Professional Documents
Culture Documents
ل يعرف على وجه التحديد التاريخ الذي ولد فيه سعود بن محمد بن مقرن ،وإن
كان من المرجح أن ولدته كانت في أواخر القرن الحادي عشر الهجري ،والمعروف من
أبناء سعود بن محمد أربعة هم :محمد ،وثنيان ،ومشاري ،وفرحان.
توفي سعود بن محمد في شوال عام 1137هـ1725 /،م ،ول تمدنا المصادر
بمعلومات وافية عن العمال التي أنجزها.
زيد بن مرخان بن وطبان ) 1139 1137هـ( )1726 1725م( تولى حكم الدرعية بعد
وفاة سعود بن محمد لنه كان أكبر رجال السرة سنًا .وُقتل زيد في عام 1139هـ/
مد بن سعود بن مقرن.1726م ،ليتولى من بعده مح ّ
محمد بن سعود بن مقرن )1179 1139هـ( ) 1765 1726م( ولد عام 1109هـ/
1697م ،تولى الحكم بعد مقتل زيد بن مرخان في عام 1139هـ1726 /م ،ويعد المؤسس
الحقيقي للدولة السعودية الولى ،وهو أول من لقب بالمامة من حكام آل سعود.
وفي عام 1157هـ1744 /م ،قدم الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية تاركا ً
بلدته العيينة ،فاستقبله محمد بن سعود وأكرم مثواه ،وساند دعوته ،وبايعه وتحالف معه
على نصرته ،وعلى الجهاد في سبيل الله لنشر الدعوة السلفية وإقامة الشرائع السلمية
وعرف هذا التحالف باتفاق الدرعية ،وهو الساس الذي قامت عليه الدولة السعودية
الولى.
وشرع المام محمد بن سعود في اتخاذ إجراءات عسكرية منذ عام 1159هـ/
1746م ضد معارضي الدعوة السلفية ،وتوسعت حدود إمارة آل سعود حتى شملت معظم
بلدان نجد.
وعرف المام محمد بن سعود بن محمد بالشجاعة والحزم .وتوفي عام 1179هـ/
1765م في الدرعية.
ثاني الحكام في الدولة السعودية الولى ،وهو البن الكبر للمام محمد بن سعود،
مد بن عبدالوهاب العلوم ولد بالدرعية عام 1133هـ1721 /م ،ودرس على الشيخ مح ّ
الشرعية ،وكان وليا ً للعهد ،وقائدا ً لجيش الدولة ،في حياة والده ،وتولى عبدالعزيز الحكم
بعد وفاة والده عام 1179هـ1765 /م ،فسار على نهج والدهُ .يعد المام عبدالعزيز بن
مد بن سعود ،الباني الثاني للدولة السعودية الولى لما أنجزه من أعمال كبيرة في مح ّ
سبيل بناء الدولة .واتسع نطاق الدولة في أيامه .ففي عهده سحق خصمه دهام بن دواس
أمير الرياض ،وانضمت الرياض إلى الدولة السعودية الولى عام 1187هـ1773 /م.
وحاربه رئيس نجران حسن بن هبة الله المكرمي فتغلب عبدالعزيز عليه ،وانضمت
منطقة القصيم إلى الدولة في الفترة بين )1202 -1188هـ( )1787 -1774م( ،ومنطقة
الحساء عام 1208هـ1794 /م .كما نجح في الستيلء على الطائف عام 1217هـ /
1802م ،وتقدمت قواته إلى مكة عام 1217هـ1803 /م ،وضمت إلى نفوذ دولته غير أن
الشريف غالب بن مساعد تمكن من استعادتها .وامتد نفوذه إلى جبل شمر ومنطقة عسير
وباديتها .وكان مغوارا ً شديد البأس ،ل يمل الحروب ،ويباشر المعارك بنفسه ،ويناصر الحق.
كما اتصف المام عبدالعزيز بن محمد بشدة التدين والخوف من الله عز وجل ،ل تأخذه في
الله لومة لئم ،وكان عادل ً بين أهله وعشيرته ،ويعطف على رعيته ،وقد نعم الناس في
عهده بالمن والستقرار.
قتل المام عبدالعزيز عام 1218هـ1803 /م غيلة أثناء تأديته لصلة العصر بمسجد
الطريف بالدرعية على يد رجل شيعي.
سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود )1229 -1218هـ( )1814 -1803م(:
ثالث الحكام في الدولة السعودية الولى .ولد في الدرعية عام 1161هـ1748 /م
ونشأ في رعاية والده المام عبدالعزيز .ووالدته الجوهرة بنت عثمان بن حمد بن معمر ابنة
أمير الدرعية السابق عثمان بن معمر الذي حكم في الفترة من 1142هـ 1729 /إلى
مد بن عبدالوهاب ،وعلى أئمة الدعوة
1163هـ1750 /م .ودرس سعود على يد الشيخ مح ّ
من تلميذ ابن عبدالوهاب وكان على جانب كبير من العلم والدب.
مد بن عبدالوهاب لتولي منصب ولية العهد؛ ولقي المر قبول ً ورشحه الشيخ مح ّ
مد ،فبويع بولية العهد عام 1202هـ/ واستحسانا ً من لدن والده المام عبدالعزيز بن مح ّ
ي سعود المامة يوم 1788م .وكان قائدا ً كبيرا ً في الفتوحات في عهد والده عبدالعزيزُ ،ول ّ
مقتل أبيه بالدرعية عام 1218هـ1803 /م .فكان عهده )1229 1218هـ( ) 1803
ي للدولة ،من حيث المن والستقرار والقوة والتساع .وجند جيشا ً 1814م( ،العصر الذهب ّ
كبيرا ً أخضع به معظم شبه جزيرة العرب.
وبسبب ضمه للحجاز قامت الدولة العثمانية بتكليف واليها على مصر محمد علي
باشا بإرسال حملة لستعادة الحجاز ،فأرسل محمد علي ابنه طوسون على رأس هذه
الحملة التي تمكنت من استعادة المدينة ومكة عام 1227هـ1812 /م ،والطائف عام
مد علي،
1228هـ1813 /م .وقد أحرزت القوات السعودية بعض النتصارات على قوات مح ّ
خاصة أثناء حملة طوسون.
انتهج المام سعود طريقة فريدة في الحكم عملت على استتباب المن في كل
مناطق الدولة؛ ذلك أنه جعل كل أمير منطقة أو ناحية أو شيخ قبيلة مسؤول ً في المقام
الول المباشر عن المن في منطقته ،وعلى المير أو الشيخ أن يتعاون مع أمراء المناطق
المجاورة وشيوخها ،ويتضامن معهم .كما أن المام سعودا ً كان كثيرا ً ما يلجأ إلى الشورى
الخاصة والعامة في حالت كثيرة في الحرب والسلم .ولقب المام سعود بالكبير لنه
توافرت فيه الصفات التي تؤهله لهذا اللقب ،فقد كان على جانب كبير من العلم والدب
والشجاعة والفصاحة ،كما كان موفقا ً يقظًا ،توفى المام سعود الكبير عام 1229هـ/
1814م ،فخلفه في الحكم والمامة ابنه عبدالله بن سعود.
رابع حكام الدولة السعودية الولى ،تولى الحكم عام 1229هـ1814 /م ،في
ظروف حرجة تمر بها الدولة إذ كانت قوات محمد علي تواصل تقدمها في اتجاه نجد
وعسير فحاول حصرها في منطقة الحجاز ،إل أن الظروف لم تمكنه من ذلك ،حيث كان
هناك فارق كبير بين قواته وقوات خصمه من حيث العتاد والسلح والخطط الحربية
مد علي باشا من السيطرة على بعض والمكانات المالية .مما مكن إبراهيم باشا بن مح ّ
المدن والقرى إلى أن وصل إلى الدرعية عاصمة الدولة السعودية الولى ،فحاصرها .ودافع
المام عبدالله وقواته عن الدرعية دفاع البطال ،واستبسلوا في المقاومة والصمود مدة
زادت على ستة أشهر.
ولما أجهد الحصار المام عبدالله وقواته ،اضطر إلى المصالحة والستسلم لقائد
الجيش المصري إبراهيم باشا في 8ذي القعدة 1233هـ 10 /سبتمبر 1818م .فأرسله
إبراهيم باشا إلى مصر تحت حراسة مشددة ،ووصل إلى القاهرة في 17المحرم
1234هـ 16 /نوفمبر 1818م ،فأكرمه واليها محمد علي ووعده بالتوسط له عند حكومة
الستانة ،وحمل المام عبدالله بن سعود ومعه اثنان من رجاله ،إلى الستانة ،فوصلها في
يوم 15صفر 1234هـ 13 /ديسمبر 1818م ،فطيف بهم في شوارعها ثلثة أيام متتالية ثم
ُأعدموا في ميدان مسجد )أيا صوفيا( ،وظلت جثته معروضة بضعة أيام.
تولى الحكم عام 1235هـ1820 /م ،وكان قبل ذلك أسيرا ً لدى إبراهيم باشا ،إل
أنه تمكن من الفلت من حراسه في الطريق من المدينة المنورة إلى ينبع .فعاد إلى نجد
ووصل إلى منطقة الوشم وجمع بعض أنصار آل سعود من مناطق نجد ،ثم اتجه إلى
الدرعية ودخلها ،وكان حاكمها حينئذ محمد بن مشاري بن معمر الذي حكم الدرعية بعد
انسحاب قوات محمد علي منها معتمدا ً على صلته بآل سعود من جهة أمه ،وكونه من
أسرة حاكمة من قبل ،إضافة إلى ثرائه وامتلكه الكثير من السلح ،وفوق كل ذلك عدم
وجود أحد من سللة سعود بن عبدالعزيز .ومع قدوم مشاري بن سعود تنازل له محمد بن
مشاري بن معمر عن غير قناعة .وبايع السكان مشاري بن سعود بالحكم ،في جمادى
الخرة 1235هـ /مارس 1820م ،واستتب له المر ،وعين تركي بن عبدالله بن محمد بن
سعود أميرا ً على الرياض .وقدمت عليه الوفود من مناطق الوشم والمحمل وسدير وغيرها
معلنة له التأييد ،واستطاع ضم منطقة الخرج إلى إمارته.
وفي هذه الثناء ظل محمد بن معمر غير قانع بتنازله ،وظل متطلعا ً إلى السلطة،
مؤيدا ً
فخرج من الدرعية وتوجه إلى سدوس بحجة زيارة أقاربه ،واستطاع تجميع أنصاره ُ
من فيصل الدويش شيخ مطير ،كما أرسل ابن معمر رسائل إلى آبوش أغا القائد العثماني
في عنيزة طالبا ً منه العون ضد مشاري بن سعود ،مقابل تبعيته للدولة العثمانية وطاعته
لوامرها ،واستطاع أن يكسب عون وتأييد آبوش أغا .وتوجه إلى الدرعية وهاجمها ،وتمكن
من دخولها ،وقبض على مشاري بن سعود وأرسله إلى سدوس ،فسلمه أتباعه إلى آبوش
آغا الذي سجنه في عنيزة ،ومات مشاري بن سعود في سجنه .وبموت مشاري بن سعود
تنتهي المحاولة الولى لعادة الدولة السعودية.
الدولة السعودية الثانية:
مؤسس الدولة السعودية الثانية ،وهو جد الحكام السعوديين الحاليين؛ فقد تسلسل
الحكم في أبنائه وأحفاده.
والمام تركي هو أول من تولى الحكم من فرع عبدالله بن محمد بن سعود ،حيث
كان الحكم قبله من فرع عبدالعزيز بن محمد بن سعود .ولد المام تركي على وجه
التقريب عام 1183هـ1769 /م في الدرعية ،ونشأ فيها وتعلم وشارك في الحياة العامة في
إطار أسرته .أسس الدولة بعد أن تمكن من إنهاء حكم مشاري بن محمد بن معمر الذي
انتزع الحكم من المير مشاري بن سعود ،فقاد قوة وتوجه بها إلى الدرعية ،وقبض على
محمد بن مشاري بن معمر ،ثم توجه بعد ذلك إلى الرياض وألقى القبض على ابنه مشاري
بن محمد بن مشاري بن معمر ،وتولى الحكم في المنطقة متخذا ً من الرياض عاصمة
ومركزا ً للحكم السعودي الجديد عام )1236هـ 1821 /م( ،واشترط تركي على ابن معمر
وابنه ،أن يأمرا بإطلق سراح ابن عمه مشاري بن سعود بن عبدالعزيز المسجون في
سدوس وإل قتلهما .ولكن أتباع ابن معمر خافوا من انتقام العثمانيين فسلموهم مشاري
بن سعود ،فقام خليل أغا القائد العثماني في سدوس بإرساله إلى القيادة العثمانية في
عنيزة ،وهناك وضع في السجن العثماني ،وتوفي مشاري بن سعود فيه عام 1236هـ /
1820م .أما محمد بن معمر وابنه مشاري فقد قتلهما المام تركي ،لنهما تسببا في موت
المير مشاري بن سعود.
وقد حاول فيصل الدويش شيخ مطير ومعه مجموعة من القوات العثمانية
المرابطة في عنيزة من محاصرة الرياض ،إل أن تركي بن عبدالله صمد هو وجماعته في
وجه الحصار ،الذي فشل .ثم قام محمد علي باشا بمحاولة أخرى لنهاء الوجود السعودي
في نجد ،فوجه قوة بقيادة حسين بك إلى نجد ،لتنضم للقوات العثمانية المرابطة في
القصيم ،لكي تهاجم وتقوض دعائم المقاومة السعودية التي يقودها تركي بن عبدالله.
وتوجهت القوات جميعها إلى الرياض .وعندما وصلت تلك القوات إلى الوشم كلف حسين
بك أحد ضباطه وهو آبوش أغا بالتوجه إلى الرياض ومحاصرتها ،وإلقاء القبض على تركي
بن عبدالله ،فحاصر الرياض ،مما اضطر تركي بن عبدالله أن يخرج سرا ً من الرياض،
قاصدا ً جنوبها ،لتجميع أنصاره لمقاومة العثمانيين.
وفي عام 1238هـ 1823 /م شرع تركي بن عبدالله في تنظيم مقاومة ضد
المصريين ،وفي عام 1239هـ1824 /م تمكن من إجبار القوات العثمانية المصرية على
الجلء عن الرياض ومنفوحة .واستقر تركي بن عبدالله في الرياض عام 1240هـ1825 /م،
وكان ذلك بداية توحيد البلد .وفي ذات الوقت ثار سكان نجد ضد الحاميات العثمانية
المصرية في بلدانهم وأجبروها على الرحيل إلى الحجاز .فتحقق بذلك مساندة كبيرة
لمشروع تركي بن عبدالله ،الرامي إلى توحيد البلد ،وتكوين الدولة السعودية من جديد.
ولم ينته عام 1242هـ 1827 /م ،حتى كانت مناطق نجد كلها تؤيد المام تركي بن
عبدالله وتبايعه على إمامة الدولة السعودية الجديدة .وتابع المام جهوده محاول ً استعادة
المناطق التي كانت تابعة لدولة أجداده غير إقليم نجد ،فاستطاع ضم منطقة الحساء
بكاملها ،وبعض بلدان الخليج ،وأيده سكان البادية ودفعوا له الزكاة دللة على التبعية
لحكمه وسيادته .وبذلك استطاع أن يقيم الحكم السعودي الجديد ،وينشر المن والستقرار
في ربوع البلد.
توفي المام تركي بن عبدالله إثر مؤامرة دبرها لقتله ابن أخته مشاري بن
عبدالرحمن آل سعود عام 1249هـ1834 /م .وبعد وفاة المام تركي بن عبدالله أعلن
مشاري بن عبدالرحمن آل سعود نفسه أميرا ً على الرياض.
ل" :كان ذا رأي وشجاعة وفطنة ووصف ابن بشر المام تركي بن عبدالله قائ ً
وبراعة وحلم وأناءة ...مع تواضع للرامل واليتامى والمساكين في هيبة جعلها الله عليه،
ومحبة في القلوب مصروفة إليه ...وكان اليتامى من كل بلد عنده في قصره ،وكل أرملة
ومنقطع يحسن إليه ويبره".
ولد المام فيصل بن تركي على وجه الترجيح عام 1205هـ1790 /م في الدرعية.
نشأ فيها وتعلم على أساس مبادئ الدعوة السلفية ،واعتنى والده المام تركي بن عبدالله
بتعليمه ،فحفظ القرآن عن ظهر قلب وهو صغير ،كما اهتم والده بتدريبه على المور التي
تتصل بالنواحي الحربية مثل الفروسية والرماية ونحوهما ،شارك في حرب الدرعية حيث
كان من ضمن المدافعين عنها عندما حاصرها إبراهيم باشا بقواته عام 1233هـ1818 /م
فقد كان موجودا ً إلى جانب والده .وكان من بين السرى السعوديين الذين رحلهم إبراهيم
باشا إلى القاهرة بعد احتلل قواته الدرعية والقضاء على الدولة السعودية الولى عام )
1233هـ 1818 /م( ،وظل فيها إلى أن تمكن من العودة إلى نجد ،فساعد والده تركي بن
عبدالله آل سعود في بناء الدولة السعودية الثانية ،فكان يقود القوات ضد المعارضين
والمتمردين لحكم أبيه ،كما كان يتولى شؤون الحكم والدارة أثناء غياب والده ،وكان
فيصل بن تركي في شرق شبه الجزيرة العربية يعمل على إنهاء ثورة العمائر من بني
خالد ،وهناك وصله خبر مقتل والده على يد مشاري بن عبدالرحمن ،فجمع كبار قادته،
وأطلعهم على ما حدث ،فاستقر رأيهم على مبايعته بالمامة ،والتوجه فورا ً إلى الرياض
لستعادة مقاليد الحكم .وتمكن فيصل بن تركي من القضاء على مشاري بن عبدالرحمن
آل سعود الذي لم يحكم سوي أربعين يوما ً فقط .وبذلك استطاع فيصل بن تركي أن
يتسلم مقاليد الحكم ،وبايعه الهالي ،وبدأت فترة حكمه الولى في 11صفر 1250هـ 18 /
يونيه 1834م .وبذل فيصل بن تركي أقصى جهده من أجل تثبيت دعائم الحكم السعودي
في البلد السعودية ،التي كانت تابعة لحكم والده المام تركي بن عبدالله آل سعود.
وقد لقى مشروع المام فيصل لتثبيت الدولة السعودية الثانية ،تعارضا ً مع خطة
محمد علي باشا للسيطرة على شبه الجزيرة العربية التي كانت من ضمن مشروعه
الكبير ،بعد انفصاله عن الدولة العثمانية.
فأرسل محمد علي باشا حملة عسكرية قوية على نجد بقيادة إسماعيل بك عام
1252هـ1836 /م ،ورافقه فيها المير خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود،
الذي أقام في مصر لمدة تزيد على 18سنة ،أنعم عليه خللها برتبة قائمقامية ،وقد أراد
محمد علي باشا من وراء ذلك ،أن يقنع الهالي في نجد بأن السلطة الجديدة هي سلطة
محلية وطنية .وقد حاول فيصل بن تركي مقاومة الحملة العسكرية ووقف زحفها ،إل أنه
لم يتمكن ،خاصة وأن محمد علي باشا عزز قواته بحملة أخرى ،بقيادة القائد العسكري
المحنك خورشيد باشا .وقد تمكنت تلك الحملة من مهمتها ،فاستولت على البلد النجدية
عدا الجزاء الجنوبية من القليم ،واضطر المام فيصل بن تركي إلى التسليم والموافقة
على الذهاب إلى مصر ،شرط أن يؤمن قائد الحملة العسكرية أتباع فيصل على أرواحهم
وأموالهم .وغادر المام فيصل الدلم برفقة فرقة عسكرية متوجها ً إلى المدينة المنورة ثم
إلى مصر في 2شوال 1254
هـ 18 /ديسمبر 1838م ،منهيا ً بذلك فترته الولى في الحكم.
تولى الحكم بمباركة وتأييد مطلق من محمد علي باشا ،و عندما بدأت أوروبا
تتخوف من توسعات محمد علي باشا ،عملت على وقف نشاطه التوسعي ،وتحديد دائرة
نفوذه في ولية مصر فقط .واضطرته إلى سحب قواته من الجزيرة العربية ،وأبقي
خورشيد باشا خالد بن سعود على حكم البلد النجدية ،في ظل السيادة المصرية عام
1254هـ 1838 /م ،وترك معه عددا ً قليل ً من الجنود من أجل حمايته ودعمه .واختلف حكم
خالد بن سعود ،في نمطه وأسلوبه ونهجه ،عن أسلوب الحكم السعودي المتعارف عليه
في البلد ،ولم يلق تأييد الهالي ،بل نفروا منه ،وأيدوا المير عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم
بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن ،الذي تصدى لحكم خالد بن سعود .وانتهى المر
بفرار خالد ،إلى الحساء في شوال 1257هـ 1841 /م ،حيث أخفق في تجميع قوة تقف
معه في وجه ابن ثنيان ،فذهب إلى الحجاز ،وأقام في مكة المكرمة .وتوفى فيها في عام
1276هـ1859 /م.
تسلم الحكم في نجد خلل الفترة من )شوال 1257/1841م إلى ربيع الخر
1259هـ1843 /م( ،واستمر لمدة عامين فقط .واتصف حكمه بالقوة والشدة وكثرة
الجراءات التأديبية ،مما سبب نقمة عليه من جانب عدد كبير من الهالي ،وفي هذه الثناء
نجح المام فيصل بن تركي بن عبدالله في الخروج من مصر ،وسار إلى حائل ،وأقام عند
عبدالله بن رشيد ،وبعث برسائل إلى أمراء البلدان والزعماء وشيوخ القبائل ،ولقي من
معظمهم كل ود وترحيب ومساعدة وتأييد ضد عبدالله بن ثنيان ،مما أضعف موقف ابن
ثنيان الذي أصر على مخاصمة فيصل وحربه أمل ً في البقاء في الحكم ،إل أن النهاية كانت
لفيصل بن تركي الذي انتصر عليه بعد أن حاصره في قصر الحكم داخل الرياض ،وقبض
عليه وأودعه السجن ،ليموت فيه.
بإقصاء المام فيصل بن تركي عبدالله بن ثنيان عن الحكم تبدأ الفترة الثانية من
حكمه ،التي استمرت ثلثة وعشرين عاما ً )ربيع الخر /1259مايو 1843رجب 1282هـ/
نوفمبر 1865م( ،تمكن خللها من قمع حركات التمرد والقضاء على القلقل
والضطرابات .وأقام علقات ودية مع الدولة العثمانية ،والحكومة المصرية .ونظم شؤون
دولته ،وأرسى قواعد المن والستقرار فيها ،وعمل على تقوية شأن الرياض باعتبارها
عاصمة لدولته ،ودانت له الحساء والقصيم والعارض حتى أطراف الحجاز وعسير ،وتوفي
بالرياض ،في شهر رجب عام 1282هـ 1865 /م.
وصفه ابن بشر بأنه" :له مع ربه سر يلتجى في الشدايد إليه ،وثقة به في كل نازلة
يرجوه ويعول عليه ،وقد كان حفظ القرآن على ظهر قلبه ،وهو صغير وحافظ على تلوته
والتهجد به شاب وكبير ،وكان له حظ من الليل والقيام به وكثير التضرع والبتهال عند
خالقه وباريه ،فكم حامت عليه حوايم الخطوب والفات ...فيعجل الله من ذلك بفرج
قريب".
كما أبدى المام فيصل بن تركي اهتماما ً بالنواحي العلمية والثقافية ،وغرس في
ل" :أصلح الله له ذريته أي المام أبنائه وبناته العناية بهما ،ويشير ابن بشر إلى ذلك قائ ً
فيصل وأعطاه فيهم أمنيته ،فحفظوا القرآن على صدورهم ،دأبوا في تحصيل التعلم في
آصالهم وبكورهم ،ولهم معرفة في العلوم الشرعية وآثار السلف ،وجمعوا كتبا ً كثيرة
بالشراء والستكتاب من كتب الحديث والتفسير وكتب الصحاب" .ويؤكد قول ابن بشر
مجموعة من المخطوطات المحفوظة اليوم في مكتبة الملك فهد الوطنية التي تحتوي
على وقفيات بأسماء ابنه محمد وابنتيه نورة والجوهرة .انظر الشكال ))3 ،2 ،1أ ب(،4 ،
.(11 ،10 ،9 ،8 ،7 ،6 ،5
كان عبدالله ساعد والده اليمن في قيادة المعارك وإدارة شؤون البلد ،ولهذا
اختاره وليا ً لعهده .وفي أواخر حياة والده تسلم العبء الكبر من السلطة ،بعد أن أسند له
ذلك نتيجة مرض والده وكبر سنه ،وكان يعاونه شقيقه محمد بن فيصل في ذلك.
وبعد وفاة المام فيصل بن تركي في رجب 1282هـ /نوفمبر 1865م بويع عبدالله
خلفا ً له ،فنظم أمور الدولة .إل أنه دخل في خلف شديد مع أخيه سعود الذي كان ينافسه
منذ حياة والده ،وكان سعود أميرا ً على الخرج وله والده عليها في عام 1263هـ1846 /م
وظل في إمارته مما أكسبه قاعدة شعبية في تلك المنطقة استفاد منها فيما بعد في خلفه
مع أخيه عبدالله ،وبسبب هذا الخلف نشبت معارك عديدة بين الثنين ،كان منها معركة
ماء جودة في عام 1287هـ1870 /م التي انتصر فيها سعود واستولى على الحساء ،وفي
العام التالي واصل تقدمه فاستولى على الرياض ،في المحرم 1288هـ /مارس 1871م،
وكان أخاه عبدالله قد خرج من الرياض إلى مضارب قحطان.
انتزع الحكم من أخيه وأخذ البيعة من سكان الرياض ،وبدأت وليته في المحرم
1288هـ /مارس 1871م ،ولما استقر في الرياض جهز قواته لمواجهة أخيه عبدالله،
ودارت بينهما معركة في البرة ،وانهزم عبدالله ومن معه من قحطان ،فلجأ عبدالله إلى
العثمانيين في بغداد ،وانتهزت الدولة العثمانية هذه الفرصة التي سنحت لها بالقتال الدائر
بين الخوين ،فأرسل مدحت باشا حملة عسكرية قوية عام 1288هـ1871 /م ،إلى منطقة
الحساء ،واستولت عليها وأطلقت عليها اسم ولية نجد ،وكان مدحت باشا قد وعد المام
عبدالله بن فيصل بتعينه قائم مقام على نجد ولكنه أخلف وعده ،وقد ترتب على هذه
الحملة انسلخ الحساء عن الدولة السعودية الثانية .فزادها ضعفًا ،واستفاد محمد بن
عبدالله بن رشيد أمير حائل من الصراع بين الخوين فأخذ يوسع دائرة نفوذه لحساب
إمارته.
ولد عام 1266هـ1850 /م ،ووالدته هي سارة بنت مشاري بن عبدالرحمن آل
سعود ،نشأ في الرياض ،وحظي بقسط طيب من التعليم اعتمادا ً على عناية والده المام
فيصل بن تركي بهذا الجانب.
بدأت فترة حكمه الولى عندما مات أخوه سعود بن فيصل في ذي الحجة
1291هـ/يناير 1875م في الرياض إذ بايعه الهالي فيها بالمارة ،واستمر في الحكم
سنتين ،ثم تنازل عن المامة لخيه عبدالله بن فيصل في عام 1293هـ1876 /م.
عندما توفي سعود بن فيصل كان عبدالله في ديار عتيبة ،فلما علم بوفاة أخيه،
زحف إلى الرياض ،التي كان يحكمها حينئذ أخوه عبدالرحمن بن فيصل ،فتنازل عن المامة
لخيه عبدالله ،عام 1293هـ1876 / ،م ،ودخل الرياض .فثار عليه أبناء أخيه سعود،
م عبدالله عام 1305هـ1887 /،م وحبسوه فيها .فدبت مهِ ْ
وهاجموا الرياض فظفروا بعَ ْ
الفوضى فهاجم محمد بن رشيد الرياض ،واستولى عليها ،وأخرج أبناء سعود إلى الخرج،
كما أخرج المام عبدالله بن فيصل من سجنه وصحبه مع أخيه عبدالرحمن إلى حائل ،وعين
سالم بن سبهان أميرا ً على الرياض من قبله.
وبقي عبدالله بن فيصل في حائل مدة عامين ،ثم عاد إلى الرياض حيث توفي بعد
فترة وجيزة من عودته عام 1307هـ1889 /م ،وترك من البناء ثلثة ،ولدا ً واحدا ً وبنتين:
تركي الذي توفي ولم يعقب نسل ً وبذلك انقطع نسل المام عبدالله ،وطريفة وسارة،
والخيرة تزوجها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن.
آخر حكام الدولة السعودية الثانية ،بعد وفاة المام عبدالله بن فيصل عام
1307هـ1889 /م بايع الناس في الرياض أخاه عبدالرحمن بن فيصل ،وبذلك تبدأ فترة
حكمه الثانية ،وعلم المام عبدالرحمن أن ابن سبهان حاكم آل رشيد يدبر مذبحة لل سعود
فسجنه عبدالرحمن بن فيصل .فهاجمه محمد بن رشيد انتصارا ً لعامله ابن سبهان ،وحاصر
الرياض لمدة شهر أو يزيد ،فثبت له أهل الرياض بزعامة عبدالرحمن ،فلم يتمكن من
دخولها .وطلب ابن رشيد وفدا ً للتفاوض حول الصلح ،فجاءه وفد مكون من محمد بن
فيصل أخي المام عبدالرحمن ،والشيخ عبدالله بن عبداللطيف ،والشيخ حمد بن فارس،
ومعهم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الملك عبدالعزيز فيما بعد واتفقوا
على أن يطلق سراح سالم بن سهبان على أن تكون العارض تابعة لل سعود بزعامة
عبدالرحمن بن فيصل ،وأطلق سراح ابن سهبان ورحل إلى حائل .وصفا الجو لعبدالرحمن
مدة قليلة .بعدها هاجم محمد بن عبدالله بن الرشيد القصيم ،ووقعت معركة المليداء
المشهورة )1308هـ1891 /م( ،والتي هزم فيها ابن رشيد أهالي القصيم ،وعزم على
التقدم نحو الرياض لستخلصها من عبدالرحمن بن فيصل ،فلما بلغ المر المام
عبدالرحمن وجد أنه ليس في مقدوره التصدي لبن رشيد وقواته ،فخرج عن الرياض مع
أهله )1308هـ 1891 /م( إلى صحراء الدهناء ،وتنقل في البادية ،وبعد أن حصل على إذن
من أمير البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ،أرسل النساء إلى البحرين.
وكان ابن رشيد قد عين محمد بن فيصل بن تركي على الرياض ،فحاول
عبدالرحمن بن فيصل ومعه المؤيدون العودة إلى الرياض واسترداد الحكم ،فدخلها سلمًا،
فزحف ابن رشيد بجيش قوي على الرياض ،واستطاع هزيمة قوات عبدالرحمن في وقعة
حريملء عام 1309هـ1891 /م ،وعلى أثر ذلك عاد عبدالرحمن إلى البادية ولحق به ابنه
عبدالعزيز ،ومكث بها لمدة سبعة أشهر ،حتى أذنت لهما الدولة العثمانية بالقامة في
الكويت .وعندئذ انتقل عبدالرحمن ومعه آل سعود الذين كانوا في قطر للقامة في الكويت
عام 1310هـ 1892 /م ،التي استقر بها نحو عشر سنوات .وخلل فترة وجوده في الكويت
شارك الشيخ مبارك الصباح في حروبه ضد آل رشيد في وقعة الصريف في 17ذي القعدة
1318هـ 7 /مارس 1901م.
ولد الملك عبدالعزيز في مدينة الرياض عام 1293هـ1876 ،م ،ووالدته سارة بنت
أحمد بن محمد السديري ،كان والدها أميرا ً على الحساء من قبل المام فيصل بن تركي،
كما كان لخوتها إسهامهم في خدمة الدولة السعودية الثانية ،عرفت سارة بأنها كانت أكمل
النساء عقل ً وتدبيرًا .ونشأ عبدالعزيز تحت رعاية والده ،وتعل ّ
م القراءة والكتابة على يد
الشيخ القاضي عبدالله الخرجي من علماء الرياض فحفظ بعضا ً من سور القرآن المجيد،
ثم قرأه كله على يد الشيخ محمد بن مصيبيح ،كما درس جانبا ً من أصول الفقه والتوحيد
على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ .خرج مع والده في أعقاب موقعة المليداء
)1308هـ1891 /م( متوجهين إلى شرق شبه الجزيرة العربية ،واختلط في فترة النتقال
بأبناء قبائل العجمان وآل مرة ،ومن المؤكد أنه اكتسب خلل تلك الفترة ميزة تحمل
المسؤولية والصبر ،ثم انتقل بنساء أسرته إلى البحرين بتكليف من والده.
ثم استقر الملك عبدالعزيز مع أبيه في الكويت .ومّر خلل إقامته بالكويت بتجربة
سياسية كبيرة بحكم علقته بالشيخ مبارك بن صباح؛ فكان عبدالعزيز يتابع بوعي وانتباه
الطريقة التي يدير بها مبارك شؤون مشيخته ،ويصغي لما كان يدور في مجلسه من
أحاديث ،ويتفق كل من كتب عن حياة الملك عبدالعزيز فيما بعد على أن تأثير إقامته في
الكويت عليه كان كبيرًا ،لدرجة يصفون فيها الكويت بأنها كانت المدرسة التي تلقى فيها
فن السياسة عمليًا ،واستفاد من تجاربه هناك دروسا ً أعانته في المستقبل من أيام حياته.
وكان عبدالعزيز يخطط لستعادة ملك آبائه وأجداده ،وكانت أول محاولة بذلها في عام
1318هـ1901 ،م لستعادة الرياض ،في الوقت الذي كان فيه الشيخ مبارك الصباح شيخ
الكويت ومعه عبدالرحمن بن فيصل يحاربان عبدالعزيز بن متعب بن رشيد في موقعة
الصريف في 26ذي القعدة 1318هـ 17 /مارس 1901م ،وفيها انهزمت القوات الكويتية
المر الذي ترتب عليه انسحاب الملك عبدالعزيز آل سعود من الرياض.
وفي عام 1319هـ1902 /م ،نجح عبدالعزيز في استعادة الرياض عندما دخلها
وقتل أميرها من قبل ابن رشيد ،عجلن بن محمد ،في 5شوال 1319هـ 15 /يناير
مْلك لله ثم لعبدالعزيز آل
1902م ،وبعد استسلم الحامية التابعة لل رشيد نودي بأن ال ُ
سعود .وبهذا الحدث تحقق جزء من حلم عبدالعزيز في استعادة ملك آبائه وأجداده ،وشرع
في وضع أساس الدولة السعودية الحديثة.
وتأكيدا ً لدوره واعترافا ً بقدراته ،تنازل له والده المام عبدالرحمن بن فيصل عن
الحكم والمامة ،وتمت البيعة له في اجتماع حضره العلماء وأعيان الرياض في المسجد
الكبير بالرياض عام 1320هـ1902 /م.
شرع الملك عبدالعزيز في توحيد مناطق نجد تدريجيا ً فبدأ في الفترة )1320هـ
1321هـ1903 1902 /م( بتوحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض بعد انتصاره على ابن
رشيد في بلدة الدلم القريبة من الخرج ،فدانت له كل بلدان الجنوب ،الخرج والحريق
والحوطة والفلج وبلدان وادي الدواسر.
ثم توجه إلى منطقة الوشم وحارب ابن رشيد وانتصر عليه ،ودخل بلدة شقراء ،ثم
واصل زحفه صوب بلدة ثادق فدخلها أيضًا ،ثم توجه إلى منطقة سدير ودخل بلدة
المجمعة ،وبهذا الجهد العسكري تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد مناطق :الوشم
والمحمل وسدير وضمها إلى بوتقة الدولة السعودية الحديثة.
سعوأفاد الملك عبدالعزيز كثيرا ً من عودة منطقة الحساء إلى دولته ،لنه قد و ّ
بذلك حدود دولته لتشمل جزءا ً مهما ً من شبه الجزيرة العربية يطل على ساحل الخليج
العربي ،وله أهميته السياسية والقتصادية والتجارية ،وأصبح للدولة منفذ بحري أخرجها من
عزلتها وانغلقها داخل الراضي النجدية.
وفي عام 1339هـ1920 /م ،تمكن الملك عبدالعزيز من ضم منطقة عسير إلى
أجزاء دولته منهيا ً حكم آل عائض.
وفي العام نفسه عقد مؤتمر في الرياض حضره المراء والعلماء ورجال الدولة
وشيوخ العشائر وغيرهم ،قرروا فيه بالجماع أن يكون لقب الملك عبدالعزيز الرسمي هو:
)سلطان نجد وملحقاتها(.
وفي 29صفر 1340هـ 2 /نوفمبر 1921م ،ضم الملك عبدالعزيز منطقة جبل
مر ومدينة حائل بعد عدة مناوشات مع قوات آل رشيد.
ش ّ
كما نجح الملك عبدالعزيز في ضم منطقة الحجاز إلى مناطق حكمه بعد معارك
خاضتها القوات السعودية ضد قوات الشراف ،وكانت البداية دخول قواته الطائف في 7
صفر 1343هـ 6 ،سبتمبر 1924م ،وتنازل بعدها الشريف حسين بن على لبنه الشريف
على في 4ربيع الول 1343هـ 2 /أكتوبر 1924م.
وقد واصل السعوديون زحفهم باتجاه مكة المكرمة فدخلوها سلمًا ،منكسي
أسلحتهم وهم محرمون وذلك في 17ربيع الول 1343هـ 15 ،أكتوبر 1924م ،في الوقت
الذي انتقل فيه الملك علي بن الحسين إلى جدة حيث تحصن بها ،وفي هذه الثناء نجح
السعوديون في ضم موانئ القنفذة والليث ورابغ ،وقد فرض الملك عبدالعزيز حصارا ً على
جدة والمدينة المنورة ،واستسلمت حامية المدينة المنورة في 19جمادى الولى 1344هـ،
4ديسمبر 1925م ،ومدينة جدة قي 6جمادى الخرة 1344هـ 22 ،ديسمبر 1925م .بعد
أن استسلم الملك علي بن الحسين وغادر البلد ،وانتهى بذلك حكم الشراف في الحجاز.
وفي عام 1344هـ1926 /م لقب الملك عبدالعزيز بلقب "ملك الحجاز وسلطان
نجد وملحقاتها".
وفي عام 1345هـ1927 ،م ،لقب الملك عبدالعزيز بلقب )ملك الحجاز ونجد
وملحقاتها(.
وفي عام 1351هـ1932 ،م ،تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد إمارة الدارسة في
منطقة المخلف السليماني )جيزان( حيث أصبحت جزءا ً من الدولة السعودية الحديثة.
وفي إطار التنظيم الحديث للدولة ومؤسساتها ،حدد شعارها بسيفين متقاطعين
بينهما نخلة ،وللعلم اختير اللون الخضر داخل مستطيل في وسطه كلمة التوحيد "ل إله إل ّ
الّله محمد رسول الله" باللون البيض ،وتحتها سيف باللون البيض.
أما التطوير الداري فإن من أهم ملمحه توزيع المسؤوليات في الدولة بإنشاء
منصب النائب العام في الحجاز ،وإسناد مهامه إلى المير فيصل بن عبدالعزيز ،في عام
1344هـ1926 /م ،كما أنشئ مجلس الشورى ،وأسندت رئاسته للمير فيصل بن عبدالعزيز
نفسه .وفي 19شعبان 1350هـ 30 ،ديسمبر 1931م ،صدر نظام خاص بتأليف مجلس
الوكلء ،وبموجبه ألغيت النيابة العامة ،وأسندت اختصاصاتها إلى وزارة الداخلية التي تولها
المير فيصل بن عبدالعزيز ،ونص نظام المجلس على أن يكون برئاسة وزير الداخلية
وعضوية وكيل وزارة الخارجية ووكيل وكالة المالية ،ووكيل مجلس الشورى .وأسند إليهم
مسؤولية تسيير السياسة العامة للدولة ،وعقد جلسة يومية بحضور أغلبية العضاء،
واستمر هذا المجلس يمارس أعماله لثلثة وعشرين عاما ً في منطقة الحجاز فقط .وأنشأ
الملك عبدالعزيز عددا ً من الوزارات ،وأقام الملك عبدالعزيز علقات دبلوماسية مع
مجموعة من الدول العربية والسلمية والجنبية ،منها بريطانيا والوليات المتحدة المريكية
والتحاد السوفييتي وفرنسا وإيطاليا ومصر وسورية ولبنان وتركيا وباكستان وأندونيسيا.
ي الدولي المتعارف عليه رسميًا ،وعين السفراء والقناصل وفق التمثيل السياس ّ
والمفوضين والوزراء لهذه الغاية .كما اهتم كثيرا ً بدعم الحركات التحريرية العربية
والسلمية ،ودعم القضية الفلسطينية .ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام
1365هـ1945 /م ،كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة .وناصر جميع
قضايا العالمين العربي والسلمي بالدعم والمشورة والتأييد في المحافل الدولية
والقليمية .وانضمت المملكة إلى هيئة المم المتحدة ومؤسساتها في عام 1364هـ/
1945م.
ومن منجزاته إنشاء الهجر لستيعاب أبناء البادية الذين مارسوا فيها حياة مستقرة
بعيدا ً عن حياة التنقل والترحال .وجعل منهم نواة جيشه النظامي.
ووجه الملك عبدالعزيز عنايته بالتعليم فأسس في عام 1344هـ1926 /م مديرية
المعارف للشراف على مختلف شؤون التربية والتعليم .وشجع طباعة الكتب خاصة
الكتب العربية والسلمية ،التي بلغ عددها كما جاء في دليل المؤلفات السعودية الصادر
عن وزارة المعارف عام 1384هـ1964 /م اثنين وسبعين كتابا ً طبعت جميعا ً على نفقته في
الهند ومصر .وأنشأ هيئة المر بالمعروف والنهي عن المنكر في عام 1344هـ ،وزّودها
بالمكانات والصلحيات.
واهتم بالمجال العلمي ،فأسس صحيفة "أم القرى" عام 1343هـ1924 /م،
لتكون وسيلة لبث الخبار عن نشاطات الحكومة والرد على وسائل العلم الخرى
المضادة ،وصدر العدد الول منها في 15جمادى الولى 1343هـ 12 /ديسمبر .1924وفي
عام 1368هـ1949 /م افتتحت الذاعة السعودية نافذة إعلمية جديدة.
ومن أهم المور المؤثرة في عهد الملك عبدالعزيز توقيعه اتفاقية التنقيب عن
النفط في شرق المملكة العربية السعودية مع شركة "ستاندرد أويل أف كاليفورنيا" في
عام 1352هـ1933 /م ،وبدأ النتاج الفعلي للنفط في عام 1357هـ1938 /م ،مما ساعد
على تنمية موارد الدولة ،والتوسع في النفاق على المور النشائية والبنية التحتية .ولتنظيم
العلقات المالية بين المملكة ودول العالم ،أنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي في
عام 1371هـ1951 /م ،وأدى توفر السيولة النقدية بسبب التوسع في استخراج النفط إلى
قيام مشاريع إصلحية ،منها توسعة الحرم المدني الشريف في عام 1370هـ1951 /م،
والهتمام بمرافق الحج .وشراء اللت الزراعية ،وتوزيعها على الفلحين للنهوض بالزراعة،
وإنشاء الطرق البرية المعبدة ،ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام بالمنطقة الشرقية،
وربط البلد بشبكة من المواصلت السلكية واللسلكية ،ووضع نواة الطيران المدني ،ومد ّ
خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر المتوسط ،والهتمام بمحاربة المرض
وتوفير الخدمات الصحية ،فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن
المملكة .ووضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة
بالمجتمع.
ُتوفي الملك عبدالعزيز عام 1373هـ1953 /م ،في مدينة الطائف ،ونقل جثمانه
إلى الرياض ،حيث دفن في مقبرة )العود( مع أسلفه من آل سعود ،وكان قد ناهز الثمانين
عامًا ،أمضى منها في الحكم أربعة وخمسين عامًا.