Professional Documents
Culture Documents
-1إسمه
الزرنوجى نسبة إلى بلده زرنوج ،وهى كما يقول القرشى
صاحب الجواهر المضيئة ،1من بلد الترك .أممما يمماقوت الحممموى
فقال عنها فى معجمه :2بلد مشممهور بممما وراء النهممر بعممد خوجنممد
من أعمال تركستان.3
وممما وراء النهممر هممى البلد الواقعممة وراء نهممر جيحممون
بخراسممان الممتى قممال عنهمما يمماقوت :مممن أنممزه القمماليم وأخصممبها
وأكثرها خيرا .4وأول من أرسل الجيوش لفتحها هممو الحجمماج بممن
يوسف )توفي 95هم 714 /م( بأمر من الخليفممة مم عبممد الملممك بممن
مروان بن الحكم )توفي سنة 86هم 705/م(.
1
-2شخصيته
إن قلة المعلومات حول حياة الزرنمموجى ل تغنممى بالتممالى
استحالة تكمموين فكممرة عممن شخصمميته الممتى تلمسممها بوضمموح فممى
كتابه ،فمن خلل قراءة كتاب )تعليم المتعلم( تتبين لنا ملمح تلممك
الشخصممية فهممو :فقيممه حنفممى متعصممب لمممذهبه ،وتبعيتممه لمممذهبه
تظهممر فممى مصممنفه الممذى أورد فيممه العديممد مممن الستشممهادات
والقوال السائرة ،أغلبها لعلماء وفقهاء أحناف ،مع أن الكتمماب ل
يمت بصلة إلى أى من مواضمميع الفقممه ول يتنمماول مممذهب المممام
أبى حنيفة بأية دراسممة ،وتظهممر أيضمما بتلميحممه إلممى بعممض كتممب
الحناف المختصرة فى الفقه ،التى رأى أن علممى المتعلممم حفظهمما
فى بداية طريق التعلم ،بل أوجب تقطيممع الممورق للكتابممة علممى ممما
كان يفعله المام أبى حنيفة )انظر ص .(84
عممذا اهتمممام الزرنمموجى بالناحيممة الفقهيممة ،فقممد وصممفه
المستشرق بلسنر) ( Plessnerبأنه فيلسوف عممربى .1ول نممدرى
علممى أى مرجممع اعتمممد فممى تأكيممده لدراسممة الزرنمموجى الفلسممفة
2
ورسمه بالفيلسوف ،أما أن يكون الزرنوجى عربيا فهذا وهم بين،
فإن صاحبنا ولد ونشأ فى منطقة توصف بأنهمما مممن )بلد الممترك(
فهو ليس عربيا رغم معرفته وكتممابته بالعربيممة والممتى كممانت لغممة
الحضارة السلمية فى كل بلد السلم ،كما أنممه ليممس هنمماك ممما
يدل على أن أصله مممن العممرب القمماطنين فممى تلممك المنمماطق .كممما
يحرص مؤلف كتب التراجم على ذكر هذه النسبة فيمن تتوفر له،
ولذلك فقد كان من الجممدر بممه أن يعممرف الزرنمموجى بممأنه :عممالم
تربوى أو فقيه حنفى أو غير ذلك مما يتناسق مع شخصمميته ومممما
يتوفر له الدليل.
وبهممذه النسممبة أيضمما عممرف رجممل آخممر هممو النعمممان بممن
إبراهيم الزنوجى ،ذكره صاحب الجممواهر المضميئة 1فممى ترجمممة
المؤلف فقال :هو فى طبقة النعمان بممن إبراهيممم الزرنمموجى ،وقممد
توفي م كما ذكر فى موضع آخر 2م عام 1242 /640فى بخارى.
لقبه :تماج المدين ،وكممان أديبمما ،ولمه الموضمح فمى شممرح مقامممات
الخريرى.
3
-3شيوخه
أخذ الزرنوجى العلم عن عدد من مشايخه وعلماء عصره
المشهورين والمكثرين من التصنيف فممى الفقممه والدب ،يجمعهممم
قاسم مشترك وهو كونهم من الحناف .ول شك أن دراسة المممرء
العلم على رجال من مدرسة فكرية ومذهبيممة واحممدة ،وخصوصمما
المممدارس الممتى تكممونت لهمما جممذورا علميممة عميقممة ولعبممت دورا
مجتمعيا هاما ،إن هممذه الدراسممة عليهممم تممترك بصممماتها واضممحة
ثابتة على منهجه العلمى الذى لن يجعل سوى متابعة ذات التمموجه
الفكرى ول يحيد عن طريقه وذلممك مممما يمكممن أن يمدرك بسممهولة
تامة.
إن مرجعنا الرئيسى فى التعرف على مشممايخه هممو كتممابه
فقد ذكر فيه عددا منهم وأورد أقوال تنسب إليهم.
أمما أشمهر ممن أكمثر النقمل عنمه فمى مواضمع عديمدة ممن
الكتاب فهو برهان الدين علي بممن أبممى بكممر المرغينممانى المتموفى
عام 1197 /593م وصاحب كتاب الهداية فى الفقممه وكممثير مممن
التصانيف وهو من كبار فقهاء الحناف فى عصره.
4
والخرون فمنهم:
-ركن السلم محمد بن أبى بكر المعروف بخواهر زاده
أو إمممام زاده ،مفممتى أهممل بخممارى وهممو فقيممه وأديممب
وشاعر ،توفي عام 1177 /573م.
-حماد بن إبراهيم :فقيه وأديممب ومتكلممم تمموفي عممام 576
هم 1180 /م.
-فخممر الممدين الكاشممانى :وأغلممب الظممن أنممه أبممو بكممر بممن
مسعود الكاشممانى صمماحب كتمماب )بممدائع الصممنائع( فممى
الفقه ،توفى عام .1191 /587
-فخممر الممدين قاضممى خممان الوزجنممدى ،لممه العديممد مممن
المؤلفات الفقهية وكان مجتهدا ،توفي .1196 /592
-الديممب المختممار ركممن الممدين الفرغممانى :فقيممه وأديممب
وشاعر ،المتوفى عام .1198 /594
-4مؤلفاته
5
عرف برهان السلم الزرنوجى بأنه مؤلمف كتماب تعليمم
المتعلم ،ولم يشتهر كتابه بنسبته إليممه عكممس مممن المصممنفين ،فقممد
ترجم له غير واحد بأنه ) ...مصنف كتاب تعليممم المتعلممم( .1وهممذا
دليل على شهرة أمممر الكتمماب لهميتممه مممع قلممة المعلومممات حممول
صاحبه كما سبق ذكره.
عدا ذلك فإننا نستنتج فائدة أخممرى ،وهممى أن هممذا الكتمماب
هو المصنف الوحيد الذى كتبه الزرنوجى ولم يكن له نتاج علمممى
آخر ،ل فى التربيمة ول فمى الفقممه أو غيمره مممن العلمموم طالممما أن
جميع من حكى عنه اكتفى بذكر كتابه هذا.
وعلى ذلك فإن ما كتبه المستشرق بلسممنر فممى الموسمموعة
السلمية 2من أن تعليم المتعلم) :هو الكتاب الوحيد الذى بقى مممن
مؤلفممات الزرنمموجى( يحمممل فممى ضمممنه التأكيممد علممى أن هنمماك
مؤلفات أخرى له وأنها ضاعت واندثرت .ونحن نعتبر أن ما قاله
بلسنر هو محل ادعاء لمر غير موجود طالما أنه لم يورد الممدليل
الميسرة ص .923
.345 /10 2
6
عليممه ،صممحيح أن الغممزو المغممولى الممذى حممدث أواخممر أيممام
الزرنوجى وفى بلده بالممذات ربممما يكممون قممد أبمماد ودمممر ،إل أن
القضية تبقى فى جانب الظن.
1ذكر فيليب حتى فى تاريخ العرب أن الكتاب ألف عام /2 ) 1302 /600
.(497
8
فقد ذكر آلوارت 2أن الزرنوجى قد نبممه ذكممره حمموالى عممام /620
،1223ووجدنا ما يؤيده وذلك فيما كتبه القرشى فى الجواهر من
أن الزرنمموجى هممو فممى طبقممة النعمممان بممن إبراهيممم الزرنمموجى
المتوفى عام 640هم .فإن لم يكن الزرنمموجى قممد تمموفي فممى ذلممك
العام م مع إمكانية حدوثه م فقد تمموفي قريبمما لنممه عاصممر النعمممان
وعاش فمى نفمس الجليمل أى الثلمث الول علمى القمل ممن القمرن
السابع الهجرى.
وبذلك يمكن لنا التأكيد على أن الزرنمموجى قممد عمماش فممى
الفترة ما بين منتصف القرن السادس إلى نهايممة الثلممث الول مممن
القرن السابع الهجرى وعلممى أن ممما كتممب عممن سممنة وفمماته وهممم.
وهذا التحديد يعنينا بشكل خاص للحرص على صحة نقل كممل ممما
يمس الزرنوجى من معلومات.
والزرنمموجى مم ككممل إنسممان غالبمما مم ابممن عصممره وبيئتممه
بأفكمماره وعلممومه ومعتقممداته وهممو أيضمما ككممل مثقممف وكمماتب أو
مشارك فى ثقافة عصره يتأثر بواقع بيئته السياسممى والجتممماعى
9
والعلمى والحاضرى ليقدم بعد ذلك نتاجا يممؤثر فممى واقعممه ،علممى
اختلف فى درجة التأثير والتغيير.
فما هو عصر الزرنوجى؟ وما هى سمات تلك الفترة التى
عاش فيها؟
-6عصر الزرنوجى
لعل القرنين السادس والسابع الهجرييممن حمل الكممثير مممن
ملمح القرون السابقة التى شهدت انفصال حقيقيا بيممن الوضمماع
السياسية وبين ازدهار المدنية السلمية .ففى المموقت الممذى نممرى
فيه الصراع السياسى وتفكك الدولة العظمى إلى إمارات ومناطق
نفوذ ،ندهش لما أنتجتمه تلمك المدنيمة ممن أفكمار وعلموم ،وعلمماء
وأدباء فى شتى نواحى المعرفة.
وهذان القرنان )السادس والسابع( وإن حمل تلك الملمح
البارزة ،فقد اختصا بمعاصرة الرياح العاتية التى ضربت شممجرة
الحضممارة ،وذلممك مممن البممدايات الولممى للهممتزاز حممتى الهجمممة
العنيفة التى أطاحت بكثير من أجزاء كيان تلك الشجرة.
10
وعليه فمن كان ابن ذاك العصر سمميحرص بالتأكيممد علممى
المشاركة قدر طاقته فى المحافظممة علممى ممما لممدى بيئتممه وزمممانه،
ورد المور إلى أصولها ،وذلك كحد أدنى إن لمم يسمتطع أن يعيمد
هو ما فقدته أمته خلل التصادم.
أما من ناحية المدنية السلمية فقد تابعت وقممتئذ مسمميرتها
وازدهرت ثقافتها رغم كل الظروف الصعبة مممن حممروب داخليمة
مممدمرة ومممن تعممدد المممذاهب الكلميممة والفلسممفية وكممثرة الفممرق
والمذاهب .وقمد قممام السمملجقة بمدور همام فممى إيجمماد مكمان ثممابت
للزدهار بعد أن قضوا نوعا ما على الهتزاز السياسى الذى كاد
أن يدمر الحضارة وأعادوا للخلفة العباسية بعض مظهرهمما ،مممع
احتفمماظهم بالسمميطرة الفعليممة لنفسممهم ،وذلممك فيممما وراء النهممر
وفارس والعراق .والمضمون الثقافى لهذا الستقرار النسبى كممان
فممى جهممد السمملجقة بإنشمماء المممدارس والمؤسسممات التعليميممة
والمعاهد الدينية ،والذى يمكن اعتباره العمل الول من نموعه فمى
التاريممخ السمملمى .وقممد كممانت المدرسممة النظاميممة فممى نيسممابور
وبغداد أنموذجا لتخريج العلماء وللنشر الثقافى والفكر المتطور.
11
وكذلك كان الحال أيام اليوبيين ،الذين دامت سلطتهم مممن
سمنة 546همم إلمى 647همم ،والمذين تفوقموا علمى السملجقة فمى
رعاية العلم والثقافة بإنشاء المدارس المتعددة التخصصات والتى
فتحت أبوابها لكل راغب فى التعلم .كما وان كثرة عممدد المممدارس
كان صورة واضحة المعالم عن عمق الثقافة وأثرها فى المجتمممع
المسلم.
أما الوضع السياسى فقد كان يعممانى فممى جبهممتين :داخليممة
وخارجية .فالوضع الداخلى كان قد وقع فممى تمممزق عنيممف نتيجممة
صراع السمملجقة المتممأخرين وبالممذات أبنمماء السمملطان السمملجوقى
ملكشا كاد يدمر ما رممه أوائلهممم .أممما المعانمماة الخارجيممة فكممانت
نتيجة الهجمات الغربيممة الممتى سممميت بممالحروب الصممليبية .وهممذه
الحروب م كما يرى ابن الثيرم سلسلة مممن الممردود الغربيممة علممى
التوسممع السمملمى والممتى بممدأت بالهجمممة علممى النممدلس وغممزو
طليطلة عام 478هم 1085 /م .1وقممد تتممابعت الحملت الصممليبية
12
على المشرق المسلم بشكل متواصل حممتى بممدايات القممرن السممابع
الهجرى.
ورغم أن السمملجقة المتصممارعين نجحمموا فممى رد الغممزو
الصليبى ،فقد وجد الصليبيون لنفسهم موطئ قدم فى هممذه البلد،
ولم يفلح فى إزاحتهم عنه سمموى السمملطان اليمموبى صمملح الممدين
فممى معركتممه الكممبرى لسممتعادة بيممت المقممدس عممام ،583/1187
ومن ثم طردهم نهائيا على يد السمملطان المملمموكى قلوون )حكممم
من سنة (689-678وابنه الملممك الشممرف خليممل ) .(693-689
ومن ناحيممة أخممرى تعممرض العممالم السمملمى إلممى ضممربة عنيفممة
أخرى ،أقوى من سابقتها ،وكانت على يد التتار .وكان أثرهم فممى
التدمير كبيرا لدرجة أنهم قضوا على كل مظهر حضممارى ،حممتى
أن المؤرخ ابن الثير اعتبر أن وصفه لهذا الحدث سمميكون )نعيمما
للسلم والمسلمين( .1وقد بدأ غزوهم للعالم السلمى عام ،617
بدءا من بلدهم على حدود الصين إلى أطراف بلد الشممام ،وبيممن
هاتين المنطقتين دمروا كل ما وجد فى طريقتهم.
13
تلك لمحة تاريخية عن الفترة التى عمماش فيهمما الزرنمموجى
بإزدهارها وبكوارثها .ول شك أن هذا التصادم الثقافى م الحربممى
مع الصليبيين ،والتدميرى مع المغول ،أثار فممى نفمموس المسمملمين
وعيا للخطر الثقافى عليهم ورغبة فى التمسك بالصممول والعممودة
إلى الخذ بمناهج القديم.
ومن هنا فإن فى طيات كتمماب الزرنمموجى لمحممة مممن هممذا
التوجه الذى يعبر عن مشاركة المؤلف فى قضايا بيئته وعصره.
أما قضية العودة إلى الصول والتمسك بمناهجه فهو أمممر
شديد الحساسية ويتطلب دقة فى السلوك الفكرى ،فما حدث سممابقا
فى تلك الفترة وإن يكن معبرا عن إيجابية فممى ضممرورة العتممماد
على الجذور الحضارية الصمميلة إل أنهمما كممانت فممى ذات المموقت
أثرا لردة فعل وبرأينا إن ردات الفعل قلما تنتهج الطريممق السمموى
الموصل للهممدف .ولهمذا ،فممإن العممودة إلممى الصممول أدت ببعممض
المسلمين وقتها إلى التقوقع الفكرى وبالذات إلى التقوقع الممتربوى
التعليمممى ،وذلممك بحصممر التربيممة والتعليممم فممى ثمموابت ثقافيممة لممم
تستطع الخروج منها طيلة قرون.
14
-7تقريب الكتاب
يحتل موضوع التعلم مكانا بارزا فى علم النفس التربوى،
لما لممه مممن دور مهممم فممى العمليممة التربويممة التعليميممة .ولممه أيضمما
المكانة الرئيسية فممى علممم النفممس العممام ،فممإن كممثيرا مممن العممادات
وأنماط السلوك والقيم والتجاهات يمارسممها النسممان بعممد تعلمهمما
مممن خلل احتكمماكه بظممروف الحيمماة العامممة .كممما أنممه مممن خلل
دراسة التعلم تتمكن المؤسسات التربوية من وضع خطط التمموجيه
السليم لفرادها لتصل بهم إلى الهداف الموضوعة لهم.1
ومن هنا تأتى أهمية كتاب الزرنوجى عن )طريق التعلممم(
الذى يعطينا فهمه وتصور عصره للملمح العملية لكيفيممة تطممبيق
أسس النظرية السلمية التربوية .وهو فى عرضه لتلك الملمممح
يتبنى بعض ما كان معروفا قبله من الكتب والبواب م والفصممول
المتخصصة فى العلم والتربيممة ،كممما يصممف الملحظممات المبنيممة
على التجارب الشخصية وخبرة معلميه .لذلك فإن عملية التعممرف
علممى )طريممق التعلممم( الممذى وضممعه الزرنمموجى يجممب أن تنتهممج
انظر كتاب ) التعلم( للدكتور إبراهيم محمود ،المقدمة. 1
15
السلوك المعتدل فى الحكممم عليممه ،فل يبممالغ المممرء بالعجمماب بممه
ويقول بسبق الزرنوجى لعلماء التربية الحديثة فى بعممض السممس
التعليمية ،ول يبالغ أيضا بالرفض ويصف الكتمماب بعممدم الهميممة
بسبب بعض الراء الواردة فيه التى ل تتجاوز مفاهيم عصره.
فى ثلثة عشرة فصل يعرض الزرنوجى تصوره لطريق
التعلم ،ويرى أن هذا الطريق هو السلوب المثال لعمليممة التعلممم،
وأن ما يعرضه هو نصيحة للمتعلميممن يجممب الخممذ بهمما وإل فلممن
يتمكنوا مما يرغبون به.
مقدمة
16
فلما رأيت كثيرا من طلب العلم فممى زماننمما يجممدون إلممى
العلم وليصلون ]ومن منافعه وثمراته م وهى العمل به والنشممر مم
يحرمون[ لما أنهممم أخطممأوا طريقممه وتركمموا شممرائطه ،وكممل مممن
أخطممأ الطريممق ضممل ،ولينممال المقصممود قممل أو جممل ،فممأردت
وأحببممت أن أبيممن لهممم طريممق التعلممم علممى ممما رأيممت فممى الكتممب
وسمعت من أساتيذى أولى العلمم والحكمم ،رجماء المدعاء لمى مممن
الراغبين فيه ،المخلصين ،بالفوز والخلص فى يوم الدين ،بعد ما
استخرت ال تعالى فيه ،وسميته:
1
تعليم المتعلم طريق التعلم
وجعلته فصول:
فصل :فى ماهية العلم ،والفقه ،وفضله. .1
فصل :فى النية فى حال التعلم. .2
فصممل :فممى اختيممار العلممم ،والسمماتذ ،والشممريك، .3
والثبات.
فى الصل والمخطوطين .. :فى طريق التعلم ،وربما تكون )فى( من 1
إضافة الناسخ أو وهمه ،خصوصا أن عنوان الكتاب كمما همو أعله نقلممه
غير واحد من مؤلفى كتب الرجال واكتفينا بالسم الذى اشتهر به الكتاب
والمر قريب على كل حال.
17
فصل :فى تعظيم العلم وأهله. .4
فصل :فى الجد والمواظبة والهمة. .5
فصل :فى بداية السبق وقدره وترتيبه. .6
فصل :فى التوكل. .7
فصل :فى وقت التحصيل. .8
فصل :فى الشفقة والنصيحة. .9
.10فصل :فى الستفادة واقتباس الدب.
.11فصل :فى الورع.
.12فصل :فيما يورث الحفظ ،وفيما يورث النسيان.
.13فصل :فميمما يجملب المرزق ،وفيمما يممنع ،وما يزيمد فممى
ينقص. العمممر ،وما
وما توفيقى إل بال عليه توكلت وإليه أنيب.
18
فصل
فى ماهية العلم ،والفقه ،وفضله
رواه ابن ماجه كما روى البيهقى فى شعب اليمان الممى قمموله :مسمملم 1
وهو علم أصمممول الدين وعلم الفقه ،والمراد مممممن الحممممممممال ههنمما: 2
20
قيل لمحمد بمن الحسمن ،1رحممة الم عليمه :لمما لتصمنف
كتابا فى الزهد؟
قال :قد صنفت كتابا فى البيوع ،يعنى :الزاهد من يحممترز
عن الشبهات والمكروهات فى التجارات.
وكذلك فى سائر المعمماملت والحممرف ،وكممل مممن اشممتغل
بشيئ منها يفترض عليه علم التحرز عن الحرام فيه.
وكذلك يفترض عليه علم أحوال القلب من التوكل والنابة
والخشية والرضى ،فإنه واقع فى جميع الحوال.
وشرف العلم ليخفى على أحد إذ هو المختص بالنسممانية
لن جميممع الخصممال سمموى العلممم ،يشممترك فيهمما النسممان وسممائر
الحيوانات :كالشجاعة والجراءة والقوة والجممود والشممفقة وغيرهمما
سوى العلم.
محمد بن حسن الشيبانى أخذ العلم عن أبى حنيفة وتتلمذ لبى يوسف 1
تفقه بفقه أهل الحديث وأهل الرأى معما ،لمه الفضمل فمى تمدوين فقمه أبمى
حنيفة ،وله العديد من المؤلفات وروايتممه لموطممأ المممام مالممك مشممهورة،
أصله من حرستا بدمشق ،نشأ بالكوفة وتوفى بالراى عام 189هممم805 /
م.
21
وبه أظهر ال تعالى فضل آدم عليه السلم على الملئكة،
وأمرهم بالسجود له.1
وإنما شرف العلم بكونه وسيلة الى الممبر 2والتقمموى ،الممذى
يستحق بها المرء الكرامة عند ال ،والسممعادة والبديممة ،كممما قيممل
لمحمد بن الحسن رحمة ال عليهما شعرا:
تعملمم فممإن المعلمم زيمن لهمملممه
وفممضمل وعممنموان لمكمل ممممحاممد
وكممن ممستمفميدا كمل يموم زيمادة
من العملم واسمبح فى بحمور الفوائمد
تمفمقمه فإن المفممقمه أفممضمل قائمد
الى الممبر والتمقموى وأعمدل قماصمد
هو العلم الهادى الى سنن الهدى
هو الحصن ينجى من جميع الشدائد
فمإن فمقيممهما واحممدا مممتمورعمما
فى قوله تعالى :وإذ قال ربك للملئكة اسمجدوا لدم فسمجدوا ..اليمة 1
22
1
أشمد عملى الشميطمان من ألمف عابد
)والعلم وسمميلة إلممى معرفممة :الكممبر ،والتواضممع ،واللفممة،
والعفممة ،والسممراف ،والتقممتير ،وغيرهمما( ،2وكممذلك فممى سممائر
الخلق نحو الجود ،والبخل ،والجبن ،والجراءة.
1المعنى الوارد فممى الممبيت الخيممر حممديث رواه الترمممذى وابممن ممماجه،
وأورده الماوردى فى أدب البنيا والممدين ص 23كجممزء مممن مممن حممديث
ينسب الى رسول ال صلى ال عليه وسلم برواية الممدار قطنممى والممبيهقى
عن أبى هريرة رضى ال عنه.
وفى هامش المخطوط الصل :قال الشافعى رضى ال عنه:
تغرب عن الوطان فى طلب العلى وسافر ففى السفار خمس فوائد
تمفمريمج هممم واكممتسماب ممعميمشمة وعملمم وآدب وصمممحمبمة ماجمد
فمأن قميل :فى السفمار ذل وغمربة مممشمقمة شمممل وارتكاب شدائمد
فممموت المفمتى خير له ممن حمياتمه بدار همموان بمين واش وحماسمد
)أنظر ديوان الشافعى ص (52
وفائدة:
لمخمدممة ما بممه إتممام فمخمرى لقد شمرت ذيلى طول عمرى
فمجممل بقمدره قمدرى وذكممرى همو الفقمه الذى قمد جمل قمدرا
به عزى وجاهى طول عمرى به نملت المممعمالى فى حمياتمى
كمرمى المنبمل يرمى فى المباب وإكممثمار المصملة بمل دعمماء
كمممقمر طماس تمراه بل كممتماب عبادة الجمماهل من غير عملمم
2زيادة من المخطوط الصل والعبارة مضطربة فى المخطوط الثانى.
23
فإن الكبر ،والبخل ،والجبن ،والسراف حممرام ،وليمكممن
التحرز عنها إل بعلمهمما ،وعلممم ممما يضممادها ،فيفممترض علممى كممل
إنسان علمها.
وقد صنف السيد المام الجل الستاذ الشهيد ناصر الدين
أبو القاسم 1كتابا فممى الخلق ونعممم ممما صممنف ،فيجممب علممى كممل
مسلم حفظها.
وأما حفظ ما يقع فى الحايين ففرض على سبيل الكفايممة،
إذا قام البعض فى بلدة سقط عن الباقين ،فإن لم يكن فى البلدة مممن
يقوم به اشتركوا جميعا فى المأثم ،فيجب علممى المممام أن يممأمرهم
بذلك ،ويجبر أهل البلدة على ذلك.
قيل :إن العلم ما يقع على نفسه فى جميع الحوال بمنزلممة
الطعام لبد لكل واحد من ذلك.
وعلم ما يقع فى الحايين بمنزلة الممدواء يحتمماج إليممه )فممى
بعض الوقات(.2
هو الحسين بن محمد الراغب الصفهانى ،أبممو القاسمم ،أديممب لغمموى 1
مفسر حكيم ،كثير التأليف توفى عام ) 1108 /502كشف الظنون .(36
زيادة من المخطوطين ،وفى النسخ المطبوعة :حين المرض فقط. 2
24
وعلم النجوم بمنزلة الممرض ،فتعلممه حممرام ،لنمه يضمر
ولينفع ،والهرب عن قضاء ال تعالى وقدره غير ممكن.
فينبغى لكل مسملم أن يشمتغل فمى جميمع أوقماته بمذكر الم
تعالى والدعاء ،والتضرع ،وقممراءة القمرآن ،والصممدقات ]الدافعممة
للبلء[] 1والصلة[ ، 2ويسأل ال تعالى العفو والعافيممة فممى الممدين
والخرة 3ليصون ال عنمه تعمالى البلء والفمات ،فمإن ممن رزق
الدعاء لم يحرم الجابة.
4
فإن كان البلء مقدرا يصيبه لمحالة ،ولكن يبر ال عليه
ويرزقه الصبر ببركة الدعاء.
يشير إلى حديث :اللهم إنى أسألك العفو والعافية فى الممدين والخممرة. 3
وقد ورد بغير هذه اللفاظ ،كما ورد المر بسؤال ال العفو والعافية.
غير واضحة فى الصول ولعلها :يسير. 4
25
اللهم إذا تعلم من النجوم قدرما يعرف به القبلممة ،وأوقممات الصمملة
فيجوز ذلك 1وأما تعلم علم الطب فيجوز ،لنه سبب من السممباب
فيجوز تعلمه 2كسائر السباب.
4
وقد تداوى النبى عليه السلم ،3وقممد حكممى عممن الشممافعى
رحمة ال عليه أنه قال :العلممم علمممان :علممم الفقممه للديممان ،وعلممم
الطب للبدان ،وما وراء ذلك بلغة مجلس.5
وأما تفسير العلم :فهو صفة يتجلى بها المذكور لمن قامت
هى به كما هو.
يشير هنا إلى الفرق بين علم النجوم وهو تأثيرها على حياة الناس وهو 1
محبم ،وبين علم الهيئة الذى هو علم الفلك المباح بل المأمور به.
من المخطوط الثانى وأحد الشروع. 2
كما أمر عليه الصلة والسلم بالتداوى :يا عباد ال تداووا .رواه المام 3
أحمد والترمذى والممدارمى وابممن ممماجه ،وقممد خصممص المممام ابممن القيممم
فصل عمن التمداوى والممر بمه فمى كتمابه زاد المعماد كمما أن لمه الطمب
النبوى وغيره ألف فى ذلك أيضا.
الشافعى :همو المممام محمممد بممن إدريممس ،المذى ينسممب إليممه المممذهب 4
قال الجرجانى فى التعريفات الفقه فى اللغة عبممارة عممن فهممم غممرض 6
عليه ،كما تجد فمى كتمب العلمم روايمات وأخبمارا حمول همذا الموضموع،
انظر مثل :إحيمماء علمموم الممدين للغزالممى ،أدب الممدنيا والممدين للممماوردى،
جامع بيان العلم وفضله لبن عبممد الممبر واقتضمماء العلممم العمممل للخطيممب
27
فصل
فى النية فى حال التعلم
ثم لبد لممه مممن النيممة فممى زمممان تعلممم العلممم ،إذ النيممة هممى
الصممل فممى جميع 1الفعممال لقمموله عليممه السمملم :إنممما العمممال
بالنيات .حديث صحيح.2
]روى[ عن رسول ال صلى ال عليه وسلم :كم من عمل
يتصور بصورة عمل الممدنيا ،ثممم يصممير بحسممن النيممة مممن أعمممال
28
الخرة ،وكم من عمل يتصور بصورة عمل الخرة ثم يصير من
أعمال الدنيا بسوء النية.1
وينبغى أن ينوى المتعلم بطلممب العلممم رضمماء ال م والممدار
الخرة ،وإزالة الجهممل عممن نفسممه ،وعممن سممائر الجهممال ،وإحيمماء
الدين وإبقاء السلم ،فممإن بقمماء السمملم بممالعلم ،وليصممح الزهممد
والتقوى مع الجهل.2
وأنشدنا الشيخ المام الجل الستاذ برهان الدين 3صاحب
الهداية لبعضهم شعرا:
4
وأكمبر منه جاهل متنسك فمساد كمبير عمالم ممتهتمك
لم أجد شيئا بلفظه ،ومعناه صحيح. 1
قال المام الجنيمد المتموفى سمنة 297همم 910 /م :طريقنما الكتماب 2
مفسرا محدثا جامعا لعلوم عصمره لمه العديمد ممن المؤلفمات ،منهما كتمابه
الهداية فى الفقه الحنفى وبه اشتهر ولهذا الكتاب عديد مممن الشممروح وقممد
خممرج أحمماديثه الزيلعممى والحممافظ ابممن حجممر العسممقلنى ،وهممو أسممتاذ
الزرنوجى ،توفى بسمرقند عام ) ،1197 /593الجواهر ،383 /1التاج
(31ونسبته إلى مرغينان :بلدة بما وراء النهر ،خرج منهمما جماعممة مممن
الفضلء )معجم البلدان .(27 /8
وعلى هامش المخؤطوط الثانى :قال على ابن أبى طالب ،رضى ال 4
عنه أنه قال بهذا المعنممى :قصممم ظهممرى رجممالن :عممالم متهتممك وجاهممل
متنسك.
29
لمن بهما فى دينه يتمسك هما فتنة للعالمين عظيمة
وينوى به :الشكر علممى نعمممة العقممل ،وصممحة البممدن ,ول
ينوى به إقبال الناس عليه ،ول استجلب حطام الممدنيا ،والكرامممة
عند السلطان وغيره.
وقال محمد بن الحسن رحمة ال عليهممما :لممو كممان النمماس
كلهم عبيدى لعتقتهم وتبرأت عن ولئهم.
]وذلك لن[ من وجد لممذة العلممم والعمممل بممه ،قلممما يرغممب
فيما عند الناس.
أنشدنا الشيخ المام الجممل السممتاذ قمموام الممدين حممماد بممن
إبراهيم بن إسماعيل الصفار النصارى 1إملء لبى حنيفة رحمة
ال عليه:
فاز بفضل من الرشاد من طلب العلم للمعاد
لمنيل فمضل من العباد فميالخسمران طالمبيمه
من أهل بخارى ،من بيت علم وزهد ،كان فقيها أديبا ،كان يؤم الناس 1
الزيادة من المخطوط الصل فقط ،والحديث منكر ل أصمل لمه ،أنظمر 1
محمد ابن أبى بكر بن يوسف ،ركن الدين الفرغانى ،كان فقيها أديبا، 1
أى ينبغى للمتعلم أن يظهر بمظهر حسممن يكسممبه الحممترام تعظيممما 1
للعلم والعلماء.
فى الصممل المخطمموط :أبويوسممف بممن خالممد السممهمى ،وفممى النسممخ 2
الخرى :يونس بن خالد السمتى ،ثم وجممدته فممى المخطمموط الثممانى علممى
الصواب ،ويوسف السمتى هذا هو أحد أصحاب أبى حنيفة وكثير الخممذ
عنه ،قال الشافعى :كممان رجل مممن الخيممار ،وروى لممه ابممن ممماجه ،أقبممل
عليه الناس ثم تخلى لعبادة المولى توفى ) 805 /189الجواهر المضيئة
.(228 /2
فى البصرة. 3
وهى وصية يدور مجملها حول النهممى عمن المنكممر ،أو وردد ،أحمممد 4
34
فصل
فى اختيار العلم والستاذ والشريك والثبات
أحسن كل علم :ما كان من جوهره وصريحه دون المناقشات والخلفات. 1
يريد بالعتيق ما كان عليه السلف ومنهم المام أبى حنيفة فى كتابه الفقه 3
يشير إلى ما رواه الديلمى عن ابن مسعود أن النممبى صمملى الم عليممه 1
وسلم قال :تعلموا العلم قبل أن يرفع .فإن أحدكم ل يدرى متى يفتقممر إلممى
ما عنده ،وعليكم بالعلم وإياكم و التنطع والتبدع والتعمق وعليكم بالعتيق.
وإلى حديث :إن ال ل يقبممض العلممم انتزاعمما ينممتزعه مممن النمماس ،ولكممن
يقبض العلم بقبض العلماء .رواه الشيخان والترمذى.
حماد بن سليمان الشعارى :من التابعين كان واسع العلم فقيهمما ،أخممذ 2
عنه أبممو حنيفممة أكممثر علمممه ولزمممه ثمانيممة عشمر عاممما ،تمموفى 120هممم/
738م.
وقال عنه أيضا :ما رأيت أفقه من حماد) .الجواهر المضيئة.(454 /2 ، 3
36
وقال أبو حنيفة رحمة ال عليه :سمعت حكيما من حكممماء
سمرقند 1قال :إن واحدا من طلبة العلم شماورنى فمى طلمب العلمم،
وكان قد عزم على الذهاب إلى بخارى 2لطلب العلم.3
وهكذا ينبغى أن يشاور فى كل أمر ،فممإن ال م تعممالى أمممر
رسوله عليه الصلة والسلم بالمشاورة فى المور 4ولم يكن أحممد
أفطن منه ،ومع ذلك أمر بالمشاورة ،وكممان يشمماور أصممحابه فممى
جميع المور حتى حوائج البيت.5
قال على كرم ال وجهه :ما هلك امرؤ عن مشورة.6
سمرقند :قال عنها ياقوت :بلد معروف مشهور بما وراء النهار ،قيل 1
إنه من أبنية ذى القرنين ،دخلها قتيبمة بمن مسملم سمنة 87همم .المعجممم /5
.121
بخارى :من أعظم مدن ما وراء النهممر ،كممانت عاصمممة السممامانيين، 2
قارن )أدب الدنيا والدين للماوردى( ص 278 -272حيث أورد آثارا 5
مشممابهة تنسممب إلممى النممبى وانممه كممان يستشممير أصممحابه فممى كممل شمميئ،
بالضافة إلى ما قاله الصمحابة والحكمماء فمى المشمورة وشمروطها ،أمما
استشارته عليه الصلة والسلم لهم فى حوائج البيت فلم أجدها.
نسب الماوردى فى أدب الدنيا والدين ص 275هذا القول إلى النممبى 6
صلى ال عليه وسلم ،وذكره الميدانى فممى مجمممع المثممال 289 /2دون
37
قيل:1
]الناس[ رجل ]تام[ ونصف رجل ،ول شيئ فالرجل :من
لممه رأي صممائب ويشمماور العقلء ،ونصممف رجممل :مممن لممه رأي
صائب لكن ل يشاور ،أو يشاور ولكن ل رأي له ،ول شمميئ :مممن
ل رأي له ول يشاور.
وقال جعفر الصادق 2لسفيان الثممورى :3شمماور فممى أمممرك
الذين يخشون ال تعالى.4
فطلب العلم من أعلى المور وأصعبها ،فكانت المشمماورة
فيه أهم وأوجب.
نسبة.
نسب البشيهى فى المستطرف 73 /1هذا القول إلى الحسن ،ويعنى 1
فى الهامش :رجوع إلى الحكاية التى حكاها أبو حنيفة رحمه ال عممن 1
حكيم سمرقند.
السبق :الختلف إلى الئمة ،والتردد إلى مجالسهم لخذ العلم عنهم. 2
والمطبوعة.
39
فينبغى أن يثبت ويصير على أستاذ وعلممى كتمماب حممتى ل
يممتركه أبممتر ،وعلممى فممن حممتى ل يشممتغل بفممن آخممر قبممل أن يتقممن
الول ،1وعلى بلد حتى ل ينتقل إلى بلد آخر من غيممر ضممرورة،2
فممإن ذلممك كلممه يفممرق المممور ويشممغل القلمموب ويضمميع الوقممات
ويؤذى المعلم.
وينبغى أن يصبر عما تريده نفسه وهواه.
قال الشاعر:
وصريع كل هوى صريع هوان إن الهوى لهو الهوان بعينه
ويصير على المحن والبليات.
قيل :خزائن المنن ،على قناطير المحن.
ولقد أنشدت ،وقيل إنه لعلى بن أبى طالب كرم ال وجهممه
شعرا:3
سأنبيك عن مجموعها ببيان أل لمن تنممال الممعملم إل بسممتة
ول يخفى أنه يقصد بكلمة الفن :العلم. 1
يشير إلى أن الرحلة فى طلب العلم كانت شعار العلماء وأنه ل بد منها 2
لكل متعلم وراوية ،ويؤكد عليه هنا أن ل يترك بلد إلمى بلمد آخمر إل بعمد
أن يستكمل ما فى البلد الول من رواية وعلم.
وقد وجدت هذا الشعر منسوبا إلممى المممام الشممافعى مممع اختلف فممى 3
قاله عدى بن زين العبمادى ،أنظمر أدب المدنيا والمدين ،167جمهمرة 3
فى هذا المعنى روى ابن ماجه عن أبى هريرة رضى ال عنه أن النبى 4
صلى ال عليه وسلم قال) :اختبروا النمماس بممإخوانهم فممإن الرجممل يخممادن
من يعجبه نحوه( .والنحو :الطريقة.
41
وأنشدت شعرا آخر:
ل تصحمب الكسلن فى حمالته
كمم صمالممح بفمسماد آخممر يفسمد
عدوى البليد إلى الجليد سريعة
كالجمر يوضع فى الرماد فيخمد
قال النبى صمملى الم عليممه وسمملم :كممل مولممود يولممد علممى
فطمممرة السممملم ،إل أن أبممواه يهمممودانه وينصمممرانه ويمجسمممانه.
الحديث.1
ويقال فى الحكمة بالفارسية:
بحمق ذات بماك ال الصمممد باربد بدتمر بود ازمماربد
2
بار نميكمموكممير نابمى نعمميم باربد ازدترا سوى حجيم
1رواه البخارى ،ومسلم والمام أحمد ،ولفظ البخارى :ما من مولود إل
يولممد علممى الفطممرة فممأبواه يهممودانه أو ينصممرانه أو يمجسممانه ،كممما تنتممج
البهيمة بهيمة جمعاء ،هل تحسون فيها من جدعاء ،ثممم يقممول ،فطممرة الم
التى فطر الناس عليها ل تبديل لخلق ال ذلك الممدين القيممم .تفسممير سممورة
الروم.
2ومعنى هذين البيتين كما أخبرنى الخ الدكتور عبد ال الخالدى:
قسما بذات ال الطاهر الصمد الثمرة السيئة هى من الحبة السيئة
والذكرى الحسنة تأخذك إلى العمل السيئ يسوقك نممحو الجحيم
النعيم
42
وقيل:
أو شماهدا يخمبمر عن غائب إن كنت تبغى العلم وأهله
1
واعتبر الصاحب بالصاحب فاعتبر الرض بأسممائها
فصل
وقيل معناه :الصاحب السوء أسوأ من الحية السوء وأكممثر منهمما ضممررا،
اتخذ صاحب الصالح تجد بسببه جنات النعيم.
البيت الخير مقتبس من حديث ضممعيف السممند ،رواه ابممن عممدى فممى 1
كانت هذه الكلمة فى المخطوط قبمل كلممة :بالمعصمية ،ثمم اسمتدركها 2
لممه عبممد( وعلممق شمميخ السمملم ابممن تيميممة عليممه بممأنه موضمموع ،ذكممره
الشوكانى فى الفوائد المجموعة رقم .879
44
وأوجمبه حفظا على كل مسلم رأيت أحق الحق حق المعلم
لتعليم حرف واحد ألف درهم لقد حق أن يهدى إليه كرامة
فإن من علمك حرفا واحدا مما تحتاج إليه فممى الممدين فهممو
أبوك فى الدين.
وكان أستاذنا الشيخ المام سديد الممدين الشمميرازى 1يقممول:
قممال مشممايخنا :مممن أراد أن يكممون ابنممه عالممما ينبغممى أن يراعممى
الغرباء من الفقهاء ،ويكرمهممم ويطعمهممم ويطيعهممم شمميئا ،وإن لممم
يكن ابنه عالما يكون حفيده عالما.
ومن توقير المعلم أن ليمشممى أمممامه ،ول يجلممس مكممانه،
ول يبتدئ بالكلم عنده إل بإذنه ،ول يكثر الكلم عنده ،ول يسممأل
شيئا عند مللته 2ويراعى الوقت ،ول يدق الباب بل يصممبر حممتى
يخرج الستاذ.
فالحاصل :أنممه يطلممب رضمماه ،ويجتنممب سممخطه ،ويمتثممل
أمممره فممى غيممر معصممية لم تعممالى ،فممإنه ل طاعممة للمخلمموق فممى
فى الصل المخطوط :سيد الشيرازى والتصحيح من فصل قادم مممن 1
الكتاب حيث تكرر اسمه ومن الشرح ،ولم أعثر له على ترجمة.
2المللة :الضجر والسأم ،ويراعى الوقت :أى ل يفعل شيئا إل فى الوقت
المناسب له.
45
معصية الخالق 1كما قال النبى صلى ال عليه وسلم :إن شر الناس
من يذهب دينه لدنيا بمعصية الخالق.2
ومن توقيره :توقير أولده ومن يتعلق به.
وكان أستاذنا شيخ السلم برهان الممدين صمماحب الهدايممة
رحمة ال عليه حكممى :أن واحممدا مممن أكممابر الئمممة بخممارى كممان
يجلس مجلس الدرس ،وكان يقوم فى خلل الدرس أحيانمما فسممألوا
عنه ,فقال :إن ابن أستاذى يلعب مع الصبيان فممى السممكة ،ويجيممئ
أحيانا إلى باب المسجد ،فإذا رأيته أقوم له تعظيما لستاذى.3
1المعنى مأخوذ من حديث رواه المام أحمد ) 5/66ل طاعة لمخلوق فى
معصية ال(
2فى هذا المعنى روى ابن ماجه عن أبى أمامة أن رسول ال صلى ال
عليه وسلم قال :من شر النمماس منزلممة عنممد الم يمموم القيامممة عبممد أذهممب
آخرته بدنيا غيره .قال فى الزوائد :هذا إسناد حسن ،حديث رقم .3966
3ان صح هذا فهو من الغلو الذى ليس له وجه شرعى بل فيه مخالفات
تربوية ل تخفى!!
46
والقاضممى المممام فخممر الممدين الرسممابندى 1كممان رئيممس
الئمة فممى مممرو 2وكممان السمملطان يحممترمه غايممة الحممترام وكممان
يقول :إنما وجدت بهذا المنصب بخدمة السممتاذ فممإنى كنممت أخممدم
الستاذ القاضى المممام أبمما زيممد الدبوسممى 3وكنممت أخممدمه وأطبممخ
طعامه ]ثلثين سنة[ ول آكل منه شيئا.
وكان الشيخ المام الجل شمس الئمممة الحلمموانى 4رحمممة
ال عليه قد خرج من بخارى وسكن فى بعض القرى أياما لحادثة
وقعممت لممه وقممد زاره تلميممذه غيممر الشمميخ المممام شمممس الئمممة
المام محمد بن الحسين ،أبو جعفر ،كان فقيها فاضل مناظرا له تآلف، 1
وقد تولى القضمماء فممى مممرو ،تمموفى عممام ) 1117 /511الجممواهر ،2/52
الفموائد (194ونسمبته إلمى أرسمابند ،قمال يماقوت :قريمة بينهما وبيمن ممرو
فرسخان خرج منها طائفة من العلماء) ،المعجم .(191 /1
مرو :قال عنها ياقوت :أشهر مدن خراسان )معجم .(33 /8 2
فى الصل :أبا يزيد ،هو عبيد ال بن عمر الدبوسى من كبار الفقهمماء 3
الحناف ،قال القرشى ،هو أول من وضع علم الخلف وأبرزه للوجممود،
له كتاب تقويم الدلة توفى فى بخارى ،3391 /432التاج .64
عبد العزيممز بممن أحمممد ،إمممام الحنمماف فممى وقتممه وكممان مجتهممدا فممى 4
المذهب ،له تصانيف عديدة منها المبسوط فى الفقه ،درس عليه جمع من
كبمممار العلمممماء ،تممموفى فمممى بخمممارى 448أو 449/1056أو .1057
الجواهر .(318 /1
47
القاضى بكر بن محمد الزرنجرى 1رحمه ال تعالى ،فقال له حين
لقيه :لماذا لم تزرنممى؟ قممال :كنممت مشممغول بخدمممة الممولدة .قممال:
ترزق العمممر ،لتممرزق رونممق الممدرس ،وكممان كممذلك ،فممإنه كممان
يسكن فى أكثر أوقاته فى القرى ولم ينتظم له الدرس .2فمن تممأذى
منه أستاذه يحرم بركة العلم ول ينتفع بالعلم إل قليل.
]إن المممعلم والطمبيب كملهمما ل ينصحمان إذا همما لم يكممرما[
]فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه واقنع بجهلك إن جفوت معلما[3
فى المخطوط والمطبوع :أبو بكر ،هممو مممن كبممار الفقهمماء الحنمماف، 1
يتصل نسبه بالصحابى جابر بن عبد ال رضى ال عنه ،تفقه على المام
الحلوانى قال القرشى :هو آخر من روى عنه ،كان يضرب به المثل فممى
الحفظ ،مرجعا فى الرواية ،وسمى بأبى حنيفة الصممغر ،تمموفى فممى عمام
) .1118 /512الجواهر .(172 /1
ل نظن أن هذا المر صحيح فقد قال القرشى فمى الجمواهر المضميئة 2
عن الزرنجرى ) :(172 /1كممان الفقهمماء إذا وقممع لهممم إشممكال يرجممون
إليه ...وكانت عنده كتب عالية ما وصلت إلينما إل ممن روايتمه ...ونقمل
من السمعانى :روى لى عنه جماعة كثيرة بخرسان وما وراء النهر.
وهذا يدل على أنه كممان مرجعمما فممى العلممم ،وأن درسممه قممد انتظممم،
وكان مقصد طلب العلم ،فانتفع هو ونفع غيره.
فى المطبوعة ،وللبيتين المذكورين مطلع وهو قول الساعر: 3
الصمممعى :عبممد الملممك بممن قريممب ،أحممد أئمممة العلممم باللغممة والشممعر 1
والرواية ،كان الرشيد يسميه :شيطان الشعر ،تمموفى عممام 216هممم831 /
م.
الكاغد :هو ورق الكتابة ،ويقول فيليب حممتى فممى تاريممخ العممرب )/2 2
:(50لعممل هممذا السممم مم كاغممد مم لفمظ صممينى الصممل جمماء عممن طريممق
الفارسة ،وذلك لن أول من أدخل صناعة الورق هم السرى الصينيون.
أما التشدد فى أمر الطهارة التى يشترها المؤلف فهو من الغلو والتنطع.
49
والشيخ المام شمس الئمة السرخسى 1كان مبطونمما 2فممى
ليلة ،وكان يكرر ،3وتوضأ فى تلممك الليلممة سمبع عشمرة مممرة لنممه
كان ل يكرر إل بالطهارة ،وهممذا لن العلممم نممور والوضمموء نممور
فيزداد نور العلم به.
ومن التعظيم الواجب للعالم أن ل يمد الرجل إلممى الكتمماب
ويضع كتاب التفسير فوق سائر الكتب ]تعظيممما[ ول يضممع شمميئا
آخر على الكتاب.
وكان أستاذنا الشيخ برهان الدين رحمه الم تعممالى يحكممى
عن شيخ من المشايخ :أن فقيها كان وضع المحبرة علممى الكتمماب،
فقال له ]بالفارسية[ :برنيايى.4
هوالمام محمد بن أحمد السرخسى ،كان علمة حجة ،متكلما ،فقيها، 1
أصوليا ،مناظرا ،وهو كثير التأليف ،توفى عام ،1090 /483نسبته إلى
سرخسى بلدة من نواحى خراسان ،كبيرة واسعة خرج منهما جماعمة ممن
العلماء ) المعجم .(5/65
ويقال ]انه أملى كتابه المبسوط فى الفقه ) 9مجلدات أو أكثر( وهو
فى سجن أحد الظلمة الذين كانوا يستحلون الهداء على العلماء.
أى يشتكى من بطنه بسبب السهال. 2
أى :ل يكون منك ،ويعنى يذلك أن الساءة إلى الكتمماب تجعلممه عممديم 4
النتفاع من علمه ،وهذا أيضا من التشدد والغلممو ،لن النتفمماع بممالعلم أو
عدمه له أبابه.
50
وكان أستاذنا القاضى المام الجل فخر الممدين المعممروف
بقاضى خان 1رحمه ال تعالى يقول :إن يرد بذلك الستخفاف فل
بأس بذلك والولى أن يحترز عنه.
ومن التعظيم :أن يجود كتابة الكتاب ول يقممرمط 2ويممترك
الحاشية إى عند الضرورة.
ورأى أبو حنيفة رحمه ال تعالى كتابا يقرمط فممى الكتابممة
فقال :ل تقرمط خطك ،إن عشممت تنممدم وإن مممت تشممتم .يعنممى إذا
شخت وضعف نور بصرك ندمت على ذلك.3
هو الحسن بن منصور الوزجندى الفرغانى الفقيه ،له مؤلفات عدة فى 1
يقصد بها أن الطالب عندما يكون صغير السن يقرمط خطه فل يعطى 3
المركب :الخبر ،ول ندرى لماذا قال أنهم كرهوا استعماله ،مع أنه ل 4
المممذكور حممديث رواه ابممن عيممدى عممن معمماذ مرفوعمما :ليممس مممن أخلق
52
فإنه ينبغى أن يتملق لستاذه وشركائه ليستفيد منهم.1
وينبغى لطممالب العلممم أن يسمتمع العلممم والحكمممة بممالتعظيم
والحرمة ،وإن سمع مسألة واحدة أو حكمة واحدة ألف مرة.
وقيل :من لم يكن تعظيمه بعد ألف مرة كتعظيمه فممى أول
مرة فليس بأهل العلم.
وينبغى 2لطالب العلم أن ل يختممار نمموع العلممم بنفسممه ،بممل
يفوض أمره إلى الستاذ ،فإن الستاذ قد حصممل لممه التجممارب فممى
ذلك ،فكان أعرف بما ينبغى لكل واحد وما يليق بطبيعته.
المممؤمن الملممق إل فممى طلممب العلممم .أورده الشمموكانى وقممال :فممى اسممناده
كذاب ) .الفوائد رقم .(856
قارن أدب الدنيا والدين للماوردى ص 251حيث يقول ) ...لن التملق 1
للعالم يظهر مكنون علمه( وروى عن ابن عبمماس )ذللممت طالبمما فعممززت
مطلوبا(.
ونجد أن المؤلف أكثر من استعمال كلمة ينبغى ،أممما معناهمما اللغمموى 2
الجامع الصمحيص ،الفقيمه ،المجتهمد ،ولمد فمى بخمارى ونشمأ يتيمما ،قمام
برحلة طويلة عام 210فى طلب الحديث وسمع ألف شمميخ ،تمموفى /256
.870
ل يعقل وقوع هذه الحداثة ،فأن ابن الحسن توفى عام 189والبخارى 2
ولد عام ،194ودخل بغممداد بعممد عممام 210همم أى بعممد أكممثر مممن احممدى
وعشرين سنة من وفاة ابن الحسن.
54
وينبغى لطالب العلممم أن ليجلممس قريبمما مممن السممتاذ عنممد
السبق بغير ضرورة ،بل ينبغى أن يكون بينه وبيممن السممتاذ قممدر
القوس فإنه أقرب إلى التعظيم.
وينبغممى لطممالب العلممم أن يحممترز عممن الخلق الذميمممة،
فإنها كلب معنوية ،وقد قال رسول ال صلى الم عليممه وسمملم :ل
تممدخل الملئكممة بيتمما فيممه كلممب أو صممورة .1وإنممما يتعلممم النسممان
بواسطة ملك.
والخلق الذميمة تعرف فى كتاب الخلق وكتابنا هذا ل
يحتمل بيانها.
]وليحترز[ خصوصا عن التكممبر ومممع التكممبر ل يحصممل
العلم.
قيل:
للمكان حرب كالسيل العلم حرب ]للفتى[ المتعالى
2
العالى
1رواه البخارى ومسلم.
2العجز من بيت لبى تمام وصدره) :الديوان جم (77 /1
فالسيل حرب للمكان ل تنكرى عطل الكريم من الغنى
العالى
55
فصل
فى الجد والمواظبة والهمة
56
3
وكم حر يقوم مقام عبد فكم من عبد يقوم مقام حر
وقيل :من طلب شميئا وجمد وجمد ،وممن قمرع البماب ولمج
ولج.2
وقيل :بقدرما تتعنى تنال ما تتمنى.
وقيل :يحتاج فممى التعلممم والتفقممه إلممى جممد ثلثممة :المتعلممم،
والستاذ ،والب ،إن كان فى الحياء.3
أنشدنى الشيخ المام الجل الستاذ سديد الدين الشمميرازى
للشافعى رحمهما ال:
الجمممد يممدنمى كممل أممر شماسمع
والمجممد يفممتمح كممل باب مممغملمق
وأحق خلق ال تعالى بالهم امرؤ
ذو هممممة يممبلمى بمعمميمش ضميمق
ومن الدليل على القضاء وحكمه
حصر الموضوع بالب للنفماق علمى المتعلمم فيمه تقييمد ،وكمان ممن 3
الجدر لو أنه قال :ولى المر ،الممذى يكممون أبممو المتعلممم أو أمممه أو عمممه
وغيره ممن يتولى النفاق عليه.
57
1
بؤس اللبيب وطيب عيش الحمق
لكن من رزق الحجا حرم الغنى
2
ضمدان يممفمممتمرقممان أى تممفممرق
وأنشدت لغيره:
تممنيت أن تمسى فمقيها مناظمرا
بغمير عناء والجمنون فنون
وليس اكتساب المال دون مشقة
3
تحملها فالعلم كميف يكون؟
قال أبو الطيب المتنبى:4
ولم أرى فمى عيوب الناس عيبا
كنقص القادرين على التمام
ول بد لطالب العلم من سهر الليالى كما قال الشاعر:
فى الهامش :أى كيف يحصل العلم بل اكتساب مع كونه أعلى المور 3
وأشرفها.
فى قصيدة قالها خلل مرض ألم به فى مصر ،أنظر الديوان ص 4
.385-482
58
بقمدر المكممد تكممتمسمب الممعالى
وممن طملمب المعملى سمهمر اللميالى
تممروم الممممعممز ثمم تنممام لمممميل
يغوص فى البحر ممن طلب الللى
علمو المكممعمب بالهمممم المعموالى
وعمن المممممرء فمى سممهمر اللميالى
تركممت الممنوم ربى فى اللمميالى
لجممل رضماك يامممولمى الممموالى
ومممن رام الممعملى ممن غمير كد
أضاع المعمممر فى طملب الممحممال
فمموفمقمنى إلمى تحممصمميل عملمم
وبلمغممنمى إلمى أقممصمى المممعممالى
قيل :اتخذ الليل جمل تدرك به أمل.1
قال المصنف 2وقد اتفق لى نظم فى هذا المعنى شعر:
اتخذ الليل جمل ،قال عنه الميدانى :يضرب لمن يعمل العمل بالليل من 1
قراءة أو صلة أو غيرهما مما يركب فيه الليل :مجمع المثال .135 /1
يريد نفسه. 2
59
ممن شاء أن يحمتوى آماله جممل
فلميتمخمذ لمميله فمى دركممها جممممل
1
إقلل طعامك كى تحظى به سهرا
إن شئت يا صاحبى أن تبلغ الكمل
وقيل :من أسهر نفسه بالليل ،فقد فرح قلبه بالنهار.
ول بد لطالب العلم من المواظبممة علممى الممدرس والتكممرار
فى أول الليل وآخره ،فإن ما بين العشائين ،ووقت السممحر ،وقممت
مبارك.
قيل فى هذا المعنى:2
وجمانب المنوم واترك الشبعما يا طالب العملم باشمر الورعا
فإن العلم بالدرس قام وارتفعا وداوم على الدرس ل تفارقه
فيغتنم أيام الحداثة وعنفوان 3الشباب ،كما قيل:
بقمدر المكممد تعممطى ما تروم فممممن رام الممنى لمميل يقموم
وأيام المحممداثمة فماغمتمنمممهما أل إن الممحممممممداثممة لتممدوم
فى المطبوع :ثمرا. 1
يروى ابن عبد البر هذا الشعر وينسبه إلى عبد ال بن المبارك )جامع 2
60
قال رسول الم صمملى الم عليممه وسمملم :أل إن هممذا الممدين
متين فأوغل فيه برفق ،ول تبغض نفسك فى عبادة ال تعالى فممإن
المنبت ل أرضا قطع ول ظهرا أبقى.1
وقال عليه السلم :نفسك مطيتك فارفق بها.2
فل بد لطالب العلم من الهمة العالية فى العمل ،فإن المممرء
يطير بهمته كالطير يطير بجناحيه.
وقال أبو الطيب رحمه ال:3
على قدر أهل العزم تأتى العمزائم
وتأتى على قمدر الكمرام المكارم
وتعظم فى عين الصغير صغارها
القسم الول من الحديث بلفظ )فاوغلوا( رواه المام أحمممد عممن أنممس 1
رضى الم عنممه ،199 /3 ،حمديث صمحيح .أممما الحمديث بكممامله فسمنده
ضعيف ،رواه البزار فى مسنده ورواه البيهقى فى السنن من طرق وفيممه
اضممطراب ،وروى موصمممول ومرسمممل ومرفوعممما وموقوفممما ،ورجمممح
البخارى فى التاريخ إرساله ،أنظر تفصيل ذلك فى الفيممض القممدير شممرح
الجامع الصغير للمناوى ،544 /2والمنبت :هو المنقطع فى السفر الذى
عطلت راحلته ولم يصل إلى هدفه ،وفى الحممديث نهممى عممن التكلممف فممى
العبادة.
لم أجد هذا الحديث بلفظه. 2
مطلع قصيدة يمدح بها سيف الدولة الحمممدانى علممم 343/954أنظممر 3
ديوانه ص 385
61
وتصغر فى عين العظيم العظائم
والركن فى تحصمميل الشممياء الجممد والهمممة العاليممة ،فمممن
كانت همته حفظ جميع كتب محمد بن الحسن ،واقترن بذلك الجممد
والمواظبة ،فالظاهر أنه يحفظ أكثرها أو نصفها ،فأما إذا كانت له
همة عالية ولم يكن له جد ،أو كان له جد ولم تكن له همة عالية ل
يحصل له العلم إل قليل.
وذكمممر الشممميخ الممممام الجمممل السمممتاذ رضمممى المممدين
النيسابورى فى كتاب مكارم الخلق 1أن ذا القرنين 2لممما أراد أن
يسافر ليستولى على المشممرق والمغممرب ،شمماور الحكممماء وقممال:
كيف أسافر بهذا القدر مممن الملممك ،فممإن الممدنيا قليلممة فانيممة ،وملممك
الدنيا أمر حقير ،فليس هذا من علو الهمة.
فقال الحكماء :سافر ليحصل لك ملك الدين والخرة.
فقال :هذا أحسن.
أخرجه البيهقى والطبرانى ،أنظر تخريج احمماديث إحيمماء علمموم الممدين 1
إياك عن الكسل :ابتعد عن الكسل ،أى ل تكسل عن البحث عما يزيل 2
الشكوك لديك ،فما علمته تكتفى به ،أما ما صعب عليك فاسأل عنممه أهممل
العلم.
64
لمنا علم وللعمداء مال رضمينا قسمة الجمبار فينا
1
وإن العلم يبقى ل يزال فإن المال يفنى عن قريب
والعلم النافع يحصل به حسن الذكر ويبقى ذلك بعد وفمماته
فغنه حياة أبدية.
وأنشممدنا الشمميخ المممام الجممل ظهيممر الممدين مفممتى الئمممة
الحسن بن على المعروف بالمرغينانى:2
الجممماهملمون مموتمى قمبل مموتمهممم
والعمالممون وإن ماتوا فأحياء
وأنشدنى الشيخ المام الجل برهان الدين رحمه ال:
وفى الجهل قبل الموت موت لهله
فمأجممسامهمم قبل القبور قبور
وإن امممرؤ لم يحممميى بالعلم ممميت
فمليس له حممين النشور نشور
]وقال غيره[:3
65
أخمو المعملم حمي خممالمد بمعمد ممممممموتمه
وأوصماله تحمت التراب رمميم
وذو الجهل ميت وهو يمشى على الثرى
يظهر ممممن الحياء وهوعديم
وقال آخر:
حمياة المقملب عملمم فاغمتمنممه
ومموت القلب جهمل فاجتنبه
وأنشدنى أسممتاذنا شمميخ السمملم برهممان الممدين رحمممة الم
عليه شعرا:
ذا العلم أعلى رتبة فى المممممممممراتب
1
ومن دونه عز العلى فمى المواكممب
فذو العلم يبقممى عزه متضمماعفممممممما
2
وذو الجهل بعد الموت فمى الترائب
فمهمميات ل يرجممو ممداه ممن ارتمقى
المواكب :الجماعات ،والمعنى أن هذا العلم منزلته أعلى المنازل وكل 1
مر الدهر :مدى الدهر ،الغياهب :جمع غيهب :الظلم الشديد. 2
67
3
إذا نلته هون بفمممممممموت الممناصب
فإن فاتك الدنيا وطيب نعيممممممممممممها
] فغمض[ 2فإن العلم خير المواهب
وقيل فى هذا المعنى:
إذا مممممممما اعتز ذو علم بعمممممممممملم
فعلم الفقممممممممه أولمممممممممى باعتزاز
فكمممممممممممم طيب يفوح ول كمممسك
وكممممممممممممم طير يطير ول كبازى
وأنشدت أيضا لبعضهم:
الفقه أنفس كل شيئ أنت ذا خمممممره
مممن يدرس العلم لم تدرس مفاخره
فاكسب لنفسك ما أصبحت تجهممممله
فأول العلم إقبال وآخمممممممممممممممممره
الحجى :العقل ،هون بفوت المناصب :اعتبار فوات مناصب الدنيا أمرا 3
هينا.
فى الصل :فقل ،والتصحيح من نسخة أخرى 2
68
وكفى بلذة العلم والفقه والفهممم داعيمما وباعثمما للعاقممل علممى
تحصيل العلم.
وقد يتولد الكسل مممن كممثرة البلغممم والرطوبممات ،وطريممق
تقليله ،تقليل الطعام.
قيل :اتفق سبعون طبيبا على أن النسيان من كممثرة البلغممم،
وكثرة البلغم من كثرة شرب الماء ،وكثرة شرب الممماء مممن كممثرة
الكل ،والخممبز اليممابس يقطممع البلغممم ،وكممذلك أكممل الزبيممب علممى
الريق ،ول يكثر منه ،حتى ليحتاج إلى شرب الماء فيزيد البلغم.
والسواك 1يقلل البلغم ،ويزيد الحفظ والفصاحة ،فممإنه سممنة
سنية ،تزيد فى ثواب الصلة ،وقممراءة القممرآن ،وكممذا القيممء يقلممل
البلغمم والرطوبمات ،وطريمق تقليمل الكمل التأممل فمى منمافع قلمة
الكل هى :الصحة والعفة واليثار .وقيل فيه شعر:
شقاء المرء من أجل الطعام فعار ثم عار ثم عار
قمارن الطمب النبموى لبمن القيمم ص 249 -248حيمث أورد فموائد 1
لم أجده بهذا اللفظ ،والحاديث كثيرة فيما ينفر من هذه الفعممال ،وقممد 2
نسمبه الميمدانى إلمى لقممان ثلثمة تبغضمهم النماس ممن غيمر ذنمب إليهمم:
الشحيح والمتكبر والكول) .مجمع المثال .(460 /2
أورده الميدانمممى فممممممى مجمع المثال ) (106 /1ولفظممه :البطممممنة 2
تأفن الفطنة .وهو بنفس المعنى ،يقال :أفن الفصيل ما فى ضرع أمممه :إذا
شرب ما فيه ،أى أذهب محتواه.
جالينوس :طبيب وفيلسوف يونانى ولد عام 129وتوفي 199م. 3
70
غرض صحيح ،بأن يتقوى به علممى الصمميام والصمملة والعمممال
الشاقة فله ذلك.
فصل
فى بداية السبق وقدره وترتيبه
71
ويستدل به ويقول :قال رسول ال صلى الم عليممه وسمملم :ممما مممن
شيئ بدئ يوم الربعاء إل وقد تم1؛ وهكذا كان يفعل أبى.2
وكان 3يروى هذا الحديث 4عن أستاذه الشيخ المام الجل
قوام الدين أحمد بن عبد الرشيد رحمه ال.5
قال السخاوى :لم أقف له على أصل ،والحق أن اليام كلها تستوى عند 1
ال ،وأن التفاؤل أو التشاؤم ببعض اليام أو الساعات ليس من الدين فممى
شيئ.
فى الصلين المخطوطين وفى النسخ الخرى ) :وهكذا كان يفعل أبو 2
فى هامش المخطوط الول :قال رسممول الم صمملى الم عليمه وسمملم: 4
) اشتكت الربعاء إلى ربها فقالت يا رب ،إنما عبادك يتقلوننى .قممال ال م
عز وجل :فبعزتى وجللى ما من شيئ بدئ فيممك إل قممد أتمتممه وممما مممن
مريض بعيد فيك إل وقد شفيته( ولم أجد أيضا حديثا بهذا المعنممى وأظنممه
من الموضوعات ،ثم وجدت ان العسممقلنى رواه عممن بعممض الصممالحين
وكذلك السخاوى.
إمام وفقيه من أهل بخارى ومن علماء القرن السادس الهجرى. 5
72
وسمعت ممن أثق به ،أن الشيخ يوسف الهمممذانى 1رحمممه
ال ،كان يوقف كل عمل من الخير على يوم الربعمماء .وهممذا لن
3
يوم الربعاء يوم خلق فيه النور ،2وهو يوم نحس فى حق الكفار
فيكون مباركا للمؤمنين.
وأما قدر السبق فى البتممداء :كممان أبممو حنيفممة رحمممه ال م
4
يحكى عن الشيخ القاضى المام عمممر بممن أبممى بكممر الزرنجممرى
رحمه ال أنه قال :قال مشايخنا رحمهم ال :ينبغى أن يكممون قممدر
السممبق للمبتمدئ قممدر ممما يمكممن ضمبطه بالعممادة مرتيممن بممالرفق
ويزيممد كممل يمموم كلمممة حممتى أنممه وإن طممال وكممثر يمكممن ضممبطه
فى الصلين المخطوطين :أبو يوسف ،هو يوسف بن أيوب الهمذانى، 1
أبو يعقوب ،زاهد متصوف وعظ ببغداد وسكن بمممرو ،لممه تصممانيف فممى
التصوف ،توفى عام ،1140 /535ونسبته إلى همذانى :أكبر مدينة فى
جبال بلد فارس ،ينسب إليها كثير من العلماء ،فتحها المغيرة بممن شممعبة
عام 24هم )المعجم .(481-471 /8
جزء من حديث رواه مسلم والمام أحمد. 2
وردت بهذا المعنى عدة أحاديث موضوعة ،انظر الشوكانى فى الفوائد 3
هذا يعنى :أن طول الستماع إلى الستاذ ل ينبغى أن يزيد ،شرط أن 1
يعاد الشرح مرتين فى الموضوع الواحد ،أما إذا زاد عن ذلك فى البدايممة
فإنه يعتاد طول الستماع وتكرار الشرح فيبطؤ فهمه ويتبلد ذهنه.
أى تعلم قليل وكرر ما تعلمته كثيرا. 2
هو عمر بن محمد ،أبو حفص النصارى ،من كبار الفقهاء الحناف 3
تعليق السبق :كتابة خلصمممة الدرس وهو ما يسممممى الن؛ بالملخص 5
السبورى.
74
ول يكتب المتعلم شيئا ل يفهمه ،فإنه يورث كللممة الطبممع
ويذهب الفطنة ويضيع أوقاته.
وينبغى أن يجتهد فى الفهم عمن السمتاذ بالتأمممل وبممالتفكر
وكثرة التكرار ،فإنه إذا قل السبق وكثرة التكممرار والتأمممل يممدرك
ويفهم.
قيل :حفظ حرفين ،خير من سماع وقرين ،1وفهممم حرفيممن
خير من حفظ سطرين.2
وإذا تهاون فى الفهم ولم يجتهد مرة أو مرتيممن يعتمماد ذلممك
فل يفهم الكلم اليسير ،فينبغى أن ل يتهاون فممى الفهممم بممل يجتهممد
ويدعو ال ويتضرع إليممه فممإنه يجيممب مممن دعمماه ،ول يخيممب مممن
رجاه.
وقرين مثنى وقر بكسر الواو :الحمل الثقيل ،وهذا ليس علمى اطلقمه 1
75
وأنشدنا الشمميخ الجممل قمموام الممدين حممماد بممن إبراهيممم بممن
إسممماعيل الصممفار النصممارى إملء للقاضممى الخليممل بممن أحمممد
الشجرى 3فى ذلك شعرا:
أخدم العلم خدممممممممة المستفيد وأدم درسه بفعل حمممممممميد
وإذا مممممممما حفظت شيئا أعده ثم أكده غاية التأكمممممممممممميد
كى ل يزول ثم علقه كى تعود إليه وإلى درسه على التأبيد
فإذا ما أمنت مممممممممممممنه فواتا فانتدب بعده لشيئ جممممممديد
مع تكرار ما تقدم مممممممممممممنه واقتناء لشأن همممممذا الممزيد
ذاكممممممممر الناس بالعلوم لتحيا ل تكن من أولى النهى ببعيد
إذا كتمت العلوم أنسيت حممتى ل ترى غير جممممماهل وبليد
2
ثم ألجمت فمممممممى القيامة نارا وتلهبت بالعمممممممذاب الشديد
ول بممممد لطممممالب العلممممم مممممن المممممذاكرة ،والمنمممماظرة،
والمطارحممة ،فينبغممى أن يكممون كممل منهمما بالنصمماف والتممأنى
الخليل بن أحمد ،أبو سعيد الشجرى ،كان إماممما فممى كممل علممم ،شممائع 3
الذكر معروفا بالنظم والنثر توفي بسمرقند 378هم )التاج (20وفى نسخ
أخممرى :السممجرزى والسرخسممى والسممخرى .ولكممن ممما ضممبطناه هممو
الصحيح.
وهذا إشارة إلى قوله صلى ال عليه وسلم :من سئل عممن علممم فكتمممه 2
يحيى ،ولم يذكر المؤلف نسبة أو لقبا يرجح أحدهم ،إل أننا نرى ترجيممح
أن يكون محمد بن يحيى هو أبو عبد ال الفقيه الجرجممانى المتمموفى 397
أو ،398والسممبب فيممما اخنرنمماه أن صمماحب الهدايممة عممده مممن أصممحاب
التخريج وذكره فممى بمماب صمفة الصملة ) الجمواهر المضميئة (143 /3
ونعلم من سياق الكتاب تأثر المصنف بروايات أستاذه برهان الدين.
77
وقيل :مطارحة ساعة ،خير من تكرار شهر.
لكن إذا كان ]مع[ منصف سليم الطبيعة.
وإيمماك والمممذاكرة مممع متعنممت غيممر مسممتقيم الطبممع ،فممإن
الطبيعة متسرية ،والخلق متعدية ،والمجاورة مؤثرة.
وفى الشعر الممذى ذكممره الخليممل بممن أحمممد 1فمموائد كممثيرة،
قيل:2
أن يجعل الناس كلهم خمممدمه العلم من شرطه لمن خمممممدمه
وينبغى لطالب العلم أن يكون متممأمل فممى جميممع الوقممات
فى دقائق العلوم ويعتاد ذلك ،فإنمما يمدرك المدقائق بالتأممل ،فلهممذا
قيل :تأمل تدرك.
ول بممد مممن التأمممل قبممل الكلم حممتى يكممون صمموابا ،فممإن
الكلم كالسهم ،فل بد من تقويمه قبل الكلم حتى يكون مصيبا.
وقال فى أصول الفقه :هذا أصل كبير وهموأن يكمون كلم
الفقيه المناظر بالتأمل.
قيل :رأس العقل أن يكون الكلم بالتثبت والتأمل.
78
قال قائل شعرا:
أوصيك فى نظم الكلم بخمسة
إن كنت للموصى الشفيق مطيعا
ل تغفلن سبب الكممممملم ووقته
والكيف والكممممم والمكان جميعا
ويكون مستفيدا فى جميممع الوقممات والحمموال مممن جميممع
الشخاص قال رسول ال صمملى الم عليممه وسمملم :الحكمممة ضممالة
المؤمن أينما وجدها اخذها.1
وقيل :خذ ما صفا ،ودع ما كدر.
2
وسمعت الشيخ المام الجل الستاذ فخر الدين الكاشانى
يقول :كانت جارية أبممى يوسممف أمانمة عنممد محمممد ] بمن الحسممن[
فقال لها :هل تحفظين أنت فى هذا الوقت عن أبى يوسف فى الفقه
شيئا؟ فقالت :ل ،إل أنممه كممان يكممرر ويقممول :سممهم الممدور سمماقط،
أظنه أبو بكر بن مسعود الكاشانمممممى ،الفقيه الحنفى المشهور المسمى 2
80
وليس لصحيح العقل والبدن عذر فى ترك التعلم والتفقممه،
فإنه ل يكون أفقر من أبى يوسف ،ولم يمنعه ذلك من التفقه .فمممن
كان له مال كثير فنعم المال الصالح للرجممل الصممالح ،المنصممرف
فى طريق العلم.1
قيل لعالم :بم أدركت العلم؟ قال :بأب غني .لنه كان ينتفع
به أهل العلم والفضل ،فإنه سبب زيادة العلم لنه شكر على نعمممة
العقل والعلم ،وإنه سبب الزيادة.
قيل :قال أبو حنيفة رحمه ال :إنممما أدركممت العلممم بالحمممد
والشكر ،فكلما فهمت ووفقت على فقممه وحكمممة قلممت :الحمممد لمم،
فازداد علمى.
وهكممذا ينبغممى لطممالب العلممم أن يشممتغل بالشممكر باللسممان
والجنان والركان والحال ويرى الفهممم والعلممم والتوفيممق مممن الم
تعالى ويطلب الهداية من ال تعالى بالدعاء له والتضرع إليه ،فإن
ال تعالى هاد من استهداه.
المعنى مأخوذ مممن حممديث رسممول الم ) نعممم المممال الصممالح للرجممل 1
إن الحض على استعمال العقل بالمعنى القرآنى م أى أعمال الفكر فى 1
المورم كثير فى اليات الكريمة وأما ورود لفظ ) العقل( فممى الحمماديث
فقد قال عنه المام ابن القيم :أحاديث العقممل كلهمما كممذب ) المنممار المنيممف
(67 -66ومعنى هذا الكلم ل ينافى أن يكممون فممى الحمماديث حسممن أو
صدق معنى ،وإنما الكلم هنا فى السند ومدى صحة الرواية عن رسممول
ال صلى ال عليه وسلم.
حديث ل أصمممممل له ،قال عنه شيخ السلم ابن تيمية :موضوع انظر 2
83
يقبلها فقال :عجل لكم ,وأجل لنا ,ولعله إنما لم يقبله وإن كان قبول
الهدية سنة ,لما رأى فى ذلك مذلة لنفسه.1
قال رسول ال عليه الصلة والسلم :ليس للمؤمن أن يذل
نفسه.2
وحكي أن الشيخ فخر السلم الرسابندى رحمه ال جمع
قشور البطيخ الملقاة فى مكان خال فأكلها فرأتممه جاريممة فمماخبرت
بذلك مولها فاتخذ له دعوة فدعاه إليها فلم يقبل لهذا.3
وهكذا ينبغى لطالب العلم أن يكون ذا همة عالية ل يطمممع
فى أموال الناس.
ولعله رفض ذلك من القاضى أبى يوسف لمدخوله فمى عممل الحكمام، 1
ولذلك عرض له بقوله :عجل لكم!! .وكان هممذا خلممق أكممابر علممماء ذلممك
الزمن بالبتعاد عن تولى أعمال الحكام.
رواه المام أحمد والترمذى وابن ماجه ولفظه ) ل ينبغممى لمممؤمن أن 2
يذل نفسه(.
اتخذ له دعوة :أى أعد له طعاما ،لهذا :أى لئل يذل نفسه. 3
84
قال النبى صلى ال عليممه وسمملم :إيمماك والطمممع فممإنه فقممر
حاضر .1ول يبخل بما عنده من المال بل ينفق علممى نفسممه وعلممى
غيره.
قال النبى عليممه الصمملة والسمملم :النمماس كلهممم فممى الفقممر
مخافة الفقر وكانوا فى الزمان الول يتعلمون الحرفة ثم يتعلمممون
العلم حتى ليطمعوا فى أموال الناس.
وفى الحكمة مممن اسممتغنى بمممال النمماس افتقممر والعممالم إذا
كان طماعا ل يبقى له حرمممة العلممم ول يقممول بممالحق ولهممذا كممان
يتعوذ صاحب الشرح عليممه السمملم ويقممول أعمموذ بممال مممن طمممع
يدنى إلى طبع.
وينبغى أن ل يرجو المن الم تعممالى ول يخمماف إل منممه
ويظهر ذلك بمجاوزة حد الشرع وعدمها فمممن عصممى الم تعممالى
خوفا من المخلوق فقد خاف غيممر الم تعممالى ،فممإذا لممم يعممص الم
تعالى لخوف المخلوق وراقب حدود الشممرع فلممم يخممف غيممر ال م
تعالى بل خاف ال تعالى وكذا فى جانب الرجاء.
حديث ضعيف ،انظر ضعيف الجامع الصغير وزياداته؛ لللبانى رقم 1
.2201
85
وينبغممى لطممالب العلممم أن يعممد ويقممدر لنفسممه تقممديرا فممى
التكرار فإنه ل يستقر قلبه حتى يبلغ ذلك المبلغ.
وينبغى لطالب العلم أن يكرر سبق المممس خمممس مممرات
وسبق اليوم الذى قبل المس أربع مرات والسبق الذى قبلممه ثلثمما
والذى قبله اثنين والذى قبله واحدا فهذا أدعى إلى الحفظ.
وينبغى أن ل يعتاد المخافة فى التكرار لن الدرس
والتكرار ينبغممى أن يكممون بقمموة ونشمماط ،ول يجهممر جهممرا يجهممد
نفسه كيل ينقطع عن التكرار ،فخير المور أوسطها.1
وحكى أن أبا يوسف رحمه ال كان يذاكر الفقه مع الفقهاء
بقوة ونشاط ،وكان صهره عنده يتعجب فى أمره ويقول :أنا أعلممم
أنه جائع منذ خمسة أيام ،ومع ذلك يناظر بقوة ونشاط.
وينبغى أن ل يكون لطالب العلممم فممترة 2فإنهمما آفممة ،وكممان
أستاذنا شيخ السلم برهممان الممدين رحمممه الم يقممول :إنممما غلبممت
شركائى بأنى ل تقع لى الفترة فى التحصيل.
حممديث مشممهور المتممن ضممعيف السممند ،انظمر الشمموكانى فممى الفمموائد 1
86
وكان يحكى عن الشيخ السممبيجابى 1أنممه وقممع فممى زمممان
تحصيله وتعلمه فترة اثنتى عشرة سنة بانقلب الملك ،فخرج مممع
شريكه فى المناظرة ]إلى حيث يمكنهما الستمرار فى طلب العلم
وظل يدرسانه معما[ ولمم يتركما الجلموس للمنماظرة اثنمتى عشمرة
سنة .فصار شريكه شيخ السلم للشافعيين وكان هو شافعيا.
وكان أستاذنا الشيخ القاضى المممام فخممر السمملم قاضممى
خان يقول :ينبغى للمتفقه أن يحفظ ]كتابا[ واحدا من ]كتب [2الفقه
دائما فيتيسر له بعد ذلك حفظ ما سمع من الفقه.
شيخ السلم على بن محمد ،فقيمه حنفممى ،إممام ومصممنف ،همو شميخ 1
87
فصل
فى التوكل
كفاه ال مهمه ورزقه من حيث ل يحتسب( وسمعه أبو حنيفة من عبد ال
فى المسجد الحرام عام 96هم.
البيت للشاعر الحطيعة من قصيدة يهجو بها الزبرقان بدر ,نهاه بعدها 3
عمر بن الخطاب رضي الم عنمه أن يعممود الممى هجماء المسمملمين ,انظمر
الديوان ص . 284
88
دع المكمممممارم ل ترحل لبغيتها
واقعد فإنك انت الطاعم الكاسى
قال رجل ]لبن[ 1منصور الحلج : 2أوصنى ,فقال ]ابن[
المنصور :هي نفسك ,إن لم تشغلها شغلتك.
فينبغى لكممل أحممد أن يشممغل نفسممه بأعمممال الخيممر حممتى ل
يشغل نفسه بهواها ,ول يهتم العاقل لمر الدنيا لن الهممم والحممزن
ل يرد المصيبة ,ول ينفع بل يضر بالقلب والعقل ,ويخممل بأعمممال
الخير ,ويهتمم لممر الخمرة لنمه ينفمع .وأمما قموله عليمه الصملة
والسلم :إن من الذنوب ذنوبا ل يكفرها إل هم المعيشة 3فممالمراد
منه قدر هم ل يخممل بأعمممال الخيممر ول يشممغل القلممب شممغل يخممل
الحلول ,وهو من كبار الملحدين -عند العلماء -حممتى اتفقمموا علممى قتلممه,
فضرب وقتل عام .309/932اصله من فارس.
روه ابو نعيم فى الحلية وابن عساكر عن أبي هريرة :إن من الذنوب 3
90
قال محمد بن الحسن رحمه ال :صناعتنا هممذه مممن المهممد
إلى اللحد فمن أراد أن يترك علمنا هذا ساعة فليتركه الساعة.1
ودخل فقيه ،وهو إبراهيم بن الجراح ،2علممى أبممى يوسممف
يعوده فى مرض موته وهو يجود بنفسه ،فقال أبمو يوسممف :رمممي
الجمممار راكبمما أفضممل أم راجل؟ فلممم يعممرف الجممواب ،فأجمماب
بنفسه.3
وهكذا ينبغى للفقيه أن يشتغل به فى جميع أوقاته ]فحينئذ[
يجد لذة عظيمة فى ذلك.
وقيل :رؤي محمد ]بن الحسن[ فى المنام بعد وفمماته فقيممل
له :كيف كنت فى حال النزع؟ فقال :كنت متممأمل فممى مسممألة مممن
مسائل المكاتب ،4فلم أشعر بخروج روحى .
ويشبهه قول المام أحمد بن حنبل :مع المحابر من المهد إلى المقابر. 1
حنفى تفقه علممى أبمى يوسمف ،ولمى قضماء مصمر سمنة 205تموفى فمى
مصر .831 /217
وكان الجواب :ما كان يوقف عنممده للممدعاء فالفضممل راجل ،وممما ل 3
فصل
فى وقت التحصيل
92
دخل حسن بن زياد فى التفقه وهو ابممن ثمممانين سممنة ،ولممم
يبت على الفراش أربعين سنة فأفتى بعد ذلك أربعين سنة.1
وأفضل الوقات شرخ 2الشباب ،ووقت السحر ،وممما بيممن
العشائين .3وينبغى أن يسمتغرق جميمع أوقمماته ،فممإذا ممل ممن علمم
يشتغل بعلم آخر.
وكان ابن عباس 4رضى ال عنه إذا مل من الكلم يقممول:
هاتوا ديوان الشعراء.
وكان محمد بن الحسممن ل ينممام الليممل ،وكممان يضممع عنممده
الدفاتر ،وكان إذا مل من نوع ينظر فى نوع آخممر) ،وكممان يضممع
الحسن بن زياد اللؤلؤى الكوفى نسبته إلى بيممع اللؤلممؤ ،صمماحب أبممى 1
حنيفة ،كان يقظا فطنا فقهيا ،ولى قضاء الكوفة ،تمموفى سممنة 819 /204
ولم أتحقق من سنة مولده وعلى ذلك فل نعرف صحة ما ذكر عنه.
شرخ الشباب :أوله. 2
عبد ال بن عباس :ابمن عممم رسمول الم صملى الم عليمه وسملم لزم 4
الرسول وروى عنه الحاديث ،لقب بحبر المة وترجمممان القممرآن ،كممان
كثير ما يجعل أيامه يوما للفقه ويوما للتأويل م التفسيرم ويوممما للمغممازى،
ويوما للشعر ،وكان آية فى الحفظ ،توفى عام 687 /68
93
عنممده الممماء ،ويزيممل نممومه بالممماء ،وكممان يقممول :إن النمموم مممن
الحرارة(.5
فصل
فى الشفقة والنصيحة
94
ينبغى أن يكون صاحب العلم مشفقا ناصممحا غيممر حاسممد،
فالحسد يضر ول ينفع .وكان أستاذنا شمميخ السمملم برهممان الممدين
رحمه ال يقول :قالوا إن ابن المعلم يكون عالممما لن المعلممم يريمد
أن يكون تلميذه فى القرآن عالما فببركة اعتقاده وشفقته يكون ابنه
عالما.1
3
وكان أبو الحسن 2يحكى أن الصدر الجل برهان الئمممة
جعل وقت السبق لبنيه الصدر الشهيد حسممام الممدين ] 4والصممدر[
السعيد تاج الدين وقت الضحوة الكبرى بعد جميع السباق ،وكانمما
يقولن :إن طبيعتنا تكل وتمل فى ذلك الوقت ،فقال أبوهما رحمممه
ال :إن الغرباء وأولد الكبراء يأتوننى من أقطممار الرض فل بممد
من أن أقدم أسباقهم .فببركة شفقته فاق ابناه أكثر فقهاء المصار،
وأهل الرض فى ذلك العصر.
هو على بن أبى بكر صاحب الهدايممة ،اسممتاذ المصممنف ،وقممد سممبقت 2
ترجمته.
هو المام عبد العزيز بن عمر ،فقيه حنفى من علماء القرن الخممامس 3
الهجرى.
المام عمر بن عبد العزيز ،فقيه حنفى له تصانيف عديدة فممى الفقممه، 4
إمام فاضل فقيه وواعظ وأديب ،مفتى أهل بخارى تمموفى عممام /573 1
رم للعلى :اطلب العلى ،فعل أمر من رام الشيئ :طلبه. 3
96
قيل :عليك أن تشتغل بمصالح نفسك ل بقهر عدوك ،فممإذا
أقمت مصالح نفسك تضمن ذلك قهر عدوك .إياك والمعاداة فإنهمما
تفضحك وتضيع أوقاتك ،وعليك بالتحمل ]ل[ سيما 1من السفهاء.
قال عيسى بن مريم صلوات ال عليه :احتملوا من السممفيه
واحدة كى تربحوا 2عشرا.3
وأنشدت لبعضهم شعرا:
4
بلوت الناس قرنا بعمممممد قرن ولممممممم أر غير ختال وقالى
ولم أر فى الخطوب أشد وقعا وأصعب من معاداة الرجال
وذقت مرارة الشياء طمممممرا وما ذقت أمر مممممن السؤال
فى الصل :سيما ،بحممدف اداة النفممى ،وهممذا السممتعمال تعممبير مولممد 1
هذا القول غير مذكمور فممممى الناجيل المتداولة حممماليا وربما يكممون 3
97
وإياك أن تظن بالمؤمن سوءا فإنه منشأ العممداوة ول يحممل
ذلك ،لقوله عليه الصلة والسلم :ظنمموا بممالمؤمنين خيممرا .1وإنممما
ينشأ ذلك من خبث النية وسوء السريرة ،كما قال أبو الطيب:2
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
3
وصدق ما يعتاده مممممممن توهم
وعادى محبيه بقول عداتممممممممممه
4
وأصبح فى ليل من الشك مظلم
وأنشدت لبعضهم:
ومن أوليته حسنا فزده تنح عن القبيح ول تمممرده
إذا كمماد العدو فل تكده ستكفى من عدوك كل كيد
وأنشدت للشيخ العميد أبى الفتح البستى:5
لم أجد هذا النص بلفظممه ،إل أن الحمماديث الممتى تممأمر بتحسممين ظممن 1
المسلمين بعضهم ببعض كثيرة ،كالحديث المذى رواه أبمو داود والحماكم:
حسن الظن من حسن العبادة.
البيتان من قصيدة قالها أبو الطيب المتنبى يمممدح بهمما السممتاذ كممافور 2
هو ابن أحمد بن الحسين البستى الشاعر الكاتب صاحب التجنيس مات 5
ببخارى عام ،1009 /400ونسبته إلى بست :بلدة كممبيرة فممى سجسممتان
98
ذو العقل ل يسلم ممممممممن جاهل
1
يسوممممممممممممممه ظلما وإعناتا
فليختر السلم على حربمممممممممممه
2
ولممممممميلزم النصات إنصاتا
فصل
فى الستفادة واقتباس الدب
الخروج منه.
النصات :الصممغاء ويريممد بممه السممكوت ،وإن صمماتا :أى أن أحممدث 2
من حفظ فر :أي من حفظ شيئا فر منه ما حفظه ،ومن كتب شيئا استقر 1
لم أجد هذا الحديث بنصه ول بمعنى فى أى من داودين الحاديث التى 1
المشيخة :هى سجل يذكر فيه العلم أسماء الذين روى عنهم وشيئ مما 2
ورد لهذا المعنى فى فصل تعظيم العلم وأهلممه )ص (85ولنمما تعليممق 5
فصل
فى الورع فى حالة التعلم
103
أو يبتليه بخدمة السلطان1؛ فكلما كان طالب العلم أورع كان علمه
أنفع ،والتعلم له أيسر وفوائده أكثر.
ومن الورع ]الكامل[ أن يتحرز عممن الشممبع وكممثرة النمموم
وكثرة الكلم فيما ل ينفع ،وأن يتحرز عن أكممل طعممام السمموق إن
أمكن ،لن طعام السوق أقرب إلى النجاسة والخباثممة ،وأبعممد عممن
ذكر ال وأقرب إلممى الغفلممة ،ولن أبصممار الفقممراء تقممع عليممه ول
يقدرون على الشراء منه ،فيتأذون بذلك فتذهب بركته.
وحكي أن المام الشيخ الجليل محمد بن الفضل 2كممان فممى
حممال تعلمممه ليأكممل مممن طعممام السمموق ،وكممان أبمموه يسممكن فممى
الرساتيق ويهيئ طعامه ويدخل أليه يوم الجمعة ،فممرأى فممى بيممت
يظهر لنا من معنى الحديث أنه موضوع ،ولم نعثر على حديث قريب 1
من معناه كما أن بعض ألفاظه لم ترد علمى لسممان رسمول الم صملى الم
عليه وسلم فيما نعلم ،عدا هذا فإن المصنف عزا الروايممة إلممى )بعضممهم(
ولم يسم مما يؤيد رأينا الذى أبديناه ،ثم إن مثل هذا التهديد مستغرب فممإن
التقوى والخشوع فضل يؤتيه ال مممن يشمماء مممن عبمماده وعلممى المممرء أن
يلتمس السباب .وفى هذا المعنى قال الشافعى قوله المشهور :طلبنا العلم
لغير ال ،فأبى العلم أن يكون إل ال.
الرجح أن يكون :محمد بن الفضل ،أبو بكمممر الفضمملى الكممممممارى، 2
أى متبعا لسنة النبى صلى ال عليه وسلم فى جميع أعماله وأوامره. 1
105
الخممر ،فتأمممل فقهمماء البلد وسممئلوا عممن حالهممما وتكرارهممما
وجلوسهما فأخبروا أن جلوس المذى تفقمه فممى حمال التكممرار كممان
مستقبل القبلممة والمصممر 1الممذى ]حصممل العلممم فيممه[ والخممر كممان
مستدبرا القبلة ووجهه إلى غير المصر .فاتفق العلماء والفقهاء أن
الفقيه فقه ببركة استقبال القبلة إذ همو السمنة فمى الجلموس إل عنمد
الضرورة ،وببركة دعاء المسلمين فإن المصر ل يخلو من العبمماد
وأهل الخير والزهد ،فالظاهر أن عابدا دعا له فى الليل.
فينبغى لطالب العلم أن لؤا يتهاون بالداب والسممنن ،ومممن
تهاون بالدب حرم السنن ،ومن تهمماون بالسممنن حممرم الفممرائض،
ومن تهاون بالفرائض حمرم الخمرة .وبعضمهم قمالوا بهمذا حمديثا
عن رسول ال صلى ال عليه وسلم.2
وينبغى أن يكثر الصلة ،ويصلى صمملة الخاشممعين ،فممإن
ذلك عون له على التحصيل والتعلم.
التهاون بالفرائض والسنن والدب الشرعية أمر منهممي عنه بكممممثرة، 2
السمعانى :كمان لمه شعرحسممن مطبمموع علممى طريقمة الفقهماء وهممو شميخ
صاحب الهداية توفى بسمرقندعام .114 /537
فى الشعر اقتباس من القرآن الكريم من سورة يوسف ،الية .64 2
107
مممممممممن فضله فال خير حافظا
وقال رحمة ال عليه:
وأنتم إلممى ربكم ترجعون أطيعوا وجدوا ول تكسلوا
1
قليل من الليل ما يهجعون ول تهجعوا فخيار الورى
وينبغى أن يستصحب دفترا على كل حال ليطالعه .وقيمل:
من لم يكن الدفتر فى كمه 2لم تثبت الحكمة فى قلبه.
وينبغى أن يكون فى الممدفتر بيمماض ويستصممحب المحممبرة
ليكتب ما يسمع من العلماء .وقد ذكرنا حديث هلل بن يسار.
ل تهجعوا :ل تناموا ،الورى :الخلق ،وفى الشعر اقتباس مممن القممرآن 1
108
فصل
فيما يورث الحفظ وفيما يورث النسيان
109
أمتى قراءة القرآن نظممرا .1ورأى شمداد بمن حكيم 2بعممض إخمموانه
فى المنام ،فقال لخيه :أى شيئ وجدته أنفع؟ قراءة القرآن نظرا.
ويقول عند رفع الكتاب :بسم ال وسبحان ال م والحمممد ل م
ول إله إل ال ،وال اكبر ،ل حول ول قوة إل بممال العلممى العظيممم
العزيز العليم ،عممدد كممل حممرف كتممب ويكتممب أبممد البممدين ودهممر
الداهرين.3
ويقول بعد كل مكتوبممة :آمنممت بممال الواحممد الحممد الحممق،
وحده ل شريك له ،وكفرت بما سواه.4
روى مكحول عن عبادة بن الصامت قال :قال رسول الم صمملى الم 1
عليممه وسمملم :أفضممل عبممادة أمممتى قممراءة القممرآن نظممرا .ورواه الحكيممم
الترمذى ،وهو حديث ضعيف ،انظر الجامع لحكام القرآن للقرطممبى /2
،28والتذكار فى أفضل الذكارللقرطبى أيضا ص ،115وقال النممووى
فى الذكار )ص :(10قراءة القرآن فى المصحف أفضل من القراءة من
حفظه ،هكذا قال أصحابنا م يعنى الشافعية م وهو مشهور عن السلف.
لعله شداد بن حكيم ،من أصحاب زفر ،وقد تولى القضاء ،توفى عممام 2
بعضممهم أنممه قممال :إذا أردت أن تكممون احفممظ النمماس فقممل عنممد رفممع
الكتاب 22 /1 (...
ذكر البشيهى ) وإذا أردت أن تمرزق الحفممظ فقممل خلممف كممل صمملة 4
المتوفى عام 812 /197مممن شمميوخ المممام الشممافعى ،فل يسممتغرب أن
تكون شكواه إلى شيخه وكيع ،أو إلى شخص آخر واع وبصير.
3ورواية الشافعى لهذا البيت:
ونور ال ل يهدى لعاصى وأخبر نى بأن العلمنور
ورواية الصل قد ل تستقيم وزنا.
111
والسواك وشرب العسل 1وأكل الكنمدر مممع السممكر 2وأكممل
إحدى وعشرين زبيبة حمراء 3كل يوم على الريق يممورث الحفممظ
ويشفى من كممثير مممن المممراض والسممقام ،وكممل ممما يقلممل البلغممم
والرطوبمات يزيمد فمى الحفظ ،4وكمل مما يزيمد فمى البلغمم يمورث
النسيان.
وأما ممما يممورث النسمميان فهممو :المعاصممى وكممثرة الممذنوب
والهموم والحزان فممى أمممور الممدنيا ،وكممثرة الشممتغال والعلئق،
وقد ذكرنا أنه ل ينبغى للعاقل أن يهتم لمر الممدنيا لنممه يضممر ول
ينفع ،وهموم الدنيا ل تخلو عن الظلمة فى القلب ،وهممموم الخممرة
روى عن الزهرى فى شرب العسل :عليك بالعسل فإنه جيممد للحفممظ؛ 1
بيوتكم باللبان والصعنر؛ ويممذكر عممن ابممن عبمماس أن شممربه مممع السممكر
على الريق جيد للبول والنسيان .قارن الطب النبوى ص .301
قال ابن القيم عن الزبيب :روى فيه حديثان ل يصحان ،أحدهما :نعم 3
الطعام الزبيممب :يطيممب النكهممة ويممذيب البلغممم؛ وهممذا مممما ل يصممح عممن
رسول ال ،ص .245
الهتمام ببعض المأكولت أو الشربة التى يعتقد أنها تزيد فى الحفظ 4
هو اعتقاد قديم ومعروف ،ويروى لنا ابممن خلكممان ) (45 /3أن جماعممة
من الطلب شربوا قدرا من البلذر محلول بالممماء لجممل سممرعة الحفممظ
والفهم ،فحصل لحدهم الجنون ) ...نقل عن تاريخ العرب .(498 /2
112
ل تخلو عن النور فى القلب ،ويظهر أثره فى الصلة ،فهممم الممدنيا
يمنعه من الخيرات ،وهم الخرة يحمله عليه ،والشتغال بالصلة
على الخشوع وتحصيل العلم ينفى الهم والحزن ،كممما قممال الشمميخ
نصر بن الحسن المرغينانى فى قصيدة له:
فممممممممى كل علم يحتمزن استعن نصر بن الحسن
وما سواه باطل ل يؤتمن ذاك الذى ينفى الحممزن
والشيخ المام الجل نجم الدين عمممر بممن محمممد 1النسممفى
قال فى أم ولد له:
سلم على ممممممممممن تيمتنى بظرفمها
ولمعة خممممممممدها ولمحة طرفها
سبتنى وأصبتنى فمممممممممممممتاة مليحة
تحيرت الوهام فى كمنه وصفها
فقلت :ذرينى واعذرينممممممممى فإننمى
شغفت بتحصيل العلوم وكممشفها
ولى فى طلب الفضل والعلم والتقى
113
غنى عن غناء الغانيات وعرفها
وأما أسباب نسيان العلم:
فأكممل الكزبممرة الرطبممة ،والتفمماح الحممامض ،والنظممر إلممى
المصلوب ،وقراءة الخط المكتوب على حجارة القبور ،والمممرور
بين قطار الجمال ،1وإلقاء القممل الحمي علمى الرض ،والحجاممة
على نقرة القفا ،كلها يورث النسيان.2
المرور بين قطار الجمل :أى المشي بين جملين مقطورين إلى بعضها. 1
قارن بالممطب النبوى لبن القيم حمميث أورد همممذه السباب ،وقال :إن 2
ثم لبد لطالب العلم من القمموة ومعرفممة ممما يزيممد فيممه وممما
يزيد فى العمر والصحة ليتفممرغ فممى طلممب العلممم ،وفممى كممل ذلممك
صنفوا كتبا ،فأوردت بعضها هنا على سبيل الختصار.
قال رسممول الم صمملى الم عليمه وسملم :ل يمرد القممدر إل
بالممدعاء ،ول يزيممد فممى العمممر إل الممبر ،فممإن الرجممل ليحممرم مممن
الرزق بذنب يصيبه.1
رواه المام أحمد وابن ماجه ,ولفظه عند المام أحمد برواية عن ثوبان 1
)إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ,ول يرد القممدر إل بالممدعاء ,ول
يزيد فى العمر إل البر(.
115
ثبت بهذا الحديث أن إرتكاب الذنب سبب حرمممان الممرزق
خصوصا الكذب فإنه يورث الفقر ,وقد ورد فيممه حممديث خاص م,1
وكذا نوم الصبحة يمنع الرزق ,وكثرة النمموم تممورث الفقممر ,وفقممر
العلم أيضا .قال القائل شعرا:
سرور الناس فى لبس اللباس وجمع العلم فمى ترك النعاس
وقال:
أليس مممممممن الحزن أن لياليا تمر بل نفع وتخسر من عمر
وقال أيضا:
قمممممم الليل يا هذا لعلك ترشد إلى كم تنام الليل والعمر ينفد
والنوم عريانا ,والبول عرينا ،والكل جنبا ,والكممل متكئا
على جنب ,والتهاون بسقوط المائدة ,وحرق قشر البصممل والثمموم,
وكنس البيت فى الليل بالمنديل ,وترك القمامة فى البيت ,والمشممي
قممدام المشممايخ ,ونممداء الوالممدين باسمممهما ,والخلل بكممل خشممبة,2
وغسل اليدين بالطين والتراب ,والجلمموس علممى العتبممة ,والتكمماء
116
على أحد زوجي الباب ,والتوضممؤ فممى المممبرز ,1وخياطممة الثمموب
على بدنه ,وتجفيف الوجه بممالثوب ,وتممرك العنكبمموت فممى الممبيت,
والتهاون فى الصلة ,وإسمراع الخمروج ممن المسمجد بعمد صملة
الفجر ,والبتكار بالذهاب إلى السوق ,والبطاء فى الرجوع منممه,
وشراء كسرات الخبز من الفقممراء ,والسمؤال ,ودعمماء الشممر علممى
الوالد ,وترك تخمير 2الوانى وإطفاء السراج بالنفس:
كل ذلك يورث الفقر ,عرف ذلك بالثار.3
وكذا الكتابة بالقلم المعقود ،والمتشاط بالمشممط المنكسممر،
وترك الدعاء للوالدين ،والتعمم قاعدا ،والتسممرول قائممما ،والبخممل
والتقتير ،والسراف ،والكسل والتوانى والتهاؤن فى المور.
أي وضع غطاء عليها إذا كان فيها طعام أو شراب. 2
ل يقصد الثار التي هي بمعنى الحاديث الموقوفة على الصممحابة كممما 3
حليما محبا للخير من أحسمن النماس منطقما وبديهمة ولمد وتموفى بالمدينمة
مسموما عام ) 670 /50الصابة .(328 /1
ورد فى هذا أحماديث ضمعيفة وموضموعة كحمديث )ممن قمرأ سمورة 4
الواقعة كل ليلممة لممم تصممبه فاقممة أبممدا( انظممر سلسمملة الحمماديث الضممعيفة
والموضوعة لللبانى رقم 291 -289وقارن المستطرف للبشمميهى /1
.19
118
إذا يغشمممى وألمممم نشمممرح لمممك ،وحضمممور المسمممجد قبمممل الذان،
والمداومة على الطهارة ،وأداء سنة الفجر والوتر فى الممبيت .وأن
ل يتكلم بكلم الدنيا بعد المموتر ول يكممثر مجالسممة النسمماء إل عنممد
الحاجة ،وأن ل يتكلم بكلم لغو.
وقيممل :مممن اشممتغل بممما ل يعنيممه فمماته ممما يعنيممه .قممال
بزرجمهر :1إذا رأيت الرجل يكثر الكلم فاسممتيقن بجنممونه .وقممال
على رضى ال عنه :إذا تم العقل نقص الكلم.2
قال المصنف رحمه ال :واتفق لى فى هذا المعنى شعرا:
إذا تم عقل المرء قل كلممممه وأيقن بحمق المرء إن كان مكثرا
النطق زين والسكوت سلمة فإذا نطقت فل تكون مكممممممممممثرا
ما ندمت على سكوت مممممرة ولقد ندمت على الكلم مممممممرارا
وأما ما يزيد فى الرزق:
119
أن يقول كل يمموم بعممد انشممقاق الفجممر إلممى وقممت الصمملة:
سبحان ال العظيم وبحمده ،سبحان ال العظيم وبحمممده ،وأسممتغفر
ال العظيم وأتوب إليه 1مائة مرة ،وأن يقول :ل إله إل ال م الملممك
الحق المبين كل يوم صباحا ومساء مائة مرة.
وأن يقول بعد صلة الفجر كل يمموم :الحمممد لمم ،وسممبحان
المم ،ول إلمه إل المم ،ثلثما وثلثيمن ممرة ،وبعمد صمملة المغمرب
أيضا ،ويستغفر ال تعالى سبعين ممرة بعمد صملة الفجمر ،ويكمثر
من قول :ل حول ول قوة إل بممال العلممى العظيممم ،والصمملة علممى
النبى صلى ال عليه وسلم.2
ذكره الغزالى فى الحياء كحديث لرسممول المم ،وعلممق عليممه الحممافظ 1
العراقى :أخرجه المستغقرى فممى الممدعوات مممن حممديث ابممن عمممر وقممال
غريب من حديث مالك ول أعرف له أصل .ثم أورد حديثا بهممذا المعنممى
)سبحان ال وبحمده فإنها صلة كممل شميئ وبهمما يمرزق الخلممق( وإسممناده
صحيح .299 /1
فى العديد من أحاديث رسول ال ما يحض على ذكر ال وعلى التسبيح 2
ليل ونهارا وفى كمل حمال ،وعلمى الصملة علممى النمبى صملى الم عليممه
وسلم.
120
ويقول يوم الجمعة سبعين مرة :اللهم أغننى بحللمك عمن
حرامك واكفنى بفضلك عمن سواك.3
ويقول هذا الثناء كل يوم وليلة :أنت الم العزيممز الحكيممم,
أنت ال الملك القدوس ,أنممت الم الحكيممم الكريممم ,انممت ال م خممالق
الخير والشر ,أنت ال خالق الجنممة والنممار ,أنممت الم عممالم الغيممب
والشهادة ,أنت ال عالم السروأخفى ,أنت ال الكبير المتعال ,أنممت
ال خالق كل شيئ واليه يعود كل شيئ ,أنت ال ديممان يمموم الممدين,
لم تزل ول تزال ,أنت ال ل إله إل أنت الحد الصمد ,لم يلممد ولممم
يولد ولم يكن له كفوا أحممد ,2أنممت الملممك القممدوس السمملم المممؤمن
المهيمممن العزيممز الجبممار المتكممبرل إلممه إل أنممت الخممالق البممارئ
المصور له السماء الحسنى يسبح له ممما فممى السممموات والرض
وهو العزيز الحكيم.
رواه الترمذى عن على وقال :حديث حسن ولفظه )اللهم اكفنى بحللك 3
روى فى الصحيحين عن أنس :من أحب أن يبسط له فممى رزقممه وأن 2
ينسأ لمه فممى أثمره فليصمل رحممه؛ مختصمر شمعب اليمممان ،195صملة
الرحيم تزيد فى العمر؛ قول نسبه الميدانى فى مجمع المثال إلى رسممول
ال صلى ال عليه وسلم ) .(449 /2
وبهذا المعنى روى حديث عن جويرية ،ولفظ التسبيح فيه :سبحان ال 3
وبحمده ،عدد خلقممه ،ورضمما نفسممه ،وزنممة عرشممه ،ومممداد كلممماته؛ رواه
مسلم والمام أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه.
والقصد من ذكر هذه الوصاف التى ل نهاية لمعانيها إثبات الثنمماء علممى
ال بل نهاية ،قارن المنار المنيف لبن القيم .38-34
فى الصل المخطوط :وقراءة القرآن ،والتصحيح من النسخة الخرى 4
أبو العباس ،جعفر بن محمد المستغفرى ،كان فقيها محدثا حافظا ،لمه 1
123