You are on page 1of 43

‫جمعها الفقير إلى اهلل تعالى‬

‫غفر اهلل له ولوالديه ولجميع المسلمين‬


‫‪5‬‬

‫مقدمة‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬
‫احلمد هلل الذي جعل الصالة عماد الدين وصلة قوية بني اهلل‬
‫وعباده املؤمنني وأشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له إله‬
‫األولني واآلخرين وقيوم السموات واألرضين‪.‬‬
‫حممدا عبده ورسوله الذي أمرنا بالصالة وبني لنا‬
‫وأشهد أن ً‬
‫أحكامها وفضائلها وفوائدها‪.‬‬
‫وحذرنا من تركها والتهاون هبا وتأخريها عن وقتها والتخلف‬
‫عن مجاعتها وتوعد على ذلك بالوعيد الشديد‪ ،‬كما رتب على‬
‫احملافظة عليها سعادة الدنيا واآلخرة فلله احلمد والشكر والثناء على‬
‫ذلك ونسأله تعاىل أن يدمي علينا وعلى إخواننا املسلمني نعمة‬
‫اإلسالم والصحة يف األبدان واألمن واالستقرار يف األوطان إنه ويل‬
‫ذلك والقادر عليه وهو حسبنا ونعم الوكيل أما بعد فألمهية الصالة‬
‫يف اإلسالم وكوهنا عماد الدين والصلة برب العاملني وملا رتب على‬
‫احملافظة عليها من أجر وثواب وعلى التهاون هبا من عقاب‪ ،‬فقد‬
‫أفردت من كتايب (كلمات مضيئة) ما يتعلق بالصالة من مسائل‬
‫وفوائد وأحكام وفضل أداء الصلوات اخلمس ووجوهبا مع اجلماعة‬
‫وبيان عقوبة املتخلف عنها وحكم تاركها‪ .‬وأضفت إليها ما تيسر‬
‫من غريها من بيان عظم شأن الصالة وما متتاز به عن سائر‬
‫العبادات وبيان الصالة الكاملة وآثارها يف حياة املسلم وهي‬
‫مستفادة من كالم اهلل تعاىل وكالم رسوله ‪ ‬وكالم احملققني من‬
‫أهل العلم أسأل اهلل تعاىل أن ينفع هبا من كتبها أو طبعها أو قرأها‬
‫‪6‬‬

‫أو مسعها فعمل هبا كما أسأله تعاىل أن يعيننا على ذكره وشكره‬
‫وحسن عبادته وأن جيعلنا وإخواننا املسلمني من احملافظني على‬
‫الصلوات املكرمني بنعيم اجلنات وهو حسبنا ونعم الوكيل وال‬
‫حول وال قوة إال باهلل العلي العظيم وصلى اهلل على نبينا حممد‬
‫وعلى آله وصحبه أمجعني‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫الصالة عماد الدين‬


‫فرض اهلل الصلوات اخلمس على األمة اإلسالمية‪ ،‬وجعلها أحد‬
‫أركان اإلسالم ومبانيه بل هي أعظم أركانه بعد الشهادتني‪ ،‬فرضها‬
‫على عباده املؤمنني لكي يرفع هبا درجاهتم‪ ،‬ويضاعف هبا حسناهتم‪،‬‬
‫وحيط هبا عنهم ذنوهبم وخطاياهم وسيئاهتم‪ ،‬ويدخلهم هبا اجلنة‬
‫وينجيهم هبا من النار‪ ،‬مع أداء بقية الواجبات وترك احملرمات‪،‬‬
‫فرضها اهلل تعاىل على نبيه وأمته ليلة اإلسراء مخسني صالة مث خففها‬
‫وتيسريا عليهم وإحسانًا إليهم‬
‫ً‬ ‫إىل مخس صلوات رمحة منه بعباده‪،‬‬
‫وجودا وإحسانًا وتفضالً‬
‫ً‬ ‫كرما منه‬
‫وجعل أجر هذه اخلمس مخسني ً‬
‫وامتنانًا‪ ،‬فرضها اهلل تعاىل على الذكر واألنثى واحلر والعبد واملقيم‬
‫واملسافر والغين والفقري والصحيح واملريض‪ ،‬فال تسقط الصالة ما‬
‫دام العقل ثابتًا بل يؤديها املريض على حسب حاله وقدر استطاعته‪،‬‬
‫والصالة دعاء وابتهال وخشوع وامتثال توثق صلة العبد بربه‬
‫فيفيض عليه من خريه وتطهر نفسه وتزكي قلبه وتعوده اإلخالص‬
‫هلل واالبتعاد عن النفاق وتبعث يف جسمه النشاط ملا يقوم به من‬
‫حركات متنوعة وتكون عونًا له على أموره وسببًا يف حفظه‬
‫وسالمته وكفايته‪ ،‬يقرأ فيها املصلي القرآن وقلبه خاشع وذهنه‬
‫حاضر ويستمع إليه فيتعلم من علومه ويهتدي هبداه وتصفوا نفسه‬
‫عنصرا أساسيًّا يف بناء اإلسالم فال‬
‫ويستنري عقله هلذا كانت الصالة ً‬
‫دين وال إسالم ملن تركها قال اإلمام أمحد وقد جاء يف احلديث ال‬
‫حظ يف اإلسالم ملن ترك الصالة فكل مستخف بالصالة مستهني هبا‬
‫‪8‬‬

‫فهو مستخف باإلسالم مستهني به وإمنا حظه من اإلسالم على قدر‬


‫حظه من الصالة ورغبته يف اإلسالم على قدر رغبته يف الصالة‬
‫فاعرف نفسك يا عبد اهلل واحذر أن تلقى اهلل وال قدر لإلسالم‬
‫عندك فإن قدر اإلسالم عندك كقدر الصالة يف قلبك(‪.)1‬‬
‫قائما‬
‫والصالة من اإلسالم مبنزلة عمود اخليمة فما دام العمود ً‬
‫انتفعت باألطناب واألوتاد فإذا سقط العمود سقطت ومل تنتفع‬
‫باألطناب وال باألوتاد فكذلك الصالة من اإلسالم فال يقبل من‬
‫تاركها زكاة وال صيام وال حج وال جهاد ما دام تار ًكا هلذا الركن‬
‫العظيم من أركان الدين الذي يقوم عليه‪ .‬وتارك الصالة أعظم‬
‫جرما من الزاين والسارق وشارب اخلمر ألن هؤالء مسلمون عصاة‬ ‫ً‬
‫إذا كانوا يصلون أما تارك الصالة فهو كافر بنص احلديث الصحيح‬
‫الثابت عن رسول اهلل ‪ )2(‬فالتهاون بالصالة وتأخريها عن وقتها‬
‫والتخلف عن مجاعتها من أعظم املصائب وأقبح املعائب وقد توعد‬
‫اهلل فاعل ذلك بالويل والغي واخلسران وأخرب عن أهل النار أهنم إذا‬
‫سئلوا ‪‬ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين‪ ‬املدثر (‪)43‬‬
‫وحكم تارك الصالة متعمدا هو القتل فال يغسل وال يصلى عليه وال‬
‫يدفن يف مقابر املسلمني وال يرثهم وال يرثوه وال يزوجوه‪ ،‬ومما‬
‫شرعه اإلسالم أداء الصالة مجاعة يف املساجد حلكم بالغة ومزايا مجة‬
‫وفوائد جسيمة‪ ،‬ففي كل خطوة ميشيها املسلم إىل املسجد رفع‬

‫() من رس الة الص الة لإلم ام أمحد ص"‪ ."16-15‬وانظر كت اب الص الة‬ ‫‪1‬‬

‫وحكم تاركها البن القيم فقد أجاد فيه وأفاد‪.‬‬


‫() رواه مسلم والرتمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪9‬‬

‫درجة وحط خطيئة واملالئكة تصلي عليه ما دام يف املسجد وتدعو‬


‫له باملغفرة والرمحة‪ ،‬وفضلت صالة اجلماعة على صالة الفرد بسبع‬
‫وعشرين درجة والقيام هبا تأليف بني املسلمني ومجع لقلوهبم يف‬
‫أكرب عبادة (‪ )1‬مهذبة للنفوس‪ ،‬وفيها تتحقق الوحدة والعدالة‬
‫واملساواة بني املسلمني حيث يقف الكبري والصغري والغين والفقري‬
‫والرئيس واملرؤوس جنبًا إىل جنب‪ ،‬وفيها يتعلم اجلاهل من العامل‬
‫واملأموم من اإلمام أحكام الصالة وغريها بطريق عملي ونظري‪ ،‬أما‬
‫ختلف املسلم عن صالة اجلماعة فإنه من أسباب نسياهنا وتأخريها‬
‫عن وقتها ومن عالمات النفاق وقد قال عبد اهلل بن مسعود من‬
‫مسلما فليحافظ على هؤالء الصلوات اخلمس‬ ‫غدا ً‬ ‫سره أن يلقى اهلل ً‬
‫حيث ينادي هبن فإن اهلل شرع لنبيكم ‪ ‬سنن اهلدى وإهنن من سنن‬
‫اهلدى ولو أنكم صليتم يف بيوتكم كما يصلي هذا املتخلف يف بيته‬
‫لرتكتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولقد رأيتنا وما‬
‫يتخلف عنها إال منافق معلوم النفاق أو مريض ولقد كان الرجل‬
‫يؤتى به يهادى بني الرجلني حىت يقام يف الصف (‪ )2‬فليتق العبد‬
‫املسلم ربه يف أموره عامة وصالته خاصة وليحافظ عليها يف أوقاهتا‬
‫مسلما ويفوز بعظيم األجر املعد‬
‫مع اجلماعة يف املساجد حىت ميوت ً‬
‫ملن حافظ عليها ويسلم من اإلمث والوزر واخلسران املعد ملن ضيعها‪.‬‬

‫() بعد التوحيد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪10‬‬

‫الصالة الكاملة وآثارها في حياة المسلم‬


‫الصالة أوىل الفرائض العملية يف الدين‪ ،‬وهي الشعرية الباقية عرب‬
‫الرساالت والصالة عبادة حتقق دوام ذكر اهلل‪ ،‬والقرىب من جنابه‪،‬‬
‫ومتثل متام الطاعة واالستسالم هلل رب العاملني‪ ،‬والتجرد هلل وحده‪،‬‬
‫وتريب النفس على معاين التقوى واإلنابة والصرب والتوكل واجلهاد‪،‬‬
‫وهتيء املؤمن حلياة صاحلة بني مجاعة املؤمنني‪.‬‬
‫وإذا كانت الصالة يف اإلسالم أول العمل الصاحل وأفضله‪ ،‬فهي‬
‫لذلك أبرز املظاهر والسمات للمسلمني متيزهم يف واقع احلياة عن‬
‫سائر الناس‪ ،‬والصالة فيما يقرر القرآن مصداق اإلميان وأثره األول‬
‫فهي لذلك الصفة الالزمة للمؤمنني‪ ،‬والصالة لإلسالم هي الركن‬
‫األهم بعد الشهادة هلل بالتوحيد وتصديق الرسالة وهي الشرط‬
‫األول لالنتماء ألمة املسلمني‪.‬‬
‫وأول عهد المرء باإلسالم بعد اإلقرار بالتوحيد‬
‫والرسالة أن يتعلم الصالة ويأخذ هبا ذلك هو اجلواز العملي من‬
‫الكفر إىل اإلسالم‪ .‬وكان النيب ‪ :‬إذا أسلم الرجل أول ما يعلمه‬
‫الصالة ولذلك اختذها ‪ ‬آية لإلسالم يف عالقته مع القبائل العربية‬
‫حيث قال‪« :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصالة فمن تركها فقد كفر»‬
‫رواه الرتمذي وقال‪ :‬حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫وقال‪« :‬بين الرجل والشرك ترك الصالة» رواه مسلم‪ .‬وكان‬
‫قوما‬
‫أذان الصالة شعارا يدل على املسلمني فكان النيب ‪ ‬إذا غزى ً‬
‫مل يغز حىت يصبح وينظر فإن مسع أذانًا كف عنهم‪ ،‬وإن مل يسمع‬
‫أذانًا أغار عليهم‪ .‬فالصالة مظهر إسالمي متميز يقدم املسلم للناس‬
‫‪11‬‬

‫بصور تعلن عن إسالمه وتدل عليه‪ ،‬والصالة استغراق دائم يف‬


‫عبادة اهلل وتواىل الصلوات اخلمس يف اليوم والليلة إشاعة لروح‬
‫الدين اإلسالمي‪.‬‬
‫‪‬إن الصالة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا‪ )1(‬وقد أراد اهلل‬
‫بعباده اليسر‪ ،‬فاقتضت رأفته وحكمته أن يرفع الفرض عندما ينطلق‬
‫الناس ألشغال املعاش وعندما خيلدون لراحة النوم وأن جيعل يف‬
‫أوقات الصلوات املكتوبة فسحة للراحة من التعب ترفع احلرج عمن‬
‫تلح عليه الشواغل يف بعض ذلك الوقت‪ ،‬وتتيح له جماالً يتوخى فيه‬
‫بصالته حلظة هي أمجع خلواطره وأخلي لباله‪ .‬وكما يتواىل فرض‬
‫الصالة ونفلها على املسلم على مدار يومه تدوم عليه طوال عمره‬
‫وعرب كل ظروف احلياة ال يرفعها عنه عذر من مرض وال مانع من‬
‫سفر وال شاغل من خوف وال اعتبار لظروف املكان‪ ،‬فأينما انتقل‬
‫املسلم الزمته فريضة الصالة يؤديها حيثما يتيسر له‪ ،‬يف كل بقعة‬
‫طاهرة من األرض ويف كل منزل ومقام‪ .‬قال ‪« :‬جعلت لي‬
‫وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصالة‬‫ً‬ ‫األرض مسج ًدا‬
‫فليصل» متفق عليه‪ ،‬وإذا مرض صلى قائما فإن مل يستطع فقاعدا‬
‫فإن مل يستطع فعلى جنبه‪ ،‬ومن كان على سفر قصر الصالة ختفي ًفا‬
‫عليه حىت ال يشق عليه تعهد الصالة باإلقامة التامة‪ ،‬وليكن موصول‬
‫احلبل باهلل أينما حل وارحتل حىت ساعة القتال ال تسقط عن املسلم‬
‫الصالة بل يصليها على حسب حاله وقدر استطاعته يستعني هبا‬
‫على الصرب يف مقام اخلوف‪ ،‬ويستمد منها القوة على اجلهاد‪ .‬ودوام‬
‫() النساء آية "‪."103‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪12‬‬

‫الصالة على اختالف األحوال واألزمنة صفة متيزها عن سائر‬


‫التكاليف العملية‪.‬‬
‫ومن النتائج الرتبوية للصالة عند من يتعهدها‪ :‬أهنا تورث‬
‫اإلنسان روح املواظبة على كل واجب واملداومة على كل عمل‪،‬‬
‫ويف الصالة خشوع هلل وطاعة صادقة هلل والرسول وفيها تفكر‬
‫وتأمل وفيها توجه إىل اهلل بالقول الطيب ولكنها ال تقتصر على‬
‫التفكر والكالم‪ ،‬وإمنا هي كذلك هيئات جسدية من قيام وجلوس‬
‫وحركات من ركوع وسجود وغري ذلك مما ميثل متجيد اهلل والتذلل‬
‫له مصحوبًا بالذكر املشروع‪.‬‬
‫واخلشوع حالة ختضع وتطمئن فيها اجلوارح بأعمال الصالة‬
‫ترافقها أفكار صادرة عن ذهن حاضر وتواكبها خواطر تقوم‬
‫بالفؤاد منفعلة مبهابة اهلل وإجالله ومشاعر متجهة إليه بالقنوت‬
‫واإلخبات‪ .‬وال تتم صالة بغري خشوع مهما كانت ملتزمة باملظهر‬
‫املسنون أو انضبطت فيها احلركات اآللية أو مت كالم اللسان‪.‬‬
‫عفوا بغري أساس من تقوى‬ ‫وال يصل إىل اهلل عمل يؤديه صاحبه ً‬
‫النفوس‪ .‬واخلشوع يف الصالة حالة ال تتيسر إال ملن تعهد نفسه‬
‫بالتزكية ورطب لسانه بذكر اهلل يف كل حني وأالن فؤاده‬
‫باستشعار هيبة ربه حىت تفجرت يف نفسه ينابيع اإلميان وعرف‬
‫طمأنينة اليقني‪ ،‬فصار حيسن العبادة ‪‬ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع‬
‫قلوبهم لذكر اهلل وما نزل من الحق‪[ ‬سورة احلديد آية (‪.])16‬‬
‫وال يفلح املصلي إال إذا أقام الصالة خبشوع ‪‬قد أفلح‬
‫المؤمنون‪ ،‬الذين هم في صالتهم خاشعون‪ ‬واخلشوع‪ :‬تكامل بني‬
‫‪13‬‬

‫معان خمتلفة من أمر القبلة من التوجه إىل اهلل ويف أمر القنوت من‬
‫التجرد له عمن سواه‪ ،‬واستشعار جالل اهلل وعظمته والتذلل له‪،‬‬
‫واخلضوع واالستكانة بني يديه‪ ،‬وال بد من استحضار هذا الشعور‬
‫الكامل الشامل لدى كل قول أو عمل من إجراءات الصالة‪،‬‬
‫والصالة بأقواهلا املأثورة وحركاهتا املسنونة تربية للمسلم يف اتباع‬
‫هنج الرسول ‪ ‬واختاذه قدوة حسنة يف سائر مسلك اإلنسان‪،‬‬
‫فالرسول ‪ ‬يوصينا يف شأن الصالة فيقول «صلوا كما رأيتموني‬
‫أصلي» رواه البخاري‪ ،‬وكان الصحابة رضي اهلل عنهم يالحظون‬
‫فعله فيها فيقلدونه بدقة ويزكون الواحد منهم فيصفونه بأنه أشبه‬
‫الناس بصالة رسول اهلل ‪ ،‬وكان عليه الصالة والسالم يصلي صالة‬
‫كاملة تامة فيقول‪« :‬إن طول صالة الرجل وقصر خطبته مئنة من‬
‫فقهه فأطيلوا الصالة وأقصروا الخطبة» رواه مسلم‪.‬‬
‫والصالة كذلك تربية ُت َهيِّئ املسلم لطاعة اهلل حيثما كان‪ ،‬فإذا‬
‫جتاوز مسجده وخالط دنيا الناس التزم تقوى اهلل وراقبه يف كل‬
‫عمل‪ ،‬واملسلم احملافظ على صالته يعود عليها مخس مرات يف اليوم‬
‫والليلة على األقل ويعود بذلك إىل توبته فتخلل التوبة يومه كله وال‬
‫َّها ِر‬ ‫تكاد تبقي من ذنوبه شيئا قال تعاىل‪َ  :‬وأَقِ ِم َّ‬
‫الصاَل ةَ طََرفَ ِي الن َ‬
‫ك ِذ ْكرى لِ َّ ِ‬ ‫ات ي ْذ ِهبن َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لذاك ِر َ‬
‫ين‬ ‫السيِّئَات ذَل َ َ‬ ‫ْح َسنَ ُ ْ َ‬‫َو ُزلًَفا م َن اللَّْي ِل إِ َّن ال َ‬
‫(‪) 1‬‬
‫نهرا بباب أحدكم‬ ‫ً‬ ‫أن‬ ‫لو‬ ‫أرأيتم‬ ‫«‬ ‫والسالم‪:‬‬ ‫الصالة‬ ‫عليه‬ ‫وقال‬ ‫‪‬‬
‫يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا ال‬

‫() سورة هود آية ‪.114‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪14‬‬

‫يبقى من درنه شيء قال‪ :‬فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو اهلل‬
‫بهن الخطايا» متفق عليه‪.‬‬
‫اب‪‬‬ ‫ب َش ِد ِ‬
‫يد ال ِْع َق ِ‬ ‫ب َوقَابِ ِل الت َّْو ِ‬ ‫والصالة تذكرة باهلل ‪‬غَافِ ِر َّ‬
‫الذنْ ِ‬
‫يتلى فيها القرآن فريد فيه ذكر عذاب اهلل فيستعيذ القارئ املتدبر‪،‬‬
‫وبيان حملارم اهلل وملكارهه فيعزم املصلي اخلاشع أن ال يقع فيها‬
‫حذرا من حساب اهلل وسخطه وعقوبته‪ ،‬وأمال يف رضاه ومعافاته‬ ‫ً‬
‫ويستذكر املصلي فتنة اهلل وعذابه فليعوذ به بدعائه «اللهم إني أعوذ‬
‫بك من عذاب البر‪ ،‬ومن عذاب النار‪ ،‬ومن فتنة المحيا والممات‬
‫ومن فتنة المسيح الدجال» وجممل القول أن الصالة تنمي اإلميان‬
‫للمؤمن بالغيب وتزيد خشيته من اهلل فيتقي عذابه بالتواضع ألوامره‬
‫واجتناب نواهيه‪.‬‬
‫وال يقيم الصالة إال الذين يتقون اهلل وال يتم خشوعها إال الذين‬
‫خيشون لقاء اهلل وتزيد هؤالء صالهتم إميانا باهلل واتقاء ملا هنى عنه‪،‬‬
‫فإذا قام اخلاشع من صالته قام وقد متكن منه خوف اهلل يزجره عن‬
‫كل فحشاء ومنكر وال تلهيه دنياه وعالئقه املادية حىت حتل عليه‬
‫الصالة التالية فتزوده بشحنة من التقوى‪ ،‬ولذلك كانت الصالة من‬
‫ك ِم َن‬ ‫أعظم النواهي عن املعاصي قال تعاىل‪ :‬اتْل ما أ ِ‬
‫ُوح َي إِلَْي َ‬ ‫َُ‬
‫الصاَل َة َت ْن َهى َع ِن الْ َف ْح َش ِاء َوال ُْم ْن َك ِر َولَ ِذ ْك ُر‬ ‫اب َوأَقِ ِم َّ‬
‫الصاَل َة إِ َّن َّ‬ ‫ْكتَ ِ‬ ‫ال ِ‬
‫صَنعُو َن‪ )1(‬وإذا كان املسلم يقع يف‬ ‫اللَّ ِه أَ ْكَب ُر َواللَّهُ َي ْعلَ ُم َما تَ ْ‬
‫املعاصي فإن الصالة توبة له تتواىل طول اليوم فتتعاقب على خطاياه‬

‫() سورة العنكبوت آية ‪45‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪15‬‬

‫فتمحوها‪ ،‬كلما تراكمت بني فرتات الصالة وهذا التعاقب يعلم‬


‫دائما قبل أن حتيط به اخلطيئة‪.‬‬
‫املسلم أن جيدد التوبة ً‬
‫وهذا التوايل يف التوبات قبل متكني اخلطيئة يدوم على املسلم‬
‫بدوام الصالة فيصبح توابًا ‪‬إن اهلل يحب التوابين ويحب المتطهرين‬
‫‪ )1(‬وكما رأينا يف الصالة أهنا متاب للعبد وحمط خلطاياه ومزدجر‬
‫أثرا إجيابيًّا‪ ،‬أهنا‬
‫يعصمه من املنكر واحلرام‪ ،‬نرى فيها من وجه آخر ً‬
‫دافع للهمة واألمل ومسألة يرجو فيها العبد من عطاء اهلل وتوفيقه‬
‫وحافز ينهض به على املعروف والواجب جبد وفعالية‪.‬‬
‫مددا روحيًّا ال ينقطع عن‬‫والصالة بتواليها ودوامها تضمن ً‬
‫املسلم‪ ،‬بل يتزايد باطراد جمددا إميانه باهلل وكتابه ورسوله ومقويا‬
‫خشيته وتقواه وشكره وثقته ورجاءه ومضاعفا بذلك جهوده‬
‫الصاحلة يف سبيل اهلل‪ ،‬فكلما استهلكت املسلم تكاليف احلياة‬
‫أسعفته الصالة بشحنة من الطاقة الروحية متد له يف إسعاده مدًّا ‪‬يا‬
‫(‪) 2‬‬
‫أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصالة إن اهلل مع الصابرين‪‬‬
‫ولذلك كان الرسول ‪ ‬إذا حزبه أمر فزع إىل الصالة(‪ )3‬ونادى‪:‬‬
‫(‪) 4‬‬
‫أرحنا بالصالة يا بالل وكان يقول‪« :‬جعلت قرة عيني بالصالة»‬
‫وخالصة القول‪ :‬أن الصالة تدعو إىل الطاعة وتأمر باملعروف وتنهى‬
‫عن املنكر ألهنا متثل متام االنصياع بالبدن من املنت إىل أطراف‬

‫() سورة البقرة آية ‪.222‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة البقرة آية ‪.153‬‬ ‫‪2‬‬

‫() رواه أمحد وأبو داود عن حذيفة بن اليمان‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() رواه الطرباين عن املغرية بن شعبة‪.‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪16‬‬

‫وتعبريا فهي مران على اخلضوع‬ ‫ً‬ ‫شعورا‬


‫األصابع ومتام اخلشوع ً‬
‫وتركيز لإلميان جبالل اهلل وعظمته مما يستوجب الطاعة الوافية‬
‫الصادقة هلل ورسوله وهبيبة اهلل وجربوته مما يورث طاعته وخشيته‬
‫فيما أمر‪ ،‬كما يورث تقواه فيما هنى‪ ،‬وإنابة إليه بعد املعصية‪ ،‬تلك‬
‫آثار الصالة الطيبة جيدها املسلم يف حياته األوىل قبل أن يلقى ربه‪،‬‬
‫فيجزيه اجلزاء األوىف‪ ،‬وذلك هو اخلسران من إضاعة الصالة يلقاه‬
‫الشقي يف عاجلته قبل أن يقف موقف احلساب‪ ،‬فاهلل نسأل أن‬
‫يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته‪ ،‬وأن يقبل صلواتنا وجييب‬
‫دعواتنا ويغفر زالتنا‪ ،‬ويؤتينا يف الدنيا حسنة ويف اآلخرة حسنة‬
‫ويقينا عذاب النار وصلى اهلل على حممد وسلم(‪.)1‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ -1‬فوائد الصالة‬
‫فرض اهلل على األمة مخس صلوات كل يوم وليلة‪ ،‬ومن النوافل‬
‫والرواتب والوتر وغريها ما هو تبع هلا‪ ،‬ملا يف ذلك من الفوائد‬
‫الضرورية والكمالية الدينية والدنيوية‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬أَقِ ِم َّ‬
‫الصاَل ةَ‬
‫س إِلَى غَ َس ِق اللَّْي ِل َو ُق ْرآ َن الْ َف ْج ِر إِ َّن ُق ْرآ َن الْ َف ْج ِر َكا َن‬
‫الش ْم ِ‬ ‫لِ ُدلُ ِ‬
‫وك َّ‬
‫ودا‪ )3(‬فهذه اآلية تدخل فيها الصلوات اخلمس‪ ،‬وقد تواترت‬ ‫َم ْش ُه ً‬
‫األحاديث الصحيحة عن النيب ‪ ‬يف الصلوات اخلمس وتفصيل‬
‫أوقاهتا وشروطها ومكمالهتا‪ ،‬ويف فضلها وكثرة ثواهبا‪ ،‬فمن‬
‫فضائلها أهنا أعظم عبادة حيصل فيها اخلضوع والذل هلل وامتالء‬

‫() خمتصر من كتاب "الصالة عماد الدين" للدكتور حسن الرتايب‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() من كتاب الرياض الناضرة للشيخ عبد الرمحن الناصر السعدي رمحه اهلل‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة اإلسراء آية ‪.78‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪17‬‬

‫القلب من اإلميان به وتعظيمه‪ ،‬وذلك مادة سعادة القلب األبدية‬


‫ونعيمه وال ميكن تغذيته مبثل الصالة‪ ،‬والصالة أعظم غذاء وسقي‬
‫لشجرة اإلميان‪ ،‬فالصالة تثبت اإلميان وتنميه‪ ،‬وتنمي ما يثمره‬
‫اإلميان من فعل اخلري والرغبة فيه‪ ،‬وكذلك تنهى عن الشر‪ ،‬قال‬
‫الصاَل ةَ َت ْن َهى َع ِن الْ َف ْح َش ِاء َوال ُْم ْن َك ِر َولَ ِذ ْك ُر‬ ‫تعاىل‪َ  :‬وأَقِ ِم َّ‬
‫الصاَل ةَ إِ َّن َّ‬
‫صَنعُو َن‪ )1(‬فأخرب أن فيها الغذاء بذكر اهلل‬ ‫اللَّ ِه أَ ْكَب ُر َواللَّهُ َي ْعلَ ُم َما تَ ْ‬
‫والشفاء بنهيها عن الفحشاء واملنكر‪ ،‬وأي شيء أعظم من هذا‬
‫وأجل وأكمل؟‬
‫ومن فضائلها أهنا أكرب عون للعبد على مصاحل دينه ودنياه‪ ،‬قال‬
‫تعاىل‪ :‬واستعينوا بالصبر والصالة‪ )2(‬أي على كل األمور‪ ،‬أما‬
‫عوهنا على املصاحل الدينية فإن العبد إذا داوم على الصالة وحافظ‬
‫عليها قويت رغبته يف فعل اخلريات وسهلت عليه الطاعات وبذل‬
‫اإلحسان بطمأنينة نفس واحتساب ورجاء للثواب‪ ،‬وتذهب أو‬
‫تضعف داعيته للمعاصي‪ ،‬وهذا أمر حمسوس مشاهد‪ ،‬فإنك ال جتد‬
‫حمافظًا على الصالة فروضها ونوافلها إال وجدت تأثري ذلك يف بقية‬
‫أعماله‪ ،‬وهلذا كانت الصالة عنوانًا على الفالح‪ ،‬قال تعاىل‪ :‬إنما‬
‫يعمر مساجد اهلل من آمن باهلل واليوم اآلخر‪ ‬اآلية(‪ )3‬واملراد عمارهتا‬
‫بالصالة والقربات‪ ،‬وقال ‪« ‬إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد‬
‫فاشهدوا له باإليمان‪ ،‬فإن اهلل يقول‪ :‬إنما يعمر مساجد اهلل من آمن‬

‫() سورة العنكبوت آية ‪.45‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة البقرة آية ‪ 45‬و‪.153‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة التوبة آية ‪.18‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪18‬‬

‫باهلل واليوم اآلخر‪.)4(»‬‬


‫وأما عوهنا على املصاحل الدنيوية فإهنا هتون املشاق وتسلي عن‬
‫املصائب وجيازي اهلل صاحبها بتيسري أموره‪ ،‬ويبارك له يف ماله‬
‫وأعماله ومجيع ما يتصل به ويباشره‪.‬‬
‫ومن فضائلها أن من أكملها وأتقنها فقد فاز وسعد‪ ،‬ويف‬
‫حديث أيب هريرة مرفوعا‪ :‬أول ما حياسب عنه العبد صالته‪ ،‬فإن‬
‫كان قد أمتها فقد أفلح وأجنح‪ ،‬احلديث يف السنن‪.‬‬
‫وللصالة مخس فوائد كل واحدة خري من الدنيا وما عليها‪،‬‬
‫تكميل اإلسالم اليت هي أكرب أركانه وتكفري السيئات وزيادة‬
‫احلسنات ورفعة الدرجات‪ ،‬وزيادة القرب من رب السموات‪،‬‬
‫وزيادة اإلميان يف القلب ونوره‪ ،‬وقد شرع الشارع االجتماع‬
‫للصلوات اخلمس واجلمعة والعيد ملا يف االجتماع من حصول‬
‫التنافس يف اخلريات والتنشيط عليها‪ ،‬والتعلم والتعليم ألحكامها‪،‬‬
‫فإن العامل ينبه اجلاهل‪ ،‬واجلاهل يتعلم بالقول والفعل من العامل‬
‫ويقتدي الناس بعضهم ببعض‪ ،‬وكذلك ما يف االجتماع من التواد‬
‫والتواصل بني املسلمني وعدم التقاطع وما يف ذلك من معرفة حال‬
‫املصلني واحملافظني على الصالة واملتهاونني‪ ،‬ومضاعفة األجر‬
‫باالجتماع‪ ،‬وكثرة اخلطا إىل املساجد وما يتبع ذلك من قراءة‬
‫وذكر وعبادات تفعل يف املساجد بأسباب الصلوات‪.‬‬
‫ومن فوائدها الطبية البدنية وهي مصلحة تابعة لغريها ما فيها‬

‫() رواه الرتمذي وقال حديث حسن‪.‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪19‬‬

‫من الرياضة املتنوعة النافعة للبدن املقوية لألعضاء واحلركة املذيبة‬


‫لألخالط الغليظة وذلك من وجهني‪.‬‬
‫أحدمها‪ :‬ما يف الصلوات ووسائلها وتوابعها من املشي والذهاب‬
‫واجمليء والقيام والقعود والركوع والسجود املتكرر‪ ،‬وكذلك‬
‫الطهارة املتكررة‪ ،‬كل هذه احلركات نفعها حمسوس مشاهد ال‬
‫مياري فيه إال جاهل‪.‬‬
‫الوجه الث اين‪ :‬أن روح الص الة ومقص ودها األعظم حض ور‬
‫القلب بني يدي اهلل ومناجاته بكالمه‪ ،‬وذكره والثناء عليه ودعائه‪،‬‬
‫والتضرع إليه وطلب القربة عنده ورجاء ثوابه‪ ،‬وذلك بال ريب ينري‬
‫القلب ويش رح الص در ويف رح النفس وال روح‪ ،‬ومعل وم عند مجيع‬
‫األطباء أن السعي يف راحة القلب وسكونه وفرحه وزوال غمه ومهه‬
‫من أكرب األس باب اجلالبة للص حة الدافعة لألم راض املخففة لآلالم‪،‬‬
‫وخصوص ا ص الة الليل أوق ات األس حار ف إن‬
‫ً‬ ‫وذلك جمرب مش اهد‬
‫النيب ‪ ‬ذكر يف احلديث الص حيح أن العبد إذا ق ام من الليل ف ذكر‬
‫اهلل وتوضأ مث ص لى ما كتب له احنلت عنه عقد الش يطان كلها‬
‫فأص بح طيب النفس نش يطًا‪ ،‬وإال أص بح خ بيث النفس كس الن‬
‫ومصاحل الصالة الدينية واالجتماعية والبدنية ال تعد وال حتصى‪.‬‬
‫‪20‬‬

‫عظم شأن الصالة‬


‫قال اإلمام أمحد رمحه اهلل تعاىل وقد جاء يف احلديث «ال حظ‬
‫في اإلسالم لمن ترك الصالة»(‪ )1‬وقد كان عمر بن اخلطاب ‪‬‬
‫يكتب إىل اآلفاق أن أهم أموركم عندي الصالة فمن حفظها فقد‬
‫حفظ دينه ومن ضيعها فهو ملا سواها أضيع وال حظ يف اإلسالم ملن‬
‫ترك الصالة قال فكل مستخف الصالة مستهني هبا فهو مستخف‬
‫باإلسالم مستهني به وإمنا حظهم من اإلسالم على قدر حظهم من‬
‫الصالة ورغبتهم يف اإلسالم على قدر رغبتهم يف الصالة‪ ،‬فاعرف‬
‫نفسك يا عبد اهلل واحذر أن تلقى اهلل وال قدر لإلسالم عندك فإن‬
‫قدر اإلسالم يف قلبك كقدر الصالة يف قلبك وقد جاء احلديث عن‬
‫النيب ‪ ‬أنه قال‪« :‬الصالة عمود الدين»(‪ )2‬ألست تعلم أن الفسطاط‬
‫إذا سقط عموده سقط الفسطاط ومل ينتفع بالطنب وال باألوتاد‬
‫وإذا قام عمود الفسطاط انتفعت بالطنب واألوتاد فكذلك الصالة‬
‫من اإلسالم‪ .‬وجاء احلديث «إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة‬
‫من عمله صالته فإن تقبلت صالته تقبل منه سائر عمله وإن ردت‬
‫عليه صالته رد عليه سائر عمله»(‪ )3‬فصالتنا هي آخر ديننا‪ ،‬وهي‬
‫() ق ال اهليثمي يف جممع الزوائد ‪« :295 /1‬رواه الط رباين يف األوسط‬ ‫‪1‬‬

‫ورجاله رج ال الص حيح»‪ ،‬وهو موق وف على عمر بن اخلط اب رضي اهلل‬
‫عنه‪.‬‬
‫() مل يوجد هبذا اللفظ وال ذي يف ح ديث مع اذ بن جبل رأس األمر اإلس الم‬ ‫‪2‬‬

‫وعموده الصالة وذروة سنامه اجلهاد يف سبيل اهلل رواه الرتمذي وقال حديث‬
‫حسن صحيح‪.‬‬
‫() رواه الطرباين يف األوسط بإسناد ال بأس به‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪21‬‬

‫غدا من أعمالنا يوم القيامة فليس بعد ذهاب‬


‫أول ما نسأل عنه ً‬
‫الصالة إسالم وال دين إذا صارت الصالة آخر ما يذهب من‬
‫اإلسالم‪ ،‬والصالة هي أول فروض اإلسالم بعد الشهادتني‪ ،‬وهي‬
‫آخر ما يفقد من الدين‪ ،‬فهي أول اإلسالم وآخره فإذا ذهب أوله‬
‫وآخره فقد ذهب مجيعه‪ ،‬وقد أصبح الناس يف نقص عظيم شديد‬
‫من دينهم عامة ومن صالهتم خاصة‪ ،‬فاتقوا اهلل عباد اهلل يف أمور‬
‫دينكم عامة‪ ،‬ويف صالتكم خاصة وانصحوا فيها إخوانكم فإهنا‬
‫آخر دينكم فتمسكوا بآخر دينكم وبآخر ما عهد إليكم نبيكم ‪‬‬
‫من بني عهوده إليكم وهي الصالة إذ يقول يف آخر رمق من حياته‬
‫«الصالة الصالة وما ملكت أيمانكم»(‪ )1‬وأمروا رمحكم اهلل بالصالة‬
‫يف املساجد من ختلف عنها‪ ،‬وعاتبوهم إذا ختلفوا عنها‪ ،‬وأنكروا‬
‫عليهم بأيديكم‪ ،‬فإن مل تستطيعوا فبألسنتكم واعلموا أنه ال يسعكم‬
‫السكوت عنهم؛ ألن التخلف عن الصالة من عظيم املعصية فإن مل‬
‫تفعلوا تكونوا آمثني ومن أوزارهم غري ساملني لوجوب النصيحة‬
‫إلخوانكم عليكم‪ ،‬وقد جاء احلديث‪« :‬جييء الرجل يوم القيامة‬
‫متعل ًقا جباره فيقول‪ :‬يا رب وعزتك ما خنته يف أهل وال مال‬
‫(‪) 2‬‬
‫فيقول‪ :‬صدق يا رب ولكنه رآين على معصية فلم ينهين عنها»‬
‫فاحذر تعلقه بك غدا وخصومته إياك بني يدي اجلبار وال تدع‬

‫() قال يف جممع الزوائد ‪ 293 /1‬رواه البزار وفيه غسان بن عبد اهلل مل أجد‬ ‫‪1‬‬

‫من ترمجة وبقية رجاله ثقات‪.‬‬


‫() ذك ره املن ذري يف ال رتغيب وال رتهيب ‪ 12 /4‬عن أيب هري رة ق ال كنا‬ ‫‪2‬‬

‫نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة‪ ..‬إخل ذكره رزين‪.‬‬


‫‪22‬‬

‫نصيحته اليوم وإن شتمك وآذاك وعاداك فإن معاداته لك اليوم‬


‫أهون من تعلقه بك غدا وخصومته إياك بني يدي اجلبار يف ذلك‬
‫املقام العظيم فاحتمل ما جاءك منه لعلك تفوز غدا مع النبيني‬
‫والصديقني والتابعني هلم بإحسان انتهى من رسالة اإلمام أمحد رمحه‬
‫اهلل‪.‬‬
‫مزايا الصالة على سائر العبادات‬
‫وللصالة من املزايا ما ليس لغريها من سائر العبادات فمنها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن اهلل سبحانه وتعاىل توىل فرضيتها على رسوله ‪‬‬
‫مبخاطبته له ليلة املعراج من غري واسطة امللك جربائيل كسائر‬
‫العبادات‪.‬‬
‫ذكرا يف القرآن فتارة خيصها‬
‫‪ -2‬أن الصالة أكثر الفرائض ً‬
‫بالذكر وتارة يقرهنا بالزكاة وتارة يقرهنا بالصرب وتارة يقرهنا‬
‫بالنسك وتارة يفتتح هبا أعمال الرب وخيتتمها هبا كما يف آيات‬
‫(املعارج) وكما يف أول سورة (املؤمنون)‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الصالة أول ما أوجب اهلل على عباده من العبادات‬
‫العملية فإن وجوهبا قبل وجوب الزكاة والصيام واحلج‪.‬‬
‫‪ -4‬أن وجوهبا عام على الذكر واألنثى واحلر والعبد والغين‬
‫والفقري واملقيم واملسافر والصحيح واملريض فال تسقط الصالة عنه‬
‫ما دام عقله ثابتا‪.‬‬
‫‪ -5‬أهنا أول ما حياسب عليه العبد يوم القيامة وآخر ما يفقده‬
‫من دينه‪.‬‬
‫‪ -6‬أهنا قوام الدين وعماده فال يستقيم دين إال هبا كما يف‬
‫‪23‬‬

‫احلديث «رأس األمر اإلسالم وعموده الصالة» فمىت سقط العمود‬


‫ذهب الدين واحلديث رواه الرتمذي وصححه‪.‬‬
‫عظيما فهي آخر ما أوصى‬ ‫اهتماما ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -7‬أن الرسول ‪ ‬اهتم هبا‬
‫به أمته عند مفارقته الدنيا جعل يقول‪« :‬الصالة الصالة وما ملكت‬
‫أيمانكم» رواه أمحد وغريه‪.‬‬
‫‪ -8‬أن اهلل أوجبها يف اليوم والليلة مخس مرات خبالف غريها‬
‫من بقية األركان‪.‬‬
‫وباجلملة فأمر الصالة عظيم وشأهنا كبري فقبول سائر األعمال‬
‫حجا وال‬ ‫صوما وال ً‬ ‫موقوف على فعلها فال يقبل اهلل من تاركها ً‬
‫جهادا وال شيئًا من األعمال فيجب على املسلمني مجيعا‬ ‫صدقةً وال ً‬
‫االعتناء هبا واحملافظة عليها يف أوقاهتا مع اجلماعة يف املساجد‬
‫ليفوزوا بعظيم األجر والثواب املرتب عليها وليسلموا من اإلمث‬
‫اج َد اللَّ ِه َم ْن‬
‫والعقاب املعد ملن ضيعها قال تعاىل‪ :‬إِنَّما ي ْعمر مس ِ‬
‫َ َ ُُ َ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ش إِاَّل‬ ‫الصاَل َة َوآتَى َّ‬
‫الز َكا َة َولَ ْم يَ ْخ َ‬ ‫ام َّ‬ ‫آم َن بِاللَّه َوالَْي ْوم اآْل خ ِر َوأَقَ َ‬
‫َ‬
‫(‪) 1‬‬
‫ين‪. ‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اللَّهَ َف َع َسى أُولَئِ َ‬
‫ك أَ ْن يَ ُكونُوا م َن ال ُْم ْهتَد َ‬
‫صاَل تِ ِه ْم يُ َحافِظُو َن (‪ )34‬أُولَئِ َ‬
‫ك‬ ‫ين ُه ْم َعلَى َ‬
‫َّ ِ‬
‫وقال تعاىل‪َ  :‬والذ َ‬
‫فِي جن ٍ‬
‫َّات ُم ْك َر ُمو َن‪.)2(‬‬ ‫َ‬
‫اللهم اجعلنا ومجيع املسلمني من احملافظني على الصلوات‬
‫املكرمني بنعيم اجلنات وباهلل التوفيق‪ ،‬وصلى اهلل على حممد وعلى‬

‫() سورة التوبة آية ‪.18‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة املعارج آية ‪.35 -34‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪24‬‬

‫آله وصحبه وسلم(‪.)3‬‬


‫‪ -2‬من فوائد الصالة‬
‫احلمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه‬
‫وبعد‪ ،‬فإن اهلل تعاىل فرض الصلوات اخلمس على األمة اإلسالمية‬
‫رمحة هبا وإحسانًا إليها ليغذي هبا إمياهنم ويرفع هبا درجاهتم ويكفر‬
‫هبا خطاياهم وسيئاهتم ويضاعف هبا حسناهتم ويدخلهم هبا اجلنة‬
‫وينجيهم هبا من النار‪ ،‬وملا هلا من الفوائد العظيمة واملزايا اجلسيمة‬
‫مما ال يعد وال حيصى أحببنا أن نذكر شيئًا منها لريغب فيها من‬
‫يريد لنفسه الفوز والفالح والرقي والتقدم والنجاح فمن فوائد‬
‫الصالة بعد كوهنا عبادة هلل‪...‬‬
‫‪ -1‬أهنا صلة بني العبد وربه ولذا مسيت صالة‪.‬‬
‫‪ -2‬أهنا تكفر الذنوب واآلثام‪.‬‬
‫‪ -3‬أن الصالة تنهى عن الفحشاء واملنكر‪.‬‬
‫‪ -4‬أهنا نور يف الوجه والقلب والقرب ويوم احلشر‪.‬‬
‫‪ -5‬أن الصالة للبدن والروح مبنزلة حقن صحية ووجبات‬
‫غذائية‪.‬‬
‫‪ -6‬أن الصالة عمود الدين اإلسالمي الذي يقوم عليه كعمود‬
‫اخليمة‪.‬‬
‫‪ -7‬أن الصالة شعار املسلم فال إسالم ملن ضيعها‪.‬‬
‫‪ -8‬أهنا مبنزلة الرأس من اجلسد‪ ،‬فكما ال حياة ملن ال رأس له‬
‫فال دين ملن ال صالة له‪.‬‬
‫() انظر هذه املزايا يف كتاب الصالة البن القيم رمحه اهلل ص ‪.13 -12‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪25‬‬

‫‪ -9‬أن الصالة سبب املعونة على أمور الدين والدنيا ‪‬‬


‫الصاَل ِة‪ ...‬اآلية‪ ‬البقرة (‪.)45‬‬ ‫استَ ِعينُوا بِ َّ‬
‫الص ْب ِر َو َّ‬ ‫َو ْ‬
‫الصاَل ِة‬
‫ك بِ َّ‬‫‪ -10‬أهنا سبب للرزق كما قال تعاىل‪َ  :‬وأْ ُم ْر أ َْهلَ َ‬
‫ك‪ ..‬اآلية‪ ‬طه (‪.)132‬‬ ‫اصطَبِ ْر َعلَْي َها اَل نَ ْسأَلُ َ‬
‫ك ِر ْزقًا نَ ْح ُن َن ْر ُزقُ َ‬ ‫َو ْ‬
‫‪ -11‬أن الصلوات اخلمس واجبة على كل مسلم بالغ عاقل‬
‫غري املرأة احلائض والنفساء حلاجتهم إليها‪.‬‬
‫‪ -12‬أهنا جتب على كل حال يف الصحة واملرض واإلقامة‬
‫والسفر واألمن واخلوف على قدر االستطاعة كما تقدم‪.‬‬
‫‪ -13‬أن الصالة يف املساجد مع اجلماعة سبب للتعارف‬
‫والتآلف والسالم والتعاون واحملبة‪.‬‬
‫‪ -14‬أهنا تزيد على صالة املنفرد بسبع وعشرين درجة‬
‫للحديث الصحيح املتفق عليه‪.‬‬
‫‪ -15‬أهنا متحى هبا اخلطايا وترفع هبا الدرجات‪.‬‬
‫اج َد‬‫‪ -16‬أهنا دليل اإلميان وأمان من النفاق ‪‬إِنَّما ي ْعمر مس ِ‬
‫َ َ ُُ َ َ‬
‫آم َن بِاللَّ ِه‪ ‬التوبة (‪.)18‬‬ ‫ِ‬
‫اللَّه َم ْن َ‬
‫‪ -17‬أن احملافظة على الصلوات اخلمس يف أوقاهتا مع اجلماعة‬
‫سبب السعادة يف الدنيا واآلخرة والسالمة من شقاوة الدنيا واآلخرة‬
‫ك فِي جن ٍ‬
‫َّات‬ ‫صاَل تِ ِه ْم يُ َحافِظُو َن (‪ )34‬أُولَئِ َ‬ ‫َّ ِ‬
‫َ‬ ‫ين ُه ْم َعلَى َ‬ ‫‪َ ‬والذ َ‬
‫ُم ْك َر ُمو َن‪ .)1(‬املعارج (‪.)35 -34‬‬
‫‪ -18‬أن يف أداء الصالة رياضة للجسم ونشاط وصحة ملا يقوم‬
‫به املصلي من حركات متنوعة‪.‬‬

‫() سورة املعارج آية ‪.35 -34‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪26‬‬

‫‪ -19‬أن قبول األعمال األخرى موقوف على أداء الصالة‬


‫وقبوهلا ألهنا عماد الدين الذي يقوم عليه‪.‬‬
‫‪ -20‬أن الصالة يف املساجد مع اجلماعة سبب لصالة املالئكة‬
‫على املصلي واستغفارهم له ما دام يف املسجد قبل الصالة وبعدها‬
‫حلديث أيب هريرة رواه البخاري‪.‬‬
‫‪ -21‬أهنا رمز لوحدة املسلمني ومجع قلوهبم واحتاد صفوفهم‪،‬‬
‫فالرب واحد والنيب واحد والقبلة واحدة واهلدف واحد وهو طلب‬
‫رضا اهلل وجنته والسالمة من عذابه وسخطه‪.‬‬
‫‪ -22‬والصالة جملبة للرزق حافظة للصحة دافعة لألذى مقوية‬
‫للقلب مبيضة للوجه مفرحة للنفس مذهبة للكسل منشطة للجوارح‬
‫ممدة للقوى شارحة للصدر مغذية للروح منورة للقلب حافظة‬
‫للنعمة دافعة للنقمة جالبة للربكة مبعدة من الشيطان مقربة من‬
‫الرمحن ألهنا صلة به عز وجل وعلى قدر صلة العبد بربه يفتح له‬
‫من اخلريات أبواهبا ويغلق عنه من الشرور أسباهبا ويفيض عليه‬
‫التوفيق والعافية والصحة والغىن واألفراح واملسرات كلها حمضرة‬
‫لديه ومسارعة إليه وباهلل التوفيق(‪.)1‬‬

‫() زاد املعاد يف هدي خري العباد البن القيم ‪ 332 /4‬بتحقيق األرنؤوط‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪27‬‬

‫مسائل مهمة تتعلق بالصالة‬


‫احلمد هلل حنمده ونستعينه ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات‬
‫أعمالنا من يهده اهلل فال مضل له ومن يضلل فال هادي له‪ .‬وأشهد‬
‫أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له املتصرف يف ملكه مبا شاء‬
‫حممدا عبده ورسوله الذي اصطفاه على بريته‬
‫وأراد‪ .‬وأشهد أن ً‬
‫وأوجب على كل مسلم تقدمي حمبته وطاعته على اآلباء واألمهات‬
‫والنفس والناس أمجعني‪.‬‬
‫صلى اهلل عليه وعلى آله وسلم‪ .‬وجزاه اهلل عن اإلسالم‬
‫واملسلمني أفضل اجلزاء‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذه مسائل مهمة تتعلق بالصالة مما جيب اإلرشاد‬
‫والتنبيه عليها تقع من بعض الناس بسبب اجلهل والتهاون بشأن‬
‫الصالة وهي الركن األعظم بعد التوحيد‪.‬‬
‫المسألة األولى‪:‬‬
‫مسابقة اإلمام بالركوع والسجود واخلفض والرفع وتكبرية‬
‫اإلحرام فإن ذلك كله حمرم بنص الرسول ‪ ‬كما قال‪ :‬أما خيشى‬
‫الذي يرفع رأسه رأس قبل اإلمام أن حيول اهلل رأسه رأس محار أو‬
‫جيعل صورته صورة محار «متفق عليه» وقد قال كثري من العلماء‪:‬‬
‫أن املسابقة تبطل الصالة وهذا من جهل فاعله إذ ليس له خروج‬
‫من الصالة قبل إمامه‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪:‬‬
‫عدم اخلشوع يف الصالة وكثرة احلركة فيها والعبث يف اليدين‬
‫يف بدنه ومالبسه وفرقعة أصابعه والنظر إىل الساعة وهو يصلي‪.‬‬
‫‪28‬‬

‫والنفخ من أثر السواك أو غريه‪ .‬إذا بان حرفان وكثرة النحنحة‬


‫بدون حاجة‪ .‬وتقدمي إحدى رجليه عن الصف فال جيوز ذلك‪ .‬وقد‬
‫قال بعض العلماء إذا أكثر من احلركة وتوالت بدون ضرورة بطلت‬
‫الصالة‪.‬‬
‫وكذلك يوجد من بعض الناس أنه يتمايل يف الصالة من جانب‬
‫إىل جانب من دون حاجة ومجيع هذه األعمال ضد اخلشوع يف‬
‫الصالة وقد رأى النيب ‪ ‬رجالً يعبث يف بدنه فقال لو خشع قلب‬
‫هذا لسكنت جوارحه أو كما قال ‪ ،‬فإن اخلشوع هو لب الصالة‬
‫وصالة بال خشوع كاجلسد فاقد الروح‪ ،‬وقد مدح جل ثناؤه الذين‬
‫هم يف صالهتم خاشعون‪ .‬بأعلى املقامات وهو الفالح وهو أمجع‬
‫كلمة قالتها العرب فإن الفالح هو الفوز باملطلوب والنجاة من‬
‫املرهوب والصالة خبشوع وحضور قلب تأمر صاحبها باملعروف‬
‫وتنهاه عن املنكر وهي اليت تقر هبا عيون املتقني كما قال سيدهم‬
‫وإمامهم ‪« ‬وجعلت قرة عيني في الصالة»‪ .‬وقال ‪« ‬يا بالل‬
‫أرحنا بالصالة» فاملتقون يسرتحيون هبا‪ .‬ومن سواهم يسرتحيون‬
‫منها‪ .‬فسبحان من فاوت بني خلقه ورفع بعضهم فوق بعض‬
‫درجات‪ .‬فإن الرجلني يقومان يف الصف وأن ما بينهما يف صالهتما‬
‫كما بني السماء واألرض كما ورد ذلك وأن الرجل لينصرف من‬
‫صالته ما كتب له إال نصفها إال ربعها إال مخسها حىت بلغ عشرها‪.‬‬
‫فاملوفق الذي يتدبر ما يقوله ويفعله يف صالته وجيعل ربه وإهله‬
‫نصب عينيه كأنه يراه فإن مل يكن يراه فإنه يراه‪ .‬وميثل اإلنسان‬
‫نفسه يف صالته ذليالً بني يدي عزيز رحيم راجيًا فضله وأرجى‬
‫‪29‬‬

‫الوسائل املقربة للعبد إىل ربه هو باب الذل واالفتقار واالنطراح بني‬
‫يدي سيده‪.‬‬
‫ومن أكرب األسباب املعينة على اخلشوع هو أن يتدبر املصلي‬
‫قراءته وقراءة إمامه وأن يتدبر األذكار من تسبيح وتكبري وأن‬
‫يستحضر عظمة اهلل وكربياءه وأنه واقف بني يدي أحكم احلاكمني‬
‫ومالك الدنيا واآلخرة الذي نواصي العباد بيديه وقلوهبم بني‬
‫أصبعني من أصابعه يقلبها كيف يشاء الذي ‪‬ليس كمثله شيء‪‬‬
‫وال يعرف اخللق قدره وال حييطون بشيء من علمه إال مبا شاء‪.‬‬
‫واملوفق من وفقه اهلل ومن أراد هذا البحث فلرياجع كتاب الصالة‬
‫لإلمام مشس الدين ابن القيم فقد شفى فيه وكفى قدس اهلل روحه‬
‫ونور ضرحيه‪ .‬وكذلك رسالة إمام أهل السنة أمحد بن حنبل قدس‬
‫اهلل روحه ونور ضرحيه وقد أجاد فيها وأفاد‪.‬‬
‫املسألة الثالثة‪:‬‬
‫أن بعض الناس إذا سجد يرفع إحدى رجليه أو ال ميكنهن يف‬
‫األرض وهذا خيل بالصالة قال ‪« ‬أمرت أن أسجد على سبعة‬
‫أعضاء اليدين‪ .‬والركبتين وأطراف القدمين والجبهة مع األنف وأن‬
‫شعرا وال ثوبًا» (متفق عليه)‪ .‬وكذلك إذا رفع أنفه عن‬
‫ال أكف ً‬
‫األرض فإنه خيل يف صالته‪.‬‬
‫املسألة الرابعة‪:‬‬
‫التخصر يف الصالة وهو أن جيعل يديه على خاصرته فإنه ورد‬
‫النهي عن ذلك‪.‬‬
‫‪30‬‬

‫املسألة اخلامسة‪:‬‬
‫تسوية الصفوف فإنه ثبت عنه ‪ ‬أنه كان يسوي الصفوف‬
‫بنفسه الكرمية وورد التشديد بعدم االهتمام بذلك‪ ،‬وقال ‪ ‬عباد اهلل‬
‫لتسون صفوفكم أو ليخالفن اهلل بني قلوبكم‪ .‬ويلزم حماذاة املناكب‬
‫وإلصاق قدمه بقدم أخيه الذي جبانبه‪ .‬وتكون األقدام مستقبلة القبلة‬
‫وإذا مل حتصل التسوية كما أمر ‪ ‬وقعت النفرة بني املسلمني‬
‫واختالف القلوب كما أخرب به الصادق املصدوق وهذه حكمة‬
‫وسر ومعجزة نبوية كما هو واقع وفق اهلل اجلميع ملا حيبه ويرضاه‪.‬‬
‫املسألة السادسة‪:‬‬
‫أن بعض الناس إذا هوى للسجود برك كما يرب ك البعري يضع‬
‫يديه على األرض قبل ركبتيه وهذا ورد النهي عنه‪ .‬كذلك إذا أراد‬
‫النهوض من السجود أو القيام اعتمد على األرض بيديه وهو قوي‬
‫قادر وهذا خالف السنة‪ .‬والسنة أن يعتمد على ركبتيه إال إذا كان‬
‫عاجزا ملرض أو كرب فال بأس‪.‬‬
‫ً‬
‫المسألة السابعة‪:‬‬
‫إذا دخل املسبوق ووجد اإلمام يف التشهد األخري وجزم أنه‬
‫حيصل مجاعة فإنه ال يدخل يف الصالة مع اإلمام بل عليه أن حيرص‬
‫على حتصيل مجاعة أخرى ألن اجلماعة ال تدرك إال بركعة تامة‪.‬‬
‫كذلك يف اجلمعة إذا أدرك ركعة مع اإلمام يتمها مجعة‪ .‬وإن مل‬
‫ظهرا‪.‬‬
‫أربعا ً‬
‫يدرك ركعة تامة صالها ً‬
‫‪31‬‬

‫المسألة الثامنة‪:‬‬
‫أن بعض الناس يقرأ مع إمامه يف اجلهرية وهذا ال جيوز فإنه‬
‫جيب عليه اإلنصات واالستماع لقراءة إمامه‪ .‬إال أن العلماء استثنوا‬
‫قراءة الفاحتة على خالف يف ذلك‪.‬‬
‫المسألة التاسعة‪:‬‬
‫أن بعض الناس جيهر يف القراءة والتسبيح ويشوش على من‬
‫جبواره وهذا ال جيوز‪.‬‬
‫المسألة العاشرة‪:‬‬
‫وحتتوي على عدة مسائل‪:‬‬
‫يزيد بعض الناس يف االستفتاح‪ :‬وال معبود سواك‪ .‬وهذه اجلملة‬
‫مل ترد عن الشارع ‪ ‬كذلك بعضهم إذا أرد أن يكرب تكبرية‬
‫اإلحرام يكرب بدون رفع يديه وهذا خالف السنة فإنه ورد عنه ‪ ‬أنه‬
‫كان يرفع يديه حىت حياذي هبما أذنيه أو منكبيه وكذلك يسن رفع‬
‫اليدين عند التكبري للركوع وإذا رفع منه وعند قيامه من التشهد‬
‫األول يرفعهما مع التكبري‪ .‬وكذلك قول بعض العامة يف دعائه يف‬
‫الصالة اللهم خل عين‪ .‬وهذه اللفظة خالف املأثور بل يقول ما‬
‫ورد رب اغفر يل وارمحين واهدين وارزقين يف الدعاء بني‬
‫السجدتني‪ ،‬كذلك بعض الناس إذا ركع مل يسو رأسه مع ظهره بل‬
‫تاما حىت‬ ‫ركوعا ًّ‬
‫ً‬ ‫يرفع رأسه‪ ،‬وهذا خيل يف الركوع فإنه ال يكون‬
‫يستوي رأسه مع ظهره كما ورد يف ركوعه ‪ .‬كذلك بعض الناس‬
‫إذا استعاذ يقول أعوذ بالسميع العليم‪ .‬ويسقط اسم اجلاللة وهو اهلل‬
‫ت‬‫وهذا خالف ما ورد يف الكتاب والسنة فإن اهلل قال‪ :‬فَِإذَا َق َرأْ َ‬
‫‪32‬‬

‫الر ِج ِيم‪ ‬واسم اهلل هو الربكة بل‬


‫ان َّ‬ ‫استَ ِع ْذ بِاللَّ ِه ِم َن َّ‬
‫الش ْيطَ ِ‬
‫الْ ُق ْرآ َن فَ ْ‬
‫قال بعض العلماء إنه االسم األعظم‪ .‬كذلك بعض الناس إذا دخل‬
‫املسجد جلس بدون أن يصلي حتية املسجد ركعتني سواء كان يف‬
‫وقت هني أو غريه‪.‬‬
‫والصحيح أن حتية املسجد تفعل كل وقت وهذا هو الراجح‬
‫لقول النيب ‪« ‬إذا دخل أحدكم المسجد فال يجلس حتى يصلي‬
‫ركعتين» متفق عليه ومل خيصص ذلك يف وقت معني‪.‬‬
‫كذلك يوجد بعض الناس يرفع بصره إىل السماء يف الصالة‬
‫وقد ورد النهي عنه مع الوعيد الشديد كما قال ‪« ‬لينتهين أقوام‬
‫عن رفع أبصارهم إلى السماء أو لتخطفن أبصارهم» رواه البخاري‬
‫وغريه‪.‬‬
‫كذلك بعض الناس يتخلف عن متابعة اإلمام يف الركوع أو‬
‫السجود أو جيلس إذا قام اإلمام من السجود بدون حاجة وهذا‬
‫مكروه كراهة شديدة‪.‬‬
‫وباجلملة فالصالة مشتملة على أقوال وأفعال عبودية شرعية‬
‫توقيفية واملسلم مأمور بأدائها كما وردت عن الشارع ‪ ‬فال جيوز‬
‫له اإلخالل هبا أو الزيادة عن املشروع‪ .‬بل يلزمه أن يؤديها كما‬
‫وردت‪.‬‬
‫كما بينه وفصله العلماء يف أحكام الصالة يف مواضعه‪ .‬والصالة‬
‫هي أم العبادات كما أن اخلمر أم احملرمات‪ .‬فمنزلة اإلنسان يف‬
‫اإلسالم على قدر منزلة الصالة يف قلبه‪ .‬كما ورد يف بعض اآلثار‬
‫«من حافظ على الصالة فهو ملا سواها من دينه أحفظ ومن ضيعها‬
‫‪33‬‬

‫كان ملا سواها من دينه أضيع»‪ ،‬وليس بعد إضاعة الصالة دين كما‬
‫ورد يف الكتاب والسنة واتفق عليه مجلة الصحابة والسلف الصاحل‪.‬‬
‫قال عبد اهلل بن شقيق التابعي ‪ .‬أدركت أربعني رجالً من‬
‫أصحاب النيب ‪ .‬كلهم ال يعدون شيئًا من الشرائع تركه كفر إال‬
‫سفاحا‬
‫الصالة‪ .‬فعلى هذا إذا حكم بكفره فإن نكاحه يكون ً‬
‫وتطلق زوجته يف احلال لكونه والعياذ باهلل ارتد عن دينه وإذا مات‬
‫فال يغسل وال يصلى عليه وال يقرب يف مقابر املسلمني بل ينبذ كنبذ‬
‫اجليفة وال يرث وال يورث أعاذنا اهلل واملسلمني من ذلك‪ .‬فمن‬
‫عرف برتك الصالة أو التهاون هبا فإنه ال جيوز وال حيل لويل املرأة‬
‫أن يزوجه موليته بل إن العقد باطل إذا عقد له‪ .‬وجيب منع الويل‬
‫من ذلك سواء من القريب أو البعيد من عشريته أو احلاكم‪ .‬فيا أيها‬
‫عموما‬
‫خصوصا ويف شرائع اإلسالم ً‬ ‫ً‬ ‫املسلمون اتقوا اهلل يف صالتكم‬
‫وقوموا على من حتت أيديكم بإلزامهم بطاعة اهلل واحملافظة على‬
‫أوامره واجتناب نواهيه فإن كال منا راع ومسئول عن ما اسرتعاه‬
‫اهلل فيه وكل منا على ثغر من ثغور اإلسالم فاهلل اهلل أن يؤتى‬
‫مجيعا واستقيموا‬
‫اإلسالم من قبله‪ .‬أيها املسلمون اعتصموا حببل اهلل ً‬
‫والزموا طاعة ربكم تفوزوا بسعادة الدارين‪ .‬وخذوا على أيدي‬
‫السفهاء وأطروهم على احلق أطرا وتعاونوا على الرب والتقوى‬
‫وطهروا بيوتكم وأسواقكم وجمتمعاتكم من تلك القاذورات‬
‫واملنكرات الظاهرة واألصوات احملرمة اليت هي مزامري الشيطان من‬
‫اجملاهرة جبميع ذلك من شرب الدخان وحلق اللحى يف الشوارع‬
‫‪34‬‬

‫وانتشار ذلك فإن هذا أكرب خلل يف الدين واجملتمع ومن احنطاط‬
‫األخالق ومن األوصاف الرذيلة اليت هي ضد األوصاف الشريفة‬
‫فإن الغناء بريد الزنا والزنا بريد الكفر‪ .‬فيا لألسف الشديد بعد ما‬
‫ومنبعا للخريات‬ ‫كانت هذه البالد معقالً لإلسالم مزدهرة باألخيار ً‬
‫من التعلم والتعليم للعلوم النافعة الشرعية وقيام األخيار باألمر‬
‫باملعروف والنهي عن املنكر وبعد ما كانت مضرب املثل يف التقدم‬
‫يف العلوم الدينية واألعمال اخلريية وكل مسلم موحد يفتخر هبا‬
‫ويثوب إليها‪ .‬مضى األخيار يف سبيلهم بعدما أدوا واجبهم وفازوا‬
‫إن شاء اهلل برمحة رهبم بأسرع حلظة انعكست احلال وتغريت البالد‬
‫ومن عليها واستبدلنا بتلك اخلريات من العلوم النافعة واألعمال‬
‫الصاحلة والقيام بأوامر اهلل باملالهي يف بيوتنا وأسواقنا وجمتمعاتنا‬
‫وبعد ما كانت البيوت واجملتمعات عامرة بتالوة كتاب اهلل‬
‫ومزدهرة به واأللسن مرتمنة به استبدلنا عن ذلك باألصوات اخلليعة‬
‫املاجنة من املوسيقى وأنواع املطربات من شىت اإلذاعات فبئس‬
‫البدل بدل اخلبيث بالطيب واألدىن بالذي هو خري‪ .‬بعدما كانت‬
‫العوائل يف البيوت تفتتح هنارها بتالوة كالم رهبا وذكره وشكره‬
‫وتتخلق وتتأدب باآلداب القرآنية أصبحت اليوم ترتمن وتتعلم‬
‫األصوات اخلليعة وأحلان الفاتنات فيا لألسف الشديد على ما‬
‫رضيناه ألنفسنا وعوائلنا وجمتمعنا لقد قابلنا نعم اهلل علينا املتوفرة‬
‫املرتادفة بكفرها وعدم شكرها واهلل يقول ‪َ  7 /14‬وإِ ْذ تَأَذَّ َن َربُّ ُك ْم‬
‫لَئِ ْن َش َك ْرتُ ْم أَل َ ِزي َدنَّ ُك ْم َولَئِ ْن َك َف ْرتُ ْم إِ َّن َع َذابِي لَ َش ِدي ٌد‪ ‬وقد قال‬
‫‪35‬‬

‫بعض السلف‪ :‬إذا رأيتم اهلل يدر النعم ويواليها على قوم وهم‬
‫مقيمون على معاصيه فاعلم أنه استدراج وقد مكر اهلل بالقوم مث‬
‫ِ‬
‫اب ُك ِّل‬ ‫سوا َما ذُ ِّك ُروا بِه َفتَ ْحنَا َعلَْي ِه ْم أ َْب َو َ‬ ‫تلى قوله تعاىل‪َ  :‬فلَ َّما نَ ُ‬
‫اه ْم َبغْتَةً فَِإذَا ُه ْم ُم ْبلِ ُسو َن‪‬‬ ‫ٍ‬
‫َش ْيء َحتَّى إِذَا فَ ِر ُحوا بِ َما أُوتُوا أَ َخ ْذنَ ُ‬
‫(‪) 1‬‬

‫ِ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْح ْم ُد‬‫ين ظَلَ ُموا َوال َ‬ ‫أي آيسون من كل خري‪َ  .‬ف ُقط َع َداب ُر الْ َق ْوم الذ َ‬
‫ين‪‬‬ ‫ِ‬ ‫لِلَّ ِه َر ِّ‬
‫ب ال َْعالَم َ‬
‫األنعام ‪.45‬‬
‫أيها املسلمون واهلل أعلم حبقيقة إسالمنا كل منا مسئول أمام‬
‫اهلل من رئيس ومرؤوس كل على حسب قدرته واستطاعته هل أدى‬
‫أمانته اليت أؤمتن عليها وما أخذ عليه من العهد وامليثاق بقوله تعاىل‬
‫‪َ  7 /5‬واذْ ُك ُروا نِ ْع َمةَ اللَّ ِه َعلَْي ُك ْم َو ِميثَاقَهُ الَّ ِذي َوا َث َق ُك ْم بِ ِه إِ ْذ ُقلْتُ ْم‬
‫َس ِم ْعنَا َوأَطَ ْعنَا ‪ )2(‬وبقوله تعاىل‪َ  :‬ولْتَ ُك ْن ِم ْن ُك ْم أ َُّمةٌ يَ ْدعُو َن إِلَى الْ َخ ْي ِر‬
‫(‪) 3‬‬
‫ك ُه ُم ال ُْم ْفلِ ُحو َن‪‬‬ ‫ويأْمرو َن بِالمعر ِ‬
‫وف َو َي ْن َه ْو َن َع ِن ال ُْم ْن َك ِر َوأُولَئِ َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ َ ُُ‬
‫َّاس تَأْمرو َن بِالْمعروفِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫وبقوله تعاىل‪ُ  :‬ك ْنتُ ْم َخ ْي َر أ َُّمة أُ ْخ ِر َج ْ‬
‫َ ُْ‬ ‫ت للن ِ ُ ُ‬
‫َوَت ْن َه ْو َن َع ِن ال ُْم ْن َك ِر َو ُت ْؤِمنُو َن بِاللَّ ِه‪ )4(‬أيها املسلمون هل كل فرد‬
‫منا اليوم يقول إننا عملنا هبذه اآليات الكرميات وطبقناها على ما‬
‫أمرنا به اهلل وعملنا هبا كما عمل هبا سلفنا الصاحل أم تنطبق علينا‬
‫اآلية الكرمية‪ :‬لُ ِعن الَّ ِذين َك َفروا ِمن بنِي إِسرائِيل َعلَى لِس ِ‬
‫ان َد ُاو َد‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َْ َ‬
‫يسى بْ ِن َم ْريَ َم َذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫ك بِ َما َع َ‬
‫ص ْوا َو َكانُوا َي ْعتَ ُدو َن (‪َ )78‬كانُوا اَل‬ ‫َوع َ‬
‫() األنعام‪.44 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() املائدة ‪.7‬‬ ‫‪2‬‬

‫() آل عمران ‪.104‬‬ ‫‪3‬‬

‫() آل عمران ‪.110‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪36‬‬

‫س َما َكانُوا َي ْف َعلُو َن (‪َ )79‬ت َرى َكثِ ًيرا‬ ‫ِ‬


‫اه ْو َن َع ْن ُم ْن َك ٍر َف َعلُوهُ لَب ْئ َ‬
‫َيَتنَ َ‬
‫س ُه ْم أَ ْن َس ِخ َ‬ ‫س َما قَ َّد َم ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ط‬ ‫ت لَ ُه ْم أَْن ُف ُ‬ ‫ين َك َف ُروا لَب ْئ َ‬
‫م ْن ُه ْم َيَت َول ْو َن الذ َ‬
‫اب ُه ْم َخالِ ُدو َن (‪َ )80‬ولَ ْو َكانُوا ُي ْؤ ِمنُو َن بِاللَّ ِه‬ ‫اللَّهُ َعلَْي ِه ْم َوفِي ال َْع َذ ِ‬
‫اس ُقو َن‪‬‬ ‫والنَّبِ ِّي وما أُنْ ِز َل إِلَي ِه ما اتَّ َخ ُذوهم أَولِياء ولَ ِك َّن َكثِيرا ِم ْنهم فَ ِ‬
‫ً ُْ‬ ‫ُْ ْ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫املائدة ‪ .81 -78‬والواقع أكثر شاهد وسنة اهلل يف األولني‬
‫واآلخرين واحدة فإنا هلل وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬انظروا يف أمركم وارجعوا إىل كتاب ربكم‬
‫وسنة نبيكم‪ .‬فقد قال ‪ ‬حني تلى هذه اآليات الكرميات‪« :‬واهلل‬
‫لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه‬
‫قصرا أو ليضربن اهلل‬ ‫ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق ً‬
‫قلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم»(‪ )1‬وقال تعاىل‪ :‬‬
‫ْسنَا َبيَاتًا َو ُه ْم نَائِ ُمو َن (‪ )97‬أ ََوأ َِم َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أَفَأَم َن أ َْه ُل الْ ُق َرى أَ ْن يَأْتَي ُه ْم بَأ ُ‬
‫ض ًحى َو ُه ْم َيل َْعبُو َن (‪ )98‬أَفَأ َِمنُوا َم ْك َر‬ ‫ْسنَا ُ‬ ‫ِ‬
‫أ َْه ُل الْ ُق َرى أَ ْن يَأْتَي ُه ْم بَأ ُ‬
‫اس ُرو َن ‪ )2(‬وقال تعاىل‪ :‬إِ ْن‬ ‫اللَّ ِه فَاَل يأْمن م ْكر اللَّ ِه إِاَّل الْ َقوم الْ َخ ِ‬
‫ُْ‬ ‫ََُ َ َ‬
‫ت أَقْ َد َام ُك ْم‪َ  ) ‬وإِ ْن َتَت َولَّ ْوا يَ ْستَْب ِد ْل‬
‫(‬ ‫‪3‬‬
‫ص ُروا اللَّهَ َي ْن ُ‬
‫ص ْر ُك ْم َو ُيثَبِّ ْ‬ ‫َت ْن ُ‬
‫(‪) 4‬‬
‫يدا واحدة يف‬ ‫َق ْو ًما غَْي َر ُك ْم ثُ َّم اَل يَ ُكونُوا أ َْمثَالَ ُك ْم‪ ‬عباد اهلل كونوا ً‬
‫نصر احلق وإعالء كلمة اهلل واألخذ على أيدي السفهاء وكونوا‬
‫عباد اهلل إخوانا وأعوانا على احلق والقيام به تفوزوا وحتوزوا شرف‬

‫() رواه أبو داود‪ ،‬والرتمذي وقال‪ :‬حديث حسن‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() األعراف ‪.99 -97‬‬ ‫‪2‬‬

‫() سورة حممد آية ‪.7‬‬ ‫‪3‬‬

‫() سورة حممد آية ‪.38‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪37‬‬

‫الدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫عباد اهلل إننا نشاهد املنكرات ظاهرة من ترك الصلوات وإعالن‬
‫املنكرات يف األسواق والبيوت ومل يشاهد منا رجل واحد متعر وجهه‬
‫هلل غرية على دينه فما أجدرنا بالعقوبة والنكال على قبيح األعمال‪.‬‬
‫أيها املسلمون انتبهوا وخذوا حذركم قبل أن حيل بنا ما حل‬
‫بالعصاة وقبل أن يأيت يوم ال مرد له وقبل أن تقول نفس يا حسرتى‬
‫على ما فرطت يف جنب اهلل‪ .‬وال تغرنكم احلياة والدنيا وال يغرنكم‬
‫باهلل الغرور‪ .‬فإنه ما قام دين وال استقام إال باألمر باملعروف والنهي‬
‫عن املنكر وهو من اجلهاد يف سبيل اهلل واجلهاد يف سبيل اهلل عده‬
‫مجلة من العلماء ركنًا من أركان اإلسالم فكيف ضيعنا هذا الركن‬
‫العظيم ‪‬فإن هلل وإنا إليه راجعون‪ ‬نسأل اهلل بأمسائه احلسىن وصفاته‬
‫العليا ونور وجهه الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا‬
‫واآلخرة أن يعيد لألمة اإلسالمية جمدها وعزها وشرفها يف القيام‬
‫يدا واحدة على من‬‫بنصرة دين اهلل وإعالء كلمته وأن يكونوا ً‬
‫خالفه‪ .‬وإن جيمع كلمة املسلمني مجيعا يف مشارق األرض ومغارهبا‬
‫وأن مين عليهم باالستقامة على الصراط املستقيم وأن يقيم هلم علم‬
‫اجلهاد وأن يقمع أهل الشرك والكفر والبغي والفساد وهو حسبنا‬
‫ونعم الوكيل‪ .‬وصلى اهلل على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫كثريا إىل يوم الدين‪.‬‬
‫تسليما ً‬
‫ً‬
‫أمالها الفقري إىل اهلل‪ .‬عبد اهلل املنصور الزامل بتاريخ ‪/15‬‬
‫‪ 1383 / 10‬هـ‪.‬‬
‫‪38‬‬

‫فضل الصالة مع الجماعة ووجوبها‬


‫شرع اهلل تعاىل هلذه األمة االجتماع يف املساجد يف أوقات‬
‫معلومة منها ما هو يف اليوم والليلة كالصلوات اخلمس‪ ،‬ومنها ما‬
‫هو يف األسبوع وهو صالة اجلمعة‪ ،‬ومنها ما هو يف السنة وهو‬
‫صالة العيدين جلماعة كل بلد‪ ،‬ومنها ما هو اجتماع عام يف السنة‬
‫وهو الوقوف بعرفة ألجل التواصل واإلحسان والتعاطف والرعاية‪،‬‬
‫وألجل نظافة القلوب وألجل معرفة أحوال بعضهم لبعض فيقومون‬
‫بعيادة املرضى وتشييع املوتى ومساعدة احملتاجني وإغاظة العدو‬
‫وهذه الفوائد عالوة على كوهنا عبادة اهلل وفيها تكفري السيئات‬
‫وزيادة احلسنات ورفع الدرجات ومن فوائد اجلماعة قيام نظام‬
‫األلفة وتعلم اجلاهل من العامل واقتداؤه به وعموم الربكة ومضاعفة‬
‫الثواب وزيادة العمل وغري ذلك من احلكم يف مشروعيتها والفوائد‬
‫اليت ال حتصى‪ .‬وحقيقتها ربط صالة املأموم بصالة اإلمام‪ .‬والتهاون‬
‫باجلماعة وسيلة إىل ترك الصالة بالكلية‪ ،‬ملا تقدم وغريه فرض اهلل‬
‫على الرجال املقيمني أداء الصلوات اخلمس يف أوقاهتا مع اجلماعة‬
‫يف املساجد حلكم بالغة وفوائد جسيمة ففي كل خطوة ميشيها‬
‫الرجل إىل املسجد رفع درجة وحط خطيئة وهو يف عبادة من حني‬
‫خيرج من بيته إىل املسجد حىت يرجع وحيصل يف االجتماع أيضا‬
‫التعارف وتبادل التحية والسالم وال يزال املسلم يف صالة ما‬
‫انتظرها واملالئكة تصلي عليه وتستغفر له وتدعو له باملغفرة والرمحة‬
‫ما دام يف مصاله قال ‪« :‬صالة الجماعة أفضل من صالة الفذ‬
‫‪39‬‬

‫بسبع وعشرين درجة‪ .‬وقال صالة الرجل في الجماعة تضعف على‬


‫خمسا وعشرين ضع ًفا وذلك أنه إذا توضأ‬
‫صالته في بيته وفي سوقه ً‬
‫فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد ال يخرجه إال الصالة لم‬
‫يخط خطوة إال رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلى‬
‫لم تزل المالئكة تصلي عليه ما دام في مصاله تقول‪ :‬اللهم صل‬
‫عليه اللهم اغفر له اللهم ارحمه وال يزال في صالة ما انتظر‬
‫الصالة»(‪.)1‬‬
‫وهذا شيء عظيم ال يستهان به‪ .‬وقال عبد اهلل بن مسعود‪ :‬من‬
‫مسلما فليحافظ على هؤالء الصلوات اخلمس‬ ‫غدا ً‬‫سره أن يلقى اهلل ً‬
‫حيث ينادي هبن فإن اهلل شرع لنبيكم ‪ ‬سنن اهلدى وإهنن من سنن‬
‫اهلدى ولو أنكم صليتم يف بيوتكم كما يصلي هذا املتخلف يف بيته‬
‫لرتكتم سنة نبيكم‪ ،‬ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ولد رأيتنا وما‬
‫يتخلف عنها إال منافق معلوم النفاق أو مريض ولقد كان الرجل‬
‫يؤتى به يهادى بني الرجلني حىت يقام يف الصف(‪ )2‬وهذا دليل ظاهر‬
‫على استقرار وجوهبا عند أصحاب حممد ‪ ‬فالتخلف عن اجلماعة‬
‫معصية عظيمة وكبرية من كبائر الذنوب‪ .‬ويكون اعتناء املسلم‬
‫بصالة العشاء والفجر مع اجلماعة أشد ألن النيب ‪ ‬أخرب أن هاتني‬
‫الصالتني أثقل الصلوات على املنافقني ولو يعلمون ما فيهما ألتومها‬
‫حبوا وقال ‪« ‬من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف‬ ‫ولو ً‬

‫() متفق عليهما‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪40‬‬

‫(‪) 3‬‬
‫الليل ومن صلى العشاء والفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله»‬
‫وقد قال تعاىل‪ :‬واركعوا مع الراكعين‪ )2(‬أي صلوا مع املصلني‬
‫واألمر للوجوب‪.‬‬
‫وقد شرعت صالة اخلوف مجاعة أمام العدو ويف ميدان القتال‬
‫فلو كان يف التخلف عن اجلماعة رخصة لرخص للمجاهدين أمام‬
‫العدو يف تلك الساعة احلرجة فكيف باآلمن املطمئن؟ وقد هم النيب‬
‫‪ ‬بتحريق بيوت املتخلفني عن الصالة مع اجلماعة عليهم ومل مينعه‬
‫من ذلك إال ما يف البيوت‪.‬‬
‫من النساء واألطفال الذين ال جتب عليهم الصالة مع اجلماعة‬
‫وجاءه ‪ ‬رجل أعمى يستأذنه أن يصلي يف بيته البعيد عن املسجد‬
‫فلم يرخص له ما دام يسمع األذان فكيف مبن يكون صحيح البصر‬
‫سليما ال عذر له أفال يستحي من ربه فيجيب داعي اهلل ويؤدي‬
‫فريضته اليت فرضها اهلل عليه وكل ما تقدم أدلة صحيحة صرحية يف‬
‫وجوب أداء الصالة مع اجلماعة يف املساجد اليت بنيت من أجلها‬
‫وشرع األذان ألجلها ‪‬في بيوت أذن اهلل أن ترفع ويذكر فيها اسمه‬
‫‪(3) ‬إنما يعمر مساجد اهلل من آمن باهلل‪ )4(‬ويف احلديث «من‬
‫سمع النداء فلم يمنعه من أتباعه عذر‪ ،‬قيل وما العذر‪ .‬قال خوف أو‬

‫() رواه مسلم‬ ‫‪1‬‬

‫() البقرة ‪.43‬‬ ‫‪2‬‬

‫() النور ‪.36‬‬ ‫‪3‬‬

‫() التوبة ‪.18‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪41‬‬

‫مرض لم تقبل منه الصالة التي صلى ‪-‬يعني‪ :‬في بيته‪ )5(»-‬وسئل‬
‫ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل وال يصلي يف مجاعة‬
‫وال جيمع فقال‪« :‬إن مات على هذا فهو في النار»(‪.)2‬‬
‫وعنه ‪ ‬أنه قال‪« :‬الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق من سمع‬
‫منادي اهلل ينادي إلى الصالة فال يجيبه‪ ،‬وفي رواية بسحب المؤمن‬
‫(‪) 3‬‬
‫من الشقاء والخيبة أن يسمع المؤذن يثوب بالصالة فال يجيبه»‬
‫فالصالة يف املساجد مع اجلماعة من أوكد العبادات وأجل الطاعات‬
‫وأعظم القربات‪ .‬وباهلل التوفيق‪.‬‬

‫() رواه أبو داود وابن حبان يف صحيحه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() رواه الرتمذي موقوفا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() رواه أمحد والطرباين‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪42‬‬

‫أحكام تارك الصالة في الشريعة اإلسالمية‬


‫احلمد هلل والصالة والسالم على رسول اهلل وعلى آله وصحبه‬
‫ومن وااله وبعد‪:‬‬
‫فإن مما حيز يف النفس ويبكي العني ويؤمل القلب هتاون كثري من‬
‫شباب املسلمني بالصالة وتأخريهم هلا عن وقتها وختلفهم عن‬
‫مجاعتها على الرغم من أهنم يتمتعون بالصحة والعافية والعقل‬
‫والسمع والبصر والعلم واملعرفة واألمن واالستقرار ورغد العيش يف‬
‫هذا الوطن العزيز وهذه نعم عظيمة حتتاج إىل شكر املنعم عليها‬
‫بطاعته وترك معصيته ومن أعظم الواجبات الصالة ومن أعظم‬
‫املعاصي تركها‪ .‬وهي عماد الدين وشعار املسلم والفارقة بني‬
‫اإلسالم والكفر كما دلت على ذلك اآليات القرآنية واألحاديث‬
‫النبوية‪.‬‬
‫لذا أحب أن أذكر إخواين شباب اإلسالم واملسلمني بأحكام‬
‫تارك الصالة ليتفطنوا هلا وجيعلوها نصب أعينهم ‪‬معذرة إلى ربكم‬
‫ولعلهم يتقون‪ ‬األعراف ‪.164‬‬
‫‪ -1‬أن تارك الصالة حمكوم بكفره والكافر يف النار ولن يرضى‬
‫املسلم لنفسه بالكفر والنار‪.‬‬
‫‪ -2‬حمكوم بقتله بعد أن يستتاب فال يتوب ولن يرضى أحد‬
‫لنفسه بالقتل قال ‪« ‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ال إله‬
‫إال اهلل ويقيموا الصالة» احلديث متفق عليه‪.‬‬
‫‪ -3‬ال يزوج البنت املسلمة ‪‬ال هن حل لهم وال هم يحلون‬
‫لهن‪ ‬سورة املمتحنة آية ‪.10‬‬
‫‪43‬‬

‫‪ -4‬ال يرث أقاربه املسلمني وال يرثونه إذا مات ألنه حمكوم‬
‫بكفره والكافر ال يرث املسلم واملسلم ال يرث الكافر حلديث أسامة‬
‫بن زيد متفق عليه‪.‬‬
‫‪ -5‬ال يقبل منه صدقة وال صوم وال حج وال أي عمل ألن‬
‫الصالة عمود اإلسالم الذي يقوم عليه لقوله ‪ ‬رأس األمر اإلسالم‬
‫وعموده الصالة‪ ،‬رواه الرتمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫جرما من الزاين والسارق وشارب اخلمر؛ ألن‬ ‫‪ -6‬هو أشد ً‬
‫هؤالء مسلمون عصاة إذا كانوا يصلون وهو كافر ومن استحل‬
‫جممعا على حترميه‪.‬‬ ‫حمرما فقد كفر إذا كان ً‬ ‫ً‬
‫‪ -7‬إذا مات ال يغسل وال يكفن وال يصلى عليه وال يدفن يف‬
‫حمكوما بكفره‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مقابر املسلمني لكونه‬
‫إال من تاب تاب اهلل عليه وهو التواب الرحيم والرجوع إىل‬
‫احلق خري من التمادي يف الباطل وكلنا يعلم أن احلياة حمدودة‬
‫واألنفاس معدودة وأن املوت يأيت فجأة وليس بعد املوت إال اجلنة‬
‫يف نعيم أبدي أو النار يف عذاب سرمدي ومن أسباب عذاب النار‬
‫ترك الصالة‪.‬‬
‫ك ِم َن‬ ‫قال تعاىل‪َ  :‬ما َسلَ َك ُك ْم فِي َس َق َر (‪ )42‬قَالُوا لَ ْم نَ ُ‬
‫َّ ِ‬
‫صلِّ َ‬
‫(‪) 1‬‬
‫آمنُوا قُوا أَْن ُف َس ُك ْم‬
‫ين َ‬‫ين‪ ‬وقال تعاىل‪ :‬يَا أ َُّي َها الذ َ‬ ‫ال ُْم َ‬
‫ْح َج َارةُ ‪ )2(‬أعاذنا اهلل وإخواننا‬ ‫ودها النَّاس وال ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َوأ َْهلي ُك ْم نَ ًارا َوقُ ُ َ‬
‫املسلمني من النار ومما يقرب إليها من قول وعمل وصلى اهلل على‬
‫() سورة املدثر آية ‪.43 -42‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سورة التحرمي آية ‪.6‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪44‬‬

‫حممد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬


‫‪45‬‬

‫مراجع رسالة الصالة الكاملة‬


‫وآثارها في حياة المسلم‬
‫رسالة الصالة لإلمام أمحد رمحه اهلل‪.‬‬
‫كتاب الصالة البن القيم رمحه اهلل‪.‬‬
‫الصالة عماد الدين للدكتور حسن الرتايب‪.‬‬
‫الرياض الناضرة للشيخ عبد الرمحن السعدي رمحه اهلل‪.‬‬
‫زاد املعاد يف هدي خري العباد ‪ ‬البن القيم‪.‬‬
‫املغين البن قدامة رمحه اهلل‪.‬‬
‫كلمات مضيئة للمؤلف وفقه اهلل‪.‬‬
‫رسالة للشيخ عبد اهلل املنصور الزامل رمحه اهلل‪.‬‬
‫‪46‬‬

‫فهرس‬
‫مقدمة ‪5..........................................................‬‬
‫الصالة عماد الدين ‪7...............................................‬‬
‫الصالة الكاملة وآثارها يف حياة املسلم‪10...........................‬‬
‫وأول عهد املرء باإلسالم بعد اإلقرار بالتوحيد‪10....................‬‬
‫‪ -1‬فوائد الصالة ‪16..............................................‬‬
‫عظم شأن الصالة ‪20..............................................‬‬
‫مزايا الصالة على سائر العبادات ‪22................................‬‬
‫‪ -2‬من فوائد الصالة‪24...........................................‬‬
‫مسائل مهمة تتعلق بالصالة ‪27.....................................‬‬
‫فضل الصالة مع اجلماعة ووجوهبا‪38...............................‬‬
‫أحكام تارك الصالة يف الشريعة اإلسالمية ‪42........................‬‬
‫مراجع رسالة الصالة الكاملة وآثارها يف حياة املسلم‪45..............‬‬
‫فهرس‪46.........................................................‬‬

You might also like