Professional Documents
Culture Documents
كلية الشريعة
المرحلة الماجستير
قسم ) الشريعة والقانون (
محاضرات في مادة:
الحمـد لـ رب العـالمين والصــلة والســلم علــي سـيدنا رســول الـ وعلـى آلـه وصـحبه ومـن بهـديه
اهتدى ....وبعد:
فإن المادة التي نحن بصدد دراستها هي نظام السرة في السلم وهذه المادة تشكل جانبا مــن جــوانب
الفقه السلمي الشريف الواسع الذي يشمل جميع ما يتعلق بحياة المسلم الفردية والجتماعية ويعالــج
مشاكله ويجيب على السئلة والمستجدات التى تعتري طريق حياته.
وبما أن الفقه السلمي يشكل جانبا كبيرا مما شرع ال لعباده يجدر بنــا أن نعــرف بالختصــار معنــى
الشرع فالفقه ثم ندخل فی موضوع بحثنا وقبل ذلك نحتــاج إلــى معرفــة معنــى الســلم ومعنــى الــدين
حتى نكون قد دخلنا البيوت من أبوابها ولذلك فنبدا بمشيئة ال بتعريــف الســلم ثــم نواصــل بــالترتيب
في تعريف الدين والشرع أو الشريعة والفقه ثم ندخل في إطار البحث عن نظام السرة في السلم.
السلم في اللغة :النقياد والتسليم والتوجه .
عّرف بتعريفات عديدة منها: والسلم في الصطلح ُ
-1السلم :هو النقياد لمر المر ونهيه بل اعتراض.
-۲السلم :هو كل ماجاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ربه وكلف بتبليغه.
-3السلم هو تسليم العبد نفسه لربه في كل مايتعلق بدينه ودنياه عن رضا نفســه وطيــب خــاطره بل
قيد وشرط.
الدين:
الدين في اللغة :النقياد والطاعة والملة والمذهب .
وفي الصطلح :هو اسم لجميع مايعبد به ال سبحانه وتعالي.
وعرفه البعض بأنه :إتباع الرسل فيما بعثهم ال به فی کل حين حتى ختمــوا بمحمــد صــلى ال ـ عليــه
وسلم ،الذي هو خاتم النبيين ودينه الكامل هو آخر الأديان .
الشرع :
الشرع من شرع يشرع شرعا بفتح العيـن فــي مضــارعه بمعنــى النهـج والسـن والظهـار واليضـاح
والمذهب والملة ،والشرع مصدر والمراد منه ماشرع ال لعباده.
وقد عرف البعض الشريعة بأنها عبارة عما شرعه ال لعباده من السنن والحكام.
وقال البعض الخر :إن الشريعة هي :مجموعة الوامر والحكام العتقادية والعمليــة الــتي يــوجب
السلم تطبيقها لتحقيق أهدافه الصلحية في المجتمع.
الفقه:
الفقه في اللغة :الفهم والفطنة والعلم والــدرك ،وإذا قلــت فقــه المــر بكســر القــاف يعنــي أحســن فهمــه
وإدراكه .
ب َما َنْفَقُه َكِثيًرا" ) هود(91 -
شَعْي ُ
ومنه قوله تعاليَ ":قاُلوا َيا ُ
وقوله سبحانه وتعالي" فما لهؤلء القوم ليكادون يفقهون حديثا" ) النساء – (78
وإذا قلت فقه فلن بضم القاف فمعناه :صار فقيها وصار الفقه له سجية .
وفي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي ال عنه عن رسول ال صــلى الـ عليــه وســلم " :النــاس
معادن كمعادن الفضة والذهب خيارهم في الجاهليـة خيـارهم فـي السـلم إذا فقهـوا والرواح جنـودة
مجندة فما تعارف منهــا إئتلــف ومــا تنــاكر منهــا أختلــف" .متفــق عليــه واللفــظ لمســلم فــي كتــاب الــبر
والصلة .
وقال إبن حجر العسقلني :فقه بفتح القاف :سبق غيره إلی الفهــم وفقــه بالضــم صــار الفقــه لــه ســجية
وفقه بالكسر إذا فهم .
3
فإذا قلت تفقه الرجل تفقها :أي تعاطى الفقه ودراسة وصار الفقه شغله الشــاغل .ومنــه قــوله ســبحانه
وتعالى ":فلول نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهــم
يحذرون " ) التوبة – .(122
وفي الصطلح عرفه المام أبوحنيفة رحمه ال بأن الفقه هو ":معرفة النفس مالها ما عليها " .
وهذا تعريف عام يشمل أحكام العتقاديات كوجوب اليمان ونحوه والوجــدانيات کــالخلق والتزكيــة
النفسية والعمليات كالصلة والصوم والبيع ونحوها وهذا هو الفقه الكبر.
وعرفه المام الشافعي وجمـع أخـر مـن العلمـاء بـأن الفقـه هـو " :العلـم بالحكـام الشـرعية العمليـة
المكتسب من أدلتها التفصيلية" .
والمقصود بالعلم هنا :هو الدراک مطلقا الذی يتنــاول اليقيــن والظــن لن الحکــام العمليــة قــد تثبــت
بدليل قطعی يقينی کما تثبت غالبا بدليل ظنی .
والمراد بالحکام کل ماشرعه ال للناس من اوامرونواه لتنظيم حياتهم الفردية والجتماعية
واحترزبعبارة ) العلم بالحکام ( عن العلم بالذوات والصفات .واحــترز ) بالشــرعية ( عــن الحکــام
الحسية ک " :القمرمنير "والحکام العقلية کالواحد نصف الثنين والحکام اللغويــة مثــل مِ ـن حــرف
جرّ والفاعل مرفوعٌ وماإلی ذلک . َ
کما أنه اراد بوصــف الشـرعية الحکــام اّلـتی شـرعها الـ سـبحانه وتعــالی .واحترزبکلمـة العمليــة
الحکام العتقادية والوجدانيات وکلمة المکتسب صفة للعلم ومعنــاه العلــم المســتنبط بالنظروالجتهــاد
وهو احتراز عن علم ال وعلم الملئکة وعلم الرسول صلی ال عليه وسلم الحاصل بالوحی .
والمراد بالدلة التفصيلية :القرآن والسنة والجماع والقياس .
وجاء فی قواعد الزرکشی بان الفقــه هــو معرفــة احکــام الحــوادث نصــا واســتنباطا علــی مــذهب مــن
المذاهب .
وقد تطلق کلمة الفقه ويراد بها الحکام نفسها .
والجديربالذکر أن الفقه السلمی يمتازمن القوانين الوضعية بامور منها :
.1إن الفقه يحمل فی طياته رمزا روحيا ومعنويا مما يجعــل العائشــين فــی اطــاره بشعورانســانی
أسمی وأعلی وهذا يعتبرحافزا قويا لتنفيذه .
.2إن الفقه يأخذ وجوده ويتلقی قوته من مصادره اّلتی تعود فی النهاية إلی الوحی اللهــی المــر
الذی يجعل من الفقه حضنا هادئا مريحا ومناســبا لحيــاة البشــرية وطبيعتهــا مــن جهــة ويســهل
تطبيقه من جهة أخری .
.3إن المقيمين فــی دائرة الفقــه و أحضــانه يؤمنــون بــأن الـ يســمع ويــری وإن هــذ الشــعوريدفع
النسان نحو اللتزام بأحکامه ومتطلباته .
.4إن العائشين فی احضان الفقه يرون ورائهم يوما يحاسبون فيه وهذا يعتبر بدوره ضــمانا أخــر
لتنفيذ أحکام الفقه فی حياتهم الفردية والجتماعية .
والسرة عبارة :عن أهل الرجل المعروفون بالعائلة .
ونظام السرة :عبارة عن أحکام وقوانين تنظم حياة السرة وعلقة أعضائها بعضــهم ببعــض .
ومالهم من حقوق وماعليهم من واجبات فی مابينهم .
والسرة تتکون نتيجة زواج رجل بإمرأة وفق أحکام الشرع .
فلنبدأ بموضوع الزواج اول ثم ندخل فی تفاصيل ما يتعلق بالسرة .
الزواج بفتح الزاء بمعنی القتراب والقتران والرتبــاط و الضــم والجمــع ومنــه قــوله تعــالی » :
جُهْم « / 27الصافات « .ای قرنائهم . ظَلُموا َوَأْزَوا َ
ن َ
شُروا اّلِذي َحُ
اْ
والزوج والزوجة قرين وقرينة والزوجان قرينان .وقـوله تعـالی » و زوّجنـاهم بحـورعين « ای
قرناهم بحور عين .وزاوجه بمعنی خالطه وقارنه .وتزوج بمعنی تأهل وتــزاوج بمعنــی تشــابه
4
يقال تزاوج الکلم ای تشابه فی الوزن والسجع .وکلمة الزوج يطلق علی الرجل والمــرأة وجــاء
فی القرآن الکريم بکل المعنيين والمعروف الن بين الناس الزوج للرجل والزوجة للمرأة .
والزوجان فی النسان الرجل والمرأة وکلمة الزوجين مســتعملة الن فــی إثنيــن مــن الشــياء مــن
جنس واحد .مثل زوجا نعال ای نعلين وفی الطيور مثل عندی زوجا حمام .ای ذکر وأنثی .
والزواج فی إصطلح الشرع:
قال صاحب الكنز رحمه ال :الزواج عقد يرد على ملك المتعة قصدا .
وقال بعض الفقهــاء بــأن الــزواج عقــد يفيــد حــل إســتمتاع كــل مــن العاقــدين بــالخر علــى الــوجه
المشروع .
كما عرفه البعض الخر :بأنه عقد يفيد حــل العشــرة بيــن الرجــل والمــرأة وتعاونهمــا ويحــدد مــا
لكليهما من حقوق وماعليهما من واجبات .
الزواج سنة ال في خلقه وهذه السنة تشــمل عــالم النســان والحيــوان والنبــات ،قــال الـ ســبحانه
ن ) -49الذاريات " ن َلَعّلُكْم َتَذّكُرو َجْي ِ
خَلْقَنا َزْو َ
يٍء َ
ش ْل َن ُك ّ
وتعالي " َوِم ْ
ن) ل َيعَْلُمـو َ
سـِهْم َوِمّمـا َ
ن َأْنُف ِ
ض َوِمـ ْ
ت الَْْر ُ
ج ُكّلَها ِمّما ُتْنِب ُلْزَوا َق ا َْ
خَل َ
ن اّلِذي َ حا َ
سْب َ
وقال أيضا ُ ":
-36يس(.
وهنا يجدر بنا التطرق إلى موضوع هام أخر يساعدنا في فهم هذا الموضوع وفي فهم مدي تكريم
ال سبحانه النسان في شرع أحكام لتنظيم حياتهم تلك الحكــام الــتي تصــون عــزة هــذا المخلــوق
الُمَمّيز وكرامته .
فقد أودع ال سبحانه وتعالي في فطرة النسان وخلقه غــرائز تشــكل قــوة دافعــة لــه نحــو التحــرك
والسعي والنشاط وهذه الغرائز ترافق النسان منذ نعومــة أظفــاره ،تنمــو مــع نمــوه ،تتقــوي مــع
قوته و تضعف مع ضعفه .
وهذه الغرائز لتملك هداية النسان وقيادته نحو الهداف المنشودة وإنما تملك التحريك والتنشــيط
فقط.
فهناك دفع يسبب القدام وتحريك يســبب الحركــة والنشــاط ،فـإذا وجـدت الحركــة ووجــد النشـاط
ليخلوا المر عندئذ عن ثلثة أحوال :
-1أن يترك النسان بطبيعة الحال ،ينشط ويتحرك ويقدم بل تفكير في مغبة ما يحدث.
-2أن يصنع نظاما لنفسه يقيد به هذا التحرك حــتي ل يــواجه مصــاعب ومشــاكل وفــي نفــس الــوقت
يشبع هذه الغرائز ويلبي طلباتها .
-3أن يترك التقييد والتنظيم لخالق النسان الذي يعلـم طـبيعته ورغبـاته ومتطلبـات فطرتـه ووجـوده
وحياته .
إذا أختير الحال الول دخل النســان فــي الغابــة وصــارت حيــاته جــزءا مــن حيــاة الحيــوان الــتي ل
ضابط لها ول أصول ولضوابط تحافظ علي كرامة النسان وعزته .
جّربوه ول زالو عايشين في أحضانه وذاقــوا نتــائجه وإذا أختير الحال الثاني وقد أختاره الكثيرون و َ
المريرة التي تعاني منه البشرية ولزال أختيارهذه الحال يسفك دماؤها ويدوس أعراضها ويهتك
حرماتها ،ذلك لنه يجهلون طبيعة النسان وليعلمون مايناسب هذا الموجود الكريــم ،فــأوقعوه
في مخالب الوحشة وبراثن الجنون وإذاقوا أنفسهم ،وكثيرا من المجتمعات المرين .
وأما الحال الثالث وهو ما أختاره ال سبحانه وتعالي لعباده لتنظيم هذه الغرائز والنوازع الــتي تــدفع
النسان نحو الحركة النشاط تنظيما تلبي رغباته وتشبع طلبــاته ،وفــي نفـس الـوقت يحفظـه مـن
الوقوع في الوحال التي تدنس شخصيته وتهدر عفته وِقَيَمُه ويصونه من السقوط في فخ التهلكــة
التي يصعب له الخلص منه .
5
فهذه الغرائز بمجموعها إذا أطلق سراحها تدمر الحياة وتزلزلها وتخرجها من دائرة القيم النسانية ,
وإذا احتبست وكبتت ومنعت وكبح جماحها تسبب المــراض والعقــد النفســية الــتي هــي بــدورها
تسبب الجرائم والنحرافات المستعصية على العلج .
ولكــن إذا ألجمــت بلجــام معقــول ليمنــع تحركــه ونشــاطه وفــي نفــس الــوقت يحفظــه مــن التخطــي
والنحراف ويقاد به نحو الهداف المنشودة فى الطريق المستقيم لتشــبع غــرائزه وتلــبي رغبــاته
من جهة ومن جهة أخري تعمر الرض والحياة بعمله وتحركه ونشاطه .
وعلى سبيل المثال غريزة الشهوة ،إحــدي الغــرائز الــتي أودعهــا الـ فــي طبيعــة النســان ،وهــذه
الغريزة تطغي عندما يقوى النسان وينموا ويصل إلى مرحلة الشباب ،فإذا حبست من الشــباع
وكبح جماحها ولم يسمح لها ،يسـبب هـذا الكبـح كـثيرا مـن المـراض سـيما المـراض النفسـية
والعصبية.
من جهة أخري تنقطع تواصل نسله وبقاء حسبه على وجه المعمورة .وإذا أطلق ســراحها فيصــير
النسان كالحيوان يختار لنفسه مايشاء ويحاوی بطريقة أو أخرى إشباع هذه الغريــزة والتخلــص
من دفعـه الشــديد فل يميـز بيـن القرابــة وغيرهـا وليميـز بيــن الخلـوة والمل ،يتحـرك كــالتيس
المطلق بين القطيع ،وأمــا إذا ألجمــت الشــهوة بلجــام الشــرع حــتى لتطغــي ثــم أشــبعت بــالوجه
المشروع وبالطريقة التي يحفظ للنسان كرامته وعزته ويحافظ للنسان علي بقاء نســله ويوجــد
له السكون والسكينة في حياته .إن هذا التنظيم يعطي للحياة روحا من الســعادة والعــزة والجمــال
والطمأنينة ويجنبها من الفات واللم والمراض والمصائب مثل هذه الغريزة.
كمثل نهر فاضت مياهه نتيجة المطار الغزيرة وطغت على حافتيه ،فإذا تـرك النهـر هكـذا وبهـذا
الوضع يدمر البيوت والحقول والقرى والمدن والطرق وربما يسبب قتل النســان والحيــوان فــي
بعض المواقع .وإذا سد النهر ومنع من السير ومن التحــرك وبقــى فــترة مــن الزمــان علــى هــذه
الحال ،سوف تفسد المياه وتنتن وتسبب المراض ويرحل الناس من المنــاطق المجــاورة بســبب
وسأخة الجو والبيئة ،أما إذا بنى هناك سد أمام نهر لمنــع طغيـانه و لتفــادي أخطـاره علــى حيــاة
الناس وممتلكاتهم ،ثم جعل لهذا السد مخارج يخرج منها الماء وفق الضــرورة والحاجــة فعنــدئذ
يحافظ على تحرك المياه والذي بدوره يمنــع تســرب الفســاد والنتونــة إليهــا ،كمــا يتفــادى أخطــار
تدميره للحقول والقرى والطرق وفي نفس الوقت يبقى الماء صالح للستفادة يستفيد منه فــي رى
الحقول وإرواع الحيوان وإزالة تعطش الناس و....
هكذا وبنفس الطريق يتعامل الشرع مع غريزة الشهوة التي تطغى فتلجمها لتفادي أخطارها ومنعهــا
من إدخال النسان في الغابة وفي إطار حياة الوحوش.
ويسمح لها بالتشبع بالوجه المناسب الذي يضمن بقاء نسل بنى أدم وتداوم حياة البشــرية علــى وجــه
المعمورة إلى أن يأذن ال بإنتهاءها ويحــافظ علــى كرامــة النســان وعــزة هــذا المخلــوق الكريــم
المميز بالوضع الذي أراده ال له .
فهذه منة من ال سبحانه وتعالى على عباده أن شرع لشباع غرائزه وتلبية رغبـاته الطبيعيــة ســبل
كريمة عفيفة تليق بشأن النسان وتواكب قيمه المثلى .
فالسلم جاء لينظم هذه الغريزة ويحيط بحياة النسان الجتماعية والسرية بجو من العفة والكرامة
والسكون والطمأنية ويدمر ماكان عليه النسان من طرق الزواج والقتران قبل السلم .
ففى الجاهلية بجانب نكاح الخدن بزعمهم الذى كانوا يقولون :ما أستتر فل بأس به ومــا ظهــر فهــو
ن" -25النساء" . خَدا ٍ
ت َأ ْ
خَذا ِ
ل ُمّت ِ
لؤم ،وهو المذكورفى قوله تعالى َ ”:و َ
وبجانب نكاح البدل الذي :كان الرجل يقول للرجل أنزل لي عــن إمرأتــك وأنــزل لــك عــن إمراءتــي
وازيدك .
6
-2إذا کان قادرا علی النفقات وناويا العدل مع الزوجة وحسن الخلق ويظن أنه يقع فی الحــرام إذا
لم يتزوج ففی هذه الحال يجب عليه أن يتزوج .
-3اما إذا کان عاجزا عن تکاليف الزواج وکان متيقنا من الوقوع فی الظلم والضــرار بحــق المــرأة
وليستطيع أن يعدل بين النسـاء إذا تـزوج بــأخری فــالزواج عنـدئذ حـرام لن مــا يـؤدی إلـی
الحرام فهو حرا م .
-4اما إذا کان الرجل خائفا فی الوقوع فی الجور والضرر فی معاشرته مع المــرأة ولکــن خــوفه لــم
يکن يصل إلی درجة اليقين فــالزواج عنــدئذ مکــروه ،و إذا کــان هــذ الخــوف قويــا فالکراهــة
تحريمية ،اما إذا کان ضعيفا فالکراهة تنزيهية .
-5ويکون الزواج مسنونا عند الحناف ومستحبا عند البعض الخر فی حالة العتدال ،وهذه الحالة
غالبة علی کثيرمن الناس ،والنصوص من اليات والحاديث النبوية کثيرة فی هذ المجال .
8
معاييرأختيارالزوجة
المعاييرالتی تؤخذ بعين العتبارفی إختيارالزوجة تنقسم إلی قسمين :مادی ومعنوی
أما المعاييرالماديةهی المعاييرالتی تحرک فی النســان غرايــزه ونــوازعه الفطريــة والخلقيــة وتــدفعه
نحو إنتخاب زوجته وأختيارشريکة حياته وهی :
.1المال
إن حب المال وحب تملکه والحصول عليه امرفطری وطبيعی فی النسان ،کل إنســان يحــب
أن يکون ذامال سيما ذلک المال الذی يحصل النسان عليه بل تعب ومشقة فإذا کــانت هنــاک
إمرأة ثرية يرغب الکثيرون فی الـتزوج معهــا بغيــة السـتفادة مـن مالهــا أو علــی القــل بغيــة
إعفائها إياه عن تکاليف الزواج ونفقاته .
.2الجمال
الجمال هو أقوی محرک يدفع النسان نحو التزوج بالحسناوات والجميلت ومــن کــانت عنــده
إبنة جميلة حسناء يطرق بابه صباحا ومساء – وغريــزة الشــهوة تتحــرک فــی وجــود النســان
سيما فی وجود الشباب بمجرد وقـوع نظـره علــی الحســن والجمــال فتجعلــه يتلهــف للنيـل مــن
أصحاب الجمال ويستميت فی الحصول عليها .
.3الجاه والمنصب
إن هــذا ايضــا يعتبرمعيــارا مــن معــايير إختيارالزوجــة وهکــذا فــی إختيــارالزوج لن النــاس
يرغبون فــی أن يتقـووا بأصــهارم وهــم احبــابهم الجــدد ويجــبروا ضــعفهم المــادی بيــن النــاس
وموفقهم فی المجتمع بکسب هذه القرابة والحماية التی تنتج من الزواج.
.4الحسب
الحسب أيضــا مــن الــدوافع الرائجــة بيــن النــاس فــی أختيــارالزوج لن النــاس عــادة يعتــبرون
القتران من اصحاب الحسب الشريف عزة وشرفا لهم ويعتزون بذلک .
.5أن تکون المرأة ولودا
الناس يحبون بطبيعة الحال أن يکون لهم إبناء کــثيرون لنهـم يــرون فــی هـذا شــانا لهـم وقـوة
ويتطلعون من خلل کثرة الولد إلی مستقبل زاهر ومزدهر.
.6أن تکون المرأة باکرة
وهذا امرطبيعی و واضح فکل شاب وکل انسان يحب أن يتزوج بالباکرة لن لســباب ماديــة
وغيرمادية کثيرة نستغنی عن ذکرها فی هذ المختصر.
المعاييرالمعنوية التی تؤخذ بعين العتباروهی الهم کالتی :
.1الدين
والدين هو معيارأختيارالعقلء والتقياء والذين يحبــون أن يحــافظوا علــی المبــادی والقيــم
النسانية فی حياتهم الجتماعية .
.2العقل
النسـان الـذکی الـدارالفاهم يرکزعلـی هـذا المعيـارکثيرا لن المـرأة العاقلـة تکـون خيرعـون
للرجل فی مستقبل حياته .وتحمل عنه کثيرا فی العباء
.3العلم
المرأة التی عندها علــم تســاهم فــی تربيــة الولد فــی صــورة جيــدة وتعــرف الحلل والحــرام
وتعرف مالها من حقوق وماعليها من واجبات
هذه المعاييرالتی ذکرت کلها تدفع النسان نحو أختيارالزوجة بــدرجات متفاوتــة وفــی بعــض
الحيان بعض هذه المعاييرتطغی علی المعاييرالخری .والسلم لم يعــارض ول واحــدا مــن
9
هذه المعاييرولکن رتب المعاييربترتيب اهميتها وتاثيرکل منها علــی مســتقبل الحيــاة الزوجيــة
وعلی النتائج التی تترتب عليها دينًا وُدنيًا
فالسلم يرحب بالجمال لنه يساعد النسان علی العفاف ويرحب بالمــال لنــه يعيــن النســان
علی قضاء حوائجه وتنظيم بيت وحياته بصورة أفضل ويرحب بالولود ،والرسول صـلی الـ
عليه وسلم يحث علی تزوج الولود :فقال » :تزوجوا الودود الولود فإنی مکاثربکم المم يوم
القيامة« .
ويرغب الشرع علی التزوج مع البکروقد شجع الرسول المين علــی ذلــک فقــال » :فهل
بکرا تلعبها وتلعبک « والسلم ليرد الحسب لن الحسب يساعد علــی دوام عقــد الــزواج
وحسن المعاشرة .
فکل هذه المعاييرممدوحة شــرعا ومرغــوب فيهــا وأماجعــل هــذه المعاييرأساســا ومحــورا فــی
إختيارالزوجة بقطع النظرعن التفکيرفی المعاييرالمعنوية فمردودوليضمن الســعادة وليعيــن
علی بقاء ودوام عقد الزواج وليجلب بوحدها الطمأنينة والسکينة للسربل تجعلهــا معروضــة
للخطار المرعبة والرهيبة فالرسول صلی ال عليه وسلم يقول فی معــرض بيــان المعــاييرفی
إختيارالزوجة » تنکح المرأة لربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفربــذات الــدين تربــت
يداک « .
إن هذا القول يفيد بوضــوح رجحــان الــدين علــی العناصــرالخری فــی أختيارالزوجــة ويؤکــد
تأکيدا واضحا علی جعل الدين أساسا ومحــورا فــی إختيارالزوجــة وإل فيکــون المــآل خســارة
وضياعا .وإذا أختير الدين أساسـا ُيحِبـُذ الشـرع بوجـود المعـاييرالخری بجـانب الـدين .ليـت
الشباب يحصلون علی زوجات حسناوات جميلت ذوات خلق ودين وحسب ومال .
خّيرالنســان بيــنفإذا توفرت کل هــذه المعــاييرفهو أمرمبــارک يغبــط النــاس أصــحابه امــا إذا ُ
جميلة ودينة او بين ثرية ودينة أو بين ذات حســب ودينــة فليختارالدينــة وال فقــد خسرخســرانا
مبينا وتربت يداه .وابتلی بالذل والهوان .والرسول صلی ال عليه وسلم يقول فــی هــذ المجــال
» لتنکحوا النساء لحسنهن فلعله يرديهن وللمــالهن فلعلــه يطعيهــن وانکحــوهن للــدين ولمــة
سوداء خرقاء ذات دين افضل .وفی هذا تحذيرقوی وشديد من جعل المــال او الحســن معيــارا
لحاله بعيدا عن المواکبة مع الخلق والدين .
فينبغی للنسان أن يتربث ويتحری کثيرا فی أمرأختيارالزوجــة حــتی يقــع إختيـاره علــی دينــة
بطبيعة عاقلة تجلب السعادة والخيرإلی البيت وإلی السرة والرسول صلی ال عليه وســلم قــال
بهذا الشان عند ما سئل يا رسول ال ای النساء خير؟ قال :التی تسره ان نظروتطيعــه إن أمــر
ولتخالفه فی نفسها ومالها بمايکره .
وللبيئة التی تنشأ المرأة فيها أثرکبيرفالمرأة التی تربت فی اجواء صالحة مبارکــة عفيفــة تنشــأ
صالحة مبارکة والمرأة التی تنشأ فی بيئه خبيثــة غيرمرضــية تنشــأ رديئة وغيرصــالحة فعلــی
الشباب أل يغتروا بحسناوات وجميلت تربين فی بيئة وضــيعة وذليلــة .والرســول صــلی الـ
عليه وسلم يقول فی هذا الشان » اياکم وخضــراء الــدمن قـالوا :ومأخضــراء الـدمن يــا رسـول
ال ؟ قال :المرأة الحسناء فی المنبت السوء « .
والواقع فی مجتمعاتنا اليوم أن الشباب کثيرا مـاينزلقون فـی مثـل هـذه المسـتنقعات ويـتربعون
علی الوحال الدنسة فيجعلون الحسن والجمال المعيارالوحيد فی أختيارالزوجة وهذا ما يجعل
السرة والحياة الزوجية معرضة للصدوع والخطاروظهورالفتن والمصايب والمشاکل دأخــل
العوائل .
وبما ان حسن أختيار الزوجة يرمی إلی هدفين اساسيين وهما :اسعاد الرجــل وتمتعــه بالحيــاة
الزوجية المشروعة المبارکة .وتنشئة الولد تنشأة صالحة مبارکة .تتميزبالســتقامة وحســن
10
الخلق والعفاف أمرالرسول صلی ال عليه وسلم »:الشباب بالحذروالحتياط والخذ بالسباب
المشروعة اللقة فی إختيارالزوجة وشجعهم علی الدقة التامــة فقــال » :تخيــروا لنطفکــم فــان
العرق دساس « وفی حــديث أخــر» تخيــروا لنطفکــم فــانکحوا الکفــاء وانکحــوا اليهــم « وإن
العلماء فی اکتشافاتهم الحديثة اثبتوا بوضوح ان العادات تنقل من البــاء إلــی البنــاء والحفــاد
وفی النساء إلی الولد والبنات و ...فالحذر الحذر .من الوقوع فــی شــبکه المغربيــات الماديــة
التی ليترتب عليها ال الندم .
وکما ان هناک معاييرلختيارالزوجة فهناک معاييروعناصرلختيارالزوج ايضا
فعلی الولی ان يختارلکريمته من يطمئن إلی دينه وعزته وخلقــه فکمــا يجــب علــی الرجــل ان
يحسن أختيارالمرأة الصالحة ،يجب علی أولياء المرأة أن يحسنوا أختيارالخاطب أو الــزوج ،
فل يزوجوا بناتهم إل من صاحب خلق وديــن وفــي هــذا يقــول عبىــد الحميــد محمــود طهمـاز
مؤلف " الفقه الحنفي في ثــوبه الجديــد" :ينبغــي أن يكــون الخــاطب ذا ديــن وخلــق وهــذا أهــم
صفات الزوج الصالح ،فإذا كان الرجل يتقى ال ويخشاه ،فإن ذلك يمنعه من الظلــم فــي حــق
المرأة ويدفعه إلي حسن معاشرتها وتأمين كل حقوقها الشرعية ولهذا أمر النبي صلى ال عليه
وسلم بتزويج صاحب الدين والخلق ولوكان فقيــرا ،قــال صــلى الـ عليــه وســلم " :إذا خطــب
إليكم من ترضون دينه فزوجوه وإل تفعلوه تكن فتنة في الرض وفساد كبير" .صدق رســول
ال صلى ال عليه وسلم.
فإذا لم يزوج الشاب المتدين ورُدّ خائبا بسبب قلة ذات يده وفقره فــإنه يضــعف أمــام المغريــات
والمثيرات فيقع في الحرام .
إن البنت أمانة عند أبيها ،إئتمنه ال عليها ،فــإذا لــم يحســن فــي إختيــار الــزوج لهــا فقــد خــان
المانة .
قال المام الغزالي ر حمه ال ":والحتياط في حقها أهم ،لنها رقيقة بالنكاح لمخلص لهــا ،
والزوج قادر على الطلق بكل حال ،ومن زوج إبنته ظالما أوفاسقا أو مبتدعا أو شارب خمر
فقد جنی على دينه وتعرض لسخط ال لقطع الرحم وسوء الختيار .
قال رجل لحسن بن علي " :إن لي بنتا فمن ترى أن ازوجها له ،قال :زوجها لمن يتقي الــ ،
فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها".
وقالت عائشة رضي ال عنها " :النكاح رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته ؟"
وقال صلى ال عليه وسلم ":من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه ".
وأما معرفة الخـاطب الـذي ل معرفـة بشـأنه مـن قبـل فميسـرة عـن طريـق النظـر فـي أقرانـه
وأصحابه لأن من جالس جانس والصاحب ساحب ".
الخطبة :
الخطبة فعلة بكسر الفاء ك" قعدة وجلسة " ومعناها طلب الزواج ومعنى خطبت المــرأة يعنــي
طلبها للزواج بالوسيلة المعروفة بين الناس ،وعرفها البعض الخر من العلماء بأنهــا :إظهــار
الرغبة في الزواج بإمراة معينة وإعلم المرأة أو وليها بذلک بطريق مباشر أو بواسطة أهله .
والخطبة كغيرها من مقدمات الزواج طريــق للتعــرف لكــل مــن الخــاطبين علــى الخــر ،وقــد
شرعها ال سبحانه وتعالى قبل الرتباط بعقد الزوجية ليكون القدام علــى الــزواج علــى هــدى
وبصيرة،والصــل فــي ذلــك مــن الكتــاب قــول الـ عزوجــل إذ يقــول »:ولجنــاح عليكــم فيمــا
عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم «.
فإذا تم التزوج في جو من التعارف والطلع على خلق والعادات والطبايع فيما بيــن الطرفيــن
ووجود التلقی والتجاوب بينهما أمكن القدام على الزواج بسهولة وإطمئنــان وســيترتب علــى
11
مثل هذا الزواج السلم والمان والوئام وهذا هی المور التی لبــد منهــا لإســتمرار هــذا العقــد
المبارك ) عقد الزواج ( والمحافظة عليه .
أنواع الخطبة :
الخطبة تنقسم إلی قسمين :
-1أن تكون بإظهار الرغبة في المرأة المطلوبة صراحة كـأن يقـول الخـاطب :أريـد أن
أتزوج فلنة .
-2أن تكون بــالقرائن والتعريــض كــأن يقــول :إن فلنــة جــديرة بــالزواج أو يســعد بهــا
صاحب الحظ ،أو أبحث عن فتاة جيدة مثــل فلنــة أو مــن تــزوج بفلنـة فقــد رافقــه الحــظ
وواكبه السعادة وما إلى ذلك
زوجها لنها جاءت عقب قوله تعالي " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن
بأنفسهان أربعة أشهر وعشر ".
وأما المعتدة في طلق بائن لتجوزخطبتها لتصريحيا ولتلويحيا يعنــي لبالتصــريح
ولبالتعريض -لن الجواز بالتعريض جاء فقط فــي حــق المتــوفي عنهــا زوجهــا دون
سواها – والباقي يبقي على أصل المنع .
والفرق بين حال المعتدة ،مـن وفــاة والمعتـدة مــن الطلق البـائن هـو أن المعتـدة مــن
طلق بائن عدتها بالحيض غالبــا ،فــإذا طمعــت فــي التعريــض بالخطبــة ربمــا دفعهــا
الطمع إلى الخيانة فتعلن أن عدتها قد أنتهت وهي لم تنتــه والقــول قولهــا فــي أخبارهــا
بإنتهاء العدة وليس لحد سبيل في تكذيبها .وأما المعتدة من الوفاة فإن عدتها بالشــهر
وهي تعرف بالحساب والكتاب فلسبيل للمرأة إلى الخيانة والكذب لتعجل أنهائها.
ولن الخطبة تقتضي الرؤية ولسبيل لرؤية المعتدة من طلق بــائن للتزامهــا منــزل
الزوج فهـي لتخـرج ولتـدخل عليهـا أحـد مـن غيـر إذن مطلقهـا والمعتـدة مـن وفـاة
لتلتزم منزل الزوجية .
وعلوة على ذلك فإن المطلقة بائنا تحتمل العـودة إلـى زوجهـا بعقـد جديـد فـي بعـض
الحوال وعودة الزوجية في حالة الوفاة مستحيلة فل إعتداء في خطبتهــا علــى أحــد –
بينما ثمة نوع إعتداء في خطبة المعتدة من طلق بائن .أما الشافعي رحمه الـ ففــرق
فی البينونة بين المطلقة ثلثا وغير المطلقة ثلثا – فإن المطلقة ثلثــة تجــوز خطبتهــا
بالتعريض ل بالتصريح .
النظر إلى المخطوبة:
شرع السلم للخاطب أن ينظر إلى المرأة التي يخطبهــا والحكمــة فــي ذلــك أن يكــون
الخاطب على بينة من المــرأة الــتي تصــبح زوجتــه وأم أولد وشــريكة حيــاته وتكــون
المرأة أيضا على بينة من الرجل الذي يكون شريك حيــاته حــتى يتمكــن الطرفــان مــن
القدام على القتران والزواج أو صرف النظر عنه .
والحازم العاقل ليقدم على عمل حتى يعرف إلي حد ما خيره مــن شــره قبــل القــدام-
قال العمش :كل تزويج يقع على غير نظر فآخره هم وغم .
والرسول صلى ال عليه وسلم يقول لمغيرة بن شــعبة رضــي ال ـ عنــه عنــدما خطــب
إمرأة " :أنظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ".
ويقول أيضــا ":إذا خطــب أحــدكم المــرأة فــإن إســتطاع أن ينظــر إلــى مايــدعوه إلــى
نكاحها فليفعل ".
وليباح النظر إلـي غيــر وجههـا وكفيهــا لن النظــر أبيـح للضــروة والضـرورة تقـدر
بقدرها والوجه موضع جمال النسان ومجمع محاسنه ،فبــالنظر إلــى الــوجه فيُعــرَف
مدى جمالها وبالنظر إلى الكفين يعرف مدى خصوبة بدنها ولون بشرتها هذا مــاذهب
إليه الجمهور وهناك رواية ثانية عن المام أحمد والوزاعي بأن النظر إلى ما تظهــر
به المرأة عادة وهي في بيتها كالرقبة واليدين والرجلين جائز .
وأحيانا يحصل هذا التعرف عن طريق الوصف والبيان من قبل خبيرصــادق ليكــذب
وليبالغ في الوصف ولفي القدح.
الخلوة بالمخطوبة.
الخلوة بالمخطوبة قبل عقد الزواج محرمة ولم يــرد الشــرع بغيــر النظــر فبقيــت علــى
التحريم ولن الخلوة مظنة الوقوع فيما نهى الشــرع عنـه ،والرســول صــلى الـ عليــه
وسلم يقول ":ليخلون أحدكم بإمرأة إل مع ذي محرم ".
13
وقد شدد الرسول صلى ال عليه وسلم في هــذا المجــال فقــال ":إيــاكم والــدخول علــى
النساء ".
كما قال في موضع أخر فيما رواه عنه جــابر رضــي الـ عنــه "مــن كــان يــؤمن بــال
واليوم الخر فليخلون بإمرأة ليس معها ذو محرم عنها فإن ثالثهما الشيطان " فيجــب
الوقوف عند حكم الشرع فينظر الخاطب وليخلون .
وهذا هو الموقف المعتدل المناسب الذي يحافظ علي العزة والكرامة من جهــة ويســهل
الطريق للتعرف الكافيء المحدود من جهة أخرى فل افراط كمــا يفعلــه بعــض النــاس
فيسمح للخاطب بالتنزه مع البنت والطلع على ما ليجوز الطلع عليه شــرعا ممــا
يسبب مشاكل عديدة فيصعب علجها والحتراز منها.
ولتفريط كما يصدر من بعض الولياء من منع الخاطب من النظر إلى المخطوبة من
منطلق الغيرة مع العلم بأن ال أغير منهم والرسول صلى ال عليــه وســلم أوفــى علــى
سلمة أعراضهم لنه هوأولى بالمؤمنين والمؤمنات من أنفسهم .
الرجوع عن الخطبة :
الرجوع عن الخطبة جائز شرعا لن الخطبــة غيــر ملزمــة للخــاطب ول المخطوبــة ،
فلكل واحد منهما الحق في فسخ الخطبة والرجوع عنها ويدل علــى ذلــك مــاروي عــن
إبن عمر رضي ال عنها أنه قال ":نهى رسول ال صلى الـ عليــه وســلم أن يخطــب
الرجل على خطبة أخيه حتى يترك قبله أو يأذن له " وفي هذه دللة واضـحة علــى أن
للخاطب أن يترك الخطبة ويرجع عنها وللمخطوبة في هذا من الحق مثل ماللخاطب .
وفي الخيرنقول :أن االخطبة مجرد وعد بالزواج وليــس زواجــا وإن الــزواج لينعقــد
إل بإنعقاد عقد معروف بالطريقة المقررة شرعا .
عقد الزواج
عقد الزواج عبارة عن التفاق بين الرجل والمرأة اوالخاطب والمخطوبـة علـی الـزواج وهـذ
العقد يتم باليجاب والقبول ويعتبران رکنا العقد:
أما اليجاب فهو الکلم الصادراول عن أحد العاقدين للتعبيرعن رغبته وارادته فــی إنشــاء و
تکوين الرابطة الزوجية ويسمی ايجابا لنه يوجب ويلزم الرد والجواب علی الجانب الخر .
والذی يصدرمن المتعاقد الخر للتعـبيرعن ارادتـه ورضـاه ومـوافقته علـی اقـتراح المـوجب
يسمی قبول :
ويشترط فی اليجاب والقبول مايأتی :
.1أن يکون العاقدين من ذوی الهلية و التمييز فعقد المجنون والصــغيرعلی ســبيل المثــال
ل ينعقد وليصح .
14
.2أن يتحد مجلس اليجاب والقبول ومعنی ذلــک أن ليفصــل اليجــاب عــن القبــول بکلم
أجنبی أو بما يعتبره الثانی اعراضا وانشغال بغيره .اما إذا طــال المجلــس ولــم يحــدث مــا
يعتبراجنبيا عن الموضوع فإن تراخی القبول عن اليجاب ل يعتبرمخل باتحاد المجلس.
.3أن يکون القبول موافقا لليجاب کــأن يقــول الول زّوجتــک بنــتی فلنــة ويقــول الثــانی
قبلت .أو يکون القبول اقوی مثل أن يقول الول زوجتک بنــتی فلنــة بعشــرة آلف دينــار
ويقول الثانی قبلتها بعشرين الف دينار.
.4أن ليرجع الموجب عن اليجاب قبل قبول الطرف الخر لنــه إذا رجــع المــوجب عــن
اليجاب قبل القبول فقد الغی لن القبول إذا جاء بعد الرجوع عن اليجـاب فقـد جـاء علـی
غيرايجاب ويجوزللموجب الرجوع فی اليجاب مادام لم يرتبـط بقبـول لن اللـتزام ليتـم
قبل الرتباط بين رکنی العقد وهما اليجاب والقبول وإذا لم يتم اللتزام فل الزام علی احد
فللموجب ان يرجع .
.5سماع کل من العاقدين بعضهما من بعض مايفهم ان المقصود من الکلم هو إنشاء عقــد
الزواج .
صيغة عقد الزواج
اول -الفاظ الزواج :
ان اللفاظ فی هذا المجال تنقسم إلی ثلثة اقسام :
الف – اللفاظ التی ينعقد الزواج بها باتفاق العلماء مثل لفظ زّوجت وانکحت لــورود همــا فــی
نص القرآن ونص الحاديث المبارکة .
ب – اللفاظ التی لينعقد الزواج بها باتفاق العلماء مثـل الباحـة والجـارة والمتعـة والوصـية
والرهن والوديعة ونحوها لنها ل تدل علی تمليک العين فی الحال ول علی بقــاء الملــک مــدة
الحياة .
ج -اللفاظ التی أختلف العلماء فی إنعقاد الزواج بها مثل :لفظ البيع ولفظ الهبة ولفــظ الصــدقة
او العطية ونحوها مما يدل علی تمليک العين فی الحال وبقاء الملک مدة الحياة.
.1قال الحنفية والمالکية علی الراجح :إذا استعمل العاقدان هذه اللفــاظ ونــووا
الزواج او وجدت قرائن تدل علی الزواج کبيان المهر او احضـارالناس و ...ينعقـد
الزواج لن المطلوب التعرف علی ارادة العاقدين وليس لللفــاظ اعتبــار وقــد ورد
فی الشرع مايدل علی الزواج بلفظ الهبة والتمليک:
اما الول ففی قول ال تعالی » وإمرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبی ان اراد النبی
ان يستنکحها خالصة لک من دون المؤمنين « ) سورة الحزاب ( 50 /
والثانی قول الرسول صلی ال عليه وسلم لرجل لم يکن يملک مال لتقــديم المهــر»
قد ملکتکها بمامعک من القرآن «.
.2وقـال الشـوافع والحنابلـة ل ينعقـد الـزواج بمثـل هـذه اللفـاظ بـل لبـد مـن
استعمال لفظ النکــاج او التزويــج لــورود همــا فــی القــرآن فيلــزم الوقــوف عنــدهما
والقتصارعليهما لن الزواج عقد يعتبر فيه النيـة مــع اللفـظ الخــاص بـه و هـؤلء
يقولون فی آية » وإمرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبی ان اراد النــبی ان يســتنکحها
خالصة لک من دون المؤمنين « بأن هذا من خصوصــيات النــبی صــلی الـ عليـه
وسلم واما فی حديث » ملکتکهـا « فيقولـون إن هـذا إمـا وهـم مـن الـراوی او انـه
رواه بــالمعنی ظنــا منــه بــان معنــی کل اللفظيــن واحــد فــی هــذا المجــال .وعلــی
تقديرصحة هذه الرواية فهی تعارض رواية الجمهورالتی جائت بلفــظ» زوجتکهــا
«
15
ومثل الکتابة الرسالة الشفوية فإذا بلغتها الرسالة وجب ان تقبل بحضـرة شـهود فـی مجلـس العقـد ول
فرق بين الرسالة الشــفوية والکتابــة فــی هــذا ولکــن المــذهب الحنفــی لــه تفصــيل فــی هــذا الموضــوع
فراجعه.
اللفاظ المصحفة
والتصحيف معناه تغييراللفظ إلی مايتغيرمنه المعنی المقصود من الوضع اللغوی
ولينعقد الزواج عند الحناف باللفاظ المصحفة مثل ان يقــول تجــوزت او جــوزت او زوزت بــدل »
تزوجت « بعدم القصد الصحيح لکن لو اتفق القوم علی النطق بهذه الغلطة وکــان القصــد عنــدهم هــو
الزواج وصارت هذه الغلطة غلطة مشهورة فينعقد بها الزواج لنه و الحالة هذه يکـون وضـعا جديـدا
عنهم .ای ان اللفظ أصبح دال علی الزواج فی عرفهم فينعقد به الزواج – لن العاقدين والشــهود فــی
عرفهم وبيئتهم ل يعرفون من هذه اللفاظ إل معنی الزواج .
وقال الشافعية
ينعقد الزواج باللفاظ المحرفة مثل :جوزتک موکلتی.
ولينعقد الزواج علی المختارعند الحنيفية بالقرار ای :أن القرار ليس من صــيغ العقــد .فلــو قــالت
إمرأة :أقربأنک زوجی ولم تکـن قــد حـدثت الزوجيــة بينهـا وبيـن الرجــل فــإنه ليصـح لن القـرار
إظهارلماهو ثابت وليس بإنشاء
هذا وعليکم بمراجعة الکتب والقانون المدنی لتتوفرلديکم معلومات مفصلة فی هذا الشان.
صيغة العقد :
يشترط فی صــيغة العقــد أن تکــون بلفظيــن ماضــيين او بلفظيــن أحــدهما للماضــی والخــر للمســتقبل
ويشترط ايضا ان تکون الصيغة منجزة غيرمعلقة و ل مضافة إلی المستقبل .أما الشــرط الول فلن
الصل فی صيغ العقود السلمية ان تکون بلفظ ماض لن اللفاظ الماضية هی التی تدل علی إنشــاء
العقود فی اللغة العربية .ولن تحقق الرضا من الطرفين وتوافق إرادتهما هــو الرکــن الحقيقــی لعقــد
الزواج واليجاب والقبول مظهران لهذا الرضاء ول بد فيهما من ان يدل دللـة قطعيــة علــی حصــول
الرضا وتحققه فعل وقت العقد .
والصيغة التی استعملها الشارع لنشاء العقود هی صيغة الماضـی .ذلـک لن دللتهـا علـی حصـول
الرضا من الطرفين قطعية ولتحتمل ای معنی آخربخلف الصيغ الدالة علی الحال او الستقبال فإنها
لتدل دللة قطعية علی حصول الرضا وقت التکلم -ولن لفظ الحال او الستقبال ليدل علی النشــاء
ال بقرينة فهو يحتمل المساومة والتمهيد وعلوة علی هذا کله فان الثارالواردة تثبت ان النــبی صــلی
ال عليه وسلم والصحابة کانوا ينشئون عقودهم باللفاظ الماضية
وقد أستثنی عقد الزواج عن العقود الخری فأجيز أن ينشأ بلفظين احــدهما للماضــی والخرللمســتقبل
او الحال فيجوز أن يقول الخاطب زوجنی بنتک فيقول الخــر قبلــت او يقــول أزوجــک بنــتی فيقــول
قبلت – وإنما استثنی عقد الزواج – لن الـّذی يمنــع النشــاء إذا کــان اليجــاب بصــيغة المســتقبل هـو
احتمال المساومة وهذا الحتمال بعيد فی عقد الزواج لن عقد الزواج يسبقه مقدمات وتمهيــدات تبعــد
معنی المساومة وتعين ارادة النشاء فی الحال.
وإذا قال الرجل زوجنی إبنتک وقال الخر زوجتک ينعقد العقــد لن الصــيغة الــتی اســتعملها الرجــل
الول تعتبرتوکيل وعند ماقال الخرزوجتک قام باليجاب والقبول معا بصيغة واحدة.
وأما إذا کان العقد بصيغة المضارع فقط کان يقــول الرجــل للمــرأة فــی مجلــس العقــد اتزوجــک علــی
مهرقدرکذا فقالت اقبل او ارضی صح العقد عند الحناف والمالکية إذا کانت هناک قرينــة تــدل علــی
ارادة إنشاء العقد فی الحال ل للوعد فی المستقبل – کــان يکــون المجلــس مهيــأ لجــراء عقــد الــزواج
فوجود مثل هذه الهيئة ينفی ارادة الوعد او المساومة بل يدل علی ارادة التنجيزفی الحــال لن الــزواج
کما اشرنا اليه من قبل ليس مثل البيع فان الزواج يسبقه امورأخری مثل الخطبة و ...وما إلی ذلک
17
فان لم يکن المجلس مهيأ لنجازالعقد ولم يکن هناک قرينة دالة علی قصــد إنشــاء الــزواج فــی الحــال
فلينعقد العقد.
وأما الشرط الثانی )شرط التنجيز(
لن عقد الزواج يترتب عليه احکامه فورإنشائه فل تتراخی آثاره عن السبب وهو الصــيغة فيجــب ان
تکون الصيغة قاطعة فی النشاء فی الحال والصيغتان المضافة والمعلقة ل تفيدان ذلــک لن الصــيغة
المعلقة تفيد انشــاء العقــد فــی المســتقبل عنــد وجــود امريمکــن ان يکــون ويمکــن ال يکــون والصــيغة
المضافة الی المستقبل تنشئ العقد فی الحال ولکن تؤخرالحکام إلی زمــن مســتقبل وکلتاهمــا ل تتفــق
مع حقيقة الزواج الشرعية ومع خطره وشانه .
إنعقاد الزواج بعاقد واحد
قال الحنفية ينعقد الزواج بعاقد واحد إذا کانت له ولية من الجانبين سواء کانت وليــة اصــلية کوليــة
القرابة ام طارئة کولية الوکالة وصورها کماياتی :
الف -بان کان العاقد وليا من الجانبين کالجد إذا زوج إبن إبنه الصغيرمن بنت إبنه الصغيرة والخ إذا
زوج بنت أخيه من إبن أخيه الصغير.
ب – او کان أصيل و وليا کإبن العم إذا تزوج بنت عمه من نفسه
ج -او کان وکيل من الجانبين .
د -اوکان رسول من الجانبين .
هـ او کان أصيل من جانب و وکيل من جانب آخر کأن توکل إمرأة رجل يزوجها من نفســه او وکــل
رجل إمرأة لتزوج نفسها منه .
الدليل علی إنعقاد الزواج بعاقد واحد :
اول :مارواه البخاری عن عبدالرحمن بن عوف رضی الـ عنــه قــال لم کليــم أتجعليــن أمــرک إلــی
قالت نعــم قــال :فقــد تزوجتــک فهـذا دليــل الحالــة الخيـرة وهـو ان يکـون العاقــد أصـيل مـن جــانب
ووکيلمن جانب .
ثانيا :مارواه ابوداود عن عقبة بن عامررضی ال عنه ان النبی صــلی الـ عليــه وســلم قــال :لرجــل
أترضی ان ازوجک فلنة قال :نعم وقال للمرأة » أترضين ان ازوجــک فلنــا ؟ قــالت :نعــم فــزوج
احدهما صاحبه « فهذا دليل علی الحالة الثالثة وهو ان يکون وکيل من الجانبين .
ثالثا :يقاس علی المذکورفی الحديثين السابقين بقية الحالت لشتراکهما فی المعنی وهو ان للعاقد فــی
الجميع صفة شرعية عند اجراء العقد .امــا الوليــة علــی الغيــراو الوکالــة عــن الغيــراو الصــالة عــن
النفس.
وقال الشافعية إن الزواج ينعقد بعاقد واحد بالصورة الولی فقط وهــی صــورة » الــولی مــن الجــانبين
کالجد يزوج بنت إبنه من إبن إبنه « واما فی الصور الخری فليجوزإنعقاد العقد بعاقد واحد ويؤيــده
امام زفر من الحنفية فی هذا الرأی .
وحجة الشافعی وزفرفی هذا هو ان العقد يفيد اثبات اللتزامات والحقــوق لکل طرفيــه وهــذا يقتضــی
طرفين إذ ليکون الشخص الواحد مطاِلبا ومطاَلبا ال بارادتين احداهما موجبة والخــری قابلــة وهمــا
صفتان متقابلتان ليمکن ان تقوما بشخص واحد فی حالة واحدة .
18
شروط الزواج
الشرط ما يتوقف عليه وجود الشئ ،ويکون خارجا عن حقيقته .
وشروط عقد الزواج کأی عقد آخرتنقسم إلی أربعة أقسام
الف – شروط النعقاد :هی شروط التی يلزم توافرها فی أرکان العقد أو فی أسسه وإذا تخلف شــرط
منها کان العقد باطل بالتفاق .وقد مرالبحث فی هذا فی دروسنا السابقة.
ب – شروط الصحة :هی الشروط التی ليعتبرالعقــد بغيرهــا موجــودا وجــودا يحــترمه الشــارع فــإذا
تخلف شرط منها کان العقد فاسدا عند الحناف وباطل عند الجمهور.
ج -وشروط النفاذ :هی الشروط التی ل تنفذ أحکام العقد علی کــل عاقــديه بغيروجودهــا فــإذا تخلــف
منها شرط کان العقد موقوفا عند الحناف والمالکية حتی تصدر الجازة بنفاذها .
د -شروط اللزوم :هی الشروط التی يتوقف عليها بقاء العقد واستمراره فإذا تخلــف شــرط منهــا کــان
العقد ) جائزا( او )غيرلزم( وهو الذی يجوز لحد العاقدين او لغيرهما فسخه .
وإليک تفصيل القسام الثلثة من شروط الزواج
الف – شروط صحة العقد
يشترط لصحة عقد الزواج شــرطان ) :احــدهما ( حضورالشــاهدين وثانيهمــا ان تکــون المــرأة محل
للعقد ،بأن تکون غيرمحرمة علی الرجل مؤقتا او مؤبدا.
ولنتکلم فی کل واحد من هذين الشرطين ببعض التفصيل ،
أما شرط الشهادة فقد اتفق فقهاء المسلمين فی کل العصور علــی أن الغايــة منــه شــهرالزواج وإعلنــه
بين الناس ،فإن فرق مابين الحلل والحرام العلن ،کمــا وردت بــذلک الثاروکمــا تعــارف النــاس
من وقت ان عرفوا شريعة الزواج إلی الن ،ولقد قال النبی صــلی الـ عليــه وســلم » اعلنــوا النکــاح
ولو بالدف « ولقد قال ابوبکرالصديق » وليجوز نکاح السر ،حتی يعلن ويشهد عليه .
ولکــن هــل تعتبرشــهادة اثنيــن للعقــد کافيــة للعلن مــن غيرحاجــة إلــی إعلن غيرهــا ولــو تواصــيا
بالکتمان ؟ ان القوال فی ذلک ثلثة :
القول الول _ هو قول أبی حنيفة إن الشهادة وحدها هی العلن ولو تواصی الشاهد بالکتمــان وهــذا
رأی بعض الفقهاء وحجتهم ما استفاض من الخبــار مــن اشــتراط الشــهود و تعيينهــم طريقــا للعلن
وحدهم فقد روی ان النبی صلی ال عليه وســلم » ل نکــاح إل بـولی وشــاهدی عـدل ،فـان تشــاجروا
فالسلطان ولی من ل ولی له « .
وإن الشارع باشتراطه الشهادة قد رسم طريق العلن ولم يترک امــره مــن غيرحــدود ورســوم ،بــل
وعينــه بالشــهادة فکــانت هــی الحــد المرســوم وبحضورالشــاهدين مــع العاقــدين يســتحق معنــی
الجهـروالعلن ،ولـو تواضـوا بالکتمــان لن الســرليکون بيـن اربعــة بـل هـو الجهرولـذلک يقـول
القائل :
وسرالثلثة غيرالخفی وسرک ماکان عند امرئ
وان نفی النبی صلی ال عليه وسلم النکاح من غيرشهود دليل علــی ان الشــهادة امــر لبــد منــه وانهــا
کافية للعلن .
القول الثانی _ وهو المشهورعند مالک ان الشهادة ليست شــرطا لنشــاء العقــد ،بــل الشــرط لنشــاء
العقد مطلق العلن ،والشهادة شرط لحل الدخول ،ای انهــا ليســت شــرطا للنعقــاد ،ولکنهــا شــرط
19
للترتيب الثار ،والشهادة وحدها ل تکتفی للعلن وان الشاهدين إذا تواصيا بالکتمان لينشأ العقد بل
لبد من توافرالعلن للنعقاد ،ثم تتعيين الشهادة لترتيب الثار.
القول الثالث _ ان العلن وحده کــاف لنشــاء العقــد مــن غيرحاجــة مطلقــا إلــی تعييــن الشــهادة حــدا
مرسوما للعلن ومن غيراشتراطها لترتب الثار ،لن القصد هو العلن وهو فرق ما بين النکاح .
وهذا قول عند مالک رضی ال عنه وقول عند احمد ولکن المشهورعن احمد انه مع الجمهور .
وهناک قول شاذ ذکره ابن رشد عن ابی ثور وبعض الفقهــاء ان الشــهادة ليســت شــرطا مــن شــروطه
ولکنه لم ينف العلن بل اوجبه واجازه بعد تمــام العقــد باليجــاب والقبــول قبــل الــدخول فهــو شــرط
العلن کبعض المالکية ،والفــرق بينــه وبينهــم أنهــم يشــترطون العلن عنــد وجــود الصــيغة وهــذا
يجيزه بعدها قبل الدخول .
وقد احتج لمالک رضی ال عنه فی المشهور عنه وهو القول الثانی بما ورد مــن الثارالســابقة الدالــة
علی وجوب العلن ،وبان الکتاب الکريم لم يشترط الشهادة فی عقد انعقاد الزواج ونصوص السـنة
ليست صريحة فی اللزام بها وحدها فی العلن عند النعقاد ولن الرسول جعـل منــاط الصـحة هـو
العلن فی قوله صلی ال عليه وسلم » اعلنوا النکاح ولو بالدف « .
ولقد قال يزيد بن هارون » امرال سبحانه وتعالی بالشهاد فــی الــبيع دون النکــاح فاشــترط اصــحاب
الرای الشهادة للنکاح ولم يشترطوها للبيع .
واما الشهادة فلورود النصوص بها إشترطت لــترتيب الثــار ل للنعقــاد وليســت صــريحة فــی طلبهــا
للنعقاد فکانت شرطا لترتيب الثارفقط .
ويشترط فی الشهادة ان تکون برجلين او رجل وامرأتين کما يشـترط فيهـا الحريـة والبلـوغ والعقـل ،
وسماع کلم العاقدين وفهمه والسلم إذا کــان الزوجــان مســلمين وليشــترط البصــرول العدالــة عنــد
الحنفية .
ولنعرج ببعض التفصيل لهذه الشروط :
.1أمالشرط الول وهو العـدد فقـد ثبـت بـالنص ،وهـو نصـاب الشـهادة المعروفـة للثبـات فـی
غيربعــض الحــدود ،فــأولی أن يکــون نصــاب الشــهادة الــتی يکــون الغــرض منهــا العلن ،
والنصاب ان يکون برجلين او تکون برجل وامرأتين ،فان شهادة النساء وحدهن لتجــوز عنـد
الجمهورفی غيرمسائل استثنائية ،ولن النساء وحدهن ليکفين للعلن ،لن المرأة المســلمة
لتغشی المجالس والمحافــل فــالعلن ليثبــت بشــهادة النســاء وحــدهن .ويکــون اعلنهــن بيــن
النساء وحدهن ان کان مع النساء رجل فان العلن يتوافربالرجل والنساء معا .
وأما البلوغ والعقل والحرية فلن عقد الزواج عقد لــه خطروشــأن ،فل يحضــره إل ذوو العتبــارمن
الناس ،وليشيع إل بأقوالهم ولن الشهادة فی السلم ولية ول ولية لهــؤلء علــی أنفســهم فلتثبــت
لهم شهادة علی غيرهم .
وإشترط السماع والفهــم ليتحقــق العلن والخبــاروذيوع العقــد بيــن النــاس وحضــور الصــم او مــن
ليفهم معانی العبارات التی نشأ بها العقد کغيبته فل يعتبرقد شاهد وعاين لنه لم يعلم شيئا .
والســلم شــرط فــی زواج المســلمين لن العــبرة بشــيوع امرالــزواج بينهــم ولن الشــهادة مــن بــاب
الولية ،ول ولية لغيرالمسلمين علی المسلم بمقتضی حکم السلم ولن لعقد الزواج اعتبارا دينيا ،
فلبد ان يکون الحاضرون فيه الذين يمضی الزواج بشهادتهم من اهل العبادة السلمية .
واذا کانت الزوجة کتابية والزوج هو زواج مسلم ،فل بد من شهادة المسلمين ،وقــال ابوحنيفــة وابــو
يوسف :يصح العقد بشهادة الکتابيين .
ودليل الولين ان الزواج هـو زواج مسـلم ،فل بـد ان يـذيع بيـن المسـلمين وذلـک بحضورالشـاهدين
المســلمين ولن الشــهادة علــی العقــد والعقــد يتعلــق بــالزوج والزوجــة معــا ،فــاذا جــازت شــهادة
غيرالمسلمين فقد کانت علی المسلم وغيرالمسلم ول ولية لغيرالمسلم علی المسلم کمابينا.
20
و وجهة نظر ابی حنيفة وابی يوسف ان الشهادة فی الزواج علی المرأة ،وهی کتابيــة فتجوزشــهادة
الکتابيين عليها .
وابوحنيفة واصحابه ليشترطون العدالة فی شهود النکاح وإشترطها الشافعی واحمد فی رواية عنه .
واستدل من اشتراط العدالة بثلثة ادلة .
)اولها ( قوله صلی ال عليه وسلم :ل نکاح إل بــولی مرشــد وشــاهدی عــدل ،فالعدالــة شــرط بنــص
الحديث الذی إشترط لزومها .
) ثانيها ( ان الشهادة فی النکاح من باب الکراهة لذلک العقد الخطيرول کرامة للفساق .
)ثالثهما ( أن الشهادة لها فائدة غيرالشهروالعلن وهی الثبات عند الجحود ،فلبد ان يکون الشهود
من الصالحين لداء الشهادة ،بان يکونوا عدول مقبولی الشهادة .
وقد استدل الحنفيــة لرأيهــم فــی عــدم اشــتراطها بــان الغــرض مــن الشــهادة هــو العلن وهــو يتحقــق
بحضورالفساق ،کما يتحقق بحضورالبراروبان الفاسق اهل لن ينشــئ عقــد الــزواج لنفســه ،ولمــن
هو فی وليته فاولی ان يشهد عليه ولن الشهادة عليه دون انشائه وقد ملک النشاء فيملکهــا بــالولی
وبان الفاسق اهل لن يتولی امرالعامة فــاولی ان تکــون لــه وليــة فــی ذلــک الشــأن الــذی هــو دونهــا
بلريب .
وقد استظهر کمال الدين بن الهمام ان الفاسق انما يقبل حضوره فی الزواج ويعتبرشاهدا فيــه ،اذا لــم
يکـن فــی حــال تلبســه بالفسـق وذکـران العبيـد لتقبـل شـهادتهم لعظـم شــأن العقـد ثــم قــال » :وعلــی
اعتبــارالولی تنفــی شــهادة الســکاری حــال ســکرهم وعربــدتهم ،وان کــانوا بحيــث يــذکرونها بعــد
الصحو ،وهذا الذی ادين به « ثم يقول فی موضع آخر »:فالحق صحة العقد بحضرة فساق لفی حال
فسقهم « .
وهذا ويلحظ فی الشهادة فی الزواج أمران :
)اولهما ( انــه يجــوز عنــد الحنفيــة ان يکــون الشــهود مــن آبــاء الزوجيــن او فروعهمــا ،لن الشــهادة
للعلن ل للثبات ،وانما ترد شهادة الفروع لصولهم والصول لفروعهــم فــی الثبــات فقــط لجــل
التهمة وهنا ليس الغرض الثبات .
)وثانيهما ( انه اذا کان احد العاقدين بالوکالة فی حضرة الصــيل او الــولی الــذی وکلــه فــانه يعتــبران
الموکل هو الذی باشرالعقد وان کان الذی عبرهو الوکيل ولمانع من ان يعتبرالمعبر -من الشــهود اذا
احتاج نصاب الشهادة اليه ليکمل العدد مثال ذلک :
الف – ان توکل الزوجة رجل يتولی العقد ثم تحضرفی اثناء انشائه فانه يصــح العقــد اذا کــان الوکيــل
معه شاهد آخر ،وليقال ان العقد قد عقــد بحضــرة شــاهد واحــد ،فقــد اعتــبرت المــرأة باشــرت العقــد
والوکيل والخرکانا شاهدين .
ب – اذا وکل ولی الزوجة وکيل لمباشرة العقد ثم حضرالولی انشائه فانه يعتبرهو المنشئ ،ولمــانع
من اعتبار الوکيل شاهدا فيکتفی بشهادته مع آخر.
عقد الزواج عقد شکلی :يقسم فقهاء القانون العقود إلی قسمين :
الف – عقود رضائية تتم ويعترف بها القانون ويرتب أحکامها ويظلها بحمايته بمجرد تحقق تراضــی
الطرفين وتوافق إرادتهما.
ب – وعقود شکلية وهی التی ل يعترف القانون بها ولنــترتب أحکامهــا ول يظللهــا بحمــايته بمجــرد
التراضی عليها ،بل يشترط شروطا اخری لترتيب الحکام وحمايتها وتنفيـذها کالرسـمية فـی بعـض
الهبات .
وعقد الزواج کما رأيت ينفی الشارع اعتباره وليرتــب احکــامه وليظللهــا بحمــايته بمجــرد تراضــی
الطرفيـن عليـه بــل لبـد مـن الشــهروالعلن بالشــهادة علــی مــذهب الجمهـور .وبغيرهــا معهـا علـی
21
المشــهورعند مالــک رضــی الــ عنــه فهــو اذن عقــد شــکلی وان کــان الرضــا اساســا فيــه عنــد
جمهورالفقهاء .
ولجدوی فی ان يقال ان الشهادة فی النکاح شرط صحة لشرط انعقاد لنه لفرق بين باطــل النکــاح
وفاسده من جهة ،ولنه علی ای اعتبار ليعترف الشارع الســلمی بوجــود العقــد ويــترتب الحکــام
عليه مجردا اذا لم ينشأ بشهادة الشهود .
محلية المرأة للزواج :تکلمنا ببعض التفصيل فی شرط الشهادة .أما الشــرط الثــانی للصــحة وهــو ال
تکون المرأة محرمة علی الرجل تحريما مؤبدا او مؤقتا فلنتکلم هنا فی تفصــيله وبيــان المحرمــات ،
بل نترک بيان ذلک لباب قائم ،لما له من الشأن فی أحکام الزواج .
وهنا نتکلم عن کون هذا الشرط شرط صحة او شرط انعقاد وکلم الفقهاء فی ذلک .
قد يقول قائل :لقد ذکرالفقهاء ان حل المرأة للرجــل شــرط صــحة مــع ان المــرأة محــل العقــد ويکــون
المعقول ان يکون ذلــک شــرط انعقــاد لشــرط صــحة لن شــروط النعقــاد ان تخلفــت لــم يکــن للعقــد
وجود ،وشروط الصحة ان تخلفت يکون العقد موجودا ولکن يکون فاسدا.
وإن الجواب عن ذلک العتراض هو ان التفرقة بين شرط النعقاد وشرط الصحة لها جدواها بالنسبة
لعقود المعاملت الماليــة ،لن المــذهب الحنفــی يقــرر فيهــا تفرقــة جوهريــة بيــن الباطــل مــن العقــود
والفاسد ،وانه تخلف شرط النعقاد کان العقد باطل ول وجود لــه وان تخلــف شــرط الصــحة کــان لـه
وجود ولکنه يکون فاسدا .
اما النکاح فانه من المقرر عند کثيرين من الحنفية والجاری عی عباراتهم فی کتبهم انــه ل فــرق بيــن
باطل النکاح وفاسده ،ففاسده باطل وباطله فاسد ،لن الشارع ليعترف لکليهما بوجود علی ماســنبين
ولقــد لحظنــا هــذا المعنــی فتکلمنــا عــن النعقــاد فــی الصــيغة ومــن يتکلــم بهــا بإعتبــارأن هــذه هــی
العناصرالمکونة لليجاب والقبــول .ثــم تکلمنــا بعــد ذلــک فــی موضــوع اليجــاب والقبــول وشــرطه
وسميناالقسم الخيرشروط صحة باعتبارانه ليس من العبارة المکونة المنشئة .
وللمذاهب غيرالحنفية شروط أخری علوة علی هذين الشرطين بصحة عقــد الــزواج فراجــع لمعرفــة
تفاصيلها إلی الکتب التی تهتم لمقارنة المذاهب ک » :الفقه السلمی وأدلته «
وقال الشافعية والحنابلة :الرشد شرط لصحة الزواج ،فلو تزوج السفيه بغير إذن وليه ،كــان الــزواج
ل؛ لنه تصرف يجب به مال ،وفي الزواج ودفع المهر والنفقة إتلف للمال أو مظنة إتلفه. باط ً
وقال الحنفية :ليس الرشد شرطًا لصحة الزواج ول لنفاذه ،فإن تزوج السفيه امرأة جاز زواجه؛ لنه
من حوائجه الصلية وتصرفاته الشخصية ،والحجر
إنما هو على التصرفات الماليـة المحضـة .والقاعـدة عنـدهم :أن كـل مـا ل يـؤثر فيـه الهـزل كـالعتق
والنكاح ،ل يؤثر فيه الحجر ،لكن ل يثبـت للمـرأة أكـثر مـن مهـر المثـل إذا كـان السـفيه هـو الـزوج،
ويثبت فيه مهر المثل على القل إذا كانت الزوجة هي السفيهة.
- 3أل يكون العاقد وليًا أبعد مع وجود الولي القرب المقدم عليه :شرط نفاذ عنــد الحنفيــة ،فــإن زوج
الولي البعد مع وجود القرب منه ،كان العقد موقوفًا على إجازة الولي القرب.
وهو شرط صحة عند الشافعية والحنابلة ،فل يصح زواج الولي البعد مع وجود القرب إل إذا كــان
خَبــل )فســاد فــي العقــل( ،والصــغر ،والحجــر بســفه، هنــاك مــانع كــالجنون واختلل النظــر بهــرم أو َ
والعضل )أي المنع من الزواج بغير حق(.
وقال المالكية :إن كان الولي القــرب غيــر مجــبر كــالبن والخ والجــد والعــم ،كــان العقــد صــحيحًا
مكروهًا .وإن كان القرب وليًا مجبرًا )وهو الب( فسخ العقد أبدًا ،إل إذا أجازه الولي القرب ،وكــان
الذي توله مفوضًا إلىه المر بالبينة.
- 4أل يخالف الوكيل موكله فيما وكله به :فإذا وكل شخص غيره ليزوجه فتاة معينة أو بمهــر معيــن،
فزوجه فتاة غيرها ،أوزوجه بمهر أكثر ،لم ينفذ العقد ،وكان موقوفًا على إجازة الموكل .فلــو لــم يعلــم
حتى دخل بقي الخيار له بين إجازته وفسخه ،ويكــون للمــرأة عنــد الحنفيــة القــل مــن المســمى ومهــر
المثل؛ لن الموقوف كالفاسد.
-5أل يكون العاقد فضوليًا :والفضولي :هو من ل يكون له ولية التزويج وقت العقد .وهو شرط نفــاذ
عند الحنفية والمالكية .فإذا زوج شخص امرأة لرجل وقبل عنه ،دون ولية ول وكالة عنه وقت العقد،
كان الزواج موقوفًا على إجازة الزوج عندهم.
وأما عند الشافعية والحنابلة فتصرف الفضولي من بيع وزواج باطل.
ج -شروط اللزوم :
معنى لزوم العقد :أل يكون لحد العاقدين أو لغيرهمــا حــق فســخه بعــد انعقــاده ،بــأن يخلــو العقــد مــن
الخيار .ويشترط للزوم الزواج أربعة شروط هي :
- 1أن يكون الولي المزوج لفاقد الهلية كالمجنون والمعتــوه ،أو ناقصــها وهــو الصــغير والصــغيرة:
هو الب أو الجد ،وهو شرط عند أبي حنيفة ومحمد .فلو كان المزوج لهما غيرهما كالخ والعم ،كــان
لكل منهما حق فسخ العقد عند زوال المانع أي الفاقة من الجنون أو العته ،والبلوغ بعد الصغر ،حــتى
ولو كان الزواج بالكفء وبمهر المثل ؛ لن قرابة غير الصـل والفــرع قرابــة حواشــي ،فل يسـاوون
الصل والفرع بالشفقة ،فيقدر زواجهم بالمصلحة الظاهرة ،ويعطى المتزوج خيار الفسخ.
ودليل أبي حنيفة ومحمد :ما روي أن قدامة بن مظعون زّوج بنت أخيه :عثمان بن مظعون ،مــن عبــد
ال بن عمر رضي ال عنه ،فخيرها رسول ال صّلى الـ عليــه وســلم بعــد البلــوغ ،فاختــارت نفســها،
حتى روي أن ابن عمر قال :إنها انتزعت مني بعد ما ملكتها.
وقال أبو يوسف :ليس هذا بشرط ،ويلزم نكاح غير الب والجد من الولياء ،فل يثبت الخيــار للمــولى
عليه؛ لن هذا النكاح صدر من ولي ،فيلزم ،كما إذا صدر عن الب والجد ،لن ولية التزويــج وليـة
نظر في حق المولى عليه ،وقد اجتهد الولي في تحقيق المصلحة ،ونظر فيما هو الولى والصلح.
فإذا زوج الحاكم فاقد الهلية أو ناقصها ،فل خيار للمولى عليه في رأي أبي حنيفة خلفًا لمحمــد؛ لن
ولية الحاكم أعم من ولية الخ والعم؛ لنه يملك التصرف في النفـس والمـال ،فكـانت وليتـه شـبيهة
بولية الب والجد ،ووليتهما ملزمة ،فتلزم ولية الحاكم.
23
- 2أن يكون الزوج كفئًا للزوجة إذا زوجت المرأة الحرة البالغة العاقلة نفسها من غير رضا الوليــاء
بمهر مثلها ،وكان لها ولي عاصب لم يرض بهذا الزواج ،فلهذا الولي طلب فسخ الزواج من القاضي.
وهذا شرط عند الحنفية في ظاهر الرواية.
وكذلك قال أئمة بقية المذاهب :الكفاءة في الزوج شرط للزوم الزواج ،ل لصــحته ،فيصــح النكــاح مــع
فقدها ،وهي حق للمرأة والولياء كلهم القريب والبعيد ،لتسـاويهم فـي لحـوق العـار بفقـد الكفــاءة ،فلــو
زوجت المرأة بغير كفء ،فلمن لم يرض بالنكاح الفسخ ،فورًا أو تراخيًا ،سواء من المرأة أو الولياء
جميعهم؛ لنه خيار لنقص في المعقود عليه كخيار البيع ،ويملكه البعد من الولياء مع رضــا القــرب
منهم به ،ومع رضا الزوجة ،دفعًا لما يلحقه من لحوق العار.
والدليل على أن الكفاءة شرط لزوم ل شرط صحة أنه صّلى ال عليه وسلم » :أمر فاطمــة بنــت قيــس
أن تنكح أسامة بن زيد موله ،فنكحها بأمره« وروت عائشة »أن أبا حذيفة ابن عقبة بـن ربيعـة تبنـى
سالمًا ،وأنكحه ابنة أخيه :الوليد بن عقبة ،وهو مولى لمرأة من النصار« وعن أبي حنظلة بــن أبــي
سفيان الجمحي عن أمه قالت» :رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلل« .
- 3أن يكون المهر بالغًا مهر المثل إذا زوجت الحرة العاقلة البالغة نفسها من غير كفء ،بغير رضا
الولياء ،وأل يقل عن مهر المثل إذا زوجت المرأة نفسها من كفء .وهذا عند أبــي حنيفــة ،فللوليــاء
حق العتراض وطلب فسخ الزواج ،إل إذا قبل الزوج زيادة المهر إلى مهر المثــل ،فل يكــون للــولي
حينئذ حق الفسخ ،وبناء عليه إما أن يزيد الزوج إلى مهر المثل أو يفرق بينهما.
وعند أبي يوسف ومحمد :ليس هذا بشرط ،ويلزم النكاح بدونه.
- 4خلو الزوج عن عيب الجب والعنة عند عدم الرضا من الزوجة بهما.
هذه هي شروط الــزواج الشــرعية ،أمــا الشــروط القانونيــة الموضــوعة لجــراء عقــد الــزواج رســميًا
ولسماع دعوى الزوجية ،لمنع الناس من تزويج الصغار ،ومحاولة ادعاء الزوجية زورًا ،فهي مجــرد
قيود قانونية.
أ ـ أصول النسان وإن علون :وهــي الم ،والجــدة :أم الم ،وأم الب ،لقــوله تعــالى} :حّرمــت عليكــم
أمهاتكم{ ]النساء .[23/4:والم لغة :الصل ،فتشمل الم والجدة.
ب ـ فروع النسان وإن نزلن :وهي البنت وبنت البنت ،وبنت البن وإن نزل ،لقوله تعــالى} :حرّمــت
عليكم أمهاتكم وبناتكم{ ]النساء.[23/4:
جـ ـ فروع البوين أو أحدهما وإن بعدت درجتهن :وهي الخوات الشـقيقات أو لب أو لم ،وبنـاتهن،
وبنات أولد الخوة والخوات وإن نزلن ،لقوله تعالى} :وبنات الخ وبنات الخت{ ]النساء.[23/4:
د ـ الطبقة الولى أو المباشرة من فروع الجداد والجدات :وهن العمات والخالت ،ســواء كــن عمــات
للشخص نفسه وخالت له ،أم كن عمات وخالت لبيه أو أمه ،أوأحــد أجــداده وجــداته ،لقــوله تعــالى:
}حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالتكم{ ]النساء.[23/4:
أما الطبقة الثانية أو غير المباشرة من هذه الفروع فل تحرم ،كبنات العمات والعمــام ،وبنــات الخــال
أو الخالة ،لدخولهن فـي مضـمون قـوله تعـالى} :وأحـل لكـم مـا وراء ذلكـم{ ]النسـاء [24/4 :ولقـوله
سبحانه} :يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللتــي آتيــت أجــورهن ومــا ملكــت يمينــك ممــا أفــاء الـ
عليك ،وبنات عمك ،وبنات عماتك ،وبنات خالك وبنــات خالتــك اللتــي هــاجرن معــك{ ]الحــزاب:
.[50/33
حکمة التحريم :
) الف (قد اجمعت الشرائع المنزلة علی تحريم الزواج المذکورات فالسلم هذا نصه ،واليهودية
والنصرانية فيما يبقی منهما من أحکام إلی اليوم تری فيهما التحريم لهولء ثابتا ونصوصه قائمــة
واجمعت الشرائع المنزلة علی تحريم ذلک لنه مشتق من الفطــرة النســانية بــل بعــض الحيــوان
العالی لياخذ اليفه من عشه او وجاره ،إنما يسعی إلی عشق آخرأو وجارآخر.
)ب ( ولقد اثبتت التجارب العلمية التی اجريت فی الحيوان ان التلقح بين سلئل مختلفة الرومة
ينتج نتاجا قويا .والتلقح بين حيوانات متحدة الرومة ينتج نسل ضعيفا .
وعلی ذلک يکون التزاوج بين القرابة القريبة ينتج نسل ضعيفا وقد لحظ ذلک القــدمون ،فهنــا
عمربن الخطاب رضی ال عنه يقول لل السائب ،وقد رآهم يتزاوجون فيما بينهم »:قد اضويتم
،فانکحوا النوابغ « .
وتعليل ذلک واضح ف فان القبال علی ذات القرابة القوية ليکون قويا والولد نتيجة هذا القبــال
إذ يولد من ذلک .
)ج( هذا وان الزواج من هؤلء القريبات يفسد العلئق الکريمــة الــتی تربــط بينهــن ،والعواطــف
الشريفة التی تبعثها الفطرة إليهن ،فأولئک يتمتعن بحدب البوة وحنانها ،او برالبنــوة واجللهــا
للبوة .او مشارکة الخوة فی تمازج الحاسيس الخوية التی اوجدتها المشارکة فی الدم ،وهکذا
سائرالقرابات القريبة.
فإذاکان الزواج منهن فسدت تلک العلئق :لن اکثرها يتنافی مع النس الزوجی الذی يقتضی ان
ينخلع النسان فی کثيرمن الحيان من ربقـة التقاليـد الـتی کونتهـا العلئق السـابقة ،وحينئذ تفسـد
هذه العلئق بمقاومة العاطفة التی يخلقهــا الــزواج ،فتخعــف کلتاهمــا بالمقاومــة .فلتکــون قرابــة
کريمة شريفة ول زوجية صالحة .
ولقد قال فی هذا المقام الکاسانی فی البدائع » ان نکاح هؤلء يفضی إلی قطع الرحم لن النکاح
ليخلو من مباسطات تجری بين الزوجين عادة وببســبها تجــری الخشــونة بينهمــا احيانــا ،وذلــک
يفضی الی قطع الرحم فکان النکاح منهن سببا لقطع الرحم ومفضــيا اليــه والمفضــی الــی الحــرام
حرام ،وهذا المعنی يعم الفرق الســبع ،لن قرابتهــن محرمــة القطــع ،واجبــة الوصــل وتختــص
المهات بمعنی آخر ،وهو ان احترام الم وتعظيمهما واجب ،ولهذا امرالولد بمصــاحبة الوالــدين
بالمعروف وخفض الجناح لهما ،والقول الکريم فی خطابهما ،ونهی عن التافيف للزمها ذلک فلو
25
جازالنکاح ،والمرأة تکون فی طاعة الزوج ،وطاعته مسـتحقة عليهـا للزمهـا ذلــک وانـه ينــافی
الحترام فيؤدی إلی التناقض.
وإن ذلک الکلم حـق لريـب فيـه لن الحيـاة الزوجيـة ل تتفـق مـع علقـات القرابـة ولتسـتخدم
کلتاهما مع الخری فتفسد کلتاهما .
ذلک فوق انه قديکون تنافس بين هؤلء القارب علی واحدة منهن فتکون القطعية.
)د( وإنا لو ابحنا الزواج بين هؤلء القربين لکان مــن الــواجب ال يلتقــی الرجــل باحــدی هــؤلء
القريبات ،حتی ليتولد الطمع فيهن ،والطمع يلهب الحس ويثوربسببه الشوق ،فتکون مفاسد ،
وإذا منع التقاء الخ باخته والرجل بعمته وخالته وابنة اخيه لکان فــی ذلــک ضــيق شــديد ،فکــان
التحريم لينقطع الطمع ويکون اللقاء ،وقد قال الدهلوی فی حجة ال البالغة :والصل فی التحريم
جريــان العــادة بالصــطحاب والرتبــاط وعــدم امکــان لــزوم الســتربينهم وارتبــاط الحاجــات مــن
الجانبين علی الوجه الطبيعی دون الصناعی .فانه لو لم تجرالسنة يقطع الطمع عنهن والعراض
علی الرغبة فيهن لهاجت فيه مفاسد ل تحصی وايضا لو فتح باب الرغبة فيهن ولم يسد .ولــو تقــم
اللئمة عليهم فيه لفضی ذلک إلی ضرر عظيم عليهن فانه يکون سبب عضــلهن عمــن يرغبــن
فيه لنفسهن .
وبعد فإن هذا التحريم هو صوت الفطرة ،والدفاع عنه دفاع عن بدهيات والمم الــتی کــانت تبيــح
بعض هذا قد أنکرالتاريخ صنيعها وساق اخبارها فی مساق المنکرات وسجل سوء مغبته .
حرمة المصاهرة :المحرمات بسبب المصاهرة على التأبيد أربعة أنواع أيضًا:
أ ـ زوجة الصول وإن علوا ،عصبة كانوا أم ذوي أرحام ،سواء دخل بها الصــل أم عقــد عليهــا ولــم
يدخل ،كزوجــة الب،والجــد أبــي الب أو أبــي الم ،لقـوله تعــالى} :ول تنكحــوا مــا نكــح آبــاؤكم مــن
ل{ ]النســاء [22/4:والمــراد بالنكــاح فــي النساء ،إل ما قد ســلف ،إنــه كــان فاحشــة ومقتـًا وســاء ســبي ً
) نكح ( :العقد ،فهو سبب للتحريم سواء دخل بها أم لم يدخل .والب يطلق لغة على الجد وإن عل.
والمحرم بهذه الية هو زوجة الب فقط ،أما بنتها أو أمهــا فل تحــرم علــى البــن ،فيجــوز أن يــتزوج
الرجل امرأة ،ويتزوج ابنه بنتها أو أمها.
وسبب التحريم :تكريم واحترام الصول وتحقق صلح السر ومنع الفسـاد ،مـن تطلـع البـن لزوجـة
أصله ،في حالة الختلط التي تحدث عادة بين الب وابنه وسكناهما غالبًا في مسكن واحد.
ب ـ زوجة فروعه وإن نزلوا ،سواء كن عصبات أم ذوي رحم ،وسواء دخــل بهــا الفــرع أم لــم يــدخل
ولو بعد أن فارقها بالطلق أو الوفاة ،كزوجة البــن أوابــن البــن أو البنــت وإن نزلــوا ،لقــوله تعــالى:
ل ل يــترتب عليــه أي }وحلئل أبنائكم الذين من أصلبكم{ ]النساء [23/4:ويكــون العقــد عليهــا بــاط ً
أثر ،فإنهم قالوا :تثبت الحرمة بنفس العقد فــي منكوحــة الب وحليلــة البــن.والحليلــة :هــي الزوجــة،
ويتحقق هذا الوصف بمجرد العقد الصحيح.
وألحق الحنفية بتحريم زوجة الصل والفروع :موطـوءة الصـل أو الفـرع بالزنـا أو الـزواج الفاسـد؛
لن مجرد الوطء كاف عندهم في التحريم على الرجل.
ول فرق بين أن يكون البن من النسب أو الرضاع ،فزوجة البن أو ابــن البنــت مــن الرضــاع تحــرم
على أبيه وجّده تحريمًا مؤبدًا ،كما تحرم زوجة البن من النسب؛ لنه »يحرم من الرضــاع مــا يحــرم
من النسب« ) (1ولقوله تعالى} :وحلئل أبنائكم الذين من أصلبكم{ ]النساء.[23/4:
جـ ـ أصول الزوجة وإن علون ،سواء دخل بزوجته أم لم يدخل ،كأم الزوجة وجــدتها ،وســواء أكــانت
الجدة من جهة الب أم من جهة الم ،فمجرد العقد على الزوجة يحّرم أصــولها علــى الرجــل ،ويكــون
ل ،لقوله تعالى} :وأمهات نسائكم{ ]النساء [23/4:وهو في العقد عليها ولو بعد الطلق أو الموت باط ً
آية المحرمات فـي سـورة النسـاء ) (23شـروع فـي بيـان المحرمـات مـن جهـة المصـاهرة إثـر بيـان
المحرمات من جهة الرضاعة التي لها لحمة كلحمة النسب.
26
د ـ فروع الزوجة وإن نزلن أي الربــائب ،إذا دخــل الرجــل بالزوجــة ،فــإن لــم يــدخل بهــا ،ثــم فارقهــا
بالطلق أو الوفاة ،فل تحرم البنت ول واحدة من فروعها على الزوج .لقــوله تعــالى} :وربــائبكم )(1
اللتي في حجوركم مـن نسـائكم اللتـي دخلتـم بهـن ،فـإن لـم تكونـوا دخلتـم بهـن ،فل جنـاح عليكـم{
]النساء [4/23:سواء أكانت بنت الزوجة ساكنة في بيت زوج أمها أم ل ،وأما القيد المذكور في اليــة
}في حجوركم{ ]النساء [4/23:فهو مستمد من الشأن الغــالب فــي الربيبــة ،وهـو أن تكـون مــع أمهـا،
وسبب التحريم كون نكاحها مفضيًا إلى قطيعة الرحم ،سواء أكانت في حجره أم لم تكن.
ويلحق بتحريم أصول الزوجة وفروعها عند الحنفية :أصول الموطوءة وفروعهــا فــي وطــء حــرام أو
فيه شبهة.
ويلحظ مما سبق في حرمة المصاهرة أن العقد وحده على المرأة يحرم ما عــدا فــروع الزوجــة ،وقــد
قرر الفقهاء فيه قاعدة مشهورة هي ) :العقد علـى البنـات يحـّرم المهـات ،والـدخول بالمهـات يحـّرم
البنات ( وسبب التفرقة أن النسان يحب ابنه أو بنته كنفسه بعكس حب الصل ،فل تتألم الم لــو عقــد
على بنتها بعد العقد عليها.
وحكمة التحريم بالمصاهرة كمــا أبــان الــدهلوي ) : (2منــع التنــازع والتصــارع الــذي قــد يحــدث بيــن
القارب من هذا النوع إما بفك ارتباط زوجة بزوجها أو بالتنازع على زوج.
ما يلحق بحرمة المصاهرة :ألحق الحنفية كما تقدم بالعقد الصحيح أو بالدخول:
ً - 1حالة الدخول بالمرأة بعقد فاسد كالزواج بغير شهود.
ً - 2وحالة الدخول بالمرأة بناء على شبهة ،كمن زفت إليه امرأة أخرى غير التي عقد عليها ،وقيل له:
إنها زوجته ،فدخل بها ،بناء عليه ،ثم تبين أنها ليست زوجته التي عقد عليها ولم يكن قــد رآهــا ،وهــي
التي تسمى بالمرأة المزفوفة.
ً - 3وكذلك ألحقوا مع الحنابلة ) (1الزنا ،ومثله عند الحنفيـة مقـدمات الزنـا مـن تقبيـل ومـس بشـهوة،
فقالوا :تثبت حرمة المصاهرة بالزنا والمس والنظر بدون النكاح والملك وشــبهته؛ لن المــس والنظــر
سبب داع إلى الوطء فيقام مقامه احتياطًا ،وألحق الحنابلة اللواط بالزنا ،فقالوا :الحــرام المحــض وهــو
الزنا يثبت به التحريم ،ول فرق بين الزنا في القبل والدبر؛ لنه يتعلــق بــه التحريــم فيمــا إذا وجــد فــي
الزوجة والمة .وإن تلوط بغلم يتعلق به التحريم أيضًا ،فيحــرم علــى اللئط أّم الغلم وابنتــه ،وعلــى
الغلم أم اللئط وابنته؛ لنه وطء في الفرج ،فنشر الحرمة كوطء المرأة ،ولنها بنت من وطئه وأمه،
فحرمتا عليه ،كما لو كانت الموطوءة أنثى.
ويترتب على هذا الرأي :أنه يحرم على الرجل نكاح بنته من الزنا وأخته ،وبنت ابنه وبنت بنته وبنت
أخيه وأخته من الزنا ،وتحرم أمها وجـدتها ،فمـن زنـى بـامرأة حرمـت عليـه بنتهـا وأمهـا .ولـو زنــى
الزوج بأم زوجته أو ببنتها ،حرمت عليه زوجته على التأييد.
واستدلوا بدليلين:
ل قال :يا رسول ال ،إني قد زنيت بامرأة في الجاهليــة ،أفأنكــح ابنتهــا؟ قــال: الول ـ ما روي أن رج ً
طلع من ابنتها على ما تطلع عليه منها« .ولكن هذا الحديث »ل أرى ذلك ،ول يصلح أن تنكح امرأة ت ّ
مرسل ومنقطع كما قال ابن الهمام في فتح القدير.
الثاني ـ إن الزنا سبب للولد ،فيثبت به التحريم قياسـًا علــى غيــر الزنــا ،وكـون الزنــا حرامـًا ل يــؤثر،
بدليل أن الدخول بالمرأة بناء على عقد فاسد تثبــت بـه حرمــة المصـاهرة بالتفــاق ،وإن كــان الـدخول
حرامًا .ورد عليه بأنه قياس مع الفارق؛ لن الزنا يجب به الحد ول يثبــت بــه النســب ،بخلف الــوطء
في الزواج ،لذا قال الشافعي لمحمد بن الحسن» :إن الــزواج أمــر حمــدت عليــه ،والزنــا فعــل رجمــت
عليه ،فكيف يشتبهان؟!« .
وقال المالكية على المشهور والشافعية ) : (1إن الزنا والنظــر والمــس ل تثبــت بــه حرمةالمصــاهرة،
فمن زنى بامرأة لم يحرم عليه نكاحها ،ول الزواج بأمها أو ببنتها ،ول تحرم المزني بها على أصــول
27
الزاني وفروعه ،ولو زنى الرجل بأم زوجته أو ببنتها ل تحرم عليه زوجته .وإن لط بغلم لــم تحــرم
عليه أمه وابنته ،ولكن يكره ذلك كله.
واستدلوا بأدلة أربعة هي:
الول ـ أن النبي صّلى ال عليه وسلم سئل عن رجل زنى بامرأة ،فأراد أن يتزوجها أو يتزوج ابنتهــا،
فقال» :ل يحرم الحرام الحلل ،إنما يحرم ما كان بنكاح« ) (2فهــذا كمــا قــال الــدميري :يــدل لمــذهب
الشافعي أن الزنا ل يثبت حرمة المصاهرة ،حتى يجوز للزاني أن ينكح أم المزني بها.
ويؤيده أحاديث أخرى منها » :الزاني المجلود ل ينكح إل مثله« ) (1وقرأ النبي صّلى ال عليـه وسـلم
على رجل يريد أن يتزوج بزانية} :الزانية ل ينكحها إل زان أو مشرك{ )] (2:النور.[3/24:
الثاني ـ المصاهرة نعمة؛ لنها تلحــق الجــانب بالقــارب ،وفــي الحــديث» :المصــاهرة لحمــة كلحمــة
النسب« ) ، (3وأما الزنا فمحظور شرعًا ،فل يكون سببًا للنعمة.
الثالث ـ القصد من إثبات حرمة المصاهرة قطع الطماع بين الرجل والمرأة ،لتحقيق اللفــة والمــودة،
والجتماع البريء من غير ريبة ،أما المزني بها فهي أجنبية عن الرجــل ول تنســب إليــه شــرعًا ،ول
يجري بينهما التوارث ،ول تلزمه نفقتها ،ول سبيل للقاء معها ،فهي كسائر الجانب ،فل وجه لثبــات
الحرمة بالزنا.
الرابع ـ قوله تعالى} :وأحل لكم ما وراء ذلكم{ ]النساء [24/4:يفيد صراحة حل مــا عــدا المــذكورات
قبلها ،وليس المزني بها منهن ،فتدخل في عموم الحل.
وبالنظر في أدلة الفريقين ،وبمعرفة ضعف أدلة الفريق الول ،يتبين لنــا ترجيــح رأي الفريــق الثــاني،
تمييزًا بين الحلل المشروع والحرام المحظور.
اللتي أرضعنكم ،وأخواتكم من الرضاعة{ ]النساء [23/4:وقوله صّلى ال عليه وسلم » :يحــرم مــن
الرضاع ما يحرم من النسب« ) (1وكما تحرم القريبات من الرضاع ،تحــرم الصــهار مــن الرضــاع
أيضًا ،قياسًا على النسب ،وأخذًا من مفهوم الية والحديث المتقدمين ،فأصبحت القاعدة :يحــرم بســبب
الرضاع ما يحرم بسبب النسب وسبب المصاهرة إل في حالتين سأذكرهما يختلف فيهما حكــم النســب
والرضاع.
وأنواع المحرمات بالرضاع الثمانية هي ما يأتي:
الول ـ أصول النسان من الرضاع مهما علون :وهي الم مــن الرضــاعة والجــدة أو الجــدات ،أي أم
المرضعة وأم زوج المرضعة.
الثاني ـ الفروع من الرضاع مهما نزلن :وهي البنت رضاعًا وبنتها ،وبنت البن رضــاعًا وبنتهــا وإن
نزلت؛ لنهن بنات إخوته وأخواته.
الثالث ـ فروع البوين من الرضاع :وهي الخوات مــن الرضــاعة ،وبنــات الخــوة والخــوات مهمــا
نزلن؛ لنهن بنات الخ والخت.
الرابع ـ الفروع المباشرة للجد والجـدة مــن الرضـاع :وهـي العمـات والخـالت رضـاعًا .والعمـة مـن
الرضاعة :هي أخت زوج المرضعة ،والخالة من الرضــاعة :هــي أخــت المرضــعة .ول تحــرم بنــات
العمات والعمام وبنات الخالت والخوال من الرضاعة ،كما ل تحرم من النسب.
الخامس ـ أم الزوجة وجداتها من الرضاعة مهما علون ،سواء أكان هناك دخول بالزوجة أم لم يكن.
السادس ـ زوجة الب والجد من الرضاع ،وإن عل ،ســواء دخــل الب والجــد بهــا أم لــم يــدخل ،كمــا
يحرم عليه زوجة أبيه من النسب.
السابع ـ زوجة البن وابن ابن البنت من الرضاع ،وإن نزلوا ،سواء دخل البن ونحوه بالزوجة أم لــم
يدخل ،كما يحرم عليه زوجة أولده من النسب.
ل بها ،فــإن لــم
الثامن ـ بنت الزوجة من الرضاعة .وبنات أولدها مهما نزلن ،إذا كانت الزوجة مدخو ً
يكن دخول بها ،فل تحرم فروعها من الرضاع على الزوج ،كما في النسب.
ما يختلف فيه حكم الرضاع عن حكم النسب :
استثنى الحنفية ) (1حالتين من التحريم بالنسب ،ل تحريم فيهما من جهة الرضاع ،وهما:
ً - 1أم الخ أو الخت من الرضاع :فإنه يجوز الزواج بها ،ول يجوز الزواج بأم الخ أو الخــت مــن
ل ،وكان لها ابن من النسب ،فيجوز لهذا البن أن يــتزوج بــأم هــذا النسب لبيه ،كأن ترضع امرأة طف ً
الطفل ،وهي أم أخيه من الرضاع.
وذلك لن أم الخ أو الخت من النسب إما أن تكون أمه إن كانا شقيقين أو أخوين لم ،أو زوجــة أبيــه
إن كانا أخوين لب ،وهذا لم يوجد في الرضاع.
ً - 2أخت البن أو البنت من الرضاع :فإنه يحل للب أن يـتزوج بهـا ،ول يحـل لـه أن يـتزوج بـأخت
ل ،فلزوج هذه المرأة أن يتزوج بأخت هذا الطفل ،ولبي ابنه أو بنته من النسب ،كأن ترضع امرأة طف ً
هذا الطفل أن يتزوج بنت هذه المرضعة.
وحرمة أخت البن أو البنت من النسب؛ لنها إما أن تكون بنته أو بنت زوجته المدخول بها ،وكلتاهما
يحرم الزواج بها ،وهذا لم يوجد في الرضاع.
أخت الخ وأم الرضيع والمرضعة :
ذكر الحنفية أيضًا أنه يجوز للرجل الــزواج بــأخت الخ مــن الرضــاع ،وأخــت الخ مــن النســب ،وأم
الرضيع من النسب ،وبالمرضعة .أما أخت الخ من الرضاع فكــأن يرضــع طفــل مــن امــرأة ،فيجــوز
لخي هذا الطفل الذي لم يرضع أن يتزوج بنت هذه المرأة ،وهي أخت أخيه من الرضاع ،وهذا معنى
قول العوام :افلت رضيعًا وخذ أخاه .ومثلها أخت أخته من الرضاع.
29
وأما صورة أخت أخيه من النسب :فكأن يوجد أخــوان لب ،ولحــدهما أخــت مــن أمــه ،فيحــل لخيــه
الخر أن يتزوج بها ،وهي أخت أخيه من النسب ،إذ ل صلة بين هذه الخت وبيــن الرجــل ،ل بنســب
ول رضاع ،وإنما هي بنت زوجة أبيه .وكذلك لو كان هنـاك أخـوان لم ،ولحـدهما أخـت نسـبية مـن
الب ،فإنها تحل لخيه من الم.
ويجوز لزوج المرضعة أن يتزوج أم الرضيع من النسب؛ لن الرضيع ابنه ،كما يجــوز أن يــتزوج أم
ابنه من النسب.
ولب الرضيع من النسب أن يتزوج المرضعة؛ لنها أم ابنه من الرضاع ،فهي كأم ابنه من النسب.
شروط الرضاع المحرم هی ما ياتی :
-أن يقع الرضاع خلل العامين الولين من حياة الرضــيع ،فلــو رضــع بعــدهما ل تثبــت بــه الحرمــة.
وهذا رأي الجمهور لقوله صّلى ال عليه وسلم » :ل رضــاع إل مــا كــان فــي الحــولين« ) ، (1وضــم
المام مالك لمدة العامين مدة أقصاها شهران؛ لن الطفل قد يحتاج لهذه المدة للتدرج في تحويل غذائه
من اللبن إلى الطعام ،وذلك إذا لم يفطم عن الرضاع قبل هذه المدة ،فإن فطم وأكــل الطعــام ثــم رضــع
فل يكون الرضاع محّرمًا.
وقدر المام أبو حنيفة مدة الرضاع بسنتين ونصف ،ليتدرج الطفل في نصف العام على تحويل غذائه
من اللبن إلى غيره.
-أن يرضع الطفل خمس رضعات متفرقـات بحسـب العـادة ،بحيـث يـترك الثـدي باختيـاره مـن غيـر
عارض كتنفس أو استراحة يسيرة أو شيء يلهيه عن الرضاع فجأة ول يشترط كونها مشبعات .وهــذا
مذهب الشافعية والحنابلة في الراجح عندهم.
حكمة التحريم بالرضاع :
يحدث التحريم بالرضاع بسبب تكّون أجزاء البنية النسانية من اللبن ،فلبن المرأة ينبت لحم الرضــيع،
وينشز عظمه أي يكبر حجمه ،كما جاء في الحديث» :ل رضاع إل ما أنشز العظــم ،وأنبــت اللحــم« )
(3فإن إنشاز العظم ،وإنبــات اللحــم ،إنمــا يكــون لمــن كــان غــذاؤه اللبـن ،وبـه تصــبح المرضــع أمــاً
للرضيع؛ لنه جزء منها حقيقة.
وسأذكر إن شاء ال في بحث الرضاع شروط الرضاع المحرم عند الفقهاء وطرق إثبات الرضاع.
النوع الثاني ـ المحرمات المؤقتة :
وهن اللتي يحرم الزواج بهن حرمة مؤقتة لسبب معين ،فإذا زال السبب زالت الحرمة ،وتلك خمســة
أنواع هي:
المطلقة ثلثًا ،المشغولة بحق زوج آخر بزواج أوعدة ،التي ل تدين بدين سماوي ،أخت الزوجة ومــن
في حكمها ،الخامسة لمتزوج بأربع.
واليک تفصيل هذه النواع
ً -المطلقة ثلثًا ) المبتوتة أو البائن بينونة كبرى( بالنسبة لمن طلقها :فمن طلق زوجته ثلث طلقــات،
فل يحل له أن يعقد عليها مرة أخرى ،إل إذا تزوجت بزوج آخر ودخل بها ،وانقضت عدتها منه ،بأن
طلقها باختياره أو مات عنها ،فتعــود إلــى الــزوج الول بزوجيــة جديــدة ،ويملــك عليهــا ثلث طلقــات
جديدة ) ، (2بعد أن اختــبرت المــرأة زوجـًا آخــر ،وقــامت بتجربــة أخــرى ،وأحــس الــزوج بصــعوبة
الفراق ،فيعودان إلى الحياة المشتركة بــروح وصــفحة جديــدة ،وتســارع المــرأة فــي إرضــاء زوجهــا،
وتجنب أسباب تصدع الزوجية السابقة .قال تعالى مبينًا طريق حل المبتوتة} :الطلق مرتان فإمســاك
بمعروف ،أو تسريح بإحسان{ ]البقرة ..[229/2:إلى أن قال سبحانه} :فــإن طلقهــا ،فل تحــل لــه مــن
بعد حتى تنكح زوجًا غيره ،فــإن طلقهــا فل جنــاح عليهمــا أن يتراجعــا إن ظنــا أن يقيمــا حــدود الـ {
]البقرة.[230/2:
30
والدليل على اشتراط دخول الزوج الثاني بالمرأة المطلقة ثلثًا :حديث العسيلة ،قــالت عائشــة :جــاءت
امرأة رفاعة الُقَرظي إلى النبي صّلى ال عليه وسلم فقالت :كنت
ت طلقي ،فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير ،وإنما معه مثل َهْدبة الثــوب عند رفاعة ،فطلقني ،فب ّ
) ، (1فقال :أتريدين أن ترجعي إلفاعة ،ل ،حتى تذوقي عسيلته ،ويذوق عســيلتك ) (2فيـه دليـل علـى
ل ارتجاع الزوج الول للمرأة ،إل أن كان حال وطئه منتشرًا ،فلو أن وطء الزوج الثاني ل يكون محل ً
ل ،لم يكف في الصح من قولي أهل العلم. لم يكن كذلك ،أوكان عنينًا أو طف ً
شروط حل المطلقة ثلثًا لزوجها الول :
يشترط لحل المطلقة ثلثًا للزوج الول ثلثة شروط ): (3
أحدها :أن تنكح زوجًا غيره ،لقوله تعالى } :حتى تنكح زوجًا غيره{ ]البقرة.[230/2:
الثاني ـ أن يكون النكاح صحيحًا :فإن كان فاسدًا لم يحلها الوطء فيه ،باتفاق المــذاهب الربعــة ،لقــوله
تعالى} :حتى تنكح زوجًا غيره{ ]البقرة [230/2:وإطلق النكاح يقتضي الصحيح.
الثالث ـ أن يطأها في الفرج :فلو وطئها دونه أو في الدبر ،لم يحلها؛ لن النبي صـّلى الـ عليــه وســلم
علق الحل ـ في الحديث المتقدم ـ على ذوق العســيلة منهمــا ،ول يحصــل ذلــك إل بــالوطء فــي الفــرج.
وأدناه تغييب الحشفة في الفرج؛ لن أحكام الوطء تتعلق به .ولو أولج الحشفة من غير انتشار ،لم تحل
له؛ لن الحكم يتعلق بذوق العسيلة ،ول تحصل من غيــر انتشــار .ويجــزئ قــدر الحشــفة مــن مقطــوع
الذكر ،وتحل بوطء الخصي؛ لنه يطأ كالفحــل ،ولـم يفقــد إل النــزال ،وهـوغير معتـبر فــي الحلل.
وذكر الحنفية أنها لو تزوجت بمجبوب )مقطوع الذكر كله( فإنها ل تحل حــتى تحبــل لوجــود الــدخول
ت النسب من الثاني. حكمًا ،حتى إنه يثب ُ
ل ،فإن وطئها فــي حيــض أو نفــاس واشترط الحنابلة والمالكية شرطًا رابعًا :وهو أن يكون الوطء حل ً
أو إحرام من أحدهما أو منهما ،أو وأحدهما صائم فرضًا ،لم تحل؛ لنه وطء حرام لحق ال تعالى ،لــم
يحصل به الحلل ،كوطء المرتدة ،ل يحلها سواء وطئها في حال ردتهما ،أو ردتها.
ولم يشترط الحنفية والشافعية هذا الشرط ،قــال ابــن قدامــة الحنبلــي :وهــذا أصــح إن شــاء الـ تعــالى،
لظاهر قوله تعالى} :حتى تنكح زوجًا غيره{ ]البقرة [230/2:وهذه قــد نكحــت زوجـًا غيــره ،وأيضـًا
قوله عليه الصلة والسلم» :حتى تذوقي عسيلته ،ويذوق عسيلتك« وهــذا قــد وجــد ،ولنــه وطــء فــي
نكاح صحيح في محل الوطء على سبيل التمام ،فأحلهـا كـالوطء الحلل ،وكمـا لـو وطئهـا وقـد ضـاق
وقت الصلة ،أو وطئها مريضة يضرها الوطء.
وهل نكاح التحليل المؤقت ) (1يحل المطلقة ثلثًا :
قال الحنفية والشافعية ) : (2تحل المطلقة ثلثًا لزوجها الول بنكاح التحليـل ،لكـن يكـره عنـد الحنفيـة
تحريمًا التزوج الثاني إن كان بشرط التحليل ،مثل :تزوجتك
على أن أحلك .لحديث» :لعن رسول ال صـّلى الـ عليــه وســلم المحّلــل والمحّلــل لــه« ) ، (1ويصــح
الزواج ،ويبطل الشرط ،فل يجبر الثاني على الطلق .فإن أضــمر الــزوج الول والثــاني التحليــل ،أو
كان الثاني مأجورًا لقصد الصلح ،ل مجرد قضاء الشهوة ونحوها ،ل يكره.
وذكر الشافعية أن نكاح المحلل باطل إن نكحها على أنها إذا وطئهــا فل نكــاح بينهمــا ،أو أن يتزوجهــا
على أن يحلل للزوج الول ،لما روى هزيل عن عبد ال قال» :لعن رسول ال صـّلى الـ عليـه وسـلم
الواصلة والموصولة ،والواشمة والموشومة ،والمحّلل والمحّلل له ،وآكل الربــا ومطعمــه« ) (2ولنــه
نكاح شرط انقطاعه ،دون غايته ،فأشبه نكاح المتعة .وأما إن تزوجها واعتقــد أنــه يطلقهــا إذا وطئهــا،
فيكره ذلك ،لما روى الحاكم والطبراني في الوسط عن عمر :أنه جــاء إليـه رجـل ،فسـأله عـن رجــل
طلق امرأته ثلثًا ،فتزوجها أخ له عن غير مؤامرة ليحلها لخيه ،هل تحل للول؟ قــال :ل ،إل بنكــاح
رغبة وروى أبو مرزوق التجيبي مثله عن عثمان ،أي إن تزوج على نيـة التحليـل بـدون شـرط صـح
النكاح؛ لن العقد إنما يبطل بما شرط ،ل بما قصد.
31
والخلصة :إن زواج المحلل بل شرط ،أي بدون شرط صريح في العقــد علــى التطليــق ،وإنمــا بالنيــة
والقصد الباطن صحيح مكروه عند الشـافعية؛ لن العقـد اسـتوفى أركـانه وشـروطه فـي الظـاهر ،ول
يتأثر العقد بالباعث الداخلي أي أنهم ل يقولون بمبدأ سد الذرائع بالقصد الداخلي.
وقال المالكية والحنابلـة ) : (3إن نكـاح المحلـل أونكـاح الـتيس المسـتعار ولـو بل شـرط :وهـو الـذي
يتزوجها ليحلها لزوجها حرام باطل مفسوخ ،ل يصح ول تحل لزوجها الول ،والمعتبر نية المحلل ل
نية المرأة ،ول نية المحلل له.
ودليلهم الحديث السابق عن ابن مسعود» :لعن رسول ال صّلى ال عليه وســلم المحّلــل والمحلــل لــه«
وحديث عقبة بن عامر» :أل أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا :بلى ،يارســول الـ ،قــال :هــو المحّلــل،
لعن ال المحلل والمحلل له« ) . (1فهذا يدل علــى تحريــم التحليــل؛ لن اللعــن إنمــا يكــون علــى ذنــب
كبير .وهذا يتفق مع مبدئهم بسد الذرائع ،وهو الراجح لدي .وخــص الفريــق الول التحريــم والبطــال
بما إذا شرط الزوج أنه إذا نكحها الثاني بانت منه ،أو شرط أنه يطلقها أو نحوذ لك.
- ً 2المشغولة بحق زوج آخر :وهي التي تعلق بها حق الغير بزواج أو عدة ،وهذا يشمل ما يأتي:
( ً 1ـ المرأة المتزوجة :فل يحل لحد أن يعقد عليها ما دامت متزوجـة لتعلـق حـق الغيـر بهـا ،سـواء
أكان الــزوج مســلمًا أم غيــر مســلم؛ لقــوله تعــالى} :والمحصــنات مــن النســاء إل مــا ملكــت أيمــانكم{
]النساء [24/4:أي المتزوجات ،واستثنى النص المملوكات بملك اليميــن :وهــن المســبيات فــي حــرب
مشروعة ،فإذا سبيت المرأة ،وقعت الفرقة بينها وبين زوجها بسبب اختلف الدار ،فيحل الزواج بهــا.
وهذا هو مانع الزوجية من أربعة عشر مانعًا عند المالكية سأذكرها.
وحكمة تحريم المتزوجة واضحة وهي منع العتداء على حق الغير ،وحفظ النساب من الختلط.
ً( ـ المرأة المعتدة :وهي التي تكون في أثناء العدة من زواج سابق ،سواء عدة طلق أو وفاة .فل يحــل
لحد غير زوجها الول التزوج بها حتى تنقضي عدتها ،ويشــمل ذلــك عــدة الــزواج الفاســد أوبشــبهة،
لثبوت نسب الولد .لقوله تعالى} :ول تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله{ ]البقرة [235/2 :أي
ل تعقدوا الزواج على المعتدة من وفــاة حــتى تنتهــي عــدتها .ولقــوله ســبحانه} :والمطلقــات يتربصــن
بأنفسهن ثلثة قروء{ ]البقرة [228/2:أي أطهار أو حيضات على رأيين في التفسير والفقه ،أي يجب
على المرأة المطلقة النتظار ثلثة أطهار أو حيضات ،فل يحل الزواج بها ،وقــال علــي وابــن عبــاس
عبيدة السلماني» :ما أجمعت الصحابة على شيء كإجماعهم على أربع قبل الظهر ،وأل تنكـح امــرأة وَ
في عدة أختها«
وحكمة تحريم المعتدة بقاء آثار الزواج السابق ،ورعاية حقوق الزوج القديم ،ومنع اختلط النساب.
وهل يترتب على الدخول بالمعتدة تحريمها على الرجل تحريمًا مؤبدًا؟
اختلف الفقهاء على رأيين ) ، (1فقال الجمهور :إن الدخول بالمعتدة ل يحرمها عليـه ،بـل إذا انقضــت
عدتها حل له الزواج بها؛ لن الرجل لو زنى بامرأة ل يحــرم عليــه الــزواج بهــا بالتفــاق ،فكــذلك لــو
دخل بها وهي في العدة أو بعدها ،ل يحرم عليه الزواج بها بعد انتهاء العدة ،ولن علي بن أبي طــالب
رضي ال عنه قال :يفرق بينهما ،ثم يخطبها بعد العدة إن شاء .وروي مثله عن ابن مسعود رضي ال
عنه.
وقال المالكية :الدخول بالمعتدة يحرمها على الرجل تحريمًا مؤبدًا ،فيفرق
بينهما ولتحل له أبدًا ،بدليل ما روى مالك عـن سـعيد بـن المســيب وســليمان بـن يسـار :أن عمـر بـن
الخطاب رضي ال عنه فرق بين طليحة السدية وبين زوجها راشد الثقفي لما تزّوجها فــي العــدة مــن
زوج ثان ،وقال :أيما امرأة نكحت في عدتها ،فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها ،فرق بينهمــا
ثم اعتدت بقية عدتها من الول ،ثم كان الخر خاطبًا من الخطاب ،وإن كان دخل بها فرق بينهما ،ثــم
اعتدت بقية عدتها من الول ،ثم اعتدت من الخر ،ثم ل يجتمعان أبدًا .قال ابن المسيب :ولهــا مهرهــا
بما استحل منها .وهذا هو مانع العدة عند المالكية من أربعة عشر مانعًا.
32
- (ً 3المرأة الحامل من الزنا عند الحنفية ،ومانع الزنا عند المالكية ): (1
يحل بالتفاق للزاني أن يتزوج بالزانية التي زنى بها ،فإن جاءت بولد بعد مضي ستة أشهر من وقــت
العقد عليها ،ثبت نسبه منه ،وإن جاءت به لقل من ستة أشهر من وقت العقــد ل يثبــت نســبه منــه ،إل
إذا قال :إن الولد منه ،ولم يصرح بأنه من الزنا .إن هذا القرار بالولد يثبت به نسبه منه لحتمال عقــد
ل لحال المسلم على الصلح وسترًا على العراض. سابق أو دخول بشبهة ،حم ً
أما زواج غير الزاني بالمزني بها ،فقال قوم كالحسن البصري :إن الزنا يفسخ النكاح .وقال الجمهور:
يجوز الزواج بالمزني بها .ومنشأ الخلف آية} :والزانيــة ل ينكحهــا إل زان أو مشــرك ،وحـّرم ذلــك
علــى المــؤمنين{ ]النــور [3/24:الفريــق الول يأخــذ بظــاهر اليــة ،والكلم خــرج مخــرج التحريــم.
والفريق الثاني )الجمهور( حملوا الية على الذم ،ل على التحريم ،لما روى أبوداود والنسائي عن ابن
عباس قال» :جاء رجل إلى النبي صّلى ال عليه وسلم ،فقال :إن امرأتي ل تمنع يد لمس ـ
كناية عن عدم العفة عن الزنا ـ قال :غّربها ـ أي أبعدها ـ قال :أخاف أن تتبعهــا نفســي ،قــال :فاســتمتع
بها« ) (1ولما أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر والبيهقي عن عائشة» :ل يحرم الحرام الحلل« .
ثم اختلف الجمهور في التفصيل ،فقال الحنفية :إذا كانت المزني بها غير حامل ،صح العقد عليهــا مــن
ل يجوز الزواج بها عند أبي حنيفة ومحمد ،ولكــن ل يطؤهـا ،أي ل غير الزاني ،وكذلك إن كانت حام ً
يدخل بها حتى تضع الحمل ،للدلة التية:
ل ـ لم تذكر المزني بها في المحرمات ،فتكــون مباحــة ،لقــوله تعــالى} :وأحــل لكــم مــا وراء ذلكــم{ أو ً
]النساء.[24/4:
ثانيًا ـ ل حرمة لماء الزنا ،بدليل أنه ل يثبـت بـه النسـب ،للحـديث السـابق» :الولـد للفـراش ،وللعـاهر
الحجر« ) ، (2وإذا لم يكن للزنا حرمة ،فل يكون مانعًا من جواز النكاح.
وإنما امتنع الدخول بالحامل من الزنا حتى تضع الحمل ،فلقوله صّلى ال عليه وسلم » :من كان يؤمن
بال واليوم الخر ،فل يسقين ماءه زرع غيره« ) (3يعني وطء الحوامل من غيره،
وقال أبو يوسف وزفر :ل يجوز العقد على الحامل من الزنا؛ لن هذا الحمل يمنع الوطء ،فيمنع العقــد
أيضًا ،كما يمنع الحمل الثابت النسب ،أي كما ل يصح العقــد علــى الحامــل مــن غيــر الزنــا ،ل يصــح
العقد على الحامل من الزنا.
وقال المالكية :ل يجوز العقد على الزانية قبــل اســتبرائها مــن الزنــا بحيضــات ثلث أو بمضــي ثلثــة
أشهر ،فإن عقد عليها قبل الستبراء ،كان العقد فاسدًا ،ووجب فسخه ،سواء ظهر بها حمــل أم ل ،أمــا
الول )ظهــور الحمـل( فللحــديث السـابق» :فل يسـقين مــاءه زرع غيــره« وأمــا الثـاني فللخــوف مــن
اختلط النساب.
وقال الشافعية :إن زنى بــامرأة ،لــم يحــرم عليــه نكاحهــا ،لقــوله تعــالى} :وأحــل لكــم مــا وراء ذلكــم{
]النساء [24/4:ولحديث عائشة السابق» :ل يحرم الحرام الحلل« .
وقال الحنابلة :إذا زنت المرأة ،لم يحل لمن يعلم ذلك نكاحها إل بشرطين:
أحدهما ـ انقضاء عدتها ،فإن حملت من الزنا ،فقضاء عدتها بوضعه ،ول يحــل نكاحهــا قبــل وضــعه،
للحديث السابق» :فل يسقي ماءه زرع غيره« والحديث الصحيح» :ل توطأ حامل حتى تضــع« وهــذا
رأي مالك.
والثاني ـ أن تتوب من الزنا ،للية السابقة} :وحـّرم ذلــك علــى المــؤمنين{ ]النــور [3/24:وهــي قبــل
التوبة في حكم الزنا ،فإذا تابت زال التحريم لقول النبي صّلى ال عليه وسلم » :التائب من الذنب كمن
ل ذنب له« ) . (1ولم يشترط باقي الئمة هذا الشرط.
زنا أحد الزوجين :اتفق عامة أهل العلــم علــى أنـه إن زنـت امـرأة رجــل ،أوزنــى زوجهـا ،لــم ينفســخ
النكاح ،سواء أكان قبل الدخول أم بعده؛ لن دعواه الزنا عليها ل ُيبينها ،ولو كان الــزواج ينفســخ بــه،
لنفسخ بمجرد دعواه كالرضا ،ولنها معصية ل تخرج عن السلم فأشبهت السرقة .أما اللعــان فــإنه
33
يقتضي الفسخ بدون الزنا بدليل أنها إذا لعنته فقد قابلته ،فلم يثبت زناها ،وقد أوجب النـبي صـّلى الـ
عليه وسلم الحد على من قذفها ،والفسخ واقع باللعان.
ولكن استحب المام أحمد للرجل مفارقة امرأته إذا زنت ،وقال» :ل أرى أن يمسك مثــل هــذه ،وذلــك
أنه ل يؤمن أن تفسد فراشه ،وتلحق به ولـدًا ليـس منـه« وقـال أحمـد أيضـًا :ول يطؤهـا الـزوج حـتى
يستبرئها بثلث حيضات ،للحديث السابق» :فل يسقى ماءه زرع غيره« يعني إتيان الحبــالى ،ولنهــا
ربما تأتي بولد من الزنا ،فينسب إليه .قال ابن قدامة :والولى أنه يكفي استبراؤها بالحيضــة الواحــدة؛
لنها تكفي في استبراء الماء ). (1
- ً 3المرأة التي ل تدين بدين سماوي ): (2
ل يحل للمسلم الزواج بالمرأة المشركة أو الوثنية :وهي الــتي تعبــد مــع الـ إلهـًا غيــره ،كالصــنام أو
الكواكب أو النار أوا لحيوان ،ومثلها المرأة الملحدة أو المادية :وهي الــتي تـؤمن بالمــادة إلهـًا ،وتنكــر
وجود ال ،ول تعترف بالديان السماوية ،مثل الشيوعية والوجودية ،والبهائية والقاديانية والبوذية.
ن ،ولمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم{ وذلك لقوله تعالى} :ول َتْنكحوا المشركات ،حتى يؤم ّ
]البقرة.[221/2:
ل مســلم أو كــافر أن وألحق الحنفية والشافعية وغيرهم المرأة المرتدة بالمشركة ،فل يجوز لحــد أص ـ ً
يتزوجها؛ لنها تركت ملة السلم ،ول تقر على الردة ،فإما أن تموت أوتسلم ،فكانت الردة في معنــى
ل للزواج.الموت ،لكونها سببًا مفضيًا إليه ،والميت ل يكون مح ً
والخلصة :ل يحل بالتفاق نكاح من ل كتاب لها كوثنيــة )وهــي عابــدة الــوثن أو الصــنم( ومجوســية
)وهي عابدة النار( إذ ل كتاب بأيدي أهلها الن ،ولم نتيقنه من قبل فنحتاط.
والســبب فــي تحريــم الــزواج بالمشــركة ونحوهــا :عــدم تحقــق النســجام والطمئنــان والتعــاون بيــن
الزوجيــن؛ لن تبــاين العقيــدة يسـّبب القلــق والضــطراب والتنــافر بيــن الزوجيــن ،فل تســتقيم الحيــاة
الزوجية القائمة على دعائم المودة والرحمة والمحبة ،وغايتها الهدوء والستقرار .ثم إن عدم اليمــان
بدين يسهل على المرأة الخيانة الزوجية والفساد والشر ،ويرفع عنها المانة والستقامة والخير؛ لنهــا
تؤمن بالخرافات والوهام ،وتتأثر بالهواء والطبائع الذاتية غير المهذبة ،فل دين يردعهــا ،ول رادع
لها من إيمان بال وباليوم الخر وبالحساب والبعث.
زواج المسلمة بالكافر :يحرم بالجماع زواج المسلمة بالكافر ،لقــوله تعــالى} :ول ُتْنكحــوا المشــركين
حتى يؤمنوا { ]البقرة [221/2:وقوله تعالى} :فإن علمتموهن مؤمنات ،فل ترجعوهن إلى الكفــار ،ل
هن حل لهم ،ول هم يحلون لهن{ ]الممتحنة [10/60:ولن في هذا الزواج خوف وقــوع المؤمنــة فــي
الكفر؛ لن الزوج يدعوها عادة إلى دينه ،والنساء في العادة يتبعن الرجال فيما يــؤثرون مــن الفعــال،
ويقلدونهم في الدين ،بدليل الشارة إليه في آخر الية} :أولئك َيْدعون إلى النار{ ]البقــرة [221/2:أي
يدعون المؤمنات إلى الكفر ،والدعاء إلى الكفر دعاء إلى النار؛ لن الكفــر يــوجب النــار ،فكــان زواج
ل .والنص وإن ورد في المشركين ،لكــن العلــة الكافر المسلمة سببًا داعيًا إلى الحرام ،فكان حرامًا باط ً
وهي الدعاء إلى النار يعم الكفرة أجمع ،فيتعمم الحكم بعموم العلة.
وعليه ل يجوز زواج الكتابي بالمسلمة ،كما ل يجوز زواج الــوثني والمجوســي بالمســلمة أيضـًا؛ لن
الشرع قطع ولية الكـافرين عـن المـؤمنين بقـوله تعـالى} :ولـن يجعـل الـ للكــافرين علـى المــؤمنين
ل{ ]النساء [141/4:فلو جاز تزويج الكافر المؤمنة لثبت له عليها سبيل ،وهذا ل يجوز. سبي ً
الزواج بالكتابيات :الكتابية :هي التي تؤمن بدين سماوي ،كاليهوديـة والنصـرانية .وأهـل الكتـاب :هـم
أهل التوراة والنجيل ،لقوله تعالى} :أن تقولوا إنما أنزل الكتــاب علــى طــائفتين مــن قبلنــا{ ]النعــام:
.[156/6
وقد أجمع العلماء على إباحة الزواج بالكتابيات ،لقوله تعالى} :اليوم أحل لكم الطيبـات ،وطعـام الـذين
أوتوا الكتاب حل لكم،وطعامكم حل لهم ،والمحصنات مــن المؤمنــات ،والمحصــنات مــن الــذين أوتــوا
34
الكتاب من قبلكم{ ]المائدة [5/5:والمراد بالمحصنات في الية :العفائف ،ويقصد بها حمل الناس على
التزوج بالعفائف ،لما فيه من تحقيق الود واللفة بين الزوجين ،وإشاعة السكون والطمئنان.
ولن الصحابة رضي ال عنهم تزوجوا مــن أهــل الذمــة ،فــتزوج عثمــان رضــي الـ عنـه نائلــة بنــت
الفرافصة الكلبية وهي نصرانية ،وأسـلمت عنـده ،وتـزوج حذيفـة رضـي الـ عنـه بيهوديـة مـن أهـل
المدائن .وسئل جابر رضي ال عنه عن نكاح المسلم اليهودية والنصرانية ،فقال :تزوجنــا بهــن زمــان
الفتح بالكوفة مع سعد بن أبي وقاص.
والسبب في إباحة الزواج بالكتابية بعكـس المشـركة :هـو أنهــا تلتقــي مــع المسـلم فــي اليمـان ببعــض
المبادئ الساسية ،من العتراف بإله ،واليمان بالرسل وباليوم الخر ،وما فيه مــن حســاب وعقــاب.
فوجود نواحي اللتقاء وجسور التصال على هذه السس يضمن توفير حياة زوجيــة مســتقيمة غالب ـًا،
ويرجى إســلمها؛ لنهــا تـؤمن بكتـب النبيــاء والرسـل فــي الجملــة .والحكمــة فـي أن المسـلم يــتزوج
باليهوديــة والنصــرانية ،دون العكــس :هــي أن المســلم يــؤمن بكــل الرســل ،وبالديــان فــي أصــولها
الصحيحة الولى ،فل خطر منه على الزوجة فـي عقيـدتها أو مشــاعرها ،أمــا غيــر المسـلم فل يـؤمن
بالسلم فيكون هنــاك خطــر محقــق بحمــل زوجتــه علــى التــأثر بــدينه ،والمــرأة عــادة ســريعة التــأثر
والنقياد ،وفي زواجها إيذاء لشعورها وعقيدتها.
كراهة الزواج بالكتابيات :يكره ـ عنـد الحنفيـة والشــافعية ،وعنـد المالكيــة فـي رأي ــ للمسـلم الـزواج
بالكتابية الذمية ،وقال الحنابلة :زواجه بها خلف الولى؛ لن عمر قال للذين تزوجوا مــن نســاء أهــل
طلقوهن« فطلقوهن إل حذيفة ،فقال له عمــر» :طلقهــا« قــال :تشــهد أنهــا حــرام؟ قــال :هــي الكتابّ » :
خمرة ،طلقها ،قال :تشهد أنها حرام؟ قال :هي خمرة ،قال :قــد علمــت أنهــا خمــرة ،ولكنهــا لــي حلل.
فلما كان بعد ،طلقها ،فقيل له :أل طلقتها حين أمرك عمـر؟ قـال :كرهـت أن يــرى النـاس أنـي ركبـت
أمرًا ل ينبغي لي .ولنه ربما مال إليها قلبه ففتنته ،وربما كان بينهما ولد ،فيميل إليها.
أما الحربية :فيحرم تزوجها عنــد الحنفيــة إذا كــانت فــي دار الحــرب؛ لن تزوجهــا فتــح لبــاب الفتنــة،
وتكره عند الشافعية ،وعند المالكية ،والزواج بها خلف الولى عند الحنابلة.
والواقع ،في الــزواج بالكتابيــات وبــالولى الحربيــات :مضــار اجتماعيــة ووطنيــة ودينيــة ،فقــد ينقلــن
لبلدهن أخبار المسلمين ،وقد يرغبن الولد في عقائد وعــادات غيــر المســلمين ،وقــد يــؤدي الــزواج
بهن إلى إلحاق ضرر بالمسلمات بالعراض عنهن ،وقــد تكــون الكتابيــة منحرفــة الســلوك ،بــدليل مــا
يأتي:
روى الجصاص في تفسيره :أن حذيفة بن اليمان تــزوج بيهوديــة ،فكتــب إليــه عمــر :أن خــل ســبيلها،
فكتب إليه حذيفة :أحرام هي؟ فكتب إليه عمر :ل ،ولكني أخــاف أن تواقعــوا المومســات منهــن ،يعنــي
العواهر.وروى المام محمد هذا الثر في كتابه »الثار« على النحو التي:
ل ســبيلها ،فكتــب إليــه :أحــرام يــا أميــر
إن حذيفــة تــزوج بيهوديــة بالمــدائن ،فكتــب إليــه عمــر :أن خـ ّ
المؤمنين؟ فكتب إليه عمر :أعزم عليك أل تضع كتابي هذا ،حتى تخلي سبيلها ،فإني أخــاف أن يقتــدي
ن بذلك فتنة لنساء المسلمين. بك المسلمون ،فيختارون نساء أهل الذمة لجمالهن ،وك ّ
يتبين من ذلك أن عمر رضي ال عنه منع حذيفة من الزواج بالكتابية ،لما فيه مـن الضـرر ،وهـو إمـا
الوقــوع فــي زواج المومســات منهــن ،أو تتــابع المســلمين فــي زواج الكتابيــات ،وتــرك المســلمات بل
زواج.
رأي الشافعية في زواج الكتابية :هذا هو حكم الزواج بالكتابيات ،يجوز عند الجمهور بل شــرط ،لكــن
قيد الشافعية الزواج بالكتابية بقيد ،فقالوا ): (1
تحل كتابية ،لكــن تكــره حربيــة ،وكــذا ذميــة علــى الصــحيح ،لمــا فــي الميــل إليهــا مــن خــوف الفتنــة،
والكتابية :يهودية أو نصرانية ،ل متمسكة بــالزبور وغيــره كصــحف شــيث وإدريــس وإبراهيــم عليــه
السلم.
35
فإن كانت الكتابية إسرائيلية :فيحل الزواج بهــا إذا لــم يعلــم دخــول أول مــن تــدين مــن آبائهــا فــي ديــن
اليهودية بعد نسخه وتحريفه ،أو شك فيها ،لتمسكهم بذلك الدين حيــن كــان حقـًا ،وإل فل تحــل لســقوط
فضيلة ذلك الدين.
وإن كانت النصرانية :فالظهر حلها للمسلم إن علم دخول قومها ،أي آبائها أي أول من تدين منهم فــي
ذلك الدين ـ أي دين عيسى عليه السلم ،قبل نسخه وتحريفه ،لتمسكهم بذلك الدين حين كان حق ـًا .فــإن
دخلوافيه بعد التحريف فالصح المنع ،وإن تمسكوا بغير المحرف فتحل في الظهر.
والراجح لدي هو قول الجمهور ،لطلق الدلة القاضية بجواز الزواج بالكتابيات ،دون تقييد بشيء.
أهل الكتاب ). (2
السامرة والصابئة :السامرة :طائفة من اليهود ،والصابئة :طائفة من النصارى.
قال أبو حنيفة والحنابلة :إنهم أهل كتاب ،فيجوز للمسلم الزواج بالصابئات؛ لن الصابئة قـوم يؤمنـون
بكتاب ،فإنهم يقرؤون الزبور ،ول يعبدون الكواكب ،ولكــن يعظمونهــا كتعظيــم المســلمين الكعبــة فــي
الستقبال إليها ،ولكنهم يخالفون غيرهم من أهــل الكتــاب فــي بعــض ديانــاتهم ،وهــذا ل يمنــع الــزواج
كاليهود مع النصارى.
وقال الصاحبان :ل يجوز الزواج بهن؛ لن الصــابئة قــوم يعبــدون الكــواكب ،وعابــد الكــواكب كعابــد
الوثن ،فل يجوز للمسلمين مناكحتهم.
وقيل :ليس هذا باختلف في الحقيقة ،وإنما الختلف لشتباه مذهبهم .لذا من اعتبر الصابئة من عبــدة
الوثان :وهم الذين يعبدون الكواكب ،حرم مناكحتهم .ومن فهم أن منا كحتهم حلل ،فهم أن لهم كتابــًا
يؤمنون به.
وهذا هو الحق ويتفق مع رأي الشافعية القائلين :إن خالفت السامرة اليهود ،والصابئون النصــارى فــي
حُرمن ،وإل فل ،أي إن وافقــت الســامرة اليهــود ،والصــابئة النصــارى فــي أصــل دينهــم أصل دينهمَ ،
حلت .وهذا هو ما قرره القدوري في الكتاب ،وهو حجة لدى الحنفية ،فقال :يجــوز تــزوج الصــابئيات
إذا كانوا يؤمنون بنبي ويقرون بكتاب ،وإن كانوا يعبدون الكواكب ،ول كتاب لهم ،لم تجز مناكحتهم )
. (1
المتولد من وثني وكتابية :إذا كان أحد أبوي الكافرة كتابيًا والخر وثنيًا ،لم يحل نكاحها؛ لنهــا ليســت
كتابية خالصة ،ولنها مولودة بين من يحل وبين من ل يحل ،فلم تحل ،تغليبًا للتحريم؛ لنــه إذا اجتمــع
الحلل والحرام ،غلب الحرام الحلل
تغيير الكتابي دينه إلى دين آخر :إذا انتقل الكتابي أو المجوسي إلى ديــن آخــر غيــر ديــن أهــل الكتــاب
كالوثنية ،أي توثن ،لم يقر عليه ،ويقتل في أحد الرأيين إن لم يرجع ،لعمـوم الحــديث» :مـن بــدل دينــه
فاقتلوه« ) (1وفي رأي آخر :ل يقتل ،بل يكره على العودة إلى دينه السابق بالضرب والحبس.
وإذا انتقلت امرأة المسلم الذمية إلى دين غيــر ديــن أهــل الكتــاب ،فهــي كالمرتــدة ،ينفســخ نكاحهــا مــع
المسلم إن لم تعد إلى دينها في أثناء العدة عند الشافعية والحنابلة.
وأما إذا انتقل الكتابي إلى دين كتابي آخر ،كأن تهود النصراني أو تنصــر اليهــودي ،لــم يقــر بالجزيــة
ول يقبل منه إل السلم في الظهر عند الشافعية ،وفي رواية عــن أحمــد ،لقــوله تعــالى} :ومــن يبتــغ
ل بعـد اعـترافه ببطلنـه ،فل غير السلم دينًا ،فلن يقبل منه{ ]آل عمران [85/3:وقد أحدث دينًا باط ً
يقر عليه ،كما لو ارتد المسلم.
ويقر عليه في قول أبي حنيفة ومالك ،وفي الراجح من الروايتين عند الحنابلة؛ لنه لم يخرج عن ديــن
أهل الكتاب ،فل نتعرض له .وأما حديث »من بدل دينه فاقتلوه« فهــو محمــول علــى ديــن الســلم ،إذ
هو الدين المعتبر شرعًا.
36
ولو تهود وثني أو تنصر ،لم يقر عند الشافعية ،ويتعين السلم في حقه ،كمسلم ارتد ،فــإنه يتعيــن فــي
حقه السلم .ويقر عند أبي حنيفة ومالك والحنابلة في الراجح ) ، (2لن الكفر كله ملة واحدة .إذ هــو
تكذيب الرب تعالى فيما أنزل على رسله عليهم السلم.
ارتداد الزوجين أوأحدهما :قال الشافعية ،والحنابلة والمالكية :لو ارتد الزوجان أو أحدهما قبل الدخول
تنجزت الُفْرقة ،أي انفسخ النكاح في الحال .وإن كانت الردة بعد الدخول ،توقفت الفرقة أو الفسخ على
انقضاء العدة ،فإن جمعهما السلم في العدة ،دام النكاح ،وإن لم يجمعهما في العدة انفسخ النكــاح مــن
وقت الردة ،لكن لو وطئ الزوج ل حد عليه للشبهة ،وهي بقاء أحكام النكاح ،وتجــب العــدة منــه .وإذا
أسلمت المرأة قبل الرجل فأسلم في عدتها ،أو أسلما معًا ،فتتقــرر الزوجيــة بينهمــا ،وإن أســلم أحــدهما
ولم يتبعه الخر في العدة ،انفسخ زواجهما .وكذلك
ل من بنــي تغلـب قال الحنفية :تقع الفرقة بين الزوجين إذا حكم بصحة الرتداد ) ، (1وقد صح أن رج ً
وكانوا من النصارى ،أسلمت زوجته ،وأبى هو ،ففرق عمــر بينهمــا ،وقــال ابــن عبــاس» :إذا أســلمت
النصرانية قبل زوجها ،فهي أملك لنفسها« .
أنكحة الكفار غير المرتدين :هل عقود زواج غير المسلمين بعضهم مع بعض صحيحة أو فاسدة؟
للفقهاء رأيان :فقال المالكية ) : (2أنكحـة غيـر المسـلمين فاسـدة؛ لن للـزواج فـي السـلم شـرائط ل
يراعونها ،فل يحكم بصحة أنكحتهم.
وقال الجمهور ) : (3أنكحة الكفار غير المرتدين صحيحة يقرون عليها ،إذا أسلموا ،أو تحــاكموا إلينــا
إذا كانت المرأة عند الشافعية والحنابلة ممن يجوز ابتداء الزواج بها ،بأن لم تكن من المحارم ،فنقرهم
على ما نقرهم عليه لو أسلموا ،ونبطل مــا ل نقــر ،والصــح عنــد الحنفيـة أن كــل نكــاح حــرم لحرمــة
المحل كمحارم ،يقع جائزًا .واتفق هؤلء الجمهور على أنــه ل يعتــبر فيــه صــفة عقــدهم وكيفيتــه ،ول
يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي والشهود وصيغة اليجــاب والقبــول ،وأشــباه ذلــك ،فيجــوز
في حقهم ما اعتقدوه ،ويقرون عليه بعد السلم.
وينبني على رأي الجمهــور أن تثبــت أحكــام الــزواج المقــررة كالمســلمين مــن وجــوب النفقــة ووقــوع
الطلق ونحوهما من عدة ونسب وتوارث بزواج صـحيح ،وحرمـة مطلقــة ثلثـًا .ويجـوز نكــاح أهـل
الذمة بعضهم لبعض وإن اختلفت شرائعهم؛ لن الكفر كله ملة واحدة.
ودليلهم قوله عز وجل} :وقالت امرأة فرعون{ ]القصــص [9/28:وقــوله ســبحانه} :وامرأتــه حّمالــة
الحطب{ ]المسد [4/111:ولو كانت أنكحتهم فاسدة ،لم تكن امرأته حقيقة ،ولن النكاح ســنة آدم عليـه
السلم ،فهم على شريعته ،وقال النبي عليه الصلة والسلم» :ولدت من
نكاح ،ل من سفاح« ) (1أي ل من زنا ،والمراد به نفي ما كانت عليه الجاهلية مــن أن المــرأة تســافح
ل مدة ثم يتزوجها ،فإنه صّلى ال عليه وسلم سمى ما وجد قبل السلم من أنكحة الجاهلية نكاحــًا، رج ً
ولو قلنا بفساد أنكحتهم لدى إلى أمر قبيح هو الطعن في نسب كثر من النبياء.
ولحديث غيلن الثقفي وغيره ممن أسلم وتحته عشر نسوة في الجاهلية ،فأسلمن معه ،فأمره صّلى ال
عليه وسلم باختيار أربع منهن ،ومفارقة الباقي ) ، (2ولم يسأل عن شـرائط النكـاح ،فل يجـب البحـث
عن شرائط أنكحتهم ،فإنه صّلى ال عليه وسلم أقرهم عليها ،وهو ل يقر أحدًا على باطل.
- ً 4أخت الزوجة ومحارمها ) الجمع بين الخــت وعمتهــا أو خالتهــا أوغيرهــا مـن المحــارم( ): (3
حرمـًا لهــا:
يحرم على الرجل أن يجمع بين الختين ،أو بين المرأة وعمتها أو خالتها أو كل من كــان َم ْ
وهي كل امرأة لو فرضت ذكرًا حرمت عليها الخرى .وذلك سواء أكانت المحرم شــقيقة ،أم لب ،أم
لم.
لقوله تعالى في بيان محّرمات النساء} :وأن تجمعــوا بيــن الخــتين إل مــا قــد ســلف{ ]النســاء[23/4:
غْيرةولن الجمع بين ذوات الرحام يفضي إلى قطيعة الرحم ،بسبب ما يكون عادة بين الضرتين من َ
موجبة للتحاسد والتباغض والعداوة ،وقطيعة الرحم حرام ،فما أدى إليه فهو حرام.
37
والجمع بين المرأة وابنتها حرام أيضًا ،كالجمع بين الختين ،بل هوأولى؛ لن قرابة الولدة أقوى مــن
قرابة الخوة ،فالنص الوارد في الجمع بين الختين وارد هنا من طريق أولى.
وكذلك الجمع بين المرأة وعمتها أوخالتها حــرام أيضـًا كــالجمع بيــن الخـتين؛ لن العمـة بمنزلــة الم
لبنت أخيها ،والخالة بمنزلة الم لبنت أختها .وصرحت الســنة بتحريــم الجمــع بيــن المــرأة وعمتهــا أو
خالتها ،عن أبي هريرة قال» :نهى النبي صّلى ال عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتهــا أو خالتهــا«
) (1وفي رواية الترمذي وغيره» :ل تنكح المرأة على عمتها ،ول العمة على بنت أخيهــا ،ول المــرأة
على خالتها ،ول الخالة على بنت أختها ،ل الكبرى على الصغرى ،ول الصغرى علــى الكــبرى« ول
يخفى أن هذا الحديث خصص عموم قوله تعالى:
}وأحل لكم ما وراء ذلكم{ ]النساء ، (1) [24/4 :ولن الجمــع بيــن ذواتــي محــرم فــي النكــاح ســبب
لقطيعة الرحم؛ لن الضرتين يتنازعان ول يختلفان ول يأتلفان عرفـًا وعــادة ،وهــو يفضــي إلــى قطــع
الرحم ،وإنه حرام ،والنكاح سبب لذاك فيحرم ،حتى ل يـؤدي إليـه .وقـد أشـار النـبي صـّلى الـ عليـه
وسلم إلى علة النهي في رواية ابن حبان وغيره» :إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم« .
قاعدة الجمع بين المحارم :استنبط الفقهـاء مـن النصـين :القرآنـي والنبـوي قاعـدة لتحريـم الجمـع بيـن
ل ،ل يجــوز لــه نكــاح الخــرى مــن المحارم هي» :يحرم الجمع بين امرأتين لــو كــانت إحــداهما رج ً
الجانبين جميعًا« أو »يحرم الجمع بين كل امرأتين أيتهما قّدرت ذكرًا ،حرمت عليه الخرى« )(2
ل ،لم يجز له التزوج بالخرى؛ لنها ل يحل الجمع بين الختين؛ لننا لو فرضنا كل واحدة منهما رج ً
ل ،كــان عمـًا للخــرى ،ول أخته .ول يحل الجمع بين المرأة وعمتها؛ لن كل واحدة لــو فرضــت رج ً
يجوز للرجل أن يتزوج بعمته .وكذلك يحرم الجمع بين المرأة وخالتها ،إذ لو فرضنا كل واحدة منهمــا
ل للخرى ،ول يصح للرجل أن يتزوج بنت أخته. ل كان خا ً
رج ً
ل ،وجــاز لـه أن يــتزوج بـالخرى كـالمرأة وابنـة عمهــا ،جـاز الجمـع فإن فرض كون كل منهمــا رج ً
بينهما ،لنها تكون ابنة عمه ،وللرجل أن يتزوج بابنة عمه.
وإن كان تحريم الزوج علــى فــرض واحــد مــن أحــد الجــانبين دون الخــر ،فل يحــرم الجمــع بينهمــا،
كالمرأة وابنة زوج كان لها من قبل من غيرها ،وكالمرأة وزوجة كانت لبيهــا؛ لنــه ل رحــم بينهمــا،
ل ،لــم يجـز لـه أن يـتزوج فلم يوجد الجمع بين ذواتي رحم ،إذ لو فرضنا فــي المثـال الول البنــت رج ً
ل ،فــتزول عنــه صــفة زوجــة بهذه المرأة؛ لنها زوجة أبيه ،أما عند فــرض المــرأة :زوجــة الب رج ً
الب ،فيجوز له الزواج بالبنت ،إذ هي أجنبية عنه .وقد جمع عبد الـ بــن جعفــر بــن أبــي طــالب بيــن
زوجة عمه علي ،وهي ليلى بنت مسعود النهشلية ،وبين ابنته من غيرهــا وهــي أم كلثــوم بنــت الســيدة
فاطمة رضي ال عنها ،ولم ينكر عليه أحد من الصحابة.
ويجوز الجمع بين ابنتي العم وابنتي الخــال أو الخالـة مـن عميـن أو خـالين أو خـالتين بالتفـاق ،لعـدم
النص فيهما بالتحريم ،ودخولهما في عموم قوله تعــالى} :وأحــل لكــم مــاوراء ذلكــم{ ]النســاء[24/4:
ولن إحداهما تحل لها الخرى لو كانت ذكــرًا .وفــي كراهــة زواجهمــا رأيــان :رأي بالكراهــة خــوف
قطيعة الرحم ،وهو مروي عن ابن مسعود والحســن البصــري ،وأحمــد فــي روايــة عنــه ،ورأي بعــدم
الكراهة؛ إذ ليست بينهما قرابة تحرم الجمع ،وهو منقول عن الشافعي والوزاعي.
حكم العقد الواحد أو العقدين على الختين ونحوهما :
إذا تزوج رجل امرأتين بينهما محرمية كالختين وكالبنت وخالتها ،والبنت وعمتها ،ففي حكم الــزواج
تفصيل ): (1
أ ـ إن تزوجهما معًا في عقد واحد ،فســد زواجهمــا معـًا ولــم يبطــل؛ لن إحــداهما ليســت أولــى بفســاد
الزواج من الخرى ،فيفرق بينه وبينهما ،ثم إنه إن كــان التفريــق قبــل الــدخول فل شــيء لهمــا ،أي ل
مهر لهما ،ل عدة فيهما؛ لن الزواج الفاسد ل حكم له قبل الدخول ،وكذلك بعد الخلوة.
38
وإن كان قد دخل بهما ،فلكل واحدة منهما عند الحنفية مهر المثل على أل يزيد عن المسمى ،لرضــاها
به ،كما هو حكم الزواج الفاسد ،وعليهما العدة؛ لن هذا هو حكم الدخول في الزواج الفاسد.
ل منهما بعقد مستقل ،الواحدة بعد الخرى ،صح زواج الولـى وفسـد زواج الثانيـة؛ ب ـ وإن تزوج ك ً
لن الجمع حصل بزواج الثانية ،فاقتصر الفساد عليه ،ويفرق بينه وبين الثانيــة .فــإن تــم التفريــق قبــل
الدخول فل شيء لها ول عدة عليها ،وإن تم التفرق بعد الدخول ،وجب لها مهــر المثــل علــى أل يزيــد
عْقر ــ أي عْقر ـ أي حد زاجر ـ أو ُ عن المسمى لرضاها به؛ لن »الوطء في دار السلم ل يخلو عن َ
مهر جابر« وقد سقط الحد بشبهة العقد ،فيجب مهر المثل دون زيادة على المسمى .وعليها العدة.
ويحرم على الزوج أن يطأ الولى ،أي قربــان زوجتــه الولــى حــتى تنقضــي عـدة الثانيــة ،لئل يكــون
جامعًا بينهما ،والجمع بين المحارم حرام.
ل منهما بعقدين ل يدري أيهما الول ،يفرق بينه وبينهمــا؛ لن زواج إحــداهما فاســد جـ ـ وإن تزوج ك ً
بيقين ،وهي مجهولة ،ول يتصور حصول مقاصــد الــزواج مــن المجهولــة ،فل بــد مــن التفريــق .فــإن
ادعت كل واحدة منهما أنها هي الولى ول بينة لها ،يقضى لها بنصف المهــر؛ لن الــزواج الصــحيح
أحدهما ،وقد حصلت الفرقة قبل الدخول ،ل بسبب المرأة ،فكان الواجب نصف المهر ،ويكـون بينهمــا
لعدم الترجيح ،إذ ليست إحداهما بأولى من الخرى .وقال الجمهور :إن جمــع بيــن الخــتين ونحوهمــا
من رضاع أو نسب بعقد واحد بطل نكاحهما ،وإن كان مرتبًا بطل الثاني ،ولمن دخل بهــا مهــر المثــل
عند الشافعية والحنابلة .وصداقها المسمى عند المالكية ). (1
الجمع بين الختين ونحوهما في العدة ): (2
اتفق الفقهاء على أنه يجوز الجمع بين المرأة ومحارمهـا بعـد الفرقـة بسـب وفـاة إحـداهما ،فلـو مـاتت
ل من غير انتظار مدة بعد الوفاة. زوجة رجل ،جاز له أن يتزوج بأختها أو عمتها مث ً
واتفقوا أيضًا على عدم جواز الجمع بين المرأة ومحارمها في أثناء العدة من طلق رجعي ،فلــو طلــق
زوجته طلقًا رجعيًا ،لم يجز له الزواج بواحدة من قريباتها المحارم إل بعد انقضاء العدة؛ لنها باقيــة
في حكم الزواج السابق.
واختلفوا في الجمع بين المحارم إذا كانت إحداهن معتدة من طلق بائن .فقال الحنفية والحنابلة :يحــرم
الجمع بين الختين ومن في حكمهمــا إذا كــانت واحــدة منهمـا فــي أثنـاء العــدة مـن طلق بـائن بينونــة
صغرى أو كبرى؛ لقوله صّلى ال عليه وسلم » :من كان يؤمن بال واليوم الخر ،فل يجمع ماءه فــي
رحم أختين« ) ، (1ولن البائن ممنوعة من الزواج في العدة لحــق الــزوج ،فأشــبهت الرجعيــة ،ولن
الزواج بالخت ونحوها من المحارم في العدة يؤدي إلى قطيعة الرحم ،التي أمــر ال ـ بوصــلها .وهــذا
الرأي هو الراجح.
وقال المالكية والشافعية :يصح الزواج بأخت المطلقة ومن في حكمها من المحارم في أثناء العــدة مــن
طلق بائن بينونة صغرى أو كبرى ،لنقطاع أثر الزواج السابق ،فل تحل لمن طلقها إل بعقــد جديــد،
وحينئذ ل تجتمع المرأتان في حكم فراش واحد.
وذكر الحنابلة ) : (2أنه لو أسلم زوج المجوسية أو الوثنية ،أو انفســخ النكــاح بيــن الزوجيــن بخلــع أو
رضاع ،أو فسخ بعيب أو إعسار أو غيره ،لم يكن لــه أن يــتزوج أحــدًا ممــن يحــرم الجمــع بينــه وبيـن
زوجته ،حتى تنقضي عدتها.
وإن أسلمت زوجته ،فتزوج أختها في عدتها ،ثم أسلما في عدة الولى ،اختــار منهمــا واحــدة ،كمــا لــو
تزوجهما معًا .وإن أسلم الرجل بعد انقضاء عدة الولى ،بانت منه ،وثبت نكاح الثانية.
وإن زنى الرجل بامرأة ،فليس له أن يتزوج بأختها ،حتى تنقضي عدتها .وحكم العدة من الزنا ،والعدة
من وطء الشبهة ،كحكم العدة من النكاح.
39
فإن زنى بأخت امرأته ،فقال أحمد :يمسك عن وطء امرأته حتى تحيض المزنــي بهــا ثلث حيضــات.
وقد ذكر عن أحمد في المزني بها :أنها تستبرأ بحيضة واحدة؛ لنه وطء من غيــر نكــاح ،ول أحكــامه
أحكام النكاح.
وإذا ادعى الزوج أن امرأته أخبرته بانقضاء عدتها في مدة يجــوز انقضــاؤها فيهــا ،وكــذبته ،أبيــح لــه
نكاح أختها ،وأربع سواها في الظاهر .أما في الباطن فيبني على صدقه في ذلـك؛ لنــه حـق فيمـا بينــه
وبين ال تعالى ،فيقبل قوله فيه.
ً -المرأة الخامسة لمتزوج بأربع سواها )الجمع بين الجنبيات ( :
ل يجوز للرجل في مذهب أهل السنة أن يتزوج أكثر من أربع زوجات فــي عصــمته فــي وقــت واحــد
ولو في عدة مطلقة ،فإن أراد أن يتزوج بخامسة ،فعليه أن يطلق إحدى زوجاته الربع ،وينتظر حــتى
تنقضي عدتها ،ثم يتزوج بمن أراد؛ لن النص القرآني ل يبيح للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع فـي
وقت واحد ،وهو قوله تعالى:
}وإن خفتم أل تقسطوا في اليتامى ،فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلث ورباع ،فإن خفتــم أل
تعدلوا فواحدًة ،أو ما ملكت أيمانكم ،ذلك أدنى أل تعولوا{ ]لنســاء [3/4:والمعنــى :إن علمتــم الوقــوع
في ظلم اليتامى ،فلم تعدلوا في مهورهن أو في نكاحهن ،أو تحرجتم من الولية عليهــم ،فخــافوا أيضـًا
من ظلم النساء عامة ،وقللوا عدد الزوجات ،واقتصروا على أربع منهن ،وإن خفتم الجور في الزيــادة
على الواحدة ،فاقتصروا على زوجة واح ،ويلحظ أن لفظ »مثنى« معدول به عن اثنين اثنين ،تقــول:
جاءني القوم مثنى أي اثنين اثنين .وهكذا ثلث ورباع ،بيانًا لنواع الزيجات وفئات النــاس ومــا يبــاح
لهم أثناء تعدد الزوجات ،فالعطف بالواو للتخيير ل للجمع.
ويوضح مدلول الية حديث ابن عمـر ،قـال» :أسـلم غيلن الثقفـي وتحتـه عشـر نسـوة فـي الجاهليـة،
فأسلمن معه ،فأمره النبي صّلى ال عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا« ). (1
ن نسوة ،فــأتيت النــبي صـّلى وروى أبو داود وابن ماجه عن قيس بن الحارث قال :أسلمت وعندي ثما ُ
ال عليه وسلم ،فذكرت ذلك له ،فقال :اختر منهن أربعًا.
وروى الشافعي عن نوفل بن معاوية أنه أسلم وتحته خمس نسوة ،فقال له النبي صّلى ال عليه وسلم :
أمسك أربعًا ،وفارق الخرى ). (1
ولم ينقل عن أحد من السلف في عهد الصحابة والتابعين أنه جمع فــي عصــمته أكــثر مــن أربــع ،فــدل
العمل على وفق السنة على أنه ل يجوز الزواج بأكثر مــن أربــع نســوة ،ولحــاديث فــي مجموعهــا ل
تقتصر عن رتبة الحسن لغيره ،فتنتهض بمجموعها للحتجاج ،وإن كان كل واحـد منهـا ل يخلـو عـن
مقال ،كما ذكر الشوكاني.
وذهب بعض المتأولين الشذاذ إلى أنه يجوز للرجل أن يتزوج تسعًا ،أخذًا بظاهر الية} :مثنى وثلث
ورباع{ ]النساء [3/4:لن الواو للجمع ل للتخيير ،أي يكون المجمــوع تســعًا .وأجيــب عــن ذلــك بــأن
الية محمولة على عادة العرب في خطاب الناس على طريــق المجموعــات ،وأريــد بهــا التخييــر بيــن
ل أولــي أجنحــة مثنــى وثلث الزواج باثنتين وثلث وأربع ،كما في قوله تعالى} :جاعل الملئكة رس ـ ً
ورباع{ ]فاطر [1/35:أي أنهم فئات ،فمنهم ذو الجناحين ،ومنهم ذو الثلثة أجنحة ،ومنه ذو الربعــة
أجنحة؛ لن المثنى ليس عبارة عن الثنين ،بل أدنى ما يراد بالمثنى مرتان من هذا العــدد ،وأدنــى مــا
يراد بالثلث ثلث مرات من العدد ،وكذا الرباع.
السبب في القتصار على أربع :إن إباحة الزواج بأربع فقط قد يتفق في رأينا مـع مبـدأ تحقيـق أقصـى
قدرات وغايات بعض الرجال ،وتلبية رغباتهم وتطلعاتهم مـع مـرور كـل شـهر ،بسـبب طـروء دورة
العادة الشهرية بمقدار أسبوع لكل واحدة
منهن ،ففي المشروع غنى وكفاية ،وسد للباب أمــام النحرافــات ،أومــا قــد يتخــذه بعــض الرجــال مــن
عشيقات أو خدينات أو وصيفات ،ثم إن في الزيادة على الربع خوف الجور عليهن بالعجز عن القيام
40
بحقوقهن؛ لن الظاهر أن الرجل ليقدر على الوفاء بحقوقهن ،وإلى هذا أشار القرآن الكريم بقوله عز
سم والجماع والنفقة فــي زواج وجل } :فإن خفتم أل تعدلوا فواحدة{ ]النساء [3/4:أي ل تعدلوا في الَق ْ
المثنى ،والثلث ،والرباع ،فواحدة ،فهوأقرب إلى عدم الوقوع في الظلم ). (1
وهكذا فإن القتصار على أربع عدل وتوسط ،وحماية للنساء من ظلم يقع بهن من جراء الزيادة ،وهو
بخلف ما كــان عليــه العــرب فــي الجاهليــة والشــعوب القديمــة حيــث ل حــد لعــدد الزوجــات وإهمــال
بعضهن.
وهذه الباحة أضحت أمرًا استثنائيًا نادرًا ،فل تعني أن كل مسلم يتزوج أكـثر مـن واحـدة ،بـل أصـبح
مبدأ وحدة الزوجة هو الغالب العظم.