Professional Documents
Culture Documents
نسيانcom.
1
إهداء أّول
أهدي هذا الكتاب أّول إلى قراصنة كتبي .فل أعرف أحًدا انتظر إصداًرا
جديًدا لي كما انتظروه.
أنا مدينة لهم بانتشاري .فلولهم ما فاضت المكتبات بآلف النسخ -المقّلدة
طبق الصل -عن كتبي.
2
هكذا تورطت في هذا الكتاب
جار
فقيد الشعر بسام ح ّ
3
دا عاطفّيا
الكاتب مرش ً
للشاعر ريلكه كتاب عنوانه "رسائل إلى شاعر شاب" .يشرح فيه لمن يريد
ي جحيم عليه أن يعبر قبل القبض على نار الشعر كيف يصبح شاعًرا .و أ ّ
بلوغه فردوس القصيدة .و مؤخًرا أصدر الروائي البيروفي -الوسيم شك ً
ل
و قلًما -ماريو بارغاس يوسا كتاًبا بعنوان "رسائل إلى روائي شاب" .ه ّ
ب
من خلله لنجدة الروائّيين الشباب الحائرين أمام الكيمياء المعّقدة للبداع
التي تتفاعل في دهاليز النفس المعتمة و القصّية ،مثل فن ل يمكن القبض
عليه.
أّما المفاجأة الخيرة فكانت القصيدة التي تركها محمود درويش قبل رحيله
كوصّية لشاعر شاب .كمن يترك آخر تعاليمه و ُيهدي أخطاءه لمن
سيواصل الطريق بعده ،مختصًرا عليه عمًرا من الهفوات.
حدث كثيرا أن تمّنيت لو أّني أملك الوقت و الصبر اللزمْين لكتابة
"رسائل إلى عاشقة شابة".
ب ..كيف ل نشقى ..كيف ننسى ..كيف نتداوى ل أحد يعّلمنا كيف نح ّ
ب ..كيف ل نسهر.. ب ..كيف نكسر ساعة الح ّ من إدمان صوت من نح ّ
4
كيف ل ننتظر ..كيف نقاوم تحّرش الشياء بنا ..كيف نحبط مؤامرة
الذكريات ..و صمت الهاتف.
كيف ل نهدر أشهًرا وأعواًما من عمرنا في مطاردة وهم العواطف ..كيف
لدنا من دون أن نعود إلى جحيمه ..كيف ننجو من جحيمه نتعاطف مع ج ّ
لح ّ
ب ب ..كيف نخرج من بعد ك ّ من دون أن نلقي بأنفسنا في تهلكة أّول ح ّ
و أقوياء ..و ربما سعداء. أحياء
هل من يخبرنا و نحن نبكي بسبب ظلم من أحببنا أّننا يوًما سنضحك مّما
اليوم يبكينا؟
ب مأخذ الجّد .فل أحد قال لنا أّنه في الواقع أجمل سنندم كثيًرا لّننا أخذنا الح ّ
أوهامنا و أكثرها وجًعا.
ب الخيبة .لّنه يولد بأحلم شاهقة أكبر من أصحابها. لسبب بسيط :قدر الح ّ
ذلك أّنه يحتاج أن يتجاوزهم ليكون حّبا.
ل اللغات ل يمكن حصر عدد الكّتاب الذين عبر الزمنة و الحضارات و بك ّ
عملوا مرشدين عاطفّيين للتائهين من العشاق في الزقة و الشوارع الجانبّية
ب .ليس لي هذا الدعاء .أنا مجّرد ممرضة ل تملك سوى حقيبة إسعافات للح ّ
أولّية ليقاف نزيف القلوب النثوّية عند الفراق.
مع القطن و السبيرتو و الضّمادات ,أحمل لكنّ كثيًرا من الضحك.هل تعرفن
جا أفضل ؟ عل ً
+كتبت " دليل النسيان " هذا بسخرية كبيرة .أريدكن أن تضحكن .ل شيء
ق السى " .هل ثّمة ما هو أكثر سعادة من الفراق؟ " تسأل غادة يستح ّ
السّمان .أو بالحرى هي تجزم بذلك.
في النهاية ،ما النسيان سوى قلب صفحة من كتاب العمر .قد يبدو المر
ل فصل من ل ،لكن ما دمت ل تستطيع اقتلعها ستظل تعثر عليها بين ك ّ سه ً
فصول حياتك .ليس نظرك هو الذي يتوقف عندها ،بل عمرك المفتوح عليها
5
ل صفحات حياتك .لذا يعّلق مالك حداد بتهّكم
دوًما ،كأّنها مستنسخة على ك ّ
مّر " يجب قلب الصفحة ،هل فكرتم في وزن الصفحة التي نقلبها؟ ".
دور الكاتب تخفيف وزن هذه الصفحة ما استطاع ،و قلبها نيابة عنكم.
دعوني أحاول .ربما استطعت قلب صفحتكم هذه .ذلك أّنه من السهل قلب
صفحة الخرين !
6
الفصول الربعة ..للح ّ
ب
كتبتني
باليد التي أزهرت في ربيعك
بالقبلت التي كنت صيفها
بالورق اليابس الذي بعثره خريفك
بالثلج الذي سرت على ناره حافية
شاق في ن بعض الجمل التي جاءت في كتبي ,يتبادلها الع ّ تأّ عِلْم ُ
قبل أعوام َ
ما بينهم كرسائل هاتفّية.
ل ذعري أمام هذا الخبر .أّية مسؤولّية أن أصبح ما كان يضاهي سعادتي إ ّ
ب ,و أن يغدو لي أتباع و مريدين يسيرون على مذهبي شيخة طريقة في الح ّ
ل لست واثقة تماًما من و يروون عني أقوا ً العاطفي,
و نصائح ما خبرت عواقبها .فأنا ل أملك لهم فتاوى حتها.
صّ
و ل مذهب. ب ل شرع له و ل مواعظ و ل أحكام شرعّية .الح ّ
حتى الرجال ب قّرائي.لكّني دوًما وجدتني متوّرطة في قصص ح ّ
ل مشاكلهم العاطفّية ] .حين صدرت ذاكرة الجسد كانوا يستنجدون بي لح ّ
ل طوائف العشاق .أذكر أّنني قضيت قبل خمس عشرة سنة التّفت حولي ك ّ
ب فتاة من غير ل مشكلة ضابط في الجيش يح ّ أسابيع على الهاتف أح ّ
طائفته .و مشكل شاعر حجبوا عنه حبيبته -تماًما كما في العصر الجاهلي
-منعوها من مغادرة البيت و منعوا عنها الهاتف و ما عاد يعلم عنها شيًئا.
صى أخبارها بعد أن جاءني بهاتف أهلها. ي أن أتنّكر و أن أتق ّ و كان عل ّ
7
أحدهم بعث لي مّرة رسالة من الردن يطلب مّني أن أهاتف حبيبته في عيد
ميلدها لّنها ترفض الرّد على هاتفه .كان يريد أن أبلغها أّنه يحّبها و يعتذر
منها لّنه أخطأ في حّقها .أو لعّله خانها.
قال أّنه ما وجد طريًقا إليها سواي لعلمه كم تحّبني .و كم بإمكاني أن أؤّثر
ت بمكتب البريد يومها .فقد وصلت ظه أّنني مرر ُعلى قرارها .من حسن ح ّ
و قضيت وقًتا على الهاتف أقنعها بالدفاع عن الرسالة في يوم عيدها.
حّبها .و منح هذا العاشق فرصة أخرى.
و في أحد معارض الكتاب بالجزائر .قصدني أحدهم سعيًدا برؤيتي قال أّنه
ن حبيبته طلبت منه مهًرا كتاب عابر ترّدد على المعرض عساه يصادفني ل ّ
ت لها قبلة على الكتاب و سرير بتوقيعي الذي كان قد صدر لتّوه .فترك ُ
ي فندقحّدثتها على هاتفه و وعدتهما يوم زواجهما بثلثة أيام إقامة في أ ّ
حا أّنهما طالبان جامعّيان ل يملكان إ ّ
ل يختارانه في الجزائر .فقد كان واض ً
ب .كانت تلك أجمل وعودي على الطلق .ككاتبة متوّرطة في ثراء الح ّ
حياة قّرائها حّد التحول إلى وكالة زواج و تأمين مراسيم الفراح للعرسان
منهم .لكّنهما ما عاودا التصال بي .لعّلهما افترقا ..أو لعّلها ما أحّبت
الكتاب !
على مدى عمر من الكتابة .كم استودعتني النساء من أسرار .و كم تجّمعت
ب .و كم امتلت دفاتري بأفكار و مقولت في الح ّ
ب ي قصص عن الح ّ لد ّ
يصعب حشرها جميعها في أعمالي الروائية .كانت نّيتي الولى جمعها في
كتاب واحد .لكّنها غدت أكبر من أن يضّمها كتاب .و حين رحت أفّكر في
ي حسب ب .أ ّ
سمة حسب مراحل الح ّ تقسيمها حسب المواضيع .غدت مق ّ
فصوله الربعة:
] طلب أستاذ ياباني من تلميذه تعريف الثلج .أحدهم أجاب " إّنه بداية
الربيع " .كان التلميذ مشروع شاعر .و كان بذلك التعريف يختصر لنا ميلد
ي مّما سيذيبه النسيان غًدا و
و الخيبات .أ ّ ب من صقيع النهايات
الح ّ
ب الجديد [
يغّذي بجداوله مروج الح ّ
***
واذا التأم جرح جد بالتذكار جرح
فتعلم كيف تنسى و تعلم كيف تمحو
ابراهيم ناجي
10
ليشهد الدب أّنني بّلغت!
ب.
أكبر لغزين في الحياة هما قطًعا الموت والح ّ
كلهما ضربة قدر صاعقة ل تفسير لها خارج ) المكتوب ( .لذا ،تتغّذى
العمال البداعّية الكبرى من السئلة الوجودّية المحّيرة التي تدور حولهما .
11
ن ل أحد يدري لماذا يأتي الموت في هذا المكان دون غيره ،ليأخذ هذا ذلك أ ّ
ل بأخرى ،و ل لماذا نقع في الشخص دون سواه ،بهذه الطريقة
ب شخص بالذات .لماذا هو ؟ لماذا نحن ؟ لماذا هنا ؟ لماذا الن ؟ ح ّ
ل أحد عاد من الموت ليخبرنا ماذا بعد الموت .لكن الذين عادوا من " الح ّ
ب
صوا علينا عجائبه ،ويصفوا لنا الكبير " ناجين أو مدّمرين ،في إمكانهم أن يق ّ
سحره وأهواله ،وأن ينّبهونا إلى مخاطره ومصائبه ،لوجه ال ..أو لوجه
الدب.
ي من يتوله إذن ؟ إذا لم يكن للدب في حياتنا دور المرشد العاطف ّ
ومن يعّدنا لتلك المغامرة الوجدانّية الكبرى ،التي ستهّز كياننا عندما ل نكون
مهّيئين لها .وستواصل ارتجاجاتها التأثير في أقدارنا و خياراتنا ،حتى بعد أن
ب ويتوّقف زلزاله. ينتهي الح ّ
ت الزلزل على اليابان، إن كانت الهّزات العاطفّية قدًرا مكتوًبا علينا ،كما ُكتَب ْ
فلنتعّلم من اليابانيين إذن ،الذين هزموا الزلزال بالستعداد له ،عندما اكتشفوا
أّنهم يعيشون وسط حزامه.
يمّر زلزال خفيف على بلد عربي ،فيدّمر مدينة عن بكرة أبيها ،ويقضي على
ي بطبعه ،يترك للحياة ن النسان العربي قدر ّ الحياة فيها لسنوات عدة .ذلك أ ّ
ب ل يرى أبعد من يومه .وهو مهّمة تدّبر أمره ،و في الحياة كما في الح ّ
جاهز تماًما لن يموت ضحّية الكوارث الطبيعّية أو الكوارث العشقّية ،لّنه
و للحاكم المستبد.. يحمل في تكوينه جينات التضحيات الغبّية للوطن
و للعائلة و الصدقاء و للحبيب .
ل مرة تخرج أبراجها و تصمد جزر اليابان يومّيا في وجه أقوى الزلزل .ك ّ
واقفة و أبناؤها سالمين .عندهم يعاد إصلح أضرار الزلزل في بضعة أيام.
و تعّد الخسائر البشرية بأرقام مقياس ريختر ..ل بقّوته .فقّلما تجاوز الضحايا
عدد أصابع اليد .
12
صنعت اليابان معجزاتها بعقلها ،و صنعنا كوارثنا جميعها بعواطفنا.
ب كارثة طبيعّية بمرتبة إعصار أو زلزال أو حرائق ماذا لو أعلّنا الح ّ
صنَع ْ
ت موسمّية .لو جّربنا الستعداد لدمار الفراق بتقوية عضلة قلبنا الذي َ
سذاجته و هشاشته الغاني العاطفّية و الفلم المصرية التي ترّبينا عليها.
ل هّزة علينا أن نكتسب كما المباني اليابانّية المدروس عمارها ليتحّرك مع ك ّ
و التكّيف مع الهّزات العاطفّية ي.
ل طارئ عشق ّ مرونة التأقلم مع ك ّ
و ارتجاجات جدران القلب التي تنهار بها تلك الشياء التي أّثثنا بها
أحاسيسنا .و اعتقدنا أّنها ثابتة و مسّمرة إلى جدران القلب إلى البد.
ب على توّقع احتمال الفراق .و التأقلم مع لح ّعلينا أن نرّبي قلبنا مع ك ّ
ن في الفكرة يكمن شقاؤنا. فكرة الفراق قبل التأقلم مع واقعه .ذلك أ ّ
ب بشيء من العقل ؟ لو قمنا بتقوية عضلة القلب ماذا لو جّربنا الستعداد للح ّ
ب .أن نقاوم السقوط في فخاخ الذاكرة بتمارين يومّية على الصبر على من نح ّ
ب بقلب من " تيفال ". العاطفّية التي فيها قصاصنا المستقبلي .أن ندخل الح ّ
ب كما نغادره دون ل يعلق بجدرانه شيء من الماضي .أن نذهب إلى الح ّ
سى ،لّننا مصّفحين ضّد الوهام العاطفّية .ماذا لو تعّلمنا أ ّ
ل جراح ،دون أ ً
ل نعطي أنفسنا بالكامل ،وأن نتعامل مع هذا الغريب ل ب دفعة واحدة ،و أ ّ نح ّ
ل يغادرنا احتمال أن يتحّول كحبيب ،بل كمحتل لقلبنا وجسدنا وحواسنا ،أ ّ
أو إعصار يكون اسمه الذي تنتشي لسماعه حواسنا ،إلى اسم لزلزال
على يده حتفنا و هلكنا ؟
أّيتها العاشقات الساّذجات ،الطّيبات ،الغبّيات ..ضعن هذا القول نصب
ل لم ير في خله عدّوا". أعينكن" :ويل لخ ّ
ليشهد الدب أّنني بّلغت !
13
توضيح للرجال المتسّللين إلى هذا الكتاب:
ي ".
ليس هذا " مانيفست" نسو ّ
عا عن الرجولة .تلك السرة التي نباهي إّنه جردة نسائّية ضّد الذكورة دفا ً
ن من دونها ما كّنا لنكون إناًثا و ل نساًء.
بوقوعنا في فتنتها .ل ّ
من قال أّننا نهجس بتلك الفحولة التي تباع في الصيدليات .أو تلك الذكورة
النافشة ريشها التي تفتح أزرار قمصانها لكي تبدو السلسل الذهبّية الضخمة
و ما فاض من غابات الشعر و تضع في أصابعها خواتم بأحجار لفتة للنظر.
و رجولة الساعات الثمينة و السيجار الفخم التي تشهر أناقتها
عطرها و موديل سيارتها و ماركة جّوالها ،كي تشي بفتوحاتها السابقة و
تغرينا بالنضمام إلى قائمة ضحاياها.
ما نريده من الرجال ل ُيباع ،و ل ُيمكن للصين و ل لتايلند أن تقوم بتقليده،
و إغراق السواق ببضاعة رجالية تفي بحاجات النساء العربّيات.
خلق و إغراء ذلك أن الشهامة و الفروسّية و النفة و بهاء الوقار و نبل ال ُ
و الترفع عن الذى و التقوى و النخوة و الخلص لمرأة واحدة
ي الموجع في إغداقه و الستعداد للذود ستر المانة العاطفّية و السخاء العشق ّ
ل خلّية و حتى آخر خلّية و مواصلة الوقوف بجانبها عن شرف الحبيبة بك ّ
حتى بعد الفراق.
14
ن مجرد سردها هنا يدفع للبتسام ،و تلك خصال لعمري ليست للبيع .بل إ ّ
يشعرنا بفداحة خساراتنا و ضآلة ما في حوزتنا.
ل يسأل.أين ذهب الرجال ؟ الك ّ
اختفاء الرجولة لم يلحق ضرًرا بأحلم النساء و مستقبلهن فحسب ،بل
بناموس الكون و بقانون الجاذبّية.
ل احتجاج الكرة الرضّية على عدم وجود رجال ما الحتباس الحراري إ ّ
يغارون على أنوثتها .لقد سّلموها كما سّلمونا " للعلوج " ،فعاثوا فينا و
فيها خراًبا و فساًدا.
لتتعّلم النساء من أّمهن الرض ،ل أحد استطاع إسكاتها و ل إبرام معاهدة
هدنة معها .ما فتئت ترّد على تطاولهم عليها بالعاصير و الزوابع و
الحرائق و الفيضانات .هي تعرف مع من تكون معطاءة و على من تقلب
طاولة الكون.
و ثقب حر و التلوث ليعقدوا ما شاؤوا من المؤتمرات ضّد التص ّ
الوزون و الحتباس الحراري .ليست الرض مكترثة بما يقولون .هي
ل أن تكون فيستقيم بوجودها ن الرجولة ل تتكّلم كثيًرا ،ل تحتاج إ ّ تدري أ ّ
ناموس الكون.
ك أّنها وجدت في الرجولة ..أعني تلك التي تؤمن إيماًنا مطلًقا ل يراوده ش ّ
ب و تهب. هذا العالم لتعطي ل لتؤذي .لتبني و تح ّ
الرجولة ...في تعريفها الجمل تختصرها مقولة كاتب فرنسي " الرجل
الحقيقي ليس من يغري أكثر من امرأة بل الذي يغري أكثر من مّرة المرأة
ن العذاب ليس قدر المحّبين و ل الدمار ممّرا حتمّيا نفسها " ..التي تؤمن بأ ّ
ن النضال من أجل الفوز ل امرأة يمكن تعويضها بأخرى .و أ ّ بولكّ لح ّ لك ّ
بقلب امرأة و الحفاظ عليه مدى العمر هي أكبر قضايا الرجل و أجملها على
الطلق .و عليها يتنافس المتنافسون.
15
هذا الكتاب يسمح لمن تسّلل من الرجال هنا ،أن يتعّلم من أخطاء غيره من "
الذكور " من باب " تعّلم الدب من قليل الدب ".
ب .أن يعتبروا بمصائر الكاذبين و ب من قليلي الح ّعليهم أن يتعّلموا الح ّ
ن النساء استيقظن من الخونة و المتذاكين و النانّيين .و ليأخذوا علًما أ ّ
سباتهن الزلي.
ب إثم ذكائهم .فأنا واثقة أّنهم سينجحون أّما الرجال الحقيقّيون فأعتذر لهم .أح ّ
" رجالية " ل تصمد أمام في رشوة النساء بما يملكون من وسائل
إغراءاتها امرأة.
لمزيد من العتداد بالنفس و السخرية ،سيكّلفون امرأة بإحضار هذا الكتاب
المحظور عليهم .كي يضحكوا في سّرهم قبل حتى أن يقرؤوه .فهم يدرون أ ّ
ن
المرأة كالشعوب العربّية تتآمر على قضّيتها .و تخون بنات جنسها ولًء منها
ي قلبها :الرجل.لول ّ
لذا كلّ مكاسب المرأة عبر التاريخ كانت بفضل فرسان منقذين نّبهوها إلى
خدعة الذكورة.
ل نحلم أن تكون لنا بهؤلء الرجال قرابة .أن نكون لهم أّمهات أو بنات.. سنظ ّ
زوجات أو حبيبات ..كاتبات أو ملهمات.
أولئك الجميلون الذين يسكنون أحلمنا النسائّية .الذين يأتون ليبقوا ..و
و يسندوا ..الذين يطمئنوا ..و يمّتعوا ..و يذودوا .ليحموا و يحنوا
ينسحبون ليعودوا .و ل يتركون خلفهم عند الغياب كوابيس و ل جراح و ل
ضغينة .فقط الحنين الهادر لحضورهم السر ,و وعًدا غير معلن بعودتهم
لغرائنا كما المّرة الولى.
16
+كم من مّرة سنقع في حّبهم بالدوار ذاته ،باللهفة إّياها .غير معنّيات برماد
شعرهم و بزحف السنين على ملمحهم.
ليشيخوا مطمئنين .ل الزمن ,ل المرض ,ل الموت ,سيقتلهم من قلوبنا نحن
" ".النساء النساء
ب رجل واحد ؟ كيف لحياة واحدة أن تكفي لح ّ
كيف لرجل واحد أن يتكّرر ..أن يتكاثر بعدد رجال الرض.
* * *
" ما أندر الرجال الذين نفشل في نسيانهم ،و لكن إذا مّر أحدهم بصفحة
الروح ،دمغها إلى البد بوشمه "
غادة السمان
شبهة النسيان
17
ب ,و ل يسألك أحد في من كتبتها .و ل هل تكتبين روايات و قصائد في الح ّ
ب ) .لو كان نزار حّيا ب ليكتب عن الح ّ ل مّرة أن يح ّيحتاج المرء حّقا ك ّ
ب .لملضحكه السؤال .فالشاعر العربي الذي كتب خمسين ديواًنا في الح ّ
ب أقوى أثًرا من ن ذكرى الح ّ ب سوى مّرات معدودة في حياته ( ذلك أ ّ يح ّ
ب ،لذا يتغّذى الدب من الذاكرة ل من الحاضر. الح ّ
" من لكّنك تقولين أّنك تكتبين كتاًبا عن النسيان و يصبح السؤال
تريدين أن تنسي " ؟
ب سعادة .أّما السعي إلى ب نفسه .فالح ّ
ن النسيان شبهة تفوق شبهة الح ّ +لكأ ّ
النسيان فاعتراف ضمني بالنكسار و البؤس العاطفي .و هي أحاسيس تثير
فضول الخرين أكثر من خبر سعادتك .لكن الكتشاف الهم هو أن
ب.
المتحّمسين لقراءة " وصفات للنسيان " أكثر من المعنّيين بكتاب عن الح ّ
ضح للرجال " و لكّنه النساء و الرجال من حولي يريدون الكتاب نفسه .أو ّ
ليس كتاب لكم " ...يرّدون " ل يهم في في جميع الحالت نريده "!
ل من كنت أظّنهم سعداء ،انفضحوا بحماسهم للنخراط في حزب النسيان. كّ
ألهذا الحّد كبير حجم البؤس العاطفي في العالم العربي؟!
حا ما ،خيبة ما ،طعنة ما، ل يخفي خلف قناعه جر ً ل أحد يعلن عن نفسه .الك ّ
و يعترف :ما استطعت أن أنسى! ينتظر أن يطمئن إليك ليرفع قناعه
أمام هذه الجماهير الطامحة إلى النسيان .المناضلة من أجل التحرر من
استعباد الذاكرة العشقّية .أتوّقع أن يتجاوز هذا الكتاب أهدافه العاطفّية إلى
طموحات سياسّية مشروعة .فقد صار ضرورّيا تأسيس حزب عربي
للنسيان.
18
سيكون حتًما أكبر حزب قومي .فل شرط للمنخرطين فيه سوى توقهم للشفاء
من خيبات عاطفّية.
أراهن أن يجد هذا الحزب دعًما من الحّكام العرب لّنهم سيتوّقعون أن ننسى
من جملة ما ننسى ,منذ متى و بعضهم يحكمنا ,و كم نهب هو و حاشيته من
أموالنا .و كم علقت على يديه من دمائنا.
دعوهم يعتقدون أّننا سننسى ذلك!
اذ أننا نحتاج أن نستعيد عافيتنا العاطفّية كأّمة عربّية عانت دوًما من قصص
ب .حينها فقط، حّبها الفاشلة .بما في ذلك حّبها لوطان لم تبادلها دائًما الح ّ
عندما نشفى من هشاشتنا العاطفّية المزمنة ,بسبب تاريخ طاعن في الخيبات
الوجدانّية .يمكننا مواجهتهم بما يليق بالمعركة من صلبة و صرامة .ذلك أّنه
ما كان بامكانهم الستقواء علينا لول أن الخراب في أعماقنا أضعفنا .و ل ّ
ن
ب الفاشلة أّرقتنا و أنهكتنا ,و الوضع في تفاقم ..بسبب الفضائّيات قصص الح ّ
الهابطة التي وجدت كي تشغلنا عن القضايا الكبرى وتسّوق لنا الح ّ
ب
الرخيص و العواطف البائسة فتبقينا على ما نحن عليه من بكاء الحبيب
المستبد ...و نسيان أنواع الستبداد الخرى...
من يشاركني الرأي و يوّد النخراط في حزب جديد ل ذاكرة له و ل سوابق
مصرفّية و ل تاريخ دموي .و ل شعارات نضالّية أو أصولّية بإمكانه
النضمام إلينا في موقع:
www.nissyane.com
و العدوان طة سوى مواجهة إمبريالية الذاكرة ليس في مشروعنا من خ ّ
العاطفي للماضي علينا..
ليس في جيوبنا وعود بحقائب وزارّية .فقط نعدكم بأن نحمل عنكم وزر
الخيبات .ل نتوّقع دعًما مادّيا من أحد لذا نحن فقراء إلى دعواتكم بالخير.
19
أيها الناس اسمعوا وعوا .ل أرى لكم وال من خلص ال في النسيان .فل
تشقوا بذاكرتكم بعد الن .انشّقوا عن أحزابكم و طوائفكم و جنسّياتكم و
مكاسبكم و انخرطوا في حزب جميعنا متساوين فيه أمام الفقدان.
ليخبر القارئ منكم من لم يقرأ هذا الكتاب.
طالبين النسيان
21
ن الوفاء مرض عضال لم يعد يصيب على أيامنا إّل أ ّ
الكلب ...و الغبّيات من النساء!
22
هكذا توّرطت في هذا الكتاب:
سا ،فالنسيان
دي ً
عا و ق ّ
ب يملك شفي ً
إذا كان الح ّ
يحتاج إلى آلهة .من أجل هكذا مصائب وجدت
العناية اللهّية ..و وجد الدب.
23
النثوّية عن أسباب تطابق الخيبات النسائّية و تشابه
النماذج الرجالية.
ل نسائّيا" دلي ً عندها أصبح مطلب الصديقات أن أصدر كتاًبا يكون
صة صديقتي الغالية الدكتورة هنادي ربحي مديرة مكتب للنسيان " .خا ّ
الرادة للستشارات والبحاث النفسية في دبي .و التي كانت قد اتصلت بي
قبل خمس سنوات تدعوني إلى لقاء مع مرضاها الذين كانت تعالجهم
ي احتارت في علجي من حماقاتي. بكتاباتي ثّم عندما تعّرفت عل ّ
دة عثرت على روايتي " فوضى الحواس " و كنت قبل م ّ
تباع في صيدلّية في شارع الحمراء .مع كتب الحمية
و علج السكري و أمراض الشرايين و القلب.
لفرط مفاجأتي اشتريتها أمام اندهاش الصيدلي .و من جنوني رحت مساًء
ي ما فمنذ سنوات ما عدت كاتبتها. أقرؤها عساها تشفيني من مرض نفس ّ
ن العلج بالقراءة النتقائّية هو أحد أحدث طرق العلج و بالمناسبة ،إ ّ
النفسي .حتى أّنه صدر مؤخًرا في باريس كتاب يضّم مئة عنوان لرواية
ل حالة نفسية يمّر بها القارئ.
سمة حسب احتياجات ك ّ عالمّية مق ّ
ن قراءة كتاب في غير الظرف النفسي الموافق له ،قد يكون فيه أًذى ذلك أ ّ
نفسّيا يعادل تناولك أدوية مضّرة بصحتك .لذا في قسمه الثاني يدّلك هذا
الكتاب على عناوين الروايات التي ينبغي عليك عدم قراءتها عندما تكون في
حالت نفسّية معّينة.
ل أوجاع القلب هو الضحك .و عدم أخذ الذاكرة ن العلج المثالي لك ّ يبقى أ ّ
مأخذ الجّد.
ت كثيًرا من وصفاته و أنا أضحك ملء قلبي هذا كتاب كتب ُ
كما في تلك الجلسات الجميلة جوار المدفئة في بيت
صديقتي الكبيرة بارعة الحمر .فبارعة التي ترجمت
24
حدأعمالي إلى النكليزية تبرع في قراءة أحاسيسي و التو ّ
و بهجة حد ّ النصهار الوجداني حتى ما عدنا معي حزًنا
م إلينا صديقة ندري أّينا تترجم الخرى .و يحدث أن تنض ّ
ثالثة امرأة بجمال و ثقافة عالية و بكبرياء طاٍغ .بالمناسبة
الكبرياء هي الصفة المشتركة لصديقاتي.
ضا -لنفسي .عّلني أعود ربما أكون كتبت هذا الدليل -أي ً
ما .بل أنا التي أكره أن أقرأ كتاًبا لي بعد إليه و أقرؤه يو ً
ذبني الرغبة في إعادة كتابته ( أجزم أن يصدر ) حتى ل تع ّ
أّنني سأكون أّول من يهجم عليه حال صدوره .عساني
و لو من نصيحة واحدة وردت فيه . أستفيد
ميذلك أّنني أولى بالنصح من قارئاتي .لكن كما تقول أ ّ
" خّلت راجلها ممدود و راحت تعّزي في محمود ! ".
إذا كانت النصيحة بجمل أكون قد أهديتكن لوجه الله..
و نكاية في بعض الرجال قافلة من الجمال.
ن هذا الكتاب و ما أبقيت لي والله على ناقة و ل جمل .كأ ّ
أعطاني وهم أن أكون طاعنة في الحكمة !
ن لي بالخير .و لحًقا بالرحمة .فأنا ل أطمع في غير دعواتك ّ
أعتبر هذا الكتاب صدقة جارية و أثق أّنه سيكون أكثر كتبي
قراءة نظًرا لما أتوّقعه من ازدهار حالي و مستقبلي
للخيبات النسائّية ..و الخيانات الرجالية .و هو ما يسعدني و
يؤلمني في آن.
لكون هذا الدليل ليس واحد من أعمالي التي استغرقت
كتابتها ثلث سنوات و أكثر .و التي كتبت بعض فصولها و
25
عا عن تلك القضايا الكبرى و المفلسة التيأنا أبكي دفا ً
آمنت بها.
ت
هذا الكتاب فتح شهّيتي للضحك حتى أّني كثيًرا ما قمع ُ
نزعتي للسخرية السياسّية أو النسائّية كي ل يمنع في ج ّ
ل
البلد العربّية .فحتى قبل صدوره غير هذا الكتاب قدر
الكثيرات من حولي .أولهن الصبية التي تطوعت لطباعته
حبا لي ,وطمعا في النسيان مكتفية به مكسبا .فمع كل
مقال كنت أبعثه لها كانت تعيد النظر في خياراتها
السابقة .
بفضل تواطئها الجميل والحاحها كل يوم على أن أزودها
بما كتبته منحتني – أنا المعروفة بكسلي – ما كان ينقصني
من حماس لنجازه في ثلثة أشهر مضحّية بهوسي بإعادة
قراءة مخطوطاتي أكثر من مّرة حد ّ ملحقة المخطوط
حتى المطبعة .غير آبهة بمن سيفتح هذا الكتاب شهيتهم
للشهرة مشهرين بي .
26
27
هاتف النسيان
28
صديقتي التي تخاف أن تنسى
شهران على فراقنا ....قرن و بضع دقائق
ل ما يرافقها من حّمى الروح لي صديقة تعيش عذاب القطيعة العاطفّية .مع ك ّ
و من هذيان تلك السئلة التي ل جواب لها لكونها تلي النشطار العشقي
الصاعق في مفاجأته.
كانت مطمئنة إلى رجل حياتها .تملك مؤونة أربع سنوات من الذكريات .و
مفكرة بيضاء وعدها أن يملها مًعا حتى آخر يوم من عمرهما بالمشاريع
الثنائّية الجميلة .كانت الثرى بيننا فقد مل الرجل جيوب قلبها وعوًدا حتى
ل شيء عداه .كان سّيدها و مولها .كان نشرتها الجوّية زهدت في ك ّ
و بوصلتها في الكون .فعذرنا انقطاعها عّنا نحن الصديقات.
كانت تعيش حّبا نحسدها عليه سًرا .ثّم ذات صدمة بدأ عذابها.
واذ بها تمضي نحو جحيم ل نستطيع فيه شيًئا من أجلها.
راحت تموت أمامنا ،لن الذي وضعت خصاله فوق الرجولة .وعواطفه فوق
ب نفسه .و بايعته نبّيا ..غدر بها.
الح ّ
دون مقدمات .دون شروح أو توضيحات .توّقف هاتفه عن النبض بنوايا
إجرامّية معلنة لغتيالها صمًتا.
أشهر و هي معّلقة إلى مصل هاتف خارج الخدمة ،صاحبه يعيش في بلد
أخرى.
29
" أسطورة ح ّ
ب ب .كانت على مشارف لم تكن في منتصف عمر الح ّ
ك أزراره سواه، " .ترتدي بغباء أنثى قميص النتظار ول تريد أن يف ّ
الغداق بالنصائح ل جدوى منه في هذه الحالة فهي واثقة من عودته.
دليلها ذكريات و " ميساجات " و وعود و ل تريد أكثر من أن يؤّكد لها أحد
هذا !
في البدء كنت أطمئنها إلى أوهامها ،حتى ل أزيد من ألمها .فقد كانت تسرد
ل عاشق يحتاج ل .فك ّ
ي قصتها كأسطورة عشقّية بتفاصيلها المذهلة جما ً عل ّ
إلى صنع خرافته الشخصّية .لكن قصتها كانت في تفاصيلها حّقا أقرب
للخرافة.
حين زرتها أرتني الكّم المذهل من البطاقات الهاتفّية التي تحّدث بها إليها
طي ثلث ساعات من الكلم .و بإمكان ل بطاقة تغ ّخلل أربع سنوات .ك ّ
طي لو وضعت الواحدة بجوار عشرات البطاقات التي تحتفظ بها أن تغ ّ
الخرى المسافة الفاصلة بين لندن و بيروت.
ليس ثّمة شك لقد أحّبها هذا الرجل .حّقا.
سعدت باستنتاجي كأّنها كانت تحتاج رأيي كي تتأّكد أّنها لم تحلم ول هي
ي رسائله التي تعود إلى ب فيها الحماس .فتحت هاتفها تقرأ عل ّ توّهمت .د ّ
الزمن الّول:
ل حين حتى و أنا نائم " " أحّبك ك ّ
" كّلما نسيتني استيقظت حتى و أنا في نومي "
" أن تختفي ثانية يعني أن أموت إّياك أن تختفي "
" أحتاج صوتك كي أرى "
أسألها:
أيكون مات ل قّدر ال ؟ -
ترّد بإحراج:
30
-ل ..رقمه يد ّ
ق!
ربما أصيب من غير شّر بالعمى ؟ -
تجيب باستحياء:
-ل هو دائم التواجد على النترنت.
ي و يهاتفك ؟
و منذ متى لم يستيقظ من سباته الشتو ّ -
تمتمت:
-آخر مّرة كّلمني كانت في 6حزيران عند الساعة الرابعة
عصًرا...
أوتعتقدين أّنه يحفظ اليوم و الساعة التي كّلمك فيها لخر مرة منذ -
سبعة أشهر ؟
ترتبك:
-ل أدري..
ي سلم أو كلم متى بالضبط لو هاتفك اسأليه مباشرة قبل أ ّ -
أشهر كنت خللها خارج مفكّرته يعني أّنك ما عدت ضمن اهتماماته،
عليك أن تضعيه بدورك خارج حياتك.
بدت مترّددة و غير مصّدقة أّنه نسيها حّقا .أمام صمتها المتعاطف معه أخذت
ورقة ،و رحت أحسب لها على الورق ما أراه شخصّيا خيانة.
) عدا قيلولته عزيزتي ..لقد نام هذا الرجل و استيقظ خلل سبعة أشهر
حا ل عند ل و ل صبا ً ي و عشرة مرات ،لم يشعر خللها ل لي ً اليومّية ( مئت ّ
غفوته و ل عند استيقاظه بحاجة عاشق لسماع صوتك.
ي ستمئة و ثلثين وجبة و تناول خلل هذه المّدة ثلث وجبات في اليوم أ ّ
ن غذاًء روحّيا ينقصه و أّنه يحتاج أن بالتمام و الكمال من دون أن يشعر أ ّ
و مّر به أثناء ذلك صيف و خريف و شتاء فل يقتات بك ليحيا.
فصل هزمه بحّره و ل بثلجه فعاد ليستعين بك عليه.
32
أو تركت صوتها على هاتفه ..أو قاسمته على النترنت صباحات
الضجر و ليالي السهر في مدن الصقيع.
اجلسي إلى نفسك و واجهيها بهذا السؤال:
لو قلت لك أّنني أثق في وفاء رجل يرفض الرّد على مكالماتي منذ سبعة
ي من سذاجتي ! أشهر و لم ألتق به منذ سنة ..أما كنت أشفقت عل ّ
دمعت عيناها و لم تقل شيًئا.
ب.
مزيج من الكبرياء و الغباء يجعلنها ترفض تصديق احتمال خيانة من تح ّ
ب بقدر منسوب وفائنا. فنحن نحكم على وفاء من نح ّ
ن تلك القصة " السطورّية " انتهت هو اعتراف ضمني ن اعترافها بأ ّ
ثّم إ ّ
ي :من أجل ل شيء. بهدرها أربع سنوات من عمرها أ ّ
48شهًرا...
1460يوًما..
35040ساعًة...
2.102.400دقيقًة .من أجل ل شيئ
يا ال! أكثر من مليوني دقيقة لم تبق منها دقيقة واحدة لقول كلمة واحدة تعيد
ب الحياة !للح ّ
ب هذا الذي يجرفك طوفانه حين يجيء .و يقتلك ظمًأ حين يذهب .فل أي ح ّ
يملك من أجلك قطرة وفاء للماضي تبّرر هذا الهدر و إثم نزيف الزمن
السائب في عمر امرأة.
ب .عساها تتعّلم
تركت لها على ورقة جردة بأرقام خساراتها في بورصة الح ّ
ل تستثمر في المشاريع الوهمّية. أّ
فأربع سنوات في حياة امرأة أربعينّية هي ثروة زمنّية أغلى من أن تستعاد.
33
صديقتي هذه نموذج للف النساء العربّيات اللئي يقّدمن سنوات من
ب ارتهاًنا
ن سوى الوعود .و يرين الح ّ ن قرباًنا لرجل لم يقّدم له ّ
عمره ّ
لشخص ليس بالضرورة رهينة لهن بل لمزاجه و أفكاره المسبقة و عقده و
تطلعاته الشخصّية.
رجل كالزواحف يتخّلص من جلده و من ماضيه دون عناء .و وحدها المرأة
تعيش مزدحمة بكراكيب الذاكرة .تحفظ التواريخ عن ظهر قلب .و تحتفظ
بالرسائل الهاتفّية كما لو كانت سندات ملكّية .و تعيد استنساخ " الرسائل
ي و صة بدقائقها و ثوانيها كي تستعيد الزمن العشق ّ الهاتفّية " في دفاتر خا ّ
ب .لكأّنها كانت تدري أّنها ذات يوم لن تملك تباهي به أمام نفسها وأمام الح ّ
ل على أّنه حًقا مّر بحياتها .ل ما وّثقت من تفاصيل دلي ً إّ
يا للغباء .صحت بها :
ن حّبا مفقوًدا أفضل ضا .إ ّ
ل يوم ،و عمرك أي ً ب يتناقص ك ّ -هذا الح ّ
ب منقوص .اخلعي عنك حداد هذا الرجل .و خذي قراًرا بينك و من ح ّ
بين نفسك بإنهاء هذه العلقة .فأّيا كان ثمن إنهائها لن يكون أكثر من
شقاء بقائك هكذا " شردودة ل مطّلقة و ل مردودة " حسب قول أمي.
ثّم إن لم تحسمي هذا المر اعلمي أّنك ستخسرينني فما عاد مزاجي يتقّبل
استكانة امرأة و استعدادها للتضحيات الغبّية.
حا .كنت ما أزال في الغد هاتفتني على غير عادتها عند الساعة التاسعة صبا ً
ل للكتابة.
نائمة ،فأنا أسهر طوي ً
قالت:
ل قراًرا بأن -أهاتفك لقول لك أّنني عملت بنصيحتك .أخذت لي ً
أنساه و أردت أن تعرفي بذلك.
-أما كان بإمكانك أن تزّفي لي هذا الخبر لحًقا؟!
رّدت ضاحكة:
34
-في الواقع ما زلت أستيقظ عند الساعة إّياها التي اعتاد أن يهاتفني
فيها لسنوات.
ما دمت لم تكسري داخلك الساعة البيولوجّية لحّبه فلن يغادرك -
تتحّكم فيك ..لست كلب " بافلوف " .اكسري هذه العادة بعادة أخرى..
كّلمي أحًدا آخر !
-ليس في حياتي أحد.
ن امرأًة مثلك ليس حولها أحد. -ل أصّدق أ ّ
-ل و ال..
ت في سريري و قد راودتني فكرة. جلس ُ
قلت:
ل صباح عند التاسعة ؟ ما رأيك أن أهاتفك أنا ك ّ -
صاحت بطفولة:
وااااو ...إّنها فكرة جميلة ..ل أصّدق أّنك ستستيقظين من أجلي ! -
ل يوم سأقول لك عما فعله ب ..سيكون هاتف النسيان .ك ّ هاتف الح ّ
الرجال بنساء أخريات ما يجعلك تكرهين هذا الرجل.
-لكّنني ل أريد أن أكرهه ..أريد فقط أن أنساه.
-برغم ذلك ستكرهينه.
صمتت كأّنها أمام خيار ما توّقعته.
35
قلت:
-قّرري أتودين أن أهاتفك بتوقيته أم ل؟
ق هاتفها أخيًرا في ذلك التوقيت ،أكثر من حاجتها لعّلها كانت تحتاج أن يد ّ
إلى سماعي .ثّم كان لديها أمل أن نأتي على ذكره .لكّنني ما كنت من الحماقة
لهاتفها كي أقع في فخ ذكرياتها بدل أن أنسيها إّياه.
رّدت:
ب هذا التواطؤ النسائي.. يسعدني حّقا أن تهاتفيني ..تدرين أح ّ -
قلت مازحة:
-أنت ل تدرين ماذا فعلت قبل عشرين سنة في باريس لنقاذ
ي رجل! شّغالتي من بين فك ّ
صاحت بحماس:
-احكي لي شو عملت..
قلت:
صة مع ل يوم ق ّ
ستستمعين إلى تلك القصة غًدا ..سأروي لك ك ّ -
صتي تحكى في النهار ل في الليل ..و أّنني ل أريد بها إنقاذ نق ّالفرق أ ّ
شش في رأسك. رأسي من شهريار ..بل الطاحة بشهريار المع ّ
ق " هاتف النسيان " في بيت صديقتي عند الساعة ل صباح يد ّمن يومها ك ّ
التاسعة.
ب!
ل الكلم المباح عن عمرها المستباح باسم الح ّ فأحكي لها بك ّ
36
شّغالتي العاشقة ..و وصفتي السحرية
تميم الفاطمي
لدها في السبوع الثاني للنسيان .لم أجد لنقاذ صديقتي الغبّية من حنينها لج ّ
سوى أن أعرض عليها وصفة قديمة للشفاء من حبيب ) أظّنني أملك براءة
اختراعها ( ابتكرتها قبل عشرين سنة في باريس عندما وجدت نفسي أمام
فتاة جاهزة للنتحار بسبب قسوة رجل.
ل بحاجة إلى سند عاطفي كي ل " الحاجة أّم الختراع " و كانت الفتاة فع ً
ضا مسوّدات "تنهار .قلت لجّرب فيها الوصفة .فقد كنت أجرب فيها أي ً
صةذاكرة الجسد " عندما تنتهي من الشغال المنزلّية و أسألها كيف تجد الق ّ
و تناقشني المسكينة على قدر ثقافتها ..و على قدر عقلي.. و الحوارات.
فمن الواضح أّنني ما كنت سوّية .و الن و أنا أكتب يحضرني قول نزار في
ما كتبه عن " ذاكرة الجسد " حين يقول للغالي الدكتور سهيل إدريس رحمه
ل مجانين ".ن العمال البداعّية الكبرى ل يكتبها إ ّ ن فإ ّ
ال " دعها تج ّ
سبحان ال ..من أين له هذه النبوءة ..و ما قدمت له يوًما برهاًنا على
جنوني !
37
كانت فتاة مغربّية رسبت في البكالوريا .ل تملك أّية جاذبّية .جاءتني بضفائر
قروّية و ملمح جبلّية .كانت تقيم عند قريبتها و تأتي يومّيا لمساعدتي لبضع
و للهتمام بالولد. ساعات في أشغال البيت
ب رجل سوري ل أدري أين صادفته .كان يعمل ذات يوم وقعت البنت في ح ّ
أستاًذا في سوريا و أصبح يعمل طّراشا في باريس .كان الرجل يملك وسامة
مشرقّية تباهي بها .فقد كانت تحمل صورته أينما حّلت .تدريجّيا فقدت البنت
ن الرجل لم يفقد عقله كان فقط يتسّلى. صوابها .جّنت به حّبا و غيرة .لك ّ
جال و استحلى" كما يقول اللبنانّيون. "ر ّ
صتها فقد كانت تطلب مّني أن أكتب رسائل ح ّ
ب وجدت نفسي متوّرطة في ق ّ
نيابة عنها ) بعد أن اكتشفت موهبتي الدبّية ! ( بينما اكتشف الرجل لحًقا
و صوري في المجلت أّنها تعمل عند كاتبة و أ ّ
ن عندما أرته مقالتي
ق رواية ! ( صة تستح ّ الرسائل المكتوبة إليه أجمل من ساعية البريد ! ) و الق ّ
ص ضفائرها و ذات يوم قّرر التخلي عنها برغم جهدي في تجميلها و ق ّ
ل كيف أعفيها من إهدائها أجمل ثيابي .حتى أقسمت أمي أّنها سحرتني .و إ ّ
و أكّرس وقتي لخدمتها و كنت أرّد أّنها لو الهتمام بأطفالي الثلثة
ن حالتها أصبحت كانت تعرف السحر لسحرت ذلك الرجل أّول ! ذلك أ ّ
بائسة و مشفقة حّد تركي " ذاكرة الجسد " جانًبا .و النهماك في " كتابة "
حياتها العاطفّية.
كّلما هاتَفْته كان يقطع الهاتف في وجهها .و إن دّقت بابه رمى عند الباب
بأشيائها حتى بدأت تراودها فكرة النتحار لمقاصصته بموتها .أو إلحاق أ ّ
ي
ب لّول مرة أذى به .فقد كانت البنت بربرّية من الطلس المغربي ..و تح ّ
ي مدججة بكوكتيل من العواطف القابلة و أنفة و شراسة .أ ّ بوفاء
للنفجار و الدمار !
38
وصلت معها إلى اتفاقّية أن تهاتفني كّلما شعرت برغبة في مهاتفته ،فأشتمه
لها ،و ألعن أبوه و أصيح بها " كيف تسمحين لطّراش أن يفعل بك هذا ؟ من
ن دخلك أكبر من دخله .و أصلك أشرف يكون ليقطع الهاتف في وجهك ؟ إ ّ
من أصله ..لو كانت له أخلق لما تصّرف هكذا مع فتاة ..ثّم أنت التي نفختيه
و طلبت مّني أن أكتب له رسائل ما كتبتها جورج صاند لشوبان فراح يظن
نفسه فهد بلن ) كان المطرب السوري الراحل رمز الرجولة آنذاك (.
أهمليه ..دعيه هو يتعّذب و يسأل عنك .ثّم إّنه موسم التنزيلت .اذهبي إلى
ذاك المحل الذي أشتري منه ثياًبا بجانب مدرسة الولد .و اشتري ثياًبا
جميلة ..حتى إذا رآك المرة القادمة يأكل أصابعه ندامة لّنه تركك !
ن الرجل كان منهمًكا في " أكل " ضحّية جديدة .لكّنني طبًعا على الرجح أ ّ
ي شيء يقّوي من عزيمتها كي تصمد و تنساه. كنت أقول لها أ ّ
ل أناقتها و يصادف وجود أمي كانت و حين كانت تزورني بعد ذلك في ك ّ
أمي تعايرني طوال السهرة بسببها.
-شفت مرا تبعث خديمتها إلى نفس المحل اللي تشري منو ثيابها ..واش
يقولوا الناس ؟
إحنا في فرانسا يا أمي حتى واحد ما على بالو بيك واش لبسة .و -
40
الستيقاظ الموجع من الخدر العشقي
ل توقظو المرأة التي تحب ..دعوها في أحلمها حتى ل تبكي عندما تعود
الى الواقع المر .
مارك توين
41
ل قدرتك على الوقوف ".نقع ل تدعي منظر الخراب يشّوه مزاجك .و يش ّ
سبع مرات و نقوم ثمانية " يقول اليابانيون .قومي .ما ينتظرك أجمل مما
يحيط بك .اشتري أحذية لحلمك و ستصبح كلّ الطرقات إلى الفرح سالكة.
سًدى تنتظرين.
ب يستطيع من أجلك شيًئا و ل النسيان .ل زوارق في الفق ..غادري ل الح ّ
مرفأ النتظار.
هو لن يعود طالما أنت في انتظاره.
ل بحرمانه منك.ل بفقدانه لك .و لن تحافظي عليه إ ّ
أنت لن تكسبيه إ ّ
ل بالخسارة .عندما ستنسينه حّقا ،سيتذّكرك .ذلك أّننا
ثّمة رجال ل تكسبينهم إ ّ
ل ننسى خساراتنا !
42
ل تطلبي الّلجوء العاطفي إلى السرير
فهو سيسّلمك ..إلى عدّوك
سسس
سسسس
43
السرير كمين يقع فيه القلب النازف شوًقا .المطعون عشًقا .اعتقاًدا منه أّنه
ملذ آمن لفرط حميمّيته.
في الواقع ،ل أخطر من حميمّيته هذه عليك .أنت فيه مطّوقة بنفسك .حدودك
ل صوب تحّدك الذكريات و المواجع و الماضي .أنت القليمّية أنت ،من ك ّ
طريدة ذاكرة تعتقدين الهروب منها إلى السرير.
لكّنها ستفترسك فيه لّنك هناك ل لتنسي من تحّبين بل لتستعيديه ..لتنفردي
به ..لتبكيه.
حتى النوم سيغدر بك .فحسب آخر البحاث العلمّية ،إحدى مهام النوم حماية
ل ما يعتقد المرء أّنه نسيه خلل الذاكرة .فالنوم يساعد الدماغ على تخزين ك ّ
النهار .و هكذا يصبح النوم وسيلة يسترّد بها الدماغ ..الذكريات.
لذا قد يستيقظ البعض و وسادته مبّللة بدموعه .لقد بكى أثناء نومه .جرحه
ن النوم نفسه ما عاد فرصة للنسيان يقول العلماء '' . يأّ
ظا .أ ّ
ل مستيق ًظّ
البشر ليسوا حقيقيين ال في اللحظة التي يكونون فيها في أسرتهم وحدهم ''
أخطر مكان عليك السرير .إّنه يغّذي حزنك و يوقظ مواجعك .و يخدعك
بإيهامك أّنك تلتقين فيه الرجل الذي ما عاد من مجال لللتقاء به في الحياة.
لهذا سمي السرير مخدع !
غادري مخدعك حال استيقاظك أتمّنى أن أجدك غًدا أمام فنجان قهوة
ل صباح أمام الطبيعة بدل تحتسينها على شرفة أحلمك .اجلسي إلى نفسك ك ّ
أن تجلسي إلى ذاكرتك في سرير ''.بنظرة خاطفة ذكريات كثيرة تستلقي على
سريري تقول عناية جابر''
ل يلزم السرير حداًدا على امرأة ؟ هل رأيت رج ً
إّنه يقصد السرير " رفقة لوازم نسيانه " .يستعين بامرأة على نسيان أخرى.
في هذا سّر شفائه.فالجنس عنده وصفة دواء يسهل تناوله بعد كل خيبة
عاطفية.
44
ما دمت عاجزة عن الخيانة .أضعف اليمان أن تغادري السرير حتى ل
يكون فضاء متعته ..هو فضاء شقائك !
***
ب"" الجنس مجرد إرضاء للنفس عندما ل يحصل الواحد منا على الح ّ
غارسيا ماركيز
45
أّيتها الحمقاء ..الحياة تنتظرك و أنت تنتظرينه !
صباحك نسيان..
صدًقا ،ألست أفضل هذا الصباح؟ أشهر و أنت تنامين ظهًرا لظهر مع
جسدك المستلقي إلى جوارك .مع الوقت أصبحت جارة جسدك ،جارة حياتك
ل صاحبتها .تعيشين حياة مؤجلة إلى حين يعود.
هكذا هي المرأة العربية ..تؤجل فرحتها في انتظار السعادة .الحياة موجودة
من أجلك ..بعطورها و ورودها و فصولها ..و مصادفاتها.
ب يحّبك
الحياة تنتظرك و أنت تنتظرينه .السعادة تشتهيك و أنت تشتهينه .الح ّ
و أنت تحبينه .لّنه ألمك.
ط يتوق إلى خانقه تريدينه.
كق ّ
46
عندما يتجاوز الخذلن حّده ،و ينفذ مخزون الصبر النسائي على سعته ،عليك
أن تراجعي علقتك باللم .فاللم ليس قدًرا .إّنه اختيار.
عام من اللم يكفي و يزيد .إّنه معدل الزمن النثوي المهدور الذي تحتاجه
ل .فثّمة
امرأة للشفاء من رجل تفشى فيها داؤه .الوعكة العاطفّية تأخذ وقًتا أق ّ
ب " تلتقطه النساء مثل النفلونزا في شتاء القلب. "ح ّ
ل أن يعيش أكثر من فصل و الحزن ب " ما كان مقّدرا له أص ً
مثل هذا " الح ّ
ق أكثر من أيام .لكن ألم الفراق الكبير ل بّد أل يدوم أكثر من عليه ل يستح ّ
ن على الطرف سنة .بعدها يصبح المر ضرًبا من النتحار .فهل أنت واثقة أ ّ
الخر ثّمة عاشق ولهان قادم من العصور الغابرة ..يبكيك و يخلص لغيابك ؟
كفى بربك حماقة !
47
بالروح ..بالدم ..نفديك يا نسيان!
صباحك ورد..
يسعدني أن أراك تبدئين نهارك بالعتناء بنباتات حديقتك.
ل مناسبةلكن حذاري أن تتحّرشي بشجرة الذكريات .أن تسقيها في ك ّ
ل يعطي النسيان ورًدا.
بالحنين و النتظار ..ثّم تتعجبي أ ّ
ل يطرح النسيان ورًدا في الموسم الّول .يحتاج إلى فصلين أو ثلثة قبل أن
يزهر .في البدء يهديك شوكه .ل تكوني على عجل و ل تقلقي .سيجيء فصل
ب رزنامة ل علقة لها بمنطق الفصول. القطاف .فللح ّ
ليس ثّمة نسيان جميل أو سريع .ل أحد بإمكانه أن يهديك النسيان قبل وقته.
أو يبيعك إّياه قبل أن يتفّتح على أغصانه .عليك أن تقتنيه بألمك و أرقك و
دموعك.
هذه هي العملة الوحيدة التي تتعامل بها الحاسيس في مواجهة الفقدان.
ثّم تذّكري نحن ل ننسى ال حين نريد ذلك حقا كوني صادقة في إصرارك
على النسيان.
ينجح الرجال في النسيان لّنهم يريدونه حّقا ) لبدء علقة جديدة ( و تفشل
النساء لّنهن يخفنه ) لخوفهن من القدام على تجربة جديدة ( .على أساس "
48
ذاكرة في اليد ..خير من نسيان على الشجرة " فالمرأة تخاف أن يطير مع
النسيان آخر عصفور أمسكت به.
ب .من هنا جاء هوسها ل تهديها الحياة حّبا بعد ذلك الح ّ كّلما أحّبت ،توّقعت أ ّ
بكلمة " إلى البد " التي يطمئنها بها الرجل إلى حين يطير ..إلى البد.
على النساء أن يشفين من خوفهن النثوي من المجهول .فليس الرجال أق ّ
ل
ل من مّنا خوًفا .و ل أكثر طمأنينة لما ينتظرهم .هم فقط أكثر خيانة و تنص ً
وعودهم.
فليكن .انتهى زمان " أنساك ده كلم \ أنساك يا سلم \ أهو ده اللي مش
ممكن أبًدا \ و ل أفكر فيه أبًدا ".
ن ،أل يبدو هذا الكلم سخيًفا عندما تقرؤونه هكذا عاٍر من صوت أّم بربك ّ
ي شيء. كلثوم الذي لجماله بإمكانه إقناعنا بأ ّ
كان بإمكاننا أن نصّدقه و نموت من أجله .و نخرج في مظاهرات نسائّية
حاشدة تنّدد بالنسيان كأحد أوجه المبريالية .و نتهمه بالمشاركة في المؤامرة
الكبرى على المستقبل العاطفي للمة العربّية ،لو أّننا رأينا الرجال يهتفون،
كما يهتفون للزعماء " بالروح بالدم نفديك يا وفاء ".
ن النسيان ممكن جًدا .و ل نريد سوى الذي حدث أّنهم أقنعونا منذ عصور أ ّ
إشعارهم بأن النسيان ليس حكًرا عليهم.
49
الباب الموارب للقفص
50
ب رغيف خبز بدل أن يدعوه إلى العشاء .كنت أدري أن كمن يعطي الح ّ
كلماتي ما كانت تشبعها تماًما .لكن تمنحها قوت يومها من الصبر .و تغّذيها
بفيتامين الصمود.
يوًما بعد يوم بدت كأّنها تتعافى من الماضي ..أو لعّلها كانت تحاول إقناعي
سا كان قد تغّير حّقا في حياتها .قّلما كانت تقبل تلبية بذلك .لكن ل شيء ملمو ً
دعوات أو حضور مناسبات .كانت تعيش حدادها بجمالية و عزلة .لكن
بطمأنينة أكبر.
ب إن لم تفتحي له الباب " .و كانت كنت أصيح بها يائسة " من أين يأتي الح ّ
حا ".
ترد " بل تركت له الباب مفتو ً
لحًقا أدركت أّننا ما كّنا نحكي عن البواب نفسها .كنت أحكي عن باب
الحياة ..و كانت تقصد باب القفص !
ي أن تغلقي ك ّ
ل حا طمعا في عودة الطائر .أ ّ ] أن تتركي باب القفص مفتو ً
جلي سعادة في يدك ..من أن تؤ ّ باب عداه .دون أن تعترفي بذلك لحد.
أجل سعادة على الشجرة .أن تختاري خسارة الحاضر كي ل تخسري
احتمال حلم.
ل تهجري ..و أ ّ
ل ل تنسي تماًما و ل تتذكري تماًما .أ ّ ل يوم أ ّعليك ك ّ
ل تهاتفيه و أن تواصلي سماع صوته فيك يقول لك بكلمات الماضي تعودي .أ ّ
صة حّبك .و ل تحزني ل لق ّ ل تكوني مبتهجة فل تكوني أه ً أّنه سيعود ..أ ّ
عا للشفقة.
فتصبحي موضو ً
أن تعثري على المسافة اللزمة بينك و بينه في الغياب ..بينك و بين
الخرين ..بينك و بين الذكريات ..بينك و بين من يحاول أن يأتيك من باب
ل تخوني من يكون قد آخر -غير باب القفص -ليشغل محّله الشاغر .أ ّ
ب هو خانك .و ل تتأّلمي بوفائك له .أن تخلصي لسطورتك ل لبطلها .فالح ّ
البطل ..ل ذلك الرجل !
51
ي أن تطلقي حا أ ّ
أمام فنجان قهوة قلت لها " أن تتركي باب القفص مفتو ً
قرار عليك أن ب و تدخلي القفص لتقيمي مكانه. سراح طائر الح ّ
و حساباتك العاطفية .فوحدك ل قواك العقلية
تأخذيه وحدك و أنت في ك ّ
ي طائر هذا الذي تنتظرين .أهو طائر نبيل أم عصفور من أسراب تعرفين أ ّ
ف ُتمّد نحوها .ويك ّ ب في أ ّ
العصافير المهاجرة العابرة .تلك التي تنقر الح ّ
ق في أيامنا
ب تستح ّ ل قصة ح ّ تعيش على فتافيت الموائد ..صّدقيني ليست ك ّ
ل هذه التضحيات ". كّ
ق .أنا جاهزة لوصفاتك " ل بدت مقتنعة بكلمي .قال لسانها " أنت على ح ّ
أدري ربما كان قلبها يقول آنذاك عكس ذلك .
***
ي كتاب صغير لد ّ
أكتب فيه حين أنساك
كتاب ذو غلف أسود
لم أخط فيه كلمة بعد
فيرناندو بيسوا
52
نصائح بقطيع من الجمال
ذرك كمن ب ّ
شرك من ح ّ
المام علي
53
ب امرأة...
كما لم تح ّ
ب كبيرة .و أخرجي منه أميرة .لّنك كما تدخلينه أدخلي الح ّ
ستبقين.
ارتفعي حتى ل تطال أخرى قامتك العشقّية.
لب ل تفّرطي في شيء .بل كوني مفرطة في ك ّ في الح ّ
شيء.
ل حالة إلى أقصاها .في التطرف تكمن قوتك اذهبي في ك ّ
و يخلد أثرك .إن اعتدلت أصبحت امرأة عادّية يمكن
نسيانها ..و استبدالها .
ل تحّبي ...اعشقي
ل تنفقي ...أغدقي
ل تصغري ...ترفعي
ل تعقلي ...افقدي عقلك
شي فيهل تقيمي في قلبه ...بل تف ّ
ل تتذّوقيه ...بل التهميه
وهي شيًئا فيه ...ج ّ
مليه. ل تش ّ
ل تكوني أمامه بل خلفه.
ل تكوني عذره بل غايته.
54
ل تكوني عشيقته بل زوجة قلبه.
ل تكوني ممحاته بل قلمه.
ل تكوني واقعه ...ظّلي حلمه
ما سعادته ...كوني أحياًنا ألمه ل تكوني دائ ً
ل تعدلي كوني في النوثة ظلمه
ل َتبكيهً ...أبكيه
ل تكوني متعته بل شهوته
كوني أرقه و أميرة نومه
ل تكوني سريره كوني وسادته
كوني بين النساء اسمه
ذكرياته و مشاريع غده
ل تكوني يده كوني بصمته
ل تكوني قلبه كوني قالبه
ل تغاري من ماضيه فأنت مستقبله
و ل من عائلته لّنك قبيلته
ل تكوني ساعته كوني معصمه
و ل وقته بل زمنه
ل امرأة لها قرابة به مصي ك ّ تق ّ
ل أنثى يمكن أن يحتاج إليها وك ّ
ل شيء يمكن أن يلمسه وك ّ
ل حيوان أليف يداعبه وك ّ
ل ما تقع عليه عيناه وك ّ
كوني ابنته و شّغالته و قطته
ومسبحته وصابون استحمامه و مناشفه
55
ومقود سّيارته وحزام أمانه
ومصعد بنايته
كوني مفاتيحه ومن يفتح بابه ...حتى في الغياب
كوني عباءة بيته ...سجاد صلته
كوني أريكة جلوسه ومسند راحته وشاشته
كوني بيته
كوني المرأة التي لم ير قبلها امرأة
و لن تأتي بعدها امرأة ...بل مجرد إناث !
نصيحة:
ب الكبير
ل تعجبي إن تمّرد عليك برغم هذا و ل تحزني .الح ّ
يخيف رجًل ما عرف قبلك امرأة .إّنه ينسحب ليحمي
رجولته من إغداق أنوثتك .و ليتداوى من تلشيه فيك.
لكّنني ل أعرف رجًل شفي من سرطان الروح بتناوله "
ب كبيرأسبرين " الكذب على الذات .ل أحد تعافى من ح ّ
تقول التقارير العاطفّية.
" مي .ربما مع الوقت دخلت حياته فل تغاري و ل تهت ّ
إناث الهاتف " أو " قطط النت " .ربما مّرت به ثياب
نسائّية و أحذية بكعب عال و قبل بأحمر شفاه .و صدور
و عطور و كلمات.
و " ميساجات " ليست كالميساجات .و نشوة في مذاق
م إعدادها من السكر الصافي المذاب " غزل البنات " ت ّ
الذي يصنع منه الباعة حلوى كلحية بيضاء قطنّية طّيبة
56
المذاق .لكن ل شيء يبقى منها غير الدبق ..إّنها تعلق
باليدين والفم و يحتاج المرء كّلما تناولها أن يغتسل.
هو لهن..
ب امرأة .ل تبكي و ل تحزني .ليسعدن إن أحببته كما لم تح ّ
ي.به .سعادتك أّنك قصاصه المستقبل ّ
دم به العمر كبرت بذكراك خساراته .ربما وجد كّلما تق ّ
امرأة تهديه نسيانك ،لكن لن يعثر عن امرأة تهديه حّبك.
***
جراري مليئة بدموع نساء
أحببنك قبلي
لكّنني ل أبكي
ضحك
مشغولة بملء سلل ال ّ
لمرأة ستضحك بعدي
على كّل ما كنت فيك أخاف عليه
57
أصمدي!
صبرت على شيء أمّر من الصبر صبرت حتى يعلم الصبر أّني
58
لكّنها عكرت عليه فرحته حين قالت ببراءة ماكرة " ما هاتفتك العام
الماضي في عيد ميلدك لّنني كنت ما زلت أحّبك و أقوم بجهد المتناع
عن التصال بك .لكن ،و قد انطفأت تلك الحرائق منذ ذلك الحين .أصبح
بإمكاني اليوم أن أتمّنى لك من قلبي عيد ميلد سعيد ".
سرما كانت تتمّناه حّقا هو إيلمه بسلح جديد لم يتوّقعه .تركته حزيًنا يتح ّ
على الزمن الذي كانت تشهر عداءها له ..صمًتا !
ب مضاد مدفوع إلى أقصاه ..أ ّ
ي ذلك أن الصمت في عنفه هو تعبير عن ح ّ
أّنه وجه آخر للعشق في تطّرفه .أّما أن تتصلي برجل عشقته يوًما لتقولي له
كلًما عادّيا فذلك يعني أّنك أنزلته من عرشه و ساويته بالخرين.
ل امرأة أن تتقن استعماله في سُر الصمت سلح على ك ّ الصمت ..كما َك ْ
مواجهة النقطاع الطويل..
و لنا في الرجال خير معّلم!
59
كّل مّتهم بريء إلى أن يشنق!
طغيان العربي
مقولة من أرشيف ال ّ
ل ترابطي بجوار الهاتف و تربطي حياتك به .فذاك الرجل أخذ قراًرا بألّ
ت على أمل أن يقتلك بسكتة هاتفية .دعيه يموت هو في انتظار يهاتفك و لو م ّ
ذلك !
إن كنت توّدين إسعاده واصلي التنكيل بنفسك .فل هدف له
ل تعذيبك على جريمة وحده يعرفها .يحتاج أن يزهق روحك ليتأّكد من إّ
و مشتقاته أبشري ! براءتك .إن كنت مولعة بالعشق الفاشست ّ
ي
إّنه يعّد لك محرقة حطبها ..غباؤك.
60
صهم بقضاء حوائج الناس حّببهم في الخير و حّبب الخيرن ل عباًدا اخت ّ
إّ
إليهم .إّنهم المنون من عذاب ال يوم القيامة
حديث شريف
و وقتك لناس أمام فاجعة الفقدان .إزدادي كرًما و إحساًنا .هبي نفسك
يرّدون على خيرك بالعرفان.
ب جاحد .إّنه يحتاج أن يتنّكر لك ليشفى منك .فهو يرى في اعترافه وحده الح ّ
صا من قيمته .و تشويه لنفسه.بجميلك انتقا ً
و ما يريده هو تشويهك أنت في قلبه .كي ل يشعر بفداحة خسارتك.
في قّمة ألمك ،احتفي بمن يقصدك .عّوضي حاجتك إلى من هجرك بحاجة
الخرين إليك.
ل من يرون فيه بهاء النبل و بهاء السخاء و بهاءفالخرون ل يقصدون إ ّ
القلب الطّيب .هم مرآتك عندما ينسيك الزمن مواصفاتك و خصالك .هم الذين
ينّبهونك إلى جزئّياتك الجميلة التي شّوهها العطاء لغير أهله.
***
"عليك بالصدقة و لو بالقليل ،فإّنها تطفئ الخطيئة وتسّر القلب ،و تذهب
الهّم و تزيد في الرزق"
61
تفوّقي عليه حّبا
ل تستسلمي لشهوة النتقام أّيا كان غدره بك .وحدها النفوس الصغيرة تهجس
ل عليه .غادري حياة من أحببت كنسمة .ل تدّمري بالذى لّنها ل تقدر إ ّ
مكاًنا أقمت فيه.
ل تشّوهي صيت رجل أحببته .كي حين تلتفتين خلفك بعد سنوات ل تجدين
خراًبا بل حديقة .قصاصه في الورود التي ستواصلين سقيها في حديقته برغم
كونك لن تريها تتفّتح .واصلي حماية بيته و لو بقلبك .تمني له الخير صادقة
ان كان شهما لن ينسيه ما أتاه بعدك من خير ..خيرك و سيؤذيه نبلك
ويحرجه .
كوني أميرة ,دّللي من تعرفين من أهله دون علمه .تفّوقي عليه حّبا لتصغّريه
في عين نفسه .ارفعي سقف العطاء حتى ل تجرؤ امرأة على أن تأتي بعدك.
هل تعرفين انتقاًما أكبر من هذا ؟
62
"و عّزة نفسي منعاني"
ب إلى ضرب من المنازلة العاطفّية الموجعة. كّلما اّتسعت القطيعة تحّول الح ّ
ن الخر ل بّد أن ي ذراع الثاني مراهًنا على أ ّل واحد يريد من خللها ل ّكّ
تهزمه الشواق و استبداد العادات العاطفّية المشتركة و الذكريات.
و أّنه حتًما أّول من سينهار و يرفع السماعة أو يرسل رسالة هاتفّية .لكن
غالًبا ما ينقلب السحر على العاشق .و بدل أن يقّرب البعاد المحّبين ..يفّرقهم
نهائّيا عندما يتجاوز النفصال اليام و السابيع إلى الشهر .و يبدأ عندها
ل واحد في التشكيك في عواطف الخر من أساسها. كّ
و توسوس و ينوب عن شوقه إليه حقده عليه .فالغيرة تأخذ هنا مجدها
ل واحد بما يزيد من عناده و يشّوه صورة الخر في قلبه و يملؤه ندًما على لك ّ
ما ضاع سًدى من عمره.
ل حسب قناعاته و ل بالنتقام لكرامته العاطفّية ،ك ّ
ل واحد إ ّ
و تغدو ل رغبة لك ّ
أخلقه و إمكانياته .و ما يرى فيه الرّد الكثر إيلًما للخر .لعبة غبّية و
سادّية قد يمتد دمارها إلى سنوات عّدة حسب عمق العلقة و عمرها.
ظيب مدفوع إلى أقصاه حّد الدمار المشترك كنوع من التوحد في التش ّ إّنه ح ّ
على طريقة كامل الشناوي:
63
فهي مّني و أنا منها شظايا ". طمتها
طمتني مثلما ح ّ
"ح ّ
ب لنتحّدى به العالم ل
جَد الح ّ
ب ل يليق بغير النفوس المريضة .لقد ُو ِ هكذا ح ّ
شع وو يجّمل و يسند ،ل ليهّد و يب ّ جَد ليبني
ب ،و ُو ِ
لنتحّدى به من نح ّ
يدّمر .في الواقع كان يكفي كلمة واحدة .كان يكفي رّنة هاتف و صوت
يباغتك يقول " إشتقتك " " ،ما نسيتك " " ،أحتاجك " .لكن ل هاتف يد ّ
ق
ن كلمة واحدة ب الذي ولد وسط شللت الكلمات الجميلة ...يموت ل ّ و الح ّ
تنقصه !
ل عاشق على الخر. كلمة ,بل دقة ,مجرد دقة هاتفية ,عن تحّد بخل بها ك ّ
ي في أّية لحظة لتفرقهما إلى البد ..دّقة الموت. متناسًيا تلك الدّقة التي قد تأت ّ
* * *
كر و أنت ل مرة تنسى إّنما هو الموت ما تتذ ّ في ك ّ
تنسى
موريس بلنشو
64
غادري نفسك ..كي تعودي و تجدينها
ن الذي سوف
ل ّ يظ ّ
ل يجيء الذي قد مضى
يأتي ذهب
المتنبي
65
ن الجترار الذي يلمس الهذيان ضا .و أ ّ
لحاضرك و لك أي ً
ما ما يريده لك !
ذبح لك على مدى الليل و النهار .و هو تما ً
ي ،من أجل رجل ليس أهًل لن ي و غب ّ
إّنه موت مجان ّ
تنحري نفسك حسرة عليه .فالذي قاسمك الماضي و
مضى ..كّلف الماضي باغتيالك بعده ) هل تعين هذا؟ (
وتي عليه فرصة قتلك .ل تقيمي على أطلله .فما زال ف ّ
في الحياة مّتسع لتبني لحلمك قصًرا.
الن فوًرا ،أغلقي هذا الكتاب و غادري نفسك.
66
"ليفتينغ" النسيان...
الحبّ هو أفضل عملّية شّد وجه .لكن عموًما من السهل العثور على جراح
ب.
ق الح ّ
تجميل من العثور على رجل يستح ّ
الممثلة الفرنسّية إيمانويل بيار
نصيحة:
الح ّ
ل:
ن معّينة
كّل إنسان يصبح مسؤوًل عن وجهه بعد س ّ
ألبير كامو
69
ماذا هو فاعل الن ؟؟
70
ل مناسبة ترين فرصة ل شيء و في ك ّ لخلق حاجة لديه لوجود امرأة .في ك ّ
لخيانته لك.
ل لعاداته من خلل ذكرياتك معه .واثقة تماًما ذلك أّنك تملكين مرجًعا و دلي ً
ل شيء بحذافيره و تفاصيله.. أّنه في المناسبات إّياها ،سيكّرر لو استطاع ك ّ
فالرجل ابن عاداته.
أطمئنك .إّنه سيفعل .و إن لم يخنك بعد فليس وفاًء لك .بل خوًفا على نفسه من
المراض و عواقب المغامرات .إّنه فقط يبحث عن مرفأ آمن لمركبه .و ذات
يوم ستنهار مقاومته .إّنه حيوان جريح يسهل اصطياده .تشتّمه النساء على
بعد كيلومترات .فالعثور على رجل بقلب منكسر غنيمة نسائية .مواساته قد
تأخذ سنوات ذلك أن " الطريدة تسهر على صيادها " حسب طلل سلمان .
ب كبير إلى مغامرة صغيرة ،دون و لّنه يصعب على رجل أن ينتقل من ح ّ
أن يتلّوث أو يصغر أمام نفسه .سيجد أكثر من ذريعة ليبّرر لنفسه ما أقدم
و يشّوهك ليجّمل نفسه .و سيقاطعك كما عليه .سيخّونك ليبّرأ ضميره.
لو كنت بضاعة اسرائيلّية ..أو زبدة هولندّية .في الواقع ،ما عاد لديه صوًتا
يواجهك به .فحتى صوته قد خانك !
نصيحة :
توّقفي عن تعذيب نفسك بسؤال " ماذا تراه فاعل الن ؟ "
ما هو أقصى شيء يمكن في رأيك أن يفعله ؟ ليفعله !
فّكري في ما لن يستطيع فعله من دونك بعد الن ،و سيصنع تعاسته .كأن
يضّمك إلى صدره و يغدو ملًكا على العالم.
وما لن يستطيع قوله ..وقد أصبحت لغيره.
71
من تنادين مات
72
" ل أريد أن تبقى رسائلي دون جواب ،و حّبهما:
سأتوّقف فوًرا عن الكتابة لك إن لم تجيبي على رسائلي.
تؤدي المناجاة المستمرة للمعشوق ،التي ل تلقى منه
تغذّية أو تصويًبا ،إلى أفكار خاطئة تطول العلقات
ددالمتبادلة .و تجعلنا غريبين ،الواحد منا عن الخر ،عند تج ّ
ورها ،دون اللقاء ،و عندها نجد الشياء مختلفة عما كّنا نتص ّ
التأكد من ذلك ".
الصمت هو بداية الغتراب بين عاشقين كانا لفرط
انصهارهما غرباء عن العالم ،مكتفيان بذاتهما .و أصبحا
بحكم النقطاع غرباء عن بعضهما البعض .إّنها فاجعة.
ن
لكن ستكون صدمتك أقل إن أخذت علما بها باكًرا .غير أ ّ
ن المرأة ستواصل محاولة خًرا ل ّ
هذا غالًبا ما يحدث متأ ّ
ب و لو بالتواصل المتق ّ
طع. إنقاذ الح ّ
نصيحة:
ب جديد.برغم ذلك ل تفتحي قلبك ) و هاتفك ( فوًرا لح ّ
ب "الكبير" و هي مل جّثة ذلك الح ّ
خذي الوقت الكافي لتأ ّ
تتحّلل فيك و حولك .ستتأّلمين لكن ستشفين بطريقة
أفضل.
بملي مشهد غروب العواطف و قرص الح ّ ل مساء تأ ّك ّ
و هو يغرق بحمرته الدامية في بحر أوجاعك.
دا من المكان نفسه ستطلع الشمس .ذلك أنها مثلما غ ً
تغرب بداخلك ستشرق الشمس منك .
'' الغروب هو ظاهرة ذهنية قبل كل شيئ ''
73
فرناندو بيسيوا
74
دعيه يجّرب!
لّننا لسنا الصبوحة ،نواجه كنساء عربّيات حاجًزا نفسّيا كبيًرا يجعلنا أّيا كان
و نهجس بآخرين ل أمل يرجى من عمرنا نزهد في الشباب من الرجال
شعرهم الرمادي.
ن المرأة العربّية مثل الشعوب العربّية ترّبت على الحاكم الب و لم ذلك أ ّ
ي.
ل حّكاما شابوا على الكرس ّ تعرف للرجولة رمًزا إ ّ
ل أصغر عمًرا من أبيها الحاكم .و ل تفهم أ ّ
ن ب رج ًلذا ل تتصّور نفسها تح ّ
ل قواهن العقلّية صّوتن في أمريكا و روسيا على حّكام في فتّوة نساءً في ك ّ
ن نساء ينتمين إلى بلدين هما أعظم قّوتين في أوباما و ميدفيديف .كيف أ ّ
العالم تجّرأن على هجر مخدع التاريخ و ارتمين في أحضان فتيان
السياسة ؟
بربكن أل تجدن هذا الرجل الممشوق كحصان أسود الذي حسب برلسكوني
" وسيم و يافع و كذلك مكتسب سمرة الشمس" رجل سكسي و هو يقفز
صة هل رأيتن حاكًما عربّيا يهرول هكذا ؟ ل تسألن أنفسكن ل إلى المن ّمهرو ً
لماذا ! أم هذا الفتى الروسي الرشيق الخطى " الذي يمشي ملًكا " حسب
أّم كلثوم مغٍر في خبث ابتسامته !.
بعضنا عن مبدأ و أخريات عن عقدة زهدن في رجال يصغرّنهن و لو بعام.
فعندما ل نعاني من عقدة المومة ...نعاني من عقدة الب .و أحياًنا نحمل
ل على فائض عروبتنا ،و أنوثتنا ) زيادة الخير ..خيرين (. العقدتين مًعا دلي ً
ي ل تريدعكس نساء الرض ،المرأة العربّية التي ترّبت في مجتمع أبو ّ
جا من كتب التاريخ .لكّنها تعثر على رجل ل خار ًفتياًنا و ل شباًبا ،تريد رج ً
75
جا بشعره الرمادي خارج من العيادات الطبّية ،بحكم أّنها تريده رصيًنا و ناض ً
و همومه الوجودّية.
ل و إلى كذب أكثر.. ب أق ّ
ن الرجل في خريف العمر يحتاج إلى ح ّ غير أ ّ
ب الكبير الذي تهجس به النساء على طريقة المسلسلت التركّية. ينهكه الح ّ
شاقا أوفياء حتى آخر ن يردن " مهّند " و" يحيى " كنموذج لرجال يبقون ع ّ هّ
حلقة من المسلسل.
جا " مكسيكّيا " قادم من مسلسلت ل يعرف فيها أّما الرجل فقد اكتسب مزا ً
من ابن من ؟ و ل مّمن حبلت الشغالة !
ربما كان الحلّ في أن نبدأ بمشاهدة المسلسلت نفسها.
ل تنسي أّنه في هذا العمر غالًبا ما يعاني الرجل من مرض السكري و من
ضغط الدم و من مرض القلب و الروماتيزم و الكولسترول ومن القسور
الكلوي ومشاكل في النظر ومن كآبة منتصف العمر ...و من أمراض رجالية
و ي دواء ،و بين القراص البيضاء وّفر ال علينا شّرها .لكّنه بين جرعت ّ
ل يوم.بكّتلك ( الزرقاء ) يحتاج إلى الوقوع في الح ّ
صة
لق ّ ب كبير ،حّبا بالتقسيط المريح لعتقاده أّنه مع ك ّفهو يفضل على ح ّ
ب يقع في شبابه ! ح ّ
بعض الرجال يسّمون " المطّبات العاطفّية " حّبا .مراوغة منهم للموت و
الشيخوخة و خوًفا من حفرة المطب الخير.
في الحالتين ل مفّر من المطب .كان الصديق صالح العّزاز رحمه ال يقول "
سك بأذناب البقر رمين به في الحفر"! من تم ّ
دعيه إذن للبقر ،أعني البقرات " الفاضلت " " ،الماجدات" ) أل يذّكرك
ي ما ؟ (.
هذا التعبير بزمن عرب ّ
غًدا ) ...و غًدا لناظره قريب ( عندما يسقط هذا المخلوق في حفرة و هو مثل
ط من بقرة إلى أخرى ،سيذكرك بالخير و هو في قاع البئر. السنجاب ين ّ
76
حينها سيتنّبه و قد خانته رجله عند محاولة الصعود أّنه تجاوز عمر الجنون.
ن ل امرأة غيرك كانت و ما عادت تفيد معه أّية أدوية و ل تعاويذ سحرية و أ ّ
قادرة على انتشاله من قاع العمر.
ل تأخذك به الشفقة
ن الحماقة و أ ّ
و أتمّنى أن تكوني يومها قد تجاوزت س ّ
فتمّدين له يد المساعدة.
دعيه حيث هو " .الّلي باعك بالفول ...بيعو بقشور الفول"! تقول أمي!
***
''كلما زاد ايمانك بذكائك سهل على المرأة أن تخدعك''
بيرون
77
ب .استمعي إلى الغاني العاطفّية بك ّ
ل إلى أكبر تجّمع بشري يدين بالح ّ
اللغات.
ل من يبكي حبيًبا له قرابة بك .في دموعه عزاؤك.
كّ
78
سك بالفعى
من يسقط في النهر ..يتم ّ
79
***
يجب استغلل أكبر عدد من النساءالغبيات لنسيان امرأة ذكية
ميشيل أوديار
80
الوفاء في عتمة الغياب
أثناء الغياب الطويل ،و أنت في عتمة السئلة .ستنحازين إلى الخلص
لحبيب تراهنين على عودته ،و تريدين أن تحتفظي له ساعة اللقاء بشهقة
ت في مباهج الدنيا في انتظاره.
أنوثة ،زهَد ْ
ن ل أحد يدري كم دفعت و ماذا الوفاء مكلف ،وحدك تحّددين ثمنه .ل ّ
رفضت و كم انتظرت و هل الذي انتظرته أهل للثمن.
ن ما تكسبينه من إخلصك تأخذين ضعي في العتبار خساراتك .و اعلمي أ ّ
مكافأته من عّزة نفسك أّول .من زهوك بعّفتك فالعفة زينة المرأة .و الوفاء
ب.
تاج الح ّ
ك فيك منل تنتظري امتناًنا من حبيب فقد تفاجئين بعكس ما تتوّقعين .قد يش ّ
أخلصت له كعمياء .و قد يثق آخر في امرأة خانته بذكاء.
الوفاء على أيامنا " شطارة " !
81
صّلي ..ففي سجود قلبك نسيانه
83
صومي ..تنسي!
" يعرف موت القلب بترك الطاعة ،و إدمان الذنوب ،و عدم المبالة بسوء
الذكر ،و المن من مكر ال"
ل تيها.
و أنت تنشدين النسيان ،قد تسلكين طرًقا ل تزيدك إ ّ
تسافرين كي تنسي فتعودي أكثر حزًنا .و تشترين ثياًبا جميلة فل تدرين لمن
ترتدينها .و تقصدين مطعًما و ل شهّية لك للكل .و تلجئين إلى مشعوذ
فُيدخلك نفًقا ل ضوء في آخره.
و ماذا لو كان النسيان في ترك ما ُتقبلين عليه .إّنه أقرب إليك من مكان
تأخذين الطائرة لبلوغه .و أشهى من طعام ما عدت تستذوقينه .و أبقى من
ب سيراك فيه و ينتظرك. ثوب ل ترتدينه لمن تنتظرينه ،و قد يخذلك ،بل لر ّ
هل أجمل من ثوب ل ُيشترى ،بل ُيهدى.
وحده ال يكسو به من اصطفى من عباده فيستر به عيوبهم و يطّهر
ي .بهاء التقوى.
قلوبهم .و يمنحهم ذلك البهاء الستثنائ ّ
الصيام رداء التقياء .ذلك أن النتصار على النفس لّذة المؤمنين و العظماء.
ل أعرف غير الصيام فريضة ،توسع الصدر ،و تقّوي الرادة ،و تزيل
أسباب الهم ،و تعلو بصاحبها إلى أعلى المنازل .فيكبر المرء في عين نفسه.
ل منل شيء في عينه .حالة من السمّو الروحي ،ل يبلغها إ ّ و يصغر حينها ك ّ
يتأّمل في حكمة ال من وراء هذه الفريضة.
الصوم يعيد للشياء قيمتها الولى بحرمانك منها .فمن صام طاب طعامه.
وعل بين الناس مقامه ..و قد كان نابليون يصوم من دون أن يكون مسلًما.
حة جسدّية و نفسّية و تقوية للعزيمة.
فقد كان يرى في الصيام ص ّ
84
ل أوجاع القلب على اختلف أنواعها و أسبابها في هذه الدنيا .أمام كلّ أمام ك ّ
مصاب ،أقبلي على الصيام .كشيء تريدينه و تتمّنينه .ل طمًعا في الثواب
فحسب ،بل رغبة في إسعاد نفسك.
أقبلي عليه برغبة جارفة كمن يقصد نبًعا تتدّفق من عينه مياه مباركة تصنع
خِبَر ِنَعَم الصيام على الجسد و الروح .عاش على ظمأ المعجزات .فمن َ
يستعجل قدوم شهر رمضان .يقوم ليله و يصوم نهاره ..و ل يرتوي من تلك
السكينة و الغبطة التي ينزلها ال تعالى على قلوب الصائمين .أعني
الصائمين بجوارحهم و حواسهم جميعها .هذه السكينة هي بالضبط ما
تحتاجينه في محنتك مع النسيان الذي هو اضطراب نفسي و وجداني ُيفسد
عليك الحياة لشهر.
بالصيام يصل الصبر و الرضى إلى منتهاه .من قاوم جوع جوارحه استقوى
بالحتمال على مطالب قلبه.
ق الفطر ؟ كذلك هي فرحة من فاز بالنسيان هل خبرت فرحة الصائم حين يش ّ
بعد حرمان و صبر.
***
غير ي النوم طيفك على بالي
" عازز عل ّ
الصل و الصوم ما يصّبروا حوالي "
من أغنية لبنانّية أحّبها
85
وصفات لنسيان رجل
" ل ليس أنا ،إّنه غيري من يتأّلم.
مثل هذا اللم ،ما كان في طاقتي و
احتمالــي "
آّنا أخمتوفا
ها هو ذا البحر
بعيونه الزجاجية المستديرة
تلك التي لم تخلق للح ّ
ب
و ل خلقت للبكاء
فما الذي أوصلك إلى هنا؟
دمعتان أمام جدار من الموج أنت
و كّل البكاء على كتف البحر عبث
86
تفّرجي عليه من شرفتك المسائّية
و تعّلمي أن تكتفي بزرقة الشتهاء!
87
ل تبحري بذريعة النسيان نحو الماضي بحًثا في جثث
البواخر الغارقة عن ذكرياتك الجميلة.
في ذلك العالم السفلي المعتم للمشاعر قد تفاجئك
كائنات بحرية مفترسة تترّبص بنزولك دون زّوادة
ل بك ما ح ّ
ل بنزار. الكسجين نحو السفل ...سيح ّ
فيأخذك الموج نحو العماق .و تصيحين " إّني أتنّفس تحت
الماء ..إّني أغرق ..أغرق ..أغرق "..و ل أحد سيستطيع من
أجلك شيًئا.
ل صوت لمن يغرق.
واللي غرق غرق و اللي هرب هرب !
نصيحة:
***
هي بالضبط هذه الغاني السبعة التي عليك أن تنسيها في فترة نقاهتك
ب .أو تلك
جد الح ّ
العاطفّية .لن تجدي أّية سلوى أو مواساة في الغاني التي تم ّ
89
ن ثّمة أمًرا عجيًبا حّقا :عندما تكونين
التي تشكو غدر الحبيب .خاصًة أ ّ
ل الغانيأو تكونين في حالة فراق ) و حالتك حالة ! ( تبدو ك ّ عاشقة
صتك أنت بالذات .و لق ّحتى الكثر سذاجة و كأّنها كتبت لك و ل تحكي إ ّ
على غباء كلماتها ..التي ما كنت تنتبهين لها في الماضي ..ستبكيك ..
إن لم تكوني مازوشّية فاقلعي عن جلد نفسك و رفع ضغطك بما هبّ و د ّ
ب
ب.
من أغاني الح ّ
أّما قّمة الغباء فالستماع إلى الغاني التي كنتما تستمعان إليها مًعا في ذلك
ل مع غيرك. الزمن الجميل .ما أدراك يا حمقاء ربما كان يقضي وقًتا جمي ً
" حسينّية " لتبكيه. بينما فتحت أنت في بيتك
نصيحة:
90
استمعي طبًعا إلى أغاني جاهدة وهبي المرفقة بهذا الكتاب .فقد عملنا على أن
يكون ال CDجزًءا من العلج الذي عليك إتباعه للتعافي من الماضي و
بلوغ النسيان.
يمكنك تناول هذه الغاني على الريق و قبل الكل و بعده ..و قبل النوم و
حال الستيقاظ .و قبل الفراق و بعده .مّدة العلج مفتوحة و ل وجود لّية
صة .لم تسجل أّية أعراض جانبّية عدا حالت بكاء لبعض تحذيرات خا ّ
ن يستمعن لغنية " لك وحدك " أو " صبرت عليك " .لكن النساء و ه ّ
سرعان ما تنسيهن " قبلة النسيان " دموعهن ..و يأخذهن " التانغو " إلى
البهجة !
تعا و ل تجي
ي
و كذوب عل ّ
الكذبي مش خطيي
وعدني إّنو رح تجي
و تعا و ل تجي..
فيروز
91
إعتبري من مليين النساء العربّيات كما الخريات اللئي
أهدرن سنوات من أعمارهن في انتظار عودة
دا ...و منذ الزل.
" الحبيب المنتظر" أب ً
في الساطير و الخرافات وحدها يعود فارس أحلمك
ليسأل عنك.
يمّر بغابة .يرى تلك الجميلة النائمة التي حّلت بها لعنة
ساحرة شريرة .يقّبلها فتستيقظ .لقد أبطلت قبلته مفعول
ن الجميلة النائمة دفعت مئة عام من عمرها السحر .لك ّ
في سبات سحريّ مقابل قبلة.
صة تمّر بسرعة على ذلك الزمن النثويّ المهدور لترّبينا الق ّ
ن
منذ الصغر على النتظار و الستكانة .و على قيمة ما يم ّ
به رجل عليك أثناء عبوره .فقبلة منه تعادل دهًرا بمقياس
النوثة !
في الوديسة تكافأ بنلوب بعودة زوجها أوليس ل لّنها على
مدى خمس عشرة سنة كانت تحيك رداء النتظار في
ك خيوطه ليًل عن وفاء .بعد أن أعلنت لمن النهار و تف ّ
عرضوا عليها الزواج أّنها لن تتزّوج حتى تنتهي من حياكة
ن هذه السطورة ) التي كتبها رجل (، ذلك الثوب .بل ل ّ
أرادت أن تقنع النساء اللئي يمّثلن نصف البشرّية بفضائل
انتظار النصف الخر .انطلًقا من أّنه يحدث للرجال كما
و الحيوانات الليفة أن يتوهوا ..و يصولوا ..و القطط
و يضيعوا في الجزر المسحورة .لكّنهم يعودون يجولوا..
ما لتلك المرأة الساذجة التي أثناء ذلك أهدرت أجمل دائ ً
92
سنوات عمرها في انتظارهم كخطيبة ..أو كزوجة ترّبي
أثناء غيابهم أولدهم و تصون شرفهم .و تحمي بيتهم
ما كما أراد لها هوميروس (. ) تما ً
و إن كانت بنلوب قد سعدت بعودة زوجها بعد خمس
عشرة سنة من النتظار .فأنا أعرف شخصّيا ثلث قصص
جا أسيًرا ،حكم عليه
لنساء عربّيات انتظرن خطيًبا أو زو ً
بالسجن سبع عشرة سنة و عندما أطلق سراحه انفصل
أو المرأة التي ارتبطت به أثناء أسره .ل أريد عن الفتاة
أن أحكم على هؤلء الرجال أو ألومهم ،لعلمي بما يلحقه
السر الطويل من دمار بنفسّية رجل .لكّنني ل أستطيع إّل
أن أتعاطف مع من انتظرنهم لسنوات في سجن الترقب.
يشهد الله سبحانه الذي خلقنا على هذا القدر من الصبر
و الغباء ،أّننا كائنات نذرت عمرها للنتظار حتى نسينا ما
كّنا ننتظر بالضبط في البداية .و حتى نسي من كّنا
ننتظرهم انتظارنا لهم.
طة قطار أو قاعة في ل امرأة مرفأ ً أو مح ّن في قلب ك ّ لكأ ّ
مطار ،تقيم فيها أثناء إقامتها في بيت آخر .فتصفر
القطارات و ترحل البواخر و تقلع الطائرات ويعبر
القادمون و يمضي المسافرون و هي دون وعيها في
انتظار الذي يأتي و ل يأتي...
نصيحة:
93
قليًل من الواقعّية .العمر أقصر من أن تقامري به في
) روليت ( النتظار.
دا .وربما كان هذا أفضل . الذي ل يعود بعد يوم لن يعود أب ً
من أدراك لعل في غيابه من حياتك حكمة الهية ستدركين
لحقا نعمتها .
ل قاعات الترانزيت في حياتك. أّول قرار :إغلقك ك ّ
دا تجلسين و تنسين نفسك عليه .انتظري ل تتركي مقع ً
كرك ركبتاك بنفاذ الوقت ،و نفاذ قدرتك على واقفة كي تذ ّ
الوقوف .فالذي تنتظرينه ربما كان أثناء ذلك ممد ًّدا أو
ما مع غيرك .و قد يكون تزّوج و رزق منها ما .أقصد نائ ً نائ ً
صغيرات و صغاًرا ...أثناء عقد قرانك على النتظار !
***
صة للقفزل في الماضي ،و الماضي من ّ
كثير من الناس يعيشون طوي ً
ل أريكة للسترخاء.
توفيق الحكيم
94
ل تبحثي بعيًدا!
وك ّ
ل شيء أحببت من أجله من كان يشبهه
في المعشوق معشوق
في محاولته لنسيانك لن يذهب أبعد منك .فل تبحثي بعيدا .
إّنه مع أقرب صديقة لك .أو مع عدّوتك اللدود حسب الخيار المتوّفر و حسب
درجة حنينه إليك أو كرهه لك.
في الولى امتداد لك و تنكيل بك .إّنها الطعنة الكثر إيلًما و لو استطاع
لخانك مع أختك أو أّمك.
في الثانية تحالف مع عدّوتك بحًثا عن امرأة تزايد عليه تشويًها لصورتك.
سيسعد لّنها بكرهها لك تطمئنه إلى صواب قراره في التخلي عنك .أو
تخّفف إحساسه بالخسارة إن كنت من تخّلى عنه .في كل علقة نسائية
ل ما يشبهك ...و ما يؤلمك.سيتغّذى بك ّ
ب امرأة من بلدك ..و ربما من إن لم يعثر على هذه و ل تلك .سيسعى لح ّ
و لما ل ..تحترف مهنتك ! مدينتك و من منطقتك لها لهجتك
ستنصب له الذاكرة كمائن في كل امرأة لها شيئ منك أو تذكره بك .سيرى
في ذلك اشارة حب سماوية ,فيلحق بنبي جديد معتقدا انه ارتد بذلك عنك .
في الواقع هو لم يغير ديانته ول مذهبه غير فقط وجهة قبلته .
ل نسخة مقّلدة يهجس بامتلكها!.ل تهتّمي ما دمت الصل لك ّ
95
ل تسقطي عنه ديون انتظارك...
ايزنهاور
96
نصيحة:
97
ل واحًدا في حياتك...
ل تبكي إّل رج ً
المرأة تأتي مرة واحدة في حياة الرجل .و كذلك الرجل في حياة المرأة .و ك ّ
ل
القصص الخرى هي محاولت للتعويض فحسب.
ي رجل هذا الذي تبكين .الصل أم نسخة مزورة عنه .إن كان اسألي نفسك أ ّ
الثاني فسيمكنك ما حييت العثور على نسخ أخرى منه.
ل فراقب حياتك فعزاؤك أّنك لن تعرفي حزًنا بعد حزنه .ك ّ أّما إن كان ح ّ
ل جرح بعد جرحه سيلتئم .لقد دفعت ضريبة العواطف بعده سيبدو صغيًرا .ك ّ
الشاهقة الكبيرة.
98
و بعد هذا الرجل ل رجل سيستطيع الوصول بك حزًنا إلى مشارف الموت.
وهذا في حد ذاته خبر يستحق التفاؤل .أنت لن تبكين بحرقة سوى رجل
واحد في حياتك .
* * *
أن تكون أول حبيب للمرأة ..ل يعني شيئا ’ ينبغي أن تكون حبيبها الخير
ففي ذلك كل شيئ .
دوناي
100
رجاء ...أوقفي المجزرة .ل تدّمري بيدك أجمل ما أهدتك الحياة من ذكريات.
ل تتراشقي معه بالكريات المحرقة للغيرة .إّنه الرجل الذي أحببت .الذي كان
أنت ،قبل أن. ....
فليكن ،دعيه يمضي بسلم .ستحكم بينكما الّيام.
و قاومي في هذا الموقف بالذات اختبري طينتك ،قّوي إرادتك..
نزعتك النثوّية للشراسة حتى و إن كانت السباب محض هرمونّية!
جه إليهمسسون علينا بين الصفحات .سأتو ّ بما أنني أشتّم رائحة رجال يتج ّ
ضح أن عدوانّية المرأة ل تعود غالًبا لمزاجها السيء بل ل ّ
ن مباشرة لو ّ
ب المرأةب يجعلها كذلك .و هذا حسب دراسات علمّية تجزم أّنه عندما تح ّ الح ّ
ترتفع لديها نسبة هرمون " التستوسيترون " الذكري المرتبط بالنزعة
العدوانّية ) .ربما نّبهكم هذا الكتشاف إلى عدم الّثقة بامرأة تلطفكم و
و طمأنكم بالمقابل لصدق ل شيء. تسايركم و توافقكم على ك ّ
عواطف نساء بطباع عربّية شرسة ! (
ب تتراجع ن الرجال حين يقعون في الح ّ صلت إلى أ ّ هذه الدراسة نفسها تو ّ
لديهم مستويات " التستوستيرون " إّياه فيصبحون لطفاء و رقيقي المشاعر و
س .و قبل أن تصدر هذه الدراسة .كان رولن بارت عاطفّيين .و مرهفي الح ّ
ي ".
ب الرجل يدخله العنصر النثو ّ قد قال " عندما يح ّ
ل أصبح فجأة عنيًفا و ذكورّيا في معاملته لنا هو ن رج ًهل علينا أن نستنتج أ ّ
رجل توّقف عن حّبنا ؟
ن امرأة ما عادت ترّد على رسائلهم الهاتفّية و هل على الرجال أن يدركوا أ ّ
بعنف و شراسة بل بأدب و لطف .هي امرأة قّررت أن تهدي شراستها لرجل
آخر ؟
ب أصدق ب المضاد الذي تشهره عليه امرأة .ل يكون الح ّ ليسعد الرجل بالح ّ
ل ّلحظة يطلق فيها عليك نار الكلمات كيفما اتفق. منه إ ّ
101
ن القتيل سيكون هو المتمّني
جه الطلقات لصدر رجل غيره .لك ّ ذات يوم ستتو ّ
طلقة تحييه ..لول أّنه سبق للنسيان أن قتله في قلب تلك المرأة !
* * *
عندما تكره المرأة رجل لدرجة الموت ..فاعلموا أنها كانت تحبه لدرجة
الموت .
مارك توين
102
كما ينسى الرجال
فرانسوا مورياك
103
عاودتني تلك المنية ذاتها :ليت صوتها يباع في الصيدليات لشتريه .إنني
أحتاج صوتها لعيش .أحتاج أن أتناوله ثلث مرات في اليوم .مّرة على
ي الحزن أو الفرح كما الن.
الريق ،ومّرة قبل النوم ،ومّرة عندما يهجم عل ّ
ب في
ي علم هذا الذي لم يستطع حتى الن أن يضع أصوات من نح ّ أ ّ
أقراص ،أو في زجاجة دواء نتناولها سّرا ،عندما نصاب بوعكة عاطفّية
بدون أن يدري صاحبها كم نحن نحتاجه.
عابر سرير
إن كان سلح المرأة دموعها .أو هكذا يقول الرجال الذين ما استطاعوا
الدفاع عن أنفسهم بمجاراتها في البكاء .فقد عثر الرجل على سلح ليس
ضمن ترسانة المرأة .و ل تعرف كيف تواجهه لّنها ليست مهّيأة له في
تكوينها النفسي .لذا عندما يشهره الرجل في وجهها يتلخبط جهاز اللتقاط
طل رادارها .إّنها تصاب بعمى النوثة أمام الضوء الساطع لديها و يتع ّ
لرجل اختار أن يقف في عتمة الصمت.
ل امرأة تستطيع تفسير صمت رجل .و ل الجزم بأّنها تعرف تمامًا محتوى
ب عًمى آخر في الرسالة التي أراد إيصالها إليها .خاصة إن كانت تحّبه .فالح ّ
ف عن حّبه فل صمته و ل كلمه يعنيانها و هنا قد حّد ذاته ) .أّما عندما تك ّ
يخطئ الرجل في مواصلة إشهار سلحه خارج ساحة المعركة على امرأة
ن بعض من يعاني من هو نفسه ما عاد موجوًدا في مجال رؤيتها ! ( كما أ ّ
طا يريد به جلدك فيجلد به نفسه. ازدواجّية المشاعر يغدو الصمت عنده سو ً
تكمن قوة الصمت الرجالي في كونه سلح تضليلي .إنه حالة التباس كتلك
البدلة المرقطة التي يرتديها الجنود كي يتسّنى لهم التلشي في أّية ساحة
ي فضاء يتحّركون فيه.
للقتال .إّنهم يأخذون لون أ ّ
إّنه صمت الحرباء ..لو كان للحرباء صوت .تقف أمامه المرأة حائرة.
تتناوب على ذهنها احتمالت تفسيره بحكم خدعة الصمت المتدّرج في ألوانه
من إحساس إلى نقيضه.
105
صمت العشق ..صمت التحدي ..صمت اللم ..صمت الكرامة ..صمت
الهانة ..صمت اللمبالة ..صمت التشفي ..صمت من شفي ..صمت الداء
ضا به ..صمت من يثق أّنه وحده العشقي ..صمت من يريد أن يبقيك مري ً
يملك دواءك ..صمت من يراهن على أّنك أّول من سيكسر الصمت ..صمت
من يريد كسرك ..صمت عاشقين أحّبا بعضهما حّد النكسار ..صمت
النتقام ..صمت المكر ..صمت الكيد ..صمت الهجر ..صمت الخذلن..
ل الحزان ..صمت التعالي.. صمت النسيان ..صمت الحزن الكبر من ك ّ
صمت من خانك ..صمت من يعتقد أّنك خنته و يريد قتلك بصمته ..صمت
من يعتقد أّنك ستتخّلين عنه يوًما فيتركك لعراء الصمت ..الصمت الوقائي..
الصمت الجنائي ..الصمت العاصف ..و الصمت السابق للعاصفة ..صمت
و ب..
النصهار و صمت العصار ..الصمت كموت سريري الح ّ
ب ينصهر فيه عاشقان حتى الموت ..الصمت الذي الصمت كسرير آخر للح ّ
ليس بعده شيء ..و الصمت الذي ينقذ ذلك "الشيء" و منه تولد الشياء
ب.
و أبدّية بعد أن طّهرها الصمت من شوائب الح ّ مجّددا جميلة و نقّية
الصمت اختبار ،طوبى لمن نجح فيه مهما طال .إّنه يفوز إذن بالتاج البدي
ب ..أو بإكليل الحرّية.
للح ّ
نصيحة
تعّلمي أن تمّيزي بين صمت الكبار و الصمت الكبير .فصمت الكبار يقاس
بوقعه ،و الصمت الكبير بمّدته.
الكبار يقولون في صمتهم بين جملتين أو في صمتهم أثناء عشاء حميم ما ل
ن الصمت يحتاج في لحظة ما يقوله غيرهم خلل أشهر من الصمت .ذلك أ ّ
أن يكسره الكلم ليكون صمًتا.
106
أّما الصمت المفتوح على مزيد من الصمت ،فهو يشي بضعف أو خلل
ي ما يخفيه صاحبه خلف قناع الصمت خوًفا من المواجهة .وحده الذيعاطف ّ
يتقن متى يجب كسر الصمت .و ينتقي كجوهرجي كلماته بين صمتين يليق
به صمت الكبار.
تعّلمي الصغاء إلى صمت من تحّبين ،ل إلى كلمه فقط .فوحده الصمت
يكشف معدن الرجال.
107
ذات يوم دون إنذار سيعلن عليك الهاتف الضراب العاطفي المفتوح ..و بعد
ل أطباق الشواق الدسمة .التي كان يمّد موائدها لك حّد بوكّ و لئم الح ّ
إصابتك بالتخمة و بالطفرة العاطفّية .عليك الن أن تختبري " الريجيم
و " الطفرة " بما تعنيه الكلمة لبنانّيا. الهاتفي "
ي فقيرة إلى " يونيت " هاتفّية واحدة منه تسّدين أنت طفرانة و جوعانة ..أ ّ
ل ليلة على جوعك .تطبخين حصى المنيات كما تلك بها رمقك .ستنامين ك ّ
العرابّية ،كي تغفي.
أنت ل تملكين القّوة بعد و ل تدرين كم ستدوم مّدة تجويعك ..و إعلن
الحصار الغذائي عليك .لكي تأخذي قرار أن تكوني من يسحب المصل
الهاتفي الذي عشت معّلقة إليه أشهًرا ،و تّم إغلقه بنّية قتلك.
لكن مع الوقت ستستيقظين ،و تأخذين قرار اقتلع ذلك المصل الموصول
بقلبك .و تعودين إلى الحياة ..ببعض الضمادات حيث كان موقع الجرح .و
ترفضين الحياة تحت رحمة دّقة هاتفّية.
برافو يا شاطرة .لم يخلق الرجل الذي يهديك " دّقة الرحمة " كنوع من
الموت الرحيم.
ليذهب إلى الجحيم!
***
108
تلك اللة التي تهيننا
ق"
ب هو هاتف ل يد ّ
"في القرن العشرين الح ّ
قول لكاتب فرنسي
و ماذا لو أن المشكل بدأ يوم نسي الناس في هذا الزمن المسرع المجنون لغة
العيون .التي كانت لغة النسان الولى لنقل أحاسيسه للخر .حتى في الفلم
ما عاد الناس ينظرون إلى بعضهم البعض مطّول تلك النظرات المؤثرة..
السرة.
" الممّثل أذكر الصديق الكبير نور الشريف الذي قال لي مرة
الحقيقي هو الذي تقول عيناه الجملة قبل أن يلفظها..حتى أّنه أحياًنا ل يحتاج
إلى قولها " .لكأّنه كان يتحّدث عن العاشق.
اليوم بالذات قرأت مقابلة للمخرج المريكي الكبير ستيفن سبيلبرغ يقول
فيها:
" يوم نتوّقف عن الكلم بالعيون .ستكون نهاية المجتمع " .أنكون انتهينا لّننا
و لغة النترنت و نتبادل بدأنا نتكّلم لغة التلفون ..و لغة التلفزيون
و التلفزيونّية ..و من خلل " الشواق عبر الرسائل الهاتفّية
الشات " .دون أن نرى عيون من نتحّدث إليه .و ل هو يرى عيوننا .جميعنا
عيوننا على الشاشة .و قلوبنا جميعها معّلقة بجهاز يتحّكم في مزاجنا و
أحاسيسنا .
109
ب اليوم "إثنان ينظران في التجاه نفسه" بل اثنان .ما عاد تعريف الح ّ
ب .بل
ينظران إلى الجهاز نفسه .و ل صارت فرحتنا في أن نلتقي بمن نح ّ
في تلّقي رسالة هاتفّية منه.
ماتت الحاسيس العاطفّية الكبيرة .بسبب تلك "الفراح التكنولوجّية"
الصغيرة التي تأتي و تختفي بزّر منذ سّلمنا مصيرنا العاطفي لللت.
انتهى زمن النتظار الجميل لساعي البريد.
صندوق البريد الذي نحتفظ بمفتاحه سرا ,ونسابق الهل لفتحه .
الرسائل التي نحفظها عن ظهر قلب و نخفيها لسنوات .العذار التي نجدها
لحبيب تأخرت رسالته أو لم يكتب الينا .
اليوم ندري أن رسالته لم تته ..ول هي تأخرت .
بامكاننا أن نحسب بالدقائق وقت الصمت المهين بين رسالة ..والرد عليها !
111
ك طلسمها و مساءلة أصغر ذا أشكاًل عجيبة .عليك ف ّ آخ ً
و نتوءاتها. تفاصيلها
در الله مع من؟ "" أين اختفى المخلوق؟ " " ،و ل ق ّ
أو اقلبي فنجان قهوتك و سائليه " متى تنقلب اليام عليه
فيعود ؟ " ..و لن ل دراية لك بالخلطات السحرية و لم
ما الجوبة فهي في علم ن الله عليك إّل بالسئلة ..أ ّ
يم ّ
و لدى أطباء علم النفس الرجالي .فستقضين الغيب
ل كلمة قالها أو قلتها خلل آخرما منهمكة في استعادة ك ّ أيا ً
اتصال هاتفي .عساك تعثرين على " كلمة السر " التي
اختفى بعدها عن مجال الرؤية.
يلزمك الصندوق السود الذي وحده يحمل سّر اللحظات
ل كارثة جوّية .هل السبب خطأ " إنساني " الخيرة في ك ّ
ب؟أم " خلل تقني " في اختلل العلقة ؟ نفاذ وقود الح ّ
ب آخر تخبئه لك أم له اليام ؟ الصطدام القدري بح ّ
نصيحة:
ما
ل تستنزفي نفسك بالسئلة كوني قدرّية .ل تطاردي نج ً
هارًبا فالسماء ل تخلو من النجوم.
ب القادم كان من نصيبك القمر ! م ما أدراك ربما في الح ّث ّ
112
دعي هذا الرنب يهرب!
114
الرجل ..هذا الكائن الذي ل يعتذر!
في المور العظيمة يتظاهر الرجال كما يحلو لهم .و في المور الصغيرة
يبدون على حقيقتهم.
شامبور
115
ضا العاشق
ي أي ً
ل حاكم عرب ّ
و شكوكه ،فكك ّ ظنونه و مخاوفه الرجالية
ل المكائد ،و الخيانات من أقرب" مشكاًكا " و ل يتوّقع إ ّ العرب ّ
ي
الناس إليه.
توّقعي أن يقاصصك أسابيع طويلة و أشهًرا إلى أن تستسلمي راكعة له.
نصيحة:
ظف ضّدك .أصمتي ...ل تقسمي أو تبكين فتضعي نفسك ل دفاع منك سيو ّكّ
في موقف المتهم.
ق و أّنك مذنبة.
أنت تؤّكدين له بتصرّفك هذا أّنه على ح ّ
صة أن ل جدوى من الكلم .ل شيء مّما تقولينه سيصّدقه .هل يصّدق خا ّ
طاغية من يقول له أّنه يحّبه ويخلص في حبه ؟
ابتعدي عن رجل ل يملك شجاعة العتذار ,حتى ل تفقدي يوًما احترام
نفسك و أنت تغفرين له إهانات و أخطاء في حّقك ،ل يرى لزوم العتذار
عنها .سيزداد تكراًرا لها ..و احتقاًرا لك.
لو عرف الرجال عظمة رجولة تعترف بالخطأ ،لتجّملوا بالعتذار.
+بهذه الصفة بالذات يقاس السمّو الخلقي لرجل ،يرى في اعترافه بالخطأ
صا من كرامته. فضيلة ل إنقا ً
116
ب و إّنما النسيان هو رجل حياتك
ليس الح ّ
ب"
ب يقتل الوقت ..و الوقت يقتل الح ّ
"الح ّ
118
بلى ..أنت تستطيعين ذلك
“”Yes we can
يييييي ييييييييي
ييييييي
119
الحرية هي صرامتك في محاسبة الذات و رفضك تقديم
حسابات لرجل يصّر أن يكون سّيدك و عزرائيلك الذي
ل أخطائك و ل علم لك بخطاياه. يملك جردة عن ك ّ
تعّلمي أن تفّرقي بين القيود و الصفادُ .أرفضي الخيرة
حتى و إن جاءتك من ألماس ) كتلك التي أهداها أحد
صا له مطابقة للصفاد ممت خصي ً الثرياء إلى حبيبته و ص ّ
التي يضعها البوليسي في معصم الجناة (.
فقبولك بها و لو عشًقا للحبيب ستقودك إلى دخول
معسكرات العتقال العاطفي بشبهات ل علم لك بها،
جانك.شش في رأس س ّ تع ّ
مره .لّنه ليس دليًلب بل يد ّ
ن القيد ل يحمي الح ّكري أ ّتذ ّ
جانك ذات يوم عليه بل دليل شك فيه .و أّيا كان ولعك بس ّ
ستكسرين قيده.
و ل بد ّ للقيد أن ينكسر فل بد ّ لّليل أن ينجلي
ما أراد الحياة ".
قال الشابي في رائعته " إذا الشعب يو ً
120
!أدركونا بفيل
"علمتني الدنيا
أن ليس كّل الّذئاب أعداء
و ل كّل العصافير أصدقاء
و ل كّل الرانب أليفة،
و ل كّل السود مفترسة
أن ليس كّل الطفال أنقياء،
و ل كّل الّثعالب ماكرة
و ل كّل العقارب ساّمة،
و ل كّل الكلب أوفياء"
121
السيدا .فأيّ قيمة لمثل هذا الخلص ؟ وحده إخلص
ي .إّنهم مخلصون من الطراز الّول .لّنهم الصوفيين حقيق ّ
و يدركون ضعفهم و يعزمون على الصمود .و هذا أروع
أرقى أشكال الخلص ".
مليين النساء في العالم يحلمن بأن يلتقين بهذا الصوفي
ل نساء الرض .و الذي ل يهجس سوى بامرأة الزاهد في ك ّ
واحدة .تلك التي اختارها حبيبة لمدى العمر.
ن بينهم سادة في الوفاء. و حتى ل نظلم الرجال نقول أ ّ
رجال أوفياء كأنبياء لرسالة .جميلون في تعّففهم .كبار في
ن تلك العواطف الكبيرة توّلد لديهم عواطفهم .لول أ ّ
ضا .إّنهم ل يثقون في عواطف الطرف كا كبيرة أي ً شكو ً
صا و تزيد.
ن امرأة قد تضاهيهم إخل ً الخر .و ل يتوّقعون أ ّ
هؤلء -مع السف -غالًبا ما يصنعون عذابهم بأنفسهم
م ينطفئون من الداخل إلى البد، ب حياتهم .ث ّ و يخسرون ح ّ
ب الكبير .و يأبى قلبهم القبول بفتافيت لّنهم خلقوا للح ّ
العواطف .هم ليسوا عصافير إّنهم نسور .فالنسر هو
الحيوان الخر اّلذي يكتفي بأنثى واحدة و يبقى مخل ً
صا لها
ما دام حّيا.
إن أهدتك الحياة هذا الطائر النبيل حبيًبا .إّنها فرصتك
ب الكبير .حافظي عليه بالصبر على لتعيشي أسطورة الح ّ
ذبي شكوكه بالوفاء .اخلصي له مهما طال ظلمه .ك ّ
ما.
الفراق .فالطائر النبيل يعود دو ً
ما إن لم تضع الحياة في طريقك سوى الخونة و الكاذبين أ ّ
من الرجال ..فأحّبي فيًل !
122
صحيح أّنك ستحتاجين للسفر إلى الهند أو إلى أفريقيا
للعثور على نصفك الخر .لكن هل أنت واثقة من العثور
ي حيث أنت .فالوفاء في تناقص و غوايات على رجل وف ّ
الخيانة في ازدياد.
م أنت مع الفيل تضمنين إلى جانب إخلصه عدم نسيانه ث ّ
لك .فالذاكرة هي الصفة الولى التي يعرف بها الفيل
) و هو ما ل يتوّفر في النسر (.
وري كم أنت محظوظة .بإمكانك أن تباهي أمام تص ّ
ي لن ينساك مدى صديقاتك بأّنك عثرت على مخلوق وف ّ
الحياة ،تهجس به جميع النساء !
أليس النسيان مأخذنا الّول على الرجال ؟
دقيني ل أرى غير الفيل لتحقيق مطالبنا ..أعني في ص ّ
حدود " إمكانياته " التي لن نذهب حد ّ مطالبته باستعمالها
جميعها !
نصيحة:
123
إّنهم يختلفون فقط في الفصيلة التي ينحدرون منها.
تجدين بينهم الحصان و الطاووس و الثعبان و الدولفين و
ط و الفيل وو العقرب و الكناري .و الكلب و الق ّ الثعلب
و السد و الرنب و الفأر و الخنزير .و عليك الزرافة
ل واحد قبل أن تتعّرفي على الجزئّيات الحيوانّية التي في ك ّ
أن تسّلميه نفسك .و قبل حتى أن تسّلمي عليه .ربما كان
صة ينقّ بها في المستنقعات ! عا وصنع من سلمك ق ّ ضفد ً
و ربما خلته نسًرا و إذا به من فصيلة العقبان و الجوارح
التي تترّقب لحظة نهشك.
و ربما خلته دولفين و رحت تسبحين معه و تلعبينه و إذا
كيها للنقضاض عليك .و ربما خلته به سمكة قرش تفتح ف ّ
ول كلًبا و إذا به ذئب .أو ظننته ق ّ
طا سيماوّيا و إذا به يتح ّ
حش. في بيتك إلى أسد متو ّ
ما علينا أن نتعّلم علم الفراسة ..و نتابع بدل قناة صار لزا ً
صة بالحيوانات حتى ل نخطئ في الجزيرة القناة المخت ّ
اختيار "حيوان" حياتنا.
كفانا صدمات !
124
كمائن الذاكرة
'' الذاكرة أحسن خادم للعقل ،والنسيان أحسن خادم للقلب ''
125
هل تريدين النسيان حًقا؟
126
ي أّنك تريدين استبدال الذاكرة بالنسيان ،الذي هو جسم غريب
أّية ذكريات .أ ّ
عنك .لذا سيرفضه جسمك في البداية .و تبدو عليك أعراض مرض عضوي
و نفسي يرافق مثل هذه الحالت.
إن نويت على النسيان أدخلي المعركة و أعطي الوقت وقًتا .يحدث للجسم أن
ينسجم حتى مع قلب اصطناعي يخفق فيه .ما أدراك ربما كنت أّول عربّية
تنجح معها التجربة !
***
127
ب ،و أحد مقاييسه. ذات الح ّ ن العطاء أحد مل ّإ ّ
عندما يحبك رجل -أعني عندما يعشقك -يود ّ لو اقتسم
ل ما يملك و غدا ضيًفا ل ما هو له .بل لو منحك ك ّ معك ك ّ
عليك لعتقاده أّنه يقيم فيك و ل عقارات له في الدنيا
سواك.
ن يده تسابق قلبه .فيمنحك في البعض يفوق كرمه جيبه .ل ّ
أيام ما ل يمنحك آخر في سنوات .سيصعب عليك نسيان
رجل كريم ( .كما يصعب على رجل نسيان امرأة كريمة (.
كرك أّنه ترك شيًئا من قلبه في ك ّ
ل ل الشياء بعده تذ ّ ستظ ّ
ما هو حولك .و أّنه لم يقصد بسخائه رشوة قلبك بل
إسعادك لفرط سعادته بك.
ي
لم تكن لهداياه مناسبة .المناسبة كانت المتنان اليوم ّ
للحياة التي وضعتك في طريق قلبه .لكأّنه يريد تطويقك
دا سواه أو شيًئا إّل منه سواًء غل أو كي ل تلمسي أح ً
رخص سعره.
ل هم يشغلك. ل شيء عنك ،ك ّ لكأّنه يريد أن يحمل ك ّ
ل شيء حولك ،ل سد ّ يقف لفرط تدّفقه سيفيض على ك ّ
في وجه رجل يحّبك بجنون .أخطر ما في هذا الرجل أّنه
ب .ل بمقياس جيبه بل بمقياس سيصبح عندك مرجًعا للح ّ
قلبه .فالهدّية بقدر ما يبذل فيها المرء من نفسه ،ل بقدر
ما ينفق فيها من ماله .و ستتساءلين إن كان الذين مّروا و
لم يتركوا خلفهم شيًئا تلمسينه يشهد بمرورهم ببيتك و
و بمواسم أعيادك قد أحّبوك حّقا. بخزانة ثيابك
128
نصيحة:
***
ب"
مة براهين ح ّ
بث ّ
مة ح ّ
"ليس ث ّ
130
بالزاك
131
و قد تشفقين عليهما ..و تقّررين النتحار نكاية فيه تاركة خلفك رسالة ولء و
وفاء لجلدك ،عساه يشقى بموتك بقّية أيامه.
سا على جنونك به .لكن أنت التي ل ملمو ً هذه أمنياته غير المعلنة .إّنه يريد دلي ً
كنت مجنونة به حّقا ستستعيدين قواك العقلّية أمام هذا التحدي.
ل " قيس " هّمه البحث عن مجنونة ! على أيامنا ما عاد قيس هو المجنون ..ك ّ
" رّبي يكّتر المهابل حتى يعيشوا الفاهمين " ! تقول أّمي.
ذى شّره من ن حّبا يتغ ّ
كري أ ّ بسرعة استعيدي عافيتك .تذ ّ
مه من صبرك ليس حّبا إّنه حالة مرضّية. خيرك و س ّ
132
عطر النسيان
133
عبرت أو غادرت لتّوها المجلس مّما تركته خلفها من شذى .ربما علينا أن
ي حّد عطرنا ل يشبه سوانا.
نجّرب هذه الخدعة لنعرف إلى أ ّ
في سعيك إلى نسيان رجل ل تنسي أن تغيري عطرك الذي كنت تضعينه من
أجله .اهدي صديقاتك عطر ذاكرتك العاطفّية ..السابقة .تخّلصي منها كي ل
تستقوي عليك القوارير ..حتى بحضورها الصامت ،تطالبك ..به.
إن وفاءك لعطر كنت تضعينه على أيامه هو وفاء غير معلن له .و قبولك
باستحواذه على حواسك حتى بعد انفصالك عنه.
ب عطر جديد .هذه الفكرة في حّد ذاتها ستفعل مفعو ً
ل عليك أن تقعي في ح ّ
سحرّيا عليك .و تقنعك أن ثّمة شيء انتهى .و أن آخر سيجيء و سيكون
شة الولى .تماًما كنظرة أولى.
له شذى عطر يعلق بك منذ الر ّ
ل تنسي أن تستعّدي لحدث اختيار عطرأيامك القادمة بارتداء أجمل ثيابك و
أحلى اكسسواراتك.
ب جديد .و ق أن تتجّملي لها .أنت على موعد مع عطر ح ّ +المناسبة تستح ّ
ل يجّمل ب .عليك أن تخترعي للغياب عطًرا جمي ً حتى إن لم يجيء الح ّ
انتظارك.
ل أحلى عطر و أروعه على الطلق ذاك الذي اخترعه GERLAIN يظ ّ
صاحب الماركة الشهيرة التي تحمل اسمه .حين في الربعينات من القرن
ب منالماضي ابتكر عطًرا لمرأة واحدة ..و لليلة واحدة يهديه لمن أح ّ
النساء] .كنت أعتقد أّنه بذلك يهديها العطر الفريد للحب ،كمثل فستان زفاف
يصنع على قياس امرأة لُيرتدى مرة واحدة .الن أتساءل ماذا لو كان يهديها
عطر النسيان؟
عطر ل وعود له .ل مستقبل .ل التزامات .عطر ل ذاكرة له .كشهرزاد
يتوّقف بوحه عند الصباح .من مزاياه غير المعلنة أّنه يخذل ذاكرة الرجل و
يعيده إلى عطر امرأته الولى.
134
***
135
صهيل قارورة فارغة من عطره
ل الحواس تعمل عميلة لدى الحبيب .تستحضره في الغياب .تطالب به. كّ
ل النظر و الشم هما رؤساء ي دخيل فتنحاز إليه .لكن يظ ّتفاضل بينه و بين أ ّ
جل الحدث .إ ّ
ن " عصابة الخمسة " .إن كانت خليا دماغّية هي التي تس ّ
النظر و الشّم هما الحاستان اللتان تكّرسان الذكرى أما أشرس العملء و
أخبثهم هو النف.
ن " الشّم هو حاسة الذاكرة " .نزارلم يخطئ مارسيل بروست حين قال أ ّ
قباني في تعليقه على قول محمود درويش " و رائحة البن جغرافيا " يرى
ضا بالنف. ن محمود درويش يستعيد أر ً كأ ّ
هكذا هو النف دوًما بإمكانه أن يستعيد حبيًبا ،أن يستعيد ذكرى ،أن يستعيد
مدينة بفضل ذلك الشيء اللمرئي الذي ل نستطيع منعه من اجتياحنا .من
أو رائحة ؟ يستطيع شيًئا ضّد عطر
ش أشرعة باخرتها بالعطر ..حتى يبقى خيط العطر سلطة .كانت كليوباترا تر ّ
عطر خلفها يشهد أن ملكة ل تشبه النساء مّرت من هنا.
136
العطر مكيدة ..كانت جوزفين حين تغادر القصر واثقة أن نابليون سيستقبل
ل أسير ذكراها.ش جدران غرفته بعطرها حتى يظ ّ امرأة غيرها .تر ّ
العطر قصاص مستقبلي .إّنه يوقظ عبق الذكريات .العطر ل يرأف بك .إّنه
أكثر الحواس إجراًما عند الفراق.
حتى قارورة عطر فارغة .قد تتحّول حين فتحها إلى قنبلة تنفجر فيك .تشّلك.
في غياب صاحبها .صهيل عطره الذي بقي بعده عالًقا بزجاجها يغدو عطًرا
مشحوًنا بالذكريات ينقصه كيمياء صاحبه لينطق.
يا لقارورة ثملة بما فرغت منه.
أكبر متحالف مع الذاكرة .هي تلك القارورة الفارغة من الذكريات .أو
بالحرى التي توهمك بفراغها.
ل تحتفظي بعطر رجل ما عاد في حياتك .و ل ترتكبي حماقة مواصلة شراء
شي عطره عليك كّلما عطره لتوهمي نفسك بوجوده ،إّنك تشترين ألمك .أو تر ّ
ل للعطور في مدينة ..أو في مطار .كما تفعل صديقة حمقاء دخلت إلى مح ّ
ش عطره قبل أن ل مطار تقصد السوق الحرة .تر ّ تعمل مضيفة طيران .في ك ّ
ل مطار ..ليطير معها !تطير .لتوهم نفسها أّنه ينتظرها في ك ّ
أّول شيء عليك إبعاده تماًما من حياتك ،هو هذا العطر بالذات .ذلك أّنك إن
وضعته تكونين قد استحضرت صاحبه كما تستحضر الرواح الشوق إليه
ب حينها على دفعات كعطر .ينفذ إلى خلياك يوقظ نسيانك .يهزمك. سيه ّ
***
137
أحبطي مؤامرة عملئه!
أعترف .كتبت هذا الكتاب لممازحة النسيان .ذلك أّننا ل نستطيع منازلة
الذاكرة بجدّية .هي تملك أسلحة ل قدرة لنا عليها.
ن لها عملء يقيمون فينا .يديرون شؤونها لحساب تهزمنا الذاكرة ل ّ
ل عنده .البعض ل حواسك تعمل عمي ً حبيب .يتآمرون علينا لصالحه .ك ّ
بمرتبة ضابط اتصال.
ل 5لدى عرفات له منهم ثلثة و لي اثنان" و إذا كان بيغين يقول " ك ّ
ل خمسة مقربين لعرفات استطاعت كانت اسرائيل بعميلين اثنين من ك ّ
نسف القضّية الفلسطينّية .فما بالك إن كان الخمسة جميعهم عملء .و
ل حرب يقيمون فيك ،و يعملون لصالح رجل غريب يقول أّنه حبيب .في ك ّ
كسبتها إسرائيل ،ما كانت لتنجح لول توّفر الخونة و الجواسيس .حواسك
ل قصص توّفر لحبيبك النتصار عليك .تكتشفين ذلك متأخًرا كما في ك ّ
الجاسوسّية.
فقط عندما تحاولين نسيان رجل .يكشف العملء عن وجوههم .أنت لست
في حرب ضّد رجل .بل ضّد جيش من --KGBو - CIAو
GESTAPOالهتلرّية .لقد تركهم يخوضون الحرب نيابة عنه داخلك و
مضى.
138
إّنهم يقيمون في نخاعك الشوكي .في دورتك الدموّية في الشبكة البصرّية
لعينيك في خياشيم أنفك و في مسام جلدك.
ما الفرق بين الحبيب و بين المحتل إذن .لقد أقام فيك مستوطنة في مساحة
كيانك.
هو بصرك و شّمك و نظرك .هو ما تتفّوهين به و ما تهذين حين تصمتين.
هو جلدك فكيف جلدك تخلعين .هو خلياك و مسامك .هو شيطان أرقك..
و إله نعاسك .هو السّم الذي تتناولينه على مدار النهار خارج الوجبات .و
هو الوجبة التي تقتاتين بها لتبقي على قيد الحياة.
حواسك الخمسة مجّندة على مدار الليل و النهار لتدافع عنه تطالبك
بإحضاره من السماء أو من تحت الرض.
أكبر فاجعة عندما تدخلين معركة النسيان اكتشافك أن حواسك خانتك .و
ن العاطفي " من جسدك أن تعلني أن عليك إن شئت إخراج هذا " الج ّ
الحرب على نفسك .أن تقولي " ل " بملء صوتك .لحاسة تذّكرك بعطره.
و أخرى بصوته .و أخرى بمذاق قبلته و أخرى بلمسته .و أخرى بطّلته..
بمشيته ..بضحكته ..بجلسته ..بثيابه.
إّنك باختصار تخوضين حرًبا عالمّية بمفردك ضّد جيوش قّوات الحلفاء
مجتمعة !.
كان ال في عونك ..يا مرا !
ل الذين تصادفينهم في الحياة خاضوا مثل هذه برغم هذا ل تيأسي ج ّ
المعارك و انتصروا فيها ..تقريًبا !
ذكرياتي ..يا ذكرياتي
139
بوري سفيان
صا أحببته لسنوات ،ل يعني أّنك محوته من ذاكرتك .أنت فقط أن تنسي شخ ً
ل يوم بك ّ
ل غّيرت مكانه في الذاكرة .ما عاد في واجهة ذاكرتك .حاضًرا ك ّ
ل حين .غدا ذاكرتك أحياًنا .المر يتطّلب أن تفاصيله .ما عاد ذاكرتك ك ّ
يشغل آخر مكانه ،و يدفع بوجوده إلى الخلف في ترتيب الذكريات.
ذلك أن الذكريات ل تموت .هي تتحرك فينا تخبو كي تنجو من محاولة قتلنا
لها .ثّم في أّول فرصة تعود و تطفو على واجهة قلبنا .فنختفي بها كضيف
افتقدناه منذ زمن بعيد و مّر يسّلم علينا و يواصل طريقه.
الذكريات عابر سبيل ل يمكن استبقاؤها مهما أغريناها بالقامة بيننا.
هي تمضي مثلما جاءت .ل ذكريات تمكث .ل ذكريات تتحّول حين تزورنا
و ألمنا حين تغادرنا .إّنها ما نجا من إلى حياة .من هنا سّر احتفائنا بها.
حياة سابقة.
ليس بإمكان أحد الدعاء أّنه من يتحّكم في ذكرياته .و ل هو يحتاج أن يبحث
عنها في الزوايا خلف عنكبوت الزمن .هي التي تتحّكم فيه ..و هي التي
تبحث عنه حين تشاء.
يؤكد رأيي هذا ،كتاب المحّلل النفسي باتريك استراد " هذه الذكريات التي
تحكمنا " حين يقول " الذكريات تمّثل بشرة جلدنا الداخلّية و تصوغ
شخصّيتنا من دون أن ندري .الذكريات التي نتذكرها في مناسبات معّينة هي
ل لكثير من المشكلت التي تصبح حياتنا". مفتاح الح ّ
بالنسبة للمؤلف الذكريات ل تقيم فينا بل هي تغّلف حياتنا .فهي تمّثل بشرة
ل ما حولنا من أشياء نحيط أنفسنا بها .ما نلمسه ما جلدنا الداخلية .إّنها ك ّ
خنا !
نلبسه ما نحتفظ به .ما ل ينفع لشيء و نرفض أن نلقي به .إنها ف ّ
140
الذكريات هي هويتنا الخرى التي نخفي حقيقتها عن الخرين .حتى أنّ
الكاتب يطلق شعاًرا جديًدا " قل لي ماذا تتذّكر ..أقل لك من أنت " و هو
ي قرأته .جّربوا هذه اللعبة .تعّرفوا على أنفسكم من خلل أصدق شعار نفس ّ
سؤالكم :ماذا تتذّكرون بالضبط .أّية ذكريات نجت من النسيان خلل عبوركم
ي ذكريات ل تفارقكم كحياة تلك هي بالذات الذكريات التي متاهات العمر ..أ ّ
تتحّكم في حياتكم.
***
141
اصنعي من الذكريات ..تبولة!
إلوي عنق الدجاجة التي تأكل عندك و تذهب لتبيض عند غيرك
)مثل اسباني(
142
مرور عام على صمته و انقطاعه عنك .أو ذكرى آخر لقاء جمعكما .أو
ذكرى طعنته و حدادك عليه.
ل ما أصبح مصدر ب و افرمي ك ّفي غياب " المفرمة " ادخلي إلى مطبخ الح ّ
إزعاج و ألم في حياتك .اصنعي من الذكريات المفرومة " تبولة " انقعي
صي رأس بندورة جبلّية لها مذاق برغل المنيات التي يبست في الغياب .ق ّ
ض لفرم الماضي مّرة واحدة .كي ل تقعي شهوات .bioاستعيني بسكين ما ٍ
في فخ الجترار.
طبًعا ل يمكن أن تشتري النسيان بثمن ربطة بقدونس .لكن المهم ليس
البقدونس ،إّنما السكين .المهم أن تفرمي الذكريات التي تفرمك يومّيا دون
رحمة.
ل ما تعّفن فيه دون أن تنتبهيضا بفتح براد الماضي .ألقي بك ّ
أنصحك أي ً
ل ما انتهت صلحية تناوله و ل جدوى من الحتفاظ به .المعلبات لذلك .ك ّ
النصف المفتوحة لمنيات غطى الصوف وجهها .أحزان طرية كجبنة
الكاممبير المستوردة من بلد ما عادت تصدر الحلم الوردّية .و ستفتح
شهّية الفئران لزيارتك ليس أكثر.
أّما ما بقي عندك من خضار في براد الذكريات .فاطبخيها كسكسي و ادعي
صديقاتك للعشاء من دون أن تخبريهن بالمناسبة .زّيني مائدة النسيان
بشمعدان .تأّملي الشمع و هو يذوب و اسعدي ..هكذا كنت قبل اليوم.
لقد أنقذتك " المفرمة " من محرقة الماضي ! و ل بأس إن بكيت وحدك في
ل ما تنزل دمعة تضوي شمعة" يقول مثل جزائري. آخر المساء " ك ّ
143
ب النسيان
نساء في مه ّ
النساء دائما ما تقلق على الشياء التي ينساها الرجال ’ والرجال دائما ما
تقلق على الشياء التي تتذكرها النساء .
محمد خليل
144
ي الذي يعبث بحياتك
هذا المخلوق الهاتف ّ
ل عمر لها
ن الرشد بقبلة تبلغ س ّ
ن اليأس و تدخل س ّ
بانقطاع هاتف ّ
ي
كان ال في عون امرأة
ب على شفتيك أدركها الح ّ
تنبيه:
ل تفّوتي قراءة هذا الفصل .لّنك حتًما ستحتاجين إلى العودة إليه ما أتمّنى أ ّ
دمت حّية .حتى ل تموتين في حادث صمت معلن ،على يد رجل قّرر فجأة
أن يقتلك بسكتة هاتفّية ،بعد أن سعى خلل أشهر و ربما سنوات إلى جعلك
في حالة إدمان و تبعّية مرضّية لصوته.
ن الشياء تبدأ غالًبا هكذا:
تجمع النساء على أ ّ
س من تلفون .ل تدرين و هو يجتاح حياتك هاتفّيا ،نسبة العقل ن به م ّ
رجل كأ ّ
فيه من نسبة الجنون .رجل يهاتفك بعدد ساعات النهار .يبعث لك رسالة
ل لحظة.حيثما ذهب .ليقول لك شيًئا مهّما ل يحتمل التأجيل :يحتاجك ك ّ
" أنا خارج البيت ..في قلبك "
" أنا في زحمة السّيارات و قلبي مزدحم بك "
" أنا عائد إلى البيت ..إليك "
" أنا أشتري خبًزا ..كّلما اشتريت خبًزا أكلتك "
145
ل إليك "شى مع أصدقاء و ل جوع إ ّ " أنا أتع ّ
" سأخلد للّنوم ..في عينيك "
ل صباحاتي " " صباح الشوق يا ك ّ
ل ...جملة و تفصي ً
ل +و تمضي اليام هكذا و أنت ترافقينه بكرة و أصي ً
ل ما يفعل .و كأّنك مشتركة في خدمة "الخبر العاجل" التي ل و في ك ّ
حيثما ح ّ
تزودك بالخبار أّول بأّول على مدى الليل و النهار.
ل .و هنا تولد نواة ل حين قد يحدث أن يجد هاتفك مشغو ً و لّنه يهاتفك ك ّ
المشكل الذي ستبنى عليه مشاكل تتوالد أمام اندهاشك من حيث ل تدرين.
ي " يرى في فهذا الحبيب الذي تحّول بحكم المسافة إلى " مخلوق هاتف ّ
ل عنه ..و ربما خيانة له .فالهاتف "..هاتفه " .و ليس من انشغال هاتفك انشغا ً
ل عداه .حتى و إن كنت محّررة في قناة إخبارية المفروض أن يكون لك شغ ً
عالمّية.
تسألني صديقتي و هي على حافة البكاء " ماذا أفعل لقد بدأت المشاكل بيننا..
و انقطع عن مهاتفتي يوًما أو ل قامت القيامةكّلما وجد الهاتف مشغو ً
شرها " ذات يوم سينقطع لّيام ..ثّم لسابيع ..و رّبما لكثر".. يومينُ ،أب ّ
تصيح " لكّنني أحّبه ..أنت تدرين كم أحّبه ليس في حياتي غيره .إّنه ح ّ
ب
حياتي ل أريد أن أخسره ".
لكن يا عزيزتي منذ اللحظة التي دخلت سوسة الشك إلى قلبه أصبحت مهّددة
بخسارته .سيصّدق السوسة و لن يصّدقك !
لقد كان العشاق أسعد و أكثر طمأنينة و ثقة في بعضهم البعض ..قبل أن يأتي
ألكسندر غراهام بيل -ل سقى ال قبر والد ولده -و يخترع لنا الهاتف يكفيه
صل و لو مّرة هاتفّيا بأّمه و ل بزوجته ..لّنهما لعنة أّنه ما استطاع أن يت ّ
كانتا مصابتين بالصمم !
146
ن كما الثورة تأكل أبناءها يأكل الهاتف عشاقه .على عبًثا أشرح لصديقتي أ ّ
يده يكون حتفهم .و عليها الستعداد منذ الن لقطع حبل السرة الهاتفي الذي
يوصلها بذلك الرجل على مدى الليل و النهار.
ن صديقة أخرى من إحدى في ذلك العشاء الذي جمعنا ،دمعت عيناها ل ّ
نجمات العلم الخليجي أّكدت لها رأيي و هي تفاجئنا بالعتراف أّنها منذ
ثلث سنوات تعيش خارج مجّرة العشاق للسبب نفسه .صحنا مندهشات " و
ب حياتي ".لم تحّبي أحًدا منذ ذلك الحين ؟! " قالت " ل ..كان هو ح ّ
أّما هو فما يصّدق أن تكون امرأة على ذلك القدر من الجمال و النجومّية و
الشهرة وفّية له .قالت له السوسة " كيف تخلص لك و حولها هذا القدر من
الثرياء و المشاهير " المؤلم حّقا أّنه ل يدري أّنها ما زالت على عصمته.
سر قرارها بعدم ل هذا لهدر .و كيف تراه ف ّ أكان سيسعد أم سيحزن لك ّ
التصال به أبًدا مذ انقطع فجأة عن مهاتفتها .رّبما ظّنها مشغولة بحبّ آخر و
هاتفها كقلبها خارج الخدمة .فتمادى في القطيعة ..و في الخيانة.
عدت من ذلك العشاء مثقلة بالغيوم العاطفّية .ل أفهم كيف تتظافر جهود سوء
ل هذه القصص العاطفّية الجميلة. الفهم و سوء الظن و سوء الحظ لغتيال ك ّ
من دون أن يدري الطرف الخر كم كان آثًما و ظالًما في مّده و جزره
الهاتفي.
دون أدني شعور بالذنب تموت قلوب النساء بسبب رجل دخل حياتهن بك ّ
ل
ي شرح ليتسّلى بتحطيم ل تلك القسوة ،من دون أ ّ ذلك الجتياح ،ثّم غادرها بك ّ
قلب امرأة أخرى يهرب إليها من الولى ..وهلمّ جرى.
ب ؟ فائض التفاصيل التي أيكون فائض الكلم بين العشاق قد قتل الح ّ
ب يحتاج إلى غموض ..إلى ب ليحيا و لكّنه ل يحتاجها ليحلم .الح ّيحتاجها الح ّ
أسرار صغيرة ل يترك لها الهاتف " المرضي " مساحة .لذا يصبح ح ّ
ب
ل واحد على و أعنف بعد النقطاع الهاتفي .إّنه يجبر ك ّ العشاق أقوى
147
صنع حياة افتراضّية للخر بما يعرف عنه من عادات سابقة و من أسرار.
ل كما في الزمنة الغابرة .في العواطف الكبيرة ب على ألمه جمي ً فيعود الح ّ
ب و تزّوده
جج الح ّ
لكبار العشاق فقط ل تقتل القطيعة بل تحيي .إّنها تؤ ّ
بالوقود الذي يحتاجه :تحّدي الزمن .بالوفاء لشخص ل تدري ما هو فاعل
ن ما تعرفه عنه من عادات و ما قال لك على الطرف الخر من الحياة .ل ّ
على مدى أشهر و أعوام يجعلك تثقين في معدنه.
برغم ذلك كم من الهواجس و الوساوس ستراودك أمام صمته .فالصمت
ل إشارة حتى في الصوت شكين مع الوقت في ك ّ مساحة اللتباس العاطفي .ست ّ
النسائي اللي الذي يرّد عليك.
ن التصال بالرقم المطلوب غير ممكن حالّيا. " أكره المرأة التي تقول :إ ّ
كيف أثق بأّنها ليست من مجموعة النساء اللواتي يحطن بك !" تقول ماري
القصيفي.
148
ذاك الكبرياء القاتل للح ّ
ب
150
في آخر أخبارها ،جاء الحبيب الّول من بلده ليودعها و هو
على مشارف الموت بعد أن تدهورت صحته بسبب مرض
فاجأه و هو في عّز رجولته و كامل عنفوانه .قال لها أّنه
ب سواها. ما و أّنه ما أح ّ
خلل أربع سنوات ما نسيها يو ً
و ما زالت صديقتي تبكي و ل تدري كيف عليها أن
صة ل بد ّ أن تكتبيها. تتصّرف .هاتفتني تقول " عندي لك ق ّ
تذكرين فلن ...لقد عاد" ..صحت " ل معقول " ..قالت
" عاد يوّدعني " ..قلت " أما افترقتما منذ سنوات ؟ "..
دعني هذه المّرة لّنه قد يموت ". قالت " يو ّ
ل بلد عندما تزّوج في بلده امرأة غيرها ما ودعها .في ك ّ
دث سافرنا إليها مًعا ،كنت أراها تبكيه .كّلما رأت امرأة تح ّ
حبيًبا على الهاتف .كّلما استمعت إلى أغنية من بلده .كّلما
تزّوج اثنان.
صديقتي التي كانت قبل سنوات تبكي بسبب ظلمه
و هجره ،عادت في عّز حّبها الجديد تبكي عليه .عرضت
عليه أن تعيش ما بقي من عمره معه .أن ترافقه إلى
مستشفيات العالم .أقسمت له أّنها بمعجزة حّبها قادرة
على شفائه .لكّنه أجابها أّنه كان يريدها زوجة ل ممرضة.
و غادر إلى قدره.
ب آخر في حياتها جهدت ضا شعوره بوجود ح ّ لقد زاده مر ً
لخفائه عنه ،كي ل تزيد من ألمه.
مة نوعان من الشقاء .الّول أّل تحصل على ما تتمّناه. ث ّ
خر الوقت و تغّيرت أنت و تغّيرت و الثاني أن يأتيك و قد تأ ّ
المنيات بعد أن تكون قد شقيت بسببها بضع سنوات !
151
ما في هذه ما فتئت أسأل نفسي :من الظالم أو الكثر ظل ً
صة؟الق ّ
ن حبيبها كان ل الجوبة ،أجاب بأ ّ لعل القدر الذي يملك ك ّ
طى حّبا ن بإمكانه أن يتخ ّ الظلم لنفسه و لها .لقد اعتقد أ ّ
كبيًرا .و يبني حياة زوجّية على أطلله .لكن أمام الموت
و في لحظة الصدق الحقيقّية ارتفع صوت القلب ليطالبه
بزوجة قلبه .لقد اكتشف جريمة أن نموت بعيدين عن
قلبنا.
ل تلك السنوات ؟ لماذا كابر إذن ك ّ
لماذا كان يشقى و يشقيها به ؟
لماذا كان يبكي في السّر ..و يبكيها ؟
ي تركها لرجل غيره؟ لماذا و هو البدويّ الغيور كغزال عرب ّ
من الرجح أن احتمال خسارتها لم يكن في حسبانه.
فالرجل يعتقد أن المرأة موجودة أصًل لنتظاره و أّنها
مةنث ّ أضعف من أن تأخذ قرار النفصال أو تلتزم به .لك ّ
دا يصبح فيه الخلص إهانة للذات. ح ّ
وأشهد أّنها أخلصت له حتى بعد الفراق .أخلصت كما
ب شيخ قبيلة .و ما كان تخلص امرأة عصرّية تقع في ح ّ
خا .كان رجًل أحّبها ببداوة .و ما توّقع كم بإمكان امرأة شي ً
ما
أن تعطي .و كم في وسعها أن تنتظر حتى يأتي القدر يو ً
و يهديها حّبا ينسيها شقاءها.
ب حياته ،أّنه ينتصريعتقد الرجل و هو يتخّلى عن ح ّ
لكبريائه .فتقّبل الخسارات الفادحة لمجرد رفع التحدي
حي ليس أكثر ،هو جزء من فحولة تاريخنا العربي ،الذي يض ّ
152
فيه الحاكم المستبد بوطن ويسّلمه للمحتل حتى ل يخسر
ماء وجهه و يتنازل عن عناده !
يأبى الرجل أن يعود إلى حّبه الكبير بعد قطيعة معتذًرا
ومنكسًرا .تربيته تمنعه أن يرى في لحظة ضعفه أمام
ب أجمل لحظات عمره على الطلق. الح ّ
ب الذي كان يمكن أن يولد مرة أخرى من رماده إّنه الح ّ
و من غيابه و جراحه أكثر جماًل ونضو ً
جا.
أكثر من مّرة يتمّنى لو طلب رقمها .هو ل يتوّقع أن تشهق
ب أكثر امرأة على الطرف الخر للخط .و تعطيه من الح ّ
ن المرأة تعشق من يعود إليها ليقول مما يتوّقع .ذلك أ ّ
دا عنك " في الواقع هي ل تزدري إّل " ل حياة لي بعي ً
طغاة ،و الجبناء أمام العواطف. ال ّ
ب ،المتجّبر على الحبيبة. ن الرجل المتشاغل عن الح ّ غير أ ّ
ل يكتشف إّل بعد فوات الوان صدق تلك المقولة
السويسرّية " ل تندم و أنت على فراش الموت لّنك لم
تحصل على ترقية بل لّنك لم تقض الوقت الكافي مع من
ب ".تح ّ
ل شيء إّل الموت. لقد وضع في حسبانه ك ّ
ل الكاذيب و تنتهي به الموت الذي تموت في حضرته ك ّ
المزايدات العاطفّية .ل كبرياء أمامه لكبير .إّنه الحقيقة
التي يصغر أمامها الجميع.
لحظة يحضر الموت .هل يبقى لرجل من صوت ليقول
دي ،أّنه أحّبهالمرأة بينه و بينها قارات من الفراق و التح ّ
حد ّ الموت.
153
ما ،أن ترحل هي قبله و تتركه ما بقي من عمر ما الكثر أل ًأ ّ
ل الكلمات ما لّنه ل يدري ماذا يفعل بعد الن بك ّ ينزف ند ً
التي لم يقلها لها و ستموت معه ..إن لم تقتله.
صة صديقتي التي ما زالت تعيشها بكاًء كّلما أمام ق ّ
كرت أن على العشاق المتناحرين المزايدين هاتفتني .ف ّ
على الذى بشراسة الحياة و عنفوانها ..أن يتوّقفوا و لو
كروا في احتمال موت أحدهما خلل أشهر ..و ليوم ليف ّ
سنوات القطيعة.
ليستحضروا بخيالهم جّثة الحبيب هامدة باردة قبل أن
تسّلمها اليدي إلى التراب .ليبكوه حّيا حتى ل يبكوه ميًتا،
عندما يكون الوقت قد تأخر إلى البد .و ما عاد له من
عيون ليرى دموعهم عليه .عندما ل يعد لطعناتهم على
جسده من إيلم ..سيغدو اللم من نصيب الذي كان
كا بالخنجر! ممس ً
كر العشاق ب كان يمكن إنقاذها لو ف ّ
كم من قصص ح ّ
بمنطق الموت ل بمنطق الحياة .فهل يعتبر المحّبون؟!
***
صا ما
ب شخ ًعندما أحاول أن أعرف ما إذا كنت أح ّ
و أراقب كيف يستجيب وره ميًتا.
أتص ّ
جسمي لذلك.
العلمّية إيمي
جينكز
154
يا ظالم لك يوم...
155
ئهم بنفوسهم يتلعب صرعى على جسر الهوى لشقا
الدهـــــر
صة بعدما أديت العمرة قبل سنة من الن .و قرأت هذه الق ّ
لو علمت آنذاك أّنه يجوز للمحّبين أن يرفعوا لله شكواهم.
ويدعون و هم في بيته على أحد ،كما يدعون بالخير على
ن من صة أ ّ آخر .لستفدت من عمرتي لتصفية حساباتي .خا ّ
ن يقلن لي " أطلبي ..أطلبي ما تشائين .اسألي رافقني ك ّ
ل شيء يخطر في بالك " و كنت أرى الناس الله ك ّ
يطوفون مرّددين أدعية و ل أدري ما أطلب من الله غير
ما
و الصحة و العافية لي و للمسلمين .دائ ً المغفرة
استحيت أن أسأل الله شيًئا له علقة بالحياة الدنيا .كنت
ن الله يدري ما أريد و لو شاء لعطاني إّياه من أقول أ ّ
ب من ل ن الله ل يح ّ دون أن أطلبه منه .حتى قرأت أ ّ
يسأله ،و يرى في سلوكه تكب ًّرا يستحقّ عليه العذاب.
يا للمصيبة ! المر إذن أصبح يستدعي إعادة نظر و ربما
إعادة العمرة.
و في عمرتي القادمة سأستعد إن شاء ال للمر بطريقة عملّية فأحمل معي
قائمة واضحة كاملة بأسماء مكتوبة بلونين :الذين أدعو لهم بالزرق و الذين
ي ال.ي السماء و أنا بين يد ّ أدعو عليهم بالحمر .خشية أن تتلخبط عل ّ
ن الدعوات قد تضيع في بريد ن إحداهن زادتني خوفا حين قالت لي أ ّ صة أ ّ
خا ّ
السماء إن لم تتوّفر فيها شروط الدعاء .و منها أن ترفقيها باسم أّم الذي
تدعين له ..أو عليه! و قالت ثانية "بل اسم أبيه هو الهم فالمسلم ينادى عليه
يوم القيامة على اسم أبيه".
156
ل هذه الدعوات غير محّددة الهوّية كيف بربكم تجد طريقها إلى تصّوروا ك ّ
السماء.
ل أصّدق ..أّنك تدعين لمحمد في الجزائر فتذهب دعواتك لمحمد آخر في
ي واحد من المليين الذين باكستان .و تدعين على عبد ال و ل تدرين على أ ّ
ل اللعنة.
يحملون السم نفسه من ماليزيا إلى الصومال ستح ّ
في هذه الحالة .كّلما ندر السم قّلت نسبة احتمال أن ينتهي الدعاء عند غير
الذي يعنيه الداعي.
ي و على المطربة وكنت سعدت لو كان المر كذلك ،لقتصار اسم أحلم عل ّ
المارتّية أحلم كإسمي علم .
فالدعوات حينها ل تخرج عن إطارنا نحن الثنتين .ومن هذا المنطلق
وجدتني معنية بها ,وبدأ يراودني الشك في أن تكون كثيرا من دعوات الخير
التي سعيت لجمعها على مدى حياتي قد انتهت عندها .بعد أن أعلنت أكثر من
ن ثروتها ما شاء ال تقارب المليار دولر! مّرة أ ّ
ن دعوات الخير كفيلة بالضراء فإن المر يحتاج إلى مبادرة من +بما أ ّ
طرفها لعادة توازن السراء في ما بيننا.
أّما في حال رفضها لهذا القتراح فأنا أطالبها بأن تعلن عن اسم أّمها حتى ل
أتلّقى نيابة عنها دعوات من يدعون عليها مّمن تشاجرت معهم على مدى
ن اللتباس زاد بيننا مذ تم منحها دكتوراه فخرّية.. صة أ ّ
ي .خا ّ
مسارها الفن ّ
تصّوروا حتى إذا أراد أحدهم لمزيد من الضمان لدعواته أن يحّدد بأّنه يعني
ضا سينتهي عندي! . " الدكتورة أحلم " شخصّيا ..فدعاؤه أي ً
مّما يجعلني أفّكر في أن أتنازل عن هذا الّلقب الذي أمضيت خمس سنوات
في متاهات السوربون للفوز به .والذي في جميع الحالت لم أستعمله في
حياتي .غير أني ل أستطيع أن أتنازل عن اسمي لكونه اسمي الحقيقي .
157
ما يبدو .فإن شئت الدعاء على دا م ّ
المر إذن أكثر تعقي ً
ذبك و أبكاك و طّلع روحك " ..وطّلع عينك " الرجل الذي ع ّ
كما يقول المصرّيون .عليك أن تكوني مسّلحة باسم أ ّ
مه
م المصاعب " كيف م المعارك " و " أ ّ و هذه لعمري " أ ّ
مه إن لم تكن حماتك أو مشروع تطلبين من رجل اسم أ ّ
حماة!
ل واحدة و غباء الرجل الذي عليها أن تفتك ل واحدة و شطارتها ..و ك ّ هنا ك ّ
منه هذا السم قبل أن يفتك بها .و في هذا الموضوع بالذات ل أملك من
أجلكن أّية حيلة ,فأنا لم آخذ الموضوع بعد مأخذ الجّد .لكن لكوني روائية ،قد
ن بعض السيناريوهات لهذه المهّمة. أعود يوًما وأقترح عليك ّ
ل ذكائك النثويّ يقاس بهذا المتحان. نك ّ إ ّ
مه
إحدى الصديقات تنصحكن بالمباشرة بسؤاله عن اسم أ ّ
ب جديد ,في أيام التعارف الولى .فسعادته حينها بح ّ
تجعله جاهًزا في البدء للبوح بأيّ شيء .بما في ذلك
السرار العسكرّية التي أؤتمن عليها ويهدد الفشاء بها أمن
الدولة.
جلي السم فوًرا في نصيحة أخرى من الصديقة نفسها .س ّ
سًبا ليوم ستعلنين عليه النسيان و تنسين من دفتر .تح ّ
مه،جملة ما ستنسين في حملة " نفض الذاكرة " اسم أ ّ
في الوقت الذي تحتاجينه الكثر ..لتدعي عليه!
ن رجاًل يقرؤون الن هذه الصفحات و يقولون أدري أ ّ
ن تلك المرأة التي " أرأيتم كم النساء شريرات ! أيعقل أ ّ
أحّبتنا بطيبة و حنان هي الن تتضّرع لله كي يهلكنا؟".
أجيب :بلى ..نعم ..أجل يا رجل.
158
م المر ل علقة إّنه الظلم الذي يخرج امرأة عن طورها .ث ّ
ت رجاًل يدعون على حبيباتهن له بكوننا نساء فقد سمع ُ
ضا.لفرط اللم .فبعض النساء ظالمات و جّبارات أي ً
القضية هنا تتعّلق بكوننا عاشقات.
ل بد ّ للمر أن يطمئن الرجال .فأن تدعو عليك امرأة يعني
أّنها ما زالت تحّبك .و أن تدعو مّرة لك و مّرة عليك يعني
ضا تخاف أن م إّنها أي ً
ما في عودتك .ث ّ أّنها لم تفقد المل تما ً
ن و تكون أّول من يموت يستجيب الله حّقا لدعائها فتج ّ
حزًنا عليك!
لذا من نعم الله علينا أّنه ل يستجيب لدعاء المحّبين لّنهم
أصًل في حيرة من أمرهم ل يدرون ماذا يريدون منه
جا عن شاق نموذ ً بالتحديد .و لنا في جميل بثينة إمام الع ّ
تذبذب رأيّ المحّبين و تناقض مطالبهم و دعواتهم وصًل
و هجًرا.
ي على حبيبته لفرط هيامه بها. سم َفجميل بثينة الذي ُ
و القائل:
دعاء الحبيب كنت أنت درت رجلي و كان شفاؤها إذا خ ّ
دعائيا
حدث أن فقد من لوعة الهجر صوابه ،و راح يدعو على
مم على الرجال منذ بثينة بالعمى .و هو دعاء يبدو كأّنه مع ّ
الزل و إلى اليوم .فقد سمعت قبل عشرين سنة أحدهم
يدعو في الجزائر على قريبة لي رفضت الزواج منه قائًل "
الله يعميك و ل تجدي من يقودك !"
159
ما جميل بثينة الذي لقي حبيبته بعد تهاجر كان بينهماأ ّ
دته فتعاتبا ساعة .فقالت له :ويحك يا جميل تزعم طالت م ّ
أّنك تهواني و أنت الذي تقول:
و في الغّر من أنيابها ي بثينة بالقذى
رمى الله في عين ّ
بالقوادح!
فأطرق طويًل يبكي ث ّ
م قال بل أنا القائل:
ي
بثينة ل يخفى عل ّ أل ليتني أعمى أصم تقودنـــي
كلمـــها
فقالت :و ما حملك على هذه المنى ؟ أوليس في سعة
العافية ما كفانا ؟
فكيف تريدون أن يستجيب الله لدعاء عاشق يدعو على
م يندم على هول دعائه عليها فيعود باكًيا الحبيبة بالعمى ،ث ّ
ضا عنها و أن تكون هي و يدعو على نفسه أن يعمى عو ً
من تقوده !
ن الله استجاب في المّرتين لدعائه .أما ورن لحظة لو أ ّ تص ّ
كان الثنين قد عميا.
ل هذا الكلم لن يثني بعض القارئات عن نك ّ أدري أ ّ
ن ل شيء الدعاء على الحبيب أو على الزوج الغادر .و أ ّ
يطفئ حرقتهن غير البكاء بين يديّ الله .شاكيات ظلم من
و من أخلصن له فغدر بهن. أحببن
لولئك أقول أبشرن " فمن ظلم العباد كان الله خصمه ".
160
ي ,و الجور و الذى كبيرين , و عندما يكون الظلم حقيق ّ
ن و هو خير من مكر بك ّ فل بد ّ لله سبحانه أن يثأر لك ُ ّ
نم ّ
الماكرين.
دمللقارئات الموجوعات ،الطالبات للسلوان و النسيان أق ّ
ن من الصديقات و بعضها من هذه الدعية التي جمعتها لك ُ ّ
صة.
دعواتي الخا ّ
مه.
ن بالحصول على اسم أ ّ و الن يا شاطرات ،إن فزت ّ
ن اختيار التوقيت المناسب لرفعها إلى السماء .فإن عليك ّ
ن
فاتكن شهر رمضان و العشر الواخر و ليلة القدر .عليك ّ
بصلة الفجر .فل دعاء يرد ّ لواقف بين يديّ الله في هذه
الساعة .صلين ركعتين ثم ابكين بحرقة المغدور بها.
و ادعين بما شئتن من الدعوات المقترحة أدناه:
دعاء المؤمنة:
الّلهم اجعله نسًيا منسّيا .الّلهم امسحه من قلبي كما
مسحت الحزن من قلب محمد.
دعاء المظلومة:
ل لحظة صدق كنت فيها معه ب يا منتقم على ك ّ
انتقم يا ر ّ
صادقة وفّية فجازاني عليها غدًرا و مكًرا .لتعد إن شاء الله
ما.
ما عظي ً
عليه أل ً
دعاء التقّية:
161
الّلهم أنت خصمه أوكلتك أمره فأشهدني فيه على جبروتك
فقد كان يا رّبي جّباًرا.
دعاء الولّية:
إن أوصلك أحدهم بأذاه حد ّ المرارة ،و اتهمك بما ليس
ت عليه فيك ،و شّهر بك .ليكن دعاءك "الّلهم إّني تص ّ
دق ُ
بعرضي أنت الدرى بي فكن وكيلي عليه".
دعاء الشريرة ) سمعت هذا الدعاء قبل عشر سنوات
من صديقة لبنانّية تدعو به على رجل أحّبته (:
"الله يبعتلو شلل و طولة عمر".
يدعاء المخدوعة )دعاء سمعته في المغرب العرب ّ
ي للرجل(:
لبطال الداء الجنس ّ
" يا رّبي اجعلو حيط و النساء خيط ..و حشمو مع ك ّ
ل
مرا".
و هو أفظع دعاء و أمكره .فكيف لخيط أن يخترق حائط!
ل امرأة حد ّو مطلب هذا الدعاء أن "يتبهدل" الرجل مع ك ّ
استحيائه من نفسه!
م الدعوات:
أ ّ
ستسألنني " و ما هو دعاؤك أنت؟ "
دعائي يا عزيزاتي ظاهره خير و باطنه شّر:
162
ل ما أعطاني أضعافه " .و هو دعائي " الّلهم أعطه من ك ّ
ل من ظلمني. على ك ّ
ل أعرف دعاًء أكثر إنصاًفا و أكثر مكًرا في آن .لّنك
سا إلى إحسانه ,وما كم كان أذاه كبيًرا قيا ً تعرفين تما ً
ة بخيره. غدره مجحًفا مقارن ً
ن الن أن تخلدن إلى النوم مطمئنات .أفضل للمرء بإمكانك ّ
ما.
ما على أن ينام ظال ً أن ينام مظلو ً
ي!
تذّكري ليلة الجد ّ
ل اللم
بل مكانه بعد أن يزول
مكانه الذي له
يبقى موجًعا
لشّدة ما يزول
جار
بسام ح ّ
163
ثّمة حكمة بدوّية يحلو لّمي أن ترويها.
ي .ذهبت ن امرأة من إحدى قبائل البدو المقيمين في الجنوب الجزائر ّ +يقال أ ّ
مّرة تزور ابنتها التي تزّوجت و انتقلت للعيش في كنف قبيلة أخرى.
ففرحت البنت بمجيء أّمها أّية سعادة .و ذبحت جدًيا احتفاًء بها .حين عاد
ي ينقص زوجها في المساء ذهب قبل أن يدخل الخيمة يتفّقد أغنامه .فإذا بجد ّ
من الحساب .فدخل على زوجته فوجدها تعّد العشاء .فراح يضربها ضرًبا
ي.
مبّرحا لّنها ذبحت الجد ّ
و قبل الفجر من قهرها ،تظاهرت الّم بالنوم و لم تتناول العشاء.
شّدت الرحال إلى قبيلتها .بعد فترة جاءها مرسول بين القبائل يخبرها بوفاة
زوج ابنتها.
ضا تجذب شعرها و تلقي التربة على نفسها فذهبت لزيارتها فوجدتها أر ً
طاها بعده ".
سى على زوج " تمّنت لو التراب غ ّ حداًدا و أ ً
فقالت لها الم و هي تراها في تلك الحالة " ابكي ..ابكي ..و زّيني ْبكاك..
ي " .فتذّكرت المرأة حينها كم بكت على يد زوجها في و اذكري ليلة الجد ّ
ي يوم أبرحها ضرًبا عن ظلم .فتوّقفت عن البكاء و قامت و نفضت ليلة الجد ّ
و سرى هذا القول حكمة بين النساء منذ ذلك الحين. عنها التراب.
" ليلة الجد ّ
ي ل و تلطمي و تشّقي ثيابك .تذّكري قبل أن تبكي رج ً
" .و تلك الكدمات التي اخترقت زرقتها قلبك .ذلك التجريح ...و تلك
و يخفيها .و ها هي اليوم الذاكرة ب يغفرهاالهانات .التي كان الح ّ
ب الحصانة. تعّريها .بعد أن رفع عنها الح ّ
ب رجل كمجنونة و تصفه لي على مدى صديقة صحافّية ،ظّلت تهذي بح ّ
ي لولدة بنت المستكفي. ثلث سنوات كما لو كان ابن زيدون في حّبه الخراف ّ
164
كان الروع كان الصدق كان ملًكا على الرجال .لكّنه كان في لحظات
غضبه يقول لها أشياء موجعة اعترفت بها لي الن فقط بعد مضي سنوات.
لن بإمكانها الن أن تحكي عنها .قال لها مّرة " أنت كذبة كبرى ..أتعتقدين
أّنك صحافّية كبيرة ..ثّمة مليون امرأة أهّم منك و أجمل منك " ...فلنة "
ل أشرف منك مليون مرة .تتمّنى لو فقط سّلمت عليها و ل أفعل.".. مث ً
مضت سنوات و ما استطاعت صديقتي أن تنسى أن يعايرها الرجل الذي
ل.
ل منها شأًنا ونب ً
أحّبته بامرأة أق ّ
" فلنة " هذه كانت صحافّية جاهزة لتبيع نفسها مقابل أن تحضر مؤتمًرا
ل مكان عساها تحّقق شهرة ما. ل ما يعنيها أن تتواجد في ك ّ في الخارج .ك ّ
سسات العلمّية، ق باب مدراء المؤ ّ بينما كانت صديقتي تأبى أن تد ّ
ي مكسب مهما غل. وترفض أن تستباح كرامتها مقابل أ ّ
لذا ظّلت لفترة دون عمل كي ل تعطيه سبًبا للغيرة .ما كان لها من شغل إ ّ
ل
ن و يتزّوجها .لكّنه لمل شيء من أجله عساه يطمئ ّ تدليل الرجل الذي تركت ك ّ
ن برغم ذلك و ل كان معنّيا بالفرص التي أضاعها عليها .و في ليلة من يطمئ ّ
ي " راح يضربها بما أوتي من ذكورة بعد أن خّيل له أّنه " الجد ّ ليالي
رآها تبتسم أثناء العشاء للنادل!
أسالها مدهوشة " كيف بقيت مع رجل كهذا ؟"
ترّد " كانت له خصال جميلة خصال نادرة تنسيني عيوبه .كان حنوًنا و وفّيا
و شريًفا و كريم النفس .لكّنه كان عدوانّيا في غيرته ،كثير الشكوك عنيًفا في
لفظه ،نوبات غضبه ل منطق لها و ل تطاق .حتى عندما أتذّكرها الن أبكي
كما لو أّني أعيشها من جديد".
ل ..بعد الذكريات الجميلة.
خرا .إّنه يعيش طوي ً ن اللم يستيقظ متأ ّذلك أ ّ
اللم هو ظلم الخر لك .و تجّنيه عليك .هو قسمك الذي ل يصّدقه .و صدقك
الذي يشّكك فيه .و دموعك التي يسترخصها.
165
ثّم ذات يوم تقولين "كفى"!!
و تمضين. ل يمكن لظلم كهذا أن يكون حّبا .ستصفقين الباب خلفك
لتتركينه لمليين النساء اللئي كان يراهن " الهم " و " الشرف " و "
و " ال ."...هو لهن الن .ما عاد الجمل " و " الصدق "...
المر يعنيك.
حزمت صديقتي حقيبتها إلى نيويورك لتعمل في المم المتحدة .لم تأخذ معها
ي!عا و ل ندم .أخذت ذكرى ليلة الجد ّدمو ً
كلم أقّل...
ينبغي للنسان الذي يريد أن يعيش أن يقول نصف الحقيقة و يخفي نصف
الشعور.
جان كوكتو
166
المشكل عبارة عن مجموع كلمات إذا دخلت حوزتها تصبح ألًفا.
إّنها فتيل يمكن إطفاؤه بالتسامح أو بكلمة اعتذار من الطرف المخطئ فتنازل
أحد الطرفين عن كبريائه أو عن حّقه ل يعّد خسارة بل هي التضحية الجميلة
ي التحدي. ب من فك ّ التي سيكبر بها في عين الحبيب و ينقذ بها الح ّ
لكن هذا " المشكل الفتيل " ،قد يتحّول بالعناد إلى نار ل يمكن السيطرة عليها
ل واحد في قلبه ليوم حين تتغّذى من حطب الكلمات القاسية التي احتفظ بها ك ّ
كهذا.
ل خلف ل نواجه المشكل الجديد الخلفات العاطفّية تكبر لّننا عند ك ّ
الطارئ .بل نعود في مواجهتنا مع الطرف الخر إلى استعراض قائمة
ل مناسبة ،واحدة ،واحدة، في ك ّ المشاكل و التي يستعرضها الرجل غالًبا
ضمن لئحة المآخذ و التهم التي جمعها على مدى العلقة من يوم لقائكما...
ل ما أسدى إليك من خدمات عاطفّية يوم انتشلك و إلى يوم القيامة .مرفوقة بك ّ
من حزن سابق و غفر لك أخطاء اقترفت معظمها حّبا فيه.
يفعل ذلك على طريقة فيديل كاسترو الذي كانت بعض خطبه تدوم سبع
ل ما حّقق لهل مّرة على تذكير الشعب الكوبي بك ّ ساعات بسبب إصراره ك ّ
ن عليه من رفاهّية خلل نصف قرن من الحكم .و كان من إنجازات و م ّ
الوقت يمتّد إلى حّد يكفي معه لمستمعيه المساكين أن يمرض منهم من كان
ضا.
و يموت من كان مري ً معاًفى
و تحبل نساء و تنجب من يفاجئها المخاض أثناء الخطاب المفّدى و حدث
للرفيق الله أن كان هو من سقط فاقًدا الوعي لفرط كلمه.
شاق.فل تدعن الكلمات تغتال الع ّ
و قد كان يكفي كلمة واحدة لنقاذ العشق !
167
نصيحة:
168
خراب ما كان جمي ً
ل
ي بمناسبة مروره ببيروت .على غير عادتي قبلت دعاني إلى فنجان شا ّ
الدعوة .قلت عساه يحتاجني رسولة لصديقتي التي انقطع عنها منذ أشهر.
قال و قد أشعل سيجارته الثالثة :
ب!ب -ثّم كّرر بصوت أعلى -سأح ّ -لقد شفيت منها و سأح ّ
ب ل يحتاجل في نّيته أن يح ّ
ن رج ً
ن حّبا تسبقه نواياه ليس حّبا .و أ ّ لم أقل له أ ّ
ل .و ل أن يوصل الخبر لمن شفي منها. إلى إعلن ذلك بصوت عا ٍ
كانت ملمحه أكثر قسوة و تعًبا من أن تتوافق مع ما يتّلفظ به .كانت من
شى فيها .و كان حّبهما كمرض خبيث شت فيه كما تف ّ يّدعي الشفاء منها قد تف ّ
ل شيء. في مراحله الخيرة قد شّوه ك ّ
ك يجلس أمامي .ليس لظنونه من منطق .لكّنه يصّر عليها. رجل دّمره الش ّ
ل توازنه و يطيحفهو يحتاج أن يكون الضحية ليشفى .إقناعه بالعكس يخ ّ
بالملف الذي بنى عليه دفاعه و يجتّره دون كلل.
ب كبير .رجل عهدته راقًيا و شهما يطلق طلبني ليشهدني على خراب ح ّ
ب .يعرض اطلعي على ق على من أح ّ الن رصاصه الطائش كيفما اتف ّ
رسائلها الهاتفية إليه.
169
أقول :
-هذه امرأة تمّنت أن تسبقك إلى الموت حتى ل تغادر قبلها .فكيف تغادرها
حّيا و تتخّلى عنها
يرّد :
-أنت مخدوعة بها مثلي.
ن أسعد أّيامه يوم يسمع أّنهال أمل .هو الذي كان يغار عليها من ثيابها قال ،أ ّ
سعيدة مع رجل آخر !
نكتة ما استطعت أن أضحك لها .كانت خارجة من عمق اللم و القهر.
كم يكون قد تعّذب ليقول كلًما كهذا .و كم تعّذبت صديقتي التي أعطت و ما
استبقت لنفسها شيًئا .لّنها ما توّقعت أن يجيء يوم كهذا !
كم انتظرته و قالت كّلما أغريتها بإنهاء عذابها ،و فتح قلبها لغيره " ل بعده
ل التراب !" إّ
هو ل يصّدق شيًئا مما أقوله عنها.
دافعت عن أسطورة حّبهما ما استطعت .لكن اللم أعماه عن سماع صوت
غير صوت وسواسه و غيرته.
فّكرت أّنه برغم ذلك لم يلمس عمق القهر بعد ،سيبلغه بعد سنوات ،عندما
ب أخرى ،و أحّبت هي سواه .و ب بينهما قد مات و يكون قد أح ّ يكون الح ّ
يلتقيان مصادفة في مساء الحياة .و قد انطفأت بينهما الحرائق.
يومها فقط ،و هي تروي له تفاصيل حدادها عليه و وفائها له سيصّدقها ،و
يخترقه الخنجر الصدئ للندم ..كيف تركها من يأسها فيه تمضي لسواه ؟!
حين افترقنا كان خرابه قد انتقل إلى قلبي .خفت على الحب مما رأيت .خفت
ل عشاق العالم. ل .و حزنت مسبًقا من أجل ك ّ ب حاضًرا و مستقب ً لح ّ على ك ّ
حا كذاك ينتهي هكذا فعلى الدنيا السلم .أّية جدوى مّما نكتبه +إن كان صر ً
ب إذن ؟ عن الح ّ
170
ن حّبهما أقوى حتى من الموت .لكن حّبا أقوى من الموت ل كانا يعتقدان أ ّ
ك التي تنخر بوسواسها
يقوى على أصغر حشرة .تلك السوسة اللمرئّية للش ّ
ضا برغم
ب من الداخل ستجعلها تهوي ذات يوم بطولها الفارع أر ً شجرة الح ّ
أوراقها الخضراء.
طى واسعة كرجل مسرع نحو قدر ما. افترقنا ، .رأيته يبتعد بخ ً
***
171
تجّملي بذاكرة البدايات
أبدأ ؟
أجابت صوفيا مندهشة :
بالخبر السعيد
قال:
172
خا ..لقد بعثت اليوم حّيا!
كسبت أ ً
سألته عجلى:
-و الخبر السيء ؟
قال :
طمت تماًما !. -لقد خسرت سيارتك ..لقد تح ّ
حين رأت صوفيا حال السيارة التي خرج منها ياسين حّيا .نسيت خسارتها
المادية على فداحتها ،و ظّلت لّيام كّلما رأت ياسين حمدت ال على بقائه
حّيا.
دخلت على صديقتي .فوجدتها تنتظر بلهفة تقريري عن ذلك اللقاء .قلت لها و
أنا أقاسمها قهوة.
-عندي لك خبران .خبر جميل و آخر سيء .بماذا أبدأ ؟
قالت مذعورة:
-بالخبر الجميل.
قلت:
-أبشري لقد كسبت نفسك.
سألت عجلى:
-و الخبر السيء؟
-لقد خسرت ذلك الرجل.
أعادت فنجان القهوة إلى الطاولة و لمعت دمعة في عينيها.
قلت:
-ل تحزني ما عاد من شيء يمكن إنقاذه .هو نفسه ما عاد يشبه نفسه.
قالت:
173
-مثله ل يتغير
قلت :
-سوءالظن عندما يتمكن من أحد يغيره
قالت:
-أأخبرته كم أخلصت له؟
قلت :
-ربما في أعماقه هو يدري ذلك .لكن صوت تلك " السوسة " كان
أعلى من صوت قلبه .لقد قال فيك كلًما موجًعا أراد حتًما أن أنقله لك،
ت قهًرا..
لو سمعته لم ّ
-أريد أن أسمعه
-ل داعي لمزيد من الالم
-ل ترأفي بي أريد أن أعرف كيف يتحّدث عّني الرجل الذي أحببت حّد
الموت ويريد اليوم موتي
-ليس هو الذي كان يتكّلم .هذه لغة تلك الحشرة .التي تنخر قلبه هو
ل.
رجل نبيل و شهم .لو لم يكن كذلك لما كنت أحببته أص ً
ل بالخير .لماذا يشّوه الرجال امرأة
-لكّنني أفوقه نبل ما ذكرته يوًما إ ّ
عندما يغادرون ؟ لماذا يلوكون شرفها في المجالس ؟ أليس لهم أخوات ؟
أليس لهم بنات ؟
قلت و أنا أرى دموعها:
174
شع ما كانل تبكي إن من يشّوه امرأة أحّبته ل يشّوه ال نفسه و يب ّ -
صا
جميل في ماضيه ,و ذاكرته لن تغفر له ذلك .هل تعرفين قصا ً
ل الخراب؟ ل أكبر من هذا أن يلتفت المرء إلى الخلف فل يرى إ ّ
ل في ذاكرتك .ل تتذّكري منه تزايدي عليه بشاعة و دماًرا ..أبقيه جمي ً
ب الخرافّية يوم رأيته
ل و استثنائّيا بينكما .لحظة الح ّ
ل ما كان جمي ً
إّ
ق هاتفك ولّول مرة .أّول رسالة هاتفية وصلتك منه ..أّول مّرة د ّ
كان هو على الخط ..أّول مرة قّبلك فخانتك رجلك ..أّول مّرة
انتظرك عند بوابة مطار ..أّول مرة جلس أمامك في مطعم ..توّقفي
عند روعة البدايات و دعي له بشاعة النهايات .ما دام هو الذي
و تغفري ظلمه لك اختارها .صّدقيني عندما تترّفعين عن أذاه
ستصبحين أجمل .و سيمكنك حينها أن تحّبي من جديد بسعادة أكبر.
ب يوًما سواه.
لكّنني ما كنت أريد أن أح ّ -
سا
ل أرسل لك معي كي ً
برغم ذلك لن تستطيعي بعد الن أن تحّبي رج ً -
ل يولد البشر مّرة واحدة يوم تلدهم أّمهاتهم و حسب ،فالحياة ترغمهم على
أن ينجبوا أنفسهم.
غبريال غارسيا ماركيز
يعتقد الرجل أّنه بلغ غايته إذا استسلمت المرأة له .بينما تعتقد المرأة أّنها ل
تبلغ غايتها إلّ إذا شعرت أن الرجل قد قّدر ما قدمته له
بلزاك
صة الولى
الق ّ
ل تتنهدن بعد الن أّيتها النساء .ل تتنهدن أبًدا .فالرجال خادعون أبًدا
شكسبير
ل سيجارة ل تشعلها
كانت تقيس حّبه لها بالسجائر التي ل يدخنها .تقول " ك ّ
هي يوم تهديني إّياه .يضاف إلى عمر حّبنا.
176
كم مّنت نفسها بإنقاذه من النيكوتين .لكّنه يوم أقلع عن التدخين ،أطفأ آخر
سيجارة في منفضة قلبها .تركها رماد امرأة .و أهدى أّيامه القادمة لمرأة
خن الرجال.تد ّ
177
صة الثانية
الق ّ
178
صة الثالثة
الق ّ
ن المرأة إذا تعّلقت بالرجل كانت أسبق منه إلى التصديق ،وكان خداعه
إّ
إّياها أسهل من خداعها إّياه..
عباس محمود العقاد
كّلما نزل هاتف جديد إلى السواق ،أهدته إّياه .كي تطيل عمر صوته و كي
ي لكلماته.
يكون لها من أنفاسه نصيب .أمنيتها كانت أن تصير الممّر الحتم ّ
أن تضمن لها مكاًنا في جيب سترته .أن أن تقتسم مع الهاتف لمسته.
تكون في متناول قلبه و يده.
" مجال بعد الهاتف الثالث ،طّلقها بالثلث .ترك قلبها للعراء خارج
التغطية ".
" خارج حا .أعلن نفسه
و دون أن يقول شيًئا .دون أن يقّدم شرو ً
الخدمة ".
في الواقع ،كان قد بدأ يعمل خادًما بدوام كامل لدى امرأة يقال أّنها تدعى "
الخيانة ".
صة الرابعة
الق ّ
179
" الجمال يوجد في عين الذي ينظر إليه "
أعوام و هي تقول له " كم أنت وسيم " .كانت تراه بعيون القلب .و عيون
و عيون المتنان للحياة .و الماضي و عيون الغد .و عيون النعمة.
عيون الغاني و عيون الشعار .و عيون النساء و عيون الوفاء ..و عيون
الغباء.
ل عيونها كانت مشغولة بتلميع تمثاله .يوم أحّبته غدت كّلها عيون. كّ
" كم أنت ما تركت لنفسها من آذان لتسأل :لماذا لم يقل لها يوًما
ضا
ل العيون من حولها كانت تقول لها ذلك كان حّبها فضفا ً جميلة " ! بينما ك ّ
ل عيب فيه .و حّبه ضّيقا إلى حّد ،لم تبق شعرة في طى ك ّإلى حّد غ ّ
ل و رآها.
وجهها لم يطالها الملقط إ ّ
180
القصّة الخامسة
ب ليسعد بالحياة
ب . .والرجل يح ّ
المرأة تحيا لتسعد بالح ّ
جان جاك روسو
181
القصّة السادسة
***
182
صة السابعة
الق ّ
أحّبها .دّللها .عشقها ..خاف عليها .حماها .بكاها .أبكاها .ما غار عليها من
الخرين ،غار عليها من الفشل .أرادها كبيرة كما لو أّنه أنجبها .أرادها
ل من القّمة .صقلها كي تلمع ل مادة .قسا عليها كي ل تقبل بأق ّ
الولى في ك ّ
كالماسة حيثما ُوجدت .وضعها أعلى السلم ثم سحب من تحتها السلم حتى ل
تنزل درجة عن أحلمه.
عبر حياتها كنهر ،و مضى إلى مصّبه صوب البحر دون أن يلتفت إلى الخير
الذي تركه على ضفافها...
ي .ما استطاعت تلك البّوة العاشقة حين تنسحب تترك خلفها مذاق ُيتم أبد ّ
نسيانها.
.لتشفى منه راحت تقّلده ..أصبحت أّم من أحّبت بعده .أحّبته دّللته .عشقته.
خافت عليه .حمته .بكته .أبكته .ما غارت عليه من الخريات ،غارت عليه
من الفشل .أرادته كبيًرا كما لو أّنها أنجبته .و خذلها ذلك الرجل...
ب ُينتقم لنفسه [.] الح ّ
183
تانغو النسيان
كان ذلك غًدا لّني ما زلت أحّبك
كان ذلك البارحة لّنك نسيتنـــي
غادة السمان
184
ب جديد
الحذاء الموجع ..لح ّ
185
ل تريده .لقد أخذ على حذاء قديم مهترئ ..مشى به سنوات .و لهذا قال
القدماء " قديمك نديمك " وأنت في كل خطوة تتقدمها ل تملك ال أن تعود
بقلبك الى الوراء .
قد تقول لك صديقات و أنت تسيرين مع رجل وسيم أو ثري أو مهّم " كم
أنت محظوظة بهذا الرجل! " وحده قلبك الذي تنتعلينه و يمشي بصعوبة إلى
جوارك ..يطالبك بالعودة إلى البيت و إخراج ذلك الحذاء القديم من صندوق
الماضي.
ب جديد .و القبول بالحديث إلى رجل حين حاولت إقناع كاميليا بفتح قلبها لح ّ
آخر و لو على الهاتف .رفضت الفكرة تماًما .قالت " إن خانه هاتفي سيخونه
ن حّبا كبيًرا و هو يموت أجمل من غًدا قلبي و بعدها جسدي .ألست من قلت إ ّ
ب صغير يولد ؟" ح ّ
أسقط بيدي .قلت " بلى " .قالت " ما أريده منك هو أن تساعديني على البقاء
ب الكبير .ل أريد أن أفّوت يوًما..
على قيد الحياة بينما داخلي يموت هذا الح ّ
أو لحظة من احتضاره العظيم .للسد هيبة في موته ليست للكلب في حياته.
حتى و هو يموت لن أستبدل بجّثة هذا السد رفقة كلب سائبة ! "
مشكلتي مع صديقاتي أّنهن قارئاتي .و حين يشهرن في وجهي كلماتي
يهزمنني .ما عدت أعرف لكاميليا دواًء .فهي تريد أن تنسى و ل تريد .و
تريد أن تشفى و ل تريد .و تريد حذاءها القديم و تدري أّنها في النهاية يوم
ي يمكنه إصلحه .ستحتاج إلى حذاء تتأّكد من أّنه اهترى تماًما و ل اسكاف ّ
جديد كي ل تواصل الحياة حافية !
على اللئي يشقين في الحياة بسبب ألم حذاء جديد أو ذكرى حذاء قديم ،أن
يحمدن ال كثيًرا على نعمة امتلكهن أقداًما .أعني قلًبا مشين به في دروب
ب .ثّمة من جاء و مضى من دون أن يبرح مكانه .لم تمنحه الحياة الح ّ
186
ن عليهم ال حّتى بنعمة الشقاء والعذاب
و أولئك لم يم ّ قدمين ..عاشقين .
ب.
من الح ّ
***
بقيت أتذمر من عدم امتلكي حذاءً حتى رأيت
رجًل بل قدمين
كون
فوشيوس
شهران و أنا أواظب على مهاتفتها يومّيا كي ل تضيع جهودي سًدى .فقد
ب كما مع المضادات الحيوّية ل بد من إتمام العلج حتى ن في الح ّتعّلمت أ ّ
آخر يوم و آخر حّبة دواء .تفادًيا للنتكاسات العاطفّية التي ل يعد يفيد معها
ب و يعود أقوى.شيء بعد ذلك حين يستفحل داء الح ّ
ب لتعود إلى الحياة. سن دائم .لكّنها كانت تحتاج إلى ح ّ
كانت صديقتي في تح ّ
ل و اهتماًما بنفسها .أصبحت أكثر ل نصائحي أصبحت أكثر جما ً طّبقت ك ّ
ل بهواياتها .لكن ل رجل دخل حياتها ربما لّنها ما زالت تحرس باب انشغا ً
ب الذي مضى. القفص تنتظر منذ عام عودة طائر الح ّ
هاتفتها ذات مساء أعرض عليها مرافقتي الى أمسية شعرية لشاعر كبير
ل للرفض .قلت " سأمّر لصطحبك معي يزور بيروت .لم أترك لها مجا ً
ل مناسبةكوني جاهزة ..أعني كوني جميلة بعد الن سأصطحبك إلى ك ّ
ثقافية."..
أمام كسلها و ترددها قلت " غادري القفص طائرك لن يعود طالما ذبذباتك
تقول له أّنك في انتظاره .نسيت أن أعّلمك الدرس الهم .فقط عندما ل
ب يعود .و عندما ل تتحّرشين به يجيء صاعًقا و فتاًكا كما أّول تنتظرين الح ّ
مرة.
عندما نزلت من البيت .كدت أشهق و أنا أراها قادمة .صحت بها ممازحة "
أنا مجنونة لدخل إلى الصالة معك ..كم أنت جميلة اليوم ! " قّبلتني و قالت
" بل أنت الجمل ..أحّبك ".
188
كآخر مّرة قبل سنوات يوم رافقتني إلى مناسبة كهذه كنت أرى الجميع
يحتفون بها يأتون للسلم عليها .لكنها فقدت صوتها بعد أن غدا الصمت
مهنتها.
و هي ترى ثّم فجأة ،ما عادت تتابع الحديث من حولها .تجّمد نظرها
ل بمظهر ممّيز يلج إلى البهو .كأّنما الرجال اختفوا ،فلم يبق سواه رج ً
ل رج ً
بين الحضور.
جه الرجل نحوها .كأّنه جاء من ي .ما كاد يراها حتى تو ّ ذهولها انتقل إل ّ
أجلها ،برغم كونه بدا متفاجًئا و هو يلمحها.
ل شيء فيه لم يصافحها .لم يقّبلها على وجنتيها .لم يقل تقريًبا شيًئا ،لكن ك ّ
كان يضّمها.
سا .حتى هي المخرجة تجاوزت ما رأيت مشهًدا عشقّيا أكثر عنًفا و التبا ً
صاعقة المصادفة خيالها السنمائي لكأني جئت بها لتلقاه .ربما امتنانا لي
قالت وهي تعرفه بي :
-صديقتي الكاتبة ...
أضافت الى اسمي صفة الكاتبة كما لتقول أنني من شارك القدر في كتابة
هذه المصادفة.
رفع الرجل نحوي نظرة آسرة دون جهد .مد يده يصافحني بفرح مهذب .
قال فقط :
سعيد بمعرفتك -
لم يبدو عليه ما يشي بأنه قرأني أو عرفني .لعله سمع بي ,أو لعله لم
يسمع .رآني يوما ما على صفحات الجرائد او لم يرني من قبل .
كانت حواسه كما ذاكرته مأخوذة بالمرأة التي ترافقني .وكنت سعيدة
أنهما نسيا حضوري الصامت المنسحب في حضرة الحب .
ابتعدت كي يتبادل الشتياق .
189
.ثّم رأيته يوّدعها و يمضي صوب قاعة المحاضرات.
ل تدخل معه في الوقت نفسهخرنا عن اللتحاق بالقاعة .كانت تتعّمد أ ّ تأ ّ
حا أّنها لم تستمع إلى شيء مّما ألقي من كلمات.
فتغّذي الشاعات .كان واض ً
راحت تبحث عنه بعيون قلبها .كانت ركبتاها ترتجفان بعض الشيء.
ل ما قالته:
كّ
-لن تصّدقي ما يحدث.
و حين أعدت طرح السؤال عليها " ماذا يحدث ؟ " التزمت الصمت .أو
ل إلى دّقات قلبه الذي يخفق في مكان
لعّلها لم تسمعني .قلبها ما كان يستمع إ ّ
ما في القاعة.
في السيارة و بعد شوط من الصمت .حاولت استدراجها لعتراف ما قلت:
-كأّني أعرف ذلك الرجل الذي سّلمت عليه .ل أدري أين رأيته
من قبل.
قالت ممازحة هرًبا من سؤالي:
ب هو الذي نعثر
-ربما صادفته في كتبك .ألم تقولي " أجمل ح ّ
عليه أثناء بحثنا عن شيء آخر".
لم أفهم ..أتكون عثرت على حبيبها حين يئست من انتظاره و ذهبت عساها
تلتقي بسواه .أم هي عثرت على سواه أثناء بحثها عنه .المؤّكد أّنه حبّ قديم
اشتعل بعد غياب من رماده.
ل لم تحّدث أحًدا عدا ذلك الرجل. ي حديث .هي أص ً ما كانت جاهزة لفتح أ ّ
كأّنها جاءت لتكسر به حداد صمتها .تركُتها تعيش ذهولها به.
ت لها و أنا أوّدعها " بعد غد سنحضر العرض الّول لفيلم "..رّدت " قل ُ
ب هذه المناسبات".
اعذريني ،تدرين أّنني ل أح ّ
190
ل أربع سنوات.. قلت مازحة " أفهم ذلك ..يكفي أن تحضري مناسبة ك ّ
ب .برغم ذلك لن أدعك تعودين إلى خمولك سأهاتفك غًدا ..ربما لتعودي بح ّ
غّيرت رأيك ".
طها
في الغد عبًثا حاولت التصال بها بتوقيت ساعتنا الصباحّية .كان خ ّ
ضا بالستعداد للسفر .بعد يومين عاودت ل ،و كنت مشغولة أي ً مشغو ً
حا .قالت أّنها استيقظت باكًرا و أّنها تأخذ
التصال بها عند التاسعة صبا ً
فطورها على الشرفة .سألتني إن كنت أوّد المرور بها لنتناول الفطور مًعا.
أجبتها أّنني على أهبة سفر و ل وقت لي.
-كم ستتغّيبين.
-ثلثة أسابيع ..لكن اطمئني سأهاتفك من الجزائر بتوقيت
موعدنا.
معقول ؟ المر مكلف .ل تهاتفيني رجاًء. -
عّلقت مازحة:
-و ما دخلك في مصاريفي ؟ أنا أهاتفك لّني أحتاج أن أهاتف
أحًدا عند الساعة التاسعة !
ضحكنا كثيًرا.
قالت:
إذن دّقي دّقة واحدة عند الساعة التاسعة. -
قلت:
191
-صدقت .في النهاية ل يحتاج الحب الى أكثر من دقة السعادة
ضا التحايل على جبروت العاداتتكفيها دّقة واحدة ...و أي ً
الهاتفية !
احترمت وعدي كي ل أكسر عادتي.
ق دّقة على هاتفها عند التاسعة بتوقيت بيروت،
على مدى أسبوعين كنت أد ّ
الثامنة بتوقيت الجزائر ،السابعة بتوقيت لندن.
192
إّنه الجنون ...مجدّدا
ت صباحي بالتصال حال عودتي إلى بيروت ،استعدت عادتي الهاتفّية .بدأ ُ
ق الهاتف في بيتها
بكاميليا بتوقيت موعدنا عساني أعرف أخبارها .أخيًرا د ّ
ل مرة حاولت التصال بها من الجزائر . ل هذه المّرة كما في ك ّ
ما كان مشغو ً
ي صوت رجل! لكن المفاجأة كانت أن رّد عل ّ
193
من صدمتي اعتذرت منه و أعدت طلب الرقم .لكن الصوت نفسه رّد على
الطرف الخر من الخط.
سألته غير مصدقة تماًما:
هل يمكن أن أتحّدث إلى كاميليا ؟ -
أجاب الرجل:
-إّنها عند الحلق.
حا عند الحلق ؟! التاسعة صبا ً -
لم أناقش الرجل في ما يقوله .كنت أريد مناقشتها هي .متى دخل هذا الرجل
في حياتها ؟ أيكون هو ذلك الرجل الذي التقت به ذلك اليوم في البهو ؟ و هل
يمكن أن تسافر مع رجل التقت به قبل أيام ؟ مثل هذا التصرف ل يشبهها .أو
ل الخر عاد .لماذا لم تخبرني بذلك إذن ؟ لعّلها خافت أن أعود و أحّذرها لع ّ
منه .استناًدا إلى عام من العذاب .و ماذا لو كان صديًقا قديًما أو مشروع ح ّ
ب
سابق وجد الن فرصته لدخول حياتها .فكثيرون كانوا يتمّنونها حبيبة و
و أخلصت له من دون الرجال .كان في وفائها يحسدون من اختارته
ظهم.
ي له إهانًة معلنًة لرجولتهم ربما عادوا الن ليجّربوا ح ّ المرض ّ
كنت سأستدرجه للكلم .عساه يقول ما يشي به .لكّنه هو من قال ما فاجأني:
سأخبرها أّنك اتصلت .ثّم أضاف بضحكة مخاتلة ..ألست -
ب لينسيك الموت .لذا كّلما تنازلت عن مساحة ستكون أسعد ؟ ُوجد الح ّ
من ذكرياتك تقّدم الموت و احتلها.
ل الدوار و أصبحت في دور المتهم وجدتني أدافع عن نفسي: انقلبت ك ّ
أنا ما أردتها أن تتخّلى عن ذكرياتها .بل فقط عن رجل عّذبها و -
195
و ن وحده الفيل يتذّكر ؟من قال أّنه نسي ؟ أتعتقدين أ ّ -
غا:
جاء جوابه مراو ً
ل لو كنت نسًرا .أنا مجّرد رجل .لكن النساء عامًة ل كان جمي ً -
الرجال !
معلوماتي تقتصر على الحيوانات التي أحببت. -
في المرة القادمة أحّبي نسًرا كي تطمئني إلى كونه سيعود .فالفيل -
ضا ؟!
ل أي ً و هل أحببت في ً -
196
كنت سأفعل طمًعا في وفائه .لكن عيوب الفيل أكبر من حسناته -
ب رجل. لذا ألغيت المشروع .سأكتفي بح ّ
ن الرجال جميعهم خونة ثّمة سادة للوفاء لماذا تعتقد النساء أ ّ -
جاهزين للموت عشًقا .كما ثّمة نساء خائنات يقتلن في الرجل رغبته
في الخلص .الرجل يحلم بامرأة يخلص لها بإمكانه أن ينتظرها عاًما
ل نساء الرض فقط من أجل شهقة و أكثر سيستعين بذكراها على ك ّ
اللقاء حين يعود لها.
ظننتني أمسكت بدليل على أّنه الحبيب السابق .سألته:
هل أفهم أّنك عائد من الماضي ؟ -
أنا ل أدافع عن الماضي .أنا أؤمن بالحيوات العّدة لقلب واحد -
ليس أكثر.
أسقط بيدي .هذا رجل خارج التقويم الزمني العاطفي .لن أعرف أبًدا من
يكون .لكّنني أتوّقع أن يكون أحّبها بجنون في زمن ما.
كما حين قال:
أتظنين العشاق الذين انصرفوا باكًرا مستغرقين في النسيان ؟ -
عذًرا ..أدري أّنك تستعد للسفر أشكرك لّنك أعطيتني من -
وقتك...
عندما أعطي أنسى. -
ل أنسى لطفك برغم كوني أعمل على النسيان ! لكن من واجبي أ ّ -
إّنه استثمار سيء ..لقد اشتريت إفلسك .ل أفقر ممن ل ذكريات -
له !
لن أكون المفلسة الوحيدة ..العالم كّله يمّر بأزمة اقتصادية. -
الجميع أفلس.
و لّنه أفلس يحتاج إلى ذكرياته و ماضيه.. -
ذكرياته الجميلة ..ل البائسة .المطلوب ذاكرة انتقائّية ..ل يمكن -
أن نسمح للذين آذونا أن يواصلوا العبث بحاضرنا .أًذى واحد يكفي .و
ل تقل " اغفري " أنا ل أغفر ! هل تغفر أنت ؟!
199
ل أًذى .لّنك ل تتناولينه بجرعات ب أص ً
ب ؟ الح ّتقصدين في الح ّ -
ب..
أتكون طاعًنا في الح ّ -
طاعن في الذى. -
حاولت أن آخذ " الذى " مأخذه الجمل.
قلت:
في جميع الحالت يسعدني أن أكون شاهدة على حّبكما. -
قال كما ليذكرني بدوري السابق في إقناعها بنسيانه ,قاطعا علي طريق
العودة للتدخل في قصتهما .
العشاق و الشرفاء ليسوا في حاجة إلى شهود. -
حا أّنه يعاتبني و يلغي دوري في حياتهما بعد الن .ككل الرجال هو كان واض ً
ل يطمأن الى الصديقات الئي يحطن بحبيبته .يدري قدرتهن على تشكيل
حزب في مواجهته عند أول خلف .انه كأي حاكم ل يرضى بتأسيس اي
تجمع خارج الحزب الحاكم .
راودني الحساس أّنه قد يسعدها لّيام ثم سيستفرد بتعذيبها .و لن تجرؤ
على أن تعود لتشكوه لي مجدًدا.
قلت:
200
ن لي طلب عندك .ربما لن تسمعني لقد عاودت التصال بك ل ّ -
مجدًدا .ربما لن نلتقي أبًدا .لكن لي ثقة في شهامتك .أّيا كنت عدني أ ّ
ل
تعذبها .فقد تعّذبت كثيًرا في الشهر الماضية .ما عاد لي من وقت و ل
جهد لمساندتها مرة أخرى .كن أنت سندها حتى حين تكون أنت
الخصم .إّني أودعتك إّياها.
و أغلق الخط.
203
ن منخرطات في حزب النسيان و عينهن على يردن بالضبط من الحياة .ه ّ
الرجال .يقلن " ل " و يضمرن " نعم ".
ت شهرين في إقناعها بالنسيان و ما كاد يقول لها هذا كهذه المجنونة التي أنفق ُ
الرجل " هاي " حتى قالت لي " باي " و لحقت به .بل لم تقل لي حتى
ل بها .و ل كيف تطّورت المور بهذه السرعة " باي " و ل أخبرتني بما ح ّ
و حصلت المعجزة .أليس من حّقي أن أعرف ؟! أهاتفها فيطلع بينهما
ل شيء عّني لي رجل ..ل أعرف حتى الن من هو! معقول ؟! يعرف هو ك ّ
و ل أعرف حتى اسمه.
ب بسعادتهل .حين يجيء الح ّ ب ل مبا ٍيا ال كم الفرح أناني .و كم الح ّ
الخرافية تلك .تنسى الخت أختها .و الصديقة صديقتها .و يتنّكر الب
لولده ..و الولد لّمهم.
ب مجّرة ل علقة لها بأفلكنا .كاميليا الن في كوكب على بعد سنوات للح ّ
ضوئّية من عالمي الرضي .ل يمكنها رؤيتي حتى بالعين المجّردة.
باختصار ما عدت موجودة بالنسبة لها .و قد كنت على مدى شهرين ك ّ
ل
حياتها.
ي بشهقة الفرحة من كوكبها أخذت السماعة و طلبتها على جّوالها .فرّدت عل ّ
و هي وسط ضجيج صالون الحلقة.
-أهل ..حبيبتي اشتقت لك ..متى وصلت ..طمنيني عنك..
-وصلت البارحة حاولت التصال بك لكن..
أنا ل أسمعك جّيدا إّني في صالون الحلقة.. -
-متى أراك ؟
-سيكون صعًبا أن نلتقي اليوم ..سأغادر إلى المطار بعد
ساعتين ..أراك حين عودتي بعد أسبوع أو أطلبك من هناك..
204
-أحتاج أن أراك قبل أن تغادري..
-هل ثّمة شيء ؟
) سبحان ال تسألني أنا إن كان ثّمة شيء أو " خبر عاجل " ما ؟ (
-ثّمة أشياء ..ل بّد أن نلتقي قبل سفرك ..أعطني عنوان
الصالون حيث أنت سأكون عندك بعد نصف ساعة على أبعد
تقدير.
جلت عنوان الحلق على ورقة بيضاء كانت على مكتبي .ثّم تنّبهت إلى سّ
شيء .فجلست في مكتبي .قلبت الورقة و رحت أكتب على وجهها الخر
صه في ذهني .فالكلم في مثل هذه الحالت ل جدوى منه ! تعّهدا خطر ن ّ
ارتديت ثيابي على عجل و لحقت بها عند الحلق .كانت الصبغة على
ي بشيء من الستغراب.شعرها .وقفت تسلم عل ّ
قالت:
-شغلتي لي بالي هل ثّمة شيء؟
ت أن ألحق بك يا عزيزتي لتوّقعي لي هذه الورقة قبل أن تأخذي
أرد ُ -
الطائرة..
ت إلى الورقة باستغراب و أخذتها مّني و راحت تطالعها بفضول.
] نظر ْ
كان على أظافرها طلء لم يجف بعد .أمسكت بالورقة بحذر بإصبعين و
هي مدهوشة ل تفهم ما الموضوع.
أخذت منها الورقة وضعتها على الطاولة الصغيرة المقابلة لها تحت المرآة.
و قلت:
205
ي رجل .أتوّقع أن يكون حبيبك المنتظر أو
طلبتك في البيت و رّد عل ّ -
ق ذلك .هذا رجل من سللة النسور. هو من انتظرته لكّنه كان يستح ّ
ل أسميته " الرجل النسر " .كان خوفي أن تكوني إّنه طائر نادر فع ً
جَد
انتظرت واحًدا من الرجال العصافير الذين ينقرون الفتات حيث ُو ِ
و يطيرون.
نجحت في سعدت لكلمي .امتلت ملمحها بهجة .كما لو أّنها
المتحان.
206
قلت:
ن من
ن مثل هذا الرجل سيعاود الطيران .إ ّعليك برغم ذلك أن تعلمي أ ّ -
208
تعّهد
طلعت على هذه الوصايا .و أتعّهد أمام اّ أنا الموقعة أدناه أقّر أّنني
ب ،و أمام القارئات ،و أمام خلق ال أجمعين المغرمين نفسي .و أمام الح ّ
منهم و التائبين ،من الن و إلى يوم الدين .بالتزامي بالتالي:
ب أبدي. ب و أنا على ثقة تاّمة أّنه ل وجود لح ّ • أن أدخل الح ّ
• أن أكتسب حصانة الصدمة و أتوّقع ك ّ
ل شيء من حبيب.
ق دموعي .فالذي يستحّقها حّقا
ل أبكي بسبب رجل .فل رجل يستح ّ أّ •
حا
بيروت التاسعة صبا ً
18مارس 2009
209
!و الن ..حّلوا عني
في الغد ،استيقظت باكًرا .صديقتي التي حاولت إنقاذها من ذاكرة الساعة
التاسعة .سافرت و أورثتني " ساعتها ".
ذهبت مع حبيبها و تركت لي جّثة هاتف .ينوب عنها " .إذا رميت طوق نجاة
إلى غريق فسيطالبك حتًما بركوب سفينتك "!
كاميليا ركبت مركب الحب مجددا و ها هي وصلت إلى الشاطئ )لن أقول
ب!( إلى بّر المان فأنا ل أثق في ما ينتظرها في الجزر المسحورة للح ّ
ما عاد لها من عقل لتذكرني ،أردتها أن تنساه فنستني خلفها أجدف في بحار
ل يوم عند الساعة إّياها !
الذاكرة ،ك ّ
كان صوتي خدعة عاطفّية تكسر ساعتها الداخلّية ،تخّفف بالكلمات ،زرقة
ل صباح في تضليل هاتف ّ
ي الكدمات التي تركها الفقدان .قرص حنان تتناوله ك ّ
ينسيها هاتًفا ل يأتي.
ل..ي الن أن أعثر على من يهاتفني في الساعة نفسها و لو تضلي ً صار عل ّ
ي نيكوتين عادة هاتفية عل ّ
ي ] تّبا لها ..لقد أوجدت لي حاجة جديدة .بّثت ف ّ
الن الشفاء منها.
210
ثّمة خيارين :أن أباشر بالبحث عمن يهاتفني من الصديقات .و في هذا
الدواء داء ل أريده .أو أسمح لرجل أن يقوم بهذه المهمة الهاتفّية " العاطفّية
ي لحًقا أن أستعين برجل آخر لتخّلص من طغيان عادته ، " .و سيكون عل ّ
ي أّنني سأكّرر حماقة الشعوب العربّية التي درجت عبر و أستعيد حرّيتي .أ ّ
التاريخ أن تتّكئ على محتل لتتخّلص من طاغية !
ل آخر حضرني للتو .أن أعيد قراءة هذا الكتاب عساني أتعّلم منه كيف ثّمة ح ّ
أنسى .فل أعرف أحًدا غيري أولى بقراءته.
و الرجال أحتاج أن أنسى أّول صديقتي و حبيبها ،و الرجال النسور،
و الفيلة .و ك ّ
ل ل الذكور و العصافير و السود الصقور ،و ك ّ
الحيوانات البشرية ،التي تمشي على هذه الرض ،من عقارب و أفاعي و
حرباء " .و مالك و مال الحيوانات؟ " ستسألني ليلى و الساذجات مّمن
خالفن وصايا النسيان ،و سيأكلهن الذئب الحبيب .و لن أجيب.
حا لحد .أصدقاؤك الحقيقّيون ليسوا في حاجة إليها و " ل تقّدم أبًدا شرو ً
أعداؤك لن يصّدقوها ".
ن تحملن إليها الفاكهة لقد قمت من أجلّكن بما لم تقم به الجّدة الطّيبة التي كنت ّ
) أو كنتن تتذّرعن بزيارتها ن الذئب في الغابة. حين تحّرش بك ّ
" حضانة عاطفّية " في النترنت لتتحرشن به !( و فتحت لك ّ
ن
لستقبال ضحايا الذكريات التعيسة ،قصد إعادة تأهيلكن للحياة.
و الن " حّلوا عّني "!
حا.
إّنها التاسعة صبا ً
ت لك ّ
ن هنا ينتهي الكلم المباح عن عمركن المستباح باسم الحب .لذا ترك ُ
ب و النسيان .ربما صفحات بيضاء ،إملنها بما تشأن من حكاياتكن مع الح ّ
ي.
أهديتن الكتاب بعد ذلك إلى صديقة ..أو إلى حبيب منس ّ
211
ل تنسين في خضم النسيان أن توّقعن تلك المعاهدة .و أن ترسلن إشعاًرا بذلك
إلى موقع nessyane.comليضاف إلى توقيع كاميليا و توقيعي و توقيع
حزب الصديقات.
+من المفروض أن نجمع أربعين ألف توقيع نسائي بعدد نسخ الطبعة الولى
ل إذا قام الرجال بشراء نصف الكمّية من النسخ عن من هذا الكتاب وحده ) .إ ّ
فضول ..أو لمصادرة حّقنا في النسيان (.
أما الهم فأن تحفظن وصايا هذه المعاهدة جّيدا .توفيًرا لشهر من العذاب و
أعوام من الوهام.
ل تأتي إحداكن في المستقبل لتشكوني ذاكرة عشقّية ما. أتمّنى أ ّ
دبروا راسكم ما عاد لي علقة بالنسيان .سأشرع فوًرا بكتابة " فصل الفراق
".
بعد الن .النسيان " ....نسيانُ .كم "!
ديسمبر 2007
215
أّيها النسيان هبني قبلتك
216
نسياني ..يا نسياني
امرأة تشبهني يوما بكت
من رجل كم يشبهك
ها هي ذي اليوم سلت
هو هناك
و هي هنا تراقصك
حزيران 2007
217
أبًدا لن تنسى
لك وحدك
كانت كلماتي تخلع خمارها
و القلب تحت خيمتك
ضا ضيف ح ّ
ب يجلس أر ً
تطعمه بيدك
* * *
كم احتفاًء بي
نحرت من غنيمة
ثمّ ذات غيرة بيدك تلك
جوًرا نحرتني
* * *
أبًدا لن تنساني
أبًدا لن تنسى
أبٌد من الندم ينتظرك
من أضاعني قضى وحيًدا كحصان
ل مربط بعدي لقلبه
يناير 2006
218