You are on page 1of 2

‫اللبان المتخمرة ‪ .....

‬العلج بالغذاء‬
‫د‪ /‬مجدي محمد إسماعيل‬
‫قسم تكنولوجيا اللبان‬
‫‪ -‬معهد بحوث النتاج الحيواني‪ -‬مركز البحوث الزراعية‪ -‬مصر‬
‫‪abo-omar98@hotmail.com‬‬

‫الغذاء هو مجموعة عناصر غذائية أساسية قوامها البروتينات‪ ،‬الدهون‪ ،‬الكربوهيدرات‪ ،‬المعادن ‪،‬‬
‫الملح‪ ،‬الفيتامينات‪ ،‬و اللياف و النزيمات‪ ،‬إضافة للماء‪ .‬و تتواجد أغلب هذه العناصر في مجموعات يكمل‬
‫بعضها البعض‪ .‬و يشكل تكامل هذه العناصر مع بعضها الغذاء السليم‪ ،‬و يشكل تناولها بالكفاية المطلوبة و‬
‫الكيفية الملئمة و بالقدر النسب المطلوبة أساس التغذية السليمة‪ .‬و تنصب كل جهود إنتاج الغذاء في تحقيق‬
‫غذاء سليم آمن يفي بحاجة المستهلك لهذا الغذاء‪ .‬إذ يعتبر الغذاء السليم بوفرته المتكاملة من أهم المقومات‬
‫الساسية لبناء النسان و استقرار المجتمعات‪.‬‬
‫ونظرًا لن اللبان ومنتجاتها من أهم وأكثر الغذية التي يتناولها النسان فأننا نكون معنيون بما سبق‬
‫ذكره عن الغذاء والمستهلك لهذا الغذاء‪ .‬فاللبن يعد غذاء شبة كامل ويرجع ذلك لوجود العديد من المركبات‬
‫الغذائية الهامة التي تدخل في تكوينه وهي الدهن والبروتين والسكر والملح والفيتامينات‪ .‬هذه المركبات‬
‫توجد في اللبن بنسب ملئمة جدًا لحتياجات جسم النسان وبصورة تكفل الحصول علي أقصى قيمة هضمية إذا‬
‫ما قورن بالغذية الخرى‪ .‬لذلك فأن العديد من المنظمات المهتمة بالتغذية توصي بأن يكون اللبن أو أحد‬
‫منتجاته جزء من الوجبتين أو الثلث وجبات التي يتناولها النسان يوميًا‪ .‬كما توصي بأن يكون اللبن ومنتجاته‬
‫مكون رئيسي من مكونات الوجبات التي تقدم للطفال في المدارس‪ .‬وبالضافة إلي توفر الكثير من المركبات‬
‫الغذائية باللبن والتي تجعله من أفضل الغذية للنسان فأنه يتميز بالطعم المستساغ والذي يرغبه الكثير من‬
‫المستهلكين وخاصة الطفال‪ .‬ففي الدول الوروبية يلقن الطفل منذ صغره عادة استهلك الحليب فإذا ما كبر‬
‫كان شرب الحليب من أهم العادات التي يحرص عليها صباحًا ومساء وقد يضاف للبن بعض المواد الخرى‬
‫لضافة طعوم و نكهات تجذب المستهلك وتزيد من تناوله للبن مثل إضافة الكاكاو أو بعض الفواكه‪ .‬يتميز اللبن‬
‫أيضا بسهولة تحضيره فهو ل يحتاج إلي تجهيزات خاصة أو إزالة أي مخلفات منه لكي يتم تناوله‪ .‬فاللبن‬
‫المبستر يمكن استهلكه مباشرة بدون عملية طهي كما هو الحال في غالبية الغذية الخرى‪ .‬وفي الدول‬
‫المتقدمة يعتبر اللبن من أرخص الغذية التي تحتوي علي بروتينات عالية القيمة الغذائية والحيوية مقارنة‬
‫باللحوم والبيض‪ .‬ولذلك فقد ذكر أحد العلماء بالوليات المتحدة أن من الفضل للسر المتوسطة بأن يحتوي‬
‫غذائها اليومي علي ‪ %44‬من اللبان ومنتجاتها والكتفاء بنسبة ‪ %12‬من اللحوم والسماك‪.‬‬
‫و تعد منتجات اللبان المتخمرة من أكثر منتجات اللبان استهلكًا على مستوى العالم‪ ،‬بل أنه في بعض‬
‫الدول يزيد معدل استهلك هذه المنتجات مقارنة باستهلك الحليب الطازج‪ .‬و يمكن تعريف منتجات اللبان‬
‫المتخمرة بأنها منتجات تصنع من اللبن نتيجة لتخمره و تحول سكر اللكتوز به إلي مركبات أخرى و ذلك‬
‫نتيجة لنمو و نشاط أنواع مختلفة من البكتريا باللبن أهما بكتريا حمض اللكتيك‪ .‬و يعد تحول سكر اللكتوز إلي‬
‫حمض لكتيك هو التفاعل الرئيسي الذي يحدث في عملية التخمر أثناء صناعة منتجات اللبان المتخمرة إل أن‬
‫هذا ل يمنع من إنتاج بعض المركبات الخرى التي تختلف تبعًا لنوع المنتج اللبني المصنع‪ .‬و أكثر منتجات‬
‫اللبان المتخمرة استهلكًا على مستوى العالم هو الزبادي )اليوجورت(‪ ،‬و خلل تصنيع هذا المنتج فأن ما‬
‫يقرب من ‪ %40-20‬من سكر اللكتوز الموجود باللبن يتحول إلي حمض لكتيك‪.‬‬
‫وقد أثبتت العديد من الدراسات قدرة الزبادي )اليوجورت( علي إيقاف نمو البكتيريا المعوية المرضية‪.‬‬
‫فهو يعد بيئة غير صالحة لمعيشة هذه البكتيريا لمدة طويلة فيه‪ .‬وهناك عدة تفسيرات لذلك منها تأثير الرقم‬
‫الهيدروجيني المنخفض للزبادي علي هذه البكتيريا إل أن هذا التأثير يتوقف علي طبيعة المكونات الحمضية‬
‫التي تنتجها بكتيريا الزبادي وهي حمض اللكتيك و الخليك‪ .‬فهذه الحماض إذا ما وجدت علي الصورة غير‬
‫المتأينة في الغذاء كان لها التأثير المضاد للبكتيريا أما إذا وجدت علي الصورة المتأينة فأنها تفقد هذا التأثير‪.‬‬
‫ونظرًا لن الرقم الهيدروجيني لليوجورت يتراوح ما بين ‪ 4.5-3.8‬فأن نسبة عالية من حمض الخليك المتكون‬
‫به يكون علي صورة غير متأينة ونسبة أقل من حمض اللكتيك تكون علي هذه الصورة‪ .‬وبالضافة إلي تأثير‬
‫الرقم الهيدروجيني للزبادي علي نشاط البكتيريا المعوية المرضية فأن البكتيريا الموجودة به تنتج عدة مركبات‬
‫عضوية )أحماض عضوية( ومركبات كربوثيلية طيارة قد يكون لها تأثير مضاد للبكتيريا المعوية المرضية‪ .‬كما‬
‫إن نواتج التمثيل الغذائي المختزلة لبكتيريا اليوجورت تعمل علي خفض جهد الكسدة والختزال في الوسط مما‬
‫يوفر ظروف غير مناسبة لنمو البكتيريا المعوية المرضية‪.‬‬
‫أن للبكتيريا الموجودة في اللبان المتخمرة المقدرة على إفراز مجموعة من النزيمات الميكروبية و التي‬
‫تساعد على هضم الغذية الصعبة مثل اللحوم وغيرها‪ ،‬لذلك ينصح دائما بتناول الزبادي واللبن الرايب مع‬
‫تناول الغذية صعبة الهضم‪.‬‬
‫و من ناحية أخرى هناك أدلة قوية علي أن التغذية علي اللبان المتخمرة بميكروب ‪L. acidophilus‬‬
‫تعمل علي خفض مستوى الكوليسترول في الدم ؛ ويرجع ذلك إلي احتوائها على مواد مضادة لتكوين‬
‫الكوليسترول نفسه حيث تثبط النزيمات المشتركة في تخليق كوليسترول الجسم وخاصة في الظروف المماثلة‬
‫للموجودة في المعاء )غير هوائية وفي وجود أملح الصفراء(‪ .‬وكذلك تعمل اللبان المتخمرة على الحد من‬
‫امتصاصه في المعاء ويرجع ذلك إلي قدرة البكتيريا على فك ارتباط أحماض الصفراء حيث أن لهذه الحماض‬
‫قدرة ضعيفة في المساعدة علي امتصاص الدهون وبالتالي الكوليسترول‪ .‬ومما يؤكد ذلك ملحظة بعض‬
‫الباحثين بانخفاض نسبة الكوليسترول في الدم إلي ‪ 135‬ملجم‪ 100/‬مل في بعض القبائل التي تعيش في جنوب‬
‫كينيا وشمال تنزانيا والتى يصل فيها استهلك الفرد من اللبان إلي ‪ 4‬لتر يوميًا وغالبية هذه اللبان هي ألبان‬
‫متخمرة‪ .‬وفي إحدى التجارب تم تغذية ‪ 54‬متطوع على وجبات غذائية تحتوى على الزبادي ‪ ،‬وبعد أسبوع‬
‫واحد انخفضت نسبة الكوليسترول لدى هؤلء المتطوعين بمقدار من ‪ .%10-5‬كما أشارت دراسات أخرى إلي‬
‫أن نسبة انخفاض الكوليسترول عند النساء أعلى من مثيلتها في الرجال‪.‬‬
‫أيضًا للبكتريا الموجودة باللبان المتخمرة القدرة على زيادة المناعة الطبيعية للجسم حيث تستطيع‬
‫البكتيريا الموجودة في اللبان المتخمرة أن تفرز وتنتج مواد مضادة طبيعية ومن أمثلتها )البكتريوسين‬
‫‪ ، Bacteriocin‬والنايسين ‪ (Nicin‬وغيرها و التي تعمل على تثبيط ووقف نشاط معظم البكتيريا المرضية‬
‫للنسان‪ .‬و يلحظ أنه عند تعرض الطفال لبعض الصابات المرضية العادية أو حتى عند التعرض للتغيير‬
‫الفجائي في التغذية أو التغيير الفجائي في الجو وبالضافة إلي بعض العوامل الخرى يؤدي ذلك لختلل في‬
‫التوازن الميكروبي الطبيعي في القناة المعد معوية‪ .‬حيث يزداد نمو الميكروبات المرضية ويقل نمو الميكروبات‬
‫المفيدة‪ .‬ويمكن أن يحدث ذلك في الكبار أيضا عند حدوث اضطرابات في وظائف المعدة أو خلل في حركة‬
‫المعاء أو تليف في الكبد أو اضطرابات في الجهاز المناعي أو التعرض لشعة خاصة أشعة ‪ X‬في منطقة‬
‫البطن‪ .‬إل أنه يمكن إعادة الميكروفلورا الطبيعة بالقناة المعد معوية إلي وضعها الطبيعي عند زوال السبب في‬
‫التغيير وعن طريق تناول اللبان المتخمرة المحتوية على بكتيريا ‪ L. acidophilus‬وبعض النواع من‬
‫بكتيريا ‪ .Bifidobacteria‬كما أنه ينصح عادة بتناول اللبان المتخمرة المحتوية على البكتيريا السابقة بعد‬
‫انتهاء فترة العلج بالمضادات الحيوية‪ .‬فمن المعروف أن تناول بعض هذه المضادات يؤدي لتغيرات عنيفة‬
‫وقوية في التوازن الطبيعي للميكروفلورا المعوية‪ .‬فعلى سبيل المثال يؤدي تناول ‪ Clindamycin‬قد يؤدي‬
‫لزالة كل النواع البكتيرية من ‪ Bifidobacteria ، Lactobacilli‬و ‪ Bacteriods‬والميكروبات الكروية‬
‫اللهوائية في حين يؤدي تناول المضاد الحيوي ‪ Lincomycin‬إلي إزالة كل الميكروفلورا الطبيعية بالمعاء‪.‬‬
‫ولقد وجد أن تناول الطفال ألبان محتوية على ‪ L. acidophilus ، Bifidobacterium bifidum‬بعد‬
‫نهاية فترة العلج بالبنسلين أدي إلى زيادة أعداد بكتيريا ‪ Lactobacilli ، Bifidobacteria‬في البراز وقلل‬
‫من نمو خميرة ‪.Candida albicans‬‬
‫كذلك تشير بعض التجارب إلي أن لبكتريا اللبان المتخمرة قدرة على تثبيط نمو الخليا السرطانية‪ ،‬ففي‬
‫تجربة حديثة تمت على فئران التجارب و التي تغذت على لبن السيدوفلس و الذي يستخدم في صناعته‬
‫بكتيريا ‪ L.acidophilus‬أدى إلي إبطاء تطور ونمو بعض الجزاء السرطانية بها‪ .‬ويعتقد أن غالبية هذا‬
‫التأثير المثبط يعزى إلي إزالة النزيمات التي لها القدرة علي تحويل المركبات المسرطنة المبدئية إلي مركبات‬
‫مسرطنة‪ .‬أيضًا أشارت بعض الدراسات إلي انخفاض نسبة ظهور النموات السرطانية بالقولون بنسبة ‪-25‬‬
‫‪ %30‬في الفئران عند التغذية علي الزبادي‪ .‬ونتيجة لتأثير بعض النواع من بكتيريا حمض اللكتيك علي‬
‫البكتيريا المعوية والمرتبطة بالصابة بسرطان الكبد فأن معدل الصابة انخفض عند التغذية علي هذه النواع‪.‬‬
‫وتوجد بعض السللت من بكتيريا ‪ E. coli ، Clostridia ، Bacteroides‬و التي لها القدرة على تكوين‬
‫مركبات النيتروزأمين ‪ Nitrosamines‬من المينات الثانوية باستخدام النتريت في المعاء‪ .‬ومن المعروف أن‬
‫مركبات النيتروزأمين هي مركبات مسرطنة‪ .‬إل أن نمو بكتريا ‪ Lactobacilli‬في المعاء يعمل على تكسير‬
‫هذه المركبات‪ .‬كما أن بعض الجناس من بكتريا ‪ Lactobacillus casei‬لها القدرة على تكسير النترات‬
‫والنتريت وهما من المواد المسرطنة أيضًا‪.‬‬
‫مما سبق تتضح القيمة الغذائية والصحية الكبرى لللبان ومنتجاتها والتي مازال العلم يكتشف أسرارها‬
‫يومًا بعد الخر‪ .‬وهذا يفسر الهتمام التي توليه الدول المتقدمة بهذه السلعة والتي يتزايد استهلكها سنويًا‪.‬‬
‫فاللبان ومنتجاتها من أهم الغذية للصغار والكبار علي حد سواء‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬
‫كتاب "إنتاج و تصنيع اللبان في الوطن العربي" – مجدي محمد إسماعيل ‪ ،‬محمود سلمة الهايشة – مكتبة‬
‫الدار العلمية – القاهرة – مصر ‪2005 -‬‬

You might also like