Professional Documents
Culture Documents
ئْذَاء
وبعد:
الصادق األمٌن ْ شرؾ ال ُمرسلٌن مح هم ٍد َ والس َبلم على أ ْ
َ والص َبلة
ه الرحٌم
الرحمن َبسم هلَّلا َ
َ َ ه
الس َبلم علٌ ُكم ورحمة لَّلا تعالى و َبركاته ،تح هٌة طٌبة ُمباركة نزف َها إلٌكم فًِ هذه األ ٌَام الطاهرة
َ ه
وال ُمقدسة.
شكر وال َتقدٌر ألعضاء ال ُحزمة إشاد ًة بخالص ال ُ فرٌق القِراءة ال َتفاعلٌة من ال ُحزمة ال َثال َثة ٌََتقدم ِ
سابلٌِن ال َمولى ال َقدٌر
طوال ال َفترة الماضِ ٌةَ ،
والعمل الدإُ وب ل ُهم َالجاد وال ُجهد المس َتمر َ بال َتفاعل َ
الحضارة َ
الخالدة. أن ٌَرعى ؼِ راس ال ٌَقظة َو ٌُنشؤ ثمرهَا َكؤول ال ُخطا َنحو مسٌرة َ
ساهم شار ال َمجموعة الدُكتور عبد ال َكرٌم ب ّكار وكل َمن َ الجزٌل ل ُمست َ
شكر َسى أن نتقده م بال ُ َكما َال نن َ
مٌزان َحسناتهم بإذنه َتعالى. َ
َوخط َوتفاعل فًِ هذه ال ُمبادرة الطٌبة وأن ٌَكون ذلك فًِ َ
ْاأل َ
عضاء:
عبلء الدٌنآ ٌَة َ
ضوى أحمد َر َ
ص َبلح الدٌن
شٌ َماء ََ
شٌماء أح َمد َ
مح ُمود ُمنٌر أحمد
َمدٌنة
َمروة
هُدى حلمً
2
ديباجَت:
دمر َثقافةُ /مجتم ًعا ،ف َق ْط اِكتؾ ٌَقول" Ray Bradbury :أنت َلست ِبحاج ٍة ْ
إلح َراق ال ُكتب َكً ُت َ
قراءتها".
َ بجعل ِهم ٌَتوقفُون َعنَ
أساس الدُستور الر َبانً "إ ْقرأ" َو ٌَتفرع فًِ ذل َكَلذا فإنه َعصب ال َنهضة األول واألخٌر ٌُبنى َعلى َ
أكثر إتسا ًعا َوسعة َ أخرى
بحٌاة َ عان و َتفاسٌر لتبحر فًِ عمق َ
الحٌاة َ ل َما حوته ال ُمفردة من َم ٍ
طوال فترة َحٌاته. للرصٌد الفكري والعقلً الذي ٌَكتس ُبه المر ُء َ َ
الحتمٌة أن َ
ٌتؽلؽل فًِ زمن أهْ َمل أعظم َركابز ال ُنهوض و َتجاهل ال َلبنة األولى َ
للحضارة َكان نتٌجته َ
تحت َ
مظلة ال ُجمود الفكري وأكذوبة ال ُمستحٌل. َ الجهل ودٌِجور ال َتخلؾ ل ٌَ َ
شٌخ نحو قاع َ
َ
،،هً دعوة لتناول األفكار بطرٌقة ؼٌر طرٌقة التل ِّقً فحسب ،ولكن طرٌقة "انمراءة انتفاعهيَت"
الفكر واإلبداع ،نرصد الٌقظة الفكرٌة المعاصرة عند رواد األمة من المفكرٌن ،نتباحث معا ً فً
وسابل تطبٌقها عملٌا ً…وكٌؾ ننطلق بها من ضٌق الصفحات التى احتوتها لفضاء األمة الواسع
لتحً نفوس وتوقظ همم وتشكل رإٌة للحٌاة،،
ّ
ُمبادرة ُتسهم فً َت َبلقح األفكار لِصناعة َوعً َقومً فكري ٌُدرك ال ُممكن "انمرَاءة انتفاعهيت"
َوٌحاكً ال ُحلم َوٌستشرق ال ُمستقبل ِبـ ٌَ ..قظة فكر.
3
جذٓد دَياتك ..شًَمُ املَذاور:
اإليمان
عودة
إنسان ج2
الروح ج1
ج ّدد
حياتكـ
عودة
إنسان ج1
الروح ج2
علم وعمل
اىفطرج اإلّساّيح /جدد حياذل /ػش في حدود يوٍل /اىصثاخ واألّاج واالحرياه /
َٕوً وسَوً.
ميف ّسيو أسثاب اىقيق ٕ /و ذسرثده ٍييوُ جْئ تَا ذَيل ّ /قاء اىسر
واىؼالّيح /روحاّيح اىرسوه /حاسة ّفسل.
ال ذدع اىروافٔ ذغية أٍرك /حياذل ٍِ صْغ أفنارك /اىصَِ اىثإط ىيقصاص
•.
أّد ّسيج وحدك /ال ذثل ػيي فائد /تقدر قيَرل ينوُ اىْقد اىَوجٔ ىل /مِ
ػصيا ػيي اىْقد
•.
4
تَهخيص انكٔتاب:
5
ٌشخص الشٌخ محمد الؽزالً من بداٌة الكتاب العلة التً أصابت المسلمٌن وٌلخصها فً افتقادهم
للخاصة األولى لهذا الدٌن وهً أنه "دٌن الفطرة".
ومن خبلل الكتاب ٌحاول أن ٌؽرز فً القراء هذا المعنى لٌجدد حٌاتهم وٌضع أٌدٌهم على الطرٌق
الذي ٌعود به المسلمون إلى هذه الفطرة ،وذلك من خبلل:
ٔ -ربط القلوب برب األرض والسماء ،وإشاعة اإلٌمان ومكارم األخبلق.
ٕ -بٌان الكٌفٌة التً ترقى وتستقٌم بها القدرات النفسٌة والفكرٌة والعاطفٌة للمرء لٌزداد من
خبللها النشاط اإلنسانً وتنطلق على إثرها القوى الكامنة لدٌه.
ٖ -تصحٌح مفاهٌم الحٌاة فً األذهان ،وتوضٌح سنن لَّلا للكون والتً لن تصلح الدنٌا إال بها.
6
سُإَال؟
ٔ" -ال تقولوا هذه هلل ولوجوهكم ،فإنها لوجوهكم ،ولٌس هلل منها شًء" هل معنى ذلك أنه
ٌتنافى أن تكون نٌة العمل هلل وللدعم النفسً أٌضاً؟
ٕ -رؼم مرور فترة طوٌلة على صدور هذا الكتاب إال أنه ٌتناول القضاٌا التً مازالت تشؽلنا إلى
اآلن ...ما هو الحل كً تصبح أدوات وآلٌات البناء أكثر سرعة وتؤثٌراً عن معاول الهدم؟
7
|~
ٌحكً الكاتب عن شؽفه ببٌان المشابه بٌن تراث اإلسبلم والسٌاسٌة وإحصاءه من وجوه االتفاق،
ما دل على صدق التطابق بٌن وحً التجربة ووحً السماء ،كما تتحد اإلجابة السدٌدة على فم
شخصٌن ألقى إلٌهما سإال واحد ،اتحد منطق الطبٌعة اإلنسانٌة الصالحة وهً تتحسس طرٌقها
إلى الخٌر مع منطق اآلٌات السماوٌة وهى تهدى الناس جمٌعا ً إلى صراط مستقٌم ،وٌبرهن فً
مقدمته على ذلك.
خطة اإلمام فً الكتاب :عرض اإلسبلم فً حشدٌن متماٌزٌن:
األول :من نصوصه نفسها.
اآلخر :من االقتباسات التً ُتظاهرها فً كتابات وتجارب وشواهد دٌل كارنٌجً .
تنوٌه عن مضمون الكتاب الذي ٌحوي مقارنة بٌن تعالٌم اإلسبلم كما وصلت إلٌنا ،وبٌن أصدق
وأنظؾ ما وصلت إلٌه حضارة الؽرب فً أدب النفس والسلوك (رد كتاب دٌل كارٌنجً إلى أصوله
اإلسبلمٌة) حٌث فٌه سجلت الفطرة السلٌمة وصاٌاها بعد تجارب واختبارات وافق حكم جاء بها
النبً الكرٌم لٌتفق وحً السماء ووحً التجربة فهو مثال فحسب للقواعد التً سبق اإلسبلم إلى
تمهٌدها.
الفطرة اإلنسانٌة:
-عظمة الفطرة اإلنسانٌة السلٌمة وروعتها ووظٌفتها فً تع ُرؾ الحق وتعرٌفه واعتبار كل
تشوٌه ٌعترضها هو شذوذ ٌنبؽً أن ٌُذاد و ٌُباد ال أن ٌعترؾ به و ٌُسكت علٌه.
-حاجة الدٌن لحماٌة أصحاب الفطر السلٌمة وجهدهم فً حسن التصور لحقابق الدٌن بجانب
صدق العمل بها .
دٌن الفطرة:
بدأ شٌخنا كتابه بمحاولة لشد انتباهنا لحقٌقة مهمة ؼٌابها عن عقولنا ظلم اإلسبلم كثٌراً وهً أن
اإلسبلم دٌن فطرة فتعالٌمه المنوعة فً كل شؤن من شبون الحٌاة هً نداء الطبابع السلٌمة
واألفكار الصحٌحة وتوجٌهاته المبثوثة فً أصوله متنفس طلق لما تنشده النفوس.
" الفطرة السلٌمة " كلمة فطرة تتسع لدالالت متباٌنة ،فقد تختلؾ طبٌعة إنسان عن آخر فً
الحكم علً شًء واحد قد أذهب أنا لتقبٌحه وأنت تذهب لتحسٌنه والفطرة المقصودة هنا هً
الفطرة السلٌمة فإن كل خلل ٌلحق بالطبٌعة ألي سبب ال ٌجوز أن ٌحسب منها.
8
وكم من حامل فقه لٌس بفقٌه:
فً تلك النقطة فً إطار توضٌح الكاتب لعبلقة الفطرة اإلنسانٌة بوحً السماء ٌوضح إن كثرة
بضاعة السماء ال تؽنً صاحبها فتٌبل إذا فقد البصٌرة الواعٌة لفهم الحق وتفهٌمه وٌوضح
الكاتب أن آفة األدٌان ؼالبا ما جاءت من مما ٌتسمون برجال الدٌن لؽٌاب البصٌرة والفطرة
السلٌمة البلزمة الستٌعاب الدٌن.
ثبلثٌة الفطرة والمرجعٌة والعمل:
ثبلث عناصر فً معادلة واحدة ال ٌنفك أحدها عن اآلخر فصاحب الفطرة السلٌمة وحده هو الذي
تستقر فً ذهنه صورة الدٌن علً النحو البٌن ولكن الفطرة السلٌمة والعقل مهما سما ال ٌستؽنً
أبدا عن النقل كما أن الذكاء ال ٌستؽنً عن قواعد العلم وفنون المعرفة .كذلك تحتاج الفطرة
والعقل السلٌم للمرجعٌة التً تضبط األمور فً إطار مقاصد وكلٌات الدٌن والفطرة والمرجعٌة
ٌجب أن ٌكون بجانبهم ضمٌمة أخري أال وهً صدق العمل الذي ٌنقل األمور إلً أرض الواقع
ومٌدان اإلنتاج والفاعلٌة ،فإن عبلج مشكبلت الناس وأدواتهم ال ٌقدر علٌه األرجل حل مشكبلت
نفسه وداوي عللها بالحقابق الدٌنٌة التً ٌعرضها فالمعرفة ال قٌمة لها بدون أن ٌحل المرء
الحبلل وٌحرم الحرام.
ال تعلق بناء حٌاتك على أمنٌة ٌلدها الؽٌب ،فإن هذا اإلرجاء لن ٌعود علٌك بخٌر.
فابدة أن ٌعٌد اإلنسان تنظٌم نفسه بٌن الحٌن والحٌن ،وأن ٌرسل نظرات ناقدة فً
جوانبها لٌعرؾ عٌوبها وآفاتها ،وأن ٌرسم السٌاسات القصٌرة المدى والطوٌلة المدى
لٌتخلص من هذه ال َه َنات التً ُتزرى به.
إن اإلنسان أحوج الخبلبق إلى التنقٌب فً أرجاء نفسه وتع ُهد حٌاته الخاصة والعامة بما
ٌصونها من العلل والتفكك .
أحادٌث للرسول صلى لَّلا علٌه وسلم فً هذا السٌاق هً جرعة ُتحًٌ األمل فً اإلرادة
ال مخدرة وتنهض العزٌمة الؽافٌة وهً خجلى لتستؤنؾ السٌر إلى لَّلا ولتجدد حٌاتها بعد
ملتو مستكٌن .
ٍ ماض
ٍ
لَّلا أب ُر بالناس وأس ُر بؤوبة العابدٌن إلٌه مما ٌظن القاصرون !! على أن تكون هذه
العودة لٌست زورة خاطفة ٌرتد المرء بعدها إلى ما ألؾ من فوضى وإسفاؾ .ولٌست
الج َلد.
محاولة فاشلة ٌنقصها صدق العزم وقوة التحمل وطول َ
تجدٌد الحٌاة ال ٌعنً إدخال بعض األعمال الصالحة ،أو النٌات الحسنة وسط جملة
ضخمة من العادات الذمٌمة واألخبلق السٌبة ،فهذا الخلط ال ٌنشا به المرء مستقببل
حمٌدا ،وال مسلكا مجٌداً وال ٌدل على كمال أو قبول.
األشرار قد تمر بضمابرهم فترات صحو قلٌل ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها وال ٌسمى ذلك
اهتداء ،فاالهتداء الطور األخٌر للتوبة النصوح.
البعد عن لَّلا لن ٌُثمر إال علقما ً ،ومواهب الذكاء والقوة والجمال والمعرفة تتحول كلها
إلى نقم ومصابب عندما تتعرى عن توفٌق لَّلا و ُتحرم من بركته.
التمس النجاة على عجل :فاهلل ٌرٌد إشعار عباده (حٌن ٌخوفهم من عقبى اإلستٌحاش منه
) تعرضهم لمثل هذه المعاطب والحتوؾ إذا هم صدفوا عنه .لذا ٌوصٌهم بؤن ٌلتمسوا
النجاة على عجل (ففروا إلى لَّلا .)..
11
ش فٔي دُذُودٔ يَ ِوئك:
فٔي انعًُك :عٔ ِ
اقتباسات من بحر "جدد حٌاتك":
إن األمان والعافٌة وكفاٌة ٌوم واحد قوى تتٌح للعقل النٌر أن ٌفكر فً هدوء واستقامة
تفكٌرا قد ٌؽٌر به مجرى التارٌخ كله ،بله حٌاة فرد واحد.
الواجب أن ٌستفتح اإلنسان ٌومه وكؤن الٌوم عالم مستقل بما ٌحوٌه من زمان ومكان،
وسٌرة الرسول صلى لَّلا علٌه وسلم تلفتنا إلى صحة هذه الطرٌقة فً تجزبة الحٌاة،
واستقبال كل جزء منها بنفس محتشدة وعزم جدٌد.
إن االكتفاء الذاتً ،وحسن استؽبلل ما فً الٌد ،ونبذ االتكال على ال ُمنى هً نواة العظمة
النفسٌة وسر االنتصار على الظروؾ ال ُمعنتة.
ما قل وكثر خٌر مما كثر وألهى ..هذا األثر النبوي هو تفضٌل للقلة الكافٌة على الكثرة
الملهٌة ..وهذا الفقه فً معالجة الحٌاة ٌورث المإمنٌن شجاعة هابلة.
فً نطاق الٌوم ٌتحول إلى ملك من ٌملك نفسه وٌبصر قصده.
العٌش فً حدود الٌوم ال ٌعنً تجاهل المستقبل أو ترك اإلعداد له فإن اهتمام المرء بؽده
وتفكٌره فٌه حصافة وعقل.
الحاضر المكٌن أساس جٌد لمستقبل ناجح ،ومن َث ًم ٌجب نبذ القلق.
12
-ال قٌمة لماضً فابت أو مستقبل مجهول:
ٌشٌر الكاتب فً هذا الجزء شًء مهم جدا أال وهو سبب االكتباب الذي ٌسري فً النفوس كما
تسري النار فً الهشٌم ،االكتباب ٌحدث من البكاء علً الماضً المنقضً والخوؾ من المستقبل
المجهول وهذا حمق فالماضً لن ٌعود أبدا والمستقبل شًء ؼٌر مضمون بالمرة وٌستشهد
الكاتب بقول أحد الحكماء (أبً حازم):
أنما بٌنً وبٌن الملوك ٌوم واحد أما أمس فبل ٌجدون لذته وأنا وهم من الؽد علً وجل ..
13
فٔي انعًُك :انثَبَاثُ وَانْأََـاة وَانٔادِتٔيَال:
فً معانً الثبات واألناة واالحتٌال:
فً أدب العرب ذخابر ال تحصى من شجاعة الرجال فً استقبال المحن ،ومن حرصهم
على الخروج منها مخرجا ً ال ٌخدش المروءة والشرؾ.
الرجل الذي ٌضبط أعصابه أمام األزمات ،وٌملك إدارة البصر فٌما حوله هو الذي ٌظفر
فً النهاٌة بجمٌل العاقبة - .الناس من خوؾ الفقر فً فقر ،ومن خوؾ الذل فً ذل !!
المإمن الراشد ٌفترض أن أسوأ ما ٌقلقه قد وقع بالفعل ،ثم ٌنتزع مما ٌتبقى له -بعد
هذا االفتراض -عناصر حٌاة تكفى ،أو معانً عزاء تشفى ،على نحو ما قال رسول لَّلا
فً ،إنهم لن ٌصابوا بمثلً صلى لَّلا علٌه وسلم :لتعز المسلمٌن فً مصاببهم المصٌبة ً
..فقد كانت حٌاته لهم بركة ما تعوض ،ثم ح ًم القضاء وذهب ،فكل مصاب بعده ه ًٌن.
ٌتخوؾ فقدان ما ألؾ ،أو وقوع ما ٌفدح حمله ،وكبل األمرٌن _ بعد حدوثه _
ّ إن اإلنسان
ٌُستقبل دون عناء جسٌم.
أعدوا أنفسكم لتقبل الحقٌقة فإن التسلٌم بما حدث هو الخطوة األولى فً التؽلب على
المصابب ..ولٌم جٌمس.
التحسر على الماضً الفاشل ،والبكاء المجهد على ما وقع فٌه من آالم وهزابم هو -فً
نظر اإلسبلم -بعض مظاهر الكفر باهلل والسخط على قدره.
أثر اإلٌمان الحق فهو ٌجعل الرجل صلب العود ،ال ٌمٌل مع كل رٌح ،وال ٌنحنً مع أي
خلة.
إذا أحصٌنا الرجال الذٌن ال ٌؤخذهم الدّهش أمام المفاجآت عرفنا أن لهم من أنفسهم ما
ٌهون علٌهم أي مفقود وما ٌسلٌهم عن كل فابت ،وبهذا الشعور ٌمكنهم أن ٌقتحموا كلِ
حصار تضربهم علٌهم اللٌالً الكوالح .
طبلب الكمال علٌهم أن ٌتحصنوا بمثلهم العلٌا ،وأن ٌلتمسوا السلوى فً ظلها ،وان
ٌجدوا فً ذلك عزاء ال ٌجده الشطار والفجار فً الرضى بمآربهم الدنٌا .
14
-ما بعد الموت طوراً آخر من أطوار الوجود اإلنسانً ٌتسم بزٌادة الوعً وحدة الشعور.
النهج القوٌم أن ٌكون مصدر طاقتنا المادٌة والمعنوٌة هو الحق وحده.
-مواجهة المصابب:
عندما ٌصب المرء منا بمصٌبة نجد القلق ٌلتهمه والخوؾ ٌقتلعه من جذوره والخوؾ والقلق فً
مواجهة المصابب ؼٌر مجدٌان بل ٌزٌدان الطامة والعقل والدٌن ٌوصٌان بالهدوء والطمؤنٌنة فً
مواجهة المصابب وٌوضح دٌل كارنٌجً منهج فً مواجهة المصابب ٌتفق مع الدٌن والعقل:
ٔ -سل نفسك ما هو أسوأ ما ٌمكن أن ٌحدث لً؟
ٕ -ثم هٌا نفسك لقبول أسوأ االحتماالت.
ٖ -ثم أشرع فً إنقاذ ما ٌمكن إنقاذه .فالقلق ٌبدد القدرة علً التفكٌر والتركٌز وعندما ٌبقً
الفكر ٌق ًظا علً هبوب الرٌح رابط الجؤش ٌقلب أوجه الرأي ابتؽاء مخلص مما عراه فؤن
النجاح لن ٌخطبه.
التوجٌه النبوي فً األحادٌث الواردة فً هذا السٌاق ٌ ،قصد بها بث السكٌنة فً األفبدة
واستبصال جراثٌم الطمع والتوجع التً ُتطً لؽوب اإلنسان وتحسره على ما ٌفوته منها.
15
والفهم الخاطا المقلوب لبعض الزهاد ألحادٌث النبً فً هذا اللون ،واستخدامها إلبطال
أعمال الحٌاة بدال من تهذٌبها فؤساء بذلك إلى الدٌن والدنٌا معا.
وإن من الحماقة أن ٌتحول المال إلى هدؾ مقصود لذاته تذوب فً جمعه المهج،
و ُترتخص العافٌة وتتكاثر الهموم و ُتجتذب األمراض!!
ٌتجه ابتداء إلى القلب فٌؽرس فٌه العفاؾ والترفع ،وٌكره إلٌه الجشع والشراهة -
والتطلع.
إن الطلب الجمٌل من لَّلا تعالى تكسب الحبلل فً سماحة ورفق ،واطراح الحرام فً -
َزهادة وأنفة ،ثم تجًء بعد ذلك بقٌة تعالٌم اإلسبلم القابمة على اإلٌمان باهلل ،
والتصدٌق بلقابه ،وإٌثار ما عنده ،ومعرفة قدر الدنٌا بالنسبة إلى األخرى ،ثم
معرفة قدر لَّلا جل شؤنه بالنسبة إلى ما عداه ،وأثر هذه المعرفة علٌه.
إذا ؼلبتك أعراض قاهرة فتسلبك طمؤنٌنتك ورضاك ،وهنا ٌجب علٌك أن تتشبث -
بالعناٌة العلٌا كً تنقذك مما حل بك ،فإن االستسبلم لتٌار الكآبة بداٌة انهٌار شامل
فً اإلرادة ٌطبع األعمال كلها بالعجز والشلل.
تردٌد كلمات معٌنة لٌس إال مفتاحا ألحوال نفسٌة جدٌدة تتؽٌر بها حٌاة الرجل ،ثم -
تستقٌم بعدها خطاه وتبلحقه عناٌة لَّلا.
الدعاء هو أوالً تحدٌد وجهة ورسم مثل أعلى ولٌس تردٌد أمانً وارتقاب فرج من -
الؽد المجهول.
نحن نحب ونتمنى من لَّلا أن نكون عبٌد إحسان ال عبٌد امتحان ،ولكن إذا حدث -
وامتؤلت آفاقنا بالؽٌوم المرعدة وواجه المرء ما ٌكره هنا ٌجًء دور الصبر الذي
ٌطارد الجزع ،والرضا الذي ٌنفى السخط.
أكبر الؽنابم فً الحٌاة الخلقٌة ومن أسباب االطمبنان والطمؤنٌنة الرضا الذي ال ٌكون -
إال بعد تطهٌر القلب من الوساوس النفسٌة وهذا المقام ٌحتاج إلى رٌاضة شدٌدة.
ارض بٌومك وأ ًمل ما ٌسرك فً ؼدك. -
الؽاٌة من الطاعات لٌست مباشره رسومها الظاهرة وتقمص أشكالها ولكن الؽاٌة هً
أن تزٌد حده العقل فً إدراك الحق.
اإلٌمان باهلل والٌوم اآلخر ،وفرابض الصبلة،والزكاة أشعه تتجمع فً حٌاه اإلنسان
لتلهمه رشده وتسدد خطاه.
المإمن بخٌر ما لم ٌعثر فإذا عثر ولج به العثار.
ذكر الموت واالستعداد لما بعده.
16
اعتدال التفكٌر فً الحٌاة والموت فان اعتدل التفكٌر لم تتحول السعة إلى فوضى ولن
ٌتحول الضٌق إلى سجن.
القضاء والقدر هو من عند لَّلا.
ال معنى لتوتر األعصاب واشتداد القلق بإزاء أمور تخرج عن نطاق إرادتنا.
الركون إلى القدر ٌورث جراءة على مواجهة الٌوم والؽد.
الشخص المتشابم ٌنكص أمام التخٌبلت التً تنعقد سحاببها من نفسه وهذا من
ضعؾ اإلٌمان.
اإلٌمان بالقدر ٌرٌح من عناء كثٌر.
اإلٌمان بالقدر عبلج للقلق والتشاإم.
التواكل لٌس إٌمانا بالقدر ولكنه صفه مذمومه.
لٌس التبلد هو الدواء لشفاء اإلنسان من األحزان ولكن التسلٌم هلل هو الدواء الذي
لٌس بعده دواء.
المرونة داللة تؤدب مع لَّلا وسكٌنة فى مبلقاة القدر.
جربت اللٌن والسٌؾ فوجدت اللٌن أقطع.
ارض بما قسمه لَّلا لك تكن اؼنً الناس.
ال تنتظر شكرا ممن أحسنت إلٌه ولكن تذكر أن تشكر من أحسن إلٌك.
ال ٌشد أواصر الجماعات كحفظ المعروؾ وإكرام أهله وال ٌفصم عرى االبتبلؾ
وٌعرض لعذاب الفرقة إال ؼمط الحقوق وإهمال ذوٌها والتنكر لما أسدوه من جمٌل.
إن ؼش النٌة ٌفسد العمل وٌحبط األجر.
قدم جمٌلك عشقا لصنابع المعروؾ وابتؽاء ما لدى لَّلا من مثوبة.
محض عملك هلل وأنشد ثوابه وحده ،وال تنتظر أن ٌشكرك احد من الناس بل توقع أن
ٌضٌق الناس بك وأن ٌحقدوا علٌك.
الصبر حبس النفس على ما تكره.
اقبل واقعك المفروض ثم اترك العنان لمواهبك تحول المحنة إلى منحة وتحول ما فٌه
كدر وطٌن إلى وروود ورٌاحٌن.
ال تنافر بٌن العلم والدٌن أبدا.
اإلٌمان باهلل الواحد لٌس لعبة سٌاسٌة أو تشرٌعا استثنابٌا كبل انه الحقٌقة التً ضل
عنها الؽافلون أو المستؽفلون.
إن اإلٌمان الوثٌق قلٌل ،معدن قلما تخلو منه نفس عظٌمة.
17
ٌ
أشعة تتج ّمع فً حٌاة اإلنسان إن اإلٌمان باهلل والٌوم اآلخر ،وفرابض الصبلة والزكاة
شده ،وتجعله فً الوجود موصوالً بالحق ال ٌتنكر له ،وال ٌزٌػ لتسدد َخ ْطوه وتلهمه ُر ْ
عنه.
والذٌن ال ٌستفٌدون من صلتهم باهلل بهذه الهداٌة فبل خٌر فً عباداتهم ،وال أثر لصبلتهم
وزكاتهم.
ش ًة َ
ض ْن ًكا ) ش َقى َ ،و َمنْ أَ ْع َر َ
ض َعنْ ِذ ْك ِري َفإِنه َل ُه َمعٌِ َ اي َف َبل ٌَضِ ل ُّ َو َال ٌَ ْ
( َف َم ِن ا هت َب َع هُدَ َ
واإلٌمان أٌضا بالقدر خٌره وشره:
ومما ٌضع حداً أقصى لكدر اإلنسان أن ٌقارن بٌن ما لدٌه من خٌر ،وما ٌحسه األلوؾ من
حرمان ،ولن تعدم – إذا فتحت عٌنٌك بدقة – من تمتاز علٌهم فً نفسهم ومالك ،ومن ٌرزحون
تحت ضوابق هً أثقل مما اب ُتلٌت به).
مر بمجلس وهم ٌضحكون فقال( :أكثروا من ذكر هادم وعن أنس رضً لَّلا عنه أن رسول لَّلا ّ
اللذات – أحسبه قال :-فإنه لم ٌذكره أح ٌد فً ضٌق من العٌش إال وسعه ..وال فً سعة إال ض ٌّقها
علٌه)
فلٌس ذكر الموت إلفساد الحٌاة وإساءة العمل فٌها ،بل للتخفٌؾ من االؼترار بها،
فإذا اعتدل التفكٌر فلن تتحول السعة إلى فوضى ،ولن ٌتحول الضٌق إلى سجن.
18
فمن ٌدري؟ ُر ّب ضارة نافعةُ ،ر ّب محنة فً طٌها منحة ،من ٌدري؟ ربما كانت هذه
المتاعب التً تعانٌها بابا ً إلى خٌر مجهول
المتاعب واآلالم هً التربة التً تنبت فٌها بذور الرجولة ،وما تف ّتقت مواهب
العظماء إال وسط ركام من المشقات والجهود.
أصحاب الٌقٌن وأولو العزم ٌل َقون الحٌاة بما فً أنفسهم من رحابة قبل أن تلقاهم بما
وٌحول ما فٌه من كدر وطٌن إلى ورودّ فتحول محنتهم إلى منحة، ّ فٌها من َع َنت،
ورٌاحٌن.
19
(ٔ
وال تقولوا هذه هلل ولوجوهكم ،فإنها لوجوهكم ،ولٌس هلل منها شًء)
ض عملك هلل ،وأنشدْ ثوابه وحده ،وال تنتظر أن ٌشكرك أحد من الناس ،بل تو ّقع أن مح ْ
ِّ
ٌضٌق الناس بك!! وأن ٌحقدوا علٌك!! وأن ٌبتؽوا لك الرٌبة وٌنسوا الفضل!!
موقؾ المإمنٌن باألقدار ٌ ّتسم بالقوة والتحدي ،وال شاببة فٌه لرٌبة أو استخذاء.
ؼٌر أن كثٌراً من الناس ٌجهلون هذه الحقٌقة أو ٌجحدونها ،وٌباشرون أعمالهم وهم ٌحملون بٌن
جوانبهم هموما ً مقٌمة ،ومشاعر عقٌمة.وهم ال ٌجزعون من أحزان تصٌبهم فحسب ،بل ٌجزعون
من أحزان ٌتوقعونها ،وٌفترضون أن المستقبل قد ٌرمٌهم بها.
والسبب :ضعؾ اإلٌمان مادام ٌسٌطر علً المتشابم فهو سٌفترض النحس مقببلً علٌه مع أندر
تقر نفوس هإالء إال إذا خالطها محض اإلٌمان باهلل والتسلٌم له،
نسبة للشر ٌمكن أن تقع ،ولن ّ
والرضا بما ٌقدره.
مفر منه.
وتق ُّبل أسوأ الفروض على أنها قضاء لَّلا الذي ال ّ
المإمن الذي ٌبصر عمل لَّلا فً كل ما ٌمسه ال ٌتخبط بٌن هذه االنفعاالت ،فٌرفعه هذا
إلى القمة ،وٌخفضه ذلك إلى الحضٌض؛إنه ٌلوذ باالعتدال ،وٌسٌطر على أعصابه ،وتلك
بعض ثمرات اإلٌمان بالقدر..
إن وخزات األحداث قد تكون إٌقاظا ً لئلٌمان الؽافً ،ورجعة باإلنسان إلى لَّلا.
تحـول الـداء دوا ًء ،والمحنة منحة ،وتلك ال رٌب أشهى ثمرات الٌقٌن ،والرضا بما
ّ وهـذه النتٌجة
رب العالمٌن
ٌصنعه ُّ
( ارض بما قسم لَّلا لك تكن أؼنى الناس).
21
فٔي انعًُِك :انعًََم بَنيَ األَثرة واإليثار:
الحدود الفاصلة بٌن حب النفس واألثرة:
ٔ -إن ؼرٌزة حب النفس لٌست شراً محضاً ،فإن نشاط العمران وسر التقدم العلمً والكشوؾ
التً نقلت العالم من طور إلى طورٌ ،عود قبل كل شًء إلٌها ،وفى علوم النفس الحدٌثة
(حب النفس بقدر) هو أول الطرٌق لحب اآلخرٌن.
ٕ -وحب النفس علٌه التعوٌل كذلك فً إحراز اآلخرة والزحزحة عن النار ودخول الجنة ،ولٌس
ضعة بالمرء أن ٌعبد لَّلا ابتؽاء جنته أو خشٌة ناره.
ٖ -وتتحول ؼرٌزة حب النفس إلى األثرة عندما تمرض
وتتورم وتتضخم وتنمو (أنا) فً اإلنسان حتى ٌقول:
"أنا ربكم األعلى" .ومع ذلك قد تكون قولة (أنا) آٌة
على تحمل التبعات الضخمة أو ذكر حقٌقة ٌجب أن
تستقر فً األذهان؛ كما فً أقوال كثٌرة للرسول (صلى
األثرة مثل نقطة مظلمة مصمتة لَّلا علٌه وسلم) عن نفسه.
منغلقة تتورم وتتضخم
ماهٌة األثرة واألعمال المتولدة عنها:
ٔ -األثرة هً طلب الحقوق دون أداء الواجبات ،حٌث ٌنطلق المرء فً الدنٌا متطلعاً ،شعاره
(هل من مزٌد) من ؼٌر كفاٌة وال استحقاق .ومثل هذا المسلك ال تضمن به دنٌا وال ٌصح
به دٌن.
ٕ -وتظهر األثرة فً ضعؾ اإلٌمان بالحق والجزاء ،فاألنانٌون ٌفهمون الدٌن نواٌا ببل عمل
وثمرة ببل ؼرس أو عقابا ً ٌقع على اآلخرٌن وحدهم .وهذا الصنؾ من الناس ضعٌؾ
اإلحساس بؤخطابه ،وٌعتقد أن خطٌبته الكبرى تذوب من تلقاء نفسها دون جهد مضن
وسهر طوٌل ،وهو ٌعٌش فى حدود مطالبه الخاصة ،أما إذا كان علٌه شًء فهو ٌذهل عنه.
ٖ ٌ -قبل الحكم له ألنه مؽنم وٌرفض الحكم علٌه ألنه مؽرم ،ؼٌر ناظر لعدالة أو مصلحة عامة،
تعجبه نفسه وحدها وآراإه وحدها ،فإذا لم ٌسمع له تراه ساخطا ً ناقداً.
كل ذلك لون من األثرة الجشعة الجابرة (نفسً أوالً ولٌذهب اآلخرون إلى الجحٌم) ،وخبلصة
القول" :إن شر الناس عند لَّلا من ال ٌرجى خٌره وال ٌإمن شره".
إن المإمن خٌر كله وحٌاته سلسلة موصولة الحلقات من دعم المثل العلٌا وإبراز عناصر
الفضٌلة ،والجماعة المإمنة ٌجب أن تكون صورة لما رعته تعالٌم اإلسبلم من إعظام لخبلل
الخٌر وإنكار لخبلل الشر ،صورة تجعل أهل األرض جمٌعا ً ٌنظرون إلى أمتنا بإجبلل وإعجاب.
22
انذَ ِرس انثَاَِي :عٔهىْ أثًَْرِ انعًََم
ٌمر التعلم بثبلث مراحل متتالٌة :هً وفرة اإلدراك ثم استحضار المبادئ والقوانٌن
والمصطلحات ،وأخٌراً الثمرة المرجوة وهى الملكة ،والتً ٌقصد بها الخبرة المكتسبة من رسوخ
المرء فٌما حصل علٌه من معارؾ ،وهذه الملكة تتؤكد فٌنا وترسخ أكثر بداخلنا عندما تتحول
األفكار والمعلومات إلى عمل ،سواء فً مجال الدٌن أو الدنٌا .وهذه بعض األمثلة:
23
رُ ِؤيَـت يٍ خالل لراءة انكٔتَاب :
24
عَ ِو َدةُ انرُوح:
-مقدمة
اإلسبلم دٌن حٌاة ،كثٌراً ما نسمع ونردد هذه المقولة ولكن واقعنا ٌقول بؽٌر ذلك فإذا نظرت فً
الناس من حولك لوجدت جثث هامدة ووجوه خافتة كهول فً العشرٌن من عمرهم قد تظن ذلك
من التلوث أو من الزحام أو حتى من المبٌدات المتسرطنة (بتاعت ٌوسؾ والً) وقد تسوق من
األسباب المادٌة العشرات والعشرات ولكن قبل كل ذلك كهول العشرٌن من عمرهم أصبتهم
الشٌخوخة ال ن أرواحهم شاخت قبل أوانها ،نعم الن اإلنسان ما هو إال روح أذا أٌقظتها أٌقظت
شٌخ فً الثمانٌن وإذا قتلتها قتلت شاب فً العشرٌن قبل أوانه فإذا أردنا أن نطبق مقولة اإلسبلم
دٌن حٌاة وٌصبح اإلسبلم هو الحٌاة والحٌاة هً اإلسبلم علً المسلمون أن ٌستعٌدوا روح
اإلسبلم فتنبض أجسامهم بالحٌاة مرة أخري .
-اإلسبلم والفطرة
عند سماع كلمة فطرة أول شًء ٌتبادر إلً ذهنً هو حدٌث الثبلثة الذٌن جاءوا لٌسؤلوا عن حال
النبً فوجوده ٌصوم وٌفطر وٌقٌم جزء من اللٌل وٌنم جزء أخر من اللٌل وٌتزوج النساء فرأوا
ذلك قلٌبل وفهموا اإلسبلم انه دٌن قٌام ببل نوم وصوم بدون إفطار وعزوؾ عن الزواج بل
أعراض عن الحٌاة فكان الحسم من الحبٌب المصطفً إن ذلك أعراض عن سنته ومنهاج اإلسبلم
وبذلك ٌرسم الرسول الكرٌم خط مستقٌم للمسلمٌن أال وهو أن اإلسبلم والفطرة شًء واحد
فاإلسبلم لم ٌؤتً لٌحً الناس فً كآبة وإعراض عن كل مظاهر الحٌاة (ممكن نقول ٌموتوا بالحٌا
) بل جاء لٌخرجهم من الظبلم إلً النور وٌعٌدهم لفطرتهم التً فطرهم لَّلا علٌها لٌقوموا
بدورهم فً الحٌاة من عبودٌة للخالق التً لن تتم إال بعمارتهم األرض فكٌؾ إلنسان أن ٌعمر
الحٌاة واألرض وهو كاره لحٌاته ونفسه.
عودة الناس للفطرة السلٌمة فً أطار الدٌن ومقاصده ( ًألن كلمة فطرة كلمة فضفاضة وقد تحمل
معانً كثٌرة وٌحاول كل إنسان أن ٌشكلها علً هواه فبل بد لها من مرجعٌة لضبط المعنً) هً
الخطوة األولً إلعادة الروح للجثث الهامدة وإشراق النور من جدٌد فً الوجوه الخافتة.
وحال المسلمٌن مع الفطرة السلٌمة وقٌم الحٌاة ؼرٌب فبٌن أٌدٌهم كتاب ٌتلً لٌل نهار ملا بالقٌم
التً تعمر دنٌاهم وأخرتهم ولكنهم ؼافلون واألشد من ذلك هً قلب المفاهٌم وترسٌخ مفاهٌم
خاطبة من شؤنها ترسٌخ واقع مرٌر علً العكس من حال البشر فً الؽرب فحظهم من الوحً
قلٌل وسادتهم كثٌر من موجات اإللحاد وفصل الدٌن عن الحٌاة ولكن ٌنقبون عن قٌم الحٌاة
ومعانً الفطرة كما ٌنقب المنقبون عن الذهب كما ٌصؾ حالهم الشٌخ الؽزالً وٌعلون منها
وأصبحوا ٌحٌوا بكثٌر من القٌم التً هً من جوهر اإلسبلم وتوفرت فٌهم سنن العدل والحق أما
المسلمٌن فٌحتاجوا إلً ثورة علً المفاهٌم الخاطبة التً رجعت بهم إلً الخلؾ.
-التؽٌٌر
من أكثر المفاهٌم التً تحتاج إلً تصحٌح هو مفهوم التؽٌٌر فاألسؾ أرتبط مفهوم التؽٌٌر فً
أذهان الناس بطاقة سحرٌة أو قوة خارقة تؤتٌهم من حٌث ال ٌعلمون تؽٌر حالهم من حال إلً حال
بٌن عشٌة وضحاها ومش عارؾ ده ممكن نفسره لمفهوم خاطا فً ذهن الناس وال هزٌمة
نفسٌة هما عاٌشنها وٌتوارثوها من جٌل لجٌل فده أفقدهم ثقتهم فً مقدرتهم علً التؽٌٌر
واألرجح أنه السببٌن ولرجعنا بذاكرتنا لقصص األطفال اللً كانت تتكلم عن الفانوس السحري
والعفرٌت ٌخرج منه ٌؽٌر حٌاة اإلنسان الفكرة واحدة ولكن الشكل اختلؾ فً واقعنا فؤصبحت
الواسطة هً الرافد الذي سٌؽٌر حٌاة اإلنسان وٌحصل من خبلله اإلنسان علً كل شًء أو
25
إنسان أخر ٌحل مشاكله كوالد أو قرٌب أو حدث خارجً ٌؽٌر حٌاتهم وهذا وهم كبٌر وكذب علً
النفس فاإلسبلم ملًء بالنصوص التً تحارب وتدحض هذا المفهوم المؽلوط التً توضح أنه بٌدك
وبنفسك بؤذن لَّلا سٌكون كل تؽٌٌر (إن لَّلا ال ٌؽٌر ما بقوم حتى ٌؽٌروا ما بؤنفسهم ) وأنه لن
ٌؽنً عنك أحد ففً معنً الحدٌث ٌوجه الرسول الكرٌم علٌه أفضل الصبلة والسبلم ابنته السٌدة
فاطمة أنه لن ٌؽنً عنها من لَّلا من شًء وؼٌرها من النصوص التً توجه اإلنسان أن ما أصابه
من شًء هو مما اقترفت ٌداه وأخري توجهه أن انه بمقدار سعٌه ٌكون رزقه.
ولتؽٌٌر النفس عوابق أهمها التسوٌؾ فهو ٌقرض العمر كما تقرض الفبران الخشب فجؤة ٌصدم
المرء بؤن عمره تبخر من بٌن أٌدٌه وفٌه وصؾ جمٌل جدا لستٌفن لٌكوك (ما أعجب الحٌاة
ٌقول الطفل :عندما أشب وٌقول الؽبلم :عندما أأترعرع فؤصبح شابا ،وٌقول الشاب :عندما
أتزوج .فإذا تزوج :قال عندما أصبح رجبل متفرؼا ..فإذا جاءت شٌخوخته تطلع المرحلة التً
قطعها من عمره .فإذا هً تلوح وكؤن رٌحا باردة اكتسحتها اكتساحا ...أننا نتعلم بعد فوات
األوان أن قٌمة الحٌاة فً أن نحٌاها ،نحٌا كل ٌوم منها وكل ساعة ) ومشكلة التسوٌؾ مع
األحبلم واآلمال قد تقؾ عند ضٌاعها وعدم تحقٌقها ولكن المشاكل أكبر وأصعب فالتسوٌؾ فً
حل المشكبلت معناه أن الفترة الكابٌة التً تطبق فٌه المشكلة علً المرء ستستمر وقد تتضخم
المشكلة أكثر وأكثر وتصبح ككرة الثلج التً تصل إلً مرحلة تكتسح من أمامها.
عقلٌة المرء هً التً تشكل حٌاته وتعامله مع كل شًء فٌها ،العقل البشري ٌعٌش دابما فً ثبلث
حلقات زمنٌة الماضً الحاضر والمستقبل الثبلثة ٌكونوا حاضرٌن فً الذهن البشري علً تفاوت
والناس فً تعاملهم مع الثبلثة مذاهب أشرهم فً رأي وأكثرهم خسران الذي ٌعٌش وٌشؽل ذهنه
بالماضً والمستقبل وٌترك مابٌن ٌداه من حاضر بنجاحاته وفرصه ومشاكله ومصاببه وٌشؽل
نفسه بماضً منقضً باكٌا علً خسابر الماضً أو حتى باكٌا علً أطبلل مجد منتهً بدون أن
ٌستفٌد بالتجربة سواء نجاح أو فشل لتوطٌد الحاضر وآخر عاٌش فً مستقبل مجهول مؽتم بما
فٌه من مشاكل متوقعه (بٌؽنً فٌه مصٌبة جاٌلً ) أو معلق نفسه بسراب التؽٌٌر اللً هٌحدث
فً المستقبل وٌنسً الحاضر ،الحاضر الذي فٌه دواء لجراح الماضً وبناء للمستقبل العاقل هو
الذي ٌدرك تلك الحقٌقة ولئلسبلم منهج واضح جدا فً التعامل مع هذا األمر فاإلنسان فً اإلسبلم
ٌعٌش بٌن جناحً الرضا واألمل فالمإمن راضً بما كتب له لَّلا قانع به ودابما له نفس تواقة
تتطلع للعلً ورضاه وأمله مرهونان بعمله فً حاضره.
كل هذه المعانً واألفكار تكون حاضرة فً ذهن ونفس العقبلء من الناس ولكن الحٌاة طوٌلة
وفٌها من المشاكل ما ٌذهب العقل ،فإذا لم لٌتصؾ المرء بالثبات واالحتمال لن ٌثبت أمام أول رٌح
قوٌة تهب علٌه ومن العقل أن ٌتصؾ المرء بالهدوء والثبات فهذا ٌكسبه قدرة كبٌرة علً التفكٌر
فالجزع والخوؾ اللذان ٌلتهمان اإلنسان عندما تحل به مصٌبة تشبلن قدرته علً التفكٌر.
وٌذكر دٌل كارنٌجً منهج عقبلنً جدا فً التعامل مع المصابب:
أسال نفسك:
ما هً أسوا االحتماالت؟
هٌا نفسك لقبول أسوا االحتماالت؟
ثم أشرع فً إنقاذ ما ٌمكن إنقاذه؟
26
وهذا منهج رابع وعملً جدا وقبل ذلك ٌتفق مع الدٌن فً التعامل مع المصابب فالتسلٌم باألمر
أول الخطوات العملٌة لبدء التعامل معه فعدم تقبل الواقع لن ٌجدي شًء ( بالعامٌة أخبط دماؼك
فً الحٌط ) وٌدعونا الرسول علٌه الصبلة والسبلم للثبات (إنما الصبر عند الصدمة األولً ).
وهنا نقطة نظام مهمة جدا لما بدأت كبلمً عن الفطرة وذكرت أن المسلمٌن لما ٌطبقوا ما بٌن
أٌدٌهم من هدي بل زادوا علً ذلك بان المفاهٌم انقلبت عندهم ومن المفاهٌم المؽلوطة المنتشرة
بٌن الناس باسم الدٌن هو مفهوم االستسبلم والخضوع للظروؾ باسم الصبر والرضا بالقضاء
والقدر هذا ولَّلا مؽالطة ما بعدها مؽالطة فالصبر فً اإلسبلم فعل إٌجابً ولو نظرنا فً القرآن
لوجدت كلمة الصبر مقترنة بالجهاد والثبات والعمل هذا ٌعنً أن الصبر فعل إٌجابً مرتبط
بالحركة والسعً إلزالة الواقع بكل شره ولٌس حالة من السكون والببلدة.
وأٌضا لٌس معنً عدم االؼتمام بالمستقبل هو تركه وعدم االهتمام به بل المعنً المقصود هو
التخطٌط بالمستقبل ولٌس االؼتمام به والعٌش فً مشاكله وفً ذلك ٌوجد حدٌث عن رسولنا
الكرٌم فٌما معناه أعمل لدنٌاك كؤنك تعٌش أبدا الدهر واعمل ألخرتك كؤنك تموت ؼداً.
خبلصة تلك المعانً وؼٌرها ٌجب أن تكون حاضرة فً نفوسنا وأذهانا دابما لنوقظ أرواحنا من
ؼفوتنا ونحً اإلسبلم فً نفوسنا من جدٌد.
انْايـًَاٌ:
بعد االطبلع على كتاب جدد حٌاتك للؽزالً ..أرى أن تجدٌد الحٌاة ٌتم من خبلل عودة الروح
وإٌقاظ اإلٌمان و ٌكون ذلك بالعلم والعمل وتلك هً مقومات أي إنسان لتجدٌد حٌاته تجدٌدا كامبل
تجدٌد لروحه ولعقله ولجسده بالحركة والعزم والتنفٌذ..ومن ثم التجدٌد فً جسد األمة كلها.
فعندما تؽٌب الروح عن الفرد فإن الهزٌمة النفسٌة ستبلحقه حتى تصٌبه ،وما أخطر تلك الهزٌمة
على الفرد ،وما أشد ضررها على حاضره ومستقبله حٌن تستحكم حلقاتها حول عنقه!! ..وكٌؾ
ال وصاحبها ٌستسلم للواقع ،وٌنكفا على ذاته ،وٌبحث -عبثا -عما ٌلهٌه ،و ٌُنسٌه أمر نفسه.
الهزٌمة النفسٌة واإلحباط ٌقتبلن الطموح ،وٌجعبلن الشعور بالٌؤس ٌتسرب إلى كٌان اإلنسان فبل
ٌجد للحٌاة طعماً ،وال للمستقبل قٌمة وال وز ًنا .فالمحبط مسلوب اإلرادة مذبذب الشخصٌة مضرب
الفكر انهزم فً المعركة قبل أن ٌدخلها وخسرها قبل أن ٌرفع السبلح.
وعندما ُتصاب ا ألمة بالهزٌمة النفسٌة فإن مستقبلها لن ٌكون أفضل من حاضرها ،بل قد ٌكون
سا..أشد قتامة وبإ ً
ومما ٌدعو لؤلسؾ أن هناك آثاراً كثٌر ًة لهذه الهزٌمة ٌلمسها المدققون والمراقبون ألحوال األمة
اإلسبلمٌة ،فاالنبهار بالؽرب وحضارته ،والتبعٌة شبه الكاملة له ،وانطماس الهوٌة ...ما هً إال
بعض مظاهر تلك الهزٌمة...
وحضارة الٌوم وهى تسدد سهام خداعها صوب القلوب الؽافلة لتصٌب لبها تحتاج إلى درع
حصٌن تتكسر علٌه وما هذا الدرع سوى تربٌة إٌمانٌة راسخة تورث:
-النظر فً العاقبة
-الٌقٌن باآلخرة
-التنافس فً الخٌرات
27
-الزهد فً الفانٌات
ولهذا نحن بحاجة إلى تجدٌد اإلٌمان وإٌقاظه ولنعلم أن النافلة لن تقبل حتى تإدى الفرابض لسنا
بحاجة لمزٌد من الصوم والصبلة والزكاة بقدر ما نحن بحاجة إلى أن نخلص فً ما نفعله وأن
نجعل المقصد من كل شًء (عبادات أو معامبلت ) هو "لَّلا " فإذا وصلنا إلى لَّلا وصلنا إلى
المقصد.
إن النفس إذا وجدت لذة العبادة وحبلوة اإلٌمان بدد فٌها نور الٌقٌن ظبلم المادة
ولن ننال ذلك إال بالمداومة والصبر والعمل المستمر مع النفس ..داوم تصل
فإٌمان ال ٌتبعه عمل هباء .......وشراء الجنة دون دفع الثمن هراء
لكننا أحٌانا ما نمر بحٌاتنا بمنعطفات وأزمات ولهذا ٌنبؽً علٌنا أن نتحصن باإلٌمان بالقضاء
والقدر خٌره وشره فبل نكون عرضة ألي هزٌمة تدهمنا.
وكما ٌقول ابن القٌم بمدارج السالكٌن (قضاإه لعبده المإمن المنع عطاء وإن كان فً صورة
المنع ونعمة وإن كانت محنة وببلإه عافٌة وإن كان فى صورة بلٌة ولكن لجهل العبد وظلمه ال
ٌعد العطاء والنعمة والعافٌة إال ما التذ به فى العاجل ؛وكان مبلبما لطبعه ولو رزق من المعرفة
حظا وافرا لعد المنع نعمة والببلء رحمة ..وتلذذ بالببلء أكثر من لذته بالعافٌة وتلذذ بالفقر أكثر
من لذته بالؽنى وكان فً حال القلة أعظم شكرا من حال الكثرة).
أي نفس تكون تلك لو تحصنت بالرضا !!
ولنعلم كما ٌقول عبد لَّلا بن عون (أن العبد لن ٌصٌب حقٌقة الرضا حتى ٌكون رضاه عند الفقر
كرضاه عند الؽنى)
(ارض بما قسمه لَّلا لك تكن أؼنى الناس )
ولماذا القلق واالنهزام عند أى أزمة مادٌة أو معنوٌة أو أى مصٌبة ؟!
وترتٌب األمور واألحداث ،والعبلقات المتشابكة بٌن األشخاص ،ومقدار أرزاقهم المادٌة
والمعنوٌة ..كل ذلك وؼٌره ٌتولى لَّلا عز وجل تدبٌره وترتٌبه بما ٌناسب مصالح عباده ﴿ َل ُه
شا ُء َو ٌَ ْق ِد ُر إِ هن ُه ِب ُكلِّ َ
ش ًْءٍ َعلٌِ ٌم﴾ س ُط ِّ
الر ْز َق لِ َمن هٌ َ ت َواألَ ْر ِ
ض ٌَ ْب ُ َم َقالٌِ ُد ه
الس َم َاوا ِ
وهو أبر بنا وأحن علٌنا من أنفسنا وال ٌرٌد لنا إال الخٌر أدرى بما ٌنفعنا وما ٌضرنا.
وألن األمر كله بٌد لَّلا ،وهو وحده الذي ٌحرك األحداثٌ ..نصر وٌهزمٌ ..قدم وٌإخرٌ ..عطً
وٌمنع ،وقد جعل -سبحانه -عطاءه لعباده مرتبطا ً بصدقهم وقوة عزٌمتهم وإرادتهم ،كما قال
رسول لَّلا صلى لَّلا علٌه وسلم.
ٌتحر الخٌر ٌُعطه ،ومن ٌَ هتق الشر ٌُو هق ُه وقال« :إن تصدق لَّلا ٌصدقك)
ه « :ومن
ولهذا نحتاج لتجدٌد اإلٌمان
*أن نجعل المقصد من كل أعمالنا عبادات كانت أو معامبلت " لَّلا سبحانه وتعالى"
*وأال نتنظر الشكر من أحد وأن نخلص نواٌانا له ..
* وأن نإمن بالقدر خٌره وشره وأن نقبل على الحٌاة بقلوب مإمنة تسمتد العون من لَّلا وتكون
حٌن السراء كما هى بالضراء ولٌس هذا إال للمإمن
28
كما بالحدٌث (عجبا ألمر المإمن إن أمره كله خٌر ،ولٌس ذاك ألحد إال للمإمن ؛ إن أصابته
ضراء صبر ؛ فكان خٌراً له .رواه مسلم ..
سراء شكر ؛ فكان خٌراً له ،وإن أصابته ّ
ّ
*وأن نواصل العمل واالستعانة باهلل وأن نجدد إٌماننا ونوقظه كلما اعتراه نوم
بعزم وصدق و(إن لَّلا ال ٌمل حتى تملوا)
* وأن نصحب األخٌار ونجالس العارفٌن حتى نضمن بقاء الروح وٌقظة االٌمان فكما ٌقول ابن
القٌم مجالسة العارؾ تدعوك إلى ست من ست:
من الشك إلى الٌقٌن
من الرٌاء إلى اإلخبلص
من الؽفلة إلى الذكر
من الرؼبة فى الدنٌا إلى الرؼبة فى اآلخرة
من الكبر إلى التواضع
من سوء الطوٌة إلى النصٌحة
وختاما ..
المعركة قوٌة ومحارب هذا العصر سبلحه اإلٌمان القوى ٌواجه التحدٌات وكلما طحنته اآلالم
ٌقترب أكثر لكتٌبة العظام
فاستعن باهلل دوما وال تدخل المعركة وحدك ..وكٌؾ تهزم وانت معك المدد كله ..كٌؾ وبجوارك
القوة التى ال تؽلب
وهذه دعوة لنجدد إٌماننا ونقتلع الٌؤس واإلحباط ونزرع بذور األمل والتفاإل والٌقٌن بعزٌمة
وإصرار المحاربٌن.
اإلجابة علً هذا السإال هً نعم بالتؤكٌد نستطٌع أن نقلب المحنة و المصابب إلً نعمة عظٌمة
(بإضافة بعض من السكر إلً اللٌمون و الماء) وتستفٌد منها البشرٌة كلها و توجد أمثلة كثٌرة
جدا ألشخاص كانوا ٌعانون من نقص معٌن لدٌهم و لكن نتٌجة هذا النقص و المعاناة أرادوا أن
ٌوجهوا نقصهم هذا فً أشٌاء تساعد البشرٌة و تإدي إلً تطوٌر المجتمع و االرتقاء به و
بالتالً النمو.
29
وكما ٌقول دٌل كارٌنجً:
" كلما ازددت إٌؽاال فً دراسة األعمال العظٌمة التً أنجزها بعض النوابػ ازددت إٌمانا بؤن هذه
األعمال كلها ما تمت إال بدافع من الشعور بالنقص ،هذا الشعور هو الذي حفزهم إلً القٌام بها و
اجتناء ثمراتها " رب ضارة نافعة ،و رب محنة فً طٌها منحة " و عسً أن تكرهوا شٌبا و
هو خٌر لكم و عسً أن تحبوا شٌبا و هو شرا لكم و لَّلا ٌعلم و أنتم ال تعلمون".
-األستاذ /طه حسٌن (عمٌد األدب العربً) :بالرؼم من أنه فقد بصره و هو صؽٌر و لكن
هذه اإلعاقة لم تمنعه من تكملة دراسة و استكمالها فً أوروبا و أصبح بعد ذلك وزٌرا
للتربٌة و التعلٌم بالرؼم أن العٌن هً الوسٌلة الضرورٌة الوحٌدة للقراءة إال أنه تفوق
فً هذا المجال و أصبح من الرموز الشخصٌة و التً كتبت فً التارٌخ و ال ٌمكن
للتارٌخ أن ٌنساها لقد نجح طه حسٌن فً أن ٌصنع من اللٌمون شرابا ً حلواً.
فلٌس أهم شا فً الحٌاة أن تستثمر مكاسبك ،فإن أي أبله ٌسعه أن ٌفعل هذا .
و لكن الشا المهم حقا هو أن تحٌل خسابرك إلً مكاسب ،فهذا أمر ٌتطلب ذكا ًء و حذقا ،و فٌه
ٌكمن الفارق بٌن رجل كٌس و رجل تافه؟
-أ /سٌد قطب لوال سجنه لما أخرج إلٌنا سلسلة فً ظبلل القرآن.
-الموسٌقار بٌتهوفٌن لم ٌكن لٌإلؾ موسٌقاه الرفٌعة لو لم ٌكن أصم.
-ابن تٌمٌة لوال لم ٌسجن لما أخرج لنا علما جما نفع به األمة اإلسبلمٌة و استمع له و
ٌقول إن سجنً خلوة و نفً سٌاحة و قتلً شهادة ،إنها عند هذا الرجل الكبٌر قد تحولت
إلً نعم.
ئَِسَاٌ
ترتكز أفكار الكتاب ( جدد حٌاتك ) لئلمام الؽزالً -رحمه لَّلا -على عدة محاور مهمة؛ كل منها
ٌتطرق إلى ناحٌة من نواحً تفكٌر اإلنسان ،هذا المخلوق الذي أنعم لَّلا علٌه بنعمة العقل
والتحلٌل والتنظٌم المنطقً لمسارات حٌاته :
فٌورد أهم فكرة فً الكتاب وهً (:حٌاتك من صنع أفكارك ):
إن كنت ممن ٌدفنون النظرة اإلٌجابٌة للحٌاة فمن الصعب أن تنطلق بك أسباب السعادة لتشمل
حٌاتك.من جهة الحٌاة بها من الظروؾ الصعبة ما ٌجعل اإلنسان فً لحظات معٌنة فً حالة عسر
وحزن شدٌدٌن ،وال ٌعنً ذلك أن ٌكلفه الظرؾ الصعب خسارة فرصة أن ٌبتهج وٌنظر إلى حٌاته
على أنها متعة مجزٌة .
31
فكثٌر من األفكار( اإلٌجابٌة ) لها قصص مع أصحابها فمنها :قصة الطالب الذي نام حصة
الرٌاضٌات ولم ٌستٌقظ إال عند سماع جرس انتهاء الحصة ،وعندما نظر إلى السبورة رأى
مسؤلتٌن ظن أنهما الواجب فكتبهما على دفتره ومضى .قضى هذا الشاب ٌومه كله ولم ٌستطع
حل المسؤلتٌن ولكنه حاول طوال األسبوع إلى أن نجح فً إٌجاد حل إلحداها .فلما رأى المدرس
أصٌب بالذهول ذلك ألنه ذكر المسؤلتٌن على افتراض أنه ال ٌوجد حل لهما !!
ولو كان هذا الطالب ٌعلم بذلك لما نجح فً حل المسؤلة ،لكنه عندما اعتقد أن علٌه ح هلها نجح فً
ذلك .فالثقة فً النفس والتفكٌر اإلٌجابً ٌجعل المرء مستمراً فً اجتهاده رؼم الظروؾ .
وكثٌر من النظرٌات الحدٌثة فً علم النفس والطب قد أكدت أن الشفاء من بعض األمراض
المستعصٌة أمر ٌتعلق بمهارة الذهن فً التؽلب على آالم المرض والمرض أٌضا ً ،وهذا بالطبع
ٌجعل رحلة العبلج معتمدة على تفاإل المرٌض ومدى تمسكه باألفكار اإلٌجابٌة أو العكس.
أي أن المنطلق السلٌم ٌح ِّفز اإلنسان أن ٌتشبث على األفكار اإلٌجابٌة التً تدفعه إلى أن ٌكون
قوٌاًوفً حالة رضا بشكل عام فٌكون سعٌداً طالما كانت أفكاره تعكس تلك السعادة وتنعكس
علٌها ،وٌكون تعٌسا ً طالما كانت أفكاره التشاإمٌة تح ِّلق فً ذهنه .
وٌشٌر الكتاب إلى أمر آخر ال ٌقل أهمٌة عن سابقه وهو أن ال ٌجعل اإلنسان جله تفكٌره فً
سفاسؾ األمور وتوافهها فٌنصب جام اهتمامه بها وٌؽٌب عنه بسبب ذلك أن الوقت الثمٌن الذي
ٌقضٌه فً تتبع تلك األمور الصؽٌرة أولى بؤن ٌشؽله هم عظٌم والتفكٌر فٌما ٌحقق له التقدم فً
حٌاته .
ما نعنٌه باألمر التافه كل أمر ال فابدة من التفكٌر فٌه ،سواء كان عمبلً ال ٌثمر شٌبا ً ٌفٌد صاحبه
أو اآلخرٌن ،أو موقؾ مضى ال ٌنفع التفكٌر فٌه أي أحد أو حتى الكبلم الذي ٌتناقله اآلخرٌن من
قبٌل الثرثرة أونقل اإلشاعة .و من األسباب التً تجعل العقل فً حالة تشتت إقحامه فً سلسلة
من الهموم الهامشٌة التً تإثر سلبٌا ً على إنتاج الشخص معنوٌا ً ومادٌا ً .
ولَّلا سبحانه وتعالى ٌؽفر (اللمم) وٌدخل تحت هذا المعنى :زالت اللسان واألخطاء الصؽٌرة الؽٌر
مقصودة ،وكل هذا إن دل ه على شًء إنما ٌدل على أن إشؽال التفكٌر بطول المحاوالت فً
الوصول إلى صفة التمام هو بالطبع أم ٌر ٌستحسن استبعاده قدر اإلمكان لكً ٌستفاد من المساحة
التً ٌشؽله من التفكٌر بؤمر أجدر منه.
ونؤتً إلى حقل آخر ٌمت صلة جزبٌة لحقل التفكٌر وماهٌته وهو:
اجتناب معاداة من ال ٌعود علٌك بالنفع من معاداتهم :
وفً هذا اإلطار ٌتطرق إلى الثمن الباهظ للقصاص ،وهو الؽضب ،وٌتحدث عن قصة الدب
والنمس ..هذا األخٌر كان ٌزعج الدب بشتى الطرق ،ؼٌر أن الدب لم ٌكن ٌرد له ما كان ٌفعل به
النمس مع إمكانٌة رد الصاع بالصاعٌن لو ُحسب األمر على أساس من األقوى .ؼٌر أن الدب
لم ٌكن ٌمتلك فً هذه القصة ذلك الؽضب الذي ٌولد حافز االنتقام .وفٌما ٌخص الجنس
البشري نجد أناسا ً فً بعض المواقؾ ال ٌمكن أن ٌمر علٌهم استفزاز ما دون أن ٌنفعلوا الرتكاب
ما قد ٌإدي فً بعض األحٌان سلوكا ً ٌندم علٌه .
فالؽضب الذي ٌجعل اإلنسان فً حالة تربص ألخٌه اإلنسان ،إنما هو بداٌة الدمار للشخص
الؽاضب أوالً ولؽٌره ممن ٌتؤثرون بالسلوك الناجم عن هذا الؽضب ـ ولو كان محقا ً ـ بمعنى أن
األذى الذي ٌتعرض له إنسان معٌن قد ٌنجم عنه بطبٌعة الحال رد فعل داخلٌه على هٌبة شعور
بالضؽٌنة وخارجً على هٌبة تصرؾ عدوانً .وٌجدر اإلشارة هنا أن النسبة الكبٌرة من الذٌن
31
ٌتصرفون تبعا ً النفعاالتهم أو حنقهم الناجم عن ضؽٌنة ماٌ ،ندمون على سلوكهم العدوانً حتى إن
لم ٌعترفوا بذلك علنا ً .
سولت لقوم أنفسهم أن ٌسٌبوا إلٌك ،فامح عن نفسك ذكراهم ،وال تحاول وقوله ( :إذا ه
االقتصاص منهم ،إنك إن تب ٌِّت ن ٌّة االنتقام تإذي نفسك أكثر مما تإذٌهم ) وهذا ٌعود بنا إلى
النقطة األولى وهً التً تتع هلق بجزبٌة التفكٌر ،فلو قلنا عن التفكٌر السلبً كؤن ٌشؽل اإلنسان
تفكٌره فً عداوة ما،قد ٌإدي ذلك به إلى اإلضرار بنفسه نفسٌا ً أوالً وإن استمر فً ذلك قد ٌصل
إلى جسدٌا ً سنقول تبعا ً للسٌاق أن التفكٌر اإلٌجابً والذي علٌه ٌترتب أن ٌترٌث اإلنسان فً
تصرفاته حتى مع الذٌن ٌعادونه شر عداوة لٌس ارتباكا ً أو تضعضعا ً عن قوته ،بل لكً ٌكون
زمام التحكم فً ٌده والتً تتبع خطوات عقله وتفكٌره السلٌم وهذا المراد.
مع عدم ؼض الطرؾ عن ما سبق اإلشارة إلٌه من أثر ذلك على الؽٌر .
وخبلصة األمر :أن التجدٌد الذي ٌف ِّعل إنتاجٌة اإلنسان ( مادٌا ً ومعنوٌا ً) وٌجعل منه كابنا ً قادراً
على االستمرار فً تحدٌات الحٌاة بقوة وجدارة ٌبدأ من (التفكٌر) وهذا األخٌر (على حسب
نوعٌته) ٌُسقط ظبلله على نوع الحٌاة التً نعٌشها جمٌعا .
و عن وهب بن منبه قال :قرأت فً بعض الكتب :ابن آدم ،ال خٌر لك فً أن تعلم ماال تعلم ،ولم
تعمل بما علمت ؛ فإن مثل ذلك :كرجل احتطب حطبا ً ،فحزم حزمة ،فذهب ٌحملـها ،فعجز عنها
،فضم إلٌها أخري .
32
وقد أكد على ذلك أٌضا ً الخطٌب البؽدادي رحمه لَّلا فً بٌان منـزلة بالعلم فقال :
بموجبه فإن العلم
َ " إنً موصٌك ٌا طالب العلم بإخبلص النٌة فً طلبه وإجهاد النفس على العمل
شجرةٌ والعملَ ثمرةٌ ،ولٌس ٌُع ُّد عالما ً من لم ٌكن عامبلً فإذا كان العمل قاصراً عن العلم كان العل ُم
كبلًّ على العالم ونعوذ باهلل من علم عاد َكبلًّ وأورث ذالً وصار فً رقبة صاحبه ُؼبلًّ ،فلوال العمل ُ
طلب عل ٌم وألَن أدع الحق جهبلً به أحب ّ
إلً من أن أدعه زهداً فٌه ". لم ٌُ ْ
فثمرة العلم هو العمل به ولٌس مجرد جمعه فً عقولنا ألن ذلك ٌإدي إلى ذهابه واضمحبلله
فٌصبح علم ال فابدة منه.
فالؽاٌة إذا من العلم هو العمل به وتطبٌقه وتعوٌد الجوارح علٌه ،فبل منفعة فً العلم المجرد
المبنً على التلقٌن والحفظ فقط ،وال فابدة فً السعً لتحصٌله دون العمل به ،و ٌسمى هذا
العلم ضابع وسٌزول سرٌعا ً وال ٌعود بؤي منفعة على صاحبه ..
فحٌنما دعانا اإلسبلم إلى طلب العلم ،كان ؼاٌته من ذلك أن ٌتم العمل به وتحوٌله إلى سلوك
واقعً ٌهٌمن على تصرفات الفرد وأفعاله وٌصححها وٌقومها ،،فٌقول الكاتب :
فإذا أردت أن تستفٌد من النصابح المبذولة فً تضاعٌؾ هذا الكتاب أو أي كتاب فجربها،
واعمل بها ،وطبقها فً كل فرصة تسنح لك ،فإنك إن لم تفعل هذا فسوؾ تنسى ما لقنته
سرٌعا.
وٌإكد على ذلك ما قاله مالك بن دٌنار أٌضا ً :إن العالم إذا لم ٌعمل بعلمه ،زلت موعظته عن
القلوب ،كما تزل القطرة عن الصفا .
فبالعمل ٌسهل علٌنا حفظ ما تعلمنه و ٌرسخ فً أنفسنا أكثر .
وقد جاء عن أحد التابعٌن قال “ :كنا نستعٌن على حفظ أحادٌث رسول لَّلا صلى لَّلا علٌه وسلم
بالعمل بها” .إن العمل ٌحٌى القلوب بالمعرفة الٌقظة الدافعة .والعلم الذي ٌنشؤ عن العمل هو
الملكة التً ٌستنٌر بها المرء ،وٌعرؾ منها مواقع أقدامه فً دروب الحٌاة المتشابهة .
وفى هذا ٌقول لَّلا عز وجلٌ“ :ا أٌها الذٌن آمنوا اتقوا لَّلا وآمنوا برسوله ٌإتكم كفلٌن من
رحمته وٌجعل لكم نورا تمشون به وٌؽفر لكم ولَّلا ؼفور رحٌم “ .
و عن ابن مسعود رضً لَّلا عنه قال :كنا ال نتجاوز العشر آٌات حتى نتعلمها فتعلمنا العلم
معا ً" والعمل
إذاً لٌس المهم هو حفظ كلمات دون عمل ،بل األهم من ذلك هو حفظ متدبر واعً عامل بذلك.
فٌقول الكاتب:
ومقتضى اإلٌمان بالرسول بعد تقوى لَّلا هو اقتفاء أثره وإتباع سننه ،ألنه الترجمان العملً الحً
لما فً الكتاب الكرٌم من توجٌه وموعظة .والمإمن المواظب على اتقاء الدناٌا وفعل الواجبات
ٌكتسب من هذا اإلدمان حده فً بصٌرته ،وحاسة دقٌقة ٌمٌز بها الخبٌث من الطٌب .
و قد ذم العلم الذي ال ٌتبعه عمل قله ذلك العلم أو كثر ..
فٌقول:
33
إن المعلومات النظرٌة التً لم ٌنقلها العمل من دابرة الذهن إلى واقع الحٌاة تشبه الطعام الذي لم
ٌحوله الهضم الكامل إلى حركة وحرارة وشعور .وهذه المعلومات تبدأ مبتسرة مهوشة مهما
أجٌد تصوٌرها .
قال تعالى ٌَ " :ا أَ ٌُّ َها ا هلذٌِنَ آ َم ُنوا ا هتقُوا ه َ
لَّلا َوقُولُوا َق ْوالً َ
سدٌِدًا "
إن العلم الناشا عن العمل هو خبلصة المران والتجربة .فً مجال التربٌة واإلصبلح البد أن
تتطور المعلومات إلى اكتمال نفسً واجتماعً ،وال ٌقبل من أحد أن ٌقؾ عند حدود القول مهما
كان بلٌؽا ،وال عند حدود الشرح مهما كان مستفٌضا .إذا أمرت بالخٌر فافعله أوال ،وإذا نهٌت
عن شر فاسبق إلى البعد عنه ،ثم اجتهد أن ٌتحول أمرك ونهٌك إلى حقابق حٌة فً المجتمع،
بحٌث ٌكون تؽٌٌر المنكر وإقرار المعروؾ ؼاٌات بٌنة ٌراد إٌقاعها بكل وسٌلة ،وبؤقصر وقت.
و نحن حٌنما ندعو إلى حفظ القرآن الكرٌم فما الفابدة من حفظه إن كان حفظ مجرد كلمات بدون
عمل أو تطبٌق أو إقامة لحدوده ،فما أمرنا لَّلا بذلك وإال كنا كالٌهود الذٌن حذرنا لَّلا أن نكون
مثلهم عندما قاموا بحفظ التوراة لكن لم ٌعملوا بها ولم ٌطبقوها فقال تعالى:
س َم َثل ُ ا ْل َق ْو ِم ا هلذٌِنَ َك هذ ُبوا ار ٌَ ْح ِمل ُ أَ ْس َف ً
ارا ِب ْب َ " َم َثل ُ ا هلذٌِنَ ُح ِّملُوا ال هت ْو َرا َة ُث هم َل ْم ٌَ ْح ِملُوهَا َك َم َث ِل ا ْل ِح َم ِ
الظالِمٌِنَ " لَّلاُ َال ٌَ ْهدِي ا ْل َق ْو َم ه لَّلا َو ه
ت هِ ِبآ ٌَا ِ
وقد حذر أٌضا ً سبحانه وتعالى المإمنٌن من أن ٌقولوا دون تطبٌق لقولهم هذا فقال تعالى :
لَّلا أَن َتقُولُوا َما َال َت ْف َعلُونَ " ،
" ٌَا أٌَ َها الذٌِنَ آَ َم ُنوا لِ َم َتقُولُونَ َما َال تفعلونَ ،ك ُب َر َم ْقتا ً عِ ندَ ِ
إن الوقوؾ باإلصبلح المنشود عند حد الكبلم المرسل والمقترحات المبتوتة ٌفتح أبوابا ً مخوفة
للجدل الطوٌل ،وللثرثرة القاتلة للوقت والجهد.
و ٌجب علٌنا كؤفراد عدم تضٌع أوقاتنا فٌما ال فابدة منه حتى لو كان مع عظماء القوم حٌث أنها
وسٌلة للزلفى كما أخبر الكاتب عنها إذا لم تكن من أجل عمل نافع أو رسالة هامة .
إن مجالسة العظماء كما علمتنا التجارب وسٌلة للزلفى ،ومضٌعة للوقت ،وشؽل عن واجبات
كثٌرة .مالم تكن هذه المجالس ذات منفعة أو ذات رسالة مهمة أو من أجل عمل ٌتطلب تعاون
إلنجاحه ،حٌث أن فً بعض هذه المجالس ٌكون الكبلم فٌه قلٌل الجدوى ولو أن كل واحد منهم
انصرؾ إلى نفسه ٌتعهدها ،وإلى عمله الخاص ٌتقنه ،وإلى واجبه المنوط به ٌجٌده ،وٌبتكر
الطرق للنبوغ به؟ لكان ذلك أربى لئلنتاج ،وأزكى عند لَّلا!!
فٌجب أن نحرص نحن كؤفراد على محاولة تطبٌق ما نتعلمه و نبدأ ولو بخطوات بسٌطة ،حتى
لو كان ذلك بتدوٌن ممارسة عمل واحد ٌومٌا ً تم تعلمه و تطبٌقه ،فإذا تمكنا منه نتدرب على
عمل جدٌد آخر وهكذا ..
34
إن أسوء ما نعانً منه اآلن فً ببلدنا اإلسبلمٌة والسبب فً تراجعنا وضعفنا و هواننا الذي
نعٌش فٌه بسبب ترك العمل بؤوامر دٌننا فٌوجد بٌننا علماء ك ُثر ولكن قد نجدهم ٌعلمون أكثر مما
ٌفعلون ،فؤصبحنا إمعة نتبع ونقلد وتركنا العمل بدٌننا وااللتزام بمبادبه والسلوك الذي دعانا إلٌه
وحثنا علٌه.
فنرى المعلم فً المدرسة أو الجامعة "إال ما ندر منهم " ٌحرص على أن ٌلم بالعلم و ٌجٌد شرحه
وتنسٌق كلماته و لكن ال عمل ٌصحب هذا العلم ،فبل نجده ٌطبقه فً سلوكه " القدوة" .
فسلوكه فً وا ٍد و العلم الذي ٌدرسه فً وا ٍد أخر ..
وقد حذرنا منهم رسول لَّلا صلى لَّلا علٌه وسلم كما جاء فً الحدٌث الصحٌحٌ :جاء بالرجل ٌوم
القٌامة ،فٌلقى فً النار ،فتندلق أقتابه -أي أمعاءه ،-فٌدور بها كما ٌدور الحمار برحاه ،فتجتمع
أهل النار علٌه ،فٌقولون ٌ :ا فبلن ما شؤنك ؟ ألست كنت تؤمر بالمعروؾ ،و تنهى عن المنكر ؟
فٌقول :كنت آمركم بالمعروؾ و ال آتٌه ،و أنهاكم عن الشر و آتٌه .
والسلبٌات كذلك فً طرٌقة تعلٌم أبنابنا فً المدارس والجامعات التً تمارس كتلقٌن لهم
و تعوٌدهم على الحفظ المجرد من أي محاولة فً ترسٌخ هذا العلم كسلوك أو تطبٌق ٌمارس.
فالتعلٌم ٌكون فقط مجرد كلمات تحفظ لٌتم سكبها فً أوراق االمتحانات و بمجرد انتهاء
االمتحانات ال ٌكاد ٌتذكر الطالب مما تعلم إال القلٌل جداً والباقً ال فابدة منه فٌخرج هذا الفرد
لٌس بالكفاءة التً كان ٌجب على المإسسة التعلٌمٌة إخراجه بها ..
فٌجب على المإسسات التعلٌمة كما حرصت على تقدٌم شهادات على التفوق فً حفظ المواد
العلمٌة ٌجب أن تحرص على أن ٌكون هناك شهادات أٌضا ً على تطبٌق هذا العلم بالعمل به
وٌخصص لذلك المكافآت أٌضا ً ..فبل ٌخرج الطالب من مرحلة تعلٌمٌة إال بحصوله على شهادة
تؤكد أنه خبلل هذه الفترة الدراسٌة عمل الطالب بهذا العلم وحاول أن ٌطبقه فً سلوكه
الٌومً حتى ال تكون دروس علمٌة خالٌة من التطبٌق العملً فٌصبح علم مهدور ال فابدة منه
وكؤنه لم ٌكن .
مثال صؽٌر:
أتذكر فً أحد المواد التربوٌة لدٌنا فً الجامعة " مادة طرق تدرٌس" ،كٌؾ نصبح معلمات ،
كانت دكتورة المادة تعلمنا بشكل ؼٌر البق أبداً رؼم كفاءتها العلمٌة فً المادة ولكنها تتعدى علٌنا
أحٌانا بؤلفاظ ال تصح أن تقال فً صرح تعلٌمً من األصل فما بالكم فً الجامعة وطالبات
جامعٌات فبل تحترمنا أبداً ،وترشدنا بؤن نتبع سلوك وأفعال هً بعٌدة كل البعد عنها فً التعامل
بها معنا ،فكٌؾ ٌكون حال الطالبة تتلمذت على مثل هذه الدكتورة .!!..وقد قال بشر بن الحارث
: :إن لم تعمل ،فبل تقص ،فاهلل المستعان..
فٌجب علٌنا مادمنا نرٌد أن نتعلم أن نعمل ثم نعمل ثم نعمل بهذا العلم الذي تعلمنه فبل ٌكون مجرد
كومة أفكار وكلمات وحروؾ خزنها فً عقولنا فنصبح و كؤننا لم نتعلم من أصل..
35
العلم والعمل بعٌن أخرى :
إن قضٌتً العلم والعمل من القضاٌا المصٌرٌة التً ٌواجهها المسلمون ،فهما سبٌل النهوض
من الكبوة التً ٌعٌشها عالمنا العربً فً مجاالت الحٌاة كلها.
ففً مجال العلم -على سبٌل المثال -نجد أن مٌزانٌة البحث العلمً بالنسبة للدخل القومً فً
الببلد العربٌة ٕ %ٓ.مقارنة ب %ٔ.1فً العالم ،فضبلً عن أن الموقؾ العلمً اإلسرابٌلً
مقارنة بالدول العربٌة (نسبة إلى عدد السكان) ٌمثل (ٓٔ) أضعاؾ األفراد العلمٌٌن )ٖٓ( ،مرة
فً اإلنفاق على البحث العلمً )0ٓ( ،مرة فً النشر العلمً )ٔٓٓٓ( ،مرة فً براءات االختراع،
أما فى مجال اإلنتاج فإن ضعفه وتدهوره ظاهر للعٌان ،كذلك فإن تؤثٌر البحث العلمً على اإلنتاج
[]i
شبه معدوم.
فؤٌن تكمن جذور المشكلة؟ إنها عمٌقة وتتنوع بٌن أسباب ذاتٌة مثل سٌنارٌوهات العجز
تعوقنا وتمنعنا من تحقٌق النتابج المطلوبة وهً تتراوح بٌن تو ّقفات والكسل فً حٌاتنا والتً ّ
بسٌطة فً مسٌرة تقدّمنا إلى عقبات كبرى وعجز تام ،التسوٌؾ ،انخفاض الهمة ،الخوؾ من
الفشل .كذلك إضاعة الوقت الذي هو وعاء لكل عمل ،وإهدار األعمار ،عدم وجود أهداؾ محددة
وندرة إنجاز األهداؾ -حٌنما توجد -فاإلنجاز لٌس بالمستوى الذي ٌنهض بؤمتنا ومجتمعنا،
انفصام فً شخصٌة أتباع األمة اإلسبلمٌة بٌن عالم االعتقاد وعالم الفعل إما ألنهم ال شعورٌا ً
ٌدٌنون بخبلفها أو أن العقٌدة لم ترسخ فً أعماقهم مولدة عمبلً ٌؽٌر واقعهم كنتٌجة لتؤثٌرات
[]ii
البٌبة والثقافات االستعمارٌة الفكرٌة والمناهج التربوٌة واإلعبلمٌة.
إذن من أٌن نبدأ؟ كثٌرة هً نقاط البداٌة...
ولكن ٌمكن أن ٌكون التعلٌم بكافة مراحله مجاالً رحبا ً واسعا ً متكامبلً لبلنطبلق ،هو استثمار
حقٌقى فً المستقبل ،حٌث أطفال الٌوم هم القوة البشرٌة والثروة الحقٌقٌة لؤلمة اإلسبلمٌة .ولكن
أٌن موقع العمل داخل منظومة التعلٌم؟ إن العمل فعل متسعة آفاقه ،متنوعة أسالٌبه ،متشعبة
مسالكه .فالطفل الصؽٌر لعبه ،تؤمله لزهرة ،تجرٌفه للرمال ،حرثه للماء ،تعاونه مع أقرانه هو
عمل .والطبلب تجرٌبهم وتطبٌقهم للعلوم ،زٌاراتهم المٌدانٌة لما ٌتدارسونه فى التارٌخ
والجؽرافٌا ،صناعتهم لؤلفكار للمفكرٌن منهم ،كل ذلك هو عمل ال تكتمل دورة العلم إال به.
وإذا كانت مفاهٌم التعلٌم التً تنتمً إلى علم النفس أو التربٌة قد تعددت ،فإنه ٌمكن تقدٌم
التعرٌؾ الشامل والمقبول التالً :التعلم هو النشاط الذي بموجبه ٌكتسب الفرد المعارؾ
والمواقؾ والمهارات التً بفضلها ٌشبع حاجاته ودوافعه .ومن نظرٌات التعلم المدرسً نظرٌة
النموذج الزمنً (نموذج كارول) الذي ٌرى أن مستوى التعلم ٌرتبط بنوعٌن من العوامل
األساسٌة:
أوالً :عوامل ذاتٌة:
تتصل بذاتٌة الفرد المتعلم ،حٌث ٌدخل إلى تجربة تعلمٌة وهو مزود بقدرات واستعدادات
وخبرات متنوعة ،مثل:
ٔ -القدرة على التعلم :وهً القدر الذي ٌحتاجه المتعلم من الزمن لٌتعلم شٌبا ً ما فً إطار
وضع تعلٌمً ،وؼالبا ً ما تختلؾ هذه القدرة من تلمٌذ إلى آخر الرتباطها بمتؽٌرات أخرى كالخبرة
السالفة لكل متعلم.
ٕ -القدرة على فهم عملٌة التعلم :أي مدى قدرة المتعلم على فهم نوعٌة المهمة المطلوبة،
وطبٌعة الوسابل والعملٌات البلزمة إلنجاز تلك المهمة.
36
ٖ -المثابرة :وتشٌر إلى المدى الزمنً الذي ٌرٌد المتعلم أن ٌقضٌه فً التعلم.
ثانٌا ً :عوامل متصلة بالوضع الخارجً:
ٔ -الزمن الذي ٌسمح به الوضع التعلٌمً ،والذي ال ٌنبؽً تجاوزه .
ٕ -نوعٌة التعلٌم ،والذي ٌتضمن الطرٌقة التً ٌعمل بها المدرس ،تنظٌم وتسهٌل االتصال
المتعلم بالمادة الدراسٌة بصورة مبلبمة ،عرض وتقدٌم الخطوات الجزبٌة التً تمكن من إنجاز
المهمة التعلٌمة فً شكل مرتب ،التكٌؾ ما أمكن مع مستوى المتعلم واالستجابة لحاجاته
ومتطلباته ،مدى توفر البٌبة التعلٌمٌة المبلبمة والوسابل والمواد التعلٌمٌة الضرورٌة إلنجاز مهام
[]iii
التعلم.
أي أن التعلٌم المثلى هو نتاج لمجموعة كبٌرة من العوامل المتفاعلة معا ً منها القاعدة
المعرفٌة ،والتجربة أو التطبٌق ،وإدارة وقت العملٌة التعلٌمٌة .فهل ٌراعى ذلك فً رٌاض
األطفال والمدارس والجامعات فً الببلد العربٌة؟
بتؤمل األوضاع ٌتضح أن هناك تدهوراً واقعا ً فً مجمل العملٌة والنظام التعلٌمً فى كثٌر من
الحاالت بالببلد العربٌة سواء على مستوى المناهج أو المدرسٌن أنفسهم وؼٌاب العدٌد من
األنشطة التً كانت تمثل البناء الحقٌقً للقدرات بالنسبة للتبلمٌذ وتنمٌة قدراتهم اإلبداعٌة الخبلقة
من خبلل تنمٌة البحث العلمً واالهتمام به .وتزعزعت العبلقة بٌن (األطفال ،الطبلب) وبٌن
(الروضة ،المدرسة ،الجامعة) ،وتحول التعلٌم إلى آفة نجنى ذبول أزهاره:
-مظاهر سلوكٌة وأنماط أخبلقٌة سلبٌة مثل العصبٌة والعنؾ.
-ضعؾ الخٌال والرتابة فى التفكٌر والفردٌة واألنانٌة.
-تسرب من التعلٌم وتفشى ظاهرة األمٌة.
-تخرٌج شباب "متعلم بمهارات حٌاتٌة محدودة" وؼٌر قادر على العمل واإلنتاج وبالتالً
زٌادة البطالة ،كذلك أصبحوا ٌشككون بإمكانٌة وفعالٌة التعاون والعمل الجماعً.
-انعدام القدرة على التخطٌط عامة واالستفادة من فترات العطبلت واإلجازات واألوقات
الخارجـة عن الدوام المدرسً خاصة.
للتقرب إلى لَّلا ..فرصة لبناء ّ -العبث بؤثمن ما وهبنا لَّلا :الوقت الذي هو فرصة
الشخصٌة ..فرصة للمعرفة ..فرصة للكسب الثقافً أو المادّ ي ..فرصة للتعارؾ ،فبعد أن
اتسعت أوقات فراغ الشباب ،أهدرت ساعات طوٌلة ،إ ّما فً الثرثرة الفارؼة ،أو مشاهدة
التجول أمام المحبلّت التجارٌة ،أو
ّ التلفاز ،أو التس ّكع على أرصفة الشوارع ببل هدؾ ،أو
جلسات السمر التً ال نهاٌة محدّدة لها ،حٌث تترك ساببة كحبل ٌشنقون به الوقت.
وللعودة بمنظومة التعلٌم إلى مسارها الصحٌح ٌنبؽً على الدول أن تتولى مسبولٌة التربٌة
والتعلٌم ،وتخطط لها مركزٌاً ،وتنهض بإدارتها وقٌادتها .أي أنّ الدولة تتب ّنى مسؤلة صٌاؼة
البناء اإلنسانً ،وتصمٌم نمط الشخصٌة والتفكٌر وطرٌقة إعداد اإلنسان للحٌاة .فهً التً تتو ّلى
إعداد المنهج المدرسً ،وترسم السٌاسة التربوٌة العا ّمة .وبتلك الوسابل واإلمكانات تإ ّثر الدولة
على هوٌة اإلنسان التربوٌة وشخصٌته .آخذة فى االعتبار أن الدولة اإلسبلمٌة هً دولة عقابدٌة
فكرٌة لها خط فكري متم ٌّز المعالم ،وفلسفة حٌاتٌة مستقلة ،لذا فهً مسبولة عن توجٌه التربٌة
[]iv
والتخطٌط لكل عناصرها وأجهزتها المدرسٌة لتسٌر فً الخط اإلسبلمً.
37
وفى حال ة تقلص دور الدولة أو عدم قدرتها على تولى هذه المسبولٌة ،فإنه ٌجب على
مإسسات المجتمع المدنً -المعنٌة بالطفل والشباب والتعلٌم -واألفراد أن تتضافر جهودهم
للنهوض بالعملٌة التعلٌمٌة على أن تكون جهوداً مرنة ومتجددة بحٌث تتماشى مع حاجات
المجتمع المحلى المتنوعة والمتؽٌرة ،وذلك من خبلل:
أوالً :مشروعات تجرٌبٌة إلنشاء مراكز تعلم مجتمعٌة متعددة األؼراض:
وهى مإسسات تربوٌة محلٌة خارج اإلطار الرسمً التعلٌمً فً القرى وضواحً المدن ٌتم
[ ]v
تموٌلها وإدارتها من قبل المجتمع المحلى لتؤمٌن فرص تعلٌمٌة متنوعة.
ثانٌا ً :وضع مناهج تعلٌمٌة تراعى الجوانب اآلتٌة:
وٌعوده
ِّ ٔ -الجانب التربوي :الذي ٌزرع فً ذهن الطالب ونفسه القٌم واألخبلق الصالحة،
الحٌاة االجتماعٌة والسلوك القوٌم .بداٌة من اإلٌمان باهلل ثم الصدق والصبر وحب العلم
والتعاون واإلٌثار والشجاعة وؼٌرها ،وهذا الجانب ٌعتمد كثٌراً على القدوة المتمثلة فً
المدرسٌن والمربٌن والتً هً صفات ٌجب عدم التنازل عنها.
ٕ -الجانب العلمً والثقافً :وٌشمل تدرٌس الطفل مبادئ العلوم والمعارؾ النافعة ،سواء
الطبٌعٌة منها أو االجتماعٌة ،والتً تإهله ألن ٌتعلم فً المستقبل علوما ً ومعارؾ أرقى.
ٖ -الجانب التطبٌقً أو التجرٌبً :وٌشمل تنمٌة مواهب الطفل وملكاته األدبٌة والفنٌة
والجسمٌة والعقلٌة عن طرٌق برامج تطوعٌة لتعلم فنون الكتابة والخطابة والرسم
والتطرٌز والخٌاطة أو الرٌاضة واأللعاب الكشفٌة واالختراع واإلبداع .كذلك اكتشاؾ
قابلٌة الطفل ونوع المهارة واللٌاقة العلمٌة التً ٌمٌل إلٌها نفسٌا ً وتنمٌتها لدٌه ،وتوفٌر
المستلزمات األولٌة التً ٌحاول بها صناعة وابتكار أو تقلٌد بعض األجهزة المبسطة
لتشجٌعه على االبتكار والتوجه نحو االكتشاؾ واالختراع .فضبلً عن اعتماد المنهج
الطب ،والفلك ،والكٌمٌاء ،والفٌزٌاء ،والصٌدلة،ّ التجرٌبً والبحث المختبري فً علوم:
وؼٌرها من العلوم المادّ ٌة...الخ ،وهى األسس التً قامت علٌها مدنٌة أورو ّبا المعاصرة
[]vi
وتقدّ مها العلمً
ٗ -الجانب الزمنً :ؼرس قٌمة أن الوقت هو النعمة التً خلقها لَّلا تسخٌراً لئلنسان لٌعمر
األرض وهى نعمة ال ٌمكن تعوٌضها ،وتوضٌح أهم الفوارق بٌن المنهجٌن اإلسبلمً
والؽربً فً النظرة إلى البعد الزمنً ،ففعالٌته لدى المسلمٌن تتمثل فً آثار العمل خبلل
حٌاة الفرد الدنٌوٌة وكذلك األخروٌة ،بٌنما نجده فً المفاهٌم الوضعٌة قاصراً على
[]vii
النظرة اآلنٌة للدنٌا.
فإذا وضع المنهج بهذه الطرٌقة استطاع أن ٌستوعب أهداؾ التربٌة وٌحقق أؼراضها ،وٌعٌننا
على خلق اإلنسان الصالح والفرد النافع والمجتمع القوى لتتقدم أمتنا اإلسبلمٌة وٌصبح لها
السبق والصدارة بٌن دول العالم.
38
www.feker.net
39