Professional Documents
Culture Documents
الطعمة والشربة
اللباس والزينة ،الكفارات
تأليف
الدكتور مصطفى الخن
الدكتور مصطفى البغا
علي الشربجي
دار القلم
دمشق
بسم الله الرحمن الرحيم
المقـدمة
الحمد لله رب العالمين ،حمدا ً يوافي نعمه ،ويدفع نقمه ،
ويكافئ مزيده ،سبحانك يا ربنا ،ل نحصي ثناء عليك أنت كما
أثنيت على نفسك ،صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا
محمد المبعوث رحمة للعالمين ،وعلى آله وأصحابه ،ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين .وبعد ،
فهذا هو الجزء الثالث في سلسلة الفقه المنهجي ،الذي وعدنا ،
بعون الله تعالى ـ أن نخرج أجزاءه تباعًا.
ولقد وضعنا في هذا الجزء أحكام الْيمان والنذور ،وأحكام الصيد
والذبائح ،وأحكام العقيقة ،وما يحل وما يحرم من الطعمة
والشربة ،وأحكام اللباس والزينة ،وختمناه بأحكام الكفارات.
ل على ما وفق به وأنعم. شاكرين الله عّز وج ّ
هذا ولقد فاتنا أن ننبه في الجزاء السابقة على أننا قد عزونا
غالبا ً الحاديث الواردة في هذا الفقه إلى مواضعها في مراجعها،
وأشرنا إلى أرقامها في تلك المراجع إن كانت ذات أرقام ،وإل
فإننا نشير إلى الجزء ،والصفحة من تلك المراجع.
ولقد اعتمدنا في أحاديث البخاري على طبعة )الــدكتور مصــطفى
البغا( ،وفي أحاديث مسلم على طبعة ) محمد فؤاد عبد البــاقي(،
وفــي أحــاديث الترمــذي وأبــي داود علــى طبعــة ) عــزت عبيــد
الدعاس( ،وفي أحاديث ابن ماجه على طبعــة )محمــد فــواد عبــد
الباقي(.
ل نسأل أن يجعل عملنا هذا خالصا ً لوجهه الكريم ، والله عّز وج ّ
وأن يتقبله ،ويجعله في عداد العمال النافعة المبرورة ،وهو
حسبنا ونعم الوكيل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
السابع من محرم 1404هـ
المؤلفون
2
اليمان والنذور
3
اليمان
تعريف الْيمان :
الْيمان :جمع يمين ،واليمين في اللغة :القوة.
ن[ )الحاقة ( 45 : ه ِبال ْي َ ِ
مي ِ خذ َْنا ِ
من ْ ُ ل َ] :ل َ َ ومنه قول الله عّز وج ّ
] أي :بالقوة [.
وقول الشاعر :
تلقاها عرابة إذا ما راية رفعت لمجد
باليمين
] أي :بالقوة [
وتطلق اليمين على اليد اليمنى ،وذلك لتوفر القوة فيها.
حِلف بمعظم. وتطلق اليمين أيضا ً على ال َ
وسمى الحلف يمينًا ،لن العرب كانوا إذا تحالفوا أخذ كل واحد
منهم بيمين صاحبه.
ً
وأما اليمين اصطلحا :
فهي توثيق كلم غير ثابت المضمون بذكر أحد أسماء الله عّز
ل ،أو ذكر صفة من صفاته ،بصياغة مخصوصة. وج ّ
فخرج بقيد ـ التوثيق ـ اليمين اللغو ؛ وهي اليمين الدارجة على
اللسان بدون قصد تحقيق أمر ،ول توثيقه:
وذلك كقول الرجل :ل والله ،وبلى والله.
فل ُيعد هذا يمينا ً منعقدة شرعًا.
َ
م وََلـ ِ
كن ه ِبالل ّغْوِ ِفي أي ْ َ
مان ِك ُ ْ م الل ّ ُخذ ُك ُ ُ
ؤا ِ قال الله تعالى ] :ل َ ي ُ َ
ن [ ) المائدة ] .(89 :ومعنى عقدتم : ما َ َ خذ ُ ُ يُ َ
م الي ْ َ قدت ّ ُ
ما ع َ ّ
كم ب ِ َ ؤا ِ
قصدتم[.
قالت عائشة رضي الله عنها :نزلت في قوله ) :ل والله ،وبلى
والله( .رواه البخاري في ] اليمان والنذور ـ باب ـ ل يؤاخذكم
الله ،..رقم .[6286 :وروى أبو داود في ] اليمان والنذور ـ باب
ـ لغو اليمين ،رقم ،[3254 :قال :قالت عائشة رضي الله عنها:
م الرجل في بيته :كل والله ، إن رسول الله قال " :هو كل ُ
وبلى والله" ] الحديث صححه ابن حبان .انظر :موارد الظمآن
إلى زوائد ابن حبان رقم .[1187
وخرج بقيد ـ غير ثابت المضمون ـ توثيق كلم ٍ ثابت المضمون ،ل
ن ،أو والله إن الشمس طالعة، محالة ،كقول القائل :والله لموت ّ
وهي طالعة فع ً
ل.
فهذه ليست يمينا ً شرعية ،لتحققها في نفسها ،ولنه ل يتصور
حْنث :أي عدم الوفاء باليمين. فيها ال ِ
وتكون اليمين على الماضي ،كقول القائل :والله ما فعلت كذا ،أو
والله لقد فعلته.
4
ما َقاُلوْا[ ن ِبالل ّهِ َفو َ حل ِ ُل ] :ي ْ ويستدل لذلك بقول الله عّز وج ّ
)التوبة .(74:
كما تكون اليمين على المستقبل ،كقوله :والله لفعلن.
ومنه قول النبي ": والله لغزون قريشًا" .أخرجه أبو داود في
] اليمان والنذور ـ باب ـ الستثناء في اليمين بعد السكوت،
رقم .[3285:
ً
حكم اليمين شرعا :
م الحوال ،ودليل هذا قول الله عّز يكره التلفظ باليمين في أع ّ
َ
م [ ) البقرة ] ( 224 :أي مان ِك ُ ْ ة ّلي ْ َض ًه ع ُْر َ جعَُلوا ْ الل ّ َل ] :وَل َ ت َ ْ وج ّ
ل تكثروا الحلف بالله تعالى [ .وسبب ذلك أنه ربما يعجز الحالف
عن الوفاء به.
قال حرملة رحمه الله تعالى :سمعت الشافعي رحمه الله تعالى
يقول ):ما حلفت بالله صادقًا ،ول كاذبًا(.
إل أن أحكاما ً أخرى قد تعرض لليمين ،حسب الدوافع والنتائج،
فتكون بناًء على ذلك :
-1حراما ً :وذلك إذا كانت على فعل حرام ،أو ترك واجب ،أو
على شيء كاذب ،ل أصل له.
-2واجبة :وذلك إذا كانت اليمين هي السبيل التي ل يوجد غيرها
دعى عليه، م ّ
لنصاف مظلوم ،أو بيان حق :كما لو كان شخص ُ
فطلب منه اليمين ،وعلم أنه لو نكل ] أي امتنع عن الحلف[ حلف
دعي كذبًا ،وظ ُِلم بذلك إنسان بريء. الم ّ
ة :وذلك إذا كانت على فعل طاعة ،أو تجّنب معصية ،أو -3مباح ً
إرشاد إلى حق ،أو تحذير من باطل.
ه حتى َتملوا" .أخرجه ل الل ُ ومن هذا قول النبي " :فواللهِ ل َيم ّ
ب الدين إلى الله أدومه ،رقم : البخاري في ]اليمان ـ باب ـ أح ّ
] [43ومعناه :ل يترك الله إثابتكم على العمل ،إل إذا انقطعتم
عنه ،بسبب إفراطكم فيه ،ومللكم منه[.
-4مندوبة :وذلك إذا كانت اليمين وسيلة للتأثير على السامعين ،
وسببا ً في تصديقهم لموعظة ،أو نصيحة.
التحذير من اتخاذ اليمين معتمدا ً في المكالمات
والمعاملت:
ل ،أن يجعل النسان إن أهم مظاهر سوء الدب مع الله عّز وج ّ
من اسمه سبحانه وتعالى ،تكأة في مكالماته ،ووسائل إقناعه،
وتأثيراته على الخرين ،غير مبال بقوله سبحانه وتعالى ،وهو
َ ض ً َ
م أن ة ّلي ْ َ
مان ِك ُ ْ ه ع ُْر َ جعَُلوا ْ الل ّ َ يحذر من هذه العادة السيئة ]:وَل َ ت َ ْ
م [ ) البقرة : ميعٌ ع َِلي ٌ س ِ ه َ س َوالل ّ ُ ن الّنا ِحوا ْ ب َي ْ َ قوا ْ وَت ُ ْ
صل ِ ُ ت َب َّروا ْ وَت َت ّ ُ
.(224
5
ل ،يفيض ذلك لن من شأن المؤمن أن يكون معظما ً لله عّز وج ّ
قلبه خشية منه ،ومهابة له.
والتعظيم والخشية يتنافيان مع هذه الستهانة باسم الله عّز
مدل .ومن أخطر نتائج هذه العادة ،أن صاحبها قد يستسيغ تع ّ وج ّ
ل ،وهي اليمين الغموس الكذب في الحلف باسم الله عّز وج ّ
التي من شأنها أن تغمس صاحبها في النار ،إن لم يتب منها،
وتكون سببا ً في محق البركة والخير ،في كسبه وماله.
روى البخاري في ]البيوع ـ باب ـ الربا ،رقم [1981ومسلم في
] المساقاة ـ باب ـ النهي عن الحلف في البيع ،رقم [1606عن
فأبي هريرة ،قال :سمعت رسول الله يقول ":الحل ُ
ة للبركة".محق ٌ م ْمنفقة للسلعةِ َ
وروى البخاري في ]اليمان والنذور ـ باب ـ اليمين الغموس،
رقم [6298 :عن عبدالله بن عمرو ،عن النبي قال " :
س،ل النف ِ ن ،وقت ُك باللهِ ،وعقوقُ الوالدي ِ الكبائُر :الشرا ُ
مد
س" ] ا[ التي تغمس صاحبها في النار ،لتع ّ ن الغمو ُ واليمي ُ
الكذب فيها[.
شروط انعقاد اليمين :
قق المور التالية : يشترط لنعقاد اليمين تح ّ
ً
-1أن يكون الحالف بالغا عاقل ً :
وذلك لرفع القلم والمؤاخذة عن غير البالغ العاقل ،والدليل في
ذلك ما رواه أبو داود ] في الحدود ـ باب ـ في المجنون يسرق ،
أو يصيب حد ًّا ،رقم [4403 :وغيره ،عن علي ،عن النبي
ي
م عن ثلثة :عن النائم ِ حتى يستيقظ ،وعن الصب ّ قال ُ :رفعَ القل ُ
م ،وعن المجنون حتى يعقل ". حتى يحتل َ
] يحتلم :يبلغ [.
-2أن ل يكون اليمين لغوا ً :
وذلك كقولهم :بلى والله ،ول والله ،ونحو ذلك مما يدرج على
ألسنة الناس ،بغير قصد ،ويشيع في العُْرف ذلك.
وقد سبق دليل من الكتاب والسّنة عند الكلم عن تعريف اليمين
اصطلحًا.
سم بواحد مما يلي: ق َ -3أن يكون ال َ
ل: أ( ذات الله عّز وج ّ
كقول الشخص :أقسم بذات الله تعالى ،أو أقسم بالله عّز وج ّ
ل.
ب( أحد أسمائه تعالى الخاصة به :
ب العالمين ،أو بمالك يوم الدين ،أو أقسم كقول القائل :أقسم بر ّ
بالرحمن.
ج( صفة من صفاته تعالى :
6
وذلك مثل قول النسان :أقسم بعزة الله ،أو بعلمه ،أو بإرادته،
أو بقدرته.
والصل في كل ما ذكر ما جاء في السنة الصحيحة على لسان
رسول الله .
روى البخاري ] في اليمان والنذور ـ باب ـ ل تحلفوا بآبائكم ،رقم
[6270 :ومسلم ] في اليمان ـ باب ـ النهي عن الحلف بغير
الله تعالى ،رقم [1646 :عن عبدالله بن عمر ، أن رسول
الله أدرك عمر بن الخطاب ،وهو يسير في ركب ،يحلف بأبيه
ه ينهاكم أن َتحلفوا بآباِئكم ،من كان حالفا ً ن الل َ ،فقال " أل إ ّ
ت". م ٍُ ص ُ
ه ،أو لي َ ْف بالل ِ فليحل ْ
وروى البخاري ] في اليمان النذور ـ باب ـ كيف كان يمين النبي
رقم [6253عن ابن عمر قال :كانت يمين النبي " :ل
ب ". ب القلو ِ ومقل ّ ِ
وثبت في أكثر من حديث عند البخاري وغيره ،أنه قال في
ه".س محمد ٍ بيد ِ ِ ه" " ،والذي نف ُ حِلفه " :والذي نفسي بيد ِ ِ َ
] البخاري ،في كتاب اليمان والنذور ـ باب ـ كيف كانت يمين
النبي ، رقم .[6255 ، 6254
فلو أن أحدا ً أقسم بغير ما ذكر لم ينعقد يمينه ،لسببين:
من كان حالفًا، أولهما :حديث رسول الله السابقَ " :
ت". ف بالله ،أو لَيصم ْ فليحل ْ
ي عن ذكر ،والمؤمن منه ّ قد ُ كمال العظمة في غير ما ُ ثانيهما :فَ ْ
ل تعظيما ً ذاتيًا. تعظيم غير الله عّز وج ّ
اليمين صريح وكناية :
ثم إن اليمين ينقسم إلى قسمين :صريح ،وكناية.
-1الصريح :
واليمين الصريح :هو كل ما أقسم فيه الشخص باسم من أسماء
ب ُ ُ
الله تعالى الخاصة به ،كقول القائل :أقسم بالله ،أو أقسم بر ّ
العالمين.
-2الكناية :
وهو أن يقسم بما ينصرف إليه ـ سبحانه وتعالى ـ عند الطلق،
كقولهُ :أقسم بالخالق ،أو ُأقسم بالرازق ،أو الرب.
سم بما من شأنه أن ُيستعمل في التعبير عن ذات الله أو أن ُيق ِ
تعالى وعن غيره ،على حد ّ سواء ،كقول القائل :أقسم بالموجود،
أو العاِلم ،أو الحي.
ل :كقدرة الله تعالى، أو يقسم بصفة من صفات الله عّز وج ّ
وعلمه ،وكلمه.
حكم كل من الصريح والكناية :
7
-1حكم اليمين الصريح :
فظ به ،ول ُيقبل قول اليمين الصريح يتم انعقاده بمجّرد التل ّ
الحالف :لم أ ُِرد به اليمين ،لن هذه اللفاظ ل تحتمل غير
اليمين.
فلو قال :قصدت بلفظ ) الله( غير ذات الله عّز وج ّ
ل ،لم ُيقبل
منه قوله ،ولكن لبد ّ فيه من إرادة اليمين المنعقدة.
فلو سبق هذا اللفظ إلى لسانه من غير أن يقصد اليمين ،كان
لغوًا ،كما سبق بيانه.
8
قق ما قد التزمه ،إن كان وعدا ً والتزامًا. والحنث فيه :أن ل يح ّ
أو يكون كاذبا ً فيه إن كان إخبارًا.
والحنث في الصل :الذنب ،وأطلق على ما ذكر ،لنه سبب له.
-2حكم الب ِّر باليمين والحنث فيها :
عهدة المسئولية عن صاحبها. حكم البر باليمين :أنه يرفع ُ
وأما حكم الحنث فيها :فهو ذو حالتين ،لكل حالة منهما
حكم خاص بها :
الحالة الولى :
سم لماأن يكون الحنث باليمين عبارة عن عدم تحقيق المق ِ
ن على فقير في يوم التزمه بيمينه؛ كأن أقسم بالله تعالى ليتصدق ّ
دق في اليوم المحدود .وحكم هذا الحنث :هو كذا ،فلم يتص ّ
فارة اليمين بعد وجوب تكفير الحانث عن يمينه .وسيأتي بيان ك ّ
قليل ،إن شاء الله تعالى.
الحالة الثانية :
أن يكون الحنث باليمين عبارة عن الكذب في إخباره ،الذي أبى
إل أن يوّثقه باليمين ،كأن يقول :والله إن هذا المتاع ملكي ،وهو
يعلم أنه ليس ملكه ،ويسمى مثل هذا اليمين يمينا ً غموسًا ،كما
سبق بيانه.
وحكم هذا الحنث استحقاق صاحبه العقاب الكبير من الله عّز
ل مع وجوب الكفارة ،لنه من اليمين المنعقدة. وج ّ
والفرق بين الحالتين :أن صاحب الحالة الثانية أكثر استهتارا ً
سم بالله في الوقت الذي يعلم أنه ل ،إذ هو ُيق ِباسم الله عّز وج ّ
يقسم بالله كذبًا.
أما صاحب الحالة الولى ،فربما كان عازما ً عند النطق باليمين
ل بينه وبين الوفاء بها على الب ِّر باليمين ،والعمل بموجبها ،لكنه حا َ
حائل ،أو أنه تنّبه بعد ذلك إلى شيء هو خير مما التزمه باليمين،
ف على يمين ،فرأى غيَرها خيرا ً ن حل َ م ْفعمل بوصية النبي َ " :
ٍ
فْر عن يمينه" .أخرجه مسلم ت الذي هو خيٌر ،وليك ّ منها ،فليأ ِ
من حلف يمينا ً فرأى غيرها ،..رقم : ] في اليمان ـ باب ـ ندب َ
.[1650
فارة اليمين : ك ّ
ن حنث في يمين غموس ،أو غير غموس ،وجبت عليه كفارة. م ْو َ
وهو مخّير فيها أول ً بين ثلثة أشياء :
مة .وإنما يكون َ
عتق رقبة مؤمنة ،والمراد بالرقبة :عبد أو أ َ ِ -1
هذا حيث يوجد الرقيق.
ب من غالب قوت ح ّ مد ّ َ
-2إطعام عشرة مساكين ،لكل مسكين ُ
د :مكيال معروف يتسع 600 :غراما ً تقريبًا. بلده .والم ّ
9
ويجب تمليك كل مسكين ما ذكر ،فل يكفي دعوتهم لتناول طعام
غداء ،أو عشاء ،ونحو ذلك.
وة عشرة مساكين مما ُيعتاد ل ُْبسه ،ويسمى في العُْرف س َ -3ك ِ ْ
ورب ،وغطاء الرأس على ج ْكسوة :فالقميص ،والسراويل ،وال َ
أي شكل كان ،كله يسمى كسوة.
فإن عجز عن تحقيق شيء من هذه المور الثلثة :بأن كان
سرًا ،وجب عليه صيام ثلثة أيام ،ول يشترط فيها التتابع ،بل معْ ِ ُ
يجوز له تفريقها.
دليل كفارة اليمين :
و ّ
ه ِباللغْ ِ ّ
م الل ُ خذ ُك ُ ُؤا ِ ل] :ل َ ي ُ َ فارة قول الله عّز وج ّ ودليل هذه الك ّ
َ َ
مه إ ِط َْعا ُ فاَرت ُ ُ ن فَك َ ّ ما َ م الي ْ َ قدت ّ ُ ما ع َ ّ كم ب ِ َ خذ ُ ُؤا ِكن ي ُ َ م وََلـ ِ مان ِك ُ ِْفي أي ْ َ
م أ َْو سوَت ُهُ ْ م أوْ ك ِ ْ
شرة مساكين من أ َوسط ما تط ْعِمون أ َهِْليك ُ َ
ْ ُ َ عَ َ َ ِ َ َ ِ َ ِ ْ ْ َ ِ َ ُ
َ َ
م إِ َ
ذا مان ِك ُ ْفاَرة ُ أي ْ َ ك كَ ّ م ث َل َث َةِ أّيام ٍ ذ َل ِ َ صَيا ُ جد ْ ف َ ِ م يَ ِ من ل ّ ْ ريُر َرقَب َةٍ فَ َ ح ِ تَ ْ
َ
مم آَيات ِهِ ل َعَل ّك ُ ْ ه ل َك ُ ْن الل ّ ُ ك ي ُب َي ّ ُ م ك َذ َل ِ َ مان َك ُ ْظوا ْ أي ْ َ ف ُح َم َوا ْ فت ُ ْحل َ َْ
ن[ ) المائدة .(89 : شك ُُرو َ تَ ْ
خاتمة في بعض أحكام اليمين :
ن كذا ، ُ
سم بالله ،لفعل ّ ت بالله ،أو أق ِ -1لو قال شخص :أقسم ُ
فهو يمين ،إن نوى اليمين ،أو أطلق ،لكثرة استعمال هذا اللفظ
في اليمان.
َ َ
م [ )النحل: : مان ِهِ ْ جهْد َ أي ْ َ موا ْ ِبالل ّهِ َ س ُ قال الله تبارك تعالى] :وَأقْ َ
.(38وإن لم يقصد اليمين ،بل قصد خبرا ً ماضيا ً ،أو مستقبل ً ،
فليس بيمين ،لحتمال اللفظ ما نواه.
سم عليك بالله ،أو أسألك بالله ، ُ
-2لو قال شخص لغيره :أق ِ
ن كذا ،فهو يمين إن أراد به يمين نفسه ،لشتهار ذلك لتفعل ّ
ن عندئذ للمخاطب إبرار الحالف ،إن لم يكن في شرعا ً ،ويس ّ
إبراره ارتكاب محّرم ،أو مكروه.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في ] الجنائز ـ باب ـ المر بإتباع
الجنائز ،رقم [1182 :عن البراء قال ) :أمرنا النبي بسبع
… وعد ّ منها :إبرار القسم(.
أما إن أراد بقوله ُ :أقسم عليك بالله ،أو أسألك بالله ،أو أسألك
فع إليه ، بالله يمين المخاطب ،أو لم يرد ّ يمينًا ،وإنما أراد التش ّ
فإنه ل يكون يمينا ً عندئذ ٍ ،لنه لم يقصد اليمين هو ،ولم يحلف
ل.المخاطب أيضًا ،ولذلك قالوا ُ :يكره السؤال بوجه الله عّز وج ّ
ودليل ذلك قول النبي ) : ل ُيسأل بوجه الله إل الجنة( .أخرجه
أبو داود في ]الزكاة ـ باب ـ كراهية المسألة بوجه الله تعالى ،
رقم .[1671:
10
من حلف على ترك واجب من الواجبات :كترك الصلة َ -3
والصيام مثل ً ،أو حلف على فعل محّرم :كالسرقة ،أو القتل ،
ل ،في الحالتين ،ولزمه الحنث فيهما، فإنه قد عصى الله عّز وج ّ
لن القامة على هذه الحالة معصية ،كما تلزمه الكفارة أيضًا.
كل -4إذا حلف أن ل يفعل شيئا ً :كبيع ،وشراء ،ونحو ذلك ،فو ّ
غيره بفعله ،فإنه ل يحنث بفعل وكيله ،لن العبرة بما يدل عليه
اللفظ ،فإنه حلف على فعل نفسه ،فل يحنث بفعل غيره ،والفعل
إنما ينسب إلى من باشره.
فظ باليمين ما يشمل فعله المباشر ،وفعل نعم إن أراد عند التل ّ
الوكيل عنه حنث.
كل من يقبل له العقد عليها -5إذا حلف أن ل يتزوج فلنة ،فو ّ
عوضا ً عنه حنث ،لن الزواج ل يطلق على العقد وحده ،بل
يطلق عليه وعلى نتائجه ،وهو الوطء ،والحالف وإن لم يكن
مباشرا ً للعقد ،فهو مباشر لنتائجه.
من حلف على ترك أمرين ،ففعل أحدهما لم يحنث ،كأن َ -6
ّ ُ
قال :والله ل ألبس هذين الثوبين ،أو ل أكلم هذين الرجلين،
فلبس أحد الثوبين ،أو كّلم أحد الرجلين ،فإنه لم يحنث بذلك ،
لن يمينه واحدة على مجموع المرين.
ُ
أما لو قال :والله ل ألبس هذا الثوب ،ول هذا ،أو ل أكّلم هذا
الرجل ،ول هذا ،فإنه يحنث بلبس أحد الثوبين ،أو تكليم أحد
الرجلين ،لن إعادة حرف النفي جعلت كل ً منهما مقصودا ً باليمين
على انفراد.
ن هذين من حلف على فعل أمرين اثنين ،كأن قال :والله لكل ّ َ -7
مه بفعل ُ
س َ
ن هذين الشخصين لم يب ِّر بق َ الرغيفين ،أو لكلم ّ
أحدهما ،بل لبد ّ لكي يبّر بقسمه ،وينجو من الحنث من أكل
كل الشخصين ،والله سبحانه وتعالى أعلم. الرغيفين ،ومكالمة ِ
الّنـ ُ
ذور
تعريف النذور :
النذور :جمع نذر ،والنذر في اللغة :الوعد بخير أو شر.
وشرعا ً :الوعد بخير خاصة.
والنذر في اصطلح الفقهاء :التزام قُْربة غير واجبة في الشرع،
مطلقًا ،أو معلقا ً على شيء.
أدلة تشريع النذر :
ل على مشروعية النذر ،ولزوم الوفاء به : يد ّ
سّنة.
القرآن وال ُ
11
ل في صفات البرار ُ ] :يوُفو َ
ن أما القرآن ،فقول الله عّز وج ّ
طيرًا[ ) الدهر .(7 : ست َ ِ
م ْ شّره ُ ُن َ وما ً َ
كا َ خاُفو َ
ن يَ ْ ِبالن ّذ ْرِ وَي َ َ
وقوله تبارك وتعالى ] :وليوفوا نذورهم [ )الحج .(29:
سّنة فقوله ، فيما رواه البخاري في ] اليمان والنذور ـ وأما ال ُ
باب ـ النذر في الطاعة ،رقم [6318 :عن عائشة رضي الله
عنها ،عن النبي " : من نذر أن يطيع الله فليطعه ،ومن نذر
صيه". أن يعصيه فل ي َعْ ِ
دكم قوما ً وقوله في الذين ل يوّفون بنذورهم " :إن بع َ
ذرون ول يخونون ول ُيؤتمنون ،وَيشهدون ول ُيستشهدون ،وَين ُ
ن" .رواه البخاري في ] الشهادات ـ باب سم ُفون ،ويظهر فيهم ال ّ يَ ُ
ـ ل يشهد على شهادة جور إذا أشهد ،رقم [2508 :ومسلم في
] فضائل الصحابة ـ باب ـ فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ،رقم :
[2535عن عمران بن حصين رضي الله عنهما.
] يظهر فيهم السمن :أي بسبب كثرة المآكل مع الخلود إلى
الراحة ،وترك الجهاد ،وقيل :هو كناية عن التفاخر بمتاع الدنيا[.
حكم النذر :
إن النذر مشروع ،وهو من نوع القربات ،ولذلك قال الفقهاء :إنه
ح من الكافر. ل يص ّ
إل أن الفضل أن يباشر النسان القربة التي يريدها بدون أن
يلزم نفسه بها ،ويجعلها عليه نذرًا.
فالصدقة التي يتقّرب بها النسان إلى الله تعالى اختيارًا ،أفضل
من الصدقة التي يلتزمها نذرًا.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في ] القدر ـ باب ـ إلقاء العبد النذر
إلى القدر ،رقم [6234 :ومسلم في ] النذر ـ باب ـ النهي عن
النذر ،وأنه ل يرد ّ شيئا ً ،رقم [1639أنه نهى عن النذر،
وقال " :إنه ل يرد ّ شيئا ً ،وإنما ُيستخرج به من النخيل ".
أي إن النذور المعّلقة ل تغّير من قضاء الله شيئا ً ،وهو ليس إل
وسيلة يلزم بها البخيل نفسه بالنفاق والصدقة ،لعلمه أنها لو لم
تصبح واجبة عليه بالنذر واللتزام ،فإنه لن يستطيع أن يتغلب
على نفسه في إخراجها.
أنواع النذر :
ينقسم النذر إلى ثلثة أنواع:
النوع الول :نذر الّلجاج :
وهو ما يقع حال الخصومة ،بسائق من الغضب ،كأن يقول أثناء
ي صيام شهر. ت فلنًا ،فلله ع َل َ ّ خصومته :إن كلم ُ
النوع الثاني :نذر المجازاة :أي المكافأة :
12
وهو أن يعّلق التزامه بقربةٍ ما على حصول غرض للناذر ،دون أن
يكون مدفوعا ً إلى ذلك بخصومة ،أو لجاج ،وذلك كأن يقول :إن
ي أن أتصدق بشاة. شفي الله مريضي ،فلله عل ّ
النوع الثالث :النذر المطلق :
ة ما لله تعالى دون تعليق على حصول غرض وهو أن يلتزم قرب ً
ي صيام يوم له ،ودون دافع خصومة ،أو غضب ،كأن يقول :لله عل ّ
الخميس.
ل من النوعين :الثاني والثالث ،نذر التبّرر ،وسمي ويسمى ك ّ
بذلك ،لن الناذر طلب به الب ِّر ،والتقّرب إلى الله تعالى.
أحكام كل نوع من أنواع النذر :
أما النوع الول :وهو نذر اللجاج ،فحكمه أن المعّلق عليه إذا وقع
فارة يمين ،يختار وجب على الناذر إنجاز ما التزمه ،أو إخراج ك ّ
واحدا ً منهما ،لن هذا النوع يشبه النذر من جانب كونه التزاما ،
ً
ويشبه اليمين من جانب كونه وسيلة امتناع عن أمر.
ودليل ذلك ما رواه مسلم في ] النذر ـ باب ـ كفارة النذر ،رقم
[1645عن عقبة بن عامر ،عن رسول الله قال " :كفارةُ
ن ".النذرِ كفارة ُ اليمي ِ
قال المام النووي رحمه الله تعالى :حمله جمهور أصحابنا على
نذر اللجاج.
أما النوع الثاني :وهو نذر المجازاة ،فحكمه أن المعلق عليه إذا
ب على الناذر ج َ دم غائبه ،و َ وقع ؛ كأن شفى الله مريضه ،أو قَ ِ
إنجاز ما قد التزمه ،ل يغنيه عن ذلك شيء.
م[ هدت ّ ْ
عا َ
ذا َل ] :وَأ َوُْفوا ْ ب ِعَهْد ِ الل ّهِ إ ِ َودليل ذلك قول الله عّز وج ّ
) النحل .(91 :وقول النبي " : من نذر أن يطيع الله
طعه" .رواه البخاري في ] اليمان والنذور ـ باب ـ النذر في فلي ُ ِ
الطاعة ،رقم [6318عن عائشة رضي الله عنها.
وأما النوع الثالث :وهو النذر المطلق ،وهو القسم الثاني من نذر
التبّرر ،فحكمه أنه يجب على الناذر تحقيق ما التزمه مطلقًا ،أي
دون أيّ تعليق على شيء.
خر في الوفاء ودليل ذلك عموم الدلة المتقدمة ،إل أن له أن يتأ ّ
به ما لم يصل إلى زمن يغلب فيه على ظنه أنه لن يتمكن من
الوفاء.
فارة يمين ،لن معنى اليمين مفقودة وليس له أن يستبدل به ك ّ
في هذا النوع من النذور.
شروط النذر :
للنذر شروط من حيث هو نذر :أي بقطع النظر عن أنواعه
الثلثة.
13
وتتلخص هذه الشروط فيما يلي:
14
الطاعة ،رقم [6318 :عن عائشة رضي الله عنها … " :ومن
ه".
ص ْ
صَيه ،فل يع ِ نذر أن َيع ِ
ي به وجه الله ". وقال عليه الصلة والسلم ":ل نذر إل فيما اُبتغِ َ
رواه أبو داود في ] اليمان والنذور ـ باب ـ اليمين في قطيعة
الرحم ،رقم .[3273 :
-2أن ل يكون المنذور من الواجبات العينية ابتداءًا:
فلو نذر أن يصلي صلة الظهر ،أو أن ُيخرج زكاة ماله ،كان ذلك
ل ،إذ ليس له من أثر جديد على المنذور ،لكونه واجبا ً النذر باط ً
في حق الناذر ابتداءا ً دون حاجة إلى النذر ،فل معنى ليجابه.
وخرج بالواجبات العينية الواجبات الكفائية ،فيجوز النذر بها ،كما
م علم ٍ مما يجب على المسلمين لو نذر الصلة على جنازة ،أو تعَل ّ َ
تعّلمه على سبيل الكفاية كالطب ،والصناعات.
رج هذا المنذور من مستوى الفرض الكفائي، ذلك لن النذر ُيخ ِ
إلى الفرض العيني ،في حق الناذر.
الثار المترتبة على النذر الصحيح :
ح النذر :بأن توفرت فيه الشرائط التي ذكرناها ،وجب على إذا ص ّ
الناذر تحقيق ما التزم به ،عند حصول الشيء المعّلق به في
النذر المعّلق ،ومطلقًا ،في النذر الناجز ،أي المطلق.
ويجب عليه من ذلك ما يقع عليه السم شرعًا ،سواء كان
المنذور صلة ،أو صيامًا ،أو صدقة ،أو غير ذلك.
فلو نذر صلة ،ولم يقيدها بكيفية ،أو عدد وجب عليه ركعتان من
قيام إذا كان قادرا ً على القيام ،وذلك حمل ً على أقل واجب
الشرع.
أما لو نذر عددا ً من الركعات ،أو نذر الصلة من قعود وجب عليه
ددها ،لكن لو صلها من دده ،والكيفية التي ح ّ التزام القدر الذي ح ّ
قيام كان أفضل.
ولو نذر صوما ً مطلقًا ،فأقل ما يقع عليه السم من ذلك صوم
يوم واحد.
أما إن نذر صوم أيام دون تحديد لعدد هذه اليام ،فأقل ما يجب
عليه الصوم ثلثة أيام ،لنها أقل الجمع.
ول من ممتلكاته، م ّ
مت َ َ
ولو نذر صدقة ،وجب عليه أن يتصدق بأقل ُ
من هو أهل للزكاة ،كالفقراء ،والمساكين. على َ
أما إن قّيد القربة التي التزمها بحال معينة ،أو زمن معين ،أو عدد
معين ،فالصل عندئذ ٍ وجوب ما قد التزمه ،على الكيفية والحال
ص عليها. التي ن ّ
دق عليهم دق على أهل بلد معينة ،وجب عليه التص ّ فإن نذر التص ّ
جْز له صرف صدقته إلى أهل بلدة أخرى. بأعيانهم ،ولم ي َ ُ
15
أو نذر العتكاف في مسجد معين ،فإن كان أحد المساجد الثلثة
:المسجد الحرام ،والمسجد النبوي ،والمسجد القصى ،وجب
عليه العتكاف في المسجد الذي عّينه منها ،وذلك لفضيلة هذه
المساجد على غيرها.
ودليل فضيلتها على غيرها قول النبي " ل ُتشد ّ الرحال إل إلى
ثلثة مساجد :المسجد الحرام ،ومسجد الرسول ، ومسجد
القصى " .أخرجه البخاري في
وع ـ باب ـ فضل الصلة في مسجد مكة والمدينة، ] أبواب التط ّ
رقم [1132ومسلم في ] الحج ـ باب ـ فضل الصلة بمسجد
مكة والمدينة ،رقم .[1394 :
وإن عّين في نذره مسجدا ً غير هذه المساجد الثلثة ،وجب عليه
أن يعتكف في أيّ المساجد شاء ،لن أجر العتكاف ل يختلف بين
بلدة وأخرى ،أو مسجد وآخر.
وإن نذر حجًا ،أو عمرة ،لزمه أن يفعل ذلك بنفسه ،إن كان قادرا ً
على ذلك بنفسه ،فإن كان عاجزا ً عن الحج أو العمرة بنفسه
استناب من يحج عنه ،أو يعتمر ،ولو بأجرة ،كما يجب عليه ذلك
في حجة الفريضة إذا عجز عن أدائها بنفسه ،استناب من يحج
عنه.
ويندب تعجيله بالوفاء بما نذره ،في أول فرصة تسنح له ،مبادرة
إلى براءة ذمته.
ج عنه أو
ح ّ
خر أداءها فمات ُفإن تمكن من الحج أو العمرة فأ ّ
اعتمر من ماله ،لتقصيره بعد حصول التم ّ
كن.
كن من الحج أو العمرة فل شيء عليه ،لعدم أما إذا مات قبل التم ّ
ذ.تقصيره حينئ ٍ
ً ً
وإن نذر أن يحج ،أو يعتمر ماشيا لزمه المشي إن كان قادرا على
المشي ،لنه التزم جعل المشي وصفا ً للعبادة ،فهو كما لو نذر
أن يصوم متتابعًا.
أما إذا لم يكن قادرا ً على المشي ،فإنه ل يلزمه المشي ،بل
يجوز له الركوب ،لعجزه عن المشي.
عن عقبة بن عامر قال :نذرت أختي أن تمشي إلى بيت
الله ،وأمرتني أن أستفتي لها النبي ، فاستفتيته ،فقال عليه
ب".
ش ،ولترك ْالصلة والسلم " :لتم ِ
أخرجه البخاري في ] الحصار ،وجزاء الصيد ـ باب ـ من نذر
المشي إلى الكعبة ،رقم [1767 :ومسلم في ] النذر ـباب ـ من
نذر أن يمشي إلى الكعبة ،رقم .[1644 :
ولو نذر أن يهدي شيئا ً من ن ََعم :وهي البل والبقر والغنم وال َ
مِعز،
من بها دق به على َ
ل إلى مكة لزمه حمله إليه ،ولزمه التص ّ أو ما ٍ
16
من الفقراء والمساكين ،سواء أكانوا من أهلها ،أم من الوافدين
إليها.
ولو نذر أن يذبح شاة في بلد غير مكة ويفرقها فيها ،لزمه الذبح
في تلك البلد ،وتفريق لحمها على مساكينها ،ما دام قد نوى
الذبح والتفرقة فيها ،لن الذبح وسيلة إلى التفرقة المقصودة،
فلما جعل مكان الذبح مكان التفرقة ،اقتضى تعيين الذبح فيها
تبعا ً لتفريق لحمها فيها.
ولو نذر شمعًا ،لتوقد في المشاهد التي ُبنيت على قبور
الصالحين والولياء ،فإن قصد الناذر بذلك التنوير على من يسكن
ذره ،ولزمه ذلك ،وإن قصد ح نَ ْ
هناك من الناس ،أو يتردد إليها ص ّ
به اليقاد على القبر ،ولو مع قصد التنوير على الناس ،فل يصح
نذره.
دفن من ُ
وإن قصد به تعظيم البقعة ،أو القبر ،أو التقّرب إلى َ
فيها ،أو نسبت إليه ،فهذا نذر باطل غير منعقد.
17
صْيد َوالذ َّباِئح
ال ّ
18
صْيد
ال ّ
تعريف الصيد :
الصيد في الصل :مصدر صاد يصيد صيدا ً :أي قنصه ،وأخذه
ل ،أم غير مأكول. خْلسة ،وبحيلة ،سواء أكان مأكو ً ِ
ثم أريد به اسم المفعول ،أي المصيد.
َ
م [ ) المائدة: حُر ٌ م ُ صي ْد َ وَأنت ُ ْ قت ُُلوا ْ ال ّ قال الله تبارك وتعالى ] :ل َ ت َ ْ
] .(95أي :المصيد[.
والصيد في اصطلح الفقهاء خاص بما كان مأكو ً
ل.
مشروعية الصيد :
دال على مشروعيته ،قول الله عّز الصيد مشروع ،والصل ال ّ
ّ َ َ كم ب َهيم ُ َ ت لَ ُ
حلي م ِ م غ َي َْر ُ ما ي ُت ْلى ع َلي ْك ُ ْ ة الن َْعام ِ إ ِل ّ َ ِ َ حل ّ ْ لِ ]: وج ّ
م [)المائدة .(1: َ
حُر ٌ م ُ صي ْد ِ وَأنت ُ ْ ال ّ
دوا ْ [) المائدة.(2: طا ُ ص َ م َفا ْ حل َل ْت ُ ْذا َ وقوله سبحانه وتعالى ] :وَإ ِ َ
فإن الية الولى حصرت المنع من الصيد في حالة الحرام ،والية
الثانية صّرحت بإباحة الصيد بعد التحّلل من الحرام.
مل ل َك ُ ُ ح ّ ل أُ ِ م قُ ْ ل ل َهُ ْ ح ّ ذا أ ُ ِما َ ك َ سأ َُلون َ َ وقوله تبارك وتعالى ]:ي َ ْ
ممك ُ ُ ّ
ما ع َل َ م ّن ِ مون َهُ ّ ّ
ن ت ُعَل ُ ّ
مك َلِبي َ ح ُ ن ال ْ َ ما ع َل ّ ْ الط ّي َّبا ُ
وارِ ِ ج َ م َ مُتم ّ
َ
ت وَ َ
قوا ْ الل ّ َ
ه م الل ّهِ ع َل َي ْهِ َوات ّ ُ س َ م َواذ ْك ُُروا ْ ا ْ ن ع َل َي ْك ُ ْ سك ْ َ م َما أ ْ ه فَك ُُلوا ْ ِ
م ّ الل ّ ُ
ب [. سا ِ ح َريعُ ال ْ ِ س ِ ه َ ن الل ّ َ إِ ّ
) المائدة ] .(4 :مكلبين :معلمين لها الصيد ،وسمي التعليم هنا
تكليبا ً ،لنه أكثر ما يكون في الكلب[.
الحكمة من مشروعية الصيد :
ددها الشارع لحل أكل الحيوانات ،من اعلم أن الوسائل التي ح ّ
تذكية :أي ذبح ،وصيد ونحوهما داخلة في قسم التعبدات
المحضة ،وليست قائمة على شيء من العلل والمصالح التي
تقوم على أمثالها أحكام المعاملت .غير أن للباحث أن يستجلي
ل أكل بعض الحيوانات دون بعضها الخر ،ومن كم من ح ّ ح َبعض ال ِ
مشروعية الصيد إلى جانب مشروعية التذكية بالذبح ،فإن كثيرا ً
من العبادات يمكن للباحث الوقوف على بعض أسرارها وحكمها.
وحكمة مشروعية الصيد تشبه الحكمة من مشروعية ذكاة
الضرورة ،أي التذكية الضطرارية ،التي سنتحدث عنها فيما بعد.
ما كان في الحيوانات التي استطابتها العرب ،وأقّرت إذ ل ّ
الشريعة السلمية أكلها ،ما هو وحشي ،وغير أليف ،يصعب
سر الله سبحانه وتعالى على الناس إخضاعه للتذكية العادية ي ّ
سبيل الحصول على هذه الحيوانات عن طريق القنص والصيد،
وأقام ذلك مقام التذكية الصلية ،إن لم يتمكن الصائد منها.
19
وفي ذلك من التيسير على الناس ما ل يخفى ألطافه وفوائده
مل وباحث. على أي متأ ّ
ل: ل من الصيد وما ل يح ّ ما يح ّ
مصادة، ل الصيد بأنواعه ،مهما كان نوع الحيوانات ال ُ الصل ح ّ
حل َل ْت ُ ْ
م ذا َ ودليل ذلك عموم ما يدل عليه قول الله تعالى] :وَإ ِ َ
دوا ْ [ ) المائدة .(2:
طا ُص َ
َفا ْ
إل أنه يستثنى من عموم ذلك ما يلي :
ل أكلها ،ول يجوز قتلها ،مما ل يعد ّ -1صيد الحيوانات التي ل يح ّ
ضاّرًا ،ول مؤذيًا ،إذا كانت وسيلة الصيد من شأنها أن تؤذي
الحيوان ،أو تعطبه ،أو تقتله.
فإن كانت وسيلة الصيد غير مؤذية :كشباك ونحوه ،لم يحرم.
-2كل صيد ُيبتغي منه مجرد العبث إذا كان بقتل ،أو إعطاب،
ل أكله ،أو مما يحّرم :كمن خرج لصيد سواء كان الحيوان مما يح ّ
الطيور ل يريد من ذلك إل التسلية والعبث ،وليس له في الكل
منها أيّ غرض ،أو قصد.
حرم ،سواء كان م ِ -3صيد الحيوانات البرية المأكولة بالنسبة لل ُ
ذلك بالقتل ،أو العطاب ،أو بمجرد وضع اليد عليه.
َ
م[حُر ٌ م ُ قت ُُلوا ْ ال ّ
صي ْد َ وَأنت ُ ْ ل] :ل َ ت َ ْ ودليل ذلك قول الله عّز وج ّ
) المائدة .(95 :كما يحّرم أيضا ً الصيد في الحرم ،ولو كان
حرم.م ِالصائد غير ُ
ودليل ذلك ما رواه البخاري في ] كتاب الحج ـ باب ـ فضل
الحرم ،رقم [1510 :وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال :قال رسول الله يوم فتح مكة " :إن هذا البلد حرمه
الله ،ل يعضد شوكه ،ول ينفر صيده ،ول يلتقط لقطته إل من
عرفها".
] هذا البلد :مكة المكرمة.
حرمه الله :جعله الله حرامًا ،يحرم فيه ما ذكر في الحديث،
وجعل له أيضا ً حرمة وتعظيمًا.
ل يعضد :ل يقطع ويكسر.
ل ينفر صيده :ل يزعج من مكانه ،ول يحل صيده.
ل يلتقط :ل يأخذ.
لقطته :ما سقط فيه.
عرفها :نادى عليها ،حتى يجيء صاحبها ،ول يأخذها ليتملكها[.
رم إذا كان مح ِأما صيد ما ل يؤكل لحمه ،فل إثم فيه على ال ُ
مؤذيًا ،أو لم يكن مؤذيًا ،وكان صيده مجرد وضع اليد عليه.
20
حرمة صيد الحيوان في هذه الحالت الثلث المذكورة والمقصود ب ُ
استلزامه الثم ،بقطع النظر عن أثر ذلك في تحريم أكله ،إذ
ليس بينهما أي تلزم.
الوسيلة المشروعة في الصطياد :
ويقصد بالوسيلة المشروعة في الصطياد ،ما يترتب على
اصطياد الحيوان بها جواز أكله ،وبالوسيلة غير المشروعة ما ل
يترتب على الصطياد بها جواز ذلك.
ووسيلة الصطياد المشروعة تكون بواحدة من السببين التاليين :
دد :
الول :كل ما يجرح من مح ّ
سواء كان حديدا ً ،أو رصاصًا ،أو قصبا ،أو زجاجا ،أو غير ذلك مما
ً ً
يجرح الحيوان.
ودليل ذلك ما رواه رافع بن خديج ، قال :قال رسول الله :
م ،وذكر اسم الله عليه فك ُُلوه" .أخرجه البخاري في " ما أنهر الد ّ َ
] الشركة ـ باب ـ قسمة الغنم ،رقم [2356:ومسلم في
] الضاحي ـ باب ـ جواز الذبح بكل ما انهر الدم ،رقم] .[1968 :
ومعنى أنهر الدم :أي أساله[.
فلو كان ما ُيصاد به شيئا ً ل حد ّ له ،وإنما يقتل بضغطه ،وأو بثقلة:
كحجر ل حد ّ فيه ،أو كان شيئا ً يقتل بالحرق ،ومات الحيوان بسببه
لم يجز أكله.
أما إذا لم يمت الحيوان به :كأن أصاب منه جناحًا ،أو قدمًا ،ثم
أدركه الصائد حيًا ،فذكاه الذكاة المشروعة ،التي سنتحدث عنها،
كين وسهم ،ونحوهما ،فإنه يجوز ده:كس ّ أو رماه بشيء يقتل بح ّ
أكله.
الثاني :إرسال جارحة من سباع البهائم أو جوارح
الطير :
فلو أرسل جارحة من سباع البهائم ،أو أرسل جارحة من جوارح
الطير على الحيوان الذي ُيراد اصطياده ـ بالشروط التي
سنذكرها ـ فجرحته ،ومات بجرحه جاز وح ّ
ل أكله.
ومثال سباع البهائم :الكلب ،والفهد ،والنمر ،ونحوها.
ومثال جوارح الطير :الصقر ،والباز ،والشاهين ،ونحوها.
شروط الصطياد بسباع البهائم وجوارح الطير:
وإنما تعتبر الستعانة بسباع البهائم ،وجوارح الطير وسيلة
مشروعة للصطياد ،إذا تحققت فيها الشروط الربعة التالية :
الشرط الول :
أن تندفع إلى الحيوان الذي ُيراد صيده إذا أرسلت إليه ،بحيث
تتجه إليه ،ول تقصد شيئا ً غيره.
21
ولت عن الحيوان الذي أرسلت نحوه فلو هاجت واندفعت ،ثم تح ّ
ل صيدهاإلى شيء آخر ،اتجهت إليه بدافع من الغزيرة ،لم يح ّ
لذلك الحيوان الذي لم ترسل إليه إل بالتذكية.
الشرط الثاني :
ي
أن تنزجر إذا زجرت :أي تتوقف إذا استوقفها صاحبها في أ ّ
مرحلة من مراحل ع َد ِْوها ،واتجاها نحو الصيد.
الشرط الثالث :
أن ل تأكل شيئا ً من الصيد إذا قتلته قبل أن تصل به إلى صاحبها
الذي أرسلها.
فأما إذا أكلت منه بعد أن وضعته بين يديه ،وانصرفت عنه ،فل
بأس بذلك.
22
إذا كانت وسيلة الصيد مشروعة ،ووافية بالشروط التي ذكرناها ،
وصاد بها الصائد:
فإما أن يستطيع الصائد إدراك ما اصطاده ،وفيه حياة مستقرة،
أو ل.
23
الذَّبـاِئح
تعريف الذبائح :
الذبائح :جمع ذبيحة ،بمعنى :مذبوحة.
والمقصود به :الحيوان الذي تمت تذكيته على وجه شرعي،
بالشروط التي سنذكرها ،وكان مما يجوز أكله.
الفرق بين الذبح والتذكية :
التذكية :هي ذبح الحيوان في حلقه ،أو في ل َّبته ،إن كان مقدورا ً
هق للروح ،إن لم يكن مقدورا ً عليه ،كصيد. مذ ِ
عليه ،أو بأيّ عقر ُ
أما الذبح :فهو قطع ما يسبب الموت من العنق ،سواء توفرت
فيه الشروط الشرعية التي سنتحدث عنها ،أم ل.
إذا ً فالذبح نوع من أنواع التذكية ،غير مقّيد بكونه شرعيا ً صحيحاً.
والتذكية :تشمل الذبح وغيره ،مما تتوفر فيه الشروط الشرعية
ل أكل الحيوان المذ ّ
كي. التي لبد ّ منها لح ّ
الحكمة من اشتراط التذكية :
ل أكله تقوم على معنى تعّبدي ،كما عرفت أن تذكية الحيوان لح ّ
أوضحنا ذلك في حكمة مشروعية الصيد.
كما ً زيادة على المعنى التعبدي ،تتعلق باشتراط ح َ
إل أن هناك ِ
التذكية نذكر منها ما يلي:
ملل كلها بتحريم الميتة من الحيوانات، -1جاءت الشرائع وال ِ
والحكم بنجاستها ،ولبد ّ من تفريق بين الحيوان الميت الذي
تنجس بالموت ،وغيره ،فكانت التذكية في حكم الشرع هي
الفارق الساسي بينهما.
-2قضت الشريعة السلمية بنجاسة الدم ،ووجوب اجتنابه ،لما
فيه من أضرار ،والذبح تطهير للحيوان من الدم ـ كما ستعلم ـ
والموت للحيوان بالخنق ونحوه تضميخ للحيوان بالدم.
24
قال الفقهاء :والمعنى الملحظ في ذلك أن النحر بالنسبة للبل
أسرع لخروج الروح ،لطول أعناقها.
وهذان النوعان ) الذبح ،والنحر( يقوم أحدهما مقام الخر بالنسبة
لصل التذكية.
ودليل ذلك قول النبي " : أل إن الذكاة في الحلق واللّبة" .
رواه الدارقطني ] [4/283والبخاري تعليقا ً في ] الذبائح والصيد ـ
باب ـ النحر والذبائح[ عن ابن عباس رضي الله عنهما.
إل أن المسنون نحر البل ،وذبح سائر الحيوانات الخرى :كالبقر
والغنم ،وغيرهما.
-2وأما العقر :ـ وهو ما يسمى بذكاة الضرورة ـ فهو جرح
هق للروح ،في أيّ جهة من جسمه. مز ِالحيوان ،أي جرح ُ
د ،ولم يتمكن صاحبه من والعقر :تذكية الحيوان المأكول إذا ن ّ
القدرة عليه ،كما أنه تذكية الحيوان الذي ُيراد اصطياده ،كما
أوضحنا ذلك فيما مضى.
ودليل ذلك :قول النبي في بعير ند ّ ،فضربه رجل بسهم
فحبسه " :إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش ،فإذا غلبكم منها
شيء فاصنعوا به هكذا" .رواه البخاري في ] الذبائح والصيد ـ
باب ـ ما ند ّ من البهائم فهو بمنزلة الوحش ،رقم[5190 :
ومسلم في ] الضاحي ـ باب ـ جواز الذبح بكل ما أنهر الدم ،رقم
[1968:عن رافع بن خديج .
شروط صحة الذبح :
ونقصد بهذه الشروط :المور التي لبد ّ من توفرها ،ليسمى
كى.الذبح تذكية ،وليكون الحيوان المذبوح مذ ّ
وهذه المور بجملتها تنقسم إلى ثلثة أقسام :
أ -شروط تتعلق بالذابح.
ب -شروط تتعلق بالمذبوح.
ج -شروط تتعلق بآلة الذبح.
أ( الشروط المتعلقة بالذابح :
والشروط التي تتعلق بالذابح نلخصها فيما يلي :
الشرط الول :أن يكون الذابح مسلما ً أو كتابيا ً :
والكتابي ُيقصد به اليهودي والنصراني.
فإن كان الذابح غير مسلم ،وغير كتابي ،وذلك بأن كان مرتدًا ،أو
ل ذبيحته.وثنيا ً أو ملحدًا ،أو مجوسيًا ،لم تح ّ
م[ )ما ذ َك ّي ْت ُ ْ ل] :إ ِل ّ َ
ل ذبيحة المسلم ،فقول الله عّز وج ّ أما دليل ح ّ
المائدة .(3 :
وهو خطاب للمسلمين.
25
مل ذبيحة الكتابي ،فقول الله تبارك وتعالى ] :وَط ََعا ُ وأما دليل ح ّ
ال ّذي ُ
م[) المائدة .(5: ل ل ّك ُ ْ
ح ّ ب ِ ن أوُتوا ْ ال ْك َِتا َ ِ َ
والمراد بالطعام هنا الذبائح.
ل ذبيحة الكفار من غير الكتابيين ،فما ُروي أنه أما دليل عدم ح ّ
جر يعرض عليهم السلم ،فمن أسلم : كتب إلى مجوس هَ َ
ضربت عليه الجزية ،على أن ل تؤكل لهم ُقبل منه ،ومن أبي ُ
ذبيحة ،ول تنكح لهم امرأة".
مرسل ،وإجماع أكثر المة رواه البيهقي ] [9/285وقال :هذا ُ
عليه يؤكده.
] مرسل :الحديث المرسل :هو الذي يرفعه التابعي إلى النبي
دون أن يذكر اسم الصحابي الذي روى عنه الحديث[.
فإذا كان هذا هو الحكم بالنسبة للمجوس ،فإن المرتدين
والوثنيين والملحدين أ َْولى بذلك منهم ،لنهم أوغل في الكفر.
من أصبح هو ،أو واحد الشرط الثاني :أن ل يكون الكتابي م ّ
من آبائه ،كتابيا ً بعد التحريف أو النسخ.
صر اليوم ل تحل ذبيحته .وكذلك النصراني ،أو فالملحد إذا تن ّ
ل ،ثماليهودي الذي عرف أن أجداده القدمين كانوا وثنيين مث ً
تنصروا بعد التحريف ،أو بعد بعثة النبي ،ل تح ّ
ل ذبيحته.
ودليل ذلك ما رواه شهر بن حوشب ،أنه " : نهى عن ذبح
نصارى العرب" وهم :بهراء ،وتنوخ ،وتغلب.
وعّلة النهي أنهم إنما دخلوا النصرانية بعد التحريف الذي طرأ
عليها.
ل ،أو على غير الشرط الثالث :أن ل يذبح لغير الله عّز وج ّ
اسمه.
ل الذبيحة.فلو ذبح لصنم ،أو مسلم ،أو نبي ،لم تح ّ
ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى في معرض ذكر ما حرم أكله :
ه[ ) المائدة .( 3 : ما أ ُه ِ ّ
ل ل ِغَي ْرِ الل ّهِ ب ِ ِ ]وَ َ
كر عند ذبحه غير اسم الله تعالى. أي ما ذبح لغير الله تعالى ،أو ذ ُ ِ
فإذا توّفرت هذه الشروط الثلثة في الذابح حّلت ذبيحته ،من غير
فرق بين أن يكون رجل ً أو امرأة ،كبيرا ً أو صغيرًا ،بل ل فرق بين
الممّيز وغيره ،والسكران والمجنون ،وغيرهما ،ما دامت طاقة
الذبح موجودة وما دام القصد متوفرا ً في الذابح ،ولو في الجملة.
ب -الشروط المتعلقة بالمذبوح :
ن جملها فيما يلي : وهنا أيضا ً شروط ُ
الشرط الول :أن يدرك الذابح الحيوان قبل الذبح ،وفيه حياة
مستقرة ,والمقصود بالحياة المستقرة :أن ل ينتهي الحيوان
26
بسبب مرض ،أو جرح ،أو نحوهما إلى سياق الموت ،بحيث تصبح
حركته اضطرابا كاضطراب المذبوح.
فإن كان الحيوان قبل الذبح قد فقد الحياة المستقرة ،فإن ذبحه
كي قبل ذلك ذكاة عندئذ ٍ ل يعتبر تذكية ،ول يح ّ
ل الذبيحة ،إل إذا ذ ُ ِ
دثنا عنها. الضرورة التي تح ّ
ول يعتبر سيلن الدم من عروقه بعد ذبحه دليل وجود الحياة
المستقرة.
ل من الحلقوم ،والمريء. الشرط الثاني :قطع ك ّ
فس. والحلقوم :هو مجرى الن ّ َ
والمريء :هو مجرى الطعام.
ل الذبيحة. فلو بقى شيء من أحدهما ،ولو يسيرا ً لم تح ّ
ودليل ذلك ما رواه البخاري في ] الشركة ـ باب ـ قسمة
الغنم،رقم [2356:ومسلم في ] الضاحي ـ باب ـ جواز الذبح
بكل ما أنهر الدم ،رقم [1968:عن رافع بن خديج ، قال :
قال رسول الله " : ما أنهر الدم ،وذكر اسم الله عليه ،
ن والظفر". فك ُُلوه ،ليس الس ّ
ل من فقد شرط في الذبح ما ينهر الدم ،وإنما يكون ذلك بقطع ك ّ
الحلقوم والمريء ،فإن الحياة تفقد بقطعهما ،وتوجد بسلمتهما
غالبًا.
الشرط الثالث :السراع بالقطع ،وبدفعة واحدة ،بحيث لو
تأّنى ،فبلغ الحيوان حركة المذبوح قبل قطع جميع الحلقوم
والمريء ،بطلت التذكية ،ولم تحمل الذبيحة.
وتعرف الحياة المستقرة في الذبيحة بشدة الحركة بعد الذبح.
فلو تأنى بالذبح ،وأبطأ في محاولة القطع ،فلما انتهى من الذبح،
لم يجد حركة في الحيوان ،كان ذلك دليل ً على أنه قد فقد الحياة
ك ،ولالمستقرة قبل تمام الذبح ،وبذلك يتبين أن الذبيحة لم ت ُذ َ ّ
يحل أكلها.
ج -الشروط المتعلقة بآلة الذبح :
وهذه اللة لها شروط نجملها في الشرطين التاليين :
ده ،من حديد الشرط الول :أن تكون اللة مما يجرح بح ّ
ونحاس ورصاص ،وقصب وزجاج ،وحجر ،وغير ذلك.
فل تتم التذكية بما يقتل رضخا ً بثقله ،كحجر غير مح ّ
دد.
ودليل ذلك حديث البخاري ومسلم السابق " :ما أنهر الدم وذكر
عليه اسم الله عليه فك ُُلوه".
ده ،أمــا مــا يقتــل وإنما ينهر الدم ـ أي يسيله بشدة ـ ما يجرح بح ـ ّ
رضخا ً بثقله ،فليس من شأنه أن ينهر الدم.
الشرط الثاني :أن تكون آلة الذبح سن ًّا ،ول ظفرًا.
27
ل الذبيحة التي ذبحت بأحدهما ،ولو كان جارحًا ،بما له من فل تح ّ
د ،واستنزف الدم كله. ح ّ
وذلك لن الذبح بأحدهما مستثنى بنص الحديث من عموم ما
يجوز الذبح به ،وهو قول النبي في آخر حديث رافع بن خديج
، عند الشيخين ،السابق ذكره …":ليس السن والظفر".
ويدخل في حكم السن والظفر سائر أنواع العظام ،سواء كانت
من آدمي ،أو غيره.
أما الحكمة من هذا الستثناء ،فهي كما قال بعض العلماء :التعّبد
المحض .وقد عرفت أن أحكام الذبائح قائمة في جملتها على
التعّبد ،وليست قائمة على شيء من العلل والمصالح ،التي ُتدار
عليها الحكام المصلحية.
فالفضل في معرفة سبب الستثناء الوقوف عند هذا القول.
والله أعلم.
مـلحـظات
الولى :
كى :أي يعتبر ذبح أمه مه ،إل أن يوجد حي ّا ً فيذ ّ ذكاة الجنين بذكاة أ ّ
ذبحا ً له ،إذا خرج من بطنها ميتا ً بعد ذبحها.
أما إن خرج حي ًّا ،فلبد ّ حينئذ ٍ من ذكاته.
ودليل ذلك ما رواه أبو داود في ] الضاحي ـ باب ـ ما جاء في
ذكاة الجنين ،رقم [2827 :عن أبي سعيد الخدري ، قال:
سألنا رسول الله عن الجنين ،فقال " :ك ُُلوه إن شئتم ،فإن
ذكاته ذكاة أمه".
الثانية :
ما قطع من الحيوان حال حياته ،فإن له حكم ميتة ذلك الحيوان،
منتفع بها في مفارش والملبس ،وغيرهما ،وسيأتي إل الشعور ال ُ
بيانها .أي إن للجزء المنقطع من الحيوان حكم ميتة ذلك
ل الكل وعدمه ،ومن حيث الطهارة الحيوان ،من حيث ح ّ
والنجاسة.
ل ميتةفما قطع من السمك حال حياته ،فإنه يؤكل ،وذلك لح ّ
السمك.
وما قطع من شاة حال حياتها ،فإنه ل يؤكل لنجاسة ميتتها.
وما قطع من إنسان حال حياته ،فهو طاهر ،لطهارة النسان حال
موته.
وما قطع من داّبة حال حياتها ،فهو نجس ،لنجاسة ميتتها.
ححه ،عن أبي سعيد الخدري ، ودليل ذلك ما رواه الحاكم وص ّ
َ
جباب أسنمة البل ،وأل َْيات الغنم، أن رسول الله سئل عن ِ
28
ي فهو ميت" ]المستدرك :كتاب الذبائح ـ فقال ":ما قطع من ح ّ
باب ـ ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت.[4/239:
ب ،إذا قطع. ب ُيج ّ ج ّ جباب :مصدر َ
وروى أبو داود في ] الصيد ـ باب ـ في صيد قطع منه قطعة ،رقم
[2858:والترمذي في] الصيد ـ باب ـ ما قطع من الحي فهو
سنه ،عن أبي واقد الليثي ميت ،رقم [1480 :واللفظ له وح ّ
لبل ،ويقطعون قال :قدم النبي المدينة ،وهم يجّبون أسنمة ا ِ
ة ،فهي ميتة" أليات الغنم ،فقال " :ما ُقطع من البهيمة وهي حي ّ ٌ
ححه ] .[4/239 ورواه الحاكم وص ّ
ما يستثنى من ذلك :
ذكر سابقا ً الصواف ،والشعار والوبار إل أنه استثنى من حكم ما ُ
ضمن الشروط التالية:
الشرط الول :أن تكون من حيوان مأكول اللحم شرعاً.
الشرط الثاني :أن تقص منه حال حياته ،أو بعد ذبحه ذبحا ً
شرعيًا.
ي على العضو الشرط الثالث :أن ل تنفصل من الحيوان الح ّ
انفصل منه.
أما شعر الحيوان الميت غير الدمي فهو نجس ،ول يطهر ،لنه ل
لجعَ َ ه َ لَ ]:والل ّ ُ ُيدبغ .والصل في طهارة ما ذكر قول الله عّز وج ّ
جُلود ِ ال َن َْعام ب ُُيوتا ً من ُ كم ّ ل لَ ُ جعَ َ كنا ً وَ َ س َ م َ من ب ُُيوت ِك ُ ْ كم ّ لَ ُ
ِ
وافَِها وَأ َوَْبارِ َ
ها ص َ نأ ْ
فونها يوم ظ َعن ِك ُم ويوم إَقامت ِك ُم وم َ
ْ ْ ََ ْ َ ِ َ ْ َ ِ ْ خ ّ ََ َ ْ َ ست َ ِ تَ ْ
َ ً ً َ وَأ َ ْ
ن[ ) النحل.(80 : حي ٍ مَتاعا إ ِلى ِ ها أَثاثا وَ َ شَعارِ َ
] يوم ظعنكم :يوم سيركم في أسفاركم.
أثاثا ً :الثاث متاع البيت من الفرش والكسية[.
فلقد دّلت الية على جواز استعمال الصواف والوبار والشعار،
وذلك دليل طهارتها.
والحق فيما ذكر ما يقوم مقام الشعر من كل حيوان مأكول
اللحم :كالريش ونحوه ،بالشروط السابق ذكرها.
الثالثة :
يحرم أكل الميتة كيفما كان موتها ،والميتة :هي ما أزهقت روحه
بغير ذكاة شرعية ،سواء ماتت حتف أنفها ،أو ماتت بفعل غيرها :
كضرب ،وخنق ،وغرق ،وغير ذلك.
كما يحرم أكل الدم المسفوح من أيّ حيوان كان.
مة َوال ْد ّ ُ مي ْت َ ُ م ال ْ َ ت ع َل َي ْك ُ ُ م ْ حّر َ ودليل ذلك ،قول الله تبارك تعالىُ ]:
موُْقوذ َةُ ة َوال ْ َ ق ُ خن ِ َ ل ل ِغَي ْرِ الل ّهِ ب ِهِ َوال ْ ُ
من ْ َ ما أ ُه ِ ّ زيرِ وَ َ ِ خن ْم ال ْ ِ ح ُ وَل َ ْ
ح ع ََلى ما ذ ُب ِ َ م وَ َ ما ذ َك ّي ْت ُ ْ سب ُعُ إ ِل ّ َل ال ّ ما أ َك َ َ ة وَ َ ح ُطي َ ة َوالن ّ ِ مت ََرد ّي َ َُوال ْ ُ
ب[ ) المائدة .(3: ص ِ الن ّ ُ
29
] المنخنقة :التي ماتت خنقا ً بحبل ونحوه.
الموقوذة :التي ماتت بضرب بعصا ً أو حجر ،أو نحوهما.
ل.المتردية :التي ماتت بالسقوط من مكان عا ٍ
النطيحة :التي ماتت بالنطح من غيرها من الدواب.
ما أكل السبع :التي ماتت بافتراس حيوان لها.
لذكر فذكيتموه ،فإنه يح ّ إل ما ذكيتم :إل ما أدركتموه حيا ً مما ُ
ويؤكل[.
ل من الدم ،والميتة ،وما ذكر معهما دلت الية على حرمة أكل ك ّ
ل لغير الله به ،وما ذبح على من أكل لحم الخنزير ،وما أ ُه ِ ّ
النصب :أي الحجار التي كانوا يذبحون عليها للهتهم.
ما يستثنى من الميتة والدم :
لقد استثنى من ميتة الحيوان :السمك والجراد.
واستثنى من الدم :الكبد والطحال.
ودليل ذلك ما رواه أحمد ] [2/27وغيره عن ابن عمر رضي الله
عنهما ،قال :قال رسول الله " : أحلت لنا ميتتان ،ودمان،
فأما الميتتان :فالحوت والجراد ،وأما الدمان :فالكبد والطحال".
سنن الذبح : خاتمة في بعض ُ
ن عند الذبح مراعاة المور التالية : تس ّ
ل عند الذبح؛ بأن يقول الذابح: -1ذكر اسم الله عّز وج ّ
باسم الله.
م الل ّ ِ
ه ما ذ ُك َِر ا ْ
س ُ م ّودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى ]:فَك ُُلوا ْ ِ
ه[ )النعام.(118: ع َل َي ْ ِ
ذكر اسم وقول النبي في الحديث السابق " :ما أنهر الدم ،و ُ
الله عليه فكلوا".
ن التسمية عند إرسال السهم ،أو بعث الجارحة إلى كما تس ّ
ل عند الذبح ،وكانت الصيد .فلو لم يذكر الذابح اسم الله عّز وج ّ
سائر شروط التذكية متوفرة ،لم يضّر ذلك شيئًا ،لن التسمية
في الية والحديث محمولة على الندب عند الشافعية.
جْين عند الذبح :والودجان عرقان في ود َ -2قطع ال َ
ي العنق ،محيطان بالحلقوم ،يسمى كل منهما بالوريد، صفحت َ ْ
لن ذلك أدعى لزهوق الروح.
-3أن يحد الذابح شفرته :لقول النبي ":إن الله كتب
ة ،وإذا قتل َ
ن على كل شيء ،فإذا قتلتم فأحسنوا ال ِ الحسا َ
ح ذبيحته" دكم شفرَته ،فلُير ْ ح ،وليحد ّ أح ُ ذبحتم فأحسنوا الذب ِ َ
رواه مسلم في ] الصيد والذبائح ـ باب ـ المر بإحسان الذبح
والقتل وتحديد الشفرة ،رقم .[1955 :
30
جع الداّبة لجنبها اليسر ،ويترك رجلها اليمنى -4أن ُيض ِ
لبل ،فإن الفضل أن تتحرك بعد الذبح لتستريح يتحريكها ،إل ا ِ
ُتنحر قائمة معقولة ركبتها اليسرى ،ودليل ذلك قول الله عّز
ف[
وا ّ م الل ّهِ ع َل َي َْها َ
ص َ ل ] َفاذ ْك ُُروا ا ْ
س َ وج ّ
) الحج.(36:
قال ابن عباس رضي الله عنهما ) :قياما ً على ثلث( رواه الحاكم
في ] المستدرك ،أول كتاب الذبائح.[4/233 :
-5استقبال القبلة عند الذبح :لن القبلة أشرف الجهات.
وإذا اسُتقِبلت القبلة بالذبيحة ،استقبلها الذابح أيضًا.
قة
الَعقي َ
31
العَقي َ
قة
تعريف العقيقة:
ق ،وهو القطع ،وتطلق في العقيقة في اللغة :مشتقة من العَ ّ
الصل على الشعر الذي يكون على رأس المولود حين ولدته،
سمي بذلك ،لنه ُيحلق ويقطع.
والعقيقة شرعًا :ما يذبح للمولود عند حلق شعره ،وسميت هذه
الذبيحة بهذا السم ،لنها تقطع مذابحها وتشق ،حين الحلق.
ب تسمية العقيقة نسيكة ،أو ذبيحة. ويستح ّ
ودليل ذلك ما رواه أبو داود في ] الضاحي ،ـ باب ـ في العقيقة،
رقم [2842:أنه سئل رسول الله عن العقيقة ،فقال " :ل
يحب الله العقوق" فكأنه كره السم ،وقال ":من ُولد له ولد،
سك".سك عنه فلي َن ْ ُ ب أن َين ُ فأح ّ
حكم العقيقة :
ي المولود الذي ينفق عليه. سّنة مؤكدة ،يطالب ول ّ العقيقة ُ
ودليل استحبابها فعل الرسول لها ،وفعل الصحابة رضي الله
عنهم.
ضّبي قال :سمعت رسول الله ، عن سليمان بن عامر ال ّ
يقول " :مع الغلم عقيقته ،فأهريقوا عنه دمًا ،وأميطوا عنه
الذى" ] .أي أزيلوا عنه القذارة والنجاسة[.
أخرجه البخاري في ] العقيقة ـ باب ـ إماطة الذى عن الصبي
في العقيقة ،رقم.[5154:
وإنما لم يقل العلماء بوجوب العقيقة ،لنها إراقة دم بغير جناية،
ول نذر ،فلم تجب كالضحية.
ل على عدم وجوبها أيضا ً حديث أبي داود السابق" من ُولد له ود ّ
مولود فأحب أن ينسك عنه فلينسك".
وقت العقيقة :
يدخل وقت جواز ذبح العقيقة بانفصال جميع المولود من بطن
أمه ،فلو ذبحت قبل تمام خروجه،ل تحسب عقيقة ،بل تكون
لحمًا ،ليس له حكم سّنة العقيقة.
ويستمر وقت استحبابها إلى البلوغ ،ثم بعد البلوغ يسقط الطلب
عن نحو الب ،والحسن عندئذ ٍ أن يعقّ عن نفسه تداركا ً لما
فات.
ن أن يعقّ عن المولود في اليوم السابع من ولدته. لكن يس ّ
ودليل ذلك ما رواه أبو داود في ] الضاحي ـ باب ـ ما جاء في
العقيقة ،رقم [1522 :وغيره عن سمرة ،قال :قال رسول
الله ":الغلم مرتهن بعقيقته ،يذبح عنه يوم السابع ،ويسمى
ويحلق رأسه".
32
ومعنى مرتهن بعقيقته :أي أن تنشئته تنشئة صالحة ،وحفظه
حفظا ً كامل ً مرهون بالذبح عنه.
وقيل المعنى :ل يشفع بوالديه يوم القيامة إن لم ُيعق عنه.
حكمة تشريع العقيقة :
مة ،وفوائد كثيرة في تشريع العقيقة أسرار بديعة ،ومصالح ج ّ
نذكر منها ما يلي:
سر الوضع ،ورزق ل ،حيث ي َ ّ -1الستبشار بنعمة الله عّز وج ّ
الوالدين الولد ،والولد محّبب للوالدين ،فينبغي شكر واهبه،
والمنِعم به.
م [ ) الزمر .(7: َ
ه لك ُ ْ ض ُ شك ُُروا ي َْر َ ل] :وَِإن ت َ ْ قال الله عّز وج ّ
َ وقال سبحانه وتعالى ]ل َِئن َ
م [ )إبراهيم .(7: م لِزيد َن ّك ُ ْ شك َْرت ُ ْ
حَياةِ الد ّن َْيا[ ) الكهف : ة ال ْ َ ن ِزين َ ُ ل َوال ْب َُنو َ ما ُوقال تبارك وتعالى ] :ل ْ َ
.( 46
ساء ن الن ّ َ م َت ِوا ِ شه َ َ ب ال ّ ح ّ س ُ ن ِللّنا ِ وقال عز من قائلُ ]:زي ّ َ
ن[)آل عمران.(14: َوال ْب َِني َ
-2التلطف بإشاعة نسب الولد ونشره ،إذ لبد ّ من نشر ذلك
وإشاعته ،لئل يقال فيه ما ل يحب ،فكانت العقيقة أحسن وسيلة
لذلك.
مْلكة السخاء والكرم عند النسان ،وعصيان داعية -3إنماء ُ
الشح الذي أحضرته النفوس.
ح[ ) النساء .(128 : س ال ّ تا َ ُ
ش ّ ُ لن ُ
ف ضَر ِح ِ قال الله تعالى ] :وَأ ْ
ن[
حو َ فل ِ ُ
م ْم ال ْ ُك هُ ُسهِ فَأ ُوْل َئ ِ َ ف ِ ح نَ ْ ش ّ من ُيوقَ ُ وقال جل جلله] :وَ َ
) الحشر.(9:
-4تطيب قلوب الهل والقارب والصدقاء والفقراء ،وذلك
دة والمحبة بجمعهم على الطعام ،وبالتقائهم حوله تكون المو ّ
واللفة ،والسلم دين ألفة ومحّبة واجتماع.
ما يذبح عن الغلم والجارية :
ي شاة عن الغلم ،وشاة تتحقق السنة في العقيقة بأن يذبح الول ّ
عن الجارية.
ودليل ذلك ما رواه الترمذي في ] الضاحي ـ باب ـ ما جاء في
العقيقة بشاة ،رقم [1519 :عن علي ،قال ) :عق رسول
الله عن الحسن بشاة(.
ي عن الصبي شاتين ،وعن البنت ولكن الفضل أن يذبح الول ّ
شاة.
ودليل ذلك ما رواه الترمذي في ] الضاحي ـ باب ـ ما جاء في
العقيقة ،رقم [1513:وغيره عن عائشة رضي الله عنها ،أن
33
رسول الله ):أمرهم :عن الغلم شاتان متكافئتان ،وعن
الجارية شاة(.
] الغلم :الذكر.
الجارية :النثى.
متكافئتان :متساويتان[.
دد الولد. تعدد العقيقة بتع ّ
هذا ول يكفي في تحصيل سنة العقيقة أن يذبح شاة واحدة عن
أكثر من مولود واحد.
بل السنة تعدادها بتعدد الولد ،فللولد شاة وللولدين شاتان،
وللثلثة ثلث شياه ،وهكذا.
فلو ولد له توأمان كان عليه عقيقتان ،ول يكفي واحدة عنهما.
روي أبو داود في ] الضاحي ـ باب ـ في العقيقة ،رقم[2841:
عن ابن عباس رضي الله عنهما)أن رسول الله عق عن
الحسن والحسين كبشا ً كبشًا(.
وعند الحاكم في المستدرك] كتاب الذبائح ـ باب ـ عقّ النبي
عن الحسن والحسين [4/237 ،أن النبي ع َقّ عن الحسن
والحسين عن كل واحد منهما ،كبشين اثنين مثلين متكافئين.
شروط العقيقة :
ويشترط في العقيقة حتى تكون مجزئة ،ما يشترط في الضحية:
من حيث الجنس ،والسن ،والسلمة من العيوب التي تسبب
نقصا ً في اللحم ،وذلك :لن العقيقة ذبيحة مندوب إليها ،فأشبهت
الضحية.
ححه في ] الضاحي ـ باب ـ ما ل يجوز في روى الترمذي وص ّ
الضاحي،رقم [1497 :وأبو داود ،واللفظ له ،في ] الضحايا ـ
باب ـ ما يكره من الضحايا ،رقم [2802:عن البراء بن عازب
،عن النبي ، قال " :أربع ل تجوز في الضاحي :العوراء
البين عورها ،والمريضة البين مرضها ،والعرجاء البين عرجها،
قى". والكسير التي ل ت ُن ْ َ
قي ،وهو المخي[.] ل تنقى :ل مخ لها ،مأخوذة من الن ّ ْ
ويقاس على هذه العيوب الربعة كل ما يشبهها في التسّبب في
الهزال ،وإنقاص اللحم.
انظر الضحية في الجزء الول ] ص .[127
لضحية : ما تخالف به العقيقة ا ُ
لضحية ،فليس إذا قلنا :إنه يشترط في العقيقة ما يشترط في ا ُ
يعني هذا أنها تشبهها من كل الوجوه ،بل هناك أوجه اختلف
بينهما نجملها فيما يلي :
34
-1يسن أن تطبخ العقيقة ،كسائر الولئم ،ويتصدق بها مطبوخة،
ول يتصدق بلحمها نيئًا ،وهذا بخلف الضحية.
ب أن تطبخ العقيقة بحلوى ،تفاؤل ً بحلوة أخلق المولود. ويستح ّ
والفضل أن يتصدق بلحمها ومرقها على المساكين ،بالعبث بهما
إليهم ،كما يستحب أن يأكل منها ويهدي.
ب أن ل يكسر منها عظمًا ،ما أمكن ذلك ،بل يقطع كل -2يستح ّ
عظم من مفصله تفاؤل ً بسلمة أعضاء المولود.
جل العقيقة ن ِْيئة غير مطبوخة ،لن -3يستحب أن يهدي القاِبلة رِ ْ
فاطمة رضي الله عنها فعلت ذلك بأمر النبي . رواه الحاكم.
دق بوزنه تسمية المولود يوم سابعه وحلق شعره والتص ّ
ذهبا ً أو فضة:
ن أنن تسمية المولود في اليوم السابع من ولدته ،كما يس ّ ُيس ّ
ُيختار له من السماء ما كان حسناً.
ون يوم القيامة بأسمائكم ودليل ذلك قول النبي ": إنكم ت ُد ْع َ ْ
وأسماء آبائكم ،فأحسنوا أسماءكم" .أخرجه أبو داود في ] كتاب
الدب ـ باب ـ في تغيير السماء ،رقم .[4948 :
وروى مسلم في ] الدب ـ باب ـ النهي عن التكّنى بأبي القاسم
ب من السماء ،رقم [2132:عن ابن عمر رضي وبيان ما يستح ّ
ب أسمائكم إلى الله الله عنهما ،قال :قال رسول الله ":إن أح ّ
عبدالله وعبد الرحمن".
كرا ً كان أو أنثى ،يوم سابعه بعد ن حلق رأس المولود ،ذ َ َ كما يس ّ
ً
زنة شعره ذهبا أو فضة. ذبح العقيقة ،ويتصدق ب ِ
ودليل ذلك ما رواه الترمذي في ] الضاحي ـ باب ـ ما جاء في
ي ،قال :ع ّ
ق العقيقة بشاة ،رقم [1519:وغيره عن عل ّ
رسول الله عن الحسن بشاة ،وقال ":يا فاطمة ،احلقي
رأسه ،وتصدقي بزنة شعره فضة".
قال :فوزنته ،فكان وزنه درهمًا ،أو بعض درهم.
التأذين في أذن المولود :
ذن أذان الصلة في أذن المولود اليمنى ،حين يولد، ن أن ُيؤ ّ وُيس ّ
وُتقام الصلة في أذنه اليسرى ،ليكون إعلمه بالتوحيد أول ما
يقرع سمعه عند قدومه إلى الدنيا.
روى الترمذي في ] الضاحي ـ باب ـ الذان في أذن المولود،
رقم [1514 :وغيره عن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه قال :
) رأيت رسول الله
ذن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلة (. ذن في أ ُ ُ أَ ّ
تحنيك المولود :
ً
حّنك المولود بتمر ،سواء كان ذكرا ،أم أنثى. ب أن ي ُ َ ويستح ّ
35
حَنك المولود ،حتى ينزل إلى والتحنيك :أن ُيمضغ التمر ،وُيدلك به َ
حّنك بشيء حلو. جوفه شيء منه ،فإن لم يكن هناك تمر ُ ،
ل لستحباب هذا التحنيك بما رواه مسلم في ]الدب ـ باب ويستد ّ
ـ استحباب تحنيك المولود عند ولدته ،رقم [2144 :وغيره عن
أنس بن مالك قال :ذهبت بعبدالله بن أبي طلحة النصاري
إلى رسول الله ،حين ولد ،ورسول الله في عباءة يهنأ
بعيرا ً له ،فقال ":هل معك تمر" ؟ قلت :نعم .فناولته تمرات،
جه في فيه، ن ،ثم فَغََر فَا ْ الصبي فم ّ
ن في فيه ،فلكه ّ فألقاه ّ
ب النصارح ّظه ،فقال رسول الله ِ " : م ُ
فجعل الصبي يتل ّ
التمر" .وسماه عبدالله.
] يهنأ :يطليه بالقطران.
فلكهن :مضغهن.
فغر فا الصبي :فتح فمه.
مجه :طرحه وألقاه في فمه.
يتلمظه :يحرك لسانه به ليبتلع ما فيه من الحلوة.
حب النصار التمر :محبوب النصار التمر[.
وروى مسلم أيضا ً ] في نفس الباب ،رقم [2145 :عن أبي
موسى قال ) :ولد لي غلم ،فأتيت به النبي ، فسماه
إبراهيم ،وحنكه بتمر(.
وروى مسلم في ] نفس الباب أيضًا ،رقم [2147 :عن عائشة
رضي الله عنها؛ )أن رسول الله يؤتى بالصبيان ،فيبرك عليهم
ويحنكهم(.
ب حمل المولود بعد وبناء على ما ذكرنا ،قال العلماء :يستح ّ
ولدته إلى أهل الصلح والتقوى ،لتحنيكهم ،والدعاء لهم بالخير
والبركة.
ختان الطفل :
الختان :مصدر ختن :أي قطع.
والختان :اسم لفعل الخاتن ،ولموضع الختان.
وختان الذكر :قطع الجلدة التي تغطي الحشفة.
حكم الختان :
الختان واجب عند الشافعية على الذكور والناث.
ثم إن الواجب في حقّ الذكر قطع الجلدة التي تغطي الحشفة.
وفي حقّ الناث قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى
الفرج.
وقيل :الختان واجب على الذكور ،دون النساء.
دليل مشروعية الختان :
36
ويستدل على وجوب الختان بما رواه أبو هريرة ،عن النبي
قال " :الفطرة خمس ،أو خمس من الفطرة :الختان،
ص الشارب"أخرجه والستحداد ،ونتف البط ،وتقليم الظفار ،وق ّ
البخاري في ] اللباس ـ باب ـ تقليم الظفار ،رقم[5552:
ومسلم في ] الطهارة ـ باب ـ خصال الفطرة ،رقم .[257 :
] الفطرة :الخلقة المبتدأة ،والمراد بها هنا :السّنة القديمة التي
اختارها النبياء ،واتفقت عليها الشرائع.
الستحداد :حلق العانة ،وهي الشعر الذي حول فرج الرجل
والمرأة.
تقليم الظفار :قطع رؤوسها المستطيلة عن أصلها[.
وقت الختان :
الختان كما قلنا واجب ،ولكن ل يشترط أن يكون في حال
صَغر ،بل يجوز في الصغر ،والكبر. ال ّ
ي الطفل أن يختنه في اليوم السابع من ولدته، ن لول ّولكن يس ّ
إن رأى الخاتن أن الطفل يطيق ذلك ،ولم يكن مريضًا.
ولقد كان العرب قبل السلم يختتنون إتباعا لسنة أبيهم إبراهيم
عليه السلم.
حكمة مشروعية الختان :
والحكمة من مشروعية الختان إنما هي المبالغة في الطهارة،
قْلفة أضمن لذلك ،وأعون عليه. والنظافة ،ول شك أن إزالة ال ُ
وفي نظافة الظاهر إشعار بالحقّ على نظافة الباطن.
ن[ ري َ َ
مت َطهّ ِ ب ال ْ ُ
ح ّن وَي ُ ِ
واِبي َ
ب الت ّ ّ
ح ّ ن الل ّ َ
ه يُ ِ قال الله عّز وج ّ
ل ]:إ ِ ّ
) البقرة.(222:
ول شك أن التوبة إنما هي شعار لنظافة الباطن من الذنوب
والعيوب.
التهنئة بالمولود :
ب أن يهنئ الرجال الوالد ،والنساء الوالدة بالمولود، ويستح ّ
يقولون له :بارك الله لك في الموهوب لك ،وشكرت الواهب،
ده ،وُرزقت ب ِّره. ش ّ وبلغ أ ُ
ويستحب للوالد أن يجيبهم بقوله :بارك الله لكم ،وبارك عليكم،
وأجزل ثوابكم.
ن ،ما يقول الرجل وكذلك يقال للمرأة الوالدة ،وتقول هي له ّ
للرجال .والله تعالى أعلم.
37
مة والشرَبة
الطعِ َ
38
مة والشرَبة
الطعِ َ
-ما يح ّ
ل من الطعمة وما يحرم -
ل من الطعمة ،وما تنطلق القاعدة الشرعية في معرفة ما يح ّ
ُ َ
ي إ ِل َ ّ
ي ح َ ما أوْ ِ جد ُ ِفي َ لُ ]:قل ل ّ أ ِ يحرم منها من قول الله عّز وج ّ
فوحا ً أوَ َ ه إ ِل ّ َأن ي َ ُ
ْ س ُم ْ دما ً ّ ة أوْ َ مي ْت َ ًن َ كو َ م ُعم ٍ ي َط ْعَ ُ طا ِحّرما ً ع ََلى َ م َ ُ
ُ ّ ُ ً َ
ضطّر غ َي َْر نا ْ م ِ ل ل ِغَي ْرِ اللهِ ب ِهِ فَ َ سقا أه ِ ّ س أوْ فِ ْ ج ٌ ه رِ ْ زيرٍ فَإ ِن ّ ُخن ِ م ِ ح َ لَ ْ
م [) النعام.(145: حي ٌ فوٌر ّر ِ ك غَ ُ ن َرب ّ َ عاد ٍ فَإ ِ َّباٍغ وَل َ َ
م ع َل َي ْهِ ُ
م حّر ُ ت وَي ُ َ م الط ّي َّبا ِ ل ل َهُ ُ ح ّ ومن قوله سبحانه وتعالى ] :وَي ُ ِ
ث [ )العراف.(157 : خَبآئ ِ َ ال ْ َ
ل ل َك ُ ُ
م ح ّ ل أُ ِ م قُ ْ ل ل َهُ ْ ح ّذا أ ُ ِ ما َ ك َ سأ َُلون َ َومن قوله جل جلله] :ي َ ْ
ت[) المائدة.(4 : الط ّي َّبا ُ
والمراد بالطيبات :ما تستطيبه النفس السليمة وتشتهيه.
وانطلقا ً من هذه اليات قام حكم الطعمة حل ّ وحرمة على
المبادئ الثلثة التالية:
المبدأ الول :
كل حيوان استطابته العرب في حال الخصب والرفاهية ،وفي
عصر النبي فهو حلل.
ويدخل في هذا الباب :
ا -كل حيوان ل يعيش إل في البحر ،وهو السمك بكل أنواعه،
وأسمائه ،فهو حلل ،لنه العرب استطابت كل ذلك ،وجاء الشرع،
كدا ّ حّله وجواز أكله. مؤ ّ
روى الترمذي في ] أبواب الطهارة ـ باب ـ ما جاء في ماء البحر
أنه طهور ،رقم [69:وغيره عن أبي هريرة يقول :سأل رجل
رسول الله ،فقال :يا رسول الله ،إّنا نركب البحر ،ونحمل
معنا القليل من الماء ،فإن توضأنا به عطشنا ،أفنتوضأ من ماء
ل ميتته". البحر؟ فقال رسول الله ":هو الطهور ماؤه الح ّ
ر
ح ِ صي ْد ُ ال ْب َ ْ م َ ل ل َك ُ ْ ح ّل في محكم كتابه العزيز ]:أ ُ ِ وقال الله عّز وج ّ
ه[ )المائدة.(96: م ُوَط ََعا ُ
صيده. م ِ ]فصيد البحر :هو َ
وطعامه :أي مطعومه[.
سر جمهور العلماء طعام البحر بما طفا على وجه الماء من وف ّ
السمك بعد موته ،ما لم يفسد.
ب – النعام :وهي البل ،والبقر ،والغنم ،والمعز ،والخيل ،وبقر
مر الوحش ،والظباء والرانب ،وغيرها مما استطابه العرب، ح ُ و ُ
وقد جاء الشرع بحّلها.
لكن يستثنى من عموم ما استطابته العرب ما ورد الشرع
مر الهلية. ح ُ بتحريمه ،فل يباح أكله :كالبغال وال ُ
39
روى البخاري في] كتاب الذبائح والصيد ـ باب ـ لحوم الحمر
النسية ،رقم [5204:عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال
مر ،ورخص في لحوم )نهى النبي يوم خيبر عن لحوم ال ُ
ح ُ
الخيل(.
وروى الترمذي في] كتاب الطعمة ـ باب ـ ما جاء في أكل لحوم
الخيل ،رقم [1794:عن جابر بن عبدالله قال ) :أطعَ َ
منا
مر(. ل الله لحوم الخيل ،ونهانا عن لحوم ال ُ
ح ُ رسو ُ
والبغال ملحقة بالحمر في الحرمة للنهي عن أكلها في خبر أبي
داود بإسناد على شرط مسلم ،ولنها متوّلدة بين حلل ،وحرام،
فهي متوّلدة بين الخيل ،و الحمير ،فغُّلب جانب الحرمة على
جانب الح ّ
ل.
وكل حيوان استخبثه العرب في عصر النبي كالحشرات
ونحوها ،فهو حرام إل ما ورد الشرع بإباحته خصوصًا :كاليربوع،
مور ،والقنفذ ،والوبر ،وابن عرس ،وغيرها. ب ،والس ّض ّ وال ّ
ذناه ،ورجله ُ
اليربوع :داّبة نحو الفأرة ،لكن ذنبه أطول ،وكذلك أ ُ
أطول من يديه.
ب :داّبة تشبه الجرذون ،ولكنه أكبر منه قلي ً
ل. ض ّ ال ّ
مور :وهو حيوان يشبه السنور ،وهو من ثعالب الترك. الس ّ
الوَْبر :دابة أصغر من الهر كحلء العين ل ذنب لها.
ابن عرس :داّبة رقيقة تعادي الفأر ،وتدخل حجره وتخرجه.
ل الضب في] الصيد والذبائح ـ وقد روى البخاري ما جاء في ح ّ
ب ،رقم [5216:عن ابن عمر رضي الله عنهما :قال باب ـ الض ّ
ُ
ب لست آكله ول أحرمه". النبي " : الض ّ
وإنما اعتبر ع ُْرف العرب في هذا التحليل والتحريم ،لنهم الذين
ل ،وفيهم بعث النبي ،ونزل القرآن الكريم. خوطبوا بالشرع أو ً
المبدأ الثاني :
يحّرم من السباع كل ما له ناب قويّ يفترس به :كالكلب،
والخنزير ،والذئب ،والدب ،والهّرة ،وابن آوى ـ وهو حيوان فوق
الثعلب ودون الكلب ،طويل المخالب ـ والفيل ،و السبع ،والنمر،
والفهد ،والقرد ،وأمثالها مما ناب قوي يفترس به.
فإن كان نابه ضعيفًا ،ل يبلغ أن يفترس به ،لم يحّرم أكله؛ كالضبع
والثعلب.
روى الترمذي في ] الطعمة ـ باب ـ ما جاء في أكل الضبع،
مار ،قال :قلت لجابر : رقم [1792:وغيره عن ابن أبي ع ّ
ضُبع صيد هي ؟ قال :نعم .قال :قلت :آكله؟ قال :نعم .قال: )ال ّ
قلت له :أقاله رسول الله ؟ قال :نعم(.
40
ويحّرم من الطيور كل ما له مخلب؛ أي ظفر قوي يجرح به
:كالنسر ،والصقر ،والباز ،والشاهين ،والعقاب.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في] الذبائح والصيد ـ باب ـ أكل كل
ذي ناب من السباع ،رقم [5210:ومسلم في ] الصيد والذبائح ـ
باب ـ تحريم أكل كل ذي ناب ،رقم [1932:عن أبي ثعلبة
الخشني ، أن رسول الله ) : نهى عن كل ذي ناب من
السباع(.
وروى مسلم في ] الصيد والذبائح ـ باب ـ تحريم أكل كل ذي
ناب ،رقم [1934:وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ) :
نهى رسول الله عن كل ذي ناب من السباع ،وعن كل ذي
مخلب من الطيور(.
ولن هذه الحيوانات من السباع ،والطيور من شأنها أن تأكل
الجيف ،بسبب طبيعة الفتراس التي فيها ،فتكون بسبب ذلك من
الحيوانات المتخبثة.
المبدأ الثالث :
يحّرم كل حيوان ندب قتله :كحية ،وعقرب ،وغراب ،وحدأة،
وفأر ،وكل ما ثبت ضرره.
فهذه الحيوانات ونحوها يحرم أكلها سواء استطابتها العرب ،أم ل
،لنه ثبت ندب قتلها بالسّنة ،على أن معظمها مما تعافه العرب.
عن عائشة رضي الله عنها ،أن رسول الله قال " :خمس من
ن فاسق ،يقتلن في الحرم :الغراب ،والحدأة، الدواب كله ّ
والعقرب ،والفأرة ،والكلب العقور" .أخرجه البخاري في
] الحصار وجزاء الصيد ـ باب ـ ما يقتل المحرم من الدواب ،رقم
[1732 :ومسلم في] الحج ـ باب ـ ما يندب للمحرم وغيره قتله
من الدواب ،رقم .[1198:
] فاسق :من الفسق ،وهو الخروج ،ووصفت هذه الدواب بذلك،
لخروجها عن حكم غيرها باليذاء والفساد ،وعدم النتفاع.
ضهم[. العقور :الجارح الذي يتعرض للناس ،ويع ّ
حالة الضرورة :
يستثنى من عموم الحكم الذي اقتضته هذه المبادئ الثلثة حال
ل له إذا اضطر أن يأكل من الميتة ضرورة تلّبست بإنسان ،فيح ّ
حرمة أكلها ،يأكل ما يسد ّ المحرمة ،ومن الحيوانات التي ثبتت ُ
ل ] :وَل َ رمقه ،ويبقى عليه حياته ،وذلك عمل ً بقول الله عّز وج ّ
حيما ً [) النساء .(29: م َر ِن ب ِك ُ ْكا َه َن الل ّ َ
م إِ ّسك ُ ْ قت ُُلوا ْ َأن ُ
ف َ تَ ْ
ف جان ِ ٍ صةٍ غ َي َْر ُ
مت َ َ م َخ َ ضط ُّر ِفي َ
م ْ نا ْ م ِ وقوله سبحانه وتعالى ] :فَ َ
م[ ) المائدة.(3 : حي ٌ
فوٌر ّر ِ ه غَ ُ ن الل ّ َّل ِث ْم ٍ فَإ ِ ّ
] المخمصة :الجوع الشديد.
41
متجانف لثم :مائل إليه[.
م ع َل َي ْهِ إ ِ ّ
ن ضط ُّر غ َي َْر َباٍغ وَل َ َ
عاد ٍ َفل إ ِث ْ َ نا ْ ل وشأنه ] :فَ َ
م ِ وبقوله ج ّ
م [ ) البقرة.(173: حي ٌ
فوٌر ّر ِ الل ّ َ
ه غَ ُ
] غير باغ :غير طالب الكل تشهيًا.
ول عاد :ول معتد؛ أي متجاوز القدر المسموح به ،وهو ما يسد ّ
الرمق ،ويحفظ الحياة[.
42
شكل عصفور ،وإن اختلف لونه ونوعه :كعندليب ،وزرزور ،وبلبل،
وغيرها.
ب :شرب الماء من غير تنفس ،بأن شرب جرعة بعد ] معنى ع َ ّ
جرعة من غير مص.
وهدر :رجع الصوت[.
ب -كل طاهر ل ضرر فيه ،ول هو مما تعافه النفس ،وتستقذره:
كالزهور ،والثمار ،والحبوب ،والبيض ،والجبن ،وغيرها .أما ما
مني وغيرهما. تعافه النفس ،وتستقذره فحرام ،كالمخاط ،وال ِ
ج -ألبان الحيوانات المأكولة اللحم ،أما ألبان غير مأكول اللحم
فحرام ،إل لبن النسان فطاهر ،ويح ّ
ل أكله ،وشربه,
والله تعالى أعلم.
الشربة المحّرمة والمخدرات
ل: الصل في الشربة الح ّ
لباحة ل المأكولت والطعمة – الصل فيها ا ِ الشربة – مثلها مث ُ
ما ِفي كم ّ خل َقَ ل َ ُ ذي َ ل ]:هُوَ ال ّ ِ ل :لعموم قول الله عّز وج ّ والح ّ
ميعًا[ ) البقرة .(29: ج ِ ض َ َ
الْر ِ
عصر من ثمر، فكل ما نزل من السماء ،أو نبع من الرض ،وكلما ُ
أو زهر ،أو غير ذلك فهو حلل.
َ
ه
ي بِ ِ
حي ِ َ ماًء ط َُهورا ً ل ِن ُ ْ ماِء َ س َ ن ال ّ م َ قال الله تبارك وتعالى ]:وَأنَزل َْنا ِ
ي ك َِثيرا ً [ )الفرقان -48: َ خل َ ْ َ
س ّ قَنا أن َْعاما ً وَأَنا ِ ما َ
م ّه ِقي َ ُ
س ِمْيتا ً وَن ُ ْ
ب َل ْد َة ً ّ
.(49
ل الدليل على حرمته. لكن يستثنى من عموم ما ذكر ،ما د ّ
ما يحرم من الشربة :
وإنما يحرم من الشربة :
-1ما كان منها ضارا ً ،كالسم ،وغيره ،لن ذلك يفسد
الجسم ،وُيتلفه.
َ
ة[ )البقرة : م إ َِلى الت ّهْل ُك َ ِ ديك ُ ْ قوا ْ ب ِأي ْ ِ ل يقول ]:وَل َ ت ُل ْ ُ والله عّز وج ّ
.(195
َ
ن ب ِك ُ ْ
م كا َه َ ن الل ّ َ سك ُ ْ
م إِ ّ ف َ قت ُُلوا ْ أن ُ ويقول سبحانه وتعالى ]:وَل َ ت َ ْ
حيمًا[ )النساء .(29: َر ِ
-2ما كان نجسا ً كالدم المسفوح ،والبول ،أو لبن ما ل يؤكل
لحمه من الحيوانات ،غير النسان ،أو كان متنجسا ً كالمائع إذا
وقعت فيه نجاسة ،لما في ذلك من الضرر على الجسم ،ولنه
مما تعافه النفس وتستقذره.
فوحا[ )النعام ً س ُ ً َ قال الله عّز وج ّ
م ْ دما ّ ل في ذكر المحرمات ]:أوْ َ
.(145 :
43
وروى البخاري في ] الوضوء ـ باب ـ ترك النبي والناس
العرابي حتى فرغ من بوله في المسجد ،رقم [216:ومسلم
في ] الطهارة ـ باب ـ وجوب غسل البول وغيره من النجاسات
إذا حصلت في المسجد وأن الرض تطهر بالماء من غير حاجة
إلى حفرها ،رقم [484 :عن أنس بن مالك ،أن النبي رأى
أعرابيا ً يبول في المسجد ،فقال " :دعوه حتى إذا فرغ دعا بماء
فصّبه عليه".
ذنوب فصب على بوله(. وفي رواية مسلم ) :أمر رسول الله ب َ
ب الماء على بوله دليل نجاسته. والمر بص ّ
والذنوب :الدلو المملوءة ماء.
كرا ً ،سواء كان خمرًا ،وهو المتخذ من العنب ،أو مس ِ -3ما كان ُ
كان غير خمر ،وهو المتخذ مما سوى ذلك.
كر.مس ِ وذلك لما ورد من نصوص ثابتة في تحريم كل ُ
كر : مس ِ دليل تحريم ال ُ
َ
ن ل َ] :يا أي َّها ال ّ ِ
ذي َ كرات قول الله عّز وج ّ مس ِ والصل في تحريم ال ُ
َ َ
ل
م ِ
ن عَ َ م ْس ّ ج ٌ ب َوالْزل َ ُ
م رِ ْ صا ُسُر َوالن َ مي ْ ِ مُر َوال ْ َ خ ْ ما ال ْ َمُنوا ْ إ ِن ّ َ
آ َ
ن[)المائدة.(90: حو َ فل ِ ُ م تُ ْ جت َن ُِبوه ُ ل َعَل ّك ُ ْن َفا ْ طا ِ شي ْ َ ال ّ
فالتعبير بالجتناب أبلغ في النهي والتحريم من التعبير بتحريم
الشرب ،لن تحريم الشرب ،ل يتناول النهي عن التعامل به
تحضيرا ً وشراًء وبيعًا .أما المر بالجتناب ،فهو تحذير من جميع
وجوه التعامل به ،بما في ذلك الشرب وغيره.
كر حرام : مس ِ كل ُ
والية وإن كانت نصا ً على الخمرة وحدها ،وهي ما كانت متخذة
كرات الخرى ،داخلة في مضمون مس ِ من العنب ،إل أن سائر ال ُ
النص ،وذلك لما يلي :
ل شراب أسكر فهو حرام" .رواه البخاري -1لقول النبي " : ك ّ
في ] الشربة ـ باب ـ الخمر من العسل ،وهو البتع ،رقم [5263:
كر خمر ،رقم : مس ِ ومسلم في ] الشربة ـ باب ـ بيان أن كل ُ
.[2001
-2ولقوله عليه الصلة والسلم ،شارحا ً المعنى المراد بكلمة
كر خمر ،وكل خمر حرام" .رواه مس ِ )الخمر( في الية" :كل ُ
كر خمر[. مس ِ مسلم في ] الشربة ـ باب ـ بيان أن كل ُ
كرات عن حكم الخمر ،وهو مس ِ رج ال ُ فاختلف السماء ل ُيخ ِ
التحريم.
-3لن المعنى المسّبب لتحريم الخمر ،إنما هو وصف بالسكار
فيها ،بإجماع المسلمين .فوجب أن يشترك معها في التحريم كل
كرة ،أي ّا ً كان أصلها دون أيّ تفريق. مس ِ الشربة ال ُ
44
روى أبو داود في ] الشربة ـ باب ـ في الداذي ،رقم [3688:
وابن ماجه في
] الفتن ـ باب ـ العقوبات رقم [4020 :عن أبي مالك الشعري
ن ناس من أمتي ، أنه سمع رسول الله يقول ":ليشرب َ ّ
الخمر يسمونها بغير اسمها".
ب يلقى في العصير فيشتد ّ وُيسرع إسكاره[. ] الداذي :ح ّ
تحديد معنى السكر :
طربة ،تستر فاعلّية العقل ،بنشوة تبعث م ْ دة ُكر :ش ّ س ْالمراد بال ُ
على عدم النضباط بمقتضيات الرشد واللياقة.
كر :ما ثبت أن جنسه يسّبب السكار ،بقطع النظر مس ِ والمراد ال ُ
عن الكمية المشروطة لذلك.
كر ،فل يجوز تناول س ْ فكل ما ثبت أن شرب كمية منه يورث ال ُ
شيء منه مطلقًا ،أي سواء كان القدر المتناَول منه داخل ً في
ل ،أو أقل منها .ول عبرة أيضا ً كرة فع ً مس ِ حدود الكمية ال ُ
بالشارب ،سواء سكر بذلك ،أم ل.
ويعّبر الفقهاء عن هذا المعنى ،بالقاعدة المشهورة ) :ما أسكر
كثيره فقليله حرام(؛ وهي نص حديث ،رواه أبو داود في
كر ،رقم [3681:والترمذي في مس ِ ] الشربة ـ باب ـ النهي عن ال ُ
] الشربة ـ باب ـ ما أسكر كثيره فقليله حرام ،رقم [1866:وابن
ماجه في ] الشربة ـ باب ـ ما أسكر كثيره فقليله حرام ،رقم:
[3393عن جابر .
وروى الترمذي في ] الشربة ـ باب ـ ما أسكر كثيره ،فقليله
حرام،رقم [1867:وأبو داود في ] الشربة ـ باب ـ النهي عن
كر ،رقم [3687:عن عائشة رضي الله عنها ،قالت :قال مس ِ ال ُ
م ْ
لُء فَرق منه ،فَ َ كر ال َ كر حرام ،ما أس َ مس ِ ل ُ رسول الله " : ك ّ
ف منه حرام". الك ّ
ل[.] والفرق :مكيال كان معروفا ً لديهم يسع ستة عشر رِط ْ ً
كر : مس ِ نجاسة ال ُ
كر ،نجس في مذهب الشافعية. مس ِ الخمر ،وكل مائع ُ
َ
ب
صا ُ سُر َوالن َ مُر َوال ْ َ
مي ْ ِ ما ال ْ َ
خ ْ ل] :إ ِن ّ َودليل ذلك قول الله عّز وج ّ
َ
س[ج ٌ َوالْزل َ ُ
م رِ ْ
) المائدة .(90 :
] والرجس في اللغة :القذر والنجس[.
الحكمة من تحريم المسكرات :
ل على النسان بنعم كثيرة ،في مقدمتها :نعمة أنعم الله عّز وج ّ
العقل التي مّيزه ،بل شّرفه بها على سائر الحيوانات الخرى،
45
وإنما تستقيم حياة النسان في معناها الشخصي ،وصورتها
الجتماعية بواسطة العقل ،وتكامله وسلطانه.
كرات ـ كما قد علمت ـ من شأنها أن ُتؤدي بهذه النعمة، مس ِ وال ُ
قد النسان الكثير من فوائدها وثمراتها. وُتف ِ
فإذا غابت ضوابط العقل ،ظهرت من ورائه رعونة النفس ،وساد
طيش الشهوات والهواء ،فثارت الشحناء والبغضاء ،وانتشرت
أسباب العداوة بين المسلمين ،وتقطعت روابط الخوة والمحبة
بينهم.
أضف إلى ذلك ما في الخمر من صد ّ عن ذكر الله تعالى ،وابتعاد
عن أبواب رحمته ،ومواطن فضله وإحسانه.
ما ل في كتابه العزيز] :إ ِن ّ َ وإلى هذا وذاك يشير قول الله عّز وج ّ
ضاء ِفي ال ْ َ طا َ
ر
م ِ
خ ْ داوَة َ َوال ْب َغْ َ م ال ْعَ َ ن أن ُيوقِعَ ب َي ْن َك ُ ُ شي ْ َ ُ ريد ُ ال ّ يُ ِ
َ ّ ْ
ن[ منت َُهو َ ل أنُتم ّ صل َةِ فَهَ ْن ال ّ عن ذ ِك ْرِ اللهِ وَع َ ِ م َ صد ّك ُ ْ سرِ وَي َ ُ مي ْ ِ َوال َ
) المائدة .(91:
وهذا ما أكده رسول الله حين قال " :اجتنبوا الخمر ،فإنها
مفتاح كل شر" .أخرجه الحاكم في المستدرك ]كتاب الشربة ـ
باب ـ اجتنبوا الخمر.[4/145،
وروى النسائي في ] الشربة ـ باب ـ ذكر الثام المتولدة عن
شرب الخمر [8/315 ،عن عثمان موقوفا ً " :اجتنبوا الخمر ،
م الخبائث" .أي أصل كل شر ،ومنبع كل فساد. فإنها أ ّ
كرات. مس ِ فتلك هي بعض الحكم من تحريم وسائر أنواع ال ُ
كر : مس ِ ما يترتب على شرب ال ُ
كر ،وعرفت حكم مس ِ بعدما تبّين لك المعنى المقصود بال ُ
كرات على اختلفها ،ودليل ذلك ،والحكمة منه ،فما هي مس ِ ال ُ
الحكام التي تترتب على شرب المسكر؟
كر حكمان اثنان : مس ِ يترتب على شرب ال ُ
أحدهما :قضائي ،يتحقق أثره في دار الدنيا.
والثاني :دياني ،ل يظهر أثره إل يوم القيامة.
كر قضاء :فهو استحقاق مس ِ فأما الول :وهو حكم شرب ال ُ
د.الشارب للح ّ
وأما الثاني :وهو حكمه ديانة :فهو الثم الذي يستوجبه على
ذلك .ول نطيل في الحديث عن هذا الحكم الثاني ،وهو الثم ،فإنه
ل جلله ،ول يعود المر في ذلك إلى عائد إلى ما بين العبد ورّبه ج ّ
شيء من أقضية الدنيا وأحكامها ،وإنما هو مرهون بقضاء أمر
كر عمدا ً مس ِ الله وحكمه .غير أنه من المّتفق عليه أن شرب ال ُ
لثم ،وعقوبته يوم القيامة عقوبة شديدة ،ما لم يتدارك من كبائر ا ِ
الله عبده بالمغفرة والصفح.
46
ل عهدا ً لمن شرب قال رسول الله " : إن على الله عّز وج ّ
كر أن يسقيه من طينة الخبال" قالوا يا رسول الله ،وما مس ِ ال ُ
طينة الخبال؟ قال " :عرق أهل النار ،أو عصارة أهل النار" رواه
مسلم عن جابر في ] كتاب الشربة ـ باب ـ بيان أن كل
كر خمر وأن كل خمر حرام ،رقم .[2002 : مس ِ ُ
كر :
مس ِ حدّ شرب ال ُ
كر ،خمرا كان أو غيره ،أربعون جلدة ،بالشروط ً مس ِحد ّ شرب ال ُ
التي سنذكرها .ويجوز أن يزيد المام إذا رأى ذلك ،إلى أن يبلغ به
ثمانين جلدة ،ويكون ما زاد على الربعين تعزيرًا.
ودليل ذلك ما رواه مسلم في ] الحدود ـ باب ـ حد ّ الخمر ،
رقم [1706:عن أنس أن النبي ( كان يضرب في الخمر
بالجريدة والنعال أربعين(.
جّردت من الورق[. ] والجريد :أغضان النخيل إذا ُ
وروى مسلم أيضا ً في ] نفس الموضع الذي سبق[ عن أنس :
أن نبي الله جلد في الخمر بالجريد والنعال أربعين ،ثم جلد
أبو بكر أربعين ،فلما كان عمر ،ودنا الناس من الريف
والقرى ،قال :ما ت ََرْون في جلد الخمر؟ فقال عبدالرحمن بن
ف الحدود ،قال :فجلد عمر ثمانين. عوف :أرى أن تجعلها كأخ ّ
د :ما رواه ودل على أن الزيادة على الربعين تعزيز ،وليس بح ّ
مسلم في
] الشربة ـ باب ـ حد ّ الخمر ،رقم [1707:أن عثمان ) : أمر
معَْيط ،فجلده عبدالله بن جعفر بجلد الوليد بن عقبة بن أبي ُ
د ،حتى إذا بلغ أربعين ،فقال رضي الله عنهما ،وعلي يع ّ
أمسك ،ثم قال :جلد النبي أربعين ،وجلد أبو بكر أربعين ،
ب إلي( أي الكتفاء بالربعين، سّنة ،وهذا أح ّ ل ُ وعمر ثمانين ،وك ّ
لنه الذي فعله رسول الله ،وهو أحوط في باب العقوبة ،من
أن يزيد فيها عن القدر المستحق ،فيكون ظلمًا.
قال الفقهاء :فأما الربعون الواردة عن النبي ، فهي الحد ّ
الساسي ،وأما خبر أن عمر جلد ثمانين ،فوجهه كما قال علي
لعمر رضي الله عنهما ) :نرى أن تجلد ثمانين ،فإنه إذا شرب
سكر ،وإذا سكر هذي وإذا هذي افترى( .رواه مالك في
] الموطأ ،كتاب الشربة ـ باب ـ الحد ّ في الخمر[.
] وحد ّ افتراء ثمانون ،ومثل هذا الحكم إنما يتم تعزيرًا.
هذي :تكلم بما ل ينبغي.
افترى :كذب واتهم غيره بالزنى[.
لذلك كان المذهب على أن الفضل القتصار على الربعين ،إذ هو
الوارد عن النبي .
47
من شرب الخمر حال سكره ،لنه ل يحصل به ول يقام الحد ّ على َ
د ،ليحصل عندئذ المزجر ،وإنما ينتظر ليستفيق من سكره ،فيح ّ
كر مرة أخرى. مس ِ به النزجار عن تعاطي ال ُ
كر : مس ِ شروط ثبوت حدّ شرب ال ُ
كر إل بأحد أمرين اثنين: مس ِ ل يثبت الحد ّ على المتهم بشرب ال ُ
الول :البينة الكاملة :
وهي شهادة رجلين عدلين ،فل يثبت الحد بشهادة رجل وامرأتين،
ول بعلم الحاكم.
بل لبد من شهادة رجلين اثنين عدلين.
ودليل ذلك ما جاء في حديث مسلم في جلد عثمان للوليد بن
عقبة ) :فشهد عليه رجلن( ] الشربة ـ باب ـ حد الخمر ،رقم:
.[1707
الثاني :القرار :
كرا ً أو خمرًا .والقرار حجة تقوم مس ِ وذلك بأن يعترف أنه شرب ُ
مقام البينة.
هذا ،ويكفي الطلق في كل من القرار والشهادة ،أي فيكفي
في إقراره أن يقول :شربت مسكرًا.
ويكفي في الشهادة ،أن يقول الشاهدان :إنه شرب مسكرًا.
فل يشترط أن يقول هو :شربته عالما ً مختارًا ،أو يقول
الشاهدان شربه عالما ً مختارًا.
إذ الصل أنه لم يشربه إل وهو عالم بكونه مسكرًا ،ومختارًا ،فإن
تبين أنه ُأكره على شربه بتهديد أو جرت الخمر في حلقه ،وتبين
أنه لم يعلم أنها خمر ،لم يجز حده.
ودليل ذلك عموم قوله ": إن الله وضع عن أمتي الخطأ
والنسيان ،وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه في ] الطلق ـ
مكره ،والناسي،رقم [2045 :عن ابن عباس رضي باب ـ طلق ال ُ
الله عنهما.
ول يدخل في حكم شيء من البّينات ،أو القرار :القيء ،ول
الستكناه؛ وهو شم رائحة المسكر من الفم ،لحتمال عذر ،من
نحو غلط ،أو إكراه .وإذا وقع الحتمال ،لم يجز الحد.
لقول النبي ": ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم ،فإن
كان له مخرج فخّلوا سبيله ،فإن المام أن يخطئ في العفو خير
من أن يخطئ في العقوبة".
أخرجه أبو داود في ] الحدود ـ باب ـ ما جاء في درء الحدود ،
رقم.[1424:
من يتولى تنفيذ الحدّ :
حد الشرب ـ كغيره من الحدود ـ إنما يتولى تنفيذه الحاكم.
48
جْز
فلو لم يعلم الحاكم بالمر ،أو لم يثبت عنده موجب الحد ،لم ي ُ
مة الناس أن يتولى عنه إقامة الحد ّ ،درءا ً للفتنة. لغيره من عا ّ
د ،أيا ً كان أن يعرض ول يكلف شارب الخمر ،أو مستحق الح ّ
نفسه للحد ّ أمام القضاء .بل يكفيه أن يتوب توبة صادقة بينه
وبين ربه سبحانه وتعالى.
روى البخاري في ] المحاربين ـ باب ـ إذا أقّر بالحد ّ ولم يبين،
رقم [6437:ومسلم في ] التوبة ـ باب ـ قوله إن الحسنات
يذهبن السيئات ،رقم [2764:عن أنس قال :كنت عند النبي
، فجاءه رجل ،فقال :يا رسول الله ،إني أصبت حدًا ،فأقمه
ي ،قال :ولم يسأل عنه ،قال :وحضرت الصلة ،فصلى مع عل ّ
النبي ، فلما قضى النبي الصلة ،قام إليه الرجل ،فقال :يا
ي كتاب الله ،قال :قال" : رسول الله ،إني أصبت حدا ً فأقم ف ّ
أليس قد صّليت معنا"؟ قال :نعم ،قال " :فإن الله قد غفر لك
دك".ذنبك ،أو قال :ح ّ
وفي حديث مشابه عند مسلم ] ،رقم [2763:قال عمر
للرجل ) :لقد سترك الله لو سترت نفسك( ،قال ذلك على
مسمع من النبي ،ولم ينكره عليه.
ل ،أن يستر فدل على أن هذا هو المطلوب في شرع الله عّز وج ّ
النسان على نفسه ،ويتوب بينه وبين ربه تبارك وتعالى.
49
المخدرات المختلفة
معنى التخدير :
ستر من بيت ونحوه. در ،وهو ال ّ خ ْ خد َُر :مأخوذ من ال ِ ال َ
والمراد بالتخدير هنا :الحالة التي تغشي العقل والفكر من
الكسل والثقل والفتور ،فكأنه يستتر بشيء.
والمخدرات :كل ما يسبب هذه الحالة للعقل :من بنج ،وأفيون
وحشيشة ،ونحوها.
حكم المخدرات :
يحّرم تعاطي المخدرات على اختلفها ،كيفما كان تعاطيها ،لما
فيها من الضرار بالعقل والجسم ،ولما تستلزم من المراض
والنتائج الضاّرة المختلفة ،التي لم تعد خافية على أحد ،فهي
كرات التي مّر ذكرها. مس ِ داخلة ـ من حيث التحريم ـ في حكم ال ُ
كر ،رقم : مس ِ روى أبو داود في ] الشربة ـ باب ـ النهي عن ال ُ
3686عن أم سلمة رضي الله عنها ،قالت ) :نهى رسول الله
كر ،ومفتر( وأخرجه أحمد في المسند ] .[6/309 مس ِ عن كل ُ
عقوبة تناول المخدرات :
إن عقوبة المخدرات الدنيوية ل تتجاوز التعزير.
وضة من حيث نوعها وشدتها ،إلى ما يراه وعقوبة التعزير مف ّ
القضاء السلمي العادل؛ من سجن أو ضرب ،أو تقريع أو نحو
ذلك ،بشرط أن ل يبلغ به الضرب أدنى حد ّ من الحدود الشرعية.
حالت استثنائية:
هناك حالت استثنائية تخرج من عموم حكم الخمر والمخدر،
نذكرها فيما يلي :
الحالة الولى :حالة الضرورة:
ص بلقمة طعام ،وليس حوله ما يسيغها به إل جرعة خمر ،أو غ ّ
نحوها من المسكرات ،جاز له أن يسيغ لقمته تلك ،بجرعة
الخمر ،اتقاء الهلك.
فوٌرك غَ ُ ن َرب ّ َعاد ٍ فَإ ِ ّضط ُّر غ َي َْر َباٍغ وَل َ َ
نا ْ م ِل ] :فَ َ قال الله عّز وج ّ
م[ )النعام.(145: حي ٌّر ِ
الحالة الثانية :التداوي:
كر مزجا ً مس ِ وصف الطبيب دواء للمريض ،وكان ممزوجا ً ب ُ
استهلك صفات المسكر ،وخصائصه ،وليس في الظاهر دواء آخر
يقوم مقامه ،جاز للمريض تناوله للضرورة ،والحاجة لذلك.
كر الذي لم يستهلك في غيره من الدوية ،فل يجوز مس ِ
أما ال ُ
تناوله للستشفاء ،وإن أشار به الطبيب ،أو أمر بذلك.
كر الصافي ل يمكن أن يكون الدواَء الذي ل مس ِ وقد ثبت أن ال ُ
يقوم مقامه غيره لمرض ما.
50
بل إن الضرار الكامنة فيه تزيد على ما قد ُيظن فيه من فائدة
وخير.
روى ابن ماجه في ] الطب ـ باب ـ النهي أن يتداوى بالخمر،
رقم [3500:عن طارق بن سويد الحضرمي قال :قلت يا
رسول الله ،إن بأرضنا أعنابا ً نعتصرها ،فنشرب منها؟ قال " :ل
" فراجعته ،قلت إنا نستشفي به للمريض؟ قال ":إن ذلك ليس
بشفاء ،ولكنه داء".
وأخرجه أيضا ً أحمد في مسنده.[5/293 ، 4/311 ] :
وروى البخاري تعليقا ً عن ابن مسعود قال ) :إن الله لم
يجعل شفاءكم فيما حّرم عليكم( ] .الشربة ـ باب ـ شراب
الحلوى والعسل[.
الحالة الثالثة :العمليات الجراحية :
اضطر الطبيب إلى الستعانة بمخدر من أجل إجراء عملية
مل ألم جراحية ،ونحوها للمريض ،بمعنى أن المريض ل يكاد يتح ّ
الجراحة بدون مخدر ) :واللم الشديدة تنزل منزلة الضرورة (
فل مانع في مثل هذه الحالة من الستعانة بالمخدر سواء كان
على كيفية حقنة ،أو شرب ،أو ابتلع.
س والّزيَنة ّ
الل َ ُ
با
51
الل َّبـا ُ
س والّزيَنة
ل: الصل في أحكام اللباس والزينة الح ّ
إن الصل في أحكام اللباس والزينة ،سواء كان في البدن ،أو
ل والباحة. في الثياب ،أو المكان ،إنما هو الح ّ
وذلك عمل ً بعموم الدلة التي تحمل مّنة الله تعالى على عباده،
فيما خلق لهم ،وأنعم به عليهم ،لينتفعوا به في حياتهم الدنيا،
ل ،وتنعمًا. لباسًا ،وتزينا ً واستعما ً
ض َ خل َقَ ل َ ُ قال الله تبارك وتعالى ]:هُوَ ال ّ ِ
ما ِفي الْر ِ كم ّ ذي َ
ميعًا[ ) البقرة.(29 : ج ِ َ
ت ْ ْ َ من ك ّ ُ ُ وقال عّز وج ّ
م َ دوا ن ِعْ َ موه ُ وَِإن ت َعُ ّ سألت ُ ُ ما َ ل َ ل َ] :وآَتاكم ّ
ها[ )إبراهيم .(34: صو َ ح ُ الل ّهِ ل َ ت ُ ْ
َ
ج
خَر َ يأ ْ ة الل ّهِ ال ّت ِ َ م ِزين َ َ حّر َ ن َ م ْ ل َ وقال الله سبحانه وتعالى ]:قُ ْ
حَياةِ الد ّن َْيا مُنوا ْ ِفي ال ْ َ نآ َ ذي َ هي ل ِل ّ ِ ل ِ ق قُ ْ ن الّرْز ِ م َ ت ِ ل ِعَِباد ِهِ َوال ْط ّي َّبا ِ
ن[ مو َ قوْم ٍ ي َعْل َ ُ ت لِ َ ل الَيا ِ ص ُ ف ّ ك نُ َ مةِ ك َذ َل ِ َ قَيا َ م ال ْ ِ ة ي َوْ َ ص ً خال ِ َ َ
) العراف .(32:
َ
واِري م ل َِباسا ً ي ُ َ م قَد ْ أنَزل َْنا ع َل َي ْك ُ ْ وقال عّز من قائلَ] :يا ب َِني آد َ َ
ت الل ّ ِ
ه ن آَيا ِ م ْ ك ِ خي ٌْر ذ َل ِ َ ك َ قوَىَ ذ َل ِ َ س الت ّ ْ م وَِريشا ً وَل َِبا ُ سوَْءات ِك ُ ْ َ
ن[ ) العراف .(26 : ّ
م ي َذ ّكُرو َ ل َعَلهُ ْ
ّ
] يواري سوآتكم :يستر عوراتكم.
وريشا ً :قال ابن عباس رضي الله عنهما :كل ما ظهر من الثياب
والمتاع مما يلبس ويفرش[.
كم ل لَ ُ جعَ َ ه َ وقال جل جلله ،ممتنا ً على عباده بما خلق لهمَ] :والل ّ ُ
َ
م
فون ََها ي َوْ َ خ ّ ست َ ِ جُلود ِ الن َْعام ِ ب ُُيوتا ً ت َ ْ من ُ كم ّ ل لَ ُ جعَ َ كنا ً وَ َ س َ م َ من ب ُُيوت ِك ُ ْ ّ
ها أَثاثا ًَ َ َ َ ُ ُ َ
شَعارِ َ ها وَأ ْ وافَِها وَأوَْبارِ َ ص َ نأ ْ م ْ م وَ ِ مت ِك ْ م إ َِقا َ م وَي َوْ َ ظعْن ِك ْ
ن
م َ كم ّ ل لَ ُ جعَ َ خل َقَ ظ ِل َل ً وَ َ ما َ م ّ كم ّ ل لَ ُ جعَ َ ه َ ن * َوالل ّ ُ حي ٍ مَتاعا ً إ َِلى ِ وَ َ
َ
كم قي ُ ل تَ ِ سَراِبي َ حّر وَ َ م ال ْ َ قيك ُ ُ ل تَ ِ سَراِبي َ م َ ل ل َك ُ ْ جعَ َ ل أك َْنانا ً وَ َ جَبا ِ ال ْ ِ
ْ
ن[ ) النحل -80 : مو َ سل ِ ُ م تُ ْ م ل َعَل ّك ُ ْ ه ع َل َي ْك ُ ْ مت َ ُم ن ِعْ َ ك ي ُت ِ ّ م ك َذ َل ِ َ سك ُ ْ ب َأ َ
.(81
] سكنا ً :بيوتا ً تسكنون إليها.
يوم ظعنكم :يوم سيركم في أسفاركم.
أثاثا ً :الثاث متاع البيت من الفرش والكسية.
ن فيه من شدة الحر والبرد : ن :وهو ما يستك ّ أكنانا ً :جمع ك ِ ّ
كالكهوف والسراب.
مص والثياب. ق ُ سرابيل :جمع سربال ،وهي ال ُ
وسرابيل تقيكم بأسكم :هي الدروع ترد ّ عنكم سلح عدوكم
وتقيكم الجراح[.
52
من هذه الدلة وغيرها نعلم أن الصل في كل ما كان من قبيل
ل والباحة ،إل ما استثنى من ذلك اللباس والزينة إنما هو الح ّ
بنصوص خاصة.
ما استثنى من عموم الحل :
لقد استثنى من هذا العموم ما قامت الدلة على تحريمه ،ومنعت
من استعماله.
ً
خذ حكما آخر َ
وسنقتصر على بعض ما استثنى من عموم الحل ،وأ َ
وهو الحرمة ،والمنع.
-1تحريم الذهب والفضة في غير البيع والشراء
ونحوهما
ل يجوز استعمال الذهب والفضة في أي نوع من أنواع
الستعمال ،ما عدا البيع والشراء ،ونحوهما ،فل يجوز أن يتخذ
منهما أواني للكل والشرب ،ول أن يجعل منهما أدوات الكتابة ،أو
الكتحال ،أو تزيين البيوت ،والمجالس ،والمساجد ،والحوانيت
وغيرها ،سواء كانت هذه الشياء المستعملة من الذهب والفضة
صغيرة أو كبيرة.
وكما يحّرم استعمال الذهب والفضة فيما ذكر ،يحرم اتخاذهما
أيضا ً في ذلك ،ولو من غير استعمال ،لن ما حرم استعماله حرم
اتخاذه.
أدلة تحريم استعمال الذهب والفضة :
وأدلة هذا التحريم كثيرة في صحاح السّنة ،منها:
ما رواه مسلم في ] اللباس والزينة ـ باب ـ تحريم استعمال
أواني الذهب ،رقم [2065:عن أم سلمة رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله ":من شرب في إناء من ذهب أو فضة ،فإنما
يجرجر في بطنه نار جهنم".
وروى مسلم في ] اللباس والزينة ـ باب ـ تحريم استعمال إناء
الذهب ،رقم [2067:عن حذيفة ،قال :سمعت رسول الله
يقول " :ل تشربوا في آنية الذهب والفضة ،ول تأكلوا في
صحافها ،فإنها لهم في الدنيا" أي للكفار.ِ
حكم استعمال الواني المضببة بالذهب والفضة:
يحرم استعمال ما ضبب من الواني بالذهب مطلقًا ،سواء كانت
الضبة كبيرة ،أم صغيرة .وسواء ضبب في موضع الستعمال ،أو
غيره.
وأما التضبيب بالفضة ،فإن كانت الضبة كبيرة لغير حاجة
حرمت،وإن كانت صغيرة ،أو كبيرة لحاجة جازت ،سواء كانت
الضبة في موضع الستعمال ،أو في غيره.
53
ودليل هذا الجواز ما رواه البخاري في ]الشربة ـ باب ـ الشرب
من قدح النبي وآنيته[ عن عاصم الحول قال :رأيت قدح
النبي عند أنس بن مالك ، وكان قد انصدع ،فسلسله
ضار ،قال :قال أنس : بفضة ،قال :وهو قدح جيد عريض من ن ُ َ
) لقد سقيت رسول الله في هذا القدح أكثر من كذا وكذا(.
] نضار :خشب جيد للنية[.
وهة بالذهب والفضة : حكم استعمال الواني المم ّ
التمويه ـ وهو الطلي ـ بالذهب والفضة ،إن كان قليل ً بحيث إذا
ل وإن كان كثيرًا ،بحيث صل منه شيء ،ح ّ رض على النار لم يتح ّ عُ ِ
جز عندئذٍصل منه شيء إذا عرض على النار حرم ،ولم ي ُ يتح ّ
وه ،ول اتخاذه. استعمال الناء المم ّ
سقف البيوت ،وجدرانها بالذهب والفضة، ويحرم تمويه وطلي ُ
صل منه شيء إذا عرض على النار. ل ،ل يتح ّ ولو كان ذلك قلي ً
حكم استعمال الواني المتخذة من المعدان النفيسة :
يجوز استعمال الواني المتخذة من المعادن النفيسة ،غير
النقدين – كالماس واللؤلؤ ،والمرجان ،والياقوت ،والزمرد،
والزجاج وغيرها – لعدم ورود نص بالنهي عنها ،والصل في هذه
الشياء الباحة ،ما لم يرد دليل التحريم ،وليس ثمة من دليل.
وقياسها على الذهب والفضة غير صحيح.
الحكمة من تحريم أواني الذهب والفضة :
قلنا سابقا ً :إن من أعظم الحكم في هذا الموضوع ،وأمثاله
محض التعّبد والختبار للناس .ومع هذا فقد يجد الباحث وراء ذلك
كما ً أخرى نذكر منها: ح َ ِ
ل جعل النقدين أثمانا ً للناس ،وربط بهما سهولة أ -إن الله عّز وج ّ
ح لذلك تعطيلهما عن هذه الوظيفة، التعامل بينهم ،فلم ي ُب ِ ْ
واتخاذهما أواني وتحفا ً تجمد في المنازل والبيوت ،وتضّيق أوجه
التعامل بهما.
ب -ما في ذلك من جرح لشعور الفقراء ،وكسر لقلوبهم ،حين
يرون الغنياء –من دونهم – يتخذون الذهب والفضة حليا ً وزينة،
يفخرون بهما ويتكبرون ،ويختالون بهما ،ويزهون.
ج -منع الناس من النكباب على هذه المعادن النفيسة ،واتخاذها
غاية يتنافسون في تكديسها ،والتزين بها ،ورصفها في بيوتهم،
ومجالسهم وينسون أنها وسيلة وضعت في أيديهم ،لقضاء
حوائجهم ،ومصالحهم الدنيوية.
د -معارضة الكفار ،ومخالفتهم ،فيما هو من شأنهم ،فإن من
شأن الكفار العراض عن الخرة ،والنكباب على الدنيا ونعيمها.
وقد جاء في الحديث ":وإياكم والتنعم ،وزِيّ أهل الشرك" رواه
54
مسلم في ] اللباس والزينة – باب – تحريم استعمال إناء الذهب،
رقم [2069:عن عمر .
وقد ذكرنا حديث مسلم السابق ... ":فإنها لهم في الدنيا" أي
للكفار.
ما يستثنى من هذا التحريم :
يستثنى من هذا التحريم أمور ثلثة :
الول :
اتخاذ النساء من الذهب والفضة حليا ً للزينة ،بالقدر المعتاد ،من
غير سرف ول شطط .سواء كانت المرأة متزوجة ،أم غير
متزوجة ،وسواء كانت صغيرة أم كبيرة ،غنية أم فقيرة.
ودليل ذلك ما رواه الترمذي في أول ] كتاب اللباس –باب – ما
جاء في الحرير والذهب ،رقم [1720 :بسند حسن صحيح ،عن
حّرم لباس أبي موسى الشعري ، أن رسول الله ، قالُ ":
ح ّ
ل لناثهم". الحرير والذهب على ذكور أمتي ،وأ ُ ِ
وقد أجاز العلماء أيضا ً إلباس الصبيان الصغار الحلي والحرير في
العياد وغيرها ،لنه ل تكليف عليهم.
الثاني :
ح أن النبي اتخذ خاتما ً من فضة. اتخاذ خاتم من فضة ،فقد ص ّ
روى مسلم في ] اللباس والزينة –باب -في خاتم الورق فصه
حبشي ،رقم [2094:والترمذي في ] اللباس –باب -ما جاء في
خاتم الفضة ،رقم [1739:عن أنس ،قال ):كان خاتم رسول
صه حبشيًا(.الله من وِرق ،وكان ف ّ
] ورق :فضة.
فصه حبشيا ً :حجرا ً من خرز في بياض وسواد ،أو من عقيق
ي[.معدنه من الحبشة ،وقيل لونه حبش ّ
وروى البخاري ومسلم عن أنس ): أن النبي كان خاتمه
من فضة ،وكان فصه منه(.
ورويا عنه أيضًا ):أن رسول الله اتخذ خاتما ً من فضة ،ونقش
فيه :محمد رسول الله ،وقال ":إني اتخذت خاتما ً من وَِرق،
ن أحد على نقشه". قش ّ
ونقشت فيه :محمد رسول الله ،فل ين ُ
وعند البخاري ):وكان نقش الخاتم ثلثة أسطر :محمد سطر،
ورسول سطر ،والله سطر( .البخاري في ] اللباس -باب -قول
النبي ل ينقش على نقش خاتمه،
و-باب -هل يجعل نقش الخاتم ثلثة أسطر ،رقم [5539،5540:
ومسلم في ]اللباس والزينة –باب -تحريم خاتم الذهب على
55
الرجال ،رقم [2092:والترمذي في ]اللباس –باب -ما جاء في
نقش الخاتم ،رقم .[1748:
أما خاتم الذهب للرجال فحرام مطلقًا.
ودليل ذلك ما رواه مسلم في ]نفس الموضع السابق[2090 :
عن ابن عباس رضي الله عنهما ،أن رسول الله رأى خاتما ً
من ذهب في يد رجل ،فنزعه فطرحه ،وقال ":يعمد أحدكم إلى
جمرة من نار ،فيجعلها في يده" فقيل للرجل بعدما ذهب رسول
الله :خذ خاتمك انتفع به ،قال :ل آخذه أبدا ً وقد حّرمة رسول
الله .
الثالث :
حالة الضرورة ،وذلك إذا لم يجد غير آنية من ذهب أو فضة فإنه
يباح له عندئذ ٍ استعمالها للضرورة.
ً
ومثل هذا ما لو جدع أنفه ،فاستعاض عنه أنفا من ذهب ،أو احتاج
أن يشد أسنانه بالذهب ،فإنه يباح في هذا وأمثاله من حالت
الضرورة استعمال الذهب.
ودليل ذلك ما رواه الترمذي ،بسند حسن غريب في ] أبواب
اللباس –باب -ما جاء في شد ّ السنان بالذهب ،رقم[1770 :عن
كلب في جة بن أسعد ، قال ):أصيب أنفي يوم ال ُ ع َْرفَ َ
ي ،فأمرني رسول الله الجاهلية ،فاتخذت أنفا ً من وَِرق فأنتن عل ّ
أن اتخذ أنفا ً من ذهب( .وأخرجه أبو داود أيضا ً في ] كتاب
الخاتم –باب -ربط السنان بالذهب ،رقم .[4232:
تهاون في حكم الله عّز وج ّ
ل:
ل في تحريم لقد تهاون كثير من المسلمين في حكم الله عّز وج ّ
الذهب والفضة.
فاستباحوا لنفسهم هذه المخالفة لحكم الدين ،ولم يروا حرجا ً
في اقتحامهم جدران هذه المحرمات فلبس كثير منهم الذهب
في أيديهم ،ووضعوا سلسل الذهب في أعناقهم ،ولم يستشعروا
أنهم إنما يضعون جمرا ً من النار في أيديهم وأعناقهم.
ويستمطرون غضب الله تبارك وتعالى بأعمالهم هذه ،ولم يدركوا
أنهم ضحية التقليد العمى للكافرين والمشركين .إن لبس خاتم
الذهب بدعوى إظهار الخطبة ،أو إعلن الزواج أمر باطل ل يقّره
الدين ،ول دليل ،وليس لهؤلء من سند إل التقليد السخيف،
والتبعية العمياء ،كما أن كثيرا ً من الغنياء والمترفين أبوا إل أن
يكونوا أرقاء للمظاهر الفارغة ،والسرف الممقوت ،فاستعملوا
أواني الذهب والفضة في مطاعمهم ومشاربهم وموائدهم،
ل قد حّرم هذا ،وتوعدهم عليه، وحفلتهم ،ونسوا أن الله عّز وج ّ
ول حول ول قوة إل بالله.
56
-2تحريم لبس الحرير للرجال
والحرير أيضا ً حرام على الرجال لبسًا ،واستعمال ً في أي وجه من
وجوه الستعمال :كالجلوس عليه ،والتستر ،والتدثر به ،لكنه ح ّ
ل
للنساء والصغار ،ودليل ذلك ما رواه أبو داود في ] اللباس –باب-
في الحرير للنساء ،رقم [4057:وابن ماجه في ] اللباس –باب
– لبس الحرير والذهب للنساء ،رقم [3595:وغيرهما عن علي
، قال :أخذ النبي حريرا ً فجعله في يمينه ،وأخذ ذهبا ً فجعله
في شماله ،ثم قال "إن هذين حرام على ذكور أمتي".
وروى الترمذي بسند حسن صحيح في أول ] كتاب اللباس –باب-
ما جاء في الحرير والذهب ،رقم [1720:عن أبي موسى
حّرم لباس الحرير والذهب الشعري أن رسول الله قالُ ":
على ذكور أمتي ،وُأح ّ
ل لناثهم".
الحكمة من تحريم الحرير على الرجال :
ل الحكمة من هذا التحريم -عدا التعّبد – ما في لبس الحرير ولع ّ
من الخيلء والك َِبر ،وما فيه من التأّنث والتخّنث ،والبعد عن
صفات الرجولة ،فإن الرجل لم يخلق لينشأ في الحلية ،ويختال
فضية إلى م ْبأثواب الزينة ،ويظهر بمظهر النعومة والليونة ،ال ُ
خِلق للحياة، التشّبه بالنساء ،والقعود عن عظائم المور،وإنما ُ
مات ،وهذا يعارك الصعاب ،ويقوم بالمهمات ،ويصبر في المل ّ
يتطلب نوعا ً من الخشونة ،والبعد عن الليونة ،والترف والتخنث
والميوعة.
ما استثنى من هذا التحريم :
يستثنى من هذا التحريم للحرير على الرجال حالتان :
الحالة الولى :
حالة الضرورة ،وهي ما إذا كان لم يجد غيره ،لستر عورته ،أو
وقاية جسمه من الحر ،أو البرد ،فإنه عندئذ ٍ ُيباح لبس الحرير،
ريثما يجد غيره ،لن الضرورات ُتبيح المحظورات ،والضرورة
تقدر بقدرها.
الحالة الثانية :
الحاجة إلى لبسه ،لدفع ضرر ،كما إذا كان في النسان مرض،
وكان لبس الحرير ُيسارع في شفائه ،أو يخفف من آلمه.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في ] اللباس -باب – ما يرخص
كة ،رقم [5501:ومسلم في ] اللباس للرجال من الحرير للح ّ
والزينة –باب – إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به ح ّ
كة أو
نحوها ،رقم [2076:واللفظ له ،عن أنس بن مالك ، أن رسول
وام رضي خص لعبدالرحمن بن عوف ،والزبير بن الع ّ الله ) ر ّ
57
مص الحرير في السفر من ح ّ
كة كانت بهما ،أو ق ُ
الله عنهما في ال ُ
وجع كان بهما(.
58
-3تحريم الخضاب بالسواد
يرحم صبغ شعر الرأس واللحية بالسواد للرجال والنساء.
ويستحب خضاب الشيب ،وصبغ الشعر بغير السواد للرجال
والنساء ،بصفرة ،أو حمرة.
ودليل ذلك ما رواه مسلم في ]اللباس والزينة – باب – استحباب
خضاب الشيب بصفرة أو حمرة ،وتحريمه بالسواد ،رقم [2102
وغيره عن جابر ،قال :أتي بأبي قحافة يوم الفتح ،ورأسه
ولحيته كالثغامة بياضًا ،فقال رسول الله ": غيروا هذا بشيء
واجتنبوا السواد".
] الثغامة :نبت له زهر أبيض ،شبه بياض الشيب به.
أبو قحافة :والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ،واسمه عثمان
أسلم عام الفتح[.
وروى الترمذي في ] اللباس –باب – ما جاء في الخضاب ،رقم :
[1752عن أبي هريرة ، قال :قال رسول الله ": غيروا
الشيب ،ول تشبهوا باليهود".
وروى البخاري في ] اللباس – باب – الخضاب ،رقم[5559 :
ومسلم في ] اللباس والزينة –باب – في مخالفة اليهود في
الصبغ ،رقم [2103:عن أبي هريرة ، أن النبي قال ":إن
اليهود والنصارى ل يصبغون فخالفوهم".
] الخضاب :الصبغ[.
حكمة تحريم الخضاب بالسواد :
ولعل الحكمة من تحريم الصبغ بالسواد إنما تعود ِلما في
الخضاب به من التزوير ،وتغيير الواقع ،فإن السواد يجعل من
الكبير صغيرًا ،ومن المسّنة شابة ،في أعين الناس ،فيظنون
أمرهما على خلف ما هو عليه في الواقع.
أما ما عدا السواد ،فقد ل يصل إلى هذا الحد من التغير،
والتغرير ،والتزوير.
ونقول بعد هذا :إن عامة هذه الموضوعات ،إنما تقوم أحكامها
على محض التعبد ،وعلى المتثال ،والختبار الخالصين.
59
شعره وظفره ،وسائر أجزائه إن فصلت منه حال الحياة .وإن
وصلته بشعر غير الدمي ،فإن كان شعرا ً نجسًا ،وهو شعر الميتة،
أو شعر ما ل يؤكل لحمه إذا انفصل في حال حياته ،فهو حرام
أيضا ً لعموم النهي عن ذلك ،ولنه حمل نجاسة في الصلة ،
وغيرها.
وأما الشعر الطاهر من غير الدمي ،فإن لم يكن لها زوج فهو
حرام ،وإن كان لها زوج ،فإن فعلته بإذنه جاز ،وإن فعلته بغير
إذنه لم يجز.
أما تحمير الوجه ،وتطريف الصابع ،فإن أذن به الزوج جاز ،وإن
لم يأذن لم يجز.
أما وصل الشعر بخيوط من الحرير ،ونحوه ،مما ل يشبه الشعر
فجائز ،وليس منهيا ً عنه ،لنه ليس له حكم الوصل ،إنما هو مجرد
الزينة.
دليل تحريم الوصل :
ويدل على حرمة الوصل ما رواه البخاري في ] اللباس –باب –
الوصل في الشعر ،رقم [5591:ومسلم في ]اللباس والزينة –
باب – تحريم فعل الواصلة والمستوصلة ،رقم [2122:عن أسماء
بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ،قالت :جاءت امرأة إلى
النبي ،فقالت :يا رسول الله ،إن لي ابنة ع َُرّيسًا ،أصابتها
صله؟ فقال ":لعن الله الواصلة صبة فتمّرق شعرها ،أفأ ِح ْ
َ
والمستوصلة".
] عريسا ً :تصغير عروس.
حصبة :مرض.
تمرق شعرها :تساقط من مرض الحصبة.
الواصلة :التي تصل الشعر بشعر آخر.
المستوصلة :التي تطلب أن يفعل بها ذلك[.
حكمة تحريم الوصل :
ولعل الحكمة في تحريم الوصل في الشعر إنما هي التزوير في
الحقيقة ،والتغير للخلقة ،والتظاهر بغير ما عليه الحل في الواقع.
روى البخاري في ] اللباس – باب -الوصل في الشعر ،رقم :
[5594ومسلم في ]اللباس والزينة – باب – تحريم فعل الواصلة
والمستوصلة ،رقم [2127:عن سعيد بن المسيب ، قال :
قدم معاوية آخر قدمة قدمها ،فخطبنا ،فأخرج كبة من شعر،
قال :ما كنت أرى أحدا ً يفعل هذا غير اليهود ) ،إن النبي سماه
الزور( .يعني الواصلة في الشعر .فالحديث واضح في علة
التحريم ،وهي التزوير والتغرير ،وتغير الحقيقة.
-5تحريم الوشم ،والنمص ،والتفليج
60
الوشم :هو أن تغرز إبرة ،أو نحوها في ظهر الكف ،أو المعصم،
أو الوجه ،أو الشفة ،أو غير ذلك من البدن ،حتى يسيل الدم ،ثم
يحشى محل الغرز بكحل ،ونحوه ،فيخضّر.
النمص :نتف الشعر من الوجه.
التفليج :تفريق ما بين الثنايا والرباعيات من السنان بالمبرد،
ونحوه.
وهذه الثلثة – الوشم ،والنمص ،والتفليج – حرام على الرجال
والنساء ،ل فرق بين الفاعل والمفعول به ،ذلك لورود اللعن
عليه ،ول يلعن إل على فعل محّرم ،بل على كبيرة من الكبائر.
قال الفقهاء :والموضع الذي وشم يصير متنجسًا ،لنحباس الدم
فيه .فإن أمكن إزالته بالعلج ،وجب ،وإن لم يمكن إل بالجرح،
فإن خيف منه حدوث ضرر ،أو عيب فاحش في عضو ظاهر،
جب إزالته وتكفي التوبة في كالوجه ،والكفين ،وغيرهما ،لم ت ِ
سقوط الثم ،وإن لم يخف شيء من ذلك ،لزم إزالته ،ويعصي
بتأخيره.
دليل تحريم الوشم ،والنمص ،والتفليج :
ل من الوشم ،والنمص ،والتفليج بما رواه ويستدل على تحريم ك ّ
البخاري في ]اللباس – باب – المتفلجات للحسن ،رقم [5587:
ومسلم في ]اللباس والزينة – باب –تحريم فعل الواصلة
والمتوصلة ،رقم [2122:عن عبدالله بن مسعود ،قال :
مصات والمتفلجات مستوشمات ،والمتن ّ ) لعن الله الواشمات وال ُ
ل الله للحسن ،المغيرات خلق الله ،ما لي ل ألعن من لعنه رسو ُ
ما ن ََهاك ُ ْ
م خ ُ
ذوه ُ وَ َ ل فَ ُ
سو ُ ما آَتاك ُ ُ
م الّر ُ وهو في كتاب الله "] وَ َ
ه َفانت َُهوا[.
ع َن ْ ُ
وروى البخاري في ]اللباس – باب – الوصل في الشعر ،رقم:
[5593ومسلم في ]اللباس والزينة – باب – تحريم فعل الواصلة
والمستوصلة ،رقم [2124:عن عبدالله بن عمر رضي الله
عنهما ،أن رسول الله قال " :لعن الله الواصلة والمستوصلة،
والواشمة والمستوشمة".
ما يستثنى من تحريم ما سبق:
يستثنى من تحريم النمص ،إزالة ما نبت في وجه المرأة ،من
لحية ،وشارب ،فل يحرم إزالتهما ،بل يستحب ،لن النهي إنما هو
لما في الحواجب ،وما في أطراف الوجه.
وكذلك إذا احتيج إليه لعلج ،أو عيب في السن ،فل بأس به ،لن
المحّرم إنما هو المفعول لطلب الحسن ،والتجميل ،والتغيير
لخلق الله عّز وج ّ
ل.
حكمة تحريم الوشم والنمص والتفليج :
61
ل من الوشم ،والنمص والتفليج ،إنما والحكمة من هذا التحريم لك ّ
هي ما جاء مصّرحا ً به في الحديث السابق ،وهو تغيير خلق الله
سبحانه وتعالى ،ولنه تزوير ،وتدليس ،وإبهام بغير ما عليه المر
في واقع الحال.
-6تشبه الرجال بالنساء ،والنساء بالرجال:
تشّبه الرجال بالنساء إنما يكون في اللباس والزينة ،مثل لبس
الساور والقراط ،والطواق.
وكذلك في الكلم والمشي :كتكّلف التثني والتكسر ،وترقيق
الصوت ،وتليين الكلم ،وغير ذلك مما تكون عليه النساء في
العادة.
وتشّبه النساء في الرجال إنما يكون بالزي ،وبعض الصفات:
كتكلف الخشونة والرجولة ،وحلق الشعر ،ونحو ذلك مما عليه
الرجال في العادة.
62
وإن كان ذلك خلقة ،من غير تصّنع ول تكّلف ،فل يلم عليه ،ولكن
عليه أن يتكلف إزالة ذلك عن نفسه .وإن كان بقصد ،وتكّلف،
فهو المحّرم المذموم.
المترجلت :النساء المتكلفات التشّبه بالرجال[.
-7تحريم التصوير
ل ما فيه روح حرام ،وهو من كبائر تصوير النسان والحيوان ،وك ّ
عد عليه بوعيد شديد في صريح السّنة الشريفة. الثم ،لنه متو ّ
ل فرق في هذا التحريم بين ما إذا كان هذا التصوير على ما
يمتهن وُيهان أو على ما يعظم ويكرم.
ول فرق بين ما كان منه على بساط ،أو ثوب ،أو درهم ،أو دينار،
أو ورق ،أو إناء ،أو حائط،أو على غير ذلك.
ول فرق بين ما له ظل وما ل ظل له .فتصوير كل ما فيه روح
حرام ،كيفما كان ،وعلى أي شيء كان.
ور ليصوره، ور ،ومن تقدم إلى المص ّ ويستوي في الحرمة المص ّ
لنه معاون له على المعصية ،وإن كان عذاب المصور أكبر ،وإثمه
أعظم.
أما تصوير ما ل روح فيه ،كالشجر ،والنبات ،والجماد ،فليس
بحرام ،ول إثم في فعله.
هذا حكم نفس التصوير.
وأما اتخاذ ما فيه صورة حيوان ،أو إنسان واقتناؤه ،فنقول :إن
كانت هذه الصور معّلقة على حائط ،أو منقوشة في ثوب مما ل
يعد ّ ممتهنًا ،فاتخاذها حرام ،ول يجوز إبقاؤها ،بل يجب نزعها،
وإزالتها من مكانها.
دة ي ُّتكأ وُيجلس
وإن كانت في بساط يداس ،أو وسادة ومخ ّ
عليهما ،ونحوهما مما ُيمتهن ،فليس بحرام.
ما يستثنى من تحريم اتخاذ الصور:
يستثنى من عموم تحريم اتخاذ الصور أمران:
الول :الترخيص لصغار البنات والصبيان في ل َِعب الولد.
ودليل ذلك ما رواه مسلم في ] كتاب فضائل الصحابة – باب –
في فضل عائشة رضي الله عنها ،رقم [2440:عن عائشة رضي
الله عنها ،أنها كانت تلعب بالبنات عند رسول الله ،قالت:
ن من رسول الله ،قالت: معْ َق ِ
وكانت تأتيني صواحبي ،فكن ي َن ْ َ
ي.
ن إل ّ فكان رسول الله ُ يسّرُبه ّ
] ينقمعن :يتغيبن حياء من رسول الله وهيبة.
يسربهن :يرسلهن[.
أي إن عائشة رضي الله عنها كانت تلعب بصور البنات ،ومعها
صواحبها ،فإذا دخل رسول الله استترن واختفين حياًء منه
63
ن بالذهاب لعائشة رضي الله عنها يعلبن وهيبة ،فكان يأمره ّ
معها.
الثاني :حالة الضرورة ،فإذا دعت ضرورة ،أو حاجة أمنية إلى
اتخاذ صورة ،جاز اتخاذها ،ولكن بقدر الضرورة ،والحاجة ،لن
در بقدرها.الضرورة ،أو الحاجة تق ّ
أدلة تحريم التصوير :
ً
ويستدل لحرمة تصوير الحيوان مطلقا ،بأدلة كثيرة من السنة
الشريفة نذكر منها:
ما رواه الترمذي في ] اللباس –باب – ما جاء في الصورة ،رقم:
[1749عن جابر بن عبدالله ،قال ) :نهى رسول الله عن
الصورة في البيت ،ونهى أن يصنع ذلك(.
وروى البخاري في ] اللباس –باب – عذاب المصورين يوم
القيامة ،رقم [5606ومسلم في ] اللباس والزينة – باب -ل
تدخل الملئكة بيتا ً فيه كلب ول صورة ،رقم [2109عن عبدالله
بن مسعود قال :قال رسول الله ": إن أشد ّ الناس
عذابا ً يوم القيامة المصورون".
وقال رسول الله ":إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم
القيامة يقال لهم :أحيوا ما خلقتم".
رواه البخاري في ] اللباس – باب – عذاب المصورين يوم
القيامة ،رقم [5607:ومسلم في ]اللباس والزينة – باب – ل
تدخل الملئكة بيتا ً فيه كلب ول صورة،رقم [2108:عن ابن عمر
رضي الله عنهما.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما ،قال :سمعت محمدا ً يقول:
ور صورة في الدنيا ،ك ُّلف يوم القيامة أن ينفخ فيها ص ّ
" من َ
الروح ،وليس بنافخ".
ور صورة ك ُّلف يوم رواه البخاري في ] اللباس – باب – من ص ّ
القيامة أن ينفخ فيها الروح ،رقم [5618:ومسلم في ] اللباس
والزينة – باب ل تدخل الملئكة بيتا ً فيه كلب ول صورة ،رقم :
.[2110
وروى البخاري ومسلم في ] نفس الموضع السابق[ عن سعيد
بن أبي الحسن ،قال :جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما،
ن مني، فقال :إني رجل أصور هذه الصور ،فأفتني فيها ،فقال :اد ْ ُ
ن مني ،فدنا منه حتى وضع يده على فدنا منه ،ثم قال له اد ْ ُ
رأسه ،قال :أنبئك بما سمعت من رسول الله ، سمعت رسول
ورهاور في النار يجعل له بكل صورة ص ّ الله يقول " :كل مص ّ
ل ،فاصنع نفسًا ،فتعذبه في جهنم" .وقال إن كنت لبد فاع ً
الشجر ،وما ل نفس له.
64
وعن أبي طلحة ،صاحب رسول الله ،أنه قال :إن رسول
الله ، قال " :إن الملئكة ل تدخل بيتا ً فيه كلب ول صورة
تماثيل".
أخرجه البخاري في ] بدء الخلق – باب – إذا قال أحدكم آمين،
رقم [3053 :ومسلم في ] اللباس والزينة – باب – ل تدخل
الملئكة بيتا ً فيه كلب ول صورة ،رقم .[2106 :
حكمة تحريم الصور :
إن تحريم التصوير ،والنهي عنه أمر تعبدي في جملته ،تعبد الله
ل به عباده ،فليس لهم – إن أرادوا الخير لنفسهم – إل أن عّز وج ّ
يقولوا :سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
كم لهذا التحريم :ح َ
ومع ذلك فقد نجد بعض ال ِ
ور يضاهي -1ذكر النبي أن الحكمة من النهي أن المص ّ
ل من حيث الشكل والصورة ،لذلك بعمله هذا خلق الله عّز وج ّ
ي ما خلقت ،وليس بقادر على ذلك. ح ِيقال له :أ ْ
-2إن هذه الصور والصنام والتماثيل كانت تعبد من دون الله
ل ،فلما جاء السلم بعقيدة التوحيد ،وحّرم الشرك عّز وج ّ
وحاربه ،أغلق كل البواب التي قد يتسرب منها شيء من
الشرك ،وتعظيم غير الله سبحانه وتعالى إلى نفوس
المؤمنين ،ومن ذلك التصوير ،سدا ً للذرائع ،وعمل ً بالحوط.
ل ل يدخلون بيتا ً فيه تلك الصور ج -إن ملئكة الله عّز وج ّ
والتماثيل ،فيحرم بهذا من يتخذ هذه الصور من بركة دخول
الملئكة إلى بيته ،ومن دعائهم واستغفارهم له ،وصلتهم عليه.
وكفى بهذا الخسران حكمة موجبة ،لتحريم هذه الصور ،واتخاذها.
حسرة وأسف :
بعد هذا الذي ذكرناه ،ونقلناه عن النبي المصطفى ، من
تحريم التصوير ،والنهي عن اتخاذ الصور ،نجد المسلمين – بكل
حسرة وأسف – منغمسين في هذا الحرام ،ومسترسلين في هذا
المنكر ،غير مبالين بصرخات الدين ،ول مهتمين بذلك الوعيد
الشديد.
فقلما تدخل بيتا ً ،أو حانوتا ً إل وتجد فيه صنما ً مزخرفًا ،أو صورة
منمقة ،معلقة ،إما لب أو لجد ،أو لصاحب وصديق قد علقت
في صدور المجالس ،وأعالي الجدران.
تجد هذا عند الرجال ،وعند النساء ،وعند الغنياء ،وعند الفقراء،
عند من يسمون :بالمحافظين ،وعند من ل يسمون بذلك ،إل من
رحم ربك وقليل ما هم.
يحتالون لذلك بفتاوى من هنا وهناك .وبأعذار ،ما أنزل الله بها
من سلطان ،باسم الفن تارة ،وباسم الذكرى تارة أخرى ،وباسم
65
الحب والتعظيم حينا ً آخر ،كأن الدين حينما حرم ذلك كان غافل ً
عن هذه العذار والوهام نسأل الله اللطف والسلمة ول حول
ول قوة إل بالله.
66
الك َ ّ
فاَرات
67
فاَرات
الكَ ّ
تعريف الكفارات :
فر ،وهو الكفارات لغة :جمع كفارة ،والكفارة مأخوذة من الك َ ْ
الستر ،وسميت الكفارة ،بهذا السم لسترها الذنب ،تخفيفا ً من
الله تعالى.
والكفارة اصطلحا ً :فعل ما من شأنه أن يمحو الذنب :من عتق،
وصدقة ،وصيام ،بشرائط مخصوصة.
أدلة تشريع الكفارات :
الكفارات مشروعة ،وأدلة تشريعها من القرآن والسنة كثيرة:
ل في كفارة اليمين]: ففي القرآن الكريم ،قال الله عّز وج ّ
ن) [..المائدة.(89: كي َسا ِم َشَرةِ َ م عَ َ ه إ ِط َْعا ُفاَرت ُ ُفَك َ ّ
ُ
مام فَ َ صْرت ُ ْح ِ وقال تبارك وتعالى في شأن الحصار في الحج] :أ ْ
ي) [..البقرة.(196 : ن ال ْهَد ْ ِم َ سَر ِ ست َي ْ َا ْ
طئا ًخ َ منا ً َ مؤ ْ ِل ُمن قَت َ َل ]وَ َ وفي القتل الخطأ ،قال الله عّز وج ّ
ة[.. مؤ ْ ِ
من َ ٍ ريُر َرقَب َةٍ ّ ح ِ فَت َ ْ
) النساء.(92 :
م
سائ ِهِ ْ من ن ّ َ ن ِ ظاه ُِرو َ ن يُ َ
ذي َوقال سبحانه وتعالى في الظهارَ] :وال ّ ِ
ة) [..النساء .(92: ريُر َرقَب َ ٍح ِما َقاُلوا فَت َ ْ ن لِ َدو َ م ي َُعو ُ ثُ ّ
وأما في السنة ،فقد روى مسلم في ] النذر – باب – في كفارة
النذر،رقم [1645:عن عقبة بن عامر ،عن النبي قال " :
كفارة النذر ،كفارة اليمين".
وقال النبي ": من حلف على يمين ،فرأى غيرها خيرا ً منها
فليأت الذي هو خير ،وليكفر عن يمينه".
رواه مسلم في ] اليمان – باب – ندب من حلف يمينًا ،..رقم:
[165عن أبي هريرة .
وسيأتي مزيد من الدلة عند البحث عن الكفارات إن شاء الله
تعالى.
68
وفي الطعام تخليص نفوس من الجوع والعوز والحرمات.
والصيام تخليص للنفس من أدران السيئات ،وسموّ بها إلى درجة
التقوى ،والبعد عن المنكرات.
مظاهر حين شّبه وكفارة الظهار مثل ً إحباط للزور الذي ارتكبه ال ُ
زوجته بأمه ،واعتدى على حرمة خليلته.
وكفارة اليمين محو لثارها المترتبة على الحنث من لحوق الذنب
به ،وحصول الثم منه.
ما فات ،وإحداث وهكذا نجد أن الكفارات فيها بعض التعويض ع ّ
قْرب إلى
ترميم لما وقع من المفاسد والخطيئات ،وفتح باب ال ُ
ل ،والله أعلم. الله عّز وج ّ
أنواع الكفارات :
والكفارات شرعا ً متعددة ،ومتنوعة ،وسنتناولها هنا بالتفصيل،
وإن كان قد ذكر بعضها في بابه ،وسيأتي ذكر بعضها الخر في
بابه أيضًا.
ولقد رأينا أن نجمعها جميعا ً هنا في بحث مستقل ،تحت عنوان
) الكفارات( تيسيرا ً على القارئ إذا أراد معرفتها ،والوقوف على
أحاكمها في مكان واحد ،والله الموفق.
-1كفارة إفساد الصوم بالجماع في رمضان
جب بإفساد الصوم هي: الكفارة التي ت َ ِ
-1عتق رقبة مؤمنة ،أي نفس رقيقة ،ذكرا ً كانت ،أم أنثى ،وهذا
إنما يكون حيث يوجد الرقيق.
وشرط هذه الرقبة – لتصح كفارة :-
أ -أن تكون مؤمنة.
ب -أن تكون خالية من العيوب التي تخل بالعمل والكسب:
كالعمى والشلل ،ونحوهما.
-2الصوم إن لم يجد الرقبة ،أو لم يقدر عليها ،لنحو فقر ،وغيره.
ويجب صوم شهرين متتابعين.
-3الطعام إن لم يستطع الصوم ،فيجب أن ُيطِعم ستين
مسكينًا ،لكل مسكين مد ّ من غالب قوت البلد.
وهذه الكفارة مرتبة على الشكل الذي ذكرناه ،فل ينتقل إلى
خصلة منها حتى يعجز عن التي قبلها.
فإن عجز عن الكل ،ثبتت الكفارة في ذمته حتى يقدر على
خصلة منها.
على من تجب كفارة إفساد الصوم :
إنما تجب كفارة إفساد الصوم بالجماع في رمضان على الزوج
المجامع ،ول تجب على الزوجة الموطوءة ،وإن كانت صائمة ،لن
69
جناية الواطئ أغلظ وأفحش ،فناسب أن يكون الزوج هو المكلف
بالكفارة.
موجب هذه الكفارة :
وموجب هذه الكفارة :هو إفساد صوم يوم من أيام رمضان
بجماع بشرط أن يكون المجامع:
أ -ذاكرا ً لصومه.
ب -عالما ً بالحرمة.
ج -غير مترخص بسفر أو مرض.
فمن فعل ذلك ناسيًا ،أو جاهل ً بالحرمة ،أو أفسد صوما ً غير صوم
رمضان ،أو أفطر متعمدًا ،ولكن بغير الجماع ،أو كان مسافرا ً
سفرا ً يخوله الفطار فجامع فل كفارة عليه في كل ذلك ،وإنما
يجب عليه القضاء فقط.
النية عند أداء الكفارة :
ويشترط عند أداء الكفارة النية ،وذلك بأن ينوي العتق ،أو
الصوم ،أو الطعام عن الكفارة ،لنها حقّ مالي ،أو بدني ،يجب
تطهيرًا ،كالزكاة والصيام ،فلبد ّ لصحتها من النية ،لن العمال
بالنيات.
مطَلق العتق ،أو الصوم ،أو الطعام فل يكفي عند الداء أن ينوي ُ
الواجب ،لن هذه الشياء قد تجب عليه بالنذر ،فلبد من تعينها.
وجوب القضاء مع الكفارة :
ومما ينبغي أن يعلم أنه يجب على المجامع في رمضان مع
الكفارة القضاء لليوم الذي أفطره بالجماع.
وكذلك يجب القضاء على الزوجة الموطوءة ،وإن كانت ل تجب
عليها الكفارة.
تعدد الكفارة :
وكذلك يجب أن يعلم أن الكفارة ،تتعدد ،وتتكرر بتكرر اليام التي
أفطرها في رمضان بالجماع.
فإذا جامع في يومين من رمضان لزمه – مع القضاء –
كفارتان،وإذا جامع في ثلثة أيام ،لزمه ،مع القضاء ،ثلث
كفارات ،وهكذا.
دليل وجوب كفارة إفساد الصوم بالجماع في رمضان :
ودليل وجوب هذه الكفارة ما رواه مسلم في ] الصيام – باب –
تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان ،رقم [1111:والبخاري في
] الصوم ،باب – إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء ،رقم
[1834وغيرهما ،عن أبي هريرة ،رضي الله عنه ،قال :بينما نحن
جلوس عند النبي ، إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت.
70
قال ":ما لك؟" قال :وقعت على امرأتي وأنا صائم ،في رواية
في رمضان.
فقال رسول الله " : هل تجد رقبة تعتقها؟ قال :ل ،قال فهل
تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال ل .قال :فهل تجد
إطعام ستين مسكينًا؟ قال :ل فمكث النبي ،فبينما نحن على
فْرق من تمر .قال أين السائل؟ فقال أنا، ي النبي ب َ ُ
ذلك ،أت َ
قال :فخذ هذا فتصدق به .فقال الرجل :أعلى أفقر مني يا رسول
الله ،فوالله ما بين لبتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي ،فضحك
النبي حتى بدت أنيابه ،ثم قال :أطعمه أهلك".
] الفرق :وعاء ينسج من ورق النخل ،وهو المكتل.
لبتيها :حرتيها ،وفي المدينة حرتان :شرقية ،وغربية ،والحرة
الرض ذات الحجارة[.
قال العلماء :ول يجوز للفقير الذي قدر على الطعام ،صرف ذلك
الطعام إلى عياله ،وكذلك غيرها من الكفارات.
وما ذكر في هذا الحديث ،فإنما هو خصوصية لذلك الرجل.
-2كفارة المسافر والمريض إذا لم يقضيا الصوم من
عامهما
من فاته شيء من رمضان بسبب سفر ،أو مرض ،وجب عليه
قضاؤه ،في نفس العام الذي أفطر فيه ،قبل حلول شهر رمضان
من العام الذي يليه.
َ
فرٍ فَعِد ّةٌ ريضا ً أوْ ع ََلى َ
س َ م ِكم ّمن ُ
ن ِ من َ
كا َ ل ]:فَ َ قال الله عّز وج ّ
خَر[ )البقرة.(184: ن أ َّيام ٍ أ ُ َ
م ْ
ّ
] أي فعليه صيام أيام أخر بعدد ما أفطر[.
ل ،حتى دخل عليه رمضان آخر ،أثم فإن لم يقض ما أفطر تساه ً
ولزمه مع ذلك كفارة .وهذه الكفارة :هي :أن ُيطِعم عن كل يوم
مدا ً من غالب قوت البلد ،يتصدق به على الفقراء.
خر القضاء حتى دخل وتتكرر الكفارة بتكّرر السنين ،فإذا أ ّ
دان عن كل يوم مع القضاء ،وهكذا. م ّ ن لزمه ُرمضان ثا ٍ
أما إن استمر عذره حتى دخل رمضان آخر ،فل شيء عليه إل
القضاء.
فإن مات قبل أن يتمكن من القضاء ،فل شيء عليه.
كن من القضاء ،ولم يقض صام عنه ولّيه ندبا ً وإن مات بعد التم ّ
ِ
اليام الباقية في ذمته ،فإن لم يصم عنه وليه ،أطعم من تركته
وجوبا ً كل يوم مدا ً من غالب قوت البلد ،وتبرأ ذمته عند الله عّز
ل. وج ّ
ودليل ذلك ما رواه الترمذي في ] أبواب الزكاة – باب – ما جاء
في الكفارة ،رقم [718:عن ابن عمر رضي الله عنهما ،قال :
71
) من مات وعليه صيام شهر ،فليطعم عنه مكان كل يوم
مسكينًا(.
وعن عائشة رضي الله عنها ،أن رسول الله قال " :من مات
وعليه صيام صام عنه وليه".
رواه البخاري في ] الصوم – باب –من مات وعليه صوم ،رقم :
[1851ومسلم في ] الصيام – باب – قضاء الصوم عن الميت،
رقم.[1147:
-3كفارة الكبير العاجز عن الصوم
إذا اضطر الكبير العاجز عن الصوم إلى الفطر ،كان له ذلك،
ووجب عليه أن يتصدق عن كل يوم بمد من غالب قوت البلد ،ول
يجب عليه ول على أحد من أوليائه غير ذلك.
ودليل ذلك ما رواه البخاري في ] تفسير سورة البقرة – باب –
قوله أياما ً معدودات ،..رقم [4235:عن عطاء ،أنه سمع ابن
ة ط ََعا ُ
م ه فِد ْي َ ٌ
قون َ ُ
طي ُ
ن يُ ِ
ذي َعباس رضي الله عنهما يقرأ]:وَع ََلى ال ّ ِ
ن[ ) البقرة .(184 : كي ٍ
س ِ
م ْ
ِ
قال ابن عباس رضي الله عنهما ) :ليست بمنسوخه ،هو الشيخ
الكبير ،والمرأة الكبيرة ،ل يستطيعان الصوم ،فيطعمان مكان كل
يوم مسكينًا(.
ضع إذا أفطرتا خوفا ً على مر ِ فارة الحامل وال ُ -4ك ّ
طفلهما
ضع خوفا ً على طفلهما ،وذلك بأن تخاف مر ِ
إذا أفطرتا الحامل وال ُ
الحامل من إسقاط الحمل إن هي صامت ،أو تخاف المرضع أن
يقل لبنها ،فيهلك الولد إن هي صامت ،وجب عليها القضاء
والكفارة:
وهي أن تتصدق بمد من غالب قوت البلد عن كل يوم أفطرته،
تعطيه للفقراء.
أما إذا أفطرتا خوفا ً على نفسيهما ،سواء خافتا مع ذلك على
الولد أم ل ،فل يلزمهما إل القضاء فقط ،ول كفارة حينئذ ٍ عليهما.
-5كفارات الحج
الكفارات في الحج على خمسة أقسام.
وهي عبارة عن دماء واجبة ،أو ما يقوم مقامها.
وإليك هذه الكفارات بأقسامها الخمسة:
القسم الول :الدم المترتب المقدر:
وهذا الدم إنما يجب بترك واجب من واجبات الحج :كالحرام من
الميقات ،أو رمي الجمار ،وغيرهما من واجبات الحج المعروفة.
فإذا ترك واجبا ً مما ذكر ،وجب عليه أو ً
ل:
ذبح شاة مجزئة في الضحية.
72
سبع بدنة. سبع بقرة ،أو ُ أو ُ
فإن لم يجد شيئا ً من ذلك ،وجب عليه أن يصوم عشرة أيام:ثلثة
في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
در – دم التمّتع، ويدخل في هذا القسم – وهو الدم المرتب المق ّ
ودم الفوات للوقوف بعرفة ،بعد التحلل بعمرة.
ما ج فَ َ ح ّمَرةِ إ َِلى ال ْ َ مت ّعَ ِبال ْعُ ْ من ت َ َ قال الله تبارك وتعالى] :فَ َ
َ
جح ّ م َثلث َةِ أّيام ٍ ِفي ال ْ َ صَيا ُ جد ْ ف َ ِ م يَ ِ من ل ّ ْي فَ َ ن ال ْهَد ْ ِ م َ
سَر ِ ست َي ْ َا ْ
م [)البقرة .(196: جعْت ُ ْ سب ْعَةٍ إ ِ َ
ذا َر َ وَ َ
رم أول ً بالعمرة ،ثم إذا أداها تحلل منها ،ومكث والتمتع :أن ُيح ِ
ل ،فإذا أحرم بالحج أحرم به من مكة. حل ً
در: القسم الثاني :الدم المخير المق ّ
وهذا يجب عند فعل محظور من محظورات الحج :كحلق شعر،
وتقليم ظفر ،ولبس مخيط ،وغير ذلك من محظورات الحرام.
ويجب على من فعل شيئا ً من ذلك:
ذبح شاة ،أو صيام ثلثة أيام ،أو التصدق بثلثة آصع على ستة من
مساكين الحرم ،لكل مسكين نصف صاع من ُبر ،أو شعير.
ويكفي لوجوب هذه الكفارة ،إزالة ثلث شعرات ،أو تقليم ثلثة
أظفار.
حّتى م َ سك ُ ْؤو َ قوا ْ ُر ُ ل] :وَل َ ت َ ْ
حل ِ ُ ودليل هذا الدم قول الله عّز وج ّ
ْ َ َ
ريضا ً أوْ ب ِهِ أ ً
ه
س ِمن ّرأ ِ ذى ّ م ِكم ّ من ُ ن ِ كا َمن َ ه فَ َ حل ّ ُ
م ِي َب ْل ُغَ ال ْهَد ْيُ َ
َ َ
ك[ )البقرة .(196: س ٍ صد َقَةٍ أوْ ن ُ ُ صَيام ٍ أوْ َ من ِ ة ّ فد ْي َ ٌفَ ِ
د.
ف ِ] أي :فليحلق ،ولي َ ْ
محله :مكان ذبحه ،وهو منى ،ووقته العاشر من ذي الحجة[.
عجرة ، قال :رآني رسول والية السابقة نزلت في كعب بن ُ
الله في الحديبية ،وقد تناثر القمل على وجهي ،فقال" :
أيؤذيك هوام رأسك"؟ قال نعم .قال ":.احلق رأسك ،وانسك
شاة ،أو صم ثلثة أيام ،أو أطعم فََرقا ً من الطعام على ستة
مساكين".
رواه البخاري في ] الحصار وجزاء الصيد – باب – قول الله
تعالى فمن كان منكم مريضا ً ،رقم [1719:ومسلم في ] الحج،
رم إن كان به أذى ،رقم .[1201 : مح ِ -باب -جواز حلق الرأس لل ُ
فَرق :ثلثة آصع .والصاع (2400 ) :غراما ً تقريبًا. ] وال َ
انسك شاة :اذبح شاة[.
القسم الثالث :الدم المخير المعدل :
وهو الدم الواجب بقتل صيد حالة الحرام بحج أو عمرة ،أو في
الحرم ،ولو من حلل.
73
مْثل ،أو فمن فعل شيئا ً من ذلك ،وجب في حقه – إن كان للصيد ِ
شبه صوري:-
أن يذبح المثل في الحرم من النعم.
أو يشتري لهل الحرم حبا ً بقدر قيمته ،يوزعه على فقرائهم.
أو يصوم عن كل مد يومًا.
وإن لم يكن للصيد مثل ،فهو مخير بين أمرين:
الطعام،
أو الصيام.
إل الحمام ،فيجب في الحمامة شاة.
قت ُُلوا ْ ْ
مُنوا ل َ ت َ ْ ّ َ ودليل هذا القسم قول الله عّز وج ّ
نآ َ ذي َ لَ] :يا أي َّها ال ِ
َ
ن
م َ ل ِ ما قَت َ َ ل َ مث ْ ُ جَزاء ّ مدا ً فَ َ مت َعَ ّكم ّ من ُ ه ِ من قَت َل َ ُ م وَ َ حُر ٌ م ُ صي ْد َ وَأنت ُ ْال ّ
َ
مفاَرة ٌ ط ََعا ُ ديا ً َبال ِغَ ال ْك َعْب َةِ أوْ ك َ ّ م هَ ْ منك ُ ْ ل ّ م ب ِهِ ذ ََوا ع َد ْ ٍ حك ُ ُ الن ّعَم ِ ي َ ْ
سلف َ ّ َ ذوقَ وََبا َ ّ
صَياما لي َ ًُ ل ذ َل ِ َ ن أو ع َد ْ ُ َ
ما َ ه عَ ّ فا الل ُ مرِهِ ع َ َ لأ ْ ك ِ كي َ سا ِم َ َ
م[) المائدة.(95: زيٌز ُ ّ ّ عاد َ فََينت َ ِ
قا ٍ ذو ان ْت ِ َ ه عَ ِ ه َوالل ُ من ْ ُه ِ م الل ُ ق ُ ن َ م ْ وَ َ
القسم الرابع :الدم المرتب المعدل :
منع من الحج بعد إحرامه ،تحلل وهو الدم الواجب بالحصار ،فمن ُ
بذبح شاة في مكانه الذي أحصر فيه مع نية التحلل ،ثم يحلق
رأسه ،أو يقصر شعره.
فإن لم يستطع ،فليطعم بقدر ثمن الدم يوزعه على الفقراء.
فإن عجز عن الطعام صام عن كل مد يومًا.
م قال الله تبارك وتعالى ] :وأ َت ِموا ْ ال ْحج وال ْعمرة َ ل ِل ّه فَإ ُ
صْرت ُ ْ ح ِ نأ ْ ِ ِ ْ َ ّ َ ُ ْ َ َ ّ
ي[ ) البقرة .(196: ن ال ْهَد ْ ِ م َ سَر ِ ست َي ْ َ ما ا ْ فَ َ
ما صده وفي الصحيحين ) :إن النبي تحلل في الحديبية ل ّ
المشركون ،وكان محرما ً بالعمرة(.رواه البخاري في ] كتاب
الحج – باب – طواف القارن ،رقم [1558ومسلم في ] الحج –
باب – بيان جواز التحلل بالحصار ،رقم .[1230 :
ل في نفس الية ولبد من تقديم الذبح على الحلق ،لقوله عّز وج ّ
ه[. حل ّ ُم ِ حّتى ي َب ْل ُغَ ال ْهَد ْيُ َ م َ سك ُ ْ ؤو َ قوا ْ ُر ُ حل ِ ُالسابقة] :وَل َ ت َ ْ
لكنه ل ينتظر إلى انتهاء الصيام إن عجز عن ذبح الشاة ،وعن
الطعام.
القسم الخامس :الدم المرتب المعدل أيضا ً :
وهذا الدم هو الواجب بالوطء قبل الحلل الول ،ويجب عليه
أن :يذبح بعيرًا،
فإن عجز ذبح بقرة،
فإن عجز ذبح سبع شياه،
وم البعير ،واشترى بقيمته طعامًا، فإن عجز عن ذلك كله ،قُ ّ
وتصدق به على فقراء الحرم.
74
فإن عجز عن الطعام صام عن كل مد يومًا.
هذا ول يجزئ الذبح والطعام إل في الحرم ،وأما الصيام فيصوم
حيث شاء.
والمراد بالترتيب في هذه الدماء :أنه ل يجوز أن ينتقل إلى الثاني
وض إليه ،أن إل عند عجزه عن الول ،وهو ضد التخيير ،فهو مف ّ
يفعل ما يختاره والمراد بالتقدير فيها :أن الشرع قد قدر البدل
المعدول إليه سواء كان ترتيبا ً أو تخييرًا.
ويقابله التعديل ،ومعناه ،أنه أمر فيه بالتقويم ،والعدول إلى الغير
بحسب القيمة.
وإن أردت المزيد في هذا الموضوع ،فارجع إلى الجزء الثاني،
موضوع) :الخلل بالحج( صفحة . 160:
-6كفارة اليمين
ومن حنث في يمين غموس ،أو غير غموس ،وجب عليه كفارة،
وهو مخير فيها أول ً بين ثلثة أشياء:
-1عتق رقبة مؤمنة ،ويكون هذا حيث يوجد الرقيق.
-2إطعام عشرة مساكين طعاما ً مشبعًا ،من أوسط ما يطعم
النسان أهله.
-3كسوة عشرة مساكين ،بما يسمى في العُْرف كسوة،
فالمئزر ،والجورب ،وغطاء الرأس على أي شكل كان ،كله
يسمى كسوة.
فإن عجز عن واحدة من هذه الشياء الثلثة التي هو مخير فيها،
وجب عليه صيام ثلثة أيام ،ول يشترط تتابعها.
ه ِبالل ّغْ ِ
و م الل ّ ُ خذ ُك ُ ُؤا ِ ل ] :ل َ ي ُ َ ودليل هذه الكفارة قول الله عّز وج ّ
َ
َ
ه إ ِط َْعا ُ
م فاَرت ُ ُن فَك َ ّ ما َ م الي ْ َ قدت ّ ُما ع َ ّ كم ب ِ َ خذ ُ ُؤا ِكن ي ُ َ م وََلـ ِمان ِك ُ ْ
ِفي أي ْ َ
م أ َْوسوَت ُهُ ْ م أوْ ك ِ ْ
شرة مساكين من أ َوسط ما تط ْعِمون أ َهِْليك ُ َ
ْ ُ َ عَ َ َ ِ َ َ ِ َ ِ ْ ْ َ ِ َ ُ
َ َ
م إِ َ
ذا مان ِك ُ ْفاَرة ُ أي ْ َ ك كَ ّ م ث َل َث َةِ أّيام ٍ ذ َل ِ َ صَيا ُ جد ْ ف َ ِ م يَ ِ من ل ّ ْ ريُر َرقَب َةٍ فَ َ ح ِ تَ ْ
َ
م آَيات ِهِ ل َعَل ّك ُ ْ
م ه ل َك ُ ْ
ن الل ّ ُك ي ُب َي ّ ُ م ك َذ َل ِ َ مان َك ُ ْظوا ْ أي ْ َف ُح َم َوا ْ فت ُ ْ حل َ َْ
ن[ ) المائدة .(89: شكُرو َ ُ تَ ْ
-7كفارة النذر
والنذر الذي تجب فيه الكفارة ،إنما هو نذر اللجاج ،وهو النذر
الذي يقع حال الخصومة ،وذلك أن يقول شخص ،يريد المتناع
من كلم أحد من الناس ،أثناء خصومة بينهما.
يقول :إن كلمته فلله علي حجة.
وحكم هذا النذر أن المعلق عليه إذا وقع ،وجب على الناذر إنجاز
ل ،أو إخراج كفارة يمين ،يختار ما نذره والتزمه ،وهو الحج مث ً
واحدا ً منهما.
75
وكفارة اليمين :عتق رقبة مؤمنة ،أو إطعام عشرة مساكين ،أو
كسوتهم بما يسمى في العرف كسوة ،فإن لم يجد فصيام ثلثة
أيام ،ول يشترط فيها التتابع ،وقد مر دليل ذلك في كفارة
اليمين.
أما ما عدا ذلك من أنواع النذر ،فالواجب على الناذر تحقيق ما
التزمه ،ل يغنيه عن ذلك شيء.
دليل كفارة نذر اللجاج:
ودليل كفارة هذا النذر ،وهو نذر اللجاج ،ما رواه مسلم في
] النذر – باب – كفارة النذر ،رقم [1645:عن عقبة بن عامر
،عن رسول الله قال " :كفارة النذر كفارة اليمين".
-8كفارة الظهار
والظهار :لغة ،مأخوذة من الظهر.
واصطلحا ً :أن يشبه الزوج زوجته في الحرمة بإحدى محارمه:
كأمه وأخته ،فيقول لزوجته :أنت علي كظهر أمي.
وقد كان العرب في الجاهلية يعتبرون الظهار أسلوبا ً من أساليب
الطلق.
ً
لكن الشريعة السلمية أعطت الظهار حكما آخر ،وبنت عليه
أحكاما ً أخرى غير الطلق.
والذي يعنينا في هذا المكان ،إنما هو كفارة الظهار ،أما أحكامه
الخرى ،فستجدها في مكانها من بحث الظهار ،في باب الطلق.
موجب كفارة الظهار:
إذا نطق الزوج بلفظ الظهار ،وهو تشبيهه زوجته بأحد محارمه،
فإنه ُينظر:
فإن اتبع كلمه هذا بالطلق ،فإن حكم الظهار يندرج في الطلق،
ول يبقى للظهار أثر.
أما إن لم يتبع الظهار بالطلق ،ولم يحصل منه ما يقطع النكاح،
فإنه يعتبر عائدا ً في كلمه ،مخالفا ً لمقتضاه ،وعندئذ ٍ تلزمه
كفارة ،يكلف بإخراجها على الفور.
كفارة الظهار:
وهي حسب المكان وفق ما يلي:
-1عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب التي تمنع من الكسب
والعمل.
-2صيام شهرين متتابعين،وذلك إن لم يكن هناك رقيق كعصرنا
اليوم ،أو كان ولم يستطع ذلك.
-3إطعام ستين مسكينًا ،وذلك إذا لم يستطع الصوم ،أو لم
يستطع الصبر على تتابع الصوم؛ لهرم أو مرض.
76
وهذه الخصال الثلثة مرتبة على نحو ما ذكرنا ،فل ينتقل إلى
واحدة منها ،حتى يعجز عن التي قبلها.
ل له ومعنى كون المظاهر مطالبا ً بالكفارة على الفور ،أنه ل يح ّ
وطء زوجته قبل التكفير بأي النواع الثلثة المذكورة.
دليل وجوب كفارة الظهار :
ودليل وجوب هذه الكفارة ،ما رواه أبو داود في ] كتاب الطلق –
باب –في الظهار[ وابن ماجه في ] كتاب الطلق – باب –
الظهار[ وغيرهما أن امرأة أوس بن الصامت ، جاءت إلى
النبي ، تشكو إليه أن زوجها ظاهر منها ،فقال رسول الله
" : ما أراك إل طلقت منه" ،فقالت له :يا رسول الله ،إن
لي منه صبية ،إن ضممتهم إلي جاعوا ،وإن تركتهم إليه ضاعوا،
وأخذت تجادله في المر ،ول يزيد على قوله ":ما أراك إل قد
ل أوائل سورة المجادلة: طلقت" ،فأنزل الله عّز وج ّ
كي إ َِلى الل ّ ِ
ه شت َ ِجَها وَت َ ْ ك ِفي َزوْ ِ جاد ِل ُ َ ل ال ِّتي ت ُ َ ه قَوْ َ معَ الل ّ ُ س ِ ]قَد ْ َ
نظاه ُِرو َ ن يُ َ ذي َ صيٌر * ال ّ ِ ميعٌ ب َ ِ س ِ ه َ ن الل ّ َ ما إ ِ ّ حاوَُرك ُ َ معُ ت َ َ س َ ه يَ ْ َوالل ّ ُ
كم من نسائ ِهم ما هُن أ ُمهات ِهم إ ُ
م إ ِّل الّلِئي وَل َد ْن َهُ ْ
م مَهات ُهُ ْ نأ ّ ّ ّ َ ِ ْ ِ ْ ّ من ُ ّ ّ َ ِ ِ
فوٌر * فوّ غ َ ُ ه لعَ َُ ّ
ن الل َ ً
ل وَُزورا وَإ ِ ّ قو ْ ِ ْ
ن ال َ م َ ً
منكرا ّ َ ن ُ قولو َ ُ م لي َ َُ وَإ ِن ّهُ ْ
ريُر َرقَب َ ٍ
ة ح ِ ما َقاُلوا فَت َ ْ ن لِ َ دو َ م ي َُعو ُ م ثُ ّ سائ ِهِ ْ من ن ّ َ ن ِ ظاه ُِرو َ ن يُ َ ذي َ َوال ّ ِ
من قَب َ
خِبيٌر * ن َ مُلو َ ما ت َعْ َ ه بِ َ ن ب ِهِ َوالل ّ ُ ظو َ م ُتوع َ ُ سا ذ َل ِك ُ ْ ما ّ ل أن ي َت َ َ ْ ِ ّ
ّ َ ّ
م
من ل ْ سا فَ َ ما ّ ل أن ي َت َ َ من قَب ْ ِ ن ِ مت ََتاب ِعَي ْ ِن ُ شهَْري ْ ِ م َ صَيا ُ جد ْ ف َ ِ م يَ ِ من ل ْ فَ َ
سول ِهِ وَت ِل ْ َ
ك مُنوا ِبالل ّهِ وََر ُ ك ل ِت ُؤ ْ ِ كينا ً ذ َل ِ َ س ِ م ْ ن ِ سّتي َ م ِ ست َط ِعْ فَإ ِط َْعا ُ يَ ْ
م[ ) المجادلة .(4-1 : َ ن عَ َ ْ ّ
دود ُ اللهِ وَل ِل َ
ب أِلي ٌ ذا ٌ ري َ كافِ ِ ح ُ ُ
-9كفارة القتل
ل ،سواء يجب على قاتل النفس المحرمة كفارة لحق الله عّز وج ّ
كان القتل عمدًا ،أو شبه عمد ،أو خطأ ،وسواء عفي أولياء
المقتول عن الدية المستحقة ،أو لم يعفوا ،وسواء كان القاتل
رشيدًا ،أو صبيا ً أو مجنونًا.
وهذه الكفارة هي:
-1عتق رقبة مؤمنة ،سليمة من العيوب التي تضّر بالعمل ،أو
الكسب.
-2فإن لم يتمكن من عتق الرقبة ،لعدم وجود الرقيق ،أو لعدم
قدرته على العتاق ،فصيام شهرين متتابعين.
فإن عجز عن الصيام ،فإنه ل يجب عليه الطعام لعدم وروده ،بل
تبقى الكفارة في ذمته حتى يقدر عليها.
دليل وجوب ك ّ
فارة القتل :
77
نكا َ ما َ ودليل وجوب هذه الكفارة قول الله تبارك وتعالى ] :وَ َ
ريُر ح ِطئا ً فَت َ ْ خ َمنا ً َمؤ ْ ِل ُ من قَت َ َ طئا ً وَ َ خ َ منا ً إ ِل ّ َ مؤ ْ ِ
ل ُ قت ُ َن َأن ي َ ْ م ٍمؤ ْ ِلِ ُ
صد ُّقوا ْ فَِإن َ َ َ
من ن ِ كا َ ة إ َِلى أهْل ِهِ إ ِل ّ أن ي َ ّ م ٌسل ّ َ م َ ة ّمن َةٍ وَد ِي َ ٌ مؤ ْ ِ َرقَب َةٍ ّ
من قَوْم ٍ ن ِ كا َمن َةٍ وَِإن َ مؤ ْ ِ ريُر َرقَب َةٍ ّ ِ ن فَت َ ْ
ح م ٌ مؤ ْ ِ م وَهُوَ ْ قَوْم ٍ ع َد ُوّ ل ّك ُ ْ
َ
ةمن َ ً مؤ ْ ِريُر َرقَب َةٍ ّ ة إ َِلى أهْل ِهِ وَت َ ْ
ح ِ م ٌ سل ّ َ م َ ة ّ ميَثاقٌ فَد ِي َ ٌ م ّ م وَب َي ْن َهُ ْ ب َي ْن َك ُ ْ
ن الل ّ ُ
ه كا َ ن الل ّهِ وَ َ م َ ة ّ ن ت َوْب َ ً
مت ََتاب ِعَي ْ ِ ن ُ شهَْري ْ ِ م َ صَيا ُجد ْ ف َ ِ م يَ ِ من ل ّ ْ فَ َ
كيمًا[ ) النساء .(92 : ح ِ ع َِليما ً َ
فإذا وجبت الكفارة في القتل الخطأ ،فوجوبها بالقتل العمد وشبه
العمد أولى.
وروى أبو داود في ] كتاب العتق – باب – في ثواب العتق ،رقم :
[3964وغيره ،عن واثلة بن السقع قال :أتينا رسول الله
،في صاحب لنا أوجب – يعني النار – بالقتل ،فقال رسول الله
" : أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منه عضوا ً منه من
النار".
-10الكفارة بإقامة الحد
من ارتكب ذنبا ً من الذنوب التي قدرت في الدين عقوباتها
وحدودها :كالقتل والسرقة ،والقذف ،والزنى ،وشرب الخمر ،ثم
أقيم عليه حد ذلك الذنب في الدنيا ،فإن إقامة هذا الحد عليه
يكون كفارة لذلك الذنب ،ولو لم يتب منه ،ول يعاتب الله عّز
ل عليه في الخرة. وج ّ
دليل هذه الكفارة :
ويستدل للتكفير بإقامة الحد على مرتكب الذنب بما رواه
البخاري في ] اليمان – باب – علمة اليمان حب النصار ،رقم :
[18ومسلم في ] الحدود – باب – الحدود كفارات لهلها ،رقم :
[1709عن عبادة بن الصامت ، أن رسول الله ، قال –
وحوله عصابة من أصحابه ": -بايعوني على أن ل تشركوا بالله
شيئًا ،ول تسرقوا ،ول تزنوا ،ول تقتلوا أولدكم ،ول تأتوا ببهتان
تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ،ول تعصوا في معروف ،فمن وفى
منكم ،فأجره على الله ،ومن أصاب من ذلك شيئا ً فعوقب به في
الدنيا ،فهو كفارة له ،ومن أصاب من ذلك شيئًا ،ثم ستره الله،
فهو إلى الله ،إن شاء عفا عنه ،وإن شاء عاقبه ،فبايعناه على
ذلك".
وروى الترمذي في ] اليمان – باب – ما جاء ل يزني الزاني وهو
مؤمن ،رقم [2628:عن علي ، عن النبي ، قال " :من
أصاب حدا ً فعجل عقوبته في الدنيا ،فالله أعدل من أن يثني على
عبده العقوبة في الخرة ،ومن أصاب حدا ً فستره الله عليه ،وعفا
عنه ،فالله أكرم من أن يعود إلى شيء قد عفا عنه".
78
والله سبحانه وتعالى أعلم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
79
فهرس
المقدمة
2
اليمان والنذور
3
اليمان
4
تعريف اليمان
4
5 حكم اليمين شرعا ً
التحذير من اتخاذ اليمين معتمدا ً في المكالمات والمعاملت
6
شروط انعقاد اليمين
6
ً
-1أن يكون الحالف بالغا عاقل ً
6
-2أن ل يكون اليمين لغوا ً
7
-3أن يكون القسم بواحد مما يلي:
7
-1ذات الله عّز وجلّ.
7
-2أحد أسمائه تعالى الخاصة به.
7
7 ج -صفة من صفاته تعالى
اليمين صريح وكناية
8
حكم كل من الصريح والكناية
8
-1حكم اليمين الصريح
8
-2حكم اليمين الكناية
9
البر باليمين والحنث بها :معناهما وحكمهما
9
10 كفارة اليمين
11 دليل كفارة اليمين
خاتمة في بعض أحكام اليمين
11
80
13 النذور
تعريف النذور
13
13 أدلة تشريع النذر
14 حكم النذر
14 أنواع النذر
النوع الول :نذر اللجاج
14
النوع الثاني :نذر المجازاة :أي المكافأة
14
النوع الثالث :النذر المطلق
14
أحكام كل نوع من أنواع النذر
15
15 شروط النذر
أول ً :من حيث الناذر
16
ثانيًا :من حيث المنذور
16
الثار المترتبة على النذر الصحيح
17
النذر المطلق ل يتحدد بوقت
20
الصيد والذبائح
21
الصيد
22
تعريف الصيد
22
22 مشروعية الصيد
الحكمة من مشروعية الصيد
22
ما يحل من الصيد وما ل يحل
23
الوسيلة المشروعة في الصطياد
24
شروط الصطياد بسباع البهائم وجوارح الطير
25
متى ينزل الصيد وحده منزلة التذكية ومتى ل ينزل؟
26
الذبائح
28
81
تعريف الذبائح
28
الفرق بين الذبح والتذكية
28
الحكمة من اشتراط التذكية
28
أنواع التذكية :الذبح ،والنحر ،والعقر
29
30 شروط صحة الذبح
-1الشروط المتعلقة بالذابح
30
-2الشروط المتعلقة بالمذبوح
31
-3الشروط المتعلقة بآلة الذبح
32
ملحظات
33
ما يستثنى من الميتة والدم
35
خاتمة في بعض سنن الذبح
36
ل عند الذبح -1ذكر اسم الله عّز وج ّ
36
-2قطع الودجين عند الذبح
36
-3أن يحد الذابح شفرته
36
-4أن يضجع الدابة لجنبها اليسر
36
-5استقبال القبلة عند الذبح
36
العقيقة
37
تعريف العقيقة
38
38 حكم العقيقة
وقت العقيقة
38
حكمة تشريع العقيقة
39
ما يذبح عن الغلم والجارية
39
82
40 تعدد العقيقة بتعدد الولد
شروط العقيقة
40
ما تخالف به العقيقة الضحية
41
ً
تسمية المولود يوم سابعه وحلق شعره والتصدق بوزنه ذهبا أو فضة
41
التأذين في أذن المولود
42
تحنيك المولود
42
43 ختان الطفل
43 حكم الختان
دليل مشروعية الختان
43
44 وقت الختان
حكمة مشروعية الختان
44
التهنئة بالمولود
44
الطعمة والشربة
45
ما يحل من الطعمة وما يحرم
46
حالة الضرورة
49
خاتمة في بعض ما يحل وما يحرم
50
الشربة المحرمة والمخدرات
51
51 الصل في الشربة الحل
ما يحل من الشربة
51
51 ما كان منها ضارا ً
ما كان نجسا ً
51
ما كان مسكرا ً
52
دليل تحريم المسكر
52
كل مسكر حرام
52
83
53 تحديد معنى السكر
نجاسة السكر
54
الحكمة من تحريم المسكرات
54
ما يترتب على شرب المسكر
55
55 حد شرب المسكر
شروط ثبوت حد شرب المسكر
57
من يتولى تنفيذ الحد
58
المخدرات المختلفة
59
معنى التخدير
59
حكم المخدرات
59
عقوبة تناول المخدرات
59
حالت استثنائية
59
الحالة الولى :حالة الضرورة
59
الحالة الثانية :التداوى
60
الحالة الثالثة :العمليات الجراحية
60
اللباس والزينة
61
الصل في أحكام اللباس والزينة الحل
62
ما استثنى من عموم الحل
63
-1تحريم الذهب والفضة في غير البيع والشراء ونحوهما
63
أدلة تحريم استعمال الذهب والفضة
63
حكم استعمال الواني المضببة بالذهب والفضة
64
حكم استعمال الواني المموهة بالذهب والفضة
64
84
حكم استعمال الواني المتخذة من المعادن النفيسة
64
الحكمة من تحريم أواني الذهب والفضة
64
ما يستثنى من هذا التحريم
65
لتهاون في حكم الله عّز وج ّ
67
-2تحريم لبس الحرير للرجال
67
الحكمة من تحريم الحرير على الرجال
68
ما استثنى من هذا التحريم
68
ً
حكم لبس الحرير إذا كان مخلوطا بغيره
69
تعليق ستائر الحرير على البواب والجدران
69
-3تحريم الخضاب بالسواد
70
حكمة تحريم الخضاب بالسواد
70
-4تحريم مواصلة الشعر
71
71 دليل تحريم الوصل
حكمة تحريم الوصل
72
-5تحريم الوشم ،والنمص والتفليج
72
دليل تحريم الوشم ،والنمص ،والتفليج
72
ما يستثنى من تحريم ما سبق
73
حكمة تحريم الوشم والنمص والتفليج
73
-6تشبه الرجال بالنساء ،والنساء بالرجال
73
حكم هذا التشبه
74
دليل تحريم هذا التشبه
74
85
-7تحريم التصوير
74
ما يستثنى من تحريم اتخاذ الصور
75
أدلة تحريم التصوير
76
حكمة تحريم الصور
77
حسرة وأسف
77
الكفارات
79
80 تعريف الكفارات
أدلة تشريع الكفارات
80
حكمة تشريع الكفارات
81
أنواع الكفارات
81
-1كفارة إفساد الصوم بالجماع في رمضان
81
على من تجب كفارة إفساد الصوم
82
موجب هذه الكفارة
82
النية عند أداء الكفارة
82
83 وجوب القضاء مع الكفارة
83 تعدد الكفارة
دليل وجوب كفارة إفساد الصوم بالجماع في رمضان
83
-2كفارة المسافر والمريض إذا لم يقضيا الصوم من عامهما
84
-3كفارة الكبير العاجز عن الصوم
85
-4كفارة الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا ً على طفلهما
85
85 -5كفارات الحج
القسم الول :الدم المرتب المقدر
85
القسم الثاني :الدم المخير المقدر
86
86
القسم الثالث :الدم المخير المعدل
87
القسم الرابع :الدم المرتب المعدل
87
القسم الخامس :الدم المرتب المعدل أيضا ً
88
-6كفارة اليمين
88
-7كفارة النذر
89
دليل كفارة نذر اللجاج
89
-8كفارة الظهار
90
موجب كفارة الظهار
90
كفارة الظهار
90
91 دليل وجوب كفارة الظهار
-9كفارة القتل
91
دليل وجوب كفارة القتل
92
-10الكفارة بإقامة الحد
92
دليل هذه الكفارة
92
87