Professional Documents
Culture Documents
�أدب احلوار
بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية
جميع احلقوق حمفوظة باتفاق ،ال ي�سمح ب�إعادة �إ�صدار هذا الكتاب �أو �أي جزء منه
�أوتخزينة يف �أي نظام ال�سرتجاع املعلومات �أو نقله ب�أي �شكل من الأ�شكال.
مكتب النور
المحتويات
املؤهالت ما
فاحلمد هلل الذي هيأ السبيل ،وآتانا سبحانه من ِّ
وتأمل قدرة ٍ
تامة عىل االستفادة من ُحسن النظرُّ ، ٍ جيعلنا عىل
توجيهات العيل
ُ وجه مستنري ،مستند ُه ِ
العرب ،وإقامة التفكري عىل ٍ
الكبري ،ودالالت البشري النذير والرساج املنري صىل اهلل عليه
وعىل آله وصحبه وسلم.
احلمد هلل كثريا ،وسبحان اهلل بكرة وأصيال ،وصىل اهلل وسلم
عىل مفتاح اخلريات ألهل اخلري ،اهلادي إىل احلق تبارك وتعاىل
9 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية �سل�سلة الر�سائل الدعوية 8
ٍ
نتيجة تتعلق والوجهات وطاقات الوعي والتأمل ،للوصول إىل صل اللهم وس ِّلم وبارك
موضح معامل السريِّ ،
ِ بأحسن الداللة
شأن عظيم فيام يتعلق ِ
ومستقبلها القريب والبعيدٌ ، بحارض األمة عىل عبدك سيدنا حممد املصطفى ،وعىل آله وأصحابه أهل
بوجود الطوائف ،ووجود املذاهب وكيف يتم التعايش ،وكيف الصدق والوفاء ومن اتبعهم واقتفى وعلينا ومعهم وفيهم
يقوم احلوار بينهم. برمحتك يا أرحم الرامحني.
جزى اهلل تعاىل احلبيب أبابكر املشهور خري اجلزاء ومن انضم
إىل هذا املركز وهذه املنتديات وتلك األربطة املباركة عىل ما
رص هذه اللقاءات والتفكريات واستكتاب أهل هيئوا من ُف ِ
ودعمت بغري ُ وهم
ٍ البحث ،وإبعاد حواجزَ ربام قامت من
فعالة وحتسين ًا ٍ
وقدرات
َّ وتقى
ً بصرية فأفقدت املجتمع قو ًة
وفوتت كثري ًا من
للوضع والواقع ،وقرب ًة إىل اهلل تبارك وتعاىلَّ ،
اخلري الذي يعود عىل أهل املجتمع وعىل أهل الزمن واألمة من
ٍ
بمعان من أرسار ما َر َبط اخلالق الواحد بني خمتلف املخلوقات
ٍ
معان الربط ،حتى ما ُيتحدَّ ث عنه من قاعدة الوالء والرباء فيها
أيض ًا دقيقة عميقة من الربط تشري إىل أن خالق الكل واحد جل
جالله وتعاىل يف عاله.
ومن خالل هذه احلقيقة التي أرشنا إليها ندخل إىل هذا
عظيم األثر يف واقع األمة ،أراه من أخطر
َ املوضوع الذي أراه
ما يمكن أن ُت َ
رصف إليه األنظار واألبصار والبصائر واألفكار
11 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية
األمر .ومل ينفك هذا عن حال املستجيبني لدعوة نب ِّينا حتى يف جتمعت عىل
اهلل وسالمه عليهم؛ وأما غموضها فللعوامل التي َّ
حال حياته وأيام نزول الوحي عليه صىل اهلل عليه وعىل آله العقليات املسلمة ،وعىل قوى الوعي يف هذه األمة التي حالت
التنوع يف
التنوع يف الفهم ،وجاء ُّ وصحبه وسلم ،فقد جاء ُّ بينها وبني رؤية هذه الداللة الواضحة يف الكتاب ومنهج رسول
التنوع يف كيفية التنفيذ والتطبيق.
إدراك املغزى واهلدف ،وجاء ُّ اهلل صىل اهلل عليه وعىل آله وصحبه وسلم ،فنحتاج إىل جد َّي ٍة يف
وأقر هذا.. جتاوز هذه العوائق واخلروج من هذا احلرص أو القرص أو َ
وأقر هذا َّ
أقر هذا َّ
والعجب أنه وهو صاحب الرسالة َّ األرس ُ
ٍ
وأسس حتفظ ليقر سن َة اهلل يف الوجود من التنوع لكن بضوابط
َّ الذي وقع الناس فيه ،وخصوص ًا أهل هذه امللة الذين نحن جزء
التنوع يف الواقع ،وال
انعدام ُّ
ُ عىل األمة وحد ًة ال يكون معناها منهم ،ورابط ُتنا هبم تتميز عن رابطتِنا ببقية أجناس الوجود.
رؤية أخرى .فليس هذا معنىٍ ِ
لصاحب ٍ
رؤية ِ
صاحب ُ
رفض
منهج حقٍّ وهدى ،وفكرة حقٍّ وهدى إال وكان يف ِ ما من
الوحدة. ِ
تنوع وتعدُّ د؛ وما من فكرة
تفعيلها والقيام هبا وتطبيقها ُّ مظاهر
باطل ،ومنهج ضالل وزيغ إال وكان أيض ًا يف كيفية تطبيقه
وتنوع وصوروالتفاعل معه وإخراجه إىل ح ِّيز الواقع تعدُّ د ُّ
كثرية .جيب أن نفقه ذلك وهي سنة من سنن اهلل يف هذه احلياة.
ين ِعندَ
وملا كان دين احلق دين اهلل الذي ارتضاه ﴿ إِ َّن الدِّ َ
اهلل اإلس َ
ال ُم ﴾ [آل عمران ]19:عىل مثل ذلك املنوال جاءت
التنوع والتعدُّ د يف صلب الرشيعة املطهرة لتكون يف صورة
معاين ُّ
وفتح
ِ ٍ
وأصول رواسخ ٍ
أسس ثوابت ٍ
وتوحيد عىل مجع ٍ
كامل ،يف ٍ
ِ
كيفيات التطبيق والعمل به والتنفيذ لذلك ٍ
نطاق واسع يف تعدُّ د
15 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية
نعني أحد ًا عليهم وال يعينون أحد ًا علينا ،ومن جاء منهم إلينا متتد النظرة ومتتد السعة يف شأن هذه القواسم التي ما ُيعدم
نرده ومن ذهب منا إليهم ال يردونه!؟ قال� ( :إين ر�سول اهلل، أديان باطلة كفر َّي ٍة
ٍ أن متتد حتى بني أهل ملة احلق وبني أهل
ول�ست �أع�صيه ،وهو نا�صري ) [رواه البخاري يف صحيحه] ٍ
ضالة ،وعىل ضوئها جاء يف الرشيعة باب الصلح واملعاهدة
فدار احلوار بني فرد من أفراد اجليش وبني صاحب القيادة العليا وإقامة العهود ،وجاء متثيل ذلك يف واقع سرية املصطفى
بمثل هذه ال َّلطافة ،ومثل هذا التقرير وتبيني احلقيقة ،فام كان ِ
بعقد الصلح بينه وبني قريش يف وقت استفزاز ،ووقت إثارة
ٌ
اشمئزاز من النبي من هذه األسئلة ،وما كان يف سيدنا عمر للمشاعر ،حيث ُي َر ُّد صىل اهلل عليه وسلم وهو محُ رم من حتت
تردد يف أنه رسول اهلل صاحب الصدق
شك وال ٌبن اخلطاب ٌّ مكة ،و ُيمنع من دخول الكعبة وأداء العمرة ،ثم ي ِ
ربم االتفاقية
واحلق ..لكن انفعاالت النفس البرشية يف مثل هذه املواقف يف هذه الظروف ..حتى بحكم البرشية والنظرة العادية حتركت
جيب أن ال تعدَّ خارج ًة عن الوحدة ،وجيب أن ال تكون معدودة نفوس بعض الصحابة ،فكان منها ما قام يف املحاورة عىل تلك
سبب ًا للتعادي أو للتباعد. القضية وإذا بصاحب النظرة سيدنا عمر بن اخلطاب الذي يرى
فتح ٍ
باب إلذالل أنه ربام يكون يف هذه الصورة من التعامل ُ
هذا الفقه غاب عن األذهان ،فبمجرد أدنى اختالف يف مسألة
بني طرفني يكون يف نفس أحدمها عىل اآلخر يشء ،وهذا ٌ
جهل املسلمني والستطالة الكافرين ،فجاء إىل رسول اهلل ،يا رسول
وتلون وتعدُّ د اهلل :ألسنا عىل احلق وهم عىل الباطل؟ قال ( :بىل) .أليس قتالنا
تنوع ُّ
بسنة اهلل يف الوجود ،سنة اهلل يف الوجود ُّ
َ
رسول اهلل حقا، ألست
َ يف اجلنة وقتالهم يف النار؟ قال( :بىل).
وأصناف ،قال تبارك وتعاىلَ ﴿ :و َل ْو َشاء اهلل لجَ َ َع َل ُك ْم ُأ َّم ًة
قال ( :بىل ) .قال :فعالم نعطي الدنية يف ديننا!؟ ملاذا نرىض هبذه
الفاختِ ُ احدَ ًة ﴾ [املائدة ]48:وجعل من آياته الكبريةَ ﴿ :و ْ َو ِ
الرشوط الصعبة املتعبة ا ُملجحفة ،التي توجب علينا أن نرجع
َأ ْل ِسنَتِ ُك ْم َو َأ ْل َوانِ ُكم ﴾ [الروم ]22:فهل هذا االختالف حلكمة هذه السنة ،وال نأيت مكة إال السنة القادمة والسيوف مغمدة ،وال
أو لغري حكمة؟ ولمِ مل جيعل اهلل اخللقَ ك َّلهم يف صورة واحدة، نجلس إال ثالثة أيام ،وعرشة أعوام الصلح تقف احلرب ،وال
19 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية �سل�سلة الر�سائل الدعوية 18
قائمة عىل البغضاء أو عىل الشحناء أو عىل االزدراء ،وخصوص ًا وطول واحد!؟ لو كانوا كذلك لبطلت ِح ٌ
كم كبرية يف الوجود.
ونحن يف هذه امللة التي محلت معاين الرمحة العظمى ..فالبد لنا فمثال الذي يتصور أن معنى الوحدة اإلسالمية أو غريها من
من فقه هذه احلقائق. الوحدات أن تذوب مجيع االختالفات الفرعية مثال الذي يقول
إن الوحدة بني البرش بأن يكونوا عىل صورة واحدة ،وعىل طول
واحد ،وعىل عرض واحد ..هذا ما ال يكون ،وليس هذا هو
احتاد ،وليست هذه وحدة ،إذا تكلم عن احتاد ال يتعلق بالصورة
فلم مل تدرك أن يف األعامل ويف الترصفات أيض ًاوبالشكلِ ،
صورة وشكل وأن فيها روح وحقيقة.
يتهيب دخول البحر عليه أقل يشء أن ال يدَّ عي والذي َّ
َ
وأخذها بيده؛ فإن ُوجدت عنده وم َ
لكه هلا احتواءه عىل اجلواهرُ ،
غواص،
جوهرة فعليه أقل يشء أن يعرتف أهنا جاءت عىل يد َّ
توصل إليها بوسيلة من ماله أو من
وليست عىل يده هو ،إنام َّ
ِ
هبة ذاك له أو غري ذلك ،كذلك شأن بحور األفكار والعلوم
واالهتداء إىل حقائق الدالالت يف الكتاب والسنة ،أقام اهلل
ول َوإِلىَ ُأ ْو يِل غواصني ،قال تعاىلَ ﴿ :و َل ْو َر ُّدو ُه إِلىَ َّ
الر ُس ِ عليها َّ
ين َي ْس َتنبِ ُطو َن ُه ِم ْن ُه ْم ﴾ [النساء]83: َ
األ ْم ِر ِم ْن ُه ْم َل َع ِل َم ُه ا َّل ِذ َ
23 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية �سل�سلة الر�سائل الدعوية 22
األفكار اخلاطئة التي تب َّناها بعض الناس فتل َّقفه املجتمع وخ َّلصه
منها بأسلوبه الطيب وانتهت ،ملا جاءت فكرة اخلوارج ما كانت
معاجلة ال باملجتمع وال بالعلامء وال بكبار الصحابة مع أهنم َّأدوا
خلل التعصب للرأي الدور ،حتى أرسل ابن عباس إىل مجاعة من الذين خرجوا عىل
سيدنا عيل ليناقشهم ،رجع ثالثة ألف من عرشين ألف ملا عرض
جتاوز احلد يف اعتبار أن
من أين جاء اخللل!!؟ جاء اخللل من ُ
عليهم النقاش وعرض عليهم احلوار عىل وجهه ..خاطبهم:
اخلضوع له وأن ما سواه
َ الرأي والفهم هو النص وأنه يلزم الكل
ماذا تنقمون!؟ وكيف تفكرون!؟ وأتى هلم بالدليل من كتاب
باطل ال حق فيه ،وأنه جيب أن يحُ ارب أهله ،هذا هو اخللل يف
مرصون
اهلل تبارك وتعاىل؛ فرجع اآلالف هؤالء وبقي اآلخرون ُّ
ٍ
مذهب كان ،أي مذهب تقوم فكرته عىل أساس أن ال جمال أي
عىل ما هم عليه.
لغريه قط يف معرفة حق وال هدى وال صواب من قريب وال من
بعيد ،وأنه جيب عىل الكل أن يتبعه ،وأنه جيب أن ُي ِ
لغي اآلخر
ولو بحدِّ السنان ..يأيت اخللل ،ويأيت الرضر ،وتنتفي احلكمة من
وجود التعدد والتنوع واملذهبية.
وحيصل ٌ
قتال بني السابقني األولني من املهاجرين واألنصار
وبني طائفة حدثت من بعد تدعي اخلري واإلسالم ،وأحدهم
صاحب صالة طويلة وصاحب قراءة طويلة ..فلم تنفعه
القراءة ومل تنفعه الصالة .حتى صار كبار الصحابة يتخ َّلصون
ٍ
بإبرازات عجيبة ملا من غبش أفكارهم إذا وقعوا يف يد أحدهم
29 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية �سل�سلة الر�سائل الدعوية 28
فصيلة فكرهم الضيق ،فقالوا :ال عليك السالم ،ما جاء بك يا خيلصهم منهم يف ضمن نطاق تفكريهم ..فيقول هذا الصحايب
عدو اهلل؟ قال :وما أنتم إخواين!؟ قالوا أنت أخو الشيطان، اجلليل الذي لقيه مجاعة منهم فأخذوه يريدون قتله ،فقالوا:
لنقتل َّنك ،قال أما ترضون مني بام ريض به رسول اهلل صىل اهلل أنت من املرشكني الذين يقولون ..يفعلون ،فحاورهم قائال:
عليه وسلم؟ قالوا :وأي يشء ريض به منك؟ قال أتيته وأنا كافر نعم كام تقولون إين مرشك إال أين سمعت أنكم تقرؤون القرآن
فشهدت أن ال إله إال اهلل وأنه رسول اهلل فخلىَّ عني .فأنا أشهد
ُ وحتسنونه ،وسمعت أنه يف القرآن عندكم آية تأمركم إذا جاءكم
أن ال إله إال اهلل وأشهد أن حممد ًا رسول اهلل ..فقتلوه.
مرشك يريد أن يسمع أن تسمعوه وأن تجُ ريوه وتوصلوه إىل
ٍ
ضيق مل يرضوا هبذه اخلصلة ،تب َّلد الفكر ووصل إىل ٍ
أفق
ار َك َف َأ ِج ْر ُه ﴿وإِ ْن َأ َحدٌ ِّم َن المْ ُشرْ ِ ِكنيَ ْ
اس َت َج َ بالده ،اهلل يقولَ :
جد ًا ،ما صار يستفيد من األطروحات عليه ،ما صار يستفيد من
النقاش ،ما صار يستفيد من احلوار الطيب ،ما صار يستفيد من اللِ ُث َّم َأ ْب ِلغْ ُه َم ْأ َمن َُه﴾ [التوبة ]6:قال أريد ال َم هّ
َح َّتى َي ْس َم َع َك َ
حي عن النبي نفسه ما يناسب القدوة برسول اهللُ ،ينقل هلم ٌ أسمع منكم القرآن ،فأخذوا ُيقرؤونه القرآن وهو أعلم منهم
مثل ٌّ
الفكر الذي تب ُّنوه فلم يقبلوه ،بنفيس جئت للرسول وقد كنت بالقرآن ،وأجاروه وأوصلوه إىل مكانه..
مرشك ًا فريض مني بالشهادتني وانتهت املسألة ،وأنتم جئتم بعد فبام رباهم عليه رسول اهلل كيف جتاوزوا العقبات حتى يف
النبي أال ترضون بام ريض به رسول اهلل!؟ فام أقنعهم ذلك كيف مقابلة مثل هذا الفكر املتعب ،الفكر الضيق املورث للمشاكل
ال يقنعهم فمن رسوهلم إذ ًا؟! يقف اإلنسان عند غرابة إذا جتاوز والباليا يف الوقت الذي يستطيعون فيه التخ ُّلص منه.
األمر حدَّ ه يف مسألة التمذهب عىل هذا األسلوب.
واآلخر من الصحابة وهو عامرة بن قرض الليثي عرض
نحن يف اليمن كم قرون مرت وعندنا الشافعية والزيدية عليهم أسلوبه وأ َبوا أن يتقبلوه ،فقد كان غائبا يف الغزو واجلهاد،
وعدد قليل من احلنفية كم قرون مرت!؟ متى تقاتلوا عىل وملا عاد سمع األذان ففرح وقال :يل أيام يف بالد الكفار ال أسمع
أساس مذهبي!؟ قد حيصل تقاتل بينهم عىل السلطات ،أو عىل األذان ،فقال هؤالء املسلمون أذهب وأصيل معهم ،فأقبل
التجارات ،أو عىل أرايض ،أو عىل مغاضبات ..لكن مل حيصل عليهم قائال :السالم عليكم ..التفتوا إليه فعرفوا أنه ليس من
31 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية �سل�سلة الر�سائل الدعوية 30
ٍ
مذهب من املذاهب اإلسالمية يقول ال صلة له بالكتاب أي ذلك وشيخه اإلمام مالك.
والسنة!؟ فإذا كان األمر كذلك ،فالكتاب والسنة إن محلت
وهبذا وجدنا كيف كان األدب والتعظيم بني هؤالء القوم،
ٍ
مدلوالت متعددة فأي حرج يف األخذ بأي يف اللفظ والنص
وكيف يربون أبناءهم وتالمذهتم وجمالسيهم عىل تعظيم بعضهم
مدلول قائم عىل نظ ٍر صحيح!؟ ولذلك ال نجد اختالف ًا قط فيام
البعض .يقول اإلمام الشافعي:
كان قطعي الثبوت أي من املتواتر من احلديث أو كان يف القرآن
قطعي الداللة أي ال حيتمل إال معنى واحدا ،ال نجد خالف ًا بني
وتـــزوره يــزورك أمحـد قـالـوا
أحد من أهل هذه املذاهب كلها. إن زرت��ه فلفضله أو زارين فبفضلـه
ق��ل��ت ال��ف��ض��ائ��ل ال ت��ف��ارق منز َلـه
فـالفضــل فــي احلــالني لـه
ملا بلغ الإمام �أحمد ُ
عظمت عنده الكلمة ،فقال:
ٍ
فبـفضـل منـك متنحنا إن زرت��ن��ا
أو نحن زرن��ا فللفضــل الـذي فيكا
ِ
عـدمنا كال احلــالني منك وال فــال
ن��ال الـذي قـد متنى فيـك شانيكا
فعلموا بذلك كيف يكون التواصل ،أو كيف يكون االرتباط،
َ
أو كيف يكون التعامل باملذاهب ،إذا سلمت من داء احتكار
وجه احلق والصواب.
35 �أدب احلوار بني اجلماعات والفرق الإ�سالمية
مع ذلك كله ،ما أعظم وأكثر القواسم املشرتكة التي جيب
نة وعىل بصرية ،ومع هذا كلهأن يكون االشرتاك فيها عىل ب ِّي ٍ
فالطريقة الصحيحة يف التعامل بني املذاهب لتوثيق معاين
الوحدة ،بل ولذوبان الفوارق حتى ربام أنه إذا قام ميزان هذا
التعامل عىل وجهه فاملكان الذي كان فيه مذاهب متعددة
يتضاءل التعدد حتى تصري إىل معنى من الوحدة حتى يف قلة
عدد املذاهب ،كام هو احلال يف حرضموت بعد خروج املهاجر.