You are on page 1of 7

‫صفات‬ ‫وال‬ ‫ِ‬ ‫ء‬‫سما‬ ‫لئمة الرَبعة ِفي ال َ‬

‫عقيد َة ُ ا َ‬
‫َ‬
‫َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫الحمد لله رب العالمين وأشهد أن ل إله إل الله الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا ومولنا محمدا ً عبده ورسوله‬
‫سيد الولين والخرين‪ ،‬اللهم فصل وسلم عليه وعلى سائر النبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين صلة‬
‫‪.‬وسلما دائمين متلزمين أبد البدين آمين‬
‫‪،‬وبعد‬
‫قد سألني بعض الصدقاء حفظهم الله تعالى أن أعمل مختصرا ً في عقيدة الئمة الربعة رحمة الله عليهم ورضوانه‪،‬‬
‫ليقرب على المتعلم درسه ويسهل على المبتدئ حفظه ويتبين بطلن قول كثير من أهل الزيغ والبدع ‪ -‬أخزاهم الله ‪-‬‬
‫الذين انتسبوا إلى بعض من الئمة الربعة كالماتريدية والحباش وغيرهم‪ ،‬ونسبوا إليهم عقيدة التعطيل بالتأويل‬
‫الباطل‪ ،‬وهذا فرية بل مرية‪ ،‬ومن شك في ذلك‪ ،‬فليطالع "أصول البزدوي" و"مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"‬
‫و"روح المعاني" و"الفقه البسط" و"شرح العقيدة الطحاوية" و"الجواهر المنفية في شرح وصية المام" و"ذم‬
‫الكلم" و"الصفات" و"الشريعة" و"العتقاد" و"التمهيد" و"عقيدة السلف أصحاب الحديث" و"الفتح" و"ترتيب‬
‫المدارك" و"آداب الشافعي" و"الحلية" و"السنن الكبرى" و"السماء والصفات" و"شرح السنة" و"إثبات صفة العلو"‬
‫و"العلو" و"مختصر العلو" و"مجموع الفتاوى" و"الرسالة" و"النتقاء" و"اللسان" و"ذم التأويل" و"الطبقات"‬
‫و"اجتماع الجيوش السلمية" و"السير" و"كتاب المحنة" و"مناقب الشافعي" و"السنة" و"سير أعلم النبلء"‬
‫و"تهذيب التهذيب" و"مناقب المام" و"درء تعارض العقل والنقل" و"طبقات الحنابلة" وأخيرا ً "شرح أصول اعتقاد‬
‫أهل السنة" يظهر له أن زعمه موقع له في خسران‪ ،‬وإن ليس كل من انتسب إلى المام أبي حنيفة وبقية أئمة أهل‬
‫السنة والجماعة ‪ -‬رضوان الله عليهم ‪ -‬يعد ّ موافقا ً له في أصول الدين وفروعه‪ ،‬بل هناك من كبار المبتدعة من‬
‫انتسب إلى المام أبي حنيفة‪ ،‬وأبو حنيفة بريء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف‪ ،‬فبالمقارنة بين المام أبي حنيفة‬
‫وأبي منصور الماتريدي والماتريدية يظهر إّنهما مختلفان في المنهج متباعدان في التطبيق في كثير من مسائل‬
‫العتقاد‪ .‬فلم يكن الماتريدي والماتريدية على منهج المام أبي حنيفة في العتقاد وإن انتسبوا إليه في الفروع‪ ،‬وإنه‬
‫ليس من منهج المام أبي حنيفة نوع من التشبيه أو التعطيل‪ ،‬وكذلك ل يوجد في كلم المام تفويض مطلق‪ ،‬بل الذي‬
‫ض مقي ّد ٌ بنفي العلم بالكيفّية فقط ل المعنى‪ ،‬فقد أثبت المام جميع الصفات‪ :‬ذاتّية كانت أو‬ ‫في كلم أبي حنيفة تفوي ٌ‬
‫ل ملتزما ً بمنهجه هذا أثناء التطبيق؛ فأبى أن ُيؤّول اليد بالقدرة أو النعمة‪ ،‬والرضا‬
‫ف‪ ،‬وظ ّ‬
‫ل‪ ،‬أو تحري ٍ‬
‫ة بدون تأوي ٍ‬
‫فعلي ّ ً‬
‫بالثواب‪ ،‬والغضب بالعقاب‪ .‬وكذلك يزعم الحباش أنهم على مذهب المام الشافعي في الفقه والعتقاد ولكنهم في‬
‫الحقيقة أبعد ما يكونون عن مذهب المام الشافعي ‪ -‬رضي الله عنه‪ ،‬فهم ُيأولون صفات الله تعالى بل ضابط شرعي‬
‫فُيأولون الستواء بالستيلء كالمعتزلة والجهمية‪ ،‬والمام الشافعي يثبت صفات الله بل كيف ول تعطيل‪ ،‬وهذا هو‬
‫الصراط المستقيم في باب صفات الله إثبات بل تشبيه وتنزيه بل تعطيل‪ .‬فعقيدة الئمة الربعة‪ :‬أبي حنيفة ومالك‬
‫والشافعي وأحمد ‪ -‬رضوان الله عليهم ‪ -‬اعتقاد واحد ٌ في أصول الدين‪ .‬وقد جمعت نصوص الئمة الربعة الواضحة في‬
‫سر وأعان على إتمام هذا‪ ،‬فلل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫بيان عقيدتهم ليعرف القارئ الكريم أنهم متفقون في باب العتقاد‪ .‬والحمد لله الذي ي ّ‬
‫‪.‬وحده الفضل والمّنة‬

‫هو النعمان بن ثابت بن زوطي‪ ,‬التيمي بالولء‪ .‬أبو حنيفة‪ .‬فقيه العراق وإمام الحنفية وأحد الئمة الربعة عند أهل‬
‫السنة‪ .‬ولد ونشأ بالكوفة‪ ,‬ولما شب تلقى الفقه على حماد بن أبي سليمان الشعري وسمع كثيرا من علماء التابعين‬
‫وروى عنهم كعطاء ابن أبي رباح ونافع مولى ابن عمر والشعبي والزهري وغيرهم‪ .‬وروى عنه جماعة منهم ابنه حماد‬
‫وزفر والهذيل ومحمد بن الحسن الشيباني وأبو يوسف القاضي وغيرهم‪ .‬كان زاهدا ورعا‪ ,‬أراده يزيد بن هبيرة‪ ,‬أمير‬
‫العراق‪ ,‬أيام مروان بن محمد أن يلي القضاء فأبى وأراده بعد ذلك المنصور العباسي على القضاء فامتنع وقال‪ :‬لن‬
‫أصلح للقضاء‪ ,‬فحلف عليه المنصور ليفعلن‪ ,‬فحلف أبو حنيفة أنه لن يفعل‪ ,‬فحبسه المنصور إلى أن مات‪ ,‬وقيل إنه‬
‫قتله بالسم وقيل إنه توفي وهو يصلي‪ .‬كان واسع العلم في كل العلوم السلمية وهو الذي تجرد لفرض المسائل‬
‫وتقدير وقوعها وفرض أحكامها بالقياس وفرع للفقه فروعا ً زاد في فروعه‪ ,‬وقد تبع أبا حنيفة جل الفقهاء بعده‬
‫ففرضوا المسائل وقدروا وقوعها ثم بينوا أحكامها‪ .‬وكان أبو حنيفة يتشدد في قبول الحديث ويتحرى عنه وعن رجاله‪,‬‬
‫فل يقبل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إل إذا رواه جماعة عن جماعة‪ ,‬أو إذا اتفق فقهاء المصار على‬
‫العمل به ‪ .‬توفي في بغداد عن سبعين سنة‪] .‬العلم ج ‪ 9‬ص ‪ ،4‬تاريخ بغداد ج ‪ 13‬ص ‪ ،378 -323‬وفيات العيان ج ‪5‬‬
‫ص ‪ ،405‬المسعودي ج ‪ 3‬ص ‪ ،304‬البداية والنهاية ج ‪ 10‬ص ‪ ،107‬تذكرة الحفاظ ج ‪1‬ص ‪ 168‬العبر ج ‪ 1‬ص ‪،214‬‬
‫النجوم الزاهرة ج ‪ 2‬ص ‪ ،12‬مروج الذهب ج ‪ 3‬ص ‪ ،304‬المعارف ص ‪ ،495‬دائرة المعارف السلمية‪ :‬مادة أبو‬
‫]حنيفة‬

‫‪:‬عقيدة المام أبو حنيفة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬في التوحيد‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬ل يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين‪ ،‬وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بل كيف‪ ،‬وهو قول )‪1‬‬
‫أهل السنة والجماعة‪ ،‬وهو يغضب ويرضى ول يقال‪ :‬غضبه عقوبته‪ ،‬ورضاه ثوابه‪ .‬ونصفه كما وصف نفسه أحد صمد‬
‫لم يلد ولم يولد ولك يكن له كفوا ً أحد‪ ،‬حي قادر سميع بصير عالم‪ ،‬يد الله فوق أيديهم‪ ،‬ليست كأيدي خلقه‪ ،‬ووجهه‬
‫]ليس كوجوه خلقه‪] .‬الفقه البسط ص ‪56‬‬
‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن‪ ،‬فما ذكره الله تعالى في القرآن‪ ،‬من )‪2‬‬
‫ل الصفة‪ ،‬وهو قول‬‫ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بل كيف‪ ،‬ول يقال‪ :‬إن يده قدرته أو نعمته؛ لن فيه إبطا َ‬
‫]أهل القدر والعتزال… ]الفقه الكبر ص ‪302‬‬

‫سك )‪3‬‬
‫قال البزدوي‪ :‬العلم نوعان علم التوحيد والصفات‪ ،‬وعلم الشرائع والحكام‪ .‬والصل في النوع الول هو التم ّ‬
‫سنة ومجانبة الهوى والبدعة ولزوم طريق السّنة والجماعة‪ ،‬وهو الذي عليه أدركنا مشايخنا وكان على ذلك‬
‫بالكتاب وال ّ‬
‫سلفنا أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وعامة أصحابهم‪ .‬وقد صنف أبو حنيفة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬في ذلك كتاب الفقه‬
‫الكبر‪ ،‬وذكر فيه إثبات الصفات وإثبات تقدير الخير والشر من الله‪] .‬أصول البزدوي ص ‪ ،3‬كشف السرار هن أصول‬
‫]البزدوي ج ‪ 1‬ص ‪8 ،7‬‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬ل ينبغي لحد أن ينطق في ذات الله بشيء‪ ،‬بل يصفه بما وصف به نفسه‪ ،‬ول يقول فيه )‪4‬‬
‫برأيه شيئا ً تبارك الله تعالى ر ّ‬
‫ب العالمين‪] .‬شرح العقيدة الطحاوية ج ‪ 2‬ص ‪ 427‬تحقيق د‪ .‬التركي وجلء العينين ص‬
‫]‪368‬‬

‫سئل المام أبو حنيفة عن النزول اللهي‪ ،‬فقال‪ :‬ينزل بل كيف‪] .‬عقيدة السلف أصحاب الحديث ص ‪ ،42‬السماء )‪5‬‬
‫]والصفات للبيهقي ص ‪ ،456‬وسكت عليه الكوثري‪ ،‬شرح الطحاوية ص ‪ ،245‬شرح الفقه الكبر للقاري ص ‪60‬‬

‫ى القاري بعد ذكره قول المام مالك‪" :‬الستواء معلوم والكيف مجهول…"‪ :‬اختاره إمامنا العظم – )‪6‬‬ ‫قال المل ّ عل ّ‬
‫أي أبو حنيفة – وكذا كل ما ورد من اليات والحاديث المتشابهات من ذكر اليد والعين والوجه ونحوها من الصفات‪.‬‬
‫فمعاني الصفات كلها معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذ ْ َتع ّ‬
‫قل الكيف فرع العلم لكيفية الذات وكنهها‪ .‬فإذا كان‬
‫ذلك غير معلوم؛ فكيف يعقل لهم كيفية الصفات‪ .‬والعصمة الّنافعة من هذا الباب أن يصف الله بما وصف به نفسه‪،‬‬
‫ووصفه به رسوله من غير تحريف ول تعطيل ومن غير تكييف ول تمثيل‪ ،‬بل يثبت له السماء والصفات وينفي عنه‬
‫مشابهة المخلوقات‪ ،‬فيكون إثباتك منزها ً عن التشبيه‪ ،‬ونفيك منّزها ً عن التعطيل‪ .‬فمن نفى حقيقة الستواء فهو‬
‫حد‬‫معطل ومن شّبهه باستواء المخلوقات على المخلوق فهو مشّبه‪ ،‬ومن قال استواء ليس كمثله شيء فهو المو ّ‬
‫]المنزه‪] .‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ج ‪ 8‬ص ‪251‬‬

‫ن فيه إبطال صفة‪ ،‬وهو قول أهل القدر والعتزال‪] .‬الفقه )‪7‬‬
‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬ول يقال إن يده قدرته أو نعمته ل ّ‬
‫]الكبر ص ‪302‬‬

‫قال المام أبو حنيفة‪:‬وهو يغضب ويرضى ول يقال غضبه عقوبته ورضاه ثوابه‪] .‬الفقه البسط ص ‪ ،56‬وسكت عليه )‪8‬‬
‫]محقق الكتاب الكوثري‬

‫ي‪ :‬أنت تعلم أن طريقة كثير من العلماء العلم وأساطين السلم المساك عن التأويل مطلقا ً )‪9‬‬ ‫قال اللوسي الحنف ّ‬
‫ي‪ ،‬ومحمد بن الحسن‪،‬‬ ‫مع نفي الّتشبيه والتجسيم‪ .‬منهم المام أبو حنيفة‪ ،‬والمام مالك‪ ،‬والمام أحمد‪ ،‬والمام الشافع ّ‬
‫ي‪ ،‬وعبد الله بن المبارك‪ ،‬وأبو معاذ خالد بن سليمان صاحب سفيان الثوري‪ ،‬وإسحاق بن‬ ‫وسعد بن معاذ المروز ّ‬
‫هويه‪ ،‬ومحمد بن إسماعيل البخاري‪ ،‬والترمذي‪ ،‬وأبو داود السجستاني‪] ..‬روح المعاني ج ‪ 6‬ص ‪156‬‬ ‫]را ُ‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬ول يشبه شيئا ً من الشياء من خلقه‪ ،‬ول يشبهه شيء من خلقه‪ ،‬لم يزل ول يزال بأسمائه )‪10‬‬
‫]وصفاته‪] ...‬الفقه الكبر ص ‪301‬‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬وصفاته بخلف صفات المخلوقين يعلم ل كعلمنا‪ ،‬ويقدر ل كقدرتنا‪ ،‬ويرى ل كرؤيتنا‪ ،‬ويسمع )‪11‬‬
‫]ل كسمعنا‪ ،‬ويتكّلم ل ككلمنا‪] ...‬الفقه الكبر ص ‪302‬‬

‫]قال المام أبو حنيفة‪ :‬ل يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين‪] .‬الفقه البسط ص ‪12) 56‬‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬وصفاته الذاتية والفعلية‪ :‬أما الذاتية فالحياة والقدرة والعلم والكلم والسمع والبصر )‪13‬‬
‫والرادة‪ ،‬وأما الفعلية فالتخليق والترزيق والنشاء والبداع والصنع وغير ذلك من صفات الفعل لم يزل ول يزال‬
‫]بأسمائه وصفاته‪] .‬الفقه الكبر ص ‪301‬‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬ولم يزل فاعل ً بفعله‪ ،‬والفعل صفة في الزل‪ ،‬والفاعل هو الله تعالى‪ ،‬والفعل صفة في )‪14‬‬
‫]الزل والمفعول مخلوق وفعل الله تعالى غير مخلوق‪] .‬الفقه الكبر ص ‪301‬‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬من قال ل أعرف ربي في السماء أم في الرض فقد كفر‪ ،‬وكذا من قال إنه على العرش‪15) ،‬‬
‫ول أدري العرش أفي السماء أم في الرض‪] .‬الفقه البسط ص ‪ ،49‬مجموع الفتاوى لبن تيمية ج ‪ 5‬ص ‪ ،48‬اجتماع‬
‫الجيوش السلمية لبن القيم ص ‪ ،139‬العلو للذهبي ص ‪ ،102 ،101‬العلو لبن قدامة ص ‪ ،116‬شرح الطحاوية لبن‬
‫]أبي العز ص ‪301‬‬

‫قال المام أبو حنيفة للمرأة التي سألته أين إلهك الذي تعبده؟ قال‪ :‬إن الله سبحانه وتعالى في السماء دون )‪16‬‬
‫م{ ]سورة الحديد‪ :‬الية ‪ [4‬قال‪ :‬هو كما تكتب للرجل إني معك‬‫معَك ُ ْ‬
‫الرض‪ ،‬فقال رجل‪ :‬أرأيت قول الله تعالى‪} :‬وَهُوَ َ‬
‫]وأنت غائب عنه‪] .‬السماء والصفات ص ‪429‬‬
‫]قال المام أبو حنيفة‪ :‬والقرآن غير مخلوق‪] .‬الفقه الكبر ص ‪17) 301‬‬

‫قال المام أبو حنيفة‪ :‬ونقر بأن القرآن كلم الله تعالى غير مخلوق‪] .‬الجواهر المنفية في شرح وصية المام ص )‪18‬‬
‫]‪10‬‬

‫]قال المام أبو حنيفة‪ :‬ونقر بأن الله تعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة‪] .‬شرح الوصية ص ‪19) 10‬‬

‫هو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الصبحي‪ ،‬ينتهي نسبه إلى ذي أصبح‪ ،‬وهي قبيلة من اليمن‪ .‬أبو عبد الله‪.‬‬
‫قدم أحد أجداده من اليمن إلى المدينة وسكنها‪ ،‬وكان جده أبو عامر من أصحاب رسول الله‪ ،‬شهد معه المغازي كلها‬
‫ما عدا بدرا‪ .‬هو أحد الئمة الربعة عند أهل السنة‪ ،‬وإليه تنسب المالكية‪ .‬أخذ العلم عن نافع مولى عبد الله بن عمر‪،‬‬
‫وأخذه عن ابن شهاب الزهري‪ ،‬وأما شيخه في الفقه فهو ربيعة بن عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي‪ .‬كان مالك‬
‫إماما في الحديث‪ ،‬وكان مجلسه مجلس وقار وحلم‪ ،‬وكان رجل مهيبا‪ ،‬ليس في مجلسه شيء من المراء واللغط‪.‬‬
‫حدث عنه كثير من الئمة‪ ،‬منهم ابن المبارك والوزاعي والليث بن سعد والشافعي‪ .‬قال البخاري‪ .‬أصح الحاديث عن‬
‫مالك عن نافع عن ابن عمر‪ .‬كان يعتمد في فتياه على كتاب الله ثم على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما ثبت‬
‫عنده منهما‪ ،‬وكان يعطي لما جرى عليه العمل في المدينة أهمية كبرى‪ ،‬ول سيما عمل الئمة وفي مقدمتهم‬
‫الشيخان‪ :‬أبو بكر وعمر‪ .‬حمل إلى جعفر بن سليمان العباسي‪ ،‬والي المدينة فضربه سبعين سوطا لنه أفتى بعدم‬
‫لزوم طلق المكره‪ ،‬وهي فتوى ذات وجه سياسي‪ ،‬لنها تسري إلى أيمان البيعة التي أحدثوها‪ ،‬وكانو يكرهون الناس‬
‫على الحلف بالطلق عند المبايعة‪ ،‬فرأوا أن فتوى مالك تنقض البيعة وتهون الثورة عليهم‪ .‬سئل مالك عن البغاة‬
‫أيجوز قتالهم؟ فقال‪ :‬يجوز قتالهم إن خرجوا على خليفة مثل عمر بن عبد العزيز‪ ،‬فقيل له‪ :‬إن لم يكن مثله‪ ،‬قال‪:‬‬
‫دعهم ينتقم الله من ظالم بظالم‪ ،‬ثم ينتقم من كليهما‪ ،‬فكانت هذه الفتوى سبب محنته‪ .‬استند في إبطال يمين‬
‫المكره على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ‌ :‬رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه‪ .‬ولما بلغ الخليفة‬
‫ما فعل والي المدينة بمالك أنكره وعزل جعفر بن سليمان عن المدينة وأمر أن يؤتى به إلى بغداد محمول على قتب‬
‫)أي على جمل( ‪ .‬ثم لقي المنصور مالكا في موسم الحج سنة ‪163‬هـ واجتمع به في منى واعتذر إليه وطلب منه أن‬
‫يدون علمه في كتاب يتجنب فيه شدائد عبد الله بن عمر ورخص عبد الله بن عباس وشواذ عبد الله بن مسعود‪ ،‬وأن‬
‫يقصد إلى أواسط المور وما اجتمع عليه من الئمة والصحابة‪ ،‬وأمر له بألف دينار وكسوة‪ ،‬فصنف مالك الموطأ وهو‬
‫أول كتاب ظهر في الفقه السلمي‪ .‬ومن كتبه )المدونة( وهي مجموعة رسائل من فقه مالك جمعها تلميذه أسد بن‬
‫الفرات أقام مالك بالمدينة ولم يرحل منها إلى بلد آخر‪ ،‬وقد وجه إليه الرشيد ليأتيه فيحدثه‪ ،‬فقال‪ :‬العلم يؤتى‪،‬‬
‫فقصده الرشيد إلى منزله‪ ،‬وجلس بين يديه فحدثه‪ .‬أكثر من رحل إليه المصريون والمغربيون من أهل أفريقية‬
‫والندلس‪ ،‬وهم الذين نشروا مذهبه في شمال أفريقية وفي الندلس‪ ،‬ثم ظهر مذهبه في البصرة وبغداد وخراسان‬
‫بواسطة فقهاء رحلوا إليه من تلك البلد‪ .‬توفي في المدينة عن ‪ 86‬عاما ودفن بالبقيع‪] .‬العلم ج ‪ 6‬ص ‪ ،128‬البداية‬
‫والنهاية ج ‪ 10‬ص ‪ ،174‬المامة والسياسة لبن قتيبة ج ‪ 2‬ص ‪ ،180-178‬تذكرة الحفاظ ج ‪ 1‬ص ‪ ،207‬شذرات‬
‫]الذهب ج ‪ 1‬ص ‪ ،289‬الفهرست ص ‪ ،286‬وفيات العيان ج ‪ 4‬ص ‪ ،135‬المعارف ص ‪498‬‬

‫‪:‬عقيدة المام مالك بن أنس ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬في التوحيد‬

‫ن بالنبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أنه عّلم أ ّ‬


‫مته )‪1‬‬ ‫سئل مالك عن الكلم والتوحيد؛ فقال مالك‪ :‬محال أن ُيظ ّ‬
‫الستنجاء‪ ،‬ولم يعلمهم التوحيد‪ ،‬والتوحيد ما قاله النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ :‬أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا ل‬
‫عصم به المال والدم حقيقة التوحيد‪] .‬ذم الكلم ق ‪210 -‬‬ ‫]إله إل الله‪ .‬فما ُ‬

‫عن وليد بن مسلم قال‪ :‬سألت مالكًا‪ ،‬والثوري‪ ،‬والوزاعي‪ ،‬والليث بن سعد عن الخبار في الصفات؛ فقالوا أ ِ‬
‫مّروها )‪2‬‬
‫كما جاءت‪] .‬الصفات للدارقطني ص ‪ ،75‬الشريعة للجري ص ‪ ،314‬العتقاد للبيهقي ص ‪ ،118‬التمهيد لبن عبد البر‬
‫]ج ‪ 7‬ص ‪149‬‬

‫ضَرةٌ }‪3) {22‬‬


‫مئ ِذٍ ّنا ِ‬‫جوهٌ ي َوْ َ‬ ‫ل‪} :‬وُ ُ‬ ‫قال ابن عبد البر‪ :‬سئل مالك أُيرى الله يوم القيامة؟ فقال‪ :‬نعم يقول الله عّز وج ّ‬
‫ن{ ]سورة‬
‫جوُبو َ‬‫ح ُ‬
‫م ْ‬‫مئ ِذٍ ل ّ َ‬
‫م ي َوْ َ‬
‫عن ّرب ّهِ ْ‬ ‫ة{ ]سورة القيامة‪ :‬اليتان ‪ [23 ،22‬وقال لقوم آخرين‪} :‬ك َّل إ ِن ّهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫إ َِلى َرب َّها َناظ َِر ٌ‬
‫]المطففين‪ :‬الية ‪] .[15‬النتقاء ص ‪36‬‬

‫ضَرةٌ }‪ {22‬إ َِلى َرب َّها َناظ َِر ٌ‬


‫ة{ )‪4‬‬ ‫مئ ِذٍ ّنا ِ‬
‫جوهٌ ي َوْ َ‬
‫عن ابن نافع‪ ،‬وأشهب‪ ،‬وأحدهما قال‪ :‬يزيد على الخر‪ :‬يا أبا عبد الله‪} :‬وُ ُ‬
‫]سورة القيامة‪ :‬اليتان ‪ ،[23 ،22‬ينظرون إلى الله؟ قال‪ :‬نعم بأعينهم هاتين؛ فقلت له‪ :‬فإن قوما ً يقولون‪ :‬ل ينظر‬
‫ة{ بمعنى منتظرة الثواب‪ .‬قال‪ :‬كذبوا بل ينظر إلى الله أما سمعت قول موسى عليه السلم‪:‬‬ ‫ن }َناظ َِر ٌ‬ ‫إلى الله‪ ،‬إ ّ‬
‫ل؟ فقال الله‪َ} :‬لن ت ََراِني{ ]سورة‬ ‫ك{ ]سورة العراف‪ :‬الية ‪ [143‬أفترى موسى سأل ربه محا ً‬ ‫ب أ َرِِني َأنظ ُْر إ ِل َي ْ َ‬
‫}َر ّ‬
‫العراف‪ :‬الية ‪ [143‬أي في الدنيا لنها دار فناء ول ينظر ما يبقى بما يفنى فإذا صاروا إلى دار البقاء نظروا بما يبقى‬
‫ن{ ]سورة المطففين‪ :‬الية ‪] .[15‬ترتيب المدارك‬ ‫جوُبو َ‬
‫ح ُ‬ ‫مئ ِذٍ ل ّ َ‬
‫م ْ‬ ‫م ي َوْ َ‬
‫عن ّرب ّهِ ْ‬ ‫إلى ما يبقى وقال الله‪} :‬ك َّل إ ِن ّهُ ْ‬
‫م َ‬
‫]للقاضي عياض ج ‪ 2‬ص ‪42‬‬

‫ن عََلى ال ْعَْر ِ‬
‫ش )‪5‬‬ ‫م ُ‬
‫ح َ‬
‫عن جعفر بن عبد الله قال‪ :‬كنا عند مالك بن أنس فجاءه رجل فقال‪ :‬يا أبا عبد الله‪} ،‬الّر ْ‬
‫وى{ ]سورة طه‪ :‬الية ‪ [5‬كيف استوى؟ فما وجد ‪ -‬جاء في لسان العرب ج ‪ 3‬ص ‪ :446‬وجد عليه في الغضب‬ ‫ست َ َ‬
‫ا ْ‬
‫ي أي ل تغضب من سؤالي ‪ -‬مالك من‬ ‫دة ووجدانا ً غضب‪ ،‬وفي حديث اليمان‪ ،‬إني سائلك فل تجد عل ّ‬
‫ج َ‬ ‫جد ُ وجدا ً و َ‬
‫موْ ِ‬ ‫يُ ِ‬
‫شيء ما وجد من مسألته‪ ،‬فنظر إلى الرض‪ ،‬وجعل ينكت بعودٍ في يده عله الرحضاء ‪ -‬يعني العرق ‪ -‬ثم رفع رأسه‬
‫ورمى بالعود‪ ،‬وقال‪ :‬الكيف منه غير معقول‪ ،‬والستواء منه غير مجهول‪ ،‬واليمان به واجب‪ ،‬والسؤال عنه بدعة‪،‬‬
‫وأظنك صاحب بدعة وأمر به فأخرج‪] .‬الحلية لبي نعيم ج ‪ 6‬ص ‪ ،325‬عقيدة السلف أصحاب الحديث للصابوني ص‬
‫‪ ،18-17‬التمهيد ج ‪ 7‬ص ‪ ،151‬السماء والصفات للبيهقي ص ‪ ،407‬قال الحافظ ابن حجر في الفتح ج ‪ 13‬ص ‪،406‬‬
‫]‪ :407‬إسناده جيد‪ .‬وصححه الذهبي في العلو ص ‪103‬‬

‫عن يحيى بن الربيع قال‪ :‬كنت عند مالك ابن أنس‪ ،‬ودخل عليه رجل فقال‪ :‬يا أبا عبد الله‪ ،‬ما تقول فيمن يقول )‪6‬‬
‫القرآن مخلوق؟ فقال مالك‪ :‬زنديق فاقتلوه‪ .‬فقال‪ :‬يا أبا عبد الله‪ ،‬إنما أحكي كلما ً سمعته‪ .‬فقال‪ :‬لم أسمعه من أحد‪،‬‬
‫ظم هذا القول‪] .‬الحلية لبي نعيم ج ‪ 6‬ص ‪ ،325‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة‬ ‫إنما سمعته منك‪ ،‬وع ّ‬
‫]لللكائي ج ‪ 1‬ص ‪ ،249‬ترتيب المدارك للقاضي عياض ج ‪ 2‬ص ‪44‬‬

‫عن عبد الله بن نافع قال‪ :‬كان مالك بن أنس يقول‪ :‬من قال القرآن مخلوق‪ ،‬يوجع ضربًا‪ ،‬ويحبس حتى يتوب‪7) .‬‬
‫]]النتقاء ص ‪35‬‬

‫عن عبد الله بن نافع قال‪ :‬قال مالك‪ :‬الله في السماء‪ ،‬وعلمه في كل مكان‪] .‬مسائل المام أحمد لبي داود ص )‪8‬‬
‫]‪ ،263‬السنة لعبد الله بن أحمد ص ‪) 11‬الطبعة القديمة(‪ ،‬التمهيد لبن عبد البر ج ‪ 7‬ص ‪138‬‬

‫هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب القرشي‪ ،‬بن عبد المطلب بن مناف‪ .‬أبو عبد الله‪.‬‬
‫موطن أبيه مكة خرج أبوه إلى غزة فولد له ابنه محمد‪ ،‬فعادت به أمه إلى مكة وهي يمانية من الزد‪ ،‬وهو ابن سنتين‬
‫بعد وفاة أبيه‪ .‬استظهر القرآن في صباه‪ ،‬ثم خرج إلى قبيلة هذيل بالبادية‪ ،‬وكانوا من أفصح العرب‪ ،‬فحفظ كثيرا من‬
‫أشعارهم‪ ،‬ثم عاد إلى مكة وقد أفاد فصاحة وأدبا‪ .‬لزم مكة وقرأ على مسلم بن خالد الزنجي‪ ،‬وهو يومئذ شيخ الحرم‬
‫المكي ومفتيه‪ ،‬حتى أذن له أن يفتي‪ .‬ثم أتى المام مالكا في المدينة فقرأ عليه الموطأ فاكتسب فقها من مسلم‬
‫وحديثا من مالك‪ .‬رحل إلى اليمن وولي عمل لقاضيها مصعب بن عبد الله القرشي‪ ،‬وكانت اليمن مهدا لكثير من‬
‫الشيعة‪ ،‬فاتهم بالتشيع‪ ،‬وكان الخليفة آنئذ هارون الرشيد‪ ،‬فحمل إليه‪ ،‬وهو في مدينة الرقة مع جماعة من المتهمين‪،‬‬
‫وقد تعرض بهذه التهمة لخطر شديد‪ ،‬لول حاجب الرشيد الفضل بن الربيع‪ ،‬فدافع عنه حتى أثبت براءته‪ ،‬وتكلم‬
‫الشافعي أمام الرشيد فأعجب به وأمر بإطلقه ووصله‪ ،‬وكان ذلك عام ‪ 184‬هـ‪ .‬انتهز الشافعي فرصة وجوده بالعراق‬
‫فدخل بغداد واتصل بمحمد بن الحسن الشيباني‪ ،‬صاحب أبي حنيفة‪ ،‬فأنزله عنده وأخذ الشافعي عنه واطلع على كتب‬
‫فقهاء العراق واكتسب من فقههم‪ ،‬فجمع بين طريقة الفقهاء وطريقة أهل الحديث وكانت له مناظرات مع محمد بن‬
‫الحسن مملوءة بكتب الشافعي‪ .‬عاد بعد ذلك إلى مكة وكانت محجة العلماء من سائر القاليم‪ ،‬فاستفاد وأفاد وناظر‬
‫وأخذ عنه كثيرون‪ ،‬ثم رحل إلى بغداد سنة ‪ 195‬هـ في خلفة المين‪ ،‬وأخذ عنه علماء العراق‪ ،‬وأملى هناك كتبه في‬
‫مذهبه )العراقي أو القديم( ‪ ،‬واجتمع بعلماء بغداد وأئمتها ومنهم المام أحمد بن حنبل‪ ،‬ثم عاد إلى مكة وقد انتشر‬
‫ذكره في بغداد وانتحل طريقته كثير من علمائها‪ .‬في سنة ‪ 198‬هـ عاد إلى العراق في رحلته الثالثة إليه‪ ،‬ومكث في‬
‫العراق قليل وسافر منه إلى مصر‪ ،‬فنزل بالفسطاط ضيفا على عبد الله بن عبد الحكم‪ ،‬وكان من أصحاب مالك‪،‬‬
‫وكانت طريقة مالك منتشرة بين المصريين‪ ،‬وفي مصر صنف كتاب )الم( وهو من كتبه الجديدة التي أملها مع كتابه‬
‫)الرسالة( في الصول‪ .‬والشافعي هو أحد الئمة الربعة‪ .‬وقد نشر مذهبه بنفسه بما قام به من رحلت‪ ،‬وهو الذي‬
‫كتب كتبه بنفسه وأملها على تلميذه ولم يعرف هذا لغيره من كبار الئمة‪ .‬والشافعي شاعر مقل‪ ،‬قريب المعاني‪،‬‬
‫سهل السلوب‪ ،‬نجد في بعض مقطوعاته روح الشاعر‪ .‬هو أول من صنف في أصول الفقه وأول من قرر ناسخ‬
‫الحديث من منسوخه‪ .‬من تصانيفه‪ :‬كتاب الم‪ ،‬رسالة في أصول الفقه‪ ،‬سبيل النجاة‪ ،‬ديوان شعره وغير ذلك‪ .‬توفي‬
‫في مصر عن ‪ 54‬سنة‪] .‬العلم ج ‪ 6‬ص ‪ ،249‬تاريخ بغداد ج ‪ 2‬ص ‪ ،73-56‬وفيات العيان ج ‪ 4‬ص ‪ ،163‬تذكرة‬
‫الحفاظ ج ‪ 1‬ص ‪ ،361‬شذرات الذهب ج ‪ 2‬ص ‪ ،9‬حسن المحاضرة ج ‪ 1‬ص ‪ ،303‬البداية والنهاية ج ‪ 10‬ص ‪،251‬‬
‫العبر ج ‪ 1‬ص ‪ ،243‬حلية الولياء ج ‪ 9‬ص ‪ ،63‬طبقات الشافعية ص ‪ ،6‬معجم الدباء ج ‪ 6‬ص ‪ ،367‬الفهرست ص‬
‫]‪294‬‬

‫‪:‬عقيدة المام ابن إدريس الشافعي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬في التوحيد‬

‫ه‪ ،‬أو باسم من أسمائه‪ ،‬فحنث؛ فعليه الكفارة‪ .‬ومن حلف )‪1‬‬‫عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬قال الشافعي‪ :‬من حلف بالل ِ‬
‫ه‪ ،‬مثل أن يقول الرجل‪ :‬والكعبة‪ ،‬وأبي‪ ،‬وكذا وكذا ما كان‪ ،‬فحنث؛ فل كفارة عليه‪ .‬ومثل ذلك قوله‪:‬‬ ‫بشيء غير الل ِ‬
‫لعمري‪ ..‬ل كفارة عليه‪ .‬ويمين بغير اللهِ فهي مكروهة‪ ،‬منهي عنها من قبل قول الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ :‬إن‬
‫ل نهاكم أن تحِلفوا بأبائكم‪ ،‬فمن كان حالفا ً فليحِلف بالله أو ليسكت‪] .‬مناقب الشافعي ج ‪ 1‬ص ‪[405‬‬ ‫ه عّز وج ّ‬
‫الل َ‬
‫ه‪ ،‬فحنث؛ فعليه الكفارة‪] .‬آداب الشافعي لبن‬
‫ِ‬ ‫الل‬ ‫باسم‬ ‫حلف‬ ‫فمن‬ ‫مخلوقة؛‬ ‫غير‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫أسماء‬ ‫بأن‬ ‫ذلك‬ ‫الشافعي‬ ‫وعلل‬
‫أبي حاتم ص ‪ ،193‬الحلية لبي نعيم ج ‪ 9‬ص ‪ ،112‬السنن الكبرى للبيهقي ج ‪ 10‬ص ‪ ،28‬السماء والصفات للبيهقي‬
‫]ص ‪ ،256 ،255‬شرح السنة للبغوي ج ‪ 1‬ص ‪ ،188‬والعلو للذهبي ص ‪ ،121‬ومختصره لللباني ص ‪77‬‬

‫عن الشافعي أنه قال‪ :‬القول في السنة التي أنا عليها‪ ،‬ورأيت أصحابنا عليها‪ ،‬أهل الحديث الذين رأيتهم‪ ،‬وأخذت )‪2‬‬
‫عنهم مثل سفيان‪ ،‬ومالك‪ ،‬وغيرهما‪ :‬القرار بشهادة أن ل إله إل الله‪ ،‬وأن محمدا ً رسول الله‪ ،‬وأن الل َ‬
‫ه تعالى على‬
‫عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء‪ ،‬وأن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء‪] .‬اجتماع الجيوش‬
‫السلمية لبن القيم ص ‪ ،165‬إثبات صفة العلو ص ‪ ،124‬مجموع الفتاوى ج ‪ 4‬ص ‪ ،183-181‬والعلو للذهبي ص‬
‫]‪ ،120‬ومختصره لللباني ص ‪176‬‬

‫عن المزني قال‪ :‬قلت إن كان أحد يخرج ما في ضميري‪ ،‬وما تعّلق به خاطري من أمر التوحيد؛ فالشافعي‪ ،‬فصرت )‪3‬‬
‫إليه وهو في مسجد مصر‪ ،‬فلما جثوت بين يديه‪ ،‬قلت‪ :‬هجس في ضميري مسألة في التوحيد‪ ،‬فعلمت أن أحدا ً ل يعلم‬
‫ه فيه فرعون‪،‬‬ ‫علمك‪ ،‬فما الذي عندك؟ فغضب ثم قال‪ :‬أتدري أين أنت؟ قلت‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬هذا الموضع الذي أغرق الل ُ‬
‫أبلغك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر بالسؤال عن ذلك؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬هل تكلم فيه الصحابة؟ قلت‪:‬‬
‫خِلق؟ قلت‪ :‬ل‪،‬‬ ‫م ُ‬ ‫ل‪ ،‬قال‪ :‬أتدري كم نجما ً في السماء؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فكوكب منها تعرف جنسه‪ ،‬طلوعه‪ ،‬أفوله‪ ،‬م ّ‬
‫قال‪ :‬فشيٌء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه تتكلم في علم خالقه؟ ثم سألني عن مسألة في الوضوء فأخطأت‬
‫ه‬
‫م ُ‬‫عل ْ َ‬
‫ه‪ ،‬فلم أصب في شيء منه‪ ،‬فقال‪ :‬شيٌء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات؛ تدع ِ‬ ‫فيها‪ ،‬ففّرعها على أربعة أوج ٍ‬
‫ن‬
‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫ه إ ِل ّ هُوَ الّر ْ‬ ‫حد ٌ ل ّ إ ِل َ َ‬ ‫م إ ِل َ ٌ‬
‫ه َوا ِ‬ ‫وتتكلف علم الخالق إذا هجس في ضميرك ذلك‪ .‬فارجع إلى قول اللهِ تعالى‪} :‬وَإ َِلـهُك ُ ْ‬
‫ري ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫ك ال ِّتي ت َ ْ‬‫فل ْ ِ‬
‫ل َوالن َّهارِ َوال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ع{ ]سورة‬ ‫ف ُ‬
‫ما َين َ‬ ‫حرِ ب ِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬
‫خت ِل َ ِ‬
‫ض َوا ْ‬
‫ت َوالْر ِ‬
‫ماَوا ِ‬
‫س َ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫ق ال ّ‬ ‫ن ِفي َ‬
‫م }‪ {163‬إ ِ ّ‬
‫حي ُ‬
‫الّر ِ‬
‫البقرة‪ :‬اليتان ‪ [164 ،163‬فاستدل بالمخلوق على الخالق‪ ،‬ول تتكلف على ما لم يبلغه عقلك‪] .‬سير أعلم النبلء ج‬
‫]‪ 10‬ص ‪31‬‬

‫مسمى‪ ،‬أو الشيء )‪4‬‬


‫عن يونس بن عبد العلى‪ ،‬قال‪ :‬سمعت الشافعي يقول‪ :‬إذا سمعت الرجل يقول السم غير ال ُ‬
‫]غير الشيء‪ ،‬فاشهد عليه بالزندقة‪] .‬النتقاء ص ‪ ،79‬مجموع الفتاوى ج ‪ 6‬ص ‪187‬‬

‫قال الشافعي في كتابه الرسالة‪ :‬والحمد لله‪ ...‬الذي هو كما وصف به نفسه‪ ،‬وفوق ما يصفه به خلقه‪] .‬الرسالة )‪5‬‬
‫]ص ‪8 ،7‬‬

‫عن الشافعي إنه قال‪ :‬نثبت هذه الصفات التي جاء بها القرآن‪ ،‬ووردت بها السنة‪ ،‬وننفي التشبيه عنه‪ ،‬كما نفى عن )‪6‬‬
‫يٌء{ ]سورة الشورى‪ :‬الية ‪] [11‬السير للذهبي ج ‪ 20‬ص ‪341‬‬ ‫مث ْل ِهِ َ‬
‫ش ْ‬ ‫]نفسه‪ ،‬فقال‪ } :‬ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬

‫ن{ )‪7‬‬
‫جوُبو َ‬
‫ح ُ‬ ‫مئ ِذٍ ل ّ َ‬
‫م ْ‬ ‫م ي َوْ َ‬
‫عن ّرب ّهِ ْ‬ ‫ل‪} :‬ك َّل إ ِن ّهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬سمعت الشافعي يقول في قول الله عّز وج ّ‬
‫]سورة المطففين‪ :‬الية ‪ [15‬أعلمنا بذلك أن ثم قوما ً غير محجوبين‪ ،‬ينظرون إليه‪ ،‬ل يضامون في رؤيته‪] .‬النتقاء ص‬
‫]‪79‬‬

‫عن الربيع بن سليمان قال‪ :‬حضرت محمد ابن إدريس الشافعي‪ ،‬جاءته رقعة من الصعيد فيها‪ :‬ما تقول في قوله )‪8‬‬
‫ن{ ]سورة المطففين‪ :‬الية ‪ [15‬قال الشافعي‪ :‬فلما حجبوا هؤلء في‬ ‫جوُبو َ‬
‫ح ُ‬ ‫مئ ِذ ٍ ل ّ َ‬
‫م ْ‬ ‫م ي َوْ َ‬
‫عن ّرب ّهِ ْ‬ ‫تعالى‪} :‬ك َّل إ ِن ّهُ ْ‬
‫م َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ً‬
‫السخط؛ كان هذا دليل على أنه يرنه في الرضا‪ .‬قال الربيع‪ :‬قلت يا أبا عبد الله وبه تقول؟ قال‪ :‬نعم به أدين الل َ‬
‫]]شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللكائي ج ‪ 2‬ص ‪506‬‬

‫عن الجارودي قال‪ُ :‬ذكر عند الشافعي‪ ،‬إبراهيم بن إسماعيل بن ع ُل َّية ]قال عنه الذهبي‪ :‬جهمي هالك كان يناظر )‪9‬‬
‫ويقول بخلق القرآن‪ .‬ميزان العتدال ج ‪ 1‬ص ‪ ،20‬وانظر ترجمته في لسان الميزان ج ‪ 1‬ص ‪ [35 ،34‬فقال‪ :‬أنا‬
‫مخالف له في كل شيء‪ ،‬وفي قوله ل إله إل الله‪ ،‬لست أقول كما يقول‪ .‬أنا أقول‪ :‬ل إله إل الله الذي كّلم موسى‬
‫ه الذي خلق كلما ً أسمعه موسى من وراء حجاب‪.‬‬ ‫عليه السلم تكليما ً من وراء حجاب‪ ،‬وذاك يقول ل إله إل الل ُ‬
‫]]النتقاء ص ‪ ،79‬والقصة ذكرها الحافظ عن مناقب الشافعي للبيهقي‪ ،‬اللسان ج ‪ 1‬ص ‪35‬‬

‫عن الربيع بن سليمان‪ ،‬قال الشافعي‪ :‬من قال القرآن مخلوق؛ فهو كافر‪] .‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة )‪10‬‬
‫]والجماعة لللكائي ج ‪ 1‬ص ‪252‬‬

‫عن أبي محمد الزبيري قال‪ :‬قال رجل للشافعي‪ ،‬أخبرني عن القرآن خالق هو؟ قال الشافعي‪ :‬اللهم ل‪ ،‬قال‪11) :‬‬
‫فمخلوق؟ قال الشافعي‪ :‬اللهم ل‪ .‬قال‪ :‬فغير مخلوق؟ قال الشافعي‪ :‬اللهم نعم‪ ،‬قال‪ :‬فما الدليل على أنه غير‬
‫مخلوق؟ فرفع الشافعي رأسه وقال‪ :‬تقر بأن القرآن كلم الله؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬قال الشافعي‪ :‬سبقت في هذه الكلمة‪،‬‬
‫شركين استجار َ َ‬ ‫قال الله تعالى ذكره‪} :‬وإ َ‬
‫ه{ ]سورة التوبة‪ :‬الية ‪} [6‬وَك َل ّ َ‬
‫م‬ ‫م الل ّ ِ‬
‫معَ ك َل َ َ‬
‫س َ‬
‫حّتى ي َ ْ‬ ‫ك فَأ ِ‬
‫جْره ُ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ ِ ِ َ ْ َ َ َ‬ ‫م َ‬
‫حد ٌ ّ‬
‫نأ َ‬‫َِ ْ‬
‫سى ت َك ِْليمًا{ ]سورة النساء‪ :‬الية ‪ [164‬قال الشافعي‪ :‬فتقر بأن الله كان‪ ،‬وكان كلمه؟ أو كان الله‪ ،‬ولم يكن‬ ‫مو َ‬
‫ه ُ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫كلمه؟ فقال الرجل‪ :‬بل كان الله‪ ،‬وكان كلمه‪ .‬قال‪ :‬فتبسم الشافعي وقال‪ :‬يا كوفيون إنكم لتأتوني بعظيم من‬
‫ه‪ ،‬أو غير‬ ‫ه‪ ،‬أو سوى الل ِ‬
‫القول إذا كنتم تقّرون بأن الله كان قبل القبل‪ ،‬وكان كلمه‪ .‬فمن أين لكم الكلم‪ :‬إن الكلم الل ُ‬
‫ه؟ قال‪ :‬فسكت الرجل وخرج‪] .‬مناقب الشافعي ج ‪ 1‬ص ‪408 ،407‬‬ ‫ه‪ ،‬أو دون الل ِ‬
‫]الل ِ‬

‫وفي جزء العتقاد المنسوب للشافعي ‪ -‬من رواية أبي طالب الُعشاري ‪ -‬ما نصه قال‪ :‬وقد سئل عن صفات الله )‪12‬‬
‫ل‪ ،‬وما ينبغي أن يؤمن به‪ ،‬فقال‪ :‬للهِ تبارك وتعالى أسماء وصفات‪ ،‬جاء بها كتابه وخّبر بها نبيه ‪ -‬صلى الله عليه‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ح عنده قول النبي ‪ -‬صلى‬ ‫جة أن القرآن نزل به‪ ،‬وص ّ‬ ‫ل قامت لديه الح ّ‬ ‫وسلم ‪ -‬أمته‪ ،‬ل يسع أحدا ً من خلق الله عّز وج ّ‬
‫ل‪ .‬فأما‬ ‫جة عليه‪ ،‬فهو كافر بالله عّز وج ّ‬ ‫الله عليه وسلم ‪ -‬فيما روى عنه‪ ،‬العدل خلفه‪ ،‬فإن خالف ذلك بعد ثبوت الح ّ‬
‫قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبر؛ فمعذور بالجهل؛ لن علم ذلك ل يدرك بالعقل‪ ،‬ول بالدراية والفكر‪ .‬ونحو ذلك‬
‫ن{ ]سورة المائدة‪ :‬الية ‪ [64‬وأن له‬ ‫سوط ََتا ِ‬ ‫مب ْ ُ‬
‫داهُ َ‬ ‫ل يَ َ‬ ‫ل‪} :‬ب َ ْ‬
‫ل أنه سميع وأن لد يدين بقوله عّز وج ّ‬ ‫إخبار الله عوّ وج ّ‬
‫ل‬ ‫ه{ ]سورة الزمر‪ :‬الية ‪ [67‬وأن له وجها ً بقوله عّز وج ّ‬
‫ل‪} :‬ك ُ ّ‬ ‫ن‬ ‫مي‬ ‫ي‬‫ب‬ ‫ت‬ ‫يا‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫ط‬‫م‬ ‫ت‬
‫َ ّ َ ُ َ ِّ ٌ َِ ِ ِ ِ‬‫وا‬‫سما‬ ‫وال‬‫}‬ ‫ل‪:‬‬‫ّ‬ ‫يمينا ً بقوله عّز وج‬
‫م{ ]سورة الرحمن‪:‬‬ ‫را‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫وا‬ ‫ل‬‫ل‬‫َ‬ ‫ج‬‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ذو‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫قى‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ي‬ ‫و‬‫}‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫[‬ ‫‪88‬‬ ‫الية‬ ‫القصص‪:‬‬ ‫]سورة‬ ‫ه{‬‫ج َ ُ‬
‫ه‬ ‫ك إ ِّل وَ ْ‬
‫هال ِ ٌ‬
‫يٍء َ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬
‫َ ِ َ ِ َ ِ‬ ‫َ ْ ُ َ ّ‬ ‫ََْ‬
‫دمه‪ ".‬يعني جهنم؛ لقوله ‪-‬‬ ‫الية ‪ [27‬وأن له قدما ً بقوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪" :‬حتى يضع الرب عّز وج ّ‬
‫ل فيها ق َ‬
‫ل وهو يضحك إليه‪ ".‬وأنه يهبط كل‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬للذي قُِتل في سبيل الله عّز وج ّ‬
‫ل أنه‪" :‬لقي الله عّز وج ّ‬
‫ليلة إلى السماء الدنيا‪ ،‬بخبر رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بذلك‪ ،‬وأنه ليس بأعور لقوله النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬إذ ذكر الدجال فقال‪" :‬إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور"‪ ،‬وأن المؤمنين يرون ربهم عّز وج ّ‬
‫ل يوم القيامة‬
‫بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر‪ ،‬وأن له إصبعا ً بقوله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪" :‬ما من قلب إل ّ هو بين إصبعين‬
‫ل بها نفسه‪ ،‬ووصفه بها رسول الله ‪ -‬صلى الله‬ ‫ل" وإن هذه المعاني التي وصف الله عّز وج ّ‬ ‫من أصابع الرحمن عّز وج ّ‬
‫عليه وسلم ‪ -‬ل ُتدَرك حقيقتها تلك بالفكر والدراية‪ ،‬ول يكفر بجهلها أحد إل بعد انتهاء الخبر إليه به‪ ،‬وإن كان الوارد‬
‫سماع؛ وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه‪ ،‬كما‬ ‫بذلك خبرا ً يقول في الفهم مقام المشاهدة في ال ّ‬
‫عاين وسمع من رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولكن نثبت هذه الصفات‪ ،‬وننفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه‬
‫صيُر{ ]سورة الشورى‪ :‬الية ‪ ...[11‬آخر العتقاد‪] .‬ذم التأويل‬ ‫ميعُ الب َ ِ‬
‫س ِ‬
‫يٌء وَهُوَ ال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫س كَ ِ‬
‫مث ْل ِهِ َ‬ ‫تعالى ذكره فقال‪ } :‬ل َي ْ َ‬
‫لبن قدامة ص ‪ ،124‬الطبقات لبن أبي يعلى ج ‪ 1‬ص ‪ ،283‬اجتماع الجيوش السلمية لبن القيم ص ‪ ،165‬السير‬
‫]للذهبي ج ‪ 10‬ص ‪79‬‬

‫هو أحمد بن حنبل بن هلل الذهلي الشيباني المروزي البغدادي‪ .‬أبو عبد الله‪ .‬أصله من مرو ولد في بغداد وفيها تعلم‪.‬‬
‫رحل إلى الكوفة و البصرة وإلى الشام والحجاز واليمن‪ ،‬وعني في هذه السفار بطلب الحديث‪ ،‬ثم عاد إلى بغداد‪.‬‬
‫ولما قدم الشافعي إلى بغداد تفقه عليه‪ ،‬ثم اجتهد لنفسه‪ .‬صاحب المذهب الحنبلي والمام في الحديث والفقه‪ .‬وقف‬
‫وقفته المشهورة في المحنة بخلق القرآن‪ ،‬وتزعم الفريق الذي عارض هذه الفكرة واحتمل مع أصحابه كثيرا من‬
‫الذى والضرر‪ ،‬فقد أمر المعتصم بضربه بالسياط‪ ،‬فضرب حتى تمزق جسمه وحبس نحو ثمانية وعشرين شهرا ً وهو‬
‫في العذاب‪ ،‬ثابت محتسب‪ ،‬فلما علموا أنه ل يجيب أطلقوا سراحه‪ .‬في عهد الخليفة الواثق بالله منع من الفتيا وأمر‬
‫أن يختفي‪ ،‬فلزم بيته حتى مات الواثق فارتفعت المحنة في عهد الخليفة المتوكل وتلشت فكرة خلق القرآن وقد‬
‫أظهر المتوكل إكرامه له‪ ،‬فاستدعاه إليه وأكرمه وأمر له بجائزة كبيرة فلم يقبلها‪ ،‬وخلع عليه خلعة سنية فاستحيا منه‬
‫أحمد فلبسها إلى الموضع الذي كان نازل فيه‪ ،‬ثم نزعها نزعا ً عنيفا ً وهو يبكي‪ ،‬وجعل المتوكل يرسل إليه في كل يوم‬
‫من طعامه الخاص ويظن أنه يأكل منه‪ ،‬ولكنه كان صائما ً طاويا ً تلك اليام حتى غادر سامراء وعاد إلى بغداد‪ .‬سمع‬
‫الحديث من أكابر المحدثين وشيوخ بغداد وروى عنه البخاري ومسلم وطبقتهما‪ ،‬وكان إمام أهل الحديث في عصره‪،‬‬
‫وعداده في رجال الحديث أثبت منه في عداد الفقهاء‪ .‬من تصانيفه‪ :‬المسند ويحتوي على نيف وأربعين ألف حديث‪.‬‬
‫كتاب طاعة الرسول‪ .‬كتاب الناسخ والمنسوخ‪ .‬كتاب العلل‪ ،‬كتاب الجرح والتعديل‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬توفي عن ‪ 77‬سنة‪.‬‬
‫]العلم ج ‪ 1‬ص ‪ ،192‬تاريخ بغداد ج ‪ 4‬ص ‪ ،412‬البداية والنهاية ج ‪ 10‬ص ‪ ،316‬شذرات الذهب ج ‪ 2‬ص ‪ ،96‬وفيات‬
‫]العيان ج ‪ 1‬ص ‪ ،63‬العبر ج ‪ 1‬ص ‪ ،435‬الفهرست ص ‪ ،320‬دائرة المعارف السلمية‪ :‬مادة ابن حنبل‬

‫‪:‬عقيدة المام أحمد بن حنبل ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬في التوحيد‬

‫]إن المام أحمد سئل عن التوكل‪ ،‬فقال‪ :‬قطع الستشراف بالياس من الخلق‪] .‬طبقات الحنابلة ج ‪ 1‬ص ‪1) 416‬‬

‫ل متكلمًا‪ ،‬والقرآن كلم الله عّز وج ّ‬


‫ل‪ ،‬غير مخلوق‪ ،‬وعلى كل جهة‪ ،‬ول يوصف )‪2‬‬ ‫قال المام أحمد‪ :‬لم يزل الله عّز وج ّ‬
‫ل‪] .‬كتاب المحنة لحنبل ص ‪68‬‬ ‫]الله بشيٍء أكثر مما وصف به نفسه‪ ،‬عّز وج ّ‬

‫عن أبي بكر المروذي قال‪ :‬سألت أحمد بن حنبل عن الحاديث التي تردها الجهمية في الصفات والرؤية والسراء )‪3‬‬
‫وقصة العرش فصححها‪ ،‬وقال‪ :‬تلقتها المة بالقبول وتمر الخبار كما جاءت‪] .‬مناقب الشافعي لبن أبي حاتم ص‬
‫]‪182‬‬

‫قال عبد الله بن أحمد‪ :‬إن أحمد قال‪ :‬من زعم أن الله ل يتكلم فهو كافر‪ ،‬إل ّ أننا نروي هذه الحاديث كما جاءت‪4) .‬‬
‫]]طبقات الحنابلة ج ‪ 1‬ص ‪56‬‬

‫عن حنبل أنه سأل المام أحمد عن الرؤية فقال‪ :‬أحاديث صحاح‪ ،‬نؤمن بها‪ ،‬ونقر‪ ،‬وكل ما روي عن النبي ‪ -‬صلى )‪5‬‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬بأسانيد جيدة نؤمن به ونقر‪] .‬شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللكائي ج ‪ 2‬ص ‪،507‬‬
‫]السنة ص ‪71‬‬

‫فوا عن الله ما )‪6‬‬


‫دد وفيه‪ :‬صفوا الله بما وصف به نفسه‪ ،‬وان ُ‬
‫أورد ابن الجوزي في المناقب كتاب أحمد بن حنبل لمس ّ‬
‫]نفاه عن نفسه‪] ...‬سير أعلم النبلء ج ‪ 10‬ص ‪ ،591‬تهذيب التهذيب ج ‪ 10‬ص ‪107‬‬

‫دث عنه )‪7‬‬


‫قال المام أحمد‪ :‬وزعم ‪ -‬جهم بن صفوان ‪ -‬أن من وصف الله بشيءٍ مما وصف به نفسه في كتابه‪ ،‬أو ح ّ‬
‫]رسوله كان كافرا ً وكان من المشّبهة‪] .‬مناقب المام أحمد ص ‪221‬‬

‫قال المام أحمد‪ :‬نحن نؤمن بأن الله على العرش‪ ،‬كيف شاء‪ ،‬وكما شاء‪ ،‬بل حد‪ ،‬ول صفة يبلغها واصف أو يحده )‪8‬‬
‫]أحد؛ فصفات اللهِ منه وله‪ ،‬وهو كما وصف نفسه‪ ،‬ل تدركه البصار‪] .‬درء تعارض العقل والنقل لبن تيمية ج ‪ 2‬ص ‪30‬‬
‫ه ل ُيرى في الخرة فهو كافر مكذب بالقرآن‪] .‬طبقات الحنابلة ج ‪ 1‬ص ‪9) ،59‬‬
‫قال المام أحمد‪ :‬من زعم أن الل َ‬
‫]‪145‬‬

‫ه موسى‪ ،‬لم يتكلم بصوت فقال أبي‪ :‬تكلم )‪10‬‬


‫عن عبد الله بن أحمد‪ ،‬قال‪ :‬سألت أبي عن قوم يقولون‪ :‬لما كلم الل ُ‬
‫ه بصوت‪ ،‬وهذه الحاديث نرويها كما جاءت‪] .‬طبقات الحنابلة ج ‪ 1‬ص ‪185‬‬ ‫]الل ُ‬

‫ه‪ ،‬وليس )‪11‬‬


‫عن عبدوس بن مالك العطار‪ ،‬قال‪ :‬سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول‪ ... :‬والقرآن كلم الل ِ‬
‫بمخلوق‪ ،‬ول تضعف أن تقول ليس بمخلوق؛ فإن كلم اللهِ منه‪ ،‬وليس منه شيء مخلوق‪] .‬شرح أصول اعتقاد أهل‬
‫السنة والجماعة لللكائي ج ‪ 1‬ص ‪157‬‬

You might also like