You are on page 1of 12

‫تاريخ اُلسر الحاكمة‬

‫في شبه الجزيرة العربية‬

‫أوًل‪ :‬آل سعود تأسيس المارة‬


‫تنتسب أسرة آل سعود إلى مانع المريدي من الدروع من بني حنيفة‪ .‬ويرتبط‬
‫تاريخهم منذ القدم بالمنطقة التي تكونت منها فيما بعد الدولة السعودية‪ .‬فقد انتقل جدهم‬
‫مانع المريدي بأسرته من شرقي شبه الجزيرة العربية إلى العارض في نجد بدعوة من ابن‬
‫ي المليبيد وغصيبة‪ ،‬فاستقر فيها‬
‫عمه ابن درع صاحب حجر والجزعة الذي منحهم موضع ّ‬
‫مانع وأسرته‪ ،‬وأصبحتا بعد ذلك مناطق عامرة بالسكان والزراعة‪ .‬وأنشأ في هذين‬
‫المكانين بلدة قوية سميت بالدرعية نسبة إلى الدروع‪ ،‬واستمر أسلف آل سعود في حكم‬
‫هذه المنطقة منذ عام ‪ 850‬هـ‪1446 /‬م‪ ،‬إلى أن تولى إمارتها سعود بن محمد بن مقرن‬
‫عام ‪1132‬هـ‪1720 /‬م الذي نسبت إليه السرة فيما بعد‪.‬‬
‫مد بن مقرن ) ‪1137 1132‬هـ( )‪1725 1720‬م(‬ ‫سعود بن مح ّ‬

‫ل يعرف على وجه التحديد التاريخ الذي ولد فيه سعود بن محمد بن مقرن‪ ،‬وإن‬
‫كان من المرجح أن ولدته كانت في أواخر القرن الحادي عشر الهجري‪ ،‬والمعروف من‬
‫أبناء سعود بن محمد أربعة هم‪ :‬محمد‪ ،‬وثنيان‪ ،‬ومشاري‪ ،‬وفرحان‪.‬‬

‫توفي سعود بن محمد في شوال عام ‪1137‬هـ‪1725 /،‬م‪ ،‬ول تمدنا المصادر‬
‫بمعلومات وافية عن العمال التي أنجزها‪.‬‬

‫زيد بن مرخان بن وطبان ) ‪1139 1137‬هـ( )‪1726 1725‬م( تولى حكم الدرعية بعد‬
‫وفاة سعود بن محمد لنه كان أكبر رجال السرة سنًا‪ .‬وُقتل زيد في عام ‪1139‬هـ‪/‬‬
‫مد بن سعود بن مقرن‪.‬‬‫‪1726‬م‪ ،‬ليتولى من بعده مح ّ‬

‫الدولة السعودية الولى‬

‫محمد بن سعود بن مقرن )‪1179 1139‬هـ( ) ‪1765 1726‬م( ولد عام ‪ 1109‬هـ‪/‬‬
‫‪1697‬م‪ ،‬تولى الحكم بعد مقتل زيد بن مرخان في عام ‪1139‬هـ‪1726 /‬م‪ ،‬ويعد المؤسس‬
‫الحقيقي للدولة السعودية الولى‪ ،‬وهو أول من لقب بالمامة من حكام آل سعود‪.‬‬

‫وفي عام ‪1157‬هـ‪1744 /‬م‪ ،‬قدم الشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الدرعية تاركا ً‬
‫بلدته العيينة‪ ،‬فاستقبله محمد بن سعود وأكرم مثواه‪ ،‬وساند دعوته‪ ،‬وبايعه وتحالف معه‬
‫على نصرته‪ ،‬وعلى الجهاد في سبيل الله لنشر الدعوة السلفية وإقامة الشرائع السلمية‬
‫وعرف هذا التحالف باتفاق الدرعية‪ ،‬وهو الساس الذي قامت عليه الدولة السعودية‬
‫الولى‪.‬‬

‫وشرع المام محمد بن سعود في اتخاذ إجراءات عسكرية منذ عام ‪1159‬هـ‪/‬‬
‫‪1746‬م ضد معارضي الدعوة السلفية‪ ،‬وتوسعت حدود إمارة آل سعود حتى شملت معظم‬
‫بلدان نجد‪.‬‬
‫وعرف المام محمد بن سعود بن محمد بالشجاعة والحزم‪ .‬وتوفي عام ‪1179‬هـ‪/‬‬
‫‪1765‬م في الدرعية‪.‬‬

‫مد بن سعود )‪1218 -1179‬هـ( )‪1803 -1765‬م(‪:‬‬


‫عبدالعزيز بن مح ّ‬

‫ثاني الحكام في الدولة السعودية الولى‪ ،‬وهو البن الكبر للمام محمد بن سعود‪،‬‬
‫مد بن عبدالوهاب العلوم‬ ‫ولد بالدرعية عام ‪1133‬هـ‪1721 /‬م‪ ،‬ودرس على الشيخ مح ّ‬
‫الشرعية‪ ،‬وكان وليا ً للعهد‪ ،‬وقائدا ً لجيش الدولة‪ ،‬في حياة والده‪ ،‬وتولى عبدالعزيز الحكم‬
‫بعد وفاة والده عام ‪1179‬هـ‪1765 /‬م‪ ،‬فسار على نهج والده‪ُ .‬يعد المام عبدالعزيز بن‬
‫مد بن سعود‪ ،‬الباني الثاني للدولة السعودية الولى لما أنجزه من أعمال كبيرة في‬ ‫مح ّ‬
‫سبيل بناء الدولة‪ .‬واتسع نطاق الدولة في أيامه‪ .‬ففي عهده سحق خصمه دهام بن دواس‬
‫أمير الرياض‪ ،‬وانضمت الرياض إلى الدولة السعودية الولى عام ‪1187‬هـ‪1773 /‬م‪.‬‬

‫وحاربه رئيس نجران حسن بن هبة الله المكرمي فتغلب عبدالعزيز عليه‪ ،‬وانضمت‬
‫منطقة القصيم إلى الدولة في الفترة بين )‪1202 -1188‬هـ( )‪1787 -1774‬م(‪ ،‬ومنطقة‬
‫الحساء عام ‪1208‬هـ‪1794 /‬م‪ .‬كما نجح في الستيلء على الطائف عام ‪ 1217‬هـ ‪/‬‬
‫‪1802‬م‪ ،‬وتقدمت قواته إلى مكة عام ‪1217‬هـ‪1803 /‬م‪ ،‬وضمت إلى نفوذ دولته غير أن‬
‫الشريف غالب بن مساعد تمكن من استعادتها‪ .‬وامتد نفوذه إلى جبل شمر ومنطقة عسير‬
‫وباديتها‪ .‬وكان مغوارا ً شديد البأس‪ ،‬ل يمل الحروب‪ ،‬ويباشر المعارك بنفسه‪ ،‬ويناصر الحق‪.‬‬
‫كما اتصف المام عبدالعزيز بن محمد بشدة التدين والخوف من الله عز وجل‪ ،‬ل تأخذه في‬
‫الله لومة لئم‪ ،‬وكان عادل ً بين أهله وعشيرته‪ ،‬ويعطف على رعيته‪ ،‬وقد نعم الناس في‬
‫عهده بالمن والستقرار‪.‬‬

‫قتل المام عبدالعزيز عام ‪1218‬هـ‪1803 /‬م غيلة أثناء تأديته لصلة العصر بمسجد‬
‫الطريف بالدرعية على يد رجل شيعي‪.‬‬
‫سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود )‪1229 -1218‬هـ( )‪1814 -1803‬م(‪:‬‬

‫ثالث الحكام في الدولة السعودية الولى‪ .‬ولد في الدرعية عام ‪1161‬هـ‪1748 /‬م‬
‫ونشأ في رعاية والده المام عبدالعزيز‪ .‬ووالدته الجوهرة بنت عثمان بن حمد بن معمر ابنة‬
‫أمير الدرعية السابق عثمان بن معمر الذي حكم في الفترة من ‪1142‬هـ‪ 1729 /‬إلى‬
‫مد بن عبدالوهاب‪ ،‬وعلى أئمة الدعوة‬
‫‪1163‬هـ‪1750 /‬م‪ .‬ودرس سعود على يد الشيخ مح ّ‬
‫من تلميذ ابن عبدالوهاب وكان على جانب كبير من العلم والدب‪.‬‬

‫مد بن عبدالوهاب لتولي منصب ولية العهد؛ ولقي المر قبول ً‬ ‫ورشحه الشيخ مح ّ‬
‫مد‪ ،‬فبويع بولية العهد عام ‪1202‬هـ‪/‬‬ ‫واستحسانا ً من لدن والده المام عبدالعزيز بن مح ّ‬
‫ي سعود المامة يوم‬ ‫‪1788‬م‪ .‬وكان قائدا ً كبيرا ً في الفتوحات في عهد والده عبدالعزيز‪ُ ،‬ول ّ‬
‫مقتل أبيه بالدرعية عام ‪1218‬هـ‪1803 /‬م‪ .‬فكان عهده )‪1229 1218‬هـ( ) ‪1803‬‬
‫ي للدولة‪ ،‬من حيث المن والستقرار والقوة والتساع‪ .‬وجند جيشا ً‬ ‫‪1814‬م(‪ ،‬العصر الذهب ّ‬
‫كبيرا ً أخضع به معظم شبه جزيرة العرب‪.‬‬

‫وتوسع الحكم السعودي في فترته بضم الحجاز‪ ،‬وأجزاء من مناطق الخليج‪.‬‬


‫وامتدت الدولة في عهده شمال ً من حدود شواطئ الفرات وبادية الشام حتى أطراف‬
‫عمان ونجران واليمن في الجنوب‪ .‬ومن الخليج في الشرق إلى البحر الحمر في الغرب‪.‬‬
‫ُ‬

‫وبسبب ضمه للحجاز قامت الدولة العثمانية بتكليف واليها على مصر محمد علي‬
‫باشا بإرسال حملة لستعادة الحجاز‪ ،‬فأرسل محمد علي ابنه طوسون على رأس هذه‬
‫الحملة التي تمكنت من استعادة المدينة ومكة عام ‪1227‬هـ‪1812 /‬م‪ ،‬والطائف عام‬
‫مد علي‪،‬‬
‫‪1228‬هـ‪1813 /‬م‪ .‬وقد أحرزت القوات السعودية بعض النتصارات على قوات مح ّ‬
‫خاصة أثناء حملة طوسون‪.‬‬

‫انتهج المام سعود طريقة فريدة في الحكم عملت على استتباب المن في كل‬
‫مناطق الدولة؛ ذلك أنه جعل كل أمير منطقة أو ناحية أو شيخ قبيلة مسؤول ً في المقام‬
‫الول المباشر عن المن في منطقته‪ ،‬وعلى المير أو الشيخ أن يتعاون مع أمراء المناطق‬
‫المجاورة وشيوخها‪ ،‬ويتضامن معهم‪ .‬كما أن المام سعودا ً كان كثيرا ً ما يلجأ إلى الشورى‬
‫الخاصة والعامة في حالت كثيرة في الحرب والسلم‪ .‬ولقب المام سعود بالكبير لنه‬
‫توافرت فيه الصفات التي تؤهله لهذا اللقب‪ ،‬فقد كان على جانب كبير من العلم والدب‬
‫والشجاعة والفصاحة‪ ،‬كما كان موفقا ً يقظًا‪ ،‬توفى المام سعود الكبير عام ‪1229‬هـ‪/‬‬
‫‪1814‬م‪ ،‬فخلفه في الحكم والمامة ابنه عبدالله بن سعود‪.‬‬

‫عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد )‪1233 -1229‬هـ( )‪1818 -1814‬م(‪:‬‬

‫رابع حكام الدولة السعودية الولى‪ ،‬تولى الحكم عام ‪1229‬هـ‪1814 /‬م‪ ،‬في‬
‫ظروف حرجة تمر بها الدولة إذ كانت قوات محمد علي تواصل تقدمها في اتجاه نجد‬
‫وعسير فحاول حصرها في منطقة الحجاز‪ ،‬إل أن الظروف لم تمكنه من ذلك‪ ،‬حيث كان‬
‫هناك فارق كبير بين قواته وقوات خصمه من حيث العتاد والسلح والخطط الحربية‬
‫مد علي باشا من السيطرة على بعض‬ ‫والمكانات المالية‪ .‬مما مكن إبراهيم باشا بن مح ّ‬
‫المدن والقرى إلى أن وصل إلى الدرعية عاصمة الدولة السعودية الولى‪ ،‬فحاصرها‪ .‬ودافع‬
‫المام عبدالله وقواته عن الدرعية دفاع البطال‪ ،‬واستبسلوا في المقاومة والصمود مدة‬
‫زادت على ستة أشهر‪.‬‬

‫ولما أجهد الحصار المام عبدالله وقواته‪ ،‬اضطر إلى المصالحة والستسلم لقائد‬
‫الجيش المصري إبراهيم باشا في ‪ 8‬ذي القعدة ‪1233‬هـ‪ 10 /‬سبتمبر ‪1818‬م‪ .‬فأرسله‬
‫إبراهيم باشا إلى مصر تحت حراسة مشددة‪ ،‬ووصل إلى القاهرة في ‪ 17‬المحرم‬
‫‪1234‬هـ‪ 16 /‬نوفمبر ‪1818‬م‪ ،‬فأكرمه واليها محمد علي ووعده بالتوسط له عند حكومة‬
‫الستانة‪ ،‬وحمل المام عبدالله بن سعود ومعه اثنان من رجاله‪ ،‬إلى الستانة‪ ،‬فوصلها في‬
‫يوم ‪ 15‬صفر ‪1234‬هـ‪ 13 /‬ديسمبر ‪1818‬م‪ ،‬فطيف بهم في شوارعها ثلثة أيام متتالية ثم‬
‫ُأعدموا في ميدان مسجد )أيا صوفيا(‪ ،‬وظلت جثته معروضة بضعة أيام‪.‬‬

‫مشاري بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد ) ‪1235‬هـ‪1820 /‬م(‪:‬‬

‫تولى الحكم عام ‪1235‬هـ‪1820 /‬م‪ ،‬وكان قبل ذلك أسيرا ً لدى إبراهيم باشا‪ ،‬إل‬
‫أنه تمكن من الفلت من حراسه في الطريق من المدينة المنورة إلى ينبع‪ .‬فعاد إلى نجد‬
‫ووصل إلى منطقة الوشم وجمع بعض أنصار آل سعود من مناطق نجد‪ ،‬ثم اتجه إلى‬
‫الدرعية ودخلها‪ ،‬وكان حاكمها حينئذ محمد بن مشاري بن معمر الذي حكم الدرعية بعد‬
‫انسحاب قوات محمد علي منها معتمدا ً على صلته بآل سعود من جهة أمه‪ ،‬وكونه من‬
‫أسرة حاكمة من قبل‪ ،‬إضافة إلى ثرائه وامتلكه الكثير من السلح‪ ،‬وفوق كل ذلك عدم‬
‫وجود أحد من سللة سعود بن عبدالعزيز‪ .‬ومع قدوم مشاري بن سعود تنازل له محمد بن‬
‫مشاري بن معمر عن غير قناعة‪ .‬وبايع السكان مشاري بن سعود بالحكم‪ ،‬في جمادى‬
‫الخرة ‪1235‬هـ ‪ /‬مارس ‪1820‬م‪ ،‬واستتب له المر‪ ،‬وعين تركي بن عبدالله بن محمد بن‬
‫سعود أميرا ً على الرياض‪ .‬وقدمت عليه الوفود من مناطق الوشم والمحمل وسدير وغيرها‬
‫معلنة له التأييد‪ ،‬واستطاع ضم منطقة الخرج إلى إمارته‪.‬‬

‫وفي هذه الثناء ظل محمد بن معمر غير قانع بتنازله‪ ،‬وظل متطلعا ً إلى السلطة‪،‬‬
‫مؤيدا ً‬
‫فخرج من الدرعية وتوجه إلى سدوس بحجة زيارة أقاربه‪ ،‬واستطاع تجميع أنصاره ُ‬
‫من فيصل الدويش شيخ مطير‪ ،‬كما أرسل ابن معمر رسائل إلى آبوش أغا القائد العثماني‬
‫في عنيزة طالبا ً منه العون ضد مشاري بن سعود‪ ،‬مقابل تبعيته للدولة العثمانية وطاعته‬
‫لوامرها‪ ،‬واستطاع أن يكسب عون وتأييد آبوش أغا‪ .‬وتوجه إلى الدرعية وهاجمها‪ ،‬وتمكن‬
‫من دخولها‪ ،‬وقبض على مشاري بن سعود وأرسله إلى سدوس‪ ،‬فسلمه أتباعه إلى آبوش‬
‫آغا الذي سجنه في عنيزة‪ ،‬ومات مشاري بن سعود في سجنه‪ .‬وبموت مشاري بن سعود‬
‫تنتهي المحاولة الولى لعادة الدولة السعودية‪.‬‬
‫الدولة السعودية الثانية‪:‬‬

‫تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود)‪1249 -1240‬هـ( ) ‪1834-1825‬م(‬

‫مؤسس الدولة السعودية الثانية‪ ،‬وهو جد الحكام السعوديين الحاليين؛ فقد تسلسل‬
‫الحكم في أبنائه وأحفاده‪.‬‬

‫والمام تركي هو أول من تولى الحكم من فرع عبدالله بن محمد بن سعود‪ ،‬حيث‬
‫كان الحكم قبله من فرع عبدالعزيز بن محمد بن سعود‪ .‬ولد المام تركي على وجه‬
‫التقريب عام ‪1183‬هـ‪1769 /‬م في الدرعية‪ ،‬ونشأ فيها وتعلم وشارك في الحياة العامة في‬
‫إطار أسرته‪ .‬أسس الدولة بعد أن تمكن من إنهاء حكم مشاري بن محمد بن معمر الذي‬
‫انتزع الحكم من المير مشاري بن سعود‪ ،‬فقاد قوة وتوجه بها إلى الدرعية‪ ،‬وقبض على‬
‫محمد بن مشاري بن معمر‪ ،‬ثم توجه بعد ذلك إلى الرياض وألقى القبض على ابنه مشاري‬
‫بن محمد بن مشاري بن معمر‪ ،‬وتولى الحكم في المنطقة متخذا ً من الرياض عاصمة‬
‫ومركزا ً للحكم السعودي الجديد عام )‪1236‬هـ ‪1821 /‬م(‪ ،‬واشترط تركي على ابن معمر‬
‫وابنه‪ ،‬أن يأمرا بإطلق سراح ابن عمه مشاري بن سعود بن عبدالعزيز المسجون في‬
‫سدوس وإل قتلهما‪ .‬ولكن أتباع ابن معمر خافوا من انتقام العثمانيين فسلموهم مشاري‬
‫بن سعود‪ ،‬فقام خليل أغا القائد العثماني في سدوس بإرساله إلى القيادة العثمانية في‬
‫عنيزة‪ ،‬وهناك وضع في السجن العثماني‪ ،‬وتوفي مشاري بن سعود فيه عام ‪1236‬هـ ‪/‬‬
‫‪1820‬م‪ .‬أما محمد بن معمر وابنه مشاري فقد قتلهما المام تركي‪ ،‬لنهما تسببا في موت‬
‫المير مشاري بن سعود‪.‬‬

‫وقد حاول فيصل الدويش شيخ مطير ومعه مجموعة من القوات العثمانية‬
‫المرابطة في عنيزة من محاصرة الرياض‪ ،‬إل أن تركي بن عبدالله صمد هو وجماعته في‬
‫وجه الحصار‪ ،‬الذي فشل‪ .‬ثم قام محمد علي باشا بمحاولة أخرى لنهاء الوجود السعودي‬
‫في نجد‪ ،‬فوجه قوة بقيادة حسين بك إلى نجد‪ ،‬لتنضم للقوات العثمانية المرابطة في‬
‫القصيم‪ ،‬لكي تهاجم وتقوض دعائم المقاومة السعودية التي يقودها تركي بن عبدالله‪.‬‬
‫وتوجهت القوات جميعها إلى الرياض‪ .‬وعندما وصلت تلك القوات إلى الوشم كلف حسين‬
‫بك أحد ضباطه وهو آبوش أغا بالتوجه إلى الرياض ومحاصرتها‪ ،‬وإلقاء القبض على تركي‬
‫بن عبدالله‪ ،‬فحاصر الرياض‪ ،‬مما اضطر تركي بن عبدالله أن يخرج سرا ً من الرياض‪،‬‬
‫قاصدا ً جنوبها‪ ،‬لتجميع أنصاره لمقاومة العثمانيين‪.‬‬

‫وفي عام ‪1238‬هـ ‪1823 /‬م شرع تركي بن عبدالله في تنظيم مقاومة ضد‬
‫المصريين‪ ،‬وفي عام ‪1239‬هـ‪1824 /‬م تمكن من إجبار القوات العثمانية المصرية على‬
‫الجلء عن الرياض ومنفوحة‪ .‬واستقر تركي بن عبدالله في الرياض عام ‪1240‬هـ‪1825 /‬م‪،‬‬
‫وكان ذلك بداية توحيد البلد‪ .‬وفي ذات الوقت ثار سكان نجد ضد الحاميات العثمانية‬
‫المصرية في بلدانهم وأجبروها على الرحيل إلى الحجاز‪ .‬فتحقق بذلك مساندة كبيرة‬
‫لمشروع تركي بن عبدالله‪ ،‬الرامي إلى توحيد البلد‪ ،‬وتكوين الدولة السعودية من جديد‪.‬‬
‫ولم ينته عام ‪1242‬هـ ‪1827 /‬م‪ ،‬حتى كانت مناطق نجد كلها تؤيد المام تركي بن‬
‫عبدالله وتبايعه على إمامة الدولة السعودية الجديدة‪ .‬وتابع المام جهوده محاول ً استعادة‬
‫المناطق التي كانت تابعة لدولة أجداده غير إقليم نجد‪ ،‬فاستطاع ضم منطقة الحساء‬
‫بكاملها‪ ،‬وبعض بلدان الخليج‪ ،‬وأيده سكان البادية ودفعوا له الزكاة دللة على التبعية‬
‫لحكمه وسيادته‪ .‬وبذلك استطاع أن يقيم الحكم السعودي الجديد‪ ،‬وينشر المن والستقرار‬
‫في ربوع البلد‪.‬‬

‫توفي المام تركي بن عبدالله إثر مؤامرة دبرها لقتله ابن أخته مشاري بن‬
‫عبدالرحمن آل سعود عام ‪1249‬هـ‪1834 /‬م‪ .‬وبعد وفاة المام تركي بن عبدالله أعلن‬
‫مشاري بن عبدالرحمن آل سعود نفسه أميرا ً على الرياض‪.‬‬

‫ل‪" :‬كان ذا رأي وشجاعة وفطنة‬ ‫ووصف ابن بشر المام تركي بن عبدالله قائ ً‬
‫وبراعة وحلم وأناءة ‪ ...‬مع تواضع للرامل واليتامى والمساكين في هيبة جعلها الله عليه‪،‬‬
‫ومحبة في القلوب مصروفة إليه‪ ...‬وكان اليتامى من كل بلد عنده في قصره‪ ،‬وكل أرملة‬
‫ومنقطع يحسن إليه ويبره"‪.‬‬

‫فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود )‪1254 1250‬هـ( ) ‪1838 1834‬م(‪:‬‬

‫ولد المام فيصل بن تركي على وجه الترجيح عام ‪1205‬هـ‪1790 /‬م في الدرعية‪.‬‬
‫نشأ فيها وتعلم على أساس مبادئ الدعوة السلفية‪ ،‬واعتنى والده المام تركي بن عبدالله‬
‫بتعليمه‪ ،‬فحفظ القرآن عن ظهر قلب وهو صغير‪ ،‬كما اهتم والده بتدريبه على المور التي‬
‫تتصل بالنواحي الحربية مثل الفروسية والرماية ونحوهما‪ ،‬شارك في حرب الدرعية حيث‬
‫كان من ضمن المدافعين عنها عندما حاصرها إبراهيم باشا بقواته عام ‪1233‬هـ‪1818 /‬م‬
‫فقد كان موجودا ً إلى جانب والده‪ .‬وكان من بين السرى السعوديين الذين رحلهم إبراهيم‬
‫باشا إلى القاهرة بعد احتلل قواته الدرعية والقضاء على الدولة السعودية الولى عام )‬
‫‪1233‬هـ ‪1818 /‬م(‪ ،‬وظل فيها إلى أن تمكن من العودة إلى نجد‪ ،‬فساعد والده تركي بن‬
‫عبدالله آل سعود في بناء الدولة السعودية الثانية‪ ،‬فكان يقود القوات ضد المعارضين‬
‫والمتمردين لحكم أبيه‪ ،‬كما كان يتولى شؤون الحكم والدارة أثناء غياب والده‪ ،‬وكان‬
‫فيصل بن تركي في شرق شبه الجزيرة العربية يعمل على إنهاء ثورة العمائر من بني‬
‫خالد‪ ،‬وهناك وصله خبر مقتل والده على يد مشاري بن عبدالرحمن‪ ،‬فجمع كبار قادته‪،‬‬
‫وأطلعهم على ما حدث‪ ،‬فاستقر رأيهم على مبايعته بالمامة‪ ،‬والتوجه فورا ً إلى الرياض‬
‫لستعادة مقاليد الحكم‪ .‬وتمكن فيصل بن تركي من القضاء على مشاري بن عبدالرحمن‬
‫آل سعود الذي لم يحكم سوي أربعين يوما ً فقط‪ .‬وبذلك استطاع فيصل بن تركي أن‬
‫يتسلم مقاليد الحكم‪ ،‬وبايعه الهالي‪ ،‬وبدأت فترة حكمه الولى في ‪ 11‬صفر ‪1250‬هـ ‪18 /‬‬
‫يونيه ‪1834‬م‪ .‬وبذل فيصل بن تركي أقصى جهده من أجل تثبيت دعائم الحكم السعودي‬
‫في البلد السعودية‪ ،‬التي كانت تابعة لحكم والده المام تركي بن عبدالله آل سعود‪.‬‬

‫وقد لقى مشروع المام فيصل لتثبيت الدولة السعودية الثانية‪ ،‬تعارضا ً مع خطة‬
‫محمد علي باشا للسيطرة على شبه الجزيرة العربية التي كانت من ضمن مشروعه‬
‫الكبير‪ ،‬بعد انفصاله عن الدولة العثمانية‪.‬‬

‫فأرسل محمد علي باشا حملة عسكرية قوية على نجد بقيادة إسماعيل بك عام‬
‫‪1252‬هـ‪1836 /‬م‪ ،‬ورافقه فيها المير خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود‪،‬‬
‫الذي أقام في مصر لمدة تزيد على ‪ 18‬سنة‪ ،‬أنعم عليه خللها برتبة قائمقامية‪ ،‬وقد أراد‬
‫محمد علي باشا من وراء ذلك‪ ،‬أن يقنع الهالي في نجد بأن السلطة الجديدة هي سلطة‬
‫محلية وطنية‪ .‬وقد حاول فيصل بن تركي مقاومة الحملة العسكرية ووقف زحفها‪ ،‬إل أنه‬
‫لم يتمكن‪ ،‬خاصة وأن محمد علي باشا عزز قواته بحملة أخرى‪ ،‬بقيادة القائد العسكري‬
‫المحنك خورشيد باشا‪ .‬وقد تمكنت تلك الحملة من مهمتها‪ ،‬فاستولت على البلد النجدية‬
‫عدا الجزاء الجنوبية من القليم‪ ،‬واضطر المام فيصل بن تركي إلى التسليم والموافقة‬
‫على الذهاب إلى مصر‪ ،‬شرط أن يؤمن قائد الحملة العسكرية أتباع فيصل على أرواحهم‬
‫وأموالهم‪ .‬وغادر المام فيصل الدلم برفقة فرقة عسكرية متوجها ً إلى المدينة المنورة ثم‬
‫إلى مصر في ‪ 2‬شوال ‪1254‬‬
‫هـ‪ 18 /‬ديسمبر ‪1838‬م‪ ،‬منهيا ً بذلك فترته الولى في الحكم‪.‬‬

‫خالد بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود )‪1257 1254‬هـ‪1841 1838 /‬م(‬

‫تولى الحكم بمباركة وتأييد مطلق من محمد علي باشا‪ ،‬و عندما بدأت أوروبا‬
‫تتخوف من توسعات محمد علي باشا‪ ،‬عملت على وقف نشاطه التوسعي‪ ،‬وتحديد دائرة‬
‫نفوذه في ولية مصر فقط‪ .‬واضطرته إلى سحب قواته من الجزيرة العربية‪ ،‬وأبقي‬
‫خورشيد باشا خالد بن سعود على حكم البلد النجدية‪ ،‬في ظل السيادة المصرية عام‬
‫‪1254‬هـ ‪1838 /‬م‪ ،‬وترك معه عددا ً قليل ً من الجنود من أجل حمايته ودعمه‪ .‬واختلف حكم‬
‫خالد بن سعود‪ ،‬في نمطه وأسلوبه ونهجه‪ ،‬عن أسلوب الحكم السعودي المتعارف عليه‬
‫في البلد‪ ،‬ولم يلق تأييد الهالي‪ ،‬بل نفروا منه‪ ،‬وأيدوا المير عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم‬
‫بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن‪ ،‬الذي تصدى لحكم خالد بن سعود‪ .‬وانتهى المر‬
‫بفرار خالد‪ ،‬إلى الحساء في شوال ‪1257‬هـ ‪1841 /‬م‪ ،‬حيث أخفق في تجميع قوة تقف‬
‫معه في وجه ابن ثنيان‪ ،‬فذهب إلى الحجاز‪ ،‬وأقام في مكة المكرمة‪ .‬وتوفى فيها في عام‬
‫‪1276‬هـ‪1859 /‬م‪.‬‬

‫عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود بن محمد بن مقرن ) ‪1259 1257‬هـ‪/‬‬


‫‪1843 1841‬م(‬

‫تسلم الحكم في نجد خلل الفترة من )شوال ‪1257/1841‬م إلى ربيع الخر‬
‫‪1259‬هـ‪1843 /‬م(‪ ،‬واستمر لمدة عامين فقط‪ .‬واتصف حكمه بالقوة والشدة وكثرة‬
‫الجراءات التأديبية‪ ،‬مما سبب نقمة عليه من جانب عدد كبير من الهالي‪ ،‬وفي هذه الثناء‬
‫نجح المام فيصل بن تركي بن عبدالله في الخروج من مصر‪ ،‬وسار إلى حائل‪ ،‬وأقام عند‬
‫عبدالله بن رشيد‪ ،‬وبعث برسائل إلى أمراء البلدان والزعماء وشيوخ القبائل‪ ،‬ولقي من‬
‫معظمهم كل ود وترحيب ومساعدة وتأييد ضد عبدالله بن ثنيان‪ ،‬مما أضعف موقف ابن‬
‫ثنيان الذي أصر على مخاصمة فيصل وحربه أمل ً في البقاء في الحكم‪ ،‬إل أن النهاية كانت‬
‫لفيصل بن تركي الذي انتصر عليه بعد أن حاصره في قصر الحكم داخل الرياض‪ ،‬وقبض‬
‫عليه وأودعه السجن‪ ،‬ليموت فيه‪.‬‬

‫فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود )‪1282 1259‬هـ‪1865 1843 /‬م(‬

‫بإقصاء المام فيصل بن تركي عبدالله بن ثنيان عن الحكم تبدأ الفترة الثانية من‬
‫حكمه‪ ،‬التي استمرت ثلثة وعشرين عاما ً )ربيع الخر ‪ /1259‬مايو ‪ 1843‬رجب ‪1282‬هـ‪/‬‬
‫نوفمبر ‪1865‬م(‪ ،‬تمكن خللها من قمع حركات التمرد والقضاء على القلقل‬
‫والضطرابات‪ .‬وأقام علقات ودية مع الدولة العثمانية‪ ،‬والحكومة المصرية‪ .‬ونظم شؤون‬
‫دولته‪ ،‬وأرسى قواعد المن والستقرار فيها‪ ،‬وعمل على تقوية شأن الرياض باعتبارها‬
‫عاصمة لدولته‪ ،‬ودانت له الحساء والقصيم والعارض حتى أطراف الحجاز وعسير‪ ،‬وتوفي‬
‫بالرياض‪ ،‬في شهر رجب عام ‪1282‬هـ ‪1865 /‬م‪.‬‬

‫وصفه ابن بشر بأنه‪" :‬له مع ربه سر يلتجى في الشدايد إليه‪ ،‬وثقة به في كل نازلة‬
‫يرجوه ويعول عليه‪ ،‬وقد كان حفظ القرآن على ظهر قلبه‪ ،‬وهو صغير وحافظ على تلوته‬
‫والتهجد به شاب وكبير‪ ،‬وكان له حظ من الليل والقيام به وكثير التضرع والبتهال عند‬
‫خالقه وباريه‪ ،‬فكم حامت عليه حوايم الخطوب والفات‪ ...‬فيعجل الله من ذلك بفرج‬
‫قريب"‪.‬‬

‫كما أبدى المام فيصل بن تركي اهتماما ً بالنواحي العلمية والثقافية‪ ،‬وغرس في‬
‫ل‪" :‬أصلح الله له ذريته أي المام‬ ‫أبنائه وبناته العناية بهما‪ ،‬ويشير ابن بشر إلى ذلك قائ ً‬
‫فيصل وأعطاه فيهم أمنيته‪ ،‬فحفظوا القرآن على صدورهم‪ ،‬دأبوا في تحصيل التعلم في‬
‫آصالهم وبكورهم‪ ،‬ولهم معرفة في العلوم الشرعية وآثار السلف‪ ،‬وجمعوا كتبا ً كثيرة‬
‫بالشراء والستكتاب من كتب الحديث والتفسير وكتب الصحاب"‪ .‬ويؤكد قول ابن بشر‬
‫مجموعة من المخطوطات المحفوظة اليوم في مكتبة الملك فهد الوطنية التي تحتوي‬
‫على وقفيات بأسماء ابنه محمد وابنتيه نورة والجوهرة‪ .‬انظر الشكال )‪)3 ،2 ،1‬أ ب(‪،4 ،‬‬
‫‪.(11 ،10 ،9 ،8 ،7 ،6 ،5‬‬

‫عبدالله بن فيصل بن تركي بن عبدالله ) ‪1288 1282‬هـ‪1871 1865 /‬م(‪:‬‬


‫البن الكبر للمام فيصل بن تركي‪ ،‬ولد على وجه الترجيح في عام ‪1247‬هـ‪/‬‬
‫‪1831‬م‪ ،‬اعتمادا ً على ما جاء في إحدى رسائل محمد خورشيد باشا إلى محمد علي في‬
‫‪ 21‬المحرم ‪1255‬هـ‪ 6 /‬أبريل ‪1839‬م يذكر فيها ابني المام فيصل بن تركي‪ ،‬عبدالله‬
‫ومحمد حيث أوضح أن الول في الثامنة من عمره‪ ،‬والخر في السابعة‪ ،‬ووالدته منيرة بنت‬
‫مشاري بن حسن آل سعود‪.‬‬

‫كان عبدالله ساعد والده اليمن في قيادة المعارك وإدارة شؤون البلد‪ ،‬ولهذا‬
‫اختاره وليا ً لعهده‪ .‬وفي أواخر حياة والده تسلم العبء الكبر من السلطة‪ ،‬بعد أن أسند له‬
‫ذلك نتيجة مرض والده وكبر سنه‪ ،‬وكان يعاونه شقيقه محمد بن فيصل في ذلك‪.‬‬

‫وبعد وفاة المام فيصل بن تركي في رجب ‪1282‬هـ‪ /‬نوفمبر ‪1865‬م بويع عبدالله‬
‫خلفا ً له‪ ،‬فنظم أمور الدولة‪ .‬إل أنه دخل في خلف شديد مع أخيه سعود الذي كان ينافسه‬
‫منذ حياة والده‪ ،‬وكان سعود أميرا ً على الخرج وله والده عليها في عام ‪1263‬هـ‪1846 /‬م‬
‫وظل في إمارته مما أكسبه قاعدة شعبية في تلك المنطقة استفاد منها فيما بعد في خلفه‬
‫مع أخيه عبدالله‪ ،‬وبسبب هذا الخلف نشبت معارك عديدة بين الثنين‪ ،‬كان منها معركة‬
‫ماء جودة في عام ‪1287‬هـ‪1870 /‬م التي انتصر فيها سعود واستولى على الحساء‪ ،‬وفي‬
‫العام التالي واصل تقدمه فاستولى على الرياض‪ ،‬في المحرم ‪1288‬هـ ‪ /‬مارس ‪1871‬م‪،‬‬
‫وكان أخاه عبدالله قد خرج من الرياض إلى مضارب قحطان‪.‬‬

‫سعود بن فيصل بن تركي بن عبدالله )‪1291 1288‬هـ ‪1875 1871 /‬م(‪.‬‬

‫انتزع الحكم من أخيه وأخذ البيعة من سكان الرياض‪ ،‬وبدأت وليته في المحرم‬
‫‪ 1288‬هـ‪ /‬مارس ‪1871‬م‪ ،‬ولما استقر في الرياض جهز قواته لمواجهة أخيه عبدالله‪،‬‬
‫ودارت بينهما معركة في البرة‪ ،‬وانهزم عبدالله ومن معه من قحطان‪ ،‬فلجأ عبدالله إلى‬
‫العثمانيين في بغداد‪ ،‬وانتهزت الدولة العثمانية هذه الفرصة التي سنحت لها بالقتال الدائر‬
‫بين الخوين‪ ،‬فأرسل مدحت باشا حملة عسكرية قوية عام ‪1288‬هـ‪1871 /‬م‪ ،‬إلى منطقة‬
‫الحساء‪ ،‬واستولت عليها وأطلقت عليها اسم ولية نجد‪ ،‬وكان مدحت باشا قد وعد المام‬
‫عبدالله بن فيصل بتعينه قائم مقام على نجد ولكنه أخلف وعده‪ ،‬وقد ترتب على هذه‬
‫الحملة انسلخ الحساء عن الدولة السعودية الثانية‪ .‬فزادها ضعفًا‪ ،‬واستفاد محمد بن‬
‫عبدالله بن رشيد أمير حائل من الصراع بين الخوين فأخذ يوسع دائرة نفوذه لحساب‬
‫إمارته‪.‬‬

‫وفي ذي الحجة ‪1291‬هـ ‪ /‬يناير ‪1875‬م‪ ،‬مات سعود‪.‬‬


‫عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله )‪1293 1291‬هـ‪1876 1875 /‬م(‬

‫ولد عام ‪1266‬هـ‪1850 /‬م ‪ ،‬ووالدته هي سارة بنت مشاري بن عبدالرحمن آل‬
‫سعود‪ ،‬نشأ في الرياض‪ ،‬وحظي بقسط طيب من التعليم اعتمادا ً على عناية والده المام‬
‫فيصل بن تركي بهذا الجانب‪.‬‬

‫بدأت فترة حكمه الولى عندما مات أخوه سعود بن فيصل في ذي الحجة‬
‫‪1291‬هـ‪/‬يناير ‪1875‬م في الرياض إذ بايعه الهالي فيها بالمارة‪ ،‬واستمر في الحكم‬
‫سنتين‪ ،‬ثم تنازل عن المامة لخيه عبدالله بن فيصل في عام ‪1293‬هـ‪1876 /‬م‪.‬‬

‫عبدالله بن فيصل بن تركي بن عبدالله )‪1305 1293‬هـ‪1887 1876 /‬م(‬

‫عندما توفي سعود بن فيصل كان عبدالله في ديار عتيبة‪ ،‬فلما علم بوفاة أخيه‪،‬‬
‫زحف إلى الرياض‪ ،‬التي كان يحكمها حينئذ أخوه عبدالرحمن بن فيصل‪ ،‬فتنازل عن المامة‬
‫لخيه عبدالله‪ ،‬عام ‪1293‬هـ‪1876 / ،‬م‪ ،‬ودخل الرياض‪ .‬فثار عليه أبناء أخيه سعود‪،‬‬
‫م عبدالله عام ‪1305‬هـ‪1887 /،‬م وحبسوه فيها ‪ .‬فدبت‬ ‫مهِ ْ‬
‫وهاجموا الرياض فظفروا بعَ ْ‬
‫الفوضى فهاجم محمد بن رشيد الرياض‪ ،‬واستولى عليها‪ ،‬وأخرج أبناء سعود إلى الخرج‪،‬‬
‫كما أخرج المام عبدالله بن فيصل من سجنه وصحبه مع أخيه عبدالرحمن إلى حائل‪ ،‬وعين‬
‫سالم بن سبهان أميرا ً على الرياض من قبله‪.‬‬

‫وبقي عبدالله بن فيصل في حائل مدة عامين‪ ،‬ثم عاد إلى الرياض حيث توفي بعد‬
‫فترة وجيزة من عودته عام ‪1307‬هـ‪1889 /‬م‪ ،‬وترك من البناء ثلثة‪ ،‬ولدا ً واحدا ً وبنتين‪:‬‬
‫تركي الذي توفي ولم يعقب نسل ً وبذلك انقطع نسل المام عبدالله‪ ،‬وطريفة وسارة‪،‬‬
‫والخيرة تزوجها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن‪.‬‬

‫عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله ) ‪1891 1309/1889 1307‬م(‬

‫آخر حكام الدولة السعودية الثانية‪ ،‬بعد وفاة المام عبدالله بن فيصل عام‬
‫‪1307‬هـ‪1889 /‬م بايع الناس في الرياض أخاه عبدالرحمن بن فيصل‪ ،‬وبذلك تبدأ فترة‬
‫حكمه الثانية‪ ،‬وعلم المام عبدالرحمن أن ابن سبهان حاكم آل رشيد يدبر مذبحة لل سعود‬
‫فسجنه عبدالرحمن بن فيصل‪ .‬فهاجمه محمد بن رشيد انتصارا ً لعامله ابن سبهان‪ ،‬وحاصر‬
‫الرياض لمدة شهر أو يزيد‪ ،‬فثبت له أهل الرياض بزعامة عبدالرحمن‪ ،‬فلم يتمكن من‬
‫دخولها‪ .‬وطلب ابن رشيد وفدا ً للتفاوض حول الصلح‪ ،‬فجاءه وفد مكون من محمد بن‬
‫فيصل أخي المام عبدالرحمن‪ ،‬والشيخ عبدالله بن عبداللطيف‪ ،‬والشيخ حمد بن فارس‪،‬‬
‫ومعهم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الملك عبدالعزيز فيما بعد واتفقوا‬
‫على أن يطلق سراح سالم بن سهبان على أن تكون العارض تابعة لل سعود بزعامة‬
‫عبدالرحمن بن فيصل‪ ،‬وأطلق سراح ابن سهبان ورحل إلى حائل‪ .‬وصفا الجو لعبدالرحمن‬
‫مدة قليلة‪ .‬بعدها هاجم محمد بن عبدالله بن الرشيد القصيم‪ ،‬ووقعت معركة المليداء‬
‫المشهورة )‪1308‬هـ‪1891 /‬م(‪ ،‬والتي هزم فيها ابن رشيد أهالي القصيم‪ ،‬وعزم على‬
‫التقدم نحو الرياض لستخلصها من عبدالرحمن بن فيصل‪ ،‬فلما بلغ المر المام‬
‫عبدالرحمن وجد أنه ليس في مقدوره التصدي لبن رشيد وقواته‪ ،‬فخرج عن الرياض مع‬
‫أهله )‪1308‬هـ ‪1891 /‬م( إلى صحراء الدهناء‪ ،‬وتنقل في البادية‪ ،‬وبعد أن حصل على إذن‬
‫من أمير البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة‪ ،‬أرسل النساء إلى البحرين‪.‬‬

‫وكان ابن رشيد قد عين محمد بن فيصل بن تركي على الرياض‪ ،‬فحاول‬
‫عبدالرحمن بن فيصل ومعه المؤيدون العودة إلى الرياض واسترداد الحكم‪ ،‬فدخلها سلمًا‪،‬‬
‫فزحف ابن رشيد بجيش قوي على الرياض‪ ،‬واستطاع هزيمة قوات عبدالرحمن في وقعة‬
‫حريملء عام ‪1309‬هـ‪1891 /‬م‪ ،‬وعلى أثر ذلك عاد عبدالرحمن إلى البادية ولحق به ابنه‬
‫عبدالعزيز‪ ،‬ومكث بها لمدة سبعة أشهر‪ ،‬حتى أذنت لهما الدولة العثمانية بالقامة في‬
‫الكويت‪ .‬وعندئذ انتقل عبدالرحمن ومعه آل سعود الذين كانوا في قطر للقامة في الكويت‬
‫عام ‪1310‬هـ ‪1892 /‬م‪ ،‬التي استقر بها نحو عشر سنوات‪ .‬وخلل فترة وجوده في الكويت‬
‫شارك الشيخ مبارك الصباح في حروبه ضد آل رشيد في وقعة الصريف في ‪ 17‬ذي القعدة‬
‫‪1318‬هـ‪ 7 /‬مارس ‪1901‬م‪.‬‬

‫وتوفي المام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود في مدينة الرياض في عام‬


‫‪1346‬هـ‪1928 /‬م‪.‬‬

‫الدولة السعودية المعاصرة‬

‫الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود )‪1373 1319‬هـ( )‪1953 1902‬م(‪:‬‬

‫مؤسس الدولة السعودية الحديثة ملك المملكة العربية السعودية‪.‬‬

‫ولد الملك عبدالعزيز في مدينة الرياض عام ‪1293‬هـ‪1876 ،‬م‪ ،‬ووالدته سارة بنت‬
‫أحمد بن محمد السديري‪ ،‬كان والدها أميرا ً على الحساء من قبل المام فيصل بن تركي‪،‬‬
‫كما كان لخوتها إسهامهم في خدمة الدولة السعودية الثانية‪ ،‬عرفت سارة بأنها كانت أكمل‬
‫النساء عقل ً وتدبيرًا‪ .‬ونشأ عبدالعزيز تحت رعاية والده‪ ،‬وتعل ّ‬
‫م القراءة والكتابة على يد‬
‫الشيخ القاضي عبدالله الخرجي من علماء الرياض فحفظ بعضا ً من سور القرآن المجيد‪،‬‬
‫ثم قرأه كله على يد الشيخ محمد بن مصيبيح‪ ،‬كما درس جانبا ً من أصول الفقه والتوحيد‬
‫على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ‪ .‬خرج مع والده في أعقاب موقعة المليداء‬
‫)‪1308‬هـ‪1891 /‬م( متوجهين إلى شرق شبه الجزيرة العربية‪ ،‬واختلط في فترة النتقال‬
‫بأبناء قبائل العجمان وآل مرة‪ ،‬ومن المؤكد أنه اكتسب خلل تلك الفترة ميزة تحمل‬
‫المسؤولية والصبر‪ ،‬ثم انتقل بنساء أسرته إلى البحرين بتكليف من والده‪.‬‬

‫ثم استقر الملك عبدالعزيز مع أبيه في الكويت‪ .‬ومّر خلل إقامته بالكويت بتجربة‬
‫سياسية كبيرة بحكم علقته بالشيخ مبارك بن صباح؛ فكان عبدالعزيز يتابع بوعي وانتباه‬
‫الطريقة التي يدير بها مبارك شؤون مشيخته‪ ،‬ويصغي لما كان يدور في مجلسه من‬
‫أحاديث‪ ،‬ويتفق كل من كتب عن حياة الملك عبدالعزيز فيما بعد على أن تأثير إقامته في‬
‫الكويت عليه كان كبيرًا‪ ،‬لدرجة يصفون فيها الكويت بأنها كانت المدرسة التي تلقى فيها‬
‫فن السياسة عمليًا‪ ،‬واستفاد من تجاربه هناك دروسا ً أعانته في المستقبل من أيام حياته‪.‬‬
‫وكان عبدالعزيز يخطط لستعادة ملك آبائه وأجداده‪ ،‬وكانت أول محاولة بذلها في عام‬
‫‪1318‬هـ‪1901 ،‬م لستعادة الرياض‪ ،‬في الوقت الذي كان فيه الشيخ مبارك الصباح شيخ‬
‫الكويت ومعه عبدالرحمن بن فيصل يحاربان عبدالعزيز بن متعب بن رشيد في موقعة‬
‫الصريف في ‪ 26‬ذي القعدة ‪1318‬هـ‪ 17 /‬مارس ‪1901‬م‪ ،‬وفيها انهزمت القوات الكويتية‬
‫المر الذي ترتب عليه انسحاب الملك عبدالعزيز آل سعود من الرياض‪.‬‬

‫وفي عام ‪1319‬هـ‪1902 /‬م‪ ،‬نجح عبدالعزيز في استعادة الرياض عندما دخلها‬
‫وقتل أميرها من قبل ابن رشيد‪ ،‬عجلن بن محمد‪ ،‬في ‪ 5‬شوال ‪1319‬هـ‪ 15 /‬يناير‬
‫مْلك لله ثم لعبدالعزيز آل‬
‫‪1902‬م‪ ،‬وبعد استسلم الحامية التابعة لل رشيد نودي بأن ال ُ‬
‫سعود‪ .‬وبهذا الحدث تحقق جزء من حلم عبدالعزيز في استعادة ملك آبائه وأجداده‪ ،‬وشرع‬
‫في وضع أساس الدولة السعودية الحديثة‪.‬‬
‫وتأكيدا ً لدوره واعترافا ً بقدراته‪ ،‬تنازل له والده المام عبدالرحمن بن فيصل عن‬
‫الحكم والمامة‪ ،‬وتمت البيعة له في اجتماع حضره العلماء وأعيان الرياض في المسجد‬
‫الكبير بالرياض عام ‪1320‬هـ‪1902 /‬م‪.‬‬

‫شرع الملك عبدالعزيز في توحيد مناطق نجد تدريجيا ً فبدأ في الفترة )‪1320‬هـ‬
‫‪1321‬هـ‪1903 1902 /‬م( بتوحيد المناطق الواقعة جنوب الرياض بعد انتصاره على ابن‬
‫رشيد في بلدة الدلم القريبة من الخرج‪ ،‬فدانت له كل بلدان الجنوب‪ ،‬الخرج والحريق‬
‫والحوطة والفلج وبلدان وادي الدواسر‪.‬‬

‫ثم توجه إلى منطقة الوشم وحارب ابن رشيد وانتصر عليه‪ ،‬ودخل بلدة شقراء‪ ،‬ثم‬
‫واصل زحفه صوب بلدة ثادق فدخلها أيضًا‪ ،‬ثم توجه إلى منطقة سدير ودخل بلدة‬
‫المجمعة‪ ،‬وبهذا الجهد العسكري تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد مناطق ‪ :‬الوشم‬
‫والمحمل وسدير وضمها إلى بوتقة الدولة السعودية الحديثة‪.‬‬

‫وتمكن الملك عبدالعزيز في الفترة )‪1324 1321‬هـ‪1906 1903 /‬م( من توحيد‬


‫منطقة القصيم وضمها إلى الدولة السعودية‪ ،‬بعد أن خاض مجموعة من المعارك ضد ابن‬
‫رشيد وأنصاره العثمانيين‪ ،‬منها معركة الفيضة في ‪ 18‬ذي الحجة ‪1321‬هـ‪ 10 /‬مارس‬
‫‪1904‬م‪ ،‬ومعركة البكيرية في الول من ربيع الثاني ‪1322‬هـ‪ 16 /‬مايو ‪1904‬م‪ ،‬ومعركة‬
‫الشنانة في ‪ 18‬رجب ‪1322‬هـ‪ 29 /‬سبتمبر ‪1904‬م‪ ،‬وانتصاره في معركة روضة مهنا في‬
‫‪ 18‬صفر ‪1324‬هـ‪ 14 /‬أبريل ‪1906‬م‪ ،‬وهي إحدى المعارك الكبرى الحاسمة‪ ،‬والتي قتل‬
‫فيها المير عبدالعزيز بن متعب بن عبدالله بن رشيد‪.‬‬

‫وفي ‪ 5‬جمادى الولى ‪1331‬هـ‪ 13 ،‬أبريل ‪1913‬م‪ ،‬استعاد الملك عبدالعزيز‬


‫حل الحاميات العثمانية التي كانت موجودة فيها إلى البصرة‪،‬‬ ‫منطقة الحساء بكاملها‪ ،‬ور ّ‬
‫وأقّر العثمانيون بالمر الواقع‪ ،‬وفاوضوا الملك عبدالعزيز واعترفوا به رسميا ً والّيا على‬
‫نجد‪ ،‬ومتصرفا ً على الحساء وأهدوه النيشان العثماني الول‪ ،‬ورتبه الوزارة في أواخر عام‬
‫‪1332‬هـ‪ ،‬أوائل ‪1914‬م‪ .‬ولقبوه بصاحب الدولة‪ .‬إل أن هذا التفاق وهذا التقارب العثماني‬
‫تجاه الملك عبدالعزيز لم يخرجا إلى حيز التنفيذ‪ ،‬بل ظل مجرد حبر على ورق‪.‬‬

‫سع‬‫وأفاد الملك عبدالعزيز كثيرا ً من عودة منطقة الحساء إلى دولته‪ ،‬لنه قد و ّ‬
‫بذلك حدود دولته لتشمل جزءا ً مهما ً من شبه الجزيرة العربية يطل على ساحل الخليج‬
‫العربي‪ ،‬وله أهميته السياسية والقتصادية والتجارية‪ ،‬وأصبح للدولة منفذ بحري أخرجها من‬
‫عزلتها وانغلقها داخل الراضي النجدية‪.‬‬

‫وفي عام ‪1339‬هـ‪1920 /‬م‪ ،‬تمكن الملك عبدالعزيز من ضم منطقة عسير إلى‬
‫أجزاء دولته منهيا ً حكم آل عائض‪.‬‬

‫وفي العام نفسه عقد مؤتمر في الرياض حضره المراء والعلماء ورجال الدولة‬
‫وشيوخ العشائر وغيرهم‪ ،‬قرروا فيه بالجماع أن يكون لقب الملك عبدالعزيز الرسمي هو‪:‬‬
‫)سلطان نجد وملحقاتها(‪.‬‬

‫وفي ‪ 29‬صفر ‪ 1340‬هـ‪ 2 /‬نوفمبر ‪1921‬م‪ ،‬ضم الملك عبدالعزيز منطقة جبل‬
‫مر ومدينة حائل بعد عدة مناوشات مع قوات آل رشيد‪.‬‬
‫ش ّ‬

‫كما نجح الملك عبدالعزيز في ضم منطقة الحجاز إلى مناطق حكمه بعد معارك‬
‫خاضتها القوات السعودية ضد قوات الشراف‪ ،‬وكانت البداية دخول قواته الطائف في ‪7‬‬
‫صفر ‪1343‬هـ‪ 6 ،‬سبتمبر ‪1924‬م‪ ،‬وتنازل بعدها الشريف حسين بن على لبنه الشريف‬
‫على في ‪ 4‬ربيع الول ‪1343‬هـ‪ 2 /‬أكتوبر ‪1924‬م‪.‬‬

‫وقد واصل السعوديون زحفهم باتجاه مكة المكرمة فدخلوها سلمًا‪ ،‬منكسي‬
‫أسلحتهم وهم محرمون وذلك في ‪ 17‬ربيع الول ‪1343‬هـ‪ 15 ،‬أكتوبر ‪1924‬م‪ ،‬في الوقت‬
‫الذي انتقل فيه الملك علي بن الحسين إلى جدة حيث تحصن بها‪ ،‬وفي هذه الثناء نجح‬
‫السعوديون في ضم موانئ القنفذة والليث ورابغ ‪ ،‬وقد فرض الملك عبدالعزيز حصارا ً على‬
‫جدة والمدينة المنورة‪ ،‬واستسلمت حامية المدينة المنورة في ‪ 19‬جمادى الولى ‪1344‬هـ‪،‬‬
‫‪ 4‬ديسمبر ‪1925‬م‪ ،‬ومدينة جدة قي ‪ 6‬جمادى الخرة ‪1344‬هـ‪ 22 ،‬ديسمبر ‪1925‬م‪ .‬بعد‬
‫أن استسلم الملك علي بن الحسين وغادر البلد‪ ،‬وانتهى بذلك حكم الشراف في الحجاز‪.‬‬

‫وفي عام ‪1344‬هـ‪1926 /‬م لقب الملك عبدالعزيز بلقب "ملك الحجاز وسلطان‬
‫نجد وملحقاتها"‪.‬‬

‫وفي عام ‪1345‬هـ‪1927 ،‬م‪ ،‬لقب الملك عبدالعزيز بلقب )ملك الحجاز ونجد‬
‫وملحقاتها(‪.‬‬

‫وفي عام ‪1351‬هـ‪1932 ،‬م‪ ،‬تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد إمارة الدارسة في‬
‫منطقة المخلف السليماني )جيزان( حيث أصبحت جزءا ً من الدولة السعودية الحديثة‪.‬‬

‫وفي ‪ 17‬جمادى الولى ‪1351‬هـ‪ 18 /‬سبتمبر ‪ ،1932‬صدر مرسوم ملكي بتوحيد‬


‫كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة في اسم واحد هو "المملكة العربية السعودية"‪ ،‬وأن‬
‫يصبح لقب الملك عبدالعزيز "ملك المملكة العربية السعودية"‪ .‬واختير الول من الميزان‬
‫الموافق لـ ‪ 21‬جمادى الولى ‪ 1351‬هـ‪22/‬سبتمبر ‪ ،1932‬يوما ً لعلن توحيد المملكة‬
‫العربية السعودية‪.‬‬

‫وفي إطار التنظيم الحديث للدولة ومؤسساتها‪ ،‬حدد شعارها بسيفين متقاطعين‬
‫بينهما نخلة‪ ،‬وللعلم اختير اللون الخضر داخل مستطيل في وسطه كلمة التوحيد "ل إله إل ّ‬
‫الّله محمد رسول الله" باللون البيض‪ ،‬وتحتها سيف باللون البيض‪.‬‬

‫أما التطوير الداري فإن من أهم ملمحه توزيع المسؤوليات في الدولة بإنشاء‬
‫منصب النائب العام في الحجاز‪ ،‬وإسناد مهامه إلى المير فيصل بن عبدالعزيز‪ ،‬في عام‬
‫‪1344‬هـ‪1926 /‬م‪ ،‬كما أنشئ مجلس الشورى‪ ،‬وأسندت رئاسته للمير فيصل بن عبدالعزيز‬
‫نفسه‪ .‬وفي ‪ 19‬شعبان ‪1350‬هـ‪ 30 ،‬ديسمبر ‪1931‬م‪ ،‬صدر نظام خاص بتأليف مجلس‬
‫الوكلء‪ ،‬وبموجبه ألغيت النيابة العامة‪ ،‬وأسندت اختصاصاتها إلى وزارة الداخلية التي تولها‬
‫المير فيصل بن عبدالعزيز‪ ،‬ونص نظام المجلس على أن يكون برئاسة وزير الداخلية‬
‫وعضوية وكيل وزارة الخارجية ووكيل وكالة المالية‪ ،‬ووكيل مجلس الشورى‪ .‬وأسند إليهم‬
‫مسؤولية تسيير السياسة العامة للدولة‪ ،‬وعقد جلسة يومية بحضور أغلبية العضاء‪،‬‬
‫واستمر هذا المجلس يمارس أعماله لثلثة وعشرين عاما ً في منطقة الحجاز فقط‪ .‬وأنشأ‬
‫الملك عبدالعزيز عددا ً من الوزارات‪ ،‬وأقام الملك عبدالعزيز علقات دبلوماسية مع‬
‫مجموعة من الدول العربية والسلمية والجنبية‪ ،‬منها بريطانيا والوليات المتحدة المريكية‬
‫والتحاد السوفييتي وفرنسا وإيطاليا ومصر وسورية ولبنان وتركيا وباكستان وأندونيسيا‪.‬‬
‫ي الدولي المتعارف عليه رسميًا‪ ،‬وعين السفراء والقناصل‬ ‫وفق التمثيل السياس ّ‬
‫والمفوضين والوزراء لهذه الغاية‪ .‬كما اهتم كثيرا ً بدعم الحركات التحريرية العربية‬
‫والسلمية‪ ،‬ودعم القضية الفلسطينية‪ .‬ولما تأسست جامعة الدول العربية في القاهرة عام‬
‫‪1365‬هـ‪1945 /‬م‪ ،‬كانت المملكة العربية السعودية من الدول المؤسسة‪ .‬وناصر جميع‬
‫قضايا العالمين العربي والسلمي بالدعم والمشورة والتأييد في المحافل الدولية‬
‫والقليمية‪ .‬وانضمت المملكة إلى هيئة المم المتحدة ومؤسساتها في عام ‪1364‬هـ‪/‬‬
‫‪1945‬م‪.‬‬

‫ومن منجزاته إنشاء الهجر لستيعاب أبناء البادية الذين مارسوا فيها حياة مستقرة‬
‫بعيدا ً عن حياة التنقل والترحال‪ .‬وجعل منهم نواة جيشه النظامي‪.‬‬

‫ووجه الملك عبدالعزيز عنايته بالتعليم فأسس في عام ‪1344‬هـ‪1926 /‬م مديرية‬
‫المعارف للشراف على مختلف شؤون التربية والتعليم‪ .‬وشجع طباعة الكتب خاصة‬
‫الكتب العربية والسلمية‪ ،‬التي بلغ عددها كما جاء في دليل المؤلفات السعودية الصادر‬
‫عن وزارة المعارف عام ‪1384‬هـ‪1964 /‬م اثنين وسبعين كتابا ً طبعت جميعا ً على نفقته في‬
‫الهند ومصر‪ .‬وأنشأ هيئة المر بالمعروف والنهي عن المنكر في عام ‪1344‬هـ‪ ،‬وزّودها‬
‫بالمكانات والصلحيات‪.‬‬

‫واهتم بالمجال العلمي‪ ،‬فأسس صحيفة "أم القرى" عام ‪1343‬هـ‪1924 /‬م‪،‬‬
‫لتكون وسيلة لبث الخبار عن نشاطات الحكومة والرد على وسائل العلم الخرى‬
‫المضادة‪ ،‬وصدر العدد الول منها في ‪ 15‬جمادى الولى ‪1343‬هـ‪ 12 /‬ديسمبر ‪ .1924‬وفي‬
‫عام ‪1368‬هـ‪1949 /‬م افتتحت الذاعة السعودية نافذة إعلمية جديدة‪.‬‬

‫ومن أهم المور المؤثرة في عهد الملك عبدالعزيز توقيعه اتفاقية التنقيب عن‬
‫النفط في شرق المملكة العربية السعودية مع شركة "ستاندرد أويل أف كاليفورنيا" في‬
‫عام ‪1352‬هـ‪1933 /‬م‪ ،‬وبدأ النتاج الفعلي للنفط في عام ‪1357‬هـ‪1938 /‬م‪ ،‬مما ساعد‬
‫على تنمية موارد الدولة‪ ،‬والتوسع في النفاق على المور النشائية والبنية التحتية‪ .‬ولتنظيم‬
‫العلقات المالية بين المملكة ودول العالم‪ ،‬أنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي في‬
‫عام ‪1371‬هـ‪1951 /‬م‪ ،‬وأدى توفر السيولة النقدية بسبب التوسع في استخراج النفط إلى‬
‫قيام مشاريع إصلحية‪ ،‬منها توسعة الحرم المدني الشريف في عام ‪1370‬هـ‪1951 /‬م‪،‬‬
‫والهتمام بمرافق الحج‪ .‬وشراء اللت الزراعية‪ ،‬وتوزيعها على الفلحين للنهوض بالزراعة‪،‬‬
‫وإنشاء الطرق البرية المعبدة‪ ،‬ومد خط حديدي ليربط الرياض بالدمام بالمنطقة الشرقية‪،‬‬
‫وربط البلد بشبكة من المواصلت السلكية واللسلكية‪ ،‬ووضع نواة الطيران المدني‪ ،‬ومد ّ‬
‫خط أنابيب النفط من الخليج إلى موانئ البحر المتوسط‪ ،‬والهتمام بمحاربة المرض‬
‫وتوفير الخدمات الصحية‪ ،‬فأنشئت المستشفيات والمراكز الصحية في مختلف مدن‬
‫المملكة‪ .‬ووضع نظام للجوازات السعودية وغيرها من المرافق العامة ذات الصلة‬
‫بالمجتمع‪.‬‬

‫ُتوفي الملك عبدالعزيز عام ‪1373‬هـ‪1953 /‬م‪ ،‬في مدينة الطائف‪ ،‬ونقل جثمانه‬
‫إلى الرياض‪ ،‬حيث دفن في مقبرة )العود( مع أسلفه من آل سعود‪ ،‬وكان قد ناهز الثمانين‬
‫عامًا‪ ،‬أمضى منها في الحكم أربعة وخمسين عامًا‪.‬‬

You might also like