You are on page 1of 662

‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪2‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصلة‬
‫))‬
‫القسم‬
‫((‬
‫الول‬
‫الجزء العاشر‬
‫‪3‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪‬‬
‫‪4‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪5‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫)‪(1‬‬
‫بيان أهمية الفقه السلمي‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫نبينا محمد الصادق المين‪ ،‬وعلى آله وأصحابه‪ ،‬ومن‬
‫سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن معرفة الفقه السلمي وأدلة الحكام‪،‬‬
‫ومعرفة فقهاء السلم الذين يرجع إليهم في هذا‬
‫الباب ‪ -‬من المور المهمة التي ينبغي لهل العلم‬
‫العناية بها‪ ،‬وإيضاحها للناس؛ لن الله سبحانه خلق‬
‫الثقلين لعبادته‪ ،‬ول يمكن أن تعرف هذه العبادة إل‬
‫بمعرفة الفقه السلمي وأدلته‪ ،‬وأحكام السلم‬
‫وأدلته‪ ،‬ول يكون ذلك إل بمعرفة العلماء الذين يعتمد‬
‫عليهم في هذا الباب من أئمة الحديث والفقه‬
‫السلمي‪.‬‬
‫فالعلماء هم ورثة النبياء‪ ،‬والنبياء لم يورثوا‬
‫دينارا ً ول درهما ً وإنما ورثوا العلم‪ ،‬فمن أخذه أخذ‬
‫بحظ وافر‪ ،‬ومن أسباب السعادة للعبد‪ ،‬ومن علمات‬
‫النجاة والفوز أن يفقه في دين الله‪ ،‬وأن يكون فقيها‬
‫في السلم‪ ،‬بصيرا ً بدين الله على ما جاء في كتاب‬

‫‪ -1‬كلمة ألقاها سماحته في المسجد الجامع الكبير بالرياض بتاريخ‬


‫‪1400 / 4 / 27‬هـ‪ ،‬وسبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع‬
‫فتاوى ومقالت متنوعة( الجزء التاسع‪ ،‬ص ‪.141 – 128‬‬
‫‪6‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الله الكريم وسنة رسوله المين عليه الصلة‬


‫والسلم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والعلماء قد بين الله شأنهم ورفع قدرهم‪ ،‬وهم‬


‫أهل العلم بالله وبشريعته‪ ،‬والعاملون بما جاء عن‬
‫الله وعن نبيه عليه الصلة والسلم‪ ،‬وهم علماء‬
‫الهدى‪ ،‬ومصابيح الدجى‪ ،‬وهم العالمون بكتاب الله‬
‫وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهم الذين قال‬
‫شهد الل ّ َ‬
‫و‬
‫ه َ‬
‫ه ِإل ُ‬ ‫ه ل إ ِل َ َ‬ ‫ه أن ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫فيهم جل وعل‪َ ِ َ ﴿ :‬‬
‫ط ل إ ِل َ َ‬
‫ه‬ ‫س ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ما ِبال ْ ِ‬ ‫قائ ِ ً‬ ‫عل ْم ِ َ‬ ‫وُأوُلو ال ْ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫م﴾ وقال فيهم جل وعل‪﴿ :‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ْ‬
‫زيُز ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ْ‬
‫و ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ِإل ُ‬
‫ُ‬
‫ن أوُتوا‬ ‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ع الل ّ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ي َْر َ‬
‫ف‬
‫ما‬
‫ت﴾ وقال فيهم سبحانه‪﴿ :‬إ ِن ّ َ‬ ‫جا ٍ‬ ‫م دََر َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫)‪(2‬‬

‫ماءُ﴾)‪ (3‬وقد صح عن‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬


‫ه ِ‬ ‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من يرد‬
‫الله يه خيرا ً يفقهه في الدين(( متفق على صحته‪.‬‬
‫فهذا الحديث العظيم يدلنا على فضل الفقه في‬
‫الدين‪.‬‬
‫والفقه في الدين‪ :‬هو الفقه في كتاب الله عز‬
‫وجل‪ ،‬والفقه في سنة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وهو الفقه في السلم؛ من جهة أصل‬
‫الشريعة‪ ،‬ومن جهة أحكام الله التي أمرنا بها‪ ،‬ومن‬
‫جهة ما نهانا عنه سبحانه وتعالى‪ ،‬ومن جهة البصيرة‬
‫بما يجب على العبد من حق الله وحق عباده‪ ،‬ومن‬
‫جهة خشية الله وتعظيمه ومراقبته‪ ،‬فإن رأس العلم‬

‫‪ -1‬سورة آل عمران الية ‪.18‬‬


‫‪ -2‬سورة المجادلة الية ‪.11‬‬
‫‪ -3‬سورة فاطر الية ‪.38‬‬
‫‪8‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫خشية الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وتعظيم حرماته‪،‬‬


‫ومراقبته عز وجل فيما يأتي العبد ويذر‪.‬‬
‫فمن فقد خشية الله ومراقبته فل قيمة لعلمه‪،‬‬
‫وإنما العلم النافع‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والفقه في الدين الذي هو علمة السعادة هو‬


‫العلم الذي يؤثر في صاحبه خشية الله‪ ،‬ويورثه‬
‫تعظيم حرمات الله ومراقبته‪ ،‬ويدفعه إلى أداء‬
‫فرائض الله وإلى ترك محارم الله‪ ،‬وإلى الدعوة‬
‫إلى الله عز وجل‪ ،‬وبيان شرعه لعباده‪ ،‬فمن رزق‬
‫الفقه في الدين على هذا الوجه فذلك هو الدليل‬
‫والعلمة على أن الله أراد به خيراً‪ ،‬ومن حرم ذلك‬
‫وصار مع الجهلة والضالين عن السبيل‪ ،‬المعرضين‬
‫عن الفقه في الدين‪ ،‬وعن تعلم ما أوجب الله‬
‫عليه‪ ،‬وعن البصيرة فيما حرم الله عليه‪ ،‬فذلك‬
‫من الدلئل على أن الله لم يرد به خيرًا‪ ،‬وقد‬
‫وصف الله الكفار بالعراض عما خلقوا له وعما‬
‫أنذروا به؛ تنبيها ً لنا على أن الواجب على المسلم‬
‫أن يقبل على دين الله‪ ،‬وأن يتفقه في دين الله‪،‬‬
‫وأن يسأل عمل أشكل عليه‪ ،‬وأن يتبصر‪ ،‬قال عز‬
‫ُ‬
‫ذُروا‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫ع ّ‬‫فُروا َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م ّ‬‫م ِ‬ ‫ن أظْل َ ُ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬‫ن﴾ ‪ ،‬وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع‬
‫م ْ‬
‫(‬ ‫‪1‬‬ ‫)‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫ي َ‬ ‫س َ‬‫ون َ ِ‬
‫ها َ‬ ‫عن ْ َ‬
‫ض َ‬ ‫عَر َ‬‫فأ ْ‬ ‫ه َ‬‫ت َرب ّ ِ‬ ‫ذُك َّر ِبآَيا ِ‬
‫داهُ﴾)‪.(2‬‬ ‫ت يَ َ‬‫م ْ‬‫قد ّ َ‬‫َ‬
‫فمن شأن المؤمن طلب العلم‪ ،‬والتفقه في‬
‫الدين‪ ،‬والتبصر‪ ،‬والعناية بكتاب الله‪ ،‬والقبال عليه‬
‫وتدبره‪ ،‬والستفادة منه‪ ،‬والعناية بسنة رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والتفقه فيها‪ ،‬والعمل بها‪،‬‬
‫‪ -1‬سورة الحقاف الية ‪.3‬‬
‫‪ -2‬سورة الكهف الية ‪.57‬‬
‫‪10‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وحفظ ما تيسر منها‪ ،‬فمن أعرض عن هذين‬


‫الصلين وغفل عنهما‪ ،‬فذلك دليل وعلمة على أن‬
‫الله سبحانه لم يرد به خيرًا‪ ،‬وذلك علمة الهلك‬
‫والدمار‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وعلمة فساد القلب وانحرافه عن الهدى‪ ،‬نسأل الله‬


‫السلمة والعافية من كل ما يغضبه‪.‬‬
‫فجدير بنا معشر المسلمين أن نتفقه في دين‬
‫الله‪ ،‬وأن نتعلم ما يجب علينا‪ ،‬وأن نحرص على‬
‫ل‪ ،‬وتلوة‪ ،‬واستفادة‪،‬‬ ‫العناية بكتاب الله؛ تدبرًا‪ ،‬وتعق ً‬
‫وعمل ً بذلك‪ ،‬وأن ُنعنى بسنة رسول الله عليه الصلة‬
‫والسلم حفظا ً وعمل ً وتفقها ً فيها‪ ،‬وأن نعنى أيضا ً‬
‫ما‬‫بالسؤال عما أشكل علينا‪ ،‬فالنسان يسأل ع ّ‬
‫أشكل عليه‪ ،‬ويسأل من هو أعلم منه ليستفيد؛ عمل ً‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل الذّك ْ ِ‬
‫ر إِ ْ‬ ‫سأ َُلوا أ َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫بقول الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫فا ْ‬
‫ن﴾)‪.(1‬‬ ‫عل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫وعليه أن يحضر حلقات العلم؛ ليستفيد ويتذاكر‬
‫مع إخوانه الذين يرجو أن يكون عندهم علم حتى‬
‫يستفيد من علمهم‪ ،‬وحتى يضم ما لديهم من العلوم‬
‫النافعة إلى ما لديه من العلم‪ ،‬فيحصل له بذلك خير‬
‫كثير ويحصل له بذلك الفقه في الدين‪ ،‬ويحصل له‬
‫بذلك البعد عن صفات المعرضين والغافلين‪ ،‬وقد‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من يرد الله به خيرا ً‬
‫يفقهه في الدين((‪.‬‬
‫وبما ذكرنا يعرف المؤمن فضل فقهاء السلم‪،‬‬
‫وأنهم قد أوتوا خيرا ً كثيرًا‪ ،‬وقد فازوا بحظ عظيم من‬
‫أسباب السعادة وطرق الهداية؛ لن العلم النافع من‬
‫رم خيرا ً كثيرًا‪،‬‬
‫ح ِ‬
‫رم العلم ُ‬
‫ح ِ‬
‫أسباب الهداية‪ ،‬ومن ُ‬
‫‪ -1‬سورة النحل الية ‪.43‬‬
‫‪12‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ومن رزق العلم النافع فقد رزق أسباب السعادة‪ ،‬إذا‬


‫عمل بذلك واتقى الله في ذلك‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وعلى رأس العلماء بعد الرسل أصحاب الرسول‬


‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬فإنهم هم الفقهاء على الكمال‪،‬‬
‫الذين تلقوا العلم عن رسول الله عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬وتفقهوا في كتاب ربهم وسنة نبيهم عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬ونقلوا ذلك إلى من بعدهم غضا ً‬
‫طريًا‪ ،‬تفقهوا وعملوا‪ ،‬ونقلوا العلم إلى من بعدهم‬
‫من التابعين‪ ،‬نقلوا كتاب الله إلى من بعدهم لفظا ً‬
‫وتفسيرا ً وقراءة‪ .‬إلى غير ذلك‪.‬‬
‫ونقلوا إلى من بعدهم أيضا ً ما بينه لهم نبيهم‬
‫عليه الصلة والسلم من معنى كلم الله عز وجل‪،‬‬
‫ونقلوا أيضا ً لمن بعدهم أحاديث الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم التي سمعوها منه‪ ،‬والتي رأوها منه عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬والتي أقرهم عليها‪ ،‬نقلوها إلى من‬
‫بعدهم بغاية المانة والصدق‪ ،‬نقلوها إلى المة‬
‫بواسطة الثقات من التابعين‪ ،‬حتى نقلت إلينا‬
‫بالطرق المحفوظة الثابتة التي ل يتطرق إليها الشك‪،‬‬
‫نقلها الثقات عن الثقات‪ ،‬والثقات عن الثقات‪ ،‬حتى‬
‫وصلت إلى هذا القرن وما بعد‪.‬‬
‫وهذا من إقامة الحجة من الله عز وجل على‬
‫عباده‪ ،‬فإن نقل العلم من طرق الثقات عن الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم ثم عن الصحابة إلى من‬
‫بعدهم؛ إقامة للحجة‪ ،‬وإيضاح للمحجة‪ ،‬ودعوة إلى‬
‫الحق‪ ،‬وتحذير من الباطل‪ ،‬وتبصير للعباد بما خلقوا‬
‫له من عبادة الله وطاعته جل وعل‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وبهذا يعلم أن لهم من الحق على من بعدهم‪:‬‬


‫الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة والرضا‪ ،‬والحرص على‬
‫الستفادة من علومهم‪ ،‬وما جمعوه وألفوه من‬
‫العلوم النافعة‪ ،‬فإنهم سبقوا إلى خيرٍ عظيم‪ ،‬وإلى‬
‫م‪ ،‬سبقوا‬‫ج ّ‬
‫علم َ‬

‫‪15‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إلى الفقه في كتاب الله‪ ،‬وإلى الفقه في سنة رسول‬


‫الله عليه الصلة والسلم‪ ،‬ونقلوا إلينا ما وصل إليهم‬
‫من علم بالله‪ ،‬وبكتابه‪ ،‬وبسنة رسوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫فوجب علينا أن نعرف لهم قدرهم‪ ،‬وأن نشكرهم‬
‫على علمهم العظيم‪ ،‬وعلى ما قاموا به من حفظ‬
‫رسالة الله وتفقيه الناس في دين الله‪ ،‬وأن نستعين‬
‫خّلفوه من الكتب المفيدة والعلوم‬
‫بما دونوه‪ ،‬و َ‬
‫النافعة‪ ،‬حتى نعرف بذلك معاني كلم الله‪ ،‬ومعاني‬
‫كلم رسوله عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫وإن من أعظم الفائدة‪ ،‬ومن أكبر الخير الذي‬
‫نقلوه إلينا أن حفظوا علينا سنة نبينا عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬ونقلوها إلينا طرية غضة سليمة محفوظة‪،‬‬
‫وفيها تفسير كتاب الله‪ ،‬وفيها بيان ما أجمل في‬
‫كتاب الله‪ ،‬وفيها بيان الحكام التي جاء بها الوحي‬
‫الثاني إلى رسول الله عليه الصلة والسلم‪ ،‬وهو‬
‫الوحي من الله له إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وهو السنة المطهرة‪ ،‬فإن الله جل وعل أعطى نبيه‬
‫صلى الله عليه وسلم القرآن ومثله معه‪ ،‬كما قال‬
‫النبي الكريم عليه الصلة والسلم‪)) :‬أل وإني أوتيت‬
‫القرآن ومثله معه((‪.‬‬
‫فعلى أهل العلم أن ينقلوا ما جاءت به السنة‪،‬‬
‫وأن يوضحوا ذلك للناس‪ ،‬وأن يرشدوهم إلى معاني‬
‫كلم ربهم وسنة نبيهم عليه الصلة والسلم‪ ،‬في‬
‫‪16‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الخطب والمواعظ والدروس وحلقات العلم‪ ،‬وغير‬


‫هذا من أسباب التوجيه والتعليم والرشاد‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ولهذا ارتحل العلماء إلى المصار‪ ،‬واتصلوا‬


‫بالعلماء في كل قطر؛ للفائدة والعلم‪ ،‬ففي عهد‬
‫الصحابة سافر بعض الصحابة من المدينة إلى مصر‬
‫والشام‪ ،‬وإلى العراق واليمن‪ ،‬وإلى غير ذلك؛ للفائدة‬
‫ولنقل العلم‪ ،‬فتجد الصحابة رضي الله عنهم ‪ -‬وهم‬
‫أفضل الناس بعد النبياء ‪ -‬ينتقلون من بلد إلى بلد؛‬
‫ليسألوا عن سنة من سن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فاتتهم ولم يحفظوها‪ ،‬فبلغهم ذلك عن صحابي‬
‫آخر فيسافر أحدهم إليه؛ ليسمع ذلك منه‪ ،‬ولينتفع‬
‫بذلك‪ ،‬ولينقله إلى غيره من إخوانه في الله التابعين‬
‫لهم بإحسان‪.‬‬
‫ثم جاء العلماء بعدهم من التابعين‪ ،‬هكذا فعلوا‪،‬‬
‫ارتحلوا في العلم‪ ،‬وساروا في طلب العلم‪ ،‬وتبصروا‬
‫في دين الله‪ ،‬وتفقهوا على الصحابة وسألوهم ‪-‬‬
‫ما أشكل عليهم‪،‬‬ ‫رضي الله عنهم وأرضاهم ‪ -‬ع ّ‬
‫وعملوا بذلك‪ ،‬ثم نقلوا ذلك إلى من بعدهم من أتباع‬
‫التابعين رواية ودراية‪ ،‬ثم هكذا أتباع التابعين نقلوه‬
‫لمن بعدهم‪ ،‬ثم أّلفوا كتبا ً عظيمة في الحديث‬
‫والتفسير واللغة العربية‪ ...‬وغير هذا من أنواع العلوم‬
‫صروا الناس‪ ،‬وحتى أرشدوا إلى‬ ‫الشرعية‪ ،‬حتى ب ّ‬
‫الطريق السوي‪ ،‬وحتى علموهم القواعد الشرعية‬
‫التي بها يعرف كتاب الله‪ ،‬وبها تعلم معانيه‪ ،‬وبها‬
‫تحفظ السنة‪ ،‬وبها تعلم معانيها‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وبذلك يحصل العمل بكتاب الله‪ ،‬وسنة رسوله‬


‫صلى الله عليه وسلم على بصيرة وعلى هدى وعلى‬
‫نور‪ ،‬فجزاهم الله عن ذلك خيرا ً وضاعف لهم الجور‪،‬‬
‫وضاعف لهم الحسنات‪ ،‬ونفعنا بعلومهم جميعًا‪،‬‬
‫وأعاذنا جميعا ً من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ومما يتعلق بهذا حضور حلقات العلم؛ لنها من‬


‫طريقة أهل العلم‪ ،‬وفي الحديث الصحيح‪)) :‬إذا‬
‫مررتم برياض الجنة فارتعوا(( قيل‪ :‬يا رسول الله وما‬
‫هي رياض الجنة؟ قال‪)) :‬حلق الذكر(( وقال عليه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬من سلك طريقا ً يلتمس فيه علما ً‬
‫سهل الله له به طريقا ً إلى الجنة(( وقال عز وجل‪﴿ :‬‬
‫ن﴾)‪.(1‬‬
‫مو َ‬‫عل َ ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م ل تَ ْ‬ ‫ل الذّك ِْ‬
‫ر إِ ْ‬ ‫سأ َُلوا أ َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫فا ْ‬
‫فهذه أشياء مهمة تتعلق بالفقه والفقهاء‪،‬‬
‫وبطلب العلم في المساجد‪ ،‬وبالرحلة إلى البلدان‬
‫التي فيها العلماء المعروفون بالستقامة‪ ،‬كل هذا من‬
‫أسباب تحصيل العلم‪ ،‬ومن الطرق التي توصل إليه‪،‬‬
‫وصاحبها يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))من سلك طريقا ً يلتمس فيه علما ً سهل الله له به‬
‫طريقا ً إلى الجنة((‪.‬‬
‫فإذا سأل أهل العلم‪ ،‬أو سافر إليهم في‬
‫بلدهم‪ ،‬أو زارهم في بيوتهم وفي المساجد فقد‬
‫سلك طريقا ً يلتمس فيه علمًا‪.‬‬
‫وذكر أهل العلم‪ :‬أن من الطرق المعينة على‬
‫حفظ العلم كتابته‪ ،‬والعناية بحفظه‪ ،‬كما فعل سلفنا‬
‫الصالح رحمهم الله ومن بعدهم من أهل العلم‪ ،‬كل‬
‫هذا من وسائل تحصيل العلم‪ ،‬ومن الطرق الموصلة‬
‫إليه‪ .‬كما أن الرحلة والنتقال من بلد إلى بلد‪ ،‬ومن‬
‫مسجد إلى مسجد‪ ،‬ومن حلقة إلى حلقة‪ ،‬ومن بيت‬
‫عالم إلى بيت عالم؛ لطلب العلم‪ ،‬وللتفقه في‬
‫الدين‪ ،‬كل ذلك أنواع وطرق من طرق تحصيل العلم‪،‬‬

‫‪ -1‬سورة النحل الية ‪.43‬‬


‫‪20‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهي داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬


‫سلك طريقا ً يلتمس فيه علما‪ ((....‬الحديث‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪ .‬وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كتاب‬
‫الطهارة‬

‫‪22‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬
‫ببب‬
‫ببببب‬
‫أقسامب‬
‫المياه‬
‫)‪(1‬‬

‫س‪ :‬حدث نقاش حول أقسام المياه‪ ،‬فمنهم من‬


‫يرى‪ :‬أن المياه تنقسم إلى قسمين‪ :‬طاهر‪ ،‬ونجس‪،‬‬
‫ومنهم من يرى‪ :‬أن المياه تنقسم إلى ثلثة أقسام‪:‬‬
‫طهور‪ ،‬وطاهر‪ ،‬ونجس‪ ،‬والسؤال‪ :‬هل الصواب مع‬
‫الفريق الول أم الفريق الثاني؟ أرجو من سماحتكم‬
‫توضيح المسألة في ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬الصواب‪ :‬أن الماء المطلق قسمان‪ :‬طهور‪،‬‬
‫ونجس‪ :‬قال الله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ماءً‬‫ء َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫وأن َْزل َْنا ِ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫عا َ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫شيك ُ ُ‬ ‫غ ّ‬ ‫هوًرا﴾)‪ (2‬وقال تعالى‪﴿ :‬إ ِذْ ي ُ َ‬ ‫طَ ُ‬
‫َ‬
‫ماءً‬ ‫ء َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ل َ‬ ‫وي ُن َّز ُ‬
‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ة ِ‬ ‫من َ ً‬
‫أ َ‬
‫)‪(3‬‬
‫ن﴾‬
‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫جَز ال ّ‬ ‫ر ْ‬
‫م ِ‬ ‫عن ْك ُ ْ‬‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫وي ُذْ ِ‬‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬‫هَرك ُ ْ‬ ‫ل ِي ُطَ ّ‬
‫الية‪ .‬وقال النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إن الماء‬
‫طهور ل ينجسه شيء(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأبو‬
‫داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي بسند صحيح‪ ،‬عن أبي‬
‫سعيد الخدري رضي الله عنه‪.‬‬

‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬


‫‪ -2‬سورة الفرقان الية ‪.48‬‬
‫‪ -3‬سورة النفال الية ‪.11‬‬
‫‪23‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ومراده صلى الله عليه وسلم‪ :‬إل ما تغير طعمه‬


‫أو ريحه أو لونه بشيء من النجاسات فإنه ينجس‬
‫بإجماع العلماء‪ ،‬أما ما يقع في الماء من الشراب أو‬
‫أوراق الشجر أو نحوهما‪ ،‬فإنه ل ينجسه‪ ،‬ول يفقده‬
‫الطهورية ما دام اسم الماء باقيًا‪.‬‬
‫أما إن تغير اسم الماء بما خالطه إلى اسم آخر؛‬
‫كاللبن‪ ،‬والقهوة‪ ،‬والشاي‪ ،‬ونحو ذلك فإنه يخرج بذلك‬
‫عن اسم الماء‪ ،‬ول يسمى ماء‪ ،‬ولكنه في نفسه‬
‫طاهر بهذه المخالطة‪ ،‬ول ينجس بها‪.‬‬
‫أما الماء المَقّيد؛ كماء الورد‪ ،‬وماء العنب‪ ،‬وماء‬
‫الرمان‪ ،‬فهذا يسمى طاهرًا‪ ،‬ول يسمى طهورًا‪ ،‬ول‬
‫يحصل به التطهير من الحداث والنجاسة؛ لنه ماء‬
‫مقيد وليس ماء مطلقًا‪ ،‬فل تشمله الدلة الشرعية‬
‫الدالة على التطهير بالماء‪ ،‬والشرع إنما وصف الماء‬
‫المطلق بالتطهير؛ كماء المطر‪ ،‬وماء البحر‪ ،‬والنهار‪،‬‬
‫والعيون‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم طهارة الماء دون القلتين إذا خالطته‬


‫)‪(1‬‬
‫نجاسة‬

‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬


‫‪24‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬الماء إذا نقص عن قلتين وخالطته‬


‫النجاسة من بول أو عذرة‪ ،‬هل تذهب‬
‫طهوريته بذلك؟‬
‫ج‪ :‬قد اختلف العلماء في ذلك‪:‬‬
‫فمنهم من رأى‪ :‬أن الماء إذا كان دون القلتين‪،‬‬
‫وأصابته نجاسة فإنه ينجس بذلك‪ ،‬وإن لم يتغير‬
‫لونه أو طعمه أو ريحه؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث((‬
‫وفي لفظ‪)) :‬لم ينجس(( أخرجه المام أحمد‪،‬‬
‫وأهل السنن الربع‪ ،‬وصححه ابن خزيمة‪ ،‬وابن‬
‫حبان‪ ،‬والحاكم‪ .‬قالوا‪ :‬فمفهوم هذا الحديث أن ما‬
‫دون القلتين ينجس بما يقع فيه من النجاسة‪ ،‬وإن‬
‫لم يتغير‪.‬‬
‫وقال آخرون من أهل العلم‪) :‬دللة المفهوم‬
‫ضعيفة(‪.‬‬
‫والصواب‪ :‬أن ما دون القلتين ل ينجس إل‬
‫بالتغير‪ ،‬كالذي بلغ القلتين؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬إن الماء طهور ل ينجسه شيء((‬
‫أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والترمذي‪،‬‬
‫والنسائي بإسناد صحيح‪ ،‬من حديث أبي سعيد‬
‫الخدري رضي الله عنه‪ .‬وإنما ذكر النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم القلتين؛ ليدل على أن ما دونهما يحتاج‬

‫‪25‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إلى تثبت ونظر وعناية؛ لنه ينجس مطلقًا؛ لحديث‬


‫أبي سعيد المذكور‪.‬‬
‫ويستفاد من ذلك‪ :‬أن الماء القليل جدا ً يتأثر‬
‫بالنجاسة غالبا‪ ،‬فينبغي إراقته‪ ،‬والتحرز منه؛ ولهذا‬
‫ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬إذا ولغ‬
‫الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع‬
‫مرات(( أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وما ذاك إل لن الواني التي يستعملها الناس‬


‫تكون في الغالب صغيرة‪ ،‬تتأثر بولوغ الكلب‪،‬‬
‫وبالنجاسات وإن قلت‪ ،‬فوجب أن يراق ما بها إذا‬
‫وقعت فيه نجاسة؛ أخذا ً بالحيطة‪ ،‬ودرءا ً للشبهة؛‬
‫لقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬دع ما يريبك إلى ما ل‬
‫يريبك((‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من اتقى‬
‫الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه((‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫الوضوء من الماء المكدر بالطين‬


‫)‪(1‬‬
‫والعشاب‬
‫س‪ :‬خرجنا مجموعة إلى البر‪ ،‬وجلسنا‬
‫علي غدير ماء‪ ،‬وكان الماء مكدرا ً بالطين‬
‫وبعض العشاب‪ ،‬فهل يجوز الوضوء للصلة‬
‫من هذا الماء؟‬
‫ج‪ :‬يجوز الوضوء من مثل هذا الماء‪ ،‬والغسل به‪،‬‬
‫والشرب منه؛ لن اسم الماء باق له‪ ،‬وهو بذلك‬
‫طهور ل يسلبه ما وقع به من التراب والعشاب اسم‬
‫الطهورية‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬


‫‪27‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الوضوء من الماء المجتمع في الناء‬


‫)‪(1‬‬
‫تحت الصنبور‬
‫س‪ :‬أحيانا أتوضأ؛ ويكون تحت الصنبور‬
‫إناء يجتمع فيه الماء‪ ،‬فما حكم الوضوء من‬
‫الماء الذي اجتمع في الناء‪ ،‬وهل إذا توضأت‬
‫من هذا الماء تكون الصلة صحيحة ؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬الوضوء من الماء المجتمع في إناء من أعضاء‬
‫المتوضئ أو المغتسل يعتبر طاهرًا‪.‬‬
‫واختلف العلماء في طهوريته‪ ،‬هل هو طهور‬
‫يجوز الوضوء والغسل به‪ ،‬أم طاهر فقط‪ ،‬كالماء‬
‫المقيد مثل‪ :‬ماء الرمان وماء العنب‪ ،‬ونحوهما؟‬
‫والرجح‪ :‬أنه طهور؛ لعموم قول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬إن الماء طهور ل ينجسه شيء((‬
‫أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن إل ابن ماجة بإسناد‬
‫صحيح‪ .‬ول يستثنى من ذلك إل ما تغير لونه أو طعمه‬
‫أو ريحه بالنجاسة‪ ،‬فإذا تغير بذلك صار نجسا‬
‫بالجماع‪.‬‬
‫لكن ترك الوضوء من مثل هذا الماء المستعمل‬
‫أولى وأحوط؛ خروجا ً من الخلف‪ ،‬ولما يقع فيه من‬
‫بعض الوساخ‪ ،‬الحاصلة بالوضوء به أو الغسل‪.‬‬
‫والمراد بالوضوء‪ :‬هو غسل أعضاء الوضوء من‬
‫الوجه وما بعده‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪29‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الوضوء بالبترول‬
‫س‪ :‬هل يجوز الوضوء بالبترول ؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز ذلك؛ لنه ليس ماء في الشرع‪ ،‬ول‬
‫فل َ ْ‬
‫م‬ ‫يطلق عليه اسم الماء‪ ،‬والله سبحانه يقول‪َ ﴿ :‬‬
‫دا طَي ًّبا﴾)‪.(2‬‬
‫عي ً‬
‫ص ِ‬
‫موا َ‬
‫م ُ‬ ‫ماءً َ‬
‫فت َي َ ّ‬ ‫دوا َ‬
‫ج ُ‬
‫تَ ِ‬
‫والبترول ليس ماء عند الطلق‪ ،‬ول يشمله اسم‬
‫الماء‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫حكم الوضوء بالماء المخلوط بالكلور‬
‫س‪ :‬سائلة تقول‪ :‬في بلدنا كثيرا ً ما‬
‫تختلط مياه الشرب بمادة الكلور المطهرة‪،‬‬
‫وهي مادة تغير لون وطعم الماء‪ ،‬فهل يؤثر‬
‫هذا على تطهيره للمتوضئ ؟ أفيدونا أفادكم‬
‫الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬تغير الماء بالطاهرات وبالدوية التي توضع‬
‫فيه لمنع ما قد يضر الناس‪ ،‬مع بقاء اسم الماء على‬
‫حاله‪ ،‬فإن هذا ل يضر‪ ،‬ولو حصل بعض التغير بذلك‪،‬‬
‫كما لو تغير بالطحلب الذي ينبت فيه‪ ،‬وبأوراق‬
‫الشجر‪ ،‬وبالتراب الذي يعتريه‪ ،‬وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬أجاب سماحته على هذا السؤال عندما كان رئيسا للجامعة‬
‫السلمية بالمدينة المنورة‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪ -3‬برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط رقم ‪.109‬‬
‫‪30‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كل هذا ل يضره‪ ،‬فهو طهور باق على حاله‪ ،‬ل‬


‫يضره إل إذا تغير‬
‫بشيء يخرجه من اسم الماء‪ ،‬حتى يجعله شيئا ً آخر‪،‬‬
‫كاللبن إذا جعل على الماء حتى غيره وصار لبنًا‪ ،‬أو‬
‫صار شايًا‪ ،‬أو صار مرقا ً خارجا ً عن اسم الماء‪ ،‬فهذا‬
‫ل يصح الوضوء به؛ لكونه خرج عن اسم الماء إلى‬
‫اسم آخر‪.‬‬
‫أما ما دام اسم الماء باقيا ً وإنما وقع فيه شيء‬
‫من الطاهرات؛ كالتراب‪ ،‬والتبن‪ ،‬أو غير ذلك مما ل‬
‫يسلبه اسم الماء فهذا ل يضره‪ ،‬أما النجاسات فإنها‬
‫تفسده إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه‪ ،‬أو كان قليل ً‬
‫يتأثر بالنجاسة‪ ،‬وإن لم تظهر فيه فإنه يفسد بذلك‪،‬‬
‫ول يجوز استعماله‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬
‫ببب‬
‫ببببب‬
‫استخدام الصنابيربوالواني المطلية بماء‬
‫)‪(1‬‬
‫الذهب‬
‫س‪ :‬هناك بعض الفلل )المنازل( يوجد‬
‫بها صنابير وأواني منزلية مطلية بماء الذهب‬
‫فهل اتخاذها واستعمالها حرام ؟ أفتونا‬
‫مأجورين‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا علم أنها مطلية بالذهب أو الفضة لم يجز‬
‫استعمالها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬الذي‬
‫يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه‬
‫نار جهنم(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬ولقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬ل تشربوا في آنية الذهب والفضة‬
‫ول تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ‪ -‬يعني‬
‫الكفار ‪ -‬ولكم في الخرة(( متفق على صحته‪.‬‬
‫ولما في ذلك من السراف والتبذير‪.‬‬
‫نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه صلحهم‬
‫وسلمتهم من كل سوء‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬


‫‪32‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الكل والشرب في الناء المطلي‬


‫)‪(1‬‬
‫بالذهب‬
‫س‪ :‬إذا كان الناء مطليا ً بالذهب وليس‬
‫مصنوعا ً من الذهب الخالص‪ ،‬فهل يحرم‬
‫استعماله ؟ وهل ينطبق عليه الحديث‬
‫الذي ينهى عن الكل والشرب في آنية‬
‫الذهب والفضة ؟‬
‫ج‪ :‬نص العلماء على أن هذا ينطبق عليه‬
‫النهي‪ ،‬والنبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬ل‬
‫تشربوا في آنية الذهب والفضة ول تأكلوا في‬
‫صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الخرة((‬
‫متفق عليه‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬الذي‬
‫يأكل أو يشرب في إناء الذهب والفضة إنما‬
‫يجرجر في بطنه نار جهنم(( متفق على صحته‪،‬‬
‫واللفظ لمسلم في الصحيح‪ ،‬وأخرجه الدارقطني‪،‬‬
‫وصحح إسناده من حديث ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما مرفوعًا‪)) :‬من شرب في إناء ذهب أو فضة‬
‫أو في إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في‬
‫بطنه نار جهنم(( فقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))من شرب في إناء ذهب أو فضة‪ ((....‬نهي يعم‬
‫ما كان من الذهب أو الفضة‪ ،‬وما كان مطليا ً‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الرابع ص ‪ ،123‬ضمن أسئلة بعد محاضرة لسماحته‬
‫في جمعية الوفاء الخيرية بالرياض في شهر رجب لعام ‪ 1404‬هـ‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بشيء منهما‪ ،‬ولن المطلي فيه زينة الذهب‬


‫وجماله‪ ،‬فيمنع ول يجوز بنص الحديث‪ ،‬وهكذا‬
‫الواني الصغار؛ كأكواب الشاي‪ ،‬وأكواب القهوة‪،‬‬
‫والملعق‪،‬‬

‫‪34‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ول يجوز أن تكون من الذهب أو من الفضة‪ ،‬بل يجب‬


‫البعد عن ذلك‪ ،‬والحذر منه‪.‬‬
‫وإذا وسع الله تعالى على العباد‪ ،‬فالواجب التقيد‬
‫بشريعة الله تعالى‪ ،‬وعدم الخروج عنها‪ ،‬وإذا كان‬
‫عنده فضل من المال فلينفق على عباد الله‬
‫المحتاجين‪ ،‬وفي مشاريع الخير‪ ،‬ول يسرف ول يبذر‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم الكل في الواني المشبوهة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أ‪ .‬د‪ -‬من أمريكا يقول‬
‫فيه‪ :‬جاء في الحديث أن المصطفى صلى‬
‫الله عليه وسلم نهى عن الكل في آنية أهل‬
‫الكتاب إل في حالة الضرورة؛ وذلك لنهم‬
‫قد يأكلون فيها لحم الخنزير ويشربون فيها‬
‫الخمر‪ ،‬سؤالي هو‪ :‬هل دخلت في الحكم آنية‬
‫المسلم الذي يشرب الخمر فيها ؟ وهل‬
‫يجوز فيها الوضوء ؟ جزاكم الله خيرًا‪.‬‬
‫ج‪ :‬بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪ .‬إذا كان يخشى أن‬
‫يكون في هذه الواني خمر‪ ،‬أو آثار خنزير‪ ،‬فعليه أن‬
‫يغسلها إذا احتاج إليها‪ ،‬ثم يأكل فيها‪ ،‬وإذا لم يحتج‬
‫إليها فالحمد لله‪ ،‬وكل إناء يخشى أن يكون فيه‬
‫نجاسة سواء كان للكفرة أو غير الكفرة يغسله‬
‫ويأكل فيه‪ ،‬مثلما قال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬فإن‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1420‬بتاريخ ‪/ 6 / 26‬‬


‫‪ 1416‬هـ‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها((‪ ،‬وهكذا‬


‫الوضوء فيها ل حرج فيه بعد أن يغسلها‪.‬‬

‫حكم أكل ذبائح الكفار واستعمال‬


‫)‪(1‬‬
‫أوانيهم‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬طالب صومالي يدرس‬
‫في الصين‪ ،‬يقول فيه‪ :‬إنني طالب صومالي‬
‫أدرس في الصين وأواجه صعوبات كثيرة في‬
‫الطعام عامة واللحوم بصفة خاصة‬
‫والمشاكل هي‪:‬‬
‫‪ -1‬إنني أسمع ‪ -‬قبل مجيئي للصين ‪ -‬أن‬
‫الحيوانات التي ذبحها الملحدون‪ ،‬أو بالحرى‬
‫قتلوها ل يجوز للمسلم أكلها‪ ،‬وعندنا في‬
‫الجامعة مطعم صغير للمسلمين‪ ،‬وتوجد فيه‬
‫لحوم‪ ،‬غير أنني لست على يقين أنها‬
‫مذبوحة على الطريقة السلمية ومتشكك‬
‫في ذلك‪ ،‬مع العلم أن زملئي غير متشككين‬
‫مثلي ويأكلون منها‪ ،‬أهم على حق أم يأكلون‬
‫حراما ً ؟‬
‫‪ -2‬بالنسبة لواني الطعام ليس هناك‬
‫تمييز بين أواني المسلمين وغيرهم‪ ،‬ماذا‬
‫ينبغي علي أن أفعل حيال هذه المور؟‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪ ،435‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‬
‫‪ (918‬بتاريخ ‪ 1404 / 2 / 24‬هـ‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل يجوز أكل ذبائح الكفار غير أهل الكتاب من‬
‫اليهود والنصارى‪ ،‬سواء كانوا مجوسا ً أو وثنيين أو‬
‫شيوعيين‪ ،‬أو غيرهم من أنواع الكفار‪ ،‬ول ما خالط‬
‫ذبائحهم من المرق وغيره؛ لن الله سبحانه‬

‫‪37‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لم يبح لنا من أطعمة الكفار إل طعام أهل الكتاب‬


‫ت‬‫م الطّي َّبا ُ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬
‫ح ّ‬‫م أُ ِ‬‫و َ‬‫في قوله عز وجل‪﴿ :‬ال ْي َ ْ‬
‫ُ‬
‫ل ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ح ّ‬ ‫ب ِ‬‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬‫م ال ّ ِ‬‫عا ُ‬‫وطَ َ‬‫َ‬
‫م﴾ الية‪ ،‬وطعامهم‪ :‬هو‬ ‫)‪(1‬‬
‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫لل ُ‬ ‫ح ّ‬‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫مك ْ‬ ‫عا ُ‬ ‫َ‬
‫وط َ‬ ‫َ‬
‫ذبائحهم‪ ،‬كما قال ابن عباس وغيره‪.‬‬
‫أما الفواكه ونحوها فل حرج فيها؛ لنها غير داخلة‬
‫في الطعام المحرم‪ ،‬أما طعام المسلمين فهو حل‬
‫للمسلمين وغيرهم‪ ،‬إذا كانوا مسلمين حقا ً ل يعبدون‬
‫إل الله‪ ،‬ول يدعون معه غيره من النبياء‪ ،‬والولياء‪،‬‬
‫وأصحاب القبور وغيرهم مما يعبده الكفرة‪.‬‬
‫أما الواني‪ :‬فالواجب على المسلمين أن يكون‬
‫لهم أوان غير أواني الكفرة التي يستعمل فيها‬
‫طعامهم وخمرهم ونحو ذلك‪ ،‬فإن لم يجدوا وجب‬
‫على طباخ المسلمين أن يغسل الواني التي‬
‫يستعملها الكفار ثم يضع فيها طعام المسلمين؛ لما‬
‫ثبت في الصحيحين‪ ،‬عن أبي ثعلبة الخشني رضي‬
‫الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن‬
‫الكل في أواني المشركين‪ ،‬فقال له النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬ل تأكلوا فيها إل أن ل تجدوا غيرها‬
‫فاغسلوها وكلوا فيها((‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.5‬‬


‫‪38‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪39‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب‬
‫ببببببب‬
‫بب‬
‫)‪(1‬‬
‫الوسوسة في الوضوء‬
‫س‪ :‬سائل يقول‪ :‬بعد التبول ‪ -‬أعزكم‬
‫الله ‪ -‬يخرج مني نقط من البول لمدة دقائق‬
‫قليلة ثم ينقطع‪ ،‬وأعمل على وضع مناديل‬
‫داخل فتحة الذكر فهل عملي مناسب ؟‬
‫ج‪ :‬عليك أن تستنجي من البول‪ ،‬وعدم العجلة‪،‬‬
‫حتى ينقطع البول‪ ،‬ثم تكمل الوضوء‪ .‬ول حاجة إلى‬
‫وضع المناديل في فتحة الذكر‪.‬‬
‫وعليك أن تعرض عن الوساوس حتى ينقطع‬
‫عندك ذلك إن شاء الله‪.‬‬
‫والفضل‪ :‬أن تنضح بالماء ما حول الفرج بعد‬
‫الفراغ من الوضوء‪ ،‬حتى تحمل ما قد يقع من‬
‫الوسوسة على ذلك‪ ،‬وبذلك ينتهي عنك إن شاء الله‬
‫هذا الثر‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬


‫‪40‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الستنجاء بماء زمزم‬
‫س‪ :‬هل يجوز الستنجاء بماء زمزم ؟‬
‫ج‪ :‬ماء زمزم قد دلت الحاديث الصحيحة على‬
‫أنه ماء شريف مبارك‪ ،‬وقد ثبت في صحيح مسلم أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال في زمزم‪)) :‬إنها‬
‫مباركة إنها طعام طعم((‪ ،‬وزاد في رواية عند أبي‬
‫داود بسند جيد‪)) :‬وشفاء سقم((‪ ،‬فهذا الحديث‬
‫الصحيح يدل على فضل ماء زمزم‪ ،‬وأنه طعام طعم‪،‬‬
‫وشفاء سقم‪ ،‬وأنه مبارك‪ ،‬والسنة‪ :‬الشرب منه‪ ،‬كما‬
‫شرب النبي صلى الله عليه وسلم منه‪ ،‬ويجوز‬
‫الوضوء منه والستنجاء‪ ،‬وكذلك الغسل من الجنابة‬
‫إذا دعت الحاجة إلى ذلك‪.‬‬
‫وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نبع الماء‬
‫من بين أصابعه‪ ،‬ثم أخذ الناس حاجتهم من هذا‬
‫الماء؛ ليشربوا وليتوضئوا‪ ،‬وليغسلوا ثيابهم‪،‬‬
‫وليستنجوا‪ ،‬كل هذا واقع‪ .‬وماء زمزم إن لم يكن مثل‬
‫الماء الذي نبع من بين أصابع النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يكن فوق ذلك‪ ،‬فكلهما ماء شريف‪ ،‬فإذا‬
‫جاز الوضوء‪ ،‬والغتسال‪ ،‬والستنجاء‪ ،‬وغسل الثياب‬
‫من الماء الذي نبع من بين أصابعه صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فهكذا يجوز من ماء زمزم‪ .‬وبكل حال فهو‬
‫ماء طهور طيب يستحب الشرب منه‪ ،‬ول حرج في‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب وقرئ على سماحته في ‪/ 11 / 11‬‬


‫‪1414‬هـ‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الوضوء منه‪ ،‬ول حرج في غسل الثياب منه‪ ،‬ول حرج‬


‫في الستنجاء إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما‬

‫‪42‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تقدم‪ ،‬وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬


‫قال‪)) :‬ماء زمزم لما شرب له(( وفي سنده ضعف‪،‬‬
‫ولكن يشهد له الحديث الصحيح المتقدم‪ ،‬والحمد‬
‫لله‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الوضوء داخل الحمام‬
‫س‪ :‬ما حكم من يتوضأ داخل الحمام‪،‬‬
‫وهل يجوز وضوءه ؟‬
‫ج‪ :‬ل بأس أن يتوضأ داخل الحمام‪ ،‬إذا دعت‬
‫الحاجة إلى ذلك‪ ،‬ويسمي عند أول الوضوء‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫)بسم الله(؛ لن التسمية واجبة عند بعض أهل العلم‪،‬‬
‫ومتأكدة عند الكثر‪ ،‬فيأتي بها وتزول الكراهة؛ لن‬
‫الكراهة تزول عند وجود الحاجة إلى التسمية‪،‬‬
‫والنسان مأمور بالتسمية عند أول الوضوء‪ ،‬فيسمى‬
‫ويكمل وضوءه‪.‬‬
‫وأما التشهد فيكون بعد الخروج من الحمام ‪-‬‬
‫وهو‪ :‬محل قضاء الحاجة ‪ -‬فإذا فرغ من وضوئه يخرج‬
‫ويتشهد في الخارج‪ .‬أما إذا كان الحمام لمجرد‬
‫الوضوء ليس للغائط والبول‪ ،‬فهذا ل بأس أن يأتي‬
‫بها فيه؛ لنه ليس محل ً لقضاء الحاجة‪.‬‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(8‬‬


‫‪43‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫دعاء دخول الخلء‬
‫س‪ :‬الخت‪ :‬ع‪ .‬ع ‪ -‬من المدينة المنورة‬
‫تقول في سؤالها‪ :‬عند دخولها الحمام تقول‬
‫الدعاء المأثور‪)) :‬اللهم إني أعوذ بك من‬
‫الخبث والخبائث(( وسؤالي عن كلمة‬
‫))الخبث(( هل هي بسكون الباء أو بضمها؛‬
‫أو أن المر واسع في هذا ؟ نرجو الفادة‬
‫جزاكم الله خيرًا‪ ،‬وما معنى هذا الدعاء ؟‬
‫وهل يقال خارج الحمام أم داخله ؟ وإذا‬
‫نسي أن يقوله خارج الحمام‪ ،‬فهل يقوله‬
‫داخله ؟ وهل ل بد من الجهر به داخل‬
‫الحمام ؟ وماذا يقول إذا خرج منه ؟ وهل‬
‫الدعاء لمجرد دخول الحمام‪ ،‬أم إذا أراد‬
‫النسان قضاء الحاجة ؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان‬
‫إذا أراد دخول الخلء قال‪)) :‬أعوذ بالله من الخبث‬
‫والخبائث((‪ ،‬والخبث‪ :‬بضم الباء وسكونها‪ ،‬والمر في‬
‫هذا واسع‪ ،‬والمراد بذلك‪ :‬التعوذ من الشر والفعال‬
‫الخبيثة‪ .‬وفسره بعض أهل العلم‪ :‬بذكور الشياطين‬
‫وإناثهم‪ .‬وإذا كان في الصحراء قال هذا التعوذ عند‬
‫إرادة قضاء حاجته‪ ،‬وهذا التعوذ يقال قبل دخول‬
‫الخلء ل بعده‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (232‬لشهر جمادى الولى‬


‫من عام ‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ويشرع له بعد الخروج من محل قضاء الحاجة أن‬


‫يقول‪)) :‬غفرانك(( وهكذا إذا فرغ من قضاء الحاجة‪،‬‬
‫إذا كان في الصحراء من بول أو غائط يستحب له أن‬
‫يقول‪)) :‬غفرانك((‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والحكمة في ذلك والله أعلم‪ :‬أن الله سبحانه قد‬


‫أنعم عليه بما يسر له من الطعام والشراب‪ ،‬ثم أنعم‬
‫عليه بخروج الذى‪ .‬والعبد محل التقصير في الشكر‬
‫فشرع له عند زوال الذى بعد حضور النعمة بالطعام‬
‫والشراب أن يستغفر الله‪ ،‬وهو سبحانه يحب من‬
‫عباده أن يشكروه على نعمته‪ ،‬وأن يستغفروه من‬
‫َ‬
‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ذنوبهم‪ ،‬كما قال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ن﴾‬
‫فُرو ِ‬‫ول ت َك ْ ُ‬
‫شك ُُروا ِلي َ‬
‫وا ْ‬
‫َ‬
‫حكم دخول الخلء بشيء فيه ذكر الله‬
‫)‪(2‬‬
‫وآيات قرآنية‬
‫س‪ :‬سائل يقول‪ :‬أدخل بيت الخلء ومعي‬
‫بعض الوراق المشتملة على ذكر الله تعالى‬
‫وآيات قرآنية‪ ،‬فهل علي إثم في ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬يكره دخول الخلء بشيء فيه ذكر الله؛ لما ثبت‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد دخول‬
‫الخلء وضع خاتمه؛ لكونه مكتوبا ً فيه‪ :‬محمد رسول الله‪.‬‬

‫لكن إذا لم يتيسر محل آمن لوضع الوراق فيه‪،‬‬


‫حتى يخرج من الخلء فل حرج عليه في الدخول بها؛‬
‫لكونه مضطرا ً إلى ذلك‪ ،‬وقد قال الله سبحانه في‬
‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م ِإل‬ ‫م َ‬
‫حّر َ‬
‫ما َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ص َ‬ ‫قد ْ َ‬
‫ف ّ‬ ‫و َ‬ ‫كتابه الكريم‪َ ﴿ :‬‬
‫ه﴾)‪ (3‬الية من سورة النعام‪.‬‬ ‫م إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ضطُ ِ‬
‫رْرت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬
‫َ‬
‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.152‬‬
‫‪ -2‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪ -3‬سورة النعام الية ‪.119‬‬
‫‪46‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإذا أباح الله المحرم عند الضرورة فالمكروه‬


‫من باب أولى‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم دخول الحمام بما فيه ذكر ودعاء‬
‫س‪ :‬عندي كتيب صغير أحفظه في جيبي‪،‬‬
‫فيه من الذكر والدعاء ما ينفعني في ديني‬
‫ودنياي‪ ،‬ولكني أدخل المرحاض للوضوء‬
‫وقضاء الحاجة وهو في جيبي‪ ،‬فهل علي إثم‬
‫في ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬الفضل لك‪ :‬عدم دخول الحمام بالكتيب‬
‫المذكور‪ ،‬ويكره لك ذلك عند جمع من أهل العلم إذا‬
‫أمكنك عدم الدخول به‪ ،‬أما إن لم تستطع تركه خارج‬
‫الحمام فل حرج عليك ول كراهة‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم دخول الحمام لمن في جيبه‬


‫)‪(2‬‬
‫مصحف‬
‫س‪ :‬إذا كان في جيبي مصحف لقرأ فيه‬
‫أينما كنت‪ ،‬وأدخل الحمام وهو في جيبي‪،‬‬
‫فهل في ذلك شيء ؟ وفي بعض الحيان‬
‫أكتب اليات في ورقة؛ لتثبيت حفظها في‬
‫ذهني وبعد حفظها أمزقها وأضعها في‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة العدد )‪ (1297‬بتاريخ ‪1411 / 12 / 22‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص ‪.51‬‬
‫‪ -2‬ضمن السئلة التابعة لتعليق سماحته في الجامع الكبير على‬
‫محاضرة بعنوان‪ :‬الصلة وأهميتها‪ ،‬ونشر في كتاب سماحته )مجموع‬
‫فتاوى ومقالت متنوعة( الجزء التاسع ص ‪.266‬‬
‫‪47‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صندق المهملت‪ ،‬فهل في ذلك شيء ؟‬


‫أفيدونا جزاكم الله خيرًا‪.‬‬
‫ج‪ :‬أما دخول الحمام بالمصحف فل يجوز إل عند‬
‫الضرورة‪ ،‬إذا كنت تخشى عليه أن يسرق فل بأس‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأما تمزيق اليات التي حفظتها‪ ،‬إذا مزقتها‬


‫تمزيقا ً ما يبقى معها شيء فيه ذكر الله ‪ -‬أي‪ :‬تمزيقا ً‬
‫دقيقا ً ‪ -‬فل ‪ -‬حرج في ذلك‪ ،‬وإل فادفنها في أرض‬
‫طيبة أو أحرقها‪ ،‬أما التمزيق الذي يبقى معه آيات لم‬
‫تمزق فإنه ل يكفي‪.‬‬

‫الذكر بالقلب مشروع في كل زمان‬


‫)‪(1‬‬
‫ومكان في الحمام وغيره‬
‫س‪ :‬مطلوب من النسان ذكر الله في‬
‫كل وقت‪ ،‬وعلى كل حال إل في أماكن نهي‬
‫ل‪ ،‬فهل يقطع‬ ‫عن ذكر الله فيها‪ ،‬كالحمام مث ً‬
‫النسان ذكر الله في الحمام بتاتًا‪ ،‬حتى ولو‬
‫في قلبه ؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬الذكر بالقلب مشروع في كل زمان ومكان‪،‬‬
‫في الحمام وغيره‪.‬‬
‫وإنما المكروه في الحمام ونحوه‪ :‬ذكر الله‬
‫باللسان؛ تعظيما ً لله سبحانه‪ ،‬إل التسمية عند‬
‫الوضوء‪ ،‬فإنه يأتي بها إذا لم يتيسر الوضوء خارج‬
‫الحمام؛ لنها واجبة عند بعض أهل العلم‪ ،‬وسنة‬
‫مؤكدة عند الجمهور‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1548‬بتاريخ ‪/ 2 / 18‬‬


‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪50‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هل يشترط الستنجاء لكل وضوء‬


‫س‪ :‬هل يشـترط الستنجاء لكل وضوء ؟‬
‫ج‪ :‬ل يشترط الستنجاء لكل وضوء‪ ،‬وإنما يجب‬
‫الستنجاء من البول والغائط وما يلحق بهما‪ ،‬أما‬
‫غيرهما من النواقض؛ كالريح‪ ،‬ومس الفرج‪ ،‬وأكل‬
‫لحم البل‪ ،‬والنوم‪ ،‬فل يشرع له الستنجاء‪ ،‬بل يكفي‬
‫في ذلك الوضوء الشرعي‪ :‬وهو غسل الوجه‪ ،‬ويدخل‬
‫فيه المضمضة والستنشاق‪ ،‬وغسل اليدين مع‬
‫المرفقين‪ ،‬ومسح الرأس مع الذنين‪ ،‬وغسل الرجلين‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫مع الكعبين‪ ،‬كما في قوله عز وجل‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫هك ُ ْ‬
‫م‬ ‫جو َ‬ ‫سُلوا ُ‬
‫و ُ‬ ‫غ ِ‬‫فا ْ‬‫ة َ‬‫صل ِ‬ ‫م إ َِلى ال ّ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫ذا ُ‬
‫ق ْ‬ ‫مُنوا إ ِ َ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫سك ُ ْ‬ ‫ءو ِ‬ ‫حوا ب ُِر ُ‬‫س ُ‬‫م َ‬ ‫وا ْ‬‫ق َ‬‫ِ‬ ‫ف‬
‫مَرا ِ‬ ‫م إ َِلى ال ْ َ‬ ‫دي َك ُ ْ‬
‫وأي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫م إ َِلى ال ْك َ ْ‬
‫عب َي ْ ِ‬ ‫جل َك ُ ْ‬ ‫وأْر ُ‬ ‫َ‬

‫حكم وضوء من يخرج منه مذي أو ودي‬


‫)‪(2‬‬
‫بعد البول‬
‫س‪ :‬هذه رسالة وردتنا من السائل‪ :‬م‪ .‬ع‪.‬‬
‫م‪ .‬أ ‪ -‬مصري الجنسية مقيم في الرياض‬
‫يقول‪ :‬سؤالي أنه ينزل مني بعد البول‬
‫سائل أبيض اللون )مذي( فما حكم وضوئي‪،‬‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬


‫‪ -2‬نور على الدرب الشريط رقم )‪.(52‬‬
‫‪51‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والطريقة الصحيحة لهذا الوضوء ؟ علما‬


‫بأنني أعصر ذكري‬

‫‪52‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بعد الستنجاء‪ ،‬وقد قال لي بعض الخوة‪ :‬إن‬


‫هذا غير صحيح‪ ،‬وغير طيب من الناحية‬
‫الصحية‪ ،‬فكنت أضع ورق مناديل وأنتظر‬
‫بعض الوقت‪ ،‬ولكن أحياناً أكون في الشارع‬
‫ويؤذن للصلة وأكون في حاجة لدخول‬
‫الحمام للبول‪ ،‬لكن أحبس نفسي وأتوضأ‬
‫مباشرة وأصلي‪ ،‬وأخشى أن تكون هذه‬
‫الصلة غير كاملة‪ ،‬فأفيدوني أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل ينبغي التكلف في هذا المر‪ ،‬وعصر الذكر‬
‫فيه خطر عظيم‪ ،‬وهو من أسباب السلس‪ ،‬ومن‬
‫أسباب الوساوس‪ ،‬ولكن متى خرج البول تستنجي‬
‫والحمد لله‪ ،‬أو تستجمر والحمد لله‪.‬‬
‫أما عصر الذكر على أن يخرج شيء فهذا غلط‪،‬‬
‫ول يجوز‪ ،‬وهو من أسباب الوسوسة وسلس البول‪،‬‬
‫فينبغي لك أن تحذر هذا‪ ،‬متى انقطع البول تستنجي‬
‫بالماء‪ ،‬أو تستجمر بالحجارة ونحوها ثلث مرات‬
‫فأكثر‪ ،‬حتى يزول الذى ويكفي‪ ،‬وما يخرج من الماء‬
‫البيض بعد البول‪ :‬هو المذي أو الودي‪ ،‬كله في حكم‬
‫البول‪ ،‬سواء كان مذيا ً أو وديا ً تستنجي منه‪ ،‬لكن إذا‬
‫كان مذيًا‪ :‬وهو الذي يخرج بأسباب الشهوة عند‬
‫تحركها‪ ،‬فهذا تغسل معه الذكر والنثيين جميعًا‪ ،‬كما‬
‫جاءت به السنة‪ .‬أما الماء البيض غير المذي ‪ -‬وهو‪:‬‬
‫الودي ‪ -‬فهذا حكمه حكم البول تغسل من الذكر ما‬
‫أصابه البول‪ ،‬ويكفي ذلك والحمد لله‪ .‬ا هـ‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪54‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم بول النسان واقفا‬
‫س‪ :‬هـل يجـوز أن يبول النسـان‬
‫واقفا ً ؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج في البول قائمًا‪ ،‬ول سيما عند الحاجة‬
‫إليه؛ إذا كان المكان مستورا ً ل يرى فيه أحد عورة‬
‫البائل‪ ،‬ول يناله شيء من رشاش البول؛ لما ثبت عن‬
‫حذيفة رضي الله عنه‪) :‬أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أتى سباطة قوم فبال قائمًا(‬
‫ولكن الفضل‪ :‬البول عن جلوس؛ لن هذا هو‬
‫الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولنه‬
‫أستر للعورة‪ ،‬وأبعد عن الصابة بشيء من رشاش‬
‫البول‪.‬‬

‫حكم استقبال القبلة أو استدبارها عند‬


‫)‪(2‬‬
‫قضاء الحاجة‬
‫س‪ :‬ما حكم استقبال القبلة واستدبارها‬
‫داخل المنازل وفي الصحراء عند قضاء الحاجة‬
‫؟ علما ً بأن بعض المنازل صممت دورات المياه تجاه‬
‫القبلة‪ ،‬أفتونا مأجروين‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1338‬بتاريخ ‪/ 10 / 20‬‬


‫‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪55‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل يجوز استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء‬


‫الحاجة من بول أو غائط‪ ،‬إذا كان النسان في‬
‫الصحراء؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫من النهي عن ذلك‪ ،‬من حديث أبي أيوب النصاري‬
‫رضي الله عنه وغيره‪.‬‬
‫أما في البيوت فل حرج في ذلك؛ لما ثبت في‬
‫الصحيحين‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال‪:‬‬
‫)رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة‬
‫يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة( والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫غسل القبل والدبر عند الستنجاء‬
‫س‪ :‬عند الستنجاء للصـلة‪ ،‬هل يلزم‬
‫غسـل القبل والدبـر‪ ،‬أم يكتفي بالقبـل‬
‫فقط ؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬يجب غسل الدبر والقبل إذا خرج منهما الذى‬
‫من الغائط والبول‪ ،‬أما إذا لم يخرج منهما شيء‪،‬‬
‫وإنما أحدث النسان ريحا ً أو نومًا‪ ،‬أو مس فرجه من‬
‫غير حائل‪ ،‬أو أكل لحم البل‪ ،‬فإنه يكفيه الوضوء‪:‬‬
‫وهو غسل الوجه واليدين مع المرفقين‪ ،‬ومسح‬
‫الرأس والذنين‪ ،‬وغسل الرجلين مع الكعبين‪ ،‬ول‬
‫يشرع له الستنجاء في هذه الحالة؛ لنه لم يخرج‬
‫‪ -1‬سؤال موجه من ع س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪56‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫منه بول ول غائط ول ما في حكمهما‪ ،‬فإن خرج منه‬


‫بول فقط فإنه يكفيه غسل طرف الذكر عن البول‪،‬‬
‫ول يشرع له غسل الدبر إذا لم يخرج منه شيء‪ ،‬ثم‬
‫يتوضأ وضوء الصلة‪ ،‬كما تقدم‪ ،‬ويدخل في غسل‬
‫الوجه المضمضة والستنشاق‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم الستجمار بالمناديل الورقية‬


‫)‪(1‬‬
‫وبالحجر الواحد‬
‫س‪ :‬ما حكـم الستجمار بالمناديل‬
‫الورقية‪ ،‬وهل يكفي حجـر واحد في‬
‫الستجمار؟‬
‫ج‪ :‬يجوز الستجمار بكل شيء يحصل به إزالة‬
‫الذى من الطاهرات؛ كالحصى‪ ،‬واللبن من الطين‪،‬‬
‫والمناديل الخشنة الطاهرة‪ ،‬والوراق الطاهرة التي‬
‫ليس فيها شيء من ذكر الله أو أسمائه‪ ،‬وغير ذلك‬
‫مما يحصل به المقصود‪ ،‬ما عدا العظام والرواث؛‬
‫لن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن ُيستنجى‬
‫بهما‪ ،‬وقال‪)) :‬إنهما ل يطهران(( وفي صحيح مسلم‪،‬‬
‫عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال‪) :‬نهانا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة‬
‫بغائط أو بول أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي‬
‫بأقل من ثلثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم(‬
‫وروى مسلم في الصحيح أيضًا‪ ،‬عن عبد الله بن‬
‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫مسعود رضي الله عنه‪ ،‬قال‪) :‬نهى رسول الله صلى‬


‫الله عليه وسلم أن ُيستنجى بعظم أو روث( وقال‬
‫))إنهما زاد إخوانكم من الجن((‪.‬‬
‫ول يجزئ الستنجاء بأقل من ثلثة أحجار؛ لحديث‬
‫سلمان المذكور‪ ،‬وغيره من الحاديث الواردة في‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وإذا لم تنق وجب أن يزيد المستجمر رابعا ً وأكثر‬
‫حتى ينقي المحل‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫ببب ببب‬
‫بببببب‬
‫استعمال الروائح العطرية المسماة بـ‬
‫)‪(1‬‬
‫)الكولونيا(‬
‫س‪ :‬هل يجوز استعمال الروائح العطرية‬
‫المسماة بـ‪) :‬الكولونيا( المشتملة على مادة‬
‫الكحول ؟‬
‫ج‪ :‬استعمال الروائح العطرية المسماة بـ‪:‬‬
‫)الكولونيا(‪ ،‬المشتملة على مادة الكحول ل يجوز؛‬
‫لنه ثبت لدينا بقول أهل الخبرة من الطباء‪ :‬أنها‬
‫مسكرة؛ لما فيها من مادة السبيرتو المعروفة‪،‬‬
‫وبذلك يحرم استعمالها على الرجال والنساء‪.‬‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية ضمن الجابات في باب فاسألوا أهل‬
‫الذكر‪ .‬وسبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء السادس‪ ،‬ص ‪.396‬‬
‫‪58‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما الوضوء فل ينتقض بها‪ .‬وأما الصلة ففي‬


‫صحتها نظر؛ لن الجمهور يرون نجاسة المسكر‪،‬‬
‫ويرون أن من صلى متلبسا ً بالنجاسة ذاكرا ً عامدا ً لم‬
‫تصح صلته‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى عدم تنجيس‬
‫المسكر‪ .‬وبذلك يعلم أن من صلى وهي في ثيابه أو‬
‫بعض بدنه ناسيًا‪ ،‬أو جاهل ً حكمها‪ ،‬أو معتقدا ً طهارتها‪،‬‬
‫فصلته صحيحة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والحوط‪ :‬غسل ما أصاب البدن والثوب منها؛ خروجا ً‬


‫من خلف العلماء‪ ،‬فإن وجد من الكولونيا نوع ل‬
‫يسكر لم يحرم استعماله؛ لن الحكم يدور مع علته‬
‫وجودا ً وعدمًا‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم تقديم الطيب للنساء الزائرات‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫إلى حضرة الخت المكرمة‪ :‬ف‪ .‬ف‬
‫سلمها الله‬
‫سـلم عليـكم رحمة الله وبركاتـه‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بالمانة‬
‫العامة لهيئة كبار العلماء برقم ‪ 4253‬وتاريخ‬
‫‪ 1412 / 8 / 19‬هـ‪ .‬الذي تسألين فيه عن‬
‫عدد من السئلة التي فيها‪:‬‬
‫السؤال عن حكم تقديم البخور والعطور‬
‫لمن يزورك من النساء جريا ً على العادة‬
‫المتبعة في بلدكم ؟‬
‫ج‪ :‬وأفيدك‪ :‬ل مانع من ذلك إذا كان النسوة‬
‫اللتي تقدمين لهن الطيب ل يخرجن إلى السواق‬
‫بعد خروجهن من منزلك‪ ،‬وإنما يرجعن إلى منازلهن‬
‫في سيارات‪ ،‬أو كانت المنازل متقاربة ل يحصل بعد‬
‫خروجهن منك اختلط بالرجال الجانب منهن‪.‬‬
‫أما إذا كان الوضع خلف ذلك فاعتذري إليهن‬
‫وأخبريهن بأن خروج المرأة بالطيب بين الرجال‬

‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ 2 / 267‬وتاريخ ‪1413 / 1 / 29‬‬


‫هـ‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الجانب ل يجوز؛ لن رسول الله صلى الله عليه‬


‫وسلم‬
‫نهى عن ذلك؛ لما فيه من الفتنة‪ .‬وفق الله الجميع‬
‫لما فيه رضاه‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم تطيب المرأة عند خروجها‬
‫س‪ :‬الخت‪ :‬ن‪ .‬م‪ .‬ص ‪ -‬من الدار البيضاء‬
‫في المغرب تقول في سؤالها‪:‬‬
‫هل يجوز للمرأة إذا أرادت الذهاب إلى‬
‫المدرسة أو المستشفى أو لزيارة القارب‬
‫والجيران أن تتطيب ؟‬
‫ج‪ :‬يجوز لها الطيب إذا كان خروجها إلى مجمع‬
‫نسائي ل تمر في الطريق على الرجال‪ ،‬أما خروجها‬
‫بالطيب إلى السواق التي فيها الرجال فل يجوز؛‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أيما امرأة‬
‫أصابت بخورا ً فل تشهدن معنا العشاء((‪ ،‬ولحاديث‬
‫أخرى وردت في ذلك‪.‬‬
‫ولن خروجها بالطيب في طريق الرجال‬
‫ومجامع الرجال ‪ -‬كالمساجد ‪ -‬من أسباب الفتنة‪ ،‬كما‬
‫يجب عليها التستر والحذر من التبرج؛ لقوله جل‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (168‬لشهر صفر من عام‬
‫‪ 1412‬هـ‪ ،‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‪ (1322‬بتاريخ ‪/ 6 / 20‬‬
‫‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‬
‫ن ت َب َّر َ‬
‫ج َ‬
‫ول ت َب َّر ْ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬‫و َ‬‫وعل‪َ ﴿ :‬‬
‫ة اْلوَلى﴾ ومن التبرج إظهار المفاتن‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ُ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جا ِ‬
‫والمحاسن؛ كالوجه‪ ،‬والرأس‪ ،‬وغيرهما‪ .‬وبالله‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫حكم استعمال العطور المشتملة على‬


‫)‪(2‬‬
‫الكحول‬
‫س‪ :‬ما حكم استعمال بعض العطور التي‬
‫تحتوي على شيء من الكحول ؟‬
‫ج‪ :‬الصل حل العطور والطياب التي بين الناس‪،‬‬
‫إل ما علم أن به ما يمنع استعماله؛ لكونه مسكرًا‪ ،‬أو‬
‫يسكر كثيره‪ ،‬أو به نجاسة ونحو ذلك‪ ،‬وإل فالصل‬
‫حل العطور التي بين الناس؛ كالعود‪ ،‬والعنبر‪،‬‬
‫والمسك‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫فإذا علم النسان أن هناك عطرا ً فيه ما يمنع‬
‫استعماله من مسكر أو نجاسة ترك ذلك‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الكولونيا‪ ،‬فإنه ثبت عندنا بشهادة الطباء أنها ل تخلو‬
‫من المسكر‪ ،‬ففيها شيء كبير من السبيرتو‪ ،‬وهو‬
‫مسكر‪.‬‬
‫فالواجب تركها‪ ،‬إل إذا وجد منها أنواع سليمة‪،‬‬
‫وفيما أحل الله من الطياب ما يغني عنها والحمد‬
‫لله‪ ،‬وهكذا كل شراب أو طعام فيه مسكر يجب‬
‫‪ -1‬سورة الحزاب الية ‪.33‬‬
‫‪ -2‬هذا السؤال والذي يليه سبق نشرهما تحت عنوان‪) :‬سؤالن في‬
‫العطور( في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت متنوعة( الجزء‬
‫الخامس ص ‪.382‬‬
‫‪62‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تركه‪ ،‬والقاعدة‪) :‬أن ما أسكر كثيره فقليله حرام(‪،‬‬


‫كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما أسكر‬
‫كثيره فقليله حرام((‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫استعمال المرأة للطيب ذي الرائحة‬


‫الواضحة خاصة عند خروجها‬
‫س‪ :‬المسك ودهن العود أو الورد ونحو‬
‫ذلك من أنواع الطيب إذا استخدمته المرأة‬
‫وكانت رائحتها واضحة‪ ،‬فما حكم استعمالها‪،‬‬
‫خاصة إذا خرجت المرأة من منزلها ؟ وهل‬
‫يعتبر تكريم الزائرات بتبخيرهن وتعطيرهن‬
‫في حكم ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬خروج المرأة بالطيب إلى السواق أمر‬
‫ممنوع‪ ،‬وليس لها أن تخرج بذلك‪ ،‬ول أن تعين‬
‫الزائرات والضيوف بذلك‪ ،‬بل عليها أن تنصح‪ ،‬وأن‬
‫تقول‪ :‬نود أن نطيبكم‪ ،‬ولكن خروج المرأة بالطيب‬
‫إلى السواق أمر ممنوع‪ ،‬وبذلك تجمع بين النصيحة‬
‫وترك ما حرم الله فعله‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم خروج المرأة إلى السوق وهي‬


‫)‪(1‬‬
‫متعطرة‬
‫س‪ :‬ما ردكم على من تهدي علبة عطر‬
‫لمرأة أخرى‪ ،‬هل يجوز هذا ؟ علما ً بأن‬
‫مهدى إليها تذهب إلى الشارع وهي‬ ‫المرأة ال ُ‬
‫متعطرة بهذا العطر‪ ،‬وهل يلحق صاحب‬
‫الهدية إثم ؟‬

‫‪ -1‬نشرت في جريدة عكاظ في العدد )‪ (10877‬ليوم الجمعة‬


‫الموافق ‪ 1417 / 1 / 7‬هـ‪.‬‬
‫‪64‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬إهداء الطيب إلى المرأة ل بأس به؛ لن‬


‫الهدية تجلب المودة والمحبة وللمهدي أجر وإذا‬
‫مهدى إليها هذا الطيب على وجه‬ ‫استخدمت المرأة ال ُ‬
‫محرم فالثم عليها‪ ،‬لكن إذا كانت المهدية قد عرفت‬
‫مهدى إليها تستعمل من هذا الطيب في الخروج‬ ‫أن ال ُ‬
‫إلى السوق فل يجوز ذلك لها؛ لن ذلك من باب‬
‫ول‬
‫المعونة على الثم والعدوان‪ ،‬وقد قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾)‪.(1‬‬
‫وا ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫عد ْ َ‬ ‫عَلى اْل ِث ْم ِ َ‬
‫وُنوا َ‬
‫عا َ‬
‫تَ َ‬

‫حكم بقاء أثر الوشم في الجسم‬


‫)‪(2‬‬
‫وسن الذهب بعد معرفة تحريمهما‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫إلى حضرة الخ المكرم‪ :‬م‪ .‬ع‬
‫سلمه الله‬
‫سلم عليـكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعـد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة‬
‫البحوث العلمية والفتاء برقم ‪ 207‬وتاريخ‬
‫‪ 1409 / 1 / 12‬هـ الذي تسأل فيه عن حكم‬
‫بقاء أثر الوشم في جسم النسان بعد‬
‫معرفته لتحريمه‪ ،‬وكذلك بقاء سن ذهب‬
‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.2‬‬
‫‪ -2‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ 2 / 218‬في ‪ 1409 / 1 / 26‬هـ‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عها بعد‬
‫ركبها مسلم في حال جهله‪ ،‬ون َْز ُ‬
‫علمه بالتحريم يوجد فراغا ً في فمه ؟‬

‫‪66‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬وأفيدك‪ :‬بأن الوشم في الجسم حرام؛ لما‬


‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أنه لعن‬
‫الواصلة والمستوصلة‪ ،‬والواشمة والمستوشمة((‪،‬‬
‫وإذا فعله المسلم في حال جهله بالتحريم‪ ،‬أو عمل‬
‫به الوشم في حال صغره‪ ،‬فإنه يلزمه إزالته بعد‬
‫علمه بالتحريم‪ ،‬لكن إذا كان في إزالته مشقة أو‬
‫مضرة فإنه يكفيه التوبة والستغفار‪ ،‬ول يضره بقاؤه‬
‫في جسمه‪ .‬وأما تركيب سن الذهب بدون حاجة فإنه‬
‫غير جائز؛ لتحريم الذهب على الرجال‪ ،‬ما لم تدع‬
‫إلى ذلك ضرورة‪ .‬وقد أفدت في سؤالك‪ :‬أنك عملته‬
‫من أجل الزينة‪ ،‬فيلزمك إزالته‪ ،‬وفي إمكانك تركيب‬
‫ما يقوم مقامه من النواع المباحة غير الذهب‪ .‬وفق‬
‫الله الجميع لما فيه رضاه‪ .‬والسلم عليكم ورحمة‬
‫الله وبركاته‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الختان‬
‫س‪ :‬ما حكـم الختـان ؟‬
‫ج‪ :‬أما الختان‪ :‬فهو من سنن الفطرة‪ ،‬ومن شعار‬
‫المسلمين؛ لما في الصحيحين‪ ،‬من حديث أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الرابع ص ‪.424 ،423‬‬
‫‪67‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وسلم‪)) :‬الفطرة خمس الختان والستحداد وتقليم‬


‫الظفار وقص الشارب ونتف البط(()‪.(2‬‬

‫‪ -2‬صحيح مسلم بشرح النووي )‪.(125 / 3‬‬


‫‪68‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فبدأ صلى الله عليه وسلم بالختان‪ ،‬وأخبر أنه‬


‫من سنن الفطرة‪ .‬والختان الشرعي‪ :‬هو قطع القلفة‬
‫الساترة لحشفة الذكر فقط‪ ،‬أما من يسلخ الجلد‬
‫الذي يحيط بالذكر‪ ،‬أو يسلخ الذكر كله‪ ،‬كما في بعض‬
‫البلدان المتوحشة‪ ،‬ويزعمون جهل ً منهم أن هذا هو‬
‫الختان المشروع ‪ -‬إنما هو تشريع من الشيطان زينه‬
‫للجهال‪ ،‬وتعذيب للمختون‪ ،‬ومخالفة للسنة المحمدية‬
‫والشريعة السلمية التي جاءت بالتيسير والتسهيل‬
‫والمحافظة على النفس‪.‬‬
‫وهو محرم؛ لعدة وجوه منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن السنة وردت بقطع القلفة الساترة لحشفة‬
‫الذكر فقط‪.‬‬
‫‪ -2‬أن هذا تعذيب للنفس وتمثيل بها‪ ،‬وقد نهى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة‪ ،‬وعن‬
‫صبر البهائم والعبث بها أو تقطيع أطرافها‪ ،‬فالتعذيب‬
‫لبني آدم من باب أولى‪ ،‬وهو أشد إثمًا‪.‬‬
‫‪ -3‬أن هذا مخالف للحسان والرفق الذي حث‬
‫عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله‪:‬‬
‫))إن الله كتب الحسان على كل شيء(( الحديث‪.‬‬
‫‪ -4‬أن هذا قد يؤدي إلى السراية وموت‬
‫قوا‬‫ول ت ُل ْ ُ‬
‫المختون‪ ،‬وذلك ل يجوز؛ لقوله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ُ َ )‪(1‬‬ ‫َ‬
‫ول‬ ‫ة﴾ وقوله سبحان‪َ ﴿ :‬‬ ‫هلك ِ‬‫م إ َِلى الت ّ ْ‬
‫ديك ُ ْ‬
‫ب ِأي ْ ِ‬

‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.195‬‬


‫‪69‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ما﴾‬
‫حي ً‬
‫)‪(1‬‬
‫ن ب ِك ُ ْ‬
‫م َر ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫قت ُُلوا أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ولهذا نص العلماء على أنه ل يجب الختان الشرعي‬
‫على الكبير إذا خيف عليه من ذلك‪.‬‬
‫أما التجمع رجال ً ونساء في يوم معلوم لحضور‬
‫الختان وإيقاف الولد متكشفا ً أمامهم فهذا حرام؛ لما‬
‫فيه من كشف العورة التي أمر الدين السلم‬
‫بسترها ونهى عن كشفها‪.‬‬
‫وهكذا الختلط بين الرجال والنساء بهذه‬
‫المناسبة ل يجوز؛ لما فيه من الفتنة‪ ،‬ومخالفة الشرع‬
‫المطهر‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ختان البنات‬
‫س‪ :‬فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز‬
‫مفتي عام المملكة العربية السعودية‬
‫حفظه الله‬
‫تقـوم بعض الدول السـلمية بختان الناث‬
‫معتقدة أن هـذا فرض أو سنة‪.‬‬
‫مجلة " المجلة " تقوم بإعداد موضوع صحفي‬
‫عن هذا الموضوع‪ ،‬ونظرا لهمية معرفة رأي الشرع‬
‫في هذا الموضوع‪ ،‬نرجو من سماحتكم إلقاء الضوء‬
‫على الرأي الشرعي فيه‪.‬‬
‫شاكرين ومقدرين لفضيلتكم هذه المشاركة‪،‬‬
‫وتمنياتنا لفضيلتكم موفور الصحة والسداد‪.‬‬
‫وتقبلـوا منا خالص التحيات‬
‫مسئول التحريـر بالنيابة‬
‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته وبعد‪:‬‬
‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.29‬‬
‫‪ -2‬من ضمن السئلة الموجهة من مجلة المجلة‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ختان البنات سنة‪ ،‬كختان البنين‪ ،‬إذا وجد من‬


‫يحسن ذلك من‬
‫الطباء أو الطبيبات؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬الفطرة خمس الختان والستحداد وقص‬
‫الشارب وتقليم الظفار ونتف الباط(( متفق على‬
‫صحته‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫ختان البنت سنة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ر‪ .‬ن ‪ -‬من أمريكا يقـول‪:‬‬
‫ما حـكم ختان البنات ؟ وهل هناك ضـوابط‬
‫معينة لذلك؟‬
‫ج‪ :‬بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪ :‬ختان البنات سنة‪ ،‬إذا‬
‫وجد طبيب يحسن ذلك أو طبيبة تحسن ذلك؛ لقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬الفطرة خمس الختان‬
‫والستحداد وقص الشارب وقلم الظفار ونتف‬
‫الباط(( متفق على صحته‪ .‬وهو يعم الرجال والنساء‬
‫ما عدا قص الشارب فهو من صفة الرجال‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1469‬بتاريخ ‪/ 6 / 28‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حلق شعر رأس البنت بعد ولدتها‬


‫)‪(2‬‬
‫وختانها‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫إلى حضرة الخت المكرمة‪ :‬ن‪ .‬س‪ .‬ر‪ .‬خ‪ .‬سلم‬
‫عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد في إدارة‬
‫البحوث العلمية والفتاء برقم ‪ 4312‬وتاريخ‬
‫‪ 1407 / 11 / 23‬هـ الذي تسألين فيه عن‪:‬‬
‫ختان البنات وحلق شعر البنت بعد‬
‫ولدتها‪ ..‬؟‬
‫ج‪ :‬وأفيدك‪ :‬أن السنة حلق رأس الطفل الذكر‬
‫عند تسميته في اليوم السابع فقط‪ ،‬أما النثى فل‬
‫يحلق رأسها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬كل‬
‫غلم مرتهن بعقيقته تذبح عند يوم سابعه ويحلق‬
‫ويسمى(( خرجه المام أحمد‪ ،‬وأصحاب السنن الربع‬
‫بإسناد حسن‪ .‬وأما الختان للنساء فهو مستحب‬
‫وليس بواجب؛ لعموم الحاديث الواردة في ذلك‪،‬‬
‫مثل قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬خمس من‬
‫الفطرة الختان وإلستحداد وقص الشارب ونتف‬
‫البط وحلق العانة(( متفق على صحته‪ .‬وفق الله‬
‫الجميع لما فيه رضاه‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪.‬‬

‫‪ -2‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ / 3398‬ب وتاريخ ‪/ 12 / 24‬‬


‫‪ 1407‬هـ‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم استعمال المناكير وهل تجب إزالته‬


‫)‪(2‬‬
‫عند الوضوء‬
‫س‪ :‬السائلة‪ :‬ص‪ .‬س ‪ -‬من الجوف تقول‬
‫في سؤالها‪:‬‬
‫هل في استعمال المرأة للمناكير التي‬
‫ُتطلى بها الظافر إثم ؟ وماذا تعمل عند‬
‫الوضوء ؟‬
‫ج‪ :‬ل نعلم شيئا ً في هذا‪ ،‬لكن تركه أولى؛ لعدم‬
‫الحاجة إليه‪ ،‬ولنه قد يحول دون وصول الماء إلى‬
‫البشرة عند الوضوء‪.‬‬

‫‪ -2‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (177‬لشهر ذي القعدة من‬


‫عام ‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والحاصل‪ :‬أن تركه أولى‪ ،‬والكتفاء بالحناء‪،‬‬


‫والذي عليه الوائل أولى‪ ،‬فإن استعملته المرأة‪،‬‬
‫فالواجب أن تزيله عند الوضوء؛ لنه ‪ -‬كما قلنا ‪-‬‬
‫يحول دون وصول الماء إلى البشرة‪ .‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫تطويل الظافر ووضع المناكير‬
‫س‪ :‬ما حكم تطويل الظافر ووضع‬
‫)مناكير( عليها‪ ،‬مع العلم أنني أتوضأ قبل‬
‫وضعه‪ ،‬ويجلس ‪ 24‬ساعة ثم أزيله ؟‬
‫ج‪ :‬تطويل الظافر خلف السنة‪ ،‬وقد ثبت عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬الفطرة‬
‫خمس الختان والستحداد وقص الشارب ونتف البط‬
‫وقلم الظفار(( ول يجوز أن تترك أكثر من أربعين‬
‫ليلة؛ لما ثبت عن أنس رضي الله عنه قال‪) :‬وقت لنا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب‪،‬‬
‫وقلم الظفر‪ ،‬ونتف البط‪ ،‬وحلق العانة‪ :‬أل نترك‬
‫شيئا ً من ذلك أكثر من أربعين ليلة(‪ ،‬ولن تطويلها‬
‫فيه تشبه بالبهائم وبعض الكفرة‪ .‬أما )المناكير(‬
‫فتركها أولى‪ ،‬وتجب إزالتها عند الوضوء؛ لنها تمنع‬
‫وصول الماء إلى الظفر‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (149‬لشهر جمادى الخرة‬


‫من عام ‪ 1410‬هـ‪ .‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‪ (1452‬بتاريخ ‪27‬‬
‫‪ 1415 / 2 /‬هـ‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم إطالة الظفار‬


‫س‪ :‬يلحظ أن بعض المصلين قد طالت‬
‫أظفارهم واحتشت بالوساخ‪ ،‬فهـل هـذا‬
‫يتفق مع الدين ؟ وهـل يصح وضوءهم ؟‬
‫ج‪ :‬الظفار يجب تعهدها قبل مضي أربعين ليلة‪.‬‬
‫لن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للناس‬
‫في قلم الظفار‪ ،‬وحلق العانة‪ ،‬ونتف البط‪ ،‬وقص‬
‫الشارب‪ :‬أل يترك ذلك أكثر من أربعين ليلة‪ ،‬هكذا‬
‫ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال أنس رضي الله عنه‪ ،‬وهو خادم رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪) :‬وقت لنا في قص الشارب‬
‫وقلم الظفر ونتف البط وحلق العانة أل نترك ذلك‬
‫أكثر من أربعين ليلة( أخرجه المام مسلم في‬
‫الصحيح‪ ،‬وأخرجه المام أحمد‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وجماعة‬
‫بلفظ‪) :‬وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أل‬
‫نترك الظفار والشارب وحلق العانة ونتف البط أكثر‬
‫من أربعين ليلة(‪.‬‬
‫فالواجب على النساء والرجال أن يلحظوا هذا‬
‫المر‪ ،‬فل يترك الظفر‪ ،‬ول الشارب‪ ،‬ول العانة ‪-‬‬
‫وهي‪ :‬الشعرة‪ ،-‬ول البط أكثر من أربعين ليلة‪،‬‬
‫والوضوء صحيح ل يبطله ما قد يقع تحت الظفر من‬
‫الوسخ؛ لنه يسير يعفى عنه‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪76‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫تخفيف شعر الحاجب‬
‫س‪ :‬ما حكم تخفيف الشعر الزائد من‬
‫الحاجب ؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز أخذ شعر الحاجبين‪ ،‬ول التخفيف‬
‫منهما؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬أنه‬
‫لعن النامصة والمتنمصة( وقد بين أهل العلم أن أخذ‬
‫شعر الحاجبين من النمص‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫إزالة الشعر النابت في وجه المرأة‬
‫س‪ :‬ما حكم إزالة الشعر الذي ينبت في‬
‫وجه المرأة ؟‬
‫ج‪ :‬هذا فيه تفصيل‪ :‬إن كان شعرا ً عاديا ً فل يجوز‬
‫أخذه؛ لحديث )لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫النامصة والمتنمصة( الحديث‪.‬‬
‫والنمص‪ :‬هو أخذ الشعر من الوجه والحاجبين‪.‬‬
‫أما إن كان شيئا ً زائدا ً يعتبر مثله تشويها للخلقة؛‬
‫كالشارب‪ ،‬واللحية‪ ،‬فل بأس بأخذه ول حرج؛ لنه‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1463‬بتاريخ ‪/ 5 / 15‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني‪ ،‬ص‬
‫‪.229‬‬
‫‪ -2‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء السادس‪ ،‬ص ‪.402‬‬
‫‪77‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يشوه خلقتها ويضرها‪ ،‬ول يدخل في النمص المنهي‬


‫عنه‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم وصل شعر النساء‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫الخ المكرم‪ :‬س‪ .‬أ‪ .‬ج‪ .‬سلمه الله‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد في إدارة‬
‫البحوث العلمية والفتاء برقم ‪ 1265‬وتاريخ‪:‬‬
‫‪ 1407 / 4 / 1‬هـ الذي تسأل فيه عن حكم‬
‫وصل شعر النساء‪.‬‬
‫ج‪ :‬وأفيدك‪ :‬بأن وصل الشعر ل يجوز‪ ،‬ول فرق‬
‫بين شعر بني آدم وغيره مما يوصل به الشعر؛‬
‫لعموم الحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ففي صحيح مسلم‪ ،‬عن أسماء بنت أبي بكر‬
‫رضي الله عنها قالت‪ :‬جاءت امرأة إلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إن لي ابنة‬
‫مّرق شعرها أفأصله؟ فقال‪:‬‬ ‫عريسا ً أصابتها حصبة فَت َ َ‬
‫))لعن الله الواصلة والمستوصلة(( وفيه أيضا ً عن‬
‫أبي الزبير‪ ،‬أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله‬

‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ 2 /1841‬وتاريخ ‪1407 / 7 / 1‬هـ‪.‬‬


‫‪78‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عنهما يقول‪) :‬زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن‬


‫تصل المرأة برأسها شيئًا(‬
‫وفق الله الجميع لما فيه رضاه‪ .‬والسلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫صبغ الشعر باللون السود‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ن‪ .‬أ‪ .‬م ‪ -‬من الرياض‬
‫تقول‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تصبغ شعر رأسها‬
‫باللون السود ؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمرأة ول غيرها تغيير الشيب بالصبغ‬
‫السود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬غيروا‬
‫هذا الشيب واجتنبوا السواد(( خرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫أما تغييره بغير السواد فل بأس‪ ،‬أو بالحناء‬
‫والكتم مخلوطين فل بأس إذا خرج اللون ليس‬
‫بأسود‪ ،‬بل بين السواد والحمرة‪.‬‬

‫حكم استعمال النساء خلطة لتنعيم‬


‫)‪(2‬‬
‫وصبغ الشعر‬
‫فضيلة الشيخ‪ :‬عبد العزيز بن باز حفظه‬
‫الله السلم عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‪:‬‬
‫تستعمل بعض النساء خلطة لتنعيم الشعر‪،‬‬
‫وهذه الخلطة مكونة من الحناء ومجموعة‬
‫من العشاب‪ ،‬من بين هذه العشاب عشب‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1218‬بتاريخ ‪/ 5 / 2‬‬


‫‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬الستفتاء بالمناولة من بيت سماحة الشيخ‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يصبغ الشعر بالسواد‪ ،‬فما حكم استعمال‬


‫هذه الخلطة ؟ علما ً بأنهن يستعملنها لغرض‬
‫تنعيم الشعر وليس لصبغه بالسواد‪ ،‬حيث إن‬
‫بعضهن يكون شعرها أسود‪ ،‬وما‬

‫‪81‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم استخدامها لمرأة شعرها أسود‬


‫لكن يوجد من بينه شعيرات بيضاء نبتت ليس‬
‫لكبر في السن فهي تستخدمها أيضاً لغرض‬
‫تنعيم شعرها ؟ أفيدونا في ذلك أفادكم الله‪.‬‬
‫وجزاكم الله خير الجزاء أم‪ /‬ع‪ .‬ق‬
‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته وبعده‪ :‬ل‬
‫حرج في استعمال المعجون المذكور لتنعيم الشعر‬
‫إذا كانت المرأة المستعملة لذلك ليس فيها شيب‪،‬‬
‫أما مع الشيب فل يجوز استعمال ما يجعل الشيب‬
‫أسود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬غيروا‬
‫هذا الشيب واجتنبوا السواد((‪.‬‬
‫وفق الله الجميع‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪.‬‬

‫حكم السلم في شعر الرأس الصناعي‬


‫)‪(1‬‬
‫)الباروكة(‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد ثبت في الصحيحين‪ ،‬عن معاوية رضي الله‬
‫عنه أنه خطب الناس على منبر رسول الله صلى‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في مجلة البحوث السلمية في العدد )‪ (45‬ص‬
‫‪.340 -337‬‬
‫‪82‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الله عليه وسلم‪ ،‬وتناول قصة من الشعر‪ ،‬كانت بيد‬


‫حرسي‪ ،‬فقال‪ :‬أين علماؤكم يا أهل المدينة ؟‬
‫سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى‬

‫‪83‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عن مثل هذه‪ ،‬ويقول‪)) :‬إنما هلكت بنو إسرائيل حين‬


‫اتخذ هذه نساؤهم((‪ ،‬وفي لفظ لمسلم‪)) :‬إنما عذب‬
‫بنو إسرائيل لما اتخذ هذه نساؤهم((‪.‬‬
‫وفي الصحيحين أيضًا‪ ،‬واللفظ لمسلم‪ ،‬عن سعيد‬
‫بن المسيب قال‪) :‬قدم معاوية المدينة فخطبنا‪،‬‬
‫وأخرج ك ُّبة من شعر فقال‪ :‬ما كنت أرى أن أحدا ً‬
‫يفعله إل اليهود‪ ،‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بلغه فسماه‪ :‬الزور(‪.‬‬
‫وفي لفظ آخر لمسلم‪ :‬أن معاوية رضي الله عنه‬
‫قال ذات يوم‪) :‬إنكم قد أحدثتم زي سوء‪ ،‬وإن نبي‬
‫الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزور(‪.‬‬
‫قال النووي رحمه الله في شرح مسلم‪ ،‬عند‬
‫كلمه على هذا الحديث‪) :‬قوله‪ :‬قصة من شعر‪ ،‬قال‬
‫الصمعي وغيره‪ :‬هي شعر مقدم الرأس المقبل على‬
‫الجبهة‪ ،‬وقيل‪ :‬شعر الناصية(‪ ،‬قال‪) :‬وقوله‪ :‬وأخرج‬
‫كبة من شعر هي‪ :‬بضم الكاف وتشديد الباء‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫شعر مكفوف بعضه على بعض‪ ،‬وقال صاحب‬
‫القاموس‪ :‬القصة بالضم‪ :‬شعر الناصية(‪.‬‬
‫وفي هذا الحديث‪ :‬الدللة الصريحة على تحريم‬
‫اتخاذ الرأس الصناعي‪ ،‬المسمى‪) :‬الباروكة(؛ لن ما‬
‫ذكره معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح‪ ،‬في حكم‬
‫القصة والكبة ينطبق عليه‪ ،‬بل ما اتخذه الناس اليوم‬
‫‪84‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫مما يسمى‪) :‬الباروكة(‪ ،‬أشد في التلبيس وأعظم في‬


‫الزور‪ ،‬إن لم يكن هو عين ما ذكره النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم عن بني إسرائيل فليس دونه‪ ،‬بل هو‬
‫أشد منه في الفتنة والتلبيس‬

‫‪85‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والزور‪ ،‬ويترتب عليه من الفتنة ما يترتب على القصة‬


‫والكبة‪ ،‬إن لم يكن هو عينهما‪ ،‬ول فرق في ذلك بين‬
‫الذكر والنثى؛ لن العلة تعمهما جميعًا‪.‬‬
‫وبذلك يكون محرما ً من وجوه أربعة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أنه من جملة المور التي نهى عنها النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم والصل في النهي‪ :‬التحريم؛ لقول‬
‫هاك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ما ن َ َ‬‫و َ‬‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬
‫ف ُ‬‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬ ‫و َ‬
‫الله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ب﴾‬‫قا ِ‬ ‫ديدُ ال ْ ِ‬
‫ع َ‬ ‫ش ِ‬‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫وات ّ ُ‬
‫هوا َ‬ ‫ه َ‬
‫فان ْت َ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫َ‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما نهيتكم عنه فاجتنبوه‬
‫وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم(( الحديث متفق‬
‫على صحته‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه زور وخداع‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه تشبه باليهود‪ ،‬وقد ثبت عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من تشبه بقوم‬
‫فهو منهم((‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أنه من موجبات العذاب والهلك؛ لقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إنما هلكت بنو إسرائيل لما‬
‫اتخذ مثل هذه نساؤهم(( ويؤيد ما ذكرنا من تحريم‬
‫اتخاذ هذا الرأس أنه أشد في التلبيس والزور‬
‫والخداع من وصل الشعر بالشعر‪ ،‬وقد ثبت عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين‬
‫وغيرهما‪) :‬أنه لعن الواصلة والمستوصلة(‪.‬‬
‫والواصلة‪ :‬هي التي تصل شعرها بشعر آخر‪،‬‬
‫ولهذا ذكر البخاري رحمه الله هذا الحديث ‪ -‬أعني‪:‬‬
‫حديث معاوية ‪ -‬في باب وصل الشعر؛ تنبيها ً منه‬
‫‪ -1‬سورة الحشر الية ‪.7‬‬
‫‪86‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫رحمه الله على أن اتخاذ مثل هذا الرأس الصناعي‬


‫في حكم‬
‫الوصل‪ ،‬وذلك يدل على فقهه رحمه الله‪ ،‬وسعة‬
‫علمه‪ ،‬ودقة فهمه‪ .‬ووجه ذلك‪ :‬أنه إذا كان وصل‬
‫المرأة شعرها بما يطوله أو يكثره ويكبره حراما ً‬
‫تستحق عليه اللعنة؛ لما في ذلك من الخداع‬
‫والتدليس والزور‪ ،‬فاتخاذ رأس كامل مزور أشد في‬
‫التدليس وأعظم في الزور والخداع‪ ،‬وهذا بحمد الله‬
‫واضح‪.‬‬
‫فالواجب على المسلمين محاربة هذا الحدث‬
‫الشنيع‪ ،‬وإنكاره‪ ،‬وعدم استعماله‪ ،‬كما يجب على‬
‫ولة المور ‪ -‬وفقهم الله ‪ -‬منعه‪ ،‬والتحذير منه؛ عمل ً‬
‫بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنفيذا ً‬
‫لمقتضاها‪ ،‬وحسما ً لمادة الفتنة‪ ،‬وحذرا ً من أسباب‬
‫الهلك والعذاب‪ ،‬وحماية للمسلمين من مشابهة‬
‫أعداء الله اليهود‪ ،‬وتحذيرا ً لهم مما يضرهم في‬
‫العاجل والجل‪.‬‬
‫والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬وأن‬
‫يفقههم في الدين‪ ،‬وأن يعيذهم من كل ما يخالفه‪،‬‬
‫وأن يوفق ولة أمرهم لكل ما فيه صلح العباد‬
‫والبلد‪ ،‬في المعاش والمعاد‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر‬
‫عليه‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم وضع الكحل في عين المرآة‬


‫)‪(1‬‬
‫للزينة‬
‫س‪ :‬تسأل‪ :‬أ‪ .‬أ ‪ -‬من القاهرة ‪ -‬مصر‪:‬‬
‫تزين المرأة بوضع )الكحل( في عينيها هل‬
‫يجوز؟‬

‫‪ -1‬نشرت في جريدة المسلمون‪.‬‬


‫‪88‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬يجوز تجمل المرأة بالكحل في عينيها بين‬


‫النساء‪ ،‬وعند الزوج والمحارم‪ ،‬أما عند الجنبي فل‬
‫يجوز كشفها لوجهها ول عينيها المكحلتين؛ لقوله‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫سأ َُلو ُ‬ ‫عا َ‬
‫فا ْ‬ ‫مَتا ً‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫مو ُ‬ ‫َ‬
‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫و ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾‬
‫ه ّ‬‫قلوب ِ ِ‬ ‫م َ‬‫قُلوب ِك ُ ْ‬‫هُر ل ِ ُ‬‫م أطْ َ‬ ‫ب ذَل ِك ُ ْ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ح َ‬‫ء ِ‬
‫وَرا ِ‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬
‫ول بأس باستعمال البرقع الذي تظهر فيه العينان أو‬
‫إحداهما‪ ،‬لكن من دون تكحل عند الجنبي‪ .‬والمراد‬
‫بالجنبي‪ :‬من ليس محرما للمرأة؛ كأخي زوجها‪ ،‬وعم‬
‫زوجها‪ ،‬وابن عمها‪ ،‬وابن خالها‪ ،‬ونحوهم‪ .‬سواء كانوا‬
‫مسلمين أو كفارا‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫نصيحة وتحذير من حلق اللحية‬
‫بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬وصلى الله وسلم‬
‫على رسوله وآله وصحبه‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد نشرت صحيفة المدينة في عددها الصادر‬
‫في يوم ‪ 1413 \ 4 \ 16‬هـ كلمة بعنوان‪) :‬حلقة‬
‫الشعر والذقن بالمجان(‪ ،‬بواسطة مندوبين من إدارة‬
‫جمعية القارة التعاونية‪.‬‬
‫ول شك أن هذا العمل منكر‪ ،‬ومجاهرة بالمعصية‪،‬‬
‫والدعوة إليها والعانة عليها‪ ،‬وقد صح عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬قصوا‬
‫‪ -1‬سورة الحزاب الية ‪.53‬‬
‫‪ -2‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ / 888‬خ وتاريخ ‪1413 / 4 / 21‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين((‪ ،‬وقال‬


‫عليه الصلة والسلم‪)) :‬قصوا الشوارب ووفروا‬
‫اللحى خالفوا المشركين(( وقال أيضا عليه الصلة‬
‫والسلم‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا‬
‫المجوس(( وكلها أحاديث صحيحة‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم امتثال أمر النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم والحذر من مخالفته‪ ،‬ومن التشبه‬
‫بأعداء الله ورسوله‪ ،‬والواجب على القائمين على‬
‫الجمعية والقائمين على الصحيفة التوبة إلى الله‬
‫سبحانه‪ ،‬والحذر من مثل هذا العمل المنكر‪.‬‬
‫أصلح الله حال الجميع‪ ،‬وأعاذنا وجميع المسلمين‬
‫من طاعة الهوى والشيطان‪ ،‬ومن المخالفة لما أمر‬
‫الله به ورسوله‪ ،‬إنه خير مسئول‪.‬‬
‫ولواجب النصح والتحذير جرى تحريره‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫نصيحة لمن يدعو لحلق الذقن‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة‬
‫المكرم رئيس تحرير جريدة عكاظ حفظه الله‪ .‬سلم‬
‫عليكم رحمة الله وبركاته‪ .‬وبعده‪:‬‬
‫فقد نشر في العدد الصادر بتاريخ ‪ 18‬شعبان‬
‫سنة ‪ 1393‬هـ من جريدتكم في صفحة )مجتمعنا(‬
‫كلمة قصيرة بعنوان‪) :‬الهمال تدمير للحياة‬
‫الزوجية(‪ ،‬وقد جاء فيها‪) :‬وبالمثل قد يصيب الهمال‬
‫الرجل الزوج فل يحلق ذقنه يوم العطلة فيبدو رثا‬
‫مهلهل مكتئبا(‪.‬‬
‫وبما أن هذا قول منكر‪ ،‬ودعوة إلى مخالفة‬
‫السنة النبوية‪ ،‬تنشر علنا في صحيفتكم ‪ -‬رأيت أن‬
‫من الواجب الكتابة لكم؛ نصحا لكم وللمسلمين‪،‬‬
‫وحذرا من العقوبة‪.‬‬
‫ومعلوم لكل عاقل ذي بصيرة أن خير القرون‬
‫قرن الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولم يكن في‬
‫ذلك القرن من يحلق ذقنه من الصحابة الكرام رضي‬
‫الله عنهم؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وامتثال لمره حيث قال‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا‬
‫اللحى خالفوا المجوس(( أخرجه مسلم في صحيحه‪،‬‬
‫وقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬قصوا الشوارب‬
‫وأعفوا اللحى خالفوا المشركين(( متفق على صحته‪،‬‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء السادس‪ ،‬ص ‪.375 ،374‬‬
‫‪91‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وحذرا من الوقوع في مخالفته صلى الله عليه‬


‫وسلم‪ ،‬ولن يصلح آخر هذه المة إل بما صلح به‬
‫أولها‪ ،‬ولكنه التقليد‬
‫العمى لعداء الله‪ ،‬والزهد في تعاليم الشريعة‬
‫السمحة جعل الكثير من الناس يقع في استبدال‬
‫الذي هو شر بالذي هو خير‪ ،‬ولم يقتصر ذلك على‬
‫وقوعه في المحذور بمفرده‪ ،‬بل تعدى ذلك إلى نشر‬
‫الدعوة إليه‪ ،‬كما جاء في جريدتكم‪ ،‬وقد قال صلى‬
‫الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‪)) :‬من دعا إلى‬
‫هدى كان له من الجر مثل أجور من تبعه ل ينقص‬
‫ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضللة كان عليه‬
‫من الثم مثل آثام من تبعه ل ينقص ذلك من آثامهم‬
‫شيئا((‪.‬‬
‫فالواجب عليكم الحذر من نشر كل ما ل تقره‬
‫الشريعة‪ ،‬والحرص على نشر هديها وتعاليمها‪ ،‬وأن‬
‫تكون جريدتكم مفتاح هدى ودليل رشد‪ ،‬ولم أعلم‬
‫بما ذكر إل في ‪ 1394 / 1 / 5‬هـ؛ ولهذا تأخر التنبيه‪.‬‬
‫وفقنا الله وإياكم لما يرضيه‪ ،‬وهدانا جميعا‬
‫صراطه المستقيم‪ ،‬وأعاذنا من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعمالنا‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫رئيس الجامعة السلمية بالمدينة المنورة‬

‫الجابة الصريحة على المناقشة‬


‫)‪(1‬‬
‫حول إعفاء اللحى وحلقها‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء السادس‪ ،‬ص ‪.376 ،375‬‬
‫‪92‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬


‫حضرة المكرم فضيلة الشيخ م‪ .‬د‪ .‬ع‪ .‬د‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫زاده الله من العلم واليمان وجعله مباركا‬


‫أينما كان آمين‪ .‬سلم عليكم رحمة الله‬
‫وبركاته أما بعد‪:‬‬
‫فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في ‪/ 13‬‬
‫‪ 1394 / 10‬هـ‪ ،‬وصلكم الله بحبل الهدى والتوفيق‪،‬‬
‫وما تضمنه من الفادة من أنه جرى بينك وبين بعض‬
‫المدرسين من خريجي الزهر مذاكرة في حكم‬
‫إعفاء اللحى وحلقها وتقصيرها‪ ،‬ولم يقتنع كل منكما‬
‫بقول الخر‪ ،‬ورغبتكم في الجابة الصريحة الشافية‬
‫في هذا الموضوع ‪ -‬كان معلومًا‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬قد ثبت عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم المر بإعفاء اللحى وإرخائها من حديث‬
‫ابن عمر في الصحيحين‪ ،‬ومن حديث أبي هريرة في‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬وورد في ذلك أحاديث أخرى في غير‬
‫الصحيحين‪ ،‬وكلها تدل على وجوب إعفاء اللحى‬
‫وإرخائها وتوفيرها‪ ،‬كما تدل على تحريم حلقها‬
‫وتقصيرها؛ لن الصل في الوامر الوجوب‪ ،‬والصل‬
‫في النهي التحريم‪ ،‬ول يجوز لحد أن يصرف‬
‫النصوص عن أصلها وظاهرها إل بحجة صحيحة‬
‫يحسن العتماد عليها‪ ،‬ول حجة لمن أخرج هذه‬
‫الحاديث عن أصلها وظاهرها وقال‪ :‬إنها ل تدل على‬
‫الوجوب‪ ،‬أو ل تدل على تحريم الحلق والتقصير‪.‬‬
‫أما الحديث الذي رواه الترمذي‪ ،‬عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬أن النبي صلى الله عليه وسلم كان‬
‫‪94‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يأخذ من لحيته من طولها وعرضها فهو حديث باطل‬


‫عند أهل العلم؛ لن في إسناده عمر بن هارون‬
‫البلخي‪ ،‬وهو من المتهمين بالكذب عند أكثر أئمة‬
‫الحديث ونقاده‪ ،‬كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر‬
‫في )تهذيب التهذيب وتقريبه(‪ ،‬وكما ذكر ذلك الذهبي‬
‫في )الميزان(‪.‬‬
‫وقد جمع أخونا العلمة الشيخ عبد الرحمن بن‬
‫قاسم العاصي رحمه الله رسالة في هذه المسألة‬
‫نشفع لكم نسختين منها‪ ،‬وأرجو أن يكون فيها وفيما‬
‫ذكرنا الكفاية والجواب الشافي لسؤالكم‪.‬‬
‫وأسأل الله أن يمنحنا وإياكم وسائر إخواننا الفقه‬
‫في دينه والثبات عليه‪ ،‬وأن يعيذنا جميعا من مضلت‬
‫الفتن‪ ،‬إنه سميع قريب‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪.‬‬
‫رئيس الجامعة السلمية بالمدينة المنورة‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم حلق العارضين والذقن‬
‫س‪ :‬ما حكم حلق العارضين وترك الذقن؟‬
‫ج‪ :‬اللحية عند أئمة اللغة‪ :‬هي ما نبت على‬
‫الخدين والذقن‪.‬‬
‫فل يجوز للمسلم أن يأخذ شعر الخدين‪ ،‬بل يجب‬
‫توفير ذلك مع الذقن؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الخامس‪ ،‬ص ‪.291 ،290‬‬
‫‪95‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المشركين(( متفق عليه‪ ،‬وقوله عليه الصلة‬


‫والسلم‪)) :‬قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا‬
‫المشركين(( رواه البخاري في الصحيح‪ .‬وقال ابن‬
‫عمر رضي الله عنه‪) :‬إن الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم أمرنا بإحفاء الشوارب وإرخاء اللحى( متفق‬
‫على صحته‪،‬‬
‫وروى مسلم في الصحيح‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس((‪.‬‬
‫فيجب على المؤمنين توفير اللحية‪ ،‬وقص‬
‫الشارب‪ ،‬كما أمر بذلك نبينا وإمامنا محمد عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وفي ذلك خير عظيم وإحياء للسنة‪،‬‬
‫مع التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وامتثال‬
‫أمره‪ ،‬وفي ذلك ترك مشابهة المشركين‪ ،‬والبعد عن‬
‫مشابهة النساء‪ .‬والواجب على المؤمن أن ل يغتر‬
‫بكثرة الحالقين‪ ،‬وأل يتأسى بهم؛ لكونهم قد خالفوا‬
‫الشرع المطهر‪ ،‬وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم الذي بعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا‪ ،‬الذي قال‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫فيه جل وعل‪َ ﴿ :‬‬
‫هوا﴾)‪ (1‬وقال فيه سبحانه‪﴿ :‬‬ ‫فان ْت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هاك ُ ْ‬ ‫نَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫صيب َ ُ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ر ِ‬‫م ِ‬‫نأ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬
‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حذ َ‬‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫م﴾)‪ (2‬وقال عز وجل‪﴿ :‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ِ‬
‫ري‬ ‫ج ِ‬‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫خل ْ ُ‬‫ه ي ُدْ ِ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن ي ُطِ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫وُز‬ ‫ْ‬
‫ك ال َ‬ ‫وذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ف ْ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫هاُر َ‬ ‫ها الن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫‪ -1‬سورة الحشر الية ‪.7‬‬
‫‪ -2‬سورة النور الية ‪.63‬‬
‫‪96‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عدّ‬
‫وي َت َ َ‬‫ه َ‬‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬‫ص الل ّ َ‬ ‫ع ِ‬‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬‫و َ‬ ‫م* َ‬ ‫ظي ُ‬
‫ع ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ب‬‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬
‫ه َ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ها َ‬‫في َ‬‫دا ِ‬ ‫خال ِ ً‬
‫ه َناًرا َ‬‫خل ْ ُ‬‫دودَهُ ي ُدْ ِ‬
‫ح ُ‬ ‫ُ‬
‫ن﴾ في آيات كثيرات يحث فيها سبحانه على‬ ‫)‪(1‬‬
‫هي ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ويحذر‬
‫فيها من معصية الله سبحانه ومعصية رسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫حكم إعفاء اللحية‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على رسول‬
‫الله‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فقد سألني بعض الخوان عن السئلة التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬هل تربية اللحية واجبة أو جائزة؟‬
‫‪ -2‬هل حلقها ذنب أو إخلل بالدين؟‬
‫‪ -3‬هل حلقها جائز مع تربية الشنب؟‬
‫والجواب عن هذه السئلة‪:‬‬
‫أن نقول‪ :‬صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما‬
‫أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين‪ ،‬من حديث‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أحفوا الشوارب ووفروا‬
‫اللحى خالفوا المشركين(( وفي صحيح مسلم‪ ،‬عن‬
‫‪ -1‬سورة النساء اليتان ‪.14 – 13‬‬
‫‪ -2‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الثالث‪ .‬ص ‪.363 ،362‬‬
‫‪97‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول الله‬


‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا‬
‫اللحى خالفوا المجوس(( وخرج النسائي في سننه‬
‫بإسناد صحيح‪ ،‬عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من لم يأخذ‬
‫من شاربه فليس منا(( قال العلمة الكبير والحافظ‬
‫الشهير أبو محمد ابن حزم‪) :‬اتفق العلماء على أن‬
‫قص الشارب وإعفاء اللحية فرض(‪ .‬ا هـ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والحاديث في هذا الباب وكلم أهل العلم ‪ -‬فيما‬


‫يتعلق بإحفاء الشوارب وتوفير اللحى وإكرامها‬
‫وإرخائها ‪ -‬كثير ل يتيسر استقصاء الكثير منه في هذه‬
‫الكلمة‪.‬‬
‫ومما تقدم من الحاديث‪ ،‬وما نقله ابن حزم من‬
‫الجماع يعلم الجواب عن السئلة الثلثة‪.‬‬
‫وخلصته‪ :‬أن تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها‬
‫فرض ل يجوز تركه؛ لن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم أمر بذلك‪ ،‬وأمره على الوجوب‪ ،‬كما قال الله‬
‫ما‬
‫و َ‬
‫ذوهُ َ‬‫خ ُ‬ ‫ل َ‬
‫ف ُ‬ ‫سو ُ‬
‫م الّر ُ‬‫ما آَتاك ُ ُ‬ ‫و َ‬
‫عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫هوا﴾)‪.(1‬‬ ‫ه َ‬
‫فان ْت َ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫م َ‬‫هاك ُ ْ‬
‫نَ َ‬
‫وهكذا قص الشارب واجب‪ ،‬وإحفاؤه أفضل‪ ،‬أما‬
‫توفيره أو اتخاذ الشنبات فذلك ل يجوز‪ .‬لنه يخالف‬
‫قول النبي صلى الله عليه وسلم ))قصوا الشوارب((‬
‫و‪)) :‬أحفوا الشوارب(( و‪)) :‬جزوا الشوارب(( و‪:‬‬
‫))من لم يأخذ من شاربه فليس منا((‪.‬‬
‫وهذه اللفاظ الربعة كلها جاءت في الحاديث‬
‫الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وفي‬
‫اللفظ الخير وهو قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫لم يأخذ من شاربه فليس منا(( وعيد شديد‪ ،‬وتحذير‬
‫أكيد‪ ،‬وذلك يوجب للمسلم الحذر مما نهى الله عنه‬
‫ورسوله‪ ،‬والمبادرة إلى امتثال ما أمر الله به‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫ومن ذلك يعلم أيضا أن إعفاء الشارب واتخاذ‬
‫الشنبات ذنب من الذنوب‪ ،‬ومعصية من المعاصي‪،‬‬
‫وهكذا حلق اللحية وتقصيرها من جملة الذنوب‬
‫‪ -1‬سورة الحشر الية ‪.7‬‬
‫‪99‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والمعاصي التي تنقص اليمان وتضعفه‪ ،‬ويخشى منها‬


‫حلول‬

‫‪100‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫غضب الله ونقمته‪.‬‬


‫وفي الحاديث المذكورة آنفا الدللة على أن‬
‫إطالة الشوارب وحلق اللحى وتقصيرها من مشابهة‬
‫المجوس والمشركين‪ .‬وقد علم أن التشبه بهم منكر‬
‫ل يجوز فعله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))من تشبه بقوم فهو منهم((‪.‬‬
‫وأرجو أن يكون في هذا الجواب كفاية ومقنع‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪ .‬وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫معمد‪ ،‬وآله وصحبه‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وجوب إعفاء اللحية‬
‫س‪ :‬سائل من المملكة المغربية‪ ،‬أرسل‬
‫سؤال واحدا يقول فيه‪ :‬هل يعد إعفاء اللحية‬
‫من الشياء التي يجب توافرها في المسلم؟‬
‫ج‪ :‬يجب على المسلم توفير لحيته‪ ،‬وإعفاؤها‪،‬‬
‫وإرخاؤها؛ امتثال لمر سيد الولين والخرين ورسول‬
‫رب العالمين‪ :‬محمد بن عبد الله‪ ،‬عليه من ربه‬
‫أفضل الصلة والتسليم‪ ،‬حيث قال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا‬
‫المشركين(( متفق على صحته‪ ،‬من حديث ابن عمر‬
‫رضي عنهما‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬جزوا‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثالث ص ‪.365 ،364‬‬
‫‪101‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس(( أخرجه‬


‫مسلم في صحيحه‪ ،‬من حديث أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ومعلوم أن الخير كله في الدنيا والخرة إنما‬


‫يتحقق بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫واتباعه‪ ،‬وأن الشر كله في معصية الله ورسوله‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫واتباع الهوى والشيطان‪ ،‬قال تعالى‪ُ ﴿ :‬‬
‫م‬‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬ ‫عوِني ي ُ ْ‬ ‫فات ّب ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫تُ ِ‬
‫وآث ََر‬ ‫ن طَ َ‬ ‫ذُُنوبك ُم﴾)‪ (1‬وقال تعالى‪َ َ ﴿ :‬‬
‫غى َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫َ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ما‬ ‫وأ ّ‬ ‫وى َ‬ ‫مأ َ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ج ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫حَياةَ الدّن َْيا َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫وى‬ ‫ه َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫هى الن ّ ْ‬ ‫ون َ َ‬
‫ه َ‬ ‫م َرب ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫وى﴾ وذم سبحانه المشركين‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مأ َ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ِ‬ ‫جن ّ َ‬‫ن ال َ‬ ‫فإ ِ ّ‬
‫)‪(2‬‬

‫لتباعهم الظن والهوى‪ ،‬فقال عز وجل في سورة‬


‫وى‬ ‫ه َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ِإل الظّ ّ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َت ّب ِ ُ‬ ‫النجم‪﴿ :‬إ ِ ْ‬
‫‪000‬‬
‫دى﴾‬ ‫ه َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫جاءَ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ُ‬ ‫اْل َن ْ ُ‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬كل أمتي يدخلون‬
‫الجنة إل من أبى(( قيل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ومن يأبى؟!‬
‫قال‪)) :‬من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد‬
‫أبى(( رواه البخاري في صحيحه‪.‬‬
‫واليات والحاديث في المر بطاعة الله ورسوله‬
‫والنهي عن معصية الله ورسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم كثيرة جدا‪ .‬ونسأل الله أن يوفق المسلمين‬
‫جميعا لطاعة ربهم وتوحيده‪ ،‬والخلص له‪ ،‬واتباع‬
‫رسوله محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والتمسك بما‬
‫جاء به‪ ،‬إنه سميع قريب‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة آل عمران الية ‪.31‬‬


‫‪ -2‬سورة النازعات اليات ‪.41 – 37‬‬
‫‪103‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪104‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫جواب مهم يتعلق بحكم حلق اللحى‬


‫)‪(1‬‬
‫والمعاصي وهل تحبط بها العمال‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫حضرة الخ المكرم رئيس تحرير جريدة عرب‬
‫نيوز وفقه الله‪.‬‬
‫سلم عليكم رحمة الله وبركاته أما بعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت على ترجمة ما جاء في جريدتكم‬
‫عدد يوم الجمعة الموافق ‪ 1984 / 2 / 24‬م‬
‫صفحة )‪ ،(7‬في الصفحة المخصصة للديانة‬
‫جواب السؤال التالي الذي وردكم من‪ :‬س‪ .‬ر‪.‬‬
‫خ ‪ -‬من جدة‪.‬‬

‫وهذا نص السؤال‪ :‬ما حكم السلم عن‬


‫اللحية والشارب؟ هل يوجد عقاب معين بعد‬
‫الوفاة للذي يحلق اللحية؟ هل حالق اللحية‬
‫يفقد ثواب عبادته والعمال الصالحة التي‬
‫يأتي بها في حياته؟‬
‫فرأيت الجواب الذي نشرته الجريدة‬
‫قاصرا وليس وافيا بالمطلوب‪.‬‬
‫والجواب الصحيح‪ :‬أن يقال‪ :‬إن إعفاء اللحية‬
‫وقص الشارب أمر مفترض من الشارع صلى الله‬
‫عليه وسلم حيث قال فيما صح عنه‪)) :‬قصوا‬
‫الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين(( متفق‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.367 ،366‬‬
‫‪105‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫على صحته‪ .‬وروى مسلم في صحيحه‪ ،‬عن أبي‬


‫هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا اللحى‬
‫خالفوا المجوس((‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما‬


‫كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها‪ ،‬وعدم‬
‫التعرض لها بقص أو حلق‪ ،‬وعلى وجوب قص‬
‫الشارب‪ ،‬ولم يرد في ذلك عقوبة معينة‪ ،‬ولكن‬
‫الواجب على المسلم‪ :‬أن يمتثل أمر الله سبحانه‬
‫وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأن ينتهي عما‬
‫نهى الله عنه ورسوله ولو لم يرد في ذلك عقاب‬
‫معين‪.‬‬
‫ويجوز لولي المر أن يعاقب من خالف الوامر‬
‫والنواهي بما يراه من العقوبات الرادعة فيما دون‬
‫عقوبات الحدود؛ ردعا للناس عن ارتكاب محارم الله‬
‫والتعدي على حدوده‪.‬‬
‫وقد ثبت عن الخليفة الراشد عثمان بن عفان‬
‫رضي الله عنه أنه قال‪) :‬إن الله يزع بالسلطان ما ل‬
‫يزع بالقرآن(‪.‬‬
‫ومن مات على ذلك فهو تحت مشيئة الله كسائر‬
‫المعاصي إن شاء غفر له وإن شاء سبحانه عاقبه بما‬
‫يستحق على ما فعله من المعاصي‪ ،‬ومن جملة ذلك‬
‫ن‬
‫حلق اللحى‪ ،‬وإطالة الشوارب‪ ،‬قال الله تعالى‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ن ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫دو َ‬
‫ما ُ‬
‫فُر َ‬‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫شَر َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫فُر أ ْ‬
‫غ ِ‬
‫ه ل يَ ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫شاءُ﴾)‪ (1‬وقد دلت هذه الية الكريمة على أن‬ ‫ن يَ َ‬
‫م ْ‬ ‫لِ َ‬
‫جميع الذنوب التي دون الشرك تحت مشيئة الله‬
‫سبحانه‪ ،‬وهذا هو قول أهل السنة والجماعة‪ ،‬خلفا‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.116‬‬


‫‪107‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهما من أهل‬


‫البدع‪.‬‬
‫وبذلك يعلم أن حلق اللحى وإطالة الشوارب‬
‫وغيرهما من المعاصي التي دون الشرك ل تحبط‬
‫العمال الصالحة ول تبطل ثوابها‪،‬‬
‫ولكنها تنقص اليمان وتضعفه‪ ،‬وإنما تحبط العمال‬
‫بالشرك وأنواع الكفر الكبر ل بالمعاصي‪ ،‬كما قال‬
‫ما َ‬
‫كاُنوا‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫عن ْ ُ‬
‫ط َ‬ ‫حب ِ َ‬ ‫كوا ل َ َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫و أَ ْ‬‫ول َ ْ‬
‫الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ي إ ِل َي ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ول َ َ‬
‫ك‬ ‫ح َ‬ ‫قدْ أو ِ‬ ‫ن﴾ وقال عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫حب َطَ ّ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬‫شَرك ْ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ك ل َئ ِ ْ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫ذي َ‬ ‫وإ َِلى ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ واليات في‬ ‫)‪(2‬‬
‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫َ‬
‫ولت َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ُ‬
‫مل َ‬ ‫ع َ‬‫َ‬
‫هذا المعنى كثيرة‪ .‬ونسأل الله للجميع الهداية‬
‫والتوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫إجبار الطالب العسكري على حلق‬


‫)‪(3‬‬
‫لحيته‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته بعده‪:‬‬
‫يا محب‪ ،‬كتابك الكريم المؤرخ في ‪10 / 9‬‬
‫‪ 1988 /‬م وصل وصلك الله بهداه‪ ،‬وما‬
‫تضمنه من الفادة‪ :‬بأنك قد التحقت بالكلية‬
‫الكاديمية العربية للنقل البحري في‬
‫جمهورية مصر العربية‪ ،‬وأن النظام لديها‬
‫‪ -1‬سورة النعام الية ‪.88‬‬
‫‪ -2‬سورة الزمر الية ‪.65‬‬
‫‪ -3‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪.442 ،441‬‬
‫‪108‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يجبر الطالب على حلق لحيته‪ ..‬وطلبك‬


‫النصيحة والتوجيه حول الموضوع‪ ..‬إلخ كان‬
‫معلوما‪ .‬وعليه نشكرك على حسن عنايتك‬
‫وسؤالك عما يهمك من أمر دينك‪ ،‬ونسأل‬
‫الله لنا ولك الفقه في دينه‪ ،‬والثبات عليه‪.‬‬
‫ج‪ :‬ونفيدك‪ :‬بأنه قد ثبت عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬قصوا الشوارب وأعفوا‬
‫اللحى خالفوا المشركين(( متفق على‬
‫صحته‪ ،‬من حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬وفي‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬جزوا‬
‫الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس((‪.‬‬
‫وبناء على ذلك أوصيك بترك الكلية المذكورة‪،‬‬
‫والنتقال إلى غيرها إذا أجبرت على حلق لحيتك‪،‬‬
‫وسوف يجعل الله لك فرجا ومخرجا؛ لقوله سبحانه‪:‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫ق ُ‬‫وي َْرُز ْ‬
‫جا َ‬‫خَر ً‬‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫ل لَ ُ‬‫ع ْ‬‫ج َ‬‫ه يَ ْ‬‫ق الل ّ َ‬‫ن ي َت ّ ِ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬‫﴿ َ‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ف ُ‬‫ه َ‬‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬‫ن ي َت َ َ‬
‫م ْ‬‫و َ‬‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬‫ث ل يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬‫َ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫سب ُ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫وعليك أن تلتزم التقوى والتوبة من حلق لحيتك‪،‬‬
‫وأل تعود إلى ذلك ومن تاب تاب الله عليه؛ لقوله‬
‫م َ‬
‫ل‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫م َ‬
‫وآ َ‬
‫ب َ‬
‫ن َتا َ‬
‫م ْ‬
‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬
‫غ ّ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫دى﴾ ‪.‬‬ ‫هت َ َ‬
‫ما ْ‬ ‫حا ث ُ ّ‬
‫صال ِ ً‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬

‫‪ -1‬سورة الطلق اليتان ‪.3 – 2‬‬


‫‪ -2‬سورة طه الية ‪.82‬‬
‫‪109‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ونوصيك أيضا باللتحاق بإحدى الجامعات‬


‫السعودية؛ كالجامعة السلمية بالمدينة المنورة‪ ،‬أو‬
‫جامعة الملك عبد العزيز في جدة‪ ،‬أو جامعة أم‬
‫القرى بمكة المكرمة‪ ،‬أو غيرها من الجامعات‬
‫والكليات الخرى في المملكة‪.‬‬
‫ونحن مستعدون لمساعدتك في ذلك إذا كتبت‬
‫إلينا بذلك‪ ،‬وأرفقت صورة من مؤهلتك وتزكية من‬
‫صاحب الفضيلة رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية‬
‫بالقاهرة الشيخ محمد علي عبد الرحيم‪ .‬هذا ونسأل‬
‫الله لنا ولك وللمسلمين التوفيق لما يرضيه‪ ،‬وحسن‬
‫العاقبة‪ ،‬وصلح النية والعمل‪ ،‬إنه سبحانه خير‬
‫مسئول‪.‬‬

‫حكم حلق اللحية في حق العسكري‬


‫وهل شرب الدخان من جنس حلق‬
‫)‪(1‬‬
‫اللحية‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫حضرة الخ المكرم‪ ..‬وفقه الله‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫سلم عليكم رحمة الله وبركاته‪ ،‬بعده‪:‬‬
‫كتابكم المؤرخ ‪ 1395 / 8 / 4‬هـ وصل‬
‫وصلكم الله بهداه‪ ،‬وما تضمنه من السئلة‬
‫كان معلوما‪ ،‬وهذا نصها وجوابها‪ :‬الول‪:‬‬
‫ما حكم حلق اللحية في حق العسكري‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.370 ،368‬‬
‫‪110‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الذي يؤمر بذلك‪ ،‬وما حكم من قال في‬


‫حق المحلوق‪ :‬أنه مخنث؟‬
‫ج‪ :‬حلق اللحية ل يجوز‪ ،‬وهكذا قصها؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬قصوا الشوارب‬
‫وأرخوا اللحى خالفوا المشركين(( وقوله عليه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا اللحى‬
‫خالفوا المجوس(( والواجب على المسلم‪ :‬طاعة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء؛‬
‫َ‬
‫مُنوا‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫لقول الله سبحانه‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ل وُأوِلي اْل َ‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫عوا‬
‫ُ‬ ‫طي‬
‫ِ‬
‫أ َطيعوا الل ّه وأ َ‬
‫ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫م﴾ الية‪ ،‬وأولي المر‪ :‬هم المراء والعلماء‪،‬‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫)‪( 1‬‬
‫ِ‬
‫والواجب طاعتهم فيما يأمرون به ما لم يخالف‬
‫الشرع‪ ،‬فإذا خالف الشرع ما أمروا به لم تجب‬
‫طاعتهم‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.59‬‬


‫‪111‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫في ذلك الشيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬


‫))إنما الطاعة في المعروف(( وقوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪)) :‬ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق((‬
‫وحكومتنا بحمد الله ل تأمر الجندي ول غيره بحلق‬
‫اللحية‪ ،‬وإنما يقع ذلك من بعض المسئولين وغيرهم‪،‬‬
‫فل يجهز أن يطاعوا في ذلك‪ ،‬والواجب أن يخاطبوا‬
‫بالتي هي أحسن‪ ،‬وأن يوضح لهم أن طاعة الله‬
‫ورسوله مقدمة على طاعة غيرهما‪.‬‬
‫أما قول بعض الوعاظ‪ :‬أن حالق لحيته مخنث‪،‬‬
‫فهذا كلم قاله بعض العلماء المتقدمين‪ ،‬ومعناه‬
‫المتشبه بالنساء؛ لن التخنث هو‪ :‬التشبه بالنساء‪،‬‬
‫وليس معناه أنه لوطي‪ ،‬كما يظنه بعض العامة اليوم‪،‬‬
‫والذي ينبغي للواعظ وغيره أن يتجنب هذه العبارة؛‬
‫لنها موهمة‪ ،‬فإن ذكرها فالواجب بيان معناها حتى‬
‫يتضح للسامعين مراده‪ ،‬وحتى ل يقع بينه وبينهم ما ل‬
‫تحمد عقباه‪ ،‬ولن المقصود من الوعظ والتذكير‪ :‬هو‬
‫إرشاد المستمعين وتوجيههم إلى الخير‪ ،‬وليس‬
‫المقصود تنفيرهم من الحق وإثارة غضبهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما حكم شرب الدخان‪ ،‬وهل هو‬
‫من جنس حلق اللحية؟‬
‫ج‪ :‬شرب الدخان من المحرمات؛ لكونه من‬
‫الخبائث التي حرمها الله‪ ،‬ولنه يشتمل على أضرار‬
‫سأ َُلون َ َ‬
‫ك‬ ‫كثيرة‪ ،‬والدليل على تحريمه قوله تعالى‪﴿ :‬ي َ ْ‬

‫‪112‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ت﴾)‪ (1‬الية‪،‬‬ ‫م الطّي َّبا ُ‬ ‫ل ل َك ُ ُ‬


‫ح ّ‬‫ل أُ ِ‬
‫ق ْ‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫ل لَ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ذا أ ُ ِ‬
‫ما َ‬ ‫َ‬
‫وقوله عز وجل في وصف نبيه محمد صلى الله عليه‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫م َ َ‬ ‫م الطّي َّبا ِ‬ ‫ل لَ ُ‬‫ح ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫حّر ُ‬ ‫وي ُ َ‬
‫ت َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫وسلم‪َ ﴿ :‬‬
‫ث﴾)‪ (2‬الية‪.‬‬ ‫خَبائ ِ َ‬‫ال ْ َ‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.4‬‬


‫‪ -2‬سورة العراف الية ‪.157‬‬
‫‪113‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد فسر العلماء الطيبات بأنها‪ :‬الطعمة‬


‫والشربة المغذية النافعة التي ل ضرر فيها‪ ،‬ومعلوم‬
‫أن الدخان ليس بهذا الوصف‪ ،‬بل هو من الخبائث‬
‫الضارة المحرمة‪ ،‬وهو أعظم من حلق اللحى من‬
‫بعض الوجوه‪ ،‬وحلق اللحى أعظم منه من وجوه‬
‫أخر؛ لن حلق اللحية معصية ظاهرة يراها الناس في‬
‫وجه صاحبها‪ ،‬ولن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫أمر بإعفاء اللحى وإرخائها وتوفيرها‪ ،‬وقص الشوارب‬
‫وإحفائها‪.‬‬
‫أما الدخان فقد يستتر به صاحبه ول يطلع عليه‬
‫الناس‪ ،‬فليس مثل حلق اللحية‪ ،‬لكنه أضر على البدن‬
‫والعقل والمال من حلق اللحية‪ ،‬ولنه يؤذي من لم‬
‫يعتده فهو منكر يضر صاحبه ويضر غيره برائحته‬
‫الكريهة‪.‬‬
‫وبالجملة‪ :‬فشرب الدخان وحلق اللحى كلهما‬
‫منكر‪ ،‬ومضر بالمجتمع‪ ،‬وسبب لفساد عظيم‪ ،‬مع ما‬
‫في ذلك من المخالفة الظاهرة للشريعة السلمية‪،‬‬
‫ومع ما في ذلك أيضا من المضار القتصادية‪ ،‬ولن‬
‫ذلك أيضا قد يفضي إلى تأسي ذرية من يفعل ذلك‬
‫وأهل بيته وأصدقائه به في هذه المعصية‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم حلق اللحية مضطرا ً من يعمل‬


‫)‪(1‬‬
‫في الجيش‬
‫س‪ :‬أنا في الجيش وأحلق لحيتي دائما‪،‬‬
‫وذلك غصب عني‪ ،‬هل هذا حرام أم ل؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز حلق اللحية‪ .‬لن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أمر بإعفائها وإرخائها في أحاديث‬
‫صحيحة‪ ،‬وأخبر صلى الله عليه وسلم أن في‬
‫إعفائها وإرخائها مخالفة للمجوس والمشركين‪،‬‬
‫وكان عليه الصلة والسلم كث اللحية‪ ،‬وطاعة‬
‫الرسول واجبة علينا‪ ،‬والتأسي به في أخلقه‬
‫وأفعاله من أفضل العمال؛ لن الله سبحانه‬
‫في رسول الل ّ ُ‬
‫ة‬
‫و ٌ‬ ‫س َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫يقول‪﴿ :‬ل َ َ‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ة﴾ وقال عز وجل‪َ ﴿ :‬‬ ‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬
‫)‪( 2‬‬
‫َ‬
‫هوا﴾ وقال‬ ‫فان ْت َ ُ‬ ‫ه َ‬‫عن ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫هاك ُ ْ‬ ‫ما ن َ َ‬ ‫و َ‬‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫) ‪(3‬‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ع ْ‬‫ن َ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حذ َ‬ ‫فل ْي َ ْ‬‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬ ‫َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬‫و يُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫) ‪(4‬‬

‫والتشبه بالكفار من أعظم المنكرات‪ ،‬ومن‬


‫أسباب الحشر معهم يوم القيامة؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من تشبه بقوم فهو‬
‫منهم(( فإذا كنت في عمل تلزم فيه بحلق لحيتك‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.377 ،376‬‬
‫‪ -2‬سورة الحزاب الية ‪.21‬‬
‫‪ -3‬سورة الحشر الية ‪.7‬‬
‫‪ -4‬سورة النور الية ‪.63‬‬
‫‪115‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فل تطعهم في ذلك؛ لن الرسول صلى الله عليه‬


‫وسلم قال‪)) :‬ل طاعة لمخلوق في معصية‬
‫الخالق(( فإن ألزموك بحلقها فاترك هذا العمل‬
‫الذي يجرك لفعل ما يغضب الله‪ ،‬وأسباب الرزق‬
‫الخرى كثيرة ميسرة ولله الحمد‪ ،‬ومن ترك شيئا‬
‫لله عوضه الله خيرا منه‪.‬‬
‫وفقك الله‪ ،‬ويسر أمرك‪ ،‬وثبتنا وإياك على‬
‫دينه‪.‬‬

‫وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو‬


‫)‪(1‬‬
‫تقصيرها‬
‫بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫رسول الله‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فقد نشرت صحيفة المدينة في عددها الصادر‬
‫في ‪ 1415 / 1 / 24‬هـ مقال للشيخ محمد بن علي‬
‫الصابوني عفا الله عنا وعنه‪ ،‬يتضمن ما نصه‪:‬‬
‫ومما يتعلق بالصورة والمظهر‪ :‬أن يهذب المسلم‬
‫شعره‪ ،‬ويقص أظافره‪ ،‬ويتعاهد لحيته‪ ،‬فل يتركها‬
‫شعثة مبعثرة‪ ،‬دون تشذيب أو تهذيب‪ ،‬ول يتركها‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.370 – 368‬‬
‫‪116‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تطول بحيث تخيف الطفال‪ ،‬وتفزع الرجال‪ ،‬فكل‬


‫شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده‪ ،‬فمن الشباب‬
‫من يظن أن أخذ أي شيء من اللحية حرام‪ ،‬فنراه‬
‫يطلق لها العنان حتى تكاد تصل إلى سرته‪ ،‬ويصبح‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ت َ َ‬ ‫و اطّل َ ْ‬ ‫في مظهره كأصحاب الكهف‪﴿ :‬ل َ ِ‬
‫ع)ل‪1‬ي(ْ ِ‬ ‫ع َ‬
‫عًبا﴾ ‪...‬‬ ‫م ُر ْ‬ ‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫ت ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫مل ِئ ْ َ‬ ‫فَراًرا َ‬
‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ول ّي ْ َ‬
‫ت ِ‬ ‫لَ َ‬
‫إلخ ما ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعن‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما‪.‬‬
‫ولما كان في هذا الكلم مخالفة للسنة الصحيحة‪،‬‬
‫وإباحة لتشذيب اللحية وتقصيرها‪ ،‬رأيت أن من‬
‫الواجب‪ :‬التنبيه على ما تضمنه كلمه ‪ -‬وفقه الله‪-‬‬
‫من الخطأ العظيم والمخالفة الصريحة لسنة النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقد ثبت عنه صلى الله عليه‬
‫وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬في‬
‫الصحيحين وغيرهما أنه قال‪)) :‬قصوا الشوارب‬
‫وأعفوا اللحى((‪،‬‬
‫وفي لفظ‪)) :‬قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا‬
‫المشركين(( وفي رواية مسلم‪ ،‬عن أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس((‪.‬‬
‫ففي هذه الحاديث الصحيحة المر الصريح‬
‫بإعفاء اللحى‪ ،‬وتوفيرها وإرخائها‪ ،‬وقص الشوارب؛‬
‫مخالفة للمشركين والمجوس‪ .‬والصل في المر‪:‬‬
‫الوجوب‪ ،‬فل تجوز مخالفته إل بدليل يدل على عدم‬
‫‪ -1‬سورة الكهف الية ‪.18‬‬
‫‪117‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الوجوب‪ ،‬وليس هناك دليل على جواز قصها‬


‫وتشذيبها وعدم إطالتها‪.‬‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫م الّر ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وقد قال الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫هوا﴾ وقال‬ ‫فان ْت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هاك ُ ْ‬ ‫ما ن َ َ‬ ‫و َ‬‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫سو َ‬ ‫عوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬‫وأ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫طي ُ‬‫لأ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫سبحانه‪ُ ﴿ :‬‬
‫ما‬‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ما َ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬‫وا َ‬ ‫ول ّ ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫سو ِ‬ ‫عَلى الّر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬‫دوا َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫عوهُ ت َ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مل ْت ُ ْ‬ ‫ح ّ‬‫ُ‬
‫َ‬
‫موا‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ ِ‬‫ن﴾ وقال عز وجل‪َ ﴿ :‬‬ ‫مِبي ُ‬ ‫غ ال ْ ُ‬ ‫ِإل ال َْبل ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫كاةَ َ‬
‫عل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل لَ َ‬ ‫سو َ‬ ‫عوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬ ‫وآُتوا الّز َ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن﴾)‪ (3‬واليات والحاديث في هذا المعنى‬ ‫مو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫وقال النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬كل أمتي‬
‫يدخلون الجنة إل من أبى(( قيل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ومن‬
‫يأبى؟! قال‪)) :‬من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني‬
‫فقد أبى(( رواه البخاري في صحيحه‪ ،‬وقال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما‬
‫أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنما هلك من كان‬
‫قبلكم بكثرة مسائلهم‬

‫‪ -1‬سورة الحشر الية ‪.7‬‬


‫‪ -2‬سورة النور الية ‪.54‬‬
‫‪ -3‬سورة النور الية ‪.56‬‬
‫‪118‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫واختلفهم على أنبيائهم(( متفق عليه‪ .‬والحاديث في‬


‫هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫وقد احتج الشيخ محمد المذكور على ما ذكره‪:‬‬
‫بما رواه الترمذي‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪،‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من‬
‫لحيته من طولها وعرضها‪ .‬وهذا الحديث ضعيف‬
‫السناد لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولو‬
‫صح لكان حجة كافية في الموضوع‪ ،‬ولكنه غير‬
‫صحيح؛ لن في إسناده عمر بن هارون البلخي‪ ،‬وهو‬
‫متروك الحديث‪.‬‬
‫واحتج ‪ -‬أيضا ‪ -‬الشيخ على ما ذكره بفعل ابن‬
‫عمر رضي الله عنهما أنه كان يأخذ من لحيته في‬
‫الحج ما زاد على القبضة‪ .‬وهذا ل حجة فيه؛ لنه‬
‫اجتهاد من ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬والحجة في‬
‫روايته ل في اجتهاده‪ .‬وقد صرح العلماء رحمهم الله‪:‬‬
‫أن رواية الراوي من الصحابة ومن بعدهم الثابتة عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم هي الحجة‪ ،‬وهي مقدمة‬
‫على رأيه إذا خالف السنة‪.‬‬
‫فأرجو من صاحب المقال ‪ -‬الشيخ محمد ‪ -‬أن‬
‫يتقي الله سبحانه‪ ،‬وأن يتوب إليه مما كتب‪ ،‬وأن‬
‫يصدح بذلك في الصحيفة التي نشر فيها الخطأ‪.‬‬
‫ومعلوم عند أهل العلم‪ :‬أن الرجوع إلى الحق شرف‬
‫لصاحبه‪ ،‬وواجب عليه‪ ،‬وخير له من التمادي في‬
‫الخطأ‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأسأل الله أن يوفقنا وإياه وجميع المسلمين‬


‫للفقه في الدين‪ ،‬وأن يعيذنا جميعا من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا‪ ،‬أنه جواد‬
‫كريم‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪.‬‬

‫وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها أو‬


‫)‪(1‬‬
‫قصها‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على عبد الله‬
‫ورسوله نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فقد ورد إلي سؤال عن حكم حلق اللحية أو‬
‫قصها‪ ،‬وهل يكون من حلقها معتقدا حل ذلك كافرا؟‬
‫وهل يقتضي حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪:‬‬
‫وجوب إعفاء اللحية وتحريم حلقها‪ ،‬أم ل يقتضي إل‬
‫استحباب العفاء؟‬
‫الجواب‪ :‬قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال‪:‬‬
‫))قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين((‬
‫متفق على صحته‪ ،‬ورواه البخاري في صحيحه بلفظ‪:‬‬
‫))قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين((‬
‫وفي صحيح مسلم‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪،‬‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.374 – 372‬‬
‫‪120‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬جزوا‬


‫الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس((‪.‬‬
‫وهذا اللفظ في الحاديث المذكورة يقتضي‬
‫وجوب إعفاء اللحى وإرخائها‪ ،‬وتحريم حلقها وقصها؛‬
‫لن الصل في الوامر‪ :‬هو الوجوب‪ ،‬والصل في‬
‫النواهي‪ :‬هو التحريم ما لم يرد ما يدل على خلف‬
‫ذلك‪ ،‬وهذا هو المعتمد عند أهل العلم‪ ،‬وقد قال الله‬
‫هاك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ما ن َ َ‬
‫و َ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوهُ َ‬ ‫ل َ‬
‫ف ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬
‫م الّر ُ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫و َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ب﴾‬ ‫ع َ‬
‫قا ِ‬ ‫ديدُ ال ْ ِ‬
‫ش ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬‫هوا َ‬ ‫ه َ‬
‫فان ْت َ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ن َ‬‫فو َ‬‫خال ِ ُ‬‫ن يُ َ‬
‫ذي َ‬‫ر ال ّ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫حذَ ِ‬ ‫وقال عز وجل‪َ ﴿ :‬‬

‫‪ -1‬سورة الحشر الية ‪.7‬‬


‫‪121‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ب‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬ ‫أ َمر َ‬


‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬
‫و يُ ِ‬
‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬
‫ن تُ ِ‬
‫هأ ْ‬ ‫ْ ِ ِ‬
‫م﴾ قال المام أحمد رحمه الله‪) :‬الفتنة‪:‬‬ ‫َ‬
‫أِلي ٌ‬
‫)‪(1‬‬

‫الشرك(‪ ،‬لعله إذا رد بعض قوله ‪ -‬يعني‪ :‬قول النبي‬


‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أن يقع في قلبه شيء من‬
‫الزيغ فيهلك‪ ،‬ولم يرد في الكتاب ول في السنة ما‬
‫يدل على أن المر في هذه الحاديث ونحوها‬
‫للستحباب‪.‬‬
‫أما الحديث الذي رواه الترمذي‪ ،‬عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها‪ ،‬فهو حديث‬
‫باطل عند أهل العلم؛ لن في إسناده رجل يدعى‬
‫عمر بن هارون البلخي وهو متهم بالكذب‪ ،‬وقد انفرد‬
‫بهذا الحديث دون غيره من رواة الخبار‪ ،‬مع مخالفته‬
‫للحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫فعلم بذلك أنه باطل ل يجوز التعويل عليه ول‬
‫الحتجاج به في مخالفة السنة الصحيحة‪ ،‬والله‬
‫المستعان‪.‬‬
‫ول شك أن الحلق أشد في الثم؛ لنه استئصال‬
‫للحية بالكلية‪ ،‬ومبالغة في فعل المنكر‪ ،‬والتشبه‬
‫بالنساء‪ ،‬أما القص والتخفيف فل شك أن ذلك منكر‬
‫ومخالف للحاديث الصحيحة‪ ،‬ولكنه دون الخلق‪.‬‬
‫أما حكم من فعل ذلك فهو عاص وليس بكافر‪،‬‬
‫ولو اعتقد الحل بناء على فهم خاطئ أو تقليد لبعض‬
‫العلماء‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النور الية ‪.63‬‬


‫‪122‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والواجب أن ينصح‪ ،‬ويحذر من هذا المنكر؛ لن‬


‫حكم اللحية في الجملة فيه خلف بين أهل العلم هل‬
‫يجب توفيرها أو يجوز قصها؟‬
‫أما الحلق فل أعلم أن أحدا من أهل العلم قال‬
‫بجوازه‪ ،‬ولكن ل يلزم من ذلك كفر من ظن جوازه؛‬
‫لجهل‪ ،‬أو تقليد‪ ،‬بخلف المور المحرمة المعلومة من‬
‫الدين بالضرورة لظهور أدلتها‪ ،‬فإن استباحتها كفر‬
‫أكبر إذا كان المستبيح ممن عاش بين المسلمين‪،‬‬
‫فإن كان ممن عاش بين الكفرة أو في بادية بعيدة‬
‫عن أهل العلم فإن مثله توضح له الدلة‪ ،‬فإذا أصر‬
‫على الستباحة كفر‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذلك‪ :‬الزنا‪ ،‬والخمر‪ ،‬ولحم الخنزير‪،‬‬
‫وأشباهها‪ ،‬فإن هذه المور وأمثالها معلوم تحريمها‬
‫من الدين بالضرورة‪ ،‬وأدلتها ظاهرة في الكتاب‬
‫والسنة فل يلتفت إلى دعوى الجهل بها إذا كان من‬
‫استحلها مثله ل يجهل ذلك كما تقدم‪.‬‬
‫وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل‬
‫الصالح‪ ،‬وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه‪ ،‬وأن‬
‫يعيذنا جميعا من مضلت الفتن‪ ،‬إنه سميع قريب‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هل يجوز تقصير اللحية أم أن الواجب‬


‫)‪(1‬‬
‫إعفاؤها‬
‫س‪ :‬أعفيت لحيتي والحمد لله؛ والن‬
‫كلما واجهني أحد من أهلي أو معارفي‬
‫استنكروا لحيتي ورموني بكلمات جارحة‬
‫وطلبوا مني تقصيرها‪ ،‬وأنا مصمم على‬
‫إعفائها‪ ،‬هل يجوز تقصيرها أم أواظب على‬
‫إعفائها‪ ،‬وأضرب بكلمهم عرض الحائط؟‬
‫ج‪ :‬الواجب عليك أن تستمر في إعفائها وإرخائها؛‬
‫طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وامتثال‬
‫لمره‪ ،‬وأن تضرب بكلمهم عرض الحائط‪ ،‬وأن تنكر‬
‫عليهم كلمهم‪ ،‬وتذكرهم بالله‪ ،‬وأن هذا ل يجوز لهم‪،‬‬
‫بل عملهم هذا في الحقيقة نيابة عن الشيطان؛ لنهم‬
‫بهذا صاروا نوابا له يدعون إلى معاصي الله‪ ،‬نسأل‬
‫الله العافية‪ ،‬والرسول صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫))قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين((‬
‫ويقول‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا‬
‫المجوس(( ويقول‪)) :‬وفروا اللحى(( فالواجب‪:‬‬
‫إرخاؤها‪ ،‬وإعفاؤها‪ ،‬وتوفيرها‪ ،‬وعدم طاعة كل من‬
‫يدعو إلى قصها أو حلقها‪ ،‬نسأل الله السلمة‪.‬‬
‫وهذا مصداق الحديث‪)) :‬أنه يأتي في آخر الزمان‬
‫شياطين يدعون إلى عصيان الله وإلى ارتكاب‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.371‬‬
‫‪124‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫محارمه(( وقد جاء في حديث حذيفة رضي الله عنها‬


‫المتفق على صحته لما سأل الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم عن الشر‬

‫‪125‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الذي يقع بعده صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ذكر له أنه يقع‬
‫بعد ذلك في آخر المة دعاة على أبواب جهنم من‬
‫أجابهم إليها قذفوه فيها‪ ،‬قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬صفهم‬
‫لنا؟ قال‪)) :‬هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا(( نسأل‬
‫الله العافية‪ .‬فهؤلء وأضرابهم من جنس من ذكرهم‬
‫السائل‪ ،‬فالواجب الحذر منهم‪ ،‬وعدم الستجابة إلى‬
‫ما يدعون إليه مما يخالف الشرع المطهر‪.‬‬
‫والله المستعان‪ .‬وصلى الله على نبينا محمد‪،‬‬
‫وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫تربية اللحى وما يوافق الشرع السلمي‬


‫)‪(1‬‬
‫منها‬
‫س‪ :‬ألحظ الختلف في إرخاء اللحى‬
‫وإطلقها‪ ،‬فأي تربية اللحى توافق الشرع‬
‫السلمي وما سار عليه السلف الصالح؟‬
‫ج‪ :‬ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫قال‪)) :‬قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا‬
‫المشركين(( خرجه المام البخاري في صحيحه‪،‬‬
‫والمام مسلم في صحيحه‪ ،‬وخرجه الئمة الخرون‬
‫رحمة الله عليهم‪ ،‬فهو حديث صحيح ثابت عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عند أهل العلم‪ ،‬ومعناه‪:‬‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.372 -370‬‬
‫‪126‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أنه يجب على المؤمن قص شاربه‪ ،‬وإرخاء لحيته‪،‬‬


‫وإعفائها‪ ،‬وعدم أخذها ل حلقا ول قصا‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬قصوا الشوارب‬


‫ووفروا اللحى خالفوا المشركين(( أخرجه المام‬
‫البخاري في صحيحه رحمه الله‪ .‬وقال أيضا فيما رواه‬
‫أبو هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا اللحى‬
‫خالفوا المجوس(( أخرجه المام مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وهذه الحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على‬
‫أن الواجب على المسلمين قص الشوارب‪ ،‬وعدم‬
‫إطالتها‪ ،‬وتدل أيضا على وجوب إرخاء اللحى‬
‫وتوفيرها وإعفائها‪.‬‬
‫فالواجب على المسلمين طاعة الرسول صلى‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬وقد قال الله عز وجل‪ُ ﴿ :‬‬
‫أ َطيعوا الل ّه َ‬
‫وا‬ ‫ول ّ ْ‬‫ن تَ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫عوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ُ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬
‫م َ‬ ‫مل ْت ُ ْ‬‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫و َ‬ ‫ل َ‬‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ما َ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ل ِإل ال َْبل ُ‬
‫غ‬ ‫سو ِ‬ ‫عَلى الّر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫دوا َ‬ ‫هت َ ُ‬‫عوهُ ت َ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫تُ ِ‬
‫ل‬‫سو َ‬ ‫ع الّر ُ‬ ‫طِ ِ‬ ‫ن يُ‬ ‫م ْ‬‫ن﴾ ويقول عز شأنه‪َ ﴿ :‬‬ ‫مِبي ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫)‪(1‬‬

‫سل َْنا َ‬ ‫َ‬ ‫وّلى َ‬ ‫قد ْ أ َ َ‬


‫ك‬ ‫ما أْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن تَ َ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫طا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ظا﴾)‪ (2‬ويقول النبي صلى الله عليه‬ ‫في ً‬ ‫ح ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫وسلم‪)) :‬كل أمتي يدخلون الجنة إل من أبى(( قيل‪:‬‬
‫يا رسول الله‪ ،‬ومن يأبى؟! قال‪)) :‬من أطاعني دخل‬
‫الجنة ومن عصاني فقد أبى(( أخرجه المام البخاري‬
‫في صحيحه‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النور الية ‪.54‬‬


‫‪ -2‬سورة النساء الية ‪.80‬‬
‫‪128‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالواجب العناية بطاعة الله ورسوله في كل‬


‫شيء؛ من الصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬والصيام‪ ،‬والحج‪،‬‬
‫والجهاد‪ ،‬والمر بالمعروف والنهي عن‬

‫‪129‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المنكر‪ ،‬وإعفاء اللحى‪ ،‬وقص الشوارب‪ ،‬وعدم إسبال‬


‫الثياب‪ ،‬وفي كل شيء مما جاء به الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم؛ امتثال للوامر‪ ،‬وتركا للنواهي‪ ،‬وهذا هو‬
‫طريق الجنة وطريق السعادة‪ ،‬يقول الله سبحانه‪﴿ :‬‬
‫خل ْ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ي ُدْ ِ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫ن ي ُطِ َِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫دودُ الل ّ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ت ِل ْ َ‬
‫ها‬‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫هاُر َ‬ ‫ها اْلن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫َ‬
‫ص الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫م* َ‬ ‫ظي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫وُز ال ْ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫وذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫في َ‬ ‫دا ِ‬ ‫خال ِ ً‬ ‫ه َناًرا َ‬ ‫ْ‬
‫خل ُ‬ ‫دودَهُ ي ُدْ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫عد ّ ُ‬ ‫وي َت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫سول ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن﴾ ويقول سبحانه‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ل َيا أي ّ َ‬ ‫هي ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ول ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬
‫ذي ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫عا ال ّ ِ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫س إ ِّني َر ُ‬ ‫الّنا ُ‬
‫َ‬
‫حِيي‬ ‫و يُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ِإل ُ‬ ‫ض ل إ ِل َ َ‬ ‫ِ‬ ‫واْلْر‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ت َ‬
‫م ّ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ه الن ّب ِ ّ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مُنوا ِبالل ِ‬ ‫فآ ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫َ‬
‫علك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عوهُ ل َ‬ ‫وات ّب ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مات ِ ِ‬ ‫وك َل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن ِبالل ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ذي ي ُ ْ‬ ‫ال ِ‬‫ّ‬
‫ن﴾)‪.(2‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫فالهداية والسلمة والنجاح في اتباعه صلى الله‬
‫عليه وسلم وطاعة أوامره وترك نواهيه ويقول جل‬
‫عوِني‬ ‫ه َ‬
‫فات ّب ِ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫ل إِ ْ‬ ‫وعل‪ُ ﴿ :‬‬
‫ق ْ‬
‫م﴾)‪.(3‬‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬
‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬‫ه َ‬‫م الل ّ ُ‬‫حب ِب ْك ُ ُ‬
‫يُ ْ‬
‫فمن كان يحب الله ويحب رسوله عليه الصلة‬
‫والسلم فعليه أن يتبع هذا الرسول العظيم‪ ،‬فاتباعه‬
‫والتمسك بما جاء به هو السبيل الوحيد لمحبة الله‬
‫عز وجل‪ ،‬كما أنه السبيل للمغفرة‪ ،‬ودخول الجنة‪،‬‬
‫والنجاة من النار‪.‬‬
‫‪ -1‬سورة النساء اليتان ‪.14 – 13‬‬
‫‪ -2‬سورة العراف الية ‪.158‬‬
‫‪ -3‬سورة آل عمران الية ‪.31‬‬
‫‪130‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫أخذ الجرة على حلق اللحى حرام‬
‫س‪ :‬بعض أصحاب صالونات الحلقة‬
‫يحلقون لحى بعض الناس‪ ،‬فما حكم المال‬
‫الذي يأخذونه بسبب عملهم؟‬
‫ج‪ :‬حلق اللحى وقصها محرم ومنكر ظاهر‪ ،‬ل‬
‫يجوز للمسلم فعله ول العانة عليه‪ ،‬وأخذ الجرة‬
‫على ذلك حرام وسحت‪ ،‬يجب على من فعل ذلك‬
‫التوبة إلى الله منه‪ ،‬وعدم العودة إليه‪ ،‬والصدقة بما‬
‫دخل عليه من ذلك إذا كان يعلم حكم الله سبحانه‬
‫في تحريم حلق اللحى‪ ،‬فإن كان جاهل فل حرج عليه‬
‫فيما سلف‪ ،‬وعليه الحذر من ذلك مستقبل؛ لقول الله‬
‫ن‬‫م ْ‬‫ة ِ‬ ‫عظَ ٌ‬ ‫و ِ‬‫م ْ‬‫جاءَهُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫عز وجل في أكلة الربا‪َ ﴿ :‬‬
‫ف َ‬
‫ف َ‬
‫مُرهُ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫وأ ْ‬‫سل َ َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫فل َ ُ‬‫هى َ‬ ‫ه َ‬
‫فان ْت َ َ‬ ‫َرب ّ ِ‬
‫ها‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫فأول َئ ِ َ‬‫عادَ َ‬
‫في َ‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫ر ُ‬‫ب الّنا ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬‫كأ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫وفي الصحيحين‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله عنهما‪،‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬قصوا‬
‫الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين(( وفي‬
‫صحيح البخاري‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫قال‪)) :‬قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا‬
‫المشركين(( وفي صحيح مسلم‪ ،‬عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجوع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.373 – 372‬‬
‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.275‬‬
‫‪131‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫قال‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا‬


‫المجوس((‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالواجب على كل مسلم أن يمتثل أمر الله في‬


‫إعفاء لحيته وتوفيرها‪ ،‬وقص الشارب وإحفائه‪ ،‬ول‬
‫ينبغي للمسلم أن يغتر بكثرة من خالف هذه السنة‬
‫وبارز ربه بالمعصية‪.‬‬
‫نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل ما فيه‬
‫رضاه‪ ،‬وأن يعينهم على طاعته وطاعة رسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وأن يمن على من خالف أمر الله‬
‫ورسوله بالتوبة النصوح إلى ربه والمبادرة إلى‬
‫طاعته وامتثال أمره وأمر رسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم إنه سميع قريب‪.‬‬

‫حكم حلق اللحى كامل أو‬


‫)‪(1‬‬
‫ناقصا والصباغ بالسود‬
‫س‪ :‬يوجد بعض الخوان يحلقون لحاهم‬
‫كامل وبعضهم يبقي قليل في رأس الذقن‪،‬‬
‫وفيه من يصبغ بالصباغ السود ثم يقولون‬
‫جميعا‪ :‬إنه لم يرد ل في الكتاب ول في‬
‫السنة نهي ول تحريم ول خلفه ل في حلق‬
‫اللحية ول في صبغها بالسواد‪ ،‬ولم يرد ما‬
‫يثبت ذلك‪ ،‬علما بأن منهم من يحلق‪ ،‬ومنهم‬
‫من يصبغ‪ ،‬ويعتبرون أنفسهم على حق‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.374‬‬
‫‪133‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حسب أقوالهم‪ ،‬نرجو من سماحتكم الجواب‬


‫الكافي والشافي في هذه المسألة‪ .‬أبناؤكم‪:‬‬
‫ب‪ .‬ح‪ .‬أ ‪ -‬م‪ .‬ع‪ .‬س ‪ -‬ع‪ .‬س‪ .‬م‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته‪ .‬وبعد‪:‬‬


‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين‬
‫وغيرهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬قصوا‬
‫الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين(( وفي‬
‫لفظ البخاري‪)) :‬قصوا الشوارب ووفروا اللحى‬
‫خالفوا المشركين(( وروى مسلم في صحيحه‪ ،‬عن‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا اللحى‬
‫خالفوا المجوس(( وفي صحيح مسلم‪ ،‬عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬غيروا هذا الشيب‬
‫واجتنبوا السواد(( وفي السنن بإسناد صحيح‪ ،‬عن ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬يكون في آخر الزمان قوم يخضبون‬
‫بالسواد كحواصل الحمام ل يريحون رائحة الجنة((‬
‫رواه أبو داود‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وهذا وعيد شديد‪ ،‬يقضي أن‬
‫هذا العمل من الكبائر‪.‬‬
‫نسأل الله أن يعيذنا جميعا من أسباب غضبه‪،‬‬
‫ومن طاعة الهوى والشيطان‪.‬‬

‫هل يجوز حلق اللحية لمن يخشى‬


‫)‪(1‬‬
‫الفتنة‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.377 – 375‬‬
‫‪135‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬إذا كان الرجل في بلد ل يستطيع أن‬


‫يرخي لحيته فتكون لحيته مصدر شبهة‪ ،‬هل‬
‫له حلقها؟‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ليس له ذلك‪ ،‬بل عليه أن يتقي الله‪،‬‬


‫ويجتنب الشياء التي تسبب أذاه‪ ،‬فإن الذين‬
‫يحاربون اللحى ل يحاربونها من أجلها‪ ،‬يحاربونها‬
‫من أجل بعض ما يقع من أهلها من غلو وإيذاء‬
‫وعدوان‪ ،‬فإذا استقام على الطريق‪ ،‬ودعا الله‬
‫باللسان‪ ،‬ووجه الناس إلى الخير‪ ،‬وأقبل على‬
‫شأنه‪ ،‬وحافظ على الصلة‪ ،‬ولم يتعرض للناس ما‬
‫تعرضوا له‪ ،‬هذا الذي يقع في مصر وغيرها إنما هو‬
‫في حق أناس يتعرضون لبعض المسئولين من‬
‫ضرب وقتل أو غير ذلك من اليذاء؛ فلهذا يتعرض‬
‫لهم المسئولون‪.‬‬
‫فالواجب على المؤمن أل يعرض نفسه للبلء‪،‬‬
‫وأن يتقي الله ويرخي لحيته‪ ،‬ويحافظ على‬
‫الصلة‪ ،‬وينصح الخوان ولكن بالرفق‪ ،‬بالكلم‬
‫الطيب‪ ،‬ل بالتعدي على الناس‪ ،‬ول بضربهم ول‬
‫بشتمهم ولعنهم‪ ،‬ولكن بالكلم الطيب والسلوب‬
‫ل‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ع إ َِلى َ‬ ‫الحسن‪ ،‬قال الله عز وجل‪﴿ :‬ادْ ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫جاِدل ْ ُ‬‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ِ‬
‫ح َ‬ ‫ة ال ْ َ‬‫عظَ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ َ‬‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ك ِبال ْ ِ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫م ٍ‬‫ح َ‬‫ما َر ْ‬ ‫فب ِ َ‬‫ن﴾)‪ (1‬وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ِبال ِّتي ِ‬
‫غِلي َ‬
‫ظ‬ ‫ظا َ‬ ‫ف ّ‬‫ت َ‬ ‫و ك ُن ْ َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ت لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ه ل ِن ْ َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫قل ْ ِ‬‫ال ْ َ‬
‫َ ) ‪(2‬‬
‫ول ِك﴾ وقال الله‬ ‫ح ْ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب لن ْ َ‬
‫قول‬ ‫ف ُ‬
‫لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون‪َ ﴿ :‬‬

‫‪ -1‬سورة النحل الية ‪.125‬‬


‫‪ -2‬سورة آل عمران الية ‪.159‬‬
‫‪137‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬
‫َ‬
‫خ َ‬
‫شى﴾)‪ (3‬وقال‬ ‫و يَ ْ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫ه ي َت َذَك ُّر أ ْ‬ ‫وًل ل َي ًّنا ل َ َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه َ‬
‫ق ْ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إن الرفق ل يكون‬

‫‪ -3‬سورة طه الية ‪.44‬‬


‫‪138‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫في شيء إل زانه ول ينزع من شيء إل شانه(( ول‬


‫سيما في هذا العصر‪ ،‬هذا العصر‪ ،‬عصر الرفق‬
‫والصبر والحكمة‪ ،‬وليس عصر الشدة‪.‬‬
‫والناس أكثرهم في جهل‪ ،‬في غفلة وإيثار‬
‫للدنيا‪ ،‬فل بد من الصبر‪ ،‬ول بد من الرفق حتى‬
‫تصل الدعوة‪ ،‬وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا‪.‬‬
‫ونسأل الله للجميع الهداية‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم حلق اللحية لسباب سياسية‬
‫س‪ :‬رجل حلق لحيته لظروف سياسية‪،‬‬
‫وحين سألته قال‪ :‬ل أستطيع أن أنطلق‬
‫كداعية في هذا المكان والزمان إل بحلق‬
‫اللحية‪ ،‬فهل يعذر في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلم أن يحلق لحيته لسباب‬
‫سياسية‪ ،‬أو ليمكن من الدعوة‪ ،‬بل الواجب عليه‬
‫إعفاؤها وتوفيرها؛ امتثال لمر الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم فيما صح عنه من الحاديث‪ ،‬ومن ذلك‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬قصوا الشوارب‬

‫‪ -1‬أجاب سماحته على هذا السؤال ضمن تعليق سماحته على ندوة‬
‫حول صلة الستسقاء للمشائخ‪ :‬صالح الطرم‪ ،‬وعبد الرحمن البراك‬
‫و عبد العزيز الراجحي‪ ،‬وذلك بمسجد الجامع الكبير بالرياض‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأعفوا اللحى خالفوا المشركين(( متفق على‬


‫صحته‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإذا لم يتمكن من الدعوة إل بحلقها انتقل إلى‬


‫بلد أخرى يتمكن من الدعوة فيها بغير حلق‪ ،‬إذا كان‬
‫لديه علم وبصيرة؛ عمل بالدلة الشرعية في ذلك‪،‬‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫ك ِبال ْ ِ‬
‫حك ْ َ‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ع إ َِلى َ‬ ‫مثل قوله سبحانه‪﴿ :‬ادْ ُ‬
‫ي‬‫ه َ‬ ‫م ِبال ِّتي ِ‬ ‫ه ْ‬‫جاِدل ْ ُ‬
‫و َ‬
‫ة َ‬ ‫سن َ ِ‬
‫ح َ‬‫ة ال ْ َ‬
‫عظَ ِ‬ ‫و ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ َ‬‫َ‬
‫سِبيِلي‬ ‫ق ْ‬ ‫ن﴾ الية‪ ،‬وقوله سبحانه‪ُ ﴿ :‬‬ ‫َ‬
‫ه َ‬ ‫ذ ِ‬‫ه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫عَلى بصير َ‬ ‫أ َدْ ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫عِني﴾‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ِ‬‫و َ‬ ‫ة أَنا َ‬ ‫َ ِ َ ٍ‬ ‫ه َ‬‫عو إ َِلى الل ّ ِ‬
‫الية‪.‬‬
‫وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من دل‬
‫على خير فله مثل أجر فاعله(( أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي‬
‫طالب رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود‬
‫وجهادهم‪)) :‬ادعهم إلى السلم وأخبرهم بما يجب‬
‫عليهم من حق الله تعالى فوالله لن يهدي الله بك‬
‫رجل واحدا خير لك من حمر النعم(( متفق على‬
‫صحته‪.‬‬
‫واليات والحاديث في وجوب الدعوة إلى الله‬
‫وبيان فضلها كثيرة‪ ،‬وحاجة المسلمين وغيرهم إليها‬
‫شديدة؛ لنها هي الوسيلة لتبصير الناس بدينهم‬
‫وإرشادهم إلى أسباب النجاة‪ ،‬ولنها وظيفة الرسل‬
‫عليهم الصلة والسلم وأتباعهم بإحسان‪ .‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النحل الية ‪.125‬‬


‫‪ -2‬سورة يوسف الية ‪.108‬‬
‫‪141‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم طاعة الوالد في حلق اللحية‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫حضرة الخ المكرم‪ :‬م‪ .‬ج‪ .‬ب‪ .‬ع وفقه الله‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد‪:‬‬
‫فقد وصلني كتابك ‪ -‬وصلك الله بهداه‬
‫‪ -‬المتضمن‪ :‬طلب الجواب عن سؤالين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬عن حكم طاعتك لوالدك في حلق‬
‫اللحية‪ .‬فجوابا عن السؤال الول‪:‬‬
‫ج‪ :‬أفيدك‪ :‬بأنه ل يجوز لك طاعة والدك في‬
‫حلق اللحية‪ ،‬بل يجب توفيرها وإعفاؤها؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أحفوا الشوارب‬
‫وأعفوا اللحى خالفوا المشركين(( ولقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬إنما الطاعة في المعروف((‪.‬‬
‫وإعفاء اللحية واجب وليس بسنة حسب‬
‫الصطلح الفقهي؛ لن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم أمر بذلك‪ ،‬والصل في المر الوجوب‪،‬‬
‫وليس هناك صارف عنه‪.‬‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثامن ص ‪ ،378 – 377‬علما بأنه لم ينشر هنا‬
‫السؤال الثاني ول جوابه؛ لكونه ل يتناول موضوع اللحية‪.‬‬
‫‪142‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪143‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫رد على سؤال عن حكم اللحية‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪.‬‬
‫إلى حضرة الخ المكرم‪ .‬وفقه الله لما‬
‫فيه رضاه‪ .‬وزاده من العلم واليمان وجعله‬
‫مباركا أينما كان آمين‪ .‬سلم عليكم رحمة‬
‫الله وبركاته‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فأرجو أنكم والولد ومن لديكم من خواص‬
‫المسئولين في خير وعافية‪ ،‬أسبغ الله عليكم وافر‬
‫نعمه‪ ،‬ووفقنا وإياكم لشكرها‪ ،‬إنه خير مسئول‪.‬‬
‫ثم أفيدكم‪ :‬أن مندوبكم ذكر لي أنكم ترغبون أن‬
‫أكتب لكم في موضوع اللحية‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يسرني أن أخبركم‪ :‬أن الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم قد أعفى لحيته‪ ،‬وهكذا أصحابه‬
‫رضي الله عنهم‪ ،‬وثبت عنه في الصحيحين أنه قال‪:‬‬
‫))قصوا الشوارب وأعفوا اللحى خالفوا المشركين((‬
‫وروى البخاري في صحيحه‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬وفروا‬
‫اللحى وقصوا الشوارب خالفوا المشركين(( وفي‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬جزوا الشوارب‬
‫وأرخوا اللحى خالفوا المجوس((‪.‬‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الثالث‪ ،‬ص ‪.376 – 375‬‬
‫‪144‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فهذه الحاديث الصحيحة وما جاء في معناها‪،‬‬


‫كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وإرخائها‬
‫وتوفيرها‪ ،‬وعلى تحريم حلقها أو قصها‪.‬‬
‫وتعلمون حفظكم الله أن الواجب على المسلم‪:‬‬
‫امتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاعته‬
‫أينما كان‪ ،‬ومن أي جنس كان‪ ،‬وعلى أي مستوى‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ف َ‬‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫ع الّر ُ‬ ‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كان؛ لقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬‫ما آَتاك ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه﴾ وقوله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ع الل ّ َ‬ ‫طا َ‬ ‫أَ َ‬
‫هوا‬ ‫فان ْت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْ ُ‬‫م َ‬ ‫هاك ُ ْ‬ ‫ما ن َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫الّر ُ‬
‫ب﴾ وقول عز‬ ‫)‪(2‬‬
‫قا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ديدُ ال ْ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ق ْ‬ ‫وجل‪ُ ﴿ :‬‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫عوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل َ‬ ‫طي ُ‬ ‫لأ ِ‬
‫مل ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫وا َ‬ ‫ول ّ ْ‬
‫تَ َ‬
‫ل ِإل‬ ‫سو ِ‬ ‫عَلى الّر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫دوا َ‬ ‫هت َ ُ‬‫عوهُ ت َ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫صلةَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الَبل ُ‬ ‫ْ‬
‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ن﴾ وقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬ ‫مِبي ُ‬ ‫غ ال ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫َ‬
‫م‬‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫سو َ‬ ‫عوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫وآُتوا الّز َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ واليات في هذا المر كثيرة‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫مو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫فالواجب عليكم العناية بتوفير اللحية وإعفائها‬
‫وإرخائها‪ ،‬ونصيحة من حولكم بذلك‪ ،‬وأمرهم بطاعة‬
‫الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل شيء‪،‬‬
‫وذلك هو طريق العزة والسعادة والنجاة والعاقبة‬
‫الحميدة في الدنيا والخرة‪.‬‬

‫النساء الية ‪.80‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-1‬‬


‫الحشر الية ‪.7‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-2‬‬
‫النور الية ‪.54‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-3‬‬
‫النور الية ‪.56‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-4‬‬
‫‪145‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وفقكم الله لما في صلح دينكم ودنياكم‪ ،‬ولما‬


‫فيه صلح العباد والبلد‪ ،‬ونصر بكم دينه‪ ،‬وأعانكم‬
‫على كل خير‪ ،‬إنه جواد كريم‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم من يساوي لحيته‬
‫س‪ :‬ما حكم من يساوي لحيته يجعلها‬
‫متساوية مع بعضها البعض؟‬
‫ج‪ :‬الواجب‪ :‬إعفاء اللحية‪ ،‬وتوفيرها‪ ،‬وإرخاؤها‪،‬‬
‫وعدم التعرض لها بشيء؛ لما ثبت عنه صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬قصوا الشوارب وأعفوا‬
‫اللحى خالفوا المشركين(( متفق على صحته‪ ،‬عن‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما‪ ،‬وروى البخاري في‬
‫صحيحه رحمة الله عليه‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما‪ ،‬أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫))قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا‬
‫المشركين(( وروى مسلم في صحيحه‪ ،‬عن أبي‬
‫هريرة رضي الله تعالى عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬جزوا الشوارب وأرخوا‬
‫اللحى خالفوا المجوس((‪.‬‬
‫وهذه الحاديث كلها تدل على وجوب إعفاء‬
‫اللحى وتوفيرها وإرخائها‪ ،‬وعلى وجوب قص‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الرابع‪ ،‬ص ‪.444 – 443‬‬
‫‪146‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الشوارب‪ .‬هذا هو المشروع‪ ،‬وهذا هو الواجب‬


‫الذي أرشد إليه النبي عليه الصلة والسلم وأمر‬
‫به‪ ،‬وفي ذلك تأس به صلى الله عليه وسلم‬
‫وبأصحابه رضي الله عنهم‪ ،‬ومخالفة للمشركين‪،‬‬
‫وابتعاد عن مشابهتهم وعن مشابهة النساء‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأما ما رواه الترمذي رحمه الله‪ ،‬عن النبي صلى‬


‫الله عليه وسلم أنه كان يأخذ من لحيته من طولها‬
‫وعرضها فهو خبر باطل عند أهل العلم ل يصح عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد تشبث به بعض‬
‫الناس‪ ،‬وهو خبر ل يصح؛ لن في إسناده عمر بن‬
‫هارون البلخي وهو متهم بالكذب‪.‬‬
‫فل يجوز للمؤمن أن يتعلق بهذا الحديث الباطل‪،‬‬
‫ول أن يترخص بما يقوله بعض أهل العلم‪ ،‬فإن السنة‬
‫ع‬‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حاكمة على الجميع‪ ،‬والله يقول جل وعل‪َ ﴿ :‬‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫ه﴾)‪ (1‬ويقول سبحانه‪ُ ﴿ :‬‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫طا َ‬ ‫قد ْ أ َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫الّر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وا‬ ‫ول ّ ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫عوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫أ ِ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مل ْت ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬‫َ‬
‫ل ِإل ال َْبل ُ‬
‫غ‬ ‫سو ِ‬ ‫عَلى الّر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫دوا َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫عوهُ ت َ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫تُ ِ‬
‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫ن﴾ ويقول سبحانه‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫(‬ ‫‪2‬‬ ‫)‬
‫مِبي ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ر‬ ‫م‬ ‫ل وُأوِلي اْل َ‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫عوا‬ ‫ُ‬ ‫طي‬ ‫ِ‬
‫أ َطيعوا الل ّه وأ َ‬
‫ِ ُ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ‬
‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫فُر ّ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ن ت ََناَز ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ر‬
‫خ ِ‬ ‫وم ِ اْل ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م تُ ْ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫َ‬
‫ً )‪(3‬‬
‫ويل﴾ ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ذَل ِك َ‬ ‫َ‬
‫ن ت َأ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫خي ٌْر َ‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.80‬‬


‫‪ -2‬سورة النور الية ‪.54‬‬
‫‪ -3‬سورة النساء الية ‪.59‬‬
‫‪148‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب بببب‬
‫بببببب ببببب‬
‫)‪(1‬‬
‫كيفية الوضوء‬
‫س‪ :‬أرجو بيان كيفية الوضوء والصلة‬
‫على ضوء ما وما ثبت عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم؛ لشدة الحاجة إلى ذلك جزاكم‬
‫الله خيرا ؟‬
‫ج‪ :‬الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم‬
‫على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه‪ ،‬أما بعد‪ :‬فقد ثبت‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه كان‬
‫في أول الوضوء يغسل كفيه ثلثا مع نية الوضوء‪،‬‬
‫ويسمي؛ لنه المشروع‪ ،‬وروي عنه صلى الله عليه‬
‫وسلم من طرق كثيرة أنه قال‪)) :‬ل وضوء لمن لم‬
‫يذكر اسم الله عليه((‪.‬‬
‫فيشرع للمتوضئ أن يسمي الله في أول‬
‫الوضوء‪ ،‬وقد أوجب ذلك بعض أهل العلم مع الذكر‪،‬‬
‫فإن نسي أو جهل فل حرج‪ ،‬ثم يتمضمض ويستنشق‬
‫ثلث مرات‪ ،‬ويغسل وجهه ثلثا‪ ،‬ثم يغسل يديه مع‬
‫المرفقين ثلثا‪ ،‬يبدأ باليمنى ثم اليسرى‪ ،‬ثم يمسح‬
‫رأسه وأذنيه مرة واحدة‪ ،‬ثم يغسل رجليه مع الكعبين‬
‫ثلث مرات‪ ،‬يبدأ باليمين‪ ،‬وإن اقتصر على مرة أو‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط رقم )‪.(844‬‬


‫‪149‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫مرتين فل بأس؛ لن النبي صلى الله عليه وسلم‬


‫توضأ مرة مرة‪،‬‬

‫‪150‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ومرتين مرتين‪ ،‬وثلثا ثلثا‪ ،‬وربما غسل بعض أعضائه‬


‫مرتين وبعضها ثلثا‪ ،‬وذلك يدل على أن المر فيه‬
‫سعة‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬لكن التثليث أفضل‪ ،‬وهذا إذا لم‬
‫يحصل بول أو غائط‪ ،‬فإن حصل شيء من ذلك فإنه‬
‫يبدأ بالستنجاء ثم يتوضأ الوضوء المذكور‪.‬‬
‫أما الريح‪ ،‬والنوم‪ ،‬ومس الفرج‪ ،‬وأكل لحم البل‪،‬‬
‫فكل ذلك ل يشرع منه الستنجاء‪ ،‬بل يكفي الوضوء‬
‫الشرعي الذي ذكرناه‪ ،‬وبعد الوضوء يشرع للمؤمن‬
‫والمؤمنة أن يقول‪)) :‬أشهد أن ل إله إل الله وحده ل‬
‫شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم‬
‫اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين((‬
‫لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ويشرع لمن توضأ أن يصلي ركعتين‪ ،‬وتسمى‪:‬‬
‫سنة الوضوء‪ ،‬وإن صلى بعد الوضوء السنة الراتبة‬
‫كفت عن سنة الوضوء‪.‬‬

‫هل يشترط لصاحب اللحية الكثيفة‬


‫)‪(1‬‬
‫وصول الماء لمنابت الشعر‬
‫س‪ :‬هل يشترط لصاحب اللحية الكثيفة‬
‫أن يصل الماء إلى منابت الشعر؟‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬


‫‪151‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬يكفيه أن يمر الماء عليها‪ ،‬وقد جاءت‬


‫الحاديث الصحيحة دالة على ذلك‪ ،‬وإن خللها فهو‬
‫أفضل‪ ،‬وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا‬
‫وهذا‪.‬‬

‫حكم من ترك التسمية في الوضوء‬


‫)‪(1‬‬
‫ناسيا‬
‫س‪ :‬توضأت ولم أذكر أنني لم أسم إل‬
‫بعد الفراغ من غسل اليدين‪ ،‬وكلما ذكرت‬
‫أعدت مرة أخرى‪ ،‬فما حكم ذلك؟‬
‫ج‪ :‬قد ذهب جمهور أهل العلم إلى صحة الوضوء‬
‫بدون تسمية‪ .‬وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب‬
‫التسمية مع العلم والذكر؛ لما روي عنه صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ل وضوء لمن لم يذكر اسم‬
‫الله عليه(( لكن من تركها ناسيا أو جاهل فوضوءه‬
‫صحيح‪ ،‬وليس عليه إعادته ولو قلنا بوجوب التسمية؛‬
‫لنه معذور بالجهل والنسيان‪ .‬والحجة في ذلك قوله‬
‫)‪(2‬‬
‫خطَأ َْنا﴾‬
‫و أَ ْ‬ ‫َ‬
‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫تعالى‪َ﴿ :‬رب َّنا ل ت ُ َ‬
‫ؤا ِ‬
‫وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪) :‬أن‬
‫الله سبحانه قد استجاب هذا الدعاء(‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1447‬بتاريخ ‪/ 1 / 23‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ .‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.52‬‬
‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.286‬‬
‫‪152‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وبذلك تعلم أنك إذا نسيت التسمية في أول‬


‫الوضوء ثم ذكرتها في أثنائه فإنك تسمي‪ ،‬وليس‬
‫عليك أن تعيد أول؛ لنك معذور بالنسيان‪.‬‬
‫وفق الله الجميع‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫هل ستر العورة شرط لصحة الوضوء‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬م ‪ -‬من زغرب في كرواتيا‬
‫يقول في سؤاله‪ :‬عندما انتهيت من‬
‫الستحمام للتنظف توضأت ثم خرجت من‬
‫الحمام ولبست ثيابي‪ ،‬فهل عملي هذا‬
‫صحيح؟ أي‪ :‬أن ستر العورة ليس شرطا في‬
‫صحة الوضوء‪ ،‬أرجو إفادتنا جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬الوضوء صحيح‪ ،‬وليس ستر العورة شرطا في‬
‫صحة الوضوء‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫صحة وضوء النسان وهو متجرد‬


‫)‪(2‬‬
‫من ثيابه‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (216‬لشهر محرم من عام‬


‫‪1416‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ع‪ .‬ع ‪ -‬من العراق يقول‪:‬‬


‫هل يصح الوضوء والنسان متعر تماما بعد‬
‫استحمامه في مكان واحد؟‬
‫ج‪ :‬ل أعلم حرجا في أن يتوضأ النسان وهو عار‬
‫تبعا للغسل‪ ،‬وإن بدأ بالوضوء قبل الغسل فهو‬
‫الفضل؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإنه كان‬
‫يتوضأ ثم يغتسل للجنابة‪.‬‬

‫هل مسح الرقبة في الوضوء غير‬


‫)‪(1‬‬
‫مستحب‬
‫س‪ :‬هل مسح الرقبة في الوضوء غير‬
‫مستحب؛ لنه تشبه باليهود كما سمعت؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬ل يستحب‪ ،‬ول يشرع مسح العنق‪ ،‬وإنما‬
‫المسح يكون للرأس والذنين فقط‪ ،‬كما دل على‬
‫ذلك الكتاب والسنة‪.‬‬

‫حكم من نسي غسل الوجه وأعاده بعد‬


‫)‪(2‬‬
‫غسل اليدين ثم أكمل الوضوء‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬و‪ .‬م‪ .‬ب ‪ -‬من الرياض يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬وأنا أتوضأ للصلة نسيت غسل‬
‫وجهي وغسلت يدي ثم تذكرت ذلك فغسلت‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬


‫‪ -2‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وجهي ثم يدي ثم أكملت الوضوء‪ ،‬فهل علي‬


‫شيء في ذلك؟ وماذا يا سماحة الشيخ لو‬
‫نسي النسان غسل وجهه ولم يتذكر إل بعد‬
‫انتهائه من الوضوء؟ أفتونا جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس عليك شيء في ذلك؛ لنك رجعت‬
‫فغسلت وجهك ثم يديك ثم أكملت الوضوء‪ ،‬أما من‬
‫ترك وجهه ولم يتذكر إل بعد الفراغ من الوضوء‪ ،‬فإنه‬
‫يعيد الوضوء؛ لوجوب الترتيب والموالة‪ .‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم من نسي مسح الرأس‬


‫)‪(1‬‬
‫وغسل رجليه هل يعيد الوضوء‬
‫س‪ :‬أثناء وضوئي نسيت أن أمسح رأسي‬
‫وغسلت رجلي‪ ،‬فهل علي أنا أعيد الوضوء‬
‫كامل أو أعيد مسح الرأس ثم أغسل الرجلين‬
‫بعد ذلك؟‬
‫ج‪ :‬عليك أن تمسح رأسك وأذنيك‪ ،‬ثم تعيد غسل‬
‫الرجلين إذا ذكرت ذلك قبل طول الفصل‪ ،‬فإن طال‬
‫الفصل فعليك أن تعيد الوضوء من أوله؛ لن الموالة‬
‫بين العضاء فرض من فروض الوضوء‪ .‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫حكم من ل يعمل بالترتيب أثناء‬


‫)‪(2‬‬
‫الوضوء‬
‫س‪ :‬أثناء الوضوء ل أعمل بالترتيب‪،‬‬
‫فأحيانا أقدم اليد اليسرى على اليمنى‬
‫والرجل اليسرى على اليمنى والستنشاق‬
‫على المضمضة‪ ،‬فهل عملي هذا جائز؟‬
‫ج‪ :‬المشروع للمسلم أن يتوضأ كما توضأ النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيبدأ بالوجه ويتمضمض‬
‫ويستنشق ويغسله ثلثا‪ ،‬فإن اكتفى بواحدة أو اثنتين‬
‫كفاه ذلك‪ ،‬ولكن الفضل‪ :‬أن يكرر المضمضة‬
‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪ -2‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪156‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والستنشاق والغسل للوجه ثلث مرات‪ ،‬ثم يغسل‬


‫اليدين مع المرفقين ثلث مرات‪،‬‬
‫ويبدأ باليمنى قبل اليسرى‪ ،‬فإن اقتصر على غسلة‬
‫واحدة كفى ذلك أو غسلتين كفتاه‪ .‬ولكن الفضل أن‬
‫يغسل اليدين مع المرفقين ثلثا كالوجه‪ ،‬ثم يمسح‬
‫رأسه مع الذنين مرة واحدة‪ ،‬ثم يغسل الرجلين مع‬
‫الكعبين ثلث مرات كاليدين‪ ،‬ويبدأ باليمنى قبل‬
‫اليسرى‪ .‬تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ عمل‬
‫بقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا توضأتم فابدؤوا‬
‫بميامنكم(()‪.(1‬‬
‫ثم يقول بعد الفراغ من الوضوء‪)) :‬أشهد أن ل‬
‫إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬واشهد أن محمدا عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من‬
‫المتطهرين((‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -‬مسند المام أحمد )‪.(354 / 2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪157‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب ببببب‬
‫ببب بببببب‬
‫)‪(1‬‬
‫كيفية المسح على الجوربين‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬أ‪ .‬ع‪ .‬ص ‪ -‬من الخرج يقول في‬
‫سؤاله‪ :‬رأيت أحد الخوة يمسح على جوربه‬
‫اليمن بيده اليمنى‪ ،‬وعلى جوربه اليسر‬
‫بيده اليسرى في وقت واحد ‪ -‬أي‪ :‬جميعا ‪-‬‬
‫وسؤالي يا سماحة الشيخ‪ ،‬أليس الترتيب‬
‫والموالة من شروط المسح على الخفين‪،‬‬
‫أي‪ :‬أليس المفروض أن يمسح الرجل‬
‫اليمنى‪ ،‬ثم يمسح بعدها الرجل اليسرى؟‬
‫وسؤال آخر يا سماحة الشيخ‪ ،‬هل من‬
‫الفضل أن يكون المسح باليد اليمنى‪ ،‬أو أن‬
‫المر فيه سعة؟ أفتونا أثابكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬السنة‪ :‬أن يبدأ بالرجل اليمنى قبل اليسرى‪،‬‬
‫كالغسل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا‬
‫توضأتم فابدؤوا بميامنكم(( وقول عائشة رضي الله‬
‫عنها‪) :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن‬
‫في تنعله وترجله‪ ،‬وفي طهوره‪ ،‬وفي شأنه كله(‪،‬‬
‫متفق على صحته‪ .‬فإذا مسح الرجل اليمنى باليد‬
‫اليمنى‪ ،‬والرجل اليسرى باليد اليسرى‪ ،‬فل بأس إذا‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (230‬لشهر ربيع الول من‬


‫عام ‪1417‬هـ‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بدأ باليمنى‪ ،‬وإن مسحهما جميعا باليد اليمنى أو‬


‫باليسرى فل حرج‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن البدء باليمنى‬


‫من اليدين والرجلين مستحب ل واجب‪ ،‬وإنما‬
‫الواجب الترتيب بين الوجه واليدين‪ ،‬ثم الرأس‪ ،‬ثم‬
‫الرجلين‪.‬‬
‫أما تقديم إحدى اليدين على الخرى‪ ،‬أو إحدى‬
‫الرجلين على الخرى فمستحب ل واجب‪ ،‬والحوط‬
‫للمؤمن أن يبدأ باليمنى من اليدين والرجلين في‬
‫الغسل والمسح؛ عمل بالدلة الشرعية‪ ،‬وخروجا من‬
‫الخلف‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫كيفية المسح على الجوارب وشروطه‬
‫س‪ :‬المسح على الجوارب كيف يكون؟‬
‫وما هي شروطه؟‬
‫ج‪ :‬يجوز المسح على الجوربين إذا كانا ساترين‬
‫للقدمين والكعبين‪ ،‬كما يجوز المسح على الخفين إذا‬
‫لبس الجوربين والخفين على طهارة كاملة‪ .‬يوما‬
‫وليلة للمقيم‪ ،‬وثلثة أيام بلياليها للمسافر‪ ،‬بدءا من‬
‫المسح الول بعد الحدث؛ لنه قد صح عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في الحاديث الصحيحة ما يدل‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫المسح على الشراب‬
‫س‪ :‬حين الوضوء للصلة أحيانا أكون‬
‫لبسا الشراب وأمسح بيدي على الشراب‬
‫بالماء‪ ،‬مع العلم بأن الشراب نظيف‪ ،‬هل‬
‫هذا جائز؟‬
‫ج‪ :‬المشروع للمسلم أن يمسح على الخفين أو‬
‫الجوربين إذا لبسهما على طهارة‪ ،‬وكانا ساترين‬
‫للقدمين مع الكعبين؛ يوما وليلة إن كان مقيما‪ ،‬وثلثة‬
‫أيام بلياليها إن كان مسافرا‪ .‬وتبدأ مدة المسح‪ :‬من‬
‫بعد الحدث الذي بعد اللبس‪ ،‬فإن خلعهما وغسل‬
‫رجليه بعد غسل الوجه واليدين والمسح على الرأس‬
‫والذنين فل بأس‪ ،‬لكن ذلك خلف السنة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫كيفية المسح على الجوارب‬
‫س‪ :‬سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز‬
‫وفقه الله أرجو الفادة عن كيفية المسح‬
‫على الجوارب‪ ،‬وهل هو بكلتا اليدين‪ ،‬أم‬
‫باليد اليمنى‪ ،‬أم أمسح اليمنى باليمنى‬
‫واليسرى باليسرى؟ جزاكم الله خيرا‪.‬‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪ -2‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬السنة‪ :‬مسح اليمين باليد اليمنى‪ ،‬واليسرى‬


‫باليسرى؛‬

‫‪162‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا توضأتم فابدؤوا‬


‫بميامنكم(( خرجه أهل السنن بإسناد صحيح‪ .‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫مدة المسح على الجوارب‬
‫س‪ :‬هل يجوز فسخ الشراب بعد أداء‬
‫الفروض الخمسة للماسح عليهما يوم وليلة‪،‬‬
‫وعند اتساخهما هل يصح تغييرهما قبل‬
‫إكمال الفروض ومتابعة المسح عليهما؟‬
‫والقصد من سؤالي هذا‪ :‬إراحة الرجل عند‬
‫النوم وذلك بعد أداء الفروض جميعها‪ ،‬ابتداء‬
‫من صلة الفجر حتى العشاء والفترة ما بين‬
‫العشاء والفجر راحة‪ ،‬راجين إفادتنا بذلك‪،‬‬
‫والله يوفقكم‪.‬‬
‫ج‪ :‬المشروع للمؤمن أن يمسح يوما وليلة إذا‬
‫كان مقيما‪ ،‬وثلثة أيام بلياليها إذا كان مسافرا‪ ،‬كما‬
‫ثبت عن رسول الله عليه الصلة والسلم في‬
‫الحديث عن علي رضي الله عنه‪ ،‬أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪)) :‬يمسح المقيم يوما وليلة‬
‫والمسافر ثلثة أيام بلياليها(( وهكذا جاء في أحاديث‬
‫أخرى عن النبي عليه الصلة والسلم‪.‬‬

‫‪ -1‬نور على الدرب الشريط رقم )‪.(11‬‬


‫‪163‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والبدء يكون من المسح بعد الحدث‪ ،‬فإذا أحدث‬


‫الضحى مثل ثم توضأ للظهر ولبسهما‪ ،‬ثم أحدث‪ ،‬ثم‬
‫مسح للعصر فإنه يستمر‬

‫‪164‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إلى العصر التي‪ ،‬فإذا جاء العصر التي خلعهما‬


‫وغسل رجليه قبل العصر‪ ،‬ثم لبسهما بعد ذلك‪ ،‬ثم‬
‫يمسح يوما وليلة بعد ذلك إذا شاء إذا كان مقيما‪ ،‬أما‬
‫إذا خلعهما للراحة كأن يكون لبسهما بعد الظهر على‬
‫الطهارة ثم مسح عليهما بعد العصر وبعد المغرب‬
‫والعشاء‪ ،‬ثم خلعهما بعد العشاء للنوم فإنه يغسل‬
‫قدميه إذا قام للفجر ول يلبسهما إل على طهارة‪،‬‬
‫فيمسح عليهما يوما وليلة مرة أخرى وهكذا‪ ،‬وله‬
‫خلعهما متى شاء‪ ،‬ومتى خلعهما بعد الحدث لم‬
‫يلبسهما إل على طهارة إذا أراد المسح عليهما؛ ولهذا‬
‫لما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خفان‬
‫وأراد أن يمسح عليهما أراد المغيرة أن ينزعهما فقال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ))دعهما فإني أدخلتهما‬
‫طاهرتين(( متفق على صحته‪ ،‬وصح من حديث‬
‫صفوان بن عسال رضي الله عنه قال‪:‬كان رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن ل‬
‫ننزع خفافنا ثلثة أياما ولياليها إل من جنابة ولكن من‬
‫غائط وبول ونوم(‪.‬‬
‫فالمؤمن يمسح ثلثة أيام بلياليهن بالنسبة‬
‫للسفر‪ ،‬ويمسح للقامة يوما وليلة‪ ،‬لكن من غير‬
‫الجنابة‪ ،‬أما الجنابة فل‪ ،‬ل بد من الخلع حتى يغسل‬
‫قدميه من الجنابة‪ .‬وله خلعهما متى شاء قبل انتهاء‬
‫المدة لبدالهما بغيرها‪ ،‬أو لغسلهما من الوسخ‪ ،‬أو‬
‫لغير ذلك من السباب‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪166‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫المسح على الجوارب الشفافة‬
‫س‪ :‬ما الحكم في المسح على الجوارب‬
‫)الشراب( الشفافة؟‬
‫ج‪ :‬من شرط المسح على الجوارب‪ :‬أن يكون‬
‫صفيقا ساترا‪ ،‬فإن كان شفافا لم يجز المسح عليه؛‬
‫لن القدم والحال ما ذكر في حكم المكشوفة‪.‬‬

‫حكم المسح على الجوارب المصنوعة‬


‫من القطن‬
‫أو الصوف أو النايلون‪ ،‬وشروط المسح‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫والصلة بالحذاء‬
‫س‪ :‬هل ينطبق المسح على الخفين على‬
‫الجوارب المصنوعة من القطن أو الصوف أو‬
‫النايلون المستعمل حاليا وما شروط المسح‬
‫على الخفين‪ ،‬وهل تجوز الصلة بالحذاء؟‬
‫ج‪ :‬يجوز المسح على الجوربين الطاهرين‬
‫الساترين‪ ،‬كما يجوز المسح على الخفين‪ ،‬لما ثبت‬
‫عنه صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1358‬بتاريخ ‪/ 3 / 20‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪.‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص‬
‫‪.62‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (948‬بتاريخ ‪1404 / 9 / 26‬‬
‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬ص ‪– 62‬‬
‫‪.63‬‬
‫‪167‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والنعلين‪ ،‬ولما ثبت عن جماعة من الصحابة رضي‬


‫الله عنهم أنهم مسحوا على الجوربين‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والفرق بين الجوربين والخفين‪ :‬أن الخف‪ :‬ما‬


‫يصنع من الجلد‪ ،‬أما الجورب‪ :‬فهو ما يتخذ من‬
‫القطن ونحوه‪.‬‬
‫ومن شروط المسح على الخفين والجوربين‪ :‬أن‬
‫يكونا ساترين لمحل الفرض‪ ،‬وأن يلبسهما على‬
‫طهارة‪ ،‬وأن يكون ذلك خلل يوم وليلة للمقيم‪ ،‬وثلثة‬
‫أيام بلياليها للمسافر‪ ،‬ابتداء من المسح بعد الحدث‪.‬‬
‫عمل بالحاديث الصحيحة الواردة في ذلك‪.‬‬
‫وتجوز الصلة في النعلين السليمتين من الذى‪.‬‬
‫لن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه‪،‬‬
‫متفق على صحته‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم في‬
‫حديث أبي سعيد رضي الله عنه‪)) :‬إذا أتى أحدكم‬
‫المسجد فليقلب نعليه فإن رأى فيهما أذى فليمسحه‬
‫ثم ليصل فيهما(( أخرجه أحمد‪ ،‬وأبو داود بإسناد‬
‫حسن‪.‬‬
‫ولكن إذا كان المسجد مفروشا‪ ،‬فالحوط أن‬
‫يجعلهما في مكان مناسب‪ ،‬أو يضع إحداهما على‬
‫الخرى بين ركبتيه‪ ،‬حتى ل يوسخ الفرش على‬
‫المصلين‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫شروط المسح على الخفين‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1320‬بتاريخ ‪1412 / 6 / 6‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص ‪– 63‬‬
‫‪.64‬‬
‫‪169‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬م‪ .‬ص ‪ -‬يقول‪ :‬هل‬


‫يشترط في المسح على الخفين خف معين‪،‬‬
‫أم أي خف آخر كان؟‬

‫‪170‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬يشرع المسح على الخفين‪ :‬إذا كانا ساترين‬


‫للقدمين والكعبين‪ ،‬طاهرين ومن جلد أي حيوان كان‬
‫من الحيوانات الطاهرة؛ كالبل والبقر والغنم ونحوها‪،‬‬
‫إذا لبسهما على طهارة‪.‬‬
‫ويجوز المسح على الجوربين‪ ،‬وهما‪ :‬ما ينسج‬
‫لستر القدمين من قطن أو صوف أو غيرهما‪،‬‬
‫كالخفين في أصح قولي العلماء؛ لنه قد ثبت عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين‬
‫والنعلين‪ ،‬وثبت ذلك عن جماعة من أصحاب النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم‪ ،‬ولنهما في‬
‫معنى الخفين في حصول الرتفاق بهما‪ ،‬وذلك في‬
‫مدة المسح‪ ،‬وهي‪ :‬يوم وليلة للمقيم‪ ،‬وثلثة أيام‬
‫بلياليها للمسافر‪ ،‬تبدأ من المسح بعد الحدث في‬
‫أصح قولي العلماء؛ للحاديث الصحيحة الواردة في‬
‫ذلك‪ ،‬إذا لبسهما بعد كمال الطهارة‪ ،‬وذلك في‬
‫الطهارة الصغرى‪.‬‬
‫أما في الطهارة الكبرى فل يمسح عليهما‪ ،‬بل‬
‫يجب خلعهما وغسل القدمين؛ لما ثبت عن صفوان‬
‫بن عسال رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن ل ننزع خفافنا‬
‫ثلثة أيام ولياليهن إل من جنابة ولكن من غائط وبول‬
‫ونوم أخرجه النسائي‪ ،‬والترمذي واللفظ له‪ ،‬وابن‬
‫خزيمة وصححاه‪ ،‬كما قاله الحافظ في البلوغ‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والطهارة الكبرى‪ :‬هي الطهارة من الجنابة‬


‫والحيض والنفاس‪ .‬أما الطهارة الصغرى‪ :‬فهي‬
‫الطهارة من الحدث الصغر؛ كالبول‪ ،‬والريح‪،‬‬
‫وغيرهما من نواقض الوضوء‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫طهارة المسح تزول بخلع الشراب‬
‫س‪ :‬رجل مسح على شرابه عند الوضوء‬
‫ثم خلعها بعد أن وجد لها رائحة‪ ،‬وصلى ولم‬
‫يغسل مكانها‪ ،‬فما حكم صلته على هذه‬
‫الحالة؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان خلعه لها وهو على طهارته الولى‬
‫التي لبس عليها الشراب فطهارته باقية‪ ،‬ول يضره‬
‫خلعها‪ ،‬أما إن كان خلعه للشراب بعد ما أحدث فإنه‬
‫يبطل الوضوء‪ ،‬وعليه أن يعيد الوضوء؛ لن حكم‬
‫طهارة المسح قد زال بخلع الشراب في أصح أقوال‬
‫العلماء‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫المسح على الشراب بدون سبب من‬


‫)‪(2‬‬
‫برد أو غيره‬
‫س‪ :‬القارئ سامي‪ .‬ح ‪ -‬أرسل سؤال‬
‫يقول فيه‪ :‬كثيرا ما أرى بعض المصلين‬
‫يمسحون على )الشراب( في وضوئهم حتى‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (164‬لشهر رمضان من‬


‫عام ‪ 1411‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني‬
‫‪.65 – 64‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (951‬بتاريخ ‪/ 10 / 24‬‬
‫‪ 1404‬هـ‪ ،.‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬
‫‪.35‬‬
‫‪173‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقت الصيف وأرجو أن تفيدوني عن مدى‬


‫جواز ذلك وأيهما أفضل للمقيم الوضوء مع‬
‫غسل الرجلين‪ ،‬أم المسح على الشراب‪،‬‬
‫علما أن الذين‬
‫يقومون بالمسح ليس لهم عذر إل أنهم‬
‫يقولون‪ :‬إن ذلك مرخص به‪.‬‬
‫ج‪ :‬عموم الحاديث الصحيحة الدالة على جواز‬
‫المسح على الخفين والجوربين يدل على جواز‬
‫المسح في الشتاء والصيف‪.‬‬
‫ول أعلم دليل شرعيا يدل على تخصيص وقت‬
‫الشتاء‪ ،‬ولكن ليس له أن يمسح على الشراب ول‬
‫غيره إل بالشروط المعتبرة شرعا‪ ،‬ومنها‪ :‬كون‬
‫الشراب ساترا لمحل الفرض‪ ،‬ملبوسا على طهارة‪،‬‬
‫مع مراعاة المدة‪ ،‬وهي‪ :‬يوم وليلة للمقيم‪ ،‬وثلثة‬
‫أيام بلياليها للمسافر‪ ،‬بدءا من المسح بعد الحدث‬
‫في أصح قولي العلماء‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم من لبس الجوربين على غير‬


‫طهارة ناسيا فمسح عليهما وصلى‬
‫)‪(1‬‬
‫بهما‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1266‬بتاريخ ‪/ 4 / 28‬‬
‫‪ 1411‬هـ وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬
‫‪174‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬س‪ .‬ع‪ .‬غ‪ -‬من حائل‬


‫يقول‪ :‬توضأت للفجر وصليت‪ ،‬ونسيت لبس‬
‫الجوارب )الشراب(‪ ،‬ونمت بعد الصلة ثم‬
‫استيقظت للذهاب لعملي‪ ،‬ولبست الشراب‬

‫‪.37 - 36‬‬
‫‪175‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫على غير طهارة‪ ،‬وعندما جاء وقت الظهر‬


‫توضأت ومسحت على الشراب وصليت‪،‬‬
‫وهكذا العصر والمغرب والعشاء‪ ،‬اعتقادا‬
‫مني أنني لبستهما على طهارة‪ .‬ولم أتذكر‬
‫أنني لم ألبسهما على طهارة إل بعد العشاء‬
‫بحوالي ساعتين‪ ،‬فما حكم صلتي في‬
‫الوقات الربعة هل هي صحيحة أم ل؟ علما‬
‫أنني لم أتعمد ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬من لبس الخفين أو الجوربين ‪ -‬وهما‪:‬‬
‫الشراب ‪ -‬على غير طهارة فمسح عليهما وصلى‬
‫ناسيا فصلته باطلة‪ ،‬وعليه إعادة جميع الصلوات‬
‫التي صلها بهذا المسح‪ .‬لن من شرط صحة المسح‬
‫عليهما‪ :‬لبسهما على طهارة بإجماع أهل العلم‪ ،‬ومن‬
‫لبسهما على غير طهارة ومسح عليهما فحكمه حكم‬
‫من صلى على غير طهارة‪ ،‬وقد قال النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬ل تقبل صلة بغير طهور ول صدقة من‬
‫غلول(( أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن‬
‫عمر رضي الله عنهما‪ ،‬وفي الصحيحين‪ ،‬من حديث‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬ل تقبل صلة أحدكم إذا أحدث حتى‬
‫يتوضأ((‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة رضي الله‬
‫عنه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫بعض أسفاره فذهب إلى حاجته‪ ،‬ثم رجع فتوضأ‪،‬‬

‫‪176‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وجعل المغيرة يصب عليه الماء‪ ،‬فلما مسح صلى‬


‫الله عليه وسلم برأسه أهوى المغيرة لينزع خفيه‪،‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬دعهما فإني‬
‫أدخلتهما طاهرتين(( فمسح عليهما‪ .‬والحاديث في‬
‫هذا الباب كثيرة‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وبهذا تعلم أيها السائل أن عليك أن تعيد‬


‫الصلوات الربع‪ ،‬الظهر والعصر والمغرب والعشاء‪،‬‬
‫ول إثم عليك من أجل النسيان‪ .‬لقول الله سبحانه‪﴿ :‬‬
‫خطَأ َْنا﴾)‪ (1‬وصح عن‬
‫و أَ ْ‬ ‫َ‬
‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫َرب َّنا ل ت ُ َ‬
‫ؤا ِ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪) :‬قد فعلت(‬
‫ومعنى ذلك‪ :‬أنه سبحانه استجاب دعوة عباده في‬
‫عدم مؤاخذتهم بما وقع منهم عن خطأ أو نسيان‪،‬‬
‫فلله الحمد والشكر على ذلك‪.‬‬

‫حكم لبس الجورب اليمنى قبل غسل‬


‫)‪(2‬‬
‫الرجل اليسرى‬
‫س‪ :‬السائل‪ :‬م‪ .‬ع‪ .‬أ‪ -‬من حائل يقول في‬
‫سؤاله‪ :‬قال لي بعض الناس‪ :‬إنه ل يجوز‬
‫أثناء الوضوء أن تلبس الشراب برجلك‬
‫اليمنى قبل أن تغسل رجلك اليسرى‪ ،‬وقد‬
‫قرأت في كتاب منذ زمن طويل عن هذا‬
‫الموضوع ‪ -‬ول يحضرني اسم هذا الكتاب ‪-‬‬
‫أنه فيه اختلف‪ ،‬الرجح من قولي العلماء‪:‬‬
‫أنه يجوز‪ ،‬أفيدوني مأجورين عن هذا‬
‫الموضوع تفصيليا‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.286‬‬


‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (888‬بتاريخ ‪1403 / 6 / 21‬‬
‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص ‪– 37‬‬
‫‪.38‬‬
‫‪178‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الولى والحوط‪ :‬أل يلبس المتوضئ الشراب‬


‫حتى يغسل رجله اليسرى؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه‬

‫‪179‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فليمسح عليهما وليصل فيهما ول يخلعهما إن شاء إل‬


‫من جنابة(( أخرجه الدارقطني‪ ،‬والحاكم وصححه من‬
‫حديث أنس رضي الله عنه؛ ولحديث أبي بكرة‬
‫الثقفي رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬أنه رخص للمسافر ثلثة أيام ولياليهن‬
‫وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح‬
‫عليهما أخرجه الدارقطني‪ ،‬وصححه ابن خزيمة‪.‬‬
‫ولما في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة‬
‫رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يتوضأ فأراد أن ينزع خفيه‪ ،‬فقال لها النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين((‪.‬‬
‫وظاهر هذه الحاديث الثلثة وما جاء في معناها‬
‫أنه ل يجوز للمسلم أن يمسح على الخفين إل إذا‬
‫كان قد لبسهما بعد كمال الطهارة‪ ،‬والذي أدخل‬
‫الخف أو الشراب برجله اليمنى قبل غسل رجله‬
‫اليسرى لم تكمل طهارته‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى جواز المسح‪ ،‬ولو‬
‫كان الماسح قد أدخل رجله اليمنى في الخف أو‬
‫الشراب قبل غسل اليسرى؛ لن كل واحدة منهما‬
‫إنما أدخلت بعد غسلها‪.‬‬
‫والحوط‪ :‬الول‪ ،‬وهو الظهر في الدليل‪ ،‬ومن‬
‫فعل ذلك فينبغي له أن ينزع الخف أو الشراب من‬

‫‪180‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫رجله اليمنى قبل المسح‪ ،‬ثم يعيد إدخالها فيه بعد‬


‫غسل اليسرى‪ ،‬حتى يخرج من الخلف ويحتاط لدينه‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم من لبس جوربا على طهارة ثم‬


‫)‪(1‬‬
‫لبس عليه جوربا آخر‬
‫س‪ :‬ما الحكم إذا لبست جوربا على‬
‫طهارة بعد صلة الفجر وعند الوضوء لصلة‬
‫الظهر مسحت عليه‪ ،‬وبعد الصلة لبست‬
‫عليه جوربا آخر وأنا أيضا على طهارة‪ ،‬فهل‬
‫يجوز لي المسح على الجورب الفوقاني؟‬
‫وهل الحكم في انتهاء مدة المسح للجورب‬
‫الفوقاني أم التحتاني؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل حرج في المسح على الفوقاني إذا كنت‬
‫لبسته على طهارة وتكون المدة في المسح حينئذ‬
‫متعلقة بالجورب الفوقاني؛ لكونه لبس على طهارة‪،‬‬
‫كما لو لبس الخفين أو الجوربين على طهارة قد‬
‫مسح فيها على جبيرة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‬

‫حكم من يصلي بالناس جماعة وفيه‬


‫جرح‬

‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬


‫‪181‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬ما حكم من صلى بالناس جماعة‬


‫وفيه جرح؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان الجرح عليه جبيرة فإنه يمسح عليها‬
‫وقت الوضوء وغسل الجنابة‪ ،‬ويجزئه ذلك‪ ،‬وصلته‬
‫صحيحة‪ ،‬سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا‪ ،‬فإن‬
‫لم تكن عليه‬

‫‪182‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫جبيرة تيمم عنه بعد غسل أعضائه السليمة‪ ،‬وأجزأه‬


‫ذلك وصحت صلته‪ .‬لقول الله سبحانه وتعالى‪﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(1‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫َ‬

‫ولن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين‬


‫الذين أصيبوا ببعض الجراحات يوم أحد صلوا‬
‫بجروحهم؛ ولما روى أبو داود رحمه الله‪ ،‬عن جابر‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬أن رجل أصابه جرح فأفتاه بعض‬
‫أصحابه بغسله‪ ،‬فغسله فمات‪ ،‬فقال النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬قتلوه قتلهم الله أل سألوا إذ لم‬
‫يعلموا إنما شفاء العي السؤال(( ثم قال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬إنما كان يكفيه أن يعصب على‬
‫جرحه خرقة ويمسح عليها ويغسل سائر جسده((‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬


‫‪183‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب ببببب‬
‫بببببب‬
‫انتقاض الوضوء أثناء الصلة أو قراءة‬
‫القرآن بصوت أو ريح لصاحب الحدث‬
‫)‪(1‬‬
‫الدائم‬
‫س‪ :‬ينتقض وضوئي في الصلة‪ ،‬وفي‬
‫قراءة القرآن بواسطة الريح‪ ،‬سواء بصوت‬
‫أو برائحة فقط‪ ،‬فأعيد الوضوء كلما‬
‫انتقض‪ ،‬ولكن هناك إحدى الخوات في‬
‫الله قالت لي‪ :‬إنه ليس عليك إعادة‬
‫الوضوء عدة مرات‪ ،‬ولكن بوضوء واحد‬
‫تصلين‪ ،‬وإن انتقض الوضوء فعليك إعادة‬
‫الوضوء مرة ثانية‪ ،‬وإن انتقض الوضوء‬
‫ثالثة فل يلزمك إعادة الوضوء‪ ،‬فهل هذا‬
‫صحيح‪ ،‬وماذا أفعل في هذه الحال؟‬
‫ج‪ :‬إذا انتقض وضؤوك في الصلة عن يقين‬
‫بسماع الصوت أو بوجود الرائحة‪ ،‬فعليك أن تعيدي‬
‫الوضوء والصلة؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إذا فسا أحدكم في الصلة فلينصرف‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1362‬بتاريخ ‪/ 4 / 19‬‬


‫‪ 1413‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص‬
‫‪.89 – 88‬‬
‫‪184‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وليتوضأ وليعد الصلة(( رواه أهل السنن بإسناد‬


‫حسن‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تقبل‬

‫‪185‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صلة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ(( متفق على‬


‫صحته‪.‬‬
‫إل إذا كان الحدث معك دائما‪ ،‬فإن عليك أن‬
‫تتوضئي للصلة إذا دخل الوقت‪ ،‬ثم تصلي الفرض‬
‫والنفل ‪ -‬ما دام الوقت ‪ -‬ول يضرك ما خرج منك في‬
‫الوقت؛ لن هذه الحال حالة ضرورة يعفى فيها عما‬
‫يخرج من صاحب الحدث الدائم إذا توضأ بعد دخول‬
‫قوا‬‫فات ّ ُ‬
‫الوقت؛ لدلة كثيرة‪ :‬منها قوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(1‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫ومنها‪ :‬حديث عائشة رضي الله عنها في قصة‬
‫المستحاضة حيث قال لها النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬ثم توضئي لوقت كل صلة((‪.‬‬
‫أما القراءة فل حرج عليك أن تقرئي عن ظهر‬
‫قلب‪ ،‬وإن كنت على غير طهارة‪ ،‬إل في حال الجنابة‬
‫فل تقرئي حتى تغتسلي‪ ،‬وليس لك مس المصحف‬
‫إل على طهارة من الحدث الكبر والصغر‪ ،‬إل إذا‬
‫كان الحدث دائما‪ ،‬فإنه ل حرج عليك إذا توضأت‬
‫لوقت كل صلة أن تصلي‪ ،‬وتقرئي من المصحف‬
‫وعن ظهر قلب؛ لما تقدم في حكم الصلة‪.‬‬
‫وفق الله الجميع‪.‬‬
‫كيف يصلي المبتلى بكثرة خروج‬
‫)‪(2‬‬
‫الروائح‬

‫‪ -1‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬


‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1362‬بتاريخ ‪/ 4 / 19‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.67‬‬
‫‪186‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬أشكو من مرض مزمن في القولون‪،‬‬


‫ويتسبب عن ذلك خروج روائح‪ ،‬وخاصة أثناء‬
‫الصلة‪ ،‬ولكثرة حدوث ذلك‬
‫أصبحت أشك في صلتي حتى ولو شممت‬
‫رائحة من أي مصدر آخر توهمت أنها مني‪،‬‬
‫فماذا أفعل أثناء الصلة؟ وهل يحب علي أن‬
‫أتوضأ حين حدوث الشك؟ وهل يجوز أن‬
‫أكون إماما في حالة أن المأمومين ل‬
‫يجيدون القراءة؟‬
‫ج‪ :‬الصل‪ :‬بقاء الطهارة‪ ،‬والواجب عليك إكمال‬
‫الصلة‪ ،‬وعدم اللتفات إلى الوسوسة‪ ،‬حتى تعلم‬
‫يقينا أنه خرج منك شيء بسماع الصوت أو وجود‬
‫الريح التي تتحقق أنها منك؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في‬
‫الصلة‪ ،‬قال‪)) :‬ل ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد‬
‫ريحا(( متفق على صحته‪.‬‬
‫ول مانع أن تكون إماما إذا كنت أقرأ الحاضرين‪،‬‬
‫إذا كان الحدث ليس مستمرا‪ ،‬وإنما يعرض لك بعض‬
‫الحيان‪ .‬ومتى عرض الحدث بطلت الصلة‪ ،‬سواء‬
‫كنت إماما أو مأموما أو منفردا‪ ،‬ومتى وقع الحدث‬
‫وأنت إمام فاستخلف من يصلي بهم بقية الصلة من‬
‫خواص الجماعة الذين وراءك‪.‬‬
‫نسأل الله لنا ولك العافية‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫من يحس بخروج قطرات من البول‬


‫)‪(1‬‬
‫بعد غسل مكان البول ماذا يفعل‬
‫س‪ :‬يقول صاحبنا هذا‪ :‬أنه عندما يتبول‬
‫وينقطع البول قليل ثم بعد أن يغسل مكان‬
‫البول ويتحرك يحس أنه نزل‬
‫منه‪ ،‬وأنه يأخذ فترة طويلة ل ينتهي‪ ،‬ينزل‬
‫قطرات بعد هذا‪ ،‬فيقول‪ :‬ماذا أفعل هل‬
‫أكتفي بالوضوء الول وأغسل المكان‬
‫وأكمل وضوئي أم أنتظر إلى حين انتهائه؟‬
‫أفيدوني أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا المر قد يقع من باب الوساوس والوهام‪،‬‬
‫وهو من الشيطان‪ ،‬وقد يقع لبعض الناس حقيقة‪،‬‬
‫فإذا كان حقيقة فل يعجل حتى ينقطع البول ثم‬
‫يغسل ذكره بالماء وينتهي‪ ،‬وإذا خشي من شيء بعد‬
‫ذلك فليرش ما حول الفرج بالماء بعد الوضوء‪ ،‬ثم‬
‫يحمل ما قد يتوهمه بعد ذلك على أنه من هذا الماء‬
‫الذي رش به ما حول الفرج؛ لورود السنة بذلك‪ ،‬هذا‬
‫قد يعينه على ترك هذه الوساوس‪.‬‬
‫ول ينبغي للمؤمن أن يلتفت إلى هذه الوساوس؛‬
‫لن هذا يجرئ عليه الشيطان‪ ،‬والشيطان حريص‬
‫على إفساد أعمال بني آدم‪ ،‬من صلة وغيرها‪.‬‬

‫‪ -1‬نور على الدرب الشريط رقم )‪.(107‬‬


‫‪188‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالواجب الحذر من مكائده ووساوسه‪ ،‬والتكال‬


‫على الله‪ ،‬وحمل ما قد يقع له من الوساوس على‬
‫أنه من الشيطان‪ ،‬حتى ل يلتفت إليه‪ ،‬فإن خرج منه‬
‫شيء عن يقين من دون شك أعاد الستنجاء‪ ،‬وأعاد‬
‫الوضوء‪ ،‬أما ما دام هناك شك ولو كان قليل فإنه ل‬
‫يلتفت إلى ذلك؛ استصحابا للطهارة‪ ،‬ومحاربة‬
‫للشيطان؛ ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬الرجل يخيل إليه أنه‬
‫يجد الشيء في الصلة‪ ،‬فقال‪)) :‬ل ينصرف حتى‬
‫يسمع صوتا أو يجد ريحا(( فأرشده النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم إلى أنه ل ينصرف من صلته من أجل‬
‫هذا التخيل حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫الوساس عند الوضوء‬
‫س‪ :‬بعدما أنتهي من الوضوء أشعر بأنه‬
‫يخرج مني نقاط من البول‪ ،‬فهل يجب علي‬
‫إعادة الوضوء‪ ،‬علما أنني كلما أعدت الوضوء‬
‫حصل نفس الشعور‪ ،‬فماذا أفعل؟‬
‫ج‪ :‬هذا الشعور عند السائل بعد الوضوء يعتبر من‬
‫وساوس الشيطان‪ ،‬فل يلزمه أن يعيد الوضوء‪ ،‬بل‬
‫المشروع له‪ :‬أن يعرض عن ذلك‪ ،‬وأن يعتبر وضوءه‬
‫صحيحا لم ينتقض؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلة‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1418‬بتاريخ ‪/ 6 / 12‬‬


‫‪ 1414‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحة الشيخ الجزء الثاني‬
‫ص ‪.61 – 60‬‬
‫‪189‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫))ل ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا(( متفق‬


‫على صحته‪.‬‬
‫ولن الشيطان حريص على إفساد عبادات‬
‫المسلم من الصلة والوضوء وغيرهما‪ ،‬فتجب‬
‫محاربته وعدم الخضوع لوساوسه‪ ،‬مع التعوذ بالله‬
‫من نزغاته ومكائده‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫الوسواس في الوضوء والصلة‬
‫س‪ :‬من‪ :‬أ‪ .‬ص ‪ -‬من الجزائر يقول‪ :‬أشعر‬
‫أحيانا خلل الوضوء أن وضوئي ينتقض‪،‬‬
‫وكذلك في الصلة‪ ،‬ول أدري‬
‫هل هذا حقيقة أم وسواس؟ حتى أنني كثير‬
‫العادة للصلة والوضوء مما جعلني أحيانا ل‬
‫أدرك صلة الجماعة وأفكر كثيرا في الصلة‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذه الوساوس من الشيطان‪ ،‬والواجب عليك‬
‫إطراحها‪ ،‬وعدم اللتفات إليها‪ ،‬وإكمال وضوئك‬
‫وصلتك؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫شكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في‬
‫الصلة‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬ل ينصرف‬
‫حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا(( متفق عليه‪ ،‬وفي‬
‫صحيح مسلم‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (175‬لشهر شعبان من‬
‫عام ‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪190‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬إذا وجد أحدكم‬


‫في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم ل؟‬
‫فل يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد‬
‫ريحا((‪.‬‬
‫بهذين الحديثين وما جاء في معناهما من‬
‫الحاديث يعلم كل مؤمن ومؤمنة‪ :‬أنه ل ينبغي له‬
‫النصراف من صلته ول من وضوئه بما يحصل من‬
‫الوساوس‪ ،‬بل يشرع له العراض عنها‪ ،‬حتى يعلم‬
‫يقينا أنه خرج منه شيء‪ ،‬وحتى يعلم يقينا في‬
‫موضوع الوضوء أنه قد انتقض وضوءه‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إذا أحس المصلي بخروج شيء منه‬


‫)‪(1‬‬
‫فهل تبطل صلته‬
‫س‪ :‬عندما أتوضأ وفي أثناء الوضوء أشعر‬
‫بأن شيئا يخرج من الذكر‪ ،‬فهل يعني هذا‪:‬‬
‫أنني تنجست أم ل؟ وهل إذا أحسست‬
‫بخروجه وأنا أصلي تبطل صلتي أم ل؟‬
‫ج‪ :‬إحساس المصلي بشيء يخرج من دبره أو‬
‫قبله ل يبطل وضوءه‪ ،‬ول يلتفت إليه؛ لكونه من‬
‫وساوس الشيطان‪ ،‬وقد صح عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه سئل عن مثل هذا‪ ،‬فقال‪)) :‬ل‬
‫ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا(( متفق على‬
‫صحته‪.‬‬
‫أما إن جزم المصلي بخروج الريح أو البول‬
‫ونحوهما يقينا‪ ،‬فإن صلته تبطل؛ لفساد طهارته‪،‬‬
‫وعليه أن يعيد الوضوء والصلة‪.‬‬

‫امرأة مصابة بوسواس النظافة والخوف‬


‫)‪(2‬‬
‫من النجاسة‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (886‬وتاريخ ‪1403 / 6 / 7‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص ‪.88‬‬
‫‪ -2‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (244‬لشهر جمادى الولى‬
‫من عام ‪ 1418‬هـ‪.‬‬
‫‪192‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أ‪ .‬ح ‪ -‬تقول‪ :‬إنني مصابة‬


‫بوسواس النظافة والخوف من النجاسة‪ ،‬أي‪:‬‬
‫أنني أغسل يدي وملبسي عدة مرات قبل‬
‫أن تحصل لدي القناعة بالنظافة‪ ،‬حاولت أنا‬
‫أضغط على نفسي للتغلب على هذا‬
‫الوسواس فلم‬
‫أستطع‪ ،‬وأنجح أحيانا وأفشل كثيرا‪ .‬إنني‬
‫مؤمنة وأخاف الله كثيرا وأدعو الله كثيرا‬
‫في صلتي وقيامي ليشفيني مما أنا فيه‪.‬‬
‫أنا أعرف أن هذا مرض وقرأت‪ :‬أنه يجب‬
‫عدم النتباه إلى هذا الوسواس‪ ،‬ولكني ل‬
‫أستطيع ذلك‪ ،‬وأريد أن أعرف رأي الدين في‬
‫هذا المرض‪ ،‬ل سيما أنه يجعل مني إنسانة‬
‫مسرفة في استعمال الماء‪ ،‬وبماذا أدعو‬
‫لكي أتخلص من هذا الوسواس؟ وهل صحيح‬
‫أن الدعاء أثناء السجود يجب أن يكون في‬
‫صلة النفل ول يجوز في صلة الفرض؟‬
‫أرجو إرشادي ولكم جزيل الشكر‪.‬‬
‫ج‪ :‬يجب عليك الحذر من الوسواس‪ ،‬وترك‬
‫العمل به‪ ،‬وأن تتعوذي بالله من الشيطان الرجيم‪،‬‬
‫وتبني على ظنك في وضوئك وصلتك‪ ،‬وتعرضي عن‬
‫الوساوس‪ ،‬وتسألي الله العافية منها‪ ،‬وتكثري من‬
‫التعوذ بالله من الشيطان الرجيم‪ ،‬وبذلك تسلمين إن‬
‫شاء الله منها‪ ،‬وترغمين الشيطان‪ ،‬وترضين ربك‬

‫‪193‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫سبحانه‪ .‬أسأل الله لنا ولك العافية والسلمة من‬


‫مكائد الشيطان ووساوسه‪.‬‬
‫والدعاء مشروع للمسلم والمسلمة في صلة‬
‫الفريضة والنافلة؛ في السجود‪ ،‬وفي آخر التحيات‬
‫قبل السلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا‬
‫الدعاء وقوله صلى الله عليه وسلم فأما الركوع‬
‫فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء‬
‫فقمن أن يستجاب لكم(( أخرجهما مسلم في‬
‫صحيحه‪،‬‬

‫‪194‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقوله صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه رضي‬


‫الله عنهم التشهد ‪ -‬أعني‪ :‬التحيات‪ -‬قال لهم‪)) :‬ثم‬
‫ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو(( متفق‬
‫على صحته‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫نجاسة الخارج من السبيلين‬
‫س‪ :‬أنا فتاة لم أتزوج بعد‪ ،‬أعاني من‬
‫نزول مادة بيضاء كالحليب‪ ،‬وهي تنزل في‬
‫أغلب الوقات مما يجعل التخلص منها‬
‫صعب‪ ،‬ولذلك سألت أختي المتزوجة‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫إنها تخرج منها أيضا‪ ،‬وأنها مادة طبيعية‪،‬‬
‫وتدل على الطهارة‪ ،‬وهي من علماتها‪،‬‬
‫وبعد ذلك أصبحت أصلي وأصوم بشكل عادي‬
‫وبدون اعتبار أنها نجاسة‪ ،‬وفي مرة اطلعت‬
‫على الفتوى‪ :‬بأن كل ما يخرج من السبيلين‬
‫عبارة عن نجاسة‪ ،‬ويجب التخلص منه‪،‬‬
‫وتخصيص ملبس للصلة‪ .‬فما الحكم في‬
‫هذه المادة التي كالحليب؟ وما الحكم إذا‬
‫كانت شفافة وبغير لون؟‬

‫‪ -1‬صدرت من مكتب سماحته من ضمن السئلة المقدمة من بعض‬


‫الخوات في الله إلى سماحته‪.‬‬
‫‪195‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الخارج من السبيلين من بول أو غائط وسائر‬


‫المائعات‪ ،‬كالماء الذي ذكرت يعتبر نجسا‪ ،‬ويجب‬
‫الستنجاء منه في وقت كل صلة إذا كان مستمرا؛‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة‪:‬‬
‫))توضئي لكل صلة((‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ويجب غسل ما أصاب البدن والملبس منه‪ ،‬وما‬


‫خرج بين الوقتين يعفى عنه إذا كان مستمرا‪ ،‬ولو‬
‫كان خروجه في الصلة كدم الستحاضة‪ ،‬ويستثنى‬
‫من ذلك المني؛ لنه طاهر ويجب فيه الغسل إذا‬
‫خرج عن شهوة‪ ،‬فإن كان خروجه عن غير شهوة‬
‫أوجب الستنجاء فقط مع الوضوء للصلة ونحوها؛‬
‫كالطواف‪ ،‬ومس المصحف‪.‬‬
‫أما الريح‪ ،‬ومس الفرج‪ ،‬وأكل لحم البل‪ ،‬والنوم‪،‬‬
‫فهذه كلها ل توجب الستنجاء ول يشرع لها‬
‫الستنجاء‪ ،‬بل توجب الوضوء فقط‪ ،‬وهو‪ :‬غسل‬
‫الوجه مع المضمضة والستنشاق‪ ،‬وغسل اليدين مع‬
‫المرفقين‪ ،‬ومسح الرأس مع الذنين‪ ،‬وغسل الرجلين‬
‫مع الكعبين‪.‬‬

‫هل يلزم الوضوء لكل صلة للمرأة التي‬


‫)‪(1‬‬
‫تجد رطوبة تخرج من الرحم‬
‫سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد‬
‫الله بن باز سلمه الله وحفظه من كل شر‬
‫وغفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين‬
‫آمين‪.‬‬

‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ / 1 / 1993‬س وتاريخ ‪/ 5 / 27‬‬


‫‪1416‬هـ‪.‬‬
‫‪197‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نحن مجموعة من النساء نعاني من وجود‬


‫رطوبة تخرج من الرحم‪ ،‬وسؤالنا هل يلزمنا‬
‫الوضوء لكل صلة؟ علما بأن ذلك قد يشق‬
‫علينا‪ ،‬أفتونا مأجورين‪.‬‬

‫‪198‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬بعده‪ :‬إذا‬


‫كانت الرطوبة المذكورة مستمرة في غالب الوقات‬
‫فعلى كل واحدة ممن تجد هذه الرطوبة الوضوء لكل‬
‫صلة إذا دخل الوقت؛ كالمستحاضة‪ ،‬وكصاحب‬
‫السلس في البول‪ ،‬أما إذا كانت الرطوبة تعرض في‬
‫بعض الحيان ‪ -‬وليست مستمرة ‪ -‬فإن حكمها حكم‬
‫البول متى وجدت انتقضت الطهارة ولو في الصلة‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما يرضيه‪ ،‬وشفانا إياكن من‬
‫كل سوء‪ ،‬إنه سميع‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫شعور النسان أثناء الصلة كأنه‬


‫)‪(1‬‬
‫يخرج منه بول هل يبطل الصلة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬س‪ .‬ل‪ .‬م ‪ -‬من الرياض‬
‫تقول‪ :‬أنا أبلغ من العمر ثمانية عشر عاما‬
‫ومنذ عامين‪ :‬إذا شرعت في الصلة أشعر‬
‫كأني يخرج مني بول‪ ،‬وهذا مستمر معي‬
‫دائما‪ ،‬أفيدوني في ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا الشعور ل يبطل به الوضوء‪ ،‬ول الصلة؛‬
‫لنه مجرد وسوسة من الشيطان‪ ،‬وصلتك صحيحة‪،‬‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬


‫‪199‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ول يضرك هذا الوسواس إل إذا جزمت وتحققت أنه‬


‫خرج منك بول‪.‬‬
‫فإذا جزمت بذلك‪ ،‬فعليك أن تعيدي الستنجاء‬
‫والوضوء والصلة‪ ،‬وتغسلي ما أصاب بدنك وملبسك‬
‫من البول‪ ،‬وأما مجرد الوهام والوسواس فإنها ل‬
‫يلتفت إليها‪ ،‬والصلة صحيحة‪.‬‬
‫وينبغي لك أن تحذري هذا الوسواس‪ ،‬وأن‬
‫تشتغلي بالقبال على الصلة والخشوع فيها‪ ،‬وأن‬
‫تبتعدي عن هذه الوساوس حتى ل تتكرر عليك‪.‬‬

‫السائل البيض الخارج من المرأة أثناء‬


‫)‪(1‬‬
‫طهرها من الحيض هل ينقض الوضوء‬
‫س‪ :‬الخت التي رمزت لسمها بـ‪ :‬ص‪.‬‬
‫ص‪ .‬ص ‪ -‬من أبها تقول في سؤالها‪ :‬السائل‬
‫البيض الذي يخرج من المرأة أثناء طهرها‬
‫من الحيض هل ينقض الوضوء؟‬
‫ج‪ :‬كل ما يخرج من الفرجين من السوائل فهو‬
‫ينقض الوضوء‪ ،‬بحق الرجل والمرأة؛ لقول الله‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫رأ ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫عَلى َ‬
‫س َ‬ ‫و َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ساءَ‬‫م الن ّ َ‬‫ست ُ ُ‬‫م ْ‬ ‫ول َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫غائ ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫حد ٌ ِ‬ ‫جاءَ أ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫دا طي ًّبا‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬ ‫موا َ‬ ‫م ُ‬ ‫فت َي َ ّ‬ ‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬‫م تَ ِ‬ ‫َ‬
‫فل ْ‬ ‫َ‬
‫فامسحوا بوجوهك ُم َ‬
‫ه﴾)‪ (2‬الية‪ .‬وقول‬ ‫من ْ ُ‬‫م ِ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫وأي ْ ِ‬
‫ِ ُ ُ ِ ْ َ‬ ‫َ ْ َ ُ‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (240‬لشهر محرم من عام‬
‫‪1418‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪200‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬ل تقبل صلة أحدكم إذا‬
‫أحدث حتى يتوضأ متفق على صحته‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والحدث‪ :‬هو جميع ما يخرج من الدبر والقبل من‬


‫غائط أو بول أو غيرهما من السوائل‪ ،‬وهكذا الريح إذا‬
‫خرجت من الدبر‪ ،‬لكن الريح إنما توجب الوضوء‬
‫فقط‪ ،‬وهو‪ :‬غسل الوجه واليدين‪ ،‬ومسح الرأس‬
‫والذنين‪ ،‬وغسل الرجلين‪ ،‬أما الغائط والسوائل‬
‫فكلها توجبا الستنجاء قبل الوضوء في العضاء‬
‫الربعة المذكورة‪ .‬لظاهر القرآن الكريم والسنة‬
‫المطهرة‪.‬‬
‫ومثل الريح‪ :‬أكل لحم البل‪ ،‬والنوم‪ ،‬ونحوه مما‬
‫يزيل العقل‪ ،‬ومس الفرج باليد‪ ،‬فإن هذه النواقض‬
‫توجب الوضوء فقط‪ ،‬ول يشرع من أجلها الستنجاء‪،‬‬
‫سواء كان الممسوس فرجه أو فرج غيره؛ كالزوجة‬
‫والطفل‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫ما حكم مصافحة المرأة الجنبية وهل‬


‫)‪(1‬‬
‫تنقض الوضوء‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬م‪ .‬ر‪ .‬ي ‪ -‬من درعا بسوريا‬
‫يقول في سؤاله‪ :‬كنت في أحد المجالس‬
‫وبيننا شيخ‪ ،‬وبعد قليل دخلت امرأة‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (94‬لشهر ذي القعدة من‬


‫عام ‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وصافحت الجميع‪ ،‬وبعد أن نادى المؤذن‬


‫لصلة العشاء قام الشيخ وصلى‪ .‬وبعد‬
‫الصلة سألته عن جواز الصلة لرجل سلمت‬
‫عليه امرأة دون أن يتوضأ‪ ،‬فأجابني‪ :‬إذا لم‬
‫يكن هناك‬

‫‪203‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫سوء نية من كليهما فإنه يجوز لي منهما‬


‫الصلة بدون وضوء‪ ،‬فما رأي فضيلتكم في‬
‫قوله؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للرجل أن يصافح المرأة الجنبية؛‬
‫لقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إني ل أصافح‬
‫النساء(( وقول عائشة رضي الله عنها‪) :‬والله ما‬
‫مست يد رسول الله يد امرأة قط ما كان يبايعهن إل‬
‫بالكلم( ولما في مصافحتهن من أسباب الفتنة‪.‬‬
‫أما مس المرأة ففي نقضه للوضوء خلف‪،‬‬
‫والصواب‪ :‬أنه ل ينقض الوضوء؛ سواء كان عن‬
‫شهوة‪ ،‬أو غير شهوة‪ ،‬فإن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ‪ ،‬ولن‬
‫الصل عدم نقض الوضوء إل بدليل صحيح واضح‬
‫وليس في هذه المسألة دليل صحيح واضح‪ ،‬يدل‬
‫على نقض الوضوء بمسها‪ ،‬ولن هذا مما تعم به‬
‫البلوى في كل بيت‪ ،‬فلو كان مس المرأة ينقض‬
‫الوضوء لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا‬
‫عاما‪.‬‬
‫ساءَ﴾)‪ (1‬فالمراد‬ ‫َ‬
‫م الن ّ َ‬
‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬
‫ول َ‬
‫أما قوله تعالى‪﴿ :‬أ ْ‬
‫به الجماع‪ ،‬كما قال ابن عباس وجماعة من أهل‬
‫العلم‪ ،‬وليس المراد به مس اليد‪ ،‬في أصح قولي‬
‫العلماء‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬


‫‪204‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لمس المرأة الجنبية هل ينقض‬


‫)‪(2‬‬
‫الوضوء‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬س‪ .‬أ‪ .‬م ‪ -‬شبرا ‪ -‬مصر‬
‫تقول فيه‪ :‬ما حكم الشرع في لمس الرجل‬
‫للمرأة الجنبية باليد دون حائل‬

‫‪ -2‬نشرت في جريدة المسلمون في العدد )‪ (4‬ليوم السبت الموافق‬


‫‪ 1405 / 6 / 11‬هـ‪ .‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‪ (1521‬بتاريخ‬
‫‪ 1416 / 7 / 22‬هـ‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هل ينقض الوضوء أم ل؟ وما المقصود‬


‫بالمرأة الجنبية؟‬
‫ج‪ :‬لمس المرأة ل ينقض الوضوء مطلقا في‬
‫أصح أقوال أهل العلم؛ لنه ثبت عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ‪.‬‬
‫وليس للمرأة أن تصافح أحدا من الرجال غير‬
‫محارمها‪ ،‬كما أنه ليس للرجل أن يصافح امرأة من‬
‫غير محارمه‪ ،‬لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))إني ل أصافح النساء(( ولما ثبت عن عائشة رضي‬
‫الله عنها‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع‬
‫النساء بالكلم فقط قالت _وما مست يده يد امرأة‬
‫قط(‪.‬‬
‫في‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫كا َ‬ ‫وقد قال الله سبحانه‪﴿ :‬ل َ َ‬
‫قد ْ َ‬
‫ة﴾)‪.(1‬‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫رسول الل ّ ُ‬
‫ح َ‬
‫وةٌ َ‬
‫س َ‬
‫هأ ْ‬‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬
‫ولن مصافحة النساء للرجال ومصافحة الرجال‬
‫للنساء من غير المحارم من أسباب الفتنة للجميع‪،‬‬
‫وقد جاءت الشريعة السلمية الكاملة بسد الذرائع‬
‫المفضية إلى ما حرم الله‪.‬‬
‫ومما تقدم يعلم أن المرأة الجنبية‪ :‬هي التي‬
‫ليس بينها وبين الرجل ما يحرمها عليه بنسب أو‬
‫سبب مباح‪ ،‬هذه هي الجنبية‪ ،‬أما من تحرم على‬

‫‪ -1‬سورة الحزاب الية ‪.21‬‬


‫‪206‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الرجل نسبا كأمه وأخته وعمته‪ ،‬أو بسبب شرعي‬


‫كالرضاعة والمصاهرة فهي ليست أجنبية‪.‬‬
‫وبالله التوفيق‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫هل لمس المرأة ينقص الوضوء‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬فضل ‪ -‬سوري مقيم في‬
‫الكويت يقول‪ :‬مذهب الشافعي رحمه الله‬
‫يقول‪ :‬بأن لمس النساء ينقض الوضوء‪ ،‬فمن‬
‫هن هؤلء النساء؟ وهل لمس ذوات المحارم‬
‫اللتي لم يبلغن ينقض الوضوء؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬لمس النساء في نقضه للوضوء خلف بين‬
‫العلماء‪:‬‬
‫فمنهم من قال‪ :‬إنه ينقض مطلقا‪ ،‬كالشافعي‬
‫رحمه الله‪.‬‬
‫ومنهم من قال‪ :‬أنه ل ينقض مطلقا‪ ،‬كأبي حنيفة‬
‫رحمه الله‪.‬‬
‫ومنهم من قال‪ :‬ينقض مع الشهوة‪ ،‬يعني‪ :‬إذا‬
‫لمسها بتلذذ وشهوة ينقض الوضوء‪ ،‬وإلى ذلك ذهب‬
‫المام أحمد رحمه الله‪.‬‬
‫والصواب في هذه المسألة ‪ -‬وهو الذي يقوم‬
‫عليه الدليل ‪ -‬هو‪ :‬أن مس المرأة ل ينقض الوضوء‬
‫مطلقا‪ ،‬سواء كان عن شهوة أم ل‪ ،‬إذا لم يخرج منه‬
‫شيء؛ لنه صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم‬
‫صلى ولم يتوضأ‪ ،‬ولن الصل‪ :‬سلمة الطهارة‪،‬‬
‫وبراءة الذمة من وضوء آخر‪ ،‬فل يجب الوضوء إل‬
‫بدليل سليم ل معارض له؛ ولن النساء موجودات في‬
‫كل بيت غالبا‪ ،‬والبلوى تعم بمسهن من أزواجهن‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(64‬‬


‫‪208‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وغير أزواجهن من المحارم‪ ،‬فلو كان المس ينقض‬


‫الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا‬
‫ساءَ﴾‬ ‫َ‬
‫م الن ّ َ‬
‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬
‫ول َ‬
‫واضحا‪ ،‬وأما قوله تعالى‪﴿ :‬أ ْ‬
‫)‪(1‬‬

‫وفي قراءة‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬


‫‪209‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ساءَ﴾ فالمراد به‪ :‬الجماع‪،‬‬ ‫َ‬


‫م الن ّ َ‬
‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬
‫ول َ‬
‫أخرى ﴿أ ْ‬
‫فكنى الله بذلك عن الجماع‪ ،‬كما كنى الله عنه‬
‫سبحانه بالمس في آية أخرى‪ ،‬هكذا قال ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما وجماعة من أهل العلم‪ ،‬وهو‬
‫الصواب‪.‬‬

‫لمس النسان لمه أو شقيقته هل يبطل‬


‫)‪(1‬‬
‫وضوءه‬
‫س‪ :‬من‪ :‬ع‪ .‬ع ‪ -‬من العراق يقول‪ :‬إذا‬
‫كان النسان قد توضأ أو هو على وضوء‬
‫فلمس أمه أو شقيقته أو نحو ذلك‪ ،‬فهل‬
‫يبطل وضوءه؟‬
‫ج‪ :‬الصواب‪ :‬أن مس المرأة ل ينقض الوضوء‪،‬‬
‫سواء كانت زوجته أو غيرها‪ ،‬هذا هو الصواب‪ ،‬وفيه‬
‫خلف بين أهل العلم‪ ،‬فللعلماء في هذا أقوال ثلثة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن مس المرأة ينقض الوضوء مطلقا‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬ل ينقضه مطلقا‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬التفصيل‪ :‬إن كان عن شهوة وتلذذ‬
‫نقض‪ ،‬وإل فل‪.‬‬
‫والراجح من القوال الثلثة‪ :‬أنه ل ينقض مطلقا؛‬
‫لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض‬
‫نسائه ثم صلى ولم يتوضأ صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ولن الصل سلمة الطهارة‪ ،‬فل تنتقض إل بدليل‬
‫واضح‪ ،‬ولن هذا المر يبتلى به الناس في بيوتهم‪،‬‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪210‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فلو كان مس المرأة ينقض الوضوء لبينه النبي صلى‬


‫الله عليه وسلم بيانا واضحا ولم يغفله؛ لنه صلى‬
‫الله عليه وسلم قد بلغ البلغ المبين‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأما قوله عز وجل في سورتي النساء والمائدة‪:‬‬


‫ساءَ﴾ فالمراد بذلك‪ :‬الجماع‪ ،‬كما‬ ‫َ‬
‫م الن ّ َ‬
‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬
‫ول َ‬
‫﴿أ ْ‬
‫قاله ابن عباس وجمع كثير من أهل العلم‪.‬‬
‫والمس والمسيس والملمسة معناها واحد‪،‬‬
‫وكلها يعنى بها‪ :‬الجماع في أصح قولي العلماء‪ ،‬لكن‬
‫إن خرج من النسان وقت الملمسة شيء من‬
‫المذي انتقض وضوءه‪ ،‬ووجب عليه غسل الذكر‬
‫والنثيين‪ ،‬ثم الوضوء للصلة ونحوها‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫لمس الزوجة أو غيرها بشهوة أو بدون‬


‫شهوة‬
‫)‪(1‬‬
‫هل ينقض الوضوء‬
‫س‪ :‬لمس المرأة بشهوة أو بدون شهوة‪،‬‬
‫وسواء كانت امرأته أو غيرها وهل ينقض‬
‫الوضوء؟‬
‫ج‪ :‬هذه المسألة فيها خلف بين العلماء‪.‬‬
‫والصواب‪ :‬أنه ل ينقض الوضوء‪ ،‬سواء كان‬
‫بشهوة أو بدونها‪ ،‬وسواء كان اللمس لمرأته أو‬
‫غيرها إذا لم يخرج منه مذي ول غيره؛ لن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم‬
‫يصلي ول يتوضأ‪ ،‬ولن الصل صحة الطهارة‬
‫وسلمتها‪ ،‬فل يجوز إبطالها إل بناقض ثابت في‬
‫‪ -1‬سؤال وجه لسماحته عندما كان رئيسا للجامعة السلمية بالمدينة‬
‫المنورة وأجاب عليه بتاريخ ‪ 1391 / 2 / 18‬هـ‬
‫‪212‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الشرع‪ ،‬وليس في الشرع المطهر ما يدل على‬


‫النقض بمجرد اللمس‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ساءَ﴾ فالمراد‬ ‫َ‬


‫م الن ّ َ‬
‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬
‫ول َ‬
‫أما قوله سبحانه‪﴿ :‬أ ْ‬
‫به‪ :‬الجماع في أصح قولي العلماء‪ ،‬كما قاله ابن‬
‫عباس وجماعة من العلماء‪ ،‬وليس المراد به مجرد‬
‫اللمس‪ ،‬ولو كان المراد به مجرد اللمس لبينه النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم للمة؛ لن الله سبحانه بعثه‬
‫مبلغا ومعلما‪ ،‬وقد ثبت عنه عليه الصلة والسلم أنه‬
‫كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ول يتوضأ‪ ،‬وذلك يبين‬
‫معنى الية الكريمة‪.‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬

‫ملمسة بلط الحمام والدوات الصحية‬


‫وملبس الطفل المبتلة بالبول هل‬
‫)‪(1‬‬
‫ينقض الوضوء‬
‫س‪ :‬هذه رسالة وردتنا من المستمعة‪:‬‬
‫س‪ .‬م ‪ -‬من جدة تقول‪ :‬هناك أشياء كثيرة‬
‫تحدث يوميا ول أعرف هل تذهب الوضوء أم‬
‫ل؟ سأذكرها في نقاط‪ ،‬وأرجو أن تبينوا ما‬
‫يذهب الوضوء منها وما ل يذهبه‪ .‬مثل‪:‬‬
‫ملمسة الدوات الصحية في دورات المياه‪،‬‬
‫كذلك الوقوف على بلط دورات المياه‬
‫حافية‪ ،‬ملمسة ملبس الطفل مبتلة بالبول‬
‫ملمسة الزوج أو تقبيله‪ ،‬الكل أو الشرب‬
‫بعد الوضوء مباشرة وقبل الصلة‪.‬‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(52‬‬


‫‪214‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ -1 :‬ملمسة الدوات الصحية وبلط الحمام‬


‫حافية كل ذلك ل‬

‫‪215‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ينقض الوضوء‪ ،‬لكن إذا كان في البلط نجاسة‬


‫ووطئتها المرأة أو الرجل فهذا ل ينقض الوضوء‪ ،‬لكن‬
‫على كل منهما أن يغسل رجلها إذا وطئها وهي‬
‫رطبة‪ ،‬أو في رجله رطوبة‪.‬‬
‫‪ - 2‬ملمسة ملبس الطفل المبتلة بالبول ل‬
‫تنقض الوضوء‪ ،‬ولكن على من لمسها وهي رطبة أن‬
‫يغسل يده‪ ،‬وهكذا لو كانت يابسة ويده رطبة فإنه‬
‫يغسل يده‪.‬‬
‫‪ -3‬ملمسة الزوج أو تقبيله ل ينقض الوضوء في‬
‫أصح قولي العلماء‪ ،‬وهكذا ملمسته لها ل تنقض‬
‫وضوءه‪ ،‬سواء كان ذلك عن شهوة أو من دونها ما لم‬
‫يخرج شيء من مني أو مذي‪ ،‬إل إذا مس أحدهما‬
‫فرج الخر فإنه ينتقض الوضوء بذلك‪.‬‬
‫ساءَ﴾ فالمراد‬ ‫َ‬
‫م الن ّ َ‬
‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬
‫ول َ‬
‫وأما قوله تعالى‪﴿ :‬أ ْ‬
‫بذلك‪ :‬الجماع‪ ،‬في أصح أقوال علماء التفسير‪ ،‬كما‬
‫قاله ابن عباس رضي الله عنهما وجمع كثير من أهل‬
‫العلم‪ .‬وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ‪ ،‬لكن‬
‫إن خرج شيء من المذي فإنه يجب على من خرج‬
‫منه المذي الوضوء للصلة ونحوها‪ ،‬بعد غسل الذكر‬
‫والنثيين وبعد غسل المرأة فرجها‪ ،‬أمل إن كان‬
‫الخارج منيا فإنه يجب على من خرج منه الغسل‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪ - 4‬الكل أو الشرب بعد الوضوء مباشرة وقبل‬


‫الصلة ل ينقض الوضوء‪ ،‬ول حرج فيه‪ ،‬إل إذا كان‬
‫المأكول من لحم البل فإنه ينتقض الوضوء بذلك‪.‬‬

‫‪217‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأما لحم الغنم ولحم البقر ولحم الصيد‪ ،‬وغيرها‬


‫من اللحوم المباحة‪ ،‬فل ينتقض الوضوء بها‪ ،‬بل لحم‬
‫البل خاصة هو الذي ينقض الوضوء؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬توضؤوا من لحوم البل ول‬
‫توضؤوا من لحوم الغنم(( وسأله صلى الله عليه‬
‫وسلم سائل فقال يا رسول الله أنتوضأ من لحوم‬
‫الغنم؟ قال ))إن شئت(( ثم قال أنتوضأ من لحوم‬
‫البل؟ فقال ))نعم(( رواه مسلم في الصحيح‪.‬‬
‫‪ - 5‬ملمسة الشخاص الغرباء بعد الوضوء‪ ،‬هذا‬
‫فيه تفصيل‪ .‬إذ ليس للمرأة أن تلمس الرجل الغريب‬
‫ول غيره‪ ،‬إذا لم يكن من محارمها‪ ،‬ولكن لو لمسته‬
‫بأن لمست يده أو قدمه لم ينتقض الوضوء بذلك‪،‬‬
‫وهكذا لو لمست يد أخيها أو يد أبيها‪ ،‬أو يد عمها‪ ،‬أو‬
‫قبلت رأسه‪ ،‬أو قبلت أنفه أو ما أشبه ذلك‪ ،‬فإنه ل‬
‫ينتقض الوضوء بذلك كما تقدم‪.‬‬
‫أما الغريب الذي ليس محرما لها فل تلمس يده‪،‬‬
‫ول تصافحه‪ ،‬ول تمس شيئا من بدنه‪ ،‬ول يلمسها هو‪،‬‬
‫إنما تسلم عليه بالكلم من غير لمس‪ :‬كيف حالك يا‬
‫فلن؟ وعليكم السلم‪ ،‬والسلم عليكم‪ ،‬كيف أولدك؟‬
‫كيف أهلك؟ وما أشبه هذا‪ ،‬من دون مصافحة‪ ،‬ومن‬
‫دون تكشف‪ ،‬ول ملمسة‪ ،‬بل تحتجب عنه في وجهها‬
‫وشعرها وبدنها‪ ،‬وتسلم عليه بالكلم فقط كما تقدم‪.‬‬
‫‪ -6‬أما مداعبة الزوج فهي طيبة ومشروعة‪،‬‬
‫فيشرع لها أن تداعب زوجها ويداعبها‪ ،‬وهذا من سنة‬
‫‪218‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهله‪ ،‬فقد كان‬


‫يداعبهن عليه الصلة والسلم‪ ،‬ول ينتقض الوضوء‬
‫بذلك إذا كانت المداعبة كالتقبيل‪.‬‬

‫مس الطبيب لعورة المريض قبل كانت‬


‫أو دبرا‬
‫)‪(1‬‬
‫ينقض الوضوء‬
‫س‪ :‬ما رأي سماحتكم في أن عمل‬
‫الطبيب يتطلب في بعض الحيان رؤية عورة‬
‫المريض أو مسها للفحص‪ ،‬وفي بعض‬
‫الحيان أثناء العمليات يعمل الطبيب الجراح‬
‫في وسط مليء بالدم والبول‪ ،‬فهل إعادة‬
‫الوضوء واجبة في هذه الحالت أم أنه من‬
‫باب الفضلية ؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج أن يمس الطبيب عورة الرجل للحاجة‬
‫وينظر إليها للعلج‪ ،‬سواء العورة الدبر أو القبل‪ ،‬فله‬
‫النظر والمس للحاجة والضرورة‪ ،‬ول بأس أن يلمس‬
‫الدم إذا دعت الحاجة للمسه في الجرح لزالته أو‬
‫لمعرفة حال الجرح‪ ،‬ويغسل يده بعد ذلك عما أصابه‪،‬‬
‫ول ينتقض الوضوء بلمس الدم أو البول‪ ،‬لكن إذا‬
‫مس العورة انتقض وضوءه قبل كانت أو دبرا‪ ،‬أما‬
‫مس الدم أو البول أو غيرهما من النجاسات فل‬
‫ينقض الوضوء‪ ،‬ولكن يغسل ما أصابه‪ ،‬لكن من مس‬
‫الفرج دون حائل ‪ -‬يعني‪ :‬مس اللحم اللحم ‪ -‬فإنه‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1552‬بتاريخ ‪/ 3 / 17‬‬
‫‪ 1417‬هـ‬
‫‪219‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ينتقض الوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬


‫))من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما ستر فقد‬
‫وجب عليه الوضوء((‪.‬‬
‫وهكذا الطبيبة إذا مست فرج المرأة للحاجة فإنه‬
‫ينتقض وضوؤها بذلك إذا كانت على طهارة كالرجل‪.‬‬

‫‪220‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫النوم هل ينقض الوضوء‬
‫س‪ :‬السائلة أم خالد تقول‪ :‬امرأة‬
‫تطهرت ثم نامت في السيارة وهي في‬
‫طريقها إلى مكة‪ ،‬ثم طافت ولم تتوضأ‪،‬‬
‫وبقيت متمتعة حتى الحج وقضت حجها‬
‫وحلت إحرامها فماذا عليها؟ جزاكم الله‬
‫خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬
‫إذا كان النوم الذي جاءها كان على صفة النعاس‬
‫فل حرج‪ ،‬فالنعاس ل ينقض الوضوء‪ ،‬أما إذا كانت‬
‫مستغرقة في النوم الذي ينقض الوضوء فحكمها‬
‫حكم من لم يطف بالبيت‪ ،‬فتكون قارنة‪ ،‬وطواف‬
‫الفاضة وسعي الفاضة يكفي عن طواف العمرة‬
‫وسعيها‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫النعاس هل ينتقض به الوضوء‬
‫س‪ :‬من امرأة تقول فيه‪ :‬عندما أصلي‬
‫صلة الضحى وانتظر صلة الظهر فيغالبني‬
‫نعاس‪ ،‬فهل ينتقض وضوئي به أم ل ؟‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1445‬بتاريخ ‪1415 / 1 / 7‬‬


‫هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬النعاس ل ينتقض به الوضوء‪ ،‬وإنما ينتقض‬


‫بالنوم الذي ل يبقى مع صاحبه شعور بمن حوله‪ ،‬فقد‬
‫كان الصحابة رضي الله عنهم ينتظرون العشاء على‬
‫عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتخفق‬
‫رؤوسهم من النعاس ثم يصلون ول يتوضؤون‪ ،‬أما‬
‫النوم الثقيل الذي يذهب فيه الشعور فهذا ينتقض‬
‫الوضوء به‪ ،‬فينبغي لك أيتها الخت في الله أن‬
‫تفهمي الفرق بين النوم الثقيل ‪ -‬الذي يذهب معه‬
‫الشعور ‪ -‬والنعاس‪.‬‬

‫من استيقظ من نومه وأراد الصلة‬


‫)‪(1‬‬
‫هل يلزمه الوضوء أم الستنجاء‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أبو سعد‪ .‬خ ‪ -‬يقول‪ :‬إذا‬
‫قام النسان من نومه وأراد الصلة هل‬
‫يلزمه الوضوء أم الستنجاء ؟‬
‫ج‪ :‬بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬
‫إذا كان ما بال ولم يتغوط‪ ،‬فالنوم ليس فيه إل‬
‫الوضوء فقط ‪ -‬أي‪ :‬التمسح ‪ -‬والريح كذلك ليس فيه‬
‫إل التمسح‪ ،‬وهكذا مس الفرج‪ ،‬وأكل لحم البل‪،‬‬
‫ليس فيهما إل التمسح وهو‪ :‬غسل الوجه‪ ،‬واليدين‪،‬‬
‫ومسح الرأس‪ ،‬والذنين‪ ،‬وغسل الرجلين‪ ،‬هذا هو‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1414‬بتاريخ ‪/ 5 / 13‬‬


‫‪ 1414‬هـ‪.‬‬
‫‪222‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫التمسح‪ ،‬وهو المسمى بالوضوء‪ ،‬فل يحتاج إلى‬


‫استنجاء‪ ،‬فالستنجاء يكون من البول أو الغائط‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫النوم ينقض الوضوء إذا كان مستغرقا‬
‫س‪ :‬رأيت بعض الناس ينامون في البيت‬
‫الحرام قبل الظهر والعصر مثل‪ ،‬ثم يحضر‬
‫المنبه للناس ليقاظهم للصلة فيقومون‬
‫للصلة دون أن يتوضؤوا‪ ،‬وهكذا بعض النساء‬
‫أيضا‪ ،‬فما حكم ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله‬
‫خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬النوم ينقض الوضوء إذا كان مستغرقا قد‬
‫أزال الشعور؛ لما روى الصحابي الجليل صفوان بن‬
‫عسال المرادي رضي الله عنه قال‪) :‬كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أن ل‬
‫ننزع خفافنا ثلثة أيام ولياليهن إل من جنابة ولكن من‬
‫غائط وبول ونوم( أخرجه النسائي‪ ،‬والترمذي واللفظ‬
‫له‪ ،‬وصححه ابن خزيمة‪.‬‬
‫ولما روى معاوية رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬العين وكاء السه فإذا‬
‫نامت العينان استطلق الوكاء(( رواه أحمد‪،‬‬
‫والطبراني‪ ،‬وفي سنده ضعف‪ ،‬لكن له شواهد‬
‫تعضده‪ ،‬كحديث صفوان المذكور‪ ،‬وبذلك يكون حديثا‬
‫حسنا‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (938‬بتاريخ ‪1404 / 7 / 15‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص ‪– 38‬‬
‫‪.39‬‬
‫‪223‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وبذلك يعلم أن من نام من الرجال أو النساء في‬


‫المسجد الحرام أو غيره فإنه تنتقض طهارته‪ ،‬وعليه‬
‫الوضوء‪ ،‬فإن صلى بغير وضوء لم تصح صلته‪،‬‬
‫والوضوء الشرعي‪ :‬هو غسل الوجه مع المضمضة‬
‫والستنشاق‪ ،‬وغسل اليدين مع المرفقين‪ ،‬ومسح‬
‫الرأس مع الذنين‪ ،‬وغسل الرجلين مع الكعبين‪ ،‬ول‬
‫حاجة إلى الستنجاء من النوم ونحوه‬

‫‪224‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كالريح‪ ،‬ومس الفرج‪ ،‬وأكل لحم البل‪.‬‬


‫وإنما يجب الستنجاء أو الستجمار من البول أو‬
‫الغائط خاصة‪ ،‬وما كان في معناهما قبل الوضوء‪.‬‬
‫أما النعاس فل ينقض الوضوء‪ .‬لنه ل يذهب معه‬
‫الشعور‪ ،‬وبذلك تجتمع الحاديث الواردة في هذا‬
‫الباب‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم وضوء الذين يعيشون لحظات‬


‫غيبوبة‬
‫س‪ :‬ما حكم وضوء الذين يعيشون‬
‫لحظات غيبوبة ؟‬
‫ج‪ :‬هذا فيه تفصيل‪ :‬إذا كان شيء يسير ل يزيل‬
‫الوعي ول يمنع الحساس بوجود الحدث فل يضر‪،‬‬
‫كالناعس الذي ل يستغرق في نومه‪ ،‬بل يسمع‬
‫الحركة‪ ،‬فهذا ل يضره حتى يعلم أنه خرج منه شيء‪،‬‬
‫هكذا إذا كانت الغيبوبة ل تمنع الحساس‪ ،‬أما إن‬
‫كانت الغيبوبة تمنع شعوره بالذي يخرج منه؛‬
‫كالسكران‪ ،‬أو المصاب بمرض أفقده شعوره حتى‬
‫صار في غيبوبة ‪ -‬فهذا ينتقض وضوءه كالغماء‪،‬‬
‫كذلك المصابون بالصرع‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هل يلزم الطفال الوضوء لمس‬


‫)‪(1‬‬
‫المصحف‬
‫س‪ :‬سؤال من المستمعة‪ :‬ج‪ .‬م‪ .‬ع‪-‬‬
‫تقول‪ :‬أنا معلمة في مدرسة ابتدائية أقوم‬
‫بتدريس مادة القرآن الكريم لطالبات الصف‬
‫الثاني البتدائي‪ ،‬وهؤلء الطالبات صغار في‬
‫السن ول يحسن الوضوء‪ ،‬وربما ل يبالين‬
‫بذلك‪ ،‬وهن يلمسن المصاحف ويتابعنني‬
‫فيه‪ ،‬وهن على غير وضوء‪ ،‬فهل يلحقني إثم‬
‫في ذلك وأنا قد أوضحت لهن كيفية الوضوء‬
‫وعرفنها‪ ،‬أم ل ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كن بنات السبع فأعلى يعلمن الوضوء‬
‫حتى يعرفنه‪ ،‬ثم يمكن من مس المصحف‪ ،‬أما إذا‬
‫كن دون ذلك فإنهن ل يصح منهن الوضوء‪ ،‬وليس من‬
‫شأنهن الوضوء‪ ،‬ولكن يكتب لهن المطلوب في ألواح‬
‫أو أوراق‪ ،‬ول يلمسن المصحف‪ ،‬ويكفي ذلك إن شاء‬
‫الله‪ ،‬ويجاهدن في هذا الشيء‪ ،‬وعليك التوجيه‬
‫والرشاد والتعليم لهن‪ ،‬جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الوضوء لقراءة القرآن‬
‫س‪ :‬سائل يسأل عن الوضوء من أجل‬
‫قراءة القرآن؟‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب رقم الشريط )‪.(523‬‬
‫‪ -2‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪226‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬القرآن الكريم هو كلم الله عز وجل‪ ،‬وهو‬


‫أعظم كتاب‪ ،‬وهو خاتم الكتب المنزلة من السماء‪،‬‬
‫ومن تعظيم الله له أنه قال سبحانه في‬
‫نل‬ ‫مك ُْنو ٍ‬‫ب َ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ري ٌ‬‫ن كَ ِ‬
‫قْرآ ٌ‬‫ه لَ ُ‬‫شأنه‪﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬
‫ب‬‫ن َر ّ‬ ‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫زي ٌ‬
‫ن ت َن ْ ِ‬‫هُرو َ‬ ‫مطَ ّ‬
‫ه ِإل ال ْ ُ‬ ‫س ُ‬‫م ّ‬ ‫يَ َ‬
‫ن﴾)‪ (1‬وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬
‫ال ْ َ‬
‫وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن‪)) :‬ل يمس القرآن إل‬
‫طاهر(( وأفتى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫بذلك‪.‬‬
‫ولهذا ذهب جمهور أهل العلم ومنهم الئمة‬
‫الربعة إلى أنه ل يجوز أن يمس القرآن إل طاهر من‬
‫الحدثين‪ :‬الصغر‪ ،‬والكبر‪ ،‬كما أنه ل يجوز أن يقرأه‬
‫الجنب مطلقا حتى يغتسل من الجنابة‪ ،‬وهذا هو‬
‫الصواب‪.‬‬
‫فليس لمحدث أن يقرأ القرآن من المصحف‪،‬‬
‫ولكن له أن يقرأ عن ظهر قلب إذا كان حدثه أصغر‪،‬‬
‫أما الجنب فليس له أن يقرأه مطلقا حتى يغتسل؛‬
‫لن الرسول عليه الصلة والسلم كان ل يحجزه عن‬
‫القرآن إل الجنابة‪ ،‬كما ثبت ذلك عن علي رضي الله‬
‫عنه قال‪) :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم ل يحجبه‬
‫شيء عن القرآن سوى الجنابة(‪.‬‬
‫واختلف العلماء في الحائض والنفساء هل‬
‫تلحقان بالجنب ؟‬
‫‪ -1‬سورة الواقعة اليات ‪.80 – 77‬‬
‫‪227‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فبعضهم ‪ -‬وهم الكثر ‪ -‬ألحقهما بالجنب‪ ،‬ومنعهما‬


‫من قراءة القرآن مطلقا حتى تطهر‪ ،‬وجاء في هذا‬
‫حديث رواه أبو داود‪ ،‬عن ابن عمر رضي الله عنهما‪،‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ل تقرأ‬
‫الحائض ول الجنب شيئا من القرآن((‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقال آخرون‪ :‬تجوز لهما القراءة عن ظهر قلب؛‬


‫لنهما تطول مدتهما‪ ،‬وليس المر في أيديهما‬
‫كالجنب‪ ،‬وهذا هو الصواب؛ لن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أمر عائشة في حجة الوداع وهي حائض‪ :‬أن‬
‫تفعل ما يفعله الحاج غير الطواف‪ ،‬ولم ينهها عن‬
‫قراءة القرآن‪ ،‬ولن قياس الحائض والنفساء على‬
‫الجنب ليس بصحيح؛ لعظم الفرق بينهما وبينه‪ ،‬أما‬
‫حديث ابن عمر المذكور فهو حديث ضعيف عند أهل‬
‫العلم؛ لنه من رواية إسماعيل بن عياش‪ ،‬عن‬
‫موسى بن عقبة – وهو حجازي‪ -‬وإسماعيل روايته‬
‫من غير الشاميين ضعيفة‪.‬‬

‫حكم مسك المصحف المفسر بدون‬


‫)‪(1‬‬
‫طهارة‬
‫س‪ :‬الخ الذي رمز لسمه بـ‪ :‬سائل من‬
‫الرياض يقول في سؤاله‪ :‬هل يجوز المساك‬
‫بالمصحف المفسر بدون طهارة ؟‬
‫والمقصود‪ :‬هو المصحف الذي على جوانبه‬
‫تفسير للقرآن الكريم‪ ،‬أي‪ :‬أنه " قرآن‬
‫وتفسير " ؟ نرجو من سماحتكم إفادتنا‪.‬‬
‫ج‪ :‬يجوز إمساك كتب التفسير من غير حائل‬
‫ومن غير طهارة؛ لنها ل تسمى مصحفا‪ ،‬أما‬
‫المصحف المختص بالقرآن فقط فل يجوز مسه لمن‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (230‬لشهر ربيع الول من‬


‫عام ‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪229‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ه‬
‫لم يكن على طهارة؛ لقول الله عز وجل‪﴿ :‬إ ِن ّ ُ‬
‫ه ِإل‬ ‫س ُ‬ ‫م ّ‬ ‫مك ُْنو ٍ‬
‫ن ل يَ َ‬ ‫ب َ‬
‫في ك َِتا ٍ‬
‫م ِ‬‫ري ٌ‬‫ن كَ ِ‬‫قْرآ ٌ‬ ‫لَ ُ‬
‫ن﴾)‪ (1‬وقول‬‫هُرو َ‬ ‫مطَ ّ‬ ‫ال ْ ُ‬

‫‪ -1‬سورة الواقعة اليات ‪.79 – 77‬‬


‫‪230‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل يمس القرآن إل‬


‫طاهر((‪.‬‬
‫والصل في الطهارة المطلقة في العرف‬
‫الشرعي‪ :‬هي الطهارة من الحدث الصغر والكبر‪،‬‬
‫كما فهم ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ولم يحفظ عن أحد منهم ‪ -‬فيما نعلم ‪ -‬أنه مس‬
‫المصحف وهو على غير طهارة‪ ،‬وهذا هو قول جمهور‬
‫أهل العلم‪ ،‬وهو الصواب‪ .‬والله الموفق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم مس المصحف بغير وضوء‬
‫س‪ :‬ما حكم مس المصحف بدون وضوء‬
‫أو نقله من مكان لخر؟ وما الحكم في‬
‫القراءة على الصورة التي ذكرت ؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلم مس المصحف وهو على غير‬
‫وضوء عند جمهور أهل العلم‪ ،‬وهو الذي عليه الئمة‬
‫الربعة رضي الله عنهم‪ ،‬وهو الذي كان يفتي به‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقد ورد في‬
‫ذلك حديث صحيح ل بأس به‪ ،‬من حديث عمرو بن‬
‫حزم رضي الله عنه‪ ،‬أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كتب إلى أهل اليمن‪)) :‬أن ل يمس القرآن إل‬
‫طاهر(( وهو حديث جيد له طرق يشد بعضها بعضا‪.‬‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الرابع ص ‪.384 ،383‬‬
‫‪231‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وبذلك يعلم أنه ل يجوز مس المصحف للمسلم‬


‫إل على طهارة من الحدثين الكبر والصغر‪ ،‬وهكذا‬
‫نقله من مكان إلى مكان‪ ،‬إذا كان الناقل على غير‬
‫طهارة‪.‬‬
‫لكن إذا كان مسه أو نقله بواسطة‪ ،‬كأن يأخذه‬
‫في لفافة أو في جرابه‪ ،‬أو بعلقته فل بأس‪ ،‬أما أن‬
‫يمسه مباشرة وهو على غير طهارة فل يجوز على‬
‫الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم‪ .‬لما تقدم‪ ،‬وأما‬
‫القراءة فل بأس أن يقرأ وهو محدث عن ظهر قلب‪،‬‬
‫أو يقرأ ويمسك له القرآن من يرد عليه ويفتح عليه‬
‫فل بأس بذلك‪.‬‬
‫لكن الجنب صاحب الحدث الكبر ل يقرأ؛ لنه‬
‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ل‬
‫يحجبه شيء عن القراءة إل الجنابة‪ ،‬وروى أحمد‬
‫بإسناد جيد عن علي رضي الله عنه‪ ،‬أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم خرج من الغائط وقرأ شيئا من‬
‫القرآن وقال ))هذا لمن ليس بجنب أما الجنب فل‬
‫ول آية((‪.‬‬
‫والمقصود‪ :‬أن ذا الجنابة ل يقرأ ل من المصحف‬
‫ول عن ظهر قلب حتى يغتسل‪ ،‬وأما المحدث حدثا‬
‫أصغر وليس بجنب فله أن يقرأ عن ظهر قلب ول‬
‫يمس المصحف‪.‬‬
‫وهنا مسألة تتعلق بهذا المر‪ ،‬وهي مسألة‬
‫الحائض والنفساء هل تقرآن أم ل تقرآن ؟‬
‫‪232‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫في ذلك خلف بين أهل العلم‪ :‬منهم من قال‪ :‬ل‬


‫تقرآن‪ ،‬وألحقهما بالجنب‬
‫والقول الثاني‪ :‬أنهما تقرآن عن ظهر قلب دون‬
‫مس المصحف؛ لن مدة الحيض والنفاس تطول‪،‬‬
‫وليستا كالجنب؛ لن الجنب يستطيع أن يغتسل في‬
‫الحال ويقرأ‪ ،‬أما الحائض والنفساء فل تستطيعان‬
‫ذلك إل بعد طهرهما‪ ،‬فل يصح قياسهما على الجنب‬
‫لما تقدم‪.‬‬
‫فالصواب‪ :‬أنه ل مانع من قراءتهما عن ظهر‬
‫قلب‪ ،‬هذا هو الرجح؛ لنه ليس في الدلة ما يمنع‬
‫ذلك‪ ،‬بل فيها ما يدل على ذلك‪ ،‬فقد ثبت في‬
‫الصحيحين‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‬
‫لعائشة لما حاضت في الحج‪)) :‬افعلي ما يفعل الحاج‬
‫غير أل تطوفي بالبيت حتى تطهري(( والحاج يقرأ‬
‫القرآن‪ ،‬ولم يستثنه النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فدل ذلك على جواز القراءة لها‪ ،‬وهكذا قال لسماء‬
‫بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر في‬
‫الميقات في حجة الوداع‪ ،‬فهذا يدل على أن الحائض‬
‫والنفساء لهما قراءة القرآن‪ ،‬لكن من غير مس‬
‫المصحف‪.‬‬
‫وأما حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬ل تقرأ الحائض ول الجنب شيئا من‬
‫القرآن(( فهو حديث ضعيف‪ ،‬في إسناده إسماعيل‬
‫بن عياش عن موسى بن عقبة‪ ،‬وأهل العلم بالحديث‬

‫‪233‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يضعفون رواية إسماعيل عن الحجازيين ويقولون‪:‬‬


‫إنه جيد في روايته عن أهل الشام أهل بلده‪ ،‬لكنه‬
‫ضعيف في روايته عن أهل الحجاز‪ ،‬وهذا الحديث من‬
‫روايته عن أهل الحجاز فهو ضعيف‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم مس المصحف للجنب‬
‫س‪ :‬هل الجنب يقرا كتاب الله غيبا‪ ،‬وإذا‬
‫لم يجز ذلك فهل يستمع له ؟‬

‫‪ -1‬نشرت في جريدة البلد في العدد )‪ (10940‬ليوم الثنين ‪/ 18‬‬


‫‪ 1415 / 1‬هـ‪ .‬في زاوية )فتاوى العلماء(‪.‬‬
‫‪234‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الجنب ل يجوز له قراءة القرآن‪ ،‬ل من‬


‫المصحف ول عن ظهر قلب حتى يغتسل؛ لنه قد‬
‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ل‬
‫يحجزه شيء عن القرآن إل الجنابة‪.‬‬
‫أما الستماع لقراءة القرآن فل حرج في ذلك؛‬
‫لما فيه من الفائدة العظيمة من دون مس‬
‫المصحف‪ ،‬ول قراءة منه للقرآن‪.‬‬

‫قراءة القرآن على غير طهارة‬


‫س‪ :‬هذه رسالة وردتنا من السائل‪ :‬ع‪ .‬ر‪.‬‬
‫م ‪ -‬من الردن يقول في رسالته‪ :‬أقرأ‬
‫القرآن وخاصة بعض اليات القصيرة غيبا‪،‬‬
‫ولكنني أكون في بعض الحيان غير متوضئ‬
‫أو غير طاهر‪ ،‬فهل يجوز أن أقرأ القرآن في‬
‫هذه الحالة ؟ أفيدوني أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬يجوز للمسلم والمسلمة قراءة القرآن ولو‬
‫كانا على غير طهارة إذا كانا ليسا على جنابة‪ ،‬فيجوز‬
‫لهما أن يقرأا عن ظهر قلب سورا أو آيات؛ لعموم‬
‫الدلة‪ ،‬أما من المصحف فل يقرأا حتى يتوضأا؛ لن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬ل تمس القرآن‬
‫إل وأنت طاهر(( أما الجنب فل يقرأ حتى يغتسل‪،‬‬
‫قال علي رضي الله عنه‪ :‬كان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ل يحجبه شيء من القرآن إل الجنابة وقال‬

‫‪235‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أما الجنب فل ول‬


‫آية((‪.‬‬
‫فالجنب ل يقرأ حتى يغتسل‪ ،‬وأما الحائض‬
‫والنفساء فلهما‪ :‬أن تقرأا ‪ -‬أي‪ :‬عن ظهر قلب ‪ -‬في‬
‫أصح قولي العلماء‪ ،‬كالمحدث‬
‫الحدث الصغر‪ ،‬وقال بعض أهل العلم‪ :‬أنهما مثل‬
‫الجنب ل تقرآن ‪ -‬ولو عن ظهر قلب ‪ -‬حتى تغتسل؛‬
‫لن حدثهما أكبر يوجب الغسل‪ ،‬فأشبهتا الجنب‪،‬‬
‫ولكن الصحيح أنهما ليستا كالجنب؛ لن حدثهما‬
‫يطول ويأخذ أياما كثيرة‪ ،‬ويشق عليهما تركهما‬
‫للقراءة‪ ،‬وربما ضيعتا حفظهما‪.‬‬
‫فالصحيح أنه يجوز لهما أن تقرأ عن ظهر قلب‪ ،‬كما‬
‫يقرأ المحدث حدثا أصغر‪ .‬ول يجوز قياسهما على‬
‫الجنب لما ذكرنا من الفرق بينهما‪ ،‬والمحدث حدثا‬
‫أصغر يمنع من مس المصحف حتى يتطهر؛ لقوله‬
‫ن﴾)‪ (1‬وهو أحد قولي‬‫هُرو َ‬‫مطَ ّ‬
‫ه ِإل ال ْ ُ‬
‫س ُ‬
‫م ّ‬
‫تعالى‪﴿ :‬ل ي َ َ‬
‫العلماء في تفسير الية‪ ،‬ولما جاء في الحديث عن‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ل يمس‬
‫القرآن إل طاهر(( وهو حديث حسن له طرق يشد‬
‫بعضها بعضا‪.‬‬
‫والخلصة‪ :‬أن الجنب والحائض والنفساء ومن‬
‫ليس على طهارة من ريح أو بول ليس لهم جميعا أن‬
‫يقرؤوا من المصحف‪ ،‬وأما عن ظهر قلب فيجوز‬

‫‪ -1‬سورة الواقعة الية ‪.79‬‬


‫‪236‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫للمحدث حدثا أصغر أن يقرأ عن ظهر قلب‪،‬‬


‫وللحائض والنفساء عن ظهر قلب على الصحيح‪.‬‬
‫أما الجنب فل يقرأ عن ظهر قلب ول من‬
‫المصحف حتى يغتسل‪ ،‬هذا هو خلصة الموضوع‪ ،‬أما‬
‫الحديث المروي في نهي الحائض عن قراءة القرآن‬
‫فهو حديث ضعيف‪ ،‬رواه أبو داود‪ ،‬من حديث‬
‫إسماعيل بن عياش‪ ،‬عن موسى بن عقبة‪ ،‬وموسى‬
‫المذكور حجازي‪ ،‬ورواية إسماعيل المذكور عن‬
‫الحجازيين ضعيفة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪237‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫مصافحة النصراني أو اليهودي هل تبطل‬


‫)‪(1‬‬
‫الوضوء‬
‫س‪ :‬إذا توضأ الرجل للصلة‪ ،‬وقابل في‬
‫طريقه نصرانيا أو يهوديا وصافحه‪ ،‬فهل‬
‫يبطل وضوءه؟ وما الحكم في دعوة‬
‫المسيحي لتناول الطعام في بيت المسلم؟‬
‫ج‪ :‬إذا صافح المسلم النصراني‪ ،‬أو اليهودي‪ ،‬أو‬
‫غيرهما من الكفرة فالوضوء ل يبطل بذلك‪ ،‬لكنه‬
‫ليس له أن يصافحهم‪ ،‬وليس له أن يبدأهم بالسلم‪.‬‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تبدءوا‬
‫اليهود ول النصارى بالسلم(( والمصافحة أشد من‬
‫البدء بالسلم‪ ،‬فل يبدؤهم ول يصافحهم إل إذا بدؤوه‬
‫هم بالسلم فصافحوه‪ ،‬فل بأس بالمقابلة؛ لنه لم‬
‫يبدأهم‪ ،‬وإنما هم الذين بدءوا‪.‬‬
‫أما دعوتهم للوليمة وتناول الطعام فهذا فيه‬
‫تفصيل‪:‬‬
‫فإن كان دعاهم لجل الترغيب في السلم‬
‫ونصيحتهم وتوجيههم للسلم فهذا ل بأس به‪ ،‬وهكذا‬
‫إن كانوا ضيوفا‪ ،‬أما أن يدعوهم إلى الطعام من أجل‬
‫الصداقة والمؤانسة فل ينبغي له ذلك؛ لن بيننا‬
‫ت‬‫كان َ ْ‬‫قد ْ َ‬ ‫وبينهم عداوة وبغضاء كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ل َك ُ ُ‬
‫ه إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫م َ‬ ‫هي َ‬‫في إ ِب َْرا ِ‬‫ة ِ‬‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬ ‫س َ‬‫مأ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬
‫ما ت َ ْ‬ ‫م ّ‬‫و ِ‬
‫م َ‬ ‫ُ‬
‫من ْك ْ‬‫م إ ِّنا ب َُرآءُ ِ‬‫ه ْ‬
‫م ِ‬‫و ِ‬
‫ق ْ‬‫قاُلوا ل ِ َ‬
‫َ‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(57‬‬


‫‪238‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وب َي ْن َك ُ ُ‬
‫م‬ ‫دا ب َي ْن ََنا َ‬ ‫وب َ َ‬
‫م َ‬‫فْرَنا ب ِك ُ ْ‬
‫ه كَ َ‬‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ؤ ِ‬ ‫حّتى ت ُ ْ‬ ‫ضاءُ أَبدا ً َ‬ ‫غ َ‬‫وال ْب َ ْ‬
‫وةُ َ‬‫دا َ‬‫ع َ‬‫ال ْ َ‬
‫حدَهُ﴾)‪ (1‬الية من سورة الممتحنة‪ .‬والله ولي‬ ‫و ْ‬‫َ‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫رد السلم أثناء الوضوء هل ينقض‬


‫الوضوء‬
‫س‪ :‬رد السلم أثناء الوضوء‪ ،‬هل ينقض‬
‫الوضوء؟ وهل هو مكروه؟ أفيدوني أفادكم‬
‫الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬رد السلم ليس بمكروه‪ ،‬ول ينقض الوضوء‪،‬‬
‫فإذا سلم عليك وأنت تتوضأ الوضوء الشرعي‪،‬‬
‫فالواجب عليك‪ :‬أن ترد السلم؛ لعموم الدلة‪ ،‬أما إذا‬
‫كنت في حالة استنجاء لزالة النجاسة ‪ -‬لن بعض‬
‫العامة يسميها وضوءا ‪ -‬فإن رد السلم في هذه‬
‫الحالة ل بأس بها إن شاء الله‪ ،‬بخلف إذا كنت في‬
‫قضاء الحاجة‪ ،‬فإن الولى‪ :‬عدم رد السلم حتى‬
‫تنتهي‪ ،‬ثم ترد السلم؛ لن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم سلم عليه وهو يبول فلم يرد حتى قام وضرب‬
‫الجدار وتيمم ورد السلم وقال ))إني كرهت أن أذكر‬
‫الله على غير طهارة((‪.‬‬
‫فالحاصل‪ :‬أنه إذا كان يتوضأ الوضوء الشرعي‬
‫الذي هو‪ :‬غسل الوجه‪ ،‬وغسل اليدين‪ ،‬ومسح‬
‫الرأس‪ ،‬وغسل الرجلين‪ ،‬هذا هو الوضوء الشرعي‪،‬‬
‫‪ -1‬سورة الممتحنة الية ‪.4‬‬
‫‪239‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ويسميه بعض الناس‪ :‬التمسح‪ ،‬فهذا إذا سلم عليه‬


‫وجب عليه رد السلم‪ ،‬أما إذا كان يستنجي فالظهر‪:‬‬
‫أنه يرد السلم؛ لن الستنجاء ليس بول ول غائطا‬
‫لكنه فيه مس للنجاسة وإن ترك فل حرج‪ ،‬وإن رد‬
‫فل حرج‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪240‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الوضوء من أكل لحم البل‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬م‪ .‬م ‪ -‬من دولة قطر يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬قرأت رأيا لبعض العلماء‪ :‬أن‬
‫أكل لحم البل ينقض الوضوء وقرأت رأيا‬
‫آخر‪ :‬أنه ل ينقض الوضوء‪ ،‬فأي الرأيين‬
‫أصح؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬
‫ج‪ :‬الصواب‪ :‬قول من قال‪ :‬إن أكل لحم البل‬
‫ينقض الوضوء؛ لنه ثبت عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬توضؤوا من لحوم البل ول توضؤوا‬
‫من لحوم الغنم(( وسئل عليه الصلة والسلم أنتوضأ‬
‫من لحوم الغنم؟ قال ))إن شئت(( ثم سئل أنتوضأ‬
‫من لحوم البل؟ قال نعم أخرجه المام مسلم في‬
‫صحيحه‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫حكم الوضوء من مرق لحم الجمل‬
‫س‪ :‬ح‪ .‬ع‪ .‬ق ‪ -‬حائل ‪ -‬السعودية يقول‪:‬‬
‫هل يجب الوضوء من مرق لحم الجمل‬
‫والطعام الذي طبخ به لحم الجمل؟‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (171‬لشهر ربيع الخر من‬


‫عام ‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬هذا السؤال وجه لسماحته عندما كان رئيسا للجامعة السلمية‬
‫بالمدينة المنورة‪ ،‬ونشر في جريدة المسلمون في العدد )‪.(12‬‬
‫‪241‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل يجب الوضوء من ذلك‪ ،‬ول من لبن البل‪،‬‬


‫وإنما يجب الوضوء من أكل لحم البل خاصة في‬
‫أصح أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬توضؤوا من لحوم البل ول توضؤوا من‬
‫لحوم الغنم(( أخرجه أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والترمذي‬
‫بإسناد صحيح‪ ،‬عن البراء بن عازب رضي الله عنهما‪،‬‬
‫وأخرج مسلم في صحيحه‪ ،‬عن جابر بن سمرة رضي‬
‫الله عنهما أن رجل سأل النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال ))إن شئت(( قال‬
‫أنتوضأ من لحوم البل؟ قال ))نعم(( والمرق ل‬
‫يسمى لحما‪ ،‬وهكذا الطعام واللبن‪ ،‬ومثل هذه المور‬
‫توقيفية ل دخل للقياس فيها‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫ما الحكمة في أن لحم البل ينقض‬


‫)‪(1‬‬
‫الوضوء‪ ،‬وهل الحساء كذلك‬
‫س‪ :‬ما الحكمة في أن لحم البل يبطل‬
‫الوضوء؟ وهل حساء لحم البل يبطل‬
‫الوضوء أيضا؟‬
‫ج‪ :‬قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫أمر بالوضوء من لحم البل ولم يبين لنا الحكمة‪،‬‬
‫ونحن نعلم أن الله سبحانه حكيم عليم‪ ،‬ل يشرع‬
‫لعباده إل ما فيه الخير والمصلحة لهم في الدنيا‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1424‬بتاريخ ‪/ 7 / 24‬‬


‫‪ 1414‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص‬
‫‪.66 – 65‬‬
‫‪242‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والخرة‪ ،‬ول ينهاهم إل عما يضرهم في الدنيا‬


‫والخرة‪.‬‬

‫‪243‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والواجب على المسلم أن يتقبل أوامر الله‬


‫سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم ويعمل بها‪،‬‬
‫وإن لم يعرف عين الحكمة‪ ،‬كما أن عليه أن ينتهي‬
‫عما نهى الله عنه ورسوله‪ ،‬وإن لم يعرف عين‬
‫الحكمة؛ لنه عبد مأمور بطاعة الله ورسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬مخلوق لذلك‪ ،‬فعليه المتثال‬
‫والتسليم‪ ،‬مع اليمان بأن الله حكيم عليم‪ ،‬ومتى‬
‫عرف الحكمة فذلك خير إلى خير‪.‬‬
‫أما المرق من لحم البل‪ ،‬وهكذا اللبن‪ ،‬فل‬
‫يبطلن الوضوء‪ ،‬وإنما يبطل ذلك اللحم خاصة؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬توضؤوا من لحوم‬
‫البل ول توضؤوا من لحوم الغنم(( وسأله رجل فقال‬
‫يا رسول الله أنتوضأ من لحوم البل؟ قال ))نعم((‬
‫قال أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال ))إن شئت(( وهما‬
‫حديثان صحيحان ثابتان عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫من انتقض وضوؤه في الصلة‬


‫)‪(1‬‬
‫بريح أو رعاف كثير تبطل صلته‬
‫س‪ :‬ذكر أن من نواقض الوضوء القيء‬
‫الفاحش‪ ،‬والدم الفاحش‪ :‬وهو الرعاف‪ ،‬وإذا‬
‫حدث لشخص ما أثناء الصلة الرباعية خروج‬

‫‪ -1‬رد على رسالة شخصية بالمناولة‪.‬‬


‫‪244‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫رعاف من النف‪ ،‬وقد قيل في ذلك‪ :‬بأنه‬


‫يخرج من الصلة ويذهب إلى المرحاض‬
‫ويتوضأ‪ ،‬ثم يعود ويكمل الركعتين التي‬
‫بقيت‪ ،‬فهل هذا صحيح؟ وجزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم‬
‫على نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه وسلم وبعد‪ :‬فإن من‬
‫انتقض وضوءه في الصلة بريح أو رعاف كثير أو‬
‫غيرهما‪ ،‬فإن صلته تبطل في أصح قولي العلماء؛‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا فسا أحدكم‬
‫في الصلة فلينصرف وليتوضأ ثم ليعد الصلة((‬
‫أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن‪ ،‬كما ذكر ذلك‬
‫الحافظ ابن حجر في البلوغ‪.‬‬
‫أما الحديث الذي فيه البناء على ما مضى من‬
‫الصلة فهو حديث ضعيف‪ ،‬كما أوضح ذلك أيضا‬
‫الحافظ ابن حجر في البلوغ‪.‬‬
‫وفق الله الجميع‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫من أحدث في الصلة فليقطعها‬
‫س‪ :‬قارئ من الرياض أرسل يقول‪ :‬دخل‬
‫أحدهم في الصلة وكان في الصف الول ثم‬
‫أحدث واستمر في صلته حتى ل يقطعها‬
‫ويضطر إلى تخطي الصفوف الخلفية‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1010‬بتاريخ ‪/ 1 / 23‬‬
‫‪ 1406‬هـ‪.‬‬
‫‪245‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وإرباكها وإضاعة خشوع المصلين‪ ،‬فما حكم‬


‫ذلك؟‬
‫ج‪ :‬نرجو أن يعفو الله عنه‪ ،‬والواجب إذا أحدث‬
‫النسان وهو في الصلة‪ ،‬أو تذكر أنه على غير طهارة‬
‫أن يقطع صلته‪ ،‬ويذهب ليتوضأ ويعود ويصلي ما‬
‫يدرك من صلة الجماعة‪ ،‬وأما صفوف المأمومين‬
‫فسترة إمامهم سترة لهم‪ ،‬فإذا مر بين يدي‬
‫المأمومين فل حرج‪ ،‬ويجب عليه أثناء الخروج من‬
‫الصف الهدوء والسكينة؛ لئل يشوش على المصلين‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم من أحدث وهو يطوف‬
‫س‪ :‬الخ الذي رمز لسمه بـ‪ :‬ق‪ .‬ن‪ .‬ع ‪-‬‬
‫من القاهرة يقول في سؤال له‪ :‬رجل شرع‬
‫في الطواف فخرج منه ريح‪ ،‬هل يلزمه قطع‬
‫طوافه أم يستمر؟‬
‫ج‪ :‬إذا أحدث النسان في الطواف بريح أو بول‬
‫أو مني‪ ،‬أو مس فرج أو ما أشبه ذلك انقطع طوافه‬
‫كالصلة‪ ،‬يذهب فيتطهر ثم يستأنف الطواف‪ ،‬هذا هو‬
‫الصحيح‪ ،‬والمسألة فيها خلف‪ ،‬لكن هذا هو الصواب‬
‫في الطواف والصلة جميعا؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬إذا فسا أحدكم في الصلة فلينصرف‬
‫وليتوضأ وليعد الصلة(( رواه أبو داود‪ ،‬وصححه ابن‬
‫خزيمة‪ ،‬والطواف من جنس الصلة في الجملة‪ ،‬لكن‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (156‬لشهر ذي الحجة من‬


‫عام ‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫‪246‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لو قطعه لحاجة مثل‪ ،‬كمن طاف ثلثة أشواط ثم‬


‫أقيمت الصلة فإنه يصلي ثم يرجع فيبدأ من مكانه‬
‫ول يلزمه الرجوع إلى الحجر السود‪ ،‬بل يبدأ من‬
‫مكانه ويكمل‪ ،‬خلفا لما قال بعض أهل العلم‪ :‬إنه‬
‫يبدأ من الحجر السود‪ ،‬والصواب‪ :‬ل يلزمه ذلك‪ ،‬كما‬
‫قال جماعة من أهل العلم‪ ،‬وكذا لو حضر جنازة‬
‫وصلى عليها‪ ،‬أو أوقفه أحد يكلمه‪ ،‬أو زحام‪ ،‬أو ما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬فإنه يكمل طوافه‪ ،‬ول حرج عليه في‬
‫ذلك‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪247‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وضع الحناء على الرأس ل ينقض‬


‫)‪(1‬‬
‫الطهارة‬
‫س‪ :‬امرأة توضأت ثم وضعت الحناء فوق‬
‫رأسها ‪ -‬حنت شعر رأسها ‪ -‬وقامت لصلتها‬
‫هل تصح صلتها أم ل؟ وإذا انتقض وضوءها‬
‫فهل تمسح فوق الحناء أو تغسل شعرها ثم‬
‫تتوضأ الوضوء الصغر للصلة؟‬
‫ج‪ :‬وضع الحناء على الرأس ل ينقض الطهارة‪ ،‬إذا‬
‫كانت قد فرغت منها‪ ،‬ول حرج من أن تمسح على‬
‫رأسها‪ ،‬وإن كان عليه حناء أو نحوه من الضمادات‬
‫التي تحتاجها المرأة‪ ،‬فل بأس بالمسح عليه في‬
‫الطهارة الصغرى‪.‬‬
‫أما الطهارة الكبرى‪ :‬فل بد أن تفيض عليه الماء‬
‫ثلث مرات‪ ،‬ول يكفي المسح؛ لما ثبت في صحيح‬
‫مسلم‪ ،‬عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت يا‬
‫رسول الله إني أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل‬
‫الجنابة والحيض؟ قال‪)) :‬ل إنما يكفيك أن تحثي على‬
‫رأسك ثلث حثيات ثم تفيضين عليه الماء‬
‫فتطهرين((‪.‬‬
‫وإن نقضته في الحيض وغسلته كان أفضل؛‬
‫لحاديث أخرى وردت في ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1216‬بتاريخ ‪/ 4 / 18‬‬


‫‪ 1410‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص‬
‫‪.66‬‬
‫‪248‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫من تطيب بالكولونيا هل يشرع له تجديد‬


‫)‪(1‬‬
‫الوضوء‬
‫س‪ :‬كثر الجدل حول التطيب بمادة‬
‫الكولونيا‪ ،‬فهل يشرع للمسلم المتوضئ أن‬
‫يجدد وضوءه منها أو يغسل ما وقعت عليه‬
‫من جسده؟‬
‫ج‪ :‬الطيب المعروف بالكولونيا ل يخلو من المادة‬
‫المعروفة بـ )السبرتو( وهي مادة مسكرة حسب‬
‫إفادة الطباء‪ ،‬فالواجب ترك استعماله‪ ،‬والعتياض‬
‫عنه بالطياب السليمة‪ .‬أما الوضوء منه فل يجب‪ ،‬ول‬
‫يجب غسل ما أصاب البدن منه؛ لنه ليس هناك دليل‬
‫واضح على نجاسته‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫هل الدخان ينقض الوضوء‬


‫سؤال من‪ :‬أ‪ .‬ص‪ .‬ح من السودان يقول‪:‬‬
‫إذا كان النسان توضأ‪ ،‬ثم شرب الدخان‬
‫وصلى مباشرة‪ ،‬وربما يؤم الناس‪ ،‬وقد قلنا‬
‫لمن يفعل ذلك‪ :‬إن الدخان ينقض الوضوء‪،‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (942‬بتاريخ ‪/ 8 / 13‬‬


‫‪ 1404‬هـ‪ .‬وفي مجلة الجندي المسلم في العدد )‪ (35‬السنة الثانية‬
‫عشرة – شهر ربيع الول من عام ‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫‪250‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فقالوا لنا‪ :‬ليس هذا كصحيح‪ ،‬فما الحكم في‬


‫هذا؟‬
‫ج‪ :‬الدخان ل ينقض الوضوء‪ ،‬ولكنه محرم خبيث‪،‬‬
‫يجب تركه‪،‬‬

‫‪251‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لكن لو شربه إنسان وصلى لم تبطل صلته ولم‬


‫يبطل وضوءه؛ لنه نوع من العشاب المعروفة‪ ،‬لكنه‬
‫حرم لمضرته‪ ،‬فالواجب على متعاطيه أن يحذره‪،‬‬
‫وأن يدعه‪ ،‬ويتقي شره‪ ،‬فل يجوز له شراؤه ول‬
‫استعماله‪ ،‬ول تجوز التجارة فيه‪ ،‬بل يجب على من‬
‫يتعاطى ذلك أن يتوب إلى الله‪ ،‬وأن يدع التجارة فيه‪،‬‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ذا أ ُ ِ‬‫ما َ‬‫ك َ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬ ‫يقول الله سبحانه وتعالى‪﴿ :‬ي َ ْ‬
‫م‬‫ل ل َك ُ ُ‬‫ح ّ‬ ‫ل أُ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫م﴾ ثم قال عز وجل‪ُ ﴿ :‬‬ ‫لَ ُ‬
‫ه ْ‬
‫ت﴾)‪ (1‬فالله عز وجل لم يحل لنا إل الطيبات‪:‬‬ ‫الطّي َّبا ُ‬
‫وهن المغذيات النافعات‪ ،‬وقال الله سبحانه في‬
‫م‬‫ه ُ‬‫ل لَ ُ‬‫ح ّ‬ ‫وي ُ ِ‬‫وصف النبي صلى الله عليه وسلم‪َ ﴿ :‬‬
‫ث﴾ ول ريب أن‬ ‫)‪(2‬‬
‫خَبائ ِ َ‬‫م ال ْ َ‬‫ه ُ‬ ‫م َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫حّر ُ‬
‫وي ُ َ‬
‫ت َ‬‫الطّي َّبا ِ‬
‫الدخان والمسكرات كلها من الخبائث‪ ،‬وهكذا‬
‫الحشيشة المسكرة المعروفة من الخبائث أيضا‪،‬‬
‫فيجب ترك ذلك‪ ،‬وهكذا القات المعروف في اليمن‬
‫من الخبائث؛ لنه يضر ضررا كبيرا‪ ،‬ويترتب عليه‬
‫تعطيل الوقات‪ ،‬وضياع الصلوات‪ ،‬فالواجب على من‬
‫يتعاطاه أن يدعه‪ ،‬ويتوب إلى الله من ذلك‪ ،‬وأن‬
‫يحفظ صحته وماله وأوقاته فيما ينفعه؛ لن الواجب‬
‫على المؤمن أن يحذر ما يضره بدينه ودنياه‪ ،‬ومثل‬
‫ذلك الدخان وأنواع المسكرات يجب الحذر منها كلها‬
‫مع التوبة الصادقة النصوح مما سبق‪ ،‬ول يجوز‬
‫التجارة في ذلك‪ ،‬بل يجب ترك ذلك وعدم التجارة‬
‫فيه‪ ،‬لنه يضر المسلمين‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.4‬‬


‫‪ -2‬سورة العراف الية ‪.157‬‬
‫‪252‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نسأل الله الهداية للجميع والتوفيق‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم صلة من يصلي ودمه ينزف من‬


‫)‪(1‬‬
‫قدمه‬
‫س‪ :‬كنت ذات يوم ألعب بالكرة‪ ،‬وقد‬
‫حدث أن جرحت رجلي جرحا مؤلما‪ ،‬ودخل‬
‫وقت الصلة فتوضأت الوضوء الكامل غير‬
‫إني لم أغسل مكان الجرح فكنت أصلي‬
‫والدم ينزف‪ ،‬ودمت على هذه الحال خمسة‬
‫أيام‪ ،‬فهل صلتي صحيحة مع العذر‪ ،‬أم أنها‬
‫غير صحيحة؟ أفيدونا بارك الله فيكم‪.‬‬
‫ج‪ :‬الواجب في هذا‪ :‬أنك تجعل على الجرح شيئا‬
‫كبيرا يمسك الدم‪ ،‬يعني‪ :‬خرقة تلفها عليه أو ما أشبه‬
‫ذلك مما يحبس الدم ويوقفه‪ ،‬حتى تمسح على هذه‬
‫الجبيرة‪ ،‬فإن لم يتيسر فالتيمم عن ذلك بعد الوضوء‬
‫ويكفي‪ ،‬ولكن طيلة لفه بلفافة أو جبيرة تمسح‬
‫عليها‪.‬‬
‫هذا هو الواجب؛ لنه هو الطريق الشرعي‪،‬‬
‫ويكفي عن التيمم‪ ،‬فإذا لم تفعل ذلك قضيت صلتك‬
‫لليام الخمسة التي فعلتها من دون مسح ول تيمم‪،‬‬
‫وهذا هو الحوط لك‪.‬‬
‫لنك فرطت في هذا المر‪ ،‬وهو أمر واضح حيث‬
‫لم تربط الجرح حتى يتم المسح عليه‪ ،‬ولم تتيمم‪.‬‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(844‬‬


‫‪254‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫تغسيل الميت هل ينقض الوضوء‬


‫)‪(1‬‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬


‫حضرة الخ المكرم ع‪ .‬أ‪ .‬ع‪ .‬ز سلمه الله‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة‬
‫البحوث العلمية والفتاء برقم ‪ 3186‬وتاريخ‬
‫‪1408 / 7 / 12‬هـ الذي تسأل فيه عن عدد‬
‫من السئلة‪.‬‬
‫وأفيدك‪ :‬أنه سبق أن صدر من اللجنة الدائمة‬
‫للبحوث العلمية والفتاء فتاوى فيما سألت عنه‪،‬‬
‫فنرفق لك نسخا منها‪ ،‬وفيها الكفاية إن شاء الله‪.‬‬
‫وبالنسبة لتغسيل الميت‪ ،‬فإنه ل ينقض الوضوء‬
‫في أصح قولي العلماء‪ ،‬لكن لو مس المغسل عورة‬
‫الميت فإنه ينقض وضوءه؛ لمس العورة‪ ،‬ل من أجل‬
‫تغسيل الميت‪ ،‬ول ينبغي للمغسل مس عورة الميت‪،‬‬
‫بل يغسلها من وراء حائل‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما فيه رضاه‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته في ‪ 1408 / 8 / 22‬هـ‪.‬‬
‫‪255‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب‬
‫ببببب‬
‫نصيحة بالدعوة إلى نشر السلم‬
‫وفضائله‬
‫في أمريكا‪ ،‬وشرح مسألة تتعلق بمسح‬
‫المرأة‬
‫)‪(1‬‬
‫على الخمار وغسل الرأس بعد الجنابة‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫حضرة الخ المكرم الستاذ ح‪ .‬ع‪ .‬ب وفقه‬
‫الله لما يرضيه‪ ،‬آمين‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫كتابكم الكريم المؤرخ بدون‪ ،‬وصل‪ ،‬وصلكم الله‬
‫بهداه‪ ،‬وسرنا منه علم صحتكم واستمراركم في‬
‫الطلب والتحصيل لخدمة أمتكم ووطنكم‪ ،‬فالحمد لله‬
‫على ذلك‪ ،‬نسأل الله لكم التوفيق والنجاح‪.‬‬
‫ولقد سررنا كثيرا بما ذكرتم من قيامكم بالدعوة‬
‫إلى نشر السلم وبيان فضائله والرد على خصومه‪،‬‬
‫وطلبكم إرسال بعض الدعاة من الجامعة السلمية‬
‫لوجود الكثيرين ممن يتقبلون السلم عندما يتبين‬
‫لهم حقيقته‪ ،‬ويتضح لهم سمو تشريعاته وعدالة‬
‫نظمه‪ ،‬فالحمد لله أن وفقكم للقيام بهذه المهمة‬
‫الشريفة والهدف النبيل‪.‬‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء السادس ص ‪.237 – 235‬‬
‫‪256‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نسأل الله أن يزيدكم من الخير والهدى‪ ،‬وأن‬


‫ينفع بكم‪ ،‬ويجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين‪ ،‬إنه‬
‫جواد كريم‪.‬‬
‫أما ما أشرتم إليه من طلب إرسال بعثة إلى‬
‫أمريكا للدعوة والتبليغ‪.‬‬
‫فنفيدكم أننا مهتمون بذلك كثيرا‪ ،‬ونحن نقدر لكم‬
‫هذه البادرة الكريمة‪ ،‬وسوف نرسل إن شاء الله من‬
‫يقوم بذلك عندما يتيسر من يصلح لهذه المهمة ممن‬
‫يجيد اللغة النجليزية؛ لن اللغة هي التي تحول كثيرا‬
‫بيننا وبين ما نريد‪ ،‬حقق الله لنا ولكم كل ما نصبوا‬
‫إليه من عزة السلم وصلح أمر المسلمين‪.‬‬
‫وقد أرسلنا بعثات كثيرة إلى أفريقيا بجميع‬
‫أقطارها للدعوة والرشاد‪ ،‬وكتابة تقارير عن حالة‬
‫المسلمين هناك‪ ،‬ودراسة مشاكلهم‪ ،‬والتعرف على‬
‫الجمعيات السلمية‪ ،‬وبذل المساعدات التي يمكن‬
‫تقديمها لهم‪ ،‬واختيار الطلبة الذين يحسن ابتعاثهم‬
‫إلى الجامعة السلمية بالمدينة‪ ،‬وقد نجحت هذه‬
‫البعثات بحمد الله نجاحا كبيرا‪ ،‬وحققت خيرا كثيرا‬
‫نشكر الله على ذلك‪ ،‬ونسأله عز وجل أن يوفقنا‬
‫إياكم وسائر المسلمين للفقه في الدين والثبات عليه‬
‫وبذل الجهود في الدعوة إليه ونشر محاسنه‬
‫وتعاليمه‪ ،‬وأن يوفق ولة أمرنا لما فيه صلح أمر‬
‫المسلمين وسلمة دينهم وجمع كلمتهم‪ ،‬إنه ولي ذلك‬
‫والقادر عليه‪.‬‬
‫‪257‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما ما تضمنه خطابكم من السؤال عن حكم‬


‫مسح المرأة على الخمار عند غسلها من الجنابة‪،‬‬
‫وأن التزام المرأة المريكية بغسل الرأس بعد‬
‫الجنابة كل مرة قد يقف حجر عثرة‬
‫في طريق إسلمها؛ لكونها تتخذ شكل لرأسها يغيره‬
‫الماء‪ ..‬إلخ‪ ،‬فقد فهمته‪ .‬والجواب‪ :‬أن المعلوم من‬
‫الشرع المطهر‪ ،‬ومن كلم أهل العلم أن المسح على‬
‫الحوائل من خف وعمامة وخمار ل يجوز في الجنابة‬
‫بالجماع‪ ،‬إنما يجوز في الوضوء خاصة؛ لحديث‬
‫صفوان بن عسال رضي الله عنه قال‪) :‬أمرنا رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا مسافرين أن ل‬
‫ننزع خفافنا ثلثة أيام ولياليهن إل من جنابة ولكن من‬
‫غائط وبول ونوم( ول ريب أن الشريعة السلمية هي‬
‫شريعة السماحة والتيسير‪ ،‬ولكن ليس في غسل‬
‫الرأس من الجنابة حرج شديد؛ لن الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم لما سألته أم سلمة عن الغسل من‬
‫الجنابة والحيض قائلة يا رسول الله إني أشد شعر‬
‫رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة؟ قال لها‬
‫عليه الصلة والسلم ))ل إنما يكفيك أن تحثي على‬
‫رأسك ثلث حثيات ثم تفيضين عليك الماء‬
‫فتطهرين(( أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫فعليه‪ :‬يرشد النساء اللتي يتحرجن من غسل‬
‫رؤوسهن في الجنابة بأنه يكفيهن أن يحثين على‬
‫رؤوسهن ثلث حثيات من الماء حتى يعمه الماء‪ ،‬من‬
‫غير حاجة إلى نقض ول تغيير شيء من الزي الذي‬
‫‪258‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يشق عليهن تغييره‪ ،‬مع بيان ما لهن عند الله من‬


‫الجر العظيم والعاقبة الحميدة والحياة الطيبة‬
‫الكريمة الدائمة في دار الكرامة إذا صبرن على‬
‫أحكام الشريعة وتمسكن بها‪ ،‬لكن الحوائل الضرورية‬
‫التي يحتاجها‬

‫‪259‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫النسان‪ ،‬لعروض كسر أو جرح ل بأس بالمسح عليها‬


‫في الطهارة الكبرى والصغرى‪ ،‬من أجل الضرورة‬
‫من غير توقيت‪ ،‬ما دامت الحاجة ماسة إلى ذلك؛‬
‫لحديث جابر في الرجل الذي شج في رأسه فأمره‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬أن يعصب على جرحه‬
‫خرقة ويمسح عليها‪ ،‬ثم يغسل سائر جسده‪ ،‬أخرجه‬
‫أبو داود في سننه‪.‬‬
‫ومما يحسن التنبيه عليه للراغبين والراغبات في‬
‫السلم عند التوقف في بعض المسائل والتحرج في‬
‫بعض الحكام أن يقال لهم‪ :‬إن الجنة حفت بالمكاره‪،‬‬
‫والنار حفت بالشهوات‪ ،‬وأن الله سبحانه أمر عباده‬
‫بما أمرهم به‪ .‬ليبلوهم أيهم أحسن عمل‪ ،‬فليس‬
‫الحصول على رضا الرب ودخول جنته والفوز‬
‫بكرامته‪ ،‬بالمر السهل من كل الوجوه الذي يناله‬
‫النسان بدون أي مشقة ليس المر هكذا‪ ،‬بل ل بد‬
‫من صبر وجهاد للنفس‪ ،‬وتحمل الكثير من المشاق‬
‫في سبيل مرضاة الرب جل وعل‪ ،‬ونيل كرامته‪،‬‬
‫والسلمة من غضبه وعقابه‪ ،‬كما قال الله عز وجل‪﴿ :‬‬
‫عَلى اْل َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫و ُ‬‫ها ل ِن َب ْل ُ َ‬‫ة لَ َ‬ ‫زين َ ً‬ ‫ض‬
‫ِ ِ‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ما َ‬ ‫عل َْنا َ‬‫ج َ‬
‫إ ِّنا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ذي َ‬ ‫مًل﴾)‪ ،(1‬وقال تعالى‪﴿ :‬ال ّ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫أي ّ ُ‬
‫مًل﴾)‪،(2‬‬ ‫ال ْموت وال ْحياةَ ل ِيبل ُوك ُم أ َيك ُ َ‬
‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ّ ْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬‫ه ِ‬‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫عل َ َ‬‫حّتى ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬
‫ون ّك ُ ْ‬ ‫وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬

‫‪ -1‬سورة الكهف الية ‪.7‬‬


‫‪ -2‬سورة الملك الية ‪.2‬‬
‫‪260‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫واليات‬ ‫)‪(3‬‬
‫م﴾‬ ‫و أَ ْ‬
‫خَباَرك ُ ْ‬ ‫ون َب ْل ُ َ‬‫ن َ‬
‫ري َ‬
‫صاب ِ ِ‬
‫وال ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ِ‬
‫كثيرة في هذا المعنى‪.‬‬

‫‪ -3‬سورة محمد الية ‪.31‬‬


‫‪261‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله المسئول أن يجعلنا وإياكم من دعاة الهدى‪،‬‬


‫وأن يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬وأن يمن على الجميع‬
‫بالبصيرة فيما خلقوا له‪ ،‬وأن يكثر بينهم دعاة الحق‪،‬‬
‫إنه على كل شيء قدير‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫نائب رئيس الجامعة السلمية بالمدينة المنورة‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫الغسل يوم الجمعة سنة مؤكدة‬
‫س‪ :‬هل غسل الجمعة واجب أم‬
‫مستحب؟‬
‫ج‪ :‬الغسل يوم الجمعة سنة مؤكدة؛ لما ورد في‬
‫ذلك من الحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬منها‪ :‬قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬غسل‬
‫يوم الجمعة واجب على كل محتلم وأن يستاك‬
‫ويتطيب(( وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت‬
‫حتى يفرغ المام من خطبته ثم يصلي معه غفر له‬
‫ما بينه وبين الجمعة الخرى وفضل ثلثة أيام(( رواه‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬وفي لفظ له‪)) :‬من توضأ‬
‫فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر‬

‫‪ -1‬نشرت في جريدة البلد في العدد )‪ (10708‬ليوم الحد الموافق‬


‫‪ 1413 / 5 / 16‬هـ‪ .‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‪ (1355‬بتاريخ‬
‫‪ 1413 / 2 / 29‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء‬
‫الثاني ص ‪.68‬‬
‫‪262‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫له ما بينه وبين الجمعة الخرى وزيادة ثلثة أيام ومن‬


‫مس الحصا فقد لغا(( مع أحاديث كثيرة في الباب‪.‬‬

‫‪263‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬واجب على كل‬


‫محتلم(( معناه عند أكثر أهل العلم‪ :‬متأكد‪ ،‬كما تقول‬
‫ي واجب(‪ ،‬ويدل على‬ ‫العرب‪) :‬العدة دين‪ ،‬وحقك عل ّ‬
‫هذا المعنى‪ :‬اكتفاؤه صلى الله عليه وسلم بالوضوء‬
‫في بعض الحاديث‪.‬‬
‫وهكذا الطيب‪ ،‬والستياك‪ ،‬ولبس الحسن من‬
‫الثياب‪ ،‬والتبكير إلى الجمعة‪ ،‬كله من السنن المرغب‬
‫فيها‪ ،‬وليس شيء منها واجبًا‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم غسل يوم الجمعة‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬م‪ .‬ز‪ -‬من بلجرشي يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬غسل يوم الجمعة هل هو واجب‬
‫أو مستحب أو سنة؟ وإذا اغتسل النسان‬
‫من الجنابة ليلة الجمعة فهل يجزئه عن‬
‫غسل الجمعة؟ علما بأن هناك من يقول‪ :‬إن‬
‫اليوم يبدأ من بعد منتصف الليل‪ ،‬وإذا كان‬
‫هذا الغسل ل يجزئ فما هو الوقت المناسب‬
‫له؟‬
‫ج‪ :‬غسل الجمعة سنة مؤكدة للرجال؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬غسل يوم الجمعة‬
‫واجب على كل محتلم وأن يستاك ويتطيب(( وقوله‬
‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬
‫‪264‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من راح إلى الجمعة‬


‫فليغتسل(( في أحاديث أخرى كثيرة‪ ،‬وليس بواجب‬
‫الوجوب الذي يأثم من تركه‪ ،‬ولكنه‬

‫‪265‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫واجب بمعنى‪ :‬أنه متأكد؛ لهذا الحديث الصحيح‪،‬‬


‫ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من توضأ يوم‬
‫الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له ثم أنصت‬
‫حتى يفرغ المام من خطبته غفر له ما بينه وبين‬
‫الجمعة الخرى وفضل ثلثة أيام(( وقوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت‬
‫ومن اغتسل فالغسل أفضل((‪.‬‬
‫وبذلك يعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))واجب(( ليس معناه الفرضية‪ ،‬وإنما هو بمعنى‪:‬‬
‫المتأكد‪ ،‬كما تقول العرب في لغتها‪ :‬حقك علي‬
‫واجب‪ ،‬والمعنى‪ :‬متأكد‪ ،‬جمعا بين الحاديث الواردة‬
‫في ذلك؛ لن القاعدة الشرعية في الجمع بين‬
‫الحاديث‪ :‬تفسير بعضها ببعض إذا اختلفت ألفاظها؛‬
‫لن كلم الرسول صلى الله عليه وسلم يصدق بعضه‬
‫بعضا‪ ،‬ويفسر بعضه بعضا‪ ،‬وهكذا كلم الله عز وجل‬
‫في كتابه العظيم يصدق بعضه بعضا‪ ،‬ويفسر بعضه‬
‫بعضا‪ .‬ومن اغتسل عن الجنابة يوم الجمعة كفاه ذلك‬
‫عن غسل الجمعة‪ ،‬والفضل أن ينوي بهما جميعا‬
‫حين الغسل‪.‬‬
‫ول يحصل الغسل المسنون يوم الجمعة إل إذا‬
‫كان بعد طلوع الفجر‪.‬‬
‫والفضل أن يكون غسله عند توجهه إلى صلة‬
‫الجمعة؛ لن ذلك أكمل في النشاط والنظافة‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪267‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الغسل من الجنابة وغيرها هل يجزئ‬


‫)‪(1‬‬
‫عن الوضوء‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬ص‪ .‬س‪ -‬من ثادق في‬
‫المملكة العربية السعودية يقول في سؤاله‪:‬‬
‫اغتسلت من الجنابة بالصابون والشامبو‪،‬‬
‫فهل يجزئ هذا الغسل عن الوضوء إذا نويت‬
‫ذلك؟‬
‫ج‪ :‬يجزئ ذلك إذا نوى الطهارتين‪ ،‬والفضل أن‬
‫يتوضأ أول ثم يغتسل‪ ،‬كما هو فعل النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ .‬لنه أكمل‪ .‬ول حرج من استعمال‬
‫الصابون والشامبو والسدر‪ ،‬ونحو ذلك مما يزال به‬
‫الوساخ‪.‬‬
‫وفق الله الجميع‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫هل يغني غسل الجنابة عن الوضوء‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ع‪ .‬ع‪ .‬ج ‪ -‬من أبها‪ :‬هل‬
‫يغني الغسل عن الوضوء‪ ،‬سواء كان غسل‬
‫جناية أو غيره‪ ،‬بمعنى‪ :‬أنه إذا اغتسلت هل‬
‫يجب علي الوضوء قبل الصلة أم يكفي‬
‫الغسل؟‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (218‬لشهر ربيع الول من‬


‫عام ‪ 1416‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1218‬بتاريخ ‪/ 5 / 2‬‬
‫‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪268‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬إذا كان الغسل عن الجنابة‪ ،‬ونوى المغتسل‬


‫الحدثين‪ :‬الصغر والكبر أجزأ عنهما‪ ،‬ولكن الفضل‬
‫أن يستنجي ثم يتوضأ ثم يكمل غسله؛ اقتداء بالنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهكذا الحائض والنفساء في‬
‫الحكم المذكور‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما إن كان الغسل لغير ذلك؛ كغسل الجمعة‪،‬‬


‫وغسل التبرد والنظافة فل يجزئ عن الوضوء ولو‬
‫نوى ذلك؛ لعدم الترتيب‪ ،‬وهو فرض من فروض‬
‫الوضوء‪ ،‬ولعدم وجود طهارة كبرى تندرج فيها‬
‫الطهارة الصغرى بالنية‪ ،‬كما في غسل الجنابة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫بعد الستحمام هل تصح الصلة بدون‬


‫)‪(1‬‬
‫إعادة الوضوء‬
‫س‪ :‬سؤال من شخص في العراق يقول‬
‫فيه‪ :‬عند النتهاء من الستحمام‪ ،‬هل تصح‬
‫الصلة بدون إعادة الوضوء باعتبار أنه قد‬
‫تطهر في الستحمام‪ ،‬وهل في ذلك شرط‬
‫إذا أردت أن يكفي الستحمام عن الوضوء؟‬
‫ج‪ :‬اختلف أهل العلم في ذلك‪ :‬والرجح‪ :‬أنه إذا‬
‫اغتسل للجنابة ناويا الحدثين أجزأه ذلك؛ لن الصغر‬
‫يدخل في الكبر‪ ،‬لكن السنة والكمال والفضل‪ :‬أن‬
‫يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيتوضأ‬
‫أول بعد أن يستنجي‪ ،‬ويغسل ذكره وما حوله‪ ،‬ثم‬
‫يتوضأ وضوءه للصلة‪ ،‬ثم يصب الماء على رأسه‬
‫ثلثا‪ ،‬ثم على شقه اليمن‪ ،‬ثم اليسر‪ ،‬ثم يكمل بقية‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬


‫‪270‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الجسد‪ ،‬ثم يغسل قدميه في مكان آخر‪ ،‬هذا هو‬


‫المشروع‪ ،‬وهذا هو الكمال؛ اقتداء بنبينا عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬

‫‪271‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫هل الغسل يكفي عن الوضوء‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ف‪ .‬ع ‪ -‬تقول‪ :‬ما الحكم‬
‫الشرعي إذا أحدث النسان ثم استحم‪ ،‬هل‬
‫يغنيه الستحمام عن الوضوء؟ وجزاكم الله‬
‫خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬السنة للجنب‪ :‬أن يتوضأ ثم يغتسل؛ تأسيا‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإن اغتسل غسل‬
‫الجنابة ناويا الطهارة من الحدثين‪ :‬الصغر والكبر‬
‫أجزأه ذلك‪ ،‬ولكنه خلف الفضل‪ ،‬أما إذا كان الغسل‬
‫مستحبا؛ كغسل الجمعة‪ ،‬أو للتبرد فإنه ل يكفيه عن‬
‫الوضوء؛ بل ل بد من الوضوء قبله أو بعده‪ .‬لقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل يقبل الله صلة أحدكم إذا‬
‫أحدث حتى يتوضأ(( متفق على صحته‪.‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تقبل صلة بغير‬
‫طهور ول صدقة من غلول(( أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫ول يعتبر الغسل المستحب أو المباح تطهرا من‬
‫الحدث الصغر إل أن يؤديه كما شرعه الله في قوله‬
‫م إ َِلى‬ ‫َ‬
‫مت ُ ْ‬‫ق ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫مُنوا إ ِ َ‬
‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫سبحانه‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫م إ َِلى‬ ‫هك ُم َ‬
‫دي َك ُ ْ‬
‫وأي ْ ِ‬ ‫جو َ ْ َ‬ ‫سُلوا ُ‬
‫و ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬
‫ة َ‬‫صل ِ‬
‫ال ّ‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1551‬بتاريخ ‪/ 3 / 10‬‬


‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪272‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫م إ َِلى‬ ‫ءوسك ُم َ‬
‫جل َك ُ ْ‬
‫وأْر ُ‬
‫حوا ب ُِر ُ ِ ْ َ‬
‫س ُ‬‫م َ‬
‫وا ْ‬
‫ق َ‬‫ِ‬ ‫ف‬
‫مَرا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن﴾)‪ (2‬الية‪.‬‬ ‫ال ْك َ ْ‬
‫عب َي ْ ِ‬

‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬


‫‪273‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما إذا كان الغسل عن جنابة أو حيض أو نفاس‬


‫ونوى المغتسل الطهارتين دخلت الصغرى في‬
‫الكبرى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إنما‬
‫العمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى(( متفق‬
‫على صحته‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫هل يكفي الستحمام في البحر عن‬


‫)‪(1‬‬
‫الوضوء‬
‫س‪ :‬إذا كان بالقرب مني بحر أو نهر‬
‫وكنت أستحم فيه‪ ،‬وبعد ذلك حان وقت‬
‫الصلة وليس عندي ماء غيره أتوضأ منه‪،‬‬
‫فهل يكفي استحمامي عن الوضوء أم ل؟‬
‫ج‪ :‬عليك أن تتوضأ مما حولك من البحر أو النهر‪،‬‬
‫فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء‬
‫من ماء البحر فقال ))هو الطهور ماؤه الحل ميتته((‬
‫وإذا تحممت لزالة النجاسة أو الوسخ فل يكفي‪ ،‬إذ ل‬
‫بد من الوضوء‪ ،‬أما إذا تحممت عن جنابة ونويت‬
‫الحدثين‪ :‬الصغر‪ ،‬والكبر بالغسل كفى‪ ،‬ولكن‬
‫الفضل أن تتوضأ ثم تغتسل‪ ،‬هكذا كان النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يفعل‪ ،‬يستنجي أول‪ ،‬ثم يتوضأ وضوء‬
‫الصلة ثم يغتسل‪ ،‬هذا هو السنة‪ ،‬لكن لو نواهما‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (177‬لشهر شوال من عام‬


‫‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪274‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫جميعا بنية واحدة أجزأه عند أهل العلم‪ ،‬ولكن‬


‫الفضل للمسلم أن يفعل ما فعله النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وهكذا المرأة في غسل الحيض‬
‫والنفاس‪ ،‬سواء كان الماء من ماء البحار‪ ،‬أو النهر‪،‬‬
‫أو البار‪ ،‬أو العيون‪ ،‬والله يقول سبحانه‪:‬‬

‫‪275‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ح ٌ‬
‫جاءَ أ َ‬ ‫و َ‬ ‫رأ ْ‬ ‫س َ ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫وإ ِ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫فل َ ْ‬
‫م‬ ‫ساءَ َ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ول َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫غائ ِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫حوا‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬‫فا ْ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬‫موا َ‬ ‫م ُ‬‫فت َي َ ّ‬ ‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫َ‬
‫ه﴾ الية‪.‬‬ ‫من ْ ُ‬‫م ِ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫م َ‬‫هك ُ ْ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫بِ ُ‬
‫)‪(1‬‬

‫حكم الغتسال بأنواع الشامبو‬


‫المشتملة على البيض والليمون‬
‫)‪(2‬‬
‫وغيرها‬
‫س‪ :‬سائلة تسأل وتقول‪ :‬هناك بعض‬
‫الدهون أو الشامبو التي توضع في رؤوس‬
‫النساء وتغسل به الرؤوس‪ ،‬يحتوي على‬
‫نعم من نعم الله كالبيض والليمون مثل‪،‬‬
‫فما حكم استعماله؟ وخاصة أن النساء‬
‫يستعملنه ثم يزلنه بالماء في داخل دورات‬
‫المياه فيختلط بالنجاسة‪ ،‬أفيدونا أفادكم‬
‫الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل حرج في استعماله لمصلحة الرأس‬
‫كالتداوي‪ ،‬ول مانع من التداوي بالبيض والحنطة‬
‫وغيرهما من الطعمة؛ لن الشيء المباح الذي‬
‫فيه منفعة ل مانع من التداوي به؛ لقوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬عباد الله تداووا ول تداووا بحرام((‬
‫وإذا جعل البيض ونحوه في الرأس للتداوي به‬
‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪ -2‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(106‬‬
‫‪276‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فقد تعفن‪ ،‬وصار غير صالح للكل‪ ،‬فل يضر غسله‬


‫في الحمامات‪.‬‬

‫‪277‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إذا استيقظ النائم ووجد على ثيابه‬


‫)‪(1‬‬
‫ماء وعرف بعد ذلك أنه مني‬
‫س‪ :‬ع‪ .‬ع‪ .‬س ‪ -‬منطقة ابن خلدون‬
‫يقول‪ :‬إذا كان الشخص نائما واستيقظ ورأى‬
‫على ثيابه ماء‪ ،‬أو أثر ماء‪ ،‬لكنه ل يدري ما‬
‫نوعه‪ ،‬وهو ل يعرف الفرق بين المني‬
‫وغيره‪ ،‬وقد صلى ولم يغتسل‪ ،‬ثم تذكر بعد‬
‫ذلك أنه احتلم‪ ،‬فماذا يحب عليه‪ ،‬هل يعيد‬
‫الصلوات التي صلها؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬إذا تذكر أنه احتلم وعرف أن الماء مني‬
‫وجب أن يغتسل غسل الجنابة‪ ،‬ويعيد الصلة التي‬
‫صلى بعد الحتلم وقبل الغتسال‪ ،‬أما إن كان لم‬
‫يتذكر شيئا من ذلك‪ ،‬والماء اشتبه عليه ل يعرف هل‬
‫هو مني أو مذي أو بول؟‬
‫فإنه يغسل ثوبه للحيطة‪ ،‬ول يلزمه غسل‬
‫الجنابة‪ ،‬إل إذا غلب على ظنه أنه مني‪ ،‬فالمذي يرش‬
‫منه الثوب‪ ،‬والبول يغسله غسل ويعصره‪ ،‬أما المني‬
‫فهو طاهر ل يجب غسله‪ ،‬لكن يستحب غسلها إن‬
‫كان رطبا‪ ،‬وفركه إن كان يابسا‪ ،‬أما إذا كان عن‬
‫تفكير ومداعبة عند النوم‪ ،‬فإنه في الغالب يكون مذيا‬
‫أو منيا‪ ،‬وهما يختلفان‪.‬‬
‫فالمني‪ :‬يقول العلماء‪ :‬أن له رائحة تشبه رائحة‬
‫لقاح النخل‪ ،‬وهو أيضا يعرف بالغلظة‪ ،‬بعكس المذي‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(62‬‬
‫‪278‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الذي يعرف بالرقة‪ ،‬أما الودي‪ :‬بالدال المهملة‪ ،‬فهو‬


‫يقع بعد البول متصل به‪ ،‬وحكمه حكمه‪ .‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫حكم الغسل من الحتلم الذي ل يجد له‬


‫)‪(1‬‬
‫أثرا‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬إبراهيم‪ .‬ع‪ .‬ح ‪ -‬يقول‪:‬‬
‫في بعض الحيان أذكر احتلما بعدما أصحو‬
‫من النوم‪ ،‬ولكن ل أرى أي أثر لذلك‬
‫الحتلم‪ ،‬هل يجب علي الغسل أم ل؟ أفتونا‬
‫جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل يجب الغسل على من رأى احتلما إل إذا‬
‫وجد الماء‪ ،‬وهو‪ :‬المني؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬الماء من الماء(( ومعناه‪ :‬أن ماء الغسل‬
‫يكون من ماء المني‪ ،‬وهذا عند أهل العلم في حق‬
‫المحتلم‪ ،‬أما إن جامع زوجته فإن عليه الغسل‪ ،‬وإن‬
‫لم يخرج منه الماء؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل((‬
‫رواه مسلم في صحيحه‪ ،‬وقال صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إذا جلس بين شعبها الربع ثم جهدها فقد‬
‫وجب الغسل(( متفق على صحته‪ ،‬زاد مسلم في‬
‫صحيحه‪)) :‬وإن لم ينزل((‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (955‬بتاريخ ‪/ 11 / 23‬‬


‫‪ 1404‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬
‫‪.41 -40‬‬
‫‪279‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وفي الصحيحين‪ ،‬عن أنس رضي الله عنه‪ ،‬أن أم‬


‫سليم النصارية – وهي أم أنس رضي الله عنهما –‬
‫قالت يا رسول الله‪ ،‬إن الله ل يستحي من الحق‬
‫فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت ؟ فقال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬نعم إذا هي رأت‬
‫الماء((‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهذا الحكم يعم الرجال والنساء عند جميع أهل‬


‫العلم‪ ،‬ويدخل في هذا المعنى‪ :‬من أنزل المني عن‬
‫شهوة؛ لتفكير أو ملمسة‪ ،‬فإنه يجب عليه الغسل‪،‬‬
‫كالمحتلم إذا أنزل؛ لعموم قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬الماء من الماء(( والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫ما صحة حديث من غسل ميتا‬


‫)‪(1‬‬
‫فليغتسل ومن حمله فليتوضأ‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬س‪ .‬ص ‪ -‬من الرياض‬
‫يقول‪ :‬ما صحة حديث من غسل ميتا‬
‫فليغتسل ومن حمله فليتوضأ وهل المر‬
‫على الوجوب أم الستحباب‪ ،‬ولماذا؟‬
‫ج‪ :‬الحديث المذكور ضعيف‪ ،‬وقد ثبت عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى ما يدل على‬
‫استحباب الغسل من تغسيل الميت‪.‬‬
‫أما حمله فلم يصح في الوضوء منه شيء‪ ،‬ول‬
‫يستحب الوضوء من حمله؛ لعدم الدليل على ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1557‬بتاريخ ‪/ 4 / 22‬‬


‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪281‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إذا غسلت رأسي أصاب بالحساسية‬


‫)‪(1‬‬
‫فكيف أغتسل‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ح‪ .‬م‪ .‬ع ‪ -‬تقول‪ :‬أنا‬
‫سيدة متزوجة ومريضة بحساسية في‬
‫الصدر‪ ،‬وعندي نزلة طوال العام‪ ،‬فكيف‬
‫أصلي؟ هل أغتسل وبدون غسل الرأس‬
‫ومسحه فقط؟ علما بأنني أصاب بالنزلة عند‬
‫غسل الرأس مرات في السبوع‪ ،‬وكثيرا ما‬
‫أترك الصلة؛ لعدم قدرتي على غسل الرأس‬
‫ومسحه فقط‪ ،‬ومترددة وقلقة ومنزعجة‬
‫جدا‪ ،‬رغم أنني أعرف أن الدين يسر‪ ،‬فأرجو‬
‫إفادتي بالجابة القاطعة حتى أستطيع أن‬
‫أعيش في أمان وأؤدي فرضي كامل‪ ،‬علما‬
‫بأنني مدرسة ويوميا أخرج للعمل فأصاب‬
‫بالهواء الذي يلزمني السرير عادة فأنا‬
‫مريضة‪ ،‬والله يعلم فأنا حائرة بين ممارسة‬
‫حياتي الزوجية‪ ،‬وهي طاعة الزوج‪ ،‬وفوق‬
‫ذلك طاعة الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان يضرك غسل الرأس من الجنابة‬
‫فات ّ ُ‬
‫قوا‬ ‫والحيض كفاك مسحه؛ لقول الله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(2‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1310‬بتاريخ ‪/ 3 / 25‬‬


‫‪ 1412‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬
‫‪.42 ،41‬‬
‫‪ -2‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪282‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما نهيتكم‬


‫عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما‬
‫استطعتم((‪.‬‬

‫‪283‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هل يصح غسل المرأة من الجنابة بدون‬


‫)‪(1‬‬
‫فك ضفائر شعرها‬
‫س‪ :‬هذه‪ :‬ف‪ .‬ط‪ .‬م ‪ -‬من السودان بعثت‬
‫إلينا بهذه الرسالة تقول فيها‪ :‬بعض النساء‬
‫لدينا يمشطن شعورهن ‪ -‬أي‪ :‬يضفرنها ‪-‬‬
‫وعندما يغتسلن من الجنابة ل تفك المرأة‬
‫ضفائرها‪ ،‬فهل يصح غسلها؟ مع العلم أن‬
‫الماء لم يصل إلى كل منابت شعرها‪.‬‬
‫أفيدونا أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا أفاضت المرأة على رأسها كفى؛ لن أم‬
‫سلمة رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم عن ذلك فقالت يا رسول الله إني امرأة أشد‬
‫شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال ))إنما‬
‫يكفيك أن تحثي على رأسك ثلث حثيات ثم تفيضي‬
‫عليك الماء فتطهرين(( أخرجه المام مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫فإذا حثت المرأة على رأسها الماء ثلث حثيات‬
‫كفاها ذلك ول حاجة إلى نقضه؛ لهذا الحديث‬
‫الصحيح‪.‬‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(106‬‬


‫‪284‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الغسل أول لمن استيقظ جنبا عند‬


‫)‪(2‬‬
‫شروق الشمس‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬س‪ .‬م‪ -‬من نواكشوط‬
‫يقول‪:‬‬

‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1211‬بتاريخ ‪/ 3 / 13‬‬


‫‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫‪285‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫استيقظت في حدود شروق الشمس مجنبا‬


‫فإذا دخلت في الغسل ستشرق الشمس‪،‬‬
‫هل أتيمم وأصلي‪ ،‬أم أغتسل ثم أصلي؟‬
‫ج‪ :‬عليك أن تغتسل وتكمل طهارتك ثم تصلي‪،‬‬
‫وليس لك التيمم والحال ما ذكر‪ .‬لن الناسي والنائم‬
‫مأموران أن يبادرا بالصلة وما يلزم لها من حين‬
‫الذكر والستيقاظ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))من نام عن الصلة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ل‬
‫كفارة لها إل ذلك(( ومعلوما أنه ل صلة إل بطهور‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تقبل صلة‬
‫بغير طهور((‪.‬‬
‫ومن وجد الماء فطهوره الماء‪ ،‬فإن عدمه صلى‬
‫ماءً‬‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬‫م تَ ِ‬‫فل َ ْ‬
‫بالتيمم؛ لقول الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫هك ُ ْ‬
‫م‬ ‫جو ِ‬‫و ُ‬‫حوا ب ِ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬
‫فا ْ‬ ‫عي ً‬
‫ص ِ‬ ‫موا َ‬ ‫م ُ‬
‫فت َي َ ّ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ه﴾)‪ (1‬الية من سورة المائدة‪.‬‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ديك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫والواجب عليك أن تهتم بصلتك‪ ،‬وأن تعنى بها‬
‫غاية العناية بوضع منبه عند رأسك‪ ،‬أو تكليف من‬
‫يوقظك من أهلك عند دخول الوقت؛ حتى تؤدي ما‬
‫أوجب الله عليك من الصلة مع إخوانك المسلمين‬
‫في بيوت الله عز وجل‪ ،‬وحتى تسلم من مشابهة‬
‫المنافقين الذين يتأخرون عن الصلة‪ ،‬ول يأتونها إل‬
‫كسالى‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬


‫‪286‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أعاذنا الله وإياك وسائر المسلمين من صفاتهم‬


‫وأخلقهم‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫جماع الرجل لزوجته أكثر من مرة بدون‬


‫)‪(1‬‬
‫اغتسال بينهما‬
‫س‪ :‬هل يجوز للرجل أن يجامع زوجته‬
‫مرتين بدون اغتسال بين الول والثاني‬
‫والثالث مثل؟‬
‫ج‪ :‬يجوز له ذلك‪ ،‬والغتسال أحسن‪ ،‬فقد ورد عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على فعله‬
‫وتركه‪ ،‬فروى أصحاب السنن‪ ،‬وأحمد من حديث رافع‬
‫بن خديج‪ ،‬أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على‬
‫نسائه ذات ليلة يغتسل عند هذه وهذه فقيل يا‬
‫رسول الله أل تجعله غسل واحدا؟ فقال ))هذا أزكي‬
‫وأطيب((‪.‬‬
‫وثبت في الصحيحين‪ ،‬عن أنس رضي الله عنه‪،‬‬
‫أنه صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه‬
‫بغسل واحد‪.‬‬
‫والسنة أنه إذا أراد أن يعاود الوطء ولم يغتسل‬
‫أن يتوضأ وضوء الصلة‪ ،‬وقد ورد ما يدل على جواز‬
‫ترك الوضوء أيضا‪ ،‬فأما ما يدل على سنيته‪ :‬فما رواه‬
‫مسلم وغيره‪ ،‬عن أبي سعيد رضي الله عنه عن‬

‫‪ -1‬أجاب سماحته على هذا السؤال عندما كان رئيسا للجامعة‬


‫السلمية بالمدينة المنورة‪.‬‬
‫‪287‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ))إذا أتى أحدكم‬
‫أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ(( وفي رواية ابن‬
‫خزيمة ))فليتوضأ وضوءه للصلة((‪.‬‬
‫وأما ما يدل على جواز الترك‪ :‬فما رواه‬
‫الطحاوي‪ ،‬من حديث عائشة رضي الله عنها قالت‪:‬‬
‫)كان النبي صلى الله عليه وسلم يجامع ثم يعود ول‬
‫يتوضأ(‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬

‫ما معنى الجنابة ومتى يغتسل الرجل‬


‫)‪(1‬‬
‫منها‬
‫س‪ :‬قارئ يسأل‪ :‬ما معنى الجنابة؟ ومتى‬
‫يغتسل الرجل من الجنابة؟‬
‫ج‪ :‬الجنابة وصف للرجل والمرأة إذا حصل منهما‬
‫جماع أو نزول المني بشهوة ولو من غير جماع‪.‬‬
‫والواجب عليهما بذلك‪ :‬الغسل‪ ،‬كما قال الله عز‬
‫هُروا﴾)‪ (2‬الية من‬ ‫فاطّ ّ‬ ‫جن ًُبا َ‬‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫وإ ِ ْ‬
‫وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫سورة المائدة‪ ،‬وقال تعالى في سورة النساء‪َ﴿ :‬يا‬
‫قربوا الصلةَ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫وأن ْت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مُنوا ل ت َ ْ َ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬
‫جن ًُبا ِإل‬
‫ول ُ‬ ‫قوُلو َ‬
‫ن َ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫موا َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫حّتى ت َ ْ‬ ‫كاَرى َ‬ ‫س َ‬ ‫ُ‬
‫سلوا﴾ الية‪ ،‬وقال النبي‬ ‫)‪(3‬‬ ‫ُ‬ ‫غت َ ِ‬‫حّتى ت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سِبي ٍ‬ ‫ري َ‬ ‫عاب ِ ِ‬ ‫َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا جلس بين شعبها الربع‬
‫ثم جهدها فقد وجب الغسل ‪ -‬وإن لم ينزل(( متفق‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪ -3‬سورة النساء الية ‪.43‬‬
‫‪288‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫على صحته‪ ،‬واللفظ لمسلم‪ .‬وسألت أم سليم‬


‫النصارية رضي الله عنها فقالت يا رسول الله إن‬
‫الله ل يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل‬
‫إذا هي احتلمت؟ قال ))نعم إذا هي رأت الماء((‬
‫متفق على صحته‪ .‬والحاديث في ذلك كثيرة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪289‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫كيفية الغسل من الحيض والجنابة‬
‫س‪ :‬امرأة تسأل عن كيفية الغسل من‬
‫الحيض ومن الجنابة بواسطة وسائل الغسل‬
‫الحديثة‪ ،‬كالدش والصنبور وغيرها‪.‬‬
‫ج‪ :‬أول‪ :‬المرأة تستنجي من حيضها ونفاسها‪،‬‬
‫ويستنجي الرجل الجنب والمرأة الجنب‪ ،‬ويغسل كل‬
‫منهما ما حول الفرج من آثار الدم أو غيره‪ ،‬ثم يتوضأ‬
‫كل منهما وضوءه للصلة‪ :‬الحائض‪ ،‬والنفساء‪،‬‬
‫والجنب‪ ،‬يتوضأ وضوء الصلة‪ ،‬ثم بعد ذلك يفيض‬
‫الماء على رأسه ثلث مرات‪ ،‬ثم على بدنه على‬
‫الشق اليمن‪ ،‬ثم اليسر‪ ،‬ثم يكمل الغسل‪ ،‬هذه هي‬
‫السنة‪ ،‬وهذا هو الفضل‪ .‬وإن صب الماء على بدنه‬
‫مرة واحدة كفى وأجزأ ذلك في الغسل من الجنابة‬
‫والحيض والنفاس‪.‬‬
‫ويستحب للمرأة في غسل الحيض والنفاس أن‬
‫تغتسل بماء وسدر‪ ،‬هذا هو الفضل‪.‬‬
‫أما الجنب فل يحتاج للسدر‪ ،‬والماء يكفي‪ ،‬سواء‬
‫كان اغتساله من الصنبور أو من الدش‪ ،‬أو بالغرف‬
‫من الحوض‪ ،‬أو من إناء‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬كله جائز‬
‫والحمد لله‪.‬‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(52‬‬


‫‪290‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تدليك الجسم باليد أثناء الغتسال من‬


‫)‪(1‬‬
‫الجنابة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أ‪ .‬ر ‪ -‬الخبر ‪ -‬السعودية‬
‫يقول‪ :‬هل ل بد من تدليك الجسم كله باليد‬
‫أثناء الغتسال من الجنابة‪ ،‬أم يكفي صب‬
‫الماء فقط؟‬
‫ج‪ :‬يكفي صب الماء وإسباغه على البدن في‬
‫غسل الجنابة والحيض والنفاس؛ لعموم اليات‬
‫والحاديث في ذلك‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫خروج المذي ل يوجب الغسل‬
‫س‪ :‬هل خروج المذي يوجب الغسل؟‬
‫ج‪ :‬خروج المذي ل يوجب الغسل‪ ،‬ولكن يوجب‬
‫الوضوء بعد غسل الذكر والنثيين إذا أراد أن يصلي‬
‫أو يطوف أو يمس المصحف؛ لن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم لما سئل عنه قال ))فيه الوضوء(( وأمر‬
‫من أصابه المذي أن يغسل ذكره وأنثييه‪.‬‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪ -2‬نشرت في جريدة البلد في العدد )‪ (10708‬ليوم الحد ‪/ 5 / 16‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪ .‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‪ (1213‬بتاريخ ‪/ 3 / 27‬‬
‫‪1410‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص‬
‫‪.69‬‬
‫‪291‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وإنما الذي يوجب الغسل هو المني‪ ،‬إذا خرج‬


‫دفقا بلذة‪ ،‬أو رأى أثره بعد اليقظة من نومه ليل أو‬
‫نهارا‪.‬‬

‫من اغتسل من الجنابة وخرج منه شيء‬


‫من المني هل يجب عليه إعادة‬
‫)‪(1‬‬
‫الغسل‬
‫س‪ :‬سائلة تقول‪ :‬إذا اغتسلت من الجنابة‬
‫وانتهيت يخرج مني شيء من المني‪ ،‬هل‬
‫يجب علي إعادة الغسل؟‬
‫ج‪ :‬ل يجب عليك إعادة الغسل ما دام حصل‬
‫الغسل‪ ،‬فهذا المني ل قيمة له؛ لنه خرج بدون‬
‫شهوة‪ ،‬وحكمه حكم البول يوجب الستنجاء‬
‫والوضوء‪ ،‬أما الغسل الواجب فقد أديته‪ ،‬وهكذا‬
‫الرجل لو اغتسل ثم خرج منه مني بعد ذلك‪ ،‬فهذا‬
‫كالبول ل يوجب الغسل ما دام ناشئا عن الجماع‬
‫السابق‪.‬‬
‫أما إن خرج عن شهوة جديدة بسبب ملمسة أو‬
‫تقبيل‪ ،‬أو نحو ذلك من أسباب إثارة الشهوة‪ ،‬فهذا‬
‫مني جديد يوجب الغسل‪.‬‬

‫خروج بقية المني بعد الغسل هل يوجب‬


‫)‪(2‬‬
‫الغتسال‬

‫‪ -1‬صدرت من مكتب سماحته‪.‬‬


‫‪ -2‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪292‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬رجل خرج منه المني بعد الغتسال‪،‬‬


‫هل يعيد الغتسال؟ علما بأن المني بقية‬
‫المني الذي قبل الغتسال‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس عليه إعادة الغسل‪ ،‬وإنما عليه إعادة‬
‫الستنجاء والوضوء؛ لن خروج المني بدون شهوة‬
‫مصاحبة لخروجه ل يوجب الغسل‪ ،‬وإنما يوجب‬
‫الستنجاء والوضوء كالبول‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫ببب‬
‫ببببب‬
‫)‪(1‬‬ ‫طريقة ب‬
‫التيمم الصحيحة‬
‫س‪ :‬أرجو من سماحتكم أن تبينوا لنا‬
‫طريقة التيمم الصحيحة‪.‬‬
‫ج‪ :‬التيمم الصحيح مثل ما قال الله عز وجل‪﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ح ٌ‬
‫جاءَ أ َ‬ ‫و َ‬‫رأ ْ‬ ‫س َ ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫م َ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫فل ْ‬ ‫ساءَ َ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫ست ُ ُ‬‫م ْ‬ ‫ول َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫غائ ِ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫حوا‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬‫فا ْ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬‫موا َ‬ ‫م ُ‬
‫فت َي َ ّ‬ ‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫َ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬ ‫من ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫م َ‬‫هك ُ ْ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫بِ ُ‬
‫)‪(2‬‬

‫المشروع‪ :‬ضربة واحدة للوجه والكفين‪.‬‬

‫‪ -1‬هذا السؤال تابع لمحاضرة سماحته بعنوان‪) :‬وجوب عبادة الله‬


‫وتقواه( ألقيت بمستشفى الملك فيصل بالطائف في محرم عام‬
‫‪ 1410‬هـ‪ .‬ونشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء السادس ص ‪.18‬‬
‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪293‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وصفة ذلك‪ :‬أنه يضرب التراب بيديه ضربة واحدة‬


‫ثم يمسح بهما وجهه وكفيه‪ ،‬كما في الصحيحين‪ ،‬أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر‬
‫رضي الله عنه ))إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا((‬
‫ثم ضرب بيديه الرض ومسح بهما وجهه وكفيه‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ويشترط أن يكون التراب طاهرا‪ .‬ول يشرع‬


‫مسح الذراعين‪ ،‬بل يكفي مسح الوجه والكفين؛‬
‫للحديث المذكور‪.‬‬
‫ويقوم التيمم مقام الماء في رفع الحدث على‬
‫الصحيح‪ ،‬فإذا تيمم صلى بهذا التيمم النافلة‬
‫والفريضة الحاضرة والمستقبلة‪ ،‬ما دام على طهارة‬
‫حتى يحدث‪ ،‬أو يجد الماء إن كان عادما له‪ ،‬أو حتى‬
‫يستطيع استعماله إذا كان عاجزا عن استعماله‪،‬‬
‫فالتيمم طهور يقوم مقام الماء‪ ،‬كما سماه النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم طهورا‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم التيمم مع وجود الماء‬
‫س‪ :‬ما حكم التيمم مع وجود الماء؟‬
‫ج‪ :‬الحمد لله‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه أما بعد‪ :‬فقد ذكر لي بعض‬
‫الثقات‪ :‬أن بعض البادية يستعملون التيمم للصلة مع‬
‫توافر الماء لديهم‪ ،‬وهذا منكر عظيم يجب التنبيه‬
‫عليه؛ وذلك لن الوضوء للصلة شرط من شروط‬
‫ها‬ ‫َ‬
‫صحتها عند وجود الماء‪ ،‬كما قال تعالى‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫سُلوا‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬‫ة َ‬‫صل ِ‬‫م إ َِلى ال ّ‬ ‫مت ُ ْ‬
‫ق ْ‬‫ذا ُ‬ ‫مُنوا إ ِ َ‬
‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫هك ُم َ‬
‫حوا‬ ‫س ُ‬‫م َ‬ ‫وا ْ‬
‫ق َ‬‫ف ِ‬ ‫م إ َِلى ال ْ َ‬
‫مَرا ِ‬ ‫دي َك ُ ْ‬‫وأي ْ ِ‬
‫جو َ ْ َ‬ ‫و ُ‬‫ُ‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (94‬لشهر ذي القعدة من‬
‫عام ‪ 1405‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني‬
‫ص ‪.54 – 52‬‬
‫‪295‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬
‫ءوسك ُم َ‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫م إ َِلى ال ْك َ ْ‬
‫عب َي ْ ِ‬ ‫جل َك ُ ْ‬
‫وأْر ُ‬
‫ب ُِر ُ ِ ْ َ‬
‫ضى‬ ‫مْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫وإ ِ ْ‬‫هُروا َ‬ ‫فاطّ ّ‬
‫جن ًُبا َ‬
‫ُ‬

‫‪296‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬


‫و‬
‫طأ ْ‬‫غائ ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫حد ٌ ِ‬ ‫جاءَ أ َ‬ ‫و َ‬ ‫رأ ْ‬ ‫س َ ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫أ ْ‬
‫موا‬ ‫م ُ‬ ‫فت َي َ ّ‬‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫فل َ ْ‬
‫م تَ ِ‬ ‫ساءَ َ‬ ‫م الن ّ َ‬
‫ست ُ ُ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬
‫َ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬
‫ديك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬‫حوا ب ِ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫فا ْ‬ ‫عي ً‬‫ص ِ‬ ‫َ‬
‫ه﴾ ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫وفي الصحيحين‪ ،‬عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬ل تقبل صلة أحدكم إذا أحدث حتى‬
‫يتوضأ(( وقد أباح الله سبحانه وتعالى التيمم‪ ،‬وأقامه‬
‫مقام الوضوء في حال فقد الماء‪ ،‬أو العجز عن‬
‫استعماله‪ ،‬لمرض ونحوه؛ للية السابقة‪ ،‬ولقوله‬
‫َ‬
‫ة‬
‫صل َ‬ ‫قَرُبوا ال ّ‬ ‫مُنوا ل ت َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫تعالى‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ول‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫موا َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫حّتى ت َ ْ‬ ‫كاَرى َ‬ ‫س َ‬ ‫م ُ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫سُلوا َ‬ ‫غت َ ِ‬ ‫حّتى ت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سِبي ٍ‬ ‫ري َ‬ ‫عاب ِ ِ‬ ‫جن ًُبا ِإل َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫حد ٌ ِ‬ ‫جاءَ أ َ‬ ‫و َ‬ ‫رأ ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫س َ‬‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫َ‬
‫ماءً‬ ‫َ‬ ‫ساءَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬‫م تَ ِ‬ ‫فل ْ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫ست ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫غائ ِ ِ‬ ‫ال َ‬
‫هك ُ ْ‬
‫م‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬‫حوا ب ِ ُ‬ ‫س ُ‬‫م َ‬ ‫فا ْ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬ ‫موا َ‬ ‫م ُ‬ ‫فت َي َ ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فوًرا﴾)‪.(2‬‬ ‫غ ُ‬ ‫وا َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال كنا‬
‫مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر‬
‫فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل فقال‪)) :‬ما‬
‫منعك أن تصلي((؟ قال أصابتني جنابة ول ماء قال‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬عليك بالصعيد فإنه يكفيك((‬
‫متفق عليه‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬


‫‪ -2‬سورة النساء الية ‪.43‬‬
‫‪297‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ومن هذا يعلم‪ :‬أن التيمم للصلة ل يجوز مع‬


‫وجود الماء والقدرة على استعماله‪ ،‬بل الواجب على‬
‫المسلم أن يستعمل الماء في وضوئه‬

‫‪298‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وغسله من الجنابة أينما كان‪ ،‬ما دام قادرا عليه‪،‬‬


‫وليس بمعذور في تركه والكتفاء بالتيمم‪ ،‬وتكون‬
‫صلته حينئذ غير صحيحة؛ لفقد شرط من شروطها‪،‬‬
‫هو‪ :‬الطهارة بالماء عند القدرة عليه‪.‬‬
‫وكثير من البادية ‪ -‬هداهم الله ‪ -‬وغيرهم ممن‬
‫يذهب إلى النزهة يستعملون التيمم‪ ،‬والماء عندهم‬
‫كثير‪ ،‬والوصول إليه ميسر‪ ،‬وهذا بل شك تساهل‬
‫قبيح‪ ،‬وعمل منكر ل يجوز فعله؛ لكونه خلف الدلة‬
‫الشرعية‪ ،‬وإنما يعذر المسلم في استعمال التيمم إذا‬
‫بعد عنه الماء‪ ،‬أو لم يبق عنده منه إل اليسير الذي‬
‫يحفظه لنقاذ حياته وأهله وبهائمه‪ ،‬مع بعد الماء عنه‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم أينما كان أن يتقي الله‬
‫سبحانه في جميع أموره‪ ،‬وأن يحذر ما حرمه الله‬
‫عليه‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬التيمم مع وجود الماء والقدرة على‬
‫استعماله‪.‬‬
‫وأسأل الله أن يوفقنا والمسلمين جميعا للفقه‬
‫في دينه والثبات عليه‪ ،‬وأن يعيذنا جميعا من شرور‬
‫أنفسنا وسيئات أعمالنا‪.‬‬
‫إنه جواد كريم‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد‪ ،‬وأهله وصحبه‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم من تيمم ثم وجد الماء قبل انتهاء‬


‫)‪(1‬‬
‫وقت الصلة‬
‫س‪ :‬قوم أدركتهم صلة وهم في سفر‬
‫وليس معهم ماء للوضوء‪ ،‬ومع أن الجو كان‬
‫ممطرا والغدير على جنبات الطريق إل أنهم‬
‫شكوا في أن هذا الماء غير طاهر‪ ،‬ول سيما‬
‫أن هناك عمال يعملون على الطريق غير‬
‫مسلمين؛ خوفا أن يكون هؤلء قد استعملوا‬
‫الماء الذي على الطريق فإنهم قرروا عدم‬
‫استعمال الماء وتيمموا‪ ،‬مع أن الرض كانت‬
‫مبتلة وليس هناك غبار‪ ،‬وقبل انتهاء وقت‬
‫الصلة وجدوا الماء‪ ،‬فما الحكم والحال على‬
‫ما ذكر؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على من ذكرت وأشباههم أن‬
‫يتوضؤوا من الماء الموجود إذا أمكن الوضوء منه؛‬
‫لن الصل طهارة الماء‪ ،‬كما أن الصل وجوب‬
‫الوضوء‪ ،‬وعدم جواز التيمم إل عند العجز عنه‪ ،‬إل إذا‬
‫كان الماء ل يصلح للوضوء؛ لقلته‪ ،‬واختلطه بالتراب‬
‫الذي يجعله في حكم الطين ل في حكم الماء‪ ،‬فإنه‬
‫يجزئهم التيمم‪ ،‬وعليهم التماس التراب بإزالة‬
‫القشرة التي على وجه الرض إذا كان المطر خفيفا‪،‬‬
‫فإن كان المطر كثيرا قد تمكن من الرض أجزأهم‬
‫التيمم على الرض اليابسة‪ ،‬أو على ما لديهم من‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1465‬بتاريخ ‪/ 6 / 29‬‬
‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪300‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫قوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫فات ّ ُ‬
‫أمتعة فيها غبار؛ لقول الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(1‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬
‫َ‬

‫‪ -1‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬


‫‪301‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ومتى وجدوا الماء بعد الصلة فليس عليهم إعادة؛‬


‫لنه قد ورد في السنة ما يدل على ذلك إذا لم‬
‫يفرطوا‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫كيف يتيمم المريض‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬أ‪ .‬س‪ .‬ع ‪ -‬من المدينة المنورة‬
‫يقول في سؤاله‪ :‬أنا مريض ول أستطيع‬
‫الوضوء بنفسي وليس عندي من يساعدني‪،‬‬
‫فهل أتيمم؟ علما بأن المستشفى ينظف‬
‫الجدران والرض والفرش يوميا‪ ،‬فكيف‬
‫أتيمم والحال ما ذكرت؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان المريض ليس عنده من يوضئه‪ ،‬ول‬
‫يستطيع أن يتوضأ بنفسه فإنه يتيمم؛ لقوله سبحانه‪:‬‬
‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ح ٌ‬
‫جاءَ أ َ‬ ‫و َ‬ ‫رأ ْ‬ ‫س َ ٍ‬ ‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫﴿ َ‬
‫َ‬
‫فل َ ْ‬
‫م‬ ‫ساءَ َ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ول َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫غائ ِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫حوا‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬‫فا ْ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬‫موا َ‬ ‫م ُ‬‫فت َي َ ّ‬ ‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫بوجوهك ُم َ‬
‫ه﴾)‪ (2‬الية‪ .‬والعاجز عن الماء‬ ‫من ْ ُ‬‫م ِ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫ِ ُ ُ ِ ْ َ‬
‫والتيمم معذور‪ ،‬وعليه‪ :‬أن يصلي في الوقت بغير‬
‫ما‬‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫وضوء ول تيمم؛ لقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪ (3‬ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫))ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما‬
‫استطعتم((‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (192‬لشهر محرم من عام‬


‫‪1414‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪ -3‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪302‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد صلى بعض الصحابة رضي الله عنهم في‬


‫بعض أسفار النبي صلى الله عليه وسلم بغير وضوء‬
‫ول تيمم‪ ،‬ولم ينكر عليهم النبي عليه الصلة والسلم‬
‫ذلك‪ ،‬وذلك في السفر الذي ضاع فيه عقد عائشة‬
‫رضي الله عنها‪ ،‬وذهب بعض الصحابة رضي الله‬
‫عنهم يلتمسه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فلم‬
‫يجدوه‪ ،‬وحضرت الصلة فصلوا بغير وضوء ول تيمم‪،‬‬
‫وكان التيمم لم يشرع ذلك الوقت‪ ،‬وليس عندهم ماء‬
‫ثم شرع بسبب هذه الحادثة‪.‬‬
‫وهذا هو الواجب‪ ،‬فإن المريض إذا لم يكن عنده‬
‫قدرة على استعمال الماء‪ ،‬وليس عنده من يوضئه‬
‫فإنه يجب عليه التيمم إذا وجد ترابا نظيفا في الرض‬
‫أو في إناء أو وعاء يتيمم منه‪ ،‬ويكفي ذلك عن‬
‫الوضوء‪.‬‬
‫ول يجوز التساهل في هذا المر‪ ،‬بل يجب على‬
‫جميع المستشفيات أن يهتموا بذلك‪ .‬ويجب على‬
‫المريض قبل الوضوء أو التيمم أن يستنجي من‬
‫الغائط والبول بالماء أو الستجمار‪ ،‬ول يتعين الماء‪،‬‬
‫بل يجزئه أن يستنجي بمناديل طاهرة ونحوها‪،‬‬
‫كالحجر والتراب واللبن‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬حتى يزيل الذى‪.‬‬
‫والواجب أل ينقص ذلك عن ثلث مسحات‪ ،‬فإن لم‬
‫يحصل النقاء بذلك وجبت الزيادة حتى يحصل النقاء‪.‬‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من استجمر‬
‫فليوتر(( ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى‬
‫‪303‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أن يستنجى بأقل من ثلثة أحجار و نهى أن يستنجى‬


‫بالعظم والروث وقال ))إنهما ل يطهران((‪ .‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪304‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫احتلم ول يستطيع الستحمام لجرائه‬


‫عملية‬
‫)‪(1‬‬
‫جراحية هل يتيمم أو يتوضأ بعد التيمم‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ب‪ .‬ف‪ .‬ش ‪ -‬من الرياض يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬عملت لي عملية جراحية في‬
‫ظهري وأنا أستطيع أن أتوضأ للصلة‬
‫بصعوبة‪ ،‬وقد احتلمت في إحدى الليالي وأنا‬
‫ل أستطيع الستحمام حتى ل تتأثر الجروح‬
‫من جراء العملية فهل يكفيني التيمم‪ ،‬وهل‬
‫ل بد أن أتوضأ بعد التيمم‪ ،‬أم ماذا أفعل‬
‫والحالة هذه؟ أرجو إفتائي في ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬الواجب على المسلم أن يتقي الله ما‬
‫استطاع في جميع أحواله لقول الله سبحانه‪﴿ :‬‬
‫م﴾)‪ (2‬وقول النبي صلى‬ ‫عت ُ ْ‬‫ست َطَ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫فات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما‬
‫أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم(( متفق عليه‪ ،‬فإذا‬
‫كان المريض ل يستطيع الوضوء والغسل كفاه‬
‫َ‬
‫و‬
‫ضى أ ْ‬ ‫مْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫التيمم؛ لقول الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬
‫و‬
‫طأ ْ‬ ‫غائ ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫جاءَ أ َ‬ ‫و َ‬ ‫رأ ْ‬ ‫س َ ٍ‬‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫موا‬ ‫م ُ‬ ‫فت َي َ ّ‬‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫فل َ ْ‬‫ساءَ َ‬ ‫م الن ّ َ‬‫ست ُ ُ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬
‫َ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬
‫ديك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫حوا ب ِ ُ‬ ‫س ُ‬‫م َ‬ ‫فا ْ‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬‫َ‬
‫ه﴾ الية من سورة المائدة‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫والعاجز عن استعمال الوضوء أو الغسل حكمه‬
‫حكم من فقد الماء‪ ،‬فإذا استطعت الوضوء دون‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (243‬لشهر ربيع الخر من‬
‫عام ‪ 1418‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪ -3‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪305‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الغسل فتوضأ وتيمم للغسل ‪ -‬كما تقدم من قوله‬


‫م﴾‪ .‬والله ولي‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫بيده جرح ول يصله الماء فصلى ولم‬


‫يتيمم عنه‬
‫س‪ :‬لو توضأ إنسان وبيده جرح ل يصله‬
‫الماء‪ ،‬وإنما يتيمم عنه‪ ،‬نسي وصلى بدون‬
‫تيمم فذكر وهو في صلته فتيمم دون أن‬
‫يقطع الصلة واستمر بصلته‪ ،‬فما حكم‬
‫هذه الصلة وهل هي باطلة أو صحيحة؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان في موضع من مواضع الوضوء‬
‫جرح ول يمكن غسله ول مسحه؛ لن ذلك يؤدي‬
‫إلى أن هذا الجرح يزداد أو يتأخر برؤه‪ ،‬فالواجب‬
‫على هذا الشخص هو التيمم‪ ،‬فمن توضأ تاركا‬
‫موضع الجرح ودخل في الصلة وذكر في أثنائها‬
‫أنه لم يتيمم‪ ،‬فإنه يتيمم ويستأنف الصلة؛ لن ما‬
‫مضى من صلته قبل التيمم غير صحيح‪ ،‬ومنه‬
‫تكبيرة الحرام‪ ،‬فلم يصح دخوله في الصلة أصل؛‬
‫لن الطهارة شرط من شروط صحة الصلة‪.‬‬
‫وترك موضع من مواضع الوضوء‪ ،‬أو ترك جزء‬
‫منه ل يكون الوضوء معه صحيحا‪ ،‬ولما رأى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم رجل في قدمه لمعة قدر‬
‫‪306‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الدرهم لم يصبها الماء أمره بإعادة الوضوء‪ ،‬وهذا‬


‫الشخص المسئول عنه لما تعذر الغسل والمسح‬
‫في حقه وجب النتقال إلى البدل الذي هو التيمم؛‬
‫عَلى‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫ضى أ ْ‬‫مْر َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫لعموم قوله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫ف َ‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫حد ٌ ِ‬
‫جاءَ أ َ‬
‫و َ‬
‫رأ ْ‬‫س َ ٍ‬
‫َ‬

‫‪307‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫َ‬
‫ماءً‬
‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫فل َ ْ‬
‫م تَ ِ‬ ‫ساءَ َ‬
‫م الن ّ َ‬‫ست ُ ُ‬
‫م ْ‬
‫ول َ‬ ‫طأ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫غائ ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫دا طَي ًّبا﴾ ولقصة صاحب الشجة‪،‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫عي ً‬ ‫ص ِ‬
‫موا َ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫فت َي َ ّ‬
‫ففي رواية ابن عباس‪ ،‬عند ابن ماجة قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬لو غسل جسده وترك رأسه حيث‬
‫أصاب الجرح(( وفي رواية أبي داود‪ ،‬عن جابر أنه‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬إنما كان يكفيه أن‬
‫يتيمم(( الحديث‪.‬‬
‫فإذا كان هذا الشخص الذي سأل عنه لم يعد تلك‬
‫الصلة فإنه يعيدها‪.‬‬

‫حد الوجه في التيمم وكيفية التيمم لمن‬


‫كان‬
‫)‪(2‬‬
‫على إحدى يديه أو كلتيهما جبس‬
‫س‪ :‬إذا كان على إحدى يدي أو كلتيهما‬
‫جبس أو بها جروح يضرهما الماء‪ ،‬فكيف‬
‫التيمم؟ وهل حد الوجه في التيمم مثله في‬
‫الوضوء؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬حد الوجه في التيمم كالوضوء‪ ،‬يمسح‬
‫وجهه بالتراب من أعلى الجبهة إلى اللحية‪ ،‬ومن‬
‫الذن إلى الذن‪ ،‬ويمسح يديه ظاهرهما وباطنهما من‬
‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪ -2‬هذا السؤال ضمن أسئلة أجاب عليها سماحته في ختام محاضرة‬
‫بعنوان )كلمة إلى الطبيب المسلم( بمستشفى النور بمكة المكرمة‬
‫في شهر رجب من عام ‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫‪308‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫مفصل الكف إلى أطراف الصابع‪ ،‬إذا كان في يديه‬


‫جبس أو جروح كفى المسح بالتراب على الجبس‪،‬‬
‫وعليهما إن كان بهما جروح‪.‬‬

‫‪309‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وإن كانت إحداهما سليمة والخرى فيها جروح‪،‬‬


‫أو عليها جبس غسل السليمة‪ ،‬ومسح بالماء على‬
‫الجريحة‪ ،‬ومسح على الجبس‪ ،‬كما لو كان عليهما أو‬
‫إحداهما جبيرة من خرق ونحوهما‪.‬‬
‫فإن كان يضره الماء أو كان الماء غير موجود‬
‫أجزأه التيمم‪.‬‬

‫لم يجد وسيلة لتسخين الماء لبرودة‬


‫)‪(1‬‬
‫الجو فتمسح دون غسل الرجلين‬
‫سؤال من‪ :‬غ‪ .‬ع‪ .‬خ ‪ -‬العراق يقول‪ :‬إنا‬
‫طالب في العدادية‪ ،‬ساكن في السكن‬
‫الداخلي‪ ،‬نهضت في الصباح لكي أؤدي‬
‫فرض صلة الصبح وكان الجو باردا جدا‬
‫وليس لدي أي وسيلة لتسخين الماء‬
‫فتمسحت دون أن أغسل رجلي بالماء‪ ،‬فهل‬
‫هذه الصلة مقبولة أم تنصحوني بقضائها؟‬
‫ج‪ :‬هذا فيه تفصيل‪ :‬إن كنت تستطيع أن تجد ماء‬
‫دافئا أو تستطيع تسخين البارد‪ ،‬أو الشراء من‬
‫جيرانك أو غير جيرانك‪ .،‬فالواجب عليك أن تعمل‬
‫ما‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫ذلك‪ .‬لن الله يقول‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(2‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ا ْ‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط رقم )‪.(837‬‬


‫‪ -2‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪310‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء أو‬


‫التسخين أو غيرهما من الطرق التي تمكنك من‬
‫الوضوء الشرعي بالماء‪ ،‬فإن عجزت وكان‬

‫‪311‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫البرد شديدا‪ ،‬وفيه خطر عليك‪ ،‬ول حيلة لك بتسخينه‬


‫ول شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك فأنت‬
‫قوا‬ ‫فات ّ ُ‬ ‫معذور‪ ،‬ويكفيك التيمم؛ لقول الله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫دوا‬ ‫ج ُ‬‫م تَ ِ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫م﴾)‪ (1‬وقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫هك ُ ْ‬
‫م‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫حوا ب ِ ُ‬ ‫س ُ‬
‫م َ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬
‫فا ْ‬ ‫عي ً‬
‫ص ِ‬ ‫موا َ‬ ‫م ُ‬‫فت َي َ ّ‬‫ماءً َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه﴾ الية‪.‬‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫وأي ْ ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬
‫والعاجز عن استعمال الماء حكمه حكم من لم‬
‫يجد الماء‪.‬‬

‫من ل يستطيع استعمال الماء لشدة‬


‫البرد‬
‫ول تسخين الماء هل يتيمم لصلة الفجر‬
‫س‪ :‬من احتاج إلى الغسل ولم يستطع‬
‫استعمال الماء؛ لشدة البرد‪ ،‬ولعدم وجود‬
‫وسيلة لتسخين الماء‪ ،‬فهل يتيمم لصلة‬
‫الفجر؟ ومن فعل ذلك فما الحكم؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان في محل ل يستطيع فيه تسخين الماء‬
‫أو ليس فيه مكان يستكن به للغسل بالماء الدافئ‬
‫وخاف على نفسه صلى بالتيمم‪ ،‬ول حرج عليه لقول‬
‫)‪(3‬‬
‫م﴾‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا أمرتكم‬
‫بأمر فأتوا منه ما استطعتم(( وقد ثبت أن عمرو بن‬
‫‪ -1‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪ -3‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪312‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫العاص رضي الله عنه كان في غزوة ذات السلسل‬


‫وأصابته جنابة‪ ،‬وكان في ليلة باردة شديدة البرد فلم‬
‫يغتسل‪ ،‬بل‬
‫توضأ وتيمم وصلى بالناس‪ ،‬ولما قدم من الغزوة‬
‫سأل النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقال‪ :‬إني خشيت‬
‫قت ُُلوا‬‫ول ت َ ْ‬
‫على نفسي وتأولت قول الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ما﴾)‪ (1‬فتبسم‬ ‫حي ً‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬
‫م َر ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولم يقل له شيئا‪ ،‬ولم‬
‫يأمره بالعادة‪ ،‬فدل ذلك على أنه عذر شرعي‪.‬‬

‫هل يسقط التيمم عن الجنب الغتسال‬


‫)‪(2‬‬
‫بتاتا‬
‫قط عن الجنب‬ ‫س ِ‬
‫س‪ :‬التيمم هل ي ُ ْ‬
‫الغتسال بتاتا؟ وكم صلة يمكن أن أصلي‬
‫به‪ ،‬وما هي نواقضه؟‬
‫ج‪ :‬التيمم يقوم مقام الماء‪ ،‬فالله جعل الرض‬
‫مسجدا وطهورا للمسلمين‪ ،‬فإذا فقد الماء أو عجز‬
‫عنه لمرض قام التيمم مقامه‪ ،‬فل يزال كافيا حتى‬
‫يجد الماء‪ ،‬فإذا وجد الماء وجب عليه الغسل عن‬
‫جنابته السابقة‪ ،‬وهكذا المريض إذا برئ وعافاه الله‬
‫يغتسل عن جنابته السابقة التي طهرها بالتيمم؛‬
‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.29‬‬
‫‪ -2‬برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط رقم )‪ (517‬كما نشرت في‬
‫المجلة العربية في العدد )‪ (139‬لشهر شعبان من عام ‪1409‬هـ‪.‬‬
‫‪313‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬الصعيد وضوء‬


‫المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين(( ثم قال‬
‫))فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك(( رواه الترمذي‪،‬‬
‫من حديث أبي ذر رضي الله عنه‪ ،‬ورواه البزار‪،‬‬
‫وصححه ابن القطان‪ ،‬من حديث أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإذا وجد الماء الجنب أمسه بشرته‪ ،‬أي‪ :‬اغتسل بعد‬


‫ذلك عن ما مضى‪ ،‬وأما صلواته الماضية فهي‬
‫صحيحة بالتيمم عند فقده الماء أو عجزه عن‬
‫استعماله؛ لمرض يمنعه من الماء‪ ،‬حتى ينتهي‬
‫المرض ويشفى منه‪ ،‬وحتى يجد الماء إذا كان فاقدا‬
‫له‪ ،‬ولو طالت المدة‪.‬‬

‫حكم التيمم لمن أخذ معه قليل من‬


‫)‪(1‬‬
‫الماء أثناء النزهة‬
‫س‪ :‬بعض المسلمين يخرجون أيام العطل‬
‫خارج مدينة الرياض للنزهة غير ناوين‬
‫السفر‪ ،‬ويأخذون معهم القليل من الماء‬
‫وعند الصلة يتيممون بدل من الماء بحجة‬
‫قلة الماء‪ ،‬علما أنه باستطاعتهم البحث عن‬
‫الماء أو حمله معهم أثناء الرحلة‪ ،‬فهل يجوز‬
‫لهم التيمم في هذه الحالة؟ وإذا كان ل‬
‫يجوز فما حكم الصلة بدون وضوء؟‬
‫ج‪ :‬إذا خرجوا للنزهة وحضرت الصلة وليس‬
‫عندهم إل ماء قليل بقدر حاجتهم والماء بعيد عنهم‪،‬‬
‫صلوا بالتيمم‪ ،‬لكن إذا حملوه معهم يكون أفضل إذا‬
‫تيسر ذلك‪ ،‬فإن كان الماء قريبا منهم وجب عليهم‪:‬‬
‫أن يتوضئوا‪ ،‬وإذا كان بعيدا عنهم ويشق عليهم‬
‫الذهاب إليه‪ ،‬أو يضيعوا أوقاتهم ببعده عنهم‪ ،‬فل حرج‬
‫أن يتيمموا‪ .‬وكان النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ -1‬تابع لتعليق سماحته على محاضرة بعنوان‪ :‬الصلة وأهميتها في‬
‫الجامع الكبير بالرياض‪.‬‬
‫‪315‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والصحابة رضي الله عنهم يتيممون إذا كان الماء‬


‫بعيدا عنهم‪.‬‬
‫أما صلة الجمعة فل تجب عليهم إذا كانوا بعيدين‬
‫عن البلد ل يسمعون الذان‪ ،‬فرسخا أو أكثر‪.‬‬

‫‪316‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫هل يلزم المصلي التيمم لكل صلة‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ح‪ .‬ص‪ .‬ح ‪ -‬من بريدة يقول في‬
‫سؤاله‪ :‬هل يلزم النسان التيمم لكل صلة‪،‬‬
‫أم يجوز له أن يصلي ما شاء من الفروض‬
‫والنوافل ما دام لم يحدث بعد التيمم؟ أفتونا‬
‫جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬يجوز للمسلم إذا تيمم التيمم الشرعي أن‬
‫يصلي بذلك ما شاء من فرض أو نفل ما دام عادما‬
‫للماء أو عاجزا عن استعماله ما لم يحدث أو يجد‬
‫الماء في أصح أقوال العلماء؛ لقول الله سبحانه‪﴿ :‬‬
‫دا طَي ًّبا‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬‫موا َ‬ ‫م ُ‬‫فت َي َ ّ‬ ‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ريدُ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما ي ُ ِ‬‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫حوا ب ِ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ريدُ ل ِي ُطَ ّ‬
‫هَرك ُ ْ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ول َك ِ ْ‬‫ج َ‬ ‫ٍ‬ ‫حَر‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫ن﴾ ولقول‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫م لَ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ه َ‬ ‫مت َ ُ‬
‫ع َ‬ ‫م نِ ْ‬ ‫ول ِي ُت ِ ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬جعلت لي الرض‬
‫مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلة‬
‫فعنده مسجده وطهوره((‪ ،‬وقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء‬
‫عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه‬
‫بشرته(( والحاديث في ذلك كثيرة‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.6‬‬
‫‪317‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب ببببب‬
‫ببببببب‬
‫صيانة المسجد الحرام من نجاسة‬
‫)‪(1‬‬
‫الطفال‬
‫س‪ :‬كنا في المسجد الحرام لخذ عمرة‪،‬‬
‫ولصعوبة وجود سكن لمدة ليلة واحدة فإننا‬
‫بتنا ليلتنا في المسجد الحرام‪ ،‬ومعي طفلة‬
‫صغيرة ل يتجاوز عمرها الثالثة والنصف‪،‬‬
‫وقد نامت وما علمت إل بوجود بلل على‬
‫الفراش داخل الحرم‪ ،‬ولم يكن ببالي غسله‪،‬‬
‫لكثرة النائمين حولنا‪ ،‬نسيانا مني بذلك‬
‫فماذا علي؟ أفيدوني‪.‬‬
‫ك‪ :‬التوبة مما حصل‪ ،‬وعدم‬ ‫ج‪ :‬الواجب علي ِ‬
‫ك أن تبيتي في‬‫العودة إلى مثل ذلك‪ ،‬فإذا قدر ل ِ‬
‫المسجد الحرام‪ ،‬أو في المسجد النبوي‪ ،‬أو غيرهما‬
‫ك طفلة‪ ،‬فالواجب تحفيظها بما‬ ‫من المساجد ومع ِ‬
‫يمنع وصول بولها أو غائطها إلى المسجد‪ ،‬ومتى وجد‬
‫شيء من ذلك فالواجب عليك تنظيف المسجد من‬
‫ذلك‪ ،‬أو إخبار القائمين على النظافة بالواقع‪ ،‬حتى‬
‫ينظفوا المسجد منه‪ ،‬ول يجوز لك التساهل في هذا‬
‫المر‪.‬‬
‫ك وعن كل مسلم‪.‬‬
‫عفا لله عنا وعن ِ‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1405‬بتاريخ ‪1414 / 3 / 9‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪318‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫غسل الثياب الطاهرة مع الثياب التي‬


‫فيها‬
‫)‪(1‬‬
‫نجاسة هل يؤثر على طهارة الثياب‬
‫سلت ثياب طاهرة وثياب فيها‬ ‫س‪ :‬إذا ُ‬
‫غ ِ‬
‫نجاسة‪ ،‬فهل يؤثر ذلك على طهارة الثياب‪،‬‬
‫وهل الماء ينجس بذلك؟‬
‫ج‪ :‬إذا غسلت الثياب المختلطة بماء كثير يزيل‬
‫آثار النجاسة‪ ،‬ول يتغير بالنجاسة فإن الثياب كلها‬
‫تطهر بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إن الماء‬
‫طهور ل ينجسه شيء(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأبو‬
‫داود‪ ،‬والنسائي‪ ،‬والترمذي بإسناد صحيح‪.‬‬
‫والواجب على من يتولى ذلك أن يتحرى ويجتهد‬
‫في استعمال الماء الكافي لتطهير وتنظيف الجميع‪.‬‬
‫وإذا علمت الثياب النجسة من الثياب الطاهرة‬
‫فالحوط‪ :‬أن تغسل الثياب النجسة وحدها بما يكفيها‬
‫من الماء‪ ،‬ويزيل أثر النجاسة‪ ،‬مع بقاء الماء على‬
‫طهوريته لم يتغير بالنجاسة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬


‫‪319‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب ببببب‬
‫ببببببب‬
‫صيام المرأة وصلتها وقت الحيض‬
‫)‪(1‬‬

‫س‪ :‬الخت التي رمزت لسمها بـ‪ :‬ع‪ .‬ب‪.‬‬


‫خ ‪ -‬من وهران في الجزائر تقول في‬
‫رسالتها‪ :‬نرجو منكم يا سماحة الشيخ‬
‫تزويدي بمزيد من القوال الصحيحة عن‬
‫صيام المرأة وصلتها وقت الحيض‪ ،‬جزاكم‬
‫الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا حاضت المرأة تركت الصلة والصيام‪ ،‬فإذا‬
‫طهرت قضت ما أفطرته من أيام رمضان‪ ،‬ول تقضي‬
‫ما تركت من الصلوات‪ ،‬لما رواه البخاري وغيره في‬
‫بيان النبي صلى الله عليه وسلم لنقصان دين المرأة‬
‫من قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أليست إحداكن إذا‬
‫حاضت ل تصوم ول تصلي(( !؟ ولما رواه البخاري‬
‫ومسلم‪ ،‬عن معاذة أنها سألت عائشة رضي الله‬
‫عنها‪ :‬ما بال الحائض تقضي الصوم ول تقضي‬
‫الصلة؟ فقالت عائشة رضي الله عنها أحرورية أنت؟‬
‫قالت لست بحرورية ولكني أسأل فقالت كنا نحيض‬
‫على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر‬
‫بقضاء الصوم ول نؤمر بقضاء الصلة‬
‫رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (177‬لشهر شوال من عام‬
‫‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪320‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهذا من رحمة الله سبحانه بالمرأة ولطفه بها‪،‬‬


‫لما كانت الصلة تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات‪،‬‬
‫ويتكرر الحيض كل شهر غالبا أسقط الله عنها وجوب‬
‫الصلة وقضاءها؛ لما في قضائها من المشقة‬
‫العظيمة‪ ،‬أما الصوم فلما كان ل يتكرر إل في السنة‬
‫مرة واحدة أسقط الله عنها الصوم في حال الحيض‪،‬‬
‫رحمة بها‪ ،‬وأمرها بقضائه بعد ذلك؛ تحقيقا للمصلحة‬
‫الشرعية في ذلك‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫يخرج منها قبل الدورة الشهرية مادة‬


‫)‪(1‬‬
‫بنية اللون هل تصوم وتصلي أثناءها‬
‫س‪ :‬هذه السائلة تقول في سؤال ثان‪:‬‬
‫قبل حلول الدورة الشهرية تأتي معي مادة‬
‫ب ُن ّّية اللون تستمر خمسة أيام‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫يأتي الدم الطبيعي ويستمر الدم الطبيعي‬
‫لمدة ثمانية أيام بعد اليام الخمسة الولى‪،‬‬
‫وتقول‪ :‬أنا أصلي هذه اليام الخمسة‪ ،‬ولكن‬
‫أنا أسأل‪ :‬هل يجب علي صيام وصلة هذه‬
‫اليام أم ل؟ أفيدوني أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كانت اليام الخمسة البنية منفصلة عن‬
‫الدم فليست من الحيض‪ ،‬وعليك أن تصلي فيها‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(104‬‬


‫‪321‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وتصومي وتتوضئي لكل صلة؛ لنها في حكم البول‪،‬‬


‫وليس لها حكم الحيض‪ ،‬فهي ل تمنع الصلة ول‬

‫‪322‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصيام‪ ،‬ولكنها توجب الوضوء كل وقت حتى تنقطع‬


‫كدم الستحاضة‪.‬‬
‫أما إذا كانت هذه الخمسة متصلة بالحيض فهي‬
‫من جملة الحيض‪ ،‬وتحتسب من العادة‪ ،‬وعليك أل‬
‫تصلي فيها ول تصومي‪ .‬وهكذا لو جاءت هذه الكدرة‬
‫أو الصفرة بعد الطهر من الحيض فإنها ل تعتبر‬
‫حيضا‪ ،‬بل حكمها حكم الستحاضة‪ ،‬وعليك أن‬
‫تستنجي منها كل وقت‪ ،‬وتتوضئي وتصلي وتصومي‪،‬‬
‫ول تحتسب حيضا‪ ،‬وتحلين لزوجك؛ لقول أم عطية‬
‫رضي الله عنها‪ :‬كنا ل نعد الكدرة والصفرة بعد‬
‫الطهر شيئا أخرجه البخاري في صحيحه‪ ،‬وأبو داود‪،‬‬
‫وهذا لفظه‪ .‬وأم عطية من الصحابيات الفاضلت‬
‫اللتي روين عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث‬
‫كثيرة رضي الله عنها‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم قراءة الجنب والحائض والنفساء‬


‫)‪(1‬‬
‫للقرآن‬
‫س‪ :‬السائلة‪ :‬م‪ .‬ش ‪ -‬تقول‪ :‬نحن‬
‫الطالبات في كلية البنات علينا مقرر حفظ‬
‫جزء من القرآن‪ ،‬فأحيانا يأتي موعد‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1305‬بتاريخ ‪/ 2 / 19‬‬


‫‪ 1412‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص‬
‫‪.40 – 39‬‬
‫‪323‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الختبارات مع موعد العادة الشهرية‪ ،‬فهل‬


‫يصح لنا كتابة السورة على ورقة وحفظها‬
‫أم ل؟‬
‫ج‪ :‬يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن في‬
‫أصح قولي‬

‫‪324‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫العلماء؛ لعدم ثبوت ما يدل على النهي عن ذلك‪ ،‬لكن‬


‫بدون مس المصحف‪ ،‬ولهما أن يمسكاه بحائل كثوب‬
‫طاهر وشبهه‪ ،‬وهكذا الورقة التي كتب فيها القرآن‬
‫عند الحاجة إلى ذلك‪.‬‬
‫أما الجنب فل يقرأ القرآن حتى يغتسل؛ لنه ورد‬
‫فيه حديث صحيح يدل على المنع‪ ،‬ول يجوز قياس‬
‫الحائض والنفساء على الجنب؛ لن مدتهما تطول‪،‬‬
‫بخلف الجنب فإنه يتيسر له الغسل في كل وقت‬
‫من حين يفرغ من موجب الجنابة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم قراءة الحائض في كتب الدعية‬
‫س‪ :‬هل يجوز للحائض قراءة كتب الدعية‬
‫يوم عرفة على الرغم من أن بها آيات‬
‫قرآنية؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج أن تقرأ الحائض والنفساء الدعية‬
‫المكتوبة في مناسك الحج‪ ،‬ول بأس أن تقرأ القرآن‬
‫على الصحيح أيضا؛ لنه لم يرد نص صحيح صريح‬
‫يمنع الحائض والنفساء من قراءة القرآن‪ ،‬إنما ورد‬
‫في الجنب خاصة بأن ل يقرأ القرآن وهو جنب؛‬
‫لحديث علي رضي الله عنه وأرضاه‪.‬‬
‫أما الحائض والنفساء فورد فيهما حديث ابن‬
‫عمر‪)) :‬ل تقرأ الحائض ول الجنب شيئا من القرآن((‬
‫ولكنه ضعيف؛ لن الحديث‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1310‬بتاريخ ‪/ 3 / 25‬‬


‫‪ 1412‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص‬
‫‪.43 – 42‬‬
‫‪325‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين‪ ،‬وهو‬


‫ضعيف في روايته عنهم‪ ،‬ولكنها تقرأ بدون مس‬
‫المصحف‪ ،‬عن ظهر قلب‪.‬‬
‫أما الجنب فل يجوز له أن يقرأ القرآن ل عن‬
‫ظهر قلب ول من المصحف حتى يغتسل‪ .‬والفرق‬
‫بينهما‪ :‬أن الجنب وقته يسير‪ ،‬وفي إمكانه أن يغتسل‬
‫في الحال‪ ،‬من حين يفرغ من إتيانه أهله‪ ،‬فمدته ل‬
‫تطول‪ ،‬والمر في يده متى شاء اغتسل‪ ،‬وإن عجز‬
‫عن الماء تيمم وصلى وقرأ‪.‬‬
‫أما الحائض والنفساء فليس المر بيدهما‪ ،‬وإنما‬
‫هو بيد الله عز وجل‪ .‬والحيض يحتاج إلى أيام‬
‫والنفاس كذلك؛ ولهذا أبيح لهما قراءة القرآن؛ لئل‬
‫تنسيانه‪ ،‬ولئل يفوتهما فضل القراءة وتعلم الحكام‬
‫الشرعية من كتاب الله‪ ،‬فمن باب أولى أن تقرأ‬
‫الكتب التي فيها الدعية المخلوطة من اليات‬
‫والحاديث‪ ...‬إلى غير ذلك‪ ،‬هذا هو الصواب‪ ،‬وهو‬
‫أصح قولي العلماء رحمهم الله في ذلك‪.‬‬

‫قراءة كتب التفسير لمن كان على غير‬


‫)‪(1‬‬
‫طهارة‬
‫سؤال من‪ :‬م‪ .‬ح ‪ -‬من الرياض تقول‪:‬‬
‫إنني أقوم بقراءة بعض تفاسير القرآن مثل‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (919‬بتاريخ ‪1404 / 3 / 1‬‬
‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص ‪.43‬‬
‫‪326‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كتاب )صفوة التفاسير(‪ ،‬ولست على طهارة‬


‫كالدورة الشهرية مثل‪ ،‬فهل في ذلك حرج‬
‫علي؟ وهل يلحقني إثم على ذلك؟‬

‫‪327‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل حرج على الحائض والنفساء في قراءة‬


‫كتب التفاسير‪ ،‬ول في قراءة القرآن من دون مس‬
‫المصحف في أصح قولي العلماء‪ .‬أما الجنب فليس‬
‫له قراءة القرآن مطلقا‪ ،‬حتى يغتسل‪ ،‬وله أن يقرأ‬
‫في كتب التفسير والحديث وغيرهما من دون أن‬
‫يقرأ ما في ضمنها من اليات؛ لما ثبت عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه كان ل يحجزه شيء عن‬
‫قراءة القرآن إل الجنابة‪ ،‬وفي لفظ عنه صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال في ضمن حديث رواه المام‬
‫أحمد بإسناد جيد‪ ،‬عن علي رضي الله عنه‪ ،‬أنه صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪)) :‬فأما الجنب فل ول آية((‪.‬‬

‫إذا طهرت النفساء قبل الربعين هل تصوم‬


‫)‪(1‬‬
‫وتصلي وتحج‬
‫س‪ :‬هل يجوز للمرأة النفساء أن تصوم‬
‫وتصلي وتحج قبل أربعين يوما إذا طهرت؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬يجوز لها أن تصوم‪ ،‬وتصلي‪ ،‬وتحج‬
‫وتعتمر‪ ،‬ويحل لزوجها وطؤها في الربعين إذا‬
‫طهرت‪ ،‬فلو طهرت لعشرين يوما اغتسلت‪ ،‬وصلت‬
‫وصامت‪ ،‬وحلت لزوجها‪ .‬وما يروى عن عثمان بن‬
‫أبي العاص أنه كره ذلك فهو محمول على كراهة‬
‫التنزيه‪ ،‬وهو اجتهاد منه رحمه الله ورضي عنه‪ ،‬ول‬
‫دليل عليه‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (953‬بتاريخ ‪1404 / 11 / 9‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص ‪– 43‬‬
‫‪.44‬‬
‫‪328‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والصواب‪ :‬أنه ل حرج في ذلك‪ ،‬إذا طهرت قبل‬


‫الربعين يوما‪ ،‬فإن طهرها صحيح‪ ،‬فإن عاد عليها‬
‫الدم في الربعين‪ ،‬فالصحيح‪ :‬أنها تعتبره نفاسا في‬
‫مدة الربعين‪ ،‬ولكن صومها الماضي في حال‬
‫الطهارة وصلتها وحجها كله صحيح‪ ،‬ل يعاد شيء من‬
‫ذلك ما دام وقع في حال الطهارة‪.‬‬

‫‪329‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم النفساء التي ل تصلي ول تصوم‬


‫‪1‬‬
‫إل بعد الربعين ولو كانت طاهرة‬
‫س‪ :‬كثير من الناس إذا ولدت عندهم المرأة‬
‫أخذت بعد وضعها أربعين يوما وهي ل تصلي ول‬
‫تصوم ولو كانت هذه المرأة طاهرة‪ ،‬فما الحكم؟‬
‫ج‪ :‬النفاس يمنع الصلة والصوم والوطء مثل‬
‫الحيض‪ ،‬والنفاس‪ :‬وهو الدم الذي يخرج بسبب‬
‫الولدة‪ ،‬فما دامت المرأة ترى الدم في الربعين فل‬
‫تصلي‪ ،‬ول تصوم‪ ،‬ول يحل لزوجها وطؤها‪ ،‬حتى‬
‫تطهر أو تكمل أربعين‪ ،‬فإن استمر معها الدم حتى‬
‫كملت الربعين‪ ،‬وجب أن تغتسل عند نهاية الربعين؛‬
‫لن النفاس ل يزيد عن أربعين يوما على الصحيح‪،‬‬
‫فتغتسل‪ ،‬وتصلي‪ ،‬وتصوم‪ ،‬وتحل لزوجها‪ ،‬وتتحفظ‬
‫من الدم بالقطن ونحوه؛ حتى ل يصيب ثيابها وبدنها‪،‬‬
‫ويكون حكم هذا الدم حكم دم الستحاضة ل يمنع من‬
‫الصلة ول من الصوم‪ ،‬ول يمنع زوجها منها‪ ،‬وعليها‬
‫أن تتوضأ لكل صلة‪.‬‬
‫أما إن رأت الطهر قبل الربعين‪ :‬فإنها تغتسل‪،‬‬
‫وتصلي‪ ،‬وتصوم‪ ،‬وتحل لزوجها ما دامت طاهرة‪ ،‬ولو‬
‫لم يمض من الربعين إل أيام قليله‪ ،‬فإن عاد عليها‬
‫الدم في الربعين لم تصل‪ ،‬ولم تصم‪ ،‬ولم تحل‬

‫‪ -1‬تابع لتعليق سماحته على ندور حول صلة الستسقاء‪ ،‬أقيمت في‬
‫الجامع الكبير بالرياض‪.‬‬
‫‪330‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لزوجها‪ ،‬حتى تطهر أو تكمل الربعين‪ ،‬وما فعلته في‬


‫أيام‬

‫‪331‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الطهارة من صلة أو صوم فإنه صحيح‪ ،‬ول تلزمها‬


‫إعادة الصوم‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫هل تحل المستحاضة لزوجها‬
‫س‪ :‬المستحاضة هل تحل لزوجها؟‬
‫ج‪ :‬المستحاضة‪ :‬هي التي يكون معها دم ل يصلح‬
‫حيضا ول نفاسا‪ ،‬وحكمها حكم الطاهرات‪ ،‬تصوم‪،‬‬
‫وتصلي‪ ،‬وتحل لزوجها‪ ،‬وتتوضأ لكل صلة‪ ،‬كأصحاب‬
‫الحدث الدائم من بول أو ريح أو غيرهما‪ ،‬وعليها أن‬
‫تتحفظ من الدم بقطن أو نحوه؛ حتى ل يلوث بدنها‬
‫ول ثيابها‪ ،‬كما صحت الحاديث بذلك عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬

‫حكم استعمال المرأة ما يقطع الدم في‬


‫)‪(2‬‬
‫أيام الحيض النفاس‬
‫س‪ :‬إذا استعملت المرأة ما يقطع الدم‬
‫في أيام النفاس أو الحيض فما الحكم؟‬
‫ج‪ :‬إذا استعملت المرأة ما يقطع الدم من حبوب‬
‫أو إبر فانقطع الدم بذلك واغتسلت‪ ،‬فإنها تعمل كما‬
‫تعمل الطاهرات‪ ،‬وصلتها صحيحة‪ ،‬وصومها صحيح‪.‬‬
‫لتعليق سماحته على محاضرة بعنوان‪:‬‬ ‫‪ -1‬من ضمن السئلة التابعة‬
‫الكبير بالرياض‪.‬‬ ‫الصلة وأهميتها في الجامع‬
‫لتعليق سماحته على محاضرة بعنوان‪:‬‬ ‫‪ -2‬من ضمن السئلة التابعة‬
‫الكبير بالرياض‪.‬‬ ‫الصلة وأهميتها في الجامع‬
‫‪332‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم نزول الدم من المرأة بعد‬


‫)‪(3‬‬
‫الغتسال مباشرة‬
‫س‪ :‬ألحظ أنه عند اغتسالي من العادة‬
‫الشهرية وبعد جلوسي للمدة المعتادة لها‬
‫‪ -‬وهي خمسة أيام ‪ -‬أنها في بعض الحيان‬
‫تنزل مني كمية قليلة جدا‪ ،‬وذلك بعد‬
‫الغتسال مباشرة‪ ،‬ثم بعد ذلك ل ينزل‬
‫شيء‪ ،‬وأنا ل أدري هل آخذ بعادتي فقط‬
‫خمسة أيام وما زاد ل يحسب‪ ،‬وأصلي‬
‫وأصوم وليس علي شيء في ذلك‪ ،‬أم‬
‫أنني أعتبر ذلك اليوم من أيام العادة فل‬
‫أصلي ول أصوم فيه؟ علما أن ذلك ل‬
‫يحدث معي دائما وإنما بعد كل حيضتين أو‬
‫ثلث تقريبا‪ ،‬أرجو إفادتي‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان الذي ينزل عليك بعد الطهارة‬
‫صفرة أو كدرة فإنه ل يعتبر شيئا‪ ،‬بل حكمه حكم‬
‫البول‪.‬‬
‫أما إن كان دما صريحا فإنه يعتبر من الحيض‪،‬‬
‫وعليك‪ :‬أن تعيدي الغسل؛ لما ثبت عن أم عطية‬
‫رضي الله عنها ‪ -‬وهي من أصحاب النبي صلى‬

‫‪ -3‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (933‬بتاريخ ‪1404 / 6 / 10‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص ‪– 44‬‬
‫‪.45‬‬
‫‪333‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الله عليه وسلم ‪ -‬أنها قالت‪) :‬كنا ل نعد الصفرة‬


‫والكدرة بعد الطهر شيئًا(‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم من تعاودها العادة الشهرية بعد‬


‫)‪(1‬‬
‫انقطاعها‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ف‪ .‬م‪ .‬أ ‪ -‬الرياض‬
‫تقول‪ :‬أنا امرأة في الثانية والربعين من‬
‫العمر‪ ،‬يحدث لي أثناء الدورة الشهرية أنها‬
‫تكون لمدة أربعة أيام‪ ،‬ثم تنقطع لمدة‬
‫ثلثة أيام‪ ،‬وفي اليوم السابع تعود مرة‬
‫أخرى بصورة أخف‪ ،‬ثم تتحول إلى اللون‬
‫البني حتى اليوم الثاني عشر‪ ،‬وقد كنت‬
‫أشكو من حالة نزيف ولكنها زالت بعد‬
‫العلج بحمد الله‪ .‬وقد استشرت أحد‬
‫الطباء من ذوي الصلح والتقوى عن‬
‫حالتي المذكورة آنفا‪ ،‬فأشار علي بأن‬
‫أتطهر بعد اليوم الرابع وأؤدي العبادات‬
‫من صلة وصيام‪ ،‬وفعل استمريت على ما‬
‫نصحني به الطبيب من مدة عامين‪ ،‬ولكن‬
‫ي بأن أنتظر مدة‬ ‫بعض النساء أشرن عل ّ‬
‫ثمانية أيام‪ ،‬فأرجو من سماحتكم أن‬
‫ترشدوني إلى الصواب‪.‬‬
‫ج‪ :‬جميع اليام المذكورة الربعة والثمانية كلها‬
‫ك أن تدعي الصلة والصوم فيها‪،‬‬ ‫أيام حيض‪ ،‬فعلي ِ‬
‫ك في اليام المذكورة‪،‬‬ ‫ك جماع ِ‬‫ول يحل لزوج ِ‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (947‬بتاريخ ‪1404 / 9 / 19‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪335‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وعليك أن تغتسلي بعد الربعة وتصلي‪ ،‬وتحلين‬


‫لزوجك مدة الطهارة التي بين الربعة والثمانية‪،‬‬
‫ول مانع من أن تصومي فيها‪.‬‬

‫‪336‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإذا كان ذلك في رمضان وجب عليك الصوم‬


‫فيها‪ ،‬وعليك إذا طهرت من اليام الثمانية أن‬
‫تغتسلي‪ ،‬وتصلي‪ ،‬وتصومي كسائر الطاهرات؛ لن‬
‫الدورة الشهرية ‪ -‬وهي‪ :‬الحيض ‪ -‬تزيد وتنقص‪،‬‬
‫وتجتمع أيامها وتفترق‪.‬‬
‫ك وسائر‬
‫وفق الله الجميع لما يرضيه‪ ،‬ورزقنا وإيا ِ‬
‫المسلمين الفقه في الدين والثبات عليه‪.‬‬

‫وجوب صلتي المغرب والعشاء على‬


‫الحائض‬
‫إذا طهرت قبل طلوع الفجر وصلتي‬
‫الظهر‬
‫والعصر إذا طهرت قبل غروب‬
‫)‪(1‬‬
‫الشمس‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أ‪ .‬ه‪ .‬م ‪ -‬يقول‪ :‬عندما‬
‫تطهر الحائض قبل شروق الشمس فهل‬
‫تجب عليها صلة المغرب والعشاء ؟ وكذلك‬
‫عندما تطهر قبل غروب الشمس فهل تجب‬
‫عليها صلة الظهر والعصر؟‬
‫ج‪ :‬إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب‬
‫الشمس وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر في‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1229‬بتاريخ ‪/ 7 / 20‬‬


‫‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫‪337‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أصح قولي العلماء‪ ،‬وهكذا إذا طهرت قبل طلوع‬


‫الفجر وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء‪.‬‬
‫وقد روي ذلك عن عبد الرحمن بن عوف‪ ،‬وعبد‬
‫الله بن عباس رضي الله عنهما‪ ،‬وهو قول جمهور‬
‫أهل العلم‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهكذا لو طهرت الحائض والنفساء قبل طلوع‬


‫الشمس وجب عليها أن تصلي صلة الفجر‪ .‬وبالله‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫إذا طهرت الحائض في وقت العصر أو‬


‫العشاء‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫هل تصلي معهما الظهر والمغرب‬
‫س‪ :‬إذا طهرت المرأة من الحيض في‬
‫وقت العصر أو العشاء‪ ،‬فهل تصلي معهما‬
‫الظهر والمغرب باعتبارهما يجمعان معا؟‬
‫ج‪ :‬إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس في‬
‫وقت العصر وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر‬
‫جميعا في أصح قولي العلماء؛ لن وقتهما واحد في‬
‫حق المعذور؛ كالمريض‪ ،‬والمسافر‪ ،‬وهي معذورة‬
‫بسبب تأخر طهرها‪ ،‬وهكذا إذا طهرت وقت العشاء‬
‫وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء جميعا كما‬
‫سبق‪ ،‬وقد أفتى جماعة من الصحابة رضي الله عنهم‬
‫بذلك‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫المسجد ل يحل لحائض ول جنب‬
‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة قدمها‬
‫إلى سماحته بعض طلبة العلم في عام ‪ 1413‬هـ‪ .‬وقد طلب الخ‬
‫محمد الشائع من سماحته الذن بطباعتها فأعطى سماحته الموافقة‬
‫على ذلك شفويا‪.‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1255‬بتاريخ ‪/ 2 / 10‬‬
‫‪1411‬هـ‪.‬‬
‫‪339‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬قارئة من الرياض تقول‪ :‬امرأة نزل‬


‫منها الدم وهي‬

‫‪340‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫داخل مسجد رسول الله صلى الله عليه‬


‫وسلم فمكثت فيه قليل حتى انتهى أهلها‬
‫من الصلة وخرجت معهم‪ ،‬هل تأثم في‬
‫ذلك؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت ل تستطيع الخروج وحدها فل حرج‬
‫عليها‪ ،‬أما إن كانت تستطيع الخروج وحدها‪ ،‬فالواجب‬
‫عليها البدار بالخروج؛ لن الحائض والنفساء والجنب‬
‫ل يجوز لهم الجلوس في المساجد؛ لقوله جل وعل‪﴿ :‬‬
‫ل﴾)‪ (1‬ولما روي عن النبي‬
‫سِبي ٍ‬
‫ري َ‬
‫عاب ِ ِ‬
‫جن ًُبا ِإل َ‬
‫ول ُ‬
‫َ‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬إني ل أحل المسجد‬
‫لحائض ول جنب((‪.‬‬

‫تفسير حديث إن حيضتك ليست في‬


‫)‪(2‬‬
‫يدك‬
‫س‪ :‬تقول هذه السائلة‪ :‬ورد عن عائشة‬
‫رضي الله عنها قالت‪ :‬أمرني رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أن أناوله شيئا من‬
‫المسجد فقلت إني حائض فقال ))إن‬
‫حيضتك ليست في يدك(( أرجو تفسير هذا‬
‫الحديث‪ ،‬وهل معنى هذا أن الحائض ل تدخل‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(109‬‬


‫‪ -2‬سورة النساء الية ‪.43‬‬
‫‪341‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المسجد ول تعمل شيئا؟ أفيدونا أفادكم‬


‫الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬النبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬إني ل‬
‫أحل المسجد لحائض ول جنب(( والله قال سبحانه‪﴿ :‬‬
‫قربوا الصلةَ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫وأن ْت ُ ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مُنوا ل ت َ ْ َ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬
‫َيا أي ّ َ‬
‫جن ًُبا ِإل‬ ‫ول ُ‬
‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬‫ما ت َ ُ‬
‫موا َ‬‫عل َ ُ‬
‫حّتى ت َ ْ‬ ‫كاَرى َ‬ ‫س َ‬ ‫ُ‬
‫ل﴾ ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫سِبي ٍ‬ ‫ري َ‬ ‫عاب ِ ِ‬ ‫َ‬
‫فاستثنى الله عابر السبيل من أهل الجنابة‪ ،‬والحائض‬
‫كذلك ليس لها أن تجلس في المسجد‪ ،‬ولكن لها أن‬
‫تعبر‪ ،‬فالعابرة ل بأس عليها أن تمر من باب إلى‬
‫باب‪ ،‬أو تدخل لتأخذ حاجة من المسجد‪ :‬إناء أو كتابا‬
‫أو ما أشبه ذلك‪ ،‬فالنبي صلى الله عليه وسلم حينما‬
‫قال لعائشة رضي الله عنها‪)) :‬ناوليني الخمرة من‬
‫المسجد(( والخمرة‪ :‬مصلى يصلي عليه من الخوص‬
‫‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬قالت‪) :‬إنها حائض( فقال‬
‫لها‪)) :‬إن حيضتك ليست في يدك((‪.‬‬
‫فالمعنى‪ :‬أنه ليس هناك مانع من دخولها لخذ‬
‫الحاجة‪ ،‬فل بأس بذلك‪ .‬إنما الممنوع‪ :‬جلوسها في‬
‫المسجد‪ ،‬أما أن تعبر من المسجد أو تدخله لحاجة ثم‬
‫ترجع من غير جلوس فل بأس بذلك؛ للية الكريمة‬
‫والحديث المذكور‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.43‬‬


‫‪342‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم دخول الحائض الحرم والصلة‬


‫)‪(2‬‬
‫فيه‬
‫س‪ :‬الخت التي رمزت لسمها بـ ح‪ .‬ص‪.‬‬
‫م ‪ -‬من رأس تنورة‪ ،‬تقول في رسالتها‪ :‬ما‬
‫حكم ذهاب المرأة إلى الحرم للصلة فيه‬
‫أثناء عادتها الشهرية وهي عالمة بذلك؟‬
‫ج‪ :‬ذهاب المرأة إلى الحرم الشريف والصلة مع‬
‫الناس وقد نزلت بها العادة الشهرية ‪ -‬وهي‪ :‬الحيض‬
‫‪ -‬وهي تعلم ذلك منكر عظيم لوجهين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنها ل صلة لها‪ ،‬ليس لها أن تتلبس‬
‫بالصلة وهي بهذا الحدث‪ ،‬فذاك منكر عظيم وصلتها‬
‫باطلة‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬أنه ليس لها الجلوس في‬
‫المسجد الحرام وهي حائض‪ ،‬فإن الحائض والجنب‬
‫ممنوعان من الجلوس في المسجد‪ ،‬أما المرور‬
‫والعبور فل بأس للحاجة‪ ،‬والصلة وهي حائض أكبر‬
‫وأشنع فل يجوز لها هذا العمل‪ ،‬بل يجب عليها أن‬
‫تبقى في بيتها‪ ،‬وليس لها أن تذهب إلى المسجد‬
‫حتى تنتهي من هذه الحيضة‪ ،‬فإذا تطهرت منها ذهبت‬
‫إذا شاءت مع أخواتها إلى المسجد‪.‬‬
‫وأما أن تذهب وهي في حالة حيض للمشاركة‬
‫في الصلة أو الجلوس مع النساء في المسجد‪ ،‬فهذا‬
‫كله منكر ول يجوز‪ ،‬والصلة مع الحيض ومع غيره من‬
‫‪ -2‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (155‬لشهر ذي الحجة من‬
‫عام ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪343‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الحدث الكبر والصغر باطلة‪ ،‬ول شك أن هذا العمل‬


‫شنيع‪ ،‬وربما أفضى بصاحبته إلى الكفر بالله؛ لنها‬
‫كالمستهزئة‪ ،‬تصلي وهي بها الحيض‪ ،‬وهذا منكر‬
‫عظيم فظيع‪ ،‬فإن كان قصدها الستهانة بدين الله‪،‬‬
‫والستهزاء به‪ ،‬والسخرية‪ ،‬والنكار لدين الله‪ ،‬وعدم‬
‫المبالة‪ ،‬فهذه ردة عن السلم والعياذ بالله‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫حكم حضور الحائض للمسجد لسماع‬
‫)‪(1‬‬
‫الدروس والمواعظ‬
‫س‪ :‬هل الحائض يمكن أن تحضر الدرس‬
‫في الجامع؟‬
‫ج‪ :‬ل بأس أن تحضر الحائض والنفساء عند باب‬
‫المسجد لسماع الدروس والمواعظ‪ ،‬لكن ل يجوز‬
‫جلوسها في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إني ل أحل المسجد لحائض ول جنب((‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫دخول الحائض لما يلحق بالمسجد‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬أ‪ .‬س ‪ -‬من أميركا أرسل إلينا‬
‫سؤال يقول فيه‪ :‬في أميركا مسجد يتكون‬
‫من ثلثة أدوار‪ :‬الدور العلى مصلى للنساء‪،‬‬
‫والدور الذي تحته المصلى الصلي‪ ،‬والدور‬
‫الذي تحته وهو عبارة عن )قبو( فيه‬
‫المغاسل ومكان للمجلت والصحف‬
‫السلمية وفصول دراسية نسائية ومكان‬
‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من مندوب صحيفة المسلمون‪.‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1024‬بتاريخ ‪/ 5 / 3‬‬
‫‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪344‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حّيض‬
‫لصلة النساء أيضا‪ ،‬فهل يجوز للنساء ال ُ‬
‫دخول هذا الدور السفلي؟ كما يوجد في هذا‬
‫المسجد عمود يعترض للمصلين في‬
‫صفوفهم فيقسم الصف إلى شطرين فهل‬
‫يقطع الصف أم ل؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان المبنى المذكور قد أعد مسجدا‬
‫ويسمع أهل الدورين العلى والسفل صوت المام‬
‫صحت صلة الجميع‪ ،‬ولم يجز للحيض الجلوس في‬
‫المحل المعد للصلة في الدور السفل؛ لنه تابع‬
‫للمسجد‪ ،‬وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))إني ل أحل المسجد لحائض ول جنب((‪.‬‬
‫أما مرورها بالمسجد لخذ بعض الحاجات مع‬
‫التحفظ من نزول شيء من الدم فل حرج في ذلك؛‬
‫ل﴾)‪.(1‬‬
‫سِبي ٍ‬
‫ري َ‬
‫عاب ِ ِ‬
‫جن ًُبا ِإل َ‬
‫ول ُ‬
‫لقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر‬
‫عائشة أن تناوله المصلى من المسجد‪ ،‬فقالت‪ :‬إنها‬
‫حائض‪ ،‬فقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إن حيضتك‬
‫ليست في يدك((‪.‬‬
‫أما إن كان الدور السفل لم ينوه الواقف من‬
‫المسجد‪ ،‬وإنما نواه مخزنا ومحل لما ذكر في‬
‫السؤال من الحاجات‪ ،‬فإنه ل يكون له حكم المسجد‪،‬‬
‫ويجوز للحائض والجنب الجلوس فيه ول بأس بالصلة‬
‫فيه في المحل الطاهر الذي ل يتبع دورات المياه‬
‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.43‬‬
‫‪345‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كسائر المحلت الطاهرة التي ليس فيها مانع شرعي‬


‫يمنع من الصلة فيها‪ ،‬لكن من صلى فيه ل يتابع‬
‫المام الذي فوقه إذا كان ل يراه ول يرى بعض‬
‫المأمومين؛ لنه ليس تابعا للمسجد في الرجح من‬
‫قولي العلماء‪.‬‬
‫أما العمود الذي يقطع الصف فل يضر الصلة‪،‬‬
‫لكن إذا أمكن أن يكون الصف قدامه أو خلفه حتى ل‬
‫يقطع الصف فهو أولى وأكمل‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫الفرق بين دم الحيض والستحاضة‬
‫س‪ :‬بعض النساء ل يفرقن بين الحيض‬
‫والستحاضة‪ ،‬إذ قد يستمر معها الدم‬
‫فتتوقف عن الصلة طوال استمرار الدم‪،‬‬
‫فما الحكم في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬الحيض دم كتبه الله على بنات آدم كل شهر‬
‫غالبا‪ ،‬كما جاء بذلك الحديث الصحيح عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وللمرأة المستحاضة في ذلك ثلثة أحوال‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن تكون مبتدئة‪ ،‬فعليها أن تجلس ما تراه‬
‫من الدم كل شهر‪ ،‬فل تصلي ول تصوم‪ ،‬ول يحل‬
‫لزوجها جماعها حتى تطهر‪ ،‬إذا كانت المدة خمسة‬
‫عشر يوما أو أقل عند جمهور أهل العلم‪.‬‬
‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة قدمها‬
‫إلى سماحته بعض طلبة العلم في عام ‪ 1413‬هـ‪.‬‬
‫‪346‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإن استمر معها الدم أكثر من خمسة عشر يوما‬


‫فهي مستحاضة‪ ،‬وعليها أن تعتبر نفسها حائضا ستة‬
‫أيام أو سبعة أيام بالتحري والتأسي بما يحصل‬
‫لشباهها من قريباتها إذا كان ليس لها تمييز بين دم‬
‫الحيض وغيره‪.‬‬
‫فإن كان لديها تمييز امتنعت عن الصلة والصوم‬
‫وعن جماع الزوج لها مدة الدم المتميز بسواد أو نتن‬
‫رائحة‪ ،‬ثم تغتسل وتصلي‪ ،‬بشرط‪ :‬أن ل يزيد ذلك‬
‫عن خمسة عشر يوما‪ ،‬وهذه هي الحالة الثانية من‬
‫أحوال المستحاضة‪.‬‬
‫الحالة الثالثة‪ :‬أن يكون لها عادة معلومة‪ ،‬فإنها‬
‫تجلس عادتها‪ ،‬ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلة إذا دخل‬
‫الوقت ما دام الدم معها وتحل لزوجها إلى أن يجيء‬
‫وقت العادة من الشهر الخر‪.‬‬
‫وهذا هو ملخص ما جاءت به الحاديث عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم بشأن المستحاضة‪.‬‬
‫وقد ذكرها صاحب البلوغ‪ :‬الحافظ ابن حجر‪،‬‬
‫وصاحب المنتقى‪ :‬المجد ابن تيمية رحمة الله عليهما‬
‫جميعا‪.‬‬

‫الحامل التي تعاني من سيلن البول دائما‬


‫)‪(1‬‬
‫هل تترك الصلة‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (965‬بتاريخ ‪1405 / 2 / 19‬‬


‫هـ‪.‬‬
‫‪347‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬الخت‪ :‬م‪ .‬ح ‪ -‬من المغرب‬


‫العربي تقول‪ :‬امرأة حامل في الشهر‬
‫التاسع تعاني من سيلن البول في كل‬
‫لحظة توقفت عن الصلة في الشهر‬
‫الخير‪ ،‬هل هذا ترك للصلة؟ وماذا‬
‫عليها؟‬
‫ج‪ :‬ليس للمرأة المذكورة وأمثالها التوقف‬
‫عن الصلة‪ ،‬بل يجب عليها أن تصلي على‬
‫حسب حالها‪ ،‬وأن تتوضأ لوقت كل صلة‪،‬‬
‫كالمستحاضة‪ ،‬وتتحفظ بما تستطيع من قطن‬
‫وغيره وتصلي الصلة لوقتها‪ ،‬ويشرع لها أن‬
‫تصلي النوافل في الوقت‪ ،‬ولها أن تجمع بين‬
‫الصلاتين الظهر والعصر‪ ،‬والمغرب والعشاء‪،‬‬
‫فات ّ ُ‬
‫قوا‬ ‫كالمستحاضة؛ لقول الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(1‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫وعليها قضاء ما تركت من الصلوات‪ ،‬مع‬
‫التوبة إلى الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وذلك بالندم‬
‫على ما فعلت‪ ،‬والعزم على أن ل تعود إلى‬
‫وُتوُبوا إ َِلى‬‫ذلك؛ لقول الله سبحانه وتعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫عل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن لَ َ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ها ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬‫ج ِ‬
‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ن﴾)‪.(2‬‬‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫تُ ْ‬

‫‪ -1‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬


‫‪ -2‬سورة النور الية ‪.31‬‬
‫‪348‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫ليس لقل النفاس حد محدود‬
‫س‪ :‬هل يجوز للمرأة النفساء أن تصلي‬
‫وتصوم إذا طهرت قبل الربعين ؟‬
‫ج‪ :‬إذا طهرت النفساء قبل الربعين وجب عليها‬
‫الغسل والصلة والصوم في رمضان‪ ،‬وحل لزوجها‬
‫جماعها بإجماع أهل العلم‪ ،‬وليس لقل النفاس حد‬
‫محدود‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫إذا طهرت النفساء ثم عاد إليها الدم‬


‫)‪(2‬‬
‫وهي صائمة‬
‫س‪ :‬إذا طهرت النفساء خلل أسبوع ثم‬
‫صامت مع المسلمين في رمضان أياما‬
‫معدودة‪ ،‬ثم عاد إليها الدم هل تفطر في‬
‫هذه الحالة؟ وهل يلزمها قضاء اليام التي‬
‫صامتها والتي أفطرتها؟‬
‫ج‪ :‬إذا طهرت النفساء في الربعين فصامت أياما‬
‫ثم عاد إليها الدم في الربعين فإن صومها صحيح‪،‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1409‬بتاريخ ‪1414 / 4 / 7‬‬


‫هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1525‬بتاريخ ‪/ 8 / 20‬‬
‫‪ 1416‬هـ‪.‬‬
‫‪349‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وعليها أن تدع الصلة والصيام في اليام التي عاد‬


‫فيها الدم ‪ -‬لنه نفاس ‪ -‬حتى تطهر أو‬

‫‪350‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تكمل الربعين‪ ،‬ومتى أكملت الربعين وجب عليها‬


‫الغسل وإن لم تر الطهر؛ لن الربعين هي نهاية‬
‫النفاس في أصح قولي العلماء‪ ،‬وعليها بعد ذلك أن‬
‫تتوضأ لوقت كل صلة حتى ينقطع عنها الدم‪ ،‬كما‬
‫أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك المستحاضة‪،‬‬
‫ولزوجها أن يستمتع بها بعد الربعين وإن لم تر‬
‫الطهر؛ لن الدم والحال ما ذكر دم فساد ل يمنع‬
‫الصلة ول الصوم‪ ،‬ول يمنع الزوج من استمتاعه‬
‫بزوجته‪ .‬لكن إن وافق الدم بعد الربعين عادتها في‬
‫الحيض فإنها تدع الصلة والصوم وتعتبره حيضا‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫خروج النفساء من المنزل‬
‫س‪ :‬السائل م‪ .‬ع يقول‪ :‬هل يلزم‬
‫النفساء عدم مغادرة بيتها قبل انتهاء المدة؟‬
‫ج‪ :‬النفساء كغيرها من النساء ل حرج عليها في‬
‫مغادرة بيتها للحاجة‪ ،‬فإن لم يكن حاجة‪ ،‬فالفضل‬
‫لجميع النساء لزوم البيوت؛ لقول الله سبحانه‪﴿ :‬‬
‫ة‬
‫هل ِي ّ ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫جا ِ‬ ‫ن ت َب َّر َ‬
‫ج َ‬
‫ول ت َب َّر ْ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن ِ‬
‫قْر َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫اْلوَلى﴾ ‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬‫)‪(2‬‬ ‫ُ‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1463‬بتاريخ ‪/ 5 / 15‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة الحزاب الية ‪.33‬‬
‫‪351‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(3‬‬
‫ما الحكم إذا أسقطت المرأة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ي‪ .‬ر‪ .‬م ‪ -‬من الخبر‬
‫تقول‪ :‬هناك بعض النساء الحوامل يتعرضن‬
‫لسقوط الجنين‪ ،‬ومن الجنة من يكون قد‬
‫اكتمل خلقه‪ ،‬ومنهم من لم يكتمل بعد‪،‬‬
‫فأرجو من سماحتكم توضيح كيفية الصلة‬
‫في كلتا الحالتين؟‬
‫ج‪ :‬إذا أسقطت المرأة ما يتبين فيه خلق‬
‫النسان؛ من رأس‪ ،‬أو يد‪ ،‬أو رجل‪ ،‬أو غير ذلك فهي‬
‫نفساء‪ ،‬لها أحكام النفاس‪ ،‬فل تصلي ول تصوم‪ ،‬ول‬
‫يحل لزوجها جماعها حتى تطهر أو تكمل أربعين‬
‫يوما‪.‬‬
‫ومتى طهرت لقل من أربعين وجب عليها‬
‫الغسل والصلة والصوم في رمضان‪ ،‬وحل لزوجها‬
‫جماعها‪.‬‬
‫ول حد لقل النفاس‪ ،‬فلو طهرت وقد مضى لها‬
‫من الولدة عشرة أيام أو أقل أو أكثر وجب عليها‬
‫الغسل‪ ،‬وجرى عليها أحكام الطاهرات كما تقدم‪ ،‬وما‬
‫تراه بعد الربعين من الدم فهو دم فساد تصوم معه‬
‫وتصلي‪ ،‬ويحل لزوجها جماعها‪ ،‬وعليها أن تتوضأ‬
‫لوقت كل صلة كالمستحاضة؛ لقول النبي صلى الله‬

‫‪ -3‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1000‬بتاريخ ‪/ 11 / 5‬‬


‫‪ 1405‬هـ‪.‬‬
‫‪352‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش ‪ -‬وهي‬


‫مستحاضة‪)) :-‬وتوضئي لكل صلة((‪.‬‬
‫ومتى صادف الدم الخارج منها بعد الربعين وقت‬
‫الحيض ‪ -‬أعني‪ :‬الدورة الشهرية ‪ -‬صار لها حكم‬
‫الحيض‪ ،‬وحرمت عليها الصلة والصوم حتى تطهر‪،‬‬
‫وحرم على زوجها جماعها‪.‬‬
‫أما إن كان الخارج من المرأة لم يتبين فيه خلق‬
‫النسان‪ ،‬بأن كان لحمة ول تخطيط فيه‪ ،‬أو كان دما‬
‫فإنها بذلك يكون لها حكم المستحاضة ل حكم‬
‫النفساء ول حكم الحائض‪ ،‬وعليها أن تصلي وتصوم‬
‫في رمضان‪ ،‬ويحل لزوجها جماعها‪ ،‬وعليها أن تتوضأ‬
‫لوقت كل صلة مع التحفظ من الدم بقطن ونحوه‪،‬‬
‫كالمستحاضة حتى تطهر‪ ،‬ويجوز لها الجمع بين‬
‫الصلتتين الظهر والعصر‪ ،‬والمغرب والعشاء‪ ،‬ويشرع‬
‫لها الغسل للصلتين المجموعتين‪ ،‬ولصلة الفجر؛‬
‫لحديث حمنة بنت جحش الثابت في ذلك؛ لنها في‬
‫حكم المستحاضة عند أهل العلم‪.‬‬
‫أما إذا كان سقوط الجنين في الشهر الخامس‬
‫وما بعده‪ ،‬فإنه يغسل ويكفن ويصلي عليه‪ ،‬ويسمى‪،‬‬
‫ويعق عنه؛ لنه بذلك صار إنسانا له حكم الطفال‪.‬‬
‫والله تعالى ولي التوفيق‪.‬‬

‫ما حكم الدم إذا أجهضت المرأة هل‬

‫‪353‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫هو دم نفاس أو له حكم الحيض؟‬
‫س‪ :‬إذا أجهضت المرأة فما حكم الدم‬
‫هل هو دم نفاس‪ ،‬أو له حكم الحيض؟‬
‫ج‪ :‬إن كان الجهاض بعدما تخلق الطفل وبان أنه‬
‫إنسان‪ ،‬كأن بان الرأس أو اليد‪ ،‬ولو كان خفيا‪ ،‬فإنه‬
‫يكون نفاسا‪ ،‬وعلى المرأة أن‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(67‬‬


‫‪354‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تدع الصلة والصوم حتى تطهر‪ ،‬أو تكمل أربعين‬


‫يوما؛ لن هذه نهاية النفاس‪ ،‬وإن طهرت قبل ذلك‬
‫فعليها‪ :‬أن تغتسل وتصلي وتصوم‪ ،‬وتحل لزوجها‪،‬‬
‫فإن استمر معها الدم تركت الصلة والصيام ولم‬
‫تحل لزوجها حتى تكمل الربعين‪ ،‬فإذا أكملتها‬
‫اغتسلت وصامت وصلت وحلت لزوجها‪ ،‬ولو كان‬
‫معها الدم؛ لنه دم فساد حينئذ؛ لن ما زاد على‬
‫أربعين يوما يعتبر دم فساد‪ ،‬تتوضأ منه لكل صلة‪،‬‬
‫مع التحفظ منه‪ ،‬كالمستحاضة ومن به سلس البول‪.‬‬
‫أما إن كان لم يتخلق ولم يظهر ما يدل على‬
‫خلق النسان فيه‪ ،‬كأن يكون قطعة لحم ليس فيها‬
‫خلق إنسان أو مجرد دم‪ ،‬فإن هذا يعتبر دم فساد‪،‬‬
‫تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلة وتتحفظ جيدا‪.‬‬

‫من ولدت بعد دخول الوقت هل تقضي‬


‫)‪(1‬‬
‫صلتها لذلك الوقت بعد انتهاء النفاس‬
‫س‪ :‬بعض النساء تأتيها الولدة بعد دخول‬
‫الوقت فهل عليها بعد انتهاء النفاس قضاء‬
‫الصلة التي دخل وقتها ولم تقضها؟‬
‫ج‪ :‬ليس عليها قضاؤها إذا كانت لم تفرط‪ ،‬أما إن‬
‫كانت أخرتها حتى ضاق الوقت ثم حصلت الولدة‬
‫فإنها تقضيها بعد الطهر من النفاس‪ ،‬كالحائض إذا‬
‫أخرت الصلة إلى آخر وقتها‪ ،‬ثم نزل بها الحيض‪،‬‬
‫‪ -1‬سؤال موجه من ع‪ .‬س من الرياض في مجلس سماحته‪.‬‬
‫‪355‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإنها تقضيها بعد الطهر؛ لكونها قد فرطت بتأخيرها‪.‬‬


‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪356‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كتاب‬
‫الصلة‬
‫‪357‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب ببببب‬
‫بببببب‬
‫)‪(1‬‬
‫الصلة وأهميتها‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬ول عدوان إل على‬
‫الظالمين‪ ،‬والصلة والسلم على نبينا محمد‪ ،‬وآله‬
‫وصحبه أجمعين‪ ،‬وبعد‪ :‬فإن على المرء أن يهتم‬
‫بالصلة؛ لن أمرها عظيم‪ ،‬ومكانتها كبيرة‪ ،‬وأن‬
‫يخلص العبادة لله وحده ل شريك له‪ ،‬وأن يتبرأ‬
‫مما سوى الله كائنا من كان‪ ،‬وأن يؤمن ويعتقد أنه‬
‫سبحانه هو المعبود بالحق‪ ،‬وما عبد من دونه فهو‬
‫ك‬‫باطل‪ ،‬كما قال عز وجل في سورة الحج‪﴿ :‬ذَل ِ َ‬
‫هو ال ْحق َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫دون ِ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫ه ُ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ب ِأ ّ‬
‫ل﴾)‪ (2‬وفي سورة لقمان قال سبحانه‪﴿ :‬‬ ‫و ال َْباطِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ك‬‫ضى َرب ّ َ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬
‫ل﴾ وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪( 3‬‬
‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫ك‬ ‫دوا ِإل إ ِّياهُ﴾ وقال عز وجل‪﴿ :‬إ ِّيا َ‬ ‫َ‬
‫(‬ ‫‪4‬‬ ‫)‬
‫عب ُ ُ‬‫أل ت َ ْ‬
‫ما‬ ‫و َ‬‫ن﴾ وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪( 5‬‬
‫عي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫وإ ِّيا َ‬ ‫عب ُدُ َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫مُروا ِإل ل ِي َ ْ‬ ‫أ ِ‬
‫فاءَ﴾)‪ (6‬الية‪.‬‬ ‫حن َ َ‬ ‫ُ‬
‫‪ -1‬تعليق لسماحته على محاضرة بعنوان‪ " :‬الصلة وأهميتها " أقيمت‬
‫في الجامع الكبير بالرياض‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة الحج الية ‪.62‬‬
‫‪ -3‬سورة لقمان الية ‪.30‬‬
‫‪ -4‬سورة السراء الية ‪.23‬‬
‫‪ -5‬سورة الفاتحة الية ‪.5‬‬
‫‪ -6‬سورة البينة الية ‪.5‬‬
‫‪358‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هذا الساس العظيم هو أصل دين السلم‪ ،‬وهو‬


‫أول شيء يدخل به العبد في دين الله‪ :‬السلم‪ ،‬ثم‬
‫يلي هذه الشهادة‪ :‬الشهادة بأن محمدا رسول الله‪،‬‬
‫هاتان الشهادتان هما أصل الدين ل يصح دين‬
‫بدونهما‪ ،‬إحداهما ل تغني عن الخرى‪ ،‬فبعد مبعث‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ل بد منهما‪ ،‬فل إسلم‬
‫إل بتوحيد الله‪ ،‬ول إسلم إل باليمان بأن محمدا‬
‫رسول الله عليه الصلة والسلم‪ ،‬فلو أن إنسانا‬
‫يصوم النهار ويقوم الليل‪ ،‬ويعبد الله بكل العبادات‪،‬‬
‫ولكنه لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم بعدما‬
‫بعثه الله‪ ،‬فإنه يكون بذلك كافرا‪ ،‬بل من أكفر الناس‬
‫عند جميع أهل العلم‪ ،‬ولو أنه شهد أن محمدا رسول‬
‫الله وصدقه‪ ،‬وعمل كل شيء‪ ،‬إل أنه يشرك بالله ‪-‬‬
‫يعبد مع الله غيره‪ ،‬من ملك أو نبي أو صنم أو شجر‬
‫أو حجر أو جني أو كوكب ‪ -‬صار بذلك كافرا ضال‪،‬‬
‫ولو قال‪ :‬إن محمدا رسول الله‪ ،‬فل بد من اليمان‬
‫بهما جميعا‪ ،‬ل بد من توحيد الله‪ ،‬والخلص له‪.‬‬
‫ول بد من اليمان بأن محمدا رسول الله‪ ،‬بعثه‬
‫الله إلى الثقلين‪ ،‬إلى الجن والنس‪ ،‬وكان الرسل‬
‫الماضون يبعث كل واحد منهم إلى قومه خاصة‪ ،‬لكن‬
‫نبينا محمدا عليه الصلة والسلم بعثه الله إلى الناس‬
‫كافة‪ ،‬إلى العرب والعجم‪ ،‬إلى الجن والنس‪ ،‬إلى‬
‫الذكور والناث‪ ،‬إلى الغنياء والفقراء‪ ،‬إلى الحكام‬
‫والمحكومين‪ ،‬كلهم داخلون في رسالته عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬فمن أجاب هذه الدعوة التي جاء بها وانقاد‬
‫‪359‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لها وآمن بها دخل الجنة‪ ،‬ومن استكبر دخل النار‪،‬‬


‫ب َ‬
‫فالّناُر‬ ‫حَزا ِ‬‫ن اْل َ ْ‬
‫م َ‬
‫ه ِ‬ ‫ن ي َك ْ ُ‬
‫فْر ب ِ ِ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬
‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫عدُهُ﴾)‪ (1‬وقال عليه الصلة والسلم‪:‬‬ ‫و ِ‬
‫م ْ‬
‫َ‬

‫‪ -1‬سورة هود الية ‪.17‬‬


‫‪360‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫))والذي نفسي بيده ل يسمع بي أحد من هذه‬


‫المة يهودي أو نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي‬
‫أرسلت به إل كان من أهل النار(( وقال النبي‬
‫عليه الصلة والسلم‪)) :‬كان النبي يبعث إلى قومه‬
‫خاصة وبعثت إلى الناس عامة(( وقد قال الله عز‬
‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ُ‬ ‫س إ ِّني َر ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫ل َيا أي ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫وجل‪ُ ﴿ :‬‬
‫سل َْنا َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬‫عا﴾ وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬‫م َ‬ ‫إ ِل َي ْك ُ ْ‬
‫)‪( 1‬‬

‫ذيًرا﴾)‪ (2‬وقال‬ ‫ون َ ِ‬


‫شيًرا َ‬‫س بَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ة ِللّنا‬ ‫ف ً‬ ‫ِإل َ‬
‫كا ّ‬
‫َ‬
‫)‪( 3‬‬
‫ن﴾‬
‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬
‫ة ل ِل ْ َ‬‫م ً‬‫ح َ‬
‫ك ِإل َر ْ‬ ‫سل َْنا َ‬
‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬
‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫ثم بعد هاتين الشهادتين أمر الصلة‪ ،‬فهي التي‬
‫تلي هاتين الشهادتين‪ ،‬وهي الركن العظم بعد‬
‫هاتين الشهادتين‪ ،‬فمن حفظها حفظ دينه‪ ،‬ومن‬
‫ضيعها فهو لما سواها أضيع‪ .‬جاء في مسند أحمد‬
‫بإسناد جيد‪ ،‬عن عبد الله بن عمرو بن العاص‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه ذكر الصلة يوما بين أصحابه فقال‪)) :‬من‬
‫حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم‬
‫القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ول‬
‫برهان ول نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون‬
‫وهامان وقارون وأبي بن خلف(( قال بعض الئمة‬
‫في هذا‪) :‬إنما يحشر من أضاع الصلة مع هؤلء‬
‫‪ -1‬سورة العراف الية ‪.158‬‬
‫‪ -2‬سورة سبأ الية ‪.28‬‬
‫‪ -3‬سورة النبياء الية ‪.107‬‬
‫‪361‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصناديد من الكفرة الشقياء‪ :‬فرعون‪ ،‬وهامان‪،‬‬


‫وقارون‪ ،‬وأبي بن خلف؛ لكونه شابههم‪ ،‬والنسان‬
‫مع من شابه(‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬

‫‪362‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬
‫شروا ال ّذين ظَل َموا َ‬
‫يعني‪:‬‬ ‫م﴾‬‫ه ْ‬
‫ج ُ‬‫وا َ‬
‫وأْز َ‬ ‫ح ُ ُ‬ ‫﴿ا ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬
‫أشباههم ونظراءهم‪.‬‬
‫فمن كانت علته الرياسة حتى ترك الصلة حشر‬
‫مع فرعون؛ لن فرعون حمله ما هو فيه من الملك‬
‫على التكبر‪ ،‬وعادى موسى عليه الصلة والسلم من‬
‫أجل ذلك‪ ،‬فصار من الشقياء الذين باعوا بالخسارة‬
‫ن‬
‫و َ‬‫ع ْ‬‫فْر َ‬
‫ل ِ‬‫خُلوا آ َ‬‫وصاروا إلى النار‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬أ َدْ ِ‬
‫ب﴾)‪ (2‬نعوذ بالله من ذلك‪ ،‬ومن حملته‬ ‫شد ّ ا ل ْ َ‬
‫ع َ‬
‫ذا ِ‬ ‫أَ َ‬
‫وظيفته أو وزارته على التخلف عن الصلة‪ ،‬صار‬
‫شبيها بهامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة‬
‫نعوذ بالله من ذلك‪ ،‬فإن تركها من أجل المال‬
‫والشهوات والنعم‪ ،‬شابه قارون الذي أعطاه الله‬
‫المال العظيم فاستكبر وطغى‪ ،‬حتى خسف الله به‬
‫الرض وبداره‪ ،‬فيكون شبيها به فيحشر معه يوم‬
‫القيامة إلى النار‪.‬‬
‫أما إن شغله عن الصلة وعن حق الله البيع‬
‫والشراء والمعاملت والمكاسب الدنيوية‪ ،‬فإنه يكون‬
‫شبيها بأبي بن خلف ‪ -‬تاجر أهل مكة ‪ -‬فيحشر معه‬
‫إلى النار‪ ،‬نسأل الله العافية من الكفرة وأعمالهم‪.‬‬
‫والمقصود‪ :‬أن أمر الصلة عظيم‪ ،‬وقد صح عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬رأس‬
‫المر السلم وعموده الصلة وذروة سنامه الجهاد‬
‫في سبيل الله(()‪ (3‬وقال عليه الصلة والسلم‪:‬‬

‫‪ -1‬سورة الصافات الية ‪.22‬‬


‫‪ -2‬سورة غافر الية ‪.46‬‬
‫‪ -3‬رواه الترمذي في اليمان برقم )‪ (2541‬ومسند المام أحمد )‪/ 5‬‬
‫‪.(231‬‬
‫‪363‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬


‫كفر(()‪.(1‬‬
‫أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪،‬‬
‫وابن ماجة بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة رضي الله عنه‪،‬‬
‫وخرج مسلم في صحيحه‪ ،‬عن جابر رضي الله عنه‪،‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(()‪.(2‬‬
‫فالمر عظيم وخطير جدا‪ ،‬إذا نظرنا في حال‬
‫الناس اليوم ول حول ول قوة إل بالله‪ ،‬فقد كثر‬
‫المتخلفون عن الصلة والمتساهلون بأدائها في‬
‫الجماعة‪ ،‬فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية‪.‬‬
‫والله جل وعل أوسع النعم وأكثر الخيرات‪ ،‬ولكن‬
‫ن‬ ‫ابن آدم مثل ما قال الله جل وعل‪َ ﴿ :‬‬
‫كل إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ن ل َي َطْ َ‬
‫غَنى﴾)‪ .(3‬أدر الله‬ ‫ست َ ْ‬
‫ن َرآهُ ا ْ‬
‫غى أ ْ‬ ‫سا َ‬ ‫اْل ِن ْ َ‬
‫النعم وأوسع الخير‪ ،‬فقابلها الكثير من الناس‬
‫بالعصيان والكفران‪ ،‬نعوذ بالله من ذلك‪ ،‬فالواجب‬
‫الحذر‪ ،‬والواجب التبليغ‪ ،‬كل إنسان يبلغ من حوله‬
‫ويجتهد في بذل الدعوة وبذل التوجيه لمن حوله من‬
‫المتخلفين‪ ،‬ومن المتكاسلين‪ ،‬ومن المقصرين في‬
‫الصلة وغيرها من حقوق الله وحق عباده؛ لعل الله‬
‫أن يهديهم بأسبابه‪ ،‬وقد كان النبي صلى الله عليه‬

‫‪ -1‬رواه الترمذي في كتاب اليمان‪ – 9 ،‬باب ما جاء في ترك الصلة‬


‫برقم )‪ ،(2545‬والنسائي في ‪ – 5‬كتاب الصلة‪ – 8 ،‬باب الحكم في‬
‫تارك الصلة‪ ،‬رقم )‪ ،(459‬وأحمد )‪ ،(346 / 5‬وابن ماجه في ‪–5‬‬
‫كتاب إقامة الصلة‪ – 77 ،‬باب ما جاء فيمن ترك الصلة رقم )‬
‫‪.(1079‬‬
‫‪ -2‬صحيح مسلم‪ ،‬كتاب اليمان‪ – 35 ،‬باب بيان إطلق اسم الكفر‬
‫على من ترك الصلة برقم )‪ (86‬ورواه المام أحمد بلفظ‪ " :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلة "‪ ،‬المسند )‪.(389 / 3‬‬
‫‪ -3‬سورة العلق اليتان ‪.7 – 6‬‬
‫‪364‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وسلم يقول‪)) :‬فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ‬


‫أوعى من سامع((‪.‬‬
‫وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من تركها‬
‫تهاونا وإن لم يجحد وجوبها يكفر كفرا أكبر؛ لهذه‬
‫اليات والحاديث التي سبق ذكرها‪ ،‬ولو قال‪ :‬إنه‬
‫يؤمن بوجوبها‪ ،‬إذا تركها تهاونا فقد تلعب بهذا المر‬
‫الواجب‪ ،‬وقد عصى ربه معصية عظيمة‪ ،‬فيكفر بذلك‬
‫في أصح‬
‫قولي العلماء؛ لعموم الدلة‪ ،‬ومنها قول الرسول‬
‫عليه الصلة والسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم‬
‫الصلة فمن تركها فقد كفر(( ما قال‪ :‬من جحد‬
‫وجوبها‪ ،‬بل قال‪)) :‬من تركها(( فهذا يعم من جحد‬
‫ومن لم يجحد‪ ،‬وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( ما‬
‫قال‪ :‬إذا جحد وجوبها‪.‬‬
‫فالرسول عليه الصلة والسلم أفصح الناس‪،‬‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬فهو أفصح الناس‪ ،‬وهو أعلم‬
‫الناس‪ ،‬يستطيع أن يقول‪ :‬إذا تركها جاحدا لها‪ ،‬أو إذا‬
‫جحد وجوبها‪ ،‬ل يمنعه من هذه الكلمة التي تبين‬
‫الحكم لو كان الحكم كما قال هؤلء‪ ،‬فلما أطلق عليه‬
‫الصلة والسلم كفره فقال‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم‬
‫الصلة فمن تركها فقد كفر(( دل ذلك على أن مجرد‬
‫الترك والتعمد لهذا الواجب العظيم يكون به كافرا‬
‫كفرا أكبر ‪ -‬نسأل الله العافية ‪ -‬ورِّدة عن السلم‪،‬‬
‫نعوذ بالله من ذلك‪.‬‬
‫‪365‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ول يجوز للمرأة المسلمة بعد ذلك‪ :‬أن تبقى معه‬


‫حتى يرجع إلى الله ويتوب إليه‪ ،‬وقد قال عبد الله بن‬
‫شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه الله‪) :‬كان‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ل يرون شيئا‬
‫من العمال تركه كفر غير الصلة(‪.‬‬
‫فذكر أنهم مجمعون على أن ترك الصلة كفر‪،‬‬
‫ولم يقولوا‪ :‬بشرط أن ينكر وجوبها‪ ،‬أو يجحد وجوبها‪،‬‬
‫أما من قال‪ :‬إنها غير واجبة‪ ،‬فهذا كافر عند الجميع‬
‫كفرا أكبر‪ ،‬وإذا قال‪ :‬إنها غير واجبة فقد كفر عند‬
‫جميع أهل العلم‪ ،‬ولو صلى مع الناس‪ ،‬متى جحد‬
‫الوجوب كفر إجماعا‪ ،‬نسأل الله العافية‪.‬‬

‫‪366‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهكذا لو جحد وجوب الزكاة‪ ،‬أو وجوب صوم‬


‫رمضان أو جحد وجوب الحج مع الستطاعة كفر‬
‫إجماعا‪ ،‬نسأل الله العافية‪.‬‬
‫وهكذا لو قال‪ :‬إن الزنا حلل‪ ،‬أو الخمر حلل‪ ،‬أو‬
‫اللواط حلل‪ ،‬أو العقوق حلل‪ ،‬أو الربا حلل‪ ،‬كفر‬
‫بإجماع المسلمين‪ ،‬نسأل الله العافية؛ لنه استحل ما‬
‫حرمه الله‪ ،‬لكن إذا كان مثله يجهل ذلك وجب‬
‫تعليمه‪ ،‬فإن أصر على جحد الوجوب كفر إجماعا كما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪ .‬وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد‪ ،‬وآله وصحبه‪.‬‬

‫حكم تارك الصلة وهل يبطل عقد‬


‫النكاح‬
‫إذا كان أحد الزوجين ل يصلي قبل‬
‫)‪(1‬‬
‫الزواج‬
‫س‪ :‬ما حكم تارك الصلة؛ لني سمعت‬
‫في برنامج نور على الدرب من أحد المشايخ‬
‫أنه إذا عقد المسلم عقد نكاح على إحدى‬
‫الفتيات المسلمات وهي ل تصلي يكون‬
‫العقد باطل ولو صلت بعد الزواج‪ ،‬وعندنا‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬


‫‪367‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫في قريتنا ‪ 50‬في المائة ل يصلون قبل‬


‫الزواج؟ نرجو التوضيح‪.‬‬
‫ج‪ :‬لقد دل الكتاب والسنة على أن الصلة أهم‬
‫وأعظم عبادة بعد الشهادتين‪ ،‬وأنها عمود السلم‪،‬‬
‫وأن الواجب على جميع المكلفين من المسلمين‬
‫المحافظة عليها‪ ،‬وإقامتها كما شرع الله تعالى‪ ،‬قال‬

‫‪368‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ت‬‫وا ِ‬ ‫صل َ َ‬‫عَلى ال ّ‬ ‫ظوا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫سبحانه وتعالى‪َ ﴿ :‬‬


‫ن﴾)‪ (1‬وقال‬ ‫قان ِِتي َ‬ ‫ه َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬
‫قو ُ‬ ‫و ُ‬‫طى َ‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫صل ِ‬‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫وا الّزكا َ‬ ‫َ‬
‫وأ َ‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫وآت َ ُ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫فإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫صل َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫م﴾ وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬ ‫ه ْ‬‫سِبيل َ ُ‬ ‫خّلوا َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫)‪(2‬‬

‫ن﴾)‪.(3‬‬ ‫عي َ‬ ‫ع الّراك ِ ِ‬ ‫م َ‬


‫عوا َ‬ ‫واْرك َ ُ‬‫كاةَ َ‬ ‫وآُتوا الّز َ‬ ‫َ‬
‫فدل ذلك على أن الذي ل يصلي ل يخلى سبيله‪،‬‬
‫موا‬ ‫وأ َ َ‬
‫قا ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫بل يقاتل‪ ،‬وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾‬
‫دي ِ‬
‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬‫وان ُك ُ ْ‬
‫خ َ‬‫فإ ِ ْ‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬ ‫وآت َ ُ‬
‫صلةَ َ‬
‫ال ّ‬
‫)‪(4‬‬

‫فدل على أن من لم يصل ليس بأخ في الدين‪.‬‬


‫واليات في هذا المعنى كثيرة جدا‪.‬‬
‫وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫قال‪)) :‬رأس المر السلم وعموده الصلة وذروة‬
‫سنامه الجهاد في سبيل الله(( وصح عنه صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫قمن تركها فقد كفر(( خرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل‬
‫السنن بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬وخرج مسلم في صحيحه‪ ،‬عن جابر بن عبد‬
‫الله رضي الله عنهما‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر‬
‫ترك الصلة((‪.‬‬

‫البقرة الية ‪.238‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-1‬‬


‫التوبة الية ‪.5‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-2‬‬
‫البقرة الية ‪.43‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-3‬‬
‫التوبة الية ‪.11‬‬ ‫سورة‬ ‫‪-4‬‬
‫‪369‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والتعبير بالرجل ل يخرج المرأة‪ ،‬فإن الحكم إذا‬


‫ثبت للرجل فهو للمرأة كذلك‪ ،‬وهكذا ما يثبت للمرأة‬
‫يثبت للرجل إل بدليل يخص أحدهما‪ ،‬فهذه الحاديث‬
‫وما جاء في معناها كلها تدل على أن تارك‬

‫‪370‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصلة يكون كافرا من الرجال والنساء بعد التكليف‪.‬‬


‫وثبت في الحديث الصحيح أيضا‪ ،‬أن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم لما سئل عن المراء الذين ل‬
‫يقيمون الدين كما ينبغي هل نقاتلهم‪ .‬قال‪)) :‬ل إل أن‬
‫تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان(( وفي‬
‫لفظ آخر‪)) :‬ما أقاموا فيكم الصلة((‪.‬‬
‫فدل على أن من لم يقم الصلة فقد أتى كفرا‬
‫بواحا‪.‬‬
‫وقد اختلف العلماء في هذه المسألة‪:‬‬
‫فقال بعضهم‪ :‬إن الحاديث الواردة في تكفير‬
‫تارك الصلة يراد بها الزجر والتحذير‪ ،‬وكفر دون‬
‫كفر‪ ،‬وإلى هذا ذهب الكثرون من الفقهاء‪.‬‬
‫وذهب جمع من أهل العلم إلى أن تركها كفر‬
‫أكبر‪ ،‬على ظاهر الحاديث الثابتة عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومنها قوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك‬
‫الصلة((‪.‬‬
‫والكفر متى عرف بأداة التعريف وهي )أل(‪،‬‬
‫وهكذا الشرك‪ ،‬فالمراد بهما‪ :‬الكفر الكبر والشرك‬
‫الكبر‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر((‬
‫فدل ذلك على أن المراد‪ :‬الكفر الكبر؛ لنه‬
‫أطلقه صلى الله عليه وسلم على أمر واضح وهو‬
‫أمر الصلة‪ ،‬وهي عمود السلم‪ ،‬فكون تركها كفر‬
‫أكبر ل يستغرب؛ ولهذا ذكر عبد الله بن شقيق‬
‫‪371‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫العقيلي التابعي الجليل‪ ،‬عن أصحاب النبي صلى الله‬


‫عليه وسلم‪) :‬أنهم كانوا ل يرون شيئا تركه كفر غير‬
‫الصلة(‪،‬‬
‫فهذا يدل على أن تركها كفر أكبر بإجماع الصحابة‬
‫رضي الله عنهم؛ لن هناك أشياء يعرفون عنها أنها‬
‫كفر‪ ،‬لكنه كفر دون كفر‪ ،‬مثل البراءة من النسب‪،‬‬
‫ومثل القتال بين المؤمنين‪ .‬لقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬سباب المسلم فسوق وقتاله كفر(( فهذا‬
‫كفر دون كفر إذا لم يستحله‪ ،‬ويقول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إن كفرا بكم التبرؤ من آبائكم(( وقوله عليه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬اثنتان في الناس هما بهم كفر‬
‫النياحة والطعن في النسب(( فهذا كله كفر دون كفر‬
‫عند أهل العلم؛ لنه جاء منكرا غير معرف بـ )أل(‪.‬‬
‫ودلت الدلة الخرى دالة على أن المراد به غير‬
‫الكفر الكبر‪ ،‬بخلف الصلة فإن أمرها عظيم‪ ،‬وهي‬
‫أعظم شيء بعد الشهادتين وعمود السلم‪ ،‬وقد بين‬
‫الرب عز وجل حكمها لما شرع قتال الكفار‪ ،‬فقال‪﴿ :‬‬
‫خّلوا‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬
‫ف َ‬ ‫وآت َ ُ‬
‫صلةَ َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫قا ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫َ‬
‫م﴾)‪ (1‬وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬نهيت عن‬ ‫ه ْ‬‫سِبيل َ ُ‬‫َ‬
‫قتل المصلين(( فدل على أن من لم يصل يقتل‪ ،‬ول‬
‫يخلى سبيله إذا لم يتب‪.‬‬
‫والخلصة‪ :‬أن القول الصواب الذي تقتضيه‬
‫الدلة‪ :‬هو أن ترك الصلة كفر أكبر ولو لم يجحد‬
‫وجوبها‪ ،‬ولو قال الجمهور بخلفه‪ ،‬فإن المناط هو‬
‫‪ -1‬سورة التوبة الية ‪.5‬‬
‫‪372‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الدلة‪ ،‬وليس المناط كثرة القائلين‪ ،‬فالحكم معلق‬


‫بالدلة‪ ،‬والترجيح يكون بالدلة‪ ،‬وقد قامت الدلة على‬
‫كفر تارك الصلة كفرا أكبر‪ ،‬وأما قوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا‬
‫أن ل إله إل الله فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم‬
‫وأموالهم إل‬

‫‪373‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بحقها((‪ ،‬فيفسره قوله في الحديث الخر‪)) :‬أمرت‬


‫أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل الله وأني‬
‫رسول الله ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا‬
‫ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إل بحق السلم((‬
‫)‪ (1‬متفق على صحته‪ ،‬من حديث ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما‪.‬‬
‫فل عصمة إل بإقامة الصلة‪ ،‬ولن من لم يقم‬
‫الصلة لم يؤد حق )ل إله إل الله(‪ ،‬ولو أن إنسانا‬
‫يشهد أن ل إله إل الله وأن محمدا رسول الله‪،‬‬
‫ويصلي‪ ،‬ويصوم‪ ،‬ويتعبد‪ ،‬ثم جحد تحريم الزنا وقال‪:‬‬
‫إن الزنا حلل كفر عند الجميع‪ ،‬أو قال‪ :‬إن الخمر‬
‫حلل أو اللواط‪ ،‬أو َبال على المصحف متعمدا أو‬
‫وطئه متعمدا؛ استهانة له كفر‪ ،‬ولم تعصمه الشهادة‬
‫أو نحو ذلك مما يعتبر ناقضا من نواقض السلم‪ ،‬كما‬
‫أوضح ذلك العلماء في )باب حكم المرتد( في كل‬
‫مذهب من المذاهب الربعة‪.‬‬
‫وبهذا يعلم أن المسلم الذي يصلي وليس به ما‬
‫يوجب كفره إذا تزوج امرأة ل تصلي فإن النكاح‬
‫باطل‪ ،‬وهكذا العكس؛ لنه ل يجوز للمسلم أن ينكح‬
‫الكافرة من غير أهل الكتابين‪ ،‬كما ل يجوز للمسلمة‬
‫أن تنكح الكافر؛ لقول الله عز وجل في سورة‬
‫ول‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ح ّ‬
‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫الممتحنة في نكاح الكافرات‪﴿ :‬ل ُ‬
‫ن﴾)‪ (2‬الية‪ ،‬وقوله سبحانه في سورة‬ ‫ه ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫حّلو َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ُ‬
‫ن‬‫م ّ‬ ‫ؤ ِ‬‫حّتى ي ُ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ر َ‬
‫ِ‬ ‫م ْ‬
‫ش‬ ‫حوا ال ْ ُ‬ ‫ول ت َن ْك ِ ُ‬ ‫البقرة‪َ ﴿ :‬‬
‫جب َت ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ع َ‬‫و أَ ْ‬
‫ول َ ْ‬‫ة َ‬‫رك َ ٍ‬
‫ش ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬‫ة َ‬ ‫من َ ٌ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ة ُ‬‫م ٌ‬ ‫َ‬
‫وَل َ‬ ‫َ‬
‫‪ -1‬رواه البخاري في اليمان برقم )‪ (24‬ومسلم في اليمان برقم )‬
‫‪.(33‬‬
‫‪ -2‬سورة الممتحنة الية ‪.10‬‬
‫‪374‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ول َ َ‬
‫عب ْدٌ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫ؤ ِ‬‫حّتى ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬‫كي َ‬‫ر ِ‬
‫ِ‬ ‫م ْ‬
‫ش‬ ‫حوا ال ْ ُ‬ ‫ول ت ُن ْك ِ ُ‬ ‫َ‬
‫م﴾ الية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬
‫جب َك ْ‬‫ع َ‬‫وأ ْ‬ ‫ول ْ‬‫ك َ‬‫ر ٍ‬‫ش ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬
‫)‪(1‬‬
‫ُ‬

‫حكم عقد الزواج لزوجين أحدهما ل‬


‫)‪(2‬‬
‫يصلي‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ل‪ .‬ع ‪ -‬يقول فيه‪ :‬أعمل‬
‫مأذون أنكحة‪ ،‬وقد سمعت من بعض‬
‫المنتسبين للعلم‪ :‬أن عقد الزواج لزوجين‬
‫أحدهما ل يصلي باطل ول يجوز العقد لهما‪،‬‬
‫فهل هذا صحيح؟ وماذا أعمل إذا طلب مني‬
‫عقد قران؟ هل أسأل عن حال الزوجين من‬
‫ناحية صلتهما؟ أو أعقد القران دون‬
‫السؤال؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬
‫ج‪ :‬بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬إذا علمت أن أحد‬
‫الزوجين ل يصلي فل تعقد له على الخر؛ لن ترك‬
‫الصلة كفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( خرجه‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬وقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها‬
‫فقد كفر(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن الربعة‬
‫بإسناد صحيح‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.221‬‬


‫‪ -2‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.396‬‬
‫‪375‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬وأن يهدي‬


‫ضالهم‪ ،‬إنه سميع قريب‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫امرأة ابنها ل يصلي ونصحته كثيرا وهددته‬


‫)‪(1‬‬
‫فماذا تفعل‬
‫س‪ :‬سائلة تقول‪ :‬إن لها ابنا ل يصلي‪،‬‬
‫وقد نصحته وهددته ولم يبال‪ ،‬عمره ست‬
‫عشرة سنة تقول‪ :‬إنها تنصحه وهو يستهزئ‬
‫بها‪ ،‬وفي بعض الحيان يصلي ويعود ويقول‪:‬‬
‫إن الشيطان يوسوس فوق رأسه‪ .‬وتستمر‬
‫منه مثل هذه العبارات وتقول‪ :‬إنني‬
‫مستجيرة بالله ثم بكم تنقذوني مما أنا فيه‬
‫وتقودوني إلى الصواب‪ ،‬وما العمل لرملة ل‬
‫حول لها ول قوة إل بالله‪ ،‬ثم تريد العون‬
‫منكم؟ وجزاكم الله عنها خير الجزاء‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا الولد الذي ليس يواظب على الصلة‪،‬‬
‫الواجب نصيحته وتوجيهه إلى الخير‪ ،‬ووعظه وتحذيره‬
‫من غضب الله‪ ،‬قال الله جل وعل في حق أهل النار‪:‬‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫ك ِ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬
‫م نَ ُ‬ ‫قَر َ‬
‫س َ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬‫سل َك َك ُ ْ‬
‫ما َ‬ ‫﴿ َ‬
‫ن﴾)‪.(2‬‬‫صّلي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫فترك الصلة من أعظم السباب في دخول النار؛‬
‫لن تركها كفر أكبر‪ ،‬قال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها‬
‫‪ -1‬نور على الدرب الشريط رقم )‪.(842‬‬
‫‪ -2‬سورة المدثر اليتان ‪.43 – 42‬‬
‫‪377‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فقد كفر(( وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬بين الرجل‬


‫وبين الشرك والكفر ترك الصلة((‪.‬‬

‫‪378‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالصلة لها شأن عظيم‪ ،‬وهي عمود السلم‪،‬‬


‫وهي الفارقة بين المسلم والكافر‪ ،‬فالواجب على كل‬
‫مكلف من الرجال والنساء أن يؤدي الصلة في‬
‫وقتها‪ ،‬وهو مأمور بها قبل أن يبلغ الحلم‪ ،‬حتى يعتادها‬
‫ويتمرن عليها‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))مروا أبناءكم بالصلة لسبع واضربوهم عليها لعشر‬
‫وفرقوا بينهم في المضاجع((‪.‬‬
‫وكذلك الفتيات‪ ،‬وأما من بلغ فيجب عليه أن‬
‫يصلي‪ ،‬وإذا تأخر عن الصلة وجب أن يستتاب‪ ،‬فإن‬
‫تاب وإل وجب على ولي المر قتله؛ لن الصلة‬
‫أمرها عظيم‪ ،‬وهي الركن الثاني من أركان السلم‪.‬‬
‫فعليك أيتها الخت في الله أن تنصحي ولدك‪،‬‬
‫وأن تجتهدي في توجيهه للخير‪ ،‬وتحذيره من مغبة‬
‫عمله السيئ‪ ،‬فإن أصر فتبرئي منه واطلبي منه‬
‫ك‪ ،‬والبعد عنك حتى ل يضرك أمره‪ ،‬وحتى‬ ‫الخروج عن ِ‬
‫ك‪ ،‬فيجب عليه أن ينصاع‬ ‫ل تحل به العقوبة وهو عند ِ‬
‫لمرك‪ ،‬وأن يتقي الله عز وجل‪ ،‬وأن يطيع أمره‬
‫سبحانه‪ ،‬وأمر رسوله عليه الصلة والسلم في أداء‬
‫الصلة‪ ،‬فإذا لم يفعل وأصر على عناده وكفره‪ ،‬فإن‬
‫الواجب عليك هجره‪ ،‬وكراهية لقائه‪ ،‬والتمعر في‬
‫وجهه بالكراهة والغضب عليه‪ ،‬ورفع أمره إلى ولي‬
‫ك مع هذا أن تأمري من له شأن من‬ ‫المر‪ ،‬وعلي ِ‬
‫أقاربك كأبيك أو أخيك الكبير أو أعمامه أو أخواله أن‬
‫يوجهوه وينصحوه‪ ،‬وأن يؤدبوه إذا استطاعوا؛ لعل‬
‫الله أن يهديه بأسبابك‪ ،‬مع الدعاء له بالصلح والهداية‬
‫في صلتك وغيرها بأن يهديه الله‪ ،‬ويلهمه الرشد‪،‬‬

‫‪379‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ويعيذه من شر نفسه وشر الشيطان ومن جلساء‬


‫ك عنه خيرا‪ .‬والله ولي‬
‫السوء‪ ،‬أصلحه الله‪ ،‬وجزا ِ‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫التحذير من التهاون بالصلة‬
‫س‪ :‬ماذا تقولون في التهاون بالصلة ؟‬
‫ج‪ :‬الصلة أمرها عظيم‪ ،‬وفي رمضان أشد‬
‫وأعظم؛ لنها عمود السلم وأعظم أركانه بعد‬
‫الشهادتين‪ ،‬فمن حافظ عليها حفظ دينه‪ ،‬ومن ضيعها‬
‫ظوا‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫فهو لما سواها أضيع‪ ،‬وقد قال الله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫موا ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫قو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫طى َ‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫صل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫صل َ َ‬ ‫عَلى ال ّ‬ ‫َ‬
‫وآُتوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ن﴾ وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬ ‫قان ِِتي َ‬
‫)‪(2‬‬

‫ن﴾)‪ (3‬وقال عز وجل‪﴿ :‬‬ ‫عي َ‬ ‫ع الّراك ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عوا َ‬ ‫واْرك َ ُ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫الّز َ‬
‫ُ‬
‫ن‬ ‫دي َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫مُروا ِإل ل ِي َ ْ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫وذَل ِكَ‬ ‫َ‬
‫وي ُؤُتوا الّزكاةَ َ‬ ‫ْ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫حن َفاءَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ة﴾ وقال سبحانه‪﴿ :‬ات ْ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫ما أو ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ِ‬ ‫قي ّ َ‬ ‫ِدي ُ‬
‫)‪(4‬‬
‫َ‬
‫ة‬
‫صل َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫صلةَ إ ِ ّ‬ ‫قم ِ ال ّ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ال ْك َِتا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫ر﴾)‪ (5‬واليات في شأن‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ء َ‬ ‫شا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫هى َ‬ ‫ت َن ْ َ‬
‫الصلة وتعظيمها والحث عليها كثيرة جدا‪.‬‬
‫وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪)) :‬رأس المر السلم وعموده الصلة وذروة‬
‫سنامه الجهاد في سبيل الله(( وقال صلى الله عليه‬
‫من برنامج نور على الدرب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫سورة البقرة الية ‪.238‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سورة البقرة الية ‪.43‬‬ ‫‪-3‬‬
‫سورة البينة الية ‪.5‬‬ ‫‪-4‬‬
‫سورة العنكبوت الية ‪.45‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪380‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وسلم‪)) :‬بني السلم على خمس شهادة أن ل إله إل‬


‫الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلة وإيتاء‬
‫الزكاة وصوم‬

‫‪381‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫رمضان وحج البيت((‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم‪:‬‬


‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر(( وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل‬
‫وبين الشرك والكفر ترك الصلة((‪.‬‬
‫والحاديث في ذلك كثيرة‪ ،‬وكلها تدل على كفر‬
‫تارك الصلة وإن لم يجحد وجوبها‪.‬‬
‫وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة؛ لقيام‬
‫الدليل عليه‪ .‬أما إن جحد وجوبها فإنه يكفر بإجماع‬
‫أهل العلم ولو صلى؛ لنه مكذب لله عز وجل‬
‫ولرسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن تركها لم يصح‬
‫صيامه ول حجه‪ ،‬ول غير ذلك من عباداته؛ لن الكفر‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬‫الكبر يحبط جميع العمل‪ ،‬كما قال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫في‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬
‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫مل ُ ُ‬
‫ع َ‬
‫ط َ‬‫حب ِ َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬‫لي َ‬ ‫فْر ِبا ْ ِ‬ ‫ي َك ْ ُ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫ن﴾ وقال عز وجل‪َ ﴿ :‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬‫اْل ِ‬
‫)‪(1‬‬

‫)‪(2‬‬
‫ن﴾‬‫مُلو َ‬‫ع َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬
‫ط َ‬ ‫حب ِ َ‬‫كوا ل َ َ‬ ‫شَر ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫واليات في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة‬
‫على الصلوات الخمس في أوقاتها‪ ،‬والتواصي بذلك‪،‬‬
‫والحذر من تركها أو التهاون بها‪ ،‬أو ترك بعضها‪،‬‬
‫ويجب على الرجل أن يحافظ عليها في الجماعة في‬
‫بيوت الله عز وجل مع إخوانه المسلمين؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من سمع النداء فلم يأت فل‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.5‬‬


‫‪ -2‬سورة النعام الية ‪.88‬‬
‫‪382‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صلة له إل من عذر(( قيل لبن عباس رضي الله‬


‫عنهما‪ :‬ما هو العذر؟ قال‪) :‬خوف أو مرض(‪ ،‬وفي‬

‫‪383‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صحيح مسلم‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬أن‬


‫رجل أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫يا رسول الله‪ ،‬ليس لي قائد يقودني إلى المسجد‪،‬‬
‫فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له‬
‫عليه الصلة والسلم‪)) :‬هل تسمع النداء‬
‫للصلة((؟ قال نعم قال ))فأجب(( وهذا الحديث‬
‫العظيم يدل على عظم شأن الصلة في الجماعة‬
‫في حق الرجال‪ ،‬ووجوب المحافظة عليها‪ ،‬وعدم‬
‫التساهل في ذلك‪ ،‬وكثير من الناس يتساهل في‬
‫صلة الفجر‪ ،‬وهذا خطر ومنكر عظيم‪ ،‬وتشبه‬
‫بالمنافقين‪.‬‬
‫فالواجب الحذر من ذلك‪ ،‬والمبادرة إلى‬
‫الصلة في وقتها‪ ،‬وأداؤها في الجماعة في حق‬
‫الرجل كباقي الصلوات الخمس‪ ،‬وقد قال الله‬
‫و‬‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬‫ن يُ َ‬
‫قي َ‬
‫ف ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مَنا ِ‬ ‫تعالى‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫موا‬‫قا ُ‬ ‫ة َ‬
‫صل ِ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬
‫خاِد ُ‬
‫َ‬
‫ه ِإل‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ول ي َذْك ُُرو َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫ءو َ‬ ‫ساَلى ي َُرا ُ‬ ‫كُ َ‬
‫قِليًل﴾)‪ (1‬وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬أثقل‬ ‫َ‬
‫الصلة على المنافقين صلة العشاء وصلة الفجر‬
‫ولو يعلمون ما فيهما لتوهما ولو حبوا(( متفق‬
‫على صحته‪ ،‬وروى المام أحمد رحمه الله‪ ،‬عن‬
‫عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما‬
‫قال‪ :‬ذكر النبي كلي صلى الله عليه وسلم الصلة‬
‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.142‬‬
‫‪384‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يوما بين أصحابه فقال‪)) :‬من حافظ عليها كانت‬


‫له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ‬
‫عليها لم يكن له نور ول برهان ول نجاة وحشر‬
‫يوم‬

‫‪385‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف((‬


‫وهذا وعيد عظيم لمن لم يحافظ على الصلة‪.‬‬
‫قال بعض أهل العلم في شرح هذا الحديث‪ :‬إنما‬
‫يحشر مضيع الصلة مع فرعون وهامان وقارون وأبي‬
‫بن خلف؛ لنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك‬
‫والمارة شابه فرعون الذي طغى وبغى بأسباب‬
‫وظيفته فيحشر معه إلى النار يوم القيامة‪ ،‬وإن‬
‫ضيعها بأسباب الوظيفة والوزارة شابه هامان وزير‬
‫فرعون الذي طغى وبغى بسبب الرئاسة فيحشر‬
‫معه إلى النار يوم القيامة‪ ،‬ول تنفعه الوظيفة ول‬
‫تجيره من النار‪ ،‬وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات‬
‫أشبه قارون ‪ -‬تاجر بني إسرائيل ‪ -‬الذي قال الله‬
‫غى‬ ‫سى َ‬
‫فب َ َ‬ ‫مو َ‬
‫وم ِ ُ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫قاُرو َ‬‫ن َ‬ ‫فيه‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫م﴾ الية‪.‬‬ ‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫)‪(1‬‬

‫فشغل بأمواله وشهواته‪ ،‬وعصى موسى واستكبر‬


‫عن اتباعه فخسف الله به وبداره الرض‪ ،‬فهو‬
‫يتجلجل في الرض إلى يوم القيامة عقوبة عاجلة مع‬
‫عقوبة النار يوم القيامة‪ ،‬والرابع‪ :‬الذي ضيعها‬
‫بأسباب التجارة والبيع والشراء والخذ والعطاء‪،‬‬
‫فشغل بالمعاملت والنظر في الدفاتر‪ ،‬وماذا على‬
‫فلن‪ :‬وماذا على فلن؟ حتى ضيع الصلوات‪ ،‬فهذا قد‬
‫شابه أبي ابن خلف ‪ -‬تاجر أهل مكة ‪ -‬من الكفرة‬
‫فيحشر معه إلى النار يوم القيامة‪ ،‬وقد قتل أبي بن‬
‫خلف كافرا يوم أحد‪ ،‬قتله النبي صلى الله عليه‬
‫‪ -1‬سورة القصص الية ‪.76‬‬
‫‪386‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وسلم بيده الشريفة‪ ،‬عليه الصلة والسلم‪ ،‬وهذا‬


‫الوعيد يدل بل شك على كفر من ترك الصلة وإن لم‬
‫يجحد وجوبها‪ ،‬فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين‬
‫العافية من مشابهة أعدائه‪.‬‬

‫‪387‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم من مات وهو ل يصلي‬
‫س‪ :‬الخ م‪ .‬ص‪ .‬ع ‪ -‬من معان بالردن‬
‫يقول في سؤاله‪ :‬ما حكم من مات وهو ل‬
‫يصلي‪ ،‬مع العلم أن أبويه مسلمان؟ وكيف‬
‫تكون معاملته من ناحية التغسيل والتكفين‬
‫والصلة عليه والدفن والدعاء والترحم عليه؟‬
‫ج‪ :‬من مات من المكلفين وهو ل يصلي فهو‬
‫كافر‪ ،‬ل يغسل‪ ،‬ول يصلى عليه‪ ،‬ول يدفن في مقابر‬
‫المسلمين‪ ،‬ول يرثه أقاربه‪ ،‬بل ماله لبيت مال‬
‫المسلمين في أصح أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‪)) :‬بين الرجل‬
‫وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( أخرجه المام‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر(( خرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد‬
‫صحيح‪ ،‬من حديث بريدة رضي الله عنه‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل‬
‫رحمه الله تعالى‪) :‬كان أصحاب النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ل يرون شيئا من الفعال تركه كفر إل‬
‫الصلة(‪ .‬والحاديث والثار في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (187‬لشهر شعبان من‬


‫عام ‪ 1413‬هـ‪.‬‬
‫‪388‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهذا فيمن تركها كسل ولم يجحد وجوبها‪ ،‬وأما‬


‫من جحد وجوبها فهو كافر مرتد عن السلم عند‬
‫جميع أهل العلم‪.‬‬
‫نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬ويسلك‬
‫بهم صراطه المستقيم‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫تارك الصلة ل يحج عنه‬
‫س‪ :‬أبو عبد الله ‪ -‬من الرياض يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬ماذا يقول فضيلتكم في من‬
‫يهب العمال الصالحة؛ كقراءة القرآن‪،‬‬
‫والحج والعمرة عن من توفي وهو تارك‬
‫للصلة وفي الغالب يكون هذا المتوفى‬
‫جاهل وغير متعلم؟ أفيدونا جزاكم الله‬
‫خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬تارك الصلة ل يحج عنه‪ ،‬ول يتصدق عنه؛‬
‫لنه كافر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك‬
‫والكفر ترك الصلة(( رواه مسلم في صحيحه‪،‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( رواه المام‬
‫أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد صحيح‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1489‬بتاريخ ‪/ 11 / 27‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪389‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما القراءة عن الغير فل تشرع‪ ،‬ل عن الحي‬


‫ول عن الميت؛ لعدم الدليل على ذلك‪ ،‬وقد قال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من عمل عمل‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد(( أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬وأخرجه الشيخان البخاري ومسلم في‬
‫الصحيحين بلفظ‪)) :‬من أحدث في أمرنا هذا ما‬
‫ليس منه فهو رد(( ومعنى فهو رد‪ :‬أي فهو مردود‪.‬‬

‫‪390‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ول عن‬


‫الصحابة رضي الله عنهم في ما نعلم أنهم قرءوا‬
‫القرآن وثوبوه لحي أو ميت‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫الوعيد الشديد لمن ترك الجمعة‬


‫)‪(1‬‬
‫والجماعة‬
‫س‪ :‬ورد في الحديث‪ :‬سئل ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما عن رجل يقوم الليل‬
‫ويصوم النهار ولكنه ل يشهد الجمعة‬
‫والجماعة فقال‪ :‬هو في النار‪ ،‬ما صحة هذا‬
‫الحديث الشريف؟‬
‫ج‪ :‬هذا الثر معروف عن ابن عباس‪ ،‬وصحيح عنه‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬وهو يدل على أن إضاعة الجمعة‬
‫والجماعة من أسباب دخول النار‪ ،‬والعياذ بالله‪.‬‬
‫وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫معات أو‬ ‫ج ُ‬
‫أنه قال‪)) :‬لينتهين أقوام عن تركهم ال ُ‬
‫ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين((‬
‫خرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬وابن عمر‬
‫رضي الله تعالى عنهم‪ ،‬وخرج أبو داود بإسناد صحيح‪،‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عليه الصلة‬
‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(51‬‬
‫‪391‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والسلم‪)) :‬من ترك ثلث جمع تهاونا بها طبع الله‬


‫على قلبه(( وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬من سمع‬
‫النداء ولم يأت فل صلة له إل من عذر((‪.‬‬
‫فالواجب على المسلم البدار بإجابة النداء‬
‫للجمعة والجماعة‪ ،‬وأن ل يتأخر عن ذلك‪ ،‬ومتى تأخر‬
‫عن ذلك بغير عذر شرعي ‪ -‬كالمرض والخوف ‪ -‬فهو‬
‫متوعد بالنار ولو كان يصوم النهار ويقوم الليل‪.‬‬
‫نسأل الله لنا ولجميع المسلمين السلمة‬
‫والعافية من كل سوء‪.‬‬

‫زوجها ل يصلي ول يصوم ويفعل‬


‫المحرمات‬
‫)‪(1‬‬
‫هل عليها ذنب في جلوسها معه‬
‫س‪ :‬هذه رسالة وردتنا من مرسلة رمزت‬
‫لسمها بـ‪ :‬أختكم في الله ص‪ .‬س ‪ -‬تقول‬
‫في رسالتها‪ :‬أنا سيدة في الربعين من‬
‫عمري لي أطفال سبعة‪ :‬ثلثة اختارهم الله‬
‫عز وجل إليه‪ ،‬وأربعة أحياء‪ .‬تتلخص مشكلتي‬
‫في عدة أسئلة أولها‪ :‬أنني متزوجة منذ‬
‫عشرين سنة من رجل ل يعرف الصلة‪ ،‬ول‬
‫الصيام‪ ،‬ويشرب المحرمات من خمر وما‬
‫شابهها والعياذ بالله‪ ،‬وكلما حاولت الخلص‬
‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(104‬‬
‫‪392‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫منه يقول لي‪ :‬بأنه سوف يتوب‪ ،‬ولكنه‬


‫بالكلم فقط‪ ،‬وكل من أشكي له حالي‬
‫يقول‪ :‬اصبري من أجل أطفالك‪ ،‬وقد صبرت‬
‫كل هذه السنوات من أجلهم‪ ،‬والن كبروا‬
‫وأصبحوا رجال‪ ،‬ويطلبون هم مني ذلك‪،‬‬
‫ويقولون‪ :‬إن البيت بيتهم ول دخل للوالد‬
‫بذلك‪ ،‬وأنا أسألكم الن هل علي ذنب في‬
‫جلوسي معه أم ل؟‬

‫‪393‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وكذلك جلوس أطفالي عنده‪ ،‬أفيدوني‬


‫أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل ريب أن ترك الصلة كفر‪ ،‬ول ريب أن ترك‬
‫الصيام من أكبر المعاصي‪ ،‬ول ريب أن شرب‬
‫المسكر من أعظم المعاصي والكبائر‪ ،‬فهذا الرجل‬
‫قد جمع بين الكفر وأنواع من الفسق‪ ،‬وأعظم ذلك‪:‬‬
‫ترك الصلة‪ ،‬وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن‬
‫تركها فقد كفر(( وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( وهذان‬
‫الحديثان صحيحان عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكلهما يدل على كفر هذا الرجل كفرا أكبر‪.‬‬
‫وقال بعض أهل العلم‪ :‬إنه ل يكفر كفرا أكبر‪ ،‬إل‬
‫إذا كان يجحد الوجوب‪ ،‬فإنه يكفر بذلك بإجماع أهل‬
‫العلم‪ ،‬أما إذا كان ل يجحد وجوبها ولكن يتركها‬
‫تكاسل فإنه ل يكفر بذلك كفرا أكبر‪ ،‬ولكنه يعتبر‬
‫عاصيا معصية عظيمة‪ ،‬وكافرا كفرا أصغر‪.‬‬
‫وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يكفر بترك‬
‫الصلة كفرا أكبر‪ ،‬ولو لم ينكر وجوبها‪ ،‬وهذا هو‬
‫الحق‪ ،‬وهو الصواب‪ :‬أنه يكفر بترك الصلة كفرا أكبر‬
‫ولو لم ينكر وجوبها‪ .‬فالذي أنصحك به وأوصيك به أن‬
‫تمتنعي منه‪ ،‬وأن ل تمكنيه من نفسك‪ ،‬حتى يتوب‬
‫إلى الله ويرجع إلى الصلة‪.‬‬

‫‪394‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والولد أولده للشبهة التي هي شبهة النكاح‪ ،‬ول‬


‫شك أن أولده لحقون به‪ ،‬ولكنك تبقين في البيت‬
‫عند أولدك؛ لنهم كبار‪ ،‬وتمتنعين‬

‫‪395‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫من أن يقربك بجماع وغيره‪ ،‬حتى يتوب إلى الله‪،‬‬


‫وحتى يدع عمله السيئ‪ ،‬ول سيما ترك الصلة‪ ،‬فإذا‬
‫تاب إلى الله وصلى فل مانع‪ ،‬وعليه‪ :‬أن يتوب إلى‬
‫الله أيضا من ترك الصيام‪ ،‬ومن شرب الخمر‪ ،‬وعلى‬
‫أولده أن يعينوه على الخير‪ ،‬وينصحوه‪ ،‬ويستعينوا‬
‫على هذا بأقاربهم الطيبين من أعمام وبني عم‬
‫طيبين يعينونهم على نصيحة والدهم؛ لعل الله يهديه‬
‫بأسبابهم‪ ،‬فإن من أعظم بره أن ينصح ويوجه إلى‬
‫الخير؛ لعل الله أن يهديه بذلك‪ ،‬ولعله يسمع كلمتي‬
‫هذه‪ ،‬ولعلكم تسجلونها إذا سمعتموها وتقرأونها‬
‫عليه‪ ،‬فالله جل وعل نسأله له الهداية‪.‬‬
‫والحاصل‪ :‬أن عليك أن تبتعدي عنه‪ ،‬وأن ل‬
‫يقربك حتى يتوب إلى الله من ترك الصلة‪ ،‬فإذا تاب‬
‫من ترك الصلة فهو زوجك‪ ،‬وأما شرب الخمر وترك‬
‫الصيام فهما معصيتان عظيمتان‪ ،‬لكنهما ل يوجبان‬
‫بطلن النكاح عند أهل العلم من أهل السنة‬
‫والجماعة‪ ،‬وعليك وعلى أولدك وعلى أقاربه وعلى‬
‫الخيار من جيرانه أن ينصحوه‪ ،‬وعليه أن يتقي الله‪،‬‬
‫وأن يبادر إلى التوبة قبل أن يحل به الجل‪ ،‬والخمر‬
‫شرها عظيم‪ ،‬وقد صح عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم )أنه لعن الخمر وشاربها‪ ،‬وساقيها‪،‬‬
‫وعاصرها‪ ،‬ومعتصرها‪ ،‬وحاملها‪ ،‬والمحمولة إليه‪،‬‬
‫وبائعها‪ ،‬ومشتريها‪ ،‬وآكل ثمنها(‪ ،‬والعياذ بالله‪ ،‬وصح‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ل‬

‫‪396‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ول يشرب الخمر‬


‫حين يشربها وهو مؤمن(( وهذا يدل على ضعف‬

‫‪397‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫اليمان‪ ،‬أو عدم اليمان‪ ،‬نسأل الله العافية‪ ،‬وقال‬


‫عليه الصلة والسلم‪)) :‬إن عهدا على الله أن من‬
‫مات وهو يشرب الخمر أن يسقيه الله من طينة‬
‫الخبال(( قيل‪ :‬يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال‪:‬‬
‫))عصارة أهل النار(( أو قال‪)) :‬عرق أهل النار((‪.‬‬
‫وأما ترك صيام رمضان فهو أمر عظيم؛ لن‬
‫صيام رمضان ركن من أركان السلم‪ ،‬وقد ذهب‬
‫بعض أهل العلم إلى كفر من ترك الصيام عمدا‬
‫فيجب عليه أن يتوب إلى الله‪ ،‬وأن يصوم رمضان‪،‬‬
‫وأن يحافظ على الصلة‪ ،‬ومن تاب تاب الله عليه‪.‬‬
‫نسأل الله لنا وله ولجميع المسلمين التوفيق إلى‬
‫التوبة النصوح‪ ،‬والهداية إلى سبل الخير‪ ،‬والعافية من‬
‫طاعة الشيطان‪ ،‬ومن طاعة قرناء السوء‪.‬‬
‫وينبغي أن يوصى باجتناب قرناء السوء وصحبة‬
‫الشرار‪ ،‬فإن صحبة الشرار تجره كثيرا إلى أسباب‬
‫الفساد‪ ،‬وإلى أسباب غضب الله‪ ،‬فالواجب عليه أن‬
‫يحذر صحبة الشرار‪ ،‬وأن يبتعد عن قرناء السوء‪،‬‬
‫وأن يتوب إلى الله من ترك الصلة ومن ترك‬
‫الصيام‪ ،‬ومن شرب المسكر‪ ،‬وأن يستقيم على‬
‫وإ ِّني‬
‫طاعة الله ورسوله‪ ،‬والله جل وعل يقول‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬‫حا ث ُ ّ‬
‫صال ِ ً‬ ‫م َ‬
‫ل َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫م َ‬
‫وآ َ‬
‫ب َ‬
‫ن َتا َ‬
‫م ْ‬
‫فاٌر ل ِ َ‬‫غ ّ‬ ‫لَ َ‬
‫دى﴾)‪ (1‬والنبي صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬ ‫هت َ َ‬
‫ا ْ‬
‫))التائب من الذنب كمن ل ذنب له(( نسأل الله لنا‬
‫‪ -1‬سورة طه الية ‪.82‬‬
‫‪398‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وله ولكم ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق‪،‬‬


‫والتوبة الصادقة‪.‬‬

‫‪399‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم صلة الصديق الذي ل يؤدي‬


‫)‪(1‬‬
‫الصلة ول يصوم رمضان‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬م‪ .‬ح ‪ -‬يقول فيه‪ :‬لي‬
‫صديق عزيز علي وأحبه حبا شديدا‪ ،‬ولكن‬
‫هذا الصديق ل يؤدي الصلة المفروضة عليه‬
‫ول يصوم رمضان ونصحته‪ ،‬ولم يقبل مني‬
‫هل أصله أم ل؟‬
‫ج‪ :‬هذا الرجل وأمثاله يجب بغضه في الله‬
‫ومعاداته فيه‪ ،‬ويشرع هجره حتى يتوب؛ لن ترك‬
‫الصلة وإن لم يجحد وجوبها كفر أكبر في أصح قولي‬
‫العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( خرجه‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬وقوله عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر(( خرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد‬
‫صحيح‪.‬‬
‫والحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫أما من جحد وجوبها فهو كافر بالجماع؛ لنه‬
‫بذلك يكون مكذبا لله ولرسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬نسأل الله العافية من ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬سبق نشره في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت متنوعة(‬


‫الجزء الثامن‪ ،‬ص ‪.398 – 396‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‪(934‬‬
‫بتاريخ ‪ 1404 / 6 / 17‬هـ‪ ،.‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‬
‫الجزء الول ص ‪.94‬‬
‫‪400‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما الزكاة وترك صيام رمضان من غير عذر‬


‫شرعي فمن أعظم الجرائم والكبائر‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من ترك‬


‫الزكاة أو ترك صيام رمضان من غير عذر شرعي‪،‬‬
‫كالمرض‪ ،‬والسفر‪ ،‬ولكن الصحيح‪ :‬عدم كفرهما‬
‫الكفر الكبر إذا لم يجحدوا وجوب الزكاة والصيام‪.‬‬
‫أما من جحد وجوبهما أو أحدهما أو جحد وجوب‬
‫الحج مع الستطاعة فهو كافر بالجماع؛ لنه مكذب‬
‫لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم بهذا الجحد‪.‬‬
‫فالواجب عليك أن تبغضه في الله‪ ،‬ويشرع لك‬
‫أن تهجره‪ ،‬حتى يتوب إلى الله سبحانه‪ ،‬وإن اقتضت‬
‫المصلحة عدم هجره لدعوته إلى الله وإرشاده؛ لعل‬
‫الله يمن عليه بالهداية فل بأس‪.‬‬
‫والواجب على ولة أمر المسلمين‪ :‬استتابة من‬
‫عرف بترك الصلة‪ ،‬فإن تاب وإل قتل؛ لقول الله عز‬
‫ة‬ ‫وا الّز َ‬
‫كا َ‬ ‫وآت َ ُ‬
‫صلةَ َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫قا ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫م﴾)‪.(1‬‬ ‫سِبيل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫خّلوا َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫فدل ذلك على أن من لم يصل ل يخلى سبيله‪،‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إني نهيت عن قتل‬
‫المصلين(( فدل ذلك على أن من لم يصل لم ينه عن‬
‫قتله‪ ،‬وقد دلت الدلة الشرعية من اليات والحاديث‬
‫على أنه يجب على ولي المر قتل من ل يصلي إذا‬
‫لم يتب‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة التوبة الية ‪.5‬‬


‫‪402‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ونسأل الله أن يرد صاحبك إلى التوبة‪ ،‬وأن يهديه‬


‫سواء السبيل‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم القامة مع تارك الصلة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬م‪ .‬ع ‪ -‬يقول فيه‪ :‬إنني‬
‫سبق أن نمت بأحد المستشفيات‪ ،‬ودخل‬
‫معي شخصان بالغرفة التي نمت فيها‬
‫وجلسنا ثلثة أيام‪ ،‬وفي هذه الفترة كنت‬
‫أصلي وهما ل يصليان رغم أنهما مسلمان‬
‫من بلدي‪ ،‬ولم أقل لهما شيئا‪ ،‬فهل علي‬
‫إثم؛ لكوني لم آمرهما بالصلة؟ وإذا كان‬
‫كذلك فما كفارته؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬كان الواجب عليك نصيحتهما‪ ،‬وإنكار ما‬
‫أقدما عليه من المنكر العظيم‪ ،‬وهو‪ :‬ترك الصلة؛‬
‫ة‬
‫م ٌ‬ ‫عمل بقول الله سبحانه‪﴿ :‬ول ْت َك ُن من ْك ُ ُ‬
‫مأ ّ‬‫ْ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن إ َِلى ال ْ َ‬
‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِبال َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وي َأ ُ‬
‫ر َ‬ ‫ِ‬ ‫خي ْ‬ ‫عو َ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬‫وُأول َئ ِ َ‬ ‫ر َ‬‫من ْك َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ن َ‬
‫و َ‬‫ه ْ‬ ‫وي َن ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ وما جاء في معناها من اليات‪،‬‬ ‫)‪( 2‬‬
‫حو َ‬ ‫م ْ‬
‫فل ِ ُ‬ ‫ال ُ‬‫ْ‬
‫وعمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع‬
‫فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف‬
‫اليمان(( أخرجه المام مسلم في صحيحه‪ .‬ولما‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (897‬بتاريخ ‪1403 / 8 / 25‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص ‪.95‬‬
‫‪ -2‬سورة آل عمران الية ‪.104‬‬
‫‪403‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لم تفعل ذلك فالواجب عليك التوبة النصوح من‬


‫هذه المعصية‪ ،‬وحقيقتها‪ :‬الندم على ما فعلت‪،‬‬
‫والقلع منه‪ ،‬والعزم على عدم العود إلى مثله؛‬
‫إخلصا لله‪ ،‬وتعظيما له‪ ،‬ورجاء ثوابه‪ ،‬وحذر‬
‫عقابه‪ ،‬ومن تاب تاب الله عليه؛ لقوله عز وجل‪﴿ :‬‬
‫ب‬‫ن َتا َ‬
‫م ْ‬
‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬
‫غ ّ‬ ‫َ‬
‫دى﴾)‪.(1‬‬
‫هت َ َ‬ ‫حا ث ُ ّ‬
‫ما ْ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫م َ‬
‫ل َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫م َ‬
‫وآ َ‬
‫َ‬
‫)‪(2‬‬
‫حكم مصاحبة المتهاون بالصلة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬فهد‪ .‬ع‪ .‬ع ‪ -‬الرياض‬
‫يقول‪ :‬ما حكم مصاحبة المتهاون بالصلة؟‬
‫ج‪ :‬ل تجوز مصاحبته ول غيره من الكفرة؛ لن‬
‫ترك الصلة كفر أكبر في أصح قولي العلماء وإن لم‬
‫يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة((‬
‫أخرجه مسلم في الصحيح‪ ،‬وقوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها‬
‫فقد كفر(( رواه أحمد‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والترمذي‪،‬‬
‫والنسائي‪ ،‬وابن ماجة بإسناد صحيح‪ ،‬مع دلئل أخرى‬
‫تدل على ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة طه الية ‪.82‬‬


‫‪ -2‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الخامس ص ‪ ،428‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‬
‫‪ (875‬بتاريخ ‪ 1403 / 3 / 19‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى(‬
‫لسماحته الجزء الول ص ‪.96 – 95‬‬
‫‪404‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم مجالسة من يستهزئ بالمحافظة‬


‫)‪(3‬‬
‫على الصلة‬
‫س‪ :‬أرى كثيرا من الشباب إذا رأوا‬
‫الشاب المحافظ على صلته ودينه‬
‫يستهزئون به‪ ،‬وأرى كذلك بعض الشباب ‪-‬‬
‫هداهم الله ‪ -‬يتكلمون عن الدين باستهتار‬

‫‪ -3‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1354‬بتاريخ ‪/ 2 / 22‬‬


‫‪ 1413‬هـ‪.‬‬
‫‪405‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وعدم مبالة‪ ،‬فما القول في ذلك؟ وهل‬


‫تجوز مجالستهم والمرح معهم في أوقات‬
‫ليس فيها وقت صلة؟‬
‫ج‪ :‬الستهزاء بالسلم أو بشيء منه كفر أكبر‪،‬‬
‫ق ْ َ‬
‫ه ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫سول ِ ِ‬‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬‫وآَيات ِ ِ‬‫ه َ‬ ‫ل أِبالل ّ ِ‬ ‫قال الله تعالى‪ُ ﴿ :‬‬
‫د‬
‫ع َ‬‫م بَ ْ‬
‫فْرت ُ ْ‬‫قد ْ ك َ َ‬ ‫ذُروا َ‬ ‫عت َ ِ‬ ‫زُئو َ‬
‫ن ل تَ ْ‬ ‫ه ِ‬‫ست َ ْ‬‫تَ ْ‬
‫م﴾)‪ (1‬الية من سورة التوبة‪ .‬ومن يستهزئ‬ ‫مان ِك ُ ْ‬‫ِإي َ‬
‫بأهل الدين والمحافظين على الصلوات من أجل‬
‫دينهم ومحافظتهم عليه يعتبر مستهزئا بالدين‪ ،‬فل‬
‫تجوز مجالسته ول مصاحبته‪ ،‬بل يجب النكار عليه‬
‫والتحذير منه ومن صحبته‪ .‬وهكذا من يخوض في‬
‫مسائل الدين بالسخرية والستهزاء يعتبر كافرا‪ ،‬فل‬
‫تجوز صحبته ول مجالسته‪ ،‬بل يجب النكار عليه‪،‬‬
‫والتحذير منه‪ ،‬وحثه على التوبة النصوح‪ ،‬فإن تاب‬
‫فالحمد لله‪ ،‬وإل وجب الرفع عنه إلى ولة المور بعد‬
‫إثبات أعماله السيئة بالشهود العدول؛ حتى ينفذ فيه‬
‫حكم الله من جهة المحاكم الشرعية‪.‬‬
‫وبكل حال فهذه المسائل مسائل خطيرة يجب‬
‫على كل طالب علم وعلى كل مسلم عرف دينه أن‬
‫يحذرها‪ ،‬وأن يحذر من يخوض في مسائل الدين‬
‫بالسخرية واللعب؛ لئل يصيبه ما أصابه من فساد‬
‫العقيدة والسخرية بالحق وأهله‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة التوبة اليتان ‪.66 – 65‬‬


‫‪406‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نسأل الله للمسلمين جميعا العافية من كل ما‬


‫يخالف شرعه‪ ،‬كما نسأله سبحنه أن يعافي‬
‫المسلمين جميعا من شر أعدائهم من الكفرة‬
‫والمنافقين‪ ،‬وأن يعينهم على التمسك بكتابه سبحانه‪،‬‬
‫وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في جميع الحوال‪،‬‬
‫إنه جواد كريم‪.‬‬

‫ما الحكم إذا قال يا كافر لخيه‬


‫)‪(1‬‬
‫الذي ل يصلي إل في المناسبات‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬فهد‪ .‬ع‪ .‬ع ‪ -‬من الرياض‬
‫يقول‪ :‬تشاجرت أنا وأخي في مسألة ما في‬
‫حالة غضب‪ ،‬فقلت له‪ :‬أبعد عني يا كافر‪،‬‬
‫على أساس أنه كان ل يصلي إل في‬
‫مناسبات كحضور القارب وغيره‪ ،‬فما الحكم‬
‫في ذلك؟ وهل صحيح أنه كذلك؟‬
‫ج‪ :‬قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك‬
‫الصلة(( رواه مسلم‪ ،‬وخرج المام أحمد‪ ،‬وأهل‬
‫السنن بإسناد جيد‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر(( والحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (919‬بتاريخ ‪1404 / 3 / 1‬‬


‫هـ‪ ،.‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الول ص ‪.96‬‬
‫‪407‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لكن ينبغي لك في مثل هذا أل تبادره بمثل هذا‬


‫اللفظ‪ ،‬وأن تنصحه أول‪ ،‬وتخبره‪ :‬أن ترك الصلة كفر‬
‫وضلل‪ ،‬وأن الواجب عليه التوبة إلى الله سبحانه؛‬
‫لعله يستفيد منك ويقبل النصيحة‪.‬‬
‫نسأل الله للجميع التوفيق للتوبة النصوح من‬
‫جميع الذنوب‪.‬‬

‫حكم من قال لصديقه الذي ل يصلي‬


‫)‪(1‬‬
‫أنت كافر‬
‫س‪ :‬حدث حوار بيني وبين صديق لي‬
‫عن السلم حيث قال هذا الصديق‪ :‬إنه ل‬
‫يصلي على الطلق‪ ،‬فقلت له‪ :‬أنت كافر؛‬
‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ؤ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫لن الله تعالى يقول‪﴿ :‬أ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫جَزاءُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬‫ن ب ِب َ ْ‬‫فُرو َ‬ ‫وت َك ْ ُ‬‫ب َ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ي ِ‬ ‫خْز ٌ‬ ‫م ِإل ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ك ِ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ع ُ‬‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫)‪( 2‬‬
‫ب﴾‬‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬‫شدّ ال ْ َ‬ ‫ن إ َِلى أ َ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ة ي َُر ّ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬‫وي َ ْ‬‫َ‬
‫وقال لي‪ :‬أنت أيضا كذلك‪ ،‬وذكر لي‬
‫القول‪ :‬أن من كفر مسلما فقد كفر‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك تركته وذهبت حتى ل يحتدم النقاش‬
‫إلى أكثر مما وصل إليه‪ .‬فما حكم كلمنا‬
‫هذا الذي تم بيننا وهل نأثم عليه؟‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(109‬‬


‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.85‬‬
‫‪408‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الصواب‪ :‬أن من ترك الصلة فهو كافر‪،‬‬


‫وإن كان غير جاحد لها‪ ،‬هذا هو القول المختار‬
‫والمرجح عند المحققين من أهل العلم؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‪:‬‬
‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر(( خرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السن‪ ،‬عن بريدة‬
‫بن الحصيب رضي الله عنه بإسناد صحيح؛ ولقوله‬
‫أيضا صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين‬
‫الشرك والكفر ترك الصلة(( خرجه المام مسلم‬
‫في صحيحه‪ ،‬ولقوله أيضا عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫))رأس المر السلم وعموده الصلة(( خرجه‬
‫المام أحمد‪ ،‬والمام‬

‫‪409‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الترمذي رحمة الله عليهما بإسناد صحيح‪ ،‬عن معاذ‬


‫بن جبل رضي الله عنه؛ ولحاديث أخرى جاءت في‬
‫الباب‪.‬‬
‫فالواجب على من ترك الصلة أن يتوب إلى‬
‫الله‪ ،‬وأن يبادر بفعلها‪ ،‬ويندم على ما مضى من‬
‫تقصيره‪ ،‬ويعزم أل يعود‪ ،‬هذا هو الواجب عليه‪.‬‬
‫وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكون عاصيا‬
‫معصية كبيرة‪ ،‬وجعلوا هذا كفرا أصغر‪ ،‬واحتجوا بما‬
‫جاء في الحاديث الصحيحة من فضل التوحيد‪ ،‬وأن‬
‫من مات عليه فهو من أهل الجنة إلى غير هذا‪ ،‬لكنها‬
‫ل تدل على المطلوب‪ ،‬فإن ما جاء في فضل التوحيد‬
‫ومن مات عليه فهو من أهل الجنة إنما يكون‬
‫بالتزامه أمور السلم‪ ،‬ومن ذلك أمر الصلة‪ ،‬من‬
‫التزم بها حصل له ما وعد به المتقون‪ ،‬ومن أبى‬
‫حصل عليه ما توعد به غير المتقين‪ ،‬ولو أن إنسانا‬
‫قال‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬ووحد الله ثم جحد وجوب الصلة‬
‫كفر‪ ،‬ول ينفعه قوله‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬أو توحيده لله مع‬
‫جحده وجوب الصلة‪ ،‬فهكذا من تركها تساهل وعمدا‬
‫وقلة مبالة حكمه حكم من جحد وجوبها في الصحيح‬
‫من قولي العلماء‪ ،‬ول تنفعه شهادته بأنه ل إله إل‬
‫الله؛ لنه ترك حقها؛ لن من حقها أن يؤدي المرء‬
‫الصلة‪ ،‬وهكذا لو وحد الله وأقر بأنه ل إله إل الله‪،‬‬
‫ولكنه استهزأ بشيء من دين الله فإنه يكفر‪ ،‬كما‬
‫ق ْ َ‬
‫ه‬
‫سول ِ ِ‬‫وَر ُ‬
‫ه َ‬
‫وآَيات ِ ِ‬ ‫ل أِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫قال الله عز وجل‪ُ ﴿ :‬‬

‫‪410‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫د‬
‫ع َ‬
‫م بَ ْ‬ ‫قد ْ ك َ َ‬
‫فْرت ُ ْ‬ ‫ذُروا َ‬
‫عت َ ِ‬ ‫زُئو َ‬
‫ن ل تَ ْ‬ ‫ه ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫م تَ ْ‬ ‫ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م﴾)‪،(1‬‬ ‫مان ِك ُ ْ‬ ‫ِإي َ‬

‫‪ -1‬سورة التوبة اليتان ‪.66 – 65‬‬


‫‪411‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهكذا لو قال‪ :‬ل إله إل الله ووحد الله وجحد‬


‫وجوب الزكاة‪ ،‬أو جحد وجوب صوم رمضان‪ ،‬أو جحد‬
‫وجوب الحج مع الستطاعة‪ ،‬أو جحد تحريم الزنا‪ ،‬أو‬
‫جحد تحريم السرقة‪ ،‬أو جحد تحريم اللواط‪ ،‬أو ما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬فإن من جحد وجوبها كفر إجماعا‪ ،‬ولو أنه‬
‫يصلي ويصوم‪ ،‬ولو أنه يقول‪ :‬ل إله إل الله؛ لن هذه‬
‫النواقض تفسد عليه دينه‪ ،‬وتجعله بريئا من السلم‬
‫بهذه النواقض‪ ،‬فينبغي للمؤمن أن ينتبه لهذا المر‪،‬‬
‫وهكذا من ترك الصلة وتساهل بها يكون كافرا‪ ،‬وإن‬
‫لم يجحد وجوبها في الصح من أقوال العلماء؛‬
‫للحاديث السابقة وما جاء في معناها‪ ،‬فنسأل الله‬
‫أن يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬وأن يرد كافرهم‬
‫وعاصيهم من الناس إلى التوبة‪ ،‬ومن ذلك من ترك‬
‫الصلة‪ ،‬فنسأل الله أن يهديه للسلم‪ ،‬وأن يرده إلى‬
‫ما أوجب الله عليه من إقامة الصلة‪ ،‬ويمن عليه‬
‫بالتوبة الصادقة النصوح‪.‬‬
‫أما الحديث‪)) :‬من كفر مسلما فقد كفر(( فإن‬
‫المراد به‪ :‬إذا كان التكفير في غير محله‪ ،‬كما قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من قال لخيه يا‬
‫عدو الله أو قال يا كافر وليس كذلك إل حار عليه((‬
‫لكن هذا الذي قال‪ :‬أنت كافر بترك الصلة‪ ،‬قد‬
‫وقعت في محلها فل يرجع التكفير إلى القائل‪ ،‬ول‬
‫يكون القائل كافرا‪ ،‬لن القائل قد نفذ أمر الله‪ ،‬وأدى‬
‫حق الله‪ ،‬وبّين ما أوجبه الله من تكفير هذا الصنف‬
‫من الناس‪ ،‬فهو مأجور وليس بكافر؛ لن كلمه وقع‬
‫‪412‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫في محله‪ ،‬وإنما الكافر هو الذي ترك الصلة وعاند‬


‫وكابر‪.‬‬
‫نسأل الله العافية لنا ولجميع المسلمين‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫صلة الخ الذي ل يؤدي الصلة‬
‫س‪ :‬أخي الكبر ل يؤدي الصلة هل أصله‬
‫أم ل؟ علما بأنه أخي من أبي فقط‪.‬‬
‫ج‪ :‬الذي يترك الصلة متعمدا كافر كفرا أكبر في‬
‫أصح قولي العلماء‪ ،‬إذا كان مقرا بوجوبها‪ ،‬فإن كان‬
‫جاحدا لوجوبها فهو كافر عند جميع أهل العلم؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬رأس المر السلم‬
‫وعموده الصلة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله((‬
‫خرجه المام أحمد‪ ،‬والترمذي بإسناد صحيح‪ ،‬ولقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك‬
‫والكفر ترك الصلة(( خرجه مسلم في صحيحه‪،‬‬
‫ولقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( أخرجه المام‬
‫أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد صحيح‪ .‬ولن الجاحد‬
‫لوجوبها مكذب لله ولرسوله ولجماع أهل العلم‬
‫واليمان‪ ،‬فكان كفره أكبر وأعظم من كفر تاركها‬
‫تهاونا‪ .‬وعلى كل الحالين فالواجب على ولة المور‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1317‬بتاريخ ‪/ 5 / 15‬‬


‫‪ 1412‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬
‫‪.93‬‬
‫‪413‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫من المسلمين أن يستتيبوا تارك الصلة فإن تاب وإل‬


‫قتل؛ للدلة الواردة في ذلك‪ .‬والواجب هجر تارك‬
‫الصلة‪ ،‬ومقاطعته‪ ،‬وعدم إجابة دعوته حتى يتوب‬
‫إلى الله من ذلك‪ ،‬مع وجوب مناصحته ودعوته إلى‬
‫الحق‪ ،‬وتحذيره من العقوبات المترتبة على ترك‬
‫الصلة في الدنيا والخرة؛ لعله يتوب فيتوب الله‬
‫عليه‪.‬‬

‫‪414‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫هل يقبل صيام وعبادة من ل يصلي‬
‫س‪ :‬هناك من يصوم ويؤدي بعض‬
‫العبادات ولكنه ل يصلي‪ ،‬فهل يقبل صومه‬
‫وعبادته؟‬
‫ج‪ :‬بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬
‫الصحيح‪ :‬أن تارك الصلة عمدا يكفر بذلك كفرا‬
‫أكبر‪ ،‬وبذلك ل يصح صومه ول بقية عباداته حتى‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫يتوب إلى الله سبحانه؛ لقول الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾)‪ (2‬وما‬ ‫مُلو َ‬
‫ع َ‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫عن ْ ُ‬ ‫حب ِ َ‬
‫ط َ‬ ‫كوا ل َ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫شَر ُ‬
‫جاء في معناها من اليات والحاديث‪.‬‬
‫وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه ل يكفر بذلك‬
‫كفرا أكبر‪ ،‬ول يبطل صومه ول عبادته إذا كان مقرا‬
‫بالوجوب‪ ،‬ولكنه ترك الصلة تساهل وكسل‪.‬‬
‫والصحيح‪ :‬القول الول‪ ،‬وهو أنه يكفر بتركها كفرا‬
‫أكبر إذا كان عامدا ولو أقر بالوجوب؛ لدلة كثيرة‪،‬‬
‫منها قول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل‬
‫وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( خرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬من حديث جابر بن عبد الله رضي الله‬
‫عنهما‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي‬
‫بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( خرجه‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1451‬بتاريخ ‪/ 2 / 20‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة النعام الية ‪.88‬‬
‫‪415‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن الربع بإسناد صحيح‪ ،‬من‬


‫حديث بريدة بن الحصيب السلمي رضي الله عنه‪.‬‬
‫وقد بسط العلمة ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬القول‬
‫في ذلك في‪ :‬رسالة مستقلة في أحكام الصلة‬
‫وتركها‪ ،‬وهي رسالة مفيدة تحسن مراجعتها‬
‫والستفادة منها‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم من ل يصلي إل نادرا‬
‫س‪ :‬أحد أقربائي ل يصلي وهو رجل كبير‬
‫في السن‪ ،‬وقد نصحته ونصحه كثير من‬
‫الناس‪ ،‬ولكنه متهاون جدا في الصلة ول‬
‫يصلي إل نادرا‪ ،‬وأحيانا ل يصلي إل في‬
‫رمضان أو الجمع فقط‪ ،‬فكيف تكون‬
‫معاملتي معه؟ وهل أسلم عليه إذا وجدته‬
‫في مجلس‪ ،‬أم أقاطعه؟ أفيدوني حفظكم‬
‫الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬ترك الصلة عمدا كفر أكبر؛ لقول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر‬
‫ترك الصلة(( خرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬وقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1426‬بتاريخ ‪/ 8 / 9‬‬


‫‪ 1414‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.81‬‬
‫‪416‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫السنن بإسناد صحيح‪ .‬والحاديث في هذا المعنى‬


‫كثيرة‪.‬‬
‫والواجب نصيحة المذكور‪ ،‬وبيان حكم الشرع له‪،‬‬
‫ومتى أصر على ترك الصلة وجب هجره‪ ،‬وترك‬
‫السلم عليه‪ ،‬وعدم إجابة دعوته‪ ،‬ورفع أمره لولي‬
‫المر ليستتاب‪ ،‬فإن تاب وإل وجب قتله؛ لقوله‬
‫ة‬ ‫وا الّز َ‬
‫كا َ‬ ‫وآت َ ُ‬
‫صلةَ َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫قا ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(1‬‬ ‫سِبيل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫خّلوا َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬

‫‪ -1‬سورة التوبة الية ‪.5‬‬


‫‪417‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فدل ذلك على أن من لم يقم ‪ -‬الصلة ل يخلى‬


‫سبيله‪ .‬والدلة في هذا كثيرة‪.‬‬
‫نسأل الله للمذكور الهداية‪.‬‬

‫رجوع الزوجة إلى زوجها الذي ل يصلي‬


‫)‪(1‬‬
‫ومدمن على شرب الخمر‬
‫س‪ :‬أخت رمزت لسمها ‪ :-‬ن‪ .‬ع‪ .‬ص‬
‫تقول‪ :‬تتلخص مشكلتي في أن زوجي مدمن‬
‫على شرب الخمر‪ ،‬ول يؤدي الصلة‪ ،‬ول‬
‫يصوم رمضان‪ ،‬وهو عاطل عن العمل منذ‬
‫سنة‪ ،‬ولي منه ولدان لم يبلغا سن التمييز‪،‬‬
‫والن أنا في بيت أهلي‪ ،‬ويريد زوجي‬
‫إرجاعي إلى بيته بشتى الطرق‪ ،‬وأنا محتارة‬
‫في الرجوع إليه من أجل أولدي أم أطلب‬
‫الطلق؛ لنني سمعت أنه ل يجوز أن أعاشر‬
‫رجل تاركا للصلة شاربا للخمر‪ ،‬فماذا أفعل؟‬
‫أفيدوني جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬الزوج الذي ل يصلي كافر؛ لقول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل‬
‫السنن بإسناد صحيح‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (976‬بتاريخ ‪1405 / 5 / 7‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص ‪.82‬‬
‫‪418‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫))بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة((‬


‫أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬عن جابر رضي الله عنه‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وسواء كان جاحدا لوجوبها‪ ،‬أم لم يجحد وجوبها‪،‬‬


‫لكنه إذا كان جاحدا لوجوبها فهو كافر بإجماع‬
‫المسلمين‪ ،‬أما إذا تركها تهاونا وتكاسل عنها ولم‬
‫يجحد وجوبها فهو كافر في أصح قولي العلماء؛‬
‫للحديثين المذكورين وما جاء في معناهما‪.‬‬
‫ك أيتها السائلة الرجوع إلى زوجك‬
‫ول يجوز ل ِ‬
‫المذكور‪ ،‬حتى يتوب إلى الله سبحانه‪ ،‬ويحافظ على‬
‫الصلة‪ ،‬هداه الله ومن عليه بالتوبة النصوح‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫تارك الصلة ل يصاحب‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ف‪ .‬ع ‪ -‬من الرياض‬
‫يقول‪ :‬هل يجوز للنسان أن يصاحب رجل‬
‫آخر ل يصلي أحيانا‪ ،‬بل أكثر الوقات؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلم أن يصاحب مثل هذا‬
‫الشخص الذي يترك الصلة في بعض الوقات‪ ،‬بل‬
‫يجب عليه أن ينصحه‪ ،‬وينكر عليه عمله السيئ‪،‬‬
‫فإن تاب وإل هجره‪ ،‬ولم يتخذه صاحبا‪ ،‬وأبغضه‬
‫في الله‪ ،‬حتى يتوب من عمله المنكر؛ لن ترك‬
‫الصلة كفر أكبر؛ لقول‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1354‬بتاريخ ‪/ 2 / 22‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.83‬‬
‫‪420‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا‬


‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( أخرجه المام‬
‫أحمد وأهل السن بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة ابن‬
‫الحصيب رضي الله عنه‪ ،‬وخرج مسلم في صحيحه‪،‬‬
‫عن جابر رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قال‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر‬
‫ترك الصلة((‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم أن يحب في الله‪،‬‬
‫ويبغض في الله‪ ،‬ويوالي في الله‪ ،‬ويعادي في الله‪،‬‬
‫ة‬
‫و ٌ‬ ‫كان َت ل َك ُ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫كما قال الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫س َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫قاُلوا‬ ‫ه إ ِذْ َ‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫في إ ِب َْرا ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫دو ِ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫م إ ِّنا ب َُرآءُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬‫لِ َ‬
‫ة‬
‫و ُ‬ ‫دا َ‬‫ع َ‬‫م ال ْ َ‬ ‫وب َي ْن َك ُ ُ‬‫دا ب َي ْن ََنا َ‬ ‫وب َ َ‬
‫م َ‬‫فْرَنا ب ِك ُ ْ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫َ‬
‫حدَهُ﴾)‪.(1‬‬ ‫و ْ‬‫ه َ‬ ‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫حّتى ت ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ضاءُ أب َ ً‬ ‫غ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ويجب الرفع عن مثل هذا إلى ولة المور ‪ -‬إذا‬
‫كان في بلد يحكم بالشريعة السلمية ‪ -‬حتى‬
‫يستتاب‪ ،‬فإن تاب وإل قتل؛ لن حد من ترك الصلة‬
‫ن َتاُبوا‬ ‫ولم يتب‪ :‬هو القتل‪ ،‬كما قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫خّلوا‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬
‫ف َ‬ ‫وآت َ ُ‬
‫صلةَ َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫قا ُ‬‫وأ َ َ‬‫َ‬
‫م﴾ الية‪ .‬فدلت هذه الية الكريمة على أن‬ ‫)‪(2‬‬
‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫سِبيل ُ‬ ‫َ‬
‫من ترك الصلة ولم يتب ل يخلى سبيله‪ ،‬بل يقتل‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة الممتحنة الية ‪.4‬‬


‫‪ -2‬سورة التوبة الية ‪.5‬‬
‫‪421‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والصحيح‪ :‬أنه يقتل كافرا؛ للحديثين السابقين‬


‫وغيرهما‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إني نهيت‬
‫عن قتل المصلين((‪.‬‬

‫‪422‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فدل ذلك على أن من ل يصلي لم ينه عن قتله‪،‬‬


‫بل يجب قتله إن لم يتب؛ لما في ذلك من الردع عن‬
‫هذه الجريمة العظيمة‪.‬‬
‫نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬وأن‬
‫يوفقنا وإياهم للثبات على دينه‪ ،‬إنه سميع قريب‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم أكل ذبيحة تارك الصلة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬م‪ .‬ح ‪ -‬من العلمين بمصر‬
‫يقول هل يجوز أكل ذبيحة تارك الصلة؟‬
‫ج‪ :‬بسم الله والحمد لله‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬ل يجوز أكل ذبيحة تارك الصلة في‬
‫أصح قولي العلماء إذا كان مقرا بوجوبها‪ ،‬ولكنه‬
‫يتساهل في تركها؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك‬
‫الصلة(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬من حديث جابر‬
‫بن عبد الله النصاري رضي الله عنهما‪ ،‬ولقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأصحاب‬
‫السنن الربع بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))رأس المر السلم وعموده الصلة(( أخرجه المام‬
‫أحمد‪ ،‬والترمذي بإسناد صحيح‪ ،‬ولحاديث أخرى في‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬
‫‪423‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما إن كان يجحد وجوب الصلة فإنه يعتبر كافرا‬


‫بإجماع المسلمين‪ ،‬ولو فعلها؛ لكونه بذلك يعتبر‬
‫مكذبا لله سبحانه‪ ،‬ولرسوله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ولجماع المسلمين‪ .‬نسأل الله العافية من ذلك‪،‬‬
‫ونسأله سبحانه أن يوفق جميع المسلمين ذكورا‬
‫وإناثا لقامتها والمحافظة عليها‪ ،‬والحذر من تركها أو‬
‫التثاقل عنها‪.‬‬
‫وقد ذم الله المنافقين بتثاقلهم عنها وكسلهم عن‬
‫أدائها مع المسلمين‪ ،‬كما قال سبحانه في سورة‬
‫و‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫النساء‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ساَلى‬ ‫موا ك ُ َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ِ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫َ‬
‫ً )‪(1‬‬
‫قِليل﴾‬ ‫ه ِإل َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ول ي َذْك ُُرو َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫ءو َ‬ ‫ي َُرا ُ‬
‫وقال سبحانه في سورة التوبة في صفة المنافقين‪﴿ :‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫م نَ َ‬ ‫قب َ َ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬
‫م ِإل أن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫قات ُ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫ل ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫من َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫صلةَ ِإل‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫كَ َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ول ي َأُتو َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وب َِر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫فُروا ِبالل ِ‬
‫ن*‬ ‫هو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬ ‫ن ِإل َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ول ي ُن ْ ِ‬ ‫ساَلى َ‬ ‫م كُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ري ُ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ولدُ ُ‬ ‫ول أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ُ‬ ‫م َ‬ ‫جب ْك أ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫فل ت ُ ْ‬
‫ق‬
‫ه َ‬ ‫وت َْز َ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عذّب َ ُ‬ ‫ه ل ِي ُ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ن﴾)‪.(2‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫أ َن ْ ُ‬

‫واليات في أوصاف المنافقين وذمهم والتحذير‬


‫من صفاتهم كثيرة‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.142‬‬


‫‪ -2‬سورة التوبة اليتان ‪.55 – 54‬‬
‫‪424‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نسأل الله لنا وللمسلمين جميعا العافية من‬


‫مشابهتهم‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪425‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم الكل من ذبيحة تارك الصلة‬


‫)‪(1‬‬
‫عمدا‬
‫س‪ :‬هل يجوز الكل من ذبائح تارك‬
‫الصلة عمدا؟ علما أنه إذا أخبر بذلك احتج‬
‫بأنه كان ينطق بالشهادة‪ ،‬كيف العمل إذا لم‬
‫يوجد أي جزار يصلي؟‬
‫ج‪ :‬الذي ل يصلي ل تؤكل ذبيحته‪ ،‬هذا هو‬
‫الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( أخرجه‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬عن جابر بن عبد الله النصاري‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬وقول الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها‬
‫فقد كفر(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن الربع‬
‫بإسناد صحيح من حديث بريدة بن الحصيب السلمي‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬رأس‬
‫المر السلم وعموده الصلة(( أخرجه المام أحمد‪،‬‬
‫والترمذي بإسناد صحيح‪ ،‬عن معاذ بن جبل رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬فكل شيء سقط عموده ل يستقيم ول يبقى‪،‬‬
‫ومتى سقط العمود سقط ما عليه‪.‬‬
‫وبذلك يعلم أن الذي ل يصلي ل دين له‪ ،‬ول تؤكل‬
‫ذبيحته‪ ،‬وإذا كنت في بلد ليس فيها جزار مسلم‬
‫فاذبح لنفسك‪ ،‬واستعمل يدك فيما ينفعك‪ ،‬أو التمس‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(18‬‬


‫‪426‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫جزارا مسلما ولو في بيته حتى يذبح لك‪ ،‬وهذا بحمد‬


‫الله ميسر فليس لك أن تتساهل في المر‪.‬‬

‫‪427‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وعليك أن تنصح هذا الرجل بأن يتقي الله وأن‬


‫يصلي‪ ،‬وقوله‪ :‬إنه يكتفي بالشهادتين غلط عظيم‪،‬‬
‫فالشهادتان ل بد معهما من حقهما‪ .‬لقول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى‬
‫يشهدوا أن ل إله إل الله وأني رسول الله ويقيموا‬
‫الصلة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني‬
‫دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم على‬
‫الله(( متفق على صحته‪.‬‬
‫فذكر الصلة والزكاة مع الشهادتين‪ ،‬وفي اللفظ‬
‫الخر‪)) :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل إله إل‬
‫الله فإذا قالوا ل إله إل الله عصموا مني دماءهم‬
‫وأموالهم إل بحقها وحسابهم على الله(( والصلة من‬
‫حقها‪ ،‬والزكاة من حقها‪.‬‬
‫فالواجب على المؤمن أن يتقي الله‪ ،‬والواجب‬
‫على كل من ينتسب إلى السلم أن يتقي الله‬
‫ويصلي الصلوات الخمس ويحافظ عليها‪ ،‬وهي عمود‬
‫السلم‪ ،‬وهي الركن العظم من أركان السلم بعد‬
‫الشهادتين‪ ،‬من ضيعها ضيع دينه‪ ،‬ومن تركها خرج‬
‫عن دينه‪ ،‬نسأل الله العافية‪.‬‬
‫هذا هو الحق والصواب‪ ،‬وقال بعض أهل العلم‪:‬‬
‫إنه ل يكون كافرا كفرا أكبر‪ ،‬بل يكون كفره كفرا‬
‫أصغر‪ ،‬ويكون عاصيا معصية عظيمة‪ ،‬أعظم من‬
‫الزنا‪ ،‬وأعظم من السرقة‪ ،‬وأعظم من شرب الخمر‪،‬‬
‫ول يكون كافرا كفرا أكبر إل إذا جحد وجوبها‪ ،‬هكذا‬
‫‪428‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫قال جمع من أهل العلم‪ ،‬ولكن الصواب ما دل عليه‬


‫قول الرسول صلى الله عليه وسلم أن مثل هذا‬
‫يكون كافرا ً‬

‫‪429‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كفرا ً أكبر كما تقدم من الحاديث في ذلك؛ لنه ضيع‬


‫عمود السلم وهو الصلة‪.‬‬
‫فل ينبغي التساهل بهذا المر‪ ،‬وقال عبد الله بن‬
‫شقيق العقيلي التابعي الجليل رضي الله عنه‪ :‬لم‬
‫يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا‬
‫تركه كفر إل الصلة‪.‬‬
‫فذكر إجماع الصحابة على أن تارك الصلة‬
‫عندهم كافر‪ ،‬نسأل الله العافية‪.‬‬
‫فالواجب الحذر‪ ،‬والواجب المحافظة على هذه‬
‫الفريضة العظيمة وعدم التساهل مع من تركها‪ ،‬فل‬
‫تؤكل ذبيحته‪ ،‬ول يدعى لوليمة‪ ،‬ول تجاب دعوته؛ بل‬
‫يهجر حتى يتوب إلى الله وحتى يصلي‪ ،‬نسأل الله‬
‫الهداية للجميع‪.‬‬

‫حكم أكل ذبيحة من ل يعرف هل يصلي‬


‫)‪(1‬‬
‫أم ل‬
‫س‪ :‬في بعض الحالت يحصل تجمع في‬
‫مناسبة‪ ،‬ويؤتى بطعام وفيه لحم ل يعرف‬
‫ذابحه أيصلي أم ل؟ هل نمتنع عن الكل منه‬
‫خشية أن يكون الذابح ل يصلي لكثرة تاركي‬
‫الصلة في مجتمع ما مثل‪ ،‬أو لكثرة‬
‫المتساهلين بها؟ وجهونا جزاكم الله خيرا‪.‬‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(18‬‬


‫‪430‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬إذا كنت بين مسلمين وفي بيت أخيك المسلم‬


‫الذي ل تظن به‬

‫‪431‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إل الخير فكل مما قدم إليك‪ ،‬ول تشك في أخيك‪ ،‬ول‬
‫تحكم بسوء الظن‪ ،‬أما إذا كنت في مجتمع ل يصلي‬
‫فاحذر‪ ،‬أو في مجتمع كافر فل تأكل في بيوتهم‪ .‬كل‬
‫من الفاكهة والتمر ونحو ذلك مما ل تعلق له‬
‫بالذبيحة‪.‬‬
‫أما إذا كنت بين مسلمين أو في قرية مسلمة أو‬
‫في جو مسلم فعليك بحسن الظن‪ ،‬ودع عنك سوء‬
‫الظن‪ .‬والله المستعان‪.‬‬
‫ما صحة حديث من تهاون بالصلة عاقبه‬
‫)‪(1‬‬
‫الله بخمس عشرة عقوبة‪ (..‬إلخ‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬خ‪ .‬ن‪ .‬ن ‪ -‬من الرياض أرسل‬
‫إلينا رسالة ومعها نسخة من ورقة توزع بين‬
‫الناس‪ ،‬وتتضمن حديثا منسوبا للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وفيه‪) :‬من تهاون بالصلة‬
‫عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة‪ (..‬إلى آخر‬
‫ما جاء في الورقة‪ ،‬ويسأل عن صحة ذلك‬
‫الحديث‪.‬‬
‫ج‪ :‬هذا الحديث مكذوب على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ل أساس له من الصحة‪ ،‬كما بين ذلك‬
‫الحافظ الذهبي رحمه الله في )الميزان(‪ ،‬والحافظ‬
‫ابن حجر في‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (929‬بتاريخ ‪/ 5 / 12‬‬


‫‪1404‬هـ‪.‬‬
‫‪432‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)لسان الميزان(‪ ،‬فينبغي لمن وجد هذه الورقة‬


‫أن يحرقها‪ ،‬وينبه من وجده يوزعها؛ دفاعا عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم من كذب الكذابين‪.‬‬
‫وفيما ورد في القرآن العظيم والسنة الصحيحة‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم شأن‬
‫الصلة والتحذير من التهاون بها ووعيد من فعل ذلك‬
‫ما‬
‫يشفي ويكفي‪ ،‬ويغني عن كذب الكذابين‪ ،‬مثل قوله‬
‫ة‬‫صل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫صل َ َ‬ ‫عَلى ال ّ‬ ‫ظوا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾ وقوله سبحانه‪:‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫قان ِِتي َ‬ ‫ه َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫طى َ‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ة‬
‫صل َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫ف أَ َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫﴿ َ‬
‫غّيا﴾)‪ (2‬وقوله‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ي َل ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬
‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ن ال ِ‬ ‫صلي َ‬‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ل ل ِل ُ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫سبحانه‪﴿ :‬ف َ‬
‫ن﴾ واليات في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫هو َ‬ ‫سا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫صلت ِ ِ‬ ‫َ‬
‫وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي‬
‫بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( خرجه‬
‫المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد صحيح‪ ،‬وقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر‬
‫ترك الصلة(( أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم لما ذكر الصلة يوما‬
‫بين أصحابه‪)) :‬من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا‬
‫ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له‬
‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.238‬‬
‫‪ -2‬سورة مريم الية ‪.59‬‬
‫‪ -3‬سورة الماعون اليتان ‪.5 – 4‬‬
‫‪433‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نورا ول برهانا ول نجاة وحشر يوم القيامة مع‬


‫فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف(( رواه المام‬
‫أحمد بإسناد حسن‪.‬‬
‫قال بعض العلماء في شرح هذا الحديث‪ :‬وإنما‬
‫يحشر يوم القيامة من ضيع الصلة مع هؤلء الكفرة؛‬
‫لنه إن ضيعها بسبب الرئاسة شابه فرعون‪ ،‬ومن‬
‫ضيعها بسبب الوزارة والوظائف الخرى شابه هامان‬
‫وزير فرعون‪ ،‬فيحشر معه يوم القيامة إلى النار‪،‬‬
‫ومن ضيعها بسبب المال‬
‫والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره‬
‫الرض‪ ،‬بسبب استكباره عن اتباع الحق‪ ،‬من أجل‬
‫ماله الكثير واتباعه الشهوات فيحشر معه إلى النار‪،‬‬
‫وإن ضيعها بسبب التجارة وأنواع المعاملت شابه‬
‫أبي بن خلف ‪ -‬تاجر أهل مكة ‪ -‬من الكفرة‪ ،‬فيحشر‬
‫معه يوم القيامة إلى النار‪.‬‬
‫نسأل الله العافية من حالهم وحال أمثالهم‪.‬‬

‫التنبيه على بطلن نشرتين يتداولهـما‬


‫الناس‬
‫حول حديث موضوع فيمن تهاون‬
‫)‪(1‬‬
‫بالصلة‬

‫‪ -1‬تم إبلغ الصحف المحلية لنشر هذا التنبيه برقم ‪ 1 / 2372‬في‬


‫‪1401 / 9 / 7‬هـ‪ .‬الصادر من مكتب سماحته‪.‬‬
‫‪434‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على‬


‫نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه أجمعين‪ .‬أما بعد‪ :‬فقد‬
‫اطلعت على نشرة بعنوان‪ :‬عقوبة تارك الصلة جاء‬
‫فيها ما نصه‪) :‬روي عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪ :‬من تهاون في الصلة عاقبه الله بخمس‬
‫عشرة عقوبة(‪ ،‬ثم عددها‪ ،‬وجاء في آخرها‪) :‬كل من‬
‫يتفضل بقراءة هذه النسخة الرجاء نسخها وتوزيعها‬
‫على المسلمين جميعا‪ ،‬ثم قال‪) :‬الفاتحة لفاعل‬
‫الخير(‪ ،‬كما اطلعت على نشرة أخرى صدرت بثلث‬
‫آيات من القرآن الكريم التي أولها قوله سبحانه‪﴿ :‬‬
‫ن﴾)‪ (1‬ثم ذكر‬
‫ري َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫عب ُدْ َ‬
‫فا ْ‬ ‫ل الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫بَ ِ‬
‫بعدها‪ :‬أنها تجلب‬

‫‪ -1‬سورة الزمر الية ‪.66‬‬


‫‪435‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الخير بعد أربعة أيام‪ ،‬وطلب إرسال خمس وعشرين‬


‫نسخة منها إلى من هو في حاجة‪ ،‬وأ َت َْبع ذلك بذكر‬
‫عقوبات يزعم وقوعها بمن أهملها‪.‬‬
‫وحيث إن هاتين النشرتين من الباطل والمنكرات‬
‫رأيت التنبيه على ذلك؛ حتى ل يغتر بهما من تخفى‬
‫عليهم أحكام الشرع المطهر‪ ،‬فأقول وبالله التوفيق‪:‬‬
‫ل شك أن هذه الطريقة من المور المبتدعة في‬
‫الدين‪ ،‬ومن القول على الله بل علم‪ ،‬وقد بين الله‬
‫سبحانه وتعالى في كتابه العزيز‪ :‬أن ذلك من أعظم‬
‫ي‬ ‫م َرب ّ َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫الذنوب فقال تعالى‪ُ ﴿ :‬‬
‫واْل ِث ْ َ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫ما ب َطَ َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬‫هَر ِ‬ ‫ما ظَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬‫ف َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫غير ال ْحق َ‬
‫م‬‫ما ل َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫كوا ِبالل ّ ِ‬ ‫ر ُ‬‫ش ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ي بِ َ ْ‬‫َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬
‫غ‬ ‫َ‬
‫ما ل‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي ُن َّز ْ‬
‫ه َ‬ ‫على الل ِ‬ ‫قولوا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫سلطاًنا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ل بِ ِ‬
‫ن﴾)‪.(1‬‬‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫تَ ْ‬
‫فليتق الله عبد يسلك هذه الطريقة المنكرة‪،‬‬
‫وينسب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم‬
‫ما لم يصدر عنهما‪ ،‬فإن تحديد العقوبات وتعيين‬
‫الجزاءات على العمال إنما هو من علم الغيب‪ ،‬ول‬
‫علم لحد به إل من طريق الوحي عن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولم يرد في الكتاب والسنة‬
‫شيء من ذلك البتة‪.‬‬
‫أما الحديث الذي نسبه صاحب النشرة إلى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في عقوبة تارك‬
‫‪ -1‬سورة العراف الية ‪.33‬‬
‫‪436‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصلة‪ ،‬وأنه يعاقب بخمس عشرة عقوبة‪ ..‬إلخ‪ ،‬فإنه‬


‫من الحاديث الباطلة المكذوبة على النبي صلى الله‬
‫حّفاظ من العلماء رحمهم‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬كما بين ذلك ال ُ‬
‫الله؛ كالحافظ الذهبي في )الميزان( رحمه الله‪،‬‬
‫والحافظ ابن حجر رحمه الله وغيرهما‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في كتابه )لسان الميزان( في‬
‫ترجمة محمد ابن علي بن العباس البغدادي العطار‪:‬‬
‫أنه ر ّ‬
‫كب على أبي بكر بن زياد النيسابوري حديثا‬
‫باطل في تارك الصلة‪.‬‬
‫روى عنه محمد بن علي الموازيني شيخ لبي‬
‫النرسي‪ ،‬زعم المذكور‪ :‬أن ابن زياد أخذه عن الربيع‪،‬‬
‫عن الشافعي‪ ،‬عن مالك‪ ،‬عن سمي‪ ،‬عن أبي صالح‪،‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه ورفعه‪) :‬من تهاون‬
‫بصلته عاقبه الله بخمس عشرة خصلة‪ (..‬الحديث‪،‬‬
‫وهو ظاهر البطلن من أحاديث الطرقية‪ .‬ا هـ‪.‬‬
‫وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء فتوى ببطلن ذلك الحديث بتاريخ‬
‫‪10/6/1401‬هـ‪ ،‬فكيف يرضى عاقل لنفسه بترويج‬
‫حديث موضوع!؟‪ ،‬وقد صح عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من روى عني حديثا وهو يرى‬
‫أنه كذب فهو أحد الكاذبين(( وإن فيما جاء عن الله‬
‫وعن رسوله في شأن الصلة وعقوبة تاركها ما يكفي‬
‫عَلى‬
‫ت َ‬ ‫صلةَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ويشفي‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫قوًتا﴾ وقال تعالى عن أهل‬ ‫و ُ‬
‫م ْ‬
‫ن ك َِتاًبا َ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫)‪(1‬‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.103‬‬


‫‪437‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ن‬
‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫م نَ ُ‬‫قاُلوا ل َ ْ‬ ‫قَر َ‬ ‫س َ‬
‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫سل َك َك ُ ْ‬‫ما َ‬ ‫النار‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾ اليات‪ .‬فذكر من صفاتهم‪ :‬ترك الصلة‪،‬‬ ‫صّلي َ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫)‪(2‬‬

‫ن‬‫ع ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬


‫صّلي َ‬‫م َ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬‫وي ْ ٌ‬
‫ف َ‬ ‫وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬
‫عو َ‬ ‫من َ ُ‬‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ءو َ‬ ‫م ي َُرا ُ‬
‫ه ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫هو َ‬ ‫سا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫صلت ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بني‬ ‫عو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫)‪(3‬‬

‫السلم على خمس شهادة أن ل إله إل الله وأن‬


‫محمدا رسول الله وإقام الصلة وإيتاء‬

‫‪ -2‬سورة المدثر اليتان ‪.43 – 42‬‬


‫‪ -3‬سورة الماعون اليات ‪.7 – 4‬‬
‫‪438‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الزكاة وصوم رمضان وحج البيت(( وقال صلى‬


‫الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر(( واليات والحاديث‬
‫الصحيحة في هذا كثيرة معلومة‪.‬‬
‫وأما النشرة الثانية التي صدرت باليات التي‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫وك ُ ْ‬‫عب ُدْ َ‬ ‫فا ْ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّ َ‬
‫أولها قوله سبحانه‪﴿ :‬ب َ ِ‬
‫ن﴾)‪ (1‬وذكر كاتبها‪ :‬أن من وزعها يحصل‬ ‫ري َ‬ ‫ال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬
‫له كذا من الخير‪ ،‬ومن أهملها يعاقب بكذا من‬
‫العقاب فإنها من أبطل الباطل‪ ،‬وأعظم الكذب‪،‬‬
‫وإنها من أعمال الجهلة والمبتدعة الذين يريدون‬
‫إشغال العامة بالحكايات والخرافات والقاويل‬
‫الباطلة‪ ،‬ويصرفونهم عن الحق الواضح البين الذي‬
‫جاء في كتاب الله وسنة رسوله‪ ،‬وأن ما يحدث‬
‫للناس من خير أو شر هو من الله سبحانه‪ ،‬وهو‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ل ل يَ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫العالم به وحده‪ ،‬قال سبحانه‪ُ ﴿ :‬‬
‫ت واْل َ‬
‫ب ِإل الل ّ ُ‬
‫ه﴾‬ ‫غي ْ َ‬‫ض ال ْ َ‬ ‫ر‬ ‫وا ِ َ‬
‫ما َ‬‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫)‪( 2‬‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن‬
‫من كتب ثلث آيات‪ ،‬أو أكثر منها يكون له كذا‪،‬‬
‫ومن تركها يصيبه كذا‪ ،‬وادعاء هذا كذب وبهتان‪.‬‬
‫إذا علم هذا‪ ،‬فإنه ل يجوز كتابة النشرتين‪ ،‬ول‬
‫توزيعهما‪ ،‬ول المشاركة في ترويجهما بأي وجه‬
‫من الوجوه‪ ،‬وعلى من سبق له شيء من ذلك أن‬

‫‪ -1‬سورة الزمر الية ‪.66‬‬


‫‪ -2‬سورة النمل الية ‪.65‬‬
‫‪439‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يتوب إلى الله سبحانه‪ ،‬ويندم على ما حصل منه‪،‬‬


‫ويعزم على عدم العودة إلى ذلك مطلقا‪.‬‬

‫‪440‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله المسئول سبحانه أن يرينا جميعا الحق حقا‬


‫ويرزقنا اتباعه‪ ،‬ويرينا الباطل باطل ويرزقنا اجتنابه‪،‬‬
‫وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد‪،‬‬
‫وعلى آله وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫الواجب فراق الزوجة التي ل تصلي‬
‫س‪ :‬الخ الذي رمز لسمه‪ :-‬س‪ .‬س‪.‬‬
‫س ‪ -‬من الدار البيضاء في المغرب يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬أنا متزوج من عشر سنين‬
‫وزوجتي ل تهتم بأداء الصلة‪ ،‬وأحيانا‬
‫تضيعها وتتركها‪ ،‬وكثيرا ما يحصل بيني‬
‫وبينها شجار بسبب الصلة‪ ،‬وكذلك الحال‬
‫بالنسبة للصيام‪ ،‬وإذا بقيت عليها أيام من‬
‫رمضان فإنها ل تقضيها‪ ،‬وإن فعلت‬
‫فبشق النفس‪ ،‬وأعاني معها كثيرا من‬
‫والصعاب والمشاكل بسبب المور التي‬
‫تتعلق بالدين‪ ،‬وإذا دعوتها لعلمها شيئا‬
‫من القرآن ل تستجيب لذلك‪ ،‬علما بأنها ل‬
‫تعرف شيئا من القرآن‪ ،‬والسؤال هو‪ :‬ما‬
‫حكم البقاء والعيش معها والحالة هذه؟‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (151‬لشهر شعبان من‬
‫عام ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪441‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫علما أن لدي منها أطفال‪ ،‬أرجو إفادتي‬


‫عن ذلك جزاكم الله خيرا‪.‬‬

‫‪442‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬إذا كان حال زوجتك ما ذكرت‪ :‬من تهاونها‬


‫بالصلة‪ ،‬وعدم محافظتها عليها رغم نصيحتك لها‬
‫واجتهادك في توجيهها إلى الخير‪ ،‬فالواجب عليك‬
‫فراقها؛ لن من ترك الصلة من الرجال والنساء كفر‬
‫كفرا أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي‬
‫العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد‬
‫الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر((‬
‫أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد صحيح؛‬
‫ولحاديث أخرى وردت في ذلك‪.‬‬
‫نسأل الله أن يهديها‪ ،‬وأن يمن عليها بالتوبة‪ ،‬أو‬
‫يعطيك خيرا منها‪ ،‬إنه خير مسئول‪.‬‬

‫أخو زوجها ل يصلي إل نادرا فكيف‬


‫)‪(1‬‬
‫تعامله‬
‫س‪ :‬الخت التي رمزت لسمها‪ :-‬أم عبد‬
‫الله من الرياض تقول في أحد أسئلتها‪:‬‬
‫يوجد أخ لزوجي ل يصلي إل نادرا‪ ،‬وأنا‬
‫أسكن عند أسرة زوجي‪ ،‬وأهله يجالسونه‬
‫حتى ولو كان المام يصلي‪ ،‬فماذا علي أن‬
‫أفعل وأنا لست من محارمه؟ وهل علي إثم‬
‫في ذلك حيث ل أستطيع نصحه؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان ل يصلي فهو يستحق الهجر‪ ،‬ول‬
‫تسلمي عليه ول تردي عليها السلم حتى يتوب لن‬
‫ترك الصلة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (149‬لشهر جمادى الولى‬


‫من عام ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪443‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫قولي العلماء‪ .‬لقول النبي غير صلى الله عليه وسلم‪:‬‬


‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأصحاب السن بإسناد‬
‫صحيح‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل‬
‫وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( خرجه المام‬
‫مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫أما إن جحد وجوبها فهو كافر بإجماع العلماء‪،‬‬
‫والواجب على أهله أن ينصحوه‪ ،‬ويهجروه إن لم‬
‫يتب‪ ،‬ويجب رفع أمره إلى ولي المر حتى يستتاب‪،‬‬
‫ن َتاُبوا‬ ‫فإن تاب وإل قتل؛ لقول الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫خّلوا‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬
‫ف َ‬ ‫وآت َ ُ‬
‫صلةَ َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫وأ َ َ‬‫َ‬
‫م﴾ وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬نهيت‬ ‫سِبيل َ ُ‬
‫ه ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬
‫عن قتل المصلين(( فدل ذلك على أن من لم يصل‬
‫ل يخلى سبيله‪ ،‬ول مانع من قتله إذا رفع أمره إلى‬
‫ولي المر ولم يتب‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫المتهاون بالصلة والواجب تجاهه‬
‫س‪ :‬كثير من الناس اليوم يتهاون‬
‫بالصلة‪ ،‬وبعضهم يتركها بالكلية فما حكم‬
‫هؤلء؟ وما الواجب على المسلم تجاههم؟‬
‫وبالخص أقاربه من والد وولد وزوجة‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ج‪ :‬التهاون بالصلة من المنكرات العظيمة‪ ،‬ومن‬
‫ن‬
‫صفات المنافقين‪ ،‬قال الله عز وجل‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫وإ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ع ُ‬‫خاِد ُ‬‫و َ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫عو َ‬
‫خاِد ُ‬
‫ن يُ َ‬
‫قي َ‬
‫ف ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مَنا ِ‬
‫‪ -1‬سورة التوبة الية ‪.5‬‬
‫‪ -2‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬
‫‪444‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ن‬
‫ءو َ‬ ‫ساَلى ي َُرا ُ‬ ‫موا ك ُ َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ِ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫قا ُ‬ ‫َ‬
‫ً )‪(1‬‬
‫قِليل﴾ وقال الله‬ ‫ه ِإل َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ول ي َذْك ُُرو َ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا َ‬
‫م‬ ‫قب َ َ‬‫ن تُ ْ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫من َ َ‬‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫في صفتهم‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫ول‬ ‫ه َ‬‫سول ِ ِ‬ ‫وب َِر ُ‬
‫ه َ‬ ‫فُروا ِبالل ّ ِ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ه ْ‬‫م ِإل أن ّ ُ‬ ‫ه ْ‬‫قات ُ ُ‬‫ف َ‬ ‫نَ َ‬
‫ْ‬
‫ن ِإل‬‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ول ي ُن ْ ِ‬ ‫ساَلى َ‬ ‫م كُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫صلةَ ِإل َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ي َأُتو َ‬
‫ن﴾)‪.(2‬‬ ‫هو َ‬ ‫ر ُ‬‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.142‬‬


‫‪ -2‬سورة التوبة الية ‪.54‬‬
‫‪445‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقال النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أثقل الصلة‬


‫على المنافقين صلة العشاء وصلة الفجر ولو‬
‫يعلمون ما فيهما لتوهما ولو حبوا(( متفق على‬
‫صحته‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة‬
‫المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها‪،‬‬
‫وأداؤها بطمأنينة‪ ،‬والقبال عليها بخشوع فيها وإحضار‬
‫ن*‬‫مُنو َ‬ ‫ح ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫فل َ َ‬‫قد ْ أ َ ْ‬‫قلب؛ لقول الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾)‪ (1‬ولما ثبت‬ ‫عو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫صلت ِ ِ‬
‫في َ‬‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر الذي أساء صلته‬
‫فلم يطمئن فيها بالعادة‪ ،‬وعلى الرجال خاصة أن‬
‫يحافظوا عليها في الجماعة مع إخوانهم في بيوت‬
‫الله‪ ،‬وهي‪ :‬المساجد؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬من سمع النداء فلم يأت فل صلة له إل من‬
‫عذر(( أخرجه ابن ماجة‪ ،‬والدارقطني‪ ،‬وابن حبان‪،‬‬
‫والحاكم بإسناد صحيح‪.‬‬
‫قيل لبن عباس رضي الله عنهما‪ :‬ما هو العذر؟‬
‫قال‪) :‬خوف أو مرض(‪ .‬وفي صحيح مسلم‪ ،‬عن أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه جاءه رجل أعمى فقال يا رسول الله ليس‬
‫لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن‬
‫أصلي في بيتي؟ فرخص له ثم دعاه فقال ))هل‬
‫تسمع النداء للصلة((؟ قال نعم قال ))فأجب(( وفي‬
‫الصحيحين‪ ،‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي‬
‫‪ -1‬سورة المؤمنون اليتان ‪.2 – 1‬‬
‫‪446‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬لقد هممت أن آمر‬


‫بالصلة فتقام ثم آمر رجل فيؤم الناس ثم أنطلق‬
‫برجال معهم حزم من حطب‬

‫‪447‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إلى قوم ل يشهدون الصلة فأحرق عليهم بيوتهم((‪.‬‬


‫وهذه الحاديث الصحيحة تدل على أن الصلة‬
‫في جماعة في حق الرجال من أهم الواجبات‪ ،‬وأن‬
‫المتخلف عنها يستحق العقوبة الرادعة نسأل الله أن‬
‫يصلح أحوال المسلمين جميعا ويمنحهم التوفيق لما‬
‫يرضيه‪.‬‬
‫أما تركها بالكلية ولو في بعض الوقات فكفر‬
‫أكبر دل وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي‬
‫العلماء‪ ،‬سواء كان التارك رجل أو امرأة؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك‬
‫والكفر ترك الصلة(( خرجه المام مسلم في‬
‫صحيحه؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد‬
‫الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر((‬
‫أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن الربع بإسناد‬
‫صحيح‪ ،‬مع أحاديث أخرى كثيرة في ذلك‪ .‬أما من‬
‫جحد وجوبها من الرجال أو النساء فإنه يكفر كفرا‬
‫أكبر بإجماع أهل العلم ولو صلى‪.‬‬
‫فنسأل الله لنا ولجميع المسلمين العافية من‬
‫ذلك‪ ،‬إنه خير مسئول‪.‬‬
‫والواجب على جميع المسلمين التناصح‪،‬‬
‫والتواصي بالحق‪ ،‬والتعاون على البر والتقوى‪ ،‬ومن‬
‫ذلك نصيحة من يتخلف عن الصلة في الجماعة أو‬
‫يتهاون بها فيتركها بعض الحيان‪ ،‬وتحذيره من غضب‬
‫‪448‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الله وعقابه‪ ،‬وعلى أبيه وأمه وإخوانه وأهل بيته أن‬


‫ينصحوه‪ ،‬وأن يستمروا في ذلك‪ ،‬حتى يهديه الله‬
‫ويستقيم‪.‬‬
‫وهكذا من يتهاون بها أو يتركها من النساء‪،‬‬
‫فالواجب نصيحتهن‪ ،‬وتحذيرهن من غضب الله‬
‫وعقابه‪ ،‬والستمرار في ذلك‪،‬‬
‫وهجر من لم يمتثل‪ ،‬وعقابه بالدب المناسب‪ ،‬مع‬
‫القدرة على ذلك؛ لن هذا كله من التعاون على البر‬
‫والتقوى‪ ،‬ومن المر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫الذي أوجبه الله على عباده من الرجال والنساء؛‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬‫ع ُ‬‫ت بَ ْ‬ ‫مَنا ُ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬ ‫لقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وي َن ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ض ي َأ ُ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ول َِياءُ ب َ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ة‬
‫كا َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫صلةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫ر َ‬ ‫ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫من ْك َ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬
‫ح ُ‬ ‫سي َْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫ه ُأول َئ ِ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫طي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫َ‬
‫م﴾ ولقول النبي صلى الله‬ ‫)‪(1‬‬
‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫إِ ّ‬
‫عليه وسلم‪)) :‬مروا أولدكم بالصلة لسبع واضربوهم‬
‫عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع((‪.‬‬
‫وإذا كان البنون والبنات يؤمرون بالصلة لسبع‪،‬‬
‫ويضربون عليها لعشر‪ ،‬فالبالغ من باب أولى في‬
‫وجوب أمره بالصلة‪ ،‬وضربه عليها إذا تخلف عنها‪،‬‬
‫مع النصيحة المتواصلة‪.‬‬
‫والتواصي بالحق والصبر عليه؛ لقول الله عز‬
‫ر * ِإل‬
‫س ٍ‬
‫خ ْ‬‫في ُ‬‫ن لَ ِ‬ ‫ن اْل ِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫ر * إِ ّ‬
‫ص ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ع ْ‬ ‫وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫‪ -1‬سورة التوبة الية ‪.71‬‬
‫‪449‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وا‬
‫ص ْ‬
‫وا َ‬‫وت َ َ‬
‫ت َ‬
‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫ر﴾)‪ (1‬ومن ترك الصلة بعد‬ ‫صب ْ ِ‬
‫وا ِبال ّ‬‫ص ْ‬‫وا َ‬
‫وت َ َ‬‫ق َ‬
‫ح ّ‬‫ِبال ْ َ‬
‫البلوغ ولم يقبل النصيحة يرفع أمره إلى المحاكم‬
‫الشرعية حتى تستتيبه‪ ،‬فإن تاب وإل قتل‪.‬‬
‫نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين‪ ،‬ويمنحهم‬
‫الفقه في الدين‪ ،‬ويوفقهم للتعاون على البر والتقوى‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬والتواصي‬
‫بالحق والصبر عليه‪ ،‬إنه جواد كريم‪.‬‬

‫زوجته ل تصلي منذ أن تزوجها وله منها‬


‫)‪(2‬‬
‫أربعة أولد‬
‫س‪ :‬إنني متزوج من امرأة ولي منها‬
‫أربعة أولد‪ ،‬وهي الن حامل بالخامس‬
‫ولكنها ل تصلي منذ أن تزوجتها حتى الن‪،‬‬
‫فبماذا تنصحونني يا سماحة الشيخ؟‬
‫ج‪ :‬هذا منكر عظيم؛ لن الصلة عمود السلم‪،‬‬
‫وهي أعظم الفرائض وأهمها بعد الشهادتين‪ ،‬كما قال‬
‫ة‬
‫كا َ‬‫وآُتوا الّز َ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬‫وأ َ ِ‬‫الله جل وعل‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫ن﴾)‪ (3‬وقال‬ ‫مو َ‬ ‫ح ُ‬‫م ت ُْر َ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫ل لَ َ‬‫سو َ‬ ‫عوا الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫واْرك َ ُ‬
‫عوا‬ ‫وآُتوا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫عَلى‬ ‫ظوا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫ن﴾ وقال سبحانه‪َ ﴿ :‬‬ ‫(‬ ‫‪4‬‬ ‫)‬
‫عي َ‬ ‫ع الّراك ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫موا ل ِل ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫سطى َ‬ ‫َ‬ ‫و ْ‬ ‫ْ‬
‫ة ال ُ‬ ‫صل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫صل َ‬ ‫ال ّ‬
‫سورة العصر كاملة‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫من برنامج نور على الدرب‪ ،‬الشريط رقم )‪.(843‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سورة النور الية ‪.56‬‬ ‫‪-3‬‬
‫سورة البقرة الية ‪.43‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪450‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫موا‬
‫قا ُ‬‫وأ َ َ‬
‫ن َتاُبوا َ‬ ‫ن﴾)‪ (5‬وقال جل وعل‪َ ﴿ :‬‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫قان ِِتي َ‬
‫م﴾ وقال‬ ‫سِبيل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫خّلوا َ‬ ‫ف َ‬‫كاةَ َ‬ ‫وا الّز َ‬ ‫وآت َ ُ‬‫صلةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫)‪(6‬‬

‫وا‬
‫وآت َ ُ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قا ُ‬‫وأ َ َ‬
‫ن َتاُبوا َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ن﴾)‪.(7‬‬‫دي ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫وان ُك ُ ْ‬‫خ َ‬‫فإ ِ ْ‬ ‫الّز َ‬
‫كاةَ َ‬

‫وقال النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي‬


‫بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( خرجه‬
‫المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد صحيح‪ ،‬وقال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر‬
‫ترك الصلة(( رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫والمرأة كالرجل في هذا المر‪ ،‬فدل ذلك على أن‬
‫من لم يصل ل يخلى سبيله‪ ،‬بل يقتل‪ ،‬وعلى أنه ليس‬
‫أخا في الدين‪.‬‬
‫فالواجب استتابتها‪ ،‬وتأديبها حتى تصلي‪ ،‬ومن‬
‫تاب تاب الله عليه‪ ،‬فإن أبت وجب رفع أمرها إلى‬
‫المحكمة حتى تستتيبها‪ ،‬فإن تابت وإل قتلت مرتدة‬
‫عن السلم‪ ،‬ولو كانت مقرة بوجوبها في أصح قولي‬
‫العلماء؛ لليات السابقة والحديثين السابقين‪ ،‬وعلى‬
‫زوجها اعتزالها حتى تتوب‪ ،‬ويجدد النكاح بعد التوبة‪،‬‬
‫وأما أولد السائل منها فلحقون بك من أجل شبهة‬
‫النكاح‪ .‬والله ولي التوفيق‬

‫‪ -5‬سورة البقرة الية ‪.238‬‬


‫‪ -6‬سورة التوبة الية ‪.5‬‬
‫‪ -7‬سورة التوبة الية ‪.11‬‬
‫‪451‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الحكم فيمن ل يصلي ويجحد وجوب الصلة‬


‫ومن يقر بوجوبها ومن يصلي أحيانا ومن‬
‫)‪(1‬‬
‫يتهاون في أدائها‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬ع‪ .‬م ‪ -‬من تمير في المملكة‬
‫العربية السعودية يقول في سؤاله‪ :‬ما حكم‬
‫الشرع المطهر في كل من‪ :‬إنسان )رجل أو‬
‫امرأة( ل يصلي أبدا ويجحد وجوب الصلة‪،‬‬
‫وإنسان ل يصلي أبدا ويقر بوجوب الصلة‪،‬‬
‫وإنسان يصلي أحيانا ويتركها عمدا أحيانا‬
‫وهو مقر بوجوبها‪ ،‬وإنسان ترك الصلة مرة‬
‫أو أكثر عمدا ثم استقام وداوم على‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (167‬لشهر ذي الحجة من‬


‫عام ‪1411‬هـ‪.‬‬
‫‪452‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصلة‪ ،‬وإنسان تهاون في أداء الصلة ولم‬


‫يصلها حتى خرج وقتها؟ أرجو من سماحتكم‬
‫التفصيل في هذا أثابكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬من جحد وجوب الصلة وهو مكلف كفر كفرا‬
‫أكبر إجماعا‪ ،‬ولو فعلها؛ لكونه مكذبا لله سبحانه‬
‫ولرسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أما من تركها تكاسل‬
‫ولم يجحد وجوبها ففي كفره خلف بين أهل العلم‪:‬‬
‫والراجح‪ :‬أنه كافر كفرا أكبر؛ لقول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر(( رواه المام أحمد‪ ،‬وأصحاب‬
‫السنن الربع بإسناد صحيح‪ ،‬من حديث بريدة بن‬
‫الحصيب رضي الله عنه‪ ،‬وخرج مسلم في صحيحه‪،‬‬
‫عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما‪ ،‬عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬بين الرجل وبين‬
‫الشرك والكفر ترك الصلة(( والحاديث الدالة على‬
‫هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫وعلى هذا‪ :‬إذا تزوج المسلم الذي يصلي امرأة ل‬
‫تصلي‪ ،‬أو بالعكس‪ ،‬ثم هدى الله الذي ل يصلي منهما‬
‫وجب تجديد النكاح؛ لنه عقد غير صحيح بسبب‬
‫اختلف الدين؛ ولن التاركة للصلة ليست في حكم‬
‫الكتابيات؛ فلهذا وجب تجديد النكاح في أصح قولي‬
‫العلماء‪ ،‬أما إذا كانا ل يصليان جميعا حين العقد ثم‬
‫هداهما الله واستقاما على الصلة فإن النكاح صحيح‪،‬‬
‫كما لو أسلم غيرهما من الكفار‪ ،‬فإن نكاحهما ل يجدد‬
‫‪453‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إذا لم يكن هناك مانع شرعي من بقاء النكاح؛ لن‬


‫النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الكفار الذين‬
‫أسلموا في عام الفتح وغيره بتجديد أنكحتهم‪ ،‬أما إن‬
‫كان هناك مانع من بقائه مثل‪ :‬أن تكون أختا ً له من‬
‫الرضاعة‪ ،‬أو قد تزوجها ابنه أو أبوه فإنه يفرق بينهما؛‬
‫لوجود المانع من صحة النكاح وبقائه‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫ترك الصلة تهاونا من أكبر الكبائر‬


‫س‪ :‬سمعت في برنامج نور على الدرب‪:‬‬
‫أن تارك الصلة تهاونا كافر كفرا مخرجا من‬
‫الملة‪ ،‬ولكن الشافعية يقولون في كتاب‬
‫)النفحات الصمدية(‪ :‬إنه يستتاب ويقتل إن‬
‫لم يتب‪ ،‬ويصلي عليه ويغسل ويدفن في‬
‫قبور المسلمين‪ ،‬فما رأيكم؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬قد دلت النصوص من الكتاب والسنة على أن‬
‫ترك الصلة تهاونا من أكبر الكبائر‪ ،‬ومن أعظم‬
‫الجرائم؛ لن الصلة عمود السلم وركنه العظم بعد‬
‫الشهادتين؛ فلهذا صار تركها من أقبح القبائح وأكبر‬
‫الكبائر‪.‬‬
‫واختلف العلماء في حكم تاركها هل يكون كافرا‬
‫كفرا أكبر إذا لم يجحد وجوبها‪ ،‬أو يكون حكمه حكم‬
‫أهل الكبائر؟‬
‫‪454‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫على قولين لهل العلم‪:‬‬


‫فمنهم من قال‪ :‬يكون كافرا كفرا أصغر‪ ،‬كما‬
‫ذكره السائل عن الشافعية‪ ،‬وهكذا عن المالكية‪،‬‬
‫والحنفية‪ ،‬وبعض الحنابلة‪ ،‬وقالوا‪:‬‬

‫‪455‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر‪،‬‬


‫وتعلقوا بالحاديث الدالة على أن من مات على‬
‫التوحيد وترك الشرك فله الجنة‪.‬‬
‫أما من جحد وجوبها‪ ،‬فقد أجمع العلماء على‬
‫كفره كفرا أكبر‪ ،‬بخلف إذا تركها تهاونا فقط وهو‬
‫يؤمن بوجوبها‪.‬‬
‫وقال بعض أهل العلم‪ :‬يكون تاركها كافرا كفرا‬
‫أكبر‪ ،‬وإن لم يجحد وجوبها‪ ،‬وهذا منقول عن صحابة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقد ثبت عن عبد‬
‫الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل أنه قال‪) :‬لم‬
‫يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون‬
‫شيئا تركه كفر غير الصلة(‪.‬‬
‫ومعلوم أن الطعن في النساب والنياحة على‬
‫الميت نوع من الكفر‪ ،‬لكنه كفر أصغر‪ .‬فعلم أن‬
‫مراده بذلك‪ :‬أن ترك الصلة عندهم كفر أكبر‪ ،‬وهذا‬
‫هو الصواب؛ لدلة كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬ما ثبت في صحيح‬
‫مسلم‪ ،‬عن جابر رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك‬
‫والكفر ترك الصلة(( ومنها‪ :‬ما رواه المام أحمد‪،‬‬
‫وأبو داود‪ ،‬والترمذي‪ ،‬والنسائي‪ ،‬وابن ماجة بإسناد‬
‫صحيح‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه‪ ،‬عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬العهد الذي‬
‫بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( ومنها‪ :‬قوله‬
‫صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الئمة الذين‬
‫‪456‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يتركون بعض ما أوجب الله عليهم ويتعاطون بعض‬


‫ما حرم الله عليهم أفل نقاتلهم؟ قال ))ل ما أقاموا‬
‫فيكم الصلة(( وفي لفظ آخر ))إل أن تروا كفرا‬
‫بواحا(( فدل على أن ترك الصلة كفر بواح‪.‬‬
‫وهذا هو القول الصواب كما تقدم‪ ،‬وإن كان‬
‫القائلون به أقل من القائلين بأنه كفر أصغر‪ ،‬لكن‬
‫العبرة بالدلة ل بكثرة الناس‪ ،‬يقول سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫عوا‬ ‫﴿يا أ َيها ال ّذين آمُنوا أ َطيعوا الل ّه َ‬
‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫َ ّ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ن ت ََناَز ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫وأوِلي ال ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫فُر ّ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫َ‬
‫خير َ‬ ‫وم ِ اْل ِ‬
‫ن‬‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ك َ ْ ٌ َ‬ ‫ر ذَل ِ َ‬‫خ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬
‫ه َ‬‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫تُ ْ‬
‫خت َل َ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫م ِ‬ ‫فت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫و َ‬ ‫ويًل﴾ ويقول عز وجل ﴿ َ‬ ‫ت َأ ِ‬
‫(‬ ‫‪1‬‬‫)‬

‫ه﴾)‪.(2‬‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬


‫فالدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفر أكبر‪،‬‬
‫وإن لم يجحد التارك وجوبها‪ .‬وبذلك يعلم أن من‬
‫مات على ترك الصلة ل يعتبر من أهل التوحيد؛ لن‬
‫تركه للصلة أبطل توحيده‪ ،‬كما أن من سب الله‬
‫سبحانه‪ ،‬أو سب رسوله عليه الصلة والسلم‪ ،‬أو‬
‫استهزأ بالدين‪ ،‬أو استحل ما حرم الله كالزنا أو‬
‫الخمر‪ ،‬أو جحد ما أوجب الله عليه كالصلة والزكاة‬
‫حتى مات على ذلك ‪ -‬يعتبر كافرا قد بطل توحيده‬
‫بما أتى به من نواقض السلم‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.59‬‬


‫‪ -2‬سورة الشورى الية ‪.10‬‬
‫‪457‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫له إخوة وأقارب ل يصلون فهل‬


‫)‪(1‬‬
‫يقاطعهم‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬م‪ .‬ح ‪ -‬المارات ‪ -‬أبو‬
‫ظبي يقول‪ :‬لي إخوة وأقارب‪ ،‬ولكنهم‬
‫للسف الشديد ل يصلون ول يقيمون حدود‬
‫الله فهل علي أن أقاطعهم وأترك أمرهم‬
‫بالمعروف ونهيهم عن المنكر؛ لنهم يهزأون‬
‫مني ويسخرون‪ ،‬ويقولون‪ :‬هل تريد أن‬
‫تصلح الناس جميعا؟ وقد كرهوا هم‬
‫مجالستي وقاطعوني‪ ،‬فماذا علي أن أفعل‬
‫تجاههم؟‬
‫ج‪ :‬يشرع لك أن تهجرهم‪ ،‬وتقاطعهم ما داموا لم‬
‫يتقبلوا النصيحة وهم على هذه الحال التي ذكرت من‬
‫تركهم الصلة وبعدهم عن الخير‪ ،‬فينبغي لك أن‬
‫تهجرهم‪ ،‬وأن تقاطعهم حتى يهديهم الله‪ ،‬هذا هو‬
‫المشروع لك‪ ،‬بل هذا هو السنة المؤكدة‪.‬‬
‫وبعض أهل العلم يرى وجوب ذلك؛ لضللهم‪،‬‬
‫وبعدهم عن الخير‪ ،‬لكن إذا اتصلت بهم بعض‬
‫الحيان؛ رجاء أن يهديهم الله بالدعوة والتوجيه‬
‫والرشاد فل بأس‪ ،‬وقد هجر النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ثلثة من الصحابة لما تركوا الغزو معه بغير‬
‫عذر‪.‬‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(517‬‬


‫‪458‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالحاصل‪ :‬أن هؤلء يشرع أن يهجروا‪ ،‬وعلى‬


‫القل يكون هجرهم سنة مؤكدة‪ ،‬حتى يهديهم الله‬
‫ويردهم إلى الصواب‪ ،‬نسأل الله لنا ولهم الهداية‬
‫والتوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم الصلة في مسجد فيه قبر‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬م‪ .‬أ‪ .‬ن ‪ -‬من ميت طريف ‪-‬‬
‫دقهلية ‪ -‬بمصر يقول في سؤاله‪ :‬هل تصح‬
‫الصلة في المساجد التي يوجد فيها قبور؟‬
‫ج‪ :‬المساجد التي فيها قبور ل يصلى فيها‪ ،‬ويجب‬
‫أن تنبش القبور وينقل رفاتها إلى المقابر العامة‪،‬‬
‫يجعل رفات كل قبر في حفرة خاصة كسائر القبور‪،‬‬
‫ول يجوز أن يبقى في المساجد قبور‪ ،‬ل قبر ولي ول‬
‫غيره؛ لن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى وحذر‬
‫من ذلك‪ ،‬ولعن اليهود والنصارى على عملهم ذلك‪،‬‬
‫فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬لعن‬
‫الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد((‬
‫قالت عائشة رضي الله عنها يحذر ما صنعوا متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم لما أخبرته أم سلمة‬
‫وأم حبيبة بكنيسة في الحبشة فيها تصاوير فقال‬
‫))أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره‬
‫مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الخامس ص ‪ ،389 ،388‬كما نشرت في المجلة‬
‫العربية في العدد )‪ (98‬لشهر ربيع الول من عام ‪1406‬هـ‪.‬‬
‫‪459‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عند الله(( متفق على صحته‪ ،‬وقال عليه الصلة‬


‫والسلم‪)) :‬أل وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور‬
‫أنبيائهم وصالحيهم مساجد أل فل تتخذوا القبور‬
‫مساجد فإني أنهاكم عن ذلك(( خرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬عن جندب بن عبد الله البجلي‪.‬‬

‫‪460‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فنهى عن اتخاذ القبور مساجد ‪ -‬عليه الصلة‬


‫والسلم ‪ -‬ولعن من فعل ذلك‪ ،‬وأخبر‪ :‬أنهم شرار‬
‫الخلق‪ ،‬فالواجب الحذر من ذلك‪.‬‬
‫ومعلوم أن كل من صلى عند قبر فقد اتخذه‬
‫مسجدا‪ ،‬ومن بنى عليه مسجدا فقد اتخذه مسجدا‪،‬‬
‫فالواجب أن تبعد القبور عن المساجد‪ ،‬وأل يجعل‬
‫فيها قبور؛ امتثال لمر الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وحذرا من اللعنة التي صدرت من ربنا عز‬
‫وجل لمن بنى المساجد على القبور؛ لنه إذا صلى‬
‫في مسجد فيه قبور قد يزين له الشيطان دعوة‬
‫الميت‪ ،‬أو الستغاثة به‪ ،‬أو الصلة له‪ ،‬أو السجود له‪،‬‬
‫فيقع الشرك الكبر‪ ،‬ولن هذا من عمل اليهود‬
‫والنصارى‪ ،‬فوجب أن نخالفهم‪ ،‬وأن نبتعد عن‬
‫طريقهم‪ ،‬وعن عملهم السيئ‪ .‬لكن لو كانت القبور‬
‫هي القديمة ثم بني عليها المسجد‪ ،‬فالواجب هدمه‬
‫وإزالته؛ لنه هو المحدث‪ ،‬كما نص على ذلك أهل‬
‫العلم؛ حسما لسباب الشرك وسدا لذرائعه‪.‬‬
‫هنا شبهة يشبه بها عباد القبور‪ ،‬وهي‪ :‬وجود قبر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده‪.‬‬
‫والجواب عن ذلك‪ :‬أن الصحابة رضي الله عنهم‬
‫لم يدفنوه في مسجده‪ ،‬وإنما دفنوه في بيت عائشة‬
‫رضي الله عنها‪ ،‬فلما وسع الوليد ابن عبد الملك‬
‫مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في آخر القرن‬
‫الول أدخل الحجرة في المسجد‪ ،‬وقد أساء في‬
‫‪461‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ذلك‪ ،‬وأنكر عليه بعض أهل العلم‪ ،‬ولكنه اعتقد أن‬


‫ذلك ل بأس به من أجل التوسعة‪.‬‬
‫فل يجوز لمسلم أن يحتج بذلك على بناء‬
‫المساجد على القبور‪ ،‬أو الدفن في المساجد؛ لن‬
‫ذلك مخالف للحاديث الصحيحة؛ ولن ذلك أيضا من‬
‫وسائل الشرك بأصحاب القبور‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫ل يجوز دفن الميت في المسجد‬
‫من عبد العزيز ين عبد الله بن باز‬
‫إلى حضرة الخ المكرم‪ :‬هـ‪ .‬ع‪ .‬م‪ .‬م سلمه الله‬
‫آمين‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فإشارة إلى رسالتك الكريمة المتضمنة طلب‬
‫بعض الكتب‪ ،‬والجابة عن السؤال الذي ذكرته‪.‬‬
‫نشكر لك اهتمامك وغيرتك ويسرنا تحقيق رغبتك‬
‫بإرسال نسخة من )زاد المعاد( و )العقيدة‬
‫الواسطية( شرح محمد خليل الهراس‪ ،‬و )القاعدة‬
‫الجليلة( لشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬و )فتح المجيد( و‬
‫)شرح الطحاوية( لبن أبي العز‪.‬‬
‫أما بالنسبة للسؤال‪ :‬فالواجب منع الدفن في‬
‫المسجد‪ ،‬وإزالة ما أعده الشخص المذكور ليدفن‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء السابع ص ‪.427 ،426‬‬
‫‪462‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فيه‪ ،‬وأن يستعان في ذلك بالله ثم بأهل العلم‪ ،‬حتى‬


‫يقنع الرجل بأن عمله ل يجوز؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور‬
‫أنبيائهم مساجد((‪.‬‬

‫‪463‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها‪،‬‬


‫ولقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬أل وإن من‬
‫كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم‬
‫مساجد أل فل تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن‬
‫ذلك(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬من حديث جندب‬
‫بن عبد الله البجلي رضي الله عنه‪ ،‬وفي الصحيحين‪،‬‬
‫عن عائشة رضي الله عنها أن أم سلمة وأم حبيبة‬
‫رضي الله عنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كنيسة رأتاها في أرض الحبشة وما فيها من الصور‬
‫فقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬أولئك إذا مات الرجل‬
‫الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك‬
‫الصور‪ ،‬أولئك شرار الخلق عند الله(( فهذه الحاديث‬
‫وما جاء في معناها كلها تدل على تحريم بناء‬
‫المساجد على القبور‪ ،‬ووضع القبور في المساجد؛‬
‫لن ذلك من وسائل الشرك الكبر‪ ،‬وفي صحيح‬
‫مسلم‪ ،‬عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال‪:‬‬
‫)نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص‬
‫القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه(‪.‬‬
‫وما ذلك إل أن البناء على القبور وتجصيصها‬
‫ووضع الستور عليها والصلة عندها وبناء المساجد‬
‫عليها كل ذلك من وسائل الشرك‪.‬‬
‫نسأل الله أن يعافي المسلمين من ذلك‪ ،‬وأن‬
‫يفقههم في الدين‪ ،‬وأن يعينهم على التمسك بشرع‬
‫الله والستقامة عليه‪ ،‬وأن يوفق علماءهم لتبصيرهم‬

‫‪464‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وتوجيههم إلى الخير على ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬إنه‬


‫سميع مجيب‪.‬‬

‫‪465‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأسأل الله لك التوفيق‪ ،‬والعانة على كل خير‪،‬‬


‫إنه خير مسئول‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫تعقيب على وصية شيخ الزهر بدفنه‬


‫)‪(1‬‬
‫في المسجد‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫حضرة الخ المكرم سماحة الدكتور‪ :‬عبد‬
‫الحليم محمود شيخ الزهر وفقه الله ونصر‬
‫آمين‬ ‫به الحق‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت على كلمة للشيخ محمد علي عبد‬
‫الرحيم رئيس جماعة أنصار السنة منشورة في مجلة‬
‫التوحيد عدد شعبان ‪1397‬هـ‪ ،‬قد تضمنت خبرا‬
‫نشرته جريدة الجمهورية في عددها الصادر في ‪/ 7‬‬
‫‪1977 / 5‬م نصه كما يأتي‪) :‬أقام الشيخ عبد الحليم‬
‫محمود شيخ الزهر مسجدا في قريته‪) :‬السلم(‬
‫بمركز بلبيس‪ ،‬وأوصى عند وفاته بأن يدفن في هذا‬
‫المسجد( انتهى الخبر‪.‬‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثامن ص ‪.334 ،333‬‬
‫‪466‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وفي الكلمة المذكورة النصيحة لسماحتكم بعدم‬


‫القدام على هذا العمل المخالف لهداف الشريعة‬
‫المطهرة من تخصيص بيوت الله للصلة والعبادة‬
‫والذكر والدعاء والستغفار وتلوة القرآن‪ ،‬ل للدفن‬
‫فيها واتخاذها مقابر‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد كدرني هذا الخبر كثيرا‪ ،‬واستغربت حصوله‬


‫من سماحتكم‪ -‬إن صح‪ -‬والذي نرجو أن يكون غير‬
‫صحيح؛ لما قد عرف عن تسرع كثير من أصحاب‬
‫الصحف من تشويه الخبار‪ ،‬ونقلها على غير وجهها‬
‫الصحيح‪ ،‬يضاف إلى ذلك‪ :‬أننا نستبعد كثيرا خفاء‬
‫حكم اتخاذ القبور في المساجد عليكم؛ لما ثبت من‬
‫الحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة في تحريم ذلك‪،‬‬
‫والنهي عنه؛ لكون ذلك وسيلة عظيمة من وسائل‬
‫الشرك‪ ،‬وتعلق الكثير من العامة والجهال بأصحاب‬
‫تلك الضرحة‪ ،‬وافتتانهم بهم ودعائهم إياهم من دون‬
‫الله‪ ،‬وجعلهم شركاء لله في طلب النفع ودفع الضر‪،‬‬
‫وقضاء الحوائج مما ل يجوز طلبه إل من الله عز‬
‫وجل‪ -‬كما ل يخفى‪ -‬والواقع من العامة والجهلة عند‬
‫قبر البدوي والحسين وغيرهما من القبور المعظمة‬
‫شاهد بذلك‪ ،‬كما أنه غير خاف على سماحتكم ما صح‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعن اليهود‬
‫والنصارى على اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد‪ ،‬وقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في صحيحه‪،‬‬
‫عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه‪ ،‬عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬أل وإن من‬
‫كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم‬
‫مساجد أل فل تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن‬
‫ذلك((‪.‬‬

‫‪468‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ول شك أن الدفن فيها داخل في اتخاذ القبور‬


‫مساجد الذي ورد في الحاديث المذكورة التحذير‬
‫منه‪ ،‬ولعن من فعله‪.‬‬

‫‪469‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالواجب على سماحتكم العدول عن هذه‬


‫الوصية‪ -‬إن كانت قد صدرت منكم‪ -‬وإعلن ذلك في‬
‫الصحف المحلية‪ ،‬مع بيان أسباب العدول عنها؛ براءة‬
‫للذمة‪ ،‬ونصحا للمة‪ ،‬وحرصا على أن ل يظن‬
‫بسماحتكم إجازة مثل هذا العمل الخطير المخالف‬
‫للشريعة المحمدية‪ ،‬ل سيما وأنتم قدوة لعامة‬
‫الناس‪ ،‬فاحذروا أن تسنوا سنة يكون عليكم وزرها‪،‬‬
‫ومثل وزر من اقتدى بكم فيها‪ ،‬أو أجازها إلى يوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫أما إن كان الخبر غير صحيح‪ ،‬فالواجب التنبيه‬
‫على ذلك في الصحف الرائجة‪ ،‬حتى تعلم براءتكم‬
‫منه‪.‬‬
‫وأسأل الله أن يجعلنا وإياكم من دعاة الهدى‬
‫وأنصار الحق‪ ،‬وأن يثبتنا وإياكم على دينه‪ ،‬إنه جواد‬
‫كريم‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫حكم بناء المساجد قريبا من القبور‬


‫)‪(1‬‬
‫وحكم الصلة في مسجد فيه قبور‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة‬
‫الخ المكرم‪ :‬م‪ .‬ص‪ .‬سلمه الله‪ .‬سلم عليكم ورحمة‬
‫الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪ :‬فأشير إلى استفتائك المقيد‬
‫بإدارة البحوث العلمية والفتاء برقم ‪ 2191‬وتاريخ‬
‫‪ 1407 / 6 / 10‬هـ والذي تسأل‬
‫‪ -1‬إجابة من سماحته على استفتاء مقدم من الخ م‪ .‬ص‪.‬‬
‫‪470‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فيه عن حكم بناء المسجد قريبا من القبور لنتفاع‬


‫أهل القبور بذلك‪ ،‬وحكم الصلة في هذا المسجد‪،‬‬
‫وحكم الصلة في مسجد فيه قبور‪.‬‬
‫ج‪ :‬وأفيدك‪ :‬بأنه ل يجوز بناء المساجد على‬
‫القبور‪ ،‬ول يجوز بناء المساجد قريبا من القبور من‬
‫أجل أن ينتفع أهل القبور ببناء المسجد بجوارهم‪ .‬أما‬
‫إذا كانت القبور خارج المسجد‪ ،‬ويفصل بينها وبينه‬
‫طريق ونحوه‪ ،‬ولم يبن المسجد من أجل تلك القبور‪،‬‬
‫فل حرج في الصلة فيه‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما فيه رضاه‪ .‬والسلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫حكم تتبع آثار النبياء ليصلي‬


‫)‪(1‬‬
‫فيها أو ليبني عليها مساجد‬
‫س‪ :‬الماكن التي صلى بها الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم هل من الفضل بناء مساجد‬
‫عليها‪ ،‬أم بقاؤها كما هي‪ ،‬أو عمل حدائق‬
‫عامة بها؟‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الثامن ص ‪.323‬‬
‫‪471‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلم تتبع آثار النبياء؛ ليصلي فيها‬


‫أو ليبني عليها مساجد؛ لن ذلك من وسائل الشرك‪،‬‬
‫ولهذا كان عمر رضي الله عنه ينهي الناس عن ذلك‪،‬‬
‫ويقول‪) :‬إنما هلك من كان قبلكم بتتبعهم‬

‫‪472‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫آثار أنبيائهم‪ ،‬وقطع رضي الله عنه الشجرة التي في‬


‫الحديبية التي بويع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها‬
‫لما رأى بعض الناس يذهبون إليها ويصلون تحتها؛‬
‫حسما لوسائل الشرك‪ ،‬وتحذيرا للمة من البدع‪،‬‬
‫وكان رضي الله عنه حكيما في أعماله وسيرته‪،‬‬
‫حريصا على سد ذرائع الشرك وحسم أسبابه‪.‬‬
‫فجزاه الله عن أمة محمد خيرا‪ ،‬ولهذا لم يبن‬
‫الصحابة رضي الله عنهم على آثاره صلى الله عليه‬
‫وسلم في طريق مكة وتبوك وغيرهما مساجد؛‬
‫لعلمهم بأن ذلك يخالف شريعته‪ ،‬ويسبب الوقوع في‬
‫الشرك الكبر‪ ،‬ولنه من البدع التي حذر منها عليه‬
‫الصلة والسلم بقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد(( متفق‬
‫عليه‪ ،‬من حديث عائشة رضي الله عنها‪ ،‬وقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬من عمل عمل ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد(( رواه مسلم في صحيحه‪ ،‬وكان عليه الصلة‬
‫والسلم يقول في خطبة الجمعة‪)) :‬أما بعد فإن خير‬
‫الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم وشر المور محدثاتها وكل بدعة ضللة((‬
‫خرجه مسلم في صحيحه‪ .‬والحاديث في هذا المعنى‬
‫كثيرة‪.‬‬
‫والله المستعان‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هل الصلة في مسجد فيه قبر يختلف عن الذي‬


‫فيه قبران أو ثلثة‪ ،‬وما الحكمة من وجود‬
‫قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه في‬
‫)‪(1‬‬
‫المسجد النبوي‬
‫س‪ :‬هناك من يقول‪ :‬إن الصلة يختلف‬
‫حكمها في المسجد الذي فيه قبر عن المسجد‬
‫الذي فيه قبران عن المسجد الذي فيه ثلثة أو‬
‫أكثر‪ .‬نرجو التوضيح في هذا‪ ،‬وكيف الحكم‬
‫والنبي صلى الله عليه وسلم قال‪)) :‬لعن الله‬
‫اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم‬
‫مساجد(( مع العلم بأن بعض الناس الذين‬
‫يأتون من المدينة المنورة يحتجون بأن مسجد‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فيه قبره عليه‬
‫الصلة والسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما‬
‫فهو كعامة المساجد تجوز الصلة فيه‪ ،‬أرجو‬
‫التوضيح‪.‬‬
‫ج‪ :‬الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من يتخذ‬
‫المساجد على القبور‪ ،‬وحذر من ذلك‪ ،‬كما في الحديث‬
‫السابق‪ ،‬وقال‪)) :‬أل وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون‬
‫قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أل فل تتخذوا القبور‬
‫مساجد فإني أنهاكم عن ذلك(( رواه مسلم في‬
‫الصحيح‪ ،‬وروى الشيخان‪ ،‬عن عائشة رضي الله عنها‪،‬‬
‫أن أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما ذكرتا للنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما‬
‫فيها من الصور فقال ))أولئك إذا مات فيهم الرجل‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(62‬‬


‫‪474‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور‬


‫أولئك شرار الخلق عند الله((‪.‬‬

‫فبين صلى الله عليه وسلم أن الذين يبنون‬


‫المساجد على القبور هم شرار الخلق عند الله‪،‬‬
‫وحذر من فعلهم‪.‬‬

‫‪475‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فدل ذلك على أن المسجد المقام على قبر أو‬


‫أكثر ل يصلى فيه‪ ،‬ول فرق بين القبر الواحد أو أكثر‪،‬‬
‫فإن كان المسجد هو الذي بني أخيرا على القبور‬
‫وجب هدمه‪ ،‬وأن تترك القبور بارزة ليس عليها بناء‪،‬‬
‫كما كانت القبور في عهده صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫في البقيع وغيره‪ ،‬وهكذا إلى اليوم في المملكة‬
‫العربية السعودية‪ ،‬فالقبور فيها بارزة ليس عليها بناء‬
‫ول قباب ول مساجد‪ ،‬ولله الحمد والمنة‪.‬‬
‫أما إن كان المسجد قديما ولكن أحدث فيه قبر‬
‫أو أكثر فإنه ينبش القبر وينقل صاحبه إلى المقابر‬
‫العامة التي ليس عليها قباب ول مساجد ول بناء‪،‬‬
‫ويبقى المسجد خاليا منها حتى يصلى فيه‪.‬‬
‫أما احتجاج بعض الجهلة بوجود قبر النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وقبر صاحبيه في مسجده فل حجة‬
‫في ذلك؛ لن الرسول صلى الله عليه وسلم دفن‬
‫في بيته وليس في المسجد‪ ،‬ودفن معه صاحباه أبو‬
‫بكر وعمر رضي الله عنهما‪ ،‬ولكن لما وسع الوليد بن‬
‫عبد الملك بن مروان المسجد أدخل البيت في‬
‫المسجد؛ بسبب التوسعة‪ ،‬وغلط في هذا‪ ،‬وكان‬
‫الواجب أن ل يدخله في المسجد؛ حتى ل يحتج‬
‫الجهلة وأشباههم بذلك‪ ،‬وقد أنكر عليه أهل العلم‬
‫ذلك‪ ،‬فل يجوز أن يقتدى به في هذا‪ ،‬ول يظن ظان‬
‫أن هذا من جنس البناء على القبور أو اتخاذها‬
‫مساجد؛ لن هذا بيت مستقل أدخل في المسجد؛‬
‫للحاجة للتوسعة‪ ،‬وهذا من جنس المقبرة التي أمام‬

‫‪476‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المسجد مفصولة عن المسجد ل تضره‪ ،‬وهكذا قبر‬


‫النبي صلى الله عليه وسلم مفصول بجدار وقضبان‪.‬‬
‫وينبغي للمسلم أن يبين لخوانه هذا؛ حتى ل‬
‫يغلطوا في هذه المسألة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫تهاون بعض المرضى بالصلة‬
‫س‪ :‬كثير من المرضى يتهاون بالصلة‬
‫ويقول‪ :‬إذا شفيت قضيت الصلة‪،‬‬
‫وبعضهم يقول‪ :‬كيف أصل وأنا ل أستطيع‬
‫الطهارة ول التنزه من النجاسة‪ ،‬فبم‬
‫توجهون هؤلء؟‬
‫ج‪ :‬المرض ل يمنع من أداء الصلة بحجة العجز‬
‫عن الطهارة ما دام العقل موجودا‪ ،‬بل يجب على‬
‫المريض أن يصلي حسب طاقته‪ ،‬وأن يتطهر‬
‫بالماء إذا قدر على ذلك‪ ،‬فإن لم يستطع استعمال‬
‫الماء تيمم وصلى‪ ،‬وعليه أن يغسل النجاسة من‬
‫بدنه وثيابه وقت الصلة‪ ،‬أو يبدل الثياب النجسة‬
‫بثياب طاهرة وقت الصلة‪ ،‬فإن عجز عن غسل‬
‫النجاسة وعن إبدال الثياب النجسة بثياب طاهرة‬
‫سقط عنه ذلك‪ ،‬وصلى حسب حاله؛ لقول الله عز‬
‫م﴾)‪ (2‬وقول‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫وجل‪َ ﴿ :‬‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬


‫‪ -2‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪477‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا أمرتكم بأمر‬


‫فأتوا منه ما استطعتم(( متفق على صحته‪ ،‬وقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين رضي‬
‫الله عنهما لما شكا إليه المرض‪ ،‬قال‪)) :‬صل قائما‬
‫فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى‬
‫جنب(( رواه البخاري في صحيحه‪ ،‬ورواه النسائي‬
‫بإسناد صحيح‪ ،‬وزاد‪)) :‬فإن لم تستطع‬
‫فمستلقيًا((‪.‬‬

‫‪478‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم كراهية وعدم السلم على الذين ل‬


‫يصلون‬
‫س‪ :‬الذين ل يصلون أكرههم ول أحب أن‬
‫أسلم عليهم‪ ،‬فهل يجوز لي ذلك أم ل؟‬
‫ج‪ :‬تارك الصلة إن كان جاحدا لوجوبها فهو كافر‬
‫عند جميع أهل العلم‪ ،‬وإن كان تركها متكاسل فهو‬
‫كافر أيضا في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر(( وقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك‬
‫الصلة((‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا فهو مرتكب لكبيرة من الكبائر‪،‬‬
‫وبعض العلماء يرى كفره إذا تركها‪ ،‬ولو كان غير‬
‫جاحد لوجوبها‪ ،‬فهجران تارك الصلة واجب على كل‬
‫مسلم‪ ،‬كما يجب النكار عليه‪ ،‬وتحذيره من عاقبة‬
‫فعله‪ ،‬ويجب على ولة المر استتابته‪ ،‬فإن تاب وإل‬
‫قتل‪.‬‬

‫الواجب أمر جميع من في البيت‬


‫)‪(1‬‬
‫بالصلة‬
‫‪ -1‬هذا الجواب صدر من سماحته في ‪1390 / 6 / 23‬هـ‪.‬‬
‫‪479‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬لي إخوان ثلثة وأنا أكبرهم وعندهم‬


‫زوجات وأقعدهن على صلة الصبح بالقوة‪،‬‬
‫فهل أتركهن وتكون‬

‫‪480‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ذنوبهن على رجالهن‪ ،‬أم أقعدهن؟ مع العلم‬


‫أنهن يصلين‪ ،‬لكن صلة الصبح عليهن صعبة‪.‬‬
‫ج‪ :‬ما دمتم في بيت واحد وأنت أكبر من في‬
‫البيت‪ ،‬فإن الواجب عليك أمر جميع من في البيت‬
‫بالصلة‪ ،‬والتشديد عليهم في ذلك‪ ،‬سواء كانوا رجال‪،‬‬
‫أو نساء‪ ،‬أو أولدا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته(( لكن ينبغي‬
‫لك أن تنادي هؤلء النسوة وأنت خارج الحجرة التي‬
‫يبتن فيها إذا أردت إيقاظهن؛ حتى ل ترى عورتهن‪،‬‬
‫كما ينبغي أن تنصحهن أنت وأزواجهن جميعا حال‬
‫اليقظة والجتماع‪ .‬لعل ذلك ينفعهن ويشجعهن على‬
‫القيام لصلة الفجر في وقتها عند التنبيه‪.‬‬

‫كيف يقضي المسلم ما فاته من‬


‫)‪(1‬‬
‫الصلة‬
‫س‪ :‬كيف يقضي المسلم ما فاته من‬
‫الصلة‪ ،‬كصلة الفجر مثل؟ وهل إذا كانت‬
‫الصلة جهرية يجب عليه أن يجهر فيها؟‬
‫أفيدونا بارك الله فيكم‪.‬‬
‫ج‪ :‬الواجب على من كانت عليه صلوات مفروضة‬
‫أن يبادر بقضائها كما لو أداها‪ ،‬إن كانت جهرية قضاها‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(11‬‬


‫‪481‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫جهرا؛ كالفجر‪ ،‬والعشاء‪ ،‬والمغرب‪ ،‬وإن كانت سرية‬


‫قضاها سرا؛ كالظهر‪ ،‬والعصر‪،‬‬

‫‪482‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يقضيها كما يؤديها في وقتها‪ ،‬هذا إذا كان تركها عن‬


‫نسيان‪ ،‬أو عن نوم‪ ،‬أو عن شبهة مرض يزعم أنه ل‬
‫يستطيع فعلها وهو في المرض فأخرها جهل منه‪،‬‬
‫فهذا يقضيها كما كانت؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬من نام عن الصلة أو نسيها فليصلها إذا‬
‫ذكرها ل كفارة لها إل ذلك(( متفق على صحته‪،‬‬
‫وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه نام عن‬
‫صلة الفجر في بعض أسفاره هو وأصحابه‪ ،‬فما‬
‫أيقظهم إل حر الشمس‪ ،‬فلما استيقظوا أمر صلى‬
‫الله عليه وسلم بلل فأذن فصلها‪ ،‬كما كان يصليها‬
‫في وقتها‪.‬‬
‫أما إذا كان تركها تعمدا‪ ،‬ثم هداه الله وتاب‬
‫فليس عليه قضاء؛ لن تركها كفر أكبر إذا كان تعمدا‪،‬‬
‫فإذا تاب إلى الله من ذلك فليس عليه قضاء؛ لن‬
‫التوبة تمحو ما قبلها‪ ،‬إذا تاب العبد توبة صادقة من‬
‫تركه للصلة محا الله عنه بذلك ما ترك‪ ،‬وليس عليه‬
‫قضاء في أصح قولي العلماء‪.‬‬
‫إنما القضاء في حق من تركها نسيانا‪ ،‬أو جهل‬
‫منه بوجوب أدائها بسبب مرض أصابه فأراد أن‬
‫يؤخرها حتى يصليها وهو صحيح‪ ،‬أو بسبب نوم‪ ،‬هذا‬
‫هو الذي يقضي‪ ،‬أما الذي يتركها تعمدا‪ -‬نعوذ بالله‬
‫من ذلك‪ -‬فهذا يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن‬
‫تركها فقد كفر(( خرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن‬
‫‪483‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب السلمي رضي‬


‫الله عنه‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬بين الرجل‬
‫وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( خرجه المام‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬من حديث جابر بن عبد الله‬
‫رضي الله عنهما‪ .‬وفي الباب‬
‫أحاديث أخرى تدل على ذلك‪.‬‬
‫والخلصة‪ :‬أنه إذا تركها عمدا تهاونا بها أو جحدا‬
‫لوجوبها كفر‪ ،‬فإن كان جاحدا لوجوبها كفر إجماعا‪،‬‬
‫فقد أجمع العلماء على أن من جحد وجوب الصلة‬
‫كفر كفرا أكبر‪ ،‬نسأل الله العافية‪ ،‬أما إن تركها‬
‫تهاونا وتكاسل فهذا قد شابه المنافقين‪ ،‬وذلك كفر‬
‫أكبر في أصح قولي العلماء‪.‬‬
‫فعليه التوبة إلى الله‪ -‬التوبة الصادقة النصوح‪-‬‬
‫المتضمنة‪ :‬الندم على ما مضى‪ ،‬والقلع من ذلك‪،‬‬
‫والعزم أل يعود لمثل ذلك؛ تعظيما لله سبحانه‪،‬‬
‫ورغبة في ثوابه‪ ،‬وحذرا من عقابه‪ ،‬ول قضاء عليه؛‬
‫لن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المرتد عن‬
‫السلم ثم تاب أن يقضي ما ترك من الصلة‪ ،‬وهكذا‬
‫أصحابه رضي الله عنهم في عهد الصديق ومن بعده‬
‫لم يأمروا المرتدين بقضاء الصلوات التي تركوها‪،‬‬
‫وقد قال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬السلم يهدم ما‬
‫كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها(( وقال عليه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬التائب من الذنب كمن ل ذنب‬
‫له((‬

‫‪484‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪485‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هل يقضي الصلة من تركها عمدا إذا‬


‫)‪(1‬‬
‫تاب‬
‫س‪ :‬هل يقضي الصلة من تركها عمدا‬
‫إذا وفقه الله للتوبة سواء كان ما تركه وقتا‬
‫واحدا أو أكثر؟‬
‫ج‪ :‬ل يلزمه القضاء إذا تركها عمدا في أصح‬
‫قولي العلماء‪ .‬لن تركها عمدا يخرجه من دائرة‬
‫السلم ويجعله في حيز الكفار‪.‬‬
‫والكافر ل يقضي ما ترك في حال الكفر؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين‬
‫الشرك والكفر ترك الصلة(( رواه مسلم في‬
‫الصحيح‪ ،‬عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما‪،‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( أخرجه المام‬
‫أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة ابن‬
‫الحصيب رضي الله عنه‪ ،‬ولن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يأمر الكفار الذين أسلموا أن يقضوا ما‬
‫تركوا‪ ،‬وهكذا أصحابه رضي الله عنهم لم يأمروا‬
‫المرتدين لما رجعوا للسلم أن يقضوا‪.‬‬
‫فإن قضى من تركها عمدا ولم يجحد وجوبها فل‬
‫حرج؛ احتياطا وخروجا من خلف من قال بعدم كفره‬
‫إذا لم يجحد وجوبها‪ ،‬وهم أكثر العلماء‪.‬‬
‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬
‫‪486‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫هل يلزم التائب قضاء الصلوات الفائتة‬
‫صاحب السماحة والدنا الشيخ عبد العزيز بن عبد‬
‫الله بن باز مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار‬
‫العلماء وإدارة البحوث العلمية والفتاء‬
‫حفظه الله وأعانه لكل خير السلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته وبعد‪:‬‬
‫فقد تقدم إلي بعض الحضور في درس من‬
‫الدروس السبوعية بسؤال‪ ،‬وأوصاني برفعه إلى‬
‫سماحتكم للجابة عليه مفصل وهو يقول‪ :‬كنت ل‬
‫أصلي منذ الصغر‪ ،‬صليت بعض الوقات بالمناسبة‬
‫وتركت أكثرها‪ ،‬وكان تركي للصلة جهل وإهمال‪ ،‬وبعد‬
‫الزواج بفترة بدأت أصلي‪ ،‬وما زلت ولله الحمد‪،‬‬
‫وكان أمر زوجتي مثل ما كنت عليه‪ ،‬فهي الن تصلي‬
‫وتقوم بقضاء ما تيسر من الصلوات الفائتة يوميا‪ ،‬إل‬
‫أني ل أقوم بقضاء ما علي من صلوات منذ سن‬
‫التكليف‪ ،‬فاختلفنا في هذا المر‪ ،‬فهل يلزمنا القضاء‬
‫لما فات من صلوات أم التوبة كافية؟ أفيدونا‬
‫حفظكم الله وجزاكم خيرا‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫‪ -1‬إجابة سماحته على رسالة شخصية من م‪ .‬ر‪ .‬أ‪ .‬ح في ‪/ 3 / 18‬‬
‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪487‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ابنكم المحب‪ :‬م‪ .‬ر‪ .‬أ‪ .‬ح‬

‫‪488‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪ :‬قد‬


‫دل الكتاب والسنة الصحيحة عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم على أن السلم يهدم ما كان ما قبله‪،‬‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫وأن التوبة تهدم ما كان قبلها‪ ،‬قال الله سبحانه‪ُ ﴿ :‬‬
‫مل‬ ‫ُ‬ ‫عَلى أ َ‬ ‫ُ‬ ‫عبادي ال ّذين أ َ‬
‫ه ْ‬
‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫فوا‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫س‬
‫ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َيا ِ َ ِ َ‬
‫ب‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬‫تَ ْ‬
‫م﴾)‪ (1‬أجمع العلماء‬ ‫حي ُ‬
‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬
‫ه ُ‬‫عا إ ِن ّ ُ‬‫مي ً‬
‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫رحمهم الله على أن هذه الية الكريمة نزلت في‬
‫التائبين‪ ،‬وأنها دالة على أن الله سبحانه يغفر الذنوب‬
‫جميعها للتائبين‪ ،‬وأنه ليس عليهم قضاء صلة ول‬
‫صوم ول غيرهما‪ ،‬وصح عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه قال‪)) :‬السلم يهدم ما كان قبله‬
‫والتوبة تهدم ما كان قبلها(( أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪)) :‬التائب من الذنب كمن ل ذنب له((‪.‬‬
‫وقد أسلم الناس يوم الفتح فلم يأمرهم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم بقضاء شيء مما تركوا من‬
‫فرائض السلم‪ ،‬وهكذا أصحاب النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في عهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما‪ ،‬لما‬
‫ارتد كثير من العرب بعد موت النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم من بني حنيفة وغيرهم‪ ،‬ثم أسلم كثير منهم‬
‫وتاب إلى الله سبحانه‪ ،‬فلم يأمرهم الصحابة رضي‬
‫الله عنهم بقضاء ما تركوا من الصلة والصيام‪ ،‬وهذا‬
‫محل إجماع بين أهل العلم‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة الزمر الية ‪.53‬‬


‫‪489‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬


‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫قضاء الصلوات الفائتة‬


‫س‪ :‬ما حكم الصلوات الفائتة علي‪ ،‬هل‬
‫علي قضاؤها؟ أم ماذا أفعل؟ لنني سمعت‬
‫حديثا عن أنس رضي الله عنه يقول‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬من فاتته‬
‫صلة ولم يحصها فله أن يقيم في آخر‬
‫الجمعة من رمضان ويصلي أربع ركعات‬
‫ويستغفر الله بعدها فهل هذا صحيح؟‬
‫أفيدوني أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس هذا الحديث بصحيح‪ ،‬ول أصل له‪ ،‬ولكن‬
‫عليك القضاء‪ ،‬فإذا ترك النسان صلوات نسيانا‪ ،‬أو‬
‫لسباب نوم أو مرض فإنه يقضيها‪ ،‬أما إن كان تركه‬
‫لها عمدا بل شبهة فإنه ل يقضي؛ لن تركها عمدا كفر‬
‫أكبر‪ ،‬وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء‪.‬‬
‫أما إن ترك الصلة عامدا جاحدا لوجوبها فهو‬
‫يكفر عند جميع أهل العلم‪ ،‬لكن إذا كان يقر بوجوبها‪،‬‬
‫ويعلم أنها فرض عليه‪ ،‬ولكنه تركها تهاونا وتكاسل‬
‫فهذا في حكمه نزاع بين أهل العلم‪.‬‬

‫‪490‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والصواب الراجح في هذه المسألة‪ :‬كفره كفرا‬


‫أكبر‪ ،‬ول قضاء عليه‪ ،‬وعليه التوبة مما سلف‪،‬‬
‫والستقامة على فعلها مستقبل‪.‬‬
‫أما من تركها لمرض أو تركها عن نسيان‪ ،‬أو عن‬
‫نوم فهذا يقضي‪ .‬لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))من نام عن الصلة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ل‬
‫كفارة لها إل ذلك(( وقال تعالى‪:‬‬

‫قدْ‬‫ما َ‬‫م َ‬
‫ه ْ‬‫فْر ل َ ُ‬
‫غ َ‬
‫هوا ي ُ ْ‬‫ن ي َن ْت َ ُ‬ ‫ن كَ َ‬
‫فُروا إ ِ ْ‬ ‫ل ل ِل ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ق ْ‬‫﴿ ُ‬
‫ف﴾)‪ (1‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬التوبة‬ ‫سل َ َ‬‫َ‬
‫تهدم ما كان قبلها والسلم يهدم ما كان قبله(( وقد‬
‫صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر((‪ ،‬وقال عليه الصلة والسلم‪)) :‬رأس المر‬
‫السلم وعموده الصلة وذروة سنامه الجهاد في‬
‫سبيل الله((‪ ،‬وقال أيضا عليه الصلة والسلم‪)) :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( أخرجه‬
‫مسلم في صحيحه رحمه الله‪.‬‬
‫فهذه النصوص وما جاء في معناها كلها دالة على‬
‫كفر من ترك الصلة عمدا تهاونا وتكاسل‪ ،‬ل عن علة‬
‫من نوم أو مرض يسوغ له معه التأخير‪ ،‬أو عن‬
‫نسيان‪ ،‬فالناسي والنائم والمريض الذي يسوغ له‬
‫التأخير يقضي‪ ،‬وأما المتعمد المتساهل فهذا ل‬
‫يقضي‪ ،‬وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى‪ ،‬كما‬
‫تقدم‪.‬‬
‫‪ -1‬سورة النفال الية ‪.38‬‬
‫‪491‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(2‬‬
‫قضاء التائب عن ترك بعض الصلوات‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫حضرة المكرم أعاذه الله من وساوس‬
‫الشيطان ووفقه لما فيه صلح أمر دينه‬
‫ودنياه‪ .‬بعده‪:‬‬
‫وصلني كتابك المتضمن‪ :‬بيان أشياء‬
‫وقعت منك وأشكل‬

‫‪ -2‬أجاب سماحته على هذا السؤال عندما كان رئيسا للجامعة‬


‫السلمية بالمدينة المنورة‪.‬‬
‫‪492‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عليك أمرها‪ .‬وخفت من عاقبتها‪ ،‬وقد سبق‬


‫أن أجبناك في ‪ 1390 / 7 / 13‬هـ بطلب‬
‫حضورك فلم يتيسر ذلك‪ ،‬ونحن الن نجيبك‬
‫إن شاء الله على ما في خطابك‪:‬‬
‫أول‪ :‬ذكرت أنك تصلي في بعض الوقات‬
‫وتدع الصلة في أوقات أخرى‪ ،‬ويحصل منك‬
‫العزم على التوبة في بعض الوقات‪ ،‬ثم‬
‫ترجع عن ذلك‪ ،‬وربما أفضى بك ذلك‬
‫التساهل إلى ترك بقية الركان‪ ،‬وقد عزمت‬
‫على التوبة الصادقة والقلع التام فهل‬
‫تقبل توبتك‪ ،‬أم تكون من الذين قال الله‬
‫مُنوا ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫مآ َ‬ ‫فُروا ث ُ ّ‬ ‫م كَ َ‬‫مُنوا ث ُ ّ‬ ‫نآ َ‬
‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫فيهم‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫فَر‬
‫غ ِ‬
‫ه ل ِي َ ْ‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫فًرا ل َ ْ‬
‫م ي َك ُ ِ‬ ‫دوا ك ُ ْ‬‫دا ُ‬
‫م اْز َ‬ ‫فُروا ث ُ ّ‬‫كَ َ‬
‫م﴾)‪ (1‬الية؟ وهل يشترط في التوبة النطق‬ ‫ه ْ‬‫لَ ُ‬
‫بالشهادتين بمسمع عالم؟ وهل ل بد من‬
‫الغسل وصلة ركعتين‪ ...‬إلى آخره؟‬
‫ج‪ :‬قد بين الله في كتابه العظيم‪ :‬أنه سبحانه‬
‫يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم وكثرت‪،‬‬
‫َ‬
‫فوا‬‫سَر ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬‫كما قال تعالى‪ُ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬
‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬‫م ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬
‫س ِ‬ ‫عَلى أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫فوُر‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬‫ه َ‬‫ه ُ‬ ‫عا إ ِن ّ ُ‬
‫مي ً‬ ‫ج ِ‬‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬‫غ ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه يَ ْ‬
‫م﴾)‪ (2‬أجمع العلماء أن هذه الية في التائبين‪،‬‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.137‬‬


‫‪ -2‬سورة الزمر الية ‪.53‬‬
‫‪493‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد أخبر فيها سبحانه‪ :‬أنه يغفر الذنوب جميعا لهم‪،‬‬


‫إذا صدقوا في التوبة إليه؛ بالندم‪،‬‬

‫‪494‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والقلع من الذنوب‪ ،‬والعزم أن ل يعودوا فيها‪ ،‬فهذه‬


‫هي التوبة‪ ،‬ونهاهم سبحانه عن القنوط من رحمته‪،‬‬
‫وهو‪ :‬اليأس‪ ،‬مهما عظمت الذنوب وكثرت‪ ،‬فرحمة‬
‫ذي‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬‫الله أوسع‪ ،‬وعفوه أعظم‪ ،‬قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫سي َّئا ِ‬
‫ت‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬‫عَباِد ِ‬
‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ة َ‬ ‫وب َ َ‬‫ل الت ّ ْ‬‫قب َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن﴾)‪ (1‬وقال في حق النصارى‪﴿ :‬‬ ‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬‫ما ت َ ْ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫والل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫فُرون َ ُ‬
‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِلى الل ِ‬ ‫فل ي َُتوُبو َ‬ ‫أَ َ‬
‫م﴾)‪ .(2‬وقال النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫َ‬
‫))السلم يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان‬
‫قبلها(( واليات والحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫فالواجب عليك القلع من جميع الذنوب‪ ،‬والحذر‬
‫منها‪ ،‬والعزم على عدم العود فيها‪ ،‬مع الندم على ما‬
‫سلف منها؛ إخلصا لله‪ ،‬وتعظيما له‪ ،‬وحذرا من‬
‫عقابه‪ ،‬مع إحسان الظن به سبحانه‪ ،‬وقد صح عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬يقول‬
‫الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا‬
‫دعاني(( وقال عليه الصلة والسلم في الحديث‬
‫الخر‪)) :‬ل يموتن أحدكم إل وهو يحسن الظن بالله((‬
‫أخرجه مسلم في صحيحه‪.‬‬
‫فاتق الله‪ :‬يا عبد الله‪ ،‬وأحسن ظنك بربك‪ ،‬وتب‬
‫إليه توبة صادقة؛ إرضاء له سبحانه‪ ،‬وإرغاما‬
‫للشيطان‪ ،‬وأبشر بأنه سبحانه سيتوب عليك‪ ،‬ويكفر‬

‫‪ -1‬سورة الشورى الية ‪.25‬‬


‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.74‬‬
‫‪495‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫سيئاتك الماضية إذا صدقت في التوبة‪ ،‬وهو سبحانه‬


‫الصادق في وعده‪ ،‬الرحيم بعباده‪.‬‬

‫‪496‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك‬


‫بشرط‪ ،‬وإنما التوبة تكون بالقرار بما جحدته‪ ،‬وبعمل‬
‫ما تركت‪ ،‬فإذا كان الكفر بترك الصلة فإن التوبة‬
‫تكون بفعل الصلة مستقبل‪ ،‬والندم على ما سلف‪،‬‬
‫والعزيمة على عدم العود‪ ،‬وليس عليك قضاء ما‬
‫تركته من الصلوات‪ .‬لن التوبة تهدم ما كان قبلها‪.‬‬
‫أما إن كنت تركت الشهادتين‪ ،‬أو شككت فيهما‬
‫فإن التوبة من ذلك تكون بالتيان بهما ولو وحدك‪،‬‬
‫فتقول‪) :‬أشهد أن ل إله إل الله‪ ،‬وأشهد أن محمدا‬
‫رسول الله(‪ ،‬عن إيمان وصدق بأن الله معبودك‬
‫الحق ل شريك له‪ ،‬وأن محمدا صلى الله عليه وسلم‬
‫هو عبد الله ورسوله إلى جميع الثقلين‪ ،‬من أطاعه‬
‫دخل الجنة‪ ،‬ومن عصاه دخل النار‪.‬‬
‫أما الغسل فهو مشروع‪ ،‬وقد أوجبه بعض العلماء‬
‫على من أسلم بعد كفره الصلي‪ ،‬أو الردة‪ ،‬فينبغي‬
‫لك أن تغتسل‪ ،‬وذلك بصب الماء على جميع بدنك‬
‫بنية الدخول في السلم‪ ،‬والتوبة مما سلف من‬
‫الكفر‪ ،‬أما صلة ركعتين بعد الغسل فل تجب‪ ،‬ولكن‬
‫يستحب لكل مسلم إذا تطهر الطهارة الشرعية أن‬
‫يصلي ركعتين؛ لحاديث وردت في ذلك‪.‬‬
‫م كَ َ‬
‫فُروا‬ ‫مُنوا ث ُ ّ‬‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫وأما قوله سبحانه‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫فًرا﴾ فليس‬
‫)‪(1‬‬
‫دوا ك ُ ْ‬
‫دا ُ‬‫م اْز َ‬ ‫م كَ َ‬
‫فُروا ث ُ ّ‬ ‫مُنوا ث ُ ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫مآ َ‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.137‬‬


‫‪497‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫معناها‪ :‬أن من زاد كفره أو تكرر ل يتوب الله عليه‪،‬‬


‫وإنما معناها عند أهل العلم‪ :‬استمراره‬

‫‪498‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫على الكفر حتى يموت‪ ،‬كما قال الله سبحانه في‬


‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫الية الخرى في سورة البقرة‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ة‬
‫عن َ ُ‬‫م لَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ك َ َ‬ ‫فاٌر ُأول َئ ِ َ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ماُتوا َ‬ ‫و َ‬ ‫فُروا َ‬ ‫كَ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ج َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫والّنا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ول ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ّ‬ ‫ها ل ي ُ َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ن﴾)‪ (1‬وقال تعالى في سورة آل عمران‪﴿ :‬‬ ‫ي ُن ْظَُرو َ‬
‫فل َ ْ‬
‫ن‬ ‫فاٌر َ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ماُتوا َ‬ ‫و َ‬ ‫فُروا َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫إِ ّ‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ول َ ِ‬
‫و‬ ‫هًبا َ‬ ‫ض ذَ َ‬ ‫لءُ الْر َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫قب َ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫ه ُأول َئ ِ َ‬ ‫دى ب ِ ِ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫ن﴾)‪ (2‬وقال أيضا في سورة البقرة‪﴿ :‬‬ ‫ري َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن َنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫حّتى ي َُر ّ‬ ‫م َ‬ ‫قات ُِلون َك ُ ْ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ول ي ََزاُلو َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫دد ْ ِ‬ ‫ن ي َْرت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫عوا َ‬ ‫ست َطا ُ‬‫َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م إِ ِ‬ ‫ِدين ِك ُ ْ‬
‫حب ِطَ ْ‬
‫ت‬ ‫ك َ‬ ‫فُأول َئ ِ َ‬ ‫فٌر َ‬ ‫كا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫م ْ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ِدين ِ ِ‬
‫وُأول َئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫واْل ِ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مال ُ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن﴾)‪ (3‬فقد أوضح‬ ‫َ‬
‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ُ‬ ‫ب الّنا ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫أ ْ‬
‫الله سبحانه في هذه اليات الثلث أن حصول‬
‫العذاب واللعنة وعدم القبول وحبوط العمال كل‬
‫ذلك مقيد بالموت على الكفر‪.‬‬
‫وقد أجمع العلماء رحمهم الله على أن الكافر‬
‫مهما تنوع كفره ومهما تكررت ردته فإنه مقبول‬
‫التوبة عند الله إذا تاب توبة نصوحا‪ ،‬وهي‬
‫المشتملة على‪ :‬القلع عن الكفر‪ ،‬والعزيمة على‬
‫‪ -1‬سورة البقرة اليتان ‪.162 – 161‬‬
‫‪ -2‬سورة آل عمران الية ‪.90‬‬
‫‪ -3‬سورة البقرة الية ‪.217‬‬
‫‪499‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عدم العودة فيه‪ ،‬والندم على ما مضى منه‪ .‬وإنما‬


‫اختلفوا في حكم من تكررت ردته في حكم‬
‫الشرع في الدنيا‪ ،‬هل يقبل منه ويسلم من القتل‪،‬‬
‫أم ل تقبل منه ويقتل؟‬

‫‪500‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هذا محل الخلف‪ ،‬أما فيما بينه وبين الله سبحانه‬


‫فليس في قبولها خلف إذا كانت توبة نصوحا كما‬
‫تقدم‪ .‬وأرجو أن يكون فيما ذكرناه لك مقنع وكفاية‪.‬‬
‫والواجب عليك البدار بالتوبة الصادقة‪ ،‬والضراعة‬
‫إلى الله سبحانه‪ ،‬واللحاح في الدعاء أن يتقبل منك‪،‬‬
‫وأن يثبتك على الحق‪ ،‬ويعيذك من نزغات الشيطان‬
‫ووساوسه‪ ،‬فإنه العدو المبين الذي يريد إهلكك‬
‫ن‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وإهلك غيرك‪ ،‬كما قال الله سبحانه‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ه‬
‫حْزب َ ُ‬
‫عو ِ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬‫وا إ ِن ّ َ‬‫عد ُ ّ‬
‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬
‫فات ّ ِ‬‫و َ‬‫عد ُ ّ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫ر﴾)‪ (1‬فبادر إلى إرغامه‬ ‫َ‬ ‫ل ِي َ ُ‬
‫عي ِ‬ ‫س ِ‬‫ب ال ّ‬ ‫حا ِ‬
‫ص َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫كوُنوا ِ‬
‫بالتوبة الصادقة‪ ،‬وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة‪،‬‬
‫والسلمة من النار‪ ،‬مع قبول التوبة إذا صدقت في‬
‫ذلك‪ ،‬وأوصيك بالكثار من ذكر الله وتسبيحه وتحميده‬
‫وكثرة الستغفار والصلة والسلم على رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن أفضل ذلك أن تكثر من‬
‫كلمة التوحيد‪) :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬له‬
‫الملك‪ ،‬وله الحمد‪ ،‬وهو على كل شيء قدير(‪،‬‬
‫ومن الكلمات التية‪) :‬سبحان الله‪ ،‬والحمد لله‪،‬‬
‫ول إله إل الله‪ ،‬والله أكبر‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله‪،‬‬
‫سبحان الله وبحمده‪ ،‬سبحان الله العظيم‪ ،‬استغفر‬
‫الله الذي ل إله إل هو الحي القيوم وأتوب إليه‪ ،‬ل إله‬
‫إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين‪ ،‬اللهم إني‬
‫ظلمت نفسي ظلما كثيرا ول يغفر الذنوب إل أنت‬

‫‪ -1‬سورة فاطر الية ‪.6‬‬


‫‪501‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت‬


‫الغفور الرحيم(‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كما نوصيك أيضا بالكثار من تلوة القرآن الكريم‬


‫والتدبر لياته‪ ،‬فإن فيه الهداية لكل خير والتحذير من‬
‫كل شر‪ ،‬ونوصيك أيضا بمطالعة ما تيسر من كتب‬
‫الحديث المعروفة‪ ،‬مثل‪) :‬رياض الصالحين( و )بلوغ‬
‫المرام(‪ ،‬فإن فيها ما ينفعك ويعينك على الخير إن‬
‫شاء الله‪ ،‬أما صوم النافلة؛ كالثنين‪ ،‬والخميس‪،‬‬
‫وصيام ثلثة أيام من كل شهر‪ ،‬فهو قربة وطاعة‬
‫وفيه أجر عظيم‪ ،‬وتكفير للسيئات‪ ،‬ولكن إذا كانت‬
‫أمك ل ترضى بذلك فل تكدرها‪ ،‬فإن الوالدة حقها‬
‫عظيم‪ ،‬وبرها من أهم الواجبات‪ ،‬ولعلها تخاف عليك‬
‫من الكسل إذا صمت‪ ،‬وعدم القيام بالواجب في‬
‫طلب الرزق والقيام بحاجات البيت‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫طلب الرزق الحلل لعاشة العيال وأهل البيت من‬
‫أفضل القربات‪ ،‬بل من أهم الواجبات‪ ،‬وهو أفضل‬
‫من التفرغ لصوم التطوع‪ ،‬وصلة التطوع‪.‬‬
‫وبكل حال فالذي أنصحك به هو‪ :‬أن تسمع قولها‪،‬‬
‫وتطيعها في مثل هذا‪ ،‬وإذا رأيت مجال في المستقبل‬
‫لطلبها الذن فاستأذنها في الصوم إذا كان الصوم ل‬
‫يعطلك ول يضعفك عن المهمات المذكورة آنفا‪.‬‬
‫والله المسئول أن يمنحك الفقه في الدين‪،‬‬
‫ويهديك صراطه المستقيم‪ ،‬ويمن علينا وعليك بالتوبة‬
‫النصوح‪ ،‬ويعيذنا وإياك وسائر المسلمين من نزغات‬
‫الشيطان‪ ،‬وشر النفس وسيئات العمل‪ ،‬إنه جواد‬
‫كريم‪.‬‬

‫‪503‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد‪،‬‬


‫وآله وصحبه‪.‬‬
‫نائب رئيس الجامعة السلمية بالمدينة المنورة‬

‫كيف يقضي الصلة من تركها لعدة‬


‫)‪(1‬‬
‫سنوات‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬م‪ .‬ب‪ -‬من دمشق في سوريا‬
‫يقول في سؤاله‪ :‬هل تكفي سنة الصبح‬
‫والظهر والعصر والمغرب والعشاء عن قضاء‬
‫الصلوات‪ ،‬حيث أنني لم أكن أصلي لعدة‬
‫سنوات‪ ،‬أم أن على النسان أن يقضي هذه‬
‫الصلوات المفروضة التي ألهاه الشيطان‬
‫عنها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬من ترك الصلة المفروضة عمدا وتكاسل‬
‫وتهاونا فقد أتى جريمة عظيمة أعظم من الزنا‬
‫والسرقة وغيرهما من كبائر الذنوب‪ ،‬وهو بذلك يكفر‬
‫كفرا أكبر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر(( خرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل‬
‫السنن الربعة بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين‬
‫الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلة(( خرجه‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (163‬لشهر شعبان من‬


‫عام ‪ 1411‬هـ‪.‬‬
‫‪504‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المام مسلم في صحيحه‪ ،‬عن جابر بن عبد الله‬


‫رضي الله عنهما‪ ،‬ولحاديث أخرى في هذا المعنى‪.‬‬
‫فإن ترك الصلة جحدا لوجوبها كفر بإجماع‬
‫المسلمين كفرا أكبر‪ ،‬والواجب على من تركها جحدا‬
‫لوجوبها أو كسل وتهاونا المبادرة إلى التوبة إلى الله‬
‫سبحانه من ذلك‪ ،‬وذلك بالندم على ما مضى‪،‬‬
‫والعزيمة‬

‫‪505‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصادقة على أل يعود لتركها‪ ،‬مع المحافظة عليها؛‬


‫خوفا من الله‪ ،‬وتعظيما له‪ ،‬وأداء لحقه‪ ،‬ومن تاب‬
‫وُتوُبوا‬ ‫توبة نصوحا تاب الله عليه؛ لقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫عل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ها ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬
‫ه َ‬ ‫إ َِلى الل ّ ِ‬
‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫ن﴾ وقوله سبحانه‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫تُ ْ‬
‫حا﴾)‪ (2‬وقوله عز وجل‪﴿ :‬‬ ‫صو ً‬ ‫ة نَ ُ‬‫وب َ ً‬‫ه تَ ْ‬ ‫ُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬
‫حا ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫صال ِ ً‬‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬ ‫ن َ‬‫م َ‬ ‫وآ َ‬‫ب َ‬ ‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬
‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫غ ّ‬‫وإ ِّني ل َ َ‬ ‫َ‬
‫دى﴾ وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫هت َ َ‬‫ا ْ‬
‫))التائب من الذنب كمن ل ذنب له(( وليس عليه‬
‫قضاء لما ترك من الصلوات؛ لن التوبة النصوح‬
‫كافية في ذلك‪.‬‬
‫نسأل الله أن يحفظ على المسلمين دينهم‪ ،‬وأن‬
‫يهدي ضالهم إلى الحق‪ ،‬إنه سميع مجيب‪.‬‬

‫هل يلزم القضاء أو التوبة فقط على‬


‫من لم‬
‫يصلي حتى بلغ سن الرابعة والعشرين‬
‫)‪(4‬‬
‫من عمره‬
‫سؤال من‪ :‬ط‪ .‬ب‪ -‬الجزائر يقول‪ :‬عمري‬
‫الن ‪ 29‬سنة وقد بدأت أصلي منذ سن‬
‫الرابعة والعشرين‪ ،‬وما زلت ولله الحمد‪،‬‬
‫‪ -1‬سورة النور الية ‪.31‬‬
‫‪ -2‬سورة التحريم الية ‪.8‬‬
‫‪ -3‬سورة طه الية ‪.82‬‬
‫‪ -4‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الخامس ص ‪.428‬‬
‫‪506‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأشكره على أن هداني‪ ،‬ولقد بادرت بقضاء‬


‫ما علي من صلوات منذ أن كان عمري‬
‫خمسة عشر عاما حسب طاقتي‬

‫‪507‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ولكن اختلف رأي الناس‪ :‬فمنهم من يقول‪:‬‬


‫ل يلزمك القضاء والتوبة كافية‪ ،‬ومنهم من‬
‫يقول‪ :‬يلزمك القضاء‪ ،‬أرجو بيان الصواب‪.‬‬
‫ج‪ :‬الصواب‪ :‬أنه ل يلزمك القضاء‪ ،‬والتوبة‬
‫النصوح كافية في ذلك‪ ،‬وهي المشتملة على‪ :‬الندم‬
‫على ما وقع منك‪ ،‬والستقامة على الصلة‪ ،‬والعزم‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫الصادق أل تعود إلى تركها؛ لقول الله عز وجل‪ُ ﴿ :‬‬
‫د‬
‫ق ْ‬‫ما َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫فْر ل َ ُ‬‫غ َ‬ ‫هوا ي ُ ْ‬ ‫ن ي َن ْت َ ُ‬ ‫فُروا إ ِ ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ِل ّ ِ‬
‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ف﴾ الية‪ ،‬وقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫سل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ وقوله‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫)‪(2‬‬
‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫علك ْ‬ ‫نل َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ها ال ُ‬ ‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مُنوا ُتوُبوا إ ِلى الل ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ِ‬ ‫سبحانه‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫حا﴾)‪ (3‬وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫صو ً‬ ‫ة نَ ُ‬ ‫وب َ ً‬ ‫تَ ْ‬
‫))السلم يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان‬
‫قبلها((‪ ،‬وقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬التائب من‬
‫الذنب كمن ل ذنب له(( واليات والحاديث في هذا‬
‫المعنى كثيرة‪.‬‬
‫ونسأل الله عز وجل أن يمنحك الفقه في الدين‬
‫والثبات على الحق‪ ،‬ونوصيك بصحبة الخيار‪ ،‬والحذر‬
‫من صحبة الشرار‪.‬‬
‫تقبل الله توبتك‪ ،‬وأحسن لنا ولك الختام‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة النفال الية ‪.38‬‬


‫‪ -2‬سورة النور الية ‪.31‬‬
‫‪ -3‬سورة التحريم الية ‪.8‬‬
‫‪508‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تركت الصلة جهل ولم تقض الصلة‬


‫)‪(1‬‬
‫الفائتة‬
‫س‪ :‬هذه رسالة وردتنا من المستمعة‪:‬‬
‫أ‪ .‬أ‪ .‬م‪ -‬من السودان‪ -‬أم درمان تقول في‬
‫رسالتها‪ :‬كنت ل أصلي منذ صغري حتى‬
‫بلغت السادسة عشرة من عمري‪ ،‬وكان‬
‫تركي للصلة جهل ولم أقض الصلة‬
‫الفائتة‪ ،‬ولكني الن أصلي النفل والسنن‬
‫المؤكدة والغير مؤكدة ول أدري هل عملي‬
‫هذا صحيح أم ل؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬الحمد لله الذي من عليك بالتوبة‪ ،‬وأبشري‬
‫بالخير‪ ،‬والتوبة تمحو ما قبلها والحمد لله‪ ،‬يقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬التوبة تهدم ما كان‬
‫قبلها(( ويقول صلى الله عليه وسلم‪)) :‬التائب من‬
‫الذنب كمن ل ذنب له(( فالتوبة التي حصلت منك‬
‫يمحو الله بها ما حصل من التقصير فيما مضى‬
‫في ترك الصلة‪ ،‬أما الكثار من صلة النافلة ففيه‬
‫خير كثير يجبر الله به نقص صلة الفرض مع‬
‫الجور العظيمة‪ ،‬يقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما‬
‫تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته‬
‫عليه ول يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى‬
‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(110‬‬
‫‪509‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‬


‫وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله‬
‫التي يمشي بها ولئن سألني لعطينه ولئن‬
‫استعاذني لعيذنه(( وهذا حديث عظيم‪ ،‬رواه‬
‫البخاري في الصحيح‪.‬‬

‫‪510‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وهو يدل على أن التقرب بالنوافل من أسباب كمال‬


‫محبة الله للعبد‪ ،‬ويدل على أن معاداة أولياء الله من‬
‫أسباب حرب الله للعبد وغضبه عليه؛ لقول الله عز‬
‫وجل‪)) :‬من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب(( يعني‪:‬‬
‫أعلنته بالحرب‪.‬‬
‫وأولياء الله‪ :‬هم أهل اليمان وأهل التقوى من‬
‫الرجال والنساء‪ ،‬وهم الذين يؤدون فرائض الله‪،‬‬
‫ويبتعدون عن محارم الله‪ ،‬ويقفون عند حدود الله‪،‬‬
‫هذا هو المؤمن‪ ،‬وهذا هو التقي‪ ،‬وهذا هو الولي‪،‬‬
‫ليس الولي صاحب الخرافات من الصوفية وأشباههم‬
‫من أصحاب البدع‪ ،‬وإنما أولياء الله هم أهل اليمان‪،‬‬
‫وهم أهل التقوى وإن كانوا زراعيين‪ ،‬وإن كانوا عمال‪،‬‬
‫وإن كانوا أطباء‪ ،‬وإن كانوا مهندسين‪ ،‬وإن كانوا‬
‫فراشين في الدوائر‪ ،‬كلهم أولياء الله إذا كانوا من‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫أهل اليمان والتقوى‪ ،‬كما قال الله تعالى‪﴿ :‬أل إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫حَزُنو َ‬‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬
‫ول ُ‬‫م َ‬‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬‫ف َ‬ ‫و ٌ‬‫خ ْ‬‫هل َ‬ ‫ول َِياءَ الل ّ ِ‬‫أ ْ‬
‫ن﴾)‪.(1‬‬‫قو َ‬ ‫و َ‬
‫كاُنوا ي َت ّ ُ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫بين سبحانه في هذه الية‪ :‬أن أولياءه‪ :‬هم أهل‬
‫التقوى واليمان‪ ،‬وهم أهل التوحيد‪ ،‬وهم العابدون‬
‫لله وحده‪ ،‬الذين أدوا فرائضه من الصلة وغيرها‪،‬‬
‫وتركوا المعاصي‪ ،‬فهم أولياء الله وإن لم تحصل لهم‬
‫كرامات‪ ،‬فأكثر الصحابة لم يحصل لهم كرامات‪ ،‬وهم‬
‫أفضل عباد الله‪ ،‬وهم أفضل الولياء بعد النبياء‪،‬‬
‫ما‬
‫و َ‬‫فولي الله هو المؤمن والمؤمنة‪ ،‬وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫‪ -1‬سورة يونس اليتان ‪.63 – 62‬‬
‫‪511‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ول َك ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬
‫قو َ‬ ‫ؤهُ ِإل ال ْ ُ‬
‫مت ّ ُ‬ ‫ول َِيا ُ‬
‫نأ ْ‬ ‫ول َِياءَهُ إ ِ ْ‬
‫كاُنوا أ ْ‬ ‫َ‬
‫ن﴾)‪.(1‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫أ َك ْث ََر ُ‬

‫‪ -1‬سورة النفال الية ‪.34‬‬


‫‪512‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ويدل الحديث المذكور على أن أحب شيء إلى‬


‫الله التقرب إليه بالفرائض من الصلوات والزكوات‬
‫والصيام والحج والجهاد والمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬ثم يستحب لك أيها المسلم أن تتقرب إليه‬
‫بالنوافل كسنة الظهر‪ ،‬وسنة المغرب‪ ،‬وسنة العشاء‪،‬‬
‫وسنة الفجر‪ ،‬وصلتك قبل العصر‪ ،‬وسنة الضحى‪،‬‬
‫والتهجد في الليل‪ ،‬هذه نوافل يشرع للمؤمن أن‬
‫يتقرب بها إلى الله‪ ،‬ويستكثر منها‪ ،‬ويحافظ عليها؛‬
‫حتى تكون محبة الله له أكمل‪ ،‬وحتى يوفق في‬
‫سمعه وبصره ويده ورجله؛ وحتى يوفقه الله فل‬
‫يسمع إل ما أباح الله له‪ ،‬ول ينظر إل إلى ما أباح الله‬
‫له‪ ،‬ول يمشي إل إلى ما أباح الله له‪ ،‬ول يبطش إل‬
‫بما أباح الله له؛ ولهذا قال الله سبحانه في هذا‬
‫الحديث‪)) :‬حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي‬
‫يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها‬
‫ورجله التي يمشي بها((‪.‬‬
‫والمعنى‪ :‬أنه يوفق في هذه المور‪ ،‬وليس‬
‫المعنى‪ :‬أن الله هو سمعه‪ ،‬وأن الله هو بصره‪ ،‬وأن‬
‫الله هو يده ورجله‪ ،‬فإنه سبحانه فوق العرش‪ ،‬وهو‬
‫العالي على جميع خلقه‪ ،‬ولكن مراده سبحانه‪ :‬أنه‬
‫يوفقه في سمعه‪ ،‬وبصره‪ ،‬ومشيه‪ ،‬وبطشه؛ ولهذا‬
‫جاء في الرواية الخرى يقول سبحانه‪)) :‬فبي يسمع‬
‫وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي(( يعني‪ :‬أن يوفقه‬
‫في أعماله‪ ،‬وأقواله‪ ،‬وسمعه‪ ،‬وبصره‪ ،‬هذا معناه عند‬
‫أهل السنة والجماعة‪ ،‬ومع ذلك يجيب الله دعوته‪،‬‬
‫‪513‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإن سأله أعطاه‪ ،‬وإن استعانه أعانه‪ ،‬وإن استعاذه‬


‫أعاذه‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫لم يصل إل بعدما بلغ الرابعة والعشرين من‬


‫)‪(1‬‬
‫عمره هل عليه قضاء‬
‫س‪ :‬السائل‪ :‬ع‪ .‬أ‪ .‬م‪ .‬ع‪ -‬قنا‪ -‬جمهورية‬
‫مصر العربية يقول‪ :‬لم أصل إل بعد ما بلغت‬
‫الرابعة والعشرين من عمري‪ ،‬وصرت الن‬
‫أصلي مع كل فرض فرضا آخر‪ ،‬فهل يجوز‬
‫لي ذلك؟ وهل أداوم على هذا‪ ،‬أم أن علي‬
‫حقوقا أخرى؟ أفيدوني أفادكم الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬الذي يترك الصلة عمدا ليس عليه قضاء على‬
‫الصحيح‪ ،‬وإنما عليه التوبة إلى الله عز وجل؛ لن‬
‫الصلة عمود السلم‪ ،‬وتركها من أعظم الجرائم‪ ،‬بل‬
‫تركها عمدا كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لما ثبت‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد‬
‫كفر(( أخرجه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن بإسناد‬
‫صحيح‪ ،‬عن بريدة رضي الله عنه؛ ولقوله عليه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر‬
‫ترك الصلة(( أخرجه المام مسلم في صحيحه‪ ،‬عن‬
‫‪ -‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(105‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪514‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫جابر بن عبد الله رضي الله عنهما‪ ،‬وفي الباب‬


‫أحاديث أخرى تدل على ذلك‪.‬‬
‫فالواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله‪ -‬التوبة‬
‫الصادقة‪ -‬وذلك؛ بالندم على ما مضى منك‪ ،‬والقلع‬
‫من ترك الصلة‪ ،‬والعزم الصادق على أن ل تعود إلى‬
‫ذلك‪ ،‬وليس عليك أن تقضي‪ -‬ل مع كل صلة‬

‫‪515‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ول في غير ذلك‪ -‬بل عليك التوبة فقط‪ ،‬والحمد لله‪،‬‬


‫وُتوُبوا‬
‫من تاب تاب الله عليه‪ ،‬يقول الله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬
‫عل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن لَ َ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ها ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫عا أي ّ َ‬
‫مي ً‬
‫ج ِ‬ ‫إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫ن﴾)‪ (1‬ويقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫حو َ‬ ‫تُ ْ‬
‫فل ِ ُ‬
‫))التائب من الذنب كمن ل ذنب له((‪.‬‬
‫فعليك أن تصدق في التوبة‪ ،‬وأن تحاسب نفسك‪،‬‬
‫وأن تجتهد بالمحافظة على الصلة في أوقاتها في‬
‫الجماعة‪ ،‬وأن تستغفر الله عما جرى منك‪ ،‬وتكثر من‬
‫العمل الصالح‪ ،‬وأبشر بالخير‪ ،‬يقول الله سبحانه‪﴿ :‬‬
‫حا ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫غ ّ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬ ‫َ‬
‫دى﴾ ولما ذكر الشرك والقتل والزنا في سورة‬ ‫)‪(2‬‬
‫هت َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫ك‬‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫الفرقان قال جل وعل بعد ذلك‪َ ﴿ :‬‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬‫ه ال ْ َ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫ما * ي ُ َ‬ ‫ق أَثا ً‬ ‫ي َل ْ َ‬
‫ل‬‫م َ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫هاًنا * ِإل َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫في ِ‬ ‫خل ُدْ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫سي ّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ك ي ُب َدّ ُ‬ ‫َ‬
‫فأولئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ً‬
‫ه ْ‬ ‫ئات ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫مل َ‬ ‫ع َ‬‫َ‬
‫ما﴾)‪.(3‬‬ ‫حي ً‬ ‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫سَنا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫نسأل الله لنا ولك التوفيق‪ ،‬وصحة التوبة‪،‬‬
‫والستقامة على الخير‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫حكم من يصلي أوقاتا ويترك أخرى‬

‫سورة النور الية ‪.31‬‬ ‫‪-1‬‬


‫سورة طه الية ‪.82‬‬ ‫‪-2‬‬
‫سورة الفرقان اليات ‪.70 – 68‬‬ ‫‪-3‬‬
‫من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(18‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪516‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬شخص يصلي وينقطع مرارا عنها‬


‫وهذا حاله‪ ،‬ما هي نصيحتكم؟‬

‫‪517‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الواجب على كل مسلم ومسلمة تقوى الله‬


‫في كل شيء‪ ،‬والصلة عمود السلم‪ ،‬وهي أعظم‬
‫أركان السلم‪ ،‬وأعظم الفرائض بعد الشهادتين‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم‪ ،‬وعلى كل مسلمة‬
‫العناية بالصلة والمحافظة عليها في أوقاتها‪ ،‬كما قال‬
‫ة‬
‫صل ِ‬ ‫وال ّ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬‫صل َ َ‬‫عَلى ال ّ‬ ‫ظوا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬‫الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫س َ‬
‫وآُتوا‬
‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬‫وأ ِ‬ ‫طى﴾ وقال تعالى‪َ ﴿ :‬‬ ‫و ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫)‪(1‬‬

‫ن﴾)‪ (2‬وقال تعالى‪﴿ :‬‬ ‫عي َ‬ ‫ع الّراك ِ ِ‬‫م َ‬‫عوا َ‬ ‫واْرك َ ُ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫الّز َ‬
‫عوا‬ ‫كاةَ َ‬ ‫وآُتوا الّز َ‬ ‫وأ َ ِ‬
‫طي ُ‬‫وأ ِ‬ ‫َ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫َ‬
‫ن﴾ ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫مو َ‬‫ح ُ‬
‫م ت ُْر َ‬ ‫ُ‬
‫علك ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫لل َ‬ ‫سو َ‬ ‫الّر ُ‬
‫فالصلة أهم عمل بعد الشهادتين‪ ،‬من حفظها‬
‫حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع‪ ،‬ومن‬
‫يفعلها تارة ويتركها تارة فهو كافر في أصح قولي‬
‫العلماء‪ ،‬ولو لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن‬
‫تركها فقد كفر(( رواه المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن‬
‫بإسناد صحيح‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه‪،‬‬
‫ولقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬بين الرجل وبين‬
‫الشرك والكفر ترك الصلة(( أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬ولحاديث أخرى جاءت في الباب‪.‬‬
‫فالواجب على المسلمين ذكورا وإناثا الحذر من‬
‫التهاون والتساهل بها‪ ،‬والواجب المحافظة عليها في‬
‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.238‬‬
‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.43‬‬
‫‪ -3‬سورة النور الية ‪.56‬‬
‫‪518‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الوقت‪ ،‬والعناية بها‪ ،‬والطمأنينة والخشوع‪ ،‬حتى‬


‫تؤدى كما أمر الله‪.‬‬
‫وعلى الرجل أن يحافظ عليها مع الجماعة في‬
‫مساجد الله مع إخوانه المسلمين‪ ،‬وأن يحذر التشبه‬
‫بالمنافقين الذين ل يؤدونها إل رياء‪ ،‬ول يؤدونها في‬
‫الجماعة إل رياء‪ ،‬وإذا غابوا عن الناس تساهلوا‬
‫ن‬
‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬‫مَنا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫وتركوها؛ لقوله تعالى‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫ة‬‫صل ِ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫قا ُ‬‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬‫خاِد ُ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬‫الل ّ َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ول ي َذْك ُُرو َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫ءو َ‬ ‫ساَلى ي َُرا ُ‬ ‫موا ك ُ َ‬ ‫قا ُ‬ ‫َ‬
‫ول‬ ‫ء َ‬ ‫ؤل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ل إ َِلى َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬‫ن ب َي ْ َ‬ ‫مذَب ْذَِبي َ‬‫قِليًل * ُ‬ ‫ِإل َ‬
‫ء﴾)‪ (1‬فليسوا مع المسلمين حقا وليسوا مع‬ ‫ؤل ِ‬ ‫ه ُ‬‫إ َِلى َ‬
‫الكفار حقا‪ ،‬بل هكذا وهكذا مترددون لشكهم وريبهم‪،‬‬
‫ن‬
‫قي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫وكفرهم وضللهم‪ ،‬يقول سبحانه‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫جد َ ل َ ُ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫ول َ ْ‬‫ر َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫س َ‬‫ك اْل ْ‬ ‫في الدّْر ِ‬ ‫ِ‬
‫صيًرا﴾ لكفرهم ونفاقهم‪ ،‬وشكهم‪ ،‬وريبهم‪،‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫نَ ِ‬
‫وإبطانهم الكفر‪ ،‬فالواجب الحذر من صفاتهم ومن‬
‫أخلقهم الذميمة‪.‬‬

‫فضل الصلة في داخل الكعبة عن‬


‫)‪(3‬‬
‫خارجها‬

‫‪ -1‬سورة النساء اليتان ‪.143 – 142‬‬


‫‪ -2‬سورة النساء الية ‪.145‬‬
‫‪ -3‬نشرت في جريدة البلد في العدد )‪ (11050‬ليوم السبت ‪5 / 10‬‬
‫‪ 1415 /‬هـ‪.‬‬
‫‪519‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬هل الصلة في داخل الكعبة لها مزية‬


‫عن خارجها؟ وهل يجوز أن يتحدث النسان‬
‫عما رآه في داخل الكعبة؟‬
‫ج‪ :‬الصلة داخل الكعبة مستحبة‪ ،‬إذا تيسرت من‬
‫دون كلفة ول مشقة ول إيذاء أحد‪ ،‬فقد دخلها النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وصلى فيها‪ ،‬كما ثبت‬

‫‪520‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هذا في الصحيحين ويروى عنه عليه السلم أنه‬


‫خرج كئيبا وقال‪)) :‬إنني أخشى أن أكون قد‬
‫شققت على أمتي(( ولما سألته عائشة عن‬
‫الصلة في الكعبة قال ))صلي في الحجر فإنه من‬
‫البيت((‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن الصلة في البيت مستحبة‬
‫وقربة وطاعة وفيها فضل‪ ،‬ولكن ل ينبغي‬
‫المزاحمة فيها‪ ،‬ول اليذاء‪ ،‬ول تعاطي ما يشق‬
‫عليه وعلى الناس‪ ،‬ويكفيه أن يصلي في الحجر‬
‫فإنه من البيت‪ ،‬ول بأس أن يتحدث عما رآه في‬
‫الكعبة من جهة ما فيها من نقوش أو في سقفها‬
‫أو غير ذلك‪ ،‬ول بأس أن يتحدث فيقول‪ :‬رأيت كذا‬
‫أو رأيت كذا‪ ،‬ل حرج في ذلك‪.‬‬
‫والسنة إذا دخلها‪ :‬أن يصلي فيها ركعتين‪،‬‬
‫ويكبر في نواحيها‪ ،‬ويدعو الله عز وجل بما تيسر‬
‫من الدعاء ول سيما جوامع الدعاء‪ ،‬فقد دخلها‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وصلى فيها وكبر في‬
‫نواحيها ودعا‪ ،‬كل ذلك ثابت عنه عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬

‫‪521‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب بببببب‬
‫بببببببب‬
‫كيفية الذان الصحيح‬
‫س‪ :‬كيف يكون الذان الصحيح؟ وما هو‬
‫رأيكم في الزيادة التي تقال بعد ل إله إل‬
‫الله؟‬
‫ج‪ :‬الذان الصحيح‪ :‬هو الذي علمه النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أمته‪ ،‬وكان يؤذن به بلل بين يديه‬
‫حتى توفي عليه الصلة والسلم‪ ،‬وكان يؤذن به‬
‫المؤذنون في حياته في مكة وفي المدينة‪ ،‬وهو‬
‫الذان المعروف الن‪ ،‬وهو خمس عشرة جملة‪) :‬الله‬
‫أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬أشهد أن ل إله‬
‫إل الله‪ ،‬أشهد أن ل إله إل الله‪ ،‬أشهد أن محمدا‬
‫رسول الله‪ ،‬أشهد أن محمدا رسول الله‪ ،‬حي على‬
‫الصلة‪ ،‬حي على الصلة‪ ،‬حي على الفلح‪ ،‬حي على‬
‫الفلح‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬ل إله إل الله(‪.‬‬
‫هذا هو الذان الذي كان يؤذن به بلل بين يدي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله‪ ،‬وفي‬
‫الفجر يزيد‪) :‬الصلة خير من النوم( مرتين بعد‬
‫الحيعلة‪ ،‬وقبل التكبير الخير‪.‬‬

‫‪522‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما ما يزيده بعض الناس‪) :‬حي على خير العمل(‬


‫أو )أشهد أن عليا ولي الله(‪ ،‬كما يفعله بعض الشيعة‬
‫فهذا منكر وبدعة ل يجوز‪ ،‬وكذلك ما يزيده بعض‬
‫الناس من الصلة على النبي مع الذان عندما يقول‪:‬‬
‫)ل إله إل الله(‪ ،‬يزيد‪) :‬الصلة على النبي( رافعا بها‬
‫صوته مع الذان أو في المكبر‪ ،‬فهذا ل يجوز وبدعة‬
‫أيضا‪ ،‬ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫بينه وبين نفسه‪ ،‬ل في الذان‪.‬‬
‫فإذا فرغ من الذان‪ ،‬فالمشروع للمسلم‪ :‬أن‬
‫يصلي على النبي عليه الصلة والسلم‪ ،‬ثم يقول‪:‬‬
‫)اللهم رب هذه الدعوة التامة‪ ،‬والصلة القائمة‪ ،‬آت‬
‫محمدا الوسيلة والفضيلة‪ ،‬وابعثه مقاما محمودا الذي‬
‫وعدته‪ ،‬إنك ل تخلف الميعاد(‪ ،‬هذا مشروع لكل‬
‫مسلم وكل مسلمة بعد الذان‪ ،‬والمؤذن كذلك إذا‬
‫قال‪) :‬ل إله إل الله( شرع له بعد ذلك الصلة على‬
‫النبي مثل غيره‪ ،‬ثم يقول‪) :‬اللهم رب هذه الدعوة‬
‫التامة‪ ،‬والصلة القائمة‪ ،‬آت محمدا الوسيلة‬
‫والفضيلة‪ ،‬وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته(‪ ،‬لكن ل‬
‫يجوز أن يرفع ذلك مع الذان؛ لن الذان ينتهي بقول‪:‬‬
‫)ل إله إل الله(‪.‬‬
‫ول مانع أن يسمع المجيب من حوله؛ ليقتدي به؛‬
‫لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬إذا‬
‫سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي‬
‫فإنه من صلي علي صلة صلى الله عليه بها عشرا‬

‫‪523‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل‬


‫تنبغي إل لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو‬
‫فمن سأل الله لي‬

‫‪524‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الوسيلة حلت له الشفاعة(( هكذا قال عليه الصلة‬


‫والسلم‪ ،‬رواه مسلم في الصحيح‪ ،‬من حديث عبد‬
‫الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما‪ ،‬وهو سنة‬
‫في حق الجميع‪ :‬المؤذن والمستمع من الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬في الحاضرة والبادية‪ ،‬وفي كل مكان‪ ،‬بعد‬
‫الفراغ من الذان يقولون‪) :‬اللهم صل على محمد(‪،‬‬
‫أو )اللهم صل وسلم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه(‪ ،‬بصوت غير صوت الذان‪ ،‬بصوت منخفض‬
‫ليس مع الذان‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك يقول‪) :‬اللهم رب هذه الدعوة التامة‪،‬‬
‫والصلة القائمة‪ ،‬آت محمدا الوسيلة والفضيلة‪،‬‬
‫وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته(‪ .‬لما رواه البخاري‬
‫في الصحيح‪ ،‬عن جابر بن عبد الله النصاري‪ ،‬عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من قال حين‬
‫يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلة‬
‫القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما‬
‫محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة((‬
‫هكذا جاء الحديث عن النبي عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫زاد البيهقي في آخره‪)) :‬إنك ل تخلف الميعاد(( بسند‬
‫حسن‪ ،‬هذا هو المشروع‪.‬‬
‫أما الزيادة في الذان بقول المؤذن‪) :‬حي على‬
‫خير العمل(‪ ،‬أو )أشهد أن عليا ولي الله(‪ ،‬أو غير‬
‫ذلك‪ -‬فبدعة ل أساس لها كما تقدم‪ ،‬ول يجوز قولها؛‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من عمل عمل‬

‫‪525‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ليس عليه أمرنا فهو رد(( خرجه مسلم في صحيحه‪،‬‬


‫عن عائشة رضي الله عنها‪.‬‬

‫‪526‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وفي صحيح مسلم أيضا‪ ،‬عن جابر رضي الله‬


‫عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول‬
‫في خطبة الجمعة‪)) :‬أما بعد فإن خير الحديث كتاب‬
‫الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫وشر المور محدثاتها وكل بدعة ضللة((‬
‫والحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫المشروع في ألفاظ الذان والقامة‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫إلى حضرة الخ المكرم‪ :‬م‪ .‬أ‪ .‬م‪ .‬ع سلمه‬
‫الله سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة‬
‫البحوث العلمية والفتاء برقم ‪ ،1765‬وتاريخ‬
‫‪ 1408 / 4 / 25‬هـ الذي تسأل فيه عن جملة‬
‫من السئلة‪.‬‬
‫وأفيدك‪ :‬أن المر في الذان والقامة واسع على‬
‫ضوء ما جاء في الحاديث الصحيحة عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ولكن الفضل‪ :‬هو تثنية ألفاظ‬
‫التكبير في أول القامة وآخرها‪ ،‬وفي )قد قامت‬
‫الصلة( وإفراد ألفاظ ما سوى ذلك؛ لن ذلك هو‬
‫الذي كان يفعله بلل رضي الله عنه بين يدي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم إلى أن توفى الله نبيه‬
‫محمدا عليه الصلة والسلم‪.‬‬

‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ 2 / 1309‬في ‪ 1408 / 5 / 16‬هـ‪.‬‬


‫‪527‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وفق الله الجميع لما فيه رضاه‪ .‬والسلم عليكم‬


‫ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم الذان والقامة بغير طهارة‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى‬
‫حضرة الخ المكرم‪ :‬خ‪ .‬ع‪ .‬ع‪ .‬ج سلمه الله‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بالمانة‬
‫العامة لهيئة كبار العلماء برقم ‪ 5917‬وتاريخ‬
‫‪ 1409 / 8 / 25‬هـ الذي تسأل فيه عن عدد‬
‫من السئلة‪.‬‬
‫وأفيدك‪ :‬بأنه يصح الذان والقامة بدون طهارة‪،‬‬
‫والفضل‪ :‬أن يكون المؤذن والمقيم على طهارة‪،‬‬
‫وهكذا الصلة صحيحة‪ ،‬ولو كان المؤذن أو المقيم‬
‫على غير طهارة‪ ،‬وإذا كان المؤذن أو المقيم صلى‬
‫على غير طهارة لزمه العادة كغيره من الناس‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما فيه رضاه‪ ،‬إنه سميع‬
‫مجيب‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫خروج المؤذن من المسجد بعد الذان‬
‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ 2 / 4338‬وتاريخ ‪1409 / 9 / 16‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (243‬لشهر ربيع الخر من‬
‫عام ‪ 1418‬هـ‪.‬‬
‫‪528‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬أ‪ .‬م‪ .‬ج‪ -‬الرياض يقول في سؤاله‪:‬‬


‫هل يجوز للمؤذن أن يخرج من المسجد بعد‬
‫رفعه الذان لبعض حاجته‪،‬‬

‫‪529‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كأن يكون لديه ضيوف يود توديعهم ثم يعود‬


‫قبل إقامة الصلة‪ ،‬وهل يجوز أن يرفع‬
‫الذان وهو على غير طهارة ثم يخرج‬
‫للوضوء؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬
‫ج‪ :‬يجوز الخروج من المسجد بعد الذان لحاجة‬
‫عارضة كالوضوء‪ ،‬وكالحاجة التي ذكرها السائل إذا‬
‫كان يرجع قبل القامة‪ ،‬ول يجوز الخروج بعد الذان‬
‫لمن ل يريد الرجوع إل بعذر شرعي؛ لما ثبت عن‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬أنه رأى رجل خرج من‬
‫المسجد بعد الذان فقال أما هذا فقد عصى أبا‬
‫القاسم صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم في‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫وهو محمول عند أهل العلم على من ليس له‬
‫عذر شرعي‪ .‬عمل بالدلة كلها‪ .‬ويجوز للمسلم أن‬
‫يؤذن وهو على غير طهارة ثم يتطهر بعد ذلك‪ ،‬ولكن‬
‫أذانه وهو على طهارة أفضل؛ لما روي عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ل يؤذن إل‬
‫متوضئ(( لكن سنده ضعيف‪.‬‬
‫ولكن يستفاد منه أن الوضوء أفضل قبل أن‬
‫يؤذن إذا تيسر ذلك‪ .‬وهكذا التيمم لمن عجز عن‬
‫الوضوء؛ لمرض أو فقد ماء‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫هل يجوز أن يؤذن شخص ويقيم آخر‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (242‬لشهر ربيع الول من‬
‫عام ‪ 1418‬هـ‪.‬‬
‫‪530‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬الخ‪ :‬ص‪ .‬ع‪ .‬م‪ .‬من نجران يقول في‬


‫سؤاله‪ :‬تأخر المؤذن قليل عن موعد الذان‬
‫فأذن أحد الخوة الموجودين‬
‫بالمسجد‪ ،‬وعند القامة أقام المؤذن‬
‫الرسمي في المسجد فهل في هذا الفعل‬
‫شيء؟ أي‪ :‬هل يجوز أن يؤذن شخص‪ ،‬ويقيم‬
‫آخر؟ أفتونا مأجورين‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل حرج في ذلك‪ ،‬ولكن الفضل أن يتولى‬
‫القامة من تولى الذان‪ ،‬كما كان الحال هكذا على‬
‫عهد النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وروي عنه صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬من أذن فهو يقيم(( ولكن‬
‫إسناده ضعيف‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم اللحن والتمطيط في الذان‬
‫س‪ :‬يلحظ أن كثيرا من المؤذنين‬
‫يمططون الذان‪ ،‬فما الحكم في ذلك ؟‬
‫ج‪ :‬ينبغي للمؤذن أن يصون الذان من اللحن‬
‫والتلحين‪ .‬واللحن كونه يخل بالعراب‪ ،‬كأن يقول‪:‬‬
‫أشهد أن محمدا رسو َ‬
‫ل الله بفتح اللم‪ ،‬بل يجب ضم‬
‫لم )رسول الله(؛ لن رسول الله خبر أن مرفوعا‪،‬‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪531‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإن نصب )اللم( كان ذلك من اللحن الممنوع‪ ،‬وإن‬


‫كان ل يخل بالمعنى في الحقيقة‪ ،‬ول يمنع صحة‬
‫الذان؛ لن مقصود المؤذن‪ :‬هو الخبار بأن محمدا‬
‫صلى الله عليه وسلم هو رسول الله؛ ولن بعض‬
‫العرب ينصب المعمولين‪ ،‬لكن ذلك لحن عند أكثر‬
‫العرب‪ .‬وأما التلحين‪ :‬فهو التطويل والتمطيط‪ ،‬وهو‬
‫مكروه في الذان والقامة‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫الذان الول لصلة الفجر مستحب‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ص‪ .‬م‪ -‬من الرياض يقول‬
‫فيه‪ :‬هل ورد في الذان الول للفجر حث‬
‫من النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكم‬
‫الفارق بينه وبين الذان الثاني؟‬
‫ج‪ :‬الذان الول مستحب؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬إن بلل يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى‬
‫ينادي ابن أم مكتوم(( قال الراوي‪) :‬وكان رجل أعمى‬
‫ل ينادي حتى يقال له‪ :‬أصبحت أصبحت(‪ ،‬وهذا يدل‬
‫على أنه صلى الله عليه وسلم أقر بلل على عمله‪،‬‬
‫وبين صلى الله عليه وسلم الحكمة في ذلك بقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم في إحدى الروايات‪)) :‬إن بلل‬
‫يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم(( الحديث‪.‬‬
‫وليس في ذلك حد محدود‪.‬‬
‫والفضل أن يكون الذان الول قريبا من الذان‬
‫الخير؛ لقول الراوي في بعض الروايات‪) :‬وليس‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1569‬بتاريخ ‪/ 7 / 17‬‬


‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪532‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بينهما إل أن يصعد هذا وينزل هذا(‪ ،‬والمعنى‪ :‬أنه‬


‫ليس بينهما إل وقت ليس بالطويل‪.‬‬
‫حكم أذان الفجر قبل دخول الوقت‬
‫)‪(1‬‬

‫س‪ :‬ما حكم الذان لصلة الفجر قبل‬


‫دخول الوقت؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج في ذلك‪ ،‬إذا كان هناك مؤذن يؤذن‬
‫بعد طلوع الفجر‪ ،‬أو كان المؤذن الذي يؤذن قبل‬
‫طلوع الفجر يعيد الذان بعد‬
‫طلوع الفجر‪ ،‬حتى ل يشتبه المر على الناس‪.‬‬
‫وإذا أذن للفجر أذانين شرع له في الذان الذي‬
‫بعد طلوع الفجر أن يقول‪) :‬الصلة خير من النوم(‬
‫بعد الحيعلة‪ .‬حتى يعلم من يسمعه أنه الذان الذي‬
‫يوجب الصلة ويمنع الصائم من تناول الطعام‬
‫والشراب‪ .‬والدليل على ذلك‪ :‬قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما‪)) :‬إن‬
‫بلل يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم‬
‫مكتوم(( متفق على صحته‪ ،‬وقول أنس رضي الله‬
‫عنه‪) :‬من السنة إذا قال المؤذن في الفجر‪ :‬حي‬
‫على الفلح‪ ،‬أن يقول‪ :‬الصلة خير من النوم( أخرجه‬
‫ابن خزيمة في صحيحه‪ ،‬والدارقطني بإسناد صحيح‪،‬‬
‫ولنه صلى الله عليه وسلم أمر أبا محذورة أن يقول‬
‫في أذان الفجر ))الصلة خير من النوم(( وجاء في‬
‫بعض روايات حديث أبي محذورة في الذان الول‬

‫‪ -1‬صدر الجواب من مكتب سماحته ثم قرئ عليه ثانية في ‪/ 4 / 4‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪533‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫للصبح‪ ،‬والمراد به‪ :‬الذان بعد طلوع الفجر‪ ،‬وسمي‬


‫بالول؛ لن القامة هي الذان الثاني‪.‬‬
‫كما دل على ذلك حديث عائشة المخرج في‬
‫صحيح البخاري رحمه الله‪ ،‬ودل على ذلك أيضا قوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين كل أذانين صلة بين‬
‫أذانين صلة(( وقال في الثالثة ))لمن شاء((‪.‬‬
‫وأما الذان الول المذكور في حديث ابن عمر‪:‬‬
‫))إن بلل يؤذن بليل(( فالمقصود منه‪ :‬التنبيه لهم‬
‫على قرب الفجر‪ ،‬فل يشرع فيه أن يقول‪) :‬الصلة‬
‫خير من النوم(؛ لعدم دخول وقت الصلة‪ ،‬ولنه إذا‬
‫قال ذلك في الذانين التبس على الناس‪ ،‬فتعين‬

‫‪534‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أن يقول ذلك في الذان الذي يؤذن به بعد طلوع‬


‫الفجر‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪ ،‬والهادي إلى سواء السبيل‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫)الصلة خير من النوم( هل تقال في‬
‫)‪(1‬‬
‫الذان الول أو الثاني لصلة الفجر‬
‫س‪ :‬جملة )الصلة خير من النوم( هل‬
‫تقال في الذان الول قبل الفجر؟ أم في‬
‫الذان الثاني؟ وما الدليل على قولها؟ وماذا‬
‫يقول من سمعها بعد المؤذن؟‬
‫ج‪ :‬السنة‪ :‬أن تقال في الذان الخير بعد الفجر‪،‬‬
‫كما جاء ذلك في حديث أبي محذورة‪ ،‬وجاء في‬
‫حديث عائشة دللة على أن المؤذن كان يقولها في‬
‫الذان الخير بعد الفجر‪ ،‬قالت‪ :‬ثم يقوم النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فيصلي الركعتين ثم يخرج للصلة‬
‫بعد الذان الذي هو الذان الخير بالنسبة إلى ما‬
‫يسمى بالذان الول فهو أذان أول بالنسبة للقامة؛‬
‫لن القامة يقال لها‪ :‬الذان الثاني‪ ،‬فالسنة‪ :‬أن يأتي‬
‫بهذا اللفظ في الذان الذي يؤذن به بعد طلوع‬
‫الفجر‪ ،‬وهو الخير بالنسبة للذان الذي ينادي به في‬
‫آخر الليل؛ لينبه النائم‪ ،‬ويرجع القائم‪ ،‬وهو الول‬
‫بالنسبة للقامة؛ لكونها أذانا ثانيا‪ ،‬كما قال النبي‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪ ،‬قرئ مرة ثانية على سماحته في ‪/ 7‬‬
‫‪ 1415 / 8‬هـ‪.‬‬
‫‪535‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين كل أذانين صلة بين كل‬


‫أذانين صلة(( والمراد بذلك‪ :‬الذان والقامة‪.‬‬

‫‪536‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإذا قال المؤذن‪) :‬الصلة خير من النوم( فإن‬


‫المجيب يقول مثله‪) :‬الصلة خير من النوم(‪ :‬لقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا‬
‫مثلما يقول(( متفق على صحته‪.‬‬
‫إل عند قول المؤذن‪) :‬حي على الصلة‪ ،‬حي على‬
‫الفلح( فإن على السامع أن يقول‪) :‬ل حول ول قوة‬
‫إل بالله(‪ .‬لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ،‬خرجه‬
‫مسلم في الصحيح‪.‬‬

‫الفضل أن يقال )الصلة خير من النوم(‬


‫)‪(1‬‬
‫في الذان الثاني من صلة الفجر‬
‫س‪ :‬متى يقال‪) :‬الصلة خير من النوم(‪،‬‬
‫في الذان الول أم الثاني؟‬
‫ج‪ :‬الفضل‪ :‬أن يقال ذلك في الذان الخير الذي‬
‫هو الثاني‪ :‬الذي يقال بعد طلوع الفجر‪ ،‬كما جاء في‬
‫حديث عائشة أن المؤذن كان يقوله‪ ،‬فإذا فرغ‬
‫المؤذن قام النبي صلى الله عليه وسلم لصلة الفجر‬
‫ثم أدى سنة الفجر‪ ،‬ثم خرج للناس‪ ،‬فهذا يقال في‬
‫الذان الخير؛ لنه هو محل اليقاظ الواجب‪ ،‬أما‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1547‬بتاريخ ‪/ 2 / 11‬‬


‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪537‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الول فهو للتنبيه لنهاء التهجد‪ ،‬وإيقاظ النائم‪ ،‬وصلة‬


‫الوتر‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬

‫الحكمة في ذكر )ل حول ول قوة‬


‫)‪(1‬‬
‫إل بالله( بين الحيعلتين‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة‬
‫الخ المكرم هـ‪ .‬م‪ .‬ث سلمه الله‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث‬
‫العلمية والفتاء برقم ‪ ،1513‬وتاريخ ‪1407 / 4 / 21‬‬
‫هـ المشتمل على ثلثة أسئلة‪ ،‬وإليك الجواب)‪.(2‬‬
‫س ‪ :3‬ما العلة في ذكر‪) :‬ل حول ول قوة‬
‫إل بالله( بين الحيعلتين علما أن معناهما‪:‬‬
‫دعوة للصلة؟ وهل في ذلك حديث يدل على‬
‫ذلك؟‬
‫ج ‪ :3‬الحكمة في ذلك‪ :‬أن العبد ضعيف ليس له‬
‫قدرة على التحول من حال إلى حال إل بالله‪ ،‬ومن‬
‫ذلك ذهابه إلى الصلة لدائها مع الجماعة‪ ،‬ل حول له‬
‫ول قوة على ذلك إل بالله‪ ،‬فيستشعر عجزه وضعفه‪،‬‬
‫وأنه ل يقدر على إجابة هذا النداء إل بالله وحده‪،‬‬
‫فيقول عند الحيعلة‪) :‬ل حول ول قوة إل بالله(‪.‬‬
‫‪ -1‬صدرت من مكتب سماحته بتاريخ ‪ 1407 / 7 / 22‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬نقل السؤال الول والثاني وإجابتهما إلى باب سجود السهو‪.‬‬
‫‪538‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد صح في ذلك حديث عمر رضي الله عنه‪،‬‬


‫عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم‬
‫في صحيحه‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما فيه رضاه‪ .‬والسلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫بعض المصلين يرفع يديه ويدعو‬
‫)‪(1‬‬
‫عند انتهاء المؤذن من القامة‬
‫س‪ :‬لحظت بعض المصلين إذا انتهى‬
‫المؤذن من إقامة الصلة رفع يديه ودعا‪،‬‬
‫وذلك قبل تكبيرة الحرام‪ ،‬فهل هذا وارد أم‬
‫ل؟‬
‫ج‪ :‬ليس لهذا أصل‪ ،‬ولم يرد عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه كان يدعو بشيء بين القامة والصلة‪،‬‬
‫ولم يحفظ عنه أنه رفع يديه في هذا الموطن‪ ،‬بل ل‬
‫ينبغي لحد أن يفعل ذلك؛ لنه خلف السنة‪.‬‬

‫بعض المصلين يقبض أصابع يده اليمنى‬


‫ويرفع السبابة بعد انتهاء المؤذن من‬
‫)‪(2‬‬
‫القامة‬
‫س‪ :‬لحظت عندما تقام الصلة ويصل‬
‫المؤذن إلى آخر كلمات الذان والقامة‬
‫وهي‪) :‬ل إله إل الله( أرى بعض المصلين‬
‫يقبض أصابع يده اليمنى ويرفع السبابة‪،‬‬
‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(866‬‬
‫‪ -2‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(866‬‬
‫‪539‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وكذلك أثناء خطبة الجمعة وحلقات العلم إذا‬


‫ردد المام أو الخطيب كلمة " ل إله إل الله "‬
‫فهل ورد شيء في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ل أعلم شيئا في هذا‪ ،‬ول أحفظ أنه ورد عنه‬
‫صلى الله عليه وسلم شيء في هذا‪ ،‬وإنما ورد‬
‫الشارة بالسبابة في التشهدين‪ ،‬فقد كان صلى الله‬
‫عليه وسلم يرفع‬
‫فيهما إصبعه السبابة إشارة للتوحيد‪.‬‬
‫وأما بعد الفراغ من الذكر من الذان أو القامة‬
‫فل أحفظ شيئا في هذا‪ ،‬إل أنه صلى الله عليه وسلم‬
‫شرع للناس أن يجيبوا المؤذن والمقيم‪ ،‬ويقولوا بعد‬
‫الذان والقامة وبعد الصلة على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلة‬
‫القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما‬
‫محمودا الذي وعدته(( رواه البخاري في صحيحه‪،‬‬
‫وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬ما‬
‫منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد‬
‫أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأشهد أن محمدا‬
‫عبده رسوله إل فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل‬
‫من أيها شاء(( رواه مسلم في صحيحه‪ ،‬وزاد‬
‫الترمذي بإسناد صحيح‪)) :‬اللهم اجعلني من التوابين‬
‫واجعلني من المتطهرين(( فيشرع للمسلم أن يقول‬
‫ذلك‪ ،‬وهكذا المسلمة؛ للحاديث المذكورة‪،‬‬

‫‪540‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫الذان في آخر الوقت‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أ‪ .‬ص‪ .‬هـ‪ -‬يقول‪ :‬إذا كنا‬
‫جماعة وعزمنا على أن نصلي في آخر وقت‬
‫الظهر مثل‪ ،‬فهل يلزم الذان في أول‬
‫الوقت أو آخره؟ وهل صلتنا صحيحة بغير‬
‫أذان؟‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1311‬بتاريخ ‪/ 4 / 3‬‬


‫‪ 1412‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬
‫‪.51 – 50‬‬
‫‪541‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬إذا كنتم في بلد‪ ،‬فالواجب عليكم الصلة مع‬


‫المسلمين في المساجد إل من عذر كالمرض‪ ،‬ومن‬
‫صلى في البيت للعذر الشرعي كفاه أذان أهل البلد‪،‬‬
‫وشرع أن يقيم للصلة‪.‬‬
‫أما إذا كنتم في الصحراء فالواجب عليكم أن‬
‫تؤذنوا وتقيموا؛ لن الذان والقامة فرض كفاية في‬
‫أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لمالك بن الحويرث وأصحابه‪)) :‬إذا حضرت‬
‫الصلة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم(( وفي‬
‫لفظ‪ :‬قال له ولصاحبه‪)) :‬إذا حضرت الصلة فأذنا‬
‫وأقيما(( ولنه صلى الله عليه وسلم أمر بلل بالذان‬
‫في المدينة‪ ،‬وأمر أبا محذورة بالذان في مكة‪،‬‬
‫وأمرهما جميعا بالقامة‪ ،‬ولم يزل صلى الله عليه‬
‫وسلم يؤدي الصلوات الخمس في المدينة بأذان‬
‫وإقامة‪ ،‬فدل ذلك على فرضيتهما‪ ،‬ولقوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬صلوا كما رأيتموني أصلي((‪.‬‬
‫أما التأذين في أول الوقت‪ -‬إذا كنتم في‬
‫الصحراء‪ -‬أو في آخره فالمر في ذلك واسع إن شاء‬
‫الله‪.‬‬
‫والفضل البدار بالذان والصلة في أول الوقت‪،‬‬
‫وإن أخرتم الذان والصلة وجمعتم الظهر إلى العصر‬
‫والمغرب والعشاء فل بأس في حال السفر؛ لن‬
‫المسافر له أن يجمع في السفر جمع تأخير‪ ،‬وجمع‬
‫تقديم حسب الرفق به‪ ،‬وإن كان على ظهر سير‬
‫‪542‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالفضل له أن يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل‬


‫قبل الزوال‪ ،‬والمغرب إلى العشاء إذا ارتحل قبل‬
‫الغروب‪ .‬أما إذا ارتحل بعد الزوال فالفضل تقديم‬
‫العصر مع‬

‫‪543‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الظهر‪ ،‬وهكذا إذا ارتحل بعد الغروب فإن الفضل‬


‫تقديم العشاء مع المغرب؛ لنه قد صح عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك‪ ،‬وقد قال‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ِ‬
‫في َر ُ‬
‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬ ‫الله عز وجل‪﴿ :‬ل َ َ‬
‫قد ْ َ‬
‫ة﴾)‪ (1‬وقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ح َ‬
‫وةٌ َ‬
‫س َ‬
‫أ ْ‬
‫))صلوا كما رأيتموني أصلي(( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫الذان في أول الوقت وحكمه للمنفرد‬


‫)‪(2‬‬
‫في البرية‬
‫س‪ :‬يقول بعض الناس‪ :‬إذا لم تؤذن أول‬
‫الوقت فل داعي للذان؛ لن الذان للعلم‬
‫بدخول وقت الصلة‪ .‬فما رأي سماحتكم في‬
‫ذلك؟ وهل يشرع الذان للمنفرد في‬
‫البرية ؟‬
‫ج‪ :‬إذا لم يؤذن المؤذن في أول الوقت لم يشرع‬
‫له أن يؤذن بعد ذلك‪ ،‬إذا كان في المكان مؤذنون‬
‫سواه قد حصل بهم المطلوب‪ ،‬وإن كان التأخير‬
‫يسيرا فل بأس بتأذينه‪ .‬أما إذا لم يكن في البلد سواه‬
‫فإنه يلزمه‪ :‬التأذين ولو تأخر بعض الوقت؛ لن الذان‬
‫في هذه الحال فرض كفاية‪ ،‬ولم يقم به غيره‪،‬‬

‫‪ -1‬سورة الحزاب الية ‪.21‬‬


‫‪ -2‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬
‫‪544‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فوجب عليه؛ لكونه المسئول عن ذلك؛ ولن الناس‬


‫ينتظرونه في الغالب‪.‬‬

‫‪545‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما المسافر فيشرع له الذان وإن كان وحده؛‬


‫لما ثبت في الصحيح عن أبي سعيد رضي الله عنه‬
‫أنه قال لرجل‪) :‬إذا كنت في غنمك وباديتك فارفع‬
‫صوتك بالنداء فإنه ل يسمع مدى صوت المؤذن جن‬
‫ول إنس ول شيء إل شهد له يوم القيامة(‪ ،‬وََرَفع‬
‫ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولعموم‬
‫الحاديث الخرى في شرعية الذان وفائدته‪.‬‬

‫هل يلزم المنفرد الذان والقامة في‬


‫)‪(1‬‬
‫البادية‬
‫سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ‬
‫الجليل‪ :‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫حفظه الله آمين السلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫يطوف علينا مجموعة من المرشدين في‬
‫البادية يقولون‪ :‬بأن الصلة بدون إقامة سنة‬
‫ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وأنه ل داعي للذان والقامة إذا كنت في‬
‫الصحراء‪ ،‬أو تصلي وحدك فأحببنا التأكد من‬
‫سماحتكم عن هدي الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم في هذا‪ ،‬والله يحفظكم ويرعاكم‪.‬‬
‫المواطن‪ :‬م‪ .‬م‪ .‬د‪.‬‬
‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته بعده‪:‬‬

‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته برقم ‪ / 1647‬خ وتاريخ ‪1414 / 7 / 5‬‬


‫هـ‪.‬‬
‫‪546‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الذان والقامة فرض كفاية على المسلمين في‬


‫القرى والبوادي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لمالك بن الحويرث وصاحبه‪)) :‬إذا حضرت الصلة‬
‫فأذنا وأقيما(( وفي لفظ آخر‪)) :‬إذا حضرت الصلة‬
‫فليؤذن‬
‫لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم((‪ ،‬وكان صلى الله عليه‬
‫وسلم في المدينة يأمر بلل أن يؤذن ويقيم‪ ،‬وهكذا‬
‫ابن أم مكتوم‪ ،‬وكان يتولى الذان والقامة بدل من‬
‫بلل‪ ،‬وثبت في الصحيح من حديث أبي سعيد‬
‫الخدري رضي الله عنه أنه قال لبعض من سأله عن‬
‫الذان‪) :‬فإذا كنت في غنمك أو باديتك‪ ،‬فأذنت‬
‫بالصلة‪ ،‬فارفع صوتك بالنداء‪ ،‬فإنه ل يسمع مدى‬
‫صوت المؤذن جن ول إنس ول شيء إل شهد له يوم‬
‫القيامة(‪ .‬وفق الله الجميع‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم الذان والقامة للمنفرد‬
‫س‪ :‬أصلي الفروض أحيانا بمفردي؛ نظرا‬
‫لعدم وجود مسجد بالقرب مني‪ ،‬فهل‬
‫يلزمني الذان والقامة لكل صلة أم يجوز‬
‫أن أصلي دون أذان أو دون إقامة؟‬
‫ج‪ :‬السنة‪ :‬أن تؤذن وتقيم؛ أما الوجوب ففيه‬
‫خلف بين أهل العلم‪ ،‬ولكن الولى بك والحوط لك‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪547‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أن تؤذن وتقيم؛ لعموم الدلة‪ ،‬ولكن يلزمك أن تصلي‬


‫في الجماعة متى أمكنك ذلك‪ .‬فإذا وجدت جماعة أو‬
‫سمعت النداء في مسجد بقربك وجب عليك أن‬
‫تجيب المؤذن‪ ،‬وأن تحضر مع الجماعة‪ ،‬فإن لم‬
‫تسمع النداء ولم يكن بقربك مسجد فالسنة أن تؤذن‬
‫أنت وتقيم‪.‬‬

‫‪548‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد ثبت عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال‬


‫لرجل‪) :‬إذا كنت في غنمك وباديتك فارفع صوتك‬
‫بالنداء‪ ،‬فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪)) :‬ل يسمع صدى صوت المؤذن شجر ول‬
‫حجر ول شيء إل شهد له يوم القيامة((‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم قول )أشهد أن عليا ولي الله(‬


‫)‪(1‬‬
‫وحي على خير العمل في الذان‬
‫س‪ :‬ما حكم الله ورسوله في قوم‬
‫يفعلون الشياء التالية‪ :‬يقولون في‬
‫الذان‪) :‬أشهد أن عليا ولي الله( و )حي‬
‫على خير العمل( و )عترة محمد وعلي‬
‫خير العتر(‪ ،‬وإذا توفي أحد منهم قام‬
‫أقرباؤه بذبح شاة يسمونها‪ :‬العقيقة‪ ،‬ول‬
‫يكسرن من عظامها شيئا‪ ،‬ثم بعد ذلك‬
‫يقبرون عظامها وفرثها‪ ،‬ويزعمون أن‬
‫ذلك حسنة ويجب العمل به‪ ،‬فما موقف‬
‫المسلم الذي على السنة المحمدية وله‬
‫بهم رابطة نسب؟ هل يجوز له شرعا أن‬
‫يوادهم ويكرمهم ويقبل كرامتهم ويتزوج‬
‫منهم ويزوجهم؟ علما بأنهم يجاهرون‬
‫‪ -1‬تمت الجابة في هذا السؤال على ما يتعلق بالذان‪ ،‬علما أن هذا‬
‫من ضمن السئلة التي وجهت إلى سماحته من قبل الشيخ ص‪ .‬ب‪.‬‬
‫ي‪.‬‬
‫‪549‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بعقيدتهم‪ ،‬ويقولون‪ :‬إنهم الفرقة الناجية‪،‬‬


‫وإنهم على الحق ونحن على الباطل‪.‬‬

‫‪550‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬قد بين الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه‬


‫محمد صلى الله عليه وسلم ألفاظ الذان والقامة‪،‬‬
‫وقد رأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه النصاري في‬
‫النوم الذان فعرضه على النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ))إنها رؤيا‬
‫حق(( وأمره أن يلقيه على بلل؛ لكونه أندى صوتا‬
‫منه ليؤذن به فكان بلل يؤذن بذلك بين يدي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله عز وجل‬
‫ولم يكن في أذانه شيء من اللفاظ المذكورة في‬
‫السؤال‪.‬‬
‫وأما ما يرويه بعض الناس عن علي رضي الله‬
‫عنه أنه كان يقول في الذان‪) :‬حي على خير العمل(‪،‬‬
‫فل أساس له من الصحة‪ .‬وأما ما روي عن ابن عمر‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬وعن علي بن الحسين زين‬
‫العابدين‪ -‬رضي الله عنه وعن أبيه‪ -‬أنهما كانا يقولن‬
‫في الذان‪) :‬حي على خير العمل(‪ ،‬فهذا في صحته‬
‫عنهما نظر‪ ،‬وإن صححه بعض أهل العلم عنهما‪ ،‬لكن‬
‫ما قد علم من علمهما وفقههما في الدين يوجب‬
‫التوقف عن القول بصحة ذلك عنهما؛ لن مثلهما ل‬
‫يخفي عليه أذان بلل ول أذان أبي محذورة‪ ،‬وابن‬
‫عمر رضي الله عنهما قد سمع ذلك وحضره‪ ،‬وعلي‬
‫بن الحسين رحمه الله من أفقه الناس فل ينبغي أن‬
‫يظن بهما أن يخالفا سنة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم المعلومة المستفيضة في الذان‪.‬‬

‫‪551‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ولو فرضنا صحة ذلك عنهما فهو موقوف عليهما‪،‬‬


‫ول يجوز أن تعارض السنة الصحيحة بأقوالهما ول‬
‫أقوال غيرهما؛ لن السنة هي الحاكمة مع كتاب الله‬
‫العزيز على جميع الناس‪ ،‬كما قال الله عز وجل‪:‬‬

‫‪552‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عوا‬ ‫﴿يا أ َيها ال ّذين آمُنوا أ َطيعوا الل ّه َ‬


‫طي ُ‬‫وأ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫َ ّ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ن ت ََناَز ْ‬ ‫م َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ر ِ‬‫م ِ‬ ‫وأوِلي اْل ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫فُر ّ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ر﴾ وقد رددنا هذا‬ ‫)‪(1‬‬
‫خ ِ‬‫وم ِ اْل ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫تُ ْ‬
‫ؤ ِ‬
‫اللفظ المنقول عنهما‪ ،‬وهو قول عبارة‪) :‬حي على‬
‫خير العمل( في الذان إلى السنة فلم نجدها فيما‬
‫صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألفاظ‬
‫الذان‪ ،‬وأما قول علي بن الحسين رضي الله عنه‬
‫فيما روي عنه‪ :‬إنها في الذان الول‪ ،‬فهذا يحتمل أنه‬
‫أراد به الذان بين يدي الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم أول ما شرع‪ ،‬فإن كان أراد ذلك فقد نسخ بما‬
‫استقر عليه المر في حياة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم وبعدها من ألفاظ أذان بلل‪ ،‬وابن أم مكتوم‪،‬‬
‫وأبي محذورة‪ ،‬وليس فيها هذا اللفظ ول غيره من‬
‫اللفاظ المذكورة في السؤال‪.‬‬
‫ثم يقال‪ :‬إن القول بأن هذه الجملة موجودة في‬
‫الذان الول إذا حملناه على الذان بين يدي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم غير مسلم به؛ لن ألفاظ‬
‫الذان من حين شرع محفوظة في الحاديث‬
‫الصحيحة‪ ،‬وليس فيها هذه الجملة‪ ،‬فعلم بطلنها‪،‬‬
‫وأنها بدعة‪ ،‬ثم يقال أيضا‪ :‬علي بن الحسين رضي‬
‫الله عنه من جملة التابعين فخبره هذا لو صح فيه‬
‫الرفع فهو في حكم المرسل‪ ،‬والمرسل ليس بحجة‬
‫عند جماهير أهل العلم‪ ،‬كما نقل ذلك عنهم المام أبو‬

‫‪ -1‬سورة النساء الية ‪.59‬‬


‫‪553‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عمر بن عبد البر في كتاب )التمهيد(‪ ،‬هذا إذا لم‬


‫يوجد في السنة الصحيحة ما يخالفه‪ ،‬فكيف وقد وجد‬
‫في الحاديث الصحيحة الواردة في صفة الذان ما‬
‫يدل على بطلن هذا المرسل‪ ،‬وعدم اعتباره!؟‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬

‫قول‪) :‬الصلة خير من النوم(‬


‫)‪(1‬‬
‫وحي على خير العمل في أذان الفجر‬
‫س‪ :‬ما هو دليل قول المؤذن في صلة‬
‫الفجر‪) :‬الصلة خير من النوم( ؟ وما رأي‬
‫سماحتكم فيمن يقول‪) :‬حي على خير‬
‫العمل( وهل له أصل؟‬
‫ج‪ :‬قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫أمر بلل وأبا محذورة بذلك في أذان الفجر‪ ،‬وثبت‬
‫عن أنس رضي الله عنه أنه قال‪) :‬من السنة‪ :‬قول‬
‫المؤذن في أذان الفجر‪ :‬الصلة خير من النوم(‬
‫أخرجه ابن خزيمة في صحيحه‪.‬‬
‫وهذه الكلمة تقال في الذان الذي ينادى به عند‬
‫طلوع الفجر في أصح قولي العلماء‪ ،‬ويسمى‪ :‬الذان‬
‫الول بالنسبة إلى القامة؛ لنها هي الذان الثاني‪،‬‬
‫كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين كل‬
‫أذانين صلة(( وثبت في صحيح البخاري‪ ،‬عن عائشة‬
‫رضي الله عنها ما يدل على ذلك‪ .‬وأما قول بعض‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬


‫‪554‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الشيعة في الذان‪) :‬حي على خير العمل( فهو بدعة‬


‫ل أصل له في الحاديث الصحيحة‪.‬‬
‫فنسأل الله أن يهديهم وجميع المسلمين لتباع‬
‫السنة والعض عليها بالنواجذ؛ لنها والله هي طريق‬
‫النجاة وسبيل السعادة لجميع المة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫هل يشرع للنساء أذان وإقامة‬
‫س‪ :‬هل يشرع للنساء أذان وإقامة سواء‬
‫كن في الحضر وحدهن أو في البرية‪،‬‬
‫منفردات أو جماعة؟‬
‫ج‪ :‬ل يشرع للنساء أذان ول إقامة‪ ،‬سواء كن في‬
‫الحضر أو السفر‪ ،‬وإنما الذان والقامة من خصائص‬
‫الرجال‪ ،‬كما دلت على ذلك الحاديث الصحيحة عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫حكم الذان والقامة للمرأة‬

‫‪ -1‬نشرت في جريدة البلد في العدد )‪ (10936‬بتاريخ ‪/ 1 / 14‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪555‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬هل يجوز للمرأة فعل الذان‬


‫والقامة للصلة أم ل؟‬
‫ج‪ :‬ل يشرع للمرأة أن تؤذن أو تقيم في صلتها‪،‬‬
‫إنما هذا من شأن الرجال‪ ،‬أما النساء فل يشرع لهن‬
‫أذان ول إقامة‪ ،‬بل يصلين بل أذان ول إ قامة‪ ،‬وعليهن‬
‫العناية بالوقت‪ ،‬والخشوع‪ ،‬وعدم العبث في الصلة‪،‬‬
‫كالرجل‪ ،‬فالمرأة عليها أن تخشع‪ ،‬وأن تضع بصرها‬
‫نحو موضع سجودها‪ ،‬وأن تبتعد عن العبث‪ ،‬ل باليدي‬
‫ول بغيرها‪ ،‬هكذا السنة للمؤمن في صلته‪ ،‬وللمؤمنة‬
‫كذلك‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫هل تختلف صلة الرجل عن المرأة‬


‫بالنسبة للجهر بالقراءة والقامة‬
‫)‪(1‬‬
‫للصلة‬
‫س‪ :‬بالنسبة للجهر بالقراءة وبالنسبة‬
‫لوجوب القامة أل تختلف صلة الرجل عن‬
‫صلة المرأة في هذا؟‬
‫ج‪ :‬الذان والقامة للرجال خاصة‪ ،‬كما جاء بذلك‬
‫النص‪ ،‬أما النساء فل إقامة ول أذان عليهن‪ ،‬أما الجهر‬
‫فيشرع لها أن تجهر في المغرب والعشاء والفجر‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪ ،‬وتم قراءته على سماحته في ‪2 / 15‬‬
‫‪ 1410 /‬هـ‪.‬‬
‫‪556‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫كالرجل‪ ،‬لكن الجهر في المغرب والعشاء في‬


‫الركعتين الوليين‪.‬‬

‫إذا أذن المؤذن والنسان يقرأ‬


‫)‪(1‬‬
‫هل يتابع المؤذن أم يقرأ القرآن‬
‫س‪ :‬إذا أذن المؤذن والنسان يقرأ‬
‫القرآن‪ ،‬فهل الفضل له أن يرجع معه‬
‫فيقول مثل ما يقول‪ ،‬أم أن اشتغاله‬
‫بالقرآن يعتبر أفضل باعتبار تقديم الفاضل‬
‫على المفضول؟‬
‫ج‪ :‬السنة إذا كان يقرأ وسمع الذان‪ :‬أن يجيب‬
‫المؤذن‪ .‬امتثال لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا‬
‫علي فإنه من صلى علي صلة صلى الله عليه بها‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪557‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في‬


‫الجنة ل تنبغي إل لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون‬
‫أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له‬
‫الشفاعة(( رواه مسلم في صحيحه‪ ،‬من حديث عبد‬
‫الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما‪.‬‬
‫وفي الصحيحين‪ ،‬من حديث أبي سعيد الخدري‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫قال‪)) :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول((‬
‫وفي صحيح البخاري‪ ،‬عن جابر بن عبد الله رضي‬
‫الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫))من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة‬
‫التامة والصلة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة‬
‫وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي‬
‫يوم القيامة(( زاد البيهقي بإسناد حسن‪)) :‬إنك ل‬
‫تخلف الميعاد(( ولن إجابة المؤذن سنة تفوت إذا‬
‫استمر في القراءة‪ ،‬والقراءة ل تفوت‪ ،‬وقتها واسع‪.‬‬
‫وفق الله الجميع‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الكلم بعد إقامة الصلة‬
‫س‪ :‬يسأل القارئ‪ :‬ع‪ .‬ع‪ -‬من الرياض‬
‫فيقول‪ :‬ما حكم الكلم بعد إقامة الصلة‬
‫وقبل تكبيرة الحرام في أمور خارجة عن‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1213‬بتاريخ ‪/ 3 / 27‬‬
‫‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫‪558‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصلة‪ ،‬كتسوية الصفوف أو غيره‪ ،‬أو أن‬


‫يكون الكلم حديثا عن الحياة الدنيا؟‬

‫‪559‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الكلم بعد إقامة الصلة وقبل تكبيرة الحرام‪:‬‬


‫إن كان يتعلق بالصلة مثل تسوية الصفوف ونحو‬
‫ذلك فهذا مشروع‪ ،‬وإن كان ل يتعلق بالصلة‪،‬‬
‫فالولى تركه؛ استعدادا للدخول في الصلة‪ ،‬وتعظيما‬
‫لها‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫الصلة بدون إقامة نسيانا‬
‫س‪ :‬إذا نسي القامة وصلى‪ ،‬فهل يؤثر‬
‫ذلك على هذه الصلة‪ ،‬سواء كان منفردا أو‬
‫كانوا جماعة؟‬
‫ج‪ :‬إذا صلى المنفرد أو الجماعة بدون إقامة‬
‫فالصلة صحيحة‪ ،‬وعلى من فعل ذلك التوبة إلى الله‬
‫سبحانه‪ ،‬وهكذا لو صلوا بغير أذان فالصلة صحيحة؛‬
‫لن الذان والقامة من فروض الكفايات‪ ،‬وهما‬
‫خارجان عن صلب الصلة‪.‬‬
‫وعلى من ترك الذان والقامة التوبة إلى الله‬
‫سبحانه من ذلك‪ .‬لن فروض الكفايات يأثم بتركها‬
‫الجميع‪ ،‬وتسقط بأداء بعضهم لها‪ ،‬ومن ذلك الذان‬
‫والقامة‪ ،‬إذا قام بهما من يكفي سقط الوجوب‬
‫والثم عن الباقين؛ سواء كانوا في الحضر أو السفر‪،‬‬
‫وسواء كانوا في القرى والمدن أو البوادي‪.‬‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬


‫‪560‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نسأل الله لجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه‪.‬‬

‫حكم قيام بعض المؤذنين بالتهليل‬


‫)‪(1‬‬
‫أو الكلم قبل الذان‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬م‪ .‬م‪ -‬من حريملء في‬
‫المملكة العربية السعودية يقول في سؤاله‪:‬‬
‫يقوم بعض المؤذنين بالتهليل أو الكلم قبل‬
‫الذان‪ ،‬فما حكم فعلهم هذا؟ أفتونا أثابكم‬
‫الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمؤذن أن يزيد في الذان بأي كلم ل‬
‫قبله ول بعده؛ لن الذان عبادة توقيفية‪ ،‬وهكذا‬
‫القامة‪ ،‬فالواجب على المؤذنين التقيد بما جاء به‬
‫الشرع المطهر‪ ،‬والحذر من الزيادة التي لم يشرعها‬
‫الله سبحانه وتعالى ول رسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬

‫حكم الذان والقامة في قبر الميت‬


‫)‪(2‬‬
‫عند وضعه فيه‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (171‬لشهر ربيع الخر من‬
‫عام ‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الول‪ ،‬ص ‪.443‬‬
‫‪561‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬ما حكم الذان والقامة في قبر‬


‫الميت عند وضعه فيه؟‬

‫‪562‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل ريب أن ذلك بدعة ما أنزل الله بها من‬


‫سلطان‪ ،‬لن ذلك لم ينقل عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ول عن أصحابه رضي الله عنهم‪ ،‬والخير‬
‫كله في اتباعهم وسلوك سبيلهم‪ ،‬كما قال سبحانه‪﴿ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫صا ِ‬‫واْلن ْ َ‬ ‫ن َ‬
‫ري َ‬ ‫ج ِ‬
‫ها ِ‬
‫م َ‬‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬
‫ن ِ‬‫وُلو َ‬ ‫ن اْل ّ‬ ‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬
‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬‫ض َ‬‫ن َر ِ‬ ‫سا ٍ‬‫ح َ‬‫م ب ِإ ِ ْ‬‫ه ْ‬‫عو ُ‬‫ن ات ّب َ ُ‬ ‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ه﴾ الية‪ ،‬وقال النبي صلى الله عليه‬ ‫‪1‬‬
‫عن ْ ُ‬
‫ضوا َ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫وسلم‪)) :‬من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو‬
‫رد(( وفي لفظ آخر‪ :‬قال عليه الصلة والسلم‪)) :‬من‬
‫عمل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد(( وقال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬وشر المور محدثاتها وكل بدعة‬
‫ضللة(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬من حديث جابر‬
‫رضي الله عنه‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد‪ ،‬وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫الذان في مقر العمل القريب من‬


‫)‪(2‬‬
‫المسجد‬
‫س‪ :‬يسأل الخ‪ :‬ع‪ .‬ب‪ -‬يقول‪ :‬إذا كنا في‬
‫مقر العمل ول يبتعد إل قليل عن المسجد‬
‫فهل نؤذن في مقر عملنا؟‬

‫‪ -1‬سورة التوبة الية ‪.100‬‬


‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (993‬بتاريخ ‪1405 / 9 / 8‬‬
‫هـ‪.‬‬
‫‪563‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الواجب عليكم الصلة في المسجد مع‬


‫الجماعة‪ ،‬لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫سمع النداء فلم يأت فل صلة له إل من عذر(( فإن‬
‫منع مانع قهري من ذلك شرع لكم الذن والقامة في‬
‫محلكم؛ لعموم الدلة الشرعية في ذلك‪.‬‬
‫حكم قول المؤذن بعد الذان اللهم صلى‬
‫على سيدنا‬
‫)‪(1‬‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬م‪ .‬ق‪ -‬من الردن‬
‫يقول فيه‪ :‬ما يفعله بعض الناس عندنا‬
‫في الردن وبعض البلدان الخرى من‬
‫قول المؤذن بعد الذان‪ :‬اللهم صل على‬
‫سيدنا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‪،‬‬
‫فهل في ذلك شيء؟ وما حكمه؟‬
‫ج‪ :‬هذا المقام فيه تفصيل‪ :‬فإن كان المؤذن‬
‫يقول ذلك بخفض صوت فذلك مشروع للمؤذن‬
‫وغيره ممن يجيب المؤذن‪ ،‬لن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪)) :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل‬
‫ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلة‬
‫صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي‬
‫الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي إل لعبد من‬
‫عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي‬
‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة( الجزء الول ص ‪ ،443‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‬
‫‪ (1503‬بتاريخ ‪ 1416 / 3 / 14‬هـ‪.‬‬
‫‪564‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الوسيلة حلت له الشفاعة(( خرجه مسلم في‬


‫صحيحه‪ ،‬وروى البخاري في صحيحه‪ ،‬عن جابر بن‬
‫عبد الله رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من قال حين يسمع‬
‫النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلة‬
‫القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما‬
‫محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم‬
‫القيامة((‪.‬‬

‫‪565‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما أن كان المؤذن يقول ذلك برفع صوت‬


‫كالذان فذلك بدعة‪ ،‬لنه يوهم أنه من الذان‪،‬‬
‫والزيادة في الذان ل تجوز‪ ،‬لن آخر الذان كلمة )ل‬
‫إله إل الله(‪ ،‬فل يجوز الزيادة على ذلك‪ ،‬ولو كان ذلك‬
‫خيرا لسبق إليه السلف الصالح‪ ،‬بل علمه النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أمته‪ ،‬وشرعه لهم‪ ،‬وقد قال عليه‬
‫الصلة والسلم‪)) :‬من عمل عمل ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬وأصله في‬
‫الصحيحين‪ ،‬من حديث عائشة رضي الله عنها‪.‬‬
‫واسأل الله سبحانه أن يزيدنا وإياكم وسائر إخواننا‬
‫من الفقه في دينه‪ ،‬وأن يمن علينا جميعا بالثبات‬
‫عليه‪ ،‬إنه سميع قريب‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫مجاوبة الذان الصادر من المذياع‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ص‪ .‬ع‪ -‬الخرج يقول‪ :‬هل‬
‫تجوز مجاوبة الذان الصادر من جهاز‬
‫)المذياع( ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان في وقت الصلة فإنها تشرع الجابة‪،‬‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا سمعتم‬
‫المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1560‬بتاريخ ‪/ 5 / 14‬‬


‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪566‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫صلى علي صلة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا‬


‫الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي إل‬
‫لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل‬
‫الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة((‪.‬‬
‫خرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬وقال عليه الصلة‬
‫والسلم‪)) :‬من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه‬
‫الدعوة التامة والصلة القائمة آت محمدا الوسيلة‬
‫والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له‬
‫شفاعتي يوم القيامة(( رواه البخاري في صحيحه‪،‬‬
‫وزاد البيهقي رحمه الله بإسناد حسن بعد قوله‪:‬‬
‫))الذي وعدته(( ))إنك ل تخلف الميعاد((‪.‬‬

‫القول عند إقامة الصلة أقامها‪) :‬الله‬


‫وأدامها(‬
‫)‪(1‬‬
‫و)اللهم رب هذه الدعوة التامة‪ (..‬إلخ‬
‫س‪ :‬إمام المسجد حينما تقام الصلة‬
‫يقف في المحراب ويقول‪) :‬أقامها الله‬
‫وأدامها‪ ،‬اللهم رب هذه الدعوة التامة‬
‫والصلة القائمة آت محمدا الوسيلة‬
‫والفضيلة‪ ،‬وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته‬

‫‪ -1‬هذا السؤال وجوابه من ضمن السئلة التابعة لمحاضرة‪ :‬الصلة‬


‫وأهميتها لسماحة الشيخ‪.‬‬
‫‪567‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إنك ل تخلف الميعاد(‪ ،‬هل هذا دعاء مأثور‪،‬‬


‫أو هناك غيره‪ ،‬أو هذا أفضل؟‬
‫ج‪ :‬الذان يقال فيه هذا الدعاء‪ :‬إذا فرغ المؤذن‬
‫من الذان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ويقول‪)) :‬اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلة‬
‫القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً‬
‫محمودا الذي وعدته((‪.‬‬
‫هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه‪ ،‬عن جابر بن‬
‫عبد الله رضي الله عنهما‪ .‬وهكذا يقول غير المؤذن‬
‫ممن يسمع الذان؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول((‬
‫متفق على صحته‪ ،‬وإن زاد‪)) :‬إنك ل تخلف الميعاد((‬
‫فحق؛ لنها ثابتة من رواية البيهقي رحمه الله‪ ،‬وهكذا‬
‫يقال بعد القامة؛ لنها هي الذان الثاني‪ ،‬لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين كل أذانين صلة بين كل‬
‫أذانين صلة((‪.‬‬
‫أما جملة‪) :‬أقامها الله وأدامها( فقد جاء فيها‬
‫حديث ضعيف والفضل أن يقول‪) :‬قد قامت الصلة(‬
‫مثل المؤذن‪) :‬قد قامت الصلة‪ ،‬قد قامت الصلة(‬
‫بدل من‪) :‬أقامها الله وأدامها(؛ لن لفظة‪) :‬أقامها‬
‫الله وأدامها( لم تثبت عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وإنما يقال مثلما قال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول((‬
‫‪568‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يعني‪ :‬يقول‪) :‬قد قامت الصلة‪ :‬قد قامت الصلة(‪،‬‬


‫وفي أذان الفجر إذا قال‪) :‬الصلة خير من النوم(‪،‬‬
‫يقول‪) :‬الصلة خير من النوم(‪ ،‬مثلها‪ ،‬أما في )حي‬
‫على الصلة‪ ،‬حي على الفلح(‪ ،‬فيقول‪) :‬ل حول ول‬
‫قوة إل بالله(؛ لنه صح به خبر عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه كان يقول عند )حي على الصلة(‪:‬‬
‫))ل حول ول قوة إل بالله(( وعند )حي على الفلح(‬
‫يقول‪)) :‬ل حول ول قوة إل بالله(( رواه مسلم‪ ،‬من‬
‫حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪.‬‬

‫‪569‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم من تكون إقامتهم مثل الذان‬


‫س‪ :‬في عمان إقامتهم مثل الذان طبق‬
‫الصل؟‬
‫ج‪ :‬ورد هذا في بعض الحاديث من حديث أبي‬
‫محذورة‪ ،‬ول حرج في ذلك‪ ،‬ولكن إيتار القامة‬
‫أفضل‪ ،‬كما كان بلل يوترها بين يدي النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ومعنى ذلك‪ :‬أنه ل يكرر الشهادتين‪ ،‬ول‬
‫الحيعلة‪ ،‬بل يأتي بكل منها مرة واحدة‪ ،‬وإن كررها‬
‫كالتكبير فل بأس؛ لحديث أبي محذورة المشار إليه‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم القامة للصلة بعدد ألفاظ الذان‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬أ‪ -‬من روضة سدير في‬
‫المملكة العربية السعودية يقول في سؤاله‪:‬‬
‫سافرت إلى بعض البلد السلمية ودخلت‬
‫أحد المساجد لداء الصلة مع الجماعة " فإذا‬
‫بالمؤذن يقيم الصلة بعدد ألفاظ الذان‪ ،‬فما‬
‫هي السنة يا سماحة الشيخ في هذا؟ هل‬
‫يجوز أن تكون القامة مثل الذان؟ أفتونا‬
‫جزاكم الله خيرا‪ ،‬وأطال الله في عمركم‬
‫على طاعته‪.‬‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪570‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬يجوز ذلك‪ ،‬بل ذلك نوع من أنواع السنة في‬


‫الذان‪ ،‬لن ذلك قد ثبت في الصحيح‪ ،‬من حديث أبي‬
‫محذورة رضي الله عنه لما علمه النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم الذان والقامة في المسجد الحرام حين‬
‫الفتح‪.‬‬
‫ويجوز إيتار القامة إل لفظ القامة والتكبير‪ ،‬كما كان‬
‫بلل رضي الله عنه يفعل ذلك في مسجد النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وبحضرته وتعليمه‪ ،‬كما في‬
‫الصحيحين‪ ،‬عن أنس رضي الله عنه قال‪) :‬كان بلل‬
‫يشفع الذان ويوتر القامة بين يدي النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم(‪.‬‬
‫وبذلك يعلم أنه ل حرج في شفع القامة وإيتارها‪،‬‬
‫مع مراعاة شفع القامة والتكبير‪ ،‬أعني‪ :‬لفظ‪) :‬قد‬
‫قامت الصلة(‪ ،‬وإنما الختلف في الشهادتين‬
‫والحيعلتين‪ ،‬ففي أذان أبي محذورة شفعهما‪ ،‬وفي‬
‫حديث أنس وغيره في صفة أذان بلل وإقامته‬
‫إيتارهما في القامة‪ ،‬وكل سنة‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫هل لقيام المأموم للصلة أثناء القامة‬


‫)‪(1‬‬
‫وقت محدد‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬ع‪ .‬ع‪ .‬م‪ -‬من القاهرة يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬هل هناك وقت محدد لقيام‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪571‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المأموم للصلة عند سماع القامة؟ بمعنى‪:‬‬


‫هل يقوم عند قول المؤذن‪) :‬قد قامت‬
‫الصلة( أم قبلها أم بعد انتهائه من القامة‪،‬‬
‫أو أن المر واسع في هذا‪ ،‬نرجو البيان‪،‬‬
‫وفقكم الله في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ج‪ :‬ليس في القيام للصلة وقت القامة وقت‬
‫محدد في الشرع المطهر‪ ،‬بل يجوز للمأموم أن يقوم‬
‫إلى الصلة في أول القامة‪ ،‬أو في أثنائها‪ ،‬أو في‬
‫آخرها‪ ،‬المر واسع في ذلك‪ ،‬ول أعلم دليل ً‬

‫شرعيا يقتضي تخصيص وقت لقيام المأمومين‬


‫عند سماع القامة‪ ،‬ومن قال من الفقهاء‪ :‬أنه يشرع‬
‫القيام عند قول المؤذن‪) :‬قد قامت الصلة( ل أعلم‬
‫له دليل في ذلك‪.‬‬
‫أما إن كان المام حين القامة غير حاضر فإن‬
‫السنة للمأمومين‪ :‬أل يقوموا حتى يروه‪ .‬لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إذا أقيمت الصلة فل‬
‫تقوموا حتى تروني قد خرجت(( رواه مسلم‪ .‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪572‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ببب بببب‬
‫بببببب‬
‫)‪(1‬‬
‫الصم البكم هل هو مكلف‬
‫س‪ :‬الولد الصم البكم‪ ،‬هل يعتبر مكلفا‬
‫شرعا بالعبادات كالصلة‪ ،‬أم هو معذور؟‬
‫ج‪ :‬الولد البكم الصم إذا كان قد بلغ الحلم‪،‬‬
‫يعتبر مكلفا بأنواع التكليف‪ ،‬من الصلة وغيرها‪،‬‬
‫ويعلم ما يلزمه بالكتابة والشارة‪ .‬لعموم الدلة‬
‫الشرعية الدالة على وجوب التكاليف على من يبلغ‬
‫الحلم وهو عاقل‪.‬‬
‫والبلوغ يحصل‪ :‬بإكمال خمسة عشر عاما " أو‬
‫بإنزال عن شهوة في الحتلم أو غيره‪ ،‬وبإنبات‬
‫الشعر الخشن حول الفرج‪ ،‬وتزيد المرأة أمرا رابعا‪:‬‬
‫وهو الحيض‪ .‬وعلى وليه أن يؤدي عنه ما يلزمه من‬
‫زكاة وغيرها من الحقوق المالية‪ ،‬وعليه أن يعلمه ما‬
‫يخفى عليه بالطرق الممكنة‪ ،‬حتى يفهم ما أوجب‬
‫الله عليه وما حرم عليه‪ ،‬والله سبحانه يقول‪﴿ ،‬‬
‫م﴾)‪ ،(2‬ويقول النبي صلى‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫َ‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما‬
‫استطعتم((‪.‬‬

‫‪ -1‬سبق أن نشرت في كتاب سماحته )مجموع فتاوى ومقالت‬


‫متنوعة( الجزء الخامس ص‪ ،43.‬وفي مجلة الدعوة في العدد )‬
‫‪ (1289‬بتاريخ ‪ 1411 / 10 / 18‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪573‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فالمكلف الذي ل يسمع أو ل ينطق أو قد أصيب‬


‫بالصمم والبكم جميعا عليه أن يتقي الله ما استطاع‪،‬‬
‫بفعل الواجبات‪ ،‬وترك المحرمات‪ ،‬وعليه أن يتفقه‬
‫في الدين حسب قدرته‪ :‬بالمشاهدة‪ ،‬والكتابة‪،‬‬
‫والشارة‪ ،‬حتى يفهم المطلوب‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫صلة الرجل الصم البكم الذي‬


‫ل يعرف شروط الصلة‬
‫س‪ :‬رجل أصم أبكم يصلي ل يعرف‬
‫شروط الصلة‪ ،‬هل تصح صلته؟‬
‫ج‪ :‬يصلي على حسب حاله‪ ،‬يقول الله تعالى‪﴿ :‬‬
‫م﴾)‪ (1‬وإذا أمكن تعليمه‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬‫َ‬
‫بالشارة‪ ،‬أو بأي شيء يعلم‪ ،‬أما إذا لم يمكن فل‬
‫ما ك ُّنا‬
‫و َ‬
‫يلزمه إل ما علم‪ ،‬والله سبحانه يقول‪َ ﴿ :‬‬
‫سوًل﴾)‪.(2‬‬ ‫ث َر ُ‬ ‫ع َ‬‫حّتى ن َب ْ َ‬ ‫ن َ‬‫عذِّبي َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫وإذا أمكن التعليم بالكتابة لكونه بصيرا يقرأ‬
‫الكتابة وجب تعليمه بالكتابة‪ ،‬لن تعليم الجاهل أمر‬
‫لزم على المسلمين‪ ،‬وعلى طلبة العلم‪ ،‬فيعلم‬
‫بالطريقة الممكنة‪ :‬بالشارة‪ ،‬أو بالكتابة؛ حتى تبرأ‬
‫الذمة‪ .‬وحتى يعرف دينه‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬


‫‪ -2‬سورة السراء الية ‪.15‬‬
‫‪574‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫هل البلوغ حد لتكليف الصبي بالصلة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ع‪ .‬م‪ -‬من الرياض يقول‪:‬‬
‫هل يعتبر البلوغ هو الحد الذي يلزم بعده‬
‫تكليف الصبي بأداء ما فاته من صلة كسبب‬
‫نوم أو خلفها؟‬
‫ج‪ :‬متى بلغ الصبي أو الجارية الحلم لزمتهما‬
‫الصلة وصوم رمضان والحج والعمرة مع الستطاعة‪،‬‬
‫وأثما بترك ذلك‪ ،‬وبفعل المعاصي‪ .‬لعموم الدلة‬
‫الشرعية‪ ،‬والتكليف يكون بإكمال خمس عشرة سنة‪،‬‬
‫أو إنزال المني بشهوة في النوم أو اليقظة‪ ،‬وإنبات‬
‫الشعر الخشن حول القبل‪ ،‬وتزيد الجارية بأمر رابع‬
‫هو‪ :‬الحيض‪.‬‬
‫وما دام الصبي أو الجارية لم يحصل لهما شيء‬
‫من هذه المور‪ ،‬فإنهما غير مكلفين‪ ،‬ولكن يؤمران‬
‫بالصلة لسبع‪ ،‬ويضربان عليها لعشر‪ ،‬ويؤمران بصوم‬
‫رمضان‪ ،‬ويشجعان على كل خير؛ من قراءة القرآن‪،‬‬
‫وصلة النافلة‪ ،‬والحج والعمرة‪ ،‬والكثار من التسبيح‬
‫والتهليل والتكبير والتحميد‪ ،‬ويمنعان من جميع‬
‫المعاصي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬مروا‬
‫أولدكم بالصلة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا‬
‫بينهم في المضاجع(( ولنه صلى الله عليه وسلم‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1511‬بتاريخ ‪/ 5 /11‬‬


‫‪ 1416‬هـ‪.‬‬
‫‪575‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أنكر على الحسن بن علي رضي الله عنهما أكله من‬


‫تمر الصدقة وقال له ))أما علمت أنه ل تحل لنا‬
‫الصدقة(( وأمره بإلقاء التمرة التي أخذ منها وكانت‬
‫سنه حينما توفي صلى الله عليه وسلم سبع سنين‬
‫وأشهرا‪.‬‬

‫‪576‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تقديم الصلة للمريض قبل إجراء‬


‫)‪(1‬‬
‫العملية الجراحية‬
‫س‪ :‬من المعلوم أن المريض بعد إجراء‬
‫العملية يبقى مخدرا حتى يفيق‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫يبقى متألما عدة ساعات‪ ،‬فهل يصلي قبل‬
‫دخول العملية والوقت لم يحن بعد‪ ،‬أم يؤخر‬
‫الصلة حتى يكون قادرا على أدائها بحضور‬
‫حسي ولو تأخر ذلك يوما فأكثر‪.‬‬
‫ج‪ :‬الواجب أول على الطبيب أن ينظر في المر‬
‫فإذا أمكن أن يتأخر بدء العلج حتى يدخل الوقت‬
‫مثل الظهر فيصلي المريض الظهر والعصر جميعا‪،‬‬
‫إذا دخل وقت الظهر‪ ،‬وهكذا في الليل يصلي‬
‫المغرب والعشاء جميعا إذا غابت الشمس قبل بدء‬
‫العملية‪.‬‬
‫أما إذا كان العلج ضحى فإن المريض معذور‪،‬‬
‫فإذا أفاق قضى ما عليه ولو بعد يوم أو يومين‪ ،‬متى‬
‫أفاق قضى ما عليه‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬ول شيء عليه‪ ،‬مثل‬
‫النائم إذا أفاق وانتبه ورجع إليه وعيه صلى الوقات‬
‫التي فاتته على الترتيب يرتبها ظهرا ثم عصرا‪،‬‬
‫وهكذا حتى يقضي ما عليه‪ ،‬لقول النبي صلى الله‬

‫‪ -1‬هذا السؤال ضمن أسئلة ألقيت في ختام محاضرة لسماحته‬


‫بعنوان )كلمة إلى الطبيب المسلم( بمستشفى النور بمكة المكرمة‬
‫في شهر رجب لعام ‪ 1410‬هـ‪ .‬ونشرت في المجلة العربية في‬
‫العدد )‪ (193‬لشهر صفر من عام ‪1414‬هـ‪.‬‬
‫‪577‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عليه وسلم‪)) :‬من نام عن الصلة أو نسيها فليصلها‬


‫إذا ذكرها ل كفارة لها إل ذلك(( متفق عليه‪.‬‬

‫‪578‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والغماء بسبب المرض أو العلج حكمه حكم‬


‫النوم إذا لم يطل‪ ،‬فإن طال فوق ثلثة أيام سقط‬
‫عنه القضاء‪ ،‬وصار في حكم المعتوه حتى يرجع إليه‬
‫عقله‪ ،‬فيبتدئ فعل الصلة بعد رجوع عقله إليه‪ ،‬لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬رفع القلم عن ثلثة‬
‫عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يبلغ وعن‬
‫المجنون حتى يفيق(( ولم يذكر القضاء في حق‬
‫الصغير والمجنون‪ ،‬وإنما ثبت عنه صلى الله عليه‬
‫وسلم المر بالقضاء في حق النائم‪ ،‬والناسي‪ .‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫تأخير الصلة عن وقتها والتخلف‬


‫عن صلة الجمعة لمن يعمل في‬
‫)‪(1‬‬
‫التمريض‬
‫س‪ :‬كثيرا ما تفوتني الصلة وأجمعها مع‬
‫التي بعدها وذلك لكثرة العمل في التمريض‬
‫أو الكشف على المرضى وكذلك أتخلف عن‬
‫صلة الجمعة في خدمة المرضى فهل عملي‬
‫هذا جائز؟‬
‫ج‪ :‬الواجب أن تصلي الصلة في وقتها‪ ،‬وليس‬
‫لك أن تؤخرها عن وقتها‪ ،‬أما الجمعة فإن كنت‬
‫‪ -1‬هذا السؤال ضمن أسئلة أجاب عليها سماحته في ختام محاضرة‬
‫بمستشفى النور بمكة المكرمة بعنوان كلمة إلى الطبيب المسلم‬
‫في شهر رجب من عام ‪.1410‬‬
‫‪579‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حارسا أو نحوه ممن ل يستطيع أن يصلي مع الناس‬


‫الجمعة فإنها تسقط عنك‪ ،‬وتصلي ظهرا كالمريض‬
‫ونحوه‪ ،‬وأما الصلوات الخرى فالواجب عليك أن‬
‫تصليها في وقتها‪ ،‬وليس لك أن تجمع بين صلتين‪.‬‬

‫‪580‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم تأخير الصلة عن وقتها‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ح‪ .‬ص‪ .‬ج‪ -‬من الرياض‬
‫يقول‪ :‬أنا حريص على أن ل أترك الصلة‬
‫غير أني أنام متأخرا‪ ،‬فأوقت منبه الساعة‬
‫على الساعة السابعة صباحا‪ -‬أي‪ :‬بعد‬
‫شروق الشمس‪ -‬ثم أصلي وأذهب‬
‫للمحاضرات‪ ،‬أما في يومي الخميس‬
‫والجمعة فإني استيقظ متأخرا أي‪ :‬قبل‬
‫صلة الظهر بساعة أو ساعتين‪ -‬وأصلي‬
‫الفجر بعدما أستيقظ‪ ،‬كما أنني أصلي‬
‫أغلب الوقات في غرفتي في السكن‬
‫الجامعي‪ ،‬ول أذهب إلى المسجد الذي ل‬
‫يبعد عني كثيرا‪ ،‬وقد نبهني أحد الخوة‬
‫إلى أن ذلك ل يجوز‪ ،‬فأرجو من سماحة‬
‫الوالد إيضاح الحكم فيما سبق‪ ،‬جزاكم الله‬
‫خيرا؟‬
‫ج‪ :‬من يتعمد ضبط الساعة إلى ما بعد طلوع‬
‫الشمس حتى ل يصلي فريضة الفجر في وقتها‪،‬‬
‫فهذا قد تعمد تركها في وقتها‪ ،‬وهو كافر بهذا عند‬
‫جمع كثير من أهل العلم كفرا أكبر‪ -‬نسأل الله‬
‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (195‬لشهر ربيع الخر من‬
‫عام ‪ 1414‬هـ‪.‬‬
‫‪581‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫العافية‪ -‬لتعمده ترك الصلة في الوقت‪ ،‬وهكذا إذا‬


‫تعمد تأخير الصلة إلى قرب الظهر ثم صلها عند‬
‫الظهر‪ ،‬أي‪ :‬صلة الفجر‪ .‬أما من غلبه النوم حتى‬
‫فاته الوقت‪ ،‬فهذا ل يضره ذلك‪ ،‬وعليه أن يصلي‬
‫إذا استيقظ‪ ،‬ول حرج عليه إذا كان قد غلبه النوم‪،‬‬
‫أو‬

‫‪582‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫تركها نسيانا‪ ،‬مع فعل السباب التي تعينه على‬


‫الصلة في الوقت‪ ،‬وعلى أدائها في الجماعة‪ ،‬مثل‬
‫تركيب الساعة على الوقت‪ ،‬والنوم مبكرا‪.‬‬
‫أما النسان الذي يتعمد تأخيرها إلى ما بعد‬
‫الوقت‪ ،‬أو يضبط الساعة إلى ما بعد الوقت حتى‬
‫ل يقوم في الوقت‪ ،‬فهذا عمل متعمد للترك‪ ،‬وقد‬
‫أتى منكرا عظيما عند جميع العلماء‪ ،‬ولكن هل‬
‫يكفر أو ل يكفر؟ فهذا فيه خلف بين العلماء‪ :‬إذا‬
‫كان لم يجحد وجوبها فالجمهور يرون‪ :‬أنه ل يكفر‬
‫بذلك كفرا أكبر‪.‬‬
‫وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك‬
‫كفرا أكبر يخرجه من الملة‪ ،‬لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين الشرك والكفر‬
‫ترك الصلة(( رواه المام مسلم في صحيحه‪،‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬العهد الذي بيننا‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( رواه المام‬
‫أحمد‪ ،‬وأهل السنن الربع بإسناد صحيح‪ ،‬ولدلة‬
‫أخرى‪ ،‬وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم‬
‫أجمعين‪ ،‬لقول التابعي الجليل‪ :‬عبد الله بن شقيق‬
‫العقيلي‪) :‬لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلة(‪،‬‬
‫وأما ترك الصلة في الجماعة فمنكر ل يجوز‪ ،‬ومن‬
‫صفات المنافقين‪.‬‬
‫‪583‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والواجب على المسلم أن يصلي في المسجد‬


‫في الجماعة‪ ،‬كما ثبت في حديث ابن أم مكتوم‪-‬‬
‫وهو رجل أعمى‪ -‬أنه قال‪ :‬يا رسول الله‪،‬‬

‫‪584‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ليس لي قائد يقودني إلى المسجد‪ ،‬فسأل رسول‬


‫الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في‬
‫بيته‪ ،‬فرخص له‪ ،‬فلما ولى دعاه‪ ،‬فقال‪)) :‬هل تسمع‬
‫النداء بالصلة((؟ قال نعم قال ))فأجب(( أخرجه‬
‫مسلم في صحيحه‪ ،‬وثبت عنه صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه قال‪)) :‬من سمع النداء فلم يأت قل صلة له إل‬
‫من عذر(( أخرجه ابن ماجة‪ ،‬والدارقطني‪ ،‬وابن‬
‫حبان‪ ،‬والحاكم بإسناد صحيح‪ ،‬قيل لبن عباس‪ :‬ما هو‬
‫العذر؟ قال‪) :‬خوف أو مرض(‪ ،‬وفي صحيح مسلم‬
‫عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال‪) :‬لقد رأيتنا‬
‫في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وما‬
‫يتخلف عن الصلة في الجماعة إل منافق أو مريض(‪.‬‬
‫والمقصود‪ :‬أنه يجب على المؤمن أن يصلي في‬
‫المسجد‪ ،‬ول يجوز له التساهل والصلة في البيت مع‬
‫قرب المسجد‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم تأخير الصلة عـن‬


‫)‪(1‬‬
‫وقتها من أجل الدراسة‬
‫س‪ :‬يوجد بعض الخوة المسلمين‬
‫الدارسين في أمريكا ل يستطيعون أداء‬
‫الصلة في وقتها سواء مع الجماعة أو‬
‫منفردين‪ ،‬وذلك بسبب أوقات المحاضرات‬
‫الدراسية هنا في الجامعات المريكية‪ ،‬كما‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1511‬بتاريخ ‪/ 5 / 11‬‬


‫‪ 1416‬هـ‪.‬‬
‫‪585‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أن بعض الخوة ل يستطيعون أداء صلة‬


‫الجمعة لمدة طويلة قد تصل إلى فصل‬
‫دراسي كامل‪ ،‬فما الحكم في ذلك؟ جزاكم‬
‫الله خيرا‪.‬‬

‫‪586‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬يجب على كل مسلم أن يصلي الصلة في‬


‫وقتها‪ ،‬ول يجوز تأخيرها عن وقتها من أجل بعض‬
‫الدروس أو المحاضرات إل أن يكون مسافرا يجوز له‬
‫الجمع‪ ،‬أو مريضا يشق عليه أن يصلي كل صلة في‬
‫وقتها‪ ،‬وأنت وأمثالك ليس لكم حكم المسافرين‪،‬‬
‫لعزمكم على القامة لمدة طويلة‪ ،‬والمسافر متى‬
‫عزم على القامة أكثر من أربعة أيام لزمه أن يصلي‬
‫صلة المقيم أربعا‪ ،‬وليس له الجمع عند جمهور أهل‬
‫العلم‪ ،‬فالواجب على كل مسلم في أي مكان أن‬
‫يراقب الله سبحانه‪ ،‬وأن يصلي الصلة في أوقاتها‬
‫مع الجماعة‪ ،‬وأن يحذر التساهل في ذلك‪ ،‬أو‬
‫الترخص في الجمع بغير عذر شرعي‪.‬‬
‫وعليه أن يصلي صلة الجمعة مع المسلمين إذا‬
‫كان في مكان تقام فيه صلة الجمعة‪ ،‬ول يجوز له‬
‫التساهل في ذلك‪.‬‬
‫وفق الله المسلمين جميعا للفقه في دينه‬
‫والثبات عليه‪ ،‬إنه سميع قريب‪.‬‬
‫حكم تأخير العامل للصلة إلى الليل‬
‫بحجة‬
‫)‪(1‬‬
‫برودة الماء وعدم وجود وقت للصلة‬
‫س‪ :‬السائل‪ :‬م‪ .‬س‪ .‬أ‪ -‬من مصر يقول‪:‬‬
‫أنا أعمل في العراق‪ ،‬وأقوم من الصباح ول‬
‫أرجع إل المغرب‪ ،‬ول يظل عندي وقت لجل‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(52‬‬


‫‪587‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أن أصلي‪ ،‬ومكان الماء بارد جدا‪ ،‬ول أستطيع‬


‫الوضوء فأؤجل الصلة‪ ،‬فما الحكم في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على المسلم أن يتقي الله أينما كان‪،‬‬
‫وأن يذكر أنه‬

‫‪588‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫موقوف بين يديه سبحانه‪ ،‬ومسئول يوم القيامة عن‬


‫ما قصر فيه‪ ،‬وعن ما ارتكبه من الحرام‪ ،‬وعن ما‬
‫ها‬ ‫َ‬
‫ضيعه من واجب‪ ،‬والله يقول سبحانه‪َ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫د‬
‫وال ِ ٌ‬ ‫زي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ما ل ي َ ْ‬ ‫و ً‬ ‫وا ي َ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ْ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫الّنا ُ‬
‫شي ًْئا‬‫ه َ‬ ‫د ِ‬ ‫وال ِ ِ‬
‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ز َ‬ ‫جا ٍ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫وُلودٌ ُ‬ ‫م ْ‬‫ول َ‬ ‫ه َ‬ ‫ول َ ِ‬
‫د ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ول‬ ‫حَياةُ الدّن َْيا َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫غّرن ّك ُ ُ‬‫فل ت َ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عدَ الل ّ ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫إِ ّ‬
‫غُروُر﴾ ويقول الله سبحانه‪َ﴿ :‬يا‬ ‫)‪(1‬‬
‫ه ال ْ َ‬ ‫م ِبالل ّ ِ‬ ‫غّرن ّك ُ ْ‬ ‫يَ ُ‬
‫ول ْت َن ْظُْر ن َ ْ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫س َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬
‫ما‬‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫د َ‬ ‫غ ٍ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫م ْ‬‫قد ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن﴾)‪.(2‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫تَ ْ‬
‫والصلة هي عمود السلم‪ ،‬وهي أعظم واجب‬
‫بعد الشهادتين‪ ،‬فل يجوز للمسلم أن يضيعها في‬
‫الوقت من أجل حظه العاجل‪ ،‬ودنياه الفانية‪ .‬فيجب‬
‫عليك أيها السائل أن تصلي الصلة في أوقاتها‪،‬‬
‫وليس لك تأخيرها من أجل أعمالك الدنيوية‪ ،‬بل‬
‫عليك أن تصليها حسب الطاقة‪ ،‬فإن استطعت أن‬
‫تتوضأ بالماء وجب عليك ذلك‪ ،‬ولو بالتدفئة إذا كان‬
‫باردا لنه يجب عليك ذلك‪ ،‬فإن لم تجد إل ماء باردا ل‬
‫تستطيع الوضوء بها ول تستطيع تسخينه بالنار‪،‬‬
‫فعليك أن تصلي بالتيمم في الوقت‪ ،‬وليس لك‬
‫التأجيل‪ ،‬كالمسافر الذي يكون في البر ليس عنده‬
‫ماء‪ ،‬فعليه أن يتيمم ويصلي‪ ،‬أما تأجيل الصلة من‬
‫أجل الرفاهية‪ ،‬أو من أجل الحظ العاجل من الدنيا‪،‬‬
‫أو من أجل العمال الدنيوية‪ -‬فهذا منكر عظيم‪،‬‬
‫‪ -1‬سورة لقمان الية ‪.33‬‬
‫‪ -2‬سورة الحشر الية ‪.18‬‬
‫‪589‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وفساد كبير‪ ،‬وخطأ عظيم‪ ،‬ل يجوز للمسلم فعله‬


‫أبدا‪.‬‬

‫‪590‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫تأخير العمل ليس عذرا في تأخير الصلة‬
‫س‪ :‬غالبا ما تفوتني صلة العصر‪.‬‬
‫وأصليها في المنزل‪ ،‬وذلك بسبب عملي‬
‫الذي ل ينتهي إل بأذان العصر‪ ،‬وأخرج من‬
‫العمل وأنا مرهق‪ ،‬وليس لدي وقت للراحة‬
‫والكل‪ ،‬ول أقدر على الصلة في وقتها‪،‬‬
‫فهل يصح لي الصلة في البيت وتأخير‬
‫الصلة عن وقتها؟‬
‫ج‪ :‬ليس ما ذكرته عذرا يسوغ لك تأخير الصلة‬
‫مع الجماعة‪ ،‬بل الواجب عليك أن تبادر إليها مع‬
‫إخوانك المسلمين في بيوت الله عز وجل‪ ،‬ثم تكون‬
‫الراحة وتناول الطعام بعد ذلك؛ لن الله سبحانه‬
‫أوجب عليك أداء الصلة في وقتها مع إخوانك‬
‫المسلمين في الجماعة‪ ،‬وليس ما ذكرته عذرا شرعيا‬
‫في تأخيرها‪ ،‬ولكن ذلك من خداع الشيطان والنفس‬
‫المارة بالسوء‪ ،‬ومن ضعف اليمان‪ ،‬وقلة الخوف‬
‫من الله عز وجل‪.‬‬
‫فاحذر هواك وشيطانك ونفسك المارة بالسوء‬
‫تحمد العاقبة‪ ،‬وتفوز بالنجاة والسعادة في الدنيا‬
‫والخرة‪.‬‬
‫وقاك الله شر نفسك‪ ،‬وأعاذك من نزغات‬
‫الشيطان‪.‬‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1349‬بتاريخ ‪/ 1 / 16‬‬
‫‪ 1413‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.93 – 92‬‬
‫‪591‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪592‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫تأخير الحارس للصلة عن وقتها‬
‫س‪ :‬جندي مكلف بحراسة أحد الماكن‬
‫وحان وقت صلة العصر ولم يصلها إل بعد‬
‫صلة المغرب؛ لنه لم يجد من ينيبه للقيام‬
‫بخفارته‪ ،‬هل عليه إثم في تأخيرها؟ وماذا‬
‫يفعل من هو على تلك الحال؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للحارس وغيره أن يؤخر الصلة عن‬
‫عَلى‬
‫ت َ‬ ‫صلةَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫ن ال ّ‬
‫وقتها؛ لقوله تعالى‪﴿ :‬إ ِ ّ‬
‫قوًتا﴾)‪ (2‬أي‪ :‬مفروضة في‬ ‫و ُ‬‫م ْ‬
‫ن ك َِتاًبا َ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫الوقات‪ ،‬ولدلة أخرى من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫وعليه أن يصلي الصلة في وقتها مع قيامه‬
‫بالحراسة‪ ،‬كما صلى المسلمون مع النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم صلة الخوف وهم مصافون للعدو‪ .‬والله‬
‫ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(3‬‬
‫تأخير الصلة عن وقتها بسبب العمل‬
‫س‪ :‬نحن عمال في مزرعة نصلي جميعا‬
‫الفرائض لبعد المسجد عنا حوالي ‪ 2‬كيلو‬
‫متر وعدم سماعنا للذان‪ ،‬ونحن نؤذن ونقيم‬
‫‪ -1‬نشرت في كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص‬
‫‪.140 -139‬‬
‫‪ -2‬سورة النساء الية ‪.103‬‬
‫‪ -3‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(57‬‬
‫‪593‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫في المزرعة‪ ،‬وربما أخرنا الصلة عن وقتها‬


‫نصف ساعة من أجل العمل‪ ،‬فما الحكم في‬
‫ذلك؟‬

‫‪594‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل حرج في الصلة في المزرعة إذا كان‬


‫المسجد بعيدا عنكم‪ ،‬وهكذا التأخير للصلة عن أول‬
‫الوقت نصف الساعة أو نحو ذلك ل حرج فيه‪ ،‬لكن‬
‫الصلة في أول الوقت أفضل إل إذا اشتد الحر في‬
‫صلة الظهر فالبراد أفضل‪ ،‬وهكذا إذا تأخر الجماعة‬
‫في صلة العشاء عن أول الوقت فإن المام‬
‫يوافقهم؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أنه كان يراعي الجماعة في صلة العشاء‪ ،‬فإن رآهم‬
‫اجتمعوا عجل‪ ،‬وإن رآهم تأخروا أخر‪ .‬والله ولي‬
‫التوفيق‪.‬‬

‫تأخير الصلة عن وقتها بسبب‬


‫)‪(1‬‬
‫بعض العمال العسكرية‬
‫س‪ :‬أنا رجل أعمل في أعمال عسكرية‬
‫قد تلجئني إلى تأخير الصلة عن وقتها‬
‫كالعصر ول أستطيع العصيان‪ ،‬لن العاصي‬
‫يعاقب بالفصل أو السجن إلى آخره‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل يخفى أن الصلة عمود السلم‪ ،‬وأنها الركن‬
‫الثاني من أركانه الخمسة‪ ،‬وأن أداءها في الوقت من‬
‫أهم شرائطها‪ ،‬وأن طاعة المخلوق في المعصية غير‬
‫جائزة‪ .‬لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إنما‬

‫‪ -1‬صدر من مكتب سماحته عندما كان رئيسا للجامعة السلمية‬


‫بالمدينة برقم ‪ 1 / 16504‬وتاريخ ‪ 1393 / 12 / 22‬هـ‪.‬‬
‫‪595‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الطاعة في المعروف(( وقوله عليه الصلة والسلم‪:‬‬


‫))ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق((‪.‬‬

‫‪596‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إذا علم هذا فالواجب عليك أداء الصلة في‬


‫وقتها‪ ،‬وعدم تأخيرها عنه‪ ،‬لكن يجوز عند الحاجة‬
‫الشديدة الجمع بين الظهر والعصر في وقت‬
‫إحداهما‪ ،‬وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما‪.‬‬
‫كالمسافر والمريض ونحوهما‪ ،‬أما تأخير العصر إلى‬
‫أن تصفر الشمس‪ ،‬أو العشاء إلى ما بعد نصف‬
‫الليل‪ ،‬فهذا أمر ل يجوز مطلقا‪ .‬فالواجب عليكم‬
‫العناية بهذا المر‪ ،‬وعرض كتابي هذا على المسئولين‬
‫لديكم‪ ،‬وهم إن شاء الله سيقومون بما يوافق‬
‫الشرع‪ ،‬فإن لم يمتثلوا فأفيدونا ونحن إن شاء الله‬
‫نتصل بالجهات المسئولة لجراء اللزم‪ .‬وفق الله‬
‫الجميع لما فيه صلح أمر الدنيا والخرة‪ ،‬وهدانا‬
‫جميعا صراطه المستقيم‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫تأخير العمال لصلتي الظهـر والعصر‬


‫)‪(1‬‬
‫إلى الليل‬
‫س‪ :‬كثير من العمال يؤخرون صلتي‬
‫الظهر والعصر إلى الليل‪ ،‬معللين ذلك بأنهم‬
‫منشغلون بأعمالهم‪ ،‬أو أن ثيابهم نجسة‪ ،‬أو‬
‫غير نظيفة‪ ،‬فبماذا توجهونهم؟‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬


‫‪597‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلم أو المسلمة تأخير الصلة‬


‫المفروضة عن وقتها‪ ،‬بل يجب على كل مسلم‬
‫ومسلمة من المكلفين أن يؤدوا الصلة في وقتها‬

‫‪598‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حسب الطاقة‪ ،‬وليس العمل عذرا في تأخيرها‪،‬‬


‫وهكذا نجاسة الثياب ووساختها‪ ،‬كل ذلك ليس بعذر‪.‬‬
‫وأوقات الصلة يجب أن تستثنى من العمل‪،‬‬
‫وعلى العامل وقت الصلة أن يغسل ثيابه من‬
‫النجاسة‪ ،‬أو يبدلها بثياب طاهرة‪.‬‬
‫أما الوسخ فليس مانعا من الصلة فيها‪ ،‬إذا لم‬
‫يكن ذلك الوسخ من النجاسات‪ ،‬أو فيه رائحة كريهة‬
‫تؤذي المصلين‪ ،‬فإن كان الوسخ يؤذي المصلين‬
‫بنفسه أو رائحته وجب على المسلم غسله قبل‬
‫الصلة‪ ،‬أو إبداله بغيره من الثياب النظيفة؛ حتى‬
‫يؤدي الصلة مع الجماعة‪.‬‬
‫ويجوز للمعذور شرعا‪ -‬كالمريض والمسافر‪ -‬أن‬
‫يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما‪ ،‬وبين‬
‫المغرب والعشاء في وقت إحداهما‪ ،‬كما صحت بذلك‬
‫السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وهكذا يجوز الجمع في المطر والوحل الذي‬
‫يشق على الناس‪.‬‬

‫الوقت الضروري لصلة الظهر والعصر‬


‫)‪(1‬‬
‫والمغرب‬
‫س‪ :‬السائل‪ :‬ي‪ .‬ع‪ -‬من الخرطوم‪-‬‬
‫جمهورية السودان يقول‪ :‬أرجو أن تفيدوني‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(51‬‬


‫‪599‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عن الوقت الضروري لكل من صلة الظهر‪،‬‬


‫والعصر‪ ،‬والمغرب‪.‬‬
‫ج‪ :‬أما الظهر‪ :‬فليس لها وقت ضروري‪ ،‬بل كل‬
‫وقتها اختياري‪ ،‬فإذا زالت الشمس دخل وقت الظهر‪،‬‬
‫ول يزال الوقت اختياري إلى أن‬
‫يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال‪ ،‬وكل‬
‫هذا وقت اختياري‪ ،‬لكن الفضل تقديمها في أول‬
‫الوقت بعد الذان وصلة الراتبة‪ ،‬ويتأنى المام‬
‫بعض الشيء حتى يتلحق الناس‪ ،‬هذا هو الفضل‪.‬‬
‫وأما العصر‪ :‬ففيها وقت اختياري‪ ،‬ووقت ضروري‪،‬‬
‫أما الختياري‪ :‬فمن أول الوقت إلى أن تصفر‬
‫الشمس‪ ،‬فإذا اصفرت الشمس فهذا هو وقت‬
‫الضرورة إلى أن تغيب الشمس‪ ،‬ول يجوز التأخير‬
‫إليه‪ ،‬فإن صلها في ذلك الوقت فقد أداها في‬
‫الوقت‪ ،‬لكن ل يجوز التأخير‪ ،‬لن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪)) :‬وقت العصر ما لم تصفر‬
‫الشمس ويقول في المنافق‪ :‬تلك صلة المنافق‬
‫تلك صلة المنافق يرقب الشمس حتى إذا كانت‬
‫بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا ل يذكر الله‬
‫فيها إل قليل(( فذكر صلى الله عليه وسلم أن‬
‫التأخير هو وصف المنافقين‪ ،‬فالمؤمن ل يؤخرها‬
‫إلى أن تصفر الشمس‪ ،‬بل يبادر فيصليها قبل أن‬
‫تصفر الشمس في وقت الختيار‪.‬‬

‫‪600‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وأما المغرب‪ :‬فوقته كله وقت اختيار أيضا‪،‬‬


‫من حين تغرب الشمس إلى أن يغيب الشفق‪،‬‬
‫كله وقت اختيار‪ ،‬لكن تقديمها في أول الوقت‬
‫أفضل‪ ،‬لن النبي كان يصليها في أول الوقت عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬إذا غربت الشمس وأذن المؤذن‬
‫أخر قليل‪ ،‬ثم أقام عليه الصلة والسلم وصلها‬
‫في أول الوقت‪ ،‬ولو أخرها بعض الشيء فل بأس‪،‬‬
‫ما دام أداها في وقتها‪ ،‬ووقتها ينتهي بغياب‬
‫الشفق‪ ،‬فإذا غاب الشفق‪ -‬وهو‪ :‬الحمرة في جهة‬
‫المغرب‪ -‬انتهى وقت المغرب ودخل وقت‬
‫العشاء إلى نصف الليل‪ ،‬وما بعد نصف الليل وقت‬
‫ضرورة لوقت العشاء‪ ،‬فل يجوز التأخير لما بعد نصف‬
‫الليل‪ ،‬ولكن ما بين غروب الشفق إلى نصف الليل‬
‫كله وقت اختياري للعشاء‪ ،‬فلو صلها بعد نصف الليل‬
‫أداها في الوقت‪ ،‬لكن يأثم؛ لنه أخرها إلى وقت‬
‫الضرورة‪.‬‬
‫أما الفجر‪ :‬فكل وقتها اختياري‪ ،‬من طلوع الفجر‬
‫إلى طلوع الشمس‪ ،‬هذا كله وقت اختياري‪ ،‬لكن‬
‫الفضل أن تقدم في أول وقتها ول تؤخر عن أول‬
‫وقتها؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛‬
‫لنه كان يصليها بغلس بعد اتضاح الصبح‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪601‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حد البراد بصلة الظهر‬
‫س‪ :‬هل هناك حد للبراد بصلة الظهر‬
‫كساعة أو ساعتين بعد دخول الوقت مثل؟‬
‫ج‪ :‬المشروع للمام أن يبرد بالظهر في حال‬
‫شدة الحر‪ ،‬ولو في السفر؛ لقول النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلة فإن‬
‫شدة الحر من فيح جهنم(( وليس له حد محدود فيما‬
‫نعلم‪ ،‬وإنما يشرع للمام التحري في ذلك‪ ،‬فإذا‬
‫انكسرت شدة الحر وكثر الظل في السواق كفى‬
‫ذلك‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫تأخير صلة المغرب إلى وقت العشاء‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أ‪ .‬ع‪ .‬ح‪ .‬يقول‪ :‬أذهب‬
‫وبعض أهلي إلى بلد مجاور يبعد حوالي‬
‫الخمسين كيلو مترا عن بلدنا لشراء بعض‬
‫الحاجات ونرجع مع المغرب‪ ،‬وقد ل نخرج إل‬
‫متأخرين بسبب الزحام وضيق وقت المغرب‬
‫وقد ل نصل إل مع أذان العشاء الخر‪ ،‬أي‪:‬‬
‫بعد فوات وقت المغرب‪ ،‬هل يجوز لنا في‬
‫هذه الحالة نظرا لبعد البلد والمشقة التي‬
‫تلحق بالنساء تأخير صلة المغرب حتى نصل‬
‫بلدنا؟‬

‫‪ -1‬نشرت في كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص ‪.93‬‬


‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (955‬بتاريخ ‪/ 11 / 23‬‬
‫‪ 1404‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬
‫‪.91‬‬
‫‪602‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل حرج في تأخير المغرب والحال ما ذكر إلى‬


‫أن تصلوا إلى البلد دفعا للمشقة‪ ،‬وإن تيسر فعلها‬
‫في الطريق فهو أولى‪.‬‬
‫الواجب أن تكون صلة‬
‫)‪(1‬‬
‫العشاء قبل نصف الليل‬
‫س‪ :‬سائلة تقول‪ :‬ما حكم تأخير صلة‬
‫العشاء حتى السادسة مساء بالتوقيت‬
‫الغروبي؟‬
‫ج‪ :‬الواجب أن تكون صلة العشاء قبل نصف‬
‫الليل‪ ،‬ول يجوز تأخيرها إلى نصف الليل‪ .‬لقول النبي‬
‫عليه الصلة والسلم‪)) :‬وقت صلة العشاء إلى نصف‬
‫الليل((‪.‬‬
‫فعليك أن تصليها قبل نصف الليل على حسب‬
‫دورات الفلك‪ ،‬فإن الليل يزيد وينقص‪ ،‬والضابط‪ :‬هو‬
‫نصف الليل بالساعات‪ ،‬فإذا كان الليل عشر ساعات‬
‫لم يجز لك أن تؤخريها إلى نهاية الساعة الخامسة‪،‬‬
‫وإذا كان الليل إحدى عشرة ساعة لم يجز تأخيرها‬
‫إلى نهاية الساعة الخامسة والنصف وهكذا‪ ،‬وأفضل‬
‫ما يكون‪ :‬أن تكون في الثلث الول‪ ،‬ومن صلها في‬
‫أول الوقت فل بأس‪ ،‬لكن إذا أخرت بعض الوقت‬
‫فهو الفضل؛ لن الرسول صلى الله عليه وسلم كان‬
‫يستحب أن يؤخر صلة العشاء بعض الوقت‪ ،‬ومن‬
‫صلها في أول الوقت بعد غروب الشفق‪ -‬وهو‪:‬‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬


‫‪603‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الحمرة التي في الفق الطولي‪ -‬فل بأس‪ .‬والله ولي‬


‫التوفيق‪.‬‬

‫هل يستحب تأخير صلة العشاء‬


‫)‪(1‬‬
‫للنساء‬
‫س‪ :‬سمعت أنه يستحب تأخير وقت صلة‬
‫العشاء للرجال فهل يجوز ذلك للنساء؟‬
‫ج‪ :‬الحمد لله‪ ،‬وصلى الله وسلم على رسول‬
‫الله‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد‪:‬‬
‫فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل‬
‫على أنه يستحب للرجال والنساء تأخير صلة‬
‫العشاء؛ لنه عليه الصلة والسلم لما أخرها ذات ليلة‬
‫إلى نحو ثلث الليل قال ))إنه لوقتها لول أن أشق‬
‫على أمتي((‪.‬‬
‫فإذا تيسر تأخيرها بدون مشقة فهو أفضل‪ ،‬فلو كان‬
‫أهل القرية أو جماعة في السفر أخروها؛ لنه أرفق‬
‫بهم إلى ثلث الليل فل بأس بذلك‪ ،‬بل هو أفضل‪،‬‬
‫لكن ل يجوز تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل‪ ،‬فالنهاية‬
‫نصف الليل‪ ،‬يعني‪ :‬وقت العشاء يتحدد آخره بنصف‬
‫الليل‪ -‬أي‪ :‬الختياري‪ -‬كما في حديث عبد الله بن‬

‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪(10‬‬


‫‪604‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عمرو‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬


‫))وقت العشاء إلى نصف الليل((‪.‬‬
‫أما إذا كان تأخيرها قد يشق على بعض الناس‬
‫فإن المشروع تعجيلها؛ ولهذا قال جابر رضي الله‬
‫عنه‪) :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم في العشاء‬
‫إذا رآهم اجتمعوا عجل‪ ،‬وإذا رآهم أبطئوا أخر( وقال‬
‫أبو برزة رضي الله عنه‪):‬كان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم يستحب أن يؤخر العشاء(‪.‬‬
‫فالخلصة‪ :‬أن تأخيرها أفضل إذا تيسر ذلك بدون‬
‫مشقة‪ ،‬ولكن ل يجوز تأخيرها إلى ما بعد نصف‬
‫الليل‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حكم تأخير صلة العشاء‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬أبو سعد‪ -‬الرياض يقول‪:‬‬
‫يحتج بعض الناس عندما تقول لهم‪ :‬لماذا‬
‫تؤخر صلة العشاء أثناء العمل أو غيره؟‬
‫فيقول‪ :‬إن صلة العشاء إلى قبل منتصف‬
‫الليل والوقت واسع في ذلك‪.‬‬
‫أرجو من سماحتكم تبيان هذه المسألة‬
‫والحكم فيها مع الدليل على ذلك‪ .‬والله‬
‫يحفظكم ويسدد خطاكم‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1489‬بتاريخ ‪/ 11 / 27‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪605‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬يجب على كل مسلم أن يصلي مع الجماعة‬


‫صلة العشاء وغيرها‪ ،‬ول يجوز تأخيرها والشتغال‬
‫بالعمل؛ لن أداءها في الجماعة أمر واجب‪ ،‬فل يجوز‬
‫لحد التخلف عن الجماعة إل بعذر شرعي‪ ،‬كالمرض‪،‬‬
‫ونحوه‪ .‬لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من‬
‫سمع النداء فلم يأت فل صلة له إل من عذر(( قيل‬
‫لبن عباس‪ :‬ما هو العذر؟ قال‪) :‬خوف أو مرض(‪.‬‬

‫حكم من يصلى الفجر بعد طلوع‬


‫)‪(1‬‬
‫الشمس‬
‫س‪ :‬وردتنا هذه الرسالة من خ‪ .‬أ‪ .‬خ‪ -‬من‬
‫الرياض‪ -‬جاء فيها‪) :‬لي صديق يسكن بالقرب‬
‫مني‪ ،‬والمسجد قريب منا جدا‪ ،‬وصديقي ل‬
‫يذهب لصلة الصبح ويقضي وقت الليل في‬
‫مشاهدة التلفاز ولعب الورق ويسهر حتى‬
‫الساعات الولى من الصباح ول يصلي الصبح‬
‫إل بعد طلوع الشمس‪ ،‬ولقد عاتبته كثيرا‬
‫وكان عذره أنه ل يسمع الذان مع أن‬
‫المسجد قريب منا جدا‪ ،‬وقد أبديت له رغبتي‬
‫بأني سوف أوقظه لصلة الصبح‪ ،‬وفعل‬
‫أذهب إليه وأوقظه‪ ،‬ولكنني ل أشاهده في‬
‫المسجد ومن ثم آتي إليه بعد الصلة وأجده‬
‫نائما فاعتب عليه ويعتذر بأعذار واهية‪ ،‬وكان‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (946‬بتاريخ ‪1404 / 9 / 12‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص ‪– 91‬‬
‫‪.92‬‬
‫‪606‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫يقول لي في بعض الحيان‪ :‬إنك مسؤول‬


‫عني أمام الله يوم القيامة ؟ لنني جارك‪.‬‬

‫‪607‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أرجو من سماحتكم أن تفيدوني في‬


‫ذلك‪ ،‬وهل أنا ملزم فعل بإيقاظه للصلة؟‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمسلم أن يسهر سهرا يترتب عليه‬
‫إضاعته لصلة الفجر في الجماعة أو في وقتها‪ ،‬ولو‬
‫كان ذلك في قراءة القرآن‪ ،‬أو طلب العلم‪ ،‬فكيف‬
‫إذا كان سهره على التلفاز أو لعب الورق أو ما أشبه‬
‫ذلك‪ ..‬؟‬
‫وهو بهذا العمل آثم ومستحق لعقوبة الله‬
‫سبحانه‪ ،‬كما أنه مستحق للعقوبة من ولة المر بما‬
‫يردعه وأمثاله‪.‬‬
‫وتأخير الصلة إلى ما بعد طلوع الشمس كفر‬
‫أكبر إذا تعمد ذلك عند جمع من أهل العلم؛ لقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بين الرجل وبين‬
‫الشرك والكفر ترك الصلة(( رواه مسلم في‬
‫صحيحه‪ ،‬ولقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬العهد الذي‬
‫بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر(( أخرجه‬
‫المام أحمد‪ ،‬وأهل السنن‪ ،‬عن بريدة بن الحصيب‬
‫رضي الله عنه بإسناد صحيح‪.‬‬
‫وفي الباب أحاديث أخرى وآثار تدل على كفر‬
‫من أخر الصلة عن وقتها عمدا وبل عذر شرعي‪.‬‬
‫والواجب على المسلم أن يحافظ على الصلة‬
‫في وقتها‪ ،‬وأن يستعين على ذلك بمن يوقظه لها من‬
‫أهله أو إخوانه‪ ،‬أو بإيجاد ساعة يركدها على وقت‬
‫الصلة‪.‬‬

‫‪608‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وعليه وعلى أمثاله أل يسهر سهرا يسبب نومهم‬


‫عن صلة الفجر ولو في أمر مباح أو مستحب‪ ،‬فكيف‬
‫إذا كان السهر على ما هو محرم‬

‫‪609‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫من الملهي أو مشاهدة ما حرم الله في التلفاز أو‬


‫غيره ؟ أصلح الله حال الجميع‪.‬‬
‫وعليك أيها السائل أن تعينه على ذلك‪ ،‬وتنصحه‬
‫كثيرا‪ ،‬فإن أصر على عمله القبيح فارفع أمره إلى‬
‫مركز الهيئة حتى تعاقبه بما يستحق‪ ،‬ول يلزمك أن‬
‫توقظة ما دام على فعله القبيح ل ينتفع باليقاظ ول‬
‫يأخذ بالسباب‪.‬‬
‫نسأل الله للجميع الهداية والستقامة على الحق‪.‬‬

‫حكم فعل من ل يوقظ أهله لصلة‬


‫الفجر‬
‫)‪(1‬‬
‫إل بعد عودته من المسجد‬
‫س‪ :‬أنا أقوم لصلة الفجر والحمد لله‬
‫ولكنني ل أوقظ أهلي إل بعد أن أعود من‬
‫المسجد‪ ،‬فما حكم فعلي هذا جزاكم الله‬
‫خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬فعلك هذا جائز إذا كنت توقظهم في وقت‬
‫يتمكنون فيه من الطهارة والصلة قبل طلوع‬
‫الشمس‪ ،‬ولكن الفضل لك أن توقظهم من حين‬
‫الذان؛ حتى يؤدوا الصلة مبكرين؛ لن الصلة في‬
‫أول وقتها أفضل‪ ،‬أما إذا كنت يلحقك مشقة من‬
‫إيقاظهم قبل الصلة بحيث تخشى أن تفوتك صلة‬
‫‪ -1‬نشرت في جريدة عكاظ في العدد )‪ (10877‬ليوم الجمعة‬
‫الموافق ‪ 1417 / 1 / 7‬هـ‪.‬‬
‫‪610‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الجماعة‪ ،‬فاذهب وصل مع الجماعة ثم ارجع إليهم‬


‫فأيقظهم‪ ،‬والفضل لك أن توقظهم قبل الذان؛ حتى‬
‫تحتاط‬

‫‪611‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫لنفسك‪ ،‬وحتى تؤدي الصلة في وقتها إذا كانوا قد‬


‫أوتروا‪ ،‬أما إذا كانوا لم يوتروا فالمشروع لك أن‬
‫توقظهم قبل الفجر بوقت يتمكنون فيه من الوتر‬
‫قبل أذان الفجر‪ ،‬كما كان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم يفعل ذلك مع أهله‪.‬‬

‫ما صحة حديث )أسفروا بالفجر فإنه‬


‫)‪(1‬‬
‫أعظم للجر(‬
‫س‪ :‬يتأخر البعض في صلة الفجر حتى‬
‫السفار معللين ذلك‪ :‬بأنه ورد فيه حديث‬
‫وهو‪)) :‬أسفروا بالفجر فإنه أعظم للجر((‬
‫هل هذا الحديث صحيح وما الجمع بينه وبين‬
‫حديث‪)) :‬الصلة على وقتها(( ؟‬
‫ج‪ :‬الحديث المذكور صحيح‪ ،‬أخرجه المام أحمد‪،‬‬
‫وأهل السنن بإسناد صحيح‪ ،‬عن رافع بن خديج رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬وهو ل يخالف الحاديث الصحيحة الدالة‬
‫على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي‬
‫الصبح بغلس‪ ،‬ول يخالف أيضا حديث‪)) :‬الصلة‬
‫لوقتها(( وإنما معناه عند جمهور أهل العلم‪ :‬تأخير‬
‫صلة الفجر إلى أن يتضح الفجر‪ ،‬ثم تؤدى قبل زوال‬
‫الغلس‪ ،‬كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤديها‪،‬‬
‫إل في مزدلفة فإن الفضل التبكير بها من حين‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة قدمها‬


‫لسماحته بعض طلبة العلم عام ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪612‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫طلوع الفجر؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك‬


‫في حجة الوداع‪.‬‬
‫وبذلك تجتمع الحاديث الثابتة عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في وقت أداء صلة الفجر‪ ،‬وهذا كله‬
‫على سبيل الفضلية‪.‬‬
‫ويجوز تأخيرها إلى آخر الوقت قبل طلوع‬
‫الشمس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬وقت‬
‫الفجر من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس(( رواه‬
‫المام مسلم في صحيحه‪ ،‬عن عبد الله بن عمرو بن‬
‫العاص رضي الله عنهما‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫وقت أذان وصلة الفجر‬
‫س‪ :‬يؤذن الفجر عندنا قبل طلوع‬
‫الشمس بساعة وأربعين دقيقة ونصلي صلة‬
‫الفجر بعد الذان بعشرين دقيقة تقريبا‬
‫يعني قبل طلوع الشمس بساعة وعشرين‬
‫دقيقة هل صلتنا موافقة للسنة ؟‬
‫ج‪ :‬نعم‪ ،‬الصلة صحيحة إن شاء الله؛ لن الغالب‬
‫أن بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ساعة ونصف‬
‫تقريبا‪ ،‬لكن لو أخرتم وصليتم قبل الشمس بساعة أو‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب الشريط رقم )‪.(18‬‬
‫‪613‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ساعة وخمس دقائق يكون أحوط وأحسن‪ ،‬والذان‬


‫قبل طلوع الشمس بساعة وأربعين دقيقة فيه تبكير‪،‬‬
‫وهو أذان قبل الوقت‪ ،‬فلو أخر وأذن قبل طلوع‬
‫الشمس بساعة ونصف تقريبا يكون هذا أحوط‬
‫لدخول الوقت‪ ،‬فإذا كانت الصلة قبل طلوع الشمس‬
‫بساعة ونحوها فهو أحوط لداء الصلة في وقتها؛ لن‬
‫الغالب أن بين طلوع الفجر وطلوع الشمس نحو‬
‫ساعة ونصف‪ ،‬أو ساعة ونصف إل خمس‬

‫‪614‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫دقائق‪ ،‬أو ما يقارب هذا‪ ،‬فالمؤمن يحتاط لهذا المر‬


‫ول يعجل‪ ،‬ل في الذان‪ ،‬ول في الصلة‪ ،‬فالتأخير‬
‫أحوط في مثل هذا حتى يتأكد من دخول الوقت‪.‬‬

‫كيفية الصلة في الماكن التي‬


‫)‪(1‬‬
‫يطول فيها الليل أو النهار جدا‬
‫س‪ :‬قد يستمر الليل أو النهار في بعض‬
‫الماكن لمدة طويلة‪ ،‬وقد يقصر جدا بحيث ل‬
‫يتسع لوقات الصلوات الخمس فكيف يؤدي‬
‫ساكنوها صلتهم ؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على سكان هذه المناطق التي يطول‬
‫فيها النهار أو الليل أن يصلوا الصلوات الخمس‬
‫بالتقدير إذا لم يكن لديهم زوال ول غروب لمدة أربع‬
‫وعشرين ساعة‪ ،‬كما صح ذلك عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان‪ ،‬المخرج‬
‫في صحيح مسلم في يوم الدجال الذي كسنة‪ ،‬سأل‬
‫الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك‪،‬‬
‫فقال‪)) :‬اقدروا له قدره((‪.‬‬
‫وهكذا حكم اليوم الثاني من أيام الدجال‪ ،‬وهو‬
‫اليوم الذي كشهر‪ ،‬وهكذا اليوم الذي كأسبوع‪.‬‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬


‫‪615‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما المكان الذي يقصر فيه الليل ويطول فيه‬


‫النهار أو العكس في أربع وعشرين ساعة فحكمه‬
‫واضح‪ :‬يصلون فيه كسائر اليام‪ ،‬ولو قصر الليل جدا‬
‫أو النهار؛ لعموم الدلة‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم من صلى والدخان في جيبه‬
‫س‪ :‬ما حكم من صلى والدخان في جيبه‬
‫وهو ساه أو متعمد ؟‬
‫ج‪ :‬الدخان من المحرمات الضارة بالنسان‪ ،‬وهو‬
‫من الخبائث التي حرمها الله عز وجل‪ ،‬وهكذا بقية‬
‫المسكرات من سائر أنواع الخمور‪ .‬لما فيها من‬
‫مضرة عظيمة‪ ،‬وهكذا القات المعروف عند أهل‬
‫اليمن وغيرهم محرم؛ لما فيه من المضار الكثيرة‪،‬‬
‫وقد نص كثير من أهل العلم على تحريمه‪.‬‬
‫والدخان فيه خبث كثير وضرر كثير‪ ،‬فل يجوز‬
‫شربه ول بيعه ول شراؤه ول التجارة فيه‪ ،‬وقد قال‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ذا أ ُ ِ‬
‫ما َ‬ ‫سأ َُلون َ َ‬
‫ك َ‬ ‫جل وعل في كتابه العظيم‪﴿ :‬ي َ ْ‬
‫ت﴾)‪ (2‬فلم يحل الله لنا‬ ‫م الطّي َّبا ُ‬
‫ل ل َك ُ ُ‬ ‫ل أُ ِ‬
‫ح ّ‬ ‫م ُ‬
‫ق ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ه ْ‬
‫الخبائث‪ ،‬والدخان ليس من الطيبات‪ ،‬بل هو خبيث‬
‫الطعم‪ ،‬خبيث الرائحة‪ ،‬عظيم المضرة‪ ،‬وهو من‬
‫أسباب موت السكتة‪ ،‬ومن أسباب أمراض كثيرة‪-‬‬
‫فيما ذكره الطباء‪ ،‬منها‪ :‬السرطان‪ ،‬فالمقصود‪ :‬أنه‬
‫‪ -1‬نور على الدرب الشريط رقم )‪.(52‬‬
‫‪ -2‬سورة المائدة الية ‪.4‬‬
‫‪616‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫مضر جدا‪ ،‬وخبيث‪ ،‬وحرام بيعه وشراؤه‪ ،‬وحرام‬


‫التجارة فيه‪.‬‬

‫‪617‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما الصلة وهو في الجيب فل يضر‪ ،‬فالصلة صحيحة؛‬


‫لنه شجر ليس بنجس‪ ،‬ولكنه محرم ومنكر كما‬
‫سبق‪ ،‬لكن لو صلى وهو في جيبه عامدا أو ساهيا‬
‫فصلته صحيحة‪ ،‬ويجب عليه إتلفه‪ ،‬والحذر منه‪،‬‬
‫والتوبة إلى الله عما سلف من تعاطيه‪.‬‬

‫حكم من شك في نجاسة ثوبه وهو‬


‫)‪(1‬‬
‫يصلي‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬م‪ .‬ع‪ .‬ز‪ -‬بعث سؤال يقول فيه‪:‬‬
‫إذا شك المام في نجاسة ثوبه ولم ينصرف‬
‫من الصلة لمجرد الشك‪ ،‬فلما أنهى الصلة‬
‫وجد النجاسة في ثوبه فما الحكم ؟ وهل‬
‫ينصرف من الصلة في مثل هذه الحالة‬
‫لمجرد الشك أم ينتظر إلى أن يقضي‬
‫صلته؟‬
‫ج‪ :‬إذا شك المصلي في وجود نجاسة في ثوبه‬
‫وهو في الصلة لم يجز له النصراف منها‪ ،‬سواء كان‬
‫إماما أو مأموما أو منفردا‪ ،‬وعليه أن يتم صلته‪،‬‬
‫ومتى علم بعد ذلك وجود النجاسة في ثوبه فليس‬
‫عليه قضاء في أصح قولي العلماء؛ لنه لم يجزم‬
‫بوجودها إل بعد الصلة‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد ) ‪ (1290‬بتاريخ ‪/ 10 / 25‬‬


‫‪ 1411‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.90‬‬
‫‪618‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلع‬


‫نعليه وهو في الصلة لما أخبره جبرائيل عليه‬
‫السلم‪ :‬أن بهما قذرا‪ ،‬ولم يعد أول الصلة‪ ،‬بل‬
‫استمر في صلته‪.‬‬

‫‪619‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما لو صلى يعتقد أنه على طهارة‪ ،‬ثم بان بعد‬


‫الصلة أنه محدث أو أنه لم يغتسل من الجنابة‪ ،‬فإن‬
‫عليه أن يتطهر‪ ،‬ويعيد بإجماع أهل العلم؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تقبل صلة بغير طهور ول‬
‫صدقة من غلول(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬وقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تقبل صلة أحدكم إذا‬
‫أحدث حتى يتوضأ(( متفق على صحته‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫من وجد النجاسة بعد الصلة في‬


‫)‪(1‬‬
‫ملبسه‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ع‪ .‬س‪ .‬م‪ -‬من الرياض‬
‫يقول‪ :‬رجل صلى الصلة‪ ،‬وبعدها بفترة وجد‬
‫في ملبسه نجاسة فهل يعيد الصلة ؟ علما‬
‫بأن الصلة قبل خمسة أشهر‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان لم يعلم نجاستها إل بعد الفراغ من‬
‫الصلة فصلته صحيحة؛ لن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لما أخبره جبرائيل وهو في الصلة‪ :‬أن في‬
‫نعليه قذرا‪ ،‬خلعهما‪ ،‬ولم يعد أول الصلة‪.‬‬
‫وهكذا لو علمها قبل الصلة ثم نسي فصلى فيها‪،‬‬
‫ولم يذكر إل بعد الصلة‪ .‬لقول الله عز وجل‪َ﴿ :‬رب َّنا‬

‫‪ -1‬نشرت في كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص ‪91‬‬


‫– ‪.92‬‬
‫‪620‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫خطَأ َْنا﴾)‪ (1‬وثبت عن‬


‫و أَ ْ‬ ‫َ‬
‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫ل تُ َ‬
‫ؤا ِ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬أن الله قد استجاب‬
‫هذا الدعاء( رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬

‫من وجد على لباسه بقع دم كيف‬


‫)‪(2‬‬
‫يصلي‬
‫س‪ :‬من على لباسه بقع دم هل يصلي‬
‫بها أم ينتظر حتى يحضر له لباس نظيف؟‬
‫ج‪ :‬يصلي على حسب حاله‪ ،‬فل يدع الصلة‬
‫حتى يخرج الوقت‪ ،‬بل يصلي على حسب حاله إذا‬
‫لم يمكنه غسلها ول إبدالها بثياب طاهرة قبل‬
‫ما‬
‫ه َ‬‫قوا الل ّ َ‬
‫فات ّ ُ‬
‫خروج الوقت؛ لقول الله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫م﴾)‪.(3‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫والواجب على المسلم أن يغسل ما به من‬
‫الدم‪ ،‬أو يبدل ثوبه النجس بثوب آخر طاهر إذا‬
‫استطاع ذلك‪ ،‬فإن لم يستطع ذلك صلى على‬
‫حسب حالها ول إعادة عليه؛ للية الكريمة‪ ،‬ولقوله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ما نهيتكم عنه فاجتنبوه‬
‫وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم(( متفق‬
‫على صحته‪.‬‬

‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.286‬‬


‫‪ -2‬هذا السؤال ضمن أسئلة ألقيت في ختام محاضرة لسماحته‬
‫بعنوان‪) :‬كلمة إلى الطبيب المسلم( بمستشفى النور بمكة المكرمة‬
‫في شهر رجب لعام ‪ 1410‬هـ‪.‬‬
‫‪ -3‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪621‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫‪622‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم صلة من مس ثوبه وجسده‬


‫)‪(1‬‬
‫نجاسة ابنته الصغيرة‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬م‪ .‬هـ‪ .‬م‪ -‬مكة المكرمة‬
‫يقول‪ :‬في أثناء صلتي مستني ابنتي‬
‫الصغيرة التي لم تبلغ سبع سنين وكان‬
‫عليها بول‪ ،‬فأصبت بالبلل على ثيابي‬
‫وجسدي‪ ،‬فما حكم صلتي ؟‬
‫ج‪ :‬إذا كنت لم تعلم بذلك إل بعد الصلة فصلتك‬
‫صحيحة‪ ،‬وهكذا من صلى وفي ثوبه أو بدنه نجاسة‪،‬‬
‫فنسيها ولم يذكر إل بعد الصلة‪ ،‬فإن صلته صحيحة؛‬
‫َ‬ ‫لقول الله سبحانه‪َ﴿ :‬رب َّنا ل ت ُ َ‬
‫و‬
‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫ؤا ِ‬
‫خطَأ َْنا﴾)‪.(2‬‬
‫أَ ْ‬
‫وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن‬
‫الله سبحانه وتعالى قال‪)) :‬قد فعلت(( وصح عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دخل في‬
‫الصلة ذات يوم وفي نعليه قذر فأخبره جبرائيل‬
‫بذلك فخلع نعليه واستمر في صلته ولم يعد أولها‬
‫فدل ذلك على أن الجهل بالنجاسة عذر في حق من‬
‫جهلها حال الصلة حتى سلم‪ ،‬وفي حق من نبه عليها‬
‫أثناء الصلة فأزال الشيء الذي فيه نجاسة؛ كالنعل‬
‫والعمامة والبشت ونحو ذلك‪.‬‬

‫‪ -1‬من ضمن السئلة الموجهة من المجلة العربية‪.‬‬


‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.286‬‬
‫‪623‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪624‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫بلل الطفال فى الفرش والثياب‬
‫س‪ :‬السائلة‪ :‬م‪ .‬ص‪ .‬ع‪ -‬من رأس الخيمة‬
‫تقول‪ :‬أنا امرأة كبيرة السن و وكفيفة‬
‫البصر‪ ،‬ولي مجموعة من الطفال الصغار‬
‫وأعمارهم متقاربة‪ ،‬ودائما أحس برطوبة‬
‫في ملبسي وعلى الفرش الموجودة في‬
‫المنزل من بولهم فأحيانا أحس بها‬
‫وأغسلها‪ ،‬وأحيانا ل أحس بها إل بعد الصلة‪،‬‬
‫وليس عندي من يساعدني على نظافتهم‬
‫فكيف أصلي؟ وهل يحوز لي أن أبني على‬
‫اليقين؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا‪.‬‬
‫ج‪ :‬الواجب عليك متى علمت شيئا من النجاسة‬
‫أن تغسليها سواء أكانت على الملبس أم على شيء‬
‫من البدن قبل الصلة‪ ،‬فإن صليت ولم تعلمي إل بعد‬
‫الصلة فليس عليك إعادة في أصح أقوال العلماء؛‬
‫َ‬ ‫لقول الله سبحانه‪َ﴿ :‬رب َّنا ل ت ُ َ‬
‫و‬
‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫ؤا ِ‬
‫خطَأ َْنا﴾)‪ (2‬وصح عن رسول الله صلى الله عليه‬ ‫أَ ْ‬
‫وسلم‪) :‬أن الله عز وجل قد قبل هذا الدعاء(‪ ،‬وثبت‬
‫عنه صلى الله عليه وسلم‪ :‬أنه كان يصلي ذات يوم‬
‫في نعليه فأخبره جبريل عليه الصلة والسلم‪ :‬أن‬
‫فيهما قذرا‪ ،‬فخلعهما وأتم صلته‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (175‬لشهر شعبان من‬


‫عام ‪ 1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.286‬‬
‫‪625‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما النجاسة على الرض أو على الفرش‪،‬‬


‫فالواجب أن يصب عليها ماء أكثر منها‪ ،‬وتطهر بذلك‪،‬‬
‫لنه ثبت عن أبي هريرة‪ ،‬وأنس رضي الله عنهما‪ :‬أن‬
‫إعرابيا بال في المسجد فأمر النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أن يصب على بوله دلو من الماء‪.‬‬
‫ويشرع لك أن تستعيني بمن يزورك من الرجال‬
‫المحارم والثقات أو النساء الثقات على معرفة‬
‫مواضع البول من الفراش‪ ،‬حتى يصب عليها الماء‪.‬‬
‫وفقنا الله وإياك لما فيه رضاه وبراءة الذمة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫من صلى وفي ثوبه نجاسة ولم يعلم‬
‫س‪ :‬من وجد في ثوبه نجاسة بعدما سلم‬
‫من صلته‪ ،‬هل يعيد صلته ؟‬
‫ج‪ :‬من صلى وفي بدنه أو ثوبه نجاسة ولم يعلم‬
‫إل بعد الصلة فصلته صحيحة في أصح قولي‬
‫العلماء‪ ،‬وهكذا لو كان يعلمها سابقا ثم نسيها وقت‬
‫الصلة ولم يذكر إل بعد الصلة فصلته صحيحة‪.‬‬
‫َ‬ ‫لقول الله عز وجل‪َ﴿ :‬رب َّنا ل ت ُ َ‬
‫و‬
‫سيَنا أ ْ‬ ‫خذَْنا إ ِ ْ‬
‫ن نَ ِ‬ ‫ؤا ِ‬
‫خطَأ َْنا﴾)‪ (2‬فقال الله‪)) :‬قد فعلت(( كما صح بذلك‬ ‫أَ ْ‬
‫الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولنه‬
‫صلى الله عليه وسلم صلى في بعض اليام وفي‬
‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.286‬‬
‫‪626‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫نعله قذر فأخبره جبرائيل بذلك فخلعها واستمر في‬


‫صلته ولم يستأنفها‪ ،‬وهذا من تيسير الله سبحانه‬
‫ورحمته بعباده‪.‬‬
‫أما من صلى ناسيا الحدث فإنه يعيد الصلة‬
‫بإجماع أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪)) :‬ل تقبل صلة بغير طهور ول صدقة من‬

‫‪627‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫غلول(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬وقوله صلى الله‬


‫عليه وسلم‪)) :‬ل تقبل صلة أحدكم إذا أحدث حتى‬
‫يتوضأ(( متفق على صحته‪.‬‬

‫من صلى وهو طاهر لكن على قدمه‬


‫)‪(1‬‬
‫بعض النجاسة ولم يعد الصلة‬
‫س‪ :‬السائل م‪ .‬ع‪ -‬يقول‪ :‬هل المسلم‬
‫الطبيعي )غير الموسوس( إذا صلى وهو‬
‫طاهر ولكن على قدمه أو جزء من جسمه‬
‫بعض النجاسة ولم يعد هذه الصلة‪ ،‬هل يكفر‬
‫أم يعتبر مسلما عاصيا ؟ والسلم عليكم‬
‫ورحمة الله‪.‬‬
‫ج‪ :‬وعليكم السلم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫المذكور ل يكفر بذلك‪ ،‬وليس عليه إعادة الصلة‬
‫إذا كان جاهل أو ناسيا‪ ،‬فإن كان عالما ذاكرا حين‬
‫الصلة أن على قدمه أو جزء من جسمه نجاسة‪،‬‬
‫فعليه إعادة هذه الصلة إن كانت فريضة‪ ،‬مع التوبة‬
‫إلى الله من ذلك‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما يرضيه‪ .‬والسلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته‪.‬‬

‫‪ -1‬رسالة شخصية أجاب عليها سماحته في المجلس‪.‬‬


‫‪628‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إذا خرج الدم من أنف المصلي فما‬


‫)‪(1‬‬
‫الحكم‬
‫س‪ :‬سائلة تقول‪ :‬ما الحكم إذا خرج الدم‬
‫من أنف النسان وهو يصلي؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان قليل عفي عنه‪ ،‬وأزاله بمنديل ونحوه‪،‬‬
‫وإن كان كثيرا قطع الصلة وتنظف منه‪ ،‬وشرع له‬
‫إعادة الوضوء؛ خروجا من خلف العلماء‪ ،‬ثم يستأنف‬
‫الصلة من أولها‪ ،‬كما لو أحدث حدثا مجمعا عليه أثناء‬
‫الصلة كخروج الريح والبول‪ ،‬فإنه يقطع الصلة ثم‬
‫يتوضأ ويعيد الصلة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫ما حكم الصلة في الحدائق العامة‬


‫علما بأنها تسقى بمياه فيها رائحة‬
‫)‪(2‬‬
‫كريهة‬

‫‪ -1‬نشرت في كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص‬


‫‪.88‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (920‬بتاريخ ‪1404 / 3 / 8‬‬
‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص ‪– 84‬‬
‫‪ .86‬وفي المجلة العربية في العدد )‪ (149‬لشهر جمادى الخرة من‬
‫عام ‪1410‬هـ‪.‬‬
‫‪629‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬القارئ‪ :‬س‪ .‬ع‪ .‬و‪ - .‬من الرياض بعث‬


‫بسؤال يقول فيه‪ :‬ما حكم الصلة في‬
‫الحدائق العامة ؟ علما أن هذه الحدائق‬
‫تسقى بمياه تنبعث منها رائحة كريهة‪ ،‬ولقد‬
‫فهمت أن‬

‫‪630‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫هذه المياه مصفاة من مياه المجاري أو من‬


‫آبار تتسرب إليها مياه البيارات النجسة‪،‬‬
‫وهل يمنع الناس من قبل الهيئة من الصلة‬
‫في هذه الحدائق ؟ أرجو إيضاح الصواب في‬
‫هذه المسألة‪.‬‬
‫ج‪ :‬ما دامت تنبعث منها الرائحة الكريهة فالصلة‬
‫فيها غير صحيحة؛ لن من شروط صحة الصلة‬
‫طهارة البقعة التي يصلي عليها المسلم‪ ،‬فإن وضع‬
‫عليها حائل صفيقا طاهرا صحت الصلة عليه‪.‬‬
‫ول يجوز للمسلم أن يصلي في الحدائق‪ -‬ولو‬
‫على حائل صفيق طاهر‪ -‬بل الواجب عليه أن يصلي‬
‫مع إخوانه المسلمين في بيوت الله‪ -‬المساجد‪ -‬التي‬
‫ع‬ ‫ن ت ُْر َ‬ ‫في بيوت أ َذن الل ّ َ‬
‫ف َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ٍ ِ َ‬ ‫قال فيها سبحانه‪ِ ﴿ :‬‬
‫و‬
‫غد ُ ّ‬ ‫ها ِبال ْ ُ‬ ‫في َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ح لَ ُ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ها ا ْ‬ ‫في َ‬ ‫وي ُذْك ََر ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ول ب َي ْ ٌ‬ ‫جاَرةٌ َ‬ ‫م تِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ْ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ْ‬
‫هي ِ‬ ‫ل ل ت ُل ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ل* ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫وال َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫ة يَ َ‬ ‫َ‬
‫ء الّزكا ِ‬ ‫وِإيَتا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ِ‬ ‫قام ِ ال ّ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ر الل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِذك‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ُ‬ ‫زي َ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫صاُر * ل ِي َ ْ‬ ‫واْلب ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫في ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫قل ّ ُ‬ ‫ما ت َت َ َ‬ ‫و ً‬ ‫يَ ْ‬
‫الل ّ َ‬
‫ه‬
‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫زيدَ ُ‬ ‫وي َ ِ‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬
‫ب﴾ ولقول‬ ‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫شاءُ ب ِ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ي َْرُزقُ َ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪)) :‬من سمع النداء فلم‬
‫يأت فل صلة له إل من عذر(( رواه ابن ماجة‪،‬‬
‫والدارقطني‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬والحاكم‪ ،‬وإسناده على‬
‫شرط مسلم‪ ،‬وسأله صلى الله عليه وسلم رجل‬
‫أعمى فقال يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني‬
‫‪ -1‬سورة النور اليات ‪.38 – 36‬‬
‫‪631‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟‬


‫فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ))هل تسمع‬
‫النداء‬

‫‪632‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫بالصلة((؟ قال نعم قال ))فأجب(( أخرجه مسلم‬


‫في صحيحه‪.‬‬
‫والحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫والواجب على هيئة المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر أن تمنع الناس من الصلة في الحدائق‪ ،‬وأن‬
‫تأمرهم بالصلة في المساجد؛ عمل بقول الله عز‬
‫وى﴾)‪ (1‬وقوله‬ ‫ق َ‬ ‫والت ّ ْ‬ ‫عَلى ال ْب ِّر َ‬ ‫وُنوا َ‬ ‫عا َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫وجل‪َ ﴿ :‬‬
‫م‬ ‫ه ْ‬
‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫مَنا ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫و‬ ‫ف‬ ‫رو‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن ِبال ْ‬ ‫رو‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫يا‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫)‪ٍ (2‬‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ر﴾ الية‪ ،‬وقول النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫))من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع‬
‫فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف‬
‫اليمان(( رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬

‫حكم كشف الرأس في الصلة‬


‫س‪ :‬إمام يصلي بالناس وليس على رأسه‬
‫غطاء فما الحكم في هذا ؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج في ذلك؛ لن الرأس ليس من العورة‪،‬‬
‫وإنما الواجب أن يصلي بالزار والرداء؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل يصلي أحدكم في الثوب‬

‫‪ -1‬سورة المائدة الية ‪.2‬‬


‫‪ -2‬سورة التوبة الية ‪.71‬‬
‫‪633‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الواحد ليس على عاتقه منه شيء(( لكن إذا أخذ‬


‫زينته واستكمل لباسه كان ذلك أفضل؛ لقول الله‬
‫جل وعل‪:‬‬

‫‪634‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫د﴾)‪ (1‬أما‬
‫ج ٍ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫عن ْدَ ك ُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫زين َت َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا ِ‬ ‫م ُ‬
‫﴿َيا ب َِني آدَ َ‬
‫إن كان في بلد ليس من عادتهم تغطية الرأس فل‬
‫بأس عليه في كشفه‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫حكم الصلة بدون عمامة‬
‫س‪ :‬هل تجوز الصلة بدون عمامة‪ -‬أي‪:‬‬
‫غترة ‪ -‬وهل يجوز للمام الذي يصلي بالناس‬
‫أن يصلي بدون غترة‪ ،‬وهل تجزئ الطاقية‪،‬‬
‫مع الدليل حفظكم الله تعالى ؟ هذا والسلم‬
‫عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫ج‪ :‬الصلة بغير عمامة ل حرج فيها؛ لن الرأس‬
‫ليس بعورة‪ ،‬ول يجب ستره في الصلة‪ ،‬سواء كان‬
‫المصلي إماما أو منفردا أو مأموما‪ ،‬ولكن إذا لبس‬
‫العمامة المعتادة كان أفضل‪ ،‬ول سيما إذا صلى مع‬
‫خ ُ‬
‫ذوا‬ ‫م ُ‬‫الناس؛ لقول الله عز وجل‪َ﴿ :‬يا ب َِني آدَ َ‬
‫د﴾)‪ (3‬وهي من الزينة‪.‬‬ ‫ج ٍ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫عن ْدَ ك ُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫زين َت َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ِ‬
‫ومعلوم أن المحرمين من الذكور يصلون كاشفي‬
‫الرؤوس؛ لكونهم ممنوعين من سترها حال الحرام‪،‬‬
‫فعلم بذلك أن كشف الرأس في الصلة ل حرج فيه‪.‬‬
‫وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل به‪ ،‬إنه‬
‫سميع مجيب‪.‬‬

‫‪ -1‬صدرت من مكتب سماحته في ‪ 1416 / 1 / 19‬هـ‪.‬‬


‫‪ -2‬سورة العراف الية ‪.31‬‬
‫‪ -3‬سورة العراف الية ‪.31‬‬
‫‪635‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬


‫)‪(1‬‬
‫حكم صلة المرأة وهي لم تغط رأسها‬
‫س‪ :‬إذا اضطرت غير المحجبة إلى الصلة‬
‫أو لم تكن محجبة وفق الشريعة السلمية‪،‬‬
‫كأن يكون بعض شعر رأسها ظاهرا أو بعض‬
‫ساقها لظرف من الظروف فما الحكم ؟‬
‫ج‪ :‬أول‪ :‬ينبغي أن يعلم أن الحجاب واجب على‬
‫المرأة‪ ،‬فل يجوز لها تركه أو التساهل فيه‪ ،‬وإذا وجب‬
‫وقت الصلة والمرأة المسلمة غير متحجبة الحجاب‬
‫الكامل أو غير متسترة فهذا فيه تفصيل‪:‬‬
‫‪ -1‬فإن كان عدم الحجاب أو عدم التستر‬
‫لظروف قهرية‪ ،‬فتصلي حينئذ على حسب حالها‪،‬‬
‫وصلتها صحيحة ول إثم عليها؛ لقول الله تعالى‪﴿ :‬ل‬
‫ها﴾)‪ (2‬وقوله سبحانه‪﴿ :‬‬‫ع َ‬
‫س َ‬‫و ْ‬ ‫سا ِإل ُ‬‫ف ً‬‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬
‫ي ُك َل ّ ُ‬
‫م﴾)‪.(3‬‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬
‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫فات ّ ُ‬‫َ‬

‫‪ -2‬وإن كان عدم الحجاب أو التستر لمور‬


‫اختيارية‪ ،‬مثل اتباع العادات والتقاليد ونحو ذلك‪ :‬فإن‬
‫كان عدم الحجاب مقتصرا على الوجه والكفين‪،‬‬
‫فالصلة صحيحة مع الثم إذا كان ذلك بحضرة‬
‫الرجال الجانب‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص ‪.94‬‬


‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.286‬‬
‫‪ -3‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪636‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫وإن كان الكشف وعدم التستر للساق أو الذراع‬


‫أو شعر الرأس‬

‫‪637‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ونحو ذلك فل يجوز لها الصلة على تلك الحال‪،‬‬


‫وإذا صلت حينئذ فصلتها باطلة‪ ،‬وهي آثمة أيضا من‬
‫وجهين‪:‬‬
‫من جهة الكشف مطلقا إذا كان عندها رجل ليس‬
‫من محارمها‪ ،‬ومن جهة دخولها في الصلة على تلك‬
‫الحال‪.‬‬
‫أما إذا لم يكن لديها رجل غير محرم‪ ،‬فإن السنة‬
‫لها كشف الوجه حين الصلة‪ ،‬أما الكفان فهي مخيرة‬
‫فيهما‪ ،‬فإن شاءت سترتهما‪ ،‬وإن شاءت كشفتهما‬
‫في أصح قولي العلماء‪ ،‬ولكن سترهما أفضل‪.‬‬

‫حكم وضع العباءة على الكتف أثناء‬


‫)‪(1‬‬
‫الصلة‬
‫س‪ :‬الخت التي رمزت لسمها‪ :-‬أمة‬
‫الله‪ -‬من أبها تقول في سؤالها‪ :‬ما حكم‬
‫وضع العمامة على الكتف أثناء الصلة ؟ مع‬
‫العلم أنه ل يوجد رجال في نفس المكان‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل يجوز للمرأة وضع العباءة على الكتفين؛ لما‬
‫في ذلك من التشبه بالرجال‪ ،‬وقد ثبت عن الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم‪) :‬أنه لعن المتشبهين من‬
‫الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال(‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (237‬لشهر شوال من عام‬


‫‪ 1417‬هـ‪.‬‬
‫‪638‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ولكن يجب عليها أن تستر بدنها في الصلة بغير‬


‫هذه الكيفية‪.‬‬
‫أما الوجه‪ :‬فالسنة للمرأة كشفه في الصلة‬
‫كالرجل إذا لم يكن لديها رجل غير محرم‪.‬‬

‫‪639‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما الكفان فالفضل سترهما؛ لعموم الدلة‪.‬‬


‫وفق الله الجميع‪.‬‬
‫تساهل كثير من النساء في ستر‬
‫)‪(1‬‬
‫الذراع وبعض الساق في الصلة‬
‫س‪ :‬يتساهل كثير من النساء في الصلة‪،‬‬
‫فيبدو ذراعاها أو شيء منهما‪ ،‬وكذا قدمها‬
‫ربما بعض ساقها‪ ،‬فهل صلتها صحيحة‬
‫حينئذ ؟‬
‫ج‪ :‬الواجب على المرأة الحرة المكلفة ستر‬
‫جميع بدنها في الصلة ما عدا الوجه والكفين؛ لنها‬
‫عورة كلها‪.‬‬
‫فإن صلت وقد بدا شيء من عورتها كالساق‬
‫والقدم والرأس أو بعضه لم تصح صلتها‪ .‬لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل يقبل الله صلة حائض إل‬
‫بخمار(( رواه أحمد‪ ،‬وأهل السنن إل النسائي بإسناد‬
‫صحيح‪ .‬والمراد بالحائض‪ :‬البالغة؛ ولقوله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬المرأة عورة(( ولما روى أبو داود‬
‫رحمه الله‪ ،‬عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنها سألت النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير‬
‫إزار فقال ))إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور‬
‫قدميها((‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ‪:‬‬
‫)وصحح الئمة وقفه على أم سلمة رضي الله عنها(‪،‬‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة قدمها‬


‫لسماحته بعض طلبة العلم عام ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪640‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فإن كان عندها أجنبي وجب عليها أيضا ستر وجهها‬


‫وكفيها‪.‬‬
‫حكم الصلة في الثياب الخفيفة التي‬
‫)‪(1‬‬
‫ل تستر العورة في الصلة‬
‫س‪ :‬الخ‪ :‬م‪ .‬ز‪ .‬أ‪ -‬من رأس الخيمة يقول‬
‫في سؤاله‪ :‬نلحظ أن بعض المصلين‬
‫يلبسون ملبس خفيفة يستطيع النسان‬
‫رؤية البشرة من خللها‪ ،‬وهم أيضا ل‬
‫يلبسون تحتها سراويل طويلة‪ ،‬فما حكم‬
‫الصلة في مثل هذه الثياب؟ أفتونا جزاكم‬
‫الله عنا وعن السلم والمسلمين خير‬
‫الجزاء‪.‬‬
‫ج‪ :‬الواجب على المصلي ستر عورته في الصلة‬
‫بإجماع المسلمين‪ ،‬ول يجوز له أن يصلي عريانا‬
‫سواء كان رجل أو امرأة‪.‬‬
‫والمرأة أشد عورة وأكثر‪ .‬وعورة الرجل‪ :‬ما بين‬
‫السرة والركبة‪ ،‬مع ستر العاتقين أو أحدهما إذا قدر‬
‫على ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لجابر‬
‫رضي الله عنه‪)) :‬إن كان الثوب واسعا فالتحف به‬
‫وإن كان ضيقا فاتزر به(( متفق عليه‪ ،‬وقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه‪)) :‬ل يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (172‬لشهر جمادى الولى‬


‫من عام ‪1412‬هـ‪.‬‬
‫‪641‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫عاتقه منه شيء(( متفق على صحته‪ .‬أما المرأة‬


‫فكلها عورة في الصلة إل وجهها‪.‬‬
‫واختلف العلماء في الكفين‪:‬‬

‫‪642‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫فأوجب بعضهم سترهما‪ ،‬ورخص بعضهم في‬


‫ظهورهما‪ ،‬والمر فيهما واسع إن شاء الله‪ ،‬وسترهما‬
‫أفضل خروجا من خلف العلماء في ذلك‪.‬‬
‫أما القدمان‪ :‬فالواجب سترهما في الصلة عند‬
‫جمهور أهل العلم‪.‬‬
‫وخرج أبو داود رحمه الله‪ ،‬عن أم سلمة رضي‬
‫الله عنها‪ ،‬أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ فقال صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور‬
‫قدميها(( قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بلوغ‬
‫المرام‪) :‬وصحح الئمة وقفه على أم سلمة رضي‬
‫الله عنها(‪.‬‬
‫وبناء على ما ذكرنا‪ :‬فالواجب على الرجل‬
‫والمرأة أن تكون الملبس ساترة‪ ،‬فإن كانت خفيفة‬
‫ل تستر العورة بطلت الصلة‪ ،‬ومن ذلك لبس الرجل‬
‫السراويل القصيرة التي ل تستر الفخذين‪ ،‬ول يلبس‬
‫عليها ما يستر الفخذين‪ ،‬فإن صلته والحال على ما‬
‫ذكر غير صحيحة‪ .‬وهكذا المرأة إذا لبست ثيابا رقيقة‬
‫ل تستر العورة بطلت صلتها‪ ،‬والصلة هي عمود‬
‫السلم‪ ،‬وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين‪ ،‬فالواجب‬
‫على جميع المسلمين ذكورا وإناثا العناية بها‬
‫واستكمال شرائطها‪ ،‬والحذر من أسباب بطلنها؛‬
‫ت‬ ‫صل َ َ‬
‫وا ِ‬ ‫عَلى ال ّ‬
‫ظوا َ‬ ‫ف ُ‬‫حا ِ‬
‫لقول الله عز وجل‪َ ﴿ :‬‬

‫‪643‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫موا‬ ‫وأ َ ِ‬
‫قي ُ‬ ‫طى﴾ ولقوله سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫س َ‬ ‫ة ال ْ ُ‬
‫و ْ‬ ‫صل ِ‬
‫وال ّ‬
‫َ‬
‫)‪(2‬‬ ‫َ‬
‫وآُتوا الّزكاةَ﴾ ‪.‬‬ ‫صلةَ َ‬‫ال ّ‬

‫‪ -1‬سورة البقرة الية ‪.238‬‬


‫‪ -2‬سورة البقرة الية ‪.43‬‬
‫‪644‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ول شك أن العناية بشرائطها وجميع ما أوجب‬


‫الله فيها داخلة في المحافظة والقامة المأمور بها‪،‬‬
‫وإذا كان عند المرأة أجنبي حين الصلة وجب عليها‬
‫ستر وجهها‪ ،‬وهكذا في الطواف تستر جميع بدنها‪.‬‬
‫لن الطواف في حكم الصلة‪ .‬وبالله التوفيق‪.‬‬

‫الصلة في ثوب خفيف جدا بدون‬


‫)‪(1‬‬
‫سراويل طويلة‬
‫س‪ :‬سائل من اليمن يقول‪ :‬بعض الناس‬
‫يصلون في ثوب خفيف جدا بدون سراويل‬
‫طويلة‪ ،‬فهل صلتهم صحيحة؟ وبما‬
‫ننصحهم؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان الذي يصلي رجل‪ ،‬فالواجب أن يستر‬
‫ما بين السرة والركبة‪ ،‬وإذا كان الثوب خفيفا ترى‬
‫منه العورة المذكورة‪ ،‬فالصلة غير صحيحة‪ ،‬أما إذا‬
‫كان اللباس يستر الفخذين وبقية العورة ول يرى معه‬
‫لحمته فل حرج في ذلك‪ ،‬أو كان عليه سراويل وافية‬
‫تستر ما بين السرة والركبة‪ ،‬فل يضره كون الثوب‬
‫خفيفا‪ ،‬لكن يشرع للرجل مع ذلك ستر العاتقين أو‬
‫أحدهما‪ .‬لقوله عليه الصلة والسلم‪)) :‬ل يصلي‬
‫الرجل في ثوب ليس على عاتقه منه شيء(( متفق‬
‫على صحته‪.‬‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب‪.‬‬
‫‪645‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما المرأة فيجب أن تستر بدنها كله في الصلة‪،‬‬


‫وأن تكون ملبسها ساترة صفيقة ل يرى من ورائها‬
‫شيء من بدنها‪ ،‬ماعدا الوجه‬
‫فقط في الصلة‪ ،‬وإن كشفت الكفين فل بأس‪،‬‬
‫لكن الفضل سترهما‪ ،‬ول يجوز لها أن تصلي في‬
‫أثواب خفيفة يرى منها لحمها ويعرف لونه أحمر أو‬
‫أسود‪ ،‬فإن كان يراها أجنبي وجب عليها ستر وجهها‬
‫أيضا‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الصلة في الثوب شبه الشفاف‬
‫س‪ :‬هل ثوب السلك شبه الشفاف يستر‬
‫العورة أم ل؟ وهل تصح الصلة والمسلم‬
‫لبسة؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان الثوب المذكور ل يستر البشرة‪ .‬لكونه‬
‫شفافا أو رقيقا فإنه ل تصح الصلة فيه من الرجل‪،‬‬
‫إل أن يكون تحته سراويل أو إزار يستر ما بين‬
‫السرة والركبة‪.‬‬
‫وأما المرأة فل تصح صلتها في مثل هذا الثوب‬
‫إل أن يكون تحته ما يستر بدنها كله‪.‬‬
‫أما السراويل القصيرة تحت الثوب المذكور فل‬
‫تكفي‪ ،‬ويجب على الرجل إذا صلى في مثل هذا‬
‫الثوب أن تكون عليه )فنيلة(‪ ،‬أو شيء آخر يستر‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (886‬بتاريخ ‪1403 / 6 / 7‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص ‪.49‬‬
‫‪646‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المنكبين أو أحدهما؛ لقول النبي صلى الله عليه‬


‫وسلم‪)) :‬ل يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس‬
‫على عاتقه منه شيء(( متفق على صحته‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم الصلة بـ )البنطلون(‬
‫س‪ :‬السائل‪ :‬ع‪ .‬ع‪ -‬الرياض يقول‪ :‬ما‬
‫حكم لباس سروال )البنطلون( ؟ خاصة أن‬
‫بعض من يلبسه ينكشف جزء من عورته‪،‬‬
‫وذلك وقت ركوعه وسجوده في الصلة‪.‬‬
‫ج‪ :‬إذا كان البنطلون‪ -‬وهو‪ :‬السراويل‪ -‬ساترا ما‬
‫بين السرة والركبة للرجل‪ ،‬واسعا غير ضيق صحت‬
‫فيه الصلة‪ ،‬والفضل أن يكون فوقه قميص يستر ما‬
‫بين السرة والركبة‪ ،‬وينزل عن ذلك إلى نصف‬
‫الساق أو إلى الكعب؛ لن ذلك أكمل في الستر‪.‬‬
‫والصلة في الزار الساتر أفضل من الصلة في‬
‫السراويل إذا لم يكن فوقها قميص ساتر؛ لن الزار‬
‫أكمل في الستر من السراويل‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1333‬بتاريخ ‪1412 / 9 / 8‬‬


‫هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص ‪– 68‬‬
‫‪.69‬‬
‫‪647‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫حكم ستر العاتقين في الصلة‬
‫س‪ :‬يصلي بعض الناس صلة الفريضة‬
‫وليس على عاتقيه شيء يسترهما‪،‬‬
‫وخصوصا أيام الحج أثناء الحرام‪ .‬فما حكم‬
‫ذلك؟‬
‫ج‪ :‬إن كان عاجزا فل شيء عليه؛ لقول الله‬
‫م﴾)‪ (2‬ولقول‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫فات ّ ُ‬
‫سبحانه‪َ ﴿ :‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم لجابر بن عبد الله رضي‬
‫الله عنهما‪)) :‬إن كان الثوب واسعا فالتحف به وإن‬
‫كان ضيقا فاتزر به(( متفق على صحته‪.‬‬
‫أما مع القدرة على ستر العاتقين أو أحدهما‪،‬‬
‫فالواجب عليه سترهما أو أحدهما في أصح قولي‬
‫العلماء‪ ،‬فإن ترك ذلك لم تصح صلته؛ لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل يصلي أحدكم في الثوب‬
‫الواحد ليس على عاتقه منه شيء(( متفق على‬
‫صحته‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم الصلة في ثوب مرسوم عليه‬


‫)‪(3‬‬
‫صور حيوانات‬

‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة قدمها‬


‫لمساحته بعض طلبة العلم في عام ‪ 1413‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة التغابن الية ‪.16‬‬
‫‪ -3‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (157‬لشهر صفر من عام‬
‫‪1411‬هـ‪.‬‬
‫‪648‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬الخ‪ :‬ز‪ .‬م‪ .‬ع‪ -‬من اللذقية في‬


‫سوريا يقول في سؤاله‪ :‬أرجو أن تفيدوني‬
‫عن حكم الصلة في ثوب مرسوم عليه صور‬
‫حيوانات وجزاكم الله خيرا‪.‬‬

‫‪649‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ل يجوز لبس ما فيه صورة حيوان؛ لن النبي‬


‫صلى الله عليه وسلم لعن المصورين وأخبر أنهم‬
‫يعذبون يوم القيامة ))‪ ...‬ويقال لهم أحيوا ما خلقتم((‬
‫وأمر بطمس الصور‪ ،‬ولما رأى عند عائشة رضي الله‬
‫عنها سترا فيه صورة غضب وهتكه‪ ،‬لكن الصلة‬
‫صحيحة؛ لن النهي عن لبس المصور عام وليس‬
‫خاصا بحال الصلة‪ ،‬فهو كالمغصوب وثوب الحرير‬
‫للرجال تصح الصلة فيها في أصح قولي العلماء‪،‬‬
‫وعلى من فعل ذلك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫وعدم العود لمثله‪.‬‬
‫ولكن إذا كانت الصورة في شيء يمتهن‬
‫كالبساط والوسادة ونحوهما‪ ،‬فل حرج في ذلك‬
‫بالنسبة لستعمال ما فيه الصور؛ لنه قد ثبت عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك‪ ،‬أما‬
‫التصوير فمحرم مطلقا‪ ،‬سواء أكان فيما يعلق‬
‫ويحترم أو فيما يمتهن؛ لعموم الحاديث الدالة على‬
‫تحريم التصوير ولعن المصورين‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم صلة من يلبس ساعة فيها صورة‬


‫)‪(1‬‬
‫أو صليب‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (886‬بتاريخ ‪.1403 / 6 / 7‬‬


‫وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول ص ‪.71‬‬
‫‪650‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫س‪ :‬من‪ :‬إبراهيم‪ .‬س‪ -‬منطقة الجنوب‬


‫يقول‪ :‬يوجد في بعض الساعات صور لبعض‬
‫الحيوانات من داخلها فهل تجوز الصلة بها؟‬
‫وكذلك هل تجوز الصلة بالساعة التي فيها‬
‫صليب أم ل؟‬
‫ج‪ :‬إذا كانت الصور في الساعات مستورة ل ترى‬
‫فل حرج في ذلك‪ ،‬أما إذا كانت ترى في ظاهر‬
‫الساعة أو في داخلها إذا فتحها لم يجز ذلك‪ .‬لما ثبت‬
‫عنه صلى الله عليه وسلم قوله لعلي رضي الله عنه‪:‬‬
‫))ل تدع صورة إل طمستها((‬
‫وهكذا الصليب‪ ،‬ل يجوز لبس الساعة التي‬
‫تشتمل عليه إل بعد حكه أو طمسه بالبوية ونحوها؛‬
‫لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم‪) :‬أنه كان ل يرى‬
‫شيئا ً فيه تصليب إل نقضه(‪ ،‬وفي لفظ‪) :‬إل قضبه(‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫حمل الصور أثناء الصلة‬
‫س‪ :‬ما حكم صلة الرجل وفي جيبه بوك‬
‫يحتوي على عدد من البطاقات الحاملة‬
‫لصوره؛ كالرخصة وبطاقة العمل ونحوهما؟‬
‫ج‪ :‬صلته صحيحة‪ ،‬وحمله للصورة المذكورة ل‬
‫يقدح في صلته‪ .‬لكونه مضطرا أو محتاجا إلى‬
‫حملها‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته الجزء الثاني ص‬


‫‪.111 – 110‬‬
‫‪651‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫أما الصور التي للذكرى وأشباهها فل يجوز حملها‬


‫ول بقاؤها في البيت‪ ،‬بل يجب إتلفها‪ ،‬لقول النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لمير المؤمنين علي بن أبي‬
‫طالب رضي الله عنه‪)) :‬ل تدع صورة إل طمستها ول‬
‫قبرا مشرفا إل سويته(( أخرجه المام مسلم في‬
‫صحيحه‪ .‬ولنه صلى الله عليه وسلم )نهى عن‬
‫الصورة في البيت‪ ،‬وأن يصنع ذلك( خرجه الترمذي‪،‬‬
‫وغيره؛ ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من‬
‫حديث عائشة رضي الله عنها‬
‫أنه دخل عليها ذات يوم فرأى عندها سترا فيه‬
‫تصاوير فتغير وجهه وهتكه وقال ))إن أصحاب هذه‬
‫الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما‬
‫خلقتم(( أخرجه مسلم في صحيحه‪ .‬والحاديث في‬
‫هذا الباب كثيرة‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫الصلة في مكان فيه صور‬
‫س‪ :‬هل تجوز الصلة في مكان فيه صور‬
‫مثل الصور في الجرائد والمجلت والكتب‬
‫حتى وإن كانت في أدراج؟ وهل ذلك المنزل‬
‫الذي به تلك الصور ل تدخله الملئكة؟‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1489‬بتاريخ ‪/ 11 / 27‬‬


‫‪ 1415‬هـ‪.‬‬
‫‪652‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬الصلة في مكان فيه صورة صحيحة إذا أداها‬


‫المسلم على الوجه الشرعي‪ ،‬لكن كونه يلتمس‬
‫مكانا ليس فيه صورة أولى وأفضل‪.‬‬
‫أما دخول الملئكة للمحل الذي فيه تصوير ففيه‬
‫تفصيل‪:‬‬
‫فإن كانت معلقة أو مطروحة على كرسي‬
‫ونحوه‪ ،‬فإنها تمنع دخول الملئكة؛ لعموم الحاديث‬
‫الواردة في ذلك‪ ،‬أما إن كانت مستورة في الدواليب‬
‫ونحوها ففي منعها دخول الملئكة نظر‪ ،‬والحوط‬
‫للمؤمن‪ :‬أل يبقي عنده شيئا من الصور‪ ،‬إذا كان‬
‫بحاجة إلى شيء منها جاز ذلك بعد قطع الرأس‬
‫وإزالته‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم الصلة إلي صناديق تحتوي‬


‫)‪(1‬‬
‫على أحذية تتخلل الصفوف‬
‫س‪ :‬في بعض المساجد صناديق تحتوي‬
‫على الحذية تتخلل الصفوف‪ ،‬فما الحكم‬
‫في الصلة إلي هذه الصناديق؟‬
‫ج‪ :‬ل حرج في ذلك إذا كان في الصناديق نعال‪،‬‬
‫وهكذا لو كان فيها مصاحف أو كتب أو غير ذلك من‬
‫حاجات المسجد‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬
‫‪ -1‬من برنامج نور على الدرب قرئ على سماحته ثانية في ‪/ 12 / 2‬‬
‫‪ 1414‬هـ‪.‬‬
‫‪653‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الصلة خلف‪ ،‬دورات المياه أو في‬


‫)‪(1‬‬
‫أسطحها‬
‫س‪ :‬هل يجوز الصلة في مكان تقع‬
‫أمامه دورة مياه ول يفصل بينهما سوى‬
‫حائط فقط؟ وهل الفضل الصلة في مكان‬
‫آخر؟‪.‬‬
‫ج‪ :‬ل مانع من الصلة في الموضع المذكور إذا‬
‫كان طاهرا ولو كانت دورة المياه أمامه‪ .‬كما تجوز‬
‫الصلة في أسطح دورات المياه إذا كانت طاهرة في‬
‫أصح قولي العلماء‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫الصلة إلي غير القبلة جهل‬
‫س‪ :‬سؤال من ع‪ .‬م‪ .‬أ‪ -‬من الخبر يقول‪:‬‬
‫إذا صلى جماعة إلى غير جهة القبلة وهم لم‬
‫يعلموا جهتها تحديدا‪ ،‬فهل يجب عليهم إعادة‬
‫الصلة؟‬
‫ج‪ :‬إن كانوا في الصحراء وقد اجتهدوا وصلوا بعد‬
‫الجتهاد إلى الذي ظنوه القبلة فل قضاء عليهم‪ ،‬أما‬

‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1362‬بتاريخ ‪/ 4 / 19‬‬


‫‪ 1413‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.95‬‬
‫‪ -2‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1317‬بتاريخ ‪/ 5 / 15‬‬
‫‪1412‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الثاني ص‬
‫‪.95‬‬
‫‪654‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫إن كانوا في الحضر فعليهم القضاء؛ لن في إمكانهم‬


‫سؤال من حولهم عن جهة القبلة‪.‬‬

‫حكم من صلى إلى غير القبلة بعد‬


‫)‪(1‬‬
‫الجتهاد‬
‫س‪ :‬ما الحكم إذا تبين أن الصلة تمت‬
‫إلى غير القبلة بعد الجتهاد؟ وهل هناك‬
‫فرق بين ما إذا كان ذلك في بلد مسلم أو‬
‫كافر أو كان في البرية؟‬
‫ج‪ :‬إذا كان المسلم في السفر أو في بلد ل‬
‫يتيسر فيها من يرشده إلى القبلة فصلته صحيحة‪،‬‬
‫إذا اجتهد في تحري القبلة ثم بان أنه صلى إلى‬
‫غيرها‪.‬‬
‫أما إذا كان في بلد المسلمين فصلته غير‬
‫صحيحة‪ .‬لن في إمكانه أن يسأل من يرشده إلى‬
‫القبلة‪ ،‬كما أن في إمكانه معرفة القبلة من طريق‬
‫المساجد‪.‬‬

‫س‪ :‬الخ‪ :‬م‪ .‬أ‪ .‬س‪ -‬من الشارقة يقول‬


‫في سؤاله‪ :‬عندما وصلنا إلى أمريكا كنا‬
‫نصلي على حسب البوصلة وفي غير اتجاه‬
‫القبلة‪ ،‬وعندما تعرفنا على بعض إخواننا‬
‫‪ -1‬من ضمن الفتاوى المهمة المتعلقة بأركان السلم الخمسة قدمها‬
‫لسماحته بعض طلبة العلم في عام ‪1413‬هـ‪.‬‬
‫‪655‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫المسلمين هناك أفادونا‪ :‬بأننا كنا نصلي‬


‫في غير اتجاه القبلة وأرشدونا إلى‬
‫التجاه الصحيح‪ ،‬هل الصلة التي صليناها‬
‫قبل معرفة التجاه الصحيح صحيحة أم ل ؟‬
‫)‪(1‬‬

‫ج‪ :‬إذا اجتهد المؤمن في تحري القبلة حال‬


‫كونه في الصحراء أو في البلد التي تشتبه فيها‬
‫القبلة‪ ،‬ثم صلى باجتهاده‪ ،‬وبعد ذلك ظهر أنه صلى‬
‫إلى غير القبلة‪ ،‬فإنه يعمل باجتهاده الخير إذا ظهر‬
‫له أنه أصح من اجتهاده الول‪ ،‬وصلته الولى‬
‫صحيحة؛ لنه أداها عن اجتهاد وتحر للحق‪ ،‬وقد‬
‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه‬
‫رضي الله عنهم حين تحولت القبلة من جهة بيت‬
‫المقدس إلى الكعبة المشرفة ما يدل على ذلك‪.‬‬
‫وبالله التوفيق‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في المجلة العربية في العدد )‪ (164‬لشهر رمضان من‬


‫عام ‪ 1411‬هـ وفي مجلة الدعوة في العدد )‪ (958‬بتاريخ ‪/ 29‬‬
‫‪ 1404 / 12‬هـ‪ .‬وفي كتاب الدعوة )الفتاوى( لسماحته‪ ،‬الجزء الول‬
‫ص ‪.47‬‬
‫‪656‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫حكم الصلة داخل الكعبة وعلى‬


‫)‪(1‬‬
‫سطحها وأين يتجه في صلته‬
‫س‪ :‬سؤال من‪ :‬ع‪ ،‬ش‪ -‬من الردن يقول‬
‫في رسالته‪ :‬هل يجوز الصلة داخل الكعبة أو‬
‫على سطحها؟ وإذا كان الجواب نعم فإلى‬
‫أي اتجاه يتجه المصلي بارك الله فيكم؟‬
‫ج‪ :‬الصلة في الكعبة جائزة‪ ،‬بل مشروعة‪،‬‬
‫فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة لما‬
‫فتح مكة‪ ،‬دخلها وصلى فيها ركعتين‪ ،‬وكبر ودعا في‬
‫نواحيها عليه الصلة والسلم‪ ،‬وجعل بينه وبين الجدار‬
‫الغربي منها حين صلى ثلثة أذرع عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬وقال لعائشة في حجة الوداع لما أرادت‬
‫الصلة في الكعبة ))صلي في الحجر فإنه من‬
‫البيت((‪.‬‬
‫لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ل يصلي فيها‬
‫الفريضة‪ ،‬بل تصّلى في خارجها؛ لنها هي القبلة‬
‫فتصلى الفريضة في خارجها‪ ،‬وأما النافلة فل بأس؛‬
‫لن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى فيها النافلة‬
‫ولم يصل فيها الفريضة‪.‬‬
‫والصواب‪ :‬أنه لو صلى فيها الفريضة أجزأه‬
‫وصحت‪ ،‬لكن الفضل والولى‪ :‬أن تكون الفريضة‬
‫خارج الكعبة‪ .‬خروجا من الخلف‪ ،‬وتأسيا بالنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فإنه صلى بالناس الفريضة خارج‬
‫الكعبة‪ ،‬وتكون الكعبة أمام المصلي في جميع‬

‫‪ -1‬برنامج نور على الدرب الشريط قم )‪.(107‬‬


‫‪657‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫الجهات الربع في النافلة والفريضة‪ ،‬وعليه أن يصلي‬


‫مع الناس الفريضة‪ ،‬ول يصلي وحده‬

‫‪658‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫)‪(1‬‬
‫التلفظ بنية الصلة بدعة‬
‫س‪ :‬السائل‪ :‬س‪ .‬أ‪ .‬س‪ -‬من مصر يقول‪:‬‬
‫ما حكم التلفظ بالنية جهرا في الصلة ؟‬
‫ج‪ :‬التلفظ بالنية بدعة‪ ،‬والجهر بذلك أشد في‬
‫الثم‪ ،‬وإنما السنة النية بالقلب؛ لن الله سبحانه يعلم‬
‫ق ْ َ‬
‫ن‬
‫مو َ‬‫عل ّ ُ‬
‫ل أت ُ َ‬ ‫السر وأخفى‪ ،‬وهو القائل عز وجل‪ُ ﴿ :‬‬
‫ما‬
‫و َ‬‫ت َ‬‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬
‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م َ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫دين ِك ُ ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه بِ ِ‬
‫ض﴾)‪.(2‬‬ ‫ْ َ‬
‫في الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ول عن‬
‫أحد من أصحابه‪ ،‬ول عن الئمة المتبوعين التلفظ‬
‫بالنية‪ ،‬فعلم بذلك أنه غير مشروع‪ ،‬بل من البدع‬
‫المحدثة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫حكم التلفظ بالنية للوضوء والصلة‬


‫س‪ :‬إذا تلفظت في داخل المسجد‬
‫وقلت‪ :‬اللهم إني نويت الوضوء لصلة العصر‬
‫مثل‪ ،‬أو نويت الصلة بهذه الطريقة هل هذا‬
‫يعتبر بدعة؟‬

‫‪ -1‬نشرت في جريدة المسلمون في العدد )‪ (12‬ليوم السبت‬


‫الموافق ‪ 1415 / 8 / 7‬هـ‪.‬‬
‫‪ -2‬سورة الحجرات الية ‪.16‬‬
‫‪659‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ج‪ :‬ليس التلفظ بالنية ل في الصلة ول في‬


‫الوضوء بمشروع‪ .‬لن النية محلها القلب‪ ،‬فيأتي‬
‫المرء إلى الصلة بنية الصلة ويكفي‪،‬‬

‫‪660‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫ويقوم للوضوء بنية الوضوء ويكفي‪ ،‬وليس هناك‬


‫حاجة إلى أن يقول‪ :‬نويت أن أتوضأ‪ ،‬أو نويت أن‬
‫أصلي‪ ،‬أو نويت أن أصوم‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪ ،‬إنما النية‬
‫محلها القلب‪ ،‬يقول الرسول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))إنما العمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى((‪.‬‬
‫ولم يكن عليه الصلة والسلم ول أصحابه‬
‫يتلفظون بنية الصلة‪ ،‬ول بنية الوضوء‪ ،‬فعلينا أن‬
‫نتأسى بهم في ذلك‪ ،‬ول نحدث في ديننا ما ل يأذن به‬
‫الله ورسوله‪ ،‬يقول عليه الصلة والسلم‪)) :‬من عمل‬
‫عمل ليس عليه أمرنا فهو رد(( يعني‪ :‬فهو مردود‬
‫على صاحبه‪.‬‬
‫فبهذا يعلم أن التلفظ بالنية بدعة‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫س‪ :‬يسأل‪ :‬ا‪ .‬ب‪ -‬سوداني مقيم في جدة‬


‫فيقول‪ :‬ما حكم التلفظ بالنية في الصلة‬
‫والوضوء)‪ (1‬؟‬
‫ج‪ :‬حكم ذلك أنه بدعة؛ لنه لم ينقل عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ول عن أصحابه‪ ،‬فوجب تركه‪،‬‬
‫والنية محلها القلب‪ ،‬فل حاجة مطلقا إلى التلفظ‬
‫بالنية‪.‬‬
‫‪ -1‬نشرت في مجلة الدعوة في العدد )‪ (1009‬بتاريخ ‪/ 1 / 16‬‬
‫‪ 1406‬هـ‪.‬‬
‫‪661‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫والله ولي التوفيق‪.‬‬

‫هل النية شرط لجواز الجمع‬


‫)‪(1‬‬

‫س‪ :‬هل النية شرط لجواز الجمع؟ فكثيرا‬


‫ما يصلون المغرب بدون نية وبعد صلة‬
‫المغرب يتشاور الجماعة فيرون الجمع ثم‬
‫يصلون العشاء؟‬
‫ج‪ :‬اختلف العلماء في ذلك‪:‬‬
‫والراجح‪ :‬أن النية ليست بشرط عند افتتاح‬
‫الصلة الولى‪ ،‬بل يجوز الجمع بعد الفراغ من الولى‬
‫إذا وجد شرطه من خوف أو مرض أو مطر‪.‬‬

‫‪ -1‬نشرت في جريدة البلد في العدد )‪ (10854‬ليوم السبت ‪/ 21‬‬


‫‪1414 / 10‬هـ‪.‬‬
‫‪662‬‬
‫الجزء العاشر‬ ‫مجموع فتاوى ومقالت متنوعة‬

‫انتهى بحمد الله الجزء‬


‫العاشر‬
‫ويليه بمشيئة الله‬
‫الجزء الحادي عشر‬
‫القسم الثاني من‬
‫الصلة‬

‫‪663‬‬

You might also like