You are on page 1of 60

‫جمعها الفقير إلى الله تعالى‬

‫غفر الله له ولوالديه ولجميع‬


‫المسلمين‬
‫‪3‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة‬
‫الحمد للششه رب العششالمين‪ ،‬وأشششهد أن ل‬
‫إله إل الله وحششده ل شششريك لششه‪ ،‬وأشششهد أن‬
‫محمدا ً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ،‬ومن سششار علششى‬
‫نهجهم في العلم والعمل والدعوة إلى اللششه‬
‫إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن النسان لن يعيش وحششده ولبششد لششه‬
‫مششن أصششدقاء فششإن وفششق لمصششادقة الخيششار‬
‫ومجالسششتهم وإل ابتلششي بمصششادقة الشششرار‬
‫والجلششوس معهششم؛ فعليششك ‪-‬أخششي المسششلم‪-‬‬
‫بمصادفة الخيششار‪ ،‬المطيعيششن للششه وزيششارتهم‬
‫لله‪ ،‬والجلوس معهششم ومحبتهششم للششه والبعششد‬
‫عششن الشششرار )العصششاه للششه( فششالمرء معتششبر‬
‫بقرينششه وسششوف يكششون علششى ديششن خليلششه‬
‫فلينظر من يخالل‪.‬‬
‫فكمششا يقلششد النسششان مششن حششوله فششي‬
‫أزيشششائهم يقلشششدهم فشششي أعمشششالهم ويتخلشششق‬
‫بششأخلقهم‪ ،‬قششال حكيششم‪ :‬نششبئني عششن مششن‬
‫‪4‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫تصاحب أنبششؤك مششن أنششت‪ ،‬وقششال النششبي ‪:‬‬


‫»قببال اللببه تبببارك وتعببالى‪" :‬وجبببت‬
‫ي والمتجالسببين‬ ‫محبتي للمتحابين ف ّ‬
‫ي والمتببباذلين‬ ‫ي والمببتزاورين ف ب ّ‬ ‫فب ّ‬
‫ي« حديث صحيح رواه مالك في الموطششأ‬ ‫ف ّ‬
‫بإسناد صحيح‪ .‬فهنيئا ً لمن هذا وصفه‪.‬‬
‫ك‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫صب ِْر ن َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫وقال الله عز وجل‪َ  :‬‬
‫ة‬
‫دا ِ‬‫غبب َ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫هبب ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيببدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع اّلبب ِ‬ ‫مبب َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عبب ُ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هبب ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ريبب ُ‬ ‫ي يُ ِ‬ ‫شبب ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة الببدّ ن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫زين َ َ‬ ‫ريدُ ِ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ك َ‬ ‫عي َْنا َ‬‫َ‬
‫رن َبببا‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫فل َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ول ت ُطِ ْ‬ ‫َ‬
‫طببا ‪‬‬ ‫فُر ً‬ ‫مببُرهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫نأ ْ‬ ‫كببا َ‬ ‫واهُ َ‬ ‫هبب َ‬ ‫ع َ‬ ‫وات َّببب َ‬ ‫َ‬
‫]الكهف‪.[28 :‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم‪» :‬من عبباد‬
‫مريضا ً أو زار أخا ً لببه فببي اللببه نبباداه‬
‫مناد طبببت وطبباب ممشبباك وتبببوأت‬
‫من الجنة منببزل ً« رواه الترمششذي‪ ،‬وقششال‬
‫حديث حسششن‪ .‬وقششال ‪» :‬ل تصبباحب إل‬
‫مؤمنا ً« رواه أبو داود والترمششذي بإسششناد ل‬
‫بششأس بششه‪ ،‬وقششال عليششه الصششلة والسششلم‪:‬‬
‫»الرجببل علببى ديببن خليلببه فلينظببر‬
‫‪5‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫أحبببدكم مبببن يخالبببل« رواه أبشششو دواد‬


‫والترمششذي بإسششناد صششحيح‪ .‬وقششال‪» :‬المرء‬
‫مع من أحببب« متفششق عليششه‪ .‬وقششال عليششه‬
‫الصلة والسلم‪» :‬إن الله تعببالى يقببول‬
‫يوم القيامة أيببن المتحببابون بجللببي‬
‫اليوم أظلهم في ظلببي يببوم ل ظببل‬
‫إل ظلي« رواه مسششلم‪ .‬ولمششا كششان الحششب‬
‫فششي اللششه والبغششض فششي اللششه بهششذه المنزلششة‬
‫العالية وكان للجليس أثر على جليسششه فششي‬
‫الخير والشر‪.‬‬
‫طلب مني بعض الخوة الفاضل تششأليف‬
‫رسالة في هذا الموضوع فأجبته إلششى ذلششك‪،‬‬
‫وهي مسششتفادة مششن كلم اللششه تعششالى وكلم‬
‫رسوله ‪ ،‬وكلم المحققين من أهل العلم‪.‬‬
‫أسأل الله تعالى أن ينفششع بهششا مششن كتبهششا أو‬
‫طبعها أو قرأهششا أو سششمعها فعمششل بهششا‪ ،‬وأن‬
‫يوفقنششششا وإخواننششششا المسششششلمين للجلسششششاء‬
‫الصششالحين الناصششحين‪ .‬وصششلى اللششه وسششلم‬
‫على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫الجليس الصالح وكيف نختاره‬


‫جليسك الصالح يشعر بشعورك‪ ،‬ويعتني‬
‫بشؤنك ويهتم بأمورك يفرح بفرحك ويحششزن‬
‫لحزنك‪ ،‬ويسر بسرورك‪ ،‬يحب لك مششا يحششب‬
‫لنفسه ويكره لك ما يكره لنفسه وينصح لك‬
‫في مشهدك ومغيبك‪ ،‬يأمرك بالخير وينهششاك‬
‫عن الشششر ويسششمعك العلششم النششافع والقششول‬
‫الصادق والحكمة البالغة ويحثك على العمل‬
‫كرك نعم الله عليششك لكششي‬ ‫الصالح المثمروي ُذ َ ّ‬
‫تشكره وي َُعرفك عيوب نفسك لكششي تجتنبهششا‬
‫ويشششغلك عمششا ل يعنيششك‪ .‬وهكششذا أسششتاذك‬
‫الصششالح يجهششد نفسشه فششي تعليمششك تفهيمششك‬
‫وإصلحك وتقويمك يطالبك بالعمششل وينتظششر‬
‫من ظاهرك ثمرة ما يغرس فششي باطنششك إذا‬
‫شششرك‬ ‫كرك‪ ،‬وإذا أهملت أو مللششت ب ّ‬ ‫غفلت ذ ّ‬
‫وأنششذرك‪ ،‬وليششس فششي الجلسششاء مششن ينفعششك‬
‫خيره ويضرك شره كالستاذ الششذي ي ُعَشد ّ لششك‬
‫أبششا ً ثانيششًا‪ ،‬وكمششا يكششون هششو تكششون أنششت‪،‬‬
‫والجليس الصالح يسششد خلتششك ويغفششر زلتششك‬
‫ويقيل عثرتك‪ ،‬ويستر عورتششك‪ ،‬وإذا اتجهششت‬
‫إلى الخير حثك عليششه ورغبششك فيششه وبشششرك‬
‫‪7‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫بعاقبششة المتقيششن وأجششر العششاملين وقششام فيششه‬


‫معششك وكششان لششك عونششا ً عليششه‪ ،‬وإذا تكلمششت‬
‫بسوء أو فعلششت قبيحشا ً زجششرك عنششه ومنعششك‬
‫منششه وحششال بينششك وبيششن مششا تريششد‪ .‬جليسششك‬
‫الصالح ل يمل قربك ول ينساك على البعششد‪،‬‬
‫وإن حصششل لششك خيششر هنششأك وإن أصششابتك‬
‫مصششيبة عششزاك‪ ،‬يسششرك إذا حضششرت بحششديثه‬
‫ويرضيك بأفعاله ويحضر بك مجششالس العلششم‬
‫وحلششق الششذكر وبيششوت العبششادة ويزيششن لششك‬
‫الطاعة بالصلة والصيام والنفاق في سبيل‬
‫الله وكف الذى واحتمششال المشششقة وحسششن‬
‫الجوار وجميل المعاشرةويقبح لك المعصية‬
‫كرك ما يعود به الفساد عليك من الويششل‬ ‫وي ُذ َ ّ‬
‫والشقاء فششي عاجششل المششر وآجلششه‪ .‬ومششازال‬
‫ينفعششك ويرفعششك ويزجششرك ويردعششك حششتى‬
‫يكشششون كبشششائع المسشششك وأنشششت المششششتري‬
‫ولصلحه ونصششحه ل يششبيع عليششك إل طيب ًششا ول‬
‫يعطيك إل جيششدًا‪ ،‬وإن أبيششت الشششراء طيبششك‬
‫وصششب عليششك العطششر فل تمششر بشششارع ول‬
‫تسلك طريقا ً إل وعبق منششك الطيششب وملت‬
‫به النوف؛ وأولئك هم القوم ل يشششقى بهششم‬
‫‪8‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫جليسششهم تنششزل عليهششم الرحمششة فيشششاركهم‬


‫م بالسششوء فل يقششوله ول يسششتطيع‬ ‫فيهششا ويه ش ُ‬
‫فعله إمششا مخافششة مششن اللششه وإمششا حيششاء مششن‬
‫الناس‪.‬‬
‫فالخير الذي تصيبه من جليسك الصششالح‬
‫أبلغ وأفضل من المسك الذفر فإنه إمششا أن‬
‫يعلمك ما ينفعك في دينك ودنيششاك أو يهششدي‬
‫لك نصيحة أو يحذرك مششن القامششة علششى مششا‬
‫يضشششرك؛ فيحثشششك علشششى طاعشششة اللششه وبشششر‬
‫الوالدين وصلة الرحام ويدعوك إلى مكارم‬
‫الخلق ومحاسنها بقوله وفعله وحاله؛ فششإن‬
‫النسششان مجبششول علششى القتششداء بصششاحبه‬
‫وجليسه والطباع والرواح جنود مجندة يقود‬
‫بعضها بعضا ً إلى الخيششر أو إلششى ضششده وفششي‬
‫الحشششديث‪» :‬المببرء علببى ديببن خليلببه‬
‫فلينظر أحببدكم مببن يخالببل« رواه أبششو‬
‫داود والترمشششذي وحسشششنه‪ .‬وفشششي الحكمشششة‬
‫المشهورة‪ :‬ل تسأل عن المرء واسششأل عششن‬
‫قرينه‪.‬‬
‫وأقل ما تستفيده من الجليششس الصششالح‬
‫ف بسششببه عششن السششيئات والمعاصششي‬ ‫أن تنك ّ‬
‫‪9‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫رعاية للصحبة ومنافسة فششي الخيششر وترفعًششا‬


‫عششن الشششر‪ ،‬وفششوائد الصششحاب الصششالحين ل‬
‫تعششد ول تحصششى وحسششب المششرء أن يعتششبر‬
‫بقرينه وأن يكون على دين خليله‪.‬‬
‫وأما قرين السششوء فهششو ضششد ذلششك كلششه‪،‬‬
‫فإنششك إن لششم تشششاركه فششي إسششاءته أخششذت‬
‫بنصشششيب وافشششر مشششن الرضشششى بمشششا يصشششنع‬
‫والسششكوت علششى شششر تخششاف منششه وتحششذره‬
‫وتحتاط لحفظ كرامتك من أن يمزقها أو أن‬
‫يسمعك عششن نفسششك أو عششن الخريششن مششا ل‬
‫تحششب؛ فهششو كنافششخ الكيششر وأنششت جليسششه‬
‫القريب منه يحرق بدنك وثيابششك ويمل أنفششك‬
‫بالروائح الكريهة وأنت وإياه في الثم سواء‬
‫ومن أعان على معصششية ولششو بشششطر كلمششة‬
‫فهششو كالفاعششل وكششل كلم ل يحششل فهششو مششن‬
‫اللغو الذي مدح اللششه تششاركيه بقششوله تعششالى‪:‬‬
‫ه‪‬‬ ‫عْنبب ُ‬
‫ضوا َ‬ ‫و أَ ْ‬
‫عَر ُ‬ ‫عوا الل ّ ْ‬
‫غ َ‬ ‫م ُ‬
‫س ِ‬
‫ذا َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫]القصص‪ .[55 :‬وقششد يكششون جليششس السششوء‬
‫قوي شا ً ل تسششتطيع مقششاومته ول النكششار عليششه‬
‫فخير لك البتعاد عنه لئل تقع في معصششيتين‬
‫السكوت على الباطل موافقششة أهلششه‪ ،‬وفششي‬
‫‪10‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫مجالس الشر تقع الغيبة والنميمششة والكششذب‬


‫واللعشششن وكشششل كلم فشششاحش ويقشششع اللهشششو‬
‫ساق ومجاراتهم علششى‬ ‫والطرب وممالت الف ّ‬
‫السراف في النفاق والخوض في الباطششل‪،‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ت اّلببب ِ‬ ‫ذا َرأْيببب َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫قششششال تعششششالى‪َ  :‬‬
‫م‬ ‫هب ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ف بأ َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫في آَيات ِن َببا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫خو ُ‬‫يَ ُ‬
‫مببا‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬‫ث َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬‫في َ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫عببدَ‬ ‫عببدْ ب َ ْ‬ ‫ق ُ‬‫فل ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫شببي ْ َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫سببي َن ّ َ‬
‫ي ُن ْ ِ‬
‫ن‪‬‬ ‫مي َ‬ ‫وم ِ الظّبببال ِ ِ‬ ‫قببب ْ‬ ‫ع ال ْ َ‬
‫مببب َ‬ ‫البببذّك َْرى َ‬
‫مث َششل يصششور لنششا‬ ‫]النعششام‪ ،[68 :‬وإن أعظششم َ‬
‫خطر جليس السوء مششا حصششل لبششي طششالب‬
‫عم النبي ‪ ‬عند وفاته‪ ،‬فقد جاء إليه النششبي‬
‫‪ ‬حين احتضششاره وهششو يلفششظ آخششر أنفاسششه‬
‫فقال له رغبة في إسلمه‪» :‬يا عم قببل ل‬
‫إله إل الله كلمة أحاج بها عنببد اللببه«‬
‫فقششال لششه أبششو جهششل‪ ،‬وكششان جالس شا ً عنششده‪:‬‬
‫أترغب عن ملة عبد المطلب‪ ،‬فرسول اللششه‬
‫‪ ‬يلقنه السلم وأبو جهل يلقنه الكفر إلى‬
‫أن مششات وهششو يقششول هششو علششى ملششة عبششد‬
‫‪11‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫)‪(1‬‬
‫المطلب وأبششى أن يقششول‪ :‬ل إلششه إل اللششه‬
‫بسششبب جليششس السششوء؛ فمصششاحبة الشششرار‬
‫ومجالستهم مضرة من جميع الوجششوه علششى‬
‫من صاحبهم وشر على من خششالطهم‪ ،‬فكششم‬
‫هلك بسببهم أقوام وكم قادوا أصحابهم في‬
‫المهالك‪ ،‬وقد قششال اللششه تعششالى مخششبرا ً عششن‬
‫عاقبششة الظششالمين وتمنيهششم سششلوك طريششق‬
‫المشؤمنين ونشدمهم علشى مصشاحبة الضشالين‬
‫عل َببى‬ ‫م َ‬ ‫ض الظّببال ِ ُ‬ ‫ع ّ‬ ‫م يَ َ‬‫و َ‬‫وي َ ْ‬‫المضلين‪َ  :‬‬
‫ع‬
‫مبب َ‬ ‫ت َ‬ ‫خببذْ ُ‬ ‫ل َيببا ل َي ْت َِنببي ات ّ َ‬ ‫قببو ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫َيببدَي ْ ِ‬
‫م‬ ‫وي ْل َت َببا ل َي ْت َن ِببي ل َب ْ‬‫سِبيل ً * َيا َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن‬ ‫عبب ِ‬ ‫ضببل ِّني َ‬ ‫قببدْ أ َ َ‬ ‫خِليل ً * ل َ َ‬ ‫فلًنا َ‬ ‫خ ذْ ُ‬ ‫أ َت ّ ِ‬
‫ن‬‫طا ُ‬ ‫ش بي ْ َ‬‫ن ال ّ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫جاءَِني َ‬ ‫عدَ إ ِذْ َ‬ ‫ر بَ ْ‬ ‫الذّ ك ْ ِ‬
‫ذول ً ‪] ‬الفرقششان‪[29-27 :‬‬ ‫خب ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سببا ِ‬ ‫ل ِل ِن ْ َ‬
‫وقال النششبي ‪» :‬ل تصببحب إل مؤمنبا ً«‬
‫)‪ (2‬ويقول الشاعر‪:‬‬
‫إن القرين‬ ‫واختر من الصحاب‬
‫بالقرين يقتدى‬ ‫كل مرشد‬
‫)( الحديث في قصة وفاة أبشى طشالب مخشرج‬ ‫‪1‬‬

‫في الصحيحين‪.‬‬
‫)( رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابششن حبششان‬ ‫‪2‬‬

‫والحاكم ورمز السيوطي‬


‫‪12‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫تزيد في القلب‬ ‫وصحبة الشرار داء‬


‫السقما‬ ‫السقيم‬
‫فاجتنبن قرناء‬ ‫وعمى‬
‫تبعت سنة‬ ‫فإن‬
‫بس الصببالح‬ ‫وقششال ‪» :‬مثببل الجليب‬
‫السوء‬ ‫النبي‬
‫والجليببس السببوء كحامببل المسببك‬
‫ونافخ الكير فحامببل المسببك إمببا أن‬
‫يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد‬
‫منببه ريحببا ً طيبببة‪ ،‬ونافببخ الكيببر إمببا‬
‫يحرق ثيابك وإمببا أن تجببد منببه ريح با ً‬
‫خبيثببة« رواه البخششاري ومسششلم‪ .‬وصششدق‬
‫رسول الله ‪ ‬فما أروعه من مثل يصور لنا‬
‫حقيقة الجليس وما ينتج عنه من نفع أو ضر‬
‫وخير أو شر وطيششب أو خبششث‪ ،‬وصششدق اللششه‬
‫وي‬ ‫سبببت َ ِ‬ ‫ل ل يَ ْ‬ ‫قببب ْ‬‫العظيشششم إذ يقشششول‪ُ  :‬‬
‫ك ك َْثببَر ُ‬
‫ة‬ ‫جَببب َ‬
‫ع َ‬‫و أَ ْ‬‫وَلبب ْ‬‫ب َ‬‫والطّي ّ ُ‬ ‫ث َ‬ ‫خِبي ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬‫ه َيا أوِلي ال ل َْبببا ِ‬ ‫قوا الل َ‬ ‫فات ّ ُ‬‫ث َ‬ ‫خِبي ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ‪] ‬المائدة‪.[100 :‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫لَ َ‬
‫اللهششششم وفقنششششا للجلسششششاء الصششششالحين‬
‫والصششدقاء الناصششحين وزينششا بزينششة اليمششان‬
‫واجعلنا هداة مهتدين‪ ،‬آمين يارب العششالمين‪،‬‬
‫‪13‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫وصلى الله على محمششد وعلششى آلششه وصششحبه‬


‫)‪.(1‬‬

‫)( انظر‪ :‬إصلح المجتمششع للبيجششاني ص ‪-362‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،365‬وبهجششة قلششوب البششرار لبششن سششعدي ص‬


‫‪ ،179-177‬وأحاديث الجمعششة للشششيخ عبششدالله‬
‫بن قعود ص ‪.96-93‬‬
‫‪14‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫معاشرة الخيار‬
‫خل ُششق النسششان مششن‬
‫سششن ُ‬ ‫ح ّ‬‫مل وي ُ َ‬
‫مما يج ّ‬
‫حشششوله صشششحبة الخيشششار‪ ،‬فالنسشششان مولشششع‬
‫بالتقليد؛ فكما يقلد النسان مششن حششوله فششي‬
‫أزيشششائهم يقلشششدهم فشششي أعمشششالهم ويتخلشششق‬
‫بأخلقهم‪ ،‬قال حكيم‪" :‬نبئني عمن تصششاحب‬
‫أنبؤك من أنت"‪.‬‬
‫أن مصاحبة الخيار تغششرس فششي النفششس‬
‫الخلق الكريمة وتدفعها إلى معالي المور‪،‬‬
‫أمششا مصششاحبة الشششرار فأنهششا تقششود إلششى‬
‫السششتهانة بششالخلق‪ ،‬وتجششرئ علششى اقششتراف‬
‫الثششام‪ ،‬وتباعششد بيششن النسششان وبيششن القيششام‬
‫بالعمال العظيمة‪.‬‬
‫فالقرين الصالح يعتبر بحششق مششن أفضششل‬
‫نعم هذه الحياة؛ فهششو الملذ فششي الملمششات‪،‬‬
‫وهو المرشد المين لطريق الحششق والنجششاح‬
‫فشششي هشششذه الحيشششاة‪ ،‬فكشششثير مشششن النشششابغين‬
‫والعظمششاء والمتفششوقين فششي هششذه الحيششاة‬
‫يعزون سبب نجاحهم إلى أنهششم وفقششوا فششي‬
‫اختيششار قريششن صششالح سششاروا علششى إرشششاده‬
‫واقتبسوا من نصحه‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫والقشششرآن الكريشششم دعشششا إلشششى اختيشششار‬


‫صب ِْر‬ ‫وا ْ‬ ‫الصحاب الصالحين‪ .‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫م‬ ‫هبب ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيببدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع اّلبب ِ‬ ‫مبب َ‬ ‫ك َ‬ ‫سبب َ‬ ‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ول‬ ‫ه َ‬ ‫هبب ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ب ُ‬ ‫ي يُ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫دا ِ‬‫غ َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ة‬
‫حي َببا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫زين َب َ‬ ‫ريبدُ ِ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫هب ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ك َ‬ ‫عي َْنا َ‬ ‫ع دُ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن‬‫عببب ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫فل َْنا َ‬ ‫غ َ‬‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ول ت ُطِ ْ‬ ‫الدّ ن َْيا َ‬
‫فُر ً‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫طببا‬ ‫مُرهُ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫واهُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع َ‬ ‫وات ّب َ َ‬ ‫رَنا َ‬ ‫ِذك ْ ِ‬
‫‪] ‬الكهف‪.(1)[28 :‬‬
‫أمر الله سششبحانه رسششوله‪ ،‬وكششل مششؤمن‬
‫فششي هششذه اليششة‪ ،‬بمصششاحبة الخيششار الششذين‬
‫ساروا على الهدى ليقتدي بهم ويقتبس مششن‬
‫فضائلهم‪ ،‬ول يزهد في صحبتهم فيتطلع إلى‬
‫مششن عششداهم لجششل الحصششول علششى مظششاهر‬
‫الحياة الكاذبة‪ ،‬ثششم نهششى اللششه المششؤمن عششن‬
‫مصششاحبة الشششرار الغششافلين عششن ذكششر اللششه‬
‫الذين اتبعوا أهششواءهم وجششاوزا حششدود الحششق‬
‫في أعمالهم‪.‬‬
‫ويقول تعالى أيضا ً في هذا المعنششى‪ :‬‬
‫م‬ ‫وَلبب ْ‬ ‫رَنببا َ‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وّلى َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫حَياةَ الدّ ن َْيا ‪] ‬النجم‪.[29 :‬‬ ‫ردْ ِإل ال ْ َ‬ ‫يُ ِ‬
‫)( فرطًا‪ :‬متجاوزا ً الحدود المشروعة‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪16‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫ويبين الله في آية أخرى أنششه ليششس مششن‬


‫ب ربششه‬ ‫ضش ُ‬ ‫شأن المؤمن أن يتودد إلى من ي ُغْ ِ‬
‫بالمعاصي ولو كان أقرب الناس إليششه‪ :‬ل‬
‫وم ِ‬ ‫وال َْيبب ْ‬‫ه َ‬‫ن ِبببالل ِ‬ ‫مُنببو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫مببا ي ُ ْ‬ ‫و ً‬‫ق ْ‬ ‫جببدُ َ‬ ‫تَ ِ‬
‫ه‬‫سببول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حادّ الل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫وا ّ‬ ‫ر يُ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ال ِ‬
‫َ‬ ‫و أ َب َْنبباءَ ُ‬ ‫َ‬
‫و‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫كبباُنوا آَببباءَ ُ‬ ‫و َ‬ ‫وَلبب ْ‬ ‫َ‬
‫م ‪] ‬المجادلششة‪:‬‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫شببيَرت َ ُ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫خبب َ‬‫إِ ْ‬
‫‪.(1)[22‬‬
‫وصششور لنششا رسششول اللششه ‪ ‬الجليششس‬
‫الصالح والجليششس السششيئ خيششر تصششوير فششي‬
‫قششششوله‪ » :‬مثببببل الجليببببس الصببببالح‬
‫والجليببس السببوء كحامببل المسببك‬
‫ونافخ الكيببر )‪ (2‬فحامببل المسببك إمببا‬
‫أن يحذيك )‪ (3‬وإما أن تبتاع منه وإمببا‬
‫أن تجد منه ريحا ً طيبة‪ ،‬ونافببخ الكيببر‬
‫إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجببد منببه‬
‫ريحا ً خبيثة « رواه مسلم‪.‬‬

‫)( حاده‪ :‬عاداه وغاضبه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الكيششر‪ :‬منفششخ الحششداد الششذي يشششعل النششار‬ ‫‪2‬‬

‫وينفث الدخان‪.‬‬
‫)( يحذيك‪ :‬يعطيك‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪17‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫هششذه هششي تعششاليم السششلم فششي اختيششار‬


‫القريششن الصششالح ليقودنششا دائم شا ً نحششو الخيششر‬
‫ويجنبنا مواطن الضلله )‪.(4‬‬
‫***‬

‫)( روح الدين السلمي ص ‪.216‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪18‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫الرفقة الصالحة‬
‫ك‬ ‫سب َ‬ ‫ف َ‬ ‫ص بب ِْر ن َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫يقول الله تعششالى‪َ  :‬‬
‫ة‬
‫دا ِ‬‫غبب َ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫هبب ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيببدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع اّلبب ِ‬ ‫مبب َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عبب ُ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هبب ُ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ريبب ُ‬ ‫ي يُ ِ‬ ‫شبب ّ‬ ‫ع ِ‬‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة الببدّ ن َْيا‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫زين َ َ‬ ‫ريدُ ِ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ك َ‬ ‫عي َْنا َ‬
‫َ‬
‫رن َبببا‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫فل َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ول ت ُطِ ْ‬ ‫َ‬
‫طببا ‪‬‬ ‫فُر ً‬ ‫مببُرهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫نأ ْ‬ ‫كببا َ‬ ‫واهُ َ‬ ‫هبب َ‬ ‫ع َ‬ ‫وات َّببب َ‬ ‫َ‬
‫]الكهف‪.[28 :‬‬
‫وعن أبي موسى الشششعري رضششي اللششه‬
‫عنششه عششن النششبي ‪ ‬قششال‪» :‬إنمببا مثببل‬
‫الجليببس الصببالح والجليببس السببوء‬
‫كحامل المسك ونافخ الكبير فحامببل‬
‫المسك إما أن يحذيك وإمببا أن تبتبباع‬
‫حببا طيبببة‪،‬‬ ‫منه‪ ،‬وإمببا أن تجببد منببه ري ً‬
‫ونافخ الكي إما أن يحرق ثيابك وإمببا‬
‫)‪(1‬‬
‫حا منتنة«‬ ‫أن تجد منه ري ً‬
‫وعششن أبششي هريششرة رضششي اللششه عنششه أن‬
‫النبي ‪ ‬قال‪» :‬الرجل على دين خليلببه‬

‫)( البخاري)‪ (9/569‬ومسلم )‪ (2628‬وأحمد )‬ ‫‪1‬‬

‫‪(4/404‬‬
‫‪19‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫فلينظبببر أحبببدكم مبببن يخالبببل«)‪.(1‬‬


‫والنسان ل يمكن أن يعيش بمفرده إذ ل بد‬
‫من صديق وولي وخليل ومششداره مششع خليلششه‬
‫صلحا ً وفسادًا‪ .‬لكن المسلم يتميششز بصششحبة‬
‫الخيار دون غيرهم؛ خوفا ً علششى نفسششه مششن‬
‫الفساد‪ ،‬وتقربا ً إلى الله في حبهم وهم بعششد‬
‫الله من أكبر العون له على الثبات‪.‬‬
‫واحرص – وفقششك اللششه – علششى موافقششة‬
‫أهششل العلششم والتقششى وأكرمهششم‪ ،‬وأحسششن‬
‫معاشششرتهم‪ ،‬وأعششف عششن هفششواتهم‪ ،‬وأطلششق‬
‫وجهك لهم‪ ،‬وشاركهم السراء والضششراء‪ ،‬ول‬
‫تمشششن عليهشششم‪ ،‬واسشششتر عشششوراتهم‪ ،‬وأظهشششر‬
‫مناقبهم‪ ،‬وأقل أعذارهم‪ ،‬وأقششض حششوائجهم‪،‬‬
‫ورد جوابهم‪ ،‬وتفقد ضعيفهم‪ ،‬واعرف أقششدار‬
‫الرجال؛ فقد قيل‪ :‬إن فتى جاء إلى سششفيان‬
‫بن عيينة من خلفه فجذبه‪ ،‬وقال‪ :‬يا سششفيان‬
‫حدثني‪ ،‬فالتفت إليه سفيان‪ .‬وقششال‪ :‬يششا بنششي‬
‫من جهل أقدار الرجال فهو لنفسه أجهل)‪.(2‬‬

‫)( أبششششو داود )‪ (4833‬والترمششششذي )‪(2379‬‬ ‫‪1‬‬

‫وأخرجه أحمد )‪ (2/303‬والحاكم )‪(4/171‬‬


‫)( مقومات الثبات على الهداية ص ‪.99‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪20‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫نسأل الله القبول‪ ،‬وصلى الله على نبينا‬


‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫***‬
‫‪21‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫)‪(1‬‬
‫اختيار الصدقاء‬
‫س في هذه الحيششاة متفششاوتو الخلق‪،‬‬ ‫النا ُ‬
‫متبشششاينو المششششارب؛ فمنهشششم مشششن سشششاءت‬
‫أخلقهم فنزعششت نفوسششهم إلششى الشششهوات‪،‬‬
‫ومالوا إلى اللذات‪ ،‬فما عرفششوا غيششر إشششباع‬
‫نهمتهم )‪ ،(2‬وما راعو غير العمششل لهششوائهم‪،‬‬
‫فهؤلء ل خير يرجى منهم‪ ،‬ول منفعششة تعششود‬
‫علشششى المجتمشششع النسشششاني مشششن ورائهشششم؛‬
‫م الرتبششاط بهششم‬ ‫فالبتعششاد عنهششم راحششة وعششد ُ‬
‫وقاية‪.‬‬
‫ه فقمششع نفسششه‬ ‫ت طباع ُ‬ ‫سن ْ‬
‫ح ُ‬
‫ومنهم من َ‬
‫عششن لششذاتها‪ ،‬ورَدعهششا عششن شششهواتها‪ ،‬وعمششل‬
‫للمنفعة العامة‪ ،‬وسار في طريششق الصششلح‪،‬‬
‫وهذا هو الجششديُر باللفششة‪ ،‬والخلي شقُ بششالتودد‪،‬‬
‫فالخير معقود ٌ بمصاحبتة‪ ،‬والسعادةُ مقرونة‬
‫بمصادقته؛ لن نفسه الطاهره تطمششح علششى‬
‫ه الثششابت مشششرئب‬ ‫الدوام إلى الكمال‪ ،‬وقلب َش ُ‬
‫لنيل معالي المور‪ ،‬والمرء على دين خليله‪.‬‬
‫ن ُأول َئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫سبب َ‬
‫ح ُ‬
‫و َ‬ ‫قششال اللششه تعششالى‪َ  :‬‬
‫)( فتح الخلق بمكارم الخلق ص ‪.123‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( النهم‪ :‬إفراط الشهوة في الطعام‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪22‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫قا ‪] ‬النساء‪.[69 :‬‬ ‫في ً‬ ‫َر ِ‬


‫وقششال فششي معششرض التحششذير مششن قرنششاء‬
‫السوء مبينا ً ندامة من لم يحتط لنفسه فششي‬
‫وي ْل ََتا ل َي ْت َِني َلبب ْ‬
‫م‬ ‫اختيار من يصادق‪َ :‬يا َ‬
‫خِليل ً ‪] ‬الفرقان‪.[28 :‬‬ ‫فلًنا َ‬ ‫خ ذْ ُ‬ ‫أ َت ّ ِ‬
‫ول ت َْرك َُنببوا إ َِلببى‬ ‫وقشششال تعشششالى‪َ  :‬‬
‫مببا‬
‫و َ‬‫م الن ّبباُر َ‬ ‫س بك ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬
‫مببوا َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ب ِ‬
‫َ‬
‫مل‬ ‫ول َِيبباءَ ُثبب ّ‬
‫نأ ْ‬ ‫مبب ْ‬‫ه ِ‬ ‫ن الل ِ‬
‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ن ‪] ‬هود‪.[113 :‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫ت ُن ْ َ‬
‫وقال رسول الله ‪» :‬عليكم بإخوان‬
‫ة فببي الرخبباء‪،‬‬ ‫الصببدق‪ ،‬فببإنهم زينبب ٌ‬
‫وعصمة في البلء«‪.‬‬
‫وقششال عليششه الصششلة والسششلم‪» :‬المرء‬
‫كثير بإخوانه ول خير في صببحبة مببن‬
‫ل يرى لك من الحق مثل ما ترى له«‬
‫)‪.(1‬‬
‫وقال ‪» :‬الرجل على ديببن خليلببه‬

‫)( رواه ابن أبي الششدنيا عششن سششهل بششن سششعد‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫ولفظه "المرء كثير بششأخيه"‪ .‬ورمششز السششيوطي‬


‫لضعفه‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫فلينظر أحدكم من يخالل« )‪.(1‬‬


‫وعنششه عليششه الصشلة والسشلم أنشه قششال‪:‬‬
‫»إنمببا الجليبببس الصببالح والجليببس‬
‫السوء كحامل المسببك‪ ،‬ونافببخ الكيببر‬
‫فحامل المسك إمببا أن يحببذيك‪ ،‬وإمببا‬
‫أن تبتاع منه وإما أن تجببد منببه ريح با ً‬
‫طيبببة‪ ،‬ونافببخ الكيببر إمببا أن يحببرق‬
‫ثيابك وإما أن تجد منه ريح با ً خبيثببة «‬
‫)‪.(2‬‬
‫وقال علي ‪ :‬خيُر إخوانك من واساك‪،‬‬
‫وخيٌر منه من كافاك‪.‬‬
‫وقال عبدالله بن جعفششر‪ :‬عليششك بصششحبة‬
‫ت عنششه صششانك‪،‬‬ ‫من إذا صحبته زانك‪ ،‬وإن غب َ‬
‫وإن احتجششت إليششه مانششك )‪ ،(3‬وإن رأى منششك‬
‫)‪(5‬‬
‫دها‪.‬‬‫أو حسنة ع ّ‬ ‫خلة)‪ (4‬سدها‬
‫وقششال لقمششان لبنششه‪ :‬يششا بنششي ل تجششالس‬

‫)( رواه أبو داود والترمششذي وحسششنه وصششححه‬ ‫‪1‬‬

‫النووي‪.‬‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( قام بكفايتك‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( غيبة وثلمة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أصلحها‬ ‫‪5‬‬


‫‪24‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫الفجشار ول تماششيهم‪ ،‬اتشق أن ينشزل عليهشم‬


‫ب من السماء فيصيبك معهششم‪ ،‬وجششالس‬ ‫عذا ٌ‬
‫الفضششلء والعلمششاء فششإن اللششه تعششالى يحيششي‬
‫القلوب الميتة بالفضششيلة كمششا يحيششي الرض‬
‫بوابل )‪ (1‬المطر‪.‬‬
‫وأوصششى أميششر المششؤمنين أولده قششال‪:‬‬
‫ى عاشروا الناس عشرةً إن غبتششم حنششوا‬ ‫يابن ّ‬
‫وا عليكششم‪ ،‬إن القلششوب‬ ‫دتم ب َك َش ْ‬
‫إليكم‪ ،‬إن فُِقش ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫جنود ٌ مجن ّششدة تتلحششظ بششالمودة‪ ،‬وتتنششاجى‬
‫بهششا وكششذلك هششي فششي البغششض‪ ،‬فششإن احببتششم‬
‫الرجششل مششن غيششر خيششر سششبق منششه إليكششم‬
‫فارجوه‪ ،‬وإذا أبغضتم الرجل من غيششر سششوء‬
‫سبق منه إليكم فاحذروه‪.‬‬
‫سششماك‪ :‬أىّ الخششوان أحشقّ‬ ‫وقيل لبششن ال ّ‬
‫ببقششاء المششودة؟ قششال‪ :‬الششوافر دين ُششه‪ ،‬الششوافي‬
‫عقله الذي ل يملك على القرب‪ ،‬ول ينسششاك‬
‫ت‬‫ت منه داناك‪ ،‬وإن بعششد َ‬ ‫على البعد‪ ،‬إن دنو َ‬
‫ك‪ ،‬وإن‬ ‫ض شد َ َ‬
‫عنه راعاك‪ ،‬وإن اسششتعنت بششه ع َ‬

‫)( شديد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تتسار‬ ‫‪2‬‬


‫‪25‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫)‪(1‬‬
‫ن مششودةُ فعلششه‬
‫وتكششو ُ‬ ‫احتجت إليششه رفششدك‬
‫أكثر من مودة قوله‪.‬‬
‫وقال بعض الحكماء‪ :‬احذر مششن الكريششم‬
‫إذا أهنتششه‪ ،‬واللئيششم إذا أكرمتششه‪ ،‬والعاقششل إذا‬
‫أحرجتششه والحمششق إذا مششازحته‪ ،‬والفششاجر إذا‬
‫عاشرته‪ .‬وقال آخششر‪ :‬الصششديق النصششوح مششن‬
‫بصّرك مواضع رشدك وعواقب غّيك‪.‬‬
‫ل فششي‬ ‫وقال غيره‪ :‬ششّر الخششوان الواصش ُ‬
‫الرخاء‪ ،‬الهاجُر عند الشدة‪.‬‬
‫وقال بعششض البلغششاء‪ :‬مششن خيششر الختيششار‬
‫ة الخيششار‪ ،‬ومششن شششر الختيششار مششودةُ‬ ‫صششحب ُ‬
‫الشرار‪.‬‬
‫وقششال آخششر‪ :‬اصششحب مششن الخششوان مششن‬
‫أولك جمائل كثيرة فكافأته بجميلششة واحششدة‬
‫فنسي جمائله‪ ،‬وبقي شاكرا ً لجميلتك يوليك‬
‫عليها الحسان الجميل‪ ،‬ويجعل أنششه مششا بلششغ‬
‫من مكافأتك القليل‪.‬‬
‫ت إليه‬‫وقال غيره‪ :‬الصديق من استروح ْ‬
‫النفس‪ ،‬واطمأن إليه القلب‪.‬‬
‫وقال أوس بن حجر‪:‬‬
‫)( أعطاك وأعانك‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪26‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫يذمك إن وّلى‬ ‫وليس أخوك الدائم‬


‫لً‬
‫ويرضيك مقب)‪(1‬‬
‫ُ‬
‫المر أعضل‬ ‫العهد الذي‬
‫أخوك النائي‬ ‫ولكن‬
‫آمنا ً‬
‫أبو تمام‪:‬‬ ‫ما دمت‬
‫وقال‬
‫م‬
‫ت كان الحل ُ‬‫وجهل ُ‬ ‫مببن لببي بإنسببان إذا‬
‫ت‬ ‫جوابه‬ ‫ردَّ‬ ‫بببببببببببببببببببُته‬
‫أغضبصبوت )‪ (2‬إلى‬
‫وسكر ُ‬ ‫أخلقه‬ ‫َ‬ ‫وإذا‬
‫ولعّله أدرى‬
‫آدابه‬ ‫من‬
‫وبقلبه‬ ‫شربت من‬
‫المدامُيصغى‬
‫وتراه‬
‫الحنف بنبه‬
‫قيس‪:‬‬ ‫بطرفه‬ ‫للحديث‬
‫وقال‬
‫يجيبك وإن تغضب‬ ‫ه‬
‫ع ُ‬‫أخوك الذي إن ت َدْ ُ‬
‫الي السيف يغضب‬ ‫ة‬
‫لملمببببببببببببببببببب ٍ‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫سه‬‫ومن يضر نف َ‬ ‫إن أخاك الصدق من‬
‫فيك شمله‬‫لينفعك‬
‫ت‬‫شت ّ َ‬ ‫يسعىإذامعك‬
‫ريب الزمان‬ ‫ومن‬
‫ليجمعك‬ ‫صدعك‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫يوما ً رأى الذنب‬ ‫ليس الصديق الذي‬
‫أتاه مغفور‬
‫بتزويق‬ ‫فيه غير‬
‫منه‬ ‫صاحبهحقا ً‬ ‫وإنزل‬
‫أضاع له‬ ‫إن‬
‫المعاذير صاحبه‬
‫ما ليس‬ ‫فعاتبه‬
‫الصديق الذي‬ ‫إن‬
‫فيه بمعذور‬ ‫في‬
‫يعذرغيره‪:‬‬ ‫تلقاه‬
‫وقال‬
‫ق وانتقد‬
‫فَتن ّ‬ ‫إن كنت متخذا ً خليل ً‬
‫الخليل‬
‫الود فابغ به‬ ‫فى‬ ‫من لم يكن لك‬
‫َبديل‬ ‫منصفا ً‬
‫)( اشتد واستغلق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( صبا إليه‪ :‬حن‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪27‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫ولقلما تلقى اللئيم‬


‫مستطيل‬ ‫عليك إل‬
‫وقال غيره‪:‬‬
‫ُيعدي كما يعدي‬ ‫ي‬
‫واحذر مؤاخاة الدن ّ‬
‫الجرب‬
‫ن إلى‬ ‫الصحيح‬
‫القري َ‬ ‫إن‬ ‫لنه‬
‫واختر صديقك‬
‫ب‬
‫س ُ‬ ‫الكذو ي ُ َن‬
‫بْ َ‬
‫لبئس‬ ‫المقارن‬
‫إن‬ ‫تفاخرا ًيكن‬ ‫واصطفيه‬
‫الكذوب فل‬ ‫ودع‬
‫ب‬
‫خل ُيصح ُ‬
‫ِ‬ ‫لك صاحبا ً‬
‫‪28‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫)‪(1‬‬
‫في التحذير من مخالطة الشرار‬
‫الحمد لله الششذي أمششر بمصششاحبة الخيششار‬
‫ونهششى عششن مصششاحبة الشششرار‪ .‬فقششال‪ :‬‬
‫ن‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيببدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع اّلبب ِ‬ ‫مبب َ‬‫ك َ‬ ‫سبب َ‬ ‫ف َ‬ ‫صببب ِْر ن َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫دو َ‬ ‫ريببب ُ‬ ‫ي يُ ِ‬ ‫شببب ّ‬ ‫ع ِ‬‫وال ْ َ‬
‫ة َ‬ ‫دا ِ‬ ‫غببب َ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫هببب ْ‬ ‫َرب ّ ُ‬
‫ريببدُ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫هبب ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ك َ‬ ‫عي َْنببا َ‬ ‫عببدُ َ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هبب ُ‬‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مبب ْ‬ ‫ع َ‬‫طبب ْ‬ ‫ول ت ُ ِ‬ ‫ة الببدّ ن َْيا َ‬ ‫حَيببا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫زيَنبب َ‬ ‫ِ‬
‫واهُ‬ ‫هب َ‬ ‫ع َ‬ ‫وات ّب َ ب َ‬ ‫رن َببا َ‬‫ن ِذك ْ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫فل َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫طببا ‪] ‬الكهششف‪.[28 :‬‬ ‫فُر ً‬ ‫مببُرهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫نأ ْ‬ ‫كببا َ‬ ‫َ‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك لششه‪،‬‬
‫بّين لعباده طرق الخير ليسلكوها‪ ،‬وبّين لهم‬
‫طشرق الشششر ليجتنبوهششا‪ .‬وأشششهد أن محمشدا ً‬
‫عبششده ورسششوله رغششب فششي إختيششار الجليششس‬
‫الصالح وحذر من جليس السوء‪ ،‬صلى اللششه‬
‫عليه وعلى آله وأصششحابه‪ ،‬ومششن سششار علششى‬
‫نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الششدين وسششلم‬
‫تسليما ً كثيرًا‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫عباد الله اتقوا الله واعلموا أن النسششان‬

‫)( الخطب المنبرية في المناسششبات العصششرية‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫للدكتور صالح الفوزان ‪.1/140‬‬


‫‪29‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫في هذه الحياة ل يستطيع أن يعيششش وحششده‬


‫في عزلة تامة عن النششاس فهششو فششي بحاجششة‬
‫إلى مخالتطهم ومجالستهم‪ .‬وهششذا الختلط‬
‫لبششد أن تكششون لششه آثششار حسششنة أو قبيحششة‪-‬‬
‫حسب نوعية الجلساء والخلطششاء‪ .‬ومششن هنششا‬
‫تضششافرت نصششوص الكتششاب والسششنة علششى‬
‫الحث على اختيار الجليس الصالح والبتعششاد‬
‫صببب ِْر‬ ‫وا ْ‬ ‫عن الجليس السيئ قال تعالى‪َ  :‬‬
‫م‬ ‫هبب ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيببدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ع اّلبب ِ‬ ‫مبب َ‬‫ك َ‬ ‫سبب َ‬ ‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ه‪‬‬ ‫هب ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ب ُ‬‫ي يُ ِ‬ ‫شب ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫وال ْ َ‬‫ة َ‬ ‫دا ِ‬‫غب َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ذا َرأي ْب َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫]الكهف‪ [28 :‬وقال تعششالى‪َ  :‬‬
‫ض‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف بأ َ ْ‬ ‫فببي آَيات ِن َببا َ‬ ‫ن ِ‬‫ضو َ‬ ‫خو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ه‬‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ث َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫في َ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫عببدْ‬ ‫ق ُ‬ ‫فل ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬‫شببي ْ َ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫سببي َن ّ َ‬ ‫مببا ي ُن ْ ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظببال ِ ِ‬ ‫وم ال ّ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫عدَ الذّ ك َْرى َ‬
‫قبب ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫بَ ْ‬
‫]النعام‪ .[68 :‬وقششال ‪» :‬مثل الجليببس‬
‫الصببالح والجليببس السببوء كحامببل‬
‫المسك‪ ،‬ونافخ الكير فحامل المسببك‬
‫إمببا أن يحببذيك‪ ،‬وإمببا أن تبتبباع منببه‬
‫وإما أن تجد منه ريح با ً طيبببة‪ ،‬ونافببخ‬
‫الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد‬
‫‪30‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫منه ريحا ً خبيثة «‪ .‬متفق عليه‪.‬‬


‫أيهشششا المسشششلم‪ :‬اجعشششل هشششذا الحشششديث‬
‫الشششريف دائمششا ً علششى بالششك وأنششت تخششالط‬
‫النششاس فششي السششواق والمجششالس‪ ،‬وفششي‬
‫البيوت والمدارس‪ ،‬وفي المكاتب والششدوائر‪،‬‬
‫وفي كل مجششال تخششالط فيششه النششاس فششاختر‬
‫لصحبتك ومجالستك ومشاركتك في مزاولة‬
‫أي عمل‪ ،‬اختر الصالحين من الناس ليكونوا‬
‫لشششك جلسشششاء وزملء وششششركاء وحاششششية‬
‫ومستشارين‪ ،‬فهذا الحششديث الشششريف يفيششد‬
‫أن الجليششس الصششالح جميششع أحششوال صششديقه‬
‫معه خير وبركششة ونفششع ومغنششم‪ .‬مثششل حامششل‬
‫المسك الذي تنتفع بما معه إما بهبة أو بششبيع‬
‫أو أقل شيء تكون مدة جلوسك معه قريششر‬
‫العيششن منشششرح الصششدر برائحششة المسششك‪،‬‬
‫جليسك الصالح يأمرك بششالخير وينهششاك عششن‬
‫الشر ويسمعك العلم النافع والقول الصادق‬
‫والحكمششة البالغششة‪ .‬ويعرفششك عيششوب نفسششك‬
‫ويشغلك عمششا ل يعنيششك‪ ،‬ويجهششد نفسششه فششي‬
‫تعليمك وتفهيمششك‪ ،‬وإصششلحك وتقويمششك‪ ،‬إذا‬
‫غفلت ذكرك‪ ،‬وإذا أهملت أو مللششت بشششرك‬
‫‪31‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫وأنشششذرك‪ .‬يحمشششي عرضشششك فشششي مغيبشششك‬


‫وحضشششرتك‪ .‬أولئك القشششوم ل يششششقى بهشششم‬
‫جليسهم‪ ،‬تنششزل عليهششم الرحمششة فتشششاركهم‬
‫فيها؛ وأقل ما تستفيده من الجليس الصالح‬
‫– وهششي فششائدة ل يسششتهان بهششا – أن تنكششف‬
‫بسششببه عششن السششيئات والمعاصششي رعايششة‬
‫للصششحبة ومنافسششة فششي الخيششر وترفعشا ً عششن‬
‫الشر وفوائد الصحاب الصالحين ل تعششد ول‬
‫تحصى وحسب المرء أن يعتبر بقرينششه‪ ،‬وأن‬
‫يكون على دين خليله‪.‬‬
‫وصشششحبة الصشششالحين ينتفشششع بهشششا حشششتي‬
‫البهائم‪ ،‬كمششا حصششل للكلششب الششذى كششان مششع‬
‫أصحاب الكهف فقد شملته بركتهم فأصششابه‬
‫مششا أصششابهم مششن النششوم علششى تلششك الحششال‬
‫العجيبة‪ ،‬وصششار لششه ذكششر وخششبر وشششأن‪ .‬أمششا‬
‫صشحبة الششرار فإنهشا السشم النشاقع‪ ،‬والبلء‬
‫الواقع‪ ،‬فهم يشجعون على فعششل المعاصششي‬
‫والمنكششرات ويرغبششون فيهششا ويفتحششون لمششن‬
‫جالسششششهم وخششششالطهم أبششششواب الشششششرور‪،‬‬
‫ويسهلون له سبل المعاصي‪ .‬فقرين السششوء‬
‫إن لم تشاركه فششي اسششاءته أخششذت بنصششيب‬
‫‪32‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫وافر من الرضا بما يصنع‪ ،‬والسششكوت علششى‬


‫شره‪ ،‬فهو كنافخ الكير على الفحم الملوث‪،‬‬
‫وأنششت جليسششه القريششب منششه يحششرق بششدنك‬
‫وثيابك ويمل أنفششك بششالروائح الكريهششه‪ ،‬وفششي‬
‫مجالس الشر تقع الغيبة والنميمششة والكششذب‬
‫والشتم والكلم الفاحش ويقع اللهو واللعب‬
‫وممالة الفساق على الخششوض فششي الباطششل‬
‫فهي ضارة من جميع الوجوه لمن صاحبهم‪،‬‬
‫وشر على من خالطهم‪ ،‬فكم هلششك بسششببهم‬
‫أقوام‪ ،‬وكم قادوا أصحابهم إلى المهالك من‬
‫حيث يشعرون ومن حيث ل يشعرون‪.‬‬
‫وإليكم‪ :‬واقعين ومأساتين حصلتا بسبب‬
‫صحبة الشرار‪:‬‬
‫الواقعببة الولببى‪ :‬ورد أن عقبششة بششن‬
‫أبي معيط كان يجلششس مششع النششبي ‪ ‬بمكششة‬
‫ول يؤذيه‪ ،‬وكان بقية قريش إذا جلسوا معه‬
‫يؤذونه عليه الصلة والسلم‪ ،‬وكان لبن أبي‬
‫معيط خليل كافر غائب فششي الشششام فظنششت‬
‫قريش أن ابن أبششي معيششط قششد أسششلم فلمششا‬
‫قدم خليلششه مششن الشششام وبلغششه ذلششك غضششب‬
‫عليششه غضششبا ً شششديدا ً وأبششى أن يكلمششه حششتي‬
‫‪33‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫يؤذي النششبي ‪ ‬فنفششذ مششا طلشب منششه خليلشه‬


‫الكششافر وآذي النششبي ‪ ،‬فكششانت عششاقبته أن‬
‫قتل يوم بدر كششافرًا‪ .‬وأنششزل اللششه فيششه قششوله‬
‫عل َببى‬ ‫م َ‬ ‫ض الظّببال ِ ُ‬ ‫عب ّ‬ ‫م يَ َ‬
‫و َ‬
‫وي َب ْ‬‫تعششالى‪َ  :‬‬
‫ع‬
‫مبب َ‬ ‫ت َ‬ ‫خببذْ ُ‬ ‫ل َيببا ل َي ْت َِنببي ات ّ َ‬ ‫قببو ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫َيببدَي ْ ِ‬
‫م‬ ‫وي ْل َت َببا ل َي ْت َن ِببي ل َب ْ‬‫سِبيل ً * َيا َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫ن‬ ‫عبب ِ‬ ‫ضببل ِّني َ‬ ‫قببدْ أ َ َ‬ ‫خِليل ً * ل َ َ‬ ‫فلًنا َ‬ ‫خ ذْ ُ‬ ‫أ َت ّ ِ‬
‫ن‬‫طا ُ‬ ‫ش بي ْ َ‬‫ن ال ّ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫جاءَِني َ‬ ‫عدَ إ ِذْ َ‬ ‫ر بَ ْ‬ ‫الذّ ك ْ ِ‬
‫ذول ً ‪] ‬الفرقششان‪.[29-27 :‬‬ ‫خبب ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ل ِل ِن ْ َ‬
‫وهششي عامششة فششي كششل مششن صششاحب الظلمششة‬
‫فأضلوه عن سشبيل اللشه‪ ،‬فشإنه سشيندم يشوم‬
‫يوم القيامة على مصاحبتهم وعلى العراض‬
‫عشششن طريشششق الهشششدى الشششذى جشششاء بشششه‬
‫الرسول ‪.‬‬
‫الواقعبببة الثانيبببة‪ :‬روى البخششششاري‬
‫ومسلم عششن سششعيد بششن المسششيب عششن أبيششه‬
‫قال‪ :‬لمششا حضششرت أبششا طششالب الوفششاة جششاءه‬
‫رسول الله ‪ ‬وعنده عبدالله بن أبششي أميششة‬
‫وأبو جهل‪ ،‬فقال له‪» :‬يا عببم قببل ل إلببه‬
‫إل الله كلمة أحاج لك بها عنببد اللببه«‬
‫فقششال لششه‪ :‬أترغششب عششن ملششة عبششدالمطلب‪،‬‬
‫‪34‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫فأعاد عليه النبي ‪ ‬فاعادا‪ ،‬فكششان آخششر مششا‬


‫قال‪ :‬هششو علششى ملششة عبششدالمطلب وأبششى أن‬
‫يقشششول ل إلشششه إل اللشششه‪ ،‬فقشششال النشششبي ‪:‬‬
‫»لسببتغفرن لببك مببا لببم أنببه عنببك«‪،‬‬
‫ي‬‫ن ِللن ّب ِب ّ‬ ‫ما ك َببا َ‬ ‫فأنزل الله عششز وجششل‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫فُروا‬ ‫غ ِ‬ ‫سبببببت َ ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫مُنبببببوا أ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫واّلببببب ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫قْرب َببى ‪‬‬ ‫كاُنوا أوِلي ُ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫]التوبة‪ .[113 :‬وأنزل الله في أبششي طششالب‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫كبب ّ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫حب َْببب َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫مبب ْ‬ ‫دي َ‬ ‫هبب ِ‬ ‫ك ل تَ ْ‬ ‫‪‬إ ِّنبب َ‬
‫م‬ ‫عَلبب ُ‬ ‫و أَ ْ‬ ‫هبب َ‬ ‫و ُ‬ ‫شبباءُ َ‬ ‫ن يَ َ‬‫مبب ْ‬ ‫دي َ‬ ‫هبب ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫اللبب َ‬
‫ن ‪] ‬القصششص‪[56 :‬ففششي هششذه‬ ‫دي َ‬ ‫هت َب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫الواقعشششة التحشششذير الششششديد مشششن مصشششاحبة‬
‫الشرار وجلساء السششوء وفشي يششوم القيامشة‬
‫يقول القرين لقرينه من هذا الصشششنف‪َ :‬يا‬
‫ن‬ ‫قي ْ ِ‬‫ر َ‬ ‫شب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع بد َ ا ل ْ َ‬ ‫ك بُ ْ‬ ‫وب َي ْن َ ب َ‬‫ت ب َي ْن ِببي َ‬ ‫ل َي ْ ب َ‬
‫ن ‪] ‬الزخششششرف‪ [38 :‬أل‬ ‫ريببب ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫فب ِئ ْ َ‬ ‫َ‬
‫فانتبهوا يا عباد الله لنفسكم وجالسوا أهششل‬
‫الشششبر والتقشششوى وخشششالطوا أهشششل الصشششلح‬
‫والستقامة‪ .‬وابتعشدوا وابعشدوا أولدكشم عشن‬
‫مخالطة الشرار ومصاحبة الفجار‪ ،‬خصوصا ً‬
‫في هششذا الزمششن الششذي قششل فيششه الصششالحون‬
‫‪35‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫وتلطمششت فيششه أمششواج الفتششن‪ ،‬فششإن الخطششر‬


‫عظيم‪ .‬والمتمسك بدينه غريب بين النششاس‪،‬‬
‫وقد وقع ما أخبر به النششبي ‪ ‬بقششوله‪» :‬بدأ‬
‫السلم غريبا ً وسيعود غريبا ً كما بببدأ‬
‫فطوبى للغرباء« قيششل‪ :‬ومششن الغربششاء يششا‬
‫رسششول اللششه؟ قششال‪» :‬الششذين يصششلحون إذا‬
‫فسششد النششاس« أخرجششه مسششلم‪ ،‬وأبششوبكر‬
‫الجري وفي رواية‪» :‬يصلحون ما أفسببد‬
‫الناس« وفششي روايششة »هببم النببزاع مببن‬
‫القبائل«‪ .‬فتنبهوا لذلك وفقكم الله‪.‬‬
‫أعشوذ بشالله مشن الششيطان الرجيشم‪ :‬‬
‫ْ‬ ‫ع َ َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َتببأت ِي َ ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫سببا َ‬ ‫ن ِإل ال ّ‬ ‫ل ي َن ْظُُرو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫خلءُ‬ ‫ن * ال َ ِ‬ ‫عُرو َ‬ ‫شببب ُ‬ ‫م ل يَ ْ‬ ‫هببب ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫غَتببب ً‬ ‫بَ ْ‬
‫و ِإل‬ ‫عبببدُ ّ‬ ‫ض َ‬ ‫عببب ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضببب ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ذ بَ ْ‬ ‫مئ ِ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫َيببب ْ‬
‫م‬ ‫عل َي ْك ُب ُ‬ ‫ف َ‬ ‫و ٌ‬ ‫خب ْ‬ ‫عب َبباِد ل َ‬ ‫ن * ي َببا ِ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّببب ِ‬ ‫حَزُنببو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ول أن ُْتبب ْ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ال َْيبب ْ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫سبببل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وك َببباُنوا ُ‬ ‫من ُبببوا ِبآَيات ِن َبببا َ‬ ‫آ َ‬
‫ة أ َن ُْتبببم َ‬
‫م‬ ‫كببب ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫وأْز َ‬ ‫ْ َ‬ ‫جّنببب َ‬ ‫خُلبببوا ال ْ َ‬ ‫ا دْ ُ‬
‫ف‬ ‫حا ٍ‬ ‫صبب َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫هبب ْ‬ ‫ف َ َ‬ ‫ن * يُ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫طببا ُ‬ ‫حَبببُرو َ‬ ‫تُ ْ‬
‫هب َ‬
‫ه‬‫هي ِ‬ ‫شببت َ ِ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫و ِ‬ ‫ب َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫وأك ْ َ‬ ‫ن ذَ َ ٍ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ع ي بن َ‬ ‫َ‬ ‫ال َن ْ ُ‬
‫هببا‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫وأن ْت ُ ب ْ‬ ‫وت َل َ بذّ ال ْ ُ ُ َ‬ ‫س َ‬ ‫فب ُ‬
‫‪36‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫ة ال ِّتببببي‬ ‫ك ال ْ َ‬
‫جّنبببب ُ‬ ‫وت ِْلبببب َ‬ ‫ن* َ‬ ‫دو َ‬ ‫خاِلبببب ُ‬ ‫َ‬
‫ن * لَ ُ‬ ‫ُ‬
‫م‬
‫كبب ْ‬ ‫مُلببو َ‬ ‫ع َ‬‫م تَ ْ‬‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ها ب ِ َ‬‫مو َ‬ ‫رث ْت ُ ُ‬‫أو ِ‬
‫ْ‬
‫ن‪‬‬ ‫هببا ت َبأك ُُلو َ‬ ‫من ْ َ‬‫ة ك َِثيببرةٌ ِ‬ ‫هب ٌ‬‫فاك ِ َ‬‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫]الزخرف‪.[73-66 :‬‬
‫***‬
‫‪37‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫مشروعية الحب في الله وهو الولء‬


‫مشروعية الحب في الله‪:‬‬
‫الرباط الذي يقوم بين المسلمين ليششس‬
‫رباط دم أو عصبية قومية‪ ،‬وإنمششا هششو ربششاط‬
‫اليمان بالله فالمؤمنين إخوة والمسلم أخو‬
‫المسششلم كمششا يقششول الرسششول ‪ ،‬والحششب‬
‫والكره يكونان في الله قبل كل شيء‪ ،‬وكل‬
‫صششلة تكششون بسششبب القرابششة أو الجششوار أو‬
‫المعاملت فإنها تكون مقبولة عنششد اللششه مششا‬
‫دامت ل تتعارض مع مبششدأ الحششب فششي اللششه‪،‬‬
‫أمششا إذا تعارضششت مششع هششذا المبششدأ العظيششم‬
‫فيجب التخلي عنها امتثال ً لقوله تعششالى‪ :‬‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫ضببب ُ‬
‫ع ُ‬‫ت بَ ْ‬
‫مَنبببا ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫مُنبببو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ض ‪] ‬التوبة‪ .[71 :‬والحب فششي‬ ‫َ‬
‫ع ٍ‬‫ول َِياءُ ب َ ْ‬
‫أ ْ‬
‫الله يكون بين الصالحين مششن عبششاده لقششوله‬
‫‪ ‬في رواية عن أنس ‪» :‬ثلث من كن‬
‫فيببه وجببد حلوة اليمببان« وفيششه‪» :‬أن‬
‫يحب المرء ل يحبه إل لله تعالى« إلخ‪.‬‬
‫رواه البخاري ومسلم‪ ،‬وعن أبي أمامششة ‪،‬‬
‫عششن النششبي ‪ ‬قششال‪» :‬مببن أحببب للببه‬
‫وأبغببض للببه وأعطببى للببه ومنببع للببه‬
‫‪38‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫فقد اسببتكمل اليمببان« رواه أبششو داود‬


‫والترمذي‪ ،‬وعن أبششي ذر ‪ ،‬عششن النششبي ‪‬‬
‫قال‪» :‬أفضل العمال الحب فبي اللبه‬
‫والبغض في اللببه« رواه أبششو داود‪ ،‬وفششي‬
‫الحديث المتفششق عليششه عششن أبششي هريششرة ‪‬‬
‫عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬سبعة يظلهببم اللببه‬
‫في ظله يوم ل ظل إل ظله« ومنهششم‪:‬‬
‫»رجلن تحابا في اللببه اجتمعببا عليببه‬
‫وتفرقا عليه«‪.‬‬
‫كيفية المواله‪:‬‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫يقول اللششه عششز وجششل‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ض‪‬‬ ‫عبب ٍ‬ ‫ول َِيبباءُ ب َ ْ‬
‫مأ ْ‬‫ه ْ‬
‫ضبب ُ‬
‫ع ُ‬‫ت بَ ْ‬
‫مَنا ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫]التوبة‪ .[71 :‬والولء محبة الله ونصرة دينه‬
‫ومحبة أوليائه ونصرتهم‪ ،‬يقول شيخ السلم‬
‫ابن تيمية رحمه الله‪) :‬إن تحقيق شهادة أن‬
‫ل إله إل الله يقتضي أن ل يحششب إل للششه ول‬
‫يبغض إل لله ول يوالي إل للششه ول يعششادي إل‬
‫للششه‪ ،‬وأن يحششب مششا أحبششه اللششه ويبغششض مششا‬
‫أبغضششه اللششه( )‪ (1‬ومعلششوم أن مواصششلة أهششل‬

‫)( الحتجششششششاج بالقششششششدر ص ‪ 62‬ط‪ .‬سششششششنة‬ ‫‪1‬‬

‫‪1393‬هش ‪،‬المكتب السلمي‪.‬‬


‫‪39‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫اليمان تكششون بالموالششةه والنصششرة والنششس‬


‫والمعاونة والجهاد والهجرة )‪.(1‬‬
‫وهكششذا حشرص الرسشول ‪ ‬علشى تربيششة‬
‫أمته بإبعادهششا عششن الفخششر بالنسششاب وجعششل‬
‫النتماء إلى دين الله هو النتماء الذي يجششب‬
‫أن يسود‪ ،‬يقششول شششيخ السششلم ابششن تيميششة‪:‬‬
‫فاتباع سنة رسول الله واتباع شريعته باطنا ً‬
‫وظاهرا ً هو موجب محبة الله كما أن الجهاد‬
‫فششي سششبيل اللششه ومششوالة أوليششائه ومعششاداة‬
‫أعدائه هو حقيقتها )‪.(2‬‬
‫وحيششن فقششد المسششلمون الموالششةه فيمششا‬
‫بينهششم وابتعششدوا عششن مواصششلة أهششل اليمششان‬
‫ومعاداة أهششل الكفششر ظهششرت فيهششم العقششائد‬
‫المنحرفة وسادت اليششدلوجيات المصششطنعة‬
‫وحكموا شريعة الطواغيت‪ ،‬كما هششو حاصششل‬
‫اليوم في معظم البلد السلمية‪.‬‬
‫والموالة تتم للمستقيم علششى أمششر اللششه‬
‫وهو من تجب نصرته ومودته‪ ،‬أما من خلششط‬

‫)( المسائل المفيدة‪ ،‬للشيخ عبد اللطيشف بشن‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪.‬‬


‫)( التحفة العراقية ص ‪.76‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪40‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫عمل ً صالحا ً وآخر سششيئا ً فيششوالي بحسششب مششا‬


‫عنده مششن اليمششان ويعششادي بحسششب مششا هششو‬
‫عليه مششن البششدع والكبششائر والمعاصششي‪ ،‬قششاله‬
‫أكثر أهل العلم‪.‬‬
‫ويشششدخل فشششي المحبشششة أيضشششا ً النصشششرة‬
‫للمسلم من أي جنس أو لون كان وفششي أي‬
‫أرض حل‪ ،‬ينصره بنفسه ومششاله ويششذب عششن‬
‫عرضه بحسب قششدرته‪ ،‬ومنهششا الهجششرة لنهششا‬
‫مرتبطة بالولء والششبراء‪ ،‬ومششن ذلششك الجهششاد‬
‫فششي سششبيل اللششه لنششه الفاصششل بيششن الحششق‬
‫والباطل ومن المعلوم أن النفقششة والصششدقة‬
‫على القارب الكفار مع أنششه عمششل مشششروع‬
‫فإنه ليس بموالة فيجب النتباه إلى ذلك‪.‬‬
‫السلم والمصافحة‪:‬‬
‫ومفتاح الحب فششي اللششه يكششون بالسششلم‬
‫والمصافحة‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪ ‬قششال‪ :‬قششال‬
‫رسول الله ‪» :‬والذي نفسببي بيببده ل‬
‫تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ول تؤمنببوا‬
‫حتى تحابوا‪ ،‬أول أدلكببم علببى شببيء‬
‫إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السببلم‬
‫بينكم« رواه مسششلم‪ .‬ولحششديث قتششادة فششي‬
‫‪41‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫صحيح البخاري‪ ،‬قال‪ :‬قلت لنس ‪ ‬أكششانت‬


‫المصافحة في أصحاب النششبي ‪ ‬قششال نعششم‬
‫ويدخل في ذلك‪ :‬إخبار الرجل أخاه المششؤمن‬
‫أنششه يحبششه لحششديث المقششدام بششن معششد كششرب‬
‫رضي الله عنششه النششبي ‪ ‬قششال‪» :‬إذا أحب‬
‫الرجل أخاه فليخبره أنببه يحبببه« رواه‬
‫أبو داود والترمذي وأحمد والحاكم‪.‬‬
‫المجالسة والصحبة‪:‬‬
‫ومن الحب في الله مجالسة الصششالحين‬
‫ك‬‫سبب َ‬‫ف َ‬ ‫صب ِْر ن َ ْ‬‫وا ْ‬ ‫وصحبتهم‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ة‬
‫دا ِ‬ ‫م ِبال ْ َ‬
‫غبب َ‬ ‫هبب ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َيببدْ ُ‬ ‫ذي َ‬‫ع اّلبب ِ‬‫مبب َ‬ ‫َ‬
‫ه ‪] ‬الكهششف‪:‬‬ ‫هب ُ‬‫ج َ‬ ‫و ْ‬
‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ب ُ‬‫ي يُ ِ‬
‫شب ّ‬ ‫ع ِ‬‫وال ْ َ‬
‫َ‬
‫‪ .[28‬وعششن أبششي موسششى الشششعري ‪ ‬أن‬
‫النششبي ‪ ‬قششال‪» :‬إنمببا مثببل الجليببس‬
‫الصبببالح وجليبببس السبببوء كحامبببل‬
‫المسك‪ ،‬ونافخ الكير فحامل المسببك‬
‫إمببا أن يحببذيك‪ ،‬وإمببا أن تبتبباع منببه‬
‫وإما أن تجد منه ريح با ً طيبببة‪ ،‬ونافببخ‬
‫الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد‬
‫منه ريحا ً منتنة« متفق عليه‪.‬‬
‫وعن أبي سعيد الخدري ‪ ،‬عششن النششبي‬
‫‪42‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫‪ ‬قشششال‪» :‬ل تصببباحب إل مؤمنبببا ً ول‬


‫يأكل طعامببك إل تقببي« رواه أبششو داود‬
‫والترمششذي بسششند صششحيح‪ .‬وقششال الترمششذي‪:‬‬
‫حديث حسن‪.‬‬
‫وعششن أبششي هريششرة ‪ ‬عششن النششبي ‪‬‬
‫قشششال‪» : :‬الرجببل علببى ديببن خليلببه‬
‫فلينظر أحببدكم مببن يخالببل« رواه أبششو‬
‫دواد والترمذي بسند حسن‪.‬‬
‫التزاور في الله‪:‬‬
‫ومن الحب في الله‪ :‬الششتزاور فعششن أبششي‬
‫هريششرة ‪ ‬عششن النششبي ‪» : ‬أن رجل ً زار‬
‫أخا ً له في قريببة أخببرى فأرصببد اللببه‬
‫تعالى له على مدرجته ملكا ً فلما أتى‬
‫عليه قال‪ :‬أين تريبد؟ قبال أريببد أخبا ً‬
‫لي فببي هببذه القريببة‪ .‬قببال هببل لبك‬
‫عليه من نعمة تربهببا عليببه؟ قببال‪ :‬ل‬
‫غير أني أحببته في اللببه‪ ،‬قببال‪ :‬إنببي‬
‫رسول الله إليك بببأن اللببه قببد أحبببك‬
‫كما أحببته فيببه« رواه مسششلم‪ .‬وعنششه ‪‬‬
‫قششال‪ :‬قششال رسششول اللششه ‪» :‬مببن عبباد‬
‫مريضا ً أو زار أخا ً لببه فببي اللببه نبباداه‬
‫‪43‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫منبباد بببأن طبببت وطبباب ممشبباك‬


‫وتببببوأت مبببن الجنبببه منبببزل ً« رواه‬
‫الترمذي‪.‬‬
‫‪44‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫صبببفة المتحبببابين فبببي اللبببه يبببوم‬


‫القيامة‪:‬‬
‫وفششي صششفة هششؤلء المتحششابين فششي اللششه‬
‫وبيان مكانتهم ومودتهم‪ ،‬قال تعششالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫ت‬ ‫حا ِ‬ ‫مل ُبببوا ال ّ‬
‫صبببال ِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬‫من ُبببوا َ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّببب ِ‬
‫دا ‪] ‬مريششم‪:‬‬ ‫و ّ‬‫ن ُ‬ ‫مب ُ‬
‫ح َ‬ ‫م الّر ْ‬ ‫هب ُ‬‫ل لَ ُ‬‫ع ُ‬‫ج َ‬‫سي َ ْ‬ ‫َ‬
‫‪ .[96‬وعن عمر ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬إن‬
‫من عباد الله لناسا ً ما هم بأنبياء ول‬
‫شببهداء يغبطهببم النبيبباء والشببهداء‬
‫يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى«‬
‫قالوا يا رسول الله تخبرنششا مششن هششم؟ قششال‪:‬‬
‫»هم قوم تحابوا بروح الله على غيببر‬
‫أرحببام بينهببم ول أمببوال يتعاطونهببا‬
‫فوالله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى‬
‫نببور ل يخببافون إذا خبباف النبباس ول‬
‫َ‬
‫ن‬‫يحزنبببون إذا حبببزن النببباس ‪‬أل إ ِ ّ‬
‫م‬ ‫ف َ َ‬ ‫َ‬
‫هبب ْ‬
‫ول ُ‬ ‫م َ‬ ‫هبب ْ‬‫علي ْ ِ‬ ‫و ٌ‬ ‫خبب ْ‬
‫هل َ‬ ‫ول َِياءَ الل ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ن ‪ «‬رواه أبو داود‪.‬‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫وعن أبي هريششرة ‪ ‬قششال‪ :‬قششال رسششول‬
‫اللششه ‪» :‬إن اللببه تعببالى يقببول يببوم‬
‫القيامببة‪ :‬أيببن المتحببابون بجللببي‪،‬‬
‫‪45‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫اليوم أظلهم في ظلببي يببوم ل ظببل‬


‫إل ظلي« رواه مسلم‪ .‬وعن معاذ بن جبل‬
‫‪ ‬قال‪ :‬سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪ :‬قششال‬
‫اللششه تعششالى‪» :‬المتحببابون فببي جللببي‬
‫لهم منابر من نببور يغبطهببم النبببيون‬
‫والشهداء« رواه الترمششذي‪ ،‬وقشال‪ :‬حشديث‬
‫حسششن صششحيح‪ .‬وعششن معششاذ بششن جبششل قششال‪:‬‬
‫سمعت رسول الله ‪ ‬يقششول‪» :‬قال اللببه‬
‫تببببارك وتعبببالى‪ :‬وجببببت محببببتى‬
‫للمتحببابين فببي والمببتزاورين فببي‬
‫والمتجالسين في والمتببباذلين فببي«‬
‫حشششديث صشششحيح رواه مالشششك فشششي الموطشششأ‬
‫بإسناده الصحيح‪.‬‬
‫وعكس ذلك ما جاء في صفة أهل النششار‬
‫الذين يقطعون ما أمششر اللششه بششه أن يوصششل‪،‬‬
‫قششال المفسششرون هششي قطششع صششلة الرحششم‬
‫وقطع المواصلة بين أهل اليمان‪ .‬ومن ذلك‬
‫كله يتبين لنا أن مواصلة أهل اليمششان فيمششا‬
‫بينهم تكششون بالسششلم والمصششافحة والخبششار‬
‫بالمحبة‪ ،‬وكذلك تكون بالمجالسة والصششحبة‬
‫والتزاور فيما بينهم مهما بعششدت المسششافات‬
‫‪46‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫بينهم‪ .‬جعلنا الله منهم وحشرنا في زمرتهم‬


‫بفضله ومّنه ورحمته آمين‪ .‬والله أعلم )‪.(1‬‬

‫)( أصول المنهج السلمي ص ‪.453-449‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪47‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫المعاشرة‬
‫فدعه ول ُتكثر‬ ‫إذا المرء ل يرعاك‬
‫سفاصبر‬
‫وفي التأ ُ‬
‫القلب‬ ‫عليه‬ ‫تكّلفا ً‬
‫الناس أبدال‬ ‫ففي‬‫إل‬
‫ولو جفا‬
‫صافيته‬ ‫للحبيب من‬
‫ول ك ّ‬
‫ل‬ ‫من راحة‬
‫تهواه‬ ‫الترك‬
‫وفيكل‬
‫فما‬
‫د‬
‫و ّ‬ ‫خيرصفا‬
‫في ُ‬ ‫فل قد‬
‫لك‬ ‫صفو‬ ‫قلبه َ‬
‫يهواك يكن‬
‫إذا لم‬
‫تكلفابعد‬ ‫َيجيء‬
‫ويلقاه من‬ ‫طبيعة ِ‬
‫خ ّ‬
‫ل‬ ‫الوداد‬
‫خيَر في‬ ‫ول‬
‫كان‬ ‫يظهر سرا ً‬
‫بالجفا‬ ‫المودة‬
‫و ُ‬ ‫خليلهقد‬
‫عيشا‬‫يخون َ‬
‫َونكُر‬
‫خفا‬ ‫بالمس قد‬
‫صدوق‬ ‫صديق‬ ‫عهده‬
‫على‬ ‫تقادم الله‬
‫سلم‬
‫بها* *صادق الوعد‬
‫الدنيا إذا لم يكن *‬
‫من كان ذا أدب‬ ‫صاف الكرام فخيُر‬
‫وكان ظري ً‬
‫فا وُينكُر‬
‫القبيح‬ ‫يبدي‬ ‫صافيته‬
‫مؤاخاة اللئيم‬ ‫من‬
‫وأحذر ُ‬
‫المعروفامنه ل‬
‫ق‬
‫فالخل ُ‬ ‫هالكريم وإن‬
‫فإن ُ‬
‫إن‬
‫شري ً‬
‫فا‬
‫منها فضة‬ ‫يزال‬
‫فأصبت‬ ‫حاله دراهم‬
‫تضعضع مثل‬
‫والناس‬
‫* * *وزيو ً‬
‫فا‬ ‫قلبتها‬
‫وإن لم يكونا من‬ ‫ولن يصحب النسان‬
‫الرشدبلد‬
‫إل أن‬ ‫قبيل ول‬
‫وما‬ ‫نظيره إل أن‬
‫ي‬ ‫إل‬
‫وما الغ ّ‬
‫حبال رشد‬
‫تصاحب ذا‬
‫ُفكل‬ ‫غاويا ً‬
‫ل‬ ‫الفسق‬‫تصاحب‬
‫ُأخو‬
‫ن‬ ‫الفاسقين مهي‬
‫بالغيب ُ‬ ‫أخا ثقة‬ ‫توددكنت‬ ‫وصاحبمنه‬
‫إذا ما‬ ‫يغررك‬
‫ن‬
‫* * *منك أمي ُ‬ ‫ما مصاحًبا‬
‫يو ً‬
‫‪48‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫مقارنة‬
‫واحذر ُ‬ ‫اجعل قرينك من‬
‫الشائن‬
‫لكل‬ ‫اللئيم‬
‫ومهجن منه‬ ‫من فعاله‬
‫قرين شائن‬ ‫رضيت‬
‫كم‬
‫* * *محاسن‬ ‫لقرينه‬
‫من الناس قل يا‬ ‫وعينك إن أبدت إليك‬
‫ن‬
‫أعي ُ‬
‫عين للناس )‪(1‬‬
‫ن‬
‫هي ُ أحس ُ‬ ‫وعاشرا ً بمعروف‬
‫مساوي‬
‫***‬ ‫دا‬
‫ودّ ً‬
‫مت َ َ‬
‫وكن ُ‬

‫)( جواهر الدب ‪.485-2/484‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪49‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫"فصل"‬
‫)‪(1‬‬
‫في تعريف الصديق والصداقة‬
‫مذَقْ‬
‫في وده وما َ‬ ‫صديق من‬‫قالوا ال َ‬
‫في قوله أنت أنا‬ ‫ق‬
‫صدَ ْ‬
‫وقيل من ل يطعنا‬ ‫َ‬
‫معناه في هذا‬ ‫وقيل لف ٌ‬
‫ظ ل ُيرى‬
‫سب‬ ‫الورى َ‬
‫ح ْ‬ ‫ب‬‫الح ّ‬ ‫وفسروا الصداقة‬
‫مطلقا‬ ‫الطاقة‬
‫الودادُ ُ‬ ‫هي‬ ‫وقال من قد اطلقا‬
‫ص‬
‫بأنها أخ ّ‬ ‫صوا‬
‫والخرون ن ّ‬
‫والحق فيه واضح‬ ‫ح‬
‫وهو الصحيح الراج ُ‬
‫عند اولى التحقيق‬ ‫ة الصديق‬
‫علم ُ‬
‫والصدق فيها‬ ‫محبة بل َ‬
‫غَرض‬
‫ل‬ ‫ض‬
‫ما أ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫مفَتر‬
‫عندي َ‬‫ُ‬ ‫دها المعقو ُ‬
‫ل‬ ‫وح ّ‬
‫َ‬
‫محبة في الله‬ ‫فهي بل اشتباه‬
‫***‬

‫)( ديوان أحمششد بششن علششى بششن مششّرف‪-‬رحمششة‬ ‫‪1‬‬

‫اللششه‪ ،-‬طبعششة إحيششاء الششتراث السششلمي بدولششة‬


‫قطر‪ ،‬ص ‪.210‬‬
‫‪50‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫"فصل"‬
‫فيمن ينبغي أن يصادق ويصافي‬
‫)‪(1‬‬
‫ويصاحب ويوافي‬
‫و ُ‬
‫ذو حسب ذو‬ ‫ح وأدب‬‫أخو صل ٍ‬
‫نسب‬
‫ينهاك عما ُيتقى‬ ‫ب صلح وُتقى‬ ‫ر ّ‬
‫ة ومكر‬
‫وبدع ٍ‬ ‫ر‬
‫ة وغد ٍ‬
‫من حيل ٍ‬
‫يطرب للتلقي‬ ‫مهذب الخلق‬
‫ُ‬
‫صون ما في‬ ‫يَ ُ‬ ‫يحفظ ما في عينيك‬
‫غيبتك ما شانكا‬
‫يشينه‬ ‫يزينه ما زانكا‬
‫ويذكر المستحسنا‬ ‫ُيظهر منك الحسنا‬
‫ويحفظ المغيبا‬ ‫ويكتم المعيبا‬
‫ول ي ُ ْ‬
‫ذيع سركا‬ ‫يسّرهُ ما سركا‬
‫قلت قول ً‬ ‫أو ُ‬ ‫إن قال قول ً َ‬
‫صدَ َ‬
‫قك‬
‫أفدت ْ‬
‫كمنه ُيسرا‬ ‫صدّ َ‬
‫ق‬ ‫عسرا ً‬
‫وإن شكوت ُ‬
‫ن‬
‫في حادث الّزما ِ‬ ‫يلقاك بالماني‬
‫ة صحيحة‬
‫بني ٍ‬ ‫ُيهدي لك النصيحة‬
‫قي السر والعلنية‬ ‫خّلته ُ‬
‫مدانية‬ ‫ِ‬
‫فذاك للقلب مرض‬ ‫غرض‬
‫صحبته ل ل َ‬
‫ُ‬

‫)( المصدر السابق ص ‪.211‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪51‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫عن الوداد الول‬ ‫ولي‬


‫غير إن ُ‬
‫ل ي َت َ َ‬
‫ل سيما في النكبة‬ ‫صحبة‬
‫هود ال ّ‬
‫ع ُ‬
‫يرعى ُ‬
‫ما ضي ً‬
‫قا‬ ‫إن نال يو ً‬ ‫صديقا‬
‫سلم ال ّ‬
‫ل يُ ْ‬
‫ول يفوه بالخنا‬ ‫ن إن أمٌر عنى‬
‫ُيعي ُ‬
‫ما عليه يقدُر‬
‫ع ّ‬
‫َ‬ ‫ُيولي ول يعتذر‬
‫المستحق للمقه‬ ‫هذا هو ال ُ‬
‫خ الثقة‬
‫فكد به عداك‬ ‫إن ظفرت يداك‬
‫ح‬
‫والكهف والمنا ُ‬ ‫ح‬
‫ه السل ُ‬
‫فإن ُ‬
‫السادةُ الّثقا ُ‬
‫ة‬ ‫وقد روى الرواة‬
‫سيف الله‬ ‫عن المام المرتضى‬
‫منتضى‬
‫صنفان‬ ‫ال ُ‬
‫أنهم‬ ‫في الصحب‬
‫متفقة‬‫س ُ‬
‫وأنف ٍ‬ ‫والخوان‬
‫صدق وثقة‬ ‫إخوان‬
‫والكهف والمستند‬ ‫د‬
‫ح والي ُ‬
‫هم الجنا ُ‬
‫ب‬
‫أذنهم التجار ُ‬ ‫ب‬
‫والهل والقار ُ‬
‫في القرب‬ ‫فأفدهم بالروح‬
‫والنزوح‬
‫لهم ما‬ ‫وابذل‬ ‫واسلك بحيث سلكوا‬
‫تملكُ‬
‫دونهم لمالكا‬ ‫من‬ ‫فل يروك مال ً‬
‫كا‬
‫وناف من نافهم‬ ‫وصاف من صافهم‬
‫وانف الظنون‬ ‫صنهم‬
‫واحفظهم و ُ‬
‫عنهم‬
‫‪52‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫إن عن خطب أو‬ ‫فهم أعّز في الورى‬


‫عرى‬
‫من حلل‬ ‫بل‬ ‫من احمر الياقوت‬
‫القوتحظ النفس‬
‫ونيل‬ ‫وإخوة للنس‬
‫للصدق في‬ ‫عصبة المجامله‬
‫هم ُ‬
‫ُ‬
‫المعامله‬
‫الهموم بذتك‬ ‫إذا‬ ‫منهم ُتصيب لذتك‬
‫وابذل لهم ما‬ ‫فصلهم ما وصلوا‬
‫بذلوا‬
‫بالبشر والطلقة‬ ‫من ظاهر الصداقة‬
‫ما أضمروا‬
‫للود ع ّ‬ ‫ول تسل إن ظهروا‬
‫ي السجل للكتب‬
‫ط ّ‬ ‫ب‬ ‫ح َ‬
‫ق ِ‬ ‫مدّ ال ِ‬
‫وأطوهم َ‬
‫بل عدة الصناف‬ ‫وقال بشر الحافي‬
‫للدين فهو‬ ‫ة فالو ُ‬
‫ل‬ ‫ثلث ٌ‬
‫يهديك ُ‬
‫لنجد العليا‬ ‫الفض‬ ‫دنيا‬
‫وآخر لل ّ‬
‫لكونه من جنس‬ ‫وثالث للنس‬
‫وعن سواهم‬ ‫ب‬ ‫فأعط ُ‬
‫كل ما ُيح ْ‬
‫* * *فاجتنب‬
‫‪53‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫"فصل"‬
‫في التحذير من صحبة الشرار‬
‫أعظم في‬ ‫وصحبة الشرار‬
‫الضرار‬
‫عضال الداء‬‫ومن ُ‬ ‫من خدعة العداء‬
‫ودأبهم قول الخنا‬ ‫ُيقبحون الحسنا‬
‫والشيم الذميمة‬ ‫شأنهم النميمة‬
‫خيرا ً بشخص‬ ‫ع‬
‫إذا أردت تصن ُ‬
‫منعوا‬
‫والشر حبل من‬ ‫الغل فيهم والحسد‬
‫مسد‬
‫تنمروا وكلبوا‬ ‫عوا ما طلبوا‬
‫من ُ‬
‫إن ُ‬
‫ومزقوا العراضا‬ ‫ضوا إعراضا‬
‫وأعر ُ‬
‫ح‬
‫مبا ُ‬
‫هم ُ‬
‫م ُ‬
‫حَرا ُ‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ليس لهم صل ُ‬
‫عون ُنصحا‬
‫ول ي ُ‬ ‫قون ُ‬
‫قبحا‬ ‫ل ي َت ّ ُ‬
‫والضر والتبريح‬ ‫يغدون بالقبيح‬
‫وأنسهم إيحاش‬ ‫هم فحاش‬
‫م ُ‬
‫كل ُ‬
‫والشر منهم داني‬ ‫الخير منهم واني‬
‫مضاع‬
‫ودينهم ُ‬ ‫مطاع‬
‫شيطانهم ُ‬
‫ول يرون خل‬ ‫ل يرقبون إل‬
‫مشاحنة‬
‫وودهم ُ‬ ‫مداهنة‬
‫إخلصهم ُ‬
‫رواجهم كساد‬ ‫صلحهم فساد‬
‫‪54‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫صحيحهم عليل‬ ‫عزيُزهم ذليل‬


‫عذرهم ملم‬
‫و ُ‬ ‫م‬
‫ضياؤهم ظل ُ‬
‫عدهم وعيد‬
‫وو ُ‬ ‫د‬
‫تقريبهم بعي ُ‬
‫أو منحوك منوا‬ ‫إذا سألت ظنوا‬
‫وإن سألت قالوا‬ ‫وإن عدلت مالوا‬
‫وشكرهم ُ‬
‫كفران‬ ‫خسران‬
‫ربحهم ُ‬
‫وسرهم مذاع‬ ‫وودهم خداع‬
‫ج‬ ‫ُ‬
‫معينهم أجا ُ‬ ‫ج‬
‫إذغانهم لجا ُ‬
‫دراع العار‬
‫من ا ّ‬ ‫وليس فيهم عاري‬
‫والقرب منهم‬ ‫الُبعدُ عنهم خيُر‬
‫ح أو عذر‬ ‫ضير‬
‫لحالك ل ٍ‬ ‫فاحذرهم ُ‬
‫كل الحذر‬
‫سمع اللبيب‬ ‫واسمع مقال‬
‫الراجح‬
‫العالمون بالمم‬ ‫الناصحأربا ُ‬
‫ب الحكم‬ ‫وقال‬
‫من النام صاحبا‬ ‫إن شئت أن ُتصاحبا‬
‫في حالة المحاوره‬ ‫فابدأه بالمشاوره‬
‫أو حاجة تفيدها‬ ‫ة تريدها‬
‫من حال ٍ‬
‫بالخير كان صالحا‬ ‫حا‬
‫فإن أشار ناص ً‬
‫ول تخف شقاقة‬ ‫وله الصداقة‬ ‫َ‬
‫فأ ْ‬
‫ع‬
‫وأصله الفر ُ‬ ‫فالخير فيه طبع‬
‫‪55‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫بالشر كان مغوًيا‬ ‫مغريا‬


‫وإن أشار ُ‬
‫وواظب اجتنابه‬ ‫فاجتنب اصطحابه‬
‫أضحت له سجيه‬ ‫والشيم الردّية‬
‫بعون ربي ونجز‬ ‫هذا وقد تم الرجز‬
‫أحكمتها إحكاما‬ ‫وحاكها أحكامها‬
‫حور‬
‫حور ال ُ‬
‫على ن ُ ُ‬ ‫كدرر البحور‬
‫على زكي الذات‬ ‫والختم بالصلة‬
‫د‬
‫على النبي أحم ِ‬ ‫وبالسلم السرمد‬
‫جملة الحباب‬
‫مع ُ‬ ‫والل والصحاب‬
‫ه‬
‫إلى يوم القيام ْ‬ ‫ما غردت حمامه‬
‫تمت‬
‫‪56‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫من آثار المؤلف‬


‫‪-1‬الهدي النبوي في الطب‪.‬‬
‫‪-2‬الفتاوى الحديثة‪.‬‬
‫‪-3‬الدرة في سنن الفطرة‪.‬‬
‫‪-4‬محاسن الصدق ومساوئ الكذب‪.‬‬
‫‪-5‬إقامة الحجة بذكر أدلة وجوب إعفششاء‬
‫اللحية‪.‬‬
‫‪-6‬تشششذكير الخشششوان بأضشششرار الشيششششة‬
‫والدخان‪.‬‬
‫‪-7‬الجليس الصالح‪.‬‬
‫‪-8‬تذكير الخلق بمعرفة الخالق سششبحانه‬
‫وتعالى‪.‬‬
‫‪-9‬إرشادات وفتاوى يحتاج إليها الصائم‪.‬‬
‫‪-10‬رسالة إلى السجناء‪.‬‬
‫‪-11‬رسالة أخوية إلى أصششحاب المحلت‬
‫التجارية‪.‬‬
‫‪-12‬توجيهات في كلمات‪.‬‬
‫‪-13‬إتحاف الورى بفوائد التقوى‪.‬‬
‫‪-14‬إتحاف الششورى بمششا جششاء فششي فصششل‬
‫الصيف والشتاء‪.‬‬
‫‪-15‬التحافات في فوائد الصلة‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫‪-16‬رسالة إلى أئمة المسششاجد وخطبششاء‬


‫الجوامع‪.‬‬
‫‪-17‬الرؤيا وما يتعلق بها‪.‬‬
‫‪-18‬توجيهات في كلمات‪.‬‬
‫‪-19‬الدعوات المستجابة‪.‬‬
‫‪-20‬الخبار بأسباب نزول المطار‪.‬‬
‫‪-21‬ماذا يجب على المسلم المصلى‪.‬‬
‫‪-22‬أمراض القلوب وشفاؤها‪.‬‬
‫‪-23‬السلم واليمان والحسان‪.‬‬
‫‪-24‬خلصة في علم الفرائض‪.‬‬
‫‪-25‬وصشششف جنشششات النعيشششم والطريشششق‬
‫الموصل إليها‪.‬‬
‫‪-26‬اليمان الصادق وآثاره‪.‬‬
‫‪-27‬الصششلة الكاملششة وآثارهششا فششي حيششاة‬
‫المسلم‪.‬‬
‫‪-28‬وصششف النششار وأسششباب دخولهششا ومششا‬
‫ينجي منها‪.‬‬
‫‪58‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫مراجع رسالة الجليس الصالح‬


‫‪-1‬أصششلح المجتمششع للشششيخ محمششد بششن‬
‫سالم البيجاني‪.‬‬
‫‪-2‬بهجششة قلششوب البششرار وقششرة عيششون‬
‫الخيشششار بششششرح جوامشششع الخبشششار‪ ،‬للششششيخ‬
‫عبدالرحمن بن ناصر السعدي‪.‬‬
‫‪-3‬أحاديث الجمعششة للشششيخ عبششدالله بششن‬
‫حسن القاعود‪،‬ج ‪.1‬‬
‫‪-4‬روح الدين السلمي‪ ،‬لعفيف طبارة‪.‬‬
‫‪-5‬فتح الخلق بمحاسششن الخلق‪ ،‬تششأليف‬
‫أحمد سعيد الدجوي‪.‬‬
‫‪-6‬أصشششول المنهشششج السشششلمي‪ ،‬للششششيخ‬
‫عبدالرحمن بن عبدالكريم العبّيد‪.‬‬
‫‪-7‬الخطششب المنبريششة فششي المناسششبات‬
‫العصرية‪،‬للدكتور صالح الفوزان‪.‬‬
‫‪-8‬مقومات الثبات على الهداية‪ ،‬للشششيخ‬
‫محمد الصالح الدحيم‪.‬‬
‫‪-9‬بهجششة النششاظرين فيمششا يصششلح الششدنيا‬
‫والدين‪ ،‬للمؤلف‪.‬‬
‫‪-10‬جشششششواهر الدب‪ ،‬تشششششأليف أحمشششششد‬
‫الهاشمي‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫‪-11‬ديششوان الشششيخ أحمششد بششن علششي بششن‬


‫مششششّرف‪ ،‬طبعشششة إحيشششاء علشششوم الشششتراث‬
‫السلمي بدولة قطر‪.‬‬
‫‪60‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫الفهرس‬
‫جمعها الفقير إلى ال تعالى‪2.....................................................................‬‬
‫غفر ال له ولوالديه ولجميع المسلمين ‪2.......................................................‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‪3.........................................................................‬‬
‫مقدمة‪3..............................................................................................‬‬
‫الجليس الصالح وكيف نختاره‪6.................................................................‬‬
‫فإن تبعت سنة النبي‬
‫‪12...................................................................................................‬‬
‫فاجتنبن قرناء السوء‬
‫‪12...................................................................................................‬‬
‫معاشرة الخيار‪14................................................................................‬‬
‫* * *‪17...........................................................................................‬‬
‫الرفقة الصالحة‪18.................................................................................‬‬
‫* * *‪20...........................................................................................‬‬
‫اختيار الصدقاء)(‪21.............................................................................‬‬
‫في التحذير من مخالطة الشرار )(‪28........................................................‬‬
‫* * *‪36...........................................................................................‬‬
‫مشروعية الحب في ال وهو الولء‪37.........................................................‬‬
‫مشروعية الحب في ال‪37..................................................................:‬‬
‫كيفية المواله‪38............................................................................. :‬‬
‫السلم والمصافحة‪40....................................................................... :‬‬
‫المجالسة والصحبة‪41...................................................................... :‬‬
‫التزاور في ال‪42........................................................................... :‬‬
‫صفة المتحابين في ال يوم القيامة‪44..................................................... :‬‬
‫المعاشرة‪47........................................................................................‬‬
‫* * *‪47...........................................................................................‬‬
‫* * *‪47...........................................................................................‬‬
‫* * *‪47...........................................................................................‬‬
‫* * *‪48...........................................................................................‬‬
‫* * *‪48...........................................................................................‬‬
‫"فصل" ‪49.........................................................................................‬‬
‫في تعريف الصديق والصداقة )(‪49...........................................................‬‬
‫* * *‪49...........................................................................................‬‬
‫"فصل" ‪50.........................................................................................‬‬
‫فيمن ينبغي أن يصادق ويصافي ويصاحب ويوافي )(‪50..................................‬‬
‫* * *‪52...........................................................................................‬‬
‫"فصل" ‪53.........................................................................................‬‬
‫في التحذير من صحبة الشرار ‪53............................................................‬‬
‫‪61‬‬ ‫الجليس الصالح‬

‫تمت‪55..............................................................................................‬‬
‫من آثار المؤلف ‪56...............................................................................‬‬
‫مراجع رسالة الجليس الصالح‪58...............................................................‬‬
‫الفهرس‪60..........................................................................................‬‬

You might also like