You are on page 1of 79

‫الفصل الثالث‬

‫وسائل خاصة في علج التبعية القتصادية‬

‫وتنظيم الدراسة في هذا الفصل في المباحث التالية‪:‬‬

‫المبحث الول‪ :‬وسائل علج التبعية الغذائية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬وسائل علج التبعية المالية في دول العجز‪.‬‬


‫مقدمة‪:‬‬

‫بعد دراسة الفجوة الغذائية المتفاقمة والسباب الرئيسية لتدهور‬


‫القطاع الزراعي وعجزه عن تلبية متطلبات الدول العربية من الغذاء فإنه‬
‫يجدر بنا‪ -‬بعد أن ناقشنا الوسائل العامة التي يمكن أن تسهم بشكل فعال في‬
‫تضييق هذه الفجوة وتحد بالتالي من التبعية الغذائية للعالم الخارجي‪ -‬أن‬
‫ً وسائل العلج الخاصة والتي من شأنها زيادة القدرة‬
‫نستعرض أيضا‬
‫النتاجية الغذائية في الدول العربية ويحقق لها المزيد من الستقلل‬
‫القتصادي والغذائي‪ .‬ولبد من الشارة في هذا المجال إلي أن المعالجة‬

‫‪34‬‬
‫الجذرية لمشكلة التبعية الغذائية ل يمكن أن يقدر لها النجاح ما لم تسع‬
‫هذه الدول جاهدة إلي التغلب علي المشاكل والعقبات التي وقفت أمام‬
‫التنمية الزراعية والعربية والتي سبق إيضاحها بشيء من التفصيل‪ .‬ومن هذا‬
‫المنطلق فإن هذا المبحث سيركز علي وسائل العلج الخاصة بالتبعية‬
‫الغذائية وهي علي النحو التالي‪:‬‬

‫المطلب الول‪ :‬التنمية الريفية المتكاملة‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬زيادة معدل الستثمار الزراعي وتوفير التمويل‬


‫الزراعي‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬عقد السلم الشرعي والتمويل الزراعي‪.‬‬

‫المطلب الرابع‪ :‬ترشيد السياسة السعرية وتحسين الكفاءة‬


‫التسويقية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫المطلب الول‬
‫عملية التنمية الريفية المتكاملة‬

‫أشرفنا فيما سبق إلي أن من أسباب تدهور النتاج الغذائي في الدول‬


‫العربية إهمال التنمية الريفية والهجرة نحو المناطق الحضارية بسبب‬
‫ً بالمجتمع الحضري‬
‫التخلف الكبير الذي يعاني منه الريف العربي قياسا‬
‫والتفاوت الواضح في مستويات الدخول والمعيشة والخدمات العامة‪ ،‬المر‬
‫الذي أدي في النهاية إلي اختلل التوازن الجتماعي وتسبب في نزوح القوي‬

‫‪36‬‬
‫العاملة إلي المدن والمناطق الحضرية مقابل نقص تلك القوي في الرياف‬
‫الزراعية‪ ،‬ول ريب أن معالجة الوضع الغذائي العربي وزيادة النتاج‬
‫الزراعي‪ -‬الذي يعتبر هو الحل الفعلي لمشكلة الغذاء في العالم العربي‪ -‬ل‬
‫يمكن أن تتم بمعزل عن المعالجة الشاملة للوضع القتصادي والجتماعي‬
‫لسكان الريف باعتبار أن النسان هو حجر الزاوية في تحقيق أي تطور‬
‫مستهدف إذ بدون تنمية ذلك النسان وتوفير احتياجاته الساسية ل ينتظر‬
‫)‪( 1‬‬
‫ً في العملية التنموية ومن هنا تبرز أهمية‬
‫ً فعال‬
‫منه أن يكون عنصرا‬
‫التنمية الريفية المتكاملة في الدولة العربية‪.‬‬

‫والتنمية الريفية ما هي إل جزء من التنمية القتصادية والجتماعية‬


‫ويقصد بها تحسين مستوى معيشة سكان الريف بما يسمح لهم في المستقبل‬
‫)‪( 2‬‬
‫من رفه مستويات المعيشية بمجهوداتهم الذاتية ويمكننا في هذا الصدد أن‬
‫)‪( 3‬‬
‫نجمل أهداف التنمية الريفية في النقاط التية ‪:‬‬

‫)( التحاد العام للغرف التجارية العراقية‪ ,‬المن الغذائي العربي ضروراته وامكانات‬
‫‪1‬‬

‫تحقيقه‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.350‬‬

‫)( د‪ .‬محمد محمود عبد الرؤوف‪ ،‬التنمية الريفية في جمهورية الصومال‬ ‫‪2‬‬

‫الديمقراطية‪ ،‬الناشر المعهد العربي للتخطيط في كتاب ندوة التنمية الريفية في‬
‫بعض القطار العربية‪ ،1978 ،‬ص ‪.142‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬محمد سلطان أبو علي‪ ،‬بعض جوانب خبرات الصندوق الكويتي في مجال التنمية‬
‫ًا‪ ،‬الناشر‪ ،‬المعهد العربي للتخطيط‪ ،‬في كتاب ندوة‬
‫الريفية بالدول العربية القل نمو‬
‫التنمية الريفية في بعض القطار العربية‪ ،1978 ،‬ص ‪.47‬‬
‫)( د‪ .‬محمد محمود عبد الرؤوف‪ ،‬التنمية الريفية في جمهورية الصومال‬ ‫‪3‬‬

‫الديمقراطية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬

‫‪37‬‬
‫ً من‬
‫زيادة النتاج الغذائي بما يضمن مستوي مناسبا‬ ‫‪-1‬‬
‫ً يمكن تبادله في السوق المحلية‪.‬‬
‫التغذية لسكان الريف وفائضا‬

‫العمل علي زيادة دخول سكان الري بهدف بقائهم في‬ ‫‪-2‬‬
‫الريف الزراعي وذلك من خلل رفع إنتاجيتهم بالتطوير‬
‫المستمر التكنيك المستخدم في العملية النتاجية ومن خلل‬
‫تحقيق نسب تبادل عادلة ومتكافئة بين المنتجات الزراعية التي‬
‫ينتجها اللزراعية وبالذات الصناعية‪.‬‬

‫جـ‪ -‬الحد من هجرة الريفيين‪ -‬وخاصة السواعد النشطة الشابة‪ -‬إلي‬


‫خارجه للبحث عن فرص عمل‪.‬‬

‫يضاف إلي ذلك هناك أهداف أخري طويلة الجل للتنمية الريفية‬
‫تتمثل في إدخال تغيرات جذرية في الهياكل النتاجية والفن النتاجي‬
‫المستخدم والخدمات النتاجية والمؤسسات الجتماعية والقتصادية العاملة‬
‫والريف بحيث تؤدي تلك التغيرات إلي تحويل فقراء الفلحين من معدمين‬
‫)‪( 1‬‬
‫إلي منتجين ‪.‬‬

‫ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن كثير من الدول النامية اتبعت‬


‫عدة مداخل لمعالجة المشاكل التي تواجه التنمية الريفية ومن تلك‬
‫)‪( 2‬‬
‫المداخل ما يلي ‪.‬‬

‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.144‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( د‪ .‬سعد نصار‪ ،‬بعض القضايا الساسية في تخطيط التنمية الريفية‪ ،‬الناشر‪ ،‬المعهد‬ ‫‪2‬‬

‫العربي للتخطيط‪ ،‬ضمن كتبا ندوة التنمية الريفية في بعض القطار العربية‪،‬‬
‫‪ ،1978‬ص ‪.30 -29‬‬

‫‪38‬‬
‫‪ -1‬مدخل الحد الدنى لجهود التنمية )مدخل الحزمة الدنيا(‬
‫ويهدف هذا المدخل إلي تقديم الحد الدنى من الخدمات‬
‫والفنون النتاجية في القطاع الزراعي أي أنه يهدف إلي توفير‬
‫الحد الدنى لتحسين مستوي المعيشة من خلل زيادة النتاج‬
‫الزراعي‪.‬‬

‫‪ -2‬المدخل الثاني وهو المدخل الوظيفي وفي هذا المدخل‬


‫يتم التركيز علي بعض المشروعات التي يستفيد من عوائدها‬
‫مختلف فئات سكان الريف مثل مشروعات الشغال العامة‬
‫والقراض الزراعي لصغار المزراعين أو مشروعات النقل‬
‫والمواصلت والصحة والمياه لخدمة فقراء الريف‪.‬‬

‫‪ -3‬المدخل الثالث وهو مدخل التنمية الريفية المتكاملة وفي‬


‫هذا المدخل يتم التركيز علي الجوانب التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬توفير عوامل الجذب في الريف للحد من ظاهرة النزيف البشري‬


‫وذلك من خلل الخدمات الصحية والتعليمية والتنمية السكنية إذ‬
‫من الواضح أن تقريب مستويات المعيشة بين الريف والمدينة ل‬
‫يقتصر علي مجرد تقريب مستويات الدخول بينهما وإنما يشتمل‬
‫علي عوامل الجذب كالخدمة التعليمية والصحية وغيرها‪.‬‬

‫‪ -2‬أن تواجه التنمية الريفية إلي غالبية سكان الريف ولمقابلة‬

‫‪ -‬د‪ .‬محمد محمود عبد الرؤوف‪ ،‬التنمية الريفية في جمهورية الصومال الديمقراطية‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬

‫‪39‬‬
‫احتياجاتهم الساسية‪.‬‬

‫إتاحة الفرصة لسكان الريف في المشاركة في عملية التنمية‬ ‫‪-5‬‬


‫الريفية وتهيئة الظروف القتصادية والسياسية والجتماعية‬
‫لحداث هذه التنمية‪.‬‬

‫ورغم أن هذا المدخل يعتبر أكثر تكلفة من المداخل السابقة إل أن‬


‫ً لخدمة فقراء‬
‫تجارب الكثير من الدول أثبتت أن أفضل المشاريع تصميما‬
‫ً للمدخلين السابقين ل تعطي أكثر من ‪ %50‬من عائدها‬
‫الريف وفقا‬
‫للفقراء ومن ثم فإن المدخل سوف يتضمن توصيل الفائدة والخدمة‬
‫)‪( 1‬‬
‫لمستحقيها ‪.‬‬

‫وتزداد أهمية التنمية الريفية المتكاملة في الدول العربية نظرا‬


‫ً‬
‫للمكانة التي يمثلها القتصاد الريفي في القتصاد العربي كما يتضح ذلك‬
‫من الحقائق التالية‪:‬‬
‫)‪( 2‬‬
‫أن نسبة ‪ %46‬من إجمالي السكان يعيشون في الرياف بل أه ترتفع‬ ‫‪.1‬‬

‫تلك النسبة إلي ما فوق ذلك في العديد من الدول العربية وهذا يعني‬
‫ً من القوي العاملة‪.‬‬
‫ً كبيرا‬
‫أن الريف العربي يستوعب جزءا‬

‫أن نسبة ‪ %38‬من القوي العاملة العربية يشتغلون في القطاع‬ ‫‪.2‬‬

‫)( المرجع السابق‪ ،‬نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ً علي الحصاءات الورادة في جدول‬


‫‪ () 2‬تم استخراج تلك النسب من قبل الباحث بناءا‬
‫نسبة سكان المدن في الدول العربية في التقرير القتصادي العربي الموحد لعام‬
‫‪.1990‬‬

‫‪40‬‬
‫الزراعي‪ .‬وتتجاوز تلك النسبة في بعض الدول العربية ‪ %60‬كما في‬
‫الصومال والسودان واليمن وحوالي ‪ %50‬في موريتانيا عام‬
‫)‪( 1‬‬
‫‪. 1990‬‬

‫وهذا يعني أن القطاع يعتبر مصدر رزق لكثير من العمالة العربية‬


‫فبلغ الناتج الزراعي العربي عام ‪ 1989‬نحو ‪ 45‬مليار دولر وهو ما يمثل‬
‫بنسبة ‪ %12.3‬من الناتج المحلي الجمالي مع ملحظة أن الهمية النسبية‬
‫للقطاع الزراعي في اقتصاديات الدول العربية تختلف من دولة لخرى إذ‬
‫أنه في حين تمثل مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الجمالي‬
‫)‪( 2‬‬
‫للكويت وقطر ‪ %1‬فإنها تبلغ في الصومال ‪. %68‬‬

‫ومن ذلك كله تبرز أهمية ومكانة القتصاد الريفي في الدول العربية‬
‫ً وتدهورا‬
‫ً‬ ‫ً وجمودا‬
‫ورغم تلك الهمية فإنه يعتبر من أكثر القطاعات تخلفا‬
‫في النتاجية والدخل ومستوي المعيشة‪ .‬وهذه الظاهرة تبرز عادة في حالة‬
‫الفقر المدقع التي يرزخ تحتها غالبية سكان الريف المحرومين نتيجة‬
‫)‪( 3‬‬
‫انخفاض مستوي المعيشة المقترب من مستوي الكفاف أو ما دون ذلك ‪.‬‬

‫وعليه فإن التنمية الريفية تعتبر أحد الحلول الكفيلة بحل المشاكل‬
‫التي تواجه قطاع الزراعة والعاملين فيه حيث تتعدي مهمتها إلي تنمية‬
‫المجتمع الريفي وبالذات الزراعيين منهم الذين يعتبرون أهم عنصر في‬

‫)( التقرير القتصادي العربي الموحد لعام ‪ ،1992‬ص ‪ ،53‬ص ‪.236‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( التقرير القتصادي العربي الموحد لعام ‪ ،1990‬ص ‪.57‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( د‪ .‬عبد الوهاب حميد رشيد‪ ،‬العجز الغذائي ومهمة النماء العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،1985‬ص ‪.40‬‬

‫‪41‬‬
‫عملية التنمية الزراعية‪.‬‬

‫ول ريب أن نجاح التنمية الريفية المتكاملة سيؤدي‪ -‬بالضافة إلي‬


‫زيادة النتاج الغذائي‪ -‬إلي خلق آثار إيجابية لصالح كافة قطاعات القتصاد‬
‫)‪( 1‬‬
‫والتي منها ما يلي ‪.‬‬
‫‪ .1‬توسيع السوق المحلية‪:‬‬

‫حيث إن التنمية الريفية تزيد من القوة الشرائية لسكان الريف المر‬


‫الذي يؤدي إلي زيادة المطلب علي السلع الصناعية ويوسع من حجم‬
‫سوقها‪ .‬كما أن التنمية الريفية ل يقتصر أثرها علي زيادة الطلب‬
‫علي السلع الصناعية وإنما يمتد أثرها إلي زيادة الطلب علي‬
‫المداخلت التي تشكل منتجات صناعية مثل السمدة والمعدات واللت‬
‫الزراعية وغيرها‪.‬‬
‫‪ .2‬توفير النقد الجنبي‪:‬‬

‫من الواضح أن تدهور النتاج الزراعي في الدول العربية تطلب منها‬


‫المزيد من المستوردات الغذائية التي أدت بدورها إلي تجمد التنمية‬
‫القتصادية الصناعية في هذه الدول نتيجة استيراد الغذاء بالعملت الجنبية‬
‫التي كان بالمكان تخصيصها لمستوردات السلع الرأسمالية اللزمة للتنمية‬
‫الصناعية بينما في حالة نجاح التنمية الريفية المتكاملة فإن الزراعة تسهم‬
‫في توفير النقد الجنبي من خلل توفير السلع الغذائية والمواد الولية‬
‫الداخلية في الصناعة المحلية‪ ،‬المر الذي يحد من استيراد هذه السلع‬

‫)( المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.82 -79‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪42‬‬
‫ويزيد من منتجات الصناعة المحلية هذا من جانب ومن جانب أخر فإن‬
‫نجاح الزراعة في تغذية القطاعات الخرى بالغذاء اللزم سيحمي النقد‬
‫الجنبي من الستنزاف في المستوردات الغذائية‪.‬‬
‫‪ .5‬خلق التشابك‪:‬‬

‫إذ أنه من السهامات البارزة للزراعة في إطار التنمية الريفية خلق‬


‫آثار تداخلية في اتجاهين الول منها خلق الروابط المامية التي‬
‫تظهر حينما يؤدي إنتاج المواد الولية إلي تشجيع وإقامة الصناعات‬
‫التحويلية المعتمدة علي ذلك النتاج مثل القطن وصناعة النسيج‪،‬‬
‫والثاني خلق الروابط الخلفية التي تظهر حينما تؤدي إقامة صناعة‬
‫معينة إلي تحفيز النتاج الولي الذي يستخدم في مداخلتها مثل‬
‫مصنع النسيج كحافز لتشجيع إنتاج القطن‪.‬‬

‫ومن هذا المنطلق فإن الدول العربية مدعوة إلي تعجيل عملية التنمية‬
‫الريفية المتكاملة التي من خللها يتحقق توازن نسبي بين التنمية الصناعية‬
‫والتنمية الزراعية دون تحيز أو تمييز بين المناطق الحضرية والمناطق‬
‫ً تحسين مستوي معيشة سكان الريف‬
‫الريفية والتي من شأنها أيضا‬
‫الزراعيين وتوفير الخدمات والحتياجات الساسية التي تجعل النسان‬
‫الريفي يتمسك بأرضه الزراعية عدم هجرها إلي المدينة مهما كانت قوي‬
‫الجذب فيها‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫زيادة معدل الستثمار الزراعي وتوفير التمويل الزراعي‬

‫يقصد بمعدل الستثمار الزراعي نسبة ما يستثمر في القطاع الزراعي‬


‫ً من معدل الستثمار في‬
‫من إجمالي الدخل القومي وهو يعتبر جزءا‬
‫)‪( 1‬‬
‫ً لعملية‬
‫ً رئيسيا‬
‫القتصاد القومي ‪ .‬وتعتبر الستثمارات الزراعية محددا‬
‫التنمية الزراعية حيث يتم من خللها تجديد البنية والمرافق الزراعية‬
‫وإضافة موارد أرضية وطاقات إنتاجية وتحديث الفنون النتاجية ورفع‬
‫)‪( 2‬‬
‫الكفاءة النتاجية ‪ ،‬إل أنه رغم ذلك نجد أن الستثمارات المخصصة للقطاع‬
‫)‪( 3‬‬
‫الزراعي في خطط التنمية القتصادية العربية لم تتجاوز نسبة ‪ %9‬من‬

‫)( د‪ .‬سالم التجفي‪ ،‬التنمية القتصادية الزراعية‪ ،‬جامعة الموصل‪ ،1984 ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( د‪ .‬محمود الطنطاوي الباز‪ ،‬أزمة التنمية الزراعية في مصر‪ ،‬مجلة مصر‬ ‫‪2‬‬

‫المعاصرة‪ ،‬العددان ‪ ،414 ،413‬عام ‪ ،1988‬ص ‪.121‬‬


‫)( انظر المبحث الثاني‪ ،‬أسباب التنمية الغذائية في الباب الول‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪44‬‬
‫إجمالي الستثمارات الكلية باعتبار أن تلك الدول تنظر لهذا القطاع علي أنه‬
‫قطاع تقليدي يمكن للمزارع التغلب علي حل مشاكله بمفرده‪.‬‬

‫ولعله مما يثير الدهشة أنه في الوقت الذي أعطي فيه القطاع أهمية‬
‫ثانوية في خطط التنمية العربية فإن الحقائق السابقة تؤكد أهمية القطاع‬
‫الزراعي في البنيان القتصادي للعديد من الدول العربية وتعكس في الوقت‬
‫نفسه الهمال الذي لقاه هذا القطاع من جانب الدول العربية نفسها‪.‬‬

‫ً من المخاطر القتصادية‬
‫وإذا ما تذكرنا ما أشرنا إليه سابقا‬
‫والسياسية التي تكتنف الغذاء من العالم الخارجي وإمكانية ممارسة‬
‫السياسية الحتكارية من قبل الدول المصدرة للغذاء وما ينطوي عليه من‬
‫مخاطر تتعلق بالمن القومي العربي لدركنا أهمية زيادة الستثمارات‬
‫المخصصة القطاع الزراعي في دعم الستقرار السياسي وفي تحقيق‬
‫الستقلل القتصادي العربي لسيما وأن نسبة الستثمار الزراعي الحالية‬
‫غير متكافئة لمواجهة الصعوبات التي تواجه التنمية الزراعية العربية‪،‬‬
‫الوضع الذي يحتم علي تلك الدول زيادة الستثمارات الموجهة نحو هذا‬
‫القطاع بما يتناسب مع مكانة الزراعة وأهميتها في القتصاد العربي‬
‫واحتياجات تنميتها الرأسية والفقية‪.‬‬

‫كما أنه أضاف إلي أهمية زيادة الستثمار الزراعي فإن ضرورة توفير‬
‫التمويل ل تقل أهمية في المجال باعتبار التمويل من أهم مقومات التنمية‬
‫الزراعية‪.‬‬

‫وبالنظر إلي الوضع التمويل الزراعي في معظم الدول العربية فإنه‬

‫‪45‬‬
‫يتضح أنه يتصف بالكثير من السلبيات التي حدث من استفادة المزارع‬
‫ً علي الوضع الغذائي المحلي والقليمي ومن أهمها‪:‬‬
‫وانعكست بالتالي سلبيا‬

‫‪ -1‬الصعوبات التي يواجهها المزارع في سبيل الحصول علي القروض‬


‫الزراعية وذلك بسبب الضمانات التعسفية بل والجائرة‪ -‬في حق المزارع‬
‫العربي‪ -‬التي تشترطها مؤسسات الئتمان الزراعي كالضمانات العقارية‬
‫وغيرها من الشروط غير الموضوعية المر الذي منع الكثير من الفلحين‬
‫لسيما صغارهم الذين ل يملكون تلك الضمانات من الستفادة من تلك‬
‫*)‪(1‬‬
‫التسهيلت الئتمانية ‪.‬‬

‫‪ -2‬ارتفاع سعر الفائدة علي القروض الزراعية حيث أن سعر الفائدة‬


‫)‪( 2‬‬
‫يصل في بعض الدول العربية إلي نحو ‪ . %18‬وعلي الرغم من أن تلك‬
‫الفائدة تدخل في نطاق الربا المحرم فإنه في نفس الوقت تشير إلي أن هذه‬
‫الدول أغفلت الهدف الرئيسي من الئتمان الزراعي وهو تشجيع وزيادة‬
‫النتاج وأخذت تتطلع إلي تحقيق أرباح عالية من خلل إقراض المزارعين‬
‫الذين هم يعانون من البؤس والعوز والفقر‪.‬‬

‫‪ -3‬يضاف إلي ذلك أن معظم مؤسسات الئتمان الزراعي تعاني من‬


‫محدودية السيولة النقدية لديها واقتصار نشاطها التمويلي علي القروض‬
‫)‪( 3‬‬
‫ً ما تعطي في غير موعدها المحدد ‪.‬‬
‫القصيرة الجل والتي غالبا‬

‫)( راجع الفصل الثاني من الباب الول‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ،‬الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫مرجع سابق‪.106 ،‬‬


‫)( د‪ .‬سالم النجفي‪ ،‬التنمية القتصادية الزراعية‪ ،‬مجرع سابق‪ ،‬ص ‪.232‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪46‬‬
‫وبالتالي فإن تلك السلبيات تقتضي إعادة النظر في مؤسسات الئتمان‬
‫الزراعي بحيث تصبح أداة للسراع في التنمية الزراعية العربية‪ ،‬ومن هذا‬
‫المنطلق فإننا نسوق تلك المقترحات التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬تيسير الضمانات المطلوبة‪:‬‬

‫رغم أهمية توفير تلك الضمانات في عملية السداد القرض الحسن إل‬
‫أنه ل ينبغي المغالة في شروطها كما هو الحال في الضمانات العقارية‬
‫وغيرها من الشروط غير الموضوعية‪ ,‬ويقترح في هذه الضمانات أن تكون‬
‫ً من تعدد تلك الضمانات فإذا كان‬
‫قيمتها متساوية مع قيمة القرض بدل‬
‫ًا‬
‫المشروع بموقعه يعادل قيمة القرض أو يزيد عنه فإنه يمكن اعتباره ضمان‬
‫)‪( 1‬‬
‫للقرض إذ أن ثمة مزارعين ل يتوفر لديهم أي ضمانات سواها في حين أن‬
‫المغالة في توفير الضمانات يؤدي إلى تثبيط هم المنتجين‪ .‬كما أنه يمكن‬
‫أن يفيد في هذا الخصوص قبول الكفالت الشخصية والمدعمة بكمبيالت‬
‫)‪( 2‬‬
‫بقيمة القرض موقعة من الكفلء والمدين في أن واحد ‪.‬‬
‫‪ -2‬سرعة إنهاء إجراءات القروض الزراعية‪:‬‬

‫فمن الواضح أن بعض بنوك الئتمان الزراعي تتطلب عدة شروط‬


‫وإجراءات قبل إعطاء القروض كدراسة الجدوى القتصادية والفنية‬
‫للمشروع وشهادة توضح الضمانات المطلوبة للقروض مثل المباني‬

‫)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ,‬الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.106‬‬


‫)( التحاد القليمي للئتمان الزراعي في الشرق الوسط الدني وشمال أفريقيا‪,‬‬ ‫‪2‬‬

‫ضمانات القروض وتأثيرها على تسليف صغار المزارعين في دول إقليم الشرق الدنى‬
‫وشمال أفريقيا‪ ,‬ورقة عمل مقدمة للندوة القومية للتمويل والئتمان الزراعي في‬
‫الوطن العربي‪ ,‬الناشر المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ,1989 ,‬ص ‪.166‬‬

‫‪47‬‬
‫والراضي الزراعية والخلو من الضرائب والديون وخريطة للموقع وغير‬
‫ذلك من الوراق المطلوبة ثم بعد ذلك يبدأ البنك بدراسة هذه الطلبات‬
‫للموافقة على القرض وهذا يستغرق وقت طويل قد يصل في بعض الدول‬
‫إلى الفترة شهور وعلى هذا فإنه ينبغي اختصار تلك الجراءات والمدة‬
‫)‪( 1‬‬
‫المتعلقة بالحصول على القروض ‪.‬‬
‫‪ -3‬زيادة قيمة القروض الممنوحة ودفعها علي فترات متقاربة‪:‬‬

‫حيث قد تبين أن تلك القروض غير كافية لمتطلبات المشروع‬


‫الزراعي حيث إن بعض القروض الزراعية في بعض الدول العربية ل تغطي‬
‫)‪( 2‬‬
‫أكثر من ‪ %30‬من تكاليف النتاج المر الذي يتطلب زيادة حجم تلك‬
‫القروض وتقديمها على فترات متقاربة وفق احتياجات مراحل المشروع‪.‬‬
‫‪ -4‬تطوير أساليب القراض بما يتفق والشريعة السلمية‪:‬‬

‫إذ أنه يلحظ أن أجهزة الئتمان الزراعي العربي تتعامل بالفائدة في‬
‫أنشطتها التمويلية والواجب على هذه الدول المسلمة أن تقلع عن ممارسة‬
‫الربا المحرم في معاملتها المصرفية بما في ذلك بنوك تنميتها الزراعية‬
‫ً بقوله تعالي‪) :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وذروا ما بقي من الربا أن‬
‫عمل‬
‫كنتم مؤمنين( )البقرة آية‪.(67 :‬‬

‫لسيما وأن في ظل هذه الشريعة السمحة بامكان بنوك التنمية‬


‫الزراعية مزاولة نشاطها التمويلي من خلل استخدام الصيغ السلمية‬

‫)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ,‬الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.105‬‬


‫)(المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ,‬الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية‪,‬‬ ‫‪2‬‬

‫مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.20‬‬

‫‪48‬‬
‫ً من نظام الفائدة المحرمة حيث‬
‫المعروف كاستخدام نظام المرابحة بدل‬
‫يقوم البنك في هذه الحالة بشراء مستلزمات النتاج كالسمدة والبذور‬
‫وغيرها ثم يعيد بيعها للمزارع على أن يسدد قيمتها في نهاية الموسم‬
‫وكاستخدام نظام التأجير المنتهي بالتمليك لللت والمعدات الزراعية‬
‫والجرارات والحصادات وأجهزة الري وغيرها من اللت الزراعية نظير أجر‬
‫سنوى مع تسديد جزء من قيمة العين المؤجرة حتى يتم تسديد القيمة‬
‫)‪( 1‬‬
‫كاملة ومن ثم تنتقل الملكية إلى المستفيد ‪.‬‬
‫)‪( 2‬‬
‫وكالتمويل بطريق المزارعة والسلم أو عن طريق القروض الحسنة‬
‫لسيما أن هناك مجال متسع لقيام الحكومات بعد الفراد بما يحتاجونه من‬
‫)‪( 3‬‬
‫قروض بشرط خلوها من الفائدة ‪.‬‬

‫ً يطرح نفسه‬
‫والن بعد أن تطرقنا إلى التمويل المحلي فإن هناك سؤال‬
‫عن دور الفوائض العربية )الصناديق العربية القطرية والجماعية( في‬
‫التنمية الزراعية باعتبار أن تلك الصناديق من مصادر التمويل الهامة‬
‫والمتميزة للدول العربية المستفيدة‪.‬‬

‫من الواضح للعيان أن الدول العربية ذات الفوائض الكبيرة والتي يفوق‬
‫حجمها طاقتها الستيعابية قد أنشأت صناديق للتنمية القتصادية بغرض‬

‫)( البنك السلمي للتنمية‪ ,‬جهود البنك السلمي للتنمية في مجال تمويل القطاع‬ ‫‪1‬‬

‫الزراعي‪ ,‬ورقة عمل مقدمة للندوة القومية للتمويل والئتمان الزراعي في الوطن‬
‫العربي‪ ,1986 ,‬الناشر المنظمة العربية ضمن مجموعة أوراق الندوة‪ ,‬ص ‪.150‬‬
‫)( سيأتي إيضاح ذلك في المطلب الثاني‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( د‪ .‬شوقي دنيا‪ ,‬تمويل التنمية في القتصاد السلمي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.183‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪49‬‬
‫مساعدة الدول العربية والدول النامية الخرى في تمويل مشاريعها‬
‫النمائية وساهمت في العديد من المؤسسات القليمية والدولية كصندوق‬
‫النقد الدولي والبنك الدولي‪.‬‬

‫وذلك مما ساهم بشكل واضح في سد جزء ملموس من الفجوة‬


‫التمويلية للمشاريع العربية بوجه عام والمشاريع الزراعية بوجه خاص إل‬
‫أن ذلك ل ينفي أن مساهمات هذه الصناديق تبقي محدودة مقارنة باحتياجات‬
‫)‪( 1‬‬
‫التنمية الزراعية العربية ‪.‬‬

‫وبالتالي فإن تطوير وأهمية دور هذه القروض والمنح العربية يتوقف‬
‫)‪( 2‬‬
‫إلى حد كبير على ترشيد إنفاقها وتحديد الولويات في استخدامها كما‬
‫يتوقف على مدى أحساس الدول ذات الفائض بأهمية هذا العمل على‬
‫المستوى العربي والسلمي‪.‬‬

‫ويمكننا في هذا الصدد التعرف على مساهمات هذه الصناديق التمويلية‬


‫ودور كل منها في التنمية الزراعية من خلل الجدول رقم )‪ (30‬الذي‬
‫تعكس أرقامة تعاظم الدور الذي تضطلع به المؤسسات التمويلية القطرية‬
‫حيث ساهمت تلك الصناديق القطرية بنحو ‪ %60‬من قيمة القروض‬
‫الزراعية العربية‪ .‬يعود الجزء الكبر منها إلى الصندوق الكويتي‬
‫والصندوق السعودي اللذان بلغت مساهمتها نحو ‪ %25‬و ‪ %24.5‬على‬

‫)( الصندوق العربي للنماء القتصادي والجتماعي‪ ,‬إنجازات مؤسسات التنمية‬ ‫‪1‬‬

‫العربية في مجال التمويل الزراعي في الوطن العربي‪ ,‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.53‬‬
‫)( المرجع السابق‪ ,‬ص ‪.61‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪50‬‬
‫التوالي في حيث اتصفت مساهمة بقية الصناديق القطرية بالضآلة النسبية‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بدور مؤسسات التمويل القليمية فقد بلغت مساهمتها‬
‫نحو ‪ %39.7‬من إجمالي القروض الزراعية‪ ,‬يرجع الجزء الكبر منها‬
‫الحصة الصندوق العربي للنماء القتصادي والجتماعي حيث بلغت حصته‬
‫نحو ‪ %21‬وذلك مما يعكس تدني مساهمة البنك السلمي للتنمية‬
‫وصندوق الوبك في التنمية الزراعية العربية حيث بلغت مساهمتها على‬
‫التوالي ‪ %13‬و ‪. %5‬‬

‫جدول رقم ) ‪( 30‬‬


‫المساهمات التمويلية لمؤسسات‬
‫)‪( 1‬‬
‫التنمية العربية في التنمية الزراعية )مليون دولر(‬
‫القروض‬
‫‪%‬‬ ‫الزراعية حتي‬ ‫المؤسسة‬
‫عام ‪1988‬‬
‫‪13.4‬‬ ‫‪651.48‬‬ ‫البنك السلمي للتنمية‬
‫‪3‬‬ ‫‪128.14‬‬ ‫صندوق أبو ظبي للنماء‬
‫‪5.3‬‬ ‫‪243.8‬‬ ‫صندوق الوبك‬
‫‪24.5‬‬ ‫‪1123.35‬‬ ‫الصندوق السعودي‬
‫‪7‬‬ ‫‪320.7‬‬ ‫الصندوق العراقي‬
‫‪21‬‬ ‫‪1005.12‬‬ ‫الصندوق العربي للنماء‬

‫)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ,‬الخرطوم‪ ,‬الكتاب السنوي للحصاءات‬ ‫‪1‬‬

‫الزراعية‪ ,‬المجلد رقم ‪ ,11‬ديسمبر ‪ ,1991‬جدول رقم ‪ ,159‬ص ‪.167‬‬

‫‪51‬‬
‫القتصادي‬
‫‪25‬‬ ‫‪1145.79‬‬
‫الصندوق الكويتي‬
‫‪100‬‬ ‫‪4582.38‬‬ ‫الجملة‬

‫أما بالنسبة للدول العربية المستفيدة فقد حصلت المغرب على نحو‬
‫ربع القروض الزراعية الممنوحة )‪ (%25‬يليها تونس حيث بلغ نصيبها من‬
‫القروض الزراعية نحو ‪ %15.3‬وعلى ذلك فإن المغرب وتونس قد حصل‬
‫على أكثر من ثلث )‪ (%40‬القروض الزراعية المقدمة من مؤسسات‬
‫التمويل العربية‪ ,‬ثم يأتي بعد ذلك السودان والجزائر حيث بلغ نصيبهما‬
‫مجتمعين ‪ %17.5‬من إجمالي القروض الزراعية‪ ,‬في حين أن باقي الدول‬
‫العربية )‪ (15‬دولة قد حصلت مجتمعة على نحو ‪ %40‬من إجمالي‬
‫القروض الزراعية العربية وهو ما يعادل نصيب المغرب وتونس‪ .‬كما‬
‫يتضح ذلك من الجدول رقم )‪.(31‬‬

‫‪52‬‬
‫جدول رقم ) ‪( 31‬‬
‫القروض الزراعية المقدمة من مؤسسات التنمية‬
‫العربية‬
‫)‪( 1‬‬
‫)مليون‬ ‫والنصيب النسبي لكل دولة حتي نهاية عام ‪1989‬‬
‫دولر(‬
‫قروض الزراعة والثروة‬
‫)‪(%‬‬ ‫الدولة‬
‫الحيوانية‬
‫‪6.2‬‬ ‫‪184.71‬‬ ‫الردن‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫المارات‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫البحرين‬
‫‪15.3‬‬ ‫‪458.59‬‬ ‫تونس‬
‫‪8.3‬‬ ‫‪247.78‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪0.3‬‬ ‫‪8.90‬‬ ‫جيبوتي‬
‫‪9.2‬‬ ‫‪275.13‬‬ ‫السودان‬

‫)( الصندوق العربي للنماء القتصادي والجتماعي‪ ،‬الكويت‪ ،‬العمليات التمويلية‬ ‫‪1‬‬

‫خلصة تجمعية كما في ‪ ،31/12/1989‬ص ‪.38‬‬

‫‪53‬‬
‫‪3.9‬‬ ‫‪116.18‬‬ ‫سوريا‬
‫‪6.1‬‬ ‫‪181.96‬‬ ‫الصومال‬
‫‪6.9‬‬ ‫‪207.38‬‬ ‫العراق‬
‫‪0.6‬‬ ‫‪17.22‬‬ ‫عمان‬
‫‪0.3‬‬ ‫‪9.84‬‬ ‫فلسطين‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫لبنان‬
‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ليبيا‬
‫‪4.2‬‬ ‫‪125.30‬‬ ‫مصر‬
‫‪25.6‬‬ ‫‪766.1‬‬ ‫المغرب‬
‫‪3.8‬‬ ‫‪114.81‬‬ ‫موريتانيا‬
‫‪3.6‬‬ ‫‪108.5‬‬ ‫اليمن الجنوبي‬
‫‪5.7‬‬ ‫‪169.03‬‬ ‫اليمن الشمالي‬
‫‪100%‬‬ ‫‪2991.43‬‬ ‫الجمالي‬

‫ويتضح من ذلك أن المغرب وتونس استأثرت بالنصيب الكبر من‬


‫تمويل مؤسسات التنمية العربية في القطاع الزراعي ويعني ذلك أن تلك‬
‫المؤسسات التمويلية راعت التنمية في تلك الدولتين على حساب التنمية في‬
‫معظم الدول العربية وهذا ما يعكس أن العون النمائي العربي بشكل عام ل‬
‫يعتمد على معايير وخطط محددة بقدر ما يعتمد على مدى العلقة بين‬
‫)‪( 1‬‬
‫الجهة المانحة والجهة المتلقية وهذا ما يحد من فعاليته‪.‬‬

‫)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ,‬الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.44‬‬

‫‪54‬‬
55
‫المطلب الثالث‬
‫السلم الشرعي والتمويل الزراعي‬

‫تعتبر أبواب الفقه السلمي غنية بصيغ التمويل السلمي البديلة عن‬
‫التمويل الربوي والتي يمكن استخدامها في النشطة القتصادية المتنوعة‪.‬‬
‫ويمثل السلم إحدى هذه الصيغ التي بإمكانها أن تلبي حاجات الزارع أو‬
‫الصانع التمويلية على أساس شرعي وتجنبه في الوقت نفسه تكاليف‬
‫القتراض بالفائدة كما في حالة المصارف التقليدية‪.‬‬

‫ً في عرض موصوف‬
‫ً حاضرا‬
‫وقد عرفه ابن قدامة بقوله "أن يسلم عوضا‬
‫)‪( 2‬‬ ‫)‪( 1‬‬
‫في الذمة إلى أجل" وهو جائز بالكتاب والسنة والجماع فدليله في‬
‫الكتاب قوله تعالي‪) :‬يأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى‬
‫فاكتبوه()البقرة آية‪ .(182 :‬وقال ابن عباس‪" :‬أشهد لن السلف المضمون‬

‫)( أبن قدامة‪ ,‬المغني‪ ,‬ج ‪ ,4‬تحقيق محمد محيسن‪ ,‬شعبان إسماعيل‪ ,‬دار إحياء التراث‬ ‫‪1‬‬

‫العربي‪ ,‬بيروت‪ ,‬ص ‪.304‬‬


‫)( المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪56‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫إلى أجل مسمى قد أحله ال في كتابه" ثم تلي هذه الية‪.‬‬

‫وتوجد في السنة أحاديث كثيرة تدل على مشروعية السلم منها قوله‬
‫عليه الصلة والسلم ‪" :‬من أسلف في شيء ففي كيل معلوم ووزن معلوم‬
‫)‪( 2‬‬
‫إلى أجل معلوم" ‪.‬‬
‫)‪( 3‬‬
‫وأجمع أهل العلم على أن السلم جائز وفق ما أورده ابن المنذر ‪.‬‬

‫ً لحاجة المحتاجين وفي ذلك يقول ابن قدامه‪" :‬لن‬


‫وقد شرع وفقا‬
‫أرباب الزروع والثمار والتجارة يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها‬
‫وقد تعوزهم النفقة فجوز لهم السلم ليرتفقوا وبرتفق المسلم )صاحب مال‬
‫)‪( 4‬‬
‫السلم" ‪.‬‬

‫وكما أسلفنا القول فإن الصعوبات التي تواجه المزارع العربي في‬
‫سبيل الحصول على التعديل الزراعي تسببت – من بين عوائق أخرى‪ -‬في‬
‫إعاقة النتاج الزراعي العربي وضعفه مما جعل الدول العربية تلجأ إلى‬
‫الستيراد من العالم الخارجي‪ ,‬ومن هنا تبرز الهمية القتصادية للسلم‬
‫وهذا ما نحن بصدد مناقشته‪.‬‬

‫التحليل القتصادي للسلمك‬

‫)( المرجع نفسه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المام البخاري‪ ,‬صحيح البخاري‪ ,‬كتاب السلم‪ ,‬باب السلم في وزن معلوم‪ ,‬حديث‬ ‫‪2‬‬

‫رقم ‪ ,2240‬الجزء ‪ ,2‬ص ‪.659‬‬


‫)( ابن قدامه‪ ,‬المغني‪ ,‬ج ‪ ,4‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.304‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( المرجع نفسه‪ ,‬ص ‪.305‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪57‬‬
‫ونعني بذلك التحليل تلك المنافع التي يمكن أن يحدثها السلم نظرا‬
‫ً‬
‫لما ينطوي عليه من إمكانات اقتصادية وتمويلية توظيفها في خدمة التنمية‬
‫القتصادية العربية ومنها ما يلي‪:‬‬

‫ً عن مواطن الربا‪ :‬وهذا مما يخفف‬


‫‪ -1‬توفير التمويل الشرعي بعيدا‬
‫العبء عن كاهل الحكومات العربية في تدبير هذا التمويل وفي الوقت نفسه‬
‫يسهم في تنمية النتاج الغذائي العربي – باعتباره ساهم في ازالة أهم عقبة‬
‫ً على المن‬
‫نموه وهي نقص التمويل الزراعي – الوضع الذي ينعكس إيجابيا‬
‫الغذائي العربي ويحمي الدولة من مخاطر استيراد الغذاء والتبعية الغذائية‪.‬‬

‫‪ -2‬ترشيد تكاليف النتاج‪ :‬وهذا ما يقتضيه بيع السلم الذي يكون فيه‬
‫ً قبل النتاج وإذا ما تذكرنا أن الربح ببساطة يتمثل‬
‫ثمن البيع معروف سلفا‬
‫في الفرق بين سعر البيع والتكاليف لدركنا أنه ليس أمام المسلم إليه بديل‬
‫سوى ترشيد التكاليف بما ينطوي عليه من حسن استخدام الموارد وتقليل‬
‫)‪( 1‬‬
‫الفاقد والتالف ‪.‬‬

‫‪ -3‬قدرة بالسلم علي استقطاب وإدخال فئات جديدة من المزارعين‬


‫المحتجين عن المشاركة في التنمية الزراعية ممن ل يملكون المال اللزم‬
‫لقيام مشروعاتهم الزراعية أو الذين كانوا يحجمون عن طلب التمويل من‬
‫ً علي أن‬
‫البنوك التقليدية مؤثرين علي أنفسهم أن تبقي أراضيهم بورا‬
‫يكونوا مقترضين بربا‪ -‬إلي مجال النتاج الزراعي ليمارسوا عقيدتهم في‬

‫)( محمد عبدالحليم عمر‪ ,‬الطار الشرعي والقتصادي والمحاسبي لبيع السلم‪,‬‬ ‫‪1‬‬

‫الناشر‪ ,‬البنك السلمي للتنمية‪ ,‬جدة‪ ,1992 ,‬ص ‪.73‬‬

‫‪58‬‬
‫المجال الزراعي‪ .‬وهذا ما أثبتته التجارب المعاصرة من امتناع سكان الريف‬
‫في مصر عن التمويل الربوي من بنوك التنمية الزراعية المنتشرة في‬
‫ً إسلمية في هذه الرياف إل أنه‬
‫الرياف رغم أن هذه البنوك أنشأتها فروعا‬
‫)‪( 1‬‬
‫ً من مصرف ربوي ‪.‬‬
‫مازال الفلحون يرفضون التعامل باعتبارها جزءا‬

‫ً للتمويل الربوي‬
‫‪ -4‬تقليل آثار التضخم‪ :‬التمويل بالسلم خلفا‬
‫يساعد علي استبعاد إمكانية التضخم في السعار لنه ل يضيف إلي رأس‬
‫المال التكلفة التي تضيفها الفائدة الوضع الذي يسهم في تخفيض السعار بل‬
‫وتثبيتها للراغبين في شرائها في غير موسمها أو أثناء انخفاض أسعارها‪.‬‬
‫من ناحية أخري فإن التمويل بسلم له دوره في تقليل آثار التضخم التي‬
‫تلحق بالقوة الشرائية للقرض لنه كما هو ملحظ تحت وطأة التضخم‬
‫ً في القتصاديات المعاصرة فإن القوة الشرائية للقرض تنخفض‬
‫حالي‬
‫ا‬ ‫السائد‬
‫)‪(2‬‬
‫ً المقرض ‪،‬مما جعل‬
‫بين فترة تقديمه واسترداده مما يتضرر معه حقا‬
‫البعض ينادي بضرورة الرابط القياسي لقرض بالسعار القياسية للسلع‬
‫والخدمات‪ ،‬غير أن إمكانية هذا الربط من الناحية الشرعية تظل محل شك‬
‫)‪(3‬‬
‫وريبة بربا النسيئة إذ أن الفقهاء يرون عدم جواز ذلك باعتبار أن ذلك‬
‫الربط يضمن عائد علي القرض وهذا يدخل فيربا النسيئة وذلك مما يعني‬

‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر قرار مجلس مجمع الفقه السلمي في دوره مؤتمر الخامس بالكويت ‪1409‬‬ ‫‪3‬‬

‫بشأن تغير العملة ‪ ،‬نشر هذا القرار في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة‪ ،‬الرياض‪،‬‬
‫العدد الثاني‪ ،‬السنة الولي ‪ ،‬محرم ‪ ،‬صفر‪1410 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.177‬‬

‫‪59‬‬
‫أنه ليس أمام أرباب الموال سوي ولوج باب الستثمار لحمايتهم من‬
‫)‪(1‬‬
‫التضخم ‪ .‬وهذا ما يحقق في حالة التمويل بالسلم حيث أن المسلم‬
‫)الممول( يحصل‪ -‬مقابل قرضه‪ -‬علي السلع التي ترتفع أسعارها في ظل‬
‫التضخم‪.‬‬

‫‪ -5‬ضمان السوق‪ :‬الذي تؤمن فيه صيغة السلم التمويل للمنتج فأنها في‬
‫ً لمنتجاته‪ ،‬وهذا يعتبر‬
‫ً ومسبقا‬
‫ً معروفا‬
‫ً مستقرا‬
‫الوقت نفسه تؤمن له طلبا‬
‫من حسنات التمويل بالسلم ل يوجد ما يماثلها في التمويل الربوي وذلك‬
‫باعتبار أن النشاط التمويلي في السلم كما هو الحال في الستصناع يعتمد‬
‫علي طلب السلع التي ينتجها المسلم إليه وهذا مما يريح المنتج من تكاليف‬
‫)‪( 2‬‬
‫التسويق ويعمل علي استقرار التشغيل والعمالة لديه ‪ .‬بينما يستفيد‬
‫ً مضمون النتاج ولهذا أطلق عليه‬ ‫ِل‬
‫ْم )الممول( من هذه العملية عرضا‬‫ْس‬
‫ُم‬
‫ال‬
‫ِل‬
‫)‪( 3‬‬
‫ْم إليه‪.‬‬‫ْس‬
‫ُم‬
‫ً لحاجة ال‬
‫بعض الفقهاء بيع المحاويح نظرا‬

‫كما أنه مما يزيد من الهمية القتصادية للسام إمكانية تعدد المجالت‬
‫القتصادية لتطبيقه إذ أنه بالمكان تطبيقه في تمويل التجارة الخارجية‬
‫وتنمية الصناعات المحلية وذلك من خلل شراء المسلم )وهو البنك‬
‫ً وإعادة‬
‫السلمي في هذه الحال( النتاج من المنتجين أو من الدولة سلما‬

‫)( د‪ .‬محمد عمر شابرا‪ ،‬نحو نظام نقدي عادل‪ ،‬المعهد العالمي للفكر السلمي‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫أمريكا‪ ،‬ط ‪1408 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪.61 -58‬‬


‫)( د‪ .‬شوقي دنيا‪ ،‬الجعالة والستصناع تحليل فقهي واقتصادي‪ ،‬الناشر البنك السلمي‬ ‫‪2‬‬

‫للتنمية‪ ،‬جدة ‪.1991 / 1990‬‬


‫)(د‪ .‬أبي عبد ال محمد بن أحمد النصاري القرطبي‪ ،‬الجامع لحكام القرآن‪ ،‬جـ ‪،3‬‬ ‫‪3‬‬

‫دار الكتاب العربي للطباعة والنشر ‪ ،‬ط ‪1387 ،3‬هـ‪ ،‬ص ‪.379‬‬

‫‪60‬‬
‫ً أو اعتباره رأس مال سلم مقابل سلع‬
‫ً بأسعار مجزية إما نقدا‬
‫تسويقه عالميا‬
‫)‪( 1‬‬
‫صناعية ‪ ،‬وقد يبرز دوره في التنمية الصناعية حينما يدفع الممول )البنك‬
‫السلمي( رأس مال السلم في معدات وأل ت إنتاجية إلي المنتجين )المسلم‬
‫إليهم( مقابل حصول علي سلع صناعية منهم والتي ستزيد أسعارها في حالة‬
‫)‪( 2‬‬
‫تصديرها وذلك خلف فيما لو صدرت بشكلها الولي ‪.‬‬

‫المطلب الرابع‬
‫ترشيد السياسة السعرية‬
‫وتحسين الكفاءة التسويقية‬

‫تبين مما سبق أن السياسة السعرية في معظم الدول العربية قد أخفقت‬


‫في تحقيق أهدافها المرجوة منها سواء من حيث تنمية زراعية تزيد من‬
‫النتاج الغذائي الذي يعتبر نقصائه جوهر المشكلة الغذائية في الوطن‬
‫العربي أو من حيث تحقيق استقرار دخول المزراعين الذين يعتبرون رأس‬
‫الحربة في هذا القطاع والسبب الرئيسي في إخفاقها يرجع إلي أن تلك‬
‫السياسات السعرية تحيزت لصالح قطاعات الستهلك علي حساب قطاعات‬
‫النتاج كما تحيزت لصالح قطاعات النتاج الصناعي علي حساب قطاعات‬

‫)(د‪.‬محمد عبدالحليم عمر‪ ,‬الطار الشرعي والقتصادي والمحاسبي لبيع السلم‪،‬مرجع‬ ‫‪1‬‬

‫سابق‪ ،‬ص ‪.66‬‬


‫)(المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪61‬‬
‫النتاج الزراعي‪.‬‬

‫أو بمعني أخر أن تلك السياسات راعت جانب المستهلكين في المدن علي‬
‫حساب المنتجين في الرياف‪ .‬وبهذا فرضت أسعار جبرية مخفضة علي‬
‫الكثير علي المحاصيل الغذائية وبشكل ل يتناسب والتكلفة النتاجية لها‬
‫وذلك بهدف حماية المستهلك من حدة التضخم من أسعار تلك المحاصيل‪،‬‬
‫الوضع الذي أضعف الحافز النتاجي لدي المنتجين‪ ،‬وشوه مناخ الستثمار‬
‫)‪( 1‬‬
‫الزراعي بشكل عام ‪ .‬بل وتسبب في وجود انحرافات في التركيب‬
‫ل‬
‫ً‬ ‫المحصولي من خلل التحول عن زراعة المحاصيل التقليدية كالقمح مث‬
‫إلي زراعة المحاصيل غير التقليدية الكثر ربحية كالخضار والفواكه‪.‬‬

‫وهذا ما أشار إليه البنك الدولي وبصورة صريحة بقوله "ولعل أشد ما‬
‫يبعث علي الدهشة كون العالم النامي هو الذي يجور بصفة عامة عل‬
‫ً في الناتج الجمالي‬
‫ً كبيرا‬
‫فلحيه علي الرغم من أنهم يمثلون نصيبا‬
‫)‪( 2‬‬
‫وحصيلة الصادرات" ‪.‬‬

‫وذلك علي خلف ما تعمل به الدول المتقدمة المصدرة للغذاء التي‬


‫عمدت لدعم منتجاتها حيث يكشف التاريخ أن تلك الدول التي خرجت من‬
‫الحرب العالمية الثانية وهي من أكبر الدول استيراد للغذاء استطاعت في‬
‫الوقت الحالي أن تمثل مركز الصدارة في إنتاج وتصدير المحاصيل‬
‫الغذائية وذلك بفعل الدعم المالي الكبير الذي يحصل عليه المنتج الوروبي‬
‫والمريكي والسعار المشجعة لمنتجاته واستخدامه للساليب التكنولوجية‬

‫)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ،‬الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫الخرطوم ديسمبر‪ ،1988 ،‬ص ‪.75‬‬


‫)( البنك الدولي‪ ،‬تقرير التنمية في العالم‪ ،‬عام ‪ ،1986‬ص ‪.13‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪62‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫الحديثة في زراعته وتوفير الحماية له من المنتجات الجنبية المنافسة ‪.‬‬
‫في الوقت الذي تعمل فيه معظم السياسات الزراعية العربية علي كبح‬
‫)‪( 2‬‬
‫ً أمام نموه ‪.‬‬
‫المنتج الزراعي حتى أصبحت تلك السياسات عائقا‬

‫وإذا كانت العتبارات الجتماعية هي المبرر الرئيسي للنظام السعر‪-‬‬


‫أو علي الكثير من المحاصيل الغذائية الستراتيجية بهدف تخفيف العبء عن‬
‫كاهل المستهلكين خاصة أصحاب الدخول المحدودة أو الثابتة‪ ،‬ورغم نبل‬
‫ًا‬
‫الهدف حيث أن المستهلك خاصة من تلك الفئة المحدودة الدخل وهم غالب‬
‫ما يشكلون السواد العظم من السكان قد ل يقدرون علي دفع السعر الذي‬
‫يطلبه المنتج أو المتاجر في حالة ارتفاعه‪ ،‬فإن تلك العتبارات )السعار(‬
‫الجتماعية قد أضرت بالزراعة والمزارعين‪ -‬النتاج والمنتجين‪ -‬الوضع‬
‫الذي يتطلب من راسمي السياسة السعرية ضرورة الفصل بين السعر‬
‫القتصادي الذي يحدد التكلفة القتصادية للسلعة والسعر الجتماعي‬
‫)‪( 3‬‬
‫المنخفض والذي يعتبر غير كاف لتغطية تكاليف النتاج الثابتة‬
‫والمتغيرة‪ .‬وفي الحالت التي تري فيها الدولة ضرورة توفير سلع معينة‬

‫)( د‪ .‬عبد الصاحب‪ ،‬أزمة التنمية الزراعية العربية ومأزق الزمن الغذائي‪ ،‬المستقبل‬ ‫‪1‬‬

‫العربي‪ ،11/1988 ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ص ‪.115‬‬


‫)( انظر أسباب التبعية الغذائية في الفصل الثاني نمن الباب الول‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( د‪ .‬فوزي حليم رزق‪ ،‬الختللت السعرية للسلع الغذائية التموينية ووسائل‬ ‫‪3‬‬

‫معالجتها‪ ،‬الجمعية المصرية القتصاد السياسي والحصاء‪ ،‬مصر المعاصرة ‪ ،‬يوليو‬


‫وأكتوبر ‪ ،1988‬العددان ‪ 413‬و ‪ ،414‬ص ‪.235‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سهير محمود معتوق‪ ،‬ظاهرة التضخم الركودي بين التأصيل النظري والوقاع‬
‫العلمي‪ ،‬مع اشارة خاصة إلي جمهورية مصر العربية‪ ،‬مصر المعاصرة‪ ،‬يوليو اكتوبر‬
‫‪ ،1988‬العددان ‪ ،414 ،413‬ص ‪.208‬‬

‫‪63‬‬
‫وبأسعار مخفضة لصالح المستهلكين فبإمكانها شراء تلك السلع من‬
‫المنتجين بالسعر القتصادي‪ ،‬وتوفير للمستهلكين بالسعر الجتماعي علي أن‬
‫)‪( 1‬‬
‫تتحمل خزانة الدولة الفرق بين السعرين القتصادي والجتماعي ‪ .‬وفي‬
‫حالة تطبيق هذا القتراح سيحصل المنتج علي عائد مجزي يشجعه علي‬
‫إنتاج السلع الغذائية التي يتطلبها المن الغذائي العربي‪ .‬ولعله من الهمية‬
‫بمكان نشير إلي أن الخذ بهذا القتراح يضمن عدم حدوث تحول في الهيكل‬
‫المحصولي وهذا ما تعاني منه بعض الدول العربية التي عزف الكثير من‬
‫منتجيها عن زراعة المحاصيل القل أهمية للقتصاد القومي‪ ،‬كما هو الحال‬
‫في التوسع في زراعة البرسيم في مصر علي حساب زراعة المحاصيل‬
‫الغذائية الستراتيجية‪ ،‬وذلك مما جعل بعض القتصاديين ينادون بضرورة‬
‫)‪( 2‬‬
‫ً من سياسة التسعير الجزئية التي‬
‫وضع سياسة تسعيرية شاملة بدل‬
‫ً لقوي السوق المر‬
‫حددت أسعار معينة وتركت السعار الخرى تحدد وفقا‬
‫الذي أوجد الختللت السعرية وهذا ما تؤكده الشواهد إذا إن قيمة تبن‬
‫القمح في احدي الدول العربية فاقت قيمة النتاج الرئيسي حبوب القمح‬
‫)‪( 3‬‬
‫ً قيمة طعام النسان كالحبوب والخبز ‪.‬‬
‫وقيمة أعلف الحيوانات فاقت أيضا‬
‫إل أنه مما يجدر التنويه إليه أن هذه الختللت السعرية ل تعزي إلي عدم‬
‫تطبيق السياسة السعرية الشاملة بقدر ما تعزي إلي السعار الجبرية‬

‫)( المرجع السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( د‪ .‬فوزي حليم رزق‪ ،‬الختللت السعرية للسلع الغذائية التموينية ووسائل‬ ‫‪2‬‬

‫معالجتها‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.234‬‬


‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.227‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪64‬‬
‫المنخفضة التي لم يرافقها تعويض المنتج بما يحقق له السعر القتصادي‬
‫لسلعته‪ .‬وبالتالي فإنه متي ما توفر للمنتج السعر القتصادي لنتاجه فإن‬
‫المشكلة العزوف ستنتهي‪ .‬إضافة إلي ذلك فإن الخذ بالنظام الكلي للسعار‪-‬‬
‫السياسة الشعرية الشاملة‪ -‬يعني استبعاد قوي السوق )العرض والطلب( في‬
‫تحديد السعر وهذا تعارض مع المنطق القتصادي حيث إن سعر السوق‬
‫يعتبر أفضل السعار متي ما توفرت المنافسة‪.‬‬

‫مع ملحظة أنه ل يغيب عن البال أن قوي السوق قد تتجاهل السعر‬


‫التي تحرص الدولة العربية علي توفيرها بأسعار رخيصة لجماهير عريضة‬
‫ً وذلك‬
‫ً مرغوبا‬
‫من السكان وذلك مما يجعل تدخل الدولة في هذه الحالة أمرا‬
‫من خلل تقديم دعم للمستهلك أو للمنتج حتى تنخفض التكلفة فينخفض‬
‫سعر السوق‪.‬‬

‫كما يعتبر التسويق الزراعي من العوامل التي تساعد علي نجاح‬


‫ً وأن عملية التسويق هذه تتم‬
‫التنمية الزراعية وتعظم من دخلها خصوصا‬
‫)‪( 1‬‬
‫عملية النتاج ‪ .‬وكما أشرنا من قبل فإن أجهزة التسويق الزراعي في‬
‫العديد من الدول العربية تتصف بالقصور الشديد وتبرز مظاهر ذلك‬
‫التقصير في عدة أوجه أهمها عدم قدرة هذه الجهزة علي نقل رغبات‬
‫المستهلكين إلي القطاع النتاجي وبالتالي ضعف الصلة بين قطاعات النتاج‬

‫)( د‪ .‬يوسف حلباوي‪ ،‬د‪ .‬عبد خرابشة‪ ،‬نحو مفهوم أفضل للتنمية الحديثة‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪1‬‬

‫الرسالة‪ ،‬بيروت‪ ،‬ط ‪ ،1989 ،1‬ص ‪.191‬‬

‫‪65‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫والستهلك وارتفاع تكلفة الخدمات التي تؤديها ‪ ،‬المر الذي يجعل‬
‫المزارعين لسيما صغارهم غير قادرين علي تحمل تكاليف الباهظة لنقل‬
‫النتاج وتخزينه وتوزيعه في أماكن استهلك التي تضمن لهم أسعار‬
‫مجزية لنتاجهم وبالتالي يضطرون إلي بيعه في أقرب سوق إليهم مما‬
‫ً بسبب كثرة الوسطاء الذين‬
‫ً جدا‬
‫يجعل نصيبهم من السعر النهائي ضعيفا‬
‫)‪( 2‬‬
‫يداولون السلعة الزراعية حتي تصل إلي المستهلك النهائي ‪ .‬وبهذا تكون‬
‫النتيجة ارتفاع الهوامش التسويقية لصالح الوسطاء مقابل تدني نصيب‬
‫ً علي قطاع النتاج‬
‫المزارع من السعر النهائي للسلعة المر الذي ينعكس سلبا‬
‫الزراعي ‪ .‬حيث أكدت الدراسات أن الهوامش الربحية التي يحصل عليها‬
‫الوسطاء في مصر لسلعة اللحوم الحمراء تتراوح ما بين ‪ %60 -50‬من‬
‫)‪( 3‬‬
‫سعر المستهلك ‪ ،‬بينما تقدر الهوامش التسويقية )الربحية( التي يحصل‬
‫عليها الوسطاء في الكويت والمارات مابين ‪ %76 -70‬من سعر البيع‬
‫)‪( 4‬‬
‫للمستهلك ‪ .‬في حين يحصل المنتج الزراعي علي نسبة متدنية وغير عادلة‪،‬‬
‫وذلك بسبب استغلل طبقة الوسطاء المر الذي ألحق خسائر متلحقة في‬

‫)( المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ،‬برامج المن الغذائي العربي الجزء الول‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫استراتيجية المن الغذائي‪ ،‬مرجع سابق‪.35 -34 ،‬‬


‫)( المانة العامة لتحاد الغرف العربية الخليجية‪ ،‬واقع وآفاق التنمية الزراعية في‬ ‫‪2‬‬

‫الدول العربية الخليجية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.71‬‬


‫)( المانة العامة لتحاد الغرف العربية‪ ،‬أزمة المن الغذائي في الوطن العربي‪ ،‬الناشر‬ ‫‪3‬‬

‫مجلة أوراق اقتصادية‪ ،‬يناير‪ ،1990 ،‬ص ‪.52‬‬


‫)( المانة العامة لتحاد الغرف العربية الخليجية‪ ،‬واقع وآفاق التنمية الزراعية في‬ ‫‪4‬‬

‫الدول العربية الخليجية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.97‬‬

‫‪66‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫المشروعات الزراعية في بعض الدول العربية ‪ .‬ومن هنا تبرز الحاجة إلي‬
‫ً وفي‬
‫ً مجزيا‬
‫توفير الجهزة ذات الكفاءة العالية التي تحقق للمنتج عائدا‬
‫نفس الوقت تضمن توصيل السلعة إلي المستهلك النهائي في الوقت الناسب‬
‫ً لدخله‪.‬‬
‫أيضا‬

‫وبالنظر إلي متطلبات التسويق الزراعي والتي منها إجراء البحوث‬


‫)‪( 2‬‬
‫والعرض المستقبلي لها والخدمات التسويقية مثل نقل النتاج من مناطق‬
‫إلي مناطق الستهلك وحفظه ليصل إلي المستهلك في صور صحية وسليمة‬
‫ً لنتاجه ويقلل‬
‫ً مجزيا‬
‫وفي الوقت المناسب الذي يحقق للمزارع عائدا‬
‫بالتالي من الهوامش التسويقية فإنه يبدو للوهلة الولي عجز قدرة المزارع‬
‫بمفردة عن القيام بهذه المهمة علي الوجه المطلوب إذا ما بقيت قدرات‬
‫المزارعين مبعثرة‪ ،‬المر الذي يتطلب إنشاء شركات متخصصة في التسويق‬
‫الزراعي لتضطلع بمهمة تسويق المنتجات الزراعية في السواق المحلية‬
‫والقليمية للدول العربية‪.‬‬

‫ومما يجدر ذكره في هذا الصدد أن المانة العامة لتحاد الغرف‬


‫العربية الخليجية بالتعاون مع جهات أخري قد تبنت الدعوة لنشاء شركة‬
‫)‪( 3‬‬
‫عربية لتسويق المنتجات بين الدول العربية ‪.‬‬

‫)(‪ .‬المنظمة العربية للتنمية الزراعية‪ ،‬الستثمار الزراعي في بعض الدول العربية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.115‬‬


‫)( المانة العامة لتحاد الغرف العربية الخليجية‪ ،‬واقع وآفاق التنمية الزراعية في‬ ‫‪2‬‬

‫الدول العربية الخليجية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬


‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.73‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪67‬‬
‫ول ريب أن خروج هذه الشركة إلي حيز الوجود سيسهم في توسيع‬
‫نطاق حجم المبادلت الزراعية في الدولة العربية ويشجع المزارعين علي‬
‫زيادة النتاج الزراعي طالما أن تلك يكفل لهم التصريف والسعر المجزي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫وسائل علج التبعية المالية في دول العجز‬

‫‪68‬‬
‫من الواضح أن اتجاه الدول العربية للقتراض الخارجي ما هو في‬
‫واقع المر إل تلبية احتياجاتها التمويلية التي عجزت عن تغطيتها موارده‬
‫المحلية مما جعلها تستعين بمصادر التمويل الجنبي لسيما القتراض‬
‫الخارجي الربوي الوضع الذي سبب لها آثار اقتصادية وأخري غير اقتصادية‬
‫وأوقعها في براثن التبعية القتصادية للدول الدائنة‪ .‬ويتطلب ذلك من‬
‫الدول ضرورة تقليص نسبة اعتمادها علي التمويل الجنبي والتوقف عن‬
‫القتراض الربوي‪ ،‬إل أن ذلك يعتمد علي قدرة هذه الدول علي زيادة‬
‫مواردها المحلية وانتهاج الوسائل السلمية البديلة للتمويل الربوي القائم‬
‫علي عنصر الفائدة المسبب لظهور أزمة المديونية الدولية‪ .‬وعليه فإن هذا‬
‫المبحث سيشمل علي الوسائل التي من شأنها أن تساعد علي حل مشكلة‬
‫الديون العربية وذلك في خمسة مطلوب‪:‬‬
‫المطلب الول‪ :‬تحليل أزمة الديون من منظور القتصاد السلمي‬
‫والحل البديل للتمويل التربوي‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬تحليل أزمة الديون من منظور القتصاد السلمي‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬نظام التمويل السلمي هو البديل الصالح للتمويل‬
‫الري‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬ترشيد النفاق الستهلكي في ظل التمسك بالقيم‬
‫السلمي‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬دور البنوك السلمية في حل مشكلة الديون‬
‫الخارجية وذلك في ثلثة فروع‪.‬‬
‫الفرع الول‪ :‬دور البنوك السلمية في تعبئة المدخرات المحلية‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬دور البنوك السلمية في تمويل التنمية القتصادية‪.‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬دور البنوك السلمية في تمويل التبادل التجاري‬
‫البيني‪.‬‬

‫الفرع الول‬
‫تحليل أزمة الديون من منظور القتصاد السلمي‬

‫كما هو واضح فقد تفجرت أزمة المديونية الدولية مع بداية‬

‫الثمانينات حينما تعثرت بعض الدول المدينة في وفاء ديونها الخارجية‬

‫وفوائدها الربوية المتراكمة وذهبت الدول المدينة تبحث عن أسباب‬

‫هذه الزمة‪ ،‬والواقع أن أزمة الديون ليست مستغربة في ظل النظام‬

‫القتصادي الرأسمالي الذي يتخذ عنصر الفائدة كأساس للتمويل‪،‬‬

‫وصدق الحق تبارك وتعالي حينما قال‪) :‬البقرة ‪ ، (275‬وقوله سبحانه‬

‫)البقرة‪ ،(278 :‬فها هي آثار المحق الذي توعد ال به أهل الربا لم‬

‫يقتصر ضررها علي فرد أو مجتمع بعينه بل شمل العالم بأسره حتي‬

‫أصبحت قضية المديونية الدولية من أكبر المعضلت القتصادية التي‬

‫تواجه دول العالم لسيما الدول المدينة التي تنكوي بالنيران الربوية‬

‫من جراء النظام الرأسمالي الستغللي وحسبنا أن ننظر إلي كارثة‬

‫الديون والتطور المذهل الذي بلغته فوائدها‪ ،‬كما أشرنا إلي ذلك في‬

‫ً أن التعامل‬
‫الباب الول‪ ،‬ومن المنظور السلمي فإنه يبدو واضحا‬

‫‪70‬‬
‫بالفائدة في مجال التمويل هو وراء الكثير من الزمات القتصادية‬
‫)‪( 1‬‬
‫الدولية لسيما أزمة المديونية الدولية الراهنة التي ما زالت تعاني‬

‫منها حكومات شعوب العالم بما في ذلك دول العالم السلمي التي‬

‫وقعت في شرك ربا الديون رغم تعارضها مع الشريعة السلمية التي‬

‫جاءت بتحريمه‪ ،‬وصدق رسول ال صلي ال عليه وسلم حينما قال‪:‬‬


‫)‪( 2‬‬
‫"يأتي الناس زمان يأكلون الربا فمن لم يأكله أصابه منه غباره" ‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد فإنه يجدر بنا أن نشير إلي أهم الثار القتصادية‬

‫للفوائد الربوية‪:‬‬

‫ليست أزمة الديون أو ظاهرة انتقال الموارد من فقراء العالم إلي‬


‫أغنيائه علي شكل فوائد وأقساط هي الثر السلبي الوحيد الذي أفرزته‬
‫الرأسمالية القائمة علي التعامل الربوي بل هناك العديد من الثار‬
‫القتصادية الناتجة من جراء هذا النظام والذي يتحمل عبئها البشرية‬
‫جمعا ومنها‪:‬‬

‫الفائدة والتضخم‪:‬‬

‫يؤدي النظام الربوي إلي ارتفاع السعار إذ أن أسعار السلع‬

‫)( د‪ .‬حسن صادق‪ ،‬أزمة الديون والنظام البديل‪ ،‬بحث مقدم لملتقي الفكر السلمي‬ ‫‪1‬‬

‫الرابع والعشرون حول القتصاد السلمي وتحقيق التنمية الشاملة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬


‫‪1411‬هـ‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫)( الحافظ النسائي‪ ،‬سنن النسائي‪ ،‬ج ‪ ،7‬كتاب البيوع‪ ،‬باب اجتناب الشبهات‪ ،‬الناشر‬ ‫‪2‬‬

‫مكتبة البابي الحلبي بمصر‪ ،1983 ،‬ص ‪.215‬‬

‫‪71‬‬
‫يرتبط بتكاليف إنتاجها‪ ،‬وحيث إن سعر الفائدة يعتبر من العناصر‬
‫الساسية لعناصر التكلفة فإن ذلك ينعكس في ارتفاع أسعار المنتجات‬
‫التي يقع عبئها في النهاية علي المستهلك وذلك مما يعمل علي إنقاص‬
‫المقدرة الدخارية لدي المستهلك التي كان بالمكان توجيهها نحو‬
‫)‪( 1‬‬
‫الستثمار المنتجة ‪.‬‬

‫الفائدة ونشوء الزمات القتصادية‪:‬‬

‫نتيجة تكاليف النتاج لشتمالها علي عنصر الفائدة يلجأ المنتج‬


‫محاولة منه لزيادة أرباحه أو تخفيض أسعار منتجاته في حالة‬
‫تعرضها للكساد إلي ضغط التكاليف وذلك بتخفيض أجور العمال أو‬
‫تسريح بعضهم حيث أن ذلك يعتبر من أهم بنود التكاليف المتغيرة‬
‫وحينئذ تحدث البطالة والتي يترتب عليها ضعف القوة الشرائية ومن‬
‫ً علي المنتجين فتزداد‬
‫ثم يقل الطلب عل السلع المر الذي يؤثر سلبا‬
‫)‪( 2‬‬
‫احتمالت انتشار الكساد ‪.‬‬

‫الفائدة والستثمار‪:‬‬

‫ً في النظام الربوي فإن المستثمر سيظل يقارن‬


‫كما يبدو واضحا‬

‫)( د‪ .‬شوقي دنيا‪ ،‬تمويل التنمية القتصاد السلمي‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬بيروت ط ‪،1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1404‬هـ‪ ،‬ص ‪.453‬‬


‫‪ -‬التحاد الدولي للبنوك السلمية‪ ،‬الموسوعة العلمية والعملية للبنوك السلمية‪ ،‬الجزء‬
‫الخامس‪ ،‬المجلد الشرعي الثالث‪ ،‬ط ‪1403 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪.558‬‬
‫)( د‪ .‬محمد عفر‪ ،‬القتصاد السلمي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار البيان العربي‪ ،‬جدة‪،1405 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪.79‬‬

‫‪72‬‬
‫بين سعر الفائدة والربح المتوقع حيث إن سعر الفائدة يمثل الفرصة‬
‫البديلة التي يمكن أن يوظف المستثمر أمواله فيها‪ ،‬كما أنه يمثل‬
‫تكلفة اقتراض رأس المال مما يعني أن علي المقترض تحقيق ربح‬
‫يغطي هذه التكلفة ويزيد منها‪ ،‬وهكذا يتضح سعر الفائدة يضع قيدا‬
‫ً‬
‫علي الستثمارات يجعلها علي القل تدر عائد مساو لسعر الفائدة مما‬
‫يترتب عليه انحراف هيكل الستثمارات ل تجاهها نحو الستثمارات ذات‬
‫الهمية الثانوية كالسلع الكمالية في حين تبقي الستثمارات ذات‬
‫)‪( 1‬‬
‫ً لقصور عائداتها عن‬
‫الهمية البارزة للتنمية القتصادية فارغة ‪ ،‬نظرا‬
‫ً من‬
‫ً كبيرا‬
‫تغطية أسعار الفائدة‪ .‬بل قد تكون الفائدة المرتفعة مانعا‬
‫الستثمار في النظام الرأسمالي‪ ،‬كما حدث في الفترة ‪1978 -1970‬‬
‫)‪( 2‬‬
‫حينما ارتفعت تكلفة الفوائد بشكل تسبب في تأكل ربح الشركات ‪.‬‬

‫الفائدة وتوزيع الدخل‪:‬‬

‫لما كان نظام التمويل بالفائدة يضمن للدائن المرابي فائدة‬


‫دائمة في كل عملية بينما يتعرض المدين للربح والخسارة فإن هذا‬
‫ً وهو‬
‫في النهاية يعمل علي تحويل الثروة إلي الطرف الذي يربح دائما‬
‫الدائن‪ ،‬مما يترتب عليه تكديس الثروات لدي طبقة الغنياء الدائنين‬
‫بشكل ينتج عنه التفاوت المالي الكبير بين الغنياء والفقراء‪ ،‬وهذا ما‬
‫يتعارض مع مبدأ إسلمي صريح وهو كراهية انحباس الثروة في أيد‬

‫)( د‪ .‬شوقي‪ ،‬تمويل التنمية في القتصاد السلمي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.455 ،454‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( د‪.‬محمد شابرا‪ ،‬نحو نظام نقدي عادل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.158‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪73‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫قليلة ‪ ،‬عمل بقوله تعالي‪) :‬سورة الحشر‪ :‬آية ‪.(7‬‬

‫الفائدة وعنصر العمل‪:‬‬

‫يشترك العمل ورأس المال في عملية النتاج وموجب ذلك يتحمل‬


‫كل من العنصرين‪ -‬رأس المال والعمل ونصيب من الربح والخسارة‪،‬‬
‫غير أن الربا هدم هذه القاعدة السوية وسخر العمل لحساب رأس المال‬
‫بشكل جعل المدين يضمن للدائن القرض والفائدة دون أن يشارك‬
‫)‪( 2‬‬
‫الخير في الخسارة النازلة ‪.‬‬

‫وهكذا تتضح عدم العدالة في توزيع الدخل والثروات والربح‬


‫والخسارة وسوء تخصيص الموارد والستثمارات بشكل أوصل البشرية‬
‫ً إلي طريق مسدود في ظل نظام التمويل بالفائدة ناهيك عن دور‬
‫جميعا‬
‫هذا النظام في تفاقم أزمة الديون الدولية ول ريب أن المعالجة‬
‫الجذرية لمشكلة أزمة الديون تتمثل في إلغاء نظام التمويل بالفائدة‬
‫علي نطاق القتصاد‪ ،‬العالمي ورغم أن بعض الدول الدائنة أعلنت تقديم‬
‫تنازلت للدول المدينة علي شكل أسعار فائدة ميسرة وإسقاط جزء من‬
‫)‪( 3‬‬
‫ديونها التي علي بعض الدول المدينة ‪ ،‬إل أن تلك الحلو في الواقع‬
‫ليست الحل النهائي مادامت قاصرة عن تحريم التعامل الربوي في‬
‫التمويل الدولي السبب الرئيسي لزمة الديون الدولية‪ ،‬إذا أنه في ظل‬

‫التحاد الدولي للبنوك السلميةـ‪ ،‬الموسوعة العلمية والعملية للبنوك السلمية‪ ،‬الجزء‬
‫‪() 1‬‬
‫السادس‪ ،‬ص ‪.103‬‬
‫)( الموسوعة العلمية والعملية للبنوك السلمية‪ ،‬ج ‪ ،5‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.473‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( البنوك السلمية للتنمية‪ ،‬التقرير السنوي )‪ 1410 ،(15‬هـ‪ ،‬ص ‪.31‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪74‬‬
‫ترك أبواب القتراض الربوي مفتوحة علي مصراعيها فمهما بلغت‬
‫الحلول المقدمة فسرعان ما تجد الدول النامية المدينة نفسها أمام‬
‫نفس هذه الزمة مرة ثانية‪.‬‬

‫ً ما هو الحل لنظام التمويل‬


‫والسؤال الذي يفرض نفسه إذا‬
‫الربوي‪ ،‬وهذا ما نجيب عليه في الفرع الثاني‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫نظام التمويل السلمي‬
‫هو البديل الصالح للتمويل الربوي‬

‫ً في‬
‫إن السلم وهو النظام الشامل الذي به سعادة البشرية جمعا‬
‫الدنيا والخرة حينما حرم التعامل الربوي أوجد البدائل الشرعية‬
‫التي تلبي حاجة المجتمع التمويلية وتحميه من النزلق في الربا‬
‫المحرم ومخاطرة الوخيمة‪ ،‬ويعتبر التمويل بالمشاركة والمضاربة‬
‫أو صيغ البيوع مثل المرابحة والبيع لجل والسلم والستصناع من بين‬
‫البدائل الشرعية للتمويل بالفائدة‪.‬‬

‫البديل الول‪ :‬التمويل بالمشاركة في الربح والخسارة‪:‬‬

‫وهي تعني مساهمة الممول في رأس مال المشروعات النتاجية أو‬

‫‪75‬‬
‫قيامه بشراء أسهم من شركات قائمة ويسمي هذا النوع من الشركة‬
‫)‪( 1‬‬
‫بشركة العنان ‪ ،‬وقد عرفها فقهاء الشريعة السلمية بقولهم "بأن‬
‫يشترك اثنان فأكثر بماليهما ليعمل فيه ببدنيهما وربحه بينهما أو‬
‫يعمل فيه أحدهما بشرط أن يكون له من الربح أكثر من ربح ماله‬
‫)‪( 2‬‬
‫نظير عمله في مال شريكه ‪ ،‬وهي جائزة بإجماع فقهاء المصار وقد‬
‫تعامل الناس وقد تعامل الناس بذلك في كل عصر من غير انكار من‬
‫)‪( 3‬‬
‫أحد ‪ ،‬وقد روي أن أسامه بن شريك جاء إلي رسول ال صلي ال عليه‬
‫وسلم فقال أتعرفني؟ فقال عليه الصلة والسلم فكيف ل أعرفك‬
‫وكنت شريكي ونعم الشريك ل تداري ول تماري وأذني بفعله عليه‬
‫)‪( 4‬‬
‫الصلة والسلم الجواز" ‪ .‬وما رواه الحاكم في المستدرك من أن‬
‫السائب بن أبي السائب كان شريك للنبي صلي ال عليه وسلم في أول‬
‫ً بأخي وشريكي ل‬
‫السلم في التجارة فلما كان يوم الفتح قال مرحبا‬
‫)‪( 5‬‬
‫يدري ول يماري" ‪.‬‬

‫)( أنظر التمويل بالسلم في الفصل السابق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( التحاد الدولي للبنوك السلمية‪ ،‬موسوعة والعملية للبنوك السلمية‪ ،‬الجزء‬ ‫‪2‬‬

‫الخامس‪ ،‬الجزء الشرعي‪ ،‬المجلد الول‪ ،‬الصول الشرعية‪ ،‬العمال المصرفية في‬
‫السلم‪ ،‬ط ‪1402 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪ 323‬منصور بن يونس إدريس البهوتي‪ ،‬كشاف عن متن‬
‫القناع‪ ،‬ج ‪ ،3‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت‪.469 ،‬‬
‫)( المام علء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني‪ ،‬كتاب بدائع الصنائع في ترتيب‬ ‫‪3‬‬

‫الشرائع‪ ،‬ج ‪ ،6‬ط ‪1406 ،2‬هـ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫)( نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( المام الحافظ أبي عبد ال الحاكم النيسابوري‪ ،‬المستدرك علي الصحيحين‬ ‫‪5‬‬

‫وبذيله التلخيص للحافظ الذهبي‪ ،‬ج ‪ ،2‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.61‬‬

‫‪76‬‬
‫ويشترط في شركة العنان اشتراك الطراف بالمال ول يشترط‬
‫)‪( 1‬‬
‫فيها تساوي المالين ‪ ،‬ويكون الربح والخسارة علي قدر المالين إل أنه‬
‫ً لقيام أحدهما بالعمل فإنه تجوز زيادته عن نصيبه في رأس المال‬
‫نظرا‬
‫)‪( 2‬‬
‫مقابل عمله ‪ ،‬أ؟و يكون أمهر في التجارة أو الصناعة من شريكه‪.‬‬

‫وقد قرر مؤتمر المصرف السلمي بدبي علي أن يوزع الربح‬


‫بين الشريكين أو الشركاء بنسبة رأس مال كل منهما وكذلك‬
‫ً بأعمال الشركة‬
‫الخسارة غذ الغنم بالغرم فإذا كان أحدهم قائما‬
‫فتخصص له نسبة من الربح علي أن يوزع باقي الربح بين الشركاء‬
‫)‪( 3‬‬
‫كل حسب حصته في رأس المال ‪.‬‬

‫مزايا التمويل بالمشاركة‪:‬‬

‫ً عن أنه يساهم في‬


‫للتمويل السلمي العديد منالمزايا فهو فضل‬
‫سد نقص السيولة التي تعاني منها العديد من الدول والشعوب وتلبي‬
‫حاجة المقترض المالية دون أن يتحمل وزر الربا فإن له مزايا كثيرة‬
‫منها‪:‬‬

‫)( د‪ .‬رمضان‪ ،‬موقف الشريعة السلمية من المعاملت المصرفية والبديل عنها‪ ،‬مكتبة‬ ‫‪1‬‬

‫الطرفين‪ ،‬الفائض‪ ،‬ص ‪1412 ،3‬هـ‪ ،‬ص ‪.106‬‬


‫)( د‪ .‬صالح بن زاين البقمي‪ ،‬شركة المساهمة في النظام السعودي‪ ،‬دراسة مقارنة‬ ‫‪2‬‬

‫بالفقة السلمي‪ 1406 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.183 ،173‬‬


‫)( الموسوعة العملية للبونك السلمية‪ ،‬ج ‪ ،5‬الجزء الشرعي‪ ،‬المجلد الول‪ ،‬مرجع‬ ‫‪3‬‬

‫سابق‪ ،‬ص ‪.324‬‬

‫‪77‬‬
‫‪ -‬تحقيق مبدأ العدالة في توزيع الثروات وذلك عن طريق اقتسام‬
‫الربح والخسارة بين الطرفين الممول وطالب التمويل بعكس‬
‫النظام الربوي الذي يحابي رأس مال دون العمل‪ ،‬كما أسلفنا من‬
‫كونه يضمن للدائن رأسماله وفائدة معلومة دون أدني مشاركة‬
‫في المخاطرة‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق مبدأ الستخدام المثل للموارد غذ أنه الوقت الذي يري فيه‬
‫النظام الرأسمالي أن الفائدة هي المعيار المثل لتوزيع الموارد‬
‫في حين أن إلغائها يسبب استخدام الموارد بشكل غير رشيد إل أن‬
‫هذا مخالف للحقيقة لن الموال القابلة للقراض في القتصاد‬
‫ً بل كلفة وهي الحصة في الربح‬
‫السلمي ليست متاحة مجانا‬
‫الذي يمثل معيار توزيع الموارد ولهذا تزداد أهمية تقويم‬
‫المشروعات في التمويل بالمشاركة بشكل تستبعد معه كل‬
‫المشروعات غير المنتجة وذلك علي خلف الستثمارات الربوية‬
‫ً دون أدني مشاركة في النتيجة‬
‫التي تؤمن للدائن عائد مسبقا‬
‫النهائية للمشروع مما ل يجعله يهتم بتقويم المشروعات مثلما‬
‫)‪( 1‬‬
‫يفعله الممول في القتصاد السلمي ‪.‬‬

‫‪ -‬يمثل التمويل بالمشاركة صمام المان بالنسبة لدول العالم إذا أن‬
‫الدول ل تقدم علي طلب التمويل إل لغرض إنتاجي في حين أن‬
‫الممول ل يقرض إل لمشروعات انتاجية قادرة علي السداد في‬

‫)( د‪ .‬محمد شابرا‪،‬نحو نظام نقدي عادل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪78‬‬
‫حين أن التمويل بالفائدة ل يعني بالمشروع النتاجي وأهميته‪،‬‬
‫ً عن خلو هذا التمويل من الفوائد الربوية التي تمثل في‬
‫فضل‬
‫الوقت الراهن أكبر تحدي تواجهه اقتصاديات الدول المدينة‪،‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫التي أصبح يطلق عليها اقتصاديات المديونية ‪.‬‬

‫‪ -‬التمويل السلمي فيه إزالة آفة التظالم بين الممول وطالب التمويل‬
‫التي كانت سائدة في النظام الربوي‪ ،‬حيث أن الطراف‬
‫يشتركون في النتيجة النهائية للنشاط النتاجي من ربح أو‬
‫)‪( 2‬‬
‫خسارة فل يضمن الممول عائد مسبق ولو خسر المشروع ‪،‬‬
‫بخلف الممول الربوي فإن المقترض يضمن العائد سواء ربح أو‬
‫خسر وهذا الظلم الذي أشار إليه سبحانه وتعالي في قوله‬
‫)النساء‪ :‬آية ‪.(160‬‬

‫البديل الثاني‪ :‬المضاربة‪:‬‬


‫)‪( 3‬‬
‫وهي مأخوذة من الضرب في الرض وهو السفر فيها للتجارة‬

‫قال تعالي‪) :‬المزمل‪ :‬آية ‪ (20‬وقد عرفها ابن رشد "بأن يعطي الرجل‬
‫)‪( 4‬‬
‫الرجل المال علي أن يتجر به علي جزء معلوم يأخذه من ربح المال"‬
‫وباقي الربح لرب المال‪ .‬وأما حكمها فهي جائزة في الشريعة السلمية‬

‫)( د‪ .‬حسن صادق‪ ،‬أزمة الديون والنظام البديل‪ ،‬بحث مقدم لملتقي الفكر السلمي‬ ‫‪1‬‬

‫الرابع والعشرين حول القتصاد السلمي وتحقيق التنمية الشاملة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬


‫‪1411‬هـ‪ ،‬ص ‪.23‬‬
‫)( د‪ .‬عمر شابرا‪ ،‬نحو نظام نقدي عادل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.289 ،288‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( منصور البهوتي‪ ،‬كشاف القناع‪ ،‬ج ‪ ،3‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.508‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪79‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫حكاه ابن المنذر ‪ ،‬والحكمة تقتضيها لن بالناس حاجة إليها فإن النقود ل‬
‫تنمي إل بالتجارة وليس كل من يملكها يحسن التجارة ول كل من يحسنها‬
‫)‪( 2‬‬
‫له مال فشرعت لدفع الحاجة" ‪ .‬ويقال لمن يقدم المال رب المال ويقال‬
‫للعامل فيه المضارب ويشترط فيها تكون صحة العامل من الربح جزءا‬
‫ً‬
‫ً كالربع والنصف حسب ما يتفق عليه أما الخسارة وضمان المال‬
‫معلوما‬
‫)‪( 3‬‬
‫فعلي رب المال ما لم يتعدى المضارب أو يفرط ‪.‬‬

‫ومن هذه الصيغ تتجلي عدالة التمويل السلمي إذ أنه ليس فيها‬
‫استغلل ول يكون فيها الممول مجرد دائن لصحاب المشروعات النتاجية‬
‫ينحصر دوره في ضمان قروضه وفوائدها الربوية سواء ربح المشروع الذي‬
‫ً مع طالب التمويل في ما‬
‫من أجله اقترض أو خسر وإنما يصبح مساهما‬
‫تسفر عنه نتيجة عملية المشاركة من ربح أو خسارة كل حسب حصته في‬
‫رأس المال وفق قاعدة الغرم بالغنم ما عدا المضاربة فإن الشركة فيها في‬
‫الربح دون الخسارة وهذا مما يدفع كل منها إلي البذل والعطاء لزيادة‬
‫الربح والنتاج‪.‬‬

‫)( المام بن الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي‪ ،‬بداية المجتهد‬ ‫‪4‬‬

‫ونهاية المقتصد‪ ،‬ج ‪ ،2‬لتحقيق محمد سالم محيسن وشعبان محمد اسماعيل‪ ،‬مكتبة‬
‫الكليات الزهرية‪1402 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.265‬‬
‫)( منصور البهوتي‪ ،‬كشاف القناع‪ ،‬ج ‪ ،3‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.508‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المرجع سابق‪ ،‬ص ‪..508‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( المرجع السابق نفسه‪ ،‬ص ‪.509 -508‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ -‬د‪ .‬رمضان حافظ‪ ،‬موقف الشريعة السلمية من المعاملت المصرفية والبديل منها‪،‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪80‬‬
‫البديل الثالث‪ :‬بيع المرابحة للمر بالشراء والتمويل‬
‫التجاري‪:‬‬

‫وصورة هذه الصيغة أن يتقدم العميل إلي الممول )الذي هو البنك‬


‫ً رغبته في شراء سلعة معينة ذات أوصاف‬
‫السلمي في هذه الحال( مبدءا‬
‫محددة علي أساس الوعد منه بشراء تلك السلعة مرابحة بالنسبة التي يتفق‬
‫عليها‪.‬‬

‫وقد وصف هذه الصيغة بقوله‪" :‬وإذا رأي الرجل الرجل السلعة فقال‬
‫)‪( 1‬‬
‫اشتري هذه وأربحك فيها كذا فاشتري الرجل فالشراء جائز ‪ .‬والمرلبحة‬
‫)‪( 2‬‬
‫في اصطلح الفقهاء هي "بيع برأس المال وربح معلوم" ‪.‬‬

‫والواضح أن هذه المعاملة مركبة من وعد بالشراء من جانب العميل‬


‫)المر بالشراء( ووعد بالبيع من جانب البنك بطريق المرابحة التي تعني‬
‫زيادة ربخ معين المقدار أو النسبة علي الثمن الول والتكلفة للوصول إلي‬
‫)‪( 3‬‬
‫التكاليف الجمالية للسلعة ‪.‬‬

‫)( المام الشافعي‪ ،‬أبي عبد ال إدريس‪ ،‬ألم‪ ،‬ج ‪ ،3‬الدار المصرية للتأليف والترجمة‬ ‫‪1‬‬

‫طبعة مصورة عن طبعة بولق‪1321 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.33‬‬

‫)( المام كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن المهام‪ ،‬شرح فتح القدير‪ ،‬ج ‪،5‬‬
‫‪2‬‬

‫دار احياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬ص ‪.455‬‬


‫‪ ()3‬د‪ .‬سامي حمود‪ ،‬تطوير العمال المصرفية بما يتفق والشريعة السلمية‪ ،‬ط ‪ ،2‬مكتبة‬
‫الشرق عمان‪1402 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.432‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬يوسف القرضاوي‪ ،‬بيع المرابحة للمر بالشراء كما تجريه المصارف السلمية‪ ،‬مكتبة‬
‫وهبه‪ ،‬ط ‪ ،1987 ،2‬ص ‪.25‬‬

‫‪81‬‬
‫ًا‪،‬‬
‫وهذه المعالمة ليست من قبيل بيع النسان ما ليس عنده المحرم شرع‬
‫لن المصرف لم يبع تلك السلعة التي لم يملكها بعد وإنما تلقي أمرا‬
‫ً‬
‫بالشراء وعد تلبيته حينما يمتلك تلك السلعة‪ ،‬كما أن هذه المعاملة ل‬
‫ً لها‬
‫تنطوي علي ربح مالم يضمن لن البنك بعد شرائه للسلعة أصبح مالكا‬
‫)‪( 1‬‬
‫يتحمل تبعة الهلك حتي تسليمها للعميل ‪.‬‬
‫)‪( 2‬‬
‫ويري ابن قدامه أن هذا البيع جائز ل خلف في صحته وقد استقر‬
‫الرأي المعاصر علي جواز بيع المرابحة للمر بالشراء كما يدل علي ذلك‬
‫)‪( 3‬‬
‫قرار المؤتمر الثاني للمصرف السلمي بالكويت عام ‪ 1983‬وقرار‬
‫)‪( 4‬‬
‫المنعقد عام ‪ 1409‬هـ‬ ‫المجتمع الفقهي في منظمة المؤتمر السلمي‬
‫اللذان أجازا بيع المرابحة للمر بالشراء طالما تقع علي المصرف السلمي‬
‫مسئولية الهلك قبل التسليم وتبعة الرد بالعيب الخفي بعد التسليم‪.‬‬

‫وأخذت البنوك السلمية تعمل بهذه الصيغة حتى أصبحت تمثل أهم‬
‫القنوات الستثمارية فيها إذ تشكل نسبة ‪ %81‬عام ‪1984‬و ‪ %73‬عام‬

‫)( التحاد الدولي للبنوك السلمية‪ ،‬الموسوعة العلمية‪ ،‬والعملية للبنوك السلمية‪،‬‬
‫‪1‬‬

‫الجزء الخامس‪ ،‬ط ‪1402 ،1‬هـ‪ ،‬ص ‪.321‬‬


‫)( ابن قدامه‪ ،‬المغني‪ ،‬ج ‪ ،4‬ص ‪.199‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( المصرف السلمي الدولي للستثمارات والتنمية‪ ،‬دليل الفتاوى الشرعية في العمال‬
‫‪3‬‬

‫المصرفية‪ ،‬ص ‪.105‬‬


‫)( أنظر قرار مجلس الفقه السلمي المنعقد في دورة مؤتمر الخامس بالكويت عام‬
‫‪4‬‬

‫‪1409‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬المصدر‪ :‬مجلة البحوث الفقهية المعاصرة‪ ،‬العدد الثاني‪ ،‬السنة الولي‪ ،‬محرم‪ /‬صفر‪1410 ،‬هـ‪،‬‬
‫ص ‪.176‬‬

‫‪82‬‬
‫)‪( 1‬‬
‫‪ 1989‬من استثمارات البنك السلمي الردني للتمويل والستثمار بينما‬
‫تبلغ تلك النسبة ‪ %82‬من إجمالي استثمارات بنك دبي السلمي في العام‬
‫)‪( 2‬‬
‫نفسه ‪.‬‬

‫وغني عن البيان أن هذه الداة قادرة علي توفير التمويل‪ -‬الذي هو من‬
‫أهم مقومات التنمية القتصادية‪ -‬لفراد المجتمع وللحكومات المر الذي‬
‫تنعدم معه الحاجة إلي التمويل بالفائدة الذي وقف حجر عثرة في الوقت‬
‫الراهن أمام التنمية القتصادية العربية‪ .‬إذ أنه بإمكان هذه الصيغة الشرعية‬
‫تمويل متطلبات التنمية كالدوات النتاجية اللزمة للزراعة والصناعة‬
‫ومداخلتها من المواد الخام ومستلزمات النتاج واستيعاب كافة الحتياجات‬
‫التنموية إذ أنها ليس لها حدود إل ما تقف عنده إمكانيات الممول المالية‬
‫فسواء كانت السلعة صغيرة أم كبيرة فبالمكان تمويلها بطريقة المرابحة‬
‫)‪( 3‬‬
‫للمر بالشراء ‪ .‬وهكذا تتضح الفائدة التي تعود عل المر بالشراء إذ أنها‬
‫تمكنه من الحصول علي السلعة التي يرغب في شرائها وقد ل يتوفر لديه‬
‫ً وهي بهذا أتاحت‬
‫رأس المال اللزم لتمويلها علي أن يسدد ثمنها أقساطا‬
‫الفرصة للمنتجين لسيما صغارهم‪ -‬من امتلك اللت النتاجية التي تمكنها‬
‫من مزاولة نشاطهم القتصادي المر الذي يسهم في زيادة وتنمية القاعدة‬

‫)( البنك السلمي الردني‪ ،‬تجربة البنك السلمي الردني للتمويل والستثمار‪ ،‬إعداد‬
‫‪1‬‬

‫موسي شحادة بحث مقدم لندوة تجربة البنوك السلمية‪ ،‬القاهرة‪ ،1990 ،‬ص ‪.11‬‬
‫)( بنك دبي السلمي‪ ،‬تجربة بنك دبي السلمي‪ ،‬بحث مقدم لندوة تجربة البنوك‬
‫‪2‬‬

‫السلمية‪ ،‬القاهرة‪ ،1990 ،‬ص ‪.5‬‬


‫)( د‪ .‬سامي حمود‪ ،‬تطوير العمال المصرفية بما يتفق والشريعة السلمية‪ ،‬مرجع‬ ‫‪3‬‬

‫سابق‪ ،‬ص ‪.434‬‬

‫‪83‬‬
‫النتاجية التي طالما أدي ضيقها إلي زيادة الستيراد وطلب التمويل‬
‫الخارجي لتمويل ذلك الستيراد ومن ثم الوقوع في التبعية القتصادية‪ .‬في‬
‫الوقت الذي تمثل فيه هذه الصيغة بالنسبة للممول قناة استثمارية شرعية‬
‫ً عن‬
‫ً بعد إتمام عملية البيع وبعيدا‬
‫ً حلل‬
‫لتوظيف أمواله فيها تدر له عائدا‬
‫التعامل بالربا‪.‬‬

‫البديل الرابع‪ :‬الستصناع والتمويل الصناعي‪:‬‬

‫الستصناع معناه كأن يطلب شخص من أخر صناعة سلعة ما وقف‬


‫)‪( 1‬‬
‫ل بخلف السلم‬
‫ً‬‫ً أو مؤج‬
‫صفة معينة علي أن يشتريها منه بثمن معين حال‬
‫الذي يعجل فيه رأس المال‪.‬‬

‫وقال الكاساني في بيان الستصناع "أن يقول إنسان لصانع من خفاف أو‬
‫ً أو آنية من أديم أو نحاس من عندك بثمن‬
‫صفار أو غيرهما أعمل لي خفا‬
‫)‪( 2‬‬
‫كذا ويبين نوع ما يعمل وقدره وصفته فيقول الصانع نعم" وقال أنه‬
‫)‪( 3‬‬
‫"عقد علي مبيع في الذمة شرط فيه العمل" ‪.‬‬

‫وقد نص فقهاء الحنيفية علي جواز الستصناع مستدلين بحديث‬


‫ً واستصناعه المنبر وكلهما‬
‫استصناع الرسول صلي ال عليه وسلم خاتما‬

‫‪ ()1‬د‪ .‬شوقي دنيا‪ ،‬الجعالة‪ ،‬الستصناع تحليل فقهي واقتصادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ -‬التحاد الدولي للبنوك السلمية‪ ،‬الموسوعات العلمية والعملية للبنوك السلمية‪ ،‬للجزء‬
‫الخامس‪ ،‬المجلد الول ط ‪ ،1982 ،1‬ص ‪..379‬‬
‫)( المام علء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني‪ ،‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع‪ ،‬ج ‪،5‬‬
‫‪2‬‬

‫ط ‪2،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيروت‪1406 ،‬هـ‪ ،‬ص ‪.2‬‬


‫)( المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.2‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪84‬‬
‫يؤديان إلي هذه الصيغة‪ ،‬كما استدلوا بالجماع العملي من لدن رسول ال‬
‫)‪( 1‬‬
‫صلي ال عليه وسلم علي ذلك بل نكير ‪ ،‬وفي الوقت الذي قررت فيه‬
‫)‪( 2‬‬
‫فتاوى المجامع الفقهية المعاصرة بجواز عقد الستصناع ‪.‬‬

‫ول تخفي الهمية القتصادية للستصناع في الوقت الراهن سواء‬


‫للصانع )المنتج( أو المستصنع )المشتري أو المستهلك( فعلي مستوي‬
‫الصانع )القطاع الصناعي( فإنه يحتاج إلي من يمده بالتمويل اللزم الذي‬
‫يمكنه من ممارسة نشاطه النتاجي وإلي ضمان أسواق واسعة لتصريف‬
‫إنتاجه‪ ،‬بينما يحتاج المستصنع )الممول( إلي تأمين احتياجاته من السلع‬
‫الصناعية بالمواصفات المطلوبة وإلي استثمار أمواله بطرق مشروعه‬
‫وحصوله علي العائد المتمثل في الربح الناتج بين سعر البيع والشراء إذا‬
‫ًا‪ .‬وهذا ما توفره صيغة الستصناع لكل الطرفين‪.‬‬
‫كان تاجر‬

‫ول ريب أن توظيف واستغلل المكانات القتصادية والتمويلية التي‬


‫تحتويها هذه الصيغة في القتصاد العربي من شأنه أن يسهم في دفع عجلة‬
‫التنمية الصناعية العربية إذ أنها لم تقتصر علي مجرد توفير التمويل رغم‬
‫أهميته لن ذلك وحده ل يكفي لتحقيق التنمية المنشودة ما لم تتوفر‬
‫السوق المستوعبة لنتاج هذه المشروعات التي تضمنها هذه الصيغة كما هو‬

‫‪ 12‬دار الدعوة‪ ،‬استانبول‪1324 ،‬هـ‪ ،‬ص‬


‫‪ () 1‬شمس الدين السرخسي‪ ،‬كتاب المبسوط‪ ،‬ج ‪،‬‬
‫‪.139 -138‬‬
‫)( أنظر قرار مجلس مجمع الفقه السلمي المنعقد في دورة مؤتمر السابع بجده في ذي‬
‫‪2‬‬

‫القعدة ‪1412‬هـ‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة البحوث الفقهية المعاصرة‪ ،‬الرياض‪ ،‬العدد ‪ ،14‬عام ‪ ،1413‬ص ‪.197‬‬

‫‪85‬‬
‫حال السلم في الصناعات‪ ،‬حتي أصبحت هذه الصيغة تكتسب أهمية كبيرة‬
‫في الوقت الراهن المر الذي يمكن معه القول أن صفقات الصناعات الكبرى‬
‫)‪( 1‬‬
‫في هذا العصر تتم عن طريق هذه الصيغة ‪.‬‬

‫البديل الخامس‪ :‬البيع الجل‪:‬‬

‫وهو العقد الذي يعجل فيه المبيع ويؤجل فيه الثمن كله أو بعضه‬
‫ً والمبيع‬
‫عكس عقد السلم السالف الذكر والذي يكون فيه الثمن حال‬
‫)‪( 2‬‬
‫ل وهو يعتبر احدي صيغ التمويل السلمي التي بإمكانها أن تسهم مع‬
‫ً‬‫مؤج‬
‫مثيلتها من الصيغ الخري في تمويل متطلبات التنمية القتصادية‬
‫ً وقد‬
‫والجتماعية‪ .‬والبيع الجل قد يكون بالسعر الذي تباع به السلعة نقدا‬
‫ً ومن صوره "أن يقول صاحب السلعة للمشتري‬
‫يكون بسعر يفوق ثمنها نقدا‬
‫هذه السلعة ثمنها مائة إذا دفعت الثمن الن ومائه وعشرة إذا دفعته بعد سنة‬
‫)‪( 3‬‬
‫فيقول المشتري اشتريتها بمائه وعشرة إلي السنة" ‪ .‬وقد أجاز جمهور‬
‫)‪( 4‬‬
‫الفقهاء البيع لجل بثمن أعلي من الثمن الحال ‪ .‬وقد استقر الرأي الفقهي‬
‫)‪( 5‬‬
‫المعاصر علي جواز البيع لجل ولو زاد فيه الثمن المؤجل علي المعجل ‪.‬‬

‫ومما يجدر ذكره أن البيع لجل من أهم وسائل التمويل في البنك‬

‫)( د‪ .‬شوقي دنيا‪ ،‬الجعالة والستصناع‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.28‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( د‪ .‬رفيق المصري‪ ،‬بيع التقسيط تحليل فقي اقتصادي‪ ،‬دار القلم‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1990‬ص ‪.7‬‬
‫)( د‪ .‬الصديث الضرير‪ ،‬أشكال وأساليب الستثمار في الفكر الغسلمي‪ ،‬مجلة البنوك‬ ‫‪3‬‬

‫السلمية‪ ،‬العدد التاسع‪ ،‬اغسطس ‪1981‬م‪ ،‬ص ‪.25‬‬


‫)( د‪ .‬رفيق المصري‪ ،‬بيع التقسيط ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .45 -39‬وقد أورد الكاتب‬ ‫‪4‬‬

‫الكثير من عبارات الفقهاء في جواز زيادة الثمن في البيع لجل‪ ،‬انظر ص ‪.43-41‬‬

‫‪86‬‬
‫السلمي للتنمية حيث بلغت نسبة التمويل بالبيع لجل نحو ‪ %33.4‬من‬
‫إجمالي التمويل المعتمد عام ‪1412‬هـ وهي تعتبر أكبر نسبة بالمقارنة مع‬
‫نسب أنواع التمويل الخرى‪ ،‬ويتم التمويل بالبيع بالجل بأن يقوم البنك‬
‫بشراء اللت والمعدات ثم يعيد بيعها إلي المستفيد الذي يسدد الثمن علي‬
‫)‪( 1‬‬
‫أقساط ‪.‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫ترشيد النفاق الستهلكي وفق الضوابط السلمية‬

‫إذا كنا ناقشنا أهمية زيادة النتاج والصادرات فإن هذا وحده ل يكفي‬
‫لتحقيق التنمية القتصادية ومن ثم التخفيف من مشكلة الديون الخارجية‬
‫ما لم يرافق ذلك ترشيد في الستهلك سينتج عنه فائض في المداخرات‬
‫يمكن استثمارها في أوجه التنمية المشروعة التي تحقق المنفعة للفرد‬
‫والمجتمع علي السواء وتقل معها حاجة القتراض الخارجي‪.‬‬

‫لنه من الواضح أن ارتفاع الميل للستهلك تسبب )من بين عوامل‬


‫أخري أبرزها انخفاض مستوي الدخل الفردي( في ضعف المدخرات المحلية‬
‫مما جعل هذه الدول تلجأ إلي القتراض الخارجي لسد فجوة الموارد‬

‫)( أنظر قرار مجلس الفقه السلمي المنعقد فسي دورة مؤتمره السابع بجده في ذي‬ ‫‪5‬‬

‫القعدة‪ ،‬ص ‪1412‬هـ‪.‬‬


‫‪ -‬المجلة البحوث الفقهية المعاصرة ‪ ،‬الرياض‪ ،‬العدد ‪ ،14‬عام ‪1413‬هـ‪ ،‬ص ‪.198‬‬
‫)( البنك السلمي للتنمية‪ ،‬التقرير السنوي‪ (1992 -1991) 1412 ،‬ص ‪.84 -79‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪87‬‬
‫المحلية بين الدخار والستثمار‪ .‬الوضع الذي بات يتطلب من الدول العربية‬
‫ترشيد النفاق الستهلكي‪ ،‬خاصة لدي الفئات القادرة علي الدخار والتي‬
‫لوحظ أنها تتجه بصفة مستمرة لبحث عن أنماط الستهلك الراقي أو‬
‫)‪( 1‬‬
‫البذخي كما يطلق عليه البعض المر الذي يؤثر بشكل مباشر علي ميلها‬
‫للدخار‪.‬‬

‫ولقد اهتمت الشريعة الســلمية بالجــانب الســتهلكي ووضــعت لــه‬


‫ًا‪ ،‬فــدعته‬
‫الضوابط السلمية التي مني ما التزام بها المستهلك أعتبر رشــيد‬
‫إلي التوسط والعتــدال فــي الســتهلك فــي قــوله تعــالي‪  :‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪)  ‬السراء آيــة ‪ .(29‬وفــي قــوله تعــالي‪ :‬‬
‫‪   ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪)   ‬الفرقان ـآية ـ‪ .(67‬ـونهته ـعن‬
‫الســـراف والتبـــذير فـــي آيـــات كـــثيرة منهـــا قـــوله تعـــالي‪ :‬‬
‫‪  ‬‬
‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬‬
‫‪)  ‬العراف ـآية‪:‬‬

‫)( د‪ .‬عبد الرحمن يسري‪ ،‬التنمية القتصادية والجتماعية في السلم‪ ،‬الناشر مؤسسة‬ ‫‪1‬‬

‫شباب الجامعة السكندرية‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪ -‬جليلة حسن حسنين‪ ،‬السلوب السلمي لتكوين رأس المال والتنمية القتصادية‪ ،‬توزيع‬
‫دار الجامعات المصرية‪ ،‬السكندرية‪1990 ،‬ن ص ‪.55‬‬

‫‪88‬‬
   :‫ وقوله ســبحانه وتعــالي‬.(31
  
 
 
 
  
 
   
  
  
    
   
.(141 :‫)النعام آية‬ 

    :‫وفي نهيه عن التبذير قــال ســبحانه‬


 
 
    
  
 
  
 
.(27 ,26 :‫)السراء آية‬   

‫وكذلك وردت أحاديث كثيرة تدعو إلي العتدال والستهلك وتنهي‬


:‫عن السراف والتبذير فقد روي عن رسول ال صلي ال عليه وسلم قوله‬
( 1)
‫ وترشيد‬، "‫"كلوا واشربوا وتصدقوا وألبسوا غير إسراف ول مخيلة‬

‫ صحح أحاديثه‬،2 ‫ ج‬،‫ صحيح سنن النسائي‬،‫)( أبي عبد الرحمن أحمد شعيب النسائي‬ 1

‫ باب‬،‫ كتاب الزكاة‬،‫ الناشر مكتب التربية العربي لدول الخلي‬،‫محمد ناصر اللباني‬
.540 ‫ ص‬،،66 ‫الختيال في الصدقة رقم‬

89
‫النفاق ل يقتصر علي الفراد وإنما يشمل الستهلك العام في حكومات هذه‬
‫)‪( 2‬‬
‫الدول التي تورط بعضها في مشروعات ما يسمي بمشروعات الهيبة التي‬
‫قد ل تتفق واحتياجاتها الفعلية ومواردها القتصادية‪ ،‬بل أن العديد التي قد‬
‫ل تتفق واحتياجاتها الفعلية ومواردها القتصادية‪ ،‬بل أن العديد من الدول‬
‫النامية تتفق في أشياء حرمها السلم كإنتاج الدخان أو إنتاج مسلسلت‬
‫)‪( 3‬‬
‫التلفزيون الهابطة المنافية للقيم السلمية في الوقت الذي ل يزالون‬
‫يعانون من نقص في إنتاج السلع الضرورية‪ .‬متجاهلين أن ال سبحانه‬
‫وتعالي يسأل عن هذا النفاق وأساس ذلك قول رسول ال عليه الصلة‬
‫والسلم "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس منها ماله من‬
‫)‪( 4‬‬
‫أين اكتسب وفيما أنفقه" ‪.‬‬

‫)( د‪ .‬محمد الفنجري‪ ،‬المذهب القتصادي السلم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.116‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( د‪ .‬حسين شحاته‪ ،‬الضوابط السلمية للنفاق والستهلك وأثرها علي ميزانية‬ ‫‪3‬‬

‫البيت والدولة‪ ،‬الناشر مجلة القتصاد السلمي‪ ،‬إصدار بنك دبي السلمي‪ ،‬عدد ‪74‬‬
‫محرم ‪1408‬هـ‪.‬‬
‫)( صحيح الترمذي بشرح المام ابن العربي المالكي‪ ،‬الجزء التاسع‪ ،‬دار الكتاب العربي‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫بيروت‪ ،‬باب صفة القيامة‪ ،‬ص ‪.253‬‬

‫‪90‬‬
91
‫المطلب الثالث‬
‫دور البنوك السلمية في علج التبعية‬
‫المالية في دول العجز‬

‫نناقش في هذا الجزء الدور الذي يمكن أن تساهم به البنوك السلمية‬


‫في تصفية التبعية المالية لدول العجز ول يخفي أن البنوك بشكل عام ومن‬
‫بينها البنوك السلمية تساهم في عملية التنمية لية دولة من خلل قيامها‬
‫بوظيفتين رئيسيتين أولهما تجميع المدخرات المحلية وثانيهما توظيف‬
‫هذه المدخرات ولعل القدرة التي تتمتع بها البنوك السلمية في تعبئة‬
‫واستقطاب مدخرات المجتمع وتوظيفها في التمويل التنموي والتجاري‬
‫المتفق والشريعة السلمية يكون مدخلنا لدراسة دور البنوك السلمية في‬
‫حل مشكلة الديون الخارجية أو بمعني آخر دورها في تخفيف العتماد علي‬
‫ً في تمويل التنمية القتصادية في‬
‫التمويل الجنبي ما زال دورها هامشيا‬
‫بعض الدول العربية‪.‬‬

‫وبالتالي فإننا سوف نناقش في هذه الصفحات دور البنوك السلمية‬


‫في علج الديون الخارجية وذلك في ثلث فروع‪:‬‬

‫الفرع الول ‪ :‬دور البنوك السلمية في تبعية المدخرات المحلية‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬دور البنوك السلمية في تمويل التنمية القتصادية‪.‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬دور البنوك السلمية في تمويل التبادل التجاري‬


‫البيني‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫الفرع الول‬
‫دور البنوك السلمية في تعبئة المدخرات المحلية‬

‫تبرز أهمية المدخرات المحلية من الدور الكبير الذي تؤديه في عملية‬


‫التنمية القتصادية ول يخفي أن من بين أسباب الديون الخارجية العربية‬
‫وجود فجوة الموارد المحلية الناجمة عن قصور الدخار المحلي عن‬
‫الستثمارات المطلوبة لعملية التنمية القتصادية مما جعل هذه الدول‬
‫تستعين بالمدخرات الجنبية لسد هذه الفجوة‪.‬‬

‫ورغبة من الدول النامية في التغلب علي مشكلة ضعف الدخار المحلي‬


‫أخذت بما فيها الدول العربية بالحلول الذي يطرحها القتصاد الرأسمالي‪،‬‬
‫والتي تري أن السبيل لزيادة معدل الدخار المحلي يمكن في رفع أسعار‬
‫الفائدة علي المدخرات لغراء الفراد علي إيداع ما لديهم من مبالغ في‬
‫)‪( 1‬‬
‫الجهاز المصرفي ‪.‬‬

‫والقتصاد الوضعي في هذه الحالة يبرر سعر الفائدة الذي يأخذه‬


‫ً لتضحية الفرد باستهلكه وفق تفسير النظرية‬
‫المودع علي أنه ثمنا‬

‫)( اللجنة القتصادية والجتماعية لغربي آسيا‪ ،‬تقييم الموارد المالية اللزمة‬ ‫‪1‬‬

‫ً في منطقة غربي آسيا واحتمالت التمويل الخارجي‪ ،‬المم‬


‫للدولتين القل نموا‬
‫المتحدة‪ ،‬نيويورك‪ ،1987 ،‬ص ‪.35‬‬

‫‪93‬‬
‫ًا‬
‫التقليدية )الكلسيك( بينما تري النظرية الكينزية أن ذلك ما هو إل ثمن‬
‫)‪( 1‬‬
‫للتضحية بالسيولة وعدم الكتناز ‪.‬‬

‫وإذا كان علي الصعيد النظري يفترض أن تكون زيادة أسعار الفائدة‬
‫ً لدي الفراد علي الدخار في الجهاز المصرفي إل أن واقع المدخرات‬
‫حافزا‬
‫في الدول العربية لم تستجب ذلك‪ .‬وذلك لسباب عديدة أبرزها السباب‬
‫)‪( 2‬‬
‫الدينية التي تمنع أفراد المسلمين من التعامل بالفائدة ‪ .‬وليس أدل علي‬
‫ضعف استجابة قرارات الدخار لسعار الفائدة في الدول العربية من أرقام‬
‫الجدول رقم )‪ (32‬الذي منها يتبين عجز الدخار المحلي عن تمويل‬
‫الستثمار في الدول العربية المبينة في الجدول المذكور‪ .‬وعلي سبيل‬
‫المثال بلغت مساهمة الدخار المحلي في تمويل الستثمار نسبة ‪ %52‬في‬
‫المغرب ونسبة ‪ %47‬في مصر و ‪ %52‬في سوريا لعام ‪ .1984‬ناهيك عن‬
‫أن بعض الدول العربية كالسودان والردن والصومال واليمن الشمالي كان‬
‫ً حيث فاق النفاق الستهلكي إجمالي الناتج المحلي ومن‬
‫الدخار فيها سالبا‬
‫)‪( 3‬‬
‫ثم كانت النتيجة أن لجأت الدول العربية إلي الستدانة الخارجية ‪ .‬وفوق‬
‫هذا كله فإن هذه الوسيلة‪ -‬سعر الفائدة‪ -‬تتنافي مع الشريعة السلمية‬
‫الغراء لكونها هي الربا المحرم‪.‬‬

‫)( د‪ .‬شوقي دنيا‪ ،‬تمويل التنمية في القتصاد السلمي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.446 -445‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أحمد مجذوب‪ ،‬السياسة النقدية في القتصاد السلمي‪ ،‬رسالة ماجستير منشورة‪ ،‬دار‬
‫اللواء‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪ ،1989 ،1‬ص ‪.220‬‬
‫)( د‪ .‬خليل محمد حسن الشماع ‪ ،‬المدخرات العربية‪ -‬أنواعها ونوعية المدخرين‬ ‫‪2‬‬

‫والعوامل المؤثرة علي حجمها وتطورها‪ -‬اتحاد المصارف‪ ،1987 ،‬ص ‪.234 -211‬‬
‫)( التقرير القتصادي العربي الموحد‪ ،‬لعام ‪ ،1986‬ص ‪.30‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪94‬‬
‫وبفرض أن الفائدة حافز للدخار في البنوك التجارية الربوية فهل‬
‫باستطاعة البنوك السلمية جذب المدخرات المحلية دون استخدام هذه‬
‫الوسيلة التقليدية؟‪.‬‬

‫ل ريب أنها يمكنها جذب المدخرات من أفراد السلمي وتوجيهها نحو‬


‫خدمة أهداف التنمية القتصادية والجتماعية وبما يتفق والشريعة‬
‫السلمية إذ أن تلك تدفعها لدي أفراد المجتمع السلمي الراغب في تطهير‬
‫معاملته من الربا الخبيث‪.‬‬

‫جدول رقم ) ‪( 32‬‬


‫)‪( 1‬‬
‫نسبة الدخار المحلي إلي الستثمار‬
‫‪1984‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫الدولة‬
‫‪63.6‬‬ ‫‪81‬‬ ‫تونس‬

‫)( جامعة الدول العربية وجهات أخري‪ ،‬التقرير القتصادي العربي الموحد لعام‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،1986‬ص ‪.245‬‬

‫‪95‬‬
‫‪52.0‬‬ ‫‪44.3‬‬ ‫سوريا‬
‫‪47.1‬‬ ‫‪47.8‬‬ ‫مصر‬
‫‪ 40.-‬عام ‪1983‬‬ ‫‪22-‬‬ ‫الردن‬
‫‪52‬‬ ‫‪51‬‬ ‫المغرب‬
‫‪23-‬‬ ‫‪38‬‬ ‫السودان‬
‫‪2.9-‬‬ ‫‪19‬‬ ‫موريتاميا‬
‫‪69.0‬‬ ‫‪46-‬‬ ‫اليمن الشمالي‬
‫‪ 9.4-‬عام ‪1982‬‬ ‫‪-‬‬ ‫ًا(‬
‫)سابق‬
‫الصومال‬

‫ومن هذا المنطلق أخذت المصارف السلمية بشتى الوسائل الهادفة‬


‫لتنمية الوعي الدخاري والستثماري لدي الفراد وعملت علي إيجاد القنوات‬
‫والوعية الدخارية التي تتفق والشريعة والقادرة علي جذب مدخرات‬
‫)‪( 1‬‬
‫المجتمع ‪.‬‬

‫وتشير الشواهد إلي أن البنوك السلمية استطاعت‪ -‬رغم الصعوبات‬


‫)‪( 2‬‬
‫التي تواجهها ‪ -‬أن تثبت جدارتها في جذب وتعبئة المدخرات التي تعتبر‬
‫نقطة انطلق التنمية وتوجيهاها نحو الستثمارات المنتجة‪.‬‬

‫)( المصرف السلمي الدولي للستثمار والتنمية‪ ،‬دور المصارف السلمية في تعبئة‬ ‫‪1‬‬

‫الموارد والتنمية المحلية‪ ،1986 ،‬ص ‪.11 -10‬‬


‫)( لمعرفة الصعوبات انظر بحث د‪ .‬عبد الحميد الغزالي‪ ،‬المصارف السلمية‬ ‫‪2‬‬

‫منجزاتها ودورها المستقبلي‪ ،‬الناشر‪ ،‬جامعة الدول العربية‪ ،‬ضمن كتاب القتصاد‬
‫السلمي والتكامل التنموي في الوطن العربي‪ ،1985 ،‬ص ‪.113-12‬‬

‫‪96‬‬
‫ويمكننا أن نشير في هذا الصدد إلي تجربة مصرف قطر السلمي‬
‫الذي نجح في اجتذاب ما يزيد عن ‪ %12‬من إجمالي ودائع الجهاز المصرفي‬
‫القطري‪ .‬وهي نسبة تدل علي تزايد الوعي المصرفي السلمي لدي‬
‫المواطنين وتعكس من جهة أخري قدرة المصرف علي استثمار هذه‬
‫)‪( 1‬‬
‫ً والقل مخاطرة ‪ .‬كما‬
‫المدخرات وفق الساليب السلمية الكثر ربحا‬
‫ً لما أشارت إليه الدراسة فقد تضاعفت ودائع المصرف السلمي‬
‫أنه وفقا‬
‫)‪( 2‬‬
‫ً خلل ‪1410 -1403‬هـ ‪.‬‬
‫أكثر من ‪ 28‬ضعفا‬

‫وإذا ما أخذنا تجربة بنك فيصل السلمي المصرفي في تجميع‬


‫المدخرات لتبين لنا النجاح الكبير الذي حققه البنك في هذا المجال إذ أن‬
‫الرقام المتاحة تشير إلي نمو الودائع حيث بلغت في عام ‪ 1404‬هـ نحو‬
‫‪ 1531‬مليون دولر مقابل ‪ 140‬مليون دولر عام ‪1400‬هـ محققه نسبة‬
‫)‪( 3‬‬
‫نمو قدرها ‪ %1092‬خلل الفترة المذكورة ‪.‬‬

‫)( مصرف قطر السلمي‪ ،‬ورق عمل حول تجربة مصرف قطر السلمي‪ ،‬بحث مقدم‬ ‫‪1‬‬

‫لندوة تجربة البنوك السلمية في القاهرة‪1410 ،‬هـ‪ ،1990 /‬ص ‪.1‬‬


‫)( المرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( د‪ .‬إسماعيل شلبي‪ ،‬مفاهيم وممارسات البنوك السلمية‪ ،‬الناشر جامعة الدول‬ ‫‪3‬‬

‫العربية‪ ،‬بحث نشر في كتاب القتصاد السلمي والتكامل التنموي في الوطن العربي‬
‫‪ ،1985‬ص ‪.125‬‬

‫‪97‬‬
‫كما لو أننا أخذنا تطور الودائع في المصرف السلمي الدولي‬
‫للستثمار والتنمية لتضح لنا وبصورة جلية ذلك النمو المتواصل في حجم‬
‫الودائع كما هو مبين في الرقام الموضحة أدناه‪:‬‬

‫تطور الودائع في المصرف السلمي الدولي للستثمار والتنمية عن‬


‫)‪( 1‬‬
‫‪84‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪82‬‬ ‫الفترة ‪1985 -82‬م ‪:‬‬
‫‪85‬‬
‫‪418.22 255.8 61.39‬‬ ‫إجمالي الودائع )بالمليون جنية(‬

‫ل ريب أن هذا التطور في حجم الودائع في المصارف السلمية يبرز‬


‫الدور الكبير الذي تساهم به المصارف في مجال جذب وتعبئة المدخرات‬
‫لستخدامها في تمويل التنمية القتصادية السلمية‪.‬‬
‫تمهيد‬
‫ً‬ ‫المحلية ا‬

‫ونتساءل هنا عن أسباب تطور الودائع )المدخرات( في المصارف السلمية؟‬

‫ً أو عطاءا‬
‫ً‬ ‫يبدو أنه واضح للوهلة الولي أن تحريم التعامل بالفائدة أخذا‬
‫في المصارف السلمية والذي يعتبر حجر الزاوية فيها يساهم في رفع الحرج‬
‫عن المسلمين الذين أيقنوا أن أسلوب الفائدة التي تتعامل بها البنوك التجارية‬
‫هي الربا المحرم وأن إيداعهم لديها هي من باب مساعدتهم علي الثم والعدوان‬
‫الوضع الذي دفع المسلمين للتعامل مع المصارف السلمية حينما ظهرت إلي‬
‫حيز الوجود في الونة الخيرة‪.‬‬

‫والمر الثاني وهو يتعلق بكيفية توظيف واستثمار هذه الموال المودعة‬
‫حيث إن المصارف السلمية استحدثت القنوات الستثمارية المتنوعة التي‬

‫)( المصرف السلمي الدولي للستثمار والتنمية‪ ،‬دور المصارف السلمية في تنمية‬ ‫‪1‬‬

‫الموارد والتنمية المحلية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪98‬‬
‫تتمشي مع الشريعة السلمية وتلبي رغبات العملء والمستثمرين من خلل‬
‫تحقيق الربح الحلل البديل عن الفائدة المحرمة‪ ،‬ذلك كصيغ المضاربات‬
‫المتعددة النواع التي تطرحها دار المال السلمي‪ -‬من أجل جذب ودائع أكبر‬
‫شريحة من العملء‪ -‬والتي تتيح للمستثمر فرصة استثمار أمواله في المجالت‬
‫الشرعية وتسمح له في الوقت نفسه بحسب أمواله بموجب إخطار مسبق علي‬
‫)‪(1‬‬
‫تاريخ السحب بمدة أسبوع وفي بعض الصيغ يكتفي بمدة ثلثة أيام ‪ .‬وبالتالي‬
‫فهي علوة علي كونها تمثل فرصة استثمار للعميل فإنها تمكنه من استرداد‬
‫أمواله وتحويلها إلي سيولة نقدية فيما لو تعرض لضائقة مالية أو احتاج لها‬
‫فترة وجيزة قد ل تتجاوز أسبوع‪ .‬ول ريب أن ذلك يحتم علي الدول العربية‪-‬‬
‫بعد أن أثبتت البنوك السلمية قدرتها في جذب وتعبئة المدخرات‪ -‬زيادة عدد‬
‫البنوك السلمية وإنشاؤها في الدور التي مازالت تتردد في قبولها‪.‬‬

‫الفرع الثاني‬
‫دور البنوك السلمية في تمويل التنمية القتصادية‬

‫تبرز أهمية المصارف السلمية في مجال التمويل الذي من خلله تقل‬


‫حاجة الدولة إلي الستعانة بالقروض الخارجية ذات الفائدة الربوية وذلك‬
‫من خلل قدرتها علي جذب وتعبئة المدخرات المحلية وتوظيفها في‬
‫الستثمار المتفق وفق الضوابط السلمية‪ ،‬وهي بهذا تصحح وظيفة المال‬
‫في المجتمع وتضعه في مساره الصحيح‪.‬‬

‫)( دار المال السلمي القابضة‪ ،‬التقرير السنوي‪ ،1990 ،‬ص ‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪99‬‬
‫ول جدال في أن القدرة التي تتمتع بها البنوك السلمية في جذب‬
‫وحشد المدخرات تجعلها بل منازع من أبرز مصادر التمويل المحلي‬
‫ً في تمويل القطاعات‬
‫ً هاما‬
‫للتنمية القتصادية التي يمكن أن تعلب دورا‬
‫ً أمام توسع‬
‫النتاجية التي تشكل عجزها عن إشباع الطلب المحلي عائقا‬
‫التجارة العربية البينية ومن ثم لجوء الدول العربية إلي الستيراد من‬
‫العالم الخارجي لسد هذا العجز مما زاد من تبعيتها التجارية وأوقعها في‬
‫مصيدة الديون الخارجية‪.‬‬

‫وتبرز أهمية التمويل المقدم من البنوك السلمية إذا ما تذكرنا‬


‫الوضع الحرج الذي تعاني منه اقتصاديات الدول العربية الناجم عن تفاقم‬
‫ديونها الخارجية وتخلف قطاعاتها النتاجية وقلة مصادر التمويل المتاح لها‬
‫بل وانخفاض التدفقات المالية المتجهة إليها لدعم برامج التنمية‬
‫ً لما أشارت‬
‫القتصادية فيها كما هو حال الدول النامية الخرى إذ أنه وفقا‬
‫إليه التقارير‪ ،‬فقد انخفض حجم القروض المقدمة من البنوك التجارية‬
‫الخارجية إلي الدول النامية من ‪ 51‬بليون دولر أمريكي عام ‪1981‬إلي ‪25‬‬
‫بليون دولر أمريكي عام ‪ 1983‬وذلك بنسبة انخفاض تزيد عن ‪ %50‬وذلك‬
‫لكون هذه البنوك استخدمت الملءة المالية كمعيار لتقديم للدول‬
‫)‪(1‬‬
‫النامية ‪ .‬بينما تشير تقارير الونكتاد إلي أن مجموع ما تلقته الدول‬
‫النامية من جميع مصادر التمويل الخارجي انخفض من ‪109.7‬بليون دولر‬

‫)( البنك السلمي للتنمية‪ ،‬التقرير السنوي العاشر‪1405 ،‬هـ‪1985 -1984 ،‬م‪ ،‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.34‬‬

‫‪10‬‬
‫‪0‬‬
‫)‪(1‬‬
‫إلي ‪99.8‬بليون دولر خلل الفترة ‪ . 1983 -1981‬أي بنسبة انخفاض‬
‫تقدر بنحو ‪.%9‬‬

‫يضاف إلي ذلك أن أهمية تمويل البنوك السلمية تزداد أهمية إذا ما‬
‫علمنا عزوف البنوك التجارية العربية عن تمويل الستثمار طويل الجل‬
‫واقتصار دورها التمويلي في مجال الئتمان قصير الجل )التمويل التجاري(‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬‬

‫كما يتضح ذلك من أرقام الجدول )‪ (33‬الذي يكشف بوضوح أحجامها‬


‫عن المشاركة في التمويل النمائي لسيما في القطاع الزراعي والصناعي‪.‬‬

‫ناهيك عن دورها في تصدير )توظيف( رؤوس الموال خارج الدولة‬


‫)‪(3‬‬
‫في الوقت الذي تحتاج فيه هذه الدولة إلي زيادة الستثمار‬ ‫والمقر )الم(‬
‫والنتاج الذي يعتبر الحل الرئيسي لمعظم مشاكل القتصاد العربي‪ .‬وذلك‬
‫علي خلف البنوك السلمية التي يعتبر من أبرز مميزاتها أن دورها‬

‫)( مؤتمر المم المتحدة للتجارة والتنمية‪ ،‬تمويل التجارة فيما بين الدول النامية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.5‬‬
‫)( المؤسسة العربية لضمان الستثمار‪ ،‬والجهاز المصرفي العربي ودوره وملمحه‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ ،1989‬ص ‪.30‬‬
‫)( د‪ .‬جمعة محمد عامر‪ ،‬السياسة المصرفية الملئمة للتمويل بالمملكة العربية‬ ‫‪3‬‬

‫السعودية‪ ،‬بحث منشور في مجلة التعاون تصدرها المانة العامة لمجلس التعاون‬
‫الخليجي‪ ،‬عدد ‪ ،15‬ديسمبر ‪.46 ،1989‬‬
‫‪ -‬بنك مصر‪ ،‬الدارة العامة للتسويق والبحوث‪ ،‬المصارف والتنمية القتصادية‪ ،‬بحث‬
‫مقدم لندوة مؤتمر دور البنوك في التنمية في مصر‪ ،1981 ،‬ص ‪ ،117-116‬النشار‪،‬‬
‫جامعة المنصورة‪،‬ضمن كتاب مؤتمر دور البنوك في التنمية في مصر‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪1‬‬
‫التمويلي لم ينحصر في إطار التخصص الضيق في الئتمان قصير الجل‬
‫وإنما يمتد ليشمل المساهمة الفعلية في عملية التنمية القتصادية من خلل‬
‫توفيرها التمويل الطويل الجل خاصة التمويل الزراعي والصناعي‪.‬‬

‫جدول رقم ) ‪( 33‬‬


‫مساهمة المصارف التجارية‬
‫العربية في تمويل القطاعات النتاجية )‪(%‬‬
‫الزراعة‬ ‫الصناعة‬ ‫التجارة‬ ‫الدولة‬
‫‪0.4‬‬ ‫‪5.2‬‬ ‫‪31‬‬ ‫المارات‬
‫‪0.2‬‬ ‫‪11.9‬‬ ‫‪21‬‬ ‫البحرين‬
‫‪15.3‬‬ ‫‪00‬‬ ‫‪83.4‬‬ ‫الجزائر‬
‫‪1.8‬‬ ‫‪10.5‬‬ ‫‪33.8‬‬ ‫السعودية‬
‫‪0.7‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪40‬‬ ‫عمان‬
‫‪00‬‬ ‫‪3.7‬‬ ‫‪31.0‬‬ ‫قطر‬
‫‪0.3‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪16.9‬‬ ‫الكويت‬
‫‪3.2‬‬ ‫‪16.2‬‬ ‫‪00‬‬ ‫ليبيا‬
‫‪2.3‬‬ ‫‪15.8‬‬ ‫‪24.3‬‬ ‫الردن‬
‫‪2.3‬‬ ‫‪15.8‬‬ ‫‪57.2‬‬ ‫سوريا‬
‫‪20.1‬‬ ‫‪9.3‬‬ ‫‪59.6‬‬ ‫الصومال‬

‫‪10‬‬
‫‪2‬‬
‫‪2.7‬‬ ‫‪33.3‬‬ ‫‪36.5‬‬ ‫مصر‬
‫‪12.9‬‬ ‫‪16.7‬‬ ‫‪36.1‬‬ ‫موريتانيا‬

‫وهذا يبرز أهمية البنوك السلمية في مجال تمويل التنمية‪ .‬وبالتالي‬


‫فإن مساهمة البنوك السلمية في تمويل قطاعات القتصاد النتاجية‪ -‬من‬
‫خلل تمويل مستلزمات النتاج من مواد أولية وسلع وسيطة قادرة علي‬
‫زيادة النتاج السلعي المطلوب للسوق العربية والذي يعتبر زيادته في حد‬
‫ذاته هو الحل الفضل لنهاء وتصفية التبعية القتصادية‪.‬‬

‫إذ أنه من خلل سينخفض الستيراد من العالم الخارجي ومن ثم تقل‬


‫الحاجة إلي القتراض الخارجي اللزم لتمويل هذا الستيراد‪.‬‬

‫ونشير في هذا الصدد‪ -‬علي سبيل المثال‪ -‬إلي الدور التمويلي الهام‬
‫الذي يضطلع به بنك فيصل السلمي السوداني في خدمة القتصاد السوداني‬
‫وذلك من خلل مساهمته في تمويل القطاعات النتاجية كما يتضح من ذلك‬
‫الجدول رقم )‪ (34‬الذي يوضح مساهمات البنك التمويلية في قطاعات‬
‫القتصاد السوداني‪.‬‬

‫جدول رقم ) ‪( 34‬‬

‫مساهمات بنك فيصل السلمي‬


‫)‪(1‬‬
‫السوداني في تمويل القطاعات النتاجية‬

‫)( المصدر‪ :‬البنك السلمي السوداني‪ ،‬التقرير السنوي‪ ،1987 /1407 ،‬ص ‪.10‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪10‬‬
‫‪3‬‬
‫‪1407‬‬ ‫‪1406‬‬ ‫القطاع‬

‫النسبة‬ ‫المبلغ‬ ‫النسبة‬ ‫المبلغ‬


‫بالف‬ ‫بالف‬

‫‪33.5‬‬ ‫‪48.817‬‬ ‫‪29.4‬‬ ‫‪48.266‬‬ ‫القطاع الزراعي‬

‫‪25.8‬‬ ‫‪37.701‬‬ ‫‪9.4‬‬ ‫‪15.489‬‬ ‫القطاع الصناعي‬

‫‪17.8‬‬ ‫‪25.997‬‬ ‫‪20.8‬‬ ‫‪34.162‬‬ ‫السلع‬

‫‪14.7‬‬ ‫‪21.497‬‬ ‫‪18.1‬‬ ‫‪29.601‬‬ ‫الستراتيجية‬

‫‪5.4‬‬ ‫‪7.922‬‬ ‫‪9.6‬‬ ‫‪15.861‬‬ ‫قطاع النقل‬

‫‪1.4‬‬ ‫‪1.990‬‬ ‫‪10.7‬‬ ‫‪17.475‬‬ ‫السلع الستهلكية‬

‫‪0.9‬‬ ‫‪1.372‬‬ ‫‪0.9‬‬ ‫‪1.45‬‬ ‫قطاع التشييد‬

‫‪0.5‬‬ ‫‪0.731‬‬ ‫‪1.1‬‬ ‫‪1.804‬‬ ‫قطاع الحرفيين‬

‫‪100‬‬ ‫‪146.02‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪163.92‬‬ ‫أخرى‬

‫‪7‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الجملة‬

‫والذي منه يتبين أن البنك أعطي القطاع الزراعي والصناعي الولوية‬


‫في التمويل حيث بلغت استثمارات البنك في هذه القطاعات ما يقارب من‬
‫‪ %60‬من جملة المبالغ المستثمرة خلل عام ‪1407‬هـ والتي تقدر بنحو‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ 146‬مليون جنية ‪.‬‬

‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪10‬‬
‫‪4‬‬
‫ً عن دوره اليجابي في دعم التنمية الريفية في دولة‬
‫ناهيك أيضا‬
‫السودان المقر‪ ،‬وذلك من خلل دخوله في مشاركات زراعية مع الفلحين‪.‬‬

‫لسيما أصحاب الحيازات الصغيرة الذين ل يقدرون علي توفير‬


‫ً بذلك تنمية الريف‬
‫الضمانات المطلوبة من قبل البنوك التقليدية مستهدفا‬
‫)‪(1‬‬
‫السوداني وزيادة النتاج الزراعي وترسيخ القتصاد السلمي ‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫نموذج التمويل الزراعي‬

‫مساهمة المزارع‬
‫‪ -1‬الموال الثابتة‪:‬‬ ‫‪ -1‬الرض والعمالة‬
‫‪ -1‬تراكتورات‪ -‬محادث‬
‫‪ -2‬طلمبات الري‪.‬‬ ‫‪ 2‬الدارة‬
‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.16‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -3‬أدوات رش المبيدات‪.‬‬
‫‪ 2‬مصاريف التشغيل‪:‬‬ ‫)( المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬ ‫‪2‬‬

‫الوقود‬ ‫‪10‬‬
‫‪5‬‬
‫البذور المحسنة‬
‫النتاج الزراعي‬
‫المبيدات الحشرية‬
‫ًا‪ :‬الزكاة‬
‫ناقص‬
‫السماد‬
‫الربح بعد الخصم‬
‫نصيب البنك حسب‬ ‫إيرادات بيع‬
‫ًا‪:‬‬
‫ناقص‬ ‫‪ 30%‬من صافي‬
‫التعاون في إدارة المشروع‬ ‫‪ 30%‬للمزارع‬
‫الربح الصافي‬ ‫المزارع‬
‫نصيبللمزارع‬
‫مساهمته في رأس‬ ‫المحصولالتشغيل‬
‫مصاريف‬ ‫الربح‬
‫الفرع الثالث‬
‫دور البنوك السلمية في تمويل التبادل التجاري البيني‬

‫أشرنا فيما سبق إلى أن التجارة العربية البينية ل تتجاوز في أحسن‬


‫الحوال ‪ %10‬من إجمالي التجارة العربية وهي تعتبر نسبة متدنية بكل‬
‫المقاييس‪ ,‬ومن بين العوائق التي يعزي لها انخفاض حجم التبادل التجاري‬
‫بين هذه الدول قلة الموارد المالية المتاحة لدى العديد من الدول العربية‬
‫المر الذي اقتضي منها الستعانة بالمعونات المالية من الدول المتقدمة‪,‬‬
‫ومن الملحظ أن استخدام المعونات المالية التي تتلقاها هذه الدول مقيدة‬

‫‪10‬‬
‫‪6‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ًا‬
‫باستخدام معظمها في الشراء من الدول المانحة ‪ ,‬المر الذي ينعكس سلب‬
‫على حجم التجارة العربية البينية‪ .‬ومن هذا يأتي دور البنوك السلمية في‬
‫تنشيط وتنمية التجارة العربية البينية من خلل توفيرها التمويل المرتبط‬
‫)‪(2‬‬
‫بالتجارة البينية ‪.‬‬

‫ولنا فيما قدمه البنك السلمي للتنمية في هذا المجال مثال جيد حيث‬
‫إنه منذ عام ‪ 1977 / 1397‬بدأ عملياته في تمويل التجارة الخارجية والتي‬
‫ً بإصطلع تمويل تجارة الواردات بعد استحداث‬
‫أصطلح على تسميتها مؤخرا‬
‫)‪(3‬‬
‫برنامج التمويل الطول أجل في عام ‪1407‬هـ ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫ً وبصورة جلية من الرقام المتاحة أن البنك‬
‫وكما يبدو واضحا‬
‫يسعى إلى تنمية العلقات التجارية بين الدول السلمية‪ .‬كما يعكس ذلك‬
‫ارتفاع نصيب التجارة البينية البالغ نحو )‪ (%80‬من إجمالي التمويل‬
‫المعتمد لتجارة الواردات خلل الفترة ‪1410 – 1397‬هـ‪.‬‬

‫ول ريب أن هذا التمويل يزيد من التدفقات التجارية بين الدول‬


‫السلمية لنه يساعد على تخطي أهم عقبات التبادل التجاري البيني‪.‬‬

‫)( اللجنة القتصادية والجتماعية لغربي آسيا‪ ,‬تقييم الموارد المالية اللزمة‬ ‫‪1‬‬

‫ً في منطقة غربي آسيا واحتمالت التمويل الخارجي‪ ,‬مرجع‬


‫للدولتين القل نموا‬
‫سابق‪ ,‬ص ‪.40‬‬
‫)( المصرف السلمي الدولي للستثمار والتنمية‪ ,‬دور المصارف السلمية في إقامة‬ ‫‪2‬‬

‫سوق إسلمية مشتركة ‪ ,1987‬ص ‪.15‬‬


‫)( البنك السلمي للتنمية‪ ,‬التقرير السنوي )‪1410 (15‬هـ‪ ,‬ص ‪.116‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( البنك السلمي للتنمية‪ ,‬التقرير السنوي )‪ ,(15‬مرجع سابق‪ ,‬ص ‪.122‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪10‬‬
‫‪7‬‬
‫بينما نجد أن البنوك السلمية الخرى لها دور في تنشيط العلقات‬
‫ً من مواردها في تمويل‬
‫التجارية بين الدول السلمية حيث وظفت قدرا‬
‫التجارة البينية وليس أدل على ذلك من محفظة البنوك السلمية البالغ‬
‫ًا‬
‫عدد المساهمين فيها من بنوك ومؤسسات مالية إسلمية نحو ‪ 24‬مساهم‬
‫)‪(1‬‬
‫حتى نهاية ‪1412‬هـ والتي من أبرز مميزاتها استخدام مواردها في تمويل‬
‫السلع المتبادلة بين الدول السلمية وتمويل التجارة الخارجية إذا كان‬
‫)‪(2‬‬
‫ذلك يخدم العملية التنموية في الدول السلمية ‪ .‬وهذا التوجه من قبل‬
‫البنوك السلمية من شأنه أن يسهم في خدمة اقتصاديات الدول السلمية‬
‫سواء من ناحية مواجهة متطلبات التنمية القتصادية أو مواجهة متطلبات‬
‫عمليات التجارة البينية أو الخارجية الوضع الذي يعزز التكامل القتصادي‬
‫السلمي ويقلل من الطلب على التمويل الجنبي‪.‬‬

‫‪:‬خلصة الفصل‬

‫)( البنك السلمي للتنمية‪ ,‬التقرير السنوي ‪1412 ,‬هـ‪ ,‬ص ‪.111‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( البنك السلمي للتنمية‪ ,‬التقرير السنوي الثاني عشر‪1407 ,‬هـ‪ ,‬ص ‪.94‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪10‬‬
‫‪8‬‬
‫نخلص مما سبق أن وسائل علج التبعية الغذائية تكمن في المعالجة‬
‫الشاملة للوضع القتصادي والجتماعي لسكان الريف باعتبارها حجر‬
‫الزاوية في التنمية الزراعية والتعجيل بعملية التنمية الريفية التي توفر‬
‫عوامل الجذب في الريف وتحد من هجرة السواعد النشطة الزراعية وزيادة‬
‫نسبة الستثمارات المخصصة للقطاع الزراعي في خطط التنمية العربية‬
‫وتوفير التمويل الزراعي وإعادة النظر في مؤسسات القراض الزراعي‬
‫والشروط التعسفية التي تضعها أمام المستفيد )المزارع( كصعوبة‬
‫الضمانات وتعقيد الجراءات وارتفاع سعر الفائدة وهذا الخير ما يتنافى‬
‫والشريعة السلمية والعمل على تطوير أساليب إقراضها بما يتفق‬
‫والشريعة كاستخدام نظام المرابحة والتأجير والمزارعة والسلم‪.‬‬

‫كما تناول الفصل أهمية عقد السلم الشرعي في تمويل التنمية‬


‫الزراعية واعتباره الحل البديل عن التمويل الزراعي الربوي والقادر على‬
‫النهوض باحتياجات الزراعة والمزارعين‪ ,‬كما تبين من خلل الفصل دور‬
‫مؤسسات التنمية العربية الوطنية والقليمية في التنمية الزراعية العربية‬
‫واتضح أنه رغم أهمية دورها التمويلي إل أن ذلك ل ينفي أن مساهماتها‬
‫تبقي محدودة مقارنة باحتياجات الزراعة العربية فضل عن أن مساهماتها‬
‫اتسمت بطابع النحياز التمويلي لصالح قلة من الدول على حساب الكثرية‪.‬‬
‫كما أن وسائل علج التبعية الغذائية تتطلب تحسين كفاءة التسويق‬
‫الزراعي وترشيد السياسة العربية وترك السعار تتحدد في ظل قوى السوق‬

‫‪10‬‬
‫‪9‬‬
‫والتي تحقق السعر القتصادي للمزارع الذي طالما أعاق نموه السياسات‬
‫السعرية العربية‪.‬‬

‫بينما يتضح أن وسائل علج التبعية المالية في دور العجز يكمن في‬
‫وقت القتراض بالفائدة الربوية – إذ أن تلك الفائدة محرمة في الشريعة‬
‫السلمية‪ ,‬فضل عن أنها أسفرت عن خلق اقتصاد مثقل بالديون – والخذ‬
‫بنظام التمويل السلمي بصيغة المتعددة كصيغة التمويل بالمشاركة في‬
‫الربح والخسارة والمضاربة أو صيغ البيوع مثل المرابحة للمر بالشراء‬
‫والستصناع والبيع الجل والسلم‪ .‬كما أن وسائل علج التبعية المالية‬
‫تتطلب ترشيد الستهلك وفق الضوابط السلمية وبشكل ينتج عنه فائض‬
‫في المدخرات يمكن توجيهها في أوجه التنمية القتصادية مما تقل مع‬
‫الحاجة إلى القتراض الخارجي‪ ,‬كما تناول الفصل دور البنوك السلمية‬
‫في حل مشكلة الديون الخارجية من خلل دورها في تعبئة المدخرات‬
‫المحلية وتوجيهها نحو تمويل التنمية القتصادية ودورها في تمويل التبادل‬
‫التجاري البيني‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪0‬‬
11
1

You might also like