Professional Documents
Culture Documents
المهني في السعوديه
المقدمــة:
إن قضية التنمية في العالم النامي ُتعَد القضية الساسية والرئيسة لشعوبه ،والشغل الشاغل لمفكريه ومثقفيه
وعلمائه المختصين ،ويعد التعليم والتدريب ذا أهمية بالغة في رفع كفاءة أفراد المجتمع وتنمية قدراتهم،
وبخاصة في مجتمعاتنا النامية التي تحتاج أكثر ما تحتاج إلى هذا النوع من التعليم والتطور؛ لتلحق في سعيها
الحثيث ركب الثورة التكنولوجية التي أخذت أشكالً عديدة وأبعاداً واسعة فاقت التصور ،وقد وعى جللة الملك
عبدالعزيز– طيب ال ثراه – هذه الحقيقة في وقت مبكر من تأسيس هذا الكيان العظيم (المملكة العربية
السعودية) ،فوضع اللبنات الساسية لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة .
ولكي تتضح معالم التطور التاريخي الفني والمهني في المملكة العربية السعودية لبد من الشارة في هذه
المقدمة عن التعليم الفني والمهني قبل توحيد المملكة ،ففي منطقة نجد كانت التجارة سمة للنشاطات القبلية
أكثر من الصناعة والزراعة وبخاصة تجارة المواشي وبعض التوابل ونحو ذلك ،إل أنها لم تكن ذات مردود
اقتصادي موسع على المنطقة ،بقدر ما كانت تشبه الجهد الذاتي للفراد الذين كانوا يمارسون مهنة الرعي أكثر
من غيرها من المهن .
وتأثرت منطقة نجد نتيجة التصال المستمر مع المناطق الكثر انفتاحاً إبان توحيد المملكة من الناحية المهنية،
إل أن معظم الحرف والصناعات التي قامت بها كانت عبارة عن حرف لتلبية متطلبات عاجلة قصيرة المدى،
وقد عرفت آنذاك صناعة الحذية وبعض الصناعات الجلدية الُخر ،ومنتجات النخيل ونحوها ()1
ويرى بعض الباحثين أن بداية التعليم الفني والمهني كانت في الحجاز ( )2؛ حيث أدت عوامل متعددة دوراً
مباشراً في التأثير على مجريات الحركة التعليمية بشكل عام والتعليم الفني والمهني بشكل خاص ،ففي عام
1328هـ 1908 /م افتتحت مدرسة صناعية في مكة المكرمة وأُوفد لها معلمون من إستانبول ،ومن أهم
المدارس الرسمية التي جمعت بين التعليم العام والتعليم الفني – خلل الفترة قبل توحيد المملكة – المدرسة
الرشيدية التي أنشئت بين عامي 1303 –1301هـ 1883 – 1881 /م ،وكانت تقوم بتدريس مواد المقاييس
والعداد المركبة والكسور والخط والرسم وأصول مسك الدفاتر والحساب والهندسة المسطحة والمجسمة
والمثلثات إلى جانب العلوم الشرعية والعربية والجتماعيات .
وأما المهن و الصنائع والحرف في مكة المكرمة إبان تلك الفترة فكثيرة ،منها على سبيل المثال :النجارة
والحدادة والخياطة وصناعة الحذية وصناعة الجر ،وكانت له محارق ومعامل في آخر محله ( المسفلة ) ،
ومهن أُخر متعددة " )3( .
ما العوامل التي أدت إلى التطور الشامل في التعليم الفني والتدريب المهني في خلل مائة عام ؟ .
–2كيف كانت البدايات الولى للتعليم الفني والتدريب المهني بعد توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز
رحمه ال ؟
–3ما المراحل التي مر بها التعليم الفني والتدريب المهني قبل خطط التنمية الشاملة وبعدها؟ .
–4كيف كان إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ؟ وما الظروف التي هيأت لوجودها .؟
–5ما أبرز الخطوات التي اضطلعت بها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في مواصلة تطوير
التعليم الفني والتدريب المهني ؟
–6ما مدى مشاركة القطاع الهلي في تطور التعليم الفني والتدريب المهني واستثمار مخرجاته ؟
–1واقع التعليم الفني والتدريب المهني قبل تأسيس المملكة وبعده والمراحل التي مر بها.
–2الخلفيات التي كانت وراء إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والجهود التي قامت بها،
والنجازات التي حققتها في ضوء خطط التنمية للمملكة .
–3دور القطاع الهلي ومسؤوليته في استثمار التعليم الفني والتدريب المهني .
–1المنهج التاريخي لتتبع بدايات التعليم الفني والتدريب المهني وتطوره التاريخي.
–2المنهج الوصفي لوصف واقع التعليم الفني والتدريب المهني في الوقت الحاضر.
–3الدراسات التي تتعلق باتجاهات أفراد المجتمع نحو التعليم الفني والمهني
المحور الول :التطور التاريخي للتعليم الفني والتدريب المهني في المملكة العربية السعودية:
أولً :مفهوم التدريب المهني والتعليم الفني والتقني:
أ) التدريب المهني ،هو :عبارة عن دورات تدريبية مهنية تختلف مددها وبرامجها وفقاً لنوع المهنة ال ُمتَدرب
عليها ،ومستوى المتدربين العلمي ،وتستهدف تخريج عمال مهرة أو شبه مهرة .
ب) التعليم الفني ،هو :نوع من التعليم النظامي في مستوى التعليم الثانوي ،يتضمن إعداداً تربوي ًا وإكساب
معارف ومهارات وقدرات مهنية ويستهدف تخريج عمال فنيين في مختلف المجالت والتخصصات الفنية
والمهنية .
ج) التعليم التقني ،هو :التعليم ما فوق الثانوي ودون المستوى الجامعي ويتضمن إعداداً تربوياً بالضافة إلى
إكساب مهارات وقدرات تقنية ل تقل مدة الدراسة والتدريب فيه عن سنتين ،ويستهدف إعداد قوى عاملة تقع
عليها مسؤولية التشغيل والنتاج .
وهذه التعريفات والمفاهيم هي مصطلحات علمية متفق عليها وهي النظام الذي تتبعه معظم الدول .
يرى بعض الباحثين أن اهتمام الملك عبد العزيز بأمر التعليم مر بمرحلتين هما :
"مرحلة تأسيس المملكة 1344 – 1319هـ 1924 – 1899 /م ،وتميزت تلك المرحلة بتركيز التعليم على
توعية أهل البادية بأمور دينهم ودنياهم عن طريق إنشاء الهجر ،وبناء المساجد فيها ،وإرسال المرشدين
والوعاظ إليها لرشاد الناس وتوجيههم من خلل الحلقات التعليمية بعد إتمام الصلوات اليومية ،وتوفير الكتب
العلمية والدينية وطباعتها وتوزيعها ،ومن خلل الكتاتيب المنتشرة في البلد ودعمها .
أما المرحلة الثانية فتبدأ من عام 1344هـ 1924 /م وتنتهي بوفاته – رحمه ال– عام 1373هـ 1953 /م
وتمثلت في إنشاء مديرية المعارف العامة عام 1344هـ 1924 /م ومجلس المعارف عام 1345هـ 1925 /م
وبدايات التعليم الحكومي الحديث " )4( .
وأما نشأة التعليم الفني بمفهومه الذي سبق في " أولً " فإننا نستطيع أن نقول إنه نشأ مع بداية توحيد
المملكة على يد جللة الملك عبد العزيز – رحمه ال – الذي يرجع إليه الفضل بعد ال تعالى في ذلك ،فبعد أن
مَنّ ال تعالى عليه بتوحيد الجزيرة بدأ مسيرة التنمية والتخطيط والتعليم والتدريب بأنواعه المختلفة على
الرغم من شح الموارد المالية في بداية المسيرة ،وقد وهب ال جللته فيما وهبه بعداً في النظر ،وعمقاً في
التصور ،ورؤية شمولية لوضاع البلد ،لقد كان – رحمه ال – ينظر إلى بناء المستقبل على أسس منهجية
راسخة ،وأن يكون البناء على سواعد المواطنين ،ودفعت كلماته وأفكاره الواضحة مسيره التعليم الفني
والتدريب المهني دفعاً قوياً ،حيث بدأت مع بداية توحيد البلد ؛ فمن كلماته – رحمه ال – قوله عند الحتفال
بمرور خمس سنوات على تأسيس مركز الخرج الزراعي " :مالم يصبح العرب قادرين على تكوين طبقة
اجتماعية متطورة علمياً وفنياً ومهنياً في الوقت المناسب فسيكون الوارثون لهم في وضع يكونون فيه
مضطرين ومرغمين على تحديد المتيازات الخاصة بالشركات الجنبية ،وستكون هذه الخيرة هدفاً لغراءات
شديدة تدفعها إلى القامة المستمرة ،فيتبخر استقلل الجزيرة كما يتبخر الحلم " )5( .
وتأكيده بإصرار في إحدى كلماته على " :أن التطور التقني والصناعي في الجزيرة العربية يجب أن يماشي
التربية المهنية للشعب العربي ،فإذا لم نفعل هذا فإنه سيقضي علينا أبداً أن نستعين بالجانب ونلجأ إليهم ...
إنه ل يحسن بشعب في المدى الطويل أن يعتمد على الخرين لتنفيذ مهمات ضرورية لحياته ،ماذا يفيدنا أن
نزلزل الوصاية السياسية إذا كان الغرض إبدالها بوصاية اقتصادية ؟! ،إنني أعتقد أنه من الضروري بمكان
أن تطور هذه البلد اعتماداً على سواعد المواطنين حتى نستطيع أن نحافظ على حريتها واستقللها بشكل كامل
)6(".
وفيما يلي عرض مفصل لمسيرة التعليم الفني والتدريب المهني منذ توحيد البلد وحتى إنشاء المؤسسة العامة
للتعليم الفني والتدريب المهني على النحو التي:
يمكن تقسيم الفترة التي مرّ بها التعليم الفني والمهني منذ توحيد البلد وحتى إنشاء المؤسسة العامة للتعليم
الفني والتدريب المهني إلى أربع مراحل هي –:
المرحلة الولى :مرحلة إرساء القواعد ،وتبدأ من عام 1369إلى 1384هـ 1949 /ـ 1964م .
المرحلة الثانية :مرحلة توحيد الشراف والتعاون مع الخبرات العالمية ،وتبدأ من عام 1385إلى 1389هـ /
1965ـ 1969م .
المرحلة الثالثة :مرحلة النمو ومشروع السنوات الخمس ،من عام 1390ـ 1395هـ 1970/ـ 1975م .
المرحلة الرابعة :مرحلة التقويم وتوسيع البرامج ،من عام 1400 –1396هـ 1976 /ـ 1980م .
في هذه المرحلة حشدت سائر الجهود المحلية لقامة القاعدة الساسية للتعليم الفني المهني في المملكة
وإرسائلها ،وتمثلت هذه القاعدة في إنشاء المدارس الصناعية ،فتم خللها إنشاء ثمان مدارس كانت تخضع
لشراف إدارة التعليم الصناعي بوزارة المعارف ،وكان الهدف من التعليم في المدارس المتوسطة الصناعية
هو إعداد صناع مثقفين ومدربين تدريباً يؤهلهم للعمل في المصانع والورش كمساعدين للصناع الكبار ،وبعد
إتمام مرانهم الصناعي تبعاً لستعداداتهم يكون لهم الحق في الترقية إلى مركز "صانع " بعد ذلك ،وأما في
المدارس الثانوية الصناعية فتستهدف إعداد صناع في مختلف الصناعات ذوي ثقافة ومهارة علمية تؤهلهم
للعمل في المصانع والورش في درجة "صانع متخصص " ،ويمكنهم أيضاً شغل وظائف رؤساء عمال بعد
تمضية فترة محددة من التمرين بصفتهم مساعدي مهندسين ،وقد تؤهلهم هذه الدراسة لدراسة صناعية أعلى.
كما تمثلت هذه القاعدة بإنشاء خمس مدارس زراعية متوسطة ،مدة الدراسة فيها أربع سنوات ،وكذلك أربع
مدارس متوسطة تجارية ،استقرت مدة الدراسة فيها على أربع سنوات ،وهكذا فقد حفل عام 1380هـ بإنشاء
المدرسة الصناعية بالرياض ،إلى جانب المدارس الخمس الزراعية والربع التجارية التي كانت خاضعة
لشراف ( إدارة التعليم الفني بوزارة المعارف) ،التي كانت مسؤولة عن التعليمين الزراعي والتجاري فقط.
والواقع أن هذه المرحلة كانت مرحلة استطلع واختبار للمكانات الذاتية للنظام التعليمي ،وقدرته على سد
الحتياجات للمملكة ،ببناء الطارات البشرية اللزمة في مجال التعليم الفني والمهني ،ولقد أثمرت هذه
المرحلة في نمو الحركة الصناعية في البلد وزاد عدد الطلب في المدارس المتوسطة الصناعية فبلغ 2414
طالباً .
واستقر رأي الوزارة إلى ضم كل من إدارة التعليم الصناعي وإدارة التعليم الفني تحت إدارة عامة واحدة أطلق
عليها ( الدارة العامة للتعليم الفني ) التي باشرت اختصاصها فعلياً في مستهل العام الدراسي 1386–1385هـ
الموافق 1965–12–1هـ .
ُقدّم هذا المشروع إلى وزارة المعارف عام 1383هـ1963/م لتطوير التعليم الصناعي في المملكة بناءً على
مقتضيات اجتماعية وتربوية ،واستهدف هذا المشروع عدداً من الصلحات هي:
– تعديل السلم التعليمي في المدارس الصناعية .
– إيجاد رابطة بين التعليم الصناعي والمصانع والورش في مختلف أنحاء المملكة ،ووضع خطة لتمرين
خريجي المدارس الصناعية وتشغيلهم .
والملحق رقم ( )1يلخص نمو التعليم الفني في هذه المرحلة بخارطة زمنية .
( )1توحيد جهة الشراف على التعليم الفني بشعبه المختلفة الصناعي والزراعي والتجاري تحت إدارة موحدة
هي الدارة العامة للتعليم الفني ،وكان ذلك مع بداية العام الدارسي 1386–1385هـ 1966–1965 /م .
( )2متابعة الخطة الجديدة للتعليم الصناعي في هذه المرحلة التي حفلت بالعديد من المشروعات للنهوض
بالتعليم الفني تحقيقاً للتطوير المرتجى ،كمشروع تكملة المدرسة المهنية الثانوية بالهفوف 1388–1387هـ/
1968–1967م تنفيذاً لتفاقية التعاون بين المملكة وألمانيا عام 1387– 1386هـ1967–1966 /م .
( )3التحول من نظام المدارس المتوسطة إلى نظام المعاهد الثانوية .
( )4إنشاء المدارس المتوسطة الحديثة استجابة للدراسات والتوصيات التي أصدرتها اللجان المتعددة لتطوير
التعليم الفني والمهني ،وصدر القرار رقم 18/ 30/2/1/1756في 1388–3–12هـ 1968 /م القاضي بإنشاء
هذه المدارس .
والملحق رقم ( )2يوضح في خارطة زمنية أبرز الملمح لهذه المرحلة .
ولتحقيق هذه الهداف فقد تم في مجال التعليم الفني إنجاز التي :
)1التوسع في التعليم الصناعي الثانوي بحيث يشمل ست مناطق أُخَر بالضافة إلى المناطق الربع السابقة .
)2البدء في نشر التعليم التجاري على المستوى الثانوي ،حيث تم إعداد ثلث مدارس في الرياض وجدة
والدمام خلل السنتين الُوليين من الخطة .
وقد دعت الخطة إلى توسع أفقي ورأسي في التعليم لكافة المستويات ،وتنويع فرص التعلم كالتعليم الصناعي
للبنين والتنويع فيه ،والتركيز على المهارات المكتبية ،والموضوعات التجارية ،والتدريب الفني في الزراعة
(.)7
والملحق رقم ( )3يوضح أهم إنجازات وملمح هذه المرحلة وفق خارطة زمنية .
)1زيادة برنامج التعليم الصناعي الثانوي القائم من ( )4مدارس تضم ( )2160طالباً عام 1395–1394هـ /
1975–1974م إلى ( )13مدرسة تضم ( )7375طالباً حتى نهاية فترة الخطة .وزيادة عدد الخريجين من (
)1650خريجاً في العام المذكور إلى( )2970خريجاً عام 1400–1399هـ 1980 – 1979 /م حيث بلغ عددهم
خلل فترة الخطة ( )5537خريجاً .
)2توسيع التخصصات الدراسية وإدخال برامج جديدة في بعض الموضوعات مثل اللكترونات وتكنولوجيا
البتروكيماويات والهندسة المدنية والميكانيكا وخدمات الفنادق.
)3زيـــادة عدد طلب المعهد الصناعي العالي من ( )105طلب عام 1395–1394هـ1975– 1974/م إلى (
)375طالباً عام 1400–1399هـ1980–1979/م ،وتخريج ( )285طالباً خلل فترة هذه الخطة .
)4توسيع برنامج التعليم التجاري الثانوي من ( )5مدارس تضم ( )715طالباً عام 1395–1394هـ –1974 /
1975م إلى ( ) 3303طلب عام 1400–1399هـ 1980–1979م ،وتخريج ( )2574طالب ًا ،حيث بلغ عدد
الخريجين سنوياً في نهاية فترة هذه الخطة ( )915خريجاً.
)5الستمرار في تقديم برنامج الدراسات المسائية في مجال التعليم التجاري في ( )3مدارس حتى عام –1398
1399هـ1979–1978/م والعمل على افتتاح ( )3مدارس أُخَر .
)6افتتاح المعهد العالي التجاري بالرياض عام 1396–1395هـ1975 /ـ 1976م ،قبل فيه مبدئياً ()105
طلب وكذلك افتتاح معهد آخر في جدة ،حيث زاد عدد الطلب إلى ( )741طالب ًا عام 1400–1399هـ/
1980–1979م ،وتم تخريج ( )947خريجاً خلل فترة هذه الخطة .
)7افتتاح برنامج التعليم الزراعي الثانوي في بريدة عام 1397–96هـ 1977–76/م بقبول ( )175طالب ًا ،
وتم تخريج ( )226خريجاً في المعهد خلل فترة الخطة ( .)8والملحق رقم ( )4يلخص أبرز ملمح
ومشروعات هذه المرحلة .
تم في اليوم السادس عشر من ذي القعدة من عام 1383هـ1963/م افتتاح أول مركز للتدريب المهني في
المملكة وهو :مركز التدريب المهني في الرياض وقد وجه الملك فيصل بن عبد العزيز– رحمه ال – كلمة
في افتتاح هذا المركز قال فيها " :نحن في حاجة أيها الخوان إلى العمل … والعمل النافع ..العمل المثمر …
نحن في حاجة إلى البناء ..نحن في حاجة إلى التخطيط … نحن في حاجة إلى التوجيه … ولكن هذا كله
يتوقف على ما نشعر به من إخلص وأمانة وإقدام … إن اسم العامل أيها الخوان ليس خاصاً بفئة من الناس
وإنما يشترك فيه كل عامل … إن هؤلء الخوان الذين يدرسون في هذا المركز أو غيره من المراكز ليسوا أقل
شأنًا ول أقل قدراً من أي واحد منا ،ولكنني إذا لم أخش التجاوز فيمكن أن أقول إنهم هم الساس ونحن
الفروع ،ولكن ذلك يتوقف على ما يبذلونه وما يعملونه في سبيل هذا الوطن وفي سبيل هذا الشعب العزيز وفي
سبيل مستقبلهم … إن العامل أيها الخوان ليس كما يعبر عنه في بعض الجهات أداة من الدوات السياسية أو
المذهبية أو العتقادية وإنما هو عمل ونشاط وإنتاج وخدمة . )9( "...
وقد كانت هذه الكلمات تجسيداً لغايات وأهداف بعيدة المدى تخص كل ما من شأنه الرتقاء بالعامل المحلي إلى
أرقى المستويات الفنية ليضطلع بالمهمات المسندة إليه أو المأمولة منه.
وقد حددت وزارة العمل والشؤون الجتماعية أهداف التدريب المهني التي تمثلت في :
–1إعداد القوى العاملة الماهرة ونصف الماهرة لمواجهة احتياجات الصناعة المتطورة .
–2تحويل العمال العاديين إلى عمال فنيين يجيدون مهنة أو حرفة معينة تعينهم على الكسب .
–4توفير فرص العمل المستقر المجزي ،وسعياً وراء تحقيق الستخدام الكامل .
–5تأمين فرص العمل للشخاص الذين ل يتمتعون بمؤهلت علمية أو الذين قطعوا مرحلة محددة من التعليم .
وقد كان الدافع إلى نشأة التدريب المهني – بادئ ذي بدء – هو اتجاه الدولة خلل فترة الثمانينيات الهجرية من
القرن الرابع عشر إلى طريق سريع نحو التصنيع والرغبة في رفع مستوى المعيشة للفراد ،وزيادة
الرفاهية ،وتحقيق الكتفاء الذاتي .
وبناء على ذلك فقد عمدت وزارة العمل والشؤون الجتماعية إلى طلب إيفاد بعثة تمثل عدداً من المنظمات
التابعة لهيئة المم المتحدة لجراء دراسة وافية عن المملكة ،وقد حضرت البعثة خلل الفترة من نوفمبر
–1961فبراير 1962م 1381 /ـ 1382هـ ولحظت أن ازدياد النشاط في قطاعات البناء والنقل والزراعة
والكهرباء والصناعة أصبح يتطلب مهارات عملية خاصة ويتطلب وسائل تدريب غير متوافرة آنذاك ،كما أن
العمال السعوديين تنقصهم المهارة لشغل الوظائف الشاغرة في الوقت الذي يوجد فيه عدد كبير من العمال
الجانب يعملون في الصناعات المختلفة .فسارع وزير العمل والشؤون الجتماعية إلى طلب المساعدة من
مكتب العمل الدولي للعمل على تخطيط بعض البرامج التدريبية لمواجهة متطلبات التنمية .
واستجابت منظمة العمل الدولية لهذا فأوفدت فريق بعثتها في 20يناير سنة 1962م 1382 /هـ بخطة أولية
لمشروع إرشادي تبعه دراسة المنظمة لهذا المشروع ،وتم التوقيع على اتفاقية مفصلة في إنشاء مركز
تدريب مهني سريع بالرياض بين وزارة العمل والشؤون الجتماعية ومنظمة العمل الدولية بعد دراسة وزارة
العمل للمشروع بشكل مكثف جنباً إلى جنب مع مجلس التخطيط العلى ،وقد جُددت التفاقية بعد ذلك على أن
تشمل المراكز الُخَر التي أنشئت بعد مركز التدريب المهني بالرياض ،وفي عام 1389هـ 1969 /م انتهي
مفعول التفاقية ،فتولت وزارة العمل والشؤون الجتماعية الشراف الفني والعدادي على المراكز وإدارتها
بواسطة مسؤولين سعوديين مع الستعانة ببعض الخبرات ؛ فقامت الوزارة بافتتاح مركزي التدريب المهني
بجدة والدمام عام 1385هـ1965 /م وفي بريدة عام 1386هـ1966/م والجوف عام 1391هـ1971/م و أبها
عام 1392هـ1972 /م .
وعندما بدأ العمل بمركز التدريب المهني في ذي القعدة من عام 1383هـ1963/م كان التدريب يتم على أساس
نظام التدريب السريع الذي بواسطته يمكن تزويد سوق العمل بأكبر عدد من اليدي الفنية في أقصر وقت ممكن
،مع مراعاة الدقة والتقان ،واشتملت خطة التدريب الولى ما نسبته %80تدريب عملي من مجموع ساعات
التدريب( )10وكان الطلبة يتلقون تدريباتهم في تخصصات متعددة .
وقد روعي في المهن التي يتم تدريب الطلبة عليها في كل مركز من المراكز أن تلبي احتياجات المنطقة التي
يقع فيها ذلك المركز علوة على مراعاة الصناعات والنشاطات الُخَر ذات العلقة القائمة فيها والصناعات التي
يحتمل نشأتها بها .
واستكمالً لعنايــة الوزارة بقضايـــا التدريب المهني فقــد قامت بإنشـــــاء إدارة عامـــة للتدريب المهني تشرف
على كافــة قضايــا التدريـــب بالـــوزارة عــلوة على مجلــس إدارة يشرف على كافة مراكز التدريب ،و ُي َعدّ
بمثابة سلطة عليا للتدريب بالــوزارة )11(.
إن إنشاء هذه الدارة ُي َعدّ نقطة فاصلة من الناحية التاريخية في مسيرة التدريب المهني وذلك لنها استهدفت
مجموعة من توفير البرامج في التدريب المهني والتوسع بها حسب الولويات الموضوعة لخطط التنمية مثل :
)1التدريب الحِرَفي على أساس التفرغ الكامل بالبرنامج الصباحي لمراكز التدريب وذلك لمقابلة الطلبات
الزائدة في القطاعين الحكومي والهلي للعمال المهرة وشبه المهرة .
)2التدريب الحِرَفي غير المتفرغ سواء من خلل البرامج المسائية للميين أو للعمال المستخدمين بالفعل لرفع
مستواهم الفني .
)3التوجيه المهني للناشئة وبرامج لعداد المدربين والفنيين والداريين في مرافق التدريب وتدريبهم إلى غير
ذلك من الهداف( )12التي كان من بينها إنشاء مراكز العداد المهني التي أُنشئت للعمل على توسعة دائرة
التدريب المهني ليشمل بالضافة إلى الملتحقين بمراكز التدريب المهني نخبة أخرى من الصغار التي لم
تساعدهم ظروفهم على مواصلة الدراسة الكاديمية ،وقد قامت الوزارة بدارسات عديدة بالتعاون مع منظمة
اليونيسف الدولية وتم بالفعل إنشاء ثلثة مراكز للعداد المهني كمرحلة أولى عام 1393هـ 1973 /م في كل
من الرياض وجدة ،ثم ثلثة مراكز أُخر في كل من بريدة والحساء وأبها .
ضمن الجهود المبذولة لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني في المملكة والتشريعات التي صدرت عن وزارة
العمل والشؤون الجتماعية بخصوص تحديد مسؤوليات أصحاب العمل وضرورة تدريب %5من العمالة
المواطنة في المؤسسات الهلية التي تستخدم عمالً أكثر من 100عامل ،ساعد ذلك على نشأة التدريب على
رأس العمل وإعداد برامجه .
والتدريب على رأس العمل ُيعَد وسيلة أساسية للتدريب ،بل إن مجرد قيام الجهزة المعنية بتطبيقه يعد نقطة
تحول تاريخية أساسية في التدريب المهني بالمملكة وذلك لفوائده الكثيرة التي حددتها وثائق المؤسسة العامة
للتعليم الفني والتدريب المهني ( التي أصبحت منذ عام 1400هـ1980/م تشرف على هذه البرامج ) ومن هذه
الفوائد :
–2مساعدة الشركة على تطبيق أنظمة العمل والعمال واجتذاب اليدي السعودية.
–3تحقيق اعتماد الشركة على العمالة الوافدة .
وقد كانت بداية التدريب على رأس العمل في المملكة مع صدور نظام العمل والعمال عام 1389هـ 1969/م
الذي نص في مادته (4د) أن على كل شركة تستخدم 100عامل فأكثر تدريب %5من عمالها ،وفي عام
1394هـ 1974/م صدر قراران من مجلس الوزراء ،الول برقم 15وتاريخ 14/1/1394هـ 1974/م وكان
بشأن تقديم إعانات التدريب للقطاع الصناعي ،والثاني رقم 1697في 2/11/1396هـ1976/م وفيه تنظيم
قواعد صرف إعانات التدريب لمستخدمي المصانع الوطنية فيما يخص التدريب داخل المملكة وخارجها(. )13
يُعد المرسوم الملكي رقم م 21/وتاريخ 6/9/1389هـ 1969 /م المتعلق بنظام العمل والعمال محور العمل
الرئيس فيما يتعلق بالتأهيل المهني ،حيث بدأت وزارة العمل بتنفيذ مشروع تأهيل العاجزين ويتضمن هذا
المشروع التدريب على مهن يسيرة يحتاجها سوق العمل كالخياطة والنجارة وتجليد الكتب وتنسيق الحدائق ....
الخ .
ويقوم مدربون فنيون إضافة إلى أخصائيين اجتماعيين وطبيب لكل مجموعة بخدمات التأهيل المهني ،وقد
بينت المادة 52من نظام العمل المهني التي تقدم في التأهيل المهني ،كما أوضحت المادة 53كيفية إنشاء
المعاهد التي تؤدي خدمات التأهيل المهني وتنظيمها ،وألزم النظام كل صاحب عمل باستخدام %2من مجموع
عماله إذا زاد العمال عن 50عاملً .
إن إنجازات المجتمع السعودي أوجبت على التعليم الفني والتدريب المهني العمل على مقابلة أقصى قدر ممكن
من احتياجات مختلف القطاعات التي تكون القتصاد الوطني من العمال المهرة وشبه المهرة ،ولذلك شهدت
مراكز التدريب المهني تطوراً ملموساً خلل خطة التنمية الولى حيث وصل عدد الخريجين إلى 3120متدرباً ،
كما وجدت عدة مراكز أهلية للتدريب المهني تعمل مساء للتدريب على الطباعة وتحسين الخطوط ،وقد ارتفع
عدد هذه المراكز من 8مراكز ضمت 286متدربا عام 1390هـ1970/م إلى 12مركزا ضمت 4095متدربا
عام 1395هـ1975/م ،وقد بلغ مجموع المتخرجين من معاهد التدريب المهني حتى نهاية هذه الخطة قرابة
958متدرباً وعدد المسجلين في المراكز الربعة القائمة آنذاك ( الرياض ،جدة ،الدمام ،بريدة ) 759متدرباً ،
وكان مركز الرياض هو الوحيد الذي يعمل بكامل طاقته ،وخلل هذه الخطة اتخذت ثلث خطوات مهمة
تستهدف زيادة إنتاجية مراكز التدريب ،تشمل الخطوة الولى توسعة المراكز القائمة ،والخطوة الثانية تشغيل
مركزين أحدهما في الجوف والخر في خميس مشيط ،وتشمل الخطوة الثالثة توجيه الهتمام لمدن أصغر وما
حولها من المناطق الريفيّة ،وفي هذه الخطة أخذت الدولة بدراسة إنشاء مراكز للعداد المهني في كل من
الرياض وجدة والدمام .
واستهدفت خطة التنمية الثانية بالمملكة توفير برامج التدريب المهني والتوسع فيها لمقابلة المتطلبات
المتزايدة للعمال المهرة وشبه المهرة وذلك من خلل توسعة المراكز القائمة ،وإنشاء مراكز مهنية جديدة
للتدريب وللعداد ،ومنذ بداية الخطة الثانية وحتى نهايتها افتتح عشرة مراكز للتدريب المهني في كل من
حائل والحساء والمدينة المنورة والباحة ووادي الدواسر ومكة المكرمة وتبوك ،وكل منها قدم برامج للتدريب
غطت خمس مهن مختلفة ،أما مراكز التدريب التي أنشئت في المجمعة وشقراء والرس فكانت برامجها تغطي
أربع حرف فقط .
وانطلقا من خطة التنمية الثانية بالمملكة قامت الدارة العامة للتدريب المهني بتوسعة نشاطها بتنظيم برنامج
تدريبي جديد يتلءم مع الفئة التي ليس لها سابق خبرة في العمل اليدوي ،ول تنطبق عليها شروط اللتحاق
بمراكز التدريب أو العداد المهني ،أطلقت عليه اسم التدريب التمهيدي الصناعي ،ووافق مجلــس الـــوزراء
على هذا البرنامج في 1396–11–8هـ 1976 /م ،وافتتحت أول دورة للتدريب التمهيدي الصناعي عام
1397هـ 1977/م ،وبلغ عدد الملتحقين بها 115متدربا لقوا تدريبهم في مهن البناء والتمديدات الكهربائية
والسيارات والتكييف ،والدراسة بهذه البرامج مسائية ،ويمثل التدريب العملي %90من مدة الدورة ،أما
الدراسات النظرية فتغطي ، %10فقط ويمنح المتدرب 200ريال شهرياً إضافة لبدل نقدي لملبس العمل .
وفي نهاية خطة التنمية الثانية بلغ عدد المتخرجين من البرامج الصباحية بمراكز التدريب المهني 8415
متخرجا منهم 1116خريجا في عام 1399هـ1979/م بمفرده .كما بلغ عدد المتخرجين من البرامج المسائية
بمراكز التدريب المهني 6048متخرجا خلل الفترة من 1399 - 1397هـ1979-1977/م ،أما المتخرجون
من مراكز العداد المهني فقد بلغ عددهم 1265متخرجاً على مدى خمس دورات ،بلغت نسبة المتخرجين من
القسم الصناعي ، %70بينما بلغت نسبة المتخرجين من القسم التجاري %30من مجموع المتخرجين .
وقد أسهمت اتفاقيات التعاون الفني بين المملكة العربية السعودية وعدد من البلد المتقدمة في مجال التدريب
وعلى رأسها الوليات المتحدة المريكية وألمانيا التحادية وفرنسا في تقديم الخدمات الستشارية لتدريب
وتنمية القوى العاملة السعودية وخاصة في مجال إعداد برامج التدريب المهني والتدريب على رأس العمل
وتدريب المدربين الفنيين ،والسهام في دراسة احتياجات سوق العمل وتحديد الولويات للمهن والصناعات
اللزمة للتدريب عليها ،والسهام في تجهيز مراكز التدريب ،والعداد باللت والجهزة التي تمكنها من أداء
رسالتها .
وتولي الدولة اهتمام ًا كبيرًا بالجهات الحكومية التي تقوم بإعداد الكفاءات الوطنية لسد احتياج سوق العمل في
القطاعين الحكومي والهلي ،أو لتلبية احتياجها من القوى العاملة المتخصصة عن طريق تنفيذ برامج تدريبية
وتعليمية تفي بمتطلباتها ،وهذه الجهات غالباً ما تحتاج إلى أعداد كبيرة من اليدي العاملة لتحقيق أهدافها
بنجاح ،وقد قامت الدولة بدعم هذه الجهات مادياً ،وفيما يلي بعض هذه الجهات :
ويتبع للرئاسة مراكز للتفصيل والخياطة تسهم في مساعدة الطالبات على رفع مستواهن في هذا المجال 0وقد
بلغ عدد هذه المراكز عام 1410هـ1990/م ( )22مركزاً ،تقبل الحاصلت على الشهادة البتدائية ،وفترة
الدراسة فيها ( )20شهراً ،وبلغ عدد الملتحقات بهذه المراكز عام 1415هـ1995/م ( )1541طالبة مقابل (
)1126طالبة في عام 1401-1400هـ1981-1980/م .
وقد صدر مؤخراً قرار من مجلس القوى العاملة أوكل بموجبه إلى الرئاسة العامة لتعليم البنات إعطاء تصاريح
للقطاع الخاص بافتتاح معاهد ومراكز لتدريب الطالبات في المجالت الفنية والشراف عليها حسب السس
التنظيمية .
وتجدر الشارة إلى أن الرئاسة العامة لتعليم البنات قد تبنت خلل العام الدراسي 1414-1413هـ-1993/
1994م تطوير بعض مراكزها التدريبية إلى مستوى ثانوي مهني .
وحرصاً من المملكة على مواكبة تطورات العلوم التقنية السريعة قامت في عام 1398هـ1978/م بإنشاء
المركز الوطني العربي السعودي للعلوم والتكنولوجيا والذي أعيد تسميته إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم
والتقنية في عام 1406هـ1986/م ،وذلك بهدف دعم البحوث العلمية وتشجيعها للغراض التطبيقية التي
تسهم في تحقيق متطلبات التنمية ،وتعمل المدينة بالتنسيق مع القطاعات الحكومية المختلفة لبناء قاعدة علمية
تقنية تخدم أغراض التنمية في مجال الزراعة والصناعة والتعدين ،وتشتمل المدينة على جميع متطلبات
البحث العلمي كالمختبرات ومصادر المعلومات وغيرها من وسائل التصال المختلفة .
المحور الثاني :إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني :
أولً :خلفية إنشاء المؤسسة :
تقدم الحديث في نشأة التعليم الفني والتدريب المهني ومراحل تطورهما وأن البدايـــات كانت مع توحيد الدولة
السعودية على يد جللة الملك عبد العزيز – رحمه ال – ثم بدأ ينمو شيئاً فشيئاً إلى أن وُحّد الشراف على
التعليم الفني مع بداية العام الدراسي 1386–85هـ1966–65/م بفروعه الثلثة :الصناعي والتجاري
والزراعي ،وذلك تحت إدارة موحدة تابعة لوزارة المعارف ،حيث كانت البداية بإنشاء أول مدرسة صناعية في
مدينة جدة عام 1369هـ1949 /م ،كما كان التدريب المهني تابعاً لوزارة العمل والشؤون الجتماعية ،حيث
تم افتتاح أول مركز للتدريب المهني بمدينة الرياض عام 1383هـ 1963/م .
وبعد دراسات مستفيضـــة للحاجات القائمة من القوى العاملة ومدى توافقها مع متطلبات القفزة التي تعيشها
المملكة أوصـــت اللجنة الوزارية الموحدة للعمالة بإنشاء مجلس القوى العاملة – بصفـــته جهازاً تخطيـــطي ًا
لقضايا العمالة – وإنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني باعتبارها جهازاً تنفيذياً يضم جميع
مراكز التدريب والمعاهد التابعة لـــوزارة العمل والشؤون الجتماعية والمعاهد الفنية التابعة لوزارة
المعــــــــارف .
وقد جاء تشكيل مجلس القوى العاملة وإنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني تجسيداً لما توليه
الدولة في جميع قطاعاتها من اهتمام بتنمية القوى البشرية ،وحشد كل الطاقات بهدف إيجاد التوازن المطلوب
بين المتاح من القوى العاملة وبين المطلوب منها في المستقبل ،وأن تعمل جميع الجهزة القائمة على التعليم
والتدريب في أرجاء المملكة المختلفة بمزيد من التعاون والتنسيق ،وكانت اللجنة الوزارية الموحدة للعمالة
قدمت المشروع القاضي بإنشاء المؤسسة إلى مجلس الوزراء ؛ فصدر القرار رقم 118في 28/6/1400هـ/
1980م بالموافقة على نظام المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ،وكان هذا القرار استجابة
لتوصية اللجنة بعد أن عقدت عدة اجتماعات ناقشت خللها موضوع القوى العاملة ،وبعد دراسة مكثفة
لموضوع التدريب وما يواجهه من مشاكل مالية وإدارية رأت اللجنة أهمية دمج جميع مراكز التدريب والمعاهد
التابعة لوزارة العمل والشؤون الجتماعية مع المعاهد الفنية التابعة لوزارة المعارف في مؤسسة تتمتع
باستقلل مالي وإداري يجعلها قادرة على أداء مهماتها بيسر وسهولة .
في ظل توجهات الدولة وتوجيهاتها المتواصلة والدعم اللمحدود لتنمية العنصر البشري في المملكة وللجهود
التي بذلتها استطاعت المؤسسة خلل السنوات القليلة الماضية تكوين نظام متكامل للتعليم الفني والتدريب
المهني بالمملكة ،بحيث يمكن قبول جميع شرائح المجتمع من جميع المستويات التعليمية بدءاً من الميين
وحاملي الشهادة البتدائيــــة والمتوسطة والثانويـــــة وتخريجهم للعمل في مختلف المستويات الفنية من عامل
شبه ماهر إلى درجة البكالوريوس في الهندسة التقنية التطبيقية وذلك من خلل البرامج التيــــــــــة:
تهدف هذه البرامج إلى التدريب على التخصصات المهنية المتوافرة بمراكز التدريب لفئات من المواطنين ل
تنطبق عليهم شروط اللتحاق ببرامج التدريب الصباحية ول تمكنهم ظروف عملهم من اللتحاق بهذه البرامج
من أجل أن تغطي برامج المؤسسة أكبر شريحة في المجتمع ،ومدة الدورة ببرامج التدريب المسائية ستة
شهور ،ول يقل سن المتدرب عن سبعة عشر عاماً ول يزيد عن خمسين عاماً .
ومدة الدورات في هذه البرامج تتراوح ما بين فصلين وأربعة فصول دراسية حسب طبيعة المهنة ،وتقبل هذه
البرامج الحاصل على الشهادة البتدائية فما فوق ممن ل تقل أعمارهم عن خمسة عشر عام ًا ،ويبلغ عدد
مراكز التدريب المهنية في المملكة ثلثين مركزاً موزعة في جميع أنحاء المملكة .
تعد برامج التعليم الفني أهم أنشطة المؤسسة و المحور الرئيس لبرامجها وخططها وأهدافها ،وتتمثل الهداف
الساسية للتعليم الفني في إعداد الفرد اللزم للقيام بالعمال المهنية والفنية ،وتحقيق متطلبات خطط التنمية ،
والستجابة للتطورات السريعة في العلوم التقنية والمزاوجة بين الممارسة والخبرة من جهة ،والتدريب
والستيعاب النظري من جهة أخرى ،كما تسهم أجهزة التعليم الفني التابعة للمؤسسة في دائرة هذه الهداف
بإعداد القوى العاملة الفنية المؤهلة على مستويين :مستوى عال ،ومستوى ثانوي .
لقد جاءت فكرة إنشاء الكليات التقنية استجابة للحاجة الملحة لتوفير فنيين تقنيين على مستوى عال من
المهارات المتعددة لمواكبة النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة في شتى المجالت ولتلبية متطلبات خطط
التنمية ،وقد توجت هذه الخطوة الرائدة بصدور المر السامي الكريم رقم 7/5/5267بتاريخ 7/3/1403هـ/
1983م المؤيد لقرار اللجنة العليا لسياسية التعليم رقم /309خ م وتاريخ 20/10/1402هـ1982/م المتضمن
ضرورة الهتمام والتوسع في إنشاء الكليات التقنية .
إن من أهم أهداف الكليات التقنية توسيع قاعدة القوى العاملة السعودية المؤهلة في المجالت الفنية المختلفة ،
وإمداد القطاعات الحكومية والهلية باليدي الفنية الوطنية المؤهلة تأهيلً علمياً وعملياً في المهن التي يعتمد
عليها بناء القتصاد الوطني وتنفيذ مشروعات التنمية ،كما أنها تفتح قناة جديدة من قنوات التعليم العالي
ملبية بذلك حاجة البلد من ناحية ،وكونها مجالً جديداً لستيعاب أعداد من حملة الثانوية العامة والفنية من
ناحية أخرى ،وفترة الدراسة في الكليات التقنية سنتان ،يتلقى فيها الطالب دراسات تطبيقية ،وتخرج تقنيين
للعمل في القطاعات الحكومية أو الهلية ،يقضي الطالب %50من الدراسة في التدريب العملي في الورش
والمعامل والحقول ،علماً أنه قد رُفع برنامج الدراسة في الكلية التقنية بالرياض إلى أربع سنوات ينال الدارس
بعدها شهادة البكالوريوس في الهندسة التطبيقية ،وذلك بعد صدور موافقة مجلس الوزراء رقم / 7/11064م
وتاريخ 10/6/1409هـ1989/م المبني على توصيات لجنة مشتركة من وزارة التعليم العالي والجامعات
السعودية والمؤسسة بهذا الخصوص .وتم إعداد مجموعة كبيرة من المعلمين والمدربين التطبيقيين في بعض
التخصصات الفنية والمهنية ،وذلك ُي َعدّ هدفاً رئيساً من أهداف رفع برنامج الكلية التقنية بالرياض إلى أربع
سنوات .
وتجدر الشارة إلى أن معاهد المراقبين الفنيين كانت تابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية إلى أن تقدمت
الوزارة ببحث اقتراح بضم معاهد المساعدين ( المراقبين ) الفنيين بالرياض والدمام وأبها إلى المؤسسة
العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ،وصدر قرار مجلس الوزراء رقم 301وتاريخ 26/12/1403هـ/
1983م بالموافقة على طلب معالي وزير الشؤون البلدية والقروية في ض ّم معاهد المساعدين ( المراقبين )
الفنيين التي تتبع الوزارة إلى المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ؛ لن التعليم الفني بتلك المعاهد
هو جزء من الواجبات المنوطة بالمؤسسة ،كما أن ربطها بالمؤسسة يؤدي إلى توحيد الجهود المبذولة في
هذا المجال سعياً في الوصول إلى النتائج المرجوة منها ،وكانت الوزارة قد بدأت اتصالتها في هذا الشأن مع
المؤسسة في سنوات إنشائها الولى ،وقد رحبت المؤسسة بوجهة نظر الوزارة فعملت على تطوير مناهج تلكم
المعاهد ومد الدراسة فيها من سنتين إلى ثلث سنوات ،لتتفق مع معاهد المؤسسة الفنية في الخطط والبرامج
والمخرجات ،وتم التوسع بافتتاح هذا النوع من التعليم حتى بلغت سبعة معاهد ثانوية للمراقبين الفنيين لتخدم
القطاعات الحكومية والهلية ،كما روعي في تطوير مناهجها بما يخدم سوق العمل وعدم اقتصار مخرجات
تلك المعاهد على جهة معينة .
إضافة إلى ماتم إيضاحه من المستويات التعليمية والتدريبية المختلفة فإن المؤسسة العامة للتعليم الفني
والتدريب المهني تقوم بتنفيذ برامج تدريبية مساندة بالتنسيق مع شركات القطاع الهلي ومؤسساته ومراكز
ومعاهد التدريب الفني الهلي ،وذلك وصولً إلى التكامل الفني والمهني بهذه المجالت وهذه البرامج هي :
وهو برنامج مهم جدًا يعكس السهامات الحقيقية للقطاع الهلي في إعداد الكوادر الوطنية ويعد هذا البرنامج
المثل لعداد الشباب السعودي وتوظيفه في جميع المجالت القتصادية .
والمؤسسة تركز على دعم هذا البرنامج المهم وتنشيطه ،وهناك ثلثة مراكز للتدريب على رأس العمل في
المملكة ،تركز في المرحلة الحالية على حفز المنشآت فنياً لقامة مراكز تدريب خاصة بها ،ويوجد حالياً ثلثة
وعشرون مركز تدريب بالشركات الكبرى ،وما زالت المؤسسة في طور رصد نتائج هذا البرنامج وتقويمه
سعياً إلى تحقيق الهداف المرجوة منه .
منذ أن قرر مجلس القوى العاملة إيكال الشراف على التعليم الفني الهلي للمؤسسة قامت المؤسسة بإعداد
اللوائح والسس والنماذج المنظمة لذلك ،بحيث يتم منح التصريح البتدائي بعد دراسة الجدوى ،ثم الشراف
على إعداد المنهاج ،وتجهيز المكان المناسب والقوى العاملة (المعلمين) قبل منح التصريح النهائي ،ومن ثم
الشراف على سير التعليم والتدريب والمتحانات ومنح الشهادات .
ويوجد حالياً قرابة ثلثمائة مركز تدريب ومعهد فني أهلي ،منها مراكز تدريب تتراوح مدة التدريب فيها ما
بين ثلثة وتسعة أشهر ،ومعاهد ثانوية فنية تطبق مقررات المؤسسة ،ومعاهد عليا تمنح شهادة الدبلوم ومدة
الدراسة فيها حسب البرنامج المطروح ما بين سنة أو سنتين بعد المرحلة الثانوية ،ويتدرب في هذه المعاهد
حالياً حوالي عشرين ألف متدرب .
الطالب أو المتدرب في هذا البرنامج يتلقى الدراسة النظرية في معاهد المؤسسة والدراسة التطبيقية في
المنشآت الهلية أو الحكومية ويهدف هذا البرنامج إلى :
– مضاعفة طاقة معاهد المؤسسة حيث يتلقى نصف الطلب دراستهم العملية في المنشآت خارج المعاهد .
– إتاحة الفرصة لتدريب الطالب على أحدث التقنيات المتوافرة في سوق العمل ،وعلى التعود على مناخ العمل
وقيمه وعاداته المختلفة عن التدريب في ورش المعهد .
وهناك برامج ناجحة في هذا المجال مثل برنامج معهد الجفالي الفني ،وبرنامج (تويوتا) للتعليم الفني ،
وبرنامج التعاون مع وزارة الزراعة والمياه لقامة معاهد زراعية في المشروعات الخاصة بها .
تعقد المؤسسة برامج متعددة خاصة ومفصلة لحتياجات بعض القطاعات الحكومية الهلية ،وقد قرر مجلس
إدارة المؤسسة إقامة مركز لخدمة المجتمع لتنسيق هذا النشاط في جميع مرافق المؤسسة واعتماد لئحته
الساسية .
ثالثاً :جهود المؤسسة في تجاوز العوائق والعقبات ودعمها للتقدم الفني والتقني:
أ– الشباب السعودي والقبال على التعليم الفني والتدريب المهني :
لقد كان عدم إقبال الشباب السعودي على اللتحاق ببرامج التعليم الفني والتدريب المهني في السابق عائق ًا
كبيرًا لعدم التوسع ،فقد كانت تعمل المعاهد والمراكز بأقل من نصف طاقتها المر الذي أدى بالمؤسسة إلى أن
تتخذ العديد من السياسات والجراءات اللزمة لتحسين نظرة المجتمع واتجاهاته نحو العمل الفني والمهني .
وقد أدى نجاح هذه السياسات والجراءات خلل عشر السنوات الماضية إلى تضاعف القبال بشكل منقطع
النظير على التعليم الفني والمهني ،وأصبح الشباب السعودي يتسابقون على اللتحاق بمختلف برامج
المؤسسة .
تركز المؤسسة على البرامج النوعية ،وإحداث أقسام وتخصصات جديدة بالمعاهد والمراكز القائمة ورفع
طاقتها بالقبول حيث تضاعفت هذه الطاقة عدة مرات بالرغم من عدم اعتماد مشروعات جديدة ،وعلى سبيل
المثال زاد عدد طلب المعاهد الثانوية الصناعية من ( )1819طالب ًا عام 1401هـ1981/م إلى ( )8383عام
1417هـ1997/م ( يُنظر :الملحق رقم . ) 5
كما يجري الن تطبيق تدريب تعاوني مثالي بين المؤسسة ووزارة الزراعة وذلك في كل من :الخرج ،
وجازان ،حيث يدرس الطلب المواد النظرية في المعاهد الثانوية الزراعية بالخرج ،وجازان وأما التدريب
العملي فيكون في كل من مشروع الخرج الزراعي وفي مشروع التنمية الزراعية بجازان.
وتطوير المناهج عملية مستمرة لجميع برامج المؤسسة ،وهذه العملية بدأت مع تأسيس برامج التعليم الفني
والمهني قبل إنشاء المؤسسة بدليل الستعانة بخبرات ألمانية وأمريكية وفرنسية مع بداية البرامج .
وجميع مناهج المؤسسة مبنية على أساس استيعاب مهارات تقنية محددة للوصول لمستوى فني محدد
، COMPETENCY BASEDولتحقيق ذلك تتم دراسات منتظمة لحتياجات سوق العمل يسهم فيها
رجال العمال وخبرات أجنبية وكفاءات وطنية من الجامعات السعودية والكفاءات الوطنية في المؤسسة .
وعلى سبيل المثال ل الحصر فقد أنهت المؤسسة الن مسح احتياجات كبرى الشركات في المملكة من مخرجات
التعليم التجاري ،وقام بتحليلها كفاءات علمية من القطاع الهلي والجامعات والمؤسسة نتج عنها تغييرات
شاملة في مناهج التعليم التجاري ومقرراته ،ويتم حالياً مسح احتياج الشركات الكبرى من مخرجات برامج
الكليات التقنية ،واستنباط آراء أعضاء هيئة التدريس والمتخرجين من الكليات لعادة صياغة ما يلزم من
مناهج كليات التقنية .
كما يتم الن إعداد دراسة كبرى تمولها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لمعرفة مدى مواءمة مخرجات
الكليات التقنية مع احتياجات السوق المحلية .
ومما يعكس المحاولة الجادة لربط مخرجات المؤسسة باحتياجات السوق المحلية هو وجود ممثلين لرجال
العمال في مجلس إدارة المؤسسة ومجلس الكليات التقنية ومجالس كل كلية واللجان الستشارية للمناهج
بالضافة إلى عقد اللقاءات المنتظمة مع رجال العمال مجتمعين ومع اللجان المتخصصة بالغرف التجارية ،
وإقامة يوم المهنة في الكليات التقنية ،كل هذه الجهود وخلفها تستهدف تحقيق المواءمة بين مخرجات برامج
المؤسسة واحتياجات السوق المحلية.
إن المتتبع لمراحل نمو التعليم الفني والتدريب المهني وتطوره يدرك – وهو يستطلع أهداف خطط التنمية
الست – أن هذا النوع من التعليم والتدريب قد حظي باهتمام كبير وخاص من قبل الدولة التي لم تألُ في بذل
الجهود الدؤوبة والموال الطائلة إدراكاً منها بأهمية هذا النوع من التعليم والتدريب ،ودوره في توفير سبل
النجاح لبرامج التنمية الوطنية الشاملة وتعزيزها ،وحيث سبق في المحور الول بيان واقع التعليم الفني
والتدريب المهني في خطتي التنمية الولى والثانية يأتي هنا عرضاً لواقعه وإنجازاته واتجاهاته المستقبلية
وتطوره في خطط التنمية الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة :
تعد خطة التنمية الثالثة بمثابة منعطف جديد بالنسبة للتعليم الفني والتدريب المهني ،وذلك لتزامنها مع إنشاء
المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ،وقد ركزت الخطة على تغيير نظرة القوى العاملة السعودية
وسلوكها تجاه الحرف المهنية والعمل اليدوي وترغيبها إليه مع التركيز على شركات القطاع الهلي ،
والحتياجات القليمية وإيجاد فرص العمل المناسبة .
ولمواجهة متطلبات هذه الخطة فقد كان هناك توسع سريع في مرافق التجهيزات الساسية لقطاع التدريب ،
وزيادة كبيرة في أعداد الملتحقين حتى بلغ مجموع المتدربين الذين أتموا التدريب ما يقرب من ()15000
متدرب ،كما تم التوسع في برامج البتعاث للخارج في مختلف التخصصات ،ونفذت عدد من برامج إعداد
مدربين في المؤسسة بالتنسيق مع الجامعات والمعاهد المتخصصة لسد الحتياجات ،وكانت هذه الفترة بداية
تنفيذ برامج الحلل والسعودة للوظائف الدارية والشرافية والتعليمية لسد احتياجات المؤسسة من الكفاءات
الوطنية .
ركزت خطة التنمية الرابعة على استكمال شبكة مراكز التدريب والعداد المهني ،وعلى إنشاء مشروعات فنية
ومهنية جديدة ،وتعزيز المشروعات النشائية باتخاذ إجراءات نوعية ،وقد سعت المؤسسة لمواجهة هذه
الخطة في سبيل تحقيق أهدافها إلى تنفيذ عدد من البرامج التشغيلية والتطويرية كبرنامج التدريب الذي عملت
المؤسسة على توفيره بكافة أنواعه كالتدريب على رأس العمل ،وإعداد المدربين وتطوير مهاراتهم المهنية ،
كما سعت إلى تنفيذ برنامج التعليم الفني الذي يستهدف إعداد القوى البشرية من الفنيين والمهنيين ،وتأهيلها
للعمل في مجالت الصناعة والتجارة والزراعة ،فوسعت نظام الكليات التقنية ،وعملت على الستغلل المثل
للطاقة الستيعابية للمعامل والورش وقاعات التدريب وغيرها في المعاهد الفنية الصناعية والزراعية
والتجارية ومعاهد المراقبين الفنيين ،وقد بدأت المؤسسة مع بداية هذه الخطة الشراف المباشر على المعاهد
والمراكز الهلية .
تتلخص الهداف التنموية لقطاع التدريب لخطة التنمية الخامسة في تطوير نظام التعليم الفني والتدريب المهني
وهيكله التشغيلي ليستجيب إلى طبيعة سوق العمل المتغيرة في سد حاجة القتصاد الوطني من القوى العاملة
المدربة ،ولتحقيق ذلك عملت المؤسسة على التوسع في مختلف مجالت التعليم الفني والتدريب المهني
بافتتاح معاهد فنية جديدة ،واستحداث تخصصات جديدة في بعض المعاهد القائمة مبنية على دراسات شاملة
للتخصصات القائمة والمقترحة ،كما أعادت توجيه نظام التدريب نحو تلبية احتياجات سوق العمل حيث كونت
لجان استشارية على المستوى الوطني والقليمي والمحلي تضم ممثلين عن أصحاب العمل لتخاذ إجراءات
كفيلة بجعل نظام التدريب أكثر استجابة لمتطلبات سوق العمل ،كما حسنت وضع السياسات لنظام التدريب
وعملت على تنسيق وسائل تنفيذه ،وإيجاد خدمات مساندة مركزية لكافة جهات التدريب في القطاعين
الحكومي والهلي ،كما قامت المؤسسة بتحسين الكفاءة المهنية لتدريب الموظفين وتشجيع إسهام القطاع
الهلي في تمويل ،وتقديم خدمات التدريب في سبيل تحقيق السعودة في هذا القطاع عن طريق التدريب
لكتساب خبرات جديدة ،وذلك من خلل التدريب التعاوني والتدريب الصيفي ،وتشجيع القطاعات الهلية
للستثمار في التعليم الفني والتدريب المهني .
اهتمت هذه الخطة باتخاذ الوسائل الكفيلة بمعالجة المعوقات التي تواجه تنمية القوى البشرية وتوظيفها ،
وركزت بصفة عامة على النوعية والتخصصات الملئمة لمتطلبات القطاع الهلي ،والعمل على زيادة الطاقة
الستيعابية لمعاهد المؤسسة وكلياتها ومراكزها ،وفي سبيل تحقيق أهداف هذه الخطة قامت المؤسسة
بالجهود التي تتلخص فيما يلي:
– 2الستمرار في الدراسات والبحوث الميدانية لمعرفة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل.
– 3الستمرار في تطبيق برنامج ( البكالوريوس) في الكلية التقنية بالرياض ليشمل معظم التخصصات .
– 6استكمال إنشاء مرافق للنشاط اللمنهجي والرياضي والجتماعي وإحداث إدارة متخصصة للمكتبات على
مستوى المؤسسة وإنشاء مكتبة مركزية ومركز وثائق .
– 7الستمرار في التطبيق التجريبي لنظام التعليم والتدريب التعاوني بين مختلف وحدات المؤسسة التعليمية
والتدريبية والقطاعين الحكومي والهلي بهدف تقويم التجربة ثم تعميمها.
المحور الثالث :دور القطاع الهلي للستثمار في التعليم الفني والتدريب المهني :
إن توافر العمالة الجنبية والمدربة الرخيصة وسهولة استقدامها أحد السباب الرئيسة التي جعلت دور القطاع
الهلي في توظيف وتدريب السعوديين محدوداً للغاية ،لذا أصبح وضع سياسة محددة لدعم القطاع الهلي
للسهام في التدريب والتوظيف أمراً مهم ًا للغاية .
وعلى الرغم من أن هذا الموضوع طرح للبحث والمناقشة في كثير من المؤتمرات والندوات إل أنه في
السنـــوات الخيرة أصبح أكثر إلحاحاً وأشد أهمية من السابق بل أكبر حاجة إلى مزيد من البحث والدراسة ،
وبخاصـــة إذا أُدرك أن مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة ل تغطي احتياجات السوق المحلية ،
حتى ولو تمت مضاعفـــة طاقاتهـــا فستظل هـــذه المخرجات أقل بكثير من الحاجة في هذا القطــاع الواسع ،
وإذا أُخذ في العتبار– أيضاً – أن إنشاء المعاهد والكليات والمراكز والتجهيزات المصاحبة أمر مكلف للغاية
مما يعني محدودية عدد المشروعات الجديدة في السنوات العشر الماضية .
ومن جهة أخرى ليمكن إيجاد موازنة دقيقة بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياج سوق العمل بل هو أمر
أشبه بالمستحيل ذلك أن أعداد الخريجين من التعليم الفني – طبقاً لما تقوله خطة التنمية السادسة – غير قادرة
على الوفاء باحتياجات القطاع الهلي من المهن المختلفة ،فضلً عن عدم اكتمال المهارات اللزمة لدى
الخريجين ،فل بد إذن أن يلي البرامج التعليمية مهما كانت متخصصة برامج التدريب على رأس العمل في
مواقع العمل الفعلية حتى يتمكنوا من اكتمال المهارة اللزمة والكفاءة النتاجية .
وإذا أضفنا إلى ذلك دخول القتصاد السعودي بوجه عام مرحلة العتماد على القطاع الهلي وذلك بناءً على
التوجهات القتصادية لتخصيص كثير من المؤسسات التي كان يديرها القطاع الحكومي وتحويلها إلى إدارة
وملكية القطاع الهلي مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الحتياجات للقوى العاملة المدربة ،ولقدرة القطاع
الهلي على التوسع لعتماده على النتاج وحاجته إلى عمالة تقنية مدربة في تزايد نظراً لدخول التقنيات
الحديثة كالحاسب اللي وأجهزة التحكم والقياسات في أعمال تلك القطاعات ،وبناءً على هذا التزايد ستزداد
الحاجة إلى توظيف وتدريب الخريجين السعوديين من المعاهد الفنية والكليات التقنية والمراكز المهنية.
يتلخص مما تقدم أن وضع سياسة محددة ورؤية مستقبلية لدور القطاع الهلي في التدريب والتوظيف أصبح
أمراً ملحًا ،وذلك من خلل ما يأتي :
– 1توسيع مشاركة القطاع الهلي في التخطيط والتطوير النوعي للتعليم الفني والتدريب المهني .
– 2تفعيل الستفادة من منشآت القطاع الهلي لعداد وتطوير القوى العاملة الفنية من خلل التدريب التعاوني
أو التدريب على رأس العمل .
– 3وضع آلية لتوسيع مشاركة القطاع في تمويل برامج التعليم الفني والتدريب المهني سواء من خلل إنشاء
صندوق للتنمية البشرية ،أو من خلل تشجيع الستثمارات المباشرة التي تسهم في التوسع الكمي للتعليم
الفني والتدريب المهني.
الخاتمـــــة:
لشك أن الحديث عن التعليم الفني والتدريب المهني في المملكة ذو شجون ،وأن اختزان تاريخه ومسيرته في
كتاب أمر من الصعوبة بمكان ،ولكن حسبنا في هذا البحث أنه اختزن خلصة ولب هذه المسيرة ،حيث طرق
الموضوعات ذات الصلة الوثيقة ،ووقف مع بعضها تحليلً وتوثيقاً ،وصور تاريخ مائة عام مضت على
مسيرة هذا النوع من التعليم والتدريب الذي ينفرد في المملكة بأهمية خاصة جندت له الحكومة إمكانيات
ضخمة وهائلة ،وسعت إلى إقامة وحداته من المعاهد والمراكز ،وقد جاءت أهمية الشارة البليغة التي
تضمنها حوار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز مع أساتذة وطلب جامعة الملك عبد العزيز
بجدة في يوم الثلثاء 8/1/1404هـ1984/م حين قال :
" ...إن إقامة المعاهد الفنية من الشياء التي نسعى إليها دائماً ،ونأمل أن تعمم هذه المعاهد في المدن والقرى
حتى يستطيع المواطن أن يلجأ إليها ويتخرج منها ويجد نفسه في وضع مفيد وبناء ،وسنعمل لتحقيق ذلك إن
شاء ال " .
ولم تألُ الدولة جهداً في طرق كافة أبواب ومسالك التنمية مما حير النقاد والباحثين في أمور التنمية ،في
تفسير ظاهرة النمو المطرد والسريع الذي تحققه المملكة في ميادين التنمية الشاملة ،غير أن الحقيقة التي
ينبغي أل تغيب عن بال النقاد والباحثين ،هي أن أسباب نجاح التنمية في هذه البلد يعود – بعد توفيق ال –
إلى السس الرئيسة التية :
–1تمسك المجتمع السعودي بعقيدته السمحاء ،المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .
–2الستقرار السياسي ،وما يتولد عنه من استقرار أمني ،يوفر بيئة صالحة للستثمار والتنمية ،في
مجالتها المختلفة .
–3المحافظة على جوهر تراث وعادات وتقاليد وأعراف المجتمع السعودي ،والتي ورثها البناء عن الباء ،
مع التوفيق بينها وبين مستجدات التنمية العصرية بأسلوب يتسم بالحكمة وبعد النظر .
على هذا النحو يأتي التأكيد على أهمية التعليم الفني والتدريب المهني باعتبارهما حجر الزاوية في إعداد
الكوادر الفنية الوطنية من اليدي العاملة المدربة والمؤهلة لدارة دفة القتصاد الوطني نحو التقدم الصناعي
وفق الخطط العلمية المدروسة ،وبالقدر نفسه من التأكيد تبرز ضرورة وجود التفاعل اليجابي والعميق بين
برامج التعليم الفني والتدريب المهني وبين النسان المستهدف بعمليات التنمية ،ولعله من بين الوسائل
البسيطة لتحقيق مثل هذا التفاعل توفير أكبر قدر من المعلومات عن تلك البرامج ،وشرح مضامينها ،وتعميق
التجاهات اليجابية نحوها ،بما يتناسب وحاجة سوق العمل المحلي .
وقد عرض البحث لشيء من ذلك ،كما عرض لمراحل نشأة التعليم الفني والتدريب المهني وآراء الباحثين في
ذلك ،وصور كل مرحلة بخريطة زمنية تفصيلية وضحت أهم وأبرز ما استجد في كل مرحلة .
وبرزت أهمية هذا النوع من التعليم والتدريب في هذه البلد إضافة إلى ما ذكر من حيث إن المملكة تعاني نقصاً
واضحاً في فئات الفنيين والمهنيين في قطاعات النشاط القتصادي المختلفة ،المر الذي حداها إلى الستعانة
موقتاً بأعداد كبيرة من العمالة الوافدة والتي مهما قيل في شأنها فإنها تظل قاصرة عن تحقيق التفاعل المنشود
مع المجتمع ،ولذلك فإن الواجب الوطني يحتم على كل مواطن أن ينظر نظرة جديدة إلى التعليم الفني والتدريب
المهني باعتبارهما سبيلين للتقدم المأمول .
وجاء المحور الثاني للبحث مؤكدًا ذلك الهتمام وباسطاً الحديث عن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب
المهني مبتدئاً بخلفية نشأتها وأدوارها والوضع الراهن لبرامجها ومناهجها ونقلتها التطويرية التي تسير
عليها وفق خطط التنمية وبخاصة الخطة السادسة لتلحق في سعيها الحثيث ركب هذه الثورة التقنية .
واختص المحور الثالث بدور القطاع الهلي في توسيع مشاركته ،وتفعيل الستفادة منه ،واستثماره للتعليم
الفني والتدريب المهني ،وأن ذلك إحدى القضايا المهمة التي تشكل اهتمام المسؤولين في المؤسسات التعليمية
والتدريبية ودوائر التخطيط .
ل ال تعالى أن
وختاماً أرجو أن يكون هذا البحث قد أسهم في إثراء مكتبة التعليم الفني والمهني والتقني ،سائ ً
يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ،وأن يعيننا على ما يخدم أمتنا ووطننا إنه سميع مجيب .
المـلحـــــق
الهـوامـش
)1محمد بن شحات الخطيب ،الصول العامة للتعليم الفني والمهني ،دراسة في استراتيجيات التعليم الفني
والمهني ومشكلته ،ص ، 139مكتب التربية العربي لدول الخليج 1415 ،هـ.
)2انظر :التعليم في مكة والمدينة آخر العهد العثماني ،دار العلوم ،ط ، 3جدة ،ص . 30
)3محمد محمد رفيع ،مكة في القرن الرابع عشر الهجري ،ص 148وما بعدها ،منشورات نادي مكة
الثقافي ،ط ، 1عام 1401هـ .،
) 4لعبد اللطيف بن دهيش ،التعليم الحكومي المنظم في عهد الملك عبد العزيز ،نشأته وتطوره ،مكة
المكرمة ،ط ، 1عام 1407هـ ،ص ، 25وما بعدها .
)7على الغفيص و هلل العسكر ،التعليم الفني والتدريب المهني والتنمية في المملكة العربية السعودية .
)9التدريب المهني .وزارة العمل والشؤون الجتماعية :وكالة الوزارة لشؤون العمل – تقرير عن إنجازات
إدارة التدريب المهني لعام 1399هـ1979 /م ،الرياض 1399 .هـ .
)10محمد بن سليمان الضلعان ،التدريب المهني برعاية وزارة العمل والشؤون الجتماعية ،الرياض ،
1395هـ1975/م .
)11مراكز التدريب المهني ،وزارة العمل والشؤون الجتماعية :وكالة الوزارة لشؤون العمل ،إدارة علقات
العمل 1393 ،هـ 1973 /م ،ص . 12
المـراجـع
إنتاجية مجتمع ،د .محمود محمد سفر ،ط ، 1عام 1404هـ . §
§ الصـــول العامة للتعليم الفني والمهني ،دراسة في استراتيجيات التعليم الفني والمهني ومشكلته ،محمد
بن شحات الخطيب ،مكتب التربية العربي لدول الخليج 1415هـ .
الهداف العامة والسس الستراتيجية لخطة التنمية السادسة 1415هـ – 1420هـ §
§ التدريب المهني ،وزارة العمل والشؤون الجتماعية ،وكالة الوزارة لشؤون العمل – تقرير عن إنجازات
إدارة التدريب المهني لعام 1399هـ1979 /م ،الرياض 1399 .هـ .
التدريب المهني برعاية وزارة العمل والشؤون الجتماعية ،محمد سليمان الضلعان ،الرياض ، §
1395هـ .
التعليم التعاوني المفاهيم والتطبيقات ،ط ، 2ربيع الول 1416هـ . §
التعليم الحكومي المنظم في عهد الملك عبد العزيز ،نشأته وتطوره عبد اللطيف بن دهيش .مكة §
المكرمة ،ط ، 1عام 1407هـ .
التعليم الفني والتدريب المهني والتنمية في المملكة العربية السعودية ،على الغفيص و هلل العسكر . §
§ التعليم المهني والتقني والتدريب .سياسات البنك الدولي ،جون مدلتون وآخرين ترجمة محمد شحات
الخطيب وعابد بن محمد شريف 1416 ،هـ
التعليم في مكة والمدينة آخر العهد العثماني ،دار العلوم ،ط ، 3جدة . §
حاضر ومستقبل التعليم الفني والتدريب المهني ،محمد بن سليمان الضلعان ،ورقة عمل 1418هـ . §
خطة التنمية الولى ( 1395– 1390هـ ) ،وزارة التخطيط ،الرياض . §
خطة التنمية الثانية ( 1400 – 1396هـ ) ،وزارة التخطيط ،الرياض . §
خطة التنمية الثالثة (1405 –1400هـ) وزارة التخطيط ،الرياض . §
خطة التنمية الرابعة ( 1410 – 1405هـ ) ،وزارة التخطيط ،الرياض . §
خطة التنمية الخامسة ( 1415 – 1410هـ ) ،وزارة التخطيط ،الرياض . §
خطة التنمية السادسة ( 1420 – 1415هـ ) ،وزارة التخطيط ،الرياض . §
§ دور المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في سد الفجوة التقنية من الكوادر الفنية الوطنية ،
ورقة عمل ،علي بن ناصر الغفيص 1414 ،هـ .
سلسلة فصول في تاريخ التعليم في المملكة ،التعليم الفني ،عرض وثائقي إحصائي ،التطوير التربوي §
بوزارة المعارف 1407،هـ .