You are on page 1of 39

1

‫‪ ‬ئْذَاء‬

‫وبعد‪:‬‬
‫الصادق األمٌن ْ‬ ‫شرؾ ال ُمرسلٌن مح هم ٍد َ‬ ‫والس َبلم على أ ْ‬
‫َ‬ ‫والص َبلة‬
‫ه‬ ‫الرحٌم‬
‫الرحمن َ‬‫بسم هلَّلا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫الس َبلم علٌ ُكم ورحمة لَّلا تعالى و َبركاته‪ ،‬تح هٌة طٌبة ُمباركة نزف َها إلٌكم فًِ هذه األ ٌَام الطاهرة‬
‫َ‬ ‫ه‬
‫وال ُمقدسة‪.‬‬

‫شكر وال َتقدٌر ألعضاء ال ُحزمة إشاد ًة‬ ‫بخالص ال ُ‬ ‫فرٌق القِراءة ال َتفاعلٌة من ال ُحزمة ال َثال َثة َ‬‫ٌَتقدم ِ‬
‫سابلٌِن ال َمولى ال َقدٌر‬
‫طوال ال َفترة الماضِ ٌة‪َ ،‬‬
‫والعمل الدإُ وب ل ُهم َ‬‫الجاد وال ُجهد المس َتمر َ‬ ‫بال َتفاعل َ‬
‫الحضارة َ‬
‫الخالدة‪.‬‬ ‫أن ٌَرعى ؼِ راس ال ٌَقظة َو ٌُنشؤ ثمرهَا َكؤول ال ُخطا َنحو مسٌرة َ‬
‫ساهم‬ ‫شار ال َمجموعة الدُكتور عبد ال َكرٌم ب ّكار وكل َمن َ‬ ‫الجزٌل ل ُمست َ‬
‫شكر َ‬‫سى أن نتقده م بال ُ‬ ‫َكما َال نن َ‬
‫مٌزان َحسناتهم بإذنه َتعالى‪.‬‬ ‫َ‬
‫َوخط َوتفاعل فًِ هذه ال ُمبادرة الطٌبة وأن ٌَكون ذلك فًِ َ‬

‫‪ ‬فرٌق القراءة التفاعلٌة (الحزمة الثالثة) ‪:‬‬

‫شٌخ ُمح ّمد الؽزالً‬ ‫األول‪ :‬جدّ د َحٌاتك لل َ‬


‫الكتاب ه‬
‫شار ال ُحزمة‪ :‬الدُكتور عبد ال َكرٌم ب ّكار‬ ‫ُمست َ‬
‫سٌد ُمح ّمد‬‫ُمنسق ال ُحزمة‪ :‬نهى َ‬
‫َ‬
‫ُمشرؾ ال ُحزمة‪َ :‬عقٌلة بن طوٌلة‬

‫ْاأل َ‬
‫عضاء‪:‬‬
‫عبلء الدٌن‬‫آ ٌَة َ‬
‫ضوى أحمد‬ ‫َر َ‬
‫ص َبلح الدٌن‬
‫شٌ َماء َ‬‫َ‬
‫شٌماء أح َمد‬ ‫َ‬
‫مح ُمود ُمنٌر أحمد‬
‫َمدٌنة‬
‫َمروة‬
‫هُدى حلمً‬

‫‪2‬‬
‫‪ ‬ديباجَت‪:‬‬

‫دمر َثقافة‪ُ /‬مجتم ًعا‪ ،‬ف َق ْط اِكتؾ‬ ‫ٌَقول‪" Ray Bradbury :‬أنت َلست ِبحاج ٍة ْ‬
‫إلح َراق ال ُكتب َكً ُت َ‬
‫قراءتها"‪.‬‬
‫َ‬ ‫بجعل ِهم ٌَتوقفُون َعن‬‫َ‬
‫أساس الدُستور الر َبانً "إ ْقرأ" َو ٌَتفرع فًِ ذل َك‬‫َلذا فإنه َعصب ال َنهضة األول واألخٌر ٌُبنى َعلى َ‬
‫أكثر إتسا ًعا َوسعة‬ ‫َ‬ ‫أخرى‬
‫بحٌاة َ‬ ‫عان و َتفاسٌر لتبحر فًِ عمق َ‬
‫الحٌاة َ‬ ‫ل َما حوته ال ُمفردة من َم ٍ‬
‫طوال فترة َحٌاته‪.‬‬ ‫للرصٌد الفكري والعقلً الذي ٌَكتس ُبه المر ُء َ‬ ‫َ‬

‫الحتمٌة أن َ‬
‫ٌتؽلؽل‬ ‫فًِ زمن أهْ َمل أعظم َركابز ال ُنهوض و َتجاهل ال َلبنة األولى َ‬
‫للحضارة َكان نتٌجته َ‬
‫تحت َ‬
‫مظلة ال ُجمود الفكري وأكذوبة ال ُمستحٌل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الجهل ودٌِجور ال َتخلؾ ل ٌَ َ‬
‫شٌخ‬ ‫نحو قاع َ‬
‫َ‬

‫لحضارة َراشدة‪ ،‬من‬ ‫بالصحوة و ٌُمهد َ‬


‫َ‬ ‫لعالم ٌن ُبض‬
‫ٍ‬ ‫من هَذا ك ّله َكانت "انمرَاءة انتَفاعهيت" مرآ ًة‬
‫شكل جدٌد َوعصري ٌَعتم ُد على َذاتٌة‬ ‫ب حملُوا ه هم األمة َ‬
‫وسعوا لمجدهَا ب َ‬ ‫َرحم ال ٌَقظة َوعلى ٌَد َ‬
‫شبا ٍ‬
‫الحصٌلة ال َمعرف هٌة لمقو َمات الفكر‬
‫اإلستفسار والجد هٌة وعلو اله همة فًِ محاولة لنماء َ‬‫َ‬ ‫التعلم َو‬
‫النهضوي‪.‬‬
‫َ‬

‫‪ ،،‬هً دعوة لتناول األفكار بطرٌقة ؼٌر طرٌقة التل ِّقً فحسب‪ ،‬ولكن طرٌقة‬ ‫"انمراءة انتفاعهيَت"‬
‫الفكر واإلبداع‪ ،‬نرصد الٌقظة الفكرٌة المعاصرة عند رواد األمة من المفكرٌن ‪ ،‬نتباحث معا ً فً‬
‫وسابل تطبٌقها عملٌا ً…وكٌؾ ننطلق بها من ضٌق الصفحات التى احتوتها لفضاء األمة الواسع‬
‫لتحً نفوس وتوقظ همم وتشكل رإٌة للحٌاة‪،،‬‬
‫ّ‬

‫ُمبادرة ُتسهم فً َت َبلقح األفكار لِصناعة َوعً َقومً فكري ٌُدرك ال ُممكن‬ ‫"انمرَاءة انتفاعهيت"‬
‫َوٌحاكً ال ُحلم َوٌستشرق ال ُمستقبل ِبـ ‪ٌَ ..‬قظة فكر‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ ‬جذٓد دَياتك ‪ ..‬شًَمُ املَذاور‪:‬‬

‫اإليمان‬

‫عودة‬
‫إنسان ج‪2‬‬
‫الروح ج‪1‬‬

‫ج ّدد‬
‫حياتكـ‬
‫عودة‬
‫إنسان ج‪1‬‬
‫الروح ج‪2‬‬

‫علم وعمل‬

‫‪ ‬جذٓد دَياتك ‪..‬دُرر‪:‬‬


‫تاىحق أّسىْآ وتاىحق ّسه ‪ /‬اصْغ ٍِ اىييَوّح اىَيحح شراتًا حيوًا ‪ /‬تيِ‬
‫اإليَاُ واإلىحاد ‪ /‬ال ذْرظر اىشنر ٍِ أحد ‪ /‬قضاء وقدر‪.‬‬

‫اىفطرج اإلّساّيح ‪ /‬جدد حياذل ‪ /‬ػش في حدود يوٍل ‪ /‬اىصثاخ واألّاج واالحرياه ‪/‬‬
‫َٕوً وسَوً‪.‬‬

‫ميف ّسيو أسثاب اىقيق ‪ٕ /‬و ذسرثده ٍييوُ جْئ تَا ذَيل ‪ّ /‬قاء اىسر‬
‫واىؼالّيح ‪ /‬روحاّيح اىرسوه ‪ /‬حاسة ّفسل‪.‬‬

‫ػيٌ أشَرٓ ػَو ‪ /‬آفاخ اىفراؽ ‪ /‬اىؼَو تيِ األشرج واإليصار‬

‫ال ذدع اىروافٔ ذغية أٍرك ‪ /‬حياذل ٍِ صْغ أفنارك ‪ /‬اىصَِ اىثإط ىيقصاص‬
‫‪•.‬‬

‫أّد ّسيج وحدك ‪ /‬ال ذثل ػيي فائد ‪ /‬تقدر قيَرل ينوُ اىْقد اىَوجٔ ىل ‪ /‬مِ‬
‫ػصيا ػيي اىْقد‬
‫‪•.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ ‬تَهخيص انكٔتاب‪:‬‬

‫‪5‬‬
‫ٌشخص الشٌخ محمد الؽزالً من بداٌة الكتاب العلة التً أصابت المسلمٌن وٌلخصها فً افتقادهم‬
‫للخاصة األولى لهذا الدٌن وهً أنه "دٌن الفطرة"‪.‬‬
‫ومن خبلل الكتاب ٌحاول أن ٌؽرز فً القراء هذا المعنى لٌجدد حٌاتهم وٌضع أٌدٌهم على الطرٌق‬
‫الذي ٌعود به المسلمون إلى هذه الفطرة‪ ،‬وذلك من خبلل‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬ربط القلوب برب األرض والسماء‪ ،‬وإشاعة اإلٌمان ومكارم األخبلق‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬بٌان الكٌفٌة التً ترقى وتستقٌم بها القدرات النفسٌة والفكرٌة والعاطفٌة للمرء لٌزداد من‬
‫خبللها النشاط اإلنسانً وتنطلق على إثرها القوى الكامنة لدٌه‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬تصحٌح مفاهٌم الحٌاة فً األذهان‪ ،‬وتوضٌح سنن لَّلا للكون والتً لن تصلح الدنٌا إال بها‪.‬‬

‫ربظ انمهوب برب األرض‬


‫وانسًاء‪ ،‬وئشاعت اإلمياٌ‬ ‫بياٌ انكيفيت انيت ترلي وتستميى هبا‬
‫ويكارو األخالق‬ ‫انمذراث انُفسيت وانفكريت وانعاعفيت‬
‫نهًرء نيزداد يٍ خالهلا انُشاط اإلَساين‬
‫وتُغهك عهي ئثرْا انموى انكايُت نذيّ‪.‬‬

‫تصذيخ يفاْيى احلياة يف األرْاٌ‪،‬‬


‫وتوضيخ سٍُ اهلل نهكوٌ وانيت نٍ‬
‫ضذَّ انفغرة‬ ‫تصهخ انذَيا ئال هبا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ ‬سُإَال؟‬

‫ٔ‪" -‬ال تقولوا هذه هلل ولوجوهكم‪ ،‬فإنها لوجوهكم‪ ،‬ولٌس هلل منها شًء" هل معنى ذلك أنه‬
‫ٌتنافى أن تكون نٌة العمل هلل وللدعم النفسً أٌضاً؟‬
‫ٕ‪ -‬رؼم مرور فترة طوٌلة على صدور هذا الكتاب إال أنه ٌتناول القضاٌا التً مازالت تشؽلنا إلى‬
‫اآلن‪ ...‬ما هو الحل كً تصبح أدوات وآلٌات البناء أكثر سرعة وتؤثٌراً عن معاول الهدم؟‬

‫‪7‬‬
‫|~‬
‫ٌحكً الكاتب عن شؽفه ببٌان المشابه بٌن تراث اإلسبلم والسٌاسٌة وإحصاءه من وجوه االتفاق‪،‬‬
‫ما دل على صدق التطابق بٌن وحً التجربة ووحً السماء‪ ،‬كما تتحد اإلجابة السدٌدة على فم‬
‫شخصٌن ألقى إلٌهما سإال واحد‪ ،‬اتحد منطق الطبٌعة اإلنسانٌة الصالحة وهً تتحسس طرٌقها‬
‫إلى الخٌر مع منطق اآلٌات السماوٌة وهى تهدى الناس جمٌعا ً إلى صراط مستقٌم‪ ،‬وٌبرهن فً‬
‫مقدمته على ذلك‪.‬‬
‫خطة اإلمام فً الكتاب‪ :‬عرض اإلسبلم فً حشدٌن متماٌزٌن‪:‬‬
‫األول‪ :‬من نصوصه نفسها‪.‬‬
‫اآلخر‪ :‬من االقتباسات التً ُتظاهرها فً كتابات وتجارب وشواهد دٌل كارنٌجً ‪.‬‬

‫تنوٌه عن مضمون الكتاب الذي ٌحوي مقارنة بٌن تعالٌم اإلسبلم كما وصلت إلٌنا‪ ،‬وبٌن أصدق‬
‫وأنظؾ ما وصلت إلٌه حضارة الؽرب فً أدب النفس والسلوك (رد كتاب دٌل كارٌنجً إلى أصوله‬
‫اإلسبلمٌة) حٌث فٌه سجلت الفطرة السلٌمة وصاٌاها بعد تجارب واختبارات وافق حكم جاء بها‬
‫النبً الكرٌم لٌتفق وحً السماء ووحً التجربة فهو مثال فحسب للقواعد التً سبق اإلسبلم إلى‬
‫تمهٌدها‪.‬‬

‫الفطرة اإلنسانٌة‪:‬‬
‫‪ -‬عظمة الفطرة اإلنسانٌة السلٌمة وروعتها ووظٌفتها فً تع ُرؾ الحق وتعرٌفه واعتبار كل‬
‫تشوٌه ٌعترضها هو شذوذ ٌنبؽً أن ٌُذاد و ٌُباد ال أن ٌعترؾ به و ٌُسكت علٌه‪.‬‬
‫‪ -‬حاجة الدٌن لحماٌة أصحاب الفطر السلٌمة وجهدهم فً حسن التصور لحقابق الدٌن بجانب‬
‫صدق العمل بها ‪.‬‬

‫دٌن الفطرة‪:‬‬
‫بدأ شٌخنا كتابه بمحاولة لشد انتباهنا لحقٌقة مهمة ؼٌابها عن عقولنا ظلم اإلسبلم كثٌراً وهً أن‬
‫اإلسبلم دٌن فطرة فتعالٌمه المنوعة فً كل شؤن من شبون الحٌاة هً نداء الطبابع السلٌمة‬
‫واألفكار الصحٌحة وتوجٌهاته المبثوثة فً أصوله متنفس طلق لما تنشده النفوس‪.‬‬
‫" الفطرة السلٌمة " كلمة فطرة تتسع لدالالت متباٌنة‪ ،‬فقد تختلؾ طبٌعة إنسان عن آخر فً‬
‫الحكم علً شًء واحد قد أذهب أنا لتقبٌحه وأنت تذهب لتحسٌنه والفطرة المقصودة هنا هً‬
‫الفطرة السلٌمة فإن كل خلل ٌلحق بالطبٌعة ألي سبب ال ٌجوز أن ٌحسب منها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫وكم من حامل فقه لٌس بفقٌه‪:‬‬
‫فً تلك النقطة فً إطار توضٌح الكاتب لعبلقة الفطرة اإلنسانٌة بوحً السماء ٌوضح إن كثرة‬
‫بضاعة السماء ال تؽنً صاحبها فتٌبل إذا فقد البصٌرة الواعٌة لفهم الحق وتفهٌمه وٌوضح‬
‫الكاتب أن آفة األدٌان ؼالبا ما جاءت من مما ٌتسمون برجال الدٌن لؽٌاب البصٌرة والفطرة‬
‫السلٌمة البلزمة الستٌعاب الدٌن‪.‬‬
‫ثبلثٌة الفطرة والمرجعٌة والعمل‪:‬‬
‫ثبلث عناصر فً معادلة واحدة ال ٌنفك أحدها عن اآلخر فصاحب الفطرة السلٌمة وحده هو الذي‬
‫تستقر فً ذهنه صورة الدٌن علً النحو البٌن ولكن الفطرة السلٌمة والعقل مهما سما ال ٌستؽنً‬
‫أبدا عن النقل كما أن الذكاء ال ٌستؽنً عن قواعد العلم وفنون المعرفة‪ .‬كذلك تحتاج الفطرة‬
‫والعقل السلٌم للمرجعٌة التً تضبط األمور فً إطار مقاصد وكلٌات الدٌن والفطرة والمرجعٌة‬
‫ٌجب أن ٌكون بجانبهم ضمٌمة أخري أال وهً صدق العمل الذي ٌنقل األمور إلً أرض الواقع‬
‫ومٌدان اإلنتاج والفاعلٌة‪ ،‬فإن عبلج مشكبلت الناس وأدواتهم ال ٌقدر علٌه األرجل حل مشكبلت‬
‫نفسه وداوي عللها بالحقابق الدٌنٌة التً ٌعرضها فالمعرفة ال قٌمة لها بدون أن ٌحل المرء‬
‫الحبلل وٌحرم الحرام‪.‬‬

‫حظ أمة اإلسبلم والؽرب من الفطرة‪:‬‬


‫ً‬
‫ٌصؾ الكاتب حال األمة اإلسبلمٌة مع الفطرة قاببل أن للفطرة فً ببلد اإلسبلم كتاب ٌتلى ودروس‬
‫تلقً وشعوب لؤلسؾ هاجعة بعٌدة كل البعد عنه‪ ،‬أما فً الؽرب فً للفطرة رجال ٌنقبون عن‬
‫هداٌتها كما ٌنقب عن الذهب فً أعماق الصحاري فإذا ظفروا بشًء منه أؼلوا قدره واستفادوا‬
‫منه وٌختم وصفه بالقول المؤثور (الناس رجبلن رجل نام فً الظبلم ورجل أستٌقظ فً الظبلم)‪.‬‬

‫فٔي انعًُك‪ :‬انتسويف وْى‪:‬‬


‫‪9‬‬
‫إقتباسات من بحر "جدد حٌاتك"‪:‬‬
‫‪ ‬فبل مكان لتر ٌٌث ‪ ..‬فقد ٌفد الزمن بعون ٌش ُد به أعصاب السابرٌن فً طرٌق الحق ‪ ،‬أما‬
‫أن ٌهب المقعد طاقة على الخطو أو الجري فذاك مستحٌل‪.‬‬

‫‪ ‬ال تعلق بناء حٌاتك على أمنٌة ٌلدها الؽٌب‪ ،‬فإن هذا اإلرجاء لن ٌعود علٌك بخٌر‪.‬‬

‫‪ ‬فابدة أن ٌعٌد اإلنسان تنظٌم نفسه بٌن الحٌن والحٌن‪ ،‬وأن ٌرسل نظرات ناقدة فً‬
‫جوانبها لٌعرؾ عٌوبها وآفاتها ‪ ،‬وأن ٌرسم السٌاسات القصٌرة المدى والطوٌلة المدى‬
‫لٌتخلص من هذه ال َه َنات التً ُتزرى به‪.‬‬

‫‪ ‬إن اإلنسان أحوج الخبلبق إلى التنقٌب فً أرجاء نفسه وتع ُهد حٌاته الخاصة والعامة بما‬
‫ٌصونها من العلل والتفكك ‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة العمل الدابم لتنظٌم النفس وإحكام الرقابة علٌها‪.‬‬

‫‪ ‬أحادٌث للرسول صلى لَّلا علٌه وسلم فً هذا السٌاق هً جرعة ُتحًٌ األمل فً اإلرادة‬
‫ال مخدرة وتنهض العزٌمة الؽافٌة وهً خجلى لتستؤنؾ السٌر إلى لَّلا ولتجدد حٌاتها بعد‬
‫ملتو مستكٌن ‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫ماض‬
‫ٍ‬

‫‪ ‬لَّلا أب ُر بالناس وأس ُر بؤوبة العابدٌن إلٌه مما ٌظن القاصرون !! على أن تكون هذه‬
‫العودة لٌست زورة خاطفة ٌرتد المرء بعدها إلى ما ألؾ من فوضى وإسفاؾ‪ .‬ولٌست‬
‫الج َلد‪.‬‬
‫محاولة فاشلة ٌنقصها صدق العزم وقوة التحمل وطول َ‬

‫‪ ‬تجدٌد الحٌاة ال ٌعنً إدخال بعض األعمال الصالحة ‪ ،‬أو النٌات الحسنة وسط جملة‬
‫ضخمة من العادات الذمٌمة واألخبلق السٌبة ‪ ،‬فهذا الخلط ال ٌنشا به المرء مستقببل‬
‫حمٌدا‪ ،‬وال مسلكا مجٌداً وال ٌدل على كمال أو قبول‪.‬‬

‫‪ ‬األشرار قد تمر بضمابرهم فترات صحو قلٌل ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها وال ٌسمى ذلك‬
‫اهتداء ‪،‬فاالهتداء الطور األخٌر للتوبة النصوح‪.‬‬

‫‪ ‬البعد عن لَّلا لن ٌُثمر إال علقما ً ‪ ،‬ومواهب الذكاء والقوة والجمال والمعرفة تتحول كلها‬
‫إلى نقم ومصابب عندما تتعرى عن توفٌق لَّلا و ُتحرم من بركته‪.‬‬

‫‪ ‬التمس النجاة على عجل‪ :‬فاهلل ٌرٌد إشعار عباده (حٌن ٌخوفهم من عقبى اإلستٌحاش منه‬
‫) تعرضهم لمثل هذه المعاطب والحتوؾ إذا هم صدفوا عنه ‪ .‬لذا ٌوصٌهم بؤن ٌلتمسوا‬
‫النجاة على عجل (ففروا إلى لَّلا ‪.)..‬‬

‫‪ -‬جد ّد‪ :‬فتؽٌر الحٌاة ٌنبع من النفس‪:‬‬


‫‪11‬‬
‫تجدد الحٌاة ٌنبع قبل كل شًء من داخل النفس فالرجل المقبل علً الحٌاة دابما ما ٌملك نفسه‬
‫ووقته فبل تخضعه الظروؾ وٌحتفظ بحرٌة الحركة لقاء ما ٌواجه من شبون كرٌهة‪.‬‬
‫‪ -‬جد ّد‪ :‬فالواقع وحده ٌصنع المستقبل‪:‬‬
‫فالحاضر القرٌب الماثل بٌن ٌدٌك ونفسك التً بٌن جنبٌك والظروؾ الباسمة أو الكالحة التً تلتؾ‬
‫حولك هً وحدها الدعابم التً ٌتمحص عنها مستقبلك فبل مكان إلبطاء أو ترٌث فتعلق المرء‬
‫بشًء مجهول فً المستقبل أو مناسبة معٌنة لتؽٌٌر واقعه درب من دروب الوهم حٌث أن الزمان‬
‫قد ٌفد بعون ٌشد به أعصاب السابرٌن علً درب الحق ولكن لن ٌهب المقعد طاقة علً الخطو أو‬
‫الجري فذلك مستحٌل‪.‬‬
‫‪ -‬جد ّد‪ :‬فالتسوٌؾ مفسدة‪:‬‬
‫ٌوضح الكاتب أن كل تؤخٌر إلنفاذ منهاج تجدد به حٌاتك وتصلح به ألعمالك ال ٌعنً إطالة الفترة‬
‫الكابٌة التً ٌبؽً المرء الخبلص منها بل قد ٌكون ذلك طرٌق ألً انحدار أشد‪.‬‬

‫‪ -‬جد ّد‪ :‬فاحتٌاج النفس للمراجعة باستمرار‪:‬‬


‫إن اإلنسان أحوج الخبلبق إلً التنقٌب فً أرجاء نفسه وتعهد حٌاته الخاصة والعامة من العلل‬
‫والتفكك ما أجمل أن ٌعٌد اإلنسان تنظٌم نفسه بٌن الحٌن واآلخر وأن ٌرسل نظرات ناقدة فً‬
‫جوانبها لٌتعرؾ عٌوبها وأن ٌرسم السٌاسات القصٌرة والطوٌلة المدى لٌجدد حٌاته‪.‬‬
‫‪ -‬جد ّد‪ :‬نقلة من حٌاة إلى حٌاة‪:‬‬
‫ٌري الكاتب أن تجدد الحٌاة لٌس مجرد نشوة نفسٌة عابرة بل نقلة كاملة من حٌاة إلى حٌاة‪،‬‬
‫وفاصبل قابما بٌن عهدٌن متماٌزٌن فتجدد الحٌاة ال ٌعنً إدخال بعض األعمال الصالحة أو النٌات‬
‫الحسنة وسط جملة ضخمة من العادات الذمٌمة واألخبلق السٌبة فهذا الخلط ال ٌنشا به المرء‬
‫مستقببل حمٌدا ألن القلوب المتحجرة قد ترشح بالخٌر واألشرار قد تمر بضمابرهم فترات صحو‬ ‫ً‬
‫قلٌل ثم تعود بعد ذلك إلى سباتها‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ش فٔي دُذُودٔ يَ ِوئك‪:‬‬
‫فٔي انعًُك‪ :‬عٔ ِ‬
‫اقتباسات من بحر "جدد حٌاتك"‪:‬‬

‫‪ ‬عش فً حدود ٌومك فهذا أجدر بك‪ ،‬وأصلح لك‪.‬‬

‫‪ ‬إن األمان والعافٌة وكفاٌة ٌوم واحد قوى تتٌح للعقل النٌر أن ٌفكر فً هدوء واستقامة‬
‫تفكٌرا قد ٌؽٌر به مجرى التارٌخ كله ‪ ،‬بله حٌاة فرد واحد‪.‬‬

‫‪ ‬الواجب أن ٌستفتح اإلنسان ٌومه وكؤن الٌوم عالم مستقل بما ٌحوٌه من زمان ومكان‪،‬‬
‫وسٌرة الرسول صلى لَّلا علٌه وسلم تلفتنا إلى صحة هذه الطرٌقة فً تجزبة الحٌاة‪،‬‬
‫واستقبال كل جزء منها بنفس محتشدة وعزم جدٌد‪.‬‬

‫‪ ‬إن االكتفاء الذاتً‪ ،‬وحسن استؽبلل ما فً الٌد‪ ،‬ونبذ االتكال على ال ُمنى هً نواة العظمة‬
‫النفسٌة وسر االنتصار على الظروؾ ال ُمعنتة‪.‬‬

‫‪ ‬ما قل وكثر خٌر مما كثر وألهى ‪..‬هذا األثر النبوي هو تفضٌل للقلة الكافٌة على الكثرة‬
‫الملهٌة ‪ ..‬وهذا الفقه فً معالجة الحٌاة ٌورث المإمنٌن شجاعة هابلة‪.‬‬

‫‪ ‬فً نطاق الٌوم ٌتحول إلى ملك من ٌملك نفسه وٌبصر قصده‪.‬‬

‫‪ ‬العٌش فً حدود الٌوم ال ٌعنً تجاهل المستقبل أو ترك اإلعداد له فإن اهتمام المرء بؽده‬
‫وتفكٌره فٌه حصافة وعقل‪.‬‬

‫‪ ‬الحاضر المكٌن أساس جٌد لمستقبل ناجح‪ ،‬ومن َث ًم ٌجب نبذ القلق‪.‬‬

‫‪ -‬هموم الٌوم أولً وأجدي من هموم المستقبل‪:‬‬


‫من أخطاء اإلنسان أن ٌنوء فً حاضره بؤعباء مستقبله الطوٌل فالعٌش فً حدود الٌوم أجدر‬
‫باإلنسان وأصلح له وهذا ٌتسق مع قول الرسول علٌه الصبلة والسبلم (من أصبح آمنا فً سربه‬
‫‪،‬معافى فً بدنه ‪.‬عنده قوت بدنه ‪.‬عنده قوت ٌومه ‪،‬فكؤنما حٌزت له الدنٌا بحذافٌرها ) والحق أن‬
‫استعجال الضوابق التً لم ٌحن موعدها حمق كبٌر‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬ال قٌمة لماضً فابت أو مستقبل مجهول‪:‬‬
‫ٌشٌر الكاتب فً هذا الجزء شًء مهم جدا أال وهو سبب االكتباب الذي ٌسري فً النفوس كما‬
‫تسري النار فً الهشٌم‪ ،‬االكتباب ٌحدث من البكاء علً الماضً المنقضً والخوؾ من المستقبل‬
‫المجهول وهذا حمق فالماضً لن ٌعود أبدا والمستقبل شًء ؼٌر مضمون بالمرة وٌستشهد‬
‫الكاتب بقول أحد الحكماء (أبً حازم)‪:‬‬
‫أنما بٌنً وبٌن الملوك ٌوم واحد أما أمس فبل ٌجدون لذته وأنا وهم من الؽد علً وجل ‪..‬‬

‫‪ -‬الفرق بٌن االؼتمام بالمستقبل واالهتمام به‪:‬‬


‫ٌوضح الكاتب وجود فارق بٌن االهتمام بالمستقبل واالؼتمام به وبٌن االستعداد له واالستؽراق‬
‫فٌه بٌن التٌقظ فً استؽبلل الٌوم الحاضر وبٌن التوجس المربك المحٌر مما قد ٌفٌد به الؽد‪.‬‬
‫‪ -‬الحاضر المكٌن هو أساس المستقبل الناجح‪:‬‬
‫وٌواصل الكاتب توطٌد فكرة أن الظروؾ التً سوؾ تحٌاها ؼدا إنما هً نتاج ما سوؾ تصنعه‬
‫ٌداك الٌوم فاألولى أن تهتم بالٌوم لتسعد به وتفتح فً المستقبل أفاق جدٌدة بإذن ربك إما أن‬
‫تقلب المعادلة فسوؾ ٌسرق منك عمرك دون أن تدري‪.‬‬
‫‪ -‬قٌمة الحٌاة أن نحٌاها‪:‬‬
‫ٌوضح الكاتب فً تلك النقطة إلى خبلصة ما القول أن قٌمة الحٌاة فً أن نحٌا كل ساعة فٌها‬
‫فالحاضر قد ٌعوض وٌداوي جراح الماضً وٌجعل المستقبل مشرق وٌستشهد بقول ستٌفن لٌكوك‬
‫(ما أعجب الحٌاة ٌقول الطفل ‪ :‬عندما أشب وٌقول الؽبلم ‪:‬عندما أترعرع فؤصبح شابا ‪ ،‬وٌقول‬
‫الشاب ‪:‬عندما أتزوج ‪ .‬فإذا تزوج ‪:‬قال عندما أصبح رجبل متفرؼا ‪ ..‬فإذا جاءت شٌخوخته تطلع‬
‫المرحلة التً قطعها من عمره ‪.‬فإذا هً تلوح وكؤن رٌحا باردة اكتسحتها اكتساحا ‪...‬أننا نتعلم‬
‫بعد فوات األوان أن قٌمة الحٌاة فً أن نحٌاها‪ ،‬نحٌا كل ٌوم منها وكل ساعة)‪ .‬وٌقول لَّلا تعالً‬
‫اع ٍة)‪.‬‬
‫س َ‬‫اع ُة ٌُ ْقسِ ُم ا ْل ُم ْج ِر ُمونَ َما َل ِب ُثوا َؼ ٌْ َر َ‬ ‫( َو ٌَ ْو َم َتقُو ُم ه‬
‫الس َ‬

‫‪13‬‬
‫فٔي انعًُك‪ :‬انثَبَاثُ وَانْأََـاة وَانٔادِتٔيَال‪:‬‬
‫فً معانً الثبات واألناة واالحتٌال‪:‬‬
‫‪ ‬فً أدب العرب ذخابر ال تحصى من شجاعة الرجال فً استقبال المحن‪ ،‬ومن حرصهم‬
‫على الخروج منها مخرجا ً ال ٌخدش المروءة والشرؾ‪.‬‬

‫‪ ‬الرجل الذي ٌضبط أعصابه أمام األزمات ‪ ،‬وٌملك إدارة البصر فٌما حوله هو الذي ٌظفر‬
‫فً النهاٌة بجمٌل العاقبة‪ - .‬الناس من خوؾ الفقر فً فقر‪ ،‬ومن خوؾ الذل فً ذل !!‬

‫‪ ‬المإمن الراشد ٌفترض أن أسوأ ما ٌقلقه قد وقع بالفعل ‪ ،‬ثم ٌنتزع مما ٌتبقى له ‪ -‬بعد‬
‫هذا االفتراض‪ -‬عناصر حٌاة تكفى‪ ،‬أو معانً عزاء تشفى ‪،‬على نحو ما قال رسول لَّلا‬
‫فً ‪ ،‬إنهم لن ٌصابوا بمثلً‬ ‫صلى لَّلا علٌه وسلم ‪ :‬لتعز المسلمٌن فً مصاببهم المصٌبة ً‬
‫‪ ..‬فقد كانت حٌاته لهم بركة ما تعوض‪ ،‬ثم ح ًم القضاء وذهب ‪ ،‬فكل مصاب بعده ه ًٌن‪.‬‬

‫ٌتخوؾ فقدان ما ألؾ‪ ،‬أو وقوع ما ٌفدح حمله‪ ،‬وكبل األمرٌن _ بعد حدوثه _‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬إن اإلنسان‬
‫ٌُستقبل دون عناء جسٌم‪.‬‬

‫‪ ‬أعدوا أنفسكم لتقبل الحقٌقة فإن التسلٌم بما حدث هو الخطوة األولى فً التؽلب على‬
‫المصابب ‪ ..‬ولٌم جٌمس‪.‬‬

‫‪ ‬التحسر على الماضً الفاشل‪ ،‬والبكاء المجهد على ما وقع فٌه من آالم وهزابم هو‪ -‬فً‬
‫نظر اإلسبلم ‪ -‬بعض مظاهر الكفر باهلل والسخط على قدره‪.‬‬

‫‪ ‬أول معالم الحرٌة الكاملة ًأال ٌضرع الرجل لحاجة فقدها‪.‬‬

‫‪ ‬أثر اإلٌمان الحق فهو ٌجعل الرجل صلب العود ‪ ،‬ال ٌمٌل مع كل رٌح ‪ ،‬وال ٌنحنً مع أي‬
‫خلة‪.‬‬

‫‪ ‬إذا أحصٌنا الرجال الذٌن ال ٌؤخذهم الدّهش أمام المفاجآت عرفنا أن لهم من أنفسهم ما‬
‫ٌهون علٌهم أي مفقود وما ٌسلٌهم عن كل فابت ‪ ،‬وبهذا الشعور ٌمكنهم أن ٌقتحموا كل‬‫ِ‬
‫حصار تضربهم علٌهم اللٌالً الكوالح ‪.‬‬

‫‪ ‬طبلب الكمال علٌهم أن ٌتحصنوا بمثلهم العلٌا ‪ ،‬وأن ٌلتمسوا السلوى فً ظلها ‪ ،‬وان‬
‫ٌجدوا فً ذلك عزاء ال ٌجده الشطار والفجار فً الرضى بمآربهم الدنٌا ‪.‬‬

‫‪ -‬حقٌقة ما بعد الموت‪:‬‬


‫ففهم الموت على أنه عدم محض وأنه بداٌة فناء مطلق ؼلط شنٌع ووهم ٌخامر المنتحرٌن عندما‬
‫ٌقررون مؽادرة الحٌاة‪ ،‬هذه أكذب فرٌة ٌشٌعها المبطلون فالحق فً األدٌان كافة هو أن الموت‬
‫مرحلة تتلوها حٌاة أضخم من حٌاتنا هذه وأعمق إحساسا وأرحب آفاقا ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -‬ما بعد الموت طوراً آخر من أطوار الوجود اإلنسانً ٌتسم بزٌادة الوعً وحدة الشعور‪.‬‬
‫النهج القوٌم أن ٌكون مصدر طاقتنا المادٌة والمعنوٌة هو الحق وحده‪.‬‬
‫‪ -‬مواجهة المصابب‪:‬‬
‫عندما ٌصب المرء منا بمصٌبة نجد القلق ٌلتهمه والخوؾ ٌقتلعه من جذوره والخوؾ والقلق فً‬
‫مواجهة المصابب ؼٌر مجدٌان بل ٌزٌدان الطامة والعقل والدٌن ٌوصٌان بالهدوء والطمؤنٌنة فً‬
‫مواجهة المصابب وٌوضح دٌل كارنٌجً منهج فً مواجهة المصابب ٌتفق مع الدٌن والعقل‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬سل نفسك ما هو أسوأ ما ٌمكن أن ٌحدث لً؟‬
‫ٕ ‪ -‬ثم هٌا نفسك لقبول أسوأ االحتماالت‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬ثم أشرع فً إنقاذ ما ٌمكن إنقاذه‪ .‬فالقلق ٌبدد القدرة علً التفكٌر والتركٌز وعندما ٌبقً‬
‫الفكر ٌق ًظا علً هبوب الرٌح رابط الجؤش ٌقلب أوجه الرأي ابتؽاء مخلص مما عراه فؤن‬
‫النجاح لن ٌخطبه‪.‬‬

‫‪ -‬الرسول ٌعلمنا الثبات‪:‬‬


‫والرسول علٌه الصبلة والسبلم ٌحاول أن ٌعمق معً الثبات واالحتمال قاببل (إنما الصبر عند‬
‫الصدمة األولً ) وفً حدٌث أخر ( لتعز المسلمٌن فً مصاببهم المصٌبة فً أنهم لن ٌصابوا‬
‫بمثلً) فالمإمن الراشد ٌفترض أسوأ ما ٌقلقه قد وقع بالفعل ثم ٌنتزع ما تبقً منه وٌنقذ ما‬
‫ٌمكن إنقاذه ‪.‬‬
‫‪ -‬التسلٌم بالواقع‪:‬‬
‫ٌشرح الكاتب فً هذه النقطة أولً خطوات مواجهة الواقع أال وهً التسلٌم بالواقع فتقبل الحقٌقة‬
‫هو الخطوة األولً فً التؽلب علً المصابب حٌث أن طمؤنٌنة الذهن ٌحرر العقل من قٌوده‬
‫والضؽوط ومع ذلك ألن كثٌر من الناس ٌرفضون التسلٌم بالواقع المر وٌرفضون إنقاذ ما ٌمكن‬
‫إنقاذه وبدال من أن ٌحاولوا بناء أمالهم من جدٌد ٌخضون معركة مرٌرة مع الماضً وٌنسقون مع‬
‫القلق الذي ال طابل له وٌقؾ اإلسبلم تجاه البكاء علً الماضً موقؾ شدٌد فهو فً نظر اإلسبلم‬
‫من مظاهر الكفر باهلل والسخط علً قدره‪.‬‬
‫‪ -‬التسلٌم واالستسبلم‪:‬‬
‫بٌن التسلٌم واالستسبلم شعرة معاوٌة شؤنهم شؤن كثٌر من األمور كثٌرا من الناس ٌخلط بٌنهم‬
‫فٌقلب التسلٌم المراد به الجؤش والثبات وإدراك الواقع والبناء علٌه إلً االستسبلم للظروؾ تؤخذه‬
‫وٌسرا كٌفما تشاء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ٌمٌ ًنا‬
‫‪ -‬الرجولة تسٌل من ٌنبوع الٌقٌن الحق‪:‬‬
‫إن الٌنبوع الذي تسٌل منه مخاٌل الرجولة الناضجة هو الذي تسٌل منه معانً الٌقٌن الحق ومن‬
‫أول معالم الحرٌة أال ٌضرع الرجل لحاجة فقدها وعندما ٌكون المرء عبد رؼبة تنقصه‪ ،‬فتلك‬
‫ثؽرة فً رجولته وهً بالتالً ثلمة فً إٌمانه واإلٌمان الحق ٌجعل الرجل صلب العود ال ٌمٌل مع‬
‫كل رٌح‪.‬‬

‫فٔي انعًُِك‪ًُُْ :‬وو وَسًُُوو‪:‬‬


‫اقتباسات من بحر "جدد حٌاتك"‪:‬‬

‫‪ ‬التوجٌه النبوي فً األحادٌث الواردة فً هذا السٌاق ‪ٌ ،‬قصد بها بث السكٌنة فً األفبدة‬
‫واستبصال جراثٌم الطمع والتوجع التً ُتطً لؽوب اإلنسان وتحسره على ما ٌفوته منها‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ ‬والفهم الخاطا المقلوب لبعض الزهاد ألحادٌث النبً فً هذا اللون‪ ،‬واستخدامها إلبطال‬
‫أعمال الحٌاة بدال من تهذٌبها فؤساء بذلك إلى الدٌن والدنٌا معا‪.‬‬

‫‪ ‬وإن من الحماقة أن ٌتحول المال إلى هدؾ مقصود لذاته تذوب فً جمعه المهج‪،‬‬
‫و ُترتخص العافٌة وتتكاثر الهموم و ُتجتذب األمراض!!‬

‫‪ -‬تعالٌم اإلسبلم فً موقؾ اإلنسان من دنٌاه‬

‫ٌتجه ابتداء إلى القلب فٌؽرس فٌه العفاؾ والترفع ‪ ،‬وٌكره إلٌه الجشع والشراهة‬ ‫‪-‬‬
‫والتطلع‪.‬‬
‫إن الطلب الجمٌل من لَّلا تعالى تكسب الحبلل فً سماحة ورفق ‪ ،‬واطراح الحرام فً‬ ‫‪-‬‬
‫َزهادة وأنفة ‪ ،‬ثم تجًء بعد ذلك بقٌة تعالٌم اإلسبلم القابمة على اإلٌمان باهلل ‪،‬‬
‫والتصدٌق بلقابه ‪ ،‬وإٌثار ما عنده ‪ ،‬ومعرفة قدر الدنٌا بالنسبة إلى األخرى ‪ ،‬ثم‬
‫معرفة قدر لَّلا جل شؤنه بالنسبة إلى ما عداه ‪ ،‬وأثر هذه المعرفة علٌه‪.‬‬
‫إذا ؼلبتك أعراض قاهرة فتسلبك طمؤنٌنتك ورضاك ‪ ،‬وهنا ٌجب علٌك أن تتشبث‬ ‫‪-‬‬
‫بالعناٌة العلٌا كً تنقذك مما حل بك ‪ ،‬فإن االستسبلم لتٌار الكآبة بداٌة انهٌار شامل‬
‫فً اإلرادة ٌطبع األعمال كلها بالعجز والشلل‪.‬‬
‫تردٌد كلمات معٌنة لٌس إال مفتاحا ألحوال نفسٌة جدٌدة تتؽٌر بها حٌاة الرجل ‪ ،‬ثم‬ ‫‪-‬‬
‫تستقٌم بعدها خطاه وتبلحقه عناٌة لَّلا‪.‬‬
‫الدعاء هو أوالً تحدٌد وجهة ورسم مثل أعلى ولٌس تردٌد أمانً وارتقاب فرج من‬ ‫‪-‬‬
‫الؽد المجهول‪.‬‬
‫نحن نحب ونتمنى من لَّلا أن نكون عبٌد إحسان ال عبٌد امتحان ‪ ،‬ولكن إذا حدث‬ ‫‪-‬‬
‫وامتؤلت آفاقنا بالؽٌوم المرعدة وواجه المرء ما ٌكره هنا ٌجًء دور الصبر الذي‬
‫ٌطارد الجزع ‪ ،‬والرضا الذي ٌنفى السخط‪.‬‬
‫أكبر الؽنابم فً الحٌاة الخلقٌة ومن أسباب االطمبنان والطمؤنٌنة الرضا الذي ال ٌكون‬ ‫‪-‬‬
‫إال بعد تطهٌر القلب من الوساوس النفسٌة وهذا المقام ٌحتاج إلى رٌاضة شدٌدة‪.‬‬
‫ارض بٌومك وأ ًمل ما ٌسرك فً ؼدك‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫فٔي انعًُِك‪ :‬انْاميَاٌ‪:‬‬


‫فً بحر معانً اإلٌمان‪:‬‬

‫الؽاٌة من الطاعات لٌست مباشره رسومها الظاهرة وتقمص أشكالها ولكن الؽاٌة هً‬ ‫‪‬‬
‫أن تزٌد حده العقل فً إدراك الحق‪.‬‬
‫اإلٌمان باهلل والٌوم اآلخر ‪،‬وفرابض الصبلة‪،‬والزكاة أشعه تتجمع فً حٌاه اإلنسان‬ ‫‪‬‬
‫لتلهمه رشده وتسدد خطاه‪.‬‬
‫المإمن بخٌر ما لم ٌعثر فإذا عثر ولج به العثار‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ذكر الموت واالستعداد لما بعده‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫‪16‬‬
‫اعتدال التفكٌر فً الحٌاة والموت فان اعتدل التفكٌر لم تتحول السعة إلى فوضى ولن‬ ‫‪‬‬
‫ٌتحول الضٌق إلى سجن‪.‬‬
‫القضاء والقدر هو من عند لَّلا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال معنى لتوتر األعصاب واشتداد القلق بإزاء أمور تخرج عن نطاق إرادتنا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الركون إلى القدر ٌورث جراءة على مواجهة الٌوم والؽد‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الشخص المتشابم ٌنكص أمام التخٌبلت التً تنعقد سحاببها من نفسه وهذا من‬ ‫‪‬‬
‫ضعؾ اإلٌمان‪.‬‬
‫اإلٌمان بالقدر ٌرٌح من عناء كثٌر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اإلٌمان بالقدر عبلج للقلق والتشاإم‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫التواكل لٌس إٌمانا بالقدر ولكنه صفه مذمومه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لٌس التبلد هو الدواء لشفاء اإلنسان من األحزان ولكن التسلٌم هلل هو الدواء الذي‬ ‫‪‬‬
‫لٌس بعده دواء‪.‬‬
‫المرونة داللة تؤدب مع لَّلا وسكٌنة فى مبلقاة القدر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫جربت اللٌن والسٌؾ فوجدت اللٌن أقطع‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ارض بما قسمه لَّلا لك تكن اؼنً الناس‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال تنتظر شكرا ممن أحسنت إلٌه ولكن تذكر أن تشكر من أحسن إلٌك‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫ال ٌشد أواصر الجماعات كحفظ المعروؾ وإكرام أهله وال ٌفصم عرى االبتبلؾ‬ ‫‪‬‬
‫وٌعرض لعذاب الفرقة إال ؼمط الحقوق وإهمال ذوٌها والتنكر لما أسدوه من جمٌل‪.‬‬
‫إن ؼش النٌة ٌفسد العمل وٌحبط األجر‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫قدم جمٌلك عشقا لصنابع المعروؾ وابتؽاء ما لدى لَّلا من مثوبة‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫محض عملك هلل وأنشد ثوابه وحده‪ ،‬وال تنتظر أن ٌشكرك احد من الناس بل توقع أن‬ ‫‪‬‬
‫ٌضٌق الناس بك وأن ٌحقدوا علٌك‪.‬‬
‫الصبر حبس النفس على ما تكره‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اقبل واقعك المفروض ثم اترك العنان لمواهبك تحول المحنة إلى منحة وتحول ما فٌه‬ ‫‪‬‬
‫كدر وطٌن إلى وروود ورٌاحٌن‪.‬‬
‫ال تنافر بٌن العلم والدٌن أبدا‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اإلٌمان باهلل الواحد لٌس لعبة سٌاسٌة أو تشرٌعا استثنابٌا كبل انه الحقٌقة التً ضل‬ ‫‪‬‬
‫عنها الؽافلون أو المستؽفلون‪.‬‬
‫إن اإلٌمان الوثٌق قلٌل‪ ،‬معدن قلما تخلو منه نفس عظٌمة‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫فٔي انعًُِك‪ :‬بِاْنذَكِّ َأَِ َزنَُْاُِ وَباْنذَكِّ َزَل‪:‬‬


‫وتقرر الحق‪.‬ذاك‬
‫ّ‬ ‫إن اإلسبلم أداة لتنظٌم األفكار على نحو معٌن‪ ،‬تنتظم المقدّمات لتنتج الصواب‬
‫فً المجال العقلً‪ ،‬أما فً المجال النفسً واالجتماعً فهو أداة لتنظٌم المشاعر والعواطؾ على‬
‫نحو ٌنشا الفضٌلة‪ ،‬وٌدعم األخوة‪ ،‬أو على نحو ٌنفً الرذٌلة‪ ،‬وٌمحق األَ َثرة‪.‬‬
‫فاإلسبلم – بما حوى من تعالٌم – إنما ٌم ّهد للناس طرٌق الهداٌة التً تؤخذ بنواصٌهم وأفبدتهم‬
‫إلى الحقٌقة والكمال‪.‬‬
‫‪ ‬وهذه الهداٌة فً مجاالت النظر والتفكٌر‪ ،‬وفً مجاالت األدب والمعاملة هً النتٌجة‬
‫المنشودة من وراء العبادات المقررة‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫ٌ‬
‫أشعة تتج ّمع فً حٌاة اإلنسان‬ ‫‪ ‬إن اإلٌمان باهلل والٌوم اآلخر‪ ،‬وفرابض الصبلة والزكاة‬
‫شده‪ ،‬وتجعله فً الوجود موصوالً بالحق ال ٌتنكر له‪ ،‬وال ٌزٌػ‬ ‫لتسدد َخ ْطوه وتلهمه ُر ْ‬
‫عنه‪.‬‬
‫والذٌن ال ٌستفٌدون من صلتهم باهلل بهذه الهداٌة فبل خٌر فً عباداتهم‪ ،‬وال أثر لصبلتهم‬
‫وزكاتهم‪.‬‬
‫ش ًة َ‬
‫ض ْن ًكا )‬ ‫ش َقى ‪َ ،‬و َمنْ أَ ْع َر َ‬
‫ض َعنْ ِذ ْك ِري َفإِنه َل ُه َمعٌِ َ‬ ‫اي َف َبل ٌَضِ ل ُّ َو َال ٌَ ْ‬
‫( َف َم ِن ا هت َب َع هُدَ َ‬
‫‪ ‬واإلٌمان أٌضا بالقدر خٌره وشره‪:‬‬
‫ومما ٌضع حداً أقصى لكدر اإلنسان أن ٌقارن بٌن ما لدٌه من خٌر‪ ،‬وما ٌحسه األلوؾ من‬
‫حرمان‪ ،‬ولن تعدم – إذا فتحت عٌنٌك بدقة – من تمتاز علٌهم فً نفسهم ومالك‪ ،‬ومن ٌرزحون‬
‫تحت ضوابق هً أثقل مما اب ُتلٌت به)‪.‬‬
‫مر بمجلس وهم ٌضحكون فقال‪( :‬أكثروا من ذكر هادم‬ ‫وعن أنس رضً لَّلا عنه أن رسول لَّلا ّ‬
‫اللذات – أحسبه قال ‪ :-‬فإنه لم ٌذكره أح ٌد فً ضٌق من العٌش إال وسعه‪ ..‬وال فً سعة إال ض ٌّقها‬
‫علٌه)‬
‫فلٌس ذكر الموت إلفساد الحٌاة وإساءة العمل فٌها‪ ،‬بل للتخفٌؾ من االؼترار بها‪،‬‬
‫فإذا اعتدل التفكٌر فلن تتحول السعة إلى فوضى‪ ،‬ولن ٌتحول الضٌق إلى سجن‪.‬‬

‫صَُع ئٍَ انْهَ ِيًُوَت انًْهذَت شَرَاباً دُ ْهواً‪:‬‬


‫فٔي انعًُِك‪ :‬أ ِ‬
‫س النفس على ما تكره‪.‬‬
‫الصبر‪ :‬ح ْب ُ‬
‫وهذا تفسٌر حسن إذا عنٌنا به مواجهة الشدابد بثبات ال نكوص معه‪ ،‬وعقل ال ٌفقد توازنه‬
‫واعتداله‪ ...‬ؼٌر أن حبس النفس على ما نكره إذا عنٌنا به دوام الشعور بمرارة الواقع‪ ،‬وطول‬
‫حال منكرة من الكآبة والتب ّلد‪.‬‬
‫اإلحساس بما فٌه من سوء وأذى‪ ،‬قد ٌنتهً باإلنسان إلى ٍ‬
‫تذوق‬
‫حول‪ ،‬ولن ٌتم ّ‬
‫ٌصح فٌه هذا الت ّ‬
‫ّ‬ ‫واإلسبلم ٌعمل على تحوٌل الصبر إلى رضا فً المجال الذي‬
‫ّ‬
‫النفس لبرد الرضا بإصدار أمر جاؾ‪ ،‬أو فرض تكلٌؾ أجوؾ‪ ،‬كبله‪ ،‬فاألمر ٌحتاج إلى تلطؾ مع‬
‫النفس‪ ،‬واستدراج لمشاعرها النافرة‪ ،‬وإال فبل قٌمة ألن تقول‪ :‬أنا راض‪ ،‬ونفسك طافحة بالضٌق‬
‫ّ‬
‫والتقزز!!‬

‫‪18‬‬
‫‪ ‬فمن ٌدري؟ ُر ّب ضارة نافعة‪ُ ،‬ر ّب محنة فً طٌها منحة‪ ،‬من ٌدري؟ ربما كانت هذه‬
‫المتاعب التً تعانٌها بابا ً إلى خٌر مجهول‬
‫‪ ‬المتاعب واآلالم هً التربة التً تنبت فٌها بذور الرجولة‪ ،‬وما تف ّتقت مواهب‬
‫العظماء إال وسط ركام من المشقات والجهود‪.‬‬
‫‪ ‬أصحاب الٌقٌن وأولو العزم ٌل َقون الحٌاة بما فً أنفسهم من رحابة قبل أن تلقاهم بما‬
‫وٌحول ما فٌه من كدر وطٌن إلى ورود‬‫ّ‬ ‫فتحول محنتهم إلى منحة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فٌها من َع َنت‪،‬‬
‫ورٌاحٌن‪.‬‬

‫يف انعًُِك‪ :‬بَ ِيٍَ انْاِيـًَاٌ وَانْاحلَاد‪:‬‬


‫من هم الملحدون بنظر الؽزالً؟ هم من ٌحسبون أن العلم واإلٌمان ضدّ ان!!‬
‫وإن االرتقاء الثقافً ٌصحبه حتما ً إقصاء الدٌن عن الطرٌق!!‬
‫وٌمكنك أن تضم إلى هإالء األؼرار طابفة أنصاؾ المتعلمٌن‪.‬‬
‫وهً طابفة عرفت بعض الحق وجهلت بعضه اآلخر‪ .‬ولم تترٌث لتستكمل معرفتها‪ ،‬بل أصدرت‬
‫حكمها الحاسم على ضوء ما عرفت فقط‪.‬‬
‫قال (فرنسٌس بٌكون)‪( :‬إن قلٌبلً من الفلسفة ٌجنح بالعقل إلى اإللحاد‪ ،‬ولكن التع ّمق فً الفلسفة‬
‫خلٌق أن ٌعود بالمرء إلى الدٌن)‪.‬‬
‫_إن اإلٌمان باهلل بدٌع السموات واألرض لم ٌزل – كما كان – قابما ً باألنفس‪ ،‬ولم ٌزل صوت‬
‫الفطرة العالً‪ ،‬وإن أخ َف َته أحٌانا ما ٌحٌط به من إضافات ضا ّلة‪.‬‬

‫يف اْنعًُِك‪ :‬نَا تَ ُِتَظر انشُ ْكرَ ئ ٍِ أَدَذ‬


‫المبرأ أه ّم ما ٌطلبه اإلسبلم منك‪ ،‬حٌن ُتسدي إلى أح ٍد‬
‫ّ‬ ‫إن هذا التعلُّق بالكمال المطلق واإلحسان‬
‫معروفا ً قدّ م جمٌلك عشقا ً لصنابع المعروؾ وابتؽاء ما لدى لَّلا من مثوبة‪.‬‬
‫تعول على َح ْمد أحد أو تقدٌره‪ .‬كن كما وصؾ لَّلا األبرار من عباده‪َ  :‬و ٌُ ْط ِع ُمونَ ه‬
‫الط َعا َم َع َلى‬ ‫وال ِّ‬
‫(ٔ)‬
‫ورا‪. ‬‬ ‫ش ُك ً‬ ‫ه‬
‫لَّلا َال ُن ِرٌ ُد ِم ْن ُك ْم َج َزا ًء َو َال ُ‬ ‫ِسكٌِ ًنا َو ٌَتٌِ ًما َوأَسِ ً‬
‫ٌرا ‪ ،‬إِ هن َما ُن ْط ِع ُم ُك ْم ل َِو ْج ِه ِ‬ ‫ُح ِّب ِه م ْ‬
‫هل ابتؽاء وجه لَّلا عسٌر على الناس؟‬
‫المإسؾ أن أؼلب البشر تهٌجهم للعمل بواعث مشوبة‪ ،‬وٌطلبون به ؼاٌات شتى‪ ،‬وقلٌل جداً‬
‫نقً‪ .‬فبل َج َرم أن ٌشتد اإلسبلم فـً تمحٌص القلوب‪ ،‬وإخبلص السرابر‪،‬‬ ‫الذٌن ٌتحركون بدافع ّ‬
‫واشتراط وجه لَّلا فً كل شؤن ٌقوم الناس به‪ ،‬وتجرٌد األعمال من كل مبلبسة تخدش النٌة‪ ،‬وفً‬
‫الحدٌث (إن لَّلا تبارك وتعالى ٌقول‪( :‬أنا خٌر شرٌك‪ ،‬فمن أشرك معً شرٌكا ً فهو لشرٌكً) ٌا‬
‫أٌها الناس أخلصوا أعمالكم‪ ،‬فإن لَّلا تبارك وتعالى ال ٌقبل من األعمال إال ما خلُص له‪.‬وال تقولوا‬
‫هذه هلل وللرحم‪ ،‬فإنها للرحم ولٌس هلل منها شًء‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫(ٔ‬
‫وال تقولوا هذه هلل ولوجوهكم‪ ،‬فإنها لوجوهكم‪ ،‬ولٌس هلل منها شًء)‬
‫ض عملك هلل‪ ،‬وأنشدْ ثوابه وحده‪ ،‬وال تنتظر أن ٌشكرك أحد من الناس‪ ،‬بل تو ّقع أن‬ ‫مح ْ‬
‫ِّ‬ ‫‪‬‬
‫ٌضٌق الناس بك!! وأن ٌحقدوا علٌك!! وأن ٌبتؽوا لك الرٌبة وٌنسوا الفضل!!‬

‫فٔي انعًُِك‪ :‬لضاءٌ ولذرْ‪:‬‬


‫إحساس المإمن بؤن زمام العالم لن ٌفلت من ٌد لَّلا ٌقذؾ بمقادٌر كبٌرة من الطمؤنٌنة فً فإاده‪.‬‬
‫ِب َع َلى‬ ‫ْإذ مهما اضطربت األحداث وتقلبت األحوال فلن ت ُب ّت فٌها إال المشٌبة العلٌا‪َ :‬و ه‬
‫لَّلاُ َؼال ٌ‬
‫أَ ْم ِر ِه َو َلكِنه أَ ْك َث َر ال هن ِ‬
‫(ٔ)‬
‫اس َال ٌَ ْعلَ ُمونَ ‪‬‬
‫فبل معنى لتوتر األعصاب واشتداد القلق إزاء أمور تخرج عن نطاق إرادتنا‪.‬‬
‫ومن ثم ٌنبؽً أن نستقبل الدنٌا بٌقٌن وشجاعة‬
‫لَّلاُ َل َنا ه َُو َم ْو َال َنا َو َع َلى ه ِ‬
‫لَّلا َف ْل ٌَ َت َو هك ِل ا ْل ُم ْإ ِم ُنونَ )‬ ‫(قُلْ َلنْ ٌُصِ ٌ َب َنا إِاله َما َك َت َب ه‬

‫‪ ‬موقؾ المإمنٌن باألقدار ٌ ّتسم بالقوة والتحدي‪ ،‬وال شاببة فٌه لرٌبة أو استخذاء‪.‬‬
‫ؼٌر أن كثٌراً من الناس ٌجهلون هذه الحقٌقة أو ٌجحدونها‪ ،‬وٌباشرون أعمالهم وهم ٌحملون بٌن‬
‫جوانبهم هموما ً مقٌمة‪ ،‬ومشاعر عقٌمة‪.‬وهم ال ٌجزعون من أحزان تصٌبهم فحسب‪ ،‬بل ٌجزعون‬
‫من أحزان ٌتوقعونها‪ ،‬وٌفترضون أن المستقبل قد ٌرمٌهم بها‪.‬‬
‫والسبب‪ :‬ضعؾ اإلٌمان مادام ٌسٌطر علً المتشابم فهو سٌفترض النحس مقببلً علٌه مع أندر‬
‫تقر نفوس هإالء إال إذا خالطها محض اإلٌمان باهلل والتسلٌم له‪،‬‬
‫نسبة للشر ٌمكن أن تقع‪ ،‬ولن ّ‬
‫والرضا بما ٌقدره‪.‬‬
‫مفر منه‪.‬‬
‫وتق ُّبل أسوأ الفروض على أنها قضاء لَّلا الذي ال ّ‬
‫‪ ‬المإمن الذي ٌبصر عمل لَّلا فً كل ما ٌمسه ال ٌتخبط بٌن هذه االنفعاالت‪ ،‬فٌرفعه هذا‬
‫إلى القمة‪ ،‬وٌخفضه ذلك إلى الحضٌض؛إنه ٌلوذ باالعتدال‪ ،‬وٌسٌطر على أعصابه‪ ،‬وتلك‬
‫بعض ثمرات اإلٌمان بالقدر‪..‬‬
‫‪ ‬إن وخزات األحداث قد تكون إٌقاظا ً لئلٌمان الؽافً‪ ،‬ورجعة باإلنسان إلى لَّلا‪.‬‬
‫تحـول الـداء دوا ًء‪ ،‬والمحنة منحة‪ ،‬وتلك ال رٌب أشهى ثمرات الٌقٌن‪ ،‬والرضا بما‬
‫ّ‬ ‫وهـذه النتٌجة‬
‫رب العالمٌن‬
‫ٌصنعه ُّ‬
‫‪( ‬ارض بما قسم لَّلا لك تكن أؼنى الناس)‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫فٔي انعًُِك‪ :‬انعًََم بَنيَ األَثرة واإليثار‪:‬‬
‫الحدود الفاصلة بٌن حب النفس واألثرة‪:‬‬

‫ٔ ‪ -‬إن ؼرٌزة حب النفس لٌست شراً محضاً‪ ،‬فإن نشاط العمران وسر التقدم العلمً والكشوؾ‬
‫التً نقلت العالم من طور إلى طور‪ٌ ،‬عود قبل كل شًء إلٌها‪ ،‬وفى علوم النفس الحدٌثة‬
‫(حب النفس بقدر) هو أول الطرٌق لحب اآلخرٌن‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬وحب النفس علٌه التعوٌل كذلك فً إحراز اآلخرة والزحزحة عن النار ودخول الجنة‪ ،‬ولٌس‬
‫ضعة بالمرء أن ٌعبد لَّلا ابتؽاء جنته أو خشٌة ناره‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬وتتحول ؼرٌزة حب النفس إلى األثرة عندما تمرض‬
‫وتتورم وتتضخم وتنمو (أنا) فً اإلنسان حتى ٌقول‪:‬‬
‫"أنا ربكم األعلى"‪ .‬ومع ذلك قد تكون قولة (أنا) آٌة‬
‫على تحمل التبعات الضخمة أو ذكر حقٌقة ٌجب أن‬
‫تستقر فً األذهان؛ كما فً أقوال كثٌرة للرسول (صلى‬
‫األثرة مثل نقطة مظلمة مصمتة‬ ‫لَّلا علٌه وسلم) عن نفسه‪.‬‬
‫منغلقة تتورم وتتضخم‬
‫ماهٌة األثرة واألعمال المتولدة عنها‪:‬‬

‫ٔ ‪ -‬األثرة هً طلب الحقوق دون أداء الواجبات‪ ،‬حٌث ٌنطلق المرء فً الدنٌا متطلعاً‪ ،‬شعاره‬
‫(هل من مزٌد) من ؼٌر كفاٌة وال استحقاق‪ .‬ومثل هذا المسلك ال تضمن به دنٌا وال ٌصح‬
‫به دٌن‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬وتظهر األثرة فً ضعؾ اإلٌمان بالحق والجزاء‪ ،‬فاألنانٌون ٌفهمون الدٌن نواٌا ببل عمل‬
‫وثمرة ببل ؼرس أو عقابا ً ٌقع على اآلخرٌن وحدهم‪ .‬وهذا الصنؾ من الناس ضعٌؾ‬
‫اإلحساس بؤخطابه‪ ،‬وٌعتقد أن خطٌبته الكبرى تذوب من تلقاء نفسها دون جهد مضن‬
‫وسهر طوٌل‪ ،‬وهو ٌعٌش فى حدود مطالبه الخاصة‪ ،‬أما إذا كان علٌه شًء فهو ٌذهل عنه‪.‬‬
‫ٖ ‪ٌ -‬قبل الحكم له ألنه مؽنم وٌرفض الحكم علٌه ألنه مؽرم‪ ،‬ؼٌر ناظر لعدالة أو مصلحة عامة‪،‬‬
‫تعجبه نفسه وحدها وآراإه وحدها‪ ،‬فإذا لم ٌسمع له تراه ساخطا ً ناقداً‪.‬‬
‫كل ذلك لون من األثرة الجشعة الجابرة (نفسً أوالً ولٌذهب اآلخرون إلى الجحٌم)‪ ،‬وخبلصة‬
‫القول‪" :‬إن شر الناس عند لَّلا من ال ٌرجى خٌره وال ٌإمن شره"‪.‬‬

‫اآلثار السلبٌة المترتبة على األثرة والتً تلحق بالفرد والمجتمع‪:‬‬


‫ٔ ‪ -‬األثرة نقمة على أصحابها‪ :‬فنجد أن إحساس المرء بنفسه إذا زاد عن حده ٌحجبه عن‬
‫اآلخرٌن وٌحصره فى عالم خاص به ماضٌا ً فً تكبٌر شؤنه وتهوٌن ؼٌره‪ ،‬وٌنسج حول‬
‫فكره ؼبللة سمٌكة من الؽرور‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬األثرة نقمة على المجتمع‪ :‬وتظهر فً االضطراب االجتماعً الذي نعانٌه وفقدان التعاون‪،‬‬
‫وقلة االكتراث بشبون المجتمع‪ ،‬وتؤخٌر االهتمام بالبلد الذي نحٌا فٌه واألمة التً نرتبط بها‬
‫والرسالة التً ننتسب إلٌها‪ .‬وإذا قمنا بإسقاط ذلك على واقعنا الحالً سٌتضح أن ما ٌحدث‬
‫فى ببلدنا العربٌة ما هو إال (أثرة دول)‪ ،‬فكل دولة تقول (أنا أوالً) ولنترك الدول التً تعانى‬
‫من االحتبلل والحروب دون دعم وعون !! إذا لم نستخدم اآلن كل ما لدٌنا من قوة‬
‫لمساعدتهم فمتى نستخدمها إذن؟!‬
‫ٖ ‪ -‬األثرة نقمة على الدٌن‪ :‬عندما ٌسلط األنانٌون أفكارهم الضٌقة على الدٌن‪ٌ ،‬مسخون‬
‫نصوصه وٌحرفون الكلم عن مواضعه‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫إن األثرة ٌجب أن تعالج منذ الطفولة المبكرة‪ ،‬حتى تنبت الناشبة وهى تنظر إلى نفسها وإلى‬
‫ؼٌرها نظرة ال جنؾ فٌها وال قصور‪.‬‬
‫انتزاع األثرة من النفس‪:‬‬
‫تشبث األنانٌة بالنفس كبٌر والتماس العوض العاجل على بذل المعروؾ شابع بٌن الناس واألمر‬
‫ٌحتاج إلى مران طوٌل كٌما ٌخلص العمل من الشوابب التً تشٌنه‪ ،‬لذا فإن لَّلا عز وجل قد شرع‬
‫لنا من التعالٌم ما ٌجنبنا نقابص األثرة‪ ،‬وما ٌجعل البشر جماعات متكافلة متعاونة على البر‪،‬‬
‫متواصٌة بالمرحمة‪ .‬إال أن األمر ٌقوم أٌضا ً ‪ -‬لمن تضٌق أنفسهم بالوعظ الدٌنً‪ -‬على حقٌقة‬
‫علمٌة ٌجب أن ٌستوي المإمنون والكافرون فً احترامها فهً أفضل طرٌق لراحة أنفسنا ودوام‬
‫سعادتها‪.‬‬
‫اإلٌثار بٌن الحقوق والواجبات‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬إن الدٌن حقوق وواجبات‪ ،‬وإن الدنٌا حقوق وواجبات‪ ،‬وكل عقد ذي بال بٌن طرفٌن فهو‬
‫ٌنطوي على حقوق وواجبات‪ ،‬واإلٌثار هو أن تإدى واجبك وتشعر بعببه على كاهلك وال‬
‫تلتمس منه المهارب‪ .‬فإذا وفٌت بما علٌك‪ ،‬فانتظر حقك أو اطلبه كامبلً فلن ٌعٌبك أحد‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬وقد جعل اإلسبلم (األخوة العامة) نظاما ً عادالً تصان به الحقوق والواجبات وٌتم فٌه تبادل‬
‫العاطفة على نحو ٌرقى باإلنسان‪ ،‬وٌجمع بٌن ما ٌنشده لنفسه‪ ،‬وبٌن ما ٌحب لآلخرٌن‪.‬‬
‫واإلٌثار قرٌن اإلٌمان‪ ،‬فنجد أن المسلم الكامل ٌنفع األمة وال ٌصدر عنه إال الخٌر وال ٌتوقع‬
‫منه إال الفضل والبر‪ٌ ،‬سعى فً هذه الحٌاة وقلبه مفعم بالمحبة ولسانه رطب بالود‬
‫والمسالمة وٌده مبسوطة بالنعمة ٌفٌبها على من ٌلقاه وٌقدمها ‪-‬من ؼٌر تكلؾ‪ -‬إلى سواه‪.‬‬

‫سعة دابرة اإلٌثار‪:‬‬


‫لئلٌثار درجات‪ ،‬حسب مواهب الناس ومنازلهم‪:‬‬
‫ٔ ‪ -‬القوى الجلد‪ :‬زكاة قوته وجلده أن ٌزٌد فً إنتاج‬
‫األمة وأن ٌسهم فً نهضتها العامة وأن ٌصل‬
‫نشاطه بنشاط أنداده فٌتعاونوا على البر والتقوى‪،‬‬
‫لٌنفع نفسه وٌإدى الضرٌبة التً تجب علٌه‬
‫للمجتمع‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬فمن عجز عن هذا العمل اإلٌجابً الواسع‪ ،‬فلن‬
‫ٌعجز أن ٌساعد النافعٌن وٌشد أزر المكافحٌن‪.‬‬
‫اإليثار مثل دائرة متسعة تضم فى حناياها‬ ‫ٖ ‪ -‬وقد ٌكون المسلم فً مرتبة دون هذه وتلك‪ ،‬فعلٌه‬
‫الكثير من األفعال التى تتفاوت فى صعوبتها‬ ‫عندبذ أن ٌلزم خاصة نفسه فٌفعل الخٌر وٌترك‬
‫ومنزلتها وتأثيرها‬ ‫الشر‪ ،‬لٌتمسك بالخصلة الباقٌة له من شعب‬
‫اإلٌمان‪.‬‬

‫إن المإمن خٌر كله وحٌاته سلسلة موصولة الحلقات من دعم المثل العلٌا وإبراز عناصر‬
‫الفضٌلة‪ ،‬والجماعة المإمنة ٌجب أن تكون صورة لما رعته تعالٌم اإلسبلم من إعظام لخبلل‬
‫الخٌر وإنكار لخبلل الشر‪ ،‬صورة تجعل أهل األرض جمٌعا ً ٌنظرون إلى أمتنا بإجبلل وإعجاب‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫انذَ ِرس انثَاَِي‪ :‬عٔهىْ أثًَْرِ انعًََم‬
‫ٌمر التعلم بثبلث مراحل متتالٌة‪ :‬هً وفرة اإلدراك ثم استحضار المبادئ والقوانٌن‬
‫والمصطلحات‪ ،‬وأخٌراً الثمرة المرجوة وهى الملكة‪ ،‬والتً ٌقصد بها الخبرة المكتسبة من رسوخ‬
‫المرء فٌما حصل علٌه من معارؾ‪ ،‬وهذه الملكة تتؤكد فٌنا وترسخ أكثر بداخلنا عندما تتحول‬
‫األفكار والمعلومات إلى عمل‪ ،‬سواء فً مجال الدٌن أو الدنٌا‪ .‬وهذه بعض األمثلة‪:‬‬

‫ٌثمر‬ ‫ٌتحول إلى‬ ‫البداٌة‬


‫علم‬ ‫عمل تطبٌقً‬ ‫علم نطرى‬ ‫التعلم‬
‫الملكة التً ٌستنٌر بها‬ ‫ٌتم تناقله عبر األلسنة ٌحٌى القلوب بالمعرفة‬ ‫الماهٌة‬
‫المرء‪ ،‬وٌعرؾ منها‬ ‫الٌقظة الدافعة‬ ‫واألسماع والعقول‬
‫موقع أقدامه فً دروب‬
‫الحٌاة المتشابهة‪ .‬وهو‬
‫خبلصة المران والتجربة‬
‫التً تعلق بؤذهاننا أو‬
‫بؤذهان الؽٌر‬
‫حدة فً بصٌرة المإمن‬ ‫تقوى لَّلا واإلٌمان اقتفاء أثر الرسول وإتباع‬ ‫أمثلة فً مجال الدٌن‬
‫وحاسة دقٌقة ٌمٌز بها‬ ‫سننه ألنه الترجمان‬ ‫بالرسول‬
‫بٌن الخبٌث والطٌب‪،‬‬ ‫العملً الحً لما فً‬
‫وقلما تختلط األمور على‬ ‫الكتاب الكرٌم من توجٌه‬
‫فطنته‬ ‫وموعظة فٌتقى المرء‬
‫الدناٌا وٌفعل الواجبات‬
‫واإلخبلص‬ ‫الخشوع‬ ‫إقامة الصلوات المكتوبة‬ ‫دروس تعلم الصبلة‬
‫والتسامً‬ ‫كما تعلمها الفرد ثم‬
‫إتقانها وإقبال‬
‫المصلى على ربه‬
‫حقابق سلوكٌة حٌة فً‬ ‫والتربٌة ٌكون المرشد أول من‬ ‫األخبلق‬
‫المجتمع واكتمال نفسً‬ ‫ٌفعل الخٌر وٌسبق إلى‬ ‫واإلصبلح‬
‫واجتماعً‬ ‫البعد عن الشر‬
‫المعرفة تعلق باألذهان‬ ‫تجرٌب وعمل وتطبٌق‬ ‫القراءة‬ ‫أمثلة فى مجال الدنٌا‬
‫فً كل فرصة تسنح‬
‫للمرء‬
‫ثقة وخبرة والتعرؾ على‬ ‫المهنة الخاصة أو العمل إتقان وابتكار طرق‬
‫المواهب الكامنة‪ ،‬ونماذج‬ ‫النبوغ به‬
‫متمٌزة فى المجتمع‬
‫تحلٌل المشكلة‪ :‬ما هً الحصول على كافة‬ ‫المشكبلت‬
‫المحٌطة‬ ‫هو الحقابق‬ ‫وما‬ ‫المشكلة؟‬
‫منشؤها؟ وما هً الحلول بالمشكلة والقدرة على‬
‫الممكنة؟ وما هو أفضل حلها وتبلفى األخطاء‬
‫مستقببلً‬ ‫الحلول؟‬
‫خبرة ولصوق الفن‬ ‫المناورات العسكرٌة‬ ‫الفنون الحربٌة‬
‫الحربً‬
‫فى أنفس الجنود‬
‫توابع االكتفاء بالعلم النظري ٌتم نسٌانه وٌطوى أمره دون نتٌجة فعالة‪ٌ ،‬فتح أبوابا ً مخوفة‬
‫للجدل الطوٌل وللثرثرة القاتلة للوقت والجهد‬

‫‪23‬‬
‫رُ ِؤيَـت يٍ خالل لراءة انكٔتَاب ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫‪24‬‬
‫عَ ِو َدةُ انرُوح‪:‬‬
‫‪ -‬مقدمة‬
‫اإلسبلم دٌن حٌاة‪ ،‬كثٌراً ما نسمع ونردد هذه المقولة ولكن واقعنا ٌقول بؽٌر ذلك فإذا نظرت فً‬
‫الناس من حولك لوجدت جثث هامدة ووجوه خافتة كهول فً العشرٌن من عمرهم قد تظن ذلك‬
‫من التلوث أو من الزحام أو حتى من المبٌدات المتسرطنة (بتاعت ٌوسؾ والً) وقد تسوق من‬
‫األسباب المادٌة العشرات والعشرات ولكن قبل كل ذلك كهول العشرٌن من عمرهم أصبتهم‬
‫الشٌخوخة ال ن أرواحهم شاخت قبل أوانها ‪ ،‬نعم الن اإلنسان ما هو إال روح أذا أٌقظتها أٌقظت‬
‫شٌخ فً الثمانٌن وإذا قتلتها قتلت شاب فً العشرٌن قبل أوانه فإذا أردنا أن نطبق مقولة اإلسبلم‬
‫دٌن حٌاة وٌصبح اإلسبلم هو الحٌاة والحٌاة هً اإلسبلم علً المسلمون أن ٌستعٌدوا روح‬
‫اإلسبلم فتنبض أجسامهم بالحٌاة مرة أخري ‪.‬‬
‫‪ -‬اإلسبلم والفطرة‬
‫عند سماع كلمة فطرة أول شًء ٌتبادر إلً ذهنً هو حدٌث الثبلثة الذٌن جاءوا لٌسؤلوا عن حال‬
‫النبً فوجوده ٌصوم وٌفطر وٌقٌم جزء من اللٌل وٌنم جزء أخر من اللٌل وٌتزوج النساء فرأوا‬
‫ذلك قلٌبل وفهموا اإلسبلم انه دٌن قٌام ببل نوم وصوم بدون إفطار وعزوؾ عن الزواج بل‬
‫أعراض عن الحٌاة فكان الحسم من الحبٌب المصطفً إن ذلك أعراض عن سنته ومنهاج اإلسبلم‬
‫وبذلك ٌرسم الرسول الكرٌم خط مستقٌم للمسلمٌن أال وهو أن اإلسبلم والفطرة شًء واحد‬
‫فاإلسبلم لم ٌؤتً لٌحً الناس فً كآبة وإعراض عن كل مظاهر الحٌاة (ممكن نقول ٌموتوا بالحٌا‬
‫) بل جاء لٌخرجهم من الظبلم إلً النور وٌعٌدهم لفطرتهم التً فطرهم لَّلا علٌها لٌقوموا‬
‫بدورهم فً الحٌاة من عبودٌة للخالق التً لن تتم إال بعمارتهم األرض فكٌؾ إلنسان أن ٌعمر‬
‫الحٌاة واألرض وهو كاره لحٌاته ونفسه‪.‬‬
‫عودة الناس للفطرة السلٌمة فً أطار الدٌن ومقاصده ( ًألن كلمة فطرة كلمة فضفاضة وقد تحمل‬
‫معانً كثٌرة وٌحاول كل إنسان أن ٌشكلها علً هواه فبل بد لها من مرجعٌة لضبط المعنً) هً‬
‫الخطوة األولً إلعادة الروح للجثث الهامدة وإشراق النور من جدٌد فً الوجوه الخافتة‪.‬‬
‫وحال المسلمٌن مع الفطرة السلٌمة وقٌم الحٌاة ؼرٌب فبٌن أٌدٌهم كتاب ٌتلً لٌل نهار ملا بالقٌم‬
‫التً تعمر دنٌاهم وأخرتهم ولكنهم ؼافلون واألشد من ذلك هً قلب المفاهٌم وترسٌخ مفاهٌم‬
‫خاطبة من شؤنها ترسٌخ واقع مرٌر علً العكس من حال البشر فً الؽرب فحظهم من الوحً‬
‫قلٌل وسادتهم كثٌر من موجات اإللحاد وفصل الدٌن عن الحٌاة ولكن ٌنقبون عن قٌم الحٌاة‬
‫ومعانً الفطرة كما ٌنقب المنقبون عن الذهب كما ٌصؾ حالهم الشٌخ الؽزالً وٌعلون منها‬
‫وأصبحوا ٌحٌوا بكثٌر من القٌم التً هً من جوهر اإلسبلم وتوفرت فٌهم سنن العدل والحق أما‬
‫المسلمٌن فٌحتاجوا إلً ثورة علً المفاهٌم الخاطبة التً رجعت بهم إلً الخلؾ‪.‬‬
‫‪ -‬التؽٌٌر‬
‫من أكثر المفاهٌم التً تحتاج إلً تصحٌح هو مفهوم التؽٌٌر فاألسؾ أرتبط مفهوم التؽٌٌر فً‬
‫أذهان الناس بطاقة سحرٌة أو قوة خارقة تؤتٌهم من حٌث ال ٌعلمون تؽٌر حالهم من حال إلً حال‬
‫بٌن عشٌة وضحاها ومش عارؾ ده ممكن نفسره لمفهوم خاطا فً ذهن الناس وال هزٌمة‬
‫نفسٌة هما عاٌشنها وٌتوارثوها من جٌل لجٌل فده أفقدهم ثقتهم فً مقدرتهم علً التؽٌٌر‬
‫واألرجح أنه السببٌن ولرجعنا بذاكرتنا لقصص األطفال اللً كانت تتكلم عن الفانوس السحري‬
‫والعفرٌت ٌخرج منه ٌؽٌر حٌاة اإلنسان الفكرة واحدة ولكن الشكل اختلؾ فً واقعنا فؤصبحت‬
‫الواسطة هً الرافد الذي سٌؽٌر حٌاة اإلنسان وٌحصل من خبلله اإلنسان علً كل شًء أو‬

‫‪25‬‬
‫إنسان أخر ٌحل مشاكله كوالد أو قرٌب أو حدث خارجً ٌؽٌر حٌاتهم وهذا وهم كبٌر وكذب علً‬
‫النفس فاإلسبلم ملًء بالنصوص التً تحارب وتدحض هذا المفهوم المؽلوط التً توضح أنه بٌدك‬
‫وبنفسك بؤذن لَّلا سٌكون كل تؽٌٌر (إن لَّلا ال ٌؽٌر ما بقوم حتى ٌؽٌروا ما بؤنفسهم ) وأنه لن‬
‫ٌؽنً عنك أحد ففً معنً الحدٌث ٌوجه الرسول الكرٌم علٌه أفضل الصبلة والسبلم ابنته السٌدة‬
‫فاطمة أنه لن ٌؽنً عنها من لَّلا من شًء وؼٌرها من النصوص التً توجه اإلنسان أن ما أصابه‬
‫من شًء هو مما اقترفت ٌداه وأخري توجهه أن انه بمقدار سعٌه ٌكون رزقه‪.‬‬
‫ولتؽٌٌر النفس عوابق أهمها التسوٌؾ فهو ٌقرض العمر كما تقرض الفبران الخشب فجؤة ٌصدم‬
‫المرء بؤن عمره تبخر من بٌن أٌدٌه وفٌه وصؾ جمٌل جدا لستٌفن لٌكوك (ما أعجب الحٌاة‬
‫ٌقول الطفل ‪ :‬عندما أشب وٌقول الؽبلم ‪:‬عندما أأترعرع فؤصبح شابا ‪ ،‬وٌقول الشاب ‪:‬عندما‬
‫أتزوج ‪ .‬فإذا تزوج ‪:‬قال عندما أصبح رجبل متفرؼا ‪ ..‬فإذا جاءت شٌخوخته تطلع المرحلة التً‬
‫قطعها من عمره ‪.‬فإذا هً تلوح وكؤن رٌحا باردة اكتسحتها اكتساحا ‪...‬أننا نتعلم بعد فوات‬
‫األوان أن قٌمة الحٌاة فً أن نحٌاها ‪،‬نحٌا كل ٌوم منها وكل ساعة ) ومشكلة التسوٌؾ مع‬
‫األحبلم واآلمال قد تقؾ عند ضٌاعها وعدم تحقٌقها ولكن المشاكل أكبر وأصعب فالتسوٌؾ فً‬
‫حل المشكبلت معناه أن الفترة الكابٌة التً تطبق فٌه المشكلة علً المرء ستستمر وقد تتضخم‬
‫المشكلة أكثر وأكثر وتصبح ككرة الثلج التً تصل إلً مرحلة تكتسح من أمامها‪.‬‬
‫عقلٌة المرء هً التً تشكل حٌاته وتعامله مع كل شًء فٌها‪ ،‬العقل البشري ٌعٌش دابما فً ثبلث‬
‫حلقات زمنٌة الماضً الحاضر والمستقبل الثبلثة ٌكونوا حاضرٌن فً الذهن البشري علً تفاوت‬
‫والناس فً تعاملهم مع الثبلثة مذاهب أشرهم فً رأي وأكثرهم خسران الذي ٌعٌش وٌشؽل ذهنه‬
‫بالماضً والمستقبل وٌترك مابٌن ٌداه من حاضر بنجاحاته وفرصه ومشاكله ومصاببه وٌشؽل‬
‫نفسه بماضً منقضً باكٌا علً خسابر الماضً أو حتى باكٌا علً أطبلل مجد منتهً بدون أن‬
‫ٌستفٌد بالتجربة سواء نجاح أو فشل لتوطٌد الحاضر وآخر عاٌش فً مستقبل مجهول مؽتم بما‬
‫فٌه من مشاكل متوقعه (بٌؽنً فٌه مصٌبة جاٌلً ) أو معلق نفسه بسراب التؽٌٌر اللً هٌحدث‬
‫فً المستقبل وٌنسً الحاضر‪ ،‬الحاضر الذي فٌه دواء لجراح الماضً وبناء للمستقبل العاقل هو‬
‫الذي ٌدرك تلك الحقٌقة ولئلسبلم منهج واضح جدا فً التعامل مع هذا األمر فاإلنسان فً اإلسبلم‬
‫ٌعٌش بٌن جناحً الرضا واألمل فالمإمن راضً بما كتب له لَّلا قانع به ودابما له نفس تواقة‬
‫تتطلع للعلً ورضاه وأمله مرهونان بعمله فً حاضره‪.‬‬
‫كل هذه المعانً واألفكار تكون حاضرة فً ذهن ونفس العقبلء من الناس ولكن الحٌاة طوٌلة‬
‫وفٌها من المشاكل ما ٌذهب العقل‪ ،‬فإذا لم لٌتصؾ المرء بالثبات واالحتمال لن ٌثبت أمام أول رٌح‬
‫قوٌة تهب علٌه ومن العقل أن ٌتصؾ المرء بالهدوء والثبات فهذا ٌكسبه قدرة كبٌرة علً التفكٌر‬
‫فالجزع والخوؾ اللذان ٌلتهمان اإلنسان عندما تحل به مصٌبة تشبلن قدرته علً التفكٌر‪.‬‬
‫وٌذكر دٌل كارنٌجً منهج عقبلنً جدا فً التعامل مع المصابب‪:‬‬
‫أسال نفسك‪:‬‬
‫ما هً أسوا االحتماالت؟‬
‫هٌا نفسك لقبول أسوا االحتماالت؟‬
‫ثم أشرع فً إنقاذ ما ٌمكن إنقاذه؟‬

‫‪26‬‬
‫وهذا منهج رابع وعملً جدا وقبل ذلك ٌتفق مع الدٌن فً التعامل مع المصابب فالتسلٌم باألمر‬
‫أول الخطوات العملٌة لبدء التعامل معه فعدم تقبل الواقع لن ٌجدي شًء ( بالعامٌة أخبط دماؼك‬
‫فً الحٌط ) وٌدعونا الرسول علٌه الصبلة والسبلم للثبات (إنما الصبر عند الصدمة األولً )‪.‬‬
‫وهنا نقطة نظام مهمة جدا لما بدأت كبلمً عن الفطرة وذكرت أن المسلمٌن لما ٌطبقوا ما بٌن‬
‫أٌدٌهم من هدي بل زادوا علً ذلك بان المفاهٌم انقلبت عندهم ومن المفاهٌم المؽلوطة المنتشرة‬
‫بٌن الناس باسم الدٌن هو مفهوم االستسبلم والخضوع للظروؾ باسم الصبر والرضا بالقضاء‬
‫والقدر هذا ولَّلا مؽالطة ما بعدها مؽالطة فالصبر فً اإلسبلم فعل إٌجابً ولو نظرنا فً القرآن‬
‫لوجدت كلمة الصبر مقترنة بالجهاد والثبات والعمل هذا ٌعنً أن الصبر فعل إٌجابً مرتبط‬
‫بالحركة والسعً إلزالة الواقع بكل شره ولٌس حالة من السكون والببلدة‪.‬‬
‫وأٌضا لٌس معنً عدم االؼتمام بالمستقبل هو تركه وعدم االهتمام به بل المعنً المقصود هو‬
‫التخطٌط بالمستقبل ولٌس االؼتمام به والعٌش فً مشاكله وفً ذلك ٌوجد حدٌث عن رسولنا‬
‫الكرٌم فٌما معناه أعمل لدنٌاك كؤنك تعٌش أبدا الدهر واعمل ألخرتك كؤنك تموت ؼداً‪.‬‬
‫خبلصة تلك المعانً وؼٌرها ٌجب أن تكون حاضرة فً نفوسنا وأذهانا دابما لنوقظ أرواحنا من‬
‫ؼفوتنا ونحً اإلسبلم فً نفوسنا من جدٌد‪.‬‬

‫انْايـًَاٌ‪:‬‬
‫بعد االطبلع على كتاب جدد حٌاتك للؽزالً ‪ ..‬أرى أن تجدٌد الحٌاة ٌتم من خبلل عودة الروح‬
‫وإٌقاظ اإلٌمان و ٌكون ذلك بالعلم والعمل وتلك هً مقومات أي إنسان لتجدٌد حٌاته تجدٌدا كامبل‬
‫تجدٌد لروحه ولعقله ولجسده بالحركة والعزم والتنفٌذ‪..‬ومن ثم التجدٌد فً جسد األمة كلها‪.‬‬
‫فعندما تؽٌب الروح عن الفرد فإن الهزٌمة النفسٌة ستبلحقه حتى تصٌبه‪ ،‬وما أخطر تلك الهزٌمة‬
‫على الفرد‪ ،‬وما أشد ضررها على حاضره ومستقبله حٌن تستحكم حلقاتها حول عنقه!!‪ ..‬وكٌؾ‬
‫ال وصاحبها ٌستسلم للواقع‪ ،‬وٌنكفا على ذاته‪ ،‬وٌبحث‪ -‬عبثا‪ -‬عما ٌلهٌه‪ ،‬و ٌُنسٌه أمر نفسه‪.‬‬
‫الهزٌمة النفسٌة واإلحباط ٌقتبلن الطموح‪ ،‬وٌجعبلن الشعور بالٌؤس ٌتسرب إلى كٌان اإلنسان فبل‬
‫ٌجد للحٌاة طعماً‪ ،‬وال للمستقبل قٌمة وال وز ًنا‪ .‬فالمحبط مسلوب اإلرادة مذبذب الشخصٌة مضرب‬
‫الفكر انهزم فً المعركة قبل أن ٌدخلها وخسرها قبل أن ٌرفع السبلح‪.‬‬
‫وعندما ُتصاب ا ألمة بالهزٌمة النفسٌة فإن مستقبلها لن ٌكون أفضل من حاضرها‪ ،‬بل قد ٌكون‬
‫سا‪..‬‬‫أشد قتامة وبإ ً‬
‫ومما ٌدعو لؤلسؾ أن هناك آثاراً كثٌر ًة لهذه الهزٌمة ٌلمسها المدققون والمراقبون ألحوال األمة‬
‫اإلسبلمٌة‪ ،‬فاالنبهار بالؽرب وحضارته‪ ،‬والتبعٌة شبه الكاملة له‪ ،‬وانطماس الهوٌة‪ ...‬ما هً إال‬
‫بعض مظاهر تلك الهزٌمة‪...‬‬
‫وحضارة الٌوم وهى تسدد سهام خداعها صوب القلوب الؽافلة لتصٌب لبها تحتاج إلى درع‬
‫حصٌن تتكسر علٌه وما هذا الدرع سوى تربٌة إٌمانٌة راسخة تورث‪:‬‬
‫‪ -‬النظر فً العاقبة‬
‫‪ -‬الٌقٌن باآلخرة‬
‫‪ -‬التنافس فً الخٌرات‬

‫‪27‬‬
‫‪ -‬الزهد فً الفانٌات‬
‫ولهذا نحن بحاجة إلى تجدٌد اإلٌمان وإٌقاظه ولنعلم أن النافلة لن تقبل حتى تإدى الفرابض لسنا‬
‫بحاجة لمزٌد من الصوم والصبلة والزكاة بقدر ما نحن بحاجة إلى أن نخلص فً ما نفعله وأن‬
‫نجعل المقصد من كل شًء (عبادات أو معامبلت ) هو "لَّلا " فإذا وصلنا إلى لَّلا وصلنا إلى‬
‫المقصد‪.‬‬
‫إن النفس إذا وجدت لذة العبادة وحبلوة اإلٌمان بدد فٌها نور الٌقٌن ظبلم المادة‬
‫ولن ننال ذلك إال بالمداومة والصبر والعمل المستمر مع النفس ‪ ..‬داوم تصل‬
‫فإٌمان ال ٌتبعه عمل هباء ‪ .......‬وشراء الجنة دون دفع الثمن هراء‬
‫لكننا أحٌانا ما نمر بحٌاتنا بمنعطفات وأزمات ولهذا ٌنبؽً علٌنا أن نتحصن باإلٌمان بالقضاء‬
‫والقدر خٌره وشره فبل نكون عرضة ألي هزٌمة تدهمنا‪.‬‬
‫وكما ٌقول ابن القٌم بمدارج السالكٌن (قضاإه لعبده المإمن المنع عطاء وإن كان فً صورة‬
‫المنع ونعمة وإن كانت محنة وببلإه عافٌة وإن كان فى صورة بلٌة ولكن لجهل العبد وظلمه ال‬
‫ٌعد العطاء والنعمة والعافٌة إال ما التذ به فى العاجل ؛وكان مبلبما لطبعه ولو رزق من المعرفة‬
‫حظا وافرا لعد المنع نعمة والببلء رحمة ‪..‬وتلذذ بالببلء أكثر من لذته بالعافٌة وتلذذ بالفقر أكثر‬
‫من لذته بالؽنى وكان فً حال القلة أعظم شكرا من حال الكثرة)‪.‬‬
‫أي نفس تكون تلك لو تحصنت بالرضا !!‬
‫ولنعلم كما ٌقول عبد لَّلا بن عون (أن العبد لن ٌصٌب حقٌقة الرضا حتى ٌكون رضاه عند الفقر‬
‫كرضاه عند الؽنى)‬
‫(ارض بما قسمه لَّلا لك تكن أؼنى الناس )‬
‫ولماذا القلق واالنهزام عند أى أزمة مادٌة أو معنوٌة أو أى مصٌبة ؟!‬
‫وترتٌب األمور واألحداث‪ ،‬والعبلقات المتشابكة بٌن األشخاص‪ ،‬ومقدار أرزاقهم المادٌة‬
‫والمعنوٌة‪ ..‬كل ذلك وؼٌره ٌتولى لَّلا عز وجل تدبٌره وترتٌبه بما ٌناسب مصالح عباده ﴿ َل ُه‬
‫شا ُء َو ٌَ ْق ِد ُر إِ هن ُه ِب ُكلِّ َ‬
‫ش ًْءٍ َعلٌِ ٌم﴾‬ ‫س ُط ِّ‬
‫الر ْز َق لِ َمن هٌ َ‬ ‫ت َواألَ ْر ِ‬
‫ض ٌَ ْب ُ‬ ‫َم َقالٌِ ُد ه‬
‫الس َم َاوا ِ‬
‫وهو أبر بنا وأحن علٌنا من أنفسنا وال ٌرٌد لنا إال الخٌر أدرى بما ٌنفعنا وما ٌضرنا‪.‬‬
‫وألن األمر كله بٌد لَّلا‪ ،‬وهو وحده الذي ٌحرك األحداث‪ٌ ..‬نصر وٌهزم‪ٌ ..‬قدم وٌإخر‪ٌ ..‬عطً‬
‫وٌمنع‪ ،‬وقد جعل‪ -‬سبحانه‪ -‬عطاءه لعباده مرتبطا ً بصدقهم وقوة عزٌمتهم وإرادتهم‪ ،‬كما قال‬
‫رسول لَّلا صلى لَّلا علٌه وسلم‪.‬‬
‫ٌتحر الخٌر ٌُعطه‪ ،‬ومن ٌَ هتق الشر ٌُو هق ُه وقال‪« :‬إن تصدق لَّلا ٌصدقك)‬
‫ه‬ ‫‪« :‬ومن‬
‫ولهذا نحتاج لتجدٌد اإلٌمان‬
‫*أن نجعل المقصد من كل أعمالنا عبادات كانت أو معامبلت " لَّلا سبحانه وتعالى"‬
‫*وأال نتنظر الشكر من أحد وأن نخلص نواٌانا له ‪..‬‬
‫* وأن نإمن بالقدر خٌره وشره وأن نقبل على الحٌاة بقلوب مإمنة تسمتد العون من لَّلا وتكون‬
‫حٌن السراء كما هى بالضراء ولٌس هذا إال للمإمن‬

‫‪28‬‬
‫كما بالحدٌث (عجبا ألمر المإمن إن أمره كله خٌر ‪ ،‬ولٌس ذاك ألحد إال للمإمن ؛ إن أصابته‬
‫ضراء صبر ؛ فكان خٌراً له ‪ .‬رواه مسلم ‪..‬‬
‫سراء شكر ؛ فكان خٌراً له ‪ ،‬وإن أصابته ّ‬
‫ّ‬
‫*وأن نواصل العمل واالستعانة باهلل وأن نجدد إٌماننا ونوقظه كلما اعتراه نوم‬
‫بعزم وصدق و(إن لَّلا ال ٌمل حتى تملوا)‬
‫* وأن نصحب األخٌار ونجالس العارفٌن حتى نضمن بقاء الروح وٌقظة االٌمان فكما ٌقول ابن‬
‫القٌم مجالسة العارؾ تدعوك إلى ست من ست‪:‬‬
‫من الشك إلى الٌقٌن‬ ‫‪‬‬
‫من الرٌاء إلى اإلخبلص‬ ‫‪‬‬
‫من الؽفلة إلى الذكر‬ ‫‪‬‬
‫من الرؼبة فى الدنٌا إلى الرؼبة فى اآلخرة‬ ‫‪‬‬
‫من الكبر إلى التواضع‬ ‫‪‬‬
‫من سوء الطوٌة إلى النصٌحة‬ ‫‪‬‬
‫وختاما ‪..‬‬
‫المعركة قوٌة ومحارب هذا العصر سبلحه اإلٌمان القوى ٌواجه التحدٌات وكلما طحنته اآلالم‬
‫ٌقترب أكثر لكتٌبة العظام‬
‫فاستعن باهلل دوما وال تدخل المعركة وحدك ‪..‬وكٌؾ تهزم وانت معك المدد كله ‪..‬كٌؾ وبجوارك‬
‫القوة التى ال تؽلب‬
‫وهذه دعوة لنجدد إٌماننا ونقتلع الٌؤس واإلحباط ونزرع بذور األمل والتفاإل والٌقٌن بعزٌمة‬
‫وإصرار المحاربٌن‪.‬‬

‫صَُع ئٍ انهَيًُوٌ انًْهخ شَرَابّا دُ ْهوّا؟‬


‫َْ ْم يَذٔك أٌ َ ِ‬
‫أ ؼلب الناس سٌقولون ال بالطبع فاللٌمون معروؾ بمذاقه الحامض شدٌد اللذع‪ ،‬و لكن الشٌخ‬
‫الؽزالً ٌقصد بهذا المعنً فً كتابة بالمنح و المصابب فهل ٌحق ان نصنع من هذه المحن و‬
‫المصابب أن تكون نعمه؟؟؟؟‬

‫اإلجابة علً هذا السإال هً نعم بالتؤكٌد نستطٌع أن نقلب المحنة و المصابب إلً نعمة عظٌمة‬
‫(بإضافة بعض من السكر إلً اللٌمون و الماء) وتستفٌد منها البشرٌة كلها و توجد أمثلة كثٌرة‬
‫جدا ألشخاص كانوا ٌعانون من نقص معٌن لدٌهم و لكن نتٌجة هذا النقص و المعاناة أرادوا أن‬
‫ٌوجهوا نقصهم هذا فً أشٌاء تساعد البشرٌة و تإدي إلً تطوٌر المجتمع و االرتقاء به و‬
‫بالتالً النمو‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وكما ٌقول دٌل كارٌنجً‪:‬‬

‫" كلما ازددت إٌؽاال فً دراسة األعمال العظٌمة التً أنجزها بعض النوابػ ازددت إٌمانا بؤن هذه‬
‫األعمال كلها ما تمت إال بدافع من الشعور بالنقص‪ ،‬هذا الشعور هو الذي حفزهم إلً القٌام بها و‬
‫اجتناء ثمراتها " رب ضارة نافعة‪ ،‬و رب محنة فً طٌها منحة " و عسً أن تكرهوا شٌبا و‬
‫هو خٌر لكم و عسً أن تحبوا شٌبا و هو شرا لكم و لَّلا ٌعلم و أنتم ال تعلمون"‪.‬‬

‫وإلٌك ببعض األمثلة‪:‬‬

‫‪ -‬األستاذ‪ /‬طه حسٌن (عمٌد األدب العربً) ‪ :‬بالرؼم من أنه فقد بصره و هو صؽٌر و لكن‬
‫هذه اإلعاقة لم تمنعه من تكملة دراسة و استكمالها فً أوروبا و أصبح بعد ذلك وزٌرا‬
‫للتربٌة و التعلٌم بالرؼم أن العٌن هً الوسٌلة الضرورٌة الوحٌدة للقراءة إال أنه تفوق‬
‫فً هذا المجال و أصبح من الرموز الشخصٌة و التً كتبت فً التارٌخ و ال ٌمكن‬
‫للتارٌخ أن ٌنساها لقد نجح طه حسٌن فً أن ٌصنع من اللٌمون شرابا ً حلواً‪.‬‬

‫فلٌس أهم شا فً الحٌاة أن تستثمر مكاسبك‪ ،‬فإن أي أبله ٌسعه أن ٌفعل هذا ‪.‬‬

‫و لكن الشا المهم حقا هو أن تحٌل خسابرك إلً مكاسب ‪ ،‬فهذا أمر ٌتطلب ذكا ًء و حذقا ‪ ،‬و فٌه‬
‫ٌكمن الفارق بٌن رجل كٌس و رجل تافه؟‬

‫و لك أمثلة أخري مثل‪:‬‬

‫‪ -‬أ ‪ /‬سٌد قطب لوال سجنه لما أخرج إلٌنا سلسلة فً ظبلل القرآن‪.‬‬
‫‪ -‬الموسٌقار بٌتهوفٌن لم ٌكن لٌإلؾ موسٌقاه الرفٌعة لو لم ٌكن أصم‪.‬‬
‫‪ -‬ابن تٌمٌة لوال لم ٌسجن لما أخرج لنا علما جما نفع به األمة اإلسبلمٌة و استمع له و‬
‫ٌقول إن سجنً خلوة و نفً سٌاحة و قتلً شهادة‪ ،‬إنها عند هذا الرجل الكبٌر قد تحولت‬
‫إلً نعم‪.‬‬

‫ئَِسَاٌ‬
‫ترتكز أفكار الكتاب ( جدد حٌاتك ) لئلمام الؽزالً ‪ -‬رحمه لَّلا ‪ -‬على عدة محاور مهمة؛ كل منها‬
‫ٌتطرق إلى ناحٌة من نواحً تفكٌر اإلنسان‪ ،‬هذا المخلوق الذي أنعم لَّلا علٌه بنعمة العقل‬
‫والتحلٌل والتنظٌم المنطقً لمسارات حٌاته ‪:‬‬
‫فٌورد أهم فكرة فً الكتاب وهً ‪ (:‬حٌاتك من صنع أفكارك )‪:‬‬
‫إن كنت ممن ٌدفنون النظرة اإلٌجابٌة للحٌاة فمن الصعب أن تنطلق بك أسباب السعادة لتشمل‬
‫حٌاتك‪.‬من جهة الحٌاة بها من الظروؾ الصعبة ما ٌجعل اإلنسان فً لحظات معٌنة فً حالة عسر‬
‫وحزن شدٌدٌن ‪ ،‬وال ٌعنً ذلك أن ٌكلفه الظرؾ الصعب خسارة فرصة أن ٌبتهج وٌنظر إلى حٌاته‬
‫على أنها متعة مجزٌة ‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫فكثٌر من األفكار( اإلٌجابٌة ) لها قصص مع أصحابها فمنها‪ :‬قصة الطالب الذي نام حصة‬
‫الرٌاضٌات ولم ٌستٌقظ إال عند سماع جرس انتهاء الحصة ‪ ،‬وعندما نظر إلى السبورة رأى‬
‫مسؤلتٌن ظن أنهما الواجب فكتبهما على دفتره ومضى ‪ .‬قضى هذا الشاب ٌومه كله ولم ٌستطع‬
‫حل المسؤلتٌن ولكنه حاول طوال األسبوع إلى أن نجح فً إٌجاد حل إلحداها ‪ .‬فلما رأى المدرس‬
‫أصٌب بالذهول ذلك ألنه ذكر المسؤلتٌن على افتراض أنه ال ٌوجد حل لهما !!‬
‫ولو كان هذا الطالب ٌعلم بذلك لما نجح فً حل المسؤلة ‪ ،‬لكنه عندما اعتقد أن علٌه ح هلها نجح فً‬
‫ذلك ‪.‬فالثقة فً النفس والتفكٌر اإلٌجابً ٌجعل المرء مستمراً فً اجتهاده رؼم الظروؾ ‪.‬‬
‫وكثٌر من النظرٌات الحدٌثة فً علم النفس والطب قد أكدت أن الشفاء من بعض األمراض‬
‫المستعصٌة أمر ٌتعلق بمهارة الذهن فً التؽلب على آالم المرض والمرض أٌضا ً ‪ ،‬وهذا بالطبع‬
‫ٌجعل رحلة العبلج معتمدة على تفاإل المرٌض ومدى تمسكه باألفكار اإلٌجابٌة أو العكس‪.‬‬
‫أي أن المنطلق السلٌم ٌح ِّفز اإلنسان أن ٌتشبث على األفكار اإلٌجابٌة التً تدفعه إلى أن ٌكون‬
‫قوٌاًوفً حالة رضا بشكل عام فٌكون سعٌداً طالما كانت أفكاره تعكس تلك السعادة وتنعكس‬
‫علٌها ‪ ،‬وٌكون تعٌسا ً طالما كانت أفكاره التشاإمٌة تح ِّلق فً ذهنه ‪.‬‬
‫وٌشٌر الكتاب إلى أمر آخر ال ٌقل أهمٌة عن سابقه وهو أن ال ٌجعل اإلنسان جله تفكٌره فً‬
‫سفاسؾ األمور وتوافهها فٌنصب جام اهتمامه بها وٌؽٌب عنه بسبب ذلك أن الوقت الثمٌن الذي‬
‫ٌقضٌه فً تتبع تلك األمور الصؽٌرة أولى بؤن ٌشؽله هم عظٌم والتفكٌر فٌما ٌحقق له التقدم فً‬
‫حٌاته ‪.‬‬
‫ما نعنٌه باألمر التافه كل أمر ال فابدة من التفكٌر فٌه ‪ ،‬سواء كان عمبلً ال ٌثمر شٌبا ً ٌفٌد صاحبه‬
‫أو اآلخرٌن ‪ ،‬أو موقؾ مضى ال ٌنفع التفكٌر فٌه أي أحد أو حتى الكبلم الذي ٌتناقله اآلخرٌن من‬
‫قبٌل الثرثرة أونقل اإلشاعة ‪ .‬و من األسباب التً تجعل العقل فً حالة تشتت إقحامه فً سلسلة‬
‫من الهموم الهامشٌة التً تإثر سلبٌا ً على إنتاج الشخص معنوٌا ً ومادٌا ً ‪.‬‬
‫ولَّلا سبحانه وتعالى ٌؽفر (اللمم) وٌدخل تحت هذا المعنى‪ :‬زالت اللسان واألخطاء الصؽٌرة الؽٌر‬
‫مقصودة ‪ ،‬وكل هذا إن دل ه على شًء إنما ٌدل على أن إشؽال التفكٌر بطول المحاوالت فً‬
‫الوصول إلى صفة التمام هو بالطبع أم ٌر ٌستحسن استبعاده قدر اإلمكان لكً ٌستفاد من المساحة‬
‫التً ٌشؽله من التفكٌر بؤمر أجدر منه‪.‬‬
‫ونؤتً إلى حقل آخر ٌمت صلة جزبٌة لحقل التفكٌر وماهٌته وهو‪:‬‬
‫اجتناب معاداة من ال ٌعود علٌك بالنفع من معاداتهم ‪:‬‬
‫وفً هذا اإلطار ٌتطرق إلى الثمن الباهظ للقصاص ‪،‬وهو الؽضب ‪ ،‬وٌتحدث عن قصة الدب‬
‫والنمس ‪ ..‬هذا األخٌر كان ٌزعج الدب بشتى الطرق ‪ ،‬ؼٌر أن الدب لم ٌكن ٌرد له ما كان ٌفعل به‬
‫النمس مع إمكانٌة رد الصاع بالصاعٌن لو ُحسب األمر على أساس من األقوى ‪.‬ؼٌر أن الدب‬
‫لم ٌكن ٌمتلك فً هذه القصة ذلك الؽضب الذي ٌولد حافز االنتقام‪ .‬وفٌما ٌخص الجنس‬
‫البشري نجد أناسا ً فً بعض المواقؾ ال ٌمكن أن ٌمر علٌهم استفزاز ما دون أن ٌنفعلوا الرتكاب‬
‫ما قد ٌإدي فً بعض األحٌان سلوكا ً ٌندم علٌه ‪.‬‬
‫فالؽضب الذي ٌجعل اإلنسان فً حالة تربص ألخٌه اإلنسان ‪ ،‬إنما هو بداٌة الدمار للشخص‬
‫الؽاضب أوالً ولؽٌره ممن ٌتؤثرون بالسلوك الناجم عن هذا الؽضب ـ ولو كان محقا ً ـ بمعنى أن‬
‫األذى الذي ٌتعرض له إنسان معٌن قد ٌنجم عنه بطبٌعة الحال رد فعل داخلٌه على هٌبة شعور‬
‫بالضؽٌنة وخارجً على هٌبة تصرؾ عدوانً ‪ .‬وٌجدر اإلشارة هنا أن النسبة الكبٌرة من الذٌن‬

‫‪31‬‬
‫ٌتصرفون تبعا ً النفعاالتهم أو حنقهم الناجم عن ضؽٌنة ما‪ٌ ،‬ندمون على سلوكهم العدوانً حتى إن‬
‫لم ٌعترفوا بذلك علنا ً ‪.‬‬
‫سولت لقوم أنفسهم أن ٌسٌبوا إلٌك ‪ ،‬فامح عن نفسك ذكراهم ‪ ،‬وال تحاول‬ ‫وقوله‪ ( :‬إذا ه‬
‫االقتصاص منهم ‪ ،‬إنك إن تب ٌِّت ن ٌّة االنتقام تإذي نفسك أكثر مما تإذٌهم ) وهذا ٌعود بنا إلى‬
‫النقطة األولى وهً التً تتع هلق بجزبٌة التفكٌر ‪،‬فلو قلنا عن التفكٌر السلبً كؤن ٌشؽل اإلنسان‬
‫تفكٌره فً عداوة ما‪،‬قد ٌإدي ذلك به إلى اإلضرار بنفسه نفسٌا ً أوالً وإن استمر فً ذلك قد ٌصل‬
‫إلى جسدٌا ً سنقول تبعا ً للسٌاق أن التفكٌر اإلٌجابً والذي علٌه ٌترتب أن ٌترٌث اإلنسان فً‬
‫تصرفاته حتى مع الذٌن ٌعادونه شر عداوة لٌس ارتباكا ً أو تضعضعا ً عن قوته ‪،‬بل لكً ٌكون‬
‫زمام التحكم فً ٌده والتً تتبع خطوات عقله وتفكٌره السلٌم وهذا المراد‪.‬‬
‫مع عدم ؼض الطرؾ عن ما سبق اإلشارة إلٌه من أثر ذلك على الؽٌر ‪.‬‬
‫وخبلصة األمر‪ :‬أن التجدٌد الذي ٌف ِّعل إنتاجٌة اإلنسان ( مادٌا ً ومعنوٌا ً) وٌجعل منه كابنا ً قادراً‬
‫على االستمرار فً تحدٌات الحٌاة بقوة وجدارة ٌبدأ من (التفكٌر) وهذا األخٌر (على حسب‬
‫نوعٌته) ٌُسقط ظبلله على نوع الحٌاة التً نعٌشها جمٌعا ‪.‬‬

‫انعٔ ْهى وَانعًََم‪:‬‬


‫بداٌة‪ ،‬إن الؽاٌة المقصودة من العلم هو العمل به فهو وسٌلة إلى العمل‪ ،‬فبل ٌعد عل ًما ما لم ٌتبعه‬
‫عمل و دٌننا اإلسبلمً ٌحث على التزود بالعلم وتطبٌقه عملٌا فً سلوكنا وحٌاتنا ولٌس مجرد‬
‫كلمات تحفظ أو تفهم ‪ ،‬بل ٌجب أن ٌتحول إلى سلوك ٌرسخ فً طباعنا وٌعدل من سلوكنا ‪ ،‬و أن‬
‫من أسباب حفظ العلم وترسٌخه هو العمل به وتطبٌقه‪ ،‬فالعمل بالعلم ٌجعل الفرد أكثر تذكرا وتدبرا‬
‫له أما إهمال العمل به فهو سبب فً نسٌانه وذهابه سدى ‪..‬‬
‫وقد ركز الكاتب فً الكتاب على هذه النقطة الهامة فقال‪:‬‬
‫" إن الدٌن قد ٌكون منهاجا ً كامبل للرقى والتهذٌب‪ ،‬ولكن اإلفادة منه ال تصلح بإدارة معلوماته‬
‫بٌن األلسنة واألسماع‪ ،‬وال باستٌعاب أحكامه فً الذاكرة الجٌدة‪ ،‬وال باألداء الصوري لعباداته‬
‫المقررة ‪ .‬فهذا التناول للدٌن قلٌل النفع‪ ،‬بل عدٌم الجدوى‪ ،‬وفى األثر‪ :‬العلم علمان‪ :‬علم فً‬
‫القلب‪ ،‬فذلك العلم النافع‪ ،‬وعلم على اللسان‪ ،‬فذلك حجة لَّلا على ابن آدم " ‪.‬‬
‫ٌقول` برنارد شو `‪ " :‬إذا لقنت إنسانا شٌبا فإنه لن ٌتعلم أبدا” ‪ٌ .‬قصد أن التلقٌن ال ٌخلق من‬
‫المتعلم شٌبا ً طاببلً "‪.‬‬

‫و عن وهب بن منبه قال ‪ :‬قرأت فً بعض الكتب ‪ :‬ابن آدم‪ ،‬ال خٌر لك فً أن تعلم ماال تعلم ‪ ،‬ولم‬
‫تعمل بما علمت ؛ فإن مثل ذلك ‪ :‬كرجل احتطب حطبا ً ‪ ،‬فحزم حزمة ‪ ،‬فذهب ٌحملـها ‪ ،‬فعجز عنها‬
‫‪ ،‬فضم إلٌها أخري ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وقد أكد على ذلك أٌضا ً الخطٌب البؽدادي رحمه لَّلا فً بٌان منـزلة بالعلم فقال ‪:‬‬
‫بموجبه فإن العلم‬
‫َ‬ ‫" إنً موصٌك ٌا طالب العلم بإخبلص النٌة فً طلبه وإجهاد النفس على العمل‬
‫شجرةٌ والعملَ ثمرةٌ‪ ،‬ولٌس ٌُع ُّد عالما ً من لم ٌكن عامبلً فإذا كان العمل قاصراً عن العلم كان العل ُم‬
‫كبلًّ على العالم ونعوذ باهلل من علم عاد َكبلًّ وأورث ذالً وصار فً رقبة صاحبه ُؼبلًّ‪ ،‬فلوال العمل ُ‬
‫طلب عل ٌم وألَن أدع الحق جهبلً به أحب ّ‬
‫إلً من أن أدعه زهداً فٌه "‪.‬‬ ‫لم ٌُ ْ‬
‫فثمرة العلم هو العمل به ولٌس مجرد جمعه فً عقولنا ألن ذلك ٌإدي إلى ذهابه واضمحبلله‬
‫فٌصبح علم ال فابدة منه‪.‬‬

‫فالؽاٌة إذا من العلم هو العمل به وتطبٌقه وتعوٌد الجوارح علٌه ‪ ،‬فبل منفعة فً العلم المجرد‬
‫المبنً على التلقٌن والحفظ فقط ‪ ،‬وال فابدة فً السعً لتحصٌله دون العمل به ‪ ،‬و ٌسمى هذا‬
‫العلم ضابع وسٌزول سرٌعا ً وال ٌعود بؤي منفعة على صاحبه ‪..‬‬
‫فحٌنما دعانا اإلسبلم إلى طلب العلم ‪ ،‬كان ؼاٌته من ذلك أن ٌتم العمل به وتحوٌله إلى سلوك‬
‫واقعً ٌهٌمن على تصرفات الفرد وأفعاله وٌصححها وٌقومها ‪ ،،‬فٌقول الكاتب ‪:‬‬
‫فإذا أردت أن تستفٌد من النصابح المبذولة فً تضاعٌؾ هذا الكتاب أو أي كتاب فجربها‪،‬‬
‫واعمل بها‪ ،‬وطبقها فً كل فرصة تسنح لك ‪ ،‬فإنك إن لم تفعل هذا فسوؾ تنسى ما لقنته‬
‫سرٌعا‪.‬‬
‫وٌإكد على ذلك ما قاله مالك بن دٌنار أٌضا ً ‪ :‬إن العالم إذا لم ٌعمل بعلمه ‪ ،‬زلت موعظته عن‬
‫القلوب ‪ ،‬كما تزل القطرة عن الصفا ‪.‬‬
‫فبالعمل ٌسهل علٌنا حفظ ما تعلمنه و ٌرسخ فً أنفسنا أكثر ‪.‬‬
‫وقد جاء عن أحد التابعٌن قال ‪“ :‬كنا نستعٌن على حفظ أحادٌث رسول لَّلا صلى لَّلا علٌه وسلم‬
‫بالعمل بها” ‪ .‬إن العمل ٌحٌى القلوب بالمعرفة الٌقظة الدافعة ‪ .‬والعلم الذي ٌنشؤ عن العمل هو‬
‫الملكة التً ٌستنٌر بها المرء‪ ،‬وٌعرؾ منها مواقع أقدامه فً دروب الحٌاة المتشابهة ‪.‬‬
‫وفى هذا ٌقول لَّلا عز وجل‪ٌ“ :‬ا أٌها الذٌن آمنوا اتقوا لَّلا وآمنوا برسوله ٌإتكم كفلٌن من‬
‫رحمته وٌجعل لكم نورا تمشون به وٌؽفر لكم ولَّلا ؼفور رحٌم “ ‪.‬‬
‫و عن ابن مسعود رضً لَّلا عنه قال ‪ :‬كنا ال نتجاوز العشر آٌات حتى نتعلمها فتعلمنا العلم‬
‫معا ً"‬ ‫والعمل‬
‫إذاً لٌس المهم هو حفظ كلمات دون عمل‪ ،‬بل األهم من ذلك هو حفظ متدبر واعً عامل بذلك‪.‬‬

‫فٌقول الكاتب‪:‬‬
‫ومقتضى اإلٌمان بالرسول بعد تقوى لَّلا هو اقتفاء أثره وإتباع سننه‪ ،‬ألنه الترجمان العملً الحً‬
‫لما فً الكتاب الكرٌم من توجٌه وموعظة ‪ .‬والمإمن المواظب على اتقاء الدناٌا وفعل الواجبات‬
‫ٌكتسب من هذا اإلدمان حده فً بصٌرته‪ ،‬وحاسة دقٌقة ٌمٌز بها الخبٌث من الطٌب ‪.‬‬
‫و قد ذم العلم الذي ال ٌتبعه عمل قله ذلك العلم أو كثر ‪..‬‬
‫فٌقول‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫إن المعلومات النظرٌة التً لم ٌنقلها العمل من دابرة الذهن إلى واقع الحٌاة تشبه الطعام الذي لم‬
‫ٌحوله الهضم الكامل إلى حركة وحرارة وشعور ‪ .‬وهذه المعلومات تبدأ مبتسرة مهوشة مهما‬
‫أجٌد تصوٌرها ‪.‬‬

‫قال تعالى ‪ٌَ " :‬ا أَ ٌُّ َها ا هلذٌِنَ آ َم ُنوا ا هتقُوا ه َ‬
‫لَّلا َوقُولُوا َق ْوالً َ‬
‫سدٌِدًا "‬
‫إن العلم الناشا عن العمل هو خبلصة المران والتجربة‪ .‬فً مجال التربٌة واإلصبلح البد أن‬
‫تتطور المعلومات إلى اكتمال نفسً واجتماعً‪ ،‬وال ٌقبل من أحد أن ٌقؾ عند حدود القول مهما‬
‫كان بلٌؽا‪ ،‬وال عند حدود الشرح مهما كان مستفٌضا ‪ .‬إذا أمرت بالخٌر فافعله أوال‪ ،‬وإذا نهٌت‬
‫عن شر فاسبق إلى البعد عنه‪ ،‬ثم اجتهد أن ٌتحول أمرك ونهٌك إلى حقابق حٌة فً المجتمع‪،‬‬
‫بحٌث ٌكون تؽٌٌر المنكر وإقرار المعروؾ ؼاٌات بٌنة ٌراد إٌقاعها بكل وسٌلة‪ ،‬وبؤقصر وقت‪.‬‬
‫و نحن حٌنما ندعو إلى حفظ القرآن الكرٌم فما الفابدة من حفظه إن كان حفظ مجرد كلمات بدون‬
‫عمل أو تطبٌق أو إقامة لحدوده ‪ ،‬فما أمرنا لَّلا بذلك وإال كنا كالٌهود الذٌن حذرنا لَّلا أن نكون‬
‫مثلهم عندما قاموا بحفظ التوراة لكن لم ٌعملوا بها ولم ٌطبقوها فقال تعالى‪:‬‬
‫س َم َثل ُ ا ْل َق ْو ِم ا هلذٌِنَ َك هذ ُبوا‬ ‫ار ٌَ ْح ِمل ُ أَ ْس َف ً‬
‫ارا ِب ْب َ‬ ‫" َم َثل ُ ا هلذٌِنَ ُح ِّملُوا ال هت ْو َرا َة ُث هم َل ْم ٌَ ْح ِملُوهَا َك َم َث ِل ا ْل ِح َم ِ‬
‫الظالِمٌِنَ "‬ ‫لَّلاُ َال ٌَ ْهدِي ا ْل َق ْو َم ه‬ ‫لَّلا َو ه‬
‫ت هِ‬ ‫ِبآ ٌَا ِ‬
‫وقد حذر أٌضا ً سبحانه وتعالى المإمنٌن من أن ٌقولوا دون تطبٌق لقولهم هذا فقال تعالى ‪:‬‬
‫لَّلا أَن َتقُولُوا َما َال َت ْف َعلُونَ ‪" ،‬‬
‫" ٌَا أٌَ َها الذٌِنَ آَ َم ُنوا لِ َم َتقُولُونَ َما َال تفعلون‪َ ،‬ك ُب َر َم ْقتا ً عِ ندَ ِ‬
‫إن الوقوؾ باإلصبلح المنشود عند حد الكبلم المرسل والمقترحات المبتوتة ٌفتح أبوابا ً مخوفة‬
‫للجدل الطوٌل‪ ،‬وللثرثرة القاتلة للوقت والجهد‪.‬‬
‫و ٌجب علٌنا كؤفراد عدم تضٌع أوقاتنا فٌما ال فابدة منه حتى لو كان مع عظماء القوم حٌث أنها‬
‫وسٌلة للزلفى كما أخبر الكاتب عنها إذا لم تكن من أجل عمل نافع أو رسالة هامة ‪.‬‬
‫إن مجالسة العظماء كما علمتنا التجارب وسٌلة للزلفى‪ ،‬ومضٌعة للوقت‪ ،‬وشؽل عن واجبات‬
‫كثٌرة‪ .‬مالم تكن هذه المجالس ذات منفعة أو ذات رسالة مهمة أو من أجل عمل ٌتطلب تعاون‬
‫إلنجاحه ‪ ،‬حٌث أن فً بعض هذه المجالس ٌكون الكبلم فٌه قلٌل الجدوى ولو أن كل واحد منهم‬
‫انصرؾ إلى نفسه ٌتعهدها‪ ،‬وإلى عمله الخاص ٌتقنه‪ ،‬وإلى واجبه المنوط به ٌجٌده‪ ،‬وٌبتكر‬
‫الطرق للنبوغ به؟ لكان ذلك أربى لئلنتاج‪ ،‬وأزكى عند لَّلا!!‬
‫فٌجب أن نحرص نحن كؤفراد على محاولة تطبٌق ما نتعلمه و نبدأ ولو بخطوات بسٌطة ‪ ،‬حتى‬
‫لو كان ذلك بتدوٌن ممارسة عمل واحد ٌومٌا ً تم تعلمه و تطبٌقه ‪ ،‬فإذا تمكنا منه نتدرب على‬
‫عمل جدٌد آخر وهكذا ‪..‬‬

‫‪34‬‬
‫إن أسوء ما نعانً منه اآلن فً ببلدنا اإلسبلمٌة والسبب فً تراجعنا وضعفنا و هواننا الذي‬
‫نعٌش فٌه بسبب ترك العمل بؤوامر دٌننا فٌوجد بٌننا علماء ك ُثر ولكن قد نجدهم ٌعلمون أكثر مما‬
‫ٌفعلون ‪ ،‬فؤصبحنا إمعة نتبع ونقلد وتركنا العمل بدٌننا وااللتزام بمبادبه والسلوك الذي دعانا إلٌه‬
‫وحثنا علٌه‪.‬‬
‫فنرى المعلم فً المدرسة أو الجامعة "إال ما ندر منهم " ٌحرص على أن ٌلم بالعلم و ٌجٌد شرحه‬
‫وتنسٌق كلماته و لكن ال عمل ٌصحب هذا العلم ‪ ،‬فبل نجده ٌطبقه فً سلوكه " القدوة" ‪.‬‬
‫فسلوكه فً وا ٍد و العلم الذي ٌدرسه فً وا ٍد أخر ‪..‬‬
‫وقد حذرنا منهم رسول لَّلا صلى لَّلا علٌه وسلم كما جاء فً الحدٌث الصحٌح‪ٌ :‬جاء بالرجل ٌوم‬
‫القٌامة‪ ،‬فٌلقى فً النار‪ ،‬فتندلق أقتابه ‪ -‬أي أمعاءه ‪ ،-‬فٌدور بها كما ٌدور الحمار برحاه ‪ ،‬فتجتمع‬
‫أهل النار علٌه ‪ ،‬فٌقولون ‪ٌ :‬ا فبلن ما شؤنك ؟ ألست كنت تؤمر بالمعروؾ ‪ ،‬و تنهى عن المنكر ؟‬
‫فٌقول ‪ :‬كنت آمركم بالمعروؾ و ال آتٌه ‪ ،‬و أنهاكم عن الشر و آتٌه ‪.‬‬
‫والسلبٌات كذلك فً طرٌقة تعلٌم أبنابنا فً المدارس والجامعات التً تمارس كتلقٌن لهم‬
‫و تعوٌدهم على الحفظ المجرد من أي محاولة فً ترسٌخ هذا العلم كسلوك أو تطبٌق ٌمارس‪.‬‬
‫فالتعلٌم ٌكون فقط مجرد كلمات تحفظ لٌتم سكبها فً أوراق االمتحانات و بمجرد انتهاء‬
‫االمتحانات ال ٌكاد ٌتذكر الطالب مما تعلم إال القلٌل جداً والباقً ال فابدة منه فٌخرج هذا الفرد‬
‫لٌس بالكفاءة التً كان ٌجب على المإسسة التعلٌمٌة إخراجه بها ‪..‬‬
‫فٌجب على المإسسات التعلٌمة كما حرصت على تقدٌم شهادات على التفوق فً حفظ المواد‬
‫العلمٌة ٌجب أن تحرص على أن ٌكون هناك شهادات أٌضا ً على تطبٌق هذا العلم بالعمل به‬
‫وٌخصص لذلك المكافآت أٌضا ً ‪ ..‬فبل ٌخرج الطالب من مرحلة تعلٌمٌة إال بحصوله على شهادة‬
‫تؤكد أنه خبلل هذه الفترة الدراسٌة عمل الطالب بهذا العلم وحاول أن ٌطبقه فً سلوكه‬
‫الٌومً حتى ال تكون دروس علمٌة خالٌة من التطبٌق العملً فٌصبح علم مهدور ال فابدة منه‬
‫وكؤنه لم ٌكن ‪.‬‬

‫مثال صؽٌر‪:‬‬
‫أتذكر فً أحد المواد التربوٌة لدٌنا فً الجامعة " مادة طرق تدرٌس" ‪ ،‬كٌؾ نصبح معلمات ‪،‬‬
‫كانت دكتورة المادة تعلمنا بشكل ؼٌر البق أبداً رؼم كفاءتها العلمٌة فً المادة ولكنها تتعدى علٌنا‬
‫أحٌانا بؤلفاظ ال تصح أن تقال فً صرح تعلٌمً من األصل فما بالكم فً الجامعة وطالبات‬
‫جامعٌات فبل تحترمنا أبداً ‪ ،‬وترشدنا بؤن نتبع سلوك وأفعال هً بعٌدة كل البعد عنها فً التعامل‬
‫بها معنا ‪ ،‬فكٌؾ ٌكون حال الطالبة تتلمذت على مثل هذه الدكتورة ‪ .!!..‬وقد قال بشر بن الحارث‬
‫‪: :‬إن لم تعمل‪ ،‬فبل تقص‪ ،‬فاهلل المستعان‪..‬‬
‫فٌجب علٌنا مادمنا نرٌد أن نتعلم أن نعمل ثم نعمل ثم نعمل بهذا العلم الذي تعلمنه فبل ٌكون مجرد‬
‫كومة أفكار وكلمات وحروؾ خزنها فً عقولنا فنصبح و كؤننا لم نتعلم من أصل‪..‬‬

‫‪35‬‬
‫العلم والعمل بعٌن أخرى ‪:‬‬
‫إن قضٌتً العلم والعمل من القضاٌا المصٌرٌة التً ٌواجهها المسلمون‪ ،‬فهما سبٌل النهوض‬
‫من الكبوة التً ٌعٌشها عالمنا العربً فً مجاالت الحٌاة كلها‪.‬‬
‫ففً مجال العلم ‪-‬على سبٌل المثال‪ -‬نجد أن مٌزانٌة البحث العلمً بالنسبة للدخل القومً فً‬
‫الببلد العربٌة ٕ‪ %ٓ.‬مقارنة ب ‪ %ٔ.1‬فً العالم‪ ،‬فضبلً عن أن الموقؾ العلمً اإلسرابٌلً‬
‫مقارنة بالدول العربٌة (نسبة إلى عدد السكان) ٌمثل (ٓٔ) أضعاؾ األفراد العلمٌٌن‪ )ٖٓ( ،‬مرة‬
‫فً اإلنفاق على البحث العلمً‪ )0ٓ( ،‬مرة فً النشر العلمً‪ )ٔٓٓٓ( ،‬مرة فً براءات االختراع‪،‬‬
‫أما فى مجال اإلنتاج فإن ضعفه وتدهوره ظاهر للعٌان‪ ،‬كذلك فإن تؤثٌر البحث العلمً على اإلنتاج‬
‫[‪]i‬‬
‫شبه معدوم‪.‬‬
‫فؤٌن تكمن جذور المشكلة؟ إنها عمٌقة وتتنوع بٌن أسباب ذاتٌة مثل سٌنارٌوهات العجز‬
‫تعوقنا وتمنعنا من تحقٌق النتابج المطلوبة وهً تتراوح بٌن تو ّقفات‬ ‫والكسل فً حٌاتنا والتً ّ‬
‫بسٌطة فً مسٌرة تقدّمنا إلى عقبات كبرى وعجز تام‪ ،‬التسوٌؾ‪ ،‬انخفاض الهمة‪ ،‬الخوؾ من‬
‫الفشل‪ .‬كذلك إضاعة الوقت الذي هو وعاء لكل عمل‪ ،‬وإهدار األعمار‪ ،‬عدم وجود أهداؾ محددة‬
‫وندرة إنجاز األهداؾ ‪-‬حٌنما توجد‪ -‬فاإلنجاز لٌس بالمستوى الذي ٌنهض بؤمتنا ومجتمعنا‪،‬‬
‫انفصام فً شخصٌة أتباع األمة اإلسبلمٌة بٌن عالم االعتقاد وعالم الفعل إما ألنهم ال شعورٌا ً‬
‫ٌدٌنون بخبلفها أو أن العقٌدة لم ترسخ فً أعماقهم مولدة عمبلً ٌؽٌر واقعهم كنتٌجة لتؤثٌرات‬
‫[‪]ii‬‬
‫البٌبة والثقافات االستعمارٌة الفكرٌة والمناهج التربوٌة واإلعبلمٌة‪.‬‬
‫إذن من أٌن نبدأ؟ كثٌرة هً نقاط البداٌة‪...‬‬
‫ولكن ٌمكن أن ٌكون التعلٌم بكافة مراحله مجاالً رحبا ً واسعا ً متكامبلً لبلنطبلق‪ ،‬هو استثمار‬
‫حقٌقى فً المستقبل‪ ،‬حٌث أطفال الٌوم هم القوة البشرٌة والثروة الحقٌقٌة لؤلمة اإلسبلمٌة‪ .‬ولكن‬
‫أٌن موقع العمل داخل منظومة التعلٌم؟ إن العمل فعل متسعة آفاقه‪ ،‬متنوعة أسالٌبه‪ ،‬متشعبة‬
‫مسالكه‪ .‬فالطفل الصؽٌر لعبه‪ ،‬تؤمله لزهرة‪ ،‬تجرٌفه للرمال‪ ،‬حرثه للماء‪ ،‬تعاونه مع أقرانه هو‬
‫عمل‪ .‬والطبلب تجرٌبهم وتطبٌقهم للعلوم‪ ،‬زٌاراتهم المٌدانٌة لما ٌتدارسونه فى التارٌخ‬
‫والجؽرافٌا‪ ،‬صناعتهم لؤلفكار للمفكرٌن منهم‪ ،‬كل ذلك هو عمل ال تكتمل دورة العلم إال به‪.‬‬
‫وإذا كانت مفاهٌم التعلٌم التً تنتمً إلى علم النفس أو التربٌة قد تعددت‪ ،‬فإنه ٌمكن تقدٌم‬
‫التعرٌؾ الشامل والمقبول التالً‪ :‬التعلم هو النشاط الذي بموجبه ٌكتسب الفرد المعارؾ‬
‫والمواقؾ والمهارات التً بفضلها ٌشبع حاجاته ودوافعه‪ .‬ومن نظرٌات التعلم المدرسً نظرٌة‬
‫النموذج الزمنً (نموذج كارول) الذي ٌرى أن مستوى التعلم ٌرتبط بنوعٌن من العوامل‬
‫األساسٌة‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬عوامل ذاتٌة‪:‬‬
‫تتصل بذاتٌة الفرد المتعلم‪ ،‬حٌث ٌدخل إلى تجربة تعلمٌة وهو مزود بقدرات واستعدادات‬
‫وخبرات متنوعة‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬القدرة على التعلم‪ :‬وهً القدر الذي ٌحتاجه المتعلم من الزمن لٌتعلم شٌبا ً ما فً إطار‬
‫وضع تعلٌمً‪ ،‬وؼالبا ً ما تختلؾ هذه القدرة من تلمٌذ إلى آخر الرتباطها بمتؽٌرات أخرى كالخبرة‬
‫السالفة لكل متعلم‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬القدرة على فهم عملٌة التعلم‪ :‬أي مدى قدرة المتعلم على فهم نوعٌة المهمة المطلوبة‪،‬‬
‫وطبٌعة الوسابل والعملٌات البلزمة إلنجاز تلك المهمة‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ٖ‪ -‬المثابرة‪ :‬وتشٌر إلى المدى الزمنً الذي ٌرٌد المتعلم أن ٌقضٌه فً التعلم‪.‬‬
‫ثانٌا ً‪ :‬عوامل متصلة بالوضع الخارجً‪:‬‬
‫ٔ‪ -‬الزمن الذي ٌسمح به الوضع التعلٌمً‪ ،‬والذي ال ٌنبؽً تجاوزه ‪.‬‬
‫ٕ‪ -‬نوعٌة التعلٌم ‪ ،‬والذي ٌتضمن الطرٌقة التً ٌعمل بها المدرس‪ ،‬تنظٌم وتسهٌل االتصال‬
‫المتعلم بالمادة الدراسٌة بصورة مبلبمة‪ ،‬عرض وتقدٌم الخطوات الجزبٌة التً تمكن من إنجاز‬
‫المهمة التعلٌمة فً شكل مرتب‪ ،‬التكٌؾ ما أمكن مع مستوى المتعلم واالستجابة لحاجاته‬
‫ومتطلباته‪ ،‬مدى توفر البٌبة التعلٌمٌة المبلبمة والوسابل والمواد التعلٌمٌة الضرورٌة إلنجاز مهام‬
‫[‪]iii‬‬
‫التعلم‪.‬‬
‫أي أن التعلٌم المثلى هو نتاج لمجموعة كبٌرة من العوامل المتفاعلة معا ً منها القاعدة‬
‫المعرفٌة‪ ،‬والتجربة أو التطبٌق‪ ،‬وإدارة وقت العملٌة التعلٌمٌة‪ .‬فهل ٌراعى ذلك فً رٌاض‬
‫األطفال والمدارس والجامعات فً الببلد العربٌة؟‬
‫بتؤمل األوضاع ٌتضح أن هناك تدهوراً واقعا ً فً مجمل العملٌة والنظام التعلٌمً فى كثٌر من‬
‫الحاالت بالببلد العربٌة سواء على مستوى المناهج أو المدرسٌن أنفسهم وؼٌاب العدٌد من‬
‫األنشطة التً كانت تمثل البناء الحقٌقً للقدرات بالنسبة للتبلمٌذ وتنمٌة قدراتهم اإلبداعٌة الخبلقة‬
‫من خبلل تنمٌة البحث العلمً واالهتمام به‪ .‬وتزعزعت العبلقة بٌن (األطفال‪ ،‬الطبلب) وبٌن‬
‫(الروضة‪ ،‬المدرسة‪ ،‬الجامعة)‪ ،‬وتحول التعلٌم إلى آفة نجنى ذبول أزهاره‪:‬‬
‫‪ -‬مظاهر سلوكٌة وأنماط أخبلقٌة سلبٌة مثل العصبٌة والعنؾ‪.‬‬
‫‪ -‬ضعؾ الخٌال والرتابة فى التفكٌر والفردٌة واألنانٌة‪.‬‬
‫‪ -‬تسرب من التعلٌم وتفشى ظاهرة األمٌة‪.‬‬
‫‪ -‬تخرٌج شباب "متعلم بمهارات حٌاتٌة محدودة" وؼٌر قادر على العمل واإلنتاج وبالتالً‬
‫زٌادة البطالة‪ ،‬كذلك أصبحوا ٌشككون بإمكانٌة وفعالٌة التعاون والعمل الجماعً‪.‬‬
‫‪ -‬انعدام القدرة على التخطٌط عامة واالستفادة من فترات العطبلت واإلجازات واألوقات‬
‫الخارجـة عن الدوام المدرسً خاصة‪.‬‬
‫للتقرب إلى لَّلا‪ ..‬فرصة لبناء‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬العبث بؤثمن ما وهبنا لَّلا‪ :‬الوقت الذي هو فرصة‬
‫الشخصٌة‪ ..‬فرصة للمعرفة‪ ..‬فرصة للكسب الثقافً أو المادّ ي‪ ..‬فرصة للتعارؾ‪ ،‬فبعد أن‬
‫اتسعت أوقات فراغ الشباب‪ ،‬أهدرت ساعات طوٌلة‪ ،‬إ ّما فً الثرثرة الفارؼة‪ ،‬أو مشاهدة‬
‫التجول أمام المحبلّت التجارٌة‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫التلفاز‪ ،‬أو التس ّكع على أرصفة الشوارع ببل هدؾ‪ ،‬أو‬
‫جلسات السمر التً ال نهاٌة محدّدة لها‪ ،‬حٌث تترك ساببة كحبل ٌشنقون به الوقت‪.‬‬
‫وللعودة بمنظومة التعلٌم إلى مسارها الصحٌح ٌنبؽً على الدول أن تتولى مسبولٌة التربٌة‬
‫والتعلٌم‪ ،‬وتخطط لها مركزٌاً‪ ،‬وتنهض بإدارتها وقٌادتها‪ .‬أي أنّ الدولة تتب ّنى مسؤلة صٌاؼة‬
‫البناء اإلنسانً‪ ،‬وتصمٌم نمط الشخصٌة والتفكٌر وطرٌقة إعداد اإلنسان للحٌاة‪ .‬فهً التً تتو ّلى‬
‫إعداد المنهج المدرسً‪ ،‬وترسم السٌاسة التربوٌة العا ّمة‪ .‬وبتلك الوسابل واإلمكانات تإ ّثر الدولة‬
‫على هوٌة اإلنسان التربوٌة وشخصٌته‪ .‬آخذة فى االعتبار أن الدولة اإلسبلمٌة هً دولة عقابدٌة‬
‫فكرٌة لها خط فكري متم ٌّز المعالم‪ ،‬وفلسفة حٌاتٌة مستقلة‪ ،‬لذا فهً مسبولة عن توجٌه التربٌة‬
‫[‪]iv‬‬
‫والتخطٌط لكل عناصرها وأجهزتها المدرسٌة لتسٌر فً الخط اإلسبلمً‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫وفى حال ة تقلص دور الدولة أو عدم قدرتها على تولى هذه المسبولٌة‪ ،‬فإنه ٌجب على‬
‫مإسسات المجتمع المدنً ‪-‬المعنٌة بالطفل والشباب والتعلٌم‪ -‬واألفراد أن تتضافر جهودهم‬
‫للنهوض بالعملٌة التعلٌمٌة على أن تكون جهوداً مرنة ومتجددة بحٌث تتماشى مع حاجات‬
‫المجتمع المحلى المتنوعة والمتؽٌرة‪ ،‬وذلك من خبلل‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬مشروعات تجرٌبٌة إلنشاء مراكز تعلم مجتمعٌة متعددة األؼراض‪:‬‬
‫وهى مإسسات تربوٌة محلٌة خارج اإلطار الرسمً التعلٌمً فً القرى وضواحً المدن ٌتم‬
‫[ ‪]v‬‬
‫تموٌلها وإدارتها من قبل المجتمع المحلى لتؤمٌن فرص تعلٌمٌة متنوعة‪.‬‬
‫ثانٌا ً‪ :‬وضع مناهج تعلٌمٌة تراعى الجوانب اآلتٌة‪:‬‬
‫وٌعوده‬
‫ِّ‬ ‫ٔ ‪ -‬الجانب التربوي‪ :‬الذي ٌزرع فً ذهن الطالب ونفسه القٌم واألخبلق الصالحة‪،‬‬
‫الحٌاة االجتماعٌة والسلوك القوٌم‪ .‬بداٌة من اإلٌمان باهلل ثم الصدق والصبر وحب العلم‬
‫والتعاون واإلٌثار والشجاعة وؼٌرها‪ ،‬وهذا الجانب ٌعتمد كثٌراً على القدوة المتمثلة فً‬
‫المدرسٌن والمربٌن والتً هً صفات ٌجب عدم التنازل عنها‪.‬‬
‫ٕ ‪ -‬الجانب العلمً والثقافً‪ :‬وٌشمل تدرٌس الطفل مبادئ العلوم والمعارؾ النافعة‪ ،‬سواء‬
‫الطبٌعٌة منها أو االجتماعٌة‪ ،‬والتً تإهله ألن ٌتعلم فً المستقبل علوما ً ومعارؾ أرقى‪.‬‬
‫ٖ ‪ -‬الجانب التطبٌقً أو التجرٌبً‪ :‬وٌشمل تنمٌة مواهب الطفل وملكاته األدبٌة والفنٌة‬
‫والجسمٌة والعقلٌة عن طرٌق برامج تطوعٌة لتعلم فنون الكتابة والخطابة والرسم‬
‫والتطرٌز والخٌاطة أو الرٌاضة واأللعاب الكشفٌة واالختراع واإلبداع‪ .‬كذلك اكتشاؾ‬
‫قابلٌة الطفل ونوع المهارة واللٌاقة العلمٌة التً ٌمٌل إلٌها نفسٌا ً وتنمٌتها لدٌه‪ ،‬وتوفٌر‬
‫المستلزمات األولٌة التً ٌحاول بها صناعة وابتكار أو تقلٌد بعض األجهزة المبسطة‬
‫لتشجٌعه على االبتكار والتوجه نحو االكتشاؾ واالختراع‪ .‬فضبلً عن اعتماد المنهج‬
‫الطب‪ ،‬والفلك‪ ،‬والكٌمٌاء‪ ،‬والفٌزٌاء‪ ،‬والصٌدلة‪،‬‬‫ّ‬ ‫التجرٌبً والبحث المختبري فً علوم‪:‬‬
‫وؼٌرها من العلوم المادّ ٌة‪...‬الخ‪ ،‬وهى األسس التً قامت علٌها مدنٌة أورو ّبا المعاصرة‬
‫[‪]vi‬‬
‫وتقدّ مها العلمً‬
‫ٗ ‪ -‬الجانب الزمنً‪ :‬ؼرس قٌمة أن الوقت هو النعمة التً خلقها لَّلا تسخٌراً لئلنسان لٌعمر‬
‫األرض وهى نعمة ال ٌمكن تعوٌضها‪ ،‬وتوضٌح أهم الفوارق بٌن المنهجٌن اإلسبلمً‬
‫والؽربً فً النظرة إلى البعد الزمنً‪ ،‬ففعالٌته لدى المسلمٌن تتمثل فً آثار العمل خبلل‬
‫حٌاة الفرد الدنٌوٌة وكذلك األخروٌة‪ ،‬بٌنما نجده فً المفاهٌم الوضعٌة قاصراً على‬
‫[‪]vii‬‬
‫النظرة اآلنٌة للدنٌا‪.‬‬

‫فإذا وضع المنهج بهذه الطرٌقة استطاع أن ٌستوعب أهداؾ التربٌة وٌحقق أؼراضها‪ ،‬وٌعٌننا‬
‫على خلق اإلنسان الصالح والفرد النافع والمجتمع القوى لتتقدم أمتنا اإلسبلمٌة وٌصبح لها‬
‫السبق والصدارة بٌن دول العالم‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫‪www.feker.net‬‬

‫المراجع لـ"علم وعمل بعين أخرى"‪:‬‬


‫[‪]1‬‬
‫اإلّررّد‪:‬‬ ‫شثنح‬ ‫ٍوقغ‬ ‫اآلُ؟‬ ‫ّقف‬ ‫ٍصر‪..‬أيِ‬ ‫د‪ٍ.‬حَد أتو اىغار‪ ،‬اىثحس اىؼيَي في‬
‫‪http://www.march9online.net/pdf%20files/Ghar.ppt‬‬
‫[‪ ]2‬د‪ٍ.‬حَد أٍيِ شحادج (صفر ‪ٕ1421‬ـ) ‪ ،‬إدارج اىوقد تيِ اىرراز واىَؼاصرج ‪ ،‬ميف ذْجح في إدارج وقرل وتاىراىي‬
‫حياذل‪ ،‬رسائو جاٍؼيح‪ ،‬دار اتِ اىجوزى ىيْشر واىروزيغ‪.‬‬
‫[‪ٍ ]3‬حَد اىصدوقي‪ ،‬اىَفيد في اىررتيح‪.‬‬
‫[‪]4‬‬
‫اىَسيٌ‪،‬‬ ‫اىْشء‬ ‫ذرتيح‬ ‫في‬ ‫ٍثادىء‬ ‫اإلّررّد‪،‬‬ ‫شثنح‬ ‫ػيي‬ ‫(تالؽ)‬ ‫ٍوقغ‬
‫‪http://www.balagh.com/matboat/akhlaq/80/index.htm‬‬
‫[‪ ]5‬د‪.‬حجازى إدريس (ٍايو ‪ٍ ، )2004‬سودج اىَشروع اىؼرتي اإلقييَي اىرجريثي حوه ٍرامس اىرؼيٌ اىَجرَؼيح‬
‫اىَرؼددج األغراض ( ىثْاُ‪ ،‬سوريا‪ ،‬األردُ‪ٍ ،‬صر‪ ،‬فيسطيِ‪ ،‬اىسوداُ‪ ،‬اىَغرب‪ ،‬اىيَِ)‪ٍ ،‬نرة اىيوّسنو اإلقييَي‬
‫ىيررتيح في اىدوه اىؼرتيح‪ -‬تيروخ‪.‬‬
‫[‪ٍ ]6‬وقغ (تالؽ)‪ٍ ،‬رجغ سثق ذمرٓ‪.‬‬
‫[‪ ]1‬د‪ٍ.‬حَد أٍيِ شحادج (صفر ‪ٕ1421‬ـ)‪ ،‬إدارج اىوقد تيِ اىرراز واىَؼاصرج‪ ،‬ميف ذْجح في إدارج وقرل وتاىراىي‬
‫حياذل‪ ،‬رسائو جاٍؼيح‪ ،‬دار اتِ اىجوزى ىيْشر واىروزيغ‪.‬‬

‫‪39‬‬

You might also like