You are on page 1of 41

‫جمع وتحقيق‬

‫الفقير إلى الله تعالى‬


‫عبد الله بن جار الله بن إبراهيم‬
‫الجار الله‬
‫غفر الله له ولوالديه ولجميع‬
‫المسلمين‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫بأسباب‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة‬
‫الحمد لله الذي يتوب على من تاب إليه‬
‫ويغفر لمن استغفره وأشهد أن ل إله إل‬
‫الله وحده ل شريك له‪.‬‬
‫أمر بالتوبة والستغفار ووعد بقبولهما‬
‫وهو ل يخلف الميعاد وأشهد أن محمدا ً‬
‫عبده ورسوله إمام التائبين والمستغفرين‬
‫وقدوتهم صلوات الله وسلمه عليه وعلى‬
‫آله وأصحابه أجمعين ومن سلك طريقهم‬
‫في العلم والعمل والتوبة والستغفار إلى‬
‫يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد فإن للذنوب والمعاصي خطًرا‬
‫ما وعواقب وخيمة في الدنيا وفي‬ ‫عظي ً‬
‫القبر ويوم القيامة‪ .‬ول ينجي منها إل‬
‫اليمان الصادق والعمل الصالح الخالص لله‬
‫الموافق لسنة رسوله ‪ ‬ـ والتوبة النصوح‬
‫بترك المعاصي والندم على ما حصل منها‬
‫والعزم على عدم العودة إليها في‬
‫المستقبل والكثار من الستغفار في الليل‬
‫فاٌر‬ ‫غ ّ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬‫والنهار لقول الله تعالى ‪َ ‬‬
‫م‬ ‫حا ث ُ ّ‬ ‫صال ِ ً‬
‫ل َ‬‫م َ‬
‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫م َ‬
‫وآ َ‬
‫ب َ‬‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬
‫لِ َ‬
‫‪4‬‬ ‫التذكرة‬
‫بأسباب‬

‫دى ‪ ‬أي استمر على ذلك ثم الكثار‬ ‫هت َ َ‬ ‫ا ْ‬


‫من الذكر لله والدعاء فإن الله تعالى يذكره‬
‫ويجيب من دعاه ويغفر لمن استغفره‬
‫ويتوب على من تاب إليه وهو التواب‬
‫الرحيم‪ ،‬وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫التوابون‪ .‬وقد قال الله تعالى ‪َ ‬‬
‫ل سو ً َ‬
‫م‬‫ه ثُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫ءا أ ْ‬ ‫م ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ما‬‫حي ً‬ ‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫ر الل َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫‪] ‬سورة النساء آية ‪ ،[110‬وقال تعالى‬
‫عن نبيه ورسوله موسى عليه السلم ‪‬‬
‫فْر‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ب إ ِّني ظَل َ ْ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ِلي َ‬
‫‪] ‬سورة القصص آية ‪.[16‬‬
‫وأخبر تعالى أن الملئكة عليهم السلم‬
‫يستغفرون للمؤمنين التائبين المتبعين‬
‫طريق الحق وهو العلم النافع والعمل‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫الصالح فقال تعالى عنهم ‪‬ال ّ ِ‬
‫ول َ ُ‬
‫ه‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ش َ‬ ‫عْر َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه‬
‫ن بِ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د َرب ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫حو َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫يُ َ‬
‫مُنوا َرب َّنا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ل ِل ّ ِ‬ ‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫عل ْ ً‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ء َر ْ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫س ْ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫سِبيل َ َ‬ ‫عوا َ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فْر ل ِل ّ ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫‪5‬‬ ‫التذكرة‬
‫بأسباب‬

‫حيم ِ ‪] ‬سورة غافر‬ ‫ج ِ‬‫ب ال ْ َ‬‫ذا َ‬‫ع َ‬


‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ِ‬‫و ِ‬‫َ‬
‫ه‬
‫ن الل ُ‬‫كا َ‬‫ما َ‬
‫و َ‬‫آية ‪ [7‬وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬سورة‬ ‫فُرو َ‬‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬
‫م َ‬ ‫ع ذّ ب َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫النفال آية ‪ [33‬وقال النبي ‪" :‬إن الله‬
‫تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء‬
‫النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء‬
‫الليل حتى تطلع الشمس من مغربها" رواه‬
‫مسلم وقال ‪ ‬والذي نفسي بيده لو لم‬
‫تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون‬
‫فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم" رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫فينبغي للمسلم الراجي رحمة ربه‬
‫الخائف من عذابه أن يلزم التوبة‬
‫والستغفار في آناء الليل والنهار لعل الله‬
‫أن يتوب عليه ويغفر له ويرحمه‪ .‬وبناء على‬
‫محبة الخير لخواني المسلمين وعلى‬
‫وجوب التعاون على البر والتقوى والتواصي‬
‫بالحق‪ ،‬فقد جمعت في هذه الرسالة ما‬
‫تيسر من أسباب المغفرة وسميتها‬
‫"التذكرة بأسباب المغفرة" والذكرى تنفع‬
‫المؤمنين‪ .‬وهي مستفادة من كلم الله‬
‫تعالى وكلم رسوله ‪ ‬وكلم المحققين من‬
‫‪6‬‬ ‫التذكرة‬
‫بأسباب‬

‫أهل العلم أسأل الله تعالى أن ينفع بها وأن‬


‫يغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين‬
‫برحمته وهو أرحم الراحمين وصلى الله‬
‫وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫المؤلف في ‪11/6/1411‬هـ‬
‫‪ -1‬من أسباب المغفرة‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫غ ّ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫دى‬ ‫هت َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫حا ث ُ ّ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫َتا َ‬
‫‪] ‬سورة طه آية ‪.[82‬‬
‫ذكر الله في هذه الية للمغفرة أربعة‬
‫أسباب‪:‬‬
‫‪ -1‬التوبة النصوح في جميع الوقات من‬
‫جميع الذنوب والسيئات قال الله تعالى‪ :‬‬
‫َ‬
‫ها‬ ‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬
‫ه َ‬ ‫وُتوُبوا إ َِلى الل ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪] ‬سورة‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫النور آية ‪ [31‬فإذا تبتم أفلحتم ونجحتم‬
‫وسعدتم في الدنيا والخرة وقال تعالى‪ :‬‬
‫َ‬
‫مُنوا ُتوُبوا إ َِلى الل ِ‬
‫ه‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫َيا أي ّ َ‬
‫ن ي ُك َ ّ‬ ‫َ‬
‫ف َر‬ ‫مأ ْ‬ ‫سى َرب ّك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫حا َ‬ ‫صو ً‬ ‫ة نَ ُ‬ ‫وب َ ً‬ ‫تَ ْ‬
‫ت‬‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل َك ُ ْ‬ ‫وي ُدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عن ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫هاُر ‪] ‬سورة‬ ‫َ‬
‫ها ال ن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫‪7‬‬ ‫التذكرة‬
‫بأسباب‬

‫التحريم آية ‪ [8‬وتكفير السيئات ودخول‬


‫الجنات المشتملة على ما تشتهيه النفس‬
‫وتلذ العين حاصل لمن تاب إلى الله تعالى‬
‫توبة نصوحا ً صادقة بأن يفعل التائب‬
‫الواجبات ويترك المحرمات ويندم على ما‬
‫فات من ذنوب وسيئات ويعزم أن ل يعود‬
‫إليها في المستقبل فإنها تكفر سيئاته‬
‫ويدخل الجنة برحمة الله تعالى بسبب توبته‬
‫مُلوا‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫النصوح وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫مُنوا‬ ‫وآ َ‬ ‫ها َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م َتاُبوا ِ‬ ‫ت ثُ ّ‬ ‫س ي َّئا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫م‪‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ها ل َ َ‬
‫د َ‬ ‫ع ِ‬‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬‫ك ِ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫]سورة العراف آية ‪ [153‬وقال تعالى‪ :‬‬
‫ه‬
‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة َ‬ ‫وب َ َ‬ ‫ل الت ّ ْ‬ ‫قب َ ُ‬‫ذي ي َ ْ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫وي َ ْ‬‫ت َ‬ ‫س ي َّئا ِ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ع ِ‬
‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪] ‬سورة الشورى آية ‪[25‬‬ ‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬ ‫تَ ْ‬
‫واليات في هذا المعنى كثيرة معلومة‪.‬‬
‫‪ -2‬ومن أعظم أسباب المغفرة اليمان‬
‫الصادق بالله تعالى وأمره ونهيه ووعده‬
‫ووعيده وثوابه وعقابه‪ ،‬واليمان بملئكة‬
‫الله الكرام البررة وأنهم عباد مكرمون ل‬
‫يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‪،‬‬
‫‪8‬‬ ‫التذكرة‬
‫بأسباب‬

‫وأنهم يسبحون الليل والنهار ل يفترون‪،‬‬


‫واليمان بكتب الله المنزلة على رسله‬
‫لهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور‬
‫وفي مقدمتها القرآن الكريم أفضل الكتب‬
‫زيٌز * ل‬ ‫ع ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ل َك َِتا ٌ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫السماوية ‪َ ‬‬
‫ن‬ ‫ه ال َْباطِ ُ‬ ‫ْ‬
‫م ْ‬ ‫ول ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ي َأِتي ِ‬
‫د‪‬‬ ‫مي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫كيم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫زي ٌ‬ ‫ه ت َن ْ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫َ‬
‫]سورة فصلت آية ‪ [42‬وقال تعالى‪ :‬‬
‫ل‬‫ب ت ِب َْياًنا ل ِك ُ ّ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ون َّز ل َْنا َ‬ ‫َ‬
‫شَرى‬ ‫وب ُ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫و ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪] ‬سورة النحل آية ‪[89‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫ه ُنوٌر‬ ‫ن الل ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫ق دْ َ‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫ن‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن * يَ ْ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫وك َِتا ٌ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫سلم ِ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ات ّب َ َ‬
‫ر ب ِإ ِذْن ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ت إ َِلى الّنو ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن الظّل ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫قيم ٍ ‪‬‬ ‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫م إ َِلى ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫]سورة المائدة آية ‪ [16-15‬وقال تعالى‪:‬‬
‫عظَ ٌ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫جاءَت ْك ُ ْ‬ ‫ق دْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ر‬
‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫فاءٌ ل ِ َ‬ ‫ش َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن ‪] ‬سورة‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ل ِل ْ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫يونس آية ‪.[57‬‬
‫واليمان برسل الله عليهم الصلة‬
‫‪9‬‬ ‫التذكرة‬
‫بأسباب‬

‫والسلم جملة وتفصيل ً وفي مقدمتهم‬


‫خاتمهم محمد ‪ ‬الذي أرسله الله رحمة‬
‫للعالمين وجعل أمته خير المم وكتابه‬
‫القرآن خير الكتب وشريعته أفضل الشرائع‬
‫وأسمحها‪ ،‬وأسماها وأكمل الله له ولمته‬
‫دينهم ورضيه منهم وأتم عليهم به النعمة‬
‫فلله الحمد والشكر والثناء على ذلك‪.‬‬
‫واليمان بالبعث بعد الموت والجزاء‬
‫والحساب والثواب والعقاب والحوض‬
‫والميزان والصراط والجنة والنار وأنهما دار‬
‫ثواب للمحسنين وعقاب للمسيئين‪.‬‬
‫واليمان بالقدر خيره وشره وأن ما شاء‬
‫الله كان وما لم يشأ لم يكن وأن ما أصاب‬
‫النسان لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن‬
‫ليصيبه قال عليه الصلة والسلم‪" :‬من‬
‫أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة‬
‫فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الخر‬
‫وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه"‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬ومن أعظم أسباب المغفرة‪ :‬العمل‬
‫الصالح ـ الخالص لله الموافق لسنة رسول‬
‫الله ‪ ‬من صلة وصدقة وصوم وحج‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪0‬‬ ‫بأسباب‬

‫وتلوة وقرآن وذكر لله ودعاء واستغفار‬


‫وأمر بمعروف ونهي عن منكر وجهاد في‬
‫سبيل الله بالموال والنفس وبر الوالدين‬
‫وصلة الرحام والحسان إلى الجيران قال‬
‫مُلوا‬‫ع ِ‬ ‫و َ‬‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫الله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫عيم ِ *‬ ‫ت الن ّ ِ‬ ‫جّنا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ت لَ ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫عدَ الل ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫َ‬
‫م ‪] ‬سورة لقمان آية ‪-8‬‬ ‫كي ُ‬‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫‪ [9‬وقال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ت‬
‫جّنا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ت لَ ُ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ها ل‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫س ن ُُزل ً * َ‬ ‫و ِ‬ ‫فْردَ ْ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ول ً ‪] ‬سورة الكهف آية‬ ‫ح َ‬ ‫ها ِ‬ ‫عن ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫غو َ‬ ‫ي َب ْ ُ‬
‫‪ [108-107‬وفي القرآن ما يزيد على‬
‫خمسين آية يقرن الله ب\فيها اليمان‬
‫بالعمل الصالح ويرتب عليهما سعادة الدنيا‬
‫والخرة والسلمة من شقاوة الدنيا‬
‫والخرة‪.‬‬
‫‪ -4‬والستمرار على اليمان الصادق‬
‫والعمل الصالح والتوبة النصوح مدى الحياة‬
‫د‬
‫عب ُ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫حتى الممات قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬سورة‬ ‫قي ُ‬ ‫ك ال ْي َ ِ‬ ‫حّتى ي َأ ْت ِي َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪1‬‬ ‫بأسباب‬

‫الحجر آية ‪ [99‬أي حتى تموت وقال تعالى‪:‬‬


‫م‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫قاُلوا َرب َّنا الل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫‪‬إ ِ ّ‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫ول ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ َ‬ ‫موا َ‬ ‫ست َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫و ٌ‬‫خ ْ‬
‫فل َ‬ ‫قا ُ‬ ‫ا ْ‬
‫يحزُنون * ُأول َئ ِ َ َ‬
‫ة‬
‫جن ّ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫مُلو َ‬
‫ن‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫جَزاءً ب ِ َ‬
‫ها َ‬ ‫في َ‬
‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬‫َ‬
‫‪] ‬سورة الحقاف آية ‪.[14-13‬‬
‫وطلب رجل من النبي ‪ ‬وصية جامعة‬
‫لبواب الخير فقال‪ " :‬يا رسول الله قل لي‬
‫في السلم قول ً ل أسأل عنه أحدا ً غيرك‪.‬‬
‫قال‪ :‬قل آمنت بالله ثم استقم" وفي‬
‫رواية‪" :‬قل ربي الله ثم استقم" رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫والستقامة هي لزوم طاعة الله تعالى‬
‫وتشمل فعل جميع الواجبات وترك‬
‫المحرمات قال ‪" :‬استقيموا ولن تحصوا‬
‫واعلموا أن خير أعمالكم الصلة ول يحافظ‬
‫على الوضوء إل مؤمن" رواه أحمد وغيره‬
‫ورمز السيوطي لصحته‪.‬‬
‫فأسباب المغفرة كلها منحصرة في‬
‫هذه السباب الربعة‪ :‬اليمان الصادق‬
‫والعمل الصالح والتوبة النصوح والستقامة‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪2‬‬ ‫بأسباب‬

‫على ذلك فإن التوبة تجب ما قبلها واليمان‬


‫والسلم يهدم ما قبله والعمل الصالح الذي‬
‫هو الحسنات يذهب السيئات‪ ،‬وسلوك‬
‫طرق الهداية من تعلم علم وتعليمه‬
‫والدعوة إليه والعمل به والصبر عليه كلها‬
‫مكفرات للذنوب وموجبات للمغفرة‬
‫والرحمة والرضوان وذلك فضل الله يؤتيه‬
‫من يشاء والله ذو الفضل العظيم)‪.(1‬‬

‫)( انظر تفسير ابن سعدي ج ‪ 5‬صــفحة ‪ 88‬ط‬ ‫‪1‬‬

‫‪.1‬‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪3‬‬ ‫بأسباب‬

‫أسباب العذاب‬
‫ي‬
‫ح َ‬ ‫قدْ ُأو ِ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬إ ِّنا َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ن ك َذّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫إ ِل َي َْنا أ ّ‬
‫وّلى ‪] ‬سورة طه آية ‪ [16-14‬وقال‬ ‫وت َ َ‬‫َ‬
‫صدّقَ‬ ‫فل َ‬ ‫تعالى في حق بعض الكفار ‪َ ‬‬
‫وّلى ‪‬‬ ‫وت َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ك َذّ َ‬‫ول َك ِ ْ‬‫صّلى * َ‬ ‫ول َ‬ ‫َ‬
‫]سورة القيامة آية ‪ [32-31‬فأسباب‬
‫العذاب منحصرة في هذين السببين وهما‬
‫تكذيب القلب بخبر الله ورسوله وإعراض‬
‫ح ذَ ِ‬
‫ر‬ ‫فل ْي َ ْ‬‫البدن عن طاعة الله ورسوله ‪َ ‬‬
‫عن أ َمر َ‬
‫ن‬‫هأ ْ‬ ‫ن َ ْ ْ ِ ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫صيب َ ُ‬‫و يُ ِ‬
‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫صيب َ ُ‬ ‫تُ ِ‬
‫‪] ‬سورة النور آية ‪.[63‬‬
‫اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك‬
‫وعزائم مغفرتك والعزيمة على الرشد‬
‫والغنيمة من كل بر والسلمة من كل إثم‬
‫والفوز بالجنة والنجاة من النار يا حي يا‬
‫قيوم يا ذا الجلل والكرام وصلى الله على‬
‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪4‬‬ ‫بأسباب‬

‫تنبيه‬
‫كثير من الجهال اعتمدوا على مغفرة‬
‫الله ورحمته وكرمه فضيعوا أمره ونهيه‬
‫ونسوا أنه شديد العقاب وأنه ل يرد بأسه‬
‫عن القوم المجرمين‪.‬‬
‫وأعظم الخلق غرورا ً من اغتر بالدنيا‬
‫وعاجلها فآثرها على الخرة ورضي بها بديل ً‬
‫من الخرة وهذا من أعظم تلبيس‬
‫الشيطان وتسويله‪.‬‬
‫وينبغي أن يعلم أن من رجاء شيئا ً‬
‫استلزم رجاؤه ثلثة أمور‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬محبة ما يرجوه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬خوفه من فواته‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬سعيه في تحصيله بحسب‬
‫المكان‪.‬‬
‫وأما رجاء ل يقارنه شيء من ذلك فهو‬
‫من باب الماني)‪.(1‬‬
‫فحسن الظن بالله إنما يكون مع انعقاد‬
‫أسباب النجاة كما قال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫جُروا‬
‫ها َ‬‫ن َ‬‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬
‫مُنوا َ‬
‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫)( انظر الجـواب الكـافي لبـن القيـم ص ‪-22‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.40‬‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪5‬‬ ‫بأسباب‬

‫ه ُأول َئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ة الل ِ‬ ‫م َ‬‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫جو َ‬ ‫ي َْر ُ‬
‫‪] ‬سورة البقرة آية ‪ [218‬فانظر كيف‬
‫قدموا أما الرجاء اليمان والهجرة والجهاد‬
‫ة‬‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫في سبيل الله‪ .‬وقال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن ‪] ‬سورة‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ِ‬
‫العراف آية ‪ [56‬أي المحسنين في عبادة‬
‫الله المحسنين إلى عباد الله ولم يقل إن‬
‫رحمة الله قريب من العصاة والفسقة‬
‫مِتي‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫والملحدين وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ها ل ِل ّ ِ‬ ‫سأك ْت ُب ُ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ي َت ّ ُ‬
‫ن‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َت ّب ِ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫ِبآَيات َِنا ي ُ ْ‬
‫ي ‪] ‬سورة‬ ‫ُ‬ ‫سو َ‬
‫م ّ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫الّر ُ‬
‫العراف آية ‪ [157-156‬فهؤلء المؤمنون‬
‫المتقون لله بطاعته وترك معصيته‬
‫المتبعون لرسوله ـ محمد ‪ ‬ـ هم أهل‬
‫رحمة الله‪ .‬اللهم رحمتك نرجو فل تكلنا إلى‬
‫أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله ل‬
‫إله إل أنت واغفر لنا وارحمنا إنك أنت‬
‫الغفور الرحيم ـ وصلى الله وسلم على‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪6‬‬ ‫بأسباب‬

‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬


‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪7‬‬ ‫بأسباب‬

‫‪ -2‬من أسباب المغفرة‬


‫عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬يقول‪" :‬قال الله تعالى‪ :‬يا‬
‫ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك‬
‫على ما كان منك ول أبالي‪ ،‬يا ابن آدم لو‬
‫بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني‬
‫غفرت لك‪ ،‬يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب‬
‫الرض خطايا ثم لقيتني ل تشرك بي شيئا ً‬
‫لتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي وقال‪:‬‬
‫حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫في هذا الحديث بشارة عظيمة‪ ،‬وحلم‬
‫وكرم عظيم‪ ،‬وما ل يحصى من أنواع‬
‫الفضل والحسان والرأفة والرحمة‬
‫والمتنان "قوله تعالى‪ :‬يا ابن آدم إنك ما‬
‫دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان‬
‫منك ول أبالي‪ ،‬يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك‬
‫عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك"‬
‫يعني غفرت لك على عظم ذنوبك وكثرة‬
‫خطاياك‪ .‬وفي الصحيح عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫"إذا دعا أحدكم فليعظم الرغبة‪ ،‬فإن الله ل‬
‫يتعاظمه شيء"‪ .‬وفي صحيح الحاكم عن‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪8‬‬ ‫بأسباب‬

‫جابر‪" :‬إن رجل ً جاء إلى النبي ‪ ‬وهو‬


‫يقول‪ :‬واذنوباه مرتين أو ثلثا‪ .‬فقال له‬
‫النبي ‪ :‬قل اللهم مغفرتك أوسع من‬
‫ذنوبي‪ ،‬ورحمتك أرجى عندي من عملي‬
‫فقالها‪ ،‬ثم قال له عد فعاند‪ ،‬ثم قال له عد‬
‫فعاد‪ ،‬فقال له قم قد غفر الله لك" وقد‬
‫عُلوا‬‫ف َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫م ذَك َُروا‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫موا أ َن ْ ُ‬ ‫و ظَل َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬
‫ش ً َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫َ‬
‫فُر‬‫غ ِ‬‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ‬ ‫غ َ‬
‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل َ‬
‫ما‬‫عَلى َ‬ ‫صّروا َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ول َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ب ِإل الل ُ‬ ‫الذّ ُنو َ‬
‫ن ‪] ‬سورة آل‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫عُلوا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ن‪ ،‬آية‪ [135 :‬وقال عز وجل‪ :‬‬ ‫عمرا ٍ‬
‫ل سو ً َ‬
‫م‬‫ه ثُ ّ‬‫س ُ‬‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫ءا أ ْ‬ ‫م ْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫حي ً‬‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫ر الل َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫‪] ‬سورة النساء‪ ،‬آية‪ [110:‬وقال الحسن‪:‬‬
‫أكثروا من الستغفار في بيوتكم وعلى‬
‫موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي‬
‫مجالسكم وأينما كنتم‪ ،‬فإنكم ما تدرون‬
‫متى تنزل المغفرة‪ .‬وعن أبي هريرة‬
‫مرفوعًا‪" .‬بينما رجل مستلق إذ نظر إلى‬
‫السماء وإلى النجوم فقال‪ :‬إني لعلم أن‬
‫‪1‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪9‬‬ ‫بأسباب‬

‫لك ربا ً خالقا ً اللهم اغفر لي فغفر له" رواه‬


‫ابن أبي الدنيا‪ .‬وعن شداد بن أوس رضي‬
‫الله عنه عن النبي ‪ ‬قال‪" :‬سيد الستغفار‬
‫أن يقول العبد‪ :‬اللهم أنت ربي ل إله إل‬
‫أنت خلقتني وأنا عبدك‪ ،‬وأنا على عهدك‬
‫ووعدك ما استطعت‪ ،‬أعوذ بك من شر ما‬
‫صنعت‪ ،‬أبوء لك بنعمتك علي‪ ،‬وأبوء بذنبي‪،‬‬
‫فاغفر لي فإنه ل يغفر الذنوب إل أنت"‬
‫رواه البخاري‪ .‬وعن ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما قال‪" :‬إن كنا لنعد لرسول الله ‪‬‬
‫في المجلس الواحد مائة مرة يقول‪ :‬رب‬
‫اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور"‬
‫أخرجه الربعة‪ .‬وفي سنن أبي داود عن ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫"من أكثر من الستغفار جعل الله له من‬
‫كل هم فرجًا‪ ،‬ومن كل ضيق مخرجًا‪،‬‬
‫ورزقه من حيث ل يحتسب"‪ .‬قال قتادة‪ :‬إن‬
‫هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم‪،‬‬
‫فأما داؤكم فالذنوب‪ ،‬وأما دواؤكم‬
‫فالستغفار‪ .‬وفي الدعاء المأثور‪" :‬اللهم‬
‫إني أسألك من خير ما تعلم‪ ،‬وأعوذ بك من‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪0‬‬ ‫بأسباب‬

‫شر ما تعلم‪ ،‬وأستغفرك لما تعلم إنك أنت‬


‫علم الغيوب"‪ .‬قال بعضهم‪:‬‬
‫إن الشقي لمـن ل‬ ‫أستغفـر الله ممـا‬
‫يـرحم الله‬
‫مسيء ولكـن‬ ‫كل‬ ‫الله‬
‫الله عمـن‬ ‫يـعلم‬
‫أحلم‬ ‫ما‬
‫طوبىالله‬
‫لمن كف‬ ‫يحلـم‬ ‫يراقبـه الله مما‬
‫فاستغفر‬ ‫ل‬
‫لمنالله‬
‫ينتهي‬ ‫يكره‬ ‫عمـا‬
‫طوبى‬ ‫زللحسنت‬
‫منلمن‬ ‫كان‬
‫طوبى‬
‫أتيتني‬ ‫نهى لو‬
‫الله‬ ‫آدم إنك‬ ‫تعالى‪" :‬يا ابنعما‬ ‫سريرته‬ ‫منه قوله‬
‫بقراب الرض خطايا‪ ،‬ثم لقيتني ل تشرك‬
‫بي شيئًا‪ ،‬لتيتك بقرابها مغفرة" قراب‪:‬‬
‫الرض ملؤها أو ما يقارب ملها‪ .‬قال الله‬
‫شَر َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ك بِ ِ‬ ‫فُر أ ْ‬ ‫غ ِ‬
‫ه ل يَ ْ‬ ‫ن الل َ‬‫تعالى ‪‬إ ِ ّ‬
‫شاءُ ‪‬‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬‫ك لِ َ‬ ‫ن ذَ ل ِ َ‬‫دو َ‬‫ما ُ‬ ‫فُر َ‬‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫َ‬
‫]سورة النساء‪ ،‬آية ‪ [116،48‬وفي المسند‬
‫عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت‬
‫رضي الله عنهما‪" :‬أن النبي ‪ ‬قال‬
‫لصحابه‪ :‬ارفعوا أيديكم وقولوا ل إله إل‬
‫الله‪ ،‬فرفعنا أيدينا ساعة‪ ،‬ثم وضع رسول‬
‫الله ‪ ‬يده ثم قال‪ :‬الحمد لله اللهم بعثتني‬
‫بهذه الكلمة‪ ،‬وأمرتني بها‪ ،‬ووعدتني الجنة‬
‫عليها‪ ،‬وإنك ل تخلف الميعاد‪ ،‬ثم قال‬
‫أبشروا فإن الله قد غفر لكم"‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪1‬‬ ‫بأسباب‬

‫وقد تضمن حديث أنس المبدوء بذكره‬


‫أن هذه السباب الثلثة يحصل بها المغفرة‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬الدعاء مع الرجاء‪ :‬فإن الدعاء‬
‫مأمور به وموعود عليه بالجابة كما قال‬
‫َ‬
‫ب‬
‫ج ْ‬‫ست َ ِ‬‫عوِني أ ْ‬ ‫ل َرب ّك ُ ُ‬
‫م ا دْ ُ‬ ‫و َ‬
‫قا َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫م ‪] ‬سورة غافر‪ ،‬آية‪ [60 :‬وفي السنن‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫الربعة عن النعمان بن بشير عن النبي ‪‬‬
‫قال‪" :‬إن الدعاء هو العبادة" ثم تل هذه‬
‫الية‪ .‬وفي حديث آخر خرجه الطبراني‬
‫مرفوعًا‪" :‬من أعطي الدعاء أعطي الجابة‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫لن الله تعالى يقول ‪‬ادْ ُ‬
‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬
‫م ‪ "‬وفي حديث آخر‪" :‬ما كان الله‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب‬
‫الجابة" لكن الدعاء سبب مقتض للجابة‬
‫مع استكمال شرائطه وانتفاء موانعه‪ .‬وقد‬
‫تتخلف الجابة لنتفاء بعض شروطه أو‬
‫وجود بعض موانعه وآدابه‪ ،‬ومن أعظم‬
‫شرائطه حضور القلب ورجاء الجابة من‬
‫الله تعالى كما خرجه الترمذي من حديث‬
‫أبي هريرة عن النبي ‪ ‬قال"ادعوا الله‬
‫وأنتم موقنون بالجابة وإن الله تعالى ل‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪2‬‬ ‫بأسباب‬

‫يقبل دعاء قلب غافل له"‪ ،‬وفي المسند‬


‫عن عبد الله بن عمرو عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫"إن هذه القلوب أوعية فبعضها أوعى من‬
‫بعض‪ ،‬فإذا سألتم الله فاسألوه وأنتم‬
‫موقنون بالجابة‪ ،‬فإن الله ل يستجيب لعبد‬
‫دعاء من ظهر قلب غافل"‪ .‬ولهذا نهي العبد‬
‫أن يقول في دعائه‪ :‬اللهم اغفر لي إن‬
‫شئت‪ .‬ولكن ليعزم المسألة فإن الله ل‬
‫مكره له‪ ،‬ونهي أن يستعجل ويترك الدعاء‬
‫لستبطاء الجابة وجعل ذلك من موانع‬
‫الجابة حتى يقطع العبد رجاءه من إجابة‬
‫دعائه ولو طالت المدة فإنه سبحانه يحب‬
‫الملحين في الدعاء مادام العبد يلح في‬
‫الدعاء ويطمع في الجابة من غير قطع‬
‫الرجاء فهو قريب من الجابة‪.‬‬
‫السبب الثاني للمغفرة الستغفار ولو‬
‫عظمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء‬
‫وهو السحاب‪ ،‬وقيل ما انتهى إليه البصر‬
‫منها‪ ،‬وفي الرواية الخرى "لو أخطأتم حتى‬
‫بلغت خطاياكم ما بين السماء والرض ثم‬
‫استغفرتم الله لغفر لكم" والستغفار‪:‬‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪3‬‬ ‫بأسباب‬

‫طلب المغفرة‪ ،‬والمغفرة هي وقاية شر‬


‫الذنوب مع سترها‪ ،‬وقد كثر في القرآن ذكر‬
‫الستغفار‪ ،‬فتارة يؤمر به كقوله تعالى‪ :‬‬
‫م‬‫حي ٌ‬‫فوٌر َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫فُروا الل َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫‪] ‬سورة المزمل‪ ،‬آية‪ [20 :‬وقوله‪ :‬‬
‫َ‬
‫م ُتوُبوا ‪‬‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫]سورة هود‪ ،‬آية‪ [3 :‬وتارة يمدح أهله‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫كقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ر ‪] ‬سورة آل عمران‪ ،‬آية‪[17 :‬‬ ‫َ‬
‫حا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ِبال ْ‬
‫عُلوا‬ ‫ف َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫وقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫م ذَك َُروا‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫موا أ َن ْ ُ‬ ‫و ظَل َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬
‫ش ً َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫َ‬
‫فُر‬‫غ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فُروا ل ِذُُنوب ِ ِ‬ ‫غ َ‬‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل َ‬
‫ه ‪] ‬سورة آل عمران‪،‬‬ ‫ب ِإل الل ُ‬ ‫الذّ ُنو َ‬
‫آية‪ [135 :‬وتارة يذكر أن الله يغفر لمن‬
‫ل‬‫م ْ‬‫ع َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫استغفره كقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫سو ً َ‬
‫ر‬
‫ف ِ‬ ‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫و ي َظْل ِ ْ‬ ‫ءا أ ْ‬ ‫ُ‬
‫ما ‪] ‬سورة‬ ‫حي ً‬ ‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫الل َ‬
‫النساء‪ ،‬آية‪ [110 :‬وكثيرا ً ما يقرن‬
‫الستغفار بذكر التوبة‪ ،‬فيكون الستغفار‬
‫حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان‪،‬‬
‫والتوبة عبارة عن القلع من الذنوب‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪4‬‬ ‫بأسباب‬

‫بالقلوب والجوارح‪ .‬وتارة يفرد الستغفار‬


‫ويرتب عليه المغفرة كما ذكر في هذا‬
‫الحديث وما أشبهه‪ ،‬فقد قيل إنه أريد به‬
‫الستغفار المقترن بالتوبة‪ ،‬وقيل إن‬
‫نصوص الستغفار كلها المفردة‪ .‬مطلقة‬
‫تقيد بما ذكر في آية آل عمران من عدم‬
‫الصرار‪ ،‬فإن الله وعد فيها بالمغفرة لمن‬
‫استغفره من ذنوبه ولم يصر على فعله‬
‫فتحمل النصوص المطلقة في الستغفار‬
‫كلها على هذا المقيد‪ ،‬ومجرد قول القائل‬
‫اللهم اغفر لي طلب منه للمغفرة ودعائها‬
‫فيكون حكمه حكم سائر الدعاء فإن شاء‬
‫الله أجابه وغفر لصاحبه لسيما إذا خرج‬
‫عن قلب منكسر بالذنوب أو صادف ساعة‬
‫من ساعات الجابة كالسحار وأدبار‬
‫الصلوات‪.‬‬
‫السبب الثالث‪ :‬من أسباب المغفرة‬
‫التوحيد وهو السبب العظم‪ ،‬فمن فقده‬
‫فقد المغفرة ومن جاء به فقد أتى بأعظم‬
‫أسباب المغفرة‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫ما‬ ‫شَر َ‬
‫ن يُ ْ‬ ‫َ‬
‫فُر َ‬ ‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫فُر أ ْ‬
‫غ ِ‬
‫ه ل يَ ْ‬
‫الل َ‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪5‬‬ ‫بأسباب‬

‫شاءُ ‪] ‬سورة النساء‪،‬‬ ‫ن يَ َ‬


‫م ْ‬ ‫ن ذَ ل ِ َ‬
‫ك لِ َ‬ ‫دو َ‬
‫ُ‬
‫آية ‪ 48‬و ‪ [116‬فمن جاء مع التوحيد بقراب‬
‫الرض‪ ،‬وهو ملؤها أو ما يقارب ملها خطايا‬
‫لقيه الله بقرابها مغفرة‪ ،‬لكن هذا مع‬
‫مشيئة الله عز وجل‪ ،‬فإن شاء غفر له وإن‬
‫شاء أخذه بذنوبه ثم كان عاقبته أن ل يخلد‬
‫في النار بل يخرج منها ثم يدخل الجنة)‪.(1‬‬

‫)( انظر جامع العلوم والحكــم لبــن رجــب ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.341‬‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪6‬‬ ‫بأسباب‬

‫‪ -3‬السباب التي تزول بها‬


‫عقوبات الذنوب‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫قد دلت نصوص الكتاب والسنة على‬
‫أن عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو‬
‫عشرة أسباب‪:‬‬
‫‪ -1‬أحدها‪ :‬التوبة‪ :‬وهذا متفق عليه بين‬
‫ي‬
‫عَباِد َ‬ ‫ل َيا ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫المسلمين قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫مل‬ ‫ه ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى أ َن ْ ُ‬ ‫فوا َ‬ ‫سَر ُ‬ ‫نأ ْ‬
‫َ‬
‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫فُر‬‫غ ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ة الل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫طوا ِ‬ ‫قن َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫فوُر‬ ‫غ ُ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عا إ ِن ّ ُ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫الذّ ُنو َ‬
‫م ‪] ‬سورة الزمر آية ‪ [53‬وقال‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قب َ ُ‬
‫ل‬ ‫و يَ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل َ‬ ‫موا أ ّ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫تعالى‪ :‬أل َ ْ‬
‫ت‬‫قا ِ‬ ‫ص دَ َ‬ ‫خذُ ال ّ‬ ‫وي َأ ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة َ‬ ‫وب َ َ‬
‫الت ّ ْ‬
‫م ‪] ‬سورة‬ ‫َ‬
‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫و الت ّ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫التوبة آية ‪ [104‬وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫فو‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة َ‬ ‫وب َ َ‬ ‫ل الت ّ ْ‬ ‫قب َ ُ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن‪‬‬ ‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫س ي َّئا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫]سورة الشورى آية ‪ [25‬وأمثال ذلك‪...‬‬
‫‪ -2‬السبب الثاني الستغفار‪ :‬كما جاء‬
‫في الصحيحين عن النبي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪7‬‬ ‫بأسباب‬

‫"أذنب عبد ذنبا ً فقال‪ :‬أي رب أذنبت ذنبا ً‬


‫فاغفر لي فقال‪ :‬أعلم عبدي أن له ربا يغفر‬
‫الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي‪ ،‬ثم أذنب‬
‫ذنبا ً فقال‪ :‬أي رب أذنبت ذنبا ً آخر فاغفر‬
‫لي‪ ،‬فقال ربه‪ :‬أعلم عبدي أن له ربا ً يغفر‬
‫الذنب ويأخذ به‪ ،‬قد غفرت لعبدي فليعمل‬
‫ما شاء قال ذلك في الثالثة أو في الرابعة"‬
‫وفي صحيح مسلم عنه أنه قال‪" :‬لو لم‬
‫تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون‬
‫فيستغفرون الله فيغفر لهم")*(‪.‬‬
‫‪ -3‬السبب الثالث‪ :‬الحسنات الماحية‬
‫ي‬
‫ف ِ‬ ‫صلةَ طََر َ‬ ‫قم ِ ال ّ‬ ‫وأ َ ِ‬
‫كما قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ت‬‫سَنا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل إِ ّ‬ ‫م َ‬‫فا ِ‬ ‫وُزل َ ً‬‫ر َ‬ ‫ها ِ‬‫الن ّ َ‬
‫ك ِذك َْرى‬ ‫ت ذَ ل ِ َ‬ ‫س ي َّئا ِ‬
‫ن ال ّ‬ ‫هب ْ َ‬‫ي ُذْ ِ‬
‫ن ‪] ‬سورة هود آية ‪،[114‬‬ ‫ري َ‬‫ذاك ِ ِ‬ ‫ِلل ّ‬
‫وقال ‪" :‬الصلوات الخمس والجمعة إلى‬
‫الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما‬
‫بينهن إذا اجتنبت الكبائر")‪ (1‬وقال‪" :‬من‬
‫ســوًءا أ َْو‬‫ل ُ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ن ي َعْ َ‬ ‫وقال تعالى ‪‬وَ َ‬
‫مـ ْ‬ ‫)*(‬ ‫*‬

‫فــوًرا‬ ‫ه غَ ُ‬‫جد ِ الل َ‬‫ه يَ ِ‬‫فرِ الل َ‬


‫ست َغْ ِ‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫م يَ ْ‬ ‫س ُ‬
‫ف َ‬ ‫ي َظ ْل ِ ْ‬
‫م نَ ْ‬
‫ما ‪ ‬النساء آية ‪.110‬‬ ‫حي ً‬ ‫َر ِ‬
‫)( رواه أحمـــد ومســـلم والترمـــذي بإســـناد‬ ‫‪1‬‬

‫صحيح‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪8‬‬ ‫بأسباب‬

‫صام رمضان إيمانا ً واحتسابا ً غفر له ما‬


‫تقدم من ذنبه")‪ (1‬وقال‪" :‬من قام ليلة‬
‫القدر إيمانا ً واحتسابا ً غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه")‪ (2‬وقال‪" :‬من حج هذا البيت فلم‬
‫يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم‬
‫ولدته أمه")‪ (3‬وقال‪" :‬فتنة الرجل في أهله‬
‫وماله وولده تكفرها الصلة والصيام‬
‫والصدقة والمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر")‪ (4‬وهذه الحاديث وأمثالها في‬
‫الصحاح وقال‪" :‬الصدقة تطفئ الخطيئة‬
‫كما يطفئ الماء النار")‪" (5‬والحسد يأكل‬
‫الحسنات كما تأكل النار الحطب")‪..(6‬‬
‫‪ -4‬السبب الرابع الدافع للعقاب‪ :‬دعاء‬
‫المؤمنين للمؤمن مثل صلتهم على جنازته‬
‫فعن عائشة وأنس بن مالك عن النبي ‪‬‬
‫أنه قال‪" :‬ما من ميت يصلي عليه أمة من‬
‫)( رواه أحمد والبخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( رواه الترمذي وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( رواه ابن ماجه عـن أنـس ورمـز السـيوطي‬ ‫‪6‬‬

‫لحسنه‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪9‬‬ ‫بأسباب‬

‫المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إل‬


‫شفعوا فيه" وعن ابن عباس قال سمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬يقول‪" :‬ما من رجل مسلم‬
‫يموت فيقوم على جنازته أربعون رجل ل‬
‫يشركون بالله شيئا إل شفعهم الله فيه"‬
‫رواهما مسلم وهذا دعاء له بعد الموت فل‬
‫يجوز أن تحمل المغفرة على المؤمن التقي‬
‫الذي اجتنب الكبائر وكفرت عنه الصغائر‬
‫فإن ذلك مغفور له فعلم أن هذا الدعاء من‬
‫أسباب المغفرة للميت‪..‬‬
‫السبب الخامس‪:‬‬
‫‪ -5‬ما يعمل للميت من أعمال البر‬
‫كالصدقة ونحوها فإن هذا ينتفع به بنصوص‬
‫السنة الصحيحة الصريحة واتفاق الئمة‬
‫وكذلك العتق والحج بل قد ثبت عنه في‬
‫الصحيحين أنه قال‪" :‬من مات وعليه صيام‬
‫صام عنه وليه" وثبت مثل ذلك في الصحيح‬
‫في صوم النذر من وجوه أخرى‪ ،‬ول يجوز‬
‫أن يعارض هذا بقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫وأ ْ‬
‫َ‬
‫عى ‪ (1)‬لوجهين‪:‬‬‫س َ‬
‫ما َ‬‫ن ِإل َ‬
‫سا ِ‬
‫ل ِل ِن ْ َ‬

‫)( سورة النجم آية ‪.39‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪0‬‬ ‫بأسباب‬

‫أحدهما‪ :‬أنه قد ثبت بالنصوص المتواترة‬


‫وإجماع سلف المة أن المؤمن ينتفع بما‬
‫ليس من سعيه كدعاء الملئكة واستغفارهم‬
‫له‪ ،‬ودعاء المؤمنين واستغفارهم‪ ،‬وكدعاء‬
‫المصلين للميت ولمن زاروا قبره من‬
‫المؤمنين‪..‬‬
‫الثاني‪ :‬أن الية ليست في ظاهرها إل‬
‫أنه ليس له إل سعيه وهذا حق فإنه ل يملك‬
‫ول يستحق إل سعي نفسه‪ ،‬وأما سعي‬
‫غيره فل يملكه ول يستحقه لكن هذا ل يمنع‬
‫أن ينفعه الله ويرحمه به كما أنه دائما‬
‫يرحم عباده بأسباب خارجة عن مقدورهم‪.‬‬
‫وهو سبحانه بحكمته ورحمته يرحم العباد‬
‫بأسباب يفعلها العباد ليثبت أولئك على تلك‬
‫السباب فيرحم الجميع كما في الحديث‬
‫الصحيح عنه ‪ ‬أنه قال‪" :‬ما من رجل‬
‫يدعو لخيه بدعوة إل وكل الله به ملكا ً كلما‬
‫دعا لخيه قال الملك الموكل به آمين ولك‬
‫بمثل")‪ (1‬وكما ثبت عنه ‪ ‬في الصحيح أنه‬
‫قال‪" :‬من صلى على جنازة فله قيراط‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪1‬‬ ‫بأسباب‬

‫ومن تبعها حتى تدفن فله قيراطان‬


‫أصغرهما مثل أحد")‪ (1‬فهو قد يرحم‬
‫المصلي على الميت بدعائه له ويرحم‬
‫الميت أيضا ً بدعاء هذا الحي له‪..‬‬
‫‪ -6‬السبب السادس‪ :‬شفاعة النبي ‪‬‬
‫وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة كما قد‬
‫تواتر عنه أحاديث الشفاعة مثل قوله ‪‬‬
‫في الحديث الصحيح‪" :‬شفاعتي لهل‬
‫الكبائر من أمتي")‪ (2‬وقوله ‪" ‬خيرت بين‬
‫أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة‬
‫فاخترت الشفاعة")‪ (3‬لنها أعم وأكثر‬
‫أترونها للمتقين؟ ل‪ ،‬ولكنها للمذنبين‬
‫المتلوثين الخاطئين"‪.‬‬
‫‪ -7‬السبب السابع‪ :‬المصائب التي يكفر‬

‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أحمــد فــي مســنده عــن أبــي موســى‬ ‫‪3‬‬

‫بلفظ‪» :‬أتــاني آت مــن ربــي فخيرنــي فــي أن‬


‫يــدخل نصــف أمــتي الجنــة وبيــن الشــفاعة‬
‫فاخترت الشفاعة وهــي لمــن مــات ل يشــرك‬
‫بالله شيئًا« قال الهيثمي‪ :‬ورجال أحمــد ثقــات‬
‫وقال المنذري رواه الطــبراني بأســانيد أحــدها‬
‫جيد وابن حبان في صحيحه بنحوه‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪2‬‬ ‫بأسباب‬

‫الله بها الخطايا في الدنيا‪ :‬كما في‬


‫الصحيحين عنه ‪ ‬أنه قال‪" :‬ما يصيب‬
‫المؤمن من وصب ول نصب ول هم ول‬
‫حزن ول غم ول أذى حتى الشوكة يشاكها‬
‫إل كفر الله بها من خطاياه"‪.‬‬
‫‪ -8‬السبب الثامن‪ :‬ما يحصل في القبر‬
‫من الفتنة والضغطة والروعة فإن هذا مما‬
‫يكفر به الخطايا‪.‬‬
‫‪ -9‬السبب التاسع‪ :‬أهوال يوم القيامة‬
‫وكربها وشدائدها‪..‬‬
‫‪ -10‬السبب العاشر‪ :‬رحمة الله وعفوه‬
‫ومغفرته بل سبب من العباد)*(‪.‬‬

‫من مجموع فتاوى شـيخ السـلم ابـن‬ ‫)*(‬ ‫*‬

‫تيمية ج ‪ 7‬ص ‪ 501-487‬باختصار‪.‬‬


‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪3‬‬ ‫بأسباب‬

‫‪ -4‬أسباب المغفرة في رمضان‬


‫شهر رمضان تكثر فيه أسباب المغفرة‬
‫والغفران فمن أسباب المغفرة فيه‪:‬‬
‫صيامه‪ :‬قال ‪" :‬من صام‬ ‫‪-1‬‬
‫رمضان إيمانا ً واحتسابا ً غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه" متفق عليه‪.‬‬
‫وقيامه بصلة التراويح‬ ‫‪-2‬‬
‫والتهجد قال ‪" :‬من قام رمضان إيمانا ً‬
‫واحتسابا ً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وقيام ليلة القدر وهي في‬ ‫‪-3‬‬
‫العشر الواخر من رمضان وهي الليلة‬
‫المباركة التي أنزل فيها القرآن فيها يفرق‬
‫كل أمر حكيم‪ .‬قال ‪" :‬من قام ليلة القدر‬
‫إيمانا ً واحتسابا ً غفر له ما تقدم من ذنبه"‬
‫متفق عليه‪.‬‬
‫وتفطير الصوام قال ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫"ومن فطر فيه صائما ً كان مغفرة لذنوبه‬
‫وعتق رقبته من النار" رواه ابن خزيمة‬
‫والبيهقي وغيرهما‪.‬‬
‫والتخفيف عن المملوك‬ ‫‪-5‬‬
‫والخدم قال ‪" :‬ومن خفف عن مملوكه‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪4‬‬ ‫بأسباب‬

‫فيه غفر الله له وأعتقه من النار"‪.‬‬


‫وذكر الله تعالى وفي حديث‬ ‫‪-6‬‬
‫مرفوع‪" :‬ذاكر الله في رمضان مغفور له‬
‫وسائل الله فيه ل يخيب" رواه الطبراني‬
‫في الوسط والبيهقي في شعب اليمان‪.‬‬
‫والستغفار‪ :‬طلب المغفرة‬ ‫‪-7‬‬
‫والدعاء في حال الصيام وعند الفطر وعند‬
‫السحور ودعاء الصائم مستجاب في صيامه‬
‫وعند فطره‪ ،‬وقد أمر الله بالدعاء وتكفل‬
‫ل َرب ّك ُ ُ‬
‫م‬ ‫و َ‬
‫قا َ‬ ‫بالجابة قال تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫م ‪ ‬سورة غافر‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫ج ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬‫ا دْ ُ‬
‫من آية )‪ (60‬وفي الحديث‪" :‬ثلثة ل ترد‬
‫دعوتهم«‪ .‬وذكر منهم‪» :‬الصائم حتى‬
‫يفطر« رواه المام أحمد والترمذي‬
‫والنسائي وابن ماجه‪ .‬وفي الحديث‪" :‬إن‬
‫للصائم عند فطره دعوة ما ترد« رواه ابن‬
‫ماجه‪.‬‬
‫فينبغي للمسلم أن يكثر من الذكر‬
‫والدعاء والستغفار في جميع الوقات‬
‫وخصوصا ً في رمضان في حال الصيام‬
‫وعند الفطار وعند السحور وقت النزول‬
‫اللهي آخر الليل قال ‪" :‬ينزل ربنا تبارك‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪5‬‬ ‫بأسباب‬

‫وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين‬


‫يبقى ثلث الليل الخر فيقول‪" :‬من يدعوني‬
‫فأستجيب له‪ ،‬من يسألني فأعطيه‪ ،‬من‬
‫يستغفرني فأغفر له" رواه مسلم‪.‬‬
‫ومن أسباب المغفرة‪:‬‬ ‫‪-8‬‬
‫استغفار الملئكة للصائمين حتى يفطروا‬
‫كما في حديث أبي هريرة المتقدم رواه‬
‫أحمد‪.‬‬
‫لما كثرت أسباب المغفرة في رمضان‬
‫كان الذي تفوته فيه المغفرة محروما ً غاية‬
‫الحرمان‪ ،‬متى يغفر لمن لم يغفر له في‬
‫هذا الشهر؟ متى يقبل من رد في ليلة‬
‫القدر؟ متى يصلح من ل يصلح في‬
‫رمضان؟‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪6‬‬ ‫بأسباب‬

‫‪ -5‬الخصال المكفرة للذنوب‬


‫المتقدمة والمتأخرة‬
‫كما جاء في الكتاب الذي ألفه المام‬
‫أحمد بن حجر العسقلني صاحب كتاب‬
‫"فتح الباري" بشرح صحيح البخاري بهذا‬
‫العنوان وهي‪:‬‬
‫إسباغ الوضوء وخصوصا ً على‬ ‫‪-1‬‬
‫المكاره وفي شدة البرد‪ .‬رواه أبو بكر بن‬
‫أبي شيبة وأبو بكر أحمد بن علي المروزي‬
‫شيخ النسائي والبزار في مسنده واصله‬
‫في الصحيحين ولكن ليس فيه "وما تأخر"‪.‬‬
‫قول "رضيت بالله ربا ً‬ ‫‪-2‬‬
‫وبالسلم دينا ً وبمحمد ‪ ‬نبيًا" بعد الذان‬
‫رواه أبو عوانة السفرائيني في مستخرجه‬
‫الصحيح على مسلم‪ ،‬وأخرجه مسلم وأبو‬
‫داود والترمذي والنسائي وليس عندهم‬
‫"وما تأخر"‪.‬‬
‫صلة التسبيح بأن يصلي أربع‬ ‫‪-3‬‬
‫ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب‬
‫وسورة فإذا فرغ من القراءة في أول ركعة‬
‫يقول وهو قائم سبحان الله والحمد لله ول‬
‫إله إل الله والله أكبر خمس عشرة مرة ثم‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪7‬‬ ‫بأسباب‬

‫يقولها في الركوع عشرا وفي الرفع من‬


‫الركوع عشرا وفي كل سجدة عشرا وبين‬
‫السجدتين عشرا وهكذا في بقية الركعات‬
‫فذلك خمس وسبعون في كل ركعة وفي‬
‫مجموع الركعات ثلثمائة تسبيحة "رواه أبو‬
‫داود والترمذي وأورده ابن خزيمة وله‬
‫شواهد")‪.(1‬‬
‫قول "آمين" خلف المام‬ ‫‪-4‬‬
‫وموافقة الملئكة فيه‪ .‬رواه ابن وهب في‬
‫مصنفه وأخرجه مسلم وابن ماجه بدون ذكر‬
‫"وما تأخر"‪.‬‬
‫صلة الضحى إيمانا ً واحتسابا ً‬ ‫‪-5‬‬
‫وفيه حديث ضعيف رواه آدم بن إياس في‬
‫كتاب الثواب‪.‬‬
‫قراءة سورة الفاتحة وقل هو‬ ‫‪-6‬‬
‫الله أحد والمعوذتين بعد الجمعة ثلث‬
‫مرات ورد فيه حديث ضعيف السناد رواه‬
‫)( يقوى بعضها بعضا ً قــال الحــافظ ابــن حجــر‬ ‫‪1‬‬

‫في أجوبته عن أحاديث المصــابيح والحــق أنــه‬


‫في درجة الحسن لكثرة طرقه وقال المنذري‬
‫وقد روي هذا الحديث من طــرق كــثيرة وعــن‬
‫جماعة من الصحابة وصححه جماعة منهم أبــو‬
‫بكر الجري وأبو محمد عبد الرحيــم المصــري‬
‫وأبــو الحســن المقدســي رحمهــم اللــه تعــالى‬
‫وصححه الحاكم‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪8‬‬ ‫بأسباب‬

‫أبو السعد القشيري وابن أبي شيبة في‬


‫مصنفه‪.‬‬
‫‪ -7/8/9‬صيام رمضان وقيامه وقيام‬
‫ليلة القدر إيمانا ً واحتسابًا‪ .‬رواه أحمد‬
‫والنسائي ورواه مسلم وغيره بدون ذكر‬
‫"وما تأخر"‪.‬‬
‫صيام يوم عرفة )‬ ‫‪-10‬‬
‫‪ (9‬ذي الحجة لغير الحاج رواه مسلم وغيره‬
‫بلفظ "يكفر السنة الماضية والمستقبلة"‪.‬‬
‫الهلل بالحج من‬ ‫‪-11‬‬
‫المسجد القصى إلى المسجد الحرام‪ .‬رواه‬
‫أبو داود والبيهقي في شعب اليمان ورواه‬
‫البخاري في تاريخه الكبير ولم يذكر فيه‬
‫"وما تأخر"‪.‬‬
‫الحج المبرور‬ ‫‪-12‬‬
‫الخالص لله الموافق للسنة ولم يرتكب‬
‫الحاج فيه معصية "رواه أبو نعيم في الحلية‬
‫وأبو عبد الله بن منده في أماليه وأحمد بن‬
‫منيع في مسنده وأبو يعلى في مسنده‬
‫الكبير‪.‬‬
‫قراءة آخر سورة‬ ‫‪-13‬‬
‫الحشر آية ‪ 24-22‬رواه أبو إسحاق الثعلبي‬
‫‪3‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪9‬‬ ‫بأسباب‬

‫في تفسيره‪.‬‬
‫قول "سبحان الله‬ ‫‪-14‬‬
‫والحمد لله ول إله إل الله والله أكبر" مائة‬
‫مرة رواه أبو عبد الله محمد بن حيان في‬
‫فوائد الصفهانيين‪.‬‬
‫تعليم الولد‬ ‫‪-15‬‬
‫القرآن "رواه أبو بكر بن لل في كتاب‬
‫مكارم الخلق"‪.‬‬
‫قيادة العمى‬ ‫‪-16‬‬
‫أربعين خطوة‪ .‬أخرجه أبو عبد الله بن منده‬
‫في أماليه وقال غريب وقال المام أحمد‬
‫وابن معين وأبو داود رواته ثقات‪.‬‬
‫السعي في قضاء‬ ‫‪-17‬‬
‫حاجة المسلم قضيت أو لم تقض أخرجه‬
‫أبو أحمد عبد الله بن محمد والمفسر‬
‫الناصح‪.‬‬
‫المصافحة عند‬ ‫‪-18‬‬
‫اللقاء والصلة على النبي ‪ ‬أخرجه‬
‫الحسن بن سفيان وأبو يعلى الموصلي في‬
‫مسنديهما وابن حبان‪.‬‬
‫أن يقول بعد‬ ‫‪-19‬‬
‫الكل‪ :‬الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام‬
‫‪4‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪0‬‬ ‫بأسباب‬

‫ورزقنيه من غير حول مني ول قوة رواه أبو‬


‫داود في السنن وإسناده حسن‪.‬‬
‫التعمير في‬ ‫‪-20‬‬
‫السلم تسعين سنة رواه جماعة من‬
‫المحدثين عن جماعة من الصحابة رضي‬
‫الله عنهم أجمعين وهو مشهور وله شواهد‪.‬‬
‫وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو‬
‫الفضل العظيم ل مانع لما أعطى ول‬
‫معطي لما منع فلله الحمد والشكر والثناء‬
‫ل نحصى ثناء عليه)‪.(1‬‬

‫مراجع رسالة )أسباب المغفرة(‬

‫مجموع فتاوى شيخ السلم ابن‬ ‫‪-1‬‬


‫تيمية رحمه الله‪.‬‬
‫الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء‬ ‫‪-2‬‬
‫الشافي لبن القيم رحمه الله‪.‬‬
‫تفسير الشيخ عبد الرحمن بن‬ ‫‪-3‬‬
‫سعدي رحمه الله‪.‬‬
‫الهداية لسباب السعادة للمؤلف‬ ‫‪-4‬‬
‫)( انظر هذه الخصال فــي مجموعــة الرســائل‬ ‫‪1‬‬

‫المنيرة ج ‪ 1‬ص ‪.266 – 257‬‬


‫‪4‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪1‬‬ ‫بأسباب‬

‫وفقه الله‪.‬‬
‫رسالة رمضان للمؤلف رحمه الله‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫جامع العلوم والحكم للشيخ عبد‬ ‫‪-6‬‬
‫الرحمن بن رجب رحمه الله‪.‬‬
‫مجموعة الرسائل المنيرة لمحمد‬ ‫‪-7‬‬
‫منير الدمشقي رحمه الله‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫التذكرة‬
‫‪2‬‬ ‫بأسباب‬

‫فهرس )التذكرة بأسباب‬


‫المغفرة(‬

‫جمع وتحقيق ‪2..........................................‬‬


‫الفقير إلى الله تعالى ‪2...............................‬‬
‫عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله‪2......‬‬
‫غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين‪2..........‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‪3...........................‬‬
‫مقدمة‪3..................................................‬‬
‫المؤلف في ‪11/6/1411‬هـ ‪6.......................‬‬
‫‪ -1‬من أسباب المغفرة‪6..............................‬‬
‫أسباب العذاب‪13......................................‬‬
‫تنبيه‪14...................................................‬‬
‫‪ -2‬من أسباب المغفرة‪17............................‬‬
‫‪ -3‬السباب التي تزول بها عقوبات الذنوب‪26....‬‬
‫‪ -4‬أسباب المغفرة في رمضان‪33..................‬‬
‫‪ -5‬الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة‬
‫‪36‬‬
‫مراجع رسالة )أسباب المغفرة(‪40.................‬‬
‫فهرس )التذكرة بأسباب المغفرة(‪42..............‬‬

You might also like