Professional Documents
Culture Documents
34
الجذرية لمشكلة التبعية الغذائية ل يمكن أن يقدر لها النجاح ما لم تسع
هذه الدول جاهدة إلي التغلب علي المشاكل والعقبات التي وقفت أمام
التنمية الزراعية والعربية والتي سبق إيضاحها بشيء من التفصيل .ومن هذا
المنطلق فإن هذا المبحث سيركز علي وسائل العلج الخاصة بالتبعية
الغذائية وهي علي النحو التالي:
35
المطلب الول
عملية التنمية الريفية المتكاملة
36
العاملة إلي المدن والمناطق الحضرية مقابل نقص تلك القوي في الرياف
الزراعية ،ول ريب أن معالجة الوضع الغذائي العربي وزيادة النتاج
الزراعي -الذي يعتبر هو الحل الفعلي لمشكلة الغذاء في العالم العربي -ل
يمكن أن تتم بمعزل عن المعالجة الشاملة للوضع القتصادي والجتماعي
لسكان الريف باعتبار أن النسان هو حجر الزاوية في تحقيق أي تطور
مستهدف إذ بدون تنمية ذلك النسان وتوفير احتياجاته الساسية ل ينتظر
)( 1
ً في العملية التنموية ومن هنا تبرز أهمية
ً فعال
منه أن يكون عنصرا
التنمية الريفية المتكاملة في الدولة العربية.
)( التحاد العام للغرف التجارية العراقية ,المن الغذائي العربي ضروراته وامكانات
1
)( د .محمد محمود عبد الرؤوف ،التنمية الريفية في جمهورية الصومال 2
الديمقراطية ،الناشر المعهد العربي للتخطيط في كتاب ندوة التنمية الريفية في
بعض القطار العربية ،1978 ،ص .142
-د .محمد سلطان أبو علي ،بعض جوانب خبرات الصندوق الكويتي في مجال التنمية
ًا ،الناشر ،المعهد العربي للتخطيط ،في كتاب ندوة
الريفية بالدول العربية القل نمو
التنمية الريفية في بعض القطار العربية ،1978 ،ص .47
)( د .محمد محمود عبد الرؤوف ،التنمية الريفية في جمهورية الصومال 3
37
ً من
زيادة النتاج الغذائي بما يضمن مستوي مناسبا -1
ً يمكن تبادله في السوق المحلية.
التغذية لسكان الريف وفائضا
العمل علي زيادة دخول سكان الري بهدف بقائهم في -2
الريف الزراعي وذلك من خلل رفع إنتاجيتهم بالتطوير
المستمر التكنيك المستخدم في العملية النتاجية ومن خلل
تحقيق نسب تبادل عادلة ومتكافئة بين المنتجات الزراعية التي
ينتجها اللزراعية وبالذات الصناعية.
يضاف إلي ذلك هناك أهداف أخري طويلة الجل للتنمية الريفية
تتمثل في إدخال تغيرات جذرية في الهياكل النتاجية والفن النتاجي
المستخدم والخدمات النتاجية والمؤسسات الجتماعية والقتصادية العاملة
والريف بحيث تؤدي تلك التغيرات إلي تحويل فقراء الفلحين من معدمين
)( 1
إلي منتجين .
)( د .سعد نصار ،بعض القضايا الساسية في تخطيط التنمية الريفية ،الناشر ،المعهد 2
العربي للتخطيط ،ضمن كتبا ندوة التنمية الريفية في بعض القطار العربية،
،1978ص .30 -29
38
-1مدخل الحد الدنى لجهود التنمية )مدخل الحزمة الدنيا(
ويهدف هذا المدخل إلي تقديم الحد الدنى من الخدمات
والفنون النتاجية في القطاع الزراعي أي أنه يهدف إلي توفير
الحد الدنى لتحسين مستوي المعيشة من خلل زيادة النتاج
الزراعي.
-د .محمد محمود عبد الرؤوف ،التنمية الريفية في جمهورية الصومال الديمقراطية،
مرجع سابق ،ص .150
39
احتياجاتهم الساسية.
تلك النسبة إلي ما فوق ذلك في العديد من الدول العربية وهذا يعني
ً من القوي العاملة.
ً كبيرا
أن الريف العربي يستوعب جزءا
40
الزراعي .وتتجاوز تلك النسبة في بعض الدول العربية %60كما في
الصومال والسودان واليمن وحوالي %50في موريتانيا عام
)( 1
. 1990
ومن ذلك كله تبرز أهمية ومكانة القتصاد الريفي في الدول العربية
ً وتدهورا
ً ً وجمودا
ورغم تلك الهمية فإنه يعتبر من أكثر القطاعات تخلفا
في النتاجية والدخل ومستوي المعيشة .وهذه الظاهرة تبرز عادة في حالة
الفقر المدقع التي يرزخ تحتها غالبية سكان الريف المحرومين نتيجة
)( 3
انخفاض مستوي المعيشة المقترب من مستوي الكفاف أو ما دون ذلك .
وعليه فإن التنمية الريفية تعتبر أحد الحلول الكفيلة بحل المشاكل
التي تواجه قطاع الزراعة والعاملين فيه حيث تتعدي مهمتها إلي تنمية
المجتمع الريفي وبالذات الزراعيين منهم الذين يعتبرون أهم عنصر في
)( التقرير القتصادي العربي الموحد لعام ،1992ص ،53ص .236 1
)( د .عبد الوهاب حميد رشيد ،العجز الغذائي ومهمة النماء العربي ،بيروت ،ط ،1 3
،1985ص .40
41
عملية التنمية الزراعية.
42
ويزيد من منتجات الصناعة المحلية هذا من جانب ومن جانب أخر فإن
نجاح الزراعة في تغذية القطاعات الخرى بالغذاء اللزم سيحمي النقد
الجنبي من الستنزاف في المستوردات الغذائية.
.5خلق التشابك:
ومن هذا المنطلق فإن الدول العربية مدعوة إلي تعجيل عملية التنمية
الريفية المتكاملة التي من خللها يتحقق توازن نسبي بين التنمية الصناعية
والتنمية الزراعية دون تحيز أو تمييز بين المناطق الحضرية والمناطق
ً تحسين مستوي معيشة سكان الريف
الريفية والتي من شأنها أيضا
الزراعيين وتوفير الخدمات والحتياجات الساسية التي تجعل النسان
الريفي يتمسك بأرضه الزراعية عدم هجرها إلي المدينة مهما كانت قوي
الجذب فيها.
43
المطلب الثاني
زيادة معدل الستثمار الزراعي وتوفير التمويل الزراعي
)( د .سالم التجفي ،التنمية القتصادية الزراعية ،جامعة الموصل ،1984 ،ص .97 1
)( د .محمود الطنطاوي الباز ،أزمة التنمية الزراعية في مصر ،مجلة مصر 2
44
إجمالي الستثمارات الكلية باعتبار أن تلك الدول تنظر لهذا القطاع علي أنه
قطاع تقليدي يمكن للمزارع التغلب علي حل مشاكله بمفرده.
ولعله مما يثير الدهشة أنه في الوقت الذي أعطي فيه القطاع أهمية
ثانوية في خطط التنمية العربية فإن الحقائق السابقة تؤكد أهمية القطاع
الزراعي في البنيان القتصادي للعديد من الدول العربية وتعكس في الوقت
نفسه الهمال الذي لقاه هذا القطاع من جانب الدول العربية نفسها.
ً من المخاطر القتصادية
وإذا ما تذكرنا ما أشرنا إليه سابقا
والسياسية التي تكتنف الغذاء من العالم الخارجي وإمكانية ممارسة
السياسية الحتكارية من قبل الدول المصدرة للغذاء وما ينطوي عليه من
مخاطر تتعلق بالمن القومي العربي لدركنا أهمية زيادة الستثمارات
المخصصة القطاع الزراعي في دعم الستقرار السياسي وفي تحقيق
الستقلل القتصادي العربي لسيما وأن نسبة الستثمار الزراعي الحالية
غير متكافئة لمواجهة الصعوبات التي تواجه التنمية الزراعية العربية،
الوضع الذي يحتم علي تلك الدول زيادة الستثمارات الموجهة نحو هذا
القطاع بما يتناسب مع مكانة الزراعة وأهميتها في القتصاد العربي
واحتياجات تنميتها الرأسية والفقية.
كما أنه أضاف إلي أهمية زيادة الستثمار الزراعي فإن ضرورة توفير
التمويل ل تقل أهمية في المجال باعتبار التمويل من أهم مقومات التنمية
الزراعية.
45
يتضح أنه يتصف بالكثير من السلبيات التي حدث من استفادة المزارع
ً علي الوضع الغذائي المحلي والقليمي ومن أهمها:
وانعكست بالتالي سلبيا
)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية ،الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية، 2
46
وبالتالي فإن تلك السلبيات تقتضي إعادة النظر في مؤسسات الئتمان
الزراعي بحيث تصبح أداة للسراع في التنمية الزراعية العربية ،ومن هذا
المنطلق فإننا نسوق تلك المقترحات التالية:
-1تيسير الضمانات المطلوبة:
رغم أهمية توفير تلك الضمانات في عملية السداد القرض الحسن إل
أنه ل ينبغي المغالة في شروطها كما هو الحال في الضمانات العقارية
وغيرها من الشروط غير الموضوعية ,ويقترح في هذه الضمانات أن تكون
ً من تعدد تلك الضمانات فإذا كان
قيمتها متساوية مع قيمة القرض بدل
ًا
المشروع بموقعه يعادل قيمة القرض أو يزيد عنه فإنه يمكن اعتباره ضمان
)( 1
للقرض إذ أن ثمة مزارعين ل يتوفر لديهم أي ضمانات سواها في حين أن
المغالة في توفير الضمانات يؤدي إلى تثبيط هم المنتجين .كما أنه يمكن
أن يفيد في هذا الخصوص قبول الكفالت الشخصية والمدعمة بكمبيالت
)( 2
بقيمة القرض موقعة من الكفلء والمدين في أن واحد .
-2سرعة إنهاء إجراءات القروض الزراعية:
)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية ,الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية, 1
ضمانات القروض وتأثيرها على تسليف صغار المزارعين في دول إقليم الشرق الدنى
وشمال أفريقيا ,ورقة عمل مقدمة للندوة القومية للتمويل والئتمان الزراعي في
الوطن العربي ,الناشر المنظمة العربية للتنمية الزراعية ,1989 ,ص .166
47
والراضي الزراعية والخلو من الضرائب والديون وخريطة للموقع وغير
ذلك من الوراق المطلوبة ثم بعد ذلك يبدأ البنك بدراسة هذه الطلبات
للموافقة على القرض وهذا يستغرق وقت طويل قد يصل في بعض الدول
إلى الفترة شهور وعلى هذا فإنه ينبغي اختصار تلك الجراءات والمدة
)( 1
المتعلقة بالحصول على القروض .
-3زيادة قيمة القروض الممنوحة ودفعها علي فترات متقاربة:
إذ أنه يلحظ أن أجهزة الئتمان الزراعي العربي تتعامل بالفائدة في
أنشطتها التمويلية والواجب على هذه الدول المسلمة أن تقلع عن ممارسة
الربا المحرم في معاملتها المصرفية بما في ذلك بنوك تنميتها الزراعية
ً بقوله تعالي) :يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وذروا ما بقي من الربا أن
عمل
كنتم مؤمنين( )البقرة آية.(67 :
)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية ,الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية, 1
48
ً من نظام الفائدة المحرمة حيث
المعروف كاستخدام نظام المرابحة بدل
يقوم البنك في هذه الحالة بشراء مستلزمات النتاج كالسمدة والبذور
وغيرها ثم يعيد بيعها للمزارع على أن يسدد قيمتها في نهاية الموسم
وكاستخدام نظام التأجير المنتهي بالتمليك لللت والمعدات الزراعية
والجرارات والحصادات وأجهزة الري وغيرها من اللت الزراعية نظير أجر
سنوى مع تسديد جزء من قيمة العين المؤجرة حتى يتم تسديد القيمة
)( 1
كاملة ومن ثم تنتقل الملكية إلى المستفيد .
)( 2
وكالتمويل بطريق المزارعة والسلم أو عن طريق القروض الحسنة
لسيما أن هناك مجال متسع لقيام الحكومات بعد الفراد بما يحتاجونه من
)( 3
قروض بشرط خلوها من الفائدة .
ً يطرح نفسه
والن بعد أن تطرقنا إلى التمويل المحلي فإن هناك سؤال
عن دور الفوائض العربية )الصناديق العربية القطرية والجماعية( في
التنمية الزراعية باعتبار أن تلك الصناديق من مصادر التمويل الهامة
والمتميزة للدول العربية المستفيدة.
من الواضح للعيان أن الدول العربية ذات الفوائض الكبيرة والتي يفوق
حجمها طاقتها الستيعابية قد أنشأت صناديق للتنمية القتصادية بغرض
)( البنك السلمي للتنمية ,جهود البنك السلمي للتنمية في مجال تمويل القطاع 1
الزراعي ,ورقة عمل مقدمة للندوة القومية للتمويل والئتمان الزراعي في الوطن
العربي ,1986 ,الناشر المنظمة العربية ضمن مجموعة أوراق الندوة ,ص .150
)( سيأتي إيضاح ذلك في المطلب الثاني. 2
)( د .شوقي دنيا ,تمويل التنمية في القتصاد السلمي ,مرجع سابق ,ص .183 3
49
مساعدة الدول العربية والدول النامية الخرى في تمويل مشاريعها
النمائية وساهمت في العديد من المؤسسات القليمية والدولية كصندوق
النقد الدولي والبنك الدولي.
وبالتالي فإن تطوير وأهمية دور هذه القروض والمنح العربية يتوقف
)( 2
إلى حد كبير على ترشيد إنفاقها وتحديد الولويات في استخدامها كما
يتوقف على مدى أحساس الدول ذات الفائض بأهمية هذا العمل على
المستوى العربي والسلمي.
)( الصندوق العربي للنماء القتصادي والجتماعي ,إنجازات مؤسسات التنمية 1
العربية في مجال التمويل الزراعي في الوطن العربي ,مرجع سابق ,ص .53
)( المرجع السابق ,ص .61 2
50
التوالي في حيث اتصفت مساهمة بقية الصناديق القطرية بالضآلة النسبية.
أما فيما يتعلق بدور مؤسسات التمويل القليمية فقد بلغت مساهمتها
نحو %39.7من إجمالي القروض الزراعية ,يرجع الجزء الكبر منها
الحصة الصندوق العربي للنماء القتصادي والجتماعي حيث بلغت حصته
نحو %21وذلك مما يعكس تدني مساهمة البنك السلمي للتنمية
وصندوق الوبك في التنمية الزراعية العربية حيث بلغت مساهمتها على
التوالي %13و . %5
)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية ,الخرطوم ,الكتاب السنوي للحصاءات 1
51
القتصادي
25 1145.79
الصندوق الكويتي
100 4582.38 الجملة
أما بالنسبة للدول العربية المستفيدة فقد حصلت المغرب على نحو
ربع القروض الزراعية الممنوحة ) (%25يليها تونس حيث بلغ نصيبها من
القروض الزراعية نحو %15.3وعلى ذلك فإن المغرب وتونس قد حصل
على أكثر من ثلث ) (%40القروض الزراعية المقدمة من مؤسسات
التمويل العربية ,ثم يأتي بعد ذلك السودان والجزائر حيث بلغ نصيبهما
مجتمعين %17.5من إجمالي القروض الزراعية ,في حين أن باقي الدول
العربية ) (15دولة قد حصلت مجتمعة على نحو %40من إجمالي
القروض الزراعية العربية وهو ما يعادل نصيب المغرب وتونس .كما
يتضح ذلك من الجدول رقم ).(31
52
جدول رقم ) ( 31
القروض الزراعية المقدمة من مؤسسات التنمية
العربية
)( 1
)مليون والنصيب النسبي لكل دولة حتي نهاية عام 1989
دولر(
قروض الزراعة والثروة
)(% الدولة
الحيوانية
6.2 184.71 الردن
- - المارات
- - البحرين
15.3 458.59 تونس
8.3 247.78 الجزائر
0.3 8.90 جيبوتي
9.2 275.13 السودان
)( الصندوق العربي للنماء القتصادي والجتماعي ،الكويت ،العمليات التمويلية 1
53
3.9 116.18 سوريا
6.1 181.96 الصومال
6.9 207.38 العراق
0.6 17.22 عمان
0.3 9.84 فلسطين
- - لبنان
- - ليبيا
4.2 125.30 مصر
25.6 766.1 المغرب
3.8 114.81 موريتانيا
3.6 108.5 اليمن الجنوبي
5.7 169.03 اليمن الشمالي
100% 2991.43 الجمالي
)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية ,الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية, 1
54
55
المطلب الثالث
السلم الشرعي والتمويل الزراعي
تعتبر أبواب الفقه السلمي غنية بصيغ التمويل السلمي البديلة عن
التمويل الربوي والتي يمكن استخدامها في النشطة القتصادية المتنوعة.
ويمثل السلم إحدى هذه الصيغ التي بإمكانها أن تلبي حاجات الزارع أو
الصانع التمويلية على أساس شرعي وتجنبه في الوقت نفسه تكاليف
القتراض بالفائدة كما في حالة المصارف التقليدية.
ً في عرض موصوف
ً حاضرا
وقد عرفه ابن قدامة بقوله "أن يسلم عوضا
)( 2 )( 1
في الذمة إلى أجل" وهو جائز بالكتاب والسنة والجماع فدليله في
الكتاب قوله تعالي) :يأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى
فاكتبوه()البقرة آية .(182 :وقال ابن عباس" :أشهد لن السلف المضمون
)( أبن قدامة ,المغني ,ج ,4تحقيق محمد محيسن ,شعبان إسماعيل ,دار إحياء التراث 1
56
)( 1
إلى أجل مسمى قد أحله ال في كتابه" ثم تلي هذه الية.
وتوجد في السنة أحاديث كثيرة تدل على مشروعية السلم منها قوله
عليه الصلة والسلم " :من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم
)( 2
إلى أجل معلوم" .
)( 3
وأجمع أهل العلم على أن السلم جائز وفق ما أورده ابن المنذر .
وكما أسلفنا القول فإن الصعوبات التي تواجه المزارع العربي في
سبيل الحصول على التعديل الزراعي تسببت – من بين عوائق أخرى -في
إعاقة النتاج الزراعي العربي وضعفه مما جعل الدول العربية تلجأ إلى
الستيراد من العالم الخارجي ,ومن هنا تبرز الهمية القتصادية للسلم
وهذا ما نحن بصدد مناقشته.
)( المام البخاري ,صحيح البخاري ,كتاب السلم ,باب السلم في وزن معلوم ,حديث 2
57
ونعني بذلك التحليل تلك المنافع التي يمكن أن يحدثها السلم نظرا
ً
لما ينطوي عليه من إمكانات اقتصادية وتمويلية توظيفها في خدمة التنمية
القتصادية العربية ومنها ما يلي:
-2ترشيد تكاليف النتاج :وهذا ما يقتضيه بيع السلم الذي يكون فيه
ً قبل النتاج وإذا ما تذكرنا أن الربح ببساطة يتمثل
ثمن البيع معروف سلفا
في الفرق بين سعر البيع والتكاليف لدركنا أنه ليس أمام المسلم إليه بديل
سوى ترشيد التكاليف بما ينطوي عليه من حسن استخدام الموارد وتقليل
)( 1
الفاقد والتالف .
)( محمد عبدالحليم عمر ,الطار الشرعي والقتصادي والمحاسبي لبيع السلم, 1
58
المجال الزراعي .وهذا ما أثبتته التجارب المعاصرة من امتناع سكان الريف
في مصر عن التمويل الربوي من بنوك التنمية الزراعية المنتشرة في
ً إسلمية في هذه الرياف إل أنه
الرياف رغم أن هذه البنوك أنشأتها فروعا
)( 1
ً من مصرف ربوي .
مازال الفلحون يرفضون التعامل باعتبارها جزءا
ً للتمويل الربوي
-4تقليل آثار التضخم :التمويل بالسلم خلفا
يساعد علي استبعاد إمكانية التضخم في السعار لنه ل يضيف إلي رأس
المال التكلفة التي تضيفها الفائدة الوضع الذي يسهم في تخفيض السعار بل
وتثبيتها للراغبين في شرائها في غير موسمها أو أثناء انخفاض أسعارها.
من ناحية أخري فإن التمويل بسلم له دوره في تقليل آثار التضخم التي
تلحق بالقوة الشرائية للقرض لنه كما هو ملحظ تحت وطأة التضخم
ً في القتصاديات المعاصرة فإن القوة الشرائية للقرض تنخفض
حالي
ا السائد
)(2
ً المقرض ،مما جعل
بين فترة تقديمه واسترداده مما يتضرر معه حقا
البعض ينادي بضرورة الرابط القياسي لقرض بالسعار القياسية للسلع
والخدمات ،غير أن إمكانية هذا الربط من الناحية الشرعية تظل محل شك
)(3
وريبة بربا النسيئة إذ أن الفقهاء يرون عدم جواز ذلك باعتبار أن ذلك
الربط يضمن عائد علي القرض وهذا يدخل فيربا النسيئة وذلك مما يعني
)( انظر قرار مجلس مجمع الفقه السلمي في دوره مؤتمر الخامس بالكويت 1409 3
بشأن تغير العملة ،نشر هذا القرار في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة ،الرياض،
العدد الثاني ،السنة الولي ،محرم ،صفر1410 ،هـ ،ص .177
59
أنه ليس أمام أرباب الموال سوي ولوج باب الستثمار لحمايتهم من
)(1
التضخم .وهذا ما يحقق في حالة التمويل بالسلم حيث أن المسلم
)الممول( يحصل -مقابل قرضه -علي السلع التي ترتفع أسعارها في ظل
التضخم.
-5ضمان السوق :الذي تؤمن فيه صيغة السلم التمويل للمنتج فأنها في
ً لمنتجاته ،وهذا يعتبر
ً ومسبقا
ً معروفا
ً مستقرا
الوقت نفسه تؤمن له طلبا
من حسنات التمويل بالسلم ل يوجد ما يماثلها في التمويل الربوي وذلك
باعتبار أن النشاط التمويلي في السلم كما هو الحال في الستصناع يعتمد
علي طلب السلع التي ينتجها المسلم إليه وهذا مما يريح المنتج من تكاليف
)( 2
التسويق ويعمل علي استقرار التشغيل والعمالة لديه .بينما يستفيد
ً مضمون النتاج ولهذا أطلق عليه ِل
ْم )الممول( من هذه العملية عرضاْس
ُم
ال
ِل
)( 3
ْم إليه.ْس
ُم
ً لحاجة ال
بعض الفقهاء بيع المحاويح نظرا
كما أنه مما يزيد من الهمية القتصادية للسام إمكانية تعدد المجالت
القتصادية لتطبيقه إذ أنه بالمكان تطبيقه في تمويل التجارة الخارجية
وتنمية الصناعات المحلية وذلك من خلل شراء المسلم )وهو البنك
ً وإعادة
السلمي في هذه الحال( النتاج من المنتجين أو من الدولة سلما
)( د .محمد عمر شابرا ،نحو نظام نقدي عادل ،المعهد العالمي للفكر السلمي، 1
دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ،ط 1387 ،3هـ ،ص .379
60
ً أو اعتباره رأس مال سلم مقابل سلع
ً بأسعار مجزية إما نقدا
تسويقه عالميا
)( 1
صناعية ،وقد يبرز دوره في التنمية الصناعية حينما يدفع الممول )البنك
السلمي( رأس مال السلم في معدات وأل ت إنتاجية إلي المنتجين )المسلم
إليهم( مقابل حصول علي سلع صناعية منهم والتي ستزيد أسعارها في حالة
)( 2
تصديرها وذلك خلف فيما لو صدرت بشكلها الولي .
المطلب الرابع
ترشيد السياسة السعرية
وتحسين الكفاءة التسويقية
)(د.محمد عبدالحليم عمر ,الطار الشرعي والقتصادي والمحاسبي لبيع السلم،مرجع 1
61
النتاج الزراعي.
أو بمعني أخر أن تلك السياسات راعت جانب المستهلكين في المدن علي
حساب المنتجين في الرياف .وبهذا فرضت أسعار جبرية مخفضة علي
الكثير علي المحاصيل الغذائية وبشكل ل يتناسب والتكلفة النتاجية لها
وذلك بهدف حماية المستهلك من حدة التضخم من أسعار تلك المحاصيل،
الوضع الذي أضعف الحافز النتاجي لدي المنتجين ،وشوه مناخ الستثمار
)( 1
الزراعي بشكل عام .بل وتسبب في وجود انحرافات في التركيب
ل
ً المحصولي من خلل التحول عن زراعة المحاصيل التقليدية كالقمح مث
إلي زراعة المحاصيل غير التقليدية الكثر ربحية كالخضار والفواكه.
وهذا ما أشار إليه البنك الدولي وبصورة صريحة بقوله "ولعل أشد ما
يبعث علي الدهشة كون العالم النامي هو الذي يجور بصفة عامة عل
ً في الناتج الجمالي
ً كبيرا
فلحيه علي الرغم من أنهم يمثلون نصيبا
)( 2
وحصيلة الصادرات" .
)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية ،الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية، 1
62
)( 1
الحديثة في زراعته وتوفير الحماية له من المنتجات الجنبية المنافسة .
في الوقت الذي تعمل فيه معظم السياسات الزراعية العربية علي كبح
)( 2
ً أمام نموه .
المنتج الزراعي حتى أصبحت تلك السياسات عائقا
)( د .عبد الصاحب ،أزمة التنمية الزراعية العربية ومأزق الزمن الغذائي ،المستقبل 1
)( د .فوزي حليم رزق ،الختللت السعرية للسلع الغذائية التموينية ووسائل 3
63
وبأسعار مخفضة لصالح المستهلكين فبإمكانها شراء تلك السلع من
المنتجين بالسعر القتصادي ،وتوفير للمستهلكين بالسعر الجتماعي علي أن
)( 1
تتحمل خزانة الدولة الفرق بين السعرين القتصادي والجتماعي .وفي
حالة تطبيق هذا القتراح سيحصل المنتج علي عائد مجزي يشجعه علي
إنتاج السلع الغذائية التي يتطلبها المن الغذائي العربي .ولعله من الهمية
بمكان نشير إلي أن الخذ بهذا القتراح يضمن عدم حدوث تحول في الهيكل
المحصولي وهذا ما تعاني منه بعض الدول العربية التي عزف الكثير من
منتجيها عن زراعة المحاصيل القل أهمية للقتصاد القومي ،كما هو الحال
في التوسع في زراعة البرسيم في مصر علي حساب زراعة المحاصيل
الغذائية الستراتيجية ،وذلك مما جعل بعض القتصاديين ينادون بضرورة
)( 2
ً من سياسة التسعير الجزئية التي
وضع سياسة تسعيرية شاملة بدل
ً لقوي السوق المر
حددت أسعار معينة وتركت السعار الخرى تحدد وفقا
الذي أوجد الختللت السعرية وهذا ما تؤكده الشواهد إذا إن قيمة تبن
القمح في احدي الدول العربية فاقت قيمة النتاج الرئيسي حبوب القمح
)( 3
ً قيمة طعام النسان كالحبوب والخبز .
وقيمة أعلف الحيوانات فاقت أيضا
إل أنه مما يجدر التنويه إليه أن هذه الختللت السعرية ل تعزي إلي عدم
تطبيق السياسة السعرية الشاملة بقدر ما تعزي إلي السعار الجبرية
)( د .فوزي حليم رزق ،الختللت السعرية للسلع الغذائية التموينية ووسائل 2
64
المنخفضة التي لم يرافقها تعويض المنتج بما يحقق له السعر القتصادي
لسلعته .وبالتالي فإنه متي ما توفر للمنتج السعر القتصادي لنتاجه فإن
المشكلة العزوف ستنتهي .إضافة إلي ذلك فإن الخذ بالنظام الكلي للسعار-
السياسة الشعرية الشاملة -يعني استبعاد قوي السوق )العرض والطلب( في
تحديد السعر وهذا تعارض مع المنطق القتصادي حيث إن سعر السوق
يعتبر أفضل السعار متي ما توفرت المنافسة.
)( د .يوسف حلباوي ،د .عبد خرابشة ،نحو مفهوم أفضل للتنمية الحديثة ،مؤسسة 1
65
)( 1
والستهلك وارتفاع تكلفة الخدمات التي تؤديها ،المر الذي يجعل
المزارعين لسيما صغارهم غير قادرين علي تحمل تكاليف الباهظة لنقل
النتاج وتخزينه وتوزيعه في أماكن استهلك التي تضمن لهم أسعار
مجزية لنتاجهم وبالتالي يضطرون إلي بيعه في أقرب سوق إليهم مما
ً بسبب كثرة الوسطاء الذين
ً جدا
يجعل نصيبهم من السعر النهائي ضعيفا
)( 2
يداولون السلعة الزراعية حتي تصل إلي المستهلك النهائي .وبهذا تكون
النتيجة ارتفاع الهوامش التسويقية لصالح الوسطاء مقابل تدني نصيب
ً علي قطاع النتاج
المزارع من السعر النهائي للسلعة المر الذي ينعكس سلبا
الزراعي .حيث أكدت الدراسات أن الهوامش الربحية التي يحصل عليها
الوسطاء في مصر لسلعة اللحوم الحمراء تتراوح ما بين %60 -50من
)( 3
سعر المستهلك ،بينما تقدر الهوامش التسويقية )الربحية( التي يحصل
عليها الوسطاء في الكويت والمارات مابين %76 -70من سعر البيع
)( 4
للمستهلك .في حين يحصل المنتج الزراعي علي نسبة متدنية وغير عادلة،
وذلك بسبب استغلل طبقة الوسطاء المر الذي ألحق خسائر متلحقة في
)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية ،برامج المن الغذائي العربي الجزء الول، 1
66
)( 1
المشروعات الزراعية في بعض الدول العربية .ومن هنا تبرز الحاجة إلي
ً وفي
ً مجزيا
توفير الجهزة ذات الكفاءة العالية التي تحقق للمنتج عائدا
نفس الوقت تضمن توصيل السلعة إلي المستهلك النهائي في الوقت الناسب
ً لدخله.
أيضا
)( .المنظمة العربية للتنمية الزراعية ،الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية، 1
67
ول ريب أن خروج هذه الشركة إلي حيز الوجود سيسهم في توسيع
نطاق حجم المبادلت الزراعية في الدولة العربية ويشجع المزارعين علي
زيادة النتاج الزراعي طالما أن تلك يكفل لهم التصريف والسعر المجزي.
المبحث الثاني
وسائل علج التبعية المالية في دول العجز
68
من الواضح أن اتجاه الدول العربية للقتراض الخارجي ما هو في
واقع المر إل تلبية احتياجاتها التمويلية التي عجزت عن تغطيتها موارده
المحلية مما جعلها تستعين بمصادر التمويل الجنبي لسيما القتراض
الخارجي الربوي الوضع الذي سبب لها آثار اقتصادية وأخري غير اقتصادية
وأوقعها في براثن التبعية القتصادية للدول الدائنة .ويتطلب ذلك من
الدول ضرورة تقليص نسبة اعتمادها علي التمويل الجنبي والتوقف عن
القتراض الربوي ،إل أن ذلك يعتمد علي قدرة هذه الدول علي زيادة
مواردها المحلية وانتهاج الوسائل السلمية البديلة للتمويل الربوي القائم
علي عنصر الفائدة المسبب لظهور أزمة المديونية الدولية .وعليه فإن هذا
المبحث سيشمل علي الوسائل التي من شأنها أن تساعد علي حل مشكلة
الديون العربية وذلك في خمسة مطلوب:
المطلب الول :تحليل أزمة الديون من منظور القتصاد السلمي
والحل البديل للتمويل التربوي.
الفرع الول :تحليل أزمة الديون من منظور القتصاد السلمي.
الفرع الثاني :نظام التمويل السلمي هو البديل الصالح للتمويل
الري.
المطلب الثاني :ترشيد النفاق الستهلكي في ظل التمسك بالقيم
السلمي.
المطلب الثالث :دور البنوك السلمية في حل مشكلة الديون
الخارجية وذلك في ثلثة فروع.
الفرع الول :دور البنوك السلمية في تعبئة المدخرات المحلية.
69
الفرع الثاني :دور البنوك السلمية في تمويل التنمية القتصادية.
الفرع الثالث :دور البنوك السلمية في تمويل التبادل التجاري
البيني.
الفرع الول
تحليل أزمة الديون من منظور القتصاد السلمي
)البقرة ،(278 :فها هي آثار المحق الذي توعد ال به أهل الربا لم
يقتصر ضررها علي فرد أو مجتمع بعينه بل شمل العالم بأسره حتي
تواجه دول العالم لسيما الدول المدينة التي تنكوي بالنيران الربوية
الديون والتطور المذهل الذي بلغته فوائدها ،كما أشرنا إلي ذلك في
ً أن التعامل
الباب الول ،ومن المنظور السلمي فإنه يبدو واضحا
70
بالفائدة في مجال التمويل هو وراء الكثير من الزمات القتصادية
)( 1
الدولية لسيما أزمة المديونية الدولية الراهنة التي ما زالت تعاني
منها حكومات شعوب العالم بما في ذلك دول العالم السلمي التي
وفي هذا الصدد فإنه يجدر بنا أن نشير إلي أهم الثار القتصادية
للفوائد الربوية:
الفائدة والتضخم:
)( د .حسن صادق ،أزمة الديون والنظام البديل ،بحث مقدم لملتقي الفكر السلمي 1
71
يرتبط بتكاليف إنتاجها ،وحيث إن سعر الفائدة يعتبر من العناصر
الساسية لعناصر التكلفة فإن ذلك ينعكس في ارتفاع أسعار المنتجات
التي يقع عبئها في النهاية علي المستهلك وذلك مما يعمل علي إنقاص
المقدرة الدخارية لدي المستهلك التي كان بالمكان توجيهها نحو
)( 1
الستثمار المنتجة .
الفائدة والستثمار:
)( د .شوقي دنيا ،تمويل التنمية القتصاد السلمي ،مؤسسة الرسالة ،بيروت ط ،1 1
ص .79
72
بين سعر الفائدة والربح المتوقع حيث إن سعر الفائدة يمثل الفرصة
البديلة التي يمكن أن يوظف المستثمر أمواله فيها ،كما أنه يمثل
تكلفة اقتراض رأس المال مما يعني أن علي المقترض تحقيق ربح
يغطي هذه التكلفة ويزيد منها ،وهكذا يتضح سعر الفائدة يضع قيدا
ً
علي الستثمارات يجعلها علي القل تدر عائد مساو لسعر الفائدة مما
يترتب عليه انحراف هيكل الستثمارات ل تجاهها نحو الستثمارات ذات
الهمية الثانوية كالسلع الكمالية في حين تبقي الستثمارات ذات
)( 1
ً لقصور عائداتها عن
الهمية البارزة للتنمية القتصادية فارغة ،نظرا
ً من
ً كبيرا
تغطية أسعار الفائدة .بل قد تكون الفائدة المرتفعة مانعا
الستثمار في النظام الرأسمالي ،كما حدث في الفترة 1978 -1970
)( 2
حينما ارتفعت تكلفة الفوائد بشكل تسبب في تأكل ربح الشركات .
)( د .شوقي ،تمويل التنمية في القتصاد السلمي ،مرجع سابق ص .455 ،454 1
)( د.محمد شابرا ،نحو نظام نقدي عادل ،مرجع سابق ،ص .158 2
73
)( 1
قليلة ،عمل بقوله تعالي) :سورة الحشر :آية .(7
التحاد الدولي للبنوك السلميةـ ،الموسوعة العلمية والعملية للبنوك السلمية ،الجزء
() 1
السادس ،ص .103
)( الموسوعة العلمية والعملية للبنوك السلمية ،ج ،5مرجع سابق ،ص .473 2
)( البنوك السلمية للتنمية ،التقرير السنوي ) 1410 ،(15هـ ،ص .31 3
74
ترك أبواب القتراض الربوي مفتوحة علي مصراعيها فمهما بلغت
الحلول المقدمة فسرعان ما تجد الدول النامية المدينة نفسها أمام
نفس هذه الزمة مرة ثانية.
الفرع الثاني
نظام التمويل السلمي
هو البديل الصالح للتمويل الربوي
ً في
إن السلم وهو النظام الشامل الذي به سعادة البشرية جمعا
الدنيا والخرة حينما حرم التعامل الربوي أوجد البدائل الشرعية
التي تلبي حاجة المجتمع التمويلية وتحميه من النزلق في الربا
المحرم ومخاطرة الوخيمة ،ويعتبر التمويل بالمشاركة والمضاربة
أو صيغ البيوع مثل المرابحة والبيع لجل والسلم والستصناع من بين
البدائل الشرعية للتمويل بالفائدة.
75
قيامه بشراء أسهم من شركات قائمة ويسمي هذا النوع من الشركة
)( 1
بشركة العنان ،وقد عرفها فقهاء الشريعة السلمية بقولهم "بأن
يشترك اثنان فأكثر بماليهما ليعمل فيه ببدنيهما وربحه بينهما أو
يعمل فيه أحدهما بشرط أن يكون له من الربح أكثر من ربح ماله
)( 2
نظير عمله في مال شريكه ،وهي جائزة بإجماع فقهاء المصار وقد
تعامل الناس وقد تعامل الناس بذلك في كل عصر من غير انكار من
)( 3
أحد ،وقد روي أن أسامه بن شريك جاء إلي رسول ال صلي ال عليه
وسلم فقال أتعرفني؟ فقال عليه الصلة والسلم فكيف ل أعرفك
وكنت شريكي ونعم الشريك ل تداري ول تماري وأذني بفعله عليه
)( 4
الصلة والسلم الجواز" .وما رواه الحاكم في المستدرك من أن
السائب بن أبي السائب كان شريك للنبي صلي ال عليه وسلم في أول
ً بأخي وشريكي ل
السلم في التجارة فلما كان يوم الفتح قال مرحبا
)( 5
يدري ول يماري" .
)( التحاد الدولي للبنوك السلمية ،موسوعة والعملية للبنوك السلمية ،الجزء 2
الخامس ،الجزء الشرعي ،المجلد الول ،الصول الشرعية ،العمال المصرفية في
السلم ،ط 1402 ،1هـ ،ص 323منصور بن يونس إدريس البهوتي ،كشاف عن متن
القناع ،ج ،3عالم الكتب ،بيروت.469 ،
)( المام علء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني ،كتاب بدائع الصنائع في ترتيب 3
الشرائع ،ج ،6ط 1406 ،2هـ ،دار الكتب العلمية ،بيروت ،ص .58
)( نفس المرجع ،ص .58 4
)( المام الحافظ أبي عبد ال الحاكم النيسابوري ،المستدرك علي الصحيحين 5
وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي ،ج ،2دار الكتاب العربي ،بيروت ،ص .61
76
ويشترط في شركة العنان اشتراك الطراف بالمال ول يشترط
)( 1
فيها تساوي المالين ،ويكون الربح والخسارة علي قدر المالين إل أنه
ً لقيام أحدهما بالعمل فإنه تجوز زيادته عن نصيبه في رأس المال
نظرا
)( 2
مقابل عمله ،أ؟و يكون أمهر في التجارة أو الصناعة من شريكه.
)( د .رمضان ،موقف الشريعة السلمية من المعاملت المصرفية والبديل عنها ،مكتبة 1
77
-تحقيق مبدأ العدالة في توزيع الثروات وذلك عن طريق اقتسام
الربح والخسارة بين الطرفين الممول وطالب التمويل بعكس
النظام الربوي الذي يحابي رأس مال دون العمل ،كما أسلفنا من
كونه يضمن للدائن رأسماله وفائدة معلومة دون أدني مشاركة
في المخاطرة.
-تحقيق مبدأ الستخدام المثل للموارد غذ أنه الوقت الذي يري فيه
النظام الرأسمالي أن الفائدة هي المعيار المثل لتوزيع الموارد
في حين أن إلغائها يسبب استخدام الموارد بشكل غير رشيد إل أن
هذا مخالف للحقيقة لن الموال القابلة للقراض في القتصاد
ً بل كلفة وهي الحصة في الربح
السلمي ليست متاحة مجانا
الذي يمثل معيار توزيع الموارد ولهذا تزداد أهمية تقويم
المشروعات في التمويل بالمشاركة بشكل تستبعد معه كل
المشروعات غير المنتجة وذلك علي خلف الستثمارات الربوية
ً دون أدني مشاركة في النتيجة
التي تؤمن للدائن عائد مسبقا
النهائية للمشروع مما ل يجعله يهتم بتقويم المشروعات مثلما
)( 1
يفعله الممول في القتصاد السلمي .
-يمثل التمويل بالمشاركة صمام المان بالنسبة لدول العالم إذا أن
الدول ل تقدم علي طلب التمويل إل لغرض إنتاجي في حين أن
الممول ل يقرض إل لمشروعات انتاجية قادرة علي السداد في
)( د .محمد شابرا،نحو نظام نقدي عادل ،مرجع سابق ،ص .147 1
78
حين أن التمويل بالفائدة ل يعني بالمشروع النتاجي وأهميته،
ً عن خلو هذا التمويل من الفوائد الربوية التي تمثل في
فضل
الوقت الراهن أكبر تحدي تواجهه اقتصاديات الدول المدينة،
)( 1
التي أصبح يطلق عليها اقتصاديات المديونية .
-التمويل السلمي فيه إزالة آفة التظالم بين الممول وطالب التمويل
التي كانت سائدة في النظام الربوي ،حيث أن الطراف
يشتركون في النتيجة النهائية للنشاط النتاجي من ربح أو
)( 2
خسارة فل يضمن الممول عائد مسبق ولو خسر المشروع ،
بخلف الممول الربوي فإن المقترض يضمن العائد سواء ربح أو
خسر وهذا الظلم الذي أشار إليه سبحانه وتعالي في قوله
)النساء :آية .(160
قال تعالي) :المزمل :آية (20وقد عرفها ابن رشد "بأن يعطي الرجل
)( 4
الرجل المال علي أن يتجر به علي جزء معلوم يأخذه من ربح المال"
وباقي الربح لرب المال .وأما حكمها فهي جائزة في الشريعة السلمية
)( د .حسن صادق ،أزمة الديون والنظام البديل ،بحث مقدم لملتقي الفكر السلمي 1
)( منصور البهوتي ،كشاف القناع ،ج ،3مرجع سابق ،ص .508 3
79
)( 1
حكاه ابن المنذر ،والحكمة تقتضيها لن بالناس حاجة إليها فإن النقود ل
تنمي إل بالتجارة وليس كل من يملكها يحسن التجارة ول كل من يحسنها
)( 2
له مال فشرعت لدفع الحاجة" .ويقال لمن يقدم المال رب المال ويقال
للعامل فيه المضارب ويشترط فيها تكون صحة العامل من الربح جزءا
ً
ً كالربع والنصف حسب ما يتفق عليه أما الخسارة وضمان المال
معلوما
)( 3
فعلي رب المال ما لم يتعدى المضارب أو يفرط .
ومن هذه الصيغ تتجلي عدالة التمويل السلمي إذ أنه ليس فيها
استغلل ول يكون فيها الممول مجرد دائن لصحاب المشروعات النتاجية
ينحصر دوره في ضمان قروضه وفوائدها الربوية سواء ربح المشروع الذي
ً مع طالب التمويل في ما
من أجله اقترض أو خسر وإنما يصبح مساهما
تسفر عنه نتيجة عملية المشاركة من ربح أو خسارة كل حسب حصته في
رأس المال وفق قاعدة الغرم بالغنم ما عدا المضاربة فإن الشركة فيها في
الربح دون الخسارة وهذا مما يدفع كل منها إلي البذل والعطاء لزيادة
الربح والنتاج.
)( المام بن الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي ،بداية المجتهد 4
ونهاية المقتصد ،ج ،2لتحقيق محمد سالم محيسن وشعبان محمد اسماعيل ،مكتبة
الكليات الزهرية1402 ،هـ ،ص .265
)( منصور البهوتي ،كشاف القناع ،ج ،3مرجع سابق ،ص .508 1
-د .رمضان حافظ ،موقف الشريعة السلمية من المعاملت المصرفية والبديل منها،
مرجع سابق ،ص .114
80
البديل الثالث :بيع المرابحة للمر بالشراء والتمويل
التجاري:
وقد وصف هذه الصيغة بقوله" :وإذا رأي الرجل الرجل السلعة فقال
)( 1
اشتري هذه وأربحك فيها كذا فاشتري الرجل فالشراء جائز .والمرلبحة
)( 2
في اصطلح الفقهاء هي "بيع برأس المال وربح معلوم" .
)( المام الشافعي ،أبي عبد ال إدريس ،ألم ،ج ،3الدار المصرية للتأليف والترجمة 1
)( المام كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن المهام ،شرح فتح القدير ،ج ،5
2
81
ًا،
وهذه المعالمة ليست من قبيل بيع النسان ما ليس عنده المحرم شرع
لن المصرف لم يبع تلك السلعة التي لم يملكها بعد وإنما تلقي أمرا
ً
بالشراء وعد تلبيته حينما يمتلك تلك السلعة ،كما أن هذه المعاملة ل
ً لها
تنطوي علي ربح مالم يضمن لن البنك بعد شرائه للسلعة أصبح مالكا
)( 1
يتحمل تبعة الهلك حتي تسليمها للعميل .
)( 2
ويري ابن قدامه أن هذا البيع جائز ل خلف في صحته وقد استقر
الرأي المعاصر علي جواز بيع المرابحة للمر بالشراء كما يدل علي ذلك
)( 3
قرار المؤتمر الثاني للمصرف السلمي بالكويت عام 1983وقرار
)( 4
المنعقد عام 1409هـ المجتمع الفقهي في منظمة المؤتمر السلمي
اللذان أجازا بيع المرابحة للمر بالشراء طالما تقع علي المصرف السلمي
مسئولية الهلك قبل التسليم وتبعة الرد بالعيب الخفي بعد التسليم.
وأخذت البنوك السلمية تعمل بهذه الصيغة حتى أصبحت تمثل أهم
القنوات الستثمارية فيها إذ تشكل نسبة %81عام 1984و %73عام
)( التحاد الدولي للبنوك السلمية ،الموسوعة العلمية ،والعملية للبنوك السلمية،
1
)( المصرف السلمي الدولي للستثمارات والتنمية ،دليل الفتاوى الشرعية في العمال
3
1409هـ.
-المصدر :مجلة البحوث الفقهية المعاصرة ،العدد الثاني ،السنة الولي ،محرم /صفر1410 ،هـ،
ص .176
82
)( 1
1989من استثمارات البنك السلمي الردني للتمويل والستثمار بينما
تبلغ تلك النسبة %82من إجمالي استثمارات بنك دبي السلمي في العام
)( 2
نفسه .
وغني عن البيان أن هذه الداة قادرة علي توفير التمويل -الذي هو من
أهم مقومات التنمية القتصادية -لفراد المجتمع وللحكومات المر الذي
تنعدم معه الحاجة إلي التمويل بالفائدة الذي وقف حجر عثرة في الوقت
الراهن أمام التنمية القتصادية العربية .إذ أنه بإمكان هذه الصيغة الشرعية
تمويل متطلبات التنمية كالدوات النتاجية اللزمة للزراعة والصناعة
ومداخلتها من المواد الخام ومستلزمات النتاج واستيعاب كافة الحتياجات
التنموية إذ أنها ليس لها حدود إل ما تقف عنده إمكانيات الممول المالية
فسواء كانت السلعة صغيرة أم كبيرة فبالمكان تمويلها بطريقة المرابحة
)( 3
للمر بالشراء .وهكذا تتضح الفائدة التي تعود عل المر بالشراء إذ أنها
تمكنه من الحصول علي السلعة التي يرغب في شرائها وقد ل يتوفر لديه
ً وهي بهذا أتاحت
رأس المال اللزم لتمويلها علي أن يسدد ثمنها أقساطا
الفرصة للمنتجين لسيما صغارهم -من امتلك اللت النتاجية التي تمكنها
من مزاولة نشاطهم القتصادي المر الذي يسهم في زيادة وتنمية القاعدة
)( البنك السلمي الردني ،تجربة البنك السلمي الردني للتمويل والستثمار ،إعداد
1
موسي شحادة بحث مقدم لندوة تجربة البنوك السلمية ،القاهرة ،1990 ،ص .11
)( بنك دبي السلمي ،تجربة بنك دبي السلمي ،بحث مقدم لندوة تجربة البنوك
2
83
النتاجية التي طالما أدي ضيقها إلي زيادة الستيراد وطلب التمويل
الخارجي لتمويل ذلك الستيراد ومن ثم الوقوع في التبعية القتصادية .في
الوقت الذي تمثل فيه هذه الصيغة بالنسبة للممول قناة استثمارية شرعية
ً عن
ً بعد إتمام عملية البيع وبعيدا
ً حلل
لتوظيف أمواله فيها تدر له عائدا
التعامل بالربا.
وقال الكاساني في بيان الستصناع "أن يقول إنسان لصانع من خفاف أو
ً أو آنية من أديم أو نحاس من عندك بثمن
صفار أو غيرهما أعمل لي خفا
)( 2
كذا ويبين نوع ما يعمل وقدره وصفته فيقول الصانع نعم" وقال أنه
)( 3
"عقد علي مبيع في الذمة شرط فيه العمل" .
()1د .شوقي دنيا ،الجعالة ،الستصناع تحليل فقهي واقتصادي ،مرجع سابق ،ص .28
-التحاد الدولي للبنوك السلمية ،الموسوعات العلمية والعملية للبنوك السلمية ،للجزء
الخامس ،المجلد الول ط ،1982 ،1ص ..379
)( المام علء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني ،بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ،ج ،5
2
84
يؤديان إلي هذه الصيغة ،كما استدلوا بالجماع العملي من لدن رسول ال
)( 1
صلي ال عليه وسلم علي ذلك بل نكير ،وفي الوقت الذي قررت فيه
)( 2
فتاوى المجامع الفقهية المعاصرة بجواز عقد الستصناع .
القعدة 1412هـ.
-مجلة البحوث الفقهية المعاصرة ،الرياض ،العدد ،14عام ،1413ص .197
85
حال السلم في الصناعات ،حتي أصبحت هذه الصيغة تكتسب أهمية كبيرة
في الوقت الراهن المر الذي يمكن معه القول أن صفقات الصناعات الكبرى
)( 1
في هذا العصر تتم عن طريق هذه الصيغة .
وهو العقد الذي يعجل فيه المبيع ويؤجل فيه الثمن كله أو بعضه
ً والمبيع
عكس عقد السلم السالف الذكر والذي يكون فيه الثمن حال
)( 2
ل وهو يعتبر احدي صيغ التمويل السلمي التي بإمكانها أن تسهم مع
ًمؤج
مثيلتها من الصيغ الخري في تمويل متطلبات التنمية القتصادية
ً وقد
والجتماعية .والبيع الجل قد يكون بالسعر الذي تباع به السلعة نقدا
ً ومن صوره "أن يقول صاحب السلعة للمشتري
يكون بسعر يفوق ثمنها نقدا
هذه السلعة ثمنها مائة إذا دفعت الثمن الن ومائه وعشرة إذا دفعته بعد سنة
)( 3
فيقول المشتري اشتريتها بمائه وعشرة إلي السنة" .وقد أجاز جمهور
)( 4
الفقهاء البيع لجل بثمن أعلي من الثمن الحال .وقد استقر الرأي الفقهي
)( 5
المعاصر علي جواز البيع لجل ولو زاد فيه الثمن المؤجل علي المعجل .
)( د .شوقي دنيا ،الجعالة والستصناع ،مرجع سابق ،ص .28 1
)( د .رفيق المصري ،بيع التقسيط تحليل فقي اقتصادي ،دار القلم ،دمشق ،ط ،1 2
،1990ص .7
)( د .الصديث الضرير ،أشكال وأساليب الستثمار في الفكر الغسلمي ،مجلة البنوك 3
الكثير من عبارات الفقهاء في جواز زيادة الثمن في البيع لجل ،انظر ص .43-41
86
السلمي للتنمية حيث بلغت نسبة التمويل بالبيع لجل نحو %33.4من
إجمالي التمويل المعتمد عام 1412هـ وهي تعتبر أكبر نسبة بالمقارنة مع
نسب أنواع التمويل الخرى ،ويتم التمويل بالبيع بالجل بأن يقوم البنك
بشراء اللت والمعدات ثم يعيد بيعها إلي المستفيد الذي يسدد الثمن علي
)( 1
أقساط .
المطلب الثاني
ترشيد النفاق الستهلكي وفق الضوابط السلمية
إذا كنا ناقشنا أهمية زيادة النتاج والصادرات فإن هذا وحده ل يكفي
لتحقيق التنمية القتصادية ومن ثم التخفيف من مشكلة الديون الخارجية
ما لم يرافق ذلك ترشيد في الستهلك سينتج عنه فائض في المداخرات
يمكن استثمارها في أوجه التنمية المشروعة التي تحقق المنفعة للفرد
والمجتمع علي السواء وتقل معها حاجة القتراض الخارجي.
)( أنظر قرار مجلس الفقه السلمي المنعقد فسي دورة مؤتمره السابع بجده في ذي 5
87
المحلية بين الدخار والستثمار .الوضع الذي بات يتطلب من الدول العربية
ترشيد النفاق الستهلكي ،خاصة لدي الفئات القادرة علي الدخار والتي
لوحظ أنها تتجه بصفة مستمرة لبحث عن أنماط الستهلك الراقي أو
)( 1
البذخي كما يطلق عليه البعض المر الذي يؤثر بشكل مباشر علي ميلها
للدخار.
)( د .عبد الرحمن يسري ،التنمية القتصادية والجتماعية في السلم ،الناشر مؤسسة 1
88
: وقوله ســبحانه وتعــالي.(31
.(141 :)النعام آية
صحح أحاديثه،2 ج، صحيح سنن النسائي،)( أبي عبد الرحمن أحمد شعيب النسائي 1
باب، كتاب الزكاة، الناشر مكتب التربية العربي لدول الخلي،محمد ناصر اللباني
.540 ص،،66 الختيال في الصدقة رقم
89
النفاق ل يقتصر علي الفراد وإنما يشمل الستهلك العام في حكومات هذه
)( 2
الدول التي تورط بعضها في مشروعات ما يسمي بمشروعات الهيبة التي
قد ل تتفق واحتياجاتها الفعلية ومواردها القتصادية ،بل أن العديد التي قد
ل تتفق واحتياجاتها الفعلية ومواردها القتصادية ،بل أن العديد من الدول
النامية تتفق في أشياء حرمها السلم كإنتاج الدخان أو إنتاج مسلسلت
)( 3
التلفزيون الهابطة المنافية للقيم السلمية في الوقت الذي ل يزالون
يعانون من نقص في إنتاج السلع الضرورية .متجاهلين أن ال سبحانه
وتعالي يسأل عن هذا النفاق وأساس ذلك قول رسول ال عليه الصلة
والسلم "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس منها ماله من
)( 4
أين اكتسب وفيما أنفقه" .
)( د .محمد الفنجري ،المذهب القتصادي السلم ،مرجع سابق ،ص .116 2
)( د .حسين شحاته ،الضوابط السلمية للنفاق والستهلك وأثرها علي ميزانية 3
البيت والدولة ،الناشر مجلة القتصاد السلمي ،إصدار بنك دبي السلمي ،عدد 74
محرم 1408هـ.
)( صحيح الترمذي بشرح المام ابن العربي المالكي ،الجزء التاسع ،دار الكتاب العربي، 4
90
91
المطلب الثالث
دور البنوك السلمية في علج التبعية
المالية في دول العجز
92
الفرع الول
دور البنوك السلمية في تعبئة المدخرات المحلية
)( اللجنة القتصادية والجتماعية لغربي آسيا ،تقييم الموارد المالية اللزمة 1
93
ًا
التقليدية )الكلسيك( بينما تري النظرية الكينزية أن ذلك ما هو إل ثمن
)( 1
للتضحية بالسيولة وعدم الكتناز .
وإذا كان علي الصعيد النظري يفترض أن تكون زيادة أسعار الفائدة
ً لدي الفراد علي الدخار في الجهاز المصرفي إل أن واقع المدخرات
حافزا
في الدول العربية لم تستجب ذلك .وذلك لسباب عديدة أبرزها السباب
)( 2
الدينية التي تمنع أفراد المسلمين من التعامل بالفائدة .وليس أدل علي
ضعف استجابة قرارات الدخار لسعار الفائدة في الدول العربية من أرقام
الجدول رقم ) (32الذي منها يتبين عجز الدخار المحلي عن تمويل
الستثمار في الدول العربية المبينة في الجدول المذكور .وعلي سبيل
المثال بلغت مساهمة الدخار المحلي في تمويل الستثمار نسبة %52في
المغرب ونسبة %47في مصر و %52في سوريا لعام .1984ناهيك عن
أن بعض الدول العربية كالسودان والردن والصومال واليمن الشمالي كان
ً حيث فاق النفاق الستهلكي إجمالي الناتج المحلي ومن
الدخار فيها سالبا
)( 3
ثم كانت النتيجة أن لجأت الدول العربية إلي الستدانة الخارجية .وفوق
هذا كله فإن هذه الوسيلة -سعر الفائدة -تتنافي مع الشريعة السلمية
الغراء لكونها هي الربا المحرم.
)( د .شوقي دنيا ،تمويل التنمية في القتصاد السلمي ،مرجع سابق ،ص .446 -445 1
-أحمد مجذوب ،السياسة النقدية في القتصاد السلمي ،رسالة ماجستير منشورة ،دار
اللواء ،الرياض ،ط ،1989 ،1ص .220
)( د .خليل محمد حسن الشماع ،المدخرات العربية -أنواعها ونوعية المدخرين 2
والعوامل المؤثرة علي حجمها وتطورها -اتحاد المصارف ،1987 ،ص .234 -211
)( التقرير القتصادي العربي الموحد ،لعام ،1986ص .30 3
94
وبفرض أن الفائدة حافز للدخار في البنوك التجارية الربوية فهل
باستطاعة البنوك السلمية جذب المدخرات المحلية دون استخدام هذه
الوسيلة التقليدية؟.
)( جامعة الدول العربية وجهات أخري ،التقرير القتصادي العربي الموحد لعام 1
،1986ص .245
95
52.0 44.3 سوريا
47.1 47.8 مصر
40.-عام 1983 22- الردن
52 51 المغرب
23- 38 السودان
2.9- 19 موريتاميا
69.0 46- اليمن الشمالي
9.4-عام 1982 - ًا(
)سابق
الصومال
)( المصرف السلمي الدولي للستثمار والتنمية ،دور المصارف السلمية في تعبئة 1
منجزاتها ودورها المستقبلي ،الناشر ،جامعة الدول العربية ،ضمن كتاب القتصاد
السلمي والتكامل التنموي في الوطن العربي ،1985 ،ص .113-12
96
ويمكننا أن نشير في هذا الصدد إلي تجربة مصرف قطر السلمي
الذي نجح في اجتذاب ما يزيد عن %12من إجمالي ودائع الجهاز المصرفي
القطري .وهي نسبة تدل علي تزايد الوعي المصرفي السلمي لدي
المواطنين وتعكس من جهة أخري قدرة المصرف علي استثمار هذه
)( 1
ً والقل مخاطرة .كما
المدخرات وفق الساليب السلمية الكثر ربحا
ً لما أشارت إليه الدراسة فقد تضاعفت ودائع المصرف السلمي
أنه وفقا
)( 2
ً خلل 1410 -1403هـ .
أكثر من 28ضعفا
)( مصرف قطر السلمي ،ورق عمل حول تجربة مصرف قطر السلمي ،بحث مقدم 1
)( د .إسماعيل شلبي ،مفاهيم وممارسات البنوك السلمية ،الناشر جامعة الدول 3
العربية ،بحث نشر في كتاب القتصاد السلمي والتكامل التنموي في الوطن العربي
،1985ص .125
97
كما لو أننا أخذنا تطور الودائع في المصرف السلمي الدولي
للستثمار والتنمية لتضح لنا وبصورة جلية ذلك النمو المتواصل في حجم
الودائع كما هو مبين في الرقام الموضحة أدناه:
ً أو عطاءا
ً يبدو أنه واضح للوهلة الولي أن تحريم التعامل بالفائدة أخذا
في المصارف السلمية والذي يعتبر حجر الزاوية فيها يساهم في رفع الحرج
عن المسلمين الذين أيقنوا أن أسلوب الفائدة التي تتعامل بها البنوك التجارية
هي الربا المحرم وأن إيداعهم لديها هي من باب مساعدتهم علي الثم والعدوان
الوضع الذي دفع المسلمين للتعامل مع المصارف السلمية حينما ظهرت إلي
حيز الوجود في الونة الخيرة.
والمر الثاني وهو يتعلق بكيفية توظيف واستثمار هذه الموال المودعة
حيث إن المصارف السلمية استحدثت القنوات الستثمارية المتنوعة التي
)( المصرف السلمي الدولي للستثمار والتنمية ،دور المصارف السلمية في تنمية 1
98
تتمشي مع الشريعة السلمية وتلبي رغبات العملء والمستثمرين من خلل
تحقيق الربح الحلل البديل عن الفائدة المحرمة ،ذلك كصيغ المضاربات
المتعددة النواع التي تطرحها دار المال السلمي -من أجل جذب ودائع أكبر
شريحة من العملء -والتي تتيح للمستثمر فرصة استثمار أمواله في المجالت
الشرعية وتسمح له في الوقت نفسه بحسب أمواله بموجب إخطار مسبق علي
)(1
تاريخ السحب بمدة أسبوع وفي بعض الصيغ يكتفي بمدة ثلثة أيام .وبالتالي
فهي علوة علي كونها تمثل فرصة استثمار للعميل فإنها تمكنه من استرداد
أمواله وتحويلها إلي سيولة نقدية فيما لو تعرض لضائقة مالية أو احتاج لها
فترة وجيزة قد ل تتجاوز أسبوع .ول ريب أن ذلك يحتم علي الدول العربية-
بعد أن أثبتت البنوك السلمية قدرتها في جذب وتعبئة المدخرات -زيادة عدد
البنوك السلمية وإنشاؤها في الدور التي مازالت تتردد في قبولها.
الفرع الثاني
دور البنوك السلمية في تمويل التنمية القتصادية
)( دار المال السلمي القابضة ،التقرير السنوي ،1990 ،ص .33 1
99
ول جدال في أن القدرة التي تتمتع بها البنوك السلمية في جذب
وحشد المدخرات تجعلها بل منازع من أبرز مصادر التمويل المحلي
ً في تمويل القطاعات
ً هاما
للتنمية القتصادية التي يمكن أن تعلب دورا
ً أمام توسع
النتاجية التي تشكل عجزها عن إشباع الطلب المحلي عائقا
التجارة العربية البينية ومن ثم لجوء الدول العربية إلي الستيراد من
العالم الخارجي لسد هذا العجز مما زاد من تبعيتها التجارية وأوقعها في
مصيدة الديون الخارجية.
)( البنك السلمي للتنمية ،التقرير السنوي العاشر1405 ،هـ1985 -1984 ،م ،ص 1
.34
10
0
)(1
إلي 99.8بليون دولر خلل الفترة . 1983 -1981أي بنسبة انخفاض
تقدر بنحو .%9
يضاف إلي ذلك أن أهمية تمويل البنوك السلمية تزداد أهمية إذا ما
علمنا عزوف البنوك التجارية العربية عن تمويل الستثمار طويل الجل
واقتصار دورها التمويلي في مجال الئتمان قصير الجل )التمويل التجاري(
)(2
.
)( مؤتمر المم المتحدة للتجارة والتنمية ،تمويل التجارة فيما بين الدول النامية، 1
ص .5
)( المؤسسة العربية لضمان الستثمار ،والجهاز المصرفي العربي ودوره وملمحه، 2
،1989ص .30
)( د .جمعة محمد عامر ،السياسة المصرفية الملئمة للتمويل بالمملكة العربية 3
السعودية ،بحث منشور في مجلة التعاون تصدرها المانة العامة لمجلس التعاون
الخليجي ،عدد ،15ديسمبر .46 ،1989
-بنك مصر ،الدارة العامة للتسويق والبحوث ،المصارف والتنمية القتصادية ،بحث
مقدم لندوة مؤتمر دور البنوك في التنمية في مصر ،1981 ،ص ،117-116النشار،
جامعة المنصورة،ضمن كتاب مؤتمر دور البنوك في التنمية في مصر.
10
1
التمويلي لم ينحصر في إطار التخصص الضيق في الئتمان قصير الجل
وإنما يمتد ليشمل المساهمة الفعلية في عملية التنمية القتصادية من خلل
توفيرها التمويل الطويل الجل خاصة التمويل الزراعي والصناعي.
10
2
2.7 33.3 36.5 مصر
12.9 16.7 36.1 موريتانيا
ونشير في هذا الصدد -علي سبيل المثال -إلي الدور التمويلي الهام
الذي يضطلع به بنك فيصل السلمي السوداني في خدمة القتصاد السوداني
وذلك من خلل مساهمته في تمويل القطاعات النتاجية كما يتضح من ذلك
الجدول رقم ) (34الذي يوضح مساهمات البنك التمويلية في قطاعات
القتصاد السوداني.
)( المصدر :البنك السلمي السوداني ،التقرير السنوي ،1987 /1407 ،ص .10 1
10
3
1407 1406 القطاع
10
4
ً عن دوره اليجابي في دعم التنمية الريفية في دولة
ناهيك أيضا
السودان المقر ،وذلك من خلل دخوله في مشاركات زراعية مع الفلحين.
)(2
نموذج التمويل الزراعي
مساهمة المزارع
-1الموال الثابتة: -1الرض والعمالة
-1تراكتورات -محادث
-2طلمبات الري. 2الدارة
)( المرجع السابق ،ص .16 1
-3أدوات رش المبيدات.
2مصاريف التشغيل: )( المرجع السابق ،ص .15 2
الوقود 10
5
البذور المحسنة
النتاج الزراعي
المبيدات الحشرية
ًا :الزكاة
ناقص
السماد
الربح بعد الخصم
نصيب البنك حسب إيرادات بيع
ًا:
ناقص 30%من صافي
التعاون في إدارة المشروع 30%للمزارع
الربح الصافي المزارع
نصيبللمزارع
مساهمته في رأس المحصولالتشغيل
مصاريف الربح
الفرع الثالث
دور البنوك السلمية في تمويل التبادل التجاري البيني
10
6
)(1
ًا
باستخدام معظمها في الشراء من الدول المانحة ,المر الذي ينعكس سلب
على حجم التجارة العربية البينية .ومن هذا يأتي دور البنوك السلمية في
تنشيط وتنمية التجارة العربية البينية من خلل توفيرها التمويل المرتبط
)(2
بالتجارة البينية .
ولنا فيما قدمه البنك السلمي للتنمية في هذا المجال مثال جيد حيث
إنه منذ عام 1977 / 1397بدأ عملياته في تمويل التجارة الخارجية والتي
ً بإصطلع تمويل تجارة الواردات بعد استحداث
أصطلح على تسميتها مؤخرا
)(3
برنامج التمويل الطول أجل في عام 1407هـ .
)(4
ً وبصورة جلية من الرقام المتاحة أن البنك
وكما يبدو واضحا
يسعى إلى تنمية العلقات التجارية بين الدول السلمية .كما يعكس ذلك
ارتفاع نصيب التجارة البينية البالغ نحو ) (%80من إجمالي التمويل
المعتمد لتجارة الواردات خلل الفترة 1410 – 1397هـ.
)( اللجنة القتصادية والجتماعية لغربي آسيا ,تقييم الموارد المالية اللزمة 1
)( البنك السلمي للتنمية ,التقرير السنوي ) ,(15مرجع سابق ,ص .122 4
10
7
بينما نجد أن البنوك السلمية الخرى لها دور في تنشيط العلقات
ً من مواردها في تمويل
التجارية بين الدول السلمية حيث وظفت قدرا
التجارة البينية وليس أدل على ذلك من محفظة البنوك السلمية البالغ
ًا
عدد المساهمين فيها من بنوك ومؤسسات مالية إسلمية نحو 24مساهم
)(1
حتى نهاية 1412هـ والتي من أبرز مميزاتها استخدام مواردها في تمويل
السلع المتبادلة بين الدول السلمية وتمويل التجارة الخارجية إذا كان
)(2
ذلك يخدم العملية التنموية في الدول السلمية .وهذا التوجه من قبل
البنوك السلمية من شأنه أن يسهم في خدمة اقتصاديات الدول السلمية
سواء من ناحية مواجهة متطلبات التنمية القتصادية أو مواجهة متطلبات
عمليات التجارة البينية أو الخارجية الوضع الذي يعزز التكامل القتصادي
السلمي ويقلل من الطلب على التمويل الجنبي.
:خلصة الفصل
)( البنك السلمي للتنمية ,التقرير السنوي 1412 ,هـ ,ص .111 1
)( البنك السلمي للتنمية ,التقرير السنوي الثاني عشر1407 ,هـ ,ص .94 2
10
8
نخلص مما سبق أن وسائل علج التبعية الغذائية تكمن في المعالجة
الشاملة للوضع القتصادي والجتماعي لسكان الريف باعتبارها حجر
الزاوية في التنمية الزراعية والتعجيل بعملية التنمية الريفية التي توفر
عوامل الجذب في الريف وتحد من هجرة السواعد النشطة الزراعية وزيادة
نسبة الستثمارات المخصصة للقطاع الزراعي في خطط التنمية العربية
وتوفير التمويل الزراعي وإعادة النظر في مؤسسات القراض الزراعي
والشروط التعسفية التي تضعها أمام المستفيد )المزارع( كصعوبة
الضمانات وتعقيد الجراءات وارتفاع سعر الفائدة وهذا الخير ما يتنافى
والشريعة السلمية والعمل على تطوير أساليب إقراضها بما يتفق
والشريعة كاستخدام نظام المرابحة والتأجير والمزارعة والسلم.
10
9
والتي تحقق السعر القتصادي للمزارع الذي طالما أعاق نموه السياسات
السعرية العربية.
بينما يتضح أن وسائل علج التبعية المالية في دور العجز يكمن في
وقت القتراض بالفائدة الربوية – إذ أن تلك الفائدة محرمة في الشريعة
السلمية ,فضل عن أنها أسفرت عن خلق اقتصاد مثقل بالديون – والخذ
بنظام التمويل السلمي بصيغة المتعددة كصيغة التمويل بالمشاركة في
الربح والخسارة والمضاربة أو صيغ البيوع مثل المرابحة للمر بالشراء
والستصناع والبيع الجل والسلم .كما أن وسائل علج التبعية المالية
تتطلب ترشيد الستهلك وفق الضوابط السلمية وبشكل ينتج عنه فائض
في المدخرات يمكن توجيهها في أوجه التنمية القتصادية مما تقل مع
الحاجة إلى القتراض الخارجي ,كما تناول الفصل دور البنوك السلمية
في حل مشكلة الديون الخارجية من خلل دورها في تعبئة المدخرات
المحلية وتوجيهها نحو تمويل التنمية القتصادية ودورها في تمويل التبادل
التجاري البيني.
11
0
11
1