Professional Documents
Culture Documents
: إهداء
حس مرهف و إلى كل من لديه شغف بالموسيقى إلى كل من لديه ِ
عَرف أو لم َيعرف شيئا من قبل عن هذا ألمؤلف ألَعبقريألعالميةَ ،
من هو جورج فريدريك هاندل ؟
كان جورج فريدرك هاندل أشهر مؤلف موسيقي على عهد يوهان سباستيان
باخ .انتصر في ألمانيا ودانت له إيطاليا الموسيقية ،وكان روح الموسيقى
وتأريخها في إنكلترا طوال النصف الول من القرن الثامن عشر .واتخذ
تفوقه قضية ُمسلمة ،لم يجادله في ذلك ُمجادل ،وشمخ في دنيا الموسيقى
ل.
كأنه مارد مسيطر يزن 250رط ً
ولد في مدينة هاله بسكسونيا العليا في 23فبراير 1685قبل مولد يوهان
سبستيان باخ بستة وعشرين يومًا ،وقبل مولد دومنيكو سكارلتي بثمانية
أشهر
أجل أنه جورج فريدريك هاندل ألذي قال عنه موزارت أنه عرف تأثير
ألموسيقى أفضل من أي موسيقي اخر و عندما يختار يضرب كالصاعقة .
و دمعت عينا هايدن حين حضر عرض أوراتوريو ألمسيح ألمنتظر في
لندن و قال قد كان هاندل أستاذنا كلنا و قد تأثر كثيرا بهذا ألوراتوريو و
أستلهم منه ألكثير من موسيقاه و كذلك بيتهوفن لم يكن أقل تأثرا بهاندل من
موزارت و هايدن أذ قال ذات مرة حين زار قبر هاندل في لندن :سيبقى
هاندل أعظم موسيقار عاش على هذه ألرض و أني سأكشف رأسي و
أنحني تواضعا أمام قبره ،اضافة ألى أن بيتهوفن قد أستلهم ألكثير من
ألحانه من موسيقى هاندل اذ كان هاندل أستاذهم ,و لم يقتصر تأثير هاندل
على ألموسيقين ألذين أتوا بعده بل أن باخ ألذى عاصر هاندل كان من أشد
ألناس أحتراما لهاندل و عرف عنه أنه قال :هاندل هو ألشخص ألوحيد ألذي
أتمنى أن أراه قبل موتي ،و هو ألشخص ألوحيد ألذي أتمنى أن أكونه لو لم
أكن باخ .و فعل حاول باخ لقاء هاندل أكثر من مرة ولكن هاندل كان كثير
ألسفر فلم يحدث أن التقيا أبدا .هؤلء هم عظماء ألموسيقين و كيف
يحترمون بعضهم ألبعض ،و مما قيل في هاندل فهو كثير فذلك ألملك
جورج ألثالث حين و صف هاندل بشكسبير ألموسيقى لما في موسيقاه من
عمق و فلسفة و تأثير بالقلب و ألفيلسوف جورج برناردشو حين قال :ان
هاندل لم يكن مجرد موسيقي بل هو مؤسسة كاملة و أكثر من ذلك انه
مؤسسة مقدسة .
و لكن للسف ألشديد فقليل منا ،و خاصة نحن ألعرب ،من يعرف شيئا عن
هذا ألموسيقار ألعظيم و عن موسيقاه ألخالدة ،لذلك فأنا أحاول أن أبرز و
أبين و لو جزء قليل من ألتراث ألغني ألذي تركه هذا ألموسيقار ألعظيم
للعالم فقد أغنى ألموسيقى ألعالمية بجواهر نادرة و كان مثال يقتدى به من
كل من جاء بعده من ألمؤلفين أمثال موزارت و هايدن و بيتهوفن فهؤلء
تلميذه و كانت موسيقاه لهم كالنهر ألجاري ألذي مياهه ل تنضب و كانت
حقبتان ألكلسيكية و موسيقاه هي ألساس ألذي ُبنيت عليِه موسيقى أل ُ
ألرومانسية ،لحظوا مثل أي كونسيرتو كروسو من ألوباس ألسادس و
ستفهمون ما أقصد ،و أبسط من ذلك دققوا بألحان ألوباس ألراقص ،أعني
ألوباس ألخامس ،يالها من ألحان سحرية رغم كونها رقصات بسيطة ،أم
ألورغن و سحره في ألوباس ألرابع و ألوباس ألسابع ،أم ألوبرات
ألرائعة ألتي ألفها ،حسنا يحتار أللسان بوصف ألحانه ،أضافة ألى كل ذلك
فأن ما يثير ألعجب هو كون هاندل من عائلة غير موسيقية ،فبينما كان لباخ
و سكارليتي و موزارت و بيتهوفن و بقية ألمؤلفين أباء من كبار ألمؤلفين و
عاشوا طفولتهم بالتدرب على سلم موسيقي صارم و بإصرار من أهلهم
على تعلم ألموسيقى كان والدا هاندل ل يكترثان للموسيقى و يعتبرانها
مضيعة للوقت و كان والده يرفض وجود أي آلة موسيقية في ألمنزل إذ كان
والده ألجراح ألرسمي في بلط ألدوق و أراد له أن ُيصبح محاميا ،و لكن
حدث ذات مرة أن سمع ألدوق عزف هاندل على ألورغن فأعجب به بشدة
و طلب من والده أن يوافق على أعطائه دروسا بالموسيقى على نفقة ألدوق
فوافق ألب ،و كان ويلهلم زاخو عازف ألورغن في كنيسة هاله هو
ألمدرس ،فتعلم هاندل عزف ألكمان و ألناي و ألريكوردر و ألوبو و بدا
يؤلف ألسوناتات و هو في ألسابعة من عمره و لكن للسف لم يتبقى منها أل
ستة فقط ،لحظوا أن هاندل ولد موسيقيا اذ أنه لم يحصل على ما حصل
عليه أقرانه من ألتعليم ألموسيقي و هذه نقطة مهمة أذ أن موسيقاه تخاطب
ألقلب و ليس ألعقل لنها نبعت من ألقلب ،قلب أحب ألموسيقى و لم ُيجبر
عليها ،قلب فطر على ألموسيقى ،قلب ملئ بالمشاعر ألطفولية ألبريئة ،و
بصراحة فكثيرا ما أحس في موسيقاه أحساس ألطفولة ألجميلة و ألبرائة و
ألنقاء ألذي ل مثيل له في أي موسيقى أخرى و أتخيل هاندل ألصغير و
شغفه بالموسيقى ،و لكن للسف فأن ل أحد يعرف مصدر هذا ألشغف و
ألوله بالموسيقى و ألمعلومات ألتأريخية قليلة جدا عن طفولته .أما موسيقى
غيره من ألمؤلفين فتجدها تخاطب ألعقل فقط لنها نبعت من عقل تشبع
بتعليمات و دروس صارمة قد يكون أجبر على حفظها و تجد في موسيقاهم
من ألتعقيد و ألمعادلت ألتي ل داع لها ،أما موسيقى هاندل فبسيطة تصل
ألى ألقلب بأسرع ألطرق ،و لبيتهوفن مقولة معروفة أذ كان يقول لتلميذه
سبل .
عن هاندل :لنذهب أليه و نتعلم كيف يحقق أعظم ألتأثير بأبسط أل ُ
و مثال عن بساطة موسيقاه أستمعوا لريا "دعني أبكي" من أوبرا رينالدو
كم هي بسيطة و لكن هذه ألبساطة أن دلت على شئ فأنها تدل على عبقرية
موسيقية ل تضاهى لحظوا أن بعض ألنغمات متشابهة و متتابعة و مع ذلك
فأن لكل منها تأثيرا مختلفا على ألقلب ،و كانت موسيقاه درامية بشكل ل
حدث بدقة متناهية .
مثيل له إذ أن ألموسيقى ُتحاكي أل َ
باختصار فأن هاندل عرف كيف يوصل ما أراده إلى ألمستمع أفضل من أي
مؤلف أخر و هذا معنى قول موزارت :أن هاندل عرف تأثير ألموسيقى
أفضل من أي موسيقي آخر و عندما يختار يضرب كالصاعقة.
كما أنني على يقين كامل من أن بيتهوفن لم يكن ُمخطئا حين قال أن هاندل
أعظم موسيقار عاش على هذه ألرض .
حسنا مهما كتبت فقليل بحق هاندل فتراثه يحتاج إلى مجلدات من ألكتب،
ولكن بعد هذه ألمعلومات ألقليلة عن هذا ألموسيقار ألعظيم فأني أتمنى أن
تستمعوا إلى موسيقاه ألخالدة مرة أخرى بتَمُعن أكثر و بقلوبكم ل بعقولكم
ف و ِلَم كتب موسيقى كهذه .
لكي تعرفوا كي َ
علي كفاح
ألعراق -بغداد
26-12-2010