You are on page 1of 9

‫محمد محمود الزبيري‬

‫مقدمه‬
‫"إذا أردت أن تتحدث عن اليمن فل بد لك أن تذكر الزبيري‪ ..‬وإذا‬
‫أردت أن تتحدث عن الشعر في اليمن فل بد لك أن تذكر الزبيري أيضا‪..‬‬
‫وإذا تحدثت عن الثورة اليمنية ولم تتحدث عن الزبيري وشعره فإنك لم‬
‫تتحدث عن أهم دعائم هذه الثورة؛ فالزبيري شاعر أشعل ثورة اليمن‬
‫بشعره‪ ،‬وقاد مسيرتها بشعره أيضا‪ ،‬وهو لذلك استحق من مواطنيه أن‬
‫يلقب بأبي الحرار وشاعر الثوار"‪ .‬فمن هو الزبيري الذي قال عنه معجم‬
‫الدباء السلميين كل هذا؟‬
‫في حي بستان السلطان ‪-‬في مدينة صنعاء‪ -‬وفي سنة ‪ 1910‬ميلديا ولد‬
‫محمد محمود الزبيري؛ حيث تعيش أسرة الزبيري العريقة التي نبغ فيها‬
‫عدد من قضاة وعلماء وشعراء المدينة الكبار‪ ،‬مثل جده القاضي والشاعر‬
‫لطف الباري الزبيري‪ ،‬والقاضي والشاعر المشهور لطف ال بن محمد‬
‫الزبيري أحد كبار علماء صنعاء‪ ،‬كما كان والده قاضيا مشهورا‪ ،‬وهو‬
‫نفسه كان كثيرا ما يعرف بالقاضي‪.‬‬
‫وفي مدينة صنعاء أيضا نشأ الزبيري يتيما فتعلم القرآن وحفظه‬
‫صغيرا‪ ،‬وكان الناس يحبون سماعه منه لحلوة صوته‪ ،‬وتنقل في طلب‬
‫العلم بين الكتاب والمدرسة العلمية والجامع الكبير بصنعاء‪ ..‬وقد مال في‬
‫طفولته إلى العزلة والنطواء‪ ،‬وكان يقضي أوقاته بالمطالعة والتأمل في‬
‫الحياة وفيما حوله؛ فنشأ مرهف الحساس والشعور‪ ،‬فنظم الشعر وهو دون‬
‫العشرين‪.‬‬

‫• النشأة‬
‫أ‪ .‬محمد محمود الزبيري‬

‫‪1‬‬
‫"كنت أحس إحساسًا أسطوريّا بأني قادر بالدب وحده على أن أقوّض ألف‬
‫عامٍ من الفساد والظلم والطغيان"‪.‬‬
‫هذا هو الزبيري الذي قال عنه معجم الدباء السلميين‪ :‬إذا أردت أن‬
‫تتحدث عن اليمن فلبد لك أن تذكر الزبيري‪ ،‬وإذا أردت أن تتحدث عن‬
‫الشعر في اليمن فلبد لك أن تذكر الزبيري أيضًا‪ ..‬وإذا تحدثت عن الثورة‬
‫اليمنية ولم تتحدث عن الزبيري وشعره‪ ،‬فإنك لم تتحدث عن أهم دعائم هذه‬
‫الثورة‪ ،‬فالزبيري شاعر أشعل ثورة اليمن بشعره‪ ،‬وقاد مسيرتها بشعره‬
‫أيضًا‪ ،‬وهو لذلك استحق من مواطنيه أن يلقب بأبي الحرار وشاعر الثوار‪.‬‬
‫في حي بستان السلطان‪ -‬في مدينة صنعاء‪ -‬وفي سنة ‪1910‬م وُلد محمد‬
‫محمود الزبيري؛ حيث تعيش أسرة الزبيري العريقة‪ ،‬التي نبغ فيها عدد من‬
‫قضاة وعلماء وشعراء المدينة الكبار‪ ،‬مثل‪ :‬جده القاضي والشاعر لطف‬
‫الباري الزبيري‪ ،‬والقاضي والشاعر المشهور لطف ال بن محمد الزبيري‬
‫أحد كبار علماء صنعاء‪ ،‬كما كان والده قاضيّا مشهورًا‪ ،‬وهو نفسه كان‬
‫كثيرًا ما يعرف بالقاضي‪.‬‬
‫وفي مدينة صنعاء أيضًا نشأ الزبيري يتيمًا‪ ،‬فتعلم القرآن وحفظه صغيرًا‪،‬‬
‫وكان الناس يحبون سماعه منه لحلوة صوته‪ ،‬وتنقل في طلب العلم بين‬
‫الكتاب والمدرسة العلمية والجامع الكبير بصنعاء‪ ..‬وقد مال في طفولته إلى‬
‫العزلة والنطواء‪ ،‬وكان يقضي أوقاته في المطالعة والتأمل في الحياة وفيما‬
‫حوله؛ فنشأ مرهف الحساس والشعور‪ ،‬فنظم الشعر وهو دون العشرين‪.‬‬

‫كان أول ظهور للزبيري كشاعر عندما ذهب إلى الحج عام ‪1938‬م بصحبة‬
‫الشهيد عبدال الوزير‪ ،‬ووقف أمام الملك عبدالعزيز آل سعود‪ ،‬وألقى قصيدة‬
‫لم تحفظ المصادر إل مطلعها‪:‬‬
‫وسنا العروبة من جبينك يشرق‬ ‫قلب الجزيرة في يمينك يخفق‬
‫• الزبيري والخوان المسلمون‬
‫وبقي الزبيري بعدها بمكة المكرمة طالبًا للعلم إلى أن رحل عنها إلى مصر‬
‫سنة ‪1939‬م؛ حيث التحق بدار العلوم بالقاهرة‪ ،‬وهناك تعرف على المام‬

‫‪2‬‬
‫حسن البنا والمجاهد الجزائري الفضيل الورتلني‪ ،‬فانضم إلى جماعة‬
‫الخوان المسلمين‪ ،‬وفي ذلك يقول الستاذ علي ناصر العنسي‪" :‬أول تجمع‬
‫لنا كان ونحن في القاهرة عندما كنا ندرس في الزهر‪ ،‬وبدأنا التصال‬
‫بالخوان المسلمين‪ ،‬ومنهم الشيخ حسن البنا‪ ،‬الذي كان يرى أن اليمن أنسب‬
‫البلد لقامة الحكم السلمي الصحيح‪ ،‬وأن المناخ مناسب للخوان‬
‫المسلمين ليعملوا فيها‪ ،‬فكان يهتم بنا اهتمامًا خاصًا‪ ،‬ويولي عنايته بشكل‬
‫أخص لكل من الزبيري والمسمري‪ ،‬اللذين كان يعتبرهما شخصيتين‬
‫متميزتين‪ ،‬ومن هنا بدأت الحركة الوطنية بين الطلب اليمنيين"‪.‬‬
‫بداية النضال‬
‫كان أول ظهور للزبيري كشاعر عندما ذهب إلى الحج عام ‪1938‬م بصحبة‬
‫الشهيد عبد ال الوزير‪ ،‬ووقف أمام الملك عبد العزيز آل سعود‪ ،‬وألقى‬
‫قصيدة لم تحفظ المصادر إل مطلعها‪:‬‬
‫قلب الجزيرة في يمينك يخفق **** وسنا العروبة من جبينك يشرق‬
‫وبقي الزبيري بعدها بمكة المكرمة طالبا للعلم إلى أن رحل عنها إلى مصر‬
‫سنة ‪1939‬م حيث التحق بدار العلوم بالقاهرة‪ ،‬وهناك تعرف على المام‬
‫حسن البنا والمجاهد الجزائري الفضيل الورتلني فانضم إلى جماعة‬
‫الخوان المسلمين‪ ،‬وفي ذلك يقول الستاذ علي ناصر العنسي‪" :‬أول تجمع‬
‫لنا كان ونحن في القاهرة عندما كنا ندرس في الزهر‪ ،‬وبدأنا التصال‬
‫بالخوان المسلمين ومنهم الشيخ حسن البنا الذي كان يرى أن اليمن أنسب‬
‫البلد لقامة الحكم السلمي الصحيح‪ ،‬وأن المناخ مناسب للخوان‬
‫المسلمين ليعملوا فيها‪ .‬فكان يهتم بنا اهتماما خاصا‪ ،‬ويولي عنايته بشكل‬
‫أخص لكل من الزبيري والمسمري اللذين كان يعتبرهما شخصيتين‬
‫متميزتين‪ ،‬ومن هنا بدأت الحركة الوطنية بين الطلب اليمنيين"‪.‬‬
‫وقد أسس الزبيري وبعض رفاقه في القاهرة أول حركة منظمة لمعارضة‬
‫الحكم المامي في اليمن في سبتمبر عام ‪1940‬م تحت اسم "كتيبة الشباب‬
‫اليمني"‪..‬‬
‫وفي سنة ‪ 1942‬قطع الزبيري دراسته عائدا إلى اليمن التي رأى أنها تستحق‬
‫منه مجهودا كبيرا لنقاذ البلد من الوضاع المتردية والمأساوية التي كانت‬
‫تكتنف اليمن آنذاك تحت حكم الئمة من أسرة حميد الدين‪ ،‬وقد صور هذه‬
‫الحالة قائل‪:‬‬

‫‪3‬‬
‫ماذا دهى قحطان في لحظاتهم *** بؤس وفي كلماتــهم آلم؟‬
‫جهل وأمراض وظلم فـــــا *** دح ومخافة ومجاعة و"إمام"‬
‫وعند قدومه إلى اليمن قدم مذكرة للمام المتوكل يحيى حميد الدين تتضمن‬
‫مشروعا لنشاء جمعية المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬كما ألقى‬
‫خطبة في الجامع الكبير بصنعاء؛ وهو ما أغضب المام يحيى؛ فكان جزاؤه‬
‫السجن مع عدد من شباب اليمن الحرار في سجن "الهنوم"؛ حيث‬
‫انصرف للصلة وتلوة القرآن والذكر والتأمل وكتابة الشعر‪...‬‬
‫• الزبيري معارضًا‬
‫وقد أسس الزبيري وبعض رفاقه في القاهرة أول حركة منظمة لمعارضة‬
‫الحكم المامي في اليمن في سبتمبر عام ‪1940‬م تحت اسم "كتيبة الشباب‬
‫اليمني"‪..‬‬
‫وفي سنة ‪1942‬م قطع الزبيري دراسته عائدًا إلى اليمن التي رأى أنها تستحق‬
‫منه مجهودًا كبيرًا لنقاذ البلد من الوضاع المتردية والمأساوية التي كانت‬
‫تكتنف اليمن آنذاك تحت حكم الئمة من أسرة حميد الدين‪ ،‬وقد صور هذه‬
‫الحالة قائلً‪:‬‬
‫ماذا دهى قحطان في لحظاتهم بؤس وفي كلماتهم آلم؟‬
‫جهل وأمراض وظلم فادح ومخافة ومجاعة و"إمام"‬
‫• سجن الهنوم‬
‫وعند قدومه إلى اليمن قدم مذكرة للمام المتوكل يحيى حميد الدين تتضمن‬
‫مشروعًا لنشاء جمعية المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬كما ألقى‬
‫خطبة في الجامع الكبير بصنعاء؛ وهو ما أغضب المام يحيى‪ ،‬فكان جزاؤه‬
‫السجن مع عدد من شباب اليمن الحرار في سجن "الهنوم"؛ حيث‬
‫انصرف للصلة وتلوة القرآن والذكر والتأمل وكتابة الشعر‪...‬‬
‫وعند خروجه من السجن الذي لبث فيه قرابة تسعة أشهر صور الزبيري‬
‫ذلك الخروج‬
‫قائلً‪:‬‬
‫كما تخرج الُسد من غابها‬ ‫خرجنا من السجن شم النوف‬
‫ونأتي المنية من بابها‬ ‫نمر على شفرات السيوف‬
‫بعسف الطغاة وإرهابها‬ ‫ونأبى الحياة إذا دنست‬

‫‪4‬‬
‫ولم يجد الزبيري بُدّا من اللتفاف حول ولي العهد أحمد نجل المام يحيى‬
‫مع كثير من المثقفين الذين رأوا فيه أملً منقذًا لهم؛ لكنهم سرعان ما أدركوا‬
‫وَهْم ما هم فيه‪ ،‬فخرجوا بدعوتهم الصلحية فارين إلى عدن التي كانت‬
‫متنفسًا للحرار‪.‬‬
‫• مرحلة جديدة والخروج من اليمن‬
‫وفي عدن بدأت مرحلة جديدة في الكفاح والنضال؛ حيث أسس الزبيري مع‬
‫رفيق كفاحه أحمد محمد نعمان حزب الحرار سنة ‪1944‬م‪ ،‬الذي تحول اسمه‬
‫إلى "الجمعية اليمانية الكبرى" عام ‪1946‬م‪ ،‬وأصدر صحيفة "صوت‬
‫اليمن"‪ ،‬وفوضت الجمعية المام حسن البنا في أن يتحدث عنها في كل شأن‬
‫من الشئون‪ ،‬واستمر الكفاح حتى قيام ثورة ‪1948‬م؛ حيث قتل المام يحيى‬
‫حميد الدين‪ ،‬ونصب عبدال الوزير إمامًا جديدًا لحكم دستوري شرعي‪،‬‬
‫وكان للخوان المسلمين والفضيل الورتلني‪ -‬ممثل المام البنا في اليمن‪-‬‬
‫الدور الرئيسي في هذه الثورة‪.‬‬
‫ولكن الثورة سرعان ما فشلت‪ ،‬فعاد المام أحمد بن يحيى حميد الدين نجل‬
‫المام المقتول ليبطش بكل رجالت الثورة‪ ،‬وليفتح صنعاء أمام القبائل التي‬
‫ناصرته للنهب والسلب؛ فغادر الزبيري اليمن‪ ،‬ولم يكن هناك باب من‬
‫أبواب الدول العربية مفتوح له هذه المرة؛ فذهب إلى باكستان‪ ،‬وهناك التقى‬
‫وتعرف على شاعر النفس المؤمنة عمر بهاء الدين الميري‪ ،‬الذي كان‬
‫سفيرًا لسوريا في باكستان‪ ،‬وما كاد الزبيري يسمع بقيام ثورة يوليو ‪1952‬م‬
‫بمصر إل وقرر الرحيل إليها؛ حيث بدأ نشاطه مع رفيقه النعمان بتجميع‬
‫صفوف الطلب اليمنيين‪ ،‬وامتد نشاطه إلى اليمنيين في السودان على الرغم‬
‫من المضايقات التي تعرض لها من قبل النظام المصري‪ ،‬وكان الزبيري‬
‫يلقي القصائد من خلل إذاعة صوت العرب التي كان له دور في تأسيسها‪،‬‬
‫وكان لحاديثه وقصائده دور كبير في إنقاذ الحرار داخل المملكة المتوكلية‬
‫(اسم عرفت به اليمن قبل قيام الثورة) من الحباط واليأس وعدم إمكانية‬
‫التغيير‪ ،‬خصوصًا بعد سقوط ثورة ‪1948‬م‪ ،‬التي كانت أملً للحرار في‬
‫الخلص من ظلم وطغيان المامة‪ ،‬والنقاذ من الفقر والجهل والمرض‪.‬‬
‫وكان الزبيري‪ -‬رحمه ال‪ -‬يقول‪" :‬كنت أحس إحساسًا أسطوريّا بأنني قادر‬
‫بالدب وحده على أن أقوض ألف عام من الفساد والظلم والطغيان"‪ ،‬وفي‬
‫هذا يقول‪:‬‬
‫قوضت بالقلم الجبار مملكة‬ ‫كانت بأقطابها مشدودة الطنب‬

‫‪5‬‬
‫• العودة إلى الوطن‬
‫وحين قامت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام ‪1962‬م‪ ،‬التي أطاحت‬
‫بالحكم المامي‪ ،‬استدعى الضباط الثوار الستاذ الزبيري؛ لعلمهم أن مجيئه‬
‫ومشاركته في الحكم يضفيان على الحكم شرعية كانوا بحاجة إليها‪،‬‬
‫خصوصًا أن الثورة لم تنته من خصومها من الملكيين الذين كان لهم الكثير‬
‫من النصار بسبب الصبغة الدينية التي كانوا يضفونها على أنفسهم‪ ،‬وكانوا‬
‫يلقون الدعم من الخارج أيضًا‪.‬‬
‫فعاد الزبيري إلى صنعاء‪ ،‬وأُعد له استقبال مهيب لم تحظَ شخصية‬
‫جماهيرية بمثله‪ ،‬وعين وزيرًا للمعارف في حكومة الثورة‪ ،‬ثم نائبًا لرئيس‬
‫الوزراء‪ ،‬وعضوًا في مجلس الثورة‪ ،‬حتى استقال عام ‪1964‬م؛ حيث إن‬
‫التدخلت الخارجية أدخلت اليمن في حرب أهلية‪ ،‬فسارع الزبيري لصلح‬
‫ذات البين بين القبائل‪ ،‬واشترك في مؤتمرات الصلح بين اليمنيين في‬
‫"كرش" و"عمران"‪ ،‬كما تولى رئاسة مؤتمر "أركويت" بالسودان عام‬
‫‪1964‬م‪.‬‬
‫وقد تبين لبي الحرار أنه ينفخ في رماد‪ ،‬وأنه لبد من حماية الثورة من‬
‫خصومها وأصحابها على السواء‪ ،‬فخرج من صنعاء صبيحة إعلن حالة‬
‫الطوارئ في البلد‪ ،‬وإعلن الحكام العسكرية‪ ،‬وكان يقول بأنهم بهذه‬
‫القوانين يجيزون قتله‪..‬‬
‫خرج الزبيري وبصحبته بعض رفاقه‪ ،‬ومنهم الستاذ عبد الملك الطيب‪،‬‬
‫صاحب كتاب "التاريخ يتكلم"‪ ،‬الذي أرّخ لتلك الفترة بأمانة علمية‪ ،‬والشيخ‬
‫عبد المجيد الزنداني‪ -‬الذي استدعاه الزبيري من القاهرة‪ ،‬وقتل الخير وهو‬
‫على مقربة منه‪ -‬والستاذ محمد الفسيل‪ ،‬داعيّا إلى إنشاء حزب ال‪ ،‬هادفًَا‬
‫إلى إيجاد صحوة تصحح المفاهيم الخاطئة التي أوجدتها الملكية والثورة‬
‫على السواء؛ فقد كان‪ -‬رحمه ال‪ -‬يقول‪" :‬إن اليمن لن تسترد كرامتها‬
‫وعزتها إل يوم يوجد بينها عشرات من المناضلين على القل‪ ،‬يرضون‬
‫بالجوع حتى الموت‪ ،‬وبالسجن حتى نهاية العمر‪ ،‬وبخراب البيوت حتى‬
‫آخر حجر فيها‪ ،‬ويتقدمون إلى العمل الوطني على أساس النصر أو‬
‫الموت"‪.‬‬
‫• وقتلته يد الحقد‬

‫‪6‬‬
‫وصل الزبيري إلى ربط (شمال صنعاء)‪ ،‬ومن هناك وجه رسالته إلى شعب‬
‫اليمن التي شرح فيها مبادئ حزب ال‪ ،‬ثم بدأ بدعوة القبائل إلى حزب ال‬
‫ولمّ الشمل‪ ،‬وكانت دعوته عامة للملكيين والجمهوريين‪ ،‬وعاود الزبيري‬
‫ورفاقه إصدار صحيفة "صوت اليمن" كلسان حال حزب ال‪ ،‬وبدأ الشعب‬
‫يعلن ولءه للحزب الجديد بعد الحباط الذي عم المواطنين وخيبة أملهم في‬
‫ض مضاجع الملكيين الذين كانوا على مقربة‬
‫الثورة ورجالتها؛ وهو ما أق ّ‬
‫من الزبيري الذي غزاهم في عقر دارهم‪ ،‬وأقض مضاجع القيادة في‬
‫صنعاء‪ ،‬فراحت تهاجمه وحزبه في وسائل إعلمها‪ ،‬إلى أن عاجلته‬
‫رصاصات الغدر في إحدى تنقلته؛ فخر شهيدًا وهو يدعو إلى ما آمن به‪،‬‬
‫وكان ذلك في أول إبريل ‪1965‬م‪.‬‬
‫• آثاره‬
‫أصدر شاعرنا ديوانين‪ :‬الول‪" :‬ثورة الشعر"‪ ،‬والثاني‪" :‬صلة في‬
‫الجحيم"‪ ،‬وما نشر في هذين الديوانين هو الجزء القل من شعره‪ ،‬وما زالت‬
‫هناك مجموعات كبيرة من شعره تنتظر من يقوم بطبعها‪.‬‬
‫وصدر للشاعر الكتب السياسية التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬دعوة الحرار ووحدة الشعب‪.‬‬
‫‪ -2‬المامة وخطرها على وحدة اليمن‪.‬‬
‫‪ -3‬الخدعة الكبرى في السياسة العربية‪.‬‬
‫‪ -4‬مأساة واق الواق‪ ،‬تحدث فيه عن مصير جلدي اليمن وعن مصير‬
‫الشهداء الذين سقطوا دفاعًا عن اليمن وشعبه متبعًا أسلوب "رسالة الغفران"‬
‫للمعري‪.‬‬
‫وله إلى جانب هذه المؤلفات مجموعات من مقالته وبحوثه السياسية‬
‫والدبية تقع في عدة مجلدات‪ ،‬ول يفوتنا هنا أن نسجل بأن جميع مؤلفات‬
‫الزبيري والغالبية العظمى من شعره تدور حول مأساة الشعب اليمني الذي‬
‫أفنى عمره في سبيل قضيته‪ ،‬وسقط شهيدًا وهو ينادي بحريته‪.‬‬
‫• نماذج من شعره‬
‫أشجاني وآلمي‬
‫من جوها هذه النسام والسحر‬ ‫من أرض بلقيس هذا اللحن والوتر‬
‫هذي اللحون ومن تاريخها الذكر‬ ‫من صدرها هذه الهات من فمها‬
‫ظللها هذه الطياف والصور‬ ‫من "السعيدة" هذي الغنيات ومن‬
‫من الترانيم تشدو حولها زمر‬ ‫أطيافها حول مسرى خاطري زمر‬

‫‪7‬‬
‫من خاطر "اليمن" الخضرا ومهجتها هذي الغاريد والصداء والفكر‬
‫وسحرها وصباها الغيد النضر‬ ‫هذا القصيد أغانيها ودمعتها‬
‫يفوح من كل حرف جوها العطر‬ ‫يكاد من طول ما غنى خمائلها‬
‫يرف من وجنتيها الورد والزهر‬ ‫يكاد من كثر ما ضمته أغصنها‬
‫يلح منها البكا الدامي وينحدر‬ ‫كأنه من تشكي جرحها مقل‬
‫منك الفتون ومني العشق والسهر‬ ‫يا أمي اليمن الخضرا وفاتنتي‬
‫شعر "تعنقده" الذكرى وتعتصر‬ ‫ها أنت في كل ذراتي وملء دمي‬
‫تطل منه وحيناً فيه تستتر‬ ‫وأنت في حضن هذا الشعر فاتنة‬
‫عن اللقا‪ -‬أنه يهوى ويدكر‬ ‫وحسب شاعرها منها‪ -‬إذا احتجبت‬
‫وأنها في دجاه اللهو والسمر‬ ‫وأنها في مآقي شعره حلم‬
‫حسنًا وطبع الحسان الكبر والخفر‬ ‫فل تلم كبرياها فهي غانية‬
‫ومن رياضها هذه النغام تنتثر‬ ‫من هذه الرض هذي الغنيات‬
‫وحيث تعتنق النسام والشجر‬ ‫من هذه الرض حيث الضوء يلثمها‬
‫من أرض بلقيس هذا اللحن والوتر‬ ‫ما ذلك الشدو؟ من شاديه؟ إنهما‬
‫أنا الغريب‬
‫آتيه في الدنيا ولست أفقد‬ ‫أنا الغريب الضائع المشرد‬
‫يوم ول عند آتيه غد‬ ‫وجئت للدهر وما لي عنده‬
‫رءوسهم بجانبي واستشهدوا‬ ‫آتي على أحبتي فانتشرت‬
‫إل أنا والنار حولي توقد‬ ‫ويخرق الدنيا ولم يبق بها‬
‫وقمنا لنخلع ثوب الكفن‬ ‫صحونا برغمك يا طاغية‬
‫فقد سحق الليل زحف الزمن‬ ‫ولم تبعد عن أعين غافية‬
‫جرائم شاخصة في وثن‬ ‫ظهرت بصورتك العادية‬
‫وأظهرت من أمرها ما بطن‬ ‫وأعلنت أسرارك الخافية‬
‫• قالوا عن الزبيري‬
‫الستاذ عبد الرحمن بعكر الديب المؤرخ‪ :‬الزبيري كان جزءًا غاليّا من‬
‫عمر اليمن الزبيري‪ ،‬الحاسة الشعبية المبصرة‪ ،‬والضمير الوطني الحي‪،‬‬
‫عاش ‪ 47‬عامًا‪ ،‬أولها يُتْم وآخرها استشهاد‪ ،‬ووسطها علم وعمل ومشروع‬
‫وطني‪ ،‬شكّل مرحلة تحولية كبرى في تاريخ اليمن المعاصر‪.‬‬
‫الستاذ علي بن عبدال الواسعي‪ :‬ماذا أقول عن أبي الحرار الشهيد محمد‬
‫محمود الزبيري‪ -‬رحمه ال‪ -‬عندما ننظر إلى سلوكه وتعامله مع الناس‪ ،‬ل‬
‫نملك إل أن نقول‪ :‬ما هذا بشرًا إن هذا إل ملك كريم‪ ،‬رجل كله فضيلة‪،‬‬

‫‪8‬‬
‫وهب حياته حتى آخر لحظة لشعبه ليخرجه من الظلمات إلى النور‪ ،‬ومن‬
‫العبودية إلى الحرية‪ ،‬وعاش عيشة الزهاد‪ ،‬فلم يكسب شيئًا‪ ،‬وكان إذا‬
‫عرضت له الدنيا أعرض عنها حقيقة ل مبالغة‪ ،‬لقد حرك بشعره قلوب‬
‫المستضعفين‪ ،‬وألهب جلود الظالمين‪.‬‬
‫الشيخ الزنداني‪ :‬لقد كان معروفًا بحكمته وقدرته على تجميع الناس على‬
‫مختلف انتماءاتهم الحزبية أو القبلية؛ يبش في وجوههم‪ ،‬ويستمع إلى‬
‫آرائهم؛ حتى إن بعض من عرفوه يقولون إنه من رجالت عصره‪ ،‬قلما تجد‬
‫له نظيرًا أحبه خصومه وأصدقاؤه‪.‬‬

‫المراجع‬

‫‪ -‬أحد الدع (معجم الدباء السلميي)‬


‫‪ -‬حيد شحرة (مصرع البتسامة)‬
‫‪ -‬رياض القرشي (شعر الزبيي بي النقد الدب وأوهام التكري)‬
‫‪ -‬عمر باء الدين الميي (مع الشهيد الزبيي)‬
‫‪ -‬عبد العزيز القال (الزبيي ضمي اليمن الثقاف)‬
‫‪ -‬عبد الجيد الزندان (حياة الشهيد الزبيي) ماضرة مسجلة بقاعة مركز الدراسات‬
‫والبحوث بصنعاء – خريف ‪1989‬م‬
‫‪ -‬عبد اللك الطيب (التاريخ يتكلم)‬
‫‪ -‬ممد أحد الشامي (رياح التغيي ف اليمن)‬

‫‪9‬‬

You might also like