You are on page 1of 15

‫‪.

‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫ييييي ييييي‪ :‬ييييييي يي‬


‫ييييييي يييييي يييييييي ي‬
‫ييييييي‪.‬‬
‫كان لعوامل النهضة التي عرفتها أوروبا في القرن السادس عشر‪ ،‬بعد‬ ‫تمهيـد‪:‬‬
‫انتكاسة رجال الدين وتقلص دور الكنيسة ‪،‬اكبر الكثر على ظهور أولى المدارس‬
‫الفكرية القتصادية كالتجاريين والطبيعيين‪.‬‬
‫إل أن ما عرفته أوروبا في القرن الثامن عشر)ق ‪ (18‬من أحداث تاريخية‬
‫واجتماعية وعلمية وفكرية‪ ،‬أدى إلى بروز فكر اقتصادي كان ول يزال محل إعجاب‬
‫وتقدير من قبل الكثير من المختصين والمفكرين والباحثين‪.‬‬
‫وفي خضم التراكمات التاريخية والمعرفية‪ ،‬والمتغيرات القتصادية والجتماعية‬
‫‪ ،‬ظهرت المدرسة التقليدية في إنجلترا في أواخر القرن)‪ ، (18‬حيث وضع أصولها‬
‫الفكرية وقوانينها القتصادية‪ ،‬آدم سميث‪ ،‬واسهم في تطورها‪ ،‬مالتوس وريكاردو وميل‬
‫وساي ‪،‬وغيرهم من رواد المدرسة نيوكلسيكية ‪،‬وخاصة مانجر وبافريك ‪ ،‬فيزر‪،‬‬
‫مارشال ‪ ،‬روبنسن و بيجو … ‪.‬‬
‫قبل البدء في تناول دراسة هذا الفصل يجب أن نحدد أول الساس الذي سوف يتم‬
‫عرض النظريات النقدية و مضمون سعر الفائدة ‪.‬‬
‫في هذا المجال نجد أن هناك العديد من التقسيمات لعرض هذه النظريات)‪(1‬‬
‫‪،‬فهناك من يتبع التسلسل التاريخي لظهورها‪ ،‬واتجاه آخر ‪-‬وهو المتبع في معظم‬
‫الدراسات النظرية‪ -‬قسم النظرية إلى‪ :‬النظرية النقدية الكلسيكية ‪ ،‬النظرية النقدية‬
‫الحديثة)كينز(‪ ،‬والنظرية النقدية المعاصرة)فريدمان(‪ ،‬واتجاه ثالث قسمها بحسب‬
‫فرضيات وأسس بناء النظرية ‪ ،‬بالضافة الى تقسيمات اخرى أقل أهمية‪.‬‬
‫وإن كانت التقسيمات السابقة هي تقسيمات موضوعية تعتمد على المفهوم‬
‫الموضوعي للنظرية فإن في مجال عرضنا لم نبتعد كثيرا عن المفاهيم السابقة‪ ،‬ولدوافع‬
‫البحث والدراسة والربط بين النظرية النقدية وموضوع سعر الفائدة ‪،‬فإننا سنتناول في‬
‫الفصل الول الخاص بالتحليل النقدي الرأسمالي من خلل‪:‬‬
‫‪-‬النظرية التقليدية)الفكر الكلسيكي والنيوكلسيكي(‪.‬‬
‫‪-‬نظرية كمية النقود وطالب حائزي الثروة)فكر فريدمان(‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬راجع تفاصيل هذه الشكالية كل من‪:‬‬
‫–رمزي زكي ‪ ،‬مشكل التضخم في مصر‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.1980 ،‬‬
‫‪-‬كامل فهمي بشاي‪ ،‬دور الجهاز المصرفي في التوازن المالي‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪،‬‬
‫‪.1981‬‬
‫‪-‬فيصل محمد فكري‪ ،‬سعر الفائدة كأداة من أدوات السياسة النقدية‪ ،‬بدون دار نشر سنة ‪ 1993‬ص‬
‫‪.179-174‬‬
‫‪6‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫على أن نعالج في الفصل الثاني نظرية تفضيل السيولة)فكر كينز(‬


‫وأتباعه)الكينزيين الجدد( ‪،‬على اعتبار أن هناك تباين بين التحليل النقدي الكينزي‬
‫والتحليل النقدي التقليدي والمعاصر في بناء النظرية النقدية و تحليل طبيعة و مفهوم‬
‫سعر الفائدة ‪.‬‬
‫ولتحليل سعر الفائدة عند التقليديين و النقديين نرى ضرورة معالجة موضوع الفصل‬
‫ضمن أربع مباحث‪.‬‬
‫البحث الول نخصصـه للنظـرية النقـدية التقليدية‪ ،‬فنتعـرض لهم الفتراضات التي‬
‫تقوم عليها هـذه النظرية‪،‬و بعـد ذلك نتناول بالتحليل معادلـة التبادل "لفيشر"‪ ،‬ومعادلة‬
‫الرصـدة النقدية المتاحة )نظرية كمبريدج(‪.‬‬
‫أما المبحث الثاني‪ ،‬فسنتناول نظرية سعر الفائدة من خلل استعراضنا لعدة مداخل‪:‬‬
‫‪-‬مدخل التجاريين‪.‬‬
‫‪-‬مدخل بافريك‪.‬‬
‫‪-‬مدخل ويكسال‪.‬‬
‫‪-‬مدخل فيشر‪.‬‬
‫المبحث الثالث ‪،‬نتعرض فيه لمفهوم سعر الفائدة ‪ ،‬وكيفية تحديده وطبيعة دوره‪.‬‬
‫و في المبحث الرابع ‪ ،‬سنتناول النظرية النقدية المعاصرة ‪-‬نظرية "فريدمان" –‬
‫و من ثم نظرية سعر الفائدة ومدى أهميتها في التحليل النقدي والقتصادي ‪.‬‬
‫يييييي ييييي‪ :‬ييييييي ييييييي‬
‫ييييييييي) ‪:(1‬‬
‫إن النظرية النقدية تهدف إلى تفسير العوامل المحددة لقيمة النقد في أي لحظة من‬
‫الزمن ‪ ،‬وتحليل تلك التغييرات التي تطرأ عليها خلل فترات من الزمن)‪.(2‬‬
‫تعتبر النظرية التقليدية بمثابة خلصة للفكر والتحليل التقليدي للظواهر النقدية‬
‫والحقيقية في القتصاد‪.‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪_1‬نقصد بالنظرية النقدية التقليدية‪ ،‬آراء و أفكار المدرسة الكلسيكية‪،‬وأراء وأفكار المدرسة‬
‫نيوكلسيكية‪.‬‬
‫‪_2‬راجع في تفاصيل هذا الموضوع‪:‬‬
‫‪-‬صحبي تادرس قريصة ‪،‬النقود والبنوك‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت ‪،1984‬ص ‪_175‬ص ‪.180‬‬
‫‪-‬سهير محمود معتوق‪ :‬التجاهات الحديثة في التحليل النقدي‪ ،‬الدار المصرية اللبنانية‪ ،‬ط ‪،1988 ،1‬‬
‫ص ‪_17‬ص ‪.25‬‬
‫‪ -‬ناظم نوري الشمري‪ ،‬النقود و المصارف ‪ ،‬المكتبة الوطنية ‪ ،‬بغداد ‪ ،1995 ،‬ص ‪ 175‬إلىص‬
‫‪.188‬‬

‫ييييييييي ييييييي‬
‫‪7‬‬ ‫يييييي ييييي‪:‬ييي‬
‫ييييييي ييييييييي) ‪. (1‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫إن النظرية التقليدية تعبر عن مجموعة من الراء والفكار المفسرة والمحللة‬


‫لعمل النظام الرأسمالي الحر‪،‬وقد ظهرت في القرن الثامن عشر‪ ،‬أين ساد مبدأ حياد‬
‫النقود ) النقود عبارة عن عربة لنقل القيم (‪ ،‬وسيطر على النشاط القتصادي قانون‬
‫"ساي" للسواق)‪ ،(2‬والذي يرى ضرورة أن كل عرض يخلق الطلـب الخاص به‪،‬‬
‫فالنتاج يخلـق معـه قوته الشرائية‪ ،‬وبتعبير نقدي كل إنتاج يخلق إنفاقا مساويا لـه‪ .‬وان‬
‫زيادة أو انخفاض العرض عن الطلب‪ ،‬سرعان ما يزول بحكم فعالية آلية السـوق أو‬
‫جهاز السعار‪،‬وان القتصاد يقوم على أساس المنافسة الكاملة بين المشروعات‬
‫‪،‬والتوازن يحدث عند حالة التشغيل الكامل‪ ،‬ومن ثم فان حالة القتصاد تسير دائما في‬
‫اتجاه التوازن التلقائي‪ ،‬ومن ثم اعتبر القتصاديون التقليديون أن النمو القتصادي يتم‬
‫تلقائيا دون ما حاجة إلى تدخل الدولة في النشاط القتصادي‪ ،‬وهو ما دفعهم إلى عدم‬
‫تصور إمكانية حدوث بطالة على مستوى القتصاد الوطني‪.‬‬
‫ووفقا للتحليل القتصادي التقليدي‪ ،‬قامت النظرية الكمية للنقود في بناء معادلة‬
‫التبادل "لفيشر" ومعادلة الرصدة النقدية "لمارشال" على الفتراضات التالية‪.‬‬

‫‪_1‬ثبات حجم المعاملت‪ :‬تقـوم النظرية الكمية للتقليديين في تحليلها للواقع القتصادي‪،‬‬
‫وفي بناء النظرية النقـدية على فـرضية أن حجم المعاملت ومستوى النشاط القتصادي‬
‫يتم تحديـده بعوامل موضوعية‪ ،‬وان النقـود ليس لها أي تأثير في تحقيق التـوازن‬
‫القتصادي ‪،‬باعتبارها وسيط للمبادلة‪ ،‬وبذلك فهي مجرد حجاب يخفي الحقيقة‪ ،‬لن‬
‫المنتجات من السلع والخـدمات تبادل بالمنتجات‪ ،‬والنقـود وسيلة لذلك‪ ،‬إذا فالنقود دورها‬
‫محايد في القتصاد‪ .‬وهذا التحليل التقليـدي إنما يستند في ذلك إلى قانـون العرض‬
‫والطلب وعلى ذلك فان حجم المعاملت يعـد وفقا للنظـرية الكمية بمثابة متغير خارجي‪،‬‬
‫بمعنى انه ل يتأثر بالمتغيرات التي تشمل عليها المعادلة‪ ،‬ومن ثم يعامل على انه ثابت‪،‬‬
‫خاصة وان العوامل التي تؤثر في حجم المعاملت هي ثابتة‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬ناظم نوري الشمري‪ ،‬النقود و المصارف ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪ 179‬إلىص ‪.180‬‬
‫‪_2‬جان باتست ساي)‪ (1832-1767‬اقتصادي فرنسي‪ ،‬من رواد المدرسة الكلسيكية ‪ ،‬صاحب‬
‫قانون المنافذ‪ ،‬من اشهر كتبه القتصاد السياسي‪ ،‬صدر في ‪.1803‬‬

‫‪ _2‬ثبات سرعة دوران النقود‪ :‬تقوم هذه النظرية على أساس أن سرعة دوران النقود‬
‫ثابتة على القل في المدى القصير‪ ،‬لنها تحدد بعوامل بطيئة التغير ومستقلة عن كمية‬
‫النقود‪ ،‬أو بتعبير آخر فافتراض التحليل الكلسيكي ثبات سـرعة دوران النقود على‬
‫أساس أن تغيرهـا يرتبط بتغير عوامل أخرى ‪،‬منها درجة كثافة السكان‪ ،‬وتطور عادات‬
‫المعاملت المصرفيـة ومستوى تطور وتقدم الجهاز المصرفي‪ ،‬والسواق المالية‬
‫والنقدية‪ ،‬وهذه العوامل كلها ل تتغير عادة في الجل القصيرة‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫‪_3‬ارتباط تغير المستوى العام للسعار بتغير كمية النقود‪ :‬تقوم النظرية الكمية للنقود‬
‫على افتراض أساسي مفاده أن أي تغير في كمية النقود المعروضة سيحدث تغير بنفس‬
‫النسبة والتجاه في المستوى العام للسعار)الصورة الجامدة(‪.‬فـزيادة النقود المعروضـة‬
‫سيؤدي إلى زيادة مماثلة على المستوى العام للسعار والعكس صحيح‪ ،‬أي أن هناك‬
‫علقة طردية بين كمية النقود ومستوى السعار‪ ،‬وذلك بافتراض ثبات حجم المعاملت‬
‫وسرعة دوران النقود‪ .‬ومنه ترى النظرية التقليدية للنقود‪ ،‬أن المستـوى العام للسعار‬
‫السائـد في فترة زمنية معينة هو نتيجة‪-‬وليس سببا‪ -‬لمقدار وكمية النقود‪ ،‬أي أن نظرية‬
‫كمية النقود هي دالة ‪،‬كمية النقود متغير مستقل‪ ،‬والمستوى العام للسعار متغير تابع‪.‬‬

‫يييييي يييييي‪ :‬ييييي ييييييي "ييييي"‪.‬‬


‫إن فكرة النظرية قـديمة‪ ،‬فقد تعرض لبعض عناصرها فلسفة اليونان و‬
‫الرومان‪،‬كما يمكن تتبع صورها في أراء بعض مفكري وعلماء السـلم)المقريزي(‪،‬‬
‫إل أنها تطـورت اكثر بعـد ثورة السعار في القـرن السادس عشـر )قرن ‪– (16‬خاصة‪-‬‬
‫بعـد ذلك التـدفق الكبير من المعادن النفيسة )الذهب والفضة( من أمريكا إلى أوروبا‪ ،‬مما‬
‫دفع بكثير من القتصاديين آنذاك إلى البحث في العلقة بين زيادة كمية النقود وارتفاع‬
‫السعار‪ ،‬نتيجة تدفق الذهب والفضة ‪.‬‬
‫كان "جون بودان" أول من أعطى ملحظة مفادها أن الزيادة في كمية النقود‬
‫المتداولة هي سبب ارتفاع السعار‪ ،‬ومن ثم النخفاض في قيمة النقود‪.‬‬
‫وفي القرن الثامن عشر)ق ‪ (18‬ظهرت نظرية كمية النقود في شكها التقليدي‪،‬‬
‫فكان كل من"دافيد هيوم و كانتيون" قد لحظا أن حجم المعاملت وسرعة التداول ل‬
‫تتأثران بتغيرات كمية النقود‪ ،‬وان كمية النقود ومستوى السعار يتغيران في نفس‬
‫التجاه‪ .‬إل أن أهم من اخذ بالتحليل السابق‬
‫واستخدامه في تفسير ظاهرة التضخم التي عرفتها بريطانيا في القرن التاسع عشر)ق‬
‫‪ (19‬هو القتصادي"دافيد ريكاردوا" الذي كان له دور أساسي في بناء النموذج الفكري‬
‫التقليدي‪ ،‬حيث توصل في هذا الشان إلى أن قيمة النقود تتناسب عكسيا مع كميتها‪،‬‬
‫باعتبار أن أي زيادة في المعروض النقدي سيؤدي إلى زيادة في المستوى العام للسعار‬
‫)‪.(1‬‬
‫إل أن هذه النظرية أخذت شكلها النهائي والحقيقي من خلل معادلة التبادل‬
‫"لفيشر" )‪ ،(2‬ومعادلة الرصدة النقدية "كمبرديج"‪.‬‬

‫‪_1‬التعبير الرياضي لمعادلة التبادل‪ :‬تقـوم نظـرية كمية النقـود على تفسير العـلقة‬
‫التناسبية بين كمية النقود وبين المستـوى العام للسعار‪،‬حيث يكون مجمـوع قيـم عمليات‬
‫المبادلة مساويا للمبالغ التي دفعت في تسويتها‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫إذا فنظرية الكمية "لفيشر" هي دالة‪ ،‬المستوى العام للسعار متغير تابع وكمية‬
‫النقود متغير مستقل‪ ،‬وبثبات كل من كمية المبادلت وسرعة دوران النقـود‪ ،‬فانه يمكن‬
‫صياغـة المعادلة رياضيا كما يلي)‪:(3‬‬
‫‪M.V =T.P ………1‬‬
‫حيث كمية النقود) ‪ ،(M‬تشمل كافة أنواع النـقود‪ ،‬ورقية ومعدنيـة‪ ،‬أوراق بنكنوت ونقود‬
‫مصرفية‪.‬‬
‫أما سرعة دوران النقود)‪ ( V‬فتعبر عن متوسط عدد المرات التي انتقلت فيها كـل‬
‫وحدة من وحدات النقد من يد إلى يد أخرى في تسوية المبادلت التجارية والقتصادية‪.‬‬

‫في حين حجم المعامـلت) ‪ ،(T‬يشمل كافة أنواع المعاملت التي تتم داخل‬
‫القتصاد‪ ،‬وهي عبارة عن الحجم الحقيقي للمبادلت من السلع والخدمات‪ ،‬خلل فترة‬
‫زمنية معينة‪.‬‬
‫أما المستوى العام للسعار) ‪ ،(P‬فهو متوسط مرجح لسعار حجم السلع والخدمات‬
‫التي بيعت أو اشتريت بالنقود خلل نفس الفترة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪_1‬ناظم نوري الشمري‪ ،‬النقود و المصارف ‪،‬مرجع سابق ص ‪.276‬‬
‫‪_2‬ارفينج فيشر )‪-Irving Fisher): -1868،1948‬اقتصادي أمريكي ‪ ،‬صاحب كتاب نظرية الفائدة عام‬
‫‪ ،1930‬يعتبر من القتصاديين الوائل الذين ميزوا بين النقود الورقية والنقود المصرفية ‪،‬‬
‫وبين سرعة دوران كل منها ‪.‬‬
‫‪ _3‬محمد زكي شافعي‪ ،‬مقدمة في النقود والبنوك‪،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة‪، 1964 ،‬ص ‪413‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬

‫وعليه فان كمية النقود مضروبة في سرعة دورانها تساوي كمية المبادلت‬
‫مضروبة في المستوى العام للسعار‪ .‬إذا كلما تغيرت كمية النقود تغير المستوى العام‬
‫للسعار بنفس التجاه‪ ،‬شريطة ثبات كل من كمية المبادلت وسرعة دوران النقود‪.‬‬
‫‪P = M.V/ T…. 2‬‬

‫‪ -2‬نقد معادلة التبادل‪:‬تعرضت هذه النظرية إلى انتقادات عديدة‪ ،‬يمكن إيجازها فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫_ افتراضها دوما ثبات العوامل المحددة لقيمة النقد" باستثناء مســتوى الســعار"‪ ،‬إل انــه‬
‫إذا رجعنا إلى التجارب الواقعية‪ ،‬نجد عدم صحة ثبات هذه القروض‪.‬‬
‫_يصعب تصديق ثبات العوامل التي تحدد كمية المبادلت) ‪ (T‬وسرعة دوران النقود)‬
‫‪.(V‬‬
‫_ إنها لم تأخذ بعين العتبار فــي بنــاء النظريــة النقديــة ‪ ،‬متغيــرات أخــرى هامــة كســعر‬
‫الفائدة‪ ،‬حيث اعتبرت هذه الخير ظاهرة حقيقية‪ ،‬وليست ظاهرة نقدية‪ ،‬كما هو الشأن في‬
‫‪10‬‬ ‫تحليل النظرية النقدية الكينزية‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫_يرى" م‪ .‬فريدمان" أن المعادلة بفروضها السابقة‪ ،‬ل تكون صحيحة إل عنــد ثبــات كــل‬
‫من)‪ ،(V .T‬وهذا ل يكون إل عنـد افتـراض وصول المجتمع إلى حالـة التشـغيل الكامـل‪،‬‬
‫كمــا أن ثبــات) ‪ (V‬يعنــي ثبــات العــرف التقليـــدي لعــادات الفـــراد وســلوك المؤسســات‬
‫المصـرفية‪ ،‬في مثل هذه الظروف فقط يمكن قبول صحة المعادلة‪.‬‬
‫_تقوم هذه المعادلة على العلقة اللية بين كمية النقود ومستوى السعار‪ ،‬إل أن كمية‬
‫النقود ليست هي العامل الوحيد الذي يؤثر في مستوى السعار‪ ،‬فقد ترتفع هذه الخيرة‬
‫لسباب ل علقة لها بزيادة النقود‪ ،‬كما أن زيادة النقود ليس بالضرورة أن تؤدي إلى‬
‫ارتفاع السعار‪ ،‬خاصة إذا كانت هناك طاقات معطلة‪.‬‬
‫‪-‬إن العلقة بين كمية النقود وبين مستوى السعار ليست مباشرة أو تناسبية فقد أشار‬
‫القتصادي"د‪.‬باتنكن)‪،(Patinkin)"(1‬في خضم النتقادات الشـديدة التي تعرضت لها‪ ،‬إلى‬
‫أن العملية التي تعقب حدوث زيادة في النقـود سـوف تصبح اكثر تعقيـدا مـن العلقة‬
‫البسيطة التي تصفها النظرية الكمية‪ ،‬ويذهب بتحليله إلى القـول انه قد تكون هنـاك علقة‬
‫عكسية بين كمية النقود والسعار في بعض الحالت وفق شروط‪.‬‬
‫_تقوم هذه النظرية على اعتمادها في العلقة بين قيمة النقد والمتغيرات القتصادية‬
‫الخرى على التحليل السكوني ‪ ،‬وليس التحليل المتحرك)الديناميكي( ‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫‪. Don Patinkin , La Monnaie , L Intérêt Et Les Prix , P.U.F ,Paris , 1975 -1‬‬
‫كما ترى أن حجم النتاج يعد مستقل تماما عن التداول النقدي ‪،‬ويرجع هذا الفتراض‬
‫إلى طبيعة التحليل الكلسيكي في كونه )تحليل عيني ( بحت ‪ ،‬لنه أهمل أهمية الجانب‬
‫النقدي ‪ ،‬على اعتبار أن النقود ل تؤدي إل وظيفة واحدة كونها وسيط للتبادل )‪.(1‬‬
‫يييييي يييييي‪ :‬يييييي ييييييي ييييييي)‬
‫‪.(2‬‬
‫تطورت نظرية كمية النقود التقليدية على يد كل من ‪" :‬مارشال و روبينسون‪،‬ثم‬
‫بيجو" وهم جميعهم من جامعة "كمبريدج"‪ ،‬لذلك سميت هذه المعادلة‪ ،‬بمعادلة‬
‫"كمبريدج"‪ ،‬وتسمى بمعادلة الرصدة النقدية‪،‬لنها تقوم على العلقة بين الرصدة‬
‫النقدية التي يرغب الفراد الحتفاظ بها من جهة‪ ،‬وبين الدخول النقدية للفراد من جهة‬
‫أخرى‪.‬‬

‫وتقوم هذه المبادلة على مفهوم معادلة "فيشر" في وجود علقة مباشرة بين كمية‬
‫النقود ومستوى السعار‪ ،‬إل أن الختلف يرجع إلى أن معادلة "فيشر" قد نظرت إلى‬
‫النفاق من خلل سرعة دوران النقود‪ ،‬أما معادلة الرصدة النقدية فقد نظرت للنفاق‬
‫من خلل الطلب على النقود‪.‬‬

‫إذا أساس معادلة "كمبريدج" تقوم على العلقة بين الـرغبة فـي الحتفاظ بأرصدة‬
‫أخرى‪ ،‬باعتبار أن التغيرات في رغبة الفراد أو‬
‫‪11‬‬ ‫نقدية من جهة‪ ،‬والدخل النقدي من جهة‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫ميلهم للحتفاظ بأرصدة نقدية سائلة‪ ،‬يؤدي إلى التأثير على حجم النتاج ثم على حجم‬
‫الدخل ‪،‬وأخيرا على المستوى العام للسعار‪ .‬فالتأثير على السعار من خلل تغيـر كمية‬
‫النقـود يكون وفـق نظـرية الرصدة النقدية تأثيرا غير مباشر‪،‬وعليه يمكن إعطاء‬
‫الصيغـة الرياضية لـهذه المعادلة ‪:‬‬

‫بافتراض أن مجموع أفراد المجتمع يحتفظون في فترة زمنية معينة بنسبة من‬
‫الدخل الوطني الحقيقي‪ ،‬والذي يمكن اصطلح تسميته بالتفضيل النقدي ونرمز له‬
‫بالرمز) ‪.( K‬‬
‫ولما كانت العلقة بين التفضيل النقدي) ‪ (K‬وبين سرعة دوران النقود) ‪ (V‬هي علقة‬
‫‪K = 1 / V….3‬‬ ‫عكسية ‪،‬حيث ‪:‬‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫‪-1‬راجع هذه النتقادات بتوسع ‪-:‬سهير محمود معتوق ‪ ،‬التجاهات الحديثة في التحليل النقدي ‪.‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪-2‬أحمد ابو الفتوح على الناقه‪ ،‬نظرية النقود و السواق المالية ‪،‬مكتبة الشعاع الفنية ‪ ،‬السكندرية ‪،‬‬
‫ط ‪ ،2001 ،1‬ص ‪-102‬ص ‪.108‬‬

‫وبتعويض حجم المعاملت) ‪ (T‬بالنتاج أو الدخل) ‪(Y‬في المعادلة رقم ‪ 1‬فتصبح معادلة‬
‫الرصدة النقدية‪.‬‬
‫‪M.V =Y .P…..4‬‬
‫وبمقارنة المعادلة رقم ‪ 3‬بالمعادلة رقم ‪ ،4‬فإننا نحصل على الصيغة الرياضية النهائية‬
‫لمعادلة "كمبريدج"‪.‬‬
‫‪M/ K = Y .P‬‬
‫أي أن ‪:‬‬
‫‪M = P( Y .K) …5‬‬
‫حيث )‪ (Y‬الدخل الحقيقي من عملية النتاج للسلع والخدمات في وحدة الزمن‪.‬‬
‫)‪ (K‬النسبة التي يرغب الفراد في الحتفاظ بها في شكل أرصدة نقدية من اجل النفاق‪.‬‬
‫ومن المعادلة رقم ‪ 5‬نلحظ أن هناك علقة طردية بين كمية النقود والمستوى‬
‫العام للسعار بشرط ثياب كل من الدخل أو النتاج )‪ (Y‬والتفضيل النقدي) ‪.(K‬‬
‫وفي هذا الصدد يقول "مارشال ‪": "J . Marshal -‬عند ثبات كافة العوامل فانه‬
‫سيكون هناك علقة طردية ومباشرة بين كمية النقود ومستوى السعار"‪.‬‬
‫إن التغيــر الـــذي أحدثـــه "مارشــال" بتعـــويضه النتــاج)الــدخل( محـــل حجــم‬
‫المعاملت وبتعـويض سـرعة دوران النقـود بالتفضـيل النقــدي‪،‬لـم يكـن ليحــدث الشـيء‬
‫الكثـير على النظـرية النقدية التقليدية‪ ،‬حيــث بــات الختلف بيــن معادلــة "كمبريــدج"‪ ،‬و‬
‫معادلـــة "فيشـــر" تكمـــن أساســـا فـــي اســـتبدال ســـرعة دوران النقـــود بـــالطلب علـــى‬
‫النقود)التفضيل النقدي(‪ ،‬ومن ثم فــالول كــان يبحــث عــن أســباب النفــاق‪ ،‬والثــاني كــان‬
‫يبحث عن أسباب الطلب على النقود‪ .‬وبذلك فان سرعة دوران النقود‪ ،‬والتفضــيل النقــدي‬
‫الطلـب علـى النقـود هـو مقلـوب سـرعة دوران‬ ‫‪12‬‬
‫هما بـديلن عـن بعضـهما البعـض‪ ،‬وان‬
‫التداول‪ ،‬أي أن هناك علقة عكسية ) ‪. (K = 1/ V‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫وخلصة القول أن نظرية الرصدة حاولت أن تبتعد عن التبسيط و النقــد الــذي وجــه‬
‫لنظرية معادلة التبادل‪ ،‬إل أنهالم تسلم هي الخرى من النتقادات‪.‬‬
‫يييييي يييييي‪ :‬ييييييي يييييييي‬
‫يييييي ييييييي‪.‬‬
‫لم تكن نظريات التقليديين واضحة في تناولهم لمفهوم الفائدة‪ ،‬سواء تعلق المر بالفرق‬
‫بينها وبين الربح‪ ،‬أو مدى مشروعيتها أو طبيعة تأثيرها‪ ،‬ناهيك عن كيفيات تحديد هيكل‬
‫سعر الفائدة‪.‬والسبب في ذلك هو أن تحليلهم كان في إطار التحليل الكلسيكي القائم على‬
‫المنطلقات والفكار التي سادت في تلك الفترة‪.‬‬
‫أعطى ظهور أفكار و أراء المدرسة الكلسيكية الحديثة‪ ،‬دفعا ومفهوما جديدا‬
‫وإضافة متميزة عن مفهوم الفائدة‪ ،‬خاصة عند "بون بافريك‪ ،‬كنت فيكسل‪ ،‬أرفينج‬
‫فيشر ‪،‬وج مرشال"‪.‬‬
‫وقبل التطرق للمداخل المختلفة لهؤلء عن مضمون معدل الفائدة‪ ،‬نرى من‬
‫الضروري التطرق لمفهوم الفائدة ما قبل الفكر الكلسيكي‪ ،‬ونقصد بذلك آراء التجاريين‬
‫الذين كان لهم السبق في تناول هذا الموضوع بنوع من الدراسة والتحليل ‪.‬‬
‫يييييي ييييي‪ :‬ييييييي يي ييي ييييي‬
‫ييييييييي) ‪.(1‬‬
‫إن تناولنا لمفهـوم الفائـدة عند التجاريين على الخصوص‪ ،‬كان لعتبــارات علميــة‬
‫ومنهجية اكثر منها محاولة للتعمق والمناقشة في هـذا المفهـوم‪،‬خاصــة أن هـــذه المرحلــة‬
‫كانت نقطة انعطاف مهمة جدا فــي تحليــل مفهــوم الفائـــدة فــي الفكــر القتصــادي‪ ،‬نظـــرا‬
‫لبـروز آراء وأفكار مـن قبل التجاريين حاولت تحليل مفهــوم الفــائدة بعيــدا عــن التصــور‬
‫الديني وضغط رجال الكنيسة‪ ،‬بل كثيرا ما كـانت أراءهـم و أفكـارهم عـن الفـائدة منطلقـا‬
‫لبحوث و دراسات رواد المدرسة التقليدية و المدرسة الكلسيكية الحديثــة علــى الســواء )‬
‫‪.(2‬‬
‫لقد كانت أهـم أهـداف التجاريين تنمية مـــوارد الـــدولة القتصــادية وتحقيــق معــدل‬
‫سريع للنمو القتصادي ‪ ،‬و لتحقيق ذلك كان لبد من تنمية الستثمار المحلــي أو محاولــة‬
‫تشجيع الستثمار الجنبي‪ ،‬فهاتين المفردتين تكونان فيمــا بينهمــا الســتثمار الكلــي‪.‬ولكــن‬
‫نجاح هذه السياسة مشروطة بشرطين ل يجب إهمالهما‪.‬‬
‫_أل يكون انخفاض سعر الفائدة الــوطني كــبيرا بحيــث يحفــز علــى زيــادة فــي الســتثمار‬
‫والتوظيف‪ ،‬فيتبعهما ارتفاع في مستوى الجور‪ ،‬فيزيد ذلك من تكاليف النتــاج المحليــة‪،‬‬
‫مما يكون له آثار عكسية على الميزان التجاري في غير صالح الدولة‪.‬‬
‫_إن التعامل بسعر فائدة وطني منخفظا جــدا‪ ،‬بحيــث يضــعه فــي مســتوى اقــل كــثيرا مــن‬
‫مستويات أسعار الفائـدة السائدة في البلد الجنبية‪ ،‬من شــانه أن يــؤدي ذلــك إلــى خــروج‬
‫المعادن النفيسة من الدولة مما يجعل الميزان التجاري غير موافق لمبادئها‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫وعليه يمكن أن نشــير بإيجــاز لهــم تصــورات التجــاريين لمفهــوم الفــائدة مــن خلل‬
‫المفاهيم التالية‪:‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪_1‬نقتصر في بحثنا عن الفائدة ما قبل الفكر الكلسيكي‪ ،‬على آراء وأفكــار التجــاريين‪ ،‬دون الخــوض‬
‫فيما قبل ذلك‪ ،‬لننا سنتعرض لهم الفكار عن الفائدة التي سادة القرون الوسطى والقرون القديمة فــي‬
‫الفصل الرابع‪.‬‬
‫‪_2‬يقــول الســتاذ احمــد هنــي فــي هــذا الصــدد‪":‬إن نظــرة التجــاريين والفيزوقراطييــن ل تختلــف فــي‬
‫مضمونها العام عــن نظــرة وفكــر التقليــديين"‪ ،‬راجــع ‪:‬احمــد هنــي ‪ ،‬دروس فــي التحليــل القتصــادي‬
‫المعاصر‪ ،‬ص ‪.87‬‬

‫_لم يفترض التجاريون وجود قوى تلقائية تعمــل علــى تعــديل ســعر الفــائدة‪ ،‬وجعلــه عنــد‬
‫المستوى المطلوب‪ .‬بل على العكس تماما كانوا يرون أن سعر الفائدة المرتفع يعتبر عقبة‬
‫في سبيل نمو الثروة‪ ،‬بل أدركوا أن سعر الفائدة يتوقف على التفضيل النقدي وعلى كميــة‬
‫النقود‪.‬‬
‫_ لقد أدرك التجاريون مساوئ زيادة التفضــيل النقــدي عــن الحــد اللزم وأوضــح الكــثير‬
‫منهم)‪ (1‬أن الحافز على دعوتهم لزيادة كميــة النقــود هــو رغبتهــم فــي ســيادة ســعر فــائدة‬
‫منخفض‪ .‬ومن ثم نجـد دعوتهم لعلج الربا)الفائدة( هـو الكثار من كميـة النقود‪.‬‬
‫وعليه فقـد انتقد الكتاب التجاريين أمثال" مالينـز‪ ،‬كليبر‪ ،‬تشايلد‪".‬الفائدة التي تتجاوز‬
‫الـحد المناسب للتجارة‪ ،‬ويستنتج من ذلك انهــم قــد دعــوا إلــى إصــدار قــانون لتقييــد ســعر‬
‫الفائدة بما يتمشى ومصلحة القتصاد الوطني‪.‬‬
‫في حين ذهب رواد المدرسة التجارية النجليزية‪ ،‬ومنهــم"وليــم بيــتي‪ ،‬جــون لــوك‪،‬‬
‫رادلي نورث"‪،‬إلى معارضة تقييـد الفائدة معتبرين ذلك أن الفائدة هي ريــع النقــود‪ ،‬تمامــا‬
‫كما للرض عائد هو ريع الرض‪.‬‬
‫لذلك نجد"لوك" كان أول من أوضح العلقة بين سعر الفـائدة وبيــن كميــة النقــود‪ ،‬فقــد‬
‫عارض القتراح الذي كان يدعـو إلى فـرض حـد أعلـى لسـعر الفـائدة‪ ،‬وبنـى معارضـته‬
‫على عدم نجاح هذه الفكرة في الحياة العملية ومثلها في ذلك تمامـا مثــل تحديــد حــد أعلــى‬
‫لريع الرض‪ .‬ويرى"لوك" أن للنقود قيمتين)‪:(2‬‬
‫_قيمة في الستعمال والتي تحدد سعر الفائدة‪ ،‬وهي في هذا تشبه الرض‪ ،‬فدخل الرض‬
‫يطلق عليه الريع‪ ،‬ودخل النقود يطلق عليه الفائدة‪.‬‬
‫_قيمة في التبادل مثلها في ذلك مثل السلع‪ ،‬وقيمتها تتوقف على مدى ندرتها أو وفرتها‪.‬‬
‫وكان يهدف"لوك" في تحليله هذا الوصول إلى أن خفض سعر الفائدة ليس له أي اثر‬
‫مباشر على مستوى السعار‪ ،‬في حين يؤكد"فورتري")‪ (Fortry‬على أهميــة وجــود ســعر‬
‫منخفض كوسيلة لتنمية الثروة‪.‬‬
‫أما"ريشارد كانتيلون"‪ ،‬فهو يرى أن زيادة كمية النقود سينتج عنها انخفاض في سعر‬
‫الفائدة‪ ،‬فهو بذلك يركز على طبيعة القوى الدافعة للتوسع النقدي‪ ،‬فــإذا كــانت الزيــادة فــي‬
‫‪14‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫الكتلة النقدية للتوسع النقدي نتيجة لزيادة عـرض النقود فقط‪ ،‬فهــذه الفكــرة صــحيحة‪ ،‬أمــا‬
‫إذا كان التوسع النقدي هو استجابة لزيادة‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪_1‬راجـع آراء هـؤلء – بلعـزوز بـن علـي ‪،‬دراسـة مقارنـة للسياسـة النقديـة والمصـرفية بيـن الفكـر‬
‫القتصادي المعاصر و الفكــر القتصــادي الســلمي‪ ،‬رســالة "ماجســتير" فــي العلــوم القتصــادية ‪،‬‬
‫جامعة الجزائر ‪،1993/1994 ،‬ص ‪76‬وص ‪.77‬‬
‫‪_2‬جمال الدين محمد سعيد‪ ،‬النظرية العامة لكينز‪ ،‬مطبعة لجنة البيـان العربـي‪ ،‬القـاهرة‪ ،1963 ،‬ص‬
‫‪.448‬‬

‫الطلب‪ ،‬كتحسن توقعات رجال العمال ‪ ،‬فان سعر الفائدة سيكون مرتفعا)‪.(1‬‬
‫ومنه نرى أن التجاريين انقسموا إلى فئتين‪،‬مجموعة من المفكرين أمثــال" مــالينز‬
‫و كليبر وغيرهما‪ "..‬دعو إلى تقييد سعر الفائدة والعمل على تخفيضها إلى مستوى يخــدم‬
‫القتصاد الوطني‪ .‬ومجموعة أخــرى مــن التجــاريين خاصــة‪"،‬جــاك لــوك‪ ،‬نــورث"‪ ،‬فقــد‬
‫عارضا أي قوانين من شانها أن تقيد سعر الفائدة‪.‬‬
‫حذو هؤلء‪ ،‬وخاصة"هيــوم"‪ ،‬رغــم‬ ‫وقد حاول بعض القتصاديين التقليديين حذ ُ‬
‫انــه يعــترف بــان ســعر الفــائدة المنخفــض فــي بلــد مــا يعــد أقــوى دليــل علــى الزدهــار‬
‫القتصادي لهذا البلد‪.‬‬
‫أما "بنتام")‪ (Bentham‬فقد انتقــد بشــدة "آدم ســميث" حيــث حبــذ ســيادة ســعر فــائدة‬
‫منخفض‪ ،‬إذ كان يرى أن وضع حد أعلى لسعر الفائدة سوف يترك هامشا بسيطا كمكافأة‬
‫للخطار القانونية والجتماعية‪ ،‬ول شك أن "بنتام" في انتقــاده للقــوانين الــتي تقــف لتحــد‬
‫من سعر الفائدة‪ ،‬أن من شانها أن تدفع الفرد ل إلى الختيار من بين المشــروعات الفيــد‪،‬‬
‫بل لن ُيقدم على القيام بالستثمار مطلقا‪.‬‬
‫وفي الخير حاول رواد الفكر القتصادي للمدرسة التجارية النجليزية التفرقــة بيــن‬
‫الفائدة والربا‪ ،‬فالربا هــي الفــائدة الــتي تزيــد عــن الحــد‪ ،‬أمــا الفــائدة فهــي القــدر المعقــول‬
‫والمسموح به‪ ،‬إل أن هذا المفهوم لم يستطيع أن يبين لنا ما هو هذا الحد الذي يتحقق بعده‬
‫الربا وكيف يقرر‪.‬‬
‫أما القتصادي الفرنسي"جاك تيرجــو")‪ ،(Turgot)(2‬فقــد كــانت لــه نظــرة مســتقلة عــن‬
‫نظـرة التجاريين‪،‬فهو يرى انه مع نمو الرصيد الرأسمالي‪ ،‬فان سعر الفائـدة سيتجه نحـــو‬
‫النخفــاض‪،‬وان هـــذا الخيــر يعتمــد علــى العلقــة بيــن المــدخرات المتراكمــة وفــرص‬
‫الستثمار‪ .‬وان المشروعات التي يتم تنفيذها‪،‬هي تلك المشروعات التي تزيد فيها الرباح‬
‫المتوقعة على سعـر الفائدة التجــاري‪،‬ومــع اتجــاه الفــائدة نحــو النخفــاض فــان عــدد هــذه‬
‫المشروعات سيتجه نحو الرتفاع‪.‬‬
‫أي أن سعر الفائدة عند"تيرجو" هو المؤشر الذي يقاس به ندرة راس المال‪ .‬وعليه‬
‫فقد ارجع التعامل بسعر الفائدة المــوجب إلــى إنتاجيــة راس المــال ‪،‬و المخــاطرة‪ ،‬وتكلفــة‬
‫الفرصة البديلة للمقرض‪ ،‬وبعبارة أخرى فهو يرى أن قيمة النقود الحاليــة هــي اكــبر مــن‬
‫قيمة النقــود المســتقبلية‪.‬وهــذه الفكــرة بالــذات‪15‬كــانت منطلــق الفكــر القتصــادي التقليــدي‪-‬‬
‫خاصة‪" -‬بافريك" الذي اعجب "بتيرجو" ولذلك فهو يرى أن سعر الفائدة لعدة اعتبــارات‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫يميل إلى الرتفاع المستمر ومن ثم فمن واجب السلطات النقدية أن تعمل علــى الحــد مــن‬
‫هذا الرتفاع و لو أدى ذلك إلى سن التشريعات التي تضع حدا أقصى لسعر الفائدة‪.‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪ -1‬صقر أحمد صــقر‪ ،‬تاريــخ النظريــة القتصــادية للســهامات الكلســيك )‪ ،(1980-1720‬للمؤلــف‬
‫"جورج نايهانز"المكتبة الكاديمية ‪ ،1997 ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪P.Guison‬‬ ‫‪,Les‬‬ ‫‪Taux‬‬ ‫‪(J .‬فرنســــــي )‪.(1781-1727‬راجـــــــع‪D :‬‬ ‫‪_2‬ج تيرجــــــو)‪Turgot‬‬
‫‪. Interet,Dunod,1992,P14‬‬
‫يييييي يييييي‪ :‬يييي ييييي ييييييي"يييي‬
‫يييييي") ‪.(1‬‬
‫يعتبر "بافريك" المؤسس الحقيقـي لنظريـة التفضـيل الزمنــي بحيــث معــدل الفـائدة‬
‫يتــأثر بمــدى تضــحية الفــراد بــدخولهم الحاضــرة فــي مقابــل تكــوين الســتثمارات فــي‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫يبدأ"بافريك" تحليله لنظرية الفائدة بتساؤل‪ ،‬لماذا تبادل كميـة اكبر من وحــدة مــن‬
‫السلع الستهلكية في مقابل وحدة من الســلع الحاليــة؟ وبتعــبير آخــر‪ ،‬لمــاذا تكــون الســلع‬
‫الحالية اكبر قيمة من السلع المستقبلية؟ وبالتالي كان يبحث"بافريك" في إطــار أن الفــائدة‬
‫هي ثمن الزمن‪ ،‬أي أن الفائدة مرتبطة بفكــرة الفضــلية للزمــن الحاضــر‪-‬انخفــاض قيمــة‬
‫المستقبل‪.-‬‬
‫ان هــذه النظريــة ليســت بالحديثــة حيــث تناولهــا العديــد مــن الكتــاب والبــاحثين‬
‫الكلسيك‪ ،‬وحتى ما قبل الفكر الكلسيكي‪ ،‬ولكــن إســهام"بافريــك" الساســية هــو إجــابته‬
‫على ضرورة التعامل بسعر فائدة موجب ويرجع سبب ذلك إلى ثلثة دوافع رئيسية)‪:(2‬‬
‫أ_الـدافع القتصادي‪ :‬السلع الحاضـرة مفضــلة علــى الســلع المســتقبلية لن هــذه الخيــرة ل‬
‫تسد الحاجة إل في المستقبل‪ ،‬لكن السلع الحاضرة والتي هـي على شكل نقود تسد الحاجة‬
‫الحاضرة ويمكــن أن تكــون احتيــاطي للحاجــات فــي المســتقبل‪ ،‬بالضــافة إلــى ذلــك فــان‬
‫المـوارد ستكون اقل نـدرة في المســتقبل ممــا هــي عليــه الن‪ ،‬فــإذا كــان الشــخص يتوقــع‬
‫زيادة دخله في المستقبل‪ ،‬فانـه سيكون عادة على استعداد لن يدفع كمية اكــبر مــن وحــدة‬
‫نقدية الن‪.‬‬
‫ب_الدافع البسيكولوجي‪ :‬إن عدم القدرة على تصور التقــدير المنتظــم للحاجــات المســتقبلية‪،‬‬
‫وخاصة عدم التأكد من مدة الحياة‪ ،‬يدفع الفراد إلى تقييم الحاضر بأفضل مــن المســتقبل‪،‬‬
‫أي أن انعدام التصور وضعف الدارة وعدم الطمئنان إلى الحيـاة‪ ،‬هـو مــا يـدفع الفـراد‬
‫إلى تقدير الزمن الحاضر افضل من الزمن المستقبل‪.‬‬
‫ج_الدافع التكنولوجي‪ :‬إن السلع الحاضرة لها قيمة حالية تزيد عن قيمة سلع المســتقبل‪ ،‬لن‬
‫الســلع‪ ،‬الحاضــرة يمكــن اســتعمالها مباشــرة أو فــي الحــال فــي النتــاج‪ ،‬ومــن ثــم تســمح‬
‫بالحصول على اكبر قدر من النتاج في الزمن المستقبل‪.‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪_1‬هناك عدد من المؤثرات والعوامل التي تكون قد أسهمت في تكوين "بافريك" عن فكرة الفائدة أول‬
‫الرغبة في تطــبيق أســلوب التحليــل الحــدي علــى مشـكلة الفــائدة‪،‬وثانيــا الرغبــة فـي إبـراز النظريــات‬
‫‪16‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫التقليدية الحديثة‪،‬وخاصة عن النتاجية الحدية‪،‬وثالثا وهو الهم الرغبة في تحطيم النظرية الماركســية‬
‫التي كان قد تعاظم تأثيرها بدرجة بالغة خاصة بأوروبا‪.‬‬
‫‪ -2‬حسن صالح العناني‪ ،‬معجزة السلم في موقفه من الربا‪،‬م ‪،‬د‪،‬ب ‪،‬القتصاد السلمي ‪1983 ،‬ص‬
‫‪.66‬‬

‫والحقيقة أن" بافريك "لم يكن مبدعا في إظهار هذه السباب لن الكثير مــن القتصــاديين‬
‫قد تعرضوا بشكل مباشر أو غير مباشر إلى هذه العناصــر الثلثــة‪-‬خاصــة‪ -‬مــا جــاء فــي‬
‫نظـرية"جون راي")‪ .(1‬ثم إن "بافريك" قد تعــرض إلــى انتقــادات شــديدة مــن قبــل عــدد‬
‫كبير من المختصين في مجال القتصاد والمال أمثــال"مــانجر‪ ،‬فيــزر وغيرهمــا… "فــي‬
‫اعتماد هذه السباب الثلثة للتعامل بسعر فائدة موجب‪.‬‬
‫لكن تحليل "بافريك" اصبح مركزا للحوار‪،‬ونواة كلسيكية لسباب الحصول على‬
‫سعر فائدة موجب‪ ،‬وذلك لنه كان افضل ممن سبقوه من القتصاديين خاصة الكلســيك‪،‬‬
‫في تأكيده على نظريته‪ ،‬وقويا في دفاعه عنها‪ ،‬حتى لو كانت الكــثير مــن أفكــاره خــاطئة‪.‬‬
‫فهو يرى أن السبب)الدافع( الثالث‪ ،‬وحده كفيل بان يكون ســببا مســتقل‪ ،‬لن يكــون ســعر‬
‫الفائدة موجب‪ ،‬ولكن "فيشر" يرد على ذلك بالقول أن السـبب الول والثـاني يـؤثران فـي‬
‫نفس الوقت على العرض والطلب على القروض‪ ،‬أما السبب الثــالث فل يهتــم إل بــالطلب‬
‫على القروض للنتاج‪ ،‬وعليه فان الدافع الثــالث فل هــو شــرط ضــروري ول هــو شــرط‬
‫كافي من اجل أن يكون سعر الفائدة فوق الصفر‪.‬‬
‫والنتيجة أن "بافريك" قد ارجع التعامل بفائدة موجبــة إلــى دوافــع منهــا اقتصــادية‪،‬‬
‫ونفسية وتكنولوجيا‪ ،‬أم عند تحديده لسعر الفائدة فانه يرجعها إلى ثلثة عوامل رئيسية‪:‬‬
‫_المقدار المتوفر من الموارد الطبيعية‪ ،‬فضل على الرصدة المالية المتاحة للقراض‪.‬‬
‫_عدد المستثمرين)المقترضين( الذين يستعملون الموارد السابقة‪.‬‬
‫_حالة بيع فائض العائد‪ ،‬حسب درجته النتاجيــة فــي المســتقل بالتوســع المتزايــد لطريقــة‬
‫النتاج الرأسمالي‪.‬‬
‫وعليه فالنظرية التي قدمها "بافريك" عن تحديد سعر الفائدة تعتمــد علــى نظريتــه‬
‫للنتاجية الحدية لـراس المـال‪ ،‬والـتي تقـوم علـى أسـاس‪ ،‬أهميـة عنصـر الزمـن بالنسـبة‬
‫لسلوب النتاج‪.‬‬
‫يييييي يييييي‪ :‬يييي ييييي "ييييي") ‪.(2‬‬
‫يرى "فيكسل" أن التغير في كمية النقود‪ ،‬سيؤدي إلى التغير في الطلب على السلع‬
‫والخدمات‪ ،‬ومن ثم يؤدي إلى تغير السعار‪ ،‬ولكنه في تحليله لهــذه العلقــة يقــوم بــالربط‬
‫بين كمية النقود‪ ،‬وسعر الفائدة والثمن‪ ،‬وعليه فهو يرى أن التغيــر فــي كميــة النقــود ليــس‬
‫السبب الوحيد في الضطرابات القتصادية‪ ،‬بل يرجع هذه الضــطرابات بالضــافة إلــى‬
‫عامل تغيرات النقود والدخل والسعار إلى الختلف بين سعر الفائدة الطــبيعي)العــادي(‬
‫وسعر الفائدة في السوق)الجاري(‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫‪. Mark Blaug ,La Pensée Economique ,O . P .U ,Alger ,1981 , P592-P593-1‬‬


‫‪ "_2‬فيكسل") ‪ ،(K . Wickesel‬عاش الفترة)‪ (1921-1851‬باستكهولم ‪ ،‬راجع حياته‪ ،‬أحمد صقر ‪،‬ص‬
‫‪.373-371‬‬
‫‪_1‬العلقة بين سعر الفائدة الطبيعي وسعر الفائدة السوقي‪ :‬فــي نظـــر "فيكســل" الفــرق‬
‫بين سعر الفائدة الطـبيعي وسـعر الفـائدة السـوقي)الجـاري(‪ ،‬يحصـل مــن خــلل سـلوك‬
‫الجهاز المصرفي‪ ،‬لنه هو الذي يستطيع أن يزيد مــن عــرض النقــود‪ ،‬وبالتــالي عـــرض‬
‫الرصدة النقدية المتاحة للقراض ‪ ،‬الشيء الذي ينتج عنه المزيد من منح القروض‪.‬‬
‫إذا شرط التوازن النقدي عنـد "فيكسل" هو التساوي بين الســعر الطــبيعي والســعر‬
‫النقدي )الجاري(‪ ،‬ولكـن عمـل البنـوك والســلطات النقـــدية يمكــن أن يحـــدث ســعر فـائدة‬
‫جاري)سوقي( يختلف عن سعر الفائدة الحقيقي المتوقع‪.‬‬
‫وقد أطلق "فيكسل" على سعر الفائدة النقدي الذي يتساوى مع سعر الفائدة العينــي‪،‬‬
‫اســم ســعر الفــائدة الطــبيعي)العــادي()‪ ،(1‬وهــو ســعر الفــائدة النقــدي الــذي إذا أقرضــت‬
‫المصارف بمــوجبه لظــل المســتوى العــام للســعار ثابتــا‪ ،‬بحيــث ل يوجــد مــا يــدعو هــذا‬
‫المستوى للسعار إلــى الرتفــاع أو النخفــاض‪ ،‬وهــو مــا يــؤدي حتمــا إلــى التــوازن فــي‬
‫القتصاد الوطني‪.‬‬
‫ولكن السؤال الذي نطرحه والذي يتبادر إلى ذهن كل بــاحث أو مختــص‪ ،‬هــو هــل‬
‫تقوم المصارف بالقراض دائما بهذا السعر الطبيعي للفائدة؟ وبمعنــى آخــر هــل يتســاوى‬
‫سعر الفائدة النقدي الذي تقرض به المصارف مع سعر الفائدة الطبيعي بشكل دائم؟‪.‬‬
‫في واقع المر قد يكون سعر الفائدة النقدي الذي تطبقه المصارف اقل أو اكبر مــن‬
‫سعر الفائدة الطبيعي أو آخر‪ .‬وتلجــا المصــارف إلــى أن يكــون هنــاك اختلف بيــن ســعر‬
‫الفائدة النقدي وسعر الفائدة الطبيعي وفقا لسياسة نقدية معينة‪ ،‬ترسمها المصارف لنفسها‪،‬‬
‫وتحددها السلطات النقدية‪ .‬فغالبا مــا يكــون الختلف بيــن الســعرين ناتجــا عــن تغييــرات‬
‫سعر الفائدة الطبيعي‪ .‬وذلك لسباب ل تتعلق بالمصارف وليس لهذه الخيرة‪ ،‬أي رأي أو‬
‫مشاركة فيها‪ ،‬وهو ما يؤدي إلى الختلل في القتصاد الوطني‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫‪ _1‬فرق "فيكسل" بين سعر الفائـدة الطبيعي)العادي( وسعـر الفائدة السـوقي‪ ،‬فالول هو السعر الــذي‬
‫يتم تحديده مــن خلل قيــاس الفعاليــة الحديــة لــراس المــال أو للســتثمار‪ ،‬أو بمفهــوم آخـــر هــو الناتــج‬
‫المتـوقع مـن خلــق راس مـال جديـد‪ ،‬وبالتــالي هــو السعــر الــذي يعــادل الطلــب علـى القـــروض مــع‬
‫العـرض مـن الرصـدة القابلـة للقراض‪.‬‬
‫أما سعر الفائـدة النقدي )السوقي( فهو السعر الفعلــي المتغيــر بواســطة البنــوك أو الســلطات النقـــدية‪،‬‬
‫والذي على أساسه يتم تقديم القروض في أي وقت‪.‬‬

‫‪_2‬دور ســعر الفــائدة فــي عــدم التــوازن القتصــادي‪ :‬مــن المعــروف أن ســعر الفــائدة‬
‫الطبيعي‪ ،‬يتوقـف علــى عــدد مــن العوامـل خارجـة عــن إرادة وسياســة المصـارف‪ ،‬فهــو‬
‫‪ 18‬النتـاجي‪ ،‬وعلـى عـدد السـكان الـخ……‬ ‫يتوقف على حجـم السـتثمار‪ ،‬ومسـتوى الفـن‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫وعليه يمكن التمييز بين حالتين كنتيجة لعدم التســاوي بيــن ســعر الفــائدة الطــبيعي وســعر‬
‫الفائدة النقدي‪.‬‬
‫أ_إذا كان سعر الفائدة النقدي في السوق منخفض عن سعر الفائدة الطــبيعي‪ :‬هذا يعنــي أن ســعر‬
‫الفــائدة النقــدي اقــل مــن النتاجيــة الحديــة‪ ،‬وهـــذا مــا يــدفع المنـــتجين إلــى المـــزيد مــن‬
‫الستثمار‪،‬لن تكلفة القرض هي اقل من العـائد المنتظـر لـراس المـال‪ ،‬وبالتـالي يحصـل‬
‫المنظمون على أرباح طائلة إذا اقترضوا المزيد من الموال من المصارف‪ ،‬وأنفقوها في‬
‫إقامة استثمارات جديدة‪ ،‬ويشجعهم هـذا الوضع على اقتـراض كميات كــبيرة مــن النقــود‪،‬‬
‫تفـوق الدخــار الفعلــي الــذي هــو بحـــوزة المجتمــع‪ ،‬فيـــزداد النتــاج والتشــغيل‪ ،‬فــترتفع‬
‫الجـور وترتفع بالتالي أسعار السلع الســتثمارية‪ ،‬فيرتفــع المســتوى العــام للســعار‪ .‬ول‬
‫يتوقف ارتفاع السعار لحد معين‪ ،‬بل يستمر الرتفاع في المستوى العام للســعار‪ ،‬وهــي‬
‫الظاهرة التي يطلق عليها "فيكسل")حركة الرتفاع التراكمية()‪.(1‬‬
‫ب_حالة سعر الفــائدة النقــدي اكــبر مــن ســعر الفــائدة الطــبيعي‪ :‬هنا يكون ســعر الفــائدة النقــدي‬
‫)الجاري( اكبر من النتاجية الحدية للستثمار‪ ،‬وهذا من شانه أن يدفع بالمنظمين ورجال‬
‫العمال إلى الحجام عن الستثمارات الجديدة‪ ،‬والتقليــل منهــا نتيجــة الخســائر الــتي قــد‬
‫تلحق بهم نتيجــة ارتفــاع تكلفــة القــتراض‪ ،‬فينتــج عــن ذلــك انخفـاض فــي الطلــب الكلــي‬
‫للقتصاد الوطني‪ ،‬فتنخفض أسعار السلع الستثمارية‪ ،‬وتنخفض أجور العمــال‪ ،‬ومــن ثــم‬
‫يتجه المستوى العام للسعار إلى النخفاض‪ ،‬وذلك لفترات متعددة ومستمرة‪ ،‬فيحــدث مــا‬
‫يسمى"حركة النخفاض التراكمية" وبالتالي يحدث عكس ما حدث في الحالة الولى‪.‬‬
‫ولكن هل تستمر الحركة التراكميــة "لفيكســل" فــي الرتفــاع والنخفــاض إلــى مــا ل‬
‫نهاية‪ ،‬أم أن هناك عوامل وإجراءات يتم اتخاذها ليقاف الحركة وإعادة التوازن والمور‬
‫إلى نصابها المعتاد؟ ‪.‬‬
‫يرد "فيكسل" على ذلك بالقول أن هنــاك إجــراءات يمكــن اتخاذهــا لوقــف الحركــة‬
‫التراكمية)‪.(2‬‬
‫_فإذا حدث وان تعرض القتصاد الوطني إلى حركة تراكمية نحو الرتفــاع فــان البنــوك‬
‫ونتيجة للطلب المتزايد على الموال القابلة للقــتراض‪ ،‬فإنهــا سـوف تلجــا مضـطرة إلــى‬
‫رفع سعر الفائدة النقدي حتى تحد من ـــــــــــــــ‬
‫‪.G.Bramoulle ,D .Augey , Economie Monetaire ,Dalloz ,1998., P297 -1‬‬
‫‪_2‬احمد زهير شامية‪ ،‬النقـود والمصــارف‪ ،‬دار زهـران للنشــر عمـان ‪ ،‬الردن ‪ ،‬ط ‪، 1993، 1‬ص‬
‫‪ -140‬ص ‪.145‬‬

‫طلب المنظمين ورجال العمال للمزيد من القـــروض وتتخــذ البنــوك إجــراءات معاكســة‬
‫لهذا الجراء في حالة الحركة التراكمية نحو النخفاض‪.‬‬
‫وتجدر الشارة هنا إلى انه نتيجة لرتفاع السعار في الـداخل عنهــا فــي الخــارج‪،‬‬
‫فيزداد الستيراد من الخارج‪ ،‬ويقل التصدير‪ ،‬فيؤثـر ذلك على الميزان التجاري وميـزان‬
‫‪ 19‬إلــى الخــارج‪ ،‬فيضطـــر معـــه المصـــرف‬
‫المدفوعات‪ ،‬فيخرج الذهب والعملت الصعبة‬
‫المركزي إلى رفع سعر الفائـدة النقدي للعودة إلى التوازن السابق لميزان المدفوعات‪.‬‬
‫‪.‬‬ ‫الفصل الول ‪:‬الفائدة في التحليل النقدي التقليدي و المعاصر‬

‫ولكــن ليــس هنــاك مــا يضــمن أن تقتصــر المصــارف والســلطات النقديــة)البنــك‬


‫المركزي( على رفع سعر الفائـدة النقدي إلى الحد الذي يتساوى فيه سعر الفائدة الطــبيعي‬
‫مع سعر الفائدة النقدي‪ ،‬ففي الغالب ما يرتفع هـذا الخير فتصبح اكبر مــن سعـــر الفائـــدة‬
‫الطبيعي‪ .‬وهنا تبـدأ الحركة التراكمية نحو النخفــاض فتســتمر الحركــة الــى مــدة إلــى أن‬
‫تتـدخل عـوامل أخـــرى جديــدة لتوقــف حركــة النخفــاض‪ ،‬وبالتــالي الرجــوع إلــى نقطــة‬
‫التوازن‪.‬‬
‫وهكذا تنتاب القتصاد حركات تراكمية متتالية من ارتفاع السعار وانخفاضها وما‬
‫يترتب عنها من تغيرات في قيمة النقــود ارتفاعــا وانخفاضــا‪ ،‬نتيجــة لثــر تغيــرات ســعر‬
‫الفائدة النقدي عن سعر الفائدة الطبيعي‪ ،‬وبالتالي هذا التغير في تحليل "فيكسل" هو ســبب‬
‫التغيرات في المستوى العام للسعار‪ ،‬وبصفة عامة هو سبب التقلبات القتصادية‪.‬‬
‫‪_3‬تقييم نظرية "فيكسل"‪ :‬لقد اكمل القتصـادي السـويدي"كنــت فيكسـل"النظريــة الـتي‬
‫قدمها "بافريـك" حيـث اثبـت أن الفـائدة هـي الفـرق بيـن النتاجيـة الحديـة للسـتخدامات‬
‫المباشرة وغير مباشرة لعوامل النتاج‪ .‬وهــو يــرى انــه حيــن تحــدث زيــادة مــا فــي راس‬
‫المال‪ ،‬فان مختلف أنواع الستثمارات الرأسمالية الموجودة ل تزداد بنسبة واحــدة‪ ،‬ولكــن‬
‫تتغلب الستثمارات الطول نسبيا‪ .‬وانه مــن خلل هــذا تتــم مقاومــة الزيــادة فــي الجــور‬
‫وأسعار الخدمات الصلية الناتجة عن زيادة راس المال‪.‬‬
‫وعليـه فان أهم إسهام قـدمه "فيكســل" فــي نظريــة الفائـــدة وراس المــال‪ ،‬هـــو انــه‬
‫حاول أن يبرهن على وجـود علقة بين معدل الفائدة ومستوى السعار‪ ،‬وكــان بــذلك أول‬
‫من سلم بالصفة النقـدية لسعر الفائدة)‪.(1‬‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫‪_1‬حسن صالح العناني‪ ،‬معجزة السلم في موقفه من الربا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬

‫‪20‬‬

You might also like