You are on page 1of 21

‫الستشراق ومكانته بين المذاهب الفكرية‬

‫المعاصرة‬

‫د‪ .‬مازن صلح مطبقاني‬


‫المقدمة‬

‫عرف السلمون ف القدي الكتابة ف الديان والفرق والذاهب اهتماما منهم‬


‫بعرفعة هذه الفرق وبيان موقعف السعلم منهعا‪ ،‬وحرصعا منهعم على الدفاع ععن‬
‫ال سلم ك ما يعتن قه أ هل ال سنّة والما عة أو الغالب ية العظ مى من ال مة‪ .‬و من هذه‬
‫الكتعب الفصعل فع اللل والنحعل وكتاب الفرق للبغدادي ومقالت السعلميي‬
‫للشعري وغيها كثي‪.‬‬
‫وظهرت فع تاريعخ المعة اتاهات فكريعة كثية جدا ومذاهعب وطوائف‬
‫كالشيععة والباطنيعة والشاعرة والعتزلة والناطقعة وغيه ولقعد تصعدى لاع العلماء‬
‫السعلمون بثا فع معتقداتاع وأفكارهعا وأعلمهعا والرد على النرافات فع تلك‬
‫العتقدات دفاعا عن الكتاب والسنّة‪.‬‬
‫وظهرت ف العصر الاضر كتابات تت عنوان الغزو الفكري أو التاهات‬
‫الفكريعة العاصعرة وأصعبحت هذه التاهات إحدى الواد الدراسعية فع الرحلة‬
‫الامعيعة‪ .‬وقعد نال السعتشراق مكانعة بارزة ضمعن الديعث ععن الغزو الفكري‬
‫وكذلك ضمن التاهات الفكرية العاصرة أو التيارات الفكرية العاصرة‪.‬‬
‫وتعود بدا ية الهتمام بال ستشراق إل الرحلة ال ت وق عت في ها مع ظم البلد‬
‫العربيعة السعلمية تتع وطأة الحتلل الغربع وكان للمسعتشرقي والسعتعماريي‬
‫اهتمام كعبي بثقافعة المعة السعلمية وعقيدتاع وتاريهعا ومتلف الجالت العرفيعة‬
‫الاصة با‪ .‬كما تول الستشرقون مسؤوليات وزارات التربية والتعليم فكان لم اليد‬
‫الطول ف و ضع النا هج الدرا سية ح ت أ صبح التعل يم ف العال العر ب وال سلمي‬
‫ينق سم إل نوع ي من التعل يم‪ :‬التعل يم الشر عي والتعل يم الد ن‪ .‬وظهرت ف العال‬
‫ال سلمي الركات التحرر ية القيق ية على أيدي العلماء العامل ي فكان ف الزائر‬

‫‪2‬‬
‫على سبيل الثال جعية العلماء السلمي الزائريي وعلى رأسها الشيخ عبد الميد‬
‫بن باديس فكتب يرد على كثي من افتراءات الستشرقي والسؤولي الفرنسيي ف‬
‫تجم هم على ال سلم ك ما كان يتا بع ال صحافة الفرن سية ح ت إ نه ك تب ذات مرة‬
‫( جريدة الطان وسياسة وخز الدبابيس)‬
‫ولكن ل يظهر تصص أو كتابات متخصصة ف الرد على الستشرقي حت‬
‫مع وجود بعض الكتابات الحدودة كرد الشيخ ممد عبده على الفيلسوف الفرنسي‬
‫رينان وهناتو وما كتبه الستاذ ممد كرد علي وغيهم عن الستشراق‪.‬‬
‫ول عل أول من تن به إل أه ية درا سة ال ستشراق درا سة منتظ مة هو الش يخ‬
‫الدكتور م صطفى ال سباعي الذي ي كن أن نعدّه ب ق رائد درا سة ال ستشراق ف‬
‫العصر الاضر حيث زار الستشرقي ف معاقلهم وكلياتم وجامعاتم ودخل معهم‬
‫ف ماورات ومناظرات‪ .‬وكم كتب رحه ال ف ملته (حضارة السلم) كما نشر‬
‫عّة ومكانتهعا فع‬
‫كتابا مهما فع هذا الجال يرد على جولدزيهعر وهعو كتابعه ( الس ن‬
‫التشر يع السعلمي)‪ .‬الذي صدرت طبع ته الول عام ‪1368‬ه ع(‪1949‬م) هذا‬
‫بالضافة إل كتابه القيم الصغي حجما الكبي ف أهيته وقيمته العلمية (الستشراق‬
‫والستشرقون ما لم وما عليهم)‪ .‬وبإمكاننا أن نضيف كذلك كتابه القيم عن الرأة‬
‫بعنوان ( الرأة بي الفقه والقانون) ولعل من شارك ف الريادة كذلك الدكتور ممد‬
‫الب هي رح ه ال ف كتا به‪ :‬الف كر ال سلمي الد يث و صلته بال ستعمار الغر ب‬
‫الذي صعدرت طبعته الول عام ‪1376‬هع (‪1957‬م)‬
‫ولكن ما أهية دراسة الستشراق وما موقعه بي الذاهب الفكرية العاصرة؟‬
‫صعحيح أن الغرب ألغعى مصعطلح اسعتشراق فع الؤترع الدول للجمعيعة الدوليعة‬
‫للم ستشرقي (ع عام ‪1973‬م) ال ت أ صبحت ت سمى " المع ية الدول ية للدرا سات‬
‫الن سانية حول آ سيا وأفريق يا" ث أ صبحت "المع ية الدول ية للدرا سات ال سيوية‬

‫‪3‬‬
‫والشمال أفريقية" ‪ ،‬ولكننا ف العال السلمي ما نزال نصر على هذا الصطلح‪ .‬وقد‬
‫يكون للغرب مبره ف رفض التسمية وللمسلمي مبّراتم ف الحتفاظ بذا السم‪.‬‬
‫ومه ما ي كن ال مر فإن نا ف العال ال سعلمي َنعُ ّد ال ستشراق (الدرا سات العرب ية‬
‫وال سلمية ف الغرب) من الواد ال ت تدرس ض من مقررات الدرا سات ال سلمية‬
‫بصفته أحد الذاهب الفكرية الدّامة‪ ،‬ولذلك فإن العديد من الكتعب التخصصة ف‬
‫التاهات الفكريعة أو الذاهعب الفكريعة العاصعرة تععل السعتشراق أحعد هععذه‬
‫الذاهب أو التاهات‪ .‬وتتناول الستشراق بصورة نطية مكررة نشأة ال ستشراق‪،‬‬
‫دوافعع الستشراق‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬ومدارسه الغرافية أو الفكرية‪.‬‬
‫ولكن القيقة أن مصطلح استشراق ما زال قائما ف الغرب حت وإن تلوا‬
‫عنه رسيا فهذه شبكة العلومات العالية أو الشبكة العنكبوتية (النترنت) تقدم آلف‬
‫الواقع التخصصة ف الستشراق قديا وحديثا‪ .‬فهم وإن تلوا عنه ف العلن فإنه ما‬
‫زال قائما ف أدبياتم وف نشاطاتم الفكرية العاصرة‪.‬‬
‫ف هل ال ستشراق حقا أ حد الذا هب الفكر ية أو التاهات الفكر ية ؟ و هل‬
‫ينطبعق على السعتشراق معا ينطبعق على الوجوديعة أو الاركسعية أو العولةع أو‬
‫الاسونية ؟ هل يكن البحث ف الستشراق بعيدا عن مثل هذا التصنيف ؟وهل يكن‬
‫البحث فيه دون الفكار السبقة بأن الستشراق شر كله؟‬
‫ينوي الباحث ف هذا البحث ماولة التوصل إل أسباب تصنيف الستشراق‬
‫ض من الفكار الدّا مة بدف الروج من الفكار ال سبقة ماو ًل التو صل إل ج عل‬
‫ال ستشراق ض من درا سة الغرب درا سة شاملة ب يث ل تأ خذ درا ستنا ل م ف مال‬
‫الدرا سات العرب ية ال سلمية أك ثر م ا ي ب‪ .‬وي كن أن نت ساءل هل يش غل الغرب‬
‫نفسه با نقوله عنه ‪،‬وهل جعل لذا المر أقساما علمية ؟‬

‫‪4‬‬
‫وينب غي أن ندرك أ نّ الدرا سات العرب ية ال سلمية ف الغرب ت ستمد قوت ا‬
‫وانتشارها من خلل المكانات الضخمة التوفرة لا الت تكفل لا النتشار ف أناء‬
‫العال ‪ ،‬فراب طة درا سات الشرق الو سط المريك ية ت ضم آلف الباحث ي من ش ت‬
‫أقطار الرض‪ ،‬فهعل نسععى ننع فع العال السعلمي إل دراسعة أنفسعنا وتكويعن‬
‫الرابطات التخصصة ف ذلك ويكون لنا يد ف توجيهها الوجهة الت توضح الصورة‬
‫القيقية للسلم والسلمي مع اعتبار أن دراسة السلم والسلمي حق من حقوق‬
‫أي شعب يريد أن يقوم بذه الدراسة‪.‬‬
‫هذا وسوف ينقسم هذا البحث إل مبحثي أحدها موقف العلماء السلمي‬
‫ف كتابات م حول الغزو الفكري والتاهات الفكر ية العا صرة من ال ستشراق‪ .‬أ ما‬
‫البحث الثان فهو أين يب أن تقع دراسة الستشراق ف العصر الاضر‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫البحث الول‬
‫الستشراق والغزو الفكري والتاهات الفكرية العاصرة‬

‫يكننا أن نبدأ بتعريف التيارات الفكرية العاصرة بأنا الذاهب الت يتخذها‬
‫مموعة من الناس ويعتنقوها ويسعون إل نشرها وترويها بكل الوسائل التاحة لم‪.‬‬
‫ولذه الذا هب أدبيات ا وأعلم ها وم صادرها ومناهج ها‪ .‬و قد تكون هذه التيارات‬
‫فلسفية أو اجتماعية أو دينية‪ .‬ولعل من الذاهب الفكرية العاصرة الت اتفقت معظم‬
‫الكتب ف دراستها الوجودية والبهائية والقاديانية والشيوعية والشتراكية والرأسالية‪.‬‬
‫ولذه الذاهب أعلمها الذين ل يكن فهمها إلّ من خلل سيهم ( كما فعل العقاد‬
‫بالشيوعية) وكتاباتم ونشاطاتم‪.‬‬
‫وقبعل أن ندد فيمعا إذا كان السعتشراق أحعد الذاهعب الفكريعة العاصعرة‬
‫نتناول أو ًل بعض ما كتبه عدد من الباحثي السلمي حول الستشراق‪ .‬وقد وجدت‬
‫أن جامععة المام ممعد ابعن سععود السعلمية حينمعا عقدت مؤترا حول الفقعه‬
‫السعلمي عام ‪1396‬هعع جعلت مورا معن ماوره الغزو الفكري ونشرت هذه‬
‫البحوث ف كتاب تت عنوان (الغزو الفكري والتيارات العادية للسلم ) وقد جاء‬
‫الديث عن الستشراق ف أكثر من بث حيث جاء ف أحدها قول الباحث عن‬
‫الدرا سات ال ستشراقية بأن ا " درا سات ف كث ي من نواحي ها تتم يز بال صب واللد‬
‫وماولة الستيعاب والتحليل‪ ،‬ولكنها ف نفس الوقت تتوي على أخطاء جسيمة ‪:‬‬
‫عمدا أو جهلً ث هي ف غالب ها ل يق صد ب ا خد مة العلم والف كر‪ ،‬ولشباع رغ بة‬
‫خا صة أو عا مة ف الب حث والطلع‪ ،‬وإن ا كا نت ف جلت ها خد مة مباشرة للدول‬
‫ال ستعمارية أو للكنائس الوروب ية‪ ،‬بغرض تطو يق ال سلم وضر به على و عي به‬
‫وبصر به واقتلع جوهره الي النابض الذي يشكل أكب الخطار بالنسبة لم‪)1(".‬‬

‫‪6‬‬
‫ويضيعف الباحعث قائلً‪" :‬ومعن ثع حفلت هذه الدراسعات بضروب‬
‫التشك يك‪ ،‬والن قد الائر ‪ ،‬وانطل قت من ها الشبهات الدرو سة واحدة تلو الخرى‪،‬‬
‫طعنا ف كل نواحي السلم بدءا بالقرآن العظيم ذاته‪ ،‬وانتهاءً بسنة النب صلى ال‬
‫عل يه و سلم وروات ا و ما ب ي ذلك من اتام ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه‪،‬‬
‫وكمس لكل معال الجد والي ف التاريخ السلمي الشرق‪ ،‬حت لنستطيع القول‬
‫أنعه ل تسعلم ناحيعة واحدة معن نواحعي السعلم‪ :‬عقيدة ومنهجا ونظاما وتطعبيقا‬
‫وتاريا وأمة بل أرسلت عليها سهام حاقدة من هذه الدراسات النظمة‪)2( "...‬‬
‫وكتب عبد الكري الطيب ف بثه القدم للمؤتر السالف الذكر يذكر أن‬
‫ال ستشراق "حر كة ولدت ف هذا الع صر الد يث ‪ ،‬و هي – ف ظاهر ها‪ -‬حر كة‬
‫علمية يراد با دراسة التراث الشرقي ف معتقداته وآدابه‪ ،‬ولكنها تبغي من وراء هذا‬
‫التعرف على منابع هذا التراث‪ ،‬ماولة صرف أهله عنه ليولوا وجوههم شطر الغرب‬
‫ويتعلقوا بركاب حضارتعه‪ )3(".‬ويشيع فيمعا بععد إل أن معظعم السعتشرقي " قعد‬
‫غلبتهم العصبية على أن يقولوا كلمة الق وأن ينطقوا با ف أيديهم من شواهد‪ ،‬فقد‬
‫كابروا ‪ ،‬ولّوا ف الضلل‪ ،‬ورموا ال سلم ب كل ما ت مل صدورهم من غل‪ ،‬و ما‬
‫تنفث أقلمهم من سم‪ ،‬حت فضح ذلك عند من ل يعرفون السلم من قومهم حي‬
‫رأوا سبابا وشتائم ل تتفق مع منهج العلم‪ ،‬الذي من شأنه أن يعرض القائق‪ ،‬ويترك‬
‫للناس الكم عليها‪ ،‬دون أن يزجها برارة القد ‪ ،‬ونفثات عداوته‪)4("..‬‬
‫وكتعب أحدع بشيع حول " الغزو الفكري السعتشراقي" حيعث ذكعر أن‬
‫أهداف الستشراق تتلخص فيما يأت‪:‬‬
‫” ‪ - 1‬تفتيت وحدة السلمي وإضعافها‪.‬‬
‫‪ -2‬التمهيد لستعمار العال السلمي‬

‫‪7‬‬
‫‪ -3‬اسعتغلل الثروات والنتقام معن السعلمي الذيعن قاموا فع القرون‬
‫الوسطى ف وجه السيحية" ‪ .‬ويضيف قائلً ‪ ":‬وإننا لنجد ف دراسات‬
‫السعتشرقي الدبيعة والسعلمية تركيزا حول أهدافهعم لياد التخاذل‬
‫الروحعي والشعور بالنقعص فع نفوس السعلمي وحهلم على الضوع‬
‫للتوجيهات الغربية‪)5(".‬‬
‫وتناولت الدكتورة عائشة عبد الرحن ( بنت الشاطئ ) هذا الوضوع بأسلوب‬
‫متلف حيث جاء ف كتاب ا القيم (تراثنا ب ي ماض وحا ضر) عن الستشرقي قول ا‬
‫(وعلماء ال ستشراق ب شر مثل نا‪ ،‬يتع صبون لدين هم وقوميات م مثل ما نتع صب لدين نا‬
‫وقوميتنا ‪ .‬وما ينبغي أن نلومهم على هذا التعصب أو نغضب لعجزهم عن التجرد‬
‫من أهوائهم‪ ،‬وإنا نن هنا بصدد قضية علمية وتاريية‪ ،‬تلزمنا بأن نكون على وعي‬
‫ب ا ل بس ع مل أك ثر ال ستشرقي من انراف ل ي كن م نه بد‪ ،‬ب كم ما ا ستهدف‬
‫الستشراق ف نشأته الول من خدمة الكنيسة‪)6(".‬‬
‫وتض يف الؤل فة قول ا‪ ":‬ول يس علي هم بأس ف أن يقولوا في نا ما يقولون‪ ،‬م ت‬
‫كانت أقوالم معبة عن رأي لم أو صدى لستهوائهم با راج ف بيئاتم من أقاويل‬
‫عنّا‪ ،‬ل كن البأس كل البأس أن ي مل " الب حث العل مي" وزر هذه الهواء فتخرج‬
‫بوث لم مشحونة بأباطيل يزعمون أنا ما هدى إليه استقراؤهم لتراثنا‪ ،‬ويفرضون‬
‫له حر مة علم ية ح ي ي سوقون وشوا هد من ن صوص ف التراث انرف ب ا الوى‬
‫والتعصب‪ ،‬فضلوا ضل ًل بعيدا"‪)7(.‬‬
‫ولععل نوذج الدكتورة عائشعة عبعد الرحنع ل يتكرر فع ماولة الفهعم العميعق‬
‫للستشراق والعتذار عنهم بأنم يدمون أهدافهم القومية والدينية فنعود إل كتّاب‬
‫آخرين فنحد باحثا آخر يرجع نشأة الستشراق إل الروب الصليبية فيذكر أن من‬
‫أخطعر نتائجهعا " الرب العلميعة والفكريعة التع شنّهعا السعتشرقون على السعلمي‬

‫‪8‬‬
‫وظهور عدد من تلمذت م والعجعبي بأفكارهعم من ال سلمي منع أخذوا يرددون‬
‫آراءهم ويروجون لفترياتم‪)8(".‬‬
‫وتظهر الماسة ف كتابة الشيخ ممد الغزال وكيف ل وهو ف معرض الدفاع‬
‫ععن الشريععة ضعد مطاععن السعتشرقي( وهذا عنوان كتابعه) فيكتعب قائلً ‪":‬إن‬
‫الستشراق كهانة جديدة تلبس مسوح العلم والرهبانية ف البحث ‪ ،‬وهي أبعد ما‬
‫تكون ععن بيئة العلم والتجرد‪ ،‬وجهرة السعتشرقي مسعتأجرين لهانعة السعلم‬
‫وتشويه ماسنه والفتراء عليه‪ )9(".‬ويزيد المر توضيحا عند حديثه عن الستشرقي‬
‫المريكي ي بقوله‪":‬والمريكيون م نذ دخلوا ميدان التبش ي وال ستشراق زادوا القوى‬
‫الناوئة للسلم شراسة وإصرارا وأمدوها بسيل موصول من الال والرجال فهي ل‬
‫ت ن توا صل هجوم ها العل مي والعملي ودعايت ها الاهرة ‪ ،‬ون ن نعرف أن من حق‬
‫غي نا التم سك بدي نه والدعوة إل يه وا ستقبال الداخل ي ف يه ‪ ،‬إلّ أن نا نقيّد هذا ال ق‬
‫بشرط واحد أن يكون بوسائل شرعية وصرية‪ .‬أما اختلس عقائد الخرين بالرغبة‪،‬‬
‫أو الرهبعة ‪ ،‬واسعتباحة الغعش والكذب والكعر والرشوة فذلك معا نقعف له‬
‫بالرصاد‪)10(".‬‬
‫ويعد باحث مسلم يعيش ف بريطانيا الستشراق ضمن القوى الت حاولت تدمي‬
‫حضارات المم الشرقية بقوله‪ ":‬ويب أن نتذكر بأن الستشراق ل يكن هو التاه‬
‫الوحيد الذي حاول أن يدمر حضارات المم الشرقية فهناك مال آخر تعاون تعاونا‬
‫شديدا مع الستشراق لدمة الهداف الستعمارية أل وهو علم النسان الذي غدا‬
‫ابنا آخر للمبيالية‪)11(".‬‬
‫ول يغفل الباحثون السلمون نظرة الغربيي لذا الجال العرف فذكر ممد أحد‬
‫دياب أن الستشراق "علم له أصوله ومقوماته وخططه وأهدافه ‪ ،‬ول ننكر ما قام به‬
‫الشتغلون به من بوث ودراسات ف اليادين العلمية الختلفة وف العلوم السلمية‬

‫‪9‬‬
‫با صة كا نت ب ق ل ا دور ها اليا ب وقيمت ها العلم ية ك ما كان ل ا أيضا دور ها‬
‫السلب‪ )12(".‬ولكنه مع ذلك يرى أن " علم الستشراق إنا هو حرب الكلمة الت‬
‫شنهعا الغرب السعيحي على الشرق السعلمي منعذ القرن الثامعن عشعر ومعا زال‬
‫يستخدمها ضدنا حت الن ‪ ،‬وإن لبست أثوابا متلفة على مر العصور تت شعار‬
‫الوضوعية والنهجية كي يقق أهدافه‪)13(".‬‬
‫ويتن به دياب إل نظرة الغربي ي أنف سهم إل هذا الجال فيذ كر أ نه عند هم "مادة‬
‫علم ية معترف ب ا عاليا ويكاد يكون مثلً ف كل جام عة من الامعات الغرب ية مع‬
‫وجود أعداد كبية من الكوادر التخصصية ف اليادين الستشراقية‪)14(".‬‬
‫وكما ذكرنا أن الستشراق عند كثي من الباحثي السلمي إنا هو أسلوب من‬
‫أ ساليب الغزو الفكري ف قد ك تب م مد ع بد الفتاح عليان حول ذلك قائلً‪ ":‬و من‬
‫بي أساليب الغزو الفكري كان الستشراق مغلفا خطورته بشكل علمي واضعا سّه‬
‫ف ع سل الن هج‪ ،‬والد يد ف يه‪ ،‬غ ي أن خلق ال سلم يقتضي نا أن نقرر أن ا ستغلل‬
‫علً دار فع هذا‬‫السعتعمار للسعتشراق ليعس معناه أن السعتشراق كله جلة وتفص ي‬
‫الفلك‪ ،‬إذ ل نعدم من أدى به إن صافه إل بيان القي قة ‪ ،‬ولئن كان هؤلء قد نقلوا‬
‫معن حقيقعة الضارة السعلمية أصعالتها وأفادوا باع الغرب فع نضتعه فإن هذا قعد‬
‫اعترف به منصفون منهم وإن قلّوا‪)15(".‬‬
‫ويتناول عدنان الوزان السعتشراق على أنعه اتاه فكري يعنع بدارسعة الياة‬
‫الضار ية لل مم الشرق ية ب صفة عا مة ودرا سة حضارة ال سلم ب صفة خا صة‪.‬ك ما‬
‫يتناوله من ناح ية أهداف ال ستشراق ح يث يرى أن ال ستشراق انطلق من فكرة‬
‫واحدة إناع هعي فكرة الغزو السعتعماري والعقائدي " بقصعد التمكيع للحضارة‬
‫الغربية السيحية الادية من السيطرة على الضارة السلمية وإلغاء دورها ف الياة‬
‫الجتماع ية وال سياسية والخلق ية والقت صادية وتشك يك ال سلمي بدين هم وماولة‬

‫‪10‬‬
‫إبعاد هم وغي هم ع نه‪ )16(".‬ويؤ كد الوزان هذا ال مر ف موا قع أخرى من كتا به‬
‫حيث يقول ف موضع آخر‪ ":‬إن من أهداف الستشرقي الوقوف ف وجه الشعوب‬
‫الت ل تدين بالسلم ليمنعوهم من الدخول ف دين الق الدين السلمي با يعملون‬
‫جاهد ين ف تشو يه ال سلم وتغي ي ال صورة القيق ية لذا الد ين الن يف وإن إظهار‬
‫السلم بصورة مرفة مستكرهة أمام الشعوب غي السلمة بقصد صدهم عن سبيل‬
‫ال وما نزل من الق‪)17(".‬‬
‫ولئن كانت الكتابات السابقة ركزت على الوانب السلبية ف الستشراق لنا‬
‫رأت أن الدراسات الستشراقية التقليدية الت يرى البعض أنا بدأت بدرسة اللغات‬
‫الشرق ية ال ية ال ت أ سست ف بار يس عام ‪ 1795‬وترأ سها ف البدا ية ال ستشرق‬
‫الفرنسي الشهور سلفستر دي ساسي ول يعرفوا من الستشراق أكثر من كتابات‬
‫جولدزي هر وشا خت ومارجليوث ولما نس وغي هم من كبار الباحث ي الغربي ي ف‬
‫الدراسعات السعلمية فإن رد الفععل اتسعم فع كثيع معن الحيان بالدة والقسعوة‬
‫والع نف‪ .‬ول عل ذلك حق ل م ح يث إن العقيدة والو ية ه ا أ هم ما يلك الن سان‬
‫فك يف ير ضى أن ي سكت على الط عن فيه ما‪ .‬ولذلك قال عدنان الوزان‪ ":‬وأيق نت‬
‫أن ما ك تب ضد هؤلء ال ستشرقي إن ا هو حق ‪ ،‬ول أ حد يلوم نا إذا عزم نا على‬
‫مقاومة هؤلء الستشرقي وأخرجناهم من مكانتهم وأزحنا الغشية الت يلفونا على‬
‫عي والناظرة‬ ‫عد ف ع ميدان الدل العلمع‬ ‫عد للنع‬ ‫عم منازلة النع‬
‫عم ومنازلتهع‬‫وجوههع‬
‫الوضوعية‪)18(".‬‬
‫و من خلل درا سة كتابات العرب وال سلمي الذ ين در سوا ف الغرب أو تأثروا‬
‫بالنا هج الفكر ية الغرب ية فإن ال ستشراق وإن كان ل ي كن ت صنيفه ض من الذا هب‬
‫الفكر ية كالا سونية أو الوجود ية أو الشيوع ية ولك نه اتاه فكري مع ي يعت مد على‬
‫السس الفكرية الغربية والسلمات الغربية‪ .‬فالغرب الذي مرّ برحلة " التنوير" الغربية‬

‫‪11‬‬
‫ال ت د عت إل الف صل ب ي الد ين والياة أو العلمان ية بأو سع معاني ها‪ ،‬الغرب الذي‬
‫حارب معا يسعمى بالقدس فأخذوا يناقشون كتبهعم القدسعة ويضعوناع للتحليعل‬
‫والن قد‪ ،‬ك ما أن هذا الغرب الذي ظهرت ف يه التيارات الفكر ية ال ت ت سمى الدا ثة‬
‫وما بعد الداثة وانعكست هذه الفكار والتيارات على الدراسات العربية السلمية‬
‫فإنعه أقرب إل أن يكون اتاه فكري معاصعر يصعلح أن يدرس ضمعن التاهات‬
‫الفكرية العاصرة‪.‬‬
‫وما يؤيد هذا المر أنه ظهر عدد من الكتاب ف العال العرب ل يرون ف التاريخ‬
‫السعلمي إ ّل سعلسلة معن الدكتاتوريات الاكمعة وأن العال السعلمي ل يعرف‬
‫ال كم العادل ف هم قد أخذوا عن ال ستشرقي النظرة ال سلبية للتار يخ ال سلمي ولو‬
‫أنم نظروا بع ي العدل والنصاف لذا التاريخ لرأوا أن المة السلمية رغم بعض‬
‫الصفحات الظلمة ف تاريها شأنا شأن أي أمة عظيمة إلّ أن الواطن السلم كان‬
‫عزيزا وتتعع بكرامتعه النسعانية إل أبععد حعد وإلّ فكيعف ظهرت هذه البداعات‬
‫العلم ية ال ت ما زل نا ل نك شف كل كنوز ها‪ .‬ك يف ا ستطاع ال سلمون أن يبنوا‬
‫حضارة سعامقة وهعم كمعا تصعورهم الكتابات السعتشراقية أو التأثرة بالروح‬
‫ال ستشراقية مموعة من الواطن ي الذ ين يضعون لكام جبابرة كالجاج أو غيه‪.‬‬
‫ولعل من الطرائف أن تصص كاتبة ف ملة سيّارة مقالتي أو أكثر للشعراء السود‬
‫ومأساتم –كما تزعم‪ -‬لتخرج من هذين القالي أن السلم الذي حرم العنصرية‬
‫نظريا فإن الجتمع السلم ظل عنصريا قلبا وقالبا‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫البحث الثان‬
‫مكانة دراسة الستشراق ف العصر الاضر‬

‫معرفة الخر أمر نبه إليه القرآن الكري ف أكثر من موضع حيث أكد على‬
‫أهية الدعوة إل ال بالكمة والوعظة ال سنة والجادلة بال ت هي أح سن‪(.‬ادع إل‬
‫سبيل ربك بالكمة والوعظة السنة وجادلم بالت هي أحسن ) كما أكد على‬
‫أهيعة الدعوة إل ال وأوضعح القرآن الكريع عقائد المعم الخرى وباصعة أهعل‬
‫الكتاب فعبي معا هعم عليعه معن اعتقادات وسعلوك‪ .‬كمعا بيّن معتقدات الشركيع‬
‫وسلوكهم وأخلقهم‪ .‬وف هذا إشارة قوية إل أهية معرفة الخر حت يستطيع أن‬
‫يدعو السلم إل ربه على بصية كما جاء ف قوله تعال( قل هذه سبيلي أدعو إل‬
‫ال على بصية أنا ومن اتبعن)‬
‫و قد أدرك علماء ال سلمي م نذ القرون الول أه ية معر فة ال مم والشعوب‬
‫الخرى ليعس فقعط معن النواحعي العقديعة ولكعن أيضا معن النواحعي الجتماعيعة‬
‫وال سياسية والقت صادية والفكر ية والثقاف ية وتعرفوا إل الضارات الخرى وأخذوا‬
‫منها ما ناسبهم وتركوا ما خالفهم‪ .‬وكان من أهم الكتابات ف الجالت العقدية ما‬
‫كتبه ابن حزم ف اللل والنحل وما كتبه البغدادي ف الفرق وما كتبه الشعري ف‬
‫مقالت السلميي وما كتبه بعد ذلك ابن تيمية ف اقتضاء الصراط الستقيم وغيه‬
‫و ما كت به ا بن ق يم الوز ية كذلك‪ .‬وي كن أن نض يف إل هذه الكتابات ما كت به‬
‫الغرافيون العرب ف وصف البلدان الختلفة‪.‬‬
‫ول ا كان الع صر الا ضر وبدأ احتكاك ال سلمي بال ستشراق من خلل بدأ‬
‫البعثات العلم ية إل دول أورو با الختلفة وال ت بدأت ف فرن سا ث غيها من الدول‬

‫‪13‬‬
‫الوروب ية ث جاء الع صر الا ضر وانطل قت البعثات إل الوليات التحدة المريك ية‬
‫وتمعع مئات اللف معن الطلب العرب والسعلمي هناك‪ .‬كمعا كان للحتلل‬
‫الج نب لديار ال سلمي دور ف التعرف إل ال ستشراق وكتابات ال ستشرقي حول‬
‫السلم والسلمي‪.‬‬
‫ول كن درا سة ال ستشراق بدأت من علماء الشري عة ال سلمي الذ ين أخذوا‬
‫على عاتقهم الذب عن هذا الدين فكان زعماء الركات الصلحية وأعلم العلماء‬
‫ال سلمي هم الذ ين ت صدوا للهج مة ال ستشراقية على عقيدة هذه ال مة وتاري ها‬
‫وتراث ها الفكري والثقا ف والضاري‪ .‬وبرز من هؤلء كث ي من هم الدكتور م صطفى‬
‫السباعي وممد البهي وعبد الميد بن باديس وغيهم كثي‪.‬‬
‫وقبل حوال عشر ين سنة ظ هر كتاب إدوارد سعيد حول ال ستشراق فكان‬
‫هذا إيذانا بأن ثةع آخرون معن خارج العلوم الشرعيعة يكعن أن يكتبوا فع نقعد‬
‫ال ستشراق والتعرف إل يه عن قرب‪ .‬فأحدث كتاب إدوارد سعيد ض جة ف الغرب‬
‫ك ما تناوله علماء ال سلمي بالدرا سة والن قد‪ .‬فأ صبح من الل فت للنتباه أن دار سة‬
‫السعتشراق ل تععد مقتصعرة على علماء الشريععة والدراسعات السعلمية الختلفعة‬
‫كالفقه والديث والتف سي واللغة العربية فقد انضم إل هؤلء ف السنوات الاضية‬
‫أساتذة ف مال اللغة النليزية وعلم الجتماع والتصالت والعلوم السياسية‪ .‬ولعل‬
‫أبرز معن كتعب حول السعتشراق معن خارج التخصعص فع الدراسعات السعلمية‬
‫إدوارد سععيد التخصعص فع الدب النليزي القارن‪ .‬وهذا كتاب عدنان الوزان‬
‫كذلك وهو متخصص ف اللغة النليزية‪ ،‬كما كتب عن الستشراق الدكتور أبو‬
‫بكر باقادر وهو متخصص ف علم الجتماع‪ ،‬أما ف العلوم السياسية والعلم فقد‬
‫كتب الدكتور جال الشلب عدة بوث تناول فيها الستشراق العاصر(‪.)19‬‬

‫‪14‬‬
‫و قد و جه الن قد إل الكتابات ال سلمية بأن ا تنطلق من العداء لل ستشراق‬
‫كما ف كتابات أنور الندي أو بعض الكتابات الزهرية أو غيها كتلك الت أشرنا‬
‫إليها ف بداية الوضوع‪ .‬وقد أفاض فؤاد زكريا ف نقد ما أساه التاه الدين ف نقد‬
‫ال ستشراق ح ت إ نه أ خذ على بعض الباحث ي "ال سلميي" أن م ل يعرفون التوثيق‬
‫العل مي ف كتابات م أو أن أمانت هم العلم ية لي ست ك ما ينب غي‪ .‬و قد يكون مقا ف‬
‫بععض هذا النقعد‪ .‬ولكعن القيقعة أن علماء الشريععة السعلمي معن الفترض أنمع‬
‫ينطلقون فع نقدهعم للسعتشراق أو للغرب عموما معن قوله تعال ( ول يرمنّكعم‬
‫شنآن قوم على ألّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا ال)‬
‫كمعا أن السعيد ممعد الشاهعد تناول هذه القضيعة فع بثع له حول نقعد‬
‫الستشراق ف الكتابات السلمية العاصرة ولعله أضاف إن كثيا من الكتابات الت‬
‫تتناول ال ستشراق ل تعرف من الستشراق إلّ بعض الكتابات القليلة للم ستشرقي‬
‫الت تت ترجتها إل اللغات السلمية فتأت كتاباتم نقلً عن بعضهم البعض‪ .‬فما‬
‫أك ثر الكتابات ال ت انتقدت جولدزي هر ومعظم ها إن ل ي كن كل ها تنت قد ما تر جم‬
‫لذا ال ستشرق للغة العربية أ ما ما تر جم له إل الل غة النليزية أم ما كتبه ف لغته‬
‫الصعلية فإن هذه الكتابات ل تكاد تكون موجودة‪ .‬كمعا انتقعد هؤلء فع عدم‬
‫معرفتهم بهود الستشرقي العاصرين ف التعريف بالسلم ونقد النصرانية وضرب‬
‫كثيا معن المثلة على ذلك معن السعتشراق اللانع العاصعر‪ .‬وللدكتور قاسعم‬
‫السعامرائي ملحظات شبيهعة بكعم احتكاكعه بالسعتشراق الولندي ومعرفتعه بمع‬
‫معرفة وثيقة‪.‬‬
‫ول عل الكتابات ف الع صر الا ضر تناولت العل قة ب ي ال سلم والغرب أو‬
‫العال العربع والغرب وباصعة فع ضوء ازدياد قوة وسعائل العلم وانتشار نفوذهعا‬
‫ح ت أ صبحت ك ما ذ كر الرئ يس البو سن علي عزت بيجوفي تش ف كتا به الق يم‬

‫‪15‬‬
‫( السعلم بيع الشرق والغرب) أكثعر خطورة معن الدكتاتوريات السعابقة لقدرتعه‬
‫الطاغ ية على التأث ي ف الماه ي‪ .‬ول عل هذا ما يف سر ل نا دخول علماء ال سياسية‬
‫والتصال لذا الجال اليوي‪ .‬فهذا غسان سلمة ( التخصص ف العلوم السياسية )‬
‫يرى أن انتشار مراكز البحث والعاهد وأقسام الدراسات الشرق أوسطية والكتبات‬
‫إناع هعي " نوع معن المتداد الطعبيعي والنطقعي لظاهرة السعتشراق وأطلق عليهعا‬
‫"مرحلة الستشراق الديدة‪)20(".‬‬
‫ولكعن التسعاؤل الذي يطرح نفسعه بإلاح فع أي مال معن مالت العرفعة‬
‫ينبغي أن ندرس الستشراق؟ وهل الستشراق شيء واحد أو إنه متعدد؟ القيقة إن‬
‫السعتشراق ل يععد شيئا واحدا معن ناحيعة الدراسعة والتخصعص فقعد توزععت‬
‫اهتمامات السعتشرقي القدماء إل عشرات التخصعصات حيعث أصعبحت دراسعة‬
‫السلم والعال السلمي ت تم من خلل أقسام الجتماع والغرافيا والتار يخ وعلم‬
‫الن سان والديان و من خلل أق سام دراسات الناطق والدراسات القليمية وغي ها‬
‫من القسام‪.‬‬
‫فبالرغم من تعدد القسام الت تدرس العال السلمي وقضاياه لكن كثيا من‬
‫الامعات تافظ على وجود قسم دراسات الشرق الدن أو الشرق الوسط للتنسيق‬
‫فيما بينها وكأنه الرابط الخي بالدراسات الستشراقية القدية والت يتم فيها دراسة‬
‫كتابات السعتشرقي التقليدييع مثعل بروكلمان وجولدزيهعر وشاخعت وبوزوورث‬
‫وبرنارد لويس وغيهم‪ .‬وف هذه القسام يتم تسجيل رسائل الدراسات العليا كما‬
‫يدث ف كل من جامعة برنستون وجامعة كولومبيا وجامعة كاليفورنيا ف بيكلي‬
‫وف جامعة كاليفورنيا بدينة لوس أنلوس‪.‬‬
‫و قد أ صبح يشارك الهتمام بالدرا سات العرب ية وال سلمية مرا كز البحوث‬
‫والعاهعد التخصعصة فع دراسعة الشرق الوسعط وهذه وإن ل تكعن أكادييعة فع‬

‫‪16‬‬
‫مناهج ها ولكن ها ت ستعي بالكاديي ي أو إن الكاديي ي هم الذ ين يقومون بالع مل‬
‫فيها وإدارتا‪ .‬وإن كانت بعض العاهد تستعي بالسياسيي أو الدبلوماسيي القدامى‬
‫م ثل مع هد الشرق الو سط بواشن طن العا صمة أو مع هد درا سات الشرق الد ن ف‬
‫واشنطن أيضا‪.‬‬
‫والسؤال كيف ندرس الستشراق هل هو اتاه فكري يتم دراسته من خلل‬
‫أق سام كليات الشري عة والل غة العرب ية والعلوم الجتماع ية أو ي كن أن نفرد درا سة‬
‫السعتشراق معن خلل كليات يكعن أن نطلق عليهعا كليات الدراسعات الوروبيعة‬
‫والمريكية؟ ما دام الستشراق قد انتقل من الوضع القدي إل وضع أصبح فيه يتناول‬
‫العال السلمي من جيع الوانب ويستخدم مناهج البحث الاصة بالعلوم الختلفة‬
‫كالعلوم الجتماع ية وعلوم الت صال وعلوم الل غة وغي ها‪ .‬و ما دام البا حث الغر ب‬
‫الذي ينطلق لدرا سة العال ال سلمي إن ا هو ا بن بيئ ته ول يتلف تكوي نه الفكري‬
‫والنهجي عن أي أكاديي غرب ف أي مال من الجالت الختلفة‪.‬‬
‫ولذلك فإن الطلوب ف مواجهة الجمة الستشراقية أن نعرف الغرب معرفة‬
‫دقيقة ف جيع جوانب الياة فل بد أن يتم دراسة الغرب ف أقسام علم الجتماع‬
‫والتار يخ والل غة وعلم الن فس والت صال و قد حضرت مؤترا ف عمّان (‪12-10‬‬
‫أبريعل ‪2000‬م) حول العلقات العربيعة المريكيعة وقعد تناول عدد معن الباحثيع‬
‫صعورة العرب والسعلمي فع العلم المريكعي ولكنهعم ل يتعمقوا فع فهعم هذا‬
‫العلم وعلق ته بالكو مة المريك ية و هل ت ستطيع الكو مة المريك ية التأث ي ف‬
‫وسائل العلم‪ .‬فقد فعلت هذا المر ف حرب الليج الثانية حيث أصرت على أن‬
‫تكون أخبار هذه الرب صادرة عن غرفة عمليات تابعة للقوات المريكية أو قوات‬
‫اللفاء‪ .‬ول ت شر أي من الوراق القد مة لرتباط الكو مة المريك ية بعقود ت سلح‬

‫‪17‬‬
‫مع عدد من كبيات الشركات المريكية الت تتلك بعض كبيات وسائل العلم‬
‫المريكية كما أشار مؤلفا كتاب( مصادر غي موثوقة‪)21().‬‬
‫ولت كن البدا ية ف درا سة ال ستشراق ف الع صر الا ضر أن ينطلق البا حث‬
‫السلم بعرفة السلم معرفة حقيقية من مصادره الصلية فيعرف كيف دوّن القرآن‬
‫الكر ي وك يف دوّن الد يث الشر يف و ما م صطلح الد يث ك ما عل يه أن يعرف‬
‫أساسيات ال سلم وثواب ته ال كبى ك ما ل ي نع أن يعرف ب عض التفا صيل ف الف قه‬
‫والديث والتفسي واللغة فكيف يكن لنا أن ننتقد الكتابات الغربية حول السلم‬
‫والسلمي ونن ل نعرف إسلمنا معرفة أصيلة‪.‬‬
‫أما المر الثان فعلينا أن نعرف اللغات الوروبية معرفة تكننا من قراءة ما‬
‫كتبه الغربيون بلغاته الصلية حت نستطيع أن نفهم فهما دقيقا ما قالوه فل نقع ف‬
‫التأو يل والتف سي بدون أ ساس عل مي صحيح‪ .‬وعلي نا أن نف هم الجتمعات الغرب ية‬
‫ذلك أن الباحث ي الغربي ي ف قضايا العال السلمي إن ا هم نتاج بيئت هم وإن كثيا‬
‫من القضايا الت ينتقدون فيها السلم إنا هم أول بنقد أنفسهم فيها‪ .‬ويضرن ف‬
‫هذه الناسبة حوارا رواه منصر بينه وبي أحد الغاربة حيث قال الغرب للمنصّر لاذا‬
‫تأتوننا تدعوننا للخلق واليان بالسيح أليس من الول أن تدعوا بن قومكم لنع‬
‫النرافات الخلقية وشرب المور وغي ذلك من العاصي؟‬
‫ول عل الدرا سة ال صحيحة لل ستشراق أن ل تتو قف معرفت نا ب ا يدور ف الو ساط‬
‫العلمية ف الغرب عن طر يق قراءة بعض النتاج العل مي فل بد أن يكون ل نا وجود‬
‫فا عل ف الؤترات والندوات وأن نشارك ف ال صدارات العلم ية باللغات الوروب ية‬
‫الختل فة‪ .‬ف كم مادة تدرس ف الامعات الغرب ية با سم مد خل إل الد ين ال سلمي‬
‫ويكون الكتاب النهجي ف هذه الادة كتبه مسلم باللغات الوروبية؟‬

‫‪18‬‬
‫الاتة‬

‫من الصعب تصنيف الستشراق ضمن الذاهب الفكرية العاصرة كالاسونية‬


‫والبهائية أو غيها رغم أن الوسوعات الت تصدر ف العال السلمي تصنفه ضمن‬
‫هذا الت صنيف ك ما أن ا ت صنفه ض من و سائل الغزو الفكري‪ .‬ول بد أن لذا الرأي‬
‫ب عض الوجا هة ول كن القي قة أن ال ستشراق ي كن أن يش كل تيارا فكريا ف ج يع‬
‫مالت الياة ف العقيدة و ف الل غة و ف التار يخ و ف الجتماع و ف ال سياسة و ف‬
‫القتصاد‪ .‬حت إن كثيا من الذين يكتبون ف العال العرب ل يتلفون ف منطلقاتم‬
‫ععن الكتابات الغربيعة‪ .‬ولععل معن هذه التأثيات أن وسعائل العلم العربيعة تطلق‬
‫با ستمرار على الركات ال سلمية أو ال سلميي م صطلح ال صوليي أو ال صولية‬
‫السلمية أو التشددين وكأن وسائل العلم العربية السلمية إنا هي مرآة تعكس‬
‫ما تكتبه الصحف ووسائل العلم الغربية‪.‬‬
‫ويكننا أن نضيف إن ما قدمته السينما العربية لحاربة الثوابت السلمية ف‬
‫ال سرة والخلق يتفوق بئات الرات ما قدم ته و سائل العلم الغرب ية فإن الفلم‬
‫المريكية مثلً وباصة الت ل تترجم‪ -‬قبل أن تظهر الشو تاي (‪) Show Time‬‬
‫الت تعتز بأنا تستطيع أن تنقل إلينا الفكرة والصورة معا واستطاعت أن تتغلب على‬
‫موضوع صعوبة قراءة الترجة‪ -‬ل يعد شيئا مذكورا مقابل ما قدمته السينما العربية‬
‫أو و سائل العلم العرب ية ال سلمية من تشو يه حقي قة ال سلم وم سلماته‪ .‬و من‬
‫الوضوعات الثية فع وسعائل العلم هذه موقعف السعلم معن الرأة أو حقوقهعا‪،‬‬
‫وكذلك قضية السلم والسياسة والعلمنة‪.‬‬
‫إننعا باجعة إل أن نعرف السعتشراق القديع وكذلك الدراسعات العربيعة‬
‫والسلمية والدراسات القليمية أو دراسات الناطق الوجودة ف الغرب ف الوقت‬

‫‪19‬‬
‫الاضر‪ ،‬ونن باجة أكثر إل أن نعرف الغرب معرفة وثيقة حت نستطيع أن نافظ‬
‫على هويتنا ف وجه التيارات الفكرية الت تستطيع وسائل العلم الغربية نشرها با‬
‫لديها من أجهزة قوية وإمكانات ضخمة‪.‬‬
‫فلعل نا ف ال ستقبل ل تتو قف جهود نا على حضور الؤترات والندوات ال ت‬
‫تعقد للحديث عن العال العرب والسلمي وقضاياه بل نشارك معهم ف مؤترات م‬
‫وندواتم الت تص الجتمعات الغربية فنقدم لم القتراحات واللول فنكون بذلك‬
‫قد انتقل نا إل مرحلة جديدة ف ن قل ال سلم من الو ضع الدفا عي إل الو ضع الذي‬
‫جاء من أجله السلم ( ليخرج ال به من شاء من عبادة العباد إل عبادة ال الواحد‬
‫الحد ومن ضيق الدنيا إل سعة الخرة ومن جور الديان إل عدل السلم‪ ).‬فهل‬
‫نن فاعلون والمد ل رب العالي ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫‪ - 1‬عبد الستار فتح ال سعيد‪ " .‬الغزو الفكري والتيارات العادية للسلم " ف الغزو الفكري والتيارات العادية للسلم " (بوث مؤتر‬
‫الفقه السلمي عام ‪. )1396‬الرياض‪ :‬جامعة المام ممد بن سعود السلمية ‪1404‬هع‪1984 -‬م‪ .‬الصفحات ‪.280-175‬‬
‫‪ - 2‬الرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.229‬‬
‫‪- 3‬عبد الكري يونس الطيب‪ " .‬الغزو الفكري والتيارات العادية للسلم‪ :‬القسم الرابع" ف بوث مؤتر الفقه السلمي ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫الصفحات ‪.459-391‬‬
‫‪- 4‬الرجع نفسه ص ‪.441‬‬
‫‪ - 5‬أحد بشي‪ ،‬الرجع السابق ‪ ،‬القسم الامس الصفحات ‪.497-459‬‬
‫‪ 6‬عائشة عبد الرحن (بنت الشاطئ) ‪.‬تراثنا بي ما ضٍ وحاضر) ‪ .‬القاهرة‪ :‬دار العارف ‪1387/1389‬هع الوافق ‪1968/1969‬م)‬
‫ص ‪.53‬‬
‫‪ - 7‬الرجع نفسه والصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪ - 8‬ممد رشاد سال‪ .‬الدخل إل الثقافة السلمية‪( .‬الكويت‪ :‬دار القلم‪1405 ،‬هع‪1984/‬م) ص ‪8‬‬
‫‪- 9‬ممد الغزال‪ .‬دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن الستشرقي‪( .‬القاهرة‪ :‬نضة مصر‪ ،‬بدون تاريخ ) ص ‪.3‬‬
‫‪ - 10‬الرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ - 11‬آصف حسي‪ " .‬السار الفكري للستشراق" ترجة مازن مطبقان ‪ .‬ف ملة جامعة المام ممد بن سعود السلمية‪ .‬العدد السابع‬
‫‪ 12‬ممد أحد دياب‪ .‬أضواء على الستراق والستشرقي‪(.‬القاهرة‪ :‬دار النار‪1410 ،‬هع_‪1989‬م) ص ‪.7‬‬
‫‪ - 13‬الرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 14‬الرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 15‬ممد عبد الفتاح عليان ‪ .‬أضواء على الستشراق‪ ( .‬القاهرة‪ :‬دار البحوث العلمية‪1400 .‬هع ‪1980‬م) ص ‪.5‬‬
‫‪ - 16‬عدنان ممد الوزان‪ .‬الستراق والسترقون‪ :‬وجهة نظر‪ .‬مكة الكرمة‪ :‬رابطة العال السلمي ‪ ،‬سلسلة دعوة الق ‪ ،‬س ‪ 3‬عدد ‪14‬‬
‫ربيع الول ‪ ،1404‬يناير ‪1984‬م‪ .‬ص ‪.197‬‬
‫‪ - 17‬الرجع نفسه ص ‪.37‬‬
‫‪ - 18‬الرجع نفسه ص ‪.8‬‬
‫‪- 19‬جال الشلب‪ .‬العرب وأوروبا ‪ :‬رؤية سياسية معاصرة‪( .‬بيوت ‪ :‬الؤسسة العربية للدراسات والنشر‪2000،‬م)‬
‫‪ - 20‬غسان سلمة‪ ",‬العرب والسلمون ف كتابي جديدين‪ ".‬ف ملة الفكر العرب ‪ ،‬س ‪ 2‬العدد ‪ 1980 ، 14‬ص ‪ 223‬نقلً عن جال‬
‫الشلب ‪ ،‬الرجع السابق ص ‪.37‬‬
‫‪21‬‬
‫‪- Martin A. Lee& Norman Solomon . Unreliable Sources: a Guide to Detecting Bias in‬‬
‫‪News Media. (New York: Carol Publishing Group, 1992.‬‬

You might also like