You are on page 1of 162

‫الجزء الول‬

‫في الطهارة والصلة‬

‫الدكتور مصطفى الخن‬


‫الدكتور مصطفى البغا‬
‫علي الشربجي‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫المقدمة‬

‫الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه المبين‪:‬فلول نفر‬


‫من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين‪.‬‬
‫والصلة والسلم علغغى سغغيدنا محمغغد الرسغغول الميغغن قغغائد الغغغر‬
‫"من يلرد الللله بلله خيللرا ً يفقلله فللي الللدين"‬ ‫الميامين القائل‪:‬‬
‫وعلى آله الطاهرين وأصحابه الذين عملوا على نشر هذا الدين بالحجغغة‬
‫والدليل الواضح المبين‪.‬‬

‫وبعد‪ :‬فغن خير ما يشتغل به النسان معرفة الحلل والحرام من‬


‫الحكام‪ ،‬وعلم الصحيح من الفاسد من العمال؛ وعلم الفقغغه هغغو الغغذي‬
‫أخذ على عاتقه بيان ذلك‪ .‬ولقد ألف كثير من علمائنا القدمين كتبا فغغي‬
‫د‪ ،‬ول شك أن كل واحد من هؤلء المغؤلفين‬ ‫هذا الفن يكاد ل يحصيها الع ّ‬
‫الفاضل قد لحغغظ أن هنغغاك ثغغغرة يغغوجب عليغغه دينغغه أن يقغغوم بسغغدها‬
‫وحاجة يجب عليه أن يبذل كل ما في وسعه لقضائها؛ فمن مطول يجغغد‬
‫أن هناك حاجة ماسة للتطويل‪ ،‬ومن مختصر يجغد أن هنغاك طلبغا ً ملحغا ً‬
‫للختصار‪ ،‬ومن ناظم ومن ناثر‪ ،‬ومن بغغاحث فغغي أمهغغات المسغغائل ومغغا‬
‫ينبثق منها من فروع‪ ،‬ومن مقتصر على بيان أمهات المسغغائل مغغن غيغغر‬
‫تعرض لكثير من الفروع‪ ،‬وكلهم يقصغغد بمغغا ألفغغه ملغغء فغغراغ يجغغب أن‬
‫يمل‪ ،‬وفرجة في المكتبة السلمية يجب أن تسد‪ ،‬لعل اللغغه سغغبحانه أن‬
‫يكون راضيا ً عنه بما عمل‪ ،‬ومسجل ً عمله في عغغداد الصغغدقات الجاريغغة‬
‫والعلم النافع التي ل ينقطع ثوابها إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ولقد لحظنا أن هناك حاجة إلى سلسلة فقهية تغغذكر فيهغغا أمهغغات‬
‫المسائل مقرونة بأدلتها من الكتاب الكريم والسنة المطهرة‪ ،‬مشغفوعة‬
‫ببيان ما نستطيع أن نصل إليه بعقولنا من حكمة التشغغريع‪ .‬مغغع سغغهولة‬
‫في التعبير‪ ،‬وإكثار من العناوين المنبهة إلى ما تحتها مغغن مسغغائل‪ .‬ومغغع‬
‫اعتقادنا بأننا لم نبلغ بعد درجة أسلفنا الفقهاء العظغغام فإننغغا شغغعرنا أن‬
‫من الواجب علينا أن نقوم بالمر‪ ،‬فاستعّنا بالله وقمنا بغغذلك علغغى قغغدر‬
‫استطاعتنا تاركين لرباب الكفاءة الصحيحة تتميم ما نقص‪ ،‬وإصغغلح مغغا‬
‫ج‪ ،‬وتصويب ما وقع فيه من الخطأ‪ ،‬إذ ل ندعي – ولن ندعي‪ -‬أننا قد‬ ‫اعو ّ‬
‫بلغنا الغاية مع إفراغ جميع ما لدينا من وسع‪.‬‬
‫وها نحغغن أولء نقغغدم الحلقغغة الولغغى مغغن السلسغغة فغغي موضغغوع‬
‫الطهغغارة والصغغلة الغغواجب علغغى كغغل مسغغلم العلغغم بغه؛ وأسغغمينا هغغذه‬
‫السلسة )الفقغغه المنهجغغي( علغغى مغغذهب المغغام الشغغافعي‪ ،‬ومغغا علغغى‬
‫قط والتقغغاط العيغغوب‪-‬‬ ‫إخواننا الذين يريدون الوصول إلى الفضل–ل تس ّ‬
‫إل أن يرشدونا إلى ما فاتنا مما هدفنا إليه‪.‬‬
‫اللهغغم أخلغغص نياتنغغا وأعمالنغغا‪ ،‬ووفقنغغا لمغغا تحبغغه وترضغغاه‪ ،‬وانفغغع‬
‫المسلمين بما عملنا‪ ،‬واهدنا سواء السبيل‪.‬‬

‫المؤلفون‬

‫‪2‬‬
‫مدخلل‬
‫في التعريف بعلم الفقه ‪ ،‬ومصادره‪ ،‬وبعض مصطلحاته‬

‫معنى الفقه‪:‬‬
‫إن للفقه معنيين‪ :‬أحدهما لغوي‪ ،‬والثاني اصطلحي‪.‬‬
‫أما المعنى اللغوي‪ :‬فالفقه معنغغاه‪ :‬الفهغغم‪ .‬يقغغال‪ :‬فقغغه يفقغغه‪ :‬أي‬
‫فهم يفهم‪.‬‬
‫قغغال تعغغالى‪ :‬فمغغا لهغغؤلء القغغوم ل يكغغادون يفقهغغون حغغديثا‪‬‬
‫]النساء‪ .[78:‬أي ل يفهمون‪ .‬وقال تعالى‪:‬ولكن ل تفقهغغون تسغغبيحهم‬
‫‪] ‬السراء‪ .[44 :‬أي ل تفهمون تسبيحهم‪.‬‬
‫ص لَر‬
‫ق َ‬
‫لو ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫ة الّر ُ‬ ‫صللل ِ‬
‫ل ّ‬ ‫وقغغال رسغغغغغول اللغغه ‪ " :‬إن طللو َ‬
‫ه" )رواه مسلم‪ .(869:‬أي علمة فهمه‪.‬‬ ‫ه ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫مئ ِن ّ ٌٌ‬ ‫خطْب َت ِ ِ‬
‫ق ِ‬ ‫ن ٍ‬‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫وأما المعنى الصطلحي؛ فالفقه يطلق على أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬معرفغغة الحكغغام ا لشغغرعية المتعلقغغة بأعمغغال المكلفيغغن‬
‫وأقوالهم‪ ،‬والمكتسبة من أدلتها التفصغغيلية‪ :‬وهغغي نصغغوص مغغن القغغرآن‬
‫والسنة وما يتفرع عنهما من إجماع واجتهاد‪.‬‬
‫وذلك مثل معرفتنا أن النية في الوضوء واجبة أخذا ً من قغغوله ‪:‬‬
‫ل ِبالنّيات " )رواه البخاري‪ ،1:‬ومسلم ‪.(1907 :‬‬ ‫عما ُ‬ ‫" إّنما ال ْ‬
‫وإن النية من الليل شرط في صحة الصوم أخغغذا ً مغغن قغغوله ‪" :‬‬
‫ر فل صلليام للله" )رواه الغغبيهقي‪:‬‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ال َ‬
‫ف ْ‬ ‫قب ْ َ‬‫م َ‬‫صَيا َ‬
‫ت ال ّ‬ ‫ن َلم يبي ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫‪،202 / 4‬الدارقطني‪،2/172:‬وقال‪ :‬رواته ثقات(‪.‬‬
‫ن صلة الوتر مندوبة‪ ،‬أخذا ً مغغن حغغديث العرابغغي الغغذي‬ ‫ومعرفتنا أ ّ‬
‫ي غ َي ُْرهغغا؟ قغغال‪:‬‬‫ل ع َل َغ ّ‬
‫سأل النبي ‪ ‬عن الفرائض‪ ،‬ثم قال بعد ذلك‪ :‬هَغ ْ‬
‫َ‬
‫ع" ‪).‬رواه البخاري‪/1792:‬مسلم‪.(11:‬‬ ‫و َ‬ ‫ن ت َطَ ّ‬ ‫"ل إل ّ أ ْ‬

‫‪3‬‬
‫وأن الصغغلة بعغغد العصغغر مكروهغغة أخغغذا ً مغغن نهيغغه عليغغه الصغغلة‬
‫والسلم عن الصلة بعد العصر حتى تغغغرب الشغغمس‪ ] .‬رواه البخغغاري‪:‬‬
‫‪ ،561‬ومسلم‪.[827:‬‬
‫حوا ْ‬
‫سغ ُ‬ ‫وأن مسح بعض الرأس واجب أخذا ً من قغوله تعغغالى‪َ:‬وا ْ‬
‫م َ‬
‫م ‪] ‬المائدة‪ . [6:‬فمعرفتنا بهذه الحكغام الشغرعية تسغمى‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ب ُِر ُ‬
‫ؤو ِ‬
‫فقها ً اصطلحًا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬الحكام الشغرعية نفسغها‪ ،‬وعلغغى هغذا نقغغول ‪ :‬درسغغت‬
‫الفقه‪ ،‬وتعلمته‪ :‬أي إنك درست الحكام الفقهية الشرعية الموجودة في‬
‫كتب الفقه‪ ،‬والمستمدة من كتاب الله تعغغالى وسغغنة نغغبيه عليغغه الصغغلة‬
‫والسلم‪ ،‬وإجماع علماء المسلمين‪ ،‬واجتهاداتهم‪.‬‬
‫وذلك مثل أحكام الوضوء‪ ،‬وأحكام الصلة‪ ،‬وأحكام البيع والشغغراء‪،‬‬
‫وأحكام الزواج والرضاع‪ ،‬والحرب والجهاد‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫فهذه الحكام الشرعية نفسها تسمى فقها ً اصطلحا‪ً.‬‬
‫والفرق بين المعنيين‪ :‬أن الول يطلغغق علغغى معرفغغة الحكغغام‪،‬‬
‫والثاني يطلق على نفس الحكام الشرعية ‪.‬‬
‫ارتباط الفقه بالعقيدة السلمية‪:‬‬
‫م شغغرعية‬ ‫من خصغغائص الفقغغه السغغلمي – وهغغو كمغغا قلنغغا‪ :‬أحكغغا ُ‬
‫ة لفعال المكلفين وأقوالهم – أنغه مرتبغط ارتباطغا ً وثيقغا ً باليمغان‬ ‫ناظم ُ‬
‫بالله تعالى‪ ،‬ومشغغدود تمامغا ً إلغغى أركغغان العقيغغدة السغغلمية‪ ،‬ول سغغيما‬
‫عقيدة اليمان باليوم الخر‪.‬‬
‫وذلك لن عقديغة اليمغغان بغغالله تعغغالى هغغي الغغتي تجعغغل المسغغلم‬
‫متمسكا ً بأحكام الدين منساقا ً لتطبيقها طوعا ً واختيارًا‪.‬‬
‫م‪ ،‬ول يراعغغي‬ ‫ولن من لم يؤمن بالله تعالى ل يتقيد بصلةٍ ول صيا ٍ‬
‫في أفعاله حلل ً ول حرامغًا‪ ،‬فغغالتزام أحكغغام الشغغرع إنمغا هغغو فغغرع ُ عغغن‬
‫اليمان بمن أنزلها وشرعها لعباده‪.‬‬
‫والمثلة في القرآن الكريم التي تبّين ارتباط الفقه باليمان كغغثيرة‬
‫جغغدًا‪ .‬وسغغنكتفي بغغذكر بعضغغها لنغغرى مغغدى هغغذا الرتبغغاط بيغغن الحكغغام‬
‫واليمان وبين الشريعة والعقيدة‪:‬‬
‫‪ -1‬لقد أمر الله عز وجل بالطهارة وجعل ذلك من لغغوازم اليمغغان‬
‫َ‬
‫ة‬
‫صغغل ِ‬ ‫م إلغغى ال ّ‬ ‫مت ُغ ْ‬‫ن آمنغغوا إذا قُ ْ‬ ‫به سبحانه وتعالى فقال‪  :‬يا أّيهغغا ال ّغغذي َ‬
‫َ‬
‫ق‪] ‬المائدة‪.[6:‬‬ ‫مَرافِ ِ‬ ‫م إلى ال َ‬ ‫م وأي ْد ِي َك ُ ْ‬ ‫جوهَك ُ ْ‬ ‫سلوا وُ ُ‬ ‫فاغ ْ ِ‬
‫‪ -2‬ذكر اللغغه الصغغلة والزكغغاة وقغغرن بينهمغغا وبيغغن اليمغغان بغغاليوم‬
‫ة‬ ‫هم ِباْل ِ‬
‫خَر ِ‬ ‫ن الّز َ‬
‫كاة َ وَ ُ‬ ‫صَلة َ وَي ُؤ ُْتو َ‬‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬‫الخر‪ ،‬قال تعالى‪  :‬ال ّ ِ‬
‫ن‪ ] ‬النمل‪.[3:‬‬ ‫م ُيوقُِنو َ‬ ‫هُ ْ‬
‫‪ -3‬فرض الله الصوم المفضي إلى التقوى‪ ،‬وربطه باليمغغان‪ ،‬قغغال‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ب على اّلذي َ‬ ‫كما ك ُت ِ َ‬
‫م َ‬ ‫صيا ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫علي ْك ُ ُ‬‫ب َ‬ ‫ن آمنوا ك ُت ٍِ َ‬ ‫تعالى‪:‬يا أّيها اّلذي َ‬
‫ن‪ ] ‬البقرة‪.[183:‬‬ ‫قو َ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت َت ّ ُ‬ ‫قَب ْل ٍك ُ ْ‬

‫‪4‬‬
‫‪ -4‬ذكر الله تعالى الصفات الحميدة التي يتحلى بها المسلم وربط‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫ذلك باليمان به تعالى والتي يستحق بها دخول الجنة‪ ،‬فقال‪ :‬قَد ْ أفْل َ َ‬
‫ن الل ّغْ غ ِ‬
‫و‬ ‫م ع َغ ِ‬ ‫ن هُ غ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّغ ِ‬ ‫ش غُعو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ص غَلت ِهِ ْ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن‬ ‫ظو َ‬ ‫حغغافِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫جه ِ ْ‬ ‫فُرو ِ‬ ‫م لِ ُ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّ ِ‬ ‫عُلو َ‬ ‫كاةِ َفا ِ‬ ‫م ِللّز َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّ ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫معْرِ ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن‬ ‫مغ ِ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ملغغو ِ‬ ‫م غ َي ْغُر َ‬ ‫م فَغإ ِن ّهُ ْ‬ ‫مغغان ُهُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫ملكغ ْ‬ ‫مغغا َ‬ ‫م أوْ َ‬ ‫جه ِ غ ْ‬ ‫* إ ِل ع َلى أْزَوا ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫م وَع َْهغد ِه ِ ْ‬ ‫ماَنغات ِهِ ْ‬ ‫م ِل َ‬ ‫هغ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َواّلغ ِ‬ ‫دو َ‬ ‫م ال َْعغا ُ‬ ‫هغ ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ك فَأوْل َئ ِ َ‬ ‫اب ْت ََغى وََراء ذ َل ِ َ‬
‫ن*‬ ‫وارِث ُغغو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ك ه ُغ ُ‬ ‫ن * أ ُوْل َئ ِ َ‬ ‫ظو َ‬ ‫حغغافِ ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫وات ِهِ ْ‬ ‫ص غل َ َ‬ ‫م ع ََلى َ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * َوال ّ ِ‬ ‫عو َ‬ ‫َرا ُ‬
‫ن‪ ] ‬المؤمنون‪.[11-1:‬‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫س هُ ْ‬ ‫فْرد َوْ َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫ن ي َرُِثو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫اللغغغو‪ :‬الباطغغل ومغغا ل فغغائدة فيغغه مغغن قغغول أو فعغغل‪ .‬لفروجهغغم‬
‫حافظون‪ :‬جميع فرج وهو اسم لعضو التناسل من الذكر والنثى‪.‬‬
‫وحفظها‪ :‬صيانتها عن الحرام ومن الوقوع فغغي الزنغغى خاصغغة‪ .‬مغغا‬
‫ملكت أيمانهم‪ :‬النساء المملوكات وهن الماء‪ .‬غير ملومين‪ :‬بوطئهن‪.‬‬
‫العادون‪ :‬الظالمون والمجاوزون‪.‬‬
‫‪ -5‬أمغغر اللغغه تعغغالى بحسغغن معاملغغة النسغغاء ومهّغغد لغغذلك بنغغداء‬
‫م َأن ت َرِث ُغغوا ْ‬ ‫ل ل َك ُغ ْ‬ ‫حغ ّ‬ ‫من ُغغوا ْ ل َ ي َ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫المخاطبين فقال تعالى‪َ :‬يا أي ّهَغغا ال ّغ ِ‬
‫ذي‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ل ِت َغذ ْهَُبوا ْ ب ِب َعْ غ‬
‫ن‬ ‫ن إ ِل ّ أن ي َغأِتي َ‬ ‫مغغوهُ ّ‬ ‫مغغا آت َي ْت ُ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫ض غُلوهُ ّ‬ ‫سغغاء ك َْره غا ً وَل َ ت َعْ ُ‬ ‫الن ّ َ‬
‫َ‬
‫سغغى أن‬ ‫ن فَعَ َ‬ ‫مغغوهُ ّ‬ ‫ف َفغغِإن ك َرِهْت ُ ُ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن ِبغغال ْ َ‬ ‫شغغُروهُ ّ‬ ‫عا ِ‬ ‫مب َي َّنغغةٍ وَ َ‬ ‫شغغةٍ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫بِ َ‬
‫خْيرا ً ك َِثيرا ً‪] ‬النساء‪[19:‬‬ ‫ه ِفيهِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫شْيئا ً وَي َ ْ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫تعضلوهن‪ :‬تمنعوهن من الزواج‪ .‬بفاحشة‪ :‬سوء خلق أو نشغغوز أو‬
‫مبينة‪ :‬واضحة وظاهرة‪.‬‬ ‫زنى‪.‬‬
‫‪ -6‬أمر المطلقة أن تعتد ّ ثلثة قغغروء وأل تكتغغم مغغا فغغي رحمهغغا إن‬
‫كانت حامل ً وعلق ذلك علغى اليمغان بغالله واليغغوم الخغغر‪ ،‬قغغال تعغالى‪:‬‬
‫مغغا‬ ‫ن َ‬ ‫مغغ َ‬ ‫ن أن ي َك ْت ُ ْ‬
‫ل ل َه َ‬
‫ح ّ ُ ّ‬ ‫ة قُُروٍَء وَل َ ي َ ِ‬ ‫ن ث َل َث َ َ‬ ‫سه ِ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن ب َِأن ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ت ي َت ََرب ّ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫مط َل ّ َ‬ ‫‪َ‬وال ْ ُ‬
‫ن ِبالل ّهِ َوال ْي َوْم ِ ال ِ‬ ‫َ‬
‫]البقرة‪:‬‬ ‫ر‪‬‬ ‫خ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ي ُؤ ْ ِ‬ ‫ن ِإن ك ُ ّ‬ ‫مه ِ ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫ه ِفي أْر َ‬ ‫خل َقَ الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫‪.[228‬‬
‫‪-7‬أمر الله سغغبحانه وتعغغالى باجتنغغاب الخمغغر والميسغغر والنصغغاب‬
‫والزلم بعد أن نادى المؤمنين بوصغف اليمغغان‪ ،‬مشغغعرا َ بغذلك اجتنابهغغا‬
‫مغغا ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫م غُر‬ ‫خ ْ‬ ‫من ُغغوا ْ إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫مرتبط بخلوص إيمانهم‪ ،‬فقال تعالى‪َ:‬يا أي َّها ال ّغ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫جت َن ُِبوه ُ ل َعَل ّك ُغ ْ‬ ‫ن فَغغا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َوالْزل َ ُ‬ ‫صا ُ‬ ‫سُر َوالن َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫ن‪] ‬المائدة ‪.[90:‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫‪ -8‬حّرم الله سبحانه وتعالى الربا وربط بين تركه وتحقيق التقوى‬
‫ضغَعافا ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫من ُغغوا ْ ل َ ت َغأك ُُلوا ْ الّرب َغغا أ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫واليمان‪ ،‬فقغغال تعغغالى‪ :‬ي َغغا أي ّهَغغا ال ّغ ِ‬
‫]آل عمران‪[130:‬‬ ‫ن‪‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ه ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫ة َوات ّ ُ‬ ‫ف ً‬ ‫ضاع َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن الّرب َغغا ِإن‬ ‫مغ َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ما ب َقِ غ َ‬ ‫ه وَذ َُروا َ‬ ‫قوا الل َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال‪َ :‬يا أي َّها ال ِ‬
‫]البقرة‪.[278:‬‬ ‫ن‪‬‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كنُتم ّ‬ ‫ُ‬

‫‪5‬‬
‫ض على العمل وأحاطه بسياج من الشعور بالمراقبة اللهيغغة‬ ‫‪ -9‬ح ّ‬
‫مل َك ُغ ْ‬
‫م‬ ‫ه عَ َ‬ ‫س غي ََرى الل ّغ ُ‬ ‫مُلوا ْ فَ َ‬ ‫ل اع ْ َ‬ ‫والشعور بالمسؤولية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬وَقُ ِ‬
‫ش غَهاد َةِ فَي ُن َب ّئ ُك ُغغم ب ِ َ‬
‫مغغا‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫عال ِم ِ ال ْغَي ْ ِ‬‫ن إ َِلى َ‬ ‫دو َ‬‫ست َُر ّ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مُنو َ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ه َوال ْ ُ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫ن‪] ‬التوبة‪.[105:‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ُ‬
‫وهكذا فقّلمغغا تجغغد حكمغا ً مغن أحكغغام الغغدين فغي القغغرآن إل وهغغو‬
‫مقرون باليمان بالله تعالى ومرتبط بأركغغان العقيغغدة السغغلمية‪ ،‬وبهغغذا‬
‫اكتسب الفقه السلمي قداسة دينية‪ ،‬وكغغان لغغه سغغلطان روحغغي‪ ،‬لنهغغا‬
‫أحكام شرعية صغغادرة عغغن اللغغه تعغغالى موجبغغة لطغغاعته ورضغغاه‪ ،‬وفغغي‬
‫مخالفتها خطر غضبه وسخطه‪ ،‬وليست أحكاما ً قانونية مجردة ل يشغغعر‬
‫النسان لها برابط يربطها في ضغغميره‪ ،‬أو يصغغلها بخغغالقه‪ .‬قغغال تعغغالى‪:‬‬
‫ن إ ِل َغغى‬
‫دو َ‬ ‫س غت َُر ّ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ه َوال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫م وََر ُ‬ ‫مل َك ُ ْ‬‫ه عَ َ‬ ‫سي ََرى الل ّ ُ‬ ‫مُلوا ْ فَ َ‬ ‫ل اع ْ َ‬ ‫‪‬وَقُ ِ‬
‫ن‪] ‬النساء‪.[65:‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫ما ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫شَهاد َةِ فَي ُن َب ّئ ُ ُ‬‫ب َوال ّ‬ ‫عال ِم ِ ال ْغَي ْ ِ‬‫َ‬
‫شمول الفقه السلمي لكل ما يحتاج إليه الناس‪:‬‬
‫ل شك أن حياة النسغغان متعغغددة الجغغوانب‪ ،‬وأن سغغعادة النسغغان‬
‫مغغا كغغان الفقغغه‬
‫تقتضي رعاية هذه الجوانب كلها بغغالتنظيم والتشغغريع‪ ،‬ول ّ‬
‫السغغلمي هغغو عبغغارة عغغن الحكغغام الغغتي شغغرعها اللغغه لعبغغاده رعايغغة‬
‫لمصالحهم ودرءا ً للمفاسد عنهم‪ ،‬جاء هغغذا الفقغغه السغغلمي ملم غا ً بكغغل‬
‫هذه الجوانب‪ ،‬ومنظما ً بأحكامه جميع ما يحتاجه الناي‪ ،‬وإليك بيان ذلك‪:‬‬
‫لو نظرنا إلى كتب الفقه التي تضمن الحكام الشرعية المستمدة‬
‫من كتاب اللغغه وسغغنة رسغغوله وإجمغغاع علمغغاء المسغغلمين واجتهغغاداتهم‪،‬‬
‫لوجدناها تنقسم إلى سبع زمر وتشكل بمجموعها القغغانون العغغام لحيغاة‬
‫الناس أفرادا ً ومجتمعات ‪:‬‬
‫الزمرة الولى‪ :‬الحكام المتعلقة بعبادة اللغغه مغغن وضغغوء وصغغلة‬
‫وصيام وزكاة وحج وغير ذلك‪ ،‬وتسمى هذه الحكام‪ :‬العبادات‪.‬‬
‫الزمللرة الثانيللة‪ :‬الحكغغام المتعلقغغة بالسغغرة مغغن زواج وطلق‪،‬‬
‫ونسب ورضاع‪ ،‬ونفقة وإرث‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وتسغغمى هغغذه الحكغغام‪ :‬الحغغوال‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫الزمرة الثالثة‪ :‬الحكام المتعلقة بأفعال الناس‪،‬ومعاملغغة بعضغغهم‬
‫بعضا َ من شغغراء ورهغغن وإجغغارة‪ ،‬ودعغغاوي وبينغغات‪ ،‬وقضغغاء وغيغغر ذلغغك‪،‬‬
‫وتسمى هذه الحكام‪ :‬معاملت‪.‬‬
‫الزمرة الرابعة‪ :‬الحكغغام المتعلقغغة بواجبغغات الحغغاكم مغغن إقامغغة‬
‫العدل ودفع الظلم وتنفيذ الحكام‪ ،‬وواجبات المحكغغوم مغغن طاعغغة فغغي‬
‫غير معصية وغير ذلك‪ ،‬وتسغغمى هغغذه الحكغغام‪ :‬الحكغغام السغغلطانية‪ ،‬أو‬
‫السياسية الشرعية‪.‬‬
‫الزمرة الخامسة‪ :‬الحكغغام المتعلقغغة بعقغغاب المجرميغغن وحفغغظ‬
‫المن والنظام مثل‪ :‬عقوبة القاتل والسارق وشارب الخمر وغيغغر ذلغغك‪،‬‬
‫وتسمى هذه الحكام‪ :‬العقوبات‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الزملللرة السلللابعة‪ :‬الحكغغغام المتعلقغغغة بغغغالخلق والحشغغغمة‪،‬‬
‫والمحاسغغن والمسغغاوئ وغيغغر ذلغغك‪ ،‬وتسغغمى هغغذه الحكغغام‪ :‬الداب‬
‫والخلق‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن الفقه السلمي شامل بأحكامه لكل ما يحتغغاج إليغغه‬
‫م بجميع مرافق حياة الفراد والمجتمعات‪.‬‬ ‫النسان‪ ،‬ومل ّ‬

‫مراعاة الفقه السلمي اليسر ورفع الحرج‪:‬‬


‫معنى اليسر‪:‬‬
‫إن السلم راعي بتشريع الحكام حاجة الناس‪ ،‬وتأمين سغغعادتهم‪،‬‬
‫ولذلك كغغانت هغغذه الحكغغام كلهغغا فغغي مقغغدور النسغغان‪ ،‬وضغغمن حغغدود‬
‫طاقته‪ ،‬وليس فيها حكم يعجز النسان عن أدائه والقيام به‪ ،‬وإذا ما نغال‬
‫المكلف حرج خارج عن حغغدود قغغدرته أو متسغغبب بعنغغت ومشغغقة زائدة‬
‫لحالة خاصة‪ ،‬فإن الدين يفتح أمامه باب الترخص والتخفيف‪.‬‬
‫الدليل على أن السلم دين اليسر‪:‬‬
‫ل‬‫جعَ َ‬
‫ما َ‬ ‫وليس أدل على أن السلم دين يسر من قوله تعالى‪ :‬و َ‬
‫ه‬ ‫ج‪] ‬الحج‪ [78:‬ومن قوله تعالى‪ :‬ي ُ ِ‬
‫ريغد ُ الل غ ُ‬ ‫حَر ٍ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬‫م في ال ّ‬ ‫ع َل َي ْك ُ ْ‬
‫سرَ‪] ‬البقرة‪ .[185:‬ومن قوله تعالى‪ :‬ل‬ ‫م العُ ْ‬‫ريد ُ ب ِك ُ ُ‬‫سَر َول ي ُ ِ‬ ‫م الي ُ ْ‬ ‫ب ِك ُ ُ‬
‫سَعها‪] ‬البقغغرة‪ .[286:‬ومغغن قغغوله عليغغه الصغغلة‬ ‫فسا ً إل وُ ْ‬ ‫ه نَ ْ‬
‫ف الل ُ‬ ‫ي ُك َل ّ ُ‬
‫ن ُيسـُر" )رواه البخاري‪.(39:‬‬ ‫دي َ‬‫ن ال ّ‬ ‫والسلم‪ " :‬إ ّ‬

‫أمثلة على يسر السلم ‪:‬‬


‫ومن المثلة على يسر السلم ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬الصلة قاعدا ً لمن يشق عليغغه القيغغام‪ ،‬قغغال رسغغول اللغغه ‪ " :‬صغغل‬
‫ب" )رواه‬ ‫قائمًا‪ ،‬فإن لغغم تسغغتطع فقاعغغدًا‪ ،‬فغغإن لغغم تسغغتطع فعلغغى جن غ ٍ‬
‫البخاري‪.(1066:‬‬
‫‪ -2‬قصر الصلة الرباعية والجمع بين الصلتين للمسغغغافر‪ ،‬قغغال تعغغالى‪:‬‬
‫ة‪‬‬ ‫ص غل َ ِ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ص غُروا ْ ِ‬
‫مغ َ‬ ‫ح َأن ت َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫جَنا ٌ‬
‫م ُ‬‫س ع َل َي ْك ُ ْ‬
‫ض فَل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫م ِفي الْر ِ‬ ‫ضَرب ْت ُ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫َ‪‬إ ِ َ‬
‫]النساء‪[101:‬‬
‫ن‬
‫وروى البخاري)‪ (1056‬عن ابن عبغغاس رضغغي اللغغه عنهمغغا قغغال‪" :‬كغغا َ‬
‫ر‪،‬‬
‫س غي ْ ٍ‬‫ى ظ َهْ غرِ َ‬
‫عل َ‬ ‫ن َ‬‫صرِ إذا كا َ‬ ‫صلةِ الظ ّهْرِ َوالعَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫معُ ب َي ْ َ‬‫ج َ‬‫ل الله ‪ ‬ي َ ْ‬ ‫رسو ُ‬
‫شاِء " ‪.‬‬ ‫ب َوالعِ َ‬ ‫مغرِ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫معُ ب َي ْ َ‬‫ج َ‬ ‫وَي َ ْ‬
‫] على ظهر سير‪ :‬سائر في السفر[‪.‬‬

‫مصادر الفقه السلمي‪:‬‬


‫قلنا إن الفقه السلمي هو مجموعة الحكام الشغغرعية الغغتي أمغغر اللغغه‬
‫عباده بها‪ ،‬وهذه الحكام ترجع بمجموعها إلى المصادر الربعة التالية‪:‬‬
‫القرآن الكريم – السنة الشريفة – الجماع – القياس‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫القرآن الكريم‪:‬‬
‫القرآن‪ :‬هو كلم الله تعالى‪ :‬أنزله على سيدنا محمد ‪ ‬ليخغغرج النغغاس‬
‫مغغن الظلمغغات إلغغى النغغور‪ ،‬وهغغو المكتغغوب فغغي الصغغحف‪ ،‬والقغغرآن هغغو‬
‫المصدر والمرجع لحكام الفقه السلمي‪ ،‬فغغإذا عرضغغت مسغغألة رجعنغغا‬
‫قبل كل شئ إلى كتاب الله عز وجل لنبحث عن حكمها فيه‪ ،‬فإن وجدنا‬
‫فيه الحكم أخذنا به‪ ،‬ولم نرجع إلى غيره‪.‬‬
‫فإذا سئلنا عن حكغغم الخمغغر‪ ،‬والقمغغار‪ ،‬وتعظيغغم الحجغغار‪ ،‬والستقسغغام‬
‫بالزلم‪ ،‬رجعنا إلى كتاب الله عز وجل لنجد قول الله تعغغالى‪ :‬يغا أ َي َّهغا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫مغ ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫مغ ْ‬‫س ّ‬ ‫جغ ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َوالْزل َ ُ‬ ‫صغغا ُ‬ ‫سغُر َوالن َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫مغُر َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ما ال ْ َ‬‫مُنوا ْ إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن‪] ‬المائدة‪.[90:‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫جت َن ُِبوه ُ ل َعَل ّك ُ ْ‬‫ن َفا ْ‬ ‫طا ِ‬‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫وإذا سئلنا عن البيع‪ ،‬والربا‪ ،‬وجدنا حكم ذلك في كتاب اللغغه عغغز وجغغل‪،‬‬
‫َ‬
‫م الّرَبا‪] ‬البقرة‪.[275:‬‬ ‫ه ال ْب َي ْعَ وَ َ‬
‫حّر َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫حيث قال عز من قائل‪ :‬وَأ َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫وإذا سئلنا عغغن الحجغغاب وجغغدنا حكمغغه فغغي قغغوله تعغغالى‪ :‬وََل ي ُب ْغ ِ‬
‫ن‪] ‬النور‪[31:‬‬ ‫جُيوب ِهِ ّ‬ ‫ن ع ََلى ُ‬ ‫مرِه ِ ّ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬‫ضرِب ْ َ‬ ‫من َْها وَل ْي َ ْ‬ ‫ما ظ َهََر ِ‬ ‫ن إ ِّل َ‬ ‫ِزين َت َهُ ّ‬
‫بخمرهن‪ :‬جمع خمار وهو غطغغاء الغغرأس‪ .‬وجيغغوبهن‪ :‬جمغغع جيغغب وهغغو‬
‫شق الثوب من ناحية الرأس‪ ،‬والمراد بضرب الخمغغار علغغى الجيغغب‪ :‬أن‬
‫تستر أعالي جسمها مع الرأس‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سغغاء‬ ‫ك وَن ِ َ‬ ‫ك وَب ََنات ِغ َ‬‫جغ َ‬ ‫ي قُغغل ّلْزَوا ِ‬ ‫وكغغذلك فغغي قغغوله تعغغالى‪:‬أي ّهَغغا الن ّب ِغ ّ‬
‫َ‬ ‫ال ْمؤ ْمِنين يدِنين ع َل َيهن مغغن جَلبيبه غن ذ َل ِغ َ َ‬
‫ن‬‫ن فََل ي ُغؤ ْذ َي ْ َ‬ ‫ك أد ْن َغغى أن ي ُعَْرفْ غ َ‬ ‫َ ِ ِِ ّ‬ ‫ِْ ّ ِ‬ ‫ُ ِ َ ُ ْ َ‬
‫حيما ‪] ‬الحزاب‪.[59:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فورا ّر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫وَ َ‬
‫يدنين‪ :‬يرخين ويغطين وجوههن وأعطافهن‪ .‬جلبيبهن‪ :‬جمع جلباب وهو‬
‫الرداء الذي يستر كامل البدن أعاليه وأسغغافله‪ .‬أدنغغى‪ :‬أقغغرب لن ُتمي ّغغز‬
‫ت العفيفات من غيرهن‪ .‬فل يؤذين‪ :‬بالتعرض لهن‪.‬‬ ‫الشريفا ُ‬
‫وهكذا يكون القرآن الكريم هو المصدر الول لحكام الفقغغه السغغلمي‪.‬‬
‫لكن القرآن الكريم لم يقصد بآياته كل جزئيات المسائل وتبيين أحكامها‬
‫والنص عليها‪ ،‬ولو فعل ذلك لكان يجب أن يكغون أضغغعاف مغا هغغو عليغغه‬
‫الن‪.‬‬
‫ل‪ ،‬والعبغغادات والمعغغاملت‬ ‫وإنما نص القرآن الكريم على العقغغائد تفصغغي ً‬
‫ل‪ ،‬ورسم الخطوط العامغغة لحيغغاة المسغغلمين وجعغغل تفصغغيل ذلغغك‬ ‫إجما ً‬
‫ل‪ :‬أمر القرآن بالصغغلة‪ ،‬ولغم يغبين كيفياتهغغا‪ ،‬ول عغغدد‬ ‫للسنة النبوية‪ .‬فمث ً‬
‫ركعاتها‪.‬‬
‫وأمر بالزكاة‪ ،‬ولم يغغبين مقغغدارها‪ ،‬ول نصغغابها‪ ،‬ول المغغوال الغغتي تجغغب‬
‫تزكيتها‪ .‬وأمر بالوفاء بالعقود‪ ،‬ولغغم يغغبين العقغغود الصغغحيحة الغغتي يجغغب‬
‫الوفاء بها‪ .‬وغير ذلك من المسائل كثير‪.‬‬
‫لذلك كان القرآن مرتبطا َ بالسنة النبويغغة لتغغبيين تلغغك الخطغغوط العامغغة‬
‫وتفاصيل ما فيه من المسائل المجملة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫السنة الشريفة‪:‬‬
‫والسّنة هي كل ما نقل عن النبي ‪ ‬من قول‪ ،‬أو فعل‪ ،‬أو تقرير‪.‬‬
‫فمثال القول‪ :‬ما أخرجه البخاري)‪ (48‬ومسلم)‪ (64‬عن النبي‪ ‬قال‪" :‬‬
‫فٌر"‪.‬‬ ‫ق‪ ،‬وِقتال ُ ُ‬
‫ه كُ ْ‬ ‫سو ٌ‬ ‫ب اْلم ْ‬
‫سل ِم ِ فُ ُ‬ ‫سَبا ُ‬
‫ِ‬
‫ما‬‫ومثال الفعل‪ :‬ما رواه البخاري عائشة رضي الله عنها لما سغغئلت‪َ " :‬‬
‫َ‬
‫مهْن َغةِ أهْل َغ ِ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ن فغغي َ‬
‫ن َيكو ُ‬ ‫ت‪َ :‬‬
‫كا َ‬ ‫ل الله ‪ ‬في بيته ؟ َقال َ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫صن َعُ ر ُ‬
‫ن يَ ْ‬
‫كا َ‬ ‫َ‬
‫م إل َْيها" ‪.‬‬
‫صلة ُ َقا َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضَر ِ‬
‫ح َ‬‫َفإذا َ‬
‫ن النغغبي ‪ ‬رأى رجل ً يصغغلي‬ ‫مهنة التقرير‪ :‬ما رواه أبغغو داود) ‪ (1267‬أ ّ‬
‫بعد صلة الصبح ركعتين‪ ،‬فقال‪ ":‬صلة الصبح ركعتغغان"‪ ،‬فقغغال الرجغغل‪:‬‬
‫إني لم أكن صليت الركعتين التي قبلهما فصليتهما الن‪ ،‬فسكت رسول‬
‫الله ‪ ،‬فاعتبر سكوته إقرارا ً على مشروعية صلة السغغنة القبليغغة بعغغد‬
‫الفرض لمن لم يصّلها قبله‪.‬‬
‫منزلة السّنة‪:‬‬
‫والسنة تعد ّ في المنزلة الثانية بعغد القغرآن الكريغم مغن حيغث الرجغوع‬
‫إليها‪ :‬أي إنما نرجع أول ً إلى القرآن‪ ،‬فإن لم نجد الحكم فيه رجعنغغا إلغغى‬
‫السنة‪ ،‬فإذا وجدناه فيهغغا عملنغغا بغغه كمغغا لغغو كغغان فغغي القغغرآن الكريغغم‪،‬‬
‫شريطة أن تكون ثابتة عن الرسول ‪ ‬بسند صحيح‪.‬‬
‫وظيفة السنة النبوية‪:‬‬
‫وظيفة السنة النبوية إنما هي توضح وبيان لما جاء في القرآن الكريغغم‪،‬‬
‫فالقرآن – كما قلنا – نص على الصغغلة بشغغكل مجمغغل‪ ،‬فجغغاءت السغغنة‬
‫ففصلت كيفيات الصلة القوليغغة والعمليغغة‪ .‬وصغغح عغغن الرسغغول ‪ ‬أنغغه‬
‫صّلي") رواه البخاري‪.(605:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫موني أ َ‬ ‫صّلوا ك َ َ‬
‫ما َرأي ْت ُ ُ‬ ‫قال‪َ ":‬‬
‫وكغغذلك بينغغت السغغنة أعمغغال الحغغج ومناسغغكه‪ ،‬وقغغال‪ُ ":‬‬
‫خغغذوا ع َن ّغغي‬
‫م" )رواه البخاري(‪.‬‬ ‫سك َك ُ ْ‬
‫منا ِ‬
‫َ‬
‫وبينت العقود الجائزة‪ ،‬والعقود المحّرمة في المعاملت‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫كذلك شرعت السنة بعض ما سكت عنه القرآن ولم يبين حكمغغه؛مثغغل‪:‬‬
‫تحريم التخّتم بالذهب ولبس الحرير على الرجال‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬إن السنة هي المصدر الثاني بعد القغغرآن الكريغغم‪ ،‬وإن‬
‫العمل بها واجب ‪ ،‬وهي ضرورية لفهم القرآن والعمل به‪.‬‬

‫الجماع‪:‬‬
‫والجماع معناه‪ :‬اتفاق جميع العلماء المجتهدين من أمغغة سغغيدنا محمغغد‬
‫ي‪ ،‬فإذا اتفق هؤلء العلمغغاء –‬ ‫‪ ‬في عصر من العصور على حكم شرع ّ‬
‫سواء كغغانوا فغغي عصغغر الصغغحابة أو بعغغدهم – علغغى حكغغم مغغن الحكغغام‬
‫الشرعية كان اتفاقهم هذا إجماعا ً وكان العمل بما أجمعوا عليغغه واجبغغًا‪.‬‬
‫دليل ذلك أن النغغبي ‪ ‬أخغغبر أن علمغغاء المسغغلمين ل يجتمعغغون علغغى‬
‫ضللة‪ ،‬فما اتفقوا عليه كان حقًا‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫روى أحمد في مسنده ) ‪ (6/396‬عن أبي بصغغرة الغفغغاري رضغغي اللغغه‬
‫ُ‬ ‫عنه‪ :‬أن رسول الله ‪‬قال‪ " :‬سأ َل ْت الل ّغه ع َغز وج غ ّ َ‬
‫مغغتي‬‫م غعَ أ ّ‬ ‫ن ل َ يَ ْ‬
‫ج َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫ضلل َةٍ فَأ َع ْ َ‬
‫طانيها"‪.‬‬ ‫على َ‬‫َ‬
‫ومثال ذلك‪ :‬إجماع الصحابة رضي الله عنهم على أن الجد يأخذ سدس‬
‫التركة مع الولد الذكر‪ ،‬عند عدم وجود الب‪.‬‬
‫منزلة الجماع‪:‬‬
‫والجماع يأتي في المرتبة الثالثة من حيث الرجغغوع إليغغه‪،‬فغغإذا لغغم نجغغد‬
‫الحكم في القرآن‪ ،‬ول في السنة‪ ،‬نظرنغغا هغغل أجمغغع علمغغاء المسغغلمين‬
‫عليه‪ ،‬فإن وجدنا ذلك أخذنا وعملنا به‪.‬‬
‫القياس‪:‬‬
‫وهو إلحاق أمر ليس فيه حكم شرعي بآخر منصوص على حكمه لتحاد‬
‫العلة بينهما‪ ,‬وهذا القياس نرجع إليه إذا لم نجد نصا ً علغى حكغم مسغألة‬
‫من المسائل في القرآن ول في السنة ول في الجماع‪.‬‬
‫منزلة القياس‪:‬‬
‫س عليه‪ ،‬وفرع ٌ مقيس‪ ،‬وحكغغم الصغغل‬ ‫ل مقي ٌ‬ ‫وأركان القياس أربعة‪ :‬أص ُ‬
‫المنصوص عليه‪ ،‬وعلة تجمع بين الصل والفرع‪.‬‬
‫مثال القياس‪:‬‬
‫إن الله حّرم الخمر بنص القرآن الكريم‪ ،‬والعلة فغغي تحريمغغه‪ :‬هغغي أنغغه‬
‫مسكر يذهب العقل‪ ،‬فإذا وجدنا شرابا ً آخر له اسم غير الخمر‪ ،‬ووجغغدنا‬
‫هغغذا الشغغراب مسغغكرا ً حكمنغغا بتحريمغغه قياس غا ً علغغى الخمغغر‪ ،‬لن علغغة‬
‫التحريم‪ -‬وهي السكار – موجودة في هذا الشراب‪ ،‬فيكون حراما ً مثغغل‬
‫الخمر‪.‬‬
‫لسغغلمي‬ ‫هذه هي المصادر التشريعية التي ترجغغع إليهغغا أحكغغام الفقغغه ا ٍ‬
‫ذكرناها تتميما ً للفائدة‪ ،‬ومكان تفصيلها كتب أصول الفقه السلمي‪.‬‬

‫ضرورة التزام الفقه السلمي‪ ،‬والتمسك بأحكللامه‪ ،‬وأدلللة ذلللك‬


‫من القرآن والسّنة‪.‬‬
‫لقغد أوجغغب اللغغه علغى المسغغلمين التمسغك بأحكغغام الفقغه السغلمي‪،‬‬
‫وفرض عليهم التزامه في كل أوجه نشاط حياتهم وعلقاتهم‪.‬‬
‫وإحكغغام الفقغغه السغغلمي كلهغغا تسغغتند إلغغى نصغغوص القغغرآن والسغغنة‪،‬‬
‫والجماع والقياس‪ -‬في الحقيقة – يرجعان إلى القرآن والسنة‪.‬‬
‫فإذا استباح المسلمون ترك أحكام الفقه السلمي‪ ،‬فقد استباحوا ترك‬
‫القرآن والسنة‪ ،‬وعطلوا بذلك مجموع الدين السلمي‪ ،‬ولم يعد ينفعهغغم‬

‫‪10‬‬
‫دعوا اليمغان‪ ،‬لن اليمغان فغغي حقيقتغغه هغو‬ ‫وا بالمسلمين أو يغ ّ‬
‫أن يتسم ّ‬
‫تصديق بالله تعالى‪ ،‬وبما أنزل في كتابه‪ ،‬وفي سنة نبيه ‪.‬‬
‫والسلم الحقيقي يعني الطاعة والمتثال لكل مغغا جغغاء بغغه الرسغغول ‪‬‬
‫عن ربه عز وجل مع الذعان والرضا‪.‬‬
‫وأحكام الفقه السلمي ثابتة ل تتغير ول تتبدل مهما تبدل الزمن وتغير‪،‬‬
‫ول يباح تركها بحال من الحوال‪.‬‬
‫أدلة ذلك من القرآن والسنة‪:‬‬
‫والدلة على وجوب الغغتزام الفقغغه والتمسغغك بأحكغغامه كغغثيرة جغغدا ً فغغي‬
‫الكتاب والسنة‪:‬‬
‫أما في الكتاب‪:‬‬
‫م وَل َ ت َت ّب ِعُغغوا ْ‬ ‫مغغن ّرب ّك ُغ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ل إ ِل َي ْ ُ‬ ‫ما ُأنزِ َ‬ ‫فقد قال الله تعالى‪ :‬ات ّب ُِعوا ْ َ‬
‫ى‬ ‫حت ّغ َ‬ ‫ن َ‬ ‫من ُغغو َ‬ ‫دون ِغهِ أ َوْل ِي َغغاء‪] ‬العغغراف‪ .[3:‬وقغغال‪ :‬ل َ وََرب ّغ َ‬
‫ك ل َ ي ُؤ ْ ِ‬ ‫مغغن ُ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ت‬ ‫ضغي ْ َ‬ ‫مغغا قَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫حَرجغا ّ‬ ‫م َ‬ ‫سغهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫دوا ِفغي أن ُ‬ ‫ج ُ‬‫م ل َ يَ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ُ‬ ‫يُ َ‬
‫ل‬ ‫سغغو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫مغغا آت َغغاك ُ ُ‬ ‫سِليما ً‪ ] ‬النساء‪ .[65 :‬وقال تعالى‪ :‬وَ َ‬ ‫موا ْ ت َ ْ‬‫سل ّ ُ‬ ‫وَي ُ َ‬
‫ه َفانت َُهوا‪] ‬الحشر‪ .[7:‬وقال تعغغالى‪ :‬إن ّغغا َأنَزل ْن َغغا‬ ‫م ع َن ْ ُ‬ ‫ما ن ََهاك ُ ْ‬ ‫ذوه ُ وَ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫فَ ُ‬
‫ه وَل َ ت َك ُغغن ل ّل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫خغغآئ ِِني َ‬ ‫ك الل ّغ ُ‬ ‫مغا أَرا َ‬ ‫س بِ َ‬ ‫ن الن ّغغا ِ‬ ‫حك ُ َ‬
‫م ب َي ْ َ‬ ‫حقّ ل ِت َ ْ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫صيما ً‪] ‬النساء‪[105:‬‬ ‫خ ِ‬ ‫َ‬
‫وبناًء على هذه النصوص المرة باتباع ما أنزل الله تعالى وتحكيغغم‬
‫الرسول‪ ‬وسنته في كل ما ينشأ من معاملة بين الناس‪ ،‬والناهية عغغن‬
‫كل مخالفة لله ورسوله‪.‬‬
‫بناًء على ذلك يعغغد مغغن يختغغار مغغن الحكغغام غيغغر مغغا اختغغاره اللغغه‬
‫ل ضلل ً بعيدا ً‬ ‫ورسوله‪ ،‬قد ض ّ‬
‫ه‬‫سغغول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ضغغى الل ّغ ُ‬ ‫ذا قَ َ‬ ‫من َغةٍ إ ِ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ن وََل ُ‬ ‫م ٍ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫قال تعالى‪ :‬وَ َ‬
‫َ‬ ‫مرا ً َأن ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ضغغ ّ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ص الل ّ َ‬ ‫من ي َعْ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مرِه ِ ْ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرة ُ ِ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫أ ْ‬
‫مِبينا ً‪ ] ‬الحزاب‪. [36:‬‬ ‫ضَلل ً ّ‬ ‫َ‬
‫وأما في السنة‪:‬‬
‫فالحاديث كثيرة أيضًا‪ ،‬منهغغا‪ :‬مغغا روى البخغغاري)‪ (2797‬ومسغغلم )‬
‫ن‬‫مغغ ْ‬ ‫ل الله ‪َ " :‬‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫‪ (1835‬عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قا َ‬
‫ه"‪ .‬ومنها قغغوله ‪:‬‬ ‫صى الل ّ َ‬ ‫قد ْ ع َ َ‬ ‫عصاني فَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه‪ ،‬وَ َ‬ ‫طاع َ الل َ‬ ‫قد ْ أ َ َ‬
‫عني فَ َ‬ ‫طا َ‬‫أَ َ‬
‫فسي بيده ل َ يؤ ْم َ‬
‫ه"‬ ‫جئ ْ ُ‬
‫ت بِ ِ‬ ‫واه ُ َتبعا ً َلما ِ‬‫ن هَ َ‬ ‫كو َ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫حد ُك ُ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫ُ ِ ُ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫"َواّلذي ن َ ْ‬
‫)ذكره المام النووي في متن الربعين النوويغغة‪ ،41:‬وقغغال‪ :‬حغغديث‬
‫سنّتي" )رواه أبغغو داود‪ ،4607 :‬والترمغغذي‪:‬‬ ‫م بِ ُ‬ ‫صحيح(‪ .‬وقوله‪" :‬ع َل َي ْك ُ ْ‬
‫ب الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ضّلو ب َعْ ِ‬
‫دي‪ :‬ك َِتا َ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫م ب ِهِ ل َ ْ‬ ‫ن أَ َ‬
‫خذ ْت ُ ْ‬ ‫ما إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِفيك ُ ْ‬ ‫‪ .(2678‬وقوله‪":‬ت ََرك ْ ُ‬
‫سّنتي" )انظر‪:‬مسلم‪،1218:‬وأبو داود‪ ،1905:‬والموطأ‪.(2/899:‬‬ ‫وَ ُ‬
‫هذه الدلة من القرآن والسغنة واضغحة فغي وجغوب إتبغاع الحكغام‬
‫التي شرعها الله عز وجل للعباد في كتغغابه‪ ،‬وعلغى لسغان نغبيه‪ ،‬قغال‬

‫‪11‬‬
‫فون ع َن أ َمره َأن تصغغيبهم فتن غ ٌ َ‬
‫م‬
‫صغغيب َهُ ْ‬
‫ة أوْ ي ُ ِ‬ ‫ُ ِ َُ ْ ِ َْ‬ ‫ْ ْ ِ ِ‬ ‫خال ِ ُ َ‬
‫ن يُ َ‬ ‫حذ َرِ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫تعالى‪ :‬فَل ْي َ ْ‬
‫م‪] ‬النور‪.[63:‬‬ ‫َ‬ ‫عَ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬
‫ذا ٌ‬
‫التعريف ببعض المصطلحات الفقهية‪:‬‬
‫ل بغغد قبغغل البغغدء بغغأبواب الفقغغه ومسغغائله مغغن التعريغغف ببعغغض‬
‫المصطلحات الفقهية التي تدور عليها أحكام الفقغغه فغغي جميغغع البغغواب‬
‫وهذه المصطلحات هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الفرض‪:‬‬
‫الفرض هو ما طلب الشرع فعله طلبا ً جازم غًا‪ ،‬بحيغغث يغغترتب علغغى‬
‫فعله الثواب‪ ،‬كما يترتب على تركه العقاب‪.‬‬
‫ومثاله الصوم‪ ،‬فإن الشرع السلمي طالبنا بفعله مطالبغغة جازمغغة‪،‬‬
‫م‪] ‬البقغغرة‪ .[183:‬أي فغغرض‪ .‬فغغإذا‬ ‫ص غَيا ُ‬ ‫ب ع َل َي ْك ُغ ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫قال تعالى‪ :‬ك ُت ِغ َ‬
‫م ترتب على‬ ‫ص ْ‬
‫صمنا ترتب على هذا الصيام الثواب في الجنة‪ ،‬وإذا لم ن َ ُ‬
‫ذلك العقاب في النار‪.‬‬
‫‪ -2‬الواجب‪:‬‬
‫والواجب مثغغل الفغغرض تمامغا ً فغغي مغغذهب الشغغافعي رحمغغه اللغغه‬
‫تعالى‪ ،‬ل فرق بينهما أبدا ً إل في باب الحج‪.‬‬
‫فالواجب في باب الحج‪:‬هو ما ل يتوقف عليه صحة الحج‪ ،‬وبعبغغارة‬
‫أخرى‪ :‬ل يلزم من فوته فوت الحج وبطلنه‪ ،‬وذلغغك مثغغل رمغغي الجمغغار‪،‬‬
‫والحرام من الميقات‪ ،‬وغير ذلك من واجبات الحج‪ ،‬فإذا لم يأت الحغغاج‬
‫بهذه الواجبات صغح حجغغه‪ ،‬ولكغغن كغان مسغيئًا‪ ،‬ووجغغب جغبر تغرك هغذه‬
‫الواجبات بفدية هي إراقة دم‪.‬‬
‫وأما الفرض في الحج فهو ما يتوقغغف عليغغه صغغحة الحغغج‪ ،‬وبعبغغارة‬
‫أخرى‪ :‬يلزم من فوته فوت الحج وبطلنه‪.‬‬
‫ومثال ذلغغك الوقغغوف بعرفغغة‪ ،‬وطغغواف الفاضغغة‪ ،‬وغيغغر ذلغغك مغغن‬
‫الفروض فإنه إذا لم يأت بها بطل حجه‪.‬‬
‫‪ -3‬الفرض العيني‪:‬‬
‫هو ما يطلب من كل فرد من أفراد المكلفيغغن طلب غا ً جازم غًا‪ ،‬مثغغل‬
‫الصلة والصيام‪ ،‬والحج على المستطيع‪ ،‬فإن هذه العبغادات تجغب علغى‬
‫كل مكلف بعينه‪ ،‬ول يكتفي بقيام بعض المكلفين بها دون الباقين‪.‬‬
‫‪ -4‬الفرض الكفائي‪:‬‬
‫هو ما كان مطالبا ً بفعله مجمغغوع المسغغلمين‪ ،‬ل كغغل واحغغد منهغغم‪،‬‬
‫بمعنى‪ :‬أنه إذا قام به بعضهم كفى‪ ،‬وسقط الثم عن الخريغغن‪ ،‬وإذا لغغم‬
‫صوا جميعًا‪.‬‬‫يقم به أحد أثموا وع َ‬
‫ومثل ذلك‪ :‬تجهيز الميت والصلة عليه‪ ،‬فإن واجب المسغغلمين إذا‬
‫مات فيهم ميت أن يغسلوه ويكفنوه‪ ،‬ويصلوا عليه‪ ،‬ثم يدفنوه‪ ،‬فإذا قام‬
‫صغغوا‬
‫بهذا العمل بعض المسلمين حصل المقصود‪ ،‬وإذا لم يقم به أحد ع َ‬
‫جميعًا‪ ،‬وأثموا لتركهم هذا الفرض الكفائي‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -5‬الركن‪:‬‬
‫وهو ما وجب علينا فعله وكان جزءا ً من حقيقة الفعل‪،‬وذلغغك مثغغل‬
‫قراءة الفاتحة في الصلة‪ ،‬والركوع‪ ،‬والسجود فيها‪ ،‬فهذه المور تسمى‬
‫أركانًا‪.‬‬
‫‪ -6‬الشرط‪:‬‬
‫وهي ما وجب فعله‪ ،‬ولكنه ليس جزءا ً من حقيقغغة الفعغغل‪ ،‬بغغل هغغو‬
‫مغن مقغدماته‪ ،‬وذلغك مثغل الوضغوء‪ ،‬ودخغول وقغت الصغلة‪ ،‬واسغتقبال‬
‫القبلة‪ ،‬فهذه المور كلها خارجة عن حقيقة الصلة‪ ،‬ومقدمغغة عليهغغا‪ ،‬ول‬
‫بد منها لصحة الصلة‪ ،‬وتسمى شروطًا‪.‬‬

‫‪ -7‬المندوب‪:‬‬
‫والمندوب هو ما طلب الشرع فعله لكغغن طلبغا ً عيغغر جغغازم‪ ،‬حيغغث‬
‫يترتب الثواب على فعله‪ ،‬ول يترتب العقاب على تركه‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬صلة الضغغحى‪ ،‬وقيغغام الليغغل‪ ،‬وصغغيام سغغتة أيغغام مغغن‬
‫شوال وغير ذلك‪ ،‬فهذه العبادات إن فعلناها أثبنا عليهغغا‪ ،‬وإن لغغم نفعلهغغا‬
‫لم نعاقب على تركها‪.‬‬
‫ويسمى المندوب سنة‪ ،‬ومستحبًا‪ ،‬وتطوعًا‪ ،‬ونف ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -8‬المباح‪:‬‬
‫وهو ما كان فعله وتركه سواًء‪ ،‬لن الشرع لم يأمرنغغا بغغتركه‪ ،‬ولغغم‬
‫يأمرنا بفعله‪ ،‬بل جعل لنا حرية الترك والعمل‪ ،‬ولغغذلك لغغم يغغترتب علغغى‬
‫فعل المباح أو تركه ثواب أو عقغغاب‪ ،‬ومثغغال ذلغغك قغغوله تعغغالى‪ :‬فَغإ ِ َ‬
‫ذا‬
‫ه‪] ‬الجمعغغة‪:‬‬ ‫ل الّلغغ ِ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫َْ‬ ‫صَلة ُ َفانت َ ِ‬ ‫قُ ِ‬
‫ض ِ‬ ‫ض َواب ْت َُغوا ِ‬
‫شُروا ِفي الْر ِ‬ ‫ت ال ّ‬
‫ضي َ ِ‬
‫‪.[10‬‬
‫أفادت هذه الية أن العمغغل بعغغد صغغلة الجمعغغة مبغغاح‪ ،‬فمغغن شغغاء‬
‫عمل‪ ،‬ومن شاء ترك‪.‬‬
‫‪ -9‬الحرام‪:‬‬
‫وهو ما طالبنا الشرع بتركه طلبا ً جازمًا‪ ،‬بحيث يغغترتب علغغى تركغغه‬
‫ب ويترتب على فعله عقاب‪ ،‬ومثال ذلك‪ :‬القتل‪ ،‬قال‬ ‫امتثال ً لمر الله ثوا ٌ‬
‫ق‪] ‬السغغراء‪:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫م الل ّغ ُ‬
‫ه إ ِل ّ ب ِغغال َ‬ ‫س ال ِّتي َ‬
‫ح غّر َ‬ ‫قت ُُلوا ْ الن ّ ْ‬
‫ف َ‬ ‫الله تعالى‪ :‬وَل َ ت َ ْ‬
‫وال َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫كم‬ ‫‪ .[33‬وأكل أموال النغغاس بالباطغغل‪ ،‬قغغال تعغغالى‪ :‬وَل َ ت َغأك ُُلوا ْ أ ْ‬
‫مغ َ‬
‫ل‪] ‬البقغغرة‪ .[188:‬فغغإذا فعغغل النسغغان شغغيئا ً مغغن هغغذه‬ ‫ب َي ْن َك ُغغم ِبال َْباط ِغ ِ‬
‫المحّرمات أثم واستحق العذاب‪ ،‬وإذا تركها تقربا ً إلى الله استحق علغغى‬
‫تركها الثواب‪.‬‬
‫ويسمى الحرام محظورًا‪ ،‬ومعصية‪ ،‬وذنبًا‪.‬‬
‫‪ -10‬المكروه‪:‬‬
‫والمكروه قسمان‪ :‬مكروها ً تحريميًا‪ ،‬ومكروها ً تنزيهيًا‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫المكروه تحريميا ً‪ :‬هو ما طالبنا الشرع بغغتركه طلب غا ً جازم غا ً لكغغن‬
‫دون طلب ترك الحرام‪ ،‬بحيث يترتب على تركه امتثال ً لمر اللغغه تعغغالى‬
‫الثواب‪ ،‬ويترتب على فعله العقاب‪ ،‬لكن دون عقاب الحرام‪ .‬ومثال ذلك‬
‫صلة النفل المطلق عند طلوع الشمس‪ ،‬أو عند غروبهغغا‪ .‬فهغغذه الصغغلة‬
‫مكروهة تحريميًا‪.‬‬
‫المكروه تنزيهيًا‪ :‬هغو مغا طلغب الشغرع تركغه طلبغا ً غيغر جغازم‪،‬‬
‫بحيث إذا عرفة للحاج‪ ،‬فإن ترك الصوم امتثال ً لمغغر الغغدين أثيغغب ‪ ،‬وإن‬
‫صام لم يعاقب‪.‬‬
‫‪ -11‬الداء‪:‬‬
‫وهو فعل العبادة في وقتها المحغغدد لهغغا مغغن قبغغل الشغغرع‪ ،‬وذلغغك‬
‫كصيام رمضان في شغهر رمضغغان‪ ،‬وكصغغلة الظهغغر فغغي وقتهغغا المحغغدد‬
‫شرعًا‪.‬‬
‫‪ -12‬القضاء‪:‬‬
‫وهو فعل العبادة التي وجبغغت خغغارج وقتهغغا المحغغدد لهغغا مغغن قبغغل‬
‫الشرع‪ ،‬وذلك كمن صام رمضان في غير رمضغغان بعغغد فغغواته‪ ،‬أو صغغلى‬
‫الظهر في غير وقتها المحدد شرعا ً بعد فواته‪.‬‬
‫والقضاء واجب‪ ،‬سواء فاتت العبادة بعغغذر‪ ،‬أو بغيغغر عغغذر‪ ،‬والفغغرق‬
‫بينهما‪ :‬أن فوتها بغير عذر موجب للثم‪ ،‬وفوتها بعذر غير موجب للثم‪.‬‬
‫ريض غا ً‬
‫م ِ‬ ‫من ك َغغا َ‬
‫ن َ‬ ‫ه وَ َ‬
‫م ُ‬ ‫شهَْر فَل ْي َ ُ‬
‫ص ْ‬ ‫منك ُ ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫شهِد َ ِ‬ ‫من َ‬ ‫قال تعالى‪ ِ :‬فَ َ‬
‫خَر‪] ‬البقرة‪ . [185:‬أي من أفطغغر لعغغذر‬ ‫ن أ َّيام ٍ أ ُ َ‬ ‫فرٍ فَعِد ّة ٌ ّ‬
‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫أوْ ع ََلى َ‬
‫مرض أو سفر‪ ،‬فعليه قضاء ما فاته بعد رمضان‪.‬‬
‫‪ -13‬العادة‪:‬‬
‫والعادة هي فعل العبادة في وقتها مرة ثانية لزيادة فضيلة‪ ،‬وذلك‬
‫ن لغه إعادتهغا‬ ‫كمن صلى الظهر منفردًا‪ ،‬ثغم حضغرت جماعغة‪ ،‬فغإنه ي ُ َ‬
‫سغ ّ‬
‫تحصيل َ لثواب الجماعة‪.‬‬

‫***‬

‫‪14‬‬
‫هاَرة‬ ‫أح َ‬
‫كام الط َ‬
‫معنى الطهارة‪:‬‬
‫الطهارة لغة‪ :‬النظافة والتخلص مغغن الدنغغاس حس غّية كغغانت‬
‫كغغالنجس‪ ،‬أو معنويغغة كغغالعيوب‪ .‬يقغغال تطّهغغر بالمغغاء‪ :‬أي تنظغغف مغغن‬
‫الدنغغس‪ ،‬وتطهر من الحسد‪ :‬أي تخلص منه‪.‬‬
‫والطهارة شرعًا‪ :‬فعل ما تستباح به الصغغلة – أو مغغا فغغي حكمهغغا‪-‬‬
‫كالوضوء لمن كغغان غيغغر متوضغغئ‪ ،‬والغسغغل لمغغن وجغغب عليغغه الغسغغل‪،‬‬
‫وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن والمكان‪.‬‬
‫عناية السلم بالنظافة والطهارة‪:‬‬
‫لقد اعتنى السلم بالطهارة والنظافة عناية تامة‪ ،‬ويظهر ذلك مما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬المر بالوضوء لجل الصلة كغغل يغغوم عغغدت مغغرات‪ .‬قغغال اللغغه‬
‫َ‬
‫م‬‫جغغوهَك ُ ْ‬ ‫س غُلوا ْ وُ ُ‬ ‫صغغلةِ فاغ ْ ِ‬ ‫م إ ِل َغغى ال ّ‬ ‫مت ُغ ْ‬‫ذا قُ ْ‬ ‫من ُغغوا ْ إ ِ َ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫تعالى‪َ:‬يا أي َّها ال ّغ ِ‬
‫ْ‬ ‫جل َك ُغ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫حوا ْ ب ُِر ُ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬م‬ ‫م إ ِلغغى الك َعَْبي غ ِ‬ ‫م وَأْر ُ‬ ‫س غك ُ ْ‬
‫ؤو ِ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫ق َوا ْ‬ ‫مَرافِ ِ‬ ‫م إ َِلى ال ْ َ‬ ‫وَأي ْد ِي َك ُ ْ‬
‫] المائدة‪[6:‬‬
‫ض علغغى الغسغغل فغغي كغغثير مغغن المناسغغبات‪ ،‬قغغال تعغغالى‪:‬‬ ‫‪ -2‬الح ّ‬
‫جُنبا ً َفاط ّهُّروا ْ ‪ ] ‬المائدة‪ ، [6:‬وقال رسول الله ‪ِ ": ‬لل ِ‬
‫ه‬ ‫م ُ‬ ‫‪‬وَِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫سغ ُ‬ ‫ل ِفي غهِ َرأ ِ‬ ‫سغ ُ‬ ‫وم غا ً ي َغْ ِ‬ ‫سب ْعَةِ أي ّغغام ِ ي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ي كُ ّ‬ ‫لف ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ي َغْت َ ِ‬ ‫سل ِم ٍ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ع ََلى ك ّ‬
‫ه"]رواه البخاري‪ ،856:‬ومسلم‪.[849:‬‬ ‫سد َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وَ َ‬
‫‪ -3‬المر بقص الظفغار‪ ،‬ونظافغغة السغنان‪ ،‬وطهغغارة الثيغاب‪ ،‬قغال‬
‫ف‬ ‫داد‪ ،‬وَْنت غ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫س غت ِ ْ‬
‫ختغغان‪ ،‬وال ْ‬ ‫فط ْغَرةِ ‪ :‬ال ْ ِ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫خ ْ‬‫رسول الله ‪َ "َ : ‬‬
‫ْ‬
‫ب" ]رواه البخغغاري‪،5550:‬‬ ‫شغغار ِ‬ ‫ص ال ّ‬ ‫م الظغغاِفر‪ ،‬وََقغغ ّ‬ ‫قليغغ ُ‬ ‫لبغغط‪ ،‬وَت َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫سغغوا ِ‬ ‫م ِبال ّ‬ ‫مْرت ُهُ ْ‬ ‫متي ل َ‬ ‫على أ ّ‬ ‫شقّ َ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ومسلم‪ . [257:‬وقال ‪ " : ‬ل ّوْل َ أ ْ‬
‫ة" ] رواه البخاري‪ ،847:‬ومسغغلم‪ .[252:‬وفغغي روايغغة عنغغد‬ ‫صل َ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫عن ْد َ ك ّ‬ ‫ِ‬
‫] ‪:[6/325‬‬ ‫أحمد‬
‫"مع كل وضوء"‪.‬‬
‫] الستحداد‪ :‬هو استعمال الموسى في حلق العانة[‪.‬‬
‫ك فَط َهّْر‪] ‬المدثر‪.[4:‬‬ ‫وقال تعالى‪ :‬وَث َِياب َ َ‬

‫وقال النبي ‪ ‬لصحابه‪:‬‬


‫َ‬
‫حوا‬ ‫م‪ ،‬وَا َ ْ‬
‫صغغل ِ ُ‬ ‫حغغال َك ُ ْ‬
‫صغغِلحوا رِ َ‬ ‫وان ِك ُ ْ‬
‫م‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫خغغ َ‬‫علغغى إ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫م َقغغاد ِ ُ‬
‫كغغ ْ‬ ‫" إ ِن ّ ُ‬
‫ش‬
‫حغغ َ‬ ‫ف ْ‬‫ب ال ُ‬ ‫ه ل يح ّ‬ ‫ة في الناس‪ ،‬فإن الل َ‬ ‫سكم‪ ،‬حتى تكونوا كأنكم شام ٌ‬ ‫لبا َ‬
‫ب‬‫حغ ّ‬‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّغ َ‬‫ش" )‪ ](1‬رواه أبو داود‪ .4089:‬وقال تعالى‪  :‬إ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ّ‬
‫َول الت ّ َ‬
‫ن‪ ] ‬البقغغرة‪ ، [222:‬ولقغغد جعغغل الغغدين‬ ‫مت َط َهّ ِ‬
‫ريغغ َ‬ ‫ب ال ْ ُ‬‫حغغ ّ‬ ‫ن وَي ُ ِ‬ ‫واِبي َ‬ ‫الّتغغ ّ‬
‫‪ - 1‬رحالكم ‪ :‬جمع رحل وهو ما يوضع على ظهر البعير ونحوه للركوب عليه‪ ،‬وكل شئ يعد َ‬
‫للرحيل من وعاء للمتاع وغيره‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ش غط ُْر اليمغغان" ]أخرجغغه‬ ‫الطهارة نصف اليمان‪ ،‬فقغغال ‪ " : ‬ال ّ‬
‫طهغغور َ‬
‫مسلم‪.[223:‬‬
‫حكمة تشريع الطهارة‪:‬‬
‫لقد شرع السلم الطهارة لحكم ٍ كثيرة نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الطهارة من دواعي الفطرة‪ ،‬فالنسان يميغغل إلغى النظافغة‬
‫بفطرته وينفر بطبعه من الوسغغاخة والقغغذارة‪ ،‬ولمغغا كغغان السغغلم ديغغن‬
‫الفطرة كان طبيعيا ً أن يأمر بالطهارة والمحافظة على النظافة‪.‬‬
‫‪ -2‬المحافظغغة علغغى كرامغغة المسغغلم‪ ،‬وعزتغغه‪ ،‬فالنغغاس يميلغغون‬
‫بطبعهم إلى النظيف‪ ،‬ويرغبون بالجتماع إليه‪ ،‬والجلوس معه‪ ،‬ويكرهون‬
‫سخ‪ ،‬ويحتقرونه‪ ،‬وينفرونه‪ ،‬وينفرون منه‪ ،‬ول يرغبون بالجلوس إليغغه‪.‬‬ ‫الو ِ‬
‫َ‬
‫ولما كان السلم حريصا على كرامغغة المغغؤمن وعزتغغه أمغغره بالنظافغغة‪،‬‬
‫ليكون بين إخوانه عزيزا ً كريمًا‪.‬‬
‫‪ -3‬المحافظغغة علغغى الصغغحة ‪،‬فالنظافغغة مغغن أهغغم السغغباب الغغتي‬
‫تحفظ النسان من المراض‪ ،‬لن المراض أكثر مغغا تنتشغغر بيغغن النغغاس‬
‫بسبب الوساخ والقذار‪.‬‬
‫فتنظيف الجسغغم‪ ،‬وغسغغل الغغوجه‪ ،‬واليغغدين‪ ،‬والنغغف‪ ،‬والرجليغغن –‬
‫وهذه العضاء التي تتعرض للوسخ كثيرا ً – عدة مغغرات كغغل يغغوم يجعغغل‬
‫الجسم حصينا ً من المراض‪.‬‬
‫‪ -4‬الوقوف بين يدي الله طغغاهرا ً نظيفغَا‪ ،‬لن النسغان فغي صغلته‬
‫يخاطب ربه ويناجيه‪ ،‬فهو حَر أن يكون طغغاهر الظغغاهر والبغغاطن نظيغغف‬
‫القلب والجسم‪ ،‬لن الله تعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين‪.‬‬

‫المياه التي ُيطهر بها‪:‬‬


‫المياه‪ :‬جمع ماء‪ ،‬وهي ماء السماء‪ ،‬وماء البحر‪ ،‬وماء الغغبئر‪ ،‬ومغغاء‬
‫النهر‪ ،‬وماء العين‪ ،‬وماء الثلج‪.‬‬
‫وتندرج هذه المياه جميعها تحت قولنا‪ :‬ما من السماء ‪ ،‬أو نبع مغغن‬
‫ماًء ط َُهورا ً‪ ] ‬الفرقان ‪،[48:‬‬ ‫َ‬
‫ماِء َ‬ ‫س َ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫الرض‪ ،‬قال تعالى‪:‬وَأنَزل َْنا ِ‬
‫ه‪ ] ‬النفغغال ‪:‬‬ ‫كم ب ِ ِ‬‫ماء ل ّي ُط َهَّر ُ‬‫ماء َ‬ ‫س َ‬‫من ال ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫ل ع َل َي ْ ُ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬وَي ُن َّز ُ‬
‫‪ .[11‬وروى أبو هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬سغأل رجغل رسغول اللغه ‪‬‬
‫مغغاِء‪،‬‬
‫ن ال َ‬
‫مغ َ‬ ‫قلي غ َ‬
‫ل ِ‬ ‫مَعنغغا ال َ‬‫ل َ‬ ‫مغ ُ‬
‫حَر‪ ،‬وََنح ِ‬ ‫ب الب َ ْ‬ ‫ه‪ ،‬إّنا ن َْرك َ ُ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫فقال‪َ :‬يا َرسو َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ضْأنا بهِ ع َط ِ ْ‬
‫و‬ ‫ر؟ فقال رسول الله ‪ُ " :‬‬
‫هغغ َ‬ ‫ح ِ‬
‫ضأ ِبماِء الب َ ْ‬ ‫شَنا‪ ،‬أفَت َوَ ّ‬ ‫َفإ ْ‬
‫ن ت َوَ ّ‬
‫ه" ] رواه الخمسة‪ ،‬وقال الترمغغذي‪ :‬هغغذا حغغديث‬ ‫ميت َت ُ ُ‬
‫ل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫الط ُّهوُر مُاؤه ُ ال ِ‬
‫حسن صحيح[‬

‫شاملة ‪ :‬هي علمة في البدن يخالف لونها لون باقيه‪ .‬والمراد ‪ :‬حتى تكونوا ظاهرين ومتميزين‬
‫عن غيركم‪.‬‬
‫الفحش‪ :‬القبيح من القول أو الفعل‪ ،‬والتفحش‪ :‬تكلف الفحش والمبالغة فيه‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫] الحل ميتته‪ :‬أي يؤكل ما مات فيه من سغمك ونحغوه بغدون ذبغح‬
‫شرعي[‪.‬‬
‫الخمسة هم‪ :‬أبو داود والترمذي والّنسائي وابن مغغاجه وأحمغغد بغغن‬
‫حنبل‪.‬‬

‫****‬

‫‪17‬‬
‫أقسلام الميللاه‬

‫وتنقسم المياه إلى أربعة أقسام‪ :‬طاهر مطهر‪ ،‬وطاهر مطهغر مكغغروه‪،‬‬
‫وطاهر غير مطهر‪ ،‬ومتنجس‪.‬‬
‫الطاهر المطهر‪:‬‬
‫وهو الماء المطلق الباقي على وصف خلقته التي خلقه الله عليهغغا‪ ،‬ول‬
‫يخرجه عن كونه ماء مطلق غا ً تغيغغره بطغغول مكغغث‪ ،‬أو بسغغبب تغغراب‪ ،‬أو‬
‫طحلب غ وهو شيء أخضر يعلو الماء من طول مكث غ أو تغيغره بسغبب‬
‫مقّره أو ممّره كوجوده في أرض كبريتية‪ ،‬أو مروره عليها‪ ،‬وذلك لتعغغذر‬
‫صون المغغاء عغغن ذلغغك والصغغل فغغي طهوريغغة المغغاء المطلغغق‪ :‬مغغا رواه‬
‫البخاري )‪ (217‬وغيره‪ :‬عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قام أعرابغغي فبغغال فغغي‬
‫قغغوا‬‫هري ُ‬‫ه‪ ،‬وَ َ‬ ‫المسجد‪ ،‬فقام إليه الناس ليقعوا به‪ ،‬فقال النبي ‪ " :‬د َع ُغغو ُ‬
‫َ‬
‫ن وَل َغ ْ‬
‫م‬ ‫ري َ‬‫س غي ّ ِ‬ ‫ن ماٍء غ َفإّنمغغا ب ُعُث ُت ْغغم ُ‬
‫م َ‬ ‫ن ماٍء غ أوْ ذ َُنوبا ً ِ‬
‫م ْ‬ ‫جل ً ِ‬
‫م ْ‬ ‫س ْ‬‫على َبول ِهِ َ‬ ‫َ‬
‫ن"‪.‬‬ ‫ري َ‬‫س ِ‬
‫معَ ّ‬ ‫ت ُب ْعَُثوا ُ‬
‫ل‪ :‬دلغغوا ً ملى بالمغغاء‪ ،‬ومثلغغه‬ ‫]ليقعوا به‪ :‬ليزجروه بالقول أو الفعل‪ .‬سج ً‬
‫الذنوب[‪.‬‬
‫فأمر رسول الله ‪ ‬بإراقة الماء على مكان البول دليل أنه فيه خاصغية‬
‫التطهير‪.‬‬
‫الطاهر المطهر المكروه‪:‬‬
‫وهو الماء المشمس الذي سغغخنته الشغغمس‪ ،‬ويشغغترط لكراهيتغغه ثلثغغة‬
‫شروط وهي‪:‬‬
‫‪1‬غ أن يكون ببلد حارة‪.‬‬
‫‪2‬غ أن يكغغون موضغغوعا ً بغغأوان منطبعغغة غيغغر الغغذهب والفضغغة‪ ،‬كالحديغغد‬
‫والنحاس‪ ،‬وكل معدن قابل للطرق‪.‬‬
‫‪3‬غ أن يكغغون اسغغتعماله فغغي البغغدن لدمغغي ولغغو ميتغا ً أو حيغغوان يلحقغغه‬
‫البرص كالخيل‪.‬‬
‫نقغغل الشغغافعي غغ رحمغغه اللغغه تعغغالى غغ عغغن عمغغر ‪ :‬أنغغه كغغان يكغغره‬
‫الغتسال به‪ ،‬وقال‪ :‬ول أكره الماء المشغغمس إل مغغن جهغغة الطغغب‪ ،‬ثغغم‬
‫روى‪ :‬أنه يورث البرص‪.‬‬
‫وذلك لن الشمس بحدتها تفصل منغغه زهومغغة تعلغغو المغغاء‪ ،‬فغغأن لقغغت‬
‫البدن بسخونتها أمكن أن تضر به‪ ،‬فتغغورثه الغغبرص‪ ،‬وهغغو مغغرض يصغغيب‬
‫الجلد‪.‬‬

‫الطاهر غير المطهر‪:‬‬


‫وهو قسمان‪:‬‬

‫‪18‬‬
‫الول‪ :‬هغغو المغغاء القليغغل المسغغتعمل فغغي فغغرض الطهغغارة كالغسغغيل‬
‫والوضوء‪ .‬ودليل كونه طاهرا ً ما رواه البخاري )‪ (191‬ومسغغلم )‪(1616‬‬
‫عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال‪ :‬جاء رسول الله ‪ ‬يعغغودني‬
‫ل فَتو َ‬ ‫َ‬
‫علي‪.‬‬ ‫ن َوضوئ ِهِ َ‬‫م ْ‬‫ب ِ‬ ‫ص ّ‬
‫ضأ و َ َ‬‫ق ُ َ َ ّ‬
‫وأنا مريض ل أع ْ ِ‬
‫]ل أعقل‪ :‬أي في حالة غيبوبة مغغن شغغدة المغغرض‪ .‬مغغن وضغغوئه‪ :‬المغغاء‬
‫الذي توضأ به[ ولو كان غير طاهر لم يصبه عليه‪.‬‬
‫ودليل كونه غير مطهر ما رواه مسلم )‪ (283‬وغيره‪ :‬عن أبي هريرة ‪‬‬
‫أن النبي‪ ‬قال‪ " :‬ل َ يغْتس ْ َ‬
‫و‬
‫هغغ َ‬‫داث ِم ِ غ أي الراكد غ وَ ُ‬
‫ماِء ال ّ‬
‫م في ال َ‬ ‫ل أحد ُك ُ ْ‬ ‫َ َ ِ‬
‫جُنب " فقالوا‪ :‬يا أبغغا هريغغرة‪ ،‬كيغغف نفعغغل؟ قغغال‪ :‬يتنغغاوله تنغغاول ً وحكغغم‬ ‫ُ‬
‫الوضوء في هذا حكم الغسل لن المعنى فيهما واحد‪ ،‬وهو رفع الحدث‪.‬‬
‫فقد أفاد الحديث‪ :‬أن الغتسال في الماء يخرجه عن طهوريته‪ ،‬وإل لغغم‬
‫ينه عنه‪ ،‬وهو محمول على الماء القليل لدلة أخرى‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬هغغو المغغاء المطلغغق الغغذي خغغالطه شغغيء مغغن الطغغاهرات الغغتي‬
‫يستغني عنها المغغاء عغغادة والغغتي ل يمكغغن فصغغلها عنغغه بعغغد المخالطغغة‪،‬‬
‫فتغيغغر بحيغغث لغغم يعغغد يطلغغق عليغغه أسغغم المغغاء المطلغغق‪ :‬كالشغغاي‬
‫والعرقسوس‪ ،‬أما إذا كان المخلط الطاهر موافقا للماء في صفاته من‬
‫طعم ولون وريح كماء الورد الذي فقد صفاته فإنه يعمد عنغغد ذلغغك إلغغى‬
‫التقدير بالمخالف الوسط‪ ،‬وهو في الطعم عصير الرمغغان‪ ،‬وفغغي اللغغون‬
‫عصير العنب‪ ،‬وفي الرائحة اللذن‪ ،((1‬فإن قدر تغيره بمخالطة ذلك صار‬
‫الماء طاهرا ً غير مطهر‪ ،‬وكونه غير مطهر لنه أصبح ل يسمى مغغاء فغغي‬
‫هذه الحالة والشارع اشترط التطهر بالماء‪.‬‬
‫الماء المتنجس‪:‬‬
‫هو الماء الذي وقعت فيه نجاسة وهو قسمان‪:‬‬
‫الول قليل‪ :‬وهو ما كان دون القلتين‪ .‬وهذا الماء ينجغغس بمجغغرد وقغغوع‬
‫النجاسة‪ ،‬ولو كانت قليلغغة ولغغم يتغيغغر فيغغه شغغيء مغغن أوصغغافه كغغاللون‬
‫والريح والطعم‪ .‬والقلتان‪ :‬خمسمائة رطل بغدادي وتساوي مائة وأثنيغغن‬
‫وتسعين كيلو غراما ً وثمان مائة وسغغبعة وخمسغغين غرام غا ً )‪ ،857‬غ ‪192‬‬
‫كلغ(‪ ،‬ويساوي بالمكعب ذراعا ً وربعا ً طول ً وعرضا ً وعمقًا‪.‬‬
‫روى الخمسة عن عبد الله بغن عمغر رضغي اللغه عنهمغا قغال‪ :‬سغمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬وهو يسأل عن الماء يكون بالفلة من الرض‪ ،‬وما ينغغوبه‬
‫خب َغغث "‪،‬‬
‫ل ال َ‬
‫مغ ِ‬
‫ح ِ‬ ‫ن ل َغ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الماُء قلت َي ْ ِ‬ ‫كا َ‬‫ذا َ‬ ‫من السباع والدواب‪ ،‬فقال‪ " :‬إ َ‬
‫س "‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ه ل ي َن ْ ُ‬‫وفي لفظ أبي أبي داود )‪ " :(65‬فَّإن ُ‬
‫]بالفلة‪ :‬الصحراء ونحوها‪ .‬ينوبه‪ :‬يغغرد عليغغه‪ .‬السغغباع‪ :‬كغغل مغغا لغغه نغغاب‬
‫يفترس به من الحيوانات[‪.‬‬

‫)‪ (1‬رطوبة تتعلق بشعر المعزى ولحاها إذا رعت نباتا ً يعرف بقلسوس يستعمل للنزلت‬
‫والسعال ووجع الذن‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ومفهوم الحديث‪ :‬أنه إذا كان الماء أقل من قلتين بنجس ولو لم يتغيغغر‪،‬‬
‫ودل على هغغذا المفهغغوم مغغا رواه مسغغلم )‪ (278‬عغغن أبغغي هغغري ‪ ‬أن‬
‫ق َ َ‬
‫س ي َغد َه ُ فغغي الن َغغاءِ‬ ‫مهِ فَل َ ي َغْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن َنو ِ‬
‫م ْ‬ ‫حد ُك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ظأ َ‬ ‫ست َي ْ َ‬
‫ذا ا ْ‬ ‫النبي‪ ‬قال‪ " :‬إ َ‬
‫ن ب ََاتت يد ُه ُ "‪ .‬فقد نهى المستيقظ من‬ ‫َ‬
‫ه ل َ يد ِْري أي ْ َ‬ ‫لثا ً َفإن ّ ُ‬
‫حّتى ي َْغسلها ث َ َ‬
‫َ‬
‫نومه عن الغمس خشية تلوث يده بالنجاسغغة غيغغر المرئيغغة‪ ،‬ومعلغغوم أن‬
‫النجاسة غير المرئية ل تغير الماء فلول أنها تنجسه بمجغغرد الملقغغاة لغغم‬
‫ينهه عن ذلك‪.‬‬
‫والثاني كثير‪ :‬وهو ما كان قلغتين أو كغثر‪ ،‬وهغذا المغاء ل ينجغس بمجغرد‬
‫وقغغوع النجاسغغة فيغغه‪ ،‬وإنمغغا ينجغغس إذا غيغغرت النجاسغغة أحغغد أوصغغافه‪.‬‬
‫الثلثة‪ :‬اللون‪ ،‬أو الطعغغم‪ ،‬أو الريغغح‪ .‬ودليلغغه الجمغغاع‪ .‬قغغال النغغووي فغغي‬
‫المجمغوع )‪ :(1/160‬قال ابن المنذر‪ :‬أجمعوا أن الماء القليل أو الكغغثير‬
‫إذا وقعت فيه نجاسة‪ ،‬فغيرت طعما ً أو لونا ً أو ريحًا‪ ،‬فهو نجس‪.‬‬
‫ما يصلح منها للتطهير‪:‬‬
‫وهذه المياه الربعة ليست كلهغا صغغالحة للطهغغارة غغ أي لرفغغع الحغغديث‬
‫وإزالة الخبث غ كما علمت‪ ،‬بل إنمغغا الغغذي يصغغلح منهغغا هغغو النغغوع الول‬
‫والثاني‪ ،‬مع كراهة النوع الثاني في البدن‪.‬‬
‫أما النوع الثالث‪ :‬فل يصلح التطهر به‪ ،‬وإن كان طاهرا ً في ذاته بحيث‬
‫يصح استعماله في غير الطهارة كالشرب‪ ،‬والطبخ وغير ذلك أما النللوع‬
‫الرابع‪ :‬فهو متنجس ل يصلح لشيء‪.‬‬

‫* * *‬

‫‪20‬‬
‫الوانلي‬

‫الواني‪:‬جمع آنية وهي الوعية التي توضع فيهغغا المائعغغات وغيرهغغا‬


‫وفيها أمور‪:‬‬
‫أول ً ل حكم استعمال أواني الذهب والفضة‪:‬‬
‫يحرم استعمال أوانغغي الغغذهب والفضغغة فغغي جميغغع وجغغوه السغغتعمال‪:‬‬
‫كالوضوء والشرب‪ ،‬إل لضرورة كأن لم يجد غيرها‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (5110‬ومسلم )‪ (2067‬عن حذيفة بن اليمان ‪ ‬قغغال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪ " :‬ل تلبسوا الحرير ول الديباج‪ ،‬ول تشربوا‬
‫في آنية الذهب والفضة‪ ،‬ول تأكلوا في صحافها‪ ،‬فإنها لهم في الدنيا ولنا‬
‫في الخرة "‪.‬‬
‫]الديباج‪ :‬نوع نفيس من ثياب الحرير‪ .‬آنيغغة‪ :‬جمغغع إنغغاه‪ .‬صغغحافها‪ :‬جمغغع‬
‫صحفها وهي القصعة‪ .‬لهم‪ :‬أي الكفار[‪.‬‬
‫ويقاس على الكل والشغغرب غيرهمغغا مغغن وجغغوه السغغتعمال‪ ،‬ويشغغمل‬
‫التحريم الرجال والنساء‪.‬‬
‫وكالستعمال التخغغاذ‪ ،‬فغغإن مغغا ل يجغغوز اسغغتعماله ل يجغغوز اتخغغاذه‪ ،‬أي‬
‫اقتناؤه للتزيين ونحوه‪.‬‬
‫ثانيا ً ل حكم استعمال الواني المضببة بالذهب أو الفضة‪:‬‬
‫يحرم استعمال ما ضبب بالذهب مطلقا ً سواء كغغانت الضغغبة صغغغيرة أم‬
‫كبيرة‪ ،‬وأما التضبيب بالفضة‪ ،‬فإن كانت ضغغبة صغغغيرة لغيغغر زينغغه جغغاز‪،‬‬
‫وإن كانت كبيرة لزينة فحرام‪ ،‬وإن كانت كبيرة لحاجة أو صغغغيرة لزينغغة‬
‫كره‪ ،‬ودليل جواز ضبة الفضة الكبيرة لحاجة‪ :‬ما رواه البخغغاري )‪(5305‬‬
‫عن عاصم الحول قال‪ :‬رأيت قدح النبي ‪ ‬عند أنغغس بغغن مالغغك وكغغان‬
‫قد انصدع فسلسله بفضة‪ ،‬وقال أنس‪ :‬لقد سقيت رسغول اللغه ‪ ‬فغي‬
‫هذا القدح أكثر من كذا وكذا‪.‬‬
‫ثالثا ً ل حكم استعمال الواني المتخذة من المعادن النفيسة‪:‬‬
‫يجوز استعمال الواني المتخذة من المعادن النفيسة مغغن نحغغو المغغاس‬
‫واللؤلؤ والمرجان وغيرها‪ ،‬لعدم ورود نص بالنهي عنها‪ ،‬والصل الباحغغة‬
‫ما لم يرد دليل التحريم‪.‬‬

‫رابعا ً ل حكم استعمال أواني الكفار‪:‬‬


‫يجوز استعمال هذه الواني‪ ،‬لما رواه البخاري )‪ (5161‬عغغن أبغغي ثعلبغغه‬
‫‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬فاغسلوها وكلوا فيها"‪ .‬والمر بغسلها للستحباب‬
‫لحتمال تلوثها بسبب اسغغتعمال الكفغغار لهغغا بخمغغر أو خنزيغغر وغيرهمغغا‪.‬‬
‫ومثل الواني استعمال ثيابهم ونحوها‪.‬‬

‫‪21‬‬
*****

22
‫أنواع الطهارة‬

‫الطهارة نوعان‪:‬‬
‫أول ً غ طهارة من النجس‪.‬‬
‫ثانيا ً غ طهارة من الحدث‪.‬‬
‫الطهارة من النجس‪:‬‬
‫معنى النجس‪ :‬النجس لغة‪ :‬كل مستقذر‪ .‬وشرعًا‪ :‬مستقذر يمنغغع صغغحة‬
‫الصلة‪ ،‬كالدم والبول‪.‬‬
‫العيان النجسة‪:‬‬
‫والعيان النجسة كثيرة نذكر أهمها في سبعة أشياء‪:‬‬
‫‪1‬غ الخمر وكل مانع مسكر‪ .‬قال تعالى‪) :‬إنما الخمر والميسر والنصاب‬
‫والزلم رجس( أي نجغغس ]المغغائدة‪ .[90:‬وقغغال رسغغول اللغغه ‪" :‬كغغل‬
‫مسكر خمغر‪ ،‬وكغل خمغغر حغرام" ]رواه مسغلم‪ ،2003 :‬عغن أبغغن عمغر‬
‫رضي الله عنهما[‪.‬‬
‫‪2‬غ الكلب والخنزير‪ :‬قال رسول الله ‪ " :‬طهغغور إنغغاء أحغغدكم إذا ولغغغ‬
‫فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولهن بغغالتراب" ]رواه مسغغلم‪.[279:‬‬
‫وفي رواية للدارقطني )‪" :(1/65‬إحداهن بالبطحاء"‪.‬‬
‫]ولغ‪ :‬شرب‪ ،‬البطحاء‪ :‬صغار الحصى ويقصد به التراب[‪.‬‬
‫‪3‬غ الميتغغة‪ :‬وهغغي كغغل حيغغوان مغغات بغيغغر زكغغاة شغغرعية ‪ ،‬قغغال تعغغالى‪:‬‬
‫)حرمغغت عليكغغم الميتغغة( ]المغغائدة‪ .(3 :‬وتحريمهغغا إنمغغا كغغان مغغن أجغغل‬
‫نجاستها‪.‬‬
‫ويدخل في حكم الميتة ما ذبح على النصاب‪ ،‬وما ذكر عليغغه غيغغر اسغغم‬
‫الله‪ ،‬قال تعالى‪) :‬وما أهل لغير الله به( ]المائدة‪.[3 :‬‬
‫ما سيتثنى من نجاسة الميتة‪:‬‬
‫ويستثنى من نجاسة الميتة ثلثة أشياء‪:‬‬
‫الول‪ -‬ميتة النسان‪ :‬قغغال تعغالى‪):‬ولقغد كرمنغا بنغي آدم( ]السغغراء‪:‬‬
‫‪ .[70‬ومقتضغغى تكريمغغه أن يكغغون النسغغغغان طغغاهرا ً حيغا ً وميتغًا‪ .‬وقغغال‬
‫رسول الله ‪" : ‬سغغبحان اللغغه إن المسغغلم ل ينجغغس" ]رواه البخغغاري‪:‬‬
‫‪ .[279‬وقال ابن عباس رضي الله عنهما " المسلم ل ينجس حيا ً وميتًا"‬
‫]رواه البخاري تعليقا في الجنائز‪ ،‬باب غسل الميت ووضوئه[‪.‬‬
‫والثاني والثالث غ السمك والجراد‪ :‬قال رسول الله ‪" :‬أحلت لكم‬
‫مغغان‪ ،‬فأمغغا الميتتغغان فغغالحوت والجغغراد‪ ،‬وأمغغا الغغدمان فالكبغغد‬
‫ميتتان ود ّ‬
‫والطحال " ]رواه ابن ماجه[‪.‬‬
‫‪4‬غ الدم السائل ومنه القيح‪ :‬قال تعالى‪) :‬أو دما ً مسفوحا ً أو لحم خنزير‬
‫فإنه رجس( ]سورة النعام‪ :‬الية ‪.[145‬‬
‫ويستثنى من نجاسة الدم‪ :‬الكبد والطحال للحديث السابق‪.‬‬
‫‪5‬غ بول النسان وغائطه‪ ،‬وبول الحيوان وفرثه‪:‬‬

‫‪23‬‬
‫روى البخاري )‪ (217‬ومسلم )‪ (284‬أن أعرابيا ً بال في المسجد‪ ،‬فقال‬
‫صّبوا عليه ذنوبا ً من ماء" أي دلوًا‪ ،‬والمر يصغغب المغغاء‬ ‫رسول الله ‪ًُ :‬‬
‫عليه دليل نجاسته‪.‬‬
‫‪6‬غ كل جزء انفصل من الحيوان حال حياته فإنه نجس‪ .‬قال رسول اللغغه‬
‫‪" :‬ما قطع من بهيمة فهو ميتة" ]رواه الحاكم وصححه[‪.‬‬
‫ويستثنى من ذلك شعر وريش الحيوانات المغغأكول اللحغغم فغغإنه طغغاهر‪.‬‬
‫قال تعالى‪) :‬ومن أصوافها وأوبارهغغا وأشغغعارها أثاثغا ً ومتاعغا ً إلغغى حيغغن(‬
‫]سورة النحل‪.[80:‬‬
‫‪7‬غ لبن الحيوان غير مغأكول اللحغغم‪ :‬كالحمغغار ونحغغوه‪ ،‬لن لبنغغه كلحمغغه‪،‬‬
‫ولحمه نجس‪.‬‬
‫النجاسة العينية والنجاسة الحكمية‪:‬‬
‫النجاسة العينية‪ :‬هي كل نجاسة لها جرم مشغغاهد‪ ،‬أولهغغا صغغفة ظغغاهرة‬
‫من لون أو ريح‪ ،‬كالغائط أو البول أو الدم‪.‬‬
‫والنجاسة الحكمية‪ :‬كل نجاسة جفت وذهب أثرها‪ ،‬ولم يبق لها أثر‬
‫من لون أو ريح‪ ،‬وذلك مثل بول أصاب ثوبا ً ثم جف‪ ،‬ولم يظهر له أثر‪.‬‬
‫النجاسة المغلظة والمخففة والمتوسطة‪:‬‬
‫النجاسة المغلظة‪ :‬وهي نجاسة الكلب والخنزير‪ ،‬ودليل تغليظهغغا أنغغه ل‬
‫يكفي غسلها بالماء مرة كباقي النجاسغات‪ ،‬بغل ل بغد مغن غسغلها سغبع‬
‫مرات إحداهن بالتراب‪ ،‬كما مر في حديث "ولوغ الكلب" وقيغغس عليغغه‬
‫الخنزير لنه أسوأ حال ً منه‪.‬‬
‫النجاسة المخففة‪ :‬وهي بول الصبي الذي لم يأكغغل إل اللبغغن ولغغم يبلغغغ‬
‫سنه حولين‪ ،‬ودليل كونها مخففة أنهغغا يكفغغي رشغغها بالمغغاء‪ ،‬بحيغغث يعغغم‬
‫الرش جميع موضع النجاسة من غير سيلن‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(2021‬ومسغغلم )‪ (287‬وغيرهمغغا‪ :‬عغغن أم قيغغس بنغغت‬
‫حصن رضي الله عنها‪ :‬أنها أتت بابن لها صغير لم يأكغغل الطعغغام‪ ،‬إلغغى‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫رسول الله ‪ ‬فبال على ثوبه‪ ،‬فدعا بماء فنضحه ولم يغسله‪.‬‬
‫]فنضحه‪ :‬رشه بحيث عم المحل بالماء وغمره بدون سيلن[‪..‬‬
‫النجاسة المتوسطة‪ :‬وهي غير الكلب والخنزير‪ ،‬وغير بول الصبي الغغذي‬
‫لم يطعغغم إل لبغغن‪ ،‬وذلغغك مثغغل بغغول النسغغان‪ ،‬وروث الحيغغوان‪ ،‬والغغدم‪.‬‬
‫وسميت متوسطة لنها ل تظهر بالرش‪ ،‬ول يجب فيها تكرار الغسغغل إذا‬
‫زالت عينها بغسلة واحدة‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (214‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬كان النغبي ‪ ‬إذا تغبرز لحغاجته‬
‫أتيته بماء فيغسل به‪.‬‬
‫]تبرز لحاجته‪ :‬خرج إلى البزار وهو الفضاء‪ ،‬ليقضي حاجته مغغن بغغول أو‬
‫غائط[‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(176‬ومسلم )‪ :(303‬عن علغغى ‪ ‬قغغال‪ :‬كنغغت رجل ً‬
‫مذاًء‪ ،‬فاستحييت أن أسال رسول الله ‪ ،‬فأمرت المقغغداد بغغن السغغود‬
‫فسأله‪ ،‬فقال‪" :‬وفيه الوضوء"‪ .‬ولمسلم "يغسل ذكره ويتوضأ"‪.‬‬
‫]مذاء كثير خروج المذي‪ ،‬وهو ماء أصفر رقيق يخرج غالب غا ً عنغغد ثغغوران‬
‫الشهوة[‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ :(155‬عن عبدالله بن مسعود ‪ ‬قغغال‪ :‬أتغغى النغغبي ‪‬‬
‫الغائط‪ ،‬فأمرني أن آتية بثلثة أحجار‪ ،‬فوجدت حجرين والتمست الثغغالث‬
‫فلم أجده‪ ،‬فأخلت روثه فاتيته بها‪ ،‬فأخذ الحجرين وألقى الروثغغة وقغغال‪:‬‬
‫"هذا ركس"‪ .‬والركس‪ :‬النجس‪ ،‬والروثة براز الحيوان‪.‬‬
‫فدلت هذه الحاديث على نجاسة الشياء المذكورة‪ ،‬وقبس ما لم يغذكر‬
‫منها على ما ذكر‪.‬‬
‫كيفية التطير من النجاسات‪:‬‬
‫التطهر من النجاسة المغلطة‪ :‬وهي نجاسة الكلغغب والخنزيغغر‪ ،‬وهغغذه ل‬
‫تطهر إل إذا غسلت سبع مرات إحداهن بالتراب‪ ،‬سواء كغغانت النجاسغغة‬
‫عينية أم حكمية‪ ،‬وسواء كانت على الجسم‪ ،‬أو الثوب‪ ،‬أو المكان‪.‬‬
‫التطهر من النجاسة المتوسطة‪ :‬وهي نجاسة ما عدا الكلغغب والخنزيغغر‪،‬‬
‫والصبي الذي لم يطعم‪ ،‬وهذه النجاسة إنما تطهر إذا جرى المغغاء عليهغغا‬
‫وذهب بأثرها‪ ،‬فزالت عينها وذهبغغت صغغفاته مغغن لغغون أو طعغغم أو ريغغح‪،‬‬
‫سغغواء كغغانت عينيغغة أم حكميغغة‪ ،‬وسغغواء كغغانت علغغى ثغغوب أم جسغغم أم‬
‫مكان‪ ،‬ولكن ل يضر بقاء لون عسر زواله‪ ،‬كالدم مث ً‬
‫ل‪.‬‬
‫تطهير جلود الميتة غير الكلب والخنزير‪:‬‬
‫ويطهر جلد الحيوان غير الكلب والخنزير بالدباغ‪ ،‬والدباغ‪ :‬نغغزع رطوبغغة‬
‫حّريفة‪ ،‬بحيث لو تقع فغغي المغغاء‬ ‫الجلد التي يفسده إيقاؤها‪ ،‬بمادة لذعة ِ‬
‫بعد إليه النتن والفساد‪.‬‬
‫قال رسول الله ‪" :‬إذا دبغ الهغغاب فقغغد طهغغر" ]رواه مسغغلم‪،[366:‬‬
‫ويجب غسل الجلد بالماء بعد الدبغ لملقاته للدويغغة النجسغغة الغغتي دبغغغ‬
‫بها‪ ،‬أو الدوية التي تنجست بملقاته قبل طهر عينه‪.‬‬
‫بعض ما يعفى عنه من النجاسات‪:‬‬
‫السلم دين النظافة‪ ،‬لذلك أوجب إزالة النجاسة أينمغغا كغغانت‪ ،‬والتحغغرز‬
‫منها‪ ،‬وجعل الطهارة من النجاسة شرطا ً لصحة الصلة سواء في الثوب‬
‫أم البدن أم المكان‪.‬‬
‫إل أن الدين راعي اليسغغر‪ ،‬وعغدم الحغرج‪ ،‬فعفغا عغغن بعغض النجاسغغات‬
‫لتعذر إزالتها‪ ،‬أو مشقة الحتراز عنها‪ ،‬تسهيل ً على الناس‪ ،‬ورفعا ً للحغغرج‬
‫عنهم‪ ،‬وإليك بعض هذه المعفوات‪:‬‬
‫‪1‬غ رشاش البول البسيط الغغذي ل يغغدركه الطغغرف المعتغغدل إذا أصغغاب‬
‫الثوب أو البدن‪ ،‬سواء كانت النجاسة مغلظة أم مخففة أم متوسطة‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪2‬غ اليسير من الدم‪ ،‬والقيح‪ ،‬ودم البراغيث وونيم الذباب أي نجاسته ما‬
‫لم يكن ذلك بفعل النسان وتعمده‪.‬‬
‫ً‬
‫‪3‬غ دم وقيح الجروح ولو كان كثيرا‪ ،‬شريطة أن يكون من النسان‬
‫نفسه‪ ،‬وأن ل يكون بفعله وتعمده‪ ،‬وأن ل يجاوز محلغغه المعتغغاد وصغغوله‬
‫إليه‪.‬‬
‫‪4‬غ روث الدواب الذي يصيب الحبوب أثناء دراستها‪ ،‬وروث النعام‬
‫الذي يصيب اللبن أثناء الحلب ما لم يكثر فيغير اللبن‪.‬‬
‫‪5‬غ روث السمك في الماء ما لم يتغير‪ ،‬وذرق الطيور في المغغاكن‬
‫التي تتردد عليها كالحرم الملكي والحرم المدني والجامع الموي‪ ،‬وذلك‬
‫لعموم البلوى‪ ،‬وعسر الحتراز عنه‪.‬‬
‫‪6‬غ ما يصيب ثوب الجزار من الدم ما لم يكثر‪.‬‬
‫‪7‬غ الدم الذي على اللحم‪.‬‬
‫‪8‬غ فم الطفل المتنجس بالقي‪ ،‬إذا أخذ ثدي أمه‪.‬‬
‫‪9‬غ ما يصيب النسان من طين الشارع‪.‬‬
‫‪10‬غ الميتة التي ل نفس لها سائلة أي ل دم لهغا مغن نفسغها إذا وقعغت‬
‫في مائع‪ :‬كالذباب‪ ،‬والنحل‪ ،‬والنمل‪ ،‬شريطة أن تقع بنفسها‪ ،‬ولغغم تغيغغر‬
‫المائع الذي وقعت فيه‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (5445‬وغيره‪ :‬عن أبي هريرة ‪ : ‬أن رسغغول اللغغه ‪‬‬
‫قال‪" :‬إذا وقع الذباب في إناء أحدكم‪ ،‬فليغمسه كلغغه ثغغم يطرحغغه‪ ،‬فغغإن‬
‫في أحد جناحيه شفاء وفي الخغغر داء"‪ .‬ووجغغه السغغتدلل‪ :‬أنغغه لغغو كغغان‬
‫ينجسه لم يأمر بغمسه‪ .‬وقيس بالذباب كل ما في معناه من كل ميتة ل‬
‫يسيل دمها‪.‬‬

‫*****‬

‫‪26‬‬
‫ستنجاء وآداُبه‬
‫ال ْ‬
‫معناه‪ :‬هو إزالة النجاسة أو تخفيفها عن مخغغرج البغغول أو الغغغائط‪.‬‬
‫مأخوذ من الّنجاء وهو الخلص من الذى‪ ،‬أو النجوة‪ :‬وهي المرتفغغع عغغن‬
‫حْزء‪ ،‬أي ما يخرج من الدبر‪ .‬سمي بذلك شرعًا‪،‬‬ ‫الرض‪ ،‬أو النجو‪ :‬وهو ال ُ‬
‫لن المستنجي يطلب الخلص من الذى ويعمل على إزالته عنه‪ ،‬وغالبغا ً‬
‫ما يستتر وراء مرتفع من الرض‪ ،‬أو نحوها‪ ،‬ليقوم بذلك‪.‬‬
‫حكمه‪ :‬وهو واجب‪ ،‬وقد دل علغغى ذلغغك قغغول الرسغغول ‪ ‬كمغغا سغغيأتي‬
‫خلل البحث‪.‬‬
‫ما يستنجي به‪:‬‬
‫يجوز الستنجاء بالماء المطلق‪ ،‬وهو الصل في التطهيغغر مغغن النجاسغغة‬
‫كما يجوز بكل جامد خشن يمكغغن أن يزيغغل النجاسغغة‪ ،‬كغغالحجر والغغورق‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫والفضل أن يستنجي أول ً بالحجر ونحوه‪ ،‬ثم يستعمل الماء‪ ،‬لن الحجر‬
‫يزيل عين النجاسة والماء بعده يزيل أثرها دون أن يخلطها‪ .‬وأن أقتصر‬
‫على أحدهما فالماء أفضل‪ ،‬لنه يزيغغل العيغغن والثغغر‪ ،‬بخلف غيغغره‪ ،‬وأن‬
‫أقتصر على الحجغغر ونحغغوه‪ ،‬فيشغغترط أن يكغغون المسغغتعمل جافغًا‪ ،‬وأن‬
‫يستعمل قبل أن يجف الخارج مغغن القبغغل أو الغغدبر‪ ،‬وأل يجغغاوز الخغغارج‬
‫صفحة اللية أو حشفة الذكر وما يقابلها من مخغغرج البغغول عنغغد النغغثى‪،‬‬
‫وأن ل ينتقل عن المحل الذي أصغغابه أثنغغاء خروجغغه‪ .‬كمغغا يشغغترط أن ل‬
‫نقل المسحات عن ثلثة أحجار أو ما ينوب منابها‪ ،‬فإن لم ينظف المحل‬
‫زيد عليها‪ ،‬ويسن أن يجعل وترًا‪ ،‬أي منفردة‪ :‬كخمسة أو سبعة‪ ،‬ونحوها‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(149‬ومسلم)‪ :(271‬عن أنس بن مالك ‪ ‬قال‪ :‬كغغان‬
‫رسول الله يدخل الخلء‪ ،‬فأحمل أنا وغلم نحوي إدواة من مغاء وعنغغزة‪،‬‬
‫فيستجني بالماء‪.‬‬
‫]الخلء‪ :‬مكان قضاء الحاجة‪ .‬إداوة‪ :‬إناء صغير من جلغغد عنغغزة‪ :‬الحربغغة‬
‫القصغغيرة‪ ،‬تركغغز ليصغغلى إليهغغا كسغغترة‪ .‬يسغغتنجي‪ :‬يتخلغغص مغغن أثغغر‬
‫النجاسة[‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ (155‬وغيره‪ ،‬عن ابن مسعود ‪ ‬قغغال‪ :‬أتغغي النغغبي ‪‬‬
‫الغائط فأمرني أن آتيه بثلثة أحجار‪.‬‬
‫]الغائط‪ :‬المكان المنخفض من الرض تقضى فيه الحاجة‪ ،‬ويطلق على‬
‫ما يخرج من الدبر[‪.‬‬
‫وروى أبو داود )‪ (40‬وغيره‪ ،‬عن عائشغغة رضغغي اللغغه عنهغغا‪ :‬أن رسغغول‬
‫الله ‪ ‬قال‪ " :‬إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليغغذهب معغغه بثلثغغة أحجغغار‬
‫يستطيب بهن‪ ،‬فإنها تجزئ عنه "‪.‬‬
‫]يستطيب‪ :‬يستنجي‪ ،‬سمي بذلك لن المسغغتنجي يطيغغب نفسغغه بإزالغغة‬
‫الخبث عن المخرج[‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫وروى أبو داود )‪ ،(44‬والترمذي )‪ ،(3099‬وابن ماجه )‪ ،(357‬عغغن أبغغي‬
‫هريرة ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪ " :‬نزلغغت هغغذه اليغغة فغغي أهغغل قبغغاء‪) :‬فيغغه‬
‫رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين( ]التوبة‪.[108 :‬‬
‫قال‪ :‬كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الية "‪.‬‬
‫روى مسغغلم )‪ (2622‬عغغن سغغلمان ‪ ‬عغغن رسغغول اللغغه ‪ ‬قغغال‪ " :‬ل‬
‫يستنجي أحدكم بدون ثلثة أحجار"‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(160‬ومسلم)‪ (237‬عن أبغغي هريغغرة ‪ : ‬أن رسغغول‬
‫الله ‪ ‬قال‪ " :‬ومن استجمر فليوتر "‪.‬‬
‫]استجمر‪ :‬مسح بالحجار وهي الحجار الصغيرة[‪.‬‬
‫ما ل يستنجي به‪:‬‬
‫ل يصح الستنجاء بما كان نجس العين أو متنجسا ً لنه ربما زاد في أثغغر‬
‫النجاسة بدل تخفيفه‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (155‬عن عبدالله بغغن مسغغعود ‪ ‬قغغال‪ :‬أتغغى النغغبي ‪‬‬
‫الغائط فأمرني أن آتيه بثلثة أحجار‪ ،‬فوجدت حجرين والتمسغغت الثالث‬
‫فلم أجدهغن فأخغغذت روثغغة فغغاتيته بهغغا فأخغغذ الحجريغغن وألقغغى الروثغغغة‬
‫وقال‪":‬هذا ركس "‪.‬‬
‫] الركس‪ :‬النجس‪ .‬روثة‪ :‬براز الحيوان مأكول اللحم وغيره[‪.‬‬
‫غ ويحرم الستنجاء بمغغا كغغان مطعوم غا ً لدمغغي كغغالخبز وغيغغره‪ ،‬أو جنغغي‬
‫كالعظم‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (450‬عن مسعود ‪ ،‬عن رسغغول اللغغه ‪ ‬قغغال‪ " :‬أتغغاني‬
‫داعي الجن‪ ،‬فذهبت معه‪ ،‬فقرات عليهم القرآن "‪ .‬قال‪ :‬وسألوه الغغزاد‪،‬‬
‫فقال‪ " :‬لكم كل عظم ذكر اسم الله عليغغه‪ ،‬يقغغع فغغي أيغغديكم أوفغغر مغغا‬
‫يكون لحمًا‪ ،‬وكل بعرة علف لدوابكم "‪ .‬فقال رسول ‪ " :‬فل تستنجوا‬
‫بهما‪ ،‬فإنهما طعام إخوانكم" وعند الترمذي )‪ :(18‬ول تستنجوا بغغالروث‬
‫ول بالعظام‪ ،‬فإنه زاد إخوانكم من الجن"‪.‬‬
‫فيقاس طعام الدمي على غيره من باب أولي‪.‬‬
‫غ يحرم الستنجاء بكل محترم‪ ،‬كجزء حيغوان متصغل بغه‪ ،‬كبغغده ورجلغه‪،‬‬
‫ومن الدمي من بغاب أولغى‪ ،‬لنغه يتنغافى مغع تكريمغه‪ ،‬فغإن كغان جغزء‬
‫الحيوان منفصل عنه‪ ،‬وكان طغغاهرا ً كشغغعر مغغأكول اللحغغم وجلغغد الميتغغة‬
‫المدبوغ‪ ،‬جاز ذلك‪.‬‬
‫آداب الستنجاء وقضاء الحاجة‪:‬‬
‫هناك آداب يطلب من المسغغلم أن يراعيهغغا عنغغد القيغغام بقضغغاء حغغاجته‬
‫واستنجائه وهي‪:‬‬
‫‪1‬غ مغا يتعلغق بالمكغان الغذي يقضغي فيغه حغاجته‪ :‬فغإنه يجتنغب التبغول‬
‫والتغوط في‪:‬‬
‫غ طريق الناس أو المكان الذي يجلسون فيه‪ ،‬لما فيه من الذى لهم‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫روى مسلم )‪ (269‬وغيره‪ ،‬عن أبغغي هريغغرة ‪ : ‬أن النغغبي ‪ ‬قغغال‪" :‬‬
‫اتقوا اللعانين" ‪ .‬قالوا‪ :‬وما اللعانان؟ قغغال‪ " :‬الغغذي يتخلغغى فغغي طريغغق‬
‫الناس أو في ظلهم"‪.‬‬
‫]اللعين‪ :‬المرين الجالبين اللعن[‪.‬‬
‫غ ثقب في الرض أو جدار أو نحغغوه‪ ،‬لمغغا قغغد ينتغغج عنغغه مغغن أذى‪ ،‬فقغغد‬
‫يكون فيه حيوان ضار كعقرب أو حيه‪ ،‬فيخرج عليه ويغغؤذيه‪ ،‬وقغغد يكغغون‬
‫فيه حيوان ضعيف فيتأذى‪.‬‬
‫روى أبو داود )‪ (29‬عن عبدالله بن سرجس قال‪ " :‬نهى رسول الله ‪‬‬
‫أن يبال في الجحر"‪ .‬وهو الثقب في الرض‪.‬‬
‫غ تحت الشجرة المثمرة‪ ،‬صيانة للثمر عن التلغغويث عنغغد وقغغوعه سغغواء‬
‫كان مأكول ً أو منتفعا ً به لئل تعافه النفس‪.‬‬
‫غ الماء الراكد‪ :‬لما ينتج من تقغغزز النفغغس منغغه إن كغغان كغغثيرا ً ل تغيغغره‬
‫النجاسة‪ ،‬ومن إضاعته إن كانت النجاسة تغيره‪ ،‬أو كان دون القلتين‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (281‬وغيره‪ ،‬عن جابر ‪ ، ‬عغغن النغغبي ‪ : ‬أنغغه نهغغى أن‬
‫يبال في الماء الراكد‪ .‬والتغوط أقبح وأولغغى بغغالنهي ‪ ،‬والنهغغي للكراهغغة‪،‬‬
‫ونقل المام النووي أنه للتحرم‪.‬‬
‫]انظر شرح مسلم‪.[187 /3 :‬‬
‫‪2‬غغ مغغا يتعلغغق بالغغدخول إلغغى قضغغاء الحاجغغة والخغغروج منغغه‪ ،‬فيسغغتحب‬
‫لقاضي الحاجة‪ :‬أن يقدم رجله اليسرى عند الدخول ويمناه عند الخروج‬
‫لنه الليق بأماكن القذر والنجس‪.‬‬
‫ول يحمل الله تعالى ومثله كل اسم معظم‪.‬‬
‫كما يسغتحب له أنن يقول الذكار والدعيغة التي ثبتت عغن رسغول الله‬
‫‪ ، ‬قبل دخول الخلء وبعد الخروج منه‪:‬‬
‫فيقغغول قبغغل الغغدخول‪" :‬باسغم اللغغه‪ ،‬اللهغغم إنغغي أعغوذ بغك مغن الخبغغث‬
‫والخبائث" ]رواه البخاري ‪ ،142‬ومسلم‪.[375 :‬‬
‫]الخبث‪ :‬جمع خبيث‪ .‬والخبائث‪ :‬جمع خبيثغغة‪ ،‬والمغغراد ذكغغور الشغغياطين‬
‫وإنائهم[‪.‬‬
‫وبعغغد الخغغروج يقغغول‪" :‬غفرانغغك‪ ،‬الحمغغد للغغه الغغذي أذهغغب عنغغي الذى‬
‫وعافني‪ ،‬الحمغغد لله الذي أذاقني لغذته‪ ،‬وأبقغغى مغغن قغغوته‪ ،‬ودفغغع عنغغى‬
‫أذاه" ]رواه أبو داود‪ ،30:‬والترمذي‪ 17:‬وابن ماجه‪ ،301:‬والطبراني[‪.‬‬
‫‪3‬غ ما يتعلق بالجهة‪ :‬يحرم علغغى قاضغغي الحاجغغة أن يسغغتقبل القبلغغة أو‬
‫يستدبرها‪ ،‬إن كان في الفضاء ول ساتر مرتفع يستر عورته حغغال قضغغاء‬
‫حاجته‪ ،‬وكذلك إن كان في بناء غيغغر معغغد لقضغغاء الحاجغغة‪ ،‬ولغغم تتحقغغق‬
‫شروط الساتر المذكورة‪ ،‬ويشترط أل يبعد عنه السغغاتر أكغغثر مغغن ثلثغغة‬
‫أذرع بذارع الدمي‪ ،‬أي ما يساوى ‪150‬سم تقريبًا‪ .‬فإن كان البناء معغغدا ً‬
‫لقضاء الحاجة جاز الستقبال والستدبار‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫روى البخاري )‪ (381‬ومسلم )‪ ،(264‬عن أبي أيوب النصغغاري ‪ ‬عغغن‬
‫النبي ‪ ‬قال‪" :‬إذا أتيتم الغائط فل تستقبلوا القبلة ول تستدبروها ببغغول‬
‫أو غائط‪ ،‬ولكن شرقوا أو غربوا" ‪.‬‬
‫وخص ذلك بالصحراء وما في معناها مغغن المكنغغة الغغتي ل سغغاتر فيهغغا‪،‬‬
‫ودليل التخصغغيص‪ :‬مغغا روى البخغغاري)‪ ،(148‬ومسغغلم )‪ (266‬وغيرهمغغا‪،‬‬
‫عن ابن عمر رضي الله عنهمغغا قغغال‪ :‬ارتقيغغت فغغوق ظهغغر بيغغت حفصغغة‬
‫لبعض حاجتي‪ ،‬فرأيت النبي ‪ ،‬مسدبر القبلة‪ ،‬مستقبل الشام‪ .‬فحمغغل‬
‫الول على المكان غير المعد لقضاء الحاجة‪ ،‬وما في معناه من الماكن‬
‫التي ل ساتر فيها‪ ،‬وحمل الثغغاني علغغى المكغغان المعغغد ومغغا فغغي معنغغاه‪،‬‬
‫جمعا ً بين الدلة‪ ،‬ول يخلو المر معه عن كراهة في غير المعد مع وجغغود‬
‫الساتر‪.‬‬
‫‪4‬غ ما يتعلق بحال قاضي الحاجة‪ :‬أن يعتمد على يساره وينصب يمنغغاه‪.‬‬
‫ول ينظر إلى السماء ول إلى فرجه ول إلى مغا يخغغرج منغه لنغه ل يليغق‬
‫بحاله‪ .‬ويكره القاضي الحاجة الكلم وغيره أثناء قضائها‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (370‬وغيره‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله عنهما‪ :‬أن رجل م غّر‬
‫ورسول الله ‪ ‬يبول‪ ،‬فسلم عليه فلم يرد عليه‪.‬‬
‫وروى أبو داود)‪ (15‬وغيره‪ ،‬عن أبي سغغعيد ‪ ‬قغغال‪ :‬سغغمعت النغغبي ‪‬‬
‫يقول‪" :‬ل يخرج الرجلن يضربان الغائط‪ ،‬كشفين عن عورتهما يتحدثان‪،‬‬
‫فإن الله عز وجل يمقت على ذلك"‪.‬‬
‫]يضربان‪ :‬يأتيان‪ .‬يمقت‪ :‬يغضب[‬
‫ويقاس على الكلم غيره كالكل والشرب والعبث‪ ،‬ونحو ذلك‬
‫‪5‬غ الستنجاء باليسار‪ :‬يستعمل قاضي الحاجة شغغماله لتنظيغغف المحغغل‬
‫بالماء اليمنى لهغغذا‪ ،‬كمغغا يكغغره لغغه أن يمغغس بهغغا ذكغغره‪ .‬وإن احتغغاج أن‬
‫يمسك الذكر لينظفه بالحجر ونحوه من الجامدات‪ ،‬أمسك الجامغغد بيغغده‬
‫اليمنى دون أن يحركها‪ ،‬وأمسك الذكر باليسرى وحركها لينظف المحل‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(153‬ومسلم )‪ ،(267‬عن أبي قتادة ‪ ،‬عن النغغبي ‪‬‬
‫قال‪" :‬إذا بال أحدكم فل يأخذن ذكره بيمينه ول يستنج بيمينه"‪.‬‬
‫الطهارة من الحدث‪:‬‬
‫معنى الحدث‪ :‬الحدث لغة‪ :‬الشغغيء الحغغادث‪ .‬وشغغرعًا‪ :‬هغغو أم اعتبغغاري‬
‫يقوم بالعضاء يمنع من صحة الصلة وما في حكمها‪ ،‬حيغغث ل مرخغغص‪.‬‬
‫ويطلق الحدث أيضا ً على نواقض الوضوء التي سنتحدث عنا فيمغغا بعغغد‪،‬‬
‫وعلى موجبات الغسل‪.‬‬
‫أقسام الحدث‪:‬‬
‫والحدث يقسم إلى قسمين‪ :‬حدث أصغر‪ ،‬وحدث أكبر‪.‬‬
‫الحدث الصغر‪ :‬هو أمر اعتباري يقوم بأعضاء النسغغان الربعغغة‪ ،‬وهغغي‪:‬‬
‫الوجه‪ ،‬واليدان‪ ،‬والرأس‪ ،‬والرجلن‪ ،‬فيمنغغع مغن صغغحة الصغغلة ونحوهغغا‪،‬‬
‫ويرتفع هذا الحدث بالوضوء‪ ،‬فيصبح النسان مستعدا ً للصلة ونحوها‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫والحدث الكبر‪ :‬وهو أمر اعتباري يقوم بالجسم كلغغه فيمنغغع مغغن صغغحة‬
‫الصلة وما في حكمها‪ ،‬ويرتفع هذا الحدث بالغسل فيصبح النسان أهل ً‬
‫لما كان ممنوعا ً عنه‪.‬‬

‫*****‬

‫‪31‬‬
‫ضوء‬
‫الو ُ‬
‫معناه‪:‬‬
‫الوضوء لغة‪ :‬مأخوذة من الوضاءة وهي الحسن والبهجة‪ ،‬وشرعًا‪ :‬اسم‬
‫للفعل الذي هو استعمال الماء أعضاء معينغغة مغغا النيغغة‪ .‬والوضغغوء اسغغم‬
‫للماء الذي يتوضأ به‪ ،‬وسمي بذلك لما يضفي على العضاء من وضغغاءة‬
‫يغسلها وتنظيفها‪.‬‬
‫فروض الوضوء‪:‬‬
‫وفروض الوضوء ستة وهي‪ :‬النية‪ ،‬وغسغغل الغغوجه‪ ،‬وغسغغل اليغغدين‪ ،‬مغغع‬
‫المرفقين‪ ،‬ومسح بعض الرأس‪ ،‬وغسل الرجلين مع الكعبين‪ ،‬والترتيب‪.‬‬
‫والصل في مشروعية الوضوء وأركانه قوله تعالى‪) :‬يا أيها الذين آمنغغوا‬
‫إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأمسغغحوا‬
‫برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين( ]المائدة‪.[6:‬‬
‫‪1‬غ النية‪ :‬لن الوضوء عبادة‪ ،‬وبالنية تتميز العبادة‪ ،‬قال رسول اللغغه ‪:‬‬
‫"إنمغغا العمغغال بالنيغغات وإنمغغا لكغغل امغرئ مغا نغوى" ]رواه البخغاري‪،1:‬‬
‫ومسلم‪ .[1907:‬أي ل تصح العبادة ول يعتد بها شغغرعا ً إل إذا نغغويت‪ ،‬ول‬
‫يحصل للمكلف أجرها إل إذا أخلص فيها‪.‬‬
‫تعريف النية‪ :‬والنية معناها لغة‪ :‬القصد‪ ،‬وشرعًا‪ :‬قصغغد الشغغيء مقرونغا ً‬
‫بفعله‪.‬‬
‫محل النية‪ :‬ومحل النية القلب‪ ،‬ويسن التلفظ بها باللسان‪.‬‬
‫كيفية النيغغة‪ :‬وكيفيتهغغا أن يقغغول بقلبغغه‪ :‬نغغويت فغغرض الوضغغوء‪ ،‬أو رفغغع‬
‫الحدث‪ ،‬أو استباحة الصلة‪.‬‬
‫وقت النية‪ :‬ووقتها عند غسل أول جزء من الوجه‪ ،‬لنه أول الوضوء‪.‬‬
‫‪2‬غ غسل جميع الوجه‪ :‬لقوله تعالى‪) :‬فاغسلوا وجوهكم(‪.‬وحدود الغغوجه‬
‫ل‪ ،‬ومن الذن إلى الذن عرضًا‪.‬‬ ‫من منبت الشعر إلى أسفل الذقن طو ً‬
‫ويجب غسل كل ما على الوجه‪ :‬من حاجب‪ ،‬وشغغارب‪ ،‬ولحيغغة‪ ،‬ظغغاهرة‬
‫وباطنا ً لنها من أجزاء الوجه‪ ،‬إل اللحية الكثيفة غ وهي الغغتي ل يغغرى مغغا‬
‫تحتها غ فإنه يكفى غسل ظاهرها دون باطنها‪.‬‬
‫‪3‬غ غسل اليدين مع المرفقين‪ :‬لقوله تعالى‪) :‬وأيغغديكم إلغغى المرافغغق(‪.‬‬
‫جمع مرفق وهو مجتمع الساعد مع العضد و"إلى" بمعنغغى مغغع‪ ،‬أي‪ :‬مغغع‬
‫المرافق‪ ،‬دل على ذلك ما رواه مسلم )‪ ،(246‬عن أبي هريرة ‪" :‬أنه‬
‫توضأ فغسل وجهه فاسبغ الوضوء‪ ،‬ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في‬
‫العضد‪ ،‬ثم يده اليسرى حتى أشغغرع فغغي العضغغد‪ ،‬ثغغم مسغغح رأسغغه‪ ،‬ثغغم‬
‫غسل رجله اليمنى حتى أشرع فغغي السغغاق‪ ،‬ثغغم غسغغل رجلغغه اليسغغرى‬
‫حتى أشرع في الساق‪ ،‬ثم قال‪ :‬هكذا رأيت الرسول ‪ ‬يتوضأ"‪.‬‬
‫]أشرع في العضد وأشرع في الساق‪ ،‬معناه‪ :‬أدخل الغسل فيهما[‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫ويجب تعميم جميع الشعر والبشرة بالغسغغل‪ ،‬فلغغو كغغان تحغغت أظغغافره‬
‫وسخ يمنع وصول الماء أو خاتم لم يصغغح الوضغغوء‪ ،‬لمغغا رواه البخغغاري )‬
‫‪ ،(161‬ومسلم )‪ (241‬واللفظ له‪ ،‬عغغن عبغغدالله بغغن عمغغرو رضغغي اللغغه‬
‫عنهما قال‪ :‬رجعنا مع رسول الله ‪ ‬من مكة إلى المدينة‪ ،‬حتى إذا كنغغا‬
‫بماء بالطريق تعجل قغغوم عنغغد العصغغر‪ ،‬فتوضغغأوا وهغغم عجغغال‪ ،‬فانتهينغغا‬
‫إليهغغم وأعقغغابهم تلغغوح لغغم يمسغغها مغغاء‪ ،‬فقغغال رسغغول اللغغه ‪" :‬ويغغل‬
‫للعقغاب مغن النغار‪ ،‬أسغبغوا الوضغوء" ‪ .‬أي أتمغوه وأكملغوه باسغتيعاب‬
‫العضو بالغسل‪.‬‬
‫]عجال‪ :‬مستعجلون[‪.‬‬
‫وروى مسلم )‪ : (243‬أن رجل توضأ فغغترك موضغغع ظفغغر علغغى قغغدمه‪،‬‬
‫فأبصره النبي ‪ ، ‬فقال‪" :‬أرجع فأحسن وضوءك"‪ .‬فرجع ثم صلى‪.‬‬
‫]فرجع‪ :‬أي فأتم وضوءه وأحسنه[‪.‬‬
‫فدل الحديثان‪ :‬على أنه ل يجزئ الوضوء إذا بقي أدنى جزء من العضغغو‬
‫المغسول دون غسل‪.‬‬
‫‪4‬غ مسح بعض الرأس‪ ،‬ولو شعرة ما دامت فغغي حغغدود الغغرأس‪ ،‬لقغغوله‬
‫تعالى‪) :‬وامسحوا برؤوسكم(‪ .‬وروى المغيرة بن شغغعبة ‪ : ‬أن رسغغول‬
‫الله ‪ ‬توضأ‪ ،‬ومسح بناصيته‪ ،‬وعلى عمامته‪] .‬رواه مسلم‪.[279:‬‬
‫ولو غسل رأسه أو بعضه يدل المسغغح جغغاز‪ .‬والناصغغية‪ :‬مقغغدم الغغرأس‪،‬‬
‫وهي جزء منه‪ ،‬والكتفاء‪ ،‬بالمسح عليها دليل على ان مسغغح الجغغزء هغغو‬
‫المفروض ويحصل بأي جزء كان‪.‬‬
‫‪5‬غ غسل الرجلين مع الكعبين‪ :‬لقوله تعالى‪) :‬وأرجلكغغم إلغغى الكعغغبين(‪.‬‬
‫الكعبان مثنى الكعب‪ :‬وهو العظغغم النغغاتئ مغغن كغغل جغغانب عنغغد مفصغغل‬
‫الساق مع القدم‪ ،‬و "إلى"‪ :‬بمعنى مع‪ ،‬أي مع الكعغغبين‪ ،‬دل علغغى ذلغغك‪:‬‬
‫ما جاء في حديث أبي هريرة ‪ ‬السابق وحتى أشرع في الساق"‪.‬‬
‫ويجب تعميم الرجلين بالغسل بحيث ل يبقى منهما ولو موضع ظفر‪ ،‬أو‬
‫تحت شعر لما مر في غسل اليدين‪.‬‬
‫‪6‬غ الترتيب على الشكل الذي ذكرناه‪:‬‬
‫وهذا مستفاد من الية التي ذكرت فروض الوضغغوء مرتبغغة‪ ،‬ومغغن فعلغغه‬
‫‪ ‬فإنه لم يتوضأ إل مرتبا ً غ كما جاء فغغي اليغغة غ غ ثبغغت ذلغغك بالحغغاديث‬
‫الصحيحة منها حديث أبي هريرة ‪ ‬السابق‪ ،‬وفيغغه العطغغف بثغغم‪ ،‬وهغغي‬
‫الترتيب باتفاق‪ .‬قال النووي في المجموع )‪ :(484 /1‬واحتج الصغغحاب‬
‫من السنة بالحاديث الصحيحة المستفيضة عن جماعغغات مغغن الصغغحابة‬
‫في صفة وضغغوء النغغبي ‪ ،‬وكلهغغم وصغغفوه مرتبغًا‪ ،‬مغغع كغغثرتهم وكغغثرة‬
‫المواطن التي رأوه فيها‪ ،‬وكثرة اختلفهم في صفاته فغغي مغغرة ومرتيغغن‬
‫وثلث وغير ذلك‪ ،‬ولم يثبت فيه غ مع اختلف أنواعه غ صفة غيغغر مرتبغغة‪،‬‬
‫وفعله ‪ ‬بيان للوضوء المأمور به‪ ،‬ولغغو جغغاز تغغرك الغغترتيب لغغتركه فغغي‬
‫بعض الحوال لبيان الجواز‪ ،‬كما ترك التكرار في أوقات‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫سنن الوضوء‪:‬‬
‫للوضوء سنن كثيرة نذكر أهمها وهي‪:‬‬
‫‪1‬غ التسمية في ابتدائه‪ :‬روى النسائي )‪ (1/61‬بإسغغناد جيغغد‪ ،‬عغغن أنغغس‬
‫‪ ‬قال‪ :‬طلب بعض أصحاب النغغبي ‪ ‬وضغغوءا ً فلغغم يجغغدوا مغغاء‪ ،‬فقغغال‬
‫عليه الصلة والسلم‪" :‬هل مع أحد منكم ماء"‪ ،‬فغغأتي بمغغاء فوضغغع يغغده‬
‫في الناء الذي فيه الماء‪ ،‬ثم قال‪" :‬توضأوا بسم اللغغه" أي قغغائلين ذلغغك‬
‫عند البتداء به‪ .‬قال أنس‪ :‬فرأيت الماء يفور مغن بيغغن أصغابعه‪ ،‬حغتى‬
‫توضأوا من عن آخرهم غ أي جميعهم غ وكانوا نحوا ً من سبعين‪.‬‬
‫‪2‬غغ غسغغل الكفيغغن ثلثغا ً قبغغل إدخالهمغغا النغغاء‪ :‬روى البخغغاري )‪،(2183‬‬
‫ومسلم )‪ ،(235‬من حديث عبدالله بغغن زيغغد ‪ ‬وقغغد سغغئل عغغن وضغغوء‬
‫النبي ‪ ، ‬فدعا بنور من ماء‪ ،‬فتوضأ لهم وضغغوء النغغبي ‪ ‬فأكفغغأ علغغى‬
‫يده من التور‪ ،‬فغسل يديه ثلثًا‪ ،‬ثم أدخل يده في الناء‪."...‬‬
‫]التور‪ :‬إناء من نحاس‪ .‬فأكفأ‪ :‬صب[‪.‬‬
‫‪3‬غغغ اسغغتعمال السغغواك‪ :‬لمغغا رواه البخغغاري )‪ ،(847‬ومسغغلم )‪،(252‬‬
‫وغيرهما‪ ،‬عن أبي هريرة ‪ ‬عغغن النغغبي ‪ ‬قغغال‪" :‬لغغول أن أشغغق علغغى‬
‫أمتي لمرتهم بالسواك مع كل وضوء"‪ .‬أي لمرتهغغم أمغغر إيجغغاب‪ ،‬وهغغذا‬
‫دليل الستحباب المؤكد‪.‬‬
‫‪ 4‬و ‪ 5‬غ المضمضة والستنشاق باليد اليمنى والسغغتنثار باليغغد اليسغغرى‪،‬‬
‫جاء في حديث عبد الله بن زيد ‪ ‬السابق من غرفة واحدة‪ ،‬وكرر ذلغك‬
‫ثلثًا‪.‬‬
‫]استنثر‪ :‬أخرج الماء الذي أدخله في أنفه[‪.‬‬
‫‪6‬غ تخليل اللحية الكثة‪ :‬روى أبو داود )‪ (145‬عن أنس ‪ ‬كان إذا توضأ‬
‫أخذ كفا ً من ماء‪ ،‬فغغأخله تحغغت حنكغغه‪ ،‬فخلغغل بغغه لحيتغغه‪ ،‬وقغغال‪" :‬هكغغذا‬
‫أمرني ربي عز وجل"‬
‫‪7‬غ مسح جميع الرأس‪ :‬جاء فغي حغديث عبغد اللغه بغن زيغد ‪ :‬فمسغح‬
‫رأسه بيديه‪ ،‬فاقبل بهما وأدبر‪ :‬بدأ بمقغغدم رأسغغه‪ ،‬ثغغم ذهغغب بهمغغا علغغى‬
‫قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه‪.‬‬
‫‪8‬غ تخليل ما بين أصابع اليدين والرجلين بالماء‪ :‬أمغغا اليغغدين فبالتشغغبيك‬
‫بينهما‪ ،‬وأما الرجلن فبخنصغغر اليغغد اليسغغرى‪ :‬عغغن لقيغغط بغغن صغغبرة ‪‬‬
‫قلت‪ :‬يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال‪" :‬أسغغبغ الوضغغوء‪ ،‬وخلغغل‬
‫بين الصابع‪ ،‬وبالغ في الستنشاق‪ ،‬إل أن تكون صغغائمًا" ]رواه أبغغو داود‪:‬‬
‫‪ ،142‬وصححه الترمذي‪ ،788:‬وغيرهما[‬
‫]أسبغ‪ :‬أكمله وأتمه بأركانه وسننه[‪.‬‬
‫وعن المستورد قال‪" :‬رأيت النبي ‪ ‬توضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره‪،‬‬
‫]رواه أبن ماجه‪.[446:‬‬
‫‪9‬غ مسح الذنين ظاهرهما وباطنهما بماء جديد غير ماء الرأس عن ابغغن‬
‫عباس ‪" : ‬أن النبي ‪ ‬مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما" ]رواه‬

‫‪34‬‬
‫الترمذي‪ ،36:‬وصححه[‪ .‬وعند النسائي )‪" :(74 /1‬مسح برأسه وأذنيغغه‪،‬‬
‫باطنهما بالمسحتين‪ ،‬وظاهرهما بإبهاميه"‪ .‬وقال عبدالله بن زيد‪" :‬رأيت‬
‫النبي ‪ ‬يتوضأ‪ ،‬فأخذ ماء لذنيه خلف الماء الذي أخغغذه لرأسغغه" ]رواه‬
‫الحاكم‪ ،[1/151:‬وقال عنه الحافظ الذهبي‪ :‬صحيح‪.‬‬
‫‪10‬غ التثليث في جميع فرائض الوضوء وسننه‪ .‬روى مسلم )‪(230‬‬
‫أن عثمان ‪ ‬قال‪ :‬أل أريكم وضوء رسول الله ‪ ‬؟ ثم توضأ ثلثا ً ثلثًا‪.‬‬
‫‪11‬غ تقديم اليمنى على اليسرى‪ ،‬في اليدين والرجليغغن‪ :‬عغغن أبغغي‬
‫هريرة ‪ ‬أن رسول اللغغه قغغال‪" :‬إذا توضغغأتم فابغغدءوا بميغغامنكم" ]رواه‬
‫ل على ذلك حديثه السابق في فرائض الوضوء‪.‬‬ ‫ابن ماجه‪ .[402:‬ود ّ‬
‫‪12‬غ الدلك غ وهو إمرار اليد على العضو عند غسله غغغ‪ :‬روى أحمغغد‬
‫في مسنده )‪ (4/39‬عن عبدالله بغغن زيغغد ‪ ‬أن رسغغول اللغغه ‪ ‬توضغغأ‪،‬‬
‫فجعل يقول هكذا‪ ،‬يدلك‪.‬‬
‫]في المصباح‪ :‬دلكت الشغغيء غغ مغغن بغغاب قتغغل غ غ مرسغغته بيغغدك‪،‬‬
‫ودلكت النعل بالرض مسغغحتها بهغغا ‪ .‬يقغغول‪ :‬عغغبر عبغغدالله بغغالقول عغغن‬
‫الفعل[‪.‬‬
‫‪13‬غ الموالة‪ :‬أي غسل العضاء بالتتابع مغغن غيغغر انقطغغاع‪ ،‬بحيغغث‬
‫يغسل العضو الثاني قبل أن يجف الول‪ ،‬أتباعا ً للنبي ‪ ،‬لمغا مغر معغك‬
‫من أحاديث على ذلك‪.‬‬
‫‪14‬غغ إطالغة الغغرة والتحجيغل‪ :‬والغغرة غسغل جغزء مغن مقغدم الغرأس‬
‫والتحجيل غسل ما فوق المرفقين في اليدين‪ ،‬ومغغا فغغوق الكعغغبين فغغي‬
‫الرجليغغن‪ ،‬قغغال رسغغول اللغغه ‪" :‬إن أمغغتي يغغدعون يغغوم القيامغغة غغغرا ً‬
‫محجلين من آثار الوضوء‪ ،‬فمن استطاع منكم أن يطيل غرتغغه فليفعغغل"‬
‫]رواه البخاري‪ ،136:‬ومسلم‪ .[246:‬وفي رواية عنغغد مسغغلم‪ " :‬فليطغغل‬
‫غرته وتحجيله"‪.‬‬
‫]غّر ًًا‪ :‬جمع أغغغر‪ ،‬أي ذو غغغرة‪ ،‬وهغغي بيغغاض فغغي الجبهغغة‪ .‬محجليغغن‪ :‬مغغن‬
‫التحجيل وهو بياض في اليدين والرجلين‪ ،‬وهغغذا تشغغبيه لن الصغغل فغغي‬
‫الغرة والتحجيل أن يكون في جهة الفغغرس وقوائمهغغا‪ ،‬والمغغراد بغغه هنغغا‪:‬‬
‫النور الذي يسطع من المؤمنين يوم القيامة[‪.‬‬
‫‪15‬غ العتدال بالماء دون سرف أو تقتير‪ :‬فقد روى البخاري )‪(198‬‬
‫عن أنس ‪ :‬كان النبي ‪ ‬يتوضأ بالمد‪.‬‬
‫]والمد‪ :‬إناء يساوي مكعبا ً طول حرفه ‪ 10‬سم تقريبًا[‪.‬‬
‫‪16‬غ استقبال القبلة عند الوضوء‪ ،‬لنها أشرف الجهات‪.‬‬
‫‪17‬غ أن ل يتكلم أثناء الوضوء‪ ،‬اتباعا ً للرسول ‪.‬‬
‫‪18‬غ التشهد عند النتهاء من الوضوء والدعاء‪ ،‬يقول‪" :‬أشغغهد أن ل‬
‫إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبغغده ورسغغوله" ]رواه‬
‫مسلم‪".[234:‬اللهم اجعلنغغي مغغن التغغوابين واجعلنغغي مغغن المتطهريغغن"‬
‫]رواه الترمذي‪" .[55:‬سبحانك اللهم وبحمدك‪ ،‬أشهد أن ل إلغغه إل أنغغت‬

‫‪35‬‬
‫أستغفرك وأتوب إليك"‪] .‬رواه النسائي في أعمغغال اليغغوم والليلغغة‪ ،‬كمغغا‬
‫قال المام النووي في الذكار[‪.‬‬

‫مكروهات الوضوء‪:‬‬
‫ويكره في الوضوء المور التالية‪:‬‬
‫‪1‬غ السراف في الماء‪ ،‬والتقتير فيغغه‪ :‬لن ذلغغك خلف السغغنة‪ ،‬ولعمغغوم‬
‫قوله تعالى‪) :‬ول تسرفوا إنه ل يحب المسرفين( ]سورة العراف‪.[31:‬‬
‫والسراف هو التجاوز عن العتدال المعروف والمغغألوف‪ .‬روى أبغغو داود‬
‫)‪ (96‬أنه ‪ ‬قال‪" :‬إنه سيكون في هذه المة قوم يعتدون فغغي الطهغغور‬
‫والدعاء"‪ .‬أي يفرطون فيهما‪ ،‬والفغغراط فغغي الغغدعاء‪ :‬أن يسغغأل أشغغياء‬
‫مخصوصة وبصفة معينة‪.‬‬
‫‪2‬غ تقغغديم اليغغد اليسغغرى علغغى اليمنغغى‪ ،‬وتقغغديم الرجغغل اليسغغرى علغغى‬
‫اليمنى‪ :‬لن هذا على خلف ما مر من فعله ‪.‬‬
‫‪3‬غ التنشيف بمنديل إل لعذر‪ ،‬كبرد شديد أو حر يغغؤذي معغغه بقغغاء المغغاء‬
‫على العضو‪ ،‬أو خوف نجاسة أو غبارها‪ ،‬روى البخاري )‪ ،(256‬ومسغغلم‬
‫)‪ :(317‬أنه ‪ ‬أتي بمنديل فلم يمسه‪.‬‬
‫‪4‬غ ضرب الوجه بالماء‪ ،‬لن ذلك ينافي تكريمه‪.‬‬
‫‪5‬غ الزيادة على ثلث يقينا ً بالغسل أو في المسح‪ ،‬أو النقص عنها‪ ،‬قغغال‬
‫رسول الله ‪ ‬بعدما توضأ ثلثا ً ثلثًا‪":‬هكذا الوضوء‪ ،‬فمن زاد على هغغذا‪،‬‬
‫أو نقغغص فقغغد أسغغاء وظلغغم" ]رواه أبغغو داود‪ ،[135:‬وقغغال النغغووي فغغي‬
‫المجموع ‪:‬إنه صحيح‪ .‬معناه أن من اعتقغغد أن السغغنة أكغغثر مغغن ثلث أو‬
‫أقل منها‪ ،‬فقد أساء وظلم‪ ،‬لنه قد خالف السنة التي سنها النبي ‪.‬‬
‫‪6‬غ الستعانة بمن يغسل له أعضغغاء مغغن غيغغر عغغذر‪ ،‬لن فيغغه نوعغا ً مغغن‬
‫التكبر المنافي للعبودية‪.‬‬
‫‪7‬غ المبالغة في المضمضة والستنشاق للصائم خشية أن يسغغبقه المغغاء‬
‫إلى حلقه فيفسد صومه‪ ،‬قال رسول الله ‪" :‬وبالغ في الستنشغغاق إل‬
‫أن تكغغون صغغائمًا" ]رواه أبغغو داود‪ .[142:‬وتقغغاس المضمضغغة علغغى‬
‫الستنشاق من باب أولى‪.‬‬
‫نواقص الوضوء‪:‬‬
‫وينتقص الوضوء بخمسة أشياء‪:‬‬
‫‪1‬غ كل ما خرج من أحد السبيلين من بول أو غائط أو دم أو ريغغح‪ :‬قغغال‬
‫تعغغالى‪) :‬لغغو جغغاء أحغغد منكغغم الغغغائط( ]النسغغاء‪ .[42:‬أي مكغغان قضغغاء‬
‫الحاجغغة‪ ،‬وقغغد قضغغى حغغاجته مغغن تغغبرز أو تبغغول‪ .‬والغغغائط هغغو المكغغان‬
‫المنخفض‪ ،‬وفي مثلغه تقضغغى الحاجغة مغغن تغبرز أو تبغغول‪ .‬والغغغائط هغغو‬
‫المكان المنخفض‪ ،‬وفي مثله نقضى الحاجة غالبا ً وعادة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫وروى البخاري )‪ (135‬ومسغغلم )‪ (225‬عغغن أبغغي هريغغرة ‪ ‬قغغال‪ :‬قغغال‬
‫رسول الله ‪" : ‬ول يقبل الله صغغلة أحغغدكم إذا أحغغدث حغغتى يتوضغغأ"‪.‬‬
‫فقال رجل من أهل حضر موت ك ما الحدث يا أبا هريغغرة؟ قغغال فسغغاء‬
‫أو ضراط‪.‬‬
‫وقيس على ما ذكر كل خارج من القبل أو الدبر‪ ،‬ولو كان طاهرًا‪.‬‬
‫‪2‬غ النوم غير المتمكغغن‪ :‬والتمكغغن أن يكغغون جالس غا ً ومقعغغدته ملتصغغقة‬
‫بالرض‪ ،‬وغير التمكن أن يكون هناك نجاف بيغغن مقعغغدته والرض‪ ،‬قغغال‬
‫رسول الله ‪" :‬من نغام فليتوضغأ" ]رواه أبغو داود‪ 203:‬وغيغره[‪ .‬وأمغغا‬
‫من نام على هيئة المتمكن فل ينقض وضوؤه‪ ،‬لنه يشعر بما يخرج منه‪،‬‬
‫ودل على هذا ما رواه مسلم)‪ (376‬عن أنس ‪ ‬قغغال‪ :‬أقيمغغت الصغغلة‬
‫ل‪ ،‬فلم يزل يناجيه حتى نام أصحابه‪ ،‬ثم جاء فصلى‬ ‫والنبي ‪ ‬يناجى رج ً‬
‫بهم‪.‬‬
‫]يناجي‪ :‬يتحدث معه على انفراد بحيث ل يسمعهما أحدًا[‪.‬‬
‫وعنه أيضا ً قال‪ :‬كان أصغغحاب رسغغول اللغغه ‪ ‬ينغغامون‪ ،‬ثغغم يصغغلون ول‬
‫يتوضأون ]أنظر البخاري‪.[545 ،544 ،541:‬‬
‫وواضح أنهم ناموا جالسين على هيئة التمكن‪ ،‬لنهم كانوا في المسغغجد‬
‫ينتظرون الصلة‪ ،‬وعلى أمل أن يقطع حديثه ‪ ‬فجأة ويصلي بهم‪.‬‬
‫‪3‬غ زوال العقغغل بسغغكر أو إعمغغاء أو مغغرض‪ ،‬أو جنغون‪ :‬لن النسغغان إذا‬
‫انتابه شيء من ذلك كان هذا مظنغغة أن يخغغرج منغغه شغغيء مغغن غيغغر ان‬
‫يشعر‪ ،‬وقياسا ً على النوم‪ ،‬لنه أبلغ منه في معناه‪.‬‬
‫‪4‬غ لمس الرجل زوجته أو المرأة الجنبية من غيغغر حغغائل‪ ،‬فغغإنه ينتقغغض‬
‫وضوؤه ووضوؤها‪ .‬والجنبية هي كغغل امغغرأة يحغغل لغغه الغغزواج بهغغا‪ .‬قغغال‬
‫تعالى في بيان موجبات الوضوء‪) :‬أو لمستم النساء( ]النسغغاء‪ .[42:‬أي‬
‫لمستم كما في قراءة متواترة‪.‬‬
‫‪5‬غ مس الفرج نفسه أو من غيره‪ ،‬قبل ً أو دبرًا‪ ،‬بباطن الكغغف والصغغابع‬
‫من غير حائل‪.‬‬

‫المور التي يشترط لها الوضوء‪:‬‬


‫المور التي يجب الوضوء من أجلها هي‪:‬‬
‫‪1‬غغ الصغغلة‪ :‬قغغال تعغغالى‪) :‬يغغا أيهغغا الغغذين آمنغغوا إذا قمتغغم إلغغى الصغغلة‬
‫فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسغغكم وأرجلكغغم‬
‫إلى الكعبين( ]سورة المائدة‪.[6:‬‬
‫وقغغال رسغغول اللغغه ‪" : ‬ل يقبغغل اللغغه صغغلة أحغغدكم إذا أحغغدث حغغتى‬
‫يتوضأ" ]رواه البخاري‪ ،135:‬ومسلم‪ .[225:‬وعنغغد مسغغلم )‪" :(224‬ول‬
‫تقبل صلة بغير طهور"‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫‪2‬غ الطواف حول الكعبة‪ :‬لن الطواف كالصلة تجب فيه الطهارة‪ ،‬قال‬
‫رسول الله ‪" :‬الطواف حول الغغبيت مثغغل الصغغلة‪ ،‬إل أنكغغم تتكلمغغون‬
‫فيغغه‪ ،‬فمغغن تكلغغم فيغغه تل يتكلمغغن إل بخيغغر"‪] .‬رواه الترمغغذي‪،960:‬‬
‫والحاكم‪ ،459 /1:‬وصححه[‪.‬‬
‫‪3‬غ من المصحف وحمله‪ :‬قال تعالى‪) :‬ل يمسه إل المطهريغغن( ]سغغورة‬
‫الواقعة‪ .[79:‬وقال رسول اللغه ‪" :‬ل يمغس القغرآن إل طغاهر" ]رواه‬
‫الدارقطني‪.[1/459:‬‬
‫صور كاملة لوضوء النبي ‪ ‬بفرائضه‪ ،‬وسننه‬
‫المؤكدة‪ ،‬وبيان فضله‪ ،‬وفضل الصلة بعده‪:‬‬
‫روى البخاري فغغي صغغحيحه)‪ (162‬عغغن عثمغغان بغغن عفغغان ‪:‬أنغغه دعغغا‬
‫بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسغغلهما ثلث مغغرات‪ ،‬ثغغم تمضغغمض‬
‫واستنشق واستنثر‪ ،‬ثغغم غسغغل وجهغغه ثلثغا ً ويغغديه إلغغى المرفقيغغن ثلثغًا‪،‬‬
‫]وفي رواية‪ :‬ثم غسل يده اليمنى ثلثًا‪ ،‬ثم غسل رجلغغه اليسغغرى ثلث غًا[‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬رأيت النبي ‪ ‬يتوضأ نحو وضوئي هذا‪ ،‬وقال‪" :‬مغغن توضغغأ نحغغو‬
‫وضوئي هذا ثم صلى ركعتين ل يحغغدث فيهمغغا نفسغغه‪ ،‬غفغغر اللغغه لغغه مغغا‬
‫تقدم من ذنبه"‪.‬‬
‫]بوضوء‪ :‬هو الماء الذي يتوضأ به‪ .‬ل يحدث‪ :‬أي بشيء من أمور الدنيا[‪.‬‬

‫*****‬

‫عَلى ال ٌ‬
‫خ ّ‬
‫فين‬ ‫ح َ‬
‫س ُ‬
‫الم َ‬
‫تعريفهما‪:‬‬
‫فان‪ :‬تثنية خف‪ ،‬وهما الحذاءان السائران للكعغغبين المصغغنوعان مغغن‬
‫خ ّ‬
‫ال ُ‬
‫جلد‪.‬‬
‫والكعبان كما مر‪ :‬هما العظمان الناتئان عند مفصل الساق‪.‬‬
‫حكم المسح عليهما‪:‬‬
‫ودليل جوازه فعل النبي ‪ ، ‬قال جرير بن عبدالله البجلغغي ‪" :‬رأيغغت‬
‫النغغبي ‪ ‬بغغال‪ ،‬ثغغم توضغغأ ومسغغح علغغى خفيغغه"‪] .‬رواه البخغغاري‪،1478:‬‬
‫ومسلم‪.[272:‬‬
‫شروط المسح عليهما‪:‬‬
‫ويشترط لجواز المسح عليهما خمسة شروط‪:‬‬

‫‪38‬‬
‫‪1‬غ أن ُيلبسا بعد وضوء كامل‪ :‬عن المغيرة بن شعبة ‪ ‬قال‪ :‬كنغغت مغغع‬
‫النبي ‪ ‬في سغفر‪ ،‬فأهويت لنزع خفيه‪ ،‬فقال " دعهما فإني أدخلتهمغغا‬
‫طاهرتين"‪ ،‬فمسح عليهما‪].‬رواه البخاري‪ ،203:‬ومسلم‪.[274:‬‬
‫‪2‬غ أن يكونا سائرين لجمع محل غسل الفرض مغغن القغغدمين‪ ،‬لنهمغغا ل‬
‫يسميان خفين إل إذا كانا كذلك‪.‬‬
‫‪3‬غ أن يمنعا نفوذ الماء إلى القدمين من غير محل الخرز غ أي الخياطة‪.‬‬
‫‪4‬غ أن يكونا قويين يمكن تتابع المشي عليهما يوما ً وليلغغة للمقيغغم‪،‬‬
‫وثلثة أيام بلياليهما للمسافر‪.‬‬
‫‪5‬غ أن يكونا طاهرين‪ ،‬ولو كانا من جلد ميتة قد دبغغغ‪ ،‬لمغغا مغغر مغغن‬
‫أن جلد الميتة يطهر بالدباغ‪.‬‬
‫مدة المسح عليهما‪:‬‬
‫مغغدة المسغغح علغغي الخفيغغن‪ :‬يغوم وليلغغة للمقيغغم‪ ،‬وثلثغغة أيغام بليغغاليهن‬
‫للمسافر‪،‬روى مسلم )‪ (276‬وغيره‪ ،‬عغغن شغغريح بغن هغغانئ قغغال‪ :‬أتيغغت‬
‫عائشة رضى الله عنها أسألها عن المسغغح علغغى الخفيغغن‪ ،‬فقغغالت‪ :‬ائت‬
‫عليا ً فإنه أعلم بهذا مّني‪ ،‬كان يسافر مع رسول الله ‪ ، ‬فسألته فقال‪:‬‬
‫جعل رسول الله ‪ ‬ثلثة أيام ولياليهن للمسافر‪ ،‬ويوما ً وليلة للمقيم‪.‬‬
‫هذا ومن بدأ المسح في الحضر ثم سافر مسغغح يومغا ً وليلغغة‪ ،‬ومغغن بغدأ‬
‫المسح بالسفر ثم أقام أتم مسح مقيغغم‪ ،‬لن الصغغل القامغغة‪ ،‬والمسغغح‬
‫رخصة‪ ،‬فيؤخذ فيه بالحوط‪.‬‬
‫متى تبدأ المدة‪:‬‬
‫وتبدأ مدة المسح مغن الحغدث بعغد لبغس الخفيغن‪ ،‬فغإذا توضغأ الصغبح‪،‬‬
‫ولبس خفيه‪ ،‬ثم أحدث عنغد طلغوع الشغمس‪ ،‬فغإن المغدة تحسغب مغن‬
‫طلوع الشمس‪.‬‬
‫كيفية المسح عليهما‪:‬‬
‫‪((1‬‬
‫الفرض‪ :‬مسح شيء ولو قل من أعلى الخف ‪ ،‬فل يكفي المسح على‬
‫أسفلهما‪ .‬ويسغغن مسغغح أعله وأسغغفله خطوطغًا‪ ،‬بغغأن يضغغع أصغغابع يغغده‬
‫اليمني مفرقة على مقدمغغة رجلغغه لعلغغى‪ ،‬وأصغغابع يغغده اليسغغرى علغغى‬
‫مؤخرة قدمه من السفل‪ ،‬ثم يذهب باليمنى إلى الخلف وباليسرى إلغى‬
‫المام‪.‬‬
‫مبطلت المسح‪:‬‬
‫ويبطل المسح ثلثة أمور‪:‬‬
‫‪1‬غ خلع الخفين أو خلع أحدهما‪ ،‬أو انخلعهما أو أحدهما‪.‬‬
‫‪2‬غ انقضغغاء مغغدة المسغغح‪ :‬فغغإذا انقضغغت المغغدة وكغغان متوضغغئا ً نزعهمغغا‬
‫وغسل رجليه هم أعادهما‪ ،‬وإن كان غير متوضئ توضغأ‪ ،‬ثغم لبسغهما إن‬
‫شاء‪.‬‬
‫)‪ (1‬روى أبو داود )‪ (162‬بإسناد صحصح عن علي بن أبي طالب ‪ ‬وكرم الله وجهه أنه قال‪:‬‬
‫لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولي بالمسح من أعله وقد رأيت رسول الله ‪ ‬يمسح‬
‫على ظاهر خفيه‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪3‬غ حدوث ما يوجب الغسل‪ :‬فإذا لزمغغه غسغغل خلعهمغغا وغسغغل رجليغغه‪،‬‬
‫لن المسح عليهما بدل غسل الرجلين في الوضوء‪ ،‬ل في الغسل‪.‬‬
‫روى الترمذي )‪ ،(96‬والنسائي )‪ (1/83‬غ واللفظ له غ عغغن صغغفوان بغغن‬
‫عسال ‪ ‬قال‪" :‬كان رسول الله ‪ ‬يأمرنا إذا كنا مسافرين‪ :‬أن نمسغح‬
‫على خفافنا‪ ،‬ول ننزعها ثلثة أيام‪ ،‬من غائط وبول ونوم‪ ،‬إل من جنابغغة"‪.‬‬
‫وهي موجبات الغسل كما سيأتي‪.‬‬

‫*****‬

‫الجبائر والعصائب‬
‫الجبائر‪ :‬جمع جبيرة‪ ،‬وهي رباط يوضع على العضو المكسور ليجبر‪.‬‬
‫والعصائب‪ :‬جمع عصابة‪ ،‬وهي رباط يوضغغع علغغى الجغغرح ليحفظغغه‬
‫من الوساخ حتى يبرا‪.‬‬
‫ولما كان السلم دين اليسر‪ ،‬راعى هذه النواحي‪ ،‬وشغغرع لهغغا الحكغغام‬
‫التي تضمن التوفيق بين أداء العبادة والمحافظة على سلمة النسان‪.‬‬
‫أحكام الجبائر والعصائب‪:‬‬
‫المريض المصاب بجرح أو كسر‪ ،‬قد يحتاج إلى وضع ربغغاط ودواء علغغى‬
‫الجرح أو الكسر‪،‬وقد ل يحتاج‪.‬‬
‫فان احتاج إلى وضع رباط لزمه في هذه الحالة ثلثة أمور‪:‬‬
‫‪1‬غ أن يغسل الجزء السليم من العضو المصاب‪.‬‬
‫‪2‬غ أن يمسح على نفس الرباط أي الجبيرة‪ ،‬أو العصابة‪ ،‬كلها‪.‬‬
‫‪3‬غ أن يتيمم بدل غسل الجزء المريض عند وصوله إليه بالوضوء‪.‬‬
‫وإن لم يحتج إلى وضع رباط على العضو المكسور أو المجروح‪ ،‬وجغغب‬
‫عليه أن يغسل الصحيح ويتيمم عغغن الجريغغح إذا كغغان ل يسغغتطيع غسغغل‬
‫موضع العلة‪ .‬ويجب إعادة التيمم لصلة كل فغغرض وإن لغغم يحغغدث‪ ،‬لن‬
‫يجب عليه غسل باقي العضاء‪ ،‬إل إذا أحدث‪.‬‬
‫دليل مشروعية المسح على الجبائر‪:‬‬
‫ل على مشروعية المسح على الجبائر‪ ،‬مغغا رواه أبغغو داود )‪ (336‬عغغن‬ ‫د ّ‬
‫جابر ‪ ‬قال‪ :‬خرجنا في سفر‪ ،‬فأصاب رجل ً منا حجر فشجه في رأسه‪،‬‬
‫ثم احتلم‪ ،‬فسأل أصحابه‪ :‬هل تجدون في رخصة في التيمم؟ فقالوا‪ :‬ما‬
‫نجد لك رخصة‪ ،‬وأنت تقغدر علغى المغاء‪ ،‬فاغتسغل عمغات‪ ،‬فلمغا قغدمنا‬
‫على النبي ‪ ‬أخبر بذلك‪ ،‬فقغغال‪" :‬قتلغغوه قتلهغغم اللغغه‪ ،‬أل سغغألوا إذ لغغم‬
‫يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال‪ ،‬إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر غ أو‬
‫يعصب غ على جرحه خرقة‪ ،‬قم يمسح عليها‪ ،‬ويغسل سائر جسده"‪.‬‬
‫]العي‪ :‬التحير في الكلم‪ ،‬وقيل‪ :‬هو ضد البيان[‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫مدة المسح على الجيرة والعصبة‪:‬‬
‫ليس للمسح على الجبيرة أو العصابة مدة معينة‪ ،‬بل يظل يمسح عليها‬
‫ما دام العذر موجودًا‪ ،‬فإذا زال العذرغ بأن اندمل الجرح‪ ،‬وانجبر الكسغغر‬
‫غ بطل المسح ووجب الغسل‪ ،‬فإذا كان متوضغغئًا‪ ،‬وبطغغل مسغغحه‪ ،‬وجغغب‬
‫عليه إصابة العضو الممسوح وما بعده من أعضاء الوضوء‪ ،‬مسحا ً أو عل‬
‫حسب الواجب‪.‬‬
‫وحكم الجبائر واحد‪ ،‬سواء كغغانت الطهغغارة مغغن حغغدث أصغغغر أو حغغدث‬
‫أكبر‪ ،‬إل أنه في الحدث الكغغبر‪ ،‬إذا بطغغل المسغغح‪ ،‬وجغغب غسغغل موضغغع‬
‫العصابة أو الجبيرة فقط‪ ،‬ول يجب غسل سواها من البدن‪.‬‬
‫ويجب على واضع الجبيرة القضاء في المواضع التالية‪:‬‬
‫‪1‬غ إذا وضعها على غير طهر وتعذر نزعها‪.‬‬
‫‪2‬غ أو كانت في أعضاء التيمم‪ :‬الوجه أو اليدين‪.‬‬
‫‪3‬غ إذا أخذت من الصحيح أكثر من قدر الستمساك‪.‬‬

‫*****‬

‫عه‬
‫وا ُ‬
‫وأن َ‬
‫مه َ‬
‫حكا ُ‬
‫وأ ْ‬
‫غسل َ‬
‫ال ُ‬
‫معناه‪:‬‬
‫هو في اللغة‪ :‬سيلن الماء على الشيء‪ ،‬أيا كان‪.‬‬
‫وشرعًا‪ :‬جريان الماء على البدن بنية مخصوصة‪.‬‬
‫مشروعيته‪:‬‬
‫الغسغغل مشغغروع‪ ،‬سغغواء كغغان للنظافغغة‪ ،‬أم لرفغغع الحغغدث‪ ،‬سغغواء كغغان‬
‫شرطا ً لعبادة أم ل‪.‬‬
‫ودل على مشروعيته‪ :‬الكتاب والسنة والجماع‪.‬‬
‫أما الكتاب‪:‬‬

‫‪41‬‬
‫فآيات‪ ،‬منها قوله تعغالى‪) :‬إن اللغه يحغب التغوابين ويحغب المتطهريغن(‬
‫]سورة البقرة‪ :‬الية ‪ .[222‬أي المتنزهين عن الحدث والقغغدار الماديغغة‬
‫والمعنوية‪.‬‬
‫ما السنة‪:‬‬
‫وأ ّ‬
‫فأحاديث‪ ،‬منها‪ :‬ما رواه البخاري) ‪ ،(85‬ومسلم )‪(849‬عن أبغغي هريغغرة‬
‫‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪ " :‬حق على كل مسلم أن يغتسل فغي كغل‬
‫سبعة أيام يومًا‪ ،‬يغسل فيه رأسه وجسده " ‪.‬وعند مسلم‪ " :‬حق الله "‪.‬‬
‫والمراد بالحق هنا‪ :‬أنه مما ل يليق بالمسلم تركه‪ ،‬وحمله العلمغغاء علغغى‬
‫غسل يوم الجمعة‪ .‬وسيأتي مزيد من الدلة في مواضعها من البحث إن‬
‫شاء الله‪.‬‬
‫وأما الجماع‪:‬‬
‫فلقغغد أجمغغع الئمغغة المجتهغغدون علغغى أن الغسغغل للنظافغغة مسغغتحب‪،‬‬
‫والغسل لصحة العبادة واجب‪ ،‬ول يغرف ف هذا مخالف‪.‬‬
‫حكمة مشروعيته‪:‬‬
‫للغسل حكم كثيرة وفوائد متعددة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪1‬ل حصول الثواب‪:‬‬
‫لن الغسل بالمعنى الشرعي عبادة‪ ،‬إذ فيه امتثال لمر الشغغرع وعمغغل‬
‫بحكمه‪ ،‬وفي هذا أجر عظيم‪ ،‬ولذا قال عليه الصلة والسلم‪ " :‬الطهغغور‬
‫شطر اليمان " ]رواه مسلم‪ .[222 :‬أي نصفه أو جزء منه‪ ،‬وهو يشمل‬
‫الوضوء والغسل‪.‬‬

‫‪2‬ل حصول النظافة‪:‬‬


‫فإذا اغتسل المسلم تنظف جسمه مما أصابه من قذر‪ ،‬أو علق به مغغن‬
‫وسخ‪ ،‬أو أفرزه من عرق‪ .‬وفي هذه النظافة وقاية مغغن الجراثيغغم الغغتي‬
‫تسبب المراض‪ ،‬وتطييب الرائحغغة الجسغغم‪ ،‬ممغغا يغغدعو لحصغغول اللفغغة‬
‫والمحبة بين الناس‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(861‬ومسلم )‪ ،(847‬واللفظ لغغه‪ ،‬عغغن عائشغغة رضغغي‬
‫الله عنها قالت‪ :‬كان الناس أهل عمل‪ ،‬ولم يكن لهم كفاة‪ ،‬فكان يكغغون‬
‫لهم تفل‪ ،‬فقيل لهم‪ " :‬لو اغتسغغلتم يغغوم الجمعغغة "‪ .‬وفغغي روايغغة لهمغغا‪:‬‬
‫فقال رسول الله‪ " : ‬لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا "‪.‬‬
‫]كفاة‪ :‬أي من يكفونهم العمل من خدم وأجراء‪ .‬تقل‪ :‬رائحة كريهة[‪.‬‬
‫‪3‬ل حصول النشاط‪:‬‬
‫فإذا الجسغغم يكتسغغب بالغتسغغال حيويغغة نشغغاطًا‪ ،‬ويغغذهب عنغغه الفتغغور‬
‫والخمول والكسل‪ ،‬ول سغغيما إذا كغغان بعغغد أسغغبابه الموجبغغة‪ ،‬كالجمغغاع‪،‬‬
‫على ما سيأتي‪.‬‬
‫أقسام الغسل‪:‬‬
‫والغسل قسمان‪ :‬غسل مفروض‪ ،‬وغسل مندوب‪.‬‬
‫أول ً ل الغسل المفروض‪:‬‬

‫‪42‬‬
‫وهو الذي ل تصح العبادة المفتقرة إلى طهر بدونه‪ ،‬إذا وحدت أسبابه‪.‬‬
‫أسبابه‪ :‬الجنابة والحيض والولدة والموت‪.‬‬
‫)‪ (1‬الجنلللابة‬

‫معناها‪:‬‬
‫الجنابة‪ :‬في الصل معناها البعد‪ ،‬قال تعغالى‪) :‬فبصغرب بغه عغن جنغغب(‬
‫]سورة القصص‪ :‬الية ‪ .[11‬أي‪ :‬عن بعد‪ .‬وتطلغغق الجنابغغة علغغى المنغغي‬
‫المتدفق كما تطلق على الجماع‪.‬‬
‫وعليه فالجنب هو‪ :‬غير الطاهر‪ ،‬من إنزال أو جماع‪ .‬وسمي بغغذلك لنغغه‬
‫بالجنابة بعد عن أداء الصغغلة مغغا دام علغغى هغغذه الحالغغة‪ .‬والجنغغب لفغغظ‬
‫يستوي فيه المذكر جنب‪ ،‬ويقال للمؤنث جنب‪ ،‬ويقال للجمع جنب‪.‬‬

‫أسبابها‪:‬‬
‫وللجنابة سببان‪:‬‬
‫الول‪ :‬نزول المني من الرجل أو المرأة بأي سبب من السباب‪ :‬سغغواء‬
‫كان نزوله بسبب احتلم‪ ،‬أو ملعبة‪ ،‬أو فكر‪.‬‬
‫عن أم سلمة رضي الله عنهما قالت‪ :‬جاءت أم سليم إلى رسغغول اللغغه‬
‫‪ ‬فقالت‪ :‬يا رسول اللغغه‪ ،‬إن اللغغه ل يسغغتحيي مغغن الحغغق‪ ،‬فهغغل علغغى‬
‫المرأة غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله ‪ " : ‬نعم إذا رأت الماء "‬
‫]رواه البخاري‪ ،278 :‬ومسلم ‪.[313‬‬
‫]احتلمت‪ :‬رأت في نومها أنها تجامع[‪.‬‬
‫وروى أبو داود )‪ (236‬وغيره عن عائشة رضي اللغغه عنهغغا قغغالت سغغئل‬
‫رسول الله ‪ ‬عن الرجل يجد البلل ول يذكر احتلم غًا؟ فقغغال " يغتسغغل‬
‫"‪ .‬وعن الرجل يرى أن قد احتلم ول يجد البلل؟ فقال‪ " :‬ل غسغغل عليغغه‬
‫"‪ .‬فقالت أم سليم‪ :‬المرأة ترى ذلك‪ ،‬أعليها غسل؟ قال " نعم " النساء‬
‫شقائق الرجال "‪ .‬أي نظائرهم في الخلق والطبع‪ ،‬فكغغأنهم شغغققن مغغن‬
‫الرجال‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الجماع ولو من غير نزول المني‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(278‬ومسلم )‪ ،(348‬عن أبغغي هريغغرة ‪ ،‬عغغن النغغبي‬
‫‪ ‬قال‪ " :‬إذا جلغغس بيغغن شغغعبها الربغغع‪ ،‬ثغغم جهغغدها‪ ،‬فقغغد وجغغب عليغغه‬
‫الغسل "‪ .‬وفي رواية مسلم ‪ " :‬وإن لم ينزل "‪.‬‬
‫]شعبها‪ :‬جمغغع شغغعبة‪ ،‬وهغغي القطعغغة مغغن الشغغيء‪ ،‬والمغغراد هنغغا فخغغذا‬
‫المرأة وساقاها‪ .‬جهدها‪ :‬كدها بحركته[‪.‬‬
‫وفي رواية عند مسلم )‪ ،(349‬عن عائشغغة رضغغي اللغغه عنهغغا‪ " :‬ومغغس‬
‫الختان الختان فقد وجب الغسل " أي على الرجل والمرأة ل شتراكهما‬
‫في السبب‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫والختان‪ :‬موضع الختغغن‪ ،‬وهغغو عنغغد الصغغبي‪ :‬الجلغغدة الغغتي تغطغغي رأس‬
‫الذكر‪ .‬والمراد بمماسة الختانين‪ :‬تحاذيهما‪ ،‬وهو كناية عن الجماع‪.‬‬
‫ما يحرم بها‪:‬‬
‫ويحرم بالجنابة المور التالية‪:‬‬
‫ل‪ ،‬لقوله تعالى‪) :‬ل تقربوا الصلة وأنتم سغغكارى‬ ‫‪1‬غ الصلة فرضًا‪ ،‬أو نف ً‬
‫حتى تعلموا ما تقولون ول جنبا ً إل عابري سبيل حتى تغتسغغلوا( ]سغغورة‬
‫النساء‪ :‬الية ‪ .[43‬فالمراد بالصغغلة هنغغا مواضغغعها‪ ،‬لن العبغغور ل يكغغون‬
‫في الصلة‪ ،‬وهو نهي للجنب عن الصلة من باب أولى‪.‬‬
‫وروى مسلم )‪ (224‬وغيره‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله عنهمغغا قغغال‪ :‬إنغغي‬
‫سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪ " :‬ل تقبل صلة بغير طهور "‪ .‬وهو يشغغمل‬
‫طهارة المحدث والجنب‪ ،‬ويدل على حرمة الصلة منهما‪.‬‬
‫‪2‬غ المكث في المسجد والجلوس فيه‪ ،‬أما المرور فقط من غير مكغغث‬
‫ول تغغردد فل يحغغرم‪ :‬قغغال تعغغالى‪ ) :‬ول جنب غا ً إل عغغابري سغغبيل( ‪ .‬أي ل‬
‫تقربوا الصلة موضع الصلة غغ وهغغو المسغغجد غغ إذا كنتغغم جنبغا ً إل قغغرب‬
‫مرور وعبور سبيل‪ .‬وقال رسول الله ‪ " :‬ل أجل المسجد لحائض‪ ،‬ول‬
‫لجنب "‪.‬‬
‫] رواه أبو داود‪ ،[232 :‬وهو محمول على المكث كما علمت من اليغغة‪،‬‬
‫ولما سيأتي في الحيض‪.‬‬
‫ل‪ ،‬لن الطغغواف بمنزلغغة الصغغلة‪،‬‬ ‫‪3‬غ الطواف حول الكعبغغة فرضغًا‪ ،‬أو نف ً‬
‫فيشترط له الطهارة كالصلة‪ ،‬قال رسول الله ‪ ‬ك " الطواف بغغالبيت‬
‫صلة‪ ،‬إل أن الله أحل لكم فيه الكلم‪ ،‬فمن تكلم فل يتكلم إل بخير "‬
‫]رواه الحاكم‪ ،459 /1 :‬وقال‪ :‬صحيح السناد[‪.‬‬
‫‪4‬غ قراءة القرآن‪ :‬قال رسول اللغغه ‪ " : ‬ل تقغغرا الحغغائض‪ ،‬ول الجنغغب‬
‫شيئا من القرآن "‪] .‬رواه الترمذي‪ ،131:‬وغيره[‪.‬‬
‫ملحظة‪ :‬يجوز للجنب إمرار القرآن على قلبه من غيغغر بلفغغظ بغغه‪ ،‬كمغغا‬
‫يجوز له النظر فغغي المصغغحف‪ .‬ويجغغوز لغغه قغغراءة أذكغغار القغغرآن بقصغغد‬
‫الذكر‪ ،‬ل يقصد القراءة‪ ،‬وذلك كأن يقغغول‪) :‬ربنغغا أتنغغا فغغي الغغدنيا حسغغنه‬
‫وفي الخرة حسنة وقنا عذاب النار(] سورة البقرة‪ :‬الية ‪ .[201‬بقصغغد‬
‫الدعاء‪ .‬وكأن يقول إذا ركب دابة‪) :‬سبحان الذي سخر لنا هغغذا ومغغا كنغغا‬
‫له مقرنين( ]الزخرف‪ ،[13 :‬بقصد الذكر ل بقصد القراءة‪.‬‬
‫‪5‬غ مس المصحف وحمله أو مس ورقه‪ ،‬أو جلده‪ ،‬أو حمله في كيس أو‬
‫صندوق‪ :‬قال تعالى‪):‬ل يمسه إل المطهرون ( ]الواقعة‪.[79 :‬‬
‫وقغغال‪ " :‬ل يمغغس القغغرآن إل طغغاهر "] رواه الغغدارقطني‪،121 /1 :‬‬
‫ل‪.[199 /1 :‬‬ ‫ومالك في الموطأ مرس ً‬
‫ملحظة‪ :‬يجوز للجنب حمل المصحف إذا كان في أمتعة أو ثغغوب‪ ،‬ولغغم‬
‫يقصد حمله بالذاب‪ ،‬بل كان حمله تبعا ً لحمل المتعغغة مغغن القغغرآن‪ ،‬لن‬
‫فاعل ذلك ل يسمى عرفا ً حامل ً للقرآن‪.‬‬

‫‪44‬‬
45
‫)‪ (2‬الحيلللض‬
‫معناه‪:‬‬
‫حيض في اللغة‪ :‬السيلن‪ .‬يقال حاض الوادي إذا سال‪.‬‬
‫وفي الشرع‪ :‬دم جبلة غ أي خلقغغة وطبيعغغة غغ تقتضغغيه الطبغغاع السغغليمة‬
‫يخرج من أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة‪ ،‬في أوقات‬
‫معلومة‪.‬‬
‫دليله‪:‬‬
‫ودليل أن الحيض يوجب الغسل‪ :‬القرآن والسنة‪.‬‬
‫أمغغا القغغرآن‪ :‬فقغغوله تعغغالى‪) :‬ويسغغألونك عغغن المحيغغض قغغل هغغو أذى‬
‫فأعتزلوا النساء في المحيض ول تقربوهن حغغتى يطهغغرن فغغإذا تطهغغرن‬
‫فأتوهن من حيث أمركم الله (]سورة البقرة‪ :‬الية ‪.[222‬‬
‫وأما السنة ‪ :‬فقوله ‪ ‬لفاطمة بنت أبغغي حغغبيش رضغغي اللغغه عنهمغغا‪" :‬‬
‫فإذا أقبلغغت الحيضغغة فغغدعي الصغغلة‪ ،‬وإذا أدبغغرت فاغسغغلي عنغغك الغغدم‬
‫وصلي " ]رواه البخاري‪ ،226 :‬ومسلم ‪.[333‬‬
‫سن البلوغ‪:‬‬
‫يقصد بالبلوغ السن التي إذا بلغها النسان غ ذكرا ً أو أنثى غغغ أصغغبح أهل ً‬
‫لتغغوجه الخطغغاب إليغغه بغغالتكليف الشغغرعية‪ :‬مغغن صغغلة‪ ،‬وصغغوم‪ ،‬وحغغج‪،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫ويعرف البلوغ بأمور‪:‬‬
‫الول‪ :‬الحتلم بخروج المني‪ ،‬بالنسبة للذكر والنثى‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬رؤية دم الحيض بالنسبة للنثى‪ .‬والوقت الذي يمكن أن يحصل‬
‫فيه الحتلم‪ ،‬أو الحيض‪ ،‬فيكون قغغد تحقغغق البلغغوغ‪ ،‬هغغو اسغغتكمال تسغغع‬
‫سنين قمرية من العمر‪ .‬ثم التأخر عن هذا الغغوقت أو عغغدم التغغأخر إنمغغا‬
‫يتبع طبيعة البلد‪ ،‬وظروف الحياة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬باستكمال الخامسة عشرة مغغن العمغغر‪ ،‬بالسغغنين القمريغغة‪ ،‬إذا‬
‫لم يحصل الحتلم أو الحيض‪.‬‬
‫مدة الحيض‪:‬‬
‫وللحيض مدة دنيا‪ ،‬ومدى قصوى‪ ،‬ومدة غالبة‪:‬‬
‫فالمدة الدنيا غ وهي أقل مدة الحيض غ يوم وليلة‪.‬‬
‫والمدة القصوى غ وهي أكثر مدة الحيض غ خمسة عشر يوما ً بلياليها‪.‬‬
‫والمدة الغالبة غ ستة أيام أو سبعة‪.‬‬
‫ً‬
‫وأقل طهر بين الحيضتين خمسة عشر يوما‪ ،‬ول حد لكثر الطهغغر‪ ،‬فقغغد‬
‫ل تحيغغض المغغرأة سغغنة أو سغغنتين أو سغغنين‪ .‬وهغغذه التقغغادير مبناهغغا‬
‫الستقراء‪ ،‬أي تتبع الحوادث غ والوجود‪ ،‬وقد وجدت وقائع أثبتتها‪.‬‬
‫فإذا رأت المرأة دما ً أقل من مدة الحيض غ أي أقل من يوم وليلغغة غغ أو‬
‫رأت الدم بعد مدة أكثر الحيض غ أي أكثر من خمسة عشر يوما ً بلياليهغغا‬

‫‪46‬‬
‫غ ‪ ،‬اعتبر هذا الدم دم استحاضة‪ ،‬ل دم حيض‪ .‬وقد تميز دم الحيض عغغن‬
‫دم الستحاضة بلونه وشدته‪.‬‬
‫والستحاضة‪:‬‬
‫دم علة ومرض يخرج من عرق من أدنى الرحم يقال له العغغاذل‪ ،‬وهغغذا‬
‫الغغدم ينقغغض الوضغغوء‪ ،‬ول يغغوجب الغسغغل‪ ،‬ول يغغوجب تغغرك الصغغلة ول‬
‫الصوم‪ ،‬فالمستحاضة تغسل الدم‪ ،‬وتربط علغغى موضغغعه‪ ،‬وتتوضغغأ لكغغل‬
‫فرض‪ ،‬وتصلي‪.‬‬
‫روى أبو داود )‪ (268‬وغيره عن فاطمغغة بنغغت أبغغي حغغبيش‪ :‬أنهغغا كغغانت‬
‫تستحاض‪ ،‬فقغغال لهغغا النغغبي ‪ " : ‬إذا كغغان دم الحيضغغة فغغإنه دم أسغغود‬
‫يعرف‪ ،‬فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصغغلة‪ ،‬فغغإذا كغغان الخغغر فتوضغغئي‬
‫وصلي‪ ،‬فإنما هو غرق"‪.‬‬
‫]يعرف‪ :‬يغرفه النساء عادة‪ .‬عرق‪ :‬أي ينزف‪ .‬الخر‪ :‬الذي ليست صفته‬
‫كذلك[‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (236‬ومسلم )‪ (333‬عن عائشة رضي الله عنها قالت‪:‬‬
‫جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي ‪ ‬وقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إنغغي‬
‫امرأة استحاض فل أطهر‪ ،‬أفأدع الصلة؟ فقال رسول اللغغه ‪" ‬ل‪ ،‬إنمغغا‬
‫ذلك عرق وليس بالحيضة‪ ،‬فإذا أقبلغغت الحيضغغة فغغاتركي الصغغلة ‪ ،‬فغغإذا‬
‫ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي"‪.‬‬
‫ما يحرم بالحيض‪:‬‬
‫‪1‬غ الصلة‪ :‬لحاديث فاطمة بنت أبي حبيش رضغغي اللغغه عنهغغا السغغابقة‬
‫في الستحاضة‪.‬‬
‫‪2‬غ قراءة القغغرآن ومغغس المصغغحف وحملغغه لمغغا مغغر ايضغغأ فيمغغا يحغغرم‬
‫بالجنابة رقم )‪.(5 ،4‬‬

‫‪ -3‬المكث في المسجد ل العبور فيه‪ :‬لما مّر معك فيما يحغغرم بالجنابغغة‬
‫رقم)‪ .(2‬ومما يدل على أن مجرد العبور ل يحرم‪ ،‬بالضغغافة لمغغا سغغبق‪:‬‬
‫ما رواه مسلم)‪ (298‬وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت‪:‬قغغال لغغي‬
‫ض‪،‬‬‫حغغائ ِ ٌ‬
‫ت‪ :‬إن ّغغي َ‬ ‫قل ْغ ُ‬
‫د" ‪ .‬فَ ُ‬‫سج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫مَرة ِ‬ ‫خ ْ‬‫رسول الله ‪َ " : ‬ناوِليني ال ْ ُ‬
‫ك" ‪.‬‬ ‫ت في ي َد ِ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ك ل َي ْ َ‬
‫ضت َ ِ‬‫حي ْ َ‬
‫ن َ‬
‫فقال‪ ":‬إ ّ‬
‫حغغدانا‬ ‫مإ ْ‬‫قو ُ‬
‫وعن النسائي)‪ (1/147‬عن ميمونة رضي الله عنها قالت‪ :‬ت َ ُ‬
‫ض‪.‬‬‫حائ ِ ٌ‬ ‫ي َ‬ ‫طها وه ِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫سجد ِ فَت َب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرةِ إلى ال َ‬‫خ ْ‬
‫ِبال ُ‬
‫] الخمرة‪ :‬هي السجدة أو الحصير الذي يضعه المصلي ليصغغلي عليغه أو‬
‫يسجد[‪.‬‬
‫مر في الجنابة‪ ،‬رقم )‪.(3‬‬ ‫‪ -4‬الطواف‪ :‬ودل على ذلك ما ّ‬
‫وما رواه البخاري)‪ ،(290‬ومسلم)‪ ،(1211‬عن عائشة رضي اللغغه عنهغغا‬
‫ى‬
‫ت‪ ،‬فغدخل علغ ّ‬ ‫ضغ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫سغَر ٍ‬ ‫مغا كّنغا ب َ‬ ‫ج‪ ،‬فل ّ‬ ‫قالت‪ :‬خرجنا ل ُنغرى إل ّ الحغ ّ‬
‫َ‬
‫ت‪ :‬نعغغم ‪ ،‬قغال‪":‬‬ ‫ت؟" قُْلغ ُ‬ ‫سغ ِ‬‫ف ْ‬ ‫ك أن َ ِ‬‫ما ل َ ِ‬ ‫رسول الله ‪ ‬وأنا أبكي‪ ،‬قال‪َ " :‬‬

‫‪47‬‬
‫َ‬
‫ج‪ ،‬غير أن ل‬ ‫ضي الحا ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ضي َ‬ ‫م‪ ،‬فاق ِ‬ ‫ت آد َ‬ ‫على َبنا ِ‬ ‫ه َ‬
‫ه الل ُ‬ ‫مُر ك َت َب َ ُ‬ ‫هذا أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫إ ّ‬
‫ت"‪ .‬وفي رواية " حتى ت َط ُْهري"‪.‬‬ ‫تطوفي بالب َي ْ ِ‬
‫]ل نرى ‪ :‬ل نظن أنفسنا إل محرمين بالحج‪ .‬بسرف‪ :‬مكان قغغرب مكغغة‪.‬‬
‫ج من المناسك[ ‪.‬‬ ‫ت‪ .‬فاقضي‪ :‬افعلي ما يفعله الحا ّ‬ ‫ت‪ :‬أحض ِ‬ ‫أنفس ِ‬
‫ويحرم على الحائض زيادة على ذلك أمور أخرى وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬عبور المسجد والمرور فيه إذا خافت تلويثه‪ ،‬لن الدم نجس ويحغغرم‬
‫ل لها‬ ‫تلويث المسجد بالنجاسة وغيرها من القذار‪ ،‬فإذا أمنت التلويث ح ّ‬
‫المرور كما علمت‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ودليغغل ذلغغك مغغا‬ ‫ً‬
‫‪ -2‬الصوم‪ :‬فل يجوز للحائض أن تصغغوم فرضغا ول نف ً‬
‫رواه البخاري)‪ ،(298‬ومسلم)‪ ،(80‬عن أبي سعيد رضغغي اللغغه عنغغه‪ :‬أن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال في المرأة وقغغد سغغئل عغغن معنغغى نقصغغان دينهغغا‪" :‬‬
‫َ‬
‫م؟"‪.‬‬ ‫ص ْ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ل وَل َ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫م تُ َ‬ ‫ت لَ ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫حا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫سإ َ‬ ‫أل َي ْ َ‬
‫وعلى ذلك الجماع‪.‬‬
‫وتقضي الحائض مغا فاتهغا مغن صغوم الفغرض بعغد طهرهغا‪ ،‬ول تقضغي‬
‫الصلة‪ ،‬وإذا طهرت‪ -‬أي انتهى حيضغغها – وجغغب عليهغغا الصغغوم‪ ،‬ولغغو لغغم‬
‫تغتسل‪.‬‬
‫روى البخغغاري)‪ ،(315‬ومسغغلم)‪ (335‬واللفغغظ لغغه‪ ،‬عغغن معغغاذة قغغالت‪:‬‬
‫سألت عائشة رضي الله عنها فقلت‪ :‬ما بال الحائض تقضغي الصغوم ول‬
‫تقضي الصلة؟ قالت‪" :‬كغغان يصغغيبنا ذلغغك مغغع رسغغول اللغغه ‪ ، ‬فنغغؤمر‬
‫بقضاء الصوم‪ ،‬ول نغغؤمر بقضغغاء الصغغلة"‪ .‬ولعغغل الحكمغغة فغغي ذلغغك أن‬
‫الصلة تكثر فيشق قضاؤها بخلف الصوم‪.‬‬
‫‪ -3‬الوطء‪ -‬أي الجمغغاع – والسغغتمتاع والمباشغغرة بمغغا بيغغن السغغرة إلغغى‬
‫ذى فَغغاع ْت َزُِلوا ْ‬ ‫ل ه ُ غو َ أ َ ً‬ ‫ض قُ غ ْ‬ ‫ِ‬ ‫حي غ‬
‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ك عَ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬‫الركبة‪ :‬لقوله تعالى‪ :‬وَي َ ْ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫مغ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن فَأُتوهُ ّ‬ ‫ذا ت َط َهّْر َ‬ ‫ن فَإ ِ َ‬ ‫ى ي َط ْهُْر َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قَرُبوهُ ّ‬ ‫ض وَل َ ت َ ْ‬ ‫حي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ساء ِفي ال ْ َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫ري َ‬ ‫مت َطهّ ِ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن وَي ُ ِ‬ ‫واِبي َ‬ ‫ب الت ّ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫مَرك ُ ُ‬ ‫ثأ َ‬ ‫حي ْ ُ‬‫َ‬
‫ن ترك الوطء‪.‬‬ ‫] البقرة ‪ .[ 222:‬والمراد باعتزاله ّ‬
‫وروى أبو داود)‪(212‬عن عبدالله بن سعد ‪ :‬أنغغه سغغأل النغغبي ‪ : ‬مغغا‬
‫مغغا فّغغوقَ ال َِزاِر"‪ .‬والزار‬ ‫ك َ‬ ‫ض ؟ قغغال‪" :‬ل َغ َ‬ ‫ل لي من امرأتي وهي حائ ُ‬ ‫يح ّ‬
‫الثوب الذي يستر وسغغط الجسغغم ومغغا دون‪ ،‬وهغغو مغغا بيغغن السغغرة إلغغى‬
‫الركبة غالبًا‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫)‪ (3‬اللولدة‬
‫الولدة‪ ،‬وهي وضع الحمل‪:‬‬
‫قد تكون الولدة ول يعقب خغغروج الولغغد دم‪ ،‬فحكمهغغا حينئذ حكغغم‬
‫الجنابة‪ ،‬لن الولد منعقد من ماء المرأة وماء الرجل‪ .‬ول يختلف الحكغغم‬
‫مهما اختلف الحمل الموضوع‪ ،‬أو طريقة وضعه‪ .‬وإذا أعقب خروج الولد‬
‫دم – وهو الغالب – سمى نفاسًا‪ ،‬به أحكام إليك بيانها‪.‬‬
‫الّنفلاس‬
‫معناه‪:‬‬
‫النفاس لغغغة‪ :‬الغغولدة ‪ .‬وشغغرعًا‪ :‬الغغدم الخغغارج عقغغب الغغولدة‪ .‬وسغغمي‬
‫فساء‪.‬‬ ‫نفاسًا‪ ،‬لنه يخرج عقب خروج النفس‪ ،‬ويقال للمرأة ن ُ َ‬
‫والدم الذي يخرج أثناء الطلق‪ ،‬أو مع خروج الولغغد‪ ،‬ل يعتغغبر دم نفغغاس‪،‬‬
‫لتقدمه على خروج الولد‪ ،‬بل يعتبر دم فساد‪ ،‬وعلى ذلغغك تجغغب الصغغلة‬
‫أثناء الطلق ولو رأت الدم‪ ،‬وإذا لم تتمكن من الصلة ‪ ،‬وجب قضاؤها‪.‬‬
‫مدته‪:‬‬
‫وأقل مدة النفاس لحظة‪ ،‬وقد يمتد أيامًا‪ ،‬وغالبه أربعغغون يوم غا ً وأكغغثره‬
‫ستون‪ ،‬فما زاد عليا فهغو استحاضغغة والصغل فغغي هغغذا السغغتقراء‪ ،‬كمغا‬
‫علمت في مدة الحيض‪.‬‬
‫ما يحرم بالنفاس‪:‬‬
‫أجمع العلماء على أن النفاس كالحيض في جميع أحكامه‪.‬‬
‫رؤية الدم حال الحمل‪:‬‬
‫إذا رأت الحامل دمًا‪ ،‬وبلغت مدته أقل مدة الحيض – وهي يوم وليلغغة –‬
‫ولم يتجاوز أكثر مدة الحيض – وهي خمسة عشغغر يوم غا ً بلياليهغغا‪ -‬اعتغغبر‬
‫هذا الدم حيضا ً على الظهر‪ ،‬فتدع الصلة والصوم وكل مغغا يحغغرم علغغى‬
‫الحائض‪ .‬أما إذا كان الدم الذي رأته أقل من مدة الحيغغض‪ ،‬أو أكغغثر مغن‬
‫مدة أكثره‪ ،‬اعتبر القل والغزائد دم استحاضغة‪ ،‬وأخغغذ حكمغه مغن حيغث‬
‫الصلة وغيرها‪.‬‬
‫ً‬
‫وقيل‪ :‬الدم الذي تراه المرأة الحامل يعتبر دم استحاضغغة مطلقغا كيغغف‬
‫كان‪ ،‬وليس دم حيض‪ ،‬لن الحمغغل يسغغد مخغغرج الحيغغض‪ ،‬وهغغذا الغغغالب‬
‫الكثر‪ ،‬وحيض المرأة أثناء الحمل إن لم يكن ممتنعا ً فهو نادر جدًا‪.‬‬
‫مدة الحمل‪:‬‬
‫أقّلها‪ :‬وأقل مدة الحمل ستة أشهر أخذا ً مغغن اليغغتين الكريمغغتين‪:‬‬
‫ن‪] ‬لقمغان‪ . [14:‬أي فطغغامه عغغن‬ ‫مي ْ ِ‬
‫عغا َ‬ ‫صغال ُ ُ‬
‫ه فغي َ‬ ‫قوله تعغغالى‪:‬وَفِ َ‬
‫الرضاع‪.‬‬
‫فإذا كانت مغغدة مجمغغوع الحمغغل والرضغغاع ثلثيغغن شغغهرًا‪ ،‬وكغغانت مغغدة‬
‫الرضاع وحده عامين‪ ،‬كانت مدة الحمل ستة أشغغهر‪ ،‬وهغغي أقغغل مغغدته‪،‬‬

‫‪49‬‬
‫فإذا جاءت المرأة بولد بعد الزواج بأقغغل مغغن سغغتة أشغغهر وهغغو حغغي‪ ،‬ل‬
‫يثبت نسبه لبيه‪.‬‬
‫ً‬
‫غالبها‪ :‬وغالب مدة الحمل تسغغعة أشغغهر‪ ،‬أخغغذا مغغن واقغغع الحغغال فغغإن‬
‫عامة النساء يلدن بعد بدء الحمل بتسعة أشهر‪ ،‬أو يزيد على ذلك أيامغغا ً‬
‫قليلة‪ ،‬أو ينقص‪.‬‬
‫أكثرها‪ :‬وأكثر مدة الحمل عند الشافعي رحمه الله أربغغع سغغنين‪ ،‬وهغغي‬
‫مدة أن لم تكن ممتنعة فيهغغي نغغادرة للغايغغة‪ ،‬ولكنهغغا تقغغع‪ ،‬وقغغد وقعغغت‬
‫بالفعل‪ ،‬وعلى وقوعها بني الشافعي رحمه الله تعالى قوله‪.‬‬

‫) ‪ ( 4‬الملوت‬
‫إذا مات المسلم وجب على المسلمين تغسيله‪ ،‬وهو واجب كفغغائي‪ ،‬إذا‬
‫قام به البعض من أقربائه أو غيرهم سقط الطلب عن الخرين‪ ،‬وإذا لم‬
‫م الجميع‪ .‬وتجب نية الغسل على الغاسل ‪ .‬هغغذا فغغي غيغغر‬ ‫يقم به أحد أث ِ َ‬
‫سل‪ ،‬وسيأتي تفصغغيل أحكغغام الميغغت فغغي‬ ‫الشهيد‪ ،‬أما الشهيد فإنه ل يغ ّ‬
‫بحر الجنائز‪.‬‬
‫ن‬‫ودليل وجوب غسل الميت ما رواه ابغغن عغغابس رضغغي اللغغه عنهمغغا‪ :‬أ ّ‬
‫سغُلوه ُ ب ِ َ‬
‫مغاٍء‬ ‫ه‪ " :‬اغ ْ ِ‬
‫ه َنغاقَت ُ ُ‬ ‫حغرِم ِ ال ّغغذي وَقَ َ‬
‫صغت ْ ُ‬ ‫ل اللهِ ‪ ‬قال فغغي ال ُ‬
‫م ْ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫سد ْرٍ "‬‫وَ ِ‬
‫]رواه البخاري‪ ،1208:‬ومسلم‪.[1206:‬‬
‫]وقصته‪ :‬رمته وداست عنقه[‪.‬‬

‫ثانيا ً – الغسل المندوب‪:‬‬


‫وبعبارة أخرى‪ :‬الغسغغال المسغغنونة‪ ،‬وهغغي الغغتي تصغغح الصغغلة بغغدونها‪،‬‬
‫ولكن الشرع ندب إليها لعتبارات كثيرة ‪ ،‬وإليك بيانها‪:‬‬
‫‪ -1‬غسل الجمعة‪:‬‬
‫مشروعيته‪:‬‬
‫ن الغسل يوم الجمعة لمن يريد حضور الصغغلة‪ ،‬وإن لغغم تجغغب‬ ‫ُيس ّ‬
‫ة‪ ،‬أو صغغغير‪ ،‬وقيغغل‪ :‬يسغغن الغسغغل لكغغل‬ ‫عليه الجمعة‪ :‬كمسافرٍ أو امغغرأ ٍ‬
‫أحد‪ ،‬حضر الجمعة أم ل – انظر مشروعية الغسل ص ‪ -72‬ودليل ذلغغك‪،‬‬
‫ْ‬ ‫ذا أ َراد أ َحدك ُ َ‬
‫ل" )رواه البخغغاري‪:‬‬ ‫سغ ْ‬‫ة فَل ْي َغْت َ ِ‬‫معَ غ َ‬‫ج ُ‬
‫ن ي َغأتي ال ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫قوله‪" : ‬إ َ َ َ َ ُ ْ‬
‫‪ ،837‬ومسلم‪ ،844:‬واللفظ له(‪ .‬والمر هنغغا للنغغدب‪ ،‬بغغدليل قغغوله ‪: ‬‬
‫ل َفال ْغُس غ ُ َ‬ ‫"من تو َ‬
‫ل أفْ َ‬
‫ضغ ُ‬
‫ل"‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫سغ َ‬‫ن اغ ْت َ َ‬ ‫مغ ِ‬ ‫ت‪ ،‬وَ َ‬ ‫ة فَِبهغغا ون ِعْ َ‬
‫مغ ْ‬ ‫معَ َ‬
‫ج ُ‬
‫م ال ُ‬
‫ضأ ي َوْ َ‬ ‫َ ْ َ َ ّ‬
‫)رواه الترمذي‪. (497:‬‬
‫وقته‪:‬‬
‫ووقت الغسل يوم الجمعغة يغدخل بغأذان الفجغر الصغادق‪ ،‬وتقريبغه مغن‬
‫ذهابه إلى الجمعة أفضل‪ ،‬لنه أبلغغغ فغي حصغول المقصغود مغن الغسغغل‬

‫‪50‬‬
‫وهو تطيب رائحة جسمه‪ ،‬وإزالة العرق والرائحة الكريهغغة‪ ،‬لن السغغلم‬
‫ن غسغغل الجمعغغة مغغن أجغغل اجتمغغاع النغغاس‪ ،‬لئل يتغغأذى بعضغهم‬
‫إنما سغ ّ‬
‫لرائحة كريهة‪ ،‬لذلك نهى النبي ‪ ‬عن أكغغل الثغغوم والبصغغل‪ ،‬لمغغن يريغغد‬
‫حضور الصلوات في المساجد‪.‬‬
‫‪ -2‬غسل العيدين‪:‬‬
‫مشروعيته‪:‬‬
‫ويسن الغسل يوم عيد الفطر‪ ،‬ويم عيد الضغغحى‪ ،‬لمغغن أراد أن يحضغغر‬
‫ن الغسل له‪.‬‬ ‫الصلة ولمن لم يحضر‪ ،‬لن يوم العيد يوم زينة ‪ ،‬فس ّ‬
‫ودليله‪ :‬ما رواه مالك في الموطأ)‪ (1/177‬أن عبدالله بغغن عمغغر رضغغي‬
‫صّلى‪.‬‬ ‫ل يوم الفط ْر‪ ،‬قَب َ َ‬
‫م َ‬
‫دو إلى ال ُ‬
‫ن ي َغْ ُ‬
‫لأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫س ُ َ ْ َ ِ ِ‬ ‫ن ي َغْت َ ِ‬
‫الله عنهما كا َ‬
‫وقيس بيوم الفطر يوم الضحى‪.‬‬
‫ضد عمل الصحابي هذا‪ :‬قياس غسل العيدين علغغى غسغغل الجمعغغة‪،‬‬ ‫وي َعْ ُ‬
‫لن المعنى فيهما واحد‪ ،‬وهو التنظف لجتماع الناس‪.‬‬
‫وروى ابن ماجه )‪ (1315‬بسند فيه ضغغعف‪ ،‬عغغن ابغغن عبغغاس ‪ ‬عنهمغغا‬
‫قال‪ :‬كان رسول اللغغه ‪ ‬يغتسغغل يغغوم الفطغغر‪ ،‬ويغغوم الضغغحى ويقغغوي‬
‫الحديث ما سبق من عمل الصحابي والقياس‪.‬‬
‫وقته‪:‬‬
‫ووقت غسل العيدين يبدأ ينصف الليل من ليلة العيد‪.‬‬

‫‪3‬ل غسل الكسوفين‪ :‬كسوف الشمس‪ ،‬وخسوف القمر‪:‬‬


‫مشروعيته‪:‬‬
‫ويسن الغسل لصلة كسوف الشمس‪ ،‬وخسوف القمر‪.‬‬
‫ودليل ذلك القياس على الجمعة لنها في معناها مغغن حيغغث مشغغروعية‬
‫الجماعة فيها‪ ،‬واجتمع الناس لها‪.‬‬
‫وقته‪:‬‬
‫ويدخل وقت الغسل للكسوفين ببدء الكسوفين‪ ،‬وينتهي بانجلئهما‪.‬‬
‫‪4‬ل غسل الستسقاء‪:‬‬
‫أي لصلة الستسغغقاء يسغغن الغسغغل قبغغل الخغغروج لصغغلة الستسغغقاء‪،‬‬
‫قياسا ً على غسل الكسوفين‪.‬‬
‫‪5‬ل الغسل من غسل الميت‪:‬‬
‫ويسن لمن غسل ميتا ً أن يغتسل‪.‬‬
‫ودليل ذلك قوله ‪" :‬من غسل ميتا ً فليغتسل"‪] .‬رواه أحمد وأصغغحاب‬
‫السغنن وحسغنه الترمغذي )‪ .[(993‬وصغرفه عغن الوجغوب قغوله ‪" : ‬‬
‫وليغس عليكغم فغي غسغل ميتكغم غسغل إذا غسغلتموه" ]رواه الحغاكم‪:‬‬
‫‪.[1/386‬‬
‫‪6‬ل الغسال المتعلقة بالحج‪:‬‬
‫)أ( الغسل للحرام بالحج أو العمرة‪:‬‬

‫‪51‬‬
‫ودليله ما رواه الترمذي )‪ (830‬عغغن زيغغد بغن ثغابت النصغاري ‪ : ‬أنغغه‬
‫رأى النبي ‪" ‬تجرد لهلله واغتسل"‪.‬‬
‫]تجرد لهلله‪ :‬أي نزع ثياب للحرام‪ ،‬والهلل‪ :‬رفع الصوت بالتلبية عند‬
‫الحرام‪ ،‬ويطلق على الحرام نفسه[‪.‬‬
‫)ب( الغسل لدخول مكة‪ :‬ودليله‪ :‬أن ابن عمر ‪ ‬كغغان ل يقغغدم مكغغة‬
‫إل بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل‪ ،‬ثم يدخل مكة نهارًا‪ ،‬وكان يغغذكر‬
‫عن النبي ‪ ‬أنه فعله‪) .‬رواه البخاري‪ ،1478 :‬ومسلم‪ ،1259 :‬واللفظ‬
‫له(‪.‬‬
‫)ج( الغسل للوقوف بعرفة بعد الزوال‪:‬‬
‫والفضل أن يكون بنمرة قرب عرفات‪.‬‬
‫ودليله‪ :‬أن عليا ً ‪ ‬كان يغتسل يوم العيدين ويوم الجمعة‪ ،‬ويوم عرفغغة‪،‬‬
‫‪((1‬‬
‫وإذا أراد أن يحرم‬
‫وروى مالك في الموطأ )‪ (1/322‬عغغن نغغافع‪ :‬أن عبغغدالله بغغن عمغغر ‪‬‬
‫كان يغتسل لحرامغغه قبغغل أن يحغغرم‪ ،‬ولغغدخوله مكغغة‪ ،‬ولوقغغوفه عشغغية‬
‫عرفة‪.‬‬
‫)د( الغسل لرمي الجمار فللي كللل يللوم مللن أيللام التشللريق‬
‫الثلثة بعد الزوال‪:‬‬
‫لثار وردت في ذلك كله‪ ،‬ولنها مواضع اجتمغغاع النغغاس فأشغغبه الغسغغل‬
‫لها غسل الجمعة‪.‬‬
‫والجمار‪ :‬هي الواضع الني يرمى فيها الحصى بمنى‪ ،‬وتطلق أيضا ً علغغى‬
‫الحصيات التي يرمى بهن‪.‬‬
‫)هل( الغسل لدخول المدينة المنورة‪:‬‬
‫إن تيسر له ذلك‪ ،‬قياسا ً على استحبابه لدخول مكة‪ ،‬لن كل ً منهما ببلغغد‬
‫محرم‪ ،‬فإن لغغم يسغغتطع اغتسغغل قبغغل دخغغول مكغغة‪ ،‬لن كل ً منهمغغا بلغغد‬
‫محرم‪ ،‬فإن لم يستطع اغتسل قبل دخوله مسجد النبي ‪. ‬‬
‫الكيفية الواجبة‪:‬‬
‫هي عبارة عن أمرين‪ ،‬يعبر عنهما في الفقه بفرائض الغسل‪:‬‬
‫الول‪ :‬النية عند البدء يغسل الجسم‪ ،‬لحديث‪" :‬إنما العمال بالنيات"‪.‬‬
‫وكيفيتها‪ :‬أن يقول بقلبه غ وإذا تلفظ بلسانه كان أفضل غ ‪ :‬نويت فرض‬
‫الغسل أو نويت رفع الجنابة‪ ،‬أو استباحة الصلة‪ ،‬أو استباحة مفتقر إلى‬
‫غسل ‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬غسل جميع ظاهر الجسم بالمغغاء‪ ،‬بشغغرة وشغغعرًا‪ ،‬مغغع إيصغغال‬
‫الماء إلى باطن الشعر وأصوله‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(253‬عن جابر ‪ ،‬وقد سئل عن الغسل‪ ،‬فقغغال‪ :‬كغغان‬
‫النبي ‪ ‬يأخذ ثلثة أكغغف ويفضغغها علغغى رأسغغه‪ ،‬ثغغم يفيغغض علغغى سغغائر‬
‫جسده ‪.‬‬

‫رواه الشافعي في مسنده )الم‪.(107 /6 :‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫‪52‬‬
‫]أكف‪ :‬أي عرفات بكفيه‪ ،‬كما ورد في رواية عند مسغغلم )‪" :(329‬ثلث‬
‫حفنات"‪] .‬والحفنة‪ :‬ملء الكفين‪ .‬يفيضها‪ :‬يصبها‪ .‬سائر‪ :‬باقي[‪.‬‬
‫وعند مسلم )‪ (330‬وغيره‪ ،‬عن على ‪ ‬قال‪ :‬سغغمعت رسغغول اللغغه ‪‬‬
‫يقول‪" :‬من ترك موضع شعره من جنابة لم يصيبها المغغاء فعغل اللغه بغه‬
‫كذا وكذا من النار"‪ .‬قغغال علغغي‪ :‬فمغغن ثغغم عغغاديت شغغعري ‪.‬وكغغان يجغغز‬
‫شعره ‪ ‬أي يحلقه‪.‬‬
‫الكيفية المسنونة‪:‬‬
‫ويعبر عنها في الفقه بسنن الغسل‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪1‬غ يغسل يده خارج إناء الماء ثم يغسل بيسغغاره فرجغغه علغغى بغغدنه مغغن‬
‫قذر‪ ،‬ثم يدلكها بمنظف‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ، (254‬ومسلم )‪ ،(317‬عن ابن عباس ‪ ‬قغغال‪ :‬قغغالت‬
‫ميمونة ‪ :‬وضعت للنبي ‪ ‬ماء للغسل فغسغغل يغغديه مرتيغغن أو ثلث غا ً ثغغم‬
‫أفرغ على شماله‪ ،‬فغسل مذاكيره‪ ،‬ثم مسح يديه بالرض‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وأن أخر رجليه حتى نهاية الغسل فل بأس‪.‬‬ ‫‪2‬غ يتوضأ وضوءا ً كام ً‬
‫‪3‬غ يخلل شعر رأسه بماء‪ ،‬ثم يغسل رأسه ثلثًا‪.‬‬
‫‪4‬غ يغسل شقه اليمن ثم اليسر‪.‬‬
‫دل على هغغذه السغغنن مغغا رواه البخغغاري )‪ ،(245‬ومسغغلم )‪ ،(316‬عغغن‬
‫عائشة رضي الله عنها‪ :‬أن النغغبي ‪ ‬كغغان إذا أغتسغغل مغغن الجنابغغة بغغدأ‬
‫فغسل يغغديه‪ .‬وفغغي روايغغة عنغغد مسغغلم‪ :‬ثغغم يفغغرغ بيمينغغه علغغى شغغماله‬
‫فيغسغل فرجغه‪ .‬وعنغد البخغاري )‪ (246‬عغن ميمونغة رضغي اللغه عنهغا‪:‬‬
‫وغسل فرجه وما أصابه من الذى‪ ،‬ثغغم يتوضغغأ كمغغا يتوضغغأ للصغغلة‪ ،‬ثغغم‬
‫يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره‪ ،‬ثم يصغغب علغغى رأسغغه‬
‫ثلث غرف بيده ثم يفيض الماء على جلده كله‪.‬‬
‫ودل علغغى اسغغتحباب البغغدء بالشغغق اليمغغن مغغا رواه البخغغاري )‪،(166‬‬
‫ومسلم )‪ ،(268‬عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬كان النبي ‪ ‬يعجبغغه‬
‫التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله‪ ].‬ترجله‪ :‬تسريح شغغعر‬
‫رأسه‪ .‬طهوره‪ :‬وضوئه وغسله[‪.‬‬
‫‪5‬غ يدلك جسمه ويولي غ أي بتتابع غغ بيغغن غسغغل العضغغاء‪ ،‬خروج غا ً مغغن‬
‫خلف من أوجب ذلك وهم الملكية‪.‬‬
‫‪6‬غ يتعهد معغغاطفه بالغسغغل‪ ،‬وذلغغك بغغان يأخغغذ المغغاء فيغسغغل كغغل‬
‫موضع من جسمه فيه انعطاف أو التواء‪ ،‬كالذنين وطيات البطن وداخل‬
‫السرة والبط ‪ ،‬وإن غلب على ظنه أن المغغاء ل يصغغل غليهمغغا إل بغغذلك‬
‫كان واجبًا‪.‬‬
‫‪7‬غ تثليث أعمال الغسل قياسا ً على الوضوء‪.‬‬
‫مكروهات الغسل‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫‪1‬غ السراف في الماء لما مر معك في مكروهغغا الوضغغوء‪ ،‬ولنغغه خلف‬
‫فعله ‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(198‬ومسلم )‪ ،(325‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬كان النبي ‪‬‬
‫يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ‪ ،‬ويتوضأ بالمد‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(349‬ومسغغلم )‪ ،(327‬عغغن جغغابر ‪ ‬وقغغد سغغئل عغغن‬
‫الغسل فقال‪ :‬يكفيك صاعًا‪ ،‬فقال رجغغل‪:‬مغغا يكفينغغي؟ فقغغال جغغابر كغغان‬
‫نكفي من هو أوفي منك شعرا ً وخير منك‪.‬‬
‫] أوفي‪ :‬أكثر‪ ،‬ويعني النبي ‪ .‬والصغغاع‪ :‬أربعغغة أمغغداد‪ ،‬والمغغد‪ :‬يسغغاوي‬
‫مكعبا ً طول حرفه ‪9 ،2‬سم[‪.‬‬
‫‪2‬غ الغتسال في الماء الراكد‪ :‬لما رواه مسلم )‪ ،(283‬وغيغغره‪،‬‬
‫عن أبي هريغغرة ‪ ‬أن النغغبي ‪ ‬قغغال‪" :‬ل يغتسغغل أحغغدكم فغغي‬
‫الماء الدائم وهو جنب"‪ .‬فقالوا‪ :‬يا أبا هريرة‪ .‬كيف يفعل؟ قغغال‪:‬‬
‫ل‪ .‬أي يأخذه بيده‪ ،‬أو بإناء صغير‪ .‬وينوي الغتراف إن‬ ‫يتناوله تناو ً‬
‫ل‪ ،‬حغغتى ل يصغغير مسغغتعمل ً بمباشغغرته بجغغزء مغغن‬ ‫كان المغغاء قلي ً‬
‫بدنه‪ .‬أو يأخغغذ قليل ً مغغن المغغاء مغغن الوعغغاء قبغغل أن ينغغوي رفغغع‬
‫الجنابة‪ ،‬ثم ينوي ويغسل به يده‪ ،‬ثم يتناول بها الماء‪.‬‬
‫والحكمة من هذا النهي‪ :‬أن النفس تتقزز من النتفاع بالمغغاء المغتسغغل‬
‫فيه بأي وجه‪ ،‬إلى جانب إضاعة الماء‪ ،‬بخروجه عغغن صغغلحيته للتطهيغغر‪،‬‬
‫إن كان أقغغل مغغن قلغغتين‪ ،‬لنغغه يصغغبح مسغغتعمل ً بمجغغرد الغتسغغال فيغغه‪،‬‬
‫والناس في الغالب يحتاجون إلى النتفاع بالماء الراكد‪ ،‬فلذلك نهي عن‬
‫الغتسال فيه‪.‬‬
‫مم‬
‫التلي َ ّ‬
‫يسر السلم‪:‬‬
‫علمنا أن الوضوء شغغرط لصغغحة الصغغلة‪ ،‬والطغغواف‪ ،‬ومغغس المصغغحف‬
‫وحملغغه‪ ،‬والوضغغوء إنمغغا يكغغون بالمغغاء‪ ،‬إل أن النسغغان قغغد يتعغغذر عليغغه‬
‫استعمال الماء‪ :‬إما لفقده‪ ،‬أو بعده‪ ،‬أو لمرض يمنع من استعماله‪ ،‬فمن‬
‫يسر السلم وسماحته أنغغه شغغرع الغغتيمم بغغالتراب الطغغاهر عوض غا ً عغغن‬
‫الوضوء أو الغسل‪ ،‬حتى ل يحرم المسلم من بركة العبادة‪.‬‬
‫معنى التيمم‪:‬‬
‫والتيمم في اللغة‪ :‬القصد‪ ،‬يقال‪ :‬تيممت فلنا ً أي قصدته‪.‬‬
‫والتيمم في الشرع‪ :‬إيصال تراب طهور للوجه واليدين بنية‪ ،‬وعلى وجه‬
‫مخصوص‪.‬‬
‫دليل مشروعيته الكتاب والسنة‪:‬‬

‫‪54‬‬
‫أما الكتاب فقوله تعالى‪) :‬وإن كنتم مرضى أو علغغى سغغفر أو جغغاء أحغغد‬
‫منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا ً طيبًا‪،‬‬
‫فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه(‪) .‬سورة المائدة‪.(6:‬‬
‫وأما السنة فقوله ‪ " : ‬وجعلت لنا الرض كلها مسجدًا‪ ،‬وجعلت تربتها‬
‫لنا طهورا ً إذا لم نجد الماء "]رواه مسلم‪.[522 :‬‬
‫أسباب التيمم‬
‫‪1‬غ فقد الماء حسًا‪ :‬كأن كان في سفر ولم يجغغد مغغاء‪ ،‬أو فقغغده شغغرعًا‪:‬‬
‫وذلك كأن كان معه ماء ولكنغغه يحتغغاج إليغغه لشغغربه‪ ،‬قغغال تعغغالى‪) :‬فلغغم‬
‫تجدوا ماء فتيمموا(‪ .‬والمحتاج إليغغه لشغغربه ونحغغوه فغغي حكغغم المفقغغود‬
‫بالنسبة للطهارة‪.‬‬
‫‪ -2‬بعد الماء عنه‪ :‬فإذا كان بمكان ل ماء فيه‪ ،‬وبينه وبين المغغاء مسغغافة‬
‫فوق نصف فرسخ – أي ما يساوي أكثر من كيلوين متر ونصغغف الكيلغغغو‬
‫متر)‪2.5‬كم( – فإنه يتيمم ول يجب عليه أن يسعى إلى الماء للمشقة‪.‬‬
‫‪ -3‬تعذر استعمال الماء‪ :‬إما حسًا‪ ،‬وذلك كأن الماء قريبا ً منه لكنه كغغان‬
‫بقربه عدو يخاف منه‪.‬‬
‫وإما شرعًا‪ :‬وذلك كغغأن ُيخغغاف مغغن اسغغتعمال المغغاء حغغدوث مغغرض‪ ،‬أو‬
‫زيغغادته‪ ،‬أو تغغأخر الشغغفاء‪ .‬ففغغي هغغذه الحغغالت يغغتيمم ول يجغغب عليغغه‬
‫ج رأسغغه ثغغم اغتسغغل فمغغات‪":‬إّنمغغا‬ ‫استعمال الماء لقوله ‪ ‬في الذي ش ّ‬
‫ّ‬
‫سغغ َ‬
‫ل‬ ‫ح ع َل َْيها وَي َغْ ِ‬‫س َ‬
‫م َ‬ ‫جْرحه خرقة ث ُ ّ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ب على ُ‬‫ص َ‬
‫م وَي َعْ ِ‬
‫م َ‬
‫فيهِ أن ي َت َي َ ّ‬ ‫ن ي َك ْ ِ‬
‫كا َ‬
‫ه" ‪.‬‬
‫سد ِ ِ‬
‫ج َ‬ ‫سائ َِر َ‬‫َ‬
‫]انظر دليل مشروعية المسح على الجبيرة[ ‪.‬‬
‫‪ -4‬البرد الشديد‪ :‬الغغذي يخغغاف معغغه اسغغتعمال المغغاء‪ ،‬ولغغم يقغغدر علغغى‬
‫تسخينه‪ ،‬لن عمرو بن العاص رضي الله عنغغه تيمغغم عغغن جنابغغة لخغغوف‬
‫الهلك من البرد‪ ،‬وأقره النبي ‪] . ‬رواه أبو داود‪ ،‬وصححه الحاكم وابن‬
‫حبان[‪ .‬لكنه يقضي الصلة في هذه الحالة عند وجود الماء‪.‬‬
‫شرائط التيمم‪:‬‬
‫‪ -1‬العلم بدخول الوقت‪.‬‬
‫‪ -2‬طلب الماء بعد دخول الوقت‪.‬‬
‫ص فيه‪.‬‬
‫ج ّ‬
‫‪ -3‬التراب الطهور الذي ل غبار ول دقيق ول ِ‬
‫‪ -4‬أن يزيل النجاسة أو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -5‬وأن يجتهد في القبلة قبله‪.‬‬
‫أركانه‪:‬‬
‫وأركان التيمم أربعة وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬النية‪ :‬ومحلها القلغغب كمغغا علمغغت‪ ،‬فيقصغغد فغغي قلبغغه فعغغل الغغتيمم‪،‬‬
‫ويسغغن أن يتلفغغظ بلسغغانه فيقغغول‪ :‬نغغويت اسغغتباحة الصغغلة‪ ،‬أو فغغرض‬
‫الصلة‪ ،‬أو نفلها‪ ،‬ونحو ذلك مما يقصد فعله‪ ،‬فإذا نوى اسغغتباحة الفغغرض‬
‫جاز له فعل النوافل معه‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -2‬مسح وجهه ويديه إلى المرافقين بضربتين وذلك بأن يضغغرب بكفيغغه‬
‫على التراب الطاهر الذي له غبار ويمسح بهما جميع وجهه‪.‬‬
‫ويضرب بيديه ثانيغغة علغغى الغغتراب‪ ،‬ويمسغغح بهمغغا يغغديه إلغغى المرفقيغغن‬
‫ويمسح بيده اليسرى يده اليمنى‪ ،‬وبيده اليمنى يده اليسرى‪.‬‬
‫روى الدارقطني)‪ (1/256‬عن ابن عمر رضي الله عنهما عغغن النغغبي ‪‬‬
‫ة لليدين إلى المرفقين"‪.‬‬ ‫ة للوجه وضرب ٌ‬‫ن‪ :‬ضرب ٌ‬‫ضْرَبتا ِ‬
‫مم َ‬‫قال‪" :‬التي ّ‬
‫ويستوعب العضو بالمسح‪ ،‬فإذا كغغان فغغي يغغده خغغاتم وجغغب نزعغغه فغغي‬
‫الضربة الثانية‪ ،‬حتى يصل التراب إلى موضعه‪.‬‬
‫‪ -3‬الغغترتيب علغغى هغغذا الشغغغكل الغغذي ذكرنغغا‪ :‬لن الغغتيمم بغغدل عغغن‬
‫الوضوء ‪ ،‬والترتيب ركن في الوضوء كما علمت‪ ،‬فهو ركن في بدله من‬
‫ب أولى‪.‬‬‫با ٍ‬
‫سنن التيمم‪:‬‬
‫‪ -1‬يسن فيه ما يسن في الوضوء‪ ،‬من التسمية أولغغه‪ ،‬وأن يبغغدأ بغغأعلى‬
‫الوجه‪ ،‬ويقغغدم اليغغد اليمنغغى بالمسغغح علغغى اليسغغرى‪ ،‬كمغغا علمغغت‪ ،‬وأن‬
‫يمسح جزءا ً من الرأس وجزءا ً من العضد‪ ،‬وأن يوالي بين مسغغح الغغوجه‬
‫واليدين‪ ،‬وأن يتشهد بعده ويدعو بالدعاء المأثور بعد الوضوء‪.‬‬
‫روى أبغغو داود )‪ (318‬عغغن عمغغار بغغن ياسغغر رضغغي اللغغه عنهمغغا‪ :‬أنهغغم‬
‫تمسحوا وهم مع رسول الله ‪ ‬بالصعيد لصلة الفجر‪ ،‬فضغغربوا بغأكفهم‬
‫الصعيد مرة أخرى‪ ،‬فمسحوا بأيغغديهم كلهغغا إلغغى المنغغاكب والبغغاط مغغن‬
‫بطون أكفهم‪.‬‬
‫] المناكب‪ :‬جمع منكب‪ ،‬وهو مجتمع العضد مع الكتف‪،‬‬
‫والباط‪ :‬جمع إبط‪ ،‬وهو ما تحت المنكب[‪.‬‬
‫‪ -2‬تفريق الصابع عند الضرب علغغى الغغتراب‪ ،‬إثغغارة للغبغغار‪ ،‬واسغغتيعاب‬
‫الوجه بضربة واحدة‪ ،‬وكذلك اليدين‪.‬‬
‫‪ -3‬تخفيف التراب‪ ،‬بنفض الكفين أو النفع فيهما‪ ،‬لما رواه البخاري مغغن‬
‫حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه‪ :‬أن رسول الله ‪ ‬قال له ‪ ":‬إّنمغغا‬
‫ذا" فضرب بكفيه ضربة علغغى الرض ثغغم نفضغغهما –‬ ‫صن َعَ هَك َ َ‬ ‫كفي َ َ‬
‫يَ ْ‬
‫نت ْ‬
‫كأ ْ‬
‫وفي رواية أخرى ‪ :‬ونفخ فيهما – ثم مسح بهما‪.‬‬
‫التيمم بعد دخول الوقت‪:‬‬
‫من توفرت فيه أسباب التيمم ليس له أن يتيمم لصلة الفريضة إل بعد‬
‫صغغلة ُ فَل ُْيصغ ّ‬ ‫َ‬ ‫دخول وقتها‪ ،‬لقوله ‪ ":‬فَأ َيما رجل م ُ‬
‫ل"‬ ‫ن أمغغتي أد َْرك َت ْغ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫ّ َ ُ ٍ ِ ْ‬
‫]رواه البخغغاري‪ [328:‬وعنغغد أحمغغد )‪":(2/222‬أينمغغا أدركتنغغي الصغغلة‬
‫تمسحت وصغغليت" أي تيممغغت وصغغليت‪ .‬فقغغد دلغغت الروايتغغان علغغى أن‬
‫التيمم يكون عند إدراك الصلة‪ ،‬ول يكغغون إدراك الصغغلة إل بعغغد دخغغول‬
‫وقتها‪.‬‬

‫التيمم لكل فريضة‪:‬‬

‫‪56‬‬
‫ول يصلي بالتيمم إل فرضا ً واحدًا‪ ،‬ويصلي ما شغغاء مغغن السغغنن وكغغذلك‬
‫صلة الجنازة‪ ،‬فإذا أراد أن يصلي فرضا ً آخر تيمم‪ ،‬وإن لم يحغغدث بعغغدد‬
‫تيممه الول‪ ،‬وسواء كانت الصلة أداًء أم قضاًء ‪.‬‬
‫روى البيهقي )‪ (1/221‬بإسناد صحيح‪ ،‬عن ابن عمر رضغغي اللغغه عنهمغغا‬
‫قال‪ " :‬يتيمم لكل صلة وإن لم يحدث " ‪.‬‬
‫التيمم بدل الغسل فريضة‪:‬‬
‫يكون التيمم – عند توفر أسبابه – بدل الغسل لمن كان في حاجة إليه‪،‬‬
‫كما يكون بدل الوضوء‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬وإن كنتم جنبا ً فاطهروا وأن كنتم مرضغغى أو علغغى سغغفر‬
‫أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا مغغاًء فغغتيمموا‬
‫‪] ‬المائدة‪[6:‬‬
‫] الغائط ‪ :‬مكان قضاء الحاجة‪ .‬لمستم‪ :‬لمستم[‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪ ،(341‬ومسلم )‪ ،(682‬عغن عمغران بغن حصغين رضغي‬
‫الله عنهما قال‪:‬كّنا مع رسول الله ‪ ‬في سفر‪ ،‬فصلى بالناس‪ ،‬فإذا هو‬
‫برجل معتزل‪ ،‬فقال‪":‬مغغا منعغغك أن تصغغلي" ؟ قغغال‪ :‬أصغغابتني جنابغغة ول‬
‫ماء‪ ،‬قال ‪" :‬عليك بالصعيد فإنه يكفيك" والصغغعيد‪ :‬مغغا صغغعد علغغى وجغغه‬
‫الرض من التراب‪.‬‬
‫مبطلته‪:‬‬
‫يبطل التيمم وينقضه أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬كل ما يبطل الوضوء من النواقض التي ذكرت في الوضوء‪.‬‬
‫‪ -2‬وجود الماء بعد فقده‪ :‬لن التيمم بدل الماء‪ ،‬فإذا وجغغد الصغغل‬
‫بطل البدل‪.‬‬
‫روى أبو داود )‪ (332‬وغيره‪ ،‬عن أبي ذر رضي الله عنه‪ :‬أن رسغغول ‪‬‬
‫قال‪ ":‬إن الصعيد الطيب طهور المسلم‪ ،‬وإن لم يجد الماء عشر سنين‪،‬‬
‫فإذا وجد الماء فليمسه بشرته‪ ،‬فإن ذلك خير"‪.‬‬
‫] فليمسه بشرته‪ :‬فليتطهغغر بغغه‪ ،‬وهغغذا يغغدل علغغى بطلن تيممغغه بوجغغود‬
‫الماء[‪.‬‬
‫حت صغغلته ‪ ،‬وليغغس عليغغه‬ ‫ولوجود المغغاء بعغغد انقضغغاء الصغغلة فقغغد صغ ُ‬
‫قضاؤها‪.‬‬
‫وكذلك لو وجده بعد شروعه في الصلة فإنه يتمها وهغي صغحيحة‪ ،‬ولغو‬
‫قطعها ليتوضأ ويصلي بالوضوء كان أفضل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬القدرة على استعمال الماء‪ :‬كمن كان مريضا فبريء‪.‬‬
‫‪ -4‬الردة عن السلم والعياذ بغغالله تعغغالى‪ :‬لن الغغتيمم للسغغتباحة‬
‫وهي منتفية مع الردة‪ ،‬بخلف الوضوء والغسل فإنهما رفع للحدث‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫****‬

‫صللل َ‬
‫لة‬ ‫ال ّ‬
‫معنى الصلة‪:‬‬
‫تطلق كلمة الصلة فغغي اللغغغة العربيغغغة علغغى الغغدعاء بخيغغر‪ .‬قغغال اللغغه‬
‫تعالى‪ :‬وصل عليهغغم إن صغغلتك سغغكن لهغغم‪] ‬التوبغغة‪ [103:‬أي ادع‬
‫الله لهم بالمغفرة‪.‬‬
‫أما في اصغغطلح الفقهغغاء‪ :‬فتطلغغق كلمغغة الصغغلة علغغى أقغغوال وأفعغغال‬
‫مخصوصة‪ ،‬تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم‪ .‬سميت صغغلة لنهغغا تشغغتمل‬
‫على الدعاء ولنه الجزء الغالب فيها‪ ،‬إطلقا ً لسم الجزء على الكل‪.‬‬
‫حكمتها‪:‬‬
‫م وأسرار كثيرة تلخصها فيما يلي‪:‬‬‫حك ٌ‬
‫للصلة ِ‬
‫ل‪ :‬أن ينتبه النسان إلى هويته الحقيقة‪ ،‬وعي أنه عبد ٌ مملوك لله عز‬ ‫أو ً‬
‫وجل‪ ،‬ثم أن يظل متذكرا ً لها‪ ،‬بحيث كلما أنسته مشاغل الدنيا وعلقغغاته‬
‫بالخرين هذه الحقيقة جاءت الصلة فذكرته من جديد بأنه عبد مملغغوك‬
‫لله عز وجل‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬أن يستقر في نفس النسان أنه ل يوجد معين ومنعم حقيقغغي إل‬
‫الله عز وجل وإن كان يرى في الدنيا وسائط وأسبابا ً كثيرة يبغغدو – فغغي‬
‫الظاهر‪ -‬أنها هي التي تعين وتنعم‪ ،‬ولكن الحقيقة أن الله سخرها جميعا ً‬
‫للنسان‪ .‬فكلما غفل النسان واسترسل مع الوسائط الدنيوية الظاهرة‪،‬‬

‫‪58‬‬
‫جاءت الصغغلة تغغذكرة بغغأن المسغغبب هغغو اللغغه وحغغده المعيغغن والمنعغغم‪،‬‬
‫والضار والنافع‪ ،‬والمحيي والمميت‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬أن يتخذ النسان منها ساعة توبة يتوب فيها عمغغا يكغغون قغغد‬
‫اقترفه من الثام‪ ،‬إذ النسان معّرض‪ ،‬فغغي سغغاعات يغغومه وليلغغه‪ ،‬لكغغثير‬
‫من المعاصي التي قد يشعر بها وقد ل يشعر‪ ،‬فتكغغون صغغلته المتكغغررة‬
‫بين الحين والخر تطهيرا ً لغغه مغغن تلغغك المعاصغغي والوزار‪ .‬وقغغد أوضغغح‬
‫رسول الله ‪ ‬ذلك في الحديث الذي رواه مسلم )‪ ،(668‬عن جابر بغغن‬
‫عبدالله رضغي اللغه عنغه قغال‪ :‬قغال رسغول اللغه ‪" : ‬مثغل الصغلوات‬
‫مغغر علغغى بغاب أحغغدكم‪ ،‬يغتسغغل منغغه كغغل يغوم‬ ‫الخمس كمثل نهر جار غ َ ْ‬
‫خمس مرات" قال‪ :‬قال الحسن‪ :‬وما يبقى ذلك من الدرن؟‪.‬‬
‫]غمر‪ :‬كثير المياه‪ .‬الدرن‪ :‬الوسغغخ‪ ،‬والمغغراد هنغغا الغغدرن المعنغغوي وهغغو‬
‫الذنوب‪ ،‬ويدل على ذلك رواية أبي هريرة ‪ ‬عنغغد مسغغلم أيض غًا)‪:(667‬‬
‫"فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" [‬
‫رابعا ً‪ :‬أن تكون غذاًء مستمرا ً لعقيدة اليمان بالله تعالى في قلبه‪.‬‬
‫فإن ملهيات الدنيا ووسغغاوس الشغغيطان مغن شغغأنها أن تنسغى النسغغان‬
‫هذه العقيدة وإن كغغانت مغروسغغة فغغي قلبغغه‪ ،‬فغغإذا اسغغتمر فغغي نسغغيانه‬
‫ول النسيان‬ ‫بسبب انصرافه إلى ضجيج الهواء والشهوات والصدقاء تح ّ‬
‫إلى جحود وإنكار‪ ،‬كالشجرة التي قطع عنها الماء تذبل حينا ً من الزمغغن‬
‫ثم يتحول الذبول إلى موت وتتحول الشجرة إلغى حطغب يغابس‪ .‬ولكغن‬
‫المسلم إذا ما ثابر علغغى الصغغلة‪ ،‬كغغانت غغغذاًء ليمغغانه‪ ،‬ولغغم تعغغد الغغدنيا‬
‫وملهياتها قادرة على إضعاف اليمان في قلبه أو أمانته‪.‬‬
‫تاريخ مشروعيتها‪:‬‬
‫الصلة من العبغغادات القديمغغة فغغي مشغغروعيتها‪ ،‬فقغغد قغغال تعغالى عغغن‬
‫سيدنا إسماعيل عليغغه السغغغغلم‪ :‬وكغان يغأمر أهلغغه بالصغلة والزكغاة‬
‫وكان عند ربه مرضيا ً‪] ‬مريم‪ ،[55:‬فقد عرفتها الحنيفية التي بعث بها‬
‫إبراهيم‪ ،‬وعرفها أتباع موسى عليغغه السغغلم‪ ،‬وقغغال تعغغالى علغغى لسغغان‬
‫عيسغغى عليغغه السغغلم‪ :‬وأوصغغاني بالصغغلة والزكغغاة مغغا دمغغت حي غا ً‪‬‬
‫]مريم‪[31:‬‬
‫وعندما بعغغث نبينغغا محمغغد ‪ ‬كغغان يصغغلي ركعغغتين كغغل صغغباح ويصغغلي‬
‫ركعتين كل مساء‪ ،‬قيل‪ :‬وهما المقصودتان بقول الله تعالى خطابا ً لنبيه‬
‫‪ : ‬وسبح بحمد ربك بالعشي والبكار‪] ‬المؤمن‪[55:‬‬
‫الصلوات المكتوبة‪:‬‬
‫وهي الصلوات المفروضة على كل مسلم مكلف وهي ‪ :‬الصبح والظهر‬
‫والعصر والمغرب والعشاء‪ .‬شرعت هذه الصلوات ليلة أسغغريَ برسغغول‬
‫الله ‪ ‬إلى بيت المقدس ثم عرج به إلى السماوات‪ ،‬فقغغد فغغرض اللغغه‬
‫على نبيه ‪ ‬وسائر المسغغلمين خمسغغين صغغلة فغغي اليغغوم والليلغغة‪ ،‬ثغغم‬

‫‪59‬‬
‫س في الداء والفعغغل‬ ‫خففها الله عز وجل إلى خمس صلوات‪ ،‬فهي خم ٌ‬
‫وخمسون في الجر‪.‬‬
‫جاء في حديث السراء والمعراج الذي رواه البخاري)‪،(342‬ومسغغغلم )‬
‫‪ ،(163‬أن رسول الله ‪ ‬قال‪" :‬فرج عن سقف بيتي وأنا بمكغغة‪ ،‬فنغغزل‬
‫جبريل ‪ ..‬ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء‪ ...‬ففرض الله علغغى أمغغتي‬
‫خمسين صلة ‪ ...‬فراجعتغه فقغغال‪ :‬هغي خمغس وهغي خمسغون ل يبغدل‬
‫القول لدي" ‪.‬‬
‫والصغغحيح أن حادثغغة السغغراء كغغانت قبغغل هجغغرة النغغبي عليغغه الصغغلة‬
‫والسلم إلى المدينة بثمانية عشر شغغهرًا‪ ،‬وإذا فغغإن الصغغلوات الخمغغس‬
‫المكتوبة نسخت الركعتين اللتين كانتا في الصباح والمساء ‪.‬‬
‫دليل مشروعيتها‪:‬‬
‫ثبتت مشروعية الصلة بآيات كثيرة من كتاب الله‪ ،‬وبأحاديث كثيرة من‬
‫سنة رسول الله ‪. ‬‬
‫فمغغن القغغرآن‪ :‬قغغوله تعغغالى‪ :‬فسغغبحان اللغغه حيغغن تمسغغون وحيغغن‬
‫تصغغبحون*ولغغه الحمغغد فغغي السغغموات والرض وعشغغيا ً وحيغغن تظهغغرون‬
‫‪]‬الغغروم‪17:‬و ‪ .[18‬قغغال ابغغن عبغغاس رضغغي اللغغه عنهمغغا‪ :‬أراد بقغغوله‪:‬‬
‫‪‬حين تمسون‪ :‬صلة المغرب والعشاء‪ ،‬وحين تصغغبحون‪ :‬صغغلة‬
‫الصبح‪ ،‬وعشيا ً‪ :‬صلة العصر‪ ،‬وحين تظهرون‪ ‬صلة الظهر‪.‬‬
‫وقغغوله تعغغالى‪ :‬إن الصغغلة كغغانت علغغى المغغؤمنين كتابغغا ً موقوتغغا ً‪‬‬
‫]النساء‪ .[103:‬أي محتمة وموقتة بأوقات مخصوصة ‪.‬‬
‫ومغغن السغغنة‪ :‬حغغديث السغغراء السغغابق‪ :‬ومغغا رواه البخغغاري) ‪،(1331‬‬
‫ومسلم )‪ ،(19‬عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬أن النبي ‪ ‬بعث معاذا ً‬
‫‪ ‬إلى اليمن فقال‪" :‬ادعهم إلى شهادة أن ل إله إل الله وأنغغي محمغغدا ً‬
‫رسول الله‪ ،‬فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن للغغه قغغد افغغترض عليهغغم‬
‫خمس صلوات في كل يوم وليلة‪"..‬‬
‫وقوله ‪ ‬للعرابي الذي سأله عمغغا يجغغب عليغغه مغغن الصغغلة‪" :‬خمغغس‬
‫صلوات في اليوم والليلة" قال العرابي‪ :‬هل علغغي غيرهغغا؟ قغغال "ل إل‬
‫أن تطوع"" )رواه البخاري‪ ،46:‬ومسلم‪.(11:‬‬
‫مكانتها في الدين‪:‬‬
‫الصلة أفضل العبادات البدنية على الطلق‪ ،‬فقد جاء رجل يسأل النبي‬
‫‪ ‬عن أفضل العمغغال فقغغال لغغه‪" :‬الصغغلة" قغغال‪ :‬ثغغم مغغه؟ قغغال‪" :‬ثغغم‬
‫الصلة" قال‪ :‬ثم مه؟ قال‪" :‬الصلة" قال‪ :‬ثلث مرات ‪).‬رواه ابن حبان‪:‬‬
‫‪. (258‬‬
‫وقغغد ثبغغت فغغي الصغغحيحين أن الصغغلتين يؤديهمغغا المسغغلم أداء سغغليما ً‬
‫تكونان كفارة لما بينهما من الغغذنوب‪ ،‬فعنغغد البخغغاري )‪ ،(505‬عغغن أبغغي‬
‫هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪" : ‬الصلوات الخمس يمحو اللغغه بهغغا‬
‫الخطايا"‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫وعند مسلم )‪ ،(231‬عن عثمان ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪" ‬مغغن أتغغم‬
‫الوضوء كما أمره الله تعالى فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن"‪.‬‬
‫كما أن التهاون في الصلة تأخيرا ً أو تركًا‪ ،‬من شأنه أن يؤدي بصاحبه غ غ‬
‫إن هغغو اسغغتمر علغغى ذلغغك غغ إلغغى الكفغغر‪ .‬إذا الصغغلة هغغي الغغغذاء الول‬
‫لليمان كما قد علمت‪.‬‬
‫دوى المام أحمد )‪ ،(6/421‬عن أم أيمغغن رضغغي اللغغه عنهغغا أن رسغغول‬
‫الله ‪ ‬قال‪" :‬ل تتركي الصلة متعمدًا‪ ،‬فغغإنه مغغن تغغرك الصغغلة متعمغغدا ً‬
‫فقد برئت منه ذمه الله ورسوله"‪ .‬وروي مثله عن معاذ ‪( (5/238‬‬
‫حكم تارك الصلة‪:‬‬
‫تارك الصلة إما أن يكون قد تركها كسل ً وتهاونًا‪ ،‬أو تركهغغا جحغغودا ً لهغغا‪،‬‬
‫أو استخفا ً بها‪:‬‬
‫فأما من تركها جاحدا ً لوجوبها‪ ،‬أو مستهزئا ً بها‪ ،‬فإنه يكفغغر بغغذلك ويرتغغد‬
‫عن السلم‪ ،‬فيجغغب علغغى الحغغاكم أن يغغأمره بالتوبغغة‪ ،‬فغغإن تغغاب وأقغغام‬
‫الصلة فذاك‪ ،‬وإل قبل على أنغغه مرتغغد‪ ،‬ول يجغغوز غسغغله ول تكفينغغه ول‬
‫الصلة عليه‪ ،‬كما ل يجوز دفنه في مقابر المسلمين‪ ،‬لنه ليس منهم‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وهو يعتقد وجوبها‪ ،‬فغغإنه يكلغغف مغغن قبغغل الحغغاكم‬ ‫وأما إن تركها كس ً‬
‫بقضائها والتوبة عن معصية الترك‪ .‬فغغإن لغغم ينهغغض إلغغى قضغغائها وجغغب‬
‫قتله حدًا‪ ،‬أي يعتبر قتله حدا ً من الحدود المشروعة لعصغغاة المسغغلمين‪،‬‬
‫وعقوبة على تركه فريضة يقاتل عليهغغا‪ .‬ولكنغغه يعتغغبر مسغغلما ً بعغغد قبلغغه‬
‫ويعامل في تجهيزه ودفنه وميراثه معاملة المسلمين لنه منهم‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(25‬ومسلم )‪ ،(22‬عن ابن عمر رضي الله عنهمغغا‪ :‬أن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال‪" :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشغغهدوا أن ل إلغغه إل‬
‫الله وأن محمدا ً رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتغغوا الزكغغاة‪ ،‬فغغإذا فعلغغوا‬
‫ذلك عصموا مني دماءهم وأمغغوالهم إل بحغغق السغغلم‪ ،‬وحسغغابهم علغغى‬
‫الله"‪.‬‬
‫دليل الحديث على أن من أقر بالشغغهادتين بقاتغغل إن لغغم يقغغم الصغغلة‪،‬‬
‫ولكنه ل يكفر‪ ،‬بدليل مغا رواه أبغو داود)‪ (1420‬وغيغغره‪ ،‬عغن عبغغادة بغن‬
‫الصامت ‪ ‬قال‪ :‬سمعت ‪ ‬يقول‪":‬خمغغس صغغلوات كتبهغغن اللغغه علغغى‬
‫العباد‪ ،‬فمن جاء بهن‪ ،‬لم يضع منهن‪ ،‬شغغئ اسغغتخفافا ً بحقهغغن‪ ،‬كغغان لغغه‬
‫عند الله عهد أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم يغغأتي بهغغن فليغغس لغغه عنغغد اللغغه‬
‫عهد‪ ،‬إن شاء عذبه‪ ،‬وإن شاء أدخله الجنة"‪.‬‬
‫فقد دل علغغى أن تغغارك الصغغلة ل يكفغغر‪ ،‬لنغغه لغغو كفغغر لغغم يغغدخل فغغي‬
‫قوله‪":‬وإن شاء أدخله الجنة"‪ ،‬إذ الكغافر ل يغدخل الجنغة قطعغًا‪ ،‬فحمغغل‬
‫ل‪ ،‬جمعا ً بين الدلة‪.‬‬
‫على من تركها كس ً‬
‫روى مسلم )‪ (82‬وغيره‪ ،‬عن جابر ‪ ‬قال‪:‬سمعت النبي ‪ ‬يقول‪" :‬إن‬
‫بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة"‪ .‬وهو محمول على الغغترك‬
‫جحودا ً وإنكارا ً لفريضتها‪ ،‬أو استهزاء بها واستخفافا ً بشأنها‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫أوقات الصلوات المفروضة‪:‬‬
‫الصلوات الخمس‪ ،‬كل منها لها وقت معيغغن‪ ،‬ذو بدايغغة ل تصغغح إذا‬
‫قدمت عليها‪ ،‬وذو نهاية ل يجوز تخيرها عنها‪.‬‬
‫قغغال للغغه تعغغالى‪ :‬إن الصغغلة كغغانت علغغى المغغؤمنين كتابغغا موقوتغا ً‪‬‬
‫]النساء‪.[103:‬‬
‫أي كانت فريضة محددة بأوقات مخصوصغغة ‪ .‬وقغغد ثبغغت فغغي الحغغاديث‬
‫الصحيحة أن جبريل عليغغه السغغلم جغغاء إلغغى النغغبي ‪ ‬بعغغد أن فرضغغت‬
‫الصلوات الخمغغس‪ ،‬يعرفغغه أوقاتهغغا‪ ،‬ويضغغبط لغغه وقغغت كغغل منهغغا ابتغغداًء‬
‫وانتهاًء‪.‬‬
‫]أنظر سنن أبي داود كتاب الصلة ‪ ،‬باب ما جاء فغغي المغغواقيت رقغغم )‬
‫‪ ،(393‬والترمذي أول كتاب الصلة رقم )‪.[ (149‬‬
‫كما بين رسول الله ‪ ‬ذلك للمسلمين بالقول والفعل‪.‬‬
‫والحديث الذي يجمع مواقيت الصلوات الخمس ما رواه )مسغغلم‪:‬‬
‫لشغغعري ‪ ، ‬عغغن النغغي ‪ : ‬إنغغه أتغغاه‬ ‫‪ (614‬وغيره‪ ،‬عن أبي موسغغى ا ِ‬
‫ً‬
‫سائل يسأله عن مواقيت الصلة فلم يرد عليه شيئا‪ .‬وفي روايغغة أخغغرى‬
‫قغغال‪" :‬اشغغهد معنغغى الصغغلة‪ .‬قغغال‪ :‬فأقغغام الفجغغر حيغغن أنشغغق الفجغغر‪،‬‬
‫والناس ل يكاد يعرف بعضهم بعضًا‪ ،‬ثم أمره فأقام بغغالظهر حيغغن زالغغت‬
‫الشمس‪ ،‬والقائل يقول‪ :‬قد انتصف النهار وهو كان أعلم منغغه‪،‬ثغغم أمغغره‬
‫فأقام بالعصر والشمس مرتفعة ثم أمره فأقغغام بغغالمغرب حيغغن وقعغغت‬
‫الشمس‪ ،‬ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق‪.‬‬
‫خر الفجر من الغغغد‪ ،‬حغغتى انصغغرف منهغغا والقغغائل يقغغول‪ :‬قغغد‬ ‫ثم أ ّ‬
‫طلعت الشمس أو كادت‪ ،‬ثغغم أخغغر الظهغغر حغغتى كغغان قريبغا ً مغغن وقغغت‬
‫العصر بالمس‪ ،‬ثم أخر العصر حغغتى أنصغغرف منهغغا والقغغائل يقغغول‪ :‬قغغد‬
‫خر المغرب حتى كان عنغغد سغغقوط الشغغفق‪ ،‬ثغغم‬ ‫أحمرت الشمس‪ ،‬ثم أ ّ‬
‫أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الول ثم أصغغبح‪ ،‬فغغدعا السغغائل فقغغال‪:‬‬
‫"الوقت بين هاذين"‪.‬‬
‫] انشق الفجر‪ :‬طلع ضوءه‪ .‬زالت‪ :‬مالت عن وسغغط السغغماء‪ .‬الشغغفق‪:‬‬
‫الحمرة التي تظهر بعض غروب الشمس‪ .‬سقوط الشفق‪ :‬غيابه"‪.‬‬
‫وهناك أحاديث بينت بعض ما أجمل فيه‪ ،‬أو زادت عليه‪ ،‬كما سترى فغغي‬
‫تفصيل وقت كل صلة‪ ،‬واليك بيانها‪:‬‬
‫" الفجر"‪:‬‬
‫يدخل وقتغغه ظهغغور الفجغغر الصغغادق ويمتغغد إلغغى طلغغوع الشغغمس‪ ،‬قغغال‬
‫رسول الله ‪ ": ‬وقغغت صغغلة الصغغبح مغغن طلغغوع الفجغغر مغغا لغغم تطلغغع‬
‫الشمس" )رواه مسلم‪.(612:‬‬
‫" الظهر"‪:‬‬
‫يبغغدأ وقتغغه بغغانحراف الشغغمس عغغن منتصغغف السغغماء نحغغو الغغغروب غ غ‬
‫ويسمونه الزوال غ حيث يظهر للشاخص عندئذ ظل يسير يبدأ بالمتغغداد‬

‫‪62‬‬
‫نحو جهة الشرق‪ -‬ويسمونه ظغغل الغغزوال–‪ .‬ويمتغغد وقتغغه إلغغى أن يصغغير‬
‫طوال ظل الشئ مثله‪ ،‬علوة على ظل الزوال الذي كغغان علمغغة علغغى‬
‫أول وقت الظهر‪.‬‬
‫روى مسغغلم )‪ (612‬أن رسغغول اللغغه ‪ ‬قغغال‪" :‬وقغغت الظهغغر إذ زالغغت‬
‫الشمس‪ ،‬وكان ظل الرجل كطوله‪ ،‬ما لم يحضر العصر"‪.‬‬
‫" العصر"‪:‬‬
‫يبدئ وقته بنهاية وقت الظهر ويستمر حتى تغغغرب الشغغمس‪ ،‬دل علغغى‬
‫ذلك قوله ‪" : ‬ومن أدرك ركعة مغغن العصغغر قبغغل أن تغغغرب الشغغمس‬
‫فقد أدرك العصر" )رواه البخاري‪ ،554:‬ومسلم ‪.(618‬‬
‫ولكن الختيار أن ل يؤخرها المصلي عن مصير ظل الشغغئ مثليغغه علوة‬
‫علغغى ظغغل الغغزوال‪ ،‬لمغغا مغغر معغغك فغغي حغغديث المغغواقيت‪ ،‬ولقغغول ‪:‬‬
‫"ووقت العصر ما لم تصفر الشمس" )رواه مسلم‪ .(612:‬وهو محمول‬
‫على الوقت المختار‪.‬‬

‫"المغرب"‪:‬‬
‫يبتدئ وقته بغروب الشمس‪ ،‬ويمتد حتى يغيب الشفق الحمر ول يبقى‬
‫له أثر في جهة الغرب‪.‬‬
‫والشفق الحمر‪ :‬وهو بقايغغا مغغن آثغغار ضغغوء الشغغمس‪ ،‬يظهغغر فغغي‬
‫الفق الشرقي عند وقت الغروب‪ ،‬ثم أن الظلم يطغغارده نحغغو الغغغروب‬
‫شيئا َ فشيئًا‪.‬‬
‫فإذا أطبق الظلم وامتد إلى الفق الغربي‪ ،‬وزوال أثر الشغغفق الحمغغر‪،‬‬
‫فذلك يعني انتهاء وقت المغرب ودخول وقت العشاء‪.‬‬
‫دل علغغى ذلغغك حغغديث المغغواقيت‪ ،‬مغغع قغغول رسغغول اللغغه ‪" : ‬وقغغت‬
‫المغرب ما لم يغب الشفق" )رواه مسلم ‪. (612‬‬
‫"العشاء"‪:‬‬
‫يدخل وقته بانتهاء وقت المغرب ويسغتمر إلغى ظهغور الفجغر الصغادق‪.‬‬
‫والختيار أل تؤخر عن الثلث الول من الليل‪.‬‬
‫والمقصود بالفجر الصادق ضياء ينتشر ممتدا ً مع الفغغق الشغغرقي‪ ،‬وهغغو‬
‫انعكاس لضوء الشمس تقبل مغغن بعيغغد‪ .‬ثغغم إن هغغذا الضغغياء يعلغغو نحغغو‬
‫السماء شيئا ً فشيئا ً إلى أن يتكامغغل بطلغغوع الشغغمس‪ .‬ودل علغغى وقغغت‬
‫العشاء ابتداًء وانتهاًء واختيارًا‪ :‬ما جاء في حديث المواقيت مغغع مغغا رواه‬
‫مسلم )‪ (681‬وغيره‪ ،‬عن أبي قتادة‪ ‬إنه ‪ ‬قال‪" :‬أما أنه ليغغس فغغي‬
‫النوم تفريط‪ ،‬وإنما التفريط على من يصغغل الصغغلة حغغتى يجيغغء وقغغت‬
‫الصلة الخرى"‪.‬‬
‫فدل على أن وقت الصلة ل يخرج إل بدخول غيرها وخروج الصغغبح مغغن‬
‫هذا العموم‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫هغغذه هغي أوقغات الصغلة الخمغغس‪ ،‬ولكغغن ينبغغي أن ل يتعمغد المسغلم‬
‫تأخيرها إلى أواخر أوقاتها‪ ،‬محتجغا ً باتسغغاعها‪ ،‬إذ ربمغغا تسغغبب عغغن ذلغغك‬
‫إخراجها عن وقتها‪ ،‬بل ربما تسبب عن هذا التهاون تركهغغا‪ ،‬وإنمغغا يسغغن‬
‫تعجيل الصلوات لول الوقت‪ ،‬وقد سأل النبي ‪ ‬عن أفضل العمغغال ؟‬
‫فقال‪" :‬الصلة على وقتها"‪ ،‬أي عنغغد أول وقتهغغا‪) ".‬رواه البخغغاري‪،504:‬‬
‫ومسلم‪(85:‬‬
‫وأعلم أن من وقع بعض صلته في الوقت‪ ،‬وبعضها خارجه‪ :‬فإنه إن وقع‬
‫ركعة في الوقت كانت الصغغلة أداء‪ ،‬وإل كغانت قضغاًء‪ ،‬ودليغل ذلغك مغا‬
‫روه )البخاري‪ ،554:‬ومسلم‪ ،(608:‬عن أبي هريرة ‪ ‬أن رسغغول اللغغه‬
‫‪" : ‬مغغن أدرك أن الصغغبح ركعغغة قبغغل أن تطلغغع الشغغمس فقغغد أدرك‬
‫الصبح‪ ،‬ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغغغرب الشغمس فقغغد أدرك‬
‫العصر"‪ .‬وقوله ‪" : ‬من أدرك ركعغغة مغغن الصغغلة فقغغد أدرك الصغغلة"‬
‫)رواه البخاري‪ ،555:‬ومسلم‪.(607:‬‬
‫الوقات التي تكره فيها الصلة ‪:‬‬
‫تكره الصلة كراهة التحريم‪:‬‬
‫‪ -1‬عند الستواء إل ّ يوم الجمعة‪ ،‬وبعد صلة الصبح حتى ترتفع الشمس‬
‫كرمح في النظر‪.‬‬
‫‪ -2‬وبعد صلة العصر حتى تغرب الشمس‪.‬‬
‫ودليل ذلك ما رواه مسلم )‪ (831‬عن عقبغغة بغغن عغغامر ‪ ‬قغغال ‪ :‬ثلث‬
‫ساعات كان رسول الله ‪ ‬ينهانا أن نصلي فيهن‪ ،‬وأن نقبر موتانا‪ :‬حين‬
‫تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع‪ ،‬وحين يقوم قائم الظهيرة حغغتى تميغغل‬
‫الشمس‪ ،‬وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب‪.‬‬
‫] بازغة‪ :‬المغغراد أول ظهغغور قرصغغها‪ .‬وقغغائم الظهيغغرة‪ :‬أصغغله أن البعيغغر‬
‫يكون باركا ً فيقوم من شدة حر الرض‪ ،‬فصار يكني به عند شغغدة الحغغر‪.‬‬
‫تميل‪ :‬عن وسط السماء‪ .‬تضيف ‪ :‬تميل مصفرة وتقرب من الغروب[‪.‬‬
‫وهذه الكراهة إل لم يكن للصلة سبب متقدم‪ ،‬أو تعمد الدفن فيها ‪.‬‬
‫وأما إذا لم يتعمد فيها الدفن وجاء اتفاقًا‪ ،‬أو كان للصلة سغغبب متقغغدم‬
‫كسنة الوضوء وتحية المسجد وقضاء الفائتة‪ ،‬فأنه ل كراهة في ذلك ‪.‬‬
‫ويدل على عدم الكراهة‪ :‬مغغا رواه )البخغغاري‪،572:‬ومسغغلم‪ ،(684:‬عغغن‬
‫ل إذا ذكرها ل كفارة لهغغا إل‬ ‫أنس ‪ ‬عن النبي‪ :‬من نسى صلة فليص ّ‬
‫إذا‪ :‬وأقم الصلة لذكري‪] ‬طه‪. [14:‬‬
‫فقوله‪" :‬إذا ذكرها"‪ :‬يدل على أن وقتها المشروع‪ ،‬والمطغغالب بصغغلتها‬
‫فيه‪ ،‬هو وقت الذكر‪ ،‬وقت يذكرها في أحد الوقات المنهغغي عنهغغا‪ ،‬فغغدل‬
‫على استثناء ذلك من النهي‪.‬‬
‫وما رواه )البخاري‪،1176:‬ومسغغلم‪ ،(834:‬وعغغن أم سغغلمة رضغغي اللغغه‬
‫عنها‪ :‬إنه ‪ : ‬صلى ركعتين بعد العصر‪ ،‬فسألته عن ذلك فقال‪" :‬يا بنت‬

‫‪64‬‬
‫أبي أمية‪ ،‬سألت عن الركعتين بعغغد العصغر‪ ،‬وإنغه آتغاني نغاس مغن عبغد‬
‫القيس‪ ،‬فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر‪ ،‬فهما هاتان" ‪.‬‬
‫وقيس على القضاء غيره مما له سبب متقدم من الصلوات‪.‬‬
‫ويستثنى من هذا النهي مطلقغا ً حغغرم مكغغة‪ ،‬لقغغوله ‪ " : ‬يغغا بنغغي عبغغد‬
‫مناف ل تمنعوا أحدا ً طاف بهذا البيت وصلى أّية ساعة شاء مغن ليغل أو‬
‫نهار" )رواه الترمذي‪ ،868:‬وأبو داود‪.(1894:‬‬
‫إعادة الصلة المكتوبة وقضاءها ‪:‬‬
‫أما العادة‪:‬‬
‫فهي أن يؤدي صلة من الصلوات المكتوبة‪ ،‬ثم يرى فيها نقصا ً أو خلغغ ً‬
‫ل‬
‫في الداب أو المكملت‪ ،‬فيعيدها على وجه ل يكون فيها ذلك النقغغص أو‬
‫الخلل‪.‬‬
‫وحكمها‪ :‬الستحباب‪ .‬ومثال ذلك أن يكون قد صلى الظهغغر منفغغردًا‪ ،‬ثغغم‬
‫يدرك من يؤدي هذه الصلة جماعغغة‪ ،‬فيسغغن أن يعيغغدها معغغه‪ .‬والفغغرض‬
‫بالنسبة له هو الصلة الولى‪ ،‬وتقع الثانية نافلة‪.‬‬
‫روى الترمذي )‪، (219‬إنه ‪ ‬صلى الصبح فرأى رجلين لغغم يصغغليا معغغه‬
‫فقال‪ ":‬ما منعكم أن تصليا معنا؟ ( فقال‪ " :‬يا رسول اللغغه‪ ،‬إنغغا كنغغا قغغد‬
‫صلينا في رحالنا‪ .‬قغغال‪ " :‬فل تفعل‪ ،‬إذا صغغليتما فغغي رحالكمغغا ثغغم أتيتمغغا‬
‫مسجد جماعة‪ ،‬فصليا معهم‪ ،‬فإنها لكما نافلة"‪.‬‬
‫] رحالنا‪ :‬منازلنا ومساكننا[‪.‬‬
‫أما إذا لم يكن فغغي الولغغى خلغغل أو نقغغص‪ ،‬ولغغم تكغغن الصغغلة أتغغم مغغن‬
‫الولى‪ ،‬فل تسن العادة‪.‬‬
‫وأما القضاء‪:‬‬
‫فهو تدارك الصلة بعد خروج وقتها‪ ،‬أو بعد أن ل يبقغغى مغغن وقتهغغا‬
‫ما يسع ركعة فأكثر وإل فهي أداء كما قدمنا سابقًا‪.‬‬
‫وقد اتفق جمهور العلماء من مختلف المغغذاهب علغغى أن تغغارك الصغغلة‬
‫يكلف بقضائها‪ ،‬سواء تركها نسيانا ً أم عمدًا‪ ،‬مع الفارق التغغالي‪ :‬وهغغو أن‬
‫التارك لها بعذر كنسغغيان أو نغغوم ل يغغأثم‪ ،‬ول يجغغب عليغغه المبغغادرة إلغغى‬
‫قضائها فورًا‪ ،‬أما التارك لها بغيغغر عغغذر‪ -‬أي عمغغدا ً – فيجغغب عليغغه – مغغع‬
‫حصول الثم – المبادرة إلى قضائها في أول فرصة تسنح له‪.‬‬
‫ودليل وجوب القضاء للصلة المتروكة قوله ‪" :‬من نام عغغن صغغلة أو‬
‫نسيها فليصلها إذا ذكرهغغا‪ ،‬ل كفغغارة لهغغا إل ذلغغك" )رواه البخغغاري‪،572:‬‬
‫ومسلم‪ ،684:‬وغيرهما(‪.‬‬
‫فقوله‪ " :‬ل كفارة لها إل ذلك" ‪ :‬يدل على أنه ل بد من قضغغاء الفغغرائض‬
‫الفائتة‪ ،‬مهما كثر عددها أو بعد زمانها‪.‬‬
‫من تجب عليه الصلة ؟‬
‫تجب الصلة على كل مسلم ذكرا ً أو أنثى‪ ،‬بالغ عاقل طاهر‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫فل تجب على كافر‪ ،‬وجوب مطالبة بها فغغي الغغدنيا‪ ،‬لعغغدم صغغحتها منغغه‪،‬‬
‫لكن تجب عليغغه وجغغوب عقغغاب عليهغغا فغغي الخغغرة‪ ،‬لتمكنغغه مغغن فعلهغغا‬
‫بالسلم‪ ،‬ودليل ذلك قوله تعالى‪:‬ما سلككم في سقر* قغغالوا لغغم نغغك‬
‫من المصلين* ولم نك نطعم المسغغكين* وكنغغا نخغغوض مغغع الخائضغغين*‬
‫وكنا نكذب بيوم الدين* حتى أتانا اليقين‪) ‬المدثر‪.(47-42:‬‬
‫] سغغلككم‪ :‬أدخلكغغم وحبسغغكم‪ .‬سغغقر‪ :‬جهنغغم‪ ،‬يقغغال‪ :‬سغغقرته الشغغمس‬
‫لغغوحت جلغغده وغيغغرت لغغونه‪ .‬نخغغوض‪ :‬نتكلغغم الباطغغل ونفعلغغه‪ .‬اليقيغغن‪:‬‬
‫الموت‪ ،‬أو الطلع على الحقيقة بيوم القيامة[ ‪.‬‬
‫ول تجب على صبي صغير لعدم تكليفه‪ ،‬ول على مجنون لعغغدم إدراكغغه‪،‬‬
‫ول على حائض أو نفساء لعدم صغغحتها منهمغغا‪ ،‬لقيغغام المغغانع منهغغا وهغغو‬
‫الحدث فيهما‪.‬‬
‫وإذا أسلم الكافر فإنه ل يكلغغف قضغغاء مغغا فغغاته ترغيبغا ً لغغه فغغي الغغدين‪،‬‬
‫ولقوله تعالى‪ :‬قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفغر لهغم مغا قغغد سغغلف‪‬‬
‫)النفال‪.(38:‬‬
‫إل المرتد فيلزمه قضاء ما فاته أيام ردته بعد إسلمه تغليظا ً عليه‪.‬‬
‫ول يجب قضاء ما فات الحائض والنفساء من الصلة أيغغام الحيغض‬
‫والنفاس‪ ،‬أن في وجوب القضاء مشقة عليهما‪.‬‬
‫وكذلك ل يجب القضاء على المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا مغغن‬
‫الجنون والغمغغاء‪ ،‬ودليغغل ذلغغك قغغوله ‪" : ‬رفغغع القلغغم عغغن ثلثغغة‪ :‬عغغن‬
‫الصبي حغتى يحتلغغم وعغغن النغغائم حغتى يسغغتيقظ‪ ،‬وعغغن المجنغون حغتى‬
‫يعقل" )رواه أبو داود‪ ،4403 :‬وغيره(‪ ] .‬يحتلم‪ :‬يبلغ[‪.‬‬
‫فالحديث ورد في المجنون‪ ،‬وقيس عليه كل من زال عقله بسبب عغغذر‬
‫فيه‪ ،‬وإنما وجب القضاء على النائم بالحديث الذي مر سابقًا‪" :‬مغغن نغغام‬
‫عن صلة أو نسيها فليصلها"‪ .‬هذا ويجب أن يغغؤمر الصغغبي بالصغغلة بعغغد‬
‫استكماله سن السابعة‪ ،‬ويضرب على تركها إذا بلغ عشر سغغنين تعويغغدا ً‬
‫له على الصلة‪.‬‬
‫قال رسول الله ‪": ‬مروا الصبي بالصلة إذا بلغ سبع سغغنين وإذا‬
‫بلغغغ عشغغرا ً فاضغغربوه عليهغغا")رواه أبغغو داود ‪ ،494:‬والترمغغذي‪،407:‬‬
‫ولفظه ‪" :‬علموا الصبي"‪ .‬وقال‪ :‬حديث حسن صحيح( ‪.‬‬

‫*****‬

‫‪66‬‬
‫مة‬
‫لقلا َ‬
‫وا ِ‬
‫ن َ‬ ‫ال َ‬
‫ذا ُ‬
‫الذان‪:‬‬
‫ذكٌر مخصوص‪ ،‬شرعه السلم للعلم بدخول وقت الصغغلة‬ ‫أما الذان ف ِ‬
‫المفروضة‪ ،‬ولدعوة المسلمين إلى الجتماع إليها‪.‬‬
‫حكم الذان‪:‬‬
‫والذان سنة للصلة الحاضرة والفائتة‪ ،‬سنة مؤكغغدة علغغى الكفايغغة فغغي‬
‫حق الجماعة‪ ،‬أما بالنسبة للمنفرد فهو سنة عينية‪ .‬وللذان أهمية كغغبرى‬
‫في إظهار شعيرة من شعائر السلم‪.‬‬
‫دليل تشريعه‪:‬‬
‫ودليل تشريع الذان القرآن والسّنة‪:‬‬
‫فأما القرآن‪ :‬فقوله تعالى‪ :‬إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فاسغغعوا‬
‫إلى ذكر الله وذروا البيع‪ ) ‬الجمعة‪.(99:‬‬
‫وأمغغا السغغنة‪ :‬فقغغوله‪": ‬إذا حضغغرت الصغغلة فليغغؤذن لكغغم أحغغدكم‬
‫)رواه البخاري‪ ،602:‬ومسلم‪.(674:‬‬ ‫وليؤمكم أكبركم"‪.‬‬
‫بدء تشريعه‪:‬‬
‫كان تشغغريع الذان فغغي السغغنة الولغغى للهجغغرة‪ ،‬روى البخغغاري )‪،(579‬‬
‫ومسلم )‪ ،(377‬عن ابن عمر رضي الله عنهمغغا قغغال‪ :‬كغغان المسغغلمون‬
‫حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلة‪ ،‬ليس ينادي لها‪ ،‬فتكلموا‬
‫يوما ً في ذلك‪ ،‬فقغغال بعضغغهم‪ :‬اتخغغذوا ناقوسغا ً مثغغل نغغاقوس النصغغارى‪،‬‬
‫وقال بعضهم‪ :‬بل بوقا مثل قرن اليهود‪،‬فقال عمر‪ : ‬أول ً تبعثون رجل ً‬
‫ينادي بالصلة؟ فقال رسول الله ‪" : ‬يا بلل قم فناد بالصلة"‪.‬‬
‫] فيتحينون‪ :‬من الحين وهغغو الغغوقت والزمغغن‪ ،‬أي يقغغدرون حينهغغا ليغغأتوا‬
‫إليها‪ .‬قرن‪ :‬هو البوق الذي له عنق يشبه القرن[‪.‬‬
‫وصيغة الذان‪ :‬الله أكبر الله أكبر‪ ،‬الله أكبر الله أكبر‪ ،‬أشهد أن ل إله إل‬
‫الله‪ ،‬أشغهد أن ل إله إل الله‪ ،‬أشغغهد أن محمغغدا ً رسغغول اللغغه‪ ،‬أشغغهد أن‬
‫محمدا َ رسول اللغغه‪ ،‬حغغي علغغى الصغغلة‪ ،‬حغغي علغغى الصغغلة‪ ،‬حغغي علغغى‬
‫الفلح‪ ،‬حي على الفلح‪ ،‬الله أكبر الله أكبر‪ ،‬ل إله إل الله‪.‬‬
‫ونضيف في أذان الفجر‪ :‬الصلة خير من النوم‪ ،‬الصلة خير مغغن النغغوم‪،‬‬
‫بعد قوله‪ :‬على الفلح الثانية‪.‬‬
‫وقغغد ثبتغغت هغغذه الصغغيغة بالحغغاديث الصغغحيحة‪ ،‬عنغغد البخغغاري ومسغغلم‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫شروط صحة الذان‪:‬‬
‫ويشترط لصحة الذان المور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬السلم‪ :‬فل يصح الذان من كافر لعدم أهليته للعبادة‪.‬‬
‫‪ -2‬التمييز‪ :‬فل يصح من صبي غير مميز لعدم أهليته للعبادة أيضًا‪،‬‬
‫وعدم ضبطه للوقت‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪ -3‬الذكورة‪ :‬فل يصح أذان المغغرأة للرجغغال‪ ،‬كمغغا ل تصغغح إمامتهغغا‬
‫لهم‪.‬‬
‫‪ -4‬وترتيب كلمات الذان للتباع في ذلك‪ ،‬ولن ترك الترتيب يوهم‬
‫اللعب ويخل بالعلم‪.‬‬
‫‪ -5‬والولء بيغغن كلمغغاته‪ ،‬بحيغغث ل يقغغوم فاصغغل كغغبير بيغغن الكلمغغة‬
‫والخرى‪.‬‬
‫‪ -6‬ورفع الصوت إذا كان يؤذن لجماعة‪ ،‬أما إذا كان يغغؤذن لمنفغغرد‬
‫فيسن رفع الصغغوت فغغي غيغغر مسغغجد وقعغغت فيغغه جماعغغة‪ ،‬أمغغا إذا أذن‬
‫لمنفرد في مسجد وقعت فيه جماعة فيسن خفغغض الصغغوت لئل يتغغوهم‬
‫السامعون دخول الصلة الخرى ‪.‬‬
‫روى البخغاري)‪ (584‬أن النغبي ‪ ‬قغال لبغي سغعيد الخغدري ‪" :‬إنغي‬
‫أراك تحب الغنم والبادية‪ ،‬فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلة ‪،‬‬
‫فارفع صوتك بالنداء‪ ،‬فإنه ل يسمع مدى صوت المؤذن جن ول إنس ول‬
‫شئ إل شهد له يوم القيامة"‪.‬‬
‫أما جماعة النساء‪:‬‬
‫فل يندب لهن الذان‪ :‬لن في رفع صوتهن يخشى الفتنغغة‪ ،‬وينغغدب لهغغن‬
‫القامة‪ ،‬لنها لستنهاض الحاضرين وليس فيها رفع صوت كالذان‪.‬‬
‫‪ -7‬دخول الوقت ‪ ،‬لقغغوله ‪ " : ‬إذا حضغغرت الصغغلة فيغغؤذن لكغغم‬
‫أحغغدكم " ) رواه البخغغاري‪ ،603:‬ومسغغلم‪ .(674:‬ول تحضغغر الصغغلة إل‬
‫بغغدخول وقتهغغا‪ .‬ولن الذان للعلم بغغدخول الغغوقت‪ ،‬فل يصغغغح قبلغغه‬
‫صبح‪ ،‬فإنه يجوز من نصف الليل لما سيأتي في سنن‬ ‫بالجماع‪ ،‬إل في ال ّ‬
‫الذان‪.‬‬

‫سنن الذان‪:‬‬
‫ن للذان المور التالية‪:‬‬ ‫ويس ّ‬
‫‪ -1‬أن يتغغوجه المغغؤذن إلغغى القبلغغة‪ ،‬لنهغغا أشغغرف الجهغغات وهغغو‬
‫المنقول سلفا ً وخلفًا‪.‬‬
‫‪ -2‬وأن يكون طغاهرا ً مغن الحغغدث الصغغغر والكغبر‪ ،‬فيكغغره الذان‬
‫للمحدث‪ ،‬وأذان الجنب أشد كراهة‪.‬‬
‫قال رسول الله ‪" : ‬كرهت أن أذكر الله عغز وجغل إل علغى طهغر" أو‬
‫قال‪" :‬على طهارة" )رواه أبو داود‪ ،17:‬وغيره(‪.‬‬
‫‪ -3‬وأن يؤذن قائمًا‪ ،‬لقوله ‪ " : ‬يا بلل قم فناد للصلة"‪.‬‬
‫صغغلة" ‪،‬‬ ‫‪ -4‬أن يلتفت بعنقه – ل بصدره – يمينا ً في "ح غ ّ‬
‫ي علغغى ال ّ‬
‫فلح"‪.‬‬‫ي على ال َ‬ ‫ويسارا ً في "ح ّ‬

‫‪68‬‬
‫روى البخاري )‪ (608‬أن أبا جحيفة ‪ ‬قغغال‪ :‬رأيغغت بلل ً يغغؤذن‪ ،‬فجعلغغت‬
‫ل‪ :‬حغغتى علغغى الصغغلة حغغتى علغغى‬ ‫أتتبع فاه هنا وهنا بالذان يمينا ً وشغغما ً‬
‫الفلح‪.‬‬
‫م‬
‫‪ -5‬أن يرّتغغل كلمغغات الذان‪ ،‬وهغغو التغغأني فيغغه‪ ،‬لن الذان إعل ٌ‬
‫للغائبين‪ ،‬فكان الترتيل فيه أبلغ في العلم‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -6‬الترجيع بالذان‪ ،‬وهو أن يأتي المؤذن بالشهادتين سرا قبغغل أن‬
‫يأتي بهما جهغغرًا‪ ،‬لثبغوت ذلغك فغي حغغديث أبغي محغغذورة ‪ ‬الغغذي رواه‬
‫مسلم )‪ (379‬وفيه‪" :‬ثم يعود فيقول‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله"‪.‬‬
‫ي علغغى الفلح‪:‬‬ ‫‪ -7‬التثويب في أذان الصبح‪ ،‬وهو أن يقول بعغغد ح غ ّ‬
‫الصلة خيٌر من النوم مرتين‪ ،‬لورود ذلك في حديث أبي داود )‪.(500‬‬
‫‪ -8‬أن يكون المؤذن صَيتا ً حين الصوت‪ ،‬ليرقّ قلب السامع‪ ،‬ويميل‬
‫إلى الجابة‪ ،‬لقوله ‪ ‬لعبد الله بن زيد ‪ ،‬الذي رأى الذان فغغي النغغوم‪:‬‬
‫" فقم مع بلل‪ ،‬فألق عليه ما رأيت فليؤذن به‪ ،‬فإنه أنغغدى صغغوتا ً منغغك"‬
‫)رواه أبو داود‪ ،499:‬وغيره(‪.‬‬
‫ً‬
‫] قال في المصباح‪ :‬أندى صوتا منه كناية عن قوته وحسنه[‪.‬‬
‫‪ -9‬أن يكون المؤذن معروفا ً بين الناس بالخلق والعدالة‪ ،‬لن ذلك‬
‫أدعى لقبول خبره عن الوقات‪ ،‬ولن خبر الفاسق ل يقبل‪.‬‬
‫‪ -10‬عدم التمطيط بالذان‪ ،‬أي تمديده والتغني به‪ ،‬بل يكره ذلك‪.‬‬
‫‪ -11‬ويسن مؤذنان فغي المسغغجد لذان الفجغغر‪ ،‬يغؤذن واحغد قبغل‬
‫الفجغغر‪ ،‬والخغغر بعغغده ودليغغل ذلغغك حغغديث البخغغاري )‪ (592‬ومسغغلم )‬
‫‪ " :(1092‬إن بلل ً يؤذن بليل‪ ،‬فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم‬
‫مكتوم"‪.‬‬
‫‪ -12‬ويسن لسامع الذان النصات‪ ،‬وأن يقول كما يقغغول المغغؤذن‪،‬‬
‫ودليل ذلغغك فغغي قغغوله ‪" :‬إذا سغغمعتم النغغداء فقولغغوا مثغغل مغغا يقغغول‬
‫المؤذن" )رواه البخاري‪ ،586:‬ومسلم‪. (383:‬‬
‫لكن يقول في الحيعلغتين‪ :‬ل حغول ول قغوة إل بغالله‪ .‬ودليغل ذلغك‬
‫حديث البخاري )‪ (588‬ومسلم )‪ (385‬واللفظ له‪" :‬وإذا قال حغغي علغغى‬
‫الصلة‪ ،‬قال‪ :‬ل حول ول قوة إل بالله‪ ،‬وإذا قال حي علغغى الفلح‪ ،‬قغغال‪:‬‬
‫ل حول ول قوة إل بالله" وجاء في آخر الحديث أن‪" :‬من قال ذلغغك مغغن‬
‫قلبه دخل الجنة" ‪ .‬ويسغغن أن يقغغول فغغي التثغغويب‪ :‬صغغدقت وبغغررت أي‬
‫صدقت بالدعوة إلى الطاعة ‪ ،‬وأنها خير من النوم‪ ،‬وصرت بارًا‪.‬‬
‫‪ -13‬الدعاء والصلة على ا لنبي ‪ ‬بعد الذان‪:‬‬
‫ويسن للمؤذن وللسغغامع‪ ،‬إذا انتهغغى المغغؤذن مغغن أذانغغه أن يصغغليا علغغى‬
‫النبي ‪ ،‬ويدعوا له لما ورد عنه ‪ ‬وحضنا عليه‪:‬‬
‫روى مسلم )‪ (384‬وغيره‪ ،‬عن عبدالله بن عمغرو ‪ :‬أنغه سغمع النغغبي‬
‫ي‪،‬‬‫‪ ‬يقول‪" :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثغغل مغغا يقغغول‪ ،‬ثغغم صغغلوا علغ ّ‬
‫ي صلة صلى الله بها عليه عشرًا‪ .‬ثم سغغلوا اللغغه لغغي‬ ‫فإنه من صلى عل ّ‬

‫‪69‬‬
‫الوسيلة‪ ،‬فإنها منزلة في الجنة‪ ،‬ل تنبغي إل لعبد ٍ من عبغغاد اللغغه‪ ،‬وأرجغغو‬
‫أن أكون هو‪ ،‬فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة"‪.‬‬
‫أي استحقها ووجبت له‪.‬‬
‫ن رسغغول اللغغه‬ ‫وروى البخاري )‪ (579‬وغيره عن جابر رضي الله عنه‪ :‬أ ّ‬
‫‪ ‬قال‪" :‬من قال حيغغن يسغغمع النغغداء‪ :‬اللهغغم رب هغغذه الغغدعوة التامغغة‬
‫ت سغّيدنا محمغغدا ً الوسغغيلة والفضغغيلة‪ ،‬وابعثغغه مقامغا ً‬‫والصلة القائمة‪ ،‬آ ِ‬
‫محمودا ً الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة"‪.‬‬
‫] الدعوة التامة " دعوة التوحيد التي ل ينالها تغيير ول تبديل[‪.‬‬
‫الفضيلة‪ :‬المرتبغغة الغغزائدة علغغى سغغائر الخلئق‪ .‬مقامغا ً محمغغودًا‪ :‬يحمغغد‬
‫القائم فيه‪ .‬الذي وعدته‪ :‬يقول سبحانه‪ :‬عسى أن يبعثك ربغغك مقامغغا ً‬
‫محمودا ً‪) ‬السراء‪(22:‬‬
‫ويقول المؤذن الصلة على النبي ‪ ‬والدعاء بصوت أخفض مغغن الذان‬
‫ومنفصل عنه‪ ،‬حتى ل يتوهم أنها من ألفاظ الذان‪.‬‬
‫القامة‪:‬‬
‫وأما القامة ‪ :‬فهي نفس الذان مع ملحظة الفوارق التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الذان مثنى‪ ،‬والقامة فرادى‪ .‬ودليل ذلك حغغديث أنغغس‪ ‬عنغغد‬
‫البخغغاري )‪،(580‬ومسغغلم )‪ :(378‬أمغغر بلل أن يشغغفع الذان‪ ،‬ويغغوتر‬
‫القامة‪ ،‬إل القامة – أي لفظ قد قامت الصلة – فإنها تكرر مرتين‪.‬‬
‫وصيغة القامة كاملة‪ :‬الله أكبر الله أكبر‪ ،‬أشهد أن ل إله إل الله‪ ،‬أشهد‬
‫ي علغغى الفلح‪ ،‬قغغد قغغامت‬ ‫أن محمدا ً رسول الله‪ ،‬ح ّ‬
‫ي على الصغغلة‪ ،‬ح غ ّ‬
‫الصلة‪ ،‬قد قامت الصلة‪ ،‬الله أكبر الله أكبر‪ ،‬ل إله إل الله‪.‬‬
‫وقد ثبت ذلك في الحاديث الصحيحة عند البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬
‫‪ -2‬الترسل والتمّهل في الذان‪ ،‬والسراع في القامة‪ ،‬لن الذان‬
‫للغائبين‪ ،‬فكان الترتيل فيغغه أبلغغغ‪ ،‬والقامغغة للحاضغغرين‪ ،‬فكغغان السغغراع‬
‫فيها أنسب‪.‬‬
‫ذن للولى فقط‪ ،‬وأقغغام‬ ‫‪ -3‬من كان عليه فوائت وأراد أن يقضيها أ ّ‬
‫لكغغل صغغلة‪ ،‬ودليغغل ذلغغك أن النغغي ‪": ‬جمغغع بيغغن المغغغرب والعشغغاء‬
‫بمزدلفة بأذان واحد وإقامتين" )رواه مسلم‪.(1218:‬‬
‫شروطها‪:‬‬
‫هي نفس شروط الذان‪.‬‬
‫سنن القامة‪:‬‬
‫وسنن القامة هي أيضا ً سنن الذان‪ ،‬ويزاد استحباب أن يكغغون المغغؤ ّ‬
‫ذن‬
‫هو المقيم‪.‬‬
‫ن للسامع أن يقول‪ :‬أقامها الله وأدامها )رواه أبو داود‪.(528:‬‬
‫ويس ّ‬
‫النداء للصلوات غير المفروضة‪:‬‬

‫‪70‬‬
‫ن‬
‫الذان والقامة سنة مؤكدة للصلوات المفروضة‪ ،‬أما غيرها ممغغا تسغغ ّ‬
‫فيغغه الجماعغغة كالعيغغدين والكسغغوفين والجنغغازة‪ ،‬فل يسغغن فيهغغا الذان‬
‫والقامة‪ ،‬وإنما يقول فيها‪ :‬الصلة جامعة‪.‬‬
‫روى البخغغاري )‪ ،(1003‬ومسغغلم )‪ ،(910‬عغغن عبغغدالله بغغن عمغغرو بغغن‬
‫العاص رضي الله عنهما قال‪ :‬لما انكسفت الشمس علغغى عهغغد رسغغول‬
‫الله ‪ ‬نودي‪" :‬الصلة جامعة"‪.‬‬
‫وقيس على صلة الكسوف ما في معناها من الصلوات المسنونة التي‬
‫تشرع فيها الجماعة‪.‬‬

‫*****‬

‫‪71‬‬
‫صللل َ‬
‫لة‬ ‫ة ال ّ‬
‫ح ِ‬
‫ص ّ‬
‫شُروط ِ‬
‫معنى الشرط‪:‬‬
‫شرط الشيء كل ما يتوقف عليه وجود ذلك الشيء‪ ،‬وهغو ليغغس جغزءا ً‬
‫منه‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬النبات‪ :‬ل بد لوجوده على وجه الرض من المطر‪ ،‬مع العلم بغغأن‬
‫المطر ليس جزءا ً من النبات‪ ،‬فالمطر إذا ً شرط لوجود النبات‪.‬‬
‫والن‪ ،‬ما هغغي شغغروط صغغحة الصغغلة ؟ تتلخغغص شغغروطها عنغغد المغغام‬
‫الشافعي رحمه الله تعالى في المور الربعة التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الطهارة‪:‬‬
‫وقد عرفت معنى الطهارة في باب الطهارة وهغغي تنقسغغم إلغغى أنغغواع‪،‬‬
‫لبد ّ من توفر كل واحد منها لصحة الصلة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫محغغدث ل تصغغح صغغلته‪ ،‬سغغواًء كغغان‬ ‫)أ( طهارة الجسم من الحغغدث‪ :‬فال ُ‬
‫الحدث أصغر – وهو فقد الوضوء‪ -‬أو أكبر كالجنابغغة‪ ،‬لقغغول رسغغول اللغغه‬
‫‪ ‬فغي الحغديث الصغحيح‪" :‬ل تقبغل صغلة بغيغر طهغور" )رواه مسغلم‪:‬‬
‫‪.(224‬‬
‫)ب( طهارة البدن من النجاسة‪ :‬وقد عرفت معنى النجاسة وأنواعها في‬
‫باب الطهارة أيضًا‪ .‬ودليل ذلك قوله ‪ ‬في اللذين يعذبان فغغي قبرهمغغا‪:‬‬
‫"أما أحدهما فكان ل يستبرئ من البول" )رواه البخاري‪ ،215:‬ومسغغلم‪:‬‬
‫‪ .(292‬وفي رواية ل يستتر‪ ،‬وأخرى‪ :‬ل يستنزه‪ ،‬وكلها صحيحة ومعناهغغا‪:‬‬
‫ل يتجنبه ويتحرز منه‪.‬‬
‫ومثل البول كل النجاسات المختلفة الخرى‪ ،‬قال ‪ ‬لفاطمة بنت أبغغي‬
‫حبيش رضي الله عنها‪" :‬فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلة‪ ،‬فإذا ذهغغب‬
‫قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي" )رواه البخاري‪ ،266:‬ومسلم‪.(333:‬‬
‫)ج( طهارة الثياب من النجاسة ‪ :‬فل يكفغي أن يكغون الجسغغم نقيغا ً عغغن‬
‫النجاسة‪ ،‬بل ل بد أن تكون الثياب التي يرتديها المصلي نقية أيض غا ً عغغن‬
‫جميع النجاسات‪ ،‬دليل ذلغك قغول اللغه جغل جللغه‪ :‬وثيابغك فطهغر‪‬‬
‫]المدثر‪[4:‬‬
‫وروى أبو داود)‪ ،(365‬عن أبغي هريغغرة ‪ : ‬أن خولغة بنغت يسغار أتغت‬
‫النبي ‪ ‬فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إنه ليس لي إل ثوب واحد‪ ،‬وأنغغا أحيغغض‬
‫فيه‪ ،‬فكيف أصنع؟ قال‪" :‬إذا طهرت فاغسغليه ثغم صغغلى عليغه" فقغغالت‬
‫فإن لم يخرج الدم؟ قال‪ " :‬يكفيك غسل الدم‪ ،‬ول يضرك أثره"‪.‬‬
‫)د( طهارة المكان عن النجاسغغة‪ :‬ويقصغغد بالمكغغان الحي ّغغز الغغذي يشغغغله‬
‫المصلي بصلته فيدخل في المكغغان مغغا بيغغن مغغوطئ قغغدمه إلغغى مكغغان‬
‫سجوده‪ ،‬مما يلمس شيئا ً من بدنه أثناء الصلة‪ ،‬فما ل يلمغغس البغغدن ل‬
‫يضر أن يكغغون نجسغًا‪ ،‬مثغغل المكغغان الغغذي يحغغاذي صغغدره عنغغد الركغغوع‬
‫والسجود‪ ،‬ودليل هذا الشرط أمره ‪ ‬بصب المغغاء علغغى المكغغان الغغذي‬

‫‪72‬‬
‫بال فيه العرابي فغغي المسغغجد )رواه البخغغاري‪ ،(217:‬وقياسغا ً للمكغغان‬
‫على الثوب‪ ،‬لن المكان كالثوب في ملمسة البدن‪.‬‬
‫‪ -2‬العلم بدخول الوقت‪:‬‬
‫وقد عرفت أن لك من الصلوات المكتوبة وقتا ً معينًا‪ ،‬يجب أن تقع فيه‬
‫غير أنه ل يكفي أن تقع الصلة في الوقت‪ ،‬بل ل بغغد أن يعلغغم المصغغلي‬
‫ذلك قبل المباشرة بالصلة‪ ،‬فل تصح صلة من لغغم يعلغغم دخغغول وقتهغغا‪،‬‬
‫وإن تبّين له بعد ذلك أنها صادفت وقتها المشروع‪.‬‬
‫* كيفية معرفة دخول الوقت‪:‬‬
‫ويعرف دخول وقت الصلة بوسيلة من الوسائل الثلثة التية‪:‬‬
‫العلم اليقيني‪ :‬بأن يعتمد على دليغغل محسغغوس‪ ،‬كرؤيغغة الشغغمس وهغغي‬
‫تغرب في البحر‪.‬‬
‫الجتهاد‪ :‬بأن يعتمد على أدلة ظنيغغة ذات دللغغة غيغغر مباشغغرة‪ ،‬كالظغغل‪،‬‬
‫والقياس بالعمال وطولها‪.‬‬
‫التقليد‪ :‬إذا لم يمكن العلم اليقيني أو ا لجتهاد‪ ،‬كجاهل بأوقغغات الصغغلة‬
‫ودلئلها‪ ،‬فيقلد إمغا العغغالم المعتمغغد علغى دليغل محسغغوس‪ ،‬أو المجتهغد‬
‫المعتمد على الدلة الظنية ‪.‬‬
‫* حكم صلة من صلى خارج الوقت‪:‬‬
‫إذا تبين للمصلي أن صلته قد وقعت قبغل دخغول الغوقت تعتغبر باطلغة‬
‫وتجب إعادتها‪ ،‬سواء كان معتمدا ً على علم أو اجتهاد أو تقليد‪.‬‬
‫‪ -3‬ستر العورة‪:‬‬
‫هذا هو الشرط الثالث من شغغروط صغغحة الصغغلة‪ ،‬ول بغغد لمعرفغغة هغغذا‬
‫الشرط من بيان المور التالية‪:‬‬

‫) أ ( معنى العورة‪:‬‬
‫يقصد بكلمة العورة شرعًا‪ :‬كل ما يجب ستره أو يحرم النظر إليه‪.‬‬
‫) ب ( حدود العورة في الصلة‪:‬‬
‫حدودها بالنسبة للرجل‪ :‬ما بين السرة والركبة‪ ،‬فيجب أن ل يبدوا شغغئ‬
‫منه في الصلة‪.‬‬
‫فين‪ ،‬فيجب أن ل‬ ‫وحدودها بالنسبة للمرأة‪ :‬كل البدن ما عدا الوجه والك ّ‬
‫يبدو شئ مما عدا ذلك في الصلة‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬خذوا زينتكم عند كل مسجد‪] ‬العراف‪.[31:‬‬
‫قال ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬المراد به الثياب فغغي الصغغلة )مغنغغي‬
‫المحتاج‪.[184/ 1:‬‬
‫سنه‪ ،‬عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬قغغال‬ ‫وروى الترمذي )‪ (277‬وح ّ‬
‫رسول الله ‪":‬ل تقبل صلة الحائض إل بخماٍر"‪.‬‬
‫)والحائض‪ :‬البغغالغ‪ ،‬لنهغغا بلغغغت سغغن الحيغغض‪ .‬والخمغغار‪ :‬مغغا تغطغغي بغغه‬
‫المرأة رأسها‪ ،‬وإذا وجب ستر الرأس فستر سائر البدن أولى[‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫) ج ( حدود العورة خارج الصلة‪.‬‬
‫*حدود عورة الرجل ما بين السّرة والركبغغة بالنسغغبة للرجغغال أي ّغا ً كغغانوا‪،‬‬
‫وبالنسبة لمحارمه من النساء‪.‬‬
‫‪((1‬‬
‫أما عند النساء الجنبيات فما عدا الوجه والكفين على المعتمد ‪.‬‬
‫أي ل يجوز للنساء الجنبيات أن ينظرن إلى ماعدا وجه الرجغغل الجنغغبي‬
‫وكفيه ‪ ،‬فإن كان النظر بشهوة حرم بالنسبة للوجه أيضًا‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪ :‬وقغغل للمؤمنغغات يغضضغغن مغغن أبصغغارهن ويحفظغغن‬
‫فروجهن‪] ‬النور‪.[31:‬‬
‫*وحدود عورة المرأة‪ :‬عند النساء المسلمات ما بين سرتها وركبتها‪ .‬أما‬
‫عند النساء الكافرات‪ ،‬فما عدا الغغذي يظهغغر منهغغا لضغغرورة القيغغام إلغغى‬
‫عمل ما كخدمة البيت ونحوه‪.‬‬
‫وأما عند الرجال المحارم لها‪ :‬فما بين السرة والركبغغة‪ ،‬أي فيجغغوز لهغغا‬
‫أن تبدي سائر أطراف جسمها أمامهم بشرط أمن الفتنغغة وإل فل يجغغوز‬
‫ذلك أيضًا‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬ول يبدين زينتهن إل لبعولتهن أو آبغغائهن أو بنغغي أخغغواتهن‬
‫أو نسائهن‪] ‬النور‪.[31:‬‬
‫وفسرت الزينة بمواضعها فوق السرة أو تحت الركبة‪.‬‬
‫) بعولتهن‪ :‬أزواجهن‪ .‬نسائهن‪ :‬النساء المسلمات(‪.‬‬
‫وأما عند الرجال الجانب فجميعها عورة‪ ،‬فل يجوز لها أن تكشغغف شغغيئا ً‬
‫من بدنها أمامهم إل لعذر‪ ،‬كما ل يجوز لهم أن ينظروا إليهغغا أن كشغغفت‬
‫شيئا ً من ذلك‪.‬‬
‫قغغال تعغغالى‪ :‬قغغل للمؤمنغغات يغضغغوا مغغن أبصغغارهم ويحفظغغوا‬
‫فروجهم ذلك أزكى لهم‪] ‬النور‪[30:‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(365‬عن عائشغغة رضغغي اللغغه عنهغغا قغغالت‪ :‬لقغغد كغغان‬
‫رسول الله ‪ ‬يصلي الفجر‪ ،‬فيشهد معه نساء من المؤمنات‪ ،‬ملتفعغات‬
‫في مروطهن‪ ،‬ثم يرجعن إلى بيتهن‪ ،‬ما يعرفهن أحد"‪.‬‬
‫)ملتفعات في مروطهن‪ :‬متلففات بأكسيتهن‪ ،‬واللفاع‪ :‬ثوب يجلغغل‬
‫به الجسد كله (‪.‬‬
‫أما حالت جواز كشف العورة والنظر إليها لعذر‪:‬‬
‫‪ -1‬عند الخطبة لجل النكاح‪ ،‬فيجوز النظغغر إلغغى الغغوجه والكفيغغن‪،‬‬
‫وسيأتي في باب النكاح‪.‬‬
‫‪ -2‬النظر للشهادة أو المعاملة‪ ،‬فيجوز النظغغر إلغغى الغغوجه خاصغغة‪،‬‬
‫إذا كانت هناك حاجة لمعرفة تلك المرأة‪ ،‬ولم تعرف دون النظر إليها‪.‬‬
‫)‪ (1‬ودليله ما روته أم سلمة قالت‪:‬‬
‫كنت عند رسول الله ‪ ‬وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب ‪،‬‬
‫فقال النبي ‪ " : ‬احتجبا منه " ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬يا رسول الله أليس أعمى ل يبصرنا ول يعرفنا ؟‬
‫فقال النبي ‪ ": ‬أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟ " )رواه أبو داود‪ ،4112 :‬والترمذي‪،2778:‬‬
‫وقال حسن صحيح(‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫‪3‬غ من أجل التطيب والمداواة‪ ،‬فيجوز كشف العورة والنظر إليهغغا‬
‫بقدر الحاجة‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ ،(2206‬عن جابر بغغن عبغغد اللغغه ‪" : ‬أن أم سغغلمة‬
‫رضي الله عنها استأذنت رسول الله ‪ ‬في الحجامة‪ ،‬فأمر النبي ‪ ‬أبا‬
‫طيبة أن يحجمها"‪.‬‬
‫ويشترط أن يكون ذلك بوجود محغغرم أو زوج‪ ،‬وأن ل توجغد امغغرأة‬
‫تعالجها‪ ،‬وإذا وجد المسلم أو المسلمة ل يعدل إلى غيرهما‪.‬‬

‫‪4‬غ استقبال القبلة‪:‬‬


‫وهذا هو الشرط الرابع من شروط صحة الصلة‪.‬‬
‫دليل وجوب استقبالها‪:‬‬
‫دليل هذا الشرط صريح قغول اللغه تعغالى‪ :‬فغول وجهغك شغطر‬
‫المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره‪] ‬البقرة‪.[150 :‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(5897‬ومسلم )‪ (397‬أنه ‪ ‬قغغال للغغذي علمغغه‬
‫كيف يصلي‪" :‬إذا قمت إلى الصلة فأسبغ الوضغغوء‪ ،‬ثغغم اسغغتقبل القبلغغة‬
‫فكبر"‪.‬‬
‫والمراد بالمسجد الحرام بالية‪ ،‬وبالقبلة في الحديث‪ :‬الكعبة‪.‬‬
‫تاريخ مشروعية استقبال القبلة‪:‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(390‬ومسلم )‪ (525‬عغغن الغغبراء بغغن عغغازب ‪ ‬قغغال‪:‬‬
‫كان رسول الله ‪ ‬صلى نحو بيت المقدس ستة عشغغر أو سغغبعة عشغغر‬
‫شهرًا‪ ،‬وكان رسول اللغغه ‪ ‬يحغغب أن يغغوجه نحغغو الكعبغغة‪ ،‬فغغأنزل اللغغه‪:‬‬
‫‪‬قد نرى تقلب وجهك في السماء‪ .‬فتوجه نحو الكعبة‪.‬‬
‫وإذا فإن تاريخ مشروعية استقبال الكعبة يبغغدأ فغغي أوائل هجغغرة النغغبي‬
‫‪ ‬إلى المدينة‪.‬‬
‫كيفية الستدلل على القبلة‪:‬‬
‫إما أن يكون المصلي قريبا ً من الكعبة بحيث يمكنه رؤيتها إذا شغغاء‪ ،‬أو‬
‫أن يكون بعيدا ً عنها بحيث ل يمكن رؤيتها‪:‬‬
‫أما القريب منها‪ :‬فيجب أن يستقبل عين الكعبة يقينًا‪.‬‬
‫وأما البعيد عنهغا‪ :‬فيجغب عليغه أن يسغتقبل عيغن الكعبغة معتمغدا ً علغى‬
‫الدلة الظنية‪ ،‬إن لم يمكنه الدليل القطعي‪.‬‬

‫كيفية الصلة‬
‫عدد ركعاتها‪:‬‬
‫عندما فرض الله على المسلمين الصلوات المكتوبة‪ ،‬جغغاء جبريغغل إلغغى‬
‫النبي ‪ ‬غ كما مر معك غ يضبط للنبي ‪ ‬وقت كل منها ابتغغداء وانتهغغاء‪،‬‬
‫ويوضح له عدد ركعات كل منها‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫صلة الفجر‪:‬‬
‫ركعتان‪ ،‬بقيامين وتشهد أخير‪.‬‬
‫صلة الظهر‪:‬‬
‫أربغغع ركعغات بتشغهدين‪ ،‬أولهمغا علغى رأس ركعغتين والثغاني فغغي آخغر‬
‫الصلة‪.‬‬
‫صلة العصر‪:‬‬
‫أربع ركعات كصلة الظهر‪.‬‬
‫صلة المغرب‪:‬‬
‫ثلث ركعغغات بتشغغهدين‪ ،‬أولهمغغا علغغى رأس ركعغغتين والثغغاني فغغي آخغغر‬
‫الصلة‪.‬‬
‫صلة العشاء‪:‬‬
‫أربع ركعات مثل الظهر والعصر‪.‬‬

‫*****‬

‫صللل َ‬
‫لة‬ ‫أر َ‬
‫كان ال ّ‬
‫معني الركن‪:‬‬
‫ركن الشيء ما كان جزءا ً أساسيا ً منغغه‪ ،‬كالجغغدار مغغن الغرفغغة‪ ،‬فغغأجزاء‬
‫الصلة إذا أركانها كالركوع والسجود ونحوهما‪ .‬ول يتكامل وجود الصغغلة‬
‫ول تتوفر صحتها إل بأن يتكامل فيهغغا جميغغع أجزائهغغا بالشغغكل والغغترتيب‬
‫الواردين عن رسول الله ‪ ، ‬عن جبريل عليغغه السغغلم‪ .‬ويتلخغغص عغغدد‬
‫أركان الصلة في ثلثة عشر ركنًا‪ .‬نشرح كل واحد منها على حدة‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫‪1‬ل النية‪:‬‬
‫وهي قصد الشيء مقترنا ً بأول أجزاء فعله‪ ،‬ومحلها القلب‪ .‬ودليلها قول‬
‫النبي ‪" :‬إنما العمال بالنيات" )رواه البخاري‪ ،1:‬ومسلم‪.(1907:‬‬
‫ول بد لصحتها أن تقترن بتكبيرة الحرام‪ ،‬بحيث يكون قلبه متنبه غا ً أثنغغاء‬
‫التلفظ بالتكبير إلى قصد الصلة‪ ،‬متذكرا ً نوعها وفرضغغيتها‪ ،‬ول يشغغترط‬
‫تحريك اللسان بها‪.‬‬
‫‪2‬ل القيام مع القدرة في الصلة المفروضة‪:‬‬
‫دليل هذا الركن ما رواه البخغغاري)‪ (1066‬عغغن عمغغران بغغن حصغغين ‪‬‬
‫قال‪ :‬كانت بي بواسغغير‪ ،‬فسغغألت رسغغول اللغغه ‪ ‬عغغن الصغغلة؟ فقغغال‪:‬‬
‫"صل قائمًا‪ ،‬فإن لم تستطيع فقاعدًا‪ ،‬فإن لم تستطع فعلى جنب"‪.‬‬
‫]بواسير‪ :‬مرض في مخرج الدبر[‪.‬‬
‫وإنما يعتبر الرجل قائما ً إذا كان منتصب القامة‪ ،‬فغغإذا انحنغغى دون عغغذر‬
‫بحيث أمكن أن تلمس راحة يده ركبته‪ ،‬بطلت صلته‪ ،‬لن ركغغن القيغغام‬
‫فقد في جزء من صغغلته‪ .‬وإذا قغغدر المصغغلي علغغى الوقغغوف فغغي بعغغض‬
‫صلته وعجز في بعضغغها الخغغر‪ ،‬وقغغف حيغغث يمكنغغه ذلغغك‪ ،‬وجلغغس فغغي‬
‫سائرها‪.‬‬
‫وخرج بقيد الصلة المفروضة‪ ،‬الصلوات النافلة‪ ،‬فإن القيام بها منغغدوب‬
‫مطلق غًا‪ ،‬فلغغه أن يجلغغس فيهغغا سغغواء كغغان قغغادرا ً أم ل‪ .‬روى البخغغاري )‬
‫‪ (1065‬أن النبي ‪ ‬قال‪ " :‬من صغغلى قائم غا ً فهغغو أفضغغل‪ ،‬ومغغن صغغلى‬
‫قاعدا ً فله نصف أجر القائم‪ ،‬ومن صغغلى نائم غا ً فلغغه نصغغف أجغغر القاعغغد‬
‫"والمارد بالنائم‪ :‬المضطجع‪.‬‬
‫‪3‬ل تكبيرة الحرام‪:‬‬
‫دليل ذلك ما رواه الترمذي)‪ (3‬وأبغغو داود)‪ (61‬وغيرهغغغغم أنغغه ‪ ‬قغغال‪:‬‬
‫"مفتاح الصلة الطهور‪ ،‬وتحريمها التكبير‪ ،‬وتحليلها التسليم"‪.‬‬
‫كيفيتها‪:‬‬
‫ل بد من لفظة "الله أكبر"‪ ،‬ول تضر زيادة ل تمنع السم‪ :‬كغ الله الكبر‪،‬‬
‫أو الله الجليل أكبر‪ .‬فلو زاد كلمة ليست من صفات الله تعالى‪ :‬كقوله‪:‬‬
‫الله هو الكبر أو غير الصيغة كأن قال‪ :‬أكبر الله لم يصح التكغغبير‪ .‬دليغغل‬
‫ذلك ضرورة التبغاع لفعغل النغبي ‪ ،‬وقغد كغان ‪ ‬ملزمغا ً فغي تكغبيرة‬
‫الحرام لهذه الصيغة‪.‬‬
‫شروطها‪:‬‬
‫يشترط الصحة تكبيرة الحرام مراعاة المور التالية‪:‬‬
‫)أ( أن يتلفظ بها وهو قائم‪ ،‬فلو نطق بها أثنغغاء القيغغام إلغغى الصغغلة لغغم‬
‫تصح‪.‬‬
‫)ب( أن ينطق بها حال استقبال القبلة‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫)ج( أن تكون باللغة العربية‪ ،‬لكغغن مغغن عجغغز عنهغغا بالعربيغغة‪ ،‬ولغغم‬
‫يمكنه التعلم في الغغوقت ترجغغم وأتغغى بمغغدلول التكغغبير بغغأي لغغغة شغغاء‪،‬‬
‫ووجب عليه التعلم إن قدر على ذلك‪.‬‬
‫)د( أن يسمع نفسه جمع حروفها إن كان صحيح السمع‪.‬‬
‫)ه( مصاحبتها للنية كما مر ذكره‪.‬‬
‫‪4‬ل قراءة الفاتحة‪:‬‬
‫وهي ركن في كل ركعة من الصلة‪ ،‬أيا كان نوعها‪.‬‬
‫دليل ذلك‪:‬‬
‫ما رواه البخغغاري)‪ ،(723‬ومسغغلم)‪ :(394‬أن النغغبي ‪ ‬قغغال‪" :‬ل صغغلة‬
‫لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"‪.‬‬
‫والبسملة آية منها‪ ،‬فل تصح الفاتحة التي لم يبدأها المصلي ببسم اللغغه‬
‫الرحمن الرحيم ‪ ،‬لمغغا روى ابغغن خزيمغغة بإسغغناد صغغحيح‪ ،‬عغغن أم سغغلمة‬
‫رضي الله عنها‪ :‬أن النبي ‪ ‬عد بسم الله الرحمن الرحيم آية‪.‬‬
‫شروط صحتها‪:‬‬
‫ول بد في قراءة الفاتحة من مراعاة الشروط التالية‪:‬‬
‫)أ( أن يسمع القارئ نفسه‪ ،‬إذا كان معتدل السمع‪.‬‬
‫)ب( أن يرتب القراءة حسب ترتيبها الوارد‪ ،‬مراعي غا ً مخغغارج الحغغروف‪،‬‬
‫دات فيها‪.‬‬
‫وإبراز الش ّ‬
‫ً‬
‫)ج( أن ل يلحن فيها لحنغا يغيغغر المعنغغى‪ ،‬فغغإن لحغغن لحنغغا ل يغغؤثر علغغى‬
‫سلمة المعنى لم تبطل‪.‬‬
‫)د( أن يقرأها بالعربية‪ ،‬فل تصح ترجمتها‪ ،‬لن ترجمتها ليست قرآنا‪.‬‬
‫)ه( أن يقرأها المصلي وهو قائم‪ ،‬فلو ركع وهو ل يزال يتممهغغا‪ ،‬بطلغغت‬
‫القراءة ووجبت العغغادة‪ .‬هغغذا وإن عجغغز المصغغلي لعجمغغة ونحوهغغا عغغن‬
‫قراءة الفاتحة‪ ،‬قرأ بدلها سبع آيغغات ممغغا يحفغغظ مغغن القغغرآن‪ ،‬فغغإن لغغم‬
‫يحفظ منه شيئا ً ذكر الله تعالى بمقدار طول الفاتحة ثم ركع‪.‬‬
‫‪5‬ل الركوع‪:‬‬
‫وهو شرعًا‪ :‬أن ينحني المصلي قدر ما يمكنه من بلوغ راحغغتيه لركبغغتيه‪،‬‬
‫هذا أقله‪ ،‬وأما أكمله‪ :‬فهو أن ينحني بحيث يستوي ظهره أفقيا‪.‬‬
‫دليله‪:‬‬
‫قال الله تعالى‪:‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا‪] ‬الحج‪.[77:‬‬
‫وقول رسول الله ‪ ‬لمن علمه الصلة‪" :‬ثم اركع حغغتى تطمئن راكع غًا"‬
‫)رواه البخاري‪ ،724 :‬ومسلم‪.[397 :‬‬
‫وفعله ‪ ‬الثابت بأحاديث صحيحة أكثر من أن تحصى‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫ل بد لصحة الركوع من التزام المصلي لما يلي‪:‬‬
‫)أ( النحناء بالقدر المذكور‪ ،‬وهو بلوغ كفه إلى ركبته‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫روى البخغغاري)‪ (794‬عغغن أبغغي حميغغد السغغاعدي ‪ ،‬فغغي صغغفة صغغلة‬
‫رسول الله ‪" : ‬وإذا ركع يديه من ركبته"‪.‬‬
‫)ب( أن ل يقصد بانحنائه شيئا ً آخر غير الركوع‪ ،‬فلغغو انحنغغى خوف غا مغغن‬
‫ً‬
‫شيء‪ ،‬ثم استمر منحنيا ً قاصدا ً أن يجعله ركوع غا ً لغغم يصغغح ركغغوعه‪ ،‬بغغل‬
‫يجب أن يعود قائما ثم ينحني بقصد الركوع‪.‬‬
‫)ج( الطمأنينة‪ ،‬أي أن يسغغتقر فغغي انحنغغائه قغغدر تسغغبيحة‪ ،‬وهغغذا أقلهغغا‪،‬‬
‫ودليغغل ذلغغك قغغوله ‪ ‬فيمغغا سغغبق‪" :‬حغغتى تطمئن راكع غًا"‪ .‬روى أحمغغد‬
‫والطبراني وغيرهما بسند صحيح أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬أسوأ الناس سرقة‬
‫الذي يسرق من صلته" قالوا يا رسول الله‪ ،‬وكيف يسرق مغغن صغغلته؟‬
‫قال‪" :‬ل يتم ركوعها ول سجودها"‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪ (758‬عن حذيفة ‪ :‬رأى رجل ً ل يتم الركوع والسغغجود‬
‫فقال‪ :‬ما صليت‪ ،‬ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمغغدا ً‬
‫‪ ‬عليها‪ .‬أي ما صليت الصلة المطلوبة‪ ،‬ولو أدركك الموت علغغى هغغذه‬
‫الحالة كنت على غير الطريقة الغغتي جغغاء بهغغا يسغغوي ظهغغره مغغع عنقغغه‬
‫بشكل أفقي مستقيم غير مقوس‪ ،‬وأن ينصب ساقيه‪ ،‬وأن يمسك ركبته‬
‫ل‪" :‬سغغبحان ربغغي العظيغغم" ثلث‬ ‫بيديه مفرقا ً بين أصابعهما‪ ،‬ويستقر قائ ً‬
‫مرات‪.‬‬
‫وروى مسلم)‪ (772‬وغيره‪ ،‬عن حذيفغغة ‪ ‬قغغال‪ :‬صغغليت مغغع النغغبي ‪‬‬
‫ذات ليلة‪ ...‬وفيه‪ :‬ثم ركع‪ ،‬فجعغغل يقغغول‪" :‬سغغبحان ربغغي العظيغغم"‪ ،‬ثغغم‬
‫سجد فقال‪" :‬سبحان ربي العلى"‪.‬‬
‫وروى الترمغغذي )‪ ،(261‬وأبغغو داود)‪ (886‬وغيرهمغغا‪ ،‬عغغن عبغغدالله بغغن‬
‫مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪" :‬إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه‪:‬‬
‫سبحان ربي العظيغغم‪ ،‬ثلث مغغرات‪ ،‬تغغم ركغغوعه وذلغغك أدنغغاه"‪ .‬أي أقغغل‬
‫الكمال والتمام‪.‬‬
‫جاء في حديث أبي حميد السابق‪ " :‬ثم هصر ظهره "‪ .‬أي أمغغاله وثنغغاه‬
‫إلى الرض‪.‬‬
‫‪6‬ل العتدال بعد الركوع‪:‬‬
‫وهو وقوف يفصل الركوع عن السجود‪:‬‬
‫دليله‪:‬‬
‫ما رواه مسلم)‪ (498‬عن عائشة رضي اللغغه عنهغغا‪ ،‬أنهغغا وصغغفت صغغلة‬
‫النبي ‪ ‬فقالت‪ :‬فكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي‬
‫قائمًا‪.‬‬
‫وقال ‪ ‬لرجل أساء صلته‪ ،‬فكان يعلمه كيفيتها‪" :‬ثم ارفع حتى تعتغغدل‬
‫قائما ً )رواه البخاري‪ ،724 :‬ومسلم‪.(397 :‬‬

‫شروطه‪:‬‬
‫)أ( أن يقصد بالعتدال من الركوع شيئا ً آخر عير العبادة‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫)ب( أن يطمئن في اعتداله قدر تسبيحة‪.‬‬
‫)ج( أن ل يطيل الوقوف فيه تطويل ً فاحشًا‪ ،‬بأن يزيد على مغغدة قغغراءة‬
‫الفاتحة‪ ،‬لنه ركن قصير‪ ،‬ل يجوز تطويله‪.‬‬
‫‪7‬ل السجود مرتين كل ركعة‪:‬‬
‫وتعريفه شرعًا‪ :‬مباشرة جبهة المصلي موضع سجوده‪.‬‬
‫دليله‪:‬‬
‫قول الله عز وجل‪ :‬اركعوا واسجدوا‪] ‬الحج‪.[77:‬وقوله ‪ ‬للرجغغل‬
‫الذي أساء صغغلته فأخغغذ بعلمغغه كيفيتهغغا‪...." : :‬ثغغم اسغغجد حغغتى تطمئن‬
‫ساجدًا‪ ،‬ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا‪ ،‬ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا‪."...‬‬
‫)انظر دليل الركوع والعتدال(‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫يشترط لصحة السجود مراعاة المور التالية‪:‬‬
‫)أ( كشف الجبهة عند ملمستها الرض‪.‬‬
‫)ب( أن يكون السجود على سبعة أعضاء‪ ،‬وهغغي الغغتي عغغدها النغغبي ‪‬‬
‫بقوله‪" :‬أمرت أن أسجد على سبعة أعظم‪ :‬على الجبهة غ غ وأشغغار بيغغده‬
‫على أنفه غ واليدين والركبتين وأطراف القدمين"‬
‫)رواه البخاري‪ ،779:‬ومسلم‪ .(490:‬ولكن ل يجب أن يكشف من هذه‬
‫العضاء إل الجبهة‪.‬‬
‫)ج( أن ترتفع أسافله على أعاليه‪ ،‬ما أمكن ذلك‪ ،‬اتباعا ً لفعله ‪.‬‬
‫)د( أن ل يسجد على ثوب متصل به بحيث يتحرك بحركته‪.‬‬
‫)ه( أن ل يقصد بالسجود شيئا ً آخر غيره كخوف ونحوه‪.‬‬
‫)ز( أن يطمئن فغغي السغغجود علغغى هغغذه الحغغال بمقغغدار تسغغبيحة علغغى‬
‫القل‪.‬‬
‫وأكمل السجود أن يكبر لهوّيه‪ ،‬ويضع ركبتيه‪ ،‬ثم يديه‪ ،‬ثم جبهته وأنفغغه‪،‬‬
‫ويضع يديه حذو منكبيه وينشر أصغغابعه مضغغمومة للقبلغغة‪ ،‬ويفغغرق بطنغغه‬
‫عن فخغغذيه‪ ،‬ومرفقيغغه عغغن الرض وعغغن جنغغبيه‪ ،‬ويقغغول "سغغبحان ربغغي‬
‫العلى"‪ ،‬ثلثًا‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(770‬ومسغغلم)‪ ،(292‬مغغن حغغديث أبغغي هريغغرة ‪ ‬فغغي‬
‫صفحة صلته ‪" : ‬ثم يقول‪ :‬الله أكبر‪ ،‬حين يهوي ساجدًا"‪.‬‬
‫وعنغغد مسغغلم)‪ (494‬عغغن الغغبراء ‪ ‬قغغال‪ :‬قغغال رسغغول اللغغه ‪" :‬إذا‬
‫سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك"‪.‬‬
‫حينغغة‬
‫روى البخاري)‪ ،(383‬ومسلم)‪ ،(495‬عن عبد الله بن مالغغك بغغن ب ُ َ‬
‫‪ ،‬أن النبي ‪ ‬كان إذا صلى ‪ ‬فرج بين يديه‪ ،‬حتى يبدو بياض إبطيه‪.‬‬
‫حغغى يغغديه‬ ‫وعند أبي داود)‪ ،(734‬والترمذي)‪ ،(270‬عن أبي حميد ‪ ،‬ون ّ‬
‫عن جنبيه‪ ،‬ووضع كفيه حذو منكبيه‪.‬‬
‫روى أبو داود)‪ ،(735‬عن أبي حميد ‪ ،‬في صفة صلة رسول اللغغه ‪‬‬
‫قال‪ :‬إذا سجد فرج بين فخذيه‪ ،‬غير حامل بطنه على شيء من فخغغذيه‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫وعند أبي داود)‪،(886‬والترمذي )‪ ،(261‬وغيرهما‪" :‬وإذا سجد فقال في‬
‫سجوده‪ :‬سغغبحان ربغغي العلغغى‪ ،‬ثلث مغغرات‪ ،‬فقغغد تغغم سغغجوده‪ ،‬وذلغغك‬
‫أدناه" أي أقل الكمال في السجود‪.‬‬
‫وتخالف المرأة الرجل في بعض ما سبق‪ ،‬فتضم بعضها إلى بعض أثنغغاء‬
‫السجود‪.‬‬
‫وروى البيهقي)‪ :(223 /2‬أنه ‪ ‬مّر على امرأتيغن تصغليان فقغال‪" :‬إذا‬
‫سجدتما فضما بعض اللحم إلغغى الرض‪ ،‬فغغإن المغغرأة ليسغغت فغغي ذلغغك‬
‫كالرجل"‪.‬‬
‫‪ 8‬ل الجلوس بين السجدتين‪:‬‬
‫ويحب أن يكون ذلك في كل ركعة‪.‬‬
‫دليل ذلك‪:‬‬
‫قوله ‪ ‬في الحديث السابق ذكره‪....." :‬ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا"‬
‫)انظر دليل السجود(‪.‬‬
‫شروطه‪:‬‬
‫يشترط لصحته مراعاة المور التالية‪:‬‬
‫)أ( أن يقصد بجلوسه العبادة‪ ،‬ول يحمله عليه شيء آخر كخوف ونحوه‪.‬‬
‫)ب( أن ل يطوله تطوله يطوله تطويل ً فاحشا ً بحيث يزيد عن مدة أقل‬
‫التشهد‪.‬‬
‫)ج( الطمأنينة بمقدار تسبيحة على القل‪.‬‬
‫‪9‬ل الجلوس الخير‪:‬‬
‫ويقصد به الجلوس الذي يكون في آخر ركعة من ركعات الصلة بحيغغث‬
‫يعقبه السلم‪.‬‬

‫‪10‬ل التشهد في الجلوس الخير‪:‬‬


‫لما رواه البخاري)‪ ،(5806‬ومسلم)‪ (402‬وغيرهما‪ ،‬عن ابن مسعود ‪‬‬
‫قغغال‪ :‬كنغغا إذا صغغلينا مغغع النغغبي ‪ ‬قلنغغا غغغ وعنغغد الغغبيهقي)‪،(2/138‬‬
‫والدارقطني )‪ (1/350‬كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد غغغ‪ :‬السغلم‬
‫على الله قبل عباده‪ ،‬السلم على جبريل‪ ،‬السلم على ميكائيل‪ ،‬السلم‬
‫على فلن‪ ،‬فلما انصرف النبي ‪ ‬أقبل علينا بوجهه فقال‪" :‬إن الله هغغو‬
‫السلم‪ ،‬فإذا جلس أحدكم في الصلة فليقل‪ :‬التحيات‪"..‬‬
‫)هو السلم‪ :‬أي هو اسم من أسماء اللغغه تعغغالى‪ ،‬قيغغل‪ :‬معنغغاه سغغلمته‬
‫مما يلحق الخلق من العيب والفناء‪" .‬النهاية"(‪.‬‬
‫وأقله‪ " :‬التحيات لله‪ ،‬السلم عليك أيهغغا النغغبي ورحمغغة اللغغه وبركغغاته‪،‬‬
‫سلم علينا وعلى عباد الله الصالحين‪ ،‬أشهد أن ل إله إل الله وأشهد أن‬
‫محمدا ً رسول الله"‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وورد في صيغته روايات عدة كلها صحيحة‪ ،‬وصغغيغته الكاملغغة المفضغغلة‬
‫لدى الشافعي رحمه الله تعالى ما رواه مسغغلم)‪ (403‬وغيغغره عغغن ابغغن‬
‫عباس ‪ ‬أنه قال‪ :‬كان رسول الله‪ ‬يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة‬
‫من القرآن‪ ،‬فكان يقول‪ :‬التحيات المباركغغات‪ ،‬الصغغلوات الطيبغغات للغغه‪،‬‬
‫السلم عليك أيها النبي ورحمه الله وبركاته‪ ،‬السغغلم علينغغا وعلغغى عبغغاد‬
‫الله الصالحين‪ ،‬أشهد أن ل إله إل الله‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً رسول الله"‪.‬‬
‫ينبغي في قراءة التشهد مراعاة ما يلي‪:‬‬
‫)أ( أن يسمع نفسه إذا كان سمعه معتد ً‬
‫ل‪.‬‬
‫)ب( موالة القراءة‪ ،‬فلو فصغغلها بفاصغغل سغغكوت طويغغل أو ذكغغر آخغغر‪،‬‬
‫بطلت ووجب أن يعيد‪.‬‬
‫ً‬
‫)ج( أن يقرأ التشهد وهو قاعد‪ ،‬إل أن يكون معذورا فيجوز قراءته على‬
‫الكيفية الممكنة‪.‬‬
‫)د( أن يكون باللغة العربية‪ ،‬فإن عجز بالعربية ترجم وأتى به بغغأي لغغغة‬
‫شاء ووجب عليه التعلم‪.‬‬
‫دات‪ ،‬فلو غّير مخرج حرف‪ ،‬أو تسغغاهل فغغي‬ ‫)هغ( مراعاة المخارج والش ّ‬
‫تشديدة‪ ،‬أو لحن في كلمة واسغغتلزم ذلغك تغيغر المعنغغى‪ ،‬بطغل التشغغهد‬
‫ووجبت العادة‪.‬‬
‫)و( ترتيب كلماته حسب النص الوارد‪.‬‬

‫‪11‬ل الصلة على النبي ‪ ‬بعد التشهد الخير‪:‬‬


‫أي بعد إتمام صيغة التشهد السابق ذكرها‪ ،‬وقبل السلم‪.‬‬
‫دليلها‪:‬‬
‫قوله تعالى‪ :‬إن الله وملئكته يصلون على النبي‪ ،‬يا أيها الغغذين آمنغغوا‬
‫صلوا عليه وسلموا تسليما ً‪] ‬الحزاب‪.[56 :‬‬
‫وقد أجمع العلماء على أنها ل تجب في غير الصلة‪ ،‬فتعين وجوبها فيها‪،‬‬
‫وقد أخرج ابن حبان)‪ ،(515‬والحاكم)‪ (1/268‬وصححه‪ ،‬عن ابن مسعود‬
‫‪ ،‬في السؤال عن كيفية الصلة عليه ‪ :‬كيف نصلي عليغغك إذا نحغغن‬
‫صلينا عليك في صلتنا؟ فقال‪ :‬قولوا‪...‬‬
‫وهذا يعين أن محل الصلة عليه ‪ ‬الصلة‪.‬‬
‫والمناسب لها آخر الصلة فوجبت في الجلوس الخير بعد التشهد‪.‬‬
‫وما رواه الترمذي)‪ ،(3475‬وأبغغو داود)‪ ،(1481‬وغيرهمغغا بسغغند صغغحيح‬
‫‪،‬أنه ‪ ‬قال‪" :‬إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه‪ ،‬ثم يصغغلي‬
‫على النبي ‪ ،‬ثم يدعو بعد بما شاء"‪.‬‬
‫وأقل صيغ الصلة على النبي ‪ : ‬اللهم صل على محمد‪.‬‬
‫والصيغة الكاملة فيها‪ :‬اللهغم صغل علغى محمغد وعلغى آل محمغد‪ ،‬كمغا‬
‫صليت على إبراهيم وعلغغى آل إبراهيغغم‪ ،‬وبغغارك علغغى محمغغد وعلغغى آل‬

‫‪82‬‬
‫محمد‪ ،‬كما باركت على إبراهيم وعلى أل إبراهيغغم ‪ ،‬فغغي العغغالمين إنغغك‬
‫حميد مجيد‪.‬‬
‫وقد ثبت هذا بأحاديث صحيحة رواها البخغغاري ومسغغلم وغيرهغغم‪ ،‬وفغغي‬
‫بعض طرقها زيادة على ذلك أو نقص‪.‬‬
‫]انظر البخاري)‪ ،(1390‬ومسلم)‪.[(406‬‬
‫شروطها‪:‬‬
‫يشترط فيها مراعاة المور التالية‪:‬‬
‫)أ( أن يسمع بها نفسه إذا كان معتدل السمع‪.‬‬
‫)ب( أن تكون بلفظ "محمد" أو بلفظ‪ :‬رسول أو النبي‪ .‬فلو قغغال علغغى‬
‫أحمد مثل ً لم تجزيء‪.‬‬
‫)ج( أن تكون بالعربية‪ .‬فإن عجز عنها بالعربية ترجم وأتى بمعناهغغا بغغأي‬
‫لغة شاء‪ ،‬ووجب عليه أن يبادر إلى التعلم إن أمكنه ذلك‪.‬‬
‫)د( الترتيب في صيغة الصلة‪ ،‬والترتيب بينهغغا وبيغغن التشغغهد‪ ،‬فل يصغغح‬
‫تقديم الصلة على التشهد‪.‬‬
‫‪12‬ل التسليمة الولى‪:‬‬
‫وهي أن يقول المصلي ملتفتا ً إلى يمينه‪ :‬السلم عليكم ورحمة الله‪.‬‬
‫دليلها‪:‬‬
‫قوله ‪ ‬فغغي الحغغديث السغغابق ذكغغره فغغي تكغغبيرة الحغغرام‪" :‬تحريمهغغا‬
‫التكبير‪ ،‬وتحليلها التسليم"‪.‬‬
‫وأقل صيغه‪ :‬السغغلم عليكغغم‪ .‬مغغرة واحغغدة‪ .‬وأكملغغه‪ :‬السغغلم عليكغغم‬
‫ورحمة الله مرتين‪ ،‬الولى عن يمينه عن يمينه والخرى عن شماله‪.‬‬
‫روى مسلم)‪ ،(582‬عن سعد ‪ ‬قال‪ :‬كنت أرى رسغغول اللغغه ‪ ‬يسغغلم‬
‫عن يمينه والخرى عن شماله‪.‬‬
‫روى مسلم)‪ ،(582‬عن سعد ‪ ‬قال‪ :‬كنت أرى رسغغول اللغغه ‪ ‬يسغغلم‬
‫عن يمينه وعن يساره‪ ،‬حتى أرى بياض خده‪.‬‬
‫وروى أبو داود)‪ (996‬وغيره‪ ،‬عغغن ابغغن مسغغعود ‪ : ‬أن النغغبي ‪ ‬كغغان‬
‫يسلم عن يمينه وعن شماله‪ ،‬حغغتى يغغرى بيغغاض خغغده‪" :‬السغغلم عليكغغم‬
‫ورحمة الله‪ ،‬السلم عليكم ورحمة اللغغه" قغغال الترمغغذي)‪ :(295‬حغغديث‬
‫ابن مسعود حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪13‬ل ترتيب هذه الركان حسب ورودها‪:‬‬
‫وذلغغك بغغأن يبغغدأ بالنيغغة وتكغغبيرة الحغغرام‪ ،‬ثغغم بالفاتحغغة‪ ،‬ثغغم الركغغوع‪،‬‬
‫فالعتدال‪ ،‬فالسجود‪ ....‬وهكذا‪.‬‬
‫فإن قدم بعض هذه الركان على محله المشروع فيه‪ ،‬بطلت صلته إن‬
‫تعتمد ذلك‪ .‬أما إن فعل ذلك غيغغر متعمغغد‪ :‬بطلغغت صغغلته بغغدءا ً مغغن أول‬
‫الركن الذي فعله في غير موضعه‪ ،‬فيجب عليه أن يعيد ذلك كله‪.‬‬
‫وعلى هذا‪ ،‬فإن استمر في صلته بعد أن غير الغغترتيب المطلغغوب‪ ،‬إلغغى‬
‫أن وصل إلى مثل ذلك الموضع من الركعة السابقة‪ ،‬نزل الصغغحيح مغغن‬

‫‪83‬‬
‫الركعة التالية منزلة الفاسد من الركعة التي قبلهغغا‪ ،‬فغغوجب عليغغه حينئذ‬
‫أن يزيد على صلته ركعة‪ ،‬بدل ً من الركعة التي فسدت بفسغغاد الغغترتيب‬
‫بين أركانها‪.‬‬

‫*****‬

‫‪84‬‬
‫صلل َ‬
‫لة‬ ‫سـَنن ال ّ‬
‫سلنة‪:‬‬
‫ال ّ‬
‫هي ما يطلب من النسان فعله علغغى غيغغر سغغبيل الحتغغم‪ ،‬بحيغغث يثغغاب‬
‫المسلم على فعله ول يعاقب على تركه‪.‬‬
‫وللصلة أركان وشروط ل بد من فعلها علغغى سغغبيل اللغغزام أو الحتغغم‪،‬‬
‫كي تصح الصلة‪ ،‬وقد ذكرناها فيما سبق‪.‬‬
‫وللصلة أيضا ً سنن يطلغغب مغغن المصغغلي فعلهغغا‪ ،‬ولكغغن ل علغغى سغغبيل‬
‫الحتم‪ ،‬بحيث يزداد ثواب الصغغلة بفعلهغغا ول عقغغاب علغغى تركهغغا‪ .‬وهغغذه‬
‫السنن تؤدى في أثنائها‪ ،‬وسنن تؤدى عقبها‪.‬‬
‫)أ( السنن التي تؤدي قبل الصلة‪:‬‬
‫وهي ل تزيد على المور الثلثة التالية‪:‬‬
‫الول ل الذان‪ :‬قد مر تعريفه وبيان دليله وشروطه وما يتعلق بذلك‪.‬‬
‫الثاني ل القامة‪ :‬وقد مر أيضا ً تعريفها وبيغغان شغغروطها والفغغرق بينهغغا‬
‫وبين الذان‪.‬‬
‫الثالث غ اتخاذ سترة أمامه‪ :‬تحول بينه وبين المغغارين‪ ،‬كجغغدار‪ ،‬وعمغغوم‪،‬‬
‫وعصا‪ ،‬أو كان يبسط أمامه مصلى كسجادة ونحوها‪ .‬فغغإذ لغغم يجغغد خغغط‬
‫خطًا‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(472‬ومسغغلم )‪ ،(501‬عغغن ابغغن عمغغر ‪ : ‬أن رسغغول‬
‫الله ‪ ‬كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة‪ ،‬فتوضع بيغغن يغغديه‪ ،‬فيصغغلي‬
‫إليها والناس وراءه‪ ،‬كان يفعل ذلك في السفر‪.‬‬
‫]الحربة‪ :‬رمح قصير عريض النصل‪ .‬بين يديه‪ :‬قدامه[‪.‬‬
‫والفضل أن تكون السترة قريبة من موضع سجوده‪ ،‬فقد روى البخاري‬
‫)‪ ،(474‬ومسلم )‪ ،(508‬عن سهل بن سعد ‪ ‬كان بين مصغغلى رسغغول‬
‫الله ‪ ‬وبين الجذار ممر الشاة ‪.‬‬
‫]مصلى‪ :‬موضع السجود‪ .‬ممر الشاة‪ :‬سعة ما تمر منه الشاة [‪.‬‬

‫)ب( السنن التي تؤدى أثناء الصلة‪:‬‬


‫وهي أيضا ً تنقسم إلى قسمين‪ :‬أبعاض‪ ،‬وهيئات‪.‬‬
‫)فالبعغغاض( كغغل مغغا يجغغبر تركغغه بسغغجود السغغهو فغغي آخغغر الصغغلة ‪.‬‬
‫)والهيئات( كل ما يجبر تركه بسغجود السغهو‪ .‬وسنشغرح سغجود السغهو‬
‫وما يتعلق به من أبحاث آخر الكلم عن أعمال الصلة‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ثم هيئاتها ثانيُا‪.‬‬
‫ونبدأ بتعداد أبعاض الصلة أو ً‬
‫* البعاض‪:‬‬
‫‪1‬ل التشهد الول‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫ويقصد به التشهد في الجلوس الذي ل يعقبه سلم‪ ،‬وهو الجلوس الذي‬
‫يكون على رأس ركعتين في صلة الظهغغر والعصغغر والمغغغرب والعشغغاء‬
‫فيسن التشهد فيه‪.‬‬
‫جاء في حديث المسيء صلته عند أبغغي داود )‪ (1173‬ومسغغلم )‪(570‬‬
‫أن رسول الله ‪ ‬قام في صلة الظهر وعليه جلغغوس فلمغغا أتغغم صغغلته‬
‫سغغجد سغغجدتين‪ ) .‬أي تعويضغغا ً عغغن التشغغهد الول الغغذي تركغغه بغغترك‬
‫الجلوس له‪ ،‬فلو كغغان ركنغا ً لضغغطر إلغغى التيغغان بغغه‪ ،‬ولغغم ينجغغبر تركغغه‬
‫بسجود السهو(‪.‬‬
‫‪2‬ل الصلة على النبي عقب التشهد الول‪.‬‬
‫هي أيضا سنة يجبر تركها بالسجود‪.‬‬
‫‪3‬ل الجلوس للتشهد الول‪:‬‬
‫أي فهي إذا ثلث سنن مستقلة‪ :‬سنة الجلوس‪ ،‬وسنة التشهد فيغغه‪ ،‬ثغغم‬
‫سنة الصلة على النبي‪. ‬‬
‫‪4‬ل الصلة على آل النللبي ‪ ‬بعللد التشللهد الخيللر الللذي هللو‬
‫ركن‪:‬‬
‫أي يسن عند أداء ركن التشهد في الجلسة الخيرة‪ ،‬وركن الصلة على‬
‫النبي ‪ ، ‬الصلة على آل النبي ‪ ، ‬لما مر معك من الصغغيغة الكاملغغة‬
‫للصلة على النبي ‪. ‬‬
‫‪5‬ل القنوت عند العتدال من الركعة الثانية في صلة الفجر‪،‬‬
‫وفي آخر ركعة من الوتر فللي النصللف الثللاني مللن رمضللان‪،‬‬
‫وفي اعتدال الركعة الخيلرة ملن أي صللة بالنسلبة لقنلوت‬
‫النازلة‪ :‬روى أحمد وغيره‪ ،‬عن أنس ‪ ‬قال‪" :‬ما زال رسغغول اللغغه ‪‬‬
‫يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا"‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(956‬ومسلم )‪ ،(677‬عن أنس ‪ ،‬قغغد سغغئل‪ :‬أقنغغت‬
‫النبي ‪ ‬الصبح؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فقيل له‪ :‬أوقنغغت قبغغل الركغغوع؟ قغغال‪ :‬بعغغد‬
‫الركوع يسيرًا‪.‬‬
‫]ينظر البيهقي في الصبح وفي قنوات الوتر[‪.‬‬
‫وتؤدي سنة القنوت بأن يثني المصغغلي علغغى اللغغه تعغغالى ويغغدعوه بغغأي‬
‫لفظ شاء كأن يقول‪" :‬اللهم أغفر لي يا غفور" ولكن الكمال في أدائهغغا‬
‫يكون بالتزام الدعاء الوارد عن رسول الله‪ ‬في ذلك‪.‬‬
‫روى أبو داود )‪ (1425‬عن الحسن بغغن علغغى ‪ ‬قغغال‪ :‬علمنغغي رسغغول‬
‫الله ‪ ‬كلمات أقولهن في الوتر‪" :‬اللهم اهدني فيمغغن هغغديت‪ ،‬وعغغافني‬
‫فيمن عافيت‪ ،‬وتولني فيمن توليت‪ ،‬وبارك في فيما أعطيت‪ ،‬وقني شغغر‬
‫ما قضيت‪ ،‬إنك تقضي ول يقضي عليك‪ ،‬وإنه ل يذل من واليغغت‪ ،‬ول يعغز‬
‫من عاديت‪ ،‬تبغاركت ربنغغا وتعغغاليت" ويسغن للمغام أن يغأتي بغه بصغغيغة‬
‫الجمع‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫قال الترمذي )‪ :(464‬هذا حديث حسن وقال‪ :‬ول نعرف عغغن النغغبي ‪‬‬
‫قي القنوات في الوتر شيئا ً أحسن منه‪.‬‬
‫وعند أبي داود )‪ (1428‬أن أبي بن كعب ‪ ‬أمهم غ يعني في رمضان غ غ‬
‫وكان يقنت في الصنف الخر من رمضان‪.‬‬
‫وروى الحاكم عن أبي هريرة ‪ ‬أن النبي ‪ ‬كغغان إذا رفغغع رأسغغه مغغن‬
‫الركوع من صلة الصبح في الركعة الثانية‪ ،‬رفع يديه يدعو بهذا الغغدعاء‪:‬‬
‫" اللهم أهدني فيمن هديت ‪."...‬‬
‫واستحب العلماء أن يزاد فيه‪ :‬فلك الحمد على مغغا قضغغيت‪ ،‬نسغغتغفرك‬
‫اللهم ربنا ونتوب إليك‪ ،‬وصلى الله على سيدنا محمد النبي المي وعلى‬
‫آله وصحبه وسغغلم‪ .‬للخبغغار الصغغحيحة فغغي الصغغلة علغغى النغغبي ‪ ‬بعغغد‬
‫الدعاء والذكر‪.‬‬
‫]مغني المحتاج )‪. [(167-1/166‬‬
‫ن أن يرفع يديه أثناء هذا القنوت‪ ،‬ويجعل بطنها لجهة السماء‪.‬‬ ‫ويس ّ‬
‫* الهيئات‪:‬‬
‫وقد ذكرنا أن الهيئات هي‪ :‬سغغنن الصغغلة الغغتي إن تركهغغا المصغغلي لغغم‬
‫ن جبرها بسجود السهو‪ ،‬بخلف البعاض‪ .‬والهيئات تتلخص فيما يلي‪:‬‬ ‫ُيس ّ‬
‫‪ -1‬رفع اليدين عند تكبيرة الحرام وعند الركوع والرفع منه‪ :‬وكيفية أداء‬
‫هذه السّنة ‪ :‬أن يرفع كفيغغه مسغغتقبل ً بهمغغا القبلغغة‪ ،‬منشغغورتي الصغغابع‪،‬‬
‫فاه مكشوفتين‪.‬‬ ‫محاذيا ً بإبهاميه لشحمتي الذنين‪ ،‬على أن تكون ك ّ‬
‫روي البخاري )‪ ،(705‬ومسلم )‪ ،(390‬عن ابن عمر رضغغي اللغغه عنهمغا‬
‫قال‪ :‬رأيت النبي ‪ ‬افتتح التكبير فغغي الصغغلة‪ ،‬فرفغغع يغغديه حيغغن يكغغبر‪،‬‬
‫حتى يجعلهما حذو منكبيه‪ ،‬وإذا كبر للركوع فعل مثلغغه‪ ،‬وإذا قغغال‪ :‬سغغمع‬
‫الله لمن حمده‪ ،‬فعل مثله وقال‪ :‬ربنا ولك الحمد‪ ،‬ول يفعغغل ذلغغك حيغغن‬
‫يسجد‪ ،‬ول حين يرفع رأسه من السجود‪.‬‬
‫‪ -2‬وضع يللده اليمنللى علللى ظهللر يللده اليسللرى‪ ،‬وذلللك فللي‬
‫الوقوف‪:‬‬
‫وكيفية ذلك‪ :‬أن يضع يغغده اليمنغغى علغغى ظهغغر كغغف ورسغغغ اليسغغرى‪،‬‬
‫ويقبض على اليسرى بأصبع يده اليمنى‪ ،‬ويكون محل ذلك تحغغت صغغدره‬
‫وفوق سّرته‪.‬‬
‫جر رضي ا لله عنه‪ :‬أنغغه رأى النغغبي‬ ‫ح ْ‬‫لخبر مسلم )‪ ،(401‬عن وائل بن ُ‬
‫‪ ‬رفغغع يغغديه حيغغن دخغغل فغغي الصغغلة ‪ ...‬ثغغم وضغغع يغغده اليمنغغى علغغى‬
‫اليسرى‪.‬‬
‫وعند النسائي)‪ :(2/126‬ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ‬
‫والساعد‪.‬‬
‫‪ -3‬النظر إلى موضع السجود‪:‬‬
‫فيكره أن يتوزع نظره فيما حوله‪ ،‬أو أن ينظر إلى العلى أو إلغغى شغغئ‬
‫ن أن يجعل نظره الدائم إلى موضغغع‬ ‫أمامه حتى ولو كان الكعبة‪ ،‬بل ُيس ّ‬

‫‪87‬‬
‫سجوده‪ ،‬إل عند التشهد‪ ،‬فليجعل نظره إلى سبابته التي يشير بهغغا عنغغد‬
‫التشهد‪.‬‬
‫دليل ذلك‪ :‬اتباع فعل النبي ‪.‬‬
‫‪ -4‬افتتاح الصلة بعد التكبير بقراءة التوجه‪:‬‬
‫ولفظه‪ ،‬ما رواه مسلم )‪ ،(771‬عن علغغي‪ ‬عغغن رسغغول اللغغه ‪ :‬أنغغه‬
‫كان أذا قام إلغغى الصغغلة قغغال‪" :‬وجهغغت وجهغغي للغغذي فطغغر السغغموات‬
‫والرض حنيف غا ً ومغغا أنغغا مغغن المشغغركين‪ ،‬إن صغغلتي ونسغغكي ومحيغغاي‬
‫وممغغاتي للغغه رب العغغالمين‪ ،‬ل شغغريك لغغه وبغغذلك أمغغرت وأنغغا مغغن‬
‫المسلمين"‪.‬‬
‫]وجهت وجهي‪ :‬قصدت بعبادتي‪ .‬فطغغر‪ :‬ابتغغدأ خلقهغغا‪ .‬حنيفغًا‪ :‬مغغائل ً إلغغى‬
‫الدين الحق‪ .‬نسكي‪ :‬عبادتي وما أتقرب به إلى الله تعالى[‪.‬‬

‫مكان استحباب التوجه‪:‬‬


‫تستحب قراءة التوجه في افتتاح المفروضة والنافلغغة‪ ،‬للمنفغغرد وللمغغام‬
‫والمأموم‪ ،‬بشغغرط أن ل يبغغدأ بقغغراءة الفاتحغغة بعغغد‪ ،‬فغغإن بغغدأ بهغغا‪ -‬وقغغد‬
‫علمت أن البسملة جزء منها‪ -‬أو بالتعوذ‪ ،‬فاتت سنية قراءة التغغوجه‪ ،‬فل‬
‫ينبغي أن يعود إليه ولو كان ناسيًا‪.‬‬
‫ول تستحب قراءة التوجه في صلة الجنازة‪ ،‬ول في صغغلة الفريضغغة إذا‬
‫ضاق وقتها‪ ،‬بحيث خشي إن اشتغل بقراءة التوجه أن يخرج الوقت‪.‬‬
‫‪ -5‬الستعاذة بعد التوجه‪:‬‬
‫وهغغي أن يقغغول‪ :‬أعغغوذ بغغالله مغغن الشغغيطان الرجيغغم‪ .‬يبغغدأ بهغغا قغغراءة‬
‫الفتاحة‪ ،‬فإذا شرع في قراءة الفاتحة قبل أن يستعيذ‪ ،‬فغغاتت السغغتعاذة‬
‫وكره أن يعود إليها‪.‬‬
‫لقغغوله سغغبحانه‪:‬فغغإذا قغغرأت القغغرآن فاسغغتعذ بغغالله مغغن الشغغغغيطان‬
‫الرجيم‪] ‬النحل‪.[98:‬‬
‫‪ -6‬الجهر بالقراءة في موضعه والسراء في موضعه‪:‬‬
‫ن فيهغغا الجهغغر بغغالقراءة هغغي‪ :‬ركعتغغا صغغلة الفجغغر‪،‬‬ ‫والمواضع التي يسغ ّ‬
‫والركعتان الوليتان من المغغغرب والعشغغاء‪ ،‬وصغغلة الجمعغغة‪ ،‬والعيغغدين‪،‬‬
‫وخسوف القمر‪ ،‬وصلة الستسقاء‪ ،‬والتراويح‪ ،‬ووتر رمضغغان‪ ،‬كغغل ذلغغك‬
‫ن السرار فيما عدا ذلك‪.‬‬ ‫بالنسبة للمام والمنفرد فقط‪ .‬ويس ّ‬
‫ل على ذلك أحاديث منها‪:‬‬ ‫د ّ‬
‫‪ -‬ما روى البخغغاري)‪ ،(735‬ومسغغلم )‪ ،(463‬عغغن جغغبير بغغن مطعغغم ‪: ‬‬
‫سمعت رسول الله ‪ ‬قرأ المغرب بالطور‪.‬‬
‫‪ -‬ما رواه البخاري)‪ ، (733‬ومسلم)‪ ،(464‬عن الغبراء ‪ ‬قغال‪ :‬سغمعت‬
‫النبي ‪ ‬يقرأ‪" :‬والتين والزيتون" في العشاء‪ ،‬وما سمعت أحدا ً أحسغغن‬
‫صوتا ً منه‪ ،‬أو قراءة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫‪ -‬ما رواه البخاري)‪ ،(739‬ومسلم )‪ ،(449‬من حديث ابن عباس ‪ ‬في‬
‫حضور الجن واستماعهم القرآن من النبي ‪ ‬وفيه‪ :‬وهو يصلي بأصحابه‬
‫صلة الفجر‪ ،‬فلما سمعوا القرآن استمعوا له‪.‬‬
‫روى البخاري)‪(745‬؛ ومسلم )‪ ،(451‬عن أبغغي قتغغادة ‪: ‬أن النغغبي ‪‬‬
‫ن مغغن صغغلة‬ ‫ّ َ‬
‫م الكتغغاب وسغغورة معهغغا فغغي الركعغغتين الوْلي َي ْغ ِ‬ ‫كان يقرأ بأ ّ‬
‫الظهر وصلة العصر‪ .‬وفي رواية‪ :‬وهكذا يفعل في الصبح ‪ .‬مع ما سغغبق‬
‫من أحاديث الجهر بالقراءة‪.‬‬
‫وروى أبو داود)‪823‬و ‪(824‬؛ والنسائي )‪ (2/141‬وغيرهمغا‪ ،‬عغن عبغادة‬
‫بن الصامت‪ ‬قال‪ :‬كنا خلف رسول الله ‪ ‬فغغي صغغلة الفجغغر فثقلغغت‬
‫عليه القراءة‪ ،‬فلما انصرف قال‪" :‬لعلكم تقرؤون خلغغف إمغغامكم" قغغال‪:‬‬
‫م القغغرآن‪ ،‬فغإنه ل‬ ‫قلنا يا رسول الله‪ ،‬أي واللغه ‪ ،‬قغال‪" :‬ل تفعلغوا إل بغأ ّ‬
‫صلة لمن لم يقرأ بها"‪ .‬وفي رواية‪" :‬فل تقرؤوا بشيء مغغن القغغرآن إذا‬
‫جهرت به إل بأم القرآن"‪ .‬وفي حال عدم سماعه المغغام تعتغغبر الصغغلة‬
‫كأنها سرية في حقه‪.‬‬
‫فهذه الحاديث تدل على أنه ‪ ‬كان يجهر بقراءته بحيغغث يسغغمعها مغغن‬
‫حضر‪.‬‬
‫ذكغغر‪ ،‬مغغا رواه البخغغاري)‪ ،(713‬عغغن خب ّغغاب‬ ‫ودل على السر في غير ما ُ‬
‫ل اللغغه ‪ ‬يقغغرأ فغغي الظهغغر والعصغغر؟‬ ‫ن رسغغو ُ‬ ‫‪ ،‬وقد سأله سائ ٌ‬
‫ل‪ :‬أكا َ‬
‫ه‪.‬‬
‫حَيت ِ‬‫ب لِ ْ‬ ‫طرا ِ‬‫ض ِ‬
‫م كنتم تعرفون ذلك؟ قال‪ :‬با ْ‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قلنا‪ :‬ب َ‬
‫روى البخاري )‪(738‬؛ ومسلم )‪ ،(396‬عن أبي هريرة‪ ‬قال‪ :‬فغغي كغغل‬
‫صلة يقرأ‪ ،‬فما أسمعنا رسول الله ‪ ‬أسمعناكم وما أخفى عنغغا أخفينغغا‬
‫عنكم‪.‬‬
‫ولم ينقل الصحابي رضي الله عنهم الجهر في غير تلك المواضع‪.‬‬
‫وستأتي أدلة الصلوات الخاصة في مواضعها‪.‬‬
‫ويتوسط في النفل المطلق في الليل بين السغغر والجهغغر‪ ،‬قغغال تعغغالى‪:‬‬
‫‪‬ول تجهر بصلتك ول تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيل ً ‪]‬السراء‪.[10:‬‬
‫والمراد صلة الليل‪.‬‬
‫‪ -7‬التأمين عند انتهاء الفاتحة‪:‬‬
‫وهو أن يتبع قوله تعالى‪ :‬ول الضالين‪ ‬بكلمة "أمين"‪.‬‬
‫ل في كل صلة‪ ،‬يجهر بها في الجهرية‪ ،‬ويسّر بها‬ ‫والتأمين سّنة لكل مص ّ‬
‫في السرية‪ ،‬ويجهغغر بهغغا المغغأموم تبعغا ً للمغغام‪ .‬ومعنغغى آميغغن‪ :‬اسغغتجب‬
‫يارب‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(748‬ومسلم)‪ ،(410‬عغغن أبغغي هريغغرة ‪ ‬أن رسغغول‬
‫الله ‪ ‬قال‪":‬إذا قال أحدكم – وفغغي روايغغة عنغد مسغلم‪ :‬فغغي الصغغلة –‬
‫آمين‪ ،‬وقالت الملئكة في السماء‪ :‬آمين‪ ،‬فوافقت إحداهما الخرى غفر‬
‫له ما تقدم من ذنبه"‪.‬‬

‫‪89‬‬
‫وروى البخاري)‪،(747‬ومسلم)‪ ،(410‬عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪" :‬إذا أمغغن‬
‫المام فأمنوا‪ ،‬فإن من وافق تأمينه تأمين الملئكة غفر له ما تقدم مغغن‬
‫ذنبه"‪.‬‬
‫روى أبو داود)‪ ،(934‬عن أبي هريرة ‪ ‬قغغال‪ :‬كغغان رسغغول اللغغه ‪ ‬إذا‬
‫تل‪ :‬غير المغضوب عليهم ول الضالين‪ ‬قال‪ :‬آمين‪ ،‬حتى يسغغمع مغغن‬
‫يليه من الصف الول‪.‬‬
‫وزاد ابن ماجه )‪ :(853‬فيرتج بها المسجد‪.‬‬
‫‪ -8‬قراءة شئ من القرآن بعد الفاتحة‪:‬‬
‫وتتحقق السنة بقراءة سورة من القرآن مهما قصرت‪ ،‬أو بقراءة ثلثغغة‬
‫آيات متواليات‪.‬‬
‫ومكان اسغغغتحبابها الركعتغغان الوليتغغان فقغغط مغغن كغغل صغغلة‪ ،‬بالنسغغبة‬
‫للمام‪ ،‬والمنفرد مطلقًا‪ .‬وبالنسبة للمقتدي أيضا ً في الصلة السّرية‪ ،‬أو‬
‫حيث يكون بعيدا ً ل يسمع قراءة المام‪.‬‬
‫ويسن أن يقرأ في الصغغبح والظهغغر مغغن طغغوال المفصغغل‪ ،‬كغغالحجرات‪،‬‬
‫والرحمن‪ ،‬وفغغي العصغغر والعشغغاء‪ ،‬مغغن أواسغغطه‪ ،‬كالشغغمس وضغغحاها‪،‬‬
‫والليل إذا يغشى‪ ،‬وفي المغرب من قصاره‪ ،‬كقل هو الله أحغغد‪ .‬لحغغديث‬
‫النسائي)‪ ،(2/167‬عن سليمان بن يسار‪ ،‬عن أبغغي هريغغرة ‪ ‬قغغال‪ :‬مغغا‬
‫صليت وراء أحد أشبه صلة برسول الله ‪ ‬من فلن‪ ،‬فصلينا وراء ذلغغك‬
‫النسان‪ ،‬وكان يطيل الولين من الظهر ويخفف في الخرييغغن‪ ،‬ويخفغغف‬
‫في العصر‪ ،‬ويقغغرأ فغغي المغغغرب بقصغغار المفصغغل‪ ،‬ويقغغرأ فغغي العشغغاء‬
‫بالشمس وضحاها وأشباهها‪ ،‬ويقرأ في الصبح بسورتين طويلتين‪.‬‬
‫ن أيضا ً أن يقرأ في صغغبح الجمعغغة‪ :‬الغغم تنزيغغل‪ ‬السغغجدة فغغي‬ ‫ويس ّ‬
‫الركعة الولى‪ ،‬و‪‬هل أتى‪ ‬في الركعة الثانية‪.‬‬
‫لما روى البخاري )‪ ،(851‬ومسلم)‪ ،(880‬عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬كغغان‬
‫النبي ‪ ‬يقرأ في الجمعة‪ ،‬في صلة الفجر‪ :‬الم تنزيل‪ - ‬السجدة –‬
‫و ‪‬هل أتى على النسان‪.‬‬
‫ويسن تطويل الركعة الولى على الثانية في جميع الصغغلوات‪ ،‬لمغغا رواه‬
‫البخغغاري)‪ ،(725‬ومسغغلم)‪ :(451‬كغغان النغغبي ‪ ... ‬يطغغول فغغي الولغغى‬
‫ويقصر في الثانية‪.‬‬
‫‪ -9‬التكبير عند النتقالت‪:‬‬
‫عرفنا أن تكبيرة الحرام بالصلة ركن ل تصح بدونه‪.‬‬
‫ن لك أن تكّبغغر مثلهغغا‬
‫ت تكبيرة الحرام‪ ،‬يس ّ‬ ‫ت في الصلة وكبر َ‬ ‫دخل َ‬‫فإذا َ‬
‫عند كل انتقال من النتقالت‪ ،‬ما عدا الرفع من الركوع فيسن بغدل ً مغغن‬
‫التكبير قول‪ :‬سمع الله لمن حمده‪ ،‬ربنا لك الحمغغد‪ ،‬لمغغا رواه البخغغاري)‬
‫‪ ،(756‬ومسلم)‪ ،(392‬عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬كان رسغغول اللغغه ‪ ‬إذا‬
‫قام إلى الصلة‪ ،‬يكبر حين يقوم ويكبر حين يركع‪ ،‬ثم يقول ‪" :‬سمع الله‬
‫لمن حمده" حين يقيم صلبه من الركوع ثم يقول وهو قائم‪" :‬ربنغغا ولغغك‬

‫‪90‬‬
‫الحمد" ثم يكبر حين يهوي للسجود‪ ،‬ثم يكبر حين يرفع رأسه‪ ،‬ثغغم يكغغبر‬
‫حين يسجد‪ ،‬ثم يكبر حين يرفع رأسه‪ ،‬ثم يفعغغل ذلغغك فغغي الصغغلة كلهغغا‬
‫حتى يقضيها‪ ،‬ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس‪.‬‬
‫‪ -10‬التسبيح عند الركوع والسجود‪:‬‬
‫وكيفيغغغة ذلغغغك أن يقغغغول إذا أسغغغتقر راكعغغغًا‪ :‬سغغغبحان ربغغغي العظيغغغم‬
‫وبحمده)ثلث مرات(‪ .‬وأن يقول إذا استقر ساجدًا‪ :‬سبحان ربي العلغغى‬
‫وبحمده )ثلث مرات(‪ .‬وهذا أدنى درجات الكمال‪ ،‬فإن زاد علغغى الثلث‬
‫كان أفضل‪.‬‬
‫]أنظر الركوع في الركان[‪.‬‬
‫‪ -11‬وضع اليدين على أول الفخذين في جلستي التشهد‪:‬‬
‫وكيفية أن يبسط اليسرى‪ ،‬مع ضغغم الصغغابع إلغغى بعضغغها‪ ،‬بحيغغث تكغغون‬
‫رؤوس الصغغابع مسغغامتة لول الركبغغة‪ ،‬ويقبغغض يغغده اليمنغغى إل الصغغبع‬
‫المسّبحة‪ ،‬وهي الغغتي تسغغمى السغّبابة‪ ،‬فغغإنه يمغغدها منخفضغغة عنغغد أول‬
‫التشّهد حتى إذا وصل إلى قوله‪ :‬إل الله‪ ،‬أشار بها‪ ،‬إلى التوحيد ورفعها‪.‬‬
‫ويسن أن تبقى مرفوعة دون أن يحركها إلى آخر الصلة‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (580‬عن ابن عمر رضي الله عنهما‪ -‬فغغي صغغفة جلوسغغه‬
‫‪ - ‬قال ‪ :‬كان إذا جلس فغغي الصغغلة‪ ،‬وضغغع كفغغه اليمنغغى علغغى فخغغذه‬
‫اليمنى‪ ،‬وقبض أصابعه كلها‪ ،‬وأشار بإصبعه التي تلي البهام‪ ،‬ووضع كفه‬
‫اليسرى على فخذه اليسرى‪.‬‬
‫‪ -12‬التوّرك في الجلسة الخيرة والفتراش في غيرها‪:‬‬
‫التوّرك‪ :‬هو أن يجلس المصلي علغغى وركغغه اليسغغر‪ ،‬وأن ينصغغب رجلغغه‬
‫اليمنى‪ ،‬ويخرج الرجل اليسرى من تحتها‪ .‬والورك‪ :‬هو الفخذ‪.‬‬
‫والفتراش هو أن يجلس المصغغلي علغغى كعغغب رجلغغه اليسغغرى وينصغغب‬
‫رجله اليمنى على رؤوس أصابعها‪.‬‬
‫ميد الساعدي ‪ ‬قغغال‪ :‬أنغغا كنغغت‬ ‫ح َ‬
‫روى البخاري)‪ (794‬من حديث أبي ُ‬
‫ن جلغس‬ ‫س في الّرك ْعَت َي ْ ِ‬ ‫جل َ َ‬ ‫ظكم لصلة رسول الله ‪ ...‬وفيه ‪ :‬فإذا َ‬ ‫ف َ‬
‫أح َ‬
‫دم‬ ‫على رجله اليسرى‪ ،‬ونصب اليمنى‪ ،‬وإذا جلس في الركعة الخغغرةِ ق غ ّ‬
‫ه‪.‬‬
‫قعَد َت ِ ِ‬
‫رجله اليسرى‪ ،‬ونصب الخرى‪ ،‬وقعد على م ْ‬
‫]قدم رجله اليسرى‪ :‬أي من تحت رجله اليمنى منصوبة[‪.‬‬
‫وعند مسلم)‪ ،(579‬عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما‪ :‬كان رسول‬
‫الله ‪ ‬إذا قعد في الصغغلة جعغغل قغغدمه اليسغغرى بيغغن فخغغذيه وسغغاقه‪،‬‬
‫وفرض قدمه اليمنى‪.‬‬
‫‪ -13‬الصلوات البراهيمية ثم الدعاء بعد التشهد الخير‪:‬‬
‫عرفت فيما مضى أن الصلة على النغغبي ‪ ‬ركغغن فغغي جلسغغة التشغغهد‬
‫الخيرة‪ ،‬ويتأدى الركن بأي صيغة من الصلة على النبي ‪.‬‬
‫صغغها‪ -‬فسغّنة‪ .‬فغغإذا‬ ‫أما اختيار الصلوات البراهيمية – وقغغد مضغغى ذكغغر ن ّ‬
‫أتمها يسن أن يستعيذ من عذاب القبر‪ ،‬ومن عذاب النار‪ ،‬أو من عغغذاب‬

‫‪91‬‬
‫النار‪ ،‬أو أن يدعو لنفسه بما شغغاء؛ علغغى أن ل يطيغغل ذلغغك قغغدر قغغراءة‬
‫التشهد والصلة على النبي ‪.‬‬
‫وروى مسلم )‪ (558‬عن أبي هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسغغول اللغغه ‪" :‬إذا‬
‫فرغ أحدكم من التشهد الخير فليتعوذ بالله من أربع‪ :‬من عذاب جهنغغم‪،‬‬
‫ومغغن عغغذاب القغغبر‪ ،‬ومغغن فتنغغة المحيغغا والممغغات‪ ،‬ومغغن شغغر المسغغيح‬
‫الدجال"‪.‬‬
‫‪ -14‬التسليمة الثانية‪:‬‬
‫ذكرنا أن التسليمة الولى ركن‪ ،‬وهي التي تكون مع اللتفات إلى جهغغة‬
‫اليمين‪.‬‬
‫ن أن يضغغيف‬ ‫فإذا فعلها فقد انتهت أركان الصلة وواجباتهغغا‪ ،‬إل أنغغه يسغ ّ‬
‫إليها تسليمة أخرى‪ ،‬ملتفتا ً إلى جهة اليسار‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (582‬عن سعد ‪ ‬قال‪ :‬كنت أرى رسغغول اللغغه ‪ ‬يسغّلم‬
‫عن يمينه وعن يساره حتى أري بياض خده‪.‬‬
‫وروى أبغغو داود)‪ (996‬وغيغغره‪ ،‬عغغن ابغغن مسغغعود ‪ :‬أن النغغبي‪ ‬كغغان‬
‫يسّلم عن يمينه وعن شغغماله حغغتى ي ُغغرى بيغغاض خغغده‪" :‬السغغلم عليكغغم‬
‫ورحمة الله‪ ،‬السلم عليكغغم ورحمغغة اللغغه"‪ .‬قغغال الترمغغذي‪ :‬حغغديث ابغن‬
‫مسعود حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪ -15‬التزام الخشوع في سائر الصلة‪:‬‬
‫دده اللسغغان مغغن‬ ‫معنغغى الخشغغوع‪ :‬الخشغغوع يقظغغة القلغغب إلغغى مغغا يغغر ّ‬
‫القراءات والذكار والدعية‪ ،‬بغغأن يتغغدبر كغغل ذلغغك ويتفاعغغل مغغع معغغانيه‪،‬‬
‫ويشعر أنه يناجي ربه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫والصحيح أن الخشوع‪ -‬بهذا المعنى‪ -‬في جزء من أجزاء الصغغلة أمغغٌر ل‬
‫بد منه؛ بحيث إذا كانت الغفلة مطبقة على صغغلته كلهغغا مغغن أولهغغا إلغغى‬
‫آخرها‪ ،‬كانت صلة باطلة‪.‬‬
‫ملة‪.‬‬‫أما استمرار الخشوع في سائر أجزاء الصلة فهو سّنة مك ّ‬
‫روى مسغغلم)‪ ،(228‬عغغن عثمغغان ‪ ‬قغغال‪ :‬سغغمعت رسغغول اللغغه ‪‬‬
‫يقول‪" :‬ما من امرئ مسغغلم تحضغغره صغغلة مكتوبغغة‪ ،‬فيحسغغن وضغغوءها‬
‫وخشوعها وركوعها‪ ،‬إل كانت كفارة لما قبلها من الغغذنوب مغغا لغغم يغغؤت‬
‫كبيرة‪ ،‬وذلك الدهر كله"‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫]يؤت‪ :‬يعمل‪ .‬كبيرة‪ :‬ذنبغا كغبيرا كالتعامغل بالربغا وشغرب الخمغر ونحغو‬
‫ذلك‪ .‬وذلك الدهر كله‪ :‬أي تكفير الذنوب الصغيرة بسبب الصلة مستمر‬
‫طوال العمر لتكرر الصلة كل يوم[‪.‬‬
‫فهذه السنن كلها تسمى هيئات‪ ،‬فلو ترك المصلي شيئا ً منها لغغم يسغغ ّ‬
‫ن‬
‫جبره بالسجود للسهو‪ ،‬بخلف القسم الول وهو ما يسمى أبعاضَا‪ ،‬فغغإن‬
‫وضه بالسجود للسهو‪.‬‬ ‫المصلي إذا ترك شيئا ً منه يسن له أن يع ّ‬
‫)ج( السنن التي تؤدي عقب كل صلة‪:‬‬
‫ن عقب الصلة المور التالية‪:‬‬ ‫ويس ّ‬

‫‪92‬‬
‫‪ -1‬الستغفار والذكر والدعاء‪:‬‬
‫وروى مسلم )‪ ،(591‬أن النبي ‪ ‬كان إذا انصرف مغن صغلته اسغتغفر‬
‫الله ثلثًا‪ ،‬وقال‪" :‬اللهم أنت السلم ومنك السغغلم‪ ،‬تبغغاركت يغغاذا الجلل‬
‫والكرام"‪.‬‬
‫ول مانع مغغن رفغغع الصغغوت بغغذلك للمغغام إذا أراد التعليغغم‪ ،‬فغغإذا تعلمغغوا‬
‫خفض‪ ،‬فقد روى البخاري)‪(805‬؛ ومسلم)‪ ،(583‬عن ابن عباس رضغغي‬
‫اللغغه عنهمغغا أخغغبر‪ :‬أن رفغغع الصغغوت بالغغذكر حيغغن ينصغغرف النغغاس مغغن‬
‫المكتوبة كان على عهد النبي ‪. ‬‬
‫وروى مسغغغغلم )‪ ،(596‬عغغغغن كعغغغغب بغغغغن عجغغغغرة ‪ ‬أن النغغغغبي ‪‬‬
‫قال‪":‬معقبغغات ل يخيغغب قغغائلهن دبغغر كغغل صغغلة مكتوبغغة‪ :‬ثلث وثلثغغون‬
‫تسبيحة‪ ،‬وثلث وثلثون تحميغغدة‪ ،‬وثلث وثلثغغون تكغغبيرة"‪ .‬ومغغن حغغديث‬
‫أبي هريرة ‪" ((597‬وكبر الله ثلثا ً وثلثين‪ ،‬فتلك تسعة وتسعون‪ ،‬وقال‬
‫تمام المائة‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪،‬له الملك وله الحمغغد‪ ،‬وهغغو‬
‫على كل شئ قدير‪ .‬غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"‪.‬‬
‫]خطاياه‪ :‬الذنوب الصغيرة‪ .‬زبد البحغغر‪ :‬مغغا يعلغغو علغغى وجغغه مغغائه عنغغد‬
‫هيجانه وتموجه والمراد‪ :‬مهما كانت كثيرة[‪.‬‬
‫وروى الترمذي)‪ (3470‬أن النبي ‪ ‬قال‪ ":‬من قغغال دبغغر صغغلة الفجغغر‬
‫وهو ثان رجله قبل أن يتكلم‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك‬
‫وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير‪ ،‬عشر مرات‪ ،‬كتب لغغه‬
‫عشر حسنات‪ ،‬ومحي عنه عشر سيئات‪ ،‬ورفع له عشر درجغغات‪ ،‬وكغغان‬
‫في يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان"‪.‬‬
‫ن رسغغول اللغغه ‪ ‬أخغغذ‬ ‫وروى أبو داود)‪ ،(1522‬عن معاذ بن جبغغل ‪:‬أ ّ‬
‫بيده وقال‪" :‬يا معاذ‪ ،‬والله إني أحبك‪ ،‬فقغغال‪ :‬أوصغغيك يغغا معغغاذ ل تغغدعن‬
‫في دبر كغغل صغغلة تقغغول‪ :‬اللهغغم أعنغغي علغغى ذكغغرك وشغغكرك وحسغغن‬
‫عبادتك"‪.‬‬
‫وهناك أدعية وأذكار كغغثيرة وردت عقغغب الصغغلوات عامغغة‪ ،‬وعقغغب كغغل‬
‫صلة خاصة‪ ،‬تعرف من كتب السنة وكتب الذكار‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ينتقل للنفل من موضع فرضه‪ ،‬لكثر مواضع السجود‪،‬‬
‫فإنها تشهد له‪:‬‬
‫والفضل إن صلى في المسجد أن ينتقل إلى بيته‪ ،‬ودليل ذلغغك مغغا رواه‬
‫البخاري)‪(698‬؛ ومسلم )‪ ،(781‬عن النبي ‪ ‬قال‪" :‬فصلوا أيها النغغاس‬
‫في بيوتكم‪ ،‬فإن أفضل الصلة صلة المرء في بيته إل المكتوبة"‪.‬‬
‫وروى مسلم )‪ (778‬أن النبي ‪ ‬قال‪ " :‬إذا قضغغى أحغغدكم صغغلته فغغي‬
‫مسجده‪ ،‬فليجعل لبيته نصيبا ً مغغن صغغلته‪ ،‬فغغإن اللغغه جاعغغل مغغن صغغلته‬
‫خيرًا"‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫‪ -3‬وإذا صلوا في المسجد‪ ،‬وكان وراءهم نسلاء‪ ،‬فلإنه يسلن‬
‫لهم أن يمكثوا في أماكنهم حتى ينصرفن لن الختلط بهن‬
‫مظنة الفساد‪:‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(828‬عن أم سلمة رضي الله عنها‪ :‬أن النساء في عهد‬
‫رسول الله ‪ ‬كن إذا سلمن من المكتوبة قمغغن وثبغغت رسغغول اللغغه ‪‬‬
‫ومن صلى مغغن الرجغغال مغغا شغغاء اللغغه‪ ،‬فغغإذا قغغام رسغغول اللغغه ‪ ‬قغغام‬
‫الرجال‪ .‬وفي رواية عنها)‪ (832‬قالت‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬إذا سلم قغغام‬
‫النساء حين يقضي تسليمه‪ ،‬ويمكث هو في مقامه يسيرا ً قبل أن يقغغوم‬
‫قال ابن شهاب الزهري أحد الرواة ‪ :‬نرى – والله أعلم – أن ذلغغك كغغان‬
‫لينصرف النساء قبل أن يدركهن أحد من الرجال‪.‬‬
‫* * *‬

‫‪94‬‬
‫صلل َ‬
‫لة‬ ‫هات ال ّ‬
‫مَكرو َ‬
‫قاعدة‪:‬‬
‫كل مخالفغغة لسغغنة مغغن السغغنن الغغتي مضغغى بيانهغغا‪ ،‬يغغدخل فغغي نطغغاق‬
‫المكروه‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ول يعغغاقب علغغى‬ ‫والمكروه هو‪ :‬كل ما يثاب المصّلي على تركه امتثا ً‬
‫فعله‪.‬‬
‫لتيان بها سنة‪ ،‬وترك الفتتغغاح‬ ‫فترك تكبيرات النتقال مثل ً مكروه‪ ،‬لن ا ِ‬
‫بالتوجه أيضا ً مكروه‪ ،‬لن الفتتاح به سنة‪.‬‬
‫إل أن ثمة تصرفات خاصغغة أخغغرى يسغغن اجتنابهغغا‪ ،‬ويكغغره للمصغغلي أن‬
‫يتلبس بها‪ ،‬نذكر منها المور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬اللتفات في الصلة بالعنق إل لحاجة‪:‬‬
‫روى أبو داود)‪ (909‬وغيره‪ ،‬أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬ل يغغزال اللغغه عغغز وجغغل‬
‫مقبل ً على العبد في صلته ما لم يلتفت‪ ،‬فإذا التفت انصرف عنه"‪.‬‬
‫وقد بين النبي ‪ ‬أن اللتفات إنما‪ ":‬هو اختلس يختلسه الشيطان مغغن‬
‫صغغلة العيغغد"‪ .‬روى ذلغغك البخغغاري)‪ .(718‬ولن هغغذا اللتفغغات ينغغافي‬
‫الخشوع المطلوب في الصلة‪.‬‬
‫أما إذا كان هنغغاك داع إلغغى اللتفغغات‪ ،‬كمراقبغغة عغغدو مثل ً فغغإنه ل يكغغره‬
‫ودليغغل ذلغغك مغغا رواه أبغغو داود)‪ (916‬بإسغغناد صغغحيح‪ :‬عغغن سغغهل بغغن‬
‫الحنظلية قال‪ :‬ثوب بالصلة – يعني صلة الصبح‪ -‬فجعل رسول اللغغه ‪‬‬
‫يصلي وهو يلتفت إلى الشعب‪ ،‬قال أبو داود‪ :‬وكغغان أرسغغل فارسغا ً إلغغى‬
‫الشعب من الليل يحرس‪.‬‬
‫]ثوب‪ :‬من التثويب والمراد به هنا إقامة الصلة[‪.‬‬
‫وله عغغن القبلغغة؛‬ ‫وهذا إذا كان اللتفات بالعنق‪ ،‬أما إذا التفت بصدره فح ّ‬
‫فغغإنه يبطغغل صغغلته لغغتركه ركغغن السغغتقبال‪ .‬وأمغغا اللمغغح بغغالعين دون‬
‫اللتفات‪ ،‬فإنه ل بأس به‪ ،‬فقد ذكر ابغغن حبغغان فغغي صغغحيحه)‪ (500‬مغغن‬
‫حديث علي بن شيبان ‪ ‬قال‪ :‬قدمنا على رسول الله ‪ ‬فصغغلينا معغغه‪،‬‬
‫فلمح بمؤخر عينه رجل ً ل يقيغغم صغغلبه فغغي الركغغوع والسغغجود‪،‬فقغغال‪":‬ل‬
‫صلة لمن ل يقيم صلبه"‪ .‬أي ل يطمئن في ركوعه‪.‬‬

‫‪ -2‬رفع بصره إلى السماء‪:‬‬


‫وروى البخاري)‪،(717‬عن أنغغس ‪ :‬أن النغغبي‪ ‬قغغال‪" :‬مغغا بغغال أقغغوام‬
‫يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلتهم؟ ثم قال‪ :‬لينتهن عن ذلغغك أو‬
‫لتخطفن أبصارهم" وروى مسلم مثلغغه )‪،(428‬غ )‪ ،(429‬عغغن جغغابر بغغن‬
‫سمرة وأبي هريرة رضي الله عنهما‪.‬‬
‫‪ -3‬كف الشعر وتشمير أطراف الثواب أثناء الصلة‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫روى البخغغاري)‪(777‬؛ ومسغغلم – واللفغغظ لغغه – عغغن النغغبي ‪ ‬قغغوله‪:‬‬
‫"أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ول أكف ثوبا ً ول شعرًا"‪.‬‬
‫والسنة إرسال ثيابه على سجيتها‪.‬‬
‫‪ -4‬الصلة عند حضرة طعام تتوق نفسه إليه؛ لنشغال نفسه‬
‫به مما يفوت عليه الخضوع في الصلة‪:‬‬
‫روى البخاري)‪(642‬؛ ومسلم)‪ ، (559‬عن ابن عمغغر رضغغي اللغغه عنهمغغا‬
‫قال‪ :‬قال رسول اللغغه ‪" :‬إذا وضغغع عشغغاء أحغغدكم وأقيمغغت الصغغلة ‪،‬‬
‫فابدؤوا بالعشاء ول يعجل حتى يفرغ منه"‪.‬‬
‫‪ -5‬الصلة عند حصر البول أو الغائط‪:‬‬
‫لنغغه – والحالغغة هغغذه – ل يمكنغغه إعطغغاء الصغغلة حقهغغا مغغن الخشغغوع‬
‫والحضور‪ .‬قال رسول الله ‪" : ‬ل صلة بحضرة طعام‪ ،‬ول هغغو يغغدافعه‬
‫الخبثان"‪ .‬أي البول والغغغائط‪) .‬رواه مسغغلم‪ ،(560:‬عغغن عائشغغة رضغغي‬
‫الله عنها قالت‪ :‬قال رسول الله ‪":‬إذا نعغغس أحغغدكم – وهغغو يصغغلي –‬
‫فليرقد حتى يذهب عنه النوم‪ ،‬فإن أحدكم إذا صغغلى وهغغو نغغاعس‪ ،‬لعلغغه‬
‫يذهب يستغفر فيسب نفسه"‪.‬‬
‫‪ -7‬الصلة في الماكن التالية‪:‬‬
‫مام‪ ،‬الطريق‪ ،‬السوق‪ ،‬المقبرة‪ ،‬الكنيسة‪ ،‬المزبلغغة‪ ،‬وأعطغغان البغغل‪،‬‬ ‫الح ّ‬
‫وهي مباركها‪ ،‬لمظ ِّنة وجود النجاسة في بعضغغها‪ ،‬وانشغغغال القلغغب فغغي‬
‫بعضها الخر‪.‬‬
‫وللنهي عن الصلة في هذه المواضع روى الترمذي)‪ ،(346‬أن النبي ‪‬‬
‫نهى عن الصلة في المزبلة والمجزرة والمقبرة‪ ،‬وقارعة الطريق‪ ،‬وفي‬
‫لبل‪ ،‬وفوق ظهر الغغبيت‪ .‬وقغغال الترمغغذي‪ :‬إسغغناد‬ ‫مام‪ ،‬وفي معاطن ا ِ‬ ‫الح ّ‬
‫هذا الحديث ليس بذاك القوي‪.‬‬
‫]المجزرة‪ :‬مكان الجزر أي الذبح‪ .‬قارعة الطريق‪ :‬أعله ووسطه حيغغث‬
‫يمر الناس‪ .‬البيت‪ :‬الكعبة[ ‪.‬‬
‫وقغغد صغغح عنغغد ابغغن حبغغان)‪ (338‬حغغديث‪" :‬الرض مسغغجد إل المقغغبرة‬
‫والحمام"‪.‬‬
‫عطغغان البغغل" ‪.‬أي‬ ‫كما صح عنده أيضغًا)‪ (336‬حغغديث‪" :‬ل تصغغلوا فغغي أ ْ‬
‫مباركها حول الماء‪) .‬رواه الترمذي‪ ،348:‬وغيره(‪.‬‬

‫* * *‬

‫‪96‬‬
‫جل‬
‫مرأة الر ّ‬
‫ها ال َ‬
‫ف في َ‬
‫أموٌر تخال ِ ُ‬

‫ن للمرأة أن تخالف الرجل في خمسة أشياء‪ ،‬وهي‪:‬‬


‫ُيس ّ‬
‫أو ً‬
‫ل‪:‬‬
‫تضم بعضها إلى بعض في السجود‪ ،‬بأن تضم مرفقيها إلى جنبيهغغا أثنغغاء‬
‫ن أن يباعغغد‬ ‫السجود‪ ،‬وتلصغغق بطنهغغا بفخغغذيها‪ ،‬بخلف الرجغغل فغغإنه ُيسغ ّ‬
‫مرفقيه عن جنبيه ويرفع بطنه عن فخذيه‪.‬‬
‫روى البيهقي)‪ :(2/232‬أنه ‪ ‬م غّر علغغى امرأتيغغن تص غّليان‪ ،‬فقغغال‪" :‬إذا‬
‫سجدتما فضما بعض اللحم إلغغى الرض‪ ،‬فغغإن المغغرأة ليسغغت فغغي ذلغغك‬
‫كالرجل"‪.‬‬
‫ثانيًا‪:‬‬
‫تخفض المرأة صوتها فغغي حضغرة الرجغغال الجغغانب‪ ،‬فل تجهغغر بالصغلة‬
‫الجهرية خشية الفتنة‪ ،‬قال تعالى ‪ :‬فل تخضعن بالقول فيطمغغع الغغذي‬
‫في قلبه مرض‪] ‬الحزاب‪.[32:‬‬
‫ن‪ .‬مرض‪ :‬فسوق وقلة ورع[‪.‬‬ ‫]تخضعن بالقول‪ :‬ت ُل َي ّ ّ‬
‫ن كلمك ّ‬
‫وهذا يدل على أن صوت المغرأة قغد يغثير الفتنغة‪ ،‬فيطلغب منهغا خفغض‬
‫الصوت بحضرة الجانب‪.‬‬
‫بخلف الرجل فإنه يسن أن يجهر في مواضع الجهر‪.‬‬
‫ثالثًا‪:‬‬
‫إذا ناب المرأة شئ أثناء الصلة‪ ،‬وأرادت أن تنبه أحدا ً مغن حولهغا لمغر‬
‫ما‪ ،‬فإنها تصفق بأن تضرب يدها اليمنى على ظهر كف اليسرى‪.‬‬
‫أما الرجل‪ ،‬فيسن إذا نابه شئ في الصلة أن يسّبح بصوت مرتفع سهل‬
‫بن سغغعد ‪ ، ‬أن رسغغول اللغغه ‪ ‬قغغال ‪" :‬مغغن رابغغه شغغيء فغغي صغغلته‬
‫فليسبح‪ ،‬فإنه إذ سبح التفت إليه‪ ،‬وإنما التصفيق للنساء"‪.‬‬
‫]التصفيق هنا‪ :‬ضرب ظاهر الكف اليسرى بباطن الكف اليمنى‪.‬‬
‫رابه‪ :‬شك في أمر يحتاج إلى تنبيه‪ .‬ولفظ مسلم )نابه(‪ :‬أي أصابه شغغئ‬
‫يحتاج فيه إلى العلم[‪.‬‬

‫رابعًا‪:‬‬
‫جميع بدن المرأة عورة مغا عغدا وجههغا وكفيهغا‪ ،‬كمغغا مغغر بيغغانه‪ .‬لقغوله‬
‫تعالى ‪ :‬ول يبدين زينتهن إل ما ظهر منها‪] ‬النور‪[31:‬‬
‫والمشهور عند الجمهور‪ :‬أن المراد بالزينة مواضعها‪ ،‬وما ظهر منهغغا هغغو‬
‫فان )رواه ابن كثير‪.(3/283:‬‬‫الوجه والك ّ‬
‫روى أبو داود)‪ (640‬وغيره‪ ،‬عن أم سلمة رضي الله عنها‪ ،‬إنها سغغألت‬
‫النبي ‪ :‬أتصلي المرأة في درع وخمغغار وليغغس عليهغغا إزار؟ قغغال‪" :‬إذا‬
‫كان الدرع سابغًا‪ ،‬يغطي ظهور قدميها"‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫]الدرع‪ :‬قميص المرأة الغغذي يغطغغي بغغدنها ورجليهغغا‪ .‬خمغغار‪ :‬مغغا تغطغغي‬
‫المرأة به رأسها‪ .‬سابغ‪ :‬طويل[‪.‬‬
‫وواضح‪ :‬أنه إذا غطى ظهور قدميها حال القيام والركوع‪ ،‬انسدل أثنغغاء‬
‫السجود‪ ،‬غطى باطن القدمين‪ ،‬لنضمام بعضها إلى بعض‪.‬‬
‫]وانظر بحث شروط الصلة[‪.‬‬
‫أما الرجل فعغغورته مغغا بيغغن سغغرته وركبتغغه‪ ،‬فلغغو صغغلى والمسغغتور مغغن‬
‫جسمه ما بين السرة والركبة فقط صحت صلته‪.‬‬
‫روى الغغدارقطني )‪(1/231‬؛ والغغبيهقي )‪ ،(2/229‬مرفوعغغًا‪" :‬مغغا فغغوق‬
‫الركبتين من العورة‪ ،‬وما أسفل من السرة من العورة"‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪ ،(346‬عن جابر ‪ :‬أنه صلى فغغي ثغغوب واحغغد‪ ،‬وقغغال‪:‬‬
‫رأيت النبي ‪ ‬يصلي في ثوب واحغغد‪ .‬وفغغي روايغغة )‪ :(345‬صغغلى جغغابر‬
‫في إزارٍ قد عقده من قبل قفاه‪.‬‬
‫]والزار فغغي الغغغالب ثغغوب يسغغتر وسغغط الجسغغم‪ ،‬أي مغغا بيغغن السغغرة‬
‫والركبة وما قاربهما[‪.‬‬
‫خامسًا‪:‬‬
‫ن الذان للمرأة ويسن لها القامة‪ ،‬فلو أذنت بصوت منخفغغض لغغم‬ ‫ل يس ّ‬
‫يكره‪ ،‬واعتبر لها ذلك من الذكر الذي يثاب عليه‪ ،‬أمغغا إن رفعغغت صغغوتها‬
‫به كره‪ ،‬فإن خيفت الفتنة حرم‪.‬‬
‫بخلف الرجغغل فقغغد علمغغت أن الذان س غّنة لغغه عنغغد القيغغام إلغغى كغغل‬
‫مكتوبة‪.‬‬

‫*****‬

‫‪98‬‬
‫صلل َ‬
‫لة‬ ‫مبط َ‬
‫لت ال ّ‬ ‫ُ‬
‫تبطل الصلة إذا تلّبس المصلي بواحد من المور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬الكلم العمد‪:‬‬
‫ويقصد به ما عدا القرآن والذكر والدعاء‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(4260‬ومسلم)‪ ،(539‬عن زيد بغغن أرقغغم ‪ ‬قغغال‪ :‬كنغغا‬
‫نتكلم في الصلة يكلم أحدنا أخاه فغغي حغغاجته‪ ،‬حغغتى نزلغغت هغغذه اليغغة‪:‬‬
‫‪‬حافظوا على الصلوات الوسطى وقوموا لله قانتين‪]‬البقغغرة‪،[238:‬‬
‫فأمرنا بالسكوت‪.‬‬
‫] قانتين‪ :‬خاشعين[‪.‬‬
‫سلمي ‪ ‬أن النبي ‪ ‬قال‬ ‫َ‬ ‫وروى مسلم )‪ ،(537‬عن معاوية بن حكم ال ّ‬
‫له – وقد سمت عاطسا ً فغغي صغغلته‪" : -‬إن هغغذه الصغغلة ل يصغغلح فيهغغا‬
‫شئ من كلم الناس‪ ،‬إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"‪.‬‬
‫وع ُد ّ الكلم الذي تبطل فيه الصلة‪ ،‬ما كان مؤلفا ً من حرفين فصغغاعدا‪ً،‬‬
‫وإن لم يفهم منه معنى‪ ،‬أو كان يعّبر عنه بحرف واحد إذا كان له معنى‪،‬‬
‫ف" من الوفاء‪.‬‬ ‫ق" أمرا ً من الوقاية‪ ،‬و"ِع" من الوعي‪ ،‬و" ِ‬ ‫مثل كلمة " ِ‬
‫ً‬
‫أما إن تكلم ناسيا أنه في الصلة أو كغغان جغغاهل ً لتحريمغغه لقغغرب عهغغده‬
‫بالسلم‪ ،‬فيعفا عن سير الكلم‪ ،‬وهو ما لم يزد على ست كلمات‪.‬‬
‫‪ -2‬الفعل الكثير‪:‬‬
‫والمقصود به الفعل المخالف لفعال الصلة‪ ،‬بشرط أن يكثر ويتغغوالى‪،‬‬
‫لنه يتنافى مغغع نظغغام الصغغلة‪ ،‬وضغغابط الكغغثرة ثلث حركغغات فصغغاعدًا‪،‬‬
‫وضابط الموالة أن تعد ّ العمال متتابعة بالعرف‪ ،‬فإن الصلة تبطل‪.‬‬
‫‪ -3‬ملقاة نجاسة لثوب أو بدن‪:‬‬
‫والمقصود بالملقاة‪ :‬أن تصيب النجاسة شيئا ً منهما ثم ل يبادر المصلي‬
‫إلى إلقائها فورًا‪ ،‬فعندئذ تبطل الصلة‪ ،‬لنه حدث ما يتنغغافى مغغع شغغرط‬
‫من شروط الصلة‪ ،‬وهو طهارة البدن والثوب من النجاسة‪.‬‬
‫فإن أصابته النجاسة بإلقاء ريح أو نحوه وتمكن من إلقائهغغا عنغغه فغغورا‪ً،‬‬
‫بأن كانت يابسة؛ لم تبطل صلته‪.‬‬
‫‪ -4‬انكشاف شيء من العورة‪:‬‬
‫وقد عرفت حد العورة بالنسبة لكل من المرأة والرجل في الصلة أمغغا‬
‫إن انكشفت بدون قصغغده‪ :‬فغغإن أسغغرع فسغغترها فغغورًا‪ ،‬لغغم تبطغغل‪ ،‬وإل‬
‫بطلت‪ ،‬لفقدان شرط من شروطها في جزء من أجزائها‪.‬‬
‫‪ -5‬الكل أو الشرب‪:‬‬
‫لنهما يتنافيان مع هيئة الصلة ونظامها‪.‬‬
‫وحد المبطل من ذلك للمعتمد؛ أيّ قَد ْرٍ مغغن الطعغغام أو الشغغرب مهمغغا‬
‫ل‪ .‬أمغغا بالنسغغبة لغيغغر المعتمغغد‪ ،‬فيشغغترط أن يكغغون كغغثيرا ً فغغي‬
‫كغغان قلي ً‬
‫حمصه‪ ،‬فلو كغغان‬ ‫العرف‪ .‬وقد قدر الفقهاء الكثير بما يبلغ مجموعه قدر ُ‬

‫‪99‬‬
‫بين أسنانه بقايا من طعان ل يبلغ هذا القرار فبلعها مع الريق دون قصد‬
‫لم تبطل‪.‬‬
‫ويدخل ف يحد الطعام المبطل للصغغلة‪ :‬مغغا لغغو كغغان فغغي فمغغه سغغكرة‬
‫فذاب شئ منها في فمه‪ ،‬فبلع ذلك الذوب‪.‬‬
‫‪ -6‬الحدث قبل التسليمة الولى‪:‬‬
‫ل فرق بين أن يكون ذلك عمدا ً أو سغهوًا‪ ،‬لفقغغدان شغغرط مغن شغروط‬
‫الصلة – وهو الطهارة من الحدث – قبل تمام أركانها‪.‬‬
‫أما إن أحغغدث بعغغد التسغغليمة الولغغى وقبغغل الثانيغغة‪ ،‬فقغغد تمغغت صغغلته‬
‫صحيحة‪ .‬وهذا محل إجماع عند جميع المسلمين‪.‬‬
‫ل من ذلك حرفان‪:‬‬ ‫‪ -7‬التنحنح‪ ،‬والضحك‪ ،‬والبكاء‪ ،‬والنين إن ظهر بك ّ‬
‫فضابط إبطال هذه المور الربعة للصلة‪ :‬أن يظهغغر فيغغه حرفغغان‪ ،‬وأن‬
‫ف‬
‫ل‪ ،‬بحيغغث لغغم يسغغمع فيغغه إل حغغر ٌ‬‫لم يكونا مفهومين‪ .‬أمغغا إن كغغان قلي ً‬
‫واحد‪ ،‬أو لم يظهر فيه أي حرف لم تبطل‪ .‬هذا إذا لم يكن مغلوب غا ً علغغى‬
‫مد ذلك ‪ ،‬أما إذا غلب عليغغه‪ ،‬بغغأن فاجغغأه السغغعال أو غلغغب‬ ‫أمره‪ ،‬بأن تع ّ‬
‫عليه الضحك‪ ،‬لم تبطل صلته‪.‬‬
‫أما التبسم فل تبطل به الصلة ‪.‬‬
‫وكذلك الذكر والدعاء إذا قصد به مخاطبة الناس‪ ،‬فإنهغغا تبطغغل‪ ،‬كمغغا إذا‬
‫قال لنسان‪ :‬يرحمك الله ‪ .‬لنه يعتبر عندئذ من كلم الناس‪ ،‬والصغغلة ل‬
‫تصلح له‪ ،‬كما علمت‪.‬‬
‫‪ -8‬تغير النّية‪:‬‬
‫ضابط ذلك‪ :‬أن يعزم على الخروج من الصغغلة‪ ،‬أو يعل ّغغق خروجغغه منهغغا‬
‫على أمر‪ ،‬كمجيء شخص ونحوه‪ .‬فإن صلته تبطغل بمجغرد طغروء هغذا‬
‫القصد عليه‪.‬‬
‫وعلة بطلن الصغغلة بغغذلك‪ :‬أن الصغغلة ل تصغغلح إل بنيغغة جازمغغة‪ ،‬وهغغذا‬
‫القصد أو العزم يتنافى مع النية الجازمة‪.‬‬
‫‪ -9‬استدبار القبلة‪:‬‬
‫مغغد ذلغغك أو‬
‫لن استقبالها شرط أساسي من شروط الصغغلة‪ ،‬سغغواء تع ّ‬
‫أداره شخص غصبًا‪ ،‬إل أنه في حالغغة العمغغد تبطغغل الصغغلة فغغورًا‪ ،‬وفغغي‬
‫لكراه ل تبطل إل إذا استقر مدة وهو مسغغتدبر لهغغا‪ .‬فغغإن اسغغتدار‬‫حالة ا ِ‬
‫إلى القبلة بسرعة لم تبطل صلته‪ ،‬والستقرار وعدمه يحددهما العرف‪.‬‬

‫*****‬

‫‪100‬‬
‫هو‬
‫سل ُ‬
‫ود ال ّ‬
‫سج ُ‬
‫ُ‬
‫السهو لغة‪ :‬نسيان الشيء والغفلة عنه‪.‬‬
‫والمقصود بالسهو هنا‪:‬‬
‫خلل يوقعه المصغغلي فغغي صغغلته‪ ،‬سغغواء كغغان عمغغدا ً أو نسغغيانًا‪ ،‬ويكغغون‬
‫السجود‪ -‬ومحله في آخر الصلة‪ -‬جبرا ً لذلك الخلل‪.‬‬
‫حكم سجود السهو‪:‬‬
‫هو سّنة عند حدوث سبب مغغن أسغغبابه الغغتي سغغنتحدث عنهغغا‪ ،‬فغغإن لغغم‬
‫يسجد لم تبطل صلته‪ .‬ولم يكن واجبًا‪ ،‬لنه لم يشرع لترك واجغغب كمغغا‬
‫سنرى‪.‬‬
‫ودليل مشروعيته ما روه البخاري )‪ ،(1169‬عن أبغغي هريغغرة ‪ ‬قغغال ‪:‬‬
‫صّلى بنا النبي ‪ ‬الظهر أو العصر‪ ،‬فسّلم‪ ،‬فقال له ذو اليغغدين‪ :‬الصغغلة‬
‫َ‬
‫قو ُ‬
‫ل؟"‪ .‬قغغالوا‪ :‬نعغغم‪،‬‬ ‫يا رسول الله‪ ،‬أنقصت؟ فقال النبي ‪ ":‬أ َ‬
‫حقّ ما ي َ ُ‬
‫جد َت َْين‪.‬‬
‫س ْ‬
‫جد َ َ‬
‫س َ‬
‫م َ‬‫ن‪ ،‬ث ّ‬ ‫َفصّلى ركعتين أ ُ ْ‬
‫خَري َت َي ْ ِ‬
‫وأدلة أخرى تأتي فيما يلي‪:‬‬
‫أسباب سجود السهو‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -1‬أن يترك المصلي بعضا ملن أبعلاض الصللة اللتي ملّر ذكرهلا‬
‫كالتشهد الول والقنوت‪:‬‬
‫حي ْن َغغة ‪ ‬أنغغه‬
‫روى البخاري )‪(1166‬؛ ومسلم)‪ ،(570‬عن عبغغدالله بغغن ب ُ َ‬
‫قال‪ :‬صلى لنا رسول الله‪َ ‬رك ْعَت َْين من بعض الصغغلوات‪ -‬وفغغي روايغغة ‪:‬‬
‫قام من اثنتين من الظهر – ثم قام فلم يجلس‪ ،‬فقان الناس معه‪ ،‬فلمغغا‬
‫قضى صلته ونظرنا تسليمه‪ ،‬كّبر قبل التسغغليم‪ ،‬فسغغجد سغغجدتين وهغغو‬
‫جالس‪ ،‬ثم سلم‪.‬‬
‫] نظرنا‪ :‬انتظرنا[‪.‬‬
‫وروى ابن ماجه)‪(1208‬؛ وأبو داود)‪ (1036‬وغيرهما‪ ،‬عن المغيغغرة بغغن‬
‫شعبة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪ " :‬إذا قام أحدكم من الركعتين‪ ،‬فلغغم‬
‫جد ََتي‬ ‫م قائم غا ً فل يجلغغس‪ ،‬ويسغغجد َ‬
‫سغ ْ‬ ‫م قائما ً فليجلس‪ ،‬وإذا ا ْ‬
‫س غت َت َ ّ‬ ‫ست َت ِ ّ‬
‫يَ ْ‬
‫سْهو"‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫‪ -2‬الشك في عدد ما أتى به من الركعات‪:‬‬
‫فيفرض العدد القل‪ ،‬ويتمم الباقي ثم يسجد للسهو‪ ،‬جبرا ً لحتمغال أنغغه‬
‫قد زاد في صلته‪ .‬فلو شك هل هو صلى الظهر ثلثا ً أو أربعغغًا‪ ،‬فليطغغرح‬
‫الشك‪ ،‬وليبن على ما استيقن‪ ،‬ثم يسجد سجدتين قبغغل أن يسغغلم‪ ،‬فغغإن‬
‫كان صلى خمسا ً شفعن لغه صغلته‪ ،‬وإن كغان صغغلى إتمامغا ً لربغع كانتغا‬
‫ت َْرِغيما ً للشيطان"‪.‬‬
‫] شفعن‪ :‬جعلنها زوجا ً كما ينبغي أن تكون‪ .‬ترغيمًا‪ :‬إغاظة وإذل ً‬
‫ل[‪.‬‬
‫أما لو شك بعد الخروج من الصلة‪ ،‬فإن هذه الشك ل يؤثر علغى صغحة‬
‫صلته وتمامها إل في النية وتكبيرة الحرام‪ ،‬فتلزمه العادة‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫وسهو المأموم حال قدوته بالمام – وذلك كان سها عغغن التشغغهد الول‬
‫– يحمله المام‪ ،‬ول يلزمه سجود السهو بعد سغغلم المغغام‪ ،‬ودليغغل ذلغغك‬
‫لمام ضامن" )رواه ابن حبان وصححه‪.(362:‬‬ ‫قوله ‪" :‬ا ِ‬
‫‪ -3‬ارتكاب فعل منهي عنه سهوًا‪ ،‬إذا كان يبطل عمده الصلة‪:‬‬
‫كما إذا تكلم بكلمات قليلة أو أتى بركعة زائدة سهوًا‪ ،‬ثم تنبه إلى وذلك‬
‫وهو في الصلة‪ ،‬فيسجد للسهو‪.‬‬
‫‪ -4‬نقل شئ مللن أفعللال الصلللة ركن لا ً كللان أو بعض لَا‪ ،‬أو سللورة‬
‫نقلها إلى غير محلها‪ ،‬وهو القيام‪:‬‬
‫مثاله‪ :‬قرأ الفاتحة في جلوس التشهد‪ ،‬أو قرأ القنغغوت فغغي الركغغوع‪ ،‬أو‬
‫ن قراءتهغغا بعغغد الفاتحغغة فغغي العتغغدال‪ ،‬فيسغغن أن‬
‫قرأ السورة التي يس ّ‬
‫يسجد لذلك سجود سهو في آخر الصلة‪.‬‬
‫* كيفية السجود ومحله‪:‬‬
‫سجود السهو سجدتان كسجدات الصغغلة‪ ،‬ينغغوي بهمغغا المصغغلي سغغجود‬
‫السهو‪ ،‬ومحله آخر صلته قبل السلم؛ فلو سّلم المصلي قبغغل السغغجود‬
‫عامدا ً أو ناسيا ً وطال الفصل؛ فات السجود‪ ،‬وإل بأن قصر الفصغغل فلغغه‬
‫أن يتدارك السجود بأن يسجد مرتين بنية السهو ثم يسّلم مرة أخرى‪.‬‬

‫*****‬

‫‪102‬‬
‫ت الّتلل َ َ‬
‫وة‬ ‫دا ُ‬
‫سجل َ‬
‫َ‬
‫ن سجدات التلوة للقارئ داخل الصلة وخارجهغغا‪ ،‬وللمسغغتمع خغغارج‬ ‫يس ّ‬
‫الصلة ‪.‬‬
‫ودليل ذلك ما رواه البخاري)‪ ،(1025‬عن ابن عمر‪ ‬قال‪ :‬كان‬
‫النبي ‪ ‬يقرأ علينا السورة فيها السجدة‪ ،‬فيسجد ونسجد‪ ،‬حتى ما يجغغد‬
‫أحدنا موضع جبهته‪.‬‬
‫وروى مسلم)‪ (81‬عن أبي هريرة ‪ ‬عن النبي‪ ‬قغغال‪ " :‬إذا قغغرأ ابغغن‬
‫مَر ابن آدم‬ ‫آدم السجدة فسجد‪ ،‬اعتزل الشيطان يبكي‪ ،‬يقول‪ :‬يا ويل َ ُ‬
‫ه‪ ،‬أ ِ‬
‫ْ ُ‬
‫بالسجود فسجد فله الجنة‪ ،‬وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار"‪.‬‬
‫وروى البخغغاري)‪ (1027‬عغغن عمغغر ‪ ‬قغغال‪ " :‬يغغا أيهغغا النغغاس إنغغا ن َ ُ‬
‫م غّر‬
‫بالسجود‪ ،‬فمن سجد فقد أصاب‪ ،‬ومن لم يسجد فل إثم عليه "‪.‬‬
‫وفي رواية عن ابن عمر رضي اللغغه عنهمغغا‪ :‬أن اللغغه لغغم يفغغرض علينغغا‬
‫شاء‪.‬‬‫السجود إل أن ن َ َ‬
‫عدد سجدات التلوة‪:‬‬
‫وسجدات التلوة في القرآن أربع عشر سجدة‪ ،‬وهي في السور التالية‪:‬‬
‫سجدة في العراف‪ ،‬والرعد‪ ،‬والنحل‪ ،‬والسراء‪ ،‬ومريم‪ ،‬وسجدتان فغغي‬
‫الحغغج‪ ،‬وسغغجدة فغغي الفرقغغان‪ ،‬والنمغغل‪ ،‬وألغغم تنزيغغل ‪ ،‬وحغغم السغغجدة‪،‬‬
‫والنجم‪ ،‬والنشقاق‪ ،‬والعلق‪.‬‬
‫ومن أراد سجود التلوة كّبر للحرام رافعا ً يديه‪ ،‬ثم كّبر للهوي بل رفغغع‪،‬‬
‫وسغغجد سغغجدة واحغدة كسغغجدات الصغلة‪ ،‬ثغغم سغّلم‪ .‬وتكغغبيرة الحغغرام‬
‫والسلم شرطان فيها‪ ،‬ويشترط فيها أيضا ً ما يشغغترط فغغي الصغغلة مغغن‬
‫الطهارة‪ ،‬واستقبال القبلة‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬

‫*****‬

‫‪103‬‬
‫عة‬
‫ما َ‬
‫ج َ‬ ‫ص َ‬
‫لة ال َ‬ ‫َ‬
‫تاريخ إقامتها‪:‬‬
‫أقام النبي ‪ ‬الجماعة بعد الهجرة الشريفة‪ ،‬فلقد مكث ‪ ‬مدة مقامه‬
‫فغغي مكغغة ثلث عشغغرة سغغنة يصغغلي بغيغغر جماعغغة‪ ،‬لن الصغغحابة كغغانوا‬
‫مقهورين‪ ،‬يصّلون في بيغغوتهم‪ ،‬فلمغغا هغغاجر النغغبي‪ ‬إلغغى المدينغغة أقغغام‬
‫الجماعة وواظب عليها‪.‬‬
‫حكمها‪:‬‬
‫الصغغحيح أنهغغا – فيمغغا عغغدا صغغلة الجمعغغة – فغغرض كفايغغة‪ ،‬ل تسغغقط‬
‫فرضيتها عن أهل البلدة إل حيث يظهر شعارها؛ فإن لم ُتؤد ّ فيها مطلقا ً‬
‫لمام قتالهم‪.‬‬ ‫أو أديت في خفاء أثم أهل البلدة كلهم‪ ،‬ووجب على ا ِ‬
‫والصل في مشروعيتها قغغوله تعغغالى‪ :‬وإذا كنغغت فيهغغم فغغأقمت لهغغم‬
‫الصغغلة فلتقغغم طائفغغة منهغغم معغغك‪] ‬النسغغاء‪ .[102:‬وهغغذا فغغي صغغلة‬
‫الخوف‪ ،‬وإذا ورد المر بإقامة الجماعغغة فغغي الخغغوف كغغانت فغغي المغغن‬
‫أولى‪.‬‬
‫فغذ ّ بسغغبع وعشغغرين‬ ‫وكذلك قوله ‪" :‬صغغلة الجماعغغة تفضغغل صغغلة ال َ‬
‫درجة" )رواه البخاري‪618:‬؛ ومسلم‪.(650:‬‬
‫ححه ابن حبان)‪(425‬‬ ‫وكذلك ما رواه أبو داود)‪ ،(547‬وص ّ‬
‫وغيرهما‪ :‬أنه ‪ ‬قغال‪ " :‬مغا مغن ثلثغة فغي قريغغة أو بغدو ل تقغام فيهغم‬
‫الجماعغغة إل اسغغتحوذ عليهغغم الشغغيطان فعليغغك بالجماعغغة‪ ،‬فإنمغغا يأكغغل‬
‫الذئب القاصية"‪.‬‬
‫ولهم إليه‪ .‬القاصغغية‪ :‬الشغغاة‬ ‫]استحوذ عليهم‪ :‬غلبهم واستولى عليهم وح ّ‬
‫البعيدة عن القطع[‪.‬‬
‫حكمة مشروعيتها‪:‬‬
‫إنما ينهض عمود السغغلم علغغى تعغغارف المسغغلمين وتغغآخيهم وتعغغاونهم‬
‫لحقاق الحق وإزهاق الباطل؛ ول يتم هذا التعارف والتغغآخي فغغي مجغغال‬
‫أفضل مغن مجغال المسغجد عنغدما يتلقغى فيغه المسغلمون لداء صغلة‬
‫الجماعة كل يوم خمس مرات‪.‬‬
‫ومهما فرقت مصالح الدنيا بينهم وأورثت الحقاد في نفوسهم‪ ،‬فإن في‬
‫ثباتهم على التلقي في صغغلوات الجماعغغة مغغا يمغغزق بينهغغم مغغن حجغغب‬
‫الفرقة ويذيب من قلوبهم الحقاد والضغان؛ إن كانوا حقا ً مؤمنين بالله‬
‫ولم يكونوا منافقين فيما يتظاهرون به مغغن صغغلة وعبغغادة وسغغعي إلغغى‬
‫المساجد‪.‬‬
‫العذار المقبولة في التخلف عن صلة الجماعة‪:‬‬
‫العذار قسمان‪ :‬أعذار عامة‪ ،‬أعذار خاصة‪.‬‬
‫أما العذار العامة‪:‬‬
‫فكمطر‪ ،‬وريح عاصف بليل‪ ،‬ووحل شديد في الطريق‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫ذن للصلة في ليلة ذات برد ٍ وريح‪،‬‬ ‫روي أن أبن عمر رضي الله عنهما‪ :‬أ ّ‬
‫َ‬
‫ل‪ ،‬ثغغم‬
‫حغغا ِ‬
‫صلوا في الّر َ‬ ‫)رواه البخاري‪635:‬؛ ومسلم‪ ،(697:‬ثم قال‪ :‬أل َ َ‬
‫ة ذات برد ومطغغر‬ ‫ت ل َي ْل َ ٌ‬ ‫نإ َ‬
‫ذا كان َ ْ‬ ‫مؤ َذ ّ َ‬ ‫قال‪ :‬إن رسول الله ‪ ‬كا َ‬
‫ن َيأمر ال ُ‬
‫أن يقول‪ " :‬أل صلوا في رحالكم"‪ .‬أي منازلكم ومساكنكم‪.‬‬
‫وأنت تعلن أن هذه العذار قلما تتحقق اليغغوم إل فغغي القغغرى‪ ،‬بغغل فغغي‬
‫بعض القرى‪.‬‬
‫* وأما العذار الخاصة‪:‬‬
‫فكمرض وجوع وعطش شغغديدين‪ ،‬وكخغغوف مغغن ظغغالم علغغى نفغغس أو‬
‫مغغال‪ ،‬ومدافعغغة حغغدث مغغن بغغول أو غغغائط‪ .‬لمغغا رواه البخغغاري)‪(643‬؛‬
‫شغغاء أحغغدكم وأقيمغغت الصغغلة فابغغدؤوا‬ ‫ضغغعَ ع َ َ‬
‫ومسغغلم)‪ " :(559‬إذا وُ ِ‬
‫بالِعشاء‪ ،‬ول يعجلن حغغتى يفغغرغ منغغه"‪ ،‬ولخغغبر مسغغلم)‪" :(560‬ل صغغلة‬
‫بحضرة طعام‪ ،‬ول هو يدافعه الخبثان"‪ .‬وكملزمة غريم له إذا خرج إلى‬
‫الجماعة وهو معسر‪ ،‬وأكل ذي ريح كريغغه‪ ،‬أو يكغغون مرتغغديا ً ثياب غا ً قغغذرة‬
‫تؤذي بقغغذارتها أو ريحهغغا‪ .‬فكغغل واحغغدة مغغن هغغذه الحغغالت تعتغغبر عغغذرا ً‬
‫شرعيا َ يسوغ لصاحبه التخلف عن حضور الجماعة‪.‬‬
‫روى البخاري)‪(817‬؛ ومسلم)‪ ،(564‬عن جغغابر ‪ ‬أن النغغبي ‪ ‬قغغال‪":‬‬
‫من أكغغل ثومغا ً – وقيغغس غيغغره مغغن العغغذار عليغغه‪ -‬فليعغغتزلن‪ ،‬أو قغغال‪:‬‬
‫فليعتزل مسجدنا‪ ،‬وليقعد في بيته"‪.‬‬
‫شروط من يقتدى به‪:‬‬
‫ل بد فيمن يكون إمامغا ً أن تتغغوفر فيغغه شغغروط معينغغة‪ -‬أكثرهغغا نسغغبية‪،‬‬
‫حسب حال المأموم‪ -‬ونلخصها في المور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ل يعلم المقتدي بطلن صلة إمامه أو يعتقد ذلك‪:‬‬
‫مثاله‪ :‬أن يجتهد اثنان في جهة القبلة فاعتقد كغغل منهمغا أن القبلغغة فغغي‬
‫جهة غير التي اعتقدها الخر‪ ،‬فل يجوز أن يقتدي أحدهما بغغالخر لن كل ّ‬
‫منهما يعتقد أن الخر مخطئ في اتجاهه وأن صلته إلى تلك الجهة غير‬
‫صحيحة‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ل يكون أمي ًّا‪ ،‬والمقتدي قارئ‪:‬‬
‫والمقصود بالمي هنا من ل يتقن قغغراءة الفاتحغغة بحيغغث يخغغل بقراءتهغغا‬
‫وت حرفا ً أو شدة أو نحغو ذلغك‪ .‬فغإن كغان المقتغدي مثلغه جغاز‬ ‫إخلل ً يف ّ‬
‫اقتداء كل منهما بالخر‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ل يكون امرأة‪ ،‬والمقتدي رجل‪:‬‬
‫ل منهما بالخر لقوله ‪ ":‬ل‬ ‫فإن كان المقتدي أيضا ً امرأة جاز اقتداء ك ّ‬
‫ل" )رواه ابن ماجه(‪.‬‬‫ن امرأة رج ً‬ ‫ت َؤ ُ ّ‬
‫م ّ‬
‫من الصفات التي يستحب أن يتحلى بها المام‪:‬‬
‫سن َُّهم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫يجدر أن يكون إمام القوم أفقهم‪ ،‬وأقرأهم‪ ،‬وأصلحهم‪ ،‬وأ َ‬
‫لمام كانت الصلة خلفه أفضل وكغغان‬ ‫ومهما تحققت هذه الصفات في ا ِ‬
‫الثواب بذلك أرجى‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫روى مسلم)‪(613‬عن ابن مسعود ‪ ‬قال رسول الله ‪ " :‬يؤم القوم‬
‫أقرأهم لكتاب الله‪ ،‬فإن كانوا في القراءة سواًء فأعلمهم بالسغغنة‪ ،‬فغغإن‬
‫كانوا في السنة سواًء فأقدمهم هجغغرة‪ ،‬فغغإن كغغانوا فغغي الهجغغرة سغغواًء‬
‫فأقدمهم سنًا"‪.‬‬
‫واعلم أنه ل يجوز اقتداء المتوضغئ بغالمتيمم وبماسغح الخغف‪ ،‬والقغائم‬
‫بالقاعد‪ ،‬والبالغ بالصبي‪ ،‬والحر بالعبغغد‪ ،‬والصغغحيح بالمسغغلس‪ ،‬والمغغؤدي‬
‫بالقاضي‪ ،‬والمفترض بالمتنفل وبالعكس‪.‬‬
‫كيفية القتداء‪:‬‬
‫ل يتحقق القتداء المشروع إل بشروط وكيفيات ينبغي مراعاتها‪ ،‬وهغغي‬
‫كثيرة نلخصها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ل يتقدم المأموم على المام في المكان‪:‬‬
‫دم عليه بطل اقتداؤه‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم‪:‬‬ ‫فإن تق ّ‬
‫" إنما جعل المام ليؤتم به" )رواه البخاري‪657:‬؛ ومسلم‪.(411:‬‬
‫والئتمام التباع‪ ،‬وهو ل يكون إل حيث يكون التابع متأخرًا‪ ،‬لكغغن ل تضغغر‬
‫مساواته له في الموقف وإن كان ذلك مع الكراهة‪ ،‬وإنمغغا ينغغدب تخلفغغه‬
‫ل‪ ،‬فإذا تقدم عليه بطلت صغغلته‪ ،‬والعتبغغار فغغي التقغغدم والتغغأخر‬ ‫عنه قلي ً‬
‫بالعقب‪ ،‬وهو مؤخر القغغدم‪ .‬فغإن كغان المقتغغدي اثنيغن فغأكثر‪ ،‬اصغطفوا‬
‫ن وقغغف عغغن‬ ‫خلف المام وإن كان واحدا ً وقف عن يمينغغه‪ ،‬فغغإذا جغاء ثغغا ٍ‬
‫يساره‪ ،‬ثم رجعا أو تقدم المام‪.‬‬
‫روى مسلم عن جابر ‪ ‬قال‪ :‬صليت خلف رسول الله ‪ ،‬فقمت عغغن‬
‫يمينه‪ ،‬ثم جاء جابر بن صخر فقام عن يساره‪ ،‬فأخذ بأيدينا جميع غا ً حغغتى‬
‫أقامنا خلفه‪.‬‬
‫‪((1‬‬
‫ويسن أن ل يزيد ما بين المام والمأموم على ثلثة ‪ ،‬وهكذا بيغغن كغغل‬
‫ف الرجال أول ً ثم النساء‬ ‫لمام رجال ونساء ص ّ‬ ‫فين‪ .‬وإذا صلى خلف ا ِ‬ ‫ص ّ‬
‫لمغغام‪ ،‬والمغغرأة‬ ‫بعدهم‪ ،‬وإذا صلى رجل وامرأة صف الرجل عن يميغغن ا ِ‬
‫خلف الرجل‪.‬‬
‫أما جماعة النساء‪ ،‬فتقف إمامتهن وسطهم لثبوت ذلك عن عائشة وأم‬
‫سلمة رضي الله عنهما‪) .‬رواه البيهقي بإسناد صحيح(‪.‬‬
‫ويكره وقوف المأموم منفردا ً فغغي صغغف وحغغده‪ ،‬بغغل يغغدخل الصغغف إن‬
‫وجد سعة‪ ،‬وإن لم يجغد سغعة‪ ،‬فغإنه ينغدب أن يجغر شخصغا ً واحغدا ً مغن‬
‫الصف إليه بعد الحرام‪ ،((2‬ويندب للمجرور أن يساعده ويرجع إليه لينال‬
‫فضيلة المعاونة على البر‪.‬‬
‫‪2‬ل أن يتابعه في انتقالته وسائر أركان الصلة الفعلية‪:‬‬
‫وذلك بأن يتأخر ابتداء فعغغل المغغأموم عغغن فعغغل المغغام‪ ،‬ويتقغغدم علغغى‬
‫فراعه‪ .‬فإن تأخر المأموم عن المام قدر ركن كره ذلك‪ ،‬وإن تأخر عنغغه‬

‫)‪ (1‬بذراع الرجل المعتاد ‪ ،‬ويساوي ‪ 50‬سم تقريبا ً ‪.‬‬


‫) )‪(2‬هذا إن رأي أنه يوافقه‪ ،‬وإل فل يجره بل يمتنع لخوف الفتنة‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫قدر ركنين طويلين‪ :‬كأن ركع واعتدل ثم سجد ورفع ول يغغزال المغغأموم‬
‫واقفا ً من دون عذر‪ ،‬بطلت صلته‪.‬‬
‫وأما إذا كان لتأخره عذر بأن كغغان بطيئا ً فغغي القغغراءة‪ ،‬فلغغه أن يتخلغغف‬
‫عن المام بثلثة أركان‪ ،‬فإن لم تكلف لمتابعته فيما بعد وجغغب عليغغه أن‬
‫يقطع ما هو فيه ويتابع المام‪ ،‬ثم يتدارك الباقي بعد سلم إمامه‪.‬‬
‫‪3‬ل العلم بانتقالت المام‪:‬‬
‫وذلك بأن يراه‪ ،‬أو يرى بعض صف‪ ،‬أو يسمع مبلغًا‪.‬‬

‫‪4‬ل أن ل يكون بين المام والمأموم فاصل مكاني كبير‪:‬‬


‫إذا لم يكونا في المسجد‪ ،‬أما إذا جمعهما مسجد‪ ،‬فغغإن القتغغداء صغغحيح‬
‫مهما بعدت المسافة بينهما‪ ،‬أو حالت أبنية نافذة‪.‬‬
‫أما إذا كانا في خارج المسجد أو كغغان المغغام فغغي المسغغجد والمقتغغدي‬
‫خارجه‪ ،‬فيشترط عندئذ أن ل تبتعد المسافة بين المام والمقتدي‪.‬‬
‫وضبط ذلك ما يلي‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬إذا كان المام والمقتدي في فضاء‪ ،‬كبيداء ونحوها‪ ،‬اشغغترط أن ل‬
‫تزيد المسافة بينهما على ثلثمائة ذراع هاشمي أي )‪ (150‬متر تقريبًا‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬أن يكون كل منهما في بناء‪ ،‬مثل بيتين أو صحن وبيغغت‪ ،‬وجغغب غ غ‬
‫علوة على الشرط المذكورغ اتصال صف من أحغغد البنغغاءين بغغالخر‪ ،‬إن‬
‫كان بناء المام منحرفا ً يمينا ً أو يسارا ً عن موقف المأموم أو المقتدي‪.‬‬
‫ثالثللًا‪ :‬أن يكغغون المغغام فغغي المسغغجد وبعغغض المقتغغدين فغغي خغغارج‬
‫المسجد‪ ،‬فالشرط هو أن ل تزيد مسافة البعد ما بيغغن طغغرف المسغغجد‬
‫وأول مقتد يقف خارجه على ثلثمائة ذراع هاشمي‪.‬‬
‫‪5‬ل أن ينوي المقتدي الجماعة أو القتداء‪:‬‬
‫ويشترط أن تكون النية مع تكبيرة الحرام‪ .‬فلو ترك نية القتداء وتابعه‬
‫مع ذلك في النتقالت والفعال‪ ،‬بطلغغت صغغلته إن اقتضغغت متغغابعته أن‬
‫ينتظره انتظارا ً كثيرا ً عرفًا‪ ،‬أما إن وقعت المتابعة اتفاقا ً بغغدون قصغغد أو‬
‫كان انتظار للمام انتظارا ً يسيرا ً فل تبطل صغغلته بغغذلك‪ .‬أمغغا المغغام فل‬
‫يجب عليه أن ينوي المامة‪ ،‬بل يسغتحب لغه ذلغك ‪ ،‬لتحصغل لغه فضغيلة‬
‫الجماعة‪ ،‬فإن لم ينو لم تحصل له‪ ،‬إذ ليس للمرء من عمله إل ما نغوى‪.‬‬
‫قال رسول الله ‪ " :‬إنما العمال بالنيات وإنما لكل امغغرئ مغغا نغغوى"‪.‬‬
‫]رواه البخاري‪ ،1:‬ومسلم‪.[1907:‬‬
‫ويحصغل المغأموم علغى فضغيلة الجماعغة مغا لغم يسغلم المغام‪ ،‬إدراك‬
‫تكبيرة الحرام مغغع المغغام فضغغيلة وتحصغغل بالشغغتغال بغغالتحريم عقغغب‬
‫تحريم المام‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ويدرك المأموم مع المام الركعة إذا أدركه في ركوعها‪ ،‬وإذا أدركه بعد‬
‫الركوع فاتته الركعة‪ ،‬وكان عليه أن يتداركها أو يتدارك ما فاته‪ ،‬إن كغغان‬
‫أكثر من ركعة بعد سلم المام‪.‬‬
‫صللة الملسافر‬

‫القصر والجمع‪:‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يقول الله تعالى‪ :‬وما جعل عليكم في الدين من حرج‪] ‬الحج‪.[78:‬‬
‫أي إنه سبحانه وتعالى لم يشرع من أحكام الذين ما يوقعكم في الجهغغد‬
‫والعنت‪ ،‬ويجعلكم في حيرة من أمركم‪ .‬فحيثما يقع المسلم فغغي ضغغيق‬
‫يوسع الله له في أمر دينه‪ ،‬كي تظل أحكامه مقبولة متحملة‪.‬‬
‫والسفر قطعة من العذاب‪ ،‬يفقد فيه النسان استقراره وأسباب اجلغغه‪،‬‬
‫من أجل ذلك خفف الله تعغغالى عغغن المسغغافر كغغثيرا ً مغغن أحكغغام دينغغه‪،‬‬
‫وكيفية الستفادة منه‪.‬‬
‫كيفية تكون صلة المسافر‪:‬‬
‫خص الله للمسافر في صلته رخصتين‪:‬‬ ‫َر ّ‬
‫أولهما‪ :‬اختصار في كمية الركعات‪ ،‬ويسمى " قصرا ً "‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬ضم صلتين إلى بعضهما في الداء‪ ،‬ليكتسغغب المسغغافر أوسغغع‬
‫وقت ممكن من الفراغ‪ ،‬ويسمى "الجمع بين الصلتين"‪.‬‬
‫أو ً‬
‫لل القصر‪:‬‬
‫هو أن تؤدى الصلة الرباعية‪ ،‬كالظهر والعصغغر والعشغغاء‪ ،‬ركعغغتين بغغدل ً‬
‫من أربع‪ ،‬كما سنرى فيما يأتي من أدلة‪.‬‬
‫والصل في مشروعية القصر قغغوله تعغغالى‪ :‬وإذا ضغغربتم فغغي الرض‬
‫فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلة‪] ‬النساء‪] .[101:‬ضغغربتم‪:‬‬
‫سافرتم[‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (686‬وغيره‪ ،‬عغغن يعلغغى بغغن أميغغة قغغال‪ :‬قلغغت لعمغغر بغغن‬
‫الخطاب ‪: ‬ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلة إن خفتغغم أن‬
‫َ‬
‫ن الناس؟ فقال‪ :‬عجبت مما عجبت منغغه‪،‬‬ ‫يقتنكم الذين كفروا‪ ‬فقد أ ِ‬
‫م َ‬
‫فسألت رسول الله ‪ ‬عن ذلك‪ ،‬فقال‪" :‬صدقة تصدق الله بهغغا عليكغغم‪،‬‬
‫فاقبلوا صدقته"‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن قصر الصلة ليس خاصا ً بحالة الخوف‪.‬‬
‫ول بد لصحة القصر من مراعاة الشروط التالية‪:‬‬
‫‪1‬ل أن تتعلق بذمته في السفر‪ ،‬ويؤديها أيضا ً في السفر‪:‬‬
‫فخرج بهذا الشرط الصلة التي دخل وقتها قبغغل أن يسغافر‪ ،‬ثغم سغافر‬
‫قبل أن يصليها‪ ،‬فل يجوز أن يصليها قصرًا‪ ،‬لنه لغغم يكغغن مسغغافرا ً حيغغن‬
‫وجبت عليه وتعلقت بذمته‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫وخرج أيضا ً الصلة التي دخل وقتها وهو مسافر‪ ،‬ولكنه لم يصلها حغغتى‬
‫رجع إلى بلده‪ ،‬فل يجوز أن يصليها أيضا ً قصغغرًا‪ ،‬لنغغه حيغغن أدائهغغا ليغغس‬
‫بمسافر‪ ،‬والقصر للمسافر‪.‬‬
‫‪2‬ل أن يتجاوز سور البلد التي يسللافر منهللا‪ ،‬أو يتجللاوز عمرانهللا‬
‫إن لم يكن لها سور‪:‬‬
‫لن من كان داخل سور البلد أو عمرانهغغا ليغغس بمسغغافر‪ .‬أي فالسغغفر‬
‫إنما يبدأ من لحظة هذا التجاوز‪ ،‬كما أنه ينتهي بالوصول رجوعا ً إلى تلك‬
‫المنطقة‪ .‬وإذا فهو ل يقصر من الصلة إل ما تعلق بذمته وفعله وضغغمن‬
‫هذه الفترة‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(1039‬ومسلم)‪ ،(690‬عن أنس ‪ ‬قال‪ :‬صليت الظهر‬
‫مع النبي ‪ ‬بالمدينة أربعًا‪ ،‬والعصر بذي الحليغغف ركعغغتين‪ .‬وذو الحليفغغة‬
‫خارج عمران المدينة‪.‬‬
‫‪3‬ل أن ل ينوي المسلافر إقاملة أربعلة أيلام غيلر يلومي اللدخول‬
‫والرجوع‪ ،‬في المكان الذي يسافر إليه‪:‬‬
‫فإذا نوى ذلك‪ ،‬أصبحت البلدة التي يسافر إليها في حكم موطنه ومحل‬
‫إقامته‪ ،‬فلم يعد يجوز له القصر فيها‪ ،‬ويبقى له حق القصر في الطريغغق‬
‫فقط‪.‬‬
‫أما إذا كان ناويا ً أن يقيم أقل من أربعة أيام‪ ،‬أو كان ل يعلم مدة بقغغائه‬
‫فيها‪ ،‬لعمل يعالجه ول يدري متى يتمه‪ :‬وقصغغر فغغي الحالغغة الثانيغغة إلغغى‬
‫ثمانية عشر يوما ً غير يومي دخول وخروجه‪.‬‬
‫روى أبو داود )‪ ،(1229‬عن عمغغران بغغن حصغغين ‪ ‬قغغال‪" :‬غغغزوت مغغع‬
‫رسول الله ‪ ،‬وشهدت معه الفتح‪ ،‬فأقغغام بمكغغة ثمغغاني عشغغر ليلغغة‪ ،‬ل‬
‫يصلي إل ّ ركعتين"‪ .‬لن النبي ‪ ‬أقام هذه المدة بمكة عام الفتح لحرب‬
‫هوازن يقتصر الصلة‪ ،‬ولم يكن يعلم المدة التي سيضطر لبقائها‪.‬‬
‫‪4‬ل أن ل يقتدي بمقيم‪:‬‬
‫فإن اقتدى به وجب عليه أن يتابعه في التمام‪ ،‬ولم يجز له القصر‪.‬‬
‫أما العكس فل مانع من القصر فيه‪ ،‬وهو أن يؤم المسافر مقيمين‪ ،‬فله‬
‫أن يقصر‪ .‬ويسغغن لغغه إذا سغغلم علغغى رأس ركعغغتين أن يبغغادر المقتغغدين‬
‫فيقول لهم‪ :‬أتموا صلتكم فإني مسافر‪.‬‬
‫دليل ذلك ما رواه أحمد بسند صحيح عن ابن عبغغاس ‪ ‬أنغغه سغغئل‪ :‬مغغا‬
‫بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد‪ ،‬وأربعا ً إذا ائتم بمقيم؟ فقال‪ :‬تلك‬
‫هي السنة‪.‬‬
‫وجاء في حديث عمران ‪ ‬السابق‪ ،‬ويقول‪" :‬يا أهل البلد صغغلوا أربع غًا‪،‬‬
‫فر"‪.‬‬
‫س َ‬
‫م َ‬‫فإّناَنا قو ٌ‬
‫ثانيا ً ل الجمع‪:‬‬
‫وقد عرفت معناه قبل قليل‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(1056‬عن ابغغن عبغغاس رضغغي اللغغه عنهمغغا قغغال‪ :‬كغغان‬
‫رسول ‪ ‬يجمع بيغغن صغغلة الظهغغر والعصغغر إذا كغغان علغغى ظهغغر سغغير‪،‬‬
‫ويجمع بين المغرب والعشاء‪.‬‬
‫]على ظهر سير‪ :‬أي مسافرًا[‪.‬‬
‫وروى مسلم )‪ (705‬عنغغه‪ :‬أن النغغبي ‪ ‬جمغغع بيغغن الصغغلة فغغي سغغفرة‬
‫سغغافرناها فغغي غغغزوة تبغغوك‪ ،‬فجمغغع بيغغن الظهغغر والعصغغر‪ ،‬والمغغغرب‬
‫والعشاء‪ ،‬قال سعيد بن جبير رحمه الله تعالى‪ :‬قلت لبن عبغغاس‪ :‬مغغا‬
‫مَته‪.‬‬ ‫ُ‬
‫رج أ ّ‬
‫ح ِ‬
‫حمله على ذلك؟ قال أراد أن ل ي ُ ْ‬
‫وينقسم جمع الصلة إلى قسمين‪:‬‬
‫جمع تقديم‪ ،‬بأن يقدم المتأخر إلى وقت الولى‪ ،‬وجمع تأخير‪ ،‬بأن يؤخر‬
‫المتقدمة إلى وقت الثانية‪.‬‬
‫روى أبو داود )‪(1208‬؛ والترمغغذي )‪ (553‬وغيرهمغغا‪ ،‬عغغن معغغاذ ‪ :‬أن‬
‫النبي ‪ ‬كان في غزوة تبوك‪ ،‬إذا ارتحل قبغغل أن ترتفغغع الشغغمس أخغغر‬
‫الظهر حتى يجمعها إلغغى العصغغر يصغغليهما جميعغًا‪ .‬وإذا ارتحغغل بعغغد زيغغغ‬
‫الشمس صلى الظهر والعصغغر جميع غا ً ثغغم سغغار‪ .‬وكغغان إذا ارتحغغل قبغغل‬
‫المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء‪ ،‬وإذا ارتحل بعغغد المغغغرب‬
‫عجل العشاء‪ ،‬فصلها مع المغرب‪.‬‬
‫الصلوات التي يجمع بينها‪:‬‬
‫علم مما سبق أن الصلوات التي يصلح أن يجمع بينها‪ :‬هغغي الظهغغر مغغع‬
‫العصر‪ ،‬والمغرب مع العشاء‪ .‬فل يصح أن يجمع الصغغبح مغغع مغغا قبلغغه أو‬
‫بعده‪ ،‬كما ل يجمع بين العصر والمغرب‪.‬‬
‫ً‬
‫هذا وإن لكل من جمع التقديم والتأخير شروطا ينبغي مراعاتها‪.‬‬
‫فلنذكر شروط كل منهما‪.‬‬

‫شروط جمع التقديم‪:‬‬


‫أولً‪ :‬الترتيب منهما‪:‬‬
‫بأن يبدأ الصلة الولى صاحبة الوقت‪ ،‬ثم يتبعها بالخرى‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن ينوي جمع الثانية مع الولى قبغغل فراغغغه مغغن الصغغلة الولغغى‪،‬‬
‫ولكن يسن أن تكون النية مع تكبيرة الحرام بها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الموالة بينهمغغا‪ ،‬بغغأن يبغغادر إلغغى الثانيغغة فغغور فراغغغه مغغن الولغغى‬
‫وتسليمه منها‪ ،‬ل يفرق بينهما بشيء من ذكر أو سنة أو غير ذلغغك؛ فغغإن‬
‫فرق بينهما بشيء طويل عرفًا‪ ،‬أو أخغغر الثانيغغة بغغدون أن يشغغغل نفسغغه‬
‫بشيء بطل الجمع‪ ،‬ووجب تأخيرها إلى وقتها‪ .‬اتباعا ً للنغغبي ‪ ‬فغغي كغغل‬
‫ذلك‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(1040‬عن ابغغن عمغغر رضغغي اللغغه عنهمغغا قغغال‪ :‬رأيغغت‬
‫النبي ‪ ‬إذا أعجله السير يؤخر المغرب فيصليهما ثلثغًا‪ ،‬ثغغم يسغغلم‪ ،‬ثغغم‬
‫قلما يلبث حتى يقيم العشاء‪ ،‬فيصليهما ركعتين‪ ،‬ثم يسلم ‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫رابعاً‪ :‬أن يدوم سفره إلى تلبسه إلغغى تلبسغغه بالثانيغغة‪ ،‬أي فل يضغغر أن‬
‫يصل إلى بلده أثناءها‪.‬‬
‫شروط جمع التأخير‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أن ينوي جمع الولى تأخيرا ً خلل وقتها الصلي‪ ،‬فلغغو خغغرج وقغغت‬
‫الظهر وهو لم ينو جمعها مع العصر تأخيرًا‪ ،‬أصبحت متعلقة بذمته علغغى‬
‫وجه القضاء‪ ،‬وأثم في التأخير‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن يدوم سفره إلى أن يفرغ من الصغغلتين مع غًا‪ ،‬فلغغو أقغغام قبغغل‬
‫الفراغ النهائي منهما أصبحت المؤخرة قضاء‪.‬‬
‫ول يرد هنا شغغرط الغغترتيب بينهمغغا‪ ،‬بغغل يبغغدأ بمغغا شغغاء منهمغغا‪ ،‬كمغغا أن‬
‫الموالة بينهما غ هنا غ سنة وليست شرطا ً لصحة الجمع‪.‬‬
‫شروط السفر الذي يباح فيه القصر والجمع‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن يكون السفر طويل ً تبلغ مسغغافته ‪ 81‬كغغم فصغغاعدًا‪،‬‬
‫فل يعتد بالسفر الذي يكون دون ذلك‪.‬‬
‫روى البخاري تعليقا ً في )تقصير الصلة‪ ،‬باب‪ :‬في كغغم تقصغغر الصغغلة(‪:‬‬
‫وكان ابن عمر وابن عباس رضغغي اللغغه عنهمغغا يقصغغران ويفطغغران فغغي‬
‫أربعة برد‪ ،‬وهي ستة عشر فرسغغخًا‪ ،‬وتسغغاوي ‪ 81‬كغغم تقريب غًا‪ .‬ومثلهمغغا‬
‫يفعلن توفيقًا‪ ،‬أي بعلم عن النبي ‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬أن يكون السفر إلى جهة معينغغة مقصغغورة بغغذاتها‪ ،‬فل‬
‫يعتد بسفر رجل هائم على وجهه ليست له وجهة معينة‪ ،‬ول بسغغفر مغغن‬
‫يتبع قائده مثل ً وهو ل يغدري أيغن يغذهب بغه‪ .‬وهغذا قبغل بلغوغه مسغافة‬
‫السفر الطويل‪ ،‬فإن قطعها قصر‪ ،‬لتيقن طول السفر‪.‬‬
‫الشللرط الثللالث‪ :‬أن ل يكغغون الغغغرض مغغن السغغفر الوصغغول إلغغى أي‬
‫معصية‪ ،‬فإن كان كذلك لم يعتد بذلك السفر أيضًا‪ ،‬كمن يسغغافر ليتغغاجر‬
‫بخمر أو لي َُرابغغي أو ليقطغغع طريقغًا‪ ،‬لن القصغغر رخصغغة‪ ،‬والرخصغغة إنمغغا‬
‫شرعت للمانة‪ ،‬ولذلك ل تناط بالمعاصي‪ ،‬أي ل تتعلق بما فيه معصية‪.‬‬
‫* الجمع بين الصلتين في المطر‪:‬‬
‫يجوز الجمع بين صلتين تقديما ً في المطر‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(518‬ومسلم )‪ ،(705‬عن ابن عباس ‪ :‬أن النغغبي ‪‬‬
‫صلى بالمدينة سغغبعا ً وثمانيغًا‪ :‬الظهغغر والعصغغر‪ ،‬والمغغغرب والعشغغاء‪ .‬زاد‬
‫مسلم‪ :‬من غير خوف ول سفر‪ .‬وعند البخاري‪ :‬فقال أيوب غغغ أحغغد رواة‬
‫سغغى‪ .‬وعنغغد مسغغلم‪ :‬قغغال ابغغن‬‫الحديث غ‪ :‬لعله في ليلة مطيرة؟ قال‪ :‬ع َ َ‬
‫رج أحدا ً من أمته‪.‬‬ ‫ح ِ‬
‫عباس رضي الله عنهما‪ :‬أراد أن ل ي ُ ْ‬
‫ول يجوز جمعهما في وقغغت الثانيغغة‪ ،‬لنغغه ربمغغا انقطغغع المطغغر‪ ،‬فيكغغون‬
‫أخرج الصلة عن وقتها بغير عذر‪.‬‬
‫ويشترط لهذا الجمع الشروط التالية‪:‬‬
‫ً‬
‫‪1‬غ أن تكون الصلة جماعة بمسجد بعيد عرفا‪ ،‬يتغغأذى المسغغلم بغغالمطر‬
‫في طريقه إليه‬

‫‪111‬‬
‫‪2‬غ استدامة المطر أول الصلتين‪ ،‬وعند السلم من الولى‪.‬‬

‫*****‬

‫خلوف‬ ‫صل َ‬
‫لة ال َ‬ ‫َ‬
‫معناها والصل في مشروعيتها‪:‬‬
‫الخوف ضد المن‪ ،‬والمقصود بصلة الخغغوف‪ :‬الصغغلة الغغتي تغغؤدي فغغي‬
‫ظروف القتال مع العدو‪ ،‬إذ تختص برخص وتسهيلت غ ل سيما بالنسغغبة‬
‫للجماعة غ ل توجد الصلوات الخرى‪.‬‬
‫والصل في مشروعيتها‪ :‬آيات وأحاديث تأتي في بيان حالتها وكيفيتها‪.‬‬
‫حالتها‪:‬‬
‫لصلة الخوف حالتان حسب حالة القتال‪:‬‬
‫الحالة الولى‪:‬‬
‫حالة المرابطة والحراسة وعدم التحام القتال‪ :‬وفي هغغذه الحالغغة تأخغغذ‬
‫الصلة شغغكل ً معينغًا‪ ،‬ويختلغغف بعغغض الشغغيء عغغن الصغغلة فغغي صغغورتها‬
‫العامغة‪ ،‬بسغبب حغرص المسغلمين علغى أدائهغا جماعغة‪ ،‬خلغف إمغامهم‬
‫العظم أو قائدهم العلى‪ ،‬أو من ينوب منابه في إدارة القتال‪.‬‬
‫ل على مشغغروعيتها فغغي هغغذه الحالغغة قغغوله تعغغالى‪ :‬وإذا كنغغت‬ ‫وقد د ّ‬
‫فيهم فأقمت لهم الصلة فلتقم طائفة منهغغم معغغك وليأخغغذوا أسغغلحتهم‬
‫فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفغغة أخغغرى لغغم يصغغلوا معغغك‬
‫وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لغغو تغفلغغون عغغن أسغغلحتكم‬
‫وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ول جناح عليكم إن كان بكغغم أذى‬
‫من مطر أو كنتم مرضى أن تضغغعوا أسغغلحتكم وخغغذوا حغغذركم إن اللغغه‬
‫أعد للكافرين عذابا مهينا ً ‪] ‬النساء‪.[102:‬‬
‫)فغغإذا سغغجدوا‪ :‬أي أتغغم الغغذين معغغك صغغلتهم‪ ،‬فليغغذهبوا وليحرسغغوكم‪.‬‬
‫فيميلون‪ :‬فيحملون‪ .‬جناح حرج وإثم(‪.‬‬
‫ولهذه الصورة التي ذكرتها الية لصلة الخوف كيفيتغغان غغ بينهغغا رسغغول‬
‫الله ‪ ‬بفعله غ تختلفغان بحسغغب اختلف موقغع العغدو مغن المسغلمين‪،‬‬
‫وكونه في جهة القبلة أم في غير جهتها‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫الكيفية الولى‪:‬‬
‫وهي عندما يكون العدو رابضا ً في جهة القبلة والقتال غير ملتحم‪ :‬فغغإذا‬
‫أراد الجنود أن يصلوا جماعة‪ ،‬ولم يرغبوا أن يجغغزئوا صغغلتهم إلغغى عغغدة‬
‫جماعات‪ ،‬تحقيقا ً لفضيلة الجماعغغة الواحغغدة الكغغبرى‪ ،‬فليرتبهغغم إمغغامهم‬
‫صفين أو أربعا ً أو أكثر‪ ،‬ويصلي بهغغم‪ ،‬فغغإذا سغغجد فليسغغجد معغغه الصغغف‬
‫الذي يليه فقط إن كان المصلون صغغفين‪ ،‬أو الصغغفان اللغغذان يليغغانه إن‬
‫كانوا أربعغغة صغغفوف‪ ،‬وهكغغذا‪ ،‬وليقغغف البغغاقون يحرسغغون إخغغوانهم مغغن‬
‫إمامهم في قيام الركعة الثانية‪ ،‬فإذا سجد المام لركعة الثانية تبعه مغغن‬
‫تخلف في الولى‪ ،‬وتخلف المتبعون له إذ ذاك‪ ،‬ثغغم يتلحغغق الجميغغع فغغي‬
‫جلوس التشهد ويسلمون جميعًا‪.‬‬
‫وهذه الكيفية هي التي صلى بهغغا رسغغول اللغغه ‪ ‬فغغي غغغزوة مغغن‬
‫غزواته‪ ،‬وهي عزوة عسفان‪ ،‬فكانت سنة في كل حالة تشبهها‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (902‬عن ابن عباس رضي الله عنهمغغا قغغال‪ :‬قغغام‬
‫س منهغغم‪ ،‬ثغغم‬‫النبي ‪ ‬وقام الناس معه‪ ،‬فكغغبر وكب ّغغروا معغغه‪ ،‬وركغغع نغغا ٌ‬
‫سغغجد وسغغجدوا منغغه‪ ،‬ثغغم قغغام للثانيغغة فقغغام الغغذين سغغجدوا وحرسغغوا‬
‫لخوانهم‪ ،‬وأتت الطائفة الخرى‪ ،‬فركعغغوا وسغغجدوا معغه والنغغاس كلهغغم‬
‫في صلة‪ ،‬ولكن يحرس بعضهم بعضًا‪.‬‬
‫الكيفية الثانية‪:‬‬
‫وهي عندما يكون العدو منتشرا ً في غير جهة القبلغغة والقتغغال غيغغر‬
‫ملتحم‪ ،‬والكيفية المندوبة للصلة في هذه الحالة هي‪:‬‬
‫‪1‬غ ينقسم المصلون إلى فرقتين‪ ،‬تقف واحدة في وجه العدو‬
‫ترقبه وتحرس المسلمين‪ ،‬وتغغذهب الخغغرى لتغغؤدي الصغغلة جماعغغة مغغع‬
‫المام‪.‬‬
‫‪2‬غ يصلي المام بهذه الفرقة الثانية ركعة‪ ،‬فإذا قام للثانية فغغارقته‬
‫وأتمت الركعة الثانية بانفراد‪ ،‬وذهبوا إلى حيث ترابط الفرقة الولى‪.‬‬
‫‪3‬غ تأتي الفرقة الولى فتقتدي بالمام غ غ وينبغغغي أن يطيغغل قيغغامه‬
‫في الركعة الثانية ريثما تلحق به هذه الفرقة غ فيصلي بها المام الركعة‬
‫الثانية التي هي الولى فغغي حقهغغم‪ ،‬فغغإذا جلغغس للتشغغهد قغغاموا فغغأتموا‬
‫الركعة الثانية‪ ،‬ثم لحقوا به وهو ل يزال في التشهد‪ ،‬فيسلم بهم‪.‬‬
‫وهغغذه الكيفيغغة فغغي صغغفة صغغلة رسغغول اللغغه ‪ ‬فغغي غغغزوة ذات‬
‫الرقاع‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(3900‬مسغغلم )‪ ،(842‬وغيرهمغغا‪ ،‬عغغن صغغالح بغغن‬
‫وات عمن شهد رسول الله ‪ ‬صلى يوم ذات الرقاع صغغلة الخغغوف‪:‬‬ ‫خ ّ‬
‫أن طائفة صفت معه‪ ،‬وطائفة ُوجاه العدو‪ ،‬فصلى بالتي معه ركعغغة‪ ،‬ثغغم‬
‫ثبت قائمًا‪ ،‬وأتموا لنفسهم ثم انصغغرفوا‪ ،‬فصغغفوا وجغغاء العغغدو‪ ،‬وجغغاءت‬
‫الطائفة الخرى فصلى بهغغم الركعغغة الغغتي بقيغغت مغغن صغغلته‪ ،‬ثغغم ثبغغت‬
‫جالسًا‪ ،‬وأتموا لنفسهم ثم سلم بهم‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫وأنت ترى أن في أداء الصلة على هاتين الكيفيتين غ والمسغغلمون‬
‫في مواجهة العدو غ صورة من صغور المحافظغة علغغى الصغلة بجماعغغة‪،‬‬
‫والمحافظغغة علغغى حراسغغة المسغغلمين‪ ،‬والتنبغغه للعغغدو والصغغحو إلغغى‬
‫مكايدهم‪.‬‬
‫ومزيتهغغا الكغغبرى التأسغغي برسغغول اللغغه ‪ ،‬واكتسغغاب أجغغر أداء‬
‫الجميع صلتهم في جماعة واحدة‪ ،‬مع الخليفة أو المام الكبر‪ ،‬أو القائد‬
‫في ميادين القتال‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪:‬‬
‫وهي عندما يلتحم القتال مع العدو وتتداخل الصفوف ويشتد الخوف‪.‬‬
‫ول توجد كيفية محددة للصلة في هذه الحالة‪ ،‬بل يصلي كل منهم على‬
‫النحو الذي يستطيع‪ ،‬راجل ً أو راكبًا‪ ،‬ماشيا ً أو واقف غًا‪ ،‬مسغغتقبل ً القبلغغة أو‬
‫منحرف غا ً عنهغغا‪ ،‬ويركغغع ويسغغجد بإيمغغاء‪ ،‬أي بتحريغغك رأسغغه مشغغيرا ً إلغغى‬
‫الركوع والسجود‪ ،‬ويجعل إيماء السغغجود أبلغغغ مغغن إيمغغاءة الركغغوع‪ .‬وإن‬
‫أمكن اقتداء بعضهم ببعض وصلتهم جماعغغة فهغغو أفضغغل‪ ،‬وإن اختلفغغت‬
‫جهاتهم‪ ،‬أو تقدم المأموم على المام‪.‬‬
‫قال تعالى‪ :‬حافظوا على الصلوات والصغغلة الوسغغطى وقومغغوا‬
‫لله قانتين فغغإن خفتغغم فرجغغال ً أو ركبانغا ً فغغإذا أمنتغغم فغغاذكروا اللغغه كمغغا‬
‫علمكم ما لم تكونوا تعلمون‪] ‬البقرة‪.[238:‬‬
‫]الوسطى‪ :‬صغغلة العصغغر‪ .‬قغغانتين‪ :‬خاشغغعين‪ .‬كمغغا علمكغغم‪ :‬أي أعمغغال‬
‫الصلة[‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(4261‬عن ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬في وصفه صلة‬
‫الخوف وبعد ذكره الكيفيغتين السغابقتين‪ ،‬قغال‪ :‬وبعغد فغإن كغان وصغفه‬
‫خوف هو أشد مغن ذلغك‪ ،‬صغلوا رجغال ً قيامغا ً علغى أقغدامهم‪ ،‬أو ركبانغًا‪،‬‬
‫مسغغتقبلي القبلغغة‪ ،‬أو غيغغر مسغغتقبليها‪ .‬قغغال مالغغك‪ :‬قغغال نغغافع‪ :‬ل أرى‬
‫عبدالله بن عمر ذكر ذلك إل عن رسول الله ‪. e‬‬
‫ل راكبا ً أو قائما‪ ،‬تومئ إيماء‪.‬‬ ‫وعند مسلم )‪ :(839‬فص ً‬
‫وبعذر في هذه الحالة في كل ما يقع منه من حركات تستدعيها ظروف‬
‫القتال‪ ،‬إل أنه ل يعذر في الكلم والصياح‪ ،‬إذ ل ضرورة تسغغتدعي ذلغغك‪،‬‬
‫وإذا أصابته نجاسة ل يعفا عنها كدم ونحوه‪ ،‬صحت صغغلته ووجغغب عليغغه‬
‫القضاء فيما بعد‪:‬‬
‫واعلم أن هذه الصلة يرخص فيها بهذا الشكر عند كغغل قتغغال مشغغروع‪،‬‬
‫وفي كل حالة يكون فيها المكلف في خوف شديد‪ ،‬كما إذا كان فارا ً من‬
‫عدو‪ ،‬أو حيوان مفترس‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫والمنظور إليه في مشروعية هذه الكيفية هو الحفاظ على أداء الصغغلة‬
‫في وقتها المحدد لهغغا‪ ،‬امتثغغال ً لمغغر الشغغارع حيغغث يقغغول‪ ( :‬إن الصغغلة‬
‫كانت على المؤمنين كتابا ً موقوتا ً) ]النساء ‪.[103‬‬
‫حكمة مشروعية صلة الخوف‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫والحكمغغة مغغن مشغغروعية هغغذه الكيفيغغات فغغي الصغغلة التيسغغر علغغى‬
‫المكلف‪ ،‬كي يتمكن من أداء هذه الفريضة‪ ،‬وهغغو أحغغوج مغغا يكغغون إلغغى‬
‫الصلة بالله عز وجل‪ ،‬يستمد منه العون والنصغغرة‪ ،‬وهغغو يقغغارع الكفغغرة‬
‫في ميادين القتال‪ ،‬فيطمئن قلبه بذكر ربه جل وعل‪ ،‬وتزداد ثقته بنصره‬
‫وتأييده‪ ،‬وثبت قغغدمه فغغي أرض المعركغغة‪ ،‬حغغتى ينغغدحر الباطغغل ويكتغغب‬
‫لهل الحق الفوز والفلح‪ ،‬وصدق الله العظيم إذ يقغغول‪( :‬يغغا أيهغغا الغغذين‬
‫آمنوا إذا لقيتم فئة فأثبتوا واذكروا الله كثيرا ً لعلكغغم تفلحغغون) ]النفغغال‪:‬‬
‫‪.[45‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن صلة الخوف‪ ،‬بكيفياتها السغغابقة تمكغغن الجنغغدي‬
‫المسلم من أقامغغة الصغغلة دون حغغرج‪ ،‬مهمغغا اختلفغغت أسغغاليب القتغغال‬
‫وتنغغوعت وسغغائل الحغغرب‪ ،‬علغغى اختلف الزمغغان والمكغغان‪ ،‬ول سغغيما‬
‫المتقاتلة‪ ،‬كما هو الحال في كثير من المواقف القتالية الحديثة‪.‬‬
‫الصلة ل تسقط بأي حال‪:‬‬
‫يتبين مما سغغبق أن الصغغلة ل تسغغقط بحغغال مغغن الحغغوال مهمغغا اشغغتد‬
‫العذر‪ ،‬ما دام التكليف قائمغًا‪ ،‬والحيغغاة مسغغتمرة‪ .‬ولكغغن اللغغه عغغز وجغغل‬
‫رخص في تأخيرها كالجمع بين الصلتين أو قصرها كصغغلة المسغغافر‪ ،‬أو‬
‫التسهيل في كيفية أدائها كصلة الخوف وصلة المريغغض‪ ،‬وذلغغك حسغغب‬
‫السباب والظروف‪.‬‬

‫*****‬

‫عة‬
‫م َ‬ ‫ص َ‬
‫لة الج ُ‬ ‫َ‬
‫مشروعيتها‪:‬‬ ‫•‬
‫صلة الجمعة مشروعة‪ ،‬وهي من الفضائل التي اختص اللغغه تعغغالى بهغغا‬
‫هذه المة التي هديت للفوز بمكرمات هذه اليوم‪.‬‬
‫روى البخغغاري )‪ ،(836‬ومسغغلم)‪ ،(855‬عغغن أبغغي هريغغرة ‪ t‬أنغغه سغغمع‬
‫رسول الله ‪ e‬يقول‪" :‬نحن الخغغرون السغابقون يغوم القيامغة‪ ،‬بيغغد أنهغغم‬
‫أوتوا الكتاب من قبلنا‪ ،‬ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم فغغاختلقوا فيغغه‪،‬‬
‫فهدانا الله‪ ،‬فالناس لنا فيه تبع‪ :‬اليهود غدا ً والنصارى بعد غد"‪.‬‬
‫]الخرون‪ :‬وجودا ً فغغي الغغدنيا‪ .‬السغغابقون‪ :‬فغغي الفصغغل والجغغر ودخغغول‬
‫الجنة‪ .‬بيد‪ :‬غير‪ .‬الكتاب‪ :‬الشريعة السغغماوية‪ .‬هغغذا يغغوم الجمعغغة‪ .‬فغغرض‬
‫عليهم‪ :‬أن يتقربوا إلى الله تعالى فيه[‪.‬‬
‫وقد فرضت بمكة قبيل الهجرة‪ ،‬إل أنها لم تقم في مكة لضغغعف أسغغعد‬
‫بن زرارة ‪ .t‬روى ذلك أبو داود )‪ (1069‬وغيره‪ ،‬من كعب بن مالك ‪.t‬‬
‫دليل مشروعيها‬ ‫•‬

‫‪115‬‬
‫ل على مشروعيتها الجمعة ووجوبها قوله تعالى‪( :‬يا أيهغا الغغذين آمنغوا‬ ‫د ّ‬
‫إذا نودي إلى للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللغغه ودروا الغغبيع‬
‫ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) ]الجمعة‪.[9:‬‬
‫وأحاديث كثيرة منها‪ :‬ما رواه أبو داود )‪ ،(1067‬عن طارق بغغن شغغهاب‬
‫‪ ،t‬عن النبي ‪ e‬قال‪" :‬الجمعة حق واجب على كل مسلم‪"...‬‬
‫وما رواه مسلم )‪ (865‬وغيره‪ ،‬عن أبي هريرة وابغغن عمغغر رضغغي اللغغه‬
‫عنهما‪ ،‬أنهما سمعا النبي ‪ e‬يقول على أعواد منبره‪" :‬لينتهين أقوام عغغن‬
‫ودعهغغم الجمعغغات‪ ،‬أو ليختمغغن اللغغه علغغى قلغغوبهم‪ ،‬ثغغم ليكغغونن مغغن‬
‫الغافلين"‪.‬‬
‫]ودعهم‪ :‬تركهم[‪.‬‬
‫الحكمة من مشروعيتها‪:‬‬ ‫•‬
‫لمشروعية صلة الجمعة حكم وفوائد كثيرة‪ ،‬ل مجال لستقصغغائها فغغي‬
‫هذا المكان‪ ،‬ومغغن أهمهغغا تلقغغي المسغغلمين علغغى مسغغتوى جميغغع أهغغل‬
‫البلدة‪ ،‬في مكان واحد غ هو المسجد الجامع غ مرة كل أسغغبوع‪ ،‬يلتقغغون‬
‫على نصيحة تجمع شمالهم وتزيدهم وحدة وتضغغامنًا‪ ،‬كمغغا تزيغغدهم ألفغغة‬
‫وتعارفا ً وتعاونًا‪ ،‬وتجعلهم واعين متنبهين للحداث التي تجد مغغن حغغولهم‬
‫كل أسبوع‪ ،‬وتشغدهم إلغى إمغامهم العظغم الغذي ينبغغي أن يكغون هغو‬
‫الخطيب فيهغم‪ ،‬والغواعظ لهغم‪ .‬فهغي إذا ً مغؤتمر أسغبوعي يتلقغى فيغه‬
‫المسغغلمون صغغفا ً واحغغدًا‪ ،‬وراء قغغائدهم الغغذي هغغو إمغغامهم وخطيبهغغم‬
‫فيه‪.‬ولذلك أكثر الشارع من الحث على حضغغورها‪ ،‬والتحغغذير مغغن تركهغغا‬
‫والتهاون في شانها‪ ،‬وقد مر بك شيء من هذا‪ ،‬وسيأتي بعض منها فيما‬
‫يلي من كلم‪ ،‬وحسبنا في هذا قوله ‪" : e‬من ترك ثلث جمع تهاونا ً طبع‬
‫الله على قلبه"‪.‬‬
‫شروط وجوبها‪:‬‬ ‫•‬
‫تجب صلة الجمعة على من وجدت فيه الشروط السبعة التالية‪:‬‬
‫الول ل السلم‪:‬‬
‫فل تجب وجوب مطالبة فغغي الغغدنيا علغغى الكغغافر‪ ،‬إذ هغغو مطغغالب فيهغغا‬
‫بأساس العبادات والطاعات كلها أل وهو السلم‪ ،‬أمغغا فغغي الخغغرة فهغغو‬
‫مطالب بها بمعنى أنه يعاقب عليها‪.‬‬
‫الثاني ل البلوغ‪:‬‬
‫فل تجب على الصبي لنه غير مكلف‪.‬‬
‫الثالث ل العقل‪:‬‬
‫إذ المجنون غير مكلف أيضًا‪.‬‬
‫الرابع ل الحرية الكاملة‪:‬‬
‫فل تجب صلة الجمعة على الرقيق‪ ،‬لنه مشغول بحق سغغيده‪ ،‬فكغغان‬
‫مانعا ً عن وجوبها في حقه‪.‬‬
‫الخامس ل الذكورة‪:‬‬

‫‪116‬‬
‫فل تجب على النساء‪ ،‬لنشغالهن في الولد وشؤون البيت‪ ،‬وحصغغول‬
‫المشقة لهن بوجوب الحضور في وقت مخصوص ومكان معين‪.‬‬
‫السادس ل الصحة الجسمية‪:‬‬
‫فل تجب على المريض الذي يتألم بحضور المسجد أو بانحباسغغه فيغغه‬
‫إلى انقضاء الصلة‪ ،‬أو الذي يزداد مرضه شدة بحضوره‪ ،‬أو يزداد طغغول ً‬
‫بأن يتأخر برؤه‪ ،‬ويلحغق بغالمريض الشغخص الغذي مرضغه ويخغدمه‪ ،‬ول‬
‫يوجد من يقوم مقامه خلل ذهابه إلى الصلة‪ ،‬مع حاجغغة المغغرض إليغغه‪،‬‬
‫سواء كان الممرض قريبا ً أم ل‪ ،‬فل تجب عليه صلة الجمعة‪.‬‬
‫السابع ل القامة بمحل الجمعة‪:‬‬
‫فل تجب على مسافر سفرا ً مباحا ً ولو قصيرًا‪ ،‬إذا كان قد بغغدأ سغغفره‬
‫قبل فجر يوم الجمعة‪ ،‬وكان ل يسمع في المكان الغغذي هغغو فيغغه صغغوب‬
‫الذان من بلدته التي سافر منها‪ .‬وكذلك المستوطن في محغغل ل تصغغح‬
‫فيه الجمعة‪ ،‬كقرية ليس فيها أربعون مستوطنون خغغالون مغغن العغغذار‪،‬‬
‫إذا لم يسمع صوت الذان من الطرف الذي يلي القرية من بلد الجمعغغة‬
‫إلى الطرف الذي يقابله من القرية‪.‬‬
‫ل على هذه الشروط قوله ‪" :e‬الجمعة حق واجب على كل مسلم‬ ‫ود ّ‬
‫في جماعة إل أربعة‪ :‬عبد مملوك‪ ،‬أو امرأة‪ ،‬أو صبي‪ ،‬أو مريغغض" ]رواه‬
‫أبو داود‪.[1067:‬‬
‫وخبر الدارقطني )‪ (2/3‬وغيره‪ ،‬عن النبي ‪" :e‬مغغن كغغان يغغؤمن بغغالله‬
‫واليوم الخر فعليه الجمعة إل امرأة ومسافر وعبدا ً ومريضًا"‪.‬‬
‫ولحديث أبي داود )‪ " :(1056‬الجمعة على كل من سمع النغغداء"‪ .‬أي‬
‫الذان‪.‬‬
‫شرائط صحتها‪:‬‬ ‫•‬
‫فإذا توفرت هذه الشروط السبعة‪ ،‬وجبت صلة الجمعة‪ ،‬إل أنها ل تصح‬
‫إل بشروط أربعة‪:‬‬
‫الشرط الول‪:‬‬
‫أن تقام في خطة أبنية‪ ،‬سواء كانت هذه الخطغغة ضغغمن أبنيغغة بلغغدة‪ ،‬أو‬
‫قرية يستوطنها ما ل يقغغل عغغن أربعيغغن رجل ً ممغغن نجغغب عليهغغم صغغلة‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫ض وحاكم‪ ،‬وكان فيغغه أسغغواق للغغبيع‬ ‫والمقصود بالبلدة‪ :‬ما اجتمع فيه قا ٍ‬
‫والشراء‪ .‬والمقصود بالقرية‪ :‬ما لم يوجد فيه ذلك‪.‬‬
‫فل تصح صلة الجمعة في الصحراء وبين الخيام‪ ،‬ول في قريغغة ل يوجغغد‬
‫فيها أربعون رجل ً تجب في حقهم صلة الجمعة‪ .‬فإن سمعوا الذان مغغن‬
‫البلدة المجاورة لهغغم‪ ،‬وجغغب عليهغغم الخغغروج إليهغغا لصغغلة الجمعغغة‪ ،‬وإل‬
‫سقطت عنهم‪ ،‬كما ذكرنا ذلك عند الحدوث فغغي شغغروط وجغغوب صغغلة‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫ودليل هذا الشرط ‪ :‬أنها لم تقم في عصر النبي ‪. r‬‬

‫‪117‬‬
‫الشرط الثاني‪:‬‬
‫أن ل يقل العدد الذي تقام به صلة الجمعة عن أربعيغغن رجل ً مغغن أهغغل‬
‫الجمعة‪ ،‬أي ممن تنعقد بهم‪ ،‬وهم الذكور البالغون المستوطنون‪.‬‬
‫لما رواه البيهقي)‪ ،(1/177‬عن جابر عم عبدالله ‪ t‬قغغال‪ :‬مضغغت السغغنة‬
‫أن في كل أربعين فما فوق ذلك جمعة‪ .‬وجاء في حديث كعب بن مالك‬
‫‪ ،t‬وكانوا يومئذ أربعين‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪:‬‬
‫أن تقام في وقت الظهر‪ ،‬فلو ضغغاق وقغغت الظهغغر عنهغغا‪ ،‬بغغأن لغغم يبغغق‬
‫الجمعغغة‪ ،‬فخغغرج وقغغت الظهغغر وهغغم فيهغغا‪ ،‬قلوبهغغا ظهغغرا ً وأتموهغغا أربغغع‬
‫ركعات‪.‬‬
‫دل على هذا فعله ‪ r‬لها في هذا الوقت ‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(862‬عن أنس ‪ : t‬أن النبي ‪ r‬كان يصلي الجمعة حيغغن‬
‫تميل الشمس‪ .‬أي إلى الغرب وهو الزوال‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪(3935‬؛ ومسلم )‪ ،(860‬علن سلمة بن الكوع ‪ t‬قال‪:‬‬
‫كنا نصلي مع النبي ‪ r‬الجمعة‪ ،‬ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نسغغتظل‬
‫فيه‪.‬‬
‫وعن سهل بن سغغعد ‪ t‬قغغال‪ :‬مغا كنغغا نقبغغل ول نتغغغذى إل بعغغد الجمعغغة‪.‬‬
‫)رواه البخاري‪897:‬؛ومسلم‪. (859 :‬‬
‫] نقبل‪ :‬من القيلولة وهي النوم عند الظهيرة للستراحة‪ .‬نتغدى‪ :‬نتناول‬
‫طعام الغداء[‪.‬‬
‫فالحاديث تدل على أنه ‪ r‬ما كان يصليها إل في وقت الظهر‪ ،‬بل وفغغي‬
‫أول الوقت ‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪:‬‬
‫أن ل تعدد الجمعة في بلد واحد طالما كغغان ذلغغك ممكنغًا‪ ،‬بغغل يجغغب أن‬
‫يجتمع أهل البلدة الواحدة فغغي مكغغان واحغغد‪ ،‬فغغإن كغغثر النغغاس‪ ،‬وضغغاق‬
‫المكان الواحد عن استيعابهم جاز التعدد بقدر الحاجة فقط‪.‬‬
‫فلو تعددت الجمعات في البلدة الواحدة بدون حاجة‪ ،‬لم يصغغح منهغغا إل‬
‫أسبقها‪ ،‬والعبرة بالسبق البغغداءة ل النتهغغاء‪ ،‬فالجمعغغة الغغتي بغغدأ إمامهغغا‬
‫ل‪ ،‬هي الجمعة الصحيحة‪ ،‬ويعتغغبر أصغغحاب الجمعغغات الخغغرى‬ ‫بالصلة قب ً‬
‫مقصرين إذا انفردوا بجمعات متعددة‪،‬ولم يلتقوا جميعا ً فغغي أول جمعغغة‬
‫بدأت في البلغغدة‪ ،‬فتكغغون جمعغغاتهم لغغذلك باطلغغة ويصغغلون فغغي مكانهغا‬
‫ظهرًا‪.‬‬
‫فإن لم تعلم الجمعة السابقة فالكل باطغغل‪ ،‬ويسغغتأنفون جمعغغة جديغغدة‬
‫في مكان واحد إن أمكن ذلك واتسع الوقت‪ ،‬وإل صغغلى الجميغغع ظهغغرًا‪،‬‬
‫جبرا ً للخلل‪ ،‬بل تداركا ً للبطلن‪.‬‬
‫ودليل هذا الشرط‪:‬‬

‫‪118‬‬
‫إن الجمعغغة لغغم تقغغم فغغي عصغغر النغغبي ‪ r‬والخلفغغاء الراشغغدين وعصغغر‬
‫التابعين‪ ،‬إل في موضع واحد من البلغغدة‪ ،‬فقغغد كغغان فغغي البلغغدة مسغغجد‬
‫كبير يسمى المسجد الجامع‪ ،‬أي الذي تصلى فيه الجمعة‪ ،‬أما المسغغاجد‬
‫الخرى فقد كانت مصليات للوقات الخمسة الخرى‪.‬‬
‫روى البخاري)‪(860‬؛ ومسلم)‪ ،(847‬عن عائشة رضي الله عنها قالت‪:‬‬
‫كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي‪...‬‬
‫] ينتابون‪ :‬يأتون مرة بعد مرة ‪ .‬العوالي‪ :‬مواضع شرق المدينة‪.‬‬
‫أقربها على بعد أربعة أميال أو ثلثة من المدينة[‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ ،(852‬عن ابن عباس رضي اللغغه عنهمغغا أنغغه قغغال‪ :‬إن‬
‫أول جمعة جمعغت بعغد جمعغة فغي مسغجد رسغول اللغه ‪ r‬فغي مسغجد‬
‫عبدالقيس‪ ،‬بجواثي من البحرين‪.‬‬
‫والحكمة من هذا الشغغرط‪ :‬أن النتصغغار علغغى مكغان واحغغد أفضغغى إلغغى‬
‫المقصود‪ ،‬وهو إظهار شغغعار الجتمغغاع وتوحيغغد الكلمغغة‪ ،‬بغغل التنغغاثر فغغي‬
‫أماكن متفرقة بدون حاجة ربما هيأ أسباب الفرقة والشقاق‪.‬‬
‫• فرائض الجمعة‪:‬‬
‫تتكون شعيرة الجمعة من فرضين‪ ،‬هما أساس هغغذه الركغغن‬ ‫‪o‬‬
‫السلمي العظيم‪.‬‬
‫الفريضة الولى – خطبتان‪ ،‬أولهما شروط هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يقللوم الخطيللب فيهمللا إن اسللتطاع ‪ ،‬ويفصللل بينهمللا‬
‫بجلوس‪:‬‬
‫وذلك لما رواه مسلم في صحيحه عن جغغابر بغغن سغغمرة ‪ t‬أنغغه ‪ r‬كغغان‬
‫يخطب خطبتين يجلس بينهما‪ ،‬وكان يخطب قائمًا‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪(878‬ومسلم)‪ (861‬عغغن ابغغن عمغغر رضغغي اللغغه عنهمغغا‬
‫قال‪ :‬كان النبي ‪ r‬يخطب قائما ً ثم يقعد‪ ،‬ثم يقوم كما تفعلون الن‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ل تؤخر عن الصلة‪:‬‬
‫وذلغغك للتبغغاع المعلغغوم مغغن مجمغغوع الحغغاديث الغغواردة فغغي الجمعغغة‪،‬‬
‫ولجماع المسلمين على ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -3‬أن يكون الخطيب طاهرا من الحدثين الصغر والكللبر‪ ،‬ومللن‬
‫نجاسة غير معفو عنها في ثوبه وبدنه ومكانه‪ ،‬وأن يكللون سللاتر‬
‫العورة‪:‬‬
‫إذ الخطبة كالصلة‪ ،‬ولغغذلك كغغانت الخطبتغغان عوض غا ً عغغن ركعغغتين مغغن‬
‫فريضة الظهر‪ ،‬فاشترط لها ما يشترط للصلة من الطهارة ونحوها‪.‬‬
‫‪ -4‬أن تتلى أركان الخطبة باللغة العربية‪:‬‬
‫على الخطيب أن يخطب باللغة العربية وإن لم يفهمها الحاضغغرون فغغإن‬
‫لم يكن ثمة من يعلم العربية‪ ،‬ومضى زمغغن أمكغغن خللغغه تعلمهغغا أثمغغوا‬
‫جميعًا‪ ،‬ول جمعة لهم‪ ،‬بل يصلونها ظهرًا‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫أما إذا لم تمض مدة يمكن تعلم العربيغغة خللهغغا‪ ،‬ترجغغم أركغغان الخطبغغة‬
‫باللغة التي يشاء‪ ،‬وصحت بذلك الجمعة‪.‬‬
‫‪ -5‬الموالة بيللن أركللان الخطبللة‪ ،‬وبيللن الخطبللتين الولللى‬
‫والثانية‪ ،‬وبين الثانية والصلة‪:‬‬
‫فلو وقع فاصل طويل في العرف بين الخطبغغة الولغغى والثانيغغة‪ ،‬أو بيغغن‬
‫مجموع الخطبتين والصلة‪ ،‬لم تصح الخطبة‪ ،‬فإن أمكغغن تغغداركها وجغغب‬
‫ذلك‪ ،‬وإل انقلبت الجمعة ظهرًا‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يسمع أركان الخطبتين أربعون من تنعقد بهم‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫ً‬
‫* ثم إن للخطبتين أركانا هي‪:‬‬
‫‪ -1‬حمد الله تعالى‪ ،‬بأي صيغة كان‪.‬‬
‫‪ -2‬الصلة على النبي ‪ r‬بأي صيغة من الصلوات‪.‬‬
‫بشرط أن يذكر اسمه الصريح‪ :‬كالنبي أو الرسول أو محمغغد‪ ،‬فل يكفغغي‬
‫ذكر الضمير بدل ً من السم الصريح‪.‬‬
‫‪ -3‬الوصية بالتقوى‪ ،‬بأي اللفاظ والساليب كانت‪:‬‬
‫فهذه الركان الثلثة أركان لكل الخطبتين‪،‬ل يصح كل منهما إل بها‪.‬‬
‫‪ -4‬قراءة آية من القرآن في إحدى الخطبتين‪:‬‬
‫ويشترط أن تكون الية مفهمة وواضحة المعنغغى‪ ،‬فل يكفغغي قغغراءة آيغغة‬
‫من الحروف المنقطة أوائل السور‪.‬‬
‫‪ -5‬الدعاء للمؤمنين في الخطبللة الثانيللة‪ ،‬بمللا يقللع عليلله اسللم‬
‫الدعاء عرفًا‪.‬‬

‫الفريضة الثانية – صلة ركعتين في جماعة‪:‬‬


‫روى النسائي )‪ ،(3/111‬عن عمر ‪ t‬قال‪ :‬صلة الجمعغغة ركعتغغان‪..‬علغغى‬
‫لسان محمد ‪. r‬‬
‫وجاء حديث أبي داود السابق‪" :‬الجمعة حق واجب على كل مسلم في‬
‫جماعة‪ "..‬وعلى ذلك انعقد الجماع‪.‬‬
‫وإنما يشترط إدراك الجماعة بركعة واحدة منها‪ ،‬فإن أدركها صحت وإل‬
‫وجب تحويلها ظهرًا‪ .‬ويجب أن ل يقل المقتدون عن أربعين ممن تنعقغغد‬
‫بهم صلة الجمعة‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬لو جاء مسبوق فاقتدى بالمام فغغي الركعغغة الثانيغغة‪ ،‬أدركغغه‬
‫بعد القيام من ركوع الركعة الثانية‪ ،‬لم تقع صلة جمعة‪ ،‬وإنمغغا يتغغم بعغغد‬
‫سلم إمامه ظهرًا‪.‬‬
‫وعلى ذلك أيضًا‪ ،‬لو اقتدى المصلون المغغام فغغي الجمعغغة‪ ،‬وأتمغغوا معغغه‬
‫ركعة‪ ،‬ثم طرأ سبب اقتضى مفارقة المصلين أو بعضهم للمام‪ ،‬وإتمغغام‬
‫كل منهم صلته لنفسه مفردًا‪ ،‬فإن جمعتهم صحيحة‪ .‬أمغغا لغغو طغغرأ هغغذا‬

‫‪120‬‬
‫السبب قبل انتهاء الركعة الولى‪ ،‬فإن صغغلتهم ل تصغغح جمعغغة‪ ،‬وتنقلغغب‬
‫في حقهم ظهرًا‪.‬‬
‫ودليل ما سبق ما رواه النسائي وابن ماجه والدارقطني عن ابغغن عمغغر‬
‫رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله ‪" :r‬مغغن أدرك ركعغغة مغغن صغغلة‬
‫الجمعة وغيرها‪ ،‬فليضف إليها أخرى‪ ،‬وقد تمت صلته"‪.‬‬
‫آداب الجمعة وهيئاتها‪:‬‬ ‫•‬
‫ليوم الجمعة وصلتها آداب مسنونة‪ ،‬ينبغي الهتمام بهغغا والغغدأب عليهغغا‪،‬‬
‫وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الغسل‪:‬‬
‫لخبر‪" :‬إذا جغغاء أحغغدكم إلغغى الجمعغغة فليغتسغغل"‪).‬رواه البخغغاري‪387:‬؛‬
‫ومسلم‪.(844:‬‬
‫وإنما صرف المر هنا عن الوجوب إلى الستحباب للحغغديث الغغذي رواه‬
‫الترمذي‪" :‬من توضأ يوم الجمعة فبهغغا ونعمغغت‪ ،‬ومغغن أغتسغغل فالغسغغل‬
‫أفضل" ‪.‬‬
‫]فبها ونعمت‪ :‬أي فبالسنة عمل‪ ،‬ونعمت السنة[‪.‬‬
‫‪ -2‬تنظيللف الجسللد مللن الوسللاخ والللروائح الكريهللة والدهللان‬
‫والتطيب‪:‬‬
‫ولذلك لئل يتأذى به أحد من الناس‪ ،‬بل ليألفوه ويسروا باللقاء به‪.‬‬
‫وقد علمت أن من رخص ترك صلة الجمعة أن يكغون قغغد أكغغل ذا ريغغح‬
‫كريه يتأذى به الناس‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(843‬عن سلمان الفارسغغي ‪ t‬قغغال‪ :‬قغغال النغغبي ‪" : r‬ل‬
‫يغتسل رجل يوم الجمعة‪ ،‬ويتطهر مغغا اسغغتطاع مغغن طهغغر‪ ،‬ويغغدهن مغغن‬
‫دهنه أو يمس من طيب بيته‪ ،‬ثم يخرج فل يفرق بين اثنين‪ ،‬ثم يصلي ما‬
‫كتب له‪ ،‬ثم ينصت إذا تكلم المغغام‪ ،‬إل غفغغر لغغه مغغا بينغغه وبيغغن الجمعغغة‬
‫الخرى"‪.‬‬
‫‪ -3‬لبس أحسن الثياب‪:‬‬
‫روى أحمد)‪ ،(3/81‬وغيره‪ ،‬عنه ‪ r‬قال‪" :‬من اغتسغغل يغغوم الجمعغغة‪ ،‬ثغغم‬
‫لبس أحسن ثيابه‪ ،‬ومس طيبغا ً إن كغغان عنغغده‪ ،‬ثغغم مشغغى إلغغى الجمعغغة‬
‫وعليه السكينة‪ ،‬ولم يتخط أحدا ً ولغم يغؤذه‪ ،‬ثغم ركغع مغا قضغي لغه‪ ،‬ثغم‬
‫انتظر حتى ينصرف المام‪ ،‬غفر له ما بين الجمعتين" ؟‬
‫والفضل أن تكون الثياب بيضًا‪ ،‬لما رواه الترمغغذي)‪ (994‬وغيغغره‪،‬أنغغه ‪r‬‬
‫قال‪":‬البسوا مغغن ثيغغابكم البيغغاض‪ ،‬فإنهغغا مغغن خيغغر ثيغغابكم وكفنغغوا فيهغغا‬
‫موتاكم" ‪.‬‬
‫‪ -4‬أخذ الظفر وتهذيب الشعر‪:‬‬
‫لخبر البزار في مسغنده‪ :‬أنغه ‪ r‬كغغان يقلغغم أظغغافره ويقغغص شغاربه يغوم‬
‫الجمعة‪.‬‬
‫‪ -5‬التبكير إلى المسجد‪:‬‬

‫‪121‬‬
‫روى البخاري )‪ (841‬ومسلم)‪ ،(850‬عن أبي هريرة ‪ t‬أن رسغغول اللغغه‬
‫‪ r‬قال‪":‬من اغتسل يغوم الجمعغة غسغغل الجنابغة‪ ،‬ثغغم راح فكأنمغغا قغغرب‬
‫بدنة‪ ،‬ومن راح في الساعة الثانيغغة فكأنمغغا قغغرب بقغغرة‪ ،‬ومغغن راح فغغي‬
‫الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ً أقرن‪ ،‬ومن راح فغغي السغغاعة الرابعغغة‬
‫فكأنما قرب دجاجة‪ ،‬ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة‪،‬‬
‫فإذا خرج المام حضرت الملئكة يستمعون الذكر"‪.‬‬
‫]غسل الجنابة‪ :‬أي كغسل الجنابة من حيث الهيئة‪ .‬راح‪ :‬ذهب[‪.‬‬
‫قرب‪ :‬تصدق بها تقربا ً إلى الله تعالى‪ .‬بدنة‪ :‬هي واحدة البل تهدي إلغغى‬
‫بيت الله الحرام‪ .‬أقرن‪ :‬له قرنان‪ ،‬وهو أكمل وأحسن صورة‪ ،‬وقد ينتفع‬
‫بقرنه‪ .‬خرج المام‪ :‬صعد المنبر للخطبغغة‪ .‬الغغذكر‪ :‬الموعظغغة وفيهغغا مغغن‬
‫ذكر الله عز وجل[‪.‬‬
‫‪ -6‬صلة ركعتين عند دخول المسجد‪:‬‬
‫روى مسغغلم)‪ ،(875‬عغغن جغغابر ‪ t‬قغغال‪ :‬قغغال رسغغول اللغغه ‪" : r‬إذا جغغاء‬
‫أحدكم يوم الجمعة‪ ،‬والمام يخطب‪ ،‬فليركع ركعغغتين‪ ،‬وليتجغغوز فيهمغغا"‪.‬‬
‫أي يخففهما مع التيان بهما كاملة الركان والسنن والداب‪.‬‬
‫هغغذا إذا لغغم يبلغغغ الخطيغغب أواخغغر الخطبغغة‪ ،‬وإل فلينظغغر قيغغام الصغغلة‬
‫المكتوبة‪ .‬وتفوت هاتان الركعتان بجلوسه‪ ،‬فإن جلس لم يصح منه بعغغد‬
‫صلة نافلة‪ ،‬بل يجب أن يظغغل جالسغا ً ينصغغت إلغغى الخطبغغة حغغتى تقغغام‬
‫الصلة‪.‬‬
‫‪ -7‬النصات للخطبتين‪:‬‬
‫روى البخغغاري فغغي صغغحيحه)‪ (892‬ومسغغلم)‪ (851‬وغيرهمغغا‪ ،‬عغغن أبغغي‬
‫هريغغرة ‪ ،t‬أن النغغبي ‪ r‬قغغال‪":‬إذا قلغغت لصغغاحبك يغغوم الجمعغغة‪ :‬أنصغغت‪،‬‬
‫والمام يخطب‪ ،‬فقد لغوت"‪ .‬وعند أبي داود )‪ (1051‬من رواية علي ‪:t‬‬
‫"ومن لغا فليس له في جمعته تلغغك شغئ" ‪ .‬أي لغغم يحصغغل لغه الفضغغل‬
‫المطلوب‪ ،‬والثواب المرجو‪.‬‬
‫واللغو‪ :‬هو ما ل يحسن من الكلم‪.‬‬
‫آداب عامة ليوم الجمعة‪:‬‬
‫يوم الجمعة أفضل أيغغام السغغبوع‪ ،‬ولغغن سغغنن وآداب‪ ،‬ينبغغغي أن يكغغون‬
‫المسلم على بينة منها‪ ،‬ليبق منها ما يمكنه تطبيقه‪ ،‬وإليك بعضا ً منها‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬تسن قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة وليلتها‪:‬‬
‫روى النسائي عن أبغغي سغغعيد الخغغدري ‪ ، t‬أن النغغبي ‪ r‬قغغال‪":‬مغغن قغغرأ‬
‫سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين"‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬يسن الكثار من ا لدعاء يومها وليلتها‪:‬‬
‫لما روى البخاري)‪ (893‬ومسغغلم)‪ (852‬أن النغغبي ‪ r‬ذكغغر يغغوم الجمعغغة‬
‫فقال‪ " :‬فيها ساعة ل يوافقها عبد مسلم‪ ،‬وهو قائم يصلي‪ ،‬يسغغأل اللغغه‬
‫تعالى شيئا ً إل أعطغغاه إيغغاه" ‪ .‬وأشغغار بيغغده يقللهغغا‪ ،‬أي يغغبين أنهغغا فغغترة‬
‫قصيرة من الزمن‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫ثالثًا‪ :‬يسن الكثار من الصلة على النبي ‪ r‬فللي يومهللا وليلتهللا‪:‬‬
‫لحديث‪" :‬إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة‪ ،‬فغغأكثروا علغغي مغغن الصغغلة‬
‫فيه‪ ،‬فإن صلتكم معروضة علي"‪).‬رواه أبو داود‪1047 :‬؛ وغيره بأسانيد‬
‫صحيحه(‪.‬‬

‫*****‬

‫‪123‬‬
‫صلة النّ ْ‬
‫فلل‬

‫فل لغة الزيادة‪ ،‬واصطلحًا‪ :‬ما عدا الفرائض‪.‬‬ ‫الن ّ ْ‬


‫مي بذلك‪ ،‬لنه زائد على ما فرضه الله تعالى‪.‬‬ ‫وس ّ‬
‫والنفل ُيرادف السنة‪ ،‬والمندوب‪ ،‬والمستحب‪.‬‬
‫فغغل قسغغمان‪ :‬قسغغم ل يسغغن فيغغه لجماعغغة‪ ،‬وقسغغم يسغغن فيغغه‬ ‫صلة الن ّ ْ‬
‫الجماعة‪.‬‬
‫القسم الول لل وهللو الللذي ل يسللن فيلله الجماعللة‪ ،‬قسللمان‬
‫أيضًا‪:‬‬
‫قسم يعتبر تابعا ً للصلوات المكتوبة‪ ،‬التي مضى بيانها‪.‬‬
‫وقسم يعتبر نافلة غير تابعة للفرائض‪ .‬وسنشرح كل منهما على حدة‪.‬‬
‫) أ ( النفل التابع للفرائض‪:‬‬
‫هذا النفل قسمان مؤكد‪ ،‬وغير مؤكد‪.‬‬
‫أما المؤكد‪ :‬فهو عبارة عن ركعتين قبل الصبح‪ ،‬وركعغغتين قبغغل الظهغغر‪،‬‬
‫وركعتين بعده‪ ،‬وركعتين بعد المغرب‪ ،‬وركعتين بعد العشاء‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (1126‬ومسلم )‪ ،(729‬عن ابن عمر رضي اللغه عنهمغا‬
‫قال‪ :‬حفظت من النبي ‪ e‬عشر ركعات‪ :‬ركعتين قبغغل الظهغغر‪ ،‬وركعغغتين‬
‫بعدهما‪ ،‬وركعتين بعد المغرب في بيته‪ ،‬وركعتين بعد العشغغاء فغغي بيتغغه‪،‬‬
‫وركعتين قبل صلة الصبح‪ ،‬كانت ساعة ل يدخل على النبي ‪ e‬فيها‪.‬‬
‫وآكد هذه الركعات ركعتا الفجر‪ ،‬لمغغا روى البخغغاري )‪ (1116‬ومسغغلم )‬
‫‪ ،(724‬عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬لم يكغغن النغغبي ‪ e‬علغغى شغغيء‬
‫من النوافل أشد تعاهدا ً منه على ركعتي الفجر‪.‬‬
‫]النوافل‪ :‬جمع نافلغغة‪ ،‬وهغغي مغغا زاد علغغى الفغغرض‪ .‬أشغغد تعاهغغدًا‪ :‬أكغغثر‬
‫محافظة[‪.‬‬
‫وأما غير المؤكد‪:‬‬
‫غ فركعتغغان أخريغغان قبغغل الظهغغر‪ ،‬روى البخغغاري )‪ ،(1127‬عغغن عائشغغة‬
‫رضي الله عنها‪ :‬أن النبي ‪ e‬كان ل يدع أربعا ً قبل الظهر‪ ،‬وركعغغتين قبغغل‬
‫الغداة‪ ،‬أي صلة الفجغغر‪ .‬ولمسغغلم )‪ :(730‬كغغان يصغغلي فغغي بيغغتي قبغغل‬
‫الظهر أربعًا‪ ،‬ثم يخرج فيصلي بالناس‪ ،‬ثم يدخل فيصلي ركعتين‪.‬‬
‫ويزيغغد ركعغغتين أيضغغا ً بعغغدها‪ ،‬لمغغا رواه الخمسغغة وصغغححه الترمغغذي )‬
‫‪ (427،428‬عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت‪ :‬سمعت النبي ‪ e‬يقغغول‪:‬‬
‫" من صلى أربع ركعات قبل الظهر‪ ،‬وأربعا ً بعدها‪ ،‬حرمه الله على النغغار‬
‫"‪.‬‬
‫والجمعة كالظهر فيما مر‪ ،‬لنها بدل عنهغغا‪ ،‬فيسغغن قبلهغغا أربغغع ركعغغات‪،‬‬
‫ركعتان مؤكدتان وركعتان غير مؤكدتان‪ ،‬كذلك بعدها‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫روى مسلم)‪ ،(881‬عن أبغي هريغرة ‪ t‬قغال‪ :‬قغال رسغول اللغه ‪ " :e‬إذا‬
‫صلى أحكم الجمعة فليصل بعدها أربعا ً "‪.‬‬
‫وروى الترمذي )‪ (523‬أن ابن مسعود ‪ t‬كان يصلي قبل الجمعغغة أربعغا ً‬
‫وبعدها أربعًا‪ .‬والظاهر أنه توقيف‪ ،‬أي علمه من فعل النبي ‪.e‬‬
‫غ أربع ركعات قبل فريضة العصر‪ ،‬لما رواه الترمذي )‪ (430‬وغيره‪ ،‬عن‬
‫على ‪ : t‬كغغان النغغبي ‪ e‬يصغغلي قبغغل العصغغر أربغغع ركعغغات يفصغغل بينهغغن‬
‫بالتسليم‪.‬‬
‫غ وركعتان خفيفتان قبل صلة المغرب‪ ،‬لما رواه البخاري)‪ (599‬ومسلم‬
‫)‪ (837‬واللفظ له‪ ،‬عغغن أنغغس ‪ t‬قغغال‪ :‬كنغغا بالمدينغغة‪ ،‬فغغإذا أذن المغغؤذن‬
‫لصلة المغرب ابتغغدروا السغغواري فيركعغغون ركعغغتين ركعغغتين‪ ،‬حغغتى أن‬
‫الغريب ليدخل فيحسب أن الصلة قد صليت‪ ،‬من كثرة من يصليهما‪.‬‬
‫]ابتدروا السواري‪ :‬جمع سارة وهي الدعامة الغغتي يرفغغع عليهغغا وغيرهغغا‬
‫السقف‪ ،‬وتسمى أسغغطوانة‪ .‬وابتغغدروها‪ :‬أي تسغغارعوا إليهغغا ووفغغق كغغل‬
‫واحد خلف واحدا منها‪ .‬ركعتين ركعتين‪ :‬أي كل واحغغد يصغغلي ركعغغتين ل‬
‫يزيد عليهما[‪.‬‬
‫ومعنى كونها خفيفتين‪ :‬أنه ل يأتي زيادة على أدنى ما تتحقق به أركغغان‬
‫الصلة وسننها وآدابها‪.‬‬
‫غ ويستحب غ أيضا ً غ أن يصلي ركعتين خفيفتين قبل صغغلة العشغغاء‪ ،‬لمغغا‬
‫رواه البخاري)‪ (601‬ومسلم )‪ ،(838‬عغن عبغغد اللغغه بغن مغفغغل ‪ t‬قغال‪:‬‬
‫قال النبي ‪ " : e‬بين كل أذانين صلة‪ ،‬ثلثا ً لمن شاء " وفي رواية‪ " :‬بين‬
‫كل أذانين صلة‪ ،‬بين كل أذانين صلة‪ ،‬ثم قال في الثالثة‪ :‬لمن شاء "‪.‬‬
‫]الذانين‪ :‬الذان والقامة[‪.‬‬

‫)ب( النفل الذي ل يتبع الفرائض‪:‬‬


‫وهذا النفل ينقسم أيضا ً إلى قسمين‪ :‬نوافل مسماة ذات أوقات معينة‪،‬‬
‫ونوافل مطلقة عن التسمية والوقت‪.‬‬
‫• النوافل المسماة ذات الوقات المعينة هي‪:‬‬
‫‪1‬ل تحية المسجد‪:‬‬
‫وهي ركعتان قبل الجلوس لكغغل دخغغول إلغغى المسغغجد‪ ،‬ودليلهغغا حغغديث‬
‫البخغغاري )‪ (433‬ومسغغلم )‪ " :(714‬فغغإذا دخغغل أحغغدكم المسغغجد‪ ،‬فل‬
‫يجلس حتى يصلي ركعتين "‪.‬‬
‫وتحصل التحيغغة بغغالفرض‪ ،‬أو بغغأي نفغغل آخغغر‪ ،‬لن المقصغغود أن ل يبغغادر‬
‫النسان الجلوس في المسجد بغير صلة‪.‬‬
‫‪2‬ل الوتر‪:‬‬
‫وهي سنة مؤكدة‪ ،‬وإنما سميت بذلك‪ ،‬لنها تختغغم بركعغغة واحغغدة‪ ،‬علغغى‬
‫خلف الصلوات الخرى‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫روى الترمذي) ‪ (453‬وغيغغره‪،‬عغغن علغغي ‪ t‬قغغال‪ :‬إن الغغوتر ليغغس بحتغغم‬
‫ن رسول الله ‪.e‬‬ ‫كصلتكم المكتوبة‪ ،‬ولكن س ّ‬
‫وعنده وعند أبي داود )‪ (1416‬قغغال رسغغول اللغغه ‪ " :e‬يغغا أهغغل القغغرآن‬
‫أوتروا‪ ،‬فإن الله وتر يحب الوتر "‪.‬‬
‫وقت الوتر‪ :‬ما بين صلة العشاء وطلغغوع الفجغغر‪ ،‬والفضغغل أن يؤخرهغغا‬
‫إلى آخر صلة الليل‪ .‬روى أبو داود )‪ (1418‬أن النبي ‪ e‬قغغال‪ " :‬إن اللغغه‬
‫عز وجل أمدكم بصغغلة وهغغي خيغغر لكغغم مغغن حمغغر النعغغم‪ ،‬وهغغي الغغوتر‪،‬‬
‫فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر"‪ .‬وروى البخغغاري) ‪(953‬‬
‫ومسلم )‪ ،(749‬عن النبي ‪ e‬قال‪ " :‬إجعلوا آخر صلتكم من الليل وتغغرا ً‬
‫"‪.‬‬
‫هذا إن رجا النسان أن يقوم من آخر الليل‪ ،‬أما من خغغاف أن ل يقغغوم‪،‬‬
‫فليوتر بعد فريضة العشاء وسنتها‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (755‬عن جابر ‪ t‬قال‪ :‬قال رسغغول اللغغه ‪ " : e‬مغغن خغغاف‬
‫أن ل يقوم آخر الليل فليوتر أوله‪ ،‬ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخغغر‬
‫الليل‪ ،‬فإن صغغلة آخغغر الليغغل مشغغهودة‪ ،‬وذلغغك أفضغغل "‪ .‬مشغغهودة‪ :‬أي‬
‫تحضرها الملئكة‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ (1880‬ومسلم )‪ (721‬عن أبي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬أوصاني‬
‫خليلي بثلث‪ :‬صيام ثلثة أيام من كل شهر‪ ،‬وركعتي الضغغحى‪ ،‬وأن أوتغغر‬
‫قبل أن أرقد‪ .‬أي أصلي الوتر قبل أن أنام ‪.‬‬
‫وأقل الوتر ركعة‪ ،‬لكن يكره القتصار عليها‪ ،‬وأقل الكمال ثلث ركعات‪:‬‬
‫ركعتان متصلتان‪ ،‬ثم ركعة منفردة‪ .‬ومنتهى الكمغغال فيهغغا إحغغدى عشغغر‬
‫ركعة‪ ،‬يسلم على رأس كل ركعتين‪ ،‬ثم يختم بواحدة‪:‬‬
‫روى مسلم )‪ ،(752‬عن ابن عمر رضي الله عنهمغغا قغغال‪ :‬قغغال رسغغول‬
‫الله ‪ " :e‬الوتر ركعة من آخر الليل "‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ (1071‬ومسلم )‪ (736‬وغيرهمغا غغ واللفغظ لغه غغ عغغن‬
‫عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬كان رسول الله ‪ e‬يصلي ما بين أن يفغغرغ‬
‫من صلة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة‪ ،‬يسلم بين كل ركعتين‪،‬‬
‫ويوتر بواحدة‪ .‬فإذا سكت المؤذن مغغن صغغلة الفجغغر‪ ،‬وتغغبين لغغه الفجغغر‪،‬‬
‫وجاءه المؤذن‪ ،‬قام فركغغع ركعغغتين خفيفغغتين‪ ،‬ثغغم اضغغطجع علغغى شغغقه‬
‫اليمان حتى يأتيه المؤذن للقامة‪.‬‬
‫]ركعتين خفيفتين‪ :‬هما سنة الفجر[‪.‬‬
‫وروى أبو داود )‪ ،(1422‬عن أبي أيوب ‪ t‬قال‪ :‬قغغال رسغغول اللغغه ‪" :e‬‬
‫الوتر حق على كل مسلم‪ ،‬فمن أحغغب أن يغغوتر بخمغغس فليفعغغل‪ ،‬ومغغن‬
‫أحب أن يوتر بثلث فليفعل‪ ،‬ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل "‪.‬‬
‫]حق‪ :‬مشروع ومطلوب[‪.‬‬
‫‪3‬ل قيام الليل‪:‬‬

‫‪126‬‬
‫وهغغغو مغغغا يسغغغمى بالتهجغغغد إن فعغغغل بعغغغد النغغغوم‪ ،‬والتهجغغغد‪ :‬تغغغرك‬
‫الهجود‪،‬والهجود‪ :‬النوم‪ ،‬أي ترك النوم‪.‬‬
‫وقيام الليل سنة غير محددة بعدد من الركعات‪ ،‬تغغؤدى بعغغد السغغتيقاظ‬
‫من النوم‪ ،‬وقبل أذان الفجر‪.‬‬
‫ودليل مشروعية قيام الليل قوله تعالى‪ ( :‬ومن الليل فتهجغغد بغغه نافلغغة‬
‫لك عسغغى أن يبعثغغك ربغغك مقامغا ً محمغغودا ‪) ‬سغغورة السغغراء‪ (79:‬أي‬
‫ل واقرأ القرآن‪.‬‬ ‫اترك الهجود غ وهو النوم غ وقم َفص ّ‬
‫] نافلة لك‪ :‬زيادة على الفرائض المفروضة عليك خاصة[‪.‬‬
‫وروى مسلم)‪ (1163‬وغيره‪ ،‬عن أبي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬سئل رسول الله ‪e‬‬
‫‪ :‬أيّ الصلة أفضل بعد المكتوبة؟ قال‪ ":‬الصلة في جوف الليل"‪.‬‬
‫] المكتوبغغة‪ :‬المفروضغغة‪ .‬جغغوف الليغغل‪ :‬بغغاطنه وسغغاعات التفغغرغ فيغغه‬
‫للعبادة[‪.‬‬
‫‪ -4‬صلة الضحى‪:‬‬
‫وأقلها ركعتان‪ ،‬وأكملها ثماني ركعات‪.‬‬
‫روى البخاري)‪(1880‬؛ ومسلم)‪ ،(721‬عن أبي هريرة ‪ t‬قغغال‪ :‬أوصغغاني‬
‫ل شهر‪ ،‬وركعتي الضغغحى‪ ،‬وأن تغغوتر‬ ‫ث‪ :‬صيام ثلثة أيام من ك ّ‬‫خليلي بثل ٍ‬
‫قبل أن أرقد‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪(350‬؛ ومسلم)‪ (336‬واللفظ له‪ ،‬فغغي حغغديث أم هغغاني‬
‫رضي الله عنها‪:‬أنه لما كان عام الفتح‪ ،‬أتت رسغغول اللغغه ‪ e‬وهغغو بغغأعلى‬
‫مكة‪ ،‬فقام رسول الله ‪ e‬إلى غسله‪ ،‬فسترت عليه فاطمة‪ ،‬ثم أخذ ثوبه‬
‫حة الضحى‪ .‬أي صلة الضحى‪.‬‬ ‫سب ْ َ‬‫والتحق به‪ ،‬ثم صلى ثماني ركعات ُ‬
‫والفضل أن يفصل بين ركعتين‪ ،‬لما جغغاء فغغي روايغغة أبغغي داود)‪(1290‬‬
‫عنها‪ :‬أن رسول الله ‪ e‬صلى يوم الفتح سغغبحة الضغغحى ثمغغاني ركعغغات‪،‬‬
‫ويسلم من كل ركعتين‪.‬‬
‫مضي ربع‬ ‫ووقتها من ارتفاع الشمس حتى الزوال‪ ،‬والفضل فعلها عند ُ‬
‫النهار‪.‬‬
‫روى مسلم)‪ (784‬وغيره‪ ،‬عن زيد بن أرقم ‪ t‬قال‪ :‬خرج النغغبي ‪ e‬علغغى‬
‫أهغغل قبغغاء وهغغم يصغغلون الضغغحى‪ ،‬فقغغال‪ ":‬صغغلة الوابيغغن إذا رمضغغت‬
‫الفصال"‪.‬‬
‫] الوابين‪ :‬جمع أواب ‪ ،‬وهو الراجع إلى اللغغه تعغغالى‪ .‬رمضغغت الفصغغال‪:‬‬
‫احترقت مغغن حغغر الرمضغغاء‪ ،‬أي وجغغدت حغغر الشغغمس‪ ،‬والرمضغغاء فغغي‬
‫الصل الحجارة الحامية من حر الشمس‪ ،‬والمراد ارتفاع النهار‪.‬‬
‫والفصال‪ :‬جمع فصيل‪ ،‬وهو ولد الناقة [‪.‬‬
‫‪ -5‬صلة الستخارة‪:‬‬
‫ن لمغغن أراد أمغغرا ً‬
‫وهي صلة ركعتين في غير الوقات المكروهة‪ .‬وتس غ ّ‬
‫ن بعغغد الفغغراغ‬
‫من المور المباحة‪ ،‬ولم يعلم وجه الخير فغغي ذلغغك‪ ،‬ويسغ ّ‬

‫‪127‬‬
‫من الصلة أن يدعو بالدعاء المأثور‪ ،‬فغغإن شغغرح اللغغه صغغدره بعغغد ذلغغك‬
‫للمر فعل وإل فل‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ (1109‬وغيره‪ ،‬عن جغغابر بغغن عبغغدالله النصغغاري رضغغي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله ‪ e‬يعلمنغا السغتخارة فغي المغور كلهغا‪،‬‬
‫كما يعلمنا السورة من القغرآن يقغول‪ " :‬إذا هغم أحغدكم بغالمر فليركغع‬
‫ركعتين من غير الفريضة"‪ ،‬ثغغم ليقغغل‪ " :‬اللهغغم إنغغي أسغغتخيرك بعلمغغك‪،‬‬
‫وأستقدرك بقدرتك‪ ،‬وأسألك من فضلك العظيم‪ ،‬فإنغغك تقغغدر ول أقغغدر‪،‬‬
‫لم الغيوب‪ ،‬اللهم إن كنغغت تعلغغم أن هغغذا المغغر‬ ‫وتعلم ول أعلم‪ ،‬وأنت ع ّ‬
‫خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري‪ ،‬فأقدره لي‪ ،‬ويسغغره لغغي‪ ،‬ثغغم‬
‫بارك لي فيغغه‪ ،‬اللهغغم إن كنغغت تعلغغم أن هغغذا المغغر شغغر لغغي فغغي دينغغي‬
‫ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنغغه‪ ،‬واقغغدر لغغي الخيغغر‬
‫حيث كان‪ ،‬ثم رضني به‪ ،‬قال‪ :‬ويسمي حاجته "‪.‬‬
‫• النوافل المطلقة عن التسمية والوقت‪:‬‬
‫وهي أن يصلي من النوافل ما شاء في أي وقغغت شغغاء‪ ،‬إل فغغي أوقغغات‬
‫معينة يكره فيها الصلة‪ ،‬وقد بّيناها فيما مضى‪.‬‬
‫وروى ابن مغغاجه أن النغغبي ‪ e‬قغغال لبغغي ذر ‪ " :t‬الصغغلة خيغغر موضغغوع‪،‬‬
‫استكثر أو أقل "‪.‬‬
‫سم من كل ركعتين ليل ً‬ ‫هذا واعلم أنه يستحب في النفل المطلق أن ي ّ‬
‫كان أو نهارًا‪.‬‬
‫صلة الليل مثنغغى‬ ‫ودليل ذلك حديث البخاري)‪(946‬؛ ومسلم )‪َ " :(749‬‬
‫مثنى" ) أخرجه أبو داود‪ ،1295 :‬وغيره(‪ .‬والمراد بالمثنى أن يسلم من‬
‫كل ركعتين‪.‬‬
‫القسم الثاني – وهو الذي يسن فيه الجماعة‪:‬‬
‫كان ما ذكرنا كله فيما يتعلق بالنوافل التي ل تستحب فيها الجماعة‪ ،‬أما‬
‫النوافل التي تستحب فيها الجماعة‪ ،‬فهي‪:‬‬
‫صغغلة العيغغدين‪ ،‬صغغلة التراويغغح‪ ،‬صغغلة الكسغغوف والخسغغوف‪ ،‬صغغلة‬
‫الستسقاء‪ .‬وسنذكر كل واحدةٍ على حدة‪.‬‬

‫*****‬

‫‪128‬‬
‫ص َ‬
‫لة العيللدَْين‬ ‫َ‬
‫معنى العيد‪:‬‬
‫ود‪ ،‬وذلك إمغغا لتكغغرره كغغل لعغغام‪ ،‬أو لعغغود السغغرور‬ ‫العيد مشتقّ من العَ ْ‬
‫بعوده‪ ،‬أو لكثرة عوائد الله فيه على العباد‪.‬‬
‫زمن مشروعيتها والدليل عليها‪:‬‬
‫شرعت صلة عيد الفطر وعيد الضحى في السنة الثانية للهجرة‪ ،‬وأول‬
‫لة النبي ‪ e‬عيد الفطر من السنة الثانية للهجرة‪.‬‬ ‫عيد ٍ ص ّ‬
‫أما الصل في مشروعيتها‪:‬‬
‫فقوله عز وجل خطابا ً لنبيه عليه الصلة والسلم‪ ( :‬فصل لربك وانحر)‬
‫]الكوثر‪ .[2:‬قالوا‪ :‬المقصود بالصلة صلة عيد الضحى‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪(913‬؛ ومسلم)‪ ،(889‬عن أبي سغغعيد الخغغدري ‪ t‬قغغال‪:‬‬
‫كان رسول الله يخرج يوم الفطر والضحى إلغغى المصغغلى‪ ،‬فغغأول شغغئ‬
‫يبدأ به الصلة‪ ،‬ثم ينصرف‪ ،‬فيكون مقابل الناس‪ ،‬والناس جلغغوس علغغى‬
‫صفوفهم‪ ،‬فيعظم ويأمرهم‪ ،‬فإن كان يريد أن يقطع بعثا ً قطعه‪ ،‬أو يغغأمر‬
‫بشيٍء أمر به‪ ،‬ثم ينصرف‪.‬‬
‫] يقطع بعثًا‪ :‬يفرد جماعة من الناس ليبعثهم إلى الجهاد[‪.‬‬
‫حكم صلة العيد‪:‬‬
‫هي سّنة مؤكدة‪ ،‬لنه ‪ e‬لغم يتركهغا منغذ شغرعت حغتى توّفغاه اللغه عغز‬
‫وجل‪ ،‬وواظب عليها أصحابه رضوان الله تعالى عليهم من بعده‪.‬‬
‫وتشرع جماعة‪ ،‬يدل على ذلك حغغديث أبغغي سغغعيد الخغغدري ‪ t‬السغغابق‪،‬‬
‫وتصح فرادى‪.‬‬
‫ويخاطب بها كل مكلف رجل ً كان أو امرأة‪ ،‬مقيما ً كان أو مسافرًا‪ ،‬حرا ً‬
‫كان أو رقيقًا‪ ،‬إل للمرأة المتزينة‪ ،‬أو التي قد تغغثير الفتنغغة‪ ،‬فتصغغلي فغغي‬
‫بيتها‪.‬‬
‫ل على عدم الوجوب قوله ‪ e‬للسائل عن الصلة المفروضة " خمس‬ ‫ود ّ‬
‫صلوات في اليوم والليلة"‪ ،‬قال‪ :‬هل على غيرها؟ قال‪ " :‬إل أن تطوع "‬
‫)رواه البخاري‪46:‬؛ ومسلم‪.(11:‬‬
‫وعند أبي داود )‪ " :(1420‬خمس صلوات كتبهن الله على العباد‪ ،‬فمغغن‬
‫جاء بهن‪ ،‬لم يضيع منهن شيئا ً استخفافا ً بحقهن‪ ،‬كان له عنغغد اللغغه عهغغد‬
‫أن يدخله الجنة‪ ،‬ومن لم يأت بهغغن فليغغس لغغه عنغغد اللغغه عهغغد؛ إن شغغاء‬
‫عذبه‪ ،‬وإن شاء أدخله الجنة"‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪(928‬؛ ومسلم)‪ ،(890‬عغغن أم عطيغغة النصغغارية رضغغي‬
‫خغغدرها‪،‬‬ ‫ؤمُر أن نخُرج يوم الِعيد‪ ،‬حغغتى ُنخغغرج الب ِك ْغَر مغغن ُ‬ ‫الله عنها‪:‬كّنا ن ْ‬
‫ف الن ّغغاس فيكغغبرن بتكغغبيرهم ويغغدعون‬ ‫خل غ َ‬
‫ن َ‬‫حغغتى نخغغرج الحيغغض َفيك غ ّ‬
‫بدعائهم‪ ،‬يرجون بركة ذلك اليوم وط ُهَْرَته‪ .‬وفي رواية قغغالت امغغرأة‪ :‬يغغا‬

‫‪129‬‬
‫رسول الله‪ ،‬إحدانا ليس لها جلباب؟ قال‪ " :‬لتلبسها صاحبتها من جلبابها‬
‫"‪.‬‬
‫]البكر‪ :‬التي لم يسبق لها الزواج‪ .‬خدرها‪ :‬ناحية في البيت يغغترك عليهغغا‬
‫حي ّغغض‪ :‬جمغغع حغغائض‪ .‬خلغغف‬ ‫ستر‪،‬كغغانت تجلغغس فغغي البكغغر اسغغتحياًء‪ .‬ال ُ‬
‫حّيغغض عغغن‬ ‫النغغاس‪ :‬أي غيغغر مكغغان الصغغلة‪ ،‬وفغغي روايغغة‪ :‬ويعغغتزل ال ُ‬
‫ن ‪ .‬طهرته‪ :‬مغا فيغغه مغن تكفيغغر الغغذنوب‪ .‬جلبغغاب‪ :‬ملحفغة تسغتر‬ ‫مصل ّهُ ّ‬
‫البدن أعله أو أسفله‪ .‬لتلبسها‪ :‬بأن تعيرها جلبابا ً من جلبيبها[‪.‬‬
‫ن ول إقامغغة بغغل ينغغادي لهغغا‪ " :‬الصغغلة جامعغغة "‪ .‬روى‬ ‫ن لهغغا أذا ٌ‬‫ول يسغ ّ‬
‫البخاري )‪(916‬؛ ومسلم )‪ ،(886‬عن ابن عباس رضي الله عنهمغغا‪ :‬أنغغه‬
‫أرسل إلى ابن الزبير في أول ما بويع له‪ :‬إنه لم يكن يؤذن بالصلة يوم‬
‫الفطر‪ ،‬وإنما الخطبة بعد الصلة‪.‬‬
‫وعنغغد البخغغاري )‪(917‬؛ ومسغغلم )‪ ،(886‬عغغن ابغغن عبغغاس وجغغابر بغغن‬
‫عبغغدالله رضغغي اللغغه عنهغغم قغغال‪ :‬لغغم يكغغن يغغؤذن يغغوم الفطغغر ول يغغوم‬
‫الضحى‪.‬‬
‫وقت صلة العيد‪:‬‬
‫يبدأ وقتها بطلوع الشمس‪ ،‬ويستمر إلى زوالها‪ ،‬يدل على هغغذا مغغا رواه‬
‫البخغغاري )‪ ،(908‬عغغن الغغبراء ‪ t‬قغغالت‪ :‬سغغمعت رسغغول اللغغه ‪ e‬يخطغغب‬
‫فقال‪ " :‬إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي‪ ."..‬واليغغوم يبغغدأ بطلغغوع‬
‫الفجر‪ ،‬والوقت مشغغغول ً بصغغلة الفجغغر‪ ،‬قبغغل طلغغوع الشغمس‪ ،‬وبصغغلة‬
‫الظهر بعد زوالها‪.‬‬
‫ووقتها المفضل عند ارتفاع الشمس قدر رمح‪ ،‬لمواظبغة النغبي ‪ e‬علغى‬
‫صلتها في ذلك الوقت‪.‬‬
‫كيفيتها‪:‬‬
‫صلة العيد ركعتان‪ ،‬يبدأهم بتكبيرة الحرام‪ ،‬ثم يقرأ دعاء الفتتغغاح‪ ،‬ثغغم‬
‫يكبر سبع تكبيرات يرفع عند كل منها يغغده إلغغى محغغاذاة كتفيغغه كتكغغبيرة‬
‫الحرام‪ ،‬يفصل بين كل اثنتين بقدر آية معتدلة‪ ،‬ويسن أن يقول بينهمغغا‪:‬‬
‫سبحان الله والحمغغد للغغه ول إلغغه إل اللغغه واللغغه أكغغبر‪ .‬ثغغم يتعغغوذ ويقغغرأ‬
‫الفاتحة ثم يضم إليها سورة أو بعض آيات‪ .‬فإذا قام إلى الركعغغة الثانيغغة‬
‫كبر خمس تكبيرات‪ ،‬عدا تكبيرة النتقال قبغغل أن يبغغدأ القغغراءة‪ ،‬وفصغغل‬
‫بين كل تكبيرة وأخرى بما ذكرنا‪.‬‬
‫وهذه التكغغبيرات الغغزائدة علغغى المعتغغاد سغغنة‪ ،‬فلغغو نسغغيها وشغغرع فغغي‬
‫القراءة فاتت وصحت صلته‪.‬‬
‫والصل فيما سبق‪ :‬ما رواه النسائي )‪ (3/111‬وغيره‪ ،‬من حديث عمغغر‬
‫‪ t‬قال‪ :‬صلة الفطر ركعتغغان وصغغلة الضغغحى ركعتغغان‪..‬ثغغم قغغال‪ :‬علغغى‬
‫لسان محمد ‪ e‬وعلى هذا الجماع‪.‬‬
‫وروى عمرو بن عغغوف المزنغغي ‪ :t‬أن النغغبي ‪ e‬كب ّغغر فغغي العيغغدين‪ ،‬فغغي‬
‫الولغى سغبعا ً قبغل القغراءة‪ ،‬وفغي الخغرة خمسغا ً قبغل القغراءة‪) .‬رواه‬

‫‪130‬‬
‫الترمذي‪ .(536:‬وقال‪ :‬هو أحسن شيء في هذا الباب عن النبي ‪.e‬‬
‫الخطبة في العيد‪:‬‬
‫ويسن بعد الفراغ من صلة العيد خطبتان‪ ،‬نوجز لك كيفيتهما فيما يلي‪:‬‬
‫‪1‬غ ينبغي أن تليا صلة العيغغد‪ ،‬أي بعكغغس خطبغغة الجمعغغة‪ ،‬وذلغغك تأسغغيا ً‬
‫بالنبي عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫روى البخاري )‪(920‬؛ ومسلم )‪ ،(888‬عن ابن عمر رضغغي اللغغه عنهمغغا‬
‫قال‪ :‬كان النبي ‪ e‬وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبغغل‬
‫الخطبة‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪ ،(932‬عن ابن عباس رضي اللغغه عنهمغغا قغغال‪ :‬خرجغغت‬
‫مع النبي ‪ r‬يوم فطر وأضحى‪ ،‬فصلى ثم خطب‪.‬‬
‫فلو قدم الخطبة على الصلة لم تعتد بها‪.‬‬
‫‪ -2‬كل ما ذكرنغاه مغن أركغان خطبغتي الجمعغة وسغنتهما‪ ،‬ينطبغق علغى‬
‫خطبة العيد أيضًا‪.‬‬
‫روى الشافعي رحمه ا لله تعالى‪ ،‬عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن‬
‫مسعود ‪ t‬قال‪ :‬السنة أن يخطب المام في العيدين خطبغغتين‪ ، ،‬يفصغغل‬
‫بينهما بجلوس‪.‬‬
‫‪ -3‬يسن أن يبدأ الخطبة الولى بتسغغع تكغغبيرات‪ ،‬والخطبغغة الثانيغغة سغغبع‬
‫تكبيرات‪.‬‬
‫روى البيهقي عن عبدالله المذكور سابقا ً قال‪ :‬السنة أن تفتتح الخطبغغة‬
‫بتسع تكبيرات تترى‪ ،‬والثانية بسبع تكبيرات تترى‪ .‬أي متتالية‪.‬‬

‫أين تقام صلة العيد؟‬


‫تقغغام صغغلة العيغغد بالمسغغجد أو الصغغحراء‪ ،‬وأفضغغلها أكثرهمغغا اسغغتيعابا ً‬
‫للمصلين‪ ،‬فإن تساويا كان المسجد أفضل لشرفه علغغى غيغغره‪ ،‬إذ ينغغال‬
‫المسلم بالصلة فيه أجر العبادة وأجر المكث في المسجد‪.‬‬
‫وإنما صلها النبي ‪ r‬بالصحراء لضيق مسغغجده إذ ذاك عغغن السغغتيعاب‪،‬‬
‫وقد علمت أنها تشرع جماعة للرجال والنساء وعام المكلفين‪.‬‬
‫فإذا كان المسجد متسعا ً بحيث يستوعب جميع المصلين‪ ،‬برفق وراحة‪،‬‬
‫لم يبق لفضلية الصحراء معنى‪.‬‬
‫التكبير في العيد‪:‬‬
‫يسن التكبير‪ -‬لغير الحاج‪ -‬بغروب الشمس ليلتي عيد الفطر والضحى‪،‬‬
‫في المنازل والطرق والمساجد والسواق‪ .‬بصوت مرتفع‪ ،‬إلى أن يحرم‬
‫المام لصلة العيد‪ .‬وذلك لقوله تعالى‪ {:‬ولتكملوا العغغدة ولتكغغبروا اللغغه‬
‫على ما هداكم ولعلكم تشكرون} ]البقرة‪ .[185:‬قالوا‪ :‬هذا فغغي تكغغبير‬
‫عيد الفطر‪ ،‬وقيس به الضحى‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫لضغغحى لكغغل مغغن الحغغاج وغيغغره أن يكغغبر عقغغب‬ ‫ثغغم يسغغن فغغي عيغغد ا َ‬
‫الصلوات بأنواعها المختلفة بدءا ً من صبح يوم عرفة إلى مغغا بعغغد عصغغر‬
‫آخر يغوم مغن أيغام التشغريق‪ ،‬وهغي اليغام الثلثغة الغتي تلغي يغوم عيغد‬
‫الضحى ‪.‬‬
‫أما فغغي عيغغد الضغغحى فل يسغغن التكغغبير عقغغب الصغغلوات‪ ،‬بغغل ينقطغغع‬
‫استحبابه عندما يحرم المام لصلة العيد كما قلنا‪.‬‬
‫ودليل ذلك كله لتباع لفعل الرسول ‪ ،r‬وما واظب عليه أصحابه رضغغي‬
‫الله عنهم‪ .‬فعن علي وعمار رضي الله عنهما‪ :‬أم النبي ‪ r‬كان يكبر يوم‬
‫عرفة‪ ،‬صلة الغداة‪ ،‬ويقطعهغغا صغغلة العصغغر آخغغر أيغغام التشغغريق )رواه‬
‫الحاكم‪ ،(1/229:‬وقال‪ :‬هذا حديث صحيح السناد‪ ،‬ول أعلغغم فغغي رواتغغه‬
‫منسوبا ً إلى الجرح‪.‬‬
‫]صلة الغداة‪ :‬صلة الفجر[‪.‬‬
‫وكان ابن عمر رضي الله عنهمغغا يكغغبر فغغي قبتغغه بمنغغى‪ ،‬فسغغمعه أهغغل‬
‫المسجد يكبرون‪ ،‬ويكبر أهل السواق حتى ترتج مني تكبيرًا‪ .‬وكغغان ابغغن‬
‫عمر رضي الله عنهما يكبر بمنى تلغغك اليغغام‪ ،‬وخلغغف الصغغلوات‪ ،‬وعلغغى‬
‫فراشه في فسطاطه ومجلسه وممشاه‪ ،‬تلك اليغغام جميع غًا‪) .‬البخغغاري‪:‬‬
‫كتاب العيدين‪ ،‬باب التكبير أيام منى(‪.‬‬
‫]فسطاطه‪ :‬الفسطاط البيت المتخذ من شعر ونحوه[‪.‬‬
‫صيغة التكبير المفضلة‪:‬‬
‫" الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬ل إله إل الله‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬ولله‬
‫الحمد "‪.‬‬
‫من آداب العيد‪:‬‬
‫جمعة‪.‬‬‫‪ -1‬أن يغتسل ويتطيب ويلبس الجديد من ثيابه‪ ،‬لما مّر في ال ُ‬
‫كر الناس بالحضور إلى المسجد صباح العيد‪.‬‬ ‫ن أن ي ُب َ ّ‬
‫‪ -2‬يس ّ‬
‫‪ -3‬يسن في عيد الفطر أن يأكل شيئا ً قبل خروجه إلى الصلة‪.‬‬
‫ن له أن يمسك عغغن الطعغغام حغغتى يعغغود مغغن‬ ‫ما في عيد الضحى فُيس ّ‬ ‫أ ّ‬
‫الصلة‪.‬‬
‫‪ -4‬يسن للمصّلي أن يذهب ماشيا ً إلى المصّلى أو المسجد في طريغغق‪،‬‬
‫وأن يعود في طريق أخرى‪ .‬روى البخاري )‪ ،(943‬عن جابر ‪ t‬قال‪ :‬كان‬
‫النبي ‪ r‬إذا كان يوم عيد خالف الطريق‪.‬‬
‫‪ -5‬يكره للمام أن ينتقغل قبغغل صغلة العيغغد‪ ،‬ول يكغره لغيغغره ذلغك بعغد‬
‫طلوع الشمس‪.‬‬
‫روى البخاري )‪ ،(945‬عن ابغغن عبغغاس رضغغي اللغغه عنهمغغا‪ :‬أن النغغبي ‪r‬‬
‫خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ول بعدهما‪.‬‬

‫‪132‬‬
*****

133
‫فل ْ‬
‫طر‬ ‫زَكاةُ ال ّ‬
‫تعريفها‪:‬‬
‫هي قدر معين من المال‪ ،‬يجب إخراجه عند غروب الشغغمس آخغغر يغغوم‬
‫من أيام رمضان‪ ،‬بشروط معينة‪ ،‬عن كل مكلف ومن تلزمه نفقته‪.‬‬
‫مشروعيتها‪:‬‬
‫المشهور في السنة أنها فرضت فغغي السغغنة الثانيغغة مغغن الهجغغرة‪ ،‬فغغي‬
‫العام الذي فرض فيه صوم رمضان‪.‬‬
‫والصل في وجوبها‪ :‬ما رواه البخاري )‪(1433‬؛ ومسلم )‪ (984‬واللفظ‬
‫له‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله عنهما‪ :‬أن رسول الله ‪ r‬فرض زكاة الفطغغر‬
‫من رمضان على الناس صاعا ً من تمر أو صاعا ً من شعير‪ ،‬على كل حر‬
‫أو عبد‪ ،‬ذكر أو أنثى من المسلمين‪.‬‬
‫شروط وجوبها‪:‬‬
‫تجب زكاة الفطر بثلثة شروط‪:‬‬
‫الول – السلم‪:‬‬
‫فل تجغغب علغغى الكغغافر الصغغلي وجغغوب مطالبغغة فغغي الغغدنيا‪ ،‬للحغغديث‬
‫السابق ذكره عن ابن عمر رضي الله عنهما‪.‬‬
‫الثاني‪ -‬غروب شمس آخر يوم من رمضان‪:‬‬
‫فمن مات بعد غروب ذلك اليوم‪ ،‬وجبت زكاة الفطر عنغغه‪ ،‬سغغواء مغغات‬
‫بعد أن تمكن من إخراجها‪ ،‬أم مات قبله‪ ،‬بخلف من ولد بعده‪.‬‬
‫ومن مات قبل غروب شمسه لم تجب في حقه‪ ،‬بخلف من ولد قبله‪.‬‬
‫الثالث‪ -‬أن يوجد لديه فضل من المال‪ ،‬يزيد عن قوته وقوت‬
‫عياله ف يللوم العيللد وليلتلله‪ ،‬وعللن مسللكن‪ ،‬وخللادم إن كللان‬
‫بحاجة إليه‪:‬‬
‫فلو كان ماله ل يكفي لنفقات يوم العيد وليلته‪ ،‬بالنسبة له ولمغغن تجغغب‬
‫عليه نفقتهم‪ ،‬لم تلزمه زكاة الفكر‪ ،‬ولو كان لديه مال يكفي يغغوم العيغغد‬
‫وليلته‪ ،‬ولكنه ل يكفي لما بعد ذلك‪ ،‬تجب عليه الزكاة ول عبرة بمغغا بعغغد‬
‫يوم العيد وليلته‪.‬‬

‫الذين يجب على المكلف إخراج زكاة الفطر عنهم‪:‬‬


‫يجب على من توفرت لديه هذه الشرائط الثلثة‪ ،‬أن يخرج زكاة الفطغغر‬
‫عن نفسه‪ ،‬وعمن تلزمه نفقتهم‪ ،‬كأصوله وفروعه‪ ،‬وزوجته‪.‬‬
‫فل يجب أن يخرجها عن ولغغده البغغالغ القغغادر علغغى الكتسغغاب‪ ،‬ول عغغن‬
‫قريبه الذي ل يكلف بالنفاق عليه‪ ،‬بل ل يصح أن يخرجهغغا عنغغه إل بغغأذنه‬
‫وتوكيله‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫فإذا أيسر بشئ ل يكفي عن جميغغع أقغغاربه الغغذي يكلغغف بنفقتهغغم‪ ،‬قغغدم‬
‫نفسه‪ ،‬ثم زوجته‪ ،‬فولده الصغير‪،‬فأباه‪ ،‬فأمه‪ ،‬فولده الكغبير العغاجز عغن‬
‫الكسب‪.‬‬
‫زكاة الفطر جنسا ً وقدرًا‪:‬‬
‫زكاة الفطر هي صاع ً من غالب قغغوت البلغغد الغغذي يقيغغم فيغغه المكلغغف‪،‬‬
‫بدليل حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق‪ .‬وعند البخاري ) ‪(1439‬‬
‫عن أبي سعيد الخدري ‪ t‬قال‪ :‬كّنا نخغغرج فغغي عهغغد رسغغول اللغغه ‪ r‬يغغوم‬
‫ط والتمر‪.‬‬ ‫الفطر صاعا ً من طعام‪ ،‬وكان طعامنا الشعير والزبيب وال َقِ ُ‬
‫والصاع الذي كان يسغتعمله رسغول اللغه ‪ r‬إنمغا هغو عبغارة عغن أربعغة‬
‫ل‪ ،‬وتساوي‬ ‫أمداد‪ ،‬أي حفنات‪ ،‬وهذه الحفنات الربع مقدرة بثلثة ألتار كي ً‬
‫بالوزن )‪ (2400‬غراما ً تقريبًا‪.‬‬
‫فإذا كان غالب قوت بلدنا اليوم هو الب ُّر‪ .‬فإن زكاة الفطر عن الشخص‬
‫الواحد تساوي ثلثة ألتار من الحنطة‪ .‬ومغغذهب المغغام الشغغافعي أنغغه ل‬
‫تجزئ القيمة‪ ،‬بل ل بد ّ من إخراجها قوتا ً من غالب أقوات ذلك البلغغد‪ .‬إل‬
‫أنه ل بأس باتباع مذهب المام أبي حنيفة رحمغغه اللغغه تعغغالى فغغي هغغذه‬
‫المسألة في هذا العصر‪ ،‬وهو جواز دفغغع القيمغغة‪ ،‬ذلغغك لن القيمغغة أنفغغع‬
‫للفقير اليوم من الفقير نفسه‪ ،‬واقرب إلى تحقيق الغاية المرجوة‪.‬‬
‫وقت إخراج زكاة الفطر‪:‬‬
‫أما وقت الوجوب‪ ،‬فقد قلنا إنه يبدأ بغروب شمس آخر أيام رمضان‪.‬‬
‫وأما الوقت الذي يجوز فيه إخراجها‪ ،‬فهغغو جميغغع شغغهر رمضغغان واليغغوم‬
‫الول من العيد‪.‬‬
‫ن أداؤها صباح يوم العيد قبل الخغغروج إلغغى الصغغلة‪ .‬فقغغد جغغاء فغغي‬ ‫يس ّ‬
‫حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬وفي رواية عند البخغغاري )‪" :(1432‬‬
‫دي قبل خروج الناس إلى الصلة "‪.‬‬ ‫َ‬
‫وَأمر بها أن تؤ ّ‬
‫ويكره تأخيرها عن صلة العيد إلى نهاية يوم العيد‪ ،‬فإن أخراها عنه أِثم‬
‫ولزمه القضاء‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫الضلحية‬
‫معناها والصل في مشروعيتها‪:‬‬
‫الضحية‪ :‬هي ما يذبح من البل أو البقر أو الغنغغم أو المعغغز‪ ،‬تقربغا ً إلغغى‬
‫الله تعالى يوم العيد‪ .‬والصل في مشروعيتها قغغوله عغغز وجغغل‪ {:‬فصغغل‬
‫لربك وانحر } ]الكوثر‪ ،[2:‬فإن المقصود بالنحر على أصح القوال نحغغر‬
‫الضحايا‪.‬‬
‫ومغغغا رواه البخغغغاري )‪ (5245‬ومسغغغلم )‪ :(1966‬أن النغغغبي ‪ r‬ضغغغحى‬
‫بكبشين أملحين أقرنين‪ ،‬ذبحهما بيده‪ ،‬وسمى وكبر‪ ،‬ووضغغع رجلغغه علغغى‬
‫صفاحهما‪.‬‬
‫]الملح‪ :‬من الضأن ما كان أبيض اللون أو كان البياض فيه هو الغغغالب‪،‬‬
‫والقرن‪ :‬ذو القرنين العظيمين‪ .‬صغغفاحهما‪ :‬جمغغع صغغفحة‪ ،‬وهغغي جغغانب‬
‫العنق[‪.‬‬
‫الحكمة من مشروعيتها‪:‬‬
‫ينبغي أن تعلم أن الضحية عبادة‪ ،‬وأن كل ما قد يكغغون لهغغا مغغن حكمغغة‬
‫وفائدة يأتي بعد فائدة الخضوع للمعنى التعبغغدي الغغذي فيهغغا‪ ،‬شغغأن كغغل‬
‫عبادة من العبادات‪.‬‬
‫َ‬
‫ثغغم إن مغغن أبغغرز المعغغاني المتعلقغغة بالضغغحية إحيغغاء معنغغى الضغغحية‬
‫العظمى التي قام بها إبراهيم عليه الصلة والسلم‪ ،‬إذ ابتلء الله تعغغالى‬
‫بالمر بذبح ابنه‪ ،‬ثم فداه الله بذبغغح عظيغغم كغغان كبشغا َ أنزلغغه اللغغه إليغغه‬
‫وأمره بذبحه‪ ،‬بعد أن مضى كل من إبراهيم وابنه عليهما السلم‪ ،‬ساعيا ً‬
‫بصدق لتحقيق أمره عز وجل‪.‬‬
‫أضف إلى ذلغغك‪ :‬مغغا فيهغغا مغغن المواسغغاة للفقغغراء والمعغغوزين وإدخغغال‬
‫الشرور عليهم وعلى الهل والعيال يوم العيد‪ ،‬ومغغا ينتغغج عغغن ذلغغك مغغن‬
‫تمتين روابط الخوة بين أفراد المجتمع المسلم‪ ،‬وغغغرس روح الجماعغغة‬
‫والود في قلوبهم‪.‬‬
‫حكم الضحية‪:‬‬
‫هي سنة مؤكدة‪ ،‬ولكنها قد تجب لسببين اثنين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يشير إلغغى مغغا هغغو داخغغل فغغي ملكغغه مغغن الغغدواب الصغغالحة‬
‫ل‪ ،‬فيجغغب‬ ‫للضحية‪ ،‬فيقول‪ :‬هذه أضحيتي‪ ،‬أو سأضحي بهغغذه الشغغاة‪ ،‬مث ً‬
‫حينئذ أن يضحي بها‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يلتزم التقرب إلى الله بأضحيته‪ ،‬كأن يقول‪ :‬لله تعالى علي‬
‫أن أضغغحي‪ ،‬فيصغغبح ذلغغك واجب غا ً عليغغه‪ ،‬كمغغا لغغو الغغتزم بغغأي عبغغادة مغغن‬
‫العبادات‪ ،‬إذ تصبح بذلك نذرًا‪.‬‬

‫من هو المخاطب بالضحية‪:‬‬


‫إنما تسن الضحية في حق من وجدت فيه الشروط التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬السلم‪ ،‬فل يخاطب بها غير المسلم‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫‪ -2‬البلوغ والعقل‪ ،‬إذ من لم يكن بالغا َ عاقل ً سقط عنه التكليف‪.‬‬
‫‪ -3‬الستطاعة‪ ،‬وتتحقق‪ :‬بأن يملك قيمتها زائدة عغغن نفقتغغه ونفقغغة مغغن‬
‫هغغو مسغغؤول عنهغغم‪ ،‬طعام غا ً وكسغغوة ومسغغكنًا‪ ،‬خلل يغغوم العيغغد وأيغغام‬
‫التشريق‪.‬‬
‫ما يشرع التضحية به‪:‬‬
‫لضحية إل أن تكغغون مغغن إبغغل‪ ،‬أو بقغغر‪ ،‬أو غنغغم ومنغغه المغغاعز‪.‬‬ ‫ل تصح ا َ‬
‫لقوله تعالى‪ :‬ولكغغل أمغغة جعلنغغا منسغغكا ً ليغغذكروا اسغغم اللغغه علغغى مغغا‬
‫رزقهغغم مغغن بهيمغغة النعغغام } ]الحغغج‪ ،[34:‬والنعغغام ل تغغرج عغغن هغغذه‬
‫الصناف الثلثة‪ ،‬ولنه لم ينقل عغغن النغغبي ‪ r‬ولعغغن أحغغد مغغن الصغغحابة‬
‫التضحية بغيرها‪.‬‬
‫وأفضلها البل‪ ،‬ثم البقر‪ ،‬ثم الغنم‪.‬‬
‫ويجوز أن يضحي بغغالبعير والبقغغرة الواحغغدة عغغن سغغبعة‪ .‬روى مسغغلم )‬
‫‪ (1318‬عن جابر ‪ t‬قال‪ :‬نحرنا مع رسغغول اللغغه ‪ r‬عغغام الحديبيغغة البدنغغة‬
‫عن سبعة‪ ،‬والبقرة عن سبعة‪.‬‬
‫] البدنة‪ :‬واحدة البل ذكرا ً أم أنثى[ ‪.‬‬
‫شروطها‪:‬‬
‫السن‪ :‬وشرط البل أن يكون قد طعن في السادسة من العمر‪.‬‬
‫وشرط البقر والمعز أن يكون قد طعن في الثالثة‪.‬‬
‫أما شرط الضغغأن فهغغو أن يكغغون قغغد طعغغن فغغي الثانيغغة‪ ،‬أو أجغغدع – أي‬
‫سقطت أسنانه المامية‪ -‬ولو لم يبلغغغ سغغنة‪ ،‬لمغغا رواه أحمغغد )‪،(2/245‬‬
‫عن أبي هريرة ‪ t‬قال‪ :‬سمعت رسول اللغغه ‪ r‬يقغغول‪ " :‬نعمغغت الضغغحية‬
‫الجذع من الضأن "‪.‬‬
‫السغغلمة‪ :‬ثغغم يشغغترط بالنسغغبة لهغغذه الصغغناف الثلثغغة كلهغغا‪ :‬أن تكغغون‬
‫سالمة من العيوب التي مغغن شغغأنها أن تسغغبب نقصغغانا ً فغغي اللحغغم‪ :‬فل‬
‫تجزئ شاة عجفاء – وهي التي ذهب مخهغغا مغغن شغغدة هزالهغغا‪ -‬ول ذات‬
‫لما رواه‬ ‫عرج بّين ‪ ،‬أو ذات عورٍ أو مرض‪ ،‬ول مقطوعة بعد الذن‪.‬‬
‫الترمذي وصححه)‪ (1497‬وأبو داود)‪ (2802‬عن البراء بن عازب ‪ t‬عغغن‬
‫لضغغاحي‪ :‬العغغوراء الغغبين عورهغغا‪،‬‬ ‫النغغبي ‪ r‬قغغال‪ " :‬أربغغع ل تجغغزئ فغغي ا َ‬
‫والمريضة البين مرضها‪ ،‬والعرجاء البين عرجها‪ ،‬والعجفاء الغغتي ل تنقغغي‬
‫"‪.‬‬
‫]ل تنقي‪ :‬أي ل مغغخ لهغغا ‪ ،‬مغغأخوذة مغغن النقغغي‪ ،‬بكسغغر النغغون وإسغغكان‬
‫القاف‪ ،‬وهو المخ[‪.‬‬
‫ويقاس على هغغذه العيغغوب الربعغغة‪ ،‬كغغل مغغا يشغغبهها فغغي التسغغبب فغغي‬
‫الهزال وإنقاص اللحم‪.‬‬
‫لضحية‪:‬‬ ‫وقت ا َ‬

‫‪137‬‬
‫يبتدئ وقتهغغا بعغغد طلغغوع شغغمس يغغوم عيغغد الضغغحى بمقغغدار مغغا يتسغغع‬
‫لركعتين وخطبتين‪ ،‬ثم يستمر وقتها إلى غروب آخر أيام التشريق‪ ،‬وهي‬
‫الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة‪.‬‬
‫ضل لذبحها‪ ،‬بعد الفراغ من صغغلة العيغغد‪ ،‬لخغغبر البخغغاري )‬ ‫والوقت المف ّ‬
‫‪ (5225‬ومسلم )‪ " :(1961‬أول ما نبدأ به يومنغغا هغغذا تصغغلي ثغغم نرجغغع‬
‫فننحر‪ ،‬فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا‪ ،‬ومن ذبح قبغغل ذلغغك فإنمغغا هغغو‬
‫لحم قدمه لهله ليس من النسك في شيء " ‪ .‬ومعنى قوله‪ :‬ومن ذبغغح‬
‫قبل ذلك‪ ،‬أي قبل دخول صلة العيد‪ ،‬ومضي الزمن الذي يمكغغن صغغلتها‬
‫فيه‪ .‬وروى ابن حبان )‪ ،(1008‬عن جبير بن مطعم ‪ t‬قال‪ :‬قغغال رسغغول‬
‫الله ‪ " :r‬وكل أيام التشريق ذبح " أي وقت للذبح‪.‬‬
‫ماذا يصنع بالضحية بعد ذبحها‪:‬‬
‫لضحية واجبة‪ :‬بأن كانت منذورة أو معينغغة علغغى مغغا أوضغغحنا‬ ‫إن كانت ا َ‬
‫لم يجز للمضحي ول لحد مغغن أهلغغه الغغذين تجغغب عليغغه نفقتهغغم‪ ،‬الكغغل‬
‫منها‪ ،‬فإن أكل أحدهم منها شيئا ً غرم بدله أو قيمته‪.‬‬
‫لضحية مسنونة‪ :‬جاز له أن يأكل قليل ً منها للبركة‪ ،‬ويتصدق‬ ‫وإن كانت ا َ‬
‫بالباقي‪ ،‬وله أن يأكل ثلثها‪ ،‬ويتصدق بثلثها‪ ،‬ويتصدق بثلثها على الفقراء‪،‬‬
‫ن مغا يعطغي للغنغي‬ ‫ويهدي ثلثها لصحابه وجيرانه وإن كانوا أغنياء‪ .‬إل أ ّ‬
‫منها ما يكون على سغغبيل الهديغغة للكغغل‪ ،‬فليغغس لهغغم أن يبيعوهغغا‪ ،‬ومغغا‬
‫يعطي للفقير يكون على وجه التمليك‪ ،‬يأكلها أو يتصرف بها كما يشاء‪.‬‬
‫والصل فيما سبق قوله تعالى‪ { :‬والبدن جعلناها لكم من شغغعائر اللغغه‬
‫لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبهغغا فكلغغوا‬
‫منها واطعموا البائس الفقير} ]الحج‪[36:‬‬
‫]البدن‪ :‬جمع بدنغة‪ ،‬وهغي مغا يهغدي المحغرم مغن البغل‪ ،‬وقيغس عليهغا‬
‫الضاحي‪ .‬شغغعائر اللغغه‪ :‬علئم دينغغه‪ .‬صغغواف‪ :‬قائمغغة علغغى ثلث قغغوائم‪.‬‬
‫وجبت جنبوها‪ :‬سقطت على الرض‪ .‬البائس‪ :‬شديد الحاجة[‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وللمضحي أن يتصدق بجلد أضحيته‪ ،‬أو ينتفع هو به‪ .‬ولكن ليس له‬
‫ص مغغن الضغغحية‬ ‫أن يبيعه أو أن يعطيه للجزار أجرة ذبحه‪ ،‬لن ذلغغك نقغ ٌ‬
‫يفسدها‪ .‬ولما رواه البيهقي )‪ (9/294‬عن النبي ‪ r‬قال‪ " :‬مغغن بغغاع جلغغد‬
‫أضحيته فل أضحية له "‪.‬‬
‫سنن وآداب تتعلق بالضحية‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬إذا دخل عشر ذي الحجة‪ ،‬وعزم خلله على أن يضحي‪ ،‬نغغدب لغغه‬
‫أن ل يزيل شغغيئا ً مغغن شغغعره وأظغغافره إلغغى أن يضغغحين فليمسغغك عغغن‬
‫شعره وأظافره‪ .‬لما رواه مسلم )‪ ،(1977‬عن النبي ‪ r‬قال‪ " :‬إذا رأيتم‬
‫هلل ذي الحجة‪ ،‬وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شغغعره وأظغافره‬
‫"‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬يسن له أن يتولى ذبحها بنفسغه‪ ،‬فغغإن لغغم يفعغل لعغغذر أو غيغغره‪،‬‬
‫فليشهد ذبحها‪ ،‬لمغغا رواه الحكغغام )‪ (4/222‬بإسغغناد صغغحيح‪ :‬إنغغه ‪ r‬قغغال‬

‫‪138‬‬
‫لفاطمة رضي الله عنها‪ " :‬قغغومي إلغغى أضغغحيتك فاشغغهديها فغغإنه بغغأول‬
‫قطرة من دمها يغفر لك ما سلف من ذنوبك" قالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬هذا‬
‫لنا أهل البيت خاصة‪ ،‬أو لنا المسلمين عامة؟ قال‪ :‬بغغل لنغغا وللمسغغلمين‬
‫عامة "‪.‬‬
‫ن لحاكم المسلمين أو إمامهم أن يضحي من بيت المال عغغن‬ ‫ثالثا ً‪ :‬يس ّ‬
‫المسلمين‪ ،‬فقغد روى مسغلم)‪ (1967‬أنغه ‪ r‬ضغحى بكبغش‪ ،‬وقغال عنغد‬
‫ذبحه‪ " :‬باسم الله‪ ،‬اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد "‪.‬‬
‫ويذبحه بالمصلى‪ ،‬حيث يجتمع النغغاس لصغغلة العيغغد‪ ،‬وأن ينحغغر أو يذبغغح‬
‫بنفسه‪ ،‬روى البخاري في صغغحيحه )‪ (5232‬عغغن ابغغن عمغغر رضغغي اللغغه‬
‫عنهما قال‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬يذبح وينحر بالمصلي‪.‬‬

‫*****‬

‫‪139‬‬
‫صَ َ‬
‫لة التـراوُيح‬
‫وصلة التراويح إنما تشرع فغغي رمضغغان خاصغغة‪ ،‬وتسغغن فيهغغا الجماعغغة‬
‫وتصح فرادى‪.‬‬
‫وسميت بهذا السم لنهم كانوا يغغتروحون عقغغب كغغل أربغغع ركعغغات‪ ،‬أي‬
‫يستريحون‪ .‬وتسمى قيام رمضان‪.‬‬
‫وهي عشرون ركعة في كل ليلة من ليالي رمضان‪ ،‬يصلي كغل ركعغتين‬
‫بتسليمة‪ ،‬ووقتها بين صلة العشاء وصلة الفجر‪ ،‬وتصلى قبل الوتر‪.‬‬
‫ولو صلى أربعا ً بتسليمة واحدة لم تصح‪ ،‬لنه خلف المشروع‪.‬‬
‫هغذا ول بغد مغن النيغة مغن تعييغن‪ :‬ركعغتين مغن التراويغح‪ ،‬أو مغن قيغام‬
‫رمضان‪ ،‬ول تصح بنية النفل المطلق‪.‬‬
‫والصل في مشروعيتها على ما سبق‪:‬‬
‫ما رواه البخاري)‪ (37‬ومسلم)‪ (759‬وغيرهما‪،‬عغغن أبغغي هريغغرة ‪ t‬قغغال‪:‬‬
‫قال رسول الله ‪ " :r‬من قام رمضان إيمانا ً واحتسابا ً غفغغر لغغه مغغا تقغغدم‬
‫من ذنبه "‪.‬‬
‫] إيمانًا‪ :‬تصديقا ً بأنه حق‪ .‬احتسابًا‪ :‬إخلصا ً لله تعالى [‪.‬‬
‫وروى البخاري )‪ (882‬ومسلم )‪ (761‬واللفظ له عن عائشة رضي الله‬
‫عنها‪:‬أن النبي ‪ r‬في المسجد ذات ليلة‪ ،‬فصلى بصلته ‪.‬‬
‫س ثم صّلى من القابلة فكثر الناس‪ ،‬ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة‪ -‬أو‬ ‫نا ٌ‬
‫الرابعة – فلم يخرج إليهم رسول الله ‪ ، r‬فلما أصبح قال‪ " :‬رأيت الذي‬
‫صغغنعتم‪ ،‬فلغغم يمنعنغغي مغغن الخغغروج إليكغغم‪ ،‬إل أنغغي خشغغيت أن تفغغرض‬
‫عليكم"‪ .‬وذلك في رمضان‪.‬‬
‫] الذي صنعتم ‪ :‬أي اجتماعكم للصلة وانتظاري [‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪ ،(906‬عن عبدالرحمن بن عبد القاري قال‪ :‬خرجت مغغع‬
‫عمغغر ابغغن الخطغغاب فغغي رمضغغان إلغغى المسغغجد‪ ،‬فغغإذا النغغاس أوزاعٌ‬
‫متفرقون‪ ،‬يصلي الرجل لنفسه‪ ،‬ويصلي الرجل فيصلي بصلته الرهط‪.‬‬
‫فقال عمر‪ :‬إني أرى لو جمعت هؤلء على قارئ واحد لكغغان أمثغغل‪ ،‬ثغغم‬
‫ي كعب ‪ ،‬ثم خرجغغت معغغه ليلغغة أخغغرى والنغغاس‬ ‫ُ‬
‫عزم فجمعهم على أب ّ‬
‫يصلون بصلة قارئهم‪،‬فقال عمر‪ :‬نعمت البدعة هذه‪ ،‬والتي ينامون عنها‬
‫أفضل من التي يقومون‪ .‬يعني آخر الليل‪ ،‬وكان الناس يقومون أوله‪.‬‬
‫] أوزاع‪ :‬جماعات‪ .‬الرهط‪ :‬ما دون العشرة من الرجال‪ .‬نعمغغت البدعغغة‬
‫ل مستحسن‬ ‫هذه‪ :‬حسن هذا الفعل‪ .‬والبدعة‪ :‬ما استحدث على غير مثا ٍ‬
‫فيه‪ ،‬وذميمة مرفوضة إن خالفته‪ ،‬أو اندرجت تحغغت مسغغتقبح فيغغه‪ ،‬وإن‬
‫لم تخالف الشرع ولم تندرج تحت أصل فيه كانت مباحة[ ‪.‬‬
‫وروى البيهقي وغيره بإسناد صحيح)‪ :(2/496‬أنهم كانوا يقومغغون علغغى‬
‫عهد عمر ابن الخطاب ‪ t‬شهر رمضان بعشرين ركعة‪ .‬وروى مالك في‬
‫الموطأ)‪ :(1/115‬كان الناس فغغي زمغغن عمغغر‪ ‬يقومغغون فغغي رمضغغان‬

‫‪140‬‬
‫ث وعشرين ركعة‪ .‬وجمع الغغبيهقي بيغغن الروايغغتين بغغأن الثلث كغغانت‬
‫بثل ٍ‬
‫وترًا‪.‬‬

‫*****‬

‫‪141‬‬
‫سوف‬
‫والخ ُ‬
‫سوف َ‬ ‫صَ َ‬
‫لة الك ُ‬
‫التعريف بهما وزمن مشروعيتهما‪:‬‬
‫تطلق كلمة الكسوف لغة على احتجاب ضوء الشمس احتجابا ً جزئيغا ً أو‬
‫كليًا‪ ،‬وتطلق كلمة الخسغغوف علغغى احتجغغاب نغغور القمغغر جزئيغا ً أو كليغًا‪،‬‬
‫ويجوز إطلق كل من الكلمتين على كل من المعنيين‪.‬‬
‫وصلة الكسوف والخسوف مغن الصغلوات المشغغروعة لسغبب‪ ،‬يلتجغئ‬
‫فيها المسلم إلى الله عز وجل أن يكشف البلء ويعيد الضياء‪.‬‬
‫وقغغد شغغرعت صغغلة الكسغغوف فغغي السغغنة الثانيغغة للهجغغرة‪ ،‬أمغغا صغغلة‬
‫خسوف القمر فقد شرعت في السنة الخامسة منها‪.‬‬
‫حكمها‪:‬‬
‫هي سغغنة مؤكغغدة‪ ،‬لقغغوله ‪ ،r‬فيمغغا رواه مسغغلم )‪ " :(904‬إن الشغغمس‬
‫والقمر من آيات الله ل ينكسفان لموت أحد ول لحياته‪ ،‬فإذا رأيتم ذلغغك‬
‫فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم " ولفعله ‪ r‬لها‪ ،‬كمغغا سغغيأتي‪ .‬وإنمغغا‬
‫لم يفسر المر في هذا الحديث على وجغغه الوجغغوب‪ ،‬لخغغبر‪ :‬إن أعرابي غا ً‬
‫ي غيرها؟‬‫سأل النبي ‪ r‬عن الصلوات الخمس فقال‪ :‬هل عل ّ‬
‫فقال عليه الصلة والسغغلم‪ " :‬ل‪ ،‬إل ّ أن تطغغوع"‪) .‬البخغغاري‪46:‬؛ وتسغغن‬
‫فيها الجماعة‪ ،‬وينادى لها‪ " :‬الصلة جامعة "‪.‬‬
‫كيفيتها‪:‬‬
‫صلة الكسوف والخسوف ركعتان‪ ،‬ينوي بهما المصلي صلة الكسغغوف‬
‫أو الخسوف‪ ،‬ولها كيفيتان‪ :‬أدنى ما تصح به‪ ،‬وأكمل الوجوه في أدائها‪.‬‬
‫• فأما الكيفية التي تتحقغغق بهغغا أدنغغى درجغغات الصغغحة‪ :‬فهغغي أن‬
‫يكون في كل ركعة قيامان‪ ،‬وقراءتان‪ ،‬وركوعان‪ ،‬كالعادة بدون‬
‫تطويل‪ .‬ويصغغح أن يصغغلها ركعغغتين بقيغغامين وركغغوعين‪ ،‬كصغغلة‬
‫الجمعة‪ ،‬ويكون تاركا ً للفضيلة‪ ،‬لمخالفته لفعل النبي ‪.r‬‬
‫• وأما الكيفية الكاملة‪ :‬فهي أن يكون فغغي كغغل ركعغغة منهمغغا‬
‫قيامان يطيل القراءة في كل منهما‪ ،‬بأن يقرأ في القيغغام الول‬
‫من الركعة الولى بعد الفاتحغغة سغغورة البقغغرة أو مقغغدارها مغغن‬
‫السور الخرى‪ ،‬وفي القيام الثاني ما يساوي مغغائتي آيغغة‪ ،‬وفغغي‬
‫القيام الول من الركعة الثانية مقدار مائة وخمسين منها‪ ،‬وفي‬
‫القيام الثاني منها ما يساوي مائة آية من سورة البقرة‪.‬‬
‫ثم إذا ركع أطال الركوع بما يساوي مائة آية تقريب غًا‪ ،‬فغغإذا ركغغع الركغغوع‬
‫الثاني أطاله بمقدار ثمانين آيغغة‪ ،‬والثغغالث بمقغغدار سغغبعين آيغغة‪ ،‬والرابغغع‬
‫بمقدار خمسين‪.‬‬
‫فإذا أتموا الصلة خطب المغغام بعغغد خطبغغتين – كخطبغغتي الجمعغغة فغغي‬
‫الركغغان والشغغروط – يحغغث النغغاس فيهمغغا علغغى التوبغغة وفعغغل الخيغغر‪،‬‬
‫ويحذرهم من الغفلة والغترار‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫روى الترمذي)‪ (562‬وقال حسن صحيح‪ ،‬عن سمرة بن جندب ‪ t‬قغغال‪:‬‬
‫صلى بنا النبي ‪ r‬في كسوف ل نسمع له صوتًا‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪ (1016‬؛)‪ ،(901‬عن عائشة رضي الله عنها‪ :‬جهر النبي‬
‫‪ r‬فغغي صغغلة الخسغغوف بقراءاتغغه‪ .‬فحمغغل الول علغغى صغغلة كسغغوف‬
‫الشمس لنها نهارية‪ ،‬والثاني على خسوف القمر لنها ليلية‪.‬‬
‫دليل ذلك ما رواه البخاري)‪(947‬؛ ومسغغلم)‪ ،(901‬عغغن عائشغغة رضغغي‬
‫الله عنها قالت‪ :‬خسفت الشمس في حياة النبي ‪ ،r‬فخرج رسغغول اللغغه‬
‫‪ r‬إلى المسجد‪ ،‬فقام فكبر وصف الناس وراءه‪ ،‬فغغاقترأ قغغراءة طويلغغة‪،‬‬
‫" سغغمع اللغغه لمغغن‬ ‫ل‪ ،‬ثمر رفع رأسه فقال‪:‬‬ ‫ثم كبر فركع ركوعا ً طوي ً‬
‫حمده ربنا لغك الحمغد"‪ ،‬ثغغم قغام فغغاقترأ قغغراءة طويلغغة هغي أدنغى مغن‬
‫القراءة الولى ثم كبر فركع ركوعا ً هو أدنى من الركوع الول‪ ،‬ثم قغغال‪:‬‬
‫" سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد" ‪ .‬ثم سجد – وفغغي روايغغة أخغغرى‬
‫فأطال السجود – ثم فعل بالركعة الخرى مثل ذلك حتى استكمل أربغغع‬
‫ركعات‪ ...‬أي أربع ركوعات وأربع سغغجدات‪ ،‬وانجلغغت الشغغمس قبغغل أن‬
‫ينصرف‪ .‬ثم قام فخطب الناس‪ ،‬فأثنى على الله بما هو أهله‪ ،‬ثغغم قغغال‪:‬‬
‫" إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله عز وجل‪ ،‬ل ينخسفان لموت‬
‫أحد ول لحياته‪ ،‬فإذا رأيتموهما فغغافزعوا إلغغى الصغغلة "‪ .‬وفغغي روايغغة‪" :‬‬
‫فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبغروا وصلوا وتصدقوا "‪.‬‬
‫] في حياة ‪ ...‬وافق هذا يغغوم مغغوت ولغغده إبراهيغغم عليغغه السغغلم‪ ،‬وقغغد‬
‫كغغانوا فغغي الجاهليغغة إذا خسغغف القمغغر أو كسغغفت الشغغمس‪ ،‬ظنغغوا أن‬
‫عظيما ً من العظماء قد مات‪ ،‬فزعموا ذلك لما وافق كسغغوف الشغغمس‬
‫موت إبراهيم عليه السلم‪ ،‬فأبطل لهم رسول الله ‪ r‬هذا الزعم بقغغوله‪:‬‬
‫" ل ينخسفان لموت أحد ول لحياته "‪ .‬انجلت‪ :‬صفت وعاد نورها‪.‬‬
‫ينصرف‪ :‬يفزع من الصلة‪ .‬أربع ركعات‪ :‬أي أربع ركوعات ‪.‬‬
‫ثم إن كغغانت الصغغلة لكسغغوف الشغغمس أسغغر القغغراءة‪ ،‬ويحغغذرهم مغغن‬
‫الغفلة والغترار‪.‬‬
‫صلة الكسوف والخسوف ل تقضيان‪:‬‬
‫إذا فغغات وقغغت صغغلة الكسغغوف والخسغغوف‪ ،‬بغغأن انجلغغت الشغغمس أو‬
‫انجلى القمر‪ ،‬قبل أن يصغلي‪ ،‬لغم يشغرع قضغاؤها‪ ،‬لنهغا مغن الصغلوات‬
‫المقرونة بأسبابه‪ ،‬فإذا ذهب السبب فقد فات موجبها‪.‬‬
‫الغسل لصلة الكسوف‪:‬‬
‫ويسغغن الغتسغغال لصغغلة الكسغغوف والخسغغوف‪ ،‬فيغتسغغل قبلهمغغا كمغغا‬
‫يغتسغغل لصغغلة الجمعغغة‪ ،‬لنهغغا فغغي معناهغغا مغغن حيغغث الجتمغغاع ونغغدب‬
‫الجماعة‪.‬‬

‫‪143‬‬
*****

144
‫سِتس َ‬
‫قاء‬ ‫صَ َ‬
‫لة ال ْ‬
‫التعريف بها‪:‬‬
‫هي صلة تشرع عند احتباس مطر أو جفغغاف نبغغع‪ ،‬وهغغي مسغغنونة عنغغد‬
‫ظهور سببها‪ ،‬وتفوت بزوال السبب‪ ،‬كأن تنزل المطار‪ ،‬أو يجري النبع‪.‬‬
‫كيفيتها‪:‬‬
‫للستسقاء المندوب ثلث كيفيات‪:‬‬
‫أدناها‪ :‬مطلق الدعاء في أي الوقات أحب‪.‬‬
‫أوسطها‪ :‬الدعاء بعد ركوع الركعغغة الخيغغرة مغغن الصغغلوات المكتوبغغة‪،‬‬
‫وخلف الصلوات ‪.‬‬
‫وأكملها‪ - :‬وهو ما عقغغد بغغاب صغغلة الستسغغقاء لبيغغانه‪ -‬أن تتغغم علغغى‬
‫الكيفية التالية‪:‬‬
‫ل‪:‬‬‫أو ً‬
‫يبدأ المام أو نائبه فيأمر الناس بما يلي‪:‬‬
‫) أ ( التوبة الصادقة‪.‬‬
‫) ب ( الصغغدقة علغغى الفقغغراء‪ ،‬والخغغروج عغغن المظغغالم‪ ،‬وإصغغلح ذات‬
‫البين‪.‬‬
‫) ج ( صيام أربعة أيام متتابعة‪.‬‬
‫واستحبت هذه المور لما لها من أثر في استجابة الدعاء‪ ،‬كما ثبت فغغي‬
‫الحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫ثانيًا‪:‬‬
‫يخرج المام بهم في اليوم الرابع من أيام صيامهم‪ ،‬وهم صغغائمون فغغي‬
‫ثياب بذلة وخشوع واستكانة‪ ،‬على الفلة‪ ،‬فيصغغلي بهغغم المغغام أو نغغائبه‬
‫ركعتين كركعتي صلة العيد تمامًا‪.‬‬
‫روى ابن ماجه )‪ (1266‬وغيره‪ ،‬عن ابن عباس رضي الله عنهمغغا قغغال‪:‬‬
‫خرج رسول اللغغه ‪ r‬متواضغغعا ً متبغغذل ً متخشغغعا ً مترسغل ً متضغغرعا ً فصغغلى‬
‫ركعتين كما يصلي في العيد‪.‬‬
‫] متضرعًا‪ :‬مظهرا ً للضراعة‪ ،‬وهي التذلل عند طلب الحاجة [‪.‬‬
‫ثالثًا‪:‬‬
‫إذا أتموا الصلة خطب المام فيهم خطبغغتين‪ ،‬كخطبغغتي العيغغد‪ ،‬غيغغر أن‬
‫ينبغي أن يفتحهما بالستغفار تسعا ً في الولى‪ ،‬وسبعا ً في الثانيغغة‪ ،‬بغغدل ً‬
‫عن التكبير‪.‬‬
‫لقوله تعالى‪  :‬استغفروا ربكم إنه كان غفارا ً * يرسل السماء عليكغغم‬
‫] نوح‪ [10,11:‬أي كثيرة الدر‪ ،‬والمراد المطر الكثير‪.‬‬ ‫مدرارا ً }‬
‫فإذا بدأ الخطبغغة الثانيغغة‪ ،‬ومضغغى نحغغو ثلثهغغا‪ ،‬اسغغتقبل الخطيغغب القبلغغة‬
‫واستدبر المصلين‪ ،‬وحول رداءه بأن يجعل أعله أسغغفله وأسغغفله أعله‪،‬‬
‫واليمن على اليسر‪ ،‬واليسر على اليمن‪ ،‬إظهغغارا ً للمزيغغد مغغن التغغذلل‬
‫لله عز وجل‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫روى ابن ماجه )‪ ،(1268‬عن أبي هريغغرة ‪ t‬قغغال‪ :‬خغغرج رسغغول اللغغه ‪r‬‬
‫يوما ً يستسقي‪ ،‬فصلى بنا ركعغغتين بل أذان ول إقامغغة‪ ،‬ثغغم خطبنغغا ودعغغا‬
‫الله‪ ،‬وحول وجهه نحو القبلة رافعا ً يديه‪ ،‬ثم قلب رداءه‪ :‬فجعغغل اليمغغن‬
‫على ا ليسر واليسر على اليمن‪.‬‬
‫ويسن أن يفعل الناس مثله‪.‬‬
‫ويسن للخطيب أن يكثر من الستغفار والدعاء والتوبغغة والتضغغرع‪ ،‬وأن‬
‫يتوسلوا بأهل الصلح والتقوى‪.‬‬
‫وروى البخغغاري )‪ (964‬عغغن أنغغس ‪ .t‬أن عمغغر بغغن الخطغغاب ‪ t‬كغغان إذا‬
‫قحطوا استسغغقى بالعبغغاس بغغن عبغغد المطلغغب‪ ‬فقغغال‪ :‬اللهغغم إنغغا كنغغا‬
‫نتوسل إليك بنبينا فتسقينا‪ ،‬وإنا نتوسغغل إليغغك بعغغم نبينغغا فاسغغقنا‪ .‬قغغال‪:‬‬
‫فيسقون‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬يسن أن يخرجوا معهغغم إلغغى المصغغلى الولد الصغغغار والشغغيوخ‬
‫والبهائم لن المصيبة التي يخرجون من أجلها تعمهغغم جميعغًا‪ ،‬ول ينبغغغي‬
‫أن يمنع أهل الذمة من حضورها‪.‬‬
‫بعض الدعية الواردة في الستسقاء‪:‬‬
‫اللهم اجعلها سقيا ً رحمة‪ ،‬ول تجعلها سقيا ً عذاب‪ ،‬ول محغق ول بلء‪ ،‬ول‬
‫هدم ول غرق‪ .‬اللهغغم علغغى الظغغراب والكغغام‪ ،‬ومنغغابت الشغغجر وبطغغون‬
‫الودية‪ ،‬اللهغغم حوالينغغا ول علينغغا‪ .‬اللهغغم اسغغقنا غيث غا ً مغيث غًا‪ ،‬هنيئا ً مغغريئا ً‬
‫ل‪ ،‬دائما ً إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫مريعًا‪ ،‬سحا ً عاما ً غدقا ً طبقا ً مجل ً‬
‫اللهم اسقنا الغيث ول تجعلنا من القانطين‪ ،‬اللهم إن بالعباد والبلد من‬
‫الجهد والجوع والضنك‪ ،‬ما ل نشكو إل إليك‪ .‬اللهم أنبت لنغغا الغغزرع وأدّر‬
‫لنا الضغغرع‪ ،‬وأنغغزل علينغغا مغغن بركغغات السغغماء‪ ،‬وأنبغغت لنغغا مغغن بركغغات‬
‫الرض‪ ،‬واكشف عنا من البلء ما ل يكشفه غيرك‪ ،‬اللهغغم إنغغا نسغغتغفرك‬
‫إنك كنت غفارًا‪ ،‬فأرسل السماء علينا مدرارًا‪.‬‬
‫] الظراب‪ :‬جمع ظرب وهو الجبل الصغير أو الرابيغغة الصغغغيرة‪ .‬الكغغام‪:‬‬
‫جمع أكمغغة وهغغي الغغتراب المجتمغغع‪ ،‬أو الهضغغبة الضغغخمة‪ .‬غيثغًا‪ :‬مطغغرًا‪.‬‬
‫مغيثغًا‪ :‬منقغغذا ً مغغن الشغغدة‪ .‬هنيئًا‪ :‬طيبغا ً ل ينغصغغه شغغئ‪ .‬مغغريئًا‪ :‬محمغغود‬
‫العاقبة منميًا‪ .‬مريعًا‪ :‬مخصبا ً فيه الريع وهو الزيادة‪ .‬سغغحا ً شغغديد الوقغغع‬
‫على الرض‪ .‬غدقًا‪ :‬كثيرًا‪ .‬طبقًا‪ :‬مستوعبا ً لنواحي الرض‪.‬‬
‫ل‪ :‬يجلل الرض ويعمها‪ .‬دائمًا‪ :‬مستمرا ً نفعه إلى انتهاء الحاجة إليه‪.‬‬ ‫مجل ً‬
‫القغغانطين‪ :‬اليسغغين بتغغأخير المطغغر‪ .‬الجهغغد‪ :‬المشغغقة‪ .‬الضغغنك‪ :‬الضغغيق‬
‫والشدة‪ ،‬أدر‪ :‬من الدرار وهو الكثار‪ .‬الضرع‪ :‬أضغغرعت الشغغاه أي نغغزل‬
‫لبنها قبل النتاج‪ ،‬أي قبل وضعها حملها[‪.‬‬
‫) رواه البخاري‪967:‬؛ ومسغغلم ‪897 :‬؛ وأبغغو داود ‪1169‬؛ والشغغافعي‪":‬‬
‫الم ‪ ، "1/222‬وغيرهم(‪.‬‬

‫‪146‬‬
*****

147
‫جَناَزة‬ ‫أح َ‬
‫كام ال َ‬ ‫ْ‬

‫تذكر الموت‪:‬‬
‫اعلم أنه يسن لكل إنسان أن يكثر مغغن ذكغغر المغغوت‪ ،‬لحغغديث " أكغغثروا‬
‫من ذكر هاذم اللذات " أي الذي يقطعها بسرعة وهو الموت ‪.‬‬
‫)رواه ابن حبان‪ ،2559 :‬وغيره(‪ ،‬وأن يستعد له بالتوبة والستقامة مغغع‬
‫الله تعالى‪ ،‬سواء كان شابا ً أو كهل ً أو شيخا ً مسنًا‪ ،‬وسواء كغغان صغغحيحا ً‬
‫أو مريضًا‪ ،‬فإن الجل محجوز في غيب الله تعالى‪ ،‬وليس الموت أقغغرب‬
‫إلى الشيخ الكبير من الشاب الصغير‪ ،‬كما أنه ليس أقرب إلى المريغغض‬
‫من الصحيح‪ ،‬فرب شاب اختطفه الموت بين يوم وآخر‪.‬‬
‫فإذا نزل المرض بالنسان‪ ،‬كان تذكر الموت له آكد‪ ،‬وأخذ الستعداد له‬
‫ألزم وأهم‪.‬‬
‫ما يطلب فعله بالمسلم حين احتضاره‪:‬‬
‫الحتضار‪ :‬هو ظهور دلئل المغغوت علغغى المريغغض‪ ،‬وبغغدء السغغكرات أي‬
‫نزع الروح من جسده‪.‬‬
‫‪ -1‬فإذا وصل المريض إلى درجة الحتضار‪،‬ندب لله أن يضجعونه علغغى‬
‫جنبه اليمن متجها ً بوجهه إلى القبلغغة‪ ،‬فغغإن صغغعب ذلغغك أضغغجعوه علغغى‬
‫قفاه وجعلوا وجهه مرفوعا ً قليل ً بحيث يوجه إلى القبلة‪ ،‬وكذا أخمصغغاه‪،‬‬
‫وهما أسفل الرجل‪ ،‬يسن توجيهها إلى القبلة‪.‬‬
‫‪ -2‬يسن أن يلقن الشهادة وهي كلمة " ل إلغغه إل اللغغه " بشغغكل رفيغغق‬
‫وبدون إلحاح‪ ،‬وذلك بأن يردد على سمعه كلمغغة ل إلغغه إل اللغغه‪ ،‬دون أن‬
‫يأمره بقولها‪ ،‬لخير مسلم )‪ ،916‬غ ‪ " (917‬لقنوا موتاكم‪ :‬ل إلغغه إل اللغغه‬
‫"‪.‬‬
‫‪ -3‬يسن أن يقرأ عنده سورة يس لحديث‪ " :‬اقرءوا على موتاكم يس"‬
‫)رواه أبو داود‪3121 :‬؛ وابن حبان‪ ،720 :‬وصححه(‪ ،‬والمقصود بموتاكم‬
‫من قد حصره الموت‪.‬‬
‫‪ -4‬يسن للمريض الذي شغغعر بنغغذير المغغوت وسغغكراته ن يحسغغن ظنغغه‬
‫بالله تعالى‪ ،‬وأن يلقي صور آثغغامه ومعاصغغيه وراء ظهغغره‪ ،‬متصغغورا ً أنغغه‬
‫يقبل على رب كريم يغفر له الذنوب كلها‪ ،‬ما دام محافظا ً علغغى إيمغغانه‬
‫وتوحيده‪ ،‬له‪ ،‬للحديث الصحيح‪ ":‬أنا عند ظن عبدي بي" )رواه البخغغاري‪:‬‬
‫‪6870‬؛ ومسلم‪.(2675 :‬‬

‫ما يطلبه فعله بالمسلم عقب موته‪:‬‬


‫إذا مات وفاضت روحه ‪ ،‬ندب تنفيذ المور التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تغميض عينيه‪ ،‬وشد لحييه بعصابة‪ ،‬ولئل يبقى فمه مفتوحًا‪.‬‬
‫ولن النبي ‪ r‬دخل على أبي سلمة ‪ t‬عنه وقد شق بصغغره – أي شغغخص‬
‫فأغمضه‪) .‬رواه مسلم‪.(920:‬‬

‫‪148‬‬
‫‪ -2‬تليين مفاصله‪ ،‬ورد كل منها إلى مكانه‪،‬بأن يليغغن سغغاعده ثغغم يمغغده‬
‫إلى عضده وكذلك رجليه وبقية أعضائه‪.‬‬
‫‪ -3‬وضع شئ ثقيل على بطنه‪ ،‬كي ل ينتفخ ‪ ،‬فيقبح منظره‪ ،‬كمغغا ينغغدب‬
‫ستر جميع بدنه بثوب خفيف‪.‬‬
‫‪ -4‬يسن نزع جميع ثيغغابه منغغه‪ ،‬ووضغغعه علغغى سغغريره ونحغغوه ممغغا هغغو‬
‫مرتفع عن الرض‪ ،‬وتوجيهه للقبلة كساعة الحتضار‪ ،‬وليتول فعغغل ذلغغك‬
‫أرفق محارمه به‪.‬‬
‫ما يجب فعله إذا فارق النسان الحياة وتحقق موته‪:‬‬
‫يندب المبادرة فورا ً إلى تجهيزه‪ ،‬أي إلى غسله وتكفينغغه والصغغلة عليغه‬
‫ودفنه‪ .‬وهذه الربعة أجمع المسلمون علغغى أنهغغا فغغروض كفايغغة‪ ،‬تتعلغغق‬
‫بجميع المسلمين من أهل البلدة‪ ،‬إذا لم يقم أحد منهم بها أثم الجميع‪.‬‬
‫‪ -1‬غسل الميت‪:‬‬
‫وأول أعمال التجهيز هو الغسل وله كيفيتان‪:‬‬
‫الكيفية الولى‪:‬‬
‫وهي أقل ما يتحقق به معنى الغسل ويرتفع به الثم‪ ،‬هي‪ :‬أن يغغزال مغغا‬
‫قد يكون على جسمه من النجاسة‪ ،‬ثم يعمم سائر بدنه بالماء‪.‬‬
‫الكيفية الثانية‪:‬‬
‫وهي أكمل ما تتحقق به السنة‪ ،‬أن يتبع غاسله ما يلي‪:‬‬
‫أول ً‪ :‬يوضع الميغغت فغغي مكغغان خغغال علغغى مرتفغغع كلغغوح ونحغغوه‪،‬‬
‫وتستر عورته بقميص أو نحوه‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬يجلسه الغاسل على المغتسل مغغائل ً إلغغى الغغوراء‪ ،‬ويسغغند رأسغغه‬
‫بيده اليمنى‪ ،‬ويمر بيده اليسرى على بطنه بتحامل وشده ليخرج ما قغغد‬
‫يكون فيه ‪ ،‬ثم يلف يده اليسغغرى بخرقغغة أو قفغغاز ويغسغغل سغغوأتيه‪ ،‬ثغغم‬
‫يتعهد فمه ومنخريه فينظفها‪،‬ثم يوضئه كما يتوضأ الحي‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬يغسل رأسغغه ووجهغغه بصغغابون ونحغغوه مغغن المنظفغغات‪ ،‬ويسغغرح‬
‫شعره إن كان له شعر‪ ،‬فإن نتف منه شئ أعاده إليه ليدفنه معه‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬يغسل كامل شقه اليمن مما يلي وجهه‪ ،‬ثم شغغقه اليسغغر ممغغا‬
‫يلي وجهه أيضًا‪ ،‬ثم يغسل شقه اليمن مما يلي القفا ثغغم شغغقه اليسغغر‬
‫مما يلي القفا أيضًا‪ ،‬وبذلك يعمم جسمه كله بالماء‪ .‬فهذه غسلة أولغغى‪،‬‬
‫ويسن أن يكرر مثل هذه الغسلة مرتين أخريين‪ ،‬وبذلك يتم غسله ثلث‬
‫مرات‪ ،‬وليمزج بالماء شيئا ً من الكغغافور فغغي الغسغغلة الخيغغرة‪ ،‬إذا كغغان‬
‫الميت غير محرم‪.‬‬
‫والدليل على ما سبق‪ :‬ما رواه البخاري)‪(156‬؛ ومسلم)‪ ،(939‬عغغن أم‬
‫عطية النصارية رضي الله عنها قالت‪ :‬دخل علينا رسغغول اللغغه ‪ r‬ونحغغن‬
‫نغسل ابنته فقال‪ ":‬اغسلنها ثلثا ً أو خمسا ً أو أكغغثر مغغن ذلغغك إن رأيتغغن‪،‬‬
‫بماء وسدر‪ ،‬واجعلغغن فغغي الخغغرة كغغافورًا‪ ،‬و شغغيئا ً مغغن كغغافور‪ ،‬وابغغدأن‬
‫بميامنها ومواضع الوضوء منها"‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫] صدر‪ :‬ورق مدقوق لنوع من الشجر يستعمل في التنظيف‪.‬‬
‫كافور‪ :‬كمام النخل وهو زهره[ ‪.‬‬
‫فإن كان محرمًا‪ ،‬غسل كغيره‪ ،‬دون أن يمس كغغافورا أو غيغغره ممغغا لغغه‬
‫ً‬
‫رائحة طيبة‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ ،(1208‬عن ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬أن رجل ً وقصه‬
‫بعيره‪ ،‬ونحن مغغع النغبي ‪ r‬وهغو محغغرم‪ ،‬فقغال النغغبي ‪ :r‬واغسغغلوه بمغاء‬
‫وسدر وكفنوه في ثوبين‪ ،‬ولتمسوه طيب غا ً ول تخمغغروا رأسغغه فغغإن اللغغه‬
‫يبعثه يوم القيامة ملبدا ً وفي رواية ملبيا ً "‪.‬‬
‫] وقصه ‪ :‬رواه على الرض وداس عنقه‪ .‬تخمغغروا‪ :‬تغطغغوا‪ .‬ملبغغدًا‪ :‬مغغن‬
‫التلبيد‪ ،‬والتلبيد‪ :‬هو أن يجعل فغغي شغغعره شغغيئا ً مغغن صغغمغ ونحغغوه عنغغد‬
‫الحرام‪ ،‬ليلتصق بعض ببعض‪ ،‬فل يتساقط منه شئ‪ ،‬ول ينشأ فيغغه شغغئ‬
‫من الحشرات كالقمل ونحوه‪ .‬ملبيًا‪ :‬أي وهو يلبي كما كان عند موته[‪.‬‬
‫ويجب أن يغسل الرجل والمرأة‪ ،‬كما يؤخذ مغغن الحغغاديث السغغابقة‪ ،‬إل‬
‫أن الرجل أن يغسل زوجته‪ ،‬وللزوجة أن تغسل الرجل إل امرأة أجنغغبيه‬
‫سقط الغسل‪ ،‬واستعيض عنه بالتيمم‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واعلغغم أن غسغغل الميغغت إنمغغا شغغرع تكريمغا لغغه وتنظيفغا‪ ،‬فهغغو واجغغب‬
‫بالنسبة لكل ميت مسلم‪ ،‬إل شهيد المعركة كما ستعلم‪.‬‬
‫‪ -2‬التكفين‪:‬‬
‫ف الميت بثوب يستر جميغغع بغغدنه‪ ،‬ورأسغغه‬ ‫أقل التكفين المطلوب أن يل ّ‬
‫إن كان غير محرم‪ ،‬والواجب ثوب يستر العورة على الصح‪.‬‬
‫وأكمله أن ي ُْنظر‪ :‬فإن كان ذكرًا‪ ،‬كفن في ثلثة أثواب بيض‪ ،‬وتكون كلها‬
‫لفائف طويلة على قدر طوله‪ :‬عراضا ً بحيث تلتف كل واحدة منها علغغى‬
‫فن بغير البيض كما يكغغره أن يكفغغن بمغغا يشغغبه‬ ‫جميع بدنه‪ .‬فيكره أن يك ّ‬
‫ْ‬
‫القميغغص‪ ،‬أو أن يسغغتر رأسغغه بمغغا يشغغبه العمامغغة‪ .‬لمغغا رواه البخغغاري)‬
‫ن رسغغول‬ ‫‪(1214‬؛ ومسلم)‪ ،(941‬عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬ك ُ ّ‬
‫ف َ‬
‫ض سحولية‪ ،‬ليس فيها قميص ول عمامة‪.‬‬ ‫ب بي ٍ‬
‫الله في ثلثة أثوا ٍ‬
‫] سحولية‪ :‬ثياب بيض نقية ل تكون إل من القطن‪ ،‬وقيل‪ :‬منسوبة إلغغى‬
‫بلد في اليمن[‪.‬‬
‫ولمغا رواه الترمغغذي)‪ (994‬وغيغره‪ :‬أنغغه ‪ ‬قغال‪ " :‬البسغوا مغن ثيغابكم‬
‫البياض‪ ،‬فإنها خير ثيابكم‪ ،‬وكفنوا فيها موتاكم "‪.‬‬
‫وإن كانت أنثى‪ :‬ندب أن تكفن في خمسة أثواب بيض هغغي‪ :‬إزار يسغغتر‬
‫من سرتها إلى أدنى جسمها‪ ،‬وخمار يستر رأسها‪ ،‬وقميص يسغغتر أعلغغى‬
‫جسغغمها إلغغى مغغا دون الزار‪ ،‬ولفافتغغان تحتغغوي كغغل منهمغغا علغغى جميغغع‬
‫جسدها‪.‬‬
‫لما رواه أبو داود )‪ (3157‬وغيره‪ :‬أن النبي ‪ ‬أمغغر أن تكفغغن ابنتغغه أم‬
‫كلثوم رضي الله عنها في ذلك‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫وهذا في غير المحرم كما علمت‪ ،‬فإن كان الميت محرما ً وجب كشغغف‬
‫رْأسه‪ ،‬لما مّر من حديث الذي وقصته ناقته وهو محغغرم‪ ،‬ووجغغه المغغرأة‬
‫المحرمة في هذا كرْأس الرجل‪.‬‬
‫ويجب أن يكون قماش الكفن من جنس ما يجوز للميت لبسه لغغو كغغان‬
‫حيًا‪ ،‬فل يجوز أن يكفن الذكر بغغالحرير البلغغدي‪ .‬وينبغغغي أن يجعغغل علغغى‬
‫منافذ جسمه وأعضاء سجوده قطن عليه حنوط أو كافور‪ ،‬وتشغغد خغغرق‬
‫ل في القبر‪.‬‬ ‫على اللفائف‪ ،‬ثم تح ّ‬

‫‪ -3‬الصلة على الميت‪:‬‬


‫ودل على مشروعيتها‪ :‬ما رواه البخاري )‪(1188‬؛ ومسلم )‪ ،(951‬عغغن‬
‫أبي هريرة ‪ :‬أن رسول الله ‪ ‬نعى النجاشي فغغي اليغغوم الغغذي مغغات‬
‫فيه‪ ،‬فخرج إلى المصلى‪ ،‬فصف بهم‪ ،‬وكبر أربعًا‪.‬‬
‫ول تصح إل بعد غسله‪ ،‬وكيفيتها كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يكبر تكبيرة الحرام ناويا ً الصلة على الميغغت‪ ،‬وكيفيغغة النيغغة أن‬
‫يخطر في باله‪ :‬أن يصلي أربع تكبيرات على هذا الميت فغغرض‬
‫كفاية‪.‬‬
‫‪ -2‬فإذا كبر‪ ،‬وضغغع يغغديه علغغى صغدره مثغغل الصغغلة العاديغغة‪ ،‬وقغغرأ‬
‫الفاتحة‪.‬‬
‫م الفاتحة كبر تكبيرة ثانية‪ ،‬رافعا ً يديه إلى شحمة أذنيغغه‪،‬‬ ‫‪ -3‬وإذا أت ّ‬
‫ثم وضع يديه مرة أخرى على صدره‪ ،‬وقرأ أي صيغة مغغن صغغيغ‬
‫الصلة على النبي‪ ،‬وأفضلها الصغغلة البراهيميغغة الغغتي مغغرت‬
‫معك في أحكام الصلة‪.‬‬
‫‪ -4‬ثم يكبر التكبيرة الثالثة‪ ،‬ويغغدعو للميغغت بعغغدها‪ ،‬وهغغو المقصغغود‬
‫العظم من الصغغلة علغغى الميغغت‪ .‬روى البخغغاري)‪ ،(1270‬عغغن‬
‫طلحة بن عبدالله بن عوف قال‪ :‬صليت خلف ابن عباس رضي‬
‫ة‪ ،‬فقرأ بفاتحة الكتاب‪ ،‬فقال‪ :‬ليعلموا أنها‬ ‫الله عنهما على جناز ٍ‬
‫سنة‪.‬‬
‫وروى النسائي )‪ ((4/57‬بإسناد صحيح عن أبي أمامة بن سغغهل ‪ ‬أنغغه‬
‫أخبره رجل من ًاصحاب النبي‪ :‬أن السنة في الصلة على الجنازة أن‬
‫يكبر المام‪ ،‬ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الولى سرا ً في نفسغغه‪،‬‬
‫ثم يصلي على النبي ‪ ‬ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات‪ ،‬ول يقغغرأ‬
‫في شئ منهن‪ ،‬ثم يسلم سرا ً في نفسه‪.‬‬
‫وأقل الدعاء أن يقول‪ :‬اللهم ارحمه أو اغفر له‪.‬‬
‫وأكملغه أن يغدعو لغه بالغدعاء المغأثور عغن النغبي ‪ :‬فيغدعو أول ً بهغذا‬
‫الدعاء‪ " :‬اللهم اغفر لحينا وميتنغغا‪ ،‬وشغغاهدنا وغائبنغغا‪ ،‬وصغغغيرنا وكبيرنغغا‪،‬‬

‫‪151‬‬
‫وذكرنا وأنثانا‪ ،‬اللهم من أحييته منا فأحيه على السلم ومن تغغوفيته منغغا‬
‫فتوفه على اليمان") رواه الترمذي‪1024:‬؛ وأبو داود‪.(3201:‬‬
‫ثم يقول ‪ ":‬اللهم هذا عبدك وابن عبديك‪ ..‬وإن كانت أنثى قغغال‪ :‬اللهغغم‬
‫هذه أمتك وابنة أمتك‪ ،‬خرج مغن روح الغدنيا وسغعتها‪ ،‬ومحبغوبه وأحبغائه‬
‫فيها‪ ،‬إلى ظلمة القبر وما هو لقيه‪ ،‬كغغان يشغغهد أن ل إلغغه إل اللغغه أنغغت‬
‫وحدك وأن محمدا ً عبدك ورسولك‪ ،‬وأنت أعلم به مّنا‪ .‬اللهم إنه نزل بك‬
‫وأنت خير منزول به‪ ،‬وأصبح فقيرا ً إلى رحمتك‪ ،‬وأنت غني عغغن عغغذابه‪،‬‬
‫وقد جئناك راغبين إليغغك‪ ،‬شغغفعاء لغغه‪ .‬اللهغغم إن كغغان محسغغنا ً فغغزد فغغي‬
‫إحسانه وإن كان مسيئا ً فتجاوز عنه‪ ،‬ولقغغه برحمتغغك رضغغاك‪ ،‬وقغغه فتنغغة‬
‫القبر وعغغذابه وأفسغغح لغغه فغغي قغغبره‪ ،‬وجغغاف الرض عغغن جنغغبيه‪ ،‬ولقغغه‬
‫برحمتك المن من عذابك‪ ،‬حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين"‪.‬‬
‫فإن كان الميت طفل ً قال بدل ً مغغن هغغذا الغغدعاء الثغغاني‪ ":‬اللهغغم اجعلغغه‬
‫فرطا ً لبويه وسلفا ً وذخرا ً وعظة واعتبارا ً وشفيعًا‪ .‬وثقغغل بغغه موازينهمغغا‬
‫وأفرغ الصبر على قلوبهما ول تفتنهما بعده ول تحرمهما أجره"‪.‬‬
‫وهذه الدعية التقطها الشافعي رحمه الله تعالى مغغن مجمغغوع الخبغغار‪،‬‬
‫وربما ذكرها بالمعنى‪ ،‬واستحسنها أصحابه‪ ,‬وأصح حديث فغغي البغغاب مغغا‬
‫رواه مسلم)‪ (963‬عن عوف بن مالك ‪ ‬قغغال ‪ :‬صغغلى رسغغول اللغغه ‪‬‬
‫على جنازة‪ ،‬فسمعته يقول‪ " :‬اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه‪،‬‬
‫وأكرم نزلغغه ووسغغع مغغدخله‪ ،‬واغسغغله بالمغغاء والثلغغج والغغبرد‪ ،‬ونقغغه مغغن‬
‫الخطايا كما ينقي الثوب البيض من الغغدنس‪ ،‬وأبغغدل لغغه دارا ً خيغغرا ً مغغن‬
‫داره‪ ،‬وأهل ً خيرا ً من أهله‪ ،‬وزوجا ً خيرا ً مغغن زوجغغه‪ ،‬وأدخلغغه الجنغغة وقغغه‬
‫فتنة القبر وعذاب النار"‪ .‬قغال عغغوف‪ :‬فتمنيغن أن لغو كنغغت أنغا الميغت‪،‬‬
‫لدعاء الرسول ‪ ‬على هذا الميت‪.‬‬
‫] عافه ‪ :‬خلصه مما يكره[‪.‬‬
‫‪ -5‬ثم يكبر التكبيرة الرابعة ويقول بعدها‪ " :‬اللهم ل تحرمنغغا أجغغره‬
‫ول تفتنا بعغغده واغفغغر لنغغا ولغغه" ‪ ) .‬رواه أبغغو داود‪3201 :‬؛ عغغن‬
‫النبي‪.( ‬‬
‫‪ -6‬ثم يسلم تسليمتين عن يمينغغه ويسغغاره كغغل تسغغليمة كتسغغليمة‬
‫الصلوات الخرى‪.‬‬
‫روى البيهقي)‪ (4/43‬بإسناد جيغغد‪ ،‬عبغغدالله بغغن مسغغعود ‪ ‬قغغال ‪ :‬كغغان‬
‫النبي ‪ ‬يفعل التسليم على الجنازة مثل التسليم في الصلة‪.‬‬
‫وأنت تلحظ مما ذكرنا أن الصلة على الميت كلها من قيام‪ ،‬فل ركغغوع‬
‫فيها ول سجود ول جلوس‪.‬‬
‫‪ -4‬دفن الميت‪:‬‬
‫أقل ما يجب في دفن الميت أن يدفن فغغي حفغغرة تمنغغع انتشغغار رائحتغغه‬
‫وتمنع تسلط السباع عليه‪ ،‬مستقبل ً فيها القبلة‪.‬‬
‫وأكمل ذلك أن يتبع فيه ما يلي‪:‬‬

‫‪152‬‬
‫‪ -1‬أن يدفعن في قبر بعمق قدر قامة الرجل المعتدل وبسطة‬
‫يديه إلى العلى‪ ،‬وأن يوسع قدر زراع وشبر‪.‬‬
‫روى أبغغو داود )‪ (3215‬والترمغغذي)‪(1713‬وقغغال‪ :‬حسغغن صغغحيح‪ ،‬عغغن‬
‫هشام بن عامر‪ ،‬عن رسول اللغه ‪ ‬قغال فغي قتلغى أحغد‪ " :‬احفغروا‬
‫وأوسعوا وأحسنوا " ‪.‬‬
‫‪ -2‬يجب أن يضجع على يمينه وأن يوجه إلى القبلة‪ ،‬بحيغغث لغغو‬
‫لم يوجه إلى القبلة وردم عليه الغتراب‪ ،‬وجغب نبغش القغبر‬
‫وتوجيهه إلى القبلة‪ ،‬إن لم يقغغدر أنغغه قغغد تغيغغر‪ .‬وينغغدب أن‬
‫يلصق خده بالرض‪.‬‬
‫‪ -3‬يسغغن أن يكغغون القغغبر لحغغدا إن كغغانت الرض صغغلبة لخغغبر‬
‫مسلم )‪ (966‬عن سعد بن أبغغي وقغغاص ‪ ‬أنغغه قغغال‪ :‬فغغي‬
‫مرض موته‪ :‬ألحدوا لي لحدا ً وانصبوا علي اللبن نصبًا‪ ،‬كمغغا‬
‫صنع برسول الله ‪.‬‬
‫واللحد تجويف يفتح في الجدار القبلي للقبر‪ ،‬بمقغغدار مغغا يسغغع الميغغت‪،‬‬
‫فيوضع الميت فيه‪ ،‬ثم يسد ّ فم هذا التجويف بحجارة رقاق كي ل ينهغغال‬
‫عليه التراب‪.‬‬
‫قَا‪ .‬والمقصغود بغه شغ ّ‬
‫ق‬ ‫فإن كانت الرض رخوة ندب أن يكون القبر شغ ً‬
‫ن أو‬‫في أسفل أرض القبر بمقدار مغغا يسغغع الميغغت‪ ،‬ويبنغغي طرفغغاه بلب غ ٍ‬
‫نحوه‪ ،‬فيوضع الميت فيه‪ ،‬ثم يسقف الشق من فوقه بحجارة رقاق‪ ،‬ثغغم‬
‫يهال فوقه التراب‪.‬‬
‫ل الميت مغغن قبغغل رأسغغه‪ ،‬بعغغد أ‪ ،‬يوضغغع عنغغد‬ ‫ن أن يس ّ‬ ‫‪ -4‬يس ّ‬
‫أسفل القبر‪ ،‬ويمدد برفق في القبر‪.‬‬
‫‪ -5‬روى أبو داود)‪ (3211‬بإسغناد صغحيح أن عبغدالله بغن يزيغد‬
‫ي ‪ ، ‬ادخل الحارث القبر من قبل رجلي‬ ‫ي الصحاب ّ‬‫الخطم ّ‬
‫القبر وقال‪ :‬هذا من السنة‪.‬‬
‫ويسن أن يدخل القبر لتسويته أقرب الناس إليه من الذكور‪ ،‬وأن يقول‬
‫الذي يلحده‪ " :‬بسم اللغغه وعلغغى س غّنة رسغغول اللغغه " للتبغغاع‪ .‬روى أبغغو‬
‫سنه‪ :‬عن ابن عمر رضي عنهمغغا‪ :‬أن‬ ‫داود)‪ (3213‬والترمذي)‪ (1046‬وح ّ‬
‫النبي ‪ ‬كان إذا وضع الميت في القبر قغغال‪ ":‬بسغغم اللغغه‪ ،‬وعلغغى سغغنة‬
‫رسول الله"‪.‬‬

‫‪153‬‬
‫تشييع الجنازة ) آدابها وبدعها (‬
‫حكم تشييع الجنازة للرجال والنساء‪:‬‬
‫اتباع الجنازة وتشييعها إلى القبر مستحب للرجال‪ ،‬لما رواه الغغبراء بغغن‬
‫عغغازب قغغال‪ :‬أمرنغغا رسغغول اللغغه ‪ ‬باتبغغاع الجنغغازة‪ ،‬وعيغغادة المريغغض‪،‬‬
‫وتشميت العاطس‪ ،‬وإجابة الداعغغي‪ ،‬ونصرة المظلوم‪ ).‬رواه البخغغاري‪:‬‬
‫‪ .(1182‬ويستحب أن ل ينصغغرف عغغائدا ً إل بعغغد أن يغغدفن الميغغت‪ ،‬روى‬
‫البخاري)‪ (1261‬ومسلم )‪ (945‬عن أبي هريغغرة ‪ ‬قغغال‪ :‬قغغال رسغغول‬
‫الله‪ ":‬من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط‪ ،‬ومن شهد حتى‬
‫تدفن كان له قيراطان"‪ .‬قبل‪ :‬وما القيراطان؟‬
‫قال‪ " :‬مثل الجبلين العظيمين"‪ .‬أي من الجر‪.‬‬
‫أما النساء فل يستحب لهن ذلغك‪ ،‬بغل هغو خلف السغنة‪ ،‬وخلف وصغية‬
‫رسول الله ‪. ‬‬
‫لما رواه البخغغاري )‪ (1219‬ومسغغلم )‪ (938‬عغغن أم عطيغغة رضغغي اللغغه‬
‫عنها قالت‪ :‬نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعغزم علينغا‪ .‬أي لغغم يشغدد علينغغا‬
‫في النهي ولم يحرم علينا التباع‪ .‬ولما رواه ابن ماجه عغغن علغغي رضغغي‬
‫الله عنه قال‪ :‬خرج رسول اللغغه ‪ ، ‬فغغإذا نسغغوة جلغغوس‪ ،‬فقغغال‪ " :‬مغغا‬
‫يجلسكن"؟‬
‫قلغغن‪ :‬ننتظغغر الجنغغازة‪ .‬قغغال‪ " :‬هغغل تغسغغلن " ؟ قلغغن‪ :‬ل‪ .‬قغغال‪ " :‬هغغل‬
‫" هل تدلين فيمن يدلي ؟" – أي هغغل تنزلغغن‬ ‫تحملن"؟ قلن‪ :‬ل‪ .‬قال‪:‬‬
‫الميت في القبر؟ ‪ -‬فلن ‪ :‬ل ‪ .‬قال‪ " :‬فارجعن مأزورات غير مغغأجورات"‬
‫ن الجنازة وحضور الدفن‪.‬‬ ‫أي عليكن إثم‪ ،‬وليس لكن أجر‪ ،‬في اتباعك ّ‬
‫ومن آداب تشييع الجنازة المور التالية‪:‬‬
‫ب أن يركب في العودة فل بأس‪.‬‬ ‫‪ -1‬أن يشيعها ماشيًا‪ ،‬فإن أح َ‬
‫روى البخاري)‪(3177‬عن ثوبان ‪ :‬أن رسول الله ‪ ‬أتى بدابغغة‪ ،‬وهغغو‬
‫مع الجنازة‪ ،‬فأبى أن يركبها‪ .‬فلما انصرف أتى بدابة فركغغب‪ ،‬فقيغغل لغغه‪،‬‬
‫فقال‪ ":‬إن الملئكة كانت تمشي ‪ ،‬فلما أكن لركب وهم يمشون‪ ،‬فلمغغا‬
‫ذهبوا ركبت"‪.‬‬
‫وحمل هذا على الندب‪ ،‬لما ثبت عنه ‪ ‬أنه ركب في بعض أحيانه‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (965‬عن جابر بن سمرة ‪ ‬قال‪ ":‬صلى رسول اللغغه ‪‬‬
‫على ابن الدحداح‪ ،‬ثم أتغغى بفغغرس عغغري‪ ،‬فعقلغغه رجغغل فركبغغه‪ ،‬فجعغغل‬
‫يتوقص به ونحن نتبعه‪ ،‬نسعى خلفه‪.‬‬
‫] عري‪ :‬ل سرج له‪ .‬فعقله‪ :‬أمسكه له‪ .‬يتوقص‪ :‬يتوثب‪ .‬نسعى‪ :‬نمشغغي‬
‫بسرعة[‪.‬‬
‫‪ -2‬يحغغرم حمغغل الجنغغازة علغغى هيئة مزريغغة أو يخغغاف منهغغا‬
‫السقوط‪ ،‬ويسن ان تحمل فغغي تغغابوت‪ ،‬ل سغغيما إذا كغغانت‬
‫امرأة‪ ،‬رعاية لتكريم الله تعالى للنسان‪.‬‬

‫‪154‬‬
‫ن أن ل يرفع صوته‬ ‫‪ -3‬يكره اللغط اثناء تشييع الجنازة‪ ،‬بل يس ّ‬
‫بقراءة ول بذكر ول غيرهما‪ ،‬وليسغغتعض عغغن ذلغغك بغغالتفكر‬
‫في الموت والتأمغغل فغغي عاقبغغة أمغغره‪ .‬لحغغديث أبغغي داود)‬
‫‪ (3171‬عن أبي هريرة ‪ ، ‬عغغن النغغبي ‪ ‬قغغال‪ " :‬ل تتبغغع‬
‫الجنازة بصوت ول نار"‪.‬‬
‫‪ -4‬الفضل أن يمشي المشغغيعون أمغغام الجنغغازة علغغى مقربغغة‬
‫منهغغا‪ ،‬لنهغغم شغغفعاء لهغغا عنغغد اللغغه عغغز وجغغل‪ ،‬فناسغغب أن‬
‫يكونوا في مقدمتها‪ .‬روى أبو داود)‪ (3179‬وغيره‪ ،‬عن ابغغن‬
‫عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬رأيت النبي ‪ ‬وأبا بكغغر وعمغغر‬
‫يمشون أمام الجنازة‪ .‬وروى أيضا ً )‪ (3180‬عغغن النغغبي ‪:‬‬
‫الراكب يسير خلف الجنازة‪ ،‬والماشي خلفها وأمامها‪ ،‬وعن‬
‫يمينها وعن يسارها‪ ،‬قريبا ً منها‪.‬‬
‫‪ -5‬ل مغغانع مغغن أن يشغغيع المسغغلم جنغغازة قريبغغه الكغغافر‪ ،‬ول‬
‫كراهة في ذلك‪.‬‬
‫‪ -6‬تسن تعزية أهل الميغغت خلل ثلث أيغغام مغغن المغغوت‪ ،‬لمغغا‬
‫رواه ابن ماجه )‪ (1601‬عن النبي ‪ ‬قال‪ ":‬ما من مسغغلم‬
‫يعزي أخاه بمصيبة إل مساه اللغغه مغغن حلغغل الكرامغغة يغغوم‬
‫القيامة"‪.‬‬
‫] يعزي أخاه‪ :‬يحثه على الصبر ويواسيه بمثل قوله‪ :‬أعظم الله أجرك[‪.‬‬
‫وتكغغره بعغغد ثلثغغة أيغغام إل لمسغغافر‪ ،‬لن الحغغزن ينتهغغي بهغغا غالبغغا ً فل‬
‫يستحسن تجديده‪.‬‬
‫كما يكره تكرارها‪ ،‬والولى أن تكون بعغد الغدفن لشغتغال أهغل الميغت‬
‫بتجهيزه‪ ،‬إل إن اشتد حزنهم فتقديمها أولى‪ ،‬مواساة لهم‪.‬‬
‫وصيغتها المندوبة‪ " :‬أعظم الله أجرك‪ ،‬وأحسن عزاءك‪ ،‬وغفغغر لميتغغك‪،‬‬
‫وعوضك الله عن مصيبتك خيرا ً "‪.‬‬
‫بدع الجنائز‪:‬‬
‫‪ -1‬كل ما يخالف آداب التشييع الغتي ذكرناهغا فهغغي بغدعّ‬
‫ينبغغغي التحغغرز منهغغا‪ ،‬كتشغغييع الجنغغازة راكبغًا‪ ،‬وكرفغغع‬
‫الصوات معها‪.‬‬
‫ة‪،‬‬
‫ة محرم ٌ‬ ‫‪ -2‬حمل الكاليل ونحوها مع الجنازة‪ ،‬فهي بدع ٌ‬
‫تسللت إلى المسلمين تقليدا ً لعغغادات الكغغافرين فغغي‬
‫مراسيم جنائزهم‪ ،‬وفيها مغغا فيهغغا مغغن إضغغاعة المغغال‬
‫دون فائدة‪ ،‬والمفاخرة والمباهاة‪.‬‬
‫‪ -3‬القبور التي تحفر وتبني بطريقة مخالفغغة لمغغا ذكرنغغاه‬
‫من ضابط عمق القبر واتسغاعه‪ ،‬وأفضغلية اللحغد ثغم‬
‫الشقّ ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ -4‬يكره تشييد القبور‪ ،‬داخلها أو ظاهرها‪ ،‬بكل مغغا دخغغل‬
‫فيه النار كالسمنت والجص ونحوهما‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ ،(970‬عن جابر ‪ ‬قال‪ :‬نهى رسول الله ‪ ‬أن يجصغغص‬
‫القبر‪ .‬وهو أن يوضع عليه الجص‪ ،‬وهو ما يسغغمى بالجبصغغين‪ ،‬فغغإن بنغغي‬
‫الرخام ونحوه كان حرامًا‪ ،‬لمخالفته الشديدة لنهي رسول الله ‪ ،‬ولما‬
‫في ذلك من إضاعة المال المنهي عنغغه شغغرعًا‪ ،‬ومغغا فيغغه مغغن المباهغغاة‬
‫والمفاخرة المقيتة في دين الله عز وجل ‪.‬‬
‫‪ -5‬يكره كراهية تحريم تسنيم القبغغور والبنغغاء عليهغغا‪ ،‬علغغى النحغغو الغغذي‬
‫يفعله كثير من الناس اليوم‪ ،‬والسّنة أن ل يرفع القغغبر عغغن الرض أكغغثر‬
‫من شبر واحد‪ ،‬للنهي عن كل ذلك‪.‬‬
‫روى مسلم )‪ (969‬وغيره‪ ،‬أن على بن أبي طالي‪ ‬قغغال لبغغي الهيغغاج‬
‫السدي‪ :‬أل أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ‪ " :‬أن ل تدع تمثال ً‬
‫إل طمسته‪ ،‬ول قبرا ً مشرفا ً إل سويته‪.‬‬
‫ل‪ :‬صغغورة‪ ،‬والمغغراد هنغغا مغغا كغغان لغغذي روح‪ .‬طمسغغته‪ :‬محغغوته أو‬ ‫] تمثا ً‬
‫درسته‪ .‬مشرفًا‪ :‬مرتفعًا‪ .‬سويته‪ :‬مع الرض بارتفاع قليل[‪.‬‬
‫‪ -6‬الندب على الميت بتعديل شمائله‪ -‬كأن يقول‪ :‬واكهفاه واعظيمغغاه –‬
‫والنياحة‪ ،‬وهي كل فعل أو قول يتضمن إظهغغار الجغغزع‪ ،‬كضغغرب الصغغدر‬
‫وشق الجيب ونحو ذلغغك‪ .‬فغغذلك كلغغه حغغرام‪ ،‬نهغغى رسغغول اللغغه ‪ ‬عنغغه‬
‫بأحغغاديث صغغحيحة وعبغغارات حاسغغمة‪ ،‬لمغغا فيغغه مغغن منافغغاة للنقيغغاد‬
‫والستسلم لقضاء الله تعالى وقدره‪.‬‬
‫روى مسغغلم )‪ (935‬عغغن أبغغي مالغغك الشغغعري ‪ ‬أن النغغبي ‪ ‬قغغال‪":‬‬
‫النائحة إذا لم تتب قبغل موتهغا تقغام يغوم القيامغة‪ ،‬وعليهغا سغربال مغن‬
‫قطران‪ ،‬ودرع من جغغرب "‪ .‬أي يسغغلط علغغى أعضغغائها الجغغرب والحكغغة‬
‫بحيث يغطي بدنها تغطية الغدرع وهغو القميغص‪ .‬وفغي معنغاه السغربال‪.‬‬
‫والقطران نوع من صمغ الشجار‪ ،‬تطلي به البل إذا جربت‪.‬‬
‫وروى البخاري)‪ (1232‬عن عبدالله بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬قال النغغبي ‪:‬‬
‫" ليس منا من لطم الخدود‪ ،‬وشق الجيوب ودعا بدعوى ا لجاهلية "‪.‬‬
‫] لطم‪ :‬ضرب‪ .‬الجيوب‪ :‬جمع جيب‪ ،‬وهو فتحة الثوب مغغن جهغغة العنغغق‪،‬‬
‫أي شق ثيابه من ناحية الجيب‪ .‬بدعوى الجاهلية‪ :‬قال ما كان يقوله أهل‬
‫الجاهلية‪ ،‬مثل‪ :‬واعضداه‪ ،‬يا سند البيت‪ ،‬ونحوها[‪.‬‬
‫ول بأس في البكاء الطبيعي الناشئ عن العاطفة ورقة القلب‪.‬‬
‫روى البخاري)‪ (1241‬ومسلم )‪ :(2315،2316‬أنه ‪ ‬بكى علغغى ولغغده‬
‫إبراهيم قبل موته‪ ،‬لما رآه يجود بنفسه‪ ،‬وقال‪ " :‬إن العين تدمع والقلب‬
‫يحزن‪ ،‬ول نقول إل ما يرضي ربنا‪ ،‬وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"‪.‬‬
‫وروى مسلم )‪ (976‬عن أبي هريغغرة ‪ ‬قغغال‪ :‬زار النغغبي ‪ ‬قغغبر أمغغه‪،‬‬
‫فبكى وأبكى من حوله‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫‪ -7‬انشغال أهل الميت بصنع الطعام وجمع الناس عليه‪ ،‬كما هو المعتاد‬
‫في هذا العصر‪ ،‬بدعة تناقض السنة وتخالفها مخالفة شديدة‪.‬‬
‫وإنما السنة عكس ذلك‪ ،‬أي أن يقوم بعض المشيعين بتحضغغير الطعغغام‬
‫وإرساله إلى أهل الميت‪ ،‬أو جمعهم عليه فغغي بيغغت الغغداعي‪ ،‬ويسغغتحب‬
‫أن يكون كثيرا ً بحيث يكفي أهل الميت يومهم وليلتهم‪ .‬وذلغغك لقغغوله ‪‬‬
‫لما جاء خبر قتل جعفر بن أبي طالب‪ " :‬اصنعوا لل جعفر طعام غا ً فغغإنه‬
‫قغغد جغغاءهم مغغا يشغغغلهم "‪ ) .‬رواه الترمغغذي‪998:‬؛وأبغغو داود‪3132 :‬‬
‫وغيرهما(‪ .‬ويحرم تهيئة الطعام للنائحات وأمثالهن‪ ،‬سواء كان ذلك مغغن‬
‫أهل الميت أم غيرهم‪ ،‬ذلغغك لنغغه إعانغغة علغغى معصغغية‪ ،‬وتحميغغس علغغى‬
‫الستمرار فيها‪.‬‬
‫ومن البدع ما يفعله أهل الميت من جمع الناس على الطعغغام بمناسغغبة‬
‫ما يسمونه بمرور الربعين ونحوه‪ .‬وإذا كغغانت نفقغة هغذه الطعمغغة مغن‬
‫مال الورثة وفيهم قاصرون – أي غير بالغين – كان هذا الفعل من أشغغد‬
‫المحرمات؛ لنه أكل لمال اليتيم وإضاعة له في غير مصلحته‪.‬‬
‫ويشترك في ارتكاب الحرمة كل من الداعي والكل‪.‬‬
‫‪ -8‬قراءة القرآن في محافغغل رسغغمية للتعزيغغة‪ ،‬علغغى النحغغو الغغذي يتغغم‬
‫اليوم‪ ،‬فهي أيضا ً بدعة‪ .‬وإنما تسن تعزية أهل الميت خلل ثلثة أيام من‬
‫موته اتفاقًا‪ ،‬أي دون أن يعد أقارب الميت العدة لها‪.‬‬

‫حكم السقط والشهيد‪:‬‬


‫والسقط‪ :‬هو الولد النازل قبل تمامه‪.‬‬
‫والشهيد‪ :‬هو الذي يقتل فغي معركغة تغدار دفاعغا ً عغن السغلم‪ ،‬ولرفغع‬
‫لوائه‪.‬‬
‫* فأما السقط فله حالتان‪:‬‬
‫الحالة الولى‪ :‬أن ل يصيح عند الولدة‪ ،‬فإن لغغم يكغغن قغغد بلغغغ حملغغه‬
‫أربعة أشهر بعغغد‪ ،‬لغغم يجغغب غسغغله ول تكفيغغه ول الصغغلة عليغغه‪ ،‬ولكغغن‬
‫يستحب تكفينه بخرقة والدفن دون الصلة‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬أن يصيح عند الولدة‪ ،‬أو يتيقن حيغغاته بغغاختلج ونحغغوه‪،‬‬
‫فيجب في حقه الصلة مع جميع ما ذكر‪ ،‬ل فرق بينه وبين الكبير‪.‬‬
‫روى الترمذي)‪ (1032‬وغيره‪ ،‬عن جابر‪ ‬عغغن النغغبي ‪ " :‬إذا اسغغتهل‬
‫السقط صلى عليه وورث "‪.‬‬
‫] استهل‪ :‬من السغتهلل وهغو الصغياح أو العطغاس أو حركغة يعلغم بهغا‬
‫حياته[‪.‬‬
‫* وأما الشهيد‪:‬‬
‫فل يغسل‪ ،‬ول يصلى عليه‪ ،‬ويسن تكفينه في ثيابه التي قتل بها‪.‬‬
‫لما روه البخاري)‪،(1278‬عن جابر ‪ :‬أن النبي ‪ ‬أمر في قتلغغى أحغغد‬
‫بدفنهم في دمائهم‪ ،‬ولم يغسلوا ولم يصل عليهم‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫فإن جرح في المعركة‪ ،‬وبقيت فيه حياة مستقرة بعد انتهاء القتال‪ ،‬ثغغم‬
‫ما لم يعتبر شهيدا ً مغغن حيغغث المعاملغغة الدنيويغغة‪ ،‬وغسغغل وصغغلى عليغغه‬
‫كالعادة‪ ،‬ولو كان موته بالسراية من الجرح‪.‬‬
‫والحكمة من أن التشهد ل يغسل ول يصغغلى عليغغه‪ :‬إبقغغاء أثغغر الشغغهادة‬
‫عليهم‪ ،‬والتعظيم لهم باستغنائهم عن دعاء الناس لهم‪ .‬قال رسول اللغغه‬
‫‪ " :‬والذي نفس محمد بيده‪ ،‬ما من كلم يكلم في سبيل اللغغه إل جغغاء‬
‫كهيئته حين كلم‪ :‬اللون لون الغغدم والريغغح ريغغح مسغغك" )رواه البخغغاري‪:‬‬
‫‪235‬؛ ومسلم‪ (1876::‬واللفظ له‪.‬‬
‫] كلم‪ :‬جرح‪ .‬كهيئته‪ :‬كحالته[‪.‬‬
‫زيارة القبور‪:‬‬
‫زيارة القبور التي دفن فيها مسلمون‪ ،‬مندوبة للرجال بالجمغغاع‪ ،‬لقغغوله‬
‫‪ ‬في الحديث الصحيح‪ " :‬كنغت نهيتكغم عغن زيغارة القبغور فزوروهغا"‪.‬‬
‫) رواه مسلم‪ ،(977:‬وعنغغد الترمغغذي )‪ " :(1054‬فإنهغغا تغغذكر الخغغرة"‪.‬‬
‫وقد مر معك حديث زيارته ‪ ‬قبر أمه‪ .‬ول يندب لها وقت محدد‪.‬‬
‫ة للتغغبرج والنغغواح ورفغغع‬ ‫ن زيارتهغغا‪ ،‬لنهغغا مظن ّغ ٌ‬
‫أمغغا النسغغاء فيكغغره له غ ّ‬
‫الصغغوات‪ ،‬روى أبغغو داود)‪ (3236‬وغيغغره‪ ،‬عغغن ابغغن عبغغاس رضغغي اللغغه‬
‫عنهما قال‪ ) :‬لعغغن اللغغه زائرات القبغغور(‪ .‬ولكغغن يسغغن لهغغم زيغغارة قغغبر‬
‫رسول الله ‪ ،‬وينبغي أن يلحق بغغذلك قبغغور بقيغغة النبيغغاء والصغغالحين‪،‬‬
‫شريطة أن ل يكغغون تغغبرج واختلط وازدحغغام والتصغغاق بالرجغغال‪ ،‬ورفغغع‬
‫أصوات‪ ،‬مما هو مظنة الفتنة‪ ،‬وما أكثره في زيارتهن!! ‪.‬‬
‫من آداب زيارة القبور‪:‬‬
‫ل‪ " :‬السغغلم‬ ‫إذا دخل الزائر المقبرة‪ ،‬ندب له أن يسلم على الموتى قائ ً‬
‫عليكم دار قوم مؤمنين‪ ،‬وإنا إن شاء الله بكم لحقغغون"‪ ).‬رواه مسغغلم‪:‬‬
‫‪ .(249‬وليقرأ عندهم ما تيسر من القرآن‪ ،‬فإن الرحمة تنزل حيث ُيقغغرأ‬
‫القرآن‪،‬ثم ليدع لهم عقب القراءة‪ ،‬وليهد ِ مثغغل ثغغواب تلوتغغه لرواحهغغم‪،‬‬
‫لجابة‪ ،‬وإذا استجيب الدعاء استفاد الميت من ثغغواب‬ ‫فإن الدعاء مرجو ا ِ‬
‫القراءة‪ .‬والله اعلم‪.‬‬

‫تم بحمد الله‬

‫**********‬

‫‪158‬‬
‫الفهرس‬

‫الصللف‬ ‫الموضوع‬ ‫الصف‬ ‫الموضوع‬


‫حة‬ ‫حة‬
‫‪24‬‬ ‫الوانغي‬ ‫‪2‬‬ ‫المقدمة‬
‫حكم استعمال أواني‬
‫‪24‬‬ ‫الذهب والفضة‬
‫‪4‬‬ ‫مدخغل‬
‫‪26‬‬ ‫أنواع الطهارة‬ ‫‪4‬‬ ‫معنى الفقه‬
‫ارتباط الفقه بالعقيدة‬
‫‪26‬‬ ‫الطهارة من النجس‬ ‫‪5‬‬
‫السلمية‬
‫ما سيتثنى من نجاسة‬ ‫شمول الفقه السلمي لكل‬
‫‪26‬‬ ‫‪7‬‬
‫الميتة‬ ‫ما يحتاج إليه الناس‬
‫النجاسة العينية والنجاسة‬ ‫مراعاة الفقه السلمي‬
‫‪27‬‬ ‫الحكمية‬
‫‪8‬‬ ‫اليسر ورفع الحرج‬
‫النجاسة المغلظة‬
‫‪27‬‬ ‫والمخففة والمتوسطة‬
‫‪9‬‬ ‫مصادر الفقه السلمي‬
‫كيفية التطير من‬
‫‪28‬‬ ‫‪9‬‬ ‫القرآن الكريم‬
‫النجاسات‬
‫‪29‬‬ ‫تطهير جلود الميتة‬ ‫‪10‬‬ ‫السنة الشريفة‬
‫بعض ما يعفى عنه من‬
‫‪29‬‬ ‫النجاسات‬
‫‪11‬‬ ‫الجماع‬
‫‪31‬‬ ‫ستنجاء وآداُبه‬
‫ال ْ‬ ‫‪12‬‬ ‫القياس‬
‫ضرورة التزام الفقه‬
‫‪31‬‬ ‫ما يستنجي به‬ ‫‪13‬‬ ‫السلمي‪ ،‬والتمسك‬
‫بأحكامه‬
‫التعريف ببعض‬
‫‪32‬‬ ‫ما ل يستنجي به‬ ‫‪14‬‬
‫المصطلحات الفقهية‬
‫‪33‬‬ ‫آداب الستنجاء وقضاء‬ ‫‪18‬‬ ‫أح َ‬
‫كام الطَهاَرة‬
‫الحاجة‬
‫‪35‬‬ ‫الطهارة من الحدث‬ ‫‪18‬‬ ‫معنى الطهارة‬
‫‪35‬‬ ‫أقسام الحدث‬ ‫‪19‬‬ ‫حكمة تشريع الطهارة‬
‫‪36‬‬ ‫الوضوء‬ ‫‪21‬‬ ‫أقسغام الميغغاه‬
‫‪54‬‬ ‫الستحاضة‬ ‫‪36‬‬ ‫معناه‬
‫‪54‬‬ ‫ما يحرم بالحيض‬ ‫‪36‬‬ ‫فروض الوضوء‬

‫‪159‬‬
‫‪57‬‬ ‫الغولدة‬ ‫‪38‬‬ ‫سنن الوضوء‬
‫‪57‬‬ ‫الّنفغاس‬ ‫‪41‬‬ ‫مكروهات الوضوء‬
‫‪57‬‬ ‫رؤية الدم حال الحمل‬ ‫‪41‬‬ ‫نواقص الوضوء‬
‫‪58‬‬ ‫مدة الحمل‬
‫‪42‬‬ ‫المور التي يشترط لها‬
‫الوضوء‬
‫‪58‬‬ ‫المغوت‬ ‫‪44‬‬ ‫فين‬ ‫ح ع ََلى ال ٌ‬
‫خ ّ‬ ‫س ُ‬
‫الم َ‬
‫‪59‬‬ ‫الغسل المندوب‬ ‫‪44‬‬ ‫حكم المسح عليهما‬
‫‪59‬‬ ‫غسل الجمعة‬ ‫‪44‬‬ ‫شروط المسح عليهما‬
‫‪59‬‬ ‫غسل العيدين‬ ‫‪44‬‬ ‫مدة المسح عليهما‬
‫‪60‬‬ ‫غسل الكسوفين‬ ‫‪45‬‬ ‫كيفية المسح عليهما‬
‫‪60‬‬ ‫غسل الستسقاء‬ ‫‪45‬‬ ‫مبطلت المسح‬
‫‪60‬‬ ‫الغسل من غسل الميت‬ ‫‪46‬‬ ‫الجبائر والعصائب‬
‫‪60‬‬ ‫‪46‬‬ ‫دليل مشروعية المسح على‬
‫الغسال المتعلقة بالحج‬
‫الجبائر‬
‫‪63‬‬ ‫مكروهات الغسل‬
‫‪47‬‬ ‫مدة المسح على الجيرة‬
‫والعصبة‬
‫‪64‬‬ ‫مم‬
‫التغي َ ّ‬ ‫‪48‬‬ ‫عه‬
‫وا ُ‬
‫مه َوأن َ‬
‫حكا ُ‬
‫الُغسل َوأ ْ‬
‫‪64‬‬ ‫أسباب التيمم‬ ‫‪48‬‬ ‫مشروعيته‬
‫‪65‬‬ ‫شرائط التيمم‬ ‫‪48‬‬ ‫حكمة مشروعيته‬
‫‪65‬‬ ‫أركانه‬ ‫‪49‬‬ ‫أقسام الغسل‬
‫‪66‬‬ ‫سنن التيمم‬ ‫‪49‬‬ ‫الجنغغغابة‬
‫‪66‬‬ ‫التيمم بعد دخول الوقت‬ ‫‪50‬‬ ‫أسبابها‬
‫‪67‬‬ ‫التيمم لكل فريضة‬ ‫‪50‬‬ ‫ما يحرم بالجنابة المور‬
‫‪67‬‬ ‫مبطلته‬ ‫‪53‬‬ ‫الحيغغغض‬
‫‪69‬‬ ‫صغغغ َ‬
‫لة‬ ‫ال ّ‬ ‫‪53‬‬ ‫سن البلوغ‬
‫‪70‬‬ ‫الصلوات المكتوبة‬ ‫‪53‬‬ ‫مدة الحيض‬
‫‪104‬‬ ‫الهيئات‬ ‫‪71‬‬ ‫دليل مشروعيتها‬
‫‪111‬‬ ‫السنن التي تؤدي عقب كل‬ ‫‪72‬‬ ‫حكم تارك الصلة‬
‫صلة‬
‫‪113‬‬ ‫صغغ َ‬ ‫‪73‬‬ ‫أوقات الصلوات‬
‫لة‬ ‫هات ال ّ‬
‫مكرو َ‬
‫َ‬ ‫المفروضة‬
‫‪118‬‬ ‫صغغ َ‬ ‫مبط َ‬ ‫الوقات التي تكره فيها‬
‫لة‬ ‫لت ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪76‬‬
‫الصلة‬
‫‪121‬‬ ‫‪77‬‬ ‫إعادة الصلة المكتوبة‬
‫سغُهو‬
‫ود ال ّ‬
‫سج ُ‬
‫ُ‬ ‫وقضاءها‬
‫‪121‬‬ ‫أسباب سجود السهو‬ ‫‪78‬‬ ‫من تجب عليه الصلة‬
‫‪122‬‬ ‫كيفية السجود ومحله‬ ‫‪80‬‬ ‫مة‬
‫لقغا َ‬
‫ن َوا ِ‬ ‫ال َ‬
‫ذا ُ‬

‫‪160‬‬
‫‪123‬‬ ‫ت الّتغل ََوة‬
‫دا ُ‬
‫سجغ َ‬
‫َ‬ ‫‪80‬‬ ‫حكم الذان‬
‫‪123‬‬ ‫عدد سجدات التلوة‬ ‫‪81‬‬ ‫شروط صحة الذان‬
‫‪124‬‬ ‫عة‬
‫ما َ‬
‫ج َ‬ ‫ص َ‬
‫لة ال َ‬ ‫َ‬ ‫‪84‬‬ ‫القامة‬
‫‪124‬‬ ‫حكمة مشروعيتها‬ ‫‪84‬‬ ‫سنن القامة‬
‫‪125‬‬ ‫شروط من يقتدى به‬
‫‪84‬‬ ‫النداء للصلوات غير‬
‫المفروضة‬
‫‪126‬‬ ‫كيفية القتداء‬ ‫‪86‬‬ ‫صغغغ َ‬
‫لة‬ ‫حةِ ال ّ‬
‫ص ّ‬
‫شُروط ِ‬
‫‪129‬‬ ‫صغلة المغسافر‬ ‫‪87‬‬ ‫كيفية معرفة دخول الوقت‬
‫‪129‬‬ ‫القصر والجمع‬ ‫‪87‬‬ ‫ستر العورة‬
‫‪129‬‬ ‫كيفية تكون صلة‬ ‫‪89‬‬ ‫حالت جواز كشف العورة‬
‫المسافر‬
‫‪129‬‬ ‫القصر‬ ‫‪90‬‬ ‫استقبال القبلة‬
‫‪131‬‬ ‫الجمع‬
‫‪90‬‬ ‫كيفية الستدلل على‬
‫القبلة‬
‫‪134‬‬ ‫خغوف‬ ‫صغ َ‬
‫لة ال َ‬ ‫َ‬ ‫‪90‬‬ ‫كيفية الصلة‬
‫‪134‬‬ ‫حالتها‬ ‫‪90‬‬ ‫عدد ركعاتها‬
‫‪137‬‬ ‫حكمة مشروعية صلة‬ ‫‪92‬‬ ‫صغغغ َ‬ ‫أر َ‬
‫لة‬ ‫كان ال ّ‬
‫الخوف‬
‫‪138‬‬ ‫مَعة‬ ‫ص َ‬
‫لة الج ُ‬ ‫َ‬ ‫‪102‬‬ ‫صغغ َ‬
‫لة‬ ‫سـَنن ال ّ‬
‫‪139‬‬ ‫شروط وجوبها‬
‫‪102‬‬ ‫السنن التي تؤدي قبل‬
‫الصلة‬
‫‪140‬‬ ‫‪103‬‬ ‫السنن التي تؤدى أثناء‬
‫شرائط صحتها‬
‫الصلة‬
‫‪142‬‬ ‫فرائض الجمعة‬ ‫‪103‬‬ ‫البعاض‬
‫‪164‬‬ ‫ص َ‬
‫لة التـراوُيح‬ ‫َ‬ ‫‪145‬‬ ‫آداب الجمعة وهيئاتها‬
‫‪164‬‬ ‫الصل في مشروعيتها‬ ‫‪147‬‬ ‫فغل‬‫صلة الن ّ ْ‬
‫‪166‬‬ ‫سوف‬ ‫لة الك ُ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬ ‫‪147‬‬ ‫الذي ل يسن فيه‬
‫سوف‬ ‫َوالخ ُ‬ ‫الجماعة‬
‫‪166‬‬ ‫النوافل المسماة ذات‬
‫كيفيتها‬ ‫‪149‬‬ ‫الوقات المعينة‬
‫‪169‬‬ ‫ص َ‬ ‫‪152‬‬ ‫النوافل المطلقة عن‬
‫قاء‬
‫سِتس َ‬
‫لة ال ْ‬ ‫َ‬ ‫التسمية والوقت‬
‫بعض الدعية الواردة في‬
‫‪170‬‬ ‫الستسقاء‬
‫‪152‬‬ ‫الذي يسن فيه الجماعة‬
‫‪172‬‬ ‫جَناَزة‬ ‫ح َ‬
‫كام ال َ‬ ‫أ ْ‬ ‫‪153‬‬ ‫ص َ‬
‫لة العيغغد َْين‬ ‫َ‬
‫‪153‬‬ ‫زمن مشروعيتها والدليل‬
‫‪173‬‬ ‫غسل الميت‬
‫عليها‬

‫‪161‬‬
‫‪175‬‬ ‫التكفين‬ ‫‪153‬‬ ‫حكم صلة العيد‬
‫‪176‬‬ ‫الصلة على الميت‬ ‫‪154‬‬ ‫وقت صلة العيد‬
‫‪177‬‬ ‫دفن الميت‬ ‫‪154‬‬ ‫كيفيتها‬
‫‪179‬‬ ‫تشييع الجنازة‬ ‫‪155‬‬ ‫الخطبة في العيد‬
‫‪179‬‬ ‫آداب تشييع الجنازة‬ ‫‪156‬‬ ‫أين تقام صلة العيد‬
‫‪180‬‬ ‫بدع الجنائز‬ ‫‪156‬‬ ‫التكبير في العيد‬
‫‪183‬‬ ‫حكم السقط والشهيد‬ ‫‪157‬‬ ‫من آداب العيد‬
‫‪183‬‬ ‫زيارة القبور‬ ‫‪158‬‬ ‫طر‬‫فغ ْ‬‫َزكاة ُ ال ّ‬
‫‪184‬‬ ‫آداب زيارة القبور‬ ‫‪158‬‬ ‫شروط وجوبها‬
‫‪159‬‬ ‫زكاة الفطر جنسا ً وقدرا ً‬
‫‪159‬‬ ‫وقت إخراج زكاة الفطر‬
‫‪160‬‬ ‫الضغحية‬
‫‪160‬‬ ‫حكم الضحية‬
‫‪161‬‬ ‫شروطها‬
‫‪162‬‬ ‫لضحية‬ ‫وقت ا َ‬
‫‪162‬‬ ‫ماذا يصنع بالضحية بعد‬
‫ذبحها‬
‫‪163‬‬ ‫سنن وآداب تتعلق‬
‫بالضحية‬

‫‪162‬‬

You might also like