )أبو حنيفة ،ومالك ،والشافعي ،وأحمد( وقد أسس
هللؤلء المللذاهب الللتي حملللت أسللماءهم ،وتعمقللت هللذه
صل لها ،ثم طرأ نللوع مللن التعصللب والجمللود، المذاهب وأ ّ
وتمحلللور كلللثير ملللن الفقهلللاء حلللول نصلللوص أئمتهلللم ل
سر الله انتعاش الفقه مرة أخرى في هللذا يجاوزونها ،ثم ي ّ
العصللر ،فقللامت جهللود خيللرة مباركللة ،وأسللهم ثلللة مللن
الفقهللاء فللي إبللراز الفقلله فللي ثللوب قشلليب ،يجمللع بيللن
الصللالة والمعاصللرة ،وتللوالت فللي هللذا العصللر دعللوات
إصلحية ،وهيئات ،ومجللامع فقهيللة ،تبللاينت فللي إسللهامها،
دت ولكنها في الجملة قد دفعت حركة الفقلله قللدمًا ،وتص ل ّ
هذه الجهود لنوازل المجتمع وقضاياه.
المطلللب الثللاني :تعريللف التجديللد لغللة ،وبيللان المقصللود
بتجديد الفقه ،وبيان أن التجديد سنة ماضية.
* التجديد لغة :جعل الشيء جديللدًا ،ومنلله :جللدد وضللوءه،
وجدد عهده :يعني أعاده وكرره والجديد نقيض الخلق).(3
* وتجديد الفقه يقصد به إعادة نضللارته وبهللائه وإحيللاء مللا
انللدرس مللن معللالمه ،والعمللل علللى نشللره بيللن النللاس،
ويشمل التجديد كذلك :التصدي للمسللتجدات الللتي تظهللر
في كل عصر؛ لبيان الحكم الصحيح لهذه المستجدات(4).
295
* والتجديللد بهللذا المعنللى يعنللي أن التجديللد يكللون علللى
اضمحلل لشأنه ،ول يعني التجديد نبذ شيء منه أو اختراع
فقه جديد فذلك في الحقيقة تحريف ومسخ.
* التجديد سنة ماضية:
إن التجديد سنة إلهية شرعية في هللذا الللدين ،وتتلءم مللع
ما هو معلوم من أن الله قد ختللم النبيللاء بمحمللد – صلللى
الله عليله وسللم ،-فالعلملاء اللذين يجلددون لهلذه الملة
دينها هم نواب له ووراث لهديه – صلى الله عليه وسلم ،-
فهم يحيون ما اندرس من الدين في نفوس الناس.
الكلم عن حديث التجديد:
نص الحديث )إن الله يبعث لهذه المة على رأس كللل مئة
سللنة مللن يجللدد لهللا أمللر دينهللا( والحللديث صللحيح ،حيللث
صححه جمللع مللن أهللل العلللم قللديما ً وحللديثًا)،(5بللل نقللل
السيوطي في رسالته )التنبيه فيمن يبعثه اللله علللى رأس
المئة( إجماع العلماء على تصحيحه).(6
وفي الحديث بشارة وعد بها الرسللول -صلللى الللله عليلله
وسلم -المة أنها ل تخلو من المجددين ،فهو وعد إلهللي ل
يتخلف.
ويتضمن الحديث كذلك جانبا ً شرعيا ً مهما ً وهو الطلب من
المة ،وخاصة القادرين من أهل العلللم واليمللان أن يللؤدوا
الدور المنوط بهم ،فيكون التجديد على أيللديهم ،فالمجللدد
ل يهبط من السماء.
المطلب الثالث :خصائص الشريعة:
للفقه السلللمي -وإن شللئت قلللت للشللريعة -خصللائص،
نكتفي بذكر ما يقتضيه المقام:
) (1الربانية :فهي:
أ .ربانية المصدر فمصدرها إلهي.
ب .وربانية الوجهة .وهذه الخصيصللة تللدل علللى خصللائص
أخرى منها :الكمال والعدل المطلق )ولو كان من عند غير
الله لوجدوا فيه اختلفا ً كبيرًا(.
كما أنها تحظى بالقبول والحترام من قبللل المللؤمنين بهللا
بما ل يحظى قانون أو نظام ،وإن كانت المقارنة هنللا غيللر
واردة:
296
ألم تر أن السيف ينقص قدره … …
إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
كما أن النسان المعتنق لهذه الشريعة يراقب ربه في كل
صللغيرة وكللبيرة ،بللل لبللد أن تقابللل أحكامهللا بالرضللا
والتسليم)فل وربك ل يؤمنون حللتى يحكمللوك فيمللا شللجر
بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا ً مما قضيت ويسلللموا
تسليمًا( ]النساء.[65 :
) (2الوسطية والعتدال والموازنة :ففيها توازن بين الروح
والجسد ،وموازنة بين مصلحة الفللرد والجماعللة ،وموازنللة
واعتدال في النظر إلى حقوق الرجل والمرأة بين النظللرة
الجاهليللة فللي احتقللار المللرأة وظلمهللا وبيللن الجاهليللة
المعاصرة في إخراجها عن حدود ما خلللق اللله لهللا ،وهللذا
التوازن ل يلغي ترتيب الولويات فهناك الللواجب والوجللب
وهناك المهم والهم.
) (3الشمول:
أ .لمصالح الدنيا والخرة.
ب .لجوانب الحيللاة المختلفللة )مللن آداب الكللل والشللرب
إلى بناء الدولة(.
ج .لمراحل حياة النسان كلها )طفل ً وكه ً
ل(.
د .شمولها لكل البشر – النزعة العالمية – )ومللا أرسلللناك
إل رحمة للعالمين(.
هل .شمولها لكل زمان ومكان.
) (4الثبللات والمرونللة :الثبللات فللي الصللول والهللداف
والقطعيات ،والمرونة فللي الفللروع والوسللائل والظنيللات،
ومساحة المرونة مسللاحة واسللعة وهللي منطقللة مفتوحللة
للجتهاد البشري في مجال التشريع السلمي).(7
ولقد كان هذا الفقه أساس التشريع والقضاء والفتوى في
دلت فيهللا العالم السلمي كله طيلة ثلثللة عشللر قرن لًا ،تب ل ّ
النظللم وتغّيللرت الوضللاع والحللوال ،فلللم يضللق صللدره
بمشكلة ولم يقف عنللد نازلللة ،بللل كللان لللديه لكللل حادثللة
حللديث ،ولكللل واقعللة حكللم ،ولكللل مشللكلة علج فللالفقه
السلمي يمتاز بقواعده الدقيقة وأصوله المقننللة المتقنللة
التي تضبط طرائق الستنباط ،وهو ما يعرف بعلم )أصلول
297
الفقه( الذي عرف لدى علماء المسلمين في فترة مبكللرة
على يد المام الشافعي ،ويمتاز الفقه كذلك بقللدرته علللى
التجديد والنماء ،فهو عللم خصلب ،ملرن ،اسلتوعب شلتى
البيئات والوطان -رغم تباينها -ومن البللدو إلللى الحضللر،
فلم يضق بهللا ذرعلًا ،بللل سللبكها ضللمن منظمتلله ،وقضللى
بالعدل ،وقال كلمة الفصل.
كثرة القوال والختلفات ثروة فقهية:
وهللي نعمللة ل نقمللة وهللي دليللل علللى مرونللة الشللريعة،
وتسامح الئمة وقد نقل عنهم في هذا الباب كلما ً عظيم لا ً
ولم يكونوا -رحمهم الله -يرون بذلك بأسا ً وكثيرا ً ما يكون
الختلف داخل المذهب نفسه كمللا سللجله المللرداوي فللي
كتابه )النصاف( والنووي في )روضة الطالبين( وربما كان
اختلفهللم ل بسللبب الحجللة والبرهللان بللل بسللبب العصللر
والزمللان ،كمللا قيللل عللن خلف أبللي يوسللف ومحمللد بللن
الحسن الشيباني لبي حنيفة.
وفقه مذهب واحد يضيق عن الوفاء بحاجات النللاس فتجللد
في بعض المذاهب من السعة واليسر وسداد الللرأي مللا ل
يوجد في بقية المذاهب ،ومن المثلة علللى هللذا :المللذهب
الحنبلي في العقود فهو من أيسر المذاهب في ذلك.
المطلب الرابع :عدم منافاة التجديد للصالة.
التجديد في الفقه ل ينافي الصالة ،كل ،بللل يتنللاغم معهللا،
إذا حدد المفهوم الصللحيح للصللالة ،فليسللت الصللالة هللي
النكفللاء علللى كللل قللديم ورفللض كللل جديللد ،فللذلك قتللل
للبللداع وإغلق لبللاب الجتهللاد ،بللل الصللالة هللي تلللك
الممارسة الواعية التي تعني الستمساك بللالثوابت وتعنللى
بالتجديد في المتغيللرات بحسللب الحاجللة ،علللى أن يكللون
ذلك ضمن المفاهيم والمضامين الشرعية ،وأن يكون دافع
التجديد هو الرغبة في التحسين ل مجرد التقليد
كما أن التجديد ليس هو السخرية بكل قديم وفتح البواب
أمام كل جديد ،بزعم أن الجديد ل يمثل إل التطور والرقي
والقديم ل يمثل إل التخلف والجمود ،يقول شكيب أرسلن
في الرد على دعاة نسف التراث:
كم من قديم ل يزال رواؤه … …
298
متألقا ً يحكي الصباح المسفرا
مهما تقادم جوهر في عنقه … …
فهو الثمين وليس يبرح جوهرا)(8
المبحث الول :مجالت التجديد ويشتمل على ما يلي:
-1تنزيل الحكم الشرعي الصحيح على الواقع المعاش.
-2مراجعة الللتراث الفقهللي مراجعللة اسللتفادة فهللو ثللروة
فقهية عظيمة ل يمكن الستغناء عنهللا ،وفيهللا مللن السللعة
والدقة ما ل يخفى ،وربما احتاج هذا بعض هذا التراث إلللى
مراجعة تمحيص لما يحتللاج إلللى تمحيللص ومراجعللة ومللن
المثلة على ذلك.
)أ( مراجعة الحاديث التي استدل بها الفقهاء وبنللوا عليهللا
كثيرا ً من أحكللامهم ،وهللي أحللاديث غيللر صللحيحة كحللديث
)حق الجار أربعون دارا ً هكذا وهكذا وهكذا.(9)(...
)ب( التثبت من مسائل الجماع التي حكاها بعض الفقهاء،
فلو صح الجماع لما جازت مخالفته ولكللن يتسللامح بعللض
الفقهاء في نقله ،وهو غير صحيح ،وبالتالي فل يترتب عليه
المنع من الجتهاد في المسألة التي لم يثبت فيها الجماع.
)ج( المعلومات المتوافرة في هللذا العصللر والللتي لهللا دور
في تمحيص كلم الفقهاء ،إذا كللانت هللذه المعلومللات قللد
وصلت إلى درجة الحقائق ل النظريات ،مثال ذلك :أقصللى
مللدة الحمللل .فقللد ذكللر بعللض الفقهللاء أن أقصللى مللدة
الحمل :سنتان ،وقال بعضهم :أربع ،وقال البعض ،خمللس،
وسبع .ومن المعلوم الن طبيا ً أن الحمل ل يكون أكثر من
سللنة ،ومللا ذكللر مللن المللدة الطويلللة )سللنتان ،أربللع،
خمس (...فهو حالة معروفة طبيا ً بالحمل الكاذب .وتظهر
فيلله كللل أعللراض الحمللل مللن انتفللاخ البطللن ،والشللعور
بالغثيان والقيء وتقلص عضلت البطن ونحوها بمللا يشللبه
حركة الجنين في البطن ،وتظهر هذه الحللالت كللثيرا ً عنللد
الرغبللة العارمللة للحمللل ،وحيللن يكشللف عليهللا الطللبيب
بالوسائل الحديثة من التحليل والشعة يجزم الطبيب بأنها
غير حامل .ومن الطريف أن هذا المرأة قللد تسللتمر معهللا
هذه الحالة ثللم يشللاء المللولى -جللل وعل -أن تحمللل حمل ً
صللادقا ً فللي نهايللة المللدة فتظنلله امتللدادا ً للحمللل الكللاذب
299
وتحسب المدة كلها على هذا الحمل ،وتلللد بعللد سللنتين أو
ثلث ،فيصدق الناس هذه الدعوى).(10
-3إيجللللاد الحلللللول )الحكللللام( الشللللرعية المناسللللبة
للمستجدات والنوازل ،ومن أبرز المجالت التي تبرز فيهللا
النللوازل مجللال المعللاملت والقتصللاد كقضللايا الشللركات
والسهم والتأمين والبنوك وبعضها شبيه بالقديم أو قريللب
منه وبعضها جديد تماما ً ول نظير له ،فهل الحل هو في )أ(
د.
الجمود )ب( أو القبول بكل ما استج ّ
)ج( أو البحث من خلل الثروة الفقهيلة اللتي ورثناهلا علن
أسلفنا ،فإن لم نجللد اجتهللد المجتهللد فللي ضللوء القواعللد
الشللرعية العامللة .الصللحيح أنلله ل يسللع الفقيلله إل المللر
الخير.والمجللال الخللر الللذي تكللثر فيلله النللوازل :المجللال
الطللبي ،فقللد وضللع العلللم الحللديث بيللن يللدي المسلللم
مجموعة كبيرة من النللوازل ،تللدخل أحيان لا ً فللي تفصلليلت
الحيللاة اليوميللة ،وتثللور أسللئلة وافللرة فللي ذهللن الطللبيب
المسلم عن الحكللم الشللرعي لهللا كقضللايا زرع العضللاء،
والستنساخ ،والهندسة الوراثية ،وأبحللاث العقللم ،والوفللاة
الدماغية ....الخ .خاصة وأن هذا التقدم العلمللي قللد نشللأ
في مجتمع غير مسلم وله أعراف غير أعرافنا ،فهو شللبيه
بشعب بوان الذي قال فيه المتنبي:
ولكن الفتى العربي فيها … …
غريب الوجه واليد واللسان)(11
) (4تقريللب الفقلله للنللاس وتيسلليره ،وكتللابته بأسلللوب
يناسب العصر ،مللع اسللتخدام الوسللائل المتاحللة فللي هللذا
العصر وذلك يتم بأمور منها:
أ .اسللتخدام اللغللة الميسللرة البسلليطة الللتي يفهمهللا غيللر
المتخصص لنه يحال أحيانا ً بين النللاس وبيللن كتللب الفقلله
بسللبب وعللورة المصللطلحات الللتي تشللكل علللى غيللر
المتخصص ،ومن حللق النللاس أن يقللرب لهللم الفقلله بلغللة
عصرهم.
ب .التخفف من المسللائل الللتي ل وجللود لهللا فللي عصللرنا
كبعض المعاملت التي ل يتعامل بها حالي لًا ،أو يتعامللل بهللا
على نطللاق ضلليق كشللركات المفاوضللة والعنللان ،فينبغللي
300
التركيز علللى مللا يعايشلله النللاس فللي هللذا الشللأن وغيللره
كأعمال البنوك وشركات التأمين ،ونحو ذلك ،وكذلك البعد
علن التفصليلت وتشلقيقات المسلائل اللتي ل طلائل ملن
ورائها.
ج .استخدام معارف العصر في الترجيح ،فقد يترجح بعض
القوال بناء على ذلك ،خلفلا ً لملا يللذكر فلي كتللب الفقله،
فالسفينة التي يتكلم الفقهاء السللابقون عللن ضللمانها غيللر
السللفينة الحاليللة ،فتلللك تحركهللا الريللاح وهللذه يحركهللا
المحرك اللي.
د .تحويل المقادير الشرعية إلى مقادير معاصرة ،فل يكللاد
النللاس اليللوم يعرفللون مقللدار الللدينار والفرسللخ والقلللة
والوسق إل ببيانها بالمقادير المعاصرة ،وهو أمر متاح وقد
ألفت فيه مؤلفات عدة)(12
هل .الحرص على بيان الحكمة من التشللريع فللإن لهللا أثللرا ً
على اطمئنان القلب كما في قللوله -تعللالى ) -إن الصلللة
تنهللى عللن الفحشللاء والمنكللر( مللع السللتفادة ممللا يكتبلله
المعاصرون كحديثهم عللن مضللار التللدخين ،ومضللار ولللوغ
الكلللب فللي النللاء ،وأكللل لحللم الخنزيللر ،مللع الحللذر مللن
التعليلت القاصللرة الللتي تفتللح البللاب لللذوي الهللواء أو
المنكريللن كتعليللل تحريللم الربللا باسللتغلل حاجللة الفقيللر
وتعليللل الزنللا بللاختلط النسللاب ،مللع الشللارة إلللى عللدم
الجزم بالعلة أو الحكمة من التشريع إذا لم يكن منصوصللا ً
عليها.
)و( ربط جزئيات الفقه بمقاصد الشريعة الكلية :فالسلللم
كل ل يتجزأ ،فمن المناسب جدا ً أن يتكلم المرء عن نظام
العاقلة في الديات ويربط ذلك بنظام النفقات والمللواريث
حتى يتضح جانب الغنم والغرم ،وكذلك عند الحللديث عللن
نصيب الذكر والنثى ينبغي أن يذكر بللأن المللرأة إن كللانت
زوجا ً فنفقتها على زوجها ،وإن كانت بنتا ً فنفقتها على أبيها
إن احتاجت ...إلخ.
ز .الستفادة مما كتبه المعاصرون من العلماء الثقات فللي
جميع جوانب الفقه وكذلك فتاوى المجامع الفقيلله وهيئات
301
كبار العلمللاء والموسللوعات الفقهيللة ورسللائل الماجسللتير
والدكتوراة.
ح .الستفادة من الوسائل المعاصللرة الللتي تيسللر الشللرح
من الرسوم والشكال التي ل محظور فيها كما كان صلللى
الللله عليلله وسلللم يسللتخدم الخللط علللى الرمللل وضللرب
المثال).(13
المبحث الثاني :مبررات التجديد ،وبواعثه ،وهي:
) (1التغيرات الهائلة في الحياة المعاصرة )التقدم التقنللي
في مجال التصالت والمجالت الصناعية والطبية وغيرهللا
وكل ذلك يحدث وقائع تحتاج لحكام شرعية ،وبعضها كللان
موجللودا ً لكللن بصللفة مبسللطة كمسللائل الجللارة وأحكللام
الشركات(.
) (2سيطرة أنماط الحياة الغربية وأعرافها على كثير مللن
جوانب الحياة ،والذي يعيللش فللي الجللواء الطبيللة يلحللظ
هذا ،بالضافة إلى غزو القللوانين الوضللعية لكللثير مللن بلد
المسلمين ،وكل ما سبق يحتاج إلى بيان الحكم الشللرعي
فيه.
) (3النبهار بالفكر الغربي ،وتصدي بعض هؤلء المبهورين
– خاصة ممن درس في بلد الغرب – للحديث عللن قضللايا
شرعية ليسوا مؤهلين للخوض فيها ،فزلوا وهللم يحسللبون
أنهم يحسنون صنعًا .ومن العجيب أنه ل يقبل من أحللد أن
يتحدث في تخصصه الدقيق إل أن يكللون مللن أهللل الللدار،
وتجده يرتع في حمى الفقه ،ويصدر الفتاوى بل خطللام ول
زمام ،وربما استسهل الكلم في مسألة لو عرضللت علللى
عمر – رضي الله عنه – لجمع لها أهل بدر.
) (4الجمود الفقهي ،والتعصب المذهبي ،وقد اسللتمر هللذا
المر ردحا ً من الزمن ،ول زالت بقاياه ،ومن المثلللة علللى
هذا الجمود وجود أكثر من مائة شرح وحاشللية لحللد كتلب
بعض المللذاهب الفقهيللة() ،.(14ومللن المثلللة علللى ذلللك
قول بعضهم عن كتاب )الهداية(
إن الهداية كللالقرآن قللد نسللخت ...مللا صللنفوا قبلهللا فللي
الشرع من كتب).(15
المبحث الثالث :صفات المجدد:
302
) (1العلم:
فالمجدد في الفقلله لبللد أن يكللون مالك لا ً لدوات الجتهللاد
فيما يجتهد فيه ،كما هو مقرر في علم أصول الفقه ،وأهم
هذه الشروط:
)ب( العلللم بللالقرآن )فيعللرف آيللات الحكللام – والناسللخ
والمنسوخ منه – والعللام والخللاص – والمطلللق والمقيللد –
وأسباب النزول(.
)ب( العلم بالسنة ) فيعللرف مواقللع أحللاديث الحكللام ،ول
يقتصر على المهات السللت ،ويعللرف الصللحيح والضللعيف
مللن الحللاديث ،وعلللم التاريللخ والرجللال ،وأسللباب الجللرح
والتعديل(. .
)ج( معرفة مسائل الجماع.
)د( معرفللة أصللول الفقلله ،وأن يتقللن هللذا العلللم خاصللة
مباحث اللفاظ ودللتها ،ومباحث القياس ،وذلك لمسيس
الحاجة إليها.
)هل( معرفة اللغة العربية.
)و( أن يكون فقيه النفس ،فيكون الفقه ملكة وسجية للله،
يسللتطيع بهللا اسللتنباط الحكللام)(16كللذلك لبللد أن يلللم
بمقاصد التشريع ،وفقه المصالح والمفاسد وفقه الخلف.
) (2أن يكون عدل ً في دينه ،ورعًا؛ فإنه إنما يوقع عن الله،
ومن لم يكن كذلك فليس من المقبللول أن يرتللع فللي هللذا
الحمى ،فالبيوت إنما تؤتى من أبوابها ،وإذا كللان مللن غيللر
المقبول أن يمارس مدعي الطب هذه المهنللة ،فمللا بالللك
بمن يتكلم في أمر الحلل والحرام وهو ليس لللذلك أهللل.
والمجدد لبد أن يكون من أصللحاب المنطلقللات الشللرعية
الصللحيحة فأمللا مللن كللان منطلقلله فللي التجديللد :إخضللاع
السلم للعقل والواقع ،كما يظهر ذلك فللي كتابللات بعللض
المعاصرين ،فهولء ليسوا من أهل التجديد المنشود.
) (3العتدال :بعيدا ً عن الغلو والفللراط ،فللإن مللن النللاس
من هذا ديدنه فيقدم الحوط دائمًا ،وكذا سد الذريعللة وإن
لم يكن لهما مساغ ،والخذ بهما شرعا ً لله ضلوابط وليلس
على إطلقه ،وكذلك يجب البعللد عللن التفريللط والتسللاهل
بحجللة مجللاراة العصللر ،وكللذا البحللث عللن المخللارج بكللل
303
وسيلة ممكنة ،وهذا طبع موجود ،وكل طرفي قصد المللور
ذميم.
) (4أن يكون المجللدد قللدوة لغيللره :فللي سلللوكه وحيللاته،
حتى يستحق الشرف العظيم الذي يناط به.
*مجال التجديد :التجديد يكون في الفروع ل الصول ،وفي
الظنيات ل القطعيات ،وفي المتشابهات ل المحكمات.
المبحث الرابع :مزالق التجديد .وهي:
) (1المصلحة المتوهمة )الغلللو فللي اعتبللار المصلللحة ولللو
على حساب النص(.
فالمصلحة تنقسم إلى ثلثة أقسام:
أ .مصلحة معتبرة :شهد الشللرع لهللا بالعتبللار وهللي ترجللع
إلى حفظ الضللرورات الخمللس ) الللدين والنفللس والعقللل
والنسل والمال( )(17
ب .مصلحة ملغاة)(18
شهد الشرع بعدم اعتبارها كالربا )وأحل اللله اللبيع وحلرم
الربا( ]البقرة .[275 :مع ما قد يتوهم من جلبه للمصالح،
ومن المثلة الللتي تللذكر فللي هللذا المقللام المصلللحة الللتي
حكم بها يحيى بن يحيى على عبد الرحمن بن الحكم الذي
وطئ في نهار رمضللان حيللث حكللم عليلله بصلليام شللهرين
متتابعين.
وترك هذا الفقيه الحكللم بللالعتق كمللا هللو قللول الجمهللور،
وترك كللذلك التخييللر بيللن الكفللارات كمللا هللو القللول فللي
مذهب مالك ،وعلته في ذلك :أننا لو فتحنللا لله هللذا البللاب
لسهل عليه )أي على هذا الواطئ( أن يعتق كل يوم رقبة،
فحمله على أصعب المور لئل يعود).(19
فهو نظر إلى مصلللحة وفللوت مصلللحة أعظللم منهللا وهللي
تشوف الشرع إلى إعتاق الرقاء.
مثال آخلر :الشلخص اللذي أراد نقلل صللة الجمعلة ليلوم
الحد في بلد الغرب لمصلحة متوهمة ،وهللي أن النللاس ل
يجتمعون للجمعة ،فتؤخر إلى اليوم الللذي يجتمعللون فيلله،
وقد رد عليه بعض العلماء بأمرين:
أحدهما :مخالفة النللص الصللريح) :يللا أيهللا الللذين آمنللوا إذا
نودي للصلة من يوم الجمعة( فنص على ذلك اليوم
304
وثانيهما :قيل له هذه صلة الجمعة فإذا أقمناها يوم الحللد
فماذا تسمى؟!!!)(20
)ج( مصلحة لم يقم الدليل على اعتبارها بذاتها ول إلقائها،
ولكنها تدخل ضللمن مقاصللد الشللرع ،وتسللمى )المصلللحة
المرسلة(.
ومن أمثلتها :جمع القرآن ،تدوين الدواوين ،قوانين السللير
والمرور ،وتحديد السعار ،وإنشاء المحاكم ،فهذه مصلللحة
معتبرة).(21
-2مسايرة الواقع بعجللره وبجللره )الرضللوخ تحللت ضللغط
الواقع( .فيشللكل هللذا الضللغط تكييللف الحكللام الشللرعية
وفقا ً للواقع المعاش ،دون مراعاة النصوص.
-3الجتهاد قبل اكتمال الهلية.
-4الجتهاد على خلف النص ،إمللا لجهللل بثبللوته ،أو عللدم
ل ،أو لغفلة وذهول لهوى أو سوء فهم. العلم به أص ً
-5مسايرة الهوى طمعا ً في جاه أو منصب أو تملق لا ً لمللن
يخشى أو يرجللى ،ومللن ذلللك تملللق الجمللاهير طمعلا ً فللي
النجومية ،وإقبال الدهماء.
-6عدم فهم الواقع ،ومن المثلة على ذللك إفتلاء بعضلهم
بأن الباروكة ل تعدو أن تكون غطاءً للللرأس ،فتحللل ،رقللم
أنها داخلة في معنى الواصلة التي ورد فيها اللعن.
-7تقليد الفكر الغربي )كما فللي منللع الطلق ،ومنللع تعللدد
الزوجات( أو مجاملته على القل)(22
المبحث الخامس :تنبيهات.
* ينبغي أن تكون الفتوى جماعية قدر المكان ،في صللورة
مجللامع فقهيللة وهيئات لكبللار العلمللاء ،ول تتللأثر بللالبيئة
الجتماعية والمؤثرات الخرى ،ومللع ذلللك ل يسللتغنى عللن
الجتهاد الفردي الذي يكشف الطريللق ويمهللده بمللا يقللدم
من دراسات رصينة ،تضيء الطريق ،وتكشف معالمه.
* وينبغي أن يتللوجه الفقيلله فللي اجتهللاداته إلللى المسللائل
المعاصرة فيتصدى لهللا ويسللتنبط الحكللام لهللا فللي ضللوء
النصللوص والقواعللد الكليللة للفقلله ،وأل يسللتهلكه تقريللر
المسائل القديمة دون النظر للمستجدات.
305
* قد يبدو للمجتهد المجدد فهما ً تحتمله النصوص الشرعية
لعله لم يسبق إليه أو سبق إليه ولكنه هجر ،لعدم الحاجللة
إليه أو لعللدم شللهرة قللائله ،وربمللا فتللح هللذا القللول أفق لا ً
واسعا ً للمجتهدين بما ل يتعارض مللع النصللوص ول يخللالف
القطعيات.
سر الجتهاد اليوم :ممللا نللص عليلله بعللض أهللل العلللم * تي ّ
كابن القيم وغيره أن الجتهللاد يتجللزأ ،فهنللاك مجتهللد فللي
باب تمكن من أدلته ،أما من أتقن مسألة فقللط فقللد منللع
بعض أهل العلم اجتهاده فيها باعتبار أن المسللألة الواحللدة
ترتبط بغيرها من المسائل).(23
وهناك الجتهاد النتقائي )الترجيحي( بين أقوال السابقين،
وكثير من رسائل الدراسات العليا من هذا الباب
ويشار هنا إلى أن الجتهاد بالنسللبة للمجتهللدين قللد أصللبح
أمره أيسر من الزمن الماضي مللن ناحيللة تللوفر المراجللع
وطباعتها وكونها في متناول الباحث ،وقد أشللار علللى هللذا
العلمة الحجللوي فللي كتللابه )الفكللر السللامي( وقللد حقللق
كثيرا ً من الكتب التي كانت نادرة ،ويوجد في مكتبة طالب
العلم اليللوم مللن كتللب التخصللص مللا لللم يكللن يوجللد فللي
مكتبات بعض الئمة سابقًا ،وساعد الكمبيوتر فللي تقريللب
كثير من المعلومات وجمعها بين يدي الباحث.
* عند التجديد لبد من مراعاة يسللر الشللريعة وأنهللا بنيللت
على ذلللك ل اسللتجابة لضللغوط الواقللع أو تناغملا ً مللع روح
العصر ،ولكنها صفة أصلليلة فللي الشللريعة قللال -تعللالى -
)يريد الله بكم اليسر ول يريد بكم العسللر( وفللي الحللديث
المتفق عليه فيما رواه أنس "يسروا ول تعسللروا وبشللروا
ول تنفروا".
وقالت عائشة – رضي الله عنهللا )مللا خيللر النللبي – صلللى
الله عليه وسلم – بين أمرين إل اختار أيسرهما ما لم يكن
إثمًا(
* وعند التصدي للتجديد لبللد أن نتوقللع الخطللأ وأن نتقبللل
ذلك بصدر رحب وأن نبذل النصيحة ول نبادر بالتهام لمللن
اجتهللد – وهللو مللن أهللل الجتهللاد – فأخطللأ ،فللإنه مللأجور،
وربما كان هو المصيب في الحقيقللة ،وقللد يفتللح باجتهللاده
306
هذا بابا ً كان مغلقًا ،ولنا في شيخ السلم ابن تيميللة قللدوة
فقد كان من المجددين ،وقد قاومه أهل عصللره ،وأسللاؤوا
به الظن ،ثم انتفعوا بعلمه واجتهللاده ،ول زلنللا اليللوم نفيللد
من تجديده في مجالت كثيرة .والله الموفق.
المصادر والمراجع
)(1مسند أبي يعلى الموصلي ،تحقيق :حسين سليم أسد،
دار المأمون للتراث ،دمشق1407 ،هل.
) (2القاهرة.
)(3الجامع الصغير للسلليوطي ،مللع شللرحه فيللض القللدير،
للمناوي ،دار الفكر ،بيروت.
)(4المقاصللد الحسللنة ،للسللخاوي ،الناشللر :دار الكتللب
العلمية ،بيروت.
)(5صللحيح الجلامع الصللغير وزيلاداته ،محمللد ناصلر اللدين
اللبللاني ،أشللرف علللى طبعلله :زهيللر الشللاويش ،الطبعللة
الثانية1406 ،هل ،المكتب السلمي ،بيروت – دمشق.
)(6سلسلة الحاديث الضعيفة ،محمد ناصر الدين اللباني،
الطبعللة الرابعللة 1398هللل ،المكتللب السلللمي ،بيللروت
دمشق.
)(7جمع الجوامع ،تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي،
مطبعة محمد سبيح ،الطبعة الثانية1346 ،هل.
)(8العتصام ،لبللي إسللحاق الشلليرازي ،المكتبللة التجاريللة
الكبرى ،مصر.
)(9الفكر السامي في تاريخ الفقلله السلللمي ،محمللد بللن
الحسن الحجلوي الثعلالبي الفاسللي ،خللرج أحلاديثه وعلللق
عليه:عبد العزيز بن عبللد الفتللاح القللاري ،الناشللر:المكتبللة
العلمية ،المدينة المنورة،الطبعة الولى 1396هل
)(10الفقلله السلللمي بيللن الصللالة والتجديللد ،يوسللف
القرضلللاوي ،دار الصلللحوة ،القلللاهرة ،الطبعلللة الوللللى
1406هل(11).الجتهاد المعاصر بين النضللباط والنفللراط،
يوسف القرضاوي ،دار التوزيع والنشر السلمية1414 :هل
)(12نحلو فقله ميسللر ،يوسلف القرضلاوي ،مكتبلة وهبلة،
القاهرة.
307
)(13الوجيز في أصول التشلريع السلللمي ،محمللد حسلن
هيتو ،مؤسسة الرسالة ،بيروت.
)(14التجديد في السلم ،كتللاب المنتللدى ،سلسلللة تصللدر
عن المنتدى السلمي ،لندن ،الطبعة الثالثة1419 ،هل
)(15أصول الفقلله السلللمي ،وهبللة الزحيلللي ،دار الفكللر،
دمشق ،الطبعة الولى1406 ،هل.
)(16أثللر الدلللة المختلللف فيهللا فللي الفقلله السلللمي،
مصلللطفى البغلللا ،دار القللللم ،دمشلللق ،الطبعلللة الثانيلللة،
1413هل.
)(17الدليل إلى المتون العلمية ،عبللد العزيللز بللن إبراهيللم
بن قاسم ،دار الصميعي ،الرياض.
)(18بحللث الفقلله السلللمي ،آفللاقه وتطللوره ،د .عبللاس
حسني محمد ،مجلة دعوة الحللق ،السللنة الثانيللة ،محللرم،
1402هل .العدد العاشر.
)(19الصللحاح تللاج اللغللة وصللحاح العربيللة ،إسللماعيل بللن
حماد الجوهري ،تحقيق أحمد عبد الغفور عطار ،دار العللم
للمليين ،بيروت ،الطبعة الثالثة.
)(20القاموس المحيط ،لمجللد الللدين الفيللروز آبللادي ،دار
الحديث ،القاهرة.
)(21معجللم لغللة الفقهللاء ،محمللد رواس قلعجللي ،حامللد
قنيبي ،دار النفائس بيروت.
)(22ديوان المتنبي ،دار بيروت للطباعة والنشر.
)(23مصطفى صادق الرافعللي ،فللارس القلللم تحللت رايللة
القرآن ،محمد رجب البيومي ،دار القلم ،دمشللق ،الطبعللة
الولى1417 ،هل.
) (1سورة هود ،آية .91
) (2سورة طه ،آية .98
) (3انظللر :الصللحاح للجللوهري ،مللادة )جللدد( ،2/454
والقاموس المحيط ،مادة )جدد( 1/281
) (4انظر :التجديد في السلم ص ،39 :كتاب المنتللدى،
والفقه السلمي ،آفللاقه وتطللوره ،عبللاس حسللني ،مجلللة
دعوة الحق ،عدد ) (10ص . 83 :
308
)(5منهم :الزين العراقللي والسللخاوي والمنللاوي واللبللاني
)انظر :الجامع الصغير مع فيللض القللدير للمنللاوي ،2/282
والمقاصد الحسنة ص ،121 :صحيح الجامع .1/382
)(6انظر :التنبئة ص ) 2مخطللوط( نقل ً عللن التجديللد فللي
السلم ص ،16 :الفقه السللمي بيلن الصلالة والتجديلد
للقرضاوي ص .20-6
)(7الفقللله السللللمي بيلللن الصلللالة والتجديلللد ،يوسلللف
القرضاوي ص .20 – 6
)(8مصللطفى صللادق الرافعللي ،فللارس القلللم تحللت رايللة
القرآن ،محمد رجب البيومي ،ص .293 :
)(9الحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده ،10/385وضعفه
ابللن حجللر فللي التلخيللص ،3/93واللبللاني فللي السلسلللة
الضعيفة 1/296
) (10الجتهلللاد المعاصلللر بيلللن النضلللباط والنفلللراط،
للقرضاوي ،ص .30 :
) (11ديوان المتنبي ،ص .541
)(12انظللر :مثل :معجللم لغللة الفقهللاء ،لمحمللد رواس
قلعجي ،وحامد قنبي :دار النفائس .وفيلله بيللان المقللدرات
السابقة بمقدرات معاصرة.
) (13نحو فقه ميسر ،للقرضاوي ص ،22 – 16دار وهبة
.
)(14انظر :الدليل إلى المتللون العلميللة ،عبللد العزيللز بللن
إبراهيم بن قاسم ،ص ،386دار الصميعي -الرياض.
) (15انظر :الفكر السامي فللي تاريللخ الفقلله السلللمي،
للحجوي 2/183دار التراث – القاهرة.
)(16انظر :الوجيز في أصول التشريع السلللمي ،محمللد
حسن هيتو )ص .(531 – 526 :
) (17أصول الفقه السلمي ،وهبة الزحيلي .2/752
) (18انظلللر :العتصلللام ،للشلللاطبي ،2/114المكتبلللة
التجارية الكبرى – مصر.
) (19أصول الفقه السلمي ،وهبة الزحيلي 2/753
) (20الجتهلللاد المعاصلللر بيلللن النضلللباط والنفلللراط،
للقرضاوي ص ،74 ،73دار التوزيع والنشر القاهرة.
309
)(21أثللر الدلللة المختلللف فيهللا فللي الفقلله السلللمي،
مصطفى البغا ،ص .36 :
)(22الجتهاد المعاصر ،ص 46وما بعدها.
)(23جمللع الجوامللع ،لبللن السللبكي ،2/386الللوجيز فللي
أصول التشريع ص .533
==============
#المصارف السلمية بين النظرية والتطبيق
د .عبد الرزاق رحيم جدي الهيتي 15/3/1423
27/05/2002
اسم الكتاب:المصارف السلمية بين النظرية والتطبيق
المؤلف :د .عبد الرزاق رحيم جدي الهيتي
الناشر :دار أسامة/الردن
عدد الصفحات795:
يشتمل البحث على مقدمة وأربعة أبواب وخاتمة.
فللي المقدمللة بيللن المؤلللف أهميللة الموضللوع ،وأسللباب
اختياره ،وذكر المصادر الساسللية الللتي اعتمللد عليهللا فللي
هذه الدراسة ،ومنهجية البحث فيها.
وفي الباب الول تحدث عن المصللارف الربويللة مللن خلل
فصلين :في الول تطرق إلى تعريف المصارف ثللم نشللأة
العمل المصرفي ومراحل تطللوره بللدأ ً بالعمللل المصللرفي
في القرون الوسطى مرورا ً بالحضارة السلمية ثم العمل
المصرفي في ظل الحضارات الحديثة .
ثم تحللدث عللن وظللائف المصللارف مللن أعمللال الصلليرفة
العتيادية ،واستثمار الودائع ،وإيجاد النقود وابتكارها .
وفي آخر هذا الفصل تحللدث عللن أنللواع المصللارف فللذكر
المصارف المركزية ،والتجارية ،والمتخصصة.
وأما الفصل الثاني فكان حول الربا :تعريفه ،ثللم نللوعيه:
ربا الفضل وربا النسيئة ،بعد ذلك عرض للفرق بين الربللا
والربح ،ثم ذكر أدلة تحريم الربا من الكتاب ثم من السللنة
ثم الجماع ،كما أشار إلى علة تحريمه.
وفي آخر هذا الفصلل علرض لنطلاق تحريلم الربلا وبعلض
الشبه التي أثيرت حوله.
310
وأما البلاب الثلاني فجعلله فلي ثلثلة فصلول ،تطلرق فلي
الول منها إلى المصارف السلمية فبدأ بتعريفها ثم كيفية
نشأتها ،والعوامللل الللتي سللاعدت علللى إنشللاء المصللارف
السلمية .بعد ذلك تحدث المؤلف عن خصائص المصارف
السلمية .
وفي الفصل الثاني تحدث عن أسس المصارف السلللمية
ودورها في تصحيح المسار القتصادي.
بينما في الفصل الثالث والخيللر تطللرق المؤلللف لمصللادر
الموال في المصارف السلمية.
وفي الباب الثالث تحدث عن وظيفة المصارف السلللمية
خلل فصلين :
في الول تكلللم عللن العمللال والخللدمات المصللرفية مللن
قبلللول للحسلللابات )اللللودائع( المصلللرفية كالحسلللابات
الجاريللة)ودائع تحللت الطلللب( ،والسللتثمارية المشللتركة
والمخصصة ،وشهادات الستثمار.ثم التحويلت المصرفية
،وتحصيل الوراق التجارية وخصمها ،ثلم الكتتلاب وحفلظ
الوراق المالية ،ثم بيللع وشللراء السللهم والسللندات ،وبيللع
وشراء العملت الجنبية ،وتأجير الصناديق الجديدة.
وفللي الجللزء الثللاني لهللذا الفصللل تحللدث عللن مجموعللة
الخدمات الجتماعية للمصارف السلمية كالقرض الحسن
،وإدارة الممتلكات والزكللاة والوصللايا والتركللات والكفالللة
المصرفية ) خطاب الضمان( ،والعتمادات المستندية .
وفي كل خدمة تحدث عن التكييف الشللرعي الفقهللي لهللا
بأسلوب العرض والمناقشة ثم الترجيح.
وفي الباب الثللاني تحللدث عللن السللتثمار فللي المصللارف
السلمية ،بدأه بأسس استثمار رأس المال فللي السلللم
وأهداف الستثمار في المصارف السلمية.
ثم تحدث عن أشكال الستثمار في المصارف السلللمية :
كالمضاربة ،والمشاركة فللي رأس المللال ،وبيللع المرابحللة
بنوعيه البسيط والمركب ،والللبيوع المؤجلللة )بيللع السلللم
والتقسيط( ،وبيع الستصناع ،وسندات المقارضة.
وفي البللاب الرابللع تحللدث عللن المصللارف السلللمية فللي
مرحلة التطبيق من خلل فصلين في الول تطللرق لنللواع
311
المصارف السلمية :الحكومية ،والدولية ،والخاصللة ،ثللم
دراسة ميدانية لثلثلة مصلارف إسللمية :البنلك السللمي
الردنللي ،بنللك قطللر السلللمي ،والمصللرف العراقللي
السلمي ،وذلللك مللن خلل نشللأته ،وأهللدافه ،ومصللادره
الماليللة ،والعمللال والخللدمات الللتي يقللوم بهللا ،ثللم
ملحظات عامة حول هذا المصرف.
وأما الفصللل الثللاني فتحللدث فيلله عللن المآخللذ علللى هللذه
المصللارف ثللم بعللض المشللاكل والصللعوبات )الداخليللة
والخارجية(التي تعاني منها المصارف السلمية.
ثم تحدث في آخر هذا الفصل عن عوامل نجاح المصللارف
السلمية وبعض الشبه التي أثيرت حولها ومناقشتها .
وفي نهاية البحث ذكر المؤلف خاتمة أشار فيهللا إلللى أهللم
النتائج التي توصل إليهللا ،مللع بعللض التوصلليات الللتي رأى
أنها تساعد على إنجاح هذه التجربة.
============
#منهجية التيسير في الفتوى
لجنة البحث العلمي في الموقع 12/7/1423
19/09/2002
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلة والسلم علللى رسللول الللله وعلللى آللله
وصحبه أجمعين .أما بعد :
فقد كثر الكلم حول مسألة التيسير في الفتللوى ،والنللاس
مغّرب ،وعز الوسللط ,ولللذا رأت لجنللة شرق ،و ُم ّ
فيها بين ُ
البحللث العلمللي فللي موقللع )السلللم اليللوم( الدلء بهللذا
البحللث رجللاء أن يكللون مللدخل ً لبللاب الحللوار ،والتأصلليل
العلملللي لهلللذه المسلللألة لجعلهلللا منضلللبطة بضلللوابطها
الشرعية.
نسأل الله أن يهدينا لما اختلف فيلله مللن الحللق بللإذنه إنلله
يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
ألفاظ عنوان البحث:
المنهج في اللغة هو الطريق الواضح)،(1وفي الصللطلح :
الخطة المرسومة ،أي الطريق التي يسللير عليهللا السللالك
312
في أي مجال.ونريللد بالمنهللج هنللا الطريللق الصللحيح الللذي
يجب أن يسلكه المفتي في عملية التيسير.
والتيسير من اليسر،وهو اللين والنقياد والسهولة وهو ضد
العسر) ،(2وفي الصطلح :التسهيل على المكلف ،ورفللع
الحرج عنه بما هو سائغ شرعا ً .
والفتوى في اللغة تبيين الحكللم ،يقللال :أفللتى الفقيلله فللي
المسألة إذا بين حكمهللا )،(3وفللي الصللطلح:الخبللار عللن
الحكم الشرعي عن دليل شرعي على غير وجه اللللزام).
(4شروط الفتاء :
-1العلم الشرعي :
فيجب أن يكون المفتي قد بلغ المنزلة العلمية التي تؤهله
للفتاء حسب الشروط التي ذكرها الصوليون في كتبهم ،
فل يجوز إفتاء من ل يعرف حكم الله في المسللألة لقللوله
تعالى ) :ول تقف ما ليس لك به علللم إن السللمع والبصللر
والفللؤاد كللل أولئك كللان عنلله مسللؤول()السللراء ( 36ل ،
وقوله تعالى ):قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهللر منهللا
وما بطن والثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم
ينللزل بلله سلللطانا وأن تقولللوا علللى الللله مللا ل تعلمللون(
)العللراف ، (33وقللوله تعللالى):ول تقولللوا لمللا تصللف
ألسنتكم الكذب هذا حلل وهللذا حللرام لتفللتروا علللى الللله
الكذب()النحل . (116
-2معرفة الواقع :
قال ابن القيم – رحمه الله –":ول يتمكن المفتي ،والحاكم
من الفتوى ،والحكم بالحق إل بنوعين من الفهم :أحللدهما
:فهم الواقع ،والفقه فيه ،واستنباط علم حقيقللة مللا وقللع
بالقرائن ،والمارات ،والعلمات ،فالعللالم يتوصللل بمعرفللة
الواقع ،والتفقه فيه إلللى معرفللة حكللم الللله ورسللوله فللي
المسألة")(5
-3معرفة مقاصد الشريعة :
وهو من ضوابط الفتاء ،وذلك أنه شرط أولي للجتهاد لن
الشللرائع إنمللا جللاءت برعايللة مصللالح البشللر الماديللة
والمعنوية ،قال الشاطبي رحمه الله " :إنما تحصللل درجللة
الجتهللاد لمللن اتصللف بوصللفين أحللدهما :فهللم مقاصللد
313
الشريعة على كمالها ") .(6وقال شيخ السلم ابن تيمية –
رحملله الللله": -خاصللة الفقلله فللي الللدين معرفللة حكمللة
الشريعة ،ومقاصدها ومحاسنها "). (7
-4طلب الحق :
أي أن على المفتي عند النظر في النازلة أن يفتي بحسب
ما أوصله إليه اجتهاده أنه الحق ،ول يجوز له أن يفتي بمللا
شاء من القوال ،والوجوه من غير نظر في الترجيح ،بللل
يكتفللي كللون ذلللك قللول ً قللاله إمللام ،أو وجه لا ً ذهللب إليلله
جماعة ،فيفتي بما شاء مللن الوجللوه ،والقللوال حيللث رأى
أن ذلك القول،وفق إرادته وغرضه عمل به,فيجعل إرادتلله
وغرضه المعيار،وبهما الترجيح ،وهذا حرام باتفاق المة بل
هو من أفسق الفسوق وأكبر الكبائر).(8
مفهوم التيسير :
إن التيسير الذي دعت إليه الشريعة ،ودلت عليه النصوص
هو السماحة ،والسهولة ،ورفع الحرج عللن المكلللف بمللا ل
يصادم نصا ً شرعيا ً ،مراعللاة للظللرف ،والزمللان ،والمكللان
،والوضع الجتماعي ،والسياسي الذي حصلت فيه الواقعللة
ما دام أن هناك مخرجا ً شرعيا ً يسنده دليل شرعي ,فعلى
المفتي مراعاة ذلك ،فليس الحكم للقوي مثل الضللعيف ،
ن كان في حال السللعة كمللن ول للمن مثل الخائف ،ول م ْ
كان في حال الضطرار أو الحاجة ،ومن تتبع الهدي النبوي
وجد ذلك جليا ً .
وهكللذا كللان هللدي الصللحابة الكللرام رضللي الللله عنهللم
ن أدركت مللن أصللحاب م َْ
أجمعين ،قال عمر بن إسحاق" ل َ
رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لمن سبقني منهللم،
فما رأيللت قوم لا ً أيسللر سلليرة ،ول أقللل تشللديدا ً منهللم ")
(9وقال رجاء بللن أبللي سلللمة :سللمعت عبللادة بللن نسللي
الكندي،وسئل عن المرأة مللاتت مللع قللوم ليللس لهللا ولللي
فقال ":أدركللت أقواملا ً مللا كللانوا يشللددون تشللديدكم ،ول
يسألون مسائلكم")(10قال سفيان بن عيينة عللن معمللر :
"إنما العلم أن تسللمع بالرخصللة مللن الثقللة,فأمللا التشللديد
فيحسنه كل واحد") (11وقال الشعبي " :إذا اختلف عليك
المران ،فإن أيسرهما أقرب إلى الحق").(12
314
وليس المراد بالتيسير تتبللع رخللص العلمللاء وزلتهللم ،فللإن
ذلك تلعب بدين الله ،ول يجوز للمفتي أن يفتي بخلف ما
يعتقد(13).ونقل الشللوكاني عللن الللبيهقي أنلله حكللى عللن
يإسماعيل القاضي قال :دخلت على المعتضللد ،فرفللع إل ل ّ
ت له فيه الرخص من زلل العلماء ،وما احتج جمع ْ كتابا ً قد ُ
به كل منهم ،فقلت" :مصنف هذا زنديق ،وما من عالم إل
وله زلة .ومن جمع زلل العلماء ،ثم أخذ بها ذهللب دينلله")
(14
أدلة التيسير :
أول ً :من القران :
-قال الله تعللالى ) :يريللد الللله بكللم اليسللر ول يريللد بكللم
العسر( )البقرة (185
قال الشللوكاني " :فللي اليللة أن هللذا )اليسللر(مقصللد مللن
مقاصد الرب سبحانه ،ومراد من مراداته في جميللع أمللور
الدين").(15وقال ابن سعدي رحمه الللله ":أي يريللد الللله
تعللالى أن ييسللر عليكللم الطللرق الموصلللة إلللى رضللوانه
أعظم تيسير ،ويسهلها أبلغ تسهيل ،ولهذا كللان جميللع مللا
أمللر الللله بلله عبللاده فللي غايللة السللهولة فللي أصللله ،وإذا
حصلللت بعللض العللوارض الموجبللة لثقللله ،سللهله تسللهيل ً
آخر ،إما بإسقاطه أو تخفيفه بأنواع التخفيفات" ). (16
-قال تعالى) :ما جعل عليكم في الدين من حرج ( )الحللج
(78
قال ابن عباس رضي الللله عنلله:أي مللن ضلليق ,والتعريللف
بأل في )الدين( للستغراق).(17
قللال السلليوطي " :اليللة أصللل قاعللدة " المشللقة تجلللب
التيسير").(18
ثانيا ً :من السنة
-قالت عائشة رضي الله عنها ":ما خّير رسول الله صلللى
الله عليه وسلم بين أمرين إل اختار أيسرهما مللا لللم يكللن
إثما ً ،فإن كان إثما ً كان أبعد الناس منه")(19
-وفي الصحيحين عللن أبللي موسللى الشللعري أن رسللول
الله صلى الله عليه وسلم قال لمعللاذ وأبللي موسللى حيللن
315
سللرا ،وبشللرا ،ول تنفللرا سللرا ،ول تع ّ
بعثهما إلى اليمن ":ي ّ
،وتطاوعا ،ول تختلفا "
وفيهما عن أنس نحوه (20).إلى غير ذلللك مللن النصللوص
الدالة على المراد .
وقد استنبط العلماء رحمهم الله من هذه النصوص قواعللد
شرعية عامة تدل على التيسير ،ومنها :
-1المشقة تجلب التيسير.
-2إذا ضاق المر اتسع .
-3الحاجة تنزل منزلة الضرورة ).(21
مجال التيسير في الفتوى :
سبق أن التيسير من قواعللد هللذا الللدين ،ومحاسللنه الللتي
حث الشارع على تحصيلها,ولكللن لبللد مللن إدراك أن فللي
الشريعة ما هللو ثللابت ،ومللا هللو متغيللر ,فأمللا الثللابت مللن
الدين ،فقد أطلقه العلماء على المور القطعيللة ،ومواضللع
ة فلي كتللابه أو عللى الجماع التي أقام الله بها الحجلة بّينل ً
لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ،ول مجال فيها لتطوير أو
اجتهاد ). (22
قال الشافعي رحمه الله ":كل ما أقام به الله الحجللة فللي
كتابه أو على لسان نبيه منصوصا ً بينلا ً ،للم يحلل الختلف
فيه لمن علمه").(23
ومجللال الثللوابت هللو كليللات الشللريعة ،وأغلللب مسللائل
العتقاد ،وأصول الفللرائض ،وأصللول المحرمللات ،وأصللول
الفضللائل والخلق ،ول يجللوز أن يوضللع شلليء مللن هللذه
المور القطعية موضع الجدل والنقاش ،كأن يقال بتعطيل
الزكللاة اكتفللاء بالضللرائب ،أو فريضللة الصللوم تشللجيعا ً
للنتاج ,أو الحج توفيرا ً للعملة ,أو إباحة الخمر ترغيبللا ً فللي
السياحة ,أو إباحة الربا دعما ً للتنمية ,أو غير ذلك ،والقللول
به خروج عن السلم ومروق مللن الللدين ،والمسللاس بهللا
فساد عريض لن شأنها شأن القوانين الكونية التي تمسك
السللموات والرض أن تللزول).(24فل يللدخل التيسللير فللي
الثوابت إل لعارض الضرورة إذا كان من المحللرم لللذاته أو
عارض الحاجة إن كان من المحرم لغيللره ،فمثللال الول :
جواز شرب الخمر للكللراه ،ومثللال الثللاني :جللواز كشللف
316
المرأة المريضة أمام الطبيب عند عدم وجود طبيبة ،وهذه
الحكلللام تكلللون لعلللارض الضلللرورة أو الحاجلللة ،وتلللزول
بزوالها .
وأما المتغير فهو ما كان من موارد الجتهاد ،وكللل مللا لللم
يقم عليه دليل قاطع مللن نللص صللحيح أو إجمللاع صللريح )
. (25
يقول الشافعي":وما كان من ذلك يحتمل التأويللل ويللدرك
قياسا ً ،فذهب المتأول أو القايس إلى معنى يحتمله الخللبر
أو القياس ،وإن خالفه غيره لم أقل أنه يضيق عليه ضلليق
الخلف في المنصوص ")(26
ومجال المتغير المللور الجتهاديللة ،والحكللام الللتي ارتبللط
مناط الحكم فيها بالزمللان ،والمكللان ،والحللوال ،والعللوائد
كم المرعية )،(27وكللذا ح َ
بما يحقق المصلحة الشرعية وال ِ
حال المستفتي قوة وضعفا ً ،والقرائن المصاحبة للواقعة ،
حك َللم
وكذا إن تردد الحكم عند المفتي بين اليسر والشللد َ
باليسر لن أصول الدين تقتضيه ،وهذا ما لم يخالف نصا ً .
قال ابن القيم – رحمه الللله – " :الحكللام نوعللان :نللوع ل
يتغيللر عللن حالللة واحللدة هللو عليهللا ،ل بحسللب الزمنللة
والمكنة ،ول اجتهاد الئمللة كوجللوب الواجبللات ،وتحريللم
المحرمات ،والحدود المقدرة على الجللرائم ،ونحللو ذلللك ،
فهذا ل يتطرق إليه تغيير ،ول اجتهاد يخالف ما وضع عليه .
والنللوع الثللاني :مللا يتغيللر بحسللب اقتضللاء المصلللحة للله
زمانللا ً ،ومكانللا ً ،وحللال ً ،كمقللادير التعزيللرات ،وأجناسللها
،وصفاتها ،فللإن الشللارع ينللوع فيهللا بحسللب المصلللحة ")
.(28
تنبيه :
ذهب طائفة من أهلل العلللم إللى أنلله ل يوجلد متغيللر فللي
الشريعة ,و شنوا حملة ضد مصطلح المتغير ،وقالوا إنه ل
تغير في أحكام الشريعة ،وإن بدا أنلله تبللدل أو تغيللر ،فهللو
في الحقيقة ليس تغيرا ً لحكم شرعي ،وإنما هو تغير مناط
الحكام المتعلقة بأمر من المور ،وأن الحكم يتغيللر بتغيللر
مناطه ).(29وعند تحرير محل النللزاع بيللن الفريقيللن نجللد
أن الخلف لفظي ،وذلك أن القائلين بللالتغير إنمللا يقولللون
317
بتغير الحكام المعللة إذا اختلفت العلة أو زالللت ،وكللذلك
الحكام المترتبللة علللى العللوائد ،والعللراف ،واعتبللار حللال
الزمللان والمكللان ،أمللا الحكللام الثابتللة ،فل تغيللر فيهللا
،وجعلللوا عللدم مخالفللة النللص ضللابطا ً لبللد مللن اعتبللاره
بالدرجة الولى .
والقائلون بعدم التغيير أقروا التغيير عملي لا ً ،ولكللن سللموه
تغيير مناط الحكم ،وأن التغييللر حصللل لختلف المنللاط ل
للحكم نفسه وحاصل النتيجة واحد .
تغير الفتوى
لقللد تقللرر عنللد الئمللة أن الفتللوى تتغيللر بتغيللر الزمللان ,
والمكان والعوائد والحوال .
قال ابن القيللم – رحملله الللله ":فصللل فللي تغيللر الفتللوى
،واختلفهللا بحسللب تغيللر الزمنللة ،والمكنللة ،والحللوال
،والنيات والعوائد- ..ثم قال -:وهذا فصل عظيم النفع جدا ً
،وقد وقع بسللبب الجهللل بلله غلللط عظيللم علللى الشللريعة
أوجب من الحرج ،والمشقة ،وتكليف ما ل سللبيل إليلله مللا
يعلللم أن الشللريعة البللاهرة الللتي هللي فللي أعلللى رتللب
المصالح ل تأتي به ،فإن الشريعة مبناهللا ،وأساسللها علللى
الحكم ،ومصالح العباد في المعاش والمعاد" ).(30
ويقول القرافي –رحمه الللله " : -إن إجللراء الحكللام الللتي
مدركها العوائد مع تغير تلك العوائد خلف الجماع ،وجهالة
في الدين بل كل ما هو فللي الشللريعة يتبللع العللوائد يتغيللر
الحكللم فيلله عنللد تغيللر العللادة إلللى مللا تقتضلليه العللادة
المتجددة").(31
وجاء في مجلة الحكام العدلية المادة )" :(39ل ينكر تغير
الحكام بتبدل الزمان"
أسباب تغير الفتوى ،وأثرها على التيسير:
-1تغيير الزمان :
إن تغير الفتللوى بتغيللر الزملان ممللا شلهدت لله النصلوص
الشللرعية ،فالتللدرج فللي الشللريعة فيلله دللللة علللى تغيللر
الفتوى بتغير الزمان ،والزمان ليس هو سبب تغير الفتللوى
بحد ذاته ،إنما بما فيه مللن ملبسللات اقتضللت ذلللك ومللن
الدلة على ذلك :
318
-البراد بالصلة زمن شدة الحر ،فعللن أبللي هريللرة وابللن
عمر قللال قللال صلللى الللله عليلله وسلللم " إذا اشللتد الحللر
فللأبردوا بالصلللة فللإن شللدة الحللر مللن فيللح جهنللم ")
،(32فانتقل عن الصل الذي هو استحباب التبكير بالصلللة
في أول وقتها إلى استحبابه في آخره لتغير الزمن .
-الصلللة فللي الللبيوت فللي الليلللة البللاردة مللع أن الصللل
وجوب الصلة في المساجد جماعة ،ففي الصحيحين عللن
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالصلة
في الرحال في الليلة الباردة ) -. (33ومن ذلك أن رسول
الللله صلللى الللله عليلله وسلللم نهللى أن تقطللع اليللدي فللي
الغزاة).(34
-ومن ذلك النهي عن الدخار في الضاحي أكثر مللن ثلث
في زملن الفاقلة ،فعلن عائشلة رضلي اللله عنهلا قلالت :
"دف-أي أقبلللل -النلللاس ملللن أهلللل الباديلللة فحضلللرت
الضللحى ،فقللال رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم ":
إدخروا لثلث ،وتصدقوا بما بقي " قالت عائشة ،فلما كان
بعد ذلك قلللت :يللا رسللول الللله قللد كللان النللاس ينتفعللون
بضحاياهم ،فقال صلى الله عليه وسلم"إنما كنللت نهيتكللم
للدافة التي دفت ،فكلوا ،وتصدقوا ،وتللزودوا" وفللي روايلة
"فعلت ذلك من أجل الدافة ").(35
ولهللذا عنللدما خطللب علللي رضللي الللله عنلله النللاس زمللن
عثمان ،والناس في فاقة ،وجوع ذكرهم بنهي النبي صلللى
الله عليه وسلم عن الدخار).(36
أمثلة تطبيقية :
-تحريم بيع السلح في زمللن الفتنللة مللع أن الصللل جللواز
بيعه).(37
-جواز تولية الفاسق للقضاء عند فساد الزمان).(38
-2تغير المكان:
إن تغير الفتللوى بتغيللر المكللان مللن أسللباب التيسللير فللي
الفتوى ،ويدل لذلك ما رواه البخاري معلقا ً "قال طللاووس
قال معاذ رضي الله عنه لهل اليمن :ائتوني بعرض ثيللاب
خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير ،والللذرة أهللون
319
عليكللم ،وخيللر لصللحاب النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم
بالمدينة").(39
ومما يدل عليه إخراج زكاة الفطر من قوت البلد لنه أنفع
لفقراء البلد وأيسر على المتصدقين.
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :فللرض رسللول الللله
صلى الله عليلله وسلللم صللدقة الفطللر صللاعا ً مللن تمللر أو
صاعا ً من شعير). (40
قال ابن القيم رحمه الله – ":وهلذه كلانت غللالب أقلواتهم
في المدينة ،فأما أهل بلد أو محلة قوتهم غير ذلللك ،فإنمللا
عليهم صاع من قوتهم كمن قوتهم الذرة أو الرز أو الللتين
أو غير ذلك ملن الحبلوب ،فلإن كلان قلوتهم غيلر الحبلوب
كاللبن ،واللحم ،والسمك أخرجوا فطرتهم من قوتهم كائنا ً
ما كان").(41
أمثلة تطبيقية:
-ذهب جماعللة مللن أهللل العلللم إلللى كراهيللة الللزواج مللن
الكتابية في دار الحرب).(42
-إن الضيافة إنما تتأكد على أهلل الباديلة ،ول ضلليافة فلي
الحضر لوجود الفنادق ،وغيرهللا ،ولن القللرى يقللل الوافللد
إليها ،فل مشقة بخلف الحضر).(43
-صلللة أهللل القطللبين ،وصلليامهم ،وكللذا المنللاطق الللتي
يطول فيها وجود الشمس أو غيابها فوق العادة.
-3تغير الشخاص:
ى ً
من المعلوم أن المكلفين ل يستوون قوة وضللعفا ،وغنلل ً
وفقرا ً ،ولذا فإن الشارع الحكيم راعى هذا الجانب ،ولكنلله
لم يخص أحدا ً لشخصه ،وإنما لوصفه .
ويدل لذلك حديث عمران بن حصين رضي الللله عنلله قللال
كانت بي بواسير ،فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن
الصلة ،فقال " :صل قائما ً ،فإن لم تستطع ،فقاعدا ً ،فللإن
لم تستطع ،فعلى جنب").(44
ومما يدل على ذلك مللا جللاء فللي الصللحيحين عللن عائشللة
رضي الله عنها قالت :اسللتأذنت سللودة النللبي صلللى الللله
عليه وسلم ليلة جمع ،وكانت ثقيلة ثبطة ،فأذن لها).(45
320
وما سبق دليل على أن مراعاة حال الشللخص مللن أبللواب
تغير الفتللوى تيسلليرا ً أو تشللديدا ً يقللول الشلليخ محمللد بللن
عثيمين رحمه الله " إذا كانت حال المستفتي أو المحكللوم
عليه تقتضي أن تعامل معاملة خاصة عمللل بمقتضللاها مللا
لم يخالف النص").(46
أمثلة تطبيقية :
-عدم التوقيت في المسح على الخفين للبريد).(47
-تأجيل إقامة الحد على المريض حتى يبرأ ).(48
-4تغير العرف والعادة:
والعللرف هللو عللادة جمهللور قللوم فللي قللول أو فعللل)
،(49والعادة هي العرف ،والعرف من مجالت التيسير في
الفتوى شريطة أل يصادم نصا ً شللرعيا ً ،ولللو تعللارف عليلله
أهل الرض جميعا ً كالربا.
والللدليل علللى تغيللر الفتللوى بتغيللر العللرف قللوله تعللالى :
) وعاشللروهن بللالمعروف(،وقللوله تعللالى)ومتعللوهن علللى
الموسع قدره وعلى المقتر قللدره متاع لا ً بللالمعروف حق لا ً
على المحسنين( )سورة البقر .(236
ومن ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها قالت :قالت هند
أم معاويللة لرسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم إن أبللا
سفيان رجل شحيح فهل علي جناح أن آخذ من ماله سللرا ً
قال":خذي أنت وبنللوك مللا يكفيللك بللالمعروف").(50قللال
الحللافظ" :وفيلله _ أي فللي الحللديث_ اعتمللاد العللرف فللي
المور التي ل تحديد فيها من قبل الشرع ،وقال القرطبي:
فيه اعتبار العرف في الشرعيات "
قال ابن القيم" :وعلى هذا أبدا ً تجيء الفتللاوى فللي طللول
اليام ،فمهمللا تجللد فللي العللرف ،فللاعتبره ،ومهمللا سللقط
،فألفه ،ول تجهد على النقول في الكتب طول عمللرك بللل
إذا جللاءك رجللل يسللتفتيك ،فل تجبلله علللى عللرف بلللدك ،
وسله عن عرف بلده فأجبه عليه").(51
أمثلة تطبيقية :
-إذا تنازع الزوجان فللي متللاع الللبيت،فللإن لكللل منهمللا مللا
جرت عليه العادة باستعماله)(52
321
-سقوط نفقة الزوجة إذا أكلت مللع زوجهللا بجريللان عللرف
الناس على ذلك ،واكتفائهم به)(53
-تقدير اللقطة التي ل يجب تعريفها .
ولتغير الفتوى بتغير العرف مجال للتيسير مثل أن كللل مللا
تعارف الناس على أنلله بيللع،فهللو بيللع ،ول يلللزم مللا قللرره
الفقهاء المتقدمون من صيغ اليجاب والقبول ،وكذا سللائر
العقود ،وإنما قرروا ذلك على أعرافهم)(54
-5التطور :
المللراد مللا جللد للنللاس مللن وسللائل وآلت لللم تكللن فللي
العصللور السللابقة ،وبنللاء علللى هللذا الجديللد ،فللإن الفتللوى
تغيللرت علللى وفقلله ،ولللم يجمللد الحكللم الشللرعي علللى
الوسائل اللتي للم تلرد للذاتها ،وللم ينلط الحكلم بهلا دون
غيرها .
مثال ذلك :القصاص في قتل الجاني ،فقد اختلف الفقهاء
فلللي كيفيلللة القصلللاص عللللى ملللذهبين :الول :ماللللك
،والشافعي ،ورواية عن أحمد أن القصلاص يكلون بالصلفة
التي وقع بها القتل،والثاني :أبو حنيفة ،وروايللة عللن أحمللد
أنه ل يكون إل بالسيف ،ولكل مذهب دليللله )،(55وليللس
المقصود تحرير المسألة ،وإنما التمثيل لتغير الفتوى نتيجة
للتطللور ،فعلللى القللول الثللاني ،فللإن القصللاص بالوسللائل
الحديثة التي يكون فيها تسريعا ً في إحللداث الوفللاة ،فإنهللا
تستخدم عمل ً بالمر بإحسان القتلة .
-6المصلحة:
إن المتتبع لمذاهب الفقهاء يجد أنهم يتفقللون عملي لا ً علللى
اعتماد المصلحة ،وإن اختلفوا نظريا ً ).(56
والمراد بالمصلحة " :المنفعة التي قصدها الشارع الحكيم
لعباده من حفللظ دينهللم ،ونفوسللهم ،وعقللولهم ،ونسلللهم،
وأموالهم طبق ترتيب معين فيما بينها ).(57
،والمصلحة باعتبار الحكم الشرعي على ثلثة أقسام:
أ-المصالح المعتللبرة شللرعا ً :وهللي الللتي تظللافرت الدلللة
على رعايتها ،فهي حجة صحيحة ل خلف بيللن أهللل العلللم
في إعمالها ,وذلك كأن ينص الشللارع علللى حكللم ،ويجعللل
مناط الحكم تحقيق مصلحة ما,أو دفع مفسدة ما .
322
فإنه إذا وقعت حادثة أخرى تتحقق فيها هللذه المصلللحة أو
تنللدفع بهللا هللذه المفسللدة وجللب إعطاؤهللا نفللس الحكللم
للمنصوص).(58
مثاله :أن تعلم الرمي فيه مصلحة إرهاب أعللداء اللله كمللا
نصت عليه آية النفال،و التصنيع العسكري يأخذ حكمه لن
فيه المصلحة نفسها .
ب -المصللالح الملغللاة شللرعا ً :وهللي المصللالح الللتي شللهد
الشارع بردها وأقام الدلة علللى إلغائهللا ،وهللذا النللوع مللن
المصللالح ل سللبيل لقبللوله ،ول خلف فللي إهمللاله عنللد
الجميع).(59
مثال ذلك :توهم مصلحة التخفيف عن النفس مللن مللرض
أو ألم شديد بالنتحار لن هللذه المصلللحة رفضللها الشللارع
وردها بقوله تعالى ) ول تقتلوا أنفسكم ) ( ...النساء (11
ج-المصالح المرسلة :وهي التي لم يقم دليل مللن الشللرع
علللى اعتبارهللا ،ول علللى إلغائهللا وسللميت مرسلللة لن
الشارع أرسلها فلم يقيدها باعتبار ول إلغاء ).(60
ودليل اعتبار المصلحة المرسلة عمل الصحابة رضي الللله
عنهم حيث حدث في زمانهم ما لم يكللن فللي زمللن النللبي
صلللى الللله عليلله وسلللم وجللدت أمللور ،فضللربوا النقللود،
وشادوا السللجون ،واتخللذوا الللدواوين ،وجمعللوا المصللحف
إلى غير ذلك مما يطول حصره ،وقد أجمع الصللحابة علللى
قبولها بما ل يدع ريبا ً ول شكًا).(61
شروط العمل بالمصلحة المرسلة:
-1الملئمللة بيللن المصلللحة الملحوظللة ،ومقاصللد الشللرع
بالجملة بحيث ل تنافي أصل ً من أصوله ول دليل ً من أدلته.
-2أن تكون معقولة في ذاتها بحيث إذا عرضت على أهللل
العقول تلقتها بللالقبول ،فل مللدخل لهللا فللي التعبللدات لن
عامة التعبدات ل يعقل معناها على التفصيل .
-3أن يكون الخذ بها راجعا ً إلى حفظ أمر ضروري أو رفع
حرج لزم في الدين بحيللث لللو لللم يؤخللذ بتلللك المصلللحة
المعقولة في موضعها لكان الناس في حرج شديد.
-4عدم تفويتها مصلحة أهم.
-5عدم معارضتها للقياس الصحيح).(62
323
أمثلة تطبيقية :
-امتناع عمر عن إعطاء الكبراء من الزكاة تأليفا ً لقلللوبهم
عندما قللويت شللوكة السلللم ،لنلله يللرى أن الحكللم كللان
لمصلحة زالت فزال حكمها).(63
-السفر إلللى بلد الكفللر ،فللإن الفتللوى فيلله تتغيللر حسللب
المصلحة فإذا ظهر أن السللفر إليهللا فيلله مصلللحة مرجللوة
دون أن تجر على صاحبها مفسدة جللاز ،وهللذا مللن أبللواب
التيسير على المكلفين حفظا ً لمصالحهم الدينية والدنيوية.
قاعدة"ارتكاب أخف الضررين " وأثرهللا فللي التيسللير فللي
الفتوى:
إن المتتبلع لكلم أهلل العللم ،وفتلاويهم يلدرك إللى ملدى
كانت هذه القاعللدة معتللبرة عنللدهم ،وقللد دلللت النصللوص
على اعتبارها .
-فمن ذلك قوله تعالى ):ول تسبوا الذي يدعون مللن دون
الله فيسبوا الله عللدوا ً بغيللر علللم( )النعللام (108فأرشللد
سللبحانه وتعللالى إلللى تللرك سللب آلهللة المشللركين لللدرء
المفسللدة العظللم وهللي سللب المشللركين لللله سللبحانه
وتعالى بارتكاب مفسدة أقل وهي ترك سب آلهتم.
-ومن الدلة خرق الخضر السللفينة ،حيللث أن خرقلله لهللا
مفسدة ،وضرر ،ولكن لدفع ضرر أشللد ،وهللو أخللذ الملللك
السفينة برمتها .
-ومنها نهي النبي صلى الله عليلله وسلللم الصللحابة رضللي
الله عنهم عن النكار على العرابي الذي بال في المسجد
وقت تبوله حتى أتمه)(64
،وذلك أن النكار عليه سيؤدي إلى مفسللدة أعظللم ،وهللي
تلوث قدر أكبر من المسللجد ،وكللذا ثيللابه سللتتلوث ،فللأقر
منكرا ً لزمن معين لدفع منكر أعظم.
وهذه القاعدة من أعظم أبواب التيسير فللي الفتللوى ذلللك
أن مللن مقاصللد الشللريعة تحصلليل المصللالح ،وتكميلهللا
،وتعطيللل المفاسللد ،وتقليلهللا ،فللإذا تزاحمللت المصللالح
فللللالواجب تحصلللليل الكمللللل منهمللللا ،وإذا تعارضللللت
مفسدتان ،فالواجب درء الكبر منهما بارتكاب الصغر.
أمثلة تطبيقية:
324
-قبول إمامة الفاسق والمبتدع – ما لم تكن بدعته مكفرة
– إذا لم تمكن إزالتلله وذلللك لتحصلليل الجمللع والجماعللة )
.(65
-توليللة الفاسللق فللي القضللاء إذا لللم يوجللد غيللره لللدفع
مفسدة خلو البلد من القضاء الذي يحفظ النظام أو جزءا ً
منه.
-العمللل فللي المرافللق المهمللة ،وإن كللان فيهللا بعللض
المنكرات ،وذلك أن خلوها من الصللالحين مفسللدة أعظللم
من الوقوع في بعض المحظورات .
مآل الفتوى وأثرها في التيسير :
من المتقرر أن الفتوى الشرعية تحقق مصالح العباد ،ولذا
فإن على المفتي أن ل يفتي بما يترتب على فتواه مفاسد
أكبر ،ولو كان المر واجبا ً أو مسللتحبا ً .قللال شلليخ السلللم
ابن تيمية) :علللى المفللتي أن يمتنللع عللن الفتللوى إن كللان
قصللد المسللتفتي –كائنللا مللن كللان-نصللرة هللواه بللالفتوى،
وليللس قصللده معرفللة الحللق ،واتبللاعه()، (66ومللن ذلللك
امتناع النبي صلى الله عليه وسلم إعادة بناء الكعبللة علللى
قواعد إبراهيم لما في ذللك مللن فتنللة علللى القلوم اللذين
اسلموا حديثًا ،فقد قال صلى الله عليه وسلم):يللا عائشللة
لول أن قومك حديثو عهد بجاهلية فأخاف أن تنكر قلللوبهم
لهدمت الكعبة ،وبنيتها على قواعد إبراهيم().(67
والمفتي متى امتنع عن الفتوى الللتي تسللبب ضللررا ً ،فقللد
سلك سبيل التيسير على الناس .
التيسير في الفتوى بين الفراط والتفريط
جللرت العللادة الغالبللة فللي موقللف النللاس مللن القضللايا
المطروحة علللى العقللل البشللري أنهللم طرفللان ،ووسللط،
ومن تلك القضايا مسألة التيسير في الفتوى.
ففريللق سلللك بالنللاس مسلللك التشللديد ،فللألزمهم مللا ل
يطيقون أو ما يشق عليهم،وأعجزهم بحجة الخذ بللالحوط
لجهله بمسالك التيسير في الفتوى )،وهذا الدين يسر،ولن
يشاد الدين أحد إل غلبه()، (68ولربما كان سببا ً في تنفيللر
الناس عن ديلن اللله بسللبب تحريجهللم بشلليء جعلل لهلم
الشارع فيه فسحة،فكان مخالفا ً للهدي النبللوي)يسللروا ول
325
تعسروا وبشروا ول تنفللروا () (69وهللذا التشللديد يحسللنه
كل أحد ,وهو دليل على قلة علم صاحبه ،ولعل في قصللة
الذي أفتى قاتل التسللعة والتسللعين نفسلا ً أنلله ل توبللة للله
دليل على ما تقدم).(70
وفريق آخر فرط فجعل من التيسير مدخل ً للتلعللب بللدين
الله ،فصار يتتبللع رخللص العلمللاء ،وجعللل منهللا دينلا ً ،وهللذا
الذي قال فيلله العلمللاء مللن تتبللع رخصللة كللل عللالم ،فقللد
تزندق .وقد نقل ابن عبد البر الجماع على المنع من تتبللع
الرخص).(71
ومن المفرطيللن مللن سلللك مسلللك التلفيللق فللي الفتللوى
،وتأول النصوص الواضحة انهزاما ً ومسايرة للواقع الفاسد
الذي جاء الشرع لصلحه ل لموافقته .
بل إن الشيطان اسللتدرج أقواملا ً ،فجعلللوا التيسللير مطيللة
للتحلل من دين الله بحجة أن الشارع جاء لجلب المصللالح
للمكلفين ،وأن الحكم يدور معها ،وأن الفتوى تتغيللر بتغيللر
الزمان ،والمكان متجاهلين أن المصلللحة فيمللا شللرع الللله
،فجعلوا المصلحة ،والزمان ،والمكان حاكمة علللى الشللرع
ل الشرع حاكما ً عليها ،متعلقين برأي الطوفي الذي خالف
فيه إجماع المة ,وذلك لجهلهم أن المصلحة المعتبرة هللي
التي ل تخالف نصا ً وإنما تستند إلللى نللص كلللي ،وأن تغيللر
الفتوى بتغير الزمان والمكان إنما هو في الحكام التي لها
مناط متغير أما الثوابت فل .
وأمللا الطائفللة الثالثللة ،فسلللكت فللي هللذا المللر مسلللك
التيسير المنضبط مدركة أن الميل إلى الرخص في الفتيللا
بإطلق مضاد للمشي علللى التوسللط,كمللا أن الميللل إلللى
التشدد مضاد له أيضا ً ,والوسط هو معظللم الشللريعة ،وأم
الكتاب ومن تأمل موارد الحكللام بالسللتقراء التللام عللرف
ذلك).(72
والله أعلم ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد ،وعلى آله
وصحبه أجمعين .
) -(1لسان العرب .3/313
) - (2المصدر السابق 5/395
) - (3معجم مقاييس اللغة لبن فارس 6/155
326
)- (4مواهب الجليل 1/45
) - (5إعلم الموقعين 17 /1بتصرف
) - (6الموافقات 5/14
) - (7مجموع الفتاوى 354 /11
) - (8انظر إعلم الموقعين 4/211
) - (9أخرجه الدارمي في المسند )(128
) - (10المصدر السابق رقم )(129
) - (11أخرجه ابن عبد البر في التمهيد 8/147
) - (12نقل هذا عنه رحمه الله عدد مللن العلمللاء ،إل أنللي
لم أقف عليه مسندا ً .
) - (13الحكام في تمييز الفتوى عن الحكام ص
) - (14إرشاد الفحول .272
) - (15فتح القدير .1/183
) - (16تيسير الكريم الرحمن 1/223
) - (17تفسير ابن كثير ,3/223القاسمي .12/68
) - (18الكليل . 185
) (19البخاري ) ، (3560ومسلم ) ( 4294
) (20البخاري ) ، (69مسلم )(3264
) - (21انظللر :القمللار المضلليئة شللرح القواعللد الفقهيللة
.109ومجلة الحكام العدلية ،1/31وغيرها .
) - (22الثوابت والمتغيرات في مسيرة العمللل السلللمي
ص .37
) - (23الرسالة 560
) - (24انظر البعد الزماني والمكاني وأثرهما فلي الفتلوى
ص 161 – 160
) - (25الثوابت والمتغيرات ص 37
) - (26الرسالة ص 560
) - (27شرح القواعد الفقهية للزرقا )بتصرف (
) - (28إغاثة اللهفان 331-1/330
) - (29انظللللر ضللللوابط المصلللللحة ص ، 245والثبللللات
والشمول في الشريعة للسفياني ص . 533
) (30إعلم الموقعين .3/3
(31العلم في تمييز الفتاوى عن الحكام ص .111
327
) (32البخاري ) ، (534ومسلم )(973
) (33البخاري ) ،(666مسلم ).(1125
) (34أخرجلله أحمللد )،( 1969وأبللو داود كتللاب الحللدود )
،(2/441والترمذي ) .(1450والحديث وإن كان فيه
مقال فللإن إجمللاع الصللحابة علللى ذلللك يقللويه ،وقللد نقللل
إجماعهم ابن قدامة في المغني )(13/1068
) (35مسلم ) ، (3643والبخاري ) (5570نحوه مختصرا ً
) (36فتح الباري 10/28
(37إعلم الموقعين ، 1/42،3/158والمغني 4/155
) (38السياسة الشرعية .37
) (39البخللاري كتللاب الزكللاة بللاب العللرض فللي الزكللاة
312-3/311مع الفتح.
) (40البخاري ) ، (1503ومسلم ).(1635
) (41إعلم الموقعين .3:12
) (42انظر المغنللي ، 9/292والفقلله السلللمي للزحيلللي
، 7/145وحكم زواج المسلم من الكتابية .27
) (43انظللر الللذخيرة للقرافللي ،13/335شللرح الربعيللن
النووية للنووي .48
) (44أخرجه البخاري ) (1117وغيره
) (45البخاري) ،(1680مسلم )(2271
) (46كتاب العلم .227
) (47مجموع الفتاوى 217-21/215لبن تيمية .
) (48الموسوعة الفقهية 17/146
) (49المدخل الفقهي العام )(2/860
) - (50البخاري ) ، (2211مسلم ). (3233
) (51إعلم الموقعين ..3/78
) (52الفتاوى .82-34/81
(3الفتاوى .82-34/81
) (54الختيارات 121
) (55انظر أحكام القرآن 1/160والمغني 11/512
) (56انظر شرح البعد الزماني .169-168
) (57ضللوابط المصلللحة للبللوطي ص ،27وأثللر الدلللة
المختلف فيها في الفقه السلمي ص .29-28
328
) (58البعد الزماني 166بتصرف
) (59نفس المرجع 167
) (60أصلللول الفقللله خلف ص 84وأثلللر الختلف فلللي
القواعد الصولية .544
) (61العتصام 2/111وما بعدها .
) (62العتصام .235-2/129
) (63السنن الكللبرى للللبيهقي ، 7/20والسللنة لبللن أبللي
عاصم 2/246
) (64البخاري )، (219مسلم )(427
) - (65مجموع الفتاوى )(23/343
) - (66مجموع الفتاوى 28/198
) - (67البخاري )، (1586ومسلم ) (1333
) - (68البخلاري) ، (39مسللم ) (5036ملن حلديث أبلي
هريرة رضي الله عنه .
) - (69سبق تخريجه .
) - (70البخاري) ، (3470مسلم ) (4967من حديث أبللي
سعيد رضي الله عنه .
) - (71جامع بيان العلم وفضله 2/92
) - (72الموافقات 5/278
=============
#أحكام صرف النقود والعملت في الفقه
السلمي وتطبيقاته المعاصرة
د .عباس أحمد محمد الباز 26/12/1423
10/03/2002
اسم الكتاب :أحكام صللرف النقللود والعملت فللي الفقلله
السلمي وتطبيقاته المعاصرة
المؤلف :د /عباس أحمد محمد الباز
الناشر :دار النفائس /الردن
عدد الصفحات239:
ملخص الرسالة :
يتميز موضوع الصرف بأنه بيع يختص بالثمان من الللذهب
والفضلة وملا يقلوم مقامهملا ملن النقلود والثملان ،فلإن
علماء السلم لم يقصروا الثمنية على الذهب والفضة بللل
329
جعلوا العلة اللتي ملن أجلهلا ربلط الشلارع الحكيلم بعلض
الحكام بالدنانير الذهبية والدراهم الفضية متعدية إلللى مللا
سواهما من الموال إذا حازت علة الللذهب والفضللة وهللي
الثمنية على الراجح من أقوال العلمللاء ،فللالنقود ل تقصللد
لذاتها ،وإنما هي وسيلة إلى التعامل بها وتحصيل المنللافع
بواسطتها ،والوسيلة المحضة التي ل يتعلق بهللا غللرض ل
في مادتها ول في صورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت
.
وبناء على ذلك فلإن التعامللل بللالنقود الورقيللة اليللوم بيعلا ً
وشراء يعد صرفا ً وتنطبق عليلله أحكللام الصللرف المطبقللة
علللى بيللع الللذهب والفضللة كمللا أمللرت بلله الشللريعة
السلمية .
وقد حللرص السلللم علللى أل تخللرج النقللود عللن وظيفتهللا
الساسية وهللي الثمنيللة لكللي يحفللظ اقتصللاد المللة متينلا ً
ويقيه من كل ما يؤثر عليه .
ولما كان بيع الصرف أقللرب أنللواع الللبيع إلللى الربللا ،فللإن
الشارع الحكيم قد احتاط كللثيرا ً لهللذا النللوع مللن التعامللل
واشترط له شروطا ً خاصة زائدة على الشروط التي يجب
توفرها في كل بيع ،كما وضع له قواعد وضوابط انفرد بها
عن سائر أنللواع الللبيوع ،مملا جعلل هلذا العقلد ملن أكلثر
عقود البيع قيودا ً وأكثرها شروطا ً ،وهذا يدل دللة واضحة
على أهمية هذا العقد ومدى حرص الشللارع الكريللم علللى
أن يكون التعامل به في البيع والشراء كما أراد له.
ولهذا فقللد سللار فقهللاء السلللم فللي اسللتنباطهم لحكللام
الصرف وبيان قواعده وضوابطه على تضللييق التعامللل بلله
لبعاد الناس عن الربا وشبهته حتى غدا باب الصللرف مللن
أضلليق أبللواب التعامللل تحقيق لا ً لمصلللحة ضللبط التعامللل
بالثمان للحفاظ على معيار محللدد للتعامللل التجللاري فللي
السوق .
والقاعدة العامة فللي بيللع الصللرف أن الزيللادة تحللرم عنللد
تبللايع النقللد إذا اتحللد جنسللا ً وتجللوز إذا اختلللف بشللرط
التقابض الحال فللي مجلللس العقللد وإل كللان التعامللل ربلا ً
محرما ً .
330
فللإذا بللاع شللخص دنللانير أردنيللة بلل دولرات أمريكيللة مثل ً
فعليلله أن يسللّلم الللدنانير ويسللتلم الللدولرات فللورا ً فللي
مجلس العقد ،فإن التقابض الفوري شللرط أساسللي فللي
الصرف ،ول يجوز اشتراط الخيار فللي الصللرف أو تأجيللل
قبللض أحللد البللدلين ،لن شللرط الخيللار يللؤثر فللي صللحة
القبض وشرط التأجيل يؤثر في القبض نفسه .
ول تجوز المصللارفة بعمللة ثابتللة فللي الذملة ،فللإنه ل أثللر
للرتفاع أو النخفاض في سعر الصرف على الدين الثللابت
في الذمة .
ويلزم المدين عند حلول أجل الدين برد مثل ما أخذ قللدرا ً
وصفة ،فإن الللديون تللؤدى بأمثالهللا دون التفللات إلللى مللا
يطرأ على سعر الصرف من رخص أو غلء
==============
#المن المائي لبلدان المغرب العربي في خطر
ارتفاع حجللم السللكان وتزايللد الحاجيللات وغيللاب التنسلليق
يضاعف الزمة
السلم اليوم -الرباط 23/12/1423
07/03/2002
تفيد التقارير أن منطقة المغرب العربللي وشللمال إفريقيللا
تواجه تحللديا علللى مسللتوى تللدبير الميللاه فللي المسللتقبل
بسبب مخاطر الندرة والجفاف التي أصبحت عنصرا بنيويا
في واقعها البيئي في السنوات الخيرة ،إذ إن الحتياجللات
المائية المستقبلية لدول المنطقة في ارتفاع مستمر ممللا
يطرح عليها رهانا كبيرا خصوصا لكللون اقتصللادياتها ترتكللز
أساسا على الفلحة.
تنتمي بلدان المغرب العربي جغرافيا إلى منطقللة مناخيللة
شبه جافة تجعل موارد المياه ،السللطحية منهللا والجوفيللة،
محللدودة ،بسللبب ضللعف التسللاقطات المطريللة وعللدم
انتظامها من سنة لخرى ،في الوقت الذي تشللكل الللثروة
المائية مادة حيوية واستراتيجية في أمن الدول والشللعوب
بمفهومه الشامل.
وتشمل هذه المنطقة )المغللرب العربللي( :ليبيللا والجللزائر
وتللونس وموريتانيللا والمغللرب ،و تللواجه هللذه المجموعللة
331
فجوة في الموارد المائية والغذائيللة ،بللالنظر إلللى أن جللل
مواردها المائية تقليدية أساسا وغالبيتها سللطحية ،فتشللكو
هذه البلدان من تدني الللوفرة المائيللة ومعللدل السللتهلك
الفردي مللن المللاء ،فعلللى حيللن يصللل متوسللط اسللتهلك
الفللرد مللن الميللاه العذبللة الصللالحة للشللرب فللي البلللدان
الصناعية إلى نحو 1200متر مكعب في السنة ،ل تتجاوز
نسبة الفرد في البلللدان المغاربيللة 545مللترا مكعبللا فللي
السنة ،مما يبرز الفجوة الكبيرة في معدلت التنمية.
وذكر تقرير صادر عن صندوق المللم المتحللدة حللول حاللة
سكان العالم لسنة 2001وزع أثناء انعقللاد مللؤتمر كيوتللو
حول المنللاخ فللي مدينللة مراكللش المغربيللة شللهر نوفمللبر
الماضي ،أن 300مليون شخصا سيعانون مللن نقللص فللي
مياه الشرب في السللنوات القليلللة المقبلللة ،وأن منطقللة
شمال إفريقيا والمغرب العربي ستكون مللن الللدول الللتي
ستواجه شعوبها أزمللة فللي تللدبير الللثروات المائيللة ،وأكللد
التقرير المذكور ايضا ً أن معدل التساقطات المطريللة فللي
هذه البلدان ل يتجاوز ألف متر مكعب سنويا.
وحدد التقرير البلدان التي تعاني أزمة في المياه في تلللك
الللتي يتللوافر لللديها 1700مللتر مكعللب مللن الميللاه لكللل
شخص في السنة ،أما البلدان التي تعاني شحا في الميللاه
فلديها أقل من ألف متر مكعللب ،وخلللص التقريللر إلللى أن
هذ الوضع سيكون له تللأثير علللى التنميللة القتصللادية فللي
المستقبل ،وقد تنشأ عنه "صعوبات بيئية شديدة".
وأشلار بلغ صلدر ملؤخرا عللن الجتمللاع اللوزاري للبللدان
الفريقيللة الثنللى وعشللرين الللذي انعقللد بمناسللبة انعقللاد
الملللؤتمر اللللدولي للملللم المتحلللدة حلللول الملللاء فلللي
بون)المانيا( ،أن 17بلدا إفريقيا سيعاني من انخفاض حاد
في الميلاه فلي أفلق سلنة ،2010أي أن الفلرد فيهلا للن
يتجاوز معدل استهلكه من الماء أكثر من ألف متر مكعب
سنويا .وذكر التقريللر أن بلللدان المغللرب العربللي وشللمال
إفريقيللا ،إضللافة إلللى مصللر وإثيوبيللا وإفريقيللا الجنوبيللة،
ستكون من بين هذه الدول المرشحة لن تشهد أزمة فللي
المعطيات المائيللة ،بسللبب التغيللرات المناخيللة وانخفللاض
332
المتوسط العام لموارد المياه ،وتزداد تأثيرات هذه النللدرة
في المخللزون المللائي للبلللدان المللذكورة مللع تزايللد عللدد
السكان وارتفاع الحاجيات من الموارد الثابتة.
وللخروج من هذه الزمة ،تطرح هذه البلللدان ،ومللن بينهللا
المغرب ،بدائل تمكنها من تجاوز خطللر نقللص الميللاه فللي
السنوات القادمة ،وذلك ببناء المزيللد مللن السللدود لخللزن
المياه واستعمال الطاقة النووية لتحلية مياه البحللر ،إل أن
مثل هذه البدائل تتطلب تمويلت سخية وتوفير المكانيات
الضللرورية لللذلك .ورغللم ذلللك تبقللى هللذه البللدائل الخيللار
الوحيد والممكن أمام هذه الدول لتجاوز الفجللوة الغذائيللة
وهشاشة التنمية القتصادية -الجتماعيللة فيهللا .وقللد كللان
اجتملاع للوزراء الفلحلة لبللدان المغلرب العربلي ،واللذي
انعقللد فللي دورتلله العاشللرة بالربللاط فللي شللهر فللبراير
الماضي ،قد نبه إلى ضرورة تللأمين المللن الغللذائي لللدول
المنطقة ،وأكللد علللى مسللألة إيجللاد اسللتراتيجية مشللتركة
ومتكاملللة لهللذا الغللرض ،وخللق الليللات الللتي تمكللن ملن
تحقيق هذا الهدف.
ومن المؤكد أن جمود مؤسسللات اتحللاد المغللرب العربللي
وضعف التنسيق بين دوللله سللتحول دون تنفيللذ مثللل هللذه
السللتراتيجية فللي القريللب ،لتظللل قضللايا التنميللة والمللن
المائي والغذائي رهينة بتوفير المناخ السياسي.
============
#الخدمات المصرفية وموقف الشريعة السلمية
منها
د .علء الدين زعتري 4/8/1423
10/10/2002
اسللم الكتللاب :الخللدمات المصللرفية وموقللف الشللريعة
السلمية منها
المؤلف :د .علء الدين زعتري
الناشر :دار الكتب والقلم /دمشق -بيروت
التعريف بالكتاب:
اشللتمل البحللث علللى مقدمللة وتمهيللد وبللابين وخاتمللة
وفهارس.
333
أما المقدمة فقد ذكر فيها البللاحث سللبب اختيللار البحللث ،
وأهميته ،والجديد فيه ،ونقد المصادر والمراجع.
وأما التمهيد ،فكان بمثابة باب تمهيللدي تفللرع إلللى أربعللة
فروع ضمن أربعة مطالب .
فكان المطلب الول لشرح وبيللان مفهللوم كلمللات عنللوان
البحث :الخدمات المصرفية وموقف الشللريعة السلللمية
منها ،مفردة ،ثم تركيبا ً مزدوجا ً ،ثم تركيبا ً كليا ً .
وكللان المطلللب الثللاني فللي التعللّرف علللى غايللة إنشللاء
المصارف ،وأهداف أعمالها ،وتنوع نشاطاتها .
وخصص المطلب الثالث للحللديث عللن نشللأة المصللارف ،
وتاريخ تطورها ،في توسع أعمالهللا وجللذب عملئهللا ،مللع
الحللديث عللن المصللارف السلللمية ،وأهميللة وجودهللا
وضرورة توسيع قاعدتها ؛ لتصل خدماتها لكل مسلم.
وأمللا البللاب الول ،فكللان للحللديث عللن إدارة المصللرف
للموال وتوزيعها وحفظها ،ضمن خمسة فصول:
الفصل الول :خدمة أمناء الستثمار ،ضمن مبحثين :
كان المبحث الول منلله عللن قيللام المصللرف بللأداء خدمللة
أمناء الستثمار ؛ مللن حيللث التعريللف بهللا ،ونشللأتها ،مللع
بيللان مشللروعية اسللتثمار المللوال ،وحكمللة مشللروعية
النمللاء والسللتثمار ،وكللذا مللن حيللث بيللان العلقللة بيللن
المصرف وطالب الستثمار ،وبي ّللن قللائدة هللذه الخدمللة ،
وشروطها ،وأهميتها ،ومناسبتها للمسلمين .
وفي المبحث الثاني ،كان الحديث عن الصيغ السللتثمارية
التي تطرحها الدارة المختصة بخدمة أمناء السللتثمار فللي
المصرف ،وهذه الصيغ ،هي :
-المراجعة ،فعّرفها ،وذكر دليللل مشللروعيتها ،وضللرورة
هذا العقد وأهميته ،ومجللالته ،وبي ّللن حكللم بيللع المرابحللة
للمللر بالشللراء ،وكللذا حكللم المرابحللة للواعللد بالشللراء ،
وذكر أقوال الفقهاء في مسائل إلزاميللة الوعللد ،وتع لّرض
لحكللم بيللع المرابحللة بالتقسلليط ،وحكللم العربللون فللي
المرابحة ،وختللم المطلللب ببيللان الخطللوات المّتبعللة فللي
المصرف السلمي لبيع المرابحة .
334
-تسويق العقارات ،حيث يقوم المصرف نيابة عن عملئه
في تسويق عقاراتهم ؛ باستخدام أحد العقود التية :الللبيع
القطعي ،أو اليجار ،أو البيع اليجاري ،أو حق النتفللاع ،
وفي الحديث عن البيع اليجاري ذكللر حكللم اشللتراط عقللد
في عقد ،أو اجتمللاع عقللدين فللي عقللد ،كمللا ذكللر حكللم
اشتراط شرط أو أكثر في عقود المعاوضات المالية .
-الوكالة الستثمارية ،حيث ذكر تعريف الوكالة ،وأركانها
،وأحكام الوكالة الستثمارية ،مع بيللان بعللض التصللرفات
المحظورة على المصرف في الوكالة الستثمارية .
وكللان الفصللل الثللاني :مللن البللاب الول بعنللوان :إدارة
الممتلكات والوصايا والتركات ،ضمن مباحث أربعة :
المبحث الول :كان عن دراسات الجدوى القتصللادية ،أو
دمها المصرف لعملئه ما يسمى بالمساعدة الفنية التي يق ّ
دث عللن ذلللك مللن حيللث :الدراسللات التسللويقية ، ؛ تحلل ّ
والدراسات البيئيللة ،والدراسللات القتصللادية والدراسللات
دث عللن الفنيللة ) الهندسللية ( والدراسللات الداريللة ،وتح ل ّ
أهداف تقييم فرص السللتثمار ،ومعللايير دراسللة الجللدوى
القتصادية ،فهنلاك معلايير تقليديلة قلام البلاحث بوصلفها
ونقللدها ،وبّيللن المنهللج السلللمي فللي قيللاس الربحيللة
) التكلفة والعائد( .
وكان المبحث الثاني للحديث عن الشركات والمشروعات
الللتي يقللوم المصللرف بتأسيسللها وإدارتهللا ،أو بتأسيسللها
فقط ؛ نيابة عن عملئه.
وكان المبحلث الثلالث عللن تصلفية التركللات وإعطللاء كلل
ق حقه مما يسللتحق مللن التركللة ،وكللذا الشللأن صاحب ح ٍ
في تنفيذ الوصايا المشروعة .
وتحدث فللي المبحللث الرابللع عللن قيللام المصللرف بسللداد
اللتزامات الدورية وغيللر الدوريللة المترتبللة علللى عملئه ،
وليس لللديهم الللوقت الكللافي للقيللام بهللذه العمللال ممللا
كلون المصرف بذلك . يجعلهم يو ّ
صصه للحديث وأما الفصل الثالث من الباب الول ،فقد خ ّ
عن خدمة إسلمية تتميز بهللا المصللارف السلللمية ،ونللي
335
خدمللة جملع أملوال الزكللاة مللن الغنيللاء ،وتوزيعهللا عللى
مستحقيها من الصناف الثمانية المذكورة بنص القرآن .
وخلل حديثه عن مصارف الزكاة ذكر المفللاهيم والسللس
التي تنهللض بحللال المسلللمين ،وُتكسللب الزكللاة روحهللا ،
وتجعللل المجتمللع السلللمي قوي لا ً متماسللكا ً ،وأك ّللد علللى
المسؤولية العامة عن جمع أموال الزكللاة وتوزيعهللا ،كمللا
بّين حكم استثمار أموال الزكاة لصالح المصرف أو لصالح
ة بضللبط جمللع أمللوال ت خاص ً المستحقين ،وعرض إجراءا ٍ
الزكاة وحسن توزيعها.
وأما الفصل الرابللع مللن البللاب الول فكللان للحللديث عللن
خدمللة القللروض الحسللنة ،وبللديل القللروض السللتهلكية
الربويللة ،فللذكر تعريللف القللرض ،ومشللروعيته ،وحكملله
وأركان عقللده ،وشللروطه ،وأهميللة توثيللق القللرض ،ثللم
تحدث عن تاريخ هذه الخدمة المصارف السلللمية ،وعللن
تمويل صناديق القروض الحسنة ،وختم الفصللل بالحللديث
عن تقييم القروض الحسن كوسيلة تمويل اقتصادية .
صللص الفصللل الخللامس للحللديث عللن خدمللة صللناديق وخ ّ
المانللات ؛ بللديل الللودائع الجاريللة ،والللتي ل َيقصللد منهللا
مودعها سوى الحفللظ ،دون السللتثمار ،فوصلف العمليللة
ن للزبون أو للمصرف ،مع بيان وذكر فائدة هذه الخدمة إ ْ
التكييف الشرعي لعقد النتفاع من الخزائن الحديدية لدى
المصارف.
وجعللل الحللديث فللي البللاب الثللاني عللن عمليللات التجللارة
الخارجيللة ،ووسللائل التبللادل الحديثللة ،ضللمن خمسللة
فصول :
صللص الفصللل الول لخطابللات الضللمان ،حيللث عللرض خ ّ
مفهوم خطاب الضمان ،وأهميته ،ومجللالت اسللتخدامه ،
ونللة للله ،واللتزامللات المترتبللة علللى عقللد والعناصر المك ّ
العتماد بالضللمان ،مللع بيللان التكييللف الشللرعي لخطللاب
الضمان ،وبي ّللن موقللف المصللارف الربويللة مللن خطابللات
الضمان ،وكذا موقف المصارف السلللمية مللن خطابللات
الضمان ،وختم الفصل ببيان حكم استثمار غطللاء خطللاب
الضمان.
336
وكللان الفصللل الثللاني مخصصللا ً للحللديث عللن العتمللاد
المستندية ،حيث بّين مفهوم العتماد المستندي ،ووصف
العملية ،والجراءات المتخذة لفتللح العتمللاد المسللتندي ،
مللع بيللان أهميللة هللذه الخدمللة وفوائدهللا ،مللع عللرض
اللتزامات المترتبة على إنشاء العتماد المستندي لجميللع
الطلراف ،ملع بيلان التكييلف الشلرعي للمسلألة ،وأ ََثلار
قضية العتمادات المستندية النظيفللة وموقللف المصللارف
ن تعامل مع السلمية منها ،وكيف يمكن لهذه المصارف أ ْ
المصارف الربوية.
صصه للحديث عن الوراق التجارية وأما الفصل الثالث فخ ّ
؛ الكمبيالة ،والسند ،والشيك ،حيث بي ّللن خصللائص هللذه
الوراق ،وخصائصللها ،وأنواعهللا ،وبي ّللن العمللال الواقعللة
عليها ؛ من حيث :
-إصدارها ،ومشروعيته . ً
-تسّلمها وتحصيل قيمتهلا ملن ملدينها ،وموقلف الشلريعة
ض التحصيل ،وبخاصة عوا ئد التأخير . عو َ ِ
من ِ
-خصم الوراق التجاريللة ،وعلقللة الخصللم بمسللألة ) ضللع
جل( ،مع بيان البديل المقترح لعملية الوراق التجاريللة وتع ّ
في المصارف السلمية ،بعيدا ً عن الربا.
وأمللا الفصللل الرابللع فكللان للحللديث عللن الوراق الماليللة
والعمليللات عليهللا ،وقللد بّيللن مفهللوم الوراق الماليللة ؛
السهم ،والسندات ،وذكللر خصائصللها ،وأنواعهللا ،وبي ّللن
حكم التعامل بهللا ،وموقللف الشللريعة مللن سللوق الوراق
المالية ) المصافق( ،وعّرف الدوات التمويلة السلللمية ،
كما ذكر العمليات الواردة على الوراق المالية :
-من الكتتاب عليها ،مع بيللان الضللوابط الشللرعية لعمليللة
الكتتاب.
-حفظ الوراق المالية وإيداعها ،والتكييف الشرعي لعقد
إيداع الصكوك .
-بيع وشراء الوراق الماليللة ،سللواء لصللالح المصللرف أو
لصالح عميل المصرف ،مع بيان الحكم الشرعي في هذه
المسألة.
-إجارة الوراق المالية.
337
-اقتراض الوراق المالية.
-رهن الوراق المالية .
-تحصيل عوائد الوراق المالية من المصدرين لهللا ،ودفللع
عوائدها لمالكيها.
وختللم البللاب الثللاني بالفصللل الخللامس عللن بطاقللات
الئتمللان ،فعّرفهللا ،وذكللر نشللأتها وتطورهللا ،وأنواعهللا ،
وبّين محاسنها ومساوئها ،مع بيان التكييف الشرعي لهللا ،
وختم الحديث بذكر البديل السلمي لبطاقات الئتمان.
ثم كللانت خاتمللة البحللث ،الللتي ذكللر فيهللا أهللم المسللائل
والقضلايا المدروسلة فلي البحلث ،ملع ذكلر النتلائج اللتي
توصل إليها ،والتوصيات التي رأى أنها تخدم مصالح المللة
السلمية عامة ؛ في إطار المؤسسات المالية والمصارف
السلمية
=============
#ركب المنهزمين
محمد جلل القصاص
في نهاية القرن الثامن عشر الميلدي نللزل نللابليون مصللر
بنسائه العاريات ،وبنادقه ومدافعه ،ونقب عللن الفراعنللة
ثم ارتحل وقد تعلقت به النفوس المريضة تريد التقليد .
ت في إثره العمائم ثم عللادت تثنللي علللى ديللار ل ورحل َ ْرح َ
الكفر تريللد محاكاتهللا ،فكللان تيللار المتفرنجيللن -إن صللح
التعبير -
ذودونهض المشايخ )الئمة ( -بحسن نية] - [1يريللدون ال ل ّ
عن الدين ..نهضوا بروح منهزمة منبهرة بعدوها ،فالتفتوا
إلى عللدوهم ينظللرون حللاله ..ثللم التفللوا حللول النصللوص
يريللدون حملهللا ليسلليروا بهللا علللى هللوى الغللرب تللارة و
الشرق تارة أخرى .
فزعلللم السلللد أ بلللادي ) جملللال اللللدين اليرانلللي ( أن
الشتراكية من السلم .وهللو كللاذب .وان أول اشللتراكيي
عرفه التاريخ كان مللن الصللحابة رضللوان الللله عليهللم !! ،
وقال بوحدة الديللان وتكاملهللا !! ،وراح يسللتجدي النصللرة
من أمريكا ،وما نصرته أمريكا .
338
ب النجليز حتى وعلى دربه صار تلميذه محمد عبده فصاح َ
تخذه ) كرومر ( صديقا ً !! وأحل الربا فللي شللكل صللناديق
التوفير ،وأبللاح التشللبه بالكفللار فللي الفتللوى الترنسللفالية
،وشارك مع المندوب السللامي البريطللاني اللللورد كرومللر
في إنشللاء معهللد للعللداد ) الللدعاة المتحرريللن ( ،فكللان
جسرا عبر عليه العدو إلى حللنا وحرامنا ،فحلللل الحللرام
وحرم الحلل تحللت دعللوى ) الصلللح ( ،وخطللط لنشللاء
جامعة علمانيللة كللانت فيمللا بعللد جامعللة القللاهرة ،وكللان
ل كتللاب ظهيللرا ً لقاسللم أميللن ،بللل زعللم البعللض أن ُ
جلل ّ
خط بيدي الشيخ [2]. ) تحرير المرأة ( ُ
ل أحد يستطيع أن يشكك في نوايا محمد عبده ،فقد كللان
حقيقللة يريللد ) الصلللح ( ،ولكللن غلبلله الجهللل والنبهللار
بالغرب ،وصار تحت ردود الفعال فأوجد انحرافا وأحللدث
خرقا [3].
ثم في خطوة أخللرى جللاء بعللض المنهزميللن ..المنبهريللن
وعمد إلى كتاب الله يفسره بما يتفق مع العلم الحللديث ،
فزعم أن الطير البابيل الللتي ترمللي بحجللارة مللن سللجيل
هي الطاعون ،وأن آية الدم الللتي أرسلللت علللى فرعللون
وقومه هي البلهارسيا !!
دغل ) الشللتراكية أعنللي ( يتللاجر ثللم نبللت فللي ربوعنللا الل ّ
بالقضللية الجتماعيللة وفقللر الجمللاهير وتقبلتلله الجمللاهير
فانتفش وعََلى الزرع .
وبعللد حيللن جللاءته ريللاح القوميللة الخبيثللة ذات الصللل
النصللراني الكللافر تلقحلله وتنميلله علللى ُبغللض السلللم ،
فأصبحت النظمة الجديدة ل تريد السلم ل في السياسللة
ول في القتصاد ول فللي أي شلليء وأضللحى واضللحا ) أننللا
نحن السلميين 0أشد الناس عداوة عنللد العلمللانيين مللن
اليهود والذين أشركوا ( ،وبات القللوم وقللد انسللخت مللن
قلوبهم الغيرة علللى المقدسللات والعللراض حللتى تسللائل
الحبة بكل مرارة ) لماذا ..ولمللاذا ..ولمللاذا ..ثللم لمللاذا
يصر المنافقون على الصدام مع مطلب السلميين ثقافيلا ً
وسياسللليا وإعلميلللا ً وبوليسللليا ً وعسلللكريا ً بلللل ووعظيلللا ً
رسميا ً ( ؟؟][4
339
وليس ذاك إل لنهم كرهوا ما أنزل الله (.
وتحلللت وطئة هلللذه الهجملللة اليسلللارية الشرسلللة علللاد
المنهزمون ثانية ليكتبوا عن ) اشتراكية السلم(
واليوم أو بالحرى في الونة الخيرة انضم إلى الصللحوة -
دون إذن أو استشارة -فريق ينزع إلى الجتهللاد العقلنللي
في فهم النصوص والواقع ،كثير منهم منحدر من تجللارب
عقدية ومنهجية مغايرة للمنهللج السلللمي وعقيللدته ،مللن
ماركسيين وقوميين وبعثيين وليبراليين ل دينيين .
وهذا الفريق لديه جرأة عجيبة على تجاوز النص الشللرعي
أو تأويله إذا لم يوافق تأملهم العقلي ،ولللديهم حالللة مللن
الستعلء على البناء الشرعيين للدعوة السلمية ممللن ل
يوافقللونهم فللي نزعتهللم ،ولهللذا الفريللق جللولت علللى
الساحة الفكرية منها جولته للطعن في رمللوز المللة مثللل
المام أحمد بن حنبل وشيخ السلم بن تيمية رحمه الللله ]
،[5
وهم من تكلموا في أحكام الديار وطالبوا بإلغائها ]،[6وهم
مللن أثللاروا الخلف حللول حجيللة السللنة النبويللة المطهللرة
.وفيهم من تكلللم بللأن الحجللاب عللادة جاهليللة تخللص بللدو
الجزيرة قبل أربعة عشر قرنا ،وجلهم انشغلوا ) بتحسللين
( صللورة السلللم عللن الغللرب ،وتطويللع السلللم ليصللبح
عصريا .
340
ومن هؤلء ل المنهزمين ل من ادعى أن ما نأخذه نحن على
الشيعة من سّبهم الصللحابة الكللرام ،وتحريفهللم القللرآن ،
وقولهم بعصمة الئمة ،وحجهم للمشاهد وغيرها )خلفات
على هامش العقيدة(!!
واليوم برز فريق من الذين أعمى الله بصللرهم وبصلليرتهم
وقللالوا بللأن للمسلللمة أن تللتزوج النصللراني ،ول شلليء
عليها ،وشهادتها كشهادة الرجل ،ول اعتراض إل من كللل
متزمت ل يفهم الدين ...حقودٍ يكره النساء !!
ويا أذيال المنهزمين :حتى تتبعوا ملتهم !
لم يللرض القللوم بمحمللد عبللده ول بمللن خلعللوا ) الّعمللة (
ولبسوا الطربوش ،إنها نفوس مريضة تحمل أحقادا دفينة
ك ال ْي َُهلود ُ وَل َعنل َ ضلى َ .وربكلم أعللم بهلم منكلم )وََللن ت َْر َ
ن َ دى الل ّهِ هُوَ ال ْهُ ل َ مل ّت َهُ ْ
م قُ ْ
دى وَلئ ِ ِ ن هُ َل إِ ّ حّتى ت َت ّب ِعَ ِ صاَرى َ
َ
الن ّ َ
ن الّللل ِ
ه ملل َ
ك ِ ما ل َ َن ال ْعِل ْم ِ َ
م َك ِ جاء َ ذي َ هم ب َعْد َ ال ّ ِ واء ُ ت أهْ َ ات ّب َعْ َ
ر( )البقرة ( 120 : صي ٍ ي وَل َ ن َ ِمن وَل ِ ّ ِ
------------------------
] [1هكذا أحسبهم
] [2قال ذلك نصا ً الشيخ محمد اسللماعيل المقللدم حفظله
الللله فللي محاضللرة للله بعنللوان المللؤامرة علللى المللرأة
المسلمة ،وعلل ذلك بأن الكتاب مليء بالمسائل الفقهية
التي ل علم لقاسم امين بها .وصلرح بلذلك الهاللك أحملد
لطفي السيد في مذكراته .
] [3انظر إن شللئت مقدمللة مقومللات التصللوير السلللمي
للستاذ سيد قطب ،وانظللر للكللاتب مقللال ) محمللد عبللده
نموذجا .من زرعه ومن جصده ؟منشور بموقع القلم .
] [4هو تساءل الدكتور عبد العزيز كامل ل ل حفظلله الللله ل ل
في إحدى مقالته بمجلة البيان .
] ) [5انظر كتاب تجديللد الفكللر السلللمي لمحمللد عمللارة
وهو عبارة عن مجموعة مقالت نشرت في مجلة العربللي
الكويتية (
] ) [6المسلمون وآخللرون أشللواك وعقللد علللى الطريللق(
لفهمي هويدي (
============
341
#التورق ...والتورق المنظم
)دراسة تأصيلية(
د .سامي بن إبراهيم السويلم 5/11/1426
07/12/2005
الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وبعد:
فقللد احتللل التللورق حيللزا ً كللبيرا ً فللي التعللاملت الماليللة
المعاصللرة الللتي تهللدف إلللى اللللتزام بأحكللام الشللريعة
السلمية .وقللد كلان التللورق فللي الماضللي تصللرفا ً فرديلا ً
يقتصر على الشخص المحتاج إلللى النقللد .أمللا اليللوم فقللد
تحول إلى عمل مؤسسي يرتبط فيلله الطللراف المعنيللون
بعلقات منظمة ومخطللط لهللا لتحقيللق هللدف محللدد وهللو
الحصول على النقد الحاضللر مقابللل نقلد فللي الذملة أكلثر
منه .ويتوسط ذلك سلع أو أصللول غيللر مقصللودة لي مللن
الطللراف المعنيللة ،ول تحقللق أي قيمللة مضللافة للنشللاط
القتصادي .وقد أثار هذا التطللور الكللثير مللن الشللك حللول
مصداقية التمويل السلمي ،وهل يختلف فعل ً عن التمويل
الربوي ،أم أنه مجرد ترتيبات شكلية ل تنطوي على مبادئ
وأسس تمثل حقيقة القتصاد السلمي.
ولهذا السللبب عقللدت عللدة ملتقيللات وملؤتمرات لدراسلة
هللذه القضللية ،وكللان مللن أبرزهللا اجتمللاع مجمللع الفقلله
السلللمي بمكللة المكرمللة فللي 1424هللل لدراسللة هللذه
القضية والخروج بموقف واضح منها .وكانت النتيجللة الللتي
صدر بها قرار المجمع هي منع التورق المصرفي لنه يأخذ
حكم العينة الثنائية المحرمة شرعًا.
وهذا البحللث كللان أحللد البحللاث المقدمللة لهللذا الجتمللاع،
سوى بعض التصحيحات والتعديلت الطفيفة التي أجريللت
بعد انعقاد المجمع .وقد سللعى البحللث لهللذا الغللرض إلللى
دراسة التورق من جذوره دراسة تأصيلية مقارنة ،تتضللمن
تحريللر محللل الخلف ،وتحديللد القللوال فيهللا مللن خلل
مصادرها المباشرة ،ثم تتبع الدلة لكل قول ،وما يرد عليه
ملللن المناقشلللة والعلللتراض ،والجلللواب عنهلللا ،وذللللك
بموضوعية وإنصاف قدر المكان .ثم بعد ذلك الترجيح في
ضوء أدلة الكتللاب والسللنة ،وفللي ضللوء مقاصللد الشللريعة
342
وقواعللدها ،وفللي ضللوء أقللوال السلللف والئمللة المهللديين
والعلماء الربانيين.
كما حرص البحث علللى ربللط الحكللام الشللرعية بمعانيهللا
وغاياتهللا ،وربللط المفللاهيم الفقهيللة بالمعللاني القتصللادية،
وذلك للتمييز بين حقيقة البيع المشروع وبين حقيقة الربا،
وتوظيف ذلللك فللي تقييللم الحيللل الربويللة عموملًا ،وليللس
التورق فحسب .فنحن بحاجة إلى منهجية مطردة وأصللول
كليللة تضللبط التعللاملت الماليللة لنتوصللل مللن خللهللا إلللى
مواقف أقرب إن شاء الله إلى الصواب وإلى الحلق اللذي
ينشده الجميع.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
=============
#عقد الكالئ بالكالئ :تدليل ً وتعليل ً
د .سامي بن إبراهيم السويلم 27/1/1426
08/03/2005
الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله ،أما بعد:
يمثل النهي عن الكالئ بالكالئ أحللد المعللالم البللارزة مللن
معالم قواعللد التبللادل فللي القتصللاد السلللمي .وذلللك أن
المبادلت المالية إما أن تكون حاضرة البللدلين ،أو مؤجلللة
أحللد البللدلين ،أو مؤجلللة كل البللدلين .والقسللمان الولن
جائزان باتفاق الفقهاء ،بينما القسم الثللالث ،وهللو الكللالئ
بالكالئ ،ممنوع بالتفللاق .وهللذا يعنللي أن الكللالئ بالكللالئ
يمثل نظرًيا ثلث المبادلت الماليللة .واتفللاق العلمللاء علللى
منعه ،خلًفا عن سلف ،مع كثرة الفروع والصور التي تنبني
على هذه المعاملة ،يتطلب دراسة عميقة مللن أجللل فهللم
قواعد التشللريع فللي هللذا الجللانب الجللوهري مللن جللوانب
النشاط النساني .وبالرغم من ذلك فللإن الدراسللات الللتي
ل ،ل تتجللاوز أصللابع اليللدعنيللت بهللذا الحكللم ،تللدليل ً وتعلي ً
الواحدة.
أضف إلى ذلك أن كثيًرا من الدراسات المعاصللرة ركللزت
عنايتها علللى دراسلة الربللا وجللوانبه الفقهيلة والقتصللادية.
ومع التقدم الملموس في هذا الجانب ،إل أن فهم الصول
القتصادية والفقهية للمبادلت الممنوعللة ،بملا فيهللا الربللا،
343
يتطلب دراسة مقارنة بين العقللود الممنوعللة ،خاصللة تلللك
التي اتضحت معالمها ،وانعقد الجماع على حكمها ،بحيللث
يسهل علللى البللاحث النطلق مللن أرضللية ثابتللة وواضللحة
لتحليل الموضوع.
إن كمال الشريعة السلمية يستلزم خلوها مللن التنللاقض،
وهللذا يعنللي أن هنللاك أصللول ً مشللتركة تحكللم المبللادلت
المالية ،وتحللدد معلالم النظلام السلللمي للتبلادل .وللذلك
فإن التجاه الذي بدأ يظهر نحو إباحة عقد الكالئ مطلًقللا،
مع كونه يمثل مخالفة صريحة للجماع والنصوص القاضللية
بتحريم هذا العقد ،فلإنه ،كملا سيتضلح ملن البحلث ،يمثلل
ضا ظاهًرا بين موقف هؤلء الكتللاب مللن تحريللم الربللا تناق ً
وفي نفس الوقت إباحة الكالئ ،وهذا التناقض يمثللل أحللد
جوانب الخلل في معالجللة أصللول المعارضللات الممنوعللة
وفي فهم نظرية السلم في التبادل.
ومما يلفت النظر في هذه القضية أن الفقهاء عبر القرون
لللم يعترضللوا علللى منللع عقللد الكللالئ بللالرغم مللن النقللد
الموجه لبعض أدلة تحريمه .حتى جاء هذا العصللر ،وبللدأت
بعض الراء تستشكل هذا المنع ،وتدعو إلللى إبللاحته جملللة
وتفصي ً
ل.
والحقيقة أن نشوء هذه الراء في هذا العصر ليللس غريًبللا
إذا أخذنا في العتبار أن القيلم الرأسلمالية اسللتطاعت أن
تبسط هيمنتها على الحياة القتصادية اليوم ،وازدهرت من
ثللم تجللارة الللديون ،وتعللددت أنللواع المللداينات ،وفرضللت
سانفسها في واقع الحياة العملية ،حتى أضحت محوًرا رئي ً
من محاور النشللاط القتصللادي اليللوم أكللثر مللن أي وقللت
مضى .في هذه الجللواء وجللد كللثير مللن البللاحثين أن منللع
دا أمللامسللا ،ويقللف س ل ً
الكالئ بالكالئ يصادم واقعًللا ملمو ً
كثير من التعاملت التي اسللتجدت فلي هللذا العصللر .ولمللا
كللانت هللذه المسللتجدات مبنيللة علللى مس لّلمات وأسللس
منافية للسس السلمية للقتصاد ،لللم يكللن مسللتغرًبا أن
تظهر الدعوة لباحة هذا النوع مللن التعامللل والتشللكيك أو
العراض عما أطبقت عليه المة أكثر من ألف عام.
344
لهذه السللباب جميعًللا ،تبللدو الحاجللة ماسللة لدراسللة عقللد
الكللالئ دراسللة تحليليللة مقارنللة ،تسللتوعب أول ً الدلللة
الشرعية على منعلله ،ثللم تتلمللس ثاني ًللا الصللول والسللس
التي يمكن أن يستند إليها هذا المنع ،ومقارنة ذلك بالعقود
الممنوعللة الخللرى ،خاصللة الربللا .وهللذه الدراسللة تعتللبر
خطوة في هذا المضمار.
منهج البحث:
وقد انطلق البحث من المبدأ القاضي بأن أي نظريللة فللي
القتصاد السلمي يجب أن تحقق شرطين أساسيين:
الول :أل تخلللالف الحكلللام الشلللرعية الثابتلللة بلللالنص أو
الجماع.
الثاني :أن تكون سالمة في ذاتها من التناقض.
ولللذلك اشللتمل البحللث علللى قسللمين :الول يتتبللع الدلللة
الشرعية ،من الكتاب والسنة والجماع المتعلقة بحكم بيع
الكالئ ،والخروج بتصور واضح لموقف الشللريعة مللن هللذا
العقد بحيث يكون هذا الموقف هو السللاس الللذي ينطلللق
منه التحليل.
والقسللم الثللاني خللاص بدراسللة أوجلله التعليللل ،الفقهللي
والقتصادي ،لموقف الشريعة المطهرة من هذا النوع مللن
التبللادل .ولللذلك اعتمللد البحللث منهللج المقارنللة بيللن عقللد
الكللالئ والللبيوع الممنوعللة الخللرى .وذلللك لن الفللتراض
الجوهري الذي سار عليه البحث هللو أن الللبيوع الممنوعللة
ترجع إلى أصول مشلتركة كليلة تحكمهللا وتنظمهلا جميعًللا.
وهي فرضية اعتمدها عدد من الفقهاء على سللبيل المثللال
المام أبو بكر ابن العربي) ، (1وبناء على ذلك فأي تعليللل
ما مع قواعللد مقترح لمنع بيع الكالئ يجب أن يكون منسج ً
ل ،وأل ّ يتخلف أثره إذا وجد فللي عقللد آخللر. المبادلت إجما ً
بعبارة أخرى ،فإن التعليل المطللروح يجللب أن يسلللم مللن
التناقض.
كمللا انطلللق البحللث مللن مسلللمة أن "النقللل الصللحيح ل
يعارض العقل الصريح" فما استقر عليه حكم الكللالئ فللي
الشللرع المطهللر ،لبللد أن يكللون مصلللحة راجحللة .ولهللذا
الغرض تطلللب البحللث دراسللة أوجلله المصللالح والمفاسللد
345
القتصللادية الللتي يمكللن أن يحققهللا ،وذلللك للوصللول إلللى
تقويم متوازن للعقد.
ويخلص البحث إلللى أن عقللد الكللالئ بالكللالئ قللد اسللتقر
الجماع على منعه ،وأن قواعللد المبللادلت وأصللولها تللأبى
جوازه ،كما أن المفاسد التي يمكن أن تترتب عليه تتجاوز
المصالح المرجوة منه .والحتياجات الللتي يمكللن أن يلبيهللا
العقد يمكن تحقيقها بصيغ أخرى مشروعة تتلفى مللا فيلله
من السلبيات.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
) (1في أحكام القرآن ،1/244والقبس فللي شللرح موطللأ
مالك بن أنس .2/787
=============
#تقويم نظام "هبة الجزيرة"
د .سامي بن إبراهيم السويلم 27/9/1425
10/11/2004
الحمد لله رب العللالمين ،والصلللة والسلللم علللى أشللرف
النبياء والمرسلين ،نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فللإن تقللويم نظللام شللركة "هبللة الجزيللرة" يتلخللص فللي
مقامين:
الول :حقيقة النظام والهدف المقصود منه.
الثاني :حكمه وفقا ً للقواعد الشرعية.
المقام الول :حقيقة النظام والمقصود منه
بناء على الشرح المقدم في موقع الشللركة ،فللإن العميللل
يشتري قرصا ً ممغنطا ً بخمسمائة ريال ،ثم بعد فترة يمنللح
حافزا ً قللدره 700ريللال عللن كللل قللرص اشللتراه بحسللب
"قوة السوق" ،ثم بعد فترة أيضا ً وبحسب "قوة السللوق"،
يمنللح المتسللوق مبلللغ 15000ريللال ،وذلللك "هبللة مللن
الشركة" على حد تعبير الموقع.
فالعميل إذن يللدفع 500ريللال مقابللل القللرص مللن جهللة،
والحللوافز والهبللات الللتي تشللكل فللي مجموعهللا 15700
ريال .ول نحتاج لكبير عناء لنعرف ما هللو مقصللود العميللل
من الشراء .فالقرص قيمته 500ريال ،أما "الهبللة" فتبلللغ
346
.15000وكل عاقل يبحللث عللن مصلللحته يللدرك أن هللذه
"الهبة" أكثر قيمة وأجدى اقتصاديا ً من القرص .فالمقصود
الهم والعظم من الشراء هو الهبة .أما الُقللرص فإمللا أن
ل ،أو على أحسن الحللوال مقصللودا ً يكون غير مقصود أص ً
بحسللب قيمتلله .فللإذا كللانت قيمللة الُقللرص 500والهبللة
،15000فسلليكون الُقللرص مقصللودا ً بنسللبة ،%3وهللي
نسبة ،500/15500أما الهبللة فسللتكون مقصللودة بنسللبة
.%97
أما من الناحية القتصادية ،فالسؤال الللذي يطللرح نفسلله:
من أين تأتي هذه "الهبة" التي تعادل أكثر مللن 32ضللعف
الثمن المدفوع؟
إن الموقع نفسه يصرح بأن منح الهبللة يعتمللد علللى "قللوة
السوق" ،كما ينص على أنه يتم توزيعها بين المتسوقين أو
العملء "بالعتماد على مبدأ الول ثم الذي يليلله" .وواضللح
أن هذه الهبات الكللبيرة إذن تعتمللد علللى تسلسللل العملء
في الشللراء ،فالهبللة تللذهب لمللن اشللترى أو ً
ل ،ثللم الللذين
اشتروا بعدهم وهكذا.
والموقع يشير إلللى أن منللح الهبللة مرتبللط بقللوة السللوق،
والمقصود بذلك هو مستوى القبال على شراء المنتج من
الشركة .فكلما ارتفع القبال وازداد عدد المتسوقين ،كلما
كانت فرصة الحصول على "الهبة" أكبر.
والموقللع يللذكر أن مصللدر هللذه الهبللات هللو الربللاح الللتي
تحصل عليها الشركة بعللد اسللتقطاع نصلليبها البللالغ .%10
وبناء على ما جاء في الموقع ،فإن سعر الُقللرص يجللب أل
يقل عن 300ول يزيللد عللن 1000ريللال .وهللذا يعنللي أن
التكلفللة ل تتجللاوز 300ريللال بحللال مللن الحللوال .فللإذا
افترضنا تنزل ً أن التكلفة في حدود 200-150ريال ،فهللذا
يعني أن الربح يبلغ 350-300ريال للقرص الواحد.
ويمكننا من باب التبسيط أن نفترض أن صافي الربح بعللد
استقطاع نصيب الشللركة يبلللغ 300ريللال للقللرص .فكللم
يجب أن يكون عدد القراص المباعة لتمنللح الشللركة هبللة
15000ريال للمتسوق الول؟ الجواب بحسب الفللتراض
السللابق 50 = 15000/300 :قرص لًا .أي أنلله يجللب أن
347
يوجللد 50متسللوقا ً بعللد المتسللوق الول ،إذا كللان كللل
متسوق يشتري قرصا ً واحدًا .ولكي يمنح المتسوق الثللاني
15000ريللال فيجللب أن يوجللد بعللده 50متسللوقا ً أيض لًا،
وهكللذا .وكللل واحللد مللن هللؤلء يحتللاج 50متسللوقا ً بعللده
ليحصل على هذه "الهبة".
أي أن المتسوق الول يحصل على هبات ماليللة مللن خلل
ما يدفعه من يأتي بعده ،ومللن بعللده ممللن بعللده ،وهكللذا.
وكل منهم ل بد أن يوجد بعده عدد أكللبر مللن المشللتركين
ليمكن تحقيق مبلغ "الهبة" ،فتكون النتيجللة النهائيللة هرملا ً
من المتسوقين ،كل طبقة فيه أكبر من التي تليهللا .وينمللو
هللذا الهللرم بحسللب "قللوة السللوق" وبحسللب مسللتوى
النضمام للهرم.
وهذا هو بعينه نظام التسلسل الهرمللي الللذي تقللوم عليلله
شركات التسويق الشللبكي ،والللذي تزعللم الشللركة أنلله ل
علقة لهللا بلله إطلقلًا .إن النظللام الهرمللي فللي جللوهره ل
يختلف بين هذه الشركات ،بما فيها شللركة هبللة الجزيللرة،
لكن قد تختلف هذه الشركات فيمللا بينهللا فللي الجللراءات
والتنظيمات التفصلليلية .لكللن المبللدأ والجللوهر واحللد :كللل
عضو يدفع لكي يحصل على مبلغ ممللن يليلله ،وكللل طبقللة
من المشتركين يجب أن تليها طبقة أكبر منها ليمكن جملع
العمولت أو "الهبات" الموعودة.
وكما سبق بيانه في مناسبات عديدة ،فإن الهللرم ل يمكللن
أن يستمر في النمللو إلللى مللا ل نهايللة .فللإذا توقللف كللانت
الطبقات الخيرة قللد دفعللت الثمللن دون أن تحصللل علللى
"الهبة" التي كللانوا يحلمللون بهللا .فهللي فللي حقيقللة المللر
خاسرة لنها لم تحقق الغرض الذي دفعللت الثمللن لجللله.
وحللتى فللي أثنللاء نمللو الهللرم ،فللإن كللل طبقللة ل يتحقللق
مقصودها إل إذا جاءت بعدها طبقة أو أكللثر لتحصللل علللى
العمولت أو الهبات الموعللودة .فالطبقللات الخيللرة دائملا ً
خاسرة إل إذا وجد بعدها من يدفع ويتحمل الخسللارة إلللى
أن يأتي بعدها من يتحملها بدوره ،وهكذا.
فالقول بللأن نظللام هبللة الجزيللرة ل علقللة للله بالتسلسللل
الهرمي قول ينافي الواقع ويناقض المعطيات المصرح بها
348
في موقع الشركة .وليس هذا غريب لا ً عللن هللذه الشللركات
التي تجتهد بكل وسيلة لخفاء الحقيقة عللن أعيللن النللاس،
ولو كانت كالشمس في رابعة النهار.
المقام الثاني :حكم هذا النظام وفق القواعد الشرعية
إن الحكم على هذا النظام يتناول جانبين :جانب العقد بين
المتسوق والشركة ،وجللانب مجمللوع المتسللوقين وكيفيللة
عمل النظام بمجموعه.
ل :العقد بين المتسوق وبين الشركة أو ً
إن الشركة تصرح فللي أنظمتهللا أن المتسللوق يللدفع 500
ريال ليحصل على الُقرص بالضافة إلى حللافز قللدره 700
ريال وهبة قدرها .15000وكللل مللن الحللافز والهبللة غيللر
مضمون ،بل هو بحسللب مللا أسللموه قللوة السللوق .أي أن
الحللوافز والهبللات غيللر متيقنللة ول مضللمونة ،بللل هللي
احتمالية .وإذا قصرنا النظر على الهبة فتكللون النتيجللة أن
المتسوق يدفع 500مقابل قُللرص بالضللافة إلللى 15000
احتمالية الحصول.
وسللبق فللي المقللام الول أن مقصللود المتسللوق الهللم
والكبر هو الهبة وليس الُقرص ،وأن هذا هللو شللأن العقلء
الذين يبحثون عللن مصللالحهم .فالمقصللود إذن هللو مبادلللة
500ريال بل 15000ريال قد تحصل وقد ل تحصل ،وهللذا
هو القمار والميسر المحرم شرعًا .وفوق ذلك فإنه مبادلة
لنقد بنقد مع التفاضل والتأخير ،فيدخل في الربا.
وأما وجود الُقرص فهو إما أن يكون غير مقصللود أص ل ً
ل ،أو
على أحسن الحوال مقصودا ً تبعًا ،وإنمللا المقصللود الكللبر
والعظم هو مبلغ الهبة .ومما يؤكد ذلك ما صرح به موقللع
الشركة أن من ثمرات النظام أنه "تللم عقللد قللران أربعللة
من الشباب الذين استفادوا مللن هبللات هلذا النظلام .وقلد
امتلك ثلثة من المتسوقين منازل خاصة بعد أن كانوا فللي
منازل مستأجرة " ...إلخ.
ولك أن تتخيل أخي القارئ كم حجللم الهبللات الللتي حصللل
عليها من تمكن من الزواج أو شراء بيت .إنها ل بد أن تبلغ
عشرات اللوف بل المئات منها .أليللس هللذا أوضللح دليللل
على أن المقصود من النظام هو الهبات وليس القللراص؟
349
فالقراص ل تزوج عزبا ً ول تشتري بيتًا .فإذا كللان هللذا هللو
المقصود الحقيقللي مللن النظللام فمللا الللداعي إذن لوجللود
القراص ابتللداء؟ ولللم ل يكللون النظللام اشللتراكات نقديللة
مقابل "هبات" تحصللل بحسللب "قللوة السللوق"؟ الجللواب
واضللح ،فلإن غيللاب الُقللرص يكشللف حقيقللة النظللام وأنلله
مبادلة نقللد بنقللد ،مللن جنللس اليانصلليب .فكللم مللن فقيللر
وأعزب ومستأجر استغنى وتزوج وامتلك بيتا ً بسبب جوائز
اليانصيب ،فهل هذا كاف في الحكللم بللالجواز؟ وهللل بهللذا
تصدر الحكام الشرعية؟
فللإذا كلان المقصللود الحقيقللي والغللب ملن المبادللة هللو
الهبة ،كان الحكم مبنيا ً على ذلك ،فتكون مبادلة نقللد بنقللد
محتمل ،مع التفاضل والتأخير ،فيجتمع فيها الميسر والربا.
وأما الحتجاج بأن هذا من أسللباب مكافحللة الفقللر ،فتللأتي
مناقشته إن شاء الله عند مناقشة النظام بمجموعه.
ضابط الحيل
تتنوع صور التحايل على الربلا والقملار ،إل أن ملن أبرزهلا
أن يضللم صللاحب الحيلللة سلللعة غيللر مقصللودة إلللى أحللد
البدلين ،ثم يزعم أن المقصللود هللو السلللعة وليللس البللدل
المحرم.
ولكن الفقهاء كانوا أكثر فطنة من أصللحاب الحيللل ،ولهللذا
اتفقوا على منع مبادلة نقد بنقد أكثر منه ،ومع النقد الكثر
عجللوة .وذلللك مد ّ َ
سلعة .وهذ المسألة تسمى عندالفقهاءُ :
كمن يبللادل 1000ريللال بسلللعة ومعهللا ،1500فل خلف
بينهم في منع هذه المبادلللة ،وذلللك أن الزيللادة فللي النقللد
المضموم للسلعة ل يقابلها شئ في الطرف الخر .والبائع
ل يقبللل فللي الحقيقللة هللذا التبللادل إذا كللان النقللد الكللثر
حاضرًا ،لنه زيادة بل مقابل ،فتكون خسارة محضة .وإنمللا
يمكن أن يقبل ذلك إذا كللان النقللد الكللثر إمللا مللؤجل ً فللي
الذمة ،فتكون المبادلة في الحقيقة قرضا ً بزيللادة وأدخلللت
السلعة تمويها ً وتحللايل ً علللى الربللا .أو يكللون النقللد الكللثر
محتمل الحصول ،فتكون تحايل ً على الميسر والقمار.
350
وهللذا هللو الحاصللل بالضللبط فللي نظللام "هبللة الجزيللرة":
فالمتسللوق يللدفع 500مقابللل الُقللرص ومعلله .15000
ومعلوم أنه ل يمكن أن يقبل بذلك البللائع إل إذا كلان مبلللغ
الل 15000احتماليا ً قد يحصللل ول يحصللل ،فيكللون وجللود
الُقللرص حيلللة وتلبيس لا ً لحقيقللة المعاملللة وهللي الميسللر
والمقامرة.
ل مللن أن تنطلللي والفقه السلمي بحمد الله أعظللم وأج ل ّ
عليه هذه الحيل المذمومللة ،وإن كللان قللد يقللع خلف بيللن
الفقهاء في بعض المعاملت هل هي من الحيل المذمومللة
أم ل .لكللن فيمللا اتفقللوا عليلله وفللي الدلللة الصللحيحة مللا
يكشف وجه الحق في هذه المسائل ،لن الله تعالى عصم
هذه المة من الجتماع على ضللة .وفي النهاية فإن الللله
عز وجل هو المطلع على قلب كل إنسللان ومللراده ،فمللن
قصد الحق وبحث عنه وتجللرد للللدليل فسلليتبين للله الحللق
ل ،وهو في ذلك مأجور إن شاء الله .ومللن أراد عاجل ً أو آج ً
تتبع الرخص والتلفيللق بيللن الراء بمللا يرضللي هللواه ل بمللا
يرضي موله ،فسيجد عمله عند من ل تخفى عليه خافية.
السماء ل تغير الحقائق
وأما تسميتها بالهبة ،فهو من تسمية الشللياء بغيللر اسللمها
الذي حذر منه النبي صلى الللله عليلله وسلللم فللي أحللاديث
عديدة ،في الصحيح وغيللره .والحكللام الشللرعية ل تتعلللق
بالسماء إذا كانت تنافي الحقائق .فسللواء سللميت هبللة أو
هدية أو مكافأة أو منحة أو غير ذلك من السللماء ،فهللذا ل
يغير حقيقة أنها المقصود الهم في المعاوضة.
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الهديللة قللد تكللون
ل ،كما في قصة الرجل الذي بعثه النبي صلللى رشوة وغلو ً
الله عليه وسلم لجمع الصدقة ،فلما جاء للنبي صلللى الللله
عليه وسلم قال :هذا لكم وهذا أهلدي إللي ،فقلال رسلول
الله صلى اللله عليله وسللم" :أفل قعلدت فلي بيلت أبيلك
وأمك فتنظر أيهدى إليك أم ل ؟" ثم قام خطيبا ً فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال" :أما بعد فإني أسللتعمل الرجللل منكللم
على العمل مما ولني الله ،فيأتي فيقللول هللذا لكللم وهللذا
هدية أهديت لي ،أفل جلس في بيت أبيه وأمه حللتى تللأتيه
351
هديته إن كان صادقًا؟ والله ل يأخذ أحللد منكللم شلليئا بغيللر
حقلله إل لقللي اللله يحملله يللوم القيامللة" الحللديث ،متفللق
عليه ،ورواه أحمد أبو داود.
فهذه التي أسماها الرجل هدية إنمللا هللي سللحت وغلللول،
فمجرد التسمية ل يغير من الحقيقة شيئًا ،وإنمللا هللي مللن
التحايل المذموم على الشرع .ولذلك ذكر البخللاري رحملله
الللله هللذه القصللة فللي كتللاب الحيللل .والتحايللل ل يجعللل
ل ،بللل يزيللده تحريملًا ،لنلله يجمللع بيللن حرمللة
الحللرام حل ً
الفعل وبين حرمة التحايل والتدليس.
فيقال لمن يسمي مبلغ الل 15000ريال ً هبة أو هديللة :هل
جلست في بيت أبيك وأمللك فتنظللر هللل يهللدى إليللك هللذا
المبلغ أم ل؟ فهذه الهدية ل تعطى إل لمللن اشللترى ودفللع
الثمن ،فتكون إذن جزءا ً من المعاوضة ،وليسلت هبلة كمللا
سموها.
وفي صحيح البخاري أن عبد الله بن سلم رضي الله عنلله
قال لبي بردة بن أبي موسى الشعري" :إنك بأرض الربللا
بها فاش ،إذا كان لك على رجلل حللق فأهلدى إليلك حملل
تبن أو حمل شعير أو حمل قت فل تأخذه فإنه ربا" .فللبين
رضي الله عنه أن هذه التي تبدو هدية ظاهرا ً هي ربا فللي
حقيقتها ،وإخراجها على صللورة هديللة ل يغيللر مللن الحكللم
شيئًا .وعبد الله بن سلم رضي الللله عنلله كللان مللن أحبللار
اليهود قبل أن يسللم ،فهللو خللبير بالربلا وصلوره وأنللواعه.
ن
فقوله هذا مبني على علم وخبرة بحقيقة الربا ،مع ما م ل ّ
الله به عليه من العلم والفقه والصحبة.
ولللذلك قللرر شلليخ السلللم أن الهديللة إذا وجللدت لسللبب
أخذت حكم ذلك السبب ،وجعل ذلك من أصول الشللريعة:
"وهو أن كل من أهدي له شئ أو وهللب للله شللئ بسللبب،
فللإنه يثبللت للله حكللم ذلللك السللبب ،بحيللث يسللتحق مللن
يستحق ذلك السبب ،ويثبت بثبوته ،ويزول بزواله ،ويحللرم
بحرمته ،ويحل بحله حيث جاز له قبللول الهديللة .مثللل مللن
ُأهدي له للَقرض ،فإنه يثبت له حكم بدل الَقرض .وكللذلك
من ُأهدي له لولية مشتركة بينه وبين غيره ،كالمام وأمير
الجيش وساعي الصدقات ،فإنه يثبت في الهدية حكم ذلك
352
الشتراك .ولو كانت الهدية قبل العقللد )أي عقللد النكللاح(،
وقد وعدوه بالنكاح فزوجوا غيللره ،رجللع بهللا" )الختيللارات
ص (334وهذا يرجع في النهاية إلى قاعدة الشللريعة فللي
اعتبللار المقاصللد والنيللات ،وهللي قاعللدة كليللة ثبتللت مللن
نصوص متواترة تبلغ حد القطع.
إذا ثبت ذلك فإن ما سمي هبة في هللذه المعاملللة مللا هللو
في الحقيقة إل عللوض عللن الثمللن المللدفوع ،إذ ل يحصللل
علللى الهبلة إل مللن اشللترى ودفلع الثمللن .ولمللا كلان هلذا
العوض هو المقصود أساسًا ،وكان احتماليا ً قد يحصل وقد
ل يحصللل ،فالمعاملللة إذن مللن الميسللر المحللرم بللالنص
والجماع .ول يفيد تسمية العوض الحتمللالي هبللة أو هديللة
إل زيادة الثم والتحريم ،كما سبق.
ثانيًا :حكم النظام بمجموعه
سبق أن مصدر "الهبة" في هللذه المعاملللة هللو مشللتريات
المتسوقين التالين للمتسوق الول ،وكل من يحصل علللى
الهبة إنما يحصل عليها ممن يللأتي بعللده مللن المتسللوقين.
فالطبقات الخيرة من المتسوقين ل تربح الهبة إل إذا وجد
بعدها طبقات جديدة .وهذا يعني أن من يكسب الهبة إنمللا
يكسبها على حسللاب مللن يللأتي بعللده ،وهللذا ل يكسللب إل
على حساب من بعده ،وهكللذا .فالطبقللات الخيللرة دائم لا ً
خاسللرة ،لن المقصللود مللن الثمللن هللو الهبللة كمللا سللبق،
والهبة ل تتحقق إل بوجود طبقات تالية تتحمل هللي الثمللن
لتحصل الهبة لمن سبقهم ،وتحصل هي علللى الهبللة ممللن
بعدهم .فل يوجد من يربح إذن إل بوجود من يخسر ،وهللذا
هو حقيقة أكل المال بالباطل المحرم شرعًا.
أضف إلى ذلك أن من طبيعة النظام الهرمللي الللذي ينشللأ
بهذا السلوب أن الطبقات الدنيا الخاسرة أكبر بكللثير مللن
الطبقات العليا الرابحة .ورياضيا ً فإن نسبة مللن يربللح فللي
الهللرم ل تتجللاوز ،%6بينمللا %94مللن أعضللاء الهللرم
يخسرون .فالغالبية تخسر لكي تربح القلية ،وهللذا مللع مللا
فيه من الظلم وأكل المال بالباطل ،فإنه يؤدي إلللى سللوء
تركيللز الللثروة الللذي تحرملله جميللع الشللرائع الللتي تراعللي
العدالة الجتماعية ،فضل ً عن الشريعة السلمية.
353
فالنظام الهرمي في أصل طبيعته وتكوينه قائم علللى ربللح
القلية في أعلى الهرم على حساب الكثرية ممن دونهللم.
وهذا النظام يجمللع بيللن أكللل المللال بالباطللل وبيللن سللوء
توزيع الثروة وتركيزها في يد القلية ،وهي عين المفسللدة
الللتي تنشللأ عللن الربللا والحتكللار ،وحرمهللا القللرآن بقللوله
تعللالى" :كيل يكللون دولللة بيللن الغنيللاء منكللم" .فل يشللك
عاقل درس هذا النظام وأدرك حقيقتلله وكيفيللة عمللله أنلله
مناقض للشريعة السلمية مناقضة صريحة ،فهو كما قيل:
تصوره كاف في إبطاله.
الغاية ل تبرر الوسيلة
تفخر الشركة في موقعهللا بللأن مللن ثمللرات النظللام زواج
عدد من المتسوقين عن طريق الهبات التي حصلوا عليها،
وتملك بعضهم بيوتا ً بعللد أن كللانوا فللي منللازل مسللتأجرة،
"وما علم الله به أكثر وأعظم ".ثللم أشللاروا إلللى مللا لهللذا
النظللام مللن "الثللر الكللبير فللي مكافحللة الفقللر والرتفللاع
بمستوى المعيشة بإذن الله تعللالى .ومعلللوم أن الشللريعة
الغراء من مقاصدها رفع الفقر عن المسلللمين" إلللى آخللر
ما جاء فيه.
وأول ما يلحظ هنا هو العتماد على مقاصد الشللريعة بعللد
أن كانت مغيبة عند تبرير بيللع الُقللرص وأنلله عللوض الثمللن
المدفوع .فإن كانت العبرة بالمقاصد فما الحاجة إذن لللبيع
القراص؟ إن هذه القراص ل تسللمن ول تغنللي مللن جللوع
في مكافحة الفقر وتزويج الشباب وإيواء المشردين .وكما
سبق ،فإن هذا مللن أوضللح الدلللة علللى أن المقصللود مللن
النظام هو الهبات وليللس القللراص ،فللالواجب إذن تقللويم
النظام بهذا العتبار .ولكن هذا يعني أن النظام ل يعدو أن
يكون صورة من الميسر ،لنه نقد مقابللل نقللد قللد يحصللل
وقد ل يحصل.
ونقول ثانيًا :ل ريب أن مكافحة الفقر من مقاصد التشريع
السلمي ،لكن الغايللة ل تللبرر الوسلليلة ،فل يجللوز سلللوك
طرق غير مشروعة لتحقيق الهللدف المشللروع .وقللد كللان
الميسر في الجاهلية يتباهى به العرب في إعطاء المحتللاج
والفقير ،ومع ذلللك نللزل القللرآن بتحريملله قطع لًا .كمللا أن
354
اليانصيب الحكومي في دول الغرب وغيرها هدفه مكافحة
الفقر وعلج المرضى وتوظيف العاطلين ،وغيللر ذلللك مللن
الهداف الجتماعية .فهل هذا يجعل اليانصلليب مشللروعًا؟
إن اللله تعللالى طيلب ل يقبلل إل طيبلًا ،فملن رام تحقيللق
الهداف النبيلة فل بد له من سلوك الطرق المناسبة لهذه
الهداف.
ونقول ثالثًا :إن هذا النظام هو نفسلله مللن أسللباب الفقللر،
لنه يركللز الللثروة فللي أيللدي القلللة القليلللة علللى حسللاب
الكثرة الكاثرة ،كمللا سللبق .فللإن كللان الهللدف هومكافحللة
الفقر ومحاربة تركيز الللثروة ،فللالواجب منللع هللذا النظللام
ومحاربته .وهذا يؤكد أن الوسائل المحرمة ل تفضللي إلللى
مصالح مشروعة ،بل إلى مفاسد محرمة .ومن نظللر إلللى
الوسللائل وأعللرض عللن المللآلت ،أو نظللر إلللى المللآلت
وأعرض عن الوسائل ،وقع في التناقض ول بد .ومن جمللع
بينهمللا ائتلفللت عنللده المقاصللد والحكللام ،واتفللق الحكللم
الخاص بالعقد مع الحكللم العللام للنظللام بمجمللوعه ،وهللذا
بحمد الله بّين لكل منصف.
الخلصة
إن نظام هبة الجزيرة يجمع بين الميسر والربا ،مع ما فيلله
من التحايل المذموم ،فهو محرم شرعًا .وبيان ذلك:
.1إن المقصود الهم من الشراء هو الهبة ،وهذا هو شللأن
العقلء الذين تتعللق بهلم الحكللام الشللرعية ،وهللو الواقلع
الذي ثبت بالرؤية والمشاهدة ،وباعتراف أصحاب الشللركة
أنفسهم .والُقرص مللا هللو إل سللتار وحيلللة لخفللاء حقيقللة
المعاملة.
.2إن المعاملللة بللذلك تصللبح مبادلللة بيللن 500نقللدا ً و
15000محتملللة ،وهللذا يجمللع بيللن القمللار وبيللن الربللا،
وكلهما محرم بالنص والجماع.
.3إن النظام بمجموعه هو النظللام الهرمللي القللائم علللى
أكل المال بالباطللل وربللح القليللة علللى حسللاب الكثريللة،
وكلهما محرم أيضا ً بالنص والجماع.
وختاما ً ندعو كل مللن يرتللاب فللي صللحة هللذه النتللائج إلللى
النظر في حقيقة هذه المعاملة وغايتها ،والنظر فللي واقللع
355
ل ،ثللم عللرض هللذه المتعللاملين ومللا الللذي يسللعون للله فع ً
الحقيقللة وهللذه الغايللة علللى قواعللد الشللريعة وأحكامهللا
ومقاصلللدها .فالحكلللام الشلللرعية تبنلللى عللللى الحقلللائق
والمقاصد ،ل على الصور والمظاهر إذا ناقضت الحقائق.
اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل ،فللاطر السللماوات
والرض ،عالم الغيلب والشلهادة ،أنلت تحكلم بيلن عبلادك
فيما كانوا فيه يختلفون ،اهدنا وإخواننا لما اختلف فيه مللن
الحق بإذنك ،إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
والحمد لله رب العالمين.
==============
#موقف السلف من التورق المنظم
د .سامي بن إبراهيم السويلم 3/11/1426
05/12/2005
الحمد لله رب العللالمين ،والصلللة والسلللم علللى أشللرف
النبياء وسيد المرسلين ،محمد بللن عبللد الللله ،وعلللى آللله
وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد.
فقد انتشر التمويل من خلل التورق المنظم في السنوات
الخيرة بصورة غير مسبوقة ،واسللتفحلت بسللببه مديونيللة
الفراد ،وترافق ذلك مع تدهور توزيع الدخل وارتفاع تركيز
الثروة بدرجة ملحوظة.
وقد نتج عن انتشار هذا التمويل لدى المصارف السلللمية
تساؤلت جوهرية حول حقيقة التمويل السلمي والرسالة
التي وجدت المصارف السلمية أص لل ً مللن أجلهللا .فبينمللا
كان دعم التنمية والسهام في النشاط الحقيقي للقتصللاد
على رأس قائمة أهللداف المصللارف السلللمية ،مللن خلل
المشللاركة والستصللناع والجللارة ونحوهللا مللن المبللادلت
الحقيقية ،تراجعت هذه الهداف بعد بروز التورق المنظم،
وحل محلها أهداف ”أكللثر واقعيللة“ ،تقتصللر علللى تحقيللق
الربح من خلل تقديم النقد الحاضر مقابل أكللثر منلله فللي
الذمة ،مع توسيط سلع ل أثر لها في النشاط الحقيقللي أو
في توليد قيمة مضافة للقتصاد.
356
وهكذا صار التللورق المنظللم سللببا ً فللي الللتراجع عللن أهللم
أهداف المصارف السلمية ،وسببا ً لتشكيك الكثيرين ،مللن
المسلمين وغير المسلمين ،في جدوى التمويل السلللمي
ل ،وما إذا كانت هناك فروق فعلية بينلله وبيللن التمويللل أص ً
الربوي.
ولذلك لم يكن غريبا ً وقوع النزاع بين الفقهللاء المعاصللرين
حول مشروعية هذا النمط من التمويل ،وتتابع المناقشات
والمداولت بشأنه عبر سلسلة من الندوات والمللؤتمرات،
كان خاتمتها اجتماع مجمع الفقه السلللمي التللابع لرابطللة
العالم السلمي ،والذي صدر قراره فللي أواخللر 1424هل ل
بمنع التورق المنظم وأنه يأخذ حكم العينة الثنائية.
وقلللد قلللدمت العديلللد ملللن البحلللوث والدراسلللات حلللول
الموضللوع ،بيللن مؤيللد ومعللارض .انصللب معظمهللا حللول
الستدلل بشتى أنواع الدلة حللول مللدى مشللروعية هللذه
الصيغة من عدمه .لكنها تكاد تتفق علللى أن هللذه الصلليغة
تبدو مستحدثة وغير مطروقة في مصادر الفقه السلللمي
ومدوناته.
لكن تبين أن هذه الصيغة كانت معروفة منللذ القللرن الول
للهجرة ،وأن فتاوى السلف بشأنها كانت صريحة وحاسمة
في منعها .ونظرا ً لغياب هذه الحقيقة عن كثيرين ،جاء هذا
البحث ليسلط الضوء على هذا الجانب ،وليسهم فللي بنللاء
تصللور أكللثر موضللوعية ومصللداقية فللي هللذه المسللألة
الخلفية.
ولتتضح الصورة للقارئ نمهد بتحديللد المصللطلحات محللل
البحث:
مفهوم التورق وأنواعه
التورق أو التورق الفللردي :هللو الحصللول علللى النقللد مللن
خلل شراء سلعة بأجلل ثللم بيعهلا نقلدا ً لطلرف آخللر غيلر
البائع.
التورق المنظم :هو أن يتولى البائع ترتيب الحصللول علللى
النقد للمتورق ،بأن يبيعه سلعة بأجل ثم يبيعهللا نيابللة عنلله
نقدا ً ويقبض الثمن من المشتري ويسلمه للمتورق.
357
التورق المصرفي :كثيرا ً ما يستخدم هذا المصللطلح رديف لا ً
للتورق المنظللم .لكللن يمكللن التمييللز بينهمللا بللأن التللورق
المصرفي هو تورق منظم يسبقه مرابحة للمللر بالشللراء،
حيث المر بالشراء هللو المتللورق .والسللبب أن المصللارف
في الغالب ل تملك سلعا ً ابتللداء ،فللإذا رغللب العميللل فللي
الحصللول علللى النقللد مللن خلل التللورق المنظللم عللبر
المصللرف ،تطلللب المللر شللراء المصللرف السلللعة لمللر
المتورق ،ثم بيعها عليه بأجل ،ثم بيعها نقدا ً وتسلليم النقللد
للعميل.
فتاوى السلف في التورق المنظم
.1المام سعيد بن المسيب )94هل(
وهو أعلم التابعين ،وأفقه الناس في البيوع ) .(1كان يفتي
والصحابة رضي الله عنهم أحياء ،وكان عبد الللله بللن عمللر
سللئل عللن شللئ يشللكل عليلله يقللول: رضي الله عنهما إذا ُ
)سلوا سعيد بن المسيب فإنه كان يجالس الصالحين().(2
روى عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن داود بللن أبللي عاصللم
عينلة، الثقفي أن أخته قالت له :إني أريد أن تشتري متاعا ً ِ
فاطلبه لي .قال :فقلت فإن عندي طعامًا] ،قللال [:فبعُتهللا
طعاما ً بذهب إلى أجل ،واسَتوفَْته .فقالت :انظللر لللي مللن
يبتاعه مني .قلت :أنا أبيعه لك .قال :فبعتها لها .فوقع فللي
ت سللعيد َ بللن المسلليب فقللال: نفسي من ذلك شئ .فسأل ُ
)انظر أل تكون أنت صاحبه؟( قال :قلت فأنا صاحبه .قال:
”فذلك الربا محضًا ،فخذ رأسمالك ،واردد إليهللا الفضللل“،
هذا لفظ عبد الرزاق.
ولفظ ابن أبي شيبة :عن داود بن أبي عاصم أنله بلاع ملن
أختلله بيع لا ً إلللى أجللل ،ثللم أ َ
مَرت ْلله أن يللبيعه ،فبللاعه .قللال:
ت سللعيد بللن المسلليب فقللال) :أبصللر أل يكللون هللو فسأل ُ
أنت؟( قلت :أنا هللو .قللال) :ذلللك الربللا ،فل تأخللذ منهللا إل
رأسمالك( ).(3
وهذا الثر يتضمن عددا ً من الدللت المهمة:
.1إن هذه المعاملة التي تمت بين داود وأختله كلانت ملن
التورق المنظم ،لن داود هو اللذي بلاع السللعة بأجلل ثلم
358
تولى بيعها نقدا ً نيابة عن أخته لطرف ثالث .ويدل على أن
البيع النقدي كان لطرف ثالث أمور:
مَرْته أن يللبيعه( ،وهللذا صللريح أنله نلائب • التصريح بأنها )أ َ
عنها في البيع ،ل أنه هو المشتري.
ك( .وهذا معناه أنه يللبيع نيابللة عنهللا ،ل • قوله) :أنا أبيعه ل ِ
أنه يشتري منها ،وهذا معروف عند السلف ،إذا قال :أبيعه
لللك ،أي أبيعلله لمصلللحتك نيابللة عنللك ) .(4ولللو كللان هللو
المشتري لقال :أنا أبتاعه منك.
• قولها) :انظر لي من يبتاعه مني( ،وهذا يللدل علللى أنهللا
طلبت البحث عن المشتري بعد شرائها مللن أخيهللا بأجللل،
ولو كان المقصود أن يشللتريها هللو نفسلله لمللا كللان هنللاك
حاجة للبحث عن مشتر.
• أن عبد الرزاق وابن أبي شيبة ذكرا هذا الثللر فللي بللاب
آخر خلف أبواب العينة الثنائية ).(5
فهذه المعاملة من باب التورق المنظم وليست من العينلة
الثنائية التي ترجع فيها السلعة للبائع.
.2إن فتوى سعيد بن المسيب رحملله الللله كللانت بتحريللم
هذه المعاملة لنها ربا ،بل وصفها بأنها )الربا محض لًا( ،وأن
داود ليس للله مللن أختلله إل رأسللماله الللذي يعللادل الثمللن
النقدي ،وتبطل الزيادة فوق ذلك.
.3إن فتللواه رحملله الللله كللانت حاسللمة وواضللحة ،وهللذا
يشعر أن هذه المعاملة للم تكلن جديلدة عللى سلعيد ،بلل
وقف عليها وعلم حكمهللا قبللل ذلللك .وإذا كللان سللعيد بللن
المسيب رحمه الله لقي جمعا ً كبيرا ً مللن الصللحابة ،وكللان
صهر أبي هريللرة رضللي الللله عنلله ،وكللان مقيملا ً بالمدينللة
النبوية وفيها أصحاب النبي صلى الله عليلله وسلللم ،وكللان
أعلم الناس بأقضية النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكللر
وعمر ،فَيبعد والحللال كلذلك أن تكلون هللذه الفتلوى ،بهلذا
الجزم ،محض اجتهاد منه رحملله الللله ،بللل القللرب أن للله
فيها سلفا يتصل بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
مت معاملتها عينة ،لنها قالت :أريد أن .4أن أخت داود س ّ
تشتري متاعا ً عينة ،مع أن مقصودها ليللس العينللة الثنائيللة
وإنما التللورق .فللدل علللى أن التللورق كللان يسللمى عينللة.
359
ويؤيللد ذلللك مللا رواه ابللن أبللي شلليبة فللي المصللنف عللن
سليمان التيمي) :أن إياس بللن معاويللة كللان يللرى التللورق
يعني العينة( ) .(6ففسللر التللورق بللأنه عينللة .وسلليأتي إن
شاء الله ما يؤكد ذلك عند الفقهاء.
.2الحسن بن يسار البصري )110هل(
ل ،وفقيلله البصللرة ومفتيهللا.من سادات التابعين علما ً وعم ً
قال أبو قتادة :ما رأيت أحدا ً أشبه برأي عمر بن الخطللاب
ت علللم الحسللن إلللى أحللد مللن منه .وقال قتادة :ما جمع ل ُ
ت له فضل ً عليه ،غيللر أنله إذا أشللكل عليله العلماء إل وجد ُ
شئ كتب فيه إلى سعيد بن المسيب ).(7
روى عبد الرزاق عن أبي كعب ،عبد ربه بللن عبيللد الزدي،
أنه قال :قلت للحسن :إني أبيع الحرير ،فتبتاع مني المرأة
والعرابي ،يقولون :بعلله لنللا فللأنت أعلللم بالسللوق .فقللال
الحسللن) :ل تبعلله ،ول تشللتره ،ول ترشللده ،إل أن ترشللده
إلى السوق(.
وروى أيضا ً عللن رزيللق بللن أبللي سلللمى أنلله قللال :سللألت
الحسن عن بيع الحرير ،فقال) :بع واتق الله( .قللال :يلبيعه
لنفسه؟ قال) :إذا بعته فل تدل عليه أحللدًا ،ول تكللون منلله
في شئ .ادفع إليه متاعه ودعه( ).(8
وهذا الثر يتضمن عددا ً من الدللت:
.1قوله :إني أبيع الحرير ،كان الغالب آنذاك هو اسللتعمال
الحرير للحصول على النقد من خلل شرائه بأجل ثم بيعلله
نقدًا ،ولهذا قال ابلن عبلاس رضللي اللله عنله فلي العينللة:
)دراهم بدراهم وبينهما حريرة (.وتسمى العينة أحيانًا) :بيع
الحريرة( ) ،(9وسلليأتي مللا يؤيللد ذلللك مللن كلم الفقهللاء.
ويفهم أن أبا كعللب ربمللا بللاع بأجللل لمللن يريللدون العينللة،
ولهذا قال الحسن في الرواية الثانية) :بللع واتللق الللله( أي
لكثرة ما يلبس بيع الحرير من الوقوع في العينة بصللورها
المختلفة.
.2إن جواب الحسن صريح في منللع البللائع بأجللل مللن أن
يتدخل بأي صورة مللن الصللور لتحصلليل النقللد للمشللتري،
ولهذا قال) :ل تكون منه فيه شئ ادفع إليه متاعه ودعلله(.
وهذا يقتضي منع توسط البائع بأجل لمن يريد النقللد حللتى
360
لو كان بمجرد الدللة على من يشتريه نقللدًا ،وهللذا صللريح
في منعه للتورق المنظم.
.3وقول الحسن رحملله الللله) :ل تبعلله( أي ل تبللع الحريللر
نيابة عمن اشتراه منك بأجل ،وهذا منللع للتللورق المنظللم.
وقوله) :ول تشللتره( أي ل تشللتره منلله ،وهللذا منللع للعينللة
الثنائية .وقوله) :ول ترشده( أي ل تدله علللى مللن يشللتريه
منه نقدًا .وقال في الرواية الخرى) :إذا بعته فل تدل عليه
أحللدًا( يعنللي والللله أعلللم إذا بعللت الحريللر واشللتراه منللك
المتورق فل تللدل عليلله مللن يشللتري منلله بنقللد .فمجمللوع
الروايتين منعٌ للدللة من الجهتين .وعلللى كللل تقللدير فهللو
نهي عن التدخل في عملية التورق ،ولهذا قال) :ادفع إليلله
متاعه ودعه(.
.4إن هذا التللدخل ممنللوع وإن كللان المشللتري ل يحسللن
التعاملللل فلللي السلللوق ،لقلللوله) :فتبتلللاع منلللي الملللرأة
والعرابي ،يقولون :بعه لنللا فللأنت أعلللم بالسللوق( ،ومللع
ذلك نهاه الحسن رحمه الله عن التللدخل ،لعلملله أن مللراد
هؤلء النقد .ولو كان هذا المراد حلل ً طيبا ً لكللانت العانللة
عليه مشروعة مطلوبة .فلما كللانت العانللة علللى تحصلليل
النقد بهذا الطريللق ممنوعللة ،علللم أن هللذا الغللرض محللل
شبهة على أقل تقدير.
.3المام مالك بن أنس )179هل(
إمام دار الهجرة ،وعالم المدينللة الللذي ضللربت إليلله أكبللاد
البل في طلب العلم ،فلم يجد الناس أعلم منه ،كمللا ورد
في الحديث النبوي ).(10
ت مالكلا ً عللن الرجللل يللبيع السلللعة قال ابن القاسم) :سأل ُ
ب الللبيع بينهمللا قللال المبتللاعج َ
بمائة دينار إلى أجل ،فإذا و َ
للبائع :بعها لي من رجل بنقللد فللإني ل أبصللر الللبيع .فقللال
مالك :ل خير فيه ،ونهى عنه( ).(11
ويلحظ من هذا النص:
ن القاسلم عنهلا مالكلا ً هلي سلأل ابل ُ .1أن المعاملة اللتي َ
عماد التورق المنظم ،لن المشتري بأجل يطلب من البائع
أن يبيع السلعة نقدا ً نيابة عنلله لرجللل آخللر .فقللوله) :فللإذا
ب البيع بينهما قال المبتلاع للبلائع :بعهللا للي مللن رجلل ج َ
و َ
361
بنقد( ،أي قال المشللتري للبللائع :بعهللا لللي ،أي بعهللا نيابللة
عني ،كما سبق .وقوله) :من رجللل( أي غيللر البللائع نفسلله
كما هو ظاهر.
.2إن المام مالكا منع هذا التعامللل بقللوله) :ل خيللر فيلله(
وبنهيه عنه أيضًا .ونحللوه مللا جللاء فللي النللوادر والزيللادات:
)قال مالك :ول يلي بيعها لمبتاعها منلله يسللأله ذلللك .قللال
أشهب :ل خير فيه.(12) (.
وهذا يوافق فتوى سعيد بن المسيب رحمه الله فللي هللذه
المسألة .ول غرابة في ذلك ،فالمام مالك وارث علم أهل
المدينة قبله ،ومن أبرزهم سعيد بن المسيب.
.3وقول المشتري) :إني ل أبصر البيع( هو نفللس التعليللل
سئل عنه الحسن البصري رحمه الله .ومع ذلك فللإن الذي ُ
الجابة كانت حاسمة بالمنع .وهذا يؤكد أنه لو كان مقصود
المشتري من تحصيل النقد بهذا السلللوب أمللرا ً مشللروعا ً
ومحمودًا ،لكانت إعانته عليه محمودة كللذلك ،فلمللا كللانت
العانة مذمومة ،علم أن هذا السلوب غير محمود أص ً
ل.
.4وقول المام مالك هذا رحمه الللله يوافللق مللا ورد عنلله
مللن مسللائل التللورق الللتي ذكرهللا عنلله أصللحابه ،وتتفللق
جميعها على أن أي تدخل للبائع لتسهيل التللورق للمتللورق
يجعل المعاملة محرمة ).(13
.4المام محمد بن الحسن الشيباني )189هل(
دث ،صللاحب أبللي حنيفللة ومللن أئمللة الفقيه المجتهد المحل ّ
المذهب الحنفي.
وقد جاء عنه أكثر من نص:
)أ( جاء في كتاب الصل) :ولو باعه لرجل ،لم يكلن ينبغلي
للله أن يشللتريه بأقللل مللن ذللك قبللل أن ينقللد ،لنفسلله ول
لغيره .ول ينبغللي للللذي بللاعه أن يشللتريه أيضلا ً بأقللل مللن
ذلك ،لنفسه ول لغيره ،لنه هو البائع( ).(14
.1ذكر محمد بن الحسن رحمه الله هذا النص بعد أن ذكر
صورة العينة الثنائية ،وهي أن يبيع الشخص السلللعة بثمللن
مؤخر ثم يشتريها بثمن حاضللر ،ويسللميها فقهللاء الحنفيللة:
)شراء ما باع بأقل مما بللاع قبللل انتقللاد الثمللن( ،وبي ّللن أن
هذا الشراء مللردود .ثللم بعللد أن تعللرض لبعللض التفاصلليل
362
انتقل إلى المسألة التي نحللن بصللددها ،وهللي مللا إذا كللان
الشراء أصالة أو وكالة.
.2قوله) :ولو باعه لرجل( ،سبق أن عبارة )باع له( تعنللي
باع لمصلحته ونيابة عنه .فقوله :ولو بللاعه لرجللل ،أي بللاع
المبيع لمصلحة رجل آخللر ،فالللذي يباشللر الللبيع هنللا وكيللل
ونائب عن مالك المبيع .ثللم قللال) :للم يكللن ينبغللي للله أن
يشتريه بأقل من ذلك قبللل أن ينقللد (.أي لللم يكللن ينبغللي
للمالللك الصلليل أن يشللتري المللبيع بأقللل .فيكللون معنللى
العبارة :لو وكل مالللك السلللعة مللن يبيعهللا نيابللة عنلله ،فل
يجوز للصليل أن يشلتري السللعة بأقلل قبلل انتقلاد ثملن
الشللراء .وقللوله) :لنفسلله ول لغيللره( أي ل ينبغللي للله أن
يشتري سواء كان الشللراء لنفسله أو لغيللره .وواضللح مللن
ذلك أنه ل يلزم أن ترجع السلعة للمالك الصلي ،ومع ذلك
حكم المام محمد بمنع هذا الشراء.
.3ثم قال) :ول ينبغي للذي بللاعه أن يشللتريه أيض لا ً بأقللل
من ذلك لنفسه ول لغيره ،لنلله هللو البللائع (.وقللوله )الللذي
بللاعه( يريللد الوكيللل الللذي باشللر الللبيع نيابللة عللن المالللك
الصلي .فيكون معنى العبارة :ل يجوز للوكيل الذي باشللر
البيع أن يشتري المبيع بأقل من الثمن الللذي بللاع بلله قبللل
أن ينقد المشتري الثمن .وقوله) :لنفسه ول لغيللره( أي ل
يصح الشراء ،سواء كان الشراء لمصلحة الوكيل نفسلله أو
لمصلحة غيره .وواضح مرة أخرى أن المنع ل يشترط فيلله
أن تكون السلعة قد عادت للمالللك الصلللي ،بللل قللد تبللاع
لطرف ثللالث ،وبللذلك تكللون المعاملللة مللن صللور التللورق
وليس العينة الثنائية ،وهو تأكيد لمفهوم العبللارة السللابقة.
وسيأتي من كلم فقهاء الحنفية ما يؤكد هذه النتيجة.
.4إن هذا الحكم ليس رأيا ً خاصا ً بالمام محمد وحده ،بللل
هو رأي أئمة المذهب :أبي حنيفة )150هل( ،والقاضي أبللي
يوسف )182هل( ،بالضافة لمحمد بن الحسن ،رحمة الللله
عليهم جميعًا .ولهللذا كللان كتللاب الصللل مللن كتللب ظللاهر
الرواية ،أي الكتب المعتمدة في المللذهب الحنفللي .ولهللذا
السبب وجدنا هذا الحكم منصوصا ً عليه في كتللب الفقهللاء
ممن بعدهم.
363
ففي تبيين الحقائق للزيلعي ،بعد أن ذكر المنع مللن شللراء
ما باع بأقل مما باع ،قال) :وكذا لللو وك ّللل رجل ً بللبيع عبللده
بألف درهم ،فباعه ،ثم أراد الوكيل أن يشتري العبللد بأقللل
مما باع ،لنفسه أو لغيره بأمره ،قبل نقد الثمن ،لم يجللز(.
) (15ويزيد ابن عابدين فللي حاشلليته هللذا المعنللى تأكيللدا ً
فيقول) :فأفاد أنه لو باع شلليئا ً أصللالة بنفسلله أو وكيللله أو
وكالللة عللن غيللره ،ليللس للله شللراؤه بالقللل ل لنفسلله ول
لغيره.(16)(.
.5وهذه العبارات من فقهاء المذهب عبر القرون صريحة
في منع هذا التعامل أصالة أو وكالة ،في أي من العقللدين:
البيع أو الشراء .وتعليلهم لهذا المنع يعكس حرصهم علللى
سد البللاب مللن أصللله .فيعلللل الزيلعللي المنللع مللن شللراء
الوكيل لنفسلله بقللوله) :أمللا شللراؤه لنفسلله فلن الوكيللل
بالبيع بائع لنفسه في حق الحقوق ،فكان هذا شللراء البللائع
من وجه ،والثابت من وجه كالثابت من كل وجه فللي بللاب
الحرمات (.ثم يعلل المنع من الشراء لغيره بقللوله) :وأمللا
لغيره فلن شللراء المللأمور واقللع للله مللن حيللث الحقللوق،
فكان هذا شراء ما باع لنفسه من وجه (.وذكر ابن عابدين
تعليل الزيلعي وأقره.
.6إن هللذه النصللوص تؤكللد أن مللن بللاع سلللعة بثمللن
مؤخر،لم يجللز للله أن يشللتري هللذه السلللعة ل لنفسلله ول
لغيره ،حتى لو كان فللي الللبيع الول وكيل ً يعمللل لمصلللحة
غيره ،حتى لو لم ترجع السلعة لمالكها الول .وهللذا إغلق
محكم لكل أنواع الوساطة في هذا الباب ،حللتى لللو كللانت
المعاملة من باب التورق وليس العينة الثنائية.
)ب( النص الخر جللاء فللي كتللاب الجللامع الصللغير) :رجللل
مَره أن يتعّيللن عليلله حريللرًا. ك ََفللل عللن رجللل بللأمره ،فللأ َ
فالشرى للكفيل والربح الذي ربحه البائع عليه( ).(17
وفي هذا النص وقفات:
.1قال الشراح :قوله )يتعّين( ،أي يتعامل بالعينة ،كما هللو
المعنى اللغوي .ومعنى العينة عند فقهاء الحنفيللة :هللي أن
يطلب الرجل من التاجر قرضًا ،فيأبى أن يعطيه التاجر إل
بربح ،ويخاف الوقوع في الربا .فيبيعه سلللعة قيمتهللا نقللدا ً
364
مثل ً عشرة بخمسة عشر مؤجلللة ،فيبيعهللا المحتللاج للنقللد
في السوق بعشرة ،فيحصل للله عشللرة نقللدا ً وفللي ذمتلله
خمسة عشر للبائع .قالوا :وهي مذمومة شرعًا ،وجاء فيها
الحديث) :إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقللر ورضلليتم
بالزرع وتركتم الجهاد ،سلط الله عليكم ذل ً ل ينزعه حللتى
ترجعوا إلى دينكم( ).(18
.2يلحللظ أن الحنفيللة عّرفللوا العينللة بمللا يشللمل مفهللوم
التورق ،وهذا يؤكد ما سللبق عللن السلللف مللن أن التللورق
يندرج ضمن العينة .وليس هذا خاصا ً بفقهللاء الحنفيللة ،بللل
يوافقهم فيه المالكية ،ونص عليه المام أحمد ).(19
كما يلحظ أن قللوله ”أمللره أن يتعي ّللن عليلله“ يشللبه قللول
أخللت داود بللن أبللي عاصللم فللي أثللر سللعيد بللن المسلليب
السابق حين قالت) :أريد أن تشتري متاعا ً عينة( ،فكلهما
أمٌر بالعينة.
.3مضمون هذه الصيغة أن المللر محتللاج للنقللد ،فيطلللب
من المأمور أن يشتري حريرا ً لمصلحة المر بثمن مؤجل،
ثم يبيع المأمور الحرير بنقد ،أقل من الثمن الجل بطبيعللة
الحال ،ويسلم النقد للمر أو يللوفي بلله الللدين الللذي كفلله
عنه .والصل فللي هللذه الحالللة أن يطللالب المللأموُر الم لَر
بالثمن الجل ،لن الخير هو المشتري للسلعة أصالة.
لكن محمد بن الحسن يرى أن المأمور ليس له أن يطالب
المر بالثمن الجل ،ولهذا قال) :فالشرى للكفيللل ،والربللح
الذي ربحه البائع عليه( .أي أن الثمن الجل يثبت في ذمللة
المأمور أمام البائع ،ول يثبت في ذمة المر أمام المللأمور،
لن الشللراء ل يكللون للمللر ،بللل للمللأمور .وعليلله فللإن
المأمور ل يطالب المر إل بمقدار النقد الللذي سلللمه إيللاه
أو وّفى به عنه ،دون أي زيادة.
وهذا يقتضي تحريم هللذه الزيللادة ،لن الصللل أن يطللالب
ل ،إذ الشللراء فللي الصللل المأموُر المَر بالثمن الجل كللام ً
للمر لنه هو المحتاج للنقد .فإذا بطللل كللون الشللراء للله،
امتنع أن يطالب المللأموُر الملَر بالزيللادة علن النقلد الللذي
سلمه إياه .وهذا يستلزم تحريللم إثبللات الزيللادة فللي ذمللة
المر ،ولول ذلك لما حكم ببطلنها.
365
وهذا مطابق لفتوى سعيد بن المسيب حيللن أمللر داود بللن
أبي عاصم أن يرد الزيادة لخته ول يأخذ إل رأسماله الذي
يعادل الثمن النقدي ،كما سبق .فأقوال محمد بن الحسللن
وسعيد بن المسيب متفقللة علللى أن الزيللادة علللى الثمللن
النقدي باطلة ول تثبت في ذمة المر بالعينة.
.4وهذا الحكم ليس رأي محمد بن الحسن وحده ،بل هللو
قول أئمة المللذهب ،لن كتللاب الجللامع الصللغير مللن كتللب
ظاهر الرواية المعتمدة في المذهب الحنفللي .ومللع اتفللاق
فقهللاء المللذهب علللى هللذا الحكللم إل أنهللم اجتهللدوا فللي
تعليله .فعلله بعضهم بللأنه ضللمان مللن المللر لمللا يخسللره
المأمور بالفرق بين الثمن الجللل والثمللن النقللدي ،قللالوا:
وضمان الخسران باطللل .وعلللله بعضللهم بللأنه توكيللل مللع
جهالة مقدار السلعة والثمللن ،فهللي وكالللة باطلللة .لكنهللم
متفقون على أن المأمور به هللو العينللة المذمومللة ،وعلللى
أن الزيادة ل تثبت في ذمة المللر .ول حاجللة للتعليللل بعللد
ذلك بأكثر من أن هذه المعاملللة مللن العينللة المنهللي عنهللا
بنص الحديث ،فل تثبت الزيادة فللي حللق المللر لنهللا ربللا،
ويتحملها المأمور لنه هللو الللذي باشللر الشللراء .وإذا علللم
المأمور أنه ل يحق له مطالبة المر بالزيادة فللإن سلليمتنع
من هذا التعامل أساسًا.
.5وموقف محمد بن الحسن هذا يؤكده عبارته المشهورة
م،في العينة) :هللذا الللبيع فللي قلللبي كأمثللال الجبللال ،ذميل ٌ
اخترعه أكلة الربا( ) .(20وهذا الذم ل يقتصر علللى العينللة
الثنائية ،كما تأوله البعللض ،بللل يشللمل الوسللاطة بللالتورق
كما سبق صريحًا.
ملحظات عامة
.1إن اتفاق هؤلء العلمللاء علللى منللع هللذه المعاملللة ،مللع
تباين مناهجهم ،ما بين أهل الللرأي وأهللل الحللديث ،وتعللدد
مدارسهم ،ما بين المدينة إلى البصرة إلى الكوفللة ،يشللير
إلى أن منعها يستند إلى أصل صحيح يتفقون عليه جميعللًا،
أل وهو منع العينة وذمها ،إذ يقتضي هللذا سللد البللاب أمللام
اتخاذ البيع ذريعة للحصول عللى النقلد الحاضلر بلدين فلي
الذمة أكثر منه.
366
وسبق أن الوكالة بالتورق إعانة ومساعدة للمحتاج للنقللد،
فإذا كانت ممنوعة دل ذلللك علللى أن تحصلليل النقللد بهللذا
الطريق من العينة المذمومة شرعًا.
.2إن الفتاوى السابقة تمنع توسط البللائع لتحصلليل النقللد
حللتى بللدون تواطللؤ أو اتفللاق مسللبق بيللن المتللورق وبيللن
البائع ،كما يظهر من سياق النصوص المنقوللة عنهلم .وإذا
كان هذا ممنوعا ً مع غياب التواطؤ ،فهو مللع وجللوده أولللى
بالمنع .والتورق المنظللم بالصللورة الللتي يطبللق بهللا اليللوم
يظهر فيها التواطؤ ظهورا ً ل مزيد عليه ،فالقول بمنعه إذن
آكد وأوجب.
.3إن قرار مجمع الفقه السلمي بمنللع التللورق المنظللم،
مع عدم اطلع أعضائه فيما يبدو على أقوال السلللف فللي
هذا الخصللوص ،يشللهد علللى كمللال هللذه الشللريعة الغللراء
وربانيتها وعصمتها ،فالكل يصدر عن مشكاة واحدة تعصلم
من تمسك بها عن النحراف ،وتهديه إلى المحجة البيضللاء
الللتي سللار عليهللا السلللف الصللالح ،مهمللا باعللدت بينهللم
القرون وتطاولت بهم الزمان.
.4وكون هذه المعاملة معروفة منذ القرن الول الهجري،
وكانت مواقف السلف منها بهذا الحسللم والوضللوح ،دليللل
على أن مسيرة التمويل السلمي اليوم بحاجللة لمراجعللة
جادة .فانتشار التورق المنظم والمصلرفي تراجلع وتقهقلر
للتمويللل السلللمي مللن جهللتين :الولللى أن هللذه الصلليغة
ممنوعلللة منلللذ القلللدم ،وبلللدل ً ملللن إيجلللاد صللليغ وأدوات
مشلللروعة ،تتجللله المؤسسلللات السللللمية إللللى الصللليغ
المشبوهة والممنوعة .الثانية أنها صيغة قديمة ليللس فيهللا
جديد ،حتى لو غضضنا الطرف عن مللدى مشللروعيتها .إن
منهج تصميم الدوات والصيغ المالية السائد بحاجة حقيقية
إلى إعادة نظر ،والبحللث عللن منهجيللة أكللثر إبللداعًا ،وفللي
الوقت نفسه أبعد عن الشبهات.
والله تعالى المسؤول أن يهدينا إلى الحق فيما اختلف فيه
بإذنه ،إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
والحمد لله رب العالمين.
367
] [1انظر :الفتاوى الكللبرى ،دار الكتللب العلميللة6/614 ،؛
القواعد النورانية ،دار ابن الجوزي ،ص .173
] [2الطبقات لبن سعد ،دار بيروت.5/141 ،
] [3المصللنف لعبللد الللرزاق ،المكتللب السلللمي-8/294 ،
295؛ المصنف لبن أبللي شلليبة ،الللدار السلللفية-7/275 ،
.276وإسناده صحيح إلى سعيد بن المسلليب .ووقللع عنللد
عبد الللرزاق ”عبللد الملللك بللن أبللي عاصللم“ بللدل ”داود“،
والترجيح من ابن أبللي شلليبة ) .وأشللكر فضلليلة الشلليخ د.
عبد الللله بللن وكيللل الشلليخ -حفظلله الللله -علللى مراجعتلله
لسناد الحديث(.
ل :المدونلللة ،ط .السلللعادة248-4/244 ،؛ ] [4انظلللر مث ً
المنتقى شرح الموطأ للباجي.5/80 ،
] [5فقد ذكر عبد الرزاق العينة الثنائيللة فللي بللاب :الرجللل
يبيع السلعة ثم يريد شراءها بنقد ،8/184 ،بينمللا ذكللر أثللر
سعيد في باب :الرجل يعي ّللن الرجللل هللل يشللتريها منلله أو
يبيعها لنفسه .أما ابن أبي شلليبة فقللد ذكللر العينللة الثنائيللة
في باب :الرجل يبيع السلعة بالنقد ثللم يشللتريها،6/593 ،
كما ذكر العينة في ،6/47ل ،573بينما ذكر أثر سللعيد فللي
باب :الرجل يبيع الدين إلى أجل.
] [6المصنف .6/47
] [7سير أعلم النبلء .573 ،4/577
] [8المصللنف .8/295والروايللة الولللى إسللنادها صللحيح.
والرواية الثانية فيها ”رزيق بن أبي سلمى“ ،ذكره ابن أبي
حاتم في الجرح والتعديل 3/505وسكت عليه .وجاء فللي
الصلل فلي الروايلة الثانيلة” :إذا ابتعتله“ ،والتصلحيح ملن
حاشية التحقيق.
] [9انظر المصنف لبن أبي شيبة ،6/48بيان الدليل لبن
تيمية ،المكتب السلمي ،ص .73
] [10سير أعلم النبلء .56-8/55
] [11المدونلللة ،4/125بحلللث ”التلللورق كملللا تجريللله
المصارف“ د .عبد الله السعيدي ،ص .18
] [12النوادر والزيادات ،6/94وانظر الذخيرة .5/15
368
] [13راجللع بحللث الكللاتب”:التللورق والتللورق المنظللم“ :
دراسة تأصيلية ،ص .14-10
] [14كتاب الصللل ،عللالم الكتللب .5/192 ،وهنللاك زيللادة
أضافها المحقق للنص لليضاح ،حذفت هنا.
] [15تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ،ط بولق.4/54 ،
] [16رد المحتار ،ط بولق.4/114 ،
] [17الجلللامع الصلللغير ،ط .علللالم الكتلللب ،ص)(373ل ،
) وأشللكر فضلليلة الشلليخ د .علللي النللدوي -حفظلله الللله-
لمراجعته الموضوع(.
] [18انظر :طلبللة الطلبللة ،دار النفللائس ،ص 242؛ تللبيين
الحقائق4/163،؛ مجمللع النهللر شللرح ملتقللى البحللر ،دار
الكتب العلمية .3/194 ،والحديث أخرجه أحمد وأبللو داود،
انظر السلسلة الصحيحة رقم ).(11
] [19انظر بحث ”التورق والتورق المنظم“ ،ص .19
] [20فتح القدير ،دار إحياء التراث.6/224 ،
===============
#المنفعة في القرض
عبد الله بن محمد العمراني 30/6/1424
28/08/2003
اسم الكتاب :المنفعة في القرض دراسة تأصيلية تطبيقية
المؤلف :عبد الله بن محمد العمراني.
الناشر :دار ابن الجوزي
عدد الصفحات723 :
جاء الكتاب في مقدمة ،وتمهيد ،وبابين ،وخاتمة .
أمللا المقدمللة فتشللمل أسللباب اختيللار الموضللوع ،ومنهللج
البحث وخطته.
وأما التمهيد ففي :حقيقة القرض ،وفضله ،وبيان الصل
فيه.
وأما البابان فهما على النحو التالي:
البللاب الول :حقيقللة المنفعللة فللي القللرض وأحكامهللا
وضوابطها .ضمن ثلثة فصول :الول حول :حقيقة المنفعة
فللي القللرض .عللرض فيلله لتعريللف المنفعللة فللي القللرض
،وأنواعها ،ثم لنظرية الفائدة عند القتصاديين.
369
والفصللل الثللاني كللان فللي :أحكللام المنفعللة فللي القللرض
.عرض فيه لحكام المنفعة المشروطة ،وغير المشللروطة
في القرض ،وحكم عقد القرض مع اشتراط المنفعة .
في حين كان الفصللل الثللالث فللي :ضللوابط المنفعللة فللي
القرض.
أما الباب الثاني فخصصه لذكر تطبيقات معاصرة للمنفعللة
فللي القللرض .خلل خمسللة فصللول :الول فللي :الللودائع
المصلللرفية.والثلللاني فلللي :السلللندات .والثلللالث فلللي:
العتملللادات المسلللتندية .والرابلللع فلللي :خصلللم الوراق
التجارية.والخامس والخير في :جمعيات الموظفين.
وفي نهاية البحث ذكر خاتملة اشلتملت أهلم نتلائج البحلث
التي توصل إليها وهي :
.1القرض هو دفع مال لمن ينتفع به ويرد بدله ،وقد دلللت
على فضله الدلة من الكتاب والسنة والمعقول.
.2الصلللل فلللي القلللرض أنللله ملللن عقلللود التبرعلللات ل
المعاوضات.
.3يمكللن تعريللف المنفعللة فللي القللرض بأنهللا الفللائدة أو
المصلحة التي تعود لحد أطراف عقد القرض بسللبب هللذا
العقد.
.4المنفعة في القرض أنواع متعللددة باعتبللارات متعللددة ،
ومن ذللك أن المنفعلة فلي القلرض باعتبلار ذات المنفعلة
ثلثة أنواع :عينية ،وعرضية ،ومعنويللة .وباعتبللار المنتفللع
بها أربعة أنواع ،وهي :أن تكون للمقترض ،أو للمقللرض ،
أو لهما معا ً ،أو لطلرف ثللالث .وباعتبللار الشللرط وعلدمه
نوعان :مشروطة وغيللر مشللروطة .إلللى غيللر ذلللك مللن
العتبارات.
.5الفللائدة فللي اصللطلح القتصللاديين هللي :الثمللن الللذي
يدفعه المقترض مقابللل اسللتخدام نقللود المقللرض .ولقللد
نشط القتصاديون الغربيون في ابتكار نظريات لتبريرها.
.6اتفق العلماء على أنه ل يجوز اشللتراط زيللادة فللي بللدل
القرض للمقللرض ،وأن هللذه الزيللادة ربللا .وسللواء أكللانت
الزيادة في الصللفة أم فللي القللدر ،عينلا ً أم منفعللة ،ولللم
370
يفرقوا في الحكم بين اشتراط الزيادة في بداية العقللد أو
عند تأجيل الوفاء.
.7تسمى الزيللادة المشللروطة فللي القللرض ربللا القللرض ،
وهي من ربا الجاهلية.
.8حديث )كل قرض جر منفعة فهو ربا( ،إسللناد المرفللوع
منه ضعيف جدا ً ،والموقوف ضعيف ،ولكن معناه صللحيح
إذا كان القرض مشروطا ً فيه نفع للمرض فقط أو ما كللان
في حكم المشللروط؛ وذلللك لتلقللي كللثير مللن العلمللاء للله
بالقبول ،واعتضاده بالدلة من الكتللاب والسللنة والجمللاع
والمعقول الدالة على تحريم اشتراط المنفعة للمقرض.
.9اختلف الفقهاء في حكم اشتراط وفاء القرض بالقللل ،
والراجح هو الجواز.
.10محل الخلف في مسألة اشتراط الوفاء فللي غيللر بلللد
القرض هو في المنفعة الضافية إذا كللان اشللتراط الوفللاء
في غير بلللد القللرض لمنفعللة المقللترض والمقللرض معلا ً ،
والراجح هو جواز اشتراط الوفللاء فللي غيللر بلللد القللرض ،
بحيث يكون على وجلله الرفللاق بللالمقترض ،سللواء انتفللع
المقرض أول.
371
.15ل يجوز الجعل المشروط ثمنا ً للجاه والشفاعة فقط ،
بينما يجوز ذلك إذا كان الجعل مقابللل مللا يحتللاج إليلله مللن
نفقة.
.16فيما يتعلق بحكم عقللد القللرض مللع اشللتراط المنفعللة
للمقللرض ،فللإن عقللد القللرض يبقللى صللحيحا ً مللع فسللاد
الشرط .وأما حكمه مع اشتراط المنفعة للمقللترض فللإنه
يصح ،والشرط جائز ،وكذلك حكللم العقللد عنللد مللن منللع
هللذا الشلتراط ملن العلمللاء ،فلإن الشللرط يلغللو عنللدهم
ويبقى العقد صللحيحا ً .وأمللا حكملله مللع اشللتراط المنفعللة
للمقترض والمقرض معا ً بحيللث يكللون مصلللحة للطرفيللن
على وجه الرفاق فإنه يصح؛ لن الراجح أن هذا الشتراط
جائز.
-.17الزيادة عند الوفاء للمقرض مللن غيللر شللرط جللائزة،
سواء كانت الزيادة في القدر أو في الصفة.
.18المنللافع غيللر المشللروطة للمقلرض قبللل الوفلاء فيهللا
تفصيل ،فإن كانت من أجل القللرض فإنهللا ل تجللوز ،وإن
كانت هذه المنافع ليست من أجللل القللرض ،مثللل مللا إذا
كانت العادة جاريلة بيلن المقلرض والمقلترض بلذلك قبلل
القرض ،أو حدث سبب موجب لهذه المنافع بعللد القللرض
فإن ذلك جللائز ،وإن جهللل الحللال فتمنللع حللتى يتللبين أنهللا
ليست لجل القرض.
.19شكر المقترض للمقرض ودعائه له ممللا ينللدب إليلله ؛
لنه من باب مقابلة المعروف بالمعروف.
.20منفعة المقللرض بضللمان مللاله عنللد المقللترض منفعللة
أصلللية فللي القللرض ،ولكللن إن قصللد المقللرض الرفللاق
بللالمقترض فللإنه يثللاب علللى قرضلله ،وهللذا الصللل فللي
مشللروعية القللرض ،وأمللا إن كللان المقللرض يقصللد نفللع
نفسه فقلط بضلمان الملال ل الرفلاق بلالمقترض فلإنه ل
يثاب على هذا القللرض ،ولكللن القللرض فللي هللذه الحالللة
جائز.
.21القللراض بقصللد النتفللاع بشللفاعة المقللترض وجللاهه
محرم إذا كان ذلك وسيلة لحقاق باطللل أو إبطللال حللق ؛
لنه بمثابة الرشوة للحصول على غرض ما.
372
).22كل قرض جر منفعة فهو ربا( ضابط يذكره الفقهللاء ،
وسيستدلون به ،ويحيلون إليه فروعا ً .وإيرادهللم للله جللاء
ح ،ففي بعض المواضللع يسللوقونه علللى أنلله على عدة نوا ٍ
حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ،وأحيانللا ً يسللوقونه
على أنه أثر عن الصحابة رضللي الللله عنهللم ،وفللي بعللض
المواضللع يسللتدلون بلله علللى أنلله قاعللدة أو ضللابط ،أو
يجعلونه قاعدة أو ضابطا ً ويحيلون إليه الفروع التي يرونها
تدخل فيه.
.23وبعد دارسة هذا الضابط تبين أنه ليس على عمللومه ،
وإنما يخرج منه بعض المنافع الجللائزة ،ويمكللن أن يكللون
الضابط على مللا توصلللت إليلله ) :كللل قللرض جللر منفعللة
زائدة متمحضة مشروطة للمقرض على المتقرض أو فللي
حكم المشروطة فإن هذه المنفعة ربا(.
.24مللن الضللوابط الللتي ذكرهللا بعللض الفقهللاء ) :مللتى
تمحضللت المنفعللة فللي القللرض للمقللترض جللاز( .وبعللد
دراسة هذا الضابط تبين أنه ليللس علللى إطلقلله ،ويمكللن
أن يكون الضابط على ما توصلت إليه على النحو التي ) :
كل منفعة في القرض متمحضة للمقللترض ،وكللل منفعللة
مشتركة بين المقترض والمقرض ومنفعة المقترض أقوى
أو مساوية فإنها جائزة(.
.25من الضوابط الللتي ذكرهللا بعللض الفقهللاء ) :القللرض
عقللد إرفللاق وقربللة فمللتى خللرج عللن بللاب المعللروف
امتنع ( .وبعد دراسة هذا الضللابط تللبين أنلله غيللر مسلللم ،
فموضوع القرض هو الرفاق والمعروف ،وهذا هو الصللل
فيه ،ولكنه ليس شرطا ً لجللواز القللرض ،وليللس خروجلله
عن المعروف والرفاق مناطا ً للمنع.
.26من الضوابط فللي هللذا البحللث)المقاصللد معتللبرة فللي
التصرفات من العقود وغيرها( .وممللا يللترتب علللى اعتبللار
المقاصد في التصرفات إبطال الحيلل الللتي يللراد التوصللل
بها إلى المحرمات .ومن صور التحايل على أخللذ المنفعللة
في القرض :البيع بشرط أن البائع متى ما رد الثمن فللإن
المشتري يعيد إليلله المللبيع ،ومللن الصللور :الللبيع بشللرط
الخيار حيلة ليربح في قرض.
373
.27من الضوابط في هذا البحللث )المنفعللة المجمللع علللى
تحريمهللا هللي المنفعللة الللزائدة المتمحضللة المشللروطة
للمقرض على المقترض( .ومفاد هذا الضابط بيللان محللل
الجماع في موضوع المنفعة المحرمة في القرض.
.28من الضوابط في هذا البحللث )المنفعللة المحرمللة فللي
القرض هي:
-المنفعة الللزائدة المتمحضللة المشللروطة للمقللرض علللى
المقترض ،أو ما كان في حكم المشروطة.
-المنفعة غير المشروطة التي يبللذلها المقللترض للمقللرض
من أجل القرض(.
.29الودائع المصرفية بنوعيها الحالة والجلللة قللروض فللي
الحقيقة ل ودائع ،فهي من التطبيقللات لموضللوع المنفعللة
في القرض ،وهي من أشكال القتراض المصرفي.
.30إن ملكية أرصللدة ودائع الحسللاب الجللاري تنتقللل إلللى
المصرف بموجب عقد القرض ،فيجوز له التصرف فيهللا ،
وبالتالي يحل للمصرف العائد المترتب على استثمار هللذه
الموال ،إل أنه ل بد أن يكون الستثمار جائزا ً شرعًا.
.31إن قدرة المصرف على توليد الئتمان بدرجة أكبر من
كمية الللودائع ناتللج عللن وظيفتلله كوسلليط بيللن المللدخرين
والمسلتثمرين ،وبملا يصلدره مللن وسللائل الللدفع النقديللة
الحديثة .وتوليد الئتمللان مللن حيللث الصللل جللائز ،إل أن
الحكللم يختلللف حسللب نللوع السللتثمار الللذي يقللوم بلله
المصرف ،وحسب الثار المترتبة على ذلك.
.32إن تقاضي المصرف أجرا ً في الحسلاب الجلاري علللى
الخدمات التي يقدمها جائز ،لنه يستحق هذا الجر مقابل
العمال التي يقوم بها.
.33يجوز انتفاع صاحب الحساب الجاري بللدفتر الشلليكات
وبطاقة الصراف اللي دون مقابل ،لن المنفعللة الضللافية
هنا مشتركة للطرفين.
.34السعار المميزة لصللاحب الحسللاب الجللاري إذا كللانت
للعميللل دون غيللره ،ولللم يكللن للمصللرف منفعللة سللوى
القرض ،فإن هذه منفعة في القرض محرمة .ومثللل ذلللك
الهدايا من المصرف للعميل.
374
.35يحللرم أخللذ الفللوائد وإعطاؤهللا علللى الللودائع الحالللة
والجلة ،لنها حينئذ قروض ربوية.
.36إقراض المصرف غيره مقابل فوائد ربا محرم.
.37القروض المتبادلة إذا كانت مشروطة فإنهللا محرمللة ،
وأما إذا كانت غير مشروطة فإنها جائزة.
.38اليللداع فللي الحسللاب الجللاري فللي البنللوك الربويللة
محرم ،لنه من التعاون على الثم والعدوان ،وفي اليللداع
في البنك الربللوي إعانللة وتقويللة للله ،حيللث إن رأس مللال
المصرف ل يشكل إل مبلغا ً قليل ً ل يتجللاوز %10والبللاقي
يعمل بلله مللن المللوال الللتي أودعللت عنللده ،سللواء كللانت
جارية أو غيرها ،ومما يتولد عنها .وعلللى هللذا فلللو م يللودع
أحد في المصارف الربوية لتعطلت ولم تعمل فللي الربللا ،
فيصدق على من يودع فيها أنه يعينها على الثم والعدوان.
.39إن إصدار سندات القللرض بأنواعهللا محللرم ،ومللن ثللم
ل ،لنها قروض ربويللة .وهللي يحرم التعامل بها شراء وتداو ً
من أشكال القتراض المصرفي.
.40الفللوائد الللتي يأخللذها مصللرف البلللد المسللتورد فللي
العتمال المسلتندي – إذا كلان العتملاد غيلر مغطلى ملن
قبل المستورد أو كان مغطى جزئيا ً – فوائد ربوية محرمة.
وكذلك الفوائد التي يأخذها المصللرف إذا تللأخر المسللتورد
في الدفع ،فإنها فللوائد ربويللة محرمللة .وهللذا مللن أشللكال
القراض المصرفي.
.41الحالللة الولللى لجمعيللات المللوظفين ،وهللي الحالللة
الخالية من الشروط الزائدة :جائزة.
.42الصورة الولى من الحالة الثانيللة لجمعيللة المللوظفين،
وهللي أن يشللترط علللى جميللع الراغللبين فللي المشللاركة
الستمرار حتى تستكمل دورة كاملة :جائزة ،والولى عدم
هذا الشرط.
.43الصورة الثانية من الحالة الثانية لجمعيات الموظفين ،
وهللي أن يشللترط علللى جميللع الراغللبين فللي المشللاركة
الستمرار حتى تدور دورة ثانية أو أكثر :ل تجوز
============
375
#حول سوق الوراق المالية والبضائع )البورصة(
مجمع الفقه السلمي المنبثق عن رابطة العالم السلمي
15/10/1425
28/11/2004
حول سوق الوراق المالية والبضائع )البورصة(:
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
سيدنا ونبينا محمللد .وبعللد :فللإن مجلللس المجمللع الفقهللي
السلللمي ،قللد نظللر فللي موضللوع سللوق الوراق الماليللة
والبضائع )البورصة( ،وما يعقد فيها من عقود :بيًعا وشللراء
عللللى العملت الورقيلللة وأسلللهم الشلللركات ،وسلللندات
القروض التجارية والحكومية ،والبضائع ،وما كان من هللذه
جللل .كمللا اطلللع
جل ،وما كان منها على مؤ ّ العقود على مع ّ
مجلللس المجمللع علللى الجللوانب اليجابيللة المفيللدة لهللذه
السلوق فلي نظلر القتصلاديين والمتعلاملين فيهلا ،وعللى
الجوانب السلبية الضارة فيها.
)أ( فأما الجوانب اليجابية المفيدة فهي:
ل :أنهللا تقيللم سللوًقا دائمللة ،تسللهل تلقللي البللائعينأو ً
والمشللترين ،وتعقللد فيهللا العقللود العاجلللة والجلللة ،علللى
السهم والسندات والبضائع.
ثاني ًللا :أنهللا تسللهل عمليللة تمويللل المؤسسللات الصللناعية،
والتجارية ،والحكومية ،عن طريق طرح السللهم وسللندات
القروض للبيع.
ثالًثا :أنهلا تسلهل بيلع السلهم ،وسلندات القلروض للغيلر،
والنتفاع بقيمتها ،لن الشللركات المصللدرة لهللا ،ل تصللفي
قيمتها لصحابها.
رابًعا :أنها تسهل معرفة ميزان أسللعار السللهم ،وسللندات
وجاتهللا فللي ميللدان التعامللل ،عللنالقروض والبضللائع ،وتم ّ
طريق حركة العرض والطلب.
)ب( وأما الجوانب السلبية الضارة في هذه السوق فهي:
ل :أن العقود الجلة التي تجري في هذه السوق ،ليست أو ً
في معظمها بيًعا حقيقّيا ،ول شراء حقيقي ّللا ،لنهللا ل يجللري
فيها التقابض بين طرفي العقد فيما يشللترط للله التقللابض
عا.
في العوضين أو في أحدهما شر ً
376
ثانًيا :أن البائع فيها ،غالًبا يبيع ما ل يملللك ،مللن عملت ،أو
أسهم ،أو سندات قروض ،أو بضائع ،على أمل شرائه مللن
السوق ،وتسليمه في الموعد ،دون أن يقبللض الثمللن عنللد
العقد ،كما هو الشرط في السلم.
ثالًثا :أن المشتري فيها غالًبلا ،يلبيع ملا اشلتراه لخلر قبلل
ضا لخللر قبللل قبضلله ،وهكللذا يتكللرر قبضه ،والخر يبيعه أي ً
البيع والشراء على الشيء ذاته قبل قبضه ،إلى أن تنتهللي
الصفقة إللى المشللترى الخيللر اللذي قلد يريللد أن يتسللم
المبيع من البائع الول ،الذي يكون قد بللاع مللا ل يملللك ،أو
أن يحاسبه على فرق السعر في موعد التنفيللذ ،وهللو يللوم
التصفية ،بينما يقتصر دور المشترين والبللائعين غيللر الول
والخير ،على قبض فرق السعر في حالة الربللح ،أو دفعلله
في حالة الخسارة ،في الموعد المذكور ،كمللا يجللري بيللن
ما.
المقامرين تما ً
رابًعللا :مللا يقللوم بلله المتمولللون ،مللن احتكللار السللهم
والسللندات والبضللائع فللي السللوق ،للتحكللم فللي البللائعين
الذين باعوا ما ل يملكون ،علللى أمللل الشللراء قبللل موعللد
تنفيذ العقد بسعر أقل ،والتسليم في حينه ،وإيقللاعهم فللي
الحرج.
سا :أن خطورة السوق المالية هذه تأتي مللن اتخاذهللا خام ً
وسيلة للتأثير في السواق بصفة عامة ،لن السللعار فيهللا
ل تعتمللد كلي ّللا علللى العللرض والطلللب الفعلييللن مللن قبللل
المحتاجين إلى الللبيع أو إلللى الشللراء ،وإنمللا تتللأثر بأشللياء
كثيرة بعضها مفتعل من المهيمنيللن علللى السللوق ،أو مللن
المحتكرين للسلع ،أو الوراق المالية فيها ،كإشللاعة كاذبللة
عا ،لن ذلك أو نحوها ،وهنا تكمن الخطورة المحظورة شر ً
يؤدي إلى تقلبات غير طبيعية في السعار ،مما يللؤثر علللى
الحيللاة القتصللادية تللأثيًرا سلليًئا ،وعلللى سللبيل المثللال ل
الحصللر :يعمللد كبللار الممللولين إلللى طللرح مجموعللة مللن
الوراق الماليللة مللن أسللهم أو سللندات قللروض ،فيهبللط
سعرها لكثرة العرض ،فيسارع صللغار حملللة هللذه الوراق
إلى بيعها بسعر أقل ،خشية هبوط سعرها أكللثر مللن ذلللك
وزيادة خسارتهم ،فيهبط سعرها مجللدًدا بزيللادة عرضللهم،
377
فيعود الكبار إلى شراء هذه الوراق بسعر أقل ،بغيللة رفللع
سللعرها بكللثرة الطلللب ،وينتهللي المللر بتحقيللق مكاسللب
للكبار ،وإلحاق خسائر فادحة بالكثرة الغالبللة ،وهللم صللغار
حملة الوراق المالية ،نتيجة خللداعهم بطللرح غيللر حقيقللي
ضا في سللوق البضللائع. لوراق مماثلة ،ويجري مثل ذلك أي ً
وللللذلك قللد أثلللارت سللوق البورصللة جللدل ً كللبيًرا بيلللن
القتصاديين ،والسللبب فللي ذلللك أنهللا سللببت فللي فللترات
معينة ،من تاريخ العالم القتصادي ،ضياع ثللروات ضللخمة،
في وقت قصير ،بينما سببت غنى للخرين دون جهد ،حتى
إنهم في الزمللات الكللبيرة الللتي اجتللاحت العللالم ،طللالب
الكثيرون بإلغائها ،إذ تذهب بسببها ثللروات ،وتنهللار أوضللاع
اقتصللادية فللي هاويللة ،وبللوقت سللريع ،كمللا يحصللل فللي
الزلزل والنخسافات الرضية.
ولذلك كله ،فإن مجلس المجمللع الفقهللي السلللمي ،بعللد
اطلعلله علللى حقيقللة سللوق الوراق الماليللة والبضللائع
)البورصة( وما يجري فيها مللن عقللود عاجلللة وآجلللة علللى
السهم وسللندات القللروض ،والبضللائع والعملت الورقيللة،
ومناقشتها في ضوء أحكللام الشللريعة السلللمية يقللرر مللا
يلي:
ل :أن غاية السوق المالية )البورصللة( هللي إيجللاد سللوق أو ً
مسلللتمرة ودائملللة ،يتلقلللى فيهلللا العلللرض والطللللب،
والمتعاملون بيعًللا وشللراء ،وهللذا أمللر جيللد ومفيللد ،ويمنللع
اسلللتغلل المحلللترفين للغلللافلين والمسترسللللين اللللذين
يحتاجون إلى بيع أو شراء ،ول يعرفون حقيقة السعار ،ول
يعرفون المحتاج إلى البيع ،ومن هللو محتللاج إلللى الشللراء.
ولكللن هللذه المصلللحة الواضللحة ،يواكبهللا فللي السللواق
المللذكورة )البورصللة( ،أنللواع مللن الصللفقات المحظللورة
عا ،والمقللامرة ،والسللتغلل ،وأكللل أمللوال النللاس شللر ً
بالباطل ،ولذلك ل يمكن إعطاء حكم شرعي عام بشللأنها،
بل يجب بيان حكم المعاملت التي تجرى فيها ،كل واحدة
منها على حدة.
ثانًيا :أن العقود العاجلة علللى السلللع الحاضللرة الموجللودة
في ملك البائع ،التي يجري فيها القبللض فيمللا يشللترط للله
378
عا ،هي عقود جللائزة ،مللا لللم القبض في مجلس العقد شر ً
عا ،أما إذا لم يكللن المللبيع فللي تكن عقوًدا على محرم شر ً
ملك البائع ،فيجب أن تتوافر فيه شروط بيع السلم ،ثللم ل
يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه.
ثالًثلللا :أن العقلللود العاجللللة عللللى أسلللهم الشلللركات
والمؤسسات ،حيللن تكللون تلللك السللهم فللي ملللك البللائع
عا ،ما لللم تكللن تلللك الشللركات أو المؤسسللات جائزة شر ً
عا ،كشللركات البنللوك الربويللة، موضوع تعاملها محّرم شللر ً
وشركات الخمور ،فحينئذ يحرم التعاقللد فللي أسللهمها بيعًللا
وشراء.
رابًعا :أن العقود العاجلة والجلة ،علللى سللندات القللروض
عا ،لنهللا معللاملت بفائدة ،بمختلف أنواعها غير جائزة شللر ً
تجري بالربا المحرم.
سللا :أن العقللود الجلللة بأنواعهللا ،الللتي تجللري علللى خام ً
المكشوف ،أي على السهم والسلع التي ليست في ملللك
البائع ،بالكيفية التي تجري في السوق الماليللة )البورصللة(
عا؛ لنهللا تشللتمل علللى بيللع الشللخص مللا ل غير جائزة شر ً
يملك اعتماًدا على أنه سيشلتريه فيملا بعلد ،ويسللمه فلي
عا لما صللح عللن رسللول الللله الموعد .وهذا منهي عنه شر ً
ك". عن ْلد َ َ مللا ل َي ْل َ
س ِ صلى الله عليه وسلم أنه قللال" :ل ت َب ِلعْ َ
وكذلك ما رواه المام أحمد وأبو داود بإسناد صللحيح ،عللن
زيد بن ثابت ،رضي اللله عنله ،أن النلبي صللى اللله عليله
حوَزهللا الّتجللاُر وسلم نهى أن تباع السلع حيث ُتبتاع ،حتى ي َ ُ
إلى ِرحاِلهم.
سللا :ليسللت العقللود الجلللة فللي السللوق الماليللة ساد ً
)البورصللة( مللن قبيللل بيللع السلللم الجللائز فللي الشللريعة
السلمية ،وذلك للفرق بينهما من وجهين:
)ج( فللي السللوق الماليللة )البورصللة( ل يللدفع الثمللن فللي
العقود الجلة في مجلس العقد ،وإنمللا يؤجللل دفللع الثمللن
إلى موعد التصفية ،بينما الثمن فللي بيللع السلللم يجللب أن
يدفع في مجلس العقد.
)د( في السوق المالية )البورصللة( تبللاع السلللعة المتعاقللد
عليهللا -وهللي فللي ذمللة البللائع الول -وقبللل أن يحوزهللا
379
المشتري الول عدة بيوعات ،وليس الغللرض مللن ذلللك إل
قبض أو دفع فروق السعار بين البللائعين والمشللترين غيللر
الفعليين ،مخاطرة منهم على الكسب والربح ،كالمقللامرة
سواء بسواء ،بينما ل يجوز بيع المبيع في عقد السلم قبللل
قبضه.
وبناء على ما تقدم ،يرى المجمللع الفقهللي السلللمي :أنلله
يجللب علللى المسللؤولين فللي البلد السلللمية ،أل ّ يللتركوا
أسواق البورصة في بلدهم حرة ،تتعامل كيللف تشللاء مللن
عقود وصفقات ،سواء أكانت جائزة أو محرمة ،وأل ّ يتركوا
للمتلعللبين بالسللعار فيهللا أن يفعلللوا مللا يشللاؤون ،بللل
يوجبون فيهللا مراعللاة الطللرق المشللروعة فللي الصللفقات
عا،الللتي تعقللد فيهللا ،ويمنعللون العقللود غيللر الجللائزة شللر ً
ليحولللوا دون التلعللب الللذي يجللر إلللى الكللوارث الماليللة،
ويخللرب القتصللاد العللام ،ويلحللق النكبللات بللالكثيرين ،لن
الخير كل الخير في التزام طريق الشريعة السلللمية فللي
ما ن هَ ل َ َ
س لت َِقي ًم ْ طي ُ ص لَرا ِ
ذا ِ كل شيء ،قال الله تعللالى) :وَأ ّ
سلِبيل ِهِ ذ َل ِك ُل ْ
م ن َم عَل ْل فَت ََفلّرقَ ب ِك ُل ْ
سلب ُ ََفات ّب ُِعوهُ َول ت َت ّب ِعُللوا ال ّ
ن(]النعام .[153:والله سللبحانه هللو م ت َت ُّقو َم ب ِهِ ل َعَل ّك ُ ْ
صاك ُ ْ
وَ ّ
ولي التوفيق ،والهادي إلى سواء السبيل .وصلى الله على
سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
==============
سلم وتطبيقاته المعاصرة #ال ّ
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع )ع ،9ج 1ص (371
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره التاسع بأبي ظبي بدولة المارات العربية المتحدة
مللن 6 -1ذي القعللدة 1415هل ل الموافللق 6 -1نيسللان
)أبريل( 1995م،
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
سلم وتطبيقاته المعاصرة، موضوع ال ّ
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
380
قرر ما يلي :
أول ً :بشأن )السلم( :
أ -السلع التي يجري فيها عقد السلم تشمل كل مللا يجللوز
بيعه ويمكن ضللبط صللفاته ويثبللت دينلا ً فللي الذمللة ،سللواء
أكانت من المواد الخام أم المزروعات أم المصنوعات .
ب – يجب أن يحدد لعقد السللم أجلل معللوم ،إملا بتاريلخ
معين ،أو بالربط بأمر مؤكد الوقوع ،ولو كان ميعاد وقوعه
يختلف اختلفا ً يسيرا ً ل يؤدي للتنازع كموسم الحصاد .
ج – الصل تعجيللل قبللض رأس مللال السلللم فللي مجلللس
العقد ،ويجوز تأخيره ليومين أو ثلثة ولو بشرط ،علللى أن
ل تكون مدة التأخير مساوية أو زائدة عللن الجللل المحللدد
للسلم .
سلِلم )المشللتري( رهنلا ً أو م ْد – ل مانع شللرعا ً مللن أخللذ ال ُ
كفيل ً من المسّلم إليه )البائع( .
هل -يجوز للمسِلم )المشتري( مبادلة المسَلم فيه بشلليء
آخر – غير النقد -بعد حلول الجل ،سواء كللان السللتبدال
بجنسه أم بغير جنسه .حيث إنه لم يرد في منع ذلك نللص
ثابت ول إجماع ،وذلك بشرط أن يكللون البللدل صللالحا ً لن
يجعل مسلما ً فيه برأس مال السلم .
و – إذا عجز المسلم إليلله عللن تسللليم المسلللم فيلله عنللد
ن المسلم )المشللتري( يخيللر بيللن النتظللار حلول الجل فإ ّ
إلى أن يوجد المسلم فيه وفسخ العقللد وأخللذ رأس مللاله،
وإذا كان عجزه عن إعسار فنظرة إلى ميسرة .
ز – ل يجللوز الشللرط الجللزائي عللن التللأخير فللي تسللليم
المسلللم فيلله ،لنلله عبللارة عللن ديللن ،ول يجللوز اشللتراط
الزيادة في الديون عند التأخير .
ح – ل يجوز جعلل اللدين رأس ملال للسللم لنله ملن بيلع
الدين بالدين .
ثانيا ً :بشأن )التطبيقات المعاصرة للسلم( :
انطلقا ً من أن السلم في عصرنا الحاضر أداة تمويل ذات
كفللاءة عاليللة فللي القتصللاد السلللمي وفللي نشللاطات
المصللارف السلللمية ،مللن حيللث مرونتهللا ،واسللتجابتها
لحاجات التمويل المختلفة ،سواء أكان تمويل ً قصير الجللل
381
أم متوسلللطة أم طويللللة ،واسلللتجابتها لحاجلللات شلللرائح
مختلفة ومتعددة من العملء ،سللواء أكللانوا مللن المنتجيللن
الزراعييللن ،أم الصللناعيين أم المقللاولين أم مللن التجللار،
واستجابتها لتمويل نفقات التشغيل ،والنفقات الرأسللمالية
الخرى .
ولهذا تعددت مجالت تطبيق عقد السلم ،ومنها ما يلي :
أ -يصلح عقد السلم لتمويل عمليات زراعية مختلفة ،حيث
يتعامل المصرف السلمي مع المزارعين الذين يتوقللع أن
توجللد لللديهم السلللعة فللي الموسللم مللن محاصلليلهم أو
محاصيل غيرهللم الللتي يمكللن أن يشللتروها ويس لّلموها إذا
أخفقللوا فللي التسللليم مللن محاصلليلهم ،فَي َُق لد ّ ُ
م لهللم بهللذا
التمويل نفعا ً بالغا ً ويدفع عنهم مشللقة العجللز المللالي عللن
تحقيق إنتاجهم .
ب -يمكللن اسللتخدام عقللد السلللم فللي تمويللل النشللاط
الزراعي والصللناعي ،ول سلليما تمويللل المراحللل السللابقة
لنتاج وتصدير السلع والمنتجللات الرائجللة ،وذلللك بشللرائها
سلما ً وإعادة تسويقها بأسعار مجزية . َ
ج -يمكن تطبيق عقد السلم في تمويل الحرفيين ،وصللغار
المنتجيللن الزراعييللن ،والصللناعيين ،عللن طريللق إمللدادهم
بمسللتلزمات النتللاج فللي صللورة معللدات وآلت ،أو مللواد
أوليللة كللرأس مللال سلللم ،مقابللل الحصللول علللى بعللض
منتجاتهم وإعادة تسويقها .
يوصي المجلس بما يلي :
استكمال صللور التطبيقللات المعاصللرة للسلللم بعللد إعللداد
البحوث المتخصصة .والله الموفق.
=============
#صكوك التمويل
د .يوسف بن أحمد القاسم 6/2/1428
24/02/2007
لم تزل بعض البنوك والشركات الكبرى فللي بلدنللا تعيللش
علللى أطلل الماضللي ,وتصللبح وتمسللي علللى السلللوب
التقليدي في بعض تعاملتهللا الماليللة ,سللواء فللي أسلللوب
الستثمار والتمويل ,أو فللي غيرهللا مللن السللاليب ,والللتي
382
أثبتت الخبرة والتجربة وكر اليام عدم جللدواها القتصللادية
للفرد والمجتمع ,وربمللا كللان بعضللها ممللا ل يقللره شللرعنا
الحنيف ,ولكن لجللل أن هللذه المعللاملت كللانت ول زالللت
تسير فللي ركللب اقتصللاد البنللوك بالللدول المتقدمللة ,لهللذا
ظلت على هذا النهج طللول هللذه الحقبللة الماضللية ,وكللأن
قدرنا أن نسير في فلك الخر ولو على حسللاب اقتصللادنا,
أو قيمنا السلمية ,وربما نرى الكثير من البنوك السلللمية
من حولنا تحقق نجاحات متتابعة في الكثير من المشللاريع
السللتثمارية ,وتتوصللل إلللى ابتكللار العديللد مللن البللدائل
السلمية لعدد من المعللاملت البنكيللة المحرمللة ,وتحقللق
تفوقا ً متواصل ً في هللذا المجللال ,ومللع هللذا لللم تعللط تلللك
البنوك والشللركات اهتمام لا ً يللذكر بهللذه البللدائل وجللدواها
الربحي ,ول ترفع بذلك رأسًا ,ليس لقناعتهلا الذاتيلة بعلدم
جدوى هللذا البللديل أو ذاك ,بقللدر مللا لللديها مللن حساسللية
مفرطة تجاه ما تنتجه عقول أبنائنا ,وغالب لا ً مللا تكللون تلللك
الحساسية نابعة من عللدم الثقللة فللي اقتصللادنا السلللمي
الذي لم يعللد صللالحا ً لزماننللا فللي اعتقللاد قلللة مللن رجللال
أعمال مجتمعنا الحاضلر ,وللسلف!! ثللم كلانت المفاجلأة,
حين أعجب بعض البنوك والمؤسسللات الماليللة فللي البلد
الغربية بحجم العللوائد الللتي تحققهللا كللثير مللن المعللاملت
المالية السلللمية ,فأخللذت بزمللام المبللادرة ,وفتحللت لهللا
نوافلذ إسللمية؛ حيلن ثبلت عللى أرض الواقلع نجلاح تللك
المعللاملت ,ومللا حققتلله مللن أربللاح فللاقت حجللم الفللوائد
البنكية ,مما كان سببا ً في جذب عملئها من كللل الطيللاف
المختلفللة ,ولللم يعللد هللذا الواقللع خافي لا ً علللى كللل راصللد
للتعاملت البنكية في الخارج ,وقد كان هذا التطور اللفت
في البنوك الغربية أمرا ً محرجا ً لكل مللن كللان يقللدم رجل ً
ويللؤخر أخلرى تجلاه تللك المعلاملت والبللدائل السللمية,
ولكل من كان ينظر إليها نظرة ازدراء أو إشفاق !
ولنأخذ مثال ً واحدا ً على هذا ,وهلو صلكوك التمويلل ,حيلث
غللدا التمويللل بصللكوك السللندات لللدى كللثير مللن بنوكنللا
وشركاتنا الكبرى ضربة لزب ,أو أصبح وكأنه غاية ,وليللس
وسلليلة لتللوفير السلليولة وجللذب رؤوس المللوال ,اقتللداء
383
بالبنوك العالمية فللي البلد الغربيللة ,ممللا جعللل كللثيرا مللن
الشركات المالية تنهج هذا السلوب التقليدي مللع مللا فيلله
من إشكالت كثيرة ,ويكفي أن هذا السلوب الربللوي فللي
التمويللل أفللرزه الفكللر الرأسللمالي الللذي يللؤمن بالعقليللة
النفعية النتهازية التي ل تعنيهللا مصلللحة الفللرد والمجتمللع,
مللع مللا فللي هللذا السلللوب التمللويلي مللن تجاهللل صللارخ
لشللرعنا المطهللر الللذي حللرم الربللا ,واعتللبره ضللربا ً مللن
ضروب الحرب على الله ورسوله! وما سد الله تعالى باب
حرام إل فتح بإزائه أبوابا ً كثيرة للحلل.
إن الستفادة من معطيات الحضارة الغربية ,بتوظيللف مللا
فيها من إيجابيات لصالح المسلمين على كل الصعد أمر ل
ينازع فيه عاقل ,وهذا ل يعني أن نأخذ بكل ما تفللرزه تللك
الحضارة إذا كان له آثاره السلللبية فللي المللال والقتصللاد,
لسيما إذا كان معارضا ً لشريعتنا السلمية ,وذلللك كفكللرة
السللندات الللتي تجعللل الللدائن أشللبه شلليء بللذكر النحللل,
يعيش على عمل الغير ,ول يصحو إل مع نهاية العام ,ليأكل
ملللن كسلللب غيلللره ,دون أن يشلللاطره الجهلللد والربلللح
والخسارة .وهذا هو السلوب النتهللازي الللذي يقللوم علللى
فكرة النفعية للدائن أو للمدين ,بعيدا ً عن مصلحة المجتمع
ككل.
ول أظنه يخفى على القارئ أنه قد وجد الكثير من البدائل
السلللمية لصللكوك السللندات المحرمللة ,والمتمثلللة فللي
صكوك الستثمار ذات الصيغ المتعددة ,ومن تلك الصيغ ما
صللدر بلله قللرار مجمللع الفقلله السلللمي التللابع لمنظمللة
المؤتمر السلمي ,في دورة مؤتمره الرابللع بجللدة ,حيللث
قدم صيغة رائدة لصكوك استثمارية اصطلح المجمع علللى
تسميتها بل" صكوك المقارضة " وقللدم لهللا صلليغة مقبولللة
شللرعًا ,بحيللث تكللون أداة اسللتثمارية ,تقللوم علللى تجللزئة
رأس مللال القللراض )المضللاربة( ,بإصللدار صللكوك ملكيللة
بللرأس مللال المضللاربة ,علللى أسللاس وحللدات متسللاوية
القيمللة ,محكومللة بالضللوابط الشللرعية ,ويمكللن الكتتللاب
فيها ,وتداولها في السوق الماليللة وفق لا ً لظللروف العللرض
والطلب .
384
لقد قللام مجمللع الفقلله السلللمي بللدوره حيللن اسللتقطب
العلمللاء والخللبراء والمختصللين فللي المجللالت المختلفللة,
وقللدم مثللل هللذه الصلليغة التمويليللة ,وغيرهللا مللن الصلليغ,
ليقدم البديل السلمي ,جنبا إلى جنب مع القللرار العلمللي
المتخصص ,وقلد انتفللع بهللذه الصليغة التمويليلة علدد مللن
المؤسسات والشركات المالية في المملكة وخارجها ,ولم
يبللق عللذر لمللن كللان يللرى أن الربللا هللو الحللل الوحيللد
للمشكلت الستثمارية.
علما بللأن هنللاك بللدائل أخللرى كللثيرة للصللكوك ,كصللكوك
السلم ,والستصناع ,والجارة ,وغيرها مما يمكن أن يصاغ
صللياغة جديللدة ,تتنللاغم مللع المعطيللات الجديللدة ,دون أن
يكون هنللاك مسللاس بمللا حللرم الللله تعللالى ,ل سلليما وأن
عقود المعاملت مبنية على الباحة ,ل على الحظللر ,وفللي
هذا كله مندوحة عما حرم الله .
كما أنلله يتحتللم علللى المؤسسللات والشللركات الماليللة أن
تستقطب العلماء والمتخصصين لتقديم البللدائل الشللرعية
المجدية ,بعيدا ً عن الصيغ الصورية المحرمللة ,والللتي ربمللا
تكون بلباس شللرعي ,كمللا وقللع ذلللك فللي صلليغة صللكوك
الجارة الصادرة مللن مؤسسللة نقللد البحريللن ,حيللن صللدر
قرار هيئتها الشلرعية بجلواز تللك الصليغة ,ثلم علاد بعلض
أعضاء هيئتها الشرعية ,وأعلن رجوعه عن فتياه حين ظهر
له صورية ذلك العقد ,واشتماله علللى بيللوع محرمللة ,وهنللا
يجب أخذ الحيطة من الوقوع فللي الحيللل الربويللة ,والللتي
ربما تكون أعظللم مللن الوقللوع فللي الربللا الصللريح ,والللله
تعالى أرحم بعباده ,وهو سبحانه أعلم وأحكم .
================
#البنك السلمي )السرائيلي(!!
مهنا الحبيل 24/1/1428
12/02/2007
حين ُولدت التجارب الولى للمصارف السلمية كان هناك
خطللاب مصللاحب لهللا يؤصللل ويكللرس مبللادئ التشللريع
السلللمي فللي القتصللاد ،وكيللف أن أسللاس القتصللاد
الرأسمالي المستبد والسللاحق للفللرد وللطبقللة الوسللطى
385
والفقيرة يتناقض مع أساس العدالة التي ركزهللا القتصللاد
السلمي بتداول الموال ،وفتح باب البيع والشراء ،وإدارة
الملللوال ،وتنشللليط القلللوى البشلللرية ،وزيلللادة أعلللداد
المسللتفيدين مللن إنمللاء المجتمللع ،وفللرص إدارة الللثروة
الوطنية لبلدان المسلمين داخل قطاعات الستثمار وذات
العلقة المباشرة بأهالي هللذه القللاليم الللتي تتواجللد فيهللا
تلك الثروات والمؤسسات القتصادية السلمية.
وحين بللدأت التطبيقللات ُتمللارس علللى الواقللع القتصللادي
ودوائر السوق ذات العلقة المندمجللة مللع الدارة الدوليللة
فللي قبضللة البنللوك العالميللة تغيللر المشللهد ،وأصللبحت
معاملت هللذه المصللارف السلللمية ُتحللاول شللرعنة تلللك
المشاريع والعمليات بتخفيللف الحللد الدنللى مللن الشللروط
الذي يعفيها من الربا الصريح ،ولكن تبقى آليللة وطريقللة و
تللداول المعللاملت الماليللة هللي نفسللها بللذات الرأسللمالية
العميقة ،خلف لا ً –وبللالقطع -مللع منهللج التشللريع السلللمي
العلللادل ،ملللع احترامنلللا وتقلللديرنا لشخصللليات الهيئات
الشرعية ،ولكننا نتحللدث عللن التطبيقللات والمفللاهيم فللي
أرض الواقع.
وهو ما حدا بللالمفكر الباكسللتاني الشللهير خورشلليد أحمللد
-وهو أحد أبرز منظري القتصللاد السلللمي -أن يعلللن فللي
ذلك الزمن أن المصارف السلمية هي مصللارف ل ربويللة
وليست إسلللمية ،وشللرح مللوقفه هللذا بنللاء علللى مفهللوم
العناية بالفقراء ومتوسطي الدخل الللتي يضللمنها القتصللاد
السلمي ،مع تحقيق الربح والنجللاح؛ لن هللذه المصللارف
ليست جمعيات خيرية ،لكنها من المفترض أن تدشن بعللد
كل هذه السنوات من التجربللة نمللاذج قائمللة علللى الرض
تمثللل بوضللوح فلسللفة القتصللاد السلللمي ،وهللو مللا لللم
يحصل مع السف الشديد.
ول بد هنا من أن أوضح أنه تبقى قضية الربا الصرف حالللة
من حالت المعصية الجتماعية الكبرى ،بإجماع أهل السنة
فلللي مشلللارق الرض ومغاربهلللا ،اسلللتطاعت المصلللارف
السلمية تحقيق بديل مع كثير من التحفظات عليه ،ولكن
386
البيع بالمرابحة للمر بالشراء وبيللع الجللال وغيرهللا أعفللى
البعض من تداول القروض الربوية المباشرة.
ثانيًا :كنا نتفهم بأن تجربة القتصاد السلمي حديثللة ،وقللد
نشأت مع وجود اقتصاد دولي إقطاعي ورأسمالي مهيمن،
لكننا بدل أن نرى انتقال ً كليا ً وتنوعا ً جديللدا ً فللي المشللاريع
القتصادية السلمية أصبحنا نعيش مرحلللة تكريللس لللذلك
القطاع والثراء ،ولكن بصيغة ُيطلللق عليهللا إسلللمية ،ثللم
استبدلت كل تلك البنوك لفتاتهللا أو افتتحللت لفتللة أخللرى
لمعاملت إسلمية ،ولم يتغير غالبلا ً حلال الملال للديها ،ول
تداوله ،ول جهاته الستثمارية الكبرى ،ول نسبة الربح ،إنما
كل ما تغير هو الستمارات المطبوعة للمشاريع المسللوقة
لللدى هللذا المصللرف أو ذاك ،هللذه إسلللمية بختللم اللجنللة
الشرعية وتلك تجارية.
ولعل أبرز ما أثار هذه القضية هللو انهيللار أسللواق السللهم
فللي الخليللج ،وقيللام بعللض المصللارف الللتي تهتللف بأنهللا
إسلللمية بللإغراء صللغار المسللاهمين لخللذ قللروض تمويللل
كبيرة ثم تسييل محافظهم عند أول انهيللار ،وسللحق أولئك
البسلللطاء ،ومتوسلللطي اللللدخل ،وبعلللض المقتلللدرين،
وإخراجهم بين عشية وضحاها إلللى أهللل فاقللة مسللتحقين
للزكاة ،كما فعلت البنوك التجارية وأكثر.
إننا لن ننكر الحالة المصرفية-وكما قلت -التي بللدأت تبعللد
المجتمع عن الربللا ،غيللر أن هللذه القضللية -أي رفلع شلعار
المصللارف السللمية -لهلا تبعلات عنلد اللله والنللاس تلثير
أسئلة خطيرة يجب على تلك البنوك الجابة عنها ،وتطللرح
بدائل وخيارات حقيقية تنموية للشرق السلمي والجنللوب
النسللاني المضللطهدين ،ول تتحللول كجنللاح آخللر للرادة
الدولية الستعمارية في القتصاد ،ومللن يسلليطرون عليلله،
ويعرف الجميع من هم وأين هم ،وأل ّ يتذمر منسللوبو هللذه
المصارف من مساءلة الناس والمختصللين :مللن أيللن لكللم
هذا؟
============
#حكم تداول أسهم الشركات التي في مرحلة
التأسيس
387
)شركة الصحراء للبتروكيماويات أنموذجا(
د.يوسف بن عبدالله الشبيلي )*( 5/6/1425
22/07/2004
الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله ،أما بعد :
فيكللثر السلؤال فللي هللذه اليللام علن حكلم تلداول أسلهم
شركة الصحراء ،وهي شركة حديثللة التأسلليس رأسللمالها
ألف وخمسمائة مليللون ريللال ،أنشللأت بغللرض السللتثمار
في المنتجات البتروكيماوية ،وقد طرحت أسهمها للتدوال
بيعا ً وشراًء مع أن أغلب موجوداتها فللي هللذه الفللترة مللن
النقود ،وليس لها مشروعات إنتاجية قائمة حتى الن .
وتحقيقللا ً للفللائدة فقللد جمعللت هللذه الحللرف اليسلليرة
لستبانة الحكم الشرعي لتداول هللذه السللهم ،وقسللمت
هذه الورقة إلى العناصر التية :
الول :موجودات الشركات المساهمة .
الثاني :التكييف القانوني والشرعي للسهم .
الثالث :بيع السلهم ذات الموجلودات المختلطلة وعلقتله
بمسألة " مد عجوة ودرهم " .
الرابع :خلصة البحث .
أسلللأل اللللله أن يلهمنلللا الصلللواب ،وأن يجنبنلللا الزيلللغ
والرتياب .
ل-موجودات الشركات المساهمة أو ً
ل تخلللو عامللة الشللركات المسللاهمة فللي أي لحظللة مللن
اللحظات من الموجودات التية :
ل -العيان : أو ً
والمقصود بالعيان هنا :ما سوى النقود والديون ،وهي ما
يعبر عنها بلغة المحاسبة الحديثللة بلل )الصللول الحقيقيللة(،
وتشمل:
أ -الصول الثابتة :
وهي إما أن تكون :
.1عقارات :كالراضي والمباني والضيعات ونحو ذلك .
.2أو منقولت :كالسيارات المعدة للستخدام ،والجهزة
والثاث ونحو ذلك من عروض القنية .
ب -الصول المتداولة غير المالية :
388
وهي ما يعبر عنها الفقهاء بل )) عروض التجللارة (( ،وهللي
العروض المعللدة للللبيع ،سللواء كللانت منتجللات زراعيللة أو
صناعية أو تجارية أو طبية أو غير ذلك .
ثانيًا -المنافع :
المنفعة لغة :ما يتوصل به النسان إلى مطلوبه)(1
والمقصود بالمنفعة هنا :الفائدة العرضية التي تستفاد من
العيللان بطريللق اسللتعمالها ،كسللكنى المنللازل وركللوب
السيارة ولبس الثوب وعمللل العامللل ،ول تتنلاول الفلوائد
المادية كاللبن بالنسبة إلى الحيوان ،والتمر بالنسللبة إلللى
الشجر والجرة بالنسبة إلى العيللان الللتي تسللتأجر ونحللو
ذلك)(2
وعرفها ابن عرفه :مللا ل يمكللن الشللارة إليلله حس لا ً دون
إضافة ،يمكن استيفاؤه ،غير جزء مما أضيف إليه)(3
فالمنافع تكتسب من العيلان بواسلطة اسلتعمالها ،وهلي
الهدف من ملكيللة العيللان وغايتهللا فللي الحقيقللة ،فليللس
تملك العيان إل لجل الحصول على منافعها .
غير أن ملك المنفعة قد يكون مستقل ً ومنفصل ً عللن ملللك
مصادرها من العيللان فيملللك منفعللة العيللن مللن ل يملللك
العين ،وعندئذٍ يكون له ملك المنفعة دون ملك العين )(4
فمن ملك دارا ً فقد ملللك عينهللا ومنفعتهللا ،ومللن اسللتأجر
دارا ً للسكنى ملك منفعة سكناها ومن استأجر عامل ً لعمل
معين ملك عمله الذي حدد في عقد الجارة .
فالمنفعللة تللارة يكللون محلهللا عينلا ً مللن العيللان كالسللكن
بالنسللبة للللدور ،وتللارة يكللون محلهللا الللذمم كالعمللال
بالنسبة للعمال )(5
وتتجسد ملكية المنافع في الشركات المساهمة فللي حللال
وجللود أصللول ذات منللافع كالمبللاني واللت ،أو منللافع
مجلللردة كلللالبيوت المسلللتأجرة ،والملللوظفين والعملللال
التابعين للشركة .
ول خلف بين الفقهاء على جواز المعاوضللة علللى المنللافع
من حيث ال) ،(6فيمكللن أن يكللون ثمنلا ً ومثمنلا ً ،كمللا لللو
استأجر رجل دارا ً مقابل انتفاع المؤجر بسيارة المسللتأجر
).(7
389
ثالثًا-الحقوق المعنوية :
وهذه الحقوق ملزمة لوجود الشركة منللذ تأسيسللها ،إذ ل
تخلو شركة مساهمة – ولللو فللي مرحلللة التأسلليس – مللن
هذه الحقوق .
وتشمل هذه الحقوق :السم التجاري للشركة ،والتصريح
بالكتتاب والتداول ،والدراسات السابقة لنشللأتها ،وكلفللة
المخاطرة ،وكفاءة الدارة وجودتها وغير ذلك .
فحصة مستثمر مع مدير للستثمار ذي كفاءة عالية قيمتها
عند البيع أعلى من حصة آخر مع مدير كفللاءته أقللل ،ولللو
تساوت حصتاهما من حيللث القيمللة الرأسللمالية النقديللة ،
لن الزيادة ليست بسبب زيادة في الموجودات العينية بل
بسبب قوة الدارة.
وقد توهم البعض أن هذه الحقللوق المجللردة ليسللت محل ً
للعقللد ،لنهللا ليسللت بمللال متقللوم شللرعا ً ،وهللذا الللرأي
ن ً
ضللعيف جللدا ،فللإن المعاوضللة كمللا تكللون علللى عيلل ٍ
ي غيللر ململلوس ، ق معنو ٍمحسوسة يصح أن تكون على ح ٍ
وقد أجاز جمهور الفقهاء بيع الحقوق المجردة ،مثللل حللق
المرور ،وحق التعللي ،وحلق التسلييل ،وحلق الشلرب ،
وحق وضع الخشب على الجدار ،وحق فتح البللاب ،ونحللو
ذلك ) ،(8ودلت الشريعة على جواز المعاوضة ببذل المال
ق من الحقوق ،كالمصالحة على العفو عللن للتنازل عن ح ٍ
القصللاص ،والخلللع ،والصلللح بعللوض للتنللازل عللن حللق
الشفعة ،وبيع العربون ،وغير ذلك من المعاوضللات الللتي
يكون محل العقد فيها حقا ً مجردا ً .
رابعًا-النقود :
وبيع النقد بنقد هو الصرف ،ويشترط فيه :
.1التماثل إذا بيع النقد بجنسه ،فإن بيللع بغيللر جنسلله فل
يشترط التماثل .
.2والتقابض في الحال .
خامسًا -الديون :
وقد تكون بسللبب تسللهيلت ائتمانيللة مللن الشللركة لبعللض
عملئها ،أو مستحقات مالية بسبب بيوٍع آجلة ونحو ذلك .
390
وقد اختلف أهل العلم في حكم بيع الدين من غير من هللو
عليه والظهر هو جواز بيع الللدين مللن غيللر مللن هللو عليلله
بثمن حاضر ،بالشروط التيه :
.1أل يتفق العوضان )الدين وعوضه( في العلللة الربويللة ،
كأن يكون الدين ريالت ويشللترى بريللالت أو دولرات ،أو
يكللون الللدين بللرا ً ويشللترى بتمللر أو بللبر ،لن مللن شللرط
المبادلة بين هذه الصناف التقابض ،ول يتحقق القبض إذا
كللان أحللدهما دينللا ً .قللال فللي القواعللد الفقهيللة )) :بيللع
الصكاك قبل قبضها ،وهي الللديون الثابتللة علللى النللاس ..
فإن كان الللدين نقللدا ً وبيللع بنقللد لللم يجللز بل خلف ،لنلله
صرف بنسيئة(( ).(9
.2أل يربح الدائن من البيع ،فله أن يبيعه بنفس قيمتلله أو
بأقل ول يزداد ،لئل يدخل في النهي عن ربح ما لم يضمن
.
فهذه هي الموجودات المعتادة للشركة المساهمة ،حيللث
تتألف من العيان والمنافع والحقوق والنقود والللديون ،أو
من أوراق مالية ترجع إلى شيء من ذلك .
وفي الشركات التي في مرحلللة التأسلليس تكللون الغالبيللة
العظمى من هذه الموجللودات هللي النقللود المحصلللة مللن
أموال المكتتبين ،ففي شللركة الصللحراء مثل ً تصللل نسللبة
النقود من موجودات الشركة في هذه الفترة ما يزيد عللن
تسعين بالمائة حسللب إفللادة القللائمين عليهللا ،ومللع ذلللك
فالشللركة ل تخلللو مللن بعللض الموجللودات الخللرى ذات
القيمة المعتبرة شرعا ً ،كالحقوق المعنوية ومنافع العيان
والشخاص العللاملين فيهللا إضللافة إلللى بعللض الممتلكللات
اليسيرة .
والسؤال المطروح الن :هل المعتبر عند بيع هذه السللهم
قيمتها السوقية بغض النظر عما تمثله من موجودات فللي
الشركة ؟ أم ينظللر إلللى موجللودات الشللركة ويأخللذ الللبيع
حكم تلك الموجودات ؟
وعلى الثاني يجب أن تطبق شروط الصرف في بيع أسهم
الشركات التي أغلللب موجوداتهللا النقللود ،فيلللزم التماثللل
والتقابض ،ويتحقق التماثللل فللي بيللع السللهم أثنللاء فللترة
391
الكتتاب وقبل التشغيل ببيعه بقيمته السمية دون زيادة أو
نقصان ،أما بعللد التشللغيل فيتحقللق التماثللل بللبيع السللهم
بقيمته الحقيقية ،وهي النصيب الذي يستحقه السهم فللي
صللافي أمللوال الشللركة ،فيشللمل رأس المللال المللدفوع
وموجللودات الشللركة ومللا أضلليف إلللى رأس المللال مللن
الرباح والحتياطيات ).(10
وتساوي هذه القيمة :القيمة الدفترية لخر فترة ،مضافا ً
إليها الرباح المحتجزة .
والجواب عن هذا السؤال يتطلب تحرير التكييف القللانوني
والشرعي للسهم ،وعلقة السللهم بموجللودات الشللركة ،
وهذا مللا سللنجيب عنلله بمشلليئة الللله تعللالى فللي السللطر
القادمة
ثانيًا-التكييف القانوني والشرعي للسهم
التكييف القانوني :
السهم في القانون التجاري هو صك يمثل حصة فللي رأس
مال شركة المساهمة).(11
وللسهم خصللائص متعللددة منهللا :التسللاوي فللي القيمللة ،
والقابليلللة للتلللداول ،والقابليلللة للتسلللييل ) ، (12وعلللدم
القابلية للتجزئة ،وغير ذلك ).(13
وخلفلا ً للنظللرة الشللرعية ،فللإن القللانون التجللاري – بمللا
يمنحه للشركة المسللاهمة مللن شخصللية اعتباريللة – يميللز
بين ملكية السهم ،وملكية الصول والعيان التي يتضمنها
السهم .
فالسهم يملك علللى وجلله السللتقلل عللن ملكيللة الصللول
والعيللان الللتي تملكهللا الشللركة ،بحيللث إن الحصللص
المقدمة للمساهمة في الشركة تنتقل على سبيل التمليك
إلى ملكية الشركة ،ويفقد الشركاء المستثمرون كل حق
عينللي عليهللا ،ول يبقللى لهللم إل حللق فللي الحصللول علللى
نصيب من أرباح الشركة أثناء وجودها ،وفي اقتسام قيمة
بيع موجوداتها عند التصفية .
ولقد ل حظت كثير من القوانين هللذا السللتقلل ففرضللت
ضريبة الدخل أو الربللاح علللى الشللركات بشللكل منفصللل
عن ضريبة الدخل علللى الفللراد ،فالشللركة تللدفع ضللريبة
392
علللى مجمللوع أرباحهللا سللواء وزعتهللا أم لللم توزعهللا ،
والمستثمر يدفع ضريبة أيضا ً عما حصللل عليلله مللن أربللاح
موزعة ،دون أن يعتبر ذلك ازدواجا ً ضريبيا ً ،لن للشللركة
أو الصللندوق السللتثماري شخصللية قانونيللة وذمللة ماليللة
مستقلتين عما للمستثمرين أفرادا ً أو مجتمعين ).(14
التكييف الشرعي للسهم :
ل يختلللف التكييللف الشللرعي للسللهم كللثيرا ً عللن التكييللف
القانوني ،إل في دمج ملكيللة السللهم بملكيللة موجللوداته ،
فالسهم ل يملك على وجه الستقلل عللن ملكيللة الصللول
والعيان ،بل إن الشللركة أو الوعللاء السللتثماري مملللوك
بما فيه للمساهمين .
وعلى هذا فالتكييف الشرعي للسهم أنلله)) :حصللة شللائعة
من موجودات الشركة ،أيا ً كان نوع هذه الموجودات((.
فقللد تكللون موجللودات الشللركة أصللول ً ماليللة – نقللودا ً أو
أوراقا ً ماليللة – ،وقللد تكللون أصللول ً حقيقيللة مللن عقللارات
وسلللع ومنللافع وغيللر ذلللك ،وقللد تكللون مزيجلا ً مللن هللذه
الصول أو بعضها .
وقد أوجدت الطبيعة المزدوجة للسهم ،تباينا ً في وجهللات
النظللر عنللد العلمللاء المعاصللرين ،فللي تحديللد النظللرة
الشرعية التي يجب أن يعامل بها السللهم لتنزيللل الحكللام
الشرعية عليه .
فمع أن الجميع متفقون على أن السهم حصة شللائعة فللي
موجللودات الشللركة ،إل أن قللابليته للتللداول والتسللييل
بسللهولة جعلللل البعللض يميلللل إلللى تكييفلله عللللى أنلله
ض (( مطلقا ً بصرف النظر عما يتكون منه من نقود )) عَْر ٌ
أو ديللون أو منللافع أو غيللر ذلللك ،وهللو رأي يقللترب مللن
النظرة االقانونية الللتي قللدمناها آنفلا ً ،والللتي تفصللل بيللن
ملكية السهم ،وملكيللة موجللوداته ،فموجللودات الشللركة
ليسللت بالضللرورة – علللى هللذا الللرأي – هللي موجللودات
السهم .
ويظهر أثر هذا الختلف جليا ً في ثلثللة أبللواب مللن أبللواب
الفقه ،هي :
-باب الزكاة .
393
-وباب البيع .
-وباب الرهن .
وفيما يلي عللرض لهللذين الرأييللن ،ومللا يللترتب علللى كللل
منهما من أثر في هذه البواب ،وإن كان بعضهم قد أبدى
رأيه في بللاب دون الخللر إل أن إجللراء الحكللم فللي جميللع
المسائل من لزم قوله .
فنقول :
اختلللف العلمللاء المعاصللرون فللي تكييللف الوراق الماليللة
التي تمثل حصص ملكية كالسهم على قولين:
القول الول :
يرى بعض العلماء أن السهم أموال قللد اتخللذت للتجللار ،
فإن صاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء ،ويكسب منهللا كمللا
يكسب كل تاجر من سلعته ،فهللي بهللذا العتبللار عللروض
تجارة ،مهما كانت موجودات أو طبيعة عمل الشركة التي
أصدرتها ).(15
وإلللى هللذا ذهبللت نللدوة البركللة الثانيللة ،وبعللض الهيئات
الشرعية للمصارف السلللمية وذلللك إذا كللان مللن ضللمن
موجودات الشللركة نسللبة ولللو يسلليرة مللن العيللان )غيللر
النقود والديون( )(16
ويمكن أن يستدل لهذا القول بما يلي :
الحجة الولى :
قوله عليه الصلة والسلم )) :من باع عبدا ً له مللال فمللاله
للذي باعه إل أن يشترطه المبتاع(( ).(17
ووجلله الدللللة منلله :أنلله اجتمللع فللي المللبيع :عبللد وهللو
عرض ،ومال ،فأعطي الجميع حكم العرض ،فيجوز بيعه َ
سواء كان المال الذي معه معلوما ً أو مجهول ً ،مللن جنللس
الثمن أو من غيره ،عينا ً كللان أو دينلا ً ،وسللواء كللان مثللل
الثمن أو أقل أو أكثر ).(18
وقياسا ً على ذلك يجوز بيع الورقة المالية بغض النظر عما
في موجوداتها من الديون والنقللود ،فللإن مللن موجوداتهللا
ن وآلت ونحو ذلك ،ونقللودا ً ،فتأخللذ حكللم عروضا ً من مبا ٍ
العروض بدللة الحديث .
ويمكن مناقشة هذه الحجة :
394
)بأن الحللديث محمللول علللى أن قصللد المشللتري للعبللد ل
للمال ،فيلدخل الملال فللي الللبيع تبعلا ً ،فأشللبه أساسللات
الحيطان والتمويه بالللذهب فللي السللقوف ،فأمللا إذا كللان
المال مقصودا ً بالشللراء فيجللوز اشللتراطه إذا وجللدت فيلله
شرائط البيع من العلللم بلله ،وأل يكللون بينلله وبيللن الثمللن
ربا ،كمللا يعتللبر ذلللك فللي العينيللن المبيعللتين ،لنلله مللبيع
مقصود( )(19أ.هل.
وعليه :فيصح الستدلل لو كان القصد من الورقة المالية
هو العروض دون النقود .
ويجاب عن هذه المناقشة :
بللأن المسللاهم – عنللد شللرائه السللهم – ل يقصللد امتلك
موجودات ذلك السهم ،بل لربما ل يعرف مللافي الشللركة
مللن موجللودات ،وإنمللا قصللده الحصللول علللى الربللح إمللا
بالمضاربة بالسهم في السوق المالية )الرباح الرأسمالية(
أو بالحتفاظ به حتى موعد توزيع الرباح )الرباح الدورية(،
فللالنقود أو الللديون الللتي مللن موجللودات الشللركة ليسللت
مقصودة لله وللو كلانت تمثلل النسلبة العظملى ملن تللك
الموجودات .
الحجة الثانية :
أن الوراق الماليللة ومنهللا السللهم أصللبحت سلللعا ً تبللاع
وتشترى ،وصاحبها يكسب منها كما يكسب كل تللاجر مللن
سلعته ،وقيمتها الحقيقية التي تقدر في السواق ،تختلف
في البيع والشراء عن قيمتها السمية ).(20
ويمكن مناقشة هذه الحجة :
بللأن كللون الوراق الماليللة قابلللة للتللداول ل يخرجهللا عللن
ماهيتها وحقيقتها الشرعية ،فالنقود الورقية أصبحت سلعا ً
تباع وتشترى ،ومع ذلك فهي ليست عروض .
ما يترتب على هذا القول :
) -(1في الزكاة :
يجب أن تزكى الوراق المالية زكاة عروض التجارة مطلقا ً
،سواء قصد المشتري من امتلك الورقة الماليللة التجللارة
أو الغلة ،وذلك بأن تقللوم تلللك الوراق فللي نهايللة الحللول
بقيمتها السوقية ،ويؤخذ ربع العشر من قيمتها.
395
) -(2في البيع ).(21
ينطبق على بيع الورقة الماليللة أحكللام بيللع العللروض ،فل
يجري فيها ربا الفضللل أو النسلليئة حللتى ولللو كللان معظللم
موجوداتها نقللودا ً أو ديون لا ً ،فيجللوز بيعهللا بللالنقود بقيمتهللا
السوقية ،وإن كانت مختلفة عن قيمتها الحقيقيه ) القيمة
الدفترية +الرباح ( ،ويجللوز بيعهللا أيضلا ً مللن غيللر قبللض
لثمنها .
القول الثاني :
ذهب بعض العلماء المعاصللرين إلللى أن للسللهم حكللم مللا
يمثله في موجودات الصندوق أو الشللركة الللتي أصللدرته ،
من عللروض أو نقللود أو ديللون أو منللافع ،فيختلللف حكملله
باختلف تلك الموجودات).(22
وبهذا القول صدر قرار مجمع الفقه السلللمي بجللدة فللي
دورته الرابعه ).(23
احتج أصحاب هذا القول بما يلي :
الحجة الولى :
أن السللهم مللا هللو إل مسللتند لثبللات حللق المسللاهم ،فل
قيمة له في نفسه وإنما بما يمثله من موجودات الشركة ،
فيجب أن يأخذ حكمها ).(24
نوقش :
بأن القيمة السوقية للسهم تختلف ارتفاعا ً وهبوطا ً ،فهللي
ل تمثل القيمة الحقيقية لموجودات الشركة).(25
أجيب :
بأن تقلب القيمة السوقية ارتفاعا ً وهبوطا ً أمر طبيعي لن
رأس المال المللدفوع قللد اسللتخدمته الشللركة فللي شللراء
موجوداتهللا ،وهللذه الموجللودات اسللتخدمت فللي أنشللطة
إنتاجية قد تنجح فتقوي من مركللز الشللركة المللالي ،وقللد
تفشل فيحدث العكس ،وفي كلتللا الحللالتين تتللأثر القيمللة
الحقيقية للورقة ،وتبعا ً لذلك تتأثر القيمللة السللوقية ،لن
القيمة الحقيقية تعتبر مؤشرا ً موضوعيا ً للقيمة السللوقيه )
.(26
الحجة الثانية :
396
أن الشركة المساهمة إما أن تكون على سللبيل المضللاربة
أو العنان ،وعلللى كل الحللالين فللإن نصلليب الشللريك نافللذ
على موجودات الشركة .
ويمكن مناقشة هذه الحجة :
بأن شركة المساهمة تختلف عن شركة المضاربة والعنان
اللتين عرفهما الفقه السلمي باعتبارات متعددة ،منها :
.1أن شركة المساهمة من شركات الموال الللتي تتجلللى
فيها الشخصية العتبارية المستقلة للشللركة عللن ملكهللا ،
بخلف المضاربة والعنان فإنهمللا مللن شللركات الشللخاص
التي يرتبط تكوينها وماهيتها بأشخاص ملكها ولهذا تفصللل
القلللوانين التجاريلللة بيلللن المسلللاهمين اللللذين يمتلكلللون
"السهم" والشركة التي تمتلك "الموجودات".
.2أن ملكية السهم منفصلة عن ملكية موجوداتها ،ولهذا
لوصللفيت الشللركة ل يحللق لي مللن الشللركاء المطالبللة
بقسمة الموجودات أو بحصته من أعيانها حللتى ولللو كللانت
مثلية ،بخلف شركتي العنان والمضاربة فإن الصل فيهمللا
هو التصفية الحقيقية ل الحكمية )التقديريللة( ،فلللو طلللب
الشريك عنللد التصللفية حصللته بعينهللا مللن الموجللودات أي
المقاسمة لزم الخر إجابته إلى ذلك ،قال في المغني " :
وإن طلللب أحللدهما القسللمة والخللر الللبيع أجيللب طللالب
القسمة دون طالب البيع "). (27
.3أن السهم –إذا تحقق المتعاقدان بأنفسهما أوبقول من
يثقان به مللن خلللوه مللن المحللاذير الشللرعية– فللإنه يجللوز
تللداوله بيعلا ً وشللراًء وإن لللم يعلمللا حقيقللة مللا يمثللله مللن
موجودات الشركة ،وليعللد بللذلك مللن عقللود الغللرر ،لن
قصدهما في الربح ل في الموجللودات ،والغللرر إنمللا يللؤثر
في العقد إذا كان مقصودا ً ل تابعا ً ،أما حصة الشريك فللي
العنان والمضاربة فل يجوز بيعها أو شللراؤها إل بعللد العلللم
بموجوداتها تحديللدا ً وإل كللان مللن عقللود الغللرر ،لن تلللك
الموجودات مقصودة بذاتها.
.4أن شللركة المسللاهمة ذات مسللؤلية محللدودة بخلف
العنان والمضاربة .
397
.5قابليللة السللهم فللي الشللركات المسللاهمة للتللداول
والتسييل بخلف حصة الشريك في العنان والمضاربة .
.6اختلف القيمة السوقية للسللهم عللن القيمللة الحقيقيللة
) القيمة الدفترية +الربللاح ( بخلف حصللة الشللريك فللي
العنان والمضاربة فإن قيمتها عند التصفية بقيمة ما تمثللله
من موجودات .
.7ثبوت حق الشللفعة فللي العنللان والمضللاربة عنللد تللوفر
شروطه بخلف الشركات المساهمة .
فكل هذه العتبارات وغيرها تمنع من تطبيق أحكام العنان
والمضاربة وغيرها بحذافيرها على الشللركات المسللاهمة ،
وتجعل العلقة بيللن السللهم وموجللوداته أضللعف ممللا هللي
عليه في شركات الشخاص.
ما يترتب على هذا القول :
-1في الزكاة :يأخذ السهم حكم زكاة موجودات الشركة
الللتي أصللدرته وطبيعللة نشللاطها ،فينظللر إلللى موجللودات
الشركة ونشاطها وتحسب الزكاة وفقا ً لذلك .
-2فللي الللبيع :تأخللذ الوراق حكللم بيللع موجوداتهللا ،فللإن
كانت ديونا ً فلها حكللم بيللع الللديون وإن كللانت نقللودا ً فلهللا
حكم بيع النقود ،وإن كانت أعيانا ً أو منافع فلهللا حكللم بيللع
العيان والمنافع .
الترجيح بين القولين السابقين :
مما لشك فيه أن الخلف السابق جللوهري ويللترتب عليلله
مسائل متعللددة ،وأحكللام متباينللة ،ولكنللي سللأحجم عللن
الترجيح بين القولين لن نتيجة القولين في المسللألة الللتي
نحن بصدد دراستها بخصوصها واحدة كما سيأتي .
ثالثلًا-بيللع أسللهم الشللركات وعلقتلله بمسللألة "مللد عجللوة
ودرهم"
عرفنللا فيمللا تقللدم أن موجللودات الشللركات المسللاهمة ل
تخلو من كونهللا خليطلا ً مللن أنللواٍع متعللددةٍ مللن المللوال ،
ولكللن أغلللب هللذه الموجللودات فللي الشللركات حديثللة
التأسلليس تكللون مللن النقللود ،فعلللى قللول مللن يللرى أن
للسهم حكم العروض مطلقا ً فل إشكال في تداول أسللهم
هلللذه الشلللركات بقيمتهلللا السلللوقية بغلللض النظلللر علللن
398
موجوداتهللا ،لن الحكللم للعيللان مطلقللا ً ،اكتفللاًء بمبللدأ
الخلطة ،فل يشللترط للللبيع تقللابض ول تماثللل ولللو كللانت
النقود أو الديون هي الغالبة.
أما على رأي من يرى أن حكم بيللع السللهم للله حكللم بيللع
موجوداتها فإنه ينظر إلى الغلللب مللن تلللك الموجللودات ،
فيعطي السهم حكم الغلب فإن كانت العيان هي الغالبة
،فله حكم بيع العيان ،وإن كانت النقود هي الغالبة ،فله
حكم المصارفة ،وإن كانت الديون هي الغالبللة فللله حكللم
بيع الديون .
وإلى هذا القول ذهب مجلس مجمع الفقه السلمي بجدة
).(28
ويجري على هللذا القللول – الثللاني – الخلف بيللن الفقهللاء
المتقدمين فيما إذا بيع ربوي بجنسه ومعهما أو مع أحدهما
من غير جنسهما ،وتعرف بمسألة )) مد عجوة ودرهللم ((
).(29
وللفقهاء في هذه المسألة ثلثة أقوال :
.1المنع مطلقا ً .
.2الجواز إن كان المفرد أكللثر مللن الللذي معلله غيللره ،أو
كان مع كل واحد منهما من غير جنسه .
.3الجواز إن كان غير الربوي تابعا ً .
وقبل الشروع في ذكر الخلف وما يترتب عليه وحجج كللل
فريق ،يحسن أول ً تحرير محل النزاع في المسألة .
فثمت مسائل اتفقت هذه القوال عليها :
-1إن باع ما فيه الربا بغير جنسه ،ومعه من جنس ما بيع
به ،إل أنله – أي الربلوي – تللابع غيلر مقصللود ،فللإن كلان
يسيرا ً ،فللالبيع جللائز ،قللال ابللن قدامللة )) :ل أعلللم فيلله
خلفا ً (( ).(30
ووجود الربوي في هذا البيع كعدمه .
وذلللك مثللل أن يشللتري دارا ً مموهللا ً سللقفها بالللذهب ،
بذهب ،أو بدار سقفها مموه بالذهب .
وتتفاوت المللذاهب فللي تحديللد القللدر الللذي يتسللامح فيلله
بوجود الربوي في الصفقه ،فنجد المذهب الشافعي أشللد
هذه المذاهب ثم المالكي والحنبلي ثم الحنفي .
399
فالشافعية يضبطون ذلك بلأن يكلون الربلوي يسليرا ً تابعلا ً
بالضافة إلى المقصود ،كبيع حنطة بشعير ،وفيهللا أوفللي
أحدهما حبات من الخر يسيرة ).(31
والحنابلة يحددون ذلك بأن يكون الربوي التابع يسيرا ً غيللر
مقصللود ،كالملللح فيمللا يعمللل فيلله ،أو كللثيرا ً لمصلللحة
المقصود كالماء في خل التمر والزبيب ).(32
بينما يرى المالكية جواز بيع المحلى إذا بيع بنقللد مللن غيللر
جنسه بثلثة شروط :
الول :أن تكون الحلية مباحللة ،كتحليللة السلليف والخللاتم
ونحوهما ،فإن كانت محرمة كالثياب فلتجوز.
الثاني :أن تكون الحلية مسمرة .
الثالث :أن يباع معجل ً من الجانبين ،لن العقد اجتمع فيه
بيع وصرف .
فإن بيع بجنسه فيشترط إضافة إلى ما تقللدم شللرط رابللع
وهو أن تكون الحيلة بقدر الثلث فأقل .
ومع هذه الشروط فالمالكية يرون أن العقد مشتمل علللى
المصارفة ولذا اشترطوا التقابض .
وفيما سوى ذلك ل يجوز بيع ما فيه فضة أو ذهب بنوع مللا
فيه منهما إل أن يكون ما فيه من الفضة والللذهب إذا نللزع
لم يجتمع منه شيء له بال فل بللأس حينئذٍ بللبيعه بنللوع مللا
فيه نقدا ً أو نسأ ً ،لن وجود النقد كعدمه ).(33
ويقيللد الحنفيللة ذلللك بمللا إذا كللان النقللد يسلليرا ً كللالتمويه
اليسللير الللذي ل يحصللل منلله شلليء يللدخل فللي الميللزان
بالعرض على النار ،فوجود الربوي في هذه الحالة ل يؤثر
).(34
ويرى المام الوزاعي :إن كانت الحلية تبعا ً وكان الفضللل
في الفضل جاز بيعه بنوعه نقدا ً وتأخيرًا).(35
-2ل أعلم خلفا ً بين العلماء أنه إذا بيع ربوي بجنسه ومللع
أحدهما من غيللر جنسلله ،وكللان كللل منهمللا – أي الربللوي
وغير الربوي – مقصودا ً في العقللد ،فيجللب التقللابض بيللن
العوضين .
فحتى الحناف الذين يرون صحة البيع ل ينللازعون فللي أن
العقد يشتمل على الصرف فيجب فيه التقابض .
400
قللال فلي الهدايللة )) :إن بلاع سلليفا ً محللى بملائة درهللم ،
وحليته خمسون فدفع من الثمن خمسين جاز الللبيع وكللان
المقبوض حصة الفضة ..فإن لم يتقابضا حتى افترقا بطل
العقد في الحلية(( قال في الشرح)) :لنه صرف فيهللا(( )
.(36
-3إذا بيع النقد من غير جنسه ومع أحدهما أو كليهما متاع
،كمللا لللو بيللع ذهللب بفضللة وثللوب ،أو ريللالت بللدولرات
وكتاب ،وحصل التقابض في المجلللس ،صللح العقللد عنللد
الجمهللور مطلقللا ً مجازفللة كللان أو متفاضللل ً أو متسللاويا ً
لختلف الجنسين ،ويصح عنللد المالكيللة أيضلا ً بشللروطهم
السابقة ).(37
فإذا بيع الربوي بجنسلله ومعهمللا أو مللع أحللدهما مللن غيللر
جنسهما ،وكان كل من الربويين مقصودا ً في العقد ،فقد
اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلثة أقوال :
القول الول :
المنع مطلقا ً .
وهذا مذهب الجمهور من المالكية) ،(38والشللافعية)،(39
والحنابلة في الرواية المشهورة )(40والظاهرية.(41) .
استدل أصحاب هذا القول بما يلي :
الدليل الول :
ما روى فضالة بن عبيد رضي الله عنلله قللال :أتللي النللبي
صلى الله عليه وسلم يوم خيبر بقلدة فيها ذهللب وخللرز ،
وهي من المغانم تباع ،فأمر رسول الله صلللى الللله عليلله
وسلم بالذهب الذي في القلدة فنزع وحده ،ثم قال لهللم
رسول الله صلى الله عليه وسلم)) :الذهب بالللذهب وزن لا ً
بوزن(().(42
ووجه الدللة منه )) :أنه أمر بنلزع الخلرز وإفلراد اللذهب
ليمكن بيعه ،ولو جاز بيعه مع الخرز لما احتاج إلى وزنلله ،
ثم قال )) :الذهب بالذهب وزنا ً بوزن(( فنبه بذلك إلللى أن
علة إفراده بالبيع أن يتحقق فيه الوزن بالوزن(( ).(43
نوقش هذا الستدلل من جهتين :
الولى :من حيث ثبوته :
401
ظ مختلفة )، ،(44 فإن الحديث مضطرب ،فقد روي بألفا ٍ
ففي بعض الروايات أنه اشترى قلدة ))فيها خرز وذهب((
).(45
وفي بعضها ))ذهب وجوهر(( ) ، .(46وفي بعض الروايات
أنهللا بيعللت ))بللاثني عشللر دينللارًا(( ) ،(47وفللي بعضللها
)) بتسعة دنانير أو بسبعة دنانير(( ).(48
أجيب :
)) بللأن هللذا الختلف ل يللوجب ضللعفا ً بللل المقصللود مللن
الستدلل محفوظ ل اختلف فيه وهو النهي عن بيع ما لم
يفصل ،وأما جنسلها وقلدر ثمنهلا فل يتعلللق بله فلي هللذه
الحالللة مللا يللوجب الحكللم بالضللطراب ،وحينئذٍ فينبغللي
الترجيح بين رواتها ،وإن كان الجميع ثقات فيحكللم بصللحة
رواية أحفظهم وأضبطهم ،وتكون روايللة البللاقين بالنسللبة
إليه شاذة (( ).(49
الثانية :من حيث دللته :
فإن الحديث ل دللة فيه على المقصود لمرين :
الول :أنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم رده لن
ذهب القلدة أكثر من ذهب الثمن بدليل ما جاء في بعللض
روايات مسلم )) :أنه اشتراها باثني عشللر دينللارا ً ،قللال :
ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا(().(50
الثاني :ويحتملل أنله رده لن هلذه القلدة ل يعللم مقلدار
ذهبها أهو مثل وزن جميع الثمن أو أقل من ذلك أو أكللثر ،
ومن شرط صلحة اللبيع التحقلق ملن أن الثملن أكلثر ملن
الذهب ).(51
أجيب :
بأن ما ذكر من احتمالت غير وارد لثلثة أمور :
)) .1أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلللق الجللواب مللن
غير سؤال فدل على استواءالحالين(( ).(52
.2أنه جاء في رواية أبي داود أن المشتري قللال )) :إنمللا
أردت الحجارة (( فدل على أن الللذهب يسللير دخللل علللى
وجه التبع ).(53
.3أن فضالة بن عبيد رضي الله عنه وهو صللاحب القصللة
قد حمل النهي على العموم ،فقد سللئل عللن شللراء قلدة
402
فيها ذهب وورق وجوهر ،فقال :انزع ذهبهللا فللاجعله فللي
كفة ،واجعل ذهبك في كفة ،ثللم ل تأخللذه إل مثل ً بمثللل ،
فإني سمعت رسول الله صلللى الللله عليلله وسللم يقللول :
))من كان يللؤمن بللالله واليللوم الخللر ،فل يأخللذن إل مثل ً
بمثل(().(54
الدليل الثاني :
عموم الحاديث في النهي عن بيع الربللوي بجنسلله إل مثل ً
بمثللل ،مثللل قللوله عليلله الصلللة والسلللم )) :ل تللبيعوا
الذهب بالذهب إل مثل ً بمثل ،ول تشفوا بعضها على بعض
،ول تبيعوا الورق بالورق إل مثل ً بمثل ،ول تشفوا بعضللها
على بعض ((
ووجه الدللة :أن وجود شيء مع الربوي يمنع مللن تحقللق
المساواة التي أمر بهلا النللبي صلللى اللله عليلله وسلللم فل
يصح البيع إل بفصل الربوي وحده .
ويناقش :
بأن شرط المساواة متحقق فيما إذا كان المفرد أكثر مللن
الذي معه غيره ،بأن يجعل الربللوي المخلللوط بمللا يقللابله
خلط الللذي مللع مللن المفللرد ،ومللا فضللل مللن المفللرد بللال ِ
الربوي .
الدليل الثالث :
أن العقد إذا جمع عوضللين مختلفللي القيمللة ،كللان الثمللن
مقسطا ً على قيمتهما على الشيوع ،ل على أعدادهما .
يوضح ذلك أصلن :
أحدهما :أن من اشترى شقصا ً ).(55من دارٍ وعبدا ً بللألف
فاستحق الشقص بالشفعة كان مأخوذا ً بحصته من الثمللن
اعتبارا ً بقيمته وقيمة العبد ول يكون مأخوذا ً بنصف الثمن .
الثاني :أن من اشترى عبدا ً وثوبا ً بألف ثم استحق الثللوب
أو تلف كان العبللد مللأخوذا ً بحصللته مللن اللللف ،ول يكللون
مأخوذا ً بنصف اللف .
وبتطبيق ذلك على العقد هنا يلزم الفساد لن العقد يللتردد
بيللن أمريللن :إمللا العلللم بالتفاضللل أو الجهللل بالتماثللل ،
وكلهما مفسد للعقد ،لنه يجوز أن تكون قيمة المد الذي
مع الدرهم أقل أو أكثر أو يكللون درهملا ً ل أقللل ول أكللثر ،
403
فإن كللان أقللل أو أكللثر كللان التفاضللل معلوملا ً ،وإن كللان
درهما ً كللان التماثللل مجهللول ً ،لن التقللويم ظللن وتخميللن
والجهللل بالتماثللل – فللي بللاب الربللا –كللالعلم بالتفاضللل ،
ص ).(56 ولذلك لم يجز بيع صبرة بصبرة بالظن والخر ِ
نوقش هذا الستدلل من ثلثة أوجه :
الول :أن انقسام الثمن بالقيمة لغير حاجة ل دليللل عليلله
).(57
الثللاني )) :أن مطلللق المقابلللة تحتمللل مقابلللة الجنللس
بالجنس على سبيل الشيوع من حيث القيمللة كمللا قلتللم ،
وتحتمل مقابلة الجنس بخلف الجنس ..إل أنا لللو حملنللاه
على الول لفسد العقد ،ولو حملنللاه علللى الثللاني لصللح ،
فالحمل على ما فيه الصحة أولى (( ).(58
الثالث :وعلللى فللرض التسللليم بللأن التماثللل مبنللي علللى
الظللن ،فللإن بيللع الربللوي بللالربوي علللى سللبيل التحللري
والخرص جائز عند الحاجة ،إذا تعذر الكيل أو الوزن ،كما
يقول ذلك مالك والشافعي وأحمد في بيع العرايا بخرصللها
).(59
الدليل الرابع :
أن هذا العقد ممنوع سدا ً لذريعللة الربللا ،فللإن اتخللاذ ذلللك
حيلة على الربا الصريح وارد ،كبيع مائة درهللم فللي كيللس
بمائتين جعل ً للمائة فللي مقابلللة الكيللس ،وقللد ل يسللاوي
درهما ً ).(60
القول الثاني :
الجواز إذا كان ما مع الربوي تابعا ً .
فيجوز بيع الفضة التي لم يقصد غشها بالخالصة مثل ً بمثل
.
وهو رواية في مذهب المام أحمد ).(61
،اختارهللا شلليخ السلللم ابللن تيميلله فللي أحللد قللوليه )
.(62استدل أصحاب هذا القول :
بقوله عليه الصلة والسلم)) :من ابتاع عبدا ً له مال فماله
للذي باعه إل أن يشترط المبتاع ((.
ووجه الدللة منه :أن الحللديث دل علللى جللواز بيللع العبللد
بماله إذا كان قصد المشتري للعبد ل للمال ،فيجلوز اللبيع
404
سواء كان المال معلوما ً أو مجهول ً ،مللن جنللس الثمللن أو
من غيره ،عينا ً كان أو دينلا ً ،وسللواء كللان مثللل الثمللن أو
أقل أو أكثر).(63
ويقاس عليه إذا كان الذي مع الربوي تابعا ً غيللر مقصللود )
.(64
ويناقش :
بأن الربوي في مسألة مد عجوة ودرهم مقصللود بالعقللد ،
أما المال الذي مع العبد فالمقتضي لجواز بيعه بثمللن مللن
جنسه كونه تابعا ً غيللر مقصللود بالصللالة ،ول يصللح قيللاس
إحدى المسألتين على الخرى لمرين:
الول :أن الربوي إذا كان تابعا ً غير مقصود ل يتصور كلون
العقد حيلة على الربا ،بخلف ما إذا كان غير الربللوي هللو
التابع .
الثاني :أنه إذا بيللع الربللوي بمللا يسللاويه مللن جنسلله ومللع
أحدهما جنللس آخللر غيللر مقصللود ،فللإن ذلللك يللؤدي إلللى
التفاضل ،لن غير الربوي له قسط ولو يسلليرا ً مللن قيمللة
العوض المفرد .
القول الثالث :
جواز بيع الربوي بجنسه ومعه من غيللر جنسلله بشللرط أن
يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره ،أو يكللون مللع كللل
واحد منهما من غير جنسهما .
وهذا مللذهب الحنللاف ) ،.(65وروايلة عللن المللام أحمللد ،
اختارها شيخ السلم ابللن تيميلله فللي أشللهر قللوليه )،(66
وقيد المام أحمد وشيخ السلم ابن تيمية الجواز بقيدٍ آخر
وهو أل يكون القصد من هذه المعاملة التحايل على الربا ،
وذلك بأن يكون لما مع الربوي قيمة حقيقية ).(67
وجوز الشللافعية فللي وجلله ضللعيف عنللدهم :إذا بللاع مللدا ً
ودرهمللا ً بمللد ودرهللم ،والللدرهمان مللن ضللرب واحللد ،
والمدان من شجرة واحدة فإنه يصح).(68
فعلى هذا القول :مللن بللاع سلليفا ً محلللى بثمللن أكللثر مللن
الحلية ،وكان الثمن من جنس الحلية جللاز وذلللك لمقابلللة
الحليللة بمثلهللا ذهبللا ً كللانت أم فضللة ،والزيللادة بالنصللل
والحمائل والجفن ).(69
405
فللإن تسللاوى المفللرد مللع المضللموم إليلله غيللره ،أو كللان
المفرد أقل بطل البيع ،لتحقق التفاضل ،وكذا إذا لم يدر
الحال لحتمال المفاضلة أو الربا .
قال في الهداية )) :ولو تبايعا فضة بفضة أو ذهبا ً بللذهب ،
وأحدهما أقل ،ومع أقلهمللا شلليء آخللر تبلللغ قيمتلله بللاقي
الفضللة جللاز الللبيع مللن غيللر كراهيللة ،وإن لللم تبلللغ فمللع
الكراهة ،وإن لم يكن له قيمة كالتراب ل يجوز الللبيع (( )
.(70
فللإن تسللاوى المفللرد مللع المضللموم إليلله غيللره ،أو كللان
المفرد أقل بطل البيع ،لتحقق التفاضل ،وكذا إذا لم يدر
الحال لحتمال المفاضلة أو الربا .
قال في الهداية )) :ولو تبايعا فضة بفضة أو ذهب لا ً بللذهب ،
وأحدهما أقل ،ومع أقلهمللا شلليء آخللر تبلللغ قيمتلله بللاقي
الفضللة جللاز الللبيع مللن غيللر كراهيللة ،وإن لللم تبلللغ فمللع
الكراهة ،وإن لم يكن له قيمة كلالتراب ل يجلوز اللبيع(( )
.(71
نوقش هذا الستدلل من وجهين :
الول :أن الواجب حمل العقد على ما يقتضيه مللن صللحة
وفساد ،وليس تصحيح العقد ،ولللو كللان مللا قللالوه أص لل ً
معتبرا ً لكان بيع مد تمر بمدين جائزا ً ليكون تمر كل واحللد
منهما بنوى لخر ).(72
الثاني :أن هذا منتقض )) بمللن بللاع سلللعة إلللى أجللل ثللم
اشللتراها نقللدا ً بأقللل مللن الثمللن الول فللإنه ل يجللوز عنللد
الحناف مع إمكان حمله على الصحة ،وهما عقدان يجللوز
كل واحد منهما على الفراد ،فجعلوا العقللد الواحللد هاهنللا
عقدين ليحملوه على الصحة فكان هذا إفسادا ً لقللولهم(()
.(73
الدليل الثاني :
أن الربا إنما حرم لما فيه من ظلللم يضللر المعطللي ،وقللد
يكون في هذه المعاوضة مصلحة للعاقدين همللا محتاجللان
إليها ،كما في الدراهم الخالصة بالمغشوشة ،والمنع مللن
ذلللك مضللرة عليهمللا ،والشللارع ل ينهللى عللن المصللالح
406
الراجحة ،ويوجب المضرة المرجوحة ،كما قد عرف ذلك
من أصول الشرع ).(74
الترجيح :
باسللتعراض القللوال المتقدمللة وأدلتهللا نجللد أن الفريللق
الثالث يستند إلى البراءة الصللية بينملا اسلتدل الفريقلان
الول والثاني على المنع بأدلة ل تخلو من مناقشة :
فحديث فضالة بن عبيد – وهو عمللدة المللانعين – ل يسلللم
الستدلل به للحتمللالت الللواردة عليلله ،وهللي احتمللالت
قوية ،والقاعدة أن الدليل إذا طرأ عليه الحتمللال ،وكللان
الحتمال قويا ً ،بطل به الستدلل .
وأجوبة الفريق الول عن هذه الحتمالت غيللر وجيهللة لن
الثابت في صحيح مسلم أن الذهب الذي في القلدة أكللثر
من الثمن .
وأما الدليل العقلي فقد أجيب عنه .
ويبقى كللون العقللد ذريعللة إلللى الربللا ،وهللو دليللل متللوجه
وقوي ،لكن ينبغي حمله على ما إذا تضللمن العقللد تحللايل ً
على الربا ،فيحرم لذلك ،أما إذا لم يكن حيلللة للربللا بللأن
كان ما مع الربوي مقصودا ً فعل ً للعاقد فل يظهر المنع ،ل
سلليما وأن هللذه المعاملللة قللد يحتللاج إليهللا العاقللدان ،ول
يتمكنان من إجراء العقد على سبيل التفضيل بللأن يقللول :
بعتك مدا ً بمد ،ودرهما ً بمد ،وهللي الصللورة الللتي يجيزهللا
الفريق الول).(75
وأقرب شاهد على ذلك العقد الذي نحن بصدده ،وهو بيللع
السهم التي موجوداتها مختلطة ،فمن الصعوبة بمكان أن
يلزم العاقدان بالتفصيل على النحو السابق .
ولذلك فإن الذي يترجح هو جواز هذه المعاملة إذا لم تكن
حيلة على الربا وكان الربوي المخلللوط أقللل مللن الربللوي
المفرد ،وذلك بأن يكون ما مع الربوي له قيمللة حقيقيللة ،
ولم يؤت به للتحليل ،والله أعلم .
وتطبيقا ً للحكام السابقة :
فعلى فرض صحة القللول الثللاني وهللو أن بيللع السللهم للله
حكم بيع موجوداتها :
407
.1فإن بيع السهم إذا كانت موجوداتها مختلطة مللن نقللود
وغيرها وكانت تلك النقود مقصللودة لللذاتها فللالبيع ل يصللح
عند الجمهور إل إذابيعت بعملة غيللر عملللة السللهم فيصللح
عند الجميع سوى المالكية .
وأمللا علللى القللول الراجللح فيصللح الللبيع بنفللس العملللة
بشرطين :
الول :أن يكون الثمن الذي يشترى به السللهم أكللثر مللن
قيمة موجوداته من النقود والديون .
الثاني :أن يتقابضا العوضين -شهادة السهم وثمنها -قبل
التفرق .
-2فإن كانت موجودات السهم من النقود والللديون تابعللة
غير مقصللودة فيصللح الللبيع مطلقلا ً عنللد الجميللع مللن غيللر
اشتراط التقابض أو زيادة الثمللن علللى قيمللة تلللك النقللود
والديون ،لن هذه النقود تابعة فل حكم لها والقاعدة عنللد
أهللل العلللم أن " التللابع تللابع " و " يثبللت تبع لا ً مللا ليثبللت
استقل ً
ل".
والذي يحدد كون النقود والللديون تابعللة أم ل ،هللو طبيعللة
نشاط الشركة ،فإذا كانت الشللركة تسللتثمر أموالهللا فللي
بيوع آجلة فالديون أصيلة فيهللا حللتى ولللو كللانت نسللبتها –
عند بيع السهم -من الموجودات قليلة.
وإذا كانت الشركة مصرفية فالنقود أصيلة فيها ولللو كللانت
نسبتها من الموجودات قليلة .
وإذا كانت شركة ذات نشاط زراعي أو تجللاري أو عقللاري
أو صللناعي أو أي اسللتثمارات حقيقيللة أي غيللر ماليللة ،
فالنقود والديون تعتبر تابعة وليست مقصودة ،فيصللح بيللع
السهم بمثل قيمتلله الحقيقيللة أو بأقللل أو بللأكثر ،وبقبللض
وبدون قبض .
وعلى هذا فليست العبرة في جريان أحكام الصرف علللى
المعاملة بغلبة نسبة النقود إلى موجودات الشللركة – كمللا
قال به أصحاب القول الثاني – وذلك لعدة أمور:
.1أن هللذا القللول إذ لللم يقللل بلله أحللد مللن أهللل العلللم
المتقدمين – فيما أعلم – .
408
.2فضل ً عن أن هذا المر ل ينضبط في تللداول السللهم إذ
تتغير المراكز المالية للشركات بصورة مستمرة .
.3ولن هللذا القللول نظللر إلللى الموجللودات المحسوسللة
للشركة ولم يلتفت إلللى العوامللل والحقللوق الخللرى غيللر
المحسوسة والتي ل تقل أهميللة فللي التللأثير علللى القيمللة
السوقية للسهم عن الموجودات المحسوسة .
رابعًا-خلصة البحث
ومن خلل ما تقدم فالذي يظهللر هللو جللواز تللداول أسللهم
الشركات حديثة التأسيس التي تمللارس أنشللطة مباحللة –
ومنها شركة الصحراء – ولو كان الغلب في موجوداتها هو
النقود ،لما يأتي :
أول ً -لن هذه الشركات ل تخلو من موجودات أخرى غيللر
النقود وهي ذات قيمة معتبرة شرعا ً ،ومن ذلك :
.1الحقوق المعنوية كالسم التجاري للشركة،والدراسللات
السابقة لنشائها ،وتصاريح العمل ،وقوة الدارة وكفاءتها
،وغير ذلك.
تض أو سلليارا ٍ .2بعض الصول المملوكة للمنشأة من أرا ٍ
ث أو غير ذلك . أو أثا ٍ
.3ومنافع العيلان المسلتأجرة والشلخاص العلاملين فلي
الشركة وقت تأسيسها .
ثاني لًا -ولن التكييللف الشللرعي للسللهم –علللى رأي بعللض
العلماء المعاصرين -أنها عروض مهما كللانت موجللودات أو
طبيعة عمل الشركة التي أصدرتها لنها أموال قللد اتخللذت
للتجار ،وصاحبها يتجر فيها بالبيع والشراء ،ويكسب منها
كما يكسب كلل تلاجر ملن سللعته ،وهلذا اللرأي لله قلوة
وحظ من النظللر ،ويتأيللد بعللددٍ مللن العتبللارات الشللرعية
والقانونية ،ومنها :
.1أن القانون التجاري – بمللا يمنحلله للشللركة المسللاهمة
من شخصية اعتبارية – يميز بين ملكيللة السللهم ،وملكيللة
الصول والعيلان اللتي يتضلمنها السلهم ،فالسلهم يمللك
على وجله السللتقلل علن ملكيلة الصللول والعيلان اللتي
تملكها الشركة ،بحيث إن الحصللص المقدمللة للمسللاهمة
فللي الشللركة تنتقللل علللى سللبيل التمليللك إلللى ملكيللة
409
الشللركة ،ويفقللد الشللركاء المسللتثمرون كللل حللق عينللي
عليها ،ول يبقى لهم إل حق في الحصول على نصيب مللن
أربللاح الشللركة أثنللاء وجودهللا ،وفللي اقتسللام قيمللة بيللع
موجوداتها عند التصفية.
.2ولن القيمة السوقية للسهم لتعكس بالضرورة القيمة
الفعليللة لموجللودات الشللركة ) القيمللة الدفتريللة ( ،فقللد
تتناقص قيمللة موجللودات الشللركة بينمللا القيمللة السللوقية
للسهم في تصاعد ،والعكس كذلك ،وقد تخسللر الشللركة
وقيمتهللا السللوقية تللزداد وهكللذا ،فقيمللة السللهم ل تعللبر
بالضرورة عن قيمة الموجودات ،فهي قد تتأثر بها ولكنهللا
ل ترتبط بها ارتباطا ً مباشرا ً صعودا ً وهبوطا ً ،وذلك لوجللود
مؤثرات أخرى في قيمة السللهم غيللر موجللودات الشللركة
ونشاطها ،فجودة الدارة وسمعتها التجاريللة وخبرتهللا فللي
مجال النشاط كلها عوامل ترفع مللن قيمللة السللهم ،ممللا
يعنلللي أن الزيلللادة فلللي قيملللة السلللهم ليسلللت مقابلللل
الموجودات وإنما لعوامل أخرى متعددة .
.3ولن النقلللد إنملللا يمثلللل أغلبيلللة بلللالنظر إللللى قيملللة
الموجودات العينية ) المحسوسللة ( للشللركة ،أي بللالنظر
إلى القيمة السمية للسهم ،ل إلى قيمتها السللوقية ،لن
القيمة السوقية تتأثر بعوامللل أخللرى –كمللا سللبق -ل تقللل
أهمية عن الموجودات العينية ،فإذا أخذ بعين العتبار تلك
العوامللل المعنويللة المللؤثرة علللى قيمللة السللهم السللوقية
والتي يكتسبها المساهم بمجرد دخللوله فللي الشللركة فللإن
نسبة النقد إلى موجودات الشركة الجماليلة تكلون أقلل ،
والواجب عند النظر إلى موجودات السللهم أن ينظللر إلللى
الموجودات والحقوق الللتي يشللتمل عليهللا السللهم بقيمتلله
السوقية ) أي العوامل التي أوصلته إلى تلك القيمللة ( ،ل
أن ينظر إلى موجودات قيمته السمية فحسب .
.4ولن الزيادة في قيمة السهم بعد بللدء التللداول ليسللت
زيادة في قيمة موجودات السللهم ،وإنمللا هللي زيللادة فللي
قيمة السهم نفسه ،و"السللهم" شلليٌء و " مللا يمثللله مللن
موجودات في الشركة" شيٌء آخر ،ولهذا لو طلللب مالللك
مك ّللن مللن ذلللك لن السللهم حصللته مللن الموجللودات لللم ي ُ َ
410
ت امتلكه للسهم ليعنللي امتلكلله لمللا يمثللله مللن موجللودا ٍ
بأعيانها .
.5ومن الناحيللة الشللرعية فللإنه يللترتب علللى القللول بللأن
للسهم حكم ما يمثله في موجودات الشركة التي أصللدرته
عدد ٌ من اللوازم الباطللة الللتي تللؤدي إلللى القلول بتحريللم
السهم مطلقا ً وهو أمر لم يلتزم به القائلون بذلك ،ومللن
ذلك :
.6أن عامة الشركات المسللاهمة ل تخلللو موجوداتهللا مللن
نقودٍ أو ديون ذات قيمةٍ مؤثرة ،ويتم تداول أسللهمها دون
مراعاة لضوابط الصللرف أو بيللع الللدين ،والقللول بإعطللاء
الحكم للغلب من موجودات الشركة ل دليل عليلله بللل إن
النصوص الشرعية تلدل عللى أن الملبيع إذا اشلتمل عللى
نقدٍ مقصودٍ وبيع بنقد فيأخللذ حكللم الصللرف وإن لللم يكللن
النقد غالبا ً وكذلك في سائر الموال الربوية ،فمن يشتري
حليا ً ثلثه ذهب وثلثاه ألماس فللإنه يجللب قبللض ثمنلله قبللل
التفرق مراعاة للذهب الذي فيه مع أنلله القللل ،ونصللوص
الفقهاء التي أشرنا إليها في مسألة "مللد عجللوة ودرهللم "
وفللي مسللألة " التخللارج " تللدل علللى ذلللك ،قللال فللي
الهداية )) :وإذا كانت التركة بين الورثة فللأخرجوا أحللدهم
منها بمال أعطوه إياه والتركة عقار أو عروض ،جاز قليل ً
كان مللا أعطللوه إيللاه أو كللثيرا ً ..وإن كللانت التركللة فضللة
فأعطوه ذهبا ً أو كان ذهبا ً فأعطوه فضة فهللو كللذلك ..فل
يعتبر التساوي ويعتبر التقابض في المجلس لنه صرف .
وإن كانت التركة ذهبا ً وفضللة وغيللر ذلللك فصللالحوه علللى
ذهب أو فضة فل بد أن يكون
ما أعطوه أكثر من نصلليبه مللن ذلللك الجنللس حللتى يكللون
نصيبه بمثله والزيادة بحقه مللن بقيللة التركللة احللترازا ً عللن
الربا ،ول بد من التقابض فيمللا يقابللل نصلليبه مللن الللذهب
والفضة لنه صرف في هذا القدر.
وإن كان في التركة دين على الناس فأدخلوه فللي الصلللح
على أن يخرجوا المصالح عنه ويكون الدين لهم ،فالصلللح
باطل ،لن فيه تمليك الدين من غير من عليه ،وهو حصة
411
المصللالح ،وإن شللرطوا أن يللبرأ الغرمللاء منلله ول يرجللع
عليهم نصيب المصالح ،فالصلح جائز (( ).(76
.7ولن الكثير من المسللاهمين ل يعلللم حقيقللة مللا يمثللله
السهم من موجللودات فللي الشللركة ،بللل لربمللا ل يعللرف
موجللودات الشللركة أصللل ً أو نشللاطها ،ومللن الشللروط
المتفق عليها لصحة البيع :العلللم بللالمبيع ،وإذا قلنللا :إن
المللبيع هللو حصللته مللن الموجللودات فيلزملله العلللم -ولللو
ل -بتلللك الموجللودات ،وهللو مللا ليقللع ،لن نظللر إجمللا ً
المسللاهم إلللى أمريللن فقللط همللا :القيمللة السللوقية ،
والرباح الدورية .
ومللن بللاب السللتطلع فقللد قمللت بسللؤال عللددٍ مللن
المسللتثمرين فللي شللركتي "اللجيللن"و "أميللانتيت " عللن
نوعية نشاط تينك الشركتين ،فكانت الجابة بعدم العلم ،
فعرفت أن الكثير من المساهمين إنمللا يسللتقي معلومللاته
عن نشاط الشركة من اسمها فقط ،وأن غايللة مللا يبللذله
في التحري أن يسأل أهل العلم عن حكم المسللاهمة فللي
تلك الشركة دون دراية بما فيها من النقلد وملا عليهلا ملن
المديونيات وما لها من الصول وغير ذلك.
.8ومللن لزم هللذا القللول تحريللم تللداول أسللهم البنللوك
السلمية بقيمتها السوقية لن الغالب في موجودات تلللك
البنوك أنها نقود أو ديون في ذمللم المتمللولين ،ومللع ذلللك
فعامة الهيئات الشرعية لتلك البنوك على الجواز .
ثالث لًا-وعلللى فللرض التسللليم بصللحة التكييللف الثللاني لللبيع
السهم – وهو أن له حكم ما يمثله السهم مللن موجللودات
– فالذي دل عليه حديث ابن عمر السابق "مللن بللاع عبللدا ً
للله مللال فمللاله للللذي بللاعه إل أن يشللترطه المبتللاع" أن
المبيع إذا اشتمل على نقدٍ واشتري بنقدٍ من جنسه ،ولللم
يكن النقد المخلللوط مقصللودا ً فل يلتفللت إليلله بمعنللى أنلله
ليجري على الصفقة حكم الصرف ،حتى ولو كانت قيمللة
خلط الذي معه ،قال ابللن النقد المخلوط أكثر من قيمة ال ِ
قدامة –رحمه الله" : -الحللديث دل علللى جللواز بيللع العبللد
بماله إذا كان قصد المشتري للعبد ل للمال ...فيجوز البيع
سواء كان المال معلوما ً أو مجهول ً ،مللن جنللس الثمللن أو
412
من غيره ،عينا ً كان أو دينلا ً ،وسللواء كللان مثللل الثمللن أو
أقل أو أكثر ).(77
ومن المعلوم أن العبد ل يملك وأن المال الذي بيللده مللآله
للمشتري ،ومع ذلك جللاز الللبيع مطلق لا ً بللدون تقللابض ول
تماثل حتى مع اتفاق النقدين ) المال الذي معلله ،والثمللن
الذي يشترى به العبد ( ،وحتى لللو كللان المللال الللذي مللع
العبد أكثر من قيمة العبد نفسه .
ول يشكل على هللذا الحللديث حللديث القلدة – المتقللدم –
فإن الللذهب الللذي فللي القلدة مقصللود للمشللتري بخلف
المال الذي مع العبد .
وهذا أحسن ما قيل في الجمع بين الحديثين .
ويؤخللذ مللن هللذين الحللديثين أن العللبرة بالقصللد ل بقيمللة
المال الربوي ،فإن كان المال الربللوي مقصللودا ً فوجللوده
في الصفقة مؤثر ،وإن كان تابع لا ً فل يللؤثر ،كمللا أن هللذا
التفصيل يتماشللى مللع القواعللد الشللرعية " :العللبرة فللي
العقود بالمقاصد " و " التابع تابع " وغيرها.
وبخصللوص الشللركة الللتي نتحللدث عنهللا ،وهللي شللركة
الصحراء ،وغيرها من الشركات النتاجية حديثة التأسلليس
فإن النقد الذي فيها ليس بمقصود لمرين :
الول :أن المشتري –بشرائه السللهم -ل يقصللد الحصللول
على النقد الذي في الشركة ،ول ينتقي من الشركات مللا
ة ،بل قصده الحصول على الربح الرأسمالي هو أكثر نقدي ً
أو الدوري أيا ً كانت الموجودات .
والثاني :لن المقصود من نشاط الشللركة هللو السللتثمار
في المنتجات البتروكيماويللة ،وهللي مللن العللروض ،وأمللا
غلبة النقدية في موجوداتها لفترة من الفللترات فهللي أمللر
عارض ول يعد ذلك من نشاطها المقصود.
رابعًا -وعلى فرض التسليم بأن النقللد الللذي فللي الشللركة
مقصود وأن بيع السهم له حكم بيع موجوداتها فإن صورة
هذه المعاملة كمسألة " مللد عجللوة ودرهللم " وهللي :بيللع
الربوي بجنسه ومع أحدهما من غيللر جنسللهما ،وكللل مللن
الربويين مقصود في العقد ،وبيان ذلك أن السهم مؤلفللة
من :
413
.1النقد ،وهو بالريالت .
ن ومنافع .ق وأعيا ٍ .2والموال الخرى من حقو ٍ
والثمللن مللن الريللالت ،فالريللالت فللي طرفللي العقللد
ل غير ربوي .مقصودة ،ومع أحد الطرفين ما ٌ
والذي ترجح من الخلف السابق في مسللألة " مللد عجللوة
ودرهم" -وهو اختيار شيخ السلم ابن تيميللة وروايللة عللن
المام أحمد -أن العقد يصح بشرطين :
الول :أن يكون المال الربوي المفرد أكثر من الللذي معلله
غيره .
والثاني :أل يكون القصد من المعاملة التحايل علللى الربللا
وذلك بأن يكون ما مع الربوي له قيمة حقيقية ،ولم يللؤت
به للتحليل.
وكل الشرطين متحققٌ في بيللع هللذه السللهم ،فإنهللا تبللاع
بقيمتها السوقية وهي أعلى من القيمة السللمية الللتي تللم
الكتتاب بها ،كما أن الموجودات الخرى غير النقديللة فللي
الشركة ذات قيمة حقيقية ولم يؤت بها حيلة .
وقد يرد على هذا التخريج أن الصول العينية للشركة عنللد
بدء التداول ل تمثل شيئا ً مقارنة بالنقدية التي فيها .
والجواب عن ذلك :أن المقصود بالموجودات الخرى غيللر
النقدية أعم من أن يكون أعيانا ً فقط ،فقد تكون أعيانا ً أو
منافع أو حقوقا ً ،فكل ما يؤثر في القيمة السوقية للسهم
– إذا كان له قيمة معتبرة شرعًا -فتحمل الزيادة في قيمة
السللهم علللى أنهللا مقللابله ،ونظيللر ذلللك مللا ذكللره شلليخ
السلم ابن تيميللة وغيللره مللن أهللل العللم مللن جللواز بيللع
المصوغ مللن الللذهب والفضللة بجنسلله مللن غيللر اشللتراط
التماثل ،ويجعل الزائد في مقابلللة الصللنعة ،وهللي منفعللة
وليست عينا ً ،والله أعلم.
نسأل الله أن يرينا الحللق حقلا ً ويرزقنللا اتبللاعه ،والباطللل
باطل ً ويرزقنا اجتنابه ،وصلى الله وسلم وبارك على نبينللا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
)*( الستاذ المساعد بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي
للقضاء جامعة المام محمد بن سعود السلمية
414
) (1المصللباح المنيللر ص ، 236المفللردات فللي ألفللاظ
القرآن الكريم ص . 819
) (2معجم المصطلحات القتصللادية فللي لغللة الفقهللاء ص
. 330
) (3الحدود لبن عرفه ص . 556
وخرج بقوله)) :حسا ً دون إضافة(( :ما يمكن الشارة إليه
حسا ً من العيللان كللالثوب والدابللة ،فإنهمللا ليسللا بمنفعللة
لمكان الشارة إليهمللا حس لا ً دون إضللافة ،بخلف ركللوب
الدابة ولبس الثوب .
وبقوله )) :يمكن استيفاؤه(( أخرج العلم والقدرة لنهما ل
يمكن استيفاؤهما .
وبقوله )) :غير جلزء مملا أضليف إليله(( :أخلرج بله نفلس
نصف الدار مشاعا ً لنه يصدق عليه .
) (4الملكية فللي الشللريعة السلللمية ،لعلللي الخفيللف ص
. 180
) (5الملكية فللي الشللريعة السلللمية ،لعلللي الخفيللف ص
. 181
) (6يللرى أبللو حنيفللة وصللاحباه خلفلا ً لزفللر والجمهللور أن
المنفعة ل تعتللبر مللال ً حقيقيللة ،وإن كللان يصللح العتيللاض
عنهللا ،وكونهللا ثمن لا ً أو مثمن لا ً ،وترتللب علللى هللذا الخلف
مسائل متعددة ل علقة لها فيما نحن بصدده مثل :ضمان
منللافع المغصللوب ،وإجللارة المشللاع ،وانتقللاض الجللارة
بموت أحد العاقدين ،مع أنه ورد في بعض كتللب الحنللاف
مللا يشللعر بللأن المنفعللة مللال عنللدهم ،ومللن ذلللك قللول
البابرتي ) العنايه )) : ( 8/7العيان والمنافع أموال فجللاز
أن تقع أجرة (( .
) (7رد المحتللار ، 9/85جللواهر الكليللل ، 2/150روضللة
الطالبين ، 5/177شرح المنتهى . 2/140
) (8انظلللر :حاشلللية الدسلللوقي ، 3/14نهايلللة المحتلللاج
، 3/372شرح المنتهى . 2/140
) (9قواعد ابن رجب ص . 84
) (10انظر :الشركات للخياط . 2/214
415
) (11معجم مصطلحات القتصاد والمللال وإدارة العمللال
ص . 498
) (12الملللراد بالتسلللييل :سلللهولة تحويلهلللا إللللى نقلللود
) سيولة ( .
) (13ينظر :الللوجيز فللي النظللام التجللاري السللعودي ص
. 200
) )) (14السللتثمار فللي السللهم والوحللدات والصللناديق
الستثماريه (( ص ، 37أسواق الوراق الماليه ص . 266
) (15من أنصار هللذا القللول :أبللو زهللرة ،وعبللد الرحمللن
حسن ،وخلف ،والقرضاوي ،والشيخ جاد الحق شيخ
الزهر سللابقا ً ،انظللر :فقلله الزكلاة ، 1/527بحللوث فللي
الزكاة ص ، 183أسواق الوراق الماليه ص . 318
) (16الفتللاوى القتصللادية ص ، 15صللناديق السللتثمار
السللللمية ص ، 48مناقشلللات مجللللس مجملللع الفقللله
السلمي
حول سندات المقارضة ،مجلة المجمع – 2045 ) /4/3
، (2060وهذا القول لزم لجميللع الهيئات الشللرعية الللتي
أجازت تداول أسهم بنوكها بالقيمة السوقيه .
) (17أخرجلله البخللاري ) كتللاب المسللاقاة /بللاب الرجللل
يكللون للله ممللر أو شللرب فللي حللائط أو نخللل ( ومسلللم
) كتاب
البيوع /باب مللن بللاع نخل ً عليهللا ثمللر برقللم ( 1543مللن
حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
) (18المغني . 6/258
) (19المغني . 6/258
) (20فقه الزكاة . 1/527
) (21هذا الثر وإن لم يكن من منصوص قولهم إل أنه من
لزملله ،بللل ومللن لزم فتللاوى الهيئات الشللرعية للبنللوك
السلللمية الللتي أجللازت تللداول أسللهم بنوكهللا بقيمتهللا
السوقية ،مع أن الغالب في موجودات البنك أنها نقللود أو
ديون في ذمم المتمولين .
) (22فقه الزكللاة ، 1/523تنظيللم ومحاسللبة الزكللاة فللي
التطبيق المعاصر ص . 84
416
) (23مجلة المجمع . 4/3/2162
) (24شركة المساهمة في النظللام السللعودي ص ، 347
مجلة مجمع الفقه السلمي . 4/1/761
) (25الشركات للخياط . 2/215
) (26أسواق الوراق المالية وآثارها النمائية في القتصاد
السلمي ص ، 186الشركات للخياط . 2/216
) (27المغني 7/132
) (28مجلة المجمع ،الدورة الرابعة ،القرار رقم ).(5
) (29مثل أن يبيع :مد عجوة ودرهم بمدين ،أو بدرهمين
،أو بمدودرهم .والعجوة :أجود التمر .المغرب ص 306
) (30المغنللي ، 6/96وانظللر :بدايللة المجتهللد ، 2/234
مجموع فتاوى ابن تيميه . 29/461
) (31مغنللي المحتللاج ، 2/376وانظللر :الحللاوي الكللبير
، 6/140تكملة المجمللوع ، 10/407حواشللي الشللرواني
4/286فتح الباري . 5/51
) (32المغني ، 6/97،258قواعللد ابللن رجللب ص ، 252
النصاف ، 12/78المبدع ، 4/137الكافي . 2/59
) (33حاشية الدسللوقي ، 3/40بدايللة المجتهللد ، 2/234
التللاج والكليللل ، 6/134بلغللة السللالك ، 2/15حاشللية
العدوي . 5/36
) (34رد المحتار . 7/527
) (35تكملة المجموع شرح المهذب . 10/359
) (36فتح القدير . 6/266
) (37فتح القدير ، 6/265رد المحتار ، 7/528الدسوقي
، 3/40الحاوي الكبير ، 6/129المغني . 6/96
) (38السللللتذكار ، 19/240المنتقللللى شللللرح الموطللللا
، 6/266بلغللة السللالك ، 2/15حاشللية العللدوي ، 5/36
التاج والكليل . 6/134
) (39الم ، 3/21الحاوي الكبير ، 6/132تكملة المجموع
شرح المهذب ، 10/236نهاية المحتاج . 3/441
) (40مسللائل المللام أحمللد لبللي داود ص ، 196مسللائل
المللام أحمللد لبنلله صللالح ، 1/432المحللرر فللي الفقلله
417
، 1/320الكللافي ، 3/86الشللرح الكللبير علللى المقنللع
، 12/77فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم . 7/178
) (41المحلى . 8/494
) (42أخرجه مسلم ) كتللاب المسللاقاة /بللاب بيللع القلدة
فيها ذهب وخرز برقم ( 1591وأبو داود ) كتللاب الللبيوع /
بللاب فللي حليللة السلليف تبللاع بالللدراهم – برقللم ( 3351
والترمذي ) كتاب البيوع /باب مللا جللاء فللي شللراء القلدة
وفيهللا ذهللب وخللرز – برقللم ( 1255والنسللائي ) كتللاب
البيوع /بللاب بيللع القلدة فيهللا الخللرز والللذهب بالللذهب –
برقم . ( 4573
) (43المنتقى شرح الموطا ، 6/267المغني . 6/94
) (44شرح معاني الثار ، 4/72إعلء السنن . 14/285
) (45وهي عند مسلم في الموضع السابق .
) (46وهي عند مسلم في الموضع السابق .
) (47وهي عند مسلم في الموضع السابق .
) (48وهي رواية أبي داود في الموضع السابق .
) (49التلخيص الحبير . 3/20
) (50المبسلللوط ، 14/12مجملللوع فتلللاوى ابلللن تيميللله
. 29/453
) (51شرح معاني الثار ، 4/72مجموع فتاوى ابللن تيميلله
. 29/453
) (52الحاوي الكبير . 6/133
) (53الحاوي الكبير . 6/133
) (54أخرجه مسلم في الموضع السابق .
ش لْقص :السللهم والنصلليب ،النهايللة فللي غريللب ) (55ال ِ
الحديث والثر . 2/490
) (56الحلللاوي الكلللبير ، 6/134فتلللح العزيلللز ، 8/174
المنتقى شرح الموطا ، 6/266الفروق ، 3/251المغنللي
، 6/94قواعد ابن رجب ص . 249
) (57مجموع فتاوى ابن تيميه . 29/452
) (58بدائع الصنائع ، 7/78وانظر :فتح القللدير ، 6/269
تبيين الحقائق . 4/38
418
) (59مجموع فتاوى ابللن تيميلله ، 29/454وبيللع العرايللا :
بيع الرطب في رؤوس النخل خرصلا ً ،بملآله يابسلا ً بمثلله
مللن التمللر كيل ً معلومللا ً ل جزافللا ً .الموسللوعة الفقهيللة
. 9/91
) (60القواعد في الفقه السلمي لبللن رجللب ص ، 249
المنتقى شرح الموطا . 6/266
) (61الفللروع ، 4/160النصللاف ، 12/78قواعللد ابللن
رجب ص . 249
) (62مجموع فتللاوى ابللن تيميلله ] 29/462وممللن نسللب
هذا القول لبن تيميه :ابللن مفلللح فللي الفللروع ، 4/160
والمرداوي في النصللاف ، 12/78والللذي يظهللر أن شلليخ
السلم ل يقول بلله بللإطلقه بللل يشللترط لللذلك أل يكللون
حيلة على الربا ،فللإنه قيللد الجللواز بمللا إذا كللان الربويللان
متساويين [ .
) (63المغني . 6/258
) (64مجموع فتللاوى ابللن تيميلله ، 29/462،465الفللروع
. 4/160
) (65المبسوط ، 12/189بللدائع الصللنائع ، 7/78العنايللة
، 6/266الختيار . 2/289
) (66المغني ، 6/92مجموع فتاوى ابن تيميه ، 29/452
الفروع ، 4/160النصاف . 12/78
) (67قواعد ابن رجب ص ، 249مجموع فتاوى ابن تيميه
. 29/466
) (68روضة الطالبين ، 3/386تحفة المحتاج . 4/287
) (69النصللل :حديللدة السلليف ،الحمللائل :جمللع حمالللة
وهي علقته ،الجفن :غلفه .طلبة الطلبه ص 103،116
) (70الهداية . 6/271
) (71بدائع الصنائع ، 7/78فتح القدير . 6/267
) (72المغني ، 6/94الحاوي الكبير . 6/135
) (73الحاوي الكبير . 6/135
) (74مجموع فتاوى ابن تيميه . 29/455
) (75انظر :الحاوي الكبير . 6/135
) (76الهداية ، 7/410وانظر :شرح الخرشي . 6/6
419
) (77المغني . 6/258
=============
#بطاقة )سعودي تك(
صورة عمل البطاقة)*(:
د .يوسف الشبيلي ]عضللو هيئة التللدريس بالمعهللد العللالي
للقضاء بجامعة المام[ 9/3/1425
28/04/2004
الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله ،أما بعد :
فللالحكم الشللرعي لهللذه البطاقللة مبنللي علللى تكييفهللا
الفقهللي ،فمللن الواضللح مللن العللرض السللابق أن هللذه
البطاقللة ليسللت بطاقللة ائتمانيللة بللالمفهوم المصللرفي
لبطاقات الئتمان والتي تتضمن في آليللة عملهللا دين لا ً مللن
در لحامل البطاقة ،إذ إن مشتري هذه البطاقة يقوم مص ِال ُ
بدفع قيمة مشترياته بها مسبقا ً قبل اسللتخدامه لهللا ،فهللي
بطاقة مديونية ل دائنية ،وإنما تحمل شعار الماستر كللارد ،
وتأخذ رقما ً تسلسليا ً من أرقامهللا للسللتفادة مللن خللدمات
تللللك المنظملللة ،واسلللتعمال شلللبكتها التصلللالية لتملللام
الصللفقات التجاريللة عللبر نقللاط الللبيع المرتبطللة بمنظمللة
الفيزا أوالماسللتر كللارد أو غيرهللا مللن شللركات البطاقللات
الئتمانية .
وهذا النوع من البطاقات قللد انتشللر فللي الونللة الخيللرة،
ويعرف ببطاقات التخزين اللكتروني ،أو البطاقات سللابقة
الللدفع ،وتقللوم المؤسسللات الماليللة بللترويجه لعملئهللا،
لسيما الذين لتتوفر فيهم شروط إصدار بطاقات الئتمان
العادية )القرضية( .
والتخريج الشرعي لهذه البطاقة ليخلو من أحد أمرين :
التخريج الول :أن يكون لهذه البطاقة حكللم الللدين ،فتعللد
البطاقة سندا ً بدين من المشتري للمصللدر ،ويتللم اسللتيفاء
ذلك الدين بما يتناقص من القيمللة المخزنللة فللي البطاقللة
عنللد اسللتخدامها ،وعلللى هللذا فالعلقللة بيللن المصللدر
والمشتري هي علقة قرض ،ففي الصورة المللذكورة فللي
السؤال كأن المشتري قد أقرض المصدر ) (25دولرا ً ثللم
يسترد هذا المبلغ بما يشتريه بالبطاقة.
420
ويترتب على هذا التخريج أنه لو باعها المصللدر بثمللن أقللل
من قيمتها المخزنة فيها ،فهو حرام لنه قرض جللر منفعللة
للمقرض وهو هنا المشتري ،أما لو باعها بثمن أكللثر فهللو
قرض بشرط رد أقل من قيمته ،وهو جائز علللى الصللحيح
من أقوال أهل العلم). (1
وهذا التخريج – أعني تخريج البطاقة على عقللد القللرض –
بعيد؛ لن البطاقة لها قيمللة اعتباريللة بللذاتها ،فحاملهللا قللد
قبض قيمتها حقيقللة ،وتشللبه هللذه البطاقللات فللي نشللأتها
النقود الورقية في بداية ظهورها عنلدما كلان يلدون عليهلا
تعهد من البنك المصدر لحاملها بللدفع قيمتهللا مللن الللذهب
عند الطلب ،وهو ما حدا ببعض العلماء في أول المر إلللى
أن يجعل لها – أي النقود الورقية -حكم الدين ،ثم لللم يعللد
لهللذا القللول حللظ مللن النظللر بعللد أن انتشللرت الوراق
النقديللة ،وأصللبح لهللا مللن النفللوذ والقبللول والللرواج فللي
الوسللاط التجاريللة مللا يجعلهللا تعللادل النقللدين – الللذهب
والفضللة – أو تتفللوق عليهمللا ،وبعللد أن أدت تلللك النقللود
دورهللا بللدأ العللالم – كمللا يشللير إلللى ذلللك كللثير مللن
القتصاديين – يتجلله إلللى عصللر اللنقللد ،أي العصللر الللذي
تختفللي فيلله النقللود الورقيللة ،ويظهللر التعامللل بللالنقود
البلستيكية من بطاقات ائتمللان ،وبطاقللات خصللم فللوري،
وبطاقات تخزين وغيرها ،والعالم يشهد تطللورا ً رهيب لا ً فللي
هذه المجالت.
التخريج الثاني :أن يكون لهذه البطاقة حكم النقللد ،وعلللى
هذا فالعقد بين المصدر والمشتري هو عقد صرف ،فيجب
التقللابض عنللد شللراء البطاقللة ،كمللا يجللب التسللاوي بيللن
القيمة المخزنة في البطاقة والقيمة التي اشتريت بهللا إذا
كانت القيمتان بعمللة واحلدة ،أمللا إن اختلفلت العمللة فل
مانع من اختلف القيمتين.
وهذا هو التخريج الصللحيح؛ لن هللذه البطاقللات أصللبح لهللا
اليوم من الحماية والقبللول والللرواج عنللد النللاس مثللل مللا
للنقود الورقية ،فقبضها في قوة قبض محتواها من النقود،
وقد نص أهل العلم على أن المرجع في تحديد القبض إلى
العلللرف) ، (2فحكلللم هلللذه البطاقلللات كحكلللم الشللليك
421
المصرفي المصدق ،بل البطاقات أكثر وضوحا ً فللي معنللى
النقدية من الشيكات لنها وسلليلة للتبللادل التجللاري بللدون
قيللود بخلف الشلليك فللإنه ل يمكللن صللرفه إل لمللن حللرر
لصالحه.
وبناء على هذا التخريللج يمكللن النظللر فللي الرسللوم الللتي
يتقاضاها المصدر ،وهل هي تخل بشرط الصرف أم ل؟
فالمصللدر يتقاضللى فللي هللذه المعاملللة ثلثللة أنللواع مللن
الرسوم:
الول :رسوم الصرف:
فالمشلتري قللد يشللتري البطاقلة بنفللس العمللة المخزنلة
فيهللا ،بمعنللى أنلله يللدفع ) (25دولرا ً ليحصللل علللى قيمللة
مخزنة في البطاقللة بالللدولر ،وفللي هللذه الحللال يجللب أن
تكون القيمة المدفوعللة مسللاوية للقيمللة المخزنللة ،بللدون
زيادة ول نقصان ،وإل كان من ربا الفضل ،أما للو اختلفلت
العملللة فل مللانع مللن اختلف سللعر صللرف العملللتين عللن
سعر الصرف في السوق ،لن كل عملة تعد جنسا ً مستقل ً
بذاته على الصحيح من أقوال أهل العلم المعاصرين)، (3
وإذا اختلف الجنس لم يشترط التساوي ،لقوله صلى الللله
عليه وسلم " :فللإذا اختلفللت هللذه الصللناف فللبيعوا كيللف
شئتم إذا كان يدا ً بيد" رواه مسلللم مللن حللديث عبللادة بللن
الصامت -رضي الله عنه ،-وهذا فللي الواقللع هللو مللا يتللم
في البطاقلة المللذكورة فلي السلؤال ،فالمشلتري يللدفع )
(100ريال مقابل شحن البطاقة بما يساوي ) (25دولرًا،
أي أن المصدر يربح في صرف كل دولر ربع ريللال تقريب لا ً
)الللدولر = 3.75ريللال ،وهنللا جعللل لكللل دولر أربعللة
ريالت( ،وهذا جائز لختلف جنس العملتين.
الثاني :رسوم الشتراك السنوي:
وهي تسلاوي ) (165ريلال ً فلي صلورة السلؤال الملذكور،
وهذه جائزة ،لنهلا مقابلل الخدملة المقدملة ملن المصلدر
والمتمثلللة بإصللدار البطاقللة وتجديللدها ،ولشللك أن هللذه
الخدمة عمل متقوم شللرعا ً يسللتحق عليلله صللاحبه الجللر،
فهي ُتخرج شرعا ً على أنها من الجارة على العمال.
422
وهذه الرسوم جائزة سواء اشتريت البطاقة بنفللس عملللة
القيمة المخزنة فيها أو بعملة أخرى ،ول يختل بذلك شرط
الصرف ،أمللا إذا اختلفللت العملللة فللالمر ظللاهر ،وأمللا إذا
ل آخللر ل علقللة للله اتحدت فلن هذه الرسوم مقابللل عم ل ٍ
بالصرف ،ولهذا نجد من علمائنا المتقدمين من ذهللب إلللى
مثل هذا القول ،وأنه إذا كان العقد ل تجوز المفاضلة فيلله،
فقام أحد المتعاقدين بعمل يستحق عليه الجللر فللي ذلللك
العقد فيجوز له أخذ الجر بمللا يقابللل ذلللك العمللل ،فجللوز
شلليخ السلللم ابللن تيميللة وابللن القيللم رحمهمللا الللله بيللع
المصوغ والحلية من الذهب والفضة بمثل جنسه متفاضللل ً
إذا كان الفللرق فللي مقابللل أجللرة الصللنعة) ، (4كمللا قللرر
مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي جللواز أخللذ الجللور عللن
خدمات القللروض إذا كللانت فللي حللدود النفقللات الفعليللة،
وذلللك فللي جللواب اسللتفتاء مقللدم مللن البنللك السلللمي
للتنميللة) ، (5وللجنللة الدائمللة للفتللاء بالمملكللة العربيللة
السعودية فتوى بنحو ذلك ).(6
والثللالث :نسللبة الخصللم الللتي تؤخللذ علللى التللاجر الللذي
يشترى منه بالبطاقة:
ذلك أنلله مللن المعللروف أن شللركات البطاقللات الئتمانيللة
تأخذ ملن التلاجر نسلبة " عموللة "ملن قيملة المشلتريات
بالبطاقة ،وجزء من هذه النسللبة يعطللى للجهللة المصللدرة
للبطاقة.
وهللذه العمولللة جللائزة أيضللا ً لنهللا فللي مقابللل الخدمللة
التسويقية التي يقدمها المصدر للتاجر ،إذ من المعلللوم أن
كلون التلاجر يقبللل البطاقللات الئتمانيللة يعللد ذلللك وسليلة
جذب لحاملي تلك البطاقللات للتسللوق منلله ،وهللذا العمللل
متقوم شرعا ً يستحق عليه صاحبه العوض ،ويمكن تخريجه
على عقللد السمسللرة ،وقللد نللص الفقهللاء علللى أن أجللرة
السمسللار تلحللق بالجعالللة إذا كللانت ل تسللتحق إل بتمللام
العمل ،قال في البهجة – عند الحديث على جللواز الجللارة
على الشيء بجزء منه ) :-وعلى ذلك تخللرج أجللرة الللدلل
ل() ، (7وفللي عمللدة القللاري" :أجللرة بربع عشر الثمللن مث ً
السمسللار ضللربان :إجللارة وجعالللة ...والثللاني :ل يضللرب
423
فيها أجل ول يستحق في الجعالة شلليئا ً إل بتمللام العمللل()
، (8ومن المعلوم أن المصدر ل يستحق تلللك العمولللة إل
بعد تمام العمل وهو شراء المشتري من التاجر بالبطاقة.
وهذه العمولة جائزة سواء اشتريت البطاقة بنفللس عملللة
القيمة المخزنة فيها أو بعملة أخرى ،لنفس التعليللل الللذي
أشرنا إليه آنفا ً في رسوم الشتراك.
وبهذا يتبين جواز البطاقات ذات الدفع السابق ،وأن جميع
الرسوم التي تأخذها الشركة المصدرة من حامل البطاقللة
ل محظور فيها شرعًا ،ما لم تختلف قيمللة شللحن البطاقللة
عللن القيمللة المخزنللة فيهللا وذلللك فيمللا إذا كللانت عملللة
القيمتين واحدة.
والخلصة:
أن البطاقة بالوصف المذكور من أحد المشلتركين جللائزة،
ول مانع من الشتراك فيها بالنسبة للمسلم .والله أعلم.
)*( إفادة من أحد المشتركين في البطاقة:
بطاقللة )سللعودي تللك( الشللرائية للنللترنت ،كللأي بطاقللة
ماستركارد ،توفر لك بطاقة )سعودي تك( إمكانية التسوق
العالمي مللن خلل شللبكة النللترنت ،إنهللا بطاقللة مدفوعللة
ل ،ويمكللن مسبقا ً ذات اشتراك سنوي مقللداره ) (165ريللا ً
استخدامها كنقد حقيقي لي شللراء علللى النللترنت ،وهللي
ذات قيمة كبيرة لعدم وجود أي تكاليف أو رسللوم إضللافية
عليها أو على استخدامها ،فقط أعد شحن البطاقة في أي
وقت وبكل سللهولة لي عمليللة شللراء ترغللب بهللا ،بطاقللة
)سللعودي تللك( تمنحللك المرونللة والمللان فللي تحديللد
استخدامك لها )ذات حد أقصى 250دولرا ً أمريكيلًا ،وحللد
أدنى 25دولرا ً لعادة الشحن(.
لبطاقة )سعودي تك( رقم حساب ماستركارد مكون من )
(16رقملللًا ،أصلللدر علللن طريلللق )آل سلللرور لتقنيلللة
المعلومات( ،قابل للستخدام والشللراء فللي جميللع مواقللع
النترنت التي تقبل بطاقات ماستركارد.
بطاقة )سللعودي تللك( هللي بطاقللة ماسللتركارد فللي جميللع
خصائصللها باسللتثناء أنلله ل يمكللن اسللتخدامها كبطاقللة
ملموسة في عمليات الشراء.
424
بطاقللة )سللعودي تللك( ل يمكللن أن تسللتعمل لي عمليللة
شلللراء تتطللللب تقلللديم بطاقلللة ماسلللتركارد ملموسلللة ،
كاستخدامها في منافذ البيع.
بطاقة )سعودي تك( ل يمكن أن تستعمل لعمليات الشراء
عن طريق البريد أو الهاتف ،علوة على ذلللك فللإن بطاقللة
)سللعودي تللك( ل يمكللن أن تسللتعمل لعمليللات الشللراء
المزدوجة ،على سبيل المثال :ل يمكللن شللراء سلللعة مللن
خلل النترنت يتطلب تقديم بطاقللة ماسللتركارد ملموسللة
تحمل نفس رقم الحساب لتسليمها إلى المشتري.
ل ،وهللي صللالحة العرض الخاص :قيمللة البطاقللة 265ريللا ً
للستخدام لمدة سنة ،وتحمل قيمللة شللرائية أوليللة تعللادل
25دولرا ً أمريكيللًا ،وتحصللل معهللا علللى عشللر سللاعات
إنترنت مجانية ،وتتم إعادة شحن البطاقة بنفس الطريقللة
من مضاعفات الل 25دولرًا ،وقيمة الدولر تسللاوي أربعللة
ريالت.
425
فبعللد بدايللة عصللر الثللورة الصللناعية والتطللور السللريع
للمنتجات الحديثة واتساع التجارة بين الدول ظهرت عقود
أضحت من لوازم تلللك التجللارة ،ومللن تلللك العقللود عقللود
التوريد وعقود العاشة ،أن الشكال الذي يرد على عقللود
التوريد أنه في الغالب يكون اتفاق ملزم للطرفين )عقللد(
وهذا التفاق عند إبرامه ل يتضمن تسليم أحد العوضللين أو
كليهما ،وبناء على ذلك رأى كثير من الفقهللاء المعاصللرين
أنه من قبيل بيع الدين بالدين المنهي عنلله شللرعًا ،وبللذلك
جللاء قللرار مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق مللن منظمللة
المؤتمر السلمي ).(1)(1/12) (107
ولكن هلل هلذا الحكلم مسللم؟ وهللل هللذا هلو رأي جميللع
الفقهللاء المتقللدمين؟ أل يوجللد مسللائل ذكرهللا الفقهللاء
المتقدمون يمكن تخريج عقد التوريد عليها؟
الحقيقة أن هناك بعض الصور التي ذكرها الفقهللاء تنطبللق
على عقد التوريد ل أو هي قريبة منه ل وهذه الصور يجمعها
أنها بيع تأخذ فيه السلع شيئا ً فشيئًا.
وهذا البيع لم يتفق الفقهاء على اسم واحد له ،بل له عدة
أسماء ،هي:
.1بيع السللتجرار:وهللذه التسللمية موجللودة عنللد متللأخري
الحنفيللة) ، (2وعنللد الشللافعية ) ،(3ولعللل سللبب هللذه
التسمية :أن أخذ المشتري السلللعَ مللن البللائع بيللن الفينللة
والخلرى فيلله معنلى الجلّر والجلذب؛ لن المشلتري يأخلذ
السلع شيئا ً فشيئا ً فكأنه يجّرها من البائع.
أو لعل سبب التسمية :أن الغالب في الستجرار أن يكون
الثمن مؤخرًا ،والعرب تقلول :أجلررت لله دينله أي أخرتله
له).(4
أو لن البللائع ينقللاد للمشللتري فيعطيلله مللا يطلللب منلله،
والعللرب تقللول :اسللتجررت للله :أي أمكنتلله مللن نفسللي
فانقدت له.(5).
والحتمال الول أقرب ،والله أعلم.
.2بيعة أهل المدينة:
وهذه التسمية مشهورة عند المالكيللة فللإنهم يسللمون بيللع
الستجرار بيعة أهل المدينة؛ وذلك لشتهارها بينهم).(6
426
.3مسألة السللعر :وهللذه التسللمية يللذكرها شلليخ السلللم
وابن القيم(7)،
ويشيران بهلا إللى مسلألة اللبيع بسلعر السلوق ويجعلنهلا
والستجرار شيئا ً واحدًا ،ولعل سبب هذه التسمية أن شيخ
السلم يرى أن الللبيع فللي بيللع السللتجرار ينعقللد بالقيمللة
)سعر السوق(.
ل ،وقيل .4الوجيبة :وهي أن توجب البيع ثم تأخذه أول ً فأو ً
هي :على أن تأخذ منه بعضا ً في كللل يللوم حللتى تسللتوفي
وجيبتك).(8
.5أما كثير من الفقهللاء فللإنهم ل يسللمون بيللع السللتجرار
باسم بل يصفونه وصفًا ،كأن يقولللوا مللا يأخللذه المشللتري
من البياع ،أو من البقال شيئا ً فشيئًا ،ونحو ذلك.(9).
الفرق بين الستجرار والمعاطاة
البيع بالسللتجرار قريللب مللن الللبيع بالمعاطللاة )التعللاطي(
ولهللذا فللإن بعللض الفقهللاء يللذكره بعللد الكلم عللن الللبيع
بالمعاطاة ،ولكن هناك فروق بيللن السللتجرار والمعاطللاة،
هي:
.1مللن حيللث صلليغة العقللد :بيللع السللتجرار أعللم مللن
المعاطاة؛ لن المعاطللاة تكللون بالفعللل ،بينمللا السللتجرار
يكون بالقول )إيجاب وقبول( ويكون بالفعل )معاطاة(.
.2من حيث الثمن :الغالب في الستجرار تأجيل الثمن ،أو
عدم تحديده في صور أخرى ،بينما الغللالب فللي المعاطللاة
مناولة الثمن عند التعاطي).(10
.3من حيث طول العقد :السللتجرار عقللد طويللل يسللتمر
أياما ً وشهورًا ،يتم فيه قبللض المللبيع علللى مراحللل ،ولهللذا
فهو في بعض صوره مجموعة من العقود ،وأمللا المعاطللاة
فتتم مرة واحدة.
صور الستجرار:
لبيع الستجرار صور عديللدة ،وهللذه الصللور تللذكرها بعللض
المذاهب دون بعض ،فنجد عند الحنفية صورا ً ل نجللد لهللذا
ذكرا ً عند المالكية وهكذا ،وجامع هذه الصور أن الثمن إمللا
أن يكللون مقللدما ً )نقللدًا( والمثمللن )المللبيع( مللؤخرًا ،أو
427
العكس ،أو أن يكون العوضان مؤخرين ،والصورة الخيللرة
هي التي تعنينا.
حكم الصورة الثالثة من صور الستجرار
وهي :أن يتفقا على أن يأخذ المشتري من البائع كللل يللوم
لللل ،ويتفرقللان مللن دون قبللض كيس أرز بمللائة ريللال لل مث ً
الثمن.
وقد اختلف الفقهاء ل رحمهم الله ل في هذه المسألة علللى
قولين:
القللول الول :أن هللذا الللبيع ل يجلوز ،وهللو قللول الحنفيلة)
، (11وقول للمام مالللك ) ، (12وقللول الشللافعية )،(13
والحنابلة) ، (14وهذا بناء على رأيهم في مسألة بيع الدين
بالدين.
القول الثاني :أن هللذا الللبيع ممللا يتسللاهل فيلله ،إذا كللانت
المعاملة من دائم العمل كالخباز واللحام ،بشروط:
الشرط الول :أن يشرع في أخذ ما أسلم فيه ،على أنهللم
تسامحوا فللي ذلللك إلللى عشللرة أيللام ،وبعضللهم ذكللر أنلله
يتسامح فيما دون نصف شهر.
الشرط الثاني :أن يكون أصل هذا المبيع عند البائع.
درًا،
الشللرط الثللالث :أن يكللون مللا يأخللذه المشللتري مق ل ّ
ويسمي ما يأخذ منه فللي كللل مللرة ،فللإن حللدد مقللدار مللا
يأخذه كل يوم وثمنه ولكنه لم يحللدد مقللدار جملللة المللبيع
صح البيع ولكن العقد ينقلب إلى عقد جائز ل لزم.
الشرط الرابع :أن يكون الثمن إلى أجل معلوم.
الشرط الخامس :أن يكون تحصيل الثمللن مأمون لًا ،وذلللك
كأن يواعده إلى خروج العطللاء) (15المللأمون ،وكللذلك إذا
واعده إلى نهايللة الشللهر ،وقبللض الرواتللب وكللانت الجهللة
التي يعمل عندها المشلتري مأمونلة ملن عادتهلا أل تتلأخر
في دفع الرواتب.
وهذه الصورة وإن كللانت قريبللة مللن السلللم ،إل أنهللم لللم
يعدوها سلما ً محضًا ،ولهذا أجازوا تأخير رأس المال ،ولكن
ل بد أن يكون ذلللك مللن دائم العمللل كالخبللاز ،أمللا إن لللم
يكن من دائم العمل فهللي سلللم يشللترط لهللا مللا يشللترط
للسلم من شروط ،كما أنهم لم يجعلوا لهللا أحكللام شللراء
428
العيان ولهذا جاز عندهم أن يتأخر قبللض جميللع المللبيع إذا
شرع في قبض أوله ،وهذا القول هو المذهب عند المالكية
).(16
وهو مذهب الحنابلة في المبيع الموصوف المعّين ،وروايللة
عند الحنابلة في المبيع الموصوف غير المعّين).(17
قال في الشرح الكبير ):والللبيع بالصللفة نوعللان :أحللدهما:
بيللع عيللن معينللة ،مثللل أن يقللول :بعتللك عبللدي الللتركي...
ويجللوز التفللرق قبللل قبللض ثمنلله وقبضلله كللبيع الحاضللر،
الثاني :بيع موصوف غير معين ،مثل أن يقول بعتللك عبللدا ً
تركيا ً ثم يستقصي صفات السلم ...ول يجللوز التفللرق عللن
مجلللس العقللد قبللل قبللض المللبيع أو قبللض ثمنلله ...وقللال
القاضي :يجوز التفللرق فيلله قبللل القبللض؛ لنلله بيللع حللال،
فجاز التفرق فيه قبل القبض ،كبيع العين(.
أدلة القوال:
يستدل لصحاب القول الول بالدلة الدالة على حرمة بيللع
الدين بالدين.
ومنها :حديث النهي عن بيع الكالئ بالكالئ).(18
ويعترض على هذا اللدليل بلأنه :للم يصلح فلي هلذا البلاب
حديث.
ومنها :إجماع المللة علللى حرمللة بيللع الللدين بالللدين ،وقللد
حكى ذلك المام أحمد).(19
ويعترض على هذا الدليل :بأن الجماع لللم يقللع علللى كللل
صور بيع الللدين بالللدين بللل وقللع علللى بعللض الصللور دون
بعض) ،(20وحينئذ ٍ فإن التحريم يثبت في الصور التي وقع
التفاق عليها دون التي وقع الخلف فيهللا ،وهللذه المسللألة
مما وقع فيه الخلف فل يثبت لها التحريم.
وقللد يجللاب عللن هللذا العللتراض بللأنه :يستصللحب حكللم
الجماع في موضللع الخلف ،فللإذا كللان بيللع الللدين بالللدين
ابتلداء وقلع الجملاع عللى تحريمله ،فإننلا نستصلحب هلذا
الحكم في موضع الخلف.
ولكن يقال في الجابة عن هذا اليللراد بللأن :الصللحيح مللن
أقوال الصوليين أنه ل يصح استصحاب حكم الجمللاع فللي
موضع الخلف؛ لن موضع الخلف لللم يثبللت فيلله إجمللاع،
429
والصل فيه الجللواز ،فيستصللحب هللذا الجللواز حللتى يللأتي
ل علللى التحريللم فيبقللى دليل يمنع من الجواز ،ول دليل يد ّ
الصل وهو الجواز).(21
دليل القول الثاني:
أجاز أصحاب هذا القول هذه الصورة استحسانًا ،وإن كللان
القياس يخالفه واستندوا في هذا الستحسان على ما كان
عليلله عمللل أهللل المدينللة ،ففللي المدونللة ) ..): ،(22عللن
سالم بن عبد الله قللال :كنللا نبتللاع اللحللم كللذا وكللذا رطل ً
بدينار ،يأخذ كل يوم كذا وكذا ،والثمن إلى العطاء ،فلم ير
أحد ذلك دينا ً بدين ،ولم يروا بذلك بأسًا().(23
العتراض على هذا الدليل:
أن هذا الثر يحمل على أنه في كل مرة يتم الشراء يجللب
على المشتري ثمن ما يأخذ ،ويكللون وقللت تسللليم الثمللن
عند العطاء ،فيكون هناك عقد بينهمللا فللي كللل مللرة يأخللذ
المشتري من البائع شيئًا ،وعلللى ذلللك ل يكللون هنللاك بيللع
دين بدين ،بل هو عقللد متجللدد ،ويللترتب علللى ذلللك أنلله ل
يلزم أحدا ً منهما التمادي على هذا الفعل بللل للله أن يمتنللع
متى ما شاء عن هذا البيع).(24
الجابة عن هذا العتراض:
مللا ذكللر فللي العللتراض خلف مللا يظهللر مللن فعللل أهللل
المدينة ،بل الظاهر أنهم كانوا يعقدون العقد ويتسللامحون
في هذا التأخير للبدلين ،ولهذا صّرح سالم أنهم لم يكونللوا
يرون ذلك من قبيل بيع الدين بالدين.
الترجيح:
الظللاهر ل ل والللله أعلللم بالصللواب ل ل أن الراجللح هللو قللول
المالكية؛ لن النهللي عللن بيللع الكللالئ بالكللالئ مللرّده إلللى
الجماع ،وأما الحديث فلم يثبت مرفوعا ً إلى النبي -صلى
لله عليلله وسلللم -وعلللى ذلللك فللأي صللورة يتخلللف عنهللا
الجماع فالصل فيها الجواز إذا خلت من محظورين:
) (1الربا.
) (2الغرر.
وهذه الصورة ل يوجد فيهللا ربللا ول غللرر ،ولللم يثبللت فيهللا
إجماع ،فتبقى على الصل وهو الباحة ،والله أعلم.
430
وعلى ذلك فإذا كان عقد التوريد بين تاجر وبين مصنع ينتج
سلعة من السلع ،وبعد العقد تم توريد هذه السلعة للتللاجر
وتم التفاق على قدر )كمية( السلع الموردة ،وتم التفللاق
على موعد سداد الثمن ،وكللان تحصلليل ثمللن هللذه السلللع
مأمونا ً في الحللوال المعتللادة ،كللأن يكللون التللاجر صللاحب
مكانة اقتصادية بحيث يسللتطيع تصللريف هللذه السلللع ورد ّ
ثمنها ،أو كان التاجر يتعامل مللع الدولللة والدولللة لللم يعهللد
عنها جحد لحقوق التجار ،أقول إذا تللوفرت تلللك الشللروط
فما المانع من القول بصحة عقد التوريد؟
في رأيللي المتواضللع ل يوجللد مللانع مللن ذلللك ،خاصللة وأن
مصالح النللاس متعلقللة بهللذه العقللود ،والللله أعلللم وصلللى
وسلم على نبينا محمد.
)*( عضو هيئة التدريس بجامعة المللام محمللد بللن سللعود
السلمية
) (1القرار لم يكن بالغلبية كما هو واضللح مللن مناقشللات
ِالعضاء ،كما أن الموضوع ل على أهميته لل لللم يأخللذ حقلله
من البحث والمناقشة ،وليللت أن مجمللع الفقلله يللذكر فللي
قراراته كلها هل صللدر القللرار بالجمللاع أم بالغلبيللة؟ مللع
إدراج الللرأي المخللالف ل ل إن وجللد ل ل كمللا يفعللل المجمللع
الفقهي التابع للرابطة و هيئة كبار العلماء في السعودية.
) (2انظر :البحر الرائق ) (5/279وحاشللية ابللن عابللدين )
(4/12ودرر الحكام لعلي حيدر )شرح م (1/157)(205
) (3تحفللة المحتللاج ) (4/217ونهايللة المحتللاج )(3/375
وحاشية الجمل ) (3/9وحاشللية البجيرمللي علللى المنهللج )
(2/168
) (4المقاييس في اللغللة مللادة )جللر( ) (1/413والصللحاح
مادة )جرر( ) (2/612ولسان العرب ) (2/242والقاموس
)(464
) (5القاموس المحيط )(464
) (6مواهب الجليل ) (6/517ومنح الجليل )(3/36
) (7النكت على المحرر ) (1/300وأعلم الموقعين )(4/7
) (8البرقيات لحمد تيمور باشللا ) ،(75وانظللر :القللاموس
)وجب()(180
431
) (9انظللر :البحللر الللرائق ) (5/279والموطللأ مللع شللرح
الباجي) (5/15والمجمللوع )9/163ل ل (164والنكللت علللى
المحرر)(1/300
) (10انظر :الموسوعة الفقهية الكويتية )(9/43
) (11المبسوط ) (12/127وبدائع الصنائع)4/343و 397و
(486والهداية مع البناية )(8/353
) (12مواهب الجليل ) (6/517منح الجليل )(3/36
) (13المهلللذب ملللع المجملللوع )9/399لللل (400وتحفلللة
المحتاج ) (5/4ونهاية المحتاج )(4/184
) (14انظر :الشللرح الكللبير والنصللاف )(12/105كشللاف
القناع ) (3/265ومطالب أولي النهى )(3/171
) (15العطللاء هللو :الللذي يعطيلله المللام مللن بيللت المللال
لمستحقه .تسهيل منح الجليل )(3/36
) (16مواهب الجليل )6/516ل (517ومنح الجليل )3/35ل
(36وشرح الخرشي مللع حاشللية العللدوي عليلله )(5/223
والشرح الصغير مع حاشية الصاوي )3/220ل (221
) (17انظللر :الشللرح الكللبير والنصللاف )11/102ل ل (103
والمبدع ) (4/27والنصاف ) (3/163وقولهم يحتللاج مزيللد
تأمل وتحرير.
) (18الحديث أخرجه :الدارقطني ) (3/71)(269والحللاكم
)(2/57مللن طريللق الخصلليب بللن ناصللح ثنللا عبللد العزيللز
الداروردي عن موسى بن عقبة عللن نللافع عللن ابللن عمللر
رضي الله عنهما ،وقال الحاكم :صحيح على شرط مسلللم
ولم يخرجاه.
كمللا أخرجلله الللدارقطني )(3/72)(270والحللاكم)الموضللع
السابق( من طريق حمزة بن عبد الواحد عن موسللى بللن
عقبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر.
وهذا السناد وإن كان ظاهره الصحة ،إل أن الطحاوي في
شللرح معللاني الثللار ) (4/21)(5554وفللي شللرح مشللكل
الثار ) (2/265)(795وأحمد بن منيع )كما فللي المطللالب
العالية ) ((2/97والبيهقي في الكبرى ) (5/290والعقيلللي
في الضعفاء الكبير ) (4/162أخرجوه من طريللق موسللى
بن عبيدة الربذي )ل عقبة( عن عبد الله بن دينار عن ابللن
432
عمر ،وأخرجه البيهقي )الموضع السابق( وابللن عللدي فللي
الكامل ) (6/335من طريق موسى بللن عبيللدة عللن نللافع
م
ي والحللاك َي الللدارقطن َعللن ابللن عمللر ،ثلم نلاقش اللبيهق ّ
ووهمهما في ذكر موسى بن عقبللة وبي ّللن أنلله موسللى بللن
عبيدة الربذي ،وقال ):الحديث مشهور بموسى بللن عبيللدة
مرة عن نافع عن ابن عمر ،ومرة عن عبد الللله بللن دينللار
عن ابن عمر(.
وعلى ذلك فالحديث ضعيف من أجللل ضللعف موسللى بللن
عبيدة) ،انظر الضعفاء للعقيلللي ) (4/160و الكامللل لبللن
عدي ) ((6/333ولهذا قال فيلله المللام أحمللد إنلله ل يصللح
فيه حديث.
وانظر في تضعيف الحديث :نصب الراية ) (4/40وتلخيص
الحبير ) (3/26وإرواء الغليللل ) (5/220والتحللديث )(113
والمغني عن الحفظ والكتاب مع جنة المرتاب ).(405
ومع ضعف الحديث فقد قال الطحاوي في شرح المشكل
) ):(2/266واحتمل أهل الحديث هذا الحللديث مللن روايللة
موسى بن عبيدة وإن كان فيها ما فيها(.
ومعنللى الكللالئ بالكللالئ :أي النسلليئة بالنسلليئة أو الللدين
بالللدين ،انظللر :سللنن الللدارقطني ) (3/71وشللرح معللاني
الثار ) (2/21ومستدرك الحللاكم ) (2/57وسللنن الللبيهقي
الكبرى ) (5/290والمطالب العالية )(2/97
) (19انظر في حكاية الجماع :العقود لبللن تيميللة )(451
وأعلم الموقعين ) (2/10وطبقات الشافعية لبن السبكي
)(10/231
) (20انظللللر :العقللللود وأعلم المللللوقعين )الموضللللعين
السابقين(
) (21انظللر :التمهيللد لبللي الخطللاب الكلللوذاني )(4/254
وروضلللة النلللاظر ) (2/509وأعلم الملللوقعين )(1/318
والبحر المحيط )(8/20
)(3/293) (22
) (23وانظللر :مللواهب الجليللل ) (6/517ومنللح الجليللل )
(3/36
) (24مواهب الجليل ) (6/517ومنح الجليل )(3/36
433
=============
#الشركات النقية والسهم المختلطة!
تركي بن محمد اليحيى 1/7/1427
26/07/2006
مصطلح "السهم النقية" يراد به أن تكون الشللركة خاليللة
من الستثمارات المحرمة المعلنللة أو البللارزة فللي نشللاط
الشركة أو قوائمها ،وذلللك أنلله ل يمكللن أن يشللترط علللى
المسلم أن يتتبع جزئيات الشركة وأعمالهلا اليوميلة ،فهلذا
متعذر ول يمكن اشتراطه ،فُيكتفي بما يظهللر مللن أعمللال
الشركة ونشاطاتها وقوائمها.
أما ما يسمى بل"الشركات المختلطة" فهي الشركات ذات
النشاط المباح في الصل لكنها تتعامل ببعللض المعللاملت
المحرمة كالربا وغيره ،وهذه أجازها بعض أهل العلم على
ف بينهم في ضوابط الجواز ،بينما حرمهللا بعلض أهللل اختل ٍ
العلم مهما كانت نسبة الختلط فيها.
والذي ظهر لي من خلل بحث المسللألة والقللوال والدلللة
فيها رجحان القول بالتحريم.
وليللس المقصللود هنللا بحللث هللذه المسللألة ،وإنمللا المللراد
الحديث عللن مسللألة مبنيللة علللى القللول بتحريللم السللهم
المختلطة.
وهي أن بعض الشركات "النقية" التي ل تستثمر بلالحرام،
قد تستثمر في أسهم الشركات المختلطة ،وقد يللرد علللى
ل حول تأثير هذا السللتثمار علللى جللواز تلللك الباحث إشكا ٌ
الشركات النقية.
وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن مثل هذا الستثمار يللؤدي
إلى اعتبار تلك الشركات شركات مختلطللة ويخرجهللا عللن
كونها من الشركات النقية.
وحيللث إن هللذه المسللألة متصلللة بأحللد مبللاحث رسللالة
الدكتوراه التي أقوم بإعدادها فقد كتبت فيهللا وجهللة نظللر
أحببت أن أطرحها بين يدي إخللواني مللن البللاحثين وطلبللة
العلم ،أرجو أن أستفيد من مداخلتهم حولها.
ولعلي أطرح المسألة من خلل النقاط التالية:
434
ل :لبللد أن نحللدد الوصللف الفقهللي لتحريللم السللهم أو ً
المختلطة ،ثم نبني الحكم انطلقا ً من ذلك الوصف ،بحيث
نعطي حكما ً مطللردا ً لكللل مسللألة مماثلللة ،فل نفللرق بيللن
المتماثلت في الحكم أو العكس.
فإذا اعتبرنا تحريم السللهم المختلطللة أمللرا ً قطعيلًا ،أو أن
ف شللاذ ،فيجللب أن يكللون أثللر السللتثمار الخلف فيها خل ٌ
فيهللا علللى الشللركات ،كللأثر السللتثمار بالربللا وغيللره مللن
المعاملت المحرمة.
أما إذا اعتبرنا أن تحريمهللا مسلألة اجتهاديللة مختلللف فيهلا
وأنه مع كلون الراجللح هللو تحريمهللا ،إل أنهللا تظللل مسللألة
اجتهادية ،والخلف فيها له حظ من النظللر ،فيجللب هنللا أن
نعطيها حكم المعاملت المختلف فيها.
ثانيًا :إذا كان محل العقد أو النشاط الغللالب فللي الشللركة
هو المختلف فيه ،فإن الشريك الذي يرى القول بللالتحريم
يحرم عليلله الللدخول فللي الشللركة ،أو السللتمرار إذا كللان
داخل ً فيها ،لنه يعتقد حرمة المحل.
أما إن كان محل العقد أو النشاط الغالب في الشركة مما
يعتقللد الشللريك حللله وإبللاحته ،فللإن المشللاركة تجللوز للله
ط مختلف فيه لكون بالتفاق ،فإذا دخلت الشركة في نشا ٍ
الشركاء يعتقدون الباحة فالحكم هنللا مختلللف وهللو محللل
البحث.
ثالثًا :المعاملت المختلف فيها كللثيرة جللدًا ،والشللركاء قللد
يتفقون أن يكون محل الشركة ونشاطها مما يتفقون على
جوازه ،ولكن قد يقع من بعضهم مللن المعللاملت مللا يللرى
إبلاحته هلو ويلدخلها بتأويلل سلائغ ،بينملا قلد يكلون بعلض
الشركاء ممن يرى التحريم ،فهل تخرج الشركة من كونها
نقية إلى أن تكون مختلطة بمجرد أن تللدخل فللي أي عقللد
مختلف فيه؟ ،ل سيما إذا كان دخولهللا فللي هللذا المختلللف
فيه مبنيا ً على تأويل سائغ وفتوى معتبرة ،فلللو كللان المللر
كللذلك لللم يصللح مللن الشللركات إل الللتي تكللون جميللع
ذر لكثرة الخلف المعاملت فيها جائزة بالجماع ،وهذا متع ّ
في المعاملت ،أو التي يكون الشللركاء فيهللا متفقيللن فللي
جميع مسائل الخلف ،وهذا ل يقول به أحد.
435
رابع لًا :نظللرا ً لختلف أقللوال العلمللاء فللي بعللض مسللائل
المعاملت المالية الجتهادية ،فإن الشللركاء إذا كللانوا مللن
مذهبين مختلفين ،قد يقع من أحدهما معاملة مالية جللائزة
في مذهبه ،لكنها محرمة فللي مللذهب شللريكه ،فيللرد بنللاءً
على هذا مسألة حكم مشللاركة المسلللم للمسلللم إذا كانللا
من مذهبين مختلفين.
وإذا كانت العلة من اشتراط أن ل يلللي الكللافر العمللل إذا
شاركه المسلم ،هي في كللونه قللد يتعامللل بللالحرام ،فللإن
ن مللن يلللي العلة موجودة هنللا ،وهللي أنلله مللن المحتمللل أ ّ
العمللل مللن الشللريكين قللد يتعامللل بمللا هللو عنللد شللريكه
محرم.
ورغم ذلللك لللم أجللد مللن أهللل العلللم مللن اشللتراط اتحللاد
المذهب ،مما يدل على أنها على الصل وهللو الجللواز ،بللل
ص على الجلواز فلي أوسلع نلوع ملن أنلواع إن هناك من ن ّ
الشركات وهي المفاوضة ،كما جاء عنللد الحنفيللة" :وتصللح
ي ،وإن تفاوتللا تصللرفا ً فلليي وشافع ّ المفاوضة)(1بين حنف ّ
ة").(2 متروك التسمية؛ لتساويهما مل ّ ّ
الملذاهب الربعلة بالتفلاق تصلحح الشلركة بيلن مختلفلي
المذهب ،رغم أنه من المعلوم اختلف المذاهب فلي كلثير
من مسائل المعاملت ،وأن الشريك لبد أن يقع منلله مللن
العقللود والمعللاملت مللا يللرى جللوازه بينمللا شللريكه يللرى
التحريم.
ولو لم نقل بهذا للزم أن يشترط في المضللاربة مثل ً أن ل
يدفع رب المال ماله لحد ليتاجر به ،إل إذا حللدد للله أنللواع
العقود بدقة ،أو كان متفقا ً معه في جميع مسللائل الخلف
بل استثناء ،حتى ولللو كللان العامللل مسلللمًا ،ل يجللري مللن
العقود إل ما اعتقد جوازه.
خامسًا :من الواضح اتفاق الفقهللاء مللن المللذاهب الربعللة
على التفريق بين أمرين:
الول :دخلللول الشلللركة فلللي الحلللرام المحلللض ،وللللذلك
يشللترطون لجللواز مشللاركة الكللافر أن ل يلللي التصللرف؛
لكونه قد يعقد على الحرام المحض.
436
الثاني :دخول الشللركة فللي المعللاملت المختلللف فيهللا إذا
كان من يلي عقدها هو من يرى الجواز بناء علللى مللذهبه،
أو اجتهاده ،أو نحو ذلك ،ولللذلك ل يشللترط أحللد منهللم أن
يتفق الشركاء في المذهب.
ولللذلك مللن المهللم التفريللق بيللن المريللن فللي مسللألتنا،
وأقصد التفريللق بيللن الللدخول فللي الشللركة الللتي تتعامللل
بالحرام المحض ،وبين الشركة التي تستثمر فللي مجللالت
هي محل خلف بين أهل العلم.
سادسًا :من المهم أن يقال لمللن اعتللبر الشللركات النقيللة
شركات مختلطة إذا ما استثمرت بالسهم المختلطللة :مللا
ضابط الشركات المختلطة؟
فإن قيللل :هللي الللتي تتعامللل بللالحرام المحلض المقطللوع
بحرمته ،أو ما كان القول بجوازه قول ً شاذًا.
قيل :فالسهم المختلطللة ليسللت مللن المقطللوع بحرمتلله،
وليس القول بالجواز من القوال الشاذة التي ل اعتبار لها
–رغم أننا نقول برجحان التحريم.-
وإن قيللل :بللل بالمختلطللة تشللمل حللتى الللتي تتعامللل
بالمعاملت المختلف فيها.
قيل :كل الشركات –سللواء المسللاهمة أو غيرهللا -تتعامللل
بالمختلف فيه ،بل أنتم ذكرتم شركة مكة مثل ً من النقيللة،
رغم الخلف المشلهور فلي حكلم تلأجير دور مكلة ،ورغلم
كونها تؤجر بعض المحرمات.
وذكرتم نادك من النقيللة ،رغللم وجللود عقللد تللأمين صللحي
عندها وهو محل خلف.
والتورق مختلف فيه فهل نقلول بلأن كلل الشلركات اللتي
لديها تورق مختلطة؟.
وكذلك المرابحة للمر بالشراء ،والتأجير المنتهي بالتمليك
وغيرها.
سابعًا :لعلي أمّثل لما أشرت إليه مللن أنلله لبللد أن يكللون
المحل جائزا ً أو مطلقًا ،وأن يكون المختلف فيه تابعًا ،أمللا
إن كان محل الشركة المختلف فيه فإن من يرى التحريم،
يحرم عليه الدخول في الشركة.
437
م عنللد الحنابلللة، ومثللال ذلللك :بيللع كلب الصلليد محللر ٌ
والشافعية ،وجائٌز عند الحناف.
ة مطلقة ،فل إشللكال فللي ي شرك ًي وحنف ٌ فلو تشارك حنبل ٌ
الجواز.
ل ،فللإن محللل ة محددةً في بيع البهائم مث ً وإن تشاركا شرك ً
ح في الجملللة عنللدهما ،مللع احتمللال أن يللبيع العقد هنا مبا ٌ
ي في الصللورتين كلب الصلليد أحيانلًا ،فالشللركة هنللا الحنف ُ
جائزة أيضًا.
ولو تشاركا على أن يتاجرا بللبيع كلب الصلليد بالتحديللد ،أو
بأنها الغلللب علللى تجارتهمللا ،فهللذه هللي الصللورة الثالثللة،
م عنللد والتي يظهر للباحث تحريمها؛ لن محل العقد محللر ّ
الحنبلي فل يجوز له القدام عليه.
ومثله ما يتعلق بالسهم المختلطة ،فللإن الشللركة إذا كللان
محلها المتاجرة في السهم المختلطة فإنه يحرم على من
يرى تحريم السهم المختلطة الدخول في الشركة ،أما إن
كللانت الشللركة فللي الصللناعة ،أو الزراعللة ،أو غيرهللا ،ثللم
اسللتثمرت فللي السللهم المختلطللة لكونهللا تللرى الجللواز
ودخلت بتأويل سائغ ،فإن الصل هو الجواز ،إل إن رأى أن
القول بجواز المختلطة قول ً شاذا ً وأن التحريم مقطوعٌ به.
ثامنًا :يتلخص مما سبق أن الشركات النقية إذا اسللتثمرت
بالسهم المختلطة ل تخلرج ملن كونهلا نقيلة ،وذللك وفلق
الضوابط التالية:
* أن ل يكون السللتثمار بللالمختلط هللو محللل الشللركة ،أو
النشاط الغالب فيها.
* أن يكون السللتثمار فللي السللهم المختلطللة مبنيلا ً علللى
تأويل سائغ ،واتباعا ً لفتوى من يعتد بقوله من أهل العلم.
أسأل الله أن يجنبنا ،والمسلمين ما يغضبه ،ويسخطه مللن
القوال ،والفعال..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
) (1كونهم ينصون على صحة المفاوضللة بينهمللا أبلللغ؛ لن
التصرف في المفاوضة عنللد الحنللاف أوسللع مللن العنللان،
ولللذلك يشللترطون فيهللا اتحللاد الللدين ،فل يصللح مشللاركة
الكافر مفاوضة مطلقلًا ،وذلللك أن التصللرف الشللركة فللي
438
المفاوضة مطلق ،ويعمل الشريك فيها بالتفويض المطلللق
في كل أنواع التجارة وبدون علم صللاحبه ويتسللاويات فللي
التصرف وفي العمل وفي المال وفي الربح من كل وجه.
) (2حاشية ابن عابللدين ) ،(6/471والنلص هلو مللن شلرح
تنللوير البصللار الللذي عليلله الحاشللية ،وانظللر :شللرح فتللح
القدير ).(6/150
=============
#توجيهات لمضاربي المساهمات
د .عصام بن عبد المحسن الحميدان)*( 9/7/1425
25/08/2004
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
وبعد:
فإن النسان يعجب عندما يسمع عن بعللض النللاس الللذين
أصيبوا بسكتة قلبية ،أو بمللرض ،أو بللاعوا بيللوتهم ،أو غيللر
ذلك نتيجة لمضاربات السهم!
إن ذلك دليل على أحللد شلليئين :إمللا قلللة اليمللان ،أو قلللة
الحرص والحتياط والخبرة.
جه بعض النصائح والتوجيهات لهؤلء النللاس ولذا فإني سأو ّ
وغيرهم ،ممن يريد أن يقدم على المسللاهمة ،أو هللو أحللد
المساهمين.
قبل التجارة:
ل :عدم الفتاء بغير علللم ،وتحريللم مللا لللم يحرملله الللله، أو ً
فبعللض النللاس يسللأل فيسللارع إلللى التحريللم مللن بللاب
الحتياط ،وهذا ل يجوز شرعًا ،لن التحريللم والتحليللل لللله
ذب تعالى ،قال سبحانه "ول تقولوا لما تصف ألسنتكم الكلل ِ
ل وهذا حرام لتفللتروا علللى الللله الكللذب" [النحللل هذا حل ٌ
]116وهو جزء من التشريع للمللة ،فهللل هللذا يرضللى أن
يكون مشّرعا ً مع الله تعالى ؟! وقد كللان السلللف رحمهللم
الله من الصحابة والتابعين يخافون أن يتحدث أحدهم فللي
الدين فيكون مخطئًا.
ثم إن الصل فللي المعللاملت الباحللة ،كمللا قللال العلمللاء،
والصل في العبادات الحظر والتوقيف .
439
والنللبي صلللى الللله عليلله وسللّلم أبقللى علللى التجللارات
الموجودة في زمنه ،إل استثناءات يسيرة .
جرملا ً مللن وقال صلى الللله عليلله وسلّلم " أعظللم النللاس ُ
حّرم من أجل مسألته " متفللق سأل عن شيء لم يحّرم ،ف ُ
عليه عن سعد رضي الله عنه .
والورع شيء والتحريم شيء آخر ،قللد أتللوّرع أنللا أو يللوجه
أحللد العلمللاء بللالتورع عللن شلليء ،ولكللن ذلللك ل يعنللي
التحريم ،وأبو ذّر رضي الله عنه من ورعلله اعللتزل النللاس
في الرَبذة ،لنلله يللرى أن النللاس قللد توسللعوا فللي الللدنيا،
ولكلن بقلي عثملان رضلي اللله عنله وكبلار الصلحابة فلي
المدينة ،وبقاؤهم هو الصح ،لن يد الله على الجماعة .
صللين مللن العلمللاء ومما يجب قبل التجارة :الرجللوع للمخت ّ
الخبيرين بللالمور الماليللة شللرعا ً وواقع لا ً ؛ لن المعللاملت
وعت وتفّرعت ،وأصبح من الصعب على الفقيلله تعددت وتن ّ
أن يستوعب كل أنواع المعاملت .
وأما الحكم في حال اختلف الفقهاء ،فهو باعتماد المجامع
الفقهية واللجان الشرعية ،فإنها أقرب إلللى الصللواب مللن
غيرها .
ة مللن الللله ل لغيرهم من الفقهللاء ،فهللو رحم ل ٌ جد قو ٌوإذا وُ ِ
ة على المة.وقللد جلاء للمللام تعالى ،لن في اختلفهم سع ٌ
ب فللي ل يستشلليره فللي تلأليف كتلا ٍ أحمد رحملله اللله رجل ٌ
مه كتاب السعة . الختلف ،فقال له :س ّ
وقال ابن العربي رحمه الله )إنلله بعللد مللوت النللبي صلللى
الله عليه وسلم تختلف العلماء فيه ،فيحرم عللالم ،ويحلللل
ة
آخر ،ويوجب مجتهد ،ويسقط آخر ،واختلف العلماء رحم ٌ
ة فللي الحللق ،وطري لقٌ مهيللع –بي ّللن -إلللى للخلللق ،وفسللح ٌ
الرفق( )أحكام القرآن.(699 / 2 :
ثانيًا :الستفادة من أهل العلم والخبرة:
فإن المال أمانللة بيللد النسللان ،حللتى المللال الللذي تنسللبه
لنفسك هو حقيقة لله تعالى ،قللال الللله سللبحانه "وأنفقللوا
مما جعلكم مستخلفين فيه" [الحديد ]7:ومصلادر الزراعلة
والتجارة والرعللي ،وكللل الكللون لللله تعللالى " للله مللا فللي
السماوات وما في الرض وما بينهما ومللا تحللت الللثرى" [
440
طه ] 6 :وهذه هي نظرة السلم للمال ،وهي تختلف عللن
النظرة الرأسمالية التي تهدف إلى الربح المادي الذاتي –
دون مراعاة لدور الدين فيه ،-وينتج عنها تكللوين الطبقيللة
في المجتمع – دون مراعاة للتكافل الجتماعي . -
فإذا كان المال لله تعالى ،فل يحل تبذيره بغير حللق ،قللال
تعالى" :ول تؤتوا السفهاء أمللوالكم الللتي جعللل الللله لكللم
قيامًا" [النساء.]5:
فيتقللي النسللان الللله تعللالى فللي مللاله ،فل يضلليع نفسلله
جه إلللى السللتفادة وأبناءه ،والنبي صلى الله عليه وسّلم و ّ
مللن أهللل الخللبرة والتخصللص ،فقللال " هل سللألوا إذ لللم
يعلموا ،فإنمللا شللفاء العللي السللؤال " ،واسللتجاب لشللارة
سلللمان رضللي الللله عنلله فللي حفللر الخنللدق ،وقللال فللي
الزراعة " أنتم أعلم بأمر دنياكم " رواه مسلللم عللن أنللس
رضي الله عنه .
لللذا ينبغللي عللدم التسللرع فللي المسللاهمات ،واستشللارة
الثقللات ،والسللؤال عللن الشللركات ،ومعاملتهللا ،ومعرفللة
واقعهلا ملن الناحيلة الشللرعية ،والماليلة ،لئل يضلطر إلللى
سحب ماله بعد ذلك .
ثللم يسللأل عللن كيفيللة التجللارة ،والمرابحللة ،والمسللاهمة،
وغيرها ،لئل يغَبن .
دخللارثالثًا :عدم استعمال المال الضروري في السللهم ،وا ّ
ما يحتاجه المرء ،لن في التجللارة مخللاطرة ،فربمللا ذهللب
مللاله بللإذن الللله تعللالى ابتلًء للله ،فمللن الحللزم أن يكللون
مستعدا ً ليوم الكريهة .
ثللم يلتمللس البركللة فللي المللال ولللو فللي غيللر التجللارة،
كالزراعة ،والصناعة وغيرهما ،فإن النبي صلللى الللله عليلله
وسلم يقول " إنكللم ل تللدرون فللي أيّ طعللامكم البركللة "
رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه .
عند التجارة :
جللل الربللح ،فكلمللا زاد الصللبر قل ّللت
ل :الصللبر وعللدم تع ّأو ً
الخسارة:
والزمن جزء من العلج ،والربح السريع خطلأ ؛ لنله يلؤدي
إلى عدم مراعاة الضوابط الشرعية بشكل كامل ،ويللؤدي
441
إلى السرعة في اتخاذ القرار دون التثبت في مللدى نجللاح
المساهمة ،ويؤدي إلى الغفلة عن بعللض الثغللرات الللتي ل
تتضح إل بالتأمل وذلك تحت تأثير الغراء بالربح .
ثانيًا :عدم التساهل في المور الربوية :
فقد قال سبحانه" :يا أيها الذين آمنوا اتقلوا اللله وذروا مللا
بقي من الربا إن كنتللم مللؤمنين * فللإن لللم تفعلللوا فللأذنوا
ب مللن الللله ورسللوله" [البقللرة ،278 :ل ،]279وقللال بحر ٍ
صلى الله عليه وسّلم " درهم ربا يلأكله الرجللل أشلد عنلد
اللله ملن سلت وثلثيلن زنيلة " رواه أحملد ورجلال رجلال
الصحيح عن عبدالله بن حنظلة رضي الله عنه .
وقال عليه السلم " الربا ثلثة وسبعون بابلا ً أيسللرها مثللل
أن ينكللح الرجللل أملله " رواه الحللاكم وصللححه عللن ابللن
مسعود رضي الله عنه .
وإذا كلللانت البنلللوك قلللد فتحلللت أبوابهلللا للمسلللاهمين
والمضللاربين ،فليللس معنللى ذلللك جللواز التعامللل بأسللهم
البنوك ،فإن رؤوس أموالها ربوية ،وهناك فرق بيللن شللراء
أسللهم البنللوك ،والشللركات الربويللة ،واسللتخدام غللرف
وشاشلللات البنلللوك فلللي التعاملللل ،فلللإن هلللذه الغلللرف
والشاشلات وسلائل للتلداول ل علقلة لهلا بنلوع الملال أو
التجارة .
ولكن على المؤمن البتعاد عن الشبهات خصوصا ً في حال
شيوع الحرام ،قال صلى الله عليه وسّلم " من يأخذ مللال ً
بحقه يبارك له فيه ،ومن يأخذ مال ً بغير حقلله ،فمثللله مثللل
الذي يأكل ول يشبع " رواه مسلم عللن أبللي سللعيد رضللي
الله عنه .
وعلللى المسلللم مراعللاة الضللوابط الشللرعية للمعللاملت
والمسللاهمات الللتي تصللدرها المجللامع الفقهيللة ،واللجللان
الشرعية في البنوك.
ولما جاء السلم أغلق بعض أبواب التجارة لمللا فيهللا مللن
الحللرام ،وإن كللان فيهللا نف لعٌ وأربللاح ،فقللال سللبحانه فللي
الخمر والميسر "فيهما إثللم كللبير ومنللافع للنللاس وإثمهمللا
أكبر من نفعهما" ]البقرة [219:وقال في تشللغيل النسللاء
442
في الفتنة أول السلم "ول تكرهوا فتياتكم على البغاء إن
صنا ً لتبتغوا عَرض الحياة الدنيا" ]النور[33 :
أردن تح ّ
فأغلق بعض البواب الضارة بالدين ،وإن كانت نافعللة فللي
الدنيا .
ثالثًا :عواقب أكل الحرام :
في الدنيا :الكتئاب ،والقلق ،والضيق ،والمراض النفسية،
والجتماعية .
وفي الخرة ،قال صلى الله عليه وسلّلم " ل يللدخل الجنللة
لحللم ول دم نبللت مللن سللحت ،النللار أولللى بلله " رواه
الطبراني ورجاله ثقات عللن كعللب بللن عجللرة رضللي الللله
عنه ،ورواه أحمد عن جابر رضي اللله عنله ورجلاله رجلال
الصحيح .
فعلى المؤمن أن يتقي الله تعالى ،ول يعرض نفسه وأهله
لكل الحرام والشبهة ،فللإن الللدعاء مقللرون بأكللل الحلل،
قال صلى الله عليه وسّلم يلا سلعد ،أطللب مطعملك تكللن
مجاب الدعوة رواه الطبراني بإسناد فيه نظر .
رابعًا :الرزق من الله تعالى ل من الناس :
لذا فإن المؤمن يسأل اللله تعلالى ل النللاس "إن اللله هلو
الرزاق ذو القوة المتين"
[الذاريات]58 :
ويدعو الله تعالى بالسعة في الرزق ،وكان صلى الله عليه
وسّلم يقول "اللهم ارزقني واهدني" ،وكللان يقللول "اللهللم
ي عند كبر سللني ،وانقطللاع عمللري" اجعل أوسع رزقك عل ّ
رواه الطبراني في الوسط عن أم المؤمنين عائشة رضي
الله عنها بسند جيد .
ومللن أفضللل الدعيللة فللي كسللب الللرزق المداومللة علللى
الدعاء بقول "اللهم اكفنللي بحللللك عللن حرامللك ،وأغننللي
بفضلك عمن سواك "
وبالتالي ل يجزع إذا أصيب في ماله ،لنه من الللله تعللالى،
سع عليه ،قال سبحانه في قصللة قللارون "ل ول يبطر إذا و ّ
تفللرح إن الللله ل يحللب الفرحيللن" ]القصللص [76 :وقللال
سبحانه "لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما آتللاكم"
]الحديد.[23 :
443
خامسًا :يجب أن ل تشغل التجللارة عللن ذكللر الللله تعللالى،
ل ل تلهيهم تجارةٌ ول بيعٌ عللن ذكللر الللله قال سبحانه "رجا ٌ
وإقام الصلة وإيتاء الزكاة يخافون يوما ً تتقلب فيه القلوب
والبصار" [النور]37:
ولذا قال سبحانه”:يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلة مللن
يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الللله وذروا الللبيع ذلكللم خيللر
لكللم إن كنتللم تعلمللون" [ الجمعللة ] 9 :وفللي غيللر يللوم
الجمعة كذلك .
ونحللن نعلللم أن الحفللاظ علللى المللال مللن الضللرورات
الخمس ،ولكنه بعللد الحفللاظ علللى الللدين ،والنفللس ،فهللو
ة في وسيلة لقامة الدين ،ل غاية لذاته ،لذا فقد يكون نقم ً
كى ،وهو الكنز . بعض الحيان ،كالمال غير المز ّ
دنيا ل َِغيرِ ب َل َِغهِ … … معَ ال ّ فيا جا ِ
مع جا ِ ت َ ن أن ْ َ م ْ ست َت ُْرك َُها فانظ ُْر ل ِ َ َ
ت…… ح ْ صب َ َ ن قد َ ا ْ معي َ َوكم قد رأينا الجا ِ
مضاجع ب َ ق الّترا ِ ن أطبا ِ لهم ،بي َ
ه… … ، ك بن َْفعِ ِ ن ت َْرجو عََلي َ م ْ ن َ ض ّ إذا َ
ع
ض ،واس ُ ق ،في الْر ِ ن الّرْز َ ه ،فإ ّ فذ َْر ُ
ه… … ، م ُهواهُ وهَ ّ ت الد ّْنيا َ ن كان َ ِ م ْ وَ َ
ع
م ُ طا ِ م َ ه ال َ مَنى واستعبد َت ْ ُ ه ال ُ سب َت ْ ُ
سه… … ، م َنف َ ل اسَتحياَ ،وأكَر َ ن عََق َ م ْ وَ َ
ت َقان ِ ُ
ع ل أن ْ َ ن قَن ِعَ استغَْنى فَهَ ْ م ْ و َ
ْ ْ
ه…… ن َرأيٌ ي َك ُّف ُ رىء رأَيا ِ ل ام ِ ِلك ّ
شيِء ،أحيانًا ،وََرأيٌ ُينازِعُ ن ال ّ ع ِ
سادسًا :الصدقة تطهر المال من الشبهات :
ة تطهرهللم وتزكيهللم قال سبحانه "خذ مللن أمللوالهم صللدق ً
بها" [التوبة]103:
ص قصة أصللحاب البسللتان "إنللا بلونللاهم وقال عز وجل يق ّ
كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصللبحين ول
يستثنون* فطاف عليهللا طللائف مللن ربللك وهللم نللائمون *
فأصبحت كالصللريم" [القلللم ]20–17:وذلللك بسللبب أنهللم
تعهللدوا أل يللدخلنها عليهللم مسللكين ،فمنعللوا الصللدقة،
فاحترقت المزرعة .
444
وقال صلى الله عليه وسّلم " ما نقص مللال مللن صللدقة "
رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
وقال صلى الله عليه وسلّلم " يلا معشلر التجلار ،إن اللبيع
شللوبوه بالصللدقة " رواه أصللحاب يحضره اللغو والحلف ،ف ُ
السنن وصححه الترمذي عن قيس بللن أبللي غللرزة رضللي
الله عنه .
وكان عثمان رضي الله عنه يتصدق كثيرًا ،مع تللوّرعه فللي
تجارته ،وجاءت تجارة له يومًا ،فقال :من يساومني عليها،
ض ،حللتى قللال:ض ،فزيد ،فللم يللر َ فأعطي %100فلم ير َ
إني أعطيت فيها % 1000ربح لًا ،فتعجبللوا ،وقللالوا :نحللن
تجار المدينة ،ولم يسبقنا أحد ٌ إليك.فمن أعطللاك ؟ فقللال:
الله أعطاني.فتصدق بها لوجه الله تعالى .
فالبركة تلتمس بالصدقة ،وأكل الحلل.وهللذا أمللر مج لّرب
بحمد الله .
سابعًا :تحريم الشاعات والكاذيب ونشرها :
فإن إضرار المسلمين حرام ،قال صلى الله عليه وسلّلم "
ل ضرر ول ضرار " ،وقال " ل تحاسدوا "
ن السللمع والبصللر والفللؤاد والكلمة أمانة ،قال سللبحانه "إ ّ
ل" [السراء]36: كل أولئك كان عنه مسؤ ً
فل يجوز الكذب في نقل أسللعار السللهم ،والفللتراء علللى
الشخاص ،وربما حلف بعضهم كاذبا ً في مواقللع النللترنت،
ن غموس يغمللس صللاحبه فللي ومنتديات السهم ،وهذا يمي ٌ
النار – عياذا ً بللالله ،-قللال صلللى الللله عليلله وسلّلم " مللن
حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أحد ،لقي الله وهللو
عليه غضبان " رواه أحمد والنسائي عن عللدي بللن عميللرة
رضي الله عنه.وهو في الصحيحين بنحوه عن ابن مسللعود
رضي الله عنه .
وربما عد ّ بعضهم ذلك شللطارة ,وذكللاء ،وهللو ل يعلللم أنلله
يوقع إخوانه المسلمين في الحرج ،والخسارة ،وربما قال:
لم أجبر أحدا ً على الشراء والبيع ،ولكن أليس هو مللن أراد
الناس أن يثقوا به ،فكللان عنللد سللوء ظنهللم ،وأصللبح غيللر
محل ثقة .
445
ثامنًا :الغيب ل يعلمه إل الله ،قللال سللبحانه" :قللل ل يعلللم
من في السموات والرض الغيب إل الله"[ النمل. ]65:
فل يجوز الحكم بالغيب في السعار ،وما يسمى بالتنبؤات،
ظ، أو العتماد على الرؤى ،أو العتماد علللى الطللالع والح ل ّ
ونشر الشاعات على ضوئها .
تاسعًا :المانة في المال ،والنصيحة للمسلمين:
تبيين عيب السهم وحالها الصحيح ،فل يبيع على أحد شيئا ً
يعلم أنه خاسر ،ويوهمه أنه رابح ،فإن هذا غش ،وقد قللال
صلى الله عليه وسّلم " الدين النصيحة " وقال " من غ ّ
ش
فليس منا " رواهما مسلم في صحيحه .
وقال صلى الله عليه وسلللم " ل يحللل لحللد يللبيع شلليئا ً إل
بّين ما فيه ،ول يحل لمن علم ذلك إل بّينلله " رواه الحللاكم
وصححه ووافقه الذهبي عن واثلة بلن السللقع رضللي اللله
عنه .
وقال صلى الله عليه وسّلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا،
فإذا صدقا وبينا بللورك لهمللا فللي بيعهمللا ،وإن كتمللا وكللذبا
محقت بركة بيعهمللا " متفللق عليلله عللن حكيللم بللن حللزام
رضي الله عنه .
ونهى صلى الله عليه وسّلم عن تلقي الركبان.متفق عليلله
عن أبي هريرة رضي الله عنه .
لنه يؤدي إلى غبن البائع ،فإن كان ل بد ّ فالسكوت .
عاشرًا :اتقاء الله تعالى في أموال الناس من قبل الوكلء
والوسطاء:
وحفللظ حقللوق النللاس ،وعللدم طلللب الربللح الفللاحش
بالسمسرة .
الحادي عشر :أمانة مجالس الدارة في البعد عن الحللرام
والربا ،والتماس منفعة الناس .
فللإن لمجللالس الدارة دور كللبير فللي توعيللة المسللاهمين
بللأنواع المسللاهمات ،والصللحيح منهللا ،والرابللح ،والخاسللر،
والسعر الحقيقي ،وغير ذلك .
عند الربح :
ة
تذكر فضل الله تعالى ،قال سبحانه "ومللا بكللم مللن نعم ل ٍ
فمن الله" [النحللل ،]53:ونتللذكر حللديث البللرص والقللرع
446
والعمى الذين ابتلهللم الللله تعللالى بكللثرة المللال ،فجحللد
البرص والقرع نعمللة الللله ،وأقلّر بهللا العمللى ،فقللال للله
الملك :إنما هو ابتلء ،فقد رضي الللله عنللك وسللخط علللى
صاحبيك.رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه .
عند الخسارة:
عدم القنوط من رحمة الله ،واليمان بالقدر :
قال سبحانه "قل لن يصيبنا إل ما كتب الللله لنللا" [التوبللة:
]51
،وتلذكر أن الخسلارة الماديلة أهلون ملن خسلارة اللدين،
وتوّقع الخسارة :
ه *** لللن تبلللغ المجللد حللتى ل تحسب المجد تمرا ً أنت آكل ُ
تلعق الصبرا
وتللذكر آلم المسلللمين وفجللائعهم ،وأن هللذه أنللواع مللن
البتلء ،فبعللض النللاس يبتلللى بللالفقر ،وبعضللهم يبتلللى
بالتهجير ،وبعضهم يبتلى بالمرض ،وبعضهم يبتلى بالزوجللة
والوَلد ،وبعضللهم يبتلللى بللالغنى ،قللال سللبحانه" :ونبلللوكم
بالشر والخير فتنة" ]النبياء [35 :وقال "ولنبلونكم بشلليء
من الخوف والجوع ونقص من الموال والنفس والثمرات
شر الصابرين" ]البقرة.[155: وب ّ
)*( الستاذ المساعد بقسم الدراسات السلمية والعربيللة
جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران.
================
#بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتها
د .سامي بن إبراهيم السويلم )*( 17/7/1425
02/09/2004
سللبق وأن نشللرنا فللي نافللذتنا فتللوى حللول )بيللع قسلليمة
الشراء بأقل من قيمتها ( ثم وردنا تعقيب من أحد الخللوة
يستشكل فيه جواز بيع هذه القسيمة بأقل من قيمتها إلى
آخر ما ذكللر. -فعرضللنا هللذا التعقيللب علللى أحللد المشللائخ
المشاركين معنا في الجابة على أسللئلة السللائلين فتكلّرم
بالتوضيح والبيان ،فإليكم التعقيب والتوضيح.
التعقيب:
447
بسم الله ،والحمد لله ،والصلة والسلم على رسول الله،
وبعد :
الخوة الكرام بموقع السلم اليوم :السلم عليكم ورحمة
الله وبركاته.
نسأل الله أن ينفع بكم ،ولقد قرأت فتوى بموقعكم تحللت
عنوان) :بيع قسيمة الشراء بأقل من قيمتهللا( ،ولللي علللى
هلللذه الفتلللوى هلللذا الستشلللكال ،وأرجلللو علللرض هلللذا
الستشكال على أهل العلم بفقه المعاملت من مللوقعكم،
وخاصة الشيخ السويلم ،نص الستشكال :قسيمة الشللراء
هي بمثابة سند بقيمة مالية معينة تمنحها بعض الشللركات
لموظفيها إما على سبيل القرض ،أو على سبيل الهبللة ،أو
على سبيل المكافأة.
هذه القسيمة بمثابة سللند للموظللف بقيمللة ماليللة معينللة،
بشرط أن يشتري بها من مكان مخصوص ،فهو داخل فللي
مفهوم الوراق التجارية كالشيك ،والسند ،والكمبيالة.
فهللل أجللاز أحللد مللن الفقهللاء بيللع الشلليك أو السللند؟ أو
الكمبيالة بأقل مللن قيمتهللا؟! أليللس هللذا هللو ربللا الفضللل
المحرم؟ أليس هذا ما تحدث عنه علماء العصر مما يعرف
بخصلللم أو حسلللم الوراق التجاريلللة بدايلللة ملللن الشللليخ
الهمشللري ،ونهايللة بوقتنللا هللذا ...فكللانت الفتللوى علللى
التحريم؟.
إن إجازة هذه الصورة ينتج عنها جواز بيع بطاقللة الئتمللان
بأقل من قيمتها.
وخلصللة المللر أن هللذه القسلليمة إمللا أن تمثللل مللال ً أو
عروضًا.
فإذا مثلت مال فيجوز بيعه ،ولكن ل يجوز بيعلله بأقللل مللن
جنسه ،وإل وقع ربا الفضل.
وإما أن يمثل عروضًا ،والعروض يجوز بيعهللا بللالثمن الللذي
يتفق عليه ،ولكن البيع هنا ل يجوز؛ لنه بيللع قبللل الشللراء،
وبيع قبل القبض ،وبيع مجهول للطرفين.
التوضيح:
الحمد لله ،والصلة والسلم على رسول الللله ،وعلللى آللله
وصحبه ومن واله ،وبعد:
448
إذا كللانت القسلليمة المشللار إليهللا صللادرة مللن المحللل
التجاري ،كما يفهللم مللن السللؤال مللن أنهللا باسللم المحللل
وليست باسم الشركة ،وتعطي حاملها الحق في الحصول
على بضللاعة مللن هللذا المحللل قيمتهللا 500ريللال ،وليللس
الحصول على النقد ،فهذه القسيمة تمثل سلعا ً في الذمة،
سلم ،ولكللن هللذا الللدين لللم يتحللدد فيلله نللوعبمثابة دين ال ّ
المبيع وقدره ،وإنما تحدد مصدره وقيمته ،وهذه الصورة ل
حرج فيها شرعا ً على الظهللر؛ إذ يجللوز للرجللل أن يسلللم
مبلغا ً من المال للبقال على أن يأخذ منه كل يللوم بضللاعة
بحسب حاجته ،وبحسب سعرها ،والتزام البقال بذلك مللن
جنس ديللن السلللم ،وهللو نظيللر الللتزام المحللل هنللا بللالبيع
لحامل القسيمة ،وثمن القسيمة قد يكون دفعتلله الشللركة
مقدما ً للمحل ،وقد يكون التزم به صللاحب المحللل ابتللداء،
وفي كلتا الحالتين هو بمثابة دين السلم كما سبق.
إذا تقرر ذلك فدين السلم يجوز بيعلله -قبللل قبضلله -عنللد
المام مالك ،ومنللع مللن ذلللك الجمهللور؛ لنلله بيللع لمللا لللم
يقبض ،ورجح شيخ السلم ابن تيمية جواز بيع دين السلللم
قبل قبضه بشرط أل يربح منه )أي ل يكون ثمن البيع أكبر
من رأسمال السلم(؛ لئل يقع في ربح ما لم يضمن.
والقرب -والله أعلم -هو جواز بيع دين السلم قبل قبضلله؛
لنها معاملة تخلو من الربا ،فليس فيها نقد بنقد ،وإنما نقد
مقابل سلع في الذمة ،وفيما يتعلق بالقسيمة فالربللح غيللر
متصللور؛ لن الموظللف حصللل علللى البطاقللة دون دفللع
مقابل ،ثم يبيعها بأقل من قيمتها ،وعدم تحديد نوع السلللع
وقللدرها ل يضللر بالعقللد؛ لنلله ل يللؤدي للنللزاع ،والجهالللة
المحرمة شرعا ً هي التي تفضي للنزاع ،والنزاع هنا منتللف
بتحديد المحل التجاري ،وتحديد القيمة الكلية.
وبهللذا يتللبين الفللرق بيللن هللذه القسلليمة ،وبيللن الورقللة
التجارية )الشيك والكمبيالة( التي أشار إليها الخ الفاضل،
فهذه الوراق تمثل نقودا ً في الذمة ،بينما القسلليمة تمثللل
سلعا ً في الذمة ،والفللرق بينهمللا ظللاهر ،وبيللع السلللع فللي
الذمة مقابل نقود حاضرة ل حرج فيلله ،بللل هللذا هللو عقللد
السلم ،إذ هو بيع لسلع فللي الذمللة مقابللل نقللود حاضللرة،
449
وإنما المحذور بيعها مقابل نقود في الذمللة؛ لن ذلللك مللن
بيع الدين بالدين المجمع على تحريمه.
أما مقارنة القسيمة ببطاقة الئتمان ،وفللق مللا ذكللره الخ
في رسالته ،فالفرق بينهما من وجوه:
) (1أن بطاقة الئتمان تصدر من البنك ول تمثل سلعا ً في
ذمللة البنللك ،بللل ضللمانا ً مللن المصللرف بالسللداد ،بخلف
القسيمة فإنها تمثل سلعا ً في ذمة المحللل التجللاري ،فللبيع
البطاقة يعني المعاوضة على الضمان ،وهو محرم شللرعا؛ً
لنه يؤول إلى الربا.
) (2أن مشتري البطاقة ل تنتهي مسللئوليته بقبللض السلللع
مللن المحلت التجاريللة ،بللل يجللب عليلله سللداد قيمتهللا
للمصرف ،فبيع البطاقة في هللذه الحالللة ،حللتى لللو كللانت
تمثل سلعا ً في الذمة ،بمثابة بيع الدين بالدين ،وهو ممنوع
بالجماع ،بخلف القسيمة فإن مشتريها ل يترتب في ذمته
أي دين ،فل تتضمن بيع الدين بالدين.
) (3أن البطاقللة تسللمح بالحصللول علللى النقللد مللن خلل
أجهزة الصرف اللي ،بخلف القسيمة ،فللبيع البطاقللة بيللع
لحق القتراض من البنك ،وهو يؤول إلى القتراض بفائدة،
فقياس بيع القسيمة على بيع البطاقة الئتمانية قياس مللع
الفارق المؤثر.
وبناء على ما سبق فللالظهر -والللله أعلللم -هللو جللواز بيللع
القسيمة المشار إليها إذا كانت تمثلل سللعا ً أو منلافع فلي
ذمة مصلدرها ،ول تسلمح لحاملهللا بالحصلول عللى النقللد،
وكللان ثمنهللا مللدفوعا ً نقللدًا .والللله الهللادي إلللى الصللواب،
والحمد لله رب العالمين.
)*( مللدير مركللز البحللث والتطللوير بالمجموعللة الشللرعية
بشركة الراجحي المصرفية للستثمار
===============
#حكم تداول أسهم شركة الصحراء
د .أحمد بن محمد الخليل 21/7/1425
06/09/2004
الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وبعد.
450
تتميز الشركات حديثة التأسيس بأن أغلب موجوداتها مللن
النقللود ،وقللد يكللون مللع هللذه النقللود بعللض الموجللودات
الخرىمن العيان ،أوالمنافع ،أو الحقوق.
ومللن هنللا نشللأ الشللكال فللي حكللم تللداول أسللهم هللذه
الشركات؛ لن تداولها يعني تداول نقللد بنقللد معلله أعيللان،
ومنافع ،وإن كللان هللذا الشللكال ل يختللص بالشللركة الللتي
نشأت حديثًا ،بل يشمل كل شركة بقيلة غللالب موجوداتهلا
من النقود ولم يبدأ تشغيل واستثمار تلك النقود.
وُأحب في هذه الكلمات المختصرة بيان حكم تللداول هللذه
السهم ،راجيا ً من الله التوفيق والسداد ،فللأقول مسللتعينا ً
بالله.
من أهم الملور اللتي تحتلاج إللى بيلان وإيضلاح فلي هللذه
الشركات ما يتعلق بالنقد الموجود فيها هل هو مقصود أم
ل؟
وإذا نظر النسان إلى النقد الموجود فللي هللذه الشللركات
وجده مقصودا ً لعدة اعتبارات :
ل :قوام هذا النوع مللن الشللركات فللي هللذا الللوقت هللو أو ً
النقد الذي تملكه الشركة ،فهو مهم جدا ً في هذه المرحلة
مللن مراحللل الشللركة؛ لن المشللروعات النتاجيللة الللتي
ستقوم تعمتد بالدرجة الولللى علللى هللذا النقللد ،بللل ربمللا
احتاجت الشركة إلى القتراض لزيادة هذا النقد.
ثانيًا :الجزء غير المقصود في السلعة من خصائصه أنه تبع
ل يؤثر فقده علللى السلللعة ،ولللو فقللدت المللوال النقديللة
لهذه الشركة بأي سبب مللن السللباب لسللقطت سللقوطا ً
ذريعًا ،ولصبح سهمها ل قيمة له فكيف يقللال مللع ذلللك أن
النقود غير مقصودة؟!
وبالمقابل لو فقدت بعض العيان ،أو المنافع ،أو الحقللوق،
لم تؤثر على الشركة تأثير فقد النقود.
وأنا ل أقول ل قيمة لهذه العيان ،والحقوق ،بل لها قيمللة،
لكللن النقللود أيض لا ً مقصللودة ومهمللة فللي هللذه المرحلللة
للشركة.
ثالثًا :هذه النقود هي الغالب في موجودات الشركة فكيف
يكون غالب السلعة ليس مقصودا ً ؟
451
رابعًا :عندما تحدث الفقهاء عن قاعدة )التابع تللابع( ذكللروا
مللن أمثلتهللا :جلللد الحيللوان ،والجفللن والحمللائل للسلليف,
ونحوها.
فهللل نسللبة المللوال النقديللة للشللركة كنسللبة الحمللائل
للسيف؟ إن في التسوية بينهما بعدا ً ل يخفى.
خامسًا :المساهم الذي يشتري السهم يقصده كللله بنقللده
وموجللوداته الخللرى غيللر النقديللة كللالموجودات العينيللة,
والحقوق المعنوية ونحوها.
فإن قيل إنه ليقصد النقد وليخطر بباله
فالجواب أنه ليقصد أيضا الموجودات الخرى غير النقدية،
وهذا يدل على أنه يقصد سهم الشللركة بموجللوداته جملللة
من غير تعيين). (1
وكون الشركة في الصل تريللد اسللتثمار هللذه النقللود فللي
المستقبل ،ل ينفي أن ننظر إليها الن) (2باعتبار حقيقتها،
وهي أنها نقود وأعيان؛ لن الحكم يدور مع علتلله وجللودا ً و
عدمًا.
فإذا ثبت أن أسهم الشركات حديثة التأسيس تشتمل على
أموال وأعيان كلهما مقصود صارت هللذه المسللألة تللدخل
في مسألة "مد عجوة ودرهم" التي ذكرها الفقهاء.
ول أريد هنا الطالة بذكر الخلف مع الدلللة والترجيللح فللي
هذه المسألة ، ،إنما سأذكر القوال فقط ثم أذكر بعد ذلك
حكم مسألتنا.
وقد اختلف فيها الفقهاء على ثلثة أقوال:
القول الول :ل يجوز بيع الربوي بجنسه ،ومع إحللداهما ،أو
معهما ،من غير جنسللهما ،كمللد عجللوة ودرهللم بمللدين ،أو
بدرهمين ،أو بمد ودرهم ،وهذا قللول جمللاهير أهللل العلللم)
.(3
القللول الثللاني :يجللوز إن لللم يكللن الللذي معلله مقصللودًا،
كالسيف المحلى)،(4وهو رواية لحمد ،وأحللد قللولي شلليخ
السلم ،واختارها ابن قاضي الجبل).(5
القول الثالث :يجوز بشرط أل يكون حيلة على الربللا ،وأن
يكون المفرد أكثر من الذي معه غيللره ،أو يكللون مللع كللل
واحد منهما من غير جنسه ،وهو مللذهب الحنللاف ،وحمللاد
452
بن أبي سليمان ،ورواية لحمد ،وأحد قولي شيخ السلللم)
،(6ولهذا القول شرط آخر سيأتي تفصيله.
فإذا عرفت القوال في هذه المسألة فأقول:
على القول الول ل يجوز تللداول أسللهم الشللركات حديثللة
التأسيس لعدم جواز بيع الربوي بجنسه ومللع أحللدهما مللن
غير جنسهما.
وعلللى القللول الثللاني أيضلا ً ل يجللوز تللداول هللذه السللهم،
باعتبار أن النقد الذي فيها مقصود ،على ما سبق بيانه .
وإنما يتصور الجواز على القول الثالث فقط.
والصواب أنه ل يجوز تداول أسللهم هللذه الشللركات ،حللتى
علللى القللول الثللالث؛ لن لهللذا القللول شللرطا ً يمنللع مللن
الجواز.
ذلك؛ لن الفقهاء الذين أخذوا بالقول الثالث إنمللا يجيللزون
بيع الربوي بجنسه ،ومعه من غير جنسلله إذا كللان المفللرد
أكثر بشرط وهو المقابلة.
ومعنى المقابلة تقسيم الثمن عللى المثملن ،فمثل ً إذا بلاع
درهمين بدرهم وملد ،فلإن الملد مقابلل اللدرهم واللدرهم
مقابل الدرهم.
قللال حللرب :قلللت لحمللد :دفعللت دينللارا ً كوفي لا ً ودرهم لا ً
وأخذت دينلارا ً شلاميا ً وزنهملا سلواء ،قلال :ل يجلوز إل أن
ينقص الدينار فيعطيه بحسابه فضة).(7
وذكر شيخ السلم أن الفضة إذا كان معها نحللاس وبيعللت
بفضة خالصة "والفضة المقرونة بالنحللاس أقللل ،فللإذا بيللع
مائة درهم مللن هللذه بسللبعين مثل مللن الللدراهم الخالصللة
فالفضة التي في المائة أقل من سبعين ،فإذا جعللل زيللادة
الفضة بإزاء النحاس جاز علللى أحللد قللولي العلمللاء الللذين
يجوزون مسألة " مد عجوة " ،كما هو مذهب أبللي حنيفللة،
وأحمد في إحدى الروايتين"). (8
ولزيادة اليضاح أنقل كلما ً نفيسا ً للحافظ ابن رجب ،حول
حكم مسألة مد عجوة ودرهم ،قال ابن رجب:
"ومنهللا مسللألة مللد عجللوة وهللي قاعللدة عظيمللة بنفسللها
فلنذكر هاهنا مضمونها ملخصا :إذا باع ربويا بجنسلله ومعلله
من غير جنسه من الطرفين أو أحدهما كمد عجوة ودرهللم
453
بمد عجوة أو مد عجلوة ودرهللم بملدي عجللوة أوبلدرهمين
ففيه روايتان أشهرهما بطلن العقد وله مأخذان:
أحللدهما :وهللو مسلللك القاضللي وأصللحابه أن الصللفقة إذا
اشتملت على شيئين مختلفي القيمة يقسللط الثمللن علللى
قيمتهما وهذا يؤدي هاهنا إما إلى يقين التفاضل وإمللا إلللى
الجهل بالتساوي وكلهما مبطللل للعقللد فللي أمللوال الربللا.
وبيان ذلك :أنه إذا باع مدا يساوي درهمين ودرهما بمدين
يساويان ثلثة دراهللم كللان الللدرهم فللي مقابلللة ثلللثي مللد
ويبقى مد في مقابلة مد وثلث ذلك ربا وكذلك إذا باع مللدا
يساوي درهما ودرهمين بمدين يساوين ثلثللة دراهللم فللإنه
يتقابل الدرهمان بمد وثلث مد ويبقى ثلثا مللد فللي مقابلللة
مد ,وأما إن فرض التساوي كمد يساوي درهمللا ,ودرهللم
بمد يساوي درهما ودرهم فللإن التقللويم ظللن وتخميللن فل
يللتيقن معلله المسللاواة والجهللل بالتسللاوي هاهنللا كللالعلم
بالتفاضل فلو فرض أن المدين من شللجرة واحللدة أو مللن
زرع واحللد وإن الللدرهمين مللن نقللد واحللد ففيلله وجهللان
ذكرهما القاضي فللي خلفلله احتمللالين :أحللدهما :الجللواز
لتحقق المساواة .والثاني :المنع لجواز أن يتغير أحللدهما
قبل العقد فتنقص قيمته وحده وصللحح أبللو الخطللاب فللي
انتصاره المنع قال ; لنا ل نقابل مدا بمللد ودرهمللا بللدرهم
بل نقابل مدا بنصف مد ونصلف درهلم ,وكلذلك للو خلرج
مستحقا لسترد ذلك وحينئذ فالجهل بالتساوي قائم ,هللذا
ما ذكره في تقريره هذه الطريقة .وهللو عنللدي ضللعيف ;
لن المنقسم هو قيمة الثمن على قيمة المثمللن ل إجللراء)
(9أحدهما علللى قيمللة الخللر ففيمللا إذا بللاع مللدا يسللاوي
درهمين ودرهما بمدين يساويان ثلثة ل نقول درهم مقابل
بثلثي مد بل نقول ثلث الثمن مقابل بثلث المثمن فنقابللل
ثلث المدين بثلللث مللد وثلللث درهللم ونقابللل ثلللث المللدين
بثلثي مد وثلثي درهم فل تنفك مقابلة كل جزء من المدين
بجزء من المد والدرهم .ولهذا لو باع شقصا وسلليفا بمللائة
درهم وعشرة دنللانير لخللذ الشللفيع الشللقص بحصللته مللن
الدراهم والدنانير ,نعم نحتاج إلى معرفة ما يقابل الدرهم
أو المد من الجملة الخرى إذا ظهر أحدهما مستحقا أو رد
454
بعيب أو غيره ليرد ما قابله من عوضه حيث كان المللردود
هاهنللا معينللا مفللردا ,أمللا مللع صللحة العقللد فللي الكللل
واستدامته فإنللا نللوزع أجللزاء الثمللن علللى أجللزاء المثمللن
بحسللب القيمللة وحينئذ فالمفاضلللة المتيقنللة كمللا ذكللروه
منتفية ,وأمللا أن المسللاواة غيللر معلومللة فقللد تعلللم فللي
بعض الصور كما سبق").(10
فهذا الكلم نقلته لبيان أن العلماء يرون أنه في مسألة مد
عجوة ودرهم ل بد من انقسام أجزاء أحللدهما علللى قيمللة
الخر على طريقة القاضي.
أو انقسام قيمة الثمن على قيمة المثمن على طريقة ابن
رجب.
ل ل بد من هذا التقسيم. وعلى ك ٍ
وقد نقلت هذا لليضاح كما سبق ،وإل فللإن هللذا التفصلليل
كله يتعلللق بالروايللة الولللى وهللي المنللع .ونللأتي الن إلللى
الرواية الثانية يقول ابن رجب:
"والرواية الثانية :يجوز ذلك بشرط أن يكون مللع الربللوي
من غير جنسه من الطرفين ،أو يكللون مللع أحللدهما ولكللن
المفرد أكثر من الذي معه غيره نص عليه أحمد في روايللة
جماعللة ،جعل لغيللر الجنللس فللي مقابلللة الجنللس ،أو فللي
مقابلة الزيادة ,ومن المتلأخرين كالسللامري ملن يشللترط
فيما إذا كان مع كل واحللد مللن غيللر جنسلله مللن الجللانبين
التساوي جعل لكل جنس في مقابلة جنسه ،وهو أولى من
جعل الجنس في مقابلة غيره ،ل سيما مللع اختلفهمللا فللي
القيمة ،وعلى هذه الرواية فإنمللا يجللوز ذلللك مللا لللم يكللن
حيلة على الربا ،وقللد نللص أحمللد علللى هللذا الشللرط فللي
رواية حرب ول بد منه .وعلى هذه الرواية يكللون التوزيللع
هاهنا للفراد على الفراد ،وعلى الروايللة الولللى هللو مللن
بللاب توزيللع الفللراد علللى الجمللل ،أو توزيللع الجمللل علللى
الجمل"). (11
إذا ً على هذه الرواية ل الجواز ل يكون التوزيع للفراد علللى
الفراد ،أي نجعل غير الجنس في مقابلة الجنللس ،أو فللي
مقابلة الزيادة ،كما تقدم عللن ابللن رجللب ،وإذا اختللل هللذا
المبدأ حرمت المعاملة.
455
وإذا أردنللا أن نطبللق هللذه المقابلللة ،أو التقسلليم ،علللى
مسألتنا فإنه ينتج من ذلك عدم الجواز.
ولبيان ذلك أقول:
طرحت شركة الصحراء أسهمها للكتتاب بقيمة ) (50ريال ً
للسهم الواحد).(12
صرف جزء يسير من هذه ألل ) (50في شللراء أعيللان ،أو و ُ
منافع ولنفرض أنها تشكل %10من قيمة السللهم ،فبقللي
من الموال النقدية 45ريا ً
ل.
ثم ارتفعت قيمة السهم لتصللل إلللى ) (220ريللال ً للسللهم
الواحد.
فإذا أردنا تطبيق مبدأ مد عجوة ودرهم فنقول:
أللل) (45ريللال ً ملن الثملن أي ) (220مقابللل ألللل) (45ملن
المثمن )النقد في الشركة( ويبقى من الثمن 220للل =45
175
فهذا المبلغ المتبقللي مللن الثمللن وهللو ) (175ل يمكللن أن
يكون كله مقابل العيان والمنافع فقط لما يلي:
-هذه العيللان والمنللافع ل يعرفهللا كللثير مللن المسللاهمين
ل ،بل كثير من الناس ل يعرف عن هذه الشركة إل أنها أص ً
ما زالت نقودًا ،وإذا كان المساهمون الذين رفعلوا السلهم
ل يعرفللون فيلله هللذه الحقللوق والمنللافع ،بللل قللد تكللون
معرفتهم بوجود النقد أكثر من معرفتهم بها ،فكيف نجعللل
سبب إرتفاع السهم منحصللرا ً فللي أشللياء ل يعرفونهللا ،أو
معرفتهم بها قليلة.
ل هذه القيمة قد ترتفع أو تنزل في دقلائق ،مملا يلدل أنهلا
قيمة سللوقية للسللهم كللله ،نقللده ،وأعيللانه ،وحقللوقه؛ لن
قيمة هذه العيان والحقوق لن ترتفع في دقائق بمفردهللا،
بل الذي يرتفع هو السهم بكل موجوداته العينية ,والنقدية،
وغيرها ,ول يوجد مطلقا ً ما يدل على أن هذا الرتفاع إنمللا
هو في قيمة العيلان والمنلافع فقلط ,بلل هللذه غايلة فلي
البعد ،عند تصور حقيقة المعاملة.
إذ إن القللول بللأن هللذه السللهم ارتفللع سللعرها نظللرا ً
للموجودات غير النقديللة ,وسللمعت الشللركة ,ونحللو ذلللك,
قول بعيد عن حقيقة ما يقللع فللي أسللواق تللداول السللهم؛
456
فإن المساهمين فللي الغللالب ل يعرفللون شلليئا ً كللثيرا ً عللن
الشركات ،ل سيما الحديثة منها ،إنمللا يتحكللم فللي إرتفللاع
سللعر السللهم أو هبوطهللا مللا يجللري علللى السللهم مللن
مضاربات بين المتداولين ،أو ظهور الشاعات ،أو تحركات
كبار المساهمين ،ونحو هذه السباب.
والمضاربات هي العنصر الهللم فللي إرتفللاع قيللم السللهم,
والمضللاربون يرفعللون قيللم السللهم مللن خلل السللاليب
المتنوعللة فللي العللرض والطلللب ،وذلللك كللله بعيللدا ً عللن
مراعات شئ معين من موجللودات الشللركة مللن الحقللوق
والمنافع والعيان والنقود ،فإذا ارتفللع السللهم فهللو يرتفللع
بكل موجوداته ول يقصد منها شيئا ً معينا ً
ول أدل على ذلللك مللن أن أسللهم بعللض الشللركات ترتفللع
رغم إعلنها الخسارة ووجود انطباع سيء عن أدائهللا عنللد
المساهمين ،وهذا كللله يفللترض أن يللؤدي إلللى تللدني قيللم
الحقوق والموجودات العينية ،ولكن مع ذلك ترتفع أسهمها
بسبب المضاربات السوقية.
ومع ما سبق ما الذي يجعلنا نفترض أن الزيادة فللي قيمللة
السللهم فللي مقابللل تلللك الموجللودات )العيللان والحقللوق
والمنافع( فقط.
وقلد عرفنلا أن هلذا الرتفلاع سلببه الحقيقلي المضلاربات
على السهم ،وهي ل تفللرق بيللن موجللودات الشللركة مللن
النقود ،والحقوق ،والعيان ،وغيرها فهي في الواقع مقابل
السهم برمته نقده وموجوداته.
فالزعم أن سبب الرتفاع هوالموجودات غير النقدية فقط
يخالف الواقع.
وخلصة ما سبق أن هللذا الرتفللاع ل يقابللل هللذه الحقللوق
والمنللافع فقللط ،بللل يقابللل السللهم كللله نقللده وحقللوقه
ومنافعه.
ونخلص من هذا إلى أن جزء من هذا المبلللغ المتبقللي )أي
ألل (175مقابل للنقد الموجود في الشركة بالضللافة إلللى
ألل ) (45الولى من الثمن أي أنلله اشللترى ) (45ريللال ً بللل)
(45وزيادة وهذا هو ربا الفضل.
457
وبهذا يتبين أنه حتى على القول بجلواز مسلألة ملد عجلوة
ودرهم فإنها ل تنطبق على شللركة الصللحراء لعللدم تحقللق
شرط الجواز على ما سبق تفصيله.
هللذا مللا ظهللر لللي فللي هللذه المسللألة واللله تعلالى أعللم
بالصواب.
وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لمزيد من الدراسة حول الموضوع:
)حكم تداول أسهم الشركات التي في مرحلة التأسيس(
) (1وسيأتي مزيد إيضاح لهذه النقطة إن شاء الله.
) (2أي قبل بدء النشاط.
) (3القللوانين الفقهيللة ص ،166مغنللي المحتللاج ،2/28
المغني .6/93
) (4أي كلبيع سليف محللى بفضلة فلإن الفضلة اللتي فلي
السيف ليست مقصودة.
) (5الشرح الكبير مع النصاف .12/79
) (6البنايللة ،7/518المبسللوط ,12/189المغنللي ،6/93
النصاف مع الشرح الكبير .12/79
) (7الشرح الكبير .12/78
) (8مجموع الفتاوى .29/452
) (9هكذا في المطبوعة والمحققة ولعل صوابها) :أجللزاء(
وذكر في المحققة نسخة ) إجزاء ( هكذا.
) (10قواعد ابن رجب .2/478
) (11قواعد ابن رجب .2/480
) (12سلليكون التطللبيق علللى سللهم واحللد ليسللهل فهللم
المسألة وتصورها.
===============
#الغزالي :أعطوا النظرية القتصادية السلمية
الفرصة
حوار /عبد الرحمن أبو عوف 10/9/1425
24/10/2004
أكد الدكتور عبد الحميد الغزالي -أستاذ القتصاد السلمي
بجامعللة القللاهرة -أن الللدول العربيللة والسلللمية جربللت
العديد من النماذج القتصادية مما سبب لهللا الللتراجع عللن
458
الركللب العللالمي ،وطللالب بإعطللاء النمللوذج السلللمي
الفرصة ليثبت نفسه في السللاحة القتصللادية ،السلللمية،
وغيرها من القضايا التي أثيرت في الحوار التالي.
• بوصفك خبيًرا اقتصللادّيا هللل لللك أن توضللح لنللا أسللباب
التخلف القتصادي الذي يعاني منه عالمنا السلمي؟
• إن مجتمعاتنا تعاني من التخلف القتصللادي لبعللدها عللن
تطبيق النموذج السلللمي للقتصللاد والحيللاة؛ فنحللن قمنللا
بتجربة جميع النماذج القتصادية من اشتراكي إلى ليبرالي
حلّر ،وفشللت كلتلا النظريللتين؛ فلمللاذا ل نعطللي النظريلة ُ
السلللمية الفرصللة؟ كمللا أن هللذه النظريللة تقللوم علللى
محورين لحداث التنمية الول :أن تكون هللذه المجتمعللات
حرة ،والثللاني أن تكللون مسللتقلة ومنتجللة .المشللكلة فللي
عالمنا العربي أنه ل يتوفر الشللرطان؛ فالمنللاخ السياسللي
يقوم على القهر السياسي والسللتغلل القتصللادي ،وهمللا
سبب مصيبتنا وتخّلفنا ،ونحن نسللتطيع التغلللب علللى هللذه
المشكلة بتطهير المنللاخ والقيللام بإصلللحات فللي مجللالت
التعليم والتكنولوجيا والنتباه لمصالحنا القتصادية.
تجربة البنوك السلمية
• شهدت بريطانيا مؤخًرا افتتاح بنللك إسلللمي كللبير كيللف
تنظرون إلى هذه التجربة؟
• المصرفية السلمية ُتعللد ظللاهرة قديمللة تقللوم أساس لا ً
علللى تللوفير تمويللل للمشللروعات النمائيللة وفًقللا لصلليغ
الستثمار السلمي البعيدة عن شبهة الربا المحّرم ،وُتعللد ّ
هللذه الظللاهرة جديللدة؛ لنهللا تختلللف جللذرّيا عللن العمللل
المصللرفي الربللوي الحللديث ،وقللد حققللت هللذه التجربللة
الحديثة نسبّيا -أول بنك إسلمي تم إنشاؤه في دبللي عللام
ت ل ينكرهللا إل جاحللد؛ حيللث وصللل عللدد - 1971نجاحللا ٍ
ك ،ومؤسسة نقديللة تعمللل البنوك السلمية إلى ) (300بن ٍ
من خلل شبكة من الفروع تصللل لكللثر مللن ) (500فللرع
يبلغ حجم أعمالها مئات المليارات ،ويتعامللل معهللا ملييللن
العملء ،وليس أدل على النجاح الذي حققته هللذه التجربللة
من قيام البنوك الربوية بفتح شللبابيك للتعامللل السلللمي،
459
وهللذا ليللس إيماًنللا بللالفكرة ،وإنمللا اسللتغلل لجللدواها
القتصادية.
ت مللن جهللات دوليللة تشللهد • ولكن هللل ظهللرت اعترافللا ٌ
بنجاح البنوك السلمية؟
• بالتأكيللد صللدرت تقللارير ودراسللات عللن صللندوق النقللد
والبنللك الللدوليين تشللير إلللى جللدوى العمللل المصللرفي
السلمي ،وتوصية للدول النامية ،ومنها السلللمية بالخللذ،
ولو جزئيا ً بهللذه الصلليغة فللي عمليللة تمويللل التنميللة علللى
كا حقيقّيللا فللي أسللاس أن البنللك السلللمي ُيعللد شللري ً
ت إنمائيللة ،وهللذا مللاالستثمار ،أي يقوم بإنشللاء مشللروعا ٍ
تحتاجه هذه الدول لتنمية اقتصادياتها؛ حيث إن المصللرفية
السلمية ل تتعامللل بالنظللام الربللوي ،وتقللوم علللى نظللام
المشللاركة فللي الربللح والخسللارة ،فالعلقللة بيللن البنللك
السلللمي والمللودعين يحكملله عقللد المضللاربة الشللرعي،
وصلليغ السللتثمار السلللمي الللذي يقللوم علللى العقللود
ت.
الشرعّية التي تتكون من ثلث مجموعا ٍ
المجموعلللة الوللللى :تشلللمل عقلللود الشلللركة ،وعقلللود
المضاربة ،والمجموعة الثانية :الخاصة بالبيوع ،وتشمل بيع
المساومة ،أو المتللاجرة ،والمرابحللة ،والمجموعللة الثالثللة:
هللي عقللود اليجللار التشللغيلية ،والجللارة .وتحكللم علقللة
العملء بالبنك السلمي ضرورة تحمل المخاطرة الكاملللة
ما إل إذا كللان لكل الطرفين أي أن رأس المال ل يكون غان ً
هناك احتمال حللدوث خسللارة ،وثانيهللا أن النقللود فللي حللد
دا؛ إنما تزيد أو تنقللص بللدخولها فللي نشللاط ذاتها ل تلد نقو ً
اقتصادي ،وتحمللل مخللاطر ذلللك ،وثالثهللا أن الربللح وقايللة
لرأس المال لنه إذا خسر ينقص.
• حللديثك يشللير إلللى إيجابيللات أل تللواجه هللذه الظللاهرة
مشكلت تعوق عملها؟
• هناك مشكلت حقيقية تجابه هذه الظللاهرة ،وأهمهللا أن
المصللارف السلللمية نشللأت فللي بيئة ماديللة بمعنللى أن
السوق المصرفية التي نشأت فيها هللذه الظللاهرة تتعامللل
بالربللا المحللرم ،كمللا أن البنللك المركللزي فللي كللثيرٍ مللن
التجارب يطبق عليها قانون النقد والئتمان؛ فيفرض عليها
460
طا ل تتماشى مع طبيعتها؛ مثل سقف الئتمللان رغللم شرو ً
أنها ل تتعامللل بالنظللام الربللوي ،وهنللاك مخللرج مللن هللذه
الزمة هللو سللن قللانون خللاص بالمصللرفية السلللمية كمللا
حدث في تجارب دولة المارات والبحرين واليمن.
والمشكلة الثانية أن هذه الظاهرة تم تطبيقها قبل العداد
الجيد لها؛ حيث نجد أن العاملين في هذه المؤسسللات للم
دا للقيللام بهللذه المهمللة مللن ثللم حللدثت بعللضدوا جي ل ً
يع ل ّ
الخطاء مما يؤكد ضرورة تكثيف التدريب لكافة العللاملين
ضماًنا للتطبيق الصحيح لشروط وضوابط العمل في هللذه
المؤسسات.
• ما رؤيتك لمستقبل العمل المصرفي السلمي؟
• باطمئنللان ظللاهرة المصللرفية السلللمية جللاءت لتبقللى
وتزدهر بمشيئة الله ،ولعل تحول تجارب كاملة إلى العمل
المصللللرفي السلللللمي ،وهللللي التجربللللة الباكسللللتانية
والسلللودانية ،وتحلللول معظلللم المؤسسلللات التحويليلللة
السلللعودية إللللى الظلللاهرة السللللمية ،وازدهارهلللا فلللي
التجربتين الماليزيلة والندونيسلية خيلر شلاهدٍ عللى نجلاح
هذه التجربة.
===============
#القتصاد السلمي والتحديات المعاصرة
د .يوسف بن أحمد القاسم 24/5/1427
20/06/2006
أكللد الللدكتور يوسللف القاسللم السللتاذ المسللاعد بالمعهللد
العللالي للقضللاء أن القضللايا المسللتجدة تحتللاج إلللى تتبللع
واستقراء؛ وذلك لن الحكم على الشيء فرع عن تصوره,
والواقع أن عالم القتصاد ,بل والعالم بأسره ،أصللبح يطللل
علينا يوميا ً بكل جديد.
وقال في حوار لسلميات معاصللرة إن أهللم مللا يجللب أن
يتعلملله المشللتغلين بالسللوق :التفقلله فللي مسللائل الللبيع
والشراء .وأبان أن الختلف بين المفللتين ظللاهرة طبيعيللة
وجدت منذ عصور متقدمة ،ولهللذا ل ينبغللي أن ينتقللد أهللل
العلم في ذلك ،وقد شعر العامة بهذا المأزق بسبب كللثرة
برامج الفتاوى التي تبثها وسائل العلم المختلفة ،وتحدث
461
عن جوانب أخرى تهم المتابع كالجوانب القتصللادية وفيمللا
يلي نص الحوار ..
ما سبب التوجه للكتابة في القتصاد السلمي؟
الحقيقة أن أول اهتمامي للكتابة بهذا الموضوع كللان عللبر
البحث الذي كتبته للترقية قبل أكللثر ملن سللنة ،وعنلوانه "
زكاة السهم المتعثرة " وقد نشر بعد تحكيملله فللي مجلللة
العللدل الفصلللية ،وفللي بعللض المواقللع والمنتللديات ،وقللد
دفعنللي للكتابللة فللي هللذا الموضللوع كللثرة المسللاهمات
المتعثرة الللتي شللهدها بلللدنا -وللسللف -هللذه السللنوات
الخيرة ،وكثرة سؤال الناس عنها ،مما دفعني للكتابة فللي
هذا الموضوع حيث لم أقف علللى أي بحللث أو كتللاب عللن
هذه المسألة النازلللة ،وبعللدما نشللر هللذا البحللث ،هللاتفني
أخي الفاضل الستاذ عبد الحي شاهين الكاتب فللي موقللع
السلللم اليللوم طالبللا ً الكتابللة حللول أي موضللوع يتعلللق
بالسهم ،حيث كان تعلق الناس حينها بالسوق على أشده،
وكانت رغبته تلك مللن أجللل أن ينشللر المقللال فللي مجلللة
السلللم اليللوم ،وكنللت حينهللا أسللمع ببعللض السلللوكيات
الخاطئة في سوق السهم ،فقررت أن يكون المقال حول
هذا الموضوع ،وحيث لم يكللن لللي سللابق خللبرة فللي هللذا
المجال فقد سألت بعض الخللوة المهتميللن بالسللوق عمللا
يدور في الكواليس وفوق الطاولة وتحتهللا ،فللوقفت علللى
تجاوزات يندى لها الجبين ،فكتبت المقال حينها ،ونشر في
المجلة ،وكان عنوانه "قراءة نقدية لواقع المساهمات فللي
السللوق المحلللي" وكللان للله صللدى طيللب فللي أوسللاط
المهتميللن بالسللهم ،حيللث نشللر فللي عللدد مللن المواقللع
والمنتديات ،وقد أشرت في ذلك المقال إلى مللا يقللع فللي
سوق السهم من مخالفات شرعية ،من نجللش ,وتللدليس,
وإشاعات كاذبة ،حتى أصبح من المقولت السائدة "اشللتر
على الشاعة وبع على الخبر!!" وهكذا أصبح السللوق فللي
الحقيقة مجموعة مللن السلللوكيات الخللاطئة ،وزاد الطيللن
بلة تلك المضاربات التي رفعللت بأسللعار بعللض الشللركات
إلللى معللدلت غيللر حقيقيللة ،حللتى نطللق المجللانين قبللل
العقلء ،والبسطاء قبل العلماء ،بأنها قمللار ،وأنهللا سللتهوي
462
بالسوق نحو القاع ،وقد أشرت فللي المقللال النللف الللذكر
إلى هذه الحقيقة ،ومن الطريف حق لا ً أن السللتاذ المحللرر
عبد الحي أضاف إلى هذا المقال شيئا ً من السخونة ،حيث
أعطاه عنوانا ً آخر ،وهو " سوق السهم على شفا انهيللار "
ونشللر فللي المجلللة فللي عللددها الثللامن ،ثللم نشللر علللى
الصفحة الرئيسية لموقع السلم اليوم قبللل النهيللار بأيللام
قليلة ،وكأنه صيحة تحذير للمضاربين في السوق !
463
يفتقد الناس الطللرح الللتربوي القتصللادي لمعالجللة قضللايا
التعامل الساخنة بين المتعاملين في المجال القتصادي.
في الواقع هذا الطرح موجود ،ولكنه بشللكل محللدود جللدًا,
وينبغي تفعيل هذا الطرح ،ليس على المستوى القتصادي
فحسللب ،بللل علللى جميللع المسللتويات ،فمراعللاة الجللانب
التربوي هي من صميم وظيفة النبياء والرسل ،ولهذا نجلد
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قللد أعطللى هللذا الجللانب
حقه مللن الهتمللام ،ففللي مجللال السللوق والللبيع والشللراء
نجده عليه الصلة والسلم يدخل السوق بنفسه ,ويراقللب
وم ما اعوج منها بأسلوبه الحكيم ,ولهلذا سلوك الباعة ,ويق ّ
حين دخل مرة السوق ,ومر على صبرة طعام ،أدخل يللده
فيها ،فنالت أصابعه بلل ،فقال ما هذا يا صاحب الطعللام ؟
فقال :أصابته السماء يا رسول الللله ،فقللال عليلله الصلللة
والسلم :أفل جعلته فوق الطعللام كللي يللراه النللاس؟ مللن
غللش فليللس منللي ،والحللديث فللي صللحيح مسلللم .وفللي
الصللحيحين عنلله صلللى الللله عليلله وسلللم أنلله قللال" :ل
تناجشللوا ،ول تحاسللدوا ،ول تباغضللوا ،ول تللدابروا ،ول يبللع
بعضللكم علللى بيللع بعللض" وفللي صللحيح مسلللم"ول يسللم
الرجللل علللى سللوم أخيلله " فهللذه الحللاديث القوليللة,
والعملية ,كلها تغرس في نفلس المسللم حلس المراقبلة،
وتحمله على الخلق الفاضلة في السوق وخارجها ،ولهللذا
ورث منه أصحابه الكرام هذا السلللوب الللتربوي العملللي,
فكان عمر يمارس هذا السلوب ذاته ،فقللد روي عنلله أنلله
مللل جمللله أكللثر مللن دخللل السللوق مللرة ،فللرأى رجل يح ّ
مللت جملللك مللا ل طاقته ،فقال له عمللر منكللرا ً عليلله" :ح ّ
يطيق!" ومرة دخل السلوق فملر بحلاطب بلن أبلي بلتعلة
وبين يللديه غرارتللان فيهمللا زبيللب ،فسللأله عللن سللعرهما،
دثت بعيللر فسّعر له مدين لكل درهم ،فقال له عمر :قد ح ّ
مقبلة من الطائف تحمل زبيبًا ،وهم يعتبرون سعرك ،فإملا
أن ترفع في السعر ،وإمللا أن تللدخل زبيبللك الللبيت فتللبيعه
كيف شئت .فلما رجع عمر حاسب نفسه ،ثم أتللى حاطبللا ً
في داره ،فقال له :إن الللذي قلللت ليللس بعزمللة منللي ول
قضاء ،إنما هو شليء أردت بله الخيلر لهلل البللد ،فحيلث
464
شئت فبع " وبتأمل هللذا الثللر نجللد عمللر قللد اهتللم بشللأن
السوق حين دخله وقام فيه بجولة ,رغم مكانته رضي الله
عنه ،ثم إن هموم الناس قللد خللالطت شلغاف قلبله ،حيللن
خشي أن يؤدي تخفيض سعر الللبيع إلللى الضللرار بالباعللة،
ولهذا أمر حاطبا ً أن يبيع بسعر السوق ،وبعد أن خرج مللن
السوق لمته نفسه ،وخشي أن يكون قد تدخل فيما ليللس
مللن شللأنه ،فرجللع إلللى السللوق ثانيللة ،وقللال للله مللا قللال
معتذرًا ،وهذا من تواضعه رضللي الللله عنلله ،ثللم صللرح للله
بالبيع كيف شاء ،وترك سعر السوق يخضع لقانون العرض
والطلللب دون تللدخل منلله ،أو مللن غيللره .وممللا روي عنلله
رضي الله عنه أنه رأى مرة رجل ً خلط اللبن بالماء ،ويبيعه
على هذه الصورة ،فأراقه عليه .فهللذه المواقللف ونحوهللا،
تعطي المتعاملين في السوق دروسا ً عمليللة فللي التربيللة،
واستحضار مراقبة الله تعالى في البيع والشللراء ،وتحريللم
إلحاق الذى بالناس ..إللخ ،وهكللذا ينبغللي أن يكلون ورثلة
النبياء ،وهم العلماء ،فينبغي أن يكرسوا الجهد في سللبيل
الدعوة ,والتربية ,والصلح.
يقف المستفتي حللائرا ً فللي أحيللان كللثيرة بسللبب تضللارب
الفتوى ،فكيف يمكن للمستفتي أن يتجاوز هذا المأزق؟
الختلف بين المفتين ظاهرة طبيعيللة وجللدت منللذ عصللور
متقدمة ،ولهذا ل ينبغي أن ينتقد أهل العلم في ذلك ،وقللد
شعر العامة بهذا المأزق بسبب كثرة برامج الفتللاوى الللتي
تبثها وسائل العلم المختلفة ،وهي ظاهرة صحية وليست
مرضية ،ما دام المفتي المستضاف علللى قللدر مللن العلللم
والحكمة ،وقد كتبت مقال ً فللي موقللف العللامي مللن خلف
المفتين -منشللور فللي موقللع السلللم اليللوم -بينللت فيلله
المخللرج مللن هللذا المللأزق بكلم مفصللل ،حاصللله :أن
المستفتي ل يجوز للله أن يتتبللع الراء الشللاذة ول أن يتتبللع
رخص الفقهاء بإجماع أهل العلم كمللا حكللاه الحللافظ ابللن
عبد البر ،وإذا اختلفللت عليلله الفتللوى فالراجللح مللا اختللاره
شلليخ السلللم ابللن تيميللة وهللو أن العللامي يجتهللد حسللب
تمييزه ،ويتقي الله حسب استطاعته ،فإن ترجح للله قللول
أحد المفتين لكونه العلم الورع أخذ بفتواه ،فللإن اسللتويا
465
فللي العلللم والللورع ،أو شللق عليلله معرفللة العلللم منهمللا،
وكانت نفسه تسكن لفتيا أحللدهما ويطمئن لهللا قلبلله دون
فتيللا الخللر ،أخلذ بهللذا المرجللح ،وكلذا للو ترجللح لله قللول
أحدهما لكثرة من أفتى به من أهل العلم.
كيف ترى أهمية دراسة القتصاد والستفادة مما فيلله مللن
إيجابيلللات ،وهلللل هنلللاك أخطلللاء يتلللم تصلللديرها للعلللالم
السلمي؟
أرى أن هذا من الهميللة بمكللان؛ إذ ل ينبغللي أن نبللدأ مللن
حيث بدأ غيرنا ،وإنما نبدأ من حيث انتهللوا ،وهللذا يعنللي أن
نستفيد مما لديهم من حسللنات وإيجابيللات ،ل أن نسللتورد
مللا عنللدهم بعجللره وبجللره ،بمعنللى أن نؤسللس اقتصللادا ً
إسلللميا مسللتقل ً ل تابعللًا ،مللع السللتفادة مللن الخللبرات
والتجللارب الخللرى ,ل أن نقللوم بعمليللة ترقيللع للقتصللاد
الشللرقي أو الغربللي ،مللع الحتفللاظ بالسللس الللتي تقللوم
عليها تلللك النظمللة ،فيصللبح التعللديل فللي الشللكل ل فللي
المضللمون ،والنتيجللة اقتصللاد مسللخ ،كمللا هللو الحللال فللي
برامج الطفال الكرتونية التي تستورد من هنا وهنللاك ،ثللم
يجللرى عليهللا بعللض اللمسللات السلللمية الللتي ل تغيللر
المضمون ،وهكذا نعتمد علللى عقللول الخريللن ،ونسللتغني
عن عقولنللا وإبللداعاتنا ،ونكللون عالللة علللى غيرنللا ،ونبقللى
متخلفين في ركب العالم الثالث.
وبالنسبة إلى الشق الثاني مللن السللؤال ،فللإنه ل شللك أن
هناك أخطاء كثيرة تم تصديرها لعالمنا السلمي بقصللد أو
بغير قصد ،ومن أبرزها هذا الربا الللذي يمارسلله عللدد مللن
البنللوك فللي بلدنللا السلللمية ،مللع كللونه كللبيرة مللن أكللبر
الكبائر ،والغريب أنه بدأت تظهر هنللاك فللي الغللرب بعللض
النداءات المطالبة بإلغاء الربا؛ لنه لن الواقع أثبت فشللله
أمام التعللاملت المصللرفية السلللمية ،وأنهللا أكللثر جللدوى
ربحية منلله ،وقللد نشللر فللي جريللدتكم القتصللادية خللبر أو
تقرير عللن هللذا الموضللوع ،وأنلله قللامت بعللض المصللارف
الوروبية بافتتاح فروع إسلمية في بلدهللا لمللا ثبللت لللديها
من الجدوى القتصادية لهذه المصارف ،ومع هذا كله نجللد
من بني جلدتنا من يأكل الربا بكلتا يديه ،ويؤكل غيره ،بللل
466
ويحللرم كللثيرا ً مللن أبنللاء الللوطن مللن الللدخول فللي بعللض
الشركات المسللاهمة؛ لنلله أبللى إل أن يأكللل الربللا ويللدعو
الناس معه على مائدته!!
ومن الخطاء التي تم تصديرها إلللى بلدنللا السلللمية هللذا
النظام الغربي لسوق السهم ,الللذي ضللحاياه اليللوم أكللثر
من مليوني شخص مابين قتيل وجريح ! وهذه الضحايا كما
تهاوت في سوقنا ،فقللد تهللاوت قبللل فللي نيويللورك ،وفللي
الكويت ،وفي دول جنوب شرق آسلليا ،وغيرهللا ،ول عجللب
مما حل في سوقنا إذا علمنا أن هذه الصالت تللدعى فللي
بعض البلد الغربية بصالت القمار ،ومللا حللرم الللله تعللالى
الرحيم بعباده على خلقه شلليئا ً إل لمللا يشللتمل عليلله مللن
ضرر في العاجل والجل ،ولو لم يكن فيه من ضرر إل أنله
أدى إلى ركود اقتصادي في البلد ،بل أدى إلللى نقيللض مللا
أسست الشركات من أجلله وهللو السللتثمار ،حلتى قللامت
بعض الشركات باستثمار 60في المائة من السيولة الللتي
لللديها فللي هللذه السللوق الللتي تلقللف مللا صللنعوا ،ولهللذا
فللالواجب أن نسللتلهم الللدروس والعللبر ممللا يمللر بنللا مللن
أزمات ،حتى ل نلدغ من جحر واحد مرتين ،أو أكثر!! ومن
الخطأ أن نعتقد أن هذا النظام القائم هو قدرنا الذي يجب
علينللا أن نختللاره ،فنلللزم أنفسللنا بتجربللة أو تجللارب أثبللت
الواقع فشلها ،فكم سمعنا في وسائل العلم المختلفة أن
هللذه السللوق قويللة واقتصللادنا واعللد ،فل يمكللن أن تنهللار
السللوق ،وخللالف الواقللع كللل هللذه القناعللات! وانهللارت
السوق بين عشية وضحاها .والواقع أنه ل غرابللة مللن هللذا
ل :للللو أن مجموعلللة ملللن النهيلللار ،ولضلللرب للللذلك مث ً
المضاربين اجتمعوا علللى سلليارة أجللرة قديمللة مسللتعملة
أكل عليها الدهر وشرب وتقيأ ،وليس للناس رغبة للركوب
فيها ،فهي ل تدر على صاحبها ربحا ً يللذكر ،بللل ربمللا ينفللق
عليها أكثر مما يأخذ منها ،كما هلو ظلاهر ملن حالهلا ،وملع
هذا كله أخللذ هللؤلء المضللاربون يبيعونهللا ويشللترونها فللي
اليوم أكثر من ألف مرة ،وبأسعار ل تتفق مع الواقع ،وهي
واقفة ل تراوح مكانها ! وسللبب هللذا الغلء لهللذه السلليارة
المهترئة ،أن المشترين كثر ،فمهما اشللتريتها بسللعر غللال
467
فستجد من يشتريها منك ،وهي واقفة ل تتحرك ،فهل هللذا
بيلع أسلس عللى تقلوى ملن اللله ورضلوان ،أم هلو قملار
أسس على شفا جرف هار ،فانهار به ،وهكذا السهم حين
هوت بأصحابها ،حيث كانت المضاربات تتم علللى شللركات
تراوح مكانها ،والمضاربون يساومون عليها وهي تغط فللي
نوم عميق!!
هناك بعض الراء لكم تشير إلى تشابه السهم مع القمار،
هل بنيت ذلك على أسس معينة؟
ل :بأن هذا الللرأي سللبقني فيلله غيللري مللن أحب أن أنبه أو ً
أهل العلم ،ممللن هللم مللن مشللايخي وأسللاتذتي فللي هللذا
المجال ،وما أنا إل تلميذ صلغير ملن تلملذتهم ،ومللن أبللرز
هؤلء العلماء :الدكتور الصديق محمد المين الضللرير وهللو
عضو في مجمع الفقه السلمي ،والدكتور صالح الفللوزان
عضو هيئة كبار العلماء ،والشيخ عبللد القللادر شلليبة الحمللد
المدرس بالمسجد النبلوي ،وكلذا الشليخ عبلد اللله المنيلع
عضو هيئة كبار العلماء الذي أشكره حقيقة على شللجاعته
حيللن أعلللن هللذا الللرأي ،وأراه اقتنللع بلله أخيللرا ً حيللن رأى
وسمع هذه الثللار المللدمرة للنسللان والقتصللاد علللى حللد
سواء ،حتى أصبح البعض منا عالة يتكففون الناس!
وأما بالنسللبة إلللى الدلللة الللتي اسللتندت إليهللا ،فهللي فللي
مقالي الذي نشر في جريللدتكم المللوقرة ،كمللا نشللر فللي
بعللض المواقللع والمنتللديات ،وعنللوانه "المتللاجرة بالسللهم
مضاربة أم مقامرة ؟" فأحيل إليلله القللارئ الكريللم ،ففيلله
إجابة عن هذا التساؤل.
ظهرت لبعض العلماء أقوال ودعوات بخصوص الرغبة في
انتهاء معاملت السهم إلى البد ،ما رأيكم في ذلك؟
فللي الحقيقللة ل أؤيللد هللذا القللول إطلقللا؛ لن الشللركات
القائمللة علللى أسلللوب السللتثمار أثبتللت جللدواها ،وكللانت
داعم لا ً اقتصللاديا ً قوي لا ً للبلللد ،هللذا بالنسللبة إلللى أسلللوب
الستثمار .أما بالنسبة إلى أسلوب المضاربة ،فهو بأسلوبه
الحاضر قائم على مفهوم القمار ,وينبغي إعادة هيكلته بما
يجنب الناس الحرام والوقوع في شرك النهيار والفلس،
ولدينا ولله الحمد من الطاقات والخبرات ،مللا هللي كفيلللة
468
بإذن الله بوضع السس السللليمة لللذلك وقللد قللرأت لحللد
الخبراء في هذا المجال وهو الفقيه القتصللادي )د .محمللد
الشللباني( اقتراحلا ً جيللدا ً لسلللوب المضللاربة يسللاهم فللي
تنشيط الستثمار ،ويضع حللدا ً للمضللاربات سلليئة الصلليت،
ل :بأن يتم تحديد سعر السهم على أساس القيمة وذلك أو ً
الدفتريلة للسلهم مضلافا ً إليهلا نسلبة مئويلة عللى القيملة
الدفترية للسهم ،وتحدد هذه النسبة وفقا ً لمؤشرات ربحية
الشركة في الماضي والمستقبل ،وتتغير هذه النسللبة كللل
أربعة أشهر وفقا ً للبيانات والمعلومات عن الشركة نفسها
وعن القطاع القتصادي الللذي تنتمللي إليلله هللذه الشللركة،
وتتولى هيئة السوق المالية تحديد هذه النسللبة .وثاني لًا :أن
يتم تحديد مدة زمنية بين حركة البيع والشراء ،بحيث يمنع
بيع السهم إل بعد مرور هذه الفترة؛ لمنع حمى المضللاربة
فللي السللهم ،ومللن أجللل العمللل علللى اسللتقرار السللوق
المالية ،وقد أشرت إلى هذا كله في المقال الموسللوم بللل
"سوق المال وصورة طبق الصل".
عللودة بعللض المهتميللن بالقتصللاد فللي الغللرب وخصوص لا ً
المصارف إلى الستفادة من النظام السلللمي ،إلم تعللزو
ذلك ؟
أعزوه إلى عدة أسباب ،منها:
أو ً
ل :النجلللاح اللللذي حققللله علللدد كلللبير ملللن المصلللارف
السللللمية ،وثبلللوت الجلللدوى القتصلللادية لمعاملتهلللا
المصرفية ،وأنها أكثر جدوى من المعاملت الربوية.
الثللاني :رغبللة كللثير مللن الجاليللات المسلللمة هنللاك فللي
المعاملت المصرفية السلللمية ،وقللد حقللق هللذه الرغبللة
بعض البنوك ،مما اضطر بنوكا ً أخرى إلى الدخول في هللذا
المشروع السلللمي الكللبير نللزول ً عنللد رغبللة عملئهللا ،ول
سيما وقد أثبتت جدواها الربحي.
==============
#حول العملة الورقية
مجمع الفقه السلمي المنبثق عن رابطة العالم السلمي
15/10/1425
28/11/2004
469
حول العملة الورقية:
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
سيدنا ونبينا محمد .أما بعد :فإن مجلس المجمللع الفقهللي
السلمي قد اطلع على البحث المقدم إليلله فللي موضللوع
العملللة الورقيللة ،وأحكامهللا مللن الناحيللة الشللرعية ،وبعللد
المناقشة والمداولة بين أعضائه قرر ما يلي:
ل :أنه بناء على أن الصل في النقد هو الذهب والفضللة، أو ً
وبناء على أن علة جريان الربا فيهمللا هللي مطلللق الثمنيللة
في أصح القوال عند فقهاء الشللريعة .وبمللا أن الثمنيللة ل
تقتصللر عنللد الفقهللاء علللى الللذهب والفضللة ،وإن كللان
معدنهما هو الصل .وبما أن العملللة الورقيللة قللد أصللبحت
ثمًنا ،وقامت مقام الذهب والفضة فللي التعامللل بهللا ،وبهللا
م الشياء فللي هللذا العصللر ،لختفللاء التعامللل بالللذهب ت َُقوّ ُ
والفضللة ،وتطمئن النفللوس بتمولهللا وادخارهللا ،ويحصللل
الوفاء والبراء العام بها ،رغم أن قيمتها ليست فللي ذاتهللا،
وإنما في أمر خارج عنها ،وهو حصول الثقللة بهللا ،كوسلليط
في التداول والتبادل ،وذلك هو سر مناطها بالثمنية .وحيث
إن التحقيق في علة جريان الربا في الللذهب والفضللة هللو
مطلق الثمنية ،وهي متحققللة فللي العمللة الورقيللة ،لللذلك
كله ،فللإن مجلللس المجمللع الفقهللي السلللمي ،يقللرر :أن
العملللة الورقيللة نقللد قللائم بللذاته ،للله حكللم النقللدين مللن
الذهب والفضة ،فتجب الزكللاة فيهللا ،ويجللري الربللا عليهللا
ة ،كمللا يجللري ذلللك فللي النقللدين مللن بنوعيه ،فضل ً ونسيئ ً
ما ،باعتبار الثمنية فللي العملللة الورقيللة الذهب والفضة تما ً
سا عليهما ،وبذلك تأخذ العملللة الورقيللة أحكللام النقللود قيا ً
في كل اللتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.
ما بللذاته ،كقيللام النقديللة
دا قائ ً
ثانًيا :يعتبر الورق النقدي نق ً
في الذهب والفضة وغيرهما من الثمان ،كما يعتبر الللورق
سا مختلفة ،تتعللدد بتعللدد جهللات الصللدار فللي النقدي أجنا ً
البلللدان المختلفللة ،بمعنللى أن الللورق النقللدي السللعودي
جنلس ،وأن اللورق النقلدي المريكلي جنلس .وهكلذا كلل
عملة ورقية جنس مستقل بذاته ،وبذلك يجري فيهللا الربللا
ة ،كما يجري الربا بنوعيه فللي النقللدين بنوعيه فضل ً ونسيئ ً
470
الذهب والفضة وفي غيرهما من الثمان .وهذا كله يقتضي
ما يلي:
)أ( ل يجوز بيع الورق النقدي بعضلله ببعللض ،أو بغيللره مللن
الجناس النقدية الخللرى ،مللن ذهللب أو فضللة أو غيرهمللا،
نسيئة مطلًقا .فل يجوز مثل ً بيع ريال سعودي بعملة أخرى
متفاضل ً نسيئة بدون تقابض.
)ب( ل يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقيللة بعضلله
دا بيد ،فل يجللوز ل ،سواء كان ذلك نسيئة أو ي ً ببعض متفاض ً
مثل ً بيع عشللرة ريلالت سلعودية ورقًللا ،بأحلد عشللر ريلال ً
سعودية ورًقا ،نسيئة أو ي ً
دا بيد.
)ج( يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلًقللا ،إذا كللان
دا بيد ،فيجوز بيع الليرة السللورية أو اللبنانيللة بريللال ذلك ي ً
سعودي ورًقا كان أو فضة ،أو أقل من ذلك ،أو أكثر .وبيللع
الدولر المريكي بثلثة ريالت سعودية ،أو أقل مللن ذلللك،
دا بيد ،ومثللل ذلللك فللي الجللواز بيللع أو أكثر ،إذا كان ذلك ي ً
الريال السللعودي الفضللة بثلثللة ريللالت سللعودية ورق ،أو
دا بيد؛ لن ذلك يعتبر بيع جنس بغير أقل من ذلك أو أكثر ي ً
جنسه ،ل أثر لمجرد الشتراك في السم مع الختلف في
الحقيقة.
ثالًثا :وجوب زكاة الوراق النقدية ،إذا بلغللت قيمتهللا أدنللى
النصابين من ذهب أو فضللة ،أو كللانت تكمللل النصللاب مللع
غيرها من الثمان والعروض المعدة للتجارة.
رابًعللا :جللواز جعللل الوراق النقديللة رأس مللال فللي بيللع
السلم ،والشركات .والللله أعلللم .وبللالله التوفيللق .وصلللى
الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
=============
#بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف
إذا كان في بعض معاملتها ربا
مجمع الفقه السلمي المنبثق عن رابطة العالم السلمي
16/10/1425
29/11/2004
بشأن حكم شراء أسهم الشركات والمصارف إذا كان في
بعض معاملتها ربا:
471
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..أما بعد :فللإن
مجللللس المجملللع الفقهلللي السللللمي ،برابطلللة العلللالم
السلللمي ،فللي دورتلله الرابعللة عشللرة المنعقللدة بمكللة
المكرمللة ،والللتي بللدأت يللوم السللبت 20مللن شللعبان
1415هل 21/1/1995-م؛ قد نظر في هذا الموضوع وقرر
ما يلي:
-1بمللا أن الصللل فللي المعللاملت الحللل والباحللة فللإن
تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحللة أمللر
عا.
جائز شر ً
-2ل خلف فللي حرمللة السللهام فللي شللركات غرضللها
الساسي محرم ،كالتعامل بالربللا أو تصللنيع المحرمللات أو
المتاجرة فيها.
-3ل يجوز لمسلم شراء أسهم الشللركات والمصللارف إذا
ما بذلك.كان في بعض معاملتها ربا ،وكان المشتري عال ً
-4إذا اشللترى شللخص وهللو ل يعلللم أن الشللركة تتعامللل
بالربا ،ثم علم فالواجب عليه الخروج منها.
والتحريم في ذلك واضح ،لعموم الدلة من الكتاب والسنة
في تحريم الربا ،ولن شراء أسهم الشركات التي تتعامللل
بالربا مع علم المشللتري بللذلك ،يعنللي اشللتراك المشللتري
نفسه في التعامل بالربا ،لن السهم يمثل جزًءا شائًعا من
رأس مللال الشللركة ،والمسللاهم يمللك حصلة شلائعة فللي
موجودات الشركة ،فكل مال تقرضلله الشللركة بفللائدة ،أو
تقترضللله بفلللائدة ،فللمسلللاهم نصللليب منللله ،لن اللللذين
يباشرون القراض والقتراض بالفائدة يقومون بهذا العمل
نيابة عنه ،والتوكيل بعمل المحرم ل يجوز.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلللى آللله وصللحبه ،وسلللم
ما كثيًرا .والحمد لله رب العالمين.
تسلي ً
===============
#بشأن موضوع بيع الدين
مجمع الفقه السلمي المنبثق عن رابطة العالم السلمي
16/10/1425
29/11/2004
472
بشأن موضوع بيع الدين:
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
أما بعد :فإن مجلس المجمع الفقهي السلمي في دورتلله
السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ،في المللدة مللن
26/10/1422-21هل الذي يللوافقه10/1/2002-5 :م ،قللد
نظر في موضوع) :بيلع اللدين( .وبعلد اسلتعراض البحلوث
التي قدمت ،والمناقشات المستفيضة حول الموضوع ،وما
تقرر في فقلله المعللاملت مللن أن الللبيع فللي أصللله حلل،
َ
م الّربا(]البقرة.[275 : ه ال ْب َي ْعَ وَ َ
حّر َ ل الل ّ ُح ّلقوله تعالى) :وَأ َ
ولكن البيع له أركان وشروط لبد من تحقق وجودها ،فللإذا
تحققللت الركللان والشللروط وانتفللت الموانللع كللان الللبيع
حا ،وقد اتضح من البحوث المقدمة أن بيللع الللدين للله صحي ً
صور عديدة؛ منها ما هو جائز ،ومنها ما هو ممنوع ،ويجمللع
الصور الممنوعة وجود أحد نوعي الربا :ربللا الفضللل ،وربللا
ما ،مثل بيلع اللدين الربلوي بجنسله ،أو الّنساء ،في صورة ّ
وجود الغرر الذي يفسد البيع؛ كما إذا ترتب على بيع الدين
عدم القدرة على التسليم ونحوه؛ لنهيلله صلللى الللله عليلله
وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ .وهنللاك تطبيقللات معاصللرة
في مجال الديون تتعامل بها بعض المصارف والمؤسسات
المالية ،بعض منها ل يجوز التعامل به؛ لمخالفته للشللروط
والضوابط الشرعية الواجبة في البيوع.
وبناء على ذلك قرر المجمع ما يلي:
ل :من صور بيع الدين الجائزة :بيع الدين للمللدين نفسلله أو ً
ل؛ لن شرط التسليم متحقللق؛ حيللث إن مللا فللي حا ّ
بثمن َ
ما ،فانتفي المانع من بيع الدين ،الذي هو ذمته مقبوض حك ً
عدم القدرة على التسليم.
ثانًيا :من صور بيع الدين غير الجائزة:
أ -بيع الدين للمدين بثمن مؤجلل أكللثر ملن مقلدار الللدين؛
عا ،وهللو مللا
لنه صورة من صللور الربللا ،وهللو ممنللوع شللر ً
يطلق عليه )جدولة الدين(.
ب -بيع الدين لغير المدين بثمن مؤجل من جنسله ،أو ملن
غير جنسه؛ لنها من صور بيع الكللالئ بالكللالئ ) أي الللدين
عا. بالدين ( الممنوع شر ً
473
ثالًثا :بعض التطبيقات المعاصرة في التصرف في الديون:
أ -ل يجوز حسللم الوراق التجاريللة ) الشلليكات ،السللندات
الذنية ،الكمبيالت (؛ لما فيه من بيللع الللدين لغيللر المللدين
على وجه يشتمل على الربا.
ب -ل يجوز التعامل بالسندات الربويللة إصللداًرا ،أو تللداو ً
ل،
أو بيًعا؛ لشتمالها على الفوائد الربوية.
ج -ل يجللوز توريللق )تصللكيك( الللديون بحيللث تكللون قابلللة
للتداول في سوق ثانويللة؛ لنلله فللي معنللى حسللم الوراق
التجارية المشار لحكمه في الفقرة)أ(.
رابعًللا :يللرى المجمللع أن البللديل الشللرعي لحسللم الوراق
التجاريللة ،وبيللع السللندات ،هللو بيعهللا بللالعروض )السلللع(
شريطة تسلم البائع إياها عند العقد ،ولو كان ثمن السلعة
عا مللنأقل من قيمللة الورقللة التجاريللة؛ لنلله ل مللانع شللر ً
شراء الشخص سلعة بثمن مؤجل أكثر من ثمنها الحالي.
سللا :يوصللي المجمللع بإعللداد دراسللة عللن طبيعللة خام ً
موجودات المؤسسات المالية السلمية ،من حيللث نسللبة
الديون فيها ،وما يللترتب علللى ذللك ملن جلواز التلداول أو
عدمه.
والله ولي التوفيق .وصلى الله على نبينا محمد.
=============
#بشأن حكم بيع التوّرق
مجمع الفقه السلمي المنبثق عن رابطة العالم السلمي
16/10/1425
29/11/2004
بشأن حكم بيع التوّرق:
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه ،أما بعد :فإن مجلس
المجمع الفقهي السلمي ،برابطة العللالم السلللمي ،فللي
دورته الخامسللة عشللرة المنعقللدة بمكللة المكرمللة ،الللتي
بللللدأت يللللوم السللللبت 11رجللللب 1419هللللل الموافللللق
31/10/1998م قد نظر فللي موضللوع حكللم بيللع التللوّرق.
وبعد التداول والمناقشة ،والرجللوع إلللى الدلللة ،والقواعللد
474
الشرعية ،وكلم العلماء في هذه المسللألة قللرر المجلللس
ما يلي:
ل :أن بيللع التللوّرق :هللو شللراء سلللعة فللي حللوزة البللائع أو ً
وملكه ،بثمن مؤجل ،ثم يبيعها المشتري بنقد لغيللر البللائع،
للحصول على النقد )الورق(.
عا ،وبلله قللال جمهللورثانًيا :أن بيللع التللورق هللذا جللائز شللر ً
العلماء ،لن الصل في البيوع الباحة ،لقللول الللله تعللالى:
َ
م الّربللا(]البقللرة .[275 :ولللم يظهللر ه ال ْب َي ْعَ وَ َ
حّر َ ل الل ّ ُ
ح ّ )وَأ َ
دا ول صللورة ،ولن الحاجللة داعيللة في هذا البيع رًبا ل قص ل ً
إلى ذلك لقضاء دين ،أو زواج أو غيرهما.
ثالًثا :جواز هذا البيع مشروط بللأل ّ يللبيع المشللتري السلللعة
بثمن أقل مما اشتراها به على بائعها الول ،ل مباشرة ول
بالواسطة ،فإن فعل فقللد وقعللا فللي بيللع العينللة ،المحلّرم
ما.
دا محر ً
عا ،لشتماله على حيلة الربا فصار عق ً شر ً
رابًعلا :إن المجلللس -وهللو يقللرر ذلللك -يوصلي المسللمين
بالعمل بما شرعه الله سبحانه لعباده من القرض الحسللن
من طيب أموالهم ،طيبة به نفوسهم ،ابتغاء مرضللاة الللله،
ن ول أذى ،وهو من أجل أنواع النفاق في سبيل ل يتبعه م ّ
الله تعالى ،لما فيه من التعاون والتعاطف ،والللتراحم بيللن
المسلمين ،وتفريج كرباتهم ،وسد حاجاتهم ،وإنقاذهم مللن
الثقال باللديون ،والوقلوع فلي المعلاملت المحرملة ،وإن
النصوص الشرعية فللي ثللواب القللراض الحسللن ،والحللث
عليه كثيرة ل تخفى ،كما يتعين عللى المسلتقرض التحللي
بالوفاء ،وحسن القضاء وعدم المماطلة.
وصلى الله على سلليدنا محمللد ،وعلللى آللله وصللحبه سلللم
ما كثيًرا .والحمد لله رب العالمين. تسلي ً
==============
#حكم التعامل المصرفي بالفوائد
وحكم التعامل بالمصارف السلمية
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع – ع ،2ج /2ص 735و 813
475
إن مجلس مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة
المؤتمر السلمي في دورة انعقللاد مللؤتمره الثللاني بجللدة
من 16-10ربيللع الخللر 1406هلل 28– 22/كللانون الول
)ديسمبر ( 1985م .
بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي
المعاصر ،
وبعد التأمل فيما قدم ومناقشللته مناقشللة مركللزة أبللرزت
الثار السيئة لهذا التعامل على النظام القتصادي العالمي
،وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث ،
وبعللد التأمللل فيمللا ج لَره هللذا النظللام مللن خللراب نتيجللة
إعراضه عما جاء في كتللاب الللله مللن تحريللم الربللا جزئيلا ً
وكليا ً واضحا ً بدعوته إلى التوبة منه ،وإلى القتصللاد علللى
استعادة رؤوس أموال القروض دون زيادة ول نقصان قللل
أو كثر ،وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله
للمرابين ،
قرر ما يلي :
أول ً :أن كل زيادة أو فللائدة علللى الللدين الللذي حللل أجللله
وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله ،وكذلك الزيادة
أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد .هاتان الصللورتان
ربا محرم شرعا ً .
ثانيا ً :أن البديل الذي يضمن السيولة الماليللة والمسللاعدة
علللى النشللاط القتصللادي حسللب الصللورة الللتي يرتضلليها
السلم هو التعامل وفقا ً للحكام الشرعية .
ثالثا ً :قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات السلمية
،والتمكين لقامتهللا فللي كللل بلللد إسلللمي لتغطللي حاجللة
المسلمين كي ل يعيش المسلللم فللي تنللاقض بيللن واقعلله
ومقتضيات عقيدته .
والله أعلم
=============
#أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 19/10/1425
02/12/2004
476
مجلة المجمع – ع ،3ج /3ص 1650والعدد الخامس ج 3
ص 1609
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الردنيللة الهاشللمية
مللن 13-8صللفر 1407هللل 16 – 11/تشللرين الول
)أكتوبر ( 1986م .
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
موضوع أحكام النقود الورقية وتغير قيمة العملة،
قرر ما يلي :
أول ً :بخصوص أحكام العملت الورقية :أنها نقود اعتبارية
فيها صفة الثمنية كاملة ،ولها الحكللام الشللرعية المقللررة
للذهب والفضة من حيللث أحكللام الربللا والزكللاة ،والسلللم
وسائر أحكامهما .
ثانيا ً :بخصوص تغير قيمة العملة :تأجيل النظر فللي هللذه
المسللألة حللتى تسللتوفى دراسللة كللل جوانبهللا لتنظللر فللي
الدورة الرابعة لمجلس .
والله أعلم
============-
#استفسارات البنك السلمي للتنمية
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع – ع ،2ج /2ص 527والعدد الثالث ج 1ص
77
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الردنيللة الهاشللمية
مللن 13-8صللفر 1407هللل 16 – 11/تشللرين الول
)أكتوبر ( 1986م .
بعلللد دراسلللة مستفيضلللة ومناقشلللات واسلللعة لجميلللع
الستفسارات التي تقدم بها البنك إلى المجمع،
قرر ما يلي :
)أ( بخصوص أجور خدمات القروض فللي البنللك السلللمي
للتنمية :
477
أول ً :يجوز أخذ أجور عن خدمات القروض على أن يكللون
ذلك في حدود النفقات الفعلية .
ثانيا ً :كل زيادة على الخدمات الفعليللة محرمللة لنهللا مللن
الربا المحرم شرعا ً .
)ب( بخصوص عمليات اليجار :
أول ً :إن الوعلللد ملللن البنلللك السللللمي للتنميلللة بإيجلللار
المعدات إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا ً
.
ثانيا ً :إن توكيل البنك السلمي للتنمية أحد عملئه بشراء
ما يحتاجه ذلك العميل من معدات وآليات ونحوها مما هللو
محللدد الوصللاف والثمللن لحسللاب البنللك بغيللة أن يللؤجره
البنك تلك الشياء بعد حيازة الوكيل لها ،هو توكيل مقبللول
شرعًا ،والفضللل أن يكللون الوكيللل بالشللراء غيللر العميللل
المذكور إذا تيسر ذلك .
ثالثا ً :إن عقد اليجار يجب أن يتللم بعللد التملللك الحقيقللي
للمعدات وأن يبرم بعقد منفصل عن عقد الوكالة والوعد .
رابعا ً :إن الوعد بهبة المعدات عند انتهاء أمد الجارة جائز
بعقد منفصل .
خامسا ً :إن تبعة الهلك والعيوب تكون على البنك بصللفته
مالكللا ً للمعللدات مللا لللم يكللن ذلللك بتعللد أو تقصللير مللن
المستأجر فتكون التبعة عندئذ عليه .
سادس لا ً :إن نفقللات التللأمين لللدى الشللركات السلللمية،
-كلما أمكن ذلك -يتحملها البنك .
)ج( بخصوص عمليات البيع بالجل مع تقسيط الثمن :
أول ً :إن الوعد من البنك السلمي للتنمية بللبيع المعللدات
إلى العميل بعد تملك البنك لها أمر مقبول شرعا ً .
ثانيا ً :إن توكيل البنك أحد عملئه بشراء مللا يحتللاجه ذلللك
العميل من معدات وآليات ونحوها مما هو محدد الوصاف
والثمن لحساب البنك ،بغية أن يبيعه البنك تلك الشياء بعد
وصولها وحصولها في يد الوكيل ،هو توكيل مقبول شللرعًا،
والفضل أن يكون الوكيل بالشراء غير العميل المذكور إذا
تيسر ذلك .
478
ثالثا ً :إن عقللد الللبيع يجللب أن يتللم بعللد التملللك الحقيقللي
للمعدات والقبض لها ،وأن يبرم بعقد منفصل .
)د( بخصوص عمليات تمويل التجارة الخارجية :
ينطبق على هذه العمليات المبادئ المطبقة على عمليللات
البيع بالجل مع تقسيط الثمن .
)هل( بخصللوص التصللرف فللي فللوائد الللودائع الللتي يضللطر
البنك السلمي للتنمية ليداعها في المصارف الجنبية :
يحرم على البنك أن يحمي القيمللة الحقيقيللة لمللواله مللن
آثار تذبذب العملت بواسطة الفوائد المنجرة من إيداعاته
.ولذا يجب أن تصرف تلك الفوائد في أغراض النفع العام
كالتللدريب والبحللوث ،وتللوفير وسللائل الغاثللة ،وتللوفير
المسللاعدات الماليللة للللدول العضللاء وتقللديم المسللاعدة
الفنيلللة لهلللا ،وكلللذلك للمؤسسلللات العلميلللة والمعاهلللد
والمدارس وما يتصل بنشر المعرفة السلمية .
والله أعلم
================
#المشاركة في أسهم الشركات المساهمة
المتعاملة بالربا
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع )ع ،6ج 2ص 1273وع 7ج 1ص 73وع
9ج 2ص (5
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره الثامن ببندر سلليري بيجللوان ،برونللاي دار السلللم
مللن 7 -1محللرم 1414هل ل الموافللق 27 -21حزيللران
)يونيو( 1993م،
بعد اطلعه على توصيات الندوة القتصللادية الللتي عقللدتها
المانللة العامللة للمجمللع فللي جللدة بالتعللاون مللع المعهللد
السلمي للبحوث والتدريب بالبنك السلمي للتنمية حللول
حكم المشاركة في أسهم الشركات المساهمة المتعاملللة
بالربا ،والبحاث المعدة في تلك الندوة،
479
ونظللرا ً لهميللة هللذا الموضللوع وضللرورة اسللتكمال جميللع
جوانبه وتغطية كل تفصيلته والتعرف إلى جميع الراء فيه
،
قرر ما يلي :
أن تقللوم المانللة العامللة للمجمللع باسللتكتاب المزيللد مللن
البحوث فيه ليتمكن المجمللع مللن اتخللاذ القللرار المناسللب
في دورة قادمة .والله الموفق.
=============
#بطاقة الئتمان
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 19/10/1425
02/12/2004
مجلة المجمع )ع ،8ج 2ص 571وع 10ج ص (
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره العاشر بجدة في المملكة العربية السعودية خلل
الفترة من 28-23صفر 1418هل الموافق – 28حزيللران
)يونيو( 3 -تموز )يوليو( 1997م،
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
موضوع بطاقة الئتمان ،واستماعه للمناقشات التي دارت
حول الموضوع من الفقهاء والقتصاديين،
قرر ما يلي :
أ -تكليف المانة العامة إجراء مسح ميداني لجميللع نمللاذج
الشروط والتفاقيات للبطاقات التي تصدرها البنوك .
ب – تشكيل لجنة تقللوم بدراسللة صلليغ البطاقللات لتحديللد
خصائصها وفروقها وضبط التكييفات الشللرعية لهللا ،وذلللك
بعد توفير المصادر العربية والجنبية عن أنواع البطاقات .
ج – عقللد حلقللة بحللث لمناقشللة الموضللوع فللي ضللوء
التحضيرات السابقة وإعللداد نتللائج متكاملللة عنلله لعرضللها
على الدورة القادمة .
ويوصي بما يلي :
أ -ضللرورة إعللادة صللياغة المصللطلحات القتصللادية ذات
العلقة والبعاد الشرعية فيما يتعلللق بالمعللاملت الجللائزة
والمحرمة بما يناسب حقيقتها ،ويكشف عن ماهيتها .
480
وإيثار ما لله وجلود فلي المصلطلح الشلرعي عللى غيلره،
بحيث يترسخ لفظلله ومعنللاه ،خصوص لا ً مللا تكللون للله آثللار
كمية شرعية ،لتقللويم صللياغة المصللطلحات القتصللادية، ح ْ
ُ
وانسللجامها مللع المصللطلحات الفقهيللة ،واسللتخراجها مللن
تراث المة ومفاهيمها الشرعية .
ب -مناشللدة الجهللات المعنيللة فللي البلد السلللمية منللع
البنوك من إصدار بطاقات الئتمان الربويللة ،صلليانة للمللة
من الوقوع في مستنقع الربللا المحللرم ،وحفظ لا ً للقتصللاد
الوطني وأموال الفراد .
ج -إيجاد هيئة شرعية ومالية واقتصادية تكللون مسللؤوليتها
حمايللة الفللراد مللن اسللتغلل البنللوك والمحافظللة علللى
حقوقهم ،في حدود الحكام الشللرعية ،والسياسللة الماليللة
حكمللة لحمايللة م ْ
لحماية القتصللاد الللوطني ،ووضللع لللوائح ُ
المجتمللع والفللراد مللن اسللتغلل البنللوك لتفللادي النتللائج
الوخيمة المترتبة على ذلك .والله الموفق
==============
#السواق المالية
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 21/10/1425
04/12/2004
مجلللة المجمللع )ع ،6ج 2ص 1273والعللدد السللابع ج 1
ص 73والعدد التاسع ج 2ص (5
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربيللة السللعودية مللن
12-7ذي القعدة 1412هل الموافق 14 – 9أيللار )مللايو(
1992م ،
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
موضوع السواق الماليللة السللهم ،الختيللارات ،السلللع ،
بطاقة الئتمان ،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يلي :
أول ً :السهم :
-1السهام في الشركات :
481
أ -بما أن الصل في المعاملت الحل فإن تأسلليس شللركة
مساهمة ذات أغراض وأنشطة مشروعة أمر جائز .
ب – ل خلف فللي حرمللة السللهام فللي شللركات غرضللها
الساسي محللرم ،كالتعامللل بالربللا أو إنتللاج المحرمللات أو
المتاجرة بها .
ج – الصللل حرمللة السللهام فللي شللركات تتعامللل أحيان لا ً
بالمحرمللات ،كالربللا ونحللوه ،بللالرغم مللن أن أنشللطتها
الساسية مشروعة .
-2ضمان الصدار ): (under writing
ضمان الصدار :هو التفاق عنلد تأسليس شلركة ملع ملن
يلتزم بضمان جميع الصدار من السهم ،أو جزء مللن ذلللك
الصدار ،وهو تعهد من الملتزم بالكتتاب في كل ما تبقللى
مما لم يكتتب فيه غيره ،وهذا ل مانع منه شللرعًا ،إذا كللان
تعهد الملتزم بالكتتاب بالقيمة السمية بدون مقابللل لقللاء
التعهد ،ويجوز أن يحصل الملللتزم علللى مقابلل عللن عملل
يللؤديه-غيللر الضللمان -مثللل إعللداد الدراسللات أو تسللويق
السهم .
-3تقسيط سداد قيمة السهم عند الكتتاب :
ل مانع شرعا ً من أداء قسللط مللن قيمللة السللهم المكتتللب
فيلله ،وتأجيللل سللداد بقيللة القسللاط ،لن ذلللك يعتللبر مللن
الشللتراك بمللا عجللل دفعلله ،والتواعللد علللى زيللادة رأس
المال ،ول يترتب على ذلك محذور لن هللذا يشللمل جميللع
السللهم ،وتظللل مسللؤولية الشللركة بكامللل رأس مالهللا
المعلن بالنسبة للغير ،لنلله هللو القللدر الللذي حصللل العلللم
والرضا به من المتعاملين مع الشركة .
-4السهم لحامله :
بما أن المبيع في )السهم لحللامله( هللو حصللة شللائعة فللي
موجودات الشركة وأن شهادة السللهم هللي وثيقللة لثبللات
هذا السللتحقاق فللي الحصللة فل مللانع شللرعا ً مللن إصللدار
أسهم في الشركة بهذه الطريقة وتداولها .
-5محل العقد في بيع السهم :
482
إن المحللل المتعاقللد عليلله فللي بيللع السللهم هللو الحصللة
الشائعة من أصول الشللركة ،وشللهادة السللهم عبللارة عللن
وثيقة للحق في تلك الحصة .
-6السهم الممتازة :
ل يجوز إصدار أسهم ممتازة ،لها خصائص مالية تؤدي إلى
ضمان رأس المال ،أو ضمان قدر من الربح وتقديمها عنللد
التصفية ،أو عند توزيع الرباح .
ويجللوز إعطللاء بعللض السللهم خصللائص تتعلللق بللالمور
الجرائية أو الدارية .
-7التعامل في السهم بطريقة ربوية :
أ -ل يجوز شراء السهم بقرض ربوي يقللدمه السمسللار أو
غيللره للمشللتري لقللاء رهللن السللهم ،لمللا فللي ذلللك مللن
المرابللاة وتوثيقهللا بللالرهن وهمللا مللن العمللال المحرمللة
بالنص على لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه .
ب -ل يجوز أيضا ً بيللع سللهم ل يملكلله البللائع ،وإنمللا يتلقللى
وعدا ً من السمسار بإقراضه السهم فللي موعللد التسللليم،
لنه من بيع مللا ل يملللك البللائع ،ويقللوى المنللع إذا اشللترط
إقباض الثمن للسمسار لينتفع به بإيداعه بفللائدة للحصللول
على مقابل القراض .
-8بيع السهم أو رهنها :
يجوز بيع السهم أو رهنه مع مراعللاة مللا يقضللي بلله نظللام
الشللركة ،كمللا لللو تضللمن النظللام تسللويغ الللبيع مطلقلا ً أو
مشللروطا ً بمراعللاة أولويللة المسللاهمين القللدامى فللي
الشراء ،وكذلك يعتبر النص في النظام على إمكان الرهن
من الشركاء برهن الحصة المشاعة .
-9إصدار أسهم مع رسوم إصدار :
إن إضافة نسبة معينة مع قيمة السهم ،لتغطيللة مصللاريف
الصدار ،ل مانع منها شرعا ً ما دامت هللذه النسللبة مقللدرة
تقديرا ً مناسبا ً .
-10إصدار أسهم بعلوة إصدار أو حسم )خصم( إصدار :
يجوز إصدار أسلهم جديلدة لزيلادة رأس ملال الشلركة إذا
أصدرت بالقيمة الحقيقية للسهم القديمة – حسب تقللويم
الخبراء لصول الشركة – أو بالقيمة السوقية .
483
-11ضمان الشركة شراء السهم :
يرى المجلس تأجيل إصدار قرار في هذا الموضوع لللدورة
قادمة لمزيد من البحث والدراسة .
-12تحديد مسؤولية الشركة المساهمة المحدودة :
ل مانع شرعا ً مللن إنشلاء شللركة مسللاهمة ذات مسللؤولية
محللدودة بللرأس مالهللا ،لن ذلللك معلللوم للمتعللاملين مللع
الشركة وبحصللول العلللم ينتفللي الغللرر عمللن يتعامللل مللع
الشركة .
كملللا ل ملللانع شلللرعا ً ملللن أن تكلللون مسلللؤولية بعلللض
المساهمين غير محللدودة بالنسللبة للللدائنين بللدون مقابللل
لقللاء هللذا اللللتزام .وهللي الشللركات الللتي فيهللا شللركاء
متضامنون ،وشركاء محدودو المسؤولية .
-13حصر تداول السهم بسماسرة مرخصللين ،واشللتراط
رسوم للتعامل في أسواقها :
يجوز للجهات الرسللمية المختصللة أن تنظللم تللداول بعللض
السللهم بللأن ل يتللم إل بواسللطة سماسللرة مخصوصللين
ومرخصين بذلك العمل ،لن هذا من التصللرفات الرسللمية
المحققة لمصالح مشروعة .
وكللذلك يجللوز اشللتراط رسللوم لعضللوية المتعامللل فللي
السواق المالية ،لن هذا مللن المللور التنظيميللة المنوطللة
بتحقيق المصالح المشروعة .
-14حق الولوية :
يرى المجلس تأجيل البللت فللي هللذا الموضللوع إلللى دورة
قادمة لمزيد من البحث والدراسة .
-15شهادة حق التملك :
يرى المجلس تأجيل البللت فللي هللذا الموضللوع إلللى دورة
قادمة لمزيد من البحث والدراسة .
ثانيا ً :الختيارات :
أ -صورة عقود الختيارات :
إن المقصود بعقود الختيارات العتياض عن اللللتزام بللبيع
شيء محدد موصوف أو شللرائه بسللعر محللدد خلل فللترة
زمنية معينة أو في وقت معيللن إمللا مباشللرة أو مللن خلل
هيئة ضامنة لحقوق الطرفين .
484
ب -حكمها الشرعي :
إن عقللود الختيللارات – كمللا تجللري اليللوم فللي السللواق
المالية العالمية – هي عقود مستحدثة ل تنضلوي تحلت أي
عقد من العقود الشرعية المسماة .
وبما أن المعقود عليه ليس مللال ً ول منفعللة ول حق لا ً مالي لا ً
يجوز العتياض عنه فإنه عقد غير جائز شرعا ً .
وبما أن هذه العقود ل تجوز ابتداًء فل يجوز تداولها .
ثالثا ً :التعامل بالسلع والعملت والمؤشرات في السللواق
المنظمة :
-1السلع :
يتم التعامل بالسلللع فللي السللواق المنظمللة بإحللدى أربللع
طرق هي التالية :
الطريقة الولى :
أن يتضللمن العقللد حللق تسلللم المللبيع وتسلللم الثمللن فللي
الحال مع وجللود السللع أو إيصللالت ممثلللة لهللا فللي ملللك
البائع وقبضته .
وهذا العقد جائز شرعا ً بشروط البيع المعروفة .
الطريقة الثانية :
أن يتضللمن العقللد حللق تسلللم المللبيع وتسلللم الثمللن فللي
الحال مع إمكانهما بضمان هيئة السوق .
وهذا العقد جائز شرعا ً بشروط البيع المعروفة .
الطريقة الثالثة :
أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة فللي
موعد آجل ودفع الثمن عند التسللليم وأن يتضللمن شللرطا ً
يقتضي أن ينتهي فعل ً بالتسليم والتسلم .
وهذا العقللد غيللر جللائز لتأجيللل البللدلين ،ويمكللن أن يعللدل
ليستوفي شروط السلم المعروفة ،فإذا اسللتوفى شللروط
السلم جاز .
وكذلك ل يجوز بيع السلعة المشتراة سلما ً قبل قبضها .
الطريقة الرابعة :
أن يكون العقد على تسليم سلعة موصوفة في الذمة فللي
موعد آجل ودفع الثمن عند التسليم دون أن يتضمن العقد
485
شرطا ً يقتضي أن ينتهي بالتسليم والتسلللم الفعلييللن ،بللل
يمكن تصفيته بعقد معاكس .
وهذا هو النوع الكثر شيوعا ً في أسواق السلع ،وهذا العقد
غير جائز أصل ً .
-2التعامل بالعملت :
يتللم التعامللل بللالعملت فللي السللواق المنظمللة بإحللدى
الطرق الربع المذكورة في التعامل بالسلع .
ول يجوز شراء العملت وبيعها بالطريقتين الثالثة والرابعللة
.
أما الطريقتان الولى والثانية فيجوز فيهما شللراء العملت
وبيعها بشرط استيفاء شروط الصرف المعروفة .
-3التعامل بالمؤشر :
المؤشر هو رقم حسابي يحسب بطريقللة إحصللائية خاصللة
يقصد منه معرفة حجم التغيللر فللي سللوق معينللة ،وتجللري
عليه مبايعات في بعض السواق العالمية .
ول يجوز بيع وشراء المؤشر لنلله مقللامرة بحتللة وهللو بيللع
شيء خيالي ل يمكن وجوده .
-4البللديل الشللرعي للمعللاملت المحرمللة فللي السلللع
والعملت :
ينبغي تنظيم سوق إسلمية للسلع والعملت علللى أسللاس
المعاملت الشرعية وبخاصة بيع السلم والصرف ،والوعد
بالبيع في وقت آجل ،والستصناع ،وغيرها .
ويرى المجمع ضرورة القيام بدراسة وافية لشللروط هللذه
البدائل وطرائق تطبيقها في سوق إسلمية منظمة .
رابعا ً :بطاقة الئتمان :
أ -تعريفها :
بطاقة الئتمان هي مستند يعطيه مصدره لشخص طللبيعي
أو اعتبللاري – بنللاء علللى عقللد بينهمللا – يمكنلله مللن شللراء
السلع أو الخدمات ممن يعتمللد المسللتند دون دفللع الثمللن
حللال ً لتضللمنه الللتزام المصللدر بالللدفع .ومللن أنللواع هللذا
المسللتند مللا يمكللن مللن سللحب نقللود مللن المصللارف .
ولبطاقات الئتمان صور :
486
-منهللا مللا يكللون السللحب أو الللدفع بموجبهللا مللن حسللاب
حاملها في المصرف وليس مللن حسللاب المصللدر فتكللون
بذلك مغطاة .ومنها ما يكون الدفع مللن حسللاب المصللدر
ثم يعود على حاملها في مواعيد دورية .
-ومنها ما يفرض فوائد ربويللة علللى مجمللوع الرصلليد غيللر
المدفوع خلل فترة محددة من تاريخ المطالبة .ومنها مللا
ل يفرض فوائد .
-وأكثرها يفللرض رسللما ً سللنويا ً علللى حاملهللا ومنهللا مللا ل
يفرض فيه المصدر رسما ً .
ب -التكييف الشرعي لبطاقات الئتمان :
بعللد التللداول قللرر المجلللس تأجيللل البللت فللي التكييللف
الشللرعي لبطاقللات الئتمللان وحكمهللا إلللى دورة قادمللة
لمزيد من البحث والدراسة .
والله أعلم
==============
#بيع الوفاء
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 21/10/1425
04/12/2004
مجلة المجمع )ع ،7ج 3ص (9
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره السابع بجدة في المملكة العربيللة السللعودية مللن
12-7ذي القعدة 1412هل الموافق 14 – 9أيللار )مللايو(
1992م ،
بعد اطلعه على البحوث الللواردة إلللى المجمللع بخصللوص
موضوع بيع الوفاء،
وبعد استماعه إلى المناقشات التي دارت حول بيع الوفاء،
وحقيقته " :بيع المال بشرط أن البائع متى رد الثمللن يللرد ّ
المشتري إليه المبيع"،
قرر ما يلي :
أول ً :إن حقيقة هذا الللبيع )قللرض جللر نفعلًا( ،فهللو تحايللل
على الربا ،وبعدم صحته قال جمهور العلماء .
ثانيا ً :إن هذا العقد غير جائز شرعا ً .
487
والله أعلم
==============
#حكم التراجع عن الوفاء بالعقد بعد توقيعه
قرارات المجلس الوروبي للفتاء والبحوث 16/3/1426
25/04/2005
قرار المجلس:
عا ،ول يجوز توقيع العقد في أي صفقة ملزم للطرفين شر ً
لحللدهما أن يرجللع فيلله بللإرادته المنفللردة ،دون رضللى
الطرف الخر ،فهذا مخالف لما أمر الللله ورسللوله -صلللى
الله عليلله وسلللم -وأكللدته نصللوص القللرآن والسللنة .قللال
مُنوا أ َوُْفوا ب ِللال ْعُُقوِد{ ]المللائدة :مللن نآ َ ذي َ
َ
تعالىَ} :يا أي َّها ال ّ ِ
َ
ن ن ال ْعَهْلد َ ك َللا َ الية ،[1وقال عللز وجللل} :وَأوْفُللوا ِبال ْعَهْلدِ إ ِ ّ
ل{ ]السراء :من الية ،[34وقللال تعللالى} :وَأ َوْفُللوا ؤو ً س ُ م ْ َ
َ
ها وََقللد ْ كيللدِ َ ن ب َعْد َ ت َوْ ِ ما َ ضوا اْلي ْ َ م َول ت َن ُْق ُ عاهَد ْت ُ ْ ذا َ ب ِعَهْدِ الل ّهِ إ ِ َ
ل{ ]النحل :من الية .[91 م ك َِفي ً ه عَل َي ْك ُ ْ م الل ّ َجعَل ْت ُ ُ َ
وحمللل القللرآن بشللدة علللى الللذين يتهللاونون بللالعهود
ن وينقضونها من بعد ميثاقهللا ،فللي آيللات كللثيرة ،منهللا} :إ ِ ّ
ق
خل َ كل َ من لا ً قَِليل ً ُأول َئ ِ َ م ثَ َمان ِهِ ْ
َ
ن ب ِعَهْدِ الل ّهِ وَأي ْ َ شت َُرو َ ن يَ ْ ذي َ ال ّ ِ
ة
م ِ م ال ِْقَيا َم ي َوْ َ ه َول ي َن ْظ ُُر إ ِل َي ْهِ ْ م الل ّ ُ مه ُ ُخَرةِ َول ي ُك َل ّ ُ م ِفي اْل ِ ل َهُ ْ
َ
م{ ]آل عمران.[77: ب أِلي ٌ ذا ٌ م عَ َ م وَل َهُ ْ كيهِ َْول ي َُز ّ
واعتبر النبي صلى الله عليه وسلم نقض العهد من شللعب
النفاق ،وخصال المنافق الساسية" :أربع من كن فيه كان
صا ،ومن كان فيه خصلة منهن كان فيلله خصلللة منافًقا خال ً
من النفاق حتى يدعها" وذكر منهللا" :إذا عاهللد غللدر" رواه
الشيخان عن عبد الله بن عمرو).(1
وليللس مللن الضللروري أن يكللون العقللد مكتوب ًللا ،فمجللرد
اليجاب والقبول مشافهة يكفي في إيجاد العقد ،ولكن للله
خيار المجلس على ما نرجحه ،فلو تبين له عقد آخر ،وهما
ل يزالن في مجلس العقد ،فمن حقه أن يرجع ،كمللا جللاء
في الحديث الصحيح" :البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" متفق
عليه عن ابن عمر) .(2فقد جعل الحللديث فرصللة للللتراجع
لمن تسرع في التعاقد دون روية.
488
ومثل ذلك لو كان مغبوًنا غبًنا فاحشا ً يرفع أمره إلللى جهللة
تحكيم تثبت له خيار الغبن إذا تبين لها ذلللك ،عمل ً بمللذهب
الحنابلة وغيرهم.
ويستطيع المسلم أن يخرج من ورطة التراجع فللي العقللد
مللا معللدودة، بعللد إتمللامه إذا اشللترط لنفسلله الخيللار أيا ً
يستطيع فيها أن يرجع في صفقته خللها ،وهذا ما نصح بلله
النبي صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة ،حيلن شلكا إليله
أنه كثيًرا ما يخدع في البيع ،فقال له" :إذا بللايعت فقللل :ل
خلبة" أي ل خداع ،وهذا فللي الصللحيحين) ،(3وفللي خللارج
الصحيحين" :ولي الخيار ثلثة أيام") ،(4والمسلللمون عنللد
شروطهم.
] القرار [6/6
) (1هو عند البخاري )رقم ،(3007 ،2327 ،34 :ومسلم
)رقم.(58 :
) (2أخرجللله البخلللاري )رقلللم 2001 :ومواضلللع أخلللرى(،
ومسلم )رقم (1531 :من حديث ابللن عمللر ،كمللا أخرجلله
البخاري )رقم (1973 :ومواضللع أخللرى( ،ومسلللم )رقللم:
(1532من حديث حكيم بن حزام.
) (3البخاري )رقم 2011 :ومواضع أخرى( ،ومسلم )رقم:
(1533من حديث عبد الله بن عمر.
) (4يعني أذن له أن يكون له الخيار ثلثة أيام ،كما أخرجه
الدارقطني ) ،(55-3/54والحاكم )رقم (2210 :والبيهقي
) (5/273من حديث ابن عمر بإسناد حسن ،وفللي لفظلله:
"إذابعت فقل :ل خلبللة ،ثللم أنللت فللي كللل سلللعة تبتاعهللا
بالخيار ثلث ليال"
==============
#السواق المالية
مجمللع الفقلله السلللمي المنبثللق عللن منظمللة المللؤتمر
السلمي 6/11/1425
18/12/2004
إن مجلللس مجمللع الفقلله السلللمي المنعقللد فللي دورة
مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من
489
23-17شللعبان 1410هلل الموافللق 20-14آذار )مللارس(
1990م،
بعد اطلعه على البحاث والتوصيات والنتائج المقدمة في
ندوة السواق المالية المنعقدة في الرباط 24 – 20ربيع
الثاني 1410هل 1989 / 10/ 24 – 20 /م بالتعاون بين
هذا المجمع والمعهد السلمي للبحللوث والتللدريب بالبنللك
السلمي للتنمية ،وباستضللافة وزارة الوقللاف والشللؤون
السلمية بالمملكة المغربية ،
وفي ضوء ما هو مقرر في الشريعة السلمية مللن الحللث
على الكسللب الحلل واسللتثمار المللال وتنميللة المللدخرات
على أسس الستثمار السلمي القائم على المشاركة في
العباء وتحمل المخاطر ،ومنها مخاطر المديونية ،
ولما للسواق المالية من دور في تداول الموال وتنشلليط
استثمارها ،ولكون الهتمام بها والبحث عن أحكامها يلللبي
حاجة ماسة لتعريف الناس بفقه دينهللم فللي المسللتجدات
العصرية ويتلقللى مللع الجهللود الصلليلة للفقهللاء فللي بيللان
أحكام المعاملت المالية وبخاصللة أحكللام السللوق ونظللام
الحسبة على السواق ،وتشمل الهمية السللواق الثانويللة
التي تتيح للمستثمرين أن يعللاودوا دخللول السللوق الوليللة
وتشللكل فرصللة للحصللول علللى السلليولة وتشللجع علللى
ة بإمكان الخروج من السوق عند الحاجلة توظيف المال ثق ً
،وبعد الطلع علللى مللا تنللاولته البحللوث المقدمللة بشللأن
نظم وقوانين السواق المالية القائمة وآلياتها وأدواتها ،
قرر ما يلي :
أول ً :إن الهتمام بالسللواق الماليللة هللو مللن تمللام إقامللة
الواجب في حفظ المال وتنميته باعتبللار مللا يسللتتبعه هللذا
من التعاون لسد الحاجات العامة وأداء ما في المللال مللن
حقوق دينية أو دنيوية .
ثانيا ً :إن هللذه السللواق الماليلة – ملع الحاجلة إلللى أصلل
فكرتها – هي في حالتها الراهنة ليسللت النمللوذج المحقللق
لهداف تنمية المللال واسللتثماره مللن الوجهللة السلللمية .
وهذا الوضع يتطلب بذل جهود علمية مشتركة من الفقهاء
والقتصاديين لمراجعللة مللا تقللوم عليلله مللن أنظمللة ،ومللا
490
تعتمده من آليللات وأدوات وتعللديل مللا ينبغللي تعللديله فللي
ضوء مقررات الشريعة السلمية .
ثالثا ً :إن فكرة السواق المالية تقوم علللى أنظمللة إداريللة
وإجرائيللة ،ولللذا يسللتند اللللتزام بهللا إلللى تطللبيق قاعللدة
المصالح المرسلة فيما يندرج تحت أصل شللرعي عللام ول
يخللالف نص لا ً أو قاعللدة شللرعية ،وهللي لللذلك مللن قبيللل
التنظيم الذي يقوم به ولي المللر فللي الح لَرف والمرافللق
الخرى وليس لحد مخالفة تنظيمات ولي المر أو التحايل
عليها ما دامت مستوفية الضوابط والصول الشرعية .
ويوصي بما يلي :
اسللتكمال النظللر فللي الدوات والصلليغ المسللتخدمة فللي
السللواق الماليللة بكتابللة الدراسللات والبحللاث الفقهيللة
والقتصادية الكافية
والله الموفق .
==============
#حكم الكتتاب في بنك البلد
أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلد 3/1/1426
12/02/2005
الحمللد لللله رب العللالمين ،والصلللة والسلللم علللى سلليد
الولين والخرين نبينا محمد وعلللى آللله وصللحبه أجمعيللن،
أما بعد:
فقللد درس فريللق العمللل الشللرعي فللي بنللك البلد فللي
اجتماعه )المائة( المنعقد يوم الخميس 01/01/1426هللل،
ما ورد إليه من أسئلة عديدة حول حكم الكتتاب في بنللك
البلد ،وقرر ما يأتي:
ل :يجللوز الكتتللاب فللي بنللك البلد؛ لن البنللك يخضللع أو ً
لسياسة شرعية تلزملله بعللرض جميللع أعمللاله علللى الهيئة
الشرعية واللتزام بقراراتهللا ،ومراقبللة تطبيقهللا مللن خلل
إدارة الرقابة الشرعية ،وتنللص السياسللة الشللرعية للبنللك
على مللا يللأتي" :بتوفيللق مللن الللله الللتزم بنللك البلد علللى
نفسه منذ بداية تأسيسه تطبيق الشرع المطهر في جميللع
معاملته .كما يحمل على عاتقه مراعاة مقاصللد الشللريعة
وغايات القتصاد السلمي .ولتحقيق هذا الهللدف السللامي
491
التزم في نظامه بوجود هيئة شللرعية مسللتقلة عللن جميللع
إدارات البنك ،يعرض عليها البنك جميع أعماله؛ للتأكد مللن
مدى موافقتها لحكام الشريعة السلمية .وتجدر الشللارة
في هذا المقام إلى التي:
.1قرارات الهيئة الشرعية ملزمة لكل إدارات البنك.
.2ل يقللدم أي منتللج للعملء إل بعللد عرضلله علللى الهيئة
الشرعية ،وموافقتها عليه.
.3تقوم الهيئة بمراقبة أعمال البنللك؛ للتأكللد مللن موافقللة
العمال لقراراتها .وتتولى ذلك إدارة الرقابة الشرعية.
.4تعمل الهيئة الشرعية على تطوير المنتجلات بملا يتفلق
مع القواعد الشرعية ،ويحقق أهللداف القتصللاد السلللمي
وغاياته.
.5علللى الهيئة الشللرعية تحمللل مسللؤولية نشللر الللوعي
المصللرفي السلللمي فللي البنللك ،وفللي مختلللف جهللات
المجتمع ".أ.هل نص السياسة الشرعية للبنك.
وقد بدأ فريق العمل الشرعي في تنفيذ هذه السياسة منذ
تشكيله في شهر ربيع الخر لعام 1425هل فدرس النظللام
الساسللي للبنللك ،وعقللد التأسلليس ،ونشللرة الكتتللاب
المفصلة ،ونشرة الكتتاب المختصللرة ،ونمللوذج الكتتللاب،
واتفاقية البنوك المشاركة في الكتتاب ،واتفاقية البنك مع
مدير الكتتاب؛ فلم يجد فيها ما يمنللع مللن جللواز الكتتللاب
فيه والتعامل معه.
هذا وقد فرغ فريق العمل الشرعي من دراسللة عللدد مللن
عقود البنك وإجازتها ،وأنهى عددا ً من الضللوابط الشللرعية
لمعاملته.
ثانيًا :يجوز بيع أسللهم البنللك وشللراؤها وتللداولها بعللد الذن
بتللداول السللهم فللي السللوق؛ لنلله يملللك موجللودات ذات
قيمة معتبرة شللرعًا ،ومنهللا :الللتراخيص الممنوحللة للعمللل
كبنك ،ووجود مبنى رئيس للدارة العامة للبنك ،وعللدد مللن
الفللروع العاملللة للبنللك بتجهيزاتهللا يعمللل فيهللا أكللثر مللن
سللتمائة موظللف ،فض لل ً عللن وجللود العديللد مللن النظمللة
والجهزة ،إضافة للعلقللات التعاقديللة مللع مؤسسللة النقللد
العربي السعودي ،ومللع أكللثر مللن مئة بنللك مراسللل علللى
492
مستوى العالم ،ولن التغيرات في قيمللة السللهم بعللد بللدء
التداول ل ترتبط ارتباطا كليا بالتغير في قيمة الموجللودات
العينية للشركة أو مطلوباتها فحسب ،بل يؤثر فيها عوامل
أخرى كللالعرض والطلللب علللى السللهم والمؤشللر العللام،
والحقوق المعنوية وغير ذلك.
ص آخللر فللي ً
ثالثا :ل يجوز للمكتتب أن يستعمل اسم شللخ ٍ
الكتتاب ،سواء أكان ذلك بعوض يدفعه لصاحب السللم أم
بغير عوض ،لما في ذلللك مللن تجللاوز الحللد المسللتحق للله
نظاما ،وتعديه على حق غيره ممللن الللتزم بالنظللام ،إذ إن
مقتضى العدالة أن تتكافأ فرص المساهمين في الحصللول
على السهم ،ول يتحقق ذلك إل بأن يحدد لكللل واحللد مللن
المكتتبين سقف أعلللى ل يتجللاوزه ،فللالمنع مللن اسللتخدام
الشخص اسم غيره من السياسة الشرعية التي تتفق مللع
مقاصد الشريعة من جعل المللال دولللة بيللن النللاس كلهللم
فقيرهم وغنيهللم ،ل أن يكللون محصللورا ً بأيللدي فئة قليلللة.
وفضل عن ذلك ،فإن هذا التصرف نوع من التدليس ،وهللو
مظنة الخلف والخصومة بين الطراف.
ن ً
ض حسلل ٍ رابعا :يجوز للمكتتب اقتراض قيمة الكتتاب بقر ٍ
يللرده للمقللرض بمثللله بللدون زيللادة ،فللإن كللان القللرض
مشروطا ً بزيادة يدفعها المقللترض للمقللرض فهللو محللرم،
سواء أكانت الزيادة المشروطة نسبية أم بمبلللغ مقطللوع،
وسواء سمي ذلك تمويل ً أم تسهيلت بنكيللة أم غيللر ذلللك،
لنه من الربا .وعوضا ً عن ذلك يجوز للمكتتب الذي ل يجد
ما يكفي من المال اللدخول مللع صلاحب المللال فلي عقلد
مشاركة ،وما يتحقق من ربح بعد بللدء التللداول يتقاسللمانه
بينهمللا بحسللب اتفاقهمللا .ويشللترط أن تكللون الحصللة
المشروطة لكل منهما من الربللح شلائعة كلأن يقلول :خللذ
هذا المال وما كللان مللن ربللح فيلله فلللك %20منلله ،ولللي
،%80أما لو حددت حصة الواحد منهما بمبلغ مقطللوع فل
يجوز كما لو قال :خذ هذا المال فاكتتب به ولك ألف ريال
من الربح ولي ما زاد على ذلك؛ لن هذا يللؤدي إلللى قطللع
المشاركة في الربح ،فقد ل تربللح تلللك السللهم إل المبلللغ
المذكور أو أقل ،أو قد تربح أرباحا كبيرة فيشعر بالغبن.
493
ول يخفى أن دخول صاحب المال فللي عقللد مشللاركة مللع
مللن سيسللجل السللهم باسللمه أقللرب إلللى تحقيللق العللدل
بينهما من استئثار صاحب المال بكامل الربللح ،لسلليما أن
هذه المشاركة ل يظهر ما يمنع منها نظامًا ،فقد نص نظام
الشركات على جواز أن يكون السللهم مملوك لا ً بالشللتراك
لشخصين فأكثر ،على أن يكون مسجل ً باسم شخص واحد
في مقابل الشركة.
وفي الختام ،نسأل الله أن يوفق القائمين على بنللك البلد
للستمرار باللتزام بأحكام الشريعة ،كمللا نحللث القللائمين
علللى الشللركات المسللاهمة علللى البعللد عللن المعللاملت
المحرملللة فلللي التمويلللل والسلللتثمار وغيرهملللا ،ونحلللث
المتعللاملين فللي سللوق المللال علللى دعللم الشللركات
المساهمة التي تلتزم بأحكام الشريعة السلمية.
وفق الله الجميع لهداه ،وجعللل العمللل فللي رضللاه ،والللله
أعلللم ،وصللى اللله عللى نبينللا محمللد وعللى آلله وصلحبه
وسلم.
أعضاء فريق العمل الشرعي في بنك البلد:
الشيخ أ.د عبدالله بن موسى العمار
الشيخ د .عبدالعزيز بن فوزان الفوزان
الشيخ د .محمد بن سعود العصيمي
الشيخ د .يوسف بن عبدالله الشبيلي
===============
#بيع الدين بالدين أقسامه وشروطه
راشد بن فهد آل حفيظ 6/5/1426
13/06/2005
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
وبعد:
فهذا بحث مختصر عن مسألة بيللع الللدين بالللدين ،جمعللت
فيه ما وقفللت عليلله مللن كلم بعللض المحققيللن مللن أهللل
العلللم ،فللي هللذه المسللألة ،مللع بيللان المللذهب "مللذهب
الحنابلللة" وذلللك لهميتهللا ،وتعلقهللا ببعللض أبللواب الللبيوع،
ولنها مما يشكل على البعض ،بللل قللد يخطللئ فيهللا ،وقللد
رتبته في مبحثين على النحو التالي:
494
المبحللث الول :أقسللام بيللع الللدين بالللدين ،وفيلله أربعللة
مطالب:
المطلب الول :بيع الواجب بالواجب.
المطلب الثاني :بيع الساقط بالساقط.
المطلب الثالث :بيع الساقط بالواجب ،وفيه مسألتان:
المسألة الولى :الدين الذي يجوز بيعه.
المسألة الثانية :بيع الدين لغير من هو عليه.
المطلب الرابع :بيع الواجب بالساقط.
المبحث الثاني :شروط جواز بيع الدين.
صللا لللوجهه ،موافًقللا
والللله أسللأل أن يجعللل عملللي خال ً
لمرضاته ،نافًعا لعباده ،إنه قريب مجيب.
المبحث الول
أقسام بيع الدين بالدين )(1
المطلب الول
بيع الواجب بالواجب
القسم الول :بيع الواجب بالواجب:
وهو بيع دين مؤجل لم يقبض بدين مؤجل آخر لللم يقبللض،
أو بيع الدين المؤخر الذي لم يقبض بالللدين المللؤخر الللذي
لم يقبض.
فكلهما مؤخر مؤجل ،لم يقبض أحدهما ،أو يسقط).(2
"مثل أن يسلللم شلليًئا مللؤخًرا فللي الذمللة فللي شلليء فللي
الذمة") (3وهو محرم بالجماع) (4وهو بيع الكالئ بالكالئ
المنهي عنه) ،(5بحللديث عبللد الللله بللن عمللر –رضللي الللله
عنهما" -أن النبي -صلى الللله عليلله وسللم -نهللى عللن بيللع
الكالئ بالكالئ").(6
قال شيخ السلم ابن تيمية –رحمه الللله" :-وهللذا مثللل أن
يسلف إليه شيًئا مللؤجل ً فللي شلليء مؤجللل ،فهللذا الللذي ل
يجوز بالجماع .. ،والجمللاع إنمللا هللو فللي الللدين الللواجب
بالدين الواجب ،كالسلف المؤجل من الطرفين").(7
وقال رحمه الله" :ل يجوز باتفاقهم ،لنلله كل ً منهمللا شللغل
ذمته بما للخر من غير منفعة حصلت لحدهما ،والمقصود
بالبيع النفع،فهذا يكون أحدهما قد أكل مال الخر بالباطللل
إذا قال أسلللمت إليللك مللائة درهللم إلللى سللنة فللي وسللق
495
حنطة ،ولللم يعطله شلليًئا ،فللإن هللذه المعاملللة ليللس فيهللا
منفعة ،بل مضرة ،هللذا يطلللب هللذا بالللدراهم ،ولللم ينتفللع
واحد منهما ،بل أكل مال الخر بالباطل من غير نفع نفعلله
به).(8
وقال رحمه الله" :والمقصللود مللن العقللود :القبللض ،فهللذا
ل ،بل هو الللتزام بل فللائدة") عقد لم يحصل به مقصود أص ً
.(9
وقللال رحملله الللله" :إنلله عقللد وإيجللاب علللى النفللوس بل
حصول مقصود لحد الطرفين ،ول لهما").(10
وقال ابن القيم –رحمه الله" :-إنلله اشللتغلت فيلله الللذمتان
بغيللر فللائدة ،فللإنه لللم يتعجللل أحللدهما مللا يأخللذه فينتفللع
بتعجيله ،وينتفع صاحب المؤخر بربحه ،بل كلهما اشللتغلت
ذمته بل فائدة") .(11وقال –رحمه الله":-وفيه ذريعة إلللى
تضاعف الدين في ذمة كل واحد منهما في مقابلة تللأجيله،
وهذه مفسدة ربا النساء بعينها").(12
المطلب الثاني
بيع الساقط بالساقط
القسم الثاني :بيع الساقط بالساقط:
وهو :بيع دين ثابت في الذمة يسقط إذا بيع بدين ثابت في
الذمة يسقط" ) (13مثللل أن يكللون لحللدهما عنللد الخللر،
وللخر عند الول دراهم ،فيبيع هذا بهذا").(14
وهو ما يعرف بمسألة المقاصة).(15
قال شيخ السلم ابن تيمية –رحمه الله" :-وهللذا بيللع ديللن
ساقط بللدين سللاقط ،ومللذهب أبللي حنيفللة) ،(16ومالللك)
،(17جوازه").(18
وقال رحمه الله" :والظهر جواز هذا ،لنه برئت ذمللة كللل
منهما ،فهو خلف ما يشغل ذمة كل منهما.(19) "..
وقال رحمه الله" :إن هذا يقتضللي تفريللغ كللل واحللدة مللن
الذمتين ،ولهذا كان هللذا جللائًزا فللي أظهللر قللولي العلمللاء
كمذهب مالك ،وأبي حنيفة").(20
وقال رحمه الله" :إن براءة ذمللة كللل منهمللا منفعللة للله")
. (21وقال ابن القيم –رحمه الله -معلل ً للجواز:
496
"لن ذمتهما تبرأ من أسرها ،وبراءة الذمللة مطلللوب لهمللا
وللشارع").(22
واختار الجللواز –كللذلك -العلمللة الشلليخ عبللد الرحمللن بللن
سعدي) ،(23وتلميذه العلمة الشلليخ محمللد بللن عللثيمين)
،(24رحمهما الله.
أما المذهب :فل يجوز ذلك ،لنه بيع دين بدين).(25
ويجاب عن ذلك بأن بيع الدين بالدين المنهي عنلله هللو بيللع
الواجب بالواجب ،لشتغال الذمتين فيه بغير منفعللة –كمللا
تقدم" -بخلف بيع الساقط بالساقط ،فإن براءة ذمللة كللل
منهما منفعة له").(26
قال شيخ السلم ابن تيمية –رحمه الله" :-لفظ النهي عن
بيع الدين بالدين لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ل
بإسللناد صللحيح ول ضللعيف ،..قللال أحمللد :لللم يصللح فيلله
حديث ،ولكن هو إجماع ،وهللذا مثللل أن يسلللف إليلله شلليًئا
مؤجل ً في شيء مؤجل ،فهذا الذي ل يجوز بالجمللاع ،وإذا
كان العمدة في هذا هللو الجمللاع ،والجمللاع إنمللا هللو فللي
الللدين الللواجب بالللدين الللواجب ،كالسلللف المؤجللل مللن
الطرفين ،فهذه الصورة –وهي بيع ما هو ثابت فللي الذمللة
ليسقط بمللا هللو فللي الذمللة -ليللس فللي تحريملله نللص ول
إجماع ول قياس ،فإن كل ً منهما اشترى ما في ذمته ،وهللو
مقبوض له بما في ذمة الخر ،فهو كما لو كللان لكللل منهللا
عنللد الخللر وديعللة ،فاشللتراها بللوديعته عنللد الخللر ،وهنللا
حصلت بالبيع براءة كل منهما ،وهللي ضللد مللا يحصللل بللبيع
الدين الواجب بالدين الواجب").(27
قال شيخ السلم –رحمه الله" :-اشتهر أنه نهللي عللن بيللع
الدين بالدين ،لكن هذا اللفللظ ل يعللرف عللن النللبي صلللى
الله عليه وسلم ،ولكن الدين المطلق هو المؤخر ،فيكللون
هو بيع الكالئ بالكالئ").(28
وقال –رحمه الله" :-إن النبي صلى الللله عليلله وسلللم لللم
ينه عن بيع الدين بالللدين ،ولكللن روي "إنلله نهللى عللن بيللع
الكللالئ بالكللالئ" مللع ضللعف الحللديث ،لكللن بيللع المللؤخر
بالمؤخر ل يجوز باتفاقهم").(29
497
وقال –رحمه الله" :-وكونه يشمله لفظ بيع دين ،ولو كللان
هذا لفظ صاحب الشللرع لللم يتنللاول هللذا ،فللإنه إنمللا يللراد
بذلك إذا جعل على هذا دين بدين يجعللل علللى هللذا ،وهللذا
لم يبق على هذا دين ول على هذا ديللن فللأي محللذور فللي
هذا؟ بل هذا خير من أن يؤمر كل واحد منهما بإعطللاء مللا
عليه ،ثم استيفاء ما له على الخللر ،فللإن فللي هللذا ضللرًرا
على هذا وعلى هذا ،وتضللييع مللا لهمللا لللو كلان معهمللا مللا
يوفيان ،فكيف إذا لم يكن معهما ذلللك؟ ينللزه الشللرع عللن
تحريمه فإن الشارع حكيم ل يحرم ما ينفع ول يضر").(30
المطلب الثالث
بيع الساقط بالواجب
القسم الثالث :بيع الساقط بالواجب:
هو بيع دين ثابت يسقط ويجب ثمنه).(31
كمن باع ملائة صللاع مللن الللبر ثابتلة لله فللي ذمللة شللخص
بمائتي ريال).(32
وهذا جائز علللى الصللحيح ،سللواء كللان الللدين المللبيع ديللن
سلم ،أو رأس مال السلم –بعد فسللخ العقللد -أو غيرهمللا،
وسواء باعه على من هو عليه ،أو غيللره ،لكللن بشللروط –
كما سيأتي -لنه ل دليل علللى المنللع ،والصللل حللل الللبيع،
ولن ما في الذمة مقبوض للمدين ،قال شيخ السلم ابللن
تيميللة –رحملله الللله" :-ويجللوز بيللع الللدين فللي الذمللة مللن
الغريم وغيره ،ول فرق بين دين السلم وغيره ،وهو روايللة
عن أحمد) ،(33وقال ابن عباس ،ولكن بقدر القيمة فقط،
لئل يربح فيما لم يضمن").(34
ومن المناسب هنا الكلم عن هاتين المسألتين:
المسألة الولى :الدين الذي يجوز بيعه.
يجوز بيع كل دين مستقر –من ثمن مبيع ،وأجرة اسللتوفي
نفعها ،أو فرغت مدتها ،وقرض ،ومهر بعد الدخول ،وجعللل
ة ،وأرش ،وقيملة متللف- ،إل ديلن السللم بعلد عملل ،وديل ٍ
"المسلم فيه" على المذهب).(35
وقد نص المام أحمد في رواية :على جواز بيعه كذلك.
498
واختار شيخ السلم) (36وتلميذه العلمة ابن القيللم)،(37
والعلمة ابن سعدي) ،(38وتلميذه ابن عثيمين) ،(39لكللن
بقدر القيمة فقط لئل يربح فيما لم يضمن.
قال شيخ السلم ابن تيمية –رحمه الللله" :-وهللذه الروايللة
أكثر في نصوص أحمد ،وهي أشبه بأصوله").(40
وقال –رحمه الله" :-وهذا القول أصح ،وهو قيللاس أصللول
أحمد ،وذلك لن دين السلم مبيع").(41
وقال رحمه الله" :وهو مذهب مالك ،وقد نص أحمد ،على
هللذا فللي غيللر موضللع ،وجعللل ديللن السلللم كغيللره مللن
المبيعات").(42
وقال رحمه الله" :وهو قول ابن عباس ،ول يعرف له فللي
الصحابة مخالف ،وذلك لن دين السلللم ديللن ثللابت ،فجللاز
العتياض عنه كبدل القللرض ،وكللالثمن فللي المللبيع ،ولنلله
أحللد العوضللين فللي الللبيع فجللاز العتيلاض عنله ،كلالعوض
الخر").(43
وقال ابن القيم –رحمه الللله" :-وهللو اختيللار القاضللي أبللي
يعلى ،وشيخ السلللم ابللن تيميللة ،وهللو مللذهب الشلافعي،
وهو الصحيح ،فإن هذا عوض مستقر فللي الذمللة ،فجللازت
المعاوضة عليه ،كسائر الديون ،من القرض وغيره").(44
فإن قيل :ما الجواب عن حديث" :من أسلللف فللي شلليء،
فل يصرفه إلى غيره").(45
فالجواب عنه من وجهين:
الول :أن الحديث ضعيف).(46
الثاني :أن المراد به أن ل يصرف المسلم فيه إلى مسلللم
فيه آخر ،لنه بهذا سوف يتضمن الربللح فيمللا لللم يضللمن)
.(47
فللإن لللم يتضللمن الربللح فجللائز ،علللى الصللحيح) (48كمللا
سيأتي في القسم الرابع.
فإن قيل :إن بيع دين السلللم "المسلللم فيلله" بيللع لمللا لللم
يقبض ،والبيع قبل القبض منهي عنلله) .(49فللالجواب عللن
ذلك من وجهين:
الول :أن النهي إنما كان في العيان ل في الديون").(50
499
بدليل ما ثبت عن ابن عمر –رضللي الللله عنهمللا -أنلله قللال
للرسول –صلى الله عليه وسلم" :-إني أبيع البل بللالبقيع،
فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم ،وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير؟
فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم :-ل بأس أن تأخذها
بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء").(51
500
الثاني :أن النهي عن بيع المبيع قبل قبضه مختللص بمللا إذا
باعه على غير بائعه ،أما إذا باعه على بائعه فجائز).(55
فإن قيل :ما الجواب عن قول الموفق ابن قدامة –رحملله
الله" :-وأما بيلع المسللم فيله قبلل قبضله فملا نعللم فلي
تحريمه خلًفا.(56) "..
فالجواب" :أنه قال بحسب مللا علملله ،وإل فمللذهب مالللك
أنه يجوز من غير المستسلف ،كما يجللوز عنللده بيللع سللائر
ضلا إحلدى الروايلتين الديون من غير من هو عليه ،وهلذا أي ً
عن أحمد ،نص عليه في مواضع بيع الدين من غير من هللو
عليه ،كما نص على بيع دين السلم ممن هو عليه ،وكلهما
منصوص عن أحمد في أجوبة كثيرة من أجوبته ،وإن كللان
ذلك ليس في كتب كثير من متأخري أصحابه ،وهذا القول
أصللح ،وهللو قيللاس أصللول أحمللد ،وذلللك لن ديللن السلللم
مبيع").(57
ومثله –علللى الصللحيح -رأس مللال السلللم -أي بعللد فسللخ
عقللد السلللم –يصللح بيعلله) ،(58وهللو أحللد الللوجهين فللي
المذهب) ،(59والوجه الثاني :ل يصح ،وهو المذهب).(60
المسألة الثانية :بيع الدين لغير من هو عليه:
المذهب :ل يجوز بيعه لغيللر مللن هللو عليلله) (61لنلله غيللر
قادر على تسليمه ،أشبه بيع البق).(62
وقد نص المام أحمد في رواية على جواز بيعلله لغيللر مللن
هو عليه) ،(63واختاره شيخ السلم ابن تيمية).(64
قال شيخ السلم –رحمه الله:-
"مذهب مالك يجوز بيعه من غير المستسلللف ،كمللا يجللوز
ضللا
عنده بيع سائر الديون من غير مللن هللو عليلله ،وهللذا أي ً
إحدى الروايتين عن أحمد ،نص عليه في مواضع بيع الدين
من غير من هو عليه ،كما نص على بيع ديللن السلللم ممللن
هو عليه ،وكلهما منصوص عن أحمد في أجوبة كثيرة مللن
أجوبته ،وإن كان ذلك ليلس فلي كتلب كلثير ملن متلأخري
أصحابه").(65
وقال رحمه الله" :بيع الدين ممن هو عليه جللائز ،...وعنللد
مالك يجللوز بيعلله ممللن ليللس هللو عليلله ،وهللو روايللة عللن
أحمد"). (66
501
وقال رحمه الله" :تنازع العلماء في بيع الدين على الغيللر،
وفيه عن أحمد روايتان ،وإن كللان المشللهور عنللد أصللحابه
منعه").(67
وقال رحمه الله:
"وهذا –يعني عدم التمكن من التسليم -حجة من منللع بيللع
الدين ممن ليس عليه ،قال :لنه غرر ليس بمقبوض ،ومن
وزه قال :بيعه كالحوالة عليلله ،وكللبيع المللودع ،والمعللار، ج ّ
وزنا بيع الثمار")(69).(68 ما ،ولهذا ج ّفإنه مقبوض حك ً
وقال ابن القيم –رحمه الله" :-نص أحمللد علللى جللواز بيللع
الدين لمن هو في ذمته ولغيره ،وإن كان أكللثر أصللحابنا ل
يحكمون عنه جوازه لغير من هو في ذمته ،فقد نص عليلله
في مواضع ،حكلاه شليخنا أبلو العبلاس بلن تيميلة –رحمله
الله.(70)-
جح محملد –رحملله اللله" :-وعللن أحمللد روايلة ثانيلة وقد ر ّ
بجواز بيعه لغير من هو عليه ،لكن بشروط:
قال الشيخ محمد –رحمه الله" :-وعللن أحمللد روايللة ثانيللة
بجواز بيعه لغيلر ملن هلو عليله) (71اختارهلا الشليخ تقلي
الدين) ،(72قلت :وهو الصواب بشرط أن يكون من عليلله
ل ،وأن ل يبيعه بما ل يباع به نسيئة").(73 الدين غنًيا باذ ً
وقال رحمه الله" :ول يجوز لغير من هو عليه ،وعنه :بلللى،
وهو اختيار الشيخ تقي الللدين ،وهللو الصللواب ،لكللن بقللدر
القيمة ،كما تقدم لئل يربح فيما لم يضمن ،هكذا اشللترط)
،(74وهو صحيح ،وينبغي أن يزاد شرط آخر ،وهو القللدرة
على أخذه مللن الغريللم ،وإل لللم يصللح ،لن مللن الشللروط
القدرة على تسليم المبيع .(75) "..وقللال – رحملله الللله:-
ر) (76علللى شللخص قللادر علللى )إذا باع دينا ً في ذمللة مقل ٍ
استخراجه ،فالصواب أنه جللائز؛ لنلله ل دليللل علللى منعلله،
والصل حل البيع( ).(77
لنلله إذا بللاع دينلا ً بهللذه الصللفة ،فلللن يكللون ثمللة غللرر ول
مخاطرة –حينئذ -كبيع المغصوب علللى قللادر علللى أخللذه)
(78وبيع البق على قادر على رده).(79
فإن قيل :ما الحكم إذا تعذر أخذ الدين في المدين؟
502
فللالجواب :أن للمشلتري الفسللخ -حينئذ -قياسلا ً عللى بيلع
المغصوب على قادر على أخذه) (80فللإنه إذا تعللذر أخللذه
فللمشتري الفسخ ،على المذهب).(81
فإن قيلل :فهلل يجلوز بيلع ديلن مؤجلل عللى الغيلر بلدين
مؤجل آخر؟).(82
فالجواب :ل ،ل يجوز ذلك بالتفاق) ،(83سواء بللاعه علللى
من هو عليه ،أو علللى الغيللر) ،(84لشللتغال الللذمتين فيلله
بغير فائدة – كما تقدم في المطلب الول.-
قللال شلليخ السلللم ابللن تيميللة –رحملله الللله) :-ل يجللوز
باتفاقهم – يعني بيع الواجب بالواجب -لن كل ً منهما شغل
ذمته بما للخر من غير منفعة وصلت لحدهما ،والمقصللود
بالبيع النفع( ).(85
وقال –رحمه الله) :-المقصود من العقللود القبللض ،فهللو –
يعني بيع الواجب بالواجب -عقد لم يصل به مقصود أص ل ً
ل،
بل هو التزام بل فائدة( ).(86
وقال –رحمه الله) :-ففيه – يعنللي بيللع الللواجب بللالواجب-
شغل ذمة كل واحد منهما بالعقود الللتي هللي وسللائل إلللى
القبض ،وهو المقصود بالعقد( ).(87
المطلب الرابع
القسم الرابع :بيع الواجب بالساقط
وهو :إسقاط دين ثابت في ذمة شخص ،وجعله ثمنا ً )رأس
ل
مللال سلللم( لموصللوف فللي الذمللة )مسلللم فيلله( مؤج ل ٍ
م).(89)(88 معلو ٍ
قال ابن القيم –رحمه الله) :-كما لو أسلم إليله فلي ُ
كلّر –
مكيال لهل العراق -حنطة بعشرة دراهم في ذمتلله ،فقللد
وجب له عليه دين وسقط عنه دين غيره( ).(90
وقال الشيخ عبد الرحمن بللن قاسللم –رحملله الللله) :-بللأن
يكون لزيد على عمرو دراهم مثل ً فيجعلها رأس مال سلم
في طعام ونحوه( ).(91
وهللذا جللائز -أيض لًا -علللى الصللحيح ،لكللن بشللروط – كمللا
سيأتي – لنه ل دليل على المنع ،والصل حللل الللبيع ،ولن
ما في الذمة مقبوض للمدين.
503
قال ابن القيم –رحمه الله) :-وقد حكي الجماع) (92على
امتناع هذا ،ول إجماع فيه ،قاله شيخنا) ،(93شيخ السلللم
ابن تيمية واختار جوازه) ،(94وهللو الصللواب ،إذ ل محللذور
فيه ،وليس بيع كالئ بكالئ -بيع الواجب بالواجب -فيتناوله
النهي بلفظه ،ول في معناه فيتناوله بعمللوم المعنللى ،فللإن
المنهي عنه اشتغلت فيه الذمتان بغير فائدة( ).(95
ثم قللال رحمله اللله) :وإذا جللاز أن يشلغل أحللدهما ذمتلله،
والخر يحصل على الربح -وذلك في بيع العين بالدين -جاز
أن يفرغها من دين ويشغلها بغيره ،وكأنه شغلها بها ابتللداء
إمللا بقللرض أو بمعاوضللة فكللانت ذمتلله مشللغولة بشلليء،
فانتقلت من شللاغل إلللى شللاغل ،وليللس هنللاك بيللع كلالئ
بكالئ ،وإن كان بيع دين بدين فلم ينهه الشارع عن ذلك ل
بلفظه ول بمعنى لفظه ،بل قواعد الشرع تقتضي جللوازه،
فإن الحوالة اقتضت نقل الدين وتحويله من ذمللة المحيللل
إلى ذمة المحال عليه ،فقد عللاوض المحيللل المحتللال مللن
دينه بدين آخر في ذمة ثالث ،فإذا عاوضه مللن دينلله علللى
دين آخر في ذمته كان أولى بالجواز).(96
وقال رحمه الله) :ل إجماع معلوم في المسألة ،وإن كللان
قد حكي ،فإن المانع مللن جوازهللا رأى أنهللا مللن بللاب بيللع
الدين بالدين ،والمجوز له يقللول :ليللس عللن الشللرع نللص
عام في المنع من بيللع الللدين بالللدين ،وغايللة مللا ورد فيلله
حديث ،وفيه ما فيه )أنه نهى عن بيع الكالئ بالكالئ)،(97
والكللالئ المللؤخر ،فهللذا هللو الممنللوع منلله بالتفللاق؛ لنلله
يتضمن شغل الللذمتين بغيللر مصلللحة لهمللا ،وأمللا إذا كللان
الدين في ذمة المسلم إليلله فاشللترى بلله شلليئا ً فللي ذمتلله
فقد سقط الدين من ذمته ،وخلفه دين آخللر واجللب ،فهللذا
كللبيع السلاقط بللالواجب ،فيجلوز كملا يجللوز بيللع السلاقط
بالساقط في باب المقاصة).(98
وقد اشترط شيخ السلم ابن تيمية) ،(99وتلميذه العلمللة
ابن القيم) – (100رحمهما الله -لجواز مثل ذلك :أل يربللح
فيه ،وأل يباع بما ل يباع به نسيئة.
أما المذهب :فل يجوز ذلك – وقد حكللي إجماع لًا)– (101
لنه بيع دين بدين) (102ويجاب عن ذلك بما تقدم مللن أن
504
بيع الدين بالدين المحرم هو بيع الواجب بالواجب لشتغال
الذمتين فيه بغير منفعة ،أما هنا في بيع الواجب بالسللاقط
فقد أفرغها من دين وشغلها بغيللره ،فللانتقلت مللن شللاغل
إلى شاغل ،ول إجماع فللي المسللألة ،ول نللص ،قللال شلليخ
السلم ابن تيمية –رحمه الله) :-بيللع الللدين بالللدين ليللس
فيه نص عام ،ول إجماع ،وإنما ورد النهي عللن بيللع الكللالئ
بالكالئ ،والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض بالمؤخر الذي
لم يقبض ،فهذا ل يجوز بالتفاق( ).(103
وقال رحمه الله) :فهذا الذي ل يجللوز بالجمللاع ،والجمللاع
إنمللا هللو فللي الللدين الللواجب بالللدين الللواجب ،كالسلللف
المؤجل من الطرفين).(104
قال ابن القيم –رحمه الله) :-فهذا هللو الممنللوع بالتفللاق؛
لنه يتضمن شغل الذمتين بغير مصلحة لهما ،وأما إذا كللان
الدين في ذمة المسلم إليلله فاشللترى بلله شلليئا ً فللي ذمتلله
فقد سقط الدين من ذمته وخلفه ديللن آخللر واجللب ،فهللذا
كبيع الساقط بالواجب).(105
فللإن قيللل :إن هللذا سللوف يتخللذ حيلللة علللى قلللب الللدين
المحرم).(106
فللالجواب :إن جللواز ذلللك مشللروط بللأل يربللح فيلله – كمللا
تقللدم -وبهللذا يللزول هللذا الشللكال .فللإن قيللل :إن لشلليخ
السلم) ،(107وتلميذه ابن القيم –رحمهما الله -كلما ً قد
يشللكل علللى اختيارهمللا فللي هللذه المسللألة) ،(108وهللو
قولهما :ل يجوز أن يجعل المسلم فيه )دين السلم( -سلما ً
وثمنا ً لمسلم فيه آخر.
فالجواب عن ذلك من وجهين :الول :أنهما ذكرا ذلك بنللاء
على التسليم بصللحة حللديث" :مللن أسلللف فللي شلليء فل
يصرفه إلى غيره)(110)."(109
الثاني :أنهما ل يجيزان ذلك إذا كان سيربح فيه ،أما إذا لم
يربح فيه فل بأس به عندهما).(112)(111
وقللد سللألت الشلليخ الفقيلله العلمللة محمللد بللن صللالح
العثيمين-رحمه الللله -عللن هللذه المسللألة ،وهللي :إسللقاط
الدين الثابت في ذمة شخص وجعللله ثمن لا ً لموصللوف فللي
الذمة مؤجل معلوم.
505
وقرأت عليه كلم العلمة ابن القيللم – فللي العلم )-(2/9
الذي رجح فيه جواز ذلللك ،وذكللر أنلله اختيللار شلليخه شلليخ
السلم ابن تيمية ،ثم قلت :ما رأيكم فللي ذلللك؟ هللل هللو
جائز؟
فقال الشلليخ -رحملله الللله :-نعللم ،هللذا جللائز ،وليللس فيلله
شيء ،لكن بشرط أل يربح فيه ،وبشرط آخر أل يبيعه بمللا
ل يباع به نسيئة .ا.هل.
فقلت :لقد باعه بمؤجل ،أل يشترط أن يكون حا ً
ل؟
فللال الشلليخ –رحملله الللله:-ل ،ل يشللترط؛ لن الثمللن قللد
قبض .ا.هل.
فقلت :لقد قلتم –حفظكللم الللله -فللي الفللرائد صلل :-161
)الخللامس :أل يللبيعه بمؤجللل فللإن بللاعه بمؤجللل فحللرام
باطل؛ لنه بيع دين بدين(.
فقال الشيخ-رحمه الله) :-إن المحذور في ذلك أن يؤجللل
من أجل أن يربح فيه ،أمللا إذا لللم يربللح فل بللأس ،مللا دام
الثمن قد قبض .ا.هل.
فقلت :وقلتم أيضا ً في الفرائد) :لنه يتخذ حيلة على قلللب
الدين المحرم( ،وقلتم أيضا ً في مختارات مللن العلم صللل
) :-39وفيه محذور ،وهو التحيل على قلب الدين كمللا هللو
ظاهر( فقال الشيخ –رحمه الله :-هذا إذا ربح فيه ،أمللا إذا
لم يربح ،وأخللذه بسللعر يللومه فل بللأس .ا.هللل ،يللوم الحللد
23/6/1420هل.
ثم راجعته في المسللألة مللرة أخللرى وقللرأت عليلله كلملله
السابق الموجود في الفرائد ،والمختارات مرة أخرى فأكد
لي جواز ذلك بالشرطين السابقين.
فقلت له :إن لشيخ السلم ،وتلميذه العلمة ابللن القيللم –
رحمهما الله -كلما ً قللد يشللكل علللى اختيارهمللا فللي هللذه
المسألة ،وهو قولهما :إنه ل يجوز أن يجعللل المسلللم فيلله
ثمنا ً لمسلم فيه آخر -وقد تقدم ذلك قريبًا.-
فقال الشيخ –رحمه الله -هذا إذا كان سيربح فيلله ،أمللا إذا
للللم يربلللح ،فل بلللأس بللله عنلللدهما ا.هلللل ،يلللوم الربعلللاء
26/6/1420هل.
506
فإن قيل :فإذا ارتفع سللعر المسلللم فيلله عنللد حللول أجللله
ارتفاعا ً معتادًا ،فهل يؤثر ذلك على صحة العقد؟
فالجواب :ل ،ل يؤثر؛ لكون العقد قد وقللع صللحيحًا؛ لخلللوه
من الربح في الدين المبيع )المسلم فيه(.
لكن يبقى أن يقال :هل يلللزم المسلللم أن يللدفع للمسلللم
إليه القدر الزائد الذي طرأ في السعر؟
فالجواب :أن ذلك محل نظر ،فقللد يقللال بللذلك ،لئل يربللح
فيما لم يضمن ،وقد يقال بعدمه – يعني أنه ل يلزمه ذلك-
لنه لم يشترط ذلك ،ولم يكن له ي لد ٌ فيلله؛ وإنمللا هللو رزق
ساقه الله –تعالى -إليلله ،بسللبب ارتفللاع السللعار المعتللاد.
والله أعلم.
المبحث الثاني
شروط جواز بيع الدين
يشترط لجواز بيع الدين – وهو تلخيص لما معنى -ما يلي:
الشرط الول" :أن يكون معلومًا") (113فإن كان مجهول ً
لم يصح ،إل على سبيل المصالحة).(114
الشرط :أن يباع بسعر يومه )أل يربح فيلله( .وذلللك لقللوله
صلى الله عليه وسلم" :ل بأس أن تأخذها بسعر يومهللا"..
) ،(115ولنه إذا باعه بأكثر من سعر يومه ربح فيلله ،وقللد
نهى صلى الله عليه وسلم -عن ربح ما لللم ُيضللمن)،(116
أي نهى عن الربح في شيء لم يدخل فللي ضللمان البللائع،
والدين في ضمان من هو في ذمته) ،في ضمان المللدين(،
ولم يدخل بعد في ضمان من هو له )فللي ضللمان الللدائن(
حتى يجوز له الربح فيه (117) .قال شيخ السلم –رحملله
وز بيع الدين ممن هو عليه بربللح ،فللإنه ربللح الله) :-فلم يج ّ
فيما لم يضمن ،فللإنه لللم يقبللض ،ولللم يصللر فللي ضللمانه،
والربح إنما يكون للتاجر الذي نفللع النللاس بتجللارته ،فأخللذ
الربح بإزاء نفعه ،فلم يأكل أموال الناس بالباطل( ).(118
ثم قال رحمه الله) :فإذا كان لله ديلن وبلاعه ملن الملدين
بربح فقد أكل هذا الربح بالباطل ،إذا كان لم يضمن الدين
ولم يعمل فيه عم ً
ل( ).(119
وقال رحمه الله) :فل يربح حتى يصير في حللوزته ،ويعمللل
فيها عمل ً من أعمال التجارة :إما بنقلهللا إلللى مكللان آخللر،
507
الذي يشتري في بلد ويبيع في آخر ،وإما حبسها إلى وقت
آخر ،وأقل ما يكون قبضها ،فإن القبض عمل ،وأمللا مجللرد
التخلية في المنقول فليس فيها عمل( ).(120
فإن قيل :فهل يجوز بيعه بأقل من سعر يومه؟ فللالجواب:
نعم ،يجوز ذلك؛ لنه لم يربللح فيلله ،بللل زاد المللدين خيللرًا،
وأبرأه من بعض حقه).(121
فإن قيل :ما الجواب عللن مفهللوم قللوله صلللى الللله عليلله
وسلم" :ل بأس أن تأخذها بسعر يومها.(122) "..
فللالجواب :أن المفهللوم ل عمللوم للله ،بللل يصللدق بصللورة
واحدة مخالفة) .(123والصورة المخالفة هنا هي إذا بللاعه
بأكثر من سعر يومه ،فهذا ل يجوز؛ لنه يدخل في ربللح مللا
لم يضمنه).(124
الشرط الثالث :أن يقبض عوضلله فللي مجلللس العقللد ،إن
باعه بما ل يباع به نسلليئة؛ وذلللك لقللوله صلللى الللله عليلله
وسلم في أخذ الدراهم عن الدنانير والعكس" :ل بللأس أن
تأخذها بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء").(125
أما إن باعه بما يباع به نسيئة فل يخلو من حالين:
الولى :أن يبيعه بمعين ،كقوله :بعتك مللا فللي ذمتللك بهللذا
الثلللوب .فحينئذ ل يشلللترط القبلللض فلللي المجللللس – بل
إشكال -وهو المذهب).(126
الثانية :أن يبيعه بغيللر معيللن بموصللوف فللي الذمللة حللال،
كقوله :بعتك ما في ذمتك بثللوب صللفته كللذا وكللذا ،فحينئذ
يشترط القبض على المذهب)" ،(127لئل يصللير بيللع ديللن
بدين") .(128والصحيح أنه ل يشترط القبض هنا أيضًا.
واختاره شيخ السلم ابللن تيميللة) ،(129وتلميللذه العلمللة
ابللن القيللم (131)(130)،والعلمللة الشلليخ محمللد بللن
عثيمين)– (132رحمة الله على الجميع -لعللدم جريللان ربللا
النسلليئة بينهمللا) ،(133وقللد تقللدم الجللواب عللن دليللل
المذهب.
الشرط الرابع :أل يباع بمؤجل ،إن كان مللؤجل ً باقي لا ً علللى
تأجيله ،لم ُيسقط؛ لن بيعه بمؤجللل إن كللان مللؤجل ً باقي لا ً
على تأجيله لم يسقط هو بيللع الللواجب بللالواجب ،المنهللي
508
عنلله بالتفللاق كمللا تقللدم -أمللا إن كللان مللؤجل ً فأسللقطه،
واعتاض عنه بمؤجل فجائز على الصحيح.
الشرط الخامس :أن يكون الدين مستقرًا.
فإن كان غير مستقر -كدين الكتابة ،وصداق قبللل الللدخول
والخلوة ،وجعل قبللل عمللل ،وأجللرة قبللل فللراغ المللدة ،أو
قبل استيفاء نفعها لم يصح بيعه) ،(134لعدم تمام الملك،
ولنه قد يستقر وقد ل يستقر).(135
ويشترط على المذهب – إضافة إلى ما سبق -ما يلي:
(1أل يباع لغير من هو عليه.
والصحيح أن ذلك ل يشترط –كما تقللدم -وأنلله يجللوز بيعلله
للغير بالشروط المتقدمللة ،وبشللروط ثلثللة أيضلا ً هللي :أن
يكون الدين ثابتا ً ببينة أو إقرار ،وأن يكون المشتري قادرا ً
على استخراجه من المدين ،وأل يباع بما ل يباع به نسيئة.
(2أل يبيعه بمؤجل.
والصحيح أن ذلك ل يشترط ،إل إن كلان الللدين الللذي فللي
ذمة المدين مؤجل ً باقيا ً على تأجيله لم يسقط.
(3أل يكون دين سلم )مسلم فيلله( ،والصللحيح أن ذلللك ل
يشترط ،وقد تقدم ذلك.
(4أل يكون رأس مال سلم )ثمن المسلم فيه( ،وذلك بأن
يفسخ عقد السلم ،فيقلوم المسللم بلبيع رأس ملاله عللى
المسلللم إليلله ،فل يصللح علللى المللذهب – كمللا تقللدم-
والصحيح صحته ،وعدم اشتراط هللذا الشللرط ،وقللد تقللدم
ذلك أيضا ً في آخر المسألة الولى من المطلب الثالث.
(5أل يكون ثمنا ً لمبيع ،ثم يعتاض عنه بمللا ل يبللاع بللالمبيع
نسيئة.
مثل أن يكون الدين ثمنا ً لبر فيعتاض عنه بشعير ،أو غيللره
مما يشارك البر فللي علللة الربللا ،فل يصللح ذلللك لئل تتخللذ
ذريعة إلى الربا ،وحيلللة عليلله ،وهللذا هللو المللذهب).(136
والصحيح أن ذلك جائز ،إذا لم يكن حيلة مقصودة.
واختاره موفق الدين بن قدامة) ،(137وشرف الللدين بللن
قاضي الجبللل) (138والعلمللة ابللن القيللم) (139والعلمللة
ابن سعدي).(140
509
وقد توسط شيخ السلم ابن تيمية بيللن القللولين ،فجللوزه
لحاجة) (141وتبعه علللى ذلللك العلمللة الشلليخ محمللد بللن
عثيمين) (142رحمة الله على الجميع.
قال ابن القيم –رحمه الله -عن هذه المسألة) :فيها قولن
أحللدهما :المنللع ،وهللو المللأثور عللن ابللن عمللر وسللعيد بللن
المسيب وطاوس ،وهو مذهب مالك وإسحاق.
والثاني :الجواز ،وهو مذهب الشافعي ،وأبي حنيفللة ،وابللن
المنذر ،وبه قال جابر بن زيد ،وسعيد بن جبير ،وعلللي بللن
الحسين ،وهو اختيار صاحب المغني وشيخنا) (143والول
اختيار عامة الصحاب ،والصحيح الجواز( ).(144
وإلى هنللا انتهللى مللا أردنللا والحمللد لللله الللذي بنعمتلله تتللم
الصالحات.
لمزيد من الطلع حول الموضوع:
* عقد الكالئ بالكالئ :تدليل ً وتعليل ً
) (1الللدين :مللا ثبللت مللن المللال فللي الذمللة ،معجللم لغللة
الفقهاء ص.189 .
) (2انظر مجموع فتاوى شيخ السلم 29/472 ,20/512
،والعقلللود ص ،235وتفسلللير آيلللات أشلللكلت ،22/638
،665وإعلم الموقعين ،2/8وإغاثة اللهفان .1/364
) (3تفسير آيات أشكلت .2/655
) (4انظر المغني ،6/106ومجموع فتللاوى شلليخ السلللم
،20/512لل ،29/472والعقللود ص ،235وتفسللير آيللات
أشكلت ،665 ،2/637إعلم الموقعين .3/340 ،2/8
) (5انظلللر مجملللوع فتلللاوى شللليخ السللللم ،20/512
،29/472لل ،30/264والعقللود ص ،235وتفسللير آيللات
أشللكلت ،2/637لل ،665وأعلم المللوقعين ،2/8وإغاثللة
اللهفان .11/364
) (6أخرجه الدار قطني في سننه ،72-3/71والحاكم في
مسلللتدركه ،66-2/65واللللبيهقي فلللي السلللنن الكلللبرى
،5/290وقد تفرد به موسى بن عبيدة الربذي ،قال المام
أحمد :ل تحل الرواية عنه ،ول أعرف هذا عن غيره ،وقللال
ضا ليس في هذا حديث يصح .أ.هل مللن التلخيللص ،3/62 أي ً
والمغني ،6/106والعقود ص ،235وقال الشافعي :أهللل
510
الحديث يوهنون هللذا الحللديث .أ.هل ل مللن التلخيللص ،3/62
وقد ضعفه شيخ السلم ابن تيميللة فللي العقللود ص ،235
وفي تفسير آيات ،2/638ل ،665وابللن حجللر فللي البلللوغ
،2/25حيث قال" :رواه إسلحاق واللبزار بإسلناد ضلعيف"
وضعفه اللباني في الرواء .5/220
) (7العقود ص .235
) (8تفسير آيات أشكلت 2/665بتصرف يسير.
) (9العقود ص .235
) (10مجموع فتاوى شيخ السلم 30/264بتصرف يسللير
دا.
ج ً
) (11إعلم الموقعين .2/9
دا.
) (12إغاثة اللهفان ،1/364بتصرف يسير ج ً
) (13مجموع فتاوى شيخ السلم .29/472
) (14العقود ص .235
) (15انظر إعلم الموقعين ،2/9وتهذيب السللنن ،9/262
والنصاف .106-12/105
) (16انظر الهداية .3/84
) (17انظر بداية المجتهد .2/200
) (18العقود ص .235
) (19تفسير آيات .2/639
) (20مجموع فتاوى شيخ السلم 29/472بتصرف يسللير
دا.ج ً
) (21تفسير آيات .2/665
) (22إعلم الموقعين 2/9بتصرف يسير.
) (23انظر الرشاد ص .100
) (24انظر حاشيته على الروض ،1/519والشرح الممتللع
.8/447
) (25تفسير آيات أشكلت .2/665
) (26العقود ص .235
) (27العقود ص .235
) (28تفسير آيات أشكلت .2/639
) (29المصدر السابق .2/665
) (30المصدر السابق .2/640
511
) (31انظللر إعلم المللوقعين ،2/9والنصللاف -12/105
.106
) (32انظر إعلم الموقعين ،2/9والشرح الممتع .8/433
) (33انظللر الفللروع ،4/186والنصللاف ،12/292ل ،296
.299 ،297
) (34انظر الخبار العلمية ص .193
) (35انظر المغنللي ،6/415والفللروع ،4/186والنصللاف
،297 ،296 ،10/292المبدع ،4/1199والكشاف ومتنه
،3/1553والمنتهى .391-22/390
) (36انظللر الخبللار العلميللة ص ،193ومجمللوع فتللاوى
،506-29/503لللل ،519والفللللروع ،4/186والنصللللاف
.12/292
) (37انظر إعلم الموقعين ،2/9وتهذيب السنن .9/260
) (38انظللر المختللارات الجليلللة ص ،149والرشللاد ص
،100والفتاوى السعدية ص ،249ص ،25ص .521
) (39انظر حاشلليته علللى الللروض ،1/517ل ،540– 538
والمنتقللى مللن فللرائد الفللوائد ص ،161والشللرح الممتللع
.8/432
) (40مجموع فتاوى .29/505
) (41المصدر السابق .29/506
) (42المصدر السابق .29/503
) (43المصدر السابق .29/519
) (44تهذيب السنن .9/260
) (45أخرجلله أبللو داود فللي كتللاب الللبيوع بللاب السلللف ل
ول ،برقللم )،(3468ل ،3/480وابللن ملاجه ،فلي كتلاب يحل ّ
التجارات باب من أسلم في شليء فل يصلرفه إللى غيلره
برقللم )،(2283لل ،2/766وفللي سللنده عطيللة بللن سللعد
العوفي ،وهو ضعيف ،ضعفه أحمد وغيره ،قال ابن حجر –
فللي التلخيللص " : 3/60وهللو ضللعيف ،وأعللله أبللو حللاتم
والبيهقي وعبد الحق وابن القطللان بالضللعف والضللطرار"
أ.هل .وضّعف الحديث كذلك شيخ السلللم ابللن تيميللة فللي
مجموع فتاوى شيخ السلم ،29/517ل ،519وابللن القيللم
في تهذيب السنن ،9/257واللباني في الرواء .5/215
512
) (46انظر مجموع فتاوى شليخ السللم ،29/517ل ،519
وتهذيب السللنن ،9/257ل ،261والتلخيللص الحللبير ،3/60
والرواء .5/215
) (47انظر مجموع فتاوى شليخ السللم ،29/517ل ،519
وتهذيب السنن .261 ،9/257
) (48انظلللر مجملللوع فتلللاوى شللليخ السللللم ،20/512
،29/516وتفسير آيات أشكلت ،2/638وتهللذيب السللنن
،9/291وإعلم الموقعين.
) (49انظر المغني ،6/415وشللرح الزركشللي ،18-4/17
ومجموع فتاوى شلليخ السلللم ،29/519وتهللذيب السللنن
.258 ،9/256
) (50مجموع فتاوى شيخ السلم .29/519
) (51أخرجه أحمد فللي المسللند ،7/50ل ،264ل ،266أبللو
داود في كتاب البيوع باب في اقتضاء الذهب مللن الللورق،
برقم ) ،3/442 ،(3354والترمذي في أبواب البيوع ،باب
مللا جللاء فللي الصللرف ،4/370 ،تحفللة ،والنسللائي فللي
الصغرى ،في البيوع ،باب بيع الفضللة بالللذهب-7/324 ،...
،325السلليوطي ،وابللن مللاجه فللي كتللاب التجللارات بللاب
اقتضللاء الللذهب مللن الللذهب ،..برقللم ) (2262و ،2/760
وصللححه الحللاكم فللي مسللتدركه ،2/50ووافقلله الللذهبي
وصححه كذلك النووي في المجموع ،109-9/108وأحمللد
شاكر في تحقيقه للمسند ،7/175فقد أخرج النسائي في
الصغرى ،7/325عن ابن عمر –رضللي الللله عنهمللا" -أنلله
سلا يعنلي فلي قبلض اللدراهم ملن اللدنانير، كان ل يرى بأ ً
والدنانير من الدراهم".
) (52تهذيب السنن .9/257
) (53مجمللوع فتللاوى شلليخ السلللم 29/512بتصللرف
يسير.
) (54تهذيب السنن .258-9/257
) (55انظر مجموع فتاوى شيخ السلللم ،29/505لل -512
،514لل ،517والخبللار العلميللة ص ،188-187والفللروع
،4/186وتهذيب السنن .282 ،9/258
) (56المغني .6/415
513
) (57مجموع فتاوى شيخ السلم .29/506
) (58انظر الخبللار العلميللة ص ،193والفتللاوى السللعدية
ص ،251-249والمنتقى من فرائد الفوائد ص .161
) (59انظر النصاف .298-296 ،293-12/292
) (60انظللر الفللروع ،187-4/186والنصللاف ،12/292
،298والكشاف ومتنه .3/1554
) (61انظللر الفللروع ،186-4/185والنصللاف ،12/299
والكشاف ومتنه .3/1555
) (62انظر الكشاف .3/1555
) (63انظر الفروع ،186-4/185والنصاف .12/299
) (64انظللر المصللدرين السللابقين ،والخبللار العلميللة ص
،193وتهذيب السنن ،9/257والمنتقى من فرائد الفوائد
ص .160
) (65مجموع الفتاوى .29/506
) (66المصدر السابق .29/401
) (67مجموع الفتاوى .30/265
) (68قللال شلليخ السلللم فللي مجمللوع الفتللاوى 29/508
"يجوز في أصح الروايتين عن أحمد للمشتري أن يبيع هللذا
الثمر ،مع أنه من ضمان البائع" أ.هل.
) (69مجموع الفتاوى .29/403
) (70تهذيب السنن .9/257
) (71انظر الفروع ،186-4/185والنصاف .12/299
) (72انظللر المصللدرين السللابقين والخبللار العلميللة ص
.193
) (73المنتقى من فرائد الفوائد ص .1160
) (74انظر المصادر السابقة.
) (75حاشيته على الروض .1/539
) (76ومثل ذلك إذا ثبت ببينة.
) (77الشرح الممتع ).(8/436
) (78المذهب :صحة بيعلله علللى قللادر علللى أخللذه .انظللر
الفلللروع ) ،(4/21والنصلللاف ) (90-11/89والمنتهلللى )
،(2/261والللروض ومتنلله ) ،(11/461والشللرح الممتللع )
.(8/162
514
) (79الصواب :صحة بيعه علللى قللادر علللى رده ،واختللاره
الموفق في الكللافي ) ،(3/20وصللاحب الشللرح فيلله )/11
،(94-93 .89وقدمه ابن مفلح في الفروع ) ،(4/21وقال
اختاره الشيخ – يعني ابن قدامة -وغيللره ،وذكللره القاضللي
في موضع )و هل م( يعني وفاقا ً لبللي حنيفللة ومالللك( ا.هلل
وصللوبه المللرداوي فللي النصللاف ) ،(11/89/94وانظللر
الشرح الممتع ).(8/59
) (80انظر المنتقى من فرائد الفوائد ص .160
) (81انظللر الفللروع ) ،(4/21والنصللاف )،(94 .11/90
والمنتهى ).(2/261
) (82مثل أن يكون لزيد في ذمة عمر سيارة مؤجلة إلللى
سنة ،فيبيعها زيد على بكر بمائة ألف مؤجلة إلللى سللنتين،
مع بقاء الدينين مؤجلين.
) (83انظللر المغنللي ) ،(6/106ومجمللوع فتللاوى شلليخ
السللللم ) ،(472 .29 .20/512والعقلللود )ص ،(235
وتفسير آيات أشكلت ) ،(665 .2/637وإعلم الموقعين )
،(2/8وإغاثة اللهفان ).(1/364
) (84تنبيه :قد يظن البعض أن شيخ السلم –رحمه الللله-
يجيز هذه الصورة وهي بيع الدين المؤجل بالدين المؤجل،
إذا كان ذلك على الغير؛ لنه يجيز بيللع الللدين علللى الغيللر،
وهذا من الخطأ عليه –رحمه الله -لنه وإن أجاز بيعه على
الغير فل يلزم أن يجيز هذه الصورة )بيعه على الغير وهللو
مؤجل بدين مؤجل آخر( بل مقتضى كلملله -المتقللدم فللي
المطلب الول -عدم جواز هذه الصورة ،وجواز مللا سللقط
فيلله أحللد الللدينين ،أو كلهمللا .انظللر العقللود )ص ،(235
وتفسلللير آيلللات أشلللكلت ) ،(665 .2/637.639إعلم
الموقعين ).(2/9
) (85تفسير آيات أشكلت ).(2/665
) (86العقود )ص .(235
) (87مجموع الفتاوى ).(29/472
) (88فإن قيل :ما الفرق بينه وبين القسم الثالث؟
فللالجواب :أن الفللرق إنمللا هللو مللن حيللث تقللدم الثمللن
والمثمن في القسمين ،وتأخرهما ،وإل فالحكم واحد علللى
515
الصللحيح – كمللا سلليأتي -ففللي القسللم الثللالث :المتقللدم
والساقط هو المثمن ،والمتأخر والواجب هو الثمللن )عقللد
الللبيع المعللروف تمامللًا( ،وفللي القسللم الرابللع :المتقللدم
والساقط هو الثمن ،والمتأخر والواجب هو المثمللن )عقللد
السلم المعروف تمامًا(.
) (89انظللر إعلم المللوقعين ) ،(2/9والمغنللي )،(6/410
والشللرح ) ،(12/281والنصللاف ) ،(12/105والكشللاف )
،3/1512لل ،1551لل ،1554وحاشللية ابللن قاسللم علللى
الروض ).(5/26 .4/523
) (90إعلم الموقعين ).(2/9
) (91حاشيته على الروض ).(5/26
) (92قال موفق الدين ابن قدامة – رحمه الللله) -إذا كللان
له في ذمة رجل دينار فجعله سلما ً في طعام إلى أجل لم
يصح ،قال ابن المنذر :أجمع على هذا كل من أحفللظ عنلله
من أهل العلم ،منهم مالك ،والوزاعي ،والثللوري ،وأحمللد،
وإسللحاق ،وأصللحاب الللرأي ،والشللافعي( ا.هللل المغنللي )
،(6/410وذكره صاحب الشرح الكبير فيه ).(12/281
) (93قال شيخ السلم – رحمه الللله) -بيللع الللدين بالللدين
ليس فيه نص عام ،ول إجمللاع ،وإنمللا ورد النهللي عللن بيللع
الكالئ بالكالئ ،والكالئ هو المؤخر الذي لم يقبض ،فهللذا
ل يجوز بالتفاق( .فتاواه ).(20/512
) (94انظر مجموع فتاواه )،(264 .472 .29 .20/512
والعقود ص 235وتفسير آيللات أشللكلت ).639 .2/638
.665 .640
) (95إعلم الموقعين ).(2/9
) (96إعلم الموقعين ).(2/9
) (97تقدم تخريجه هامش ).(6
) (98إعلم الموقعين ) (3/340بتصرف يسير جدًا.
) (99انظللر مجمللوع فتللاواه )،(519 .510 .29/503
وتفسير آيات أشكلت ).(639 .662-2/659
) (100انظر تهذيب السنن ).(261 .259 .9/257
) (101انظللللر المغنللللي ) ،(6/410والشللللرح الكللللبير )
،(122/281وحاشية ابن قاسم ).(4/522
516
) (102انظلللللر الفلللللروع ) ،(187-4/186والنصلللللاف )
،(12/298والمنتهى ) ،(3911 .388 .2/356والكشاف
ومتنللله ) .1551 .3/1512واللللروض ).517-(516 .1
.(540
) (103مجموع فتاواه ).(20/512
) (104العقود )ص .(235
) (105إعلم الموقعين ) (3/340بتصرف يسير جدًا.
) (106انظر حاشية ابن قاسم ) ،(4/523ومختللارات مللن
إعلم المللوقعين )ص ،(39والمنتقللى مللن فللرائد الفللوائد
)ص .(161
) (107انظر مجموع فتاواه ).(519 .29/517
) (108انظر تهذيب السنن ).(261 .9/57
) (109سبق تخريجه هامش رقم ).(45
) (110انظللر مجمللوع فتللاوى شلليخ السلللم )،(29/519
وتهذيب السنن ).(261 .9/257
) (111انظللر مجمللوع فتللاوى شلليخ السلللم ).20/512
(.516 .511 .510 .29/472وتفسللير )-639-2/638
،(665-640وإعلم الموقعين ) ،(3/340 .9-2/8وتهذيب
السنن ) (9/261وحاشية الشيخ محمللد بللن عللثيمين علللى
الروض ) ،(1/517والشرح الممتع ).(8/434
) (112وقاله لي الشلليخ العلمللة محمللد بللن عللثيمين يللوم
الربعللاء 26/6/1420هل ل وذلللك عنللدما سللألته عللن هللذه
المسألة )بيع الواجب بالساقط( ،وقرأت عليه كلملله فيهللا
في المنتقى من فرائد الفوائد )ص ،(161ومختارات مللن
إعلم المللوقعين )ص ،(39وكلم ابللن القيللم فللي إعلم
الموقعين ).(2/9
) (113انظلللر المغنلللي ) ،(6/411والشلللرح والنصلللاف )
.(283-282 ،12/233
) (114المنتقى من فرائد الفوائد )ص .(160
) (115تقدم تخريجه هامش ).(51
) (116أخرجه أحمد في المسند ) ،(110/120وأبللو داود،
في كتاب البيوع ،باب في الرجل يبيع ما ليس عنده ،برقم
) ،(3/495) ،(3504والترمذي ،في أبواب البيوع ،باب ما
517
جاء في كراهية بيللع مللا ليللس عنللده ،وقللال عنلله" :حسللن
صللحيح" ) (4/3611تحفللة ،والنسللائي ،فللي الللبيوع ،بللاب
سلف وبيللع ) ،(7/340سلليوطي ،وابللن ماجللة ،فللي كتللاب
التجارات ،باب النهي عن بيع ما ليس عنده ،وعن ربللح مللا
لم ُيضمن ،برقللم ) ،(738-2/737) (2188والحللاكم فللي
المستدرك ) ،(2/21وصللححه ،ووافقلله الللذهبي ،وصللححه
كللذلك أحمللد شللاكر فللي تحقيقلله للمسللند )،(10/120
واللباني في الرواء )،(5/147لل ،(148وفي صحيح سللنن
أبي داود ).(2/669
) (117انظر مجموع فتاوى شيخ السلم ).511-29/510
،519وتفسللير آيللات أشللكلت ) ،(662-2/659وتهللذيب
السنن ) ،(2611 .9/259والشرح الممتع )-375 .8/222
.(435 .433 .376
) (118تفسير آيات أشكلت ).(2/659
) (119المصدر السابق ).(2/660
) (120تفسير آيات أشكلت ).(2/656
) (121انظللر مجمللوع فتللاوى شلليخ السلللم ).229/505
،(519 -518ومختصللر الفتللاوى المصللرية )ص ،(432
وتهذيب السنن ) ،(9/259والمنتقى من فرائد الفوائد )ص
،(160والشرح الممتع ) ،(434 .8/376وحاشللية الشلليخ
محمد بللن عللثيمين علللى الللروض )-538 .517-11/516
.(539
) (122تقدم تخريجه هامش ).(51
) (123انظللللر المغنللللي ) ،(1/48والنصللللاف )،(1/133
ومجموع فتاوى شيخ السلم )،(498 .21/73 .20/520
ومختصللر الفتللاوى المصللرية )ص ،(24-23وفقلله الكتللاب
والسنة )المسائل الماردينية( لشيخ السلم )ص ،(58-57
والخبار العلمية )ص ،(312وتهذيب السللنن )،(86-1/85
والقواعد والفوائد الصولية )ص ،(314والشرح الممتللع )
.(8/434 .1/33
) (124انظللر مجمللوع فتللاوى شلليخ السلللم )-129/518
،(519ومختصللر الفتللاوى المصللرية ص ،432وتهللذيب
السللنن ) ،(9/259والشللرح الممتللع ) ،(8/434وحاشللية
518
الشلليخ محمللد بللن عللثيمين علللى الللروض )،517-1/516
.(539-538
) (125تقدم تخريجه هامش ).(51
) (126انظلللللر الفلللللروع ) ،(187-4/186والنصلللللاف )
،(12/298والمنتهللللى ) ،(2/391والكشللللاف ومتنلللله )
،(1555-3/1554وحاشية الشلليخ محمللد علللى الللروض )
.(540 .1/517
) (127انظلللللر الفلللللروع ) ،(187-4/186والنصلللللاف )
،(12/298المنتهلللللى ) ،(2/391والكشلللللاف ومتنللللله )
،(1555-3/1554والروض ).(540 .517-22/516
) (128الكشاف ).(3/1554
) (129انظر مجمللوع الفتللاوى ) ،(29/516وتفسللير آيللات
أشكلت ) ،(2/639وإعلم الموقعين ).(2/9
) (130انظللر إعلم المللوقعين ) ،(3/340 .2/9وتهللذيب
السنن ).(2611 .(9/259
) (131وقد تقدم أنهما –رحمهمللا اللله -يجيللزان فللي هللذه
الصورة التأجيل كذلك ،فالجواز هنا عندهما من باب أولى.
) (132انظللر المنتقللى مللن فللرائد الفللوائد )ص ،(160
وحاشللليته عللللى اللللروض ) ،(1/517والشلللرح الممتلللع )
.(8/434
) (133انظللر تفسللير آيللات أشللكلت ) ،(2/639وتهللذيب
السنن ) ،(9/261وحاشللية الشلليخ محمللد علللى الللروض )
.(1/517
) (134انظلللر الفلللروع ) ،(4/185والنصلللاف )-12/296
،(298والمنتهللى ) ،(2/391والكشللاف ومتنلله )-3/1554
،(1555والروض ) ،(1/539والمنتقى مللن فللرائد الفللوائد
)ص .(161
) (135انظر المنتقى من فرائد الفوائد )ص .(161
) (136انظر المغني ) ،(264-6/263والشرح والنصاف )
،(199-11/196والفلروع ) ،(4/171والمنتهلى )،(2/284
والكشاف ومتنه ) ،(1554 .39/1434والروض )،(1/472
والمنتقى من فرائد الفوائد )ص .(161
519
) (137انظللر المغنللي ) ،(264-6/263والشللرح الكللبير )
.(199-11/197
) (138انظر النصاف ).(197-11/196
) (139انظر تهذيب السنن ).(9/262
) (140انظللر الرشللاد إلللى معرفللة الحكللام )ص ،(99
والفتاوى السعدية )ص ) ،(249ص .(250
) (141انظر مجموع الفتاوى ).450-448 .301-29/300
،(519-518ومختصلللر الفتلللاوى المصلللرية )ص ،(432
والفلللللروع ) ،(4/1711والخبلللللار العلميلللللة )ص ،(190
والنصاف ).(197-11/196
) (142انظر الشيخ الممتع ).(8/222
) (143لكن شيخ السلم قيللده بالحاجللة .انظللر الفللروع )
،(4/171والخبار العلمية )ص .(190
) (144تهذيب السنن ) ،(9/262وانظللر المغنللي )-6/263
،(264الشرح الكبير ).(199-197
================
#سوق السهم بين المصالح والمفاسد
د .عبد اللطيف بن عبد الله الوابل 16/11/1426
18/12/2005
أصللبح موضللوع سللوق السللهم حللديث المجللالس وكللثرت
السئلة حوله واتجهت شرائح من المجتمع إليلله بحث لا ً عللن
الرباح وكان لبد لكل من عنده علم في ذلك أن يبين رأيه
في المسألة ويدلي بدلوه براءة للذمة ونصحا ً للمة .وهذه
رؤية في الموضوع أطرحها حسب ما بلغه اجتهادي وأسأل
الله التوفيق والسداد.
وقبل الحديث عن سللوق السللهم ومللا يشللتمل عليلله مللن
مصالح ومفاسد في حالته الراهنة لبد مللن ذكللر مقللدمات
هامة ليكون الحديث عن سوق السهم فللي الطللار العللام
للمنهج السلمي المتميز:
الكسب الحلل مطلب شرعي ،أمر الله المؤمنين بله كملا
أمر المرسلين ،فقد ثبت في الحديث الصحيح مللن حللديث
أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم )) :يللا أيهللا النللاس إن الللله طيللب ل يقبللل إل
520
طيبًا ،وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلللين فقللال:
" يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ً إنللي بمللا
تعملون عليللم " وقللال )) :يللا أيهللا الللذين آمنللوا كلللوا مللن
طيبات ما رزقناكم " ثم ذكر الرجل يطيل السللفر أشللعث
أغللبر ومطعملله حللرام ،ومشللربه حللرام ،وملبسلله حللرام،
وغذي بالحرام يمد يديه إلى السللماء :يللا رب يللارب فللأنى
يستجاب لذلك((.
الصل في المسلم أن يتجنب الشبهات حرص لا ً علللى دينلله
وحفظا ً لخرته ولللذلك أخللبر صلللى الللله عليلله وسلللم فللي
حديث النعمان بللن بشلير المتفللق عليله عللن ذللك بقلوله:
)) إن الحلل بين وإن الحرام بين وبينهما أمللور مشللتبهات
ل يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ
لدينه وعرضه ومن وقللع فللي الشللبهات وقللع فللي الحللرام
كالراعي يرعى حللول الحمللى يوشللك أن يرتللع فيلله (( ....
والمشتبه هو ما اختلف في حله أو تحريمه وفسرها المام
الزاهد الورع أحمد بن حنبل رحملله الللله بأنهللا منزلللة بيللن
الحلل والحللرام وقللال مللن اتقاهللا فقللد اسللتبرأ لللدينه،
وفسرها تارة بللاختلط الحلل والحللرام .قللال سللفيان بللن
عيينة رحمه الله :ل يصيب عبد حقيقة اليمان حتى يجعللل
بينه وبين الحرام حاجزا ً من الحلل وحللتى يللدع الثللم ومللا
تشابه منه.
كسللب المللال ليللس مقصللودا ً فللي ذاتلله ولكنلله وسلليلة
للستعانة به على طاعة الله ،فإذا لم يكن حلل ً يستعان به
على طاعة الله فهو بؤس وشقاء قال تعالى )) :وابتغ فيما
آتاك الله الدار الخرة ول تنس نصيبك مللن الللدنيا (( وفللي
الحديث في مسللند المللام أحمللد رحملله الللله ":وإن الللله
يعطي الدنيا من يحللب ومللن ل يحللب ول يعطللي الللدين إل
من أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبلله ،والللذي نفللس
محمد بيده ل يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ول يللؤمن
حتى يأمن جاره بوائقه ،قالوا :وما بوائقه يللا رسللول الللله.
قال غشمه وظلمه ،ول يكسب عبد مال ً من حللرام فينفللق
منه فيبارك له فيلله ول يتصللدق بلله فيقبللل منلله ،ول يللتركه
خلللف ظهللره إل كللان زاده إلللى النللار ،إن الللله ل يمحللو
521
السيء بالسيء ولكن يمحو السيء بالحسللن ،إن الخللبيث
ل يمحو الخبيث " ومن ثم حذر صلى الله عليه وسلم مللن
أن يصبح المال غاية يتعلق به قلب المسلم فقال " تعللس
عبد الدينار ،تعس عبد الدرهم " ....والتعاسة هي الشللقاء
والبؤس وذلك حين يصبح هم النسان جمع المال وتكللثيره
بأي وسيلة دون حذر من الشبهات .
الربا من أشد ما حرم الله سبحانه في المعاملت بللل هللو
أعظمها إثما ً فلم يتوعد الله بالحرب في آية من كتابه كما
في آية الربللا فللي قللوله تعللالى " :فللإن لللم تفعلللوا فللأذنوا
بحللرب مللن الللله ورسللوله " ومللن ثللم فقللد حللذر السلللف
رحمهم الله من الربا وما يتبعه من الحيل الربوية فالصللل
في المجتمع المسلم ترك الربا بأنواعه وأشللكاله وكللل مللا
يتوصل بلله إليلله فل يليللق بأمللة السلللم أن تأخللذ بالنظللام
الرأسللمالي المبنللي علللى الربللا والقمللار فهللذا نللوع مللن
العراض عن شرع الله ودينه ويجللب علللى المسلللمين أن
يتعاونوا على ترك الربا بكل أشكاله وحيله وإل وقعللوا فللي
الثم ل محالة .ولو نظرنا إلى سللوق السللهم أو بمفهللومه
الواسع " سوق الوراق المالية لرأينا أنه في أصله نمللوذج
غربلي قلائم عللى مفهلوم الربلا والقملار والحيلل الربويلة
فالصل فيه الشبهة حللتى يتأكللد المسلللم خلللوه مللن هللذه
المحرمات ومن ثم نجد أنه مرتبللط لللديهم بسللعر الفللائدة
وغالب الشركات المسجلة فيلله تعتمللد فللي تمويلهللا علللى
الربا والسندات المحرمة فل يجوز بللأي حللال أن نسللتورده
على حالته اللتي هلي عليهلا دون تمحيلص وتنقيلة لله ملن
شوائبه لن ذلك سيؤدي إلى تجللاوزات ل نهايللة لهللا .ولقللد
عجبت كثيرا ً ممن أجاز تدوال أسهم الشللركات المختلطللة
التي تقترض جزءا ً من تمويلهللا بللالطرق الربويللة وإن كللان
من أجاز ذلك قد وضع ضوابط ولكن كيف غللاب عنلله هللذا
التحذير الشللديد والزجللر العظيللم مللن الللله سللبحانه لمللن
يتعامللل بالربللا قليل ً كللان أو كللثيرا ً بكللل أشللكاله وأصللنافه
وذلك في قوله تعالى ":يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا
ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين .فللإن لللم تفعلللوا فللأذنوا
بحرب من الللله ورسللوله " وإن كنللت ل أشللك فللي صلللح
522
نيتهم وقصدهم ولكن ل يجوز بحللال أن يصللل بنللا الضللعف
والهزيمة إلى اللجؤ لفتح هذا الباب فالنظام الربوي سللواء
في بنوكه أو شركاته الربوية هللو عللار ومذلللة علللى جللبين
المسلمين ونشاز في المجتمللع السلللمي فللالواجب علللى
أفراد المة المسلمة جمعيا ً الحزم في هذا المر وال يترك
بحال مطلقا ً بدعم أو تللبرير أي تعامللل ربللوي قللل أو كللثر.
ولللو أن المسلللمين قللاموا بللدورهم فللي الحتسللاب علللى
البنوك الربوية لما أصبح النظام القتصادي فلي أغلللب بلد
المسلمين قائما ً على الربا فالبنوك إنمللا تقللوم علللى ودائع
الفراد فلو كللان هنللاك وعللي وعللزم وتعللاون علللى القيللام
بالواجب لغلقللت هللذه البنللوك الربويللة أبوابهللا مللن زمللن
طويل ولعل من أسباب ما هو واقللع بالملة المسللمة ملن
ذل وهوان وتسلط للعللداء ومشللاكل اقتصللادية وسياسللية
في معظم دول عالمنا السلمي هو قيللام واسللتمرار هللذه
البنوك الربوية الللتي تجلللب معهللا غضللب الرحمللن ونللزول
حربه الذي ل قدرة للمة على مواجهة هذه الحللرب ولكللن
المل ل يزال قويا ً في هذه المة التي ل يعدم الخيللر فيهللا
فخطوات إنشاء البنوك السلمية أثبتت قدرتها على البقاء
والستمرار ولكنها ل تزال بحاجة إلى دعللم مللن حكومللات
وشعوب العالم السلمي حتى يتحللول النظللام القتصللادي
بكامله من نظام ربوي إلى نظام إسلمي لئل تبقى البنوك
السلمية وغيرها من المؤسسللات التمويليللة تعيللش حالللة
من الشللية والضعف لنهللا تحللت سلليطرة بنللوك مركزيللة
ربوية تؤمن بالفائدة معيارا ً لرقابتها على البنوك الخرى .
المة السلمية أمة ذات استقللية فلها شخصيتها ومنهجها
المميللز ونظامهللا الشللامل فليسللت بحاجللة إلللى اسللتيراد
أنظمللة سياسللية أو اقتصللادية أو ثقافيللة أو اجتماعيللة مللن
المم الكافرة فلديها مللا يغنيهللا ويسللعدها لللو استمسللكت
بشلرع اللله وأخللذت الكتلاب بقلوة ،وملع هلذا أقلول فلإذا
احتاجت المة المسلمة إلى شيء من هذه النظمللة الللتي
ربما سبقتها بعض المم الكافرة إليها فيجللب عليهللا وزنهللا
بميللزان الشللريعة وعرضللها أول ً علللى علمللاء الشللريعة
الربانيين لتهذيبها وتصفيتها مللن الشللوائب المحرمللة الللتي
523
تخالف شريعة الله والتفكيللر الجللاد والبللداع ليجللاد بللدائل
أفضل وأحسن بعد دراسة وتمحيص والمة بحمد الله فيهللا
من الطاقات والمكانات والقللدرات البشللرية والماديللة مللا
يمكنها من ذلك .أما أن تبقى أمة استهلك وتبعية تسللتورد
مللا فللي الغلرب وتلبسله ثللوب السللم أو تعطيله تأشلليرة
إسلللمية ليكللون ثوب لا ً مرقع لا ً يللورد المللة المهالللك وينللزع
هويتها ويفقدها عزتهللا وقوتهللا ومكانتهللا لتبقللى أمللة ذليلللة
تابعة للمم الكافرة ومن ثللم ينعكللس ذلللك علللى شللعوبها
فتعيش هزيمة نفسية منكللرة فل إبللداع ول تفكيللر ول بنللاء
فهذا هو عين التخلف والهزيمة.
بعد هذه المقدمات أعود للحديث عن سوق السللهم وكمللا
قلللت فهللو نمللوذج غربللي مبنللي علللى فلسللفة القتصللاد
الرأسللمالي الللذي يعتمللد أساسللا ً علللى الربللا بأشللكاله
المختلفة ويخالطه القمار والحتكار ) فقد أكد بعض خبراء
البورصلات الغربيلة عللى اعتبلار المضلاربة عللى السلعار
بمفهومهلللا الغربلللي " القملللار" أحلللد الوظلللائف الهاملللة
للبورصة ( فالصل فيلله أنلله سللوق شللبهات محرمللة ل بللد
للمسلمين أن يجردوه من الشوائب المحرمة قبل ولللوجه
واسللتيراده وهللو وإن كللان قائمللا ً علللى تحقيللق منللافع
اقتصللادية ،إل أن هللذه المنللافع يمكللن تحقيقهللا بللدون مللا
يحتوي عليه من مفاسد ،ولعل مللن أهللم وظللائفه أنلله يعللد
أحد الليات الهامة في تجميلع ملدخرات الفلراد وتوجيههلا
إلى المشاريع ذات النتاجية الكبيرة سواء منها ما كان في
مرحلللة التكللوين أو تلللك القائمللة والراغبللة فللي التوسللع
والتطللوير ) السللوق الوليللة ( .أمللا السللوق الثانويللة فإنهللا
تساعد على استمرار هذه المشاريع بمللا تللوفر مللن سللوق
لبيع وشراء حقوق المساهمين دون تأثير على أصل الثروة
المتمثلة في أصول المشروع.
إن من أهللم وجللوه الختلف بيللن أسللواق الوراق الماليللة
) السهم وغيرها ( مللن جهللة وبيللن السللواق الخللرى أنلله
بينمللا يجللري التعامللل فللي السللواق السلللعية علللى ذات
الثروة فإن التعامل في أسواق الوراق الماليللة يتللم علللى
حقوق الثروة وليس على الثروة ذاتها .فالصللل فللي قيللام
524
هذه السواق هو دعم الشركات المسللاهمة ذات النتاجيللة
الكبيرة والللتي ل غنللى للمجتمللع اليللوم عنهللا وذلللك لللدعم
التنمية القتصادية ،فغياب مثل هذه السوق قد يللؤدي إلللى
استحالة قيام شركات مسللاهمة جديللدة ووأد أيللة محاولللة
مللن قبللل الشللركات لزيللادة روؤس أموالهللا بهللدف زيللادة
النتاج أو تنويعه أو تحسينه وتطويره ،وكذلك فهللي تعطللي
فرصلللة للراغلللبين فلللي اسلللتثمار أملللوالهم أو تصلللفية
اسللتثماراتهم سللواء كللان الللدافع لللذلك هللو الحاجللة إلللى
السلليولة المطلقللة ) النقديللة ( أو النتقللال مللن قطللاع
استثماري إلى آخر تتعللاظم فيلله الربللاح .ولكللن المشللكلة
كما قلت سابقا ً أنه نموذج غربي مبني علللى فلسللفة الربلا
والقمار والحتكار وأخواتها فاللية التي تدار بهللا السللوق ل
تزال تعاني من إشكالت شللرعية تللدور حللول الربللا الللذي
تتمول به بعض الشركات المساهمة المسجلة في السوق
وكذلك الغرر الفاحش الذي يكتنف السوق مع ما فيها مللن
احتكار المعلومات .أي أن هناك اشللكال ً فللي آليللة السللوق
ولهذا كثيرا ً ما يتردد السؤال عن سر صعود وهبوط أسعار
الوراق المالية ) السهم وغيرها ( في البورصات المحليللة
والعالميللة مللن لحظللة لخللرى رغللم عللدم تغيللر الظللروف
القتصللادية أو المراكللز الماليللة الحقيقيللة للشللركات الللتي
يجري التعامل على أسهمها بل ويزداد السؤال إلحاحا ً عند
البعض عن الرباح المتعاظمللة فللي السللوق والناتجللة عللن
تفاعل قوى العرض والطلب كيف نتجت ومن الرابح ومللن
الخاسر بين لحظللة وأخللرى .فهنللاك انفصللام للعلقللة بيللن
الصللول الماديللة المملوكللة للمشللروع والللتي تمثللل أصللل
الثروة وبين الصول المالية التي تباع وتشترى في السوق
وتمثل حقوقا ً علللى هللذه الللثروة .ولعللل مللن أهللم أسللباب
ذلك:
هيمنللة بعللض أنللواع الللبيوع المحرمللة مثللل الللبيع علللى
المكشوف أو الشراء والمتاجرة بالحد.
المناورات التي تتم في السللوق لرفللع سللعر ورقللة معينللة
) سهما ً كان أو سندا ً ( وذلك لوجود مللا يسللمى بجماعللات
المضاربة على الصعود يتم تكوينها لشراء أكللبر كميللة مللن
525
أسللهم إحللدى الشللركات وتقللوم بعللدها بالمنللاورة لجللذب
أنظار جمهور المتعللاملين والللذي يعقبلله عللادة شلراء هللذه
الوراق بأسعار مرتفعة من أيدي المضاربين من جهة مللن
يغرر بهم ويحتال عليهم فالسوق هي بين رابح وخاسللر ول
بد.
وهنا تظهر إشكالية إنحراف السوق عن وظيفتها ومسارها
وكيف أنها أضافت إلى وظيفتها الساسية التي قامت مللن
أجلها ودعت الحاجة والضرورة إلى وجودها وظائف جديدة
ما كان لها أن تقوم بها لول الرغبة المحمومللة فللي الللثراء
السريع بأي طريق فتحول كثير من هذه السواق إلللى مللا
يشبه أنديلة القملار .وليلس أدل عللى ذللك ملن تخصليص
بعض ردهات عددٍ ملن البورصلات للمراهنلة عللى تقلبلات
واتجاهات السعار .وأصبح أكثر من يتعامل فيها غرضه هللو
المضللاربة علللى فللروق السللعار وليللس السللتثمار النللافع
فأصبح الهدف من المسللاهمة هللو مجللرد رغبللة فللي جنللي
الرباح السريعة من خلل المضاربة علللى فللروق السللعار
وليس العتراض هنا على كون المضلارب ) أو المسلاهم (
يسعى للحصول على الربح فهي غاية مشللروعة .ولكللن ل
بد من أن تكللون الوسلليلة كللذلك مشللروعة أمللا إذا كللانت
الوسيلة مبنية على محرمات وشبهات فللإن الغايللة ل تللبرر
الوسيلة .ومن ثم فإن هللذا المسللاهم ) المضللارب ( ليللس
في الحقيقللة إل مجللرد دائن عللادي للشللركة بللل هللو دائن
عابر والسهم المشترى أو المباع في حقه ما هو إل صورة
شكلية تنتقللل بيللن أيللدي المضللاربين كلعللب القمللار وهللذا
النوع من المضاربين أوالمسللاهمين ) وهللم الكللثر عللددا ً (
يتسببون بطريقتهم هذه في مشللاكل اقتصللادية بللدءا ً مللن
التضخم وإنتهاًء بانصراف النللاس عللن المشللاريع النتاجيللة
الفاعلة في القتصاد ركضا ً وراء الربللاح الللتي يجنيهللا لهللم
المضللاربون والسماسللرة إضللافة إلللى تراكللم المللدخرات
النقدية في أيدي قلة من الناس ولدى البنوك التي تضللطر
إلى استثمار هذه المللوال غالبلا ً فللي الغللرب لعللدم وجللود
قنوات استثمارية جيدة في ظللل وجللود فجللوة كللبيرة بيللن
المقدرة الستيعابية للهياكل القتصللادية والصللول الماديللة
526
للقتصاد من جهة وبين المقدرة التمويلية والتي تتمثل في
مدخرات الفراد المتزايدة .وتتضاعف هذه المشللاكل فللي
الدول التي تكون فيها السوق المالية ناشئة وضلليقة وغيللر
منظمة وليس عليها رقابة فاعلة ذات خبرة جيدة تتحاشى
السلبيات وتهتم باليجابيات ويمكللن أن نخلللص ممللا سللبق
إلى النقاط التية-:
سوق الوراق المالية نموذج غربي يشتمل علللى مجموعللة
من المصالح والمفاسد من وجهة نظر الشريعة السلللمية
فالصل فيه المنع حتى يتم التأكد من خلوه ممللا فيلله مللن
المحرمات فل بد من ضبطه بالضوابط الشرعية ومللن ثللم
يمكن الستفادة منه وتوجيهه الوجهة القتصللادية السللليمة
بما يتوافق مع شريعتنا السلمية .
الفقهاء رحمهم الله بينهم خلف أصل ً في جواز بيع الغائب
وهي الصفة التي يتصف بها البيع في هذه السللوق ولللذلك
فإن جواز إنتقال وبيع الحقوق داخل سوق السهم هو مللن
باب المصلحة الراجحة في أهمية هللذه السللواق وإل فللإن
هناك إشكالت فقهية من حيللث إن هللذه السللوق تشللتمل
على بيع غائب وأنها بيللع حقللوق والحاجللة والمصلللحة كمللا
يقول الفقهاء رحمهم الله تقدر بقدرها وتضللبط بضللوابطها
لتتحقق المصلحة التي من أجلها احتمل بعض ما فيها مللن
إشكالت ولئل يفتح الباب على مصراعيه فتنقلب المصالح
إلى مفاسد ويتحقق ضللرر عللام ل يللدركه إل أهللل الخللبرة
المتخصصين في هذا الشأن.
محل العقد في أسواق الوراق المالية ) السهم وغيرهللا (
عللللى اختلف درجلللات كفاءاتهلللا يشلللوبها غلللرر فلللاحش
فالبيانات المنشورة ل ترفع عنه الغللرر الفللاحش ول تللدرء
عنه الخطر وليس باستطاعة أحد أن يزعللم تطللابق العلللم
بالصفة مع العلم بالحس فللي هللذه الللبيوع ،إذ الغللرر فيهللا
غللرر مللؤثر ل تللدعوا إليلله حاجللة ،فالحاجللة كمللا عرفهللا
السيوطي رحمه الله :هي أن يصل المرء إلى حالة بحيث
لو لم يتنللاول الممنللوع يكللون فللي جهللد ومشللقة ولكنلله ل
يهلللك .أي أنلله يللؤدي إلللى فللوات مصلللحة مللن المصللالح
المعتبرة شرعًا ،وكذلك ل بد أن تكون الحاجة الللتي تجعللل
527
الغرر غير مؤثر متعينة ،فل يمكن الوصول إليها من طريق
آخر ل غرر فيه ومن ثم فل بد أن تقدر الحاجللة بقللدرها ،إذ
إن ما جاز للحاجة يقتصر فيه على ما يزيل الحاجللة فقللط.
فيكف وقد انقلبت المصللالح المرجللوة فللي هللذه السللواق
إلى مفاسد ظاهرة أشبه ما تكون بمنتديات القمار المبنية
على الحللظ والغللرر والغللش والحتيللال ،علملا ً بللأنه يمكللن
تنظيمها وضبطها وفق الضوابط الشللرعية بمللا يمنللع ذلللك
الغرر الفاحش .فالتعامل فلي هلذه السلواق عللى حالتهلا
الراهنة محفوف بالمخاطر والضرار المستقبلية خاصة مع
اشتداد سعار المضاربات وعوامل النهيار وتقلبات السعار
المصاحبة للدورات القتصادية وتدهور السعار ملع أزملات
الكساد وشيوع البطالة ،فتنشلليط التللداول وسللرعة دوران
أوراق الشللركات يتللم عللن طريللق مجموعللات المضللاربة
الكبللار الللذين يتحكمللون فللي السللوق ويعقللدون اتفاقللات
خاصة مع بعض الشركات التي يرغبون فللي زيللادة أسللعار
أسهمها وبالمقابل يكسرون أسعار أسللهم شللركات أخللرى
بما يملكون من سيطرة مالية احتكارية على السوق ولهذا
فهم يتلعبون بأسعار السهم كمللا يفعللل لعبللو اليانصلليب
بما قد يؤدي هذا السلوب إلللى أضللرار اقتصللادية ل تحمللد
عقباها على المستوى الكلي للمجتمع.
السوق بحالته الراهنة يحتوي على مخالفات شرعية أخرى
كما في احتكار المعلومات والتحكللم فيهللا إضللافة إلللى مللا
يحصل من خداع وكذب وغش وتسريب لمعلومات خاطئة
داخللل السللوق ممللا يفللوت المصللالح المرجللوة ويجلللب
المفاسد ،فلقد أخبرني من أثق به ممللن تعامللل فللي هللذه
السوق بللأن هنللاك اتفاقللات سللرية تعقللد بيللن بعللض كبللار
المضاربين وبعض الشركات لرفع قيمللة أسللهمها أضللعاف
أضعاف ما هي عليه حقيقة ليزداد سهمها صعودا ً فيشتري
هؤلء أسهمها لغراء الخرين بذلك ممللن ل يملكللون هللذه
المعلومات الخادعة والتي تقف وراء اللعبة ثم يقوم هؤلء
المضاربون بعد فللترة وجيللزة وقبللل إكتشللاف اللعبللة بللبيع
أكبر كمية ممكنة من السهم لجني الرباح ومقاسمتها مللع
تلللك الشللركة المتللآمرة وفللي هللذا مللا فيلله مللن الحتيللال
528
والكذب والضرار بالغير بل بالمجتمع كامل ً فهللذه السللوق
لها تأثير كبير على القتصاد الكلي ول يفقلله هللؤلء حللديث
رسول الله صلى الله عليلله وسلللم الللذي قللال فيلله ) مللن
غشنا فليس منا ( والحديث الخر ) :ل يحل لحد باع بيعللا ً
فيه عيب إل بينه (.
وبنللاًء علللى مللا سللبق فللإنني ل أنصللح بالتعامللل فللي هللذه
السوق بحالتها الراهنللة فهللي شللبهات بعضللها فللوق بعللض
وإننللي آمللل مللن أهللل العلللم الشللرعي وأصللحاب الخللبرة
القتصادية والمالية إعادة النظر في الليات التي تللدار بهللا
السللوق ليجللاد مخللرج شللرعي وفنللي اقتصللادي يحقللق
المصالح المعتبرة باتقاء الشبهات صونا ً لللدينه وحللذرا ً مللن
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كل جسللد نبللت
من السحت فالنار أولى به ( ومهما كثرت الرباح في مثل
هذه السواق الشبهاتية فل بركة فيها وإنمللا البركللة تكللون
فللي الحلل وإن كللان قليل ً ولللذلك فللإنني اقللترح مللا يلللي
لصلح الليللة الللتي تللدار بهللا السللوق فللي المملكللة ودول
الخليج وغيرها من بلد العالم السلمي -:
تكوين رقابة شرعية وفنية اقتصادية مالية لها قللوة فاعلللة
وسلطة مؤثرة لتحديد الضوابط والمعايير التي مللن شللأنها
أن تحد من الغرر والجهالة وسواها من المحاذير الشرعية
والقتصللادية وتطللبيق هللذه المعللايير بدقللة ويكللون لهللذه
الرقابة الحق في منع دخول أي شركة تتعامل فللي سلللعة
محرمة أو تقترض بالربا ولو كان يسيرا ً ولها كذلك منع كل
أسلوب غير شرعي يؤدي إلى إحداث تلعب وغش داخللل
السوق.
تصللحيح مسللار آليللة عمللل السللوق بحيللث تحقللق السللوق
العناصر التية -:
oأن تكللون المعلومللات الماليللة متاحللة للجميللع وبتكلفللة
صفرية .فلو توفرت المعلومللات عللن الشللركات بصللورتها
الصحيحة للجميع لدى ذلك إلى تخفيض درجة حمى سعار
المضلللاربات وجنلللي الربلللاح بلللالطرق غيلللر المشلللروعة
ولتحققت المنافع القتصادية التي من أجلها قام السوق.
529
oأل يكون بوسع أحللد المضللاربين فللي السللوق السلليطرة
على حركات السعار أو جعلها عرضلة للتلعلب والمنللاورة
والخداع.
oأن يسود السوق مللا يقللرب مللن التللوازن الللدائم بحيللث
تتجه القيمة السوقية نحو القيمة الذاتية.
oالهتمام بالسوق الولية والتركيز عليها ل سلليما وأنهللا ل
تزال سوقا ً ناشئة في عدد من الدول السلمية إضافة أننا
بحاجللة إلللى كللثير مللن المشللاريع النتاجيللة ذات الوحللدات
الكبيرة لنتحول مللن سللوق اسللتهلكية إلللى سللوق إنتاجيللة
مصللدرة ولللذلك فل بللد للللدول السلللمية أن تهتللم بللذلك
وتسللهل إجللراءات قيللام الشللركات النافعللة فللي جميللع
المجالت الصناعية والزراعية والخدماتية التي تجلب الخير
والرخاء وتوجد منافع حقيقية للبلد والعباد وتحقق العدالللة
في فتح باب المساهمة لجميع أفراد المجتمع.
oتحديد ضوابط في السوق الثانوية وذلك للحللد مللن عقللد
صفقات ربحية بقصد المتاجرة ورغبللة فلي اللثراء السللريع
دون اهتمللام بمللا يللؤدي ذلللك إليلله مللن أضللرار اقتصللادية
مسللتقبلية لحسللاب فئة محللدودة وهللذا يسللتدعي توسلليع
قاعدة السوق الولية والهتمام بها ودعمهللا ليتجلله الفللراد
إلى النتاج الحقيقي بدل ً مما يحصل الن .إذ بلغتني حالت
كثيرة تلم فيهلا بيلع أصلول إنتاجيلة بلل بلاع بعلض الفلراد
أصوله المادية الضرورية من بيت وسيارة وأعظم من ذلك
أن البعللض الخللر صللار يقللترض أو يشللتري أص لل ً إنتاجي لا ً
بالتقسيط ويبيعه نقدا ً للدخول في مضاربات سوق السهم
دون قرار مدروس ومعرفة جيدة بمللا يحتللوي عليلله سللوق
السهم من محللاذير شللرعية ومخللاطر اقتصللادية والسللوء
مللن ذلللك كللله أن طائفللة مللن النللاس أهملللوا وظللائفهم
وأعمللالهم سللعيا ً وراء الكسللب السللريع وسللراب الربللاح
المتصاعدة يدفعهم إلى كل ذلك الدعاية القوية التي يقوم
بها المضاربون من خلل السماسرة مقابل عمولة محللددة
لهم ولم يدر بخلد هللؤلء المتعجليللن أنلله ربمللا كللانت هللذه
الرباح في لحظة ما جزءا ً من رأسماله الذي ربما يخسره
في صفقة لحقة واحدة.
530
oتسهيل فتح قنوات استثمارية متنوعة لستيعاب الفللائض
النقدي لدى الفراد بحيللث تكللون هللذه القنللوات منضللبطة
بضللوابط شللرعية وقواعللد نظاميللة بعيللدا ً عللن التعقيللد أو
مضاّرة من يسعى ليجاد منفعة اقتصللادية أو أصلل ً إنتاجيلا ً
يستفيد منلله ويفيللد البلد وفللي هللذا جمللع للمصللالح ودفللع
للمفاسللد وتحقيللق لرفاهيللة الفللراد وبنللاء مسللتقبل واعللد
بالخير.
oنشر الثقافة الصحيحة الستثمارية ملن الجهلة الشلرعية
والقتصلللادية والنظاميلللة ملللن خلل المنلللابر العلميلللة
والقنوات التعليمية وغير ذلك من وسللائل التوعيللة العامللة
حتى يتحقق المقصللد الشللرعي مللن حفللظ أمللوال النللاس
وقبللل ذلللك سلللمة دينهللم وهللذا بل شللك هللو مللن القيللام
بواجب المانة التي حملها الله الراعي تجاه الرعية لصلح
دينهم ودنياهم .قال المام الشللافعي رحملله الللله ) منزلللة
الوالي من الرعية بمنزلة والي اليتيم (.
===============
#الحلل والحرام في السهم والشركات
د .عبدالله الزايدي 8/8/1426
12/09/2005
من نعم الله علينا في بلدنا -المملكللة العربيللة السللعودية-
أن معظللم سللكانها يحرصللون علللى تحللري الحلل فللي
تعاملتهم البنكية؛ لهذا أقبلوا علللى السللهم والبنللوك الللتي
تتعامل تعامل ً شرعيًا؛ فتجتنللب القللروض الربويللة وتتجن ّللب
الّتجار فللي المحّرمللات ،لمللا فللي ذلللك مللن مرضللاة الللله
وطاعته وبركة الكسب الحلل وآثاره الطيبة.
ولهذا اتجه هؤلء إلى استفتاء المتخصصللين فيمللا يريللدون
الكتتاب فيه أو شراء أسهمه من شركات وبنوك.
وقد كان لهذا التجاه أثره في السوق المالية وفي حللالت
الكتتاب .فالفتوى الشرعية من المختصين أصبحت عللامل ً
ثالثا ً يتحكم بأسعار السللوق إلللى جللانب العللرض والطللب،
فكمية السهم المتداولة ترتبط أحيانا ً بالتحليل والتحريم.
531
وانطلقا ً من هذا الواقع الجيد المرشح للستمرار والزيادة
بسبب الوعي العلمي والشرعي فإن من المهللم أن تعمللد
الشركات لصلح أوضاعها بما يتفق مع الشريعة والواقع.
مى تقليدية -قللد سللارت شللوطا ً إن بعض البنوك -التي ُتس ّ
ول إلى التعامل المشروع فللي كافللة طيبا ً فيما يتصل بالتح ّ
أنشطة البنك ،وكانت ناجحة في قسم الخدمات السلمية
ورت بشكل كبير ،ولكن لم نعد نسمع عللن إكمللال التي تط ّ
المسيرة.
م ل تتوافق البنللوك والمؤسسللات مللع الختيللار الشللعبي، لِ َ
وقبل ذلك مع الحكام الشرعية والنظمة القائمة ،لسلليما
أن هذا التوافق سيجلب لها المزيد من الربح والزيادة فللي
أسهمها والقبال عليها؟
من الغريب حقا ً أن تجد هذه الشركات وتلك البنوك سللببا ً
مشروعا ً متفقا ً مع النظمة ،ومؤثرا ً حتما ً في زيللادة الربللح
والتوسللع ،ومللع ذلللك تتوقللف فللي سلللوكه وتللتريث فللي
انتهاجه.
إن الربح المشروع والتجللارة المنضللبطة بضللوابط الشللرع
سبب في بركة المال الللتي تتعللدى مجللرد زيللادة الرصلليد؛
فهي تمتللد لتللؤثر إيجابلا ً فللي المحافظللة علللى المللال مللن
الجوائح والنكبات التي تحدث لسباب كثيرة.
ومللن المعلللوم أن أكللبر المؤسسللات الماليللة لللدينا وهللي
)شلللركة الراجحلللي المصلللرفية للسلللتثمار( هلللي أعللللى
الشركات سعرا ً في السهم ،وهللي أقللل الشللركات ديون لا ً
غير ممكنة التحصلليل ،بعكللس بعللض البنللوك الللتي لتللزال
تتعامل بالفائدة غير المشروعة )الربا( والتي بلغت ديونهللا
الشكوك فللي تحصلليلها نسللبة مللؤثرة مقارنللة بموجوداتهللا
المالية .ول نجللد فرقلا ً بيللن الشللركة وهللذه البنللوك سللوى
التزام الشركة بالبعد عن الربا فللي تعاملتهللا .وهللذا يؤكللد
الهمية الكبيرة لللتزام الشرعي.
وإن مما يشجع البنوك والشللركات ويحفزهللا علللى التللوجه
نحو اللتزام بالضوابط الشرعية -وضع هيئة رقابة شرعية
لسوق المال تفتي فللي تعللاملت الشللركات والمؤسسللات
دد الفتللاوى حللول المالية حتى تتلفى اختلف الفتللوى وتع ل ّ
532
بعض الشركات؛ لن ارتفاع أسهم شركة ما يرتبللط بكللثرة
القبال عليه ،ومن أسباب ذلك الفتوى بحل ذلك السهم ،و
من الطبيعي أن يكللون أعضللاء هللذه الهيئة المقترحللة هللم
ممن يجمع بيلن العللم الشلرعي وفهلم حقيقلة التعلاملت
المالية المعاصرة أمثللال أسللاتذة القتصللاد السلللمي فللي
بعض جامعاتنا السعودية.
إل ّ أن البعض يرى أن مثل هللذه الخطللوة فللي رأيلله تلحللق
ضللررا ً بالقتصللاد الللوطني لكونهللا سللتحدث تمييللزا ً بيللن
الشللركات ،وسللتؤدي إلللى انهيللار أسللهم بنللوك وشللركات
كثيرة.
وهذا قد يكون له نصيب من الصحة ،غيللر أن العلج يكمللن
بمسارعة هذه الشركات لللترك القللروض الربويللة ،وإعلن
التزامها مستقبل ً بالمعاملت المشروعة .وأنها لن تقللترض
بطريق الفائدة الربوية المحرمة.
إن معظم المخالفات في الشركات المساهمة تكمللن فللي
القروض الربوية.
ومع وجود بديل مشروع جيد وعملي وناجح ،بديل للقللرض
الربوي فل معنى للصرار بعد ذلك على القللروض الربويللة
المحرمة.
وإن وجللود عللدد مللن الفقهللاء المتخصصللين بالمعللاملت
عرفللوا بالحتيللاط والدقللة فللي الماليللة المعاصللرة ممللن ُ
تشخيص أحوال الشللركات يشللجع علللى إقامللة لجنللة فتيللا
مت إلللى لجنلة ضل ّ
متخصصة فللي هلذا الجلانب ،وحبلذا لللو ُ
الفتللاء الرسللمية؛ إذ ل يوجللد -حسللب الظللاهر -فيهللا مللن
يجمع بين التخصص الفقهي والقتصادي ،وتكون مثل هللذه
اللجنة حل ً لتعدد الفتاوى في موضوع السهم؛ لن موضوع
الفتوى في السهم ضللرورة شللرعية دينيللة ،وهللي مطلللب
لكللل مسلللم حريللص علللى سلللمة أمللواله مللن الربللا
والشبهات ،وليست ترفا ً أو مجرد مطلللب لفللراد ،وإذا لللم
يحدث ذلك فل معنى لما تبنته إحدى الصحف المحلية مللن
دعوة إلى الحجللر علللى المختصللين الجللامعيين بيللن العللم
بالمعاملت المعاصللرة والعلللم الشللرعي ،وعللدم السللماح
لهم بلالفتوى بحجلة أن ذللك يحلدث بلبللة واضلطرابا ً فلي
533
سوق السهم ،ولنهم ليسوا مللن الهيئة الرسلمية للفتللوى،
فهذه دعوة في غير محلها؛ لن مثل هؤلء محل ثقللة كللثير
من الناس؛ لدراكهم أن هؤلء يعرفللون حقيقللة الشللركات
وأوضاعها ويستطيعون -بحكم اختصاصللهم -دراسللة قللوائم
الشركات المالية ومعرفة ثغراتها وإشللكالتها .وهلم بحكللم
الختصاص يعرفللون أكللثر ممللا يعرفلله بعللض الفقهللاء غيللر
المختصين بدراسة القتصاد ،ومللن ثللم فللإن الللدعوة لمنللع
هؤلء من الفتوى دعوة خطيرة ل محل لها ،وهي مصللادرة
لحقهم وحقوق الخرين ممن يحرصون على معرفة رأيهللم
والخذ بفتواهم.
وإن ما يراه بعض الكتاب مللن تللأثير سلللبي للفتللوى علللى
سوق السللهم ينطلللق مللن رؤيللة ماديللة مجللردة ل تلتفللت
للتأثير العظللم للربللا ومشللكلته علللى الوضللع القتصللادي
الدولي ،وعلى الفرد نفسه؛ لن المسلم يتيقن قول الحللق
تبارك وتعللالى )يمحللق الللله الربللا ويربللي الصللدقات( وثللم
مؤثرات سلبية كثيرة على سوق السللهم ل يسللتطيع أحللد
منعهللا ،وهللي الشللاعات ،ومللا ُيكتللب فللي بعللض مواقللع
النترنت .فكيف نترك واجبا ً شللرعيا ً لجللل أهللواء النفللوس
وشهواتها؟!
==============
#البنوك السلمية ..ما الفرق؟
جبريل محمد 7/5/1427
03/06/2006
ل شللك أن صللناعة الخللدمات الماليللة السلللمية الللتي
انطلقت أواسط السبعينيات من القرن الماضللي )(1975
حققت إنجازات كبيرة ،وأفرزت تجارب وكيانللات متفرعللة
أصبح لهللا اليللوم الشللأن الكللبير والمسللاهمة الفاعلللة فللي
تطوير الصللناعة؛ إذ بلللغ إجمللالي أصللول الصللناعة الماليللة
السلمية في الخليج العربللي ) (84.152مليللار دولر فللي
العام ،2005بنسبة نمو %34.8عن العام السابق ،وهللذه
أعلى نسبة نمو مسجلة في دول الخليج خلل الفللترة مللن
2001إلى 2005؛ إذ بلغ متوسللط معللدل النمللو السللنوي
في هذه الفترة .%21.5
534
وهنا يتبادر إلى الذهان سؤال مهم ،هو :هللل هنللاك فللروق
بين البنوك السلمية والبنوك التقليدية؟
بالطبع هناك فروق جوهرية بين البنوك السلمية والبنللوك
التقليدية ،فتتمثل أساسا ً فللي حقيقللة أن البنللوك التقليديلة
تقللوم علللى آليللة سللعر الفللائدة مللن خلل القللتراض مللن
المودعين بفائدة ما ،ثم إقراضها آخرين بفائدة أعلللى مللن
الفللائدة الولللى ،ويتمثللل ربحهللا فللي الفللرق بيللن الفللائدة
المدينة والدائنة ،وهذا هو ربا الجاهلية ربا العباس بن عبللد
المطلب الذي وضعه النبي -صلى الللله عليلله وسلللم -فللي
حجة الوداع تحت قللدمه ،كمللا أن هللذه البنللوك تتللاجر فللي
النقود كسلعة ،وتحصل على فائدة مقابل الزمن ،ومن ثللم
تقوم على فكرة أن النقود تلد في حللد ذاتهللا نقللودًا ،وهللذا
يختلف جذريا ً عن طبيعة عمل البنوك السلمية التي تقوم
على نظام المشاركة في الربح والخسللارة ،وعلللى حرمللة
الربللا ،وعلللى السللتثمار الحقيقللي وفق لا ً لصلليغ السللتثمار
السلمي ،والمتمثلللة فللي عقللود الشللركة وعقللود الللبيوع،
ومن عقود الشلركة عقلد المضلاربة الشلرعي ،وهلو عقلد
يجمع في تزاوج بّناء بين المال والعمللل ،وهللو عقللد يقللوم
على المخاطرة بالنسبة لرب المال؛ إذ يتحمل أي خسللارة
تقع ،وبالنسبة للعامل فيناله جزء من الخسللارة ،ومللن ثللم
يحق للطرفين أن يحصل على نصلليبيهما النسللبيين اللللذين
اتفقا عليهما في بداية تنفيذ هللذا العقللد ،ومللن ثللم يختلللف
جذريا ً عقد المضاربة عن أي قرض للبنوك التقليديلة ،فهنلا
البنك التقليدي مقللرض والمسللتثمر أو المقللرض مقللترض
وضامن للمال المقترض؛ بالضللافة إلللى فللائدة ربويللة ،ول
يمكن أن يكون ذلك عقد مضلاربة شلرعي ،كملا أن البنلك
السلللمي يسللتخدم عقللود الللبيوع ،وعلللى رأسللها بيللع
المرابحة ،وبيع المرابحة بيللع أمانللة يتعيللن علللى البنللك أن
ل ،ثم يتصل بالعميل يمتلك البضاعة محل البيع حكما ً أو فع ً
المر بالشراء والراغب في الشراء ،ويسمي له ثمن شراء
البنك للبضاعة والربح الذي يطلبه البنك ،فإذا قبل العميللل
الثمن مرابحة تم عقد المرابحة شرعًا ،وهذا يختلف جذريا ً
عن التمويل الربوي لعميل البنك التقليدي؛ إذ يعطي البنك
535
التقليللدي قرض لا ً لعميللله بفللائدة ،ول يهملله أساس لا ً شللكل
تصرف العميل في هذا القرض ،صحيح أن العميللل يطلللب
القرض على أساس تمويللل مشللروع معيللن ،وقللد يللدرس
البنك التقليدي هذا المشللروع ضللمانا ً لقرضلله ،لكنلله ليللس
عقد مرابحة شللرعي ،وإنمللا قللرض بفللائدة ربويللة ،كسللب
العميللل أو خسللر فلبللد أن يللدفع أصللل القللرض والفللائدة
عليه ،ومن ثم ل يمكن القول إن البنللوك السلللمية مجللرد
مسميات لضفاء الصبغة الشللرعية علللى معاملتهللا؛ فهللي
حقيقللة بنللوك تعمللل علللى تطللبيق منهللج السلللم فللي
المعاملت المالية.
البنوك السلمية..فوائد كثيرة
يؤكد رجال القتصاد أن البنوك السلمية سللاهمت بشللكل
مباشر في انتعاش القتصاد العربي والعالمي؛ إذ إن البنك
سا شركة استثمار حقيقي ،وليس اسللتثمارا ً السلمي أسا ً
ماليًا ،ومن ثم فعمليات البنك السلمي هللي الللدخول فللي
إنشاء مشروعات استثمارية وفقا ً للولويات النمائية للبلللد
الذي يوجد فيه البنك السللمي؛ حيلث يسلاهم البنلك فلي
المشللللروعات الصللللناعية والمشللللروعات الزراعيللللة،
ومشروعات الخللدمات مللن صللحة ،وتعليللم ،وتللدريب إلللى
آخره ،ومن ثم يللدخل فللي كافللة المشللروعات القتصللادية
التي تعمل على تنميللة القللدرة النتاجيللة للمجتمللع موضللع
التنمية ،والقول بللأن البنللك السلللمي يقتصللر عمللله علللى
المعاملت المالية التقليدية قول يجانب الحقيقللة والواقللع؛
إذ إنه في بداية عمل البنوك السلمية كللان لبللد أن تأخللذ
بأسللاس الفللن المصللرفي الحللديث ،وهللو المواءمللة بيللن
اعتبارين متضادين ،وهما الربح من ناحية ،والسيولة أو ثقة
العملء من ناحية أخرى؛ إذ إن أي مؤسسة نقدية حديثة ل
يمكن أن تركز على اعتبار دون الخللر ،فللإذا ركللزت علللى
اعتبار الربحية أدى ذلك إلى أنها لن تسللتطيع أن تسللتجيب
لطلبات العملء بالدفع نقدا ً وفي الحللال ،ومللن ثللم يتنللافى
ووجودهللا كمؤسسللة نقديللة ،وإذا مللا ركللزت علللى اعتبللار
السلليولة أو الثقللة أصللبحت كخللازن للنقللود ،ومللن ثللم
كمشروع اقتصادي فلن تحقق أرباحًا ،ومللن هنللا كللان لبللد
536
من الموائمة بين اعتبللار الربحيللة واعتبللار السلليولة سللواء
كان البنك إسلميا ً أو تقليديًا.
البنوك السلمية وأحداث سبتمبر
علللى عكللس المتوقللع أثللرت أحللداث الحللادي عشللر مللن
سبتمبر
علللى البنللوك السلللمية بشللكل إيجللابي؛ فقللد رأى خللبراء
ومراقبون أن الدليل على ذلك هللو ارتفللاع حجللم عمليللات
الودائع خلل الشللهر الثلثللة الللتي تلللت العتللداءات علللى
نيويللورك وواشللنطن ،معتللبرين أن الهجللوم العنيللف الللذي
تعرضت له البنللوك والمؤسسللات الماليللة السلللمية كللان
مبنيلا ً علللى سللوء فهللم وعللدم إلمللام بطريقللة عمللل هللذه
البنوك وخاصللة لللدى السياسلليين ،وقللد مورسللت ضللغوط
شديدة للغاية على المؤسسات المالية السلمية في دول
الخليللج العربيللة مللن أجللل تجميللد أصللول المشللتبهين أو
المرتبطين بمجموعات إرهابية محتملة.
غيللر أن حركللة اليللداع فللي البنللوك السلللمية واصلللت
ارتفاعها لتصل إلى %5زيادة عن المعدل الطبيعي الللذي
كان يتراوح مللا بيللن 5إلللى ، %10وعللزا الخللبراء ارتفللاع
نسبة الودائع في البنوك السلللمية فللي تلللك الفللترة إلللى
حركلللة سلللحب فلللي السللليولة ملللن المصلللارف الغربيلللة
والمريكية بالتحديد أو إيداعات غيللر مباشللرة مللن البنللوك
المحلية.
وقد تراوحت قيمة السيولة المسحوبة ملا بيلن ) 150إلللى
(200مليللون دولر فللي غضللون ثلثللة أشللهر بعللد 11
سبتمبر ،لكن معدل اليداع في البنوك السلمية عللاد بعللد
ذلللك إلللى معللدلته الطبيعيللة ،فللي حيللن رأى اقتصللاديون
آخللرون أن أحللداث سللبتمبر لللم تللؤثر فللي أداء البنللوك
السلللمية بشللكل مباشللر ،مشلليرين إلللى أن نموهللا ظللل
طبيعيًا.
================
#التورق والعينة
هيئة كبار العلماء 13/10/1426
15/11/2005
537
الحمد لله ،والصلة والسلللم علللى رسللوله وآللله وصللحبه،
وبعد:
فقد اطلع مجلس هيئة كبار العلماء على ما جاء في المللر
السامي رقم ) (30891في 20/12/1396هل مللن الرغبللة
فللي دراسللة مجلللس هيئة كبللار العلمللاء المعللاملت الللتي
يسللتغلها بعللض التجللار فللي المللداينات لحصللولهم علللى
مكاسب مالية بطريللق ملتويللة ل تتفللق ومبللدأ المعللاملت
الشللرعية فللي الللبيع والقللتراض ،والنظللر فيمللا إذا كللان
بالمكان إيجللاد بللديل للحللد مللن جشللع هللؤلء واسللتغللهم
للمحتاجين من النللاس ،واطلللع علللى البحللث الللذي أعللدته
اللجنة الدائمة في أنواع مللن الللبيوع الللتي يسللتغلها بعللض
الناس اسللتغلل ً سلليئا ً يخللرج بهللا عمللا شللرعه الللله ،وبعللد
الدراسة وتداول الرأي قرر المجلس ما يلي:
ل :العينللة :ومعناهللا :أن يللبيع إنسللان لخللر شلليئا ً بثمللن
أو ً
مؤجل ويسلمه إليه ثم يشتريه منه بائعه قبل قبض الثمللن
بأقللل مللن ذلللك الثمللن نقللدًا ،وقللد اتفللق المجلللس علللى
تحريمها بهذا المعنللى؛ لمللا رواه المللام أحمللد وسللعيد بللن
منصور من طريق أبي إسحاق السبيعي عن امرأته العالية
بنت أنفع أنها قالت ) :دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم على
عائشة رضي الله عنها فقالت أم ولد زيللد بللن أرقللم :إنللي
بعت غلما ً من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم إلى العطاء ثم
اشتريته منه بسللتمائة درهلم ،فقللالت لهلا :بئسلما شللريت
وبئسما اشتريت ،أبلغي زيد بن أرقم أنه قد أبطللل جهللاده
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إل أن يتللوب ( ،فللإن
الظللاهر أنهللا ل تقللول مثللل هللذا القللول وتقللدم عليلله إل
بتوقيف سمعته من رسول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم،
فجرى ذلك مجرى روايتها عنه ،ولنه ذريعة إلى الربا ،فإنه
يللدخل السلللعة ليسللتبيح بيللع خمسللمائة بللألف إلللى أجللل
معلوم ،ولما رواه المام أحمد فللي ]مسللنده[ مللن طريللق
عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر رضللي الللله عنهمللا قللال:
سمعت النبي – صلى الله عليه وسلللم -يقللول " :إذا ضللن
الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر
وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهللم ذل ً فل يرفعلله
538
عنهم حتى يراجعوا دينهم" .ورواه أبو داود في ]سننه[ من
طريق عطللاء الخراسللاني أن نافع لا ً حللدثه عللن ابللن عمللر
رضي الله عنهما قال :سمعت رسول الله صلى الله عليلله
وسلم يقول :فذكر الحديث .ورواه السري بللن سللهل مللن
طريللق ثللالث عللن عطللاء عللن ابللن عمللر رضللي الللله
عنهما،ولن ابن عبللاس رضللي الللله عنهمللا لمللا سللئل عللن
حريلرة بيعلت إللى أجلل ثلم اشلتريت بأقلل قلال :دراهلم
بدراهم دخلت بينهما حريللرة ،ولن أنللس بللن ماللك رضللي
الله عنه لما سئل عن العينة قال :إن الله ل يخدع هذا مما
حرم الله ورسللوله ،ولن العينللة بللالمعنى المتقللدم بيعتللان
في بيعة فكانت محرمة؛ لما رواه أبو داود فللي سللننه مللن
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليلله
وسلم قال " :من بللاع بيعللتين فللي بيعللة فللله أوكسللهما أو
الربا" ،ويلتحق بذلك بيع المشتري مللا اشللتراه لمللن بللاعه
إياه حال ً أو مؤجل ً قبل أن يقبضه منه بأكثر من ثمنلله؛ لمللا
تقدم ،ولما فيه من ربح ما لم يضللمن ،ولمللا فيلله مللن بيللع
الدين بالدين إذا كان مؤج ً
ل.
ثانيًا :التورق :وله صور :منهللا أن يطلللب إنسللان مللن آخللر
ألف ريال مثل ً إلى أجل فيقول له :المطلوب منه :العشرة
ل ،ويتواطللآن علللى ذلللك باثني عشرة ،أو بخمسة عشر ريا ً
ثم يجريان بيعا ً صوريا ً يحقق بيع النقللود بالسللعر المتواطللأ
عليه ،وهذا محرم؛ لن المقصود منه بيع ريالت نقدا ً بأكثر
منها إلى أجلل ،والعقلود تعتلبر بمقاصلدها؛ لحلديث " إنملا
العمال بالنيات ،وإنما لكل امرئ ما نوى" ،فكان هذا عين
الربا مع زيادة المخادعة والحتيال.
ومنها :أن يحتاج إنسان إلى نقود للستهلك أو التوسع بهللا
ل ،فيشتري من آخر سلللعة إلللى أجللل بللأكثر في تجارته مث ً
من سللعر مثلهللا حللا ً
ل؛ ليبيعهللا بعللد قبضللها علللى غيللر مللن
اشتراها منه فهذه ل ربا فيها ،ول يصدق فيهللا أنهللا بيعتللان
في بيعة فهي جائزة؛ لعموم قوله تعللالى " :يللا أيهللا الللذين
آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" ) ،(1ولما
صح من الحاديث في جواز البيع لجل وبيللع السلللم ،لكللن
إذا انتهز البللائع فرصللة حاجللة المشللتري فشللق عليلله فللي
539
زيللادة الثمللن كللثيرا ً كللان ذلللك مخالف لا ً لسللماحة السلللم
ومنافيا ً لواجب الخوة والتراحم بيللن المسلللمين ولمكللارم
الخلق ،وكان مدعاة إلى التقاطع والتدابر وتوليد الحقللاد،
ولهذا خطره وأثره السيء في فساد المجتمللع ،وقللد ثبللت
في حديث جابر بن عبد الللله رضللي الللله عنهمللا أن النللبي
صلى الله عليه وسلم قال " :رحللم الللله امللرءا ً سللمحا ً إذا
بللاع ،سللمحا ً إذا اشللترى ،سللمحا ً إذا قضللى ،سللمحا ً إذا
اقتضى" رواه البخاري وابن ماجه.
ثالثًا :يمكن القضلاء عللى جشلع ملن يحتلالون بلأنواع ملن
البيوع المحرمة على اسللتغلل حاجللة المضللطرين بللالمور
التية.
-1التوعيللة الشللاملة :يقللوم العلمللاء بتللبيين أنللواع الللبيوع
المحرمة ويحذرون الناس من التعامل بهللا؛ لمللا فيهللا مللن
التعللرض لغضللب الللله وسللخطه ،ولمللا يللترتب عليهللا مللن
أخطار على المة وخاصة المحتاجين ومللا ينشللأ عنهللا مللن
أضللرار اجتماعيللة وماليللة مللن توليللد الضللغائن والحقللاد
وتقطيع أواصر المحبة والخاء وتكبيل مللن صللاروا فريسللة
للتحايل في البيوع وسائر المعاملت ،والتلعب فيها بكثرة
الديون وتراكمها على الضعفاء وشغل القضاة وولة المور
بالخصللومات ،ويكللون ذلللك بإلقللاء الخطللب والللدروس
بالمساجد والمحاضرات في النوادي والتلفزيللون والذاعللة
والمجتمعلللات العاملللة وبنشلللر المقلللالت فلللي الصلللحف
والمجلت ،فإن لذلك التأثير البين -إن شاء الله -على ذوي
القلللوب الحيللة والنفللوس الطيبللة ،وبلله يخللف الجشللع
والحتيال لكل الموال بالباطل.
-2ينصح الناس بالقتصاد في النفقات وعدم التوسللع فللي
وسائل الترف ،وينصح من عنللده رأس مللال يتجللر فيلله أل
يدخل في مداينات أو معللاملت محرمللة ليتوسللع بهللا فللي
رأس ماله ،وليستغن بما آتاه الله وما أباحه له مللن طللرق
التجار والكسب الحلل عما حرمه الله عليه؛ شكرا ً لنعمة
الللله عليلله ،عسللى أن يزيللده الللله سللبحانه وتعللالى مللن
فضله.
540
-3الخذ عللى يللد المتلعلبين فللي المعلاملت :يقللوم ولة
المور بمراقبة السواق العامة والمحلت التجارية لمعرفة
ما يجري فيها من المعاملت المحرمة ،..ويأخذون على يد
من حصل منلله ذلللك فيعزرونلله بمللا يردعلله مللن حبللس أو
ضرب أو غرامات مالية أو بمصادرة العوض فللي المعاملللة
المحرمة إلى أمثال هذا مما يرونه زاجرا ً للمسيء ولمثاله
الللذين لللم يسللتجيبوا للتوعيللة والرشللاد ،ولللم تللؤثر فيهللم
الللدروس والمللواعظ فلللم يعبللؤوا بالتحللذير ،ولللم يبللالوا
بالوعيد والجزاء ،وهذا مما يقضي علللى جشللعهم أو يقلللله
إن شاء الله ،ويجعلهم على حللذر مسللتمر مللن السللتغلل
السيئ والكسب المحرم.
-4توجيه الللزراع إلللى بنللك التسللليف الزراعللي؛ ليتعللاملوا
معلله فيأخللذوا منلله مللا يحتللاجونه لمزارعهللم مللن اللت
الزراعية وغيرها بأسعار معتدلة تدفع على أقساط مناسبة
دون ربا ً أو إرهاق أو استغلل للظروف.
-5توجيه من يريد بناء مسكن له أو من يريد التوسللع فللي
بناء مسللاكن للسللهام فللي حللل أزمللة المسللاكن ،ولينتفللع
بذلك – إلى صندوق التنمية والستثمار العقاري ليقدم إليه
من المال ما يستعين به في إقامللة مللا يريللد مللن بنللاء ثللم
يسللدد مللا أخللذه أقسللاطا ً ل يشللق عليلله الوفللاء بهللا فللي
مواعيدها دون أن يتقاضى الصندوق على ذلك منه ربًا.
-6إرشاد من يحتاج إلى قرض لشئون أخرى يحتاجها فللي
حياته أن يتقدم إلى البنك السلمي أو أحد الفراد الغنيللاء
بإبداء حاجته ليعطيه قرضا ً بل ربا ً يسد به حاجته.
والله ولي التوفيق ،وصلى الله على نبينا محمد ،وعلى آله
وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء
) (1سورة البقرة ،الية .282
هيئة كبار العلماء
…
…
رئيس الدورة الحادية العاشرة
…
541
…
عبد الله بن محمد بن حميد
عبد العزيز بن صالح
…
عبد المجيد حسن
…
عبد الله بن خياط
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
…
عبد الرزاق عفيفي
…
سليمان بن عبيد
عبد الله بن غديان
…
عبد العزيز بن باز
…
راشد بن خنين
صالح بن لحيدان
…
محمد الحركان
…عبد الله بن منيع
محمد بن جبير
…صالح بن غصون …عبد الله بن قعود
==============
#تعقيب على فتوى )اشتراط الغرامة المالية
لجل التأخير(
د .سامي بن إبراهيم السويلم 2/5/1427
29/05/2006
نشللرت فتللوى بعنللوان) :اشللتراط الغرامللة الماليللة لجللل
التلأخير ( ،للشليخ اللدكتور /سلامي بلن إبراهيلم السلويلم
"بللاحث فللي القتصللاد السلللمي" ،وقللد ورد إلللى الموقللع
تعقيب على الفتوى المذكورة من أحد الخوة الزوار ،وبعد
عرضه على الشيخ أجاب بما يلي:
542
التعقيب:
آمل من فضيلة الدكتور بيان كيف كانت المسألة من قبيل
ربا الجاهلية ،ووجه السؤال أن الغرامة ليست فللي جللانب
دافع المال ،وإنما في جانب بائع البضاعة -إن كللان فهمللي
صحيحًا -وهذه الغرامة فيما يظهر لللي مللن قبيللل الشللرط
الجزائي .ولو أن التحريم بنللي علللى مللا فيهللا مللن الضللرر
البالغ فل إشكال .مجرد تسللاؤل أرجللو أن يتسللع للله صللدر
فضيلة الدكتور .وشكرا ً للجميع.
الرد:
الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله ،وبعد:
أشكر الخ الكريم على ملحظته ،وأرجو أل يبخللل القللارئ
بما يراه لن هذا من النصيحة في الدين التي أمر بها النبي
صلى الله عليه وسلم.
وأود أن أنبه الخ إلللى أن السللؤال نللص علللى أن الغرامللة
هي ألف ريال لكل يوم تأخير ،دون أن يذكر تحديللدا ً للحللد
القصللى مللن الغرامللة ،ودون أن يربللط الغرامللة بالضللرر
الواقع على المشتري.
وهذا يعني أنه بمجرد مضي الوقت يستحق المشتري مبلغ
ألللف ريللال علللى البللائع دون أي مقابللل .ول ريللب أن هللذا
الشرط بهذه الصيغة من الظللم الللبين علللى البللائع ،ومللن
أكل المال بالباطل بالنسبة للمشللتري ،لنلله يحصللل علللى
هذا المبلغ دون أي مقابل لمجرد مضي الزمللن ،وهللذا هللو
الظلم الحاصل في ربا الجاهلية ،حيث يحصل الدائن علللى
مبالغ مالية ل لشئ إل لمجرد تأخر المدين في السداد.
والشرط الجللزائي الللذي أجللازه مجمللع الفقلله وهيئة كبللار
العلماء له شروط تحول بينه وبين أن يكون من باب الربا.
فليس في الشرط الجزائي غرامة مفتوحة مرتبطة بمجرد
التأخير ،بللل إمللا أن تكللون مرتبطللة بالضللرر الللذي تحمللله
الطرف الخر ،وإما أن تكون محللددة بمللا ل يتجللاوز مبلغلا ً
محددا ً ) %5مثل ً من قيمة العقد( ،وفي هذه الحالللة يعتللبر
الشرط الجزائي نظير العربون ،كما أشار للذلك علدد ملن
البحوث التي تناولت الموضوع )انظر مجلللة مجمللع الفقلله
السلمي ،الللدورة ،12مجلللد .(2وفللي جميللع الحللوال ل
543
يمكن أن تصل غرامة التأخير إلى ما يسللاوي ثمللن المللبيع
كله )أي %100ملن قيملة العقلد( لن هلذا ينلاقض أصلل
العقد القائم على المعاوضة ،ويجعل الشرط سببا ً للكسب
وليس المبيع الذي هو سبب العقد ابتداء.
وأما ما أشار له الخ بأن الغرامة هي مللن جللانب البضللاعة
وليس من جانب النقد ،فإن هذا ل ينفي عنها الربا ،كما أن
الفائدة يمكن أن تكون خدمة ،أو سلعة ،إذا اشترطت فللي
الدين ول يلزم أن تكون نقودًا.
فالزيادة في الدين مقابل التأخير ربللا مطلق لًا ،سللواء كللان
الدين نقودا ً أو سلعًا ،وسواء كانت الزيادة نقللودا ً أو سلللعًا،
م لنلله زيللادة سل َ ْ
ولهذا منع المجمع الشرط الجزائي في ال ّ
في الدين ،مع أن الدين سلعة وليس نقودًا.
والشرط الجزائي المتضمن للتعويض المالي ،يشترط فيه
ما يلي:
.1أل يكون التعويض علللى المللدين فللي عقللد مداينللة ،فل
م ،ول سلل َ ْ
يجوز اشتراط التعويض عللى البللائع فللي عقللد ال ّ
علللى المشللتري فللي الللبيع الجللل .وكللذلك ل يكللون علللى
المشتري فللي عقللود الستصللناع والتوريللد ونحوهللا .ومللن
الفقهاء المعاصرين من يمنع التعويض عن التللأخير مطلقلا ً
في كل العقود لن فيه شللبهة ربللا النسلليئة )راجللع بحللوث
المجمع ومناقشاته(.
.2أن يرتبط التعويض بالضرر الذي يلحق بالمشللتري فللي
عقللود المقللاولت والستصللناع والتوريللد .وقللد نللص قللرار
المجمع على أن الضرر هنا يشمل الضرر المالي الفعلللي،
ول يشمل الضرر الدبي ،أو المعنللوي ،ول فللوات الكسللب
المحتمل.
.3أن يكون هذا الضرر ناتجلا ً عللن تفريللط البللائع وإهمللاله
في اللتزام بالعقد ،وليس لمر خللارج عللن إرادتلله .كمللا ل
يصح اشتراط التعويض إذا كان الضرر ناتجا ً عن سبب آخر
ل علقة له بالبائع ،ول إذا انتفى الضرر.
.4وقد نص عدد من الفقهاء على أنلله ل يجللوز أن يتجللاوز
مقدار التعويض عن الضرر المالي قيمة الصفقة الجماليللة
)كما في بحوث المجمع ومناقشاته( ,لئل يجتمع للمشللتري
544
الثمن والمثمن ،فيفضي إلى الربح بدون مقابللل .كمللا أنلله
من المقرر عند الفقهاء أن ضمان المتلفات يكللون بالمثللل
أو بالقيمة ،فإذا تأخر البائع فللي تسللليم المللبيع فللإنه علللى
أسوأ الحوال يكون كما لو أتلف المبيع ،فليس عليلله حينئذ
سوى المثل أو القيمللة .فل يجللوز اشللتراط تعللويض مللالي
يزيد عن قيمللة الصللفقة )كمللا أفللاده فضلليلة الشلليخ علللي
الندوي(.
وفي الصورة محل السؤال فإن الغرامللة وإن كللانت علللى
البائع لكنها غير محددة بالضرر ،بل بمدة التأخير فحسللب.
وهذا ل يمكللن أن يكللون مقبللول ً لنلله يللؤدي إلللى أن يربللح
المشتري من مجرد التأخير ،وهذه هي حقيقللة الربللا .كمللا
أنه يؤدي إلى أن يربح المشتري أكثر مللن قيمللة الصللفقة،
فيكون كسللبا ً دون مقابللل وأكل ً للمللال بالباطللل .كمللا أنهللا
تللؤدي إلللى ظلللم البللائع بتحميللله مبللالغ طائلللة تتجللاوز مللا
يستحقه المشتري .فسبب المنع هنا أمران :الظلم والربا،
وهما متلزمان .والله تعالى أعلم
==============
دين
#موقف الشريعة السلمية من ال ّ
د.سامي بن إبراهيم السويلم 15/10/1426
17/11/2005
الحمد لللله والصلللة والسلللم علللى محمللد بللن عبللد الللله،
وعلى آله وصحبه ومن واله ،وبعد:
فهللذه الدراسللة محاولللة لبنللاء موقللف وتصللور متكامللل
للتمويل بالدين في القتصاد السلمي .وهي لهذا الغللرض
تنطلق من ثلثة أسس :المصالح والمفاسد المترتبة علللى
هذا النمط من التمويل؛ والحاديث والثار الواردة في هللذا
البللاب؛ واسللتقراء عللدد مللن الحكللام الفقهيللة المتصلللة
بالمعاوضات المالية.
وتنبع أهمية البحث في هذا الموضوع من جهتين:
الولى أن الباحث لم يقف على معالجة مباشللرة وشللاملة
لحكم الستدانة في الشريعة السلمية ،من المتقللدمين أو
المعاصرين .وموقف الشريعة المطهللرة مللن الللدين ليللس
مجرد حكم ٍ شرعي ،كما يتضح من البحث ،بللل هللو مقصللد
545
مللن مقاصللد الشللريعة الللتي تللوجه السلللوك القتصللادي
للمجتمللع المسلللم ،فالحاجللة إلللى اسللتقراء النصللوص
والحكام الشللرعية للكشللف عللن هللذا المقصللد الشللرعي
تظهر جلية.
الثانيللة :مللا تعللاني منلله كللثير مللن المجتمعللات اليللوم مللن
اسلللتفحال المديونيلللة ،العاملللة والخاصلللة ،السلللتهلكية
والستثمارية ،وما يترتب على ذلللك مللن اضللطراب أدائهللا
القتصادي واستقرارها الجتماعي .وليس في الفق ،حتى
الن ،ما يشير إلى انحسار هذا التجاه .بل المؤشرات تدل
على عكس ذلك ،بالرغم مللن كللثرة التصللريحات والوعللود
بتقليص المديونيللة .وقللد ظهللرت للعيللان اليللوم المسللاوئ
القتصللادية لهللذا الوضللع ،مللع الزديللاد المطللرد فللي عللدد
الدراسات التي تفصللل هللذا المسللاوئ مللن خلل النظريللة
القتصادية الوضعية .فللي هللذه الجللواء تبللدو الحاجللة إلللى
التعرف على موقف الشريعة المطهرة من هذه الظللاهرة
ملحة على المستويين النظري والعملي.
ومللللن خلل اسللللتقراء المصللللالح والمفاسللللد الخلقيللللة
والقتصللادية المترتبللة علللى الللدين ،وفللي ضللوء النصللوص
النبوية الواردة في هذا الباب ،ومللن خلل اسللتقراء جملللة
من الحكام الشرعية المتصلة بالمعاوضات الماليللة ،تصللل
الدراسة إلى أن الشريعة السلمية ل تشللجع علللى الللدين
ول ترغللب فيلله ،وأن أحللد مقاصللد التشللريع فللي بللاب
المعاملت هو الحد من التوسع في المديونية.
==========
#صورة من بيع التورق المنظم
أ.د .عبد الله بن محمد الطيار 19/2/1427
19/03/2006
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بللالله مللن
شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فل مضللل
له ومن يضلل فل هادي له وأشهد أن ل إله إل الله وأشهد
أن محمدا ً عبده ورسوله وبعد:
فيعد فقه المعاملت من أهم المهمللات الللتي ينبغللي لكللل
مللن يتعامللل بهللا المعرفللة بلله حللتى ل يقللع فللي محظللور
546
شرعي ،وبخاصة في هذا الزمان الذي اختلطت فيه المور
وكثرت فيه المعاملت وأصبح بعض الناس ل يتورعون في
كسبهم مللن تجللارتهم وبيعهللم وشللرائهم ،فكللم واحللد مللن
الناس ل ينظر إلى نوع المعاملت وحكم الشللرع فيهللا ثللم
بعد وقوعه في المخالفة يسأل وهذا مما نلحظه كثيرا ً من
خلل السئلة التي تعرض على أهل العلم.
وحيث إن الفقه في المعاملت وبخاصللة فقلله الللبيوع ممللا
يحتاج الناس إليه كثيرا ً إذ ل يمر يوم إل فيه بيع وشراء من
أفراد الناس ،لذا رأيت وضع رسالة بسيطة أوضح فيها مللا
يجب أن يكون في البيع والشراء ل سيما بيوع التقسيط.
وهللذه الرسللالة بينللت فيهللا نوع لا ً مللن أنللواع الللبيوع الللتي
انتشرت في هللذه الفللترة وهللو مللا يسللمى بللبيع الصللابون
ويقللاس عليله غيللره ممللا يتعامللل بله النللاس فلي مسلائل
التورق الكثيرة كبيع بطاقللات )سللوى( والقهللوة ،والشللاي،
والهيلللل ،والرز ،ومناديلللل الفلللاين ،وغيرهلللا كالسللليارات
والسهم.
ولعل من أبرز أسباب تللأليف الرسللالة أنلله أثنللاء لقللاء مللع
فضيلة الشيخ عقيل الشمري الداعيللة فللي مركللز الللدعوة
في حفر الباطن
وبعد طرحه مجموعللة مللن السللئلة حللول هللذا النللوع مللن
الللبيوع "بيللع الصللابون" طللب منللي وضللع رسللالة صلغيرة
ق
بأسلوب واضح يستفيد منها عامة الناس ،وحيث إن طللّر َ
هذا الموضوع كانت تراودني فكرته منذ وقت ،وذلك عندما
تم لقاء فللي منطقللة تبللوك مللع بعللض العسللكريين وكللانوا
يسألون كثيرا ً عن هللذا التعامللل ،ولمللا للشلليخ عقيللل مللن
مكانة في نفسي ،ورغبة في نشر العلم ونفع المللة كللانت
هذه الرسالة التي أسأل الله أن يجعلهللا مباركللة وأن يعللم
نفعها من كتبها أو قرأها ،أو سمعها ،أو أشار بها ،إنلله ولللي
ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
أ.د .عبد الله بن محمد الطيار
التعريف بالرسالة
الرسالة هي عبارة عن مسائل في فقه الللبيع وخاصللة بيللع
الصللابون ،وهللذه السللئلة جمعهللا فضلليلة الشلليخ عقيللل
547
الشمري وأرسلها لي للجابة عليهللا وجعلتهللا كمللا أسلللفت
في رسالة ليعللم بهللا النفللع ولتمللام الفللائدة أضللفت بعلض
المسائل التي لم يذكرها الشيخ لعموم الوقوع فيها وكثرة
السؤال عنها.
وليعلم أخي القللارئ أن هللذه المسللائل فللي بيللع الصللابون
تنطبق على غيره مما يتعامل به الناس فللي كللل بلللد ممللا
يجعلونه وسلليلة للحصللول علللى المللال ،ومسللائل التللورق
توسللع فيهللا النللاس كللثيرًا ،ولكللن إذا ضللبطت بالضللوابط
الشرعية فل حرج فيهللا ،أمللا إذا كللانت تحللايل ً علللى الربللا
فهللي محرمللة مهمللا كللانت المعللاذير والسللباب ،والللله
المستعان.
المسألة الولى:
هل هناك في الشريعة بيع يسمى بهذا السم؟
الحمد لله والصلة والسلم علللى رسللول الللله وعلللى آللله
وصحبه ومن اهتدى بهداه ،وبعد:
أقول وبالله التوفيق ل يوجد في الشريعة مللا يسللمى بللبيع
الصابون ،ول بيللع الشللاي ،ول القهللوة ،ول بيللع كللذا وكللذا،
وإنما هو نوع من البيوع التي متى اشللتملت علللى شللروط
صللحة الللبيع حكللم بصللحة هللذا الللبيع ومللتى تخلفللت هللذه
الشروط وفقللدت أو فقللد بعضللها حكللم ببطلن هللذا الللبيع
وعدم صحته.
548
ما السم الشرعي الصحيح لمثل هذا البيع؟
الجواب:
ليس هناك اسم شرعي يسمى به هذا النللوع مللن الللبيوع،
بل هو نوع مللن أنللواع الللبيوع الللتي يشللترط فيهللا شللروط
فمللتى اسللتوفاها سللمي بيع لا ً صللحيحًا ،ومللتى افتقللدها أو
تخلف بعضها سمي بيعا ً باط ً
ل.
أما تسمية بيع الصابون بهللذا السللم فل أعللرف أحللدا ً مللن
الفقهاء ذكره بهذا السم فهم يذكرون أسماء بيللوع منهللي
عنها ،أو مختلف فيها ،كبيع المصحف مثل ً هل هللو جللائز أم
غير جائز ،أو بيع الصلنام ،والتماثيلل أو بيلع الكللب ،ونحلو
ذلك مما جاءت نصوص السنة بالنهي عنه.
المسألة الثالثة:
ما ضوابط بيع التورق؟
قبل أن نبين ضوابط هذا النوع من الللبيوع مللن الضللروري
بيان معناه وذلك لن هذا النوع من البيوع لللم يسللمه بهللذا
السم أعني )التورق( إل فقهلاء الحنابللة أملا غيرهلم فقلد
جعلوه في المسائل المتعلقللة بللبيع العينللة وأدرجللوه فيهللا،
ولم يفرده باسما ً خاصا ً إل الحنابلة كما ذكرنا.
فنقول بيع التورق فللي اصللطلح الفقهللاء هللو :أن يشللتري
سلعة نسيئة )أي بأجل(
ثم يبيعها نقدا ً – لغير البائع -بأقل مما اشتراها بلله ليحصللل
بذلك على النقد.
أما حكم هذه المسألة فقد اختلف فيها الفقهللاء ،فجمهللور
أهل العلم علللى أنهلا جلائزة ،وعلللوا ذلللك بلأن المشللتري
للسلعة يكون غرضه منها إما عينها ،وإما عوضللها وكلهمللا
غرض صحيح ،وعللوا أيضا بللأنه نللوع مللن الللبيوع الللتي لللم
يظهر فيها قصد الربا وصورته ،ولهذا أفتت اللجنة الدائمللة
للبحوث العلمية بجوازه ) (3وهذا هو الصحيح.
أما القول الثاني فهو القول بتحريمه ) التورق( وهو روايللة
عن المام أحمد ،واختارها شيخ السلم ابللن تيميللة ،وكللذا
ابن القيم ،وانتصر لها بقوة وعللوا ذلك بللأن الغللرض منهللا
هللو أخللذ دراهللم بللدراهم ودخللول السلللعة بينهللا للتحليللل
وتحليللل المحللرم بالمسللائل الللتي ل يرتفللع بهللا حصللول
549
المفسدة ل يغني شيئا ً لقوله صلى الله عليه وسلم "وإنما
لكل امرئ ما نوى" ).(4
الصحيح القول بجواز هذا النللوع مللن الللبيوع نظللرا ً لحاجللة
الناس وقلة من يقرضهم.
أما عن الضوابط الشرعية لمسألة التورق فقد ذكر بعللض
أهل العلم شروطا ً لجوازها ،منها:
) (1كون المشتري محتاجا ً للدراهم فإن لللم يكللن محتاج لا ً
لها فل يجوز.
) (2أن ل يتمكن المحتاج من الحصول على المللال بطللرق
ل،أخرى مباحة غير هذه الطريقللة كللالقرض ،أو السلللم مث ً
فإن كان يمكنه الحصول على حاجته بدون التورق لم يجللز
له ذلك.
) (3أن ل يشتمل العقد عللى ملا يشلبه صلورة الربلا كلأن
يقول له بعتك هذه السلعة العشرة أحد عشر ،فهللذا كللأنه
دراهم بدراهم فل يصح.
أما الطريقة الصحيح في ذلك أن يقول له بعتك إياها بكللذا
وكذا إلى سنة مثل.
) (4أن ل يبيعها المشللتري إل بعللد قبضللها وحيازتهللا لنهللي
النبي صلى الله عليه وسلم حيث نهى عن بيع السلع قبللل
أن يحوزها التجار إلى رحالهم ).(5
) (5أن ل يبيعها المشتري على من اشتراها منه بأقل ممللا
اشتراها منه بأي حال من الحوال لن هذا هللو بيللع العينللة
الذي جاءت نصوص الشريعة بتحريمه.
فهذه جملة ملن الضلوابط اللتي ذكرهلا بعلض أهلل العللم
لجواز بيع التورق.
وقد رجح شيخنا الشيخ عبللد العزيللز بللن بللاز -رحملله الللله-
جواز هذا النوع من البيوع وقد سألته عللام 1400هل ل أثنللاء
بحللثي لهللذه المسللألة فللي رسللالة الللدكتوراه -البنللوك
السلمية بين النظرية والتطبيق -فقال ياولدي إذا أحسللن
من يوسع على النللاس النيللة ،ولللم يأخللذ ربح لا ً كللثيرا ً فهللو
مأجور إن شاء الله .أما شيخنا الشيخ محمد العثيمين فقللد
تشدد فيها ومنعها إل بضوابطها الشرعية.
المسألة الرابعة:
550
صفة البيع السائدة:
أن يذهب شللخص إلللى أحللد محلت بيللع الجملللة فيشللتري
كمية من الصابون بمبلللغ ) (500ريللال مثل ً ويحجزهللا فللي
زاوية مللن زوايللا المحللل ،ثللم يأخللذ فللاتورة بهللا ،ثللم يللأتي
شخص آخر ويشتري منه كمية الصابون بمبلغ ) (800ريال
مثل ً مؤجلة أو على أقساط شللهرية .ثللم يللذهب بالفللاتورة
إلى محل الجملة ويبيعها عليهم أو على غيرهم.
فما حكم هذه الصورة من البيع؟
الجواب:
قبللل أن نللبين حكللم هللذه الصللورة مللن الللبيوع نللذكر هنللا
باختصار الشروط المعتبرة شرعا في البيع ليكون صللحيحا ً
ومللن خللهللا يمكللن للسللائل معرفللة حكللم هللذه الصللورة
المذكورة.
فنقول أول ً من شروط البيع:
.1كون البيع عن تراض بيللن الطرفيللن؛ لقللوله تعللالى":إل
أن تكون تجارة عن تراض" ) (6ولقللوله صلللى الللله عليلله
وسلم "إنما البيع عن تراض" ).(7
فمتى أكره النسللان علللى بيللع شلليء فللإن الللبيع ل يكللون
صحيحا ً إل أن يكللون الكللراه بحللق ،فللالبيع يكللون صللحيحا ً
كمن كان مدينا ً وطالبه الغرماء بالسداد وعنلده سللع فهنللا
يجبره القاضي على البيع لسداد دين الغرماء .
.2كون العاقدين يجوز تصرفهما وهما ممن اجتمعللت فيلله
ثلثة شروط:
) (1كونه حرا ً فل يجوز بيع المملوك إل بإذن سيده.
) (2كونه بالغا ً فيخرج منه من دون البلوغ وهم قسمان:
الول :من هو دون التمييز ،فهذا ل يصح بيعه بإجمللاع أهللل
العلم
الثاني :من هو مميز ،ولكنه دون البلوغ ،وهذا محل خلف
بين أهل العلم
) (3كونه رشيدا ً :
ل ،وهو من فل يصح بيع من ل يحسن التصرف كالسفيه مث ً
به خفة في عقله فل يصح بيعه ولوكان كبيرا ً لقوله تعالى:
"ول تؤتوا السفهاء أموالكم" )(8
551
.3كون المبيع منتفعا ً به كالدراهم ،والثيللاب ،والحيوانللات،
والمشروبات ،وغيرها مما يباح نفعه مطلقا ً من غير حاجة.
أما ماليس فيه نفع كالحية ،والفأرة وغيللر ذلللك ممللا ليللس
فيه نفع فل يجوز بيعه.
.4كون المبيع مملوكا ً للبائع ،أو مأذونلا ً للله فيلله مللن جهللة
مللالكه ،لقللوله صلللى الللله عليلله وسلللم" :ل تبللع مللا ليللس
عندك" ).(9
.5كون المعقود عليه مقدورا ً على تسليمه ،فل يجللوز بيللع
العبد البق ،والجمل الشللارد ،ول الفللرس العللاثر ) (10ول
يجوز بيللع الطيللور فللي السللماء كالحمللام ،والصللقور ،ولللو
ألفت الرجوع لنه ل يقدر على تسليمها.
واشترط هللذا الشللرط لن قبللض المللبيع واسللتيلء العاقللد
عليه هو المقصود مللن الللبيع حللتى يتمكللن المشللتري مللن
النتفاع به والستيلء عليه ،فللإذا عللدم هللذا الشللرط عللدم
الغرض المقصود وحصل أيضا ً به الغرر الذي جاءت السللنة
بالنهي عنه .فقد روى مسلم في صحيحه عن أبللي هريللرة
رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهللى عللن
بيع الحصاة وعن بيع الغرر" ).(11
.6كون المبيع والثمن معلوما ً للمتعاقدين؛
فالمعلومية في المبيع تكون بأحد أمرين:
.1رؤية المبيع كله أو بعضه.
.2ذكر صفة المبيع.
أما معلومية الثمن كأن يكون الثمن معلوما ً قللدره وصللفته
للطرفين وهل هو حال أو مؤجل.
.7من الشروط كون المبيع مقبوضا ً للمشتري؛
فمتى قبض المشللتري سلللعة مللن البللائع واسللتوفاها صللح
البيع ،أما التصرف في البيع قبل القبض فإنه ل يجوز.
والقبض يختلف باختلف المبيعات فكل شيء يكون قبضلله
ل ،أو الللدواب ،وكللذابحسبه .فقبض ما يؤكللل كالطعللام مث ً
السيارات ،وغير ذلك مما يتم بالنقللل ،يكللون قبضلله بنقللله
من مكانه الذي بيع فيه ،وما يكال ويوزن ويعد يكون قبضه
بوزنه ،وعده ،وكيله ،بالضافة إلى نقله على الصللحيح مللن
أقوال أهللل العلللم ،وإل فالمللذهب أعنللي مللذهب الحنابلللة
552
يللرون أنلله يكتفللى بكيللله ووزنلله وعللده ،لكللن الصللحيح مللا
ذكرناه من اشتراط النقل وذلك لعدة أمور:
) (1لن النزاع قد يقع بين البائع والمشتري.
) (2لعموم حديث زيد بن ثابت ،وفيه أن النبي صلللى الللله
عليه وسلم "نهى أن تباع السلع حيث تبتللاع حللتى يحوزهللا
التجار إلى رحالهم" ) (12ولفللظ السلللع هنللا عللام يشللمل
جميع المبيعات.
) (3القياس على الحاديث التي وردت في الكيل والللوزن
ويلحق بها مالم ينص عليه ول يختص بها.
) (4أن العلة في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع
السلع حيث تبتاع هو إزالة الضللرر عللن البللائع والمشللتري،
فبقاؤها في محل البائع يعرضها إلى بيعها مرة أخرى فقللد
يشتريها منه من يأتي بثمن أكثر فهنا يحصللل الضللرر علللى
المشللتري الول .أمللا ضللررها علللى البللائع فقللد يتللأخر
المشتري وتتعرض السلعة للتلللف وبالتللالي يطللالب البللائع
برد قيمتها أو يفوت بيعها على البائع فيحصللل الضللرر ،لللذا
جاءت الشريعة بإلزام المشللتري بنقللل المللبيع مللن مكللانه
حتى ل يحصل الضرر.
أما الشياء التي ل تنقللل كالراضللي ،والعقللارات ،ونحوهللا،
فيكون قبضها بتخليتها وإيقاف المشللتري عليهللا ويقللال للله
هذه أرضك أو بيتك.
أما البيوت فيكون القبض بتخلية البيت وإعطائه المفاتيح.
والخلصة هنا في هذا الشللرط أنلله ل يجللوز التصللرف فللي
المبيع ول بيعه قبل قبضه على الصورة التي ذكرناها فمتى
باعه قبل قبضه فالبيع باطل.
ومللن هنللا نقللول للسللائل يمكنللك أن تعللرف الجابللة علللى
سؤالك حول هللذه المسللألة المللذكورة ،فنقللول بللأن هللذه
الصورة المذكورة التي سألت عنها غيللر جلائزة ،لن نقلهلا
من ناحية البائع إلى ناحية أخرى فللي محللل الللبيع ل يعتللبر
قبضا ً تامًا.
المسألة الخامسة:
553
هللل هللذا الحكللم ينطبللق علللى غيللر الصللابون كالسللمنت،
والحديد ،ومللواد البنللاء ،وبطاقللات سللوى ،والشللاي ،وغيللر
ذلك؟
الجواب :
نعم جميع الشروط السابقة في البيع أي التي ذكرناها هي
شروط في كل مبيع لبد من توافرها فمتى تخلللف بعضللها
صار البيع غير صحيح.
المسألة السادسة :
حكم هذه الصورة من البيع؟
الجواب:
قد تمت الجابة على هذه المسللألة فللي المسللألة الرابعللة
فلتراجع
المسألة السابعة:
ما الصفة الصحيحة لهذا البيع ليكون جائزا ً ؟
الجواب:
لكي يكللون الللبيع صللحيحا ً فللإنه يشللترط فيلله أن يسللتوفي
جميع شروط البيع التي ذكرناها آنفًا ،أما عن الصللفة الللتي
ذكرتموها عن بيع الصابون فهي وإن اشللتملت علللى أكللثر
شروط الللبيع غيللر أنهللا تخلللف عنهللا شللرط القبللض الللذي
يتناول إخراجها عن محل البائع فل بد أن تنتقل من المحل
لكي تكون صفة هذا البيع صحيحة.
المسألة الثامنة:
ما حكم البيوع على القساط؟
الجواب:
البيع بالتقسيط ل حرج فيه لعموم قوله تعالى" :وأحل الله
البيع وحرم الربا" ) (13وقد باع أصحاب بريرة -رضي الله
عنها -بريرة نفسللها كاتبوهللا علللى أقسللاط ،فللي كللل عللام
أوقية )وهي أربعون درهمًا( باعوها علللى تسللعة أقسللاط )
(14في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولللم ينكللر ذلللك
عليهم.
لكن يشترط فللي هللذا الللبيع أن تكللون القسللاط معروفللة
والجال معلومة ،فمثل ً إذا اشترى شخص سلليارة قيمتهللا )
(100،000مائة ألف ريال على أقسللاط فل بللد أن تكللون
554
هذه القساط معروفة كأن تكون ) (10،000عشللرة آلف
ريال كل سنة مثل ً أو كللل خمسللة أشللهر علللى حسللب مللا
يتفقان عليه.
دليل ذلك قوله تعالى":يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بللدين
إلى أجل مسمى فاكتبوه" ) (15ولقللوله صلللى الللله عليلله
وسلم "من أسلف فللي شلليء فليسلللف فللي كيللل معلللوم
ووزن معلوم إلى أجل معلوم" )(16
وخلصلة الجابلة عللى هلذه المسلألة أن اللبيع بالتقسليط
جائز إذا كانت القساط معروفة والجال معلومة.
لكن هنلاك مسلألة وهلي هلل الزيلادة فلي القيملة مقابلل
الجل جائزة؟
الجواب:
بعض أهل العلم قال بأن الزيادة مقابل الجل غير جللائزة؛
لنها داخلة في البيع المنهي عنه ،وهللو :بيعتللان فللي بيعللة.
وقال آخرون بل الزيادة ل مانع منها في مقابل الجل وقد
ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم -ما يدل على ذلك
حيث أمر عبد الله بن عمرو بن العاص رضللي الللله عنهمللا
أن يجهز جيشا ً فكان يشتري البعير بللالبعيرين إلللى أجللل )
(17وهذا هو الصحيح وبه قال شيخنا ابللن بللاز وأكللثر أهللل
العلم.
المسألة التاسعة:
هل يجوز أن يشتري رجللل الصللابون مثل ً ثللم يحجللزه فللي
زاوية من زوايا المحل التجاري الذي اشتراه منه؟
الجواب:
لقد جاء نصوص السنة بالنهي عن البيع ما لم يقبللض وقللد
ذكرنا أصول القبض وطريقته الشرعية وسنذكر هنا طرف لا ً
من الدلة التي تدل على اشللتراط القبللض والنقللل ليكللون
السائل على بينة من المر .فمن ذلك:
.1ما رواه أحمد وغيره أن النبي صلللى الللله عليلله وسلللم
قال لحكيم بن حزام" :ل تبع ملا ليلس عنلدك" ) (18أي ل
تبع ما ل تملكه ،وغير القابض للسلعة هو في الحقيقة غيللر
مالك لها.
555
.2ما رواه البخاري ومسلللم عللن النللبي صلللى الللله عليلله
وسلم قال" :من اشترى طعاما ً فل يبعه حتى يسللتوفيه" )
(19ولذا بوب مسلم علللى هللذا الحللديث باب لا ً فقللال بللاب
بطلن بيع مالم يقبض وذكر الحديث.
.3ما رواه مسلم أيضا ً عللن ابللن عمللر رضللي الللله عنهمللا
قال" :كنا نشتري الطعام جزافلا ً فبعللث إلينللا رسللول الللله
صلى الله عليه وسلم من ينهانا أن نبيعه حللتى ننقللله إلللى
رحالنا" )(20
.4ما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلللم "نهللى
أن تبللاع السلللع حيللث تبتللاع ،حللتى يحوزهللا التجللار إلللى
رحالهم" )(21
وبهذه الحاديث وغيرها مما جاء في معناها يتضح لنا أنه ل
يجوز بيللع سلللعة مللا لللم يملكهللا المشللتري ويحوزهللا إلللى
ملكه ،ويتضح لنا أيضا ً أن ما يفعله البعض من بيللع مللا لللم
يقبضه أو يشتري السلعة ثم يبيعها في محل البائع قبل أن
يقبضها القبض الشرعي أن هذا أمر ل يجوز لمللا فيلله مللن
مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولمللا فيلله مللن
التلعب بالمعاملت ولمللا يللترتب علللى ذلللك مللن الفسللاد
والشرور ،نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
أما هل يكون مالكا ً بهذه الصورة التي ذكرها السائل؟
نقول بأنه ل يكون مالكا ً له حتى ينقله من المحل الذي بيع
فيه ،وإل لم يصح البيع إن باعه في نفس المحل.
المسألة العاشرة:
هللل يشللترط فللي الللبيع أن ينقللل المشللتري المللبيع؟ ومللا
ضابط نقله له؟
الجواب:
تمت الجابة على هذه المسألة وذكرنا أنه يشللترط النقللل
من المكان الذي بيعت فيه وذكرنا الضوابط لذلك.
المسألة الحادية عشرة:
ما حكم البيع إلى أجل مع زيادة الثمن مقابل الجل؟
الجواب:
ذكرنا أن الصحيح من أقوال أهللل العلللم صللحة الللبيع إلللى
أجل مع الزيادة في الثمن مقابل الجل فل مانع من هذا.
556
المسألة الثانية عشرة:
ما الحكم لو تم البيع إلى أجل ثم حل الجللل ولللم يسللتطع
المشتري السداد فهل يجوز للبائع أن يمهله أشهرا ً مقابللل
أن يزيد في المبلغ؟
الجواب:
ل تجوز الزيادة في مقابل المهال إذا تم البيع أول ،بل هذا
هو ربا الجاهلية الذي جللاءت نصللوص الشللرع بللالنهي عنلله
والتحذير منه فالحذر الحذر من الوقوع في مثل هذا النوع
من البيع.
المسألة الثالثة عشرة:
أحيانا ً ينصرف المشتري عن البائع ولم يتفقللا علللى تحديللد
الثمن ،هل يكون حال أو مؤج ً
ل؟ بعللد أن تللم الللبيع بينهمللا،
ولكن يقول أحللدهما :إن حضللر المبلللغ نهايللة الشللهر فهللو
بالثمن الحال ،وإن لم يحضر فهللو بللالثمن المقسللط فهللل
يصح ذلك؟
الجواب:
ل يصح ذلك ،فل بد من التفاق على نوع البيع هل هو حال
أم مؤجل ،فل يتفرقا بالبدان إل بالتفاق على أحدهما إمللا
حال ً أو مؤجل ً لن هذه صورة من صور البيعللتين فللي بيعللة
التي جاءت نصوص السنة بتحريمها لما فيهللا مللن الجهالللة
التي تفضي إلى النزاع والخلف.
المسألة الرابعة عشرة:
مللا الحكللم لللو أراد البللائع أن يشللتري السلللعة ذاتهللا مللن
المشتري سواء بالتفاق أو بدونه؟
الجواب:
إذا تم البيع بينهما بطريقته الشرعية الللتي ذكرناهللا سللابقا ً
بحيث يكون المشتري حاز سلعته حيازة تامللة وقبضللها ثللم
أراد أن يبيعها إلى البائع الول فهذا يجوز ،ولكن بشرط أن
ل يبيعها بثمن أقل مملا اشلتراها منله ،بلل يشلتريها البلائع
الول بثمنها الذي باعها به أو يشتريها بأكثر مللن ثمنهللا لن
شراءه لها بأقل يجعلها معاملة ربوية لنها في الحقيقة بيع
دراهم بدراهم وكأنت السلعة بينهما ما هي إل لتحليل هللذا
النوع من البيوع وهو بيع العينة المنهي عنه كما ذكرنا.
557
وللفائدة هنا نبين معنى بيع العينة فقد عرفه الفقهللاء بللأنه
أن يبيع شيئا ً من غيره بثمن مؤجل ويسلمه للمشللتري ثللم
يشتريها قبل قبض الثمن نقدا ً بثمن أقل مللن ذلللك القللدر،
هذه هي العينة.
المسألة الخامسة عشرة:
ما حكم الشرط الجلزائي فلي اللديون اللذي تفعلله بعلض
مكاتب الخدمات حيث يقللوم المشللتري بالسللداد فللي كللل
شهر فإن تأخر فعن كل شللهر يتللأخره زيلادة ) (300ريللال
مث ً
ل.
الجواب:
هذا الشرط محرم ،لنلله عيللن ربللا الجاهليللة الللذي جللاءت
نصوص الشريعة بتحريمه والتحذير منه والوعيد لمللن قللام
به قال تعالى" :ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مللا بقللي
من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من
الله ورسوله.(22) "...
المسألة السادسة عشرة:
ما الحكم لو شللرط البللائع شللرطا ً جزائيلا ً فقللال :إن تللأخر
المشللتري عللن السللداد فيحللق لللي توكيللل أحللد مكللاتب
المحاماة على أن يتحمل المشتري جميع تكاليف المعاملة
المادية؟
الجواب:
هذا الشرط ل يسوغ لما فيه من الغللرر والجهالللة وذريعللة
لحصول الربا ولما يترتب عليه من مفاسللد كللثيرة ،والللذي
ينبغي على البائع أن يحسللن المعاملللة مللع المشللتري وأن
يتعامللل معلله بالرحمللة واللطللف والحسللان لن هللذا مللن
مقاصللد الشللريعة ،فشللريعة السلللم تللدعو إلللى الرأفللة
والرحمة بالبشر وحسللن الداء والقضللاء وإنظللار المعسللر
والتوسعة عليه.
المسألة السابعة عشرة:
ما الحكم لو أن المشتري للصابون وغيره وكل البائع على
تصريفه له؟
الجواب:
558
إذا تم البيع وملك المشتري السلعة وحازها حيازة شللرعية
بحيث قبضها ونقلها مللن المحللل الللذي اشللتراها منلله إلللى
مكان أخرى ثم وكل المشتري ببيعها له فل حرج في ذلك،
أما كونه يشتريها ثم يبقيها عنده ليبيعها للله فهللذا ل يجللوز،
لنه في الواقع لم يقبضها القبض الشرعي الذي سللبق أن
بّيناه.
المسألة الثامنة عشرة:
هل تشترط رؤية المبيع للصابون أو غيره أو يكفللي مجللرد
معرفته؟
الجواب:
ذكرنللا فيمللا مضللى أن مللن شللروط الللبيع كللونه معلوم لا ً
للمتعاقدين لن النبي – صلى الله عليه وسللم -نهلى علن
بيع الغرر فإذا كان المللبيع غيللر معلللوم فهنللا تكللون جهالللة
وغرر فل يصح البيع حينئذ ،والمعلومية للمبيع تتحقق بأحللد
أمرين:
الول :رؤية المبيع كله أو بعضه الدال على بقيته ،فمثل لو
اشترى كمية من الصابون تعادل 100كيللس منلله فرؤيتلله
تتحقق برؤية الكمية كلها أو يكفي حفنة واحدة من الكيس
لن البعض يدل عل الكل.
ثانيًا :مما تكون به معلومية المبيع بيان صفته ،كللأن يقللول
أبيعك صابونا ً اسمه كذا وصفته كذا وكذا فهنا الصفة تكفي
لعدم الجهالة والغرر.
وعلى ذلك فيشترط رؤية الصابون أو معرفته معرفة تامة
قبل البيع لن الوصف الذي يكفي في السلللم يقللوم مقللام
الرؤية على الصحيح من أقوال أهل العلم ويلزم العقللد بلله
في الحال.
المسألة التاسعة عشرة:
ما الحكم لو نفذ الصابون عند البائع ثم جاءه شللخص آخللر
فطلب منه صللابونا ً فقللال البللائع :تللأتي غللدا ً وتجللد الكميللة
المطلوبة؟
الجواب:
هذا ما يسللمى بالوعلد بالشلراء وهللذا فلي الحقيقللة ليللس
شراء وإنما هو وعد بللذلك ،فللإذا أراد إنسللان شللراء حاجللة
559
وطلب من أخيلله أن يشللتريها لنفسلله ثللم يبيعهللا عليلله فل
حللرج فللي هللذا الللبيع بشللرط أن يقبضللها المشللتري الول
ويتملكها ثم يتفق مع المشللتري الثللاني ويبيعهللا عليلله بعللد
ملكيتها وقبضها.
المسألة العشرون:
الغللالب أن مكللاتب الصللابون تكتللب عقللدا ً صللوريا ً فقللط
ويكون فيه غير ما تم التفاق عليه بين البللائع والمشللتري،
بل يكتب في العقد " أن فلنا ً وهو البائع"...
الجواب:
هللذا ممللا ل يجللوز أيض لًا ،لمللا فيلله مللن الغللرر ،والجهالللة،
والكذب ،فالتفاق على الشياء غير ما تم بينهما هو غللش،
وكذب ،وعدم ذكر اسم كللل مللن البللائع أو المشللتري فللي
العقد فيه غرر ،وجهالة وهذا منهي عنه.
بل الواجب كتابة ما تللم بينهمللا ،ول يللزاد عليلله ،ول ينقللص
منلله ،لكللي يكللون الللبيع صللحيحًا ،وتكللون المعاملللة علللى
الصدق ،والصراحة.
المسألة الحادية والعشرون:
البعض من البائعين يقول للمشتري" :ضع يدك على كميللة
الصابون! فيضع المشتري يده" هل يعتبر بذلك مالكا ً لها؟
الجواب:
ل يعتبر بذلك مالكا ً لها بل ل بد مللن رؤيتهللا ثللم نقلهللا مللن
مكانها الذي بيعت فيه على الصفة المللذكورة سللابقا ً وأمللا
مجرد الوضع لليد عليها فل يفيد أنلله قللد ملكهللا أو صللارت
في حوزته.
المسألة الثانية والعشرون:
بعض البائعين يشترط شرطا ً جزائيا ً مضمونه أنه في حللال
تأخر المشتري عن السداد فإن المبلغ المتبقي يحللل عليلله
ل ،فهل يجوز ذلك؟ كام ً
الجواب:
هذا الشرط وهو حلللول المبلللغ بكللامله دفعللة واحللدة عنللد
تأخر المشتري في تسللديد أحللد القسللاط أو بعضللها؛ هللذا
الشرط غير صحيح لنه ينافي مقتضى العقد ،وهو التأجيللل
الذي استحقت به الزيادة.
560
والواجب على البائع متى علم أن المللدين معسللر إنظللاره
لقوله تعالى" :وإن كان ذو عسرة فنظرة إلللى ميسللرة" )
.(23
المسألة الثالثة والعشرون:
أحيانا ً يجعل للبيع قيمتان ،فيقول البللائع للمشللتري" :هللذه
الكمية بعشرة آلف ريال إذا تأخرت عن السللداد ،وإذا لللم
تتأخر فهي بثمانية آلف ريال"
فهل يصح ذلك؟
الجواب:
هذا أيضا ً مما ل يجوز لنلله جعللل قيمللتين لسلللعة واحللدة .
وهذا ل يجوز حيث لم يقطعا سعرا ً محددا ً للسلعة ،والثمن
لبد أن يكون معلوما ً وهذا أحد شروط البيع السابقة.
بعض المسائل في البيوع
ل :مسائل في بيع السيارات أو ً
المسألة الولى:
تحريك السيارة داخل المعرض كما يفعله البعللض ل يعتللبر
حيازة وقبضا ً وعلى ذلك ل يكون البيع صللحيحا ً لكللونه بيعلا ً
قبل قبض السيارة.
المسألة الثانية:
ل يجوز بيع السيارة قبل أن تستكمل الجراءات النظاميللة
مللن الحصللول علللى ورقللة المبايعللة ،واسللتلم السلليارة،
ورؤيتها ،ونقلها من المعرض ،لنه ل يكمل قبضها إل بذلك،
وأما نقل ملكية السيارة فالصواب أنه ل يلزم.
المسألة الثالثة:
التأمين على السيارة محرم لما في ذلك من الغللرر وأكللل
الموال بالباطل ،لكللن إذا ألللزم النسللان بله فيقللدم عليلله
تحقيقللا ً لعلللى المصلللحتين ودفعللا ً لعلللى المفسللدتين،
فطاعة ولي المر في هذا الباب ألزم وأوجب.
المسألة الرابعة:
بعض الناس يحتاج لشراء سيارة ول يملك قيمتها ،فيللذهب
لزيد من الناس ليشتريها له على أن تكون هناك زيادة عن
ثمنها الصلي الذي اشتراها به ،هذه الزيادة حرام لن هذه
561
حيلة على الربا لنه في الحقيقة كللأنه أقللرض هللذا الرجللل
ثمنها بفائدة.
ثانيًا:مسائل في بيع الذهب
المسألة الولى:
ل يجوز بيع الذهب إلى أجل فقللد أجمللع أهللل العلللم علللى
تحريمه لنه ربا نسيئة وقد قللال صلللى الللله عليلله وسلللم:
"الذهب بالذهب ...إلى قوله يدا ً بيد"
المسألة الثانية:
من اشترى ذهبا ً وبقي عليه من قيمته شيء ،فطلللب مللن
البائع إمهاله أياما ً لحضار الباقي له فهللذا العمللل ل يجللوز،
فإن فعله صح العقللد فيمللا قبللض عوضلله وبطللل فيمللا لللم
يقبض.
المسألة الثالثة:
ل يجللوز التعامللل بالشلليكات فللي بيللع الللذهب ،أو الفضللة،
وذلك لن الشيك ل يعد قبضا ً وإنما هو وثيقة حوالة فقللط،
وإذا لم يكللن الشلليك قبضلا ً فللإنه ل يصللح الللبيع لن النللبي
صلى الله عليلله وسلللم أمللر فللي بيللع الللذهب والفضللة أن
يكون يدا ً بيد.
المسألة الرابعة:
بعض الناس يشتري الذهب والفضة فيدفع بعض قيمتها ثم
يبقيها عند البائع لحين سداد القيمللة كاملللة ،وهللذا ل يجللوز
لن مقتضى البيع أن يكون ملك ذلك المشللتري فيجللب أن
تنقل إليه وبهذا ل يجللوز هللذا العمللل بللل ل بللد مللن قبللض
الثمللن كللامل ً ثللم إن شللاء المشللتري أبقاهللا عنللد البللائع أو
أخذها.
المسألة الخامسة:
تبديل الذهب بذهب مع إضافة قيمة التصللنيع إلللى أحللدهما
هذا محرم ول يجوز ،لنه داخل فللي الربللا الللذي نهللى عنلله
النبي صلى الله عليله وسللم ،فقلد قلال صللى اللله عليله
وسلم" :الذهب بالذهب والفضللة بالفضللة ...إلللى قللوله...
فمن زاد أو استزاد فقد أربى" ).(24
المسألة السادسة:
الطريقة السليمة في استبدال الذهب بالذهب هي:
562
أن يباع الذهب القللديم مللن غيللر مواطللأة ول اتفللاق .فللإذا
قبض صاحبه الثمن فإنه يشتري الشيء الجديد من المحل
نفسه ،أومن غيره ،فل بد من إنهللاء المعاملللة الولللى ،ثللم
إجراء المعاملة الثانية.
ثالثًا:مسائل في بيوع أخرى.
المسألة الولى:
يقوم بعض الناس ببيع بعض محلتهم بمللا فيلله جزافلا ً دون
معرفة المال الذي في المحل وبل بصيرة بمللا فيلله ،وهللذا
النوع من البيوع غير صحيح لما فيلله مللن الجهالللة والغللرر،
ولكي يكون البيع صحيحا ً فل بد من معرفة المال الموجود
فيه وأن يكون البائع والمشتري على بصيرة بذلك.
المسألة الثانية:
ل يكون الكلم قبضا ً للسلعة كما هو الواقع غالبًا ،بل ل بللد
من نقل السلعة إلى ملكه ،أو إلى السللوق وإخراجهللا مللن
المحل الذي بيعت فيه.
المسألة الثالثة:
يجوز أخذ العربون من المشللتري و فللي حالللة عللدم وفللاء
المشتري أو رجوعه في البيع يحق له أن يحتفظ به لنفسه
ول يرده للمشتري إذا فسخ العقد في أصح قولي العلماء.
المسألة الرابعة:
ل يجوز احتكار السلع وتخزين شيء الناس في حاجة إليلله
لما في ذلك من الضرار بالمسلمين.
أما تخزينه حتى يحتللاج إليلله وكللان النللاس فللي غنللى عنلله
فيجوز.
المسألة الخامسة:
إذا قامت الدولة بوضع تسعيرة لمبيع فإنه ل تجوز الزيللادة
عليه بل الواجب التمشي مع النظام الللذي تضللعه الدولللة،
لن في مخالفته مضرة عليك وعلى الخرين.
المسألة السادسة:
يجب على البائع بيان ما في سلعته من عيب إن كان فيهللا
عيب ول يحل له كتمللان مللا فيهللا مللن العيللوب ،فل يللؤمن
أحدنا حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه.
) (1سورة البقرة الية275 :
563
) (2سورة المائدة الية 3:
) (3انظر فتاوى اللجنللة الدائمللة ) (13/161رقللم الفتللوى
16402
) (4رواه البخاري ) ( 1/7ومسلم ) (1907
) (5رواه أبو داود في كتاب الللبيوع-بللاب فللي بيللع الطعللام
قبللل أن يسللتوفى برقللم ) (3499وصللححه اللبللاني فللي
صحيح سنن أبي داود برقم )(2988
) (6سورة النساء ،الية )(29
) (7روا ابللن ماجللة برقللم ) 2185وصللححه اللبللاني فللي
الرواء ) (5/125برقم 1283
) (8سورة النساء الية )(5
) (9رواه أحمد في مسند حكم بن حزام برقللم )(14887
ورواه الترمذي في كتاب البيوع -باب ما جللاء فللي كراهيللة
بيع ما ليس عندك برقم ) (1232وابن ماجة برقم )2187
(
) (10الفرس العاثر أي الشارد
) (11رواه مسلللم فللي كتللاب الللبيوع -بللاب بطلن بيللع
الحصاة والبيع الذي فيه غرر برقم )(1513
) (12رواه أبو داود برقللم ) (3499وصللححه اللبللاني فللي
صحيح سنن أبي داود برقم )(2988
) (13سورة البقرة الية ) (275
) (14رواه البخلللاري – كتلللاب اللللبيوع -بلللاب إذا اشلللترط
شروطا ً في البيع ل تحل )الفتح (4/376
) (15سورة البقرة ،الية282:
) (16رواه البخاري )باب السلم في وزن معلللوم( برقللم )
(2241ومسلم برقم )(1604
) (17رواه الدارقطني وقوى إسناده ابن حجللر فللي الفتللح
)الفتح (4/419
) (18سبق تخريجه
) (19رواه البخاري فللي كتللاب الللبيوع ) (2126ومسلللم )
(1526
) (20رواه مسلم في كتاب البيوع -باب بطلن الللبيع قبللل
القبض برقم )(1526
564
) (21سبق تخريجه.
) (22سورة البقرة اليات )( 279 ،278
) (23سورة البقرة الية )(280
) (24رواه المام أحمد في مسنده فللي مسللند المكللثرين
من الصللحابة – مسللند أبللي هريللرة برقللم ) -(7131ورواه
مسلم في المساقاة –بللاب الصللرف وبيللع الللذهب بللالورق
نقدا ً برقم ) (1584وبرقم ).(1588
=============
#أحكام السهم ][1/2
هاني بن عبد الله الجبير 20/7/1427
14/08/2006
-مقدمة:
-تمهيد:
-حقيقة السهم وقيمته:
-عوامل تفاوت قيمة السهم السوقية :
-مكان تداول السهم
-هل يجوز بيع السهم وشراؤها؟
-شروط تداول السهم المباحة:
-مقدمة:
ن الحمد لله نحمللده ونسللتعينه ونسللتغفره ونتللوب إليلله ، إ ّ
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومللن سلليئات أعمالنللا ،مللن
يهده الله فل مضل له ومن يضلل فل هادي له .وأشهد أل
إله إل الله وحده ل شريك له.
دا عبده ورسوله . ن محم ًوأشهد أ ّ
ما كثيرا .
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسلي ً
أما بعد :
فإن دين السلم هو الدين الذي ختم الله تعالى به الديان
،وهو الدين الذي ل يقبل الللله تعللالى مللن أحللد أن يتللدّين
بغيره ؛ قال تعالى " :ومن يبتغ غير السلم دينا فلن ُيقبللل
ما كان السلم منه وهو في الخرة من الخاسرين") ،(1فل ّ
حا لكللل زمللان ومكللان ،ولللذا فهللوبهذه المثابة كللان صللال ً
يجمع بين التطور والثبات ،القواعد التي قررها الله تعالى
في كتابة وقررها المصطفى –صلى الله عليه وسلم -فللي
565
سنته وأجمع عليها أئمللة السلللم قواعللد ثابتللة ل تتغيللر ول
تتبدل يستضيء بها المجتهللد فللي كللل نازلللة ومسللألة تلللم
بالمسلمين ،ومهما حصل للمسلللمين مللن قضللايا ونللوازل
حديثللة أو قديمللة سللواء كللانت تتعلللق بنفللس النسللان أو
تجللارته أو طريقللة تنقللله أو بعلجلله وتطللبيبه ودوائه فللإّنه
سلليجد فللي قواعللد الشللريعة الثابتللة بياًنللا لحكللم هللذه
المسألة ،ولذا كانت هذه الشللريعة متطللورة مللع مللا فيهللا
ضَعت القواعد التي يمكللن للنسللان أن من الثبات ؛ لنها و َ
يعرف من خللها حكم كل واقعة ،وبللذلك يصللبح للمجتهللد
القدرة علللى أن ينظللر فللي كللل نازلللة تقللع ويللبّين حكمهللا
الشرعي .وهذه الشريعة لم تللترك تصللرًفا مللن تصللرفات
ن الله بلله علللى مللن يشللاء ما يم ّ
النسان إل وبينت فيه حك ً
ن الفقه في الدين منة من الله تعلالى عللى من عباده ؛ فإ ّ
عباده لم يعطيها كل أحد ؛ قال صلى الله عليه وسلم )من
يرد الله به خيًرا يفقهه في الدين( ).(2
ن هللذه الشللريعة ل تللأتي بشلليء يعللارض وبحمللد الللله فللإ ّ
الفطرة ،ولذا حث الشرع علللى تحصلليل المللال كمللا قللال
تعالى" :فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا للله إليلله
ترجعون") (3وليس جمع المال محظوًرا ،إنمللا المحظللور
أن يجمع المال من الحرام.
عن أبي برزة السلمي أنه قال :قللال رسللول الللله صلللى
الله عليه وسلم ) :ل تزول قللدما عبللد يللوم القيامللة حللتى
يسأل عن أربع عن عمره فيما أفنللاه ،وعللن جسللمه فيمللا
أبله ،وعن علمه ماذا عمل به ،وعن ماله من أين اكتسللبه
وفيم أنفقه( ).(4
فالنسان مسئول عن هذا المال من حيث طريقة النفللاق
ن معرفة طرق الكسب المباحللة وطريقة الكسب .ولذا فإ ّ
وطرق الكسب المحرمة من أهللم مللا ينبغللي لمللن أراد أن
يدخل في أي تجارة من أنواع التجارات .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه) :ل يبللع فللي سللوقنا
إل من قد تفّقه في الدين( ).(5
566
وفيما يلي عرض موجز لطريقللة اكتسللاب معاصللرة نلقللي
الضللوء عليهللا بمللا أرجللو أن يكللون نافعللا ً والللله الموفللق
والهادي ل إله إل هو.
-تمهيد:
نشهد هذا العصر تطورات اقتصللادّية كللثيرة تحت ّللم أن تتللم
العمال عن طريق تكاتف أعللداد كللبيرة مللن المسللاهمين
لتجميع مبالغ ضللخمة يمكللن مللن خللهللا إنشللاء المشللاريع
الكبيرة التي ل يكفي في إنشائها رؤوس أموال بسيطة .
كما توجه كثير من الناس إلى البحث عللن طللرق يتمكنللون
بها من استثمار مدخراتهم القليلللة ،والللتي ل يمكنهللم مللن
خللها إنشاء مشاريع مستقلة ،وذلللك عللن طريللق اجتمللاع
عدد منهم لتحصيل رأس المال المطلوب.
وتزايدت هذه الحاجة ملع تزايلد الرغبلة فلي تنويلع وتكلثير
مصادر الدخل لوجود الكباب علللى الللدنيا والحللرص علللى
التزّيد منها ،ولوجود الضغوط الحياتية المعاصرة .
كما أن وجود الشراكات في المنشآت التجارية يحقللق لهللا
الستقرار والستمرار ؛ لنها بذلك ل تتأثر بحيللاة مللا لكيهللا
وهذا يدعم النهضة القتصادية .
ومللن هنللا وجللدت الحاجللة إلللى وجللود الشللركات بأنواعهللا
صة المساهمة منها. خا ّ
وأصل مبدأ الشراكة موجود في العصللور الماضللية ،حللتى
وجدت بعض القواعد المتعّلقة به فللي مللدونات الرومللان ،
ولذا تناولها الفقهاء في باب مستقل وهللو بللاب الشللركة ،
وبينوا جملة من أحكامها ،وقد خرج النبي صلى الله عليلله
وسلم بمال لخديجة رضي الله عنها ليتللاجر بلله ) (6وهللذه
شراكة بينهما ،ومضاربة بمالها .
ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلللم خيللبر وقسللمها بيللن
أصحابه ،عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمار مقابللل
عملهم) ،(7وهذا نوع مللن أنللواع المشللاركات الللتي تعتمللد
على بذل المال من أحد الطرفيللن ،والقيللام بالعمللل مللن
الطرف الخللر وهللو الللذي يسللمى ) :شللركة المضللاربة (
المعروفة في الفقه السلمي .
567
وفللي هللذا العصللر وجللدت للشللركات تسللميات جديللدة ،
واستحدث لها أساليب جديدة .
ومن هذه الشركات :الشركات المساهمة.
والشركة المساهمة :هي الشركة التي ينقسم رأس مالهللا
إلى أسهم متساوية قابلة للتداول ،ويكون الشريك مسئول ً
صته).(8 عن ديون الشركة بقدر ح ّ
وهي شركة تعتمد على جمع أمللوال المكتتللبين علللى قللدر
طاقتهم لتحقيق رأس المال المطلوب لها.
وأغراضللها متعللددة ،فقللد تكللون تجارّيللة ،أو صللناعية ،أو
زراعية.
وهللذه الشللركة نللوع جديللد مللن المعللاملت ينطبللق عليهللا
وصف شركة المضاربة ،أو شركة العنان والمضاربة ،ولكن
مع زيادة شروط لم تكللن فللي الشللركات السللابقة ،وهللذه
الشروط الصل فيها الباحة إل إذا دل دليل على التحريم.
لقللول النللبي صلللى الللله عليلله وسلللم) :المسلللمون علللى
ما( ).(9 طا حرم حلل ً أو أحل حرا ً شروطهم ،إل شر ً
ن الصللل فللي قللال ابللن القيللم " :جمهللور الفقهللاء علللى أ ّ
حة ،إل مللا أبطللله الشللارع أو نهللى العقود والشللروط الص ل ّ
من الحكللم ببطلنهللا حك ل ٌ عنه ،وهذا القول هو الصحيح؛ فللإ ّ
بالتحريم والتأثيم ،ومعلوم أن ّلله ل حللرام إل مللا حرملله الللله
ورسوله "). (10
-حقيقة السهم وقيمته:
السهم نصيب معلوم من رأس مال مشترك لمجموعة من
المشتركين ،وكل منهم يمّثل جللزًءا مللن أجللزاء متسللاوية،
صللة مشللاعة مللن كامللل حجللم الشللركة وهو عبارة عللن ح ّ
ومالكه يملك جزًءا من الشركة).(11
وقيمته لها أنواع):(12
-1قيمة اسمّية وهي التي يعلن عنها في الكتتللاب ،وينللص
عليهللا فللي وثيقللة الكتتللاب .وهللي القيمللة الللتي يللدفعها
المكتتب .
-2قيمة دفتري ّللة )حقيقي ّللة( وهللي النصلليب الللذي يسللتحّقه
صاحب السهم في صافي أموال الشركة بعد حسم ديونها
ويتم تحديده بعد معرفة موجوداتها وممتلكاتها .
568
-3القيمة السوقية وهللي قيمللة السللهم فللي السللوق عنللد
التداول بالبيع والشراء.
حل ّللت الشللركة وانتهللت نقللدر قيمللة السللهم بالقيمللة فللإذا ُ
الحقيقية فقط والمفترض أن تكون قيمة السهم السللوقّية
مماثلة لقيمته الحقيقي ّللة ،لكللن بعللض الظللروف قللد تللؤثر
على قيمة السهم السوقية.
-عوامل تفاوت قيمة السهم السوقية :
القيمة السوقية يتحكم فيه:
-1العرض والطلب.
-2المللل المعقللود علللى الشللركة فللي نوعيللة إنتاجهللا
والحصول على أرباح منها .
-3ما تدفعه من أرباح للمساهمين .
-4الوضلللاع والظلللروف السياسلللية للدوللللة ،فاللللدول
المستقرة ترتفع فيها قيمة السهم والدول غير المسللتقرة
سياسًيا تنخفض قيمة السهم فيها.
-مكان تداول السهم):(13
مى) :بورصللة يتم تداول السهم في سللوق أسللهم قللد يسل ّ
صللا ،تتللم
مللا خا ّ
ظللم تنظي ً السللهم( .والبورصللة سللوق من ّ
العمليات فيه بواسطة وسطاء.
وأسواق السهم قد تكون أسللواًقا أولي ّللة ،وهللي الللتي يتللم
فيها إصدار السهم ،أما السللواق الثانوي ّللة فهللي الللتي تتللم
فيها تداول السهم.
والن في المملكة العربّية السللعودّية يتللم إصللدار السللهم
صة بالسهم. وتداولها عبر البنوك؛ لّنه ل توجد أسواق خا ّ
-هل يجوز بيع السهم وشراؤها؟
استقر رأي جماهير الفقهاء المعاصرين على جللواز تللداول
السهم المباحة ،وبعض الفقهاء يحرم تداولها ومن أدّلتهم:
ن السهم جزء مجهول من رأس مال الشركة ل يعلللم -1أ ّ
تحديده وبيع المجهول ل يجوز؛ لنهي النبي صلى الله عليلله
وسلم عن بيع الغرر).(14
-2أن جزًءا من السهم أموال نقدّية ،أو ديون فبيع السهم
مللا يكللونمع اشللتماله علللى ذللك دون تحديللد مقللداره تما ً
569
مبادلللة مللال ربللوي بمثللله مللع الجهللل بالتماثللل ،والجهللل
بالتماثل كالعلم بالتفاضل .
ويمكن أن يجاب عن ذلك:
-1بلأنه يمكلن تحديلد مقلدار السلهم ومكونلاته ملن خلل
دراسة القوائم المالية للشركة ،ولو بقي بعد ذلللك جهالللة
يسيرة فإنها تكون مغتفرة للقاعدة المعلومللة مللن اغتفللار
ة وأن تتبع الجزئيات في مثل هذا فيلله حللرج ص ً اليسير ،خا ّ
ومشلللّقة وملللن القواعلللد المقلللررة أن المشلللّقة تجللللب
التيسير .
مللا النقللود والللديون فللي الشللركة فإّنهللا تابعللة غيللر -2وأ ّ
مقصودة ،وبذلك ل يكون لها حكم مستقل بل تكون تابعة
لغيرها والقاعدة المتقررة فلي الفقله أنله يجلوز تبًعلا ملال
يجوز استقلل ً .
ويدل على هذا حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النللبي
دا فمللاله للللذي صلى الله عليه وسلم قال) :مللن ابتللاع عبل ً
باعه .إل ّ أن يشترطه المبتاع( ).(15
فصح دخول المال في هذه المعاوضة لكونه تابًعا ،وسواء
دا أو في ذمم الناس . كان مال العبد موجو ً
قال المام مالك رحمه الله تعللالى :الملُر المجتمللع عليلله
دا كللان ن المبتاع إن اشترط مال العبد فهو له ،نقلل ً عندنا أ ّ
ضللا ،ي ُْعلللم أو ل ي ُْعلللم ،وإن كللان للعبللد مللنأو ديًنا أو عر ً
دا أو دين ًللا أو
المللال أكللثر ممللا اشللترى بلله ،كللان ثمنلله نقل ً
ضا).(16 عر ً
وبما سبق يظهر جواز بيع السهم والله أعلم).(17
-شروط تداول السهم المباحة:
ن الصللواب إباحللة تللداول السللهم مشللروط ما سبق من أ ّ
بشللروط ،وليسللت الباحللة مطلقللة وهللذه الشللروط و
الضوابط هي:
حا وسيأتي تفصيل -1أن يكون موضوع نشاط الشركة مبا ً
لهذا الضابط .
-2أن يكللون تللداول السللهم بعللد أن تبللدأ الشللركة فللي
نشاطها الفعلي وذلك بأن تتملك بعللض الصللول أو تشللرع
570
ما قبل بدئها في نشاطها الفعلي فإّنه ل في بعض أعمالها أ ّ
يجوز بيع السهم إل بالقيمة السمية لها فقط.
ن السهم قبل بدء الشركة في نشللاطها الفعلللي والسبب أ ّ
عبارة عن نقود فقط فإذا باع النسللان سللهمه فيكللون قللد
دا بنقلد ٍ فهنللا لبلد مللن التقللابض والتماثللل .أمللا إذا
باع نقل ً
شرعت الشركة في نشاطها وتحولت أموالها -أو بعضها -
إلى سلع وخدمات فهنا تخرج عن مسألة الصللرف ويكللون
النقد تابًعا كما سبق.
-3من أهل العلللم مللن يشللترط لجللواز شللراء السللهم أن
يكون المقصود اقتناء وتملللك السللهم ،أمللا اتخللاذ السللهم
سعر المتغّير دون سلعة تباع وتشترى بقصد كسب فرق ال ّ
أن يكللون للله غللرض فللي أسللهم الشللركة ول يريللد تملللك
أسهمها فهذا محرم عنده).(18
ومع وجاهة هذا القول إل أن ّلله يخللالف المعلللوم مللن إباحللة
البيع والشراء سواء كانت رغبة المشتري تملك الشلليء أو
بيعه بعد رواجه.
||2|1
) (1سورة آل عمران آية . 85
) (2صحيح البخاري ) ( 71؛ صحيح مسلم ) . ( 1037
) (3سورة العنكبوت آية . 17
) (4سنن الترمذي ) ( 2417وقال حديث حسن صحيح .
) (5سللنن الترمللذي ) ( 487وقللال هللذا حللديث حسللن
غريب.
) (6المستدرك للحاكم ) ( 3/182وصححه وأقره الذهبي
؛ مصنف عبد الللرزاق ) ( 5/319وهللو مشللهور فللي كتللب
السيرة وإن كانت أسانيده ضعيفة .
) (7صحيح البخاري ) ( 2285؛ صحيح مسلم ) . ( 1551
) (8الشللركات التجاريللة فللي النظللام السللعودي ،الغرفللة
التجارية الصناعية بالرياض ص . 42
ما بلله فللي كتللاب الجللارة) (9أخرجه البخاري معلًقا مجزو ً
باب أجرة السمسللرة ،سللنن الترمللذي ) ( 1352؛ سللنن
أبي داوود ) ( 3594؛ سنن ابن ماجللة ) ( 2353؛ مسللند
أحمد ) ( 366/2وسنده حسن .
571
) (10إعلم الموقعين ) . ( 1/344وانظر :مجموع فتاوى
ابن تيمية ) . ( 29/346
) (11فقه الزكاة ،د .يوسف القرضاوي ) . ( 1/521
) (12الشركات في النظام السعودي ،عبد العزيز الخياط
) ( 2/95؛ السهم والسندات وأحكامها ،أحمد الخليل ص
. 61
) (13انظر :أحكام السوق في السلم ،أحمد الدريويش
ص 49فما بعدها .
) (14صحيح مسلم ) . ( 1513
) (15صحيح البخاري ) ( 2379؛ صحيح مسلم ) ( 3905
) . ( 1543
) (16الموطأ ص ، 394كتاب الللبيوع ،بللاب مللا جللاء فللي
مال المملوك .
) (17انظر فتللاوى ورسللائل الشلليخ محمللد بللن إبراهيللم )
، 7/42ل ( 43؛ الشركات للشيخ علي الخفيف ص ، 96
97؛ المعللاملت الماليللة المعاصللرة لعثمللان شللّبير ص
.168 ، 167
) (18مجللللة مجملللع الفقللله السللللمي العلللدد السلللابع )
.( 576 ، 1/270
=================
#أحكام السهم ][2/2
هاني بن عبد الله الجبير 29/7/1427
23/08/2006
أقسام الشركات من حيث حكم نشاطها
حكم تداول أسهم الشركات حسب نشاطها:
كيفية التخلص من الرباح الحاصلة عللن التعامللل بالسللهم
المحرمة :
بيع حق الكتتاب :
مخالفات شرعّية في تداول السهم:
حكم علوة الصدار:
زكاة السهم:
أقسام الشركات من حيث حكم نشاطها:
تنقسم الشركات إلى ثلثة أقسام :
572
) (1شركات محرمللة محظلورة وهلي الللتي ُأنشللئت أصلل ً
للمتاجرة في المحرمات مثل شركة ُأنشئت لبيع الخمللور،
أو ُأنشئت للعقود المحرمة مثل شركات التأمين التجللاري،
والمصارف الربوّية فهذه ل يجوز للنسان أن يسللاهم فيهللا
ول أن يكتتب فيها ول يجوز إنشاؤها ول التصرف فيها بيًعللا
وشراًء .
) (2شركات أصل نشللاطها مبللاح لكللن دخللل عليهللا بعللض
السللتثمارات المحرمللة مثللل التمللويلت والسللتثمارات
المحرمة كقروض ربويلة أو بعلض العقلود الفاسلدة وهلذه
يسميها المعاصرون) :شركات مختلطة(.
ط العقللود ) (3شللركات أصللل نشللاطها مبللاح ولللم تتعللا َ
المحرمة والستثمارات غير المباحة ويسميها المعاصرون:
)شركات نقية( وهذا التقسيم إجمالي.
ولبد عند إرادة الحكم على الشركة أن يراعى هل تتعامل
بعقود محرمة أو لها استثمارات محرمة سواء في الربللا أو
غيره من المعاملت وسواء في ذلك القوائم الخيرة أو ما
قبلها ،وأن ل يكتفى بآخر القللوائم الماليللة ،حللتى يتحقللق
من وجود المال المحرم من عدمه .
حكم تداول أسهم الشركات حسب نشاطها:
أول ً :ل شك أن كل من يرضللى بللإجراء العقللود المحرمللة
والستثمارات المحرمللة أنلله آثللم ومعللرض نفسلله للوعيللد
الشديد الذي بينه الله تعالى في كتللابه وبينلله النللبي صلللى
ضا ل يجللوز للله عنللد الله عليه وسلم في سنته والنسان أي ً
أي من فقهاء السلم أن يأكل جزء من المال المحرم بللل
لبد أن يخرج الحرام من ماله .
كذلك كل من يستطيع أن يمنع الشركة من تعاطي العقود
وا في الجمعيللة العموميللة للشللركة، المحرمة بأن كان عض ً
وا في مجلس الدارة ،ويستطيع أن يمنع شلليًئا مللن أو عض ً
المحرمات فإنه لبللد أن يمنعلله ،وإذا لللم يمنللع هللذا العقللد
المحرم فهو آثم .
والشركة التي أصل نشاطها غير مباح ل يجوز للنسان أن
يساهم فيها والله تعالى يقول " :يا أيها الللذين آمنللوا اتقللوا
الله وذروا مللا بقللي مللن الربللا إن كنتللم مللؤمنين فللإن لللم
573
تفعلللوا فللأذنوا بحللرب مللن الللله ورسللوله وإن تبتللم فلكللم
رؤوس أمللوالكم ل َتظلمللون ول ُتظلمللون]البقللرة-278:
، [279وقال النبي صلى الله عليه وسلم) :لعن الله آكللل
الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال :هم سواء ( ).(1
كل للعامل في المال ،ول والسبب في هذا أن الشريك مو ّ
صا أن يأخذ له ربا ،أو يجري له يجوز للنسان أن يوكل شخ ً
ما.
دا محّر ً عق ً
قال ابن القيم رحمه الله" :المضارب )يعني العاملل اللذي
يأخذ المللوال ويتللاجر فيهللا( أميللن وأجيللر ووكيللل وشللريك
فأمين إذا قبض المال ،ووكيل إذا تصّرف فيه ،وأجير فيمللا
يباشره بنفسه من العمل ،وشريك إذا ظهر فيلله الربللح ")
(2
كمللا ل يجللوز لشللخص أن يوك ّللل أحللدا ً أن يعمللل للله عمل ً
دا أو يسللتثمر للله اسللتثماًرا
دا فاسل ً ما أو يجري له عقل ً محّر ً
محظوًرا ،فكذلك ل يجوز للنسان أن يشلترك ملع إنسلان
دا محرمة بحكم الشراكة . آخر ليجري له عقو ً
ومن هنا نعلم أن التعامل بأسهم سلة شركات مساهمة ل
يعرف حقيقللة نشلاط تللك الشلركات ول يلللتزم القلائمون
عليها كونها مباحة النشاط ،ل ينبغي لجهالة حالها.
ثانًيا :الشركات النقية إذا تحقق فعل ً أنها نقية فإنه ل حللرج
فللي تللداول أسللهمها وتملكهللا والمشللاركة فيهللا سللواء
بالكتتاب أو المضاربة.
ثالًثللا :الشللركات المختلطللة هللذه ل إشللكال أن مجلللس
الدارة فيهللا يللأثم لتعللاطيه العقللود الفاسللدة ،ول إشللكال
حلا ملن شلركة مختلطلة أنله صل رب ً ضا أن النسان إذا ح ّ أي ً
لبللد أن يخللرج الجللزء الللذي يقابللل نسللبة الحللرام فللي
الشركة .
وقد اختلللف فقهللاء العصللر فللي حكللم تللداول أسللهم هللذه
الشركات والمشاركة معها والمساهمة فيها على أقوال:
وهي التحريم مطلًقا ،والباحللة مطلًقللا ،والتفريللق بيللن مللا
ة وبيلن ملا تكلون نسلبته فيله تكون نسبة الحرام فيه قليلل ً
ة ،على تفاوت بينهم في تحديد النسبة المذكورة. كثير ً
574
والمختللار مللن هللذه القللوال هللو تحريللم الكتتللاب فللي
الشركات المختلطة وبيعها وشرائها.
وهو الذي قرره مجمع الفقلله السلللمي بجلدة فلي دورتله
السابعة).(3
واختارته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء بالمملكللة
العربية السعودية).(4
وسبب التحريم :أن يد الشريك هللي نفللس يللد الخللر فللي
الحكم ،وكمللا ل يجللوز للنسللان أن يباشللر الحللرام بنفسلله
فللإنه يحللرم عليلله أن يباشللره بواسللطة وكيللله ،وتقللدم أن
الشريك وكيل .قال ابن القيم رحمه الللله " :ومللا بللاعوه –
ذمة – من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم أي أهل ال ّ
جاز لهم شركتهم في ثمنلله ،وثمنلله حلل لعتقللادهم حللله،
وما باعوه واشتروه بمال الشركة فالعقد فيه فاسللد؛ فللإن
كل ").(5 الشريك وكيل ،والعقد يقع للمو ّ
وقد ذكر السيوطي قاعدة في الشباه والنظائر) (6فقللال:
حت منله مباشلرة الشليء صلح تلوكيله فيله غيلره، من ص ّ
وتوكله فيه عن غيره ،وإل فل.
كمللا أن المللال الحللرام يشلليع فللي مللال الشللركة وإخللراج
النسبة المحرمة من سهمه فقللط قللد تطهللر المللال ؛ لنلله
صة شائعة من الحرام عند بعض أهللل العلللم ستبقى فيه ح ّ
قال ابن رشد " :ل يجوز له أن يأكل منلله شلليًئا -أي مللن
ماله الللذي خللالطه الربللا -حللتى يللرد مللا فيلله مللن الربللا ؛
لختلطه بجميع ماله وكونه شائًعا فيه ").(7
كما أن في هذه المساهمة تعاوًنا على الثم وقد نهى الللله
عنه بقوله تعالى" :ول تعاونوا على الثم والعدوان").(8
وفيه استمراء للربا ،وتعطيل للسعي لتحويل السللتثمارات
إلى استثمارات شرعّية خالصة.
كيفية التخلص من الرباح الحاصلة عللن التعامللل بالسللهم
المحرمة :
من المهم بداية أن نقّرر أن من تعامل معاملة يعتقللد أنهللا
صحيحة بناء على اجتهاد أو فتوى وحصل التقابض فيها ثللم
تبّين له ترجيح أّنها غير مباحة وأنه أخطللأ فأخللذه وتصللرفه
575
بهذا المال الحاصل من المعاملة المللذكورة ل حللرج فيلله ،
وإنما عليه أن يمتنع في المستقبل عنها .
قال ابن تيمية " :وهكذا كل عق لدٍ اعتقللد المسلللم صللحته
ن هللذه العقللود إذا حصللل بتأويل من اجتهاد أو تقرير ...فإ ّ
فيها التقابض مع اعتقاد الصحة ،لللم تنقللض بعللد ذلللك ،ل
بحكم ول برجوع عن ذلك الجتهاد .
ما إذا تحاكم المتعاقدان إلى من يعلم بطلنها قبل القبض أ ّ
أو استفتياه ،إذا تبّين لهما الخطأ فرجللع عللن الللرأي الّول
فما كان قللد قبللض بالعتقللاد الّول ُأمضللي ،وإذا كللان قللد
بقي في الذمة رأس المال وزيادة ربوّية اسقطت الزيللادة
ورجع إلى رأس المال ولم يجب على القابض رد ما قبضه
قبل ذلك بالعتقاد الّول ").(9
ما إذا كان إقدامه على المعاملللة دون اسللتفتاء أو اجتهللاد أ ّ
فإن الواجب عليه أن يخرج من ماله ما كان فيه من حرام
لنه ل عذر له.
وعليه مللن أراد التخلللص مللن المللال المحللرم الللذي دخللله
بمثل هذه العقود فإنه ل يخلو من أحد ثلث حالت:
حا من عائد أسهمه ،فهذا عليلله الحالة الولى :أن يقبض رب ً
أن يخرج نسبة العقود المحرمة والستثمارات غير المباحة
من الربح.
حا نتيجللة ارتفللاع سللعر السللهم صل رب ً الحالة الثانية :أن يح ّ
والمضاربة به فهذا عليلله أن يخللرج النسللبة المحرمللة مللن
ملا فصللح فللي قيمة السهم كاملة؛ لّنله قلد بلاع حلل ً وحرا ً
الحلل دون الحرام كمسائل تفريق الصفقة.
فإن علم مقدار الحرام وإل تحرى وأخللرج مللا تطمئن إليلله
نفسه أن به يطيب ماله .
حا من بيع أسهم محرمة )غيللر صل رب ً الحالة الثالثة :أن يح ّ
ما ل شللبهة فيلله فعليلله أن مختلطة( فهنا يكون قد باع حرا ً
ن ما حرم شراؤه حرم يخرج كامل القيمة التي حصلها ،فإ ّ
بيعه).(10
والمراد بإخراج القيمة أو النسبة أن ينفقها في وجوه البر،
بقصد التخّلص من المال الحرام ،وليس بنّية الصللدقة؛ ل ّ
ن
الله تعالى طّيب ل يقبل إل طيًبا.
576
بيع حق الكتتاب :
ص غيره من أخذ أوراقلله الثبوتيللة كن شخ ٌ والمقصود أن يم ّ
المتضمنة لسمه وأسماء أفراد عائلته ليكتتللب فللي إحللدى
الشركات بأسمائهم ويعطيه في مقابل ذلك مبلًغا مالًيا .
ة من السهم وسبب ذلك أن بعض الشركات قد توزع نسب ً
لكل مكتتب بمقدار متساوٍ عند كثرة المكتتبين فإذا اكتتب
ة أكثر من السهم. صل نسب ً بأسماء كثيرة ح ّ
ن المعقللود عليلله وهذا العمل ل يجوز أخذ العوض عليلله؛ ل ّ
كا لصاحبه وليس مللال ً يقبللل وهو السم الشخصي ليس مل ً
المعاوضللة ،كمللا ل يمكللن اعتبللاره حًقللا معنوًيللا كالسللم
التجاري؛ لن السم التجاري يجذب العملء ويمّيز السلللعة
أما اسللتعمال السللم الشخصللي فليللس للله فللائدة إل أخللذ
نصيب الغير.
ولبد أن يفّرق النسان بين ملك المنفعة وملك النتفاع.
وقد أوضحه القرافي فقللال" :تمليللك النتفللاع نريللد بلله أن
يباشر هللو بنفسلله فقللط ،وتمليللك المنفعللة أعللم وأشللمل،
فيباشر بنفسه ،ويمك ّللن غيللره مللن النتفللاع بعللوض وبغيللر
عوض.
مثللال الّول :سللكنى المللدارس والربللاط والمجللالس فللي
الجوامع والمساجد والسواق ،فله أن ينتفع بنفسلله فقللط.
ولو حاول أن يؤجر أو يعاوض عليه امتنع ذلك ..
ما مالك المنفعة فكمن استأجر داًرا أو استعارها فله أن وأ ّ
يؤجرها من غيره (11) "..
ي فللي حقيقتلله تحايللل علللى كمللا أن بيللع السللم الشخص ل ّ
الشركة المكتتب فيها ،وعلللى النظللام العللام الللذي يقصللد
توزيع السهم بالتعادل بين المكتتبين لتنتفللع أكللبر شللريحة
من الناس .ففيه غش وتغرير وهما حرام).(12
مخالفات شرعّية في تداول السهم:
وملللن هلللذه المخالفلللات :اللللبيع الجلللل ،واللللبيع عللللى
المكشللوف ،والشللراء بالهللامش ) المللارجن ( ،وأعمللال
النجش والتجمعات القاصللدة للتحكللم بسللوق السللهم بمللا
يضر المتعاملين به .
577
فالبيع الجل :بيع يتم فيه عقد صللفقات لللبيع أسللهم لكللن
يشترط فيها أن يكون الدفع والتسليم بعللد فللترة محللددة)
.(13
والبيع على المكشوف :أن يستقرض المستثمر عدًدا مللن
أسهم شركة يتوقللع انخفللاض قيمتهللا ،ثللم يبيعهللا مباشللرة
ويسّلم قيمتها لمن اقترضها منه رهًنا .
فللإن حصللل مللا تللوقعه مللن انخفللاض قيمللة السللهم فللإنه
يشللتري مثللل تلللك السللهم الللتي اقترضللها ويعيللدها لمللن
اقترضللها منلله ،وبلذلك يكسللب الفلرق بيلن سلعر الشلراء
والبيع).(14
ما بمبلللغ ل
والشللراء بالهللامش :أن يشللتري العميللل أسلله ً
ل ،فيدفع جزًءا من القيمة والباقي يقترضلله مللن يملكه كام ً
البائع بفائدة ،ويبقى السهم مرهوًنا للبائع ضللماًنا لحقللوقه)
.(15
فالبيع الجل نوع من بيللع الللدين بالللدين ،وقللد نهللى النللبي
صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ ) (16وانعقد
الجماع على معنى الحديث).(17
قال ابن تيمية " :النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيللع
خر .. ،فالعقود وسللائل خر بالمؤ ّ
الكالئ بالكالئ ،وهو المؤ ّ
ن السللع هلي إللى القبلض ،وهلو المقصلود بالعقلد ،كملا أ ّ
المقصودة بالثمان ،فل يباع ثمن بثمن إلى أجل ..لما فللي
ذلك من الفساد والظلم المنافي لمقصود الثمنّية ومقصود
العقود ").(18
والشراء بالهامش فيه اقتراض بالربا المحّرم .
والمعاملت الثلث ل يكون المقصللود فيهللا الللبيع والشللراء
ي بللل المللراد المراهنللة والقمللار علللى ارتفللاع أوالحقيق ل ّ
انخفاض السعار ،فهي معاملت تقوم على المخللاطرة ،بل
إرادة للتملك ولذا ل يحصل فيها -في العادة -تسليم أوراق
سعر فقط. مالية بل يعطى أحدهما للخر فرق ال ّ
والميسر هو كل معاملة ل يخلو الداخل فيها مللن أن يغللرم
أو يغنم بناء على المخاطرة فقط).(19
ولذا قال جمع من السلف :الميسر كل شلليء فيلله خطللر)
.(20
578
ول شك أن نسبة المخاطرة في أسللواق السللهم مرتفعللة
دا ،ول نلبلللث أن نسلللمع عللن أضللرار كللبيرة لحقللت جللل ً
بالمضاربين جراء ما في هذه السواق من مخاطرة .وهذه
الضرار تكفللي للمنللع مللن هللذه الصللور مللع مللا فيهللا مللن
محاذير.
وكذلك فإن النجش ،والتفاق على التلعب بالسعار لجللل
الكسللب علللى حسللاب مسللتثمرين آخريللن محللرم ،فللإن
الشرع ل يبيح اكتساب المللال عللن طريللق خللداع النللاس ،
والضرار حرام سواء كان بقصد الكسب أو غيره .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النللبي صلللى الللله عليلله
ش فليس منا ( ).(21 وسلم قال ) :من غَ ّ
وعن أبي سعيد الخدري رضللي الللله عنلله أن رسللول الللله
صلى الله عليه وسلم قال) :ل ضرر ول ضرار ( ). (22
وكل كسب حصل للنسان بسبب ظلملله لغيللره أو خللداعه
له أو تغريره بالشاعات ،والعمال الموهمللة؛ فهللو كسللب
محرم ل يحل له.
حكم علوة الصدار:
تعمللد بعللض الشللركات عنللد طللرح أسللهمها للكتتللاب أن
تضيف إلى قيمة السهم مبلًغا يسللمى :رسللم إصللدار ،أو
علوة إصللدار ،يقصللد منلله أن يغطللي تكللاليف إجللراءات
در تقللديًراإصدار السهم وهذا ل حللرج فيلله بشللرط أن تقل ّ
مناسًبا يكون ممثل ً فعل ً لما يكلفلله إصللدار السللهم أمللا لللو
زادت علللى ذلللك فتكللون مللن أكللل أمللوال المسللاهمين
بالباطل).(23
زكاة السهم:
اختلف أهل العلم في كيفّية زكاة السهم على أقوال لعللل
الراجح منها هو ما صدر بلله قللرار مجمللع الفقلله السلللمي
وخلصته أن تعامل شركات السهم كما يعامل الفراد بأن
تخرج الشركة زكللاة أسللهمها كمللا يخللرج النسللان الواحللد
زكاة أمواله بالنظر لمقدار المال ونصابه ونوعه .
ن المسلاهم ملن خلل فلإن للم تلزك الشلركة أموالهلا فلإ ّ
حسللابات الشللركة يحسللب مقللدار الزكللاة الواجبللة علللى
أسللهمه بمعرفتلله لمقللدار الزكللاة الواجبللة علللى الشللركة
579
إجمال ً ثم يخرج ما يخص أسهمه من الزكاة بنفس العتبار
السابق.
وإن لم يتمكن من معرفة ذلك فإن كان قللد سللاهم بقصللد
الستفادة من ريع السهم السنوي فتجب الزكاة في الّريللع
ربع العشر بعد مضي الحول عليه .
وإن كان قد تملك السهم بقصد بيعها عندما ترتفع قيمتهللا
كاها زكاة عروض تجارة بأن يخرج ربع العشر من القيمة ز ّ
والربح).(24
ن المساهم الذي يقصد الستفادة من ريع السهم وعليه فإ ّ
يخللرج الزكللاة بحسللاب القيمللة الحقيقيللة للسللهم .وأمللا
المضارب الذي يقصد بيعهللا عنللد ارتفللاع قيمتهللا فيحسللب
زكاته على أساس قيمتها السوقية؛ لنها كعروض التجارة.
||2|1
) (1صحيح مسلم ) . ( 1598
) (2بواسطة حاشية الروض المربللع للشلليخ عبللد الرحمللن
بن قاسم ) . ( 5/253
) (3مجلة مجمع الفقه السلمي ) . ( 7/1/712
) (4فتاوى اللجنة ) . ( 13/407
) (5أحكام أهل الذمة ) . ( 1/274
) (6ص . 261
) (7البيان والتحصيل ) . ( 18/195
) (8سورة المائدة آية . 2
) (9مجموع الفتاوى ) . ( 413 ، 29/412
) (10هذه المسألة وهي طريقة التخلللص مللن الربللاح لللم
أقللف علللى تفصلليل واف فيهللا .والللذي اخللترته ورصللدته
بعاليه هو ما تطمئن إليه النفس ولول طبيعة المحاضللرات
لحتاج المر إلى زيادة بسط في تقريره .
وقد وقفت على قول من يجيز بيع السهم المحرمللة علللى
دق بالبللاقي ،ويللرد أن يسترد البائع رأس ماله فقط ويتص ل ّ
عليه أّنه بيلع للحلرام والحلرام غيلر ممللوك ،ورأيلت ملن
يجيللز أخللذ الربللاح كاملللة فللي عمليللات مضللاربة السللهم
ة
ضللا غيللر مرتبط ل ٍ
المختلطة بالحرام ويجعللل السللهم عرو ً
برأس مللال الشللركة ،وهللذا ل أدري كيللف يوصللف عللوائد
580
السهم للمستثمرين فيها مادامت ليست جللزًءا مللن رأس
المال .
) (11الفروق ) . ( 1/187
) (12انظر في المعاوضة على السم الشخصللي :فتللاوى
اللجنة الدائمة ) . ( 15/106
) (13أسواق الوراق المالية ،سمير رضوان ص . 332
) (14مجلللة مجمللع الفقلله السلللمي العللدد السللادس )
.( 2/1602
) (15مجلللة مجمللع الفقلله السلللمي العللدد السللادس )
.( 2/1601
) (16المسللتدرك للحللاكم ) ( 2/57؛ سللنن الللدارقطني )
( 3/71؛ سللنن الللبيهقي ) ( 5/290وهللو حللديث ضللعيف
قال المام أحمد :ليس في هذا حديث يصح ،لكن إجمللاع
الناس على أنه ل يجوز بيع دين بللدين .التلخيللص الحللبير )
، (3/26ومعنى الكالئ بالكالئ أي :الدين بالدين .
) (17الجماع لبن المنذر ص 104؛ مجمللوع فتللاوى ابللن
تيمية ) . ( 20/512
) (18مجموع الفتاوى ) . ( 29/472
) (19شللرح المحلللي علللى المنهللاج ) ( 4/226؛ مجمللوع
فتاوى ابن تيمّية ) ( 32/242؛ تفسير القرطبي ) ( 3/53
.
) (20الكشللاف للزمخشللري ) ( 1/262؛ مجمللوع فتللاوى
ابن تيمية ) . ( 29/46
) (21صحيح مسلم ) . ( 101
) (22سللنن ابللن ماجللة ) ( 2341؛ سللنن الللدارقطني )
( 4/228وذكره النووي في الربعين وقللال عنلله :حللديث
ضا.حسن ،وله طرق يقوي بعضها بع ً
) (23مجللللة مجملللع الفقللله السللللمي العلللدد السلللابع )
.( 1/713
) (24مجلة مجمع الفقه السلمي العدد الرابع ) ( 1/881
وفيه عدة أبحاث في هذه المسألة .
==============
581
#حكم تملك الوراق المالية الربوية وأرباحها
بالقبض
عبد المجيد بن صالح المنصور 3/6/1428
18/06/2007
المراد بالوراق المالية
حكم تملك الوراق المالية الربوية بالقبض
حكم أرباح الوراق المالية بعد القبض
الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده أما
بعد:
فإن طلب الربللح الحلل والسللعي فيلله بجللد ،والقلع عللن
الربح الحلرام والبتعللاد عنلله أصلبح مطلبلا ً ملحلا ً فللي هللذا
الوقت أكثر من أي وقت مضى؛ وذلك لما نرى مللن كللثرة
النكسات القتصادية على شتى الصللعد ،ولمللا يسللببه مللن
ُبعد في إجابة الدعوات ففي صحيح مسلم من حديث أبللي
هريرة قال قال رسول اللله صللى اللله عليله وسللم ) إن
الله طيب ل يقبل إل طيبا وإن الله أمر المؤمنين بمللا أمللر
به المرسلللين فقللال "يللا أيهللا الرسللل كلللوا مللن الطيبللات
واعملوا صالحا إنللي بمللا تعملللون عليللم" ]المؤمنللون[15:
وقلللال "يلللا أيهلللا اللللذين آمنلللوا كللللوا ملللن طيبلللات ملللا
رزقنللاكم"]البقللرة [271:ثللم ذكللر الرجللل يطيللل السللفر
أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يللا رب يللا رب ومطعملله
حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغللذي بللالحرام فللأنى
يستجاب لذلك( ،وإن طلب الحلل واجب على كل مسلم،
وإنبللات اللحللم ملن سلحت) (1محللرم النللار أوللى بله)،(2
ويجب لمن وقع بشلليء مللن ذلللك المسللارعة إلللى التوبللة
والتخلص من المال المحرم أيا ً كان نللوعه وشللكله؛ وذلللك
برده إلى مستحقه الصلي أو البدلي عند تعذره.
وفي هذا الزمن ابتلي كثير من المسلمين بالتعامللل بالربللا
مع الفراد أو الشركات أو البنوك أو غير ذلك ،وعندها يقللع
الناس في الحرج ،وترد بعض الشكالت والتساؤلت الللتي
تعرض على طلب العلم والمفتين على نحو:
هل المقبوض بعقد ربوي يملك أو ليملك؟ ومللا الحكللم إذا
نتج عن هذا المقبوض بعقد ربوي ربح هل يملكه المشتري
582
أو ل يملكه ويكون لمالك الصللل)البللائع( بنللاء علللى فسللاد
العقد ولللم يثبللت الملللك فللي الصللل بقبضلله؟ ومللا كيفيللة
التخلص من الربح الربوي؟ وهللل يجللوز التصللدق بلله علللى
الفقراء والمساكين ونحوهم؟ وهللل يجللوز رد الربللاح إلللى
البنك؟ وغير ذلك من السئلة التي حاولت جعل جوابها في
نسق واحد في أثناء البحث ،لبناء بعضها على بعض ،وقبللل
كشف الغطللاء عللن المسللألة والنللزاع فيهللا ،نللذكر المللراد
بالوراق المالية كتمهيد لبيان حكمها.
المراد بالوراق المالية :
)الوراق الماليللة(:هللي أصللول تمثللل جللزءا ً مللن رأسللمال
شركة ،أو جزءا ً من دين على شركة ،أو مؤسسة ،أو حصة
في صندوق استثماري ،وهي عبللارة عللن أسللهم وسللندات
ووحلللدات اسلللتثمارية تصلللدرها الشلللركات المسلللاهمة،
والسلللندات اللللتي تصلللدرها الحكوملللة وهيئاتهلللا العاملللة،
وسللندات الخزينللة ،وأذوناتهللا ،وأيللة أوراق ماليللة أخللرى
يحددها نظام السوق الماليللة ،وتكللون قابلللة للتللداول فللي
هذه السوق بالطرق التجارية ،وتمثل حقللا ً للمسللاهمين أو
المقترضللين ،وموضللوعها مبلللغ مللن النقللود وأجللل الوفللاء
بالحقوق الثابتة فيها.
وعنللدما تطللرح الشللركة أو الدولللة أسللهما ً أو سللندات
للكتتللاب العللام فإنهللا تلجللأ إلللى بنللك يكللون وسلليطا بيللن
الجمهور الذي يكتتب في السهم والسندات وبين الشركة
أو الدولة التي تصدر هذه الوراق ،ويتقاضى البنك عمولللة
نظير هذه الوساطة).(3
حكم تملك الوراق المالية الربوية بالقبض:
ل ،فأقول :لللو رب مث ًض ِ
لجل تبسيط صورة هذا الموضوع أ ْ
أن مسلما ً عقد عقدا ً ربويا ً وقبللض المعقللود عليلله ،وليكللن
أسهما ً قبضها بعقد ربوي ووضعت فللي محفظتلله) ،(4ولللم
يضارب بها ،ورغب في أرباحها ثم استحقت الربللاح ،فهللل
مللن تكللون هللذه الربللاح يملللك تلللك السللهم بللالقبض؟ ول ِ
المقبوضة بعقد ربوي ؟
583
هللل تكللون لمشللتري تلللك الوراق الماليللة بعقللد فاسللد أو
للمالك الصل )البائع( وهي )الشركة مصدرة تلك الوراق(
بناء على أن المقبوض بعقد فاسد ل يملك؟
ولجللل معرفللة لمللن الربللاح؟ لبللد مللن معرفللة لمللن
الصل)السهم المقبوض بعقللد ربللوي( أي هللل تملللك تلللك
الوراق المالية بالقبض أو ل ؟
هذه المسألة مللن النللوازل الفقهيللة الللتي لللم يتطللرق لهللا
ل ،ولكن أصولها موجودة فللي الفقهاء السابقون بحثا ً وتدلي ً
كتبهللم ،فللإن هللذه المسللألة تعللود إلللى مسللألة) ملكيللة
المقبوض بعقد فاسد ( فيكون التخريج عليها.
فيقللال :إن العلمللاء اختلفللوا فللي تملللك الوراق الماليللة
الربوية بالقبض على قولين:
القول الول:
ذهللب جمهللور الفقهللاء مللن المالكيللة) ،(5والشللافعية)،(6
والحنابلة) ،(7وبعض الحنفية) (8إلى أن العقللود الربويللة ل
تملك ولو اتصل بها القبض ،بل هي مفسوخة أبللدًا ،وعلللى
قللولهم هللذا فل تملللك الوراق الماليللة الربويللة بللالقبض،
ويجب فسخ العقد وردها .
جاء في "المدونة" عن ابللن وهللب قللال ):وسللمعت مالكلا ً
يقول الحرام البين من الربا وغيره يرد إلى أهله أبدا ً فللات
أو لم يفت).(10)((9
وقال ابن عبد البر ) :قال مالك :ومن الللبيوع مللا يجللوز إذا
تفاوت أمره وتفاحش رده ،فأما الربا فإنه ل يكون فيلله إل
الرد أبدًا ،ول يجوز منه قليل ول كثير ول يجوز فيه ما يجوز
م م فَل َك ُل ْ
في غيره؛ لن الله تعالى يقول في كتابه" :وَِإن ت ُب ْت ُ ْ
َ
ن" ]البقرة.[279: مو َن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ
مو َم ل َ ت َظ ْل ِ ُ
وال ِك ُ ْ
م َ
سأ ْ ُر ُ
ؤو ُ
ثم قال) :هذا قول صحيح في النظر وصحيح من جهة الثر
فمن قاده ولم يضطرب فيه فهو الخّير الفقيه.(11) (...
وقال ) :وقد اتفللق الفقهللاء علللى أن الللبيع إذا وقللع بالربللا
مفسوخ أبدا( ).(12
وقال السرخسي من الحنفية ):إن الربا ...ل يكون موجبللا ً
للملك بكل حال( ).(13
القول الثاني:
584
ذهب جمهور الحنفية) (14إلى أن العقللود الفاسللدة ومنهللا
الربا تملك إذا اتصل بها القبض ،ولكنلله ملللك خللبيث يجللب
فسخه ،فإن تصرف به بللبيع أو هبللة أو نحللوه صللح ،وعليلله
فإن الوراق المالية الربوية تملك عند جمهللور الحنفيللة إذا
اتصل بها القبض ،لكنهللا ملللك خللبيث يجللب عليلله رد الربللا
على من أربى عليه.
والراجح في هذه المسألة -والله أعلم -أن الوراق المالية
الربوية ل تملك ولللو اتصللل بهللا القبللض ،ويجللب فسللخ مللا
قبض منها ،فيرد الوراق المالية إلى بائعها ،ويسللترد ثمنهللا
إن أمكن ،وإل يتخلص منها بالبيع).(15
و الدلللة علللى هللذا كللثيرة ومللن أقواهللا مللا رواه البخللاري
ومسلم في صحيحيهما من حللديث أبللي سللعيد الخللدري –
رضي الله عنلله -قللال)) :جللاء بلل بتمللر برنللي ،فقللال للله
رسول الله –صلى الله عليلله وسلللم)) :-مللن أيللن هللذا؟((
فقللال بلل :تمللر كلان عنلدنا رديلء ،فبعللت منلله صلاعين
بصاع؛ لمطعم النبي –صلى الله عليه وسلم -فقال رسللول
الله –صلى الله عليه وسلم -عند ذلك )) :أوه عين الربا ،ل
تفعل ،ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخللر ثللم
اشتر به(( ) ،(16وفي رواية لمسلللم )) :فللردوه ثللم بيعللوا
تمرنا واشتروا لنا من هذا(( ).(17
ووجلله الدللللة مللن الحللديث :أن النللبي –صلللى الللله عليلله
وسلم -أمر بالرد ولم يقره على هذا العقد الربوي ،بل أمر
بفسخه مع اتصال القبض به.
قال النووي عند هذا الحديث ) :وقللوله -:صلللى الللله عليلله
وسلم] -هذا الربا فردوه[ هذا دليل على أن المقبوض ببيع
فاسد يجب رده على بائعه وإذا رده اسللترد الثمللن( )،(18
وقال ابن حجر) :وفيه أن البيوع الفاسدة ترد( ).(19
حكم أرباح الوراق المالية بعد القبض:
لما عرفنا حكم تملك الوراق المالية بللالقبض ،بقللي حكللم
ما ينتللج عللن تلللك الوراق مللن أربللاح ،وإن أقللرب تكييللف
فقهي لتلك الرباح هو نماء المقبللوض بعقللد فاسللد ،وهللذا
النماء من قبيل النمللاء المنفصللل غيللر متولللد مللن الصللل
كالكسللب والغلللة ،والعلمللاء مختلفللون فللي حكللم نمللاء
585
المقبوض بعقد فاسد من حيث ملكيته تبعا ً لختلفهللم فللي
ملكية أصله على القولين السابقين.
أما من حيث وجوب رد النمللاء إلللى مالللك الصللل )البللائع(
فلم تختلف أقوال المذاهب الربعة في ذلك؛ فإنهم قضللوا
بوجوب رد النماء –ومنه الرباح -مع أصللله إلللى البللائع وأن
ذلك النماء والربح ل يمنع الفسخ – ،وإليك بيان ذلك:
أما الشافعية ،والحنابلة ،والظاهريللة :فهللم علللى قاعللدتهم
السابقة ليثبتون الملللك بللالقبض ،ويوجبللون رد المقبللوض
بعقد فاسد ونماءه سواء أكان ربويا ً أم غير ربوي.
أما المالكية :فلإنهم ل يثبتللون المللك فلي العقللود الربويللة
مطلقًا ،وهو مفسوخ عندهم أبدا ً سواء فللات أم لللم يفللت،
ول يكون فيه إل الرد أبدًا ،ول يجوز منه قليللل ول كللثير ول
يجوز
فيلله مللا يجللوز فللي غيللره) (20ول ينتقللل الضللمان فيلله
للمشتري.
فظاهٌر أن الغلة والرباح ل تأثير لها على الحكم في العقد
صللير العقللدالربوي-عند المالكية ،-وأن هللذه الزيللادات ل ت ّ
فائتًا ،وبالتالي يجب عنللدهم رده وأربللاحه علللى مللن أربللى
عليه ).(21
جاء في مواهب الجليل ) :وهنا -أي فللي العقللد الربللوي -
لم ينتقل الضمان لبقاء المبيع تحت يد بائعه ،فل يحكم للله
-أي المشللتري-بالغلللة بللل لللو قبللض المشللتري المللبيع،
وتسلمه بعد أن أخله البائع ثم آجره المشللتري للبللائع لللم
يجز؛ لن ما خرج من اليد وعاد إليها لغو.(22) (...
أما الحنفية) :(23فإنهم وإن أثبتوا الملك بللالقبض إل أنهللم
قالوا :إن الزيادة -المنفصلة -على المقبوض بعقد فاسد ل
تمنع الفسخ ،ويجللب ردهللا مللع أصلللها إلللى البللائع ،ولللزوم
ضمانها عند التلف ،سللواء أكللانت هللذه الزيللادة المنفصلللة
متولدة من الصل كالولد واللبن والثمرة؛ لن هذه الزيادة
تابعة للصل لكونهللا متولللدة منلله ،والصللل مضللمون الللرد
فكذلك الزيادة ،كمللا فللي الغصللب ،أم كللانت الزيللادة غيللر
متولللدة مللن الصللل كالهبللة والصللدقة والكسللب والغلللة
586
والرباح؛ لن الصل مضللمون الللرد ،وبللالرد ينفسللخ العقللد
من الصل فتبين أن الزيادة حصلت على مالكه).(24
الترجيح:
يلحظ فللي المسللألة أنلله وإن اختلللف العلمللاء فللي تملللك
الوراق الماليللة الربويللة بللالقبض إل أن المللذاهب الربعللة
اتحد قولهم في الرباح ،فإنهم اتفقوا على أن هذه الربللاح
الربوية والتي تعتبر نمللاًء منفص لل ً مللن ملللك البللائع لتمنللع
الفسخ ويجب ردها مع الصل إلى البللائع؛ حللتى علللى رأي
الحنفية الذين يثبتون الملكية فللي المقبللوض بعقللد فاسللد؛
لنها حصلت في ملكلله ،وحللتى علللى رأي المالكيللة الللذين
يعتللبرون النمللاء فوتللا ً فللي المللبيع يثبللت بلله الملللك فللي
المقبوض بعقد فاسد إل الربا لن الربا عندهم ليثبللت فيلله
الملك أبدا .
ومللع أن هللذا هللو الصللل والراجللح فللي المسللتحق للربللح
الربوي إل أن المستحق شيء وطريقة التخلص منه شيء
آخر؛ وذلك أنلله قللد يسللتحقه صللاحبه ابتللداء ولكللن لسللبب
شرعي أو عذر أومانع نصرف الربللح الربللوي لجهللة أخللرى
دون مستحقه ابتداء .
لذا يقال إن مستحق الربح الربوي ل يخلو من ثلث حالت
.
الحال الولى :إذا كان مستحق هذه الرباح الربوية شخصا ً
معينا ً معلومًا ،ويمكن ردها -أي الرباح والصل -إليلله ،ولللم
يكن معروفا ً بالتعامل بالربللا والحللرام فللالواجب فللي هللذه
الحالة رد تلللك الربللاح وأصلللها إليلله؛ لنهللا مقبوضللة بعقللد
فاسللد ،والربللاح لهللا حكللم أصلللها؛ لنهللا تبللع ،والتبللع يتبللع
الصل) ،(25والتبع يملك بملك الصل) ،(26والتابع ل يفرد
بالحكم).(27
الحال الثانية :إذا كان مستحق الرباح مجهول ً أو تعذر الرد
إليه ولم يكن معروفا ً بالتعامل بالربللا والحللرام فللإنه يجللب
على المشتري التخلص من المقبوض بعقد ربوي وأربللاحه
بالتصدق به -على الفقراء والمساكين -...عن صاحبه بنيللة
التخلص منه ل بنية التقرب إلى الله تعللالى بهللذه الصللدقة
كما هو قول جمهور الفقهاء مللن الحنفيللة) (28والمالكيللة)
587
(29والحنابلة) (30وبعللض الشللافعية) ،(31واختيللار شلليخ
السلم ابن تيمية -رحمه الله -فللي أكللثر مللن موضللع مللن
فتاويه ،والقاعدة عند شلليخ السلللم ابللن تيميللة فللي هللذا)
):(32أن الموال التي تعذر ردها إلللى أهلهللا لعللدم العلللم
ل ،وأن مللن كللان عنللده مللال ل يعللرف صللاحبه بهللم مث ً
كالغاصب التائب والمرابي التائب ونحوهم ممن صار بيللده
مللال ل يملكلله ول يعللرف صللاحبه فللإنه يصللرف إلللى ذوي
الحاجات ومصالح المسلمين( ) ،(33وقال) :هذا عند أكللثر
العلماء( ).(34
ثم قال ) :إذا تبين هللذان الصلللن فنقللول :مللن كللان مللن
ذوي الحاجللات كللالفقراء والمسللاكين والغللارمين وابللن
السبيل ،فهؤلء يجوز ،بل يجللب أن يعطللوا مللن الزكللوات،
ومن الموال المجهولة باتفاق المسلمين( ).(35
وقال ) :وما تصدق به فإنه يصرف في مصالح المسلمين،
فيعطللى منلله مللن يسللتحق الزكللاة ،ويقللرى منلله الضلليف،
ويعان فيه الحاج ،وينفق في الجهاد وفي أبواب الللبر الللتي
يحبها الله ورسوله كمللا يفعللل بسللائر المللوال المجهولللة،
وهكذا يفعل من تاب من الحللرام وبيللده الحللرام ل يعللرف
مالكه( ).(36
وقال ) :المال الللذي ل نعللرف مللالكه يسللقط عنللا وجللوب
رده ،فيصرف في مصالح المسلمين ،والصدقة من أعظللم
مصالح المسلمين ،وهذا أصللل عللام فللي كللل مللال يجهللل
مالكه بحيث يتعذر رده إليه كالمغصوب والعواري والودائع
يتصدق بها عن صاحبها أو يصرفها في مصللالح المسلللمين
علللى مللذهب مالللك وأحمللد وأبللي حنيفللة وغيرهللم ،وإذا
صرفت على هذا الوجه جللاز للفقيللر أخللذها؛ لن المعطللي
هنا إنما يعطيها نيابة عن صاحبها( ).(37
قال القرطبي) :قال علماؤنا إن سبيل التوبة مما بيده من
الموال الحرام إن كانت رًبا فليردها على من أربى عليلله،
ويطلبه إن لم يكن حاضًرا فإن أيس من وجوده فليتصللدق
بذلك( ).(38
وقللال الغزالللي ) :إذا كللان معلله مللال حللرام وأراد التوبللة
والبراءة منه -فإن كان له مالك معين -وجللب صللرفه إليلله
588
أو إلى وكيله ،فإن كان ميتلا ً وجلب دفعله إللى وارثله ،وإن
كان لمالك ل يعرفه ويئس من معرفته ،فينبغي أن يصرفه
في مصالح المسلمين العامة كالقناطر والربط والمسللاجد
ومصالح طريق مكة ،ونحو ذلللك ممللا يشللترك المسلللمون
فيه ،وإل فيتصدق به على فقير أو فقراء.(39) (...
الحلال الثالثلة :إذا كلان مسلتحق الربلاح الربويلة معلوملا ً
وأمكلن اللرد إليله ،بْيلد َ أنله يعلرف عنله التعاملل بلالحرام
كالمقبوض من البنللوك أو الشللركات الللتي تتعامللل بالربللا،
والمقبوض على الزنا -مهور البغاء -والغناء ولعب القمللار
وثمن الخمر ،والمقبوض على النياحة وغير ذلك فالصللحيح
من أقوال أهل العلم في هذه الحال أنه ل يجوز رد المللال
والربح على ذلك الزاني ول تلك الشركة وذلك البنك ،حتى
ل يجمللع للله بيللن العللوض والمعللوض ،وعليلله إذا قبللض
المشتري تلك الربللاح أن يتصللدق بهللا بنيللة التخلللص منهللا
وهللذا قللول عنللد المالكيللة) ،(40وعنللد الحنابلللة ،وهللو
المنصللوص عللن أحمللد فللي ثمللن الخمللار أنلله ل يللرد إلللى
صاحبه ،ويجب عليه التخلص منه والتصدق به فللي مصللالح
المسلمين) ،(41وانتصر لهذا شيخ السلم ابن تيمية)،(42
وابن القيم).(43
والقاعللدة عنللد هللذين الشلليخين-رحمهمللا الللله -فللي هللذه
المسألة) :كللل كسللب خللبيث لخبللث عوضلله عين لا ً كللان أو
منفعة يكون التخلص منه بالصدقة به ( ).(44
وسئل شيخ السلللم ابللن تيميللة -رحملله الللله -عللن امللرأة
كانت مغنية ،واكتسللبت فللي جهلهللا مللال ً كللثيرا ً وقللد تللابت
وحجت إلى بيت الله تعللالى ،وهللي محافظللة علللى طاعللة
الله ،فهل المال الذي اكتسبته مللن حللل وغيللره إذا أكلللت
وتصدقت منه تؤجر عليه ؟
فأجاب :المللال المكسللوب إن كللانت عيللن أو منفعللة)(45
مباحة في نفسها ،وإنما حرمت بالقصد مثل من يبيع عنبللا ً
لمن يتخذه خمرا ً أو من يسللتأجر لعصللر الخمللر أو حملهللا،
فهذا يفعله بالعوض لكن ل يطيب له أكللله ،وأمللا إن كللانت
العين أو المنفعة محرمة كمهر البغي وثمن الخمر ،فهنللا ل
ُيقضى له به قبل القبض ،ولو أعطاه إياه لللم يحكللم بللرده
589
ملع لهللم بيلن ج ِفللإن هللذا معونللة لهلم علللى المعاصللي إذا ُ
العللوض والمعللوض ،ول يحللل هللذا المللال للبغللي والخمللار
ونحوهما ،لكن يصرف فللي مصللالح المسلللمين) ،(46فللإن
مار ،وكانوا فقراء جاز أن يصرف ي وهذا الخ ّتابت هذه البغ ّ
إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم ،فإن كان يقدر يتجر أو
طي ما يكون له رأس مال، ُ
يعمل صنعة كالنسج والغزل أعْ ِ
وإن اقترضللوا منلله شلليئا ليكتسللبوا بلله ولللم يللردوا عللوض
القرض كان أحسن ،وأما إذا تصدق به لعتقللاده أنلله يحللل
عليه أن يتصدق به فهذا يثاب على ذلك ،وأما إن تصدق به
كما يتصدق المالللك بملكلله فهللذا ل يقبللله الللله؛ إن الللله ل
يقبل إل الطيب ،فهذا خبيث ،كما قللال النللبي –صلللى الللله
عليه وسلللم)) :-مهللر البغللي خللبيث(( ) ،(48)((47وقللال:
)نعم البغي والمغني والنائحة ونحوهم إذا أعطوا أجللورهم،
ثم تابوا ،هل يتصدقون بهللا أو يجللب أن يردوهللا علللى مللن
أعطاهموهللا؟ فيهللا قللولن :أصللحهما أنللا ل نردهللا علللى
الفسللاق الللذين بللذلوها فللي المنفعللة المحرمللة ،ول يبللاح
الخذ ،بل يتصدق بها وتصرف في مصالح المسلمين ،كمللا
نص عليه أحمد في أجرة حمل الخمر( ).(49
سّلم إليهموقال ابن القيم ) :فإن قيل :فما تقولون فيمن ُ
المنفعة المحرمللة الللتي اسللتأجروه عليهللا كالغنللاء والنللوح
والزنى واللواط؟ قيل إن كان لم يقبض منهم العللوض لللم
يقض له به باتفاق المة ،وإن كان قد قبللض لللم يطللب للله
أكله ،ولم يملكه بذلك،والجمهور يقولون يرده عليهللم؛لنلله
قبضه قبضلا ً فاسللدًا ،وهللذا فيلله روايتللان منصوصللتان عللن
المام أحمد؛ إحداهما :أنه يللرده عليهللم ،والثانيللة :ل يللأكله
ول يرده بل يتصدق به ،قال شيخنا :وأصح الروايتين أنلله ل
يرده عليهم ول يباح للخذ ،ويصرف في مصالح المسلمين
كما نص عليه أحمد في أجرة حمللال الخمللر( ) ،(50وقللال
في موضع آخر ) :فصل المسللألة الثانيلة إذا عللاوض غيلره
معاوضة محرمة ،وقبض العللوض كالزانيللة والمغنللي وبللائع
الخمللر وشللاهد الللزور ونحللوهم ،ثللم تللاب والعللوض بيللده،
فقالت طائفة :يللرده إلللى مللالكه؛ إذ هللو عيللن مللاله ،ولللم
يقبضه بإذن الشارع ،ول حصل لربه في مقابلته نفع مباح،
590
وقالت طائفة :بل توبته بالتصللدق بلله ول يللدفعه إلللى مللن
أخذه منه ،وهو اختيار شيخ السلم ابن تيمية ،وهو أصللوب
القولين( ).(51
وقال )إن الذي عاوض على خمر أو خنزير أو علللى زنللا أو
فاحشللة أو غيللر ذلللك أخرجلله باختيللاره واسللتوفى عوضلله
المحرم ،فل يرد العوض إليه ؛ لنه ل يسوغ عقل ً أن يجمللع
له بين العوض والمعوض عنه ،فإن في ذلك إعانة له عللى
الثم والعدوان ،وتيسيرا ً لصللحاب المعاصللي ،ومللاذا يريللد
الزاني وصاحب الفاحشة إذا علم أنه ينال غرضلله ويسللترد
ماله ،فهذا مما تصان الشريعة عللن التيللان بلله ،ول يسللوغ
القللول بلله ،وهللو يتضللمن الجمللع بيللن الظلللم والفاحشللة
والغدر ،ومن أقبح القبح أن يسللتوفي عوضلله مللن المزنللي
بها ثم يرجع فيما أعطاها قهرًا ،فقبح هذا مستقر في فطر
جميللع العقلء فل تللأت بلله الشللريعة( ) .(52والللله تعللالى
أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
) (1قال المنذري )السللحت بضللم السللين وإسللكان الحللاء
وبضمهما أيضا هو الحرام وقيل هو الخبيث من المكاسب(
الترغيب والترهيب ).(2/349
)) (2انظللر الكلم حللول هللذا الحللديث :تخريللج الحللاديث
والثار للزيلعي) (398وتلخيص الحبير )(4/149
) (3انظللر :موقللع هيئة الوراق الماليللة والسلللع المللارات
العربية المتحللدة )المصللطلحات ( ،وموقللع وزارة التجللارة
والصناعة في المملكة العربية السعودية.
?http://www.commerce.gov.sa/circular/40-4.asp
print=true
) (4قَْبللض السللهم :وضللعها فللي المحفظللة؛ لن القبللض
مرجعه إلى العرف-كمللا مقللرر -و ل يعتللبر قابضلا ً للسللهم
عرفا ً إل بوضعها في المحفظة،والله أعلم.
) (5المدونة الكبرى ) ،(4/145والتمهيللد لبللن عبللد الللبر )
،(5/29وبدايلللة المجتهلللد ونهايلللة المقتصلللد )،(2/230
والستذكار ).(21/139
591
) (6الم ) (2/53و) (3/247و) ،(6/184والمهللللللللللللذب
للشيرازي) ،(1/275والحاوي الكبير) ،(5/316والمجموع)
،(9/377وروضلللة الطلللالبين ) ،(3/72والنلللوار لعملللال
البرار ).(1/333
) (7المغني ) ،(6/327والنصاف) ،(4/473وشرح منتهللى
الرادات ) ،(3/237وكشاف القنللاع ) ،(3/245والفللروع )
(6/287ومعلله تصللحيح الفللروع وحاشللية ابللن قنللدوس،
والمستوعب للسامري ) ،(2/61وفتح الملك العزيز بشرح
الوجيز للبغدادي الحنبلي ) ،(3/561والمحللرر فللي الفقلله)
.(1/323وتقرير القواعد لبن رجب ).(2/189
) (8ومنهللم زفللر والسرخسللي ،انظللر :الجللامع الصللغير )
،(1/332وأصول السرخسي ص ).( 83
) (9الفوات عند المالكية يعني أحد خمسة أشللياء :الول:
تغير الذات وتلفهللا كللالموت والعتللق وهللدم الللدار وغللرس
الرض وأكللل الطعللام ونمللاء المللبيع ونقصللانه .والثللاني:
حوالللة السللواق .والثللالث :الللبيع .والرابللع :حللدوث عيللب.
والخامس :تعلق حق الغير كرهن السلعة .انظر القللوانين
الفقهية لبن جزيء ص) (265والشرح الصغير للدردير
) (10المدونلللة الكلللبرى ) ،(4/148وملللواهب الجليلللل )
.(4/381
) (11الستذكار ).(21/139
) (12التمهيلللد ) ،(5/129والسلللتذكار ) (19/146وهلللذا
النقل لتفاق الفقهللاء فللي هللذه المسللألة فيلله نظللر ،فللإن
جمهور الحنفية يرون أن المقبوض بعقد ربللوي يملللك وإن
كان واجب الفسخ ،وخالفهم شمس الدين السرخسي في
هذه المسألة ،فوافق الجمهور كما في المتن.
) (13أصول السرخسي ص ) .( 83وانظر :البحر الرائق )
،(6/136وحاشية ابن عابدين ).(5/169
) (14انظللر :فللي بيللان مللذهب الحنفيللة الكتللب التاليللة :
الجامع الصللغير ) ،(332-1/331بللدائع الصللنائع )،(5/299
وما بعدها و) ،(5/263والمبسوط ) ،(29/142وشرح فتللح
القدير ومعه شرح العناية ) (6/400ومابعدها ،والبناية فللي
شرح الهداية ) ،(6/377والبحر الرائق شرح كنللز الللدقائق
592
)(6/99وما بعدها و) ،(6/136والختيار لتعليللل المختللار )
،(2/22وحاشللية ابللن عابللدين ) (7/233ومللا بعللدها و)
،(5/169ومجمع النهر في شرح ملتقللى البحللر )،(2/65
والشباه والنظائر ص ) ،(209ورؤوس المسللائل الخلفيللة
ص) ،(288وكشف السرار للبخاري )(1/269
) (15سوف أفرد هللذه المسللألة فللي بحللث مسللتقل فللي
المستقبل-إن شاء الله -وهي )حكم التخلللص مللن الوراق
المالية بالبيع(
) (16رواه البخاري في صللحيحه )كتللاب الوكالللة -بللاب إذا
باع الوكيللل شلليئا ً فاسللدا ً فللبيعه مللردود( ،(2/613)2188
ومسلم في صحيحه )كتاب المساقاة -باب بيع الطعام مثل ً
بمثل( .(3/1215)1594
) (17رواه مسلم في صحيحه )كتاب المسللاقاة -بللاب بيللع
الطعام مثل ً بمثل( ).(3/1215
) (18شرح النووي على صحيح مسلم ).(11/22
) (19فتح الباري ).(4/401
) (20السللللتذكار ) (21/139و) ،(19/146والتمهيللللد )
،(5/129وانظلللر المدونلللة الكلللبرى ) (4/148وملللواهب
الجليللل ) (4/381وشللرح ميللارة ) .(2/8هللذا حكملله عنللد
المالكية إذا كان ربويا ً أما إذاكان العقد الفاسد غيللر ريللوي
فالمر عندهم معلق على الفوات إن فات ثبت فيه الملللك
وإل فل.
) (21انظر :الجامع لحكام القرآن للقرطبي ).(3/366
) (22ملللواهب الجليلللل ) (374-4/373بتصلللرف يسلللير،
وانظر شرح ميارة ). (2/8
) (23بدائع الصنائع ) ،(5/302والفتاوى الهندية )،(3/148
ومجمللع الضللمانات ص) ،)216وحاشللية ابللن عابللدين)
.(303-7/302
) (24بدائع الصنائع ).(5/302
) (25موسوعة القواعد الفقهية للبورنو ).(3/187
) (26المرجع السابق.
) (27المنثور) ،(1/234والشباه والنظائر لبللن نجيللم ص)
،(120وموسوعة القواعد الفقهية للبورنو ).(3/158
593
) (28الختيار لتعليل المختار لبن مورد ) ،(3/61وحاشللية
ابن عابدين ).(3/223
) (29الجامع لحكام القرآن للقرطللبي ) ،(3/366وفتللاوى
ابللن رشللد ) ،(1/632والمعيللار المعللرب للونشريسللي )
.(9/551
) (30مجملللللللوع الفتلللللللاوى) (28/592و )(29/264و)
،(29/321والفتللاوى الكللبرى )(5/421و) ،(213-4/210
والفللروع لبللن مفلللح ) (4/513و) ،(2/667والنصللاف )
،(213-6/212وقواعلللد ابلللن رجلللب ص) ،(225وجلللامع
العلوم والحكم ).(1/104
) (31المجموع شرح المهللذب النللووي ) ،(9/428وانظللر:
المنثللور فللي القواعللد للزركشللي ) ،(2/231وفتللاوى ابللن
حجر ).(4/357
) (32مجملللللللوع الفتلللللللاوى ) (28/284و) (28/568و)
.(29/241
) (33مجملللوع الفتلللاوى ) (569-28/568و) (30/413و)
.(29/263
) (34المراجع السابقة.
ل بعللض البللاحثين حينمللا ) (35المرجع السللابق ،ولقللد وَهَل َ
ظن من قول شيخ السلم ابن تيمية فللي بعللض المواضللع
"يصللرف فللي مصللالح المسلللمين" أنلله خللاص بللالمرافق
العامة فقط ،وأن شلليخ السلللم ابللن تيميللة ل يللرى جللواز
صرفها للفقراء والمسللاكين ،والكلم المنقللول فللي المتللن
يرد هذا الظن ،وكلم شيخ السلللم ابللن تيميللة هنللا ظللاهر
في جواز صرف المال الحللرام إلللى الفقللراء والمسللاكين،
وكلمه أيضا ً يفسر بعضه بعضًا ،ثم إن الفقراء يدخلون في
مصالح المسلمين.
وذكر شيخ السلم ابن تيمية أيضا ً في موضع آخللر أن مللن
أراد التخلص من الحرام والتوبة ،وتعللذر رده إلللى أصللحابه
فلينفقلله فللي سللبيل الللله -أي فللي الجهللاد -عللن أصللحابه،
مجموع الفتاوى ) (28/421والذي يظهر -والللله أعلللم -أن
قوله هذا لم يقصد به حصره على هللذه الجهللة ،وإنمللا أراد
ذكر إحدى أهم مصالح المسلمين الللتي ينفللق فيهللا المللال
594
الحرام-وهي الجهاد في سبيل الله -فيكون داخل ً في رأيلله
الول ،وليس رأيا ً آخر له كمللا ظللن بعللض البللاحثين بللدليل
كلمه التي.
) (36مجموع الفتاوى ).(30/328
) (37مجموع الفتاوى ) (29/263و).(29/321
) (38الجامع لحكام القرآن ).(3/366
) (39المجموع شرح المهذب ).(9/428
) (40مقدمات ابن رشد ).(2/618
) (41مسائل المام أحمد وابن راهللويه للكوسللج )،(2/66
والكلللافي لبلللن قداملللة ) ،(2/756ومجملللوع الفتلللاوى )
،(30/209واقتضللاء الصللراط المسللتقيم ) ،(1/247وزاد
المعاد ) ،(5/782والنصاف ) ،(11/212وكشاف القنللاع )
.(6/317
) (42مجملللوع الفتلللاوى )(28/666و ) (292-29/291و)
(309-29/308و) ،(30/209واقتضاء الصراط المسللتقيم
ص).(265
) (43زاد المعاد في هللدي خيللر العبللاد ) ،(5/778وأحكللام
أهل الذمة ) ،(1/574ومدارج السالكين ).(1/390
) (44زاد المعاد في هدي خير العباد ).(5/779
) (45هكذا في مجموع الفتاوى ،ولعل الصللواب) :إن كللان
ة مباحة(.عينا ً أو منفع ً
ت) (46يلحللظ هنللا أن شلليخ السلللم ابللن تيميللة لللم ي ُْف ل ِ
بملكيللة هللذا المللال الخللبيث مللع كونهللا جاهلللة وقللد تللابت
وحافظت على حدود الله ،وذكر في موضع آخر) (22/8أن
من تاب على أموال محرمة قبضها فللي حللال الفسللق أنلله
يملكها؛ لن التوبة تهدم ما كان قبلها وأنه ليس بأولى مللن
الكللافر ،والفللرق بيللن القللولين -واللله أعلللم -أن وجللوب
التخلص إنما هو في العين والمنفعة المحرمللة فللي أصلللها
كمهر البغي ...أوكان المال موجودا ً وأمكن التخلص منلله،
وقوله الخر محمول على ماكان محرم لا ً فللي وصللفه دون
أصله أو حرم لكسبه أو كان المال المحرم قبض في حللال
الفسق منذ زمن بعيد ولم يمكن تمييزه ،أو يكون هذا رأي
آخر له في المسألةوالله أعلم.
595
) (47رواه مسلم في صحيحه بهذا اللفظ )كتاب المساقاة
-باب تحريم ثمن الكلب وحلللوان الكللاهن ومهللر البغللي( )
.(3/1199
) (48مجموع الفتاوى ).(29/308
) (49اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيللم
).(1/247
) (50أحكام أهل الذمة).(1/575
) (51مدارج السالكين ).(1/390
) (52زاد المعاد ) (5/779بتصللرف يسللير ،وانظللر مللدارج
السالكين ).(1/390
==============
#السهم النقية والمختلطة
خالد بن سعودالرشود 25/12/1427
15/01/2007
الحمد لله رب العالمين ،والصلة والسلم على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فإن من المعاملت التي ظهللرت وانتشللرت فللي المجتمللع
المسلم :بيع وشراء أسهم الشركات المساهمة حتى قلما
تجللد أحللدا ً ل يتعللاطى مثللل هللذه المعللاملت وبنللاًء عليلله
توجهت أسئلة المستفتين إلى طلبة العلم فاجتهللدوا فيهللا،
وتعددت آراؤهم ،واختلفت اجتهاداتهم حسب ما يأتي بيانه.
ولكن مع ذلك مللا زال السللؤال مسللتمّرا عللن حكمهللا مللع
سللابق علللم المسللتفتي بللأقوال المفللتين ،وكللأنه لللم يجللد
الجواب الذي يشفي ويكفي ،خصوصا ً مع ظهللور التنللاقص
في هذه الفتاوى .فبينما تحرم إحدى الشركات في وقللت،
إذا بها تحل في وقت آخر والعكللس صللحيح ،فقللد يشللتري
وقلت الفتلاء بلالجواز ثلم تحلرم .وخاصلة ملع كلثير مملن
يتحرى في أمر دينه ،ويخاف على نفسلله مللن المحللرم أي ّللا
كان قدره.
وكنت إلى وقت قريب معرضا ً عن الخوض في أحكام هذه
السهم؛ لن هناك من يقللوم ببيللان الحكللم الشللرعي فيهللا
وله سابق فضل وعلم ،كما أن طالب العلم ل يتجللرأ علللى
الفتوى مع أن غيره قد كفاه ،ولكن ما فتئت هذه المسائل
596
ي فأحيل الجللواب علللى مللن تصللدى لللذلك مللن تعرض عل ّ
طلبة العلم ،ولكن لحظت إقبال عدد كبير من الناس على
هذه السهم بناًء على هذه الفتوى ،فلما تملكوا فيها حدث
أمران عظيملان أوجبلا إشلكال ً عنلد كلثير ملن المتعلاملين
ممللن يتحللرى الحلل فللي مللا يكتسللب ،وهللذان المللران
مرتبطان ببعضهما وأحدهما مترتب على الخر:
الول :النهيار الشديد في سوق السهم ممللا ترتللب عليلله
خسارة كثير من أهل الخير ممللن شللجعتهم تلللك الفتللاوى
علللى دخللول السللوق المللالي .فأشللاروا تلميحللا ً أحيانللًا،
وتصللريحا ً أحيان لا ً أخللرى إلللى تلللك الفتللوى الللتي دفعتهللم
وسهلت لهم دخول هذا المجال .وبعضهم أظهللر اسللتنكاره
الشديد من هذه الفتاوى التي تسللببت فللي خسللارته -فللي
ظنه -مما دفعه إلى كيل التهللم -فللي ضللمن عللدة جهللات-
إلى هؤلء المفتين وتلك الفتاوى؛ خصوصا ً مع وجود المللر
الثاني :أل وهو اختلف الفتوى في نفس الشركة ،وانقلبها
من الجواز إلى التحريم أو العكس فجعله يتأخر فللي بيعهللا
حتى قل سعرها ،أو يبادر إلى البيع وهي في طللور ارتفللاع
السعر .فإن خسر فيهلا أوجلب عليله ذللك إمسلاك أسلهم
هذه الشركة مع علمه بتحريمها بناءً على هذه الفتوى وإن
لح له المكسب فيهللا اضللطر لبيعهللا قبللل تحققلله؛ خشللية
الوقوع في المحرم.
ولما سبق فقد رأيت -ولله المللر ملن قبلل ومللن بعللد -أن
أكتب في هذه المسألة رأيي القاصر إبللراًء للذمللة ونصللحا ً
للمة وخروجلا ً مللن العهللدة -خاصللة مللع تعلللق حكللم هللذه
المسألة بأحد الضروريات الخمس وهللو المللال -فللإن كللان
صوابا ً فمن الللله وإن كللان خطللأ فمللن نفسللي والشلليطان
والله ورسوله منه بريئان وما توفيقي إل بالله عليه توكلت
وإليه أنيب .وبيان هذه المسألة يكون بأمور:
ل :يجب على المسلم أل يتساهل فيمللا يكتسللب وليعلللم أو ً
أنه مسؤول عن هذا المال؛ من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟
لما جاء في حديث معاذ رضللي الللله عنلله أن النللبي صلللى
الله عليه وسلم قال" :ل تزول قدما عبد يوم القيامة حتى
يسأل عن أربع "...وذكر منها" :وعن ماله من أين اكتسللبه
597
وفيما أنفقه" رواه الترمللذي وحسللنه .كمللا أن أكللل المللال
الحللرام مللن المسللائل الخطيللرة والعيللاذ بللالله الللتي ورد
بشأنها الوعيد الشديد .روى المام أحمللد ) (13919بسللند
حسن عن جابر بللن عبللد الللله أن النللبي صلللى الللله عليلله
وسلم قال لكعب بن عجللرة" :يللا كعللب بللن عجللرة إنلله ل
يدخل الجنة لحم نبت من سحت؛ النار أولى بلله .يللا كعللب
بن عجرة الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه
فموبقها" .وهذا وعيد عظيم لمللن تهللاون فللي أكللل المللال
الحرام فعلم من هذا أن على المسلم أن يراعي الله جللل
وعل في هذا المال ،وأل يتبع في كسلبه هلواه ،بلل يطللب
الحق في تحليله وتحريمه ،ول يكللن كالللذي يبحللث لنفسلله
غطاًء من زلة عالم أو خطأ مجتهد لجل اكتسابه مللن غيللر
حله.
ثانيًا :علينا أن نعلم أن الحق في كل مسألة واحد ل يتعللدد
باتفاق أهل العلم -ممن يعتد بخلفه -كما علينا أن نعلم أن
البشر خلقهم الله تعالى مختلفين في ألوانهم وأجسللامهم
ولغاتهم وتفكيرهم وعقولهم والختلف فيهم حاصللل وهللذا
واقع ل مفر منه قال تعالى" :ول يزالون مختلفيللن إل مللن
رحم ربك ولذلك خلقهم" ولكن ل بللد أن نعتقللد بالضللرورة
-مع هذا -أن الحلق ملع أحلد هلؤلء المختلفيلن علمله ملن
علمه ،وجهلله مللن جهللله .وإذا ً ل يجللوز أن تكللون أقللوالهم
كلها حق ،ول يجوز أيضا ً أن يخلو قول أحدهم من الحللق إذ
ل بد لكل عصر من قائم الله بالحجة .وأقرب النللاس إلللى
الحق أقربهم إلى الكتاب والسللنة وفهللم السلللف رضللوان
الله عليهم وأعملهم بالللدليل الصللحيح وليللس العللبرة فللي
تمييز الحق كللثرة العللاملين أو القللائلين بللالقول أو قلتهللم.
يقول الفضيل بن عياض رحمه اللله" :ل يغللرك ملن الحلق
قلة السالكين ول من الباطل كللثرة الهللالكين" .وذلللك لن
بعض الناس يعتبر الحق بفعل الكثرية فيقول أكثرهم فعل
كذا وأغلبهم عمل بكذا وهذا غير صحيح .فالعبد يسأل عللن
عمله ول يسأل عن عمل غيللره .فللإذا تسللاهل المسللتفتي
في طلب الحق كان عليه من الثم بقدر تساهله.
598
ثالثًا :أن معنى السهم اصطلحا ً هو :جزء مشع من شللركة
تضم أعيانا ً ونقدا ً وعمل ً أو بعضها؛ على الراجح من أقللوال
الفقهاء المعاصرين .وبناًء عليه يكون التملك في أي سللهم
من هذه السهم يعني أن يكون للمالك حصة مشللاعة فللي
جميع أعيان ونقود وأعمال وودائع الشركة المساهم بها.
رابعًا :أن الحكم على سهم شركة ما أنه نقي أو غير نقللي
لجل تحديد جواز شراء أسللهمها مللن عللدمه مبللدأ ل يصللح
من وجوه:
الول :أن الشركة قد تقترض أموال ً طائلة بالربا فتبني بها
أصول ً تجارية لها؛ كمصانعها ومنشآتها خلل سللنين ماضللية
من عمرها إل أنها قد تمر عليها سنة -أو ربع سنة -مالية ل
تحتاج فيها إلى القتراض وبناء عليه تصدر قوائمها الماليللة
الربع سنوية خالية مللن القللتراض المحللرم فهللل يصللح أن
يطلق على هذه الشركة نقيللة لمجللرد أنهللا لللم تحتللج إلللى
القللتراض فللي ربللع السللنة الللذي أصللدرت فيلله قوائمهللا
المالية؟
الثاني :أنها قد تحصل على فوائد ربوية من ودائع مالية ثم
تضخها في أرباح الشركة ثم بعللد ذلللك تضللخ هللذه الربللاح
في رأس مال الشركة لتؤسس منشللآت أو لتطللوير عمللل
الشركة ونحوه وذلللك خلل سللنين مللن عمللر الشللركة ،إل
أنها قد تمر عليهلا سلنة ماليلة أو ربلع سلنة ل يوجلد للديها
ودائع مالية ذات فوائد فكيف يقال إن هذه الشركة نقية؟
الثالث :أن السهم المشترى هو عين تمثللل حصللة مشللاعة
من الشركة -كما سبق -ول يصح اعتبار السهم يمثل فللترة
سنة واحدة أو ربع سنة ،بل هو يمثل هللذه الحصللة لجميللع
أعمال وموجودات وأصللول وودائع الشللركة منللذ تأسيسللها
وحتى وقت الشراء ،وذلك لن النسان إذا اشترى عينا ً فل
يصح اعتبار هذا الشراء مخصوصلا ً بللوقت ،بللل هللو شللامل
للعين المباعة بعمرها الماضللي ولهللذا لللو اشللترى دابللة أو
دارا فبلللات مسلللتحقة فلللي أي وقلللت سلللابق للشلللراء
فللمشتري ردها بهذا العيب) .انظر المغنللي (320-4/319
فلو كان الشراء يمثل فترة معينة لم يكن للمشللتري ردهللا
بهذا العيب .وهذه مسألة مللن أوضللح الواضللحات ل تحتللاج
599
لمزيللد بيللان ،وبنللاء عليلله فللإطلق وصللف النقللاوة علللى
الشركة لمجرد أن قوائمها المالية الربع سنوية خلللت مللن
تعاملت محرمة غير صحيح؛ لن هذا الوصف لو صللح فهللو
ينطبللق علللى فللترة مللن عمللر الشللركة ،ول ينطبللق علللى
الشركة ككل.
الرابع :أن عمل التاجر قد ل يخلو من الشبهة أحيان لا ً ومللن
المحرم أحيانا ً أخرى بقصد أو بغير قصد وهذا يتعارض مللع
لفظ النقاوة.
الخامس :أنه من خلل عملي في القضاء واطلعللي علللى
كللثير مللن ميزانيللات الشللركات والمؤسسللات التجاريللة،
وجدت أن هذه الميزانيات الصادرة علن مكللاتب محاسللبية
قد ل تعبر بالضرورة عن جميع العمليات الماليللة كمللا هللي
في الواقع ،ولو افترضنا أنها تعبر عن الواقللع بصللدق فللإن
المحاسب القانوني ليس له دراية بالشريعة وبالتالي .فلإن
اللفاظ التي يطلقهللا تمثللل بصللورة أساسللية مصللطلحات
محاسلللبية تختللللف بلللالمفهوم الشلللرعي بيلللن محاسلللب
ومحاسب آخر في كونها تمثل ربا أو ل؟ وهي أمور دقيقللة
ل تظهر في القللوائم الماليلة الربللع سللنوية ،ومثالهللا :كللأن
ل :غرامات تللأخير بمبلللغ كللذا وهللذه يكتب في الميزانية مث ً
الغرامات عند التمحيللص ليسللت علللى تللأخير أعمللال ،بللل
على تأخير سداد أموال مستحقة للشللركة فهللي فللوائد أو
ربا صريح بينما تظهر هذه الغرامللات فللي القللوائم الماليللة
على أنها مطلوبات على الغيللر فللي ضللمن ديللون صللحيحة
للشللركة علللى الغيللر وهللذه مللن المسللائل الشللائعة لللدى
الشللركات المسللاهمة ،وعلللى هللذا فهللي ل تحتسللب مللن
المللوال الربويللة نتيجللة لعللدم التمحيللص فللي الميزانيللات
المالية لكللل شللركة ومراقبتهللا مللن قبللل عللالم بالشللريعة
أضللف إلللى ذلللك أن اسللتيفاء فحللص الميزانيللات لهللذه
الشركات لكل بند وتمحيصه أمر عسير جدا ً ويحتاج لفللرق
محاسللبية وشللرعية خاصللة مللع كللبر تعللاملت الشللركات
المسللاهمة فللي المملكللة ،وبهللذا يتللبين أن إطلق وصللف
النقاوة لمجرد الطلع على القوائم المالية الربع السللنوية
الولية للشركات المساهمة غير صحيح.
600
الخامس :أنه من المعلوم شللرعا ً أن الللله تعللالى إذا حللرم
شيئا ً أوجب اجتنابه كلّيا قليله وكثيره يدل لذلك قوله صلى
الله عليه وسلم" :ما أمرتكم بأمر فأتوا منه مللا اسللتطعتم
وما نهيتكم عنه فاجتنبوه" وأيضا ً في المحرمات نهللى عللن
اقترابها فضل ً عن فعلها قال تعالى" ول تقربوا مال اليتيم"
"ول تقربوا الزنا" وقللال صلللى الللله عليلله وسلللم" :الحلل
بيللن والحللرام بيللن وبينهمللا أمللور مشللتبهات فمللن اتقللى
الشللبهات فقللد اسللتبرأ لللدينه وعرضلله ومللن وقللع فللي
الشللبهات فقللد وقللع فللي الحللرام كللالراعي يرعللى حللول
الحمللى يوشللك أن يللواقعه أل إن لكللل ملللك حمللى أل إن
حمى الله محارمه" من حللديث النعمللان بللن بشللير رضللي
الله عنه ففي هذا الحلديث أرشلد النلبي صللى اللله عليلله
وسلم إلى عدم القتراب مللن المحللرم حللذرا ً ملن الوقلوع
فيه .وعليه فالربا قليللله وكللثيره سللواء فللي الحرمللة يللدل
لذلك ما رواه أحمد في المسند بسند صحيح عن عبد الللله
بن حنظلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" :درهم ربا
يأكله الرجل وهو يعلم أشد من سلت وثلثيلن زنيلة" وفلي
رواية في الخطيئة "وبنللاء عليله كيللف يجللوز شللراء أسلهم
شركة جزء منها ربا ولو كان قليل ً فقليللل المحللرم وكللثيره
سواء؛ للحديث .وبالتالي فالشلركة الللتي يمثللل الربلا فيهلا
نسبة قليلة ل يجوز شراء أسهمها لن السهم يشمل جميع
ل -إقلرار بله ورضلا أجزاء الشركة وتجلويزه -وللو كلان قلي ً
وتعاطي للمحرم وهذا من المعلوم تحريمه.
السادس :أنه ل يصح القول بأنه يمكن تطهير هللذا السللهم
أو ذاك؛ لسللباب منهللا :أن النهللي متللوجه لعللدم المقاربللة
فضل ً عن المقارفة ومتوجه لخذه مع العلم بللأنه ربلا -كمللا
مر -وهذا قد اشترى سهما ً وأخذ مال ً مع علمه بما فيه من
الحرمللة فكيللف يصللح شللراؤه والحالللة هللذه فضللل ً عللن
تطهيره .ومنها أنه علللى التسللليم بصللحة هللذا المبللدأ وهللو
التطهير فإن السهم جزء من الشركة التي هي عبارة عللن
أعيللان ونقللود وهللذه العيللان والنقللود المشللاعة تمثللل
المعاملت المحرمة جللزءا ً مشللاعا ً منهللا أيضلا ً والمشللاع ل
يمكن تطهيلره إل إذا تعيلن والتعييلن متعلذر والحاللة هلذه
601
-في الشركات المساهمة -فيتعذر تطهيللره ،كملا للو تيقللن
النجاسة في ثوب وجهل موضعها فللإنه يحللرم الصلللة فللي
هذا الثوب حتى يغسله جميعا ً فهو هنا كللذلك؛ فللإذا اختلللط
المحرم اليسير بللالحلل علللى وجلله الشلليوع حللرم الحلل
حتى يتميز الخبيث منه تميزا ً يمكن إخراجه منه.
السابع :على التسليم بأن هذه الشللركة أو تلللك قللد خلللت
معاملتهللا مللن الربللا جميعلله سللواء بللالقتراض أو اليللداع
بالفوائد منذ بداية الشركة وحتى إصدار المفتي فتواه بأنها
نقيللة ،فللإن خلوهللا مللن الربللا ل يلللزم منلله خلوهللا مللن
المعاملت المحرمة الخرى غيللر الربللا كالتللأمين التجللاري
وخطابات الضمان غير المغطاة مع دفع الرسوم على تلك
الخطابات بالنسبة والتناسب وبيوع الديون والبيع وشللرط،
والبيوع ذات الشروط الفاسدة وغيرها كلثير مملا يتعلارض
مع لفظ النقاوة المعبر عنه في الفتوى؛ علم لا ً أن التحقللق
من صللحة الللبيوع وعللدم مخالفتهللا ل يمكللن إل بمباشللرتها
والطلع على عقودها ،حيث إنه ل القوائم المالية ول حتى
الميزانيات التفصيلية تللبين طريقللة تعاطيهللا حللتى يتسللنى
بيان حلها من حرمتها ،والمقصود أنه ل يصللح هللذا الطلق
)لفظ نقية( مع وجود ذلك.
الثامن :أن عبارة :شركة نقية تفيد القطع بذلك مللع وجللود
احتملللالت بإخفلللاء مجللللس الدارة بعلللض المعلللاملت
المحرمة ،أو أن المجلس يجهل تحريمها وكيف تفيللد هللذه
العبارة القطع وعمل المفتي إنما يفيد الظن علللى أحسللن
الحوال؟.
التاسع :أن مما يدل على اضطراب الفتوى بالنقية وعدمها
هللو تحللول الشللركات المسللتمر مللن وصللف النقللاوة إلللى
المختلطة والعكس بالعكس .وعلماء الصللول نصللوا علللى
أن من صحة العلللة اطرادهللا ،وهنللا لللم تطللرد؛ إذ ل يوجللد
سبب لتحويلها من النقية إلى غيرها سللوى مللا يظهللر فللي
قوائمها المالية ربللع السللنوية وقلد سللبق بيللان بطلن هلذا
العلة.
العاشر وهو أهمها :أنه إذا كللان نظللام الشللركة الساسللي
يبيح لمجلس الدارة التعاملل بلالقروض التجاريلة واليلداع
602
للدى البنلوك بلالفوائد المحرملة ،كملا هلو حلال كلثير ملن
الشركات المسللاهمة كيللف يصللح القللول بللأن هللذه نقيللة؟
وهي عندها الستعداد على تعللاطي الربللا بللالقوة؛ هللذا إذا
سلمنا بأنها لم تقع فيه بالفعل.
ولهذا فإن العقود تبطل بالشللروط المحرمللة علللى القللول
الصللحيح )الموسللوعة الفقهيللة (30/239وممللا يزيللد هللذا
القول قوة أن القائلين بصحة هللذه العقللود أوجبللوا إبطللال
هذه الشروط على كللل حللال ،ولكللن الواقللع أن المسللاهم
العادي ل يمكنه ذلك .وبالتالي اجتمللع القللول علللى حرمللة
هذه الشركات مع وجود هذه الشروط.
الحادي عشر :أنه بناًء على حديث حنظلة رضي الللله عنلله
السابق ذكره أن العبد ل يؤاخذ بعمل المحرم إل بعد علمه
بحرمته عند أخذه ،فلللذلك إذا قلنللا بجللواز هللذه الشللركات
لنها نقية وقللد تصللمن النظللام الساسللي للشللركة تجللويز
تعامللل مجلللس الدارة بالربللا أو بالمعللاملت المحرمللة
عمومًا ،ثللم أظهللرت قوائمهللا الماليللة عللدم تعاطيهللا الربللا
-وحكم بأنها نقية -بينما أخفللى مجلللس الدارة المعللاملت
الربوية خاصة والمحرمة عامة ،ثم تبين بعد الللدخول فيهللا
تلك المعاملت المحرمة فللإن المسللاهم يللأثم بالمسللاهمة
في هذه الشركة ابتداًء بتعاطي أسهمها بيعا ً وشراًء؛ وذلك
لنه ولو لم يعلم بأن هذه الشركة قد وقعللت فللي الحللرام
عند شراء أسهمها إل أنه أقرها على فعلهللا بالللدخول فيهللا
مع وجود هذه الشروط -التي تجيز الربا -فيها.
خامسًا :بناء على ما سبق فقد اختلف الفقهاء المعاصرون
في حكم هذه السهم على أقوال أبرزها ثلثة أقوال:
القول الول :التفصيل بين الشركات النقية وغيرها.
فالتنقية تعتبر جائزة والمختلطة بعضللهم أجازهللا إذا كللانت
نسبة الربا يسيره يمكن تطهيرها ،وبعضللهم منعهللا مطلقلا ً
وهذا القول قد تضمنت الوجه السابقة الجواب عليه.
القول الثاني :الجواز بشروط:
-1أن يكون النشاط مباحا.
-2أل تكون نسبة القروض الربويللة الللتي أخللذتها الشللركة
أكثر من .%30
603
-3أل تكون نسبة الفوائد الربوية الللتي تتقاضللاها الشللركة
من الودائع المصرفية أكثر من .%5
-4أل تكون نسبة النقللود أكللثر مللن %50مللن رأس مللال
الشركة.
والرد التفصيلي على هذا القول قللد يطللول ،ولكللن أجمللل
الرد في حديث عبد الله بن حنظلة السللابق ففيلله أبلللغ رد
على هذا القول ،حيث دل على أنه ل فرق بين قليلل الربلا
وكثيره كما سبق بيانه.
القول الثالث :أنه يجوز التعامل بالسهم مضاربة فللي كللل
الشركات المساهمة بشرط أن يكون النشاط مباحًا .وهذا
القول وإن كان أضللبط فللي العللة لكنله أوهللى ملن ناحيللة
الدليل حيث إن النهي إذا توجه إلى شيء كان النهللي عللن
التملك عموما سواء اشتراه لجل البيع والمضللاربة فيلله أو
اشتراه لجل غلته ولو صح هللذا القللول لجللازت كللثير مللن
المحرمات أو التي بعضللها محللرم إذا كللان شللراؤها لجللل
البيع.
الرأي الذي أرجحه في هذه المسألة:
إن العقللد اللذي يحكلم بيلن المشلتري للسلهم والبللائع لله
والشركة محل الشراء هو النظام الساسللي للشللركة لللذا
فإن شراء السهم ل يخلو من ثلثة أحوال:
الحال الول :أن يكتتب فللي شللركة جديللدة بشللراء أسللهم
التأسيس ففي هذه الحالة يجوز بشروط:
-1أن يكون النشاط مباحًا.
-2أل يتضمن النظللام الساسللي للشللركة إعطللاء مجلللس
الدارة صلحية التعامل المحرم.
وذلللك لن هللذه السللهم -المكتتللب فيهللا فللي الشللركات
الجديدة التي لم يسبق لها مزاولللة العمللل -ليسللت شللراء
لعين قائمة ،بل هي في الحقيقة دفع مال لجللل المتللاجرة
به .ويمثل هذا المال المدفوع حصة مشاعة مللن الشللركة،
بدليل أن هذه الموال المكتتللب بهللا تضللخ فللي رأس مللال
الشركة الذي هو النواة لعمالها.
وبنللاء عليلله فللإذا لللم يوجللد شللرط يجيللز لمجلللس الدارة
تعاطي المعاملت المحرمة بقي المر على الصل في أن
604
المسلم الصل فيه المانة ،وأن المضاربه أمين بينما لوجد
هذا الشرط أدى إلى إقرار المكتتب بالمحرم ،فيحرم مللن
هذا الوجه .لكللن لللو علللم مللن أراد الكتتللاب بللأن مجلللس
الدارة ينوي القتراض الربوي فإنه في هذه الحالللة يحللرم
الكتتاب فيها بناء علللى عمللله بنقللض المضللارب )مجلللس
الدارة( للصل المشار إليه أعله.
الحال الثاني :الكتتاب في شركة قائمة )سبق لها العمللل،
وكانت مقفلة ثللم طرحللت جللزءا ً مللن أسللهمها للكتتللاب –
الللبيع :(-فهللذا يجللوز بشللروط للل إضللافة إلللى الشللروط
السابقة:
-1أن ينص النظام الساسي للشللركة علللى أنلله يجللب أن
تكللون معللاملت الشللركة ل تخللالف الشللريعة السلللمية،
وذلك لما يأتي:
أ -إبراء لذمة المساهم من جميع أعمال الشللركة السللابقة
والتي تخالف الشرع المطهر.
ب -يللترتب عليلله أنلله ل يلللزم المسللاهم التنقيللب فللي
ميزانيات الشركة ومتابعتها لنه.
ل :قد يجهل التعامل مع هذه الميزانيات. أو ً
دا أن يطللالب كللل مسللاهم ببحللث ثاني لًا :مللن العسللير ج ل ّ
شرعية كل ميزانية للشركة.
ثالثلللًا :إن الشلللركة المسلللاهمة تعللللن القلللوائم الماليلللة
مختصرة ،ول تعلن الميزانيات التفصيلية ففللي ذلللك إبللراء
لذمة المساهم عما يكون فللي الميزانيللات التفصلليلية مللن
أمور محرمة.
ج -أنه بموجب هذا الشرط فإن أي عمل يقوم به مجلللس
الدارة مخالف لهذا الشرط فإنه يتحمل إثملله كللام ً
ل؛ لنلله
-أي مجلللس الدارة -خللان المانللة بللإخلله بهللذا الشللرط.
وبالتالي فل يلحق المساهم من العمال المخالفللة أي إثللم
قبل علمه بها
د -أنه بموجب هذا الشللرط يكللون للمسللاهم -ولللو بسللهم
واحد -دور إيجابي في الشركة؛ حيث إن المسللاهم إذا نمللا
إلى علمه مخالفة مجلس الدارة لهذا الشللرط فللإنه يحللق
605
له مقاضاة مجلس الدارة على هذا الخلل ،حتى ل يكللون
مقّرا لهم على ما فعلوه.
-2أن يكون السعر عادل ً من جهة القيمة الدفترية للسهم:
بمعنى أن يعكس القيمة الحقيقية للسهم بناء على القيملة
الدفترية أي التي أظهرتها الميزانيات الصللحيحة فلللو كللان
فيه كذب أو خداع أو تدليس فإنه يحرم علللى بللائع السللهم
أخللذ الزيللادة علللى القيمللة الفعليللة للسللهم )لن السللهم
المطروحللة للكتتللاب كللانت مملوكللة لحللد الشللركاء فللي
الشللركة ثللم قللام بيبعهللا بنظللام الكتتللاب( كمللا أنلله يثبللت
للمساهم إذا علم بالغبن خيار الغبن.
الحللال الثللالث :تللداول السللهم فللي السللوق المللالي بيعلا ً
وشراء بقصد المضاربة أو الستثمار فإنه يجوز بشللروط ل ل
إضافة إلى الشروط السابقة : -
-1أن يكللون السللعر عللادل ً مللن جهللة القيمللة السللوقية
للسللهم ،بحيللث تكللون القيمللة السللوقية للسللهم مقاربللة
للقيمة الدفترية أو أعلى منها بشرط أل يكللون هللذا العلللو
فاحشا ً بحيث يظهر فيه المخللاطرة بللالبيع والشللراء الللذي
يخرج هذا التعامل من التجارة إلى المقامرة .وهذه مسألة
مهمة ل بد من التفطللن لهللا؛ لن المقللامرة هلي نللوع مللن
المخاطرة رغبة في الكسب الكللثير والسللريع فللي الللوقت
القصير ،ويللترتب عليهلا الخسلارة السللريعة والكلثيرة فللي
الوقت القصير ،أيضا ً قال ابن حجللر المكللي :سللبب النهللي
عللن الميسللر وتعظيلم أملره أنله ملن أكلل أملوال النلاس
بالباطل الللذي نهللى الللله عنلله بقللوله} :ل تللأكلوا أمللوالكم
بينكم بالباطل{ -ثم ذلللك حللديث} :مللن حلللف فقللال فللي
حلفلله واللت والعللزى فليقللل ل إللله إل الللله ومللن قللال
لصللاحبه تعللال أقللامرك فليتصللدق{ .وقللال :فللإذا اقتضللى
مطلق القول –بالمقامرة -طلب الكفارة والصدقة المنللبئة
عللن عظيللم مللا وجبللت للله أو سللنت ،فمللا ظنللك بالفعللل
والمباشرة.
فأي مخللاطرة أعظللم مللن أن تشللتري سلللعة تعللرف فللي
قرارة نفسك أن سعرها هذا يفوق سعرها الحقيقي مرات
عديدة ،وأي أكل أموال بالباطل أعظللم مللن إيهللام النللاس
606
بالربح لجل أن يشتري غيره السهم وهو في حال ارتفللاع،
ثم يضطره لن يبيعه بأقل .ولو اشللتراه بسللعره الحقيقللي
)القيمللة الدفتريللة( أو قريبلا ً منهللا علللى أقللل الحللوال لللم
يترتب عليه مخاطرة أنه حتى لو انخفض فسيعود إلللى مللا
كان عليه بناء على العللرض والطلللب أمللا إذا كللان السللعر
مبالغا ً فيه فهذا سيؤدي إلى خسارة فادحة عند النخفللاض
-الوصول إلى السعر الحقيقي -وهو الذي حدث في الونللة
الخيرة عندما انخفضت أسعار السهم ورجعت إلى قريب
من أقيامها الحقيقية ،حيللث خسللر كللثير مللن المسللاهمين
جزءا ً كبيرا ً من أموالهم ،بل إن بعضللهم خسللر روحلله ،بللل
تسبب بظهور العلداوة وقتلل بعلض النلاس لبعلض بسلبب
هذه المور؛ لذلك فللإنه عنللد ارتفللاع السللعر فللوق القيمللة
الحقيقة بكثير فشراء السهم نوع من القمار الذي هو نللوع
من الميسر قال تعالى" :يا أيهللا الللذين آمنللوا إنمللا الخمللر
والميسللر والنصللاب والزلم رجللس مللن عمللل الشلليطان
فللاجتنبوه لعلكللم تفلحللون* إنمللا يريللد الشلليطان أن يوقللع
بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصللدكم عللن
ذكر الله وعن الصلة فهل أنتم منتهون".
ويقول ابن القيم رحمه الله ل في كلم معناهل ل :إذا اشللتبه
عليكم حكم مسألة فانظر إلى ما تنتهي إليه .فإنه سلليتبين
لك حكمها.
ومللن ينظللر إلللى نهايللات سللوق السللهم يعلللم مقللدار
المخاطرة فيها التي تتضمن المقامرة ولو قلنا إنها ليسللت
بميسر أو قمار فهي على أقل الحوال فيها شللبهة القمللار
مما ينبغي الحذر منه.
-2أل يكون الشراء -أو طلب الشراء -بقصللد رفللع السللعر
والتغرير بالناس؛ لن هذا نوع من الخداع والنبي صلى الله
عليه وسلم يقول "الخديعة في النار" كما نهى النبي صلى
الله عليه وسلم عن النجش وهو الزيادة في سعر السلعة
بقصد التغرير والخداع لغيره ،وقال ابن أبللي أوفللى رضللي
الله عنه" :النلاجش آكلل ربلا خلائن" رواه البخلاري .وهلذا
حق .فالناجش إنما يريد رفع سللعر السلللعة لجللل الزيللادة
الناتجة عللن هللذا الرتفللاع فهللذا رباهللا .وأمللا الخيانللة فهللو
607
مؤتمن على إعطاء الحقيقة في قيمة السلعة إل أنله خللان
المانة ،وأعطى السلعة قيمة تخالف حقيقتها.
وختامًا :فل بد من التنبيه إلى أمور:
-1قد يقول قائل بأن هذه الفتوى فيها تضييق على الناس
أو نحوه ...وأقول بأن الواجب معرفة الحق بدليله ،ولللذلك
ل يجوز للمفللتى اعتقللاد الحكللم ثللم بنللاء الللدليل عليلله بللل
الللواجب اتبللاع الللدليل للوصللول إلللى الحللق .لللذلك فللإن
المفتي إذا نظر لما قد يدعيه البعض مللن أنلله حاجللة ل بللد
منها فإنه سينظر للحكم علللى أنلله جللائز قبللل النظللر فللي
الدليل ،وهلذا خطلأ فلي مبلدأ النظلر يخلل بالوصلول إللى
معرفة الحق.
لهذا أول ً يجب أن نعرف حكم المسألة بناء على الدلة ثللم
ننظر هل هناك ضرورة تبيحهللا إن كللان محرم لًا؟ فللإن لللم
يكن ثمة ضرورة فلم تللأتي الشللريعة بإباحللة الحاجللات إذا
كللانت محرمللة ،بللل لللم يجعللل الللله تعللالى للنللاس حاجللة
للمحرم ولو تفكرنا في تداول السللهم فليللس للنللاس بهللا
حاجة ،بل ربما يكون بها ضرر بللالغ عليهللم .وإنمللا يسللتفيد
منها المتنفذون وأصحاب رؤوس المللوال الضللخمة الللذين
يوهمون الناس بتحقيق الربح وهم في الحقيقللة الرابحللون
الحقيقيون ،كالربا الذي يستفيد منه أصحاب رؤوس المال
ويظلم به المدينين ،وبالتالي فل حجة لمللن يللدعي الحاجللة
وغيرها.
-2علللى هيئة سللوق المللال إلللزام الشللركات المسللاهمة
بنشر النظام التأسيسي للشركة بأي وسيلة كللانت ،فأقللل
حقللوق المسللاهم هللو أن يطلللع علللى النظللام التأسيسللي
للشركة التي يريد أن يساهم بها.
-3على رؤساء مجللالس الدارات فللي الشللركات مراقبللة
الللله تعللالى فللي أعمللال هللذه الشللركات ،والحللذر مللن
المعاملت المحرمة التي توجب محق بركة العمر والمللال
والولد والعياذ بالله.
-4ليعلم المسلم أنه مللأمور باتبللاع الحللق الللذي ظهللر للله
وليحذر من اتباع الهوى ،فإن ترك الدليل الشرعي يللوجب
608
اتباع الهوى ل محالة قال تعللالى" :فللإن لللم يسللتجيبوا لللك
فاعلم أنما يتبعون أهواءهم" )القصص(.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للعلم النللافع والعمللل
الصالح وصلى الللله علللى نبينللا محمللد وعلللى آللله وصللحبه
وسلم.
==============
#أضرار الربا
الفصل الول ) :تعريف الربا(
وسنذكر التعريللف اللغللوي ثللم التعريللف الصللطلحي عنللد
الفقهاء وما يلحظ على هذه التعريفات الصطلحية-:
المبحث الول-:
التعريف اللغوي-:
الراء والباء والحرف المعتل وكذلك المهموز منه يدل على
أصل واحد ،وهو الزيادة والنمو والعلو…والّربا تثنية ِربللوان
و رِب ََيان)].([1
فالربا هو الفضل والزيادة)] . ([2وتقول :ربا الشيء يربوا
ُرب ُوّا ً وِربللاءا ً أي :زاد ونمللا ،وأربيتلله :نميتلله ،وفللي التنزيللل
العزيز:
"ويربي الصدقات" ] البقرة . [ 265 :
ومنه أخذ الّربا المحرم )].([3
المبحث الثاني-:
التعريف الصطلحي للربا
اختلفللت تعريفللات المللذاهب للربللا وسللنذكر تعريللف كللل
مللذهب علللى حللده ثللم نللبين-إن شللاء الللله -وجلله اختلف
تعريفات العلماء للربا-:
qتعريف الربا في المذهب الحنفي-:
ل بل عللوض فللي معاوضللة مللال هللو عنللدهم ) -:فضل ُ
ل مللا ٍ
بمال( )].([4
وقيل هو) -:الفضللل الخللالي عللن العللوض المشللروط فللي
البيع( )].([5
qتعريفه في المذهب المالكي-:
هو) -:كل زيادة لم يقابلها عوض( )].([6
qتعريفه في المذهب الشافعي-:
609
هو) -:عقد على عوض مخصوص غير معلللوم التماثللل فللي
معيللار الشللرع حالللة العقللد أو مللع تللأخير فللي البللدلين أو
أحدهما( )].([7
qتعريفه في المذهب الحنبلي-:
هو) -:الزيادة في أشياء مخصوصة( )].([8
للل والمتأمللل فللي هللذه التعريفللات وغيرهللا مللن تعريفللات
العلماء للربا يجد أنها تنقسم إلى ثلثللة أقسللام وهللي كمللا
يلي-:
(1تعريفات مقصورة على ربا القروض-:
فمن العلماء من حصر تعريفه للربا في نطاق ربا القروض
ومنهم المام ابن الثير حيث يقول-:
" وهو في الشرع :الزيادة على أصل المال من غير عقللد
تبايع ")].([9
ل ومنهم المام الواحدي فقد عرفه بقوله-:
" الربا اسم للزيادة علللى أصللل المللال مللن غيللر بيللع " )]
.([10
ومما هو واضح في تعريف هذين المامين أنهما عرفللا ربللا
القللروض فقللط ،وأمللا ربللا الللبيوع فأخرجللاه مللن نطللاق
التعريف بقولهما) :من غير عقللد تبللايع( و) :مللن غيللر بيللع(
ولعلهما اقتصرا على تعريف ربا القروض مراعيلن أنله هلو
الربا الجلي المتفق عليه)].([11
(2تعريفات مقصورة على ربا البيوع-:
فمللن العلمللاء مللن اقتصللر علللى تعريللف ربللا الللبيوع أثنللاء
تعريفلله للربللا وهللذه هللي تعريفللات الحنفيللة والشللافعية
السابقة.
ويلحظ أن تلك التعريفللات تتحللدث عللن الربللا فللي نطللاق
البيوع ،ولعل سبب القتصار على تعريف ربا الللبيوع يرجللع
إلى أنهم أرادوا معالجة ربا البيوع فحسب)].([12
(3تعريفات للربا باعتبار مفهومه الشامل-:
ومللن العلملاء ملن عللرف الربللا باعتبلار مفهلومه الشلامل
كالمللام ابللن العربللي فللي قللوله) -:كللل زيللادة لللم يقابلهللا
عوض( )].([13
610
وكذلك تعريف الحنابلة السللابق إنمللا هللو باعتبللار مفهللومه
الشامل.
ويظهللر مللن هللذه التعريفللات شللمولها ربللا القللروض وربللا
البيوع ،حيث توجد الزيادة فيهما ،إل أن تعريف المام ابللن
العربي غير مانع ،حيث تدخل زيللادات ليسللت مللن الربللا)]
.([14
)] ([1معجم مقللاييس اللغللة . 484 – 483 / 2 :مللادة
) ربى أ ( .
)] ([2المصباح المنير . 217 :
)] ([3لسان العرب . 307 / 14 :مادة ) ربا ( .
)] ([4البحر الرائق شرح كنز الرقائق . 135 / 6 :وعمدة
القارئ . 199 / 11 :
)] ([5المبسوط . 109 / 12 :
)] ([6أحكام القرآن . 242 / 1 :
)] ([7نهاية المحتاج . 409 / 3 :ومغنللي المحتللاج / 2 :
. 21
)] ([8المغني . 51 / 6 :
)] ([9النهاية في غريب الحديث و الثر . 192 / 2 :
)] ([10نقل ذلك عنه المام النللووي فللي تهللذيب السللماء
واللغات القسم الثاني 118 / 2 :مادة ) ربو ( .
)] ([11التدابير الواقية من الربا في السلم . 25 – 24 :
)] ([12السابق . 25 :
)] ([13أحكام القرآن . 242 / 1 :
)] ([14التدابير الواقية . 26 :بتصرف .
الفصل الثاني :أدلة تحريم الربا
لقد حرم الله الربا وقرر أنه من أكبر الكبائر كمللا ب َي ّللن أنلله
سبب لعقوبات عديدة في الدنيا والخرة.
ولم يقف عند هذا الحد ،بللل منللع السلللم مللن تقللديم أي
مساعدة للتعامل الربوي )].([1
وتنوعت أدلة تحريمه فقد جللاء ذلللك فللي الكتللاب والسللنة
وأجمع المسلمون على ذلك وسنذكر –إن شاء الله تعالى-
الدلة من الكتاب ثم من السنة ثم الجماع على ذلك-:
المبحث الول -:أدلة تحريم الربا في القرآن الكريم-:
611
ل شك أن القرآن قد نهى عن كثير مللن المنكللرات وشللدد
الوعيد في بعضللها ،ولكللن الكلمللات الللتي جللاء بهللا لعلن
حرمة الربا أشد ّ وآكد من الكلمات التي أوردها للنهي عللن
سائر المنكرات والمعاصي)].([2
وذكر الله -عللز وجللل -تحريللم الربللا فللي آيللات مللن كتللابه
الكريم منها-:
.1قوله تعالى "-:الللذين يللأكلون الربللا ل يقومللون إل كمللا
س ذلللك بللأنهم قللالوا
يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الم ّ
إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جللاءه
موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن
عاد فلأولئك أصللحاب النللار هلم فيهلا خالللدون" ] البقلرة :
. [ 275
ويستدل بهذه الية على تحريم الربا من عدة وجوه هي-:
qالوجه الول :ذكر حال المرابي في قوله "الللذين يللأكلن
الربا " وحتى قوله "ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا"-:
روى المام الطبري -رحملله الللله -عللن سللعيد بللن جللبير –
رحمه الله -في تفسير هذه الية قوله) -:يبعللث آكللل الربللا
يوم القيامة مجنونا ً يخنق( )].([3
ونقللل عللن قتللادة قللوله) -:وتلللك علمللة أهللل الربللا يللوم
القيامة ،بعثوا وبهم خبل من الشيطان( )].([4
ومعنى الية-:
أن الذين يربون الربا ل يقومون في الخرة من قبورهم إل
كما يقوم الذي يخنقلله الشلليطان فيصللرعه مللن الجنللون)]
.([5
والللله سللبحانه وتعللالى إنمللا يرتللب هللذه العقوبللات علللى
المعاصي والموبقات ل على القربات والمباحات.
وذكره سبحانه لحالهم هذا وأنهم كما كانوا في الللدنيا فللي
طلب المكاسب الخبيثللة كالمجللانين ،عوقبللوا فللي الللبرزخ
والقيامة ،بللأنهم ل يقومللون مللن قبللورهم ،أو يللوم بعثهللم
ونشورهم إل كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الجنون
والصرع يدل على الللترهيب مللن هللذا العمللل الللذي يكللون
مصير فاعله في الخرة هذا الحال.
612
لل تنبيه-:هذا الوعيد ليس خاصا ً بالكل فليس المقصود من
الربا في هذه اليللة الكللل إل أن الللذين نزلللت فيهللم هللذه
اليات كانت طعمتهم ومأكلهم من الربا فذكرهم بصللفتهم
معظما ً بذلك عليهم أمر الربا ومقبحا ً إليهم الحال التي هم
عليها في مطاعمهم ويدل لهللذا القللول قللوله تعللالى " :يللا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتللم
مؤمنين" الية ] البقللرة [ 278 :فللالتحريم مللن الللله فللي
ذلك لكل معاني الربا وهي تدل على أن العمللل بلله وأكللله
وأخذه وعطاؤه سواء)].([6
qالوجه الثاني -:في قوله تعالى ) -:وأحل الله البيع وحرم
الربا(
وهذا تحريم صريح جازم في كتاب الله)].([7
ومعنى الية-:
أن الله تعالى أحل البيع وحرم نوعا ً من أنواعه وهللو الللبيع
المشتمل على الربا.
qالوجه الثللالث -:فللي قللوله تعللالى) -:ومللن عللاد فللأولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون(.
ففي هذا أن الربا موجب لدخول النار والخلود فيها ،وذلللك
لشناعته ما لم يمنع من الخلود مانع اليمان)].([8
.2الدليل الثاني من القرآن -:قللوله تعللالى) -:يمحللق الللله
الربللا ويربللي الصللدقات والللله ل يحللب كللل كّفللار أثيللم(
] البقرة . [ 286 :
وهذه الية أيضا ً تدل على تحريم الربللا ويسللتدل بهللا علللى
ذلك من أربعة وجوه هي-:
ن الله تعالى يذهب الربا إمللا بللأن يللذهبه qالوجه الول -:أ ّ
بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركة ماله فل ينتفع به بللل
يعدمه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة)].([9
وهذا يدل على تحريملله لن الللله تعللالى طيللب ل يقبللل إل
طيبا ً كما ورد ذلك في عدة أحاديث)].([10
qالوجه الثاني -:في قوله تعالى" -:والله ل يحب كل كفار
أثيم"
613
فحرمانه)] ([11من محبة الله يستلزم بغضه ومقتلله للله)]
، ([12وهو يدل على تحريم عمللل المرابللي الللذي بسللببه
استحق غضب الله ومقته.
qالوجه الثالث -:تسميته كفارًا ،أي مبالغا ً في كفر النعمللة
بقسوته على العاجز عن القضاء ،واستغلله لما يعرض للله
من الضرورة بدل ً من إنظاره وتللأخير دينلله إلللى الميسللرة
وإسعافه بالصدقة ،أو كفارا ً الكفر المخرج مللن المّلللة إن
استحّله)].([13
qالللوجه الرابللع -:تسللميته أثيملا ً وهللي صلليغة مبالغللة مللن
الثللم ،وهللو كللل مللا فيلله ضللرر فللي النفللس أو المللال أو
غيرهما )].([14
.3الدليل الثالث من القللرآن الكريللم -:قللوله تعللالى" -:يللا
أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتللم
مؤمنين ،فإن لم تفعلوا فللأذنوا بحللرب مللن الللله ورسللوله
ظلمللون" ظلمللون ول ت ُ ْ
وإن تبتم فلكم رؤوس أمللوالكم ل ت َ ْ
] البقللرة .[ 279 – 278 :وهاتللان اليتللان تللدلن علللى
تحريم الربا من عدة وجوه هي-:
qالوجه الول -:من قوله" -:يا أيها الذين آمنوا اتقللوا الللله
وذروا ما بقي من الربا" -:
حيث أمر الله تعالى عباده المؤمنين بتقواه نهيا ً لهللم ع ّ
مللا
يقربهللم إلللى سللخطه ويبعللدهم عللن رضللاه ،أي خللافوه
وراقبوه فيما تفعلون "وذروا ما بقي من الربللا" أي اتركللوا
ما لكم على الناس من الزيادة علللى رؤوس المللوال بعللد
هذا النذار)].([15
وهذا يدل على أن الربا من أسباب سخط الللله تعللالى لن
الله نهى المؤمنين عنه وأمرهللم بللالتخلص ممللا بقللي منلله
ومللن خللالف أمللر الللله تعللالى فقللد ع لّرض نفسلله للهلك
والعقاب إن لم يتب إلى الله تعالى فيتوب الله عليه.
qالوجه الثاني -:من قوله تعللالى" -:إن كنتللم مللؤمنين" -:
أي بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريللم الربللا وغيللر
ذلك)].([16
ومما يفهم مللن اليللة الكريمللة أن مللن مقتضلليات اليمللان
ترك الربا )] ،([17وهذا يدل على تحريمه.
614
qالوجه الثالث -:من قوله تعالى" -:فإن لم تفعلللوا فللأذنوا
بحرب من الله ورسوله" -:
وهذا تهديد شديد ووعيللد أكيللد لمللن اسللتمر علللى تعللاطي
الربا بعد النذار)] ،([18وأذان الحللرب مللن الللله ورسللوله
بسبب هذه الجريمة يدل على أنها من الكبائر)].([19
يقول المام القرطبي -رحمه الله): -دلت هذه اليللة علللى
أن أكل الربا والعمل به من الكبائر( )].([20
qالوجه الرابع -:من قوله تعالى" -:وإن تبتم فلكللم رؤوس
أموالكم ل تظلمون ول ُتظلمون".
صَفه بالظلم وهللو ظلللم محقللق لن فيلله تسلللط الغنللي فو َ
على الفقير ومعلوم أن ظلم المحتاج أعظم من ظلم غيللر
المحتاج )] ،([21وقد قال تعالى فللي الحللديث القدسللي –
محرما ً الظلم": -يا عبادي إني حرمت الظلم علللى نفسللي
وجعلته بينكم محرما ً فل تظالموا" رواه مسلم)].([22
.4الدليل الرابع من القرآن الكريم -:قللوله تعللالى" -:ومللا
ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فل يربللوا عنللد الللله
ومللا ءاتيتللم مللن زكللاة تريللدون وجلله الللله فللأولئك هللم
المضعفون".
ومعنى )ل يربوا عند الله( :أي ل يحكم به بل هللو للمللأخوذ
منه ،وهذه الية تدل على تحريم الربا على القول بأنها في
الربا المحرم وهللو أحللد القللوال فللي تفسللير هللذه اليللة)]
.([23
*هذا ما تيسر من ذكر الدلة مللن كتللاب الللله تعللالى علللى
مللل بعللض مللا تقللدم حصللل للله العلللم ن تأ ّ
م ْ
تحريم الربا ،و َ
اليقيني بأنه من المحرمات التي نهى الله تعالى عنها نهيللا ً
أكيدا ً ورتب عليها العقوبة فللي الللدار الخللرة ،وننتقللل الن
لذكر الدلة على ذلك من سنة المصطفى صلى الله عليلله
وعلى آله وسلم.
المبحث الثاني -:أدلة تحريم الربا في السنة المطهرة-:
عللدن الحاديث في تحريم الربا كثيرة ومشهورة ،وقللد تو ّ إ ّ
الله آكل الربا بضروب مللن الوعيللد ممللا يللدل علللى عظلم
إثمه وفحش ضرره فقد تنوع الوعيللد عليلله فللي النصللوص
ي
القرآنية – كما سبق بيانه -والحللاديث النبويللة ،فعلد ّ النللب ّ
615
صلى الله عليه وسلم المرابي مللن أهللل الموبقللات وهللي
أكبر الكبائر ووردت عدة أحللاديث صللحيحة فللي لعللن آكللل
الّربا وموكله وكاتبه وشللاهديه ،ووردت عللدة أحللاديث فللي
الوعيد الشديد عليه وسنذكر فيما يلي بعض هذه الحاديث
ونجملها في العناوين التالية-:
(1ما ورد من لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
لكل الربا ومن عاونه على هذا الباطل-:
; عن جابر رضي الله عنه قللال ":لعللن رسللول الللله صلللى
الله عليه وسلم آكل الربا وموكله ،وكاتبه وشاهديه ،وقال:
هم سواء" رواه مسلم)].([24
; وعن عبد الله بن مسعود رضللي الللله عنلله قللال " :لعللن
رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومللوكله" رواه
مسلم)].([25
; وعن علي بن أبي طللالب رضللي الللله عنلله قللال " :لعللن
رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم عشللرة :آكللل الربللا
ل والمحّلللل للله ومللانعومللوكله وكللاتبه وشللاهديه والحللا ّ
الصدقة ،والواشحة والموستوشحة " رواه المللام أحمللد)]
.([26
.2ما ورد من نهيه صلى الله عليله وآلله وسللم علن آكلل
ده من الموبقات-: الربا وع ّ
; عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال " :نهللى النللبي صلللى
الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمللن الللدم ،ونهللى عللن
الواشمة والموشومة ،وآكل الربا وموكله ،ولعن المصللور"
رواه البخاري)].([27
; وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال " :اجتنبللوا السللبع الموبقللات ،قللالوا :ومللا
هي يللا رسللول الللله ،قللال :الشللرك بللالله والسللحر وقتللل
النفس التي حرم الله إل بالحق ،وأكللل الربللا وأكللل مللال
اليتيم ،والتولي يوم الزحف ،وقللذف المحصللنات الغللافلت
المؤمنات" متفق عليه)].([28
.3ما ورد عنه صلى الله عليه وآللله وسلللم مللن تقريللره –
في خطبته في حجة الوداع – لتحريم الربا ووضعه-:
616
عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال :سللمعت رسللول الللله
صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول-:
ن كللل ربللا مللن ربللا الجاهليللة موضللوع ،لكللم رؤوس " أل إ ّ
أموالكم ل تظلمون ول تظلمللون ،أل وإن كللل دم مللن دم
الجاهلية موضوع ،وأول دم أضع منها دم الحارث بللن عبللد
المطلب كان مسترضعا ً في بني ليث فقتلته هللذيل ،قللال:
اللهم هل بلغت؟ قللالوا :نعللم .ثلث مللرات.قلال " -:اللهلم
اشهد" .ثلث مرات .رواه أبو داود ومسلم نحوه)].([29
.4ذكره صلى الله عليله وسللم لعقوبلة ملن يظهلر فيهلم
الربا-:
; عن عمللرو بللن العللاص رضللي الللله عنلله قللال -:سللمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلللم يقللول " :مللا مللن قللوم
يظهر فيهم الربللا إل أخللذوا بالسللنة ،ومللا مللن قللوم يظهللر
فيهم الرشا إل أخذوا بالرعب" رواه المام أحمد)].([30
; وعن أبي أمامة رضي الله عنلله :أن رسللول الللله صلللى
الله عليه وسلم قال " -:يبيت قللوم مللن هللذه المللة علللى
طعللم وشللرب ولهللو ولعللب فيصللبحوا قللد مسللخوا قللردة
وخنللازير ،وليصللبنهم خسللف وقللذف حللتى يصللبح النللاس
فيقولون خسف الليلة بدار فلن ،ولترسلن عليهم حجللارة
من السماء كما أرسلت على قوم لوط علللى قبللائل فيهللا،
وعلى دور بشربهم ،ولترسلن عليهلم الريلح العقيلم اللتي
أهلكللت عللادا ً علللى قبللائل ،وعلللى دور شللربهم الخمللر
ولبسهم الحرير واتخاذهم القينات وأكلهللم الربللا ،وقطيعللة
الرحم "..رواه المام أحمد مختصرًا)].([31
.5مللا ورد فللي حللديث السللراء وغيللره مللن ذكللر عقوبللة
المرابي يوم القيامة-:
; عن سمرة بن جندب رضللي الللله عنلله قللال :قللال النللبي
صلللى الللله عليلله وسلللم " :رأيللت الليلللة رجليللن أتيللاني
فأخرجاني إلى أرض مقدسة ،فانطلقا حتى أتينا علللى نهللر
من دم ،فيه رجل قائم ،وعلى وسط النهر رجل بيللن يللديه
حجارة ،فأقبل الّرجل الذي في النهر ،فإذا أراد الرجل أن
يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرّده حيث كللان ،فجعللل
كلما جاء ليخرج رمى في فيلله بحجللر فيرجللع حيللث كللان ،
617
فقلت :ما هذا؟ فقال :الذي رأيته في النهر :آكل الربللا ".
رواه المام أحمد مختصرا ً والبخاري بهذا اللفظ)].([32
; وعن أبي هريرة رضي الله عنله قلال :قلال رسلول اللله
صلى الله عليه وسلم " -:أتيت ليلة أسري بللي علللى قللوم
بطونهم كالبيوت فيهللا الحيللات تللرى مللن خللارج بطللونهم،
فقلت :من هؤلء يا جبريل؟ قال :هؤلء أكلة الربللا" .رواه
المام أحمد)].([33
.6ما ورد من الحاديث عن رسول الللله صلللى الللله عليلله
وسلم في أنه أشد من الزنا والعياذ بالله-:
; عن عبد الله بن حنظلة الراهب "مرفوعًا" " :درهم ربللا
يأكله الرجل – وهو يعلم – أشد عند الله من ست وثلثيللن
زنية " رواه المام أحمد والدارقطني )].([34
; وعن البراء بن عازب رضي الللله عنلله مرفوع لا ً " :الربللا
اثنان وسبعون بابا ً ،أدناها مثل إتيان الرجل أمه ،وإن أدنى
الربا استطالة الرجل في عرض أخيلله " رواه الطللبراني)]
. ([35
; وعن وهب بن السود خال رسول الله صلللى الللله عليلله
وسلم قال " :دخلت على رسول الله فقال لللي :أل أنللبئك
بشيء من الربا؟ قلت :بلى يا رسللول الللله ،قللال " :الربللا
سبعون بابا ً ،أدنى فجرة منها كاضللطجاع الرجللل أملله" )]
.([36
.7مللا ورد مللن الحللاديث الدالللة علللى محللق البركللة مللن
المال الذي رابى فيه صاحبه ،وأن عاقبته إلى زوال-:
; عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ،أن النللبي صلللى
الله عليه وسلم قال " :الربا وإن ك َُثر فإن عاقبته إلى قل"
رواه المام أحمد)].([37
قال ابن كثير – رحملله الللله ) : -وهللذا مللن بللاب المعاملللة
بنقيض المقصود( )].([38
وقال معمر) :سمعت أنه ل يأتي على صاحب الربا أربعون
سنة حتى يمحق( ،وقاله الثوري ،وقال عبلد اللرزاق :قللد
رأيته .رواه عبد الرزاق)].([39
.8ما ورد من إنكار الصحابة رضللي الللله عنهللم علللى مللن
تعامل بالربا أو أذن في ذلك-:
618
; عللن سللليمان بللن يسللار " :أن صللكاك التجللار خرجللت
ن فللي بيعهللا فللأذن لهللم ،فللدخل أبللو فاستأذن التجاُر مروا َ
هريرة – رضي الله عنه -عليه فقال للله " :أذنللت فللي بيللع
الربللا وقللد نهللى رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم أن
يشتري الطعام ثم يباع حتى ُيستوفى " .
قللال سللليمان :فرأيللت مللروان بعللث الحللرس فجعلللوا
ينللتزعون الصللكاك مللن أيللدي مللن ل يتحللرج منهللم" رواه
المام أحمد)].([40
والحاديث في هذا الباب كللثيرة ،وكتللب الفقلله والحللديث
والتفسللير وغيرهللا مليئة بللالنقول عللن كبللار العلمللاء مللن
الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب وغيرهم…
وفي هذا القدر من أدلللة السللنة علللى تحريللم الربللا كفايللة
لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)].([41
المبحث الثالث -:دليل الجماع على تحريم الربا -:
لقد نقل غير واحد من أهل العلم إجماع المة على تحريللم
الربا في الجملة وإن اختلفوا في بعض صوره ،وممن نقل
ذلك -:
.1المللام النللووي -:حيللث يقللول رحملله الللله ) : -أجمللع
المسلمون على تحريم الربا وأنه من الكبائر وقيل إنه كان
محرما ً في جميع الشرائع وممن حكاه الماوردي( )].([42
.2شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله -:يقول رحمه الللله-:
) المراباة حرام بالكتاب والسنة والجماع( )].([43
.3المام الصنعاني -:حيث قال) -:وقد أجمعت المة علللى
تحريم الربللا فللي الجملللة وإن اختلفللوا فللي التفاصلليل( )]
.([44
; ومن راجع أقوال العلمللاء فلي الربللا علللم يقينلا ً أن الربلا
محللرم مجمللع عليلله ،فهللو مللن المحرمللات الللتي ل يسللع
جهلها… .ول تجد أحدا ً من أهللل العلللم إل قللال لللك :الربللا
حرام ،ول تجللد باحثلا ً مسللما ً يخشللى اللله إل وهللو يحكللي
التحريم عمن قبله.
vهذا ما تيسر جمعه من أدلة تحريم الربا ،وهي كما سبق
تدل دللة قطعية على ذلك لمن تأملها.
)] ([1التدابير الواقية . 47 :
619
)] ([2الربا للمودودي . 101 :
)] ([3جامع البيان 103 / 3 :وروى ابن أبي حاتم معنللاه
عن ابن عباس رضي الله عنهما انظلر تفسلير ابلن كلثير :
. 1/308
)] ([4جامع البيان . 103 / 3 :
)] ([5جامع البيان . 103 / 3 :
)] ([6جللامع البيللان ، 103 / 3 :والربللا خطللره وسللبيل
الخلص منه 12 – 11 :بتصرف وسللتأتي الحللاديث فللي
ذلك .
)] ([7الربا وأثره على المجتمع النساني . 47 :
)] ([8تيسير الكريم الرحمن ، 245 / 1 :وجامع البيان :
. 105 / 3
)] ([9تفسير ابن كثير . 310 / 1 :بتصرف .
)] ([10انظرها في جامع البيان 106 – 105 / 3 :
)] ([11أي المرابي .
)] ([12الفرق بين البيع والربا . 11 :
)] ([13الفرق بين البيع والربا . 11 :
)] ([14الفرق بين البيع والربا . 11 :
)] ([15تفسير ابن كثير . 312 / 1 :
)] ([16تفسير ابن كثير . 312 / 1 :
)] ([17التدابير الواقية من الربا . 18 :
)] ([18تفسير ابن كثير . 312 / 1 :
)] ([19التدابير الواقية . 49 :
)] ([20الجامع لحكام القرآن . 364 / 3 :
)] ([21فقه وفتاوى البيوع . 151– 150 :
)] ([22صحيح مسلم بشرح النللووي 108 / 16 :رقللم )
. ( 2577
)] ([23فتح القدير . 285 – 284 / 4 :
)] ([24صحيح مسلللم بشللرح النللووي 22 / 11 :رقللم )
. ( 1598
)] ([25صحيح مسلللم بشللرح النللووي 22 / 11 :رقللم )
. ( 1597
620
)] ([26المسند بتحقيق أحمد شاكر 53 / 2 :رقم ) 635
( وفي إسناده ضعف كما ذكر ذلك الشيخ أحمد شاكر لكن
الجملة الولى منه إلى قلوله ) :وشلاهديه ( صلحيحة كملا
في حديث مسلم السابق .
)] ([27صحيح البخاري مع الفتح 368 / 4 :رقم ) 2086
(.
)] ([28صحيح البخاري مع الفتح 462 / 5 :رقم ) 2766
( وصحيح مسلم بشرح النووي 70 / 2 :رقم)(89
)] ([29أبو داود 628 / 3 :رقم ) ( 3334وصحيح مسلم
بشرح النووي 138 / 8 :رقم ) . ( 1218
)] ([30مرويات المام أحمد فللي التفسللير – 242 / 1 :
243رقم ) ( 508قال أحمد البنللا :لللم أقللف عليلله لغيللر
المام أحمد وسنده ل بأس به ) .الفتح الرباني 70 / 15:
.لكن الحديث ضعفه اللباني في ضللعيف الجللامع الصللغير
برقم ). ( 5211
)]([31مسند المام أحمد . 259 / 5 :
)] ([32مرويات المام أحمد في التفسير 238 / 1 :رقم
) ( 494والبخاري مع الفتح 367 / 4 :رقم ).(2085
)] ([33مرويات المام أحمد في التفسير 238 / 1 :رقم
) ( 496قال ابن كثير :وفي إسناده ضعف ) .تفسير ابن
كثير ( 309 / 1 :وضعفه أيضا ً الشلليخ اللبلاني كملا فللي
الجامع الصغير رقم ) . ( 133
)] ([34مرويات المام أحمد في التفسير 238 / 1 :رقم
) ( 495وسنن الدارقطني 16 / 3 :رقم ) ( 48وهو في
السلسلة الصحيحة 29 / 3 :رقم ) . ( 1033
)] ([35المعجم الوسط 158 / 7 :رقم ) ( 7151وهللو
في السلسلة الصحيحة 488 / 4 :رقم ) . ( 1871
)] ([36السلسلة الصحيحة . 490 / 4 :حيث ذكر الشيخ
رحمه الله أن إسناده رجاله كلهم ثقلت وذكر أن الحللديث
أخرجه ابن مندة في المعرفة .
)] ([37المسند بتحقيللق أحمللد شللاكر 283 / 5 :رقللم )
( 3754وصحح إسناده الشيح أحمد شاكر ورواه أيضا ً ابن
621
ماجة 765 / 2 :رقم ) ( 2279وحسللنه ابللن حجللر فللي
الفتح . 369 / 4 :
)] ([38تفسير ابن كثير . 311 / 1 :
)] ([39مصنف عبد الرزاق 316 / 8 :رقم ) . ( 15353
)] ([40المسند بتحقيق أحمد شللاكر 156 / 16 :رقللم )
( 7347وقال الشيخ أحمد شاكر :إسناده صحيح .
)] ([41الربا وأنواعه . 17 :
)] ([42المجموع شرح المهذب . 487 / 9 :
)] ([43مجموع الفتاوى . 418 / 29 :
)] ([44سبل السلم . 65 / 3 :
00000000000
الفصل الثالث :التدرج في تحريم الربا
ذكر بعض الباحثين أن الربللا فللي القللرآن الكريللم تللدرجت
اليات في تحريمه كما تدرجت فللي تحريللم الخمللر )].([1
ويمكن ترتيب هذه التدرج كما يلي-:
.1المرحلة الولى -:ما جاء في سورة الللروم وهللي مكيللة
نزلت قبل الهجرة ببضللع سللنين مقرونلا ً بللذم الربللا ومللدح
الزكاة وذلك قبل فرض الزكللاة كمللا فللي قللوله تعللالى" -:
وما آتيتم من ربا ليربوا فللي أمللوال النللاس فل يربللوا عنللد
الله وما آتيتم من الزكللاة تريللدون وجلله الللله فللأولئك هللم
المضعفون"] الروم. [ 39 :
وقد جاء في السور المكية أصللول الواجبللات والمحرمللات
بوجه إجمالي كما في هذه الية)].([2
.2المرحلللة الثانيللة -:وهللي فللي قللوله تعللالى فللي سللورة
النساء " -:فبظلم من الذين هللادوا حرمنللا عليهللم طيبللات
أحلت لهم وبصدهم عن سللبيل اللله كلثيرًا ،وأخلذهم الربللا
وقللد ُنهللوا عنلله وأكلهللم أمللوال النللاس بالباطللل وأعتللدنا
للكافرين منهم عذابا ً أليمًا" ] .النساء . [ 161– 160 :
أي أن الله قد نهاهم عن الربا فتنللاولوه وأخللذوه واحتللالوا
عليه بأنواع من الحيل وصنوف من الشبه)].([3
وهذا تلميح بالتحريم لنه جاء على سبيل الحكاية عن بنللي
إسرائيل وأن الربا كان محرما ً عليهم ،فاحتالوا على أكللله،
622
فهو بذلك تمهيللد ،وإيمللاء إلللى إمكللان تحريللم الربللا علللى
المسلمين كما هو محرم على بني إسرائيل…
وفيه إيماء آخر ،وهو أنه إذا حرم عليكللم الربللا فل تفعلللوا
مثل فعلهم ،فتلقوا من العذاب الليم مثل ما لقوا لن هذا
السلوك ليس إل سلوك الكافرين والعياذ بالله)].([4
.3المرحلة الثالثللة -:فللي سللورة آل عمللران حيللث يقللول
تعالى " -:يا أيها الذين آمنوا ل تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة
واتقللوا الللله لعلكللم تفلحللون ،واتقللوا النللار الللتي أعللدت
للكافرين ،وأطيعوا الللله والرسللول لعلكللم ترحمللون"] آل
عمران . [ 132– 130 :
أي :يا أيها الذين آمنوا ل تأكلوا الربا فللي إسلللمكم بعللد إذ
هداكم له ،كما كنتم تأكلونه في جاهليتكم)].([5
وهذا مفيد لتحريم الربا -كما سبق بيانه – إل أنلله لللم يكللن
فيه من التهديد والوعيد ما كان في آخر مراحل التحريم.
.4المرحلة والخيرة -:وفي هذه المرحلللة جللاءت اليللات
الكريمللة بللالحكم الشللرعي " -:الللذين يللأكلون الربللا ل
يقومون إل كما يقوم الذي يتخبطه الشلليطان مللن المللس
ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحللرم
الربا فمن جاءه موعظللة مللن ربلله فللانتهى فللله مللا سللف
وأمره إلى الله ومن عاد فللأولئك أصللحاب النللار هللم فيهللا
خالدون ،يمحق الله الربا ويربللي الصللدقات والللله ل يحللب
كل كفار أثيم" إلى قوله " -:يا أيها الذين آمنللوا اتقللوا الللله
وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مللؤمنين ،فللإن لللم تفعلللوا
فللأذنوا بحللرب مللن الللله ورسللوله وإن تبتللم فلكللم رؤوس
أمللوالكم ل تظلمللون ول تظلمللون" ] البقللرة – 275 :
.[ 279
وهذه اليات من آخر ما نزل من القرآن الكريم ،كما قللال
ابن عباس رضي الله عنهمللا فللي قللوله تعللالى " -:يللا أيهللا
الذين آمنوا اتقللوا الللله وذروا مللا بقللي مللن الربللا إن كنتللم
مؤمنين" إلى قوله " وهم ل يظلملون" ] البقلرة – 278 :
[ 279قال) -:هذه آخر آية نزلللت علللى النللبي صلللى الللله
عليه وسلم( رواه البخاري معلقا ً بصيغة الجزم)].([6
623
vويستمر تحريمه إلى يوم القيامة ،هذا تاريللخ الربللا عللبر
التاريللخ ،وكابوسلله الثقيللل علللى المللم وموقللف الشللرائع
ن
السماوية منه ومحاربته لنقاذ البشللرية مللن ويلتلله ولك ل ْ
يللأبى الللذين اسللتحوذ عليهللم الشلليطان واسللتولى عليهللم
ح إل عتوا ً ونفورا ً ليستمروا على التحكم بأموال الناس الش ّ
بغير حق)].([7
)] ([1الفائدة والربا . 30 :
)] ([2فقه وفتاوى البيوع . 152 :
)] ([3تفسير ابن كثير . 553 / 3 :
)] ([4الفائدة والربا . 30 :
)] ([5جامع البيان . 34 / 3 :
)] ([6البخاري مع الفتح 368 / 4 :باب موكل الربا .
)] ([7فقه وفتاوى البيوع . 152 :وانظر فللي التللدرج فللي
تحريللم الربللا :فقلله السللنة 156 / 3 :والفللائدة والربللا
الصفحات السابقة في الفصللل .هللذا وبعللض العلمللاء لللم
يذكر هذا التدرج .
000000000000000
الفصل الرابع :آثار الربا الجتماعية
تمهيد
إن الربا عمل يتنافى مع الشرع السلمي ،إنه يقوم على
الستغلل ،والمرابي ل يجعل الله في حسللابه ول يراعللي
المبادئ والغايات والخلق ،وإنما الغاية عنده هي تحصلليل
المال بأي طريق وأية وسيلة ،ويؤدي هذا إلى إنشاء نظللام
يسحق البشرية ويشقيها أفللرادا ً وجماعللات ،دول ً وشللعوبًا،
لمصلحة شرذمة قليلللة مللن المرابيللن ل يرعللون عهللدا ً ول
ذمة لحد من الناس)].([1
وللربا في المجتمعات التي تتعامللل بلله آثللاٌر وخيمللة علللى
الفرد وحده وعلى المجتمع بأسره ويمكللن أن نبحللث فللي
آثار الربا الجتماعية من ناحيتين-:
الناحية الخلقية والنفسللية والناحيللة الجماعيللة وهللي كمللا
يلي-:
المبحث الول -:آثار الربا من الناحية الخلقية والنفسية-:
624
أنزل الله دينه ليقيم العباد على منهج العبودية الحقة الللتي
تعرج بهم إلى مدارج الكمال ،وتسموا بهللم إلللى المراتللب
العليللا ،وبللذلك يتخلصللون مللن العبوديللة)]ِ ،([2ليَقصللروا
أنفسهم علللى عبللادة رب الخلئق ،ويتخلصللون بللذلك مللن
الللدخن والفسللاد الللذي يخللالط النفللوس فللي تطلعاتهللا
ن السلم يريد أن يطهر العباد فللي نفوسللهم ومنطلقاتها،إ ّ
الخافية المستورة ،وفي أعمللالهم المنظللورة ،وتشللريعات
السلم تعمل في هذين المجالين ،وهلذا اللذي نشلير إللى
ماه القللرآن التزكيللة ن السلللم يريللده بنللا هللو الللذي س ل ّ أ ّ
والتطهير " :خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها "
] التوبة . [ 103 :وقللد أقسللم الللرب تبللارك وتعللالى فللي
سورة الشمس أقسللاما ً سللبعة علللى أ ّ
ن المفلللح مللن زك ّللا
ساها " -:قللد أفلللح مللن زكاهللا ،وقللد نفسه ،والخائب من د ّ
مللن دسللاها " ] الشللمس . [ 10– 9 :والربللا واحللد مللن
العمال التي تعمللق فللي النسللان النحللراف عللن المنهللج
ن المرابي يستعبده المال ،ويعشي نللاظريه السوي ،ذلك أ ّ
بريُقه ،فهو يسعى للحصول عليه بكل سبيل ،وفللي سللبيل
تحقيللق المرابللي لهللدفه يللدوس القيللم ،ويتجللاوز الحللدود،
ويتعدى على الحرمات)].([3
والربا ينبت في النفس النسانية صللفات ذميمللة ويصللرف
عنه ما يحصل للمؤمنين المتقين من السعادة ،وفيمللا يلللي
استعراض لهللم هللذه الثللار الملحظللة علللى مللن يتعامللل
بالربا-:
.1الربللا ينبللت فللي النفللس النسللانية الجشللع كمللا ينبللت
الحرص والبخل-:
وهمللا مرضللان مللا اعتللورا نفس لا ً إل أفسللدا صللاحبها)]([4
فبالنظر إلى العمل بالربا نجد أنه يبدأ من رغبلة فلي جملع
المللال منطبع لا ً بللالثرة والبخللل وضلليق الصللدر والعبوديللة
للمال والتكالب عليها… وهذا على العكللس ممللا يللأمر بلله
الشرع السلللمي القللائم علللى الزكللاة والصللدقات وعلللى
الكللرم والسللخاء واليثللار … وغيللر ذلللك مللن الصللفات
الشريفة)].([5
شره والكسل غير المريح-: .2ال ّ
625
ن هذه الفة)] ([6تظهر آثارها جلية واضحة فللي الشللره وإ ّ
الذي يخيم على نفوس المرابين ،ويجعلهللم يسللتغلون كللل
ن مللن قوى غيرهللم وإنتللاجه فللي كسللب يعللود عليهللم ،فللإ ّ
ن عنللده عشللرة آلف درهللم أن يعرضللها مل ْ
سللهل علللى َال ّ
بفائدة خمسة في المائة أو ستة فللي المللائة فيجيللء إليلله
وهو جالس في عقر داره خمسمائة درهللم كللل عللام ،مللن
غير جهد ول عمل ومللن غيللر أن يتعللرض لخسللارة ،إل أن
تجتاح المقترض جائحة تأكل الخضر واليابس ول تبقي ول
تذر… وفي غالب الحيان قد احتاط الدائن لمللاله فينقللض
عند نكبة المدين على ما عساه يكون قد بقي من ماله…
ن ذلك الكسل الذي يكون فيه الدائن ليس هو الكسل ; وإ ّ
المريح ،بللل هللو الكسللل الللذي يصللحبه الوسللواس الللدائم
والضطراب المستمر لنه قد أودع ثروته بين أيدي النللاس
يراقبهم ،ويتتبعهم ،ل ليشركهم فللي خسللارتهم ومغللارمهم
كما يشركهم في كسبهم ومغللانهم ،بللل يللترقبهم ليحللافظ
على ماله وفائدته التي تتضاعف عاما ً بعد عام([7]) ..
.3السراف وعدم الدخار-:
وإن تسهيل القرض بفائدة شجع الكثيرين علللى السللراف
وعدم الدخار ،فإنه إذا كان يشجع على الدخار الثللم عنللد
بعض الناس ،فهو يشجع على عدم الدخللار عنللد الخريللن،
ن يقرضلله بالفللائدة فللي أي مل ْ
لنه إذا كان المسرف يللرى َ
وقت فأنه ل يرعوي ،ول يحسب حساب المسللتقبل بحيللث
يدخر في حاضره ما يحتاج إليلله فللي قللابله ،وإن اضللطرته
حاجته يجد المصرف الذي يقرضلله بفللائدة الضللامن الللذي
يضمنه)].([8
.4الضطراب النفسي المستمر-:
إن التعامل بالربا يوجد اضلطرابا ً نفسلليا ً مسللتمرا ً بالنسللبة
لكل الربا وموكله على السواء ،وإنه فللوق مللا يحللدثه مللن
اضطراب في النظام القتصادي يوجد قلقا ً نفسيا ً مستمرا ً
للمتعاملين ،وهو بالنسبة لكله ينبعللث مللن جش لٍع أساسلله
الكسب من جهود غيره ،وبالنسبة للخر المسللتغل ينبعللث
ب ليس في مقدوره. من جشٍع في كس ٍ
626
والجشع من طبيعته أن يحدث اضطرابا ً مستمرا ً في قلللب
الجاشع ،وأحاسيسه ومشاعره ،ولذلك قرر بعللض الطبللاء
ن كثرة المراض التي تصلليب القلللب – فيكللون المتدينين أ ّ
من مظاهرها ضغط الدم المستمر أو الذبحللة الصللدرية أو
الجلطة الدمويللة أو النزيللف بالمللخ أو المللوت المفللاجئ –
سللببها ذلللك الضللطراب القتصللادي الللذي ول ّللد جشللعا ً ل
سللُتبدل بللذلك النظللام تتللوافر أسللبابه الممكنللة… ولللو ا ْ
القتصادي – الذي يجعل المقللرض آكل ً دائم لًا ،والمقللترض
مللأكول ً غارمللا ً فللي أكللثر الحللوال أو كللثير منهللا – نظللا ٌ
م
اقتصادي أساسه التعللاون بيللن المقللرض والمقللترض فللي
المغنللم والمغللرم لكللان أجلللب للطمئنللان وأعللدل وأقللوم
وأهدى سبي ً
ل)].([9
.5تخبط المرابي-:
قال تعالى " -:الذين يأكلون الربا ل يقومون إل كمللا يقللوم
الذي يتخبطه الشيطان من المس" ] البقرة .[ 275 :
وهذه الية وإن كانت – كمللا يقللول كللثير مللن المفسللرين-
تتحدث عن حال المرابي عندما يقوم من قللبره وأن حللاله
يكون كالذي يتخبطه الشيطان من المللس ،إل أن النظللرة
المتأملة تهدينا إلى أن الحللال الللتي يبعللث عليهللا المرابللي
مناسبة للحالة الللتي كللان عليهللا فللي الللدنيا ،فللالجزاء مللن
جنس العمل ،فلما كلان المرابللي فللي دنيللاه يتخبلط خبللط
عشواء ،ويتصرف تصرفات خرقاء ،كان خللاله فللي الخللرة
على الخط نفسه ،قال الحرالي-:
)في إطلقه إشعار بحللالهم فللي الللدنيا والللبرزخ والخللرة،
ففي إعلمه إيذان بأن آكله ُيسلب عقله ،ويكون بقاؤه في
ق ل بعقلُ ،يقبللل فللي محللل الدبللار ،ويللدبر فللي خْر ٍ
الدنيا ب ُ
محل القبال( )].([10
وقد عقب البقاعي على مقال الحرالي بقوله-:
)وهو مؤيد بالمشللاهدة فإنللا لللم نللر وللم نسللمع بآكللل ربلا
ينطق بالحكمللة ول يشللهر بفضلليلة ،بللل هللم أدنللى النللاس
وأدنسهم( )].([12]).([11
.6الجبن والكسل-:
627
فللالمرابي جبللان يكللره القللدام ،ولللذلك يقللول المرابللون
ن النتظار هو صللنعة المرابللي فهللو والذين ينظرون لهم :إ ّ
يعطي ماله لمن يستثمره ،ثم يجلس ينتظللر إنتللاجه لينللال
حظ ّا ً معلوما ً بدل انتظاره ،وهو كسول متبلد ل يقوم بعمل
منتج نافع ،بل تلراه يريلد ملن الخريلن أن يعمللوا ثلم هلو
يحصل على ثمرة جهودهم)].([13
.7قسوة القلب-:
ن قلوب المرابين فللي بعللض الحيللان تكللون أقسللى مللن إ ّ
الحجللارة " -:ثللم قسللت قلللوبكم مللن بعللد ذلللك فهللي
ن من الحجارة لملا يتفجلر منله كالحجارة أو أشد قسوة وإ ّ
النهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لمللا
يهبط من خشية الله "] البقرة . [ 74 :
لقد وصف الللله آكللل الربللا بللأنه كفللار أثيللم فللي قللوله" -:
يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله ل يحللب كللل كفللار
أثيم" ] البقرة .[ 276 :
وكفار وأثيللم صلليغتان مللن صلليغ المبالغللة تللدلن علللى أن
المرابللي بلللغ الغايللة فللي الكفللر)] ([14والثللم ،وذلللك أن
المرابي كما يقول ابن كثير -رحمه الله-:-
)ل يرضى بما قسم الله له من الحلل ول يكتفي بما شرع
له من الكسب المباح ،فهو يسعى في أكل أمللوال النللاس
بالباطل بأنواع المكاسب الخبيثة فهو جحود لما عليلله مللن
النعمة ،ظلوم آثم بأكل أموال النللاس بالباطللل( )]]).([15
.([16
ن اهتمامات المرابي وتطلعاته وغايللاته تللدور حللول أمللر وإ ّ
واحد هو مصالحه الذاتية ،فل تراه يحللزن لللدموع الثكللالى،
ول لنللات الحزانللى ،ول لوجللاع اليتللامى ،يللرى البؤسللاء
والفقللراء ،فل يعللرف مللن حللالهم إل أنهللم صلليد يجللب أن
ُتمتص البقية الباقية من دمائهم.
ألم يصل الحال بالمرابين قساة القلوب إلى أن يسللتعبدوا
فللي بعللض أدوار التاريللخ أولئك المعسللرين الللذين لللم
يسللتطيعوا أن يفللوا بللديونهم ومللا ترتللب عليهللا مللن ربللا
خبيث؟.
.8أن أكل الربا والتغذي به من جملة موانع إجابة الدعاء-:
628
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم-:
" إن الللله طيللب ل يقبللل إل طيب لا ً ،وإن الللله تعللالى أمللر
المؤمنين بما أمر بلله المرسلللين فقللال" -:يللا أيهللا الرسللل
كلوا مللن الطيبللات واعملللوا صللالحًا" ] المؤمنللون [ 51 :
وقال تعالى " -:يا أيهللا الللذين آمنللوا كلللوا مللن طيبللات مللا
رزقناكم " ] البقرة [ 172 :ثم ذكر الرجل يطيللل السللفر
أشللعث أغللبر ،يمللد يللديه إلللى السللماء ،يللا رب ،يللا رب،
ومطعمه حللرام ،ومشللربه حللرام ،وملبسلله حللرام ،وغللذي
بالحرام ،فأنى يستجاب لذلك" رواه المام أحمللد ومسلللم
والترمذي والدارمي)].([17
فيؤخذ من هذا الحديث أن التوسع في الحرام والتغذي بلله
من جملة موانع الجابة… .وقد يكلون ارتكللاب المحرمللات
مانع من الجابة أيضا ً وكذلك ترك الواجبات… .وعن عمر-
رضي الله عنه -قال) -:بالورع عمللا حللرم الللله يقبللل الللله
الدعاء والتسبيح(… .وقال ماللك بللن دينللار ) :أصللاب بنللي
إسرائيل بلء ،فخرجوا مخرجا ً فأوحى الله تعالى إلللى نللبيه
أن أخللبرهم أنكللم تخرجللون إلللى الصللعيد بأبللدان نجسللة
ي أك ُّفا قد سفكتم بها الدماء وملتم بها بيوتكم وترفعون إل ّ
من الحرام ،الن اشتد غضبي عليكم ولن تلزدادوا منلي إل
بعدًا(.
وقللال بعللض السلللف) :ل تسللتبطئ الجابللة ،وقللد سللددت
طرقها بالمعاصي( )].([18
; ول شك إن من أعظم المحرمات ومن أكبر الكبائر أكللل
الربا والتعامل به فيكون داخل ً في معنى هذا الحديث ،لن
من ملء بيتلله مللن الربللا وكللان مطعملله ربللا وملبسلله ربللا
ومشربه الربا وغذي بالربا فقد عرض نفسه لهذه العقوبللة
من الله تعالى وهي عدم إجابة الدعوة.
المبحث الثاني -:آثار الربا على المجتمع بأسره-:
ن المجتمللع الللذي يتعاملل إنله ل يكلاد يختللف اثنللان فللي أ ّ
أفراده فيما بينهم بالثرة ،ول يساعد فيه أحللد غيللره إل أن
يرجو منه فائدة راجعة على نفسه ،ويكون فيه عوُز أحد ما
ة يغتنمهللا غيللره للتمللول والسللتثمار، وضيُقه وفقُره فرص ل ً
629
فتكلون مصللحة الطبقلات الغنيلة الموسلرة فيله مناقضلة
لمصلحة الطبقات المعدمة ،ل يمكن أن يقوم ويظل قائما ً
مثل هذا المجتمع على قواعد محكمة أبدًا ،ول بد أن تبقى
أجللزائه مائلللة إلللى التفكللك والتشللتت فللي كللل حيللن مللن
الحيان.
ثم إذا عاونت على هذه الوضعية السباب الخرى أيض لًا ،ل
تلبث هذه الجزاء تتحارب وتتشابك فيما بينها.
وبالعكس من ذلللك ،إن المجتمللع الللذي يقللوم بنللاؤه علللى
التعاون والتناصح والتكافلل ويتعاملل أعضلاؤه فيملا بينهلم
بالكرم والسللخاء ،ول يكللاد يحللس فيلله أحللد أن أحللدا ً مللن
إخوانه في حاجة إلى مساعدته ،إل سارع إلى الخذ بيللده،
وعامل فيه الغنياء إخوانهم الفقراء بالعانللة متطللوعين أو
بالتعاون العادل على القللل ،ل بللد أن تنشللأ وتنمللو صللعدا ً
عواطف التحاب والتناصر والتناصح في قلوب أفللراد مثللل
هذا المجتمع وتبقى أجزاؤه متكافلة متساندة فيما بينها ول
تتطرق إليه عواملل التنللازع والتصلادم الللداخلي أبللدًا ،وأن
يكللون أسلرع كللذلك إلللى الّرقلي والكملال والزدهللار ملن
المجتمع الول)].([19
والثار التي تظهر فللي المجتمللع الللذي يتعامللل بالربللا آثللار
كثيرة نذكر بعضها فيما يلي-:
.1فقدان التآلف وحصول الكراهية والحقللد والبغللض بيللن
أفراد ذلك المجتمع-:
ل يمكللن أن تقللوم المجتمعللات النسللانية مللا لللم يللترابط
النللاس فيمللا بينهللم بروابللط الللود والمحبللة القائمللة علللى
التعاون والتراحم التكافل ،ومنبلعُ الللود والمحبللة والتكافللل
والتعللاون والللتراحم الخللوةُ بيللن أفللراد المللة الواحللدة .
والفللراد فللي الجماعللة ،أو القطللاع مللن المللة الللذين ل
تؤرقهم آلم إخوانهم وأوجاعهم ومصائبهم كالعضو الشل،
الذي عدم فيه الحساس وانقطعت روابطه بباقي الجسد،
… .كيف ينعم مجتمع إذا انبث في جنباته أكلة الربا الللذين
يقيمون المصللائد والحبللائل لسللتلب المللال بطريللق الربللا
وغيره من الطرق!! وكيف يتآلف مجتمع يسود فيه النظام
الربوي الذي يسحق القويّ فيه الضعيف!! كيف نتوقللع أن
630
سلللبت خيراتهللم نللاهبيهم يحللب الللذين ُنهبللت أمللوالهم ،و ُ
ن الذي يسود في مثل هللذه المجتمعللات هللو وسالبيهم!! إ ّ
الكراهيللة والحقللد والبغضللاء ،فللترى القلللوب قللد امتلت
بالضللغينة ،واللسللنة قللد ارتفعللت بالللدعاء علللى هللؤلء …
الذين سلبوهم أموالهم)].([20
فالربا ينمللي الضللغائن والحقللاد بيللن النللاس لعللدم اقتنللاع
المقترض بما ُأخذ منه مهملا كلانت حلاجته ،ورغبتله فيله)]
([21فينشأ الحقد والغضب في قلبه ضللد صللاحب المللال،
حيث يشاهده يأخذ منه ما كسبه بعرق جبينه ظلما وبللاطل ً
بللدل أن يواسلليه أو يقرضلله قرضللا ً حسللنا ً فللي ظروفلله
الحرجة… وهذا ليس كلما ً نظريا ً فحسب ،بل يشهد علللى
ذلك التاريخ ويصدقه الواقع)].([22
وكثيرا ً ما يتعدى المر ذلك – الحقد والبغض -عنللدما يقللوم
المقترض بثللورات تعصللف بللالمرابين وأمللوالهم وديللارهم،
وتجرف في طريقها الخضر واليابس)].([23
.2اختلل توزيع الثورة المؤدي إلى خلل يصيب المجتمع-:
إذا أصللبح المللال دولللة بيللن الغنيللاء ،شللقي أغنيللاء ذلللك
المجتمع وفقراؤه ،والربا يركز المال فللي أيللدي فئة قليلللة
من أفراد المجتمع الواحد ،ويحللرم منلله الجمللوع الكللثيرة،
وهذا خلل فللي توزيللع المللال … وهللو الللذي يجعللل اليهللود
ره بيللن العبللاد ،كمللا
يصللرون علللى التعامللل بالربللا ،ونش ل ِ
يحرصون على تعليم أبنللائهم هللذه المهنللة ،كللي يسلليطروا
على المال ويحوزوه إلى خزائنهم.
وهذا الخلل الذي ُيحدثه الربللا فللي المجتمعللات النسللانية-
وهلو خللل توزيلع اللثروة -داٌء يعجلز علجله الطبلاء ،وقلد
اعترف رجال القتصللاد فللي العلالم الغربللي بعجزهللم عللن
علج هللذا الخلللل الللذي أصللاب العللالم الغربللي … يقللول
ن التقاعلد ،أريلد أ ،أوصلي أحدهم) -:إنني وقلد قلاربت سل ّ
الجيل الصغر مني سن ّا ً في هذه القضية :لقد أصللبحنا الن
بعد هذه الجهود الطويلة في بلبلة مستمرة ،فكلنللا يشللقى
بسبب توزيع الثروة ،وتوزيلع اللدخل ،سلواء منهلا ملا كلان
جزئيًا ،مثل قضية الفائدة والربا ،أم مللا كللان مثللل تفللاوت
الطبقات ،تعبنا في هذا ولم نصل إلى شيء(.
631
وهذا تصريح منلله بالنتيجللة الحتميللة الللتي يصللير إليهللا كللل
معرض عن هدي السماء) :لقد أصبحنا في بلبلة مستمرة(
…)كلنا يشقى بسبب توزيع الثروة(…وتعبنا ولم نصل إلى
شيء(….
إنه الشقاء ،شقاء الحياة الدنيا ،وشقاء الخرة أشد وأبقى
" ومن أعرض عن ذكري فإن للله معيشللة ضللنكا ً ونحشللره
يوم القيامة أعمى ،قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنللت
بصيرًا ،قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسللى،
وكذلك نجزي من أسرف ولللم يللؤمن بآيللات ربلله ولعللذاب
الخرة أشد وأبقى"] طه .([24]) [ 126 – 124 :
ومن ظواهر هذا الثر تضخم المال بطريق غير مشللروعة،
لنه تضخم على حساب سلب مال الفقير وضمه إلى كنوز
الغني ،وحسبك بهذا داءا ً فتاكا ً في المجتمعات وسللببا ً فللي
الخصومات والعداوات…)]([25
.3تدمير الربا للمجتمعات-:
إن الربا بما يحدثه في النفوس من أمللراض ،وبمللا يوجللده
فللي القتصللاد مللن بليللا ،وبمللا يصللنعه مللن خلللل يصلليب
المجتمعات النسانية بالدمار…وقد لعللب الربللا دورا ً هام لا ً
في انهيار المجتمعات..وظهور القتصللاديات القائمللة علللى
الرق منظرا ً لن القرض قبل زمن كللان مضللمونا ً بشللخص
المقترض نفسه إلى جانب ضمانات أخللرى كللانت النتيجللة
نللزع ملكيللة صللغار المزارعيللن ،وتحويللل عللدد منهللم إلللى
رقيق ،مما أدى في النهاية إلى تركيز الملكية العقارية في
أيد قلئل ،هذا ما فعله الربللا فللي الماضللي ،وقللد اسللتطاع
الك ُّتاب الذين لم يتعمقوا في باطن المور أن يدركوا آثاره
في تلك المجتمعللات ،ولكللن كللثيرا ً مللن هللؤلء يظنللون أن
الفائدة الربوية اليوم ل تحدث في المجتمعات النسانية ما
أحللدثته فللي تلللك المجتمعللات ،لقللد حللول المرابللون فللي
القديم البشَر إلى عبيد يعملون في المزارع التي سرقوها
من أولئك العبيد ،ول يزال المرابون إلى اليوم يسعون إلى
السلليطرة علللى ثمللار جهللود البشللر وسللرقة عََرِقهللم
وأموالهم….وقد يقال إن الحال اليللوم قللد تغيللر ،والفللائدة
أصبحت محدودة ،وهي ل ترهق الفراد ول المؤسسات ول
632
الحكومات ،وهذا قصور في النظر وخطل من القول ،فإن
فوائد البنوك الربوية وبيوتات المال فللي أوائل القللرن لللم
تكللن تتعللدى الثلثللة أو الربعللة أو الخمسللة أو السللتة أو
السبعة في المائة على أكثر تقدير ،أما اليوم فللإن الفللائدة
التي كانت تعلنها البنوك الربوية قد بلغت )(18أو) (20في
المائة ،وقد بلغ الربا في بعض المعاملت في إحدى الدول
فللي أزمللة مللن الزمللات ) (800فللي المللائة وكللان حجللم
المللوال الللتي سللببت الزمللة بلللغ ) (27مليللارا ً منهللا )(9
مليارات تراكمت بسبب الربا والذين ل يأكلون الربللا كللانوا
أبعد الناس عن التأثر بتلك الزمة.
ومما يدل على أن هذا البلء ل يزال آخذا ً بأنفللاس النللاس،
ول يزال رابضا ً على قلللوبهم ،أن مللا يسللمى بللدول العللالم
الثالث اليللوم مثقلللة بللديون ل تسللتطيع صللادراتها كلهللا أن
تفي بسداد خدمة الديون الربوية)].([26
.4عللدم اسللتخدام المللواهب فللي نهضللة البلد واسللتغلل
خيراتها-:
فهو يربي النسان على عدم استخدام مللواهبه الللتي أنعللم
الله بها عليه في العمل النافع والنتاج المثمر ،فيقعللد عللن
العمل والسعي في الرض وإذا وجد أن إيداعه لنقوده في
بنك مثل ً يمكنه من الكل من ربحهللا ،فيفعللل ذلللك ويللترك
العمللل ويصللبح عضللوا ً فاسللدا ً فللي المجتمللع حيللث أفسللد
تعامله بالربا خلقه وشعوره تجاه أخيه فتفسد بللذلك حيللاة
الجماعة…)]([27
خْلق طبقة مترفة ل تعمل-: .5التعامل بالربا يؤدي إلى َ
حيث تعتمللد هللذا الطبقللة علللى مللا يعللود لهللا مللن الربللاح
الربويللللة ،فتتعطلللل المكاسللللب والتجلللارات والحلللرف
والصناعات الللتي ل تنتظللم مصللالح العللالم إل بهللا ،إذ مللن
يحصل على درهمين بدرهم كيف يتجشم مشقة كسللب أو
تجارة)].([28
.6استغلل حاجة المحتاجين-:
فالربا يسللتغل حاجللة المحتللاجين ويلحللق بهللم الكللثير مللن
الضرار دون اختيار منهم)] ، ([29فالمجتمع الذي يتعامللل
بالربا مجتمع منحل ،متفكك ل يتساعد أفراده فيملا بينهلم،
633
ول يساعد أحد غيللره إل إذا كللان يرجللو مللن ورائه شلليئًا)]
.([30
.7الربا يلغي معاني الفضيلة-:
فهو يلغي معاني الفضيلة ،والتعاون علللى الللبر والتقللوى)]
، ([31فالمرابي الللذي قللد أعشللى نظللره بريلقُ المللال ل
يعرف إل مصالحه وهو يبغض كللل مللا يللؤدي إلللى انقطللاع
أرباحه الربوية ،وبهذا تتربى عنللده تلللك الخصللال الذميمللة
شره والبخللل والكسللل والجبللن هللي مضللادة تمام لا ً من ال ّ
لمعللاني الفضلليلة مللن الكللرم والشللجاعة والتعللاون وحللب
الخير لعموم المسلمين.
.8انقطاع المعروف بين الناس من القرض-:
لعل من الحكم فللي تحريللم الربللا أنلله يللؤدي إلللى انقطللاع
ل درهللم حل ّالمعروف والحسان الذي فللي القللرض ،إذ ْ لللو َ
بدرهمين ما سمح أحد بإعطاء درهم بمثله)].([32
.9أنه وسيلة الستعمار-:
يقول السيد سابق رحمه الله ) -:وهللو وسلليلة السللتعمار،
ولذلك قيل :الستعمار يسير وراء تاجر أو قسلليس ،ونحللن
قد عرفنا الربا وآثاره في استعمار بلدنا( )].([33
هذه بعض الثار التي تظهر في ذلك المجتمع الذي يتعامل
بالربا ،وهذا بعض ما يلقيه من استبدل أوامللر الللله تعللالى
ومنهجله السلوي بغيلره ملن المناهلج الرضلية وللو اللتزم
الناس بأوامر دينهم التي منها ترك الربا وتحريمه ،لعاشللوا
حياة سعيدة بعيدة عن الشقاء والضرر ،ولكن الله سبحانه
جعل السعادة لهل اليمان ،والشقاء لمن أعرض عن الله
وعن ذكره ،والله المستعان.
)] ([1الربا وخطره وسبيل الخلص منه . 29 :
)] ([2أي عبودية البشر .
)] ([3الربا وأثره على المجتمع النساني . 102 – 101 :
)] ([4الربا وأثره على المجتمع النساني . 102 :
)] ([5الربللا وخطللره وسللبيل الخلص منلله . 30 – 29 :
وانظر أيضا ً الربا أضراره وآثاره . 52 :
)] ([6أي آفة الربا وهي آفة اجتماعية واقتصادية .
)] ([7تحريم الربا تنظيم اقتصادي . 15 – 14 :
634
)] ([8السابق . 17 :
)] ([9تحريم الربللا تنظيللم اقتصللادي . 19 – 18 :والربللا
وأثره على المجتمع النساني . 105 -104 :
)] ([10تفسير القاسمي . 701 / 3 :
)] ([11السابق .
)] ([12الربا وأثره على المجتمع النساني . 108– 107 :
)] ([13الربللا وأثللره علللى المجتمللع النسللاني – 102 :
. 103وقد تقدم أن هذا الكسللل تصللحبه آثللار أخللرى مللن
الضطراب وغيره مما يجعللل المرابللي ليللس مرتاح لا ً فللي
حياته .
)] ([14سبق المراد بالكفر هنا .
)] ([15تفسير ابن كثير . 312 / 1 :
)] ([16الربا وأثره على المجتمع النساني . 109– 108 :
)] ([17مسلم بشرح النللووي 88 / 7 :رقللم ) ( 1015
والترمذي 174 / 8 :رقم ) ( 2992وأحمد . 2328 / 2 :
والدارمي 210 / 2 :رقم ) . ( 2720
)] ([18جامع العلوم والحكم . 277 – 275 / 1 :وفيلله
الثار عن عمر ومالك بن دينار وبعض السلف .
)] ([19الربا للمودودي . 51– 50 :
)] ([20الربللا وأثللره علللى المجتمللع النسللاني – 108 :
. 109
)] ([21القتصاد السلمي . 85 :
)] ([22التدابير الواقية . 91– 90 :
)] ([23الربا وأثره على المجتمع النساني . 110– 109 :
)] ([24الربللا وأثللره علللى المجتمللع النسللاني – 111 :
. 114بتصرف .والربا خطره وسبيل الخلص منه . 30 :
)] ([25تيسير العلم . 198 / 2 :
)] ([26الربللا وأثللره علللى المجتمللع النسللاني – 114 :
. 118بتصرف .
)] ([27الربا خطره وسبيل الخلص منه . 30 :
)] ([28فقه وفتاوى البيوع . 154 :ومللن محاسللن الللدين
السلمي . 81 :
)] ([29القتصاد السلمي . 85 :
635
)] ([30الربا أضراره وآثاره . 52 :
)] ([31القتصاد السلمي . 85 :
)] ([32فقه وفتاوى البيوع . 154 :ومللن محاسللن الللدين
السلمي . 81 :
)] ([33فقه السنة . 157 / 3 :
00000000000000
الفصل الخامس :آثار الربا القتصادية
تمهيد
إن الربا آفة من الفات ،إذا أصابت القتصللاد فإنهللا تنتشللر
فيلله انتشللار السللرطان فللي جسللم النسللان ،وكمللا عجللز
الطبللاء عللن علج السللرطان فللإن المفكريللن ورجللال
السياسة والقتصاد عجزوا عن علج بليا الربا.
ومن العجيب أن بعض الناس ظنوا أن الربللا يحللدث خيللرا ً
للناس ،ومثلهم في ذلك مثل الذين يظنون أن التورم فللي
ة ،فليللس ة وعافيل ً بعض الجساد الناشئ من المللرض صللح ً
كل تضخم في الجسم صلحًا ،إن السرطان إنما هو تكللاثر
غير طبيعي لخليا الجسم ،وهذا التكاثر ليس فللي مصلللحة
النسان ،بل هو مدمر لحياته ،وفاتك به.
وكذلك ما يولد الربا ليس صلللحا ً للقتصللاد بللل هللو مللدمر
ن بليا الربا ل تظهر مرة واحدة فللي للقتصاد ،والمشكلة أ ّ
كيان المجتمع وكيان القتصللاد ،يقللول الللرازي) :الربللا وإن
كان زيادة في الحال إل إنه نقصللان فللي الحقيقللة( )].([1
وهذا مسللتفاد مللن النللص القرآنللي " :يمحللق الللله الربللا "
] البقرة [ 276:فالمحق نقصان الشيء حال ً بعد حللال …
فالذين يتعللاملون بالربللا يظنللون أن فيلله كسللبًا ،والحقيقللة
التي أخبر بها العليم الخبير ،والتي كشف عنها واقع البشر
ة للكسللب ملدمٌر الذي دمره سرطان الربا أن الربا ممحقل ٌ
ب…. للقتصللاد ،ذلللك أنلله يطيبلله بعلللل خبيثللة يعللي الطللبي َ
ؤها ،الربا ليس بركة ورخاء بل هو مرض عضال ي ُللذهب دوا ُ
المال ويقلله ،يقول الرسول صلى الللله عليلله وسلللم" :إن
الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل")] .([2أي :قلة.
وعلماؤنللا الللذين أبصللروا الحقللائق مللن خلل النصللوص
القرآنية والحديثية أدركوا هذه الحقيقة ،يقول الرازي) :إن
636
الربا وإن كان زيادة في الحال إل أنه نقصان في الحقيقة،
وإن الصدقة وإن كانت نقصانا ً في الصورة فهي زيادة في
الحقيقة( )].([3
ب والدمار ،فكللثيرا ًويقول المراغي) :إن عاقبة الربا الخرا ُ
ما رأينا ناسا ً ذهبت أموالهم ،وخربت بيوتهم بللأكلهم الربللا(
)].([4
ويقول القاسمي) :المال الحاصل من الربا ل بركة له ،لنه
حاصل من مخالفة الحق ،فتكون عاقبته وخيمة( )].([5
والفات القتصادية التي يجلبها الربا كثيرة)] ، ([6وسنذكر
بعضللها فيمللا يلللي مبتللدئين بالثللار العامللة لهللذه الفللة
القتصادية – آفة الربا-: -
المبحث الول -:الثار القتصادية العامة للربا
والثار العامة للربا على القتصاد كثيرة منها ما يلي-:
.1الربا من أسباب غلء السعار-:
يشكو العالم اليوم من غلء السعار ،وسببه يرجع إلى ح لد ّ
كبير إلى النظام الربوي السللائد اليللوم ،ل يرضللى صللاحب
المللال ،إذا اسللتثمر مللاله فللي صللناعة أو زراعللة أو شللراء
سلعة ،أن يبيع سلعته أو الشيء الذي أنتجه إل بربللح أكللثر
من نسبة الربا ،وذلك لنه يفكر بأنه اسللتثمر المللال وبللذل
الجهد واستعد لتحمل الخسارة فل بد أن تكون نسبة الربح
أكثر من نسبة الربا ،وكلما زادت نسبة الربا غلت السللعار
أكثر منها بكثير ،هذا إذا كان المنتج أو التاجر صاحب مال.
وأما إذا كان المنتج أو التاجر ممللن يقللترض الربللا ،فرفعُلله
أسعار منتجلاته وسللعته أملٌر بلدهي ،حيلث سيضليف إللى
نفقاته ما يدفعه ربللا… .يقللول أحللد علمللاء الغللرب) :لعللله
يلزم أن تكون نسبة الربح من ) (15إلى ) (%20لللترغيب
الناس في مخاطرة الستثمار عندما يكللون سللعر الفللائدة
الخالص) (5أو) ،(%6وُتحدث تلك النسبة من الربح تفاوت لا ً
في توزيع الدخل الفردي ،وعند انخفللاض السللعر الخللالص
إلى ) (2أو ) (%3تحت تأثير نظام المصللارف أو الوسللائل
الماليللة الخللرى سلليكون ممكنللا ً للمبادلللة الجتماعيللة أو
السلللطات المباشللرة خفللض نسللبة الربللح إلللى ) (5أو )
.([7]) ( (%10
637
ول يقف المر عند غلء السعار ،بل يحدث اضللطراب فللي
حياة الناس حيث ل يتمكنون من شراء حاجاتهم الساسية
بسبب غلء السعار)].([8
هذا لن الربا والفائدة سبب في رفع تكاليف النتللاج الللتي
يترتب عليها رفع السعار وهذا يللؤدي إلللى أضللرار محققللة
على الناحية القتصادية)].([9
.2الربا من أسباب البطالة-:
يتسللبب الربللا فللي انتشللار البطالللة ،وذلللك لن أصللحاب
الموال يفضلون أموالهم بالربا على استثمارها في إقامللة
مشروعات صناعية أو زراعيللة أو تجاريللة ،وهللذا -بالتللالي-
يقّلل فرص العمل ،فتنتشر البطالة فلي المجتمعلات اللتي
يسود فيها التعامل الربللوي ،ويؤكللد هللذا مللا نشللاهده مللن
دمها فنيا ً
معاناة الدول الغربية من مشكلة البطالة رغم تق ّ
وتطورها في الصناعة…
وتبللذل حكومللات تلللك الللدول الجهللد لتشللغيل النللاس
والسيطرة على مشكلة مع إبقاء سبيلها؟ وقد ب َي ّللن علمللاء
الغللرب الرتبللاط الوثيللق بيللن البطالللة والتعامللل الربللوي،
يقول أحدهم) :مللن مصلللحتنا أن نخفللض سللعر الربللا إلللى
درجة يتمكن من تشغيل الناس جميعًا( )].([11]).([10
.3التضخم-:
التضخم يقصد به :وجود اتجاه صعودي في الثمان بسللبب
وجود طلب زائد أو فائض بالنسبة إلى إمكانية التوسع في
العروض.
والتضخم له أسباب طبيعيللة وأسللباب غيللر طبيعيللة ،ومللن
السباب غيلر الطبيعيلة الربلا ،فلالمرابي بملا يقرضلله مللن
فائدة مرتفعة يجبر أصحاب السلللع والخللدمات علللى رفللع
أثمان هذه السلع والخدمات ،ول شك أن التضللخم يسلليء
إلى الناس كلثيرا ً خاصلة أصلحاب اللدخول النقديلة الثابتلة
م تنخفض دخللولهم الحقيقيللة، كالموظفين والعمال ،ومن ث ّ
وإذا اضطرت الحكومات إلى مواجهللة المللر برفللع دخللول
المللوظفين والعمللال فللالملحظ أن تقريللر الزيللادة ل يتللم
بسللرعة وفللي الللوقت المناسللب ،ولللذلك يجللب أن يعمللل
المفكللرون ورجللال السياسللة والقتصللاد علللى محاربللة
638
ميه القتصللاديون التضللخم ،خاصللة ذلللك النللوع الللذي ُيس ل ّ
بالتضخم الجموح والللذي ترتفللع فيلله الثمللان ارتفاعلا ً غيللر
طبيعي ،ومن أعظم السباب التي تؤدي إليه الربا ،فمنعلله
إنما هو علج لمرض خطير)].([12
.4الربا يسبب شقاوة المقترضين لحاجاتهم الشخصية-:
يبدو أن النظام الربوي يساعد المقترضين ،حيث يتمكنللون
من تلبية حاجاتهم بالمال الللذي ينللالونه بللالقرض ،لكللن إذا
نظرنا إلى ما يترتب على هذا القتراض وجللدنا أنلله سللبب
ن نسللبة الربللا الللتي يتقاضللاها دمللارهم وشللقاوتهم .…،إ ّ
المرابون من هؤلء عاليللة جللدا ً … ونتيجللة لللذلك ،إذا وقللع
ة للمرابين ،فل يكاد يخللرج مللن شللباكهم ،يللدفع أحد ٌ فريس ً
دين ،في كثير من الحيان أكللثر مللن أصللل المقترض ربا ال ّ
دين فللي ذمتلله كللامل ً غيللر نللاقص، دين ،في حين يبقى ال ّ ال ّ
وقد قيل عن حالة المدين المزارع في الهند) -:يولد الفّلح
وهو مدين ،ويعيش وهو مدين ،ويموت وهو مدين( )]([13
،وقد بين هللذا علماؤنللا قبللل الغللرب أثنللاء ذكرهللم حكمللة
تحريم الربا ،يقول المللام ابللن القيللم – رحملله الللله -أثنللاء
بيللانه حكمللة تحريللم ربللا القللروض) -:فأمللا الجلللي فربللا
النسيئة ،وهو الذي كللانوا يفعلللونه فللي الجاهليللة ،مثللل أن
يؤخر دينه ويزيده في المال وكلمللا أخللره زاد فللي المللال،
حتى تصير المائة عنده آلفا ً مؤلفة ،وفي الغللالب ل يفعللل
ذلللك إل معللدم محتللاج ،فللإذا رأى أن المسللتحقّ يللؤخر
مطالبته ،ويصبر عليه بزيادة يبذلها له ،تكّلف بذلها ليفتللدي
من أسر المطالبة والحبس ،ويدافع من وقللت إلللى وقللت،
دين حللتى فيشللتد ضللرره ،وتعظللم مصلليبته ،ويعلللوه اللل ّ
يستغرق جميع موجوده ،فيربوا المللال علللى المحتللاج مللن
غير نفع يحصل له ،ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل
منه لخيه ،فيأكل مال أخيه بالباطللل ،ويحصللل أخيلله علللى
غاية الضرر ،فمن رحمة أرحم الراحمين وحكمته وإحسانه
إلى خلقه أن حرم الربا( )].([14
.5منللع الربللا مللن السللتثمار فللي المشللروعات المفيللدة
للمجتمع-:
639
يجد صاحب المللال فللي النظللام الربللوي فرصللة للحصللول
على نسبة معينة من الربا علللى مللاله ،وهللذا يصللرفه عللن
استثمار ماله فللي مشللروعات صللناعية وزراعيللة وتجاريللة
مهما كانت مفيدة للمجتمع ،إل إذا اعتقد حصول نسبة ربح
أكثر من تلك المشروعات من نسبة الربا،
وقد ل يرغب مع ذلللك فللي تلللك المشللروعات ،حيللث إنهللا
تتطلب بذل الجهد واستعدادا ً لتحمل الخسللارة ،فللي حيللن
يتمكن فيه صاحب المال مللن الحصللول علللى الربللا بللدون
مشقة ومخللاطرة ،وقللد ب َي ّللن العلمللاء هللذه الحقيقللة أثنللاء
ذكرهم حكمة تحريللم الربللا ،يقللول الفخللر الللرازي) -:قللال
بعضهم :الله تعالى إنمللا حللرم الربللا مللن حيللث إن ّلله يمنللع
الناس عن الشتغال بالمكاسب ،وذلك لن صاحب الدرهم
إذا تمكن بواسطة عقد الربللا مللن تحصلليل الللدرهم الللزائد
ف عليه اكتساب وجلله المعيشللة ،فل نقدا ً كان أو نسيئة ،خ ّ
مل مشقة الكسب والتجارة والصللناعات الشللاقة( يكاد يتح ّ
)].([15
ويلللؤثر إعلللراض النلللاس علللن اسلللتثمار أملللوالهم فلللي
المشروعات المختلفة على نمو رأس مال المجتمع…
فهكذا يحرم الربا أصحاب المللوال مللن اسللتثمار أمللوالهم
فللي المشللروعات ويجعلهللم كسللالى ،ويللترتب علللى هللذا
النخفللاض فللي النتللاج ،ويظهللر تللأثير الربللا فللي انخفللاض
النتاج من جانب آخللر ،وذلللك أن نفقللات المشللروع الللذي
يقترض صاحبه مال ً للله بالربللا تللزداد ،فتقللل نسللبة الربللاح
وبالتالي تضعف الرغبة فللي تنفيللذ المشللروع ،وهللذا يللؤدي
إلى انخفاض النتاج)].([16
.6تعطيل الطاقات البشرية-:
غب في الكسل الربا يعطل الطاقات البشرية المنتجة ،وُير ّ
وإهمال العمل ،والحيللاة النسللانية إنمللا ترقللى وتتقللدم إذا
بللذل الجميللع طاقللاتهم الفكريللة والبدنيللة فللي التنميللة
والعمار ،والمرابي الللذي يجللد المجللال رحبلا ً لنمللاء مللاله
بالربا يسهل عليه الكسب الذي يؤمن للله العيللش ،فيللألف
الكسل ،ويمقللت العمللل ،ول يشللتغل بشلليء مللن الحللرف
والصناعات ،يقول الرازي ):حرم الربا من حيللث إن ّلله يمنللع
640
الناس عن الشتغال بالمكاسب ،وذلك لن صاحب الدرهم
إذا تمكن بواسطة عقد الربللا مللن تحصلليل الللدرهم الللزائد
ف عليه اكتساب وجلله المعيشللة ،فل نقدا ً كان أو نسيئة ،خ ّ
مل مشقة الكسب والتجارة والصللناعات الشللاقة، يكاد يتح ّ
وذلك يفضي إلى انقطاع منافع الخلللق ،ومللن المعلللوم أن
مصالح العالم ل تنتظم إل بالتجارات والحرف والعمللارات(
ن تعطيل الربللا للطاقللات المنتجللة ل يتوقللف )] .([17ثم إ ّ
ن كللثيرا ً مللن طاقللاتعلللى تعطيللل طاقللة المرابللي ،بللل إ ّ
العمال ورجال العمال قد تقللل أو تتوقللف ،ذلللك أن الربللا
يوقع العمال في مشكلت اقتصادية صعبة ،فالذين تصيبهم
المصائب في البلد الرأسمالية ل يجدون إل المرابي الللذي
يقرضهم المال بفللوائد عاليللة تعتصللر ثمللرة أتعللابهم ،فللإذا
أحاطت هذه المشكلت بالعمال أثرت في إنتاجهم.
هذا جانب ،وجانب آخر أن الربا يسبب الركللود القتصللادي
والبطالة وهذا يعطللل الطاقللات العاملللة فللي المجتمعللات
النسانية)].([18
.7تعطيل المال-:
وكما يعطل الربا جزءا ً من الطاقات البشرية الفاعلة ،فإنه
كللذلك يعطللل المللوال عللن الللدوران والعمللل ،والمللال
للمجتمع يعد بمثابة الدم الذي يجري في عللروق النسللان،
وبمثابة الماء الذي يسيل إلى البساتين والحقللول ،وتوقللف
المال عن الدوران يصيب المجتمعات بأضرار فادحة ،مثله
كمثل انسداد الشرايين ،أو الحواجز الذي تقف في مجرى
الماء.
وقد رهب الله تبارك وتعالى الذين يكنزون المال وتهددهم
بالعذاب الليم الموجع " -:والذين يكنزون الذهب والفضللة
ول ينفقونها فللي سللبيل الللله فبشللرهم بعللذاب أليللم ،يللوم
ُيحمى عليها في نللار جهنللم فتكللوى بهللا جبللاههم وجنللوبهم
وظهللورهم هللذا مللا كنزتللم لنفسللكم فللذوقوا مللا كنتللم
تكنزون" ] التوبة [ 35– 34 :
وقد شرع الله من الحكام ما يكفل استمرار تدفق المللال
إلى كل أفراد المجتمللع ،بحيللث ل يصللبح المللال دولللة بيللن
641
الغنياء دون غيرهم ":كي ل يكون دولة بين الغنياء منكم"
] الحشر .[ 7 :
والمرابي بجبنه وتطلعاته إلى الكسب الوفير ل يدفع مللاله
إلى المشروعات النافعة والعمللال القتصللادية إل بمقللدار
يضمن عودة المال وافرا ً كثيرًا ،وهو يحبسلله إذا مللا أحللس
بللالخطر ،أو طمللع فللي نسللبة أعلللى مللن الفللائدة فللي
المستقبل ،وعندما يقل المال في أيدي الناس يقع النللاس
في بلء كبير.
ثللم إن مقترضللي المللال بالربللا ل ُيسللهمون فللي العمللال
المختلفة إل إذا ضمنوا نسللبة مللن الربللح أعلللى مللن الربللا
دين)].([19 المفروض على ال ّ
.8الربا يشجع على المغامرة والسراف-:
الحصول على المال بالربا سهل ميسور ،مللا دام المرابللي
ن الذين ليس لهم تجربللة، يضمن عودة المال إليه ،ولذا فإ ّ
وليس عندهم خللبرة ،يغريهللم الطمللع ،فيأخللذون القللروض
بالربا ،ثم يدخلون فللي أعمللال هللي إلللى المقللامرة أقللرب
منهللا إلللى العمللال الصللالحة ،ومللتى ك َث ُللر هللذا النللوع مللن
العمال فإنه يضر باقتصللاد المللة ،والمرابللي ل يمتنللع مللن
إمللداد هللؤلء بالمللال ،لنلله ل يشللغل بللاله الطريقللة الللتي
ظف المال بها ،وكل ما يشغله عودة المللال بربللاه ،وقللد يو ُ ّ
سللفيه مللن التصللرف فللي مللاله أوجب علينا السلم منع ال ّ
حفاظا ً على ثروة المة من الضللياع " -:ول تؤتللوا السللفهاء
أموالكم التي يجعل الله لكم قيامًا" ] النساء [ 5 :ولحظ
قوله" :أموالكم" ،فقد جعللل مللال السللفيه مللال ً للمللة بهللا
قوام أمرها فالربا يسهل وضع الكثير مللن مللال المللة بيللن
أيدي المغامرين والجهلء الذين قد يبللددون هللذه المللوال،
ويزداد المر سوءا ً عنللدما يسللتولي المرابللي علللى بيللوتهم
ومزارعهم والبقية الباقية من مصانعهم ومتاجرهم.
وسهولة القللتراض بالربللا تشللجع علللى السللراف وإنفللاق
المال فيما ل يفيد ول يغني..يقول المراغي)]-:([20
)فالسر في هذا أن المقترضين يسهل عليهللم أخللذ المللال
من غير بدل حاضر ويزين لهم الشيطان إنفاقه في وجللوه
الكماليات التي كان يمكن الستغناء عنها ،ويغريهم بالمزيد
642
دين علللى كللواهلهم من الستدانة ،ول يزال يللزداد ثقللل ال ل ّ
حللتى يسللتغرق أمللوالهم ،فللإذا حللل الجللل لللم يسللتطيعوا
الوفللاء وطلبللوا التأجيللل ،ول يزالللون يمللاطلون ويؤجلللون،
دين يزداد يوما ً بعد يوم ،حتى يستولي الللدائنون قسللرا ً وال ّ
على كل ما يملكون ،فيصبحون فقراء معدمين ،صدق الله
":يمحق الله الربا ويربي الصدقات"] البقرة ]) [ 276 :
.([21
.9الكساد والبطالة-:
إذا ارتفعت أثمان الشياء ارتفاعا ً عاليا ً فإن الناس يكفللون
عن القبال على السلع والخدمات المرتفعللة الثمللان ،إمللا
لعدم قدرتهم على دفع أثمانها ،أو لنهللا ترهللق ميزانيتهللم،
وإذا امتنع الناس عن الشراء كسدت البضائع في المخازن
والمتاجر ،وعند ذلك تقلل المصانع من النتاج ،وقد تتوقف
عنلله ،ول بللد فللي هللذه الحالللة مللن أن تسللتغني المصللانع
مالهللا وموظفيهللا فللي حالللة والشللركات عللن جللزء مللن ع ّ
مالها وموظفيها إذا تخفيض إنتاجها ،أو تستغني عن جميع ع ّ
توقفت عللن النتللاج ،وعنللدما يحللس المرابيللن بمللا يصلليب
السوق من زعزعة يزيدون الطين بّلة ،فيقبضللون أيللديهم،
ويسحبون أموالهم ،فعند ذلللك تكللون الهللزات القتصللادية.
المر العجيب لن الموال في المجتمع كثيرة ،ولكنهللا فللي
خزائن المرابيللن ،والنللاس بحاجللة إلللى السلللع ،ولكنهللم ل
مال يحتللاجون يشترونها لعدم وجود المال بين أيديهم ،والعُ ّ
إلى عمل ،ولكن المصانع والشركات تمتنللع مللن تشللغيلهم
لحاجتها إلى المال من جانب وإللى تصلريف بضلاعتها ملن
جانب.
إن الربا يحدث خلل ً في دورة التجارة ،والسلم في سبيل
إصلللح هللذا الخلللل وغيللره حلّرم الربللا ،وشللرع تشللريعات
كللثيرة تمنللع تركللز المللال فللي أيللدي طائفللة مللن أفللراد
المجتمع…
واليوم تعاني أمريكا زعيمللة الرأسللمالي مللن أزمللة بطالللة
مخيفة حيث زاد عدد العاطلين عن العمل في أمريكا عللن
اثني عشر مليونًا ،وعللدد الشللركات الللتي أعلنللت إفلسللها
في عام 1982م ربا على ) (25000شركة ،وهذه النسللبة
643
ُتعد ّ رقما ً قياسيا ً لم تبلغلله تللك الللديار منللذ سللنة 1933م،
وأظهرت إحصاءات رسمية أذيعة في بللون ألمانيلا الغربيللة
أن عددا ً قياسيا ً من شركات ألمانيا الغربية قد أفلست في
عام 1982م بسبب الكسللاد والركللود القتصللادي وأسللعار
الفللائدة المرتفعللة ونقللص رأس المللال السللتثماري …)]
([22إن تكبيل المم بهللذه القيللود الرهيبللة يجعلهللا تعمللل
وتعملل وتعملل ول تسلتفيد ملن عملهلا شليئًا ،كلل عملهلا
يذهب إلى خزائن المرابين،وعنلد ذللك ل يسلتطيع الفلراد
الحصول علللى حاجيللاتهم ،ومللع ذلللك فللإن الدولللة تفللرض
المزيد من الضرائب ،وترفع السعار لمواجهللة العجللز فللي
مدفوعاتها ،فتقوم الثورات وتحصللل الضللطرابات وتزهللق
الرواح …،وقد يصل المللر إلللى درجللة تعجللز الدولللة عللن
السداد وعند ذلك تلغي الدولة ديونها…)]([23
.10توجيه القتصاد وجهة منحرفة-:
ومن بليا الربا أنه ُيوجه القتصاد وجهة منحرفة ،فالمرابي
يدفع لمن يعطيه ربحا ً أكثر ،وأخذ القرض الربوي ل يوظف
المال الذي اقترضه إل في مجالت تعود عليلله بربللح أكللثر
مما فرضه عليه المرابي.
ب على تحصيل المال ،وفللي سللبيل ذلللك إذن القضية تكال ٌ
تتجللاوز المشللروعات النافعللة الللتي تعللود بللالخير علللى
المجتمع ،ويوظللف المللال فللي المشللروعات الكللثر إدرارا ً
للربح.
فإذا كانت نللوادي القمللار ونللوادي العهللر والفسللق تعطللي
عائدا ً أكثر من المشروعات الصناعية والتجارية فإن المال
الربوي يجري إليها جريًا ،في حين تحرم المشروعات التي
يحتاج إليها النسان من تلك الموال)].([24
.11التسبب في الزمات الجائحة-:
إن الربللا فللي ذاتلله يسللهل علللى النللاس أن يللدخلوا فللي
مغامرات ل قبل لهم باحتمال نتائجهللا – كمللا سللبق بيللانه-
فالتاجر بدل أن يتجر في قدر من المال يتكافأ مللع قللدرته
المالية على السداد ،يأخذ مال ً بفللائدة ليزيللد فللي متجللره،
وقد يكسب من ذلك… ،.ولكللن العاقبللة غيللر محمللودة إن
نزلت البضائع ،فإنه ل يكون في قللدرته الللبيع فللي الللوقت
644
الذي يريد ،إذ أن الفائدة التي تلحقه ،والديون التي تركبلله
تضطره للبيع في الوقت الذي ل يناسبه ،فتكون الخسللارة
مر ،والديون تحيللط بللذمته، الفادحة ،أو يكون الفلس المد ّ
كما تحيط الغلل بعنقه.
وقللد ثبللت أن الزمللات الجائحللة الللتي تعللتري القتصللاد
العالمي تكون من الديون التي تركللب الشللركات المقلللة،
فإن عجزها عن السداد عند الكسللاد يللدفعها إلللى الخللروج
عن بضاعتها بأقل الثمان إن وجدت مللن يشللتري ،ولللذلك
كانت تعالج هذه الزمللات الجائحللة بتقليللل الللديون بطللرق
مختلفة ،كإحداث تضخم مالي من شللأنه أن يضللعف قيمللة
النقللد فيقللل الللدين تبعللا ً لللذلك… .أو بتنقيللص الللديون
مباشرة)].([25
.12إضعاف القوة الشرائية عند الطبقة الفقيرة والعمللال
مما يعرقل ترقية التجارة والصناعة-:
ن يقرضلله ملن ذي الحاجلة آخلَر ملا مل ْ
إن المرابي يسللب َ
يبقى عنده من قوة الشراء.
إن بطالة مئات اللوف من البشر ،والدخل الزهيد لمليين
منهم سبب عرقلة شديدة فللي سللبيل ترقيللة تجللارة البلد
وصناعتها .…،وإذا حصلت بعض القوة الشرائية عند هؤلء
المليين من الفقراء بدخلهم القليل وأجورهم غير الكافية،
فإنهم ل يستطيعون أن يشتروا بها أدوات الحاجة ومرافللق
الحيللاة اللزمللة ،فللإن المرابللي يسلللبهم معظمهللا ثللم ل
يستهلكها في اشتراء البضائع والخدمات ولكن ليزيد علللى
المجتمع قروضا ً تجلب مزيدا ً من الربا إلى خزانته ،فلو أنه
إذا كان في الدنيا كلها خمسون مليون رجللل ممللن وقعللوا
في مخالب المرابين يؤدي كل واحد منهم جنيها ً فقط فللي
كل شهر ،فمعناه أن الدنيا يبقى فيهللا فللي كللل شللهر مللن
البضائع ما قيمته خمسون مليونا ً دونما استهلك ،وينصرف
هذا القدر من المال في كل شهر في خلق قللروض ربويللة
جديدة بدل أن يرجع إلى إنتاج البلد القتصادي)].([26
.13وضع مال المسلمين بين أيدي خصوم السلم-:
من أخطر ما أصيب بلله المسلللمون أنهلم أودعللوا الفللائض
من أمللوالهم فللي البنللوك الربويللة فللي دول الكفللر ،وهللذا
645
اليللداع يجللرد المسلللمين مللن أدوات النشللاط القتصللادي
ومن القوة الظاهرة في المبادلت ،ثللم يضللعها فللي أيللدي
أبللاطرة المللال -اليهللود -الللذين أحكمللوا سلليطرتهم علللى
أسللواق المللال وهللذه والفللوائد الخبيثللة الللتي يللدفعها لنللا
المرابون هي ثمن التحكم في السيولة الدولية)].([27
المبحللث الثللاني -:مللن أضللرار الربللا فللي قللروض التجللار
والصناع )القروض النتاجية( )]: ([28
هذه القروض هي التي يأخللذها التجللار والصللناع وأصللحاب
الحرف الخرى لستغللها في شؤونهم المثمرة)].([29
ن مما تقتضيه مصلحة التجللارة والصللناعة والزراعللة ومللا إ ّ
إليها من العمال القتصادية الخرى ،أن الللذين يشللتركون
فيها من أي وجه مللن الوجللوه ينبغللي أن تكللون مصللالحهم
وأغراضهم وميولهم متحدة متجهللة إلللى ترقيتهللا والرتفللاع
بهللا ،وأن تكللون خسللارتها خسللارتهم جميع لا ً حللتى يسللعوا
مجتمعين للسلمة من خطرها وإنقاذ أنفسهم من الوقللوع
فيه ،وأن يكون ربحها ربحهم جميعا ً ليستفيدوا في ترقيتها.
فكان مما ُتجبه المصلحة القتصادية مللن هللذه الناحيللة أن
الللذين يشللتركون فللي التجللارة أو الصللناعة أو الزراعللة ل
بقواهم الذهنية أو البدنيللة ولكللن بللرؤوس أمللوالهم فقللط،
ينبغي أن تكون مشاركتهم أيضا ً من هذا النوع نفسه حللتى
يكونوا على اتصال بها كغيرهم ،ويسعوا معهم في ترقيتهللا
وإنقاذها من الوقوع فلي الخسلارة ،لكلن لملا انفتلح عللى
وجوه المرابين من أصحاب المللوال أن يسللتغلوا أمللوالهم
في التجارة والصناعة ل من حيث هم شركاء فيها بل على
أن يكون منهم دينا ً فيهللا ،وأل يزالللوا يحصلللون كللذلك مللن
التجارة أو الصناعة على ربحهم حسللب سللعر معيللن سللنة
فسنة أشهرا ً فشهر…
فالذين بأيديهم الوسائل لجمع المال واستغلله في أعمال
النتللاج القتصللادي ل يسللتغلونه فللي التجللارة أو الصللناعة
بأنفسللهم ول يشللاركون بلله غيرهللم بللل الللذي يتمنللونه
ويسللعون للله دوم لا ً أن ينصللرف رأس مللالهم فللي تجللارة
غيرهم أو صناعتهم أو زراعتهم بصورة الدين حللتى يضللمن
لهللم ربللح مللالي معيللن علللى تقلبللات الحللوال وحللدوث
646
دون أن يكون هذا الربح المالي المعين علللى الكوارث ،ويو ّ
أرفع ما يكللون مللن السللعر السللنوي أو الشللهري ممللا للله
مضار فادحة عديدة نشير إلى بعضها فيما يلي)]-:([30
ن .1ركز المال في موضع واحللد دون أن يتقلللب فللي شللأ ٍ
نافع مثمر وتعذر وسائل النتاج:
ل يزال معظم رأس المال بل كللله أكللثر الحيللان ،مللدخرا ً
مرتكزا ً في موضللع واحللد دون أن يتقلللب فللي شللأن نللافع
مثمر ل لشلليء إل لن الرأسللماليين يرجللون ارتفللاع سللعر
الربا في السوق.
نعم ،تكون في الدنيا وسائل كافيللة قابلللة للنتللاج ،وكللذلك
يكون في الدنيا عدد غير يسير من طلب المعاش يهيمون
على وجوههم ملتمسين العمل المرتزق لنفسهم ،وكللذلك
يكون الطلب على أدوات الحاجة ومرافق الحيللاة موجللودا ً
في الناس ،ولكن على كل ذلك ل تكون في الدنيا وسللائل
النتاج ول يجد العللاطلون عمل ً يرتزقللون منلله ول تسللتهلك
البضائع في السواق حسب الطلب الحقيقي.
وما كل ذلك إل لن الرأسللمالي ل يعطللي مللاله لتجللارة أو
صناعة مادام ل يرجللوا أن يعللود عليلله مللاله بللذلك السللعر
المرتفع الذي يود أن يناله بماله)].([31
.2عللدم السللتفادة مللن المللوال إل وفللق مصلللحة ذلللك
المرابي-:
إن الطمع فللي السللعر المرتفللع شلليء يجعللل الرأسللمالي
يمسللك مللاله عللن جريللانه إلللى تجللارة البلد وصللناعتها
وزراعتها ،أول يفتحه لهللا إل وفللق مصلللحته الشخصللية ،ل
وفق حاجة البلد ،ومضرة ذلك علللى البلد كمضللرة مللن ل
يفتح ماء ترعته ،أو ل يفتحه إل وفق مللا تقتضلليه مصلللحته
الذاتية ل وفق ما تقتضيه حاجة المزارع والبساتين.
يستعد لفتح الماء بسعر رخيص على أوسع قللدر إذا كللانت
المزارع والبساتين ل تحتاج إليه ،ويرفع سللعره علللى قللدر
ما تشتد إليه حاجللة المللزارع والبسللاتين ،ول يللزال يرفعلله
ويرفعه حتى ل تعود لصحاب المزارع والبساتين منفعة ما
في إرواء أراضيهم بمائه بهذا السعر)].([32
647
.3اتجاه رأس المال إلى أعمللال ل تحتللاج إليهللا المصلللحة
العامة-:
إنه من آثار الربللا أن رأس المللال ل يرضللى أن يتجلله إلللى
أعمال نافعة تشتد إليها الحاجة للمصلحة العامللة مللادامت
ل ترد على صاحبه بالربح حسب سعر الربللا فللي السللوق،
ويجري – على العكللس مللن ذلللك -متللدفقا ً إلللى أعمللال ل
تحتاج إليها المصلحة العامللة مللادامت تعللود علللى صللاحبها
بربح مغدق.
وبالجانب الخر إن الربا هللو الللذي يحمللل التجللار والصللناع
ويدفعهم إلللى السللتعانة بكللل مللا تصللل إليلله أيللديهم مللن
الطلرق المشللروعة وغيلر المشلروعة ليكسلبوا أكلثر مللن
سعر الربا)].([33
.4إرغام أصحاب الصناعة والحللرف علللى سلللوك طريللق
ضيق النظر وعلى عدم الجرأة في أعمالهم-:
يأبى الرأسللماليون أن يقرضللوا العمللال والصللناع أمللوالهم
لجل طويل لنهم يريدون ،في جللانب أن ل تخلللوا أيللديهم
أبدا ً من مقدار كبير من المال قابل للستغلل في القمللار،
ويرتؤون في الجانب الخر أنلله إذا ارتفللع سللعر الربللا فللي
السوق فيما بعد فللإنهم سيخسللرون بمللا يكونللون أقرضللوا
من أموالهم لجل طويل من قبل.
فينتج من كل ذلك أن أصحاب الصللناعة والحللرف الخللرى
ُيرغمون طبعا ً على سلوك طريق ضيق النظر ،وعلى عدم
الجرأة في أعمالهم ،فل يأخذون من هؤلء الرأسماليين إل
ديون لا ً قصلليرة الجللل ويكتفللون بأعمللال موقتللة محللدودة
النطاق مكللان أن يعملللوا شلليئا ً للمصلللحة العامللة الدائمللة
والتوسيع في نطاقها.
ففي مثل هذا الوضلع يستعصلي عليهلم أن يصلرفوا ثلروة
عظيمة فللي شللراء اللت والماكينللات المسللتحدثة ،بللل ل
يجدون لنفسهم ب ُد ّا ً أن يظلوا يستخدمون ما بأيللديهم مللن
اللت والماكينللات القديمللة المسللتعملة وأل ّ يللوردوا إلللى
السللوق إل منتجللات رديئة ،حللتى يتمكنللوا مللن الوفللاء بمللا
عليهم من الدين ورباه ويولدوا مللع ذلللك شلليئا ً مللن الربللح
لنفسللهم ،ثللم إن مللن آثللار هللذه الللديون القصلليرة الجللل
648
نفسها أن أصحاب المصانع يقللون من إنتللاج البضللائع فللي
مصللانعهم بمجللرد مللا يحسللون بقلللة الطلللب عليهللا مللن
السوق ،ول يجللدون مللن أنفسللهم جللرأة لل ولللو إلللى مللدة
قصيرة ل على أن يبقوا ينتجون البضائع في مصانعهم على
ذلك النطاق نفسلله الللذي كللانوا ينتجونهللا عليلله مللن قبللل،
لنهم يجدون أنفسهم مهددين بالخطر الداهم قائمين على
شفا حفرة من الفلس إذا انخفضت قيمللة بضللائعهم فللي
السوق)].([34
.5إفلس أكلثر الملدينين أو إتيلانهم بحيلل غيلر مشلروعة
مخلة بالنظام القتصادي في البلد-:
إن المللال الللذي يستقرضلله التجللار والصللناع لمشللاريعهم
التجارية والصناعية لجلل طويلل ،يسلبب أخلذ الربلا عليله
منهم حسب سعر معين كثيرا ً من المفاسد.
فمثل هذه الديون تؤخذ عامة لعشرة أعوام أو عشللرين أو
ثلثين عاملا ً ويتفلق فيهلا الفريقلان عللى سلعر مخصلوص
يوفيه المدين إلى الدائن سنويًا ،ول يراعي فيهللا ول يمكللن
أن يراعللي مللادام ل يللرى الفريقللان مللن ظهللر الغيللب مللا
سلليتقلب علللى أثمللان البضللائع مللن تطللورات الرتفللاع أو
النخفاض وأنه إلى أي حللد سللوف تزيللد أو تقللل أو تنعللدم
بتاتللا ً فللرص الربللح للمللدين خلل مللدة العشللر سللنين أو
العشرين أو الثلثين سنة التية.
ب أن رجل ً يستقرض اليوم مقللدارا ً عظيم لا ً مللن المللال وه َ ْ
لعشرين سنة بسعر ) (%70سنويا ً ثم ينشئ على أساسلله
عمل ً كبيرا ً مهمًا ،فهو مضطر بطبيعة الحال أل يزال يللؤدي
إلى الللدائن سللنة فسللنة إلللى سللنة)2017م( قسللطا ً مللن
أقسللاط دينلله ومللا عليلله مللن الربللا ،ولكللن إذا انخفضللت
الثمان في السوق سنة )1999م( إلى شطر ما هي عليه
ل ،فمعناه أن هذا المدين مللادام ل يللبيع فللي تلللك اليوم مث ً
السنين القادمة أضعاف ما يبيعه اليوم من بضائع ،فإنه لن
يستطيع أن يؤدي إلى الللدائن قسللطه مللن الللدين ول مللن
الربا وستكون النتيجة اللزمة لذلك أن يفلس أكثر مدينين
هذا الدائن أو يأتوا بحيل غير مشروعة مخلة بنظام بلدهم
القتصادي لينقذوا أنفسهم من الفلس.
649
ومما ل يكلاد يقلوم فيله أدنلى ارتيلاب عنلد كلل عاقلل أن
الرأسللمالي الللذي يقللرض التجللار والصللناع بيللن الثمللان
المرتفعة والمنخفضللة فللي مختلللف الزمللان ،ليللس ربحلله
الذي ل يتبدل مع انخفاض الثمان وارتفاعها في شيء من
العللدل والنصللاف ول يمكللن إثبللات تمشلليه مللع مبللادئ
القتصاد ،ومساعدته على الرفاهية الجتماعية.
أوقد سمعتم في الدنيا بمقاول إذا كان يعاهد زبللائنه علللى
أن يهيأ لهم شيئا ً من أدوات حاجتهم ،يقطع أن لن يهيأ لهم
هذا الشليء فلي العشلرين سلنة القادملة إل بهلذا السلعر
الذي يهيئه لهم به الن.
فإن كان هذا الوضع الغريب ل يمكلن فلي نلوع ملن أنلواع
البيع الطويلة الجل في الللدنيا ،فمللا للرأسللمالي المرابللي
وحده دون غيره مع مدينه على قيمة مخصوصة لدينه ،ثللم
ل يزال يتقاضاه إياهم إلى مدة غير قصلليرة مللن السللنين!
)].([35
المبحث الثالث-:
من أضرار الربا في قروض الحكومات من أهالي بلدها
وهذه القللروض هللي الللتي تأخللذها الحكومللات مللن أهللالي
بلدها لغراض مثمرة أو غير مثمرة.
فهي على قسمين :نوع يكون لغللراض غيللر مثمللرة ونللوع
يكون لغراض مثمرة)].([36
ونتناول الن كل قسم بالبحث لنعرف مضار الربا فيه-:
المطلب الول
فللي قللروض الحكومللات مللن أهللالي بلدهللا لغللراض غيللر
مثمرة-:
كالحروب :أما هللذا النللوع فللإن الربللا عليلله ل يختلللف فللي
شللكله مللن الربللا الللذي يتقاضللاه المرابللون مللن مللدينيهم
الفراد ،بل هو شر منه وأكثر قللذرا ً لنلله ليللس معنللى هللذا
النوع من الربا إل أن ثمللة رجل ً ملن كفلله المجتمللع وربللاه
وأخللذ بيللده حللتى أصللبح قللادرا ً علللى الكسللب ودافللع عنلله
الخطللار وحمللاه مللن المضللار والخسللائر ،وقللام نظللامه
المدني والسياسي والقتصادي بجميع الخدمات التي تيسر
للله أن يكسللب معاشلله وهللو آمللن وداع فأصللبح يللأبى أن
650
يقرض مجتمعه شيئا ً مللن مللاله بغيللر الربللا ،حللتى ول عنللد
الحاجات التي ليس من شأنها أن ترجع بشلليء مللن الربللح
المالي ،والللتي تتوقللف علللى تحققهللا مصلللحته نفسلله مللع
مصلحة غيره من أبناء المجتمع.
تللراه يقللول لمجتمعلله الللذي كفللله وربللاه :ل بللد لللي أن
اتقاضاك أجري سنويا ً عللى مللا تقللترض منلي مللن الملال،
سواء أكسبت منه ربحا ً أم لم تكسب.
َ َ
شعْ عنللدما تتعللرض البلد أقْذِْر بهذا الوضع من المعاملة وأب ْ ِ
لحرب ،ويمسللي نفللس هللذا المرابللي ومللاله وعرضلله مللع
نفللوس غيللره مللن أفللراد المجتمللع وأمللوالهم وأعراضللهم
عرضة للخطر.
ومن المعلوم أن كل شيء في الخزانة ينفق في مثل هذه
الحالت ،وأنه ل ينفق لغرض ينحصر في نجاحه أو إخفللاقه
مللوت هللذا المرابللي وحيللاته أيضلا ً مللع مللوت سللائر أفللراد
المجتمع وحياتهم.
ومن أجل ذلك يكلون جميللع أفللراد المجتمللع يضلحون فيله
بمهجهم وأرواحهللم وأوقللاتهم وجهللودهم ول يتسللاءل أحللد
منهم عما سينال من الربح سنويا ً على ما يبذل من روحلله
وأوقاته وجهوده للللدفاع عللن البلد ،إل هللذا المرابللي فللإنه
يرفع رأسه من جمعهم ول يرضى بإقراض شيء من مللاله
إل على شرط أن ينال الربح على ماله بحساب كللذا وكللذا
في المللائة سللنويًا ،وأل يللزال ينللاله مللادامت المللة بجميللع
أفرادها ل تصفيه حسابه وتؤدي إليه آخر قللرش مللن رأس
ماله ولو طالت هذه المدة إلى قرن كامللل بللل إلللى عللدة
قرون ،ويصر على أن ينهال هذا الربللح علللى خزنتلله حللتى
من جيوب أولئك الذين يجرحون لدفاعهم عن بلدهللم فللي
أيلللديهم وأرجلهلللم ورؤوسلللهم ،ويصلللابون فلللي أولدهلللم
وإخوانهم وأزواجهم عبثا ً فهل تسللتحق مثللل هللذه الفئة أن
يكفلها المجتمع ويسمنها بإيكالها الربا؟!!)].([37
المطلب الثاني
من أضرار الربا في قروض الحكومللات مللن أهللالي بلدهللا
لغراض مثمرة-:
651
يتسبب الربا في هذا النوع من القروض في مضار وخيمللة
في اقتصاد البلد منها ما يلي-:
.1إصابة الحكومات بأزمات مالية شديدة-:
إن القروض اللتي تأخلذها الحكوملات لغراضللها المثمللرة،
تأخللذها عامللة لجللال طويلللة ،ولكللن ل تكللون أي حكومللة،
عندما تأخذ هذه القروض بسعر سللنوي معيللن ،علللى علللم
بما سيطرأ على أحوال بلدها الللداخلي والشللؤون الدوليللة
الخارجيللة مللن التطللورات والحللوادث خلل العشللرين أو
الثلثيللن سللنة التيللة ،ول تللدري هللل سللتعود عليهللا هللذه
الغراض التي تأخذ لها هذه القروض بشيء مللن الربللح أم
ل؟.
وكثيرا ً ما تخطئ هذه الحكومات في مقاييسها وقلما تعود
عليها مشاريعها وأعمالها بالربللح علللى حسللب سللعر الربللا
فضل ً عن أن تعود عليها بربح أكثر.
فكل هذا من السللباب الهامللة والعوامللل الساسللية الللتي
تصيب الحكومات بأزملات ماليللة شللديدة يستعصلي عليهلا
معهللا إيفللاء رأس المللال الللديون السللالفة وأقسللاط الربللا
فضل ً عن أن تنفق مزيدا ً من المال علللى مشللاريع مثمللرة
جديدة)].([38
.2عدم إنفاق الحكومللة المللوال فللي مشللاريع مفيللدة إن
كانت نسبة ربحها أقل من الربا المفروض عليها-:
إن سعر الربا في السوق يقلرر حلدا ً للربلح ملن الملال ،ل
تستعد أي حكومة أن تنفق أموالها في عمللل يرجللع عليهللا
بربح دونه ،ولو كان ذلك العمل في منتهى الفللادة والنفللع
بالنسبة للجمهور فللي البلد ،فعمللارة البقللاع غيللر العللامرة
وإصلح الراضي القاحلللة ،وتهيئة المللاء للللري فللي البقللاع
الجدبللة ،وإنشللاء الشللوارع فللي القللرى وحفللظ صللحة
سللكانها… ومللا إلللى هللذا مللن العمللال النافعللة الخللرى
بالنسبة للبلد وعامة سكانها ،فمهما تكن بالغة في أهميتها
في حد ذاته ومهما يلحق بالبلد من الضرر بعللدم وجودهللا،
فإن أي حكومة ل تكاد تنفق فيها شيئا ً من مالها مادامت ل
ترجوا منها ربحا ً مساويا ً لسعر الربللا فللي السللوق أو أكللثر
منه)].([39
652
.3فرض الضرائب والمكوس على أهالي البلد-:
إن الحقيقة في باب مثللل هللذه العمللال والمشللاريع الللتي
تستقرض الحكومة المال بالربا للنفاق فيهللا أن الحكومللة
إنما تلقي وزر رباها على عامة أهالي البلد وتستجلبه مللن
جيب كل واحد منهم بفرض الضرائب والمكوس عليهم ول
تزال تؤدى إلى الرأسماليين إلى مللدة مديللدة مللن الزمللن
آلفا ً مؤلفة من الليرات في كل سنة.
فإذا كانت الحكومللة تشللرع اليللوم مثل ً فللي مشللروع كللبير
للري ،وتنفق فيه خمسين مليون ليرة باستقراضللها بسللعر
) ،(%6فعليها – بحكللم هللذا الحسللاب -أن تللؤدي فللي كللل
سنة ثلثة مليين من الليرات إلى الرأسماليين.
ومن الظاهر أن ليس بيد الحكومة ينبوع ينفجللر لهللا بمثللل
هذا القدر الكبير من المال فهي تلقي وزره على الفلحين
الذين ينتفعون من هلذا المشللروع ،ول بلد –علللى هلذا -أن
يكون هناك في كل ما يؤدي هؤلء الفلحون إلى الحكومللة
من المال جزء لداء هذا الربا.
كما أن الظاهر كذلك أن هؤلء الفلحين ل يؤدون هذا الربا
من جيوب أنفسللهم ،بللل يلقللون وزره علللى قيمللة حاصللل
أراضيهم كأن هذا الربا ُيؤخذ على وجه غير مباشر من كل
من يشتري الغلة من السوق ليعد منه الخبز في بيتلله مللن
أهالي البلد)].([40
.4جريان الموال من الفقراء إلى الغنياء-:
ل ،عللن تسللديد وتتمة للثر السابق :إذا عجزت الحكومة مث ً
هذا الدين إلى خمسلين سلنة فإنهلا للن تنفلك إللى نصلف
قرن تقوم بواجب جمع "الكتتاب" من الفقراء وتساعد به
الغنياء فللي بلدهللا ،ولللن تكللون منزلتهللا فللي هللذا الشللأن
مختلفة عن منزلة كاتب الحسابات المرابي فكل هذا ممللا
يجعل الثروة في القتصاد الجتماعي تجللري مللن الفقللراء
إلى الغنياء ،مع أن الذي يقتضيه فلح الجماعة ومصلللحتها
هو أن يكللون جريللان الللثروة مللن الغنيللاء إلللى الفقللراء)]
.([41
وأخيرا ً إن هذه المضار والمفاسد ل توجد فللي الربللا الللذي
تؤديه الحكومللة علللى قللروض تأخللذها لغراضللها المثمللرة
653
فحسب ،بل هي توجد أيضا ً في جميللع المعللاملت الربويللة
الللتي يتعامللل بهللا أصللحاب التجللارة والصللناعة والحللرف
الخرى ،لن من الظاهر أن كللل تللاجر أو صللانع أو زارع ل
يؤدي الربا إلى المرابللي مللن جيبلله ،بللل يلقللي وزره علللى
أثمان بضللائعه ومنتجللاته وحاصلللت أرضله ويجمعله فلسلا ً
فلسا ً من جيوب عامللة الهللالي "اكتتابللا" منهللم لمسللاعدة
أصحاب المليين وعشرات المليين.
الحق أن أكللثر مللن يسللتحق المسللاعدة فللي هللذا النظللام
المنكس الغاشم هو أغنى من في البلد من أصحاب الثراء
والمللوال ،وأن أكللثر مللن يجللب عليلله أن يسللاعد هللذا
"المسكين" هو من ل يكسب بعللرق جللبينه ووصللله سللواد
ليله ببياض نهاره إلى ليرة أو بعض ليرة حيث الحرام عليه
أن يشتري بها رغيفا ً يمسللك بلله رمللق حيللاته وحيللاة أهللله
وأولده المتضورين جوعا ً قبل أن ُيخرج مللن هللذا الرغيللف
حق ذلللك "المسللكين" المتمللول الللذي يسللتحق المرحمللة
والمعونة أكثر من غيره)].([42
المبحث الرابع-:
من أضرار الربا في قروض الحكومات من الخارج
وهي القروض التي تأخذها الحكومللات مللن المرابيللن مللن
خارج بلدها)].([43
إن مثل هذه القروض تكون عامة لمبالغ عظيمللة قللد تبلللغ
أحيانللا ً آلف الملييللن… والحكومللات عامللة تأخللذ هللذه
القروض في أحوال تهجللم فيهللا علللى بلدهللا أزمللات غيللر
عادية ل تكاد تكفي وسائل البلد المالية لتقوم فللي وجههللا
وتكشف غمتها ،فتتجه إذن للستقراض من الخارج طمعللا ً
في ترقية وسائلها بمزيد من السللرعة إذا أنفقللت مقللدارا ً
عظيما ً من المال في مشاريعها وأعمالها النشائية ،ثللم إن
هذه القروض تؤخللذ عامللة بسللعر يللتراوح بيللن) (7-6و)-9
(%10سللنويًا ،أي أن الربللا عليهللا كللثيرا ً مللا يبلللغ مئات
المليين سنويًا…!!
إن المتمولين والمرابين في سوق المال الدولية يقرضون
مثل هذه الحكومللات أمللوالهم بتوسلليط حكومللاتهم بينهللم
وبينها ويرتهنون منها إحدى وسائل دخلها المهمة كالجمرك
654
أو التنبول أو السكر أو الملح ،ضمانا ً منهللا بوفللاء قروضللها
إليهم.
إن هذا النوع من القروض الربوية يحمل في نفسلله جميللع
المفاسد والسيئات والمضار التي سلف فيها القول آنفًا…
ولكن بالضافة إلى جميللع هللذه المفاسللد والمضللار يحمللل
هذا النوع في نفسه مفسدةً هي أشد خطرا ً وأكثر مضللرة
على النسانية من سائرها هي-:
" أن المم بجميع ما تشتمل عليه مللن الفللراد والطللوائف
تختل ميزانيتهللا وحالتهللا القتصللادية لجللل هللذا النللوع مللن
القروض"
مما يؤثر تأثيرا ً غير محمللود فللي الوضللع القتصللادي للللدنيا
كلهللا ،ويغللرس بللذور العللداوة والبغضللاء بيللن أمللم الرض
وشعوبها ،وليللس إل مللن فضللل هللذه القللروض أن شللباب
المم البائسة عندما تتكسر قلوبهم في آخر المر يبللدءون
بالقبللال علللى فلسللفات سياسللية واجتماعيللة واقتصللادية
متطرفة والبحث عن الحل لمصائبهم وكوارثهم ..بطريللق
ثورات دامية وحروب ضارية.
من الظاهر أن كللل حكومللة إذا لللم تكللن وسللائلها الماليللة
كافية في رفع مصائبها وقضاء حاجاتها ،فإن لهللا أن تللؤدي
كل سنة ربا مقداره عشرات ومئات المليين… مللع أدائهللا
قسطا ً من أقساط دينلله ،ول سلليما إذا كللان دائنهللا ارتهللن
منها وسيلة كبيرة من وسائلها المالية وضيق نطاق دخلهللا
عما كان عليه من قبل.
ة تستقرض مبلغا ً عظيما ً من المال بهللذا م إن حكوم ًومن ث َ ّ
الطريق ،قلمللا تللزول مصللائبها فللي معظللم الحيللان ،لنهللا
كثيرا ً ما تلتجئ لتصفية أقساط قروضها ورباها إلى فللرض
الضرائب الفادحة على رؤوس سكان بلدهللا والقلل مللن
نفقاتها ،مما يزيد من قلق الهالي ويسعر نللار اضللطرابهم
في جانب لنهم ل يستعيضون عما ينفقون من المال مللال ً
يعادله ،وفلي الجلانب الخلر يستعصلي عللى الحكوملة أن
تبقى مؤدية أقساط القروض والربا فللي الميعللاد علللى مللا
تكلف به الجمهور وفوق طاقتهم في أداء الضرائب.
655
ثللم إذا بللدأ التقصللير عللن البلء فللي أداء قروضللها ،بللدأ
قارضوها يرمونها بقلللة المانللة وأكللل مللال الغيللر بللالحرام
وبدأت جرائدهم … .بإيماء منهم ،تطعن فيها ،حللتى يللؤول
المر إلللى أن تتوسللط حكللومتهم بينهللم وبينهللا ول تقتصللر
على الضغط والرهاب السياسي عليها لمصلحة رأسللمالها
فقط ،بل تسللتغل مصللائبها ونكباتهللا لمصللالحها السياسللية
أيضًا ،فتحاول حكومة البلد المدينة النجاة من هذه الزمللة
بالزيادة من ضرائبها على سكان بلدها وتقللل مللن نفقاتهللا
ولكن ذلك يؤثر تأثيرا ً ل تحمد عواقبه فللي أهاليهللا ويحللدث
في طبيعتهم النزق والطيش لجل ما يتقبلللون فيلله بصللفة
دائمة من الوزار المالية والزمات القتصادية المتصللاعدة،
فيزيلللدهم طعلللن المقترضلللين فلللي الخلللارج وضلللغطهم
السياسي غضبا ً وزمجرة ،مما يفضي بهم أخيرا ً إلللى عللدم
الثقللة بالمللدبرين المعتللدلين فللي بلدهللم ويسللتعر فللي
صدورهم نار الغضب والحنق ويجعلهم يتبعون المتطرفيللن
الذين يتبرءون إلى الميدان يتحدون أصللحاب تلللك الللديون
يقولون) :أنزلونا عن مطالبكم واسللتردوا منللا أمللوالكم إن
كنتم على ذلك من القادرين(.
ل مللن ذوي وهنا يبلغ شر الربا وفتنتلله منتهاهللا ،فهللل لرج ل ٍ
الفهم والتعقل بعد كل هللذا ،أن يشللك فللي فداحللة شللرور
الربا ومفاسده وويلته على المجتمع النساني ،ويتردد في
العتراف بأن الربا سيئة يجب تحريمها بتاتًا؟.
ل بعد أن شللاهد مضللار الربللا ونتللائجه ،علللى مللا وهل لرج ٍ
بيناها آنفًا ،أن يرتاب في صدق قللول الرسللول صلللى الللله
عليه وآله وسلم-:
"الربا سبعون جزءا ً أيسرها أن ينكح الرجل أمه" )]. ([44
)] .([45والحمد لله رب العالمين .
)] ([1تفسير الرازي . 94 / 7 :
)] ([2سبق تخريجه .
)] ([3تفسير الرازي . 94 / 7 :بتصرف .
)] ([4تفسير المراغي . 58 / 3 :
)] ([5محاسن التأويل . 710 / 3 :
656
)] ([6انظللر مللا سللبق فللي الربللا وأثللره علللى المجتمللع
النساني . 120 – 118 :
)] ([7نقل ً من كتاب التدابير الواقية . 58 :
)] ([8التدابير الواقية من الربا . 85 – 84 :بتصرف يسير
.
)] ([9الربا خطره وسبيل الخلص منه . 33 :بتصرف .
)] ([10نفل ً عن التدابير الواقية من الربا . 87 :
)] ([11انظر هذا الثر في التدابير الواقية مللن الربللا 85 :
– . 87
)] ([12الربللا وأثللره علللى المجتمللع النسللاني – 123 :
. 124
)] ([13نقل ً من التدابير الواقية . 89 :
)] ([14إعلم الموقعين . 103 / 2 :وانظر هذا الثر في
التدابير الواقية . 89 – 87 :
)] ([15تفسير الرازي . 87 / 7 :
)] ([16انظر هذا الثر في التدابير الواقية . 84 – 82 :
)] ([17تفسير الرازي . 87 / 7 :
)] ([18الربا وأثره على المجتمع النساني . 121– 120 :
)] ([19السابق . 123 – 122 :
)] ([20تفسير المراغي . 59 – 58 / 3 :
)] ([21الربا وأثره على المجتمع النساني . 130– 129 :
)] ([22كتب هذا الكلم بتاريخ 1408هل .
)] ([23السابق . 128 – 124 :
)] ([24السابق . 129 – 128 :
)] ([25تحريم الربا تنظيم اقتصادي . 16 :
)] ([26الربا للمودودي . 59 – 58 :بتصرف .
)] ([27الربا وأثره على المجتمع النساني . 132 :
)] ([28هللذا المبحللث اعتمللدت فيلله علللى كتللاب الربللا
للمللودودي وقمللت بللترتيبه وتقسلليمه علللى النقللاط الللتي
سأذكرها .
)] ([29الربا للمودودي . 59 :
)]([30الربا للمودودي . 60 – 59 :
)] ([31السابق . 62 – 61 :
657
)] ([32السابق . 62 :
)] ([33السابق . 63 :بتصرف يسير .
)] ([34السابق . 64 – 63 :
)] ([35السابق . 66 – 64 :بتصرف .
)] ([36السابق . 66 :بتصرف .
)] ([37السابق . 67 – 66 :
)] ([38السابق . 68 :
)] ([39السابق . 69 – 68 :
)] ([40السابق . 70 – 69 :
)] ([41السابق . 70 :
)] ([42السابق . 71– 70 :
)] ([43السابق . 71 :
)] ([44سبق تخريجه .
)] ([45الربا للمودودي . 74 – 71 :مختصرا ً .
000000000000000
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين… والصلة والسلللم علللى أشللرف
النبياء والمرسلين وبعد…..
فإنه قد كان لهذا البحث فوائد بالنسبة لي ولعل مللن أهللم
النتائج التي توصلت لها هي ما يلي-:
.1أن السبب في تخلف المم والشللعوب هللو بعللدها عللن
الدين السلمي فهو مصدر عزة المم وسبب رقيها.
.2كمال الدين السلمي وأنه ل ينهى عن أمر إل لمللا فيلله
من المفسدة ول يأمر بفعل إل لما فيه من المصلحة.
.3أن الكتاب والسنة قد دل ً دللة قاطعة على تحريم الربا
وكذا جاء تحريمه في الجماع.
.4أن الربا من كبائر الذنوب وأنه مللن الموبقللات كمللا دل
على ذلك الكتاب والسنة.
.5أن للربا آثارا ً سيئة علللى المجتمعللات الللتي تتعامللل بله
منها ما يلي-:
qأن الربا ينبللت فللي النفللس النسللانية الجشللع والحللرص
والبخل.
qالشره والكسل غير المريح.
658
qالسراف وعدم الدخار.
qالضطراب النفسي المستمر.
qتخبط المرابي.
qالجبن والكسل.
qقسوة القلب.
qأنه من جملة موانع الدعاء.
qفقدان التآلف وحصول الكراهية والحقد والبغض.
qاختلل توزيع الثروة.
qتدمير الربا للمجتمعات.
qعدم استخدام المواهب في نهضة البلد.
qالتعامل به يؤدي إلى خلق طبقة مترفة ل تعمل.
qاستغلل حاجة المحتاجين.
qالربا يلغي معاني الفضيلة.
qانقطاع المعروف بين الناس من القرض.
qأنه وسيلة الستعمار.
.6أن الربا آفة من الفات القتصادية وهو سرطان الدول
ومن آثاره على القتصاد ما يلي-:
* الربا من أسباب غلء السعار.
* الربا من أسباب البطالة.
* التضخم.
* يسبب شقاوة المقترضين لحاجتهم الشخصية.
* منع الربا من الستثمار في المشروعات المفيدة.
* تعطيل الطاقات البشرية.
* تعطيل المال.
* الربا يشجع على المغامرة والسراف.
* الكساد والبطالة.
* توجيه القتصاد وجهة منحرفة.
* التسبب في الزمات الجائحة.
* إضعاف القوة الشللرائية عللن الطبقللة الفقيللرة والعمللال
مما يعرقل ترقية التجارة والصناعة.
* وضع مال المسلمين بين أيدي خصوم السلم.
* تركيز المال في موضع واحد وتعذر وسائل النتاج.
* عدم الستفادة من الموال إل وفق مصلحة المرابي.
659
* اتجاه رأس المال إلللى أعمللال ل تحتللاج إليهللا المصلللحة
العامة.
* إرغام أصللحاب الصللناعة والحللرف علللى سلللوك طريللق
ضيق النظر وعلى عدم الجرأة في أعمالهم.
* إفلس أكللثر المللدينين أو إتيللانهم بحيللل غيللر مشللروعة
مخلة بالنظام القتصادي في البلد.
* إصابة الحكومات بأزمات مالية شديدة.
* عللدم إنفللاق الحكومللة المللوال فللي مشللاريع مفيللدة إذا
كانت نسبة ربحها أقل من الربا المفروض عليها.
* فروض الضرائب والمكوس على أهالي البلد.
* جريان الموال من الفقراء إلى الغنياء.
* اختلل ميزانية المم والشعوب والحالة القتصادية.
.7أن الرقللي والتقللدم الللذي يزعملله أعللداء السلللم فللي
بلدهم إنما هو فللي الحقيقللة انحطللاط بمسللتوى البشللرية
إلى أنزل الدركات في العيللش وسلللب النسللان فطريللاته
التي يحفظها له السلم.
إلى غير ذلك من الفوائد والنتائج العديدة.
هذا واسأل الله العظيم أن ينفعني بهذا البحث وأن يجعللله
خالصا ً لوجهه الكريم وصلى الله وسلللم علللى نبينللا محمللد
وآله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين….
كتبه /فهد بن مبارك الحربي
===============
#الربا والفساد القتصادي )(281-275
ْ
هخب ّط ُل ُ ذي ي َت َ َ م ال ّل ِ ما ي َُقللو ُ ن ا ِل ّ ك َ َ مو َ ن الّرَبا ل َ ي َُقو ُ ن ي َأك ُُلو َ ذي َ ال ّ ِ
ل الّرب َللا مث ْل ُ ما ال ْب َي ْلعُ ِ م َقاُلوا ْ إ ِن ّ َ ك ب ِا َن ّهُ ْ س ذ َل ِ َ م ّ ن ال ْ َ م َ ن ِ طا ُ شي ْ َ ال ّ
عظ َل ٌ َ
ه
مللن َرب ّل ِ ة ِ مو ْ ِ جللآَءهُ َ مللن َ م الّرَبا فَ َ حّر َ ه ال ْب َي ْعَ وَ َ ل الل ّ ُ ح ّ وَأ َ
ن عَللاد َ َفلُاولئ ِ َ َفانتهى فَل َه ما سلل َ َ َ
ك مل ْ ملُرهُ إ َِللى الّللهِ وَ َ ف وَأ ْ ُ َ َ ََْ
َ
ه الّرب َللا وَي ُْرب ِللي ح لقُ الل ّل ُ م َ ن * يَ ْ دو َ خال ِ ُ م ِفيَها َ ب الّنارِ هُ ْ حا ُ ص َ أ ْ
َ
وا من ُل ْ
ن َءا َ ذي َ ن ال ّل ِ ل ك َّفللارٍ أِثيلم ٍ * إ ِ ّ ب كُ ّ ح ّ ه ل َ يُ ِ ت َوالل ّ ُ صد ََقا ِ ال ّ
َ َ
م جُرهُل ْ مأ ْ كاةَ ل َهُ ْ صلةَ َوات َوُا ْ الّز َ موا ْ ال ّ ت وَأَقا ُ حا ِ صال ِ َمُلوا ْ ال ّ وَعَ ِ
َ
ن ذي َ ن * َيآ أي َّهللا اّللل ِ حَزُنو َ م يَ ْ م وَل َ هُ ْ ف عَل َي ْهِ ْ خو ْ ٌ م وَل َ َ عند َ َرب ّهِ ْ ِ
ن* مِني َ مؤ ْ ِ ن الّرَبآ ِإن ك ُن ُْتم ُ م َي ِ ما ب َِق َ ه وَذ َُروا ْ َ مُنوا ات ُّقوا ْ الل ّ َ َءا َ
660
ْ
مسللول ِهِ وَِإن ت ُب ْت ُل ْ ن الل ّلهِ وََر ُ مل َ ب ِ ح لْر ٍ م ت َْفعَُلوا ْ فَأذ َُنوا ْ ب ِ َ فِإن ل َ ْ
َ
ن * وِإن ك َللا َ
ن مللو َن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ مو َ م ل َ ت َظ ْل ِ ُ وال ِك ُ ْ م َسأ ْم ُرؤو ُ فَل َك ُ ْ
َ
م ِإن خي ْلٌر ل َك ُل ْ ص لد ُّقوا ْ َ س لَرةٍ وَأن ت َ َ مي ْ َ سَرةٍ فَن َظ َِرةٌ ِإلى َ ذو عُ ْ ُ
م ت ُلوَّفى ن ِفيهِ إ َِلى الل ّهِ ث ُ ّ جُعو َ ما ً ت ُْر َن * َوات ُّقوا ْ ي َوْ َ مو َم ت َعْل َ ُ ك ُن ْت ُ ْ
ن )البقرة(281-275/ مو َ م ل َ ي ُظ ْل َ ُ ت وَهُ ْ سب َ ْ ما ك َ َس َل ن َْف ٍ كُ ّ
(rule1.jpg (1308 bytes
الربا و الفساد القتصادي
هدى من اليات :
من الناس مللن ينفللق فللي سللبيل الللله علللى الضللعفاء ،و
منهم من يعكس تمامللا فيسللتغل الضللعفاء ،و يبنللي كيللانه
القتصللادي علللى انقللاض ثرواتهللم المحللدودة ،هللؤلء هللم
المرابون الذين يتحللدث عنهللم القللرآن هنللا ،لنهللم الللوجه
المتناقض مع المنفقين الذين تحدث عنهم الدرس السابق
.
و الية الولى تحدثت عن النتائج المرة للخلط بين الللبيع و
الربا ،و بينت الية الثانية الفرق بيللن المنفللق فللي سللبيل
الله و المرابي ،فالول يضاعف له الله و الثاني يمحقه .
و بعللد ان وجلله القللرآن النظللار الللى الصلللة والزكللاة
باعتبارهما وسيلتي خلص للمللؤمن مللن ضللغط الشللهوات
ومنها شهوة الثراء السريع بالربا ،بعدئذ وجله نلداءا آخلرا
للمؤمنين بترك الربا والكتفللاء فقللط بللرأس المللال ،ولللم
يكتف القرآن بذلك .بل امر في اليللة التاليللة بللأن يعطللي
مهلة كافية لمن ل يستطيع تسديد ديونه ،اما الية الخيرة
فقللد ذكرتنللا بللالتقوى ،تلللك الصللفة النفسللية الللتي يكللون
تجنب الربا واحدا من مظاهرها .
بينات من اليات :
آثار الربا :
] [275التجللارة تزيللد العقللل ،لنهللا تحمللل بيللن طياتهللا
مخاطر الخسلارة ،فيفكلر صلاحب التجلارة بكلل اسللوب
ينجح تجارته و يجنبها الخسارة ،و بالتفكر المسللتمر ينمللو
العقل اما لو اطمأن النسان الى مصدر ثللابت مللن الربللح
يأتيه بل تعب فلماذا يفكر ؟!
661
انه يعطل عقله لنه ل يحتاج اليه شيئا فشيئا يضمر العقللل
حتى ينتهي ،و الربا هو ذلك المصدر الثابت الللذي ينتظللره
كل الكسالى حيللث يللأملون ان تكللون لللديهم ثللروة معينللة
يقرضونها للفقراء مقابل جزء مللن جهللدهم ،سللواء خسللر
اولئك الكادحون ام ربحوا ،و بذلك فان اخطر اضرار الربا
هو تشجيعه على تكوين طبقة من المللترفين و المعتللوهين
في المجتمع .
] الذين يأكلون الربا ل يقومون ال كما يقوم الذي يتخبطلله
الشيطان من المس [
ل يجهدون انفسهم انما يقومون و يتحركون لمجللرد اللهللو
حيث يخالطهم خبل من الشيطان .
ان هذا الخبل نتيجة طبيعية لختيارهم السيء منذ البداية ،
حيللث انهللم اختللاروا الربللا ،و خلطللوا بينلله وبيللن الللبيع ،
فخالطهم الخبل واصبحوا معتوهين طبيعيا ،لخلطهم .
الباطل بين البيع و الربا .
] ذلك بأنهم قالوا انما البيع مثل الربا [
و زعموا انلله كمللا يجللوز التعامللل بللالبيع و الكتسللاب بلله ،
كللذلك يجللوز الكتسللاب بالربللا ،فللالبيع عنللدهم هللو الربللا
بالضبط ،ولكن بصورة اخرى :انت في البيع تعطي سلعة
وتأخذ ثمنا ،وهنا تعطي قرضا و تأخذ ايجاره .كل ..
] و احل الله البيع وحرم الربا [
بالطبع ليس عبثا انمللا الهللدف محللدد هللو :منللافع الللبيع و
اضرار الربا .
] فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف و امللره
الى الله [
له ما سلف ملن رأس املواله ،وهلو مرجلو لملر اللله ان
يشأ يعذبه او يتوب عليه .
] ومن عاد فأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون [
] [276و الربللا يسللبب تكللوين طبقللة مللن المللترهلين و
العاطلين عللن العمللل المنتللج ،فيللؤخر اقتصلاد المجتملع ،
وهو في ذات الوقت يمتص جهللود الفقللراء ،ول يشللجعهم
على العمل الجاد ،بينما النفاق في سبيل الله ،و اعطللاء
الفقراء صدقات لرفللع عللوزهم ،و تهيئة رٍأس مللال لهللم ،
662
سوف يسبب في تدوير الثروة ،و تحريك عجلللة القتصللاد
و تشجيع العاطلين على العمللل مللن هنللا تقللع الصللدقات ،
في مواجهة الربا تماما .
] يمحق الله الربا و يربي الصدقات [
و الصدقات دليل علللى ايمللان المنفقيللن وشللكرهم لنعملله
الثروة ،بينما الربا دليل كفر المرابيللن الحقيقللي ! بللالله ،
بالرغم من تظاهرهم باليمان كما انه عمل اجرامي
و اثيم .
] و الله ل يحب كل كفار اثيم [
و ربما جاءت كلمة الكفار بصيغة المبالغة للدللة علللى ان
المرابي يكفر مرتين ،مرة حين ل يدفع للفقراء الصدقة ،
و مرة حين يمتص جهود الفقراء بالربا .
ما هو العلج ؟
] [277كيف نتخلص من الربا ؟ ان القلب البشري يهوى
الثروة ،ومن الصعب التخلص من هذا الهوى ؟
يقللول القللرآن الحكيللم :ان طريقللة الخلص مللن شللهوة
الثروة هي اليمان بالله ،و العمل الصللالح ،و الصلللة ،و
الزكاة .
] ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات و أقاموا الصلة و آتللوا
الزكللاة لهللم اجرهللم عنللد ربهللم ول خللوف عليهللم ول هللم
يحزنون [
] [278ان تنميللة التقللوى فللي النفللس هللي مسللؤولية
المسلم نفسه ،فعليلله ال ينتظللر شلليئا يربيلله ،او شخصللا
يعظه ،بل ليكن واعللظ نفسلله و مربيهللا ،و ليتخلللص مللن
السلبيات وفي طليعتها الربا .
] يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و ذروا ما بقي مللن الربللا ان
كنتم مؤمنين [
فاذا كانت بينكللم وبيللن النللاس ربللا ،فارضللوا منهللم فقللط
برأسمالكم ،و اعفوهم عن الربا .
] [279اذا لو لم تتقوا الله ،فان الله يعلن عليكللم حربللا
تتمثل في تخلللف إقتصللادكم ،واشللاعة الخلف بينكللم ،و
تسلط العدو عليكم ،و نزول الكللوارث الطبيعيللة بكللم .و
غيرها .
663
] فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الللله ورسللوله وان تبتللم
فلكم رؤوس اموالكم ل تظلمون ول تظلمون [
] [280يمكنكم استعادة رؤوس اموالكم الللتي دفعتموهللا
للمقترضللين دون اخللذ الربللا منهللم ،و لكللن ل يجللوز لكللم
الضغط عليهم .
] وان كان ذو عسرة [
الذي استدان منكم .
] فنظرة الى ميسرة [
فلبد من اعطاء مهلة حتى يقدر علللى الوفللاء ،و الفضللل
من اعطاء المهلة هو التغاضي رأسا عن الدين ،و اعتباره
صدقة .
] وان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون [
] [281صحيح ان من الصعب عليكم ذلك ،ولكللن يجللب
على النسان ان يتجاوز الللدنيا فللي سللبيل الحصللول علللى
الخرة ،فغدا ل تنقللذ النسللان مللن عللذاب الللله ثروتلله او
شهرته .
] و اتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس مللا
كسبت وهم ل يظلمون [
===============
#شبهات وردود حول الربا
بسبب تأثير ثقافللة المللترفين فللي الشللعوب المستضللعفة،
وبسبب ضغط المستكبرين على مراكز القرار فللي الللدول
النامية وبالذات على بعض المراكز العلمية والدينية ،فقد
ل مللا ال ْب َْيللعُ ِ
مْثلل ُ راجللت ثقافللة المرابيللن الللذين قللالوا) :إ ِن ّ َ
الّرب َللا) وقللد تحللدث الللدكتور الزحيلللي عللن تللأثيرات هللذه
الثقافة على بعض المراكز الدينية ومع السف فقال :ومن
هللذه الهجمللة )ضللد حرمللة الربللا( مللا كتبلله السلليد فهمللي
هويللدي فللي مجلللة العربللي العللدد /341/أبريللل ،نيسللان
1987م شعبان 1407هل ناقل ً عللن بعللض العلمللاء القللول
في إباحة فوائد اليداع في البنللوك ،وعللدم العتمللاد علللى
مبدء "كل قرض جّر نفعا ً فهو ربا" لعدم ثبوت كونه حديثًا،
وبالتالي عدم جواز الستدلل به .ومنها فتوى هللذا العللالم،
وهو الدكتور عبد المنعم النمر بإباحة فوائد المصارف فللي
664
جريدة الهرام )القاهريللة( يللوم الخميللس 27مللن شللوال
1409هل الموافق 1/6/1989م ،ومنها فتوى مفتي مصللر
الدكتور محمد سلليد طنطللاوي بإباحللة شللهادات السللتثمار
بتاريخ 7/5/1410هل 7/12/1989م.
والطامة الكبرى بيان مفتي مصر المذكور قبل ربيللع سللنة
1410هل وقبل نوفمبر )تشرين الثاني( 1989الذي أحللل
فيللله الفلللوائد الربويلللة لشلللهادات السلللتثمار والبنلللوك
المتخصصة ،وأعقبه عام 1991بأن فوائد المصارف حلل
في جميع أنحاء الرض(1) .
هكذا تسللربت ثقافللة الربللا حللتى إلللى المنللاطق المحرمللة
عليها؛ أي إلى حيث ينبغي أن يبدء الحرب منه ضده .ولكن
ما هي الدلة التي يعتمدها مثل هذا الفريق من الناس؟
/1يقولللون إن الللله إنمللا حللّرم الربللا أضللعافا ً مضللاعفة،
والفوائد التي تؤخذ دون ذلك بكثير ..والجواب:
ل :كل الربا يتسبب في تكدس الثروة عند طبقللة معينللة أو ً
وتتضاعف لديهم.
ثانيًا :الدلة الشرعية على تحريم الربا ل تختص بالية التي
نهت عن أكله أضعافا ً مضاعفة (2) .إذ هنللاك آيللات أخللرى
تحرمه مطلقًا ،وتصرح بأن الذي يرجع من الللدين إنمللا هللو
م م فَل َ ُ
كل ْ رأسلمال الماللك ،حيلث يقلول سلبحانه) :وَِإن ت ُب ُْتل ْ
َ
ن) )البقرة(279/ مو َن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ
مو َم ل َ ت َظ ْل ِ ُ
وال ِك ُ ْ
م َ
سأ ُْرؤو ُ
وهذه الية تدل علللى أن الربللا ظلللم وهللو كللذلك؛ والظلللم
قبيح وحرام ،كثيره وقليله.
/2ويقولون ما الفرق بين أن يؤجر المالللك داره لحللد ،أو
يللؤجره قللدرا ً مللن المللال يسللتطيع بلله تللأجير دار لنفسلله،
فالثروة هنا وهناك ذات قيمة ،سواًء كانت متمثلة فللي دار
أو في ثمنها؟ وهكذا يقولون ) (3إن الربا المحللرم هللو ربللا
القللروض السللتهلكية -أي الللتي يقترضللها ذوو الحاجللة
الملحة ويؤدونها أضعافا ً مضللاعفة ،أمللا القللروض النتاجيللة
الللتي يقترضللها الموسللرون للتشللغيل فللي مشللروعات
إنتاجيللة -صللناعية أو تجاريللة أو زراعيللة تللدر عليهللم ربح لا ً
وفيرًا ،فليسللت الفللائدة المللؤداة ربللا محرملا ً لعللدم تللوافر
معنى إستغلل حاجة المحتاج(1) .
665
والجواب عن ذلك:
ل :إن الحكام الشرعية ل تعتمد علللى الحللالت الخاصللة أو ً
والمضطربة؛ ولن أضرار الربللا كللثيرة ،فللان الشللريعة لللم
تحرمه فقط ،بل وحرمت كل البواب التي تفضي إليه..
والربا كما الزنا ،وأخطر منه ،إذا سمح له المجللال إكتسللح
الساحة .أل ترى كيف حّرم الدين الحنيللف التللبرج والنظللر
ن عشللرات الى النساء ،وأوجب الحجللاب والسللتيذان وسل ّ
الحكام التي تساهم في منع إنتشار الزنا وزعزعة الكيللان
السري؟
ثانيًا :ليس الرأسمال كل شيء في الستثمار ،وإنما عمللل
النسلللان والتوفيلللق يلعبلللان دورا ً أساسللليا ً فيللله .ونعنلللي
بالتوفيق؛ الظروف المساعدة التي ل يستطيع حتى أفضل
الخبراء معرفتها مسبقا ً والتنبؤ بهللا ،فكيللف بعامللة النللاس.
فللأنت تقللترض مثل ً عشللرة آلف دولر بفللائدة ثابتللة لكللي
تستثمره في إستصلح أرض وزراعتها ،وتجتهد نفسك فللي
هذا السبيل .فهل تضمن أن يكون الموسم موسما ً زراعيا ً
ل؛ فإذا منعت السللماء قطرهللا وتحطمللت آمالللك حسنًا؟ ك ّ
فإنك لست فقللط مللديون بعشللرة آلف دولر ،بللل وأيض لا ً
بفائدتها .حسنا ً أنت والذي أقرضك تعيشان في بلد واحللد،
والجفاف يضرب هذا البلد وأنت عملللت وهللو قللد أعطللاك
ثروته ،فلمللاذا تتحمللل أنلت دونلله ضلرر الجفللاف ،أملا هلو
فيبقى يجني الثروة ويضاعفها دونك؟
من هنا عجللزت المللدارس القتصللادية فللي تللبرير الفللوائد
الثابتة ،واختلفت النظمة في العالم في تحديدها..
وأقوى تبرير قدمه البعض للربا ما يللذكره الكللاتب الشللهير
أبللو العلللى المللودودي فللي كتللابه الربللا ،حيللث يقللول :إن
تحريللم الربللا شلليء يتعلللق بللالعواطف أكللثر ممللا يتعلللق
ل ،وأن ليس إقراض بالحقيقة ،بل ل علقة له بالحقيقة أص ً
أحد غيره شيئا ً من المال دونما شيء من الربا إل ّ سللماحة
خلقية قد شط الللدين وجللاوز حللد الفطللرة ،إذ طللالب بهللا
الناس بمثل هذه الشدة والتأكيد .وإن الربا شلليء معقللول
من الناحية المنطقية ،وأمر نافع ل مندوحة عنه للنسللانية،
وإنه ل يقبل أي إعتراض من الناحية القتصادية(1) .
666
هذه خلصة التبرير الذي يقدمه النظام القتصللادي القللائم
على أساس الربا اليوم ،ولنا عليه ملحظات شتى:
ل :ل يمكللن فصللل القتصللاد عللن سللائر شللؤون البشللر، أو ً
حيث إن النسان كل ل يتجزأ ،ونظرتنا الللى النسللان تللؤثر
في نظرتنا الى القتصاد..
وأهللم ميللزة للنسللان حيللاته الجتماعيللة ،وإنمللا قللامت
الحضللارات الشللامخة فللي تللاريخه علللى قاعللدة القيللم
الجتماعية ،فإذا نزعناها فإن أسس بقاء النسان فوق هذا
الكوكب يتزعزع ،بل وينهار .واليوم مع تقدم العلللم وتنللوع
وسائل الفتك الجمللاعي وازديللاد وسللائل القهللر والبللتزاز،
تزداد الحاجة إلى الخلق الكريم .والحسان صللفة إنسللانية
ل يمكن بقاء البشر من دونه.
والحسان يبدء من إهتمام الوالدين بالطفل ،وينتهللي الللى
إحساس كل فللرد بضللرورة مسللاعدة المحتللاج .وإذا كنللت
تملك فائض الثروة )ويسمى بالعفو في لغة القرآن( وكان
غيرك يحتاجهلا ،فملن واجبلك النسلاني أن تعطيله؛ سلواءً
إنفاقا ً أو قرضًا.
ومن العجب إن الللدول الرأسللمالية تفللرض علللى رعاياهللا
مبللالغ طائلللة مللن الضللرائب ،وهللي ل تعللترف بللواجب
الحسان.
ثانيًا :في مجتمع يحلرم الربللا تبقللى ثلروات عائمللة كلثيرة،
فإمللا تجللد طريقهللا الللى التجللارة أو المضللاربة ،أو تخللتزن
لحين الحاجلة .فملا أجملهلا أن نقضلي بهلا حاجلة الفقلراء
والمنكوبين ،لماذا ل؟ وهم نعم الحفظة للللثروة ،أوَ ليسللوا
أفضل من صناديق الحديد؟
قد يقال إذا ً نخاطر بها عندهم ،إذ قد تللذهب أدراج الريللاح.
نقول :بلى؛ ولكنها ل تذهب عند الللله الللذي قللال سللبحانه:
صلد ََقات) .والنسللان إذا دفللع
حللق الللله الّربللا وَي َْربللي ال ّ
م َ)ي َ ْ
لخيه قرضا ً ثلم للم يسلتطع الوفلاء بله ،يمكنله أن يعتلبره
زكاة مللاله .أوَ ليللس الللواجب عليلله دفللع شلليء مللن مللاله
زكاة؟
ثم يمكن للمقرض أن يستوثق من المدين قبل دفع الللدين
له بالرهن أو الضامن أو أي نظام آخر.
667
ثالثًا :لقد إسللتمرت الحضللارة السلللمية قرون لا ً متطاولللة،
وقد إتسعت رقعة نفوذها حتى شللملت شلعوبا ً كللثيرة فللي
أربعة قارات ،وكان اقتصللادها خالي لا ً مللن الربللا ،بللل وممللا
يللؤدي الللى الربللا مللن الللذارئع المختلفللة ،وكللان اقتصللادا ً
ل على أن الربا لم يكن ضللرورة فللي البنيللة مزدهرا ً مما د ّ
القتصادية.
رابعًا :لقد سبق الحديث أن الربا يوقللف حركللة النمللو فللي
المجتمللع ،لنلله يكللرس الطبقيللة ،ولن الفقللراء يللزدادون
بسببه فقرًا ،ولذلك فهم يفقدون القوة الشرائية ،وبالتللالي
ل يساهمون في النمو القتصادي .بينما القرض يسبب في
تنشيط الدورة القتصادية في البلد ،ويزداد الفقراء غنللى،
ول يبخس الغنياء حقهم.
وكلمة أخيرة؛ الحديث عن الربا ودوره السلللبي ،والقللرض
صل ونكتفللي فللي هللذه الحسن ودوره اليجابي ،حديث مف ّ
الدراسة بمللا أسلللفنا ،عسللى الللله أن يوفقنللا للمزيللد مللن
البحث في مناسبات أخرى ،والله المستعان.
=================
#العجاز في تحريم الربا
مقدمة:
كل دارس للشريعة السلمية وفقهها ،يعلللم علللم اليقيللن:
أن هنلللاك دائرتيلللن متملللايزتين ،لكلللل منهملللا خصائصلللها
وأحكامها.
الولللى :دائرة مفتوحللة وقابلللة لتعللدد الفهللام ،وتجللدد
الجتهادات ،ومن شللأنها أن تختلللف فيهللا القللوال ،وتتنللوع
المذاهب .وهذه الدائرة تشللمل معظللم نصللوص الشللريعة
وأحكامها ,فهي دائرة مرنة منفتحة .وهذا مللن رحمللة الللله
بعبللاده ،لتتسللع شللريعته للعقللول المتباينللة ،والمشللارب
المختلفلللة ،والوجهلللات المتعلللددة .ول غلللرو أن وسلللعت
الظاهري والثري وصاحب الرأي.
الثانيللة :دائرة مغلقللة ،ل تقبللل التعللدد ول الختلف ،لنهللا
تقوم على نصوص قطعيللة الثبللوت والدللللة ،ل تحتمللل إل
وجهللا ً واحللدًا ،ومعنللى واحللدًا ،لنهللا تجسللد وحللدة المللة
الفكرية والشعورية والعملية ،ولولهللا لنفللرط عقللد المللة
668
وتحولت إلللى أمللم شللتى ،ل تربطهللا رابطللة عمليللة ,وقللد
حافظت المة طوال العصللور الماضللية علللى أحكللام هللذه
الدائرة ،وانعقد الجماع عليها علما ً وعم ً
ل.
والمؤامرة اليوم تتجلله إلللى هللذه الللدائرة ،تريللد اختراقهللا
وإذابتها ،لتتمزق المة وتنحل ،ول يبقللى لهللا شلليء تجتمللع
عليلله ,وهللذا سللر مللا نللراه مللن تشللكيك فللي البللديهيات
واليقينيللات ومللا علللم مللن الللدين بالضللرورة ،مللن مثللل
التشكيك في تحريم الخمر ،أو تحريم الربا.
وربمللا يمكللن أن يفهللم هللذا حيللن يصللدر مللن العلمللانيين
واللدينييللن والشلليوعيين وأمثللالهم .أمللا الللذي ل يفهللم ول
يعقل فهو أن يحطب في هللذا الحبللل بعللض مللن يتحللدثون
باسم الدين ،ويروجوا بغبائهم بضاعة أعداء الدين؛ لن من
أعظم الفتن الفكرية ،ومن أخبث المؤامرات علللى العقللل
السلللمي المعاصللر ،تلللك المحللاولت الجللريئة لتحويللل
المحكمللات إلللى متشللابهات ،والقطعيللات إلللى محتملت،
قابلللة للقيللل والقللال ،والنقللاش والجللدال ،مللع أن هللذه
المحكمات والقطعيات هي التي تمثل )ثوابت المة( الللتي
انعقللد عليهللا الجمللاع المسللتيقن ،واسللتقر عليهللا الفقلله
والعمل ،وتوارثتها الجيال جيل ً إثللر جيللل) .(1ولكللن الللذي
يطمئننا ،هو :وضوح الحللق ،بنصللاعة أدلتلله ،وقللوة رجللاله،
ووهن الباطل ،وتهللافت منطقلله ،وتنللاقض أصللحابه ،وكمللا
لقيل :الحق أبلج ،والباطل لجلج ،وكما قال تعللالى ? :وَُقلل ْ
هوقًا?]السللراء: ن َز ُكا َ ن ال َْباط ِ َ
ل َ ل إِ ّحقّ وََزهَقَ ال َْباط ِ ُ جاء ال ْ َ َ
َ َ
س
مللا َينَف لعُ الن ّللا َ مللا َجَفللاء وَأ ّ
ب ُ مللا الّزب َلد ُ فَي َلذ ْهَ ُ
? ،[81فَأ ّ
َ مك ُل ُ
ض? ]الرعللد ,[17:الن حصللحص الحللق، ث فِللي الْر ِ فَي َ ْ
وتبين الرشد من الغي ،فليختر كل امرئ لنفسلله الطريللق
الذي يريد .ولعل ما يسمى العجاز اليللوم نللوع مللن أنللواع
الحفظ لهذه الثوابت حيللث يثبللت العجللاز قطعيللة الثبللوت
والدللة للنصوص مللن خلل تجللانس الفكللرة والمضللمون،
واتحاد الهدف والغاية.
تعريف الربا لغة:
َ
ذا أن َْزل ْن َللا
الربا في اللغة :هو الزيادة .قال الللله تعللالى? :فَلإ ِ َ
َ
ن ت?]الحللج ,[5:وقللال تعللالى? :أ ْ ت وََرب َل ْ عَل َي َْها ال ْ َ
مللاَء اهْت َلّز ْ
669
ة? ]النحل ،[92:أي أكللثر عللددا ً ة هي أ َربى م ُ كو ُ
م ٍنأ ّ ِ ْ م ٌ ِ َ ْ َ نأ ّ تَ ُ َ
يقللال” :أربللى فلن علللى فلن ،إذا زاد عليلله“) (2وأصللل
الربا الزيادة ،إما في نفس الشيء وإما في مقابله كدرهم
بدرهمين ،يقال :ربا الشيء إذا زاد ,ومللن ذلللك قللول الللله
ه لَ ت َوالّللل ُ ه ال ّْرَبا وَي ُْرِبي ال ّ
صد ََقا ِ حقُ الل ّ ُ م َتبارك وتعالى? :ي َ ْ
َ
م? ]البقرة . [276 :وأربى الرجل :عامل ل ك َّفارٍ أِثي ٍ ب كُ ّ ح ّيُ ِ
بالربا أو دخل فيه ويطلق الربا على كل بيع محللرم أيضلا ً )
.(3
تعريف الربا في الشرع:
الربا في الشرع :هو الزيللادة فللي أشللياء مخصوصللة .وهللو
يطلق على شيئين :يطلق على ربا الفضللل وربللا النسلليئة)
.(4
والربا في اصطلح الفقهاء له عدة معان منها:
ل عن عللوض بمعيللار شللرعي عرفه الحنفية بأنه :فضل خا ٍ
مشروط لحد المتعاقدين في المعاوضة). (5
وعرفه الشافعية بللأنه :عقللد علللى عللوض مخصللوص غيللر
معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقللد أو مللع تللأخير
في البدلين أو أحدهما).(6
وعرفه الحنابلة بأنه :تفاضل في أشياء ,ونسء في أشللياء,
مختللص بأشللياء ،ورد الشللرع بتحريمهللا– أي تحريللم الربللا
فيها -نصا ً في البعض ,وقياسا ً في الباقي منها).(7
وأما المالكية فقد عرفوا كل نوع من أنواع الربا على حدة
وسأقتصر على ما تقدم لليجاز.
النصوص الواردة في تحريم الربا:
الربا محرم بالكتاب والسللنة والجمللاع ,وهللو مللن الكبللائر,
ومن السبع الموبقللات ,ولللم يللؤذن الللله تعللالى فللي كتللابه
عاصيا ً بالحرب سوى آكل الربا ,ومن اسللتحله فقللد كفللر -
لنكاره معلوما ً من الدين بالضرورة -فيستتاب ,فللإن تللاب
وإل قتل ,أما من تعامل بالربا من غير أن يكون مستحل ً له
فهو فاسق.
ودليل التحريم مللن الكتللاب قللول الللله تبللارك وتعللالى ? :
َ
م الّرَبلا?]البقلرة ,[275:وقلوله علز ه ال ْب َْيلعَ وَ َ
حلّر َ ل الّلل ُح ّوَأ َ
670
ْ
ذي م ال ّل ِ ن إ ِل ّ ك َ َ
مللا ي َُقللو ُ مللو َ ن الّرَبا ل َ ي َُقو ُ ن ي َأك ُُلو َ ذي َ وجل? :ال ّ ِ
مس ] ?...البقرة.[275: ن ال ْ َ
م َن ِ طا ُشي ْ َ ه ال ّ خب ّط ُ ُ
ي َت َ َ
ودليل تحريم الربا من السنة أحاديث كللثيرة منهللا :مللا ورد
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلللى الللله عليلله
وسلم قال» :اجتنبوا السبع الموبقات قالوا :يا رسول الللله
وما هن ؟ قال :الشرك بالله ,والسحر ,وقتل النفس الللتي
حرم الله إل بالحق ,وأكل الربا ,وأكل مال اليتيم ,والتللولي
يوم الزحف ,وقذف المحصنات الغافلت المؤمنات«).(8
وما رواه مسلم عن جابر بن عبللد الللله رضللي الللله تعللالى
عنهما قال» :لعن رسول الله صلى الله عليله وسللم آكلل
الربللا ومللوكله وكللاتبه وشللاهديه«) ,(9وقللال :هللم سللواء.
وأجمعت المة على أصل تحريللم الربللا .وإن اختلفللوا فللي
تفصيل مسائله وتبيين أحكامه وتفسير شرائطه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صّلى الله عليلله
وسّلم قال» :ليأتين على الناس زمان ل يبللالي المللرء بمللا
ن الحرام«) ،(10وأخللبر النللبي م َ من الحلل أم ِ أخذ المال أ ِ
صّلى الله عليه وسّلم بهذا تحذيرا ً من فتنة المال ،فهو من
بعض دلئل نبوته صّلى الله عليه وس لّلم بللالمور الللتي لللم
م من جهة الّتسللوية بيللن المريللن تكن في زمنه ،ووجه الذ ّ ّ
وإل فأخذ المال مللن الحلل ليللس مللذموما ً مللن حيللث هللو
والله أعلم).(11
وعن سمرة بن جندب رضللي الللله عنلله قللال :قللال النللبي
صللّلى الللله عليلله وسللّلم» :رأيللت الليلللة رجليللن أتيللاني
فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا علللى نهللر
من دم فيه رجل قائم ،وعلى وسط النهر رجللل بيللن يللديه
حجارة ،فأقبل الرجل الذي فللي النهللر فللإذا أراد أن يخللرج
رمى الرجل بحجر في فيه فَُرد ّ حيث كان فجعل كلما جللاء
ليخرج رمى في فيه بحجللر فيرجللع كمللا كللان ،فقلللت :مللا
هذا؟ فقال :الذي رأيته في النهر آكل الربا«).(12
وقد ذكر الله تعالى لكل الربا خمسا ً من العقوبات:
ن إ ِل ّ ك َ َ
مللا مللو َ إحداها :التخبط . .قال الللله تعللالى ? :ل َ ي َُقو ُ
مس? ن ال ْ َم َ
ن ِ شي ْ َ
طا ُ ه ال ّخب ّط ُ ُذي ي َت َ َ م ال ّ ِي َُقو ُ
671
ه ال ّْرب َللا? والمللراد حقُ الل ّ ُ م َ الثانية :المحق . .قال تعالى? :ي َ ْ
الهلك والستئصال ,وقيل :ذهاب البركة والستمتاع حتى
ل ينتفع به ,ول ولده بعده.
ْ
ن الل ّ ِ
ه م َ ب ّ حْر ٍ الثالثة :الحرب . .قال الله تعالى ? :فَأذ َُنوا ْ ب ِ َ
سوِله? ]البقرة . [279 : وََر ُ
ن مل َ ي ِ الرابعة :الكفر . .قال الللله تعللالى ? :وَذ َُروا ْ َ
مللا ب َِق ل َ
ن? ]البقرة [278 :وقال سبحانه بعللد مِني َ مؤ ْ ِكنُتم ّ الّرَبا ِإن ُ
ل ك َّفار أ َ
م? ]البقللرة [276 : ٍ ثيلل
ِ ٍ ب كُ ّ ح ّ ه ل َ يُ ِ ذكر الرباَ? :والل ّ ُ
أي :كفار باستحلل الربا ,أثيم فاجر بأكل الربا.
ك ُ
عاد َ َفللأوْل َئ ِ َ ن َ م ْالخامسة :الخلود في النار قال تعالى ? :وَ َ
ن? ]البقرة ,[275 :وكللذلك - أَ
دو َ خال ِ ُم ِفيَها َ ب الّنارِ هُ ْ حا ُ ص َْ
ضَعافا ً َ ْ َ
مُنوا ْ ل َ ت َأك ُُلوا ْ الّرَبا أ ْ نآ َ ذي َ قول الله تعالىَ ? :يا أي َّها ال ّ ِ
ن? ]آل عمران ,[130 : حو َ م ت ُْفل ِ ُ ه ل َعَل ّك ُ ْ ة َوات ُّقوا ْ الل ّ َضاعََف ً م َّ
وقوله سبحانه? :أضعافا مضاعفة? ليس لتقييد النهللي بلله,
بل لمراعاة ما كانوا عليه من العادة توبيخا ً لهللم بللذلك ,إذ
كان الرجل يربي إلى أجل ,فإذا حل الجللل قللال للمللدين:
زدني في المال حتى أزيدك في الجل ,فيفعل ,وهكذا عند
محل كل أجل ,فيستغرق بالشيء الطفيللف مللاله بالكليللة,
فنهوا عن ذلك ونزلت الية.
حكم الربا:
قال المام النووي رحمه الللله تعللالى” :أجمللع المسلللمون
على تحريللم الربللا فللي الجملللة وإن اختلفللوا فللي ضللابطه
وتعاريفه“).(13
ونص النبي صّلى الله عليه وسّلم علللى تحريللم الربللا فللي
ستة أشللياء :الللذهب ،والفضللة ،والللبر ،والشللعير ،والتمللر،
والملح.
قال أهل الظاهر :ل ربا فللي غيللر هللذه السللتة ،بنللاء علللى
أصلهم في نفي القياس.
وقال جميع العلماء سللواهم :ل يختللص بالسللتة بللل يتعللدى
إلى ما في معناها وهو ما يشاركها في العلة.
واختلفوا في العلة التي هي سبب تحريم الربا في الستة:
فقال الشافعية :العلة في الذهب ،والفضللة كونهمللا جنللس
الثمان ،فل يتعدى الربا منهما إلى غيرهما من الموزونات،
672
وغيرها لعدم المشاركة ،والعلة في الربعة الباقيللة :كونهللا
مطعومة فيتعدى الربا منها إلى كل مطعوم.
ووافق مالك الشافعي في الذهب والفضة.
أما في الربعة الباقية فقال :العلة فيها كونها تدخر للقوت
وتصلح له.
وأما مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى :فهو أن العلة في
الذهب ،والفضة الوزن وفي الربعة الكيل فيتعدى إلى كل
موزون ...وإلى كل مكيل.
ومللذهب أحمللد ،والشللافعي فللي القللديم ،وسللعيد بللن
المسيب :أن العلة في الربعة كونها مطعوملة موزونلة ،أو
مكيلة ،بشرط المرين).(14
قال المام ابللن تيميللة رحملله الللله تعللالى” :اتفللق جمهللور
الصللحابة ،والتللابعين ،والئمللة الربعللة علللى أنلله ل يبللاع
الذهب ،والفضللة ،والحنطللة ،والشللعير ،والتمللر ،والزبيللب،
بجنسه إل مثل ً بمثللل ،إذ الزيللادة علللى المثللل أكللل للمللال
بالباطل“).(15
وأجمع العلماء كذلك على أنه ل يجوز بيللع الربللوي بجنسلله
وأحدهما مؤجل ،وعلى أنه ل يجوز التفاضل إذا بيع بجنسه
حال ً كالذهب بالذهب ،وأجمعوا علللى أنلله ل يجللوز التفللرق
قبل التقابض إذا باعه بجنسه–كالللذهب بالللذهب ،أو التمللر
بالتمر– أو بغيللر جنسلله ممللا يشللاركه فللي العلللة كالللذهب
بالفضة والحنطة بالشعير) .(16وقال المام ابللن قدامللة –
رحمه الله – في حكم الربا” :وهو محرم بالكتللاب والسللنة
والجماع“).(17
والحاصل مما تقدم أن العلة في جريان الربا فللي الللذهب
والفضة :هو مطلق الثمنيللة ،أمللا الربعللة الباقيللة فكللل مللا
اجتمع فيه الكيل ،والوزن ،والطعم من جنللس واحللد ففيلله
الربا ،مثل :البر ،والشعير ،والذرة ،والرز ،والدخن.
وأما ما انعدم فيه الكيل ،والوزن ،والطعم واختلف جنسلله
فل ربا فيه وهو قول أكثر أهل العلم ،مثل :القت ،والنوى)
.(18
كيف بدأ الربا وانتشر؟..
673
لننظر أول ً في حكم الربا في الشللرائع السللابقة كاليهوديللة
والنصللرانية قبللل النتقللال عللن بدايتللة وكيللف نشللأ ،قللال
حل في شريعة قللط لقللوله الماوردي وغيره :إن الربا لم ي ِ
ه? ]النساء [161 :يعني م الّربا وَقَد ْ ن ُُهوا عَن ْ ُ تعالى? :وَأ َ ْ
خذِهِ ُ
في الكتب السابقة ,لقد حرم الله الربا على اليهللود ،وهللم
يعلمون ذلك ،وينهون عنه فيما بينهللم ،لكنهللم يللبيحونه مللع
غيرهم ،جاء في سفر التثنية :الصحاح الثالث والعشرين:
" للجنللبي تقللرض بربللا ،ولكللن لخيللك ل تقللرض بالربللا".
ومنشللأ هللذا أنهللم ينظللرون إلللى غيرهللم نظللرة اسللتعلء
واحتقار ،والتوراة وإن كانت قللد حرفللت إل أن شلليئا ً منهللا
بقي كما هو لم يحرف ،منهللا تحريللم الربللا ،لكنهللم حرفللوا
النص حينما أباحوه مع غيللر اليهللودي…) ،(19قللال المللام
الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى” :إن الللله قللد نهللاهم –
أي اليهود – عن الربللا ،فتنللاولوه ،وأخللذوه ،واحتللالوا عليلله
بأنواع الحيل ،وصنوف مللن الشللبه ،وأكلللوا أمللوال النللاس
بالباطل“)(20وقد صرف اليهود النص المحّرم للربا حيللث
قصروا التحريم فيه على التعامل بين اليهللود ،أمللا معاملللة
اليهودي لغير اليهللودي بالربللا ،فجعلللوه جللائزا ً ل بللأس بلله.
ويقول أحد رهبانييهم” :عندما يحتاج النصراني إلللى درهللم
فعلى اليهودي أن يسللتولي عليلله مللن كللل جهللة ،ويضلليف
الربا الفاحش إلى الربا الفاحش ،حتى يرهقه ،ويعجز عللن
ل عن أملكلله أو حللتى يضللاهي المللال مللع إيفائه ما لم يتخ ّ
فائدة أملك النصراني ،وعندئذ يقوم اليهودي على مدينه –
غريملله – وبمعاونللة الحللاكم يسللتولي علللى أملكلله“)(21
فاّتضح ملن كلم اللله تعللالى أن اللله قلد حلّرم الربلا فلي
التوراة على اليهود ،فخالفوا أمر الللله ،واحتللالوا ،وحّرفللوا،
دلوا ،واعتبروا أن التحريم إنما يكون بيللن اليهللود فقللط، وب ّ
أما مع غيرهم فل يكون ذلك محرما ً فللي زعمهللم الباطللل،
مهم الله في كتابه العزيز كما بّينت ذلك آنفًا. ولذلك ذ ّ
والدين النصراني كللذلك يحرملله ،ففللي إنجيللل لوقللا " :إذا
أقرضتم الذين ترجون منهللم المكافللأة فللأي فضللل يعللرف
لكللم؟…ولكللن افعلللوا الخيللرات وأقرضللوا غيللر منتظريللن
عائدتهللا… وإذا ً يكللون ثللوابكم جللزيل" .وقللد أجمللع رجللال
674
الكنيسة ورؤساؤها كما اتفقت مجامعها على تحريللم الربللا
تحريم لا ً قاطع لًا ،حللتى أن البللاء اليسللوعيين وردت عنهللم
عبارات صارخة في حق المرابين ،يقللول الب بللوني ":إن
المرابيللن يفقللدون شللرفهم فللي الحيللاة ،إنهللم ليسللوا أهل
للتكفين بعد موتهم " ..ولم يكن تحريم الربا قاصلرا ً عللى
أرباب الديانتين ،بل كذلك حّرملله مللن اشللتهر فللي التاريللخ
بالعلم والفهم والحكمة كبعض الفلسللفة ،منهللم أرسللطو،
وأفلطللون الفيلسللوف اليونللاني الللذي قللال فللي كتللابه
القانون " :ل يحل لشخص أن يقرض بربا" (22)..
وأما العرب في جاهليتهم على الرغم مللن تعللاملهم بلله إل
أنهم كللانوا ينظللرون إليلله نظللرة ازدراء ،وليللس أدل علللى
ذلك أنه عندما تهللدم سللور الكعبللة وأرادت قريللش إعللادة
بنائه حرصللت علللى أن تجمللع المللوال اللزمللة لللذلك مللن
البيوت التي ل تتعامل بالربا ،حتى ل يدخل في بنللاء الللبيت
مال حرام ،فقد قال أبللو وهللب بللن عابللد بللن عمللران بللن
مخللزوم " :يللا معشللر قريللش ل تللدخلوا فللي بنيانهللا مللن
كسبكم إل طيبًا ،ل يدخل فيها مهللر بغللي ،ول بيللع ربللا ،ول
مظلمة أحد من الناس".
ومهما كان فالربا كان منتشرا ً في عصر الجاهلية انتشللارا ً
كبيرا ً وقد عدوه من الرباح العظيمة – في زعمهم – الللتي
تعود عليهم بالموال الطائلة ،فقللد روى المللام الطللبري –
رحمه الله –أنه قللال” :كللانوا فللي الجاهليللة يكللون للرجللل
على الرجل الدين فيقول :لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر
ل أجللل عنه“)(23وغالب ما كانت تفعله الجاهلية أنه إذا ح ّ
الدين قال )من هو له( )لمن هو عليه( :أتقضي أم تربللي؟
خللر لللهفإذا لم يقض زاد مقدارا ً في المال الللذي عليلله ،وأ ّ
الجل إلى حين ،وفللي الثمللان يللأتيه فللإن لللم يكللن عنللده
أضعفه في العام القابللل ،فللإن لللم يكللن عنللده فللي العللام
القابللل أضللعفه أيضلًا ،فللإذا كللانت مللائة جعلهللا إلللى قابللل
مللائتين ،فللإن لللم يكللن عنللده مللن قابللل جعلهللا أربعمللائة
يضعفها له كل سنة أو يقضيه) ،(24فهذا قوله تعللالى? :ي َللا
َ ْ َ
هة َوات ُّقوا الّللل َ
ضاعََف ً ضَعافا ً ُ
م َ مُنوا ل ت َأك ُُلوا الّربا أ ْ
نآ َ ذي َ أي َّها ال ّ ِ
ن? ]آل عمران.[130: حو َ م ت ُْفل ِ ُ ل َعَل ّك ُ ْ
675
وإذا كان المر على هلذا النحلو ،وأصلحاب اللديانات كلهلم
يحرمون الربا ،كيف إذن بدأ وانتشر في العالم؟
لقللد كللانت الجاهليللة تتعامللل بالربللا قبللل السلللم ،فجللاء
السلم وحرمه كما هو معلوم بالنصوص ،وسد كللل أبللوابه
ووسائله وذرائعه ومنافذه ،حتى ما كان فيه شبهة من ربللا
منعه وحرمه ،كمنعه عليه الصلة والسلم من بيع صللاعين
من تمر رديء بصاع من تمر جيد ..فامتثل النللاس لللذلك،
وتلشى الربا ،وحل محله البيع والقرض الحسن والصللدقة
والزكاة..
وكما قلنا كانت أوربللا الللتي تللدين بالنصللرانية تحللرم الربللا
وتنهى عن التعامل به ،أما اليهود ل والللذين كللانوا يمتنعللون
من التعامل بالربا فيما بينهم ل كانوا ممنوعين من التعامل
به مع غيرهم تحت وطأة الكراهية والذل الذي كانوا فيلله..
ولكللن ومنللذ أواخللر القللرن السللادس عشللر ميلدي بللدأت
أوربا بالتمرد على هذا الحكم اللهللي..ففللي عللام 1593م
وضع استثناء لهذا الحظر في أموال القاصرين ،فصار يباح
تثميرهللا بالربللا ،بللإذن مللن القاضللي ،فكللان هللذا خرقللا ً
للتحريم ..ثم تبع ذلك استغلل الكبار لنفللوذهم ،فقللد كللان
بعض الملوك والرؤساء يأخذون بالربللا علن لًا ،فهللذا لللويس
الرابللع عشللر اقللترض بالربللا فللي 1692م ،والبابللا التاسللع
تعامل كذلك بالربا في سنة 1860م.
كانت تلك محاولت وخروقات فردية ..لكن الربا لم ينتشر
ولللم يقللر كقللانون معللترف بلله إل بعللد الثللورة الفرنسللية،
فللالثورة كللانت ثللورة علللى الللدين والحكللم القطللاعي
والملكي..وكان من جملة الحكللام الدينيللة فللي أوربللا كمللا
علمنا تحريم الربا ،فنبذ هذا الحكم ضمن ما نبذ من أحكام
أخر ،وكان ل بد أن يحصل ذلللك ،إذ إن اليهللود كللانت لهللم
اليد الطولى في تحريك الثورة الفرنسية واستغلل نتائجها
لتحقيللق طموحللاتهم ،مللن ذلللك إنشللاء مصللارف ربويللة،
لتحقيق أحلمهم بالستحواذ علللى أمللوال العللالم ،وجللاءت
الفرصة في تللك الثللورة ،وأحلل الربلا وأقلر .فقللد قلررت
الجمعية العمومية في فرنسا في المر الصادر بتاريللخ 12
676
أكتوبر سنة 1789م أنه يجوز لكللل أحللد أن يتعامللل بالربللا
في حدود خاصة يعينها القانون).(25
أصدرت فرنسا التمرد على الدين وعزله عللن الحيللاة إلللى
كل أوربا ،ومن ذلك التملرد عللى تحريلم الربلا ،وقلد كلان
اليهود في ذلك الحين من أصللحاب المللال ،وبللدأت الثللورة
الصناعية ،واحتاج أصحاب الصللناعات إلللى المللال لتمويللل
مشاريعهم ،فللأحجم أصللحاب المللال مللن غيللر اليهللود عللن
تمويل تلك المشاريع الحديثة خشية الخسللارة..أمللا اليهللود
فبللادروا بإقراضللهم بالربللا ،ففللي قللروض الربللا الربللح
مضمون ،ولو خسر المقترض ،وقد كللانت أوربللا فللي ذلللك
الحين مستحوذة على بلدان العالم بقللوة السلللح ،فارضللة
عليها إرادتها ،فلما تملك اليهود أمرها وتحكموا في إرادتها
كان معنى ذلك السيطرة والتحكم في العالم أجمللع ،ومللن
ثم فرضوا التعامل بالربا على جميع البلد الللتي تقللع تحللت
سيطرة الغرب ،فانتشللر الربللا وشللاع فللي كللل المبللادلت
التجارية والبنوك ،فاليهود كانوا ول زالوا إلى اليوم يملكون
اقتصاد العالم وبنوكه..إذن ..اليهود هللم وراء نشللر النظللام
الربوي في العالم). (26
شبه حول تحريم الربا:
مما يروج له المماحكون في موضوع الربا عدة أمور:
ن الزيادة في القرض حق للمرابللي ،لن المللال الللذي -1أ ّ
يدفعه للمقترض يتيح له الفرصة للعمل وللربح تماملا ً كمللا
هو حال صاحب الدار الذي يتيح للمستأجر فرصللة النتفللاع
بالسللكنى فيأخللذ الجللرة فللي مقابللل ذلللك فالقضللية فللي
مجملها ،هي أن تكون الزيادة في مقابل المنفعللة ،فكيللف
يكون ذلك أكل ً للمال بالباطل.
ن المنفعة في الدار هي أمللر حقيقللي ونجيب على ذلك ،بأ ّ
قائم بالدار ،وهي ملللك لصللاحبها كمللا هللي الللدار ملللك للله
فيستحق العوض عليها من مستثمرها اللذي ل يتحملل أّيلة
مسؤولية فيما يحدث للدار إذا لم يكللن هنللاك اعتللداء مللن
قبله فإذا تلف شيء من الدار من دون تعد ّ ول تفريط فإن
المالك هو الذي يتحمله وحده ،أما رأس المال في القرض
فأن العامل يتحمل مسؤوليته ،بالضافة إلى الزيللادة ،مللن
677
دون أن يتحمل صاحب المال شيئًا ،فهو رابللح دائم لا ً بينمللا
يكللون العامللل معّرض لا ً للربللح والخسللارة ،ممللا يعنللي أن
القضية ليست انتفاعا ً بمال الخرين في مقابل أجللرة ،بللل
القضية هي النتفاع بماله الذي يتملكه بالقرض في مقابل
مللله لمسللؤوليته ...ممللا يجعللل بيللن ضللمانه للله ...وتح ّ
المرين فرقا ً كبيرًا.
-2أن الزيادة المأخوذة في معاملة الربا ،ليست زيادةً في
الحقيقة ،بللل هللي تعللويض لصللاحب المللال عللن الخسللارة
وة الشرائية للعملللة علللى مللرور الطارئة بسبب ضعف الق ّ
الزمن ...وربما تكون الخسللارة أكللثر مللن التعللويض ،كمللا
نشاهده في العملت الللتي تهبللط إلللى أكللثر مللن النصللف،
بينما تكون الزيادة بنسللبة خمسللة بالمللائة أو أكللثر أو أقللل
قليل ً ...وذلك من خلل الوضاع القتصادية المرتبكة.
ونجيب على ذلك :أن القضية إذا كانت على هذا السللاس،
فكيف نصنع بالحالة القتصادية التي تساهم في رفع سللعر
العملة ،فهل يتوقف الللدائن عللن طلللب الزيللادة ،أم يظللل
علللى مللوقفه فللي حالللة الزيللادة والنقصللان ...إن فكللرة
التعويض ل تنسجم مع طبيعة قانون الربللا الللذي ل يراعللي
الدّقة في هذا الجانب فيمللا يفرضلله مللن زيللادة ثابتللة فللي
جميع الحوال ...
-3إن بعض الناس قد يحتلاجون إلللى أن يحركللوا أمللوالهم
دموا عمل ً عضويا ً أو فكريللا ً في اتجاه الربح من دون أن يق ّ
مللا لظللروف ذاتيللة مللا لعجزهللم عللن العمللل وإ ّ في ذلللك ،إ ّ
خاصة ...فما هي الطريقة إلى تحقيق ذلك ،بدل ً عن الّربا
...وقد يضيف هؤلء ،إننللا نعللرف أن الربللح ل يتحللرك مللن
خلل العمللل ،بللل ينطلللق مللن عنصللرين ...رأس المللال،
والعمل ،فلول المال لما تمكن العامل مللن التجللارة ،ولمللا
اسللتطاع صللاحب المصللنع أن يصللل إلللى مللا يريللده مللن
مستوى النتاج ،فلبد من أن يكون لرأس المال حصة مللن
أجل تحقيق العدالة والتوازن في هذا المجال.
ونجيب على ذلك ...بأن السلم قد وضع حل ً عمليا ً يرتكز
عللللى المزاوجلللة بيلللن رأس الملللال وبيلللن العملللل وهلللو
المضاربة ،الللتي تمثللل الشللركة بيللن صللاحب المللال وبيللن
678
العمل بحيث تكون النتيجة لهما على حسب التفاق بينهمللا
صللة ليّ منهمللا ،فللي حالللة الربللح ،كمللا أنفي مقللدار الح ّ
الخسارة في حالة حللدوثها تلحللق رأس المللال تمام لا ً كمللا
يخسللر العامللل عمللله ...وبللذلك يتللم التللوازن فللي حركللة
المال نحو الربح من دون عمل ،وحركة العمل نحللو الربللح
من دون رأس مال ...فيتحمل كل منهما خسللارة الجللانب
دمه في حالة الخسارة ،كما يحصل كل منهما على الذي يق ّ
الربح في حالة الربح ...
-4هناك من يقول :إن تحريم الربا يللؤدي إلللى شلللل فللي
القتصاد على مستوى الفرد والمجتمع ،لن معنى ذلك هو
إلغاء المصارف ،والعلقات القتصللادية القائمللة فللي حيللاة
الناس على أساس الربا ...مما يجعل من التحريللم ،أمللرا ً
غير واقعي ،ول عملللي ،فل يكللون صللالحا ً للتطللبيق ،فلبللد
من تجميده في هذه الظروف من أجللل مصلللحة النسللان
اللتي قلد تلواجه بعلض السللبيات فلي مقابلل الكلثير ملن
اليجابيات ..
ونجيب على ذلك ،بأن كل حكم إسلمي ،تحريما ً أو إيجابللا ً
أو إباحللة ،ل يمكللن أن نعللرف واقعيتلله وعلقتلله بالحللل
الشامل لمشكلة النسان ،إل مللن خلل مقللارنته بالحكللام
الخرى التي تلتقي معه في إيجاد الحل؛ لن السلم يمثل
في أّية مشكلة من مشاكل الواقع ،كل ّ مترابط الجزاء ،أو
هيكل ً متناسللق الخصللائص فيمللا يطلقلله مللن تشللريعات
لتحقيق الحل الفضل الشامل ...وهذا هو مللا نفهملله فللي
موضللوع تحريللم الربللا فأننللا ل نسللتطيع معرفللة سلللبياته
وإيجابياته في نطاق النظام الرأسللمالي الللذي يمثللل الربللا
العمود الفقري له ول يمكن أن نفكر في إلغللاء الربللا ،مللع
إبقاء العلقات القتصادية على ما هي عليه ،لننا ل نتحدث
عن التحريم على أساس المر الواقع بل من موقع العمللل
علللى تغييللر النظللام فللي قواعللده وأسسلله الجتماعيللة
والقتصادية والسياسية ،المر الذي نعرف فيلله اليجابيللات
العملية لتحريم الربا في الخطة السلمية المتكاملة).(27
-5وقال بعضهم :إن البنك ليس شخصا ً مكلفًا ،يتوجه إليلله
المللر والنهللي ،وزعللم أن الشللرع ل يعللرف )الشخصللية
679
المعنوية( وهو جهل قبيح .فقللد عللرض الشللرع الشخصللية
المعنويللة فللي )بيللت المللال( وفللي )المسللجد( و)الوقللف(
وغيرهللا ,وجللاء فللي أحللاديث الزكللاة فللي الصللحاح اعتبللار
الخليطين في الماشية؛ بمثابة شخص واحد ،وطرده بعللض
الفقهاء في كل المللوال ،وهللو مللا أخللذ بلله مللؤتمر الزكللاة
المنعقد بالكويت ،في اعتبار الشركات كالشللخص الواحللد.
وكأن هذا القائل يبيح للشللركات أن تللروج الخمللر ،وتتللاجر
في الدعارة ،وغيرها ،لنها ليست شخصا ً مكلفًا!!
-6وقال من قال :إن الرسول صلى الله عليه وسلم لقللي
ربه ولم يبين ما هو الربا ،ورووا في ذلللك أثللرا ً عللن عمللر،
وهم عادة ل يعنون بالثار ول يعتمدونها ،وإن صح هذا فهللو
في صور ربا البيوع الجزئية ,أما ربا النسيئة أو ربا الديون،
فهو مما ل ريب فيه ،ول يختلف فيه اثنان.
وإني لعجب لهؤلء كيف يتصللورون أن يحللرم الللله شلليئًا،
وينزل فيه من الوعيد الهائل ما لم ينزللله فللي غيللره ،كمللا
في قوله تعالى? :ذ َل َ َ
ل الّرب َللا مث ْل ُ مللا ال ْب َي ْلعُ ِ م قَللاُلوا ْ إ ِن ّ َ ك ب ِلأن ّهُ ْ ِ
عظ َل ٌ َ
ه
مللن ّرب ّل ِ ة ّ مو ْ ِ جللاءهُ َ مللن َ م الّرَبا فَ َ حّر َ ه ال ْب َي ْعَ وَ َ ل الل ّ ُ ح ّ وَأ َ
ك ن عَللاد َ َفلأ ُوْل َئ ِ َ مل ْ ملُرهُ إ َِللى الّللهِ وَ َ
َفانتهى فَل َه ما سلل َ َ َ
ف وَأ ْ ُ َ َ َ ََ َ
ه ال ّْرب َللا وَي ُْرب ِللي ح لقُ الل ّل ُ م َ ن* ي َ ْ دو َ خال ِل ُ م ِفيَها َ ب الّنارِ هُ ْ حا ُ ص َ أ ْ
من ُللوا ْ َ
نآ َ ذي َن ال ّل ِ م* إ ِ ّ ٍ ل ك َّفللارٍ أِثيل ب ك ُل ّ حل ّ ه ل َ يُ ِ ت َوالل ّ ُ صد ََقا ِ ال ّ
َ َ
م جُرهُل ْ مأ ْ كاةَ ل َهُ ْ صل َةَ َوآت َوُا ْ الّز َ موا ْ ال ّ ت وَأَقا ُ حا ِ صال ِ َمُلوا ْ ال ّ وَعَ ِ
َ
ن ذي َ ن* َيلا أي ّهَللا اّلل ِ حَزن ُللو َ م يَ ْ م وَل َ هُ ْ ف عَل َي ْهِ ْ خو ْ ٌ م وَل َ َ عند َ َرب ّهِ ْ ِ
ن* مِني َ مللؤْ ِ كنُتم ّ ن الّرَبا ِإن ُ م َ
ي ِ ما ب َِق َ ه وَذ َُروا ْ َ مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّ َ آ َ
ْ
م سللول ِهِ وَِإن ت ُب ْت ُل ْ ن الل ّلهِ وََر ُ مل َ ب ّ ح لْر ٍ م ت َْفعَُلوا ْ فَأذ َُنوا ْ ب ِ َ فَِإن ل ّ ْ
َ
ن? ]البقللرة: مللو َ ن وَل َ ت ُظ ْل َ ُ مللو َ م ل َ ت َظ ْل ِ ُ وال ِك ُ ْ م َ سأ ْ ؤو ُ م ُر ُ فَل َك ُ ْ
.[279-275
وقد لعن النبي صلى الله عليله وسلللم آكللل الربللا ومللوكله
وكاتبه وشاهديه ،وقال» :ما ظهر الزنى والربللا فللي قريللة
إل أحلوا بأنفسهم عذاب الله«)(28؛ فكيف سمع الصحابة
رضي الله عنهم هذا كله ،ولم يعرفللوا مللا هللو الربللا؟ ولللم
يسللألوا عنلله؟ وكيللف لللم يللبينه لهللم الرسللول الكريللم؟
والبيان–كما يقللول العلمللاء– ل يجللوز أن يتللأخر عللن وقللت
الحاجة؟ وكيف يكتمل الدين وتتم به النعمللة إذا لللم يتللبين
680
أهله المحرمات الكبيرة المتصلة بحياة الناس؟ وما معنللى
َ قوله تعالى ? :ال ْيو َ
ت عَل َي ْك ُل ْ
م مل ُ
م ْ م ِدين َك ُل ْ
م وَأت ْ َ ت ل َك ُل ْ مل ْل ُم أك ْ َ
َ ْ َ
م ِدينلًا? ]المللائدة ،[3:لن فقلله سلل َ َ م ال ِ ْ ت ل َك ُ ُ
ضي ُ
مِتي وََر ِ
ن ِعْ َ
المعاملت بصورة عامة إنما جللاءت نصوصلله بصللفة عامللة
بصورة أوامر شاملة ليست تفصلليلية ،وهللذا مللا يللراه كللل
مطلللع ،وعمومللا ً فللإن القطعيللات والثللوابت ل يللرد فيهللا
نصوص تفصيلية أو ما يبين كل جزئيات المسائل ،كما بينللا
ذلك في مقدمة هذا البحث.
ومما اتفللق عليلله هللؤلء الممللاحكون فللي تحريللم الفللوائد
البنكية :ادعاؤهم أنلله ل يوجللد دليللل علللى تحريللم التحديللد
المقدم للرباح في عقد المضاربة ,ونقول لهؤلء :بل هناك
دليلن شرعيان مؤكدان:
أولهما :الجماع الذي نقله ابن المنذر والنووي وابن قدامة
وغيرهم على عدم جواز التحديللد المقللدم؛ ولللم يشللذ عللن
ذلك فقيه واحد ،ول مذهب من المذاهب.
وثانيهما :الحاديث الصحاح التي جاءت في منللع المزارعللة
بشيء معين ،مثل ثمار قطعة معينة من الرض ،أو مقللدار
معين من الثمللرة ،خشللية أن تسلللم هللذه القطعللة ويهلللك
غيرها ،أو العكللس ،فيكللون لحللدهما الغنللم يقين لًا ،وللخللر
الغرم ،وهذا ينافي العدالة المحكمة التي ينشدها السلم.
قال العلمة ابن قدامة :والمضاربة مزارعللة فللي المعنللى.
وصدق رحمه الله ،فالمضاربة مزارعة في المللال ،كمللا أن
المزارعة مضاربة في الرض.
الحق أني لم أجد للممارين الممللاحكين فللي الباطللل فللي
تحريم الفوائد أي منطق قوي ،أو حجة مقنعللة ،إل دعللاوى
أوهن مللن بيللت العنكبللوت .وحسللبنا أن المجللامع العلميللة
والفقهيلللة السللللمية ،والملللؤتمرات العالميلللة للقتصلللاد
السلللمي والفقلله السلللمي كلهللا قللد أجمعللت علللى أن
الفوائد البنكية هي الربا الحرام).(29
مضار الربا من الناحية القتصادية:
إن مضار الربا من الناحية القتصادية تتجسد في صور من
القللروض ،كالسللتهلكية والقللروض النتاجيللة والقللروض
الحكومية من الداخل ،ومنها:
681
أ – القللروض السللتهلكية :وهللي قللروض يطلبهللا الفقللراء
المتوسطون نتيجة لوقوعهم فللي مصلليبة أو شللدة لقضللاء
حاجاتهم الضرورية .ومن المعلللوم فداحللة السللعر الربللوي
في هذا النوع من القروض ،لن المتصدي لهللذا النللوع هللو
المرابي الذي ل رقيب عليه في تقرير الفائدة ،فالذي يقللع
في شرك هذا المرابي مرة ل يتخلص منه طول حياته ،بل
يكون العبء على أبنائه وأحفاده في سداد دينه.
وهذه العملية هي التي تمكن الرأسمالي من دخل العمللال
وتجعله مستبدا ً به دونهللم .ونتيجللة لللذلك تفسللد أخلقهللم،
ويقللترفون الجللرائم والللدنايا ،وهللو يحللط مللن مسللتوى
المعيشة ،ويقلل من كفاءاتهم ونشاطهم الذهني والبللدني،
وهللذا ليللس ظلملا ً فحسللب بللل إنلله ضللرر علللى القتصللاد
الجتمللاعي ,علللى أن المرابللي يسلللب قللوة الشللراء مللن
الفقيللر ،وإذا فللترت قللوة الشللراء تكدسللت البضللائع فللي
السواق ونتيجة لهذا التكدس تتوقف بعللض المعامللل مللن
النتاج أو تقلله على القللل ،وبهللذه العمليللة تنشللأ البطالللة
لمئات مللن البشللر ،وهللذه البطالللة تعرقللل نمللو التجللارة
والصناعة.
ب – القللروض النتاجيللة :وهللذه القللروض يأخللذها التجللار
وأصحاب الصناعة والحرف لستغللها في النتاج المثمر.
إن هللذه العمليللة الللتي يأخللذ المرابللي الربللا مللن دون أن
يتعللرض لشلليء إذا خسللر المعمللل أو التللاجر تللؤدي إلللى
تحرك الميزان القتصادي من جانب واحد دائما ً وهو جانب
المرابي فهللو رابللح دائملًا ،أمللا صلاحب المعمللل أو التللاجر
فليس كللذلك ،فيتضللرر جميللع العمللال وصللاحب العمللل إل
المرابللي فللإنه ل يتضللرر بللذلك حيللث أن ربحلله مضللمون,
بالضلللافة إللللى أن معظلللم رأس الملللال ملللدخر عنلللد
الرأسماليين ،لنهم يرجون ارتفلاع سلعر الربلا ،فل يعطللي
ماله للتجارة أو الصناعة لنتظاره ارتفاع سللعر الربللا علللى
أن السعر المرتفع يجعل المرابلي ممسلكا ً لملاله إل ّ وفلق
مصلللحته الشخصللية ل وفللق حاجللة النللاس أو البلد ،وقللد
يكللون السللعر المرتفللع مانعللا ً للعمللال النافعللة المفيللدة
للمصلحة العامة مادام ربحها ل يسدد سعر الربا ،في حين
682
أن المال يتدفق نحو العمال البعيدة عن المصلحة العامللة
لنها تعود بربح كثير.
وقد يسللتعمل التجللار الللذين هللم مطللالبون بالربللا الطللرق
المشللروعة وغيللر المشللروعة المؤديللة إلللى اضللطراب
المجتمع النساني والحط من الخلق النسانية وما يترتب
عليها من جرائم في سبيل كسب سعر الربا.
ج – القروض الحكومية من الداخل :وهللي القللروض الللتي
تأخلللذها الحكوملللة ملللن أهلللالي البلد ،فهنلللاك القلللروض
المأخوذة لغراض غير مثمرة كالحروب ،وهناك القللروض
ل ،وهللذان المأخوذة لغراض إنسانية اجتماعية كالتجارة مث ً
النوعان يشابهان القروض الستهلكية والقروض النتاجية.
والملحظ هنا أن الحكومة تلقللي ضللغطا ً علللى عامللة أهللل
البلد بفرض الضرائب والمكوس حللتى تسللتطيع أن تللؤدي
إلى الرأسماليين )أصحاب القروض( الربللا ،والتجللار أيض لا ً
ليللؤدون هللذه الضللرائب والمكللوس مللن عنللدهم وإنمللا
يرفعون قيمة السلع فيؤخذ الربا على وجه غير مباشر من
كل من يشتري من السوق وهو الفقير والمتوسط الحللال.
إذن الللذي يتضللرر تضللررا ً كللامل ً هللو الفقيللر فحسللب ،لن
صاحب الغلة وأصحاب المصانع والتجار يرفعون من سللعر
نتاجهم).(30
الربا يمنع من إنشاء المشللروعات المفيللدة للمجتمللع ،لن
الربلا :يعنلي أن الملال يوللد الملال ملن دون أعملال ،أملا
العمال إذا ولللدت المللال ،فهللذا يعنللي أن صللاحب العمللل
استفاد وكذلك المجتمع استفاد ,وإذا طرحللت هللذه المللواد
أو تلك المنتجات أو هذه الخللدمات انخفضللت السللعار لن
توافر المواد يخفض سعرها ،وإذا انخفض السللعر اتسللعت
شريحة المستفيدين فإذا اتسعت شريحة المستفيدين عللم
الرخاء ،لن كل شيء يرفع السعر يضيق دائرة الستفادة،
ن الللدائرة إذا ضللاقت يقللل النتللاج والبضللائعوالمشللكلة أ ّ
تتكدس في المستودعات مما يؤدي إلى انخفللاض النتللاج،
وهللذا بللدوره يللؤدي إلللى السللتغناء عللن العمللال فللتزداد
البطالة).(31
683
وانقسللم المجتمللع إلللى طبقللتين طبقللة تملللك ول تعمللل
وطبقة تعمل ول تمللك ،طبقلة عاطللة علن العملل وهلي
طبقللة المرابيللن وطبقللة تعمللل ول تملللك وكللل جهللدها ل
يكفيها قوت يومها.
أضرار الربا من الناحية الجتماعية:
للربا أضرار عديدة من الناحية الجتماعية ،منها:
1ل الربا له أضرار أخلقية وروحية ،لننا ل نجد من يتعامللل
بالربا إل إنسانا ً منطبعا ً في نفسله البخلل ،وضلليق الصللدر،
وتحجر القلب ،والعبودية للمال ،والتكالب على المادة وملا
إلى ذلك من الصفات الرذيلة.
2ل المجتمع الذي يتعامل بالربا مجتمللع منحللل ،متفكللك ،ل
يتساعد أفراده فيما بينهم ،ول يساعد أحد غيره إل إذا كان
يرجو من ورائه شيئًا ،والطبقات الموسرة تعادي الطبقات
المعدملة .ول يمكلن أن تلدوم لهلذا المجتملع سلعادته ،ول
استتباب أمنه ،بل ل بد أن تبقى أجزاؤه مائلة إلى التفكك،
والتشتت في كل حين من الحيان حيث بالربا تزرع بللوادر
الحقد والعداوة وهذا ما نشاهده اليللوم بيلن أطلراف الربلا
سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الدولي.
3ل الربا إنما يتعلق في نواحي الحياة الجتماعية لما يجري
فيه التللداين بيللن النللاس ،علللى مختلللف صللوره وأشللكاله.
وهللذه القللروض ضللررها يعللود علللى المجتمللع بالخسللارة،
والتعاسة مدة حياته ،سواء كانت تلك القروض لتجللارة ،أو
لصللناعة ،أو ممللا تأخللذه الحكومللات الفقيللرة مللن الللدول
الغنية ،فإن ذلك كله يعود على الجميع بالخسللارة الكللبيرة
التي ل يكاد يتخلص منها ذلك المجتمع أو تلك الحكومللات،
وما ذلك إل لعدم اتباع المنهج السلمي ،الللذي يللدعو إلللى
كل خير ويأمر بللالعطف علللى الفقللراء والمسللاكين ،وذوي
وى َول الحاجات ،قال الله تعالى? :وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِّر َوالت ّْق َ
ديد ُ ه َ
شل ِ ن الل ّل َه إِ ّ ن َوات ُّقللوا الل ّل َت ََعاوَُنوا عَل َللى ال ِث ْلم ِ َوال ْعُلد َْوا ِ
ب?]المائدة .[2 :وقال عليه الصلللة والسلللم» :مثللل ال ْعَِقا ِ
المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ،كمثل الجسد،
إذا اشللتكى منلله عضللو تللداعى للله سللائر الجسللد بالسللهر
والحمى«) ,(32فل نجاة ،ول خلص ،ول سعادة ،ول فكاك
684
من المصائب ،إل باتباع المنهج السلمي القويم واتباع مللا
جاء به من أحكام وتعاليم.
4ل تعطيل الطاقة البشرية ،فإن البطالللة تحصللل للمرابللي
بسبب الربا وتقاعسه عن العمللل الجللاد ،والنتللاج المللؤدي
إلى صلح الفرد والمجتمع؛ بمللا يللوفره مللن تللوفير فللرص
أكبر لليدي العاملة.
5ل وضع مال المسلللمين بيللن أيللدي خصللومهم ،وهللذا مللن
أخطر ما أصيب به المسلمون ،وذلك لنهم أودعوا الفائض
من أمللوالهم فللي البنللوك الربويللة فللي دول الكفللر ،وهللذا
اليداع يجّرد المسلمين من أدوات النشللاط ،ويعيللن هللؤلء
الكفرة أو المرابين على إضللعاف المسلللمين ،والسللتفادة
من أموالهم).(33
6ل آكل الربا يحال بينه وبين أبواب الخير فللي الغللالب ،فل
يقللرض القللرض الحسللن ،ول ينظللر المعسللر ،ول ينفللس
الكربة عن المكروب ،لنه يصعب عليه إعطاء المال بدون
فوائد محسوسللة ،وقللد بي ّللن اللله فضللل مللن أعللان عبللاده
المؤمنين ونّفس عنهم الكرب ،فعن أبي هريرة رضي الله
عنه عن النبي صّلى الله عليه وسّلم أنه قال» :مللن نّفللس
عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نّفس الله عنلله كربللة مللن
سللر الللله عليلله
سر على معسر ي ّ كرب يوم القيامة ،ومن ي ّ
في الدنيا والخرة ،ومن ستر مسلما ً ستره الله في الللدنيا
والخرة ،والله فللي عللون العبللد مللا كللان العبللد فللي عللون
أخيه«). (34
وعن عبد الله بن عمر رضللي الللله عنهمللا أن رسللول الللله
صلّلى الللله عليلله وسلّلم قللال» :المسلللم أخللو المسلللم ل
يظلمه ول ُيسلمه ،من كان في حاجة أخيه كللان الللله فللي
حاجته ،ومن فّرج عن مسلم كربة فّرج الله عنه بهللا كربللة
من كرب يوم القيامة ،ومن ستر مسلللما ً سللتره الللله يللوم
القيامة«). (35
وثبت عن النبي صّلى الله عليه وسّلم أنه قال» :من أنظر
معسرا ً أو وضع عنه أظله الله في ظله«). (36
7ل الربا يقتل مشاعر الشفقة عند النسان ،لن المرابي ل
يتردد في تجريد المدين من جميع أمواله عند قللدرته علللى
685
ذلك ،ولهذا جاء عن النبي صّلى الله عليه وسّلم أنلله قللال:
»ل تنزع الرحمة إل من شقي«) ,(37وقللال عليلله الصلللة
والسلم» :ل يرحم الله مللن ل يرحللم النللاس«) (38وقللال
عليلله الصلللة والسلللم» :الراحمللون يرحمهللم الرحمللن،
ارحموا من في الرض يرحمكم من في السماء«). (39
8ل الربا يسبب العداوة والبغضاء بين الفللراد والجماعللات،
ويحدث التقللاطع والفتنللة ويجلّر النللاس إلللى الللدخول فللي
مل نتائجها. مغامرات ليس باستطاعتهم تح ّ
وأضرار الربا ل ُتحصى ،ويكفي أن نعلللم أن الللله تعللالى ل
ل ما فيه ضللرر ومفسللدة خالصللة أو مللا ضللرره يحرم إل ك ّ
ومفسدته أكثر من نفعه).(40
وجه العجاز:
ل يشك المسلم في أن الله عز وجل ل يأمر بأمر ول ينهى
عن شيء ،إل وله فيه حكمة عظيمة ،فإن علمنا بالحكمللة،
فهذا زيادة علم ولله الحمللد ،وإذا لللم نعلللم بتلللك الحكمللة
فليس علينا جناح في ذلك ،إنمللا الللذي يطلللب منللا هللو أن
ننفذ ما أمر الله به ،وننتهي عمللا نهللى الللله عنلله ورسللوله
ن للّربللا أضللرار
كأ ّص لّلى الللله عليلله وآللله وس لّلم ,ول ش ل ّ
جسلليمة ،وعللواقب وخيمللة ،والللدين السلللمي لللم يللأمر
البشللرية بشلليء إل وفيلله سللعادتها ،وعّزهللا فللي الللدنيا
والخرة ،ولم ينهها عن شيء إل وفيه شقاوتها ،وخسللارتها
في الدنيا والخرة ،ثم إن المصلحة هللي بتحريللم الربللا لن
أضللراره القتصللادية والسياسللية والجتماعيللة أكللثر مللن
منافعه ,ومن ثم فإنه ل يصح القول بأن العلللة فللي تحريللم
الربا هي الستغلل أو الظلم؛ لن الظلم أو الستغلل هللو
الحكمة من تحريم الربا ،وهناك فرق بين الحكمللة والعلللة،
فلالحكم الشلرعي يلدور ملع العللة ل ملع الحكملة وجلودا ً
وعدمًا).(41
الخلصة:
إن الربا ثروة مللن الفقللراء إلللى الغنيللاء ،تصللور إنسللانا ً ل
يعمل ،يستيقظ الساعة الثانيللة عشللرة ظهللرًا ،لن أمللواله
مستثمرة في مشروع ربللوي وربحلله ثللابت ل يهملله نللزول
مطر أو ل ،ول يهملله كسللاد ول يهملله رواج ،ل يهملله تقللدم
686
المللة ،فربحلله ثللابت ،لللذلك فللإن أقسللى قلللب هللو قلللب
المرابي أو الذي يستثمر ماله عن طريق الربا لنه انتهازي
ل يهملله شلليء سللوى نفسلله) .(42ومللا شللرعت الزكللاة
والصدقة وتحريم الربا إل ليعم المال جميع الناس بالعللدل
َ
ن مل ْ سللول ِهِ ِ ه عَل َللى َر ُ ما أَفاء الل ّل ُ والقسط قال الله تعالىّ ? :
مى ذي ال ُْقْرَبللى َوال ْي ََتللا َ ل وَِللل ِ سللو ِ ل ال ُْقللَرى فَل ِّلللهِ وَِللّر ُ هلل ِ أَ ْ
ن اْل َغْن ِي َللاء ة ب َي ْل َ دول َل ًن ُ ي َل ي َك ُللو َ ل ك َل ْ سِبي ِ ن ال ّ ن َواب ْ ِ كي ِ سا ِ م َ َوال ْ َ
ه فَللانت َُهوا م عَن ْل ُ مللا ن َهَللاك ُ ْ ذوهُ وَ َ خل ُ ل فَ ُ سو ُ م الّر ُ ما آَتاك ُ ُ م وَ َ منك ُ ْ ِ
ب?]الحشللر ,[7 :إنلله مللع ديد ُ ال ْعَِقللا ِ شل ِه َ ن الل ّل َ ه إِ َّوات ُّقوا الل ّ َ
ضيق المكاسب وقلة العمال ارتفعت نسبة الجللرام إلللى
عشرة أضعاف تقريبلًا ،والعللالم الغربللي يعللاني أخطللر مللا
يعاني من البطالللة ،بسللبب اسللتثمار المللوال عللن طريللق
الربللا ,فللالمرابي كلأنه مصللاص اللدماء يأخلذ دمللاء النلاس
وتعبهم وعرقهم وكل جهدهم ول يكفي ذلك كله لسداد مللا
عليهم.
لقد جاء تحريم الربا بنص القرآن على لسان النللبي المللي
المين الذي ل ينطللق عللن الهللوى؛ بللل هللو مللن عنللد الللله
العظيم ،وهذا ما أكللدته اليللوم نتاجللات الحضللارة وخللبرات
البنللوك وتجللارب المرابحيللن والتجللار؛ أن الربللا مللرض
سللرطاني يجللب أن ُيستأصللل مللن جللذوره لكللي تعيللش
الشعوب بأمان ويعم الرخاء وتنتهي البطالة ويحيى النللاس
على الحب والتآخي والشعور بالمسللؤولية تجللاه الخريللن،
حتى ننال السعادة فللي الللدارين ونعيللش معيشللة ل نضللل
مّني كم ّ ما ي َأ ْت ِي َن ّ ُفيها ول نشقى امتثال ً لمر الله القائل ? :فَإ ِ ّ
َ ل وََل ي َ ْ
ض
ن أعْلَر َ مل ْ شلَقى^وَ َ ضل ّ دايَ فََل ي َ ِ ن ات ّب َعَ هُل َ م ِ دى فَ َ هُ ً
ة
مل ِ م ال ِْقَيا َ شلُرهُ ي َلوْ َ ح ُ ضللنكا ً وَن َ ْ ة َ شل ًمِعي َ ه َ ن ل َل ُ ري فَلإ ِ ّ عن ذِك ْ ِ َ
مى? ]طه.[124-123 : َ
أعْ َ
إعداد :قسطاس إبراهيم النعيمي
مراجعة :علي عمر بلعجم
) - (1أخذا من موقع:
?http://www.qaradawi.net/site/topics/article.aspx
cu_no=2&item_no=2926&version=1&template_id=6&p
arent_id=12
687
) - (2انظر المغني لبن قدامة .6/51
) - (3انظر :شرح النووي على صحيح مسلم ،11/8 ،وفتح
الباري لبن حجر.4/312 ،
) - (4انظللر المغنللي لبللن قدامللة 6/52وفتللح القللدير
للشوكاني .1/294
) - (5البحر الرائق شرح كنز الرقائق ,135 / 6 :وعمدة
القارئ . 199 / 11 :
) - (6نهاية المحتاج ,409 / 3 :ومغني المحتاج. 21/ 2 :
) - (7المغني. 51 / 6 :
) - (8صللحيح البخللاري ,3/1017برقللم ,2615 :وصللحيح
مسلم ,1/92برقم.89 :
) - (9صحيح مسلم ،288 / 8برقم2995 :
) - (10البخاري مع الفتللح 4/313برقللم 2083و ،4/296
برقم 2059باب من لم يبال من حيث كسب المال.
) - (11انظر الفتح .4/297
) - (12البخاري ,3/11برقم ،2085 :وانظر :فتللح البللاري
بشرح صحيح البخاري .4/313
) - (13شرح النووي على مسلم .11/9
) - (14انظر شرح النووي .11/9
) - (15فتاوى ابن تيمية ،20/347وانظر :الشرح الكللبير،
،12/11والنصلللاف فلللي معرفلللة الراجلللح ملللن الخلف
للمرداوي ،12/11 ،وشرح الزركشي .3/414
) - (16انظر شرح النووي .11/9
) - (17المغني .6/51
) - (18انظللر المغنللي لبللن قدامللة ،6/53ونيللل الوطللار
للشوكاني .358-6/346
)http://saaid.net/Doat/abu_sarah/98.htm - (19
) - (20تفسير ابن كثير .1/584
) - (21الربا وأثره على المجتمع النساني للللدكتور /عمللر
بن سليمان الشقر ص .31
) -(22أخلللللللللللللللللذا ملللللللللللللللللن موقلللللللللللللللللع:
http://www.thenewlibya.com/libyaeconmic.htm
) - (23جامع البيان في تفسير آي القرآن .3/67
688
) - (24انظر جللامع البيللان فللي تفسللير آي القللرآن ،4/59
وفتللح القللدير للشللوكاني ،1/294وموطللأ المللام مالللك
،2/672وشرحه للزرقاني .3/324
) - (25أخللللللللللللللللذا ً مللللللللللللللللن موقللللللللللللللللع:
http://www.thenewlibya.com/libyaeconmic.htm
) - (26المرجع السابق
http://www.balagh.com/mosoa/eqtsad/rf1059h8.htm23 -
((27
) - (28أخرجلله الحللاكم فللي المسللتدرك ,2/43برقللم:
,2261والطلللبراني فلللي الكلللبير ,1/178برقلللم,460 :
والبيهقي في شعب اليمان ,4/363برقللم ,5416 :وقللال
اللباني :حسن لغيللره ,انظللر :صللحيح الللترغيب والللترهيب
,2/179برقللم ,1859 :وهللو فللي صللحيح الجللامع برقللم:
.679
?http://www.qaradawi.net/site/topics/article.aspx
cu_no=2&item_no=2926&version=1&template_id=6&p
(arent_id=12 -(29
) - (30السلم والربا :قرشي ص .221 – 220
) - (31مضار الربا :فضيلة الستاذ محمد راتب النابلسي.
) - (32البخاري ،7/77برقللم ،6011 :ومسلللم ,4/1999
برقم 2586 :واللفظ له.
) - (33ينظر الربا ،وآثاره على المجتمع النساني ،للدكتور
عمر بن سليمان الشقر.
) - (34مسلم ,4/2074برقم.2699 :
) -(35البخاري ,2/862برقم ،2442 :ومسلللم ,4/1996
برقم.2580 :
) -(36مسلم ,4/2302برقم.3006 :
) -(37أبو داود ,4/286برقم ،4942 :والترمللذي ,4/323
برقم ،1923 :وقال الترمذي :حللديث حسللن ,وفللي بعللض
النسخ حسن صللحيح ,قللال اللبللاني فللي صللحيح الللترغيب
والترهيب ,273 / 2برقم ,2261:حسن.
) - (38متفلللق عليللله :البخلللاري ,8/208برقلللم،7376 :
ومسلم ,4/1809برقم.2319 :
689
) - (39أبو داود ,4/285برقم ،1941 :والترمذي ,4/324
برقللم ،924 :وقللال اللبللاني فللي السلسلللة الصللحيحة /2
,594برقم ,925 :صحيح
) - (40كتاب الربللا /أضللراره وآثللاره /فللي ضللوء الكتللاب
والسنة فضيلة الشيخ الدكتور /سعيد بللن علللي بللن وهللف
القحطاني
)-(41
http://www.arriyadh.com/Economic/LeftBar/Researches/
------/----------------------3.doc_cvt.asp
) - (42مضار الربا :فضيلة الستاذ محمد راتب النابلسي.
===============
#أضرار الربا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لللله رب العللالمين و الصلللة والسلللم علللى سلليدنا
محمد سيد الولين والخرين وعلى آله وأصحابه أجمعيللن،
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
لما تعاظم أمر الربا وانتشر وباؤه ،حتى كاد أن يدخل كللل
بيت وتعامل به كثيرون ممن لللم يللدركوا خطللره ،بللل لمللا
استباحه بعض المسيسين زورا ً وبهتانًا ،كان ل بد من تبيين
المسائل الربوية حتى يتجنبها النللاس و أصللبح لزام لا ً علللى
العقلء النابهين أن يظهروا البديل الشللرعي الللذي اختللاره
الله عز وجل لسعاد البشرية لذلك تقدمت بين يللدي هللذه
الضرورة الملحة ببيان مضار الربللا و بجملللة مللن الحكللام
مبينا فيها الفرق بين مسائل البيع ومسللائل الربللا ،فنسللأل
الله التوفيق والسداد في مبتغانا.
فالشللريعة السلللمية اعتللبرت الربللا مللن أكللبر الجللرائم
الجتماعية والدينية ،فالربللا فللي نظللر السلللم مللن أفظللع
الجرائم وهو أساس المفاسد وهو الوجه النقيللض للصللدقة
والبر والحسان ،فالصدقة عطاء وسماحة ،وهللي التعللاون
والتكافل والطهارة ...والربا شللح وقللذارة ودنللس وجشللع
وأنانيللة .ويمكننللا أن نجمللل بعللض أضللرار الربللا فللي ثلث
فقرات:
690
-1ضرر الربا من الناحية النفسية .
-2ضرر الربا من الناحية الجتماعية 0
-3ضرر الربا من الناحية القتصادية.
-1فمن الناحية النفسية فإن الربا يوّلد لدى النسان حللب
الثرة والنانية ،فل يهمه إل مصلحته ونفعه ،فبذلك تنعللدم
المروءة واليثار ،وتنعللدم معللاني الللبر و الحسللان ومحبللة
الخير للخرين ،وتحل مكانها النانية والثرة وحللب الللذات،
وتتلشللى الروابللط الخويللة بيللن النسللان وأخيلله فيغللدو
النسان المرابي مصاص دماء ل يهملله سللوى اسللتلب مللا
في أيدي الناس ومللص دمللائهم ،ويصللبح ذئبللا فللي صللورة
إنسان وديع ،وتجد أن معاني الخير والنبل والمللروءة قللد
انعدمت في قلوب الناس وحل مكانها الجشع والطمع.
-2وأمللا ضللرر الربللا مللن الناحيللة الجتماعيللة :فللإنه يولللد
الكراهية والعداوة بين أفراد المجتمع ويكللون معللول هللدم ٍ
يهدم الروابط النسانية والجتماعيللة بيللن طبقللات النللاس،
ويقضللي علللى كللل مظللاهر الشللفقة والحنللان ،والتعللاون
والحسان في نفللوس البشلر ،بلل إنله ليللزرع فلي القلللب
الحسللد والبغضللاء ،ويللدمر قواعللد المحبللة والخللاء ،ومللن
المقطللوع بلله أن النسللان الللذي ل تسللكن قلبلله معللاني
الشفقة والرحمة ،ول يعرف معنى للخوة النسانية سوف
يعدم كل إحترام أو عطف من أبناء مجتمعه وينظرون إليه
بعين الزدراء والحتقار ،وكفى بمن يتنللاولون مللرض الربللا
مقتا ً أنهم أعلنوا على أنفسهم الحرب من الللله عللز وجللل،
بمللا كسللبت أيللديهم مللن مللص لللدماء البشللر عللن طريللق
استغللهم حاجتهم واضطرارهم.
-3وأما ضرر الربا من الناحية القتصادية :فهو جلي واضح
لنه يقسم الناس الى طبقتين ،طبقة مترفة تعيش منعمللة
مرفهة على حساب الخرين ،وطبقة معدمللة تعيللش علللى
الفاقة والحاجة ،والبؤس والحرمان.
فالله عللز وجللل يخللبر أولئك المتعللاملين بالربللا فيمتصللون
دماء الناس ،بأنهم ل يقومون من قبورهم يوم القيامللة ،إل
كما يقللوم المصللروع حللال صللرعه وتخبللط الشلليطان للله،
فيتعثر ويسقط ول يستطيع المشي سويًا ،لن به مسا ً من
691
الشيطان ،فهذه الحالة تلّبستهم لمللا اسللتحلوا الربللا الللذي
حرمه الله ،فقالوا الربلا مثلل اللبيع فلملاذا يكلون حراملًا؟
وقد رد الله عليهم قولهم السقيم بللأن الللبيع تبللادل منللافع
وقد أحللله الللله ،أمللا الربللا فهللو زيللادة مقتطعللة مللن جهللد
المدين أو لحمه وقد حرمه الله فكيف يتساويان ؟!
الللله جعللل الللبيع حلل ً وجعللل الربللا حراملا ً فقللال سللبحانه
ْ
ممللا ي َُقللو ُ ن إ ِل ّ ك َ َ مللو َ ن الّرب َللا ل َ ي َُقو ُ ن ي َلأك ُُلو َ َ وتعللالى " :ال ّل ِ
ذي
طان من الملس ذ َلل َ َ
ملا م َقلاُلوا إ ِن ّ َ ك ِبلأن ّهُ ْ ّ ِ َ شي ْ َ ُ ِ َ ه ال ّ خب ّط ُ ُ ذي ي َت َ َ ال ّ ِ
َ
جللاَءهُ مللن َ م الّرب َللا فَ َ حلّر َ ه الب َي ْلعَ وَ َ ل الل ّل ُ حل ّل الّرَبا وَأ َ مث ْ ُ الب َي ْعُ ِ
َ
ن م ْ مُرهُ إ َِلى الل ّهِ وَ َ ف وَأ ْ سل َ َ ما َ ه َ من ّرب ّهِ َفانت ََهى فَل َ ُ ة ّ عظ َ ٌ مو ْ ِ َ
َ َ َ ُ
ن " ) سللورة خال ِللدو ِ َ م ِفيهَللا َ ب الن ّللارِ هُل ْ حا ُصل َ عَللاد َ فَلأوْلئ ِك أ ْ
البقرة ( 275 :
فقد رد الله عليهللم هللذه الشللبهة فالمغللايرة واضللحة بيللن
الللبيع وبيللن الربللا وهللذا مللا دلللت عليلله الللواو الللتي تفيللد
المغايرة فهي كالواو في قوله تعالى ) ومن ثمرات النخيل
والعنللاب تتخللذون منلله سللكرا ً ورزقللا ً حسللنا ( ،فللالرزق
الحسن غير السكر.
ثم توجه خطاب الله عز وجل إلى المؤمنين الذي يتخللذون
من شرع الله منهجا ً وسلوكًا ،ينهللاهم الللله عللز وجللل فيلله
عن أكل الربا فيقول سبحانه وتعالى ) يا أيها الللذين آمنللوا
ل تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة. (....فمللاذا علللى المللؤمنين
التائبين أن يفعلوا ؟! ) فإن تبتم فلكللم رؤوس أمللوالكم ل
تظلمون ول تظلمون .(....
ثم يأتي تهديد الله عز وجل بمحق أموال المرابين ووعللده
سبحانه وتعالى بتنمية أموال التائبين فقال سبحانه وتعالى
) يمحق الله الربا ويربي الصدقات . (....ثم يأمر الله عللز
وجل عباده المؤمنين بالتقوى وتللرك المللوال الربويللة }يللا
َ
م ن ك ُن ُْتلل ْ ن الّربا إ ِ ْ م َ ي ِ ه ْوَذ َُروا ما ب َِق َ مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ نآ َ ذي َ أّيها ال ّ ِ
ه
سللول ِ ِ ن الل ّلهِ وََر ُ مل َ ب ِ ح لْر ٍ م ت َْفعَُلوا فَ لأذ َُنوا ب ِ َ ن لَ ْ ن ،فَإ ِ ْ مِني َ مؤ ْ ِ ُ
َ
ن{ مللو َ ن َول ت ُظ ْل َ ُ مللو َ م ل ت َظ ْل ِ ُ موال ِك ُ ْ سأ ْ ؤو ُ م ُر ُ م فَل َك ُ ْ ن ت ُب ْت ُ ْ وَإ ِ ْ
]البقرة.[279-2/278 :
أما أولئك الذين أرادوا أن يستمروا فللي أكللل أمللوال الربللا
والتعامل فيه فقد جاء إعلن الله عز وجل بالحرب عليهللم
692
ْ
ه{. ن الل ّلهِ وََر ُ
سللول ِ ِ مل َ
ب ِ فقال سبحانه وتعالى }فَأذ َُنوا ب ِ َ
حْر ٍ
وهذا سيد الخلق وحبيب الحق محمد بللن عبللد الللله صلللى
الللله عليلله وسلللم -الللذي كللان ول يللزال قللدوة المللؤمنين
الذين آمنوا بالله واليوم الخر -يقول )) :أل إن كل ربا ً من
ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا عمي العباس وكل
دم من دم الجاهلية موضوع ،وأول دم أضعه دم ربيعة بن
الحارث بن عبد المطلب((.
ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لعن الللله
آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه واللعن هللو الطللرد مللن
رحمة الله تعالى ،فالربا من الكبائر كالزنا وشللرب الخمللر
ويدل على سوء الخاتمة كإيذاء أولياء الللله الصللالحين ولللو
أمواتا ً فإنه سبحانه وتعالى لم يأذن بالمحاربة إل فيهم.
وحرمة الربا تعبدية ولم يحل في شريعة قط لقوله تعللالى
) وأكلهم الربا وقد نهوا عنه ( أي في الكتب السابقة.
الربا من الكبائر فكل من يقللول إن الربللا جللائز فقللد حللل
الحرام ومن حلل الحرام متعمدا ً فهو كافر .
والربا لغة الزيادة قال الللله تعللالى ) وتللرى الرض هامللدة
فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت( أي زادت ونمت.
وأما الربللا شللرعا ً فهللو عقللد علللى عللوض مخصللوص غيللر
معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقللد أو مللع تللأخير
في البدلين أو أحدهما وسللمي الربللا عقللدا ً لن فيله تبلادل
الموال ،ومعنى على عوض مخصوص أي الموال الربويللة
من ذهب وفضة وبر وشعير وغير ذلك ،أمللا المقصللود مللن
عبارة غيللر معلللوم التماثللل أي بللأن يكللون أحللد العوضللين
متفاضل ً مع العوض الخللر أو أنلله مجهللول التسللاوي معلله،
وأما قوله فللي معيللار الشللرع فهللو المكيللل فللي المكيلت
والموزون في الموزونات ،وأمللا قللوله حالللة العقللد فل بللد
للعوضين أن يكونا متساويين حالة العقد فلو كللان العللوض
مجهول ً عنللد العقللد فل يجللوز وإن كيللل بعللد العقللد فخللرج
العوضان متماثلين لن التماثل كان مجهول ً حالة العقد.
وأم المراد بالتأخير في البدلين أو أحدهما أي فيم للو كلان
العوضان متماثلين عند العقللد لكللن لللم يتللم التقللابض فللي
المجلس بين المتعاقدين والمراد بالتللأخير كللذلك اشللتراط
693
الجل في العقد .وبعد شللرح تعريللف الربللا نللبين أن الربللا
على ثلثة أنواع.
النللوع الول هللو ربللا الفضللل وهللو الللبيع مللع زيللادة أحللد
العوضين على الخر كبعتك دينارا ً بدينارين ،وقللد روى هللذا
التحريم البخاري ومسلم أن رسول الللله صلللى الللله عليلله
وسلم قال ل تبيعوا الذهب بالذهب إل مثل ً بمثل ول تشفوا
بعضها على بعض ول تبيعوا الورق بالورق إل مثل ً بمثل ول
تشفوا بعضها على بعض أي ل تفضلوا بعضها علللى بعللض،
وقول النبي صلى الله عليه وسلللم ل تشللفوا بعضللها علللى
بعض )أي ل تفاضلوا (.
كما أنه ل عبرة للصنعة في هذا ،كأن بيع خاتم ذهب ووزنه
خمسة عشر غراما بخمسة عشر غراما ً من الذهب ومللائة
ليرة للصنعة فهذا ربا ،إذ ل عبرة للصنعة وإن ذلك سيؤدي
إلى زيادة أحد العوضين وانتفاء التماثللل ،ومللن هللذا النللوع
ربا القرض وهو أن يشترط مللا فيله نفللع للمقللرض وجعللل
من ربا القللرض لنلله لمللا شللرط فيلله نفللع للمقللرض كللان
بمنزلة أنه باعه ما أقرضه بما يزيد عليه ،كأن قال مقرض
لمقترض أقرضتك ألف ليرة على أن تعيدها إلي بعد شللهر
ألفا ً و خمسين فكأنه باعه ألف ليرة بألف وخمسللين ليللرة
فأشبه البيع مع زيادة أحد العوضين.
وأما النوع الثاني فهو ربا اليد وهو البيع مع تأخير العوضين
أو أحدهما كأن بيع مال ربوي بمال ربوي فيه نفللس العلللة
دون أن يشترط لللذلك أجللل بنفللس العقللد ،ولكللن يحصللل
التأخير في قبللض البللدلين أو أحللدهما عللن مجلللس العقللد
بالفعل والدليل على تحريم هذا النوع الحللديث الللذي رواه
البخاري ومسلم عن عمللر بللن الخطللاب رضللي الللله عنلله
قللال :قللال رسللول الللله صلللى الللله عليلله وسلللم الللذهب
بالذهب ربا إل هاء وهاء .وكلمة هللاء هللي اسللم فعللل أمللر
بمعنى خذ ،والمراد أن يعطي كل من المتعاقدين مللا بيللده
من العوض فيحصل التقابض في المجلس كبعتك هذا المد َ
بهذا المدِ وأسلمك المد الذي بيدي ثم تسلمني المد الللذي
بيدك ويتم التقابض في المجلس.
694
أما إذا تم تأخير تسليم العوضللين أو أحللدهما عللن مجلللس
العقد فإن ذلك هو ربا اليد.
وأما النوع الثالث من أنواع الربا فهو ربا الَنساِء وهو الللبيع
لجل والنساء معناه التأخير وهو بيع مال ربوي بمال ربوي
ل
آخر فيه نفس العلة إلى أج ٍ
ومثاله :بعتك عشرين غراما ً ذهبا ً بعشللرين ذهب لا ً وأسلللمك
العشرين بعد يومين.
والرسول صلى الله عليه وسلم قال مثل ً بمثللل و يللدا بيللد
سواًء بسواء.
ة مللن القللرءان الكريللم وبعد أن استعرضنا نصوصلا ً واضللح ً
والسللنة المطهللرة فللي تحريللم الربللا وبينللا أنللواعه الثلثللة
وهي :
-ربا الفضل
-ربا اليد
-ربا النساء
فل بد أن نتعرف على الشياء التي يحصللل فيهللا و يتحقللق
الربا.
فالربا ل يكون إل في الذهب والفضة ولللو غيللر مضللروبين
وفي المطعومات ل في غير ذلك.
والمراد بالمطعومللات مللا قصللد لطعللم تقوت لا ً أو تفكه لا ً أو
تداويا ً كما يؤخذ ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم
الللذهب بالللذهب والفضللة بالفضللة والللبر بللالبر والشللعير
بالشللعير والتمللر بللالتمر والملللح بالملللح مثل ً بمثللل سللواءً
بسواء يدا ً بيد .فللإذا اختلفللت هللذه الجنللاس فللبيعوا كيللف
شئتم إذا كللان يللدا ً بيللد .أي مقابضللة ،فقللد نللص الحللديث
الشريف على أن الربا إنما يكون في الذهب والفضللة وإن
كانا غير مضروبين كحلي وتبر وسبائك أي ولو كان الذهب
أو الفضللة مكسللرا ً ويطلللق علللى الللذهب والفضللة اسللم
النقدين وإنما يكون الربا في الذهب والفضة لعلللة الثمنيللة
الغالبة ويعبر عنها بجوهرية الثمان غالبًا ،وهي منتفية عللن
العروض .وأيضا ً نص الحديث الشريف على الللبر والشللعير
والمقصللود منهمللا التقللوت فللألحق بهمللا مللا فللي معناهمللا
كالرز والحمص والذرة والماء العللذب فللإنه مطعللوم قللال
695
الله تعالى )ومن لم يطعمه فإنه مني( وأيضا ً نص الحللديث
الشريف على التمر والمقصود منه التفكه والتلأدم فللألحق
بلله مللا فللي معنللاه كالللذبيب والللتين ،وأيضلا ً نللص الحللديث
الشريف على الملح والمقصود منه الصلح فألحق بلله مللا
في معناه من الدوية كالزعفران والزنجبيل وحب الحنظل
والكزبرة .فالملح لصلح الطعام والدوية لصلح البدن.
أمللا المطعومللات الخاصللة بالبهللائم فقللط فل ربللا فيهللا
كالحشيش والتبن.
أما ما اشترك فيه البهائم والدميون ففيه الربللا وإن أكلتلله
البهائم كثيرًا.
أما الطعام المشترك بين الدميين والبهائم ففيه التفصلليل
التي
فالمطعوم المختص بالدميين وما يغلللب اختصاصللهم فيلله
وما يستوي فيه الدميون وغيرهم ففيه الربا ،أما ما يختص
بغير الدميين وما يغلب في غير الدميين فل ربا فيه.
أما التفكه فالمراد به ما يؤكل لللتذاذ به كللالتحلي بحلللوى
ل أكل الفاكهة وبعد أن تعرفنا على الجناس الربوية الللتي
نص عليها الحديث الشريف فل بد أن نتعللرف علللى كيفيللة
بيع بعضها ببعض وبيع بعضها بغيره.
والمراد بالجنس كل شيئين اتفقا فلي السلم الخلاص ملن
أصل الخلقة ،فهم جنللس واحللد فالللذهب فللي كللل أنللواعه
يعتبر جنسا ً واحدا ً والحنطة فللي كللل أنواعهللا تعتللبر جنسلا ً
واحدا ً وكل ما يتفرع عن الصل يعتللبر جنسللا تابع لا ً لصللله
فالبرغل والطحين يعتبران جنسا ً واحدا تابعا ً لصليهما وهو
ط لصللحة الللبيع ثلثللة أمللورالبر .فإذا بيع ربوي بجنسه شرِ َ
حلول و تقابض قبل تفرق ومماثلة يقينا ً ومعنى الحلول أي
ل يصح بيع جنس ربوي بجنسلله دينلًا ،وأمللا التقللابض ففللي
المجلس ،ول بد من المماثلة يقينا ً وتكللون المماثلللة فيمللا
يكال كيل ً ويوزن وزنا ً وهذه المور الثلثة أخذناها من قللول
النبي صلى الله عليه وسلم ) ل تبيعوا الللذهب بالللذهب ول
الوَرِقَ بالوَرِقَ ول البر بالبر ول الشللعير بالشللعير ول التمللر
بالتمر ول الملح بالملح إل سواء بسواء عينا بعيللن يللدا بيللد
فإن اختلفت هذه الصناف فبيعوا كيف شئتم إن كللان يللدا ً
696
بيللد( .فل بللد مللن المماثلللة يقينللا فللي البللدلين كيل ً فللي
ل
ل برطل ٍ المكيلت كمد بمللد ووزنللا فللي الموزونللات كرطل ٍ
وعددا ً في المعدودات كخمسة بخمسة.
والجهل بالمماثللة كحقيقلة المفاضللة ،فللو بيعلت صلبرة]
[1حنطة بصبرة أخرى ل يعلم قدر كل منهما فهذا ربا ولللو
علم تساويهما بعد ذلك ،لن الجهللل بالمماثلللة سللبق الللبيع
فالجهل بالمماثلة كحقيقللة المفاضلللة أي كللبيع مللد بمللدين
وهذا حرام لكن لو بيع مدان من هذه الصللبرة بمللدين مللن
تلك الصبرة جاز وذلك للعلم بالتماثل حالة البيع.
والتفصيل في مسألة المكيل والموزون أنه إذا كان المللبيع
أصغر من تمرة فمكيل وإن كان أكبر من تمللرة فمللوزون،
أما إذا كان مثل التمر فبعادة بلد المبيع حاللة اللبيع ،وقلال
أبو يوسف من الحنفية :المعتلبر هللو العلرف مطلقلا ً وفلي
هذا رفع للحرج.
وإذا بيع ربوي بربوي غير جنسلله واتحللدا علللة كللبر بشللعير
وذهب بفضة شرط حلول و تقابض قبل التفرق ل مماثللة.
فإذا بيع مد قمح بمدي شعير أو بيع مائة غرام من الللذهب
بللألف غللرام مللن الفضللة فهللذا جللائز وذلللك للختلف فللي
الجنللس ،كمشللتقات أصللول مختلفللة الجنللس وخلولهللا
وأدهانها ولحومهللا وألبانهللا أي أن حكللم مشللتقات الجنللس
كحكم أصولها ،فلو بيع طحين قمح بطحين شعير يشللترط
الحلول و التقابض فقط كأصلهما تمامًا ،وكذا فللي الخلللول
و الدهان واللحوم واللبان والبيض فيباع خل العنللب بخللل
التمر متفاضل ً بشرط الحلول و التقابض فقط ،وكللذا بقيللة
مشتقات الصول المختلفة لختلف الجناس واتحاد العلة.
والعلة إما أن تكون علة طعم كما في البر والشللعير وإمللا
أن تكللون علللة ثمنيللة كمللا فللي الللذهب والفضللة ،وخللرج
بمختلفة الجنس متحدته كمشتقات أنواع البر فهللي جنللس
واحد ٌ أي ل يجوز بيع دقيق الحنطللة بللدقيق الحنطللة لعللدم
تأتي المماثلة ،أما إذا بيع جنس ربوي بجنس ربوي مختلف
مع الجنس الخر في العلة كبيع طعام بذهب أو بيع طعللام
بثوب أو بيع ثوب بثوب لللم يشللترط شلليء مللن الشللروط
697
الثلثة السابقة للختلف في الجنس والعلة ،فالطعام علته
الطعم والذهب علته الثمنية.
وتعتللبر المماثلللة فللي الثمللر والحللب واللحللم بجفللاف لهللا
والثمر هو العنب والتمر والحب هو الحنطللة والشللعير ومللا
يلحللق بهمللا مللن ذرة وأرز وعللدس فل يصللح بيللع الحبللوب
بعضها ببعللض رطبللة بللل ل بللد مللن الجفللاف وكللذا الثمللار
واللحم فل يصح بيع رطب برطب أي ول بجاف أي ل يصح
بيع رطب بجللاف وكمللا ل يصللح بيللع حنطللة رطبللة بحنطللة
رطبة ول يصح بيع شعير رطب بشعير رطب كذلك ل يصح
بيع حنطة رطبة بحنطة جافة ول شعير رطب بشعير جاف
فل بد من المماثلة في الثمر ول بد من المماثلة في الحب
ول بد من المماثلة في اللحم ويعتبر كل ذلك بجفافها .وقد
استثنى النبي من ذلك بيع العرايا ولكن بشرط أن ل يزيللد
المبيع عن خمسة أوسللق ،فيقللول البللائع للمشللتري بعتللك
الرطب على النخيل بتمر علللى الرض ،ول بللد مللن تقللدير
المماثلة حالة الجفاف ،وقدرة الخمسة أوسق بسللبع مللائة
وخمسين كيلو غللرام وجللاء فللي مشللروعية ذلللك مللا رواه
البخاري ومسلم عن سهل بن أبي حتمللة رضللي الللله عنلله
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهللى عللن بيللع الثمللر
بالتمر ورخص في العَرِي َةِ أن تباع بخرصها] [2يأكلهللا أهلهلا
رطبًا ،وفي حديث آخر يرويه البخللاري ومسلللم أن رسللول
الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيللع العرايللا لخمسللة
أوسق أو دون خمسة أوسق والصل في ذلك سؤل النللبي
صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر فقال :أينقص
الرطللب إذا يبللس؟ فقللالوا نعللم فنهللى عللن ذلللك .رواه
الترمذي وغيره وصححه .
وفيه إشارة إلى أن المماثلللة تعتللبر عنللد الجفللاف وألحللق
بالرطب فيما ذكللر طللري اللحللم فل يبللاع بطريلله ول يبللاع
طري اللحم بقديده من جنسه.
فبيع 10ك.غ لحم بقر طري بل ل 10ك.غ لحللم بقللر قديللد ل
يصح .
698
لكن صح أن يباع قديده بقديده بل عظم ول ملح يظهر في
الوزن فبيع 10ك.غ لحم قديد بل 10ك.غ لحم قديد بل ملح
أو عظم يظهر في الوزن فإنه يصح.
ويمتنللع بيللع بللر بللبر مبلللول وإن جللف أي ل يصللح بيللع بللر
مسلوق ببر مسلوق وإن جف كبيع الفريكة بالفريكللة وبيللع
البرغل بالبرغل فإنه ل يصح وإن جللف فل تكللون المماثلللة
فيما يتخذ من حب كدقيق وخبز فل يبللاع بعضلله ببعللض ول
حبه به للجهل بالمماثلللة بتفللاوت الطحيللن فللي النعومللة و
الخبز في تأثير النار ويجوز بيع ذلللك بالنخالللة لنهللا ليسللت
ربوية فل يجوز بيع دقيق الحنطة بدقيق الحنطللة ول يجللوز
بيع الخبز بالخبز لن الخبز أثللرت فيلله النللار كمللا أن المللاء
في الرغيف الول يختلف عن الماء في الرغيف الثللاني ول
يجوز بيع حب الحنطللة بطحيللن الحنطللة للجهللل بالمماثلللة
ويجوز بيع ذلك بالنخالة لنها ليسللت ربويللة تقللول السلليدة
عائشة أول بدعة دخلت في السلم النخل وقللد ثبللت الن
علميا فوائد النخالة فيصللح بيللع النخالللة بالحنطللة مفاضلللة
وتكللون المماثلللة فللي دهللن السمسللم فيجللوز بيللع دهللن
السمسللم بللدهن السمسللم متمللاثل ً ول يجللوز بيللع دهللن
السمسم بحب السمسم لعدم المماثلة ،وتكفللي المماثلللة
في العنب أو الرطب عصيرا ً أو خل ً فيجوز بيع عصير عنب
بعصير عنللب وعصللير الرطللب بعصللير الرطللب وكللذا خللل
العنب بخل العنب وخل الرطلب بخلل الرطلب لكلن ل بلد
مللن المماثللة لن مللا ذكللر حللالت كملال وكعصلير العنلب
والرطب عصير ثائر الفواكه كعصير الرمان وعصير قصللب
السللكر وتعتللبر أي المماثلللة فللي لبللن لبن لا ً بحللاله )أي لللم
يخالطه المللاء( أو سللمنا ً أو مخيضلا ً صللرفا ً أي خالصلا ً مللن
المللاء ونحللوه ويجللوز بيللع بعللض اللبللن ببعللض سللواء فيلله
الحليب وغيره ما لم يغلى بالنار ،ويجوز بيع بعللض السللمن
ببعض ،واللبللن يطلللق علللى الحليللب فل يجللوز بيللع حليللب
مخلوط بماء بحليب آخر لوجود الماء في الحليب كللذلك ل
يجوز بيع سمن فيه نوع من اللبن بسمن آخللر ،ويصللح بيللع
المخيض بالمخيض و المخيض هللو مللا نللزع زبللده أي يبللاع
المخيض بالمخيض الصرف والسمن بالسمن ما لم يخلللط
699
السمن باللبن .فل تكون المماثلة في باقي أحواله كجبن و
أقط ومصل وزبد لنها ل تخلو عن مخالطة شلليء فللالجبن
يخللالطه النفحللة] ،[3والقللط يخللالطه المللاء ،والمصللل
يخللالطه الطحيللن ،والزبللد ل يخلللو عللن قليللل مخيللض ،فل
تتحقق فيها المماثلة فل يباع بعللض كللل منهللا ببعللض فللبيع
لبن بلبن يصح وبيع لبن بحليب يصح أما بيع جبن بجبللن فل
يصح ،ول يصح بيع مصل بمصل ول يصح بيع أقط بللأقط و
القط هو ما يتخذ من اللبن المخيض ثم يطبللخ ثللم يللترك،
والمصل ما سال من ماء القط إذا طبللخ فل يبللاع المصللل
بالمصل ،ول يباع الزبد بالزبد ،لنهللا ل تخلللو عللن مخالطللة
شيء فل يباع كل منها ببعللض لعللدم تحقللق المماثلللة ،ول
ي
ي وش ل ٍ تكفي المماثلة فيما أثرت فيه نار كنحو طبخ وقللل ً
وعقللد ودبللس فل يبللاع بعضلله ببعللض للجهللل بالمماثلللة
باختلف تأثير النار قوة وضعفا ً فل يباع لحم مشللوي بلحللم
مشوي ول لحم مقلي بلحم مقلي ول يباع معقللود بمعقللود
ول يباع دبس بدبس
ول يضر تأثير تمييللز ولللو بنللار كعسللل وسللمن مللذاب عللن
الشمع واللبن فيباع بعض كل منهمللا ببعللض حينئذ لن نللار
التمييللز لطيفللة أمللا قبللل التمييللز فل يجللوز ذلللك للجهللل
بالمماثلة إذا يصح بيع العسللل بالعسللل والسللمن بالسللمن
ولو أتهما عرضا علللى النللار لنلله ل بللد مللن ذلللك لحصللول
التمييز أي تمييز الشمع عللن العسللل وتمييللز السللمن عللن
اللبن ويباع بعض كل ببعللض حينئذ لن نللار التمييللز لطيفللة
أما قبل التمييز فل يجوز ذلك للجهل بالمماثلة.
وإذا جمع عقد جنسللا ربويلا ً مللن الجللانبين فللاختلف المللبيع
جنسا ً أو نوعا ً أو صفة منهما أو مللن أحللدهما ،بللأن أشللتمل
أحدهما على جنسللين أو نللوعين أو صللفتين أشللتمل الخللر
عليهما أو على أحدهما فقط كمد عجوة ودرهم بمثلهما أو
بمدين ودرهمين أو كمللد عجللوة وثللوب بمثلهمللا أو بمللدين
وكجيد ورديء متميزين بمثلهما أو بأحدهما وقيمة الرديللء
دون قيمة الجيد كما هو الغالب فباطل.
إذا فإذا جمع عقد جنسا ً ربويا ً من الجانبين و اختلف المبيع
جنسا ً المللد جنللس والللدرهم جنللس آخللر ،فللإذا بيللع هللذان
700
الجنسان بمثلهما كأن بيللع مللد عجللوة ودرهللم بمللد عجللوة
ودرهللم أو مللدين كللأن بيللع مللد عجللوة ودرهللم بمللدين أو
بدرهمين وكأن بيع مد عجوة ودرهم بمللدين وهللذه الصللور
الثلثللة السللابقة فللي اختلف الجنللس فل يصللح ،أمللا فللي
اختلف النوع كأن بيع مد عجوة برني ومد عجوة صلليحاني
بمثلهما أي مد عجوة برني بمد عجللوة صلليحاني أو بمللدين
كأن بيع مد عجوة برني ومد عجوة صيحاني بمللدي عجللوة
صيحاني أو بمدين برنييين فل يصح.
ومثال اختلف الصفة كأن بيع دينار صللحيح ودينللار مكسللر
بمثلهما أي بدينار صحيح ودينار مكسر أو بدينارين كأن بيع
دينار صحيح ودينار مكسر بدينارين صحيحين أو مكسللرين،
فل يصح بيع تمر جيد ورديء بتمر جيد ورديء ول يصح بيللع
تمر جيد ورديء بتمر جيد ول يصللح بيللع تمللر جيللد ورديللء
بتمر رديء وقيمة الرديء دون قيمة الجيد كما هو الغللالب
فباطل ،أما إذا كانت قيمة الرديء تساوي قيمة الجيد فإن
البيع يكون صحيحًا.
كأن باع تمللرا ً جيللدا ً ورديلًء ولكللن قيمللة الرديللء تسللاوي
قيمة الجيد بتمر جيد ورديء صح البيع.
وكذا لو باع مدا ً جيدا ً ومدا ً رديًء بمللدين جيللدين لن قيمللة
الرديء تساوي قيمة الجيد فيصللح كللذا لللو بللاع مللدا ً جيللدا ً
ومللدا ً ردي لًء بمللدين رديئيللن صللح كللذلك إذا كللانت قيمللة
الرديء تسلاوي قيملة الجيللد واللدليل علللى ذللك ملا رواه
مسلم عن فضالة بن عبيد قال أوتي النبي صلى الله عليه
وسلم بقلدة فيها خرز والقلدة ذهب والخرز غيللر الللذهب
تباع بتسعة دنانير فللأمر النللبي بالللذهب الللذي فللي القلدة
فنزع وحده ثم قال الذهب بالذهب وزنا بوزن وفللي روايللة
ل تباع حتى تفصل.
و لو لم يشتمل أحد جانبي العقد على شلليء مللم اشللتمل
عليه الخر كللبيع درهللم ودينللار بصللاع بللر وصللاع شللعير أو
بصاعي بر أو شعير وبيع دينار صللحيح وآخللر مكسللر بصللاع
تمر برنيا ً و صاع معقلي أو بصاعين برني أو معقلي جاز.
أما اذا كان الربوي تابعا ً بالضافة الللى المقصللود كللبيع دار
فيها بئر ماء عذب بمثلها فيصح.
701
ول يصح بيع اللحم بالحيوان كأن بيع لحم شاة بشاة للنهي
عن ذلك رواه الترمذي مسللندا وأبللو داوود مرسلل ً بللالنهي
عللن بيللع الشللاة بللاللحم رواه الحللاكم والللبيهقي وصللحح
إسناده.
وأخيللرا إنمللا مللر مللن تفصلليل فللي الحكللام ليللبين الفللرق
الطحيللن بيللن المسللائل الللتي تتعلللق بالربللا ومقارنتهللا
بالمسائل التي تتعلق بالبيع ،وإن الساحة الجتماعية اليللوم
لتشللهد وللسللف بعض لا ً مللن أدعيللاء العلللم يعللودون الللى
الجاهلية الولى فيللبيحون التعامللل مللع المصللارف الربويللة
على أنها مصارف عمللل ،وليللس فيهللا إل الربللا و إل الللذي
حاربه الله وحرمه ،ويبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل.
وبدل ً من أن يظهر الدعاة خطورة الربا على الناس وعلللى
مجتمعللاتهم راح بعضللهم يبحللث عللن تسللهيلت للمصللارف
الربوية وكأنه لم يسمع الللى قللول الللله عللز وجللل وجللوابه
المسكت المخرس كما ورد فللي قللوله تبللارك وتعللالى " :
ْ
هخب ّط ُل ُ ذي ي َت َ َ م ال ّل ِ ما ي َُقللو ُ ن إ ِل ّ ك َ َ مو َن الّرَبا ل َ ي َُقو ُ ن ي َأك ُُلو ََ ذيال ّ ِ
طان من المس ذ َل َ َ
ل الّرب َللا مث ْل ُما الب َي ْلعُ ِ م َقاُلوا إ ِن ّ َ ك ب ِأن ّهُ ْ َ ّ ِ شي ْ َ ُ ِ َ ال ّ
عظ َل ٌ َ
ه
مللن ّرب ّل ِ ة ّ مو ْ ِ جللاَءهُ َ مللن َ م الّرَبا فَ َ حّر َ ل الل ّ ُ
ه الب َي ْعَ وَ َ ح ّ وَأ َ
ك ن عَللاد َ َفلأ ُوْل َئ ِ َ مل ْ ملُرهُ إ َِللى الّللهِ وَ َ
َفانتهى فَل َه ما سلل َ َ َ
ف وَأ ْ ُ َ َ ََ
ن " ) سورة البقرة ( 275 : َ
خاِلدو ِ َ م ِفيَها َ ب الّنارِ هُ ْ حا ُ ص َ أ ْ
وقول النبي صلى الللله عليلله وسلللم لعللن الللله آكللل الربللا
وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء.
و كأني بالحبيب المصطفى صلى الللله عليلله وسلللم يحللذر
أمته فيقول يا أمة محمللد اجتنبللوا كللل جللانب مللن جللوانب
الربا.
و إذا كان علماء المذاهب الربعة قد اختلفوا في شرع من
قبلنا أهو شرع لنا ؟!
فعند المام الشافعي شرع من قبلنللا ليللس شللرعا ً لنللا ،إل
إذا أتى ما يؤيده من كتللاب الللله عللز وجللل وأمللا الخللرون
يقولون شرع من قبلنا هو شرع ٌ لنا إذا لم يأت ما يخللالفه؛
على كل حال وعلى القولين فقد ورد فلي كتلاب اللله علز
وجل أن الربا كان محرما ً على المم السللابقة وحللرم الللله
علينا الربا وهو شرع لمن قبلنا وهو شرع لنا ،فلللم يختلللف
702
أحد في مسألة تحريمه سللابقا ً أو لحق لًا ،فللالله عللز وجللل
َ
ن
ذي َ عندما أنزل تحريم الربا أمرنا بالتقوى فقال }يا أّيها ال ّل ِ
ن، مِني َ م لؤ ْ ِ م ُ ن ك ُن ْت ُل ْ ن الّربللا إ ِ ْ م َ
ي ِ ه وَ ْذ َُروا ما ب َِق َ مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ آ َ
من ت ُب ْت ُل ْ سللول ِهِ وَإ ِ ْ ن الل ّلهِ وََر ُ مل َب ِ ح لْر ٍ م ت َْفعَُلوا فَأذ َُنوا ب ِ َ ن لَ ْ فَإ ِ ْ
َ
ن{ ]البقللرة: مللو َ ن َول ت ُظ ْل َ ُمللو َم ل ت َظ ْل ِ ُ موال ِك ُ ْ
سأ ْ ؤو ُ م ُر ُ فَل َك ُ ْ
..[279-2/278فالمؤمن الذي أمره الله بالتقوى ل يقرب
من عقد الربا على الطلق ،لما في هذا العقللد مللن تجللرد
من القيم النسانية والخلق الفاضلة ،وبنللاءا ً علللى مللا تللم
إيضاحة أخللي المسلللم الكريللم مللن تفصلليلت فقهيللة فللي
جميع فروع الربا صغيرها وكبيرها يتللبين للك زيللف وبطلن
ادعاء من يقول أن ربا البنوك مباح وهو ما يسمى بالفائدة
في عصر قلبت فيه المصطلحات فسميت الخمر مشللروبا
روحيا و سميت الربا فائدة أو عائدا ً ربحيا ً و الرد على ذلك
واضح يستطيع أي مسلم قد أولى دينه شيئا ً من اهتماماته
أو تعلم ما هو واجب عليه مما علم مللن الللدين بالضللرورة
الللتي يجللب علللى كللل مسلللم اللمللام و الهتمللام بهللا و
الحاطة بكل جوانبها فهي من ضمن أخطللر القضللايا الللتي
يحارب السلم من خللها ويتهم بالتخلف و الرجعية وعدم
مواكبللة العصللر ،وأنهللم يزعمللون اسللتحالة وجللود نظللام
اقتصادي دولي ل يقوم على الربا ،فالعداء الذين يمكرون
بالسلم والمسلللمين فللي كللل زمللان و مكللان يركللزون و
ل طاقاتهم من أجل تسويق النظام الربوي الللى ج ّ
يضعون ُ
العالم ،و يستخدمون شتى أسللاليب الخللداع و الحيللل مللن
أجل ذلك ،و ملن بعلض هلذه السلاليب إيجلاد صلنائع لهلم
يربللونهم علللى أيللديهم و يشللترونهم عللن طريللق المللوال
والمناصب ثم يضعونهم على منابر رسللول الللله ليتصللدروا
الفتاء ،كفتوى إباحة التعامل مع البنوك الربويللة،وقللد ذكللر
النبي صلى الله عليه وسلم هؤلء المتفيهقين وحذر منهللم
في قوله )أخوف ما أخاف على أمللتي أئملة مضلللين ( ويلا
للسف نرى أنه خرج من بني جلدتنا ومن كليللات شللريعتنا
أناس يفتللون بإباحللة الربللا فيضلللون السللواد العظللم مللن
المسلللمين لنلله ل يوجللد مللن يللرد عليهللم جهللارًا ،لنهللم
محميون بمزيلد ملن الرهلاب الفكلري فينخلدع بهلم كلثير
703
ممن لم يتفقه بأحكللام الشللريعة الغللراء ويتبعهللم أصللحاب
النفوس المريضة الذين يعتقدون أن أموالهم ستزيد بالربللا
وتنقص بالصدقات،زاعمين أن ما يقولونه وما يقدمونه من
نظريات هو الحق وهو الحضارة و النفتاح وأن ما عداه هو
التخلف و التقوقع على أحكام ٍ أكللل الللدهر عليهللا و شللرب
وليس ذلك .
فهؤلء يريدون نسف النص ونسف الدين فقد خرجوا عمللا
اجتمعت عليه المة سابقا ً ومجمع الفقلله السلللمي لحق لا ً
من تحريم ٍ للتعامل مع البنوك الربوية ول نشللك فللي أنهللم
منافقون يظهرون ولئهم للسلللم و أيللديهم بأيللدي أعللداء
السلم الذين يدعمونهم بالمال و المناصب والشهرة و قد
أخرجللوهم علللى أنهللم فقهللاء و مجللددون ومسللتنيرون و
يجعللللون علملللاء الملللة سللللفا ً و خلفلللا ً أنهلللم ظلميلللون
ومتخلفون وهذا أيضا ما نبه عليلله النللبي صلللى الللله عليلله
وسلم فقللال )أخللاف عليكللم كللل منللافق عليللم اللسللان (
فهؤلء ي َُفّتون في عضد المة أكثر من ألف فاسق .
والحمد لله نحن المسلمين ل نستقي أحكامنللا مللن رئيللس
المجمع الفلني ولو كان أكبر مجمع إسلللمي و ل الللدكتور
الفلني ول الشيخ الفلني نحن نستقي أحكامنا مللن كتللاب
الللله و سللنة رسللوله وإجمللاع المللة ،فالمللة معصللومة
بمجموعها كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال )إن
الله ل يجمع أمتي على ضللة (.
وان ما تردد في الونة الخيرة هو ليس بجديللد اذا علمللت
أخي القارئ أن أكثر من %90من القتصللاد العللالمي هللو
بيد اليهود و إن أكثر من %99من القتصاد اليهودي قللائم
على الربا ،فتصلور أن يتوقلف أكلثر مللن مليللار مسللم أي
حللوالي سللدس سللكان الرض عللن التعامللل مللع البنللوك
الربويللة فسللوف يحللدث ذلللك ضللربة قاصللمة لليهللود و
أعوانهم.
فالنظام الربوي يجعل اليهود أكثر قوة في محاربة السلم
و المسلمين ،و يشكل دعما ً قويا ً للحملت التنصلليرية فللي
افريقية و جنوب شرق آسيا وهذا يشكل معول ً هداما ً لبناء
المسلمين و مجتمعاتهم من جلراء النظلام الربلوي ،وبهلذا
704
علمت أخي المسلم خطورة المر وفظاعته وعرفت لماذا
أعلن الله الحرب على الربا وآكليه.
أخي المسلم عنللدما علمنللا مللا هللي المضللار الللتي يحللدثها
النظام الربوي فسللوف نتسللائل عللن الحلللول القتصللادية،
وهي كثيرة نوهنا الى كثير منها في التفريللق بيللن مسللائل
الربا و مسائل البيع السلابقة وإنلك لتجلد نظاملا ً اقتصلاديا ً
دقيقللا ً رحيمللا ً كشللركة المضللاربة و المرابحللة و الللبيع و
الشراء المبنيللة علللى الرحمللة بيللن النللاس ،بينمللا تجللد أن
النظام الربوي يزيد الفقير فقرا ً و يزيللد الغنللي غنللى علللى
حساب إفقار الخرين ،و يبني الكراهية و الحقد بين الناس
وما تراه اليوم من تصدع في البناء الجتماعي وتردي فللي
الخلق إنملا هلو نتيجلة لهلذا النظلام البغيلض اللذي دبلره
اليهود بليل ،ولهذا كان لبد من إيجاد مؤسسات اقتصللادية
يقيمها الغيارى على الدين والخلق والعراض ،تقوم على
النظام السلمي الذي يجعل المرابحللة بيللن النللاس تقويلة
لشوكة المسلمين ورفعا ً لشأن دينهم وإعزازا ً لمجتمعاتهم
بدل ً من أن يصبح المجتمع تبعا ً ذليل ً لليهود وأعوانهم الذين
يلهثللون وراء جمللع المللال وتللوظيفه فللي تقللويض دعللائم
السلم.
والمسلمون عن ذلك نيام ول حول ول قوة إل بالله العلللي
العظيم وإليك فتوى مفتي الجمهورية المصرية رحمه الللله
في تحريم فوائد البنوك عام 1989
] [1الصبرة )كومة( بمعنى كمية غير معلومة.
] [2بخرصها أي مقدرة بما يقابلها جاف
] [3النفحة هي خترة الجبن وهي
===============
#مضار الربا
لفضيلة الستاذ محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمللد اللله رب العلالمين والصلللة والسلللم عللى سلليدنا
محمد الصادق الوعد المين ،اللهم ل علم لنا إل ما علمتنا
إنك أنت العليم الحكيم ،اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بمللا
علمتنا وزدنا علما ،وأرنا الحق حق لا ً وارزقنللا اتبللاعه وأرنللا
705
الباطل بللاطل ً وارزقنللا اجتنللابه ،واجعلنللا ممللن يسللتمعون
القللول فيتبعللون أحسللنه ،وأدخلنللا برحمتللك فللي عبللادك
الصالحين.
أيها الخوة الكارم :
ل زلنا في موضوع دقيق أل و هلو "الربلا" لقلد بينلت لكللم
في الدرس الماضي ،و هذا هو الللدرس الثللاني بينللت لكللم
في الدرس الماضي أن تسعة أعشار المعاصي تللأتي مللن
ن العللم نلور و العللم حللارس ،و كسب الرزق .واذكروا أ ّ
النسان عليه أن يتفقلله ،لنلله إذا تفقلله عللرف الحللق مللن
الباطللل والخيللر مللن الشللر و الحلل مللن الحللرام ،لكللن
الدرس اليوم محوره مضار الربللا ،و قبللل أن نتحللدث عللن
مضار الربا ل بد من مقدمللة قصلليرة و هللي :أن المللؤمن
الحق إذا علم أن كل أمر تلقاه عن الله عللز وجللل أو عللن
رسول الله صلى الله عليه وسلللم وإذا ثبللت لللديه أن هللذا
أمر الله و أن هذا أمر النبي عليه الصلللة و السلللم فهللذه
هي الوسيلة الوحيدة التي تقنعلله بللالكف عللن كللل مللا هللو
حرام ،لكللن إذا بحثنللا عللن حكمللة التشللريع و عللن مضللار
المعاصي و عن فوائد الطاعات فهذا من أجل الدعوة إلى
الله بشفافية ووضوح ،المؤمن مللا دام أن الللله عللز وجللل
قد أمره و نهاه ،فالمر والنهلي عللة كافيللة لتبلاع الملر و
لجتناب النهي ،لن المر تنبع قيمتلله مللن قيمللة المللر ،و
المر هو الله و المر هو الخالق ،على كل ليس هناك من
مانع أن نبحث في الحكم ليزداد اليمان قال تعالى:
)سورة البقرة (
ليس هناك مللن مللانع أن نبحللث فللي الحكللم لنسللتطيع أن
ندعوَ إلى الله لن الدعوة المعللللة الللتي تللدعمها الدلللة و
الشواهد الواقعية أجدى وأقللوى ،فيمكللن أن تللأمر النللاس
بأمر الله عز وجل وأن تنهاهم عما نهى الله عنه أما حينما
تقدم التحليللل الللدقيق و الفللوائد العظيمللة المترتبللة علللى
طاعلة اللله علز وجلل و النتلائج الخطيلرة اللتي تنتلج ملن
معصية الله عز وجل فهذا من شأنه أن يقنع الناس بأحقية
هذا الدين .
706
وبعد ،فمضار الربا أيها الخللوة أكللثر مللن أن تحصللى كمللا
بينت لكم فللي درس سللابق ،فالمعصللية يكللبر حجمهللا إذا
كللبر خطرهللا هنللاك صللغائر و هنللاك كبللائر .فكلمللا ازداد
الخطر الللذي ينتللج عللن المعصللية يللزداد حجللم المعصللية ،
وكلما قللل الخطللر الللذي ينجللم عللن المعصللية يقللل حجللم
المعصية ،فما من آيللة بللالقرآن الكريللم ومللا مللن معصللية
ذكرت في القرآن الكريم توعد الله مرتكبيهللا بحللرب مللن
الله ورسوله كمعصية الربا ،المعصية الوحيللد الللتي توعللد
الله مرتكبها بحرب من الله ورسللوله هللي معصللية الربللا ،
لمللاذا ؟ لن هللذه المعصللية لهللا آثللار سلليئة فللي المجتمللع
بأكمله ،يعني مجتمع بأكمله يمكن أن يضطرب ،يمكن أن
يدمر ،يمكن أن ينسحق من خلل هذه المعصية الخطيرة
التي تفشت بالعالم كله .
أول نتيجة خطيرة من نتائج معصللية الربللا ،أن الربللا يمنللع
مللن إنشللاء المشللروعات المفيللدة للمجتمللع ،والنسللان
بالسللاس يريللد أن يسللتثمر مللاله ليأخللذ منلله عللائدا ً يعللود
عليه ،فهذا الستثمار إما أن يكون في مشللروعات نافعللة
وإما أن يكون عن طريق الربا .
الصل أن المال إذا وّلدته العمال فهذه مشروعات بنللاءة
ومفيدة وتعللود بللالخير علللى المجتمللع كلله ،أمللا المللال إذا
ولده المال فقط فهذا هو الربا .
الربا :يعني أن المال يولللد المللال مللن دون أعمللال ،أمللا
العمللال إذا ولللدت المللال ،فهللذا يشللير إلللى أن صللاحب
العمل الذي ولد المال استفاد وكذلك المجتمع استفاد .
أيّ مشللروٍع زراعللي ،أيّ مشللروٍع صللناعي ،أي مشللروع
تجاري ،أي مشروع خدمات مع أن أصحابه يربحللون لكللن
هللم يطرحللون خللدماتهم أو بضللائعهم أو منتجللاتهم علللى
تنوعهللا فللي المجتمللع وإذا طرحللت هللذه المللواد أو تلللك
المنتجات أو هذه الخدمات انخفضت السعار وهذه قاعللدة
صللحيحة ،والشللواهد كللثيرة جللدا ً ،عنللدنا قاعللدة وهللذه
القاعدة أشرت إليها في الدرس الماضي تصللور مخروط لا ً
ومحللللورا ً .هللللذا المخللللروط هللللو مؤشللللر السللللعار ،
والدوائرمتعاقبة وأوسع دائرة في القاعدة ثللم تصللغر هللذه
707
الدوائر إلى أن تتلشى في القمة ،الدوائر تمثل الشللرائح
منَتجة أو هذه المستفيدة من هذه السلعة أو هذه المادة ال ُ
الخدمللة ،والمحللور يمثللل ارتفللاع السللعر ،وكلمللا ارتفللع
السعر ضللاقت شللريحة المسللتفيدين منلله ،وهللذه قاعللدة
ذهبية .
توافر المواد يخفض سعرها ،وإذا انخفض السعر اتسللعت
شريحة المستفيدين فإذا اتسعت شريحة المستفيدين عللم
الرخللاء ،هنللاك بعللض المللواد حينمللا كللانت ممنوعللة كللان
سللمح باسللتيرادها وأصللبحت مبذولللة سعرها مضاعفا ً فلما ُ
بين أيدي الناس انخفض سعرها إلى النصف .
النسان حينما يوظف أمواله في مشروعات إنتاجية يسهم
بشكل أو بللآخر بخفللض السللعار ،والسللعار إذا انخفضللت
اتسلللعت شلللريحة المسلللتفيدين فلللإذا اتسلللعت شلللريحة
المستفيدين عم الرخاء .
فلو أن إنسانا ً أسس مشروعا ً بقرض ربللوي هللل يسللتطيع
أن يبيع سلعته بسعر يساوي سعر مشروع أسس من دون
قللرض ربللوي ،سللؤال دقيللق ؟ فهللذان مشللروعان بحجللم
واحد ،في اختصاص واحد ،بسلعة واحدة .
مشروع أسس بقرض ربوي بحسب التكللاليف وأحللد هللذه
حش رب ل ٍ
ضللع هللام َ ض لعَ التكللاليف وو َ
التكللاليف الفللائدة ،وَ َ
ح السلعة في السوق . وطر َ
المشروع الثاني القرض حسن غير ربوي ،وضعَ التكللاليف
ي
ح السلللعة فللي السللوق أ ّ ضللع هللامش الربللح وطللر َ وو َ
السلعتين أعلللى سللعرا ً ؟ سلللعة المشللروع الربللوي .هللذا
بشكل مبسط.
أيّ مشروع بني على قللرض ربللوي يطللرح سلللعه بأسللعار
مرتفعة ،الربا من هللذه الزاويللة يسللهم برفللع السللعر وإذا
أسهم برفع السعر قلت نسبة المنتفعيللن وإذا قلللت نسللبة
المنتفعين اضطر المنتج أن يخفللض إنتللاجه ،انظللروا إلللى
هذه الحلقة المفرغة ،انخفض النتاج .
هناك قصة ترويها كتب القتصللاد ،الكسللاد الخطيللر الللذي
كان في عام ألف وتسعمئة وثمانية وثلثين والذي كان في
أوربا ،طفل صغير كاد َ يموت مللن الللبرد سللأل أبللاه :أيللن
708
ت ؟ فوالده فصل من عمله لماذا ؟ لنلله يوجللد الفحم يا أب ِ
كسلاد بللالفحم فلي المنلاجم ول يوجللد بيللع فاسلتغنوا عللن
العمال ،فلما سأل البن أباه لماذا ل يوجللد عنللدنا فحللم ؟
قال يا بني لكثرة الفحم ،ليس عندنا فحم نتدّفأ به لللوفرة
ن سللعره مرتفللع الفحم في المعامللل ،فللالفحم متللوافر ل ّ
فصار كساد وصارت بطالة ،والذي ترك عمللله ليللس فللي
إمكانه أن يشتري فحما ً يتدّفأ به .
القضية خطيرة جدا ً قضية قوانين اقتصادية ،هللذا المحللور
المخروط ؛ انتبهوا إليلله ،كللل شلليء يرفللع السللعر يضلليق
ن اللدائرة إذا ضلاقت يقللل دائرة السلتفادة ،والمشللكلة أ ّ
النتللاج والبضللائع تتكللدس فللي المسللتودعات ويخفضللون
النتللاج وإذا خفللض النتللاج اسللتغنوا عللن العمللال ووقعللت
بطالة.
أخطر شيء فللي الربللا أنلله يصللرف النللاس إلللى اسللتثمار
أموالهم بطريقة الربللا المريحللة ويبعللدهم عللن اسللتثمارها
بالمشروعات الناجحة هذا أول شيء ،كانوا قبللل سللنوات
عديللدة يقيسللون قللوة الدولللة القتصللادية بمللدى التغطيللة
الذهبية لعملتها الورقية وهذا المقياس أصبح فاسللدا ً ،أمللا
الن فالقوة القتصادية في أمة هي القدرة علللى النتللاج ،
إذا كان عندها منتجات وتصدر أكثر مما تستورد فهذا البلللد
أو هذه المة قوية ،إذا ً الربا يسهم فللي صللرف المللوال ل
إلللى مشللروعات إنتاجيللة نافعللة ،بللل إلللى السللتثمار عللن
طريق الفائدة وهللذا يسللهم فللي رفللع السللعار وفللي قلللة
المسلتفيدين ملن منتجلات زراعيلة أو صلناعية أو خلدمات
وهذا يؤدي إلى البطالة .
أحد العلمللاء القتصللاديين فللي العللالم الغربللي يقللول :إن
ارتفاع سعر الربا يجعل الناس كسالى .
تصور إنسللانا ً ل يعمللل ،يسللتيقظ السللاعة الثانيللة عشللرة
ظهرا ً ،لن أمللواله مسللتثمرة فللي مشللروع ربللوي وربحلله
ثابت ل يهمه نزول مطر أو ل .ويقول بل مطللر أفضللل ول
يهمه كساد ول يهمه رواج ،ل يهملله تقللدم المللة ،فربحلله
ثللابت ،لللذلك أقسللى قلللب هللو قلللب المرابللي أو الللذي
يستثمر ماله عن طريق الربا لنه ل يوجد عنده مشكلة .
709
أما المزارع ؛ فقد أقسم لي بعضهم أن بعللض المزارعيللن
حينما هطلت المطار انهمرت مع المطار دمللوعهم فرح لا ً
بهذه المطار ،ترى المزارع متعلقلا ً برحمللة الللله ،التللاجر
يشتري البضاعة ويقول :يا جبار تخرج من أعمللاق قلبلله ،
مرة قلللت لتللاجر هللذا القمللاش جميللل فقللال لللي :ليللس
القماش جميل ولكن الذي يباع هو الجميل .
المرابي بما أن ربحه ثابت ودخله ل يهزه شلليء ،ل قحللط
السماء ول كساد البضاعة ول قانون ول شيء آخر ،فقلبه
س.قا ٍ
فلو فرضنا أنك ممنوع بمجتمع مسلم أن تستثمر مالللك إل
في المور النتاجية ،وأنللك ممنللوع عليللك اسللتثمار المللال
بالربا ،فعندئذ ليس لديك إل منفذ واحللد وهللو المشللاريع ،
وكل مشروع يعين على الرخاء ويعين على توافر الحاجات
،لن أصللحاب المللال اسللتثمروا أمللوالهم فللي مشللاريع
نافعة ،دمشللق تعللاني أزمللة مواصلللت حللادة جللدا ً يقللول
المواطن :انتظرت ساعة ولم أجد سيارة ،هللذه المللوال
الضخمة التي استثمرت بالنقل ،هللذه الحللافلت الصللغيرة
أصحابها ربحوا أو لم يربحوا ،لكّنهم حلوا مشللكلة وأصللبح
تنُقل الناس ببساطة وسهولة ،قال لي واحد :على بعللض
الخطوط مئتان وسبعون حافلة وإذا اصطفت وراء بعضللها
تمل الخط بكامله ، ،عندما المال يستثمر في مشللروعات
إنتاجية أو خدمات يعم الخير على الناس كلهم ،تكاد تكللون
أزمة المواصلت حلت في دمشق نهائيا ً عللن طريللق هللذه
السلليارات ،تصللوروا أصللحاب هللذه السلليارات لللو أخللذوا
أموالهم ووضعوها في بنوك أجنبية وجاءتهم الحوالت كللل
شهر بالعملة الصلعبة وأنفقوهلا عللى حاجللاتهم الشخصلية
من دون أن يشعروا أن لهم علقة فالزمة تزداد إحكامًا.
المال إذا ولد المال عم الشقاء والعمال إذا ولدت المللال
عم الرخللاء ،عنللدنا خيللاران :إمللا أن تسللتثمر هللذا المللال
بالطرق الربوية وإمللا أن تسللتثمرها بالمشللاريع النتاجيللة ،
تقول لي :أعمال الِعمارة جيدة ،وتاجر العمار يقدم بيوتا ً
للناس وكلمللا كللان متجاوبلا ً مللع حاجللاتهم أفللاد واسللتفاد ،
ب يحتاج إلى غرفتين ويريد أقل سللعر ممكللن ،وأنللا والشا ُ
710
أرجو الله عز وجل أن يتجه تجار البناء إلى إنشللاء وحللدات
سكنية صغيرة جدا ً تلبي حاجة الشباب الفقراء يعني بأقللل
تكلفللة ممكنللة ،إنشللاء مشللاريع سللكنية وإنشللاء مشللاريع
زراعية وتجارية ومشاريع صناعية ومشاريع خدميللة ،كّلهللا
تنهض بالمة ونحن عندنا قاعدة يجب الخللذ بهللا ،ل يجللوز
أن يلد المال المال ،والمال ل يولد إل من خلل العمال ،
وإذا اتجلله المللال إلللى أن ينمللو مللن خلل الربللا والفللوائد
تعطلللت العمللال وقل ّللت الخللدمات وقلللت السلللع وقلللت
المنتجات وارتفعت السعار وانقسم المجتمع إلى طبقللتين
طبقللة تملللك ول تعمللل وطبقللة تعمللل ول تملللك ،طبقللة
عاطلة عن العمل وهي طبقة المرابيللن وطبقللة تعمللل ول
تملك و كل جهدها ل يكفيها قللوت يومهللا ،لللذلك الجللانب
حكموا عقولهم وقالوا :إن ارتفاع سعر الربا يجعل الناس
كسالى في مهنهم ويصيرون مرابين .أمللا انخفللاض سللعر
الربا فإنه يتيح فرصة لتطوير العمال والصناعة والزراعللة
وينفخ الروح في صناعتنا الميتة .
مفكر غربللي ل علقللة للله بللالقرآن ول بالربللا ول بللالتحريم
لكن من زاويللة موضللوعية رأى أن الربللا إذا عللم المجتمللع
أوقعنا في شر أعمالنا .
أحد الشيوخ العلماء يقول :إذا جرى نمو المال عن طريق
الربا أفضلى إلللى تللرك الصللناعات و الزراعللات اللتي هلي
أصول المكاسب ،فلدينا بديلن إما أن تستثمر المال عللن
طريق الربا ،ويتخلف فينا كللل شلليء ،وإملا أن تسلتثمره
عن طريق مشاريع نافعة فنرقى جميعا ً بها .
المام الفخر الرازي يقول :الله تعالى إنما حرم الربا مللن
حيث إّنه يمنع الناس من الشللتغال بالمكاسللب وذلللك لن
صللاحب الللدراهم إذا تمكللن عللن طريللق عقللد الربللا مللن
تحصيل الدراهم الزائدة نقدا ً أو نسيئة خف عليلله اكتسللاب
المعيشلللة فل يكلللاد يتحملللل مشلللقة الكسلللب والتجلللارة
والصناعة الشاقة .
والنسان إذا كان غير مؤمن فليس معقول ً أن يبلذل جهللدا ً
شاقا ً ويتحمل مخاطر شللديدة حللتى يربللح بالمللائة خمسللة
ن أيّ بنللك أو أيّ مصللرف فللي عشر أو عشرين في حين أ ّ
711
بعض الدول الجنبية يقدم له هذا الربح نظير إيداع أمللواله
عنده ،ثم يقول لك أأنا مجنون لكي أعمللل ،أجللل ؛ هكللذا
يقول .
مر أمواله عن طريق الربا مجتمع متخلف المجتمع الذي تث ّ
بينمللا المجتمللع الللتي تثمللر أمللواله عللن طريللق المشللاريع
الصناعية والزراعية والخدمية مجتمع متطور ومجتمع ينمو
،والقاعللدة كلمللا تللوافرت السلللعة انخفللض سللعرها وإذا
انخفض سعرها كثر المنتفعون بها وإذا كثر المنتفعللون بهللا
عم الرخاء في المجتمع وفي القرآن الكريللم آيللات دقيقللة
قال تعالى }ما أ ََفاء الل ّه عََلى رسول ِه م َ
ل ال ُْقَرى فَل ِل ّل ِ
ه ن أه ْ ِ َ ُ ِ ِ ْ ُ ّ
ل سِبي ِ
ن ال ّ ْ ْ ْ
ن َواب ْ ِ كي ِ سا ِ م َمى َوال َ ذي الُقْرَبى َوالي ََتا َ ل وَل ِ ِ سو ِ وَِللّر ُ
ل سللو ُ م الّر ُ مللا آت َللاك ُ ُ م وَ َ من ُ
كل ْ ن اْل َغْن َِيلاء ِة ب َْيل َ دول َ ً ن ُ كو َ ي َل ي َ ُ كَ ْ
ديد ُشل ِ ه َن الل ّل َ ه إِ ّ ه فَللانت َُهوا َوات ُّقللوا الل ّل َ م عَن ْ ُ ما ن ََهاك ُ ْ ذوهُ وَ َ خ ُفَ ُ
ب{ ) (7سورة الحشر ال ْعَِقا ِ
المال أخطر ما فيه أن يتجمع فللي أيلدٍ قليللةٍ ،ويمكللن أن
نقول إذا تجمعت الكتلة النقدية بين أيدي الناس ول أعرف
كم هي ،قد تقول لي خمسة آلف مليون أو أكثر ،والرقم
كبير جدا ً فالمشكلت الجتماعية والقتصادية تطغللى لكللن
هللذه الكتلللة إذا كللانت موزعللة فللي أوسللع شللريحة فنحللن
بخير ،أما إذا تجمعت في أقل شريحة فالشقاء يعم ،أمن
ن واحدا ً يملك مليون لا ً ومليللون ل يملكللون واحللدا ً ، العدل ا ّ
وهللذا سللبب كللل المشللكلت والضللطرابات والثللورات
وأعمال العنف .
حدثني أخ كريم يعمللل فللي المللن الجنللائي أنلله مللع ضلليق
المكاسب وقلة العمال ارتفعت نسبة الجرام إلى عشرة
المثال تقريبا ً ،والعالم الغربي يعاني أخطر ما يعللاني مللن
البطالللة ،بأرقللام دقيقللة جللدا ً خمسللة ملييللن أو عشللرة
ث عشللرةَ مللن ملييللن إلللى درجللة أن النسللبة بالمللائة ثل َ
القوى العاملة بل عمل بسبب استثمار الموال عن طريلق
الربا .
أما إذا استثمرت عللن طريللق المشللروعات عللم الرخللاء ،
وهذه أول نقطة ،المال إما أن تستثمره عن طريلق الربللا
أو عن طريق المشاريع النتاجية ،في الحالة الولى يؤدي
712
الربا إلى تخلللف المللة وبالحالللة الثانيللة تتقللدم المللة عللن
طريق الرخاء القتصادي .
بعض علماء الغرب يقول :إلغاء نظام الربللا يوسللع نطللاق
الستثمار .
الشيء الثاني أن الربا أحد أسباب البطالللة وهللذه أشللرت
إليها في الدرس الماضي ،فل تتصللور مشللروعا ً تجاري لا ً أو
صناعيا ً إل وآلف المصالح متعلقة به ،عندك محللل صللغير
فل بد من فواتير إذا ً فل بد ملن مطبعلة و المطبعلة تحتلاج
إلى خطاط والخطللاط يريللد زنغللوغراف والمطبعللة تحتللاج
إلى ورق ،فل بد من الستيراد والمسللتورد يريللد محاسللبا ً
والمحاسلللب يحتلللاج قرطاسلللية والقرطاسلللية ...عملللل
متسلسللل ،عنللدما أنللت تقيللم مشللروعا ً يجللب أن ُتش لّغل
عشرات اللوف وأنت ل تللدري فللأنت مضللطر أن تشللتري
ت ،تريد شاحنة والشاحنة لها من يصلحها حاجات ،وخدما ٍ
من حين إلى آخر وتحتاج زيتا ً وقطع غيللار والللذي يصلللحها
لك عنده موظفون يعطيهم معاشللات ،فالللدولب إذا ً دائم
الحركة .
ذات مرة قلت لكم إنه لفت نظري شخصان فللي مكللان ،
أحدهما صاحب معمللل تطريللز ،قللال للخللر :بعنللا السللنة
الماضية بيعا ً مذهل ً ،فسأله :ما السبب ؟ قال له :كللانت
أمطاٌر غزيللرة فللي الحسلكة و فلي الجزيللرة ،وهللو يصللنع
قماش تطريز و هذا بيعلله قليللل جللدا ً ،و لكللن لن النتللاج
الزراعي وفير جدا ً فالفلح عنللدما اغتنللى اشللترى لزوجتلله
أقمشة من الدرجة العالية ،إذا ً الحركة عبللارة عللن عجلللة
إذا دارت فكل شيء يدور معهللا ،فللأول أضللرار الربللا أنلله
يسهم فللي البطالللة ،المرابللي ل يوجللد عنللده غيللر حركللة
واحدة أن يضع المال بالمصرف و يأخذ إيصال ً و يقبللع فللي
بيته ،ل يريد محاسبا ً و ل يريد شاحنة و ل يريد مطبعة و ل
يريد فواتير ول يريد أي شيء آخر ،حينمللا أودع مللاله فللي
المصرف و قبع في بيته يتقاضى الفوائد وقد يقللول لللك و
الله :الحمد لله عندي دخل أعلللى مللن حللاجتي بكللثير ،و
هنللاك نقطللة هامللة ،هللي نقطللة خطيللرة جللدا ً وهللي :أن
النسان عندما يعمل يحقق وجوده ،والقابع في بيته تجده
713
في خلف مع زوجته ،وكل يوم هناك عراك طوال النهار ،
تطلب منه مغادرة البيت ،وأن يتغيب عن المنللزل لتتفللرغ
للعمللل مللن دون تللدخلته ،فالعمللل يحقللق ذات النسللان
وعندئذ كل إنسان يأخذ دوره الحقيقي بالمجتمع .
إذا ً الربا يسهم في انتشار البطالة وهناك أرقام مخيفة في
بريطانيا فعدد العاطلين عللن العمللل ثلثللة ملييللن شللخص
بنسبة أربعة عشر بالمائة من مجموع العمال ،طبعلا ً هلذه
الحصاءات كثيرة جدا ً والن الغللرب يعللاني مللن مشللكلت
كثيرة ،وأسبابها :
أول ً ل الربا .
وثانيا ً ل حلول اللة محل النسان .
فمثل ً كنا لكل نول نريد عامل ً يراقبه .وباللة تم السللتغناء
عن آلف العمال .
حدثني أخ كان بفرنسا قال للي ملائة نلول تراقبهلا كلاميرا
تلفزيونية واحدة فإذا كان في معمل ألف نول ،عوضا ً عن
ألف عامل يكفي خمسلة عملال و مراقلب علللى الشاشلة
فقللط ،وكللذلك التقللدم التكنولللوجي الحللديث جللدا ً سللاهم
بالبطالة ،يقولللون إن أحللد الكتللاب عمللل عمل ً فنيلا ً أدبي لا ً
مفاده أن التقللدم العللالي جللدا ً فللي الصللناعة للله منعكللس
اجتمللاعي خطيللر سللاهم بالبطالللة أيض لا ً ،أيْ بمللا أن كللل
شيء يحل عن طريق أجهزة التحكم اللية فلم يعللد هنللاك
دور للنسان ،فإنسان خارج الفضاء مثل ً وعللاد بعللد ألفللي
سنة فيجد المر تبدل تبدل ً جذريا ً .كل شلليء عللن طريللق
اللة و النسان لم يعد له عمل ،فنحتاج إلللى موظفلا ً مللن
بني البشر فيتقدم مليين يأخذون شخصا ً واحدا ً ،والبللاقي
ينتحرون ملل ً ،فالعمل يحقق وجود النسللان .و مللن دون
ن الفللراغ أحللد أسللباب عمللل تفسللد حيللاة النسللان أي أ ّ
الفساد الفكري و الخلقي .
إذا ً الربا يسهم أيضلا ً فللي البطالللة الجتماعيللة ،و البطالللة
خطيرة جدا ً والفراغ خطير بالنسبة للشباب وإذا كان الباء
قد أكرمهم الله بأبناء صالحين ،فالبن الصالح أحد أسباب
صلحه انهماكه في عمل أو دراسة ويكون وقتلله مليئا ً أمللا
إذا كان بل عمللل أو بل دراسللة فهللذا الفللراغ أحللد أسللباب
714
الفساد ،والربللا بشللكل أو بللآخر يسللهم بفسللاد النسللان ،
والعاطلل إنسلان فاسلد ،بالمناسلبة لكلي ل أتجنلى عللى
بعض الخوة ،فكل إنسان يطلب علما ً دينيلا ً أو غيللر دينللي
فهذا ليس عاطل ً والذي يطلب العلم هذا إنسان عامل من
أعلى درجة ،فطلب العلم أعلى درجة ،فإذا كللان إنسللان
ل يعمل لكنه يدرس أو يطلب العلم ل يجوز أن يسمى هذا
عاطل ً أبدا ً .
النبي عليه الصلة والسلم لما جاءه شريك يشكو شللريكه
طالب العلم ،قال له :لعلك ترزق به.
عنللدنا شلليء آخللر أن الربللا يسللبب شللقوة المقترضللين
لحاجاتهم الشخصية ،أنت عندك حالن وأنت بحاجة للمال
،فلللديك طريللق رحمللاني وطريللق شلليطاني ،الطريللق
الرحماني أساسلله القللرض الحسللن والطريللق الشلليطاني
أساسه القرض الربوي ومع انتشار القرض الربوي تضعف
همللة النللاس للقللرض الحسللن ،أول كلمللة يقولهللا لللك :
أمعقول أن أجمد مالي ؟
كلمللا انتشللر القللرض الربللوي تضللاءل القللرض الحسللن ،
فالقرض الربوي عّرفوه :أنه يساعد المللدين كمللا يسللاعد
حبل المشنقة على إنهاء حياة هللذا النسلان ،كلملا مضلى
يوم يدفع فقط الفوائد ل غير ويبقى الدين كمللا هللو وهللذه
المشكلة تعانيها الللدول الصللغيرة مللع الللدول الكللبرى فلللو
كانت قروضها كلها ربوية فإنللك تللرى خلل عشللر سللنوات
أوعشرين سللنة يسللددون فقللط الفللوائد وأصللل القللروض
ثابت ،إذا ً النلاس يطلبلون المسلاعدة عللن طريلق الربلا ،
وهللذا القللرض ل يسللاعد بللل يسللحق ،لن المطلللوب أن
يللوفي أصللل الللدين وعليلله أن يللوفي الفللوائد المركبللة
مْلتلله فللوق طللاقته ،فقللد ح ّ
والنسللان بالسللاس فقيللر و َ
تقترض مائة ألف وتجللد أربعيللن ألف لا ً فوائدهللا وقّللع العقللد
على مائة وأخذ ستين ،انتفع بستين وعليه أن يدفع المائة
،فللللو أراد أن يعملللل بهلللا عمل ً صلللار رأس ملللاله قليلللل
والمطالب كثيرة جدا ً ،فالقرض يسبب شللقاوة للمقللترض
وليس مساعدةً له ،لللذلك تجللد فللي بعللض البلد ،وأرجللو
الله سللبحانه وتعللالى أن يوفقنللا لمثللل هللذا ،يعنللي هنللاك
715
مؤسسات للقراض الحسن ،مؤسسة للزكللاة والقللراض
الحسن والقرض له فائدة كللبيرة جللدا ً وليللس كللل إنسللان
يأخللذ مسللاعدة ،بللل قللد تجللد إنسللانا ً للله قيمتلله وكرامتلله
وعزته ل يحتاج إل إلى قرض حسن أما القرض مللع فللائدة
دد ،أصللل الللدين والفللوائد ففللوق طللاقته ،يجللب أن يس ل ّ
المركبة .أما القرض الحسن فيحل مشللكلة كللبيرة جللدا ً ،
ده جع على القرض الحسن وع ّ لذلك نرى القرآن الكريم َ
ش ّ
ده معصللية عمل ً صللالحا ً وشللدد علللى القللرض الربللوي وعل ّ
كبيرة .
في بعض بلد شرق آسيا الفلح يولد النسللان وهللو مللدين
ويعيش وهو مدين ويموت وهللو مللدين لن القللروض كلهللا
تتنامى بفوائد مركبة ،فولد مدينا ً وعاش مدينا ً ومات مدينا ً
.
المرابي كللأنه مصللاص الللدماء يأخللذ دمللاء النللاس وتعبهللم
وعرقهم وكل جهدهم ول يكفي ذلك كله لسداد ما عليهم .
قرأت في الجاهلية قبل السلم أحيانلا ً كللانت تصللل نسللبة
مثل ً ، الربللا إلللى ألللف وثلث مللائة بالمللائة ،ثلثللة عشللر ِ
فللالقرض الربللوي أساسلله السللتغلل والقللرض الحسللن
أساسه الحسان ،بين أن تسللتغل حاجللة النللاس وبيللن أن
تحسن إليهم فبينهما مسافة كبيرة جدا ً .
ابن القيم وهو مللن كبللار العلمللاء المجللددين يقللول :الربللا
جلي وخفللي فأمللا الجلللي فربللا النسلليئة وهللو الللذي كللانوا
يفعلونه في الجاهلية مثل أن يؤخر دينه ويزيللد فللي المللال
وكلما أخر زاد في المللال حللتى تصللير المللائة آلف مؤلفللة
وفي الغالب ل يفعل ذلك إل معللدم محتللاج ،فللإذا رأى أن
المستحق يؤخر مطالبته ويصبر بزيادة ما يبللذله للله تكلللف
لذلك ليفتدي من أثر المطالبة والحبس ويللدافع مللن وقلت
إلى آخر فيشتد ضرره وتعظم مصيبته ويعلوه الللدين حللتى
يستغرق جميع موجوداته ،لذلك قال الللله تعللالى :يمحللق
الله الربا .إن الفوائد قللد تسللتغرق كللل الممتلكللات وكللل
شيء تملكه فيربو المال على المحتاج من غير نفللع يجنيلله
ويزيللد مللال المرابللي مللن غيللر نفللع يحصللل منلله لخيلله ،
محق سحق ماله و ُ سحق ومص دمه والمرابي َ المستقرض ُ
716
من دون أن يفعل خيرا ً فيأكل مال أخيه بالباطل ثم يمحق
،ويقع أخوه في غاية الضرر ،فمن رحمة أرحم الراحميللن
وحكمته وإحسانه إلى خلقه أنه حرم الربا .
ل تستغرب أحيانا ً أجر القرض الحسن عند الللله سللبحانه ؛
ل يقل عن أجر الصدقة ،لن القرض الحسلن لله أصللحابه
ة ُتحللل مشللكلته والصدقة لها أصحابها فالذي ل يقبل صدق ً
بالقرض الحسن .
المام الفخر الرازي يقول :السبب في تحريم عقللد الربللا
أنه يفضي إلى انقطاع المعروف بين الناس من القرض .
مادام يوجد قرض بفائدة فل تجد معروفا ً بين النللاس ،لن
الذي يأخذ فائدة على قرضه شعر أنلله كسللب ،أمللا الللذي
يقرض قرضا ً حسنا ً فإن كان ضعيف اليمان شعر أن مللاله
تجمد بل فائدة .
فكلما شاع القللرض الربللوي قللل القللرض الحسللن ،شللاع
الستغلل وقل الحسللان وشللاع التحكللم وقللل التواصللل ،
شاعت القسوة وقل التراحم وربنا عز وجل قال إذا أردتم
رحمتي فارحموا خلقي ،وإذا رآنا يقسو بعضنا على بعللض
إذا ً نحرم رحمة الله عز وجل .
حلّرم حلّرم هللذا قللول الفخللر الللرازي :الربللا إذا ُ
الربللا إذا ُ
طابت النفوس بقرض الدرهم واسترجاع مثللله ،ولللو حللل
الربللا لكللانت حاجللة المحتللاج تحمللله علللى أخللذ الللدرهم
بدرهمين فيفضي ذلك إلى انقطللاع المواسللاة والمعللروف
والحسان .
بالمناسبة هناك موضوع حساس فقد شاع بالبلد الستثمار
بنسب ثابتة ،وهللذه تشللبه الربللا تماملا ً يعطيلله مللائة ألللف
ويقول له أريد عليها ثلثة آلف بالشهر ،تحت كلم ل نريد
حسابات ومشاكل وكل اثنللي عشللر شللهرا ً يتقاضللى سللتة
وثلثين ألفا ً ،يا ترى الذي أخذ هذا المبلغ ربح ستة وثلثين
بالمائة ،إذا ربح السبعين بالمائة فممكن أن يكون مرتاحا ً
بالدفع وإذا ربح ستين بالمائة أعطى أصحاب الموال أكللثر
ة وثلثين صار خادما ً مجانا ً . مما ربح ،وإذا ربح ست ً
أيها الخوة الكرام :
717
القضية خطيرة ومنتشرة جدا ً حتى إن أناسا ً يصلون ورواد
مساجد ،يقول أريد على المائة ألف ثلثللة آلف بالشللهر ،
ويرفض ألفين وخمسمائة مثل ً .
هذا هو الربا ،النسبة الثابتة ،فأي اسلتثمار للملال بنسلب
ثابتة يلتقي مع الربا تماما ً ،أحيانا ً بشكل آخللر يقللول لللك :
أنا أريد أن أشتري بيتا ً وأملك نصف ثمنه فيأخذ قرضا ً مللن
ده مللؤجرا ً ويعطيلله علللى شخص يساوي نصفه الخللر ويع ل ّ
القرض مبلغا ً ،الصورة عقللد إيجللار لكنلله عمليلا ً ربللا مللتى
يصح أن تعطي إنسانا ً مائة ألف وتسللاهم معلله فللي شللراء
بيللت وتأخللذ أجللرة ؟ هللذا الللبيت لللو صللار ضللمن مشللروع
تنظيمي وأموالك ذهبت لنك أنت مالك ،وكذلك لو صارت
مشللكلة والسللعار هبطللت ومبلغللك قَ ل ّ
ل ،أمللا أنللت تريللد
مبلغك كما هو وتريد أن تأخذ عليه أجرا ً فللي هللذه المللدة ،
الصورة عقد إيجار أما الحقيقة عقد ربللوي ،وكلكللم يعلللم
أنلله فللي بلد كللثيرة أن المرابيللن يأخللذون شللكل ً آخللر ،
المرابي في دولة تمنع الربا يضع سجادة على باب المحللل
أي إنسان مقترض للربلا يقلول لله :أتللبيعني هللذه وهنللاك
عبارة مشهورة أتبيعني هللذه السللجادة بللألف ،يقللول للله:
بعتك إياها ،أتبيعني إياها دينا ً يقول له :بعتك إياها ،يكتلب
في دفتر الذمة من فلن ألللف ليللرة ثمللن سللجادة وانتهللى
العقد ،ثم يقول له :أتشتريها مني بثمان مائة يقللول للله :
اشتريتها ويعطيه ثمنها نقدا ً .
ما الذي حصل ؟ دفع الثمان مائة وسجلت ألفا ً ،فهذا عقد
ربوي ،أما في الصورة فسجادة تباع شكل ً وتشترى وهمًا.
خالق الكللون أل يعللرف هللذا ؟ أتنطلللي عليلله هللذه الحيلللة
وأحيانا ً تكون الحيلة على شكل صندوق شاي ومللرة علللى
شكل سلعة ما ،ل يوجد غيرها يبيعهللا بللاليوم مللائة مللرة ،
يبيعها دينا ً ويسجلها ويشتريها نقدا ً ويدفع ثمنها ،ففي دفتر
الحسابات سجل ألفا ً ودفع صاحبه ثمان مائة ،وهللذا عقللد
ربوي .
النسان حينما يسلك سبيل الحيلللة الشللرعية فهللذا إيمللانه
بالله صفر ل يعرف الللله أبللدا ً ولكنللي أقللول لكللم وأكللرر :
أكللثر شلليء شللائع بيللن المسلللمين وبيللن رواد المسللاجد
718
الستثمار بنسب ثابتة وهذا يلتقي مع الربا تماملا ً ملن دون
شك.
واستئجار البيوت ؛ ساعدته في شراء بيللت وأخللذت أجللرة
إلى حين أن يوفيك القرض فهللذه الجللرة هللي فللائدة فللي
الحقيقة ،أما إذا ساعدته فللي شللراء بيللت وكتللب باسللمك
وأخذت أجرة فهذا حلل وبعد أن ينتهي وبعد حيللن يمكنللك
أن تبيع حصتك بسعر السوق ،أو أن البيت إذا صدر بحقلله
قرار تنظيللم وصللار مسللتملكا ً ونللزل سللعره أو غل سللعره
وأنت مالك والمالك ضامن ،فلك ذلك .
والمللام الفخللر الللرازي يقللول أيض لا ً :إن الفقللراء الللذين
ت أموالهم بسبب الربا يلعنللون المرابللي ُ
يشاهدون أنه أخذ ْ
ويدعون عليه .
شيء طبيعي جدا ً المال شقيق الروح ،وكللل إنسللان أخللذ
من أموالك فوق طاقتك تلعنه وتتمنللى دمللاره ،أمللا الللذي
أعانك بقرض حسن تدعو للله ،شللتان بيللن مللن يللدعو لللك
وبين من يدعو عليك .شتان .
وهناك من يقول :إن الربا أحد أسباب الحروب بين الدول
،القروض الربوية التي أرهقت كاهل بعض الدول الفقيلرة
هللي سللبب حللروب طاحنللة و سللفك دمللاء كللثيرة ،إذا ً ،
اجتماعيا ً ،الربا يجعل تقاطع الصلت بين أفراد المجتمللع ،
ويسللبب البطالللة ويسللهم فللي غلء السللعار ويحللرم البلد
قيمللة المشللاريع النتاجيللة ولهللذه العلللل كلهللا :البطالللة
والغلء والعداوة وعدم إعمار الرض ،لهذه السللباب كلهللا
ْ
ن الّرَبللا ن ي َأك ُُلو َ ذي َحّرم ربنا جل جلله الربا ،قال تعالى }ال ّ ِ
س
م ّ ن ال ْ َم َ ن ِ طا ُشي ْ َ ه ال ّ خب ّط ُ ُ
ذي ي َت َ َ م ال ّ ِ
ما ي َُقو ُ ن إ ِل ّ ك َ َ
مو َ ل َ ي َُقو ُ
َ ذ َل َ َ
مح لّر َ ه ال ْب َي ْعَ وَ َ ل الل ّ ُ ح ّل الّرَبا وَأ َ ما ال ْب َي ْعُ ِ
مث ْ ُ م َقاُلوا ْ إ ِن ّ َ ك ب ِأن ّهُ ْ ِ
ف سلل َ َ مللا َ ه َ ى فَل َل ُ لن ّرب ّلهِ َ فَللانت َهَ َ ملة ّ عظ َل ٌ مو ْ ِ جاءهُ َ من َ الّرَبا فَ َ
ُ
عاد َ فَ لأوْل َئ ِ َ َ
م ِفيهَللا ب الن ّللارِ هُ ل ْ حا ُ صل َ كأ ْ ن َ م ْ مُرهُ إ َِلى الل ّهِ وَ َ وَأ ْ
ن{ ) (275سورة البقرة دو َ خال ِ ُ َ
الملخص أن المال ل ينبغي أن يلد المال والعمال وحللدها
هي التي يمكن أن تلد المال وبهللذا تتللوزع الكتلللة النقديللة
بين أفراد المجتمع جميعا ً ويعم الرخللاء وتنهللض المللة ومللا
719
هذا الوعيد الخطير في القرآن الكريم للمرابين إل بسللبب
أن الربا يعم ضرره المة كلها ويؤدي هوانها وذلها .
والحمد لله رب العالمين
============
#دراسة فقهية تعترض على فتوى مجمع
البحوث السلمية في إباحة الفوائد البنكية ) 1ـ
(2
قبل الدخول في مناقشة مضامين الفتوى يجللب ان نحللدد
محل النللزاع والخلف أو منللاط الحكللم فللي الفتللوى ،فللإن
الفتوى قد خلطت بين محللل الوفللاق والخلف ولللم تحللرر
منللاط الحكللم ،فليللس الخلف فللي تحديللد الربللح مقللدما
منفصل عن غيره ،بل الخلف في ضمان واشتراط الربللح،
وفي ضمان رأس المال ،وفي صفة يد البنللك علللى المللال
هل هي صفة امان أو ضللمان ،واذا قيللل بللأن البنللك وكيللل
فما هللي الثللار المبنيللة علللى هللذه العلقللة؟ هللذا مللا كللان
الواجب جعله محور واساس الفتوى لتكون الفتوى سليمة
من الناحية المنهجية العلمية .بعد هذا نبدأ بمناقشلة هلادئة
علمية فقهية للفتوى.
ل :عنوان الفتللوى »اسللتثمار المللوال فللي البنللوك الللتي أو ً
تحدد الربح مقدمًا« :العنوان يوحي بأن محللل الخلف فللي
تحديد الربح مقدما وكأن الستثمار ذاته حلل مفروغ منلله،
وعناصر السؤال المتعددة اغفلها العنوان ،وصللحة العنللوان
ان يكون »حكم اسللتثمار المللوال فللي البنللوك التقليديللة«
ليشمل عناصر السؤال ،وما اذا كان الربللح محللددا مقللدما
أو غيللر محللدد .ويشللمل البنللك الللذي يحللدد الربللح مقللدما
والذي ل يحدد لئل يكون للعنوان مفهوم مخالف.
ثانيًا :السؤال» :إن عملء بنك الشركة المصللرفية العربيللة
الدوليلللة يقلللدمون املللوالهم وملللدخراتهم للبنلللك اللللذي
يستخدمها ويستثمرها في معاملته المشروعة مقابل ربللح
يصرف لهم ويحدد مقدما في مدد يتفق مع العميل عليهللا،
نرجو الفادة عن الحكم الشرعي لهذه المعاملة« .رئيللس
مجلس الدارة توقيع الدكتور حسن عباس زكي وقد أرفق
720
مللع الخطللاب نموذجللا لمسللتند التعامللل الللذي يتللم بيللن
المستثمر والبنك ،ونص هذا النموذج كالتي:
* البنك الشركة المصرفية العربية الدولية
* التاريخ2000/ / :م
* السيد/
* حساب رقم:
* تحية طيبة وبعد:
نحيط سيادتكم علما بللأنه قللد تللم تجديللد رصلليدكم طرفنللا
وقدره 100000جم )فقط مائة ألف جنيه مصري ل غير(
عللن الفللترة مللن 2002/1/1حللتى 2002/12/31بعللائد
%10سنويا والعائد قدر 10000جنيه مصري.
اجمالي المبلغ +العائد في تاريخ الستحقاق.
110000جنيه مصري.
المبلغ الجديد مضافا اليه العائد حتى .2002/12/31
110000جنيه مصري.
* المناقشة :وتتناول السؤال ذاتلله والجللدول المرفللق مللع
السؤال:
أ ل كان من الواجب ان يحللرر المجمللع محللل السللؤال ،ول
يمكن اصدار حكم مع هذا الجمللال ،فينبغللي ان يستفصللل
ويستفسر المجمع عن بعض المور التي ل يكتمل الجواب
والفتوى ال بها وهي :مللا هللي صللفة البنللك القانونيللة حيللن
يسللتلم امللوال العملء ،هللل هللو مقللترض او مضللارب أو
وكيل ،ومحل هذا السؤال ودواعيه ان معرفتلله هللي منللاط
الحكم ومبناه ،اذ من المعلوم ان تسلم البنك الموال انمللا
هو على صفة القتراض.
الستفسللار عللن المقصللود بعبللارة السللتخدام والسللتثمار
وفي معاملته المشروعة .ما هي هذه السللتثمارات الللتي
وصفها البنك بأنها مشروعة؟ ولفللظ مشللروعة هللذا حكللم
شللرعي يصللدره السللائل ،وهللو مصللادرة علللى الحكللم
والفتللوى ،فالبنللك ل يملللك وصللف افعللاله مللن الناحيللة
الشرعية ،وال فل محللل للسللؤال ابتللداء .ومللا الفللرق بيللن
الستخدام والستثمار ،هل المراد ان البنك يسللتخدم هللذه
721
المللوال فللي شللؤونه الداريللة ،ومقللار عمللله ،والسللتثمار
شيء آخر.
ب للل الجللدول المرافللق للسللؤال ل يطللابق السللؤال ،ول
يكشف عن مضمونه فمضمون السؤال :اسللتثمار المللوال
اي ان هناك مجالت اسللتثمار محللددة ،ومعللاملت وصللفها
بالمشللروعية ،والجللدول يتضللمن شلليئا آخللر ،وكللان مللن
المفروض ان يللثير تسللاؤلت بديهيللة فللإن الجللدول صلليغة
بنكية ربوية صريحة ،تحمل الجواب على ان البنللك ل صلللة
له بالستثمار ،ال الستثمار النقدي الربوي حيث يلد النقللد
النقد ،وهذه واضحة في الجدول ل تحتاج الى عميق نظر..
فالعميل اودع مبلغ 100000جم )مائة الف جنيه مصري(
لفترة من 1/1/2002حتى 31/12/2002اي بعائد %10
سنويا ،وتللم حسللابه باجمللالي المبلللغ +العللائد فللي نهايللة
السللنة ليصللبح 110000جنيلله مصللري .فالجللدول ربللوي
صللرف غايللة مللا فيلله تسللمية الفللوائد بللالعوائد ،والعللبرة
للمعاني ل لللفاظ كما هو متفق عليه عند أهل العلم.
* ثالثًا :الفتوى ومناقشتها فقرة فقرة:
أ ل ل الفقللرة الولللى» :الللذين يتعللاملون مللع بنللك الشللركة
المصللرفية العربيللة الدوليللة لل أو مللع غيللره مللن البنللوك لل
ويقومون بتقديم امللوالهم ومللدخراتهم الللى البنللك ليكللون
وكيل عنهم في استثمارها في معاملته المشروعة ،مقابل
ربللح يصللرف لهللم ،ويحللدد مقللدما فللي مللدد يتفللق مللع
المتعاملين عليها«.
لقد تضمنت هللذه الفقللرة ثلثللة أمللور :أولهللا :انهللا ضللمت
للجواب ،بالضافة الى البنك السائل ،بقية البنوك ،وثانيهللا:
وصللف البنللك بللأنه وكيللل عللن عملئه ،وثالثهللا :وصللف
اسللتثماراتها انهللا فللي معللاملت مشللروعة .ونتنللاول هللذه
الثلثة وخاصة الثاني والثالث منها محل الشللكال ومحللزه.
أمللا المللر الول :وهللو تعميللم الحكللم ليشللمل مللع البنللك
السللائل غيللره مللن البنللوك الربويللة .وهللذا يفيللد انلله ل
خصوصللية للبنللك السللائل وان كللان مسللماه قللد يللوحي
باختلف عن البنوك وانه قد يستثمر في غير المعهللود فللي
722
استثمارات البنوك .فالتعميم قطع بأنه بنك مثل غيره مللن
البنوك لذا كان الحكم واحدًا.
أما المر الثاني :اضفاء صفة الوكيل على البنللك وهللذا هللو
منللاط الفتللوى فللإذا اسللتقام اسللتقامت الفتللوى فللي هللذه
الجزئية وهي اساسية جدا ،وهي التي تكشف عن التكييف
الشرعي لصفة البنك .صفة الوكالة هذه ل تصح البتلة ،لن
الفقهاء مجمعون على ان الوكيل يعمل لمصلللحة وبتللوجيه
الموكللل ،وللموكللل ان يعفيلله ويقيللله مللن الوكالللة ،لن
الوكالة عقد جلائز غيلر لزم ،ويلد الوكيلل عللى الملال يلد
أمانة ل يضمن الخسارة وتلف المال ال اذا ثبللت تعللديه أو
اهمللاله وتقصلليره تقصلليرا ل يحللدث مللن امثللاله .ثللم ان
الوكيل اما ان يعمل في مال موكله متبرعللا أو بللأجر ،وان
كان بأجر فيلزم تحديد اجرته مبلغا مقطوعا ،ويجيللز بعللض
الفقهاء ان تكون أجرته نسبة من رأس المال ،كما اجمعوا
على ان ربح المال في يد الوكيل كله للموكللل ،وخسللارته
التي ل يد للوكيل فيها على الموكل .وليس شيء من ذلك
يصح فللي هللذا العقللد ،فللإن البنللك يسللتثمر أمللوال العملء
بطريقته ،ثم يعطيهم ربحا ل حسب عبارة الفتللوى ل ل وهللذا
يعني ان ما زاد عن الربح المحدد كله للبنك ل كما صللرحت
الفتوى في فقرة لحقللة لل وهللذا المقللدار مللن الربللح غيللر
محدد ،ول يطلع عليه العملء ارباب المللال الموكلللون ،ثللم
ان البنك وهو الوكيل ضامن للخسارة بللل ضللامن صللراحة
لرأس مال الموكل وربحه المحدد مقدما .وهذا كللله قلللب
لمفهوم عقد الوكالة رأسا على عقب ،فل يمكللن البتللة ان
يكون هذا عقد وكالة ،ولم يقل ،ول يقول احد عنده مسحة
من فقه ان هذا عقد وكالة.
كما ل يصح ان يكللون العقللد عقللد مضللاربة ،بحيللث يكللون
البنللك مضللاربا بللأموال العملء ،وهللم اربللاب المللال ،لن
شرط المضاربة المتفق عليه عند جميع الفقهاء :ان يكللون
الربح معلوم القدر ،فيحللدد نصلليب المضللارب مللن الربللح،
والباقي مللن الربللح لللرب المللال .وان يكللون الربللح نسللبة
شائعة كالنصلف والثللث والربللع ،فللإذا شللرط مبللغ معيلن
مقطوع من الربح أو نسبة محددة من رأس المال بطلللت
723
المضاربة لنها تؤدي الى احتمال قطع الشركة في الربللح،
لحتمال ال يربح المضارب غير المبلغ الذي تم تحديده في
عقد المضللاربة .ثللم ان هللذا كللله اذا وجللد ربللح مللن عمللل
المضارب ،فللإن لللم يحصللل الربللح ،يضللع علللى المضللارب
جهللده ،ويضللع علللى رب المللال الربللح ،وإذا خسللر المللال
فخسارته على رب المال ،ول يتحمل المضارب منه شيئا.
وهذا كله غير متحقق في العلقة محل النظر ،فللإن البنللك
هنللا يضللمن رأس المللال كمللا يضللمن الربللح ،ويتحمللل
المخاطرة والخسارة .فتكييف العلقللة علللى انهللا مضللاربة
بعيد كل البعد .وإذا بطلت المضاربة يبطل تكييللف العلقللة
بالشركة ،اذ ل يصللح ان يكللون البنللك شللريكا مللع العملء،
فللإن الشللركة تبطللل باجمللاع الفقهللاء مللتى ضللمن احللد
الشركاء لغيره من الشركاء الربح لما يؤدي اليه من قطللع
الشركة في الربح ل كما سبق ل فلم يبق ال ان العلقة بين
البنللك وعملئه اربللاب المللال ال علقللة اقللراض واقللتراض
فالبنك مقترض اموالهم وهم مقرضون والمسمى ربحللا أو
عللائدا هللو نصلليب اربللاب العمللل ،وهللو الفللائدة الربويللة
المضمونة والمنسللوبة لللرأس المللال والمللدة .وهللذا عيللن
الربا ،ربا الجاهلية الذي يربط فيه المقرض الفائدة بللرأس
المللال والمللدة ،فكلمللا زاد رأس المللال أو المللدة زادت
الفللائدة .وإذا كنللا نتلمللس سللندا أو دليل لتكييللف العلقللة
بالوكالة أو المضاربة أو المشاركة ،فإنا ل نحتاج الى دليللل
على كونها علقة قرض واقتراض ،فهذا ظاهر من السؤال
ومن الجللدول المرافللق للله فكللان مللن الللواجب ان يقللول
المجمع » :ان هذه المعاملللة محرمللة لنهللا تضللمنت الربللا
الصريح بدليل الجدول المرافق للسؤال«.
أمللا المللر الثللالث :وصللف اسللتثمارات البنللك بأنهللا فللي
معاملته المشروعة .إن الفتوى ل تستقيم فقها حتى تللبين
ما هي هذه الستثمارات البنكيللة المشللروعة ،وقللد اصللدر
البنللك هللذا الحكللم الشللرعي ،فوصللف عمللله بللذاته بللأنه
مشروع ،والفتوى قبلت هذا الوصف واقرته ،ومللن واجللب
المفتي ان يسأل عن طبيعة هللذه السللتثمارات حللتى ولللو
ظلللن انهلللا فعل مشلللروعة ،فهلللي مشلللروعة فلللي نظلللر
724
المستفتي ،فل بللد مللن الستفصللال عللن طبيعتهللا ونوعهللا
ليكون الحكم الشللرعي علللى وفقهللا ،فهللي مللن مناطللات
الحكم التي ل تصح الفتوى دون تحريره .ول يعقل ان أحدا
مللن العلمللاء الفاضللل ،ومللن بينهللم ثلثللة مللن الفقهللاء
المتخصصين في الفقه والصول لم يسأل عن طبيعة هللذا
السللتثمار .ولعلهللا لللم تللبين لنلله ل يمكللن ال ان تكللون
استثمارات غير مشروعة ،وهي التي ل يملك البنك غيرهللا
بنصوص القوانين ،سواء القانون المصري أو بقيللة قللوانين
البلد العربيللة وغيرهللا الللتي تقللر اعمللال البنللوك الربويللة،
وكلهللا تعتللبر امللوال العملء قرضللا علللى البنللك ويجللب ان
يعطي عليه فائدة وهناك بعض نصللوص القللانون المصللري
فالمادة 726من القانون الملدني تنلص عللى التلي» :اذا
كانت الوديعة مبلغا من النقود ،أو أي شيء آخر مما يهلللك
بالستعمال ،وكان المودع عنده مأذونا للله فللي اسللتعماله،
اعتبر العقد قرضا« .وتنص المادة 301من القللانون رقللم
17لسنة 1999م على ان وديعة النقود عقد يخول البنللك
ملكية النقود المودعة ،والتصرف فيها بمللا يتفللق ونشللاطه
مللع الللتزامه بللرد مثلهللا للمللودع طبقللا لشللروط العقللد«.
وتحظللر المللادة 39علللى »البنللك التجللاري التعامللل فللي
المنقول والعقار بالشراء والبيع أو المقايضللة« .كمللا تنللص
المادة 45على انه» :يحظر على البنوك العقارية والبنوك
الصناعية والبنللوك السللتثمارية العمللال المحظللورة علللى
البنوك التجارية«.
وازاء هذه النصوص الواضحة فإن مقولة ان البنك يستثمر
اموال العملء في استثمارات مشروعة غيللر صللحيح ،ولللو
صح لم يسمح بهللا القللانون ،ولمنللع هللذه المعاملللة وأوقللع
العقوبللة علللى البنللك المخللالف لختصاصلله المحللدد ،وهللو
القراض والقتراض فحسب.
ب ل الفقرة الثانية» :هذه المعاملة بتلك الصللورة حلل ول
شبهة فيها ،لنه لم يرد نص في كتاب الله أو السنة النبوية
يمنع هذه المعاملة الللتي يتللم فيهللا تحديللد الربللح أو العللائد
مقدما ،ما دام الطرفان يرتضيان هذا النوع من المعاملللة.
قال الله تعالى) :يا أيها الذين آمنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم
725
بالباطللل إل أن تكللون تجللارة عللن تللراض منكللم( »سللورة
النساء الية .«29أي :يا من آمنتللم بللالله حللق اليمللان ،ل
يحللل لكللم ،ول يليللق بكللم ان يأكللل بعضللكم مللال غيللره
بللالطرق الباطلللة الللتي حرمهللا الللله تعللالى كالسللرقة ،أو
الغصب ،أو الربا ،أو غير ذلك مما حرمه الله تعللالى ،لكللن
يبللاح لكللم ان تتبللادلوا المنللافع فيمللا بينكللم عللن طريللق
المعاملت المشروعة الناشئة عن التراضي الللذي ل يحللل
حراما ول يحرم حلل ،سواء أكان هذا التراضي فيما بينكم
عن طريق التلفظ أم الكتابة أم الشارة أم غير ذلللك ممللا
يدل على الموافقة والقبول بين الطرفين.
ومما ل شك فيه ان تراضي الطرفيللن علللى تحديللد الربللح
مقدما من المور المقبولة شللرعا وعقل حللتى يعللرف كللل
طرف حقه.
هذه الفقرة تضلمنت علدة أملور الول :ان هلذه المعامللة
حلل ل شبهة فيها لنه لم يرد نلص فلي الكتلاب أو السلنة
النبويللة يمنللع هللذه المعاملللة .والثللاني :ان رضللا الطرفيللن
يكفي فللي وصللف هللذه المعاملللة بأنهللا حلل والستشللهاد
على صحة ذلك بالية الكريمة.
المر الول :ان هذه المعاملة حلل ل شبهة فيهللا لنلله لللم
يرد نص من الكتاب أو السنة النبوية يمنللع هللذه المعاملللة.
هذا مبني على صحة المعاملة ،وان تكييفها وكالة صحيحة،
وان الستثمار قد تم في مجالت مشروعة ،وهذا كللله لللم
يصح بالبيللان السللابق .والقللول الصللحيح المللدعوم بالدلللة
السابقة يشير الى انها معاملة محرمة ل تختلف في شيء
عن عمل البنوك الربوية في اعتبار المللال قرضللا واعطللاء
الفائدة المضمونة عليه .ول يخفى ان اشد آيللة نزلللت فللي
كتاب الللله هللي فللي حرمللة الربللا وقللد تضللافرت نصللوص
الكتاب والسنة واجماع المة على حرمللة الربللا وهللو عينلله
الصورة المذكورة في السؤال والجدول المرافق له .قللال
الله تعالى) :يا أيها الذين آمنللوا اتقللوا الللله وذروا مللا بقللي
من الربا إن كنتم مؤمنين .فللإن لللم تفعلللوا فللأذنوا بحللرب
مللن الللله ورسللوله وإن تبتللم فلكللم رؤوس أمللوالكم ل
تظلمللون ول تظلمللون() ،البقللرة 278 :للل ،(279وقللال
726
تعالى) :وأحل الله البيع وحللرم الربللا فمللن جللاءه موعظللة
من ربه فانتهى فله ما سلللف وأمللره إلللى الللله ومللن عللاد
فأولئك اصحاب النار هللم فيهللا خالللدون() ،البقللرة،(275 :
ومن السنة احاديث كثيرة منها :ما رواه :جابر بن عبد الله
النصاري قال» :لعن رسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم
آكل الربا وموكله وكاتبه وشللاهديه« وقللال» :هللم سللواء«
)مسلم (3/219حديث رقم .1598والربا اعظم ذنبا مللن
الزنى لقللوله صلللى الللله عليلله وسلللم» :درهللم ربللا يللأكله
الرجل وهو يعلم أشللد مللن سللت وثلثيللن زنيللة« )مشللكاة
المصللابيح ،(90/2حللديث صللحيح كمللا قللال الشلليخ ناصللر
الدين اللباني(.
وأمللا الجمللاع فقللد قللال ابللن المنللذر :أجمعللوا علللى أن
المسلللف إذا شللرط علللى المستسلللف زيللادة أو هديللة
فأسلف على ذلك ان أخللذ الزيللادة علللى ذلللك ربللا ،وقللال
القرطبي» :اجمللع المسلللمون نقل عللن نللبيهم صلللى الللله
عليه وسلم ان اشتراط الزيادة في السلللف ربللا ولللو كللان
قبضة من علف ل كما قال ابن مسللعود لل أو حبللة واحللدة«
تفسللير القرطللبي «241/3وهللذه المعاملللة بللذاتها شللكل
وموضوعا ،وهو القرض الذي جر نفعا نظير الجل هللو ربللا
النسلليئة المعللروف فللي الجاهليللة الللذي نزلللت اليللات
بتحريمه ،قال المام الرازي» :ربا النسيئة هو المللر الللذي
كان مشهورا متعارفا عليه في الجاهلية ،وذلك انهللم كللانوا
يدفعون المال على ان يأخذوا كل شهر قدرا معينا ،ويكون
رأس المال باقيا ،ثم إذا حل الدين طللالبوا المللدين بللرأس
المال ،فإن تعذر عليه الداء زادوا في الحق والجل ،فهللذا
هو الربا الذي كللانوا فللي الجاهليللة يتعللاملون بلله »تفسللير
الرازي .92/4وقال ابن قدامة» :كل قرض شرط فيه ان
يزيده فهو حرام بغير خلف«.
المر الثاني :وهو ان تحديد الربح أو العائد مقدما حلل مللا
دام الطرفان يرتضيان هذا النوع مللن المعاملللة .فللإن مللن
المقطللوع بلله فقهللا ان التراضللي علللى المحللرم ل يحللل
الحرام ،ولو كلان هلذا القلول صللحيحا لنخرمللت الحكللام،
ولصبح الزنا والفجور حلل إذا تم بالتراضي .وهل كان ربللا
727
الجاهلية إل بالتراضي كمللا قللال المللام الجصللاص» :الربللا
الذي كانت العرب تعرفه وتفعله إنما كان قللرض الللدراهم
والدنانير إلى أجل بزيادة على مقدار ما استقرضه على ما
يتراضللون بلله« أحكللام القللرآن .465/1فتحديللد الربللح أو
العائد ل اي الفائدة ل مقدما مع اشتراط ضللمانها هللو الربللا
المقطوع بحرمته ،فكيللف يحللله التراضللي ،فالرضللا محللله
العقود المباحة والجائزة الخالية من المحرمات.
وأما الستشللهاد باليللة علللى ان التراضللي يحللل المعاملللة
وهي قوله تعلالى) :يللا أيهلا الللذين آمنلوا ل تللأكوا أملوالكم
بينكللم بالباطللل إل أن تكللون تجللارة عللن تللراض منكللم(
)النساء .(29 :هذه الية التي يستدل بها على الجواز ،هي
دليل منع إذ الية هنا لها دللة نص وظاهر ،فهي نللص فللي
حرمة أكل أموال المسلمين بينهللم بالباطللل ،وظللاهر فللي
حرمة الربا لنه من أكل أموال الناس بالباطل قطعللا ،بللل
هو من أظهر أنواع أكل أموال الناس بالباطل.
والتجارة هنا هي التجارة الصحيحة التي ل باطللل ول ظلللم
فيها ،ول ريب ان التراضي على التجارة الحرام باطللل ،ول
يحل التراضي ما حرمه الشرع ،ومعنللى اليللة» :ول تللأكلوا
أموالكم بينكم بالباطل« يعني :بالحرام الللذي ل يحللل فللي
الشرع ،وقوله» :إل ان تكون تجارة عن تراض منكم« هذا
استثناء منقطع و»إل« هنا بمعنى »لكللن« والمعنللى :لكللن
ان كانت تجارة أي أموال تجارة صادرة عللن تللراض منكللم
وطيب نفس فكلوهللا حلل ،فأكللل المللوال بالتجللارة جللائز
بالجمللاع ،ولن التجللارة ليسللت مللن جنللس أكللل المللال
بالباطل .فالتراضي ليس مطلقا كما أوردته الفتوى فنصت
على» :ان يباح لكللم ان تتبلادلوا المنلافع فيملا بينكلم علن
طريق المعاملت الناشئة عن التراض »فالية قاصلرة هنللا
على التجارة التي فيها أكل الموال لكن بالتراضي والربللح
الحلل ،وليللس كللل معاملللة دخلهللا الرضللا فهللي حلل،
والتراضي في المعاملللة محللل الفتللوى يحللل حرامللا فهللي
خارجة عن موضوع الية.
ج ل الفقرة الثالثة» :ومن المعروف ان البنوك عندما تحدد
للمتعاملين معها هذه الرباح أو العوائد مقدما ،إنما تحددها
728
بعللد دراسللة دقيقللة لحللوال السللواق العالميللة والمحليللة
والوضاع القتصادية في المجتمع ،ولظللروف كللل معاملللة
ولنوعها ولمتوسط ارباحها .ومن المعروف كللذلك ان هللذا
التحديلللد قابلللل للزيلللادة والنقلللص ،بلللدليل ان شلللهادات
الستثمار بدأت بتحديد العائد %4ثم ارتفع هذا العائد الى
أكثر من %15ثم انخفض الن الى مللا يقللرب مللن .%10
والذي يقوم بهذا التحديد القابللل للزيللادة أو النقصللان ،هللو
المسؤول عن هذا الشأن طبقللا للتعليمللات الللتي تصللدرها
الجهة المختصة في الدولة«.
إن صدر هذه الفقرة يفيد ان البنك يضللمن الربللح لعملئه،
ول يضيره ان يحدد لهم الربللح المعيللن مقللدما ،لنلله يللأمن
الخطأ في التحديد ان يكون سببا لخسارة مللا ،فللإن البنللك
مطمئن الى دراسته الدقيقة للسواق المحليللة والعالميللة،
وأوضاع المجتمع القتصادية .ثم ان البنللك لللم يحللدد ربحللا
معينللا مضللمونا ال وهللو ضللامن ربحللا أكللبر ،فيأخللذ أمللوال
العملء قرضا ،ثم يقرضها لبنوك أخلرى بنسلبة ربلح أعللى
ممللا ضللمنه لعملئه وهللذا شللأن البنللوك ،وهللذا مفهللوم
الستثمار فيها ،ل انها تستثمره فللي العقللار أو المنقللول او
السهم او غير ذلك فإنه محظللور عليهللا قانونللا كمللا سللبق
البيان ،بللل عمللل البنللوك توليللد النقللود بللالنقود ،وقللد نبلله
فقهاؤنا على خطورة اتخللاذ النقللود سلللعة تبللاع وتشللترى،
فقال الشاطبي وغيره :النقود خلقت اثمانللا وقيمللا للسلللع
ومتى استعملت سلعة دخل على الناس الفساد .النللابهون
مللن القتصللاديين اليللوم يؤكللدون هللذا المعنللى القتصللادي
الدقيق فالبنك انما يتحصل على الفائدة لعملئه وللله ايضللا
عن طريق بيع النقللود والمضللاربة الربويللة فيهللا بللالقراض
والقتراض.
والقللول بللأن تحديللد البنللك قابللل للزيللادة والنقللص ،هللذه
العبارة تشعر بمناقضة الفقللرة السللابقة الللتي يحللدد فيهللا
البنك الفوائد تحديدا دقيقا .وهللي عبللارة تللوهم بللأن الربللح
متغير وهي سمة التجارة المشروعة ،وليللس المللراد ذلللك
قطعا فإن البنك يحدد لكل عملية ربحها المحدد المضمون
الثابت الذي ل يزيللد ول ينقللص ،ولكللن المللراد ان الزيللادة
729
والنقص في العقللود المختلفللة وفللي ازمنللة مختلفللة فهللي
تزيللد وتنقللص تبعللا للظللروف والزمللان والحللوال .والبنللك
المركزي هو الذي يتدخل ويفرض نسبة الفللوائد الللتي قللد
تختلف من وقت لخر وفق معطيللات اقتصللادية وسياسللية
مختلفة.
د ل الفقرة الرابعة» :ومن فوائد هذا التحديد ل ل سيما في
زماننا هذا الذي كثر فيه النحراف عن الحللق والصللدق ان
فللي هللذا التحديللد منفعللة لصللاحب المللال ،ومنفعللة ايضللا
للقائمين على ادارة هذه البنوك المستثمرة للموال« فيلله
منفعة لصاحب المال ،لنه يعرفه حقلله معرفللة خاليللة مللن
الجهالة ،وبمقتضى هذه المعرفة ينظم حياته .وفيه منفعللة
للقائمين على ادارة هذه البنوك ،لن هذا التحديللد يجعلهللم
يجتهدون في عملهم وفي نشاطهم حتى يحققللوا مللا يزيللد
علللى الربللح الللذي حللددوه لصللاحب المللال ،وحللتى يكللون
الفائض بعد صرفهم لصحاب الموال حقوقهم ،حقا خالصا
لهم في مقابل جدهم ونشاطهم ،هذه الفقللرة تركللن الللى
الدليل الضعف وهو بنللاء الحللل علللى المنللافع والمصللالح،
والمقرر عنللد علمللاء الصللول ان شللرط الخللذ بالمصلللحة
وبناء الحكم عليها اذا لم تصادم نصللا ،وقللد اجمللع الفقهللاء
والصوليون علللى ان المصلللحة ل تقللدم علللى النللص عنللد
التعارض ل ومن قال بخلفه وهللو الطللوفي ،فقللول شللاذ ل
يخرق الجماع ل ولذا كانت المصللالح المصللادمة للنصللوص
غير معتبرة ،وما بني عليها باطل ،وكللانت الفللائدة الربويللة
وان كان فيها مصلحة للمرابين ال انها مال خبيث ل يحللل،
ول يعتبر طريقا من طرق الملكيللة ولللذا لللم تجللب الزكللاة
في الفائدة الربوية لخبثها ،ومن قال ان الربا فيلله مصللالح
حقيقية ،بل الصحيح ان مصالحه موهومة بل هللي مفاسللد
حقيقية .ولذا سللماه الللله ظلمللا فقللال تعللالى» :وإن تبتللم
فلكم رؤوس أموالكم ل تظلمللون ول تظلمللون« )البقللرة:
،(279فالزيادة على رأس المال ربا وظلم ،يقللول المللام
ابن تيمية» :الربا فيه ظلم محقق لمحتاج ،ولهذا كان ضللد
الصلدقة ،فلإن اللله للم يلدع الغنيلاء حلتى اوجلب عليهلم
اعطللاء الفقللراء فللإن مصلللحة الغنللي والفقيللر فللي الللدين
730
والدنيا ل تتم إل بذلك ،فإذا اربى معه فهو بمنزلللة مللن للله
على رجل دين فمنعه وظلمه زيادة أخرى ،والغريم محتاج
الى دينه .فهذا من اشد انواع الظلم ،ويعظمه :لعن النللبي
صلللى الللله عليلله وسلللم آكللله وهللو الخللذ ،ومللوكله وهللو
المحتللاج المعطللي للزيللادة ،وشللاهديه ،لعللانتهم عليلله
»)القواعد النورانية .(117
وإذا كان ربا الجاهلية ظلمه ظاهر على المقترض المحتاج
للمال ضرورة ،فيعجز عن السداد فيزداد عليلله حللتى يبللاع
عليه ما يملك او يستعبد هو نفسلله ،فللإن ربللا البنللوك فللي
المعاملللة محللل الفتللوى ،الضللعيف فيهللا هللو المقللرض
المغلللوب علللى امللره الللذي ل يسللتطيع ان ينمللي امللواله
ويستثمرها ،فيعطلها اذ يدفعها الللى المقللترض يتقللوى بهللا
على الباطل والحرام فيسللتثمرها فللي الربللا وهللذا ضللرره
ابلغ ،فإن ضرر المدين المضطر على نفسه والظلللم واقللع
عليه ابتداء ،لكن ضرر البنك خاصللة اكللبر لنلله ضللرر علللى
المجتمع بأسره في تعطيل المال ،وحرمللان المجتمللع مللن
التنميللة .ول يخفللى ان الظلللم ظلللم سللواء مللن الللدائن او
المدين ،فالبنك المدين هنا يظلم الللدائن اذ يعطيلله القليللل
فهذه الفائدة بحد ذاتهللا ظلللم ومانحهللا ظللالم ،ثللم يتحللول
بمال المدين الذي ملكه ليصبح دائنا قويللا يأخللذ اكللثر ممللا
اعطللى ،فضللرره ثنللائي مضللاعف .ولقللد بحللت اصللوات
القتصاديين في التنبيه على اضرار الربا المللدمرة للفللراد
والمجتمعللات والللدول وانهللا السللبب الرئيسللي فللي تباعللد
طبقات المجتمعات في المجتمع الواحللد بيللن فئاتلله وبيللن
الدول الغنية والفقيرة ،حيث يكبل القوي الضعيف بالديون
وفوائدها فيستغل خيراته ويستعبد اهله.
ولسنا هنا في معرض بيان آثار الربا ومساوئه علللى الفللرد
والسرة والمجتمع والدول والقتصاد العالمي برمته ،فهللذا
قد خصصت له بحللوث مطولللة مللن علمللاء القتصللاد قبللل
علمللاء الشللريعة .والفتللوى تشللير بوضللوح الللى ان للبنللك
مطلق الحريللة فللي اسللتثمار المللال كللله لصللالحه بعللد ان
يتفضل بالقليل لصحاب الموال ،وتعلل الفتللوى حللل ريللع
هذا الستثمار لموال المللودعين »بللانه حللق خللالص لهللذه
731
البنوك مقابل جهدهم ونشاطهم« فكيف يكون هذا الظلللم
حقا وهو استغلل لموال اصللحاب المللوال؟ وكيللف يكللون
حقا خالصا؟ وهو انما يستثمره في الحرام الللبين ،لن ملن
سطر هذه الفتوى ووافق عليها يعلم قبللل غيللره ان البنللك
انما يستثمرها في بنوك أخرى بطريق الربا ل غير.
هل ل الفقرة الخامسلة» :وقلد يقلال ان البنلوك قلد تخسلر
فكيللف تحللدد هللذه البنللوك للمسللتثمرين امللوالهم عنللدها
الرباح مقدما؟ والجواب :اذا خسرت البنوك في صفقة ما
فإنهللا تربللح فللي صللفقات أخللرى ،وبللذلك تغطللي الربللاح
والخسائر« .هذه الفقرة تؤكد ان اصحاب الفتللوى العلمللاء
)حفظهم الله( يدركون ان البنوك ضللامنة للربللح لنهللا لللن
تخسر فللان البنللك ضللامن ربحلله فللي صللفقته مللع البنللوك
الخرى ،وعلى فرض الخسارة فإن البنللك يللوزع المخللاطر
فيعقد عدة صفقات مع بنوك أخرى .فالخسارة ان وقعللت
محللدودة ونللادرة .والربللاح تغطللي الخسللائر لللو وقعللت،
والصللفقات المشللار اليهللا معلللوم لللدى مللن يفللتي بانهللا
صفقات ربا ل ريللب .اذ البنللوك ممنوعللة مللن اي صللفقات
في غير الربا .ول تمتنع البنوك من اعطاء الفائدة لصحاب
الموال .وال فالقضاء ينصللفهم لن القضللاء يعتللبر الفللائدة
المحرملللة حقلللا للمقلللرض وواجبلللا ل ينفلللك اداؤه علللن
المقترض.
و ل الفقرة السادسة» :والخلصة ان تحديللد الربللح مقللدما
للذين يستثمرون اموالهم عن طريق الوكالللة السللتثمارية
في البنوك او غيرها حلل ل شبهة في هذه المعاملة فهللي
مللن قبيللل المصللالح المرسلللة وليسللت مللن العقللائد او
العبادات التي ل يجوز التغيير او التبديل فيها .وبناء على ما
سبق فان استثمار الموال لدى البنوك التي تحللدد كالربللح
او العائد مقدما حلل شرعا ول بأس به«.
هذه الفقرة تكرر المعاني السابقة فتقر بأن تحديللد الربللح
او بللالمعنى الصللحيح اشللتراط ضللمان الربللح حلل مللا دام
مبنيللا علللى الوكالللة السللتثمارية للل المقصللود الوكالللة
بالستثمار ل في البنوك او غيرها ،وهنا يللدخل فللي الفتللوى
غير البنوك من الشركات والمؤسسات المالية ،واعتقد ان
732
المراد هو البنللك السللائل وهللو »بنللك الشللركة المصللرفية
العربية الدولية وغيره من البنوك« ولكن سللرعة الصللياغة
ربما اوقعت في هذا اللبس غير المراد .وتؤكد الفقرة بللأن
هللذه المعاملللة حلل ل شللبهة فيهللا .وهللذا ايمللاء لوجللود
الشبهة ،وال ل كتفى بأن المعاملة حلل ،وتضيف الخلصللة
دليل آخر لم يسبق ذكره وهذا عيب فللي الفتللوى ان تللذكر
دليل في الخلصة ل ذكر له في اصل ادلة الفتوى ،ويحشر
في الفتوى حشرا .وهو قول الفتوى بللأن »هللذه المعاملللة
من قبيل المصالح المرسلللة« واظللن ان مللن بيللن اعضللاء
المجمع الحاضرين ثلثة من الفقهاء المختصين المتعمقيللن
في الفقه واصول الفقه ،وهم الوحيللدون الللذين اعترضللوا
علللى الفتللوى .وهللم يعلمللون يقينللا مللا معنللى المصللالح
المرسلة .ول اظللن ذلللك يخفللى ايضللا علللى بقيللة العلمللاء
الكرام .فالمصلحة المرسلة هللي المصلللحة الللتي لللم يللرد
نص باعتبارها فينص على انها جائزة ،ولم يرد نص بالغائهللا
فينص على انها غير معتللبرة وملغللاة .وقللد اوردت الفتللوى
نصا قرآنيا ادعت انه دليل اعتبار هذه المعاملة وهي قللوله
تعالى» :يا أيها الذين آمنوا ل تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
إل أن تكللون تجللارة عللن تللراض منكللم« فتكللون مصلللحة
معتبرة ل مصلحة مرسلة بناء على هذه الية .وقد بينللا ان
الستشهاد في غير محللله ولللم يبللق ال ان هللذه المعاملللة
محرمة وهي من الربا ،وهي حينئذ مصلللحة ملغللاة بللالنص
القاطع وهي اي من التحريم مللن القللرآن واحللاديث النللبي
صلى الله عليه وسلم واجماع فقهاء المللة .فهللي مصلللحة
يتحقق فيها شرط اللغللاء ،ثللم ان عبللارة »انهللا مللن قبيللل
المصالح المرسلة وليست من العقائد او العبادات الللتي ل
يجوز التغيير او التبللديل فيهللا« عبللارة غيللر سلليمة علميللا،
فإن العقائد والعبادات ل تقابل بالمصلالح المرسللة ،وانملا
تقابللل بالمصللالح المرسلللة المصلللحة المعتللبرة الللتي ورد
النص باعتبارها ،والمصلحة الملغاة التي ورد النص بالغائها
والمصلحة العامة والخاصة التي وردت النصوص باعتبارها،
فمحل المصالح والمصللالح المرسلللة هللو فللي المعللاملت،
ومن المعاملت المحققة للمصالح ما ل يجوز فيلله التبللديل
733
او التغييللر بادخللال شللروط او الغللاء بعضللها كعقللد السلللم
والستصللناع والمضللاربة ونحوهللا ممللا بنللي اصللل علللى
المصلللالح .وانملللا العبلللادات والعقلللائد يمكلللن ان تقابلللل
المصلحة بالمعنى العام ،لن المصلحة تتغير بتغير الزمللان
والمكان ،ولكنها وفق ضوابطها بأل تخالف نصا من الكتاب
او السنة او الجماع او القياس ،وال تفوت مصلحة اكبر.
وبناء على ما سبق من هذا البيان المستقرئ للفتوى بالرد
والتصللحيح فللإنه يسللعنا القللول :ان هللذه الفتللوى مللردودة
لمصادمتها نصوص الشرع القاطعة بحرمة الربللا ،وخرقهللا
لجماع الفقهاء قديما وحديثا وانها قول شاذ ل يللدخل فللي
باب الجتهاد .اذ ل اجتهلاد مللع النلص .وانهلا ل تسللتند اللى
تكييف او دليل شرعي ،بل هي صلريحة فلي ابتنائهللا عللى
اقللراض البنللك واعطللاء فللائدة محللددة مقللدما ومضللمونة
ومنسوبة لرأس المال ويعيد البنك مللع الفللائدة رأس مللال
المقرض وهذا عين الربا المقطوع بحرمته نصللا واجماعللا.
ولو لم يكللن فللي هللذه الفتللوى ال شللبهة للربللا لبطلللت اذ
شبهة الربا ربا.
وتبطل هذه الفتوى بتضافر اجماع مجامع الفقلله فللي هللذا
العصر بدءا بقرار مجمع البحوث السلمية وقد سبق ذكللر
فتواه والتي شارك فيها قرابلة ملائة وخمسلين فقيهلا ملن
خمللس وثلثيللن دولللة ،ومجمللع الفقلله السلللمي التللابع
لمنظمة المؤتمر السلللمي الللذي يضللم الللدول السلللمية
كلها ممثلة بأبرز علمائها وبحضور زهاء مائة واربعين فقيها
ومجمع الفقه برابطللة العللالم السلللمي ،وفيمللا يلللي ذكللر
هذه الفتللاوى ،وتللذييلها بفتللوى فضلليلة شلليخ الزهللر عينلله
ونفسه الشيخ محمد سيد طنطاوي .وكل هذه الفتاوى في
الموضوع نفسه اقراض البنك ومنح البنك فائدة علللى هللذا
القراض.
جريدة الشرق الوسط 04/02/2003
===============
#الربا ..آثام وأضرار
بناء النفللس والسللرة ،وبنللاء المجتمللع والمللة ل يكللون إل
باكتسللاب ،ول اكتسللاب إل بعمللل .والعمللل ل يكللون إل
734
بالتعامللل مللع الخريللن ،سللواء كللان العمللل والكتسللاب
مشروعا ً أم غير مشروع ،أخلقيا ً أم غير أخلقي.
وأحكام السلم لم تكن كنظريات الشتراكيين التي ألغللت
الملكية الفردية ،وقتلت أبناءهللا ،وأدت بهللم إلللى العطالللة
والبطالللة .وهللي كللذلك ليسللت رأسللمالية تعطللي الحريللة
المطلقة في الموال ليسللحق القويللاء الضللعفاء ،ويكونللوا
ل! ليسللت بمثابللة العبيللد والخللدم لهللم ،والعمللال لللديهم .ك ّ
أحكام السلم في التعللاملت كللذلك؛ إذ وازنللت بيللن حللق
الفرد في الملكية الخاصة وبين حاجة المجتمع بمللا يحقللق
التقارب واللفة والمن ،فللأعطت الفللرد حللق تنميللة مللاله
بالكسب المشروع ،ولم تحرمه من ابتكارات فللي التجللارة
مللا دامللت فللي حللدود الحلل .وفللي الللوقت ذاتلله أغلقللت
تشللريعات السلللم منافللذ السللتبداد المللالي ،والحتكللار
التجاري ،واستغلل الطبقات الفقيرة وحاجتها إلى المللال،
وفتحت أبللواب الحسللان والقللرض والصللدقة ،والمضللاربة
المشروعة ....إلخ.
وفللي هللذه المقالللة عللرض لبعللض آثللام الربللا الشللرعية،
وأضراره الدينية والدنيوية؛ تلك الكبيرة مللن الللذنوب الللتي
عمت وطمت في العصر الرأسمالي ،وتمت عولمتها قبللل
عولمة أي شيء آخر؛ إذ إن الربا انتشر في كل بلد العالم
انتشار النار في الهشيم منذ عشرات السنين ،أي قبللل أن
يتحدث الناس عن العولمة.
ون ومع بالغ السف فإن انتشللار هللذه الجريمللة النكللراء هُل ّ
وقعها على القلوب؛ حتى ألفتها فلم تعد تنكرها؛ بللل صللار
النكار على من ينكرها في عصر أصبح الباطللل فيلله حق لا ً
ول حول ول قوة إل بالله .ومن كان يظن أن هللذه الكللبيرة
المقيتللة سللتوجد لهللا المسللوغات وتوضللع لهللا المللبررات؟
وممللن؟! مللن شلليوخ معمميللن يحملللون أعلللى الجللازات
العلمية فللي الدراسللات السلللمية ،ويللتربعون علللى سللدة
مناصب الفتاء في بلدهم.
وأضحت اليوم كثير من المعاملت المحرمة بالمس تصنع
لها المخارج الشرعية ،وتتحول تدريجيا ً مللن دائرة الحرمللة
المغلظة إلى الخللف إلللى المشللتبه ،إلللى مسللائل خلفيللة
735
يجيزها بعض ويحرمهللا الكللثر ،ثللم العكللس يجيزهللا الكللثر
محّرم لها شيئا ً فشلليئا ً ويحرمها بعض ،حتى يخفت صوت ال ُ
فتصبح حل ً
ل.
ولقناع جمهور المة التائه في غابللة تلللك التعللاملت الللتي
تخرج لنا اللة الرأسمالية كل يللوم منهللا عشللرات الصللور،
عمدت كثير من صللروح الربللا المشللهورة الللتي تحللاد الللله
ورسوله وتعلللن الربللا صللراحة إلللى إقنللاع الللواقفين علللى
عتباتها مترددين بفتاوى تجيز بعللض أسللاليبهم وتعللاملتهم.
تصللورها وتوزعهللا وتعلقهللا علللى جللدران الصللرح الربللوي
الشامخ؛ وإنها لمهزلة أن يكون سند من يجاهر بحرب الله
ورسوله فتوى خطتها أنامل من يدعو إلى الله تعالى وإلى
سنة رسوله صلى الله عليه وسلم !!
أضرار الربا الشرعية:
1الربا من معاملت اليهود والمشركين:
كان من أعظم أمور الجاهلية ،وتعاملتهم المالية ممارسللة
الربا وكسب الموال عن طريقلله؛ ولللذا فللإن النللبي صلللى
الله عليه وسلم أعلن إلغاءه على مسمع مللن النللاس فللي
حجة الوداع حينما خطبهم فقال" :أل كللل شلليء مللن أمللر
الجاهليللة تحللت قللدمي موضللوع .ثللم قللال :وربللا الجاهليللة
موضوع ،وأول ربا أضع ربانا ربا العباس ابن عبد المطلللب
فإنه موضوع كله").(1
واليهللود يتعللاملون بالربللا حللتى كللان أكلهللم للله سللببا ً مللن
أسباب عقوبتهم كما قال الله تعللالى :فبظلللم مللن الللذين
هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عللن سللبيل
الللله كللثيرا ) (160وأخللذهم الربللا وقللد نهللوا عنلله وأكلهللم
أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما.
}النساء.{161 ،160 :
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعللالى " :أي أن الللله قللد
نهاهم عللن الربللا فتنللاولوه وأخللذوه واحتللالوا عليلله بللأنواع
الحيل وصنوف من الشبه").(2
ولم يفارق اليهود عادتهم القديمة؛ فأباطرة الربا فللي هللذا
العصر وملك كبريات مؤسساته ومصارفه هم من اليهللود،
وهلم اللذين أفسلدوا اقتصلاد العلالم ،ونشلروا المعللاملت
736
المحرمة ،وحطموا أسعار كثير من العملت ،وأفقروا كثيرا ً
من الشعوب.
فمللن تعامللل بالربللا فقللد تشللبه بأعللداء الللله تعللالى مللن
المشركين واليهود ،وكفى بذلك إثما ً وخسرانًا.
2أنه محاربة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم :
جاء الزجر عن الربا في كتاب الله تعالى عنيفلا ً شللديدًا؛ إذ
هو من الذنوب العظائم القلئل) (3الللتي وصللف اقترافهللا
بمحاربة الله ورسوله.
وإذا كللان قطللاع الطريللق يحللاربون الللله تعللالى بإشللهار
السللللح ،وإزهلللاق الرواح ،واغتصلللاب الملللوال ،وترويلللع
المنين ،وقطع السبيل؛ فإن أكلة الربا يحاربون الله تعالى
بدمار المجتمعات ،والفساد في المللوال ممللا يللؤدي إلللى
الفساد في الرض ،وتوسيع الهوة بين الطبقات مملا يللزم
منه حدوث الجرائم وكثرة الخوف ،وقلة المن.
ة الربا ل يرفعون السلح كما يرفعه قطاع الطريق، إن أ َك َل َ َ
ول يأخذون المال عنللوة؛ ولكنهللم يمتصللون دمللاء الفقللراء
وهم يبتسمون لهم!! وينتهبون أموال الناس وهللم يربتللون
على أكتافهم!!
إنها محاربة ماثلت فلي بشلاعتها محاربللة قطلاع الطريللق؛
ولكنها أوسع نطاقًا ،وأكثر تنظيملا ً ومخادعللة؛ ففلاقت فللي
انتشارها وقبحها رفع السلح وانتهاب الموال بالقوة؛ وقللد
قال الله تعالى محذرا ً منها :يا أيها الذين آمنللوا \تقللوا الللله
وذروا ما بقللي مللن الربللا إن كنتللم مللؤمنين 278فللإن لللم
تفعلللوا فللأذنوا بحللرب مللن الللله ورسللوله وإن تبتللم فلكللم
رءوس أمللوالكم ل تظلمللون ول تظلمللون }البقللرة،278 :
.{279
وويل ثم ويل لمللن حللارب الللله تعللالى وهللو يمشللي علللى
أرضه ،ويأكل رزقه ،وينعم بفضله .قال ابللن عبللاس رضللي
الله عنهما " :يقال يللوم القيامللة لكللل الربللا :خللذ سلللحك
للحرب") .(1وعنه رضي الله عنه قللوله فللي معنللى اليللة:
"فاستيقنوا بحرب من الله ورسوله").(2
وقال قتادة السدوسي رحمه الله تعللالى " :أوعللدهم الللله
بالقتل كما تسمعون؛ فجعلهم بهرجا ً أينما ثقفوا") (3ويرى
737
بعض المفسرين أن هذه الية قد أومأت إلى سللوء خاتمللة
أكلة الربا).(4
3أن فيه كفرا ً لنعمة المال:
لم يكتف المتعامل بالربللا بمللا رزقلله الللله مللن مللال ،ولللم
يشكر نعمة الله تعالى به عليله؛ فللأراد الزيلادة ولللو كلانت
إثمًا ،فكان كافرا ً لنعمة ربه عليه؛ فمآل ماله إلللى المحللق
ونزع البركة ،كما قال الله تعالى :يمحق الله الربا ويربللي
الصدقات والله ل يحللب كللل كفللار أثيللم }البقللرة.{276 :
قال ابن كثير رحمه الله تعالى " :أي ل يحب كفور القلب،
أثيم القول والفعل ،ول بد من مناسبة في ختم هللذه اليللة
بهذه الصفة وهي أن المرابي ل يرضى بما قسللم الللله للله
من الحلل ،ول يكتفي بما شلرع لله مللن الكسلب المبللاح،
فهللو يسللعى فللي أكللل أمللوال النللاس بالباطللل بللأنواع
المكاسب الخبيثة فهو جحود لما عليه مللن النعمللة ،ظلللوم
آثم بآكل أموال الناس بالباطل").(1
4أن الربا مخل باليمان:
كل معصية تخل بإيمان العبد ،وعلى قللدر المعصللية يكللون
اختلل اليملللان؛ إذ إن اليملللان يزيلللد بالطاعلللة وينقلللص
بالمعصللية كمللا هللو مللذهب السلللف الصللالح وأتبللاعهم
بإحسان ،وقد قال الللله تعللالى فللي شللأن الربللا :وذروا مللا
بقللي مللن الربللا إن كنتللم مللؤمنين }البقللرة ،{278 :قللال
القاسمي رحمه الللله تعللالى " :فللبّين أن الربللا واليمللان ل
يجتمعان").(2
ولذا كان المتعامل حقيقا ً باللعن والطللرد مللن رحمللة الللله
تبارك وتعالى .قال جابر رضي الله عنه " :لعن رسول الله
صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومللوكله وكللاتبه وشللاهديه
وقال :هم سواء").(3
5أنه من المهلكات للفراد والمم:
أما الفراد فقد عد ّ النبي صلى الله عليه وسلللم الربللا مللن
التسع الموبقات) ،(4ثم عده في السبع الموبقات) (5التي
ذر منها وأمر باجتنابها.ح ّ
وأما على مستوى المم فقد أخبر صلى الللله عليلله وسلللم
أنه" :مللا ظهللر فللي قللوم الربللا والزنللا إل أحلللوا بأنفسللهم
738
عقاب الله") (6وكفى بللذلك زاجللرا ً عنلله للمللم الللتي تللود
المحافظة على اقتصادها ،وتخشى الكوارث والنوازل.
6الربا أعظم إثما ً من الزنا:
ورد في السنة النبوية أحاديث كشفت حقيقة تلك الجريمة
النكراء ،وأبانت بشاعتها وقبحها بما يردع كل مللؤمن بللالله
ه مقارفتهللا؛ ومنهللا تعالى والللدار الخللرة عللن مقاربتهللا ب َل ْل َ
حديث ابن مسعود رضي الله عنلله عللن النللبي صلللى الللله
عليه وسلم قال" :الربا ثلثة وسبعون بابا ً أيسرها مثللل أن
ينكح الرجل أمه ،وإن أربى الربا عرض الرجللل المسلللم")
.(7
وكذا حديث عبد الله بللن حنظلللة رضللي الللله عنهمللا قللال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " :درهللم ربلا ً يللأكله
الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلثين زنية").(1
قال الشوكاني رحمه الله تعالى " :قللوله :أشللد مللن سللت
وثلثيللن ...إلللخ" يللدل علللى أن معصللية الربللا مللن أشللد
المعاصي؛ لن المعصية التي تعدل معصية الزنا الللتي هللي
في غاية الفظاعة والشللناعة بمقللدار العللدد المللذكور ،بللل
أشد منها؛ ل شك أنها قد تجاوزت الحد في القبح").(2
ومن نظر في هذين النصين وشواهدهما من السنة النبوية
تبين له أن قليل الربا أعظم مللن كللثير الزنللا ،مللع مللا فللي
الزنلا ملن فسلاد اللدين واللدنيا؛ حيلث سلماه اللله تعلالى
ل ،ونهللى عللن القللتراب منلله كمللا قللال فاحشة وساء سللبي ً
تعالى :ول تقربوا الزنللى" إنلله كللان فاحشللة وسللاء سللبيل
}السراء ،{32 :وحرمت الشريعة الطرق المفضللية إليلله،
وسللدت الللذرائع الموصلللة للله .وفيلله خيانللة كللبرى لللزوج
المزني بها ووالديها وأسرتها .ويللؤدي إلللى فسللاد الخلق،
وارتفلللاع الحيلللاء ،واختلط النسلللاب ،وفشلللو الملللراض،
وحصللول الشللكوك ،وتللبرؤ الللزوج مللن نسللبة ابللن زوجتلله
الزانية وملعنتها على ذلك ،وربما حصللل عنللده شللك فللي
أولده من زوجته قبل زناها إلللى غيللر ذلللك مللن المفاسللد
العظيمة التي اسلتوجبت أن يكلون حلد الزنلاة المحصلنين
الرجم بالحجارة حتى الموت .وحد غيللر المحصللنين الجلللد
والتغريب ،ورد شهادتهم ووصللفهم بالفسللق إل أن يتوبللوا،
739
ومصلليرهم فللي الللبرزخ إلللى تنللور مسللجور تشللوى فيلله
أجسادهم.
رغم ما تقدم كله فإن الدرهم من الربللا أعظللم مللن سللت
وثلثين زنية؛ فإذا كان هذا فللي درهللم واحللد فكيللف بحللال
من يأكلون اللوف من الربا بل المليين والمليارات؟!
وكم هي خسارة من أسس تجارته على الربللا ،ومللن كللان
كسبه من فوائد الربا الخبيثللة ،ومللن كللانت وظيفتلله كتابللة
الربا ،أو الدعاية له ،أو حراسة مؤسسته؟!
وما هو مصير جسد ما نبت إل من ربللا ،وأولدٍ مللا أطعمللوا
ذيت أجسللادهم إل عليلله ،فمللا إل من كسبه الخبيث وما غُل ّ
ذنبهم أن تبنى أجسادهم بالسحت؟
الصلة بين الربا والزنا:
إن المتأمل للحديثين السابقين ومللا فللي معناهمللا يجللد أن
ثمة علقة وثيقة بين جريمتي الربا والزنللا ،وأن الربللا أشللد
جرما ً من الزنا؛ فما هو السر في ذلك يا ترى؟!
إن الذي يظهر لللي والعلللم عنللد الللله تعللالى أن مللن أهللم
أسباب انتشار الزنا في المم تعامل أفرادها بالربا ،ودرهم
الربا ضرره على المة كلها ،أما الزنا فضرره مقصور على
الزاني والزانية وأسرتها وولدها ول يتعدى ذلك في الغالب
إذا لم يكن ثمة مجاهرة به ،وإقرار له).(1
إن الطبقية اللتي يصلنعها الربلا بيلن أبنلاء الملة الواحلدة،
والفجوة بين الفقراء والغنياء التي تزداد اتساعا ً وانتشللارا ً
كلمللا تعامللل النللاس بالربللا تجعللل الفقيللر كلمللا اقللترض
فض لع ِ َ
تضاعفت ديونه ،وازداد فقره واشتد جللوعه؛ حللتى ي ُ ْ
الفقر والجوع والحاجة غيرته على عرضه ،فل يأبه إن زنت
محللارمه إذا كللان مللن وراء ذلللك عللائد مللالي يقلللل فقللره
ويشبع بطنه .وما زنت الزانيللة المحتاجللة أول مللا زنللت إل
لما جاع بطنها ،وصاح رضيعها واحتاج أهلها ،ولربمللا أمرهللا
وليها بالزنا عللوذا ً بللالله مللن أجللل أن تطعللم أسللرتها .وإذا
انكسر حياؤها مرة فلن ينجبر أبدا ً حتى تتخذ الزنا مهنة لها
إل أن يشاء الله تعالى؛ والواقع يشهد ذلللك فللي كللل البلد
م فيهلا الربلا ،وزال ملن أفرادهلا الحسلان؛ حلتى اللتي عل ّ
أصبح المال في أيدي عدد قليللل مللن عصللابات المرابيللن،
740
وأما بقية النللاس فيغرقللون فللي ديللونهم ،ويموتللون جوعلا ً
وفقرًا .فالربا ليس سببا ً في وقوع الزنللا فحسللب؛ بللل هللو
سبب لنتشاره في المم ،وإذا كان الزنللا جريمللة أخلقيللة؛
فإن الربا جريمة أخلقية مالية تجر إلى كللوارث عللدة مللن
انتشار البطالة والفقللر والجللوع والحقللاد بيللن أبنللاء المللة
الواحدة.
ذب في قبره وعند نشره: 7المتعامل بالربا ُيع ّ
الربا من المعاملت التي أجمعت الشرائع السللماوية كلهللا
على تحريمه ،الخذ والمعطي فيه سواء.
وآكل الربا ُيبَعث يوم القيامة وهو يتخبللط فللي جنللونه كمللا
قال تعالى :الذين يللأكلون الربللا ل يقومللون إل كمللا يقللوم
الذي يتخبطه الشيطان من المس.
}البقرة.{275 :
قال سعيد بن جبير رحمه اللله تعلالى " :يبعلث آكلل الربلا
يوم القيامة مجنونا ً يخنق") ،(2وقال وهب ابن منبه" :يريد
ث الناس من قبورهم خرجوا مسللرعين لقللوله :يللوم إذا ب ُعِ َ
يخرجون من الجداث سراعا كأنهم إلى" نصللب يوفضللون
}المعارج {43 :إل أكلة الربلا فلإنهم يقومللون ويسللقطون
كما يقوم الذي يتخطبه الشيطان من المس؛ وذلللك لنهللم
آكلوا الربا في الدنيا ،فأرباه الله في بطونهم يللوم القيامللة
حتى أثقلهم؛ فهم ينهضون ويسللقطون ويريللدون السللراع
ول يقدرون").(2
ويشهد لهذا المعنى حللديث مرفللوع فيلله ضللعف عللن أبللي
هريرة رضي الله عنه قللال :قللال رسللول الللله صلللى الللله
عليه وسلم " :أتيت ليلللة أسللري بللي علللى قللوم بطللونهم
كالبيوت فيها حيات ُترى من خللارج بطللونهم؛ فقلللت :مللن
ة الربا").(1هؤلء يا جبريل؟ قال :هؤلء أ َك َل َ ُ
وأما عذابه في البرزخ فكما جللاء فللي حللديث المنللام عللن
سمرة بن جندب رضي الله عنلله وفيلله :قللال النللبي صلللى
الله عليه وسلم " :فأتينا على نهر حسبت أنه كللان يقللول:
أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح ،وإذا على
شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كللثيرة ،فيللأتي ذلللك
السابح إلى ذلك الذي جمع الحجارة عنده ،فيفغللر للله فللاه
741
فيلقمه حجرا ً حتى يذهب بلله سللباحة إلللى الجللانب الخللر"
وذكر في تفسيره في آخر الحديث أن ذلك السابح الناقللل
للحجارة آكل الربا).(2
قال ابن هبيرة رحمه الله تعالى " :إنما عللوقب آكللل الربللا
بسباحته في النهر الحمر وإلقامه الحجارة؛ لن أصل الربا
يجري في الذهب ،والللذهب أحمللر .وأملا إلقلام الملللك لله
الحجر فإنه إشارة إلى أنه ل يغني عنه شيئًا ،وكللذلك الربللا
فإن صاحبه يتخيل أن ماله يزداد والله من ورائه يمحقلله")
.(3
8أن المتعامل به ملعون علللى لسللان رسللول الللله صلللى
الله عليه وسلم :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال" :لعلن رسلول
الللله صلللى الللله عليلله وسلللم آكللل الربللا ومللوكله وكللاتبه
وشاهديه ،وقال :هم سواء").(4
قال النووي رحمه الله تعالى " :هذا تصريح بتحريللم كتابللة
المبايعة بيللن المللترابين ،والشللهادة عليهمللا ،وفيلله تحريللم
العانة على الباطل").(5
وقال الصللنعاني" :أي دعللا علللى المللذكورين بالبعللاد عللن
الرحمة ،وهو دليل على إثم من ذكر وتحريللم مللا تعللاطوه،
وخص الكل؛ لنه الغلب في النتفاع ،وغيره مثله").(6
أضرار الربا الدنيوية:
ب مللن ل من يتنفس الهواء نصي ٌ إذا تلوثت الجواء أصاب ك ّ
هذا التلوث ،وإذا تكللدرت الميللاه دخللل شلليء مللن كللدرتها
جوف كل شارب منها ،وهكذا يقال في كل شلليء متلللوث
يباشره الناس ،حتى المللوال إذا داخلهللا الكسللب الخللبيث
أصاب المتعاملين بها بيعا ً وشراًء ،وأخذا ً وعطاًء شيء مللن
خبثها وسحتها؛ فكيف إذا كانت بنية القتصاد العالمي على
الكسب الخبيث؛ وفقلا ً للنظريللة الرأسلمالية المبنيلة علللى
وغ الحرية المطلقة في الموال ،والمقللررة أن الغايللة تس ل ّ
الوسيلة؟ فل شك والحال ما ذكر أن تتلوث الموال عالميا ً
بالكسب الخللبيث؛ حللتى إن مللن حللاول الحللتراز والتللوقي
يصلليبه رذاذ خبللث المللوال ،وغبللار الربللا المتصللاعد منهللا،
مصداقا ً لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلللى
742
الله عليه وسلم قال" :ليأتين علللى النللاس زمللان ل يبقللى
فيه أحد إل أكل الربا ،فإن لم يأكله أصابه من غباره").(1
وإذا كان المر كذلك فإن حصول أضللرار دنيويللة اقتصللادية
واجتماعية وغيرها متحقق ول مفر منه في كل أمة انتشللر
فيها الربا وما يتبعه من كسب خبيث كما دلللت علللى ذلللك
النصوص والعقل وواقع حال البشر في هللذا العصللر الللذي
عل فيها شأن القتصاد المبنللي علللى الربللا علللى الشللؤون
الخرى.
ومن تلكم الضرار الدنيوية ما يلي:
1أن الربا سبب للعقوبات ومحق البركات:
قال الله تعالى :يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله ل
يحب كللل كفلار أثيللم }البقللرة ،{276 :ونظيللر هللذه اليللة
قوله تعالى :وما آتيتم من ربا ليربو في أمللوال النللاس فل
يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فللأولئك
هم المضعفون }الروم.{39 :
واليتان دالتان على مباركة المال بالصدقة لترغيبهم فيهللا،
ومحقه بالربا لترهيبهم وتنفيرهم منه ،ل سيما أن النفللوس
البشرية تحب تملك المال وتنميته وتمللوله؛ فقللد تتقللاعس
عن الصدقة شحا ً به ،وتتعامل بالربا تنميللة للله؛ فللبين الللله
تعالى أن البركة تحصل بالصدقة ،والمحق يحصل بالربا.
قال الرازي" :لما بالغ في الزجر عن الربلا وكللان قلد بللالغ
في اليات المتقدمللة فللي المللر بالصللدقات ذكللر ههنللا مللا
يجري مجللرى الللداعي إلللى تللرك الصللدقات وفعللل الربللا،
وكشف عللن فسللاده؛ وذلللك لن الللداعي إلللى فعللل الربللا
تحصيل المزيللد فللي الخيللرات ،والصللارف عللن الصللدقات
الحتراز عن نقصان الخير؛ فبين تعللالى أن الربلا وإن كلان
فللي زيللادة فللي الحللال إل أنلله نقصللان فللي الحقيقللة ،وأن
الصدقة وإن كانت نقصانا ً في الصللورة إل أنهللا زيللادة فللي
المعنللى ،ولمللا كللان المللر كللذلك كللان اللئق بالعاقللل أل
يلتفللت إلللى مللا يقضللي بلله الطبللع والحللس مللن الللدواعي
والصوارف؛ بل يعول على ندبه الشرع إليله مللن الللدواعي
والصوارف").(2
743
والظاهر أن محق الربا للمللال يكللون فللي الللدنيا والخللرة؛
لعموم النصوص وعدم تخصيصها المحق بدار دون أخرى:
ومن صور محقه في الدنيا :عللدم بركتلله ،وإنفللاقه فيمللا ل
يعود على صاحبه بالنفع بل فيما يضره؛ ليقينلله أنلله كسللب
خبيث فينفقه في خبيث أيضًا ،فيكتسب به إثمين :إثما ً في
الكتساب ،وإثما ً في النفللاق؛ ذلللك أن كسللب المللال مللن
حللرام ل يجيللز إنفللاقه فللي الحللرام كملا يظللن كللثير ممللن
وضون في الحرام .ثلم إن ملن اسلتغل حاجلة الفقللراء يتخ ّ
وأكل أموال الناس بالربا فإنهم يبغضونه ويلعنونه ويلدعون
عليه؛ مما يكون سببا ً لزوال الخير والبركة عنه في نفسلله
وماله ،وإذا جمع مال ً عظيما ً بالباطل تللوجهت إليلله أطمللاع
الظلمة والغاصللبين ،ويشللجعهم علللى ذلللك أنهللم ل يللرون
وغون لنفسهم أخذه منه أو مشللاركته أحقيته بالمال ،فيس ّ
فيه.
ومن صور محقه في الخرة :عللدم تسللخيره فللي الطاعللة
لعلمه أنه محرم ،ولو تصدق به أو حج أو أنفق فللي وجللوه
البر لكان حريا ً بالرد وعدم القبول؛ لن الله تعالى طيب ل
يقبل إل طيبلًا ،ثللم إن مللا يحصللل للله مللن شللدة الحسللاب
والعذاب المرتب على الربا في الللبرزخ وعنللد النشللر مللن
أعظللم المحللق؛ ذلللك أن الصللل فللي المللال منفعللة ينفللع
صاحبه ،والمرابي عاد عليه ماله بالضرر.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" :الربللا وإن
ل").(1كثر فإن عاقبته تصير إلى ق ّ
قللال المنلاوي رحملله اللله " :أي أنلله وإن كلان زيلادة فلي
ق آجل ً بمللا يفتللح علللى
المال عاجل ً يؤول إلللى نقللص ومحل ٍ
المرابللي مللن المغللارم والمهالللك؛ فهللو ممللا يكللون هبللاًء
منثورًا .قال الطيبي :والكثرة والقلة صفتان للمال ل للربا؛
فيجب أن يقدر :مال الربا؛ لن مال الربا ربا").(2
ول يشك مؤمن أن القليللل المبللارك مللن المللال خيللر مللن
الكللثير الممحللوق البركللة ولللو كللان الكللثير محللل إعجللاب
الناس وتطلعاتهم ورغباتهم؛ ولذا قال الللله تعللالى :قللل ل
يسللتوي الخللبيث والطيللب ولللو أعجبللك كللثرة الخللبيث
}المائدة.{100 :
744
والواقع المشاهد يؤكد هذه الحقيقة الللتي قررتهللا نصللوص
الشللريعة سللواء علللى المسللتوى الفللردي أو الجمللاعي
والممي.
أما على المستوى الفردي فإن أكثر الناس في هذا العصر
عصللر الربللا يشللكون مللن قلللة بركللة أمللوالهم رغللم كللثرة
دخولتهم وتعدد سبل كسبها.
أما على المستوى الممللي العللالمي فرغللم اخللتراع اللللة،
واسلللتغلل ثلللروات الرض ،وتنلللوع الصلللناعات ،وتعلللدد
الزراعات التي أصبح النسان المعاصر ينتج منها في اليوم
ما لم يستطع إنتاجه من قبللل فللي سللنوات؛ حللتى صللارت
أرقام النتاج الزراعي والصناعي أرقاما ً عاليللة جللدًا؛ رغللم
ذلك كله فإن أكثر سكان الرض يعيشون فقرًا ،ول يجدون
كفاف لًا ،وفللي كللل يللوم يمللوت منهللم جمللوع مللن الجللوع
م
م للل ْوالمرض؛ فأين هي المنتجات الزراعية والصناعية؟ ل ِ َ
تسد ّ جوع المليين من البشللر وهللي تبلللغ ملييللن الملييللن
من الطنان؟ فما كانت إذن قللة إنتلاج؛ ولكنهلا قللة بركلة
فيما ينتجون ويزرعون ويصنعون!!
وأما حلول العقوبات ،فإن المحسوس المشاهد منها الذي
يعاني منه البشر في عصر الربا من التنوع والكللثرة بمللا ل
يعد .وهناك عقوبات معنوية يعاني منهللا أكللثر النللاس ولللم
يكتشفوا سر تلك المعاناة ومنها :استعباد المللادة للنسللان
بحيث تحولت من كونها وسلليلة لراحتلله وهنللائه إلللى غايللة
ينصب في تحصيلها ،ثم يشقى بحفظهللا ،ويخشللى فواتهللا.
وتلك عقوبة أيّ عقوبة!!
إن النسان في العصر الرأسمالي الذي أساسه الربا يريللد
الستغناء بالشياء ،فإذا ما استغنى بها سيطر عليه هاجس
زوالها فيظل شقيا ً في تحصيلها ،شقيا ً في الحفاظ عليهللا.
ذب قلبلله ،وأي وهل يجد لذة الحياة مللن نعّللم جسللده ،وعل ّ
عذاب أعظم من عذاب القلب؟!
وقد كان النسان قبل العصر الرأسللمالي يسللتغني عمللا ل
يستطيع تحصيله ،ويقنع بما كتب له؛ فيرتاح بللاله ،ويطمئن
قلبه.
2الربا سبب لزدياد الفقر:
745
سيطرة المادة على الناس ،وخوفهم من الفقللر والحاجللة،
وانعدام قنللاعتهم بالضللروري مللن العيللش ،وتطلعهللم إلللى
كماليللات ل يحتاجونهللا ،إلللى غيللر ذلللك انتشللر وسللاد فللي
العصر الرأسمالي الربوي .وكل ذلك وتوابعه ليست أخلقا ً
ذميمة فحسب؛ بل هو عقوبات وعللذاب يتللألم النللاس مللن
جرائها فللي زمللن انتشللار الربللا؛ حللتى أصللبح الفقيللر يريللد
الغنى ،والغني يريد أن يكللون أكللثر ثللراء ،وصللاحب الللثراء
الفاحش يريد السيطرة على أسواق المال في سلسلللة ل
تنتهي من الجشع وحب الذات وكراهية المتنافسين ،وغيللر
ذلك من الخلق الرديئة ،وصللار فللي النللاس مسللتورون ل
يقنعون ،وأغنياء ل يحسنون ول يتصدقون إل من رحم الللله
تعالى.
وإذا ما استمر العالم علللى هللذا النحللو مللن تفشللي الربللا،
وارتباط المعاملت المالية به فإن النهاية المحتومة ازديللاد
الفقر والجوع حتى يهلك أكثر البشر ،واجتمللاع المللال فللي
خزائن فئة معدودة من كبار المرابين ،وهذا مللا جعللل أحللد
كبللار القتصللاديين الوروبييللن يطلللق علللى الربللا :تجللارة
الموت؛ فيقول" :الربا تجارة الموت ،ومن شأنه أن يشعل
الرأسللماليون الحللرب وإن أكلللت أكبللادهم فللي سللبيل
مضاعفة رأس المال ببيع السلح").(1
ومللا حطللم قيمللة الوراق النقديللة ،وقضللى علللى أسللعار
العملت إل الربا الللذي يقللوم علبره عصلابة ملن المرابيلن
بضخ المال في عملة من العملت ثم سحبه مللن رصلليدها
لتقع قيمتها من القمة إلى الحضيض ،فيصيب الفقر شعوبا ً
وأمما ً ل تملك سوى عملتها التي ما عللادت تسللاوي شلليئًا،
وليس ببعيد عن الذهان ما حصل لبعض دول شرق آسيا.
3الربا سبب لرداءة النقود وضعفها:
المتخصصون في القتصللاد يقللررون أن النقللود هللي دمللاء
القتصاد ،والنقود السليمة هي التي تجعل القتصاد سليمًا؛
ولكن نقود العالم الحالية مريضة بالتضخم الناتج عن الربا،
ول يمكن علجها إل بمعالجة التضخم ،ولللن يتللم علجلله إل
خص هللذه الحقيقللة القتصللادي بإلغللاء فللوائد الربللا .ويش ل ّ
اللمللاني) :جوهللان فيليللب بتمللان( مللدير البنللك اللمللاني
746
)فرانكفورت( فيقول" :كلما ارتفعت الفائدة تدهور النقللد،
فكما يؤدي الماء إلى رداءة عصير البرتقال أو الحليب فإن
الفائدة تؤدي إلى رداءة النقود .قد يبدو المللر أننللا نسللوق
تعبيرات أدبية ،أو أننللا نبسللط المسللألة ونسللطحها؛ ولكللن
الحقيقة أن هذه العبارة السهلة البسيطة هلي فلي الواقلع
معادلة سليمة وصحيحة تدل عليها التجربة ،ويمكن إثباتها؛
مر قيمة النقود ،وتنسف أي نظام نقدي فالفائدة العالية تد ّ
ما دامت تزيد كل يللوم ،وتتوقللف سللرعة التللدمير وحجملله
على مقدار الفائدة ومدتها").(1
ل .وهللذه صللورة وهكذا صارت عاقبة الربا وإن كثر إلى قِ ل ّ
من صور المحق التي يسببها الربا للموال المتعاملين به.
وبسللبب انتشللار الربللا فللي المعللاملت الماليللة أضللحت
البورصات العالمية وكأنها صالة قمار واسعة ،ليللس المللر
فيها يتصل بالمقللامرات غيللر المحسللوبة فحسللب؛ بللل إن
هناك من يبيع دائما ً ما ل يملك ،ومن يشللتري مللن دون أن
يدفع ثمنًا .ومن يتظاهر بأن هناك أسهما ً لشركات وما هي
في الواقع بشركات ،ومللن يقيللد بالللدفاتر مليللارات كللبيرة
دون أن يراهلا ،ودون أن يقابلهلا رصليد ملن أي نلوع ،إنهلا
الفللائدة الملعونللة المسللؤولة عللن المصللائب الكللبرى فللي
النظام النقللدي العللالمي ،وهللي المسللؤولة عللن التضللخم،
وعن ضياع الموال ،وعن عجز دفع المدينين ديللونهم ،كمللا
قرر حقيقة ذلك القتصادي الغربي )موريس آليلله( الحللائز
على جائزة نوبل في القتصاد).(2
4الربا سبب لرفع المن وانتشار الخوف:
تسود النانية وحب الذات وانعدام الرحمة كل المجتمعللات
التي ينتشلر فيهللا الربلا؛ فالموسلرون المرابلون يقرضللون
الفقراء المحتاجين بفوائد الربا التي تزداد مع طول المللدة
وشدة الحاجة ،مما يجعلهم عاجزين عن السداد .والنتيجللة
النهائية :إما أن يسرقوا لسداد القروض الربويللة ،وإمللا أن
تصادر أملكهم وتباع للمقرضللين؛ ليعيشللوا وأسللرهم بقيللة
أعمارهم علللى قارعللة الطريللق يتكففللون النللاس ،أو فللي
الملجللئ والللدور الجتماعيللة ممللا يكللون سللببا ً فللي قتللل
كرامتهم ،وحرمان المجتمع من عملهم وإنتاجهم.
747
إن الربا هو السبب الرئيس في انتشار الجريمللة والنتقللام
بين أصحاب رؤوس المللوال وكبللار المرابيللن ،ممللا يكللون
سللببا ً فللي رفللع المللن ،وبسللط الخللوف والللذعر فللي
المجتمعات.
وواقع كثير من البلدان التي ينتشر فيها الربللا شللاهد علللى
شلّرد َ هللو وأولده ذلك ،وهللل يسللتطيع إنسللان ِبيلعَ بيت ُلله ،و ُ
لسداد ما عليه من قللروض الربللا أن يصللبر عللن النتقللام؟
وماذا يبقى له في الدنيا إذا كللان يريللد العيللش لهللا إل ّ أنلله
فقدها فجأة؟!
وأخيرًا ..اجتناب الربا أهون من التخلص منه:
إن المتعامل بالربا يعز عليه الخلص منه بعد الغللرق فيلله؛
ول سيما إذا كانت تجارته كلها مؤسسة عليه .ول ينجو من
ذلك بعد النغماس فيه ،ويبادر بالتوبة والخلص منه إل من
هدي للرشاد ووفق للخير.
قد يغتر المبتدئ في حياته الوظيفية أو التجارية بللالقروض
الربوية الميسرة أو بالفوائد المركبة والبسيطة التي تعلللن
عنها بين حيللن وآخللر البنللوك الربويللة؛ بقصللد أكللل أمللوال
الناس بالباطللل ،ويتللولى إثللم العلن عنهللا ،والدعايللة لهللا
المؤسسللات العلميللة المختلفللة مللن مشللاهد ومسللموع
ومقروء؛ ولكن ذلك المسكين الذي اغللتر بهللا حيللن يفللرق
في الربا ربحا ً أو خسارة فلن ينجو بسهولة ،وكان السللهل
عليه أن يجتنب طريقها أو ً
ل.
إنه قد يربح الفوائد من اليداع ولكنه سيخسر بركللة مللاله،
ولقمة الحلل ودينه وآخرتلله ،وإن كللان مقترضلا ً فسلليجني
أغلل الديون مع الثم والفقر.
والشللاب الللذي يغريلله راتللب الوظيفللة الربويللة وسلليارتها
وبعثاتها وميزاتها عليه أن يتذكر أن عاقبة ذلك خسران في
الدنيا والخرة ،والرضى بالقليل الحلل خير وأعظللم بركللة
من الكثير الحرام ،ولن يندم عبد تحرى الحلل فللي كسللبه
وإن فاته الكثير مللن المللال؛ لكنلله سلليندم أشللد النللدم إن
أدخل في جوفه حرامًا ،وقد يكون ندمه متأخرا ً ل ينفعه.
748
والله تعالى قال :فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى" فللله
ما سلف وأمره إلى الله ومن عللاد فللأولئك أصللحاب النللار
هم فيها خالدون }البقرة.{275 :
) (1أخرجه مسلم في الحج ،باب حجللة النللبي صلللى الللله
عليه وسلم من حديث جابر رضي الله عنه ).(147
) (2تفسير ابن كثير ).(890 889-1
) (3لم يللأت إطلق لفللظ المحاربللة فللي الشللريعة حسللب
علمي إل على ثلث من الكبائر= :
= أ -أكل الربا وفيه قول الله تعالى :فللأذنوا بحللرب مللن
الله ورسوله }البقرة.{279 :
ب -قطع الطريق وفيلله قللوله تعللالى :إنمللا جللزاء الللذين
يحللاربون الللله ورسللوله ويسللعون فللي الرض فسللادا أن
يقتلوا } ....المائدة.{33 :
ج -معاداة أولياء الله تعالى وفيه الحديث القدسللي" :مللن
عادى لي ولي لا ً فقللد آذنتلله بللالحرب "...أخرجلله البخللاري )
(6502من حللديث أبللي هريللرة رضللي الللله عنلله ،وجمللع
الذنوب والمعاصي فيها نوع محاربة لله ورسوله؛ لكن نص
الشارع على هذه الثلث من الكبائر لعظيم جرم مرتكبهللا،
فهو مستحق لسخط الله ومقته.
) (1انظر :هذه الثار في جامع البيان ،للطبري .108-3
)،2ل (3انظر :هذه الثللار فللي جللامع البيللان ،للطللبري-3 ،
.108
) (4انظر :محاسن التأويل ،للقاسمي.631-1 ،
) (1تفسير ابللن كللثير (2) .493-1 ،محاسللن التأويللل-1 ،
.631
) (3أخرجلله مسلللم فللي المسللاقاة ،بللاب لعللن آكللل الربللا
وموكله ).(1598
) (4كما في حديث عبيد بن عمير الليثي عللن أبيلله أخرجلله
أبو داود في الوصايا ) (2875وفيه) :هن تسع( وذكر زيادة
على السبع المذكورة في حللديث أبللي هريللرة رضللي الللله
عنللله عنلللد الشللليخين) :وعقلللوق الواللللدين المسللللمين،
واستحلل البيت الحرام قبلتكم أحياًء وأموات لًا( والطحللاوي
749
في شرح مشكل الثار ) (898والحللاكم وصللححه ووافقلله
الذهبي .95-1
) (5أخرجلله الشلليخان البخللاري فللي الوصللايا )،(2766
ومسلم في اليمان ) (89من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه.
) (6أخرجه أحمد ،402-1 ،وأبللو يعلللى كمللا فللي المقصللد
العلي ) (1859من حللديث ابللن مسللعود رضللي الللله عنلله
ود إسناده الهيثمي في الزوائد ،118-4والمنللذري فللي وج ّ
الترغيب ،194-3وأخرجه الحاكم من حللديث ابللن عبللاس
رضي الله عنهمللا مرفوع لًا ،وصللححه ووافقلله الللذهبي-2 ،
.37
) (7أخرجللله الحلللاكم وصلللححه ووافقللله اللللذهبي ،37-2
وأخرجه ابن ماجة فللي التجللارات بللاب التغليللظ فللي الربلا
مختصللرا ً بلفللظ" :الربللا ثلثللة وسللبعون بابللًا" )(2275
وصححه البوصيري في الللزوائد ،198 -2وأخرجلله الللبزار
في البحر الزخار ) (1935وقال الهيثمي في الزوائد :رواه
الللبزار ورجللاله رجللال الصللحيح ،117 116 -4وصللححه
اللبللاني فللي صللحيح الللترغيب ) ،(1851وللله شللاهد عنللد
البيهقي في الشعب ) (2761من حديث أبي هريرة رضي
الله عنه وفي سنده عبد الله بن زياد ،قال البخاري :منكللر
الحديث كما في ميزان العتدال ،424-2وللله شللاهد آخللر
من حديث عبد الله بن سلم رضي الله عنه عزاه اللبللاني
للطبراني وصححه في صحيح الجامع ).(1531
) (1أخرجلله أحمللد ،225-5والطللبراني فللي الوسللط )
،(2682والدارقطني ) ،(92819قال الهيثمي :رواه أحمد
والطللبراني فللي الكللبير والوسللط ورجللال أحمللد رجللال
الصحيح ،117- 4وصححه اللباني في السلسلة الصحيحة
).(1033
) (2نيل الوطار.278-6 ،
) (1هذا إذا لم ينتشر الزنلا فلي المجتملع ،والغلالب أنله ل
يخلو مجتمع كبير من حالت زنا ،وقد وقع ذلك في الزمللن
الول من السلم وهو أفضل العصور .ورجم رسللول الللله
صلى الله عليه وسلم ماعزا ً والغامدية رضي الللله عنهمللا،
750
ولعن هلل بن أمية زوجته رضي الله عنهما ولعل السبب
في ذلك أن الزنا تدفع إليه غريزة قد يضعف العبللد حيالهللا
في وقللت مللن الوقللات ،وتحجللب عقللله فيقللع المحظللور.
بخلف الربا فإنه متعلق بغريزة حب المال وهي أقل تمكنا ً
من غريزة الشهوة الفطرية .ولذلك لم تقع حالت ربا ً فللي
عصر النبي صلى الللله عليلله وسلللم فيمللا أعلللم بعللد ورود
النهي عنه رغللم أنلله كللان مللن معللاملتهم المشللهورة فللي
الجاهلية.
) (2وجاء نحوه عن قتادة والربيع والضحاك والسدي وابللن
زيد ،وروي عن ابن عبللاس رضللي الللله عنهمللا مثللله ،وهللو
قول جمهور المفسرين ،وانظر آثللارهم فلي جلامع البيلان،
،103-3وتفسير ابن كثير .488 ،487-1
) (3التفسير الكبير للرازي.79-7 ،
) (1أخرجه ابن ماجه ) ،(2273والبيهقي مطول ً وابن أبللي
حاتم وأحملد كملا فلي تفسلير ابلن كلثير ،488 -1 ،وفلي
سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف.
) (2رواه البخاري ،ح.7047 -
) (3فتح البللاري ،لبلن حجلر ،365-12وفيله" :واللله مللن
ورائه محقه" ولعله خطأ مطبعي.
) (4أخرجه مسلم ).(1598
) (5شرح النووي على صحيح مسلم.37-11 ،
) (6سبل السلم.109 -5 ،
) (1أخرجلله أبللو داود ) ،(3331والنسللائي ،243-7وابللن
ماجه ) ،(2278والحللاكم 11-2كلهللم مللن روايللة الحسللن
عن أبي هريرة .وسماع الحسن رحمه الله من أبي هريرة
رضي الله عنه مختلف فيه؛ ولذا قال الحللاكم بعللد روايتلله:
"قد اختلف أئمتنا في سماع الحسن عن أبي هريللرة؛ فللإن
صح سماعه منه فهذا الحديث صحيح" ا ه .والللذهبي يللرى
سماع الحسن لهذا الحديث مللن أبللي هريللرة؛ حيللث قللال:
"سللماع الحسللن مللن أبللي هريللرة بهللذا صللحيح" انظللر
التلخيللص ) .(2162وتبللع الللذهبي فللي تصللحيح الحللديث
السيوطي في الجامع الصغير فرمللز للله بالصللحة .444-2
والظاهر أن اللباني رحمه الله ل يرى سماع الحسللن هللذا
751
الحديث من أبي هريرة ولذا ضعفه فللي ضللعيف الجللامع )
.(4874وبكل حال فإن وقوع ذلللك فللي هللذا الزمللن ممللا
يشهد للحديث ويقويه وهو من أعلم نبوة محمد صلى الله
عليه وسلم .
) (2التفسللير الكللبير ،83-7 ،وانظللر :محاسللن التأويللل
للقاسمي.630-1 ،
) (1أخرجلله أحمللد ،395-1والحللاكم ،وصللححه ووافقلله
الذهبي ،37-2 ،وصححه السيوطي في الجامع الصغير-2 ،
،22وأحمللد شللاكر فللي شللرحه علللى المسللند )،(3754
واللباني في صحيح الجامع ) (3542من حللديث عبللد الللله
بن مسعود رضي الله عنه.
) (2فيض القدير.50-4 ،
) (1مجلة القتصاد السلمي ،عدد ) ،(91جمللادى الخللرة،
1409ه ،ص .7
) (1ذكر ذلك في دراسة له عنوانها :كارثة الفائدة ،ترجمها
الللدكتور أحمللد النجللار ،ونشللرت فللي مجلللة القتصللاد
السلمي ،عدد ) ،(194ص .54
) (2مجلة القتصاد السلمي ،عدد ) ،(184ص .68
=============
#من المعاملت المحرمة في السلم
-1الربا
-2الميسر
-3الحتكار
أول:الربا
تعريف الربا لغة:الزيادة،وشرعًا:الزيادة في المللال مقابللل
الجل.
* والدليل على حرمة الربا قال تعالى))يأيها الللذين ءامنللوا
اتقوا الله وذروا ما بقى من الربوا إن كنتم مؤمنين((
أضرار الربا و آثاره:
* يؤدي إلى تضخم المال بطريقة غير مشروعه.
* داء فتلللاك فلللي المجتملللع،وسلللبب فلللي الخصلللومات
والعداوات.
752
* المرابللي يكسللب المللال دون جهللد أو تعللب ممللا يجعللله
كسول ً مترفا ً فاسد الخلق...
أنواع الربا:
* ربا الفضل:
وهو الزيادة الللتي تحصللل عنللد تبللادل النقللد بنقللد،وطعللام
بطعام،وقد حرم السلم أخذها.
وصورته :أن يبيع،أو يقرض نقدا ً أو غيرها على أن يرد مللن
جنسه،ذهبا بذهب،أو حبا بحب،مللع الزيللادة علللى المثللل،أو
منفعة تعود عليه...
* ربا النسيئة:
هو الزيللادة اللتي يأخلذها اللدائن مللن المللدين فللي مقابللل
الجل.
وصورته:ان يكون لواحد دين على آخر-سواء أكللان قرض لا ً
أم ثمن شلليء فلإذا حللل الجللل،وللم يسلتطع الداء،يقلول
المدين للدائن:آخر في الجل وأزيدك في الثمن..
* قال))ل تللبيعوا الللدرهم بالللدرهمين،فللإني أخللاف عليكللم
رما((ال ِ
رما:الربا..
ما المقصود بال ِ
حديث عن الرسول))ص((
ثانيا:الميسر
تعريف الميسر:هو القمار،وهللو كسللب محللرم،وكللل لعللب
يعتمد على المصادفة وليس على الجهد،ويشللترط فيلله أن
يأخذ الغالب من المغلوب ما ً
ل..
تعريللف الزلم:قطلع خشلب كالسلهام كتلب علللى بعضلها
افعل وعلى بعضها ل تفعل....
تعريف النصاب:حجارة كان العرب في الجاهلية ينصللبونها
ويذبحون عندها قرابينهم...
كثر في هذه اليام التعاطي بما يسمى اليانصيب،فمللا هللو
حكمه؟
حكمه هو حرام.
أضرار الميسر كثيرة هذه بعض منها:
الية التي حرمت الميسر هي:
753
قللال تعللالى)):يأيهللا الللذين امنللوا إنمللا الخمللر والميسللر
س مللن عمللل الشلليطن فللاجتنبوه والنصاب و الزلللم رج ل ٌ
لعلكم تفلحون((
* إنفاق المال في طرق الشر والفساد.
* ارتكاب المعاصي والثام.
* نشر الكراهية بين الناس وإثارة العداوة بينهم.
* العتملللاد عللللى المصلللادفة،والقعلللود علللن العملللل
والكسب،وانتظار المال.
الحتكار:هو كسب غير مشروع،وهو حبللس أقللوات النللاس
في أوقات الشدائد والزمات طمعا ً في زيادة السعر.
لماذا يتعامل بعض الناس بالحتكار؟
لقسللاوةٍ فللي قلللوبهم،وضللعف فللي نفوسللهم فيللدفعهم
طمُعهللم وأنللانيُتهم إلللى اسللتغلل حاجللة الخريللن للسلللع
الضرورية.
ثالثا:الحتكار
ما حكم الحتكار مع ذكر الدليل؟
ما العقوبة التي رتبها السلم للمحتكر في الدنيا والخرة؟
العقوبة الدنيوية:مصادرة البضاعة وبيعها لحسللاب صللاحبها
بسعر المثل.
والعقوبة الخروية:الوعيد بالعللذاب يللوم القيامللة وانقطللاع
عهد الطاعة بينه وبين الله تعالى.
* الحتكار حرام وهو خطيئة ومعصية قال الرسول):( e
))ل يحتكر إل خاطىء(()مسلم(.
والخاطىء:الثم،هو الذي تعمد الوقوع في الخطأ.
ما أضرار الحتكار وآثاره؟
* يثقل على الناس تكاليف الحياة.
* يؤدي إلى بغض المحتكر وكراهيته.
* يقطع الصلة بين المحتكر وربه جل وعل.
* ينشر الحقد والضغينة.
ما واجب الحاكم اتجاه المحتكر؟
للحاكم أن يجبر المحتكر علللى بيللع السلللع الللتي يحتكرهللا
بسعر المثل،فإذا امتنع عللن ذلللك باعهللا جللبرا ً عنلله بسللعر
المثل.
754
عمل الطالب:
محمد حسن كامل أبو سكر
بإشراف:
الستاذ عصام فرغلي
==============
#الربا وأثره على المجتمع السلمي
بسم الله الرحمن الرحيم
http://www.ibtesama.com/vb/showthread-t_13241.html
الجامعة السلمية -غزة
عمادة الدراسات العليا
كلية التجارة
الربا وأثره على المجتمع السلمي
إعداد
الطالبة /سيرين سميح أبو رحمة
مايو 2007م
المقدمة :
إن الحمد لللله أحمللده وأسللتعينه واسللتغفره ,وأعللوذ بللالله
العظيم من شر نفسي وسيء عملي ,وأشهد أن ل إللله إل
الللله ولللي الصللالحين وأشللهد أن سلليدنا ورسللولنا وحبيبنللا
محمدا ً "صلى الله عليه وسلم" إمام المتقين ,أما بعد:
إن الربا محرم في جميع الرسالت السماوية ,والله تبارك
وتعالى ل يحرم إل خبيثًا ,وقد استباحه اليهود وحللدهم فللي
معاملة غيرهم كما قال تعالىوأخذهم الربا وقد نهوا عنه( [
النساء.]116 :
وقد ورث هذه الرذيلة عنهللم العللرب قبللل السلللم ,وجللاء
السلم ليؤكد حرمة الربا ويشدد في تحريمه بنصوص بينة
قاطعة في القرآن والسنة.
ول شك أن موضوع الربا ,وأضراره وآثاره الخطيرة جديرة
بالعنايللة ,وممللا يجللب علللى كللل مسلللم أن يعلللم أحكللامه
وأنواعه ليبتعد عنه ,لن من تعامل بالربا فهو محارب الللله
وللرسول "صلى الله عليه وسلم".
755
ولهمية هلذا الموضلوع جمعلت لنفسلي ولملن أراد مثللي
الدلة من الكتاب والسنة في أحكام الربا وبينلت أضلراره,
وآثاره على الفرد والمجتمع.
وقد قسمت البحث إلى مقدمة وثلث أبواب وخاتمة علللى
النحو التالي:
الباب الول :الربا قبل السلم واشتمل على فصول
ة وشرعًا. الفصل الول :تعريف الربا لغ ً
الفصل الثاني :الربا عند اليهود.
الفصل الثالث :الربا في الجاهلية.
الباب الثاني :موقف السلم من الربا ويشمل :
الفصل الول :تحريم الربا.
الفصل الثاني :ربا الفضل.
أ -تعريفه وحكمه.
ب -أسرار تحريم ربا الفضل.
ج -أسباب تحريم الربا وحكمه.
الفصل الثالث :ربا النسيئة.
أ -تعريفه
ب -بعض ما ورد في ربا النسيئة من النصوص
الفصل الرابع :ربا اليد.
الفصل الخامس :ربا القرض.
الباب الثالث :ما يجوز فيه التفاضل والنسيئة
الفصل الول :جواز التفاضل في غيللر المكيللل والمللوزون.
وبيع الحيوان بالحيوان نسيئة.
الفصل الثاني :الصرف وأحكامه.
ث على البتعاد عن الشبهات. الفصل الثالث :الح ّ
الباب الرابع :فتاوى في مسائل من الربا المعاصر.
الباب الخامس :مضار الربا ،ومفاسده ،وآثاره.
الباب السادس :عقوبات المتعاملين بالربا.
الخاتمة.
___________
_____
الباب الول
الربا قبل السلم
756
الفصل الول :تعريف الربا :لغة ،وشرعًا.
الفصل الثاني :الربا عند اليهود.
الفصل الثالث :الربا في الجاهلية.
الفصل الول :تعريف الربا لغة وشرعا ً
أ -الربا في اللغة:
معناه الزيادة والنمو قال الله تبارك وتعالى) :وترى الرض
هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت( [الحللج .]5:أي
زادت ونمت.
وقال تعالى أنت تكون أمة هللي أربللى مللن أمللة( [النحللل:
.]92أي أكثر عددًا.
وأصل الربللا الزيللادة إملا فلي نفلس الشلليء وإملا مقابللة
كدرهم بدرهمين ,ويطلق الربا على كل بيع محرم أيضًا.
ب -تعريف الربا شرعًا:
هي الزيادة في أشياء مخصوصة.
وهللو يطلللق علللى شلليئين :يطلللق علللى ربللا الفضللل وربللا
النسيئة.
الفصل الثاني :الربا عند اليهود
ل شك أن اليهود لهم حيل ،وأباطيل كللثيرة كللانوا يحتللالون
بها ،ويخادعون بها أنبياءهم عليهم الصلللة والسلللم .ومللن
تلك الحيل الباطلة ،احتيالهم لكللل الربللا وقللد نهللاهم الللله
عنه وحّرمه عليهم.
ممن َللا عَل َي ْهِل ْ دوا ْ َ
حّر ْ ن هَللا ُ ذي َن ال ّل ِ قال الله تعالى) :فَب ِظ ُل ْلم ٍ ِ
مل َ
م
خللذِهِ ُ ل الل ّهِ ك َِثيرًا ،وَأ َ ْ سِبي ِن َ م عَ ْصد ّهِ ْ
م وَب ِ َ ت ل َهُ ْحل ّ ْت أُ ِ ط َي َّبا ٍ
ه( [النساء .]161,160 الّربا وَقَد ْ ن ُُهوا ْ عَن ْ ُ
قال المام الحافظ ابن كثير رحملله الللله تعللالى” :إن الللله
قللد نهللاهم – أي اليهللود – عللن الربللا ،فتنللاولوه ،وأخللذوه،
واحتالوا عليه بأنواع الحيللل ،وصللنوف مللن الشللبه ،وأكلللوا
أموال الناس بالباطل“ [تفسير ابن كثير .]1/584
وقللد صللرف اليهللود النللص المحللّرم للربللا حيللث قصللروا
التحريم فيه على التعامل بين اليهود ،أما معاملة اليهللودي
لغير اليهودي بالربا؛ فجعلوه جائزا ً ل بأس به.
يقول أحد ربانييهم واسمه راب” :عنللدما يحتللاج النصللراني
إلى درهم فعلى اليهودي أن يستولي عليه مللن كللل جهللة،
757
ويضيف الربا الفاحش إلللى الربللا الفللاحش ،حللتى يرهقلله،
ل عن أملكلله أو حللتى يضللاهي ويعجز عن إيفائه ما لم يتخ ّ
المال مع فلائدة أملك النصللراني ،وعنللدئذ يقللوم اليهللودي
علللى مللدينه – غريملله – وبمعاونللة الحللاكم يسللتولي علللى
أملكه“ [الربا وأثره على المجتمع النساني للدكتور /عمر
بن سليمان الشقر ص ].31
فاّتضح ملن كلم اللله تعللالى أن اللله قلد حلّرم الربلا فلي
التوراة على اليهود ،فخالفوا أمر الللله ،واحتللالوا ،وحّرفللوا،
دلوا ،واعتبروا أن التحريم إنما يكون بيللن اليهللود فقللط، وب ّ
أما مع غيرهم فل يكون ذلك محرما ً فللي زعمهللم الباطللل؛
مهم الله في كتابه العزيز كما بّينت ذلك آنفًا. ولذلك ذ ّ
الفصل الثالث :الربا في الجاهلية
لقد كان الربا منتشرا ً في عصر الجاهلية انتشارا ً كبيرا ً وقد
عللدوه مللن الربلاح العظيمللة – فللي زعمهلم – اللتي تعلود
عليهم بالموال الطائلة ،فقد روى المام الطبري – رحملله
الله– بسنده في تفسيره عن مجاهد أنه قال” :كللانوا فللي
الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقللول :لللك كللذا
وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه“ [جامع البيان في تفسللير آي
القرآن .]3/67
ل أجل الدين قال وغالب ما كانت تفعله الجاهلية أنه إذا ح ّ
من هو له لمن هو عليه :أتقضي أم تربي؟ فللإذا لللم يقللض
خر له الجل إلى حين، زاد مقدارا ً في المال الذي عليه ،وأ ّ
وقد كللان الربللا فللي الجاهليللة فللي التضللعيف أيضلًا .وفللي
ن كذلك ،فإذا كان للرجل فضللل ديللن علللى آخللر فللإنه س ّال ّ
ل الجل .فيقول للله :تقضلليني أو تزيللدني؟ فللإن يأتيه إذا ح ّ
ن الللتي سل ّ
كان عنده شيء يقضيه قضاه ،وإل حوله إلللى ال ّ
فوق سنه من تلك النعام التي هلي ديلن عليله ،فلإن كلان
عليه بنت مخاض ،جعلها بنت لبون في السنة الثانية ،فللإذا
ضى ،جعلها حّقة فللي أتاه في السنة الثانية ولم يستطع الق َ
السنة الثالثة ،ثم يأتيه في نهاية الجل فيجعلها جذعللة ،ثللم
رباعي ّا ً وهكذا حتى يتراكم على المدين أموال طائلة .وفللي
الثمان يأتيه فإن لم يكن عنده أضعفه فللي العللام القابللل،
فإن لم يكن عنللده فللي العللام القابللل أضللعفه أيضلًا ،فللإذا
758
كانت مائة جعلها إلى قابل مائتين ،فإن لم يكن عنللده مللن
قابل جعلها أربعمائة يضعفها له كل سنة أو يقضيه [ انظللر
جامع البيللان فللي تفسللير آي القللرآن ،4/59وفتللح القللدير
للشوكاني ،1/294وموطأ المام مالللك ،2/672وشللرحه
للزرقاني .]3/324
ضَعافا ً َ ْ َ
مُنوا ْ ل ت َأك ُُلوا ْ الّربا أ ْنآ َذي َ فهذا قوله تعالىَ} :يا أي َّها ال ّ ِ
ن{[ آل عمران.]130 : حو َم ت ُْفل ِ ُه ل َعَل ّك ُ ْ
ة َوات ُّقوا ْ الل ّ َ
ضاعََف ً
م َ
ُ
ً
فالربا في الجاهلية كان ُيعد ّ – كما ذكرت آنفا – من الرباح
ب المال ،ول يهمه ضرر أخيه النسللان التي يحصل عليها ر ّ
سواء ربح ،أم خسر ،أصابه الفقر ،أم غير ذلك؟ المهم أنه
يحصللل علللى المللال الطللائل ،ولللو أّدى ذلللك إلللى إهلك
الخرين ،وما ذلك إل لقبح أفعال الجاهلية وفساد أخلقهم،
وتغّير فطرهم التي فطرهم الله عليها ،فهم في مجتمع قد
انتشرت فيه الفوضى ،والرذائل ،وعللدم احللترام الخريللن،
فالصغير ل يللوّقر الكللبير ،والغنللي ل يعطللف علللى الفقيللر،
والكبير ل يرحم الصللغير ،فللالقوم فللي سللكرتهم يعمهللون.
ومما يؤسف له أن الربا لللم يقتصللر علللى عصللر الجاهليللة
الولى فحسب ،بل إنه انتشر في المجتمعات الللتي تللدعي
السلللم ،وتللدعي تطللبيق أحكللام الللله تعللالى فللي أرض
الله !...فيجب على كل مسلم أن يطبق أوامر الللله وينفللذ
أحكامه ،أما من تعامل بالربا ممن يللدعي السلللم فنقللول
له بعللد أن نللوجه إليلله النصلليحة ونحللذره مللن هللذا الجللرم
الكبير :إنه قد عاد إلى ما كانت عليه الجاهلية الولى قبللل
نزول القرآن الكريم بل قبل مبعث النبي محمد صّلى الله
عليه وسّلم.
الباب الثاني
موقف السلم من الربا
الفصل الول :تحريم الربا.
الفصل الثاني :ربا الفضل.
أ -تعريفه وحكمه.
ب -أسرار تحريم ربا الفضل.
ج -أسباب تحريم الربا وحكمه.
الفصل الثالث :ربا النسيئة.
759
أ -تعريفه.
ب -بعض ما ورد في ربا النسيئة من النصوص.
الفصل الرابع :ربا اليد.
الفصل الخامس :ربا القرض.
الفصل الول :تحريم الربا
لقد بدت رحمة الله تعالى لعباده في رسللالة السلللم فللي
وجوه عدة ,منها التدرج فللي التشللريع ,فقللد جللاء السلللم
والعرب الذين اختارهم الله تعالى لحمل رسللالته يكرهللون
كل ما يقيد حريتهم ويحدد من شهواتهم ,وقد تمكنللت مللن
نفوسهم عادات كثيرة سيئة ,وغرائز متنوعة ل يستطيعون
التحول عنهللا دفعللة واحللدة ,فاقتضللت حكمللة الللله العليللم
الخللبير أل يفاجللأوا بالتكللاليف ,وفللي التحريللم وفللي المنللع
جملة ,فتثقل بها كللواهلهم ,وتنفللر منهللا نفوسللهم ,فلللذلك
سلك بهم مسلك النللاة والتللدرج ليهيللئ النفللوس للقبللول,
فأنزل القرآن منجما ً مللدة ثلث وعشللرين عام لًا ,فبعللد أن
سخ العقيدة في النفللوس للقبللول ,وردت الحكللام شلليئا ً ر ّ
فشيئًا ,ليكون السابق مللن الحكللام معللدا ً للنفللوس ومهيلأ ً
صة حينمللا يكللون المللر بصللدد محاربللة لقبول اللحق ,وخا ّ
صلت في النفوس ,وتوارثتها الجيللال بعض الرذائل التي تأ ّ
خلفا ً عن سلف ,في أحقاب متطاولة.
فالسلم في معللالجته لهللذه المللراض المزمنللة ل يأخللذها
طف بالسير بها إلى الصلح على بالعنف والمفاجأة ,بل يتل ّ
مراحللل مترتبللة ,متصللاعدة ,حللتى يصللل بهللا إلللى الغايللة
المنشودة.
ومللن هللذه الللرذائل والعللادات الللتي كللانت متأصلللة فللي
النفوس ,وحاربها السلللم وقضللى عليهللا تللدريجيًا ,شللرب
الخمر ,وأكل الربا.
فلم يكن تحريللم الربللا فللي القللرآن الكريللم مفاجللأة علللى
دفعة واحدة ,ولكّنه كان تللدريجيا ً علللى مراحللل أربللع ,كمللا
حصل بالنسبة لتحريم الخمر.
فلقد ورد فللي الكتللاب والسللنة نصللوص كللثيرة فللي شللأن
الربا:
760
ْ
مللا ن إ ِّل ك َ َ مو َ ن الّربا ل ي َُقو ُ ن ي َأك ُُلو َ َ .1قال الله تعالى} :ال ّ ِ
ذي
م َقلاُلوا ْ طان من ال ْمس ذ َلل َ َ
ك ب ِلأن ّهُ ْ َ ّ ِ شي ْ َ ُ ِ َ ه ال ّ خب ّط ُ ُ ذي ي َت َ َ م ال ّ ِ ي َُقو ُ
َ
جللاَءهُ ن َ م ْم الّربا فَ َ حّر َ ه ال ْب َي ْعَ وَ َ ل الل ّ ُ ح ّ ل الّربا وَأ َ مث ْ ُ ما ال ْب َي ْعُ ِ إ ِن ّ َ
َ
ن م ْ مُرهُ إ َِلى الل ّهِ وَ َ ف وَأ ْ سل َ َ ما َ ه َ ن َرب ّهِ َفان ْت ََهى فَل َ ُ م ْ ة ِ عظ َ ٌ مو ْ ِ َ
ن{ [البقللرة: َ ُ
عَللاد َ فَلأول َئ ِ َ
دو َ خال ِل ُ م ِفيهَللا َ ب الن ّللارِ هُل ْ حا ُ صل َ كأ ْ
.]275
َ
مللا ه وَذ َُروا ْ َ مُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّ َ نآ َ َ ذي .2وقال عز وجلَ} :يا أي َّها ال ّ ِ
م ت َْفعَل ُللوا ْ فَلأ ْذ َُنوا ْ ن ل َل ْ ن ،فَلإ ِ ْ مِني َ م لؤ ْ ِ م ُ ن ك ُن ْت ُل ْ ن الّربللا إ ِ ْ م َ ي ِ ب َِق َ
َ
مل وال ِك ُ ْ ملل َ سأ ْ ؤو ُ م ُر ُ م فَل َك ُ ْ ن ت ُب ْت ُ ْ سول ِهِ وَإ ِ ْ ن الل ّهِ وََر ُ م َ ب ِ حْر ٍ بِ َ
ن{ [البقرة.]278/279: مو َ ن َول ت ُظ ْل َ ُ مو َ ت َظ ْل ِ ُ
َ
ل وا ِ مل َن ِربلا ً ل ِي َْرب ُلوَا ْ فِللي أ ْ مل ْ م ِ ما آت َي ْت ُ ْ .3وقال عز وجل} :وَ َ
ه جل َ ن وَ ْ دو َ ريل ُ ن َزك َللاةٍ ت ُ ِ م ْ م ِ ما آت َي ْت ُ ْ عن ْد َ الل ّهِ وَ َ س َفل ي َْرُبوا ْ ِ الّنا ِ
ُ
ن{ [الروم.]39: ضعُِفو َ م ْ م ال ْ ُ ك هُ ُ الل ّهِ فَأول َئ ِ َ
.4وعن جابر رضي الله عنه قال” :لعن رسول الله ص لّلى
الله عليه وسّلم :آكل الربلا ،وملوكله ،وكللاتبه ،وشلاهديه“،
وقال” :هم سواء“ [مسلم 3/1218برقم .]1597
.5وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال :قللال النللبي
صللّلى الللله عليلله وسللّلم” :رأيللت الليلللة رجليللن أتيللاني
فأخرجاني إلى أرض مقدسة فانطلقنا حتى أتينا علللى نهللر
من دم فيه رجل قائم ،وعلى وسط النهر رجللل بيللن يللديه
حجارة ،فأقبل الرجل الذي فللي النهللر فللإذا أراد أن يخللرج
رمى الرجل بحجر في فيه فَُرد ّ حيث كان فجعل كلما جللاء
ليخرج رمى في فيه بحجللر فيرجللع كمللا كللان ،فقلللت :مللا
هذا؟ فقللال :الللذي رأيتلله فللي النهللر آكللل الربللا“[البخللاري
3/11برقللم ،2085وانظللر :فتللح البللاري بشللرح صللحيح
البخاري ].4/313
.6وعن أبي هريرة رضي الله عنه عللن النللبي ص لّلى الللله
عليلله وسلّلم قللال” :اجتنبللوا السللبع الموبقللات“ قللالوا :يللا
رسول الللله ،ومللا هللن؟ قللال” :الشللرك ،والسللحر ،وقتللل
النفس التي حّرم الله إل بالحق ،وأكللل الربللا ،وأكللل مللال
اليتيم ،والّتوّلي يوم الّزحف ،وقللذف المحصللنات الغللافلت
المؤمنللات“[البخللاري مللع الفتللح 5/393برقللم ،2015
ومسلم برقم .]89
761
.7عن سلمان بن عمرو عن أبيه قال :سمعت رسول الله
صّلى الله عليه وسّلم في حجة الوداع يقللول” :أل إن كللل
ربللا مللن ربللا الجاهليللة موضللوع ،لكللم رؤوس أمللوالكم ل
َتظلمللون ول ُتظلمللون ،أل وإن كللل دم مللن دم الجاهليللة
موضوع ،وأول دم أضع منها دم الحارث بن عبللد المطلللب
كان مسترضعا ً في بني ليث فقتلته هذيل ،قال :اللهم هللل
بّلغت؟ قالوا :نعللم ،ثلث مللرات .قللال :اللهللم اشللهد ثلث
مّرات“[سنن أبي داود 3/244برقم .]3334
.8وعن أبي جحيفة عن أبيلله رضللي الللله عنلله أن رسللول
الله صّلى الله عليه وس لّلم ”نهللى عللن ثمللن الللدم ،وثمللن
الكلب ،وكسب المة ،ولعن الواشمة ،والمستوشمة ،وآكل
ور“[البخاري مللع الفتللح 4/426 الربا ،وموكله ،ولعن المص ّ
برقم .]2228
.9وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :نهى رسول الله
صّلى الللله عليلله وس لّلم أن تشللترى الثمللرة حللتى تطعللم،
وقال” :إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحّلوا بأنفسللهم
عللذاب الللله“[أخرجلله الحللاكم وصللححه ووافقلله الللذهبي
.]2/37
الفصل الثاني :ربا الفضل
أ -تعريفه وحكمه:
هو بيع أو مبادلة ربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضللين
على الخر .كمبادلة صاع تمر جيد بصاعين من الرديء .أو
بيع درهم بدرهمين.
وقد ثبتت حرمته في السنة النبوية بقوله صلى الللله عليلله
وسلم :
"الذهب بالذهب ,والفضة بالفضة ,والللبر بللالبر ،والشللعير
بالشعير ،والتمر بالتمر ،والملللح بالملللح ،مثل ً بمثللل سللواء
بسواء ,يدا ً بيد فللإذا اختلفللت هللذه الصللناف فللبيعوا كيللف
شئتم إذا كان يدا ً بيد".
"ل تبيعوا الدينار بالدينارين ول الدرهم بالدرهمين".
والحكمة من تحريمه هي :اشتماله على زيادة بغير عوض.
والتعامل بمثل هذا النوع من الربا نادر الحصول في أيامنا.
ب -أسرار تحريم ربا البيوع )ربا الفضل(:
762
أبرز العلماء في بحثهم تحريم ربا البيوع )الذي أسموه ربللا
الفضل( حكمة هامة ترجع إلى سد ذرائع ربا الديون ,لكللن
جاءت البحاث القتصادية تبين لتحريم هذا النوع من الربللا
حكما ً وهي حكم جليلة تلفت النظر لعجاز هللذه الشللريعة
ودقة أحكامها ونلخص أهم هذه السرار فيما يلي:
•سد ذرائع الربا ,وأحكام الغلق أمللا كللل حيلللة قللد تسلللك
للتوصل إلى الربا ,تطبيقا ً للقاعدة الشرعية الجليلللة )سللد
الذرائع( وهي مما امتازت به هذه الشللريعة ,حيللث جللاءت
كاملة محكمة في تشريعها فل تحرم شيئا ً إل وتسد منافللذ
الوصول إليه.
وبهذا العتبار فإن تحريم هذا الربللا )ربللا الفضللل( يشللتمل
على الحكم السللابقة لتحريللم الربللا ,إضللافة لمللور أخللرى
نذكر منها بعضا ً فيما يلي.
•حماية عامة المسلمين الللذين يللذهب ربللا الفضللل بقيمللة
سلعهم الحقيقية ,بسبب جهلهم بقيم السلع السوقية لكللل
نوع ,وبسبب تفضيل كل واحد من المستهلكين نوعا ً معينًا.
•إذا بللاع شللخص شلليئا ً بجنسلله مللؤجل ً فهللو بمثابللة ديللن
للمشتري ,ويجب عليلله مراعللاة أحكللام الللديون فللي هللذه
الصورة,حتى ل يظلم أحد الطرفين الخر ,مثل أن يعطيلله
رديئا ً ويشترط عليه أن يرد إليه جيدًا ,أو يعطي فلي زملان
رخصه ويشترط أن يرد إليه في زمن غلئه.
•إذا بيع جنس بآخر نساًء أي مللؤج ً
ل ,فللإنه قللد يلحللق أحللد
الطرفين غبن كبير نتيجللة للتقلبللات المفللاجئة فللي أسللعار
هللذه السلللع ,أم الللبيع بالللذهب أو الفضللة مللؤجل ً فيرجللع
أساسا ً إلى ثبات قيمتها وقيمة النقود وبهذا العتبللار أصللبح
النقد قادرا ً على قياس الدفع المؤجل.
•القصد من منع التفللرق قبللل التقللابض هللو إنجللاز عمليللة
التبللادل بالسلرعة الللتي تلؤمن الطرفيللن ملن التقلبلات أو
المفاجئات ,ومن خبر السللوق بصللفة عامللة وسللوق أوراق
النقد بصفة خاصة أدرك لذلك حكما ً كثيرة.
•إصباغ صفة التجانس على الللذهب والفضللة ,وهللي صللفة
يللزم توفرهلا فلي النقلود واللذهب والفضلة خلقلا ً ثمنيلن,
763
فلذلك جعل كل واحد منهمللا مللع جنسلله شلليئا ً واحللدا ً فللي
القيمة إذا تساوت الكمية ,ولذلك ساوى النللبي صلللى الللله
عليه وسلم بين جميع أحوال أي منهما عندما يبادل بجنسه
ملللن مضلللروب ,ومنقلللوش ,وجيلللد ورديلللء ,وصلللحيح
ومكسر,وحلي وتبر .......فتحقق ببذلك التجانس.
ج -أسباب تحريم الربا وحكمه:
ل يشك المسلم في أن الله عز وجل ل يأمر بأمر ول ينهى
عن شيء ،إل وله فيه حكمة عظيمة ،فإن علمنا بالحكمللة،
فهذا زيادة علم ولله الحمللد ،وإذا لللم نعلللم بتلللك الحكمللة
فليس علينا جناح في ذلك ،إنمللا الللذي يطلللب منللا هللو أن
ننفذ ما أمر الله به ،وننتهي عمللا نهللى الللله عنلله ورسللوله
صّلى الله عليه وسّلم.
ومن هذه السباب ما يأتي:
.1الربا ظلم والله حرم الظلم.
.2قطع الطريق على أصحاب النفوس المريضة.
.3الربا فيه غبن.
.4المحافظة على المعيار الذي تقوم به السلع.
.5الربا مضاد لمنهج الله تعالى.
الفصل الثالث :ربا النسيئة
أ -تعريفه :هو بيع أو مبادلة ربوي بجنسه مؤجل ً مللع زيللادة
في أحد العوضين بسبب الجل.
مثاله :إعطاء شخص لخر ألف دينللا ليللرده بعللد عللام ألفلا ً
ومائة.
وهذا النوع من الربا هو أشهر أنواعه وأكثرها شيوعا ً قديما ً
وحديثًا .فهو الربا الذي كان العرب في الجاهلية يتعللاملون
به ,وهو الربا الذي أنشئت على أساسه المصارف الربويللة
ويمثل المحور الرئيس لمعاملتها.
فجميع السلف ,أو القروض التي تقدمها المصارف الربوية
إلى أجل مقابل الفائدة السنوية كسبعة في المائة أو نحللو
ذلك تمثل صورة من صور ربا النسيئة المحرم.
وهللو محللرم بنللص القللرآن ,فجميللع اليللات القرآنيللة الللتي
تحدثت عن تحريم الربا المراد بذلك هو ربللا النسلليئة وهللو
ربا الجاهلية.
764
والحكمة من تحريمه :هي ما فيه من استغلل للمحتللاجين
وإرهاق لهم وقطع لعوامللل الرفللق والرحمللة بيللن النللاس,
ونزع لفضيلة التعاون والتناصر بينهم.
ب -بعض ما ورد في ربا النسيئة من نصوص:
ل شللك أن ربللا النسلليئة ل خلف فللي تحريملله بيللن المللة
جمعاء ،إنما الخلف فللي ربللا الفضللل بيللن الصللحابة وابللن
عباس رضي الله عنهم أجمعين ،وقد ثبت عن ابللن عبللاس
م إلى الصحابة في القللول بتحريللم أنه رجع عن قوله وانض ّ
ربا الفضل.
أما بالنسبة لربا النسيئة فتحريمه ثابت بالكتللاب ،والسللنة،
والجماع.
عن أبي صالح قال :سمعت أبا سعيد الخللدري رضللي الللله
عنه يقول) :الدينار بالدينار ،والدرهم بالللدرهم ،مثل ً بمثللل.
فمن زاد أو استزاد فقد أربى( فقلللت للله :إن ابللن عبللاس
يقول غير هذا .فقللال :لقللد لقيللت ابللن عبللاس فقلللت للله:
أرأيت هذا الذي تقول أشيء سمعته من رسول الله صّلى
الله عليه وسّلم ،أو وجدته في كتاب الله عز وجل؟ فقال:
لم أسمعه من رسول الللله صلّلى الللله عليلله وسلّلم ،ولللم
أجده في كتاب الله ،ولكن حدثني أسامة بن زيد أن النللبي
صّلى الله عليه وسّلم قال” :الربللا فللي النسلليئة“[.مسلللم
3/1217برقم ،1596وانظر :شرح النووي .]11/25
وفي رواية عن ابن عباس رضي الله عنهمللا قللال :حللدثني
أسامة بن زيد أن رسول الله صّلى الله عليه وس لّلم قللال:
”أل إنما الربا في النسلليئة“[.البخللاري 3/31برقللم 2178
ورقللم ،2179ولفللظ البخللاري )ل ربللا إل فللي النسلليئة(
وانظللر الفتللح ،4/381ومسلللم ،3/1218وشللرح النللووي
].11/24
قال المام النلووي رحمله اللله تعلالى” :كلان معتملد ابلن
عباس وابن عمر حديث أسلامة ابلن زيلد ”إنملا الربلا فلي
النسيئة“ ثم رجع ابن عمللر وابللن عبللاس عللن ذلللك ،وقللال
بتحريم بيللع الجنللس بعضلله ببعللض ،متفاضللل حيللن بلغهمللا
حديث أبي سعيد كما ذكره مسلم مللن رجوعهمللا صللريحًا،
ل على أن ابللن عمللر وهذه الحاديث التي ذكرها مسلم تد ّ
765
وابن عباس لم يكن بلغهما حديث النهي عن التفاضل فللي
غير النسيئة ،فلما بلغهما رجعا إليه.
وأما حديث أسامة ”ل ربا إل في النسلليئة“ فقللال قللائلون:
بأنه منسوخ بهذه الحللاديث ،وقللد أجمللع المسللمون علللى
ترك العمل بظاهره وهذا يدل على نسخه“[.شرح النللووي
.]11/25
قللال الحللافظ ابللن حجللر العسللقلني رحملله الللله” :اتفللق
العلماء على صحة حديث أسامة واختلفوا في الجمللع بينلله
وبين حديث أبي سعيد .فقيل :منسوخ .لكن النسخ ل يثبت
بالحتمال.
وقيل :المعنللى فللي قللوله) :ل ربللا( الربللا الغلللظ الشللديد
المتوعد عليه بالعقاب الشديد ،كما تقول العللرب :ل عللالم
في البلد إل زيد ،مللع أن فيهللا علمللاء غيللره ،وإنمللا القصللد
نفي الكمل ل نفي الصل .وأيضا ً نفي تحريللم ربللا الفضللل
من حديث أسامة إنما هللو بللالمفهوم فيقللدم عليلله حللديث
أبي سللعيد؛ لن دللتلله بللالمنطوق ويحمللل حللديث أسللامة
دم .واللله أعللم“[.فتلح البلاري علللى الربلا الكللبر كمللا تقل ّ
بشرح صحيح البخاري .]4/382
دم تحريللم :ربللا الفضللل ،وربللا النسلليئة فل فاّتضح ممللا تقل ّ
إشكال في ذلك ولله الحمد.
الفصل الرابع :ربا اليد
تعريفه :هو بيع أو مبادلة الربوي بجنسه أو بغير جنسه مللع
تأخير قبض أحد البدلين أو كليهما عن مجلس العقد.
مثاله :مبادلة القمح أو الشعير بالتمر مع تأخير قبللض أحللد
البدلين أو كليهما.
ومنه أيضا ً صرف النقود بجنسها أو بغير جنسها مللع تللأخير
التقللابض لحللدهما أو كليهمللا كصللرف عللدد مللن الللدنانير
بالدولر أو قطعة نقللد مللن فئة العشللرين بللدنانير مللن فئة
الدينار الواحد ففي جميع هللذه الحللالت يشللترط التقللابض
في مجلس العقد فإذا تأخر القبض لحدهما أو كليهما وقللع
المتبادلن في الربا.
766
والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث
المتقدم) :الذهب بالللذهب ...يللدا ً بيللد ,فللإذا اختلفللت هللذه
الصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا ً بيد(.
وقوله صلى الله عليه وسلم) :ل تبتاعوا الذهب بالذهب إل
مثل ً بمثل ول زيادة بينهمللا ول نظللرة( .فقللوله )ول نظللرة(
يدل على اشتراط التقابض في المجلس.
وقوله صلى الله عليه وسلم) :ل تبيعوا الذهب بالللذهب إل
مثل ً بمثل ول تشّفوا بعضها علللى بعللض ,ول تللبيعوا الللورق
بالورق إل مثل ً بمثل ول تشّفوا بعضها على بعض ول تبيعوا
منها غائبا ً بناجز( .فقوله )ول تبيعوا منها غائبلا ً بنلاجز( يلدل
على اشتراط التقابض في المجلس.
ويتعلق بهذا النوع من الربا مسللألة نفيسللة هللي حكللم بيللع
ة وهو ما يعرف عند النللاس بللبيع وشللراء حلي الذهب نسيئ ً
الذهب بالتقسيط.
الفصل الخامس :ربا القرض
تعريفه :هو كل قللرض جللر نفع لا ً مشللروطًا ,كمللن يقللرض
شخصا ً ألفا ً لطباعة كتابه بشرط أن يللرد اللللف وخمسللين
نسخة من الكتاب زيادة.
والصللل فللي ذلللك تحريملله المللأثور والمعقللول :أمللا مللن
المأثور فمللا أخرجلله عبللد الللرزاق فللي مصللنفه فللي بللاب:
قرض جر نفعا .عن ابن سيرين قال :استقرض رجللل مللن
رجللل خمسللمائة دينللار علللى أن يفقللره ظهللر فرسلله )أي
ة( فقللال ابللنبشرط رد المبلغ وركوب ظهر الفللرس زيللاد ً
مسعود رضي الله عنه :ما أصبت من ظهر فرس فهو ربا.
والثر أخرجه البهيقي بطرق مختلفة.
وعن أبي بن كعب وابن عباس رضي الله عنهم أنهللم نهللوا
عن قرض جر نفعًا.
ومثل هذه الثار قد يكللون لهللا حكللم المرفللوع إلللى النللبي
صلى الله عليه وسلم.
وأمللا مللن المعقللول :فلن عقللد القللرض عقللد إرفللاق )أي
إحسان( وقربة فإذا شرط فيه منفعة كان الشرط مخالفلا ً
لمقتضى العقللد ,ومعلللوم أن الشللرط المخللالف لمقتضللى
العقد شرط باطل ,فيبطلل الشلرط ويصللح العقلد ,ولنله
767
لما شرط فيه نفع للمقرض كان بمنزلة أنه باع ما اقرضلله
بما يزيللد عليلله مللن جنسلله ولللذلك اعتللبره بعللض الفقهللاء
كالرملي من الشافعية من ربا الفضل.
ول يستدل على حرم ربا القرض بخبر :كل قرض جر نفعللا
فهو ربللا لن هللذا الخللبر ليللس للله إسللناد صللحيح ول تصللح
نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
جاء في المغني لبن قدامة رحمه الله) :كل قرض شللرط
فيلله أن يزيللده فهللو حللرام بغيلر خلف ,قللال ابلن المنللذر:
أجمعللوا علللى أن المسلللف إذا شللرط علللى المستسلللف
زيادةً أو هدية فاسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلللك
يكون ربا(.
أم المنفعة التي تجعل عقد القلرض المشلتمل عليهلا أحلد
أنواع الربا فيشترط فيها ما يلي:
• أن تكون مادية :كما في المثال السللابق فللي التعريللف,
أم المنفعللة المعنويللة كالشللكر والللذكر الحسللن فللي عقللد
القرض فل تجعله الربا.
• أن تكون مشروطة :فالمنفعة الغير مشروطة التي هللي
من باب حسن القضاء فل تخرجه من القرض إلى الربا.
• أن تكللون خاصللة :فالمنفعللة المشللتركة فللي جمعيللات
القللروض الحسللنة ل تللؤثر فللي مشللروعية عقللد القللرض
وتبقى المعاملة في دائرة القرض الحسن.
والمراد بجمعيات القروض الحسنة هي أن يتفق مجموعللة
من الشخاص على تشكيل جمعيلة تعاونيلة يلدفع بملوجب
هذا التفاق كل مشللترك مبلغلا ً متسللاويا ً مللن المللال علللى
أساس القرض الحسللن ,بحيللث يعطللى مجمللوع القللروض
لحدهم كل شهر .فمثل هذه الجمعيات مباحللة شللرعا ً لن
منفعة الستقراض فيها عامة وليس خاصة.
الباب الثالث
ما يجوز فيه التفاضل والنسيئة
الفصل الول :ما يجوز فيه التفاضل والنساء.
الفصل الثاني :الصرف وأحكامه.
ث على البتعاد عن الشبهات. الفصل الثالث :الح ّ
الفصل الول :ما يجوز فيه التفاضل والنساء
768
أ جواز التفاضل إذا انتفت العلة:
قال المام النووي رحمه الله تعالى” :أجمع العلمللاء علللى
جللواز بيللع ربللوي بربللوي ل يشللاركه فللي العلللة متفاض ل ً
ل،
ل؛ وذلك كبيع الذهب بالحنطة ،وبيع الفضة بالشللعير، ومؤج ً
وغيره من المكيل.
وأجمعوا كذلك على أنه يجوز التفاضل عند اختلف الجنس
إذا كان يدا ً بيد؛ كصاع حنطة بصاعي شعير ،ول خلف بيللن
العلماء في شيء من هذا“[.شرح النووي ببعض التصللرف
.]11/9
ب جواز التفاضل في غير المكيلت ،والموزونات:
قال المام البخللاري رحملله الللله تعللالى) :بللاب بيللع العبللد،
والحيوان بالحيوان نسيئة( [.البخاري ،3/41وانظر :الفتللح
.]4/419
قلت :اختلف العلمللاء رحمهللم الللله تعللالى فللي جللواز بيللع
الحيوان بالحيوان نسيئة؛ فذهب الجمهور من علماء المللة
إلى الجواز واحتجوا بحديث عبد الله بن عمرو ابن العاص،
فعنه رضي الله عنه قال :أمرنللي رسللول الللله صلّلى الللله
عليه وسّلم أن أبعث جيشا ً علللى إبللل كلانت عنللدي ،قللال:
فحملت الناس عليها حتى نفدت البللل ،وبقيللت بقيللة مللن
الناس ل ظهر لهم قال :فقال لي رسللول اللله صلّلى اللله
عليلله وسلّلم” :ابتللع علينللا بقلئص مللن إبللل الصللدقة إلللى
محلهللا حللتى نفللذ هللذا البعللث“ قللال :فكنللت أبتللاع البعيللر
بالقلوصين والثلث من إبل الصدقة إلى محلها .حللتى نفللذ
ذلك البعث قللال :فلمللا حلللت الصللدقة أداهللا رسللول الللله
صّلى الله عليه وسّلم [.مسند المام أحمد ،2/216وانظر
سنن أبي داود 3/250برقم .]3357
وعن جابر رضي الله عنه قال :جاء عبد فبايع النللبي ص لّلى
الله عليه وسّلم على الهجرة ،ولم يشللعر أنلله عبللد ،فجللاء
سيده يريده فقال له النبي صّلى الله عليه وسّلم” :بعنيه“
فاشتراه بعبللدين أسللودين ،ثللم لللم يبللايع أحللدا ً بعللد ،حللتى
يسأله )أعبد هو(؟ [مسلم 3/1225برقم ،1602وانظللر:
شرح النووي .]11/39
769
وهذا فيه جواز بيع عبد بعبدين سواء كللانت القيمللة متفقللة
أو مختلفة ،وهذا مجمع عليه إذا بيع نقدًا ،وكذا حكم سللائر
الحيوانات [.انظر :شرح النووي .]11/39
فإن باع عبدا ً بعبدين ،أو بعيرا ً ببعيرين إلللى أجللل فالراجللح
الجواز كما سبق .وهذا هللو مللذهب الشللافعي والجمهللور[.
انظر :شرح النووي .]11/39
فظهر ممللا تقللدم أن الراجللح فللي بيللع الحيللوان بللالحيوان
ل ،ونسيئة هلو الجللواز .والثللار عللن بعللض الصللحابة متفاض ً
ل على جواز ذلك .قال البخاري – رحمه الله – والتابعين تد ّ
في صحيحه:
” 1اشترى ابن عمر راحلة بأربعللة أبعللرة مضللمونة عليلله،
يوفيها صاحبها بالربذة“ [مكان بين مكة والمدينة معللروف
بالربذة].
2واشترى رافع بن خديج بعيللرا ً ببعيريللن ،أعطللاه أحللدهما
وقال :آتيك بالخر غدا ً رهوا ً إن شاء الله.
3وقال ابن عباس” :قد يكون البعير خير من البعيرين“.
4وقال ابن المسيب” :ل ربا في البعير بالبعيرين ،والشاة
بالشاتين إلى أجل“ [انظر صلحيح البخلاري ،3/41والفتلح
4/419فكل هذه الثار هناك].
الفصل الثاني :الصرف وأحكامه
أ المراطلة:
المراطلة :مفاعلة من الرطل.
وهللي عرفللًا :بيللع الللذهب بالللذهب ،والفضللة بالفضلللة
وزنللًا[.انظللر شللرح الزرقللاني علللى موطللأ المللام مالللك
.]3/284
قال المام مالك رحمه الله تعالى” :المللر عنللدنا فللي بيللع
الذهب بالذهب ،والورق بالورق مراطلة.
إنه ل بأس بذلك؛ أن يأخذ أحد عشر دينارا ً بعشللرة دنللانير،
يدا ً بيد؛ إذا كان وزن الذهبين سواء عينا ً بعين ،وإن تفاضل
العدد ،والدراهم أيضلا ً فللي ذلللك بمنزلللة الللدنانير“[.موطللأ
المام مالك .]2/638
فعلى هذا فالمعتبر في بيللع الللذهب بالللذهب ،وبيللع الللورق
بالورق هو الوزن ل العدد .فلو كان عند رجللل عشللر قطللع
770
من الذهب ثللم باعهلا بخملس قطلع ملن اللذهب ،والللوزن
لعشر القطع يساوي وزن خمس القطع ،فهذا جللائز وهللذا
ما قصده المام مالك بالمراطلة.
ب الصرف:
ل شك أن الصرف مما يحتاج إليه الناس ،لتحويل العملت
من عملة إلى عملة أخرى ،فلما كان المر كذلك لم يغفله
السلم؛ بل أوضحه للناس ،الجائز منه وغير الجائز.
عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه قال :أقبلت أقول :مللن
يصطرف الدراهم .قال طلحلة بلن عبيلد اللله – وهلو عنلد
عمر بن الخطللاب – أرنللا ذهبللك ،ثللم ائتنللا إذا جللاء خادمنللا
نعطيك ورقك ،فقال عمر ابن الخطاب :كل والله لتعطينلله
ورقه أو لتردن إليه ذهبه ،فإن رسول الله صّلى الله عليلله
وسّلم قال” :الورق بالذهب ربا إل هاء ،وهللاء ،والللبر بللالبر
ربا إل هاء وهاء ،والشعير بالشعير ربا إل هاء ،وهاء ،والتمر
بللالتمر ربلا إل هلاء ،وهلاء“[.البخللاري 3/30برقلم ،2174
والموطأ ،3/636ومسلم 3/1210برقم .]1586
قللال المللام النللووي رحملله الللله” :قللال العلمللاء :ومعنللاه
التقابض ففيه اشتراط التقابض فللي بيللع الربللوي بللالربوي
إذا اتفقا في علة الربا .سواء اتفق جنسهما كذهب بذهب،
أم اختلللف كللذهب بفضللة ،ونب ّلله ص لّلى الللله عليلله وس لّلم
بمختلف الجنس على متفقه ...وأما طلحللة بللن عبيللد الللله
رضي الللله عنلله عنللدما أراد أن يصللارف صللاحب الللذهب،
خر دفللع الللدراهم إلللى مجيللء الخللادم، فيأخذ الللذهب ويللؤ ّ
فإنما قاله؛ لنه ظن جوازه كسائر المبيعات وما كان بلغلله
حكم المسللألة ،فللأبلغه إيللاه عمللر رضللي الللله عنلله فللترك
المصارفة“[.شرح النووي .]11/13
وعن سفيان بن عيينة عن عملرو عللن أبللي المنهلال قلال:
باع شريك لي ورقا ً بنسلليئة إلللى الموسللم ،أو إلللى الحللج،
فجاء إلي فأخبرني فقلت :هذا أمر ل يصلح قال :قللد بعتلله
ي أحللد .فللأتيت الللبراء بللن في السوق فلم ينكللر ذلللك عل ل ّ
عازب فسألته .فقال :قدم النللبي صلّلى الللله عليلله وسلّلم
المدينة ،ونحن نبيع هذا البيع ،فقال” :مللا كللان يللدا ً بيللد فل
بأس به ،وما كان نسيئة فهو ربا“ وائت زيد بن أرقللم فلإنه
771
كللان أعظللم تجللارة منللي ،فللأتيته ،فسللألته ،فقللال مثللل
ذللللك[.البخلللاري 3/31برقلللم ،2180للل ،2181ومسللللم
3/1212برقم .]1589
قال البخاري رحمه الله )باب بيع الذهب بللالورق يللدا ً بيللد(
ثم ذكر حديث أبي بكرة رضي الله عنه ”نهى النللبي صلّلى
الله عليه وسّلم علن الفضلة بالفضلة واللذهب باللذهب إل
سواء بسواء .وأمرنا أن نبتاع الذهب بالفضللة كيللف شللئنا،
والفضللة بالللذهب كيللف شللئنا“[.البخللاري 3/31برقللم
.]2182
وروى البخاري رحمه الله تعالى عن البراء بن عازب وزيللد
بن أرقم رضي الله عنهما أن النبي صّلى الله عليه وسّلم:
”نهى عن بيع الذهب بالورق دين لًا“[.البخللاري 3/31برقللم
،2181 ،2180وانظر شرح الموطأ للزرقاني .]3/282
ومن الحاديث السابقة اتضح لنا ما يأتي:
1أن صرف الفضة بالفضة ،والذهب بالللذهب جللائز .علللى
أن يكون الصرف مثل ً بمثل ،وسللواءً بسللواء ،ويكللون ذلللك
يدا ً بيد أثناء وقت المصارفة.
2أن صرف الذهب بالفضة ،والفضة بالللذهب جللائز ،علللى
أن يكللون الصللرف يللدا ً بيللد فللي وقللت المصللارفة ،أمللا
المفاضلة بين الذهب والفضة بحيث يكون الذهب أكثر من
الفضة وزنًا ،أو الفضة أكثر من اللذهب وزنلا ً فل ملانع ملن
ذلك ،لكن بشرط أن يكون يدا ً بيد في لحظة المصارفة.
3أن شللراء وبيللع الللذهب بالللذهب ،أو الفضللة بالفضللة ،أو
الذهب بالفضة ،أو الفضة بالذهب ،ل يجوز الدين في ذلللك
مطلقًا ،فلو أراد شللخص أن يصللرف ملن المصلرف عمللة
من الذهب بعملة من الذهب ،وسّلم أحدهما عملته والخر
أجل تسليم عملته إلى أجل فهذا ل يجوز ،لنه فقلد شلرط
المقابضة يدا ً بيد .وكذلك الفضة بالفضة والللذهب بالفضللة
والعكس كل ذلك ل يجوز فيه الدين مطلقًا.
الفصل الثالث :الحث عن البتعاد عن الشبهات
ل شللك أن المسلللم دائم لا ً ينبغللي أن يكللون حريص لا ً علللى
الللتزام أمللور الشللرع كلهللا ،فيعمللل الواجبللات ،ويللترك
المحرمللات ،والمكروهللات ،ويأخللذ بالمسللتحبات ،ويأخللذ
772
ويترك من المباحات علللى حسللب حللاله ،وحللاجته ،ويبتعللد
عن الشبهات ،لعلمه بأن الشبهات تؤدي إلى المحرمات.
عن النعمان بن بشير قال) :سمعت رسول الله صّلى الله
عليه وسّلم يقول – وأهوى النعمللان بإصللبعه إلللى أذنيلله :-
”إن الحلل بي ّللن وإن الحللرام بي ّللن ،وبينهمللا مشللتبهات ،ل
يعلمهللن كللثير مللن النللاس ،فمللن اتقللى الشللبهات اسللتبرأ
لدينه ،وعرضه ،ومن وقع في الشبهات وقللع فللي الحللرام،
كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتللع فيهللا ،أل وإن
لكل ملك حمى ،أل وإن حمللى الللله محللارمه ،أل وإن فللي
الجسد مضغة إذا صلحت صللح الجسلد كلله ،وإذا فسللدت
فسد الجسد كله ،أل وهي القلللب“[.البخللاري 1/19برقللم
،52ومسلم 3/1219برقم .]1599
قال المام النووي رحمه الله” :أجمع العلمللاء علللى عظللم
وقع هذا الحديث ،وكثرة فوائده ،وأنه أحللد الحللاديث الللتي
عليها مدار السلم .قللال جماعللة :هللو ثلللث السلللم ،وإن
السلم يدور عليه ،وعلى حديث” :العمال بالنية“,وحديث
”من حسن إسلم المرء تركه ما ل يعنيلله“[.موطللأ المللام
مالك .]3/903
وقال أبللو داود :السلللم يللدور علللى أربعللة أحللاديث :هللذه
الثلثة ،وحديث” :ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب
لنفسلله“[.البخللاري 1/9برقللم ،13ومسلللم 1/67برقللم
.]45
وقيل حديث” :ازهد في الدنيا يحبك الله ،وازهد فيمللا فللي
أيدي الناس يحبك الناس“[.سنن ابن ماجه 2/1374برقم
،4102قال النووي :رواه ابن ماجه بأسانيد حسللنة ،انظللر
شرح النووي .]11/28
قال العلملاء :وسلبب عظلم ملوقعه أنله صلّلى اللله عليله
وسّلم نبه فيه على إصلح المطعم ،والمشرب ،والملبس،
وغيرها ،وأنه ينبغي ترك المشللتبهات ،فللإنه سللبب لحمايللة
دينه ،وعرضه ،وحذر من مواقعللة الشللبهات ،وأوضللح ذلللك
م المللور وهللو مراعللاة بضرب المثل :بالحمى .ثم بي ّللن أهل ّ
القلب ...فبّين صلّلى الللله عليلله وس لّلم أن بصلللح القلللب
يصلح باقي الجسد ،وبفساده يفسد باقيه.
773
وأما قوله صّلى الللله عليلله وس لّلم” :الحلل بي ّللن والحللرام
بّين“ فمعناه أن الشياء ثلثة أقسام:
حلل بّين واضح .ل يخفى حله كالخبز ،والعسل...
وأما الحرام البّين فكالخمر ،والخنزير ،والكذب...
وأما المشتبهات :فمعنللاه أنهللا ليسللت بواضللحة الحللل ،ول
الحرمللة فلهللذا ل يعرفهللا كللثير مللن النللاس ،ول يعلمللون
ص أو قيللاس ،أو حكمها ،وأما العلماء فيعرفون حكمهللا ،بن ل ّ
استصحاب ،أو غير ذلك [.(...شرح النووي ببعض التصرف
.]11/28
وقد نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله قول بعضهم:
عمدة الدين عندنا كلمات
مسندات من قول خير البرية
اترك الشبهات ،وازهد ،ودع
ما ليس يعنيك ،واعملن بنية
نسأل الله أن يعصمنا ممللا يغضللبه ،وأن يوفقنللا لمللا يحللب
ي ذلك والقادر عليه.
ويرضى إنه ول ّ
الباب الرابع
فتاوى في مسائل من الربا المعاصر
المسللألة الولللى :العملللة الورقيللة وأحكامهللا مللن الناحيللة
الشرعية.
المسألة الثانية :مسألة الحيلة الثلثية.
المسألة الثالثة :بيع المداينات بطريقة بيع وشراء البضللائع
وهي مكانها.
المسألة الرابعة :صرف العملة إلى عملة أخرى.
المسألة الخامسة :بيع الذهب المستعمل بذهب جديد مللع
دفع الفرق.
المسألة السادسة :بيع الذهب أو الفضة دينًا.
المسألة السابعة :المساهمة في شركات التأمين.
المسألة الثامنة :التعامل مع المصارف الربوية.
المسألة التاسعة :التعامل مع البنوك الربوية والعمل فيها.
المسألة العاشرة :التأمين في البنوك الربوية.
المسألة الحادية عشرة :شراء أسهم البنوك.
المسألة الثانية عشرة :العمل في المؤسسات الربوية.
774
المسألة الثالثة عشرة :فوائد البنوك الربوية.
المسألة الرابعة عشرة :قرض البنك بفوائد سنوية.
المسألة الخامسة عشرة :القرض بعملة والتسديد بأخرى.
المسألة السادسة عشرة :القرض الذي يجّر منفعة.
المسللألة السللابعة عشللرة :التللأمين التجللاري والضللمان
البنكي.
المسللألة الولللى :العملللة الورقيللة وأحكامهللا مللن الناحيللة
الشرعية:
صدر في هذه المسألة قرار المجمللع الفقهللي الللذي نصلله
على النحو التي:
الحمد لله وحده ،والصلة والسلم على من ل نللبي بعللده،
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلللم تسللليما ً كللثيرًا .أمللا
بعد:
فللإن مجلللس المجمللع الفقهللي السللمي قللد اطلللع عللى
دم إليه في موضوع العملة الورقية ،وأحكامهللا البحث المق ّ
مللن الناحيللة الشللرعية ،وبعللد المناقشللة والمداولللة بيللن
أعضائه ،قّرر ما يلي:
ل :إنه بناء على أن الصل في النقد هو الللذهب والفضللة أو ً
وبناء على أن علة جريان الربا فيهمللا هللي مطلللق الثمنيللة
في أصح القوال عند فقهاء الشريعة.
وبمللا أن الثمنيللة ل تقتصللر عنللد الفقهللاء علللى الللذهب
والفضة ،وإن كان معدنهما هو الصل.
وبما أن العملة الورقيللة قللد أصللبحت ثمنلًا ،وقللامت مقللام
الذهب والفضة في التعامل بها ،وبها تقوم الشياء في هذا
العصر ،لختفاء التعامل بالذهب والفضة ،وتطمئن النفوس
بتمولها وادخارها ويحصل الوفاء والبراء العام بها ،رغم أن
قيمتها ليست في ذاتها ،وإنما فللي أمللر خللارج عنهللا ،وهللو
حصول الثقة بها ،كوسيط في التداول والتبادل ،وذلللك هللو
سّر مناطها بالثمنية.
وحيللث إن التحقيللق فللي علللة جريللان الربللا فللي الللذهب
والفضللة هللو مطلللق الثمنيللة ،وهللي متحققللة فللي العملللة
الورقيلللة ،للللذلك كلللله ،فلللإن مجللللس المجملللع الفقهلللي
السلمي ،يقّرر أن العملة الورقية نقد قائم بذاته ،له حكم
775
النقدين من الذهب والفضة ،فتجللب الزكللاة فيهللا ،ويجللري
الربللا عليهللا بنللوعيه ،فضلل ً ونسلليًا ،كمللا يجللري ذلللك فللي
النقدين مللن الللذهب والفضللة تماملًا ،باعتبللار الثمنيللة فللي
العملة الورقية قياسا ً عليهما ،وبذلك تأخذ العملللة الورقيللة
أحكام النقود في كللل اللتزامللات الللتي تفرضللها الشللريعة
فيها.
ثانيًا :يعتبر الورق النقدي نقدا ً قائم لا ً بللذاته كقيللام النقديللة
في الذهب والفضة وغيرهما من الثمان ،كما يعتبر الللورق
النقدي أجناسا ً مختلفة ،تتعللدد بتعللدد جهللات الصللدار فللي
البلللدان المختلفللة ،بمعنللى أن الللورق النقللدي السللعودي
جنلس ،وأن اللورق النقلدي المريكلي جنلس ،وهكلذا كلل
عملة ورقية جنس مستقل بذاته ،وبذلك يجري فيهللا الربللا
بنوعيه فضل ً ونسيا ً كما يجللري الربللا بنللوعيه فللي النقللدين
الذهب والفضة وفي غيرها من الثمان.
وهذا كله يقتضي ما يلي:
) أ ( ل يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعلض أو بغيلره ملن
الجناس النقديللة الخللرى مللن ذهللب أو فضللة أو غيرهمللا،
نسيئة مطلقًا ،فل يجوز مثل ً بيع ريال سعودي بعملة أخرى
متفاضل ً نسيئة بدون تقابض.
)ب( ل يجوز بيع الجنس الواحد من العملة الورقيللة بعضلله
ل ،سواء كان ذلك نسيئة أو يدا ً بيد ،فل يجللوز ببعض متفاض ً
مثل ً بيع عشللرة ريلالت سلعودية ورقلًا ،بأحلد عشللر ريلال ً
سعودية ورقًا ،نسيئة أو يدا ً بيد.
)ج( يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقلًا ،إذا كللان
ذلك يدا ً بيد ،فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانيللة ،بريللال
سعودي ورقا ً كان أو فضة ،أو أقل من ذلك أو أكللثر ،وبيللع
الدولر المريكي بثلث ريالت سعودية أو أقل من ذلك أو
أكثر إذا كان ذلك يدا ً بيد ،ومثل ذلك في الجواز بيع الريللال
السعودي الفضة ،بثلثة ريالت سعودية ورق ،أو أقللل مللن
ذلك أو أكثر ،يدا ً بيد ،لن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسلله،
ول أثللر لمجللرد الشللتراك فللي السللم مللع الختلف فللي
الحقيقة.
776
ثالثًا :وجوب زكاة الوراق النقديللة إذا بلغللت قيمتهللا أدنللى
النصابين من ذهب أو فضللة ،أو كللانت تكمللل النصللاب مللع
غيرها من الثمان والعروض المعدة للتجارة.
رابعللًا :جللواز جعللل الوراق النقديللة رأس مللال فللي بيللع
السلم ،والشركات.
والله أعلم :وبالله التوفيق ،وصلى الله على سيدنا محمللد
وعلللى آللله وصللحبه وسلللم [.فتللاوى إسلللمية لصللحاب
الفضيلة العلماء ،جمع محمد المسند].380-2/379 ،
المسألة الثانية :مسألة الحيلة الثلثية:
س :عندي كمية من أكياس الرز وهو بمستودع لنللا ويللأتي
ي أناس يشترونه مني بقيمته في السوق ويدينونه علللى إل ّ
أناس آخرين فإذا صار على حظ المدين أخذته منلله بنللازل
ريال واحد من مشتراه مني ثم يللأتي أنللاس مثلهللم بعللدما
يصير على حظي ويشترونه منللي وهكللذا وهللو فللي مكللان
واحللد إل أنهللم يسللتلمونه عللدا ً فللي محللله فهللل فللي هللذه
الطريقة إثم أم ل؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
ج :نعم هذه الطريقة حيلة على الربا .الربا المغلظ الجامع
بين التأخير والفضللل ،أي بيللن ربللا الفضللل وربللا النسلليئة،
وذلك لن الدائن يتوصل بها إلى حصللول اثنللي عشللر مثل ً
بعشرة .وأحيانا ً يتفق الللدائن والمللدين علللى هللذا قبللل أن
يأتيا إلللى صللاحب الللدكان علللى أنلله يللدينه كللذا وكللذا مللن
الدراهم ،العشرة اثنللي عشللر أو أكللثر أو أقللل ،ثللم يأتيللان
على هذا ليجريا معه هذه الحيلة وقد سماها شيخ السلللم
ابن تيمية :الحيلة الثلثية ،وهي بل شللك حيلللة علللى الربللا،
ربا النسيئة وربا الفضل ،فهي حللرام ومللن كبللائر الللذنوب،
وذلك لن المحرم ل ينقلللب مباحلا ً بالتحايللل عليلله ،بللل إن
التحايل عليه يزيده خبثا ً ويزيده إثمًا ،ولهذا ذ ُك َِر علن أيلوب
السختياني رحمه الله أنه قال في هؤلء المتحللايلين قللال:
إنهم يخادعون الله كما يخللادعون الصللبيان فلللو أنهللم أتللوا
المر على وجهلله لكللان أهللون ،وصللدق رحملله الللله ،فللإن
المتحيل بمنزلة المنافق يظهر أنه مؤمن وهللو كللافر وهللذا
متحيللل علللى الربللا ويظهللر أن بيعلله بيللع صللحيح وحلل[ .
فتاوى إسلمية لصحاب الفضيلة العلماء.]2/382 ،
777
فضيلة العلمة ابن عثيمين
المسألة الثالثة :بيع المداينات بطريقة بيع وشراء البضللائع
وهي مكانها
س :ما حكم بيللع المللداينات بطريقللة بيللع وشللراء البضللائع
وهي في مكانها وهذه الطريقة هللي المتبعللة عنللد البعللض
في مدايناتهم في الوقت الحاضر؟
ج :ل يجوز للمسلم أن يبيع سلعة بنقد أو نسيئة إل إذا كان
مالكا ً لها وقد قبضها لقول النبي صلّلى الللله عليلله وس لّلم،
لحكيم بن حزام” :ل تبع ما ليس عندك“ ،وقوله صّلى الله
عليه وسّلم في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي
الله عنهما” :ل يحل سلف وبيللع ول بيللع مللا ليللس عنللدك“
رواه الخمسة بإسناد صحيح ،وهكذا الللذي يشللتريها ،ليللس
له بيعها حتى يقبضها أيضا ً للحديثين المذكورين.
مللا رواه المللام أحمللد وأبللو داود ،وصللححه ابللن حبللان ول ِ َ
والحاكم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال :نهى رسول
الله صّلى الله عليه وسّلم أن تباع السلع حيث تبتللاع حللتى
يحوزهللا التجللار إلللى رحللالهم [.أبللو داود ،3/282برقللم
،3499وحسلللنه اللبلللاني فلللي صلللحيح سلللنن أبلللي داود
.]2/668
وكما روى البخاري في صحيحه عن ابللن عمللر رضللي الللله
عنهما قال” :لقد رأيت الناس في عهد رسللول الللله صلّلى
ضللَربونالله عليه وسّلم يبتاعون جزافا ً – يعني الطعام – ي ُ ْ
أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم“ [ البخللاري
،3/30برقم ،]2131والحاديث في هذا المعنللى كللثيرة[.
فتاوى إسلمية .]384-2/383
سماحة العلمة عبد العزيز ابن باز
المسألة الرابعة :صرف العملة إلى عملة أخرى:
س :أريللد أن أشللتري عشللرة آلف دولر أمريكللي مللن
شللخص معيللن بسللعر 40ألللف ريللال سللعودي ،وسلليكون
التسديد على أقساط شهرية ،كل قسط ألف ريال ،وأريللد
أن أبيع هذه الدولرات فللي السللوق بسللعر 37.500ألللف
ريال ،فما الحكم في ذلك علما ً بأنني محتاج لهذه النقود؟
778
ج :الحكم في هذا هو التحريللم ،فيحللرم علللى النسللان إذا
صرف عملة أن يتفرق هو والبائع من مجلس العقد إل بعد
قبض العوضللين ،وهللذا السللؤال ليللس فيلله قبللض العللوض
الثاني الذي هو قيمة الدولرات ،وعلى هذا فيكون فاسللدا ً
ل ،فإذا كان قد نفذ الن فإن الواجب على هللذا الللذي وباط ً
أخللذ الللدولرات أن يسللددها دولرات ،ول يجللوز أن يبنللي
على العقد الول ،لنه فاسد ،وقللد ثبللت عللن النللبي ص لّلى
الله عليه وسّلم أنه قال” :كل شرط ليس في كتللاب الللله
فهو باطل وإن كان مائة شرط ،قضللاء الللله أحللق وشللرط
الللله أوثللق“[.فتللاوى إسلللمية لصللحاب الفضلليلة العلمللاء
،2/386والحديث أخرجه البخاري برقم .]456
فضيلة العلمة ابن عثيمين
المسألة الخامسة :بيع الذهب المستعمل بذهب جديد مللع
دفع الفرق
س :رجللل يعمللل بللبيع وشللراء المجللوهرات ،فيللأتي إليلله
شخص معه ذهب مستعمل فيشللتريه منلله وتعللرف قيمتلله
بالريالت ،وقبل دفع القيمة في المكان والزمللان ،يشللتري
منه الذي باع له الللذهب المسلتعمل ذهبلا ً جديللدًا ،وتعللرف
قيمته ،ويدفع المشتري الباقي عليه ،فهل هذا جائز أم أنلله
ل بد من تسلليم قيملة الول كامللة إللى البللائع ثللم يسللم
البائع قيمة ما اشتراه من ذهب جديللد مللن تلللك النقللود أو
من غيرها؟
ج :في مثل هذه الحالة يجب دفع قيمة الذهب المستعمل،
ثم البائع بعد قبض القيمة بالخيار إن شاء يشتري ممن باع
عليه ذهبا ً جديدا ً أو من غيره ،وإن اشترى منلله أعللاد عليلله
نقوده أو غيرها قيمة للجديد حتى ل يقع المسلم في الربللا
ل ،لمللاالمحرم من بيع رديء الجنس الربوي بجيده متفاض ً
روى البخاري ومسلم رحمهما الله تعللالى أن رسللول الللله
صّلى الله عليه وسّلم استعمل رجل ً على خيبر فجاءه بتمر
ل تمر خيبر هكذا؟ قال :ل ،إنا لنأخللذ جنيب )جيد( فقال :أك ّ
الصاع من هللذا بالصللاعين ،والصللاعين بالثلثللة ،فقللال” :ل
تفعل بع الجمع بالللدراهم ،ثللم ابتللع بالللدراهم جنيبلًا“ ،ولن
المقاصة في مثل هذا البيع ولللو كللانت فللي زمللان ومكللان
779
ل ،وذلللك البيع ،قد تؤدي إلللى بيللع الللذهب بالللذهب متفاضل ً
محرم ،لما روى مسلم رحمه الله تعللالى عللن عبللادة ابللن
الصامت رضي الله عنه ،قال :قال رسول الله ص لّلى الللله
عليلله وس لّلم” :الللذهب بالللذهب ،والفضللة بالفضللة ،والللبر
بالبر ،والشعير بالشعير ،والتمر بالتمر ،والملح بالملح ،مثل ً
بمثل ،سواء بسواء ،يدا ً بيلد ،فلإذا اختلفلت هلذه الصلناف
فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا ً بيللد“ .وفللي روايللة عللن ابللن
سللعيد” :فمللن زاد أو اسللتزاد فقللد أربللا ،الخللذ والمعطللي
سواء“[.فتاوى إسلمية ،2/389والحللديث تقللدم تخريجلله
ص .]34
اللجنة الدائمة
س :ذهبت إلى بائع الذهب بمجموعة من الحلللي القديمللة
ثم وََزَنها وقال إن ثمنها 1500ريال واشللتريت منلله حلللي
جديد بمبلغ 1800ريال هل يجوز أن أدفللع للله 300ريللال
فقط )الفرق( أم آخذ 1500ريال ثم أعطيلله 1800ريللال
مجتمعة؟
ج :ل يجوز بيع الذهب بالذهب إل مثل ً بمثللل سللواء بسللواء
وزنا ً بوزن يدا ً بيد بنص النبي صّلى الله عليلله وس لّلم ،كمللا
ورد ذلك في الحاديث الصحيحة ولللو اختلللف نللوع الللذهب
بالجللدة والقللدم أو غيللر ذلللك مللن أنللواع الختلف وهكللذا
الفضة بالفضة.
والطريقة الجائزة أن يبيع الراغب في شراء ذهب بللذهب،
ما لديه من الللذهب بفضللة أو بغيرهللا مللن العمللل الورقيللة
ويقبض الثمن ثم يشتري حاجته مللن الللذهب بسللعره مللن
الفضة أو العملة الورقية يدا ً بيد؛ لن العملة الورقية منّزلة
منزلة اللذهب والفضلة فلي جريلان الربلا فلي بيلع بعضلها
ببعض وفي بيع الذهب والفضة بها.
أمللا إن بللاع الللذهب أو الفضللة بغيللر النقللود كالسلليارات
والمتعة والسللكر ونحللو ذلللك فل حللرج فللي التفللرق قبللل
القبض لعللدم جريللان الربللا بيللن العملللة الذهبيللة والفضللية
والورقية وبين هذه الشياء المذكورة وأشباهها.
780
ول بلد ملن إيضلاح الجلل إذا كلان اللبيع إللى أجلل لقلوله
َ َ
ل
جل ٍن إ ِل َللى أ َ
م ب ِلد َي ْ ٍ
داي َن ْت ُ ْ من ُللوا ْ إ ِ َ
ذا ت َل َ نآ َ سبحانهَ} :يا أي َّها ال ّل ِ
ذي َ
ه{ [.سورة البقرة ،الية.]282 : ى َفاك ْت ُُبو ُم ً
س ّ
م َ
ُ
سماحة العلمة عبد العزيز ابن باز
المسألة السادسة :بيع الذهب أو الفضة دينًا:
س :إنسان أخللذ منللي مصللاغ ذهللب ،وثمللن المصللاغ ألللف
ريال ،وقلت له ل يجوز إل نقدًا ،وقال سلفني ألللف ريللال،
وسلفته اللف وأعطاني إياه هل هذا يجوز؟
ج :ل يجوز لنه احتيال على الربا؛ وجمع بين عقدين ،عقللد
سلللف وعقللد بيللع ،وهللو ممنللوع أيضللًا [.فتللاوى إسلللمية
.]2/390
اللجنة الدائمة
س :إذا حضر شخص يريد أن يشللتري بعللض المجللوهرات
ما وزنت له ما يريد وجد أن المبلغ الذي معه من الذهب ول َ ّ
ل يكفي قيمة للذهب فمعلوم في هذه الحالة أنلله ل يجللوز
لي بيعه الذهب وتسليمه له وهو لم يسلمني إل جللزء مللن
القيمة لكن إذا كنا في وقت الصللباح مثل ً وقللال لللي أتللرك
الذهب عنللدك حللتى وقللت العصللر كللي أحضللر لللك كامللل
الدراهم وأسللتلم الللذهب الللذي اشللتريته منللك ففللي هللذه
الحالة هل يجوز لي أن أترك الذهب على كيسلله وحسللابه
حتى يحضر لستلمه أم يلزمني أن ألغنللي العقللد وهللو إن
حضر فهو كسائر المشترين وإل فل شيء بيننا؟
ج :ل يجوز أن يبقى الذهب الذي اشتراه منك على حسابه
حتى يللأتي بالللدراهم ،بللل لللم يتللم العقللد تخلصلا ً مللن ربللا
النسيئة ويبقى الذهب لديك فللي ملكللك فللإذا حضللر ببقيللة
الدراهم ابتللدأتما عقللدا ً جديللدا ً يتللم فللي مجلسلله التقللابض
بينكما [.فتاوى إسلمية .]2/353
اللجنة الدائمة
المسألة السابعة :المساهمة في شركات التأمين:
س :أنللا مللن سللكان الكللويت ،وعنللدنا شللركات مسللاهمة
خاصللة بالعمللال التجاريللة والزراعيللة والبنللوك وشللركات
التأمين والبترول ،ويحق للمللواطن المسللاهمة هللو وأفللراد
781
عللائلته ،فنرجللو إفادتنللا عللن حكللم الشللرع فللي مثللل هللذه
الشركات.
ج :يجوز للنسان أن يساهم في هذه الشللركات إذا كللانت
ل تتعامل بالربا ،فإن كلان تعاملهلا بالربللا فل يجللوز ،وذللك
لثبوت تحريم التعامل بالربا في الكتاب والسنة والجمللاع،
وكذلك ل يجوز للنسان أن يسللاهم فللي شللركات التللأمين
التجاري؛ لن عقود التأمين مشتملة علللى الغللرر والجهالللة
والربللا ،والعقللود المشللتملة علللى الغللرر والجهالللة والربللا
محرمة في الشريعة السلمية [.فتاوى إسلللمية لصللحاب
الفضيلة العلماء .]2/392
اللجنة الدائمة
المسألة الثامنة :التعامل مع المصارف الربوية:
صدر في ذلك قرار المجمع الفقهي السلمي التي نصه:
إن مجلس المجمع الفقهي السلمي فللي دورتلله التاسللعة
المنعقدة بمبنى رابطة العالم السلمي بمكة المكرمة في
الفترة من يوم السللبت 12رجللب عللام 1406ه إلللى يللوم
السبت 29رجللب 1406ه قللد نظللر فللي موضللوع تفشللي
المصارف الربوية وتعامل الناس معها وعدم توافر البدائل
عنها ،وهو الذي أحاله إلى المجلس معالي الدكتور الميللن
العام نائب رئيسي المجلس.
وقد استمع المجلس إلى كلم السادة العضاء حللول هللذه
القضية الخطيرة التي يقترف فيها محرم بين ثبت تحريمه
بالكتاب والسنة والجماع.
وقد أثبتت البحوث القتصادية الحديثة أن الربا خطر علللى
اقتصلاد العلالم وسياسلته وأخلقيلاته وسللمته ،وأنله وراء
كثير من الزمات التي يعانيها العالم ،وأنه ل نجاة من ذلك
إل باستئصال هذا الداء الخبيث الذي نهى السلم عنه منذ
أربعة عشر قرنًا.
ثم كانت الخطوة العمليلة المباركلة وهلي إقاملة مصللارف
إسلمية خالية من الربا والمعاملت المحظورة شرعًا.
وبهذا كذبت دعوة العلمانيين وضحايا الغزو الثقافي الللذين
زعمللوا يوملا ً أن تطلبيق الشلريعة السللمية فللي المجلال
782
القتصادي مستحيل؛ لنه ل اقتصللاد بغيللر بنللوك ،ول بنللوك
بغير فوائد ،ومما جاء في القرار كذلك أنه:
ل :يجب على المسلمين كافة أن ينتهللوا عمللا نهللى الللله أو ً
عنه من التعامل بالربا أخذا ً وعطللاء ،والمعاونللة عليلله بللأي
صورة من الصور.
ثانيًا :ينظر المجلللس بعيللن الرتيللاح إلللى قيللام المصللارف
السلمية بديل ً شرعيا ً للمصارف الربوية .ويللرى المجلللس
ضرورة التوسع في إنشاء هذه المصارف في كل القطللار
السلمية وحيثمللا وجللد للمسلللمين تجمللع خللارج أقطللاره،
حتى تتكون من هذه المصارف شبكة قوية تهيللئ لقتصللاد
إسلمي متكامل.
ثالًثا :يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مللع مصللرف
إسلللمي أن يتعامللل مللع المصللارف الربويللة فللي الللداخل
والخارج ،إذ ل عذر له في التعامل معها بعد وجللود البللديل
السلمي ،ويجب عليه أن يستعيض عن الخللبيث بللالطيب،
ويستغني بالحلل عن الحرام.
رابع لًا :يللدعو المجلللس المسللؤولين فللي البلد السلللمية
والقائمين على المصارف الربوية فيها إلى المبادرة الجادة
لتطهيرها من رجس الربا.
خامسًا :كل مال جاء عن طريق الفوائد الربويللة هللو مللال
حرام شرعًا ،ل يجوز أن ينتفع به المسلللم )مللودع المللال(
لنفسه أو لحد مما يعوله في أي شأن من شؤونه ،ويجللب
أن يصرف في المصللالح العامللة للمسلللمين مللن مللدارس
ومستشفيات وغيرها ،وليس هذا مللن بللاب الصللدقة وإنمللا
من باب التطهر من الحرام.
ول يجوز بحال ترك هللذه الفللوائد للبنللوك الربويللة لتتقللوى
بها ،ويزداد الثم في ذلك بالنسبة للبنوك في الخارج ،فإنها
في العادة تصرفها إلى المؤسسات التنصلليرية واليهوديللة،
وبهذا تغللدو أمللوال المسلللمين أسلللحة لحللرب المسلللمين
وإضلل أبنائهم عن عقيدتهم ،علما ً بأنه ل يجوز السللتمرار
في التعامل مع هذه البنوك الربوية بفائدة أو بغير فائدة.
كما يطالب المجلس القائمين علللى المصللارف السلللمية
أن ينتقللوا لهللا العناصللر المسلللمة الصللالحة ،وأن يوالوهللا
783
بالتوعيللة والتفقيلله بأحكللام السلللم وآدابلله حللتى تكللون
معاملتهم وتصرفاتهم موافقة لها.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل [.فتاوى إسلللمية
لصحاب الفضيلة العلماء .]2/393
مجلة الدعوة1037 ،
المسألة التاسعة :التعامل مع البنوك الربوية والعمل فيها
س :ما الحكم الشرعي في كل من:
1الذي يضع ماله في البنللك فللإذا حللال عليلله الحللول أخللذ
الفائدة.
2المستقرض من البنك بفائدة إلى أجل؟
3الذي يودع ماله في تلك البنوك ول يأخذ فائدة؟
4الموظف العامل في تلللك البنللوك سللواء كللان مللديرا ً أو
غيره؟
5صاحب العقار الذي يؤجر محلته إلى تلك البنوك؟
ج :ل يجوز اليداع في البنوك للفائدة ،ول القرض بالفائدة؛
لن كل ذلك من الربا الصريح.
ول يجوز أيضا ً اليداع فلي غيلر البنلوك بالفلائدة ،وهكلذا ل
يجوز القرض مللن أي أحللد بالفللائدة بللل ذلللك محللرم عنللد
َ
ه ال ْب َي ْ َ
ع ل الل ّ ُ ح ّجميع أهل العلم ،لن الله سبحانه يقول} :وَأ َ
ه حقُ الل ّ ُ م َ م الّربا{ [البقرة .]275 :ويقول سبحانه} :ي َ ْ حّر َ وَ َ
صد ََقات{ [ البقرة .]276 :ويقللول سللبحانه: الّربا وَي ُْرِبي ال ّ
َ
ن ن الّربللا إ ِ ْ مل َ ي ِما ب َِق ل َ ه وَذ َُروا ْ َمُنوا ْ ات ُّقوا ْ الل ّ َنآ َ َ ذي}َيا أي َّها ال ّ ِ
ْ
ن الل ّل ِ
ه مل َ ب ِ ح لْر ٍم ت َْفعَل ُللوا ْ فَ لأذ َُنوا ْ ب ِ َن ل َل ْن ،فَ لإ ِ ْ مِني َ م لؤ ْ ِ م ُ ك ُن ْت ُل ْ
َ
ن َول مللو َ م ل ت َظ ْل ِ ُ وال ِك ُ ْ
مل َ سأ ْ م ُرُءو ُ م فَل َك ُل ْ ن ت ُب ْت ُل ْ سللول ِهِ وَإ ِ ْ وََر ُ
ن{ [ البقرة .]278 :ثم يقول سبحانه بعد هذا كللله: مو َ ت ُظ ْل َ ُ
ة{ [البقرة.]280 : سَر ٍ مي ْ َ سَرةٍ فَن َظ َِرةٌ إ َِلى َ ذو عُ ْ ن ُ كا َ ن َ }وَإ ِ ْ
ينبه عباده بذلك على أنه ل يجوز مطالبة المعسر بما عليه
من الدين ول تحميله مزيدا ً من المال من أجل النظار بللل
يجب إنظللاره إلللى الميسللرة بللدون أي زيلادة لعجللزه عللن
التسديد ،وذلك من رحمة الله سبحانه لعباده ،ولطفه بهم،
وحمايته لهم من الظلم والجشع الذي يضرهم ول ينفعهم.
أما اليداع في البنوك بدون فائدة فل حرج منه إذا اضللطر
المسلم إليلله ،وأمللا العمللل فللي البنللوك الربويللة فل يجللوز
784
سواء كان مديرا ً أو كاتبا ً أو محاسبا ً أو غير ذلك لقول الللله
وى َول ت َعَللاوَُنوا ْ سبحانه وتعالى} :وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى ال ْب ِلّر َوالت ّْق ل َ
ب{ [ ديد ُ ال ْعَِقللا ِشلل ِه َ ن الل ّ َه إِ ّ ن َوات ُّقوا ْ الل ّ َعََلى اْل ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ
المائدة.]2 :
ما ثبت عن النبي صّلى الله عليه وسّلم أنلله ”لعللن آكللل ول ِ َ
الربللا ومللوكله وكللاتبه وشللاهديه“ .وقللال” :هللم سللواء“.
أخرجه المام مسلم في صحيحه.
واليللات والحللاديث الدالللة علللى تحريللم التعللاون علللى
المعاصي كثيرة ،وهكذا تللأجير العقللارات لصللحاب البنللوك
الربوية ل يجوز للدلة المذكورة ،ولما في ذلك من إعانتهم
على أعمالهم الربوية.
ن علللى الجميللع بالهدايللة وأن يوفللق نسللأل الللله أن يملل ّ
المسلمين جميعا ً حكاما ً ومحكومين لمحاربة الربللا والحللذر
منلله والكتفللاء بمللا أبللاح الللله ورسللوله مللن المعللاملت
الشرعية إنه ولللي ذلللك والقللادر عليلله [.فتللاوى إسلللمية،
.]2/397
سماحة العلمة عبد العزيز ابن باز
المسألة العاشرة :التأمين في البنوك الربوية:
س :الذي عنده مبلغ من النقود ووضعها فللي أحللد البنللوك
لقصد حفظها أمانللة ويزكيهللا إذا حللال عليهللا الحللول فهللل
يجوز ذلك أم ل؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.
ج :ل يجوز التأمين في البنوك الربوية ولو لم يأخللذ فللائدة؛
ما في ذلك من إعانتها على الثم والعدوان ،والله سبحانه لِ َ
قد نهى عن ذلك ،لكن إن اضللطر إلللى ذلللك ولللم يجللد مللا
يحفظ ماله فيه سللوى البنللوك الربويللة ،فل حللرج إن شللاء
مللام َ ل ل َك ُل ْ الله للضرورة ،والله سبحانه يقول} :وَقَ لد ْ فَ ّ
صل َ
ه[النعللام ،]119 :ومللتى م إ ِل َي ْل ِ ضلط ُرِْرت ُ ْمللا ا ْم إ ِل ّ َ م عَل َي ْك ُ ْ
حّر َ َ
وجد بنكا ً إسلمي ّا ً أو محل ّ أمينا ً ليس فيه تعاون علللى الثللم
والعدوان يلودع ملاله فيله للم يجلز لله اليلداع فلي البنلك
الربوي [.فتاوى إسلمية.]2/397 ،
سماحة العلمة عبد العزيز ابن باز
المسألة الحادية عشرة :شراء أسهم البنوك:
785
س :ما حكم شراء أسهم البنللوك وبيعهللا بعللد مللدة بحيللث
ل؟ وهل يعتبر ذلك من الربا؟ يصبح اللف بثلثة آلف مث ً
ج :ل يجوز بيع أسهم البنوك ول شللراؤها لكونهللا بيللع نقللود
بنقود بغير اشتراط التساوي والتقابض؛ ولنهللا مؤسسللات
ربوية ل يجوز التعللاون معهللا ل بللبيع ول شللراء لقللول الللله
وى َول ت َعَللاوَُنوا ْ عَل َللى سبحانه} :وَت َعَللاوَُنوا ْ عَل َللى ال ْب ِلّر َوالت ّْق ل َ
ن{[المائدة.]2 : ال ِث ْم ِ َوال ْعُد َْوا ِ
ما ثبت عن النبي صّلى الله عليه وسّلم أنلله ”لعللن آكللل ول ِ َ
الربا وموكله وكاتبه وشاهديه“ ،وقللال” :هللم سللواء“ رواه
المللام مسلللم فللي صللحيحه [ مسلللم 3/1218برقللم
،]1597وليس لك إل رأس مالك.
ووصيتي لك ولغيرك من المسلمين هي الحللذر مللن جميللع
المعللاملت الربويللة ،والتحللذير منهللا ،والتوبللة إلللى الللله
سللبحانه ممللا سلللف مللن ذلللك ،لن المعللاملت الربويللة
محاربة لله سبحانه ولرسوله صّلى الله عليه وسّلم ،ومللن
ن ذي َ أسباب غضب الله وعقابه كما قال الله عز وجل} :اّللل ِ
خب ّ ُ ْ
ه طلل ُ ذي ي َت َ َ م اّللل ِ مللا ي َُقللو ُ ن إ ِّل ك َ َ مللو َ ن الّربللا ل ي َُقو ُ َيللأك ُُلو َ
طان من ال ْمس ذ َل َ َ
ل الّربللا مث ْل ُ ما ال ْب َي ْلعُ ِ م َقاُلوا ْ إ ِن ّ َ ك ب ِأن ّهُ ْ َ ّ ِ شي ْ َ ُ ِ َ ال ّ
عظ َل ٌ َ
ه
ن َرب ّل ِ مل ُْ ة ِ مو ْ ِ جللاَءهُ َ ن َ مل ْ م الّربا فَ َ حّر َه ال ْب َي ْعَ وَ َل الل ّ ُ ح ّ وَأ َ
ن عَللاد َ َفلأول َئ ِ َ َفانتهى فَل َه ما سلل َ َ َ
ك مل ْ ملُرهُ إ َِللى الّللهِ وَ َ ف وَأ ْ ُ َ َ ََْ
ه الّربللا وَي ُْرب ِللي ّ َ
حلقُ اللل ُ م َن ،ي َ ْ دو َ خال ِل ُ م ِفيهَللا َ ب الّنارِ هُ ْ حا ُص َ أ ْ
َ
م{ [البقللرة،275 : ل َ ك َّفللارٍ أِثيل ٍ ب ك ُل ّ حل ّ ه ل يُ ِ ت َوالل ّل ُ صد ََقا ِ ال ّ
همن ُللوا ْ ات ُّقللوا ْ الل ّل َ نآ َ ذي َ .]276وقال عز وجللل} :ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ
ن{[البقللرة،278 : مِني َ م لؤ ْ ِ م ُ ن ك ُن ْت ُل ْ ن الّربا إ ِ ْ م َ ي ِ ما ب َِق َ وَذ َُروا ْ َ
دم من الحديث الشللريف [فتللاوى إسلللمية، ما تق ّ .]279ول ِ َ
.]400-2/399
سماحة العلمة عبد العزيز ابن باز
المسألة الثانية عشرة :العمل في المؤسسات الربوية:
س :هللل يجللوز العمللل فللي مؤسسللة ربويللة كسللائق أو
حارس؟
ج :ل يجوز العمل بالمؤسسات الربوية ولللو كللان النسللان
سللائقا ً أو حارسللًا ،وذلللك لن دخللوله فللي وظيفللة عنللد
مؤسسات ربوية يستلزم الرضى بها؛ لن من ينكر الشيء
786
ل يمكللن أن يعمللل لمصلللحته ،فللإذا عمللل لمصلللحته فللإنه
يكون راضيا ً به ،والراضي بالشيء المحرم يناله من إثملله،
أما من كان يباشر القيد والكتابللة والرسللال واليللداع ومللا
أشبه ذلك فهو ل شك أنه مباشللر للحللرام ،وقللد ثبللت عللن
النبي صّلى الله عليه وسّلم أنه قال بللل ثبللت مللن حللديث
جابر رضي الله عنه أن النبي صّلى الله عليه وسّلم ”لعللن
آكل الربا وموكله وشاهديه“ وكاتبه وقللال” :هللم سللواء“ [
مسلم 3/1218برقم []1597فتاوى إسلمية .]2/401
فضيلة العلمة ابن عثيمين
المسألة الثالثة عشرة :فوائد البنوك الربوية:
س :بعض البنوك تعطي أرباحا ً بالمبالغ الللتي توضللع لللديها
من قبل المودعين ،ونحن ل ندري حكم هللذه الفللوائد هللل
هي ربا أم هي ربح جائز يجوز للمسلم أخذه؟ وهللل يوجللد
في العالم العربي بنوك تتعامل مع الناس حسب الشريعة
السلمية؟
ل :الرباح التي يدفعها البنك للمودعين علللى المبللالغ ج :أو ً
ل لله أن ينتفللع بهللذهالتي أودعوها فيلله تعتللبر ربلا .ول يحل ّ
الرباح ،وعليه أن يتوب إلى الللله مللن اليللداع فللي البنللوك
الربوية ،وأن يسحب المبلغ الللذي أودعلله وربحلله فيحتفللظ
بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه في وجوه البر مللن فقللراء
ومساكين وإصلح مرافق عامة ونحو ذلك.
ثانيًا :يبحث عن محللل ل يتعامللل بالربللا ولللو دكانلا ً ويوضللع
المبلغ فيه على طريق التجللارة ،مضللاربة ،علللى أن يكللون
ل ،أو بوضللعذلك جزءا ً مشاعا ً معلوما ً من الربح كللالثلث مث ً
المبلغ فيه أمانة بدون فائدة ،وصلى الله على نبينللا محمللد
وعلى آله وصحبه وسلم[.فتاوى إسلمية .]2/404
اللجنة الدائمة
المسألة الرابعة عشرة :قرض البنك بفوائد سنوية:
س :المعاملة مع البنللك هللل هللي ربللا أم جللائزة؟ لن فيلله
كثيرا ً من المواطنين يقترضون منها؟
ج :يحرم على المسلم أن يقترض من أحد ذهبا ً أو فضة أو
ورقا ً نقديا ً على أن يرد أكثر منه ،سواء كان المقرض بنكلا ً
787
أم غيره ،لنه ربا وهو من أكللبر الكبللائر ،ومللن تعامللل هللذا
التعامل من البنوك فهو بنك ربوي.
وصللللى اللللله عللللى نبينلللا محملللد وعللللى آلللله وصلللحبه
وسلم[.فتاوى إسلمية .]2/412
اللجنة الدائمة
المسألة الخامسة عشرة :القرض بعملة والتسديد بأخرى:
س :أقرضني أخي في الله )حسن .م( ألفي دينار تونسي،
وكتبنا عقدا ً بذلك ذكرنا فيه قيمللة المبلللغ بالنقللد اللمللاني،
وبعد مرور مدة القرض – وهللي سللنة – ارتفللع ثمللن النقللد
اللماني ،فأصبح إذا سلمته ما هو في العقد أكون أعطيتلله
ثلثمائة دينار تونسي زيادة على ما اقترضته.
فهل يجوز لمقرضي أن يأخذ الزيادة ،أم أنها تعتللبر ربللا؟ ل
سيما وأنه يرغب السداد بالنقد اللماني ليتمكن من شراء
سيارة من ألمانيا؟
ج :ليس للمقرض )حسن .م( سوى المبلغ الللذي أقرضللك
وهو ألفللا دينللار تونسللي ،إل أن تسللمح بالزيللادة فل بللأس،
لقللول النللبي ص لّلى الللله عليلله وس لّلم” :إن خيللار النللاس
أحسنهم قضاء“ .رواه مسلم فللي صللحيحه [مسلللم برقللم
،]1600وأخرجلله البخللاري بلفللظ” :إن مللن خيللار النللاس
أحسنهم قضاء“[.البخاري برقم .]2306
أما العقد المذكور فل عمل عليه ول يلزم به شلليء لكللونه
عقدا ً غير شرعي ،وقد دّلت النصوص الشرعية على أنه ل
يجوز بيللع القللرض إل بسللعر المثللل وقللت التقاضللي إل أن
يسللمح مللن عليلله القللرض بالزيللادة مللن بللاب الحسللان
والمكافأة للحديث الصحيح المذكور آنفلًا[.فتلاوى إسللمية
.]2/414
سماحة العلمة عبد العزيز ابن باز
س :طلللب منللي أحللد أقللاربي المقيميللن بالقللاهرة قرضلا ً
وقدره 2500جنيه مصري ،وقللد أرسللت لله مبلللغ 2000
دولر بللاعهم وحصللل علللى مبلللغ 2490جنيهللا ً مصللريًا،
ويرغب حاليا ً في سداد الدين ،علم لا ً بأننللا لللم نتفللق علللى
موعد وكيفية السداد ،والسؤال هل أحصل منه على مبلللغ
2490جنيهلللا ً مصلللريا ً وهلللو يسلللاوي حاليلللا ً 1800دولر
788
أمريكللي )أقللل مللن المبلللغ الللذي دفعتلله للله بالللدولر( أم
أحصل علللى مبلللغ 2000دولر علم لا ً بللأنه سللوف يللترتب
على ذلك أن يقوم هو بشراء )الللدولرات( بحللوالي 2800
جنيه مصري )أي أكثر من المبلللغ الللذي حصللل عليلله فعل ً
بأكثر من 300جنيه مصري(؟
ج :الواجب أن يرد ّ عليك ما اقترضته دولرات ،لن هذا هو
القرض الذي حصل منك له ،ولكن مع ذلك إذا اصللطلحتما
أن يسلم إليك جنيهللات مصللرية فل حللرج ،قللال ابللن عمللر
رضي الله عنهما :كنا نبيع البل بالبقيع أو بالنقيع بالللدراهم
فنأخذ عنها الدنانير ،ونللبيع بالللدنانير فنأخللذ عنهللا الللدراهم،
فقال النبي صلّلى الللله عليلله وسلّلم” :ل بللأس أن تأخللذها
بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء“[أبو داود ،3/250
برقم ،3345والنسائي في كتاب البيوع ،البللاب رقللم ،50
،]52فهذا بيع نقد من غير جنسه فهو أشبه ما يكللون بللبيع
الذهب بالفضة ،فللإذا اتفقللت أنللت وإيللاه علللى أن يعطيللك
عوضا ً عن هذه الدولرات من الجنيهللات المصللرية بشللرط
أل تأخللذ منلله جنيهللات أكللثر ممللا يسللاوي وقللت اتفاقيللة
التبديل ،فإن هذا ل بللأس بلله ،فمثل ً إذا كللانت 2000دولر
تساوي الن 2800جنيه ل يجوز أن تأخللذ منلله ثلثللة آلف
جنيه ولكن يجوز أن تأخذ 2800جنيه ،ويجوز أن تأخذ منه
2000دولر فقط يعني إنك تأخللذ بسللعر اليللوم أو بللأنزل،
أي ل تأخذ أكثر لنك إذا أخذت أكثر فقللد ربحللت فيمللا لللم
يدخل في ضمانك ،وقد نهى النللبي عليلله الصلللة والسلللم
عن ربح ما لم يضمن ،وأما إذا أخذت بأقل فإن هذا يكللون
أخللذا ً ببعللض حقللك ،وإبللراء عللن البللاقي ،وهللذا ل بللأس
به[.فتاوي إسلمية .]415-2/414
فضيلة العلمة ابن عثيمين
المسألة السادسة عشرة :القرض الذي يجّر منفعة:
س :رجل اقترض مال ً من رجل لكن المقرض اشللترط أن
يأخذ قطعة أرض زراعية من المقترض رهن بالمبلغ ،يقوم
بزراعتهللا وأخللذ غلتهللا كاملللة أو نصللفها ،والنصللف الخللر
لصاحب الرض حتى يرجع المدين المال كللامل ً كمللا أخللذه
789
فيرجع له الدائن الرض الللتي كللانت تحللت يللده ،مللا حكللم
الشرع في نظركم في هذا القرض المشروط؟
ج :إن القرض من عقود الرفللاق الللتي يقصللد بهللا الرفللق
بللالمقترض والحسللان إليلله ،وهللو مللن المللور المطلوبللة
المحبوبة إلى الله عز وجل لنه إحسان إلى عباد الله وقللد
َ
بحللللل ّ ن الل ّللللل َ
ه يُ ِ سلللللُنوا ْ إ ِ ّ
ح ِ
قلللللال اللللللله تعلللللالى} :وَأ ْ
ن{[البقرة .]195 :فهو بالنسبة للمقرض مشروع سِني َ
ح ِ ال ْ ُ
م ْ
مستحب ،وبالنسبة للمقترض جائز مباح.
وقد ثبت عن النبي صّلى الله عليلله وس لّلم أنلله استسلللف
مللن رجللل َبكللرا ً ورد ّ خيللرا ً منلله ،وإذا كللان هللذا العقللد أي
القللرض مللن عقللود الرفللاق والحسللان فللإنه ل يجللوز أن
يحللول إلللى عقللد معاوضللة وربللح ،أعنللي الربللح المللادي
الدنيوي؛ لنه بذلك يخرج من موضوعه إلى موضللوع الللبيع
والمعاوضات ،ولهذا تجد الفرق بين أن يقللول رجللل لخللر:
بعتك هذا الدينار بدينار آخر إلى سنة ،أو بعتك هللذا الللدينار
بدينار آخلر ثلم يتفرقلا قبلل القبلض ،فلإنه فلي الصلورتين
يكون بيعا ً حراما ً وربًا ،لكن لو أقرضه دينارا ً قرضلا ً وأوفللاه
بعد شهر أو سنة كان ذلك جائزا ً مع أن المقرض لللم يأخللذ
العوض إل بعد سللنة أو أقللل أو أكللثر نظللرا ً لتغليللب جللانب
الرفاق.
وبناء على ذلك فإن المقرض إذا اشللترط علللى المقللترض
نفعا ً ماديا ً فقد خرج بالقرض عن موضوع الرفللاق فيكللون
حرامًا.
والقاعللدة المعروفللة عنللد أهللل العلللم أن كللل قللرض ج لّر
منفعة فهو ربا ،وعلى هذا فل يجللوز للمقللرض أن يشللترط
على المقترض أن يمنحه أرضا ً ليزرعهلا حلتى وللو أعطلى
المقللترض سللهما ً مللن الللزرع؛ لن ذلللك جللر منفعللة إلللى
المقللرض تخللرج القللرض عللن موضللوعه وهللو الرفللاق
والحسان[.فتاوى إسلمية .]416-2/415
فضيلة العلمة ابن عثيمين
المسللألة السللابعة عشللرة :التللأمين التجللاري والضللمان
البنكي:
790
الحمد لللله وحللده والصلللة والسلللم علللى رسللوله محمللد
وعلى آله وصحبه وبعد..
فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتللاء علللى
الستفتاء المقدم لسماحة الرئيللس العللام ،والمقيللد برقللم
صه: 1100في 28/7/1400ه ون ّ
لقد عرض لنا أمر فل بد فيه من التعامل مع البنللك ،حيللث
نحتاج إلى كفالة بنكية اسللمها كفالللة حسللن تنفيللذ )أي أن
يكون البنك ضامنا ً حسللن تنفيللذ التفاقيللة حسللب نصللوص
العقللد( وقللد فوجئنللا بللأن البنللك يأخللذ أجللرة مقابللل هللذه
الكفالة )خطاب الضمان( الذي يقدمه ،ورجعنللا لمللا تيسللر
لللدينا مللن كتللب الفقلله البسلليطة فوجللدنا أن الضللمان أو
الكفالللة )تللبرع( ،فوقعنللا فللي حيللرة مللن أمرنللا ،وأوقفنللا
المشللروع حللتى نصللل للحكللم الشللرعي الصللحيح مقترنلا ً
ما بلغنا عنكم بالدلة الشرعية ،فرأينا أن نبعث لفضيلتكم ل ِ َ
من العلللم والتقللوى والللورع ،لللذا نرجللو مللن فضلليلتكم أن
تعلمونا رأيكم مقترنا ً بالدلة الشرعية ،هل يجوز أخذ أجرة
على الكفالة أو الضمان؟
وكللذلك عمليللات التللأمين علللى البضللائع ضللد ّ الحللوادث،
والتللأمين علللى الحيللاة ،ومللا رأي الشللرع فللي مثللل هللذه
العقود؟
وأجابت بما يلي:
ل :ضمان البنك لكم بربح على المبلغ الذي يضمنكم فيه أو ً
لمن تلتزمون له بتنفيذ أي عقللد ل يجلوز؛ لن الربللح الللذي
يأخذه زيادة ربوية محرمة ،والربا كما هللو معللروف محللرم
بالكتاب والسنة وإجماع المة.
ما يأتي:ثانيًا :التأمين التجاري حرام ل ِ َ
1عقللد التللأمين التجللاري مللن عقللود المعاوضللات الماليللة
الحتمالية المشتملة على الغرر الفللاحش ،لن المسللتأمن
ل يستطيع أن يعرف وقت العقد مقدار ما ُيعطي أو يأخللذ،
فقد يدفع قسطا ً أو قسطين ثم تقع الكارثة ،فيسللتحق مللا
من ،وقد ل تقع الكارثة فيدفع جميع القساط التزم به المؤ ّ
من ل يستطيع أن يحدد ما يعطي ول يأخذ شيئًا ،وذلك المؤ ّ
ويأخذ بالنسبة لكل عقللد بمفللرده ،وقللد ورد فللي الحللديث
791
الصحيح عن النبي صّلى الله عليلله وسلّلم النهللي عللن بيللع
الغرر [أخرجه مسلم برقم ) (1513عن أبي هريرة رضللي
الله عنه] .رواه مسلم.
مللا 2عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب المقللامرة ،ل ِ َ
فيه من المخاطرة فللي معاوضللات ماليللة ،ومللن الغللرم بل
جناية أو تسبب فيها ،ومن الغنلم بل مقابلل أو مقابلل غيلر
مكافئ ،فإن المستأمن قد يدفع قسطا ً من التأمين ثم يقع
من كللل مبلللغ التللأمين ،وقللد ل يقللع الحللادث فيغللرم المللؤ ّ
من أقساط التللأمين بل مقابللل، الخطر ومع ذلك يغنم المؤ ّ
وإذا استحكمت فيه الجهالة كان قمارًا ،ودخل فللي عمللوم
من ُللوا ْ َ
نآ َ ذي َالنهي عن الميسر في قوله تعالى} :ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ
َ َ
ل مل ِ ن عَ َ مل ْس ِ جل ٌ م رِ ْ ب َواْلْزل ُ صللا ُ سُر َواْلن ْ َ مي ْ ِمُر َوال ْ َ خ ْ ما ال ْ َ إ ِن ّ َ
ن{[المائدة.]90: حو َ م ت ُْفل ِ ُ جت َن ُِبوهُ ل َعَل ّك ُ ْن َفا ْ طا ِشي ْ َ ال ّ
3عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضللل والنسللاء،
فإن الشركة إذا دفعت للمسللتأمن أو للورثته أو للمسلتفيد
من أكثر مما دفعه مللن النقللود لهللا فهللو ربللا فضللل ،والمللؤ ّ
يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة العقد فيكون ربا نسللاء ،وإذا
دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعه لها يكون ربا نساء
ص والجماع. فقط ،وكلهما محّرم بالن ّ ّ
4عقد التللأمين التجللاري مللن الرهللان؛ لن كل ّ منهمللا فيلله
جهالة وغرر ومقامرة ،ولم يبح الشللرع ملن الرهلان إل ملا
فيه نصرة للسلم وظهور لعلمه بالحجللة والسللنان ،وقللد
حصر النبي صّلى الله عليه وسلّلم رخصللة الرهللان بعللوض
في ثلث بقوله صّلى الللله عليلله وسلّلم” :ل سللبق إل فللي
خف أو حللافر أو نصللل“ .رواه أحمللد وأبللو داود والنسللائي
والترمذي وصححه ابن حبان.
وليس التأمين من ذلك ول شبيها ً به فكان محرمًا.
5عقد التأمين في أخذ مللال الغيللر بل مقابللل هللو أخللذ بل
مقابل في عقود المعاوضات التجارية محّرم؛ لللدخوله فللي
مُنوا ْ ل ت َأ ْك ُُلوا ْ نآ َ ذي َ
َ
عموم النهي في قوله تعالىَ} :يا أي َّها ال ّ ِ
َ َ
م من ْك ُ ْض ِ ن ت ََرا ٍ جاَرةً عَ ْ ن تِ َ كو َ ن تَ ُ ل إ ِل ّ أ ْ م ِبال َْباط ِ ِ م ب َي ْن َك ُ ْ وال َك ُ ْ
م َ أ ْ
حيمًا{. َ
م َر ِ ن ب ِك ُ ْ كا َه َ ن الل ّ َ م إِ ّ سك ُ ْ َول ت َْقت ُُلوا ْ أن ُْف َ
792
6في عقد التأمين التجاري اللزام بما ل يلزم شرعًا ،فإن
من لم يحدث الخطر منلله ،ولللم يتسللبب فللي حللدوثه، المؤ ّ
وإنما كان منه مجرد التعاقد مللع المسللتأمن ،علللى ضللمان
الخطر على تقدير وقوعه مقابللل مبلللغ يللدفعه المسللتأمن
من لن يبذل عمل ً للمستأمن فكان حرامًا. له ،والمؤ ّ
نرجو أن يكون فيما ذكرناه نفع للسائل وكفاية ،مللع العلللم
بأنه ليس لدينا كتب في هلذا الموضلوع حلتى نرسلل لكلم
نسخة منها ،ول نعلم كتابا ً مناسبا ً فللي الموضللوع نرشللدكم
إليه.
وبالله التوفيللق .وصلللى الللله وسلللم علللى عبللده ورسللوله
محمد وعلى آله وصحبه.
وقللد اتضللح أن التللأمين التجللاري والتللأمين علللى الحيللاة ل
يجوز لدلة ،منها:
1فيه ربللا؛ لن الفللائدة تعطللى فللي بعللض أنللواعه – وهللو
التأمين علللى الحيلاة – لنهللا تتضلمن الللتزام الملؤمن بلأن
يدفع إلى المستأمن ما قدمه إلى المؤمن مضافا ً إلى ذلك
فائدته الربوية ،فالمستأمن يعطي القليل من النقود ويأخذ
الكثير.
2التأمين يستلزم أكل أموال الناس بالباطل.
3يقوم التأمين على المقامرة والمراهنة؛ لنه عقد معلللق
ى.
على خطر ،فتارة يقع ،وتارة ل يقع ،فهو قمار معن ً
4التأمين فيه غرر وجهالة.
5التأمين يوقع بين المتعاقللدين العللداوة والخصللام ،وذلللك
أنه متى وقع الخطر حاول كل من الطرفين تحميللل الخللر
الخسائر التي حصلت ،ويترتب على ذلللك نللزاع ومشللاكل،
ومرافعات قضائية.
6ل ضرورة تدعو إلى التأمين ،فقد شللرع الللله الصللدقات
فلللي السللللم ،وأوجلللب الزكلللاة للفقلللراء والمسلللاكين
والغارمين ،والحكومة السلمية مسؤولة عن رعاياها.
الباب الخامس
أضرار الربا
إن السلم الحنيف لم يحرم شلليئا ً علللى المسلللمين إل إذا
غلب ضرره على نفعه ,بللل إذا تسللاوى ضللرر الشلليء مللع
793
نفعه حرمته ,لن درء المفاسللد أولللى مللن جلللب المنللافع.
وإن للربا أضرار كثيرة تغللب علللى منفعتلله ,وهللي تشللمل
سائر نواحي الحياة.
أ -من أضرار الربا الخلقية والجتماعية:
• ظلم صاحب المال المقرض للمقترض ,فللإن أخللذ الربللا
ظلم بنص القرآن الكريم ,مهما كللانت حالللة المقللترض أو
جنسه أو دينه ,قللال الللله تعللالى) :وإن تبتللم فلكللم رؤوس
أموالكم ل تظلمون ول تظلمون(.
• إن الربا يطبع نفللوس المرابيللن بطللابع الثللرة والنانيللة,
وعبادة المال والتكالب على جمعلله ,ويقتللل فللي نفوسللهم
الشفقة والرحمة للفقراء والمحتاجين.
• إن الربا يؤدي إلى عدم وجود القرض الحسن بين أفراد
المجتمللع ,ممللا يسلليء إلللى روح التعللاون بيللن أفللراده,
وبالتلللالي يسللليء إللللى الروابلللط والعلقلللات العائليلللة
والجتماعية ,فتصبح العلقة بين الناس علقة مادية بحتللة,
وليست علقة إنسانية تعاونية.
ب – من أضرار الربا القتصادية:
• يزيد فقر المقترضين الفقراء فقرا ً إلى فقرهللم ,وهلك لا ً
إلى هلكهم ,فكل فقيلر يقللع فللي شلرك المرابيللن ل يكلاد
يتخلص مللن الللدين طللوال حيللاته ,وقللد ينتقللل الللدين إلللى
ورثته ,وقد يؤدي به الدين إلللى بيللع بيتلله الللذي يللؤويه مللع
عياله ,فتصبح حالته الماديلة أسللوأ ممللا كلانت عليلله قبلل
القرض.
• يجعل المال متللداول بيللن طائفللة خاصللة مللن المجتمللع,
ويقسللم المجتمللع إلللى طبقللات ,طبقللة أغنيللاء مرفهيللن
منعمين ,وطبقة عاملين كللادحين منتجيللن ,وطبقللة فقللراء
محرومين.
• إن تسهيل القروض الستهلكية بفائدة من قبللل البنللوك
شلللجع الكلللثيرين عللللى السلللراف وعلللدم الدخلللار ,لن
المسرف إذا كان يرى من يقرضه بالفللائدة فللي أي وقللت
فللإنه ل يراعللي عللن النفللاق علللى شللهواته ورفللاهيته ول
يحسب حساب المستقبل ليدخر في حاضره ما يحتاج إليه
في قابله.
794
ج -أضرار الربا النتاجي:
• غلء أسللعار السلللع الللتي ينتجهللا المقللرض ,إذ يضلليف
المنتج أو المستورد فائدة القرض إلى رأس مللال السلللعة
التي يشتريها المسللتهلكون ,فكللأن المجتمللع ل المنتللج ول
المستورد هللو الللذي يللدفع الفللائدة الربويللة ,فللالظلم فللي
القرض النتاجي أشمل وأعم من القرض الستهلكي.
• إذا تقلصللت دورة الرخللاء ,أو إذا نقللص الطلللب علللى
السلعة المنتجة بسبب ارتفاع ثمنها نتيجة لضللافة الفللائدة
الربوية يبقللى فللائض مللن المنتجللات بغيللر تصللريف ,وهللذا
الفائض له عواقبه الوخيمة ,إذ قد يؤدي إلى تخفيللض أجللر
العمال أو الستغناء عن بعضهم.
• يمنع الغنياء من الشتغال بالمكاسب ,وذلك لن صاحب
المللال إذا تمكللن بواسللطة وضللع مللاله فللي البنللوك مللن
الحصول علللى الفللائدة الربويللة ,لللم يغللامر فللي تجللارة أو
صناعة ,فيعيش عالة على غيره.
والمجتمع الصللالح هللو الللذي يكللون كللل فللرد مللن أفللراده
عضوا ً عامل ً منتجا ً فيه.
الباب السادس
عقوبات المتعاملين بالربا
العقوبات الناتجة عن التعامل بالربا منها ما يكون جماعيللا ً
ومنها ما يكون فرديًا.
والعقوبات الفردية منها ما يكون في الدنيا ومنها ما يكللون
في الخرة.
أما العقوبات الجماعيللة ,فللإن انتشللار التعامللل بالربللا يللف
المجتمع بين أعداد كبيرة مللن أفللراده وبنللاء اقتصللاد البلللد
على الربا يجر على المجتمع الويلت لن أهله قلد عرضلوا
أنفسهم لحللرب مللن الللله ورسللوله ,قللال تعللالى) :ي َللا أ َي ّهَللا
من ك ُن ْت ُل ْن الّربللا إ ِ ْ
مل َ
ي ِ ه وَذ َُروا ْ َ
مللا ب َِقل َ مُنوا ْ ات ُّقللوا ْ الل ّل َ
نآ َذي َ ال ّ ِ
ن([البقرة.]279 ،278 : مؤ ْ ِ
مِني َ ُ
فالمجتمع الذي يتعامل أهله بالربا مجتمللع مغضللوب عليلله
من قبل الله عز وجل وتظهللر ثمللار الغضللب الربللاني فيلله
بصللور متعللددة كارتفللاع السللعار ,وانتشللار الفقللر ومحللق
البركللة مللن المللال,وتسللليط العللداء ,وتفشللي الجللرائم
795
كالسللرقة والقتللل ,وضللعف الثقللة والضللطراب,وعللدم
السللتقرار المعيشللي والنفسللي وانقطللاع المعللروف بيللن
الناس فل يقرض أحد أحدا ً ول يواسيه إل بالربا وغير ذلك.
أما العقوبات الفردية ,فبالضافة إلى ما يلحللق الفللرد مللن
آثار العقوبات الجماعية بصفته أحد أفراد المجتمع فإن من
يتعامل بالربا يعلاقب عقوبلات خاصلة وهلي علللى نللوعين:
عقوبات دنيوية وعقوبات أخروية.
أما العقوبات الدنيوية فأهمها:
• محق المال :فإن المال الربللوي وإن كللثر فللإن مصلليره
إلى الزوال والفناء ,وإن مآل أصحابه الفقر والللذل .لقللوله
تبارك وتعالى) :يمحق الله الربا(.
• نكلللد العيلللش المتمثلللل بعلللدم السلللتقرار النفسلللي
والضطراب السري وتعثر أسباب الكسب من التجللارة أو
الصناعة أو الزراعة.
• إن من يتعامل بالربا مرتكب كبير وهو في نظللر الشللرع
الشللريف فاسللق ,سللاقط العداللة ,وقللد يللؤدي أكللل الربللا
والتعامل به إلى كفر صاحبه إن اسللتحله أو سللوء الخاتمللة
إن هو واظب على أكله ولم يتب.
وأما العقوبات الخروية فأهمها:
• الفضيحة والخزي يوم القيامة ,فإن من يأكل الربا يبعث
يوم القيامللة وقللد انتفللخ بطنلله ل يسللتطيع أن يمشللي مللع
الناس إلى أرض المحشللر لثقللل بطنلله فهللو يمشللي لكنلله
كلما قام سقط .فيجمع الله عليه عذابين عذاب السللقوط
على الرض ,وعذاب لفللح النللار الللتي تسللوق النللاس إلللى
ْ
ن مللو َ ن الّربا ل ي َُقو ُ ن ي َأك ُُلو َ َ ذيأرض المحشر .قال تعالى) :ال ّ ِ
طان من ال ْمس ذ َل َ َ
م ك ب ِلأن ّهُ ْ َ ّ ِ شي ْ َ ُ ِ َ ه ال ّ خب ّط ُ ُذي ي َت َ َ م ال ّ ِما ي َُقو ُ إ ِّل ك َ َ
َ
ن ملل ْم الّربا فَ َ حّر َه ال ْب َي ْعَ وَ َ ل الل ّ ُ ح ّ ل الّربا وَأ َ ما ال ْب َي ْعُ ِ
مث ْ ُ َقاُلوا ْ إ ِن ّ َ
ة من ربه َفانتهى فَل َه ما سل َ َ َ
مُرهُ إ َِلى الل ّ ِ
ه ف وَأ ْ ُ َ َ ظَ ٌ ِ ْ َ ّ ِ ْ َ َ ع
مو ْ ِجاَءهُ َ َ
ق َ َ ُ
عاد َ فَأولئ ِ َ
حل ُ م َن ،ي َ ْ
دو َ
خال ِل ُم ِفيهَللا َ ب الن ّللارِ هُل ْ حا ُص َ كأ ْ ن َ م ْ وَ َ
َ
م( [ ل ك َّفلارٍ أِثيل ٍ كل ّب ُ ح ّ ه ل يُ ِ ت َوالل ّ ُ صد ََقا ِ ه الّربا وَي ُْرِبي ال ّ الل ّ ُ
البقرة.]276 ،275 :
• العذاب في جنهم ,لن من يتعامللل بالربللا مرتكللب كللبير
من الكبائر وعليه من الثم ما يستحق بسببه الللدخول فللي
796
جهنم وأخذ نصيبه مللن العللذاب) .وذلللك إن لللم يتللب قبللل
موته وتحسن توبته(.قللال تعللالى) :يللا أيهللا الللذين آمنللوا ل
تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة واتقللوا الللله لعلكللم تفلحللون,
واتقوا النار التي أعدت للكافرين(.
وهو من السبع الموبقات ,والمتعامل به ملعللون مللن قبللل
الله تبارك وتعالى كما تقدم.
ولما روي) :الربا ثلثة وسبعون بابا ً أيسللرها مثللل أن ينكللح
الرجل أمه() ,الدرهم يصيبه الرجل مللن الربللا أعظلم عنلد
الله من ثلثة وثلثين زنية يزنيها في السلم(.
الخاتمة والنتائج
أعللد هللذا البحللث بعللد الّتحللّري ،والعنايللة ،علللى قللدر
المستطاع ،والموضوع له أهمية كبيرة ،وجدير بالعناية من
الباحثين والعلماء المخلصللين ،ومللا ذلللك إل لن الربللا آفللة
خطيرة على المة السلمية؛ لن الربا مضللاد لمنهللج الللله
تعالى فيجب على جميع المسلمين التمسللك بكتللاب الللله،
وسنة رسوله صّلى اللله عليله وسلّلم ففيهملا الخيلر كلله،
سللك بهمللا وعمللل بمللا وفيهما سللعادة البشللرية – لمللن تم ّ
فيهما من أحكام وتوجيهات – في الدنيا والخرة.
أما بالنسبة لهذا البحللث المتواضللع فقللد بللذلت فيلله جهللدا ً
طيبا ً إن شاء الله تعالى ،ومن نتائج هذا البحث اسللتعراض
بعلض المسلائل المهملة اللتي يجلب عللى كلل مسللم أن
يعرفها؛ ليجتنب الوقوع فيما حّرم الله تعالى عليه ومنها:
1الوقوف على الدلة القطعية في تحريم الربللا ،وأن مللن
خللالف هللذه النصللوص فقللد أذن الللله بمحللاربته سللبحانه
وتعالى ،ومن يستطع أن يقف لمحاربة الله تعالى؟
2ذكر موقف اليهود من الربللا عنللدما حرملله الللله عليهللم،
فاحتالوا بشتى الحيل ،حتى أكلوا الربللا مجللاهرة ،وخللداعا ً
لله ،ولرسوله صّلى الله عليه وسّلم.
3الوقوف على عادات الجاهلية قبل السلم ،وأنهم كللانوا
فللي حاللة يرثللى لهللا ،مللن تكللالب عللى المللال ،وللو كلان
طريقه محرملا ً وضللاّرًا .كمللا وقفنللا علللى فسللاد عقللولهم،
وانتكاس فطرهم التي فطر الله الناس عليها.
797
4إن السلم عنللدما حلّرم الربللا فللإنه لللم يللترك البشللرية
ل البيع ،وجميع أنواع المضللاربات بدون تعويض عنه ،بل أح ّ
المشللروعة ،الللتي تعللود علللى الفللرد والمجتمللع بللالخير،
والبركة ،والسعادة.
5إن آكل الربا ملعون ،ومطرود من رحمة ربه تعالى ،كما
دّلت على ذلك السنة الصحيحة.
6الوقوف على أنواع الربا ،وأنه ينقسم إلى قسللمين :ربللا
الفضللل ،وربللا النسلليئة ،وكلهمللا محلّرم بالكتللاب والسللنة
والجماع.
7جواز بيع الحيوان بللالحيوان ،وجللواز التفاضللل ،والنسللاء
في الطعام غير المكيل ،والموزون ،وغير الذهب والفضة.
8عدم جواز الدين في الصرف ،بللل ل بللد مللن المقابضللة
الحالة بين المتصارفين ،وكذلك بيع الذهب بالفضة دينللا ً أو
الفضة بالذهب دينا ً إلى أجللل ..وهللذا أمللر ل يجللوز لوجللود
الدلة الصحيحة من السنة على تحريم ذلك.
9عللدم جللواز بيللع مللا يسللمى )بمللد عجللوة( وهللذا السللم
معروف عند الفقهاء.
10بيع العينة محرم بنص السنة الصحيحة ،وقللد وقللع فيلله
أكثر أهل هذا العصر ،إل من عصم الله.
11اسللتعراض بعللض النصللوص الللتي تللأمر بالبتعللاد عللن
الشبهات فإن من وقع في الشبهات وقع في الحللرام ،وأن
الجسللد كللله تللابع للقلللب؛ فبصلللح القلللب تصلللح جميللع
العضاء وبفساده تفسد كلها.
12الوقوف على مضللار الربللا وآثللاره ،ومفاسللده ،وأنلله ل
صللللح ول سلللعادة ونجلللاة ول خلص إل باتبلللاع المنهلللج
السلمي في جميع شئون الحياة.
13تحذير المسلمين من المعاملة بالربا ،أو إيداع الفللائض
من أموالهم في بنوك دول الكفر ،الللتي تسللتفيد مللن هللذا
الفائض ،أو تستخدمه ضد ّ المسلمين.
14تللبيين بعللض محاسللن السلللم ،وأنلله ديللن السللعادة،
والهداية ودين الرحمة والعطف ،والتراحم بين المسلمين،
وقد مثلتهم السنة في قول النبي صّلى الله عليلله وسللّلم:
”إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد ّ بعضه بعضللًا“[البخللاري
798
،1/122برقم ،481ومسلم ،4/1999برقم ]2585فهللذا
فضلل عظيلم امتلن اللله بله عللى المسللمين المخلصلين
الصادقين في إسلمهم.
15ذكر أسباب تحريم الربا ،وأن الله عز وجل له الحكمللة
البالغللة ،ومعرفللة الحكمللة مللن الحكللام الشللرعية لسللنا
ملزمين بمعرفتهللا ولللله الحمللد .فللإن عرفنللا الحكمللة فللي
بعض المور فزيادة علم وخير ،وإن لللم نعللرف عملنللا بمللا
مللا نهانللا سللبحانه ونقللول :سللمعنا أمرنللا ربنللا ،وانتهينللا ع ّ
وأطعنا ،وربنا هو الحكيم فيما شرع ،الخبير بللذلك سللبحانه
وتعالى.
16بيان حكم العملة الورقية من الناحية الشرعية.
17عدم جواز بيع السلع وهي في مكانها حتى تنقل.
18بيان حكم بيع الللذهب المسللتعمل بللذهب جديللد ودفللع
الفرق وأنه ل يجوز.
19عدم جواز التعامل مللع البنللوك الربويللة والعمللل فيهللا؛
لن ذلك من التعاون على الثم والعدوان.
20عدم جواز بيع أسهم البنوك ول شرائها ،لنها بيع نقللود
بنقود.
21عدم جواز عقد القرض الذي يجر منفعة.
22تحريم التأمين التجاري والتأمين على الحياة ،لمللا فللي
ذلك من الغرر ،والجهالة ،وأكل أموال الناس بالباطل.
وختاما ً أسأل الله العلي العظيللم أن يجعللل عملللي خالصلا ً
لوجهه الكريم ،وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي ،وأن
يزيد من قرأ هذا الكتاب ،أو نشره ،أو طبعه ،علما ً وهللدى،
وتوفيقا ً إنه ولي ذلك والقادر عليه ،وهذا جهللد المقللل فمللا
كان فيه من صواب فمن الله الواحد المّنان ،وما كان مللن
خطأ فمني ومن الشيطان ،والله بريء منه ورسوله صّلى
الله عليه وسّلم ،وأستغفر الله العظيم ،وصلى الله وسلللم
على عبده ورسوله وخيرته من خلقه نبينا محمللد بللن عبللد
الله وعلللى آللله وأصللحابه ومللن تبعهللم بإحسللان إلللى يللوم
الدين.
==============
#أضرار الربا الشرعية:
799
1الربا من معاملت اليهود والمشركين:
كان من أعظم أمور الجاهلية ،وتعاملتهم المالية ممارسللة
الربا وكسب الموال عن طريقلله؛ ولللذا فللإن النللبي صلللى
الله عليه وسلم أعلن إلغاءه على مسمع مللن النللاس فللي
حجة الوداع حينما خطبهم فقال" :أل كللل شلليء مللن أمللر
الجاهليللة تحللت قللدمي موضللوع .ثللم قللال :وربللا الجاهليللة
موضوع ،وأول ربا أضع ربانا ربا العباس ابن عبد المطلللب
فإنه موضوع كله").(1
واليهللود يتعللاملون بالربللا حللتى كللان أكلهللم للله سللببا ً مللن
أسباب عقوبتهم كما قال الله تعللالى :فبظلللم مللن الللذين
هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عللن سللبيل
الللله كللثيرا ) (160وأخللذهم الربللا وقللد نهللوا عنلله وأكلهللم
أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما.
}النساء.{161 ،160 :
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعللالى " :أي أن الللله قللد
نهاهم عللن الربللا فتنللاولوه وأخللذوه واحتللالوا عليلله بللأنواع
الحيل وصنوف من الشبه").(2
ولم يفارق اليهود عادتهم القديمة؛ فأباطرة الربا فللي هللذا
العصر وملك كبريات مؤسساته ومصارفه هم من اليهللود،
وهلم اللذين أفسلدوا اقتصلاد العلالم ،ونشلروا المعللاملت
المحرمة ،وحطموا أسعار كثير من العملت ،وأفقروا كثيرا ً
من الشعوب.
فمللن تعامللل بالربللا فقللد تشللبه بأعللداء الللله تعللالى مللن
المشركين واليهود ،وكفى بذلك إثما ً وخسرانًا.
-------------------------
2أنه محاربة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم :
---------------------------------------
جاء الزجر عن الربا في كتاب الله تعالى عنيفلا ً شللديدًا؛ إذ
هو من الذنوب العظائم القلئل) (3الللتي وصللف اقترافهللا
بمحاربة الله ورسوله.
وإذا كللان قطللاع الطريللق يحللاربون الللله تعللالى بإشللهار
السللللح ،وإزهلللاق الرواح ،واغتصلللاب الملللوال ،وترويلللع
المنين ،وقطع السبيل؛ فإن أكلة الربا يحاربون الله تعالى
800
بدمار المجتمعات ،والفساد في المللوال ممللا يللؤدي إلللى
الفساد في الرض ،وتوسيع الهوة بين الطبقات مملا يللزم
منه حدوث الجرائم وكثرة الخوف ،وقلة المن.
ة الربا ل يرفعون السلح كما يرفعه قطاع الطريق، إن أ َك َل َ َ
ول يأخذون المال عنللوة؛ ولكنهللم يمتصللون دمللاء الفقللراء
وهم يبتسمون لهم!! وينتهبون أموال الناس وهللم يربتللون
على أكتافهم!!
إنها محاربة ماثلت فلي بشلاعتها محاربللة قطلاع الطريللق؛
ولكنها أوسع نطاقًا ،وأكثر تنظيملا ً ومخادعللة؛ ففلاقت فللي
انتشارها وقبحها رفع السلح وانتهاب الموال بالقوة؛ وقللد
قال الله تعالى محذرا ً منها :يا أيها الذين آمنللوا \تقللوا الللله
وذروا ما بقللي مللن الربللا إن كنتللم مللؤمنين 278فللإن لللم
تفعلللوا فللأذنوا بحللرب مللن الللله ورسللوله وإن تبتللم فلكللم
رءوس أمللوالكم ل تظلمللون ول تظلمللون }البقللرة،278 :
.{279
وويل ثم ويل لمللن حللارب الللله تعللالى وهللو يمشللي علللى
أرضه ،ويأكل رزقه ،وينعم بفضله .قال ابللن عبللاس رضللي
الله عنهما " :يقال يللوم القيامللة لكللل الربللا :خللذ سلللحك
للحرب") .(1وعنه رضي الله عنه قللوله فللي معنللى اليللة:
"فاستيقنوا بحرب من الله ورسوله").(2
وقال قتادة السدوسي رحمه الله تعللالى " :أوعللدهم الللله
بالقتل كما تسمعون؛ فجعلهم بهرجا ً أينما ثقفوا") (3ويرى
بعض المفسرين أن هذه الية قد أومأت إلى سللوء خاتمللة
أكلة الربا).(4
---------------------
3أن فيه كفرا ً لنعمة المال:
------------------------
لم يكتف المتعامل بالربللا بمللا رزقلله الللله مللن مللال ،ولللم
يشكر نعمة الله تعالى به عليله؛ فللأراد الزيلادة ولللو كلانت
إثمًا ،فكان كافرا ً لنعمة ربه عليه؛ فمآل ماله إلللى المحللق
ونزع البركة ،كما قال الله تعالى :يمحق الله الربا ويربللي
الصدقات والله ل يحللب كللل كفللار أثيللم }البقللرة.{276 :
قال ابن كثير رحمه الله تعالى " :أي ل يحب كفور القلب،
801
أثيم القول والفعل ،ول بد من مناسبة في ختم هللذه اليللة
بهذه الصفة وهي أن المرابي ل يرضى بما قسللم الللله للله
من الحلل ،ول يكتفي بما شلرع لله مللن الكسلب المبللاح،
فهللو يسللعى فللي أكللل أمللوال النللاس بالباطللل بللأنواع
المكاسب الخبيثة فهو جحود لما عليه مللن النعمللة ،ظلللوم
آثم بآكل أموال الناس بالباطل").(1
-----------------------
4أن الربا مخل باليمان:
---------------------
كل معصية تخل بإيمان العبد ،وعلى قللدر المعصللية يكللون
اختلل اليملللان؛ إذ إن اليملللان يزيلللد بالطاعلللة وينقلللص
بالمعصللية كمللا هللو مللذهب السلللف الصللالح وأتبللاعهم
بإحسان ،وقد قال الللله تعللالى فللي شللأن الربللا :وذروا مللا
بقللي مللن الربللا إن كنتللم مللؤمنين }البقللرة ،{278 :قللال
القاسمي رحمه الللله تعللالى " :فللبّين أن الربللا واليمللان ل
يجتمعان").(2
ولذا كان المتعامل حقيقا ً باللعن والطللرد مللن رحمللة الللله
تبارك وتعالى .قال جابر رضي الله عنه " :لعن رسول الله
صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومللوكله وكللاتبه وشللاهديه
وقال :هم سواء").(3
----------------------
5أنه من المهلكات للفراد والمم:
----------------------
أما الفراد فقد عد ّ النبي صلى الله عليه وسلللم الربللا مللن
التسع الموبقات) ،(4ثم عده في السبع الموبقات) (5التي
ذر منها وأمر باجتنابها. ح ّ
وأما على مستوى المم فقد أخبر صلى الللله عليلله وسلللم
أنه" :مللا ظهللر فللي قللوم الربللا والزنللا إل أحلللوا بأنفسللهم
عقاب الله"
وكفى بذلك زاجرا ً عنلله للمللم الللتي تللود المحافظللة علللى
اقتصادها ،وتخشى الكوارث والنوازل.
----------------------
6الربا أعظم إثما ً من الزنا:
802
----------------------
ورد في السنة النبوية أحاديث كشفت حقيقة تلك الجريمة
النكراء ،وأبانت بشاعتها وقبحها بما يردع كل مللؤمن بللالله
ه مقارفتهللا؛ ومنهللا تعالى والللدار الخللرة عللن مقاربتهللا ب َل ْل َ
حديث ابن مسعود رضي الله عنلله عللن النللبي صلللى الللله
عليه وسلم قال" :الربا ثلثة وسبعون بابا ً أيسرها مثللل أن
ينكح الرجل أمه ،وإن أربى الربا عرض الرجللل المسلللم")
.(7
وكذا حديث عبد الله بللن حنظلللة رضللي الللله عنهمللا قللال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " :درهللم ربلا ً يللأكله
الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلثين زنية").(1
قال الشوكاني رحمه الله تعالى " :قللوله :أشللد مللن سللت
وثلثيللن ...إلللخ" يللدل علللى أن معصللية الربللا مللن أشللد
المعاصي؛ لن المعصية التي تعدل معصية الزنا الللتي هللي
في غاية الفظاعة والشللناعة بمقللدار العللدد المللذكور ،بللل
أشد منها؛ ل شك أنها قد تجاوزت الحد في القبح").(2
ومن نظر في هذين النصين وشواهدهما من السنة النبوية
تبين له أن قليل الربا أعظم مللن كللثير الزنللا ،مللع مللا فللي
الزنلا ملن فسلاد اللدين واللدنيا؛ حيلث سلماه اللله تعلالى
ل ،ونهللى عللن القللتراب منلله كمللا قللال فاحشة وساء سللبي ً
تعالى :ول تقربوا الزنللى" إنلله كللان فاحشللة وسللاء سللبيل
}السراء ،{32 :وحرمت الشريعة الطرق المفضللية إليلله،
وسللدت الللذرائع الموصلللة للله .وفيلله خيانللة كللبرى لللزوج
المزني بها ووالديها وأسرتها .ويللؤدي إلللى فسللاد الخلق،
وارتفلللاع الحيلللاء ،واختلط النسلللاب ،وفشلللو الملللراض،
وحصللول الشللكوك ،وتللبرؤ الللزوج مللن نسللبة ابللن زوجتلله
الزانية وملعنتها على ذلك ،وربما حصللل عنللده شللك فللي
أولده من زوجته قبل زناها إلللى غيللر ذلللك مللن المفاسللد
العظيمة التي اسلتوجبت أن يكلون حلد الزنلاة المحصلنين
الرجم بالحجارة حتى الموت .وحد غيللر المحصللنين الجلللد
والتغريب ،ورد شهادتهم ووصللفهم بالفسللق إل أن يتوبللوا،
ومصلليرهم فللي الللبرزخ إلللى تنللور مسللجور تشللوى فيلله
أجسادهم.
803
رغم ما تقدم كله فإن الدرهم من الربللا أعظللم مللن سللت
وثلثين زنية؛ فإذا كان هذا فللي درهللم واحللد فكيللف بحللال
من يأكلون اللوف من الربا بل المليين والمليارات؟!
وكم هي خسارة من أسس تجارته على الربللا ،ومللن كللان
كسبه من فوائد الربا الخبيثللة ،ومللن كللانت وظيفتلله كتابللة
الربا ،أو الدعاية له ،أو حراسة مؤسسته؟!
وما هو مصير جسد ما نبت إل من ربللا ،وأولدٍ مللا أطعمللوا
ذيت أجسللادهم إل عليلله ،فمللا إل من كسبه الخبيث وما غُل ّ
ذنبهم أن تبنى أجسادهم بالسحت؟
الصلة بين الربا والزنا----------------------:
----------------------
إن المتأمل للحديثين السابقين ومللا فللي معناهمللا يجللد أن
ثمة علقة وثيقة بين جريمتي الربا والزنللا ،وأن الربللا أشللد
جرما ً من الزنا؛ فما هو السر في ذلك يا ترى؟!
إن الذي يظهر لللي والعلللم عنللد الللله تعللالى أن مللن أهللم
أسباب انتشار الزنا في المم تعامل أفرادها بالربا ،ودرهم
الربا ضرره على المة كلها ،أما الزنا فضرره مقصور على
الزاني والزانية وأسرتها وولدها ول يتعدى ذلك في الغالب
إذا لم يكن ثمة مجاهرة به ،وإقرار له).(1
إن الطبقية اللتي يصلنعها الربلا بيلن أبنلاء الملة الواحلدة،
والفجوة بين الفقراء والغنياء التي تزداد اتساعا ً وانتشللارا ً
كلمللا تعامللل النللاس بالربللا تجعللل الفقيللر كلمللا اقللترض
ف ض لع ِ َ
تضاعفت ديونه ،وازداد فقره واشتد جللوعه؛ حللتى ي ُ ْ
الفقر والجوع والحاجة غيرته على عرضه ،فل يأبه إن زنت
محللارمه إذا كللان مللن وراء ذلللك عللائد مللالي يقلللل فقللره
ويشبع بطنه .وما زنت الزانيللة المحتاجللة أول مللا زنللت إل
لما جاع بطنها ،وصاح رضيعها واحتاج أهلها ،ولربمللا أمرهللا
وليها بالزنا عللوذا ً بللالله مللن أجللل أن تطعللم أسللرتها .وإذا
انكسر حياؤها مرة فلن ينجبر أبدا ً حتى تتخذ الزنا مهنة لها
إل أن يشاء الله تعالى؛ والواقع يشهد ذلللك فللي كللل البلد
م فيهلا الربلا ،وزال ملن أفرادهلا الحسلان؛ حلتى اللتي عل ّ
أصبح المال في أيدي عدد قليللل مللن عصللابات المرابيللن،
وأما بقية النللاس فيغرقللون فللي ديللونهم ،ويموتللون جوعلا ً
804
وفقرًا .فالربا ليس سببا ً في وقوع الزنللا فحسللب؛ بللل هللو
سبب لنتشاره في المم ،وإذا كان الزنللا جريمللة أخلقيللة؛
فإن الربا جريمة أخلقية مالية تجر إلى كللوارث عللدة مللن
انتشار البطالة والفقللر والجللوع والحقللاد بيللن أبنللاء المللة
الواحدة.
----------------------
ذب في قبره وعند نشره: 7المتعامل بالربا ُيع ّ
----------------------
الربا من المعاملت التي أجمعت الشرائع السللماوية كلهللا
على تحريمه ،الخذ والمعطي فيه سواء.
وآكل الربا ُيبَعث يوم القيامة وهو يتخبللط فللي جنللونه كمللا
قال تعالى :الذين يللأكلون الربللا ل يقومللون إل كمللا يقللوم
الذي يتخبطه الشيطان من المس.
}البقرة.{275 :
قال سعيد بن جبير رحمه اللله تعلالى " :يبعلث آكلل الربلا
يوم القيامة مجنونا ً يخنق") ،(2وقال وهب ابن منبه" :يريد
ث الناس من قبورهم خرجوا مسللرعين لقللوله :يللوم إذا ب ُعِ َ
يخرجون من الجداث سراعا كأنهم إلى" نصللب يوفضللون
}المعارج {43 :إل أكلة الربلا فلإنهم يقومللون ويسللقطون
كما يقوم الذي يتخطبه الشيطان من المس؛ وذلللك لنهللم
آكلوا الربا في الدنيا ،فأرباه الله في بطونهم يللوم القيامللة
حتى أثقلهم؛ فهم ينهضون ويسللقطون ويريللدون السللراع
ول يقدرون").(2
ويشهد لهذا المعنى حللديث مرفللوع فيلله ضللعف عللن أبللي
هريرة رضي الله عنه قللال :قللال رسللول الللله صلللى الللله
عليه وسلم " :أتيت ليلللة أسللري بللي علللى قللوم بطللونهم
كالبيوت فيها حيات ُترى من خللارج بطللونهم؛ فقلللت :مللن
ة الربا").(1هؤلء يا جبريل؟ قال :هؤلء أ َك َل َ ُ
وأما عذابه في البرزخ فكما جللاء فللي حللديث المنللام عللن
سمرة بن جندب رضي الله عنلله وفيلله :قللال النللبي صلللى
الله عليه وسلم " :فأتينا على نهر حسبت أنه كللان يقللول:
أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح ،وإذا على
شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كللثيرة ،فيللأتي ذلللك
805
السابح إلى ذلك الذي جمع الحجارة عنده ،فيفغللر للله فللاه
فيلقمه حجرا ً حتى يذهب بلله سللباحة إلللى الجللانب الخللر"
وذكر في تفسيره في آخر الحديث أن ذلك السابح الناقللل
للحجارة آكل الربا).(2
قال ابن هبيرة رحمه الله تعالى " :إنما عللوقب آكللل الربللا
بسباحته في النهر الحمر وإلقامه الحجارة؛ لن أصل الربا
يجري في الذهب ،والللذهب أحمللر .وأملا إلقلام الملللك لله
الحجر فإنه إشارة إلى أنه ل يغني عنه شيئًا ،وكللذلك الربللا
فإن صاحبه يتخيل أن ماله يزداد والله من ورائه يمحقلله")
.(3
8أن المتعامل به ملعون علللى لسللان رسللول الللله صلللى
الله عليه وسلم :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال" :لعلن رسلول
الللله صلللى الللله عليلله وسلللم آكللل الربللا ومللوكله وكللاتبه
وشاهديه ،وقال :هم سواء").(4
قال النووي رحمه الله تعالى " :هذا تصريح بتحريللم كتابللة
المبايعة بيللن المللترابين ،والشللهادة عليهمللا ،وفيلله تحريللم
العانة على الباطل").(5
وقال الصللنعاني" :أي دعللا علللى المللذكورين بالبعللاد عللن
الرحمة ،وهو دليل على إثم من ذكر وتحريللم مللا تعللاطوه،
وخص الكل؛ لنه الغلب في النتفاع ،وغيره مثله").(6
أضرار الربا الدنيوية:
----------------------
ب مللن ل من يتنفس الهواء نصي ٌ إذا تلوثت الجواء أصاب ك ّ
هذا التلوث ،وإذا تكللدرت الميللاه دخللل شلليء مللن كللدرتها
جوف كل شارب منها ،وهكذا يقال في كل شلليء متلللوث
يباشره الناس ،حتى المللوال إذا داخلهللا الكسللب الخللبيث
أصاب المتعاملين بها بيعا ً وشراًء ،وأخذا ً وعطاًء شيء مللن
خبثها وسحتها؛ فكيف إذا كانت بنية القتصاد العالمي على
الكسب الخبيث؛ وفقلا ً للنظريللة الرأسلمالية المبنيلة علللى
وغ الحرية المطلقة في الموال ،والمقللررة أن الغايللة تس ل ّ
الوسيلة؟ فل شك والحال ما ذكر أن تتلوث الموال عالميا ً
بالكسب الخللبيث؛ حللتى إن مللن حللاول الحللتراز والتللوقي
806
يصلليبه رذاذ خبللث المللوال ،وغبللار الربللا المتصللاعد منهللا،
مصداقا ً لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلللى
الله عليه وسلم قال" :ليأتين علللى النللاس زمللان ل يبقللى
فيه أحد إل أكل الربا ،فإن لم يأكله أصابه من غباره").(1
وإذا كان المر كذلك فإن حصول أضللرار دنيويللة اقتصللادية
واجتماعية وغيرها متحقق ول مفر منه في كل أمة انتشللر
فيها الربا وما يتبعه من كسب خبيث كما دلللت علللى ذلللك
النصوص والعقل وواقع حال البشر في هللذا العصللر الللذي
عل فيها شأن القتصاد المبنللي علللى الربللا علللى الشللؤون
الخرى.
ومن تلكم الضرار الدنيوية ما يلي:
1أن الربا سبب للعقوبات ومحق البركات:
قال الله تعالى :يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله ل
يحب كللل كفلار أثيللم }البقللرة ،{276 :ونظيللر هللذه اليللة
قوله تعالى :وما آتيتم من ربا ليربو في أمللوال النللاس فل
يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فللأولئك
هم المضعفون }الروم.{39 :
واليتان دالتان على مباركة المال بالصدقة لترغيبهم فيهللا،
ومحقه بالربا لترهيبهم وتنفيرهم منه ،ل سيما أن النفللوس
البشرية تحب تملك المال وتنميته وتمللوله؛ فقللد تتقللاعس
عن الصدقة شحا ً به ،وتتعامل بالربا تنميللة للله؛ فللبين الللله
تعالى أن البركة تحصل بالصدقة ،والمحق يحصل بالربا.
قال الرازي" :لما بالغ في الزجر عن الربلا وكللان قلد بللالغ
في اليات المتقدمللة فللي المللر بالصللدقات ذكللر ههنللا مللا
يجري مجللرى الللداعي إلللى تللرك الصللدقات وفعللل الربللا،
وكشف عللن فسللاده؛ وذلللك لن الللداعي إلللى فعللل الربللا
تحصيل المزيللد فللي الخيللرات ،والصللارف عللن الصللدقات
الحتراز عن نقصان الخير؛ فبين تعللالى أن الربلا وإن كلان
فللي زيللادة فللي الحللال إل أنلله نقصللان فللي الحقيقللة ،وأن
الصدقة وإن كانت نقصانا ً في الصللورة إل أنهللا زيللادة فللي
المعنللى ،ولمللا كللان المللر كللذلك كللان اللئق بالعاقللل أل
يلتفللت إلللى مللا يقضللي بلله الطبللع والحللس مللن الللدواعي
807
والصوارف؛ بل يعول على ندبه الشرع إليله مللن الللدواعي
والصوارف").(2
والظاهر أن محق الربا للمللال يكللون فللي الللدنيا والخللرة؛
لعموم النصوص وعدم تخصيصها المحق بدار دون أخرى:
ومن صور محقه في الدنيا :عللدم بركتلله ،وإنفللاقه فيمللا ل
يعود على صاحبه بالنفع بل فيما يضره؛ ليقينلله أنلله كسللب
خبيث فينفقه في خبيث أيضًا ،فيكتسب به إثمين :إثما ً في
الكتساب ،وإثما ً في النفللاق؛ ذلللك أن كسللب المللال مللن
حللرام ل يجيللز إنفللاقه فللي الحللرام كملا يظللن كللثير ممللن
وضون في الحرام .ثلم إن ملن اسلتغل حاجلة الفقللراء يتخ ّ
وأكل أموال الناس بالربا فإنهم يبغضونه ويلعنونه ويلدعون
عليه؛ مما يكون سببا ً لزوال الخير والبركة عنه في نفسلله
وماله ،وإذا جمع مال ً عظيما ً بالباطل تللوجهت إليلله أطمللاع
الظلمة والغاصللبين ،ويشللجعهم علللى ذلللك أنهللم ل يللرون
وغون لنفسهم أخذه منه أو مشللاركته أحقيته بالمال ،فيس ّ
فيه.
ومن صور محقه في الخرة :عللدم تسللخيره فللي الطاعللة
لعلمه أنه محرم ،ولو تصدق به أو حج أو أنفق فللي وجللوه
البر لكان حريا ً بالرد وعدم القبول؛ لن الله تعالى طيب ل
يقبل إل طيبلًا ،ثللم إن مللا يحصللل للله مللن شللدة الحسللاب
والعذاب المرتب على الربا في الللبرزخ وعنللد النشللر مللن
أعظللم المحللق؛ ذلللك أن الصللل فللي المللال منفعللة ينفللع
صاحبه ،والمرابي عاد عليه ماله بالضرر.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال" :الربللا وإن
ل").(1كثر فإن عاقبته تصير إلى ق ّ
قللال المنلاوي رحملله اللله " :أي أنلله وإن كلان زيلادة فلي
ق آجل ً بمللا يفتللح علللى
المال عاجل ً يؤول إلللى نقللص ومحل ٍ
المرابللي مللن المغللارم والمهالللك؛ فهللو ممللا يكللون هبللاًء
منثورًا .قال الطيبي :والكثرة والقلة صفتان للمال ل للربا؛
فيجب أن يقدر :مال الربا؛ لن مال الربا ربا").(2
ول يشك مؤمن أن القليللل المبللارك مللن المللال خيللر مللن
الكللثير الممحللوق البركللة ولللو كللان الكللثير محللل إعجللاب
الناس وتطلعاتهم ورغباتهم؛ ولذا قال الللله تعللالى :قللل ل
808
يسللتوي الخللبيث والطيللب ولللو أعجبللك كللثرة الخللبيث
}المائدة.{100 :
والواقع المشاهد يؤكد هذه الحقيقة الللتي قررتهللا نصللوص
الشللريعة سللواء علللى المسللتوى الفللردي أو الجمللاعي
والممي.
أما على المستوى الفردي فإن أكثر الناس في هذا العصر
عصللر الربللا يشللكون مللن قلللة بركللة أمللوالهم رغللم كللثرة
دخولتهم وتعدد سبل كسبها.
أما على المستوى الممللي العللالمي فرغللم اخللتراع اللللة،
واسلللتغلل ثلللروات الرض ،وتنلللوع الصلللناعات ،وتعلللدد
الزراعات التي أصبح النسان المعاصر ينتج منها في اليوم
ما لم يستطع إنتاجه من قبللل فللي سللنوات؛ حللتى صللارت
أرقام النتاج الزراعي والصناعي أرقاما ً عاليللة جللدًا؛ رغللم
ذلك كله فإن أكثر سكان الرض يعيشون فقرًا ،ول يجدون
كفاف لًا ،وفللي كللل يللوم يمللوت منهللم جمللوع مللن الجللوع
م
م للل ْوالمرض؛ فأين هي المنتجات الزراعية والصناعية؟ ل ِ َ
تسد ّ جوع المليين من البشللر وهللي تبلللغ ملييللن الملييللن
من الطنان؟ فما كانت إذن قللة إنتلاج؛ ولكنهلا قللة بركلة
فيما ينتجون ويزرعون ويصنعون!!
وأما حلول العقوبات ،فإن المحسوس المشاهد منها الذي
يعاني منه البشر في عصر الربا من التنوع والكللثرة بمللا ل
يعد .وهناك عقوبات معنوية يعاني منهللا أكللثر النللاس ولللم
يكتشفوا سر تلك المعاناة ومنها :استعباد المللادة للنسللان
بحيث تحولت من كونها وسلليلة لراحتلله وهنللائه إلللى غايللة
ينصب في تحصيلها ،ثم يشقى بحفظهللا ،ويخشللى فواتهللا.
وتلك عقوبة أيّ عقوبة!!
إن النسان في العصر الرأسمالي الذي أساسه الربا يريللد
الستغناء بالشياء ،فإذا ما استغنى بها سيطر عليه هاجس
زوالها فيظل شقيا ً في تحصيلها ،شقيا ً في الحفاظ عليهللا.
ذب قلبلله ،وأي وهل يجد لذة الحياة مللن نعّللم جسللده ،وعل ّ
عذاب أعظم من عذاب القلب؟!
809
وقد كان النسان قبل العصر الرأسللمالي يسللتغني عمللا ل
يستطيع تحصيله ،ويقنع بما كتب له؛ فيرتاح بللاله ،ويطمئن
قلبه.
----------------------
2الربا سبب لزدياد الفقر:
----------------------
سيطرة المادة على الناس ،وخوفهم من الفقللر والحاجللة،
وانعدام قنللاعتهم بالضللروري مللن العيللش ،وتطلعهللم إلللى
كماليللات ل يحتاجونهللا ،إلللى غيللر ذلللك انتشللر وسللاد فللي
العصر الرأسمالي الربوي .وكل ذلك وتوابعه ليست أخلقا ً
ذميمة فحسب؛ بل هو عقوبات وعللذاب يتللألم النللاس مللن
جرائها فللي زمللن انتشللار الربللا؛ حللتى أصللبح الفقيللر يريللد
الغنى ،والغني يريد أن يكللون أكللثر ثللراء ،وصللاحب الللثراء
الفاحش يريد السيطرة على أسواق المال في سلسلللة ل
تنتهي من الجشع وحب الذات وكراهية المتنافسين ،وغيللر
ذلك من الخلق الرديئة ،وصللار فللي النللاس مسللتورون ل
يقنعون ،وأغنياء ل يحسنون ول يتصدقون إل من رحم الللله
تعالى.
وإذا ما استمر العالم علللى هللذا النحللو مللن تفشللي الربللا،
وارتباط المعاملت المالية به فإن النهاية المحتومة ازديللاد
الفقر والجوع حتى يهلك أكثر البشر ،واجتمللاع المللال فللي
خزائن فئة معدودة من كبار المرابين ،وهذا مللا جعللل أحللد
كبللار القتصللاديين الوروبييللن يطلللق علللى الربللا :تجللارة
الموت؛ فيقول" :الربا تجارة الموت ،ومن شأنه أن يشعل
الرأسللماليون الحللرب وإن أكلللت أكبللادهم فللي سللبيل
مضاعفة رأس المال ببيع السلح").(1
ومللا حطللم قيمللة الوراق النقديللة ،وقضللى علللى أسللعار
العملت إل الربا الللذي يقللوم علبره عصلابة ملن المرابيلن
بضخ المال في عملة من العملت ثم سحبه مللن رصلليدها
لتقع قيمتها من القمة إلى الحضيض ،فيصيب الفقر شعوبا ً
وأمما ً ل تملك سوى عملتها التي ما عللادت تسللاوي شلليئًا،
وليس ببعيد عن الذهان ما حصل لبعض دول شرق آسيا.
الربا سبب لرداءة النقود وضعفها:
810
----------------------
المتخصصون في القتصللاد يقللررون أن النقللود هللي دمللاء
القتصاد ،والنقود السليمة هي التي تجعل القتصاد سليمًا؛
ولكن نقود العالم الحالية مريضة بالتضخم الناتج عن الربا،
ول يمكن علجها إل بمعالجة التضخم ،ولللن يتللم علجلله إل
خص هللذه الحقيقللة القتصللادي بإلغللاء فللوائد الربللا .ويش ل ّ
اللمللاني) :جوهللان فيليللب بتمللان( مللدير البنللك اللمللاني
)فرانكفورت( فيقول" :كلما ارتفعت الفائدة تدهور النقللد،
فكما يؤدي الماء إلى رداءة عصير البرتقال أو الحليب فإن
الفائدة تؤدي إلى رداءة النقود .قد يبدو المللر أننللا نسللوق
تعبيرات أدبية ،أو أننللا نبسللط المسللألة ونسللطحها؛ ولكللن
الحقيقة أن هذه العبارة السهلة البسيطة هلي فلي الواقلع
معادلة سليمة وصحيحة تدل عليها التجربة ،ويمكن إثباتها؛
مر قيمة النقود ،وتنسف أي نظام نقدي فالفائدة العالية تد ّ
ما دامت تزيد كل يللوم ،وتتوقللف سللرعة التللدمير وحجملله
على مقدار الفائدة ومدتها").(1
ل .وهللذه صللورة وهكذا صارت عاقبة الربا وإن كثر إلى قِ ل ّ
من صور المحق التي يسببها الربا للموال المتعاملين به.
وبسللبب انتشللار الربللا فللي المعللاملت الماليللة أضللحت
البورصات العالمية وكأنها صالة قمار واسعة ،ليللس المللر
فيها يتصل بالمقللامرات غيللر المحسللوبة فحسللب؛ بللل إن
هناك من يبيع دائما ً ما ل يملك ،ومن يشللتري مللن دون أن
يدفع ثمنًا .ومن يتظاهر بأن هناك أسهما ً لشركات وما هي
في الواقع بشركات ،ومللن يقيللد بالللدفاتر مليللارات كللبيرة
دون أن يراهلا ،ودون أن يقابلهلا رصليد ملن أي نلوع ،إنهلا
الفللائدة الملعونللة المسللؤولة عللن المصللائب الكللبرى فللي
النظام النقللدي العللالمي ،وهللي المسللؤولة عللن التضللخم،
وعن ضياع الموال ،وعن عجز دفع المدينين ديللونهم ،كمللا
قرر حقيقة ذلك القتصادي الغربي )موريس آليلله( الحللائز
على جائزة نوبل في القتصاد).(2
----------------------
4الربللا سللبب ----------------------لرفللع المللن وانتشللار
الخوف:
811
تسود النانية وحب الذات وانعدام الرحمة كل المجتمعللات
التي ينتشلر فيهللا الربلا؛ فالموسلرون المرابلون يقرضللون
الفقراء المحتاجين بفوائد الربا التي تزداد مع طول المللدة
وشدة الحاجة ،مما يجعلهم عاجزين عن السداد .والنتيجللة
النهائية :إما أن يسرقوا لسداد القروض الربويللة ،وإمللا أن
تصادر أملكهم وتباع للمقرضللين؛ ليعيشللوا وأسللرهم بقيللة
أعمارهم علللى قارعللة الطريللق يتكففللون النللاس ،أو فللي
الملجللئ والللدور الجتماعيللة ممللا يكللون سللببا ً فللي قتللل
كرامتهم ،وحرمان المجتمع من عملهم وإنتاجهم.
إن الربا هو السبب الرئيس في انتشار الجريمللة والنتقللام
بين أصحاب رؤوس المللوال وكبللار المرابيللن ،ممللا يكللون
سللببا ً فللي رفللع المللن ،وبسللط الخللوف والللذعر فللي
المجتمعات.
وواقع كثير من البلدان التي ينتشر فيها الربللا شللاهد علللى
شلّرد َ هللو وأولده ذلك ،وهللل يسللتطيع إنسللان ِبيلعَ بيت ُلله ،و ُ
لسداد ما عليه من قللروض الربللا أن يصللبر عللن النتقللام؟
وماذا يبقى له في الدنيا إذا كللان يريللد العيللش لهللا إل ّ أنلله
فقدها فجأة؟!
----------------------
وأخيرًا ..اجتناب الربا أهون من التخلص منه:
إن المتعامل بالربا يعز عليه الخلص منه بعد الغللرق فيلله؛
ول سيما إذا كانت تجارته كلها مؤسسة عليه .ول ينجو من
ذلك بعد النغماس فيه ،ويبادر بالتوبة والخلص منه إل من
هدي للرشاد ووفق للخير.
قد يغتر المبتدئ في حياته الوظيفية أو التجارية بللالقروض
الربوية الميسرة أو بالفوائد المركبة والبسيطة التي تعلللن
عنها بين حيللن وآخللر البنللوك الربويللة؛ بقصللد أكللل أمللوال
الناس بالباطللل ،ويتللولى إثللم العلن عنهللا ،والدعايللة لهللا
المؤسسللات العلميللة المختلفللة مللن مشللاهد ومسللموع
ومقروء؛ ولكن ذلك المسكين الذي اغللتر بهللا حيللن يفللرق
في الربا ربحا ً أو خسارة فلن ينجو بسهولة ،وكان السللهل
عليه أن يجتنب طريقها أو ً
ل.
812
إنه قد يربح الفوائد من اليداع ولكنه سيخسر بركللة مللاله،
ولقمة الحلل ودينه وآخرتلله ،وإن كللان مقترضلا ً فسلليجني
أغلل الديون مع الثم والفقر.
والشللاب الللذي يغريلله راتللب الوظيفللة الربويللة وسلليارتها
وبعثاتها وميزاتها عليه أن يتذكر أن عاقبة ذلك خسران في
الدنيا والخرة ،والرضى بالقليل الحلل خير وأعظللم بركللة
من الكثير الحرام ،ولن يندم عبد تحرى الحلل فللي كسللبه
وإن فاته الكثير مللن المللال؛ لكنلله سلليندم أشللد النللدم إن
أدخل في جوفه حرامًا ،وقد يكون ندمه متأخرا ً ل ينفعه.
والله تعالى قال :فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى" فللله
ما سلف وأمره إلى الله ومن عللاد فللأولئك أصللحاب النللار
هم فيها خالدون }البقرة{275 :
============
#يمحق الله الربا
د .أحمد بلوافي
"إننا خسرنا فللي ليلللة واحللدة أتعللاب وتضللحيات عشللرات
السنين"] .الرئيس الندونيسي سوهارتو[
"ل يمكننا منافسة العالم على أساس نظامنا الحالي الذي
يعتمد على الفراط فللي القللتراض ويللتركز علللى التوسللع
الخارجي"] .كيم يونغ سام -رئيس كوريا الجنوبية[.
عند تصفح كتاب الله وبعض أحاديث الرسول -صلللى الللله
عليه وسلم -الللتي ذكللرت العقوبللات أو الوعيللد المتعلقللة
بكبائر الذنوب بعد الشرك بالله ل نجد كللبيرة تحللدث عنهللا
المولى -جل وعل -بمثل هذه اللفاظ القوية وهذا الوعيد
الشللديد" ،المحللق")" ،(1حللرب مللن الللله ورسللوله")،(2
"الخلود في النار") ،(3إل جرم الربا .وحديث المللولى عللن
هذا الثللم المللبين بهللذه الصللفة ،قصللد منلله -والللله أعلللم
-تنفير النفوس المؤمنة منه لكي تحترز أشد الحللتراز فللي
القتراب منه أو تعاطيه؛ كما أريد منلله تحللذير النللاس مللن
العواقب الوخيمة للوقوع في حمأته.
وقد كان لهذه القوة في السلللوب والتشللديد فللي الوعيللد
تللأثير علللى اسللتنباطات علمائنللا الجلء وتشللديدهم فللي
مسألة التعاطي بالربا ،فعلى سبيل المثال ،نقل القرطللبي
813
في تفسيره) (4عن ابن بكير قوله" :جاء رجل إلللى مالللك
بن أنس ،فقال :يا أبا عبللد الللله ،إنللي رأيللت رجل ً سللكران
يتعاقر يريد أن يأخذ القمر .فقلت :امرأتي طللالق إن كللان
يدخل جوف ابن آدم أشر مللن الخمللر .فقللال :ارجللع حللتى
أنظر في مسألتك ،فأتاه مللن الغللد فقللال للله :ارجللع حللتى
أنظر في مسألتك ،فأتاه من الغد فقال له :امرأتك طالق،
إني تصفحت كتاب الله وسنة نبيه فلللم أر شلليئا ً أشللر مللن
الربا؛ لن الله أذن فيه بالحرب" اهل.
نعم إن الله أذن فيه بالحرب ،وتوعد ما يحقق عن طريقلله
من كسب بالستئصال وذهاب البركة ،وأوردنا أثللرا ً يوضللح
أن عاقبته إلى قل وإن ظهر أنه نما وترعللرع ،ويعلللل ابللن
ل)" :(5فأمللا الجلللي ]مللن القيم -رحمه الله -هذا المر قائ ً
أنواع الربا[ ،فربللا النسلليئة وهللو الللذي كللانوا يفعلللونه فللي
الجاهلية ،مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال ،كلما أخللره
زاد في المال ،حتى تصير المائة عنده آلف لا ً مؤلفللة؛ وفللي
الغللالب ل يفعللل ذلللك إل معللدم محتللاج؛ فللإذا رأى أن
المستحق يللؤخر مطللالبته ويصللبر عليلله بزيللادة يبللذلها للله
تكلف بذلها ليفتدي ملن أسلر المطالبلة والحبلس ،ويلدافع
مللن وقللت إلللى وقللت ،فيشللتد ضللرره ،وتعظللم مصلليبته،
ويعلوه الدين حتى يستغرق جميللع موجللوده ،فيربللو المللال
على المحتاج من غير نفع يحصل له ،ويزيللد مللال المرابللي
ملن غيلر نفلع يحصلل لخيله ،فيأكلل ملال أخيله بالباطلل،
ويحصللل أخللوه علللى غايللة الضللرر ،فمللن رحمللة أرحللم
الراحمين وحكمته وإحسانه إلى خلقه أن حرم الربا ولعللن
آكله وموكله وكاتبه وشاهديه ،وآذن مللن لللم يللدعه بحربلله
وحرب رسوله ،ولم يجئ مثل هذا الوعيد في كبيرة غيره،
ولهذا كان من أكبر الكبائر" اهل.
إن الذي ذكره ابن القيللم -رحملله الللله -مللن مضللار الربللا
يمثل قمة التحليل القتصادي لمخاطر بناء القتصللاد علللى
هذا الساس المعوج ،وإن كللان المثللال الللذي ذكللره يللدور
حول آثار ذلك على الفللرد ،وهللو مللا يعللرف فللي القتصللاد
بالتحليل الجزئي ،فإن الصورة تكون أكثر وضوحا ً لو طبقنا
ذلك على مستوى الدول أو الشركات الكبيرة أي التحليللل
814
الكلي ،وهذا ما سنقوم به من أجللل تسللليط الضللوء علللى
الضطرابات المالية التي شهدتها اليابلان وكوريلا الجنوبيلة
وقبلهما دول جنوب شرق آسيا الخرى).(6
فمن خلل النظر في الكلم الذي ساقه ابللن القيللم يمكللن
الخروج بنتيجتين منطقيتين لثار الربللا ،وهمللا :دفللع المللال
من وقت إلى آخر واستغراق أموال الربا لجميع موجودات
المدين.
الثر الول :دفع المال من وقت إلى آخر.
ب" ،أي وهو ما كان يعرف في الجاهلية بعبارة "زدنللي وأر ِ
زدني في أجل الدين وارفع من سللعره؛ فيسللتفيد المللدين
من الوقت والدائن مللن زيللادة المللال ،وهللذا الصللنف مللن
المعاملللة ومللا يللدور فللي فلكلله يطلللق عليلله اسللم "ربللا
النسيئة" حسب تصنيف الفقهاء ،وهو محرم بالجمللاع).(7
وهو نفس التقنية التي تطبق اليوم وعلى نطاق واسع في
جميع القتصاديات سواء على مستوى الفراد أو الشركات
بل وحللتى الحكومللات والللدول .ومللا إعللادة الجدولللة الللتي
تطلبها دول العللالم الثللالث مللن نللادي بللاريس للحكومللات
الدائنة أو نادي لنللدن للبنللوك التجاريللة العالميللة إل إحللدى
أساليبها .فعندما تعجز هلذه الللدول علن الوفلاء بالقسلاط
المطلوبة منها كل سنة فإنه يمنح لها زيادة في الوقت مع
تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي للصلحات القتصادية
ويزاد في أسعار الفوائد )الربا( ثم تمنح لها قللروض ربويللة
لتسللديد مللا اقترضللته مللن قبللل .وهكللذا الحللال بالنسللبة
للشركات الكبيرة أو الحكومات بشللكل عللام؛ فللإن طللرق
تمويل نفقاتها أو مشروعاتها ل يخرج عن نطللاق الشللراكة
أو القتراض الربوي .ويمثل الطريق الول السهم والثاني
السندات الربوية بمختلف أشكالها .ومللا يلحظلله الللدارس
لوضاع الدول المتقدمة والشركات فيها بل وحتى الفللراد
هو العتماد على الطريلق الثللاني بللدل الول ،وهلذا نتيجلة
لعوامل عدة ليس هذا مجال بحثها.
هللذا الوضللع بالنسللبة لليابللان فللي الثمانينيللات والللدول
السيوية الخرى في التسعينيات أدى إلى انتشللار ظللاهرة
اقتصاد الفقاعة ويقصد بها المبالغة في التفاؤل باسللتمرار
815
أيام الزدهار وما صللاحبها مللن إقللدام النللاس علللى شللراء
البيوت وغيرها من العقارات أو المنقولت بأسعار مرتفعللة
وتمويل ذلك عن طريق القراض الربوي .فبللدأت المللوال
الربويللة تللتراكم سللنة بعللد أخللرى حللتى تعللرض قطللاع
العقارات في اليابان وأسواقها المالية إلى هزة عنيفة عام
1990بسبب كبر حجم القروض التي ل يستطيع أصللحابها
سللدادها ممللا أثللر علللى النظللام المللالي ،وخاصللة البنللوك،
وظهر ما كان مخفيا ً لعدة سنوات مللن أن النظللام المللالي
في اليابان يعللاني مللن مشللكلت ولبللد للله مللن إصلللحات
لتجاوزها.
وكان من بين الحلول المطروحة أن تدع الحكومة اليابانية
المؤسسللات المعسللرة تلقللي مصلليرها المحتللوم -وهللو
الفلس وإغلق البللواب -غيللر أنهللا لللم تللر العمللل بتلللك
السياسة وأن لللديها مللن المللوال مللا يكفللي لتغطيللة تلللك
الديون المعدومة وإنقاذ المؤسسات التي سلليؤثر انهيارهللا
على عملية استقرار النظام المالي برمته.
استمر الوضع على هذا المنوال حتى جاءت عمليللة إفلس
شللركة ياماييشللي فللي النصللف الثللاني مللن شللهر تشللرين
الثاني )نوفمبر( ،1997وهي رابللع أكللبر شللركة سمسللرة
مالية في اليابان ويعد سقوطها أكلبر حللدث سللبي شللهده
القتصاد الياباني منذ نهايللة الحللرب العالميللة الثانيللة ،وقللد
تزامللن سللقوط ياماييشللي مللع انهيللار مؤسسللتين مللاليتين
أخرييللن وهمللا :شللركة سللانيو للسمسللرة الماليللة وبنللك
هوكايللدو طاكوشللوكو) .(8وقللد قللدرت المسللتحقات الللتي
على هذه الشللركة عنللد إغلقهللا) (9بلل 3509مليللار يللن )
27.8مليللار دولر( مللع تسللريح آلف العمللال فللي اليابللان
وخارجها.
وإذا كللان سللقوط ياماييشللي لللن يللؤثر كللثيرا ً علللى أداء
القتصاد الياباني الللذي لللديه مللن الحتياطللات الماليللة مللا
يغطي مثللل تلللك المبللالغ المسللتحقة عليهللا؛ غيللر أن هللذه
الجزئية ل يجب فصلها عن وضع النظام المالي في اليابان
الللذي أظهللرت التقللارير والتحاليللل الرسللمية وغيرهللا عللن
وضعه المور التالية:
816
- 1من المتوقع أن يعلن 13مصرفا ً مللن مجمللوع الل ل 19
مصرفا ً كبيرا ً عن خسائر في تقاريرها الماليللة هللذا العللام،
وذلللك نتيجللة إسللقاط القللروض المعدومللة الكللبيرة مللن
ميزانيتها .وإذا كان بنك اليابان – البنك المركزي – مستعدا ً
لللدفع مبللالغ ليللة مصللرف يمكللن أن يللؤثر سللقوطه علللى
اسللتقرار النظللام المللالي فللإن حللل مشللكلة القللروض
المعدومة في التسعة عشللر بنك لا ً الكللبيرة سلليكلف مبللالغ
تتجاوز قيمتها 8تريليون ين ) 62.5مليار دولر().(1
- 2مجمللوع القللروض الللتي قللدمها بنللك اليابللان للنظللام
المصرفي ازدادت من مستوى 373مليار يللن ) 2.8مليللار
دولر( إلى مستوى 3.6تريليللون يللن ) 27.3مليللار دولر(
مع نهاية شهر 11عام .(2) 1997
– 3ول يقتصللر تللأثير القللروض المعدومللة علللى البنللوك
لوحدها بل يتعداه إلى شركات التأمين علللى الحيللاة الللتي
قدمت ما مجموعه 434مليار يللن ) 3.4مليللار دولر( مللن
القلللروض غيلللر المضلللمونة ملللن قبلللل وزارة الماليلللة )
(Subordinated Loansلشللركات السمسللرة الماليللة ،ومللا
مقلللداره 14تريليلللون يلللن ) 111مليلللار دولر( للبنلللوك
التجارية ،فإذا مللا أفلسللت البنللوك أو شللركات السمسللرة
معنى هذا أن شركات التللأمين علللى الحيللاة سللتتبعها فللي
ذلك.
- 4نظللرا ً للحصللة الكللبيرة 320 ،مليللار دولر حللتى نهايللة
،8/1997التي تملكها البنوك اليابانية في سوق السللندات
المريكية ،فإن تعرضها لزمة قللد يضللطرها إلللى بيللع تلللك
السندات ،مما قد يؤدي إلى حللدوث انخفللاض فللي أسللعار
السندات والسهم في سوق نيويللورك ثللم بللاقي السللواق
العالمية الكبرى.
وإذا انتقلنا إلى كوريا الجنوبية التي يحتل اقتصادها المركز
الحادي عشر على المستوى العالمي ،فللإن الصللورة أكللثر
وضوحا ً وجلء ممللا عليلله وضللع اليابللان ،وذلللك لن قاعللدة
القتصاد وهذا الزدهار الللذي شللهده بنللي علللى القللتراض
الربوي ،بل الفراط فيه وفي الستثمارات الخارجية ،وقللد
ذكرنا مقولة رئيسها في بداية المقال ،هذه التركيبة جعلت
817
وضعها القتصادي يخضللع لرحمللة مسللتوى أسللعار الفللائدة
العالميلللة .وعللللى المسلللتوى اللللداخلي فلللإن الحكوملللة
المركزيللة) (3ألزمللت البنللوك التجاريللة بإعطللاء قللروض
للشركات الصلناعية الكلبيرة -وهللي ل تسلتحق ذللك فللي
كثير من الحيان عند تطبيق المعايير المالية والقتصادية -
ومع مرور اليللام بللدأت بعللض هللذه الشللركات تعجللز عللن
سللداد مللا عليهللا ممللا اضللطرها إلللى إعلن إفلسللها مثللل
شللركة هللانبو)) (HANBOصللناعة الحديللد( ،وكيللا ((KIA
)قطاع السيارات( تاركتين البنوك بقروض ربويللة معدومللة
كبيرة ،مما أثر على وضع هذه الخيللرة الللتي كللان يتطلللب
الوضع الذي آلت إليه في نهايللة 1996إلللى إغلق العديللد
منها بسبب حجم القللروض المعدومللة وخسللائر الشللركات
الكللبيرة الللتي تسللتحوذ علللى النصلليب الكللبر فللي قطللاع
القتصاد ،لكن هذا لم يحدث.
فبدأ الوضع يزداد سوءا ً حتى وصلت نسبة القروض التي ل
يمكن استردادها إلى مستوى %18من مجموع القللروض
التي قدمتها تلك البنوك ،ومع انهيار قيمللة الللوون )العملللة
الكورية( لم تجد الدولة بدا ً من التوجه إلى صللندوق النقللد
الدولي وأخذ قللرض مشللروط بقيمللة 20مليللار دولر مللن
أجل عدم ترك المور تصل إلى وضع أسوأ مما هللي عليلله
الن ،أما عملية إصلح النظام المللالي المتعفللن علللى حللد
قول مجلة الكونوميست فإنها تكلف ما بين 60إلى 100
مليار دولر ،ومن جهة أخرى فإن الديون الخارجية لكوريللا
تقدر الن بل 122مليار دولر معظمها قصيرة الجللل -أي
تستحق السداد في أجل ل يزيد عن السنة.
وما يدهش حقا ً في مسألة كوريا الجنوبية هو أن اقتصادها
نمللا بمعللدل %8.6خلل العقللود الثلثللة الماضللية ،وأن
صادراتها نمت مللن مسللتوى 33مليللون دولر عللام 1960
إلى مستوى 130مليار دولر العام الماضي ،أي أن قطاع
الصللادرات نمللا بمعللدل %3939مللن عللام 1960إلللى
.1996ومع كل هذا فإن هللذه التطللورات لللم تصللمد فللي
وجه حقيقة الربا؛ لن أصللل البنللاء أقيللم علللى جللرف هللار
توعد الله بمحقه واستئصال بركته.
818
وبشكل عام فإن النظمللة الماليللة -خاصللة البنللوك -فللي
الللدول السلليوية تعللاني مللن مشللاكل جمللة لعللل أبرزهللا
مشكلة القروض المعدومة التي تتراوح نسبها بالنسبة إلى
مجموع القروض التي قللدمتها بيللن 10و %20بينمللا فللي
أمريكا ل تتعدى هذه النسبة مستوى .%1
هللذه هللي النتيجللة الحتميللة والعاقبللة المنطقيللة بالنسللبة
لمعالجللة مشللاكل الربللا عنللدما تتفللاقم كمللا يراهللا الللذين
يللدافعون عنهللا والللذين يقعللون فللي حمأتهللا ،وذلللك بللدفع
الموال المتراكمة من وقت إلى آخر حللتى تحيللن اللحظللة
التي يتضح فيها أن عملية التلأخير ل تسلمن ول تغنلي ملن
جوع ،فتحدث الضللطرابات والهللزات كتلللك الللتي شللهدها
العالم عام 1982في ما عرف بأزمة ديون العالم الثالث،
وشللللهدتها أمريكللللا فللللي الثمانينيللللات بسللللقوط مئات
المؤسسات المالية للقروض والمللدخرات) ،(4والمكسلليك
عام ،1994وغيرها من الدول الخرى.
الثر الثاني :استغراق أموال الربا جميع الموجود.
وهذا أمر بدهي؛ لن المرابي يطللالب بللدفع أمللواله كاملللة
غير منقوصة ،وتحميها القوانين الن ،بينما الحقيقة التي ل
فكللاك منهللا هللي أنلله فللي الواقللع العملللي وفللي الجللانب
الحقيقي من القتصاد هناك ربح وخسللارة ،فكيللف نضللمن
دفللع أمللوال مللع زيللادة تحللت مسللمى القللرض أو السللند؟
ونفصلها عن الموال التي تدفع تحت مسللمى الشللراكة أو
السهم ونفرق بينهما في المعاملللة فنضللمن الول ونخضللع
الثاني لمبدأ الغنم بالغرم ،من شأن هللذا الوضللع المقلللوب
أن يعطي السلطة للمقرضين للسللتحواذ علللى ممتلكللات
الدائن العقارية وغيرها حتى يتمكنوا من تسللديد جللزء مللن
الموال وليس كلها ،فيتعرض أصللحاب المهللن والمهللارات
والفكار إلى الظلم والحيف الشديد نتيجللة هللذه القللوانين
الجائرة ويتعرض القتصاد إلى الضللطراب والهللزات علللى
الدوام ،وهذا أمر ملحظ ومشهود.
فالجللانب المللالي -أي قطللاع المللال -مللن القتصللاد الن
طغى ونما بمعزل عن الجانب الحقيقي :أي قطللاع السلللع
والخللدمات ،فجميللع السللواق الماليللة مقومللة بللأكثر مللن
819
الواقع الذي يجب أن تكون عليه .أي ما هللو مسللجل علللى
الوراق أو بواسطة الجهزة اللكترونية يفللوق كللثيرا ً قيمللة
السلع والخللدمات الحقيقيللة الللتي كللان يفللترض أن يكللون
عمل الجانب المالي مثللل المللرآة يعكللس صللورة الحركللة
والمعاملت فيها .ولهذا يعللزو كللثير مللن المحلليللن حللدوث
الهللزات المفللاجئة إلللى هللذا المللر ويقولللون أن :قيمللة
السواق مرتفعة ((Overvalued Marketsولبللد أن يصللحح
وضعها ،إل أن عمليللة التصللحيح هللذه ل يمكللن التأكللد مللن
مفعولها وأثرها اليجللابي وذلللك بسللبب وجللود العلللة الللتي
توجدها وتساهم في تفاقمها وهي الربا.
ونتيجة لتعارض الفلسفة التي يقوم عليها الربللا مللع بدهيللة
الربح والخسارة فمن شأن ذلك مللع وجللود القللوانين الللتي
تحمي أموال الدائنين أن يؤدي إلى أن الموال التي يجللب
سدادها للمرابين تفوق الممتلكات التي لدى المقترضللين.
فللإذا كلان المللر شللديد الوضللوح بالنسللبة للشللخص الللذي
يقترض لغرض الستهلك -أي الستخدام النهائي -فإنه ل
يصعب إدراكه بالنسللبة للللذي يقللترض لغللراض السللتثمار
والتجار .فلللو افترضلنا أن المسللتثمر اللذي يقللترض علللى
أساس الربا ناجح وشديد الحذر والحيطة في عدم الوقللوع
في مشكلة تأخير سداد الدين ،فإنه يستطيع أن يفعل ذلك
لمدة سنة أو عشر سلنوات ،لكللن ل بللد أن يحيللن الموعللد
الذي يعجز فيه عن الوفاء بجميع ما عليه مللن أمللوال دون
اللجللوء إلللى القللتراض مللرة أخللرى .لن المللوال الربويللة
تلزداد وبأضلعاف مضلاعفة عللى اللدوام ،بينملا المشلروع
الستثماري ليس كللذلك .فحللتى فللي حللال تحقللق الربللاح
بصفة مستمرة إل أن نموها ليس مطردا ً على الدوام .وما
عدم قدرة الحكومات في دول العالم الثالث علللى الوفللاء
بديونها في الوقات والتواريخ المحددة وسقوط كللثير مللن
الشركات الماليللة وغيرهللا فللي البلد المتقدمللة مللع تطللور
مستويات ديونها بصللورة مرعبللة إل دليللل علللى ذلللك ،ثللم
جاءت هذه الحداث التي تعصف بنمللور آسلليا لتعضللد هللذا
القانون البدهي.
820
وكما ذكرت في غير هللذه المناسللبة) (5فللإن فللرض سللعر
الفائدة )الربا( على النقود التي هي معيللار لتقللويم السلللع
والخدمات ابتداء يؤدي إلى كللل هللذه الضللطرابات وعللدم
الستقرار الذي تشهده القتصاديات المعاصرة وما سللبقها
من اقتصاد دول وإمبراطوريللات بنللي علللى أسللاس الربللا.
وقد وقعت على كلم نفيس لبن القيم -رحمه الللله ،(6)-
يؤكد هذه المسألة ،فيقول مرجحا ً سبب ذكر النبي -صلى
الللله عليلله وسلللم -للللذهب والفضللة مللع بللاقي الصللناف
الربعة التي تحدثت عن ربللا الفضللل) (7بعلللة الثمنيللة ،أي
أنهللا أثمللان للمبيعللات .." :فللإن الللدراهم والللدنانير أثمللان
المبيعللات ،والثمللن هللو المعيللار الللذي بلله يعللرف تقللويم
المللوال ،فيجللب أن يكللون محللددا ً مضللبوطا ً ل يرتفللع ول
ينخفض ،إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لللم يكللن
لنا ثمن نعتبر به المبيعات ،بل الجميع سلع ،وحاجة النللاس
إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة ،وذلللك
ل يمكن إل بسعر تعرف به القيمة ،وذلك ل يكون إل بثملن
تقوم به الشياء ،ويستمر على حالة واحللدة ،ول يقللوم هللو
بغيره؛ إذ يصير سللعة يرتفلع وينخفلض ،فتفسلد معلاملت
الناس ،ويقع الخلف ،ويشتد الضرر كمللا رأيللت مللن فسللاد
معاملتهم والضرر اللحق حين اتخذت الفلوس سلعة تعللد
للربح فعم الضرر وحصل الظلم ]وكما هو واقع في عالمنا
اليوم تحت مسمى المضاربات المالية[ ،ولللو جعلللت ثمن لا ً
واحدا ً ل يزداد ول ينقص بل تقوم به الشياء ول تقلوم هلي
بغيرها لصلح أمر الناس ..فالثمللان ل تقصللد لعيانهللا ،بللل
يقصد التوصل بهللا إلللى السللع ،فللإذا صلارت فللي أنفسللها
سلعا ً تقصد لعيانها فسد أمر الناس ،وهذا معنللى معقللول
يختص بالنقود ل يتعدى إلى سائر الموزونات" اهل.
هذه بعض أضرار الربا وآثاره كما نشاهدها ونعايشها ،فمللا
بال أناس من بني جلللدتنا يفرضلون علينللا الربللا فللي عقلر
دارنا ويجعلونه ركنا ً أساسيا ً ل يتصللورون قيللام اقتصللاد ول
إحداث نهضة تنموية من غير العتماد عليه ،وما بال بعللض
المشايخ يبيح الربا لولي أمره أو ل ينكر عليلله ذلللك لنلله –
حسللب تصللوره -ليللس هللو الربللا الللذي كللان سللائدا ً أيللام
821
جاهلية العرب عند بعثة النبي -صلى الللله عليلله وسلللم ،-
فاعتبر البنوك الربوية وأعمالها حلل ً مائة بالمللائة ،وتهللاون
في القيام بفريضة المللر بللالمعروف والنهللي عللن المنكللر
حيال هذا الجرثوم العظيم الذي أضاع الكثير من مقللدرات
المة وثرواتها وكبل نمو اقتصادياتها .ولن نقف طويل ً عنللد
ترهللات الللذين قللدموا تجللارب الغللرب والللدول السلليوية
ونهضتها القتصادية بحلوها ومرها نموذجا ً يجب تتبع خطلاه
في كل صغيرة وكبيرة دون النظر إلى ملا عنلد الملة ملن
ثوابت ثم عواقب ومآلت الضرار التي يحدثها تطبيق الربا
في اقتصاديات هذه الدول ،فهذا الصنف من الناس لشللدة
ولللوعهم وتقليللدهم لنمللوذجهم المفضللل ل نظللن أنهللم
سيستخدمون عقولهم لدراك مللا نكتبلله أو يكتبلله غيرنللا إل
إذا حدث تغيير جذري في طريقة تفكيرهللم وتعللاملهم مللع
مثلهم العلى.
وأخيرا ً ما بال آخرين بدأوا يتسللاهلون فللي مسللألة الفتللاء
بجواز بعض صور الربا المحرمة ،مثل القروض العقاريللة )
(Mortgageأو "المورغج" اللعين علللى حللد تعللبير الللدكتور
علي السالوس -حفظلله الللله ،-وخاصللة فللي بلد الغللرب
بحجة الضرورة أو أن أبا حنيفة -رحمه الله -أباح التعامللل
بالعقود الفاسدة في غير دار السلم.
لهؤلء وأولئك نقول :اتقوا الله في هذه المة وفي ثوابتهللا
فللي مسللألة الربللا وغيرهللا مللن المسللائل العظللام فللإن
طريقكللم هللذا أحللدث بلبلللة عظيمللة وهللز كللثيرا ً مللن
المسلمات والقناعات لدى فئات كللثيرة مللن النللاس .فللإن
كنتللم تتصللورون أن فللي المللر تيسلليرا ً وتسللهيل ً لحللل
المشاكل التي تعاني منها الجالية فللي بلد المهجللر نقللول:
ما هكذا يا سعد تورد البل ،فإن كان ظاهر المللر مثللل مللا
تتصورون فإن حقيقته وعاقبته ومآله غير ذلك ،لن مصللير
الربا إلى قل ومحق وإن عل وانتفش .فل يزال فللي المللر
متسع وبدائل وإن كان كثير منهللا فيلله مشللقة وعنللت كمللا
يظهر لنا بتقديرنا نحن البشر المتأثرين بضغوط الواقع من
حولنا ،فهذا أقل ما يمكن أن نصللبر علللى مشللاقة وتبعللاته
في زمن أصبح المتمسك فيه بدينه كالقابض على الجمللر.
822
وعلللى أيللة حللال لللي عللودة إن شللاء الللله لهللذا الموضللوع
لزيادة بيانه وتفصيله ،فلعل الله ييسر أمر تنقيح ما عنللدي
من مادة وإخراجها في كتيب تعميما ً للفائدة وإبراء للذمة،
ول أملك إل أن أختم هذا الموضوع بما ختم الله به اليللات
التي تحدثت عن الربا في سورة البقللرة ،فيقللول عللز مللن
قائل[ :واتقوا يوما ً ترجعون فيلله إلللى الللله ثللم تللوفى كللل
نفس ما كسبت وهم ل يظلمون] ]البقرة...[280:
----------------------------------------
) – (1المحق :النقص وذهاب البركللة ،ومنلله محللاق القمللر
وهو انتقاصه ،و [ يمحق الله الربا] ،أي يستأصل الله الربا
فيذهب ريعه وبركته ،وعن ابن عباس قال عند هذه اليللة:
"ل يقبللل الللله منلله صللدقة ول حج لا ً ول جهللادا ً ول صلللة"،
وروى ابن مسعود عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنلله
قللال" :إن الربللا وإن كللثر فعللاقبته إلللى قُللل" اهل ل ]لسللان
العرب ،10/338 :القرطبي.[2/364 :
خللويز منللداد قللوله:) – (2نقل القرطبي في تفسيره عللن ُ
"ولللو أن أهللل بلللد اصللطلحوا علللى الربللا اسللتحلل ً كللانوا
مرتدين ،والحكم فيهم كللالحكم فللي أهللل الللردة ،وإن لللم
يكن ذلك منهم استحلل ً جاز للمام محلاربتهم ،أل تللرى أن
الله -تعالى -قد أذن في ذلك فقال[ :فللأذنوا بحللرب مللن
الله ورسوله] "..اهل ]القرطبي[2/364 :
) – (3قال -تعالى ] :-فمن جاءه موعظة من ربه فللانتهى
فله ما سلف وأمره إلى الله ،ومللن عللاد فللأولئك أصللحاب
النار هم فيها خالدون[ ]البقرة.[274 :
) – (4الجامع لحكام القرآن ،المجلد الثاني ،الجزء الثالث،
ص .364
) – (5إعلم الموقعين ،2/154 ،طبعة دار الجيل -بيروت.
) – (6حول اضطرابات هذه الدول يراجللع مقالنللا" :وجهللة
نظر" ،السنة ،العدد ،70ص.47 – 42 :
) – (7نقل ابن القيم عن المللام أحمللد -رحملله الللله -أنلله
سئل عن الربا الذي لشك فيلله فقللال" :هللو أن يكللون للله
دين فيقول له :أتقضي أم تربي؟ فإن لم يقضلله زاده فللي
823
المللال وزاده هللذا فللي الجللل" اهللل ]إعلم المللوقعين:
.[2/154
) – (8يحتل هذا البنك المركز العاشر ضمن التسعة عشللر
بنكا ً الكبرى في اليابان ،وقد أظهرت سجلته المالية حللتى
مارس 1997أن مجموع المبالغ المودعة عنده تصل إلللى
6.8تريليون ين ) 52.3مليار دولر( ،أما مجموع القللروض
المشكوك فللي تحصلليلها فقللد بلللغ 934مليللار يللن )7،18
مليار دولر(.
) – (9الفايننشيال تايمز ].FT]، 25/11/1997
) - (1مجلللة الكونوميسللت ،22/11/1997وقللد ذكللرت
الفايننشللال تللايمز بتاريللخ ،25/11/1997أن نتللائج نصللف
السنة المالية لثمانية مصارف قد تظهر أن قيمة القللروض
المشكوك في تحصيلها تصللل إلللى 9862مليللارين )75.9
مليار دولر(.
) - (2نفس المرجع.29/11/1997 ،
) – (3الكونوميست.29/11/1997 ،
) - (4هذه العملية أدت إلى إغلق 747مؤسسللة قللروض
ومدخرات ) ،(Savings & Loansوقد كلفت هللذه العمليللة
دافعي الضرائب 91مليار دولر ،وهو مبلغ أقل بكثير ممللا
كان يتوقعه المسؤولون الماليون.
) – (5السنة ،العداد.32 ،31 ،29 :
) – (6إعلم الموقعين.2/156 :
) – (7هو أحد أنواع الربا كمللا قسللمها الفقهللاء فللي غللالب
تصنيفاتهم.
================
#البنوك السلمية V.sالبنوك الربوية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلم عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمللد لللله رب العللالمين والصلللة ولسلللم علللى أشللرف
المرسلين محمد وعلى آله وصللحبه ومللن تبعهللم بإحسللان
إلى يوم الدين
وبعد
824
فإن في هذه الدراسة البسيطة ردود على تساؤلت بعللض
الخوة الفاضل حول الفرق بين البنوك السلمية والربوية
بالضللافة إلللى شللرح لبعللض المفللاهيم فللي فقلله الللبيوع
لنتعرف على أسباب التحريم في بعض المعاملت الماليللة
المعاصرة
لذلك سنقسم الموضوع كالتالي:
المبحث الول :الربا
*الربا في الفقه السلمي
*الربا في الدراسات القتصادية
*المضاربة
المبحث الثاني :معاملت البنوك
*طبيعة عمل البنك
*هل تتدخل البنوك التجارية في العملية النتاجية؟
*ودائع البنوك عقد قرض )شرعا ً وقانونًا( مهم جدا ً
المبحث الثالث :بعض العقود البديلة للقروض الربوية
*المضاربة
*الستصناع
*صكوك المقارضة
*المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك
المبحث الول :الربا
الحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات وأصلي وأسلللم علللى
نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد ...
سوف نناقش في هذا المبحث مفهوم الربللا والدلللة عليلله
وبعض أضراره القتصادية ،بالضافة إلى مفهوم المضللاربة
في الفقه السلللمي )وليللس مضللاربة البورصللة( والفللرق
بينها وبين القرض النتاجي الربوي
نبدأ على بركة الله
الربا في الفقه السلمي
ل :في الكتاب الكريم أو ً
من المعلوم أن الربا لم يحرم إل في العهد المدني ،إل أن
اليات في الكاتب الكريم منها ماهو مكي.
825
فقد جللاء ذكلر الربللا فللي سللورة اللروم )مكيللة( مللن بللاب
التدرج في تحريم الربا
َ َ
س ل الن ّللا ِ وا ِ مل َ ن رًِبا ل ِي َْرب ُوَا ْ فِللي أ ْ م ْ م ِ ما آت َي ْت ُ ْ يقول تعالى)) :وَ َ
ه الل ّل ِ َ
ه جل َ ن وَ ْ دو َ ريل ُ ن َزك َللاةٍ ت ُ ِ مل ْ م ِ ما آت َي ْت ُل ْ عن ْد َ الل ّهِ وَ َ فََل ي َْرُبوا ْ ِ
ن(( ]سورة الروم[39: ضعُِفو َ م ْ م ال ْ ُ ك هُ ُ فَُأول َئ ِ َ
من ُللوا َل ذي َ َ
نآ َ ثم جاء التحريم في قوله تعللالى)) :ي َللا أي ّهَللا ال ّل ِ َ ْ
َ
ن(( حللو َ م ت ُْفل ِ ُ ه ل َعَل ّك ُل ْ ة َوات ُّقوا الل ّل َ ضاعََف ً م َ ضَعاًفا ُ ت َأك ُُلوا الّرَبا أ ْ
]سورة آل عمران[130:
وجاءت ئسلورة البقلرة بختلام هلذا التشلريع وبينلت سلوء
المنقلب لمن يتعامل بالربا واعتللبرته عللدوا ً لللله ولرسللوله
الكريم صلى الله عليه وسلم
ْ
م ما ي َُقللو ُ ن إ ِّل ك َ َ مو َ ن الّرَبا َل ي َُقو ُ ن ي َأك ُُلو َ َ ذييقول تعالى)) :ال ّ ِ
طان من ال ْملس ذ َلل َ َ
ملا م َقلاُلوا إ ِن ّ َ ك ِبلأن ّهُ ْ ّ ِ َ شي ْ َ ُ ِ َ ه ال ّ خب ّط ُ ُ ذي ي َت َ َ ال ّ ِ
َ
جللاَءهُ ن َ مل ْ م الّرب َللا فَ َ حلّر َ ه ال ْب َي ْلعَ وَ َ ل الل ّل ُ حل ّ ل الّرَبا وَأ َ مث ْ ُ ال ْب َي ْعُ ِ
ة من ربه َفانتهى فَل َه ما سل َ َ َ
ن م ْمُرهُ إ َِلى الل ّهِ وَ َ ف وَأ ْ ُ َ َ ََْ عظ َ ٌ ِ ْ َ ّ ِ مو ْ ِ َ
ق َ َ
عاد َ فَأولئ ِ َُ
حل ُ م َ ن ) (275ي َ ْ دو َ خال ِل ُ م ِفيهَللا َ ب الّنارِ هُ ْ حا ُ ص َ كأ ْ َ
ل ك َّفللارٍ أ َِثي لم ٍ ) ب ك ُل ّ حل ّ ه َل ي ُ ِ ت َوالل ّ ُ صد ََقا ِ ه الّرَبا وَي ُْرِبي ال ّ الل ّ ُ
صلَلةَ َ ذي َ
موا ال ّ ت وَأقَللا ُ حا ِ صللال ِ َ مل ُللوا ال ّ مُنوا وَعَ ِ نآ َ ن ال ّ ِ َ (276إ ِ ّ
م وََل ُ َ َ
م هلل ْ ف عَل َي ْهِ ْ خو ْ ٌ م وََل َ عن ْد َ َرب ّهِ ْ م ِ جُرهُ ْ مأ ْ كاةَ ل َهُ ْ وا الّز َ وَآت َ ُ
ذي َ َ
ي ما ب َ ِْقل َ ه وَذ َُروا َ مُنوا ات ُّقوا الل ّ َ نآ َ ن )َ (277يا أي َّها ال ّ ِ َ حَزُنو َ يَ ْ
م ت َْفعَل ُللوا فَلأذ َُنوا ن ل َل ْ ن ) (278فَلإ ِ ْ مِني َ م لؤ ْ ِ م ُ ن ك ُن ْت ُ ْ ن الّرَبا إ ِ ْ م َ ِ
م َل َ
وال ِك ُ ْ ملل َ سأ ْ م ُرُءو ُ م فَل َك ُ ْ ن ت ُب ْت ُ ْ سول ِهِ وَإ ِ ْ ن الل ّهِ وََر ُ م َ ب ِ حْر ٍ بِ َ
ن(( ]سورة البقرة[279-275: مو َ ن وََل ت ُظ ْل َ ُ مو َ ت َظ ْل ِ ُ
وكما رأينا فإن في هذه اليلات الشللريفات ملا يقشلعر لله
البدن من سوء العاقبة لمن يأكل الربا
م ن َلل ْ تدبر أخي الكريم مرة أخرى في قوله عز وجل)) :فَإ ِ ْ
ْ
ه(( سول ِ ِ ن الل ّهِ وََر ُ م َ ب ِ حْر ٍ ت َْفعَُلوا فَأذ َُنوا ب ِ َ
لم يؤذن بحرب من الله ورسوله ل في الزنا ول في شرب
الخمر ول في القتل ول في السرقة
لم يأتي ذكر ذلك إل في الربا
وبعد ذلك
يا عبد الله أتجرؤ على محاربة الله ورسوله؟
يا عبد الله أل زلت تحل الربا بحجة أن مثله مثل البيع؟
826
ثانيًا :في السنة الشريفة
جاءت السنة النبوية الشريفة لتؤكللد أن الربللا مللن الكبللائر
ومن الجرائم التي تهلك صاحبها
نجد في كتاب الترغيب والترهيب للحافظ المنللذري ثلثيللن
حديثا ً في الترهيب من الربا
منها ما رواه الشيخان وغيرهما أن رسول الله صلللى الللله
عليلله وسلللم قللال)) :اجتنبللوا السللبع الموبقللات .قللالوا :يللا
رسول الله وما هن؟ قال :الشرك بللالله ،والسللحر ،وقتللل
النفس التي حرم الله إل بالحق ،وأكللل الربللا ،وأكللل مللال
اليتيم ،والتولي يوم الزحف ،وقللذف المحصللنات الغللافلت
المؤمنات((
وما رواه مسلم وغيره عن جابر بن عبد الله قللال)) :لعللن
رسول الله صلللى الللله عليلله وسلللم آكللل الربللا ،ومللؤكله،
وكاتبه ،وشاهديه ،وقال :هم سواء((
ومن هنا يتوجب علينا كمسلمين أن نجتنب الربللا وكللل مللا
يتعلق به ...ليس هذا فحسللب بللل كللل مللافيه شللبهة ربللا
لعظم عقوبته عند الله تعالى وخصوصا ً في زمننا هذا
تأمللل أخللي الكريللم أخللتي الكريمللة فللي هللذين الحللديثين
الشريفين والذان يصفان حال المة اليوم
يقول صلى الله عليه وسلم)) :ليأتين على الناس زمللان ل
يبالي المرء يما أخذ المللال أمللن الحلل أم مللن الحللرام((
رواه البخاري وأحمد وغيرهما
وتدبر معي هذا الحديث الذي يصف مللا فعلتلله بنللا البنللوك
الربوية في هذا الزمان
يقول صلى الله عليلله وسلللم)) :يللأتي علللى النللاس زمللان
يأكلون الربا ،فمن لم يأكله أصابه من غباره(( وفي روايللة
))من بخاره(( أخرجه أحمد والنسائي
وبعد ذلك ...هل من مجال لكل الربا؟
مفهوم الربا المحرم
وهنا نأتي على مفهوم الربا المحرم من المصادر التالية:
في الكتاب
في السنة
في الجماع
827
لنكللون صللورة واضللحة عللن مفهللوم الربللا لمللن يحهللله أو
يحاجج بغير علم بأن الربا المحرم هو خلف ما عند البنوك
الربوية
وسنتناول ذلك بصورة سريعة
الربا في الكتاب
يقول الجصللاص فللي أحكللام القللرآن ) (465\1عنللد قللوله
ذي َ َ
ن
مل َي ِ
مللا ب َِق ل َ مُنوا ات ُّقوا الل ّل َ
ه وَذ َُروا َ نآ َتعالىَ)) :يا أي َّها ال ّ ِ َ
ن(( ]سورة البقرة[278: مؤ ْ ِ
مِني َ م ُ ن ك ُن ْت ُ ْ
الّرَبا إ ِ ْ
الربا الذي كللانت العللرب تعرفلله وتفعللله إنمللا كللان قللرض
الللدراهم والللدنانير إلللى أجللل ،بزيللادة علللى مقللدار مللا
استقرض ،على ما يتراضون له.
الربا في السنة
جللاءت السللنة المطهللرة لتؤكللد تحريللم ربللا الللديون الللذي
حرملله القللرآن الكريللم وتللبين أنلله مللن أكللبر الكبللائر ،وأن
اللعنة تنزل على كل من اشترك في ارتكابه
طبعا ً كل ما سبق كان عن ربا النسيئة أي التأجيللل بالللدفع
كما يحصل في القروض الربوية في البنوك اليوم )تسللديد
القرض بالقساط وخلفه(
كما أن السنة بينت تحريم ربا الفضل أي الزيادة
يقول صلى الله عليه وسلللم)) :الللذهب بالللذهب ،والفضللة
بالفضللة ،والللبر بللالبر ،والشللعير بالشللعير ،والتمللر بللالتمر،
والملح بالملح ،مثل ً بمثل ،يدا ً بيد((
مثال:
شخص عنده دينار ورق ويبي خردة من فئة 100فلس
أعطيه الخردة وآخذ منه الدينار ولكنني أعطيه 900فلس
بحجة أن المئة الفلس الخرى فائدة لي
وقس على ذلك الذهب والفضة والتمللر والصللناف السللتة
الموجودة في الحديث
الربا في الجماع
أقوال العلماء كثيرة بهذا الصدد سللواء مللن المتقللدمين أو
المتأخرين
ويكفيني أن أذكر لكم قرار المجمع الفقهي سنة 1965م
:
828
))الفائدة على أنواع القروض كلها ربا ً محللرم ل فللرق فللي
ذلللك بيللن مللا يسللمى بللالقرض السللتهلكي ومللا يسللمى
بالقرض النتاجي((
و أقتبس من شيخي الدكتور علي السالوس هللذه العبللارة
تعليقا ً على قرار المجمع أعله:
وبعللد هللذه الفتللوى الجماعيللة يجللب أن تتوقللف الفتللاوى
الفرديللة ،وأل نللبرر لنفسللنا التعامللل بالربللا لن فلنلا ً مللن
الناس قال :إنه ليس ربا وإنه حلل!
الربا في الدراسات القتصادية
" أشللار بعللض مللن كتللب عللن فللوائد البنللوك وشللهادات
الستثمار إلى ضرورة الخذ برأي رجال القتصاد -ما دمنللا
نبحللث فللي مسللألة إقتصللادية -فل يكفللي أن نسللمع الراء
الفقهية .والواقع أن هذه المسألة فيها جانبان:
*جللانب الحكللم الشللرعي؛ وهللذا مللن اختصللاص فقهللاء
الشريعة ،سواء أوافقهم رجال القتصاد أم لم يوافقهم.
*والجللانب الخللر إقتصللادي؛ فهللو مللن اختصللاص علمللاء
القتصاد ،يؤخذ برأيهللم مللادام ل يخللرج عللن دائرة الحلل.
فإذا ثبت من الحكم الشرعي أن نظاما ً اقتصاديا ً مللا يعتللبر
حرامًا ،فعلللى علمللاء القتصللاد المسلللمين أن يبحثللوا عللن
البديل السلمي حتى ولو رأوا صلح هذا النظام المحرم".
وفي هذا الجزء من المبحلث الول )الربلا( نتنلاول مفهلوم
الربا عند القتصاديين
من المعروف أن الربا عند القتصاديين يسمى بالفائدة )أو
بسعر الفائدة(
وياللعجب !! فإن هذا المصطلح والللذي هللو جللزء ل يتجللزأ
من أي إقتصاد وضعي لطالما ارتبط بالمخاطر والسلبيات.
إليك مللا يقللوله الللدكتور محللروس أحمللد حسللن والللدكتور
رمضللان علللي الشللراح فللي كتللابهم )السللتثمار :النظريللة
والتطبيق( بخصوص مخاطر سعر الفائدة:
تشير مخاطر سعر الفائدة إلللى إمكانيللة انخفللاض القيمللة
السوقية للوراق المالية كنتيجة لتغير أسللعار الفللائدة فللي
السوق.
829
نللاهيكم عمللا تسللببه الفللائدة مللن تضللخم ومللن سلللبيات
ومخاطر إقتصادية مترتبة عن هذا التضخم.
وهنللا سللنتناول وبشللكل مختصللر جللدا ً خلصللة دراسللتين
إقتصلللاديتين بخصلللوص الربلللا )الفلللائدة( ،إحلللدى هلللذه
الدراستين للدكتور رفعت العوضي -الستاذ بكلية التجللارة
بجامعة الزهر -والخرى هي لجوهللان فيليللب مزايهرفللون
بتمللان -مللدير بنللك ألمللاني فللي فرانكفللورت -وقللد رشللح
لجائزة نوبل في القتصاد.
رؤية إقتصادية لتحريم الربا )د .رفعت العوضي(
يري الللدكتور رفعللت العوضللي أنلله لبللد مللن تقللديم بللديل
للقتصاد الربوي بدل ً من مجرد تسللجيل النتقللادات عليلله،
كما أنه يرى بأن القتصاديين الذين انتقدوا فعاليللة الفللائدة
كان انتقادهم به ثغرتين:
الثغرة الولى :أنهم ساقوا هذه النتقادات مبعثرة ومفرقة
وغير مربوطة معًا.
وقد عالج ذلك في دراسته وبشكل شمولي.
الثغرة الثانية :التي كانت في عمل القتصاديين هللي أنهللم
-مع تسجيلهم للنتقادات على الفائدة -لم يضعوا القتصللاد
الربوي كله موضع تساؤل ولهذا لم يقدموا البديل.
أما في دراسللته فقلد أتلاحت لهلا النظلرة الكليللة أن تضللع
القتصاد الربوي كله موضع تساؤل.
وهنا نلخص دراسة الدكتور العوضي في خمس نقاط:
-1أن التحليل القتصادي قللد تخلللى عللن الفللائدة .ويعنللي
ذلك أننا في مجال التحليللل القتصللادي النظللري ل نرتبللط
بالفائدة .وإذا أشرنا إليها فإن ذلك إنمللا يجيللء فللي تعليللم
المعلومة القتصادية.
-2أن القتصللاديات حيللن تللواجه أزمللة إقتصللادية ،فللإن
القتصاديين ل يزيللدون فللي المطالبللة بإلغلاء دور الفللائدة،
وقد حدث هذا لمواجهة أكبر أزمة إقتصادية مللرت بالعللالم
الرأسمالي وكان ذلك في عام 1930م.
-3أنللله ثبلللت أن إقتصلللاديات البلد ل تسلللتجيب فيهلللا
المتغيرات القتصادية للمتغيرات في الفائدة ،ويعنللي ذلللك
عدم فعالية الفائدة في هذه القتصاديات.
830
-4أثبتللت الدراسللات التطبيقيللة أن رؤوس المللوال الللتي
تتعامللل بالربللا تنقللص قيمتهللا الحقيقيللة .وثبللت ذلللك فللي
الدراسات التي عملت عن الدخارات النفطية .وقد اقللترح
القتصللاديون أنفسللهم أنلله لضللمان عللدم تنللاقص القيمللة
الحقيقية لرؤوس الموال هذه أن يكون أسلوب استثمارها
هو المشاركة .وهم -بذلك -وصلوا إلى ما قال بلله السلللم
منذ خمسة عشر قرنًا.
-5اسلللتنتجنا فلللي الدراسلللة عناصلللر إقتصلللادية للمنهلللج
السللمي فلي تشلغيل رأس الملال ،وهلي عناصلر تجعلل
القتصاديات التي تدار وفق المنهج السلمي فللي تشللغيل
رأس المال تتقدم تقدما ً إقتصاديا ً حقيقيًا.
كارثة الفائدة )جوهان فليب بتمان(
قدم جوهان فليب بتمان دراسة متكاملة عن كارثة الفائدة
في كتاب يحمل السم ذاته ،وقد شرح في البواب السللتة
لهللذا الكتللاب شللرحا ً علمي لا ً مفص لل ً عمللا سللببه القتصللاد
المرتبط بالفائدة مللن كللوارث لللن نلحظهللا إل فللي وقللت
يكون قد فات فيه الوان.
أقتبللس وباختصللار ماجللاء علللى لسللانه وبترجمللة السللتاذ
الدكتور أحمللد النجللار رحملله الللله تعللالى بتصللرف بسلليط
مني:
كارثة الفائدة :ماهيتها
على غرابة التشبيه فإنني أقول أنه كمللا تقلللل الميللاه مللن
صفاء وقوة وتركيز عصير البرتقال أو الحليب ،فإن ارتفلاع
الفائدة يقلل من قيمة العملة.
كلما ارتفعت الفائدة كلما تدهور النقد ،فكمللا يللؤدي المللاء
إلى رداءة عصير البرتقال أو الحليللب ،تللؤدي الفللائدة إلللى
رداءة النقود.
قد يبللدو المللر أننللا نسللوق تعللبيرات أدبيللة أو أنللن نبسللط
المسألة ونسطحها ،ولكن الحقيقة أن هذه العبارة السهلة
البسيطة هللي فللي الواقللع معادلللة سللليمة وصللحيحة تللدل
عليها التجربة ويمكن إثباتها ،وهذا هو موضوع الدراسة.
831
الفائدة العالية تدمر قيمة النقود وتنسللف أي نظللام نقللدي
ما دامت تزيد كل يللوم ،وتتوقللف سللرعة التللدمير وحجملله
على مقدار الفائدة ومدتها.
ولكن ما هي الفائدة العالية؟ ومتى يمكن اعتبارها عالية؟
من البديهي أن %12أعلى من %10ولكن هل الللل %10
رقم عال؟ أم أنه عال جدًا؟ أم أنه يتجاوز المعقول؟
سؤال ل يمكن الجابة عليه إل إذا وجلدنا مقياسلا ً فمللا هلو
المقياس لمقدار الفائدة المناسب؟
المقيللاس هللو إنتاجيللة القتصللاد القللومي ،أي :هللو القيمللة
المضافة ،أو الزيادة في النتاج ،أو قيمة الصول الموجودة
في المجتمع ،والناشللئة عللن تشللغيل رأس المللال النقللدي
)النقود( في هذا المجتمع .أي الربح الناشئ عن اسللتخدام
النقود في نشاط منتج.
فكل الفوائد تعتبر عالية إذا زادت عن معدل النتاجية فللي
المجتمع ،أي إذا زادت عن القيمة المضافة أو عما أضللافه
استخدام النقود من زيادة حقيقة في النتاج.
فحيثما يحدث ذلك؛ فمقدار الفائدة يعتبر مرتفعللًا ،ومعنللى
ذللللك أن النقلللود تتكللللف أكلللثر مملللا تحققللله ملللن ناتلللج
إستخدامها.
من المسؤول؟
المسؤول هو السياسة ،وصانعو السياسللة بقراراتهللم غيللر
المسؤولة التي أساءوا من خللها إلى النقود واستعمالتها،
هم السبب وهم الللذين يتحملللون المسللؤولية .ولكللن آثللار
الكارثة التي سببوها غير موزعة بالتساوي.
لقد تعب القتصاديون من محاولت امتصاص وتقليل كمية
النقود .فالكمية تزداد بللالرغم مللن المحللاولت المسللتمرة
للحد منها وعلى الخص مع استمرار زيادة الفائدة.
إن ارتفللاع الفللائدة مثللل تللدفق المللاء الللذي يعقللب انهيللار
السد ،والذي يزيد من آثار الفيضان الناشللئ عللن انهيللاره،
والذي نعنيه اليوم هو فيضان نقدي وكارثة غرق في النقود
الرديئة.
والسبب هلو الفلائدة ،فهلي أساسلا النهيلار ،إنهيلار السلد
وزيادة كارثة الغرق .فالكارثة كان من الممكن تفاديهللا لللو
832
اتبعنللا سياسللة إقتصللادية أخللرى .سياسللة نقديللة أسلللم
وأصوب.
المضاربة
للمضاربة في الفقه السلللمي معنللى مختلللف تمام لا ً عللن
معناها الدارج عند المضاربين في أسواق المال.
وتسللمى أيضلا ً بللالِقراض )بكسللر القللاف( ،وتسللمى أيضلا ً
بمعاملة.
وجاءت تسللمية المضللاربة مللن الضللرب فللي الرض )وهللو
السفر للتجارة(
مللنن ِض ي َب ْت َغُللو َ َ ْ
ن فِللي الْر ِض لرُِبو َ
ن يَ ْ
خُرو َ يقول تعالىَ)) :وآ َ
ه(( ]المزمل[20: ل الل ّ ِ فَ ْ
ض ِ
والمضاربة أحلها السلم وجاء فيها إجماع السلف وإجمللاع
المجامع الفقهية ويتجلللى ذلللك بقرارهللم الخللاص بصللكوك
المقارضة بديل ً عن السندات الربوية.
يقول ابن حزم عن الجماع حول المضاربة:
"إجماع صحيح مجرد ،والذي يقطع به أنه كللان فللي عصللر
النبي صلى الله عليه وسلم فعلم به وأقره ولول ذلك لمللا
جاز".
كما أكد على ذلك شلليخ السلللم ابللن تيميللة فللي مجمللوع
الفتاوى )(192\19
مفهوم المضاربة
تعريف المضاربة باختصار كمللا جللاء فللي )الللروض المربللع
-شرح زاد المستقنع( هو كالتالي:
جر( أي لمن يتجللر بلله )ببعللض ربحلله( مت َ ِ
دفع مال معلوم )ل ُ
أي بجزء معلوم مشاع منه كما تقدم.
وبصورة أبسط:
ل ،وتعطللي هللذا المللال لمللن يتللاجر بلله تصور أنك تملك ما ً
وتقتسمون الربح بينكم بنسبة متفق عليها.
فإذا كانت نتيجة هذه التجارة هي الخسارة أو عدم الربللح،
فإن المضارب )الذي يتاجر بالمال( ل يأخذ أجللرًا ،ولكنلله ل
يعوض صاحب رأس المال أيضًا.
833
أي أن صاحب رأس المال هو الضامن طالما أن المضارب
لم يقصر ولم يفرط ولم يخن المانة ولم يخالف الشروط
)إن كانت هنالك شروط(.
القرض النتاجي الربوي وشركة المضاربة
وأقتبللس هنللا مللا جللاء فللي )موسللوعة القضللايا الفقهيللة
المعاصرة والقتصاد السلمي(
"الفرق بين القرض النتاجي الربوي وشركة المضاربة ،أن
القرض يحدد له فللائدة ربويللة للمبلللغ المقللترض ،والزمللن
الذي يستغرقه القرض ،كأن يكون %10مللن رأس المللال
سنويا ً بغض النظر عما ينتج عللن هللذا القللرض مللن كسللب
كثير أو قليل أو خسارة.
أما في المضاربة فالربح الفعلي يقسم بيللن صللاحب رأس
المال والمضارب بنسبة متفق عليها ،والخسارة مللن رأس
المال وحده ،ول يأخذ العامل شيئا ً في حالة الخسللارة ،ول
في حالة عدم وجود ربح.
والعلقللة بيللن صللاحب القللرض وآخللذه ليسللت مللن بللاب
الشراكة ،فصاحب القرض له مبلغ معين محللدد ،ول شللأن
له بعمل مللن أخللذ القللرض ،ومللن أخللذ القللرض يسللتثمره
لنفسلله فقللط ،حيللث يملللك المللال ويضللمن رد مثللله مللع
الزيللادة الربويللة ،فللإن كسللب كللثيرا ً فلنفسلله ،وإن خسللر
تحمل وحده الخسارة.
أما المضاربة فهللي شللركة فيهللا المغنللم والمغللرم للثنيللن
معًا .فالمضارب ل يملك المال الللذي بيللده وإنمللا يتصللرف
فيه كوكيل عن صاحب رأس المال ،والكسب -مهما قل أو
كثر -يقسم بينهما بالنسبة المتفللق عليهللا ،وعنللد الخسللارة
يتحمللل صللاحب رأس المللال الخسللارة الماليللة ،ويتحمللل
العامل ضياع جهده وعمله ،ول ضمان على المضارب كمللا
ذكرنا".
المضاربة أساس العمل المصرفي السلمي
فجميللع العقللود الخاصللة بللالودائع وحسللابات التللوفير هللي
عقود مضاربة ،وما هذه الرباح المحققة مللن قبللل البنللوك
السلمية على الودائع )كبيت التمويل مثل ً (%8.4إل نتاج
المضاربة
834
فالعقد هنا يتللم بيللن طرفيللن ،الطللرف الول هللو العميللل،
والطللرف الثللاني هللو البنللك السلللمي بصللفته شخصللية
إعتبارية.
وقد جاء تعريف الشخصية العتبارية فللي كتللاب :المللدخل
إلى فقه المعاملت المالية للسللتاذ دكتللور محمللد عثمللان
شبير ،كما يلي:
"الشخصية العتبارية تعني اعتبار المنشأة التي ترمي إلى
هدف معين شخصا ً مستقل ً عن أشخاص المكللونين لهللا أو
القائمين عليها .بحيث تكون لها ذمة مالية خاصة ومستقلة
عللن هللؤلء الشللخاص ،تسللتطيع بواسللطتها أن تتملللك
وتتعاقللد ،وأن تكللون دائنللة ومدينللة ،وأن تلللتزم بللالحقوق،
وتلتزم بالواجبات مثل الشخص الطبيعي".
فتوى مجمع البحوث السلمية بإباحة فوائد المصارف
الصادرة في 23من رمضللان 1423هل ل الموافللق 28مللن
نوفمبر 2002م
الذين يتعاملون مع بنك الشركة المصرفية العربية الدوليللة
أو مللع غيللره مللن البنللوك ،ويقومللون بتقللديم أمللوالهم
ومدخراتهم إلى البنلك ليكلون وكيل عنهلم فلي اسلتثمارها
في معاملته المشروعة مقابللل ربللح يصللرف لهللم ويحللدد
مقللدما فللي مللدد يتفلق مللع المتعللاملين معلله عليهلا؛ هلذه
المعاملة بتلك الصورة حلل ول شللبهة فيهللا؛ لنله للم يللرد
نص في كتاب الله أو من السنة النبوية بمنع هذه المعاملة
الللتي يتللم فيهللا تحديللد الربللح أو العللائد مقللدما ،مللا دام
الطرفان يرتضيان هذا النوع من المعاملة.
قال الله تعالى":يا أيها الذين آمنوا ل تأكلوا أموالكم بينكللم
بالباطللل إل أن تكللون تجللارة عللن تللراض منكللم" سللورة
النساء :الية .29
أي :يا من آمنتم بالله حللق اليمللان ل يحللل لكللم ول يليللق
بكم ،أن يأكل بعضللكم مللال غيللره بللالطرق الباطلللة الللتي
حركها الله – تعللالى – كالسللرقة ،أو الغصللب ،أو الربللا ،أو
غير ذلللك ممللا حرملله الللله – تعللالى – لكللن يبللاح لكللم أن
تتبادلوا المنافع فيما بينكم عن طريق المعللاملت الناشللئة
عن التراضي الللذي ل يحللل حرامللا ول يحللرم حلل ،سللواء
835
كان هذا التراضي فيما بينكم عن طريق التلفظ أم الكتابة
أم الشارة أم بغير ذلك مما يدل علللى الموافقللة والقبللول
بين الطرفين.
ومما ل شك فيه أن تراضي الطرفيللن علللى تحديللد الربللح
مقدما من المور المقبولة شللرعا وعقل حللتى يعللرف كللل
طرف حقه.
ومن المعروف أن البنللوك عنللدما تحللدد للمتعللاملين معهللا
هذه الربللاح أو العللوائد مقللدما ،إنمللا تحللددها بعللد دراسللة
دقيقللة لحللوال السللواق العالميللة والمحليللة وللوضللاع
القتصادية فللي المجتمللع ولظللروف كللل معاملللة ولنوعهللا
ولمتوسط أرباحها.
ومللن المعللروف كللذلك أن هللذا التحديللد قابللل للزيللادة
والنقص ،بدليل أن شهادات الستثمار بدأت بتحديد العللائد
%4ثم ارتفع هذا العائد إلى أكثر من %15ثم انحف الن
إلى ما يقرب من .%10
والذي يقوم بهذا التحديد القابللل للزيللادة أو النقصللان ،هللو
المسئول عن هذا الشللأن طبقللا للتعليمللات الللتي تصللدرها
الجهة المختصة في الدولة.
ومن فوائد هذا التحديد – لسيما في زماننا هذا الللذي كللثر
فيه النحراف عن الحللق والصللدق – أن فللي هللذا التحديللد
منفعللة لصللاحب المللال ومنفعللة – أيضللا – للقللائمين علللى
إدارة هذه البنوك المستثمرة للموال ،فيه منفعة لصللاحب
المللال ،لنلله يعرفلله حقلله معرفللة خاليللة عللن الجهالللة،
وبمقتضى هذه المعرفة ينظم حياته.
وفيلله منفعللة للقللائمين علللى إدارة هللذه البنللوك ،لن هللذا
التحديد يجعلهم يجتهدون في عملهم وفي نشللاطهم حللتى
يحققوا ما يزيد على الربح الللذي حللددوه لصللاحب المللال،
وحللتى يكللون الفللائض بعللد صللرفهم لصللحاب المللوال
حقوقهم ،حقا خالصا لهم في مقابل جدهم ونشاطهم.
وقد يقال :إن البنوك قد تخسر فكيللف تحللدد هللذه البنللوك
للمستثمرين أموالهم عندها الرباح مقدما؟
والجواب :إذا خسرت البنوك في صفقة ما فإنها تربح فللي
صفقات أخرى ،وبذلك تغطي الرباح الخسائر.
836
ومع ذلك فإنه في حالة حدوث خسارة فإن المر مره إلى
القضاء.
والخلصة أن تحديد الربح مقدما للذين يستثمرون أموالهم
عن طريق الوكالة الستثمارية في البنللوك أو غيرهللا حلل
ول شللبهة فللي هللذه المعاملللة فهللي مللن قبيللل المصللالح
المرسلة وليسللت مللن العقللائد أو العبللادات الللتي ل يجللوز
التغيير أو التبديل فيها .وبناء على مللا سللبق فللإن اسللتثمار
الموال لدى البنوك التي تحدد الربح أو العائد مقدما حلل
شرعا ول بأس به والله أعلم.
أول ً إليك أخي الفاضل أسماء الذين كانوا أعضللاء المجمللع
في اجتماعهم الذي أقروا فيه بالربا:
اقتباس:
1ل الدكتور محمد سيد طنطاوي ،أستاذ التفسللير بجامعللة
الزهر ،وشيخ الزهر الحالي.
2ل الدكتور محمود حمدي زقزوق ،أستاذ الفلسفة ،خريللج
ألمانيا ،ووزير الوقاف.
3ل الدكتور عمر هاشم ،أسللتاذ الحللديث بللالزهر ،ورئيللس
جامعة الزهر.
4ل الدكتور أحمد الطيب ،أستاذ الفلسللفة وخريللج جامعللة
سوربون ،مفتي مصر.
5ل الدكتور محمد الراوي ،أستاذ التفسير والحديث.
6ل الدكتور عبدالمعطي بيللومي ،أسلتاذ الفلسللفة ،وعميلد
كلية أصول الدين بجامعة الزهر.
7ل الدكتور طه أبو كريشة ،نائب رئيس جامعة الزهر.
8ل الدكتور عبدالرحمن العدوي ،عميد كلية أصللول الللدين
السابق وعضو مجلس الشعب.
9للل المستشللار بللدر المنيللاوي ،عضللو مجمللع البحللوث
السلمية.
10ل الدكتور محمد إبراهيم الفيومي ،عضو مجمع البحوث
السلمية.
11ل الدكتور محمد رجب الفيومي ،عضو مجمللع البحللوث
السلمية.
837
12ل الدكتور محمد رأفت عثمان ،أسللتاذ الفقلله المقللارن،
وعميللد كليللة الشللريعة والقللانون بللالزهر سللابقا ً )عللارض
الفتوى ورفضها(.
13لل الللدكتور عبللدالفتاح الشلليخ ،أسللتاذ الفقلله والصللول
وعميللد كليللة الشللريعة والقللانون بللالزهر سللابقا ً )عللارض
الفتوى ورفضها(.
14ل الدكتور حسن عباس زكي ،رئيس مجلس إدارة بنللك
الشركة المصرفية العربية الدولية ،والمستفتي.
ولحظ آخر إسم ....
رئيس مجلس إدارة بنك ربوي والهم من ذلللك هللو نفسلله
المستفتي
هذا أول
ثانيا ً
جميللع أعضللاء المجمللع فللي تاريللخ القللرار والمللذكورة
أسللماؤهم أعله مللن دولللة واحللدة ممللا يفتللح المجللال
لتسييس قرار المجمع.
والصل في المجامع الفقهية أنها تجمع الفقهاء مللن شللتى
القطللار السلللمية وهللم بالفعللل أعضللاء ...فلمللاذا تللم
استبعادهم عن هذا القرار
ثالثا ً :
لتجد في قرار المجمع أي نص من الكتاب والسنة ما يبيح
الربا
النص الوحيد المذكور من القرآن الكريم هي الية 29من
سورة النساء ول علقة لها بالربا
بينما اليات التي تكلمت عللن الربللا كللانت واضللحة لتقبللل
الجدال
رابعًا :وهذي مهمة جدا ً
قرار المجمع الفقهي استند بالكامللل علللى كتللاب الللدكتور
سيد محمد طنطاوي الذي ترأس المجمع آنذاك
وقد احتج بكتابه على تسعة أدلة رد عليهللا السللتاذ محمللد
عبد اللطيف البنا مشكورا ً ردا ً علميا ً بحجة دامغة
اقتباس:
الربا ..سجالت التحريم والباحة
838
مناقشة أدلة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي
محمد البنا
20/12/2002
سبق أن ذكرنا الظللروف الللتي دعتنللا إلللى الوقللوف علللى
ورقة شيخ الزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي ..حيث إنها
وفرت السلاس اللذي اسلتندت إليله جلسلة المجملع فلي
الخروج بفتواها المنصوص عليها سالًفا.
ولما كانت معالجة الللدكتور محمللد سلليد طنطللاوي أشللمل
ل ،كان من الفضل التعللاطي معهللا هللي؛ إذ فللي وأوفر دلي ً
تناولها تنللاول لفتللوى الجلسللة المللذكورة لمجمللع البحللوث
السلمية .ولنبدأ بفحص الدلة التي وفرها الللدكتور محمللد
سيد طنطاوي.
الدليل الول:
المقولة الولى لفضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي هللي:
ما أو عدم التحديد ليسللت مللن إن مسألة تحديد الربح مقد ً
العقائد أو العبادات التي ل يجللوز التغييللر أو التبللديل فيهللا،
وإنما هللي مللن المعلاملت القتصلادية الللتي تتوقللف عللى
تراضي الطرفين.
ما مللن المعللاملت الللتي إذا كانت مسألة تحديد الربح مقد ً
يجوز فيها التغيير والتبديل؛ فل بد من تحديد بعللض النقللاط
أول من خلل هذا الدليل:
ما.
* المقصود بتحديد الربح مقد ً
* المعاملت التي يجوز فيها التغيير والتبديل.
* تراضي الطرفين.
ما:
)أ( المقصود بتحديد الربح مقد ً
إذا كللان فضلليلته يقصللد بلله التحديللد الللذي يتللم فللي عقللد
المضاربة أو القراض؛ بمعنى أن يحللدد للله مللن الربللح مثل
النصف أو الثلث أو على ما يتراضون به فنعم.
وإن كان يقصللد بلله تحديللد نسللبة قللدرها مثل ) (%10أو )
(%15أو أكثر أو أقل ،يأخللذها مللن إنسللان أو مصللرف أو
دولة أو أي أحد مع ضمان رأس المال ،فهذه الزيادة علللى
رأس المللال جللاءت دون مقابللل ودون ضللمان (1).فهللذا
المبلغ قرض جر نفعا بشرط مسبق ،فهو ربللا ،ويؤكللد هللذا
839
أن المقرض ل يعنيه فيم يسللتثمر المصللرف مللاله؟ ولكللن
الذي يعنيه أنه سيأخذ في السنة ،أو في مدة معينللة زيللادة
قدرها كذا ،خسر ماله أم ربح ،وتحديد الربح بهذه الكيفيللة
ربا.
ما -شللرط بيللن وهذه الزيادة -الناتجة عن تحديد الربح مقد ً
المقرض والمستقرض ،وهو ربا ،والدلة على ذلللك كللثيرة؛
فالله تعالى يقول في كتابه} :فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب
مللن الللله ورسللوله وإن تبتللم فلكللم رءوس أمللوالكم ل
تظلمون ول تظلمون{ (2).أي لكللم رءوس أمللوالكم دون
زيادة مشروطة أو غير مشروطة.
وهذا ما قاله الجصاص في أحكام القرآن" :معلللوم أن ربللا
الجاهلية إنما كان قرضا مؤجل بزيللادة مشللروطة؛ فكللانت
الزيلادة بلدل ملن الجلل ،فلأبطله اللله تعلالى" (3).وقلال
ضللا" :ربللا الجاهليللة هللو القللرض المشللروط فيلله الجللل أي ً
وزيادة المال على المستقرض"(4).
وحكللى ابللن قدامللة فللي "المغنللي" الجمللاع علللى تحريللم
الزيادة المشللروطة ،فقللال" :وكللل قللرض شللرط فيلله أن
يزيده فهو حرام بغير خلف".
وقال ابن المنللذر" :أجمعللوا علللى أن المسلللف إذا شللرط
على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك ،إن أخذ
الزيادة على ذلك ربا"(5).
ما يعنللي اشللتراط وهللذا يللدل علللى أن تحديللد الربللح مقللد ً
المسلف "المقرض" على المستسلف "المقللترض" زيللادة
على رأس المال في مدة معينة قللدرها كللذا مللن اليللام أو
السنوات بنسبة كذا ،وهذا هو عين الربا المحرم شرعا.
)ب( المعاملت التي يجوز فيها التغيير والتبديل:
وهللي كللل معاملللة لللم يللرد فيهللا نللص شللرعي بإلغائهللا أو
تحريمها ،ونحن مع فضيلة الدكتور طنطاوي تماما في هللذا
طالما أنها لم تخرج عن روح الشريعة؛ بمعنللى أل يشللوبها
غش ول ظلم ول سرقة ول ربا ،ول غيللر ذلللك ممللا حرملله
الله تعالى.
)ج( تراضي الطرفين:
840
وهللو القيللد الللذي وضللعه فضلليلته لكللي تصللح المعللاملت
القتصادية بين الناس ،ولنا أن نتسللاءل :هللل كللل معاملللة
يتراضى بها الطرفان يبيحهللا الشللرع؟ هللل كللل عقللد مللن
العقود يرضى به الطرفللان يعتللبر جللائزا ،طالمللا أن المللر
ليس عقيدة أو عبادة؟ الجابة بالطبع ل.
إن الشريعة تهتم بالصيغة أو الصورة الللتي يتللم بهللا العقللد
وتحكم عليه ،وللدكتور يوسف القرضاوي مثل يوضح ذلللك
جيدا ،وهو :أن صورة التفاق مهمة جدا فللي حكللم الشللرع
فيقول" :لو قال رجل لخر أمام مل مللن النللاس :خللذ هللذا
المبلغ ،واسمح لي أن آخذ ابنتك لزني بها –والعيللاذ بللالله-
فقبل ،وقبلت البنلت لكلان كلل منهملا مرتكبلا منكلرا ملن
أشنع المنكرات ،ولو قال له :زوجنيها وخذ هذا المبلغ مهرا
فقبل ،وقبلت البنت لكان كل من الثلثة محسنا"(6).
والللذي يتللدبر تعريفللات الفقهللاء والعلمللاء للربللا يللوقن أن
التراضي بالزيادة على رأس المال ل يغير في حقيقللة أنلله
ربا ،فيقول الجصاص" :والربللا الللذي كلانت العللرب تعرفلله
وتفعله إنما كان قرض الدراهم والدنانير إلللى أجللل بزيللادة
على مقدار ما استقرض على ما يتراضللون بلله" (7).فهللل
التراضي مع مصرف من البنللوك بوضللع مبلللغ معيللن لللديه
مقابل فائدة أو عائد معين في الشهر أو العام زيادة علللى
رأس المال يخرج عن هذا؟
وإذا كان فضيلته يخصللص هللذا التراضللي "بحللدود شللريعة
الله تعالى التي شرعها سبحانه لرعاية مصالح النللاس")(8
فهللل الشللريعة تبيللح هللذا النللوع مللن التعامللل حللتى مللع
التراضي؟ ويجللدر بنللا أن نللذكر هنللا أن فضلليلته ذكللر نللص
المام الجصاص في كتابه معاملت البنوك (9).كنللص مللن
النصللوص الللتي نقلهللا مللن كتللاب "الربللا والمعللاملت فللي
السلم" للشيخ محمد رشيد رضا كدليل على أن هللذا هللو
ربا الجاهلية.
أليس معنى هذا النص هو القرض أو القللتراض إلللى أجللل
معين بزيادة معينة علللى رأس المللال المقللترض بتراضللي
الطرفين؟ وهذا هو ما تفعله البنوك الربوية.
الدليل الثاني:
841
ما بأمر من ولي المر علللى قياسه بجواز تحديد الربح مقد ً
ما قاله الفقهاء فللي التسللعير ،وذلللك إذا اقتضللت مصلللحة
الناس هذا؛ وذلك رعاية لمصالح الناس ،وحفظللا لمللوالهم
وحقوقهم ،ومنعا للنزاع والخصام بين البنللوك والمتعللاملين
معها(10).
لقد بدأ فضيلته هذا الدليل بمقولة ل يجادل فيها أحد ،وهي
أن الشريعة السلمية تقوم على رعاية مصالح الناس في
كل زمان ومكان (11).وقد تبدو هذه الرعاية في ظاهرهللا
مخالفة لبعض النصوص الواردة عن النبي -صلى الله عليه
وسلم ،-واستشللهد فللي ذلللك بحللديث التسللعير ،حيللث لللم
يسللعر الرسللول -صلللى الللله عليلله وسلللم -ولكللن بعللض
الفقهللاء رعايللة لمصللالح النللاس ودرًءا لمفسللدة )جشللع(
التجار أباحوا التسعير ،وهذا كلم جيد ،ولكن أن يصل إلللى
فللرض نسلبة معينللة مللن الربللح كعللائد علللى الملوال علن
طريق الحاكم قياسا علللى كلم الفقهللاء هللذا درءا للظلللم
والمفسللدة ،فالقيللاس هللذا ل ينقللاس ،لن المقيللس عليلله
ليس نصا من القرآن والسللنة ،فالقيللاس الللذي يتوسللعون
فيه أحيانا مقيد بأن يكون المقيس عليه نصا مللن الشللارع،
أي من الوحي كتابا أو سنة ،أمللا أن يقللاس علللى مقيللس؛
يعني أن تأتي على أمر أجزناه قياسللا علللى شللبيهه بجللامع
العلة بينهمللا ،فتللأتي علللى أمللر آخللر ل يجتمللع مللع الصللل
المقيس عليه فللي علتلله (12).ولكللن للله شللبه مللن بعللض
الوجوه بالمقيس فنجعل هذا المقيس أصل ،ونقيللس عليلله
سا آخللر لللوجه شللبه بينهمللا ،ول يكفللي ول يرقللى إلللىمقي ً
مستوى العلة الجامعة بين المقيس الثاني وبيللن المقيللس
عليه الول(13).
ولو أجرينا أركان القياس على موضوعنا لوجدنا أن الصللل
الذي اعتمد عليه فضيلته هللو كلم كللثير مللن الفقهللاء فللي
إباحة تحديد السعر رفعا للظلم ،والفرع هو إباحة أن يحدد
الحاكم أرباح البنوك ،والعلة -كما يقول -هللي رفللع الظلللم،
والحكم هو الباحة.
وإذا نظرنللا إلللى الركللن الثللالث ،وهللو العلللة ،لوجللدناها
مختلفة ،يقول أستاذنا الدكتور /محمد بلتاجي حسن" :إننللا
842
مهما تأملنا آيات القللرآن الكريللم الللواردة فللي الربللا ،ومللا
يتصل بها من أحاديث السنة ،وأسللباب النللزول؛ فلللن نجللد
فيها ما يشير من قرب أو بعد إلى ما قام في أذهانهم مللن
أن الله حلرم ربلا الجاهليلة لمحلض مللا كلان يتضلمنه مللن
استغلل الفقير وظلمه .وقد يرى العقللل البشللري أن هللذا
كان من جملة الحكم التي روعيت فللي التحريللم ،ولكللن ل
يسللتطيع أحللد الجللزم بللأن منللاط علللة التحريللم فللي منللع
استغلل حاجة الفقير وظلمه .ومن يراجللع كتللب التفسللير
سيجد أن الظلم الوارد في اليات إنما هو مطلللق الزيللادة
على الحق بصرف النظر عن حال الدائن والمدين ،ورغبللة
كل منهما ومصلحته في الصفقة الربوية) ،ويحدد ما سللبق
مؤكدا( أن الظلم يكمللن فللي مطلللق الزيللادة علللى الحللق
مقابل تأجيل الزمن(14).
ويقول الدكتور فتحللي لشللين )المستشللار بمحللاكم مصللر
سابقا(" :إذن فعلة الربا أنه زيادة متولدة من دين ،ويتميللز
الدين أنه ثابت في الذمة مضمون الرد بمثله"(15).
يثبت بهذا اختلف العلة التي قاس عليها الدكتور طنطاوي
تحديلد الفلوائد بفعلل وللي الملر ،بإجلازة التسلعير بفعلل
الفقهاء ،وذلك بعلة الستغلل والظلم ،وإذا ثبت أنلله ل بللد
من اتحاد العلة في الصل والفرع حتى يصللح القيللاس وإل
فل -وهذا ثابت ،-فمن شروط العلللة المقبولللة" :أل تكللون
علة الحكم في الصل المقيس عليه غير العلة الللتي علللق
عليها الحكم فلي الفلرع؛ فل بلد ملن أن تكلون العللة فلي
الصل الذي ثبلت حكمله بنلص أو إجملاع هلي العللة اللتي
علق عليها الحكم في الفرع حتى يتحقق الوصللف الجللامع
بين الصل والفرع ،فإذا كانت علة حكم الفرع لم يعلل بها
الحكم في الصل ،ولم يتعلق بها فل يجللوز القيللاس ،وهللذا
هو رأي الجمهور ،وحتى أصحاب اللرأي يشلترطون تحقلق
المماثلة في العلة).(16
وإذا ثبت هللذا -وهللو ثللابت -اسللتطعنا أن نحكللم أن قيللاس
الدكتور طنطللاوي هنللا ل يجللوز ،أو كمللا يقللول الصللوليون
قياس ل ينقاس.
843
ولن الضرورة في مسألة التسللعير تبللدو واضللحة وملحللة؛
حيث إن الحتكار وغلء السلع أمللر يتعلللق بللأقوات النللاس
ومعاشهم ،أباح الفقهللاء التسللعير رفعللا للضللرر الللذي يقللع
على الناس ،ولكن أين الضرورة في أن يضع النسان ماله
فللي مصللرف مللن البنللوك ليللزداد دون تعرضلله لضللمان
النقصان أو لمخاطر الخسارة؟
رعاية مصالح الناس:
في قوله" :فإن للولي الملر إذا رأى -بعلد استشلارة أهلل
الخبرة -أن مصلحة الناس تقتضي أن تحدد البنوك الربللاح
ما لمن يتعللاملون معهللا ،فللله أن يكلفهللا بللذلك رعايللة
مقد ً
لمصالح الناس(17)." ...
فنرى هنا نظرة تتجلله نحللو المعتزلللة وفكرهللا الللذي يقللدم
العقللل علللى الشللرع ،فل يصللح مطلقللا أن تحكللم خللبرات
الناس والعلمللاء فللي الشللريعة أو الحكللام ،بللل هللي الللتي
تتحكم فيما يصلون إليه ،وتحكم بصحته وفساده "فل يجوز
العتماد على ما قد يراه علماء القتصللاد وخللبراء التجللارة
من أن الربا ل بد منه لتنشيط الحركللة التجاريللة والنهللوض
بهللا ،إذ لللو صللح ذلللك لكللانت الشللريعة محكومللة بخللبرات
النللاس وأفكللارهم وتجللاربهم الشخصللية ،ولمللا صللح أن
المصلحة فللرع عللن الللدين فهللي محكومللة بلله ضللبطا بللل
متوقفة عليه وجودا"(18).
فمهما ظن إنسان أن مصلحته في أمر من المللور ،فل بللد
أن يقيس هذا المر على نصوص الشريعة ومقاصدها ،فإن
وافقها فيقدم وإل فل.
وليللس معنللى هللذا أن الشللريعة تقللف حللائل دون خللبرات
الناس وتجاربهم فيمللا يظنللون فيلله مصلللحة البشللرية ،بللل
كثير من نصللوص الشللريعة تللدعو النللاس للعلللم والتفكللر،
ولكن الشارع سبحانه يعلم ما ل نعلم؛ فقللد يظللن العلمللاء
أن مصلللحة النللاس سللوف تتحقللق فللي أمللر مللن المللور،
يختلفون في إثباته ويتفقون ،ويعلم الللله تعللالى غيللر ذلللك
فجعل –سبحانه -من قواعد الشريعة ما ينهللى عنلله رعايللة
للمصالح وإصلحا للنفوس ،فنحن ل نتهم نصوص الشريعة
844
بل نتهللم إفهللام النللاس الللتي كللثيرا مللا تتعللرض للهللوى أو
النظرات الجانبية ،وليست الكلية.
الدليل الثالث:
يقول الدكتور طنطاوي ل يوجد نص شللرعي يمنللع مللن أن
ما،يقوم أحد المتعاقدين فللي المضللاربة بتحديللد ربللح مقللد ً
وبناء على ذلك ل مانع من أن يقللوم المصللرف المسللتثمر
للمال بتحديد ربح معين في عقللد المضللاربة ،الللذي يكللون
بينه وبين صاحب المللال الللذي يضللعه فللي المصللرف بنيللة
وبقصد الستثمار فيما أحله الله تعالى(19).
نوضح أول أن ما يحدث بين المصرف وصاحب المال ليس
عقد مضاربة؛ لن حقيقللة المضللاربة تختلللف عللن القللرض
الذي يحدث بين المصرف كجهة وغيللره مللن جهللة أخللرى؛
فالمصللرف يتعامللل بالربللا علللى القللرض الللذي يأخللذه أو
يمنحه ،والمضاربة تختلف عن ذلك ،ولكي تتضللح المسللألة
جيلللدا ينبغلللي أن أوضلللح طبيعلللة الفلللرق بيلللن القلللرض
والمضاربة.
فمن حيث الطبيعة:
نجد أن القرض ُيحدد له فائدة ربوية تبعا للمبلغ المقللترض
والزمن الذي يستغرق القرض ،كأن يكون ) (%10أو أكللثر
أو أقل من رأس المال سنويا ،بغض النظر عمللا ينتللج عللن
هذا القرض من كسب كللثير أو قليللل أو خسللارة ،وهللو مللا
يفعله المصرف.
أما في المضاربة ،فالربح الفعلي يقسم بين صللاحب رأس
المال والمضاِرب بنسبة متفق عليها ،والخسارة مللن رأس
المال وحده ،ول يأخذ العامل شيئا في حالللة الخسللارة ول
في حالة عدم وجود ربح ،هذا من ناحية طبيعة العقد.
ومن حيث العلقة بين طرفي العملية القتصادية:
في القرض نجد العلقة بين صاحب القرض وآخذه ليسللت
من باب الشركة؛ فصاحب القرض له مبلللغ معيللن محللدد،
ول شأن للله بعمللل مللن أخللذ القللرض ،ومللن أخللذ القللرض
يستثمره لنفسه فقط؛ حيث يملك المال ،ويضمن رد مثله
مع الزيادة الربوية ،فإن كسب كللثيرا فلنفسلله ،وإن خسللر
فيتحمل وحده الخسارة.
845
أما المضاربة فهي شركة فيها الغُْنم والغللرم للثنيللن معللا؛
فالمضارب ل يملك المال الذي بيللده ،وإنمللا يتصللرف فيلله
كوكيل عن صاحب رأس المال والكسب مهما قل أو كث ُللر،
يقسم بينهما بالنسبة المتفق عليها ،وعند الخسارة يتحمللل
صلاحب الملال الخسلارة الماليلة ،ويتحملل العاملل ضللياع
جهده وعمله ،ول ضمان علللى المضللارب) (20إل إذا ثبللت
إهماله وتسببه في هلك ما بيده.
ويمكن مناقشة هذا الدليل من خلل نقطتين:
ما في عقد الولى :أن الشرع ل يمنع من تحديد الربح مقد ً
المضاربة.
الثانية :أن يضع النسان ماله في المصرف ،ويقصلد بللذلك
الستثمار.
مناقشة النقطة الولى:
ما في عقد المضللاربة: الشرع ل يمنع من تحديد الربح مقد ً
نص كثير من الفقهللاء علللى عللدم جللواز المضللاربة إذا تللم
تحديد أو اشتراط جزء معيلن مللن الربللح ،بلل وحكلى ابللن
المنذر الجماع على بطلن المضاربة إذا اشترط كل واحد
منهما لنفسه أو أحدهما شيئا دون الخر ،فقال" :أجمع كل
من نحفظ عنه على إبطللال القللراض إذا جعللل أحللدهما أو
كلهما لنفسه دراهم معلومللة" (21).وهللذا الجمللاع نجللده
فلللي كلم الفقهلللاء كملللا يقلللول الماملللان ماللللك)(22
والشافعي).(23
النقطة الثانية:
أن يضع النسان ماله ويقصد الستثمار :إن ما يحدث بيللن
المصللرف وصللاحب المللال تحللت أي مسللمى طالمللا أنلله
بفائدة محددة سلفا مقابل أجل محدد فهو ربا؛ وذلللك لن:
"علة التحريم منصبة على كونها زيادة محددة سلفا مقابل
أجل محدد سواء كان أصل المعاملة قرضا أو دينا أو بيعللا؛
فمتى وجدت الزيادة المحددة مقابل الجل المحدد ،فذلك
هو الربا بصرف النظر عللن أصللل هللذه المعاملللة ول تللأثير
لمرين:
الول :كون أصل هذه المعاملة قرضا أو دينا أو استثمارا.
846
الثاني :كون الزيادة مقابل الجل شيئا متفقا عليه من أول
المعاملة ،أو هو شيء يستحدث بيللن الطرفيللن عنللد عللدم
الدفع حين يأتي أجله(24).
فل ينفع هنا تغير النية طالما أن العلة وهي الزيادة مقابللل
الجل موجودة.
الدليل الرابع:
يللرى الللدكتور محمللد سلليد طنطللاوي ضللمن أدلتلله أن
المصرف -وهو الطللرف الللذي يللدفع الفللائدة ،ويقللع عبئهللا
ما إل بعللد دراسللة علللى عللاتقه -لللم يحللدد الربللح مقللد ً
مستفيضللة ودقيقللة لحللوال السللواق العالميللة والمحليللة
وللوضاع القتصادية في المجتمع ،ولظللروف كللل معاملللة
ولنوعها ولمتوسط أرباحها ...إلخ.
وهذا التحديد فضل عن كل ذلك ،يتم بتعليمللات وتوجيهللات
من المصرف المركزي الذي يعد بمنزلة الحكم بين البنوك
وبين المتعاملين معها(25).
ما،إن هذه الدراسللة المستفيضللة الللتي تحللدد الربللح مقللد ً
حيث يأخذ صاحب المال المكسب ول يخسر شليئا قلول ل
تسللنده الحقللائق؛ فللالبنوك المركزيللة نفسللها ،وهللي الللتي
تعطي تعليمات وتوجيهات بنسبة الفللائدة ل تسللتطيع دفللع
ودائع مصرف بأكمله إذا مللا تعللرض للفلس .فمعلللوم أن
قوانين البنوك المركزية تمنعها من السللتثمار المباشللر إل
دا في بعض البلدان .وهي تأخذ من البنوك بنسب ضئيلة ج ّ
الخرى نسبة احتياطي للودائع ل تزيد فللي غللالب الحللوال
عللن ) .(%25فمللن أيللن تللدفع البنللوك المركزيللة ودائع
مصرف بلأكمله إذا ملا تعلرض للفلس ،وإن الواقلع يؤكلد
ذلك حتى في أمريكا ذاتها معقل النظام الرأسمالي القائم
علللى الربللا .فالمصللرف المركللزي يضللع الخطللط ويحللدد
الفوائد ،ول يستطيع جبر خسارة مصرف واحد من البنللوك
الخرى؛ لنه -قانوًنا -ممنوع من السللتثمار المباشللر ،كمللا
أنه يعتمد على الوساطة المالية وعلى نسللبة ) (%25مللن
احتياطي الودائع في البنوك الخرى ،فإن كللان ل يسللتطيع
جللبر خسللارة مصللرف واحللد فكيللف نثللق فللي قللدراته
وتعليماته؟
847
ثم هل هذه التعليمللات والتوجيهللات والدراسللات الدقيقللة،
التي تتعهد بوجود الربح ل الخسارة ..هللل هللذه التعليمللات
وهذا الربح يغير من حقيقة المعاملة وحقيقتهللا فللي كونهللا
من الربا؟
ثم إن هذه الدراسة المستفيضة الدقيقة الللتي يتحللدد فللي
ما دقيقة؛ فكثير من البنوك الربوية إطارها الربح ليست دائ ً
لم تستطع ضمان الودائع مللع أرباحهللا ،ونضللرب مثل علللى
عدد من البنوك الربوية التي أغلقت وأشهرت إفلسها في
أمريكا وحدها.
عدد البنوك التي أغلقت وأشهرت إفلسها
العام
أربعة آلف مصرف
سبعة وسبعون مصرفا
تسعة عشر مصرفا
مائة وعشرون مصرفا
مائة وواحد وثلثون مصرفا
مائة وواحد وأربعون مصرفا
1933م
1983م
1984م
1985م
1986م
1987م
وعللن الخسللائر فللي بعللض البنللوك المريكيللة وحللدها فللي
1987م وحده ما يلي:
اسم المصرف أو المؤسسة
احتياطي الديون المعدومة
ستيركوربوريشن
مصرف أمريكا
تشيس مانهاتن
مانوفكتشرهانوفر
ستيكورب )أكبر مؤسسة مصرفية أمريكية(
3مليارات دولر
848
1.1مليار دولر
1.6مليار دولر
1.7مليارات دولر
3مليللارات دولر 3 ،مليللارات دولر ،وذلللك فللي النصللف
الول من عام (26).1987
وفللي مصللر الكللثير والكللثير مللن الخسللائر المصللرفية،
وأشللهرها مللا حللدث فللي مصللرف التنميللة والتجللارة عللام
1995م ،ومن هنا يتبين أن هللذا الللدليل الللذي أقللام عليلله
فضيلته وجهة نظره من ناحية أن البنوك أرباحها مضمونة،
وأنها ل تفلس لنها تقوم على دراسات مستفيضة ،دعللوى
يسقطها الواقع بل ويثبت نقيضها.
هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإننا نرى في أدلة الدكتور
طنطاوي ما يثير العجب؛ إذ يبدو التناقض واضحا بيللن هللذا
الللدليل والللدليل السللادس؛ فهنللا يقللول :إن الدراسللات
المستفيضللة والدقيقللة تحقللق الربللح الكللبر؛ حيللث تنتفللي
الخسارة ،وهذا ما يفهم من كلمه ،وفي الللدليل السللادس
يقللول :إن هللذا التحديللد للربللح ل يتعللارض مللع احتمللال
الخسارة.
الدليل الخامس:
ما
يرى الدكتور محمد سيد طنطاوي أن تحديد الربللح مقللد ً
في زمننا هذا فيه منفعللة لصللاحب المللال ،وفيلله منفعللة –
ضا -لصاحب العمل المستثمر لهذا المال. أي ً
ففيه منفعة لصاحب المال؛ لنه يعرفه حقه معرفللة خاليللة
من الجهالة ،وبمقتضى هذه المعرفة ينظم أمور حياته.
وفيلله منفعللة لصللاحب العمللل؛ لنلله يحمللله علللى أن يجللد
ويجتهد في عمله وفي نشاطه حتى يحقللق مللا يزيللد علللى
الربح الذي قللرره لصللاحب المللال ،وحللتى يكللون الفللائض
على نصيب صاحب المال حقا خالصا لصاحب العمللل فللي
مقابل جده ونشاطه واجتهاده مهما بلغ هذا الفائض(27).
فإذا كان فضيلة د .طنطللاوي يقصللد بالتحديللد مللا هللو وارد
في عقد المضاربة من تحديد نسبة الربح من صافي الربح
فنعم ،ولكن الواضح أن فضيلته يقصللد بلله مللا يحللدث بيللن
البنوك والفللراد مللن تحديللد نسللبة معينللة يأخللذها صللاحب
849
المال بعد مدة معينة زيادة على رأس ماله ،وهذا هو عيللن
الربا.
ثم يقول هذا التحديد فيه منفعة لصاحب المللال ولصللاحب
العمل؛ فهللل كللل مصلللحة يللرى فيهللا النللاس منفعللة لهللم
يبيحها الشرع؟
الواقع أن هناك كثيرا من الشياء التي نللص الشللارع علللى
أن فيها منافع للناس ،ومع ذلللك نللص علللى تحريمهللا مثللل
الخمللر والميسللر ،قللال تعللالى" :يسللألونك عللن الخمللر
والميسر قل فيهما إثم كبير ومنللافع للنللاس وإثمهمللا أكللبر
مللن نفعهمللا" )البقللرة .(219 :فقللوله تعللالى" :ومنللافع
للناس" يدل على تحقق المنفعة لهم ،ومع هذا ل يسللتطيع
أحد أن يقول :إنها حلل.
ثم يقول :هلذا التحديلد يعلرف صلاحب الملال حقله؛ فهلل
يصير الربللا حًقللا يبنللي عليلله النسللان حيللاته ويرتللب عليلله
معايشه؟ فما إن يأخذ المال يجعل نصب عينه الدين اللذي
عليه ،بالضافة للزيادة التي اشترطت عليه؛ فهي كلها من
الدين ،وعليه سدادها فلي ملدة معينلة ،ثلم يجتهلد ويعملل
ضللا ،وهللو وحللده
مرة أخرى في المال ليحقق مكسًبا له أي ً
يضمن المال إن خسر؛ لنه ل شأن لصاحب المال به؛ لنه
يأخذ الربح ول يتحمل الخسارة ،وذلك هو الربا.
الدليل السادس:
يرى الدكتور محمد سيد طنطللاوي أن هللذا التحديللد للربللح
ما ،ل يتعللارض مللع احتمللال الخسللارة مللن جللانب مقللد ً
المستثمر وهو المصرف أو غيللره؛ لنلله مللن المعللروف أن
ب َرِبح
العمال التجارية المتنوعة إن خسر صاحبها في جان ٍ
فللي جللوانب أخللرى ،وبللذلك تغطللي الربللاح الخسللائر.
واستشهد بقول ابن قدامللة فللي المغنللي :إن العامللل فللي
المضاربة إذا اشترى سلعتين فربح في أحدهما وخسر في
جبرت الوضيعة )أي الخسارة( من الربح(28). الخرىُ ،
هذا الدليل -كما وضحنا -يتناقض مع الللدليل الرابللع ،ونحللن
الن بصدد مناقشته في قوله :إن خسر صاحبها في جانب
ربح في جللوانب أخللرى ،وبللذلك تغطللي الربللاح الخسللائر.
فمعنى هذا أن النقود في المصللرف مختلطللة؛ فمللن دفللع
850
كثيًرا يتساوى مع من دفللع قليل ً فللي مقللدار النسللبة علللى
رأس المال؛ فما ذنب من ربحللت أمللواله حللتى يؤخللذ مللن
ربحه لتغطية خسارة غيره؟
ثم إن المقطوع به في الدراسات القتصادية" :أنه ل صلللة
بين سعر الفائدة وربح المللدين أو خسللارته ،ول بيللن سللعر
الفللائدة والتضللخم ،بللل إن الفللائدة مللن أهللم عوامللل
التضللخم" (29).وهللذه الفللائدة ل تتحللدد بنسللبة الربللح
والخسارة بل يتأثر تحديدها بعدة عوامل ،منهللا" :القللوانين
اللللتي تضلللعها الدوللللة ،والمصلللالح الشخصلللية لصلللحاب
المصارف ،والمؤسسات المالية ،والمضللاربون فللي سللوق
الوراق الماليللة الللذين يخلقللون تغييللرات مفتعلللة فللي
السلللوق ،وحلللالت اللللرواج والكسلللاد ،وكميلللة العلللرض
والطلب"(30).
فالفائدة التي ُتحدد ل شأن للمقللرض خسللر مللاله أم ربللح
فيهللا ،إذن هللي ل تخضللع لمعيللار الربللح والخسللارة ،وإنمللا
تخضع للقوانين والمصالح الشخصية وغيرها ،فربمللا تكللون
نسبة شخص مرتفعة ونسبة الخر منخفضة ،وهللذا تحللدده
العوامل السابقة.
وإذا قلنا :إن الموال كلها تصللب فللي مصللرف واحللد مثل،
يضللع فلن مبلغللا يختلللف عللن مبلللغ الخللر؛ فهللل يميللز
المصرف مبلغ كل منهما أم أنه ل شللأن لله بهللذا التمييللز؟
الحقيقلة أن المصلرف توضلع للديه المبلالغ فيخلطهلا فلي
مشروع أو في إقراض آخر دون تمييز.
وهنا يأتي السؤال :هل يجوز عدم التمييز في المللال الللذي
دا بنسللبة مللن الربللح متفاوتللة؟ يللرى يقارض فيه اثنان واح ً
الفقهاء أن هللذه المعاملللة غيللر جللائزة إل بتعييللن المللوال
المحللددة لشلخاص محلددين وبتعييللن ومعلوميللة النشلاط
الذي اشتغلت به الموال).(31
فقوله "وإن عينا" :يعني أن يعلم أن هذا المال الذي تللاجر
به في كذا هو مال فلن ،وأن ربحه كذا وله فيه ما يتفقان
عليه ،وأن المال الخللر الللذي تللاجر بلله فللي كللذا هللو مللال
فلن ،وله من ربحه ما يتفقان عليه.
851
وينبغللي التميللز فللي الشللركتين ،كمللا أنلله إن خلللط مللال
المضاربة بماله فإن فعل ولم يتميز ضمنه لنه أمانة(32).
واستشهاد د .طنطاوي بابن قدامة الواضللح أنلله فللي حالللة
المضاربة من فرد واحد إلى العامل ،أمللا فللي حالتنللا هللذه
فيقول "ابن قدامللة" تحللت عنللوان "والوضلليعة علللى قللدر
المال"" :يعني الخسران على كل واحد منهما بقللدر مللاله،
فإن كلان مالهمللا متسلاويا فلي القللدر ،فالخسللران بينهمللا
نصفين ،وإن كان أثلثللا فالوضلليعة أثلث ل نعلللم فللي هللذا
خلفا بين أهل العلم" (33).وهذا النص أولى بالصواب في
حالة البنوك؛ فإذا ما ثبت أن المال فيها مبهم فهللي تجمللع
الملوال كلهلا ،ول نلدري فلي أي تجلارة أو اسلتثمار(34).
وضع مال هذا أو ذاك؛ لنها ل تقسم الربح بين الفللراد بللل
تحدد نسبا معينة لهم يأخذونها في حال الربح أو الخسارة،
فإذا ما ثبت هذا ثبت فساد هذا النوع من المضاربة؛ لعللدم
تعيين مال كل واحد من المضاربين.
الدليل السابع:
يقول الدكتور محمللد سلليد طنطللاوي :خللراب الللذمم ممللا
يجعل صاحب المال تحت رحمة صاحب العمللل المسللتثمر
للمال ،وهو المصرف أو غيره ،والذي قد يكون غير أميللن،
فيقول مثل" :ما ربحت شيئا" ،وقد ربللح الكللثير ممللا يوقللع
فللي الظلللم الللذي تنهللي عنلله الشللريعة (35).ولللدينا هنللا
تعليقان:
وتقرر القواعد الفقهية أن الصل براءة الذمة (36).فلماذا
نفترض عدم الصل؟
وإذا افترضنا جدل أن المصللرف غيللر أميللن ،فأيهمللا أولللى
المتناع عن الللذهاب إليلله والمخللاطرة بالمللال أم الللذهاب
إليه؟
الدليل الثامن:
يقول الدكتور محمللد سلليد طنطللاوي :كمللا تللدخل الحكللام
والفقهاء في تضمين الصناع لما يهلك تحت أيديهم بسللبب
إهمللالهم؛ فلللولي المللر أن يتللدخل فللي عقللود المضللاربة
ما ،وأن يكون رأس المال مضموًنا، بتحديد نسبة الربح مقد ً
وهذا اللون يندرج تحت باب المصالح المرسلة(37).
852
نقول :لقد تدخل الفقهاء فعل ً في تضمين الصناع لما تحت
أيديهم ،وجعلوا علة ذلللك الهمللال ،فللأوجبوا عليلله بسللبب
إهماله ضمان المال .وهذا ضمان لصاحب المال من عبللث
العابثين من ناحية ،ومن ناحية أخرى يجعللل الصللانع يعمللل
بجد ،ويحافظ على ما في يده دون ظلم .فإن كللان الهلك
بسبب خارج عن إرادته دون إهمال منلله فل شلليء عليلله).
(38
ومسألة وضع المال في المصللرف وغيللره بعيللدا عللن هللذا
ما ،ويضمن رأس مللاله كللام ً
ل، الوضع؛ فهو يحدد الربح مقد ً
ل يعرضلله للهلك؛ فهللو يضللعه فللي مصللرف ،ويعلللم علللم
اليقين أنه سوف يأخذ أصل ماله مع زيادة متفق عليه.
فهذا الكلم وإن ظن أن فيه مصلحة لبعض النللاس إل أنلله
يتعارض بنص قطعي الثبوت والدللة من كتاب الله تعللالى
وهللو قللوله تعللالى" :وإن تبتللم فلكللم رءوس أمللوالكم ل
َتظلمون ول ُتظلمون" (39).فالله سبحانه وتعللالى يقللول:
"فلكم رءوس أموالكم ل َتظلمون" أي بأخللذ الزيللادة" ،ول
ضا ،بل لكم ما بذلتم ُتظلمون" أي بوضع رءوس الموال أي ً
من غير زيادة عليه ول نقص منه (40).د .طنطللاوي يقللول
ما تكللون زيللادة علللى رأس بتحديد نسللبة مللن الربللح مقللد ً
المال مع ضمان رأس المللال؛ فبللأي القللولين نأخللذ؟ بللأمر
الله وكلمه أم بأمر الدكتور محمد سيد طنطاوي؟
ثم يقول هذا من باب المصلحة المرسلة ،ومعلوم أنه "إذا
اتضللحت قطعيللة دللللة النللص مللن كتللاب أو سللنة؛ اتضللح
سقوط احتمال المصلحة المظنونة في مقللابله ،حللتى ولللو
كان لها شاهد من أصل تقاس عليه" (41).فهذه المصلحة
مصطدمة بنص قطعي الثبوت والدللة فاحتمالها أصل ً غير
قائم.
والصل الذي قيست عليه هللو تضللمين الصللناع لمللا يهلللك
تحت أيديهم بسبب الهمال ،ثم يقيس "خراب الذمم" في
هذا الزمان على الهمال؛ فهل هذه العلة )خللراب الللذمم(
تتفق مع علة الهمال من كل الوجوه؟ بالطبع ل .ونضلليف
إلى ذلك أن الصل في الذمة البراءة ل غيرها.
853
وإذا جئنا لشروط العلللة نجللد أنهللا تختلللف هنللا عمللا أورده
العلماء من شروط للعلة الصللحيحة؛ فمثل مللن الشللروط:
سلمة العلة عن الللرد والمعللارض الراجللح "والللذي يبطللل
الوصف الذي هو علة ويرده هللو النللص أو الجمللاع"(42).
وليس هناك نص أوضح مما ذكرناه مللن كتللاب ربنللا ،حيللث
يقللول" :وإن تبتللم فلكللم رءوس أمللوالكم ل َتظلمللون ول
ُتظلمللون" ) ،(43بالضللافة إلللى إجمللاع مللن المجللامع
والبحوث الفقهية.
ضا التي ينتفي معهللا هللذا القيللاس أل ومن شروط العلة أي ً
تكون علة الحكم في الصل المقيس عليه غير العلة الللتي
علق عليها الحكم في الفرع(44).
وكذلك مللن الشلروط الللتي ينتفللي معهلا القيللاس هنللا "أل
ما آخر غير حكللم الصللل"(45). توجب العلة في الفرع حك ً
فخراب ذمة المصرف يوجب البتعاد عنلله والنتظللار حللتى
تبرأ ذمته وينصلللح حللاله بمللا يوافللق الشللرع ،أمللا تضللمين
الصناع بسبب الهمال ل يوجب البتعاد عنهللم بللل القللرب
منهللم لخللذ الضللمان علللى القللل بللوجه حسللن ،أمللا فللي
المصرف فأخذ المال بدون وجه حق بل وزيادة عليه.
وكذلك ل بد مللن وضللوح العلللة ،وهللو مللا يتنللافى هنللا؛ لن
خراب الذمم شيء عللام ليللس محللددا ول معينللا ،والصللل
في العلة أن يكون الوصف المعلل به معينا ).(46
الدليل التاسع:
قال الشيخ محمد سيد طنطاوي :لم يقل أحد مللن الئمللة:
ما في عقللد المضللاربة يجعللله معاملللة إن تحديد الربح مقد ً
ربوية يحللرم فيهللا الربللح الناشللئ عللن العمللل فللي المللال
المستثمر؛ فالفقهللاء أجمعللوا علللى فسللاد عقللد المضللاربة
بسبب تحديد الربح(47).
ونقللول :إذا كللان الفقهللاء قللد أجمعللوا علللى فسللاد عقللد
المضللاربة ..فهللل المقصللود أن يسللتمر ذلللك العقللد مللع
فساده؟ ففساد العقد دليل على انتهائه ،ومن ثللم ل يكللون
هناك ربللا أو غيللره؛ لن العقللد قللد انتهللى ،ولللذلك حكمللوا
بفساد كل عقللد للمضللاربة اشللترط فيلله أحللد المتعاقللدين
زيادة معينة.
854
ولم يتعرض أحد من الفقهاء -فيما نعلم -لسللتمرار العقللد
على هذا النحو؛ لنه من المعروف أن آراءهم أحكام يعمل
بها ،فليس من المعقللول أن يخالفهللا أحللد؛ لنهللا مسللتمدة
من الشريعة.
دا فهلل نلبيحه ،ثلم نجعلل منله أصلل فإذا كان العقللد فاسل ً
نقيس عليه فرعا -وهللو أربللاح البنللوك مللع ضللمان سلللمة
ضا؟! كان مللن الولللى علللى رأس المال -ونحكم بصحته أي ً
أقل تقلدير أن نحكللم بفسللاده وإلغلائه وتحريملله بلدل ً ملن
الحكم باستمراره والقياس عليه.
وهذا هو المصدر
http://www.islamonline.net/Arabic/co...ticle05a.shtml
خامسًا:
بيللن الللدكتور حسللين حامللد مشللكورا ً الشللكال المتعلللق
بسؤال المستفتي وبالشكال المتعلق بمجمع البحوث:
اقتباس:
إباحة الربا ..السؤال الملغوم والفتوى المغلوطة
د .حسين حامد
25/12/2002
في الثاني والعشللرين مللن شللهر أكتللوبر مللن عللام 2002
أرسل السللتاذ الللدكتور حسللن عبللاس زكللي عضللو مجمللع
البحوث السلمية ،وزير القتصاد السلبق ،رئيلس مجللس
إدارة بنك الشللركة المصللرفية العربيللة الدوليللة كتاب ًللا إلللى
فضيلة المام الكبر الللدكتور محمللد سلليد طنطللاوي شلليخ
الزهر )اضللغط هنللا لتطللالع نللص الستفسللار( ،يعيللد فيلله
السؤال عن حكللم اسللتثمار المللوال فللي المصلارف الللتي
ما .وقللد أحللال فضلليلة المللام تقوم على تحديد الربح مقللد ً
الكللبر الكتللاب للعللرض علللى مجلللس مجمللع البحللوث
السلللمية .وانعقللدت جلسللة مجلللس المجمللع فللي يللوم
الخميس 25من شعبان سنة 1423هل الموافللق 31مللن
أكتوبر سنة 2002م )اضغط هنللا لمطالعلة أسللماء أعضللاء
مجلس المجمع في هذه الونة( ،وعرض عليلله الموضللوع
المذكور .وبعد مناقشات العضاء ودراستهم قللرر مجلللس
المجمع فللي جلسللة الخميللس 23مللن رمضللان 1423هل ل
855
الموافللق 28مللن نوفمللبر 2002م ..الموافقللة علللى أن
ما حلل استثمار الموال في البنوك التي تحدد الربللح مقللد ً
عا ول بأس به .وقد صدرت الفتوى ممهورة بتوقيع. شر ً
فضيلة الستاذ الدكتور محمد سلليد طنطلاوي )اضللغط هنلا
لمطالعة نص الفتوى(
غير أن هناك عدة محاذير تطال كل من السللؤال والفتللوى
دة عليه؛ بحيث يمكن القول بوجود تجاوز في السؤال، الرا ّ
جعله يخالف حقيقة الوضع؛ مما هيأ الفرصة لحدوث لبللس
أو سوء فهم حيال السؤال المقدم ..وبالتالي فللي الفتللوى
المجيبة على هذا السللتفتاء .وهللذا مللا جعللل هللذه الورقللة
تتطلع لفحص كل من السؤال والجابة.
سؤال مخالف للطار القانوني للمعاملت المصرفية
حين بدأنا بمطالعة السؤال محل التناول ،وهو طلب الفتيا
المقدم من الستاذ الدكتور حسن عباس زكي ،وهو عضللو
مجمع البحوث السلللمية قبللل أن يكللون مقللدم السللتفتاء
محل التناول ،وجللدنا أن هللذا السللؤال ل ينطبللق علللى مللا
يجلللري عليللله العملللل فلللي البنلللوك التجاريلللة والبنلللوك
المتخصصة .ولنلق نظرة علللى مللا يللدعونا للتنللادي للنظللر
إلى السؤال قبل الفتللوى .والعتبللارات الللتي لللدينا يمكللن
تناولها وفق الطرح التالي:
-1هذه المعاملة بهذه الصورة ل يجري عليهللا العمللل فللي
البنوك التجارية ول المتخصصة ،ل في مصر ،ول فللي البلد
العربيللة ،بللل تنللاقض مللا نصللت عليلله القللوانين المدنيللة
وقوانين التجارة وقوانين الجهاز المصرفي في هللذه البلد.
فإن هذه الفتوى ل تطبق على ودائع البنوك.
-2قد يكللون البنللك مقللدم السللؤال يطبللق هللذه الصلليغة،
ويتلقى الودائع بصللفته وكيل ً عللن المللودعين فللي اسللتثمار
هذه الودائع في معاملته المشروعة ،وهذه مسللألة ادعللاء
على واقع ،وتحتاج إلى إثبات .ومع ذلك فللإن هللذه الوكاللة
باطلة بالجماع؛ لن جميع عوائد وأربللاح المللال المسللتثمر
بعقد الوكالة تكون للموكل؛ لنه المالك للمللال المسللتثمر،
كما أنه يتحملل جميلع خسلائره اللتي تحلدث بسلبب ل يلد
للوكيللل فيلله ول قللدرة للله علللى دفعلله ول تلفللي آثللاره،
856
وللوكيل أجر معلوم يجب النللص عليلله فللي عقللد الوكالللة،
وهو يحدد بمبلغ مقطللوع أو نسللبة مللن المللال المسللتثمر،
وهو مللا لللم يتحقلق فللي الصلورة المسلئول عنهللا ،بلل إن
الوكيل هو الذي يستحق أرباح اسللتثمار الوديعللة ،ويتحمللل
خسائرها ،ويحدد للموكل مالك الوديعة قدًرا أو نسللبة مللن
حا.
رأس المال ،ويسميها رب ً
والبنوك السلمية تمارس هذه الصللورة بمقتضللى قللوانين
ونظم إنشللائها؛ فهللي تتلقللى الللودائع وتسللتثمرها لحسللاب
أصلللحابها وعللللى مسلللئوليتهم؛ فلهلللم أربلللاح ويتحمللللون
خسللائرها الللتي تحللدث بسللبب ل يللد للبنللك فيلله ،وهللو مللا
يسللمى فللي القللانون بللالقوة القللاهرة والسللبب الجنللبي.
دا فللي عقللد الوكالللة فللي ويسللتحق البنللك أجللًرا محللد ً
الستثمار ،بمبلغ مقطوع أو نسبة من الوديعة المسللتثمرة.
ضللا
وبالقطع فإن هذه الودائع مملوكة لصحابها وليست قر ً
للبنك ول ديًنا في ذمته.
-3والدليل على أن المعاملة موضوع السللؤال والفتللوى ل
يجري عليها العمل ،ول تسمح بهللا القللوانين المطبقللة فللي
البنوك ،وأن المطبق إنما معاملة أخرى مختلفة عنها جملة
وتفصيل ،يأتي وفق عدة اعتبارات ،هي:
العتبار الول :الفتوى تفللترض وجللود بنللك يتلقللى الللودائع
والمدخرات من المتعاملين معه؛ "ليكون وكيل ً عنهللم فللي
ف
اسللتثمارها؛ وهللو مللا يعنللي وجللود عقللد وكالللة مسللتو ٍ
لشروطه ،وتترتب عليه أحكام الشريعة ،ينظم العلقة بين
البنللك والمللودع .وهللذا القللول منللاقض لحكللم القللوانين
المطبقة ،ول وجود له في واقع البنوك.
إن الذي ينظم علقة البنك بمودعيه هو عقد وديعة النقود،
أو الوديعة الناقصللة بلغللة القللانون .وحكللم هللذا العقللد أنلله
ينقل ملكية الوديعة إلى البنك ،ويخوله استخدامها لحسابه
وعلى مسئوليته؛ فله وحلده ربحهللا وعليله خسلارتها ،وهلو
يدفع للمودع فائدة وهللي نسلبة مللن رأس المللال مرتبطلة
حا" .والبنللك يلللتزم بللرد الوديعللة؛ لنلله بالمدة ويسميها "رب ً
مدين بها ،وهذه المعاملللة قللرض بللالقطع ،وفًقللا لنصللوص
القانون وحكم الشريعة؛ وهو ما يجعل الزيادة المشللروطة
857
عليهللا ربللا بالجمللاع؛ لقللوله عليلله الصلللة والسلللم" :كللل
قرض جر نفًعا فهو ربا" ،وكان الللواجب أن تصللدر الفتللوى
على المعاملة حسبما يقررها القانون ويجري عليها العمللل
دون افتراض صورة خيالية غير واقعة ،حتى ل يقللع اللبللس
لدى العامة بأن حكم هذه الصورة المتخيلة ينطبق على ما
يجري عليه العمل في البنوك.
فالمادة رقم 726من القانون المدني الجديللد تنللص علللى
أنه "إذا كانت الوديعة مبلًغا من النقللود ،أو أي شلليء آخللر
مما يهلك بالستعمال ،وكان المودع عنللده مأذون ًللا للله فللي
ضا" .وهذا هللو الحكللم فللي بقيللة استعماله؛ اعتبر العقد قر ً
القوانين العربية].[1
ويقول الدكتور السنهوري" :وأكثر ما ترد الوديعة الناقصللة
على ودائع النقود في المصارف؛ حيث تنتقل ملكية النقود
إلى المصرف ،ويللرد مثلهللا بعللد الطللب أو بعللد أجللل ،بللل
ويدفع المصللرف فللي بعللض الحيللان فللائدة عنهللا؛ فيكللون
ضا ،وقد أحسن المشرع المصري العقد في هذه الحالة قر ً
ضا"] ،[2ثم يقول" :ل محللل في اعتبار الوديعة الناقصة قر ً
للتمييز بين الوديعة الناقصة )وديعة النقود( والقرض؛ حيث
إن المللودع فللي الوديعللة الناقصللة ينقللل ملكيللة الشلليء
المودع إلى المودع عنده ،ويصبح هذا مديًنا برد مثله"].[3
وتنللص المللادة 301مللن القللانون رقللم 17لسللنة 1999
بإصدار قللانون التجللارة المصللري علللى أن "وديعلة النقللود
عقد يخول البنك ملكية النقللود المودعللة ،والتصللرف فيهللا
بما يتفق ونشللاطه ،مللع الللتزام بللرد مثلهللا للمللودع ،طبًقللا
لشروط العقد".
وتنص المادة 300من نفس القانون على أن أحكام الباب
الثالث منه ،الخللاص بعمليللات البنللوك ،ومنلله المللادة 301
"تسري على العمليات الللتي تعقللدها البنللوك مللع عملئهللا،
تجاًرا كانوا أم غير تجار ،وأًيا كانت طبيعة هذه العمليات".
فهللذه النصللوص القانونيللة تقطللع بللأن وديعللة النقللود فللي
البنوك قرض .وقد أكد فقهاء القانون هذا بما ل يدع مجال ً
للشك .وحيث إن هناك إجماعًللا علللى أن "كللل قللرض جللر
858
نفًعا فهو ربللا" كمللا جللاء فللي الحللديث الشللريف ،فللإن مللا
دا.حا أو عائ ً
ي رب ًسم َ
يصرف للمودع يعد ربا وإن ُ
شرط فيه أن يقول ابن قدامة المقدسي]" :[4وكل قرض ُ
يزيد فهو حرام بغير خلف ،قال ابن المنذر :أجمعللوا علللى
أن المسلف إذا شرط علللى المستسلللف زيللادة ،أو هديللة
فأسلف على ذلك؛ فإن أخذ الزيادة على ذلك فهو ربا".
وقد روى البخللاري فللي صللحيحه عللن أبللي بللردة بللن أبللي
موسى ،قال" :قدمت المدينة ،فلقيت عبد الله بللن سلللم،
ش ،فلإذا كلان للك علللى فقال لي :إنك بأرض فيها الربا فا ٍ
رجل حق فأهدى إليك حمل تبللن أو حمللل شللعير أو حمللل
قت فل تأخذه فإنه ربا" .وروى البخللاري فللي تللاريخه عللن
أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" :إذا أقرض فل
يأخذ هدية".
وإنللي لعجللب كيللف غللاب عللن العلمللاء الفاضللل أعضللاء
المجمع هذه الحقائق مع سعة علمهم وغللزارة اطلعهللم؟
غير أن عذرهم هو أنهم يجيبون على سؤال يعرض صللورة
محللددة ،هللي "تلقللي البنللك للللودائع لسللتثمارها بطريللق
الوكالة في صيغ استثمار مشروعة" ،وكللان الجللواب علللى
قللدر السللؤال وإن بصللورة افتراضللية غيللر متحققللة فللي
الواقع.
ما للمودع بصفته موكل ً وإن كنا سنرى أن تحديد مبلغ مقد ً
حا؛ لنه يناقض أحكام الوكالللة عا ،ولو سمي رب ً
ل يجوز شر ً
في السللتثمار الللتي أجمللع عليهللا الفقهلاء ،وهللي :أن ربللح
الوديعة المستثمرة كله للمودع ،وأن خسللارتها الللتي ل يللد
للوكيل فيها عليه .وأن أجر الوكيل يجب تحديده عند توقيع
عقلللد الوكاللللة بمبللللغ مقطلللوع أو نسلللبة ملللن الوديعلللة
المستثمرة .وهذا كله يقتضللي أن يمسللك الوكيللل )البنللك(
حسللاًبا مسللتقل ً للوديعللة أو مجمللوع الللودائع ،يقيللد فيلله
اليرادات والمصروفات حتى يتحللدد الربللح الللذي يسللتحقه
الملودع أو مجموعلة الملودعين ،وذللك عللى النحلو اللذي
تمارسه البنوك السلمية فلي عمليلات السلتثمار بطريلق
الوكالة.
859
العتبار الثاني :أنه على فرض أن العقد الذي ينظم علقللة
البنك والمودعين فيه هو عقد وكالللة فللي السللتثمار ،وهللو
فرض يناقض حكم القوانين وينللافي الواقللع العملللي؛ فللإن
البنللوك التجاريللة والمتخصصللة ل تملللك اسللتثمار الللودائع
بنفسها استثماًرا مباشلًرا؛ بمعنللى التجللار فيلله ،بللل تملللك
إقراضه للغير بفائدة .فالقانون المصري رقللم 163لسللنة
1957والقوانين المعدلة له تنص على ما يأتي:
المادة رقم 26مكللرًرا] [5تنللص علللى أنلله "تخضللع جميللع
البنوك التي تمارس عملياتها داخل جمهورية مصر العربيللة
لحكام هذا القانون".
والمادة رقم 38من نفس القانون تنص علللى أنلله "ُيعتللبر
كا تجارًيا كللل منشللأة تقللوم بصللفة معتللادة بقبللول ودائع بن ً
تدفع عند الطلب أو بعد أجل ل يجاوز سللنة" )عللدلت مللدة
الوديعة بالزيادة(.
والمادة رقم 39من نفس القانون تنص على أنلله "يحظللر
على البنك التجاري أن يباشر العمليات التية:
) أ( التعامللل فللي المنقللول أو العقللار بالشللراء أو الللبيع أو
المقايضة فيما عدا:
-1العقار المخصللص لدارة أعمللال البنللك أو للترقيللة عللن
موظفيه.
-2المنقول أو العقار الذي تئول ملكيتلله إلللى البنللك وفللاء
لدين له قبل الغير قبل أن يقوم البنك بتصفيته خلل سللنة
من تاريخ أيلولة الملكية بالنسبة للمنقللول وحللتى سللنوات
بالنسبة للعقار ،ويجوز لمجلس إدارة البنللك المركللزي مللد
هذه المدة عند القتضاء.
)ب( امتلك أسللهم الشللركات المسللاهمة ،ويشللترط "أل
تجللاوز القيمللة السللمية للسللهم الللتي يملكهللا البنللك فللي
الشركة مقدار رأسماله المصدر واحتياطياته".
والمادة رقم [6]45تنص علللى أنلله "يحظللر علللى البنللوك
العقارية والبنوك الصناعية وبنوك الستثمار نفس العمللال
المحظورة على البنوك التجارية".
فهذه النصللوص تقطللع بللأنه يحظللر علللى البنللوك التجاريللة
وغير التجاريللة العاملللة فللي مصللر السللتثمار عللن طريللق
860
التجار بالشراء والبيع بصللفة مطلقللة ،إل إذا كللان التملللك
وفاء لدين ،وبشرط التصرف في العقار أو المنقللول خلل
ما لدارة البنللك أو مللدة محللددة ،أو كللان العقللار مسللتخد ً
لماكن ترقيلة ملوظفيه .وحلتى فلي حاللة المشلاركة فلي
تأسيس الشللركات وشللراء أسللهم ،يحظللر علللى البنللك أن
يمس الللودائع مطلًقللا ،بللل إن للله أن يتصللرف فللي حللدود
حقوق المساهمين.
فافتراض الفتوى محللل النظللر أن البنللوك تقللوم باسللتثمار
الودائع بالتجار فيها بالبيع والشراء بصفة مباشرة ،أو حتى
شراء أسهم الشركات افتراض غير صللحيح ،وبنللاء الفتللوى
عليه باطل .وإذا كنا نتكلم عن أمر واقللع ..فلأين هللو؟ وأي
بنك يقوم باستثمار الودائع بنفسه استثماًرا مباشًرا؟ وأيللن
يعمل؟ أيعمل في مصر أم في الخارج؟؟
ول أدري كيف غاب عن أعضاء المجمع -مع سعة علمهللم،
وكللثرة اطلعهللم ،ومعرفتهللم بواقللع الجهللاز المصللرفي
المصري والعربي والعالمي وطريقة عمله ،وفًقا للقللوانين
المنظمة له -أن البنوك في مصر ليست حللرة فللي القيللام
باستثمار الودائع بنفسها استثماًرا مباشًرا في التجار بالبيع
والشلللراء للعقلللارات والمنقلللولت ،أو المسلللاهمة فلللي
الشركات ،وإنما الصل أنهللا ُتقللرض الللودائع بسللعر فللائدة
أعلى من سعر الفائدة الذي تدفعه علللى الللودائع ،ويكللون
الفرق بين الفوائد الدائنة والمدينللة هللو ربللح المسللاهمين،
بعد خصم المصروفات العمومية والدارية ،وذلك بالضللافة
إلى مقابل الخدمات المصرفية.
وعلى كل حال فإن الفتوى ل يتحقللق منللاط تطبيقهللا فللي
البنوك التجارية أو المتخصصلة؛ لن الفتلوى تفلترض قيلام
البنوك التي تتلقى الودائع بصفتها وكيل استثمار ،باستثمار
هذه الودائع بنفسها استثماًرا مباشلًرا بالتجللار فيهللا بللالبيع
والشراء وغيرهما ،وهذا محظور على هذه البنوك.
والللذي يقللوم باسللتثمار الللودائع بصلليغ وعقللود اسللتثمار
شرعية ،وبطريقة مباشللرة علللى أسللاس عقللد الوكالللة أو
المضللللاربة أو المشللللاركة ،أو المرابحللللة أو السلللللم أو
الستصناع ..هي البنوك السلمية .فإذا استثمرت بطريللق
861
الوكالة فإن الربح كله لمالك الوديعة والخسارة التي ل يللد
للبنك فيها عليه؛ لنه المالك للوديعة ،ويستحق البنك أجللًرا
دا بمبلغ مقطوع أو نسبة من الوديعة المستثمرة. محد ً
وإذا كان الستثمار بطريق المضاربة؛ فللإن البنللك يسللتحق
النسبة المتفق عليها مللن ربللح اسللتثمار الللودائع ،والبللاقي
يوزع علللى أصللحاب الللودائع؛ وذلللك وفللق نسللبة ودائعهللم
ومللدد اسللتثمار هللذه الللودائع ،وذلللك بحكللم أن المللودعين
يملكون هذه الودائع ،ول يقرضونها للبنك.
وإذا كان البنللك يسللتثمر الللودائع بطريللق المشللاركة؛ فللإن
البنك يستحق حصة في الربللح بنسللبة مشللاركته ،والبللاقي
للمودعين مقابل استثمار ودائعهم .والشريك المودع يملك
حصة في المشاركة وهي الوديعة.
العتبللار الثللالث :وعلللى فللرض أن البنللوك تتلقللى الللودائع
بصفتها وكيل اسلتثمار ،وعللى فلرض أنهلا تمللك اسلتثمار
الللودائع بنفسللها اسللتثماًرا مباشللًرا بالتجللار فيهللا بللالبيع
والشراء وشراء السهم ،وهو فرض غير جائز قانوًنلا وغيللر
واقع عمل ً وممارسة ،على فرض ذلك كللله ..فللإن الفتللوى
تنص على أن استثمار الودائع يكون في "عمليللات البنللوك
المشروعة" .وهذا الفرض غير واقع؛ ذلك أن البنوك تملك
استخدام الودائع في عمليات القللراض بفللائدة ،وهللي ربللا
محرم باتفاق .والفتوى نفسها لم تتعرض لحكللم اسللتخدام
البنك لودائعه في إقراضها بفائدة برغللم كللونه ربللا محّرمللا
باتفاق.
وتنص المادة الرابعة مللن القللانون رقللم 37لسللنة 1992
دل بكلمة "الفائدة" أينما وردت في القللانون على أن ُتستب َ
رقم 163لسنة 1957أو القانون رقم 120لسلنة 1975
كلمللة "العللائد" ،وهللو ل يغيللر مللن الحكللم الشللرعي ،وهللو
حرمللة كللل زيللادة عللن مبلللغ القللرض؛ ذلللك أن الحكللم
الشرعي مرتبط بكلمة "النفع" بكل صوره وجميع أشكاله،
حا كانت أو بصرف النظر عن التسمية التي ُتطلق عليه ،رب ً
دا أو هدية أو منحة أو مكافأة أو جائزة؛ فالرسول عليه عائ ً
الصلة والسلللم يقللول" :كللل قللرض جللر نفعًللا فهللو ربللا".
862
فللالعبرة هنللا بكللون المللدفوع نفعًللا ،بصللرف النظللر عللن
تسميته.
وإذا ثبت أن الودائع تسللتخدم بطريللق القللراض بفللائدة أو
عائد -كما يسميه القانون ،-كان افتراض الفتوى أن البنللك
"يستثمر الودائع فللي معللاملته المشلروعة" افتراضلا غيلر
واقع وغير صحيح ،وبناء الفتوى عليه باطل ،ولو فللرض أن
كا يتلقى الودائع بصفته وكيل استثمار ،ويسللتثمرها هناك بن ً
في معاملته المشللروعة اسللتثماًرا مباش لًرا بصلليغ وعقللود
استثمار مشروعة ول يقرضها للغير بفائدة؛ لكانت الفتللوى
منطبقة على هذا البنك )أي يتحقق فيه مناط الفتوى(.
فالفتوى التي بين أيللدينا ُأنيطللت وارتبطللت وتعلقللت ببنللك
يتلقى الودائع وفق عقد وكالة في الستثمار ،وليللس وفللق
عقللد وديعللة تأخللذ حكللم القللرض ،ويقللوم باسللتثمار هللذه
الودائع ،والتجار فيها بنفسه )وهللذا محظللور علللى البنللوك
القائمة( ،ويتم التعامل فيها بصيغ وعقود استثمار شللرعية،
وليس بإقراضها بفائدة كما هو الوضع في البنوك العاديللة.
فإذا ما اختل أو انعدم أحد هذه العناصر التي تشكل منللاط
الفتوى فإن الفتوى ل تطبق.
ولقد ذكرنا أن الفتوى تنطبق على البنللوك السلللمية ،مللع
ملحظللة أن البنللوك السلللمية تلللتزم بشللروط وأحكللام
الوكالللة الشللرعية ،وأهمهللا حرمللة اشللتراط ربللح محللدد
ل؛ لن هللذا باطللل بالجمللاع ،وصللرف للمودع بصللفته مللوك ً
الربح كله للمودع بعد خصم أجرة البنك المحددة في عقللد
الوكالللة ،وتحميللل المللودع بصللفته مللوكل ً جميللع مخللاطر
اسللتثمار الوديعللة ،وخسللائرها الللتي ل يللد للبنللك فيهللا ،ول
قدرة له على توقعها أو تلفي آثارها )أي :إذا كانت بسللبب
قوة قاهرة ،أو بسبب أجنبي بلغة القانون(.
ولللو ُوجللد بنللك يتلقللى الللودائع بعقللد وكالللة مسللتوفية
لشللروطها ،وتللترتب عليهللا أحكامهللا الشللرعية؛ لكللانت
معاملته صلحيحة .ولكلن الوكاللة الملذكورة فلي الفتلوى،
على الرغم من أنها مجللرد اخللتراع وخيللال ينللاقض أحكللام
القوانين وواقع العمللل؛ فإنهللا وكالللة باطلللة بالجمللاع؛ لن
الوكيل )البنك( يأخذ أرباح الوديعة ،وليس أجًرا محدًدا فللي
863
عقلللد الوكاللللة ،ويتحملللل خسلللائرها ،ويشلللترط للملللودع
حللا ،وهللذه وكالللة
ما أسللماه رب ً دا مقللد ً)الموكل( مبلًغا محد ً
باطلة بإجماع الفقهاء طوال 14قرًنا من الزمان ،ول أظن
أن هذا يغيب عن علم أصللحاب الفضلليلة أعضللاء المجمللع،
وهم من المشهود لهم بالعلم والفضل والورع.
وخلصة الرد على هذا الجزء مللن الفتللوى أنهللا فتللوى فللي
معاملة افتراضية؛ حيث هذه المعاملة المستفتى فيها غيللر
ل ،بالنسللبة للبنللوك العاملللة جائزة قانوًنا ،وغيللر واقعللة عم ً
في مصر ،بل وفي غيرها من البلد العربية وغيرهللا .وهللي
صورة بنك يتلقى الودائع بصفة وكيللل اسللتثمار ،ويسللتثمر
هذه الودائع بنفسه في معللاملت وبصلليغ وعقللود اسللتثمار
مباشرة ،وهذه المعللاملت وتلللك الصلليغ تتفللق مللع أحكللام
الشريعة السلمية.
وإذا فرضنا جدل ً أن البنوك تقبل الودائع بصفتها وكيل ً عللن
المللودعين لسللتثمارها بنفسللها والتجللار فيهللا اسللتثماًرا
مباشًرا؛ فإن هذا الستثمار يجب أن يكون بصلليغ اسللتثمار
شرعية كللالبيع والشللراء والستصللناع والمرابحللة والسلللم
والمشاركة وغيرها من الصلليغ والعقللود الشللرعية ،وليللس
بصيغة القراض بفائدة ،كما أنه يجب أن تكون الوكالة في
السللتثمار مسللتوفية لشللروطها الشللرعية ،وتللترتب عليهللا
الحكام والثار التي ترتبها الشللريعة السلللمية؛ مللن كللون
الربح كله للمودعين ،وللبنك الجللر المحللدد المتفللق عليلله
في عقد الوكالة ،على أن تكون خسارة الودائع التي ل يللد
للبنك فيها على أصحابها؛ لنهم المالكون لها.
فرد البنك للودائع التي يستثمرها بطريق وهذا يقتضي أن ي ُ ِ
مللدقًّقا ،تقيللد فيلله إيللراداتما ُالوكالة حساًبا مستقل ً منتظ ً
ومصللروفات جميللع المعللاملت الشللرعية الللتي يقللوم بهللا
البنللك ،حللتى يتحللدد الربللح المسللتحق للمللودعين ،بعللد أن
يخصم البنك الجرة المتفق عليها عند اليداع.
والبنوك السلمية تقوم بهذا العمل علللى الللوجه السللابق،
وذلك بجانب قيامها باستثمار الودائع بصيغة المضاربة التي
يستحق فيها البنك نسبة محددة من الربح بدل ً من الجللرة
المحددة بمبلغ مقطوع أو نسللبة مللن الللودائع المسللتثمرة،
864
وقد تستثمر البنوك السلللمية الللودائع بصلليغة المشللاركة؛
فيستحق البنللك حصللة مللن الربللح تناسللب مسللاهمته فللي
المشللاركة ،ويأخللذ المودعللون نسللبة مللن الربللح تناسللب
مساهماتهم.
وأمللا اسللتخدام الللودائع فللالبنوك السلللمية تسللتثمرها
استثماًرا مباشًرا بعقللود وصلليغ شللرعية كالمرابحللة والللبيع
المؤجل وبيع السلللم والستصللناع والمشللاركات ،ول تللدفع
البنوك السلمية هذه الللودائع بصلليغة القللرض لمللن يقللوم
باستثمارها؛ فالبنوك السلمية ل تقوم بالقراض والتمويل
النقدي ومنح التسهيلت الئتمانية ،بل إنهللا بنللوك اسللتثمار
منتللج للسلللع والخللدمات ،وبنللوك تنميللة حقيقيللة ،وتلللك
رسالتها ،حسب قواعد الشريعة ،وقوانين ونظللم إنشللائها،
والتراخيص التي منحتها الدول التي توجد فيها هذه البنلوك
لها؛ فإن قصرت أو أخطأت كانت مسئولة أمللام الللله ،ثللم
الدولة التي منحتها هذه التراخيص ،والمجتمع الذي منحهللا
ثقته.
وقللد يحللدث هللذا التقصللير بسللبب عللدم كفايللة العناصللر
المؤهلة ،أو عدم العناية بتدريبها ،ولكنها في جميع الحوال
يجب أن تجمع المدخرات ،وتوجهها للستثمار المنتج بصيغ
شرعية مساهمة في خطط التنميللة .ويجللب علللى الدولللة
والمجتمع أن يعيناها على ذلك ،ويحكمللا الرقابللة عليهللا؛ إذ
إن الذين يتعللاملون مللع هللذه البنللوك يعتمللدون علللى أنهللا
تلتزم بأحكام الشريعة في تلرك الربلا اللذي يلؤذن بحلرب
الله ورسوله ويمحق البركة في المجتمع ،وأن هذه البنوك
تسهم في نفس الوقت في تمويل خطط التنمية .ذلللك أن
البنللك السلللمي ل يتقاضللى فللائدة علللى قللرض؛ لنلله ل
ُيقرض الودائع ،وإنمللا يسللتحق حصللة مللن ربللح العمليللة أو
المشروع ،ول يتحقق الربح إل إذا كان ثمللة مشللروع منتللج
ومحقق للربح وفللق دراسللة الجللدوى ،وبللذلك يللواكب كللل
تمويللل لعمليلة إنتلاج ينتلج عنهللا ربلح ،وهلذا يسللاعد عللى
تخفيلف حلدة التضلخم ،ويلوجه اسلتخدامات الملوارد فلي
حا.
المجتمع توجيًها صحي ً
865
إن دعم ومساندة البنوك السلمية تلللبي أشللواق ورغبللات
شللريحة كللبيرة مللن المجتمللع الللتي آمنللت بحرمللة الربللا،
وبكونه يمحق البركة من الرزق ،ويعرض المرابللي لحللرب
من الله ورسوله ل قبل له بها ،ولهم حق ممارسللة أحكللام
دينهم ،ويفيد الجهلاز المصلرفي ملن ودائع يمتنلع أصلحابها
عن إيداعها في البنوك الربوية ،بدل ً مللن أن تتسللرب هللذه
الودائع ،وُيحرم منها المجتمع.
ول يضللير البنللوك التقليديللة وجللود بنللوك إسلللمية؛ لن
الملللتزمين بأحكللام دينهللم إذا لللم توجللد بنللوك إسلللمية ل
يودعون في البنوك التقليدية .لذا فإن إثارة هذا الموضللوع
ل يفيد المجتمع بحال.
إشكاليات تتعلق بفتوى مجمع البحوث السلمية
إن كللان التنللاول النقللدي السللابق يتعلللق بالشللكال الللذي
انطوى عليلله السللؤال مللن توصلليف غيللر حقيقللي لطبيعللة
النشاط القتصادي الذي تمارسه المصارف ،ومن ثم سوء
الفهم المترتب على هذا التوصلليف الخللاطئ؛ فللإن الجللزء
الذي بين أيدينا يتناول تجاوزات في فتوى مجمللع البحللوث
نفسها ) اضغط هنا لمطالعة نص الفتوى(.
لقد ذكرت الفتوى بعض الدلة على مللا توصلللت إليلله مللن
ما لصحاب الودائع في البنللوك حكم بأن تحديد الرباح مقد ً
حلل ل شللبهة فيلله .واسللتكمال ً للبحللث فللإني أذكللر هللذه
الدلة ،أو بالحرى التعليلت والمناسبات التي ذكرت لتأكيد
هذه الفتوى:
ل :جاء في الفتوى أنه "من المعروف أن البنللوك عنللدما أو ً
ما ،إنملاتحدد للمتعاملين معها هذه الرباح أو العلوائد مقلد ً
تحللددها بعللد دراسللة دقيقللة للسللواق الماليللة أو المحليللة
وللوضاع القتصادية في المجتمع ،ولظللروف كللل معاملللة
أو نوعها ومتوسط أرباحها".
وهذا التعليل أو التدليل ليس في محل النزاع؛ لن الخلف
ليس في طريقة تحديد ما ُيعطى للمودع ،بللل فللي الحكللم
الشرعي لما ُيعطى ،بصرف النظر عللن مقللداره وطريقللة
ضللا بنللص القللوانينتحديده .وقد تقدم أن الوديعللة ُتعللد قر ً
وبإجماع الفقهاء ،و"كللل قللرض جللر نفعًللا فهللو ربللا" بنللص
866
الحديث الشريف؛ ذلك أن واقع البنوك أنها تتلقللى الللودائع
وتملكها ،وتستقل باستخدامها في إقراض الغير بفائدة ،مع
التزامها بردها مع الفللائدة ،وهللذا هللو حكللم القللرض بنللص
القانون ،ول دخل بعد ذلك في كيفية أو طريقة تحديد هللذا
النفع أو مقداره أو مسماه؛ فقد ُتسمى هذه النتيجللة نفًعللا
دا أو فللائدة أو مكافللأة أو هديللة؛ لن العللبرة
حا أو عائ ً
أو رب ً
بما يرتبه العقد من آثار بين عاقديه .والحكللام ُتبنللى علللى
الواقع ل على الخيللال .ودعللوى أن البنللك وكيللل اسللتثمار،
وأنه يستثمر الودائع بنفسه في معاملت مشللروعة ،تقللدم
تفنيللده وإبطللاله ،وتوضلليح مخللالفته للقللانون والشللرع
والواقع.
ثانًيا :جاء في الفتوى أنه "مللن المعللروف أن هللذا التحديللد
)للربح الذي يعطى للمودع( قابل للزيادة أو النقص؛ بدليل
أن شهادات الستثمار بدأت بتحديد العائد ،ثللم ارتفللع إلللى
أكثر من ،%15ثم انخفض الن إلى ما يقارب .%10
وهذا التعليل أو التعديل في غيللر الموضللوع الللذي نتحللدث
عنه؛ إذ الحللديث علن الصلفة الشللرعية لملا يعطيله البنللك
للموِدع؛ وقد تقدم أنه ربللا؛ لنله منفعللة يمنحهللا المقللترض
رض )زيادة عن الللدين؛ لنهللا نسللبة مللن رأس المللال للمق ِ
مقابل الجل( .ول يجادل أحد في أن هذا هو حقيقة الربللا؛
لقوله عليه الصلة والسلم" :كل قرض جر نفًعا فهو ربا"،
ولجملاع الملة عللى أن الزيلادة علللى اللدين فلي مقابلل
ما كمللا جللاءشرطت مقللد ً الجل هي الربا ،سواء تحددت و ُ
في السؤال والفتوى ،أو كللانت العللادة جاريللة فللي البنللوك
بذلك.
وإذا ثبللت أن الوديعللة النقديللة قللرض يفيللد ملللك البنللك
للوديعللة ،وحقلله فللي اسللتخدامها مللع رد مثلهللا ،وأن ذلللك
قرض بحكم القانون والشرع؛ فإن كل زيادة على القللرض
ُتعطللى للمللودع تكللون ربللا مهمللا كللان قللدرها ،أو طريقللة
تحديدها ،أو التسمية التي ُتطلق عليها ،أو تغييرها بالزيللادة
والنقصان .ودعوى أن البنلك يتلقللى اللودائع بصلفته وكيلل
استثمار ،وأنه يستثمرها بنفسه فللي معللاملته المشللروعة
بالتجللار والللبيع والشللراء وغيللر ذلللك مللن عقللود وصلليغ
867
السللتثمار الشللرعية ،دعللوى يكللذبها الواقللع ،ويحظرهللا
القانون ،كما سبق شرحه وإثباته..
ثالًثا :جاء في الفتوى أن "الخلصة أن تحديد الربح مقللد ً
ما
للذين يستثمرون أموالهم عن طريق الوكالللة السللتثمارية
في البنوك أو غيرها حلل ،ول شللبهة فللي هللذه المعاملللة؛
فهي من قبيل المصالح المرسلة ،وليسلت مللن العقللائد أو
العبادات التي ل يجوز فيها التغيير أو التبديل".
والرد على ذلللك يكللون بتنللاول عللدة جزئيللات علللى النحللو
التالي:
ل :الحكم الشرعي إذا ثبت بالدليل ،وعُللرف منللاطه؛ فل أو ً
يجوز تغييللره ول تبللديله بحللال ،يسللتوي فللي ذلللك العقللائد
والعبادات وغيرها من المعاملت .غير أن تفسير النصللوص
الشرعية ،وتحديد مجال إعمالهاُ ،يرجع فيه إلللى المصلللحة
شرع الحكم لتحقيقها ،وذلللك فللي المعللاملت بخلف التي ُ
العبادات التي يقف فيها المجتهد عند النص ول يتوسع فللي
تفسيره .وهذا أصل أكده المام الشاطبي وغيره ،غير أنلله
في جميللع الحللالت إذا توصللل المجتهللد بهللذا المنهللج إلللى
حكم شرعي فإنه ل يحل تغييره أو تبديله.
وثمة فللرق بيللن العبللارتين؛ إذ إن عبللارة التغييللر والتبللديل
لحكام الشريعة ُتوهم أنها غير ملزمة للمكلف ،وهللذا رأي
نسب إلى الطوفي الحنبلي ،وهو منه بريء )راجللع نظريللة
المصلللحة فللي الفقلله السلللمي – ص ،533 :ومللا بعللدها
لكاتب التعليق( ،إذ لم يقل بذلك أحللد فللي تاريللخ الجتهللاد
السلمي .فقد نسللب بعللض المحللدثين إلللى الطللوفي أنلله
يقللدم المصلللحة علللى النللص والجمللاع فللي المعللاملت،
ورموه بأنه أول من فتح باب الشر ،وأن ما قللاله "باطللل"
صادر عن "مضل" "فللاجر" "سللاقط" ،ول يقللول بقللوله إل
مللن هللو "أسللقط منلله" ،وأن رأيلله فللي المصلللحة "إلحللاد
مكشوف" ،من أعار له سمًعا لم يكن له نصيب من العلللم
ول مللن الللدين ،وأن مللذهبه ليللس غلط ًللا فقللط مللن عللالم
حسن النية يحتمل التأويل ،بل فتنة فتللح بابهللا قاصللد شللر
ومثير فتن .ويقللول الغمللام أبللو زهللرة عللن الطللوفي" :إن
مهللاجمته للنصللوص وفكللرة نسللخها بالمصللالح أسلللوب
868
شلليعي"] ،[7ويللدافع الللدكتور مصللطفى زيللد عللن العلمللة
الطوفي ،ويقول" :إن خطأه في الجتهاد ل يعني أنلله كللان
متلعًبا بالمذاهب والعقائد"].[8
ثانًيا :هذه المعامللة ليسلت مللن بلاب المصلالح المرسللة؛
لنها وكالة في الستثمار كما جاء في الفتللوى .وقللد بينللت
الشريعة السلمية شروط الوكالة وأحكامها .فليست ممللا
سللكتت عنلله النصللوص الشللرعية ،وهللذه الحكللام باتفللاق
الفقهاء ،هي:
-1وجوب النص على أجر الوكيل في عقد الوكالللة ،سللواء
عا أو نسبة من المال المستثمر. كان مبلًغا مقطو ً
-2أن أرباح المال المستثمر كلها للموكل ،وخسارته عليلله
بحكم أنه المالك للمال.
-3وجللوب إمسللاك الوكيللل حسللاًبا مسللتقل ً عللن عمليللات
الوكالللة تقيللد فيلله إيللرادات العمليللات ومصللروفاتها؛ حللتى
تتحللدد الربللاح الللتي يسللتحقها الموكللل بعللد خصللم أجللرة
الوكيل.
دعاة في الفتوى ،رغم أنهللا مجللرد خيللال غيللر م ّ
والوكالة ال ُ
ف شللروطها واقللع ،فهللي وكالللة باطلللة؛ لنهللا لللم تسللتو ِ
الشرعية ،ولم يللترتب عليهللا الحكللام الللتي رتبهللا الشللارع
عليها.
وخلصة ردنا على الفتوى أنها ل تطبق علللى البنللوك الللتي
تعمللل فللي مصللر ،ول فللي غيرهللا مللن البلد العربيللة؛ لن
مناط الفتوى غير متحقق فللي هللذه البنللوك؛ فهللي ليسللت
وكيلللة فللي السللتثمار ،ول تملللك السللتثمار والتجللار فللي
الودائع بطريقة مباشرة بحكم القوانين المنشئة لهللا ،كمللا
أن توظيفهللا للمللال غيللر مشللروع؛ لنهللا تقرضللها بفللائدة
محرمة.
وإذا ُفرض وجود نظام مصرفي يقوم على أساس الوكالللة
في الستثمار؛ فإن هذه الوكالة يجب أن تتللوافر شللروطها
الشلللرعية ،وأن تلللترتب عليهلللا أحكامهلللا اللللتي ل ُتنلللافي
مقتضاها.
869
إن البنللوك السلللمية تقللوم بتلقللي الللودائع ،واسللتثمارها
بطريق مباشر ،وبصيغ وعقود شرعية في عقد الوكالة في
الستثمار بجانب صيغ أخرى.
المصدر:
http://www.islamonline.net/Arabic/co...rticle06.shtml
سادسًا:
فإنه من المعلوم أن قرار مجمللع البحللوث المتللأخر )سللنة
(2002قرار شاذ
فقد أجمع الكل في مجمع رابطللة العللالم السلللمي علللى
تحريم فوائد البنوك
وأجمع الكل في مجمللع منظمللة المللؤتمر السلللمي علللى
تحريم فوائد البنوك
بل أن مجمع البحوث أقر بالجماع بأن فللوائد البنللوك هللي
عيللن الربللا المقطللوع بتحريملله عللام 1965وبحضللور 85
عضو من 35دولة
وليس 14عضوا مللن دولللة واحللدة بينهللم رئيللس مجلللس
إدارة بنك ربوي
يرأسهم الدكتور سيد طنطاوي المعروف توجهه ول يحتللاج
أن أزيد
المشاركة الصلية كتبت بواسطة الشامري
مشاهدة المشاركة
من أجابك بأنه ليس بالضرورة أن تعرف لماذا تم التحريم
قد أصدقك القول
فتسمية الواحد منا بمسلللم؛ أي أنلله أسلللم أمللره لللله عللز
وجل
بمعنى إذا حرم الله ورسوله صلى الله عليه وسلللم أمللرًا،
فإننا نسلم بالمر دون جدال.
من الممكن أن أكتب لك مقال ً مطول ً أو بحثا ً مفصللل ً فيلله
الكثير من النظريللات القتصللادية لنسللتخلص أضللرار الربللا
من وجهة نظري الشخصية
إل أن كلمللي لللن يكللون إل كلم لا ً قلتلله بنللاًء علللى بحللث
واجتهللاد لمعرفللة سللبب التحريللم ومللع ذلللك لللن يكللون
870
بالضرورة كلما ً حاسمًا" ،فكللل قللول يللرد إل صللاحب هللذا
القبر"
لذلك لن تجد أفضل من التسليم بأمر الله تعالى.
تقول ليس بالضروره أن نعرف لماذا تم التحريم ..طيللب
كيف سنفصللل فللي موضللوع معللاملت البنللوك الللدينيه إن
كللانت ربللا أم ل ؟؟ أل يفللترض أن نأخللذ النتللائج المللترتبه
عليها بعيللن العتبللار ؟ و إل مللا هللو المقيللاس برأيللك ؟ إذا
كنت تقصد الطريقه ..فأعطيتك مثال على -أهل السللبت-
حين تحايلوا على أوامر الله في طريقة صيد السللمك فللي
اليوم المحرم عليهم ,و في ذلك نسخه مطابقه .
أضف إلى ذلك حديث الرسللول عليلله الصلللة و السلللم "
إنما العمال بالنيات و ان لكل إمرئ ما نوى "
ثم أننا لسنا معترضين حتى تقول :نسلم !
لحظ أنك تريدنا ان نسلم بللرأي الفقهللاء المختلفيللن فيمللا
بينهم أصل ..و ليس برأي الدين .
و قلت في موضع سابق -فيما معناه -أن على القتصاديين
إتباع راي الفقهاء حتى لو رأوا :عدم الصلح !
أعرف أن لديك إجابه كافيه و وافيه عن سؤالي لكنللك لللم
تفعل ..و ل أريد إجابه حاسمه .
المشاركة الصلية كتبت بواسطة sprite
مشاهدة المشاركة
تقول ليس بالضروره أن نعرف لماذا تم التحريم ..طيللب
كيف سنفصللل فللي موضللوع معللاملت البنللوك الللدينيه إن
كانت ربا أم ل ؟؟
ٌ
نعم ليس بالضرورة أن تعرف لماذا حرم هذا ولمللاذا أبيللح
ذاك وهذا هو الصل في السلم
أن نسلم بما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
عدا ذلك فإنه يترتب علينا أن نتجه فيمللا ُأبيللح وأن نمضللي
به
أملللا موضلللوع معلللاملت البنلللوك السللللمية ))وليسلللت
الدينيللة ...لننللي لللم أسللمع بللأي بنللك دينللي(( فهللذا مللا
سيوضحه لك المبحث الثاني والثالث من هذا البحث
اقتباس:
871
المشاركة الصلية كتبت بواسطة sprite
مشاهدة المشاركة
أل يفترض أن نأخذ النتائج المترتبه عليها بعين العتبار ؟ و
إل ما هو المقياس برأيك ؟
ل طبعا ً ...ليفترض أن نأخذ النتائج المترتبة على ذلللك إل
إذا أردنا نناقش بها من هم على غير دين السلم لنهللم ل
يقرون بما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.
أما المقياس؛ فالصل فيه أن نبتعللد عللن الللبيوع المحرمللة
أو ً
ل:
كالبيوع المنهي عنها باعتبر وصف الغرر:
كبيع الحصاة
وبيع الملمسة والمنابذة
والبيعتان في بيعة
وبيع ماليس عند البائع
وبيع المجهول
وبيع الولء
وغيرها
والبيوع المنهي عنها باعتبار الضرر:
كبيع المضطر
والبيع على البيع
وبيع المعيب والمغشوش
وبيع المحرمات
وغيرها
والبيوع المنهي عنها باعتبار عينها:
كبيع الميتة والخنزير والصنام
وبيع الخمر
وبيع الدم
وغيرها
والبيوع المنهي عنها باعتبار المكان والزمان:
كالبيع داخل المسجد
وبيع السلح في الفتنة
وغيرها
872
بعد ذلك إذا ما استشكل أمللر فللي المعللاملت المعاصللرة،
فإن القاعدة الفقهية واضحة:
"فساد العقللود مللرده إلللى أمللران :الربللا ومللا يللؤدي إليله،
والميسر وما هو في معناه كالغرر الفاحش"
وما يحتاج أقول لك إن الربا والميسر حرام لن هذا المللر
معلوم ...بل وقد فصلت الدلة على تحريم الربا
اقتباس:
المشاركة الصلية كتبت بواسطة sprite
مشاهدة المشاركة
إذا كنللت تقصللد الطريقلله ..فأعطيتللك مثللال علللى -أهللل
السبت -حين تحللايلوا علللى أوامللر الللله فللي طريقللة صلليد
السللمك فللي اليللوم المحللرم عليهللم ,و فللي ذلللك نسللخه
مطابقه .
أضف إلى ذلك حديث الرسللول عليلله الصلللة و السلللم "
إنما العمال بالنيات و ان لكل إمرئ ما نوى "
سامحك الله أخللي الفاضللل علللى مللا كتبللت ...ففللي هللذا
اتهام مبطن للبنوك السلللمية بهيئاتهللا الشللرعية المكونللة
من علماء أفاضل
ل أقللول لللك بللأن جميللع البنللوك السلللمية تطبللق تطبيقلا ً
صحيحا ً ول أقول أنها أخفقت بمجملها
فنحن هنا نتكلم عن الصول وللم نتطللرق إلللى الفلروع ...
وإل لحتجنا إلى مجلدات من البحوث لتغطية هذا الجانب
وحللتى لللو تناولنللا الفللروع فللإن ذلللك ليتعللارض أبللدا ً مللع
الحقيقة التي تقول بأن نظام البنوك السلمية هو النظللام
الصحيح والجدر بالتطبيق
اقتباس:
المشاركة الصلية كتبت بواسطة sprite
مشاهدة المشاركة
ثم أننا لسنا معترضين حتى تقول :نسلم !
وهذا جيد ...إذا ما المشكلة؟
اقتباس:
المشاركة الصلية كتبت بواسطة sprite
مشاهدة المشاركة
873
لحظ أنك تريدنا ان نسلم بللرأي الفقهللاء المختلفيللن فيمللا
بينهم أصل ..و ليس برأي الدين .
أول أقتبس من كلمي لبين لك ما قلته بدقة
اقتباس:
المشاركة الصلية كتبت بواسطة الشامري
لذلك لن تجد أفضل من التسليم بأمر الله تعالى.
ثانيا ً بينت لك فيما سبق أنلله ل اختلف بيللن الفقهللاء حللول
هذه المسألة
أما قرار مجمع البحوث السلمية فقد أثبت لك بللأنه قللرار
شاذ وأعيد لك السباب:
ل:أو ً
مجمع البحللوث السلللمية أصللدر قللرارا ً فللي وقللت سللابق
يحرم الربا ويبين أن معاملت البنوك الربوية هي من الربا
المقطوع بتحريمه ،وقد صللادق علللى ذلللك 85عالملا ً مللن
35دولة
ثانيًا:
القرار الشاذ الذي أتي لحقا ً في 2002أقللره 14شللخص
من 6فلسفة ورئيس مجلس إدارة بنك ربوي
وكلهم من بلد واحد ...وهذا ما لللم نعهللده مللن أي مجمللع
فقهللي ...فالصللل فللي النتسللاب فللي المجللامع الفقهيللة
لجميع الدول السلمية حللتى ل تسلليس قللرارات المجللامع
الفقهية
وإل فإنه في تونس قد منعوا تعللدد الزوجللات وضللغط أبللو
رقيبة على مشايخ تونس ليفتوا بللأن صلليام رمضللان ليللس
بالمر الواجب
ثالثًا:
لم يسبق بأن أقر بمثل هذا القرار أي مجمع فقهي
فكما قلللت فللإن مجمللع البحللوث السلللمية كللان قللد أقللر
بنفسلله سللابقا ً وبحضللور 85عللالم مللن 35دولللة بحرمللة
معاملت البنوك الربوية
كمللا أن فتللوى جبهللة علمللاء الزهللر الشللريف الللتي تضللم
العشرات من العلماء الفاضل أدانت هذا القرار
874
كما أن المجامع الفقهية التاليللة حرمللت معللاملت البنللوك
الربوية:
المجمع الفقهي لمنظمة المللؤتمر السلللمي )وقللد ذكللرت
لك ذلك من قبل(
المجمع الفقهي لرابطة العالم السلمي )وقد ذكللرت لللك
ذلك من قبل(
وأزيد عليهم:
المجمع الفقهي في السودان
المجمع الفقهي في الهند
والمجلس الوربي للفتاء والبحوث
هيئة كبار العلماء في السعودية
وقللرارات عللدد مللن مللؤتمرات القتصللاد السلللمي الللتي
ضمت عددا ً كبيرا ً من الفقهاء والقتصاديين علللى مسللتوى
العالم السلمي
وغيرهم الكثير
أوليس ذلك إجماعًا؟
اقتباس:
المشاركة الصلية كتبت بواسطة sprite
مشاهدة المشاركة
و قلت في موضع سابق -فيما معناه -أن على القتصاديين
إتباع راي الفقهاء حتى لو رأوا :عدم الصلح !
نعللم هللذا صللحيح ...فللالفتوى لهللل الفتللوى وليسللت
للقتصاديين أو الفلسفة
اقتباس:
المشاركة الصلية كتبت بواسطة sprite
مشاهدة المشاركة
أعرف أن لديك إجابه كافيه و وافيه عن سؤالي لكنللك لللم
تفعل ..و ل أريد إجابه حاسمه .
إن كنت محتاج لهذه الدرجة أن تعرف أضللرار الربللا )وقللد
أقررت بنفسك ضللمنيا بللأن للربللا أضللرار حيللن قلللت أنللك
لست معترضًا( فتستطيع أن تطلع بنفسللك علللى البحللوث
والدراسات التي بينت مضار الربا
875
قد جئتك بخلصلة دراسلتين حلول هلذا الموضلوع ،إحلداها
للدكتور رفعت العوضي ،والخرى لجوهان فليب بتمان
فإن لم يكفك هذا فبإمكانك أن تبحث ...وسوف أساعدك
على هذا بأن أبين لك منهجية البحث:
الصل هو أن تثبت الحقائق )وفي حالتنا هذه تحريم الربا(
ومن ثم أن تكللون النتللائج والسللتنتاجات تللدور حللول هللذه
الحقائق
المبحث الثاني :معاملت البنوك
إن الحمد لللله ،نحمللده ونسللتغفره ونسللتعين بلله ،ونصلللى
ونسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
وبعد ...
سللوف ننللاقش فللي هللذا المبحللث طبيعللة عمللل البنللوك
الربويللة ،وإذا مللا كللانت تسللاهم فللي العمليللة النتاجيللة،
بالضافة إلى ماهية ودائع البنوك مللن وجهللة نظللر الشللرع
والقانون.
نبدأ على بركة الله
طبيعة عمل البنك
"جللاء فللي المعجللم الوسلليط لمجمللع اللغللة العربيللة هللذا
التعريف للبنك:
البنلللك :مؤسسلللة تقلللوم بعمليلللات الئتملللان بلللالقراض
والقتراض.
وفي الموسوعة العربية الميسرة:
مصللرف أو بنللك :تطلللق هللذه الكلمللة بصللفة عامللة علللى
المؤسسات التي تتخصص في إقراض واقتراض النقود".
أملللللا تعريلللللف البنلللللك كملللللا جلللللاء فلللللي موقلللللع
) www.investopedia.comأشهر موسللوعة إقتصللادية علللى
الشبكة(:
"A commercial institution licensed as a receiver of
deposits. Banks are mainly concerned with making and
receiving payments as well as supplying short-term loans
".to individuals
أي:
876
"مؤسسللة تجاريللة مسللجلة كمسللتقبلة للللودائع .وظيفللة
البنوك الرئيسية تعنللى بخلللق واسللتقبال المللدفوعات كمللا
أنها توفر القروض قصيرة الجل للفراد"
هذه التعريفات السابقة تلخص طبيعة عمل البنك.
ما ذكر أعله هو التعريف الصطلحي ،فمللاذا عللن مفهللوم
البنك عند أساتذة القتصاد؟
مفهوم البنك عند القتصاديين
"يقول الدكتور إسماعيل محمد هاشم في كتللابه مللذكرات
في النقود والبنوك )ص :(43
))يمكن تعريف البنك بأنه المنشأة التي تقبل الللودائع مللن
الفراد والهيئات تحت الطلب أو لجل ،ثللم تسللتخدم هللذه
الودائع في منح القروض والسلف((.
ويقول الدكتور محمد زكي شافعي في كتللابه مقدمللة فللي
النقود والبنوك )ص :(197
))يمكن تلخيص أعمال البنوك التجارية فللي عبللارة واحللدة
هي :التعامل في الئتمان أو التجار في الديون؛ إذ ينحصر
النشاط الجوهري للبنوك في السللتعداد لمبادلللة تعهللداتها
بالدفع لدى الطلب بديون الخرين ،سللواء أكللانوا أفللراد أم
مشللروعات أم حكومللات ،ويقبللل الفللراد هللذه التعهللدات
المصرفية -وهي التي تعرف باسللم الللودائع الجاريللة -فللي
الوفاء بما تزودهم به البنوك من اعتمادات وسلللف؛ نظللرا ً
لما يتمتع بلله التعهللد المصللرفي بالللدفع لللدى الطلللب مللن
قبللول عللام فللي تسللوية الللديون .وهكللذا تتوسللل البنللوك
التجاريللة إلللى مزاولللة نشللاطها الللذي تللبرز بلله وجودهللا،
وتستمد مللن القيللام بلله أرباحهللا ،بالضللطلع تللارة بمركللز
الدائن ،وتارة بمركز المدين((.
ويقول الدكتور محمد يحيى عويس فللي كتللابه محاضللرات
في النقود والبنوك )ص :(233
))تتلخللص الوظيفللة الرئيسللية للبنللوك فللي المجتمعللات
الحديثلللة فلللي الجمللللة التقليديلللة :أن البنلللوك تقلللترض
لُتقرض((.
ويقول الدكتور محمد عبدالعزيز عجمية فللي كتللابه مبللادئ
علم القتصاد )ص :(271
877
))يعرف البنك التجاري أو بنك الودائع عموما ً بأنه المنشللأة
التي تتعامل في الئتمان أو الدين((.
دين مظهران لشلليء واحللد ومن المعروف أن الئتمان وال َ
وهو :القللرض؛ فالللدين هللو إلللتزام بللدفع مبلللغ معيللن مللن
النقود ،والئتمان هو حللق تسلللم مبلللغ معيللن مللن النقللود،
ولذلك فالمبلغ المتداول بين متعاملين يعد دينا ً مللن وجهللة
نظر المدين أو المقترض ،وائتمانا ً أو حقا ً مللن وجهللة نظللر
مقرض". الدائن أو ال ُ
بعد أن استعرضنا مفهوم البنوك مللن الناحيللة الصللطلحية
ومن الناحية القتصادية ،أصبحت مهمة شرح طبيعة عمللل
البنك من خلل تبيان وظائفه الرئيسية أسهل.
وظيفتا البنك
للبنك وظيفتين رئيسيتين
الولى :تتمثل في المتاجرة في الديون )القللتراض بهللدف
القراض(
وقللد استعرضللنا ذلللك مللن خلل التعريفللات الصللطلحية
والقتصادية للبنك على حد سواء
والثانيللة :تتمثللل فللي خلللق الئتمللان )أو مللا يعللرف بخلللق
النقود(
"وهي وظيفة يمارسها النظللام المصللرفي فللي مجمللوعه،
وتعنللي باختصللار وتبسلليط أن تللك البنللوك تقللوم بلإقراض
لمن أحد أو تحزه" مالم تقترضه فع ً
وهنا نتيقن بخصوص البنوك الربوية:
"إننللا بصللدد مؤسسللة محللل نشللاطها وتعاملتهللا النقللود:
تحصلللها أو تللدفعها ،والللديون :تلللتزم بهللا أو تلللزم بهللا،
والقللروض :تقترضللها ،وهلذا هلو محللل نشلاطها ومحللوره،
وتلك هي بضاعتها ،ول نظن نزاعا ً في ذلك بين المفكرين"
وهنا يفسر موقع www.howstuffworks.comالشللهير )مللن
أكبر المراجع على الشبكة( كيف تحقللق البنللوك التقليديللة
)الربوية( أرباحها:
"Banks are just like other businesses. Their product just
happens to be money. Other businesses sell widgets or
"services; banks sell money
878
"البنوك حالها حال أي مشروع تجاري .إل أن بضاعتها هللي
النقللود .المشللاريع التجاريللة الخللرى تللبيع التطبيقللات أو
الخدمات؛ البنوك تبيع النقود"
خلق النقود
أيمكللن أن نتصللور أن شخص لا ً يقللترض ألف لًا ،ومللن اللللف
يقرض بضعة آلف ويبقى في رصيده نقود؟
"هذا ما تفعله الربوية تخلق النقللود وُتقرضللها! تقللرض مللا
ليس عندها ،وما لتملكه ،وتأخذ ربا!"
وهنللا مثللال لخصللته دراسللة اقتصللادية بعنللوان "مللاهي
المصللارف" قللدمت مللن قبللل "المعهللد الللوطني للدارة
العامة" في الجمهورية العربية السورية:
"ويمكن تفسير عملية خلق الئتمان بالمثال التالي:
لنفرض أن مودعا ً أودع مئة وخمسللون ألللف ليللرة سللورية
في المصرف التجاري السوري ،وأن هذا المصرف يرغللب
بالستفادة من هذه الوديعة بإقراضها للغيللر مقابللل فللائدة
لتعظيم ربحه فإنه سيقوم بفتلح حسللاب جللاري للمقللترض
ولن يقدم له القرض مبلغا ً كدفعة واحدة وهو بللذلك كأنمللا
خلق وديعة للمقترض يسحب منهللا المبللالغ الللتي يحتاجهللا
وهكذا يكون قد تولللدت وديعللة جديللدة زادت مللن أصللوله،
فإذا كانت الخبرة العملية والشروط التي تفرضها السلطة
النقديللة }نسللب الحتيللاطي القللانوني{ جعلللت المصللرف
التجللاري السللوري يقللدر أن نسللبة الحتياطيللات السللائلة
المتللوجب الحتفللاظ بهللا تقللدر بللل % 30مللن مجمللوع
التزامللاته فللإن السياسللة الئتمانيللة تقتضللي منللح قللروض
جديللدة تسللتند إلللى هللذه الوديعللة موضللوع المثللال تبلللغ
خمسمائة ألف ليرة سورية"
ويجدر بالذكر بأن عملية خلق النقود تتم تحت مظلة البنك
المركزي مع وجود القوانين التي تسمح بهذا المر.
.................... ..................................................
أحبتي في الله ...
ل زلنا في المبحث الثاني )معاملت البنوك( وسوف نكمل
غللدا ً بللإذن الللله الجللزء الثللاني مللن المبحللث الثللاني إذامللا
سمحت الظروف
879
لذلك أرجو أن يؤجل النقاش بما يخص هذا المبحث لحيللن
النتهاء منه
علما ً بأن باب النقاش لزال مفتوحا ً فيما يتعلللق بللالمبحث
الول )الربا(
هل تتدخل البنوك التجارية في العملية النتاجية؟
في نلدوة جمعيللة القتصلاد السلللمي قلدم أحلد البللاحثين
القتصللاديين بحث لا ً فللي موضللوع طبيعللة البنللوك التقليديللة
والوظلللائف اللللتي تؤديهلللا ومصلللادر أموالهلللا و وجلللوه
استخدامها.
أنقل ما لخصله السللتاذ دكتللور علللى السللالوس ملن هلذه
الدراسة للباحث القتصادي سمير عبدالحميد رضوان حين
تسائل بعد أن قدم دراسته بشكل تفصلليلي بهللذا السللؤال
الذي يلخص الدراسة:
هل تتدخل البنوك التجارية في العملية النتاجية؟
"نلخص مما تقدم ،ومللن دراسللتنا لطبيعللة أعمللال البنللوك
التقليدية ،إلللى أن البنللوك التجاريللة مؤسسللات للوسللاطة
المالية ،ل تتدخل بطريقة مباشللرة فللي العمليللة النتاجيللة،
وإنما تتوسط بين المقرضين والمقترضين ،فتقوم بتحويللل
الفللوائض الماليللة مللن القطاعللات ذات الطاقللة التمويليللة
الفائضللية -المقرضللين و المللودعين -إلللى القطاعللات ذات
العجز في الموارد المالية )المقترضين(.
ويتمثل دخل هذه البنوك في الفرق بيللن مللا تحصللل عليلله
مللن فللوائد مللن المقترضللين ،ومللا تللدفعه مللن فللوائد
للمقرضين .أما العمولت التي تتقاضاها مقابللل الخللدمات
التي تقدمها فتمثل جزءا ً يسيرا ً نسبيًا .أ.هل.
ثللم قللدم البللاحث بعللض النمللاذج التطبيقيللة مللن الواقللع
العملي ،وقام بتحليلها ،مؤكدا ً ما انتهى إليه من الدراسة.
وعلى سبيل المثال عرض المركز المالي الجمالي للبنوك
التجارية في مصر قللي مللارس سللنة 1987م ،وتللبين مللن
وجوه الستخدام أن نسللبة ملا تقرضله بللغ %81.78مللن
جملللة السللتخدامات ،و أن %9.37كللان للسللتثمار فللي
السهم والسندات ،ومعلوم أن السندات قروض ربوية ،أي
أن الستخدامات كانت أساسا ً في القراض بفائدة.
880
وختللم البللاحث دراسللته بعللرض صللورة لميزانيللة بنللك
السكندرية التجاري والبحري.
مللن اسللتقراء المركللز المللالي لبنلك السللكندرية التجلاري
والبحلللري فلللي 30/12/1987م وكلللذا حسلللاب الربلللاح
والخسائر عن السنةالمنتهية في 31/12/1987م اسللتبان
لنا التي:
نسبة إجمالي الودائع إلى إجمالي الموارد .%67
.1نسبة حقوق المساهمين إلى إجمالي الموارد .%18.3
.2نسبة حقوق المساهمين إلى إجمالي الودائع %27.1
.3نسبة الستثمارات المالية إلللى إجمللالي السللتخدامات
.%0.5
.4نسبة القروض )والسلفيات( إلى إجمللالي ودائع العملء
.%146
حساب الرباح والخسائر:
.1نسبة الفوائد المحصلة إلى جملة اليرادات .%85.8
.2نسبة عائد الخدمات المصرفية واليرادات الخري إلللى
إجمالي اليرادات .%14.2
.3نسبة الفوائد المدفوعة إلى الفوائد المحصلة .%55
والمؤشرات على الوجه المتقللدم ليسللت فللي حاجللة إلللى
مزيد من التعليق .بهذا أنهى الباحث دراسته".
اليضلاحات اللتي أضلافها السلتاذ دكتلور عللي السلالوس
لهذه الخلصة
"
.1حقوق المساهمين ل تعنللي رأس المللال ،وإنمللا يضللاف
إليه ما حصلوه من إيرادات العام ،وما بقللي مللن إيللرادات
العوام السابقة؛ ولذلك فإن من ملللك أسللهم بنللك ربللوي،
وأراد التوبة ،فليس له -بعد التخلص من هذه السللهم -إل
رأس ماله واليرادات غير الربوية ،وهي نسللبة قليلللة كمللا
نرى؛ أما نصلليب أسللهمه مللن الفللوائد الربويللة فهللي مللال
خبيث حرام .وعند بيان حكم التعامل فللي الوراق الماليللة
-وهي السهم والسللندات -ل يكفللي القللول بللأن السللندات
قروض ربوية فهي حرام ،وأن السهم هي حصللص شللائعة
في شركة فهللي حلل؛ فنشللاط الشللركة إذا كللان محرم لا ً
881
فأسللهمها حللرام بل شللك ،وإن لللم تكللن قروضللا ً ربويللة
كالسندات .فمن اشترى أسهما ً فللي بنللك ربللوي فهللو مللن
الذين يأكلون الربا ،ويأذنون بحرب من الله ورسوله صلللى
الللله عليلله وسلللم ،ومللن اشللترى أسللهما ً لشللركة صللناعة
الخمور فهو ملعون مطرود من رحمة الله تعالى.
.2نسبة الستثمارات المالية ) ،(%0.5وهللي أساس لا ً فللي
السللندات ،وقللل أن تكللون فللي السللهم .وهللذا يعنللي أن
الستثمار ليس من طبيعة عمل البنك.
.3الودائع الللتي اقترضللها البنللك أقرضللها كاملللة )(%100
وأقرض أيضلا ً %46زيللادة علللى هللذه الللودائع ،فمللن أيللن
جاءت هذه الزيللادة؟! تللذكر مللا قيللل عللن خلللق النقللود أو
الئتمان!
.4في حساب الرباح والخسائر نلحظ ضخامة الفرق بين
الفوائد التي أخذها من المقترضين ،والفوائد التي أعطاهللا
المودعين المقرضين ،فلم يعط إل %55من الفوائد الللتي
حصلللها ،وأخللذ البنللك لنفسلله ،%45وهللذا هللو الللدخل
الساسللي للبنللك حيللث أنلله يمثللل %85.8مللن جملللة
اليرادات.
وبعد
كنللت مللن قبللل احتفظللت ببعللض مللا نشللر مللن ميزانيللات
البنوك الربوية لبين طبيعة عمل هذه البنوك ،ولكن بعد ما
سبق من عرض ودراسة أظن أن المر أصبح واضحا ً جليًا،
ل يحتاج إلى المزيد.
"
............ ..................................................
وهنا أوجه دعوة لخواني في المنتدى:
مللن أراد أن يسللاهم فللي هللذا البحللث عللن طريللق عمللل
دراسة مماثلة للدراسة النفة أعله حللول البنللوك الربويللة
في الكويت فليفعل وله الجر من رب العزة والجللة.
............ ..................................................
أحبتي في الله
882
لزلنا في المبحث الثللاني )طبيعللة عمللل البنللوك( وسللوف
نكمللل الجللزء الثللالث مللن المبحللث مللتى مللا سللمحت
الظروف.
لذلك أرجوا أن يؤجل النقاش في هذا المبحث ،علم لا ً بللأن
باب النقاش مفتوح فيما يتعلق بالمبحث الول )الربا(
ودائع البنوك الربوية عقد قرض )شرعا ً وقانونًا( مهم جدا ً
أكثر من تكلم عن ودائع البنللوك اعتبرهللا قرض لًا ،والبعللض
يقول عن فوائد هذه الودائع بأنهللا أجللرا ً لسللتعمال النقللود
أي أنهللا ببسللاطة إجللارة! بينمللا الشللائع عنللد المتعللاملين
العاديين مع البنوك الربوية أنها وديعللة "حيللث يقللال :نحللن
لنقرض البنك وإنما نودع لديه".
ما هي حقيقة ودائع البنوك الربوية؟
هل هي قرض؟ أم وديعة؟ أم هي عقد إجارة؟
قبل أن نبين ذلللك ،فلنسللتعرض الفللرق بيللن هللذه العقللود
الثلثة في الفقه السلمي ،من حيلث الحقلوق والواجبلات
والضمان.
عقد القرض
عقللد القلرض ينقلل الملكيلة للمقللترض ،ولله أن يسللتهلك
العين ،ويتعهد برد المثل ل العين.
والمقللترض ضللامن للقللرض إذا تلللف أو هلللك أو ضللاع،
يستوي في هذا تفريطه وعدم تفريطه.
الوديعة
الوديعة هي أمانة تحفظ عند المسللتودع .وإذا هلكللت إنمللا
تهلك على صللاحبها لن الملكيللة ل تنقللل إلللى المسللتودع،
وليس له حق النتفاع بها ،ولذلك فهو غيللر ضللامن لهللا؛ إل
إذا كان الهلك أو الضياع بسبب منه.
الجارة
عقد الجارة ل ينقل الملكية للمستأجر وإنمللا يعطيلله حللق
النتفاع مع بقاء العين لصللاحبها ،ويللدفع أجللرا ً مقابللل هللذا
النتفاع ،ولذلك يطللق عللى الجلارة :بيلع المنلافع فتجلوز
إجارة كل عين يمكن أن ينتفع بها منفعللة مباحللة مللع بقللاء
العين بحكم الصل ،ول تجوز إجارة ما ل يمكن النتفاع بلله
مع بقاء عينه كالطعام ،فل ينتفع به إل باستهلكه.
883
والجللارة عقللد علللى المنللافع ،فل تجللوز لسللتيفاء عيللن
واستهلكها ،ومثل الطعام النقود ،فل يمكن النتفاع بهللا إل
بإنفاقها في الشراء أو غيره ،أي باستهلك العيللن .والعيللن
المستأجرة أمانة في يد المستأجر ،إن تلفت بغيللر تفريللط
لم يضمنها.
تسمية بغير حقيقتها
وهنا بعد أن عرفنا العقللود الثلثللة آنفللة الللذكر فللي الفقلله
السلمي ،فإنه يتوجب علينا أن نسأل:
من هو الضامن في عقد الوديعة مع البنك الربوي؟
إنه البنك ،سواء بتفريط منه أو بغير تفريط.
هل يستهلك البنك الربوي العين )الموال(؟
نعم
هل يتعهد البنك ب َِرد العين أم ب َِرد المثل؟
إنه يتعهد برد المثلل ل العيلن ،حيللث أنله ل يرجللع المللوال
عينها إلى العميل بنفس الرقام التسلسلية ،بللل يرجللع مللا
يماثلها من أموال.
والن ...أي العقود السابقة ينطبق على عقد ودائع البنوك
الربوية على ضوء الجابات السابقة؟
إنه قطعا ً عقد القرض.
فمن يودع لدى البنوك الربوية ودائع ذات فللائدة ،إنمللا هللو
ُيقرض البنك الربوي قرضا ً ربويًا.
ومن يللودع لللدى البنللك الربللوي وديعللة دون فللائدة )أو أي
حساب بدون فوائد( إنما هو يقللرض البنللك الربللوي قرضلا ً
مرابي لا ً قرض لا ً حسللنا ً ليرابللي بهللذهحسنًا ،أي كأنما يقرض ُ
الموال.
وهنا يتبين لنا أن الودائع البنكية في البنوك الربوية سميت
بغير حقيقتها ،وهذا ما يقطع الشك باليقين عن حكللم هللذه
الودائع وخصوصا ً إذا ما ربطنا هذه الحقيقة بالجزء السابق
والذي أثبت لنا قطعا ً أن مصللدر الللدخل الرئيسللي للبنللوك
الربوية هو القراض بالربا.
ودائع البنوك الربوية في القانون
بعد أن عرفنا حقيقة الودائع البنكيللة لللدى البنللوك الربويللة
في الشرع ،فإننا سنبين حقيقتها في القانون.
884
علما ً بأننا لنحتاج إلى القللانون الوضللعي ليفللتي لنللا ،إل أن
ذلك جاء من بللاب زيللادة الحجللة علللى مللن يسللتحل ودائع
البنوك الربوية أو فتح حساب لديها.
"يقول الستاذ دكتور عبللد الللرزاق السللنهوري فللي كتللابه:
الوسيط في شرح القانون المدني:
))ويتميز القرض عن الوديعة في أن القللرض ينقللل ملكيللة
الشيء المقت َللرض إلللى المقللرض علللى أن يللرد مثللله فللي
مقللرض ،أمللا الوديعللة فل تنقللل ملكيللة نهاية القرض إلى ال ُ
دع عنده ،بللل يبقللى ملللك المللوٍدع دع إلى المو َ الشيء المو َ
ويسترده بالذات .هذا إل أن المقترض ينتفع بمبلغ القللرض
بعد أن أصبح ملكا ً له ،أما الموَدع عنده فل ينتفللع بالشلليء
دع بل يلتزم بحفظه حتى يرده إلى صاحبه. المو َ
ومع ذلك فقد يودع شخص عند آخللر مبلغ لا ً مللن النقللود أو
شيئا ً آخر مما يهلك بالستعمال ويأذن له باستعماله ،وهللذا
ما يسمى بالوديعة الناقصة.
وقللد حسللم التقنيللن المللدني الجديللد الخلف فللي طبيهللة
الوديعة الناقصة ،فكيفها بأنها قللرض .وتقللول المللادة 726
مدني في هذا المعنى :إذا كانت الوديعة مبلغا ً مللن النقللود
دع عنده أو أي شيء آخر مما يهلك بالستعمال ،وكان المو َ
مأذونا ً له في استعماله اعتبر العقد قرضًا.
أما في فرنسا فالفقه مختلف في تكييف الودائع الناقصللة.
والرأي الغالب هو الرجوع إلى نية المتعاقدين؛ فللإذا قصللد
صاحب النقود أن يتخلص مللن عنللاء حفظهللا بإيلداعها عنللد
الخر فالعقللد وديعللة .أمللا إن قصللد الطرفللان منفعللة مللن
تسلللم النقللود عللن طريللق اسللتعمالها لمصلللحته فالعقللد
قرض .ويكون العقد قرضا ً بوجه خاص إذا كان مللن تسلللم
النقود مصرفًا" ((.
وهنا تتجلى الحقيقة ،فتسللمية المللور بغيللر مسللمياتها قللد
تخدع البعض ،إل أنها ليمكن أن تمحو الحقيقة.
المبحث الثاني :معاملت البنوك
إن الحمد لللله ،نحمللده ونسللتغفره ونسللتعين بلله ،ونصلللى
ونسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
وبعد ...
885
سللوف ننللاقش فللي هللذا المبحللث طبيعللة عمللل البنللوك
الربويللة ،وإذا مللا كللانت تسللاهم فللي العمليللة النتاجيللة،
بالضافة إلى ماهية ودائع البنوك مللن وجهللة نظللر الشللرع
والقانون.
نبدأ على بركة الله
طبيعة عمل البنك
"جللاء فللي المعجللم الوسلليط لمجمللع اللغللة العربيللة هللذا
التعريف للبنك:
البنلللك :مؤسسلللة تقلللوم بعمليلللات الئتملللان بلللالقراض
والقتراض.
وفي الموسوعة العربية الميسرة:
مصللرف أو بنللك :تطلللق هللذه الكلمللة بصللفة عامللة علللى
المؤسسات التي تتخصص في إقراض واقتراض النقود".
أملللللا تعريلللللف البنلللللك كملللللا جلللللاء فلللللي موقلللللع
) www.investopedia.comأشهر موسللوعة إقتصللادية علللى
الشبكة(:
"A commercial institution licensed as a receiver of
deposits. Banks are mainly concerned with making and
receiving payments as well as supplying short-term loans
".to individuals
أي:
"مؤسسللة تجاريللة مسللجلة كمسللتقبلة للللودائع .وظيفللة
البنوك الرئيسية تعنللى بخلللق واسللتقبال المللدفوعات كمللا
أنها توفر القروض قصيرة الجل للفراد"
هذه التعريفات السابقة تلخص طبيعة عمل البنك.
ما ذكر أعله هو التعريف الصطلحي ،فمللاذا عللن مفهللوم
البنك عند أساتذة القتصاد؟
مفهوم البنك عند القتصاديين
"يقول الدكتور إسماعيل محمد هاشم في كتللابه مللذكرات
في النقود والبنوك )ص :(43
))يمكن تعريف البنك بأنه المنشأة التي تقبل الللودائع مللن
الفراد والهيئات تحت الطلب أو لجل ،ثللم تسللتخدم هللذه
الودائع في منح القروض والسلف((.
886
ويقول الدكتور محمد زكي شافعي في كتللابه مقدمللة فللي
النقود والبنوك )ص :(197
))يمكن تلخيص أعمال البنوك التجارية فللي عبللارة واحللدة
هي :التعامل في الئتمان أو التجار في الديون؛ إذ ينحصر
النشاط الجوهري للبنوك في السللتعداد لمبادلللة تعهللداتها
بالدفع لدى الطلب بديون الخرين ،سللواء أكللانوا أفللراد أم
مشللروعات أم حكومللات ،ويقبللل الفللراد هللذه التعهللدات
المصرفية -وهي التي تعرف باسللم الللودائع الجاريللة -فللي
الوفاء بما تزودهم به البنوك من اعتمادات وسلللف؛ نظللرا ً
لما يتمتع بلله التعهللد المصللرفي بالللدفع لللدى الطلللب مللن
قبللول عللام فللي تسللوية الللديون .وهكللذا تتوسللل البنللوك
التجاريللة إلللى مزاولللة نشللاطها الللذي تللبرز بلله وجودهللا،
وتستمد مللن القيللام بلله أرباحهللا ،بالضللطلع تللارة بمركللز
الدائن ،وتارة بمركز المدين((.
ويقول الدكتور محمد يحيى عويس فللي كتللابه محاضللرات
في النقود والبنوك )ص :(233
))تتلخللص الوظيفللة الرئيسللية للبنللوك فللي المجتمعللات
الحديثلللة فلللي الجمللللة التقليديلللة :أن البنلللوك تقلللترض
لُتقرض((.
ويقول الدكتور محمد عبدالعزيز عجمية فللي كتللابه مبللادئ
علم القتصاد )ص :(271
))يعرف البنك التجاري أو بنك الودائع عموما ً بأنه المنشللأة
التي تتعامل في الئتمان أو الدين((.
دين مظهران لشلليء واحللد ومن المعروف أن الئتمان وال َ
وهو :القللرض؛ فالللدين هللو إلللتزام بللدفع مبلللغ معيللن مللن
النقود ،والئتمان هو حللق تسلللم مبلللغ معيللن مللن النقللود،
ولذلك فالمبلغ المتداول بين متعاملين يعد دينا ً مللن وجهللة
نظر المدين أو المقترض ،وائتمانا ً أو حقا ً مللن وجهللة نظللر
مقرض".الدائن أو ال ُ
بعد أن استعرضنا مفهوم البنوك مللن الناحيللة الصللطلحية
ومن الناحية القتصادية ،أصبحت مهمة شرح طبيعة عمللل
البنك من خلل تبيان وظائفه الرئيسية أسهل.
وظيفتا البنك
887
للبنك وظيفتين رئيسيتين
الولى :تتمثل في المتاجرة في الديون )القللتراض بهللدف
القراض(
وقللد استعرضللنا ذلللك مللن خلل التعريفللات الصللطلحية
والقتصادية للبنك على حد سواء
والثانيللة :تتمثللل فللي خلللق الئتمللان )أو مللا يعللرف بخلللق
النقود(
"وهي وظيفة يمارسها النظللام المصللرفي فللي مجمللوعه،
وتعنللي باختصللار وتبسلليط أن تللك البنللوك تقللوم بلإقراض
لمن أحد أو تحزه" مالم تقترضه فع ً
وهنا نتيقن بخصوص البنوك الربوية:
"إننللا بصللدد مؤسسللة محللل نشللاطها وتعاملتهللا النقللود:
تحصلللها أو تللدفعها ،والللديون :تلللتزم بهللا أو تلللزم بهللا،
والقللروض :تقترضللها ،وهلذا هلو محللل نشلاطها ومحللوره،
وتلك هي بضاعتها ،ول نظن نزاعا ً في ذلك بين المفكرين"
وهنا يفسر موقع www.howstuffworks.comالشللهير )مللن
أكبر المراجع على الشبكة( كيف تحقللق البنللوك التقليديللة
)الربوية( أرباحها:
"Banks are just like other businesses. Their product just
happens to be money. Other businesses sell widgets or
"services; banks sell money
"البنوك حالها حال أي مشروع تجاري .إل أن بضاعتها هللي
النقللود .المشللاريع التجاريللة الخللرى تللبيع التطبيقللات أو
الخدمات؛ البنوك تبيع النقود"
خلق النقود
أيمكللن أن نتصللور أن شخص لا ً يقللترض ألف لًا ،ومللن اللللف
يقرض بضعة آلف ويبقى في رصيده نقود؟
"هذا ما تفعله الربوية تخلق النقللود وُتقرضللها! تقللرض مللا
ليس عندها ،وما لتملكه ،وتأخذ ربا!"
وهنللا مثللال لخصللته دراسللة اقتصللادية بعنللوان "مللاهي
المصللارف" قللدمت مللن قبللل "المعهللد الللوطني للدارة
العامة" في الجمهورية العربية السورية:
"ويمكن تفسير عملية خلق الئتمان بالمثال التالي:
888
لنفرض أن مودعا ً أودع مئة وخمسللون ألللف ليللرة سللورية
في المصرف التجاري السوري ،وأن هذا المصرف يرغللب
بالستفادة من هذه الوديعة بإقراضها للغيللر مقابللل فللائدة
لتعظيم ربحه فإنه سيقوم بفتلح حسللاب جللاري للمقللترض
ولن يقدم له القرض مبلغا ً كدفعة واحدة وهو بللذلك كأنمللا
خلق وديعة للمقترض يسحب منهللا المبللالغ الللتي يحتاجهللا
وهكذا يكون قد تولللدت وديعللة جديللدة زادت مللن أصللوله،
فإذا كانت الخبرة العملية والشروط التي تفرضها السلطة
النقديللة }نسللب الحتيللاطي القللانوني{ جعلللت المصللرف
التجللاري السللوري يقللدر أن نسللبة الحتياطيللات السللائلة
المتللوجب الحتفللاظ بهللا تقللدر بللل % 30مللن مجمللوع
التزامللاته فللإن السياسللة الئتمانيللة تقتضللي منللح قللروض
جديللدة تسللتند إلللى هللذه الوديعللة موضللوع المثللال تبلللغ
خمسمائة ألف ليرة سورية"
ويجدر بالذكر بأن عملية خلق النقود تتم تحت مظلة البنك
المركزي مع وجود القوانين التي تسمح بهذا المر.
.................... ..................................................
أحبتي في الله ...
ل زلنا في المبحث الثاني )معاملت البنوك( وسوف نكمل
غللدا ً بللإذن الللله الجللزء الثللاني مللن المبحللث الثللاني إذامللا
سمحت الظروف
لذلك أرجو أن يؤجل النقاش بما يخص هذا المبحث لحيللن
النتهاء منه
علما ً بأن باب النقاش لزال مفتوحا ً فيما يتعلللق بللالمبحث
الول )الربا(
ودائع البنوك الربوية عقد قرض )شرعا ً وقانونًا( مهم جدا ً
أكثر من تكلم عن ودائع البنللوك اعتبرهللا قرض لًا ،والبعللض
يقول عن فوائد هذه الودائع بأنهللا أجللرا ً لسللتعمال النقللود
أي أنهللا ببسللاطة إجللارة! بينمللا الشللائع عنللد المتعللاملين
العاديين مع البنوك الربوية أنها وديعللة "حيللث يقللال :نحللن
لنقرض البنك وإنما نودع لديه".
ما هي حقيقة ودائع البنوك الربوية؟
هل هي قرض؟ أم وديعة؟ أم هي عقد إجارة؟
889
قبل أن نبين ذلللك ،فلنسللتعرض الفللرق بيللن هللذه العقللود
الثلثة في الفقه السلمي ،من حيلث الحقلوق والواجبلات
والضمان.
عقد القرض
عقللد القلرض ينقلل الملكيلة للمقللترض ،ولله أن يسللتهلك
العين ،ويتعهد برد المثل ل العين.
والمقللترض ضللامن للقللرض إذا تلللف أو هلللك أو ضللاع،
يستوي في هذا تفريطه وعدم تفريطه.
الوديعة
الوديعة هي أمانة تحفظ عند المسللتودع .وإذا هلكللت إنمللا
تهلك على صللاحبها لن الملكيللة ل تنقللل إلللى المسللتودع،
وليس له حق النتفاع بها ،ولذلك فهو غيللر ضللامن لهللا؛ إل
إذا كان الهلك أو الضياع بسبب منه.
الجارة
عقد الجارة ل ينقل الملكية للمستأجر وإنمللا يعطيلله حللق
النتفاع مع بقاء العين لصللاحبها ،ويللدفع أجللرا ً مقابللل هللذا
النتفاع ،ولذلك يطللق عللى الجلارة :بيلع المنلافع فتجلوز
إجارة كل عين يمكن أن ينتفع بها منفعللة مباحللة مللع بقللاء
العين بحكم الصل ،ول تجوز إجارة ما ل يمكن النتفاع بلله
مع بقاء عينه كالطعام ،فل ينتفع به إل باستهلكه.
والجللارة عقللد علللى المنللافع ،فل تجللوز لسللتيفاء عيللن
واستهلكها ،ومثل الطعام النقود ،فل يمكن النتفاع بهللا إل
بإنفاقها في الشراء أو غيره ،أي باستهلك العيللن .والعيللن
المستأجرة أمانة في يد المستأجر ،إن تلفت بغيللر تفريللط
لم يضمنها.
تسمية بغير حقيقتها
وهنا بعد أن عرفنا العقللود الثلثللة آنفللة الللذكر فللي الفقلله
السلمي ،فإنه يتوجب علينا أن نسأل:
من هو الضامن في عقد الوديعة مع البنك الربوي؟
إنه البنك ،سواء بتفريط منه أو بغير تفريط.
هل يستهلك البنك الربوي العين )الموال(؟
نعم
هل يتعهد البنك ب َِرد العين أم ب َِرد المثل؟
890
إنه يتعهد برد المثلل ل العيلن ،حيللث أنله ل يرجللع المللوال
عينها إلى العميل بنفس الرقام التسلسلية ،بللل يرجللع مللا
يماثلها من أموال.
والن ...أي العقود السابقة ينطبق على عقد ودائع البنوك
الربوية على ضوء الجابات السابقة؟
إنه قطعا ً عقد القرض.
فمن يودع لدى البنوك الربوية ودائع ذات فللائدة ،إنمللا هللو
ُيقرض البنك الربوي قرضا ً ربويًا.
ومن يللودع لللدى البنللك الربللوي وديعللة دون فللائدة )أو أي
حساب بدون فوائد( إنما هو يقللرض البنللك الربللوي قرضلا ً
مرابي لا ً قرض لا ً حسللنا ً ليرابللي بهللذه حسنًا ،أي كأنما يقرض ُ
الموال.
وهنا يتبين لنا أن الودائع البنكية في البنوك الربوية سميت
بغير حقيقتها ،وهذا ما يقطع الشك باليقين عن حكللم هللذه
الودائع وخصوصا ً إذا ما ربطنا هذه الحقيقة بالجزء السابق
والذي أثبت لنا قطعا ً أن مصللدر الللدخل الرئيسللي للبنللوك
الربوية هو القراض بالربا.
ودائع البنوك الربوية في القانون
بعد أن عرفنا حقيقة الودائع البنكيللة لللدى البنللوك الربويللة
في الشرع ،فإننا سنبين حقيقتها في القانون.
علما ً بأننا لنحتاج إلى القللانون الوضللعي ليفللتي لنللا ،إل أن
ذلك جاء من بللاب زيللادة الحجللة علللى مللن يسللتحل ودائع
البنوك الربوية أو فتح حساب لديها.
"يقول الستاذ دكتور عبللد الللرزاق السللنهوري فللي كتللابه:
الوسيط في شرح القانون المدني:
))ويتميز القرض عن الوديعة في أن القللرض ينقللل ملكيللة
الشيء المقت َللرض إلللى المقللرض علللى أن يللرد مثللله فللي
مقللرض ،أمللا الوديعللة فل تنقللل ملكيللة نهاية القرض إلى ال ُ
دع عنده ،بللل يبقللى ملللك المللوٍدع دع إلى المو َ الشيء المو َ
ويسترده بالذات .هذا إل أن المقترض ينتفع بمبلغ القللرض
بعد أن أصبح ملكا ً له ،أما الموَدع عنده فل ينتفللع بالشلليء
دع بل يلتزم بحفظه حتى يرده إلى صاحبه. المو َ
891
ومع ذلك فقد يودع شخص عند آخللر مبلغ لا ً مللن النقللود أو
شيئا ً آخر مما يهلك بالستعمال ويأذن له باستعماله ،وهللذا
ما يسمى بالوديعة الناقصة.
وقللد حسللم التقنيللن المللدني الجديللد الخلف فللي طبيهللة
الوديعة الناقصة ،فكيفها بأنها قللرض .وتقللول المللادة 726
مدني في هذا المعنى :إذا كانت الوديعة مبلغا ً مللن النقللود
دع عنده أو أي شيء آخر مما يهلك بالستعمال ،وكان المو َ
مأذونا ً له في استعماله اعتبر العقد قرضًا.
أما في فرنسا فالفقه مختلف في تكييف الودائع الناقصللة.
والرأي الغالب هو الرجوع إلى نية المتعاقدين؛ فللإذا قصللد
صاحب النقود أن يتخلص مللن عنللاء حفظهللا بإيلداعها عنللد
الخر فالعقللد وديعللة .أمللا إن قصللد الطرفللان منفعللة مللن
تسلللم النقللود عللن طريللق اسللتعمالها لمصلللحته فالعقللد
قرض .ويكون العقد قرضا ً بوجه خاص إذا كان مللن تسلللم
النقود مصرفًا" ((.
وهنا تتجلى الحقيقة ،فتسللمية المللور بغيللر مسللمياتها قللد
تخدع البعض ،إل أنها ليمكن أن تمحو الحقيقة.
هل تتدخل البنوك التجارية في العملية النتاجية؟
في نلدوة جمعيللة القتصلاد السلللمي قلدم أحلد البللاحثين
القتصللاديين بحث لا ً فللي موضللوع طبيعللة البنللوك التقليديللة
والوظلللائف اللللتي تؤديهلللا ومصلللادر أموالهلللا و وجلللوه
استخدامها.
أنقل ما لخصله السللتاذ دكتللور علللى السللالوس ملن هلذه
الدراسة للباحث القتصادي سمير عبدالحميد رضوان حين
تسائل بعد أن قدم دراسته بشكل تفصلليلي بهللذا السللؤال
الذي يلخص الدراسة:
هل تتدخل البنوك التجارية في العملية النتاجية؟
"نلخص مما تقدم ،ومللن دراسللتنا لطبيعللة أعمللال البنللوك
التقليدية ،إلللى أن البنللوك التجاريللة مؤسسللات للوسللاطة
المالية ،ل تتدخل بطريقة مباشللرة فللي العمليللة النتاجيللة،
وإنما تتوسط بين المقرضين والمقترضين ،فتقوم بتحويللل
الفللوائض الماليللة مللن القطاعللات ذات الطاقللة التمويليللة
892
الفائضللية -المقرضللين و المللودعين -إلللى القطاعللات ذات
العجز في الموارد المالية )المقترضين(.
ويتمثل دخل هذه البنوك في الفرق بيللن مللا تحصللل عليلله
مللن فللوائد مللن المقترضللين ،ومللا تللدفعه مللن فللوائد
للمقرضين .أما العمولت التي تتقاضاها مقابللل الخللدمات
التي تقدمها فتمثل جزءا ً يسيرا ً نسبيًا .أ.هل.
ثللم قللدم البللاحث بعللض النمللاذج التطبيقيللة مللن الواقللع
العملي ،وقام بتحليلها ،مؤكدا ً ما انتهى إليه من الدراسة.
وعلى سبيل المثال عرض المركز المالي الجمالي للبنوك
التجارية في مصر قللي مللارس سللنة 1987م ،وتللبين مللن
وجوه الستخدام أن نسللبة ملا تقرضله بللغ %81.78مللن
جملللة السللتخدامات ،و أن %9.37كللان للسللتثمار فللي
السهم والسندات ،ومعلوم أن السندات قروض ربوية ،أي
أن الستخدامات كانت أساسا ً في القراض بفائدة.
وختللم البللاحث دراسللته بعللرض صللورة لميزانيللة بنللك
السكندرية التجاري والبحري.
مللن اسللتقراء المركللز المللالي لبنلك السللكندرية التجلاري
والبحلللري فلللي 30/12/1987م وكلللذا حسلللاب الربلللاح
والخسائر عن السنةالمنتهية في 31/12/1987م اسللتبان
لنا التي:
نسبة إجمالي الودائع إلى إجمالي الموارد .%67
.1نسبة حقوق المساهمين إلى إجمالي الموارد .%18.3
.2نسبة حقوق المساهمين إلى إجمالي الودائع %27.1
.3نسبة الستثمارات المالية إلللى إجمللالي السللتخدامات
.%0.5
.4نسبة القروض )والسلفيات( إلى إجمللالي ودائع العملء
.%146
حساب الرباح والخسائر:
.1نسبة الفوائد المحصلة إلى جملة اليرادات .%85.8
.2نسبة عائد الخدمات المصرفية واليرادات الخري إلللى
إجمالي اليرادات .%14.2
.3نسبة الفوائد المدفوعة إلى الفوائد المحصلة .%55
893
والمؤشرات على الوجه المتقللدم ليسللت فللي حاجللة إلللى
مزيد من التعليق .بهذا أنهى الباحث دراسته".
اليضلاحات اللتي أضلافها السلتاذ دكتلور عللي السلالوس
لهذه الخلصة
"
.1حقوق المساهمين ل تعنللي رأس المللال ،وإنمللا يضللاف
إليه ما حصلوه من إيرادات العام ،وما بقللي مللن إيللرادات
العوام السابقة؛ ولذلك فإن من ملللك أسللهم بنللك ربللوي،
وأراد التوبة ،فليس له -بعد التخلص من هذه السللهم -إل
رأس ماله واليرادات غير الربوية ،وهي نسللبة قليلللة كمللا
نرى؛ أما نصلليب أسللهمه مللن الفللوائد الربويللة فهللي مللال
خبيث حرام .وعند بيان حكم التعامل فللي الوراق الماليللة
-وهي السهم والسللندات -ل يكفللي القللول بللأن السللندات
قروض ربوية فهي حرام ،وأن السهم هي حصللص شللائعة
في شركة فهللي حلل؛ فنشللاط الشللركة إذا كللان محرم لا ً
فأسللهمها حللرام بل شللك ،وإن لللم تكللن قروضللا ً ربويللة
كالسندات .فمن اشترى أسهما ً فللي بنللك ربللوي فهللو مللن
الذين يأكلون الربا ،ويأذنون بحرب من الله ورسوله صلللى
الللله عليلله وسلللم ،ومللن اشللترى أسللهما ً لشللركة صللناعة
الخمور فهو ملعون مطرود من رحمة الله تعالى.
.2نسبة الستثمارات المالية ) ،(%0.5وهللي أساس لا ً فللي
السللندات ،وقللل أن تكللون فللي السللهم .وهللذا يعنللي أن
الستثمار ليس من طبيعة عمل البنك.
.3الودائع الللتي اقترضللها البنللك أقرضللها كاملللة )(%100
وأقرض أيضلا ً %46زيللادة علللى هللذه الللودائع ،فمللن أيللن
جاءت هذه الزيللادة؟! تللذكر مللا قيللل عللن خلللق النقللود أو
الئتمان!
.4في حساب الرباح والخسائر نلحظ ضخامة الفرق بين
الفوائد التي أخذها من المقترضين ،والفوائد التي أعطاهللا
المودعين المقرضين ،فلم يعط إل %55من الفوائد الللتي
حصلللها ،وأخللذ البنللك لنفسلله ،%45وهللذا هللو الللدخل
الساسللي للبنللك حيللث أنلله يمثللل %85.8مللن جملللة
اليرادات.
894
وبعد
كنللت مللن قبللل احتفظللت ببعللض مللا نشللر مللن ميزانيللات
البنوك الربوية لبين طبيعة عمل هذه البنوك ،ولكن بعد ما
سبق من عرض ودراسة أظن أن المر أصبح واضحا ً جليًا،
ل يحتاج إلى المزيد.
"
............ ..................................................
وهنا أوجه دعوة لخواني في المنتدى:
مللن أراد أن يسللاهم فللي هللذا البحللث عللن طريللق عمللل
دراسة مماثلة للدراسة النفة أعله حللول البنللوك الربويللة
في الكويت فليفعل وله الجر من رب العزة والجللة.
............ ..................................................
أحبتي في الله
لزلنا في المبحث الثللاني )طبيعللة عمللل البنللوك( وسللوف
نكمللل الجللزء الثللالث مللن المبحللث مللتى مللا سللمحت
الظروف.
لذلك أرجوا أن يؤجل النقاش في هذا المبحث ،علم لا ً بللأن
باب النقاش مفتوح فيما يتعلق بالمبحث الول )الربا(
الفهرس العام
895
896