You are on page 1of 3

‫نيافة النبا موسى‬

‫منذ البداية حدثت مشاكل جسيمة بخصص موضع التجسد‪ ،‬فسمعنا عن الدوستيين الذين أنكروا حقيقة جسد‬
‫السيد المسيح تصوروه ‪ -‬كوطاخى فيما بعد ‪ -‬جسدا خياليا أو غازيا‪ .‬المر الذى جعل معلمنا يوحنا البشير‬
‫يكتب رسائل دفاعا عن أن جسد الرب كان حقيقيا وناسوته كان كاملً‪.‬‬
‫وهذا الجدل لم يكن عقلنيا أو ترفيا‪ ،‬بل كان جوهريا لخلصنا لن الرب لو أنه ترفع على أن يتحد‬
‫ببشريتنا ‪ -‬فيما خل الخطية ‪ -‬فهذا معناه أنه لن يتحد به‪ ،‬وبالتالى يكون خلصنا قد ضاع وميراثنا فى شركة‬
‫الطبيعة اللهية قد انتهى‪.‬‬
‫من هنا ندرك لماذا حرمت الكنيسة الجامعة "أوطاخى" ولماذا كتب أثناسيوس قبل ذلك "تجسد‬
‫الكلمة" شارحا كل مالنا فى هذا السر العظيم "سر التقوى" أى أنه بدونه تستحيل علينا التقوى ونفقد‬
‫الخلص‪.‬‬
‫والتجسد له مفاعيل أساسية فى حياتنا‪:‬‬
‫إذ من خلله نخلص‪.‬‬ ‫‪ -1‬الروحية‪:‬‬
‫‪ -2‬الجتماعية‪ :‬إذ من خلله نصير جسدً واحدا‪.‬‬
‫‪ -3‬البدية‪ :‬إذ من خلله نصير شركاء الطبيعة البدية‪.‬‬
‫فلنقترب إلى هذا السر العظيم مستعينين بالصحاحات ‪ 1،2،3‬من رسالة معلمنا يوحنا الولى‪:‬‬
‫نتلمس مع أهداف التجسد‪.‬‬ ‫‪ -1‬ففى الصحاح الول‪:‬‬
‫‪ -2‬فى الصحاح الثانى‪ :‬مسئوليتنا نحو التجسد‪.‬‬
‫‪ -3‬فى الصحاح الثالث‪ :‬بركات التجسد لحياتنا‪.‬‬

‫أهداف التجسد (ص ‪: )1‬‬


‫‪ -1‬إتمام الفداء ‪:‬‬
‫إذ لبد للفادى من مواصفات هى‪:‬‬
‫أ‪ -‬يجب أن يكون غير محدود ليتمكن من الوفاء بالدين غير المحدود والعقوبة غير المحدودة المطلوبة من‬
‫لنسان بسبب خطيئته غير المحدودة‪ ،‬لنها موجهة نحو ال غير المحدود‪.‬‬
‫ب‪ -‬يجب أن يكون بل خطية لن فاقد الشئ ل يعطيه‪ ،‬إن كان خاطئا فسيحتاج من يفديه‪.‬‬
‫ج‪ -‬يجب أن يكون إنسانا لن الذى أخطأ هو النسان والفادى يجب أن يكون حاملً لنفس الطبيعة‪.‬‬
‫د‪ -‬يجب أن يموت لن "أجرة الخطية هى موت" (رو ‪ )23:6‬ولنه سيوفى الحكم اللهى الذى‬
‫أصدره الب على آدم أنه إذا خالف وأكل من الشجرة المحرمة فإنه "موتا ً يموت"‪.‬‬

‫‪-1-‬‬
‫وهذه المواصفات يستحيل أن تنطبق على إنسان عادى أو ملك أو رئيس ملئكة أو نبى‪ ،‬لبد من شخصية‬
‫فريدة تجمع فى نفسها هذه المور‪ :‬غير محدود ‪ -‬بل خطية ‪ -‬إنسانى ‪ -‬يموت‪ .‬فما كان من الرب إل أن‬
‫تجسد‪.‬‬

‫‪ -2‬استعلن الله ‪:‬‬


‫كما يقول الرسول بولس‪" :‬الله بعد ما كلم الباء بالنبياء قديما ً بأنواع وطرق‬
‫كثيرة‪ ،‬كلمنا فى هذه اليام الخيرة فى ابنه" (عب ‪.)1:1‬‬
‫وكما يقول معلمنا يوحنا "الله لم يره أحد قط‪ ،‬البن الوحيد الذى فى حضن الب‬
‫هو خبر" (يو ‪.)18:1‬‬
‫حيث كلمة "حضن" هنا معناها "أعماق الكيان اللهى" وليس أن أحدا يحمل أخرا فى حضنه‪.‬‬
‫لقد رأى ال أن النسان جسدى وحسى‪ ،‬بينما هو روح بسيط خالد "الله روح" (يو ‪ )24:4‬لذلك كمعلم‬
‫ناجح‪ ،‬يقول القديس أثناسيوس الرسولى‪" :‬نزل إلى مستوى أولده الحسى واستطاع بذلك أن يتراءى لهم‪،‬‬
‫ويتعرفوا عليه" تماما كما ينزل المعلم الكبير بأسلوبه ليتفاهم مع الطفال الصغار‪.‬‬

‫‪ -3‬التحاد بالله ‪:‬‬


‫وهذا يمثل أحد محاور الفكر القبطى عامة وأن اختيار ال أن يتحد بجسد إنسانى شئ هام لنه اختيار‬
‫للطبيعة النسانية لن تتحد بال وتشترك فى طبيعته اللهية "هو أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له"‬
‫(التسبحة اليومية)‪.‬‬
‫من هنا ندرك السر فى تشدد القديس يوحنا ‪ -‬والكنيسة كلها من بعده ‪ -‬فى التمسك بعقيدة التجسد اللهى‪،‬‬
‫وكيف أن ال أخذ جسدا بل بالحرى تأنس (أى أخذ جسدا انسانيا مع نفس إنسانية وروح إنسانية) واتحدت‬
‫الطبيعتان فى "طبيعة واحدة لكلمة الله المتجسد"‪.‬‬
‫ويذخر الصحاح الول بتأكيدات للمرين التاليين‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن جسد المسيح كان حقيقيا‪" :‬سمعناه ورأيناه بعيوننا شاهدنا‪ ،‬لمسته أيدينا‪ ..‬الحياة أظهرت"‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن للتجسد أثره فى الطبيعة النسانية‪:‬‬
‫‪ -‬فهو يعطينا "شركة مع ال" (‪.)3‬‬
‫‪ -‬يعطينا الفرح الكامل (‪.)4‬‬
‫‪ -‬ويعطينا استنارة فى الذهن والطبيعة والسلوك اليومى (‪.)7-5‬‬
‫‪ -‬يعطينا غفرانا وتطهيرا وتقديسا‪ ،‬أى يغفر لنا ماضينا ويطهر لنا حاضرنا‪ ،‬ويقدس مستقبلنا فى المسيح (‬
‫‪.)9-8‬‬
‫‪ -‬وهذا ل يعنى أننا بل خطية‪ ،‬فالجميع أخطأوا ولكن ال تدخل بالتجسد والفداء لخلصنا (‪.)10‬‬

‫مسئوليتنا نحو التجسد (ص ‪: )2‬‬


‫‪ -1‬يجب أن نجاهد أل نخطئ‪ ،‬أما إذا أخطأنا فل نيأس‪ ،‬فالمسيح شفيعنا الكفارى وشفيع الكفارى وشفيع‬
‫العالم كله (‪.)1،2‬‬

‫‪-2-‬‬
‫‪ -2‬ويجب أن نحفظ وصاياه‪ ،‬فهذا دليل معرفة وجهاد‪ ،‬وسلوكنا اليومى سيكون علمة على مدى ارتباطنا‬
‫بالرب‪.‬‬
‫‪ -3‬يجب أن نسلك فى النور وعلمة ذلك أن نسلك بالمحبة‪ ،‬فنهاك ارتباط وثيق بين الستنارة (أى‬
‫المعمودية) وتجديدها المستمر بالتوبة‪ ،‬وبين تجديد الطبيعة الداخلية لتصير مقدسة ومحبة للخرين‪.‬‬

‫بركات التجسد (ص ‪: )3‬‬


‫هنا يتهلل الرسول فرحا ببركات التجسد‪:‬‬

‫‪ -1‬البنوة لله (عدد ‪: )1‬‬


‫"انظروا أية محبة أعطانا الب حتى ندعى أولد ال" صرنا أولده لننا ولدنا منه بكلمته الحية‪ ،‬وبفعل‬
‫روحه القدوس‪.‬‬

‫‪ -2‬شركة الطبيعة اللهية (عدد ‪: )2‬‬


‫فحين نخلع جسدنا الترابى ونلبس جسد القيامة الروحانى سنراه "كما هو" أى فى جوهره الحقيقى الخفى‪ ،‬فال‬
‫مستحيل أن ندركه بالعقل المحسوس المحدود المخلوق‪ ،‬ول بالطبيعة الترابية‪ ،‬وهكذا ال بتجسده أهل لجسادنا‬
‫المقامة أن تدخل إلى المجد وتتعرف على إله المجد‪.‬‬

‫‪ -3‬الطهارة والبر (عدد ‪: )10-3‬‬


‫فل شك أن التجسد أعطانا رجاء الخلود‪ ،‬وهذا يعطينا إمكانية الطهارة بشركة الجهاد مع النعمة‪ ،‬والمؤمن‬
‫سيكون منتصرا على الخطية بسبب عمل ال فيه‪ ،‬وبسبب الزرع اللهى أى الطبيعة الجديدة التى أخذها‪ ،‬لكن‬
‫هذا ل يمنع من أن يخطئ خطايا الضعف ل خطايا التعدى‪ ،‬وحينئذ له شفاعة وغفران‪.‬‬
‫أما النسان الذى يتعدى ال فعليه أن يراجع نفسه ويتوب عن هذا الموقف ليغفر له‪.‬‬

‫‪ -4‬محبة الخوة (عدد ‪: )18-11‬‬


‫فالمسيح يسكن قلوبنا ويفتحها على اخوتنا‪ ،‬فل تكن كقايين الذى حسد هابيل وقتله‪ ،‬بل نحب بعضنا محبة‬
‫عملية خادمة باذلة وليس كمجرد كلمات أو تمنيات أو مجاملت‪:‬‬
‫"ل تحب بالكلم ول باللسان بل بالعمل والحق" (عدد ‪.)18‬‬

‫‪ -5‬نقاوة القلب (عدد ‪: )24-19‬‬


‫وهى ثمرة من ثمار التجسد واتحادنا بال‪ ،‬وتأتى عن طريق فحص النفس المستمر فى نور المسيح‪ .‬وتثبيت‬
‫القلب فى حضرة الرب على الدوام‪ .‬هكذا تتنقى قلوبنا ول تشهد ضدنا ‪ .‬وإيماننا بالبن وبعمل الروح القدس‬
‫هما خير دعامة لنقاوة القلب‪.‬‬
‫ولذلك شكرا للرب على تجسده الذى أعانا كل هذه البركات ولتوحدنا فى شخصك أيها الرب المتجسد‪...‬‬

‫‪-3-‬‬

You might also like