You are on page 1of 53

‫تأليف‬

‫عبد الله بن جار الله بن إبراهيم‬


‫آل جار الله‬
‫غفر الله له ولوالديه ولجميع‬
‫المسلمين‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫مقدمة‬
‫الحمد للممه المتوحممد فممي الجلل بكمممال‬
‫الجمال تعظيما ً وتكممبيرًا‪ ،‬المتفممرد بتصممريف‬
‫الحمموال علممى التفصمميل والجمممال تقممديرا ً‬
‫وتدبيرا ً المتعالي بعظمته ومجده الذي نممزل‬
‫الفرقان على عبده ليكون للعممالمين نممذيرًا‪،‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شممريك لممه‬
‫إلممه الوليممن والخريممن وقيمموم السممموات‬
‫والرضممين الممذي لممم يممزل ول يممزال عليم ما ً‬
‫قديرًا‪ ،‬والحمد لله الذي لم يتخممذ ولممدا ً ولممم‬
‫يكن له شريك في الملك ولم يكن لممه ولممي‬
‫من الذل وكبره تكبيرًا‪.‬‬
‫والحمممد للممه الممذي أنعممم علينمما بنعمممه‬
‫العظيمة وآلئه الجسميمة حيمث أنمزل علينما‬
‫خيممر كتبممه القممرآن الكريممم الممذي ل يممأتيه‬
‫الباطل من بيممن يممديه ول مممن خلفممه تنزيممل‬
‫من حكيم حميد‪ ،‬وأرسل إلينا أفضممل رسممله‬
‫محممممد ‪ ‬إلمممى جميمممع العمممالمين شممماهدا‬
‫ومبشممرا ونممذيرا وداعيمما إلممى اللممه بممإذنه‬
‫وسراجا منيرا والحمممد للممه الممذي شممرع لنمما‬

‫‪3‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫أفضل شرائع دينه المشممتمل علممى السمملم‬


‫واليمان والحسان وأكمله لنا ورضيه منا‪.‬‬
‫والحمد لله الذي جعلنا خير أمة أخرجت‬
‫للناس تأمر بممالمعروف وتنهممى عممن المنكممر‬
‫وتؤمن بالله‪ ،‬والحمد لله الذي هدانا لمعممالم‬
‫دينه الذي ارتضاه لنفسه وبناه على خمس‪:‬‬
‫دا رسممول‬ ‫شهادة أن ل إله إل الله وأن محم ً‬
‫اللممه وإقممام الصمملة وإيتمماء الزكمماة وصمموم‬
‫رمضان وحج بيت الله الحرام‪ ،‬والحمممد للممه‬
‫على ما يسممره مممن صمميام رمضممان وقيممامه‬
‫وتلوة كتابه العزيز الذي ل يأتيه الباطل من‬
‫بيممن يممديه ول مممن خلفممه تنزيممل مممن حكيممم‬
‫حميد‪.‬‬
‫وأشهد أن محمدا عبممده ورسمموله الممذي‬
‫أرسممله بالهممدى وديممن الحممق ليظهممره علممى‬
‫الممدين كلممه‪ ،‬والممذي ضمممنت الهدايممة لمممن‬
‫أطماعه‪ ،‬وجعلمت الذلمة والصمغار علممى مممن‬
‫خممالف أمممره صمملوات اللممه وسمملمه عليممه‬
‫وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يمموم الممدين‪،‬‬
‫اللهممم صممل وسمملم علممى عبممدك ورسممولك‬

‫‪4‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫محمممد واحشممرنا فممي زمرتممه وأدخلنمما فممي‬


‫شفاعته وأوردنا حوضه واسقنا منه شربة ل‬
‫نظمأ بعدها أبدا يا حي يا قيمموم يمما ذا الجلل‬
‫والكرام‪.‬‬
‫وبعد فقد جاء جبريمل الرسمول الملكمي‬
‫عليه السلم الموكل بالوحي جاء إلى النممبي‬
‫‪ ‬وهو جالس بين أصممحابه جماءهم بصمورة‬
‫رجل ل يعممرف فجلممس بيممن يممدي النممبي ‪‬‬
‫جلسممة المتعلممم المسترشممد فسممأله عممن‬
‫السلم واليمان والحسان فأجابه النبي ‪‬‬
‫بممأن السمملم مبنمماه وأسسممه علممى خمممس‬
‫دعممائم ل يصممح بممدونها وهممي القممرار بممالله‬
‫بالوحدانية ولنبيه بالرسالة والمحافظة على‬
‫الصمملوات الخمممس مممع القيممام بشممروطها‬
‫وأركانهمممما وواجباتهمممما‪ ،‬وإعطمممماء الزكمممماة‬
‫لمسمممتحقيها عنمممد وجوبهممما وهمممم الفقمممراء‬
‫والمساكين ومن ذكر معهم في آية مصارف‬
‫الزكاة الثمانية‪ ،‬وصمميام شممهر رمضممان بنيممة‬
‫خالصة لله تعالى‪ ،‬وأداء فريضة الحممج علممى‬
‫من استطاع إليه سممبيل مممن زاد وراحلممة أي‬
‫نفقة ومركوب أو أجرته وكممان طريقممه إلممى‬

‫‪5‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫الحج آمنا‪.‬‬
‫واليمان بالله الواحد القهار ل إله غيممره‬
‫ول رب سمممواه ول خمممالق ول رازق غيمممره‬
‫المتصف بالكمال المنزه عن النقص‪.‬‬
‫واليمان بالملئكممة الكممرام وأنهممم عبمماد‬
‫مكرمممون ل يعصممون اللممه تعممالى وبممأمره‬
‫يعملممون وأنهممم يسممبحون الليممل والنممار ل‬
‫يفترون‪.‬‬
‫واليمان بمالكتب المنزلمة علمى الرسمل‬
‫من عند الله تعالى‪.‬‬
‫واليمممان بالرسممل المبلغيممن عممن اللممه‬
‫تعالى شرعه ودينه‪.‬‬
‫وأنه ينبغي للنسان أن يعبد اللممه تعممالى‬
‫كأنه يشاهده سبحانه ويعلم أنه مطلع عليممه‬
‫يممراه ويسمممعه ل تخفممى عليممه خافيممة‪ ،‬وأن‬
‫علم الساعة ل يعلمه أحد من الخلممق وإنممما‬
‫علمها عند اللممه‪ ،‬وأن مممن علمممات السمماعة‬
‫كممثرة السممراري وأولدهمما أو كممثرة عقمموق‬
‫الولد لمهمماتهم حيممث يعمماملوهن معاملممة‬
‫الماء‪ ،‬وأن رعاة الغنم والفقراء تبسط لهم‬
‫الممدنيا فممي آخممر الزمممان فيتفمماخرون فممي‬

‫‪6‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫زخرفة المباني وتشييدها وكل هذه الشممياء‬


‫الممتي أخممبر بهمما الصممادق المصممدوق قممد‬
‫حصلت‪ ،‬وكل همذه السمئلة والجوبمة عليهمما‬
‫لتعليم هذا الدين الحنيف مممن جبريممل عليممه‬
‫السلم لقول رسول الله ‪» ‬هذا جبريييل‬
‫أتاكم يعلمكم دينكم«‪.‬‬
‫ولهميممة هممذا الحممديث العظيممم الجممامع‬
‫لركان السلم واليمان والحسممان شممرحته‬
‫وذكرت ما يستفاد منه مممن فمموائد وأضممفت‬
‫إليه شرح حممديث »قل آمنييت بييالله ثييم‬
‫استقم« وبيان من هممو المسمملم والمممؤمن‬
‫والمهاجر والمجاهد)‪.(1‬‬
‫أسأل الله الكريم رب العممرش العظيممم‬
‫أن ينفممع بهممذه الرسممالة وممما تضمممنته مممن‬
‫عقممائد وأعمممال وأن يحيينمما علممى السمملم‬
‫واليمممان ويتوفانمما عليممه وأن يثبتنمما بممالقول‬
‫)( كممما أضمميف إلممى شممرح هممذين الحممديثين‬ ‫‪1‬‬

‫العظيميممن شممرح ثلثممة أحمماديث أخممرى عممن‬


‫اليمممان والسممتقامة‪ ،‬وحممديث يتضمممن أصممول‬
‫الدين وفروعممه حممديث دل علممى أن مممن قممام‬
‫بالواجبات وانتهى عممن الحرمممات دخممل الجنممة‬
‫فهنيا له بذلك‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫الثابت في الحياة الدنيا وفي الخممرة وأن ل‬


‫يزغ قلوبنا بعممد إذا هممدانا وأن يهممب لنمما مممن‬
‫لدنه رحمة إنه هو الوهاب‪.‬‬
‫والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيممه‬
‫كما يحمب ربنما ويرضمى وكمما ينبغمي لجلل‬
‫وجهه وعظيم سلطانه‪.‬‬
‫وسبحان الله وبحمده زنة عرشه‪ ،‬ورضا‬
‫نفسه وعدد خلقممه ومممداد كلممماته وصمملوات‬
‫الله وسلمه علممى خيممر خلقمه وأنبيممائه نبينمما‬
‫محمد وعلى آله وصممحبه وأتبمماعه إلممى يمموم‬
‫الدين‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫السلم واليمان والحسان‬


‫عن عمر بن الخطمماب رضممي اللممه عنممه‬
‫قال‪ :‬بينما نحن جلوس عند رسممول اللممه ‪‬‬
‫ذات يوم إذ طلممع علينمما رجممل شممديد بيمماض‬
‫الثياب شديد سواد الشعر ل يرى عليممه أثممر‬
‫السفر ول يعرفه منا أحد فجلس إلى النممبي‬
‫‪ ‬فأسند ركبممتيه إلممى ركبممتيه ووضممع كفيممه‬
‫على فخمذيه وقمال‪ :‬يما محممد أخمبرني عمن‬
‫السلم؟ قال رسول الله ‪» ‬السلم أن‬
‫دا‬
‫تشييهد أن ل إلييه إل اللييه وأن محمي ً‬
‫رسييول اللييه وتقيييم الصييلة وتييؤتي‬
‫الزكاة وتصوم رمضييان وتحييج الييبيت‬
‫إن استطعت إليه سبيل« قال‪ :‬صممدقت‬
‫فعجبنا له يسأله ويصدقه قال‪ :‬أخبرني عممن‬
‫اليمان؟ قال‪» :‬أن تؤمن بالله وملئكته‬
‫وكتبه ورسوله واليوم الخيير وتييؤمن‬
‫بالقدر خيره وشره« قال‪ :‬أخممبرني عممن‬
‫الحسممان؟ قممال‪» :‬أن تعبييد اللييه كأنييك‬
‫تراه فإن لم تكيين تييراه فييإنه يييراك«‬
‫قممال‪ :‬أخممبرني عممن السمماعة؟ قممال‪» :‬مييا‬

‫‪9‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫المسئول عنها بأعلم من السائل«‪.‬‬


‫قال أخممبرني عممن أماراتهمما؟ قممال‪» :‬أن‬
‫تلييد الميية ربتهييا وأن تييرى الحفيياة‬
‫العراة العالة رعيياء الشيياء يتطيياولون‬
‫في البنيان« ثممم انطلممق فلبثممت مليمما ثممم‬
‫قال لي‪» :‬يا عمر أتدري من السائل«؟‬
‫قلممت اللممه‪ ،‬ورسمموله أعلممم قممال‪» :‬فييإنه‬
‫جبريييل أتيياكم يعلمكييم دينكييم« رواه‬
‫المسلم هذا حديث عظيم متفق عليه علممى‬
‫صحته وجللة قدره وكثرة فوائده فهو كالم‬
‫للسممنة كممما سممميت الفاتحممة أم القممرآن‬
‫لجمعها معاني القرآن‪.‬‬
‫قوله‪ :‬فأسند ركبتيه إلى ركبتيه أي إلممى‬
‫ركبتي النممبي ‪ ‬وقممد تضمممن هممذا الحممديث‬
‫التعريمممف الشمممرعي للسممملم واليممممان‬
‫والحسان‪ ،‬والسس التي ينبنممي عليهمما كممل‬
‫واحممد منهمما‪ ،‬فالسمملم هممو الستسمملم للممه‬
‫بالتوحيد‪ ،‬والنقياد له بالطاعة والممبراءة مممن‬
‫الشممرك وأهلممه وهممو ثلث مراتممب السمملم‬
‫واليمان والحسان‪ ،‬وكل مرتبممة لهمما أركممان‬

‫‪1‬‬
‫‪0‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫فأركان السلم خمسة‪:‬‬


‫الول‪ :‬شييهادة أن ل إلييه إل اللييه‬
‫دا رسول الله ومعنممى شممهادة‬ ‫وأن محم ً‬
‫أن ل إله إل الله ل معبود في الرض ول في‬
‫السممماء بحممق إل اللممه وقممد اشممتملت علممى‬
‫النفي والثبات فنفت عبادة جميممع ممما يعبممد‬
‫ممممن دون اللمممه ممممن الملئكمممة والنبيممماء‬
‫والصممالحين والوليمماء والشممجار والحجممار‬
‫والقبممممور والشمممممس والقمممممر وجميممممع‬
‫المخلوقات التي ل تنفممع ول تضممر ول تخلممق‬
‫ول ترزق ول تحيي ول تميت وأثبتت العبممادة‬
‫للممه الواحممد القهممار النممافع الضممار المنفممرد‬
‫بإجابة الدعاء عند الضطرار وحده ل شريك‬
‫له في عبادته كما أنه ليس لممه شممريك فممي‬
‫شهد الل َ‬
‫هل‬ ‫ه أن ّي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ملكه كما قال تعالى‪َ ِ َ  :‬‬
‫وُأول ُييو ال ْ ِ ْ‬ ‫ملئ ِك َي ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫إ ِل َي َ‬
‫عل يم ِ‬ ‫ة َ‬ ‫و َ‬ ‫هي َ‬ ‫ه ِإل ُ‬
‫زيييُز‬ ‫ع ِ‬‫و ال ْ َ‬ ‫هيي َ‬‫ه ِإل ُ‬ ‫ط ل إ ِل َ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ما ِبال ْ ِ‬ ‫قائ ِ ً‬ ‫َ‬
‫م ‪] ‬آل عمران‪ [18 :‬وقممال تعممالى‪:‬‬ ‫كي ُ‬
‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه‬‫م ِ‬
‫و ِ‬ ‫قيي ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫م ل َِبييي ِ‬ ‫هييي ُ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫قييا َ‬ ‫وإ ِذْ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ذي‬ ‫ن * ِإل ال ّي ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ب ُي ُ‬ ‫مييا ت َ ْ‬ ‫م ّ‬‫إ ِن ّن ِييي ب َيَراءٌ ِ‬
‫هييا‬ ‫عل َ َ‬‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ن* َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫سييي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫فييإ ِن ّ ُ‬ ‫فطََرِنييي َ‬ ‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪1‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫م‬‫هييي ْ‬ ‫ه لَ َ‬
‫عل ُ‬ ‫قِبييي ِ‬
‫ع ِ‬
‫فيييي َ‬
‫ة ِ‬
‫قَيييي ً‬
‫ة َبا ِ‬
‫مييي ً‬‫ك َل ِ َ‬
‫ن‪] ‬الزخمممرف‪ [28-26 :‬وهمممذه‬ ‫عيييو َ‬‫ج ُ‬
‫ي َْر ِ‬
‫الكلممممة العظيممممة تسمممتلزم المحبمممة للمممه‬
‫والخمموف والرجمماء منممه وامتثممال أوامممره‬
‫واجتناب مناهيه وفعل ما أوجب واجتناب ما‬
‫حرم فمن قال ل إله إل الله خالصا من قلبه‬
‫عارفممما بمعناهممما عمممامل بمقتضممماها قائمممما‬
‫بشممروطها دخممل الجنممة وشممروطها ثمانيممة‬
‫نظمها بعضهم بقوله‪:‬‬
‫محبة وانقياد‬ ‫علم يقين وإخلص‬
‫لهامن‬ ‫والقبول‬
‫الله‬ ‫سوى‬ ‫مع‬ ‫وصدقك‬
‫ثامنها‬ ‫وزيد‬
‫ارتداد قد ألها‬ ‫الكفران منك بما‬
‫وهي العلم واليقيممن والخلص والصممدق‬
‫والمحبة والنقياد لهمما والقبممول والكفممر بممما‬
‫يعبد من دون اللمه كائنما ممن كمان‪ ،‬قمال ‪‬‬
‫»من قييال ل إلييه إل اللييه وكفيير بمييا‬
‫يعبد من دون الله حييرم ميياله ودمييه‪،‬‬
‫وحسابه على الله عز وجل«)‪ (1‬أما من‬
‫قال هممذه الكلمممة ولممم يعممرف معناهمما ولممم‬
‫يعمل بمقتضاها لم ينفعه مجممرد التكلممم بهمما‬
‫وإن ادعى أنه يحب الله فإن محبته تستلزم‬
‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫طاعته كما قيل‪:‬‬


‫هذا محال في‬ ‫تعصي الله وأنت‬
‫شنيع‬
‫لمن‬ ‫القياس‬
‫المحب‬ ‫إن‬ ‫كانحبه‬
‫حبك‬ ‫تزعم‬
‫لو‬
‫يحب مطيع‬ ‫صادقا لطعته‬
‫ولما ادعى قوم أنهم يحبممون اللممه جعممل‬
‫لمحبتممه دليل وهممو متابعممة رسمموله ‪ ‬قممال‬
‫ه‬
‫ن الل ي َ‬ ‫حب ّييو َ‬ ‫م تُ ِ‬‫ن ك ُن ْت ُ ي ْ‬‫ل إِ ْ‬ ‫قي ْ‬ ‫تعممالى‪ُ  :‬‬
‫م‬ ‫فييْر ل َ ُ‬
‫كيي ْ‬ ‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬‫ه َ‬‫م الليي ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬‫عوِني ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫فات ّب ِ ُ‬
‫م‪] ‬آل عمران‪ [31 :‬فمأوجب اتبمماع‬ ‫ذُُنوب َك ُ ْ‬
‫الرسممول محبممة اللممه لمممن اتبعممه ومغفممرة‬
‫ذنوبه‪.‬‬
‫قوله‪» :‬وأن محمدا رسول الله« أي‬
‫تقممر وتعممترف أن اللممه أرسممل محمممدا إلممى‬
‫الناس كافة أرسمله بمالحق شماهدا ومبشمرا‬
‫ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيممرا‪،‬‬
‫وشممهادة أن محمممدًا رسممول اللممه تسممتلزم‬
‫طمماعته فيممما أمممر‪ ،‬وتصممديقه فيممما أخممبر‪،‬‬
‫واجتناب ما نهى عنه وزجممر أن ل يعبممد اللممه‬
‫إل بما شرع فهو ‪ ‬عبد ل يعبممد ورسممول ل‬
‫يكذب بل يطاع ويتبع شمرفه اللمه بالعبوديمة‬
‫الخاصممة والرسممالة العامممة‪ ،‬قممال تعممالى‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪3‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫َ‬
‫ه‪‬‬ ‫د ِ‬ ‫عب ْييي ِ‬ ‫سيييَرى ب ِ َ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ن ال ّييي ِ‬ ‫حا َ‬ ‫سيييب ْ َ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫ل‬ ‫ذي َنييّز َ‬ ‫ك اّليي ِ‬ ‫]السمممراء‪ [1 :‬ت ََبيياَر َ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ن ل ِل ْ َ‬ ‫كو َ‬ ‫ه ل ِي َ ُ‬ ‫د ِ‬ ‫عب ْ ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ن َ‬ ‫قا َ‬ ‫فْر َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ل‬ ‫ق ْ‬ ‫ذيًرا‪] ‬الفرقان‪ [1 :‬وقال تعالى‪ُ  :‬‬ ‫نَ ِ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫س إ ِّني َر ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫َيا أي ّ َ‬
‫عا‪] ‬العراف‪.[158 :‬‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫وقد أوجب الله طاعممة رسمموله ومتممابعته‬
‫والنقياد لحكمه والستسلم لمره وذلك من‬
‫مسمتلزمات شمهادة أن محممدا رسمول اللمه‬
‫فمن لم يطعه ‪ ‬في ما أمر ونهمى فهمو لمم‬
‫مييا‬ ‫و َ‬ ‫يحقممق هممذه الشممهادة قممال تعممالى‪َ  :‬‬
‫ه‬
‫عْنيي ُ‬ ‫م َ‬ ‫هاك ُ ْ‬ ‫ما ن َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫آَتاك ُ ُ‬
‫هوا‪] ‬الحشممر‪ [7 :‬وقممال تعممالى‪ :‬‬ ‫فييان ْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ع ين أ َم ير َ‬
‫ن‬‫هأ ْ‬ ‫ن َ ْ ْ ِ ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خييال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬ ‫حذَ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫م‪‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫تُ ِ‬
‫كل‬ ‫وَرّبيي َ‬ ‫فل َ‬ ‫]النممور‪ [5 :‬قممال تعممالى‪َ  :‬‬
‫جَر‬ ‫شيي َ‬ ‫مييا َ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫مييو َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫حّتييى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنييو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫جييا‬ ‫حَر ً‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫في أ َن ْ ُ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ج ُ‬
‫م ل يَ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫ما‪] ‬النساء‪:‬‬ ‫سِلي ً‬ ‫موا ت َ ْ‬ ‫سل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫ِ‬
‫‪.[65‬‬

‫‪1‬‬
‫‪4‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫وما أمر به ‪ ‬فقد أمر الله به وما نهممى‬


‫عنه فقد نهى الله عنه ومممن يطممع الرسممول‬
‫فقد أطاع اللممه ومممن يعصممي الرسممول فقممد‬
‫ن‬‫عي ِ‬‫ق َ‬‫مييا ي َن ْطِ ي ُ‬ ‫عصممى قممال تعممالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫حى‪‬‬ ‫ي ُيييو َ‬‫حيي ٌ‬ ‫و ْ‬‫و ِإل َ‬ ‫هي َ‬
‫ن ُ‬ ‫وى * إ ِ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫هيي َ‬
‫ع‬
‫طيي ِ‬
‫ن يُ ِ‬‫م ْ‬ ‫]النجم‪،3 :‬مم ‪ [4‬وقال تعممالى‪َ  :‬‬
‫ه ‪] ‬النسمماء‪:‬‬ ‫ع الليي َ‬ ‫ق دْ أ َ َ‬
‫طييا َ‬ ‫ف َ‬‫ل َ‬‫سو َ‬‫الّر ُ‬
‫‪.[80‬‬
‫الركن الثاني من أركان السلم‪:‬‬
‫إقيييام الصيييلة‪ :‬وهمممي التيمممان بهممما‬
‫بشممروطها المعروفممة وأركانهمما وواجباتهمما‬
‫ومسممتحباتها وخشمموعها وبجميممع ممما يجعلهما‬
‫كاملة فممدخل فممي ذلممك الطهممارة‪ ،‬واجتنمماب‬
‫النجاسة‪ ،‬وأداؤها مع الجماعة في المسممجد‬
‫وحضممور القلممب فيهمما والخلص واجتنمماب‬
‫مراءات النمماس فيهمما‪ ،‬فبممذلك تكمممل وينمممو‬
‫ثوابهمما ويعظممم أجرهمما ويسممتحق صمماحبها‬
‫الفلح والفوز بجنات الفردوس العلممى بممما‬
‫فيها من الكرامات‪ ،‬وتكممون ناهيممة لصمماحبها‬
‫عممن الفحشمماء والمنكممر‪ ،‬ومكفممرة للممذنوب‬

‫‪1‬‬
‫‪5‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫والثممام‪ ،‬ونممورا لصمماحبها فممي وجهممه وقلبممه‬


‫وقبره ونجاة له يوم القيامة‪.‬‬
‫الركن الثالث من أركان السلم‪:‬‬
‫إيتيياء الزكيياة‪ :‬الواجبمممة فمممي أنمممواع‬
‫المممموال لمسمممتحقيها امتثمممال لممممر اللمممه‬
‫وإحسانا إلممى خلقممه وسممموا بممالنفوس عممن‬
‫مييا‬ ‫و َ‬ ‫رذيلة البخممل والشممح‪ ،‬قممال تعممالى‪َ  :‬‬
‫ُ‬
‫ه‬ ‫ن َليي ُ‬ ‫صييي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫دوا الليي َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫مُروا ِإل ل ِي َ ْ‬ ‫أ ِ‬
‫ؤُتوا‬ ‫وي ُ ْ‬‫صلةَ َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫فاءَ َ‬ ‫حن َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫دي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ة ‪] ‬البينة‪[5 :‬‬ ‫م ِ‬ ‫قي ّ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ك ِدي ُ‬ ‫و ذَ ل ِ َ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫الّز َ‬
‫ه‬‫سيي ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬ ‫شيي ّ‬ ‫ن ُيييوقَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬التغممابن‪:‬‬ ‫حييو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫هيي ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫فييُأول َئ ِ َ‬ ‫َ‬
‫‪.[16‬‬
‫وفممي ذلممك مغفممرة للممذنوب وتطهيممر‬
‫خ ْ‬
‫ذ‬ ‫للقلوب وتزكية للنفوس‪ ،‬قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫هييي ْ‬ ‫ه ُر ُ‬ ‫ة ت ُطَ ّ‬ ‫ق ً‬ ‫صيييدَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫مييي َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مييي ْ‬ ‫ِ‬
‫هييا‪] ‬التوبممة‪ [103 :‬وقممال‬ ‫م بِ َ‬ ‫هيي ْ‬ ‫كي ِ‬ ‫وت َُز ّ‬ ‫َ‬
‫ضيييا‬ ‫قْر ً‬ ‫ه َ‬ ‫ضيييوا اللييي َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫تعمممالى‪ :‬إ ِ ْ‬
‫ه‬ ‫والل ُ‬ ‫م َ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ضا ِ‬ ‫سًنا ي ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫م ‪] ‬التغابن‪.[17 :‬‬ ‫حِلي ٌ‬ ‫كوٌر َ‬ ‫ش ُ‬ ‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪6‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫وعلوة علممى ذلممك فقممد وعممد بممإخلف‬


‫النفقممة ومضمماعفة الجممر وحصممول البركممة‬
‫والزيادة فعممادت مصمملحة الزكمماة والصممدقة‬
‫ومنفعتهمما إلممى المممال نفسممه والمنفممق لممه‪،‬‬
‫والمنفق عليه‪ ،‬ولهذا سممميت زكمماة وصممدقة‬
‫لنها تزكي المال وتحل فيممه البركممة وتزكممي‬
‫المال له أي تنمي إيمانه وأخلقممه وحسممناته‬
‫وتزكي الفقيممر بمنفعتممه وسممد حمماجته وهممي‬
‫دليممل علممى صممدق إيمممان المتصممدق ولهممذا‬
‫سماها الرسول ‪ ‬برهانا وأخبر أنها تطفممئ‬
‫الخطيئة كما يطفئ الممماء النممار وقممد سممبق‬
‫شمميء مممن فضممل الصممدقة فممي اليممات‬
‫وشرحها وسيأتي بشيء من فضل الصممدقة‬
‫في الحاديث التية إن شاء الله تعالى‪.‬‬
‫الركن الرابع‪ :‬من أركان السلم‪:‬‬
‫صييوم رمضييان‪ :‬وهممو المسمماك عممن‬
‫الطعام والشراب والنكمماح بنيممة مممن طلمموع‬
‫الفجممر الثمماني إلممى غممروب الشمممس قممال‬
‫َ‬
‫ب‬‫من ُييوا ك ُت ِي َ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫هييا ال ّي ِ‬
‫تعممالى‪ :‬ي َييا أي ّ َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫عَلى اّليي ِ‬ ‫ب َ‬‫ما ك ُت ِ َ‬‫م كَ َ‬ ‫ص َيا ُ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫َ‬

‫‪1‬‬
‫‪7‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫ن‪ ‬اليات إلممى‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬‫عل ّك ُ ْ‬‫م لَ َ‬‫قب ْل ِك ُ ْ‬


‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ذي‬ ‫ن اّليي ِ‬‫ضييا َ‬ ‫م َ‬ ‫هُر َر َ‬ ‫شيي ْ‬ ‫قمموله تعممالى‪َ  :‬‬
‫س‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬
‫دى ِللّنييا ِ‬ ‫هيي ً‬ ‫ن ُ‬‫قييْرآ ُ‬ ‫فييي ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫أْنيي ِ‬
‫ن‪‬‬ ‫قييا ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫فْر َ‬ ‫دى َ‬ ‫هيي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ميي َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وب َي َّنييا ٍ‬
‫َ‬
‫]البقرة‪ [185-183 :‬وقال ‪» ‬قال اللييه‬
‫تعالى كل عمل ابن آدم له إل الصوم‬
‫فإنه لي وأنا أجييزي بييه يييدع شييهوته‬
‫وطعامه وشرابه من أجلييي‪ ،‬للصييائم‬
‫فرحتييان فرحيية عنييد فطييره وفرحيية‬
‫عند لقيياء ربييه ولخلييوف فييم الصييائم‬
‫أطيب عند الله من ريح المسك« رواه‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫الركييين الخيييامس مييين أركيييان‬
‫السلم‪:‬‬
‫حج بيت الله الحرام لمن استطاع‬
‫إليه سبيل‪ :‬والحج معناه قصد مكة لعمممل‬
‫مخصمموص فممي زمممن معيممن والسممتطاعة‬
‫تتحقممق بحصممول ثلثممة أشممياء وهممي صممحة‬
‫البدن وأمن الطريق ووجود الممزاد والراحلممة‬
‫أي النفقممة والمركبممة المممؤدي إليممه وهممي‬

‫‪1‬‬
‫‪8‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫متمموفرة فممي هممذه الوقممات قممال تعممالى‪:‬‬


‫ن‬ ‫مي ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ج ال ْب َي ْي ِ‬ ‫حي ّ‬ ‫س ِ‬ ‫على الن ّييا ِ‬
‫ه َ َ‬ ‫ولل ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ن‬ ‫فييإ ِ ّ‬‫فييَر َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫سِبيل ً َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع إ ِل َي ْ ِ‬‫طا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫ن ‪] ‬آل عمممران‪:‬‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ي َ‬ ‫غن ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫الل َ‬
‫‪ [97‬وفمممي الحمممديث أن النمممبي ‪» ‬مييين‬
‫استطاع الحييج فلييم يحييج فليمييت إن‬
‫شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا«)‪.(1‬‬
‫وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنممه‪:‬‬
‫لقممد هممممت أن أبعممث إلممى هممذه المصممار‬
‫فينظروا كل من له جدة فلم يحج فليضربوا‬
‫عليهممم الجزيممة ممما هممم بمسمملمين ممما هممم‬
‫بمسمملمين)‪ ،(2‬وقممال ابممن عبمماس‪ :‬مممن كممان‬
‫عنده مال فلم يؤد زكاته وأطاق الحممج فلممم‬
‫يحممج إل سممأل الرجعممة عنممد الممموت قممال‬
‫ن‬
‫مي ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قن َيياك ُ ْ‬ ‫مييا َرَز ْ‬ ‫م ّ‬‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫وأ َن ْ ِ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫قييو َ‬ ‫في َ ُ‬‫ت َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ح دَ ك ُ ُ‬‫يأ َ‬ ‫ن ي َأت ِ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ول أ َ ّ‬
‫ب‬ ‫ري ي ٍ‬ ‫ق ِ‬ ‫ل َ‬‫جي ٍ‬ ‫خ ْرت َن ِييي إ ِل َييى أ َ‬ ‫ب ل َي ْ‬ ‫َر ّ‬
‫)( رواه الترمممذي والممبيهقي وقممال الترمممذي‬ ‫‪1‬‬

‫حديث غريب ولممه شمماهد عنممد الممبيهقي انظممر‬


‫الترغيب والترهيب للمنذري )‪.(334 /2‬‬
‫)( رواه سممعيد بممن منصممور فممي سممننه انظممر‬ ‫‪2‬‬

‫تفسير ابن كثير )‪.(386 /1‬‬

‫‪1‬‬
‫‪9‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫فأ َص د قَ َ‬
‫ن‬‫ول َي ْ‬
‫ن* َ‬ ‫حي َ‬ ‫صييال ِ ِ‬
‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫وأك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ ّ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫والل ي ُ‬ ‫ها َ‬‫جل ُ َ‬
‫جاءَ أ َ‬ ‫ذا َ‬‫سا إ ِ َ‬
‫ف ً‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫خ َر الل ُ‬ ‫يُ َ‬
‫ؤ ّ‬
‫ن‪] ‬المنممافقون‪،10 :‬‬ ‫مُلييو َ‬ ‫ع َ‬ ‫مييا ت َ ْ‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬‫َ‬
‫‪ [11‬فهذه أركان السلم الخمسة التي مممن‬
‫قممام بهمما حممق القيممام فهممو المسمملم حقمما‬
‫واستحق مغفرة ربه ورضوانه ومن أخل بها‬
‫أو ببعضها نقممص إسمملمه بحسممبه واسممتهان‬
‫بحممق ربممه وتعممرض لعقمموبته وعممذابه وفممي‬
‫الحممممديث »مييين رضيييي بيييالله ربيييا‬
‫وبالسلم دينا وبمحمد نبًيا وجبت له‬
‫الجنة«)‪.(1‬‬
‫وفممي روايممة »غفيير لييه ذنبييه« وفممي‬
‫رواية »فقد ذاق طعييم اليمييان« وفممي‬
‫رواية »كان حقا على الله أن يرضييه«‬
‫ولكممن الرضمما كممما تقممدم يسممتلزم النقيمماد‬
‫والمتابعة والطاعة فمن عصى الله ورسوله‬
‫وأخممل بأركممان السمملم وتممرك الواجبممات‬
‫وارتكب المحرمات ولممم يمتثممل المممأمورات‬
‫والمنهيات فهو لم يذق طعم اليمان ويجممب‬

‫)( رواه الترمذي وانظر تفسممير ابممن كممثير )‪/4‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.(373‬‬

‫‪2‬‬
‫‪0‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫عليه التوبة إلى الله تعالى توبة صادقة قبل‬


‫أن يممموت‪ ،‬ومممن اسممتقام علممى ذلممك فقممد‬
‫اسممتحق هممذا الوعممد الكريممم وذاق طعممم‬
‫اليمان‪ ،‬وغفر له ذنبه‪ ،‬وكان حقا علممى اللمه‬
‫أن يرضمميه ويممدخله الجنممة بفضممله ورحمتممه‬
‫وتوفيقه وكرمه‪.‬‬
‫المرتبة الثانية من مراتب الييدين‪:‬‬
‫اليمان‪:‬‬
‫وهمممو بضمممع وسمممبعون شمممعبة أعلهممما‬
‫وأفضلها قول ل إله إل اللممه وأدناهمما إماطممة‬
‫الذى عمممن الطريمممق والحيممماء شمممعبة ممممن‬
‫اليمان وهو في اللغة التصديق وفي الشرع‬
‫التصممديق الجممازم بممالله وملئكتممه وكتبممه‬
‫ورسله واليوم الخر والتصديق بالقدر خيره‬
‫وّلوا‬ ‫َ‬
‫ن تُ َ‬ ‫س ال ْب ِّر أ ْ‬ ‫وشره قال تعالى‪ :‬ل َي ْ َ‬
‫ب‬ ‫ر ِ‬‫غيي ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ َ‬ ‫ق َ‬‫ر ِ‬‫شي ِ‬ ‫م ْ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫قب َ ي َ‬
‫م ِ‬ ‫هك ُ ْ‬‫جييو َ‬ ‫و ُ‬ ‫ُ‬
‫وم ِ‬ ‫وال ْي َي ْ‬‫ه َ‬ ‫ن ب ِييالل ِ‬‫مي َ‬ ‫نآ َ‬ ‫مي ْ‬ ‫ن ال ْب ِيّر َ‬ ‫ول َك ِي ّ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫والن ّب ِّييي َ‬ ‫ب َ‬‫وال ْك َِتا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ملئ ِك َ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬‫ال ِ‬
‫ل‬ ‫]البقممرة‪ [177 :‬وقممال تعممالى‪ :‬إ ِن ّييا ك ُي ّ‬
‫ر‪] ‬القمممر‪[49 :‬‬ ‫قييدَ ٍ‬ ‫قَنيياهُ ب ِ َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫شيي ْ‬ ‫َ‬

‫‪2‬‬
‫‪1‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫فهذه أسس اليمان وأركانه وهي ستة‪:‬‬


‫‪ -1‬اليمان بالله‪ :‬وهو التصممديق بممأنه‬
‫سمبحانه وتعمالى موجمود موصموف بصمفات‬
‫الكمال والجلل والعظمة منزه عممن صممفات‬
‫النقص وأنه واحد أحد فممرد صمممد لممم يتخممذ‬
‫صاحبة ول ولدا حي ل يموت‪ ،‬قيوم ل ينممام‪،‬‬
‫عليممم بكممل شمميء‪ ،‬قممادر علممى كممل شمميء‪،‬‬
‫خالق جميع المخلوقات‪ ،‬متصممرف فيهمما بممما‬
‫يشاء‪ ،‬يفعل في ملكه ما يريد‪.‬‬
‫‪ -2‬واليمييان بالملئكيية عليهييم‬
‫د‬
‫عَبييا ٌ‬ ‫السييلم‪ :‬وهممو التصممديق بممأنهم ‪ِ ‬‬
‫م‬‫هي ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه ب ِييال ْ َ‬ ‫قون َ ُ‬ ‫سب ِ ُ‬‫ن * َل ي َ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫مك َْر ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫دي ِ‬ ‫ن أي ْي ِ‬ ‫ما ب َي ْي َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ن * يَ ْ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه يَ ْ‬‫ر ِ‬‫م ِ‬‫ب ِأ ْ‬
‫ن‬ ‫ميي ِ‬‫ن إ ِّل ل ِ َ‬ ‫عو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫شيي َ‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫هيي ْ‬‫ف ُ‬ ‫خل ْ َ‬‫مييا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫شي َت ِ ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫ضى َ‬ ‫اْرت َ َ‬
‫ويجممب اليمممان بهممم إجمممال فممي الجمممال‬
‫وتفصيل في التفصيل فمن ساداتهم جبريممل‬
‫عليممه السمملم وهممو أفضممل الملئكممة وهممو‬
‫الموكل بتبليغ الوحي إلممى النبيمماء والرسممل‬
‫عليهممم الصمملة والسمملم وقممد وصممفه اللممه‬

‫‪2‬‬
‫‪2‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫بالمانممة والقمموة وحسممن الخلممق‪ ،‬وقممد كممان‬


‫يأتي النممبي ‪ ‬بصممفات متعممددة ورآه علممى‬
‫صممورته الممتي خلممق عليهمما مرتيممن‪ ،‬ومممن‬
‫ساداتهم ميكائيل عليه السمملم وهممو موكممل‬
‫بالقطر والنبات‪.‬‬
‫ومن ساداتهم إسرافيل وهو أحممد حملممة‬
‫العرش وهو الذي ينفخ في الصور‪ ،‬قال ابن‬
‫كثير رحمه الله‪ :‬إن الملئكة بالنسبة إلى ما‬
‫هيأهم الله له أقسام‪ :‬فمنهم حملة العرش‪،‬‬
‫ومنهم كربيون الذين هم حول العرش وهممم‬
‫مممع حملممة العممرش أشممرف الملئكممة وهممم‬
‫المقربون ومنهم موكلممون بالجنممات وإعممداد‬
‫الكرامممات لهلهمما وتهيئة الضمميافة لسمماكنيها‬
‫من ملبس ومآكل ومشارب ومساكن وغير‬
‫ذلممك مممما ل عيممن رأت ول أذن سمممعت ول‬
‫خطممر علممى قلممب بشممر‪ ،‬ومنهممم الموكلممون‬
‫بالنممار ‪-‬أعاذنمما اللممه منهمما‪ -‬وهممم الزبانيممة‬
‫ومقدموهم تسعة عشر وخازنها مالممك وهممو‬
‫مقدم على الخزنة‪ ،‬ومنهم الموكلون بحفممظ‬
‫بني آدم وحفظ أعمالهم)‪.(1‬‬

‫)( انظر البداية والنهاية لبنكثير )‪.(52-1/49‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫‪ -3‬واليمان بييالكتب المنزليية ميين‬


‫السماء‪ :‬وهي مممائة صممحيفة وأربعممة كتممب‬
‫علممى ممما ورد فممي حممديث أبممي ذر)‪ (2‬وهممي‬
‫خمسون صحيفة نزلت على شمميث بممن آدم‬
‫وثلثون صحيفة على إدريس وعشر صممحف‬
‫علممى إبراهيممم وعشممر علممى موسممى قبممل‬
‫التمموراة وأربعممة كتممب وهممي التمموراة علممى‬
‫موسى والنجيل على عيسى والزبممور علممى‬
‫داود والقرآن علممى محمممد ‪ ‬وهممو أفضمملها‬
‫وأعلها وناسخا لها ومهيمنا عليهمما ومتضمممنا‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬‫شي ْ‬ ‫ل َ‬ ‫لما فيها وزيادة فهو ‪‬ت ِب َْياًنا ل ِك ُي ّ‬
‫ن‪‬‬ ‫مي َ‬‫س يل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫شَرى ل ِل ْ ُ‬ ‫وب ُ ْ‬
‫ة َ‬‫م ً‬‫ح َ‬
‫وَر ْ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬
‫و ُ‬ ‫َ‬
‫فيممه نبممأ الوليممن والخريممن وفيممه جميممع ممما‬
‫يحتمماج إليممه النمماس فممي دينهممم ودنيمماهم‬
‫فّر طْن َييا‬‫مييا َ‬ ‫وأخراهم كممما قممال تعممالى‪َ  :‬‬
‫ء ‪] ‬النعممام‪:‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫شيي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ميي ْ‬‫ب ِ‬ ‫فييي ال ْك َِتييا ِ‬‫ِ‬

‫)( في عمدد النبيماء والرسمل وغيمر ذلمك رواه‬ ‫‪2‬‬

‫المام أحمد وابن مردويممه فممي تفسمميره وابممن‬


‫حبان في صحيحه وأبو الحسين الجري )انظر‬
‫تفسممير ابممن كممثير جممم ‪ 1‬ص ‪ (587-585‬عنممد‬
‫تفسير الية ‪ 164‬من سورة النساء‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫‪4‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫‪. [38‬‬
‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫ن ي َ يد َ ي ْ ِ‬
‫ن ب َي ْي ِ‬‫مي ْ‬‫ل ِ‬ ‫‪‬ل ي َأِتي ِ‬
‫د‬
‫مي ٍ‬ ‫ح ِ‬
‫كيم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ل ِ‬‫زي ٌ‬
‫ه ت َن ْ ِ‬
‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ول ِ‬ ‫َ‬
‫‪] ‬فصلت‪.[42 :‬‬
‫‪ -4‬اليمان بالرسييل‪ :‬وهممو التصممديق‬
‫بممأنهم صممادقون فيممما أخممبروا بممه عممن اللممه‬
‫تعمممالى أيمممديهم بمممالمعجزات الدالمممة علمممى‬
‫صدقهم‪ ،‬وأنهم بلغوا عن الله تعالى رسالته‬
‫وبينوا للمكلفيممن ممما أمرهممم اللممه بممه‪ ،‬وأنممه‬
‫يجب احترامهم وأن ل يفرق بين أحد منهم‪.‬‬
‫‪ -5‬واليمييان بيياليوم الخيير‪ :‬وهممو‬
‫التصديق بممما يكممون بعممد الممموت مممن فتنممة‬
‫القبر وعذابه ونعيمه والتصديق بيوم القيامة‬
‫وما اشتمل عليممه مممن العممادة بعممد الممموت‬
‫والنشمممر والحشمممر والحسممماب والميمممزان‬
‫والصممراط والجنممة والنممار وأنهممما دار ثممواب‬
‫وعقاب للمحسنين والمسيئين إلى غير ذلك‬
‫مما صح به النقل‪.‬‬
‫‪ -6‬واليمان بالقدر‪ :‬وهممو التصممديق‬
‫بأن ما شاء الله كان وما لممم يشممأ لممم يكممن‬

‫‪2‬‬
‫‪5‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫وأن ما أصاب النسان لم يكن ليخطئه وممما‬


‫أخطأه لم يكن ليصيبه قال ‪» ‬واعلم أن‬
‫المة لييو اجتمعييوا علييى أن ينفعييوك‬
‫بشيء لم ينفعوك إل بشيء قد كتبه‬
‫الليييه ليييك‪ ،‬وليييو اجتمعيييوا عليييى أن‬
‫يضروك بشيء لم يضروك إل بشيييء‬
‫قييد كتبييه اللييه عليييك رفعييت القلم‬
‫وجفت الصحف«)‪.(1‬‬
‫ومراتب اليمان بالقدر أربع‪:‬‬
‫الول‪ :‬علم الله بالشياء قبل كونها‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬كتابته لها‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬مشيئته لها‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬خلقممه لهمما وإيجمماده وتكمموينه‬
‫وقد جمعت في بيت الشعر قال‪:‬‬
‫كذاك خلق وإيجاد‬ ‫علم كتابة مولنا‬
‫ثم إن أنواع التقادير أربعة‪:‬‬
‫الول‪ :‬التقدير السممابق فممي علممم اللممه‬
‫وكتابته في اللوح المحفوظ‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬التقممدير العمممري وهممو الممذي‬

‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬
‫‪6‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫يرسل به الملك إلى الجنين فممي بطممن أمممه‬


‫فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقيا أو سعيدا‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬التقممدير الحممولي وهممو الممذي‬
‫يكون في ليلة القدر يقدر فيها ما يكون في‬
‫السنة من أقدار‪.‬‬
‫والرابع‪ :‬التقدير اليومي وهو المممذكور‬
‫فييي‬ ‫و ِ‬
‫هي َ‬
‫وم ٍ ُ‬ ‫فممي قمموله تعممالى‪ :‬ك ُ ّ‬
‫ل ي َي ْ‬
‫ن ‪ ‬أي أمر يظهره على وفق ما قممدره‬ ‫َ ْ‬
‫شأ ٍ‬
‫مممن إحيمماء وإماتممة وإعممزاز وإذلل وإغنمماء‬
‫وإفقممار وإجابممة داع وإعطمماء سممائل وغيممر‬
‫ذلك)‪.(1‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله‪ :‬لما ذكر نحممو‬
‫ممما تقممدم‪ :‬فهممذا تقممدير يممومي والممذي قبلممه‬
‫تقممدير حممولي والممذي قبلممه تقممدير عمممري‬
‫والذي قبله تقدير سابق علممى وجمموده لكممن‬
‫قبل خلق السموات والرض بخمسين ألممف‬
‫سنة كممما أخممبر بممذلك النممبي ‪ ‬وكممل هممذه‬
‫التقادير كالتفصيل من القدر السممابق وفممي‬
‫ذلك دليل علممى كمممال علممم الممرب وقممدرته‬
‫)( انظممر شممفاء العليممل فممي القضمماء والقممدر‬ ‫‪1‬‬

‫والحكمة والتعليل )ص ‪.(50-19‬‬

‫‪2‬‬
‫‪7‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫ورحمته‪ ،‬ثم قال‪ :‬وقد اتفقت الحاديث على‬


‫أن القدر السابق ل يمنممع العمممل ول يمموجب‬
‫التكال عليه بل يوجب الجد والجتهاد وبالله‬
‫التوفيق‪.‬‬
‫والفرق بين السلم واليمان حيث ذكرا‬
‫جميعمما فالسمملم أعممم فكممل مممؤمن مسمملم‬
‫وليس كل مسمملم مممؤمن بممدليل قممول اللممه‬
‫م‬‫ل َليي ْ‬ ‫مّنا ُ‬
‫قيي ْ‬ ‫بآ َ‬‫عَرا ُ‬‫ت ال َ ْ‬‫قال َ ِ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫مييا‬‫ول َ ّ‬‫مَنا َ‬‫س يل َ ْ‬
‫قول ُييوا أ ْ‬ ‫ول َك ِ ي ْ‬
‫ن ُ‬ ‫من ُييوا َ‬ ‫تُ ْ‬
‫ؤ ِ‬
‫م‪‬‬ ‫قُليييوب ِك ُ ْ‬ ‫فيييي ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ميييا ُ‬ ‫لي َ‬‫لا ِ‬ ‫خ ِ‬‫َييييدْ ُ‬
‫]الحجرات‪ [14 :‬أو يفسممر اليمممان باعتقمماد‬
‫القلوب والسلم بأعمممال الجمموارح‪ ،‬أممما إذا‬
‫لسلم‪ ،‬وحده أو اليمممان وحممده دخممل‬ ‫ذكر ا ٍ‬
‫فيممه الخممر وصممار اسممما لعتقمماد القلمموب‬
‫وأعمال الجوارح ونطق اللسان‪.‬‬
‫المرتبة الثالثة‪ :‬من مراتب الدين‪:‬‬
‫الحسان‪ :‬وهو نوعان إحسممان فممي عبممادة‬
‫الله‪ ،‬وإحسممان إلممى خلقممه‪ ،‬فالحسممان فممي‬
‫عبادة الله قد فسره النممبي ‪ ‬بقمموله‪» :‬أن‬
‫تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه‬
‫فإنه يراك« وهذا مقام المشاهدة لن من‬

‫‪2‬‬
‫‪8‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫قدر أن يشاهد الملك استحيا أن يلتفت إلى‬


‫غيممره‪ ،‬وأن يشممغل قلبممه بغيممره »فإن لييم‬
‫تكيين تييراه فييإنه يييراك« فينبغممي أن ل‬
‫تقصر في إحسان العمل لممه والخلص فيممه‬
‫فإنه يرى مكانك ويسمع كلمك ويعلم سرك‬
‫وعلنيتممك فراقبممه ول تسممتهن بنظممره إليممك‬
‫ورؤيته إياك غافل عنه أو مسيئا في عبممادته‪،‬‬
‫وأما الحسان إلى خلقه فهو بذل ممما يمكممن‬
‫من أنواع الحسان بممالقول والفعممل والمممال‬
‫والجاه والتعليم والنصيحة وبممذل المعممروف‪،‬‬
‫والله يحب المحسممنين وهممو معهممم بتمموفيقه‬
‫وتسممممديده قمممموله‪» :‬فييييأخبرني عيييين‬
‫السيياعة«؟ أي مممتى قيامهمما قمموله‪» :‬مييا‬
‫المسئول عنها بييأعلم ميين السييائل«‬
‫أي علمي وعلمممك فيهمما سممواء ل يعلمهمما إل‬
‫الله ل يعلمهمما ملممك مقممرب ل نممبي مرسممل‬
‫م‬‫عْليي ُ‬
‫عْنييدَهُ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫قمممال تعمممالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن الليي َ‬
‫ة‪ ‬قممموله‪» :‬فيييأخبرني عييين‬ ‫ع ِ‬
‫سيييا َ‬
‫ال ّ‬
‫أماراتها«‪،‬؟ أي علمممات مجيئتهمما‪ ،‬وقمموله‪:‬‬
‫»أن تلد المة ربتها« أي سمميدتها‪ ،‬قيممل‪:‬‬
‫هذا إخبار عن كثرة السراري وأولدهن فإن‬

‫‪2‬‬
‫‪9‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫ولممدها مممن سمميدها بمنزلممة سمميدها‪ ،‬وقيممل‬


‫معناه أن الماء يلممدن الملمموك فتكممون أمممه‬
‫من جملة رعيته‪ ،‬ويحتمل أن يكمون المعنمى‬
‫أن الشممخص يسممتولد الجاريممة ولممدا ويبيعهمما‬
‫فيكبر الولد ويشتري أمه وهذا مممن أشممراط‬
‫السمماعة‪ ،‬قممال النممووي قمموله‪» :‬وأن تييرى‬
‫الحفيياة العييراة العاليية رعيياء الشيياء‬
‫يتطاولون في البنيان« العالممة الفقممراء‬
‫ومعناه أن أهل البادية وأشممباههم مممن أهممل‬
‫الحاجمممة والفاقمممة يمممترقون فمممي البنيمممان‬
‫ويتطمماولون فيممه أي أن بعضممهم يجيممد بنمماء‬
‫داره ويطيل ارتفاعها لتكون أطممول مممن دار‬
‫الخر بعد أن تبسط لهم الدنيا يتبمماهون فممي‬
‫البنيان‪ ،‬قوله‪» :‬فلبث مليا« قيل هو بفتممح‬
‫الثاء على أنه للغائب‪ ،‬وقيممل فلبثممت بزيممادة‬
‫تاء المتكلم وكلهما صحيح‪.‬‬
‫قوله مليا معناه وقتا طويل وفممي روايممة‬
‫بعد ثلثة أيام‪.‬‬
‫قال النممووي‪ :‬وفممي هممذا مخالفممة لقممول‬
‫أبي هريرة في حديث ثم أدبر الرجل فقممال‬
‫النممبي ‪» ‬ردوا علييي الرجييل« فأخممذوا‬

‫‪3‬‬
‫‪0‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫يردونممه فلممم يممروا شمميئا فقممال ‪» ‬هييذا‬


‫جبريل« فيمكممن الجمممع بينهممما بممأن عمممر‬
‫رضي الله عنه لم يحضر قول النبي ‪ ‬لهم‬
‫في الحال بممل كممان قممد قممام مممن المجلممس‬
‫فأخبر النبي ‪ ‬الحاضرين في الحال وأخممبر‬
‫عمممر بعممد ثلث إذا لممم يكممن حاضممرا عنممد‬
‫الباقين والله أعلم‪.‬‬
‫ما يستفاد من هذا الحديث‪:‬‬
‫‪ -1‬استحباب تحسين الهيئة عند الدخول‬
‫على العلماء وأهل الفضل‪.‬‬
‫‪ -2‬صفة الجلوس لطلب العلممم وحسممن‬
‫الدب في ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬سؤال النسان عما يجهممل مممن أمممر‬
‫دينه‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ديممممن السمممملم ثلث مراتممممب‪:‬‬
‫السلم واليمان والحسان‪.‬‬
‫‪ -5‬أن أسس السمملم شممهادة أن ل إلممه‬
‫إل اللممه وأن محمممدا رسممول اللممه وإقممام‬
‫الصلة وإيتاء الزكمماة وصمموم رمضممان وحممج‬
‫بيت الله الحرام مع الستطاعة‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪1‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫‪ -6‬أن أسس اليمان هي اليمممان بممالله‬


‫وملئكتمممه وكتبمممه ورسمممله واليممموم الخمممر‬
‫واليمان بالقدر خيره وشره‪.‬‬
‫‪ -7‬الفممرق بيممن اليمممان والسمملم مممن‬
‫حيث العموم والخصوص والعمل والعتقاد‪.‬‬
‫‪ -8‬تفسير الحسممان بمراقبممة اللممه فممي‬
‫القول والعمل والخلص له في ذلك‪.‬‬
‫‪ -9‬أن ل يعلم متى تقوم الساعة أحد إل‬
‫الله‪.‬‬
‫‪ -10‬من أشراط السمماعة أن تلممد المممة‬
‫المملوكة سيدتها وأن يتطاول العراب فممي‬
‫البنيان‪.‬‬
‫‪ -11‬فيه علم من أعلم النبوة حيث قممد‬
‫وجدت هذه المارات‪.‬‬
‫‪ -12‬أن الممدين يشمممل قممول اللسممان‬
‫واعتقاد القلب وعمل الجوارح‪.‬‬
‫‪ -13‬أن السممملم واليممممان والحسمممان‬
‫كلهمما تسمممى دينمما كممما قممال ‪» ‬أتيياكم‬
‫يعلمكم دينكم«‪.‬‬
‫‪ -14‬وجمموب اليمممان والرضمما بالقضمماء‬
‫والقدر خيره وشره حلوه ومره‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪2‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫‪ -15‬فضممل جبريممل عليممه السمملم حيممث‬


‫جاء إلى النبي ‪ ‬يعلم الصحابة أمر دينهم‪.‬‬
‫‪ -16‬فضل محمد ‪ ‬حيممث أرشممد أمتممه‬
‫إلى ممما ينفعهممم ويقربهممم إلممى اللممه ودلهممم‬
‫الصممراط المسممتقيم صمملوات اللممه وسمملمه‬
‫عليه دائما إلى يوم الدين)‪.(1‬‬

‫)( الكممواكب النيممرات مممن جوامممع الحممديث‬ ‫‪1‬‬

‫واليممات فممي المنجيممات والمهلكممات وأوصماف‬


‫المؤمنين والمؤمنات )ص ‪.(234-226‬‬

‫‪3‬‬
‫‪3‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫السلم واليمان والهجرة‬


‫والجهاد‬
‫عن عبد الله بن عمر رضي اللممه عنهممما‬
‫قال‪ :‬قال رسممول اللممه ‪» ‬المسلم ميين‬
‫سييلم المسييلمون ميين لسييانه ويييده‪،‬‬
‫والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه«‬
‫متفمممق عليمممه‪ ،‬وزاد الترممممذي والنسمممائي‬
‫»والمييؤمن ميين أمنييه النيياس علييى‬
‫دمييييائهم وأمييييوالهم« وزاد الممممبيهقي‬
‫»والمجاهييد ميين جاهييد نفسييه فييي‬
‫طاعة الله«‪.‬‬
‫ذكر في هذا الحديث كمال هذه السماء‬
‫الجليلة التي رتب الله ورسوله عليها سعادة‬
‫الممدنيا والخممرة وهممي السمملم واليمممان‪،‬‬
‫والهجرة والجهاد‪ ،‬وذكر حدودها بكلم جممامع‬
‫شامل‪ ،‬وأن المسلم مممن سمملم المسمملمون‬
‫من لسانه ويده‪.‬‬
‫وذلممممك أن السمممملم الحقيقممممي‪ :‬هممممو‬
‫الستسمملم للممه‪ ،‬وتكميممل عبمموديته والقيممام‬
‫بحقممموقه‪ ،‬وحقممموق المسممملمين‪ ،‬ول يتمممم‬
‫السمملم حممتى يحممب للمسمملمين ممما يحممب‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫لنفسه‪ ،‬ول يتحقممق ذلممك إل بسمملمتهم مممن‬


‫شر لسانه وشممر يممده‪ ،‬فممإن هممذا أصممل هممذا‬
‫الفممرض الممذي عليممه للمسمملمين فمممن لممم‬
‫يسلم المسمملمون مممن لسممانه أو يممده كيممف‬
‫يكممون قائممما بممالفرض الممذي عليممه لخمموانه‬
‫المسمملمين؟ فسمملمتهم مممن شممره القممولي‬
‫والفعلي وعنوان على كمال إسلمه‪.‬‬
‫وفسر المؤمن بأنه الممذي يممأمنه النمماس‬
‫على دمائهم وأموالهم‪ ،‬فممإن اليمممان إذا دار‬
‫في القلب وامتل به أوجممب لصمماحبه القيممام‬
‫بحقمموق اليمممان الممتي مممن أهمهمما‪ :‬رعايممة‬
‫المانات‪ ،‬والصممدق فممي المعمماملت والممورع‬
‫عن ظلم الناس في دمائهم وأموالهم‪ ،‬ومن‬
‫كان كذلك عمرف النماس هممذا منممه‪ ،‬وآمنمموه‬
‫علممى دمممائهم وأممموالهم‪ ،‬ووثقمموا بممه‪ ،‬لممما‬
‫يعلموا منه من مراعاة المانات‪ ،‬فإن رعاية‬
‫المانة من أخص واجبات اليمان‪ ،‬كممما قممال‬
‫‪» ‬ل إيمان لمن ل أمانة له«)‪.(1‬‬
‫وفسر ‪ ‬الهجرة التي هي فممرض عيممن‬
‫)( رواه الممبيهقي فممي شممعب اليمممان وفممي‬ ‫‪1‬‬

‫السممنن الكممبرى‪ ،‬وأحمممد فممي المسممند قممال‬


‫اللباني وهو حديث جيد وله شواهد‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪5‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫علمممى كمممل مسممملم بأنهممما هجمممر المممذنوب‬


‫والمعاصي‪ ،‬وهذا الفرض ل يسقط عن كممل‬
‫مكلف في كل حال مممن أحممواله‪ ،‬فممإن اللممه‬
‫حرم على عباده انتهاك المحرمات والقدام‬
‫على المعاصي‪ ،‬والهجرة الخاصة الممتي هممي‬
‫النتقممال مممن بلممد الكفممر أو البممدع إلممى بلممد‬
‫السمملم والسممنة‪ ،‬جممزء مممن هممذه الهجممرة‪،‬‬
‫وليست واجبة علممى كممل أحممد‪ ،‬وإنممما تجممب‬
‫بوجود أسبابها المعروفة‪.‬‬
‫وفسر المجاهد بأنه الممذي جاهممد نفسممه‬
‫علمى طاعمة اللمه‪ ،‬فمإن النفمس ميالمة إلمى‬
‫الكسل عن الخيرات‪ ،‬أمارة بالسوء سممريعة‬
‫التأثر عند المصائب وتحتاج إلى صبر وجهاد‬
‫فممي إلزامهمما طاعممة اللممه‪ ،‬وثباتهمما عليهمما‪،‬‬
‫ومجاهدتها عن معاصي الله‪ ،‬وردعهمما عنهمما‪،‬‬
‫وجهادها على الصبر عنممد المصممائب‪ ،‬وهممذه‬
‫هممي الطاعممات‪ ،‬امتثممال المممأمور‪ ،‬واجتنمماب‬
‫المحظور‪ ،‬والصبر على المقدور‪.‬‬
‫فالمجاهد حقيقة‪ ،‬من جاهدها على هذه‬
‫المور‪ ،‬لتقوم بواجبها ووظيفتها‪.‬‬
‫ومن أشرف هذا النوع وأجله‪ :‬مجاهدتها‬

‫‪3‬‬
‫‪6‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫علممى قتممال العممداء‪ ،‬ومجاهممدتهم بممالقول‬


‫والفعل‪ ،‬فإن الجهمماد فممي سممبيل اللممه ذروة‬
‫سنام الدين‪.‬‬
‫فهذا الحديث من قام بما دل عليه فقممد‬
‫قام بالدين كله‪ :‬مممن سمملم المسمملمون مممن‬
‫لسممانه ويممده‪ ،‬وأمنممه النمماس علممى دمممائهم‬
‫وأموالهم‪ ،‬وهجر ما نهممى اللممه عنممه‪ ،‬وجاهممد‬
‫نفسه على طاعممة اللممه‪ ،‬فممإنه لممم يبممق مممن‬
‫الخير الديني والدنيوي الظاهري‪ ،‬والبمماطني‬
‫شيئا إل فعله‪ ،‬ول من الشمر شميئا إل تركمه‪،‬‬
‫والله الموفق وحده)‪.(1‬‬

‫)( بهجممة قلمموب البممرار وقممرة عيممون الخيممار‬ ‫‪1‬‬

‫بشرح جوامع الخبار للشيخ عبممد الرحمممن بممن‬


‫ناصر السعدي )ص ‪.(19-17‬‬

‫‪3‬‬
‫‪7‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫قل آمنت بالله ثم استقم‬


‫عن سفيان بن عبد اللممه الثقفممي‪ ،‬قممال‪:‬‬
‫قلت يا رسول الله قل لي في السلم قول‬
‫ل أسأل عنه أحدا غيرك‪ ،‬قال‪ :‬قمممل »آمنت‬
‫بالله ثم استقم« رواه مسلم‪.‬‬
‫يخبرنا الصحابي راوي هذا الحممديث أنممه‬
‫طلب من النبي ‪ ‬أن يعلمه ما يحتمماج إليممه‬
‫في دينه قول جامعا شامل لمعمماني السمملم‬
‫واضحا جلي ًمما ل يحتمماج إلممى تفسممير كممافي ل‬
‫يحتاج معه إلى سؤال غيره‪ ،‬فأمره الرسول‬
‫‪ ‬بممأن يممداوم علممى اليمممان‪ ،‬ثممم يعتممدل‬
‫ويستقيم على ما يقتضيه اليمان من امتثال‬
‫الوامممر‪ ،‬نممدبها وواجبهمما واجتنمماب النممواهي‬
‫حرامها ومكروهها‪ ،‬فإذا عمل بهذا فقممد نجمما‬
‫وفاز في دنياه وآخرته‪ ،‬وقد ورد في القرآن‬
‫العزيز الفضل العظيمم لممن آممن بمالله ثمم‬
‫قيياُلوا‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّي ِ‬ ‫استقام قممال تعممالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫ل َ َ‬ ‫موا ت َت َن َّز ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫قا ُ‬ ‫م ا ْ‬ ‫َرب َّنا الل ُ‬
‫حَزن ُييييوا‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫خييييا ُ‬ ‫ة َأل ت َ َ‬ ‫ملئ ِك َيييي ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫عيي ُ‬‫م ُتو َ‬ ‫ة ال ِّتي ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫شُروا ِبال ْ َ‬
‫جن ّ ِ‬ ‫وأ ب ْ ِ‬‫َ‬

‫‪3‬‬
‫‪8‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫َ‬
‫ة ال يدّن َْيا‬ ‫حي َييا ِ‬‫فييي ال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ؤك ُ ْ‬ ‫ول ِي َييا ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫* نَ ْ‬
‫هي‬ ‫شييت َ ِ‬ ‫مييا ت َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ول َك ُ ْ‬‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫َ‬
‫ن * ن ُُزل ً‬ ‫عو َ‬ ‫ما ت َدّ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ول َك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫حيم ٍ ‪] ‬فصلت‪.(1)[33-30 :‬‬ ‫ر َر ِ‬ ‫فو ٍ‬ ‫غ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫فهذا الرجل طلممب مممن النممبي ‪ ‬كلممما‬
‫جامعمما للخيممر نافعمما‪ ،‬موصممل صمماحبه إلممى‬
‫الفلح‪ ،‬فأمره النبي ‪ ‬باليمان بممالله الممذي‬
‫يشمل ما يجب اعتقاده‪ ،‬من عقائد اليمممان‪،‬‬
‫وأصوله‪ ،‬وما يتبع ذلك من أعمممال القلمموب‪،‬‬
‫والنقياد والستسلم لله‪ ،‬باطنا وظاهرا‪ ،‬ثممم‬
‫الممدوام علممى ذلممك‪ ،‬والسممتقامة عليممه إلممى‬
‫الممممات‪ ،‬وهممو نظيممر قمموله تعممالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫موا‬ ‫قا ُ‬ ‫سيت َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ث ُي ّ‬ ‫قاُلوا َرب َّنا اللي ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ول‬ ‫فوا َ‬ ‫خا ُ‬ ‫ة َأل ت َ َ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ل َ َ‬ ‫ت َت َن َّز ُ‬
‫ت َحزُنوا َ‬
‫م‬‫ة ال ّت ِييي ك ُن ْت ُي ْ‬ ‫جن ّ ي ِ‬ ‫شُروا ِبال ْ َ‬ ‫وأ ب ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ن ‪] ‬فصمملت‪ [30 :‬فرتممب علممى‬ ‫دو َ‬ ‫عيي ُ‬ ‫ُتو َ‬
‫اليمممان والسممتقامة‪ :‬السمملمة مممن جميممع‬
‫الشرور‪ ،‬وحصول الجنة وجميع المحاب‪.‬‬
‫وقممد دلممت نصمموص الكتمماب والسممنة‬
‫)( شرح الربعين النووية للشيخ عبممد اللممه بممن‬ ‫‪1‬‬

‫صالح المحسن )ص ‪.(43‬‬

‫‪3‬‬
‫‪9‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫الكممثيرة علممى أن اليمممان يشمممل ممما فممي‬


‫القلمموب مممن العقممائد الصممحيحة وأعمممال‬
‫القلوب‪ ،‬من الرغبة في الخير‪ ،‬والرهبة مممن‬
‫الشممر‪ ،‬وإرادة الخيممر‪ ،‬وكراهممة الشممر‪ ،‬ومممن‬
‫أعمال الجمموارح)‪ (1‬ول يتممم ذلممك إل بالثبممات‬
‫عليه)‪.(2‬‬
‫وهذا الحممديث مممن جوامممع الكلممم الممتي‬
‫أوتيها ‪ ‬فإن جمع لهذا السائل فممي همماتين‬
‫الكلمتين معاني السلم واليمان كلها وهممذا‬
‫قيياُلوا َرب ّن َييا‬
‫ن َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫كقمموله تعممالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫موا‪] ‬فصلت‪ [30 :‬قممال‬ ‫ست َ َ‬
‫قا ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫ما ْ‬ ‫الل ُ‬
‫عمممر بممن الخطمماب‪ :‬اسممتقاموا واللممه علممى‬
‫طممماعته‪ ،‬ولمممم يروغممموا روغمممان الثعلمممب‪،‬‬
‫والستقامة هي سلوك الصممراط المسممتقيم‬
‫وهممو الممدين القممويم‪ ،‬ويشمممل ذلممك فعممل‬
‫الطاعات وترك المنهيات وقد قال النبي ‪‬‬

‫)( العضاء‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( بهجممة قلمموب البممرار وقممرة عيممون الخيممار‬ ‫‪2‬‬

‫بشرح جوامع الخبار للشيخ عبممد الرحمممن بممن‬


‫ناصر السعدي رحمه الله تعالى )ص ‪.(16‬‬

‫‪4‬‬
‫‪0‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫»استقيموا ولن تحصوا‪ ،‬واعلمييوا أن‬


‫خييير أعمييالكم الصييلة‪ ،‬ول يحييافظ‬
‫علييى الوضييوء إل مييؤمن« رواه المممام‬
‫أحمممد)‪ ،(1‬وقممال ‪» ‬سييددوا وقيياربوا‪،‬‬
‫واعلمييوا أنييه ليين ينجييوا أحييد منكييم‬
‫بعمله« قالوا ول أنت يا رسول الله؟ قممال‪:‬‬
‫»ول أنا إل أن يتغمييدني اللييه برحميية‬
‫منه وفضل«)‪.(2‬‬
‫قممال العلممماء‪ :‬معنممى السممتقامة لممزوم‬
‫طاعة الله تعالى‪ ،‬والمقاربة‪ :‬القصد الذي ل‬
‫غلممو فيممه ول تقصممير‪ ،‬والسممداد‪ :‬السممتقامة‬
‫والصابة‪ ،‬قمال ابممن أبممي جمممرة‪ :‬فيممه دللمة‬
‫على أنه ليس أحممد مممن الخلممق يقممدر علممى‬
‫توفية حق الربوبية‪ ،‬يؤخذ ذلك من قمموله ‪‬‬
‫»ول أنا إل أن يتغمدني الله برحمته«‬
‫فإذا كان هو وهو خيممر البشممر ل يقممدر علممى‬
‫ذلك فالغير أحرى وأولممى‪ ،‬وإذا تممأملت ذلممك‬
‫)( ومالممك وابممن ممماجه والممدارمي وصممححه‬ ‫‪1‬‬

‫الحاكم والمنذري‪.‬‬
‫)( رواه البخاري ومسلم وغيرهمما ممن حمديث‬ ‫‪2‬‬

‫عائشة رضي الله عنها‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪1‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫من جهة النظر تجده مدركا حقيقة‪ ،‬لنممه إذا‬


‫طالبنا بشكر النعم التي أنعممم علينمما عجزنمما‬
‫عنممه بممالقطع ومنهمما ممما ل نعرفممه كممما قممال‬
‫هل‬ ‫ة الليي ِ‬
‫مييي َ‬
‫ع َ‬
‫دوا ن ِ ْ‬
‫عييي ّ‬
‫ن تَ ُ‬ ‫تعمممالى‪َ  :‬‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ها‪] ‬إبراهيم‪ [34 :‬فكيف غير ذلك‬ ‫صو َ‬
‫ح ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫من أنواع التكليفات‪ ،‬فما بقي إل ما أخبر به‬
‫الصادق وهو التغمد بالفضل والرحمة‪.‬‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬الممممر بالسمممتقامة وهمممي الصمممابة‬
‫والعتممدال فممي جميممع القمموال والفعممال‬
‫والمقاصد المحمودة‪.‬‬
‫‪ -2‬اجتناب المحرمممات وجميممع ممما كممان‬
‫مخالفا للشريعة من قول أو فعل أو اعتقاد‪.‬‬
‫‪ -3‬جواز الفتوى إجمال إذا كان النسممان‬
‫يفهمها بدون تفصيل‪.‬‬
‫‪ -4‬في الحديث إثبممات العممموم والعمممل‬
‫بها يشتمل عليه)‪.(1‬‬

‫)( شرح الربعين النووية للشيخ عبممد اللممه بممن‬ ‫‪1‬‬

‫صالح المحسن )ص ‪.(43‬‬

‫‪4‬‬
‫‪2‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫من أصول الدين وفروعه‬


‫عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشممر‬
‫رضي اللممه عنممه عممن رسممول اللممه ‪ ‬قممال‪:‬‬
‫»إن اللييه تعييالى فييرض فييرائض فل‬
‫تضيييعوها‪ ،‬وحييد حييدودا فل تعتييدوها‬
‫وحييرم أشييياء فل تنتهكوهييا وسييكت‬
‫عن أشياء رحمة لكم غير نسيييان فل‬
‫تبحثيييوا عنهيييا« حممممديث حسممممن رواه‬
‫الدارقطني وغيره‪.‬‬
‫يرشدنا هذا الحممديث بممأن اللممه سممبحانه‬
‫وتعالى فرض علينا فممرائض وألزمنمما القيممام‬
‫بها والمحافظة عليها فل نخالف أوامممر اللممه‬
‫فنتركها أو نتهاون بها فندخل عليهمما النقممص‬
‫والخلل فل نؤديهمما كاملممة وأن اللممه سممبحانه‬
‫حد حدودا وأمرنا بممأن ل نتجاوزهمما ونتعممداها‬
‫إلى ما ل يحل ول يجمموز لنمما ارتكممابه وحممرم‬
‫علينا أشياء فل يجوز لنمما تناولهمما ول القممرب‬
‫منها‪ ،‬وسكت عن أشياء فلم يذكر لها حكممما‬
‫في حل ول حرمة ول نسيان لبيان أحكامهمما‬
‫فربنا سبحانه ل يضممل ول ينسممى فل يبحممث‬

‫‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫عممن حكمهمما لن اللممه سممبحانه حكيممم عليممم‬


‫يضمع الشممياء بمواضمعها الصمالحة لهما ‪َ‬ل‬
‫َ‬ ‫سأ َ ُ‬
‫ن‪ ‬فل‬ ‫سييأُلو َ‬
‫م يُ ْ‬
‫هي ْ‬
‫و ُ‬
‫ل َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ع ّ‬
‫ل َ‬ ‫يُ ْ‬
‫يترك شيئا إل لحكمة‪.‬‬
‫قال العلماء رحمهم اللممه‪ :‬هممذا الحممديث‬
‫أصل كبير من أصول الدين وفروعممه‪ ،‬ومممن‬
‫عمممل بهمما فقممد حمماز الثممواب‪ ،‬وأمممن مممن‬
‫العقمماب‪ ،‬لن مممن أدى الفممرائض‪ ،‬واجتنممب‬
‫المحارم‪ ،‬ووقف عند الحدود‪ ،‬وتممرك البحممث‬
‫عما غاب عنه‪ ،‬فقد استوفى أقسام الفضل‪،‬‬
‫وأوفممى حممق الممدين قمموله‪» :‬وسكت عيين‬
‫أشييياء رحميية لكييم غييير نسيييان فل‬
‫تبحثييوا عنهييا« همممذا موفمممق لقممموله ‪‬‬
‫»ذروني ما تركتكم فإنما أهلك الذين‬
‫من قبلكم كثرة مسائلهم واختلفهم‬
‫على أنبيائهم«)‪.(1‬‬
‫قال بعض العلماء‪ :‬كممانت بنممو إسممرائيل‬
‫يسألون فيجابون ويعطممون ممما طلبمموا حممتى‬
‫كان ذلك فتنة لهم‪ ،‬وأدى ذلك إلى هلكهممم‪،‬‬
‫وكانت الصحابة رضي الله عنهم قممد فهممموا‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫‪4‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫ذلك‪ ،‬وكفوا عن السؤال إل فيما ل بممد منممه‪،‬‬


‫وكان يعجبهممم أن يجيممء العممراب يسممألون‬
‫رسول الله ‪ ‬فيسمعون ويعون‪.‬‬
‫وأخرج البزار في مسنده والحمماكم مممن‬
‫حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النممبي‬
‫‪ ‬قال‪» :‬ما أحل الله في كتييابه فهييو‬
‫حلل‪ ،‬ومييا حييرم فهييو حييرام‪ ،‬ومييا‬
‫سكت عنه فهو عفو فأقبلوا من الله‬
‫عييافيته‪ ،‬فييإن اللييه لييم يكيين لينسييى‬
‫مييا ك َييا َ‬
‫ن‬ ‫شيئا« ثممم تل هممذه اليممة ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫)‪(1‬‬

‫سّيا‪.‬‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ك نَ ِ‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الله تعممالى فممرض فممرائض وأمممر‬
‫بالمحافظة عليها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن الله تعالى حرم أشممياء فل يجمموز‬
‫تناولها ول القرب منها‪.‬‬
‫‪ -3‬أن اللممممه حممممد حممممدودا فل تجمممموز‬

‫)( انظر‪ :‬المجموعة الجليلة للشيخ فيصممل بممن‬ ‫‪1‬‬

‫عبمممد العزيمممز آل مبمممارك )ص ‪ (427‬وشمممرح‬


‫الربعين النوويممة للشمميخ عبممد اللممه بممن صممالح‬
‫المحسن )ص ‪.(60‬‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫مجاوزتها‪.‬‬
‫‪ -4‬أنممه سممكت سممبحانه عممن أشممياء فل‬
‫يبحث ويسأل عنها رحمة بالعباد لنها حلل‪.‬‬
‫‪ -5‬في هذا الحديث تقسيم أحكام الدين‬
‫إلى أربعة أقسممام فممرائض ومحممارم وحممدود‬
‫ومسكوت عنه‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪6‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫من قام بالواجبات‬


‫وانتهى عن المحرمات دخل‬
‫الجنة‬
‫عن أبممي عبممد اللممه جممابر بممن عبممد اللممه‬
‫النصاري رضي اللممه عنهممما‪ :‬أن رجل سممأل‬
‫رسممول اللممه ‪ ‬فقممال‪ :‬أرأيممت إذا صممليت‬
‫المكتوبمممات‪ ،‬وصممممت رمضمممان‪ ،‬وأحللمممت‬
‫الحلل‪ ،‬وحرمت الحرام‪ ،‬ولم أزد على ذلممك‬
‫شمميئا أدخممل الجنممة؟ قممال‪» :‬نعييم« رواه‬
‫مسمملم ومعنممى حرمممت الحممرام‪ :‬اجتنبتممه‬
‫ومعنى أحللت الحلل‪ :‬فعلته معتقدا حله‪.‬‬
‫هممذا الحممديث يممدل علممى أن مممن قممام‬
‫بالواجبممات‪ ،‬وانتهممى عممن المحرمممات دخممل‬
‫ن‬ ‫الجنممة ويشممهد لممذلك قمموله تعممالى‪ :‬إ ِ ْ‬
‫ف يْر‬ ‫ه ن ُك َ ّ‬‫عن ْي ُ‬
‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫هي ْ‬
‫مييا ت ُن ْ َ‬‫جت َن ُِبوا ك ََبائ َِر َ‬‫تَ ْ‬
‫خل ً‬ ‫مييدْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫خل ْك ُ ْ‬‫وُنييدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سييي َّئات ِك ُ ْ‬
‫م َ‬‫كيي ْ‬‫عن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ما‪] ‬النساء‪ [31 :‬وفي الصحيحين أن‬ ‫ري ً‬ ‫كَ ِ‬
‫أعرابيا جاء إلى رسول الله ‪ ‬ثممائر الممرأس‬
‫فقال‪ :‬يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله‬
‫علممي مممن الصمملة؟ فقممال‪» :‬الصييلوات‬

‫‪4‬‬
‫‪7‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫الخمييس إل أن تطييوع شيييئًا« فقممال‪:‬‬


‫أخبرني بما فرض اللممه علممي مممن الصمميام؟‬
‫فقممال‪» :‬شييهر رمضييان إل أن تطييوع‬
‫شيئا« فقال‪ :‬أخبرني بما فرض اللممه علممي‬
‫مممن الزكمماة؟ فممأخبره الرسممول ‪ ‬بشممرائع‬
‫السلم‪ ،‬فقال‪ :‬والذي بعثك بالحق ل أتطوع‬
‫شيئا ول أنقص مما فممرض اللممه علممي شمميئا‬
‫فقال رسول الله ‪» ‬أفلح إن صدق« أو‬
‫»دخل الجنة إن صييدق« وخطممب النممبي‬
‫‪ ‬في حجة الوداع فقال‪» :‬يا أيها الناس‬
‫اتقوا الله وصييلوا خمسييكم وصييوموا‬
‫شييييهركم‪ ،‬وأدوا زكيييياة أمييييوالكم‪،‬‬
‫وأطيعيييوا ذا أمركيييم تيييدخلوا جنييية‬
‫ربكم«)‪ (1‬وفممي روايممة »وحجييوا بيتكييم«‬
‫وإنممما لممم يممذكر الحممج والزكمماة فممي هممذا‬
‫الحديث‪ ،‬لن الزكاة ل تجب إل على صاحب‬
‫المال‪ ،‬والحج ل يجب إل على مممن اسممتطاع‬
‫إليممه سممبيل‪ ،‬وأممما الصمملة والصمميام وتحليممل‬
‫الحلل‪ ،‬وترك الحرام‪ ،‬فواجب على كل أحد‬
‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫‪8‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫والله أعلم‪.‬‬
‫الفوائد‪:‬‬
‫‪ -1‬أن من قممام بالواجبممات وانتهممى عممن‬
‫المحرمات دخل الجنة‪.‬‬
‫‪ -2‬جواز ترك التطوعات إذا لم يكن من‬
‫باب التساهل والستهانة بها‪.‬‬
‫‪ -3‬النظممر إلممى أحمموال النمماس‪ ،‬فلعممل‬
‫السائل حديث عهممد بالسمملم فسممهل عليممه‬
‫حتى يقوي إيمانه‪.‬‬
‫‪ -4‬عظم أمر الصلوات الخمس‪ ،‬وصيام‬
‫رمضان وإحلل الحلل واجتناب الحرام‪.‬‬
‫‪ -5‬إن في اجتناب الحرام وأكممل الحلل‬
‫إصمملحا للفممرد والمجتمممع‪ ،‬فلممو عمممل بهممذا‬
‫الحديث لستتب المممن‪ ،‬وقممويت الثقممة بيممن‬
‫الناس وانقطعممت الخصممومات والمنازعممات‬
‫بينهم‪ ،‬ولكن هيهات هيهات)‪.(1‬‬

‫)( المجموعمممة الجليلمممة )ص ‪ ،(414‬وشمممرح‬ ‫‪1‬‬

‫الربعين النووية )ص ‪.(42‬‬

‫‪4‬‬
‫‪9‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫المراجع‬
‫‪ -1‬الربعممون النوويممة للشمميخ يحيممى بممن‬
‫شرف النووي‪.‬‬
‫‪ -2‬تعليم الحممب أحمماديث النممووي وابممن‬
‫رجممب للشمميخ فيصممل بممن عبممد العزيممز آل‬
‫مبارك ضمن المجموعة الجليلة‪.‬‬
‫‪ -3‬بهجممة قلمموب البممرار وقممرة عيممون‬
‫الخيممار بشممرح جوامممع الخبممار للشمميخ عبممد‬
‫الرحمن بن ناصر السعدي‪.‬‬
‫‪ -4‬شرح الربعيممن النوويممة للشمميخ عبممد‬
‫الله بن صالح المحسن‪ ،‬المدرس بالجامعممة‬
‫السلمية بالمدينة النبوية‪.‬‬
‫‪ -5‬تفسير القرآن العظيم لبن كثير‪.‬‬
‫‪ -6‬الترغيب والترهيب المنذري‪.‬‬
‫‪ -7‬البداية والنهاية لبممن كممثير )‪-49 /1‬‬
‫‪.(52‬‬
‫‪ -8‬شممفاء العليممل فممي القضمماء والقممدر‬
‫والحكمة والتعليل لشيخ السلم محمممد بممن‬
‫أبي بكر ابن قيم الجوزية‪.‬‬
‫‪ -9‬شرح النووي على الربعين النووية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪0‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫‪ -10‬الكمممواكب النيمممرات ممممن جواممممع‬


‫الحديث واليات فممي المنجيممات والمهلكممات‬
‫وأوصاف المؤمنين والمؤمنات للمؤلف‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪1‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫الفهرس‬
‫الص‬ ‫الموضوع‬
‫فحة‬
‫مقدمة‪.......................................‬‬
‫‪3‬‬
‫‪.........‬‬
‫السممممممممممممممملم واليممممممممممممممممان‬
‫‪7‬‬
‫والحسان‪............................‬‬
‫معنممممممى شممممممهادة أن ل إلممممممه إل‬
‫‪8‬‬
‫الله‪...........................‬‬
‫شروط قبول كلمممة الخلص ل إلممه إل‬
‫‪9‬‬
‫الله‪..............‬‬
‫معنمممى شمممهادة أن محممممدا ً رسمممول‬
‫‪9‬‬
‫الله‪.......................‬‬
‫معنمممممممممممممممممممى إقمممممممممممممممممممام‬
‫‪11‬‬
‫الصلة‪......................................‬‬
‫وجوب إيتاء الزكاة إلى مستحقيها وما‬
‫‪11‬‬
‫فيها الفوائد‪.......‬‬
‫صممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممموم‬
‫رمضان‪12 ......................................‬‬
‫‪...‬‬

‫‪5‬‬
‫‪2‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫وجمموب حممج بيممت اللممه الحممرام لمممن‬


‫‪13‬‬
‫ل‪.......‬‬‫استطاع إليه سبي ً‬
‫وعيمممد ممممن اسمممتطاع الحمممج فلمممم‬
‫‪13‬‬
‫يحج‪........................‬‬
‫المرتبممة الثانيممة مممن مراتممب الممدين‬
‫‪14‬‬
‫اليمان‪.....................‬‬
‫وهمممممممو مبنمممممممي علمممممممى سمممممممتة‬
‫‪15‬‬
‫أركان‪..............................‬‬
‫مراتممممب اليمممممان بالقممممدر وأنممممواع‬
‫‪17‬‬
‫التقادير‪....................‬‬
‫الفمممممممممرق بيمممممممممن السممممممممملم‬
‫‪19‬‬
‫واليمان‪.............................‬‬
‫المرتبممة الثالثممة مممن مراتممب الممدين‬
‫‪19‬‬
‫الحسان‪..................‬‬
‫ما يستفاد مممن حممديث سممؤال جبريممل‬
‫للنممممممممبي ‪ ‬عممممممممن السمممممممملم‬
‫‪21‬‬
‫واليمان‪.....................................‬‬
‫‪..........‬‬
‫السمممممملم واليمممممممان والهجممممممرة‬
‫‪23‬‬
‫والجهاد‪.......................‬‬

‫‪5‬‬
‫‪3‬‬
‫السلم واليمان‬
‫والحسان‬

‫قمممممممل آمنمممممممت بمممممممالله ثمممممممم‬


‫‪26‬‬
‫استقم‪.................................‬‬
‫مممممممممممن أصممممممممممول الممممممممممدين‬
‫‪30‬‬
‫وفروعه‪...............................‬‬
‫ممممن قمممام بالواجبمممات وانتهمممى عمممن‬
‫‪33‬‬
‫المحرمات دخل الجنة‪........‬‬
‫المراجع‪.....................................‬‬
‫‪35‬‬
‫‪...........‬‬
‫الفهممرس‪....................................‬‬
‫‪36‬‬
‫‪...........‬‬

‫‪5‬‬
‫‪4‬‬

You might also like