Professional Documents
Culture Documents
1وعن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال :قححال رسححول اللححه -صححلى اللححه
دوا ،واعلموا أنه((؛ أي :الشأن ))لن ينج حوَ أح حد ٌ عليه وسلم )) :-قاربوا وسد ّ ُ
مِلحه((" ،قحالوا :ول أنحت؟"؛ أي :ول تنجحو بعملحك ،فححذف ن الله بع َ منكم م َ
ن :ول أنححت نححاج بعملححك ،فيكححون الفعل فانفصل الضمير ،ويحتمححل أن يكححو َ
مبتدأ محذوف الخبر ،قال)) :ول أنا((؛ أي :ول أنجححو ،أو ول أنححا نححاج بالعمححل
))إل أن يتغمدني((؛ أي :يغمرنححي ))اللححه برحمححة منححه وفضححل(( ،ويلبسححنيها
ويغمرني بها ،ومنه :غمدت السيف وأغمدته؛ أي :جعلُته في غمده ،وسترته
به.
ل السحّنة أنحه ل يثبحت بالعقحل ب أهح ِ قال النووي في "شحرح مسحلم" :محذه ُ
شْرع ،ومححذهبهم ثواب ،ول عقاب ،ول حكم شرعي ،ول يثبت ذلك كله إل بال ّ
ن الله -تعالى -ل يجب عليه شححيء ،بححل الححدنيا والخححرة مْلكححه يفعححل مححا أ ّ
يشاء ،ويحكم ما يريد؛ فلو عذب المطيعيححن جميعهححم وأدخلهححم النححار لكححان
دخلهححم الجن ّححة كححان لححه ذلححك ،ولكنححه أخححبر - عدل ً منه ،ولو نّعم الكافرين وأ ْ
دق :-أنححه ل يفعححل هححذا ،بححل يغف حُر للمححؤمنين ،وي ُححدخلهم الجنححة صح ْ وخححبره ِ
ً
ذب الكافرين ويدخلهم النار عدل منه ،وفي هذا الحححديث دليححل برحمته ،وي ُعَ ّ
ظاهر لما قلناه من أنه ل يستحق أحد ٌ الثواب والجنححة بطححاعته ،وأمححا قححوله
ن﴾ ]النحححل ،[32 :ونحوهححا مححن اليححات مل ُححو َ
م ت َعْ َما ك ُن ْت ُ ْ ة بِ َ خُلوا ال ْ َ
جن ّ َ تعالى﴿ :اد ْ ُ
ن العمال يدخل بها الجنة ،فهي ل ُتعارض هذه الحححاديث؛ بححل الدالة على أ ّ
ن دخول الجنة بسبب العمال ،ثم التوفيق للعمال والهداية معنى اليات :أ ّ
ح أنححه لححم يححدخل الجنححة أحححد للخلص فيها وقبولها برحمة الله وفضله ،فص ّ
بمجرد العمل ،وهححو مححراد الحححاديث ،ويصححح أن يقححال :إن ّححه دخححل بالعمححال
صا.
ملخ ً ن الفضل؛ أي :بسببها وهي من الرحمة .اهح ُ المسببة ع ِ
ن وأشار العارف بالله -تعالى -ابن أبي جمرة إلححى جححواب آخححر ،حاصححله أ ّ
من مقتضيات الحكمححة ،ول العمال أسباب عادية كسائر السباب التي هي ِ
ن الذي يؤَّثر فححي ي باعتبار التأثير؛ بمعنى :أ ّ ف ُ خول الجنة ،فالن ْ تأثير لها في د ُ ُ
خول الجنة في الحقيقة إّنما هو الله -تعالى -ل العمال ،فإنما هي مجّرد دُ ُ
ة اللهيححة ،والسححناد إليهححا تححارة باعتبححار أنهححا ضْتها الحكمح ُ ْ
أسباب صورية ،اقت َ َ
صوري ،قال ابن أبي جمرة :وفي الحديث دللة على أنححه ليححس أحححد سبب ُ
من الخْلق يقدر على توفية حق الربوبية على ما يجب لها ،يؤخححذ ذلححك مححن
مححدني اللححه برحمتححه« ،فحإذا كحان هحو -وهححو خيححر قوله» :ول أنححا ،إل ّ أن يت َغَ ّ
َ
قدر على ذلك ،فححالغيُر أحححرى وأوْل َححى، البشر ،وصاحب المقامات العل -ل ي ْ
شححكر كا حقيقة؛ لنححه إذا طالبنححا ب ُ ت ذلك من جهة النظر تجده مدر ً وإذا تأمل َ
دوان ت َعُ ّالن َّعم التي علينا عجزنا عنه بالطبع ،ومنها ما ل نعرفه؛ كما قال﴿ :وَإ ِ ْ
قححال العلمححاء :معنححى السححتقامة لحزوم طاعححة اللححه -تعحالى -
جوامححع الكلححم ،وهححي نظححام المححور ،وبححالله
قححالوا :وهححي مححن َ
التوفيق.
***
1رواه مسلم.
حّركححة :-مححا َ
ل وحححاد عححن الشححيء، م َ غا وَروَ َ
غان ًححا ُ - 2راغ الرجل والثعلب َرو ً
"قاموس".
وروى علي بن أبي طلحة ،عن ابن عباس في قوله -تعالى :-
موا﴾ ،قححال :اسححتقاموا علححى قا ُست َ َ ما ْ ه ثُ ّ ن َقاُلوا َرب َّنا الل ّ ُ ذي َ ن ال ّ ِ ﴿إ ِ ّ
أداء فرائضه.
مل. دين والع َ وعن أبي العالية قال :ثم أخلصوا له ال ّ
وعن قتادة قال :استقاموا على طاعة الله.
وكان الحسن إذا قرأ هذه الية قال :اللهم أنت ربنححا ،فاْرزقنححا
الستقامة.
مراد السححتقامة علححى التوحيححد ،إنمححا أراد ن ال ُ ولعل من قال :إ ّ
م صححاحبه علححى النححار ،وهححو تحقيححق ححّر ُ التوحيد الكامل الذي ي ُ َ
معنى ل إله إل اللححه ،فححإن اللححه هححو المعبححود الححذي ُيطححاع فل
ل ،ودعاء، ة ،وإجلًل ،ومهابة ،ومحبة ،ورجاء ،وت َوَك ّ ً ُيعصى؛ خشي ً
والمعاصي قادحة كلها فححي هححذا التوحيححد؛ لنهححا إجابححة لححداعي
الهوى ،وهو الشيطان.
َ َ
واهُ﴾ ]الجاثيححة: ه ه َح َخذ َ إ ِل َهَ ُ ن ات ّ َ م ِ ت َ ل ﴿ :-أفََرأي ْ َ قال الله -عّز وج ّ
سن وغيححره :هححو الححذي ل يهححوى شححيًئا إل ركبححه، ،[23قال الح َ
فهذا ُينافي الستقامة على التوحيد.
ت بالله« ،فالمعنى أظهر؛ ل :آمن ُ وأما على رواية من روى» :ق ْ
لن اليمان يدخل فيححه العمححال الصححالحة عنححد الس حَلف ومححن
تابعهم من أهل الحديث.
ُ
ك مَعح َ ب َ ن َتحا َ مح ْ ت وَ َمحْر َ ما أ ِ م كَ َ ق ْ ست َ ِ ل َ﴿ :-فا ْ وقال الله -عز وج ّ
َ
مَرهُ أن صححيٌر﴾ ]هححود ،[112 :ف حأ َ ن بَ ِ مل ُححو َ مححا ت َعْ َه بِ َ وا إ ِن ّح ُ َول ت َط ْغَ ح ْ
ن تححاب معححه ،وأل ُيجححاوزوا مححا أمححروا بححه وهححو محح ْ مو َ يسححتقي َ
مط ِّلع عليها؛ قال -تعالى الطغيان ،وأخبر أنه بصير بأعمالكمُ ،
َ ُ
م
واَءهُ ْ هحح َ ت َول ت َت ِّبححعْ أ ْ مححْر َ مححا أ ِ م كَ َ ق ْ سححت َ ِ ك َفححاد ْعُ َوا ْ ﴿ :-فَِلححذ َل ِ َ
﴾ ]الشورى.[15 :
مر محمد أن يستقيم علححى أمححر اللححه ،وقححال ُ
وقال قتادة :أ ِ
الثوري :على القرآن.
مر رسححول اللححه وعن الحسن قال :لما نزلت هذه الية ش ح ّ
كا.فما رؤي ضاح ً
ش حْيري عححن بعضححهم :أنححه رأى ق َ خّرجه ابن أبي حاتم ،وذكححر ال ُ
ت)) :شححيبتني النبي في المنام فقال له :يا رسول الله ،قلح َ
مق ْ سحت َ ِ )هود( وأخواتها(( ،فما شحّيبك منهحا؟ ،قحال» :قحولهَ﴿ :فا ْ
ت﴾«. كَ ُ
مْر َ ما أ ِ َ
َ َ ُ ُ َ ل ﴿ :-قُ ْ
محا ي أن ّ َ حى إ ِلح ّ م ُيحو َ مث ْلكح ْ شحٌر ِ ما أَنا ب َ َ ل إ ِن ّ َ وقال -عّز وج ّ
حد ٌ﴾ ]فصلت.[6 : ه َوا ِ م إ ِل َ ٌ إ ِل َهُك ُ ْ
ش حَرعَ ما؛ كما قححالَ ﴿ : دين عمو ً وقد أمر الله -تعالى -بإقامة ال ّ
حي َْنا إ ِل َي ْ َ َ
صححي َْنا
ما وَ ّ ك وَ َ ذي أوْ َ حا َوال ّ ِ صى ب ِهِ ُنو ً ما وَ ّ ن َ ِ دي
ن ال ّ م َ م ِ ل َك ُ ْ
عيسى أ َ َ
فّرقُححوا ِفي ح ِ
ه ن َول ت َت َ َ دي َ موا ال ّن أِقي ُ ْ سى وَ ِ َ مو َ م وَ ُ هي َ ب ِهِ إ ِب َْرا ِ
م إ ِل َي ْهِ﴾ ]الشورى.[13 : عوهُ ْ ما ت َد ْ ُ
ن َكي َ شر ِ ِ م ْ ك َب َُر عََلى ال ْ ُ
وضححع مححن كتححابه ،كمححا أمححر َ
م ْم حَر بإقامححة الصححلة فححي غيححر َ وأ َ
بالستقامة على التوحيد في هححاتين اليححتين ،والسححتقامة فححي
سُلوك الصراط المستقيم وهو الدين القححويم مححن غيححر تعويححج ُ
ة ،ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة سَر ً ة ول ي َ ْ من َ ًعنه ي َ ْ
والباطنة ،وترك المنهيات كلهحا كحذلك ،فصححارت هححذه الوصحية
جامعة لخصال الدين كلها.
موا إ ِل َْيححححح ِ
ه قي ُ سحححححت َ ِ ل َ﴿ :-فا ْ وفحححححي قحححححوله -عحححححّز وجححححح ّ
من تقصير فححي فُروهُ﴾ ]فصلت ،[6 :إشارة إلى أنه ل ب ُد ّ ِ ست َغْ َِوا ْ
الستقامة المأمور بها ،فيجبر ذلك الستغفار المقتضي للتوبححة
ق الله معاذ» :ات ّ ِ والّرجوع إلى الستقامة ،فهو كقول النبي ل ِ ُ
ت ،وأت ِْبع السيئة الحسنة تمحها«.1 حيثما كن ْ َ
خَبر النبي أن النححاس لححن يسححتطيعوا السححتقامة حححق وقد أ َ ْ
الستقامة؛ كما خّرجه المححام أحمححد ،وابححن مححاجه مححن حححديث
ن حصوا ،واعلموا أ ّ ي قال» :استقيموا ولن ت ُ ْ ثوبان ،عن النب ّ
خيَر أعمالكم الصححلة ،ول يحححافظ علححى الوضححوء إل مححؤمن«،
ددوا ،وقححاربوا ،ول وفي رواية المام أحمد -رحمه الله » :-س ح ّ
يحافظ على الصلة إل مؤمن«.
حْين :عن أبي هريرة -رضي الله عنه -عن النححبي صحي َ وفي ال ّ
سد ُّدوا وقاربوا«؛ فالسداد :هححو حقيقححة السححتقامة، قالَ » :
وهو الصابة في جميححع القححوال والعمححال والمقاصححد؛ كالححذي
يرمي إلى غرض فيصيبه.
دادسح َل -ال ّ وقد أمر النححبي علّيحا أن يسححأل اللححه -عحّز وجح ّ
دى ،وقال له» :اذكر بالسداد تسححديدك السححهم ،وبالهححدى والهُ َ
هدايتك الطريق« ،والمقاربة :أن يصيب ما قَُرب مححن الغححرض
ما م ًإذا لم يصب الغرض نفسه ،ولكححن بشححرط أن يكححون مص ح ّ
على قصد السداد وإصابة الغَرض ،فتكححون مقححاربته عححن غيححر
حك َححم بححن حححزم عمد؛ ويدل عليه قول النبي فححي حححديث ال َ
الكلبي» :أيها الناس ،إنكححم لححن تعملححوا ولححن تطيقححوا كححل مححا
ددوا وأبشروا«؛ والمعنحى :اقصحدوا التسحديد س ّأمرُتكم ،ولكن َ
" 1جامع العلححوم والحكححم فححي شححرح خمسححين حححديًثا مححن جوامححع الكلححم"؛
فر
للشيخ :عبدالرحمن بن رجب ،133 - 2/127ط :السعيدية؛ ومعنى تك ّ
اللسان :تذل وتخضع له.
فصل
ك ن َعْب ُحد ُ حمه الله تعالى :-ومححن منححازل ﴿إ ِي ّححا َ قّيم -ر ِ قال ابن ال َ
ن﴾ ]الفاتحة :[5 :منزلة )السححتقامة(؛ قححال اللححه - ست َِعي ُ ك نَ ْ وَإ ِّيا َ
م ل عَل َي ْهِ ح ُ موا ت َت َن َحّز ُ قا ُ س حت َ َ ما ْ ه ثُ ّ ن َقاُلوا َرب َّنا الل ّ ُ ذي َ ن ال ّ ِ تعالى ﴿ :-إ ِ ّ
َ ة أ َّل ت َ َ
م جن ّحةِ ال ّت ِححي ك ُن ْت ُح ْ ش حُروا ِبال ْ َ حَزن ُححوا وَأب ْ ِ خححاُفوا َول ت َ ْ مَلئ ِك َح ُ ال ْ َ
م ه ث ُح ّ ن قَححاُلوا َرب ّن َححا الل ّح ُ ذي َ ن ال ّ ِ ن﴾ ]فصلت ،[30 :وقال﴿ :إ ِ ّ دو َ ُتوعَ ُ
ب ف عَل َيه حم ول هُ حم يحزنححون * ُأول َئ ِ َ َ موا َفل َ
حا ُ صح َ كأ ْ ْ َ ْ َ ُ َ ِْ ْ َ خو ْ ٌ قا ُ ست َ َ ا ْ
ن﴾ ]الحقححاف،13 : مل ُححو َ مححا ك َححاُنوا ي َعْ َ ج حَزاًء ب ِ َ ن ِفيَها َ دي َ خال ِ ِ جن ّةِ َ ال ْ َ
ك َول مع َ ح َ ،[14وقال لرسولهَ﴿ :فاستقم ك َ ُ
ب َ ن ت َححا َ مح ْ ت وَ َ مْر َ ما أ ِ ْ َ ِ ْ َ
ن أن الستقامة صيٌر﴾ ]هود ،[112 :فب َي ّ َ ن بَ ِ مُلو َ ما ت َعْ َ ه بِ َ وا إ ِن ّ ُ ت َط ْغَ ْ
مجاَوزة الحدود في كل شيء. طغيان ،وهو ُ ضد ال ّ
شر مث ْل ُك ُم يوحى إل َ َ َ
م ما إ ِل َهُك ُ ْ ي أن ّ َ ِ ّ ْ ُ َ ما أَنا ب َ َ ٌ ِ ل إ ِن ّ َوقال -تعالى ﴿ :-قُ ْ
فُروهُ﴾ ]فصححلت ،[6 :وقححال - سحت َغْ ِ موا إ ِل َي ْحهِ َوا ْ قي ُ سحت َ ِ حد ٌ َفا ْ ه َوا ِ إ ِل َ ٌ
َ َ
ماًء غَد ًَقا م َ قي َْناهُ ْ س َ قةِ َل ْ ري َ موا عََلى الط ّ ِ قا ُ ست َ َن ل َوِ ا ْ تعالى ﴿ :-وَأ ْ
ه﴾ ]الجن.[17 ،16 : م ِفي ِ فت ِن َهُ ْ * ل ِن َ ْ
ديقُ المححة ،وأعظمهححا اسححتقامة ،أبححو بكححر الصححديق - صح ّ ل ِ سئ ِ َ ُ
رضي اللححه عنححه -عححن السححتقامة؟ فقححال» :أل تشححرك بححالله
شيًئا« ،يريد الستقامة على محض التوحيد.1
وقال عمر بن الخطاب -رضححي اللححه عنححه » :-السححتقامة :أن
غان الثعالب«. م على المر والنهي ،ول تروغ َروَ َ تستقي َ
وقال عثمان بن عفان -رضي الله عنه » :-استقاموا :أخلصوا
مل لله«. الع َ
وقال علي بن أبي طالب -رضححي اللححه عنححه -وابححن عبححاس -
رضي الله عنهما » :-استقاموا :أّدوا الفرائض«.
وقال الحسححن» :اسححتقاموا علححى أمححر اللححه ،فعملححوا بطححاعته،
واجتنبوا معصيته«.
وقال مجاهد» :استقاموا على شهادة أن ل إله إل اللححه ،حححتى
حقوا بالله«. لَ ِ
"مدارج السالكين"؛ لبن القيم ،بتحقيق :محمد حامد الفقي.103 /2 ، 1
من أسباب الستقامة):(
ن سعادته فححي كلتححا حيححاتيه ،الولححى والثانيححة، يؤمن المسلم بأ ّ
موُْقوفححة علححى مححدى تححأديب نفسححه ،وتطييبهححا ،وتزكيتهححا، َ
ط بفسادها ،وتدسححيتها وخبثهححا؛ مُنو ٌ وتطهيرها ،كما أن شقاءها َ
وذلك للدلة التية:
َ
ن محح ْ ب َ خححا َ هححا * وََقححد ْ َ كا َ ن َز ّ محح ْ ح َ قححوله -تعححالى َ﴿ :-قححد ْ أفَْلحح َ
ن ك َحذ ُّبوا ِبآَيات ِن َححا ذي َ ن ال ّح ِ ها﴾ ]الشححمس،9 :ح ،[10وقححوله﴿ :إ ِ ّ سا َ دَ ّ
َ
ة
جّنحح َ ن ال ْ َ خُلو َ ماِء َول َيححد ْ ُ س َ ب ال ّ وا ُ م أب ْ َ ح ل َهُ ْ فت ّ ُ ست َك ْب َُروا عَن َْها َل ت ُ َ َوا ْ
ن* مي ح َ جر ِ ِ م ْ زي ال ْ ُ ج ِ ك نَ ْ ط 2وَك َذ َل ِ َ خَيا ِ م ال ْ ِ س ّ ل ِفي َ م ُ ج َ ج 1ال ْ َ حّتى ي َل ِ َ َ
شح وَك َحذ َل ِ َ م غَ َ ن فَحوْقِهِ ْ ل َهُح ْ
4 3
زي جح ِ ك نَ ْ وا ٍ مح ْ مهَححاد ٌ وَ ِ م ِ جهَن ّح َ ن َ مح ْ م ِ
سححا إ ِّل ف ً ف نَ ْ ت ل ن ُك َل ّ ُ حا ِ صال ِ َ مُلوا ال ّ مُنوا وَعَ ِ نآ َ ذي َ ن * َوال ّ ِ مي َ ظال ِ ِ ال ّ
وسعهاُ 5أول َئ ِ َ َ
ن﴾ ]العححراف40 : دو َ خال ِ ُ م ِفيَها َ جن ّةِ هُ ْ ب ال ْ َ حا ُ ص َ كأ ْ ُ ْ َ َ
نذي َ ّ
سرٍ * إ ِل الحح ِ ّ خ ْ في ُ نل ِ َ سا َ ْ
ن ال ِن ْ َ صر ِ * إ ِ ّ ْ
،[42 -وقولهَ﴿ :والعَ ْ
وا صحححح ْ وا َ حقّ وَت َ َ وا ب ِححححال ْ َ صحححح ْ وا َ ت وَت َ َ حا ِ صححححال ِ َ مل ُححححوا ال ّ من ُححححوا وَعَ ِ آ َ
صب ْرِ﴾ ]العصر.[3 - 1 : ِبال ّ
مححن أب َححى« ،قححالوا: وقول الرسول » :كلكم يدخل الجنححة إل َ
مححن أطححاعني دخححل الجنححة، من يأَبى يا رسول اللححه؟ قححالَ » : و َ
ومن عصاني فقد أَبى« ،وقوله » :كل الناس يغححدو ،فبححائع 6
1رواه مسلم.
سن َد ٍ حسن ،عححن النححبي -صححلى اللححه
2وفي هذا المعنى ما رواه الترمذي ب َ
ن
مح ْعليه وسلم » :-الك َّيس من دان نفسه ،وعمل لما بعد الموت ،والعاجز َ
أتبع نفسه هواها ،وتمّنى على الله الماني«.
م هححذا عب ّححأ نفسححه لمجاهححدة نفسححه ،فححأعلن فإذا عرف المسل ُ
مم علححى مكافحححة عليها الحححرب ،وشححهر ضححدها السححلح ،وصح ّ
رعوناتها ،ومناجزة شححهواتها ،فححإذا أحب ّححت الراحححة أتعبهححا ،وإذا
صححرت فححي طاعححة أو خيححر رغبت فحي الشححهوة حرمهححا ،وإذا ق ّ
مها ،ثم ألزمها بفعححل مححا قصححرت فيححه ،وبقضححاء مححا عاقبها ول َ
ف حوّت َْته أو تركت ْححه ،يأخححذها بهححذا التححأديب حححتى تطمئن وتطهححر
نذي َ هدة للنفس؛ قال -تعالى َ﴿ :-وال ّح ِ وتطيب ،وتلك غاية المجا َ
سب ُل ََنا﴾ ]العنكبوت.[69 : م ُ دوا ِفيَنا ل َن َهْدِي َن ّهُ ْجاهَ ُ َ
م إذا يجاهححد نفسححه فححي ذات اللححه؛ لتطيححب وتطهححر، والمسححل ُ
كرامة الله تعالى ورضاه -يعَْلحح ُ
م وتزكو وتطمئن ،وتصبح أهل ً ل َ
أن هححذا هححو دْرب الصححالحين ،وسححبيل المححؤمنين الصححادقين؛
مقتفًيا آثارهم ،فرسول الله فيسلكه مقتدًيا بهم ،ويسير معهم ُ
س حِئل -عل َي ْححه طرت قدماه الشححريفتان ،و ُ قام الليل حتى تف ّ
دان عب ْححح ً السحححلم -فحححي ذلك ،1فقحححال» :أفل أححححب أن أكحححو َ
شكوًرا؟!«؛ أ َيّ مجاهدة أكبر من هذه المجاهدة ،واي ْححم اللححه؟!
دث عن أصحاب رسححول اللححه ح ّوعلي -رضي الله عنه -يت َ َ
ت أصحححاب محمححد ومححا أرى شححيًئا فيقول" :والله لقححد رأي ح ُ
دا ج ً
سح ّ يشبههم كححانوا يصححبحون شححعًثا غححبًرا صححفًرا ،قححد بححاتوا ُ
حححون بيححن أقححدامهم وجبححاهم، ما ،يتلححون كتححاب اللححه ،ي َُراوِ ُ وقيا ً
وكانوا إذا ذ ُك َِر الله مححادوا كمححا يميححد الشححجر فححي يححوم الريححح،
ل ثيابهم". مَلت أعينهم حتى تب ُ ّ وه َ َ
***
سَنن الربعة.
هل ال ّ
1رواه مسلم وأ ْ
2من "الحكمة الجامعة لشتى العلوم النافعة"؛ للشيخ عبدالله بن زيد آل
محمود ص .282 - 275
سن عاقبة الستقامة ح ْ ُ
موا قا ُ س حت َ َما ْ ه ث ُح ّ ن قَححاُلوا َرب ّن َححا الل ّح ُ ذي َ ن ال ّح ِ قال الله -تعالى ﴿ :-إ ِ ّ
َ َ
ة
جن ّح ِ ش حُروا ِبال ْ َ حَزن ُححوا وَأب ْ ِ خححاُفوا َول ت َ ْ ة أّل ت َ َ ملئ ِك َح ُ م ال ْ َ ل عَل َي ْهِ ُ ت َت َن َّز ُ
ال ِّتي ك ُنتم توعَدون * نح ح َ
حي َححاةِ ال حد ّن َْيا وَفِححي م فِححي ال ْ َ ن أوْل ِي َححاؤُك ُ ْ َ ْ ُ ُ َ ُْ ْ ُ
َ
ن* عو َ مححا َتححد ّ ُ م ِفيَها َ م وَل َك ُ ْ سك ُ ْ ف ُ شت َِهي أن ْ ُ ما ت َ ْ م ِفيَها َ خَرةِ وَل َك ُ ْ اْل ِ
حيم * وم َ
ن د َعَححا إ ِل َححى الل ّح ِ
ه مح ْ م ّ ن قَ حوْل ً ِ س ُ ح َ نأ ْ فورٍ َر ِ ٍ َ َ ْ ن غَ ُ م ْ ن ُُزل ً ِ
ة سححن َ ُ ح َ وي ال ْ َ ست َ ِ ن * َول ت َ ْ مي َ سل ِ ِ م ْ ن ال ْ ُ م َ ل إ ِن ِّني ِ حا وََقا َ صال ِ ً ل َ م َ وَعَ ِ
َ
داوَةٌ عحح َ ه َ ك وَب َي ْن َ ُ ذي ب َي ْن َ َ ن فَإ َِذا ال ّ ِ س ُ ح َ يأ ْ ة اد ْفَعْ ِبال ِّتي هِ َ سي ّئ َ ُ َول ال ّ
قاهَححا إ ِّل ُذو ما ي ُل َ ّ َ
صب َُروا وَ َ ن َ ذي َ ها إ ِّل ال ّ ِ قا َ ما ي ُل َ ّ م * وَ َ مي ٌ ح ِ ي َ ه وَل ِ ّ ك َأن ّ ُ
ست َعِذ ْ ِبالل ّهِ إ ِن ّ ُ
ه ن ن َْزغٌ َفا ْ طا ِ شي ْ َ ن ال ّ م َ ك ِ ما ي َن َْزغَن ّ َ ظيم ٍ * وَإ ِ ّ ظ عَ ِ ح ّ َ
م﴾ ]فصلت.[36 - 30 : ميعُ العَِلي ُ ْ س ِ هُوَ ال ّ
ُيخححبر اللححه -تعححالى -عححن عبححاده المححؤمنين ،وُيثنححي عليهححم؛
موا﴾؛ أي :اعححترفوا قا ُ سحت َ َ ما ْ ه ث ُح ّ ن َقاُلوا َرب ّن َححا الل ّح ُ ذي َ ن ال ّ ِ فقال﴿ :إ ِ ّ
موا لمره ،وعملوا بطاعته سل َ ُ بربوبّية الله -تعالى -لهم ،واست َ ْ
على ما شرع لهم ،وأخلصوا له القول والعمححل ،ثححم اسححتقاموا
صححراط المسححتقيم ،واسححتمّروا علححى طاعححة اللححه حححتى على ال ّ
ل ماتوا؛ فلهم الُبشرى فحي الحيحاة الحدنيا وفحي الخححرة﴿ :ت َت َن َحّز ُ
خُروجهححم مححن ة﴾ عنححد المححوت ،وقيححل :عنححد ُ كحح ُ ملئ ِ َ م ال ْ َ عَل َي ِْهحح ُ
خحا ُْفوا﴾ علحى محا منافاة ،يبشحرونهم قحائلين﴿ :أ َل ّ ت َ َ قُُبورهم ،ول ُ
حَزن ُححوا﴾ علححى دمون عليه من أمر الخرةَ﴿ ،ول ت َ ْ ق ِ قَبل مما ت ُ ْ ست َ ْ يُ ْ
د ،وأهححل ،ومححال، دنيا؛ من وَل َ ٍ مرِ ال ّ ما مضى مما خلفتموه من أ ْ
فإنححا نخلفكححم فيححه ،فنفححوا عنهححم المكححروه فححي الماضححي
َ
ن﴾ ،فإنهحا قحد دو َ عح ُ م ُتو َ جن ّةِ ال ِّتحي ك ُن ُْتح ْ شُروا ِبال ْ َ والمستقبل﴿ ،وَأب ْ ِ
ل ،فيبشرونهم بذهاب الشّر ت لكم ،وكان وَعْد ُ الله مفعو ً حصل ْ
صول الخير والرحمححة والرضححوان؛ كمححا جححاء فححي الحححديث: ح ُ و ُ
»إن الملئكة تقول لروح المؤمن :اخرجي أيتها الروح الطيبححة
في الجسد الطيب ،كنت تعمرينه ،اخرجي إلححى روح وريحححان،
ورب غير غضبان«.1
وته ،وفي قبره ،وحيححن م ْ شر المؤمن عند َ وقيل :إن الملئكة ت ُب َ ّ
ل كلهححا ،وهححو الواقححع -واللححه أعلححم - يبعث ،وهو يجمححع القححوا َ
َ
م فِححي ن أوْل ِي َححاؤُك ُ ْ حح ُ مث َب ِّتيححن لهححم ومبشححرين﴿ :ن َ ْ ضححا ُ ويقولححون أي ً
رواه أحمد ،وأهل السنن الربعة" ،تفسير ابن كثير".1/13 ، 1
ف اللححه بالسححمع لقححوال عبححاده ودعححائهم ،والعلححم
صحح ُ -14وَ ْ
بأحوالهم).(
***
فائدة:
َ
ن
مح ْ
م ّن قَوْل ً ِ س ُ ح َ نأ ْ م ْ
عن الحسن البصري أنه تل هذه الية﴿ :وَ َ
ن﴾ ،فقححال: مي َسل ِ ِ
م ْ ن ال ْ ُ
م َ حا وََقا َ
ل إ ِن ِّني ِ صال ِ ً
ل َ عا إ َِلى الل ّهِ وَعَ ِ
م َ دَ َ
خيَرة خلحق هذا حبيب الله ،هذا ولي الله ،هذا صفوة الله ،هذا ِ
الله ،هذا أحب أهل الرض إلى الله ،أجححاب اللححه فححي دعححوته،
حا
ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعححوته ،وعمححل صححال ً
في إجابته ،وقال :إّنني من المسلمين ،هذا خليفة الله.1
***
2 مقدمة
6 المقصود بالستقامة
9 باب في الستقامة
13 عموم الستقامة وشمولها للدين
كله
17 د
عب ُ ُ الستقامة من منازل ﴿إ ِّيا َ
ك نَ ْ
ن﴾
عي ُ
ست َ ِ وإ ِّيا َ
ك نَ ْ َ
19 من أسباب الستقامة
20 التوبة
21 المراقبة
21 المحاسبة
22 المجاهدة
24 الستقامة وإصلح النفس
وتزكيتها
26 التذكير بالستقامة على الدين
32 حسن عاقبة الستقامة
36 المراجع
37 الفهرس