You are on page 1of 128

‫محمد خميفة التونسي‬

‫اخلطر اليهىدي‬

‫بروتىكىالت حكماء صهيىن‬


‫أكؿ ترجمة عربية أمينة كاممة‬
‫مع مقدمة تحميمية في مائة صفحة‬
‫تقدير الكتاب كترجمتو لؤلستاذ الكبير‬
‫عباس محمكد العقاد‬
‫الطبعة الخامسة‬
‫‪1411‬ىػ ػ ‪1981‬ـ‬

‫‪1‬‬
‫نحف الييكد لسنا إال سادة العالـ كمفسديو‪ .‬كمحركي الفتف فيو كجبلديو"‪.‬‬
‫(الدكتكر أكسكار ليفي)‬

‫الشعار الييكدم – البمشفي محكطان باألفعى الرمزية ‪ .‬انظر‬


‫تصدير البريطاف ‪ ،‬كالبركتكككؿ ‪ ،3‬كتعقيب األستاذ نيمكس‬
‫‪.‬‬

‫مالحظات الترجمة العربية‬


‫‪ 1‬ػ أييا القارئ! احرص عمى ىذه النسخة‪ ،‬ألف الييكد كانكا يحاربكف ىذا الكتاب كمما ظير في أم مكاف! كبأم‬
‫لغة‪ ،‬كيضحكف بكؿ األثماف لجمع نسخو كاحراقيا حتى ال يطمع العالـ عمى مؤامراتيـ الجينمية التي رسمكىا‬
‫ىكنا ضده كىي مفضكحة في ىذا الكتاب‪.‬‬
‫‪ 2‬ػ كؿ ىكامش الكتاب مف كضعنا لمترجمة العربية‪ ،‬اال خمسة ىكامش صغيرة جدان ترجمناىا كأشرنا في نياية‬
‫كؿ منيا ىكذا (عف األصؿ اإلنجميزم)‪.‬‬
‫‪3‬ػ كؿ كبلـ بيف قكسيف حاصرتيف‪ ،‬فيك زيادة منا‪.‬‬
‫‪4‬ػ تتردد كثي انر في ىذا الكتاب كممة "أممي" كمثميا "أمية" ك"أميكف"‪،‬كىي عمـ عمى كؿ إنساف أك شيء "غير‬
‫ييكدم"‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫الباب األول‬

‫مدخل الترجمة العربية‬


‫‪1‬ـ االىداء لممترجم‬
‫‪2‬ـ تقدير الكتاب وترجمتو لألستاذ عباس محمود العقاد‬
‫‪3‬ـ مقدمة الطبعة الثانية لممترجم‬
‫‪4‬ـ مقدمة الطبعة األولى لممترجم‬

‫‪3‬‬
‫اإلىداء‬
‫عزيزم عزيزتي المجاىدة المكقرة السيدة (استر فيمي كيصا)‬
‫سبلـ عميؾ كتحية لؾ في المجاىديف الكطنييف‪ ،‬كأرجك اهلل أف يمتعؾ بما عكدؾ مف العافية كحب الخير كالعمؿ‬
‫بالحؽ‪ ،‬كأف ينفع بؾ كبأمثالؾ األكطاف كاألمـ‪ ،‬كيثيبؾ بكريـ شمائمؾ كمساعيؾ أجمؿ الثكاب‪.‬‬
‫لقد كنت كما تزاليف ػ فيما عممت ػ مثاؿ االخبلص كالجد لخدمة ىذا الكطف الذم نعزه كنعتز بو‪ ،‬كنبغي لو مزيدان‬
‫مف العزة برسالة انسانية كبيرة في عالـ الثقافة كالحضارة بيف أرقى األمـ‪ ،‬فنف أمة ليست ليا مثؿ ىذه الرسالة‬
‫في ىذا المجاؿ أمة ضائعة ال محالة‪ ،‬كلك كحمت في كفرة الثراء كالترؼ كالسمطاف حتى سادت سكاف ىذا‬
‫الكككب كما بعده في فضا اهلل الكسيع‪.‬‬
‫كلقد جريت في مساعيؾ عمى عرؽ ىك جدير بؾ كما أنت جديرة بو‪ ،‬فكنت كأنجب بنات كطننا في الجياد‬
‫بالقكؿ الفصيح كالعمؿ البميغ‪ ،‬أماـ كؿ باخؿ عميو بكرامة األكطاف‪ ،‬كباخؿ عمى أىمو بكرامة المكاطنيف سكاء كاف‬
‫مف أبنائو أك الغرباء عنو‪.‬‬
‫كاذا كنت لـ أسعد برؤيتؾ كال خطابؾ حتى اليكـ فنني مديف لؾ بجانب مف ىذا الفضؿ العاـ الذم شممت بو كؿ‬
‫مكاطنينا في جيادؾ المكفؽ‪ ..‬ثـ أنا مديف لؾ بفضؿ خاص مع ىذا الكتاب‪ ،‬إذ اتاني أنو في طبعتو األكلى قد‬
‫نعـ برضاؾ‪ ،‬فأكليتو جانبان مف عنايتؾ بدراستو كالتركيج لمفكرة التي نشرتو مف أجميا‪ ،‬سكاء بما حاضرت فيو‬
‫كتحدثت بو كأىديت مئات مف نسخو إلى مف تعرفيف كمف ال تعرفيف مف المكاطنيف رجبلن كنساء‪ ،‬ال يحفزؾ إلى‬
‫شيء مف ذلؾ إال ما عكدؾ اهلل مف االيماف بما ترينو حقان‪ ،‬ثـ الجياد في سبيمو بببلغة القكؿ كالعمؿ ناصحة‬
‫صريحة‪.‬‬
‫كليذا عاىدت اهلل عنؾ لئف أبقاني حتى أعيد طبع ىذا الكتاب ألىدينو اليؾ جزاء فضمؾ الخاص مع فضمؾ‬
‫العاـ المذيف تكاتر عممي بيما مف معارفؾ كمعارفي كال سيما صديقاتي مف مريداتؾ النجيبات المخمصات البلتي‬
‫كنت ليف قدكة حسنة بمساعيؾ االنسانية الكطنية‪.‬‬
‫كاني إذ أقدمو اليؾ ألرل فيؾ القارئ األمثؿ الذم ال أحب أف اكتب لغيره‪ ،‬كال أف يق أر لي غيره‪ ،‬بما لو مف حؽ‬
‫يكافئ قكتو كأمانتو فيما يق أر كلك صفرت يده مف ثمف كرقة‪ ،‬فيذا كحده مف اسميو "القارئ الصديؽ" فيما أكتب‪،‬‬
‫كأف كتابي رسالة شخصية بيننا فيما عندم كعنده كلك كانكا كاحدان في أمة‪ ،‬كىك كحده عكف الكاتب المخمص‬
‫الذم يكدع سطكره صفكة ما كعي في أحيا ساعاتو مف تجاريبو كمطالعاتو‪ ،‬كيغار لكمماتو غيرتو لعرضو كحياتو‪،‬‬
‫كىذه المعاطفة ػ مف جانب القارئ القكم األميف الذم يعي جكانب ما يق أر كبكاعث صاحبو ككجياتو كمزاجو ػ ىي‬
‫كحدىا جزاء ىذا الكتاب ال جزاء غيرىا كال جزاء يعمكىا‪ ،‬كلك لقي منو المخالفة كالتفنيد في كؿ سطر رأيان برأم‬
‫كحجة بحجة‪ ،‬كىذه المعاطفة كحدىا ىي القرابة التي ال تبمغ مبمغيا عند المخمصيف قرابة المحـ كالدـ أنسان كثقة‬
‫كغبطة‪.‬‬
‫كال ريب ػ أيتيا األخت العزيزة ػ أنؾ قرأت ما قالو سيدنا كىك جالس يكمان بيف جكارييو يفضي الييـ برسالتو‪ ،‬حيف‬
‫جاءه آذف بأف أمو كاخكتو األحباء قد حمميـ الشكؽ مف مكانيـ البعيد إليو ليمقكه بعد فراؽ‪ ،‬فأبى ػ كىك مثاؿ البر‬
‫كالرحمة‪ ،‬أف ينتزع ليـ‪،‬كأجاب أذنو كىك يشير الى حكارييو الذيف أحس أنيـ إليو أقرب كبو أكلى "ىؤالء امي‬
‫‪4‬‬
‫كاخكتي"‪ .‬كأنت قرأت أيضان ما قالو لمف شفعت البنييا عنده أف يجمس أحدىما عف يمينو كاآلخر عف يساره‪،‬‬
‫فعرفت أنو ال يحؽ الحد مخمص أف يجالسو اال مف شرب مف كاسو كيصطبغ بصبغتو‪ ،‬كأنو ال يحؽ لمخمص‬
‫أف يعطي أحدان مكانان عنده إال مف أعده اهلل ليذا المكاف‪.‬‬
‫كلكال احتجاب الغيب كضعؼ الخميقة كاختبلط األمكر لما ألقى صياد شبكتو اال حيث يستكثؽ بالصيد الذم‬
‫يتكخاه‪ ،‬كلما كابد التمييز بيف ما عمؽ بشبكتو فاستخمص منيا ما يريد كنفى عنيا أك نفضيا زىدان كزىادة مما ال‬
‫يريد‪ ،‬كأنت عميمة بقصص أكلئؾ الصياديف األبرار كما نصحيـ بو المرشد األميركي كي يستبدلكا صيادة‬
‫بصيادة‪ ،‬كبح انر ببحر‪ ،‬كما كابدكه كيكابده كؿ صياد مخمص مف مخاطر البحار صغيرىا ككبيرىا كىك يتخبط بيف‬
‫الكعكر كالمزالؽ كالغمرات‪.‬‬
‫كىذه كميا عبر تيدل ألنيا تيدم‪ ،‬ك "مف كانت لو أذناف لمسمع فميسمع"‪ ،‬كىئنذا ػ أيتيا األخت الفاضمة ػ أىدم‬
‫كأىدم كتابي اليؾ عمى النحك الذم حدثتؾ ىنا في كؿ ما أكدعتو اياه‪ ،‬كأرجكا أف تغفرم لي تخمفي عف السعي‬
‫بو إلى حضرتؾ اآلنسة بخبلئقؾ السمحة‪ ،‬العامرة بمبرراتؾ المتصمة‪،‬كلكال ما جرت بو عادة كالطبيعة أف ال‬
‫أسعى كالعفاة إلى باب أحد لخؼ بي فضمؾ إلى حضرتؾ حيث كنت‪ ،‬حتى أسعد بمقائؾ‪ ،‬كأف يكمان القاؾ فيو‬
‫لجدير بيف أعز أيامي بالغبطة كالرضكاف‪ ،‬كأنؾ ألىؿ التقدير كالغفراف‪.‬‬
‫كبرم القبة في ‪ 16‬مف مارس سنة ‪1961‬‬
‫ألخيك المخمص‬
‫محمد خميفة التونسي‬

‫‪5‬‬
‫‪1‬‬
‫تقديم‬
‫بركتكككالت حكماء صييكف‬
‫لالستاذ الكبير عباس محمود العقاد‬
‫ظيرت أخي انر في المغة العربية نسخة كاممة مف ىذا الكتاب العجيب‪ :‬كتاب "برتكككالت حكماء صييكف"‪.‬‬
‫كمف عجائبو أف تتأخر ترجمتو الكاممة في المغة العربية إلى ىذه السنة‪ ،‬مع اف الببلد العربية أحؽ الببلد أف‬
‫تعرؼ عنو الشيء الكثير في ثمث القرف األخير‪،‬كىي الفترة التي منيت فييا بجرائر "كعد بمفكر" كبالتمييد لقياـ‬
‫الدكلة الصييكنية عمى أرض فمسطيف‪.‬‬
‫اف ىذا الكتاب ال يزاؿ لغ انز مف االلغاز في مجاؿ البحث التاريخي كفي مجاؿ النشر كالمصادرة‪ ،‬فقمما ظير في‬
‫لغة مف المغات اال أف يعجؿ إليو النفاد بعد أسابيع أك أياـ مف ساعة ظيكره‪ ،‬كال نعرؼ أف دا انر مشيكرة مف دكر‬
‫النشر كالتكزيع اقدمت عمى طبعو مف تكاثر الطمب عميو‪ ،‬ككؿ ما كصؿ الينا مف طبعاتو فيك صادر مف‬
‫المطابع الخاصة التي تعمؿ لنشر الدعكة كال تعمؿ ألرباح البيع كالشراء‪.‬‬
‫كمف عجائب المصادفات عمى األقؿ أف تصؿ إلى يدم ثبلث نسخ مف ىذا الكتاب في السنكات األخيرة‪ :‬كؿ‬
‫نسخة مف طبعة غير طبعة األخرل‪ ،‬ككؿ منيا قد حصمت عميو مف غير طريؽ الطمب مف المكتبات المشيكرة‬
‫التي تعامميا‪.‬اما النسخة األكلى فقد أعارني اياىا رجؿ مف قادتنا العسكرييف الذيف يتتبعكف نكادر الكتب في‬
‫مكضكعات الحرب كتدبيرات الغزك كالفتح كما الييا‪ ،‬كقد اعدتيا إليو بعد قراءتيا كنقؿ فصكؿ متفرقة منيا‪.‬‬
‫كأما النسخة الثانية فقد اشتريتيا مرجكعة ال يعمـ بائعيا ما اسميا كما معناىا‪ ،‬كقد ضاعت ىذه النسخة كأكراؽ‬
‫النسخة المنقكلة مع كتب كأكراؽ أخرل اتيمت باختبلسيا بعض الخدـ في الدار‪.‬‬
‫كأما النسخة الثالثة كىي مف الطبعة اإلنجميزية الرابعة فقد عثرت عمييا في مخمفات طبيب كبير كعمييا تاريخ‬
‫أكؿ مايك سنة ‪ 1921‬ككممة "ىدية" بالفرنسية ‪ Souvernir‬ككدت أعتقد مف تعاقب المصادفات التي تتعرض‬
‫ليا ىذه النسخ أنيا عرضة لمضياع‪.‬‬
‫كالرجمة العربية التي بيف أيدينا اليكـ منقكلة مف الطبعة االنجميزية الخامسة‪ ،‬نقميا األديب المطمع "األستاذ محمد‬
‫خميفة التكنسي"‪،‬كحرص عمى ترجمتيا بغير تصرؼ يخؿ بمبناىا كمعناىا فأخرجيا في عبارة دقيقة كاضحة‬
‫كأسمكب فصيح سميـ‪.‬‬
‫صدر المترجـ الفاضؿ ليذا الكتاب الجينمي بمقدمة مستفيضة قاؿ فييا عف سبب كضعو اف زعماء الصييكنييف‬
‫"عقدكا ثبلثة كعشريف مؤتم انر منذ سنة ‪ 1897‬ككاف آخرىا المؤتمر الذم انعقد في القدس ألكؿ مرة في ‪14‬‬
‫أغسطس سنة ‪ ،1951‬ليبحث في الظاىر مسألة اليجرة إلى إسرائيؿ كمسألة حدكدىا ػ كما جاء بجريدة الزماف ػ‬
‫ككاف الغرض مف ىذه المؤتمرات جميعان دراسة الخطط التي تؤدم إلى تأسيس مممكة صييكف العالمية‪ ،‬ككاف‬
‫أكؿ مؤتمراتيـ في مدينة باؿ بسكيسرة سنة ‪ 1897‬برئاسة زعيميـ ىرتزؿ‪ ،‬كقد اجتمع فيو نحك ثمثمائة مف أعتى‬
‫حكماء صييكف كانكا يمثمكف خمسيف جمعية ييكدية‪،‬كقرركا فيو خطتيـ السرية الستعباد العالـ كمو تحت تاج‬

‫‪1‬‬
‫نشرت في جريدة "االساس" في ‪.1951/11/23‬‬
‫‪6‬‬
‫ممؾ مف نسؿ داكد" ثـ اجمؿ األستاذ المترجـ ما اشتممت عميو فصكؿ الكتاب مف شرح الخطط المتفؽ عمييا‪،‬‬
‫كىي تتمخص في تدبير الكسائؿ لمقبض عمى زماـ السياسة العالمية مف كراء القبض عمى زماـ الصيرفة‪ ،‬كفييا‬
‫تفسير لممساعي التي انتيت بقبض الصيارفة الصييكنييف عمى زماـ الدكالر في القارة األمريكية كمف كرائيا‬
‫جميع االقطار‪ ،‬كتفسير الى جانب ذلؾ لممساعي األخرل التي ترمي إلى السيطرة عمى المعسكر اآلخر مف‬
‫الكتمة الشرقية‪ ،‬كانتيت بتسميـ ذلؾ المعسكر الى أيدم اناس مف الصييكنييف أك المادييف الذيف بنكا بزكجات‬
‫صييكنيات يعممف في مياديف السياسة كاالجتماع‪.‬‬
‫كتتعدد كسائؿ الفتنة التي تميد لقمب النظاـ العالمي كتيدده في كيانو باشاعة الفكضى كاالباحة بيف شعكبو‬
‫كتسميط المذاىب الفاسدة كالدعكات المنكرة عمى عقكؿ ابنائو‪ ،‬كتقكيض كؿ دعامة مف دعائـ الديف أك الكطنية أك‬
‫الخمؽ القكيـ‪.‬‬
‫ذلؾ ىك فحكل الكتاب كجممة مقاصده كمراميو‪ ،‬كقد ظيرت طبعتو األكلى منذ خمسيف سنة‪ ،‬كنقمت مف الفرنسية‬
‫إلى الركسية كاالنجميزية فغيرىا مف المغات‪ ،‬كثارت حكليا زكابع مف النقد كالمناقشة ترددت بيف اآلستانة كجنيؼ‬
‫كبرككسؿ كباريس كلندف كأفريقية الجنكبية‪ ،‬كشغمت الصحافة كالقضاء كرجاؿ المتاحؼ كالمراجع‪ ،‬كصدرت مف‬
‫جرائيا احكاـ شتى تنفي تارة كتثبت تارة أخرل‪ ،‬ثـ اختفى الكتاب كما قدمنا كال يزاؿ يختفي كمما ظير في احدل‬
‫المغات‪.‬‬
‫كيتقاضانا انصاؼ التاريخ‪ ،‬أف نمخص ىنا ما يقاؿ عنو مف الكجية التاريخية نقدان لو كتجريحان لمصادره‪ ،‬أك اثباتان‬
‫لو‪ ،‬كترجيحان لصدقو في مدلكلو‪.‬‬
‫فالذيف ينقدكنو كيشكككف في صحة مصادرة يبنكف النقد عمى المشابية بيف نصكصو كنصكص بعض الكتب‬
‫التي سبقت ظيكره بأربعيف سنة أك باقؿ مف ذلؾ في أحكاؿ أخرل‪ .‬كمنيا حكار بيف مكيافيمي كمسكيك يدكر‬
‫حكؿ التشيير بسياسة نابميكف الثالث الخارجية‪ ،‬كمنيا قصة ألفيا كاتب الماني يدعى ىرماف جكدشي ضمنيا‬
‫حكا انر تخيؿ أنو سمعو في مقبرة مف احبار الييكد بمدينة براغ دعي إلييا مؤتمر الزعماء الذيف ينكب كؿ كاحد‬
‫منيـ عمى سبط مف اسباط إسرائيؿ‪.‬‬
‫كيعتمد الناقدكف ايضان عمى تكذيب صحيفة "التيمس" لمكثائؽ بعد اشارتيا إلييا عند ظيكرىا اشارة المصدؽ‬
‫المحذر مما ترمي إليو‪.‬‬
‫أما المرجحكف لصحة الكثائؽ أك لصحة مدلكليا فخبلصة حجتيـ أنيا لـ تأت بجديد غير ما كرد في كتب الييكد‬
‫المعترؼ بيا كمنيا التممكد ككتب السنف الييكدية‪ ،‬كغاية ما ىنالؾ أف التممكد قد أجممت حيث عمدت ىذه‬
‫الكثائؽ إلى التفصيؿ كالتمثيؿ‪.‬‬
‫كيقكؿ الصحفي االنجميزم "شسترتكف" ‪ A.K.Chesterton‬في مناقشتو لمكاتب اإلسرائيمي لفتكتش‬
‫‪ Leftwich‬أقكاالن مختمفة لتعزيز الكاقع المفيكـ مف تمؾ البركتكككالت‪ ،‬خبلصتيا أف لساف الحاؿ أصدؽ مف‬
‫لساف المقاؿ‪ ،‬كأف مشيخة صييكف أك حكماء صييكف قد يككف ليـ كجكد تاريخي صحيح‪ ،‬أك يككنكف جميعان مف‬
‫خمؽ التصكر كالخياؿ‪ ،‬كلكف الحقيقة المكجكدة التي ال شؾ فييا أف النفكذ الذم يحاكلكنو كيصمكف إليو قائـ‬
‫مممكس الكقائع كاآلثار‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫قاؿ في المجمكعة التي نشرت باسـ "فاجعة العداء لمساميف" اف المارشاؿ "ىايج" سمع باختياره لمقيادة العامة مف‬
‫فـ المكرد "كرتشميد" قبؿ أف يسمع بو مف المراجع الرسمية كاف بيت ركتشيمد خرج بعد معركة كاترلك ظاف انر كما‬
‫خرج زمبلءه كأبناء جمدتو جميعان ظافريف بعد الحرب العالمية األكلى كالثانية‪ ،‬كأنو ال يكجد بيت غير بيت‬
‫ركتشيمد لو اخكة مكزعكف بيف لندف كباريس كبرليف‪ ،‬كبدا كبلمو قائبلن‪" :‬انني مف جية يبدك لي أف البركتكككالت‬
‫تستكم ركحيان عمى نفس القاعدة التي استكت عمييا فقرات مف كتاب التممكد تنزع إلى رسـ العبلقات التي يمتزميا‬
‫الييكد مع عالـ االمـ أك الغرباء‪ ،‬كانني مف جية أخرل ال اعرؼ احدان يحاكؿ أف يزعزع عقائد الييكد في دينيـ‬
‫اال كغرض مف إغراض التبشير العامة‪ ،‬كلكني أعرؼ كثي انر مف الييكد الذيف يعممكف عمى تحطيـ يقيف األمـ‬
‫بالديانة المسيحية"‪.‬‬
‫كنستطيع نحف أف نضيؼ إلى قكؿ شسترتكف أقكاالن كثيرة مف قبيميا كفي مثؿ معناىا كاستدالليا‪ ،‬فيذا الدكالب‬
‫اليائؿ الذم دار عمى حيف فجأة مف اآلستانة إلى أمريكا إلى افريقية الجنكبية لتنفيذ البركتكككالت شاىد مف‬
‫شكاىد العصبة العالمية التي تعمؿ باتفاؽ في الغاية‪،‬أف لـ تعمؿ باتفاؽ في التدبير‪ ،‬كىذه الثقة التي تسمح‬
‫لصعمكؾ مف صعاليؾ العصابات أف ييدد سفير الكاليات المتحدة كيكمفو أف ينذر حككمتو بما سكؼ يحؿ بيا إذا‬
‫خالفت ىكل العصابة‪ ،‬شاىد آخر مف شكاىد تمؾ السطكة العالمية التي تممي أكامر عمى الرؤساء كالكزراء مف‬
‫كراء ستار‪ ،‬كىذه الشيكة "العالمية" التي يمعب بيا الصييكنيكف الغراء ضعاؼ الكتاب شاىد آخر مف شكاىد‬
‫أخرل ال تحصى‪ ،‬فمـ يترجـ كتاب عربي قط لكاتب تناكؿ الصييكنية بما يغضبيا في كقت مف األكقات‪.‬‬
‫كلست أذىب بعيدان كعندم الشكاىد مف كتبي التي ترجمت إلى الفرنسية كاالنجميزية‪ ،‬كنشرت فصكالن منيا في‬
‫مجبلت مصر كأكربا‪ ،‬فقد تكقؼ طبعيا ػ بعد التعب في ترجمتيا ػ ألنني كتبت كاكتب ما يفضح السياسة‬
‫الصييكنية‪ ..‬كقد تحدثت إلى فتاة مف دعاتيـ في حضرة صديؽ بقيد الحياة فجعمت تكمئ إلى مسألة الترجمة‪،‬‬
‫كتسألني سؤاؿ العميـ المتغابيء "عجبي لمثمؾ كيؼ ال تككف مؤلفاتو منقكلة إلى جميع المغات"‪.‬‬
‫سألتني ىذا السؤاؿ كىي فيما أظف ال تصدؽ أف الشيرة العالمية عمى جبللة قدرىا شيء نستطيع أف نحتقره إذا‬
‫قاـ عمى غير اساسو كأصبح ألعكبة في أيدم السماسرة كالدعاة‪ ،‬فقمت ليا‪" :‬انبمكتارؾ قد سبقني إلى جكاب ىذا‬
‫السؤاؿ"‪.‬‬
‫فعادت تسأؿ‪" :‬كماذا قاؿ؟" قمت‪" :‬ركم عمى لساف بطؿ مف ابطاؿ الركماف أنو سئؿ‪:‬لماذا ال يقيمكف لؾ تمثاالي‬
‫بيف ىذه التماثيؿ؟ فأجاب سائمو‪ :‬ألف تسألني سؤالؾ ىذا خير مف أف تسألني‪ :‬لماذا اقيـ لؾ ىذا التمثاؿ؟"‪.‬‬
‫كأغمب الظف بعد ىذا كمو عمى ما ترل اف البركتكككالت مف الكجية التاريخية محؿ بحث كثير‪ ،‬كلكف األمر‬
‫الذم ال شؾ فيو كما قاؿ شسترفيمد‪ :‬أف السيطرة الخفية قائمة بتمؾ البركتكككالت أك بغير تمؾ البركتكككالت‪.‬‬
‫عباس محمود العقاد‬

‫‪8‬‬
‫مقدمة الطبعة الثانية‬
‫أصداء الطبعة األولى‬
‫أييا القارئ الصديؽ‪..‬‬
‫بيد األخكة التي تحتضف في بر كحناف كؿ مف تجمعيـ بيا الرحـ االنسانية دكف أف تفرؽ بيف أحد منيـ‪ ،‬أقدـ‬
‫ىذه الطبعة الثانية لكتاب "الخطر الييكدم‪ :‬بركتكككالت حكما ء صييكف"كما قدمت سابقتيا التي نفذت منذ‬
‫سنكات‪ ،‬ثـ تكالى الطمب كاإللحاح عمييا مف قراء بعد السككت عف تمبية ندائيـ تقصي انر جدي انر باالعتذار‪ ،‬كلكف‬
‫تمحؿ األعذار ليس مف شمائؿ األحرار‪.‬‬
‫كلست أقدميا لقكمي كحدىـ بؿ لكؿ األمـ‪ ،‬لعؿ عقبلءىا يرشدكف‪ ،‬كيعممكف بما يعممكف‪ ،‬دكف اف يحيد بيـ عف‬
‫طريؽ الحؽ تشجيع مف ىنا أك تخذيؿ مف ىناؾ‪.‬‬
‫‪1‬ػ ترجمة الكتاب كاثرىا‪:‬‬
‫كترجمتي ىذه ػ فيما عممت بعد البحث المستفيض ػ أكؿ ترجمة عربية ليذا الكتاب العجيب كأكفاىا‪ ،‬كأف شعكرم‬
‫بمسؤكليتي االنسانية مع مسؤكليتي القكمية كأشد منيا ىك أكبر األسباب التي حفزتني عمى ترجمتو منذ حصمت‬
‫عمى نسختو االنجميزية بشؽ النفس بعد بحث طكيؿ‪ ،‬بؿ أف ىذا الشعكر ىك الذم حفزني عمى طمبيا كتجشـ‬
‫المتاعب في سبيميا كالرغبة في ترجمتيا قبؿ العثكر عمييا‪ ،‬كذلؾ بعد اف أطمعت عمى فقر كخبلصات منيا‬
‫باالنجميزية كالعربية في الكتب كالصحؼ‪ ،‬حتى قضى اهلل لي بكمما أردت منيا بعد اليأس ‪ ،‬فتحقؽ لي ما ينسب‬
‫الى الشاعر المتيـ المجنكف بميبله‪:‬‬
‫يظناف كؿ الظف اف تبلقيا"‬ ‫"كقد يجمع اهلل الشتيتيف بعدما‬
‫فالحمد هلل الذم يجمع بعد شتات‪ ،‬كقضى بالمقاء كاإلئتبلؼ بعد مكاجع اليأس كطكؿ الفراؽ‪.‬‬
‫ىذه الترجمة أمينة عمى ركح النص تماـ االمانة‪ ،‬كتكاد لدقتيا أف تككف حرفية في مجمؿ مبلمحيا سط انر سط انر‪،‬‬
‫ال فقرة فحسب‪ ،‬فمـ أحد قيد شعرة عف النص االنجميزم في أم مكضع‪،‬مع مراعاة المحافظة عمى فصاحة‬
‫الترجمة العربية كسبلمة عباراتيا‪ ،‬كمراعاة ما يستمزمو الفرؽ بيف المغتيف في النظـ‪ ،‬كلست أبالغ اذا ادعيت أف‬
‫المترجـ االنجميزم لك ترجميا إلى العربية لـ ضمف ليا مف الكضكح كالدقة كالببلغة أعظـ مف ترجمتنا‪ ،‬كىذا ما‬
‫جعمني أكتب في صدر الترجمة أنيا "أكؿ ترجمة امينة كاممة" دكف تبجح كال استعبلء ‪.‬‬
‫كأحمد اهلل حؽ حمده أيضان بما أكلى الطبعة األكلى مف عناية القراء الذم تعد عنايتيـ بكتاب تشريفان لو‬
‫كلصاحبو‪ ،‬كاف لـ تكف شرفان ليما‪ ،‬إذ ال شرؼ النساف كال لعمؿ اال بما فيو‪ .‬ال باقباؿ عميو أك باعراض عنو‪،‬‬
‫كحسب اإلنساف الفاني شرفان أف يبذؿ مخمصان لغيره غاية كسعو عمى ما تقتضي الكرامة كالمركءة كتقكل اهلل‪،‬‬
‫فأما االقباؿ كاالعراض كما الييما مف ركاج ككساد كحظكظ عارضة قد تككف عادلة أك جائرة‪.‬‬
‫كلقد تمثمت عناية ىؤالء القراء األماثؿ في صكر شتى‪ ،‬فتناكلو كثير منيـ بالدرس أك النقد‪ ،‬كتناكلو غيرىـ‬
‫بالتمخيص أك التكضيح كتابة في الصحؼ أك محاضرة في المجامع كالندكات في كثير مف الببلد العربية كالشرقية‬
‫كاألكربية كاألمريكية‪،‬كقاـ آخركف بترجمتو كمو أك بعضو إلى لغاتيـ‪ :‬كمنيا الفارسية في إيراف كاالردية في اليند‪،‬‬
‫أنس بو كبمقدمتو العربية كثير مف‬
‫كما ترجـ في مصر ثانية إلى الفرنسية‪ ،‬كنشرت خبلصة لو باالنجميزية‪ ،‬ك ى‬
‫‪9‬‬
‫الباحثيف فاتخذكىما مرجعان يستندكف إليو أك يقتبسكف منو كيستشيدكف بو في مقاالتيـ ككتبيـ مع الصييكنية‬
‫العالمية‪،‬كنكه بمضامينو كثير مف األدباء كالمفكريف كالزعماء كالرؤساء كالكزراء فيما يكتبكف كما يقكلكف‪.‬‬
‫كلقد عرفت بعض ذلؾ بنفسي‪ ،‬كحدثني ببعضو قصدان أك عفكان مطمعكف مف االصدقاء كالخمطاء ممف تقمبكا في‬
‫الببلد شرقان كغربان‪ ،‬ككاف أشد أىؿ ىذه الببلد اىتمامان بو المغاربة كالمصريكف كالعراقيكف كالسكريكف‪ ،‬كبمغ مف‬
‫حماسة احدل سيداتنا المصريات الجميبلت ػ كما حدثني مكزعكه ػ أنيا اشترت مف نسخة نسخو بضع مئات ثـ‬
‫بضع خمسينات أىدتيا إلى تعرؼ كمف التعرؼ‪ ،‬كألقت محاضرتيف أشادت فييما بمضامينو في نادييف نسائييف‬
‫أنس ال أنسى أمسية طرؽ بابي فييا فبلح كيؿ‪ ،‬لك كاف بيف جميرة مف أكساط‬
‫عمى غير معرفة بي‪ ،‬كاف ى‬
‫فبلحينا أك مف دكنيـ القتحمتو أحصؼ العيكف‪ .‬كلـ أكف أعرفو كلكف ما كاد يستقر بمجمسي حتى عرفت انو مف‬
‫قرية خاممة في اطراؼ الصعيد‪ ،‬كأنو جاء يستكضحني مكاضع مف الكتاب‪ ،‬كيستزيدني غيرىا‪ ،‬كاستمر ساعات‬
‫يسألني كيحاسبني كيستكثؽ مما يسمع كأنو مف مبلئكة الحساب‪ ،‬كأنا أفرغ لو كعيي بيف الغبطة كالدىشة‪،‬‬
‫فكالحؽ لقد كانت غبطتي بزيارتو عدالن ألعظـ جزاء‪ ،‬كلقد كاف الرجؿ الى جانب حصافتو كريمان فاعتدني مف‬
‫األصدقاء ككرر كصالي بيذا الكالء فحيا اهلل "الشيخ عبد الحميد ركؽ" في قريتو مف مركز الصؼ بالجيزة‪.‬‬
‫ككنت قبؿ خركج نسخ الكتاب مف الطبعة أترقب أف يحاكؿ الييكد جمعيا كدأبيـ معو حيثما ظير في أم لغة‪،‬‬
‫فكنت أناشد مكزعيو كطنيتيـ أف ال يبيعكىا اال نسخة نسخة‪ ،‬اال أف يجدكا سببان مرضيان لشراء جممة منيا‪ ،‬إذ‬
‫كانت غايتي األكلى مف اظياره نشر فكرتو كتدبر خطتو ابتغاء كجو اهلل كمصمحة عباده جميعان‪ ،‬كأف يعتبره قارئو‬
‫كأنو رسالة شخصية مف صديؽ‪ ،‬كما يسرني غير ذلؾ اف تنفد منو مائة طبعة لكي تمضي آالؼ نسخيا إلى‬
‫الظبلـ أك النار أك ما يشبو ذلؾ‪ ،‬أيان كاف ما تجنيو لي مف عركض الدنيا التي يتيافت عمييا مف يزنكنيا بغير‬
‫ميزاني كحسبي في نياية المطاؼ أف أشير إلى أف ندائي بيذا الكتاب لـ يكف صكت صارخ في البرية‪.‬‬
‫‪2‬ـ الفرق بين الطبعة األولى والثانية‪:‬‬
‫كقد كاف الكتاب في طبعتو األكلى ػ كلـ يزؿ قسميف‪ :‬قسمان مترجمان ال فضؿ لي فيو إال األمانة التي كسعتني في‬
‫الترجمة‪ ،‬كقسمان مكضكعان أنا كاتبو كىك لي كعمي بمزاياه كعيكبو‪.‬‬
‫أما القسـ المترجـ فيك البركتكككالت الصييكنية كمقدمتيا كتعقيبيا المذيف اختصيا بيما األستاذ "سرجي نيمكس"‬
‫أكؿ مف نشرىا لمعالـ في الركسية‪ ،‬كقبؿ ذلؾ تصدير البريطاف لمترجمة االنجميزية في طبعتيا الخامسة (كمنيا‬
‫نسختنا التي ترجمناىا) كفقرة كردت داخؿ غبلفيا عنكانيا "بركتكككالت حكماء صييكف‪ :‬االنجيؿ البمشفي"‪ ،‬ككنت‬
‫ترجمت ىذا القسـ سنة ‪ ،1947‬كأطمعت عميو بعض ذكم القكة كاألمانة مف اخكاني فنظره‪ ،‬كما كررت النظر فيو‬
‫مرات بعد ذلؾ حتى خبلؿ تصحيحي لمسكدات طبعتو سنة ‪ ،1951‬فمما عزمت إعادة طبعو ابقيت ىذا القسـ‬
‫عمى حالو في الطبعة األكلى غير جمؿ أك ألفاظ قبلئؿ دعتني الرغبة في زيادة تجكيد الصياغة كتكضيح العبارة‬
‫إلى تبديؿ جزء مكاف غيره في جممة جممة‪ ،‬كندر اف استبدلت لفظان بغيره‪ ،‬فبل اختبلؼ بيف الطبعتيف عمى القراء‬
‫الذيف ال ييميـ مف الكتاب اال البركتكككالت كسائر القسـ المترجـ‪.‬‬
‫أما القسـ المكضكع الذم ىك مف قطرات قممي فكاف مقدمة طكيمة ذات اثنتي عشرة فصمة تدكر حكؿ القسـ‬
‫المترجـ كال سيما البركتكككالت‪ ،‬ثـ ىكامش كثيرة ذيمت بيا صفحاتو اما لتكضيح غامض أك ربط‪ ،‬فمما عزمت‬
‫‪11‬‬
‫اعادة طبعو ترددت أماـ المقدمة كاليكامش بيف رايف‪ :‬االبقاء عمييا كالتخفيؼ منيا كلـ يضطرني إلى التردد‬
‫محض النقص الذم فطر اهلل الناس عميو فنضح عمى كؿ ما يصدر عنيـ‪ ،‬كما حبب الييـ الكماؿ فنزعكا الى‬
‫طمبو‪ ،‬انما كاف ىناؾ سبباف آخراف‪ :‬أحدىما ظاىر كىك طكؿ المقدمة كاليكامش كشفيعو حاجة جميرة القراء بيننا‬
‫إلى مجيكؿ قميؿ مثمر يغنييـ بالضركرة عف مجيكد ضخـ دكف طائؿ‪ .‬فقد ال تتيسر مراجعة أك ال يتاح الكقت‬
‫لو‪ ،‬أك ال تعيف القدرة عميو‪.‬‬
‫كالسبب الثاني خفي يكاد يككف خاصان بي‪ ،‬كشفيعي في اعذاره ىك ابراء ذمتي‪ ،‬فأرجك أال يضيؽ كرمؾ األخكم‬
‫عف كعيو‪،‬ىذا السبب ىك أني كتبت المقدمة كاليكامش خبلؿ طبع القسـ المترجـ كأنا مضعضع النفس كالجسـ‬
‫إباف نقاىة مف مرض أيأسني كأكىمني يكمئذ أنني لما بي‪ ،‬فكنت كالمكت في سباؽ ليخرج الكتاب أك يدفف‪،‬‬
‫رجمي‪ ،‬كاتككأ عمييما متثاقبلن مف فراشي إلى مكتبي ألسطر ما يسعني سط انر أك بضعة سطكر أحيانان‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫فكنت أجر‬
‫كصفحة أك نحكىا أحيانان أخرل‪ .‬كالقمـ بيميني عمى الصحيفة كمحراث ناشب في صعيد صخرم‪ ،‬ثـ مدت لي‬
‫عناية اهلل في الغاية ببقية مف شباب صنتيا فصانتني‪ ،‬كبضركرة معكقة ضقت بيا أكالن حيف خشيت لضعفي أف‬
‫يدفف عممي بعدم‪،‬ثـ حمدتيا بعد قميؿ‪ ،‬ككانت مصداؽ اآلية الكريمة "كعسى أف تكرىكا شيئان كىك خير لكـ‪،‬‬
‫كعسى أف تحبكا شيئان كىك شر لكـ‪ ،‬كاهلل يعمـ كأنتـ ال تعممكف"‪.‬‬
‫ىذه الضركرة ىي اشتغاؿ المطبعة عف طبع كتابي بكتب غيره التزمت مع أصحابيا مكاعيد محدكدة‪ ،‬فاستطعت‬
‫خبلؿ ىذه الفترة أف أكتب ما تيسر لي عمى ميؿ‪ ،‬ثـ استطعت ػ ككؿ صفحات الكتاب امامي ػ أف أربط‬
‫متشابيات مسائمو باشارات في اليكامش كلك كانت قاصية في تفرقيا بيف مطالع الكتاب كخكاتمو‪.‬‬
‫إف ما يكتبو اإلنساف في تماـ عافيتو عرضة لمنقص كسائر أعماؿ البشر ككؿ أبناء الفناء‪ ،‬فكيؼ بما يكتبو‬
‫كىك مضعضع الجسـ كالنفس؟ أنو غالبان عرضة لمزيد مف النقص كاالضطراب‪ ،‬كلست أنكر أف ىذه القاعدة ال‬
‫تطرد عمى الدكاـ في جميع مجاالت النشاط االنساني الجسمية كالنفسية كال سيما اآلداب كالفنكف‪ ،‬فطبقات الحياة‬
‫في النفس كالجسـ أكثر مف طبقات األرض‪ ،‬كمما تحممت طبقة منيا أك قشرت ظيرت مف كرائيا غيرىا‪ ،‬كفي‬
‫مجاالت النشاط االنساني قد تفيض ينابيع النفس ػ كانكارىا يثقميا بما تضطرب خبلؿ االزمات ػ بما ال تفيض بو‪،‬‬
‫كىي مطمئنة باألمف كالعافية‪ .‬كقد ال تتجمى ممكاتيا كمكاىبيا العالية ػ كال سيما العبقرية التي ال أدعييا ػ كما‬
‫تتجمى كالمرض يشعرىا بالخطر عمى الحياة‪ ،‬كحب البقاء يستجمع كؿ قكاىا المتفرقة المكنكنة في قصكل‬
‫األغكار فما أعظـ ما حبانا اهلل مف قدرتو كحكمتو‪ .‬أك لست ترل المريض يتعثر في خطاه كأنو قائـ مف القبكر‪،‬‬
‫أك كأنو الكليد أكؿ انتصابو عمى قدميو‪ ،‬يقارب في خطكه مسير المقيد‪ ،‬فنذا تيدده خطر كثب راكضان رغبة في‬
‫الحياة كأنو بدؿ غيره مف فتياف السباؽ؟ أك لست ترل الطالب أكؿ العاـ الدراسي بعد عطمة شيكر مستريحة يمؿ‬
‫استذكار دركسو بعد سكيعة‪ ،‬فنذا اقترب مكعد االمتحاف كصؿ الميؿ بالنيار ناشطان متفتحان بعد أف تسربت بعض‬
‫عافيتو في شيكر الدراسة السابقة‪ ،‬فصار أقؿ عافية منو في أكؿ عامو الدراسي؟‪.‬‬
‫كفكؽ كؿ ذلؾ‪،‬ليس مف الحكمة أف يزىد اإلنساف ػ بالغان ما بمغ مف األصالة كالثقة بنفسو ػ في مراجعة عمؿ فرغ‬
‫منو إذا تييأت لو فرصة مراجعتو بعد الفراغ منو بفترة كلك كانت قصيرة‪ ،‬فكيؼ إذا طالت سنكات‪ ،‬اال أف يككف‬
‫قد كقؼ نمك كعيو أك كقؼ نمك معرفتو؟‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫ىذه ىي جممة أسباب تكقفي ت حيف عزمت إعادة طبع الكتاب ػ أماـ مقدمتي كىكامشي‪ ،‬كترددم بيف االبقاء‬
‫عمييا بجممتيا كالتخفيؼ منيا‪ ،‬كأطمت التفكير في ذلؾ مستشي انر مستخي انر‪ ،‬ألف األمر ال يخصني كأف كنت كحدم‬
‫صاحب تبعتو فمـ يكف بد مف االستشارة كاالستخارة‪ .‬كلقد أشار كثير مف فضبلء االصدقاء الذيف أتمثؿ فييـ‬
‫صفكة جميرة القراء أف ال أحذؼ شيئان منيا‪ ،‬بؿ نصحني كثير باضافة أمثاليا إلييا ‪ .‬كحجتيـ في ذلؾ ػ حتى‬
‫كما كنت أرل قبؿ الطبعة األكلى ػ أف البركتكككالت ال تظير خكافييا لجميرة القراء عندنا اال في ضكء ىذه‬
‫المقدمة كاليكامش‪.‬‬
‫كىذا النحك الذم آثرتو‪ ،‬بعد أف أطمأنت الى معظـ ما كتبتو منيا أكؿ األمر خبلؿ تمؾ الفترة الحرجة بيف اليأس‬
‫كالرجاء‪ ،‬تحت غكاشي خطر مدبر ال أماف لرجعو منو غادرة فمقدمتي كىكامشي في ىذه الطبعة تكاد تككف‬
‫كأصميا في الطبعة األكلى مع زيادة صفحات كفقر كثيرة في المقدمة (أشرت إلييا حيث زدتيا)‪ :‬بعضيا جديد‪،‬‬
‫كبعضيا منقكؿ إلييا مف ىكامش الطبعة األكلى‪ ،‬ألنني رأيتيا أليؽ بمكاضعيا الجديدة‪.‬‬
‫كليذا السبب نقمت إلى المقدمة فقرة كانت في طميعة القسـ المترجـ تالية لمقدمتي في الطبعة األكلى ككاف عنكاف‬
‫الفقرة "بركتكككالت حكماء صييكف‪ :‬اإلنجيؿ البمشفي" كقد كصمت ذلؾ كمو بعضو ببعض بما يشبو رفك النسيج‬
‫ليطرد سياؽ الكبلـ‪ .‬ككانت مقدمتي اثنتي عشرة فصمة فجعمت فصمتيف متتابعتيف فصمة كاحدة‪ ،‬كاخرييف كذلؾ‪،‬‬
‫بغير زيادة حرؼ بيف أك بيف االخرييف كزدت المقدمة بضع فصؿ‪.‬‬
‫كتزيد ىذه الطبعة عمى سابقتيا االىداء‪ ،‬ثـ مقالة األستاذ العبقرم الكبير عباس محمكد العقاد الذم تطكع بكتابتيا‬
‫مشكك انر عقب صدكر الطبعة األكلى بأياـ‪ ،‬كليست ىي بالمقالة الكحيدة التي استقبمت تمؾ الطبعة‪ ،‬كال بأكثرىا‬
‫ثناء عمييا بيف عشرات المقاالت التي تناكلتيا بالدرس كالنقد‪ ،‬كلكننا آثرناىا عمى غيرىا ألسباب تعني قراء‬
‫الكتاب كأمثالو كما تعنينا‪ .‬كمنيا ىنا ما عرؼ بو العبلمة الكبير مف إطبلع كاسع عمى التراث الييكدم كالحركات‬
‫السياسية كاالجتماعية كالفكرية سكاء منيا المعاصرة أك السابقة‪ ،‬كالسرية أك العمنية‪ .‬كما يحيط بيا مف مذاىب‬
‫كدعكات صحيحة أك زائفة‪ .‬كما عرؼ بايثاره ما يراه حقان ثـ المجاىرة بو‪ .‬ال يحابي فيو أحدان‪ ،‬كال يخشى لكمة‬
‫الئـ‪ .‬كال يميؿ بو عف طريقو رغب كال رىب‪ .‬كال كالء كال عداء‪ ،‬كمقالتو ػ إلى ما قدمناه ػ أقرب ما قرأنا إلى‬
‫القصد في التقدير كفؽ ما يتضح منيا‪ ،‬كما أنيا تمقي ضكءان عمى بعض ما دار مف معارؾ كثيرة عنيفة حكؿ‬
‫نسب البركتكككالت إلى أبييا أك آبائيا‪ ،‬كاف كاف مكقفنا أدنى مف مكقفو إلى التسميـ بيا ينسبيا الييكدم ألسباب‬
‫بسطنا معظميا ىنا‪ ،‬كلقد لقيت مف الرجحاف في ميزاننا أكثر مما كجدت في ميزانو‪ ،‬كرأيو األعمى كنحف برأينا‬
‫أكثؽ‪.‬‬
‫كلقد كاف غير ىذه المقالة أكلى ىنا لك كنا مف يغرييـ ضجيج الشيرة كتستريح أعصابيـ عمى أصكات طبكليا‬
‫كأبكاقيا المنكرة‪ .‬أك لك كنا أكرـ مف ذلؾ درجة أك درجتيف نؤثر الثناء أك التأييد ػ كلك صدقان ػ عمى البحث القاصد‬
‫في سبيؿ الحقيقة أك الحؽ الذم نديف بو في أصفى لحظات الترخص بالمذات الحبلؿ في مكاصمة االحباء‪ ،‬كما‬
‫تديف بو في احرج لحظات العزـ دفعان لممكاره المكبقة في مصاكلة االعداء‪ ،‬ككذلؾ نحب أف نأخذ بو انفسنا كما‬
‫نأخذ بو غيرنا في السراء كالضراء‪ ،‬فانما يرفع اإلنساف أك يخفضو عممو‪ ،‬ال مدح الناس أك ذميـ بالحؽ أك‬
‫بالباطؿ أيا كانكا مف رجحاف العقؿ كاألدب‪ ،‬كاف كانت أرفع النفكس البشرية ال تعمك عف األنس برضا الفضبلء‪،‬‬
‫‪12‬‬
‫كالكحشة حيف يمقكنيا بالجفاء‪ ،‬لما فطرت عميو مف قكة العطؼ‪ ،‬كحب األلفة كالكرامة‪ ،‬أك لبعض ما تشتمؿ عميو‬
‫مف الضعؼ أك النقص الذم ال يب ار منو أحد مف البشر بالغان ما بمغ مف العظمة كالجبركت كاالستقبلؿ‪.‬‬
‫كمف ال يأنس برضاء الفضبلء‪ ،‬كيستكحش لجفكتيـ‪ ،‬فيك إما إلو أك حيكاف‪ .‬ألنو ال يككف اال أرفع مف االنساف‬
‫أك أدنى منو‪ ،‬كأما مف يأنس برضا الغكغاء كيستكحش لجفكتيـ فيك مف طينتيـ البلزبة في الكياف كالكجداف‪ ،‬كلك‬
‫تكقر في القمنسكة كالطيمساف‪ ،‬كنطؽ بألؼ لساف في حمقات العمياف‪ ،‬أك تخايؿ بالتاج كالصكلجاف ككاف صاحب‬
‫الزماف في مكاكب العبداف‪.‬‬
‫‪3‬ػ خطر في خطر‪:‬‬
‫كأحب ػ لمقارئ الصديؽ ػ أف يعمـ أنو ليس بي مف تحذير األمـ خطر الييكد عمييا اال نظرتيـ إلى كؿ مف ليس‬
‫ييكديان كأنو "شيء" جامد أك دكف ذلؾ‪ ،‬كمف ىنا كسمنا نظرتيـ أك كصمناىا عف حؽ بأنيا "شيئية" كما بينا فيما‬
‫بعد‪ ،‬كىي نظرة أك فمسفة تنافي االخبلؽ في الصميـ‪ ،‬فيي التي تسكغ ليـ أف العالـ ممؾ ليـ بكؿ مف فيو كما‬
‫فيو‪ ،‬كأف يركا كؿ مف ليس منيـ عدكان ليـ‪ .‬فيعممكا عمى سحقو‪ ،‬كمف ىنا كانت ىذه الفمسفة الشيئية جديرة‬
‫بالمكافحة‪ ،‬كلكف كما تكافح مثميا سائر الفمسفات كالتعاليـ اليدامة التي تنافي كؿ خمؽ انساني كريـ‪ ،‬كىذا أخطر‬
‫ما يؤرقني في ىذه الخصكمة كيحفزني إلى انكارىا كمجاىدتيا مكرىان كمريد‪ ،‬أك مضط انر كمختار‪.‬‬
‫كليس مف ىمي ىنا أف نجارم إلييكد فننظر الييـ كنظرتيـ الشيئية الينا‪ ،‬كال أف نمقي ظمميـ أيانا باضطيادىـ‬
‫أفرادان كجماعات حيث ال يرفعكف رأسان كال يشيركف سيفان كاف حؽ القصاص كمما فعمكا‪ ،‬بؿ أكبر ىمي ىك الكعي‬
‫الشامؿ لنياتيـ كعزائميـ العمنية ضد أمف االنسانية كشرفيا‪ ،‬ثـ كفيـ عف المظالـ التي تسكغيا ليـ تعاليميـ‬
‫اليمجية بؿ الشيطانية الخبيثة‪ ،‬إذ يستحمكف العدكاف عمى سائر االمـ كادعاء ممكيتيا كأنيا جمادات‪ ،‬كيكجبكف بؿ‬
‫يستكجبكف عمى أنفسيـ عداءىا كالعدكاف عمييا‪ ،‬الف شريعتيـ ال تكتفي بتسكيغ جرائميـ بؿ تشجعيـ عمى التفنف‬
‫كاالفراط فييا‪ ،‬ثـ تكفؿ ليـ المثكبة عمييا مف معبكدىـ "ييكه" رب الجنكد الذم يختصكنو بالعبادة‪ ،‬كيزعمكف أنو‬
‫اختصيـ لنفسو دكف سائر البشر‪ ،‬ككفؽ ىذه المعاىدة الشيطانية بينيـ كبينو يتسمطكف عمى كؿ العباد كالببلد‪.‬‬
‫كممف فطنكا إلى خبث ىذه التعاليـ في القرف الثالث المعمـ الفارسي "ماني" الذم كازف بيف المسيحية كالييكدية‪،‬‬
‫فاستخمص المسيحية لسماحتيا‪ ،‬كانكر الييكدية كاعتبر معبكدىا "ييكه" شيطانان كما اعتبر تعاليميا مف كساكسة‬
‫الشيطانية‪ ،‬كىذه التعاليـ الييكدية ىي التي أشربت قمكبيـ الم اررة الزاعقة حتى طفحت عمى خبلئقيـ مع غيرىـ‬
‫كفييما بينيـ شكاسة كلددان كقسكة‪ ،‬كما نضحت عمى عقميـ رعكنة كسفيان كخباثة‪ ،‬كىي التي أممت عمييـ جرائميـ‬
‫النكراء‪ ،‬كما تزاؿ تممي ليـ مزيدان منيا في جميع األعصار كاألمصار‪.‬‬
‫كميما يكف مف ىذا الخطر الشيطاني الميمؾ فأكبر منو عندم أف تدفعنا الرغبة في خير االنسانية كالغيرة عمى‬
‫حقكقيا إلى الشر كاالجراـ فنطمؽ كالييكد ما في نفكسنا مف كحكش الطراد الضارية خمؼ الفرائس أيان كانت‬
‫االعذار‪ ،‬فنف ىذه الكحكش في نفكسنا اخطر عمينا مف سائر الكحكش ميما تبمغ مف الضراكة كالخباثة‪ ،‬كىي إذا‬
‫استمرأت لحكـ األعداء حينان فمصيرىا أف تستمرئ لحكـ أكلى األكلياء بعد قميؿ‪ ،‬كىذا ىك الشر األكبر الذم ال‬
‫يبمغو شر‪ ،‬كأكجب ما يككف الحذر مف كحكشنا حيف نصاكؿ االعداء‪ ،‬فنف الغمبة بالكسائؿ غير االخبلقية كلك‬
‫مع اعداء األخبلؽ ىك الخذالف الفاضح كالخسراف المبيف‪.‬‬
‫‪13‬‬
‫كينبغي لنا باخبلص اف نعمـ أف اخؼ نية شريرة تمر في سرائرنا كلك لمحة خاطفة‪ ،‬كدكف أف تعقب مباشرة‬
‫خطيئة ال بد أف يطبع ظميا عمى نفكسنا ظممة تحجب عنا مف كجو اهلل بمقدارىا كال يمكف أف تزكؿ ما دامت‬
‫الحياة‪ ،‬ككذلؾ أخؼ نية خيرة تبرؽ في ضمائرنا كلك لـ تعقب مباشرة صالحة‪ ،‬فتنطبع ألالؤىا في أعماقنا نك انر‬
‫يكشؼ لنا مف كجو اهلل بمقداره‪ ،‬كيبقى فينا ما بقيت الحياة‪ ،‬ككما تكف أصغر كممة تحكؾ في نفكسنا كلك لـ تمر‬
‫بشفاىنا أك لـ يسمعيا غيرنا تثقؿ خطانا بيا أك تخؼ في العركج إلى اهلل‪ ،‬كال يمكف أف تنفصؿ عنا مدل الحياة‪.‬‬
‫كقد عممنا اهلل أنو "إليو يصعد الكمـ الطيب كالعمؿ الصالح يرفعو"‪ ،‬كنعمـ كذلؾ حقان أف فـ اإلنساف ال ينجس بما‬
‫يدخمو بؿ بما يخرج منو‪ ،‬كأف اإلنساف ال يحيا بالخبز كحده بؿ بكممات اهلل التي أليمنا اياىا بتمقينو‪ ،‬كاف كنا ال‬
‫نعييا اال عمى ألسنة أكليائو‪ ،‬كليذا نسألو جميعان كممان طيبان كعمبلن صالحان حتى مع األعداء‪ .‬كأف نقؼ بخطنا‬
‫كنضالنا عند اعماليـ السيئة دكف أف نجكز بذلؾ إلى شخكصيـ بما ليـ مف كرامة انسانية ال فضؿ لنا كال ليـ‬
‫فييا‪ ،‬كال ميرب لنا كال ليـ عنيا‪ ،‬كاف كانكا شر االعداء‪ ،‬كما نرجكا اهلل اف ال تعمؿ كمماتنا اال طاقتيا كاال كنا‬
‫خاسريف‬
‫اف السككت عمى الشر ال يميؽ بكريـ ما كجد كجيان شريفان لدفعو‪ .‬كال ينبغي لحر أف يعتزؿ الحرب كقكمو‬
‫يطحنكف‪ ،‬فمف أخذ بالسيؼ فبالسيؼ يؤخذ‪ ،‬كأف الغضب لمحقكؽ كدفع العاديف عمييا ليس فيو ضير عمى شرؼ‬
‫المجاىد إذا برئ مف الحقد كالحسد‪ ،‬فأما الضغينة عمى فرد أك فريؽ مف البشر ػ ميما تفدح آثامو ػ فيي مفسدة‬
‫لؤلركاح ميمكة لؤلخبلؽ كالضمائر‪ ،‬ككؿ خطر خارجنا أىكف مف الخطر فينا ككؿ ببلء ييكف ما سممت لبلنساف‬
‫فضائؿ نفسو‪ ،‬ككؿ مغنـ ييكف إذا كاف ضياعيا ىك الجزاء‪ ،‬إذ ليس يفيد اإلنساف أف يكسب العالـ كيخسر نفسو‬
‫كما قاؿ المعمـ األكبر‪.‬‬
‫كنعمـ أف اهلل يكره الخطايا كلكف رحمتو ال تضيؽ بالخاطئيف‪ ،‬كأف أشرؼ شمائمنا كأعمالنا ما كانت محاكاة هلل‬
‫مستمدة مف فضمو‪ ،‬كأف مكاننا منو عمى قدر ما في نفكسنا مف شمائمو كنعمتو‪ ،‬كليذا أرجك اهلل أف يحفظ عمينا‬
‫فضائؿ نفكسنا اإلليية فبل نعمؿ حظنا مف التسامح كالرفؽ مع ألد األعداء كلك فار الغضب بنا حتى اعتنؽ‬
‫السيفاف في قتاؿ‪ ،‬كاف السماحة ألقرب لتقكل اهلل الذم خمؽ األبرار كالخطاة‪ ،‬ككمفنا مباركة البر كمكافحة‬
‫الخطيئة باليداية كالكؼ ما استطعنا إلى ذلؾ سبيبلن‪ ،‬كأف أكرـ ما نستطيعو مف الحؽ ىك االجتياد في‬
‫تكخيو‪،‬كالجياد في نصرتو كما نعمـ‪ ،‬كاف اهلل كحده ىك الدياف األكبر لمعباد كما أراد‪ ،‬كىك كحده المحيط مف‬
‫كرائيـ بعممو كحكمتو كقدرتو‪.‬‬
‫المترجم‬

‫‪14‬‬
‫مقدمة الطبعة األكلى‬
‫حول ىذا الكتاب‬
‫‪ 1‬ـ خطورتو‪:‬‬
‫ىذا الكتاب ىك أخطر كتاب ظير في العالـ‪ ،‬كال يستطيع أف يقدره حؽ قدره إال مف يدرس البركتكككالت كميا‬
‫كممة كممة في أناة كتبصر‪ ،‬كيربط بيف أجزاء الخطة التي رسمتيا‪ ،‬عمى شرط أف يككف بعيد النظر‪ ،‬فقييان‬
‫بتيارات التاريخ كسنف االجتماع‪ ،‬كأف يككف مممان بحكادث التاريخ الييكدم كالعالمي بعامة ال سيما الحكادث‬
‫الحاضرة كأصابع الييكد مف كرائيا‪ ،‬ثـ يككف خبي انر بمعرفة االتجاىات التاريخية كالطبائع البشرية‪ ،‬كعندئذ فحسب‬
‫ستنكشؼ لو مؤامرة ييكدية جينمية تيدؼ إلى افساد العالـ كانحبللو الخضاعو كمو لمصمحة الييكد كلسيطرتيـ‬
‫دكف سائر البشر‪.‬‬
‫كلك تكىمنا أف مجمعان مف أعتى األبالسة األشرار قد انعقد ليتبارل أفراده أك طكائفو منفرديف أك متعاكنيف في‬
‫ابتكار أجرـ خطة لتدمير العالـ كاستعباده‪ ،‬اذف لما تفتؽ عقؿ أشد ىؤالء األبالسة اجرامان كخسة كعنفان عف مؤامرة‬
‫شر مف ىذه المؤامرة التي تمخض عنيا المؤتمر األكؿ لحكماء صييكف سنة ‪ ،1897‬كفيو درس المؤتمركف‬
‫خطة اجرامية لتمكيف الييكد مف السيطرة عمى العالـ‪ ،‬كىذه البركتكككالت تكضح اطرافان مف ىذه الخطة‪.‬‬
‫اف ىذا الكتاب لينضح بؿ يفيض بالحقد كاالحتكار كالنقمة عمى العالـ أجمع‪ ،‬كيكتشؼ عف فطنة حكماء صييكف‬
‫إلى ما يمكف أف تنطكم عميو النفس البشرية مف خسة كقسكة كلؤـ‪ ،‬كما يكشؼ عف معرفتيـ الكاسعة بالطرؽ‬
‫التي يستطاع بيا استغبلؿ نزعاتيا الشريرة العارمة‪ ،‬لمصمحة الييكد كتمكينيـ مف السيطرة عمى البشر جميعان‪ ،‬بؿ‬
‫يكشؼ عف الكسائؿ الناجحة التي أعدىا الييكد لمكصؿ إلى ىذه الغاية‪.‬‬
‫ىذا الكتاب يكقؼ أمامنا النفس البشرية عمى مسرح الحياة اليكمية األرضية مفضكحة كؿ معايبيا‪ ،‬عارية مف كؿ‬
‫مبلبسيا التي نسجتيا االنسانية في تطكرىا مف الكحشية إلى المدنية لتستر بيا عكراتيا‪ ،‬كتمطفت بيا مف حدة‬
‫نزعاتيا‪ ،‬كتتسامى بيا إلى أفؽ ميذب‪.‬‬
‫أف ىذه المبلبس أك الضكابط كاألدياف كالشرائع كالقكانيف كالعادات الكريمة قد استطاعت خبلؿ تطكرات التاريخ‬
‫أف تخفي كثي انر مف ميكؿ النفس السيئة‪ ،‬كتعطؿ كثي انر منيا كمف آثارىا‪ .‬كلكف حكماء صييكنيا قد ىتككا كؿ ىذه‬
‫المبلبس كانكركا كؿ ىذه الضكابط‪ ،‬كفضحكا أمامنا الطبيعة البشرية‪ ،‬حتى ليحس االنساف‪ ،‬ػ كىك يتأمميا في ىذا‬
‫الكتاب ػ بالغثياف‪ ،‬كاالشمئزاز كالدكار‪ ،‬كيكد لك يغمض عينيو‪ ،‬أك يمكم كجيو‪ ،‬أك يفر بنفسو ىربان مف النظر الى‬
‫بشاعاتيا‪ ،‬كبينما ىـ يبرزكف الجكانب الشريرة في الطبيعة البشرية يخبئكف النكاحي الخيرة منيا‪ ،‬أك ييممكنيا مف‬
‫حسابيـ‪ ،‬فيخطئكف‪ .‬كىنا تظير مكاضع الضعؼ في نظرياتيـ كما يرتبكف عمييا مف خطط‪ ،‬فيصدؽ عمييـ ما‬
‫شنع بو شاعرنا أبك نكاس عمى "النظاـ" الفيمسكؼ المتكمـ‪ ،‬فقاؿ يكبخو‪:‬‬
‫حفظت شيئان‪ ،‬كغابت عنؾ أشياء‬ ‫"فقؿ لـ يدعي في العمـ فمسفة‬
‫فنف حظركو في الديف ازراء"‬ ‫ال تحظر العفك اف كنت أمرءان حرجان‬
‫كىـ ال يخطئكف غالبان اال مغرضيف‪،‬كذلؾ عندما تعمييـ الميفة كالحرص الطائش عمى تحقيؽ اىدافيـ قبؿ‬
‫األكاف‪ ،‬أك يفيض في نفكسيـ الحقد العريؽ الذم يمد ليـ مدان في اليأس مف كؿ خير في الضمير البشرم‪،‬‬
‫‪15‬‬
‫فيتساىمكف مضطريف في اختيار األسس كالكسائؿ القكية ليذه الغايات‪ ،‬كندر ما نظركا إلى شيء اال كعيكنيـ‬
‫مكحكلة بؿ مغشاة باألىكاء الجامحة‪ ،‬كلذلؾ قمما تسمـ ليـ خطة تامة إلى أمد بعيد‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ بعض عناصر المؤامرة الصييونية‪:‬‬
‫اف المجاؿ ال يسمح بذكر كؿ عناصر المؤامرة كما جاءت في البركتكككالت‪ ،‬كحسبنا اإلشارة إلى ما يأتي منيا‪:‬‬
‫(أ) لمييكد منذ قركف خطة سرية غايتيا االستيبلء عمى العالـ أجمع‪ ،‬لمصمحة الييكد كحدىـ‪ ،‬ككاف ينقحيا‬
‫حكماؤىـ طك انر فطك انر حسب األحكاؿ‪ ،‬مع كحدة الغاية‪.‬‬
‫(ب) تنضح ىذه الخطة السرية بما أثر عف الييكد مف الحقد عمى األمـ ال سيما المسيحييف‪ ،‬كالضغف عمى‬
‫األدياف ال سيما المسيحية‪ ،‬كما تنضح بالحرص عمى السيطرة العالمية‪.‬‬
‫(ج) يسعى الييكد ليدـ الحككمات في كؿ االقطار‪ ،‬كاالستعاضة عنيا بحككمة ممكية استبدادية ييكدية‪ ،‬كيييئكف‬
‫كؿ الكسائؿ ليدـ الحككمات السيما الممكية‪ .‬كمف ىذه الكسائؿ اغراء الممكؾ باضطياد الشعكب‪ ،‬كاغراء الشعكب‬
‫بالتمرد عمى الممكؾ‪ ،‬متكسميف لذلؾ بنشر مبادئ الحرية كالمساكاة‪ ،‬كنحكىا مع تفسيرىا تفسي انر خاصان يؤذم‬
‫الجانبيف‪ ،‬كبمحاكلة ابقاء كؿ مف قكة الحككمة كقكة الشعب متعاديتيف‪ ،‬كابقاء كؿ منيا في تكجس كخكؼ دائـ مف‬
‫األخرل‪ ،‬كافساد الحكاـ كزعماء الشعكب‪ ،‬كمحاربة كؿ ذكاء يظير بيف األمييف (غير الييكد) مع االستعانة عمى‬
‫تحقيؽ ذلؾ كمو بالنساء كالماؿ كالمناصب كالمكايد‪ ..‬كما إلى ذلؾ مف كسائؿ الفتنة‪ .‬كيككف مقر الحككمة‬
‫االسرائيمية في أكرشميـ أكالن‪ ،‬ثـ تستقر إلى األبد في ركما عاصمة االمبراطكرية الركمانية قديمان‪.‬‬
‫(د) إلقاء بذكر الخبلؼ كالشغب في كؿ الدكؿ‪ ،‬عف طريؽ الجمعيات السرية السياسية كالدينية كالفنية كالرياضية‬
‫كالمحافؿ الماسكنية‪ ،‬كاالندية عمى اختبلؼ نشاطيا‪ ،‬كالجمعيات العمنية مف كؿ لكف‪ ،‬كنقؿ الدكؿ مف التسامح‬
‫إلى التطرؼ السياسي كالديني‪ ،‬فاالشتراكية‪ ،‬فاالباحية‪ ،‬فالفكضكية‪ ،‬فاستحالة تطبيؽ مبادئ المساكاة‪.‬‬
‫ىذا كمو مع التمسؾ بابقاء األمة الييكدية متماسكة بعيدة عف التأثر بالتعاليـ التي تضرىا‪ ،‬كلكنيا تضر غيرىا‪.‬‬
‫(ق) يركف أف طرؽ الحكـ الحاضرة في العالـ جميعان فاسدة‪ ،‬كالكاجب لزيادة افسادىا في تدرج إلى أف يحيف‬
‫الكقت لقياـ المممكة الييكدية عمى العالـ ال قبؿ ىذا الكقت كال بعده‪ .‬ألف حكـ الناس صناعة مقدسة سامية‬
‫سرية‪ ،‬ال يتقنيا في رأييـ اال نخبة مكىكبة ممتازة مف الييكد الذيف اتقنكا التدرب التقميدم عمييا‪ ،‬ككشفت ليـ‬
‫أسرارىا التي استنبطيا حكماء صييكف مف تجارب التاريخ خبلؿ قركف طكيمة‪ ،‬كىي تمنح ليـ س انر‪ ،‬كليست‬
‫السياسة بأم حاؿ مف عمؿ الشعكب أك العباقرة غير المخمكقيف ليا بيف األمييف (غير الييكد)‪.‬‬
‫(ك) يجب أف يساس الناس كما تساس قطعاف البيائـ الحقيرة‪ ،‬ككؿ االمييف حتى الزعماء الممتازيف منيـ إنما ىـ‬
‫قطع شطرنج في أيدم الييكد تسيؿ استمالتيـ كاستعبادىـ بالتيديد أك الماؿ أك النساء أك المناصب أك نحكىا‪.‬‬
‫(ز) يجب أف تكضع تحت ايدم الييكد ػ ألنيـ المحتكركف لمذىب ػ كؿ كسائؿ الطبع كالنشر كالصحافة كالمدارس‬
‫كالجامعات كالمسارح كشركات السينما كدكرىا كالعمكـ كالقكانيف كالمضاربات كغيرىا‪.‬‬
‫كاف الذىب الذم يحتكره الييكد ىك أقكل األسمحة إلثارة الرأم العاـ كافساد الشباف كالقضاء عمى الضمائر‬
‫كاألدياف كالقكميات كنظاـ األسرة‪ ،‬كأغراء الناس بالشيكات كالقضاء عمى الضمائر كاالدياف كالقكميات كنظاـ‬

‫‪16‬‬
‫األسرة‪ ،‬كأغراء الناس بالشيكات البييمية الضارة‪ ،‬كاشاعة الرذيمة كاالنحبلؿ‪ ،‬حتى تستنزؼ قكل االمييف استنزافان‪،‬‬
‫فبل تجد مف انر مف القذؼ بأنفسيا تحت أقداـ الييكد‪.‬‬
‫(ح) كضع اسس االقتصاد العالمي عمى أساس الذىب الذم يحتكره الييكد‪ ،‬ال عمى أساس قكة العمؿ كاالنتاج‬
‫كالثركات األخرل‪ ،‬مع أحداث األزمات االقتصادية العالمية عمى الدكاـ كي ال يستريح العالـ ابدان‪ ،‬فيضطر إلى‬
‫االستعانة بالييكد لكشؼ كركبو‪ ،‬كيرضى صاغ انر مغتبطان بالسمطة الييكدية العالمية‪.‬‬
‫(ط) االستعانة بأمريكا كالصيف كالياباف عمى تأديب أكركبا كاخضاعيا‪.2‬‬
‫أما بقية خطكط المؤامرة فتتكفؿ بتفصيميا البرتكككالت نفسيا‪.‬‬
‫‪3‬ـ ق اررات المؤتمر الصييوني األول واختالس البرتوكوالت‪:‬‬
‫عقد زعماء الييكد ثبلثة كعشريف مؤتم انر منذ سنة ‪ 1897‬حتى سنة ‪ 1951‬ككاف آخرىا ىك المؤتمر الذم انعقد‬
‫في القدس ألكؿ مرة في ‪ 14‬أغسطس مف ىذه السنة‪ ،‬ليبحث في الظاىر مسألة اليجرة إلى إسرائيؿ كحدكدىا‬
‫كما ذكرت جريدة الزماف (‪ ،)1951/7/28‬ككاف الغرض مف ىذه المؤتمرات جميعان دراسة الخطط التي تؤدم‬
‫إلى تأسيس مممكة صييكف العالمية‪.‬‬
‫أما أكؿ مؤتمراتيـ فكاف في مدينة باؿ بسكيسرة سنة ‪ 1897‬برياسة زعيميـ "ىرتزؿ"‪ ،‬كقد اجتمع فيو نحك ثمثمائة‬
‫مف أعتى حكماء صييكف كانكا يمثمكف خمسيف جمعية ييكدية‪،‬كقد قرركا في المؤتمر خطتيـ السرية الستعباد‬
‫العالـ كمو تحت تاج ممؾ مف نسؿ داكد‪ ،‬ككانت ق ارراتيـ فيو سرية محكطة بأشد أنكاع الكتماف كالتحفظ اال عف‬
‫اصحابيا بيف الناس‪ ،‬اما غيرىـ فمحجكبكف عنيا كلك كانكا مف أكابر زعماء الييكد‪ ،‬فضبلن عف فضح اسرارىا‬
‫س انر‪ ،‬كاف كاف فيما ظير منيا ما يكشؼ بقكة ككضكح عما ال يزاؿ خافيان‪.‬‬
‫فقد استطاعت سيدة فرنسية أثناء اجتماعيا بزعيـ مف أكابر رؤسائيـ في ككر مف أككارىـ الماسكنية السرية في‬
‫فرنسا ػ اف تختمس بعض ىذه الكثائؽ ثـ تفر بيا‪ ،‬كالكثائؽ المختمسة ىي ىذه البركتكككالت التي بيف أيدينا‪.‬‬
‫كصمت ىذه الكثائؽ إلى أليكس نيقكال كبير جماعة أعياف ركسيا الشرقية في عيد القيصرية‪ ،‬فقدر خطكاتيا‬
‫كنياتيا الشريرة ضد العالـ ال سيما ببلده ركسيا‪ ،‬ثـ رأل أف يضعيا في أيدم أمينة أقدر مف يده عمى االنتفاع بيا‬
‫كنشرىا‪ ،‬فدفعيا إلى صديقو العالـ الركسي الجميؿ االستاذ سرجي نيمكس الذم ال شؾ أنو درسيا دراسة دقيقة‬
‫كافية‪ ،‬كقارف بينيا كبيف األحداث السياسية الجارية يكمئذ فادرؾ خطكرتيا أتـ ادراؾ كاستطاع مف جراء ىذه‬
‫المقارنة أف يتنبأ بكثير مف األحداث الخطيرة التي كقعت بعد ذلؾ بسنكات كما قدرىا‪ ،‬كالتي كاف ليا دكم ىائؿ‬
‫في جميع العالـ‪ ،‬كما كاف ليا أثر في تكجيو تاريخو كتطكراتو‪ ،‬منيا نبكءتو بتحطيـ القيصرية في ركسيا كنشر‬
‫الشيكعية فييا كحكميا حكمان استبداديان غاشمان كاتخاذىا مرك انز لنشر المؤامرات كالقبلقؿ في العالـ‪ ،‬كمنيا نبكءتو‬
‫بسقكط الخبلفة اإلسبلمية العثمانية عمى أيدم الييكد قبؿ تأسيس اسرائيؿ‪.‬‬
‫كمنيا نبكءتو بعكدة الييكد إلى فمسطيف كقياـ دكلة إسرائيؿ فييا‪ ،‬كمنيا نبؤءتو بسقكط الممكيات في أكركبا كقد‬
‫زالت الممكيات فعبلن في ألمانيا كالنمسا كركمانيا كأسبانيا كايطاليا‪ .‬كمنيا أثارة حركب عالمية ألكؿ مرة في التاريخ‬

‫‪2‬‬
‫انظر ختاـ البركتكككؿ السابع‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫يخسر فييا الغالب كالمغمكب معان كال يظفر بمغنميا اال الييكد‪ .‬كقد نشبت منيا حرباف‪ ،‬كالييكد يييئكف األحكاؿ‬
‫اآلف لنشكب الثالثة‪ ،‬فنفكذ الييكد في أمريكا ال يعادلو نفكذ أقمية‪ ،‬ثـ أنيـ أىؿ سمطاف في ركسيا‪ ،‬كىاتاف‬
‫الدكلتاف أعظـ قكتيف عالميتيف‪ ،‬كالييكد يجركنيما إلى الحرب لتحطيميما معان‪ ،‬كاذا تحطمتا ازداد طمع الييكد‬
‫في حكـ العالـ كمو حكمان مكشكفان بدؿ حكميـ اياه حكمان مقنعان‪ ،‬كمف نبكءتو أيضان نشر الفتف كالقبلقؿ كاألزمات‬
‫االقتصادية دكليان‪ ،‬كبنياف االقتصاد عمى اساس الذىب الذم يحتكره الييكد‪،‬كغير ذلؾ مف النبكءات كثير‪.‬‬
‫كأنا ال أتقكؿ عمى االستاذ نيمكس في كؿ ذلؾ ألضيؼ إليو فضبلن ليس لو‪ ،‬ألنو كمو مدكف تفصيبلن في المقدمة‬
‫كالتعقيب المذيف كتبيما ىك لمبركتكككالت‪ ،‬كىما مترجماف في طبعتنا ىذه‪ ،‬كجميع ذلؾ يدؿ عمى احاطة الرجؿ‬
‫خب انر بحكادث زمانو‪ ،‬كحسف دراستو لمبرتكككالت‪ ،‬كبعد نظره السياسي كفقيو باالجتماع‪.‬‬
‫‪4‬ـ ذعر الييود لنشر البرتوكوالت واثر ذلك‪:‬‬
‫كقع الكتاب في يد نيمكس سنة ‪ ،1911‬كطبع منو نسخان قميمة ألكؿ مرة بالركسية سنة ‪ 1912‬فافتضحت نيات‬
‫كجف جنكنيـ خكفان كفزعان‪ ،‬ك أركا العالـ يتنبو إلى خططيـ الشريرة ضد راحتو كسعادتو‪ ،‬كعمت‬
‫الييكد االجرامية‪ٌ ،‬‬
‫المذابح ضده في ركسيا حتى لقد قتؿ منيـ في احداىا نحك عشرة آالؼ‪ ،‬كاشتد ىمعيـ لذلؾ كمو‪ ،‬فقاـ زعيميـ‬
‫الكبير الخطير تيكدكر ىرتزؿ أبك الصييكنية‪ ،‬كمكسى الييكد في العصر الحديث يمطـ كيصرخ ليذه الفضيحة‪،‬‬
‫كأصدر عدة نشرات يعمف فييا أنو قد سرقت مف "قدس األقداس" بعض الكثائؽ السرية التي قصد اخفاؤىا عمى‬
‫غير أصحابيا كلك كانكا مف أعاظـ الييكد‪ ،‬كأف ذيكعيا قبؿ االكاف يعرض الييكد في العالـ لشر النكبات‪ ،‬كىب‬
‫الييكد في كؿ مكاف يعمنكف أف البرتكككالت ليست مف عمميـ‪ ،‬لكنيا مزيفة عمييـ‪ ،‬كلكف العالـ لـ يصدؽ مزاعـ‬
‫الييكد لبلتفاقات الكاضحة بيف خطة البرتكككالت كاالحداث الجارية في العالـ يكمئذ‪ ،‬كىذه االتفاقات ال يمكف أف‬
‫تحدث مصادفة لمصمحة الييكد كحدىـ‪،‬كىي أدلة بينة أك قرائف اكيدة ال سبيؿ إلى أنكارىا أك الشؾ فييا‪،‬‬
‫فانصرؼ الناس عف مزاعـ الييكد‪ ،‬كآمنكا ايمانان كثيقان أف البركتكككالت مف عمميـ‪ ،‬فانتشرت ىي كما انتشر‬
‫تراجميا إلى مختمؼ الميجات الركسية كانتشرت معيا المذابح كاالضطيادات ضد الييكد في كؿ أنحاء ركسيا‬
‫حتى لقد قتؿ منيـ في احدل المذابح عشرة آالؼ‪ ،‬كحكصركا في احيائيـ كما قدمنا‪.‬‬
‫كاستقبؿ الييكد في الدفاع عف انفسيـ‪ ،‬كسمعتيـ الميتككة‪ ،‬كجدكا في اخفاء فضيحتيـ أك حصرىا في أضيؽ‬
‫نطاؽ‪ ،‬فأقبمكا يشتركف نسخ الكتاب مف األسكاؽ بأم ثمف‪ ،‬كلكنيـ عجزكا‪ ،‬كاستعانكا بذىبيـ كنسائيـ كتيديداتيـ‬
‫كنفكذ ىيئاتيـ كزعمائيـ في سائر األقطار األكركبية ال سيما بريطانيا لكي تضغط عمى ركسيا دبمكماسيان‪ ،‬اليقاؼ‬
‫المذابح كمصادرة نسخ الكتاب عمنيان‪ ،‬فتـ ليـ ذلؾ بعد جيكد جبارة‪.‬‬
‫كلكف نيمكس أعاد نشر الكتاب مع مقدمة كتعقيب بقممو سنة ‪ ،1915‬كنفدت ىذه الطبعة في سرعة غريبة‬
‫بكسائؿ خفية‪ ،‬ألف الييكد جمعكا نسخيا مف األسكاؽ بكؿ الكسائؿ كاحرقكىا‪ ،‬ثـ طبع في سنة ‪ 1911‬فنفدت‬
‫نسخو عمى ىذا النحك‪ ،‬كلما طبع سنة ‪ 1917‬صادره الببلشفة الشيكعيكف الذيف استطاعكا في تمؾ السنة تدمير‬
‫القيصرية‪ ،‬كالقبض عمى أزمة الحكـ في ركسيا‪ ،‬ككاف معظميـ مف الييكد الصرحاء أك المستكريف أك مف‬
‫صنائعيـ‪ ،‬ثـ اختفت البركتكككالت مف ركسيا حتى آالف‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ككانت قد كصمت نسخة مف الطبعة الركسية سنة ‪ 1915‬إلى المتحؼ البريطاني ‪ British Museum‬في‬
‫لندف ختمت بخاتمو‪ ،‬كسجؿ عمييا تاريخ تسمميا (‪ 11‬أغسطس سنة ‪ )1916‬كبقيت النسخة ميممة حتى حدث‬
‫االنقبلب الشيكعي في ركسيا سنة ‪ ،1917‬فكقع اختيار جريدة "المكرننغ بكست ‪ "Morning Post‬عمى‬
‫مراسميا األستاذ فكتكر مارسدف ليكافييا بأخبار االنقبلب الشيكعي مف ركسيا‪ ،‬كاطمع قبؿ سفره عمى عدة كتب‬
‫ركسية كانت مف بينيا البرتكككالت التي بالمتحؼ البريطاني‪ ،‬فق أر النسخة كقدر خطرىا‪ ،‬كرال ػ كىك في سنة‬
‫‪ 1917‬ػ نبكءة ناشرىا الركسي االستاذ نيمكس بيذا االنقبلب سنة ‪ ،1915‬أم قبؿ كقكعو بنثنتي عشرة سنة‪،‬‬
‫فعكؼ المراسؿ في المتحؼ عمى ترجمتيا إلى االنجميزية ثـ نشرىا‪ ،‬كقد أعيد طبعيا مرات بعد ذلؾ كانت‬
‫األخيرة كالخامسة منيا سنة ‪( 1921‬كمنيا نسختنا)‪ ،‬ثـ لـ يجرؤ ناشر في بريطانيا كال أمريكا عمى طبعيا بعد‬
‫ذلؾ كما يقكؿ مؤرخ انجميزم معاصر ىك العبلمة دجبلس ريد في كتابو عمى الحركات السرية المعاصرة‪ ،‬كدكف‬
‫أف نطيؿ القكؿ في أسباب صمت الناشريف عنيا ػ عمى ما كضحيا االستاذ ريد ػ نتبيف أصابع الييكد مف كراء‬
‫كؿ صمت مريب‪.‬‬
‫كفي سنة ‪ 1919‬ترجـ الكتاب إلى األلمانية‪ ،‬كنشر في برليف‪ ،‬ثـ تكقؼ طبعو بعد أف جمعت أكثر نسخو‪ ،‬ككاف‬
‫ىذا مظي انر مف مظاىر نفكذ الييكدية في المانيا‪ ،‬قبؿ انتصارىا عمييا بعد الحرب العالمية األكلى‪ ،‬كما انتصرت‬
‫عمييا خبلليا‪ ،‬إذ كانت أالعيبيا كدسائسيا قد امتدت أثناء الحرب مف الساسة إلى قادة الجيكش كاالساطيؿ بيف‬
‫األلماف‪ ،‬ككانت سببان مف أكبر أسباب ىزيمة المانيا في تمؾ الحرب الضركس‪ ،‬كمف أظير آيات ذلؾ انسحاب‬
‫االسطكؿ األلماني كىك منتصر ظاىر أماـ األسطكؿ اإلنجميزم في معركة جتبلند ‪ 3Jutland Battle‬كقد‬
‫استشيد البريطاف في مقدمة طبعتيـ الخامسة لمبرتكككالت عمى صحة نسبتيا إلى الييكد كسعييـ كفؽ خططيا‬
‫ببيانات ىذه المعركة كنتيجتيا‪ ،‬كاف كانكا قد بالغكا حيف حممكا الييكد كؿ مسؤكليات الحرب العالمية األكلى‬
‫كمصرع ركسيا كىزيمة المانيا كما اعقب الحرب مف كيبلت عاتية‪ ،‬شممت كؿ بقعة عمى ىذا الكككب‪.‬‬
‫كمع محاكالت الييكد الجبارة اخفاء أمر البرتكككالت عف العيكف انتشرت تراجميا بمغات مختمفة في فرنسا كايطاليا‬
‫كبكلكنيا كامريكا عقب تمؾ الحرب‪ ،‬كعـ انتشارىا كأثرىا في تمؾ الببلد‪ ،‬كلكف سرعاف ما كانت تختفي دائمان مف‬
‫مكتباتيا بأساليب محيرة حيثما سطعت في الظيكر‪ ،‬كالى جانبو البرتكككالت‪ ،‬فحاكؿ الييكد منعيا‪ ،‬فمما عجزكا‬
‫بشتى أساليبيـ عف اقناعيا احرقكا مطبعتيا‪.‬‬
‫كمف المتعذر أف نتتبع رحمة ىذا الكتاب العجيب في ببلد العالـ بيف الظيكر كاالختفاء‪ .‬كلكنا نشير إلى بعض‬
‫كقائعو في بريطانيا ألننا بيا أعمـ‪ ،‬كبقصد كتابيا أكثؽ‪ ،‬كىي مثؿ يدؿ عمى سكاه‪ ،‬كحسبنا ىنا أف نصكر قطرات‬
‫مما سالت بو اقبلـ كتابيا حكؿ البركتكككالت عقب الحرب العالمية األكلى التي صميت نيرانيا معظـ أمـ العالـ‬

‫‪3‬‬
‫معركة جتبلند أكبر معركة بحرية في الحرب العالمية األكلى‪ .‬كقعت بيف االسطكؿ االنجميزم بقيادة أمير البحار "جميكك"‬
‫كاألسطكؿ االلماني بقيادة أمير البحار "شير" كقد انتيت بيزيمة األلماني إذ انسحب مف المكقعة إلى قكاعده انسحابان مريبان بعد أف‬
‫أغرؽ سفينتيف كبيرتيف مف األسطكؿ اإلنجميزم ىما "انديفاتيجابؿ" ك"ككيف مارم" ككاف ألالعيب الييكد نصيب كبير في اليزيمة‬
‫المريبة‪ ،‬عقابان منيـ لؤللماف الذيف أذلكىـ قبؿ ذلؾ‪ .‬ثـ اخرجكا بعضيـ مف ديارىـ‪ ،‬كنشركا عداكة السامية أك الييكدية لخطرىـ عمى‬
‫المانيا (انظر "مكجز تاريخ الحرب العالمية األكلى" لمؤلفو "السير جيمس ادمكندر")‪.‬‬
‫‪19‬‬
‫كبارىا كصغارىا‪ ،‬كبددت في سعيرىا كثي انر مف كنكز شبابيا كأخبلقيا كعقائدىا كركابطيا كأمكاليا‪ ،‬كلـ يخرج منيا‬
‫سالمان غانمان اال الييكد‪ ،‬حتى رأل أحد كتاب البريطاف اف اليتاؼ الصحيح يكمئذ ىك "الييكدية فكؽ الجميع‬
‫‪ Jewry ueber Alles‬ال ىتاؼ الغركر "المانيا فكؽ الجميع" الذم جعمتو المانيا شعارىا أياـ ازدىارىا عقب‬
‫انتصارىا عمى فرنسا في الحرب السبعينية (‪ )1871‬كمناداتيا بممؾ بركسيا امبراطك انر عمى المانيا في حفؿ‬
‫تتكيجو بقصر فرسام في قمب فرنسا‪ ،‬ثـ ضمنت المانيا ىذا الشعار نشيدىا القكمي كجعمتو عنكانان لو‪ ،‬كلـ يزؿ‬
‫كذلؾ حتى تمت ىزيمتيا في تمؾ الحرب‪.‬‬
‫كقد نعى الكاتب البريطاني عمى امتو يكمئذ مقاكمتيا الخطر األلماني الذم غمبتو في تمؾ الحرب دكف الخطر‬
‫الييكدم الذم أىممتو كاف كاف أخفى كأكبر‪ ،‬ككذلؾ كجو نظر أمتو يكمئذ إلى الصبلت القكية بيف البركتكككالت‬
‫الصييكنية كسقكط ركسيا في أيدم الببلشفة ػ كمعظميـ مف الييكد ػ عقب مصرع القيصرية فييا سنة ‪،1917‬‬
‫كقد أحدث سقكطيا يكمئذ مف الدكم في آذاف البشر‪ ،‬كمف الركع في نفكسيـ ما يحدثو منظر جبؿ يخر في بحر‬
‫زاخر فيتتابع ارغاؤه كازباده‪ ،‬ككانت بكادر الفظائع البمشفية الييكدية في ركسيا تؤرؽ أجفاف األمـ الحرة تكجعان‬
‫لشعبيا اليائؿ المسكيف الذم كاف يتقمى في رمضاء القيصرية‪ ،‬كيتفزز لمنجاة منيا‪ ،‬فكقع في جحيـ الشيكعية‬
‫الييكدية‪ ،‬كالح بعد ظيكر البركتكككالت ػ أباف تسعر تمؾ الجحيـ بضحاياىا ػ اف خططيا تطبؽ في كحشية عمى‬
‫ذلؾ الشعب المسكيف‪ ،‬كتمتد السنتيا س انر كجي انر إلى سائر الشعكب األكركبية‪ ،‬كال سيما الشعكب التي تتاخـ‬
‫ركسيا أك تدانييا في أكركبا الشرقية كالكسطى‪ ،‬عف طريؽ اثارة القبلقؿ كالفتف كاالضرابات كاالغتياالت لمقضاء‬
‫عمى كؿ قكة كطنية كانسانية فييا كي تخر ذليمة مستسممة تحت اقداـ البمشفية الييكدية‪.‬‬
‫ككذلؾ تنبو بعض الكتاب الذيف قارنكا بيف تمؾ الفظائع البمشفية كالبركتكككالت الصييكنية فسمكا البرتكككالت‬
‫"اإلنجيؿ البشفي" بما الحظكا بينيا مف تكافؽ كجيب‪ ،‬كما الحظ كاتب انجميزم‬
‫مناكرات الييكد لمتشكيؾ في نسبة الكتاب الييـ‪ ،‬ففند مزاعميـ بحجج كثيرة‪ :‬منيا ذلؾ التكافؽ العجيب بيف‬
‫نبكءات البرتكككالت في سنة ‪ 1911‬كتمؾ الكيبلت التي رمى بيا الييكد العالـ كفتنة البمشفية الييكدية كغيرىا مف‬
‫الفتف في ركسيا كسائر الببلد االكركبية‪ ،‬كدعا الكاتب مكاطنيو كسائر األمـ المسيحية إلى الحذر مف عقابيؿ ىذه‬
‫الفتنة الماردة الكحشية العمياء التي أثاركىا في أكركبا كال سيما ركسيا‪ ،‬كلكف خطر البمشفية الييكدية كدسائسيا‬
‫كعنفيا كخداعيا كذىبيا مكنت ليا مف االستقرار في ككرىا الجبار‪.‬‬
‫كقصر نظر بعض الساسة االكربييف يكمئذ فظنكا ركسيا بعيدة حتى ليس عمى ببلدىـ منيا خطر‪ ،‬كفطف غيرىـ‬
‫مف الساسة إلى مكمف الخطر كلـ يخدعو ذلؾ البعد‪ ،‬كلكف الشعكب الحرة كانت قد كضعت كؿ أصابعيا في‬
‫آذانيا كاستغشت ما بقي مف ثيابيا‪ ،‬حتى ال تسمع نداء الحرب أك ترل ميدانان ليا بعد انتصارىا في الحرب‬
‫العالمية األكلى التي استمرت نحك خمس سنكات حتى استنزفت معظـ جيكد المحاربيف فييا غالبيف كمغمكبيف‪.‬‬
‫كىذه ترجمة نبذة لكاتب انجميزم نراىا تمخص نظره إلى مجمؿ ىذا المكقؼ عندما كتبيا في أغسطس سنة‬
‫‪ ،1921‬قاؿ‪:‬‬
‫"في مايك سنة ‪ 1921‬نشرت جريدة "التيمس" مقاالن عف "الخطر الييكدم" سمتو "رسالة مقمقة‪ :‬دعكة لمتحقيؽ"‪.‬‬
‫كمنذئذ بدأت جريدة "المكرننغ بكست" بمجمكعة مف المقاالت في ‪12‬يكليو تنشر "تحقيقان" مضنيان جدان تحت عنكاف‬
‫‪21‬‬
‫"العالـ المضطرب‪ :‬خمؼ الستار األحمر"‪ .‬كقد سمى كاتبيا البرتكككالت يكمئذ "اإلنجيؿ البمشفي" كىي تسمية منو‬
‫بالغة الجدارة‪.‬‬
‫كالييكد ػ سكاء منيـ المحافظكف ‪ Orthodox‬كغير المحافظيف ‪ Un orthodox‬ػ قد جحدكا بالضركرة صحة‬
‫البرتكككالت كدعكىا تزييفان‪ .‬غير اف المزيؼ ػ عمى فرض تزييفيا ػ البد أف يككف مزيفان ممتا انز‪ ،‬كالبد أف يككف‬
‫ييكديان‪ ،‬فما مف مزيؼ غير ذلؾ يحتمؿ أف يككف قاد انر عمى تزييؼ النبكءات فييا فحسب‪ ،‬فضبلن عف أف يصكرىا‬
‫تصكي انر كامبلن أيضان‪.‬‬
‫أف الكقائع ػ لسكء حظنا نحف الجكييـ ‪( Goyem‬غير الييكد) ػ يمكف أف تككف أم شيء ما عدا أنيا مزيفة‪.‬‬
‫كال يمكف أف يعجز أحد‪ ،‬كما يقكؿ كاتب "التيمس"‪ ،‬عف أف يكتشؼ ركسيا السكفيتية في البركتكككالت‪ ،‬كما أنو‬
‫ال أحد يستطيع أف ينكر أف القكميسيريف السكفيت يكادكف يككنكف جميعان مف الييكد‪ .‬كيمضي الكاتب قائبلن‪" :‬مف‬
‫يتأتى االستخفاؼ بمبلحظة النبكءة‪ .‬كقد أنجز جانب منيا‪ ،‬عمى حيف أف جكانب أخرل منيا في طريؽ االنجاز؟‬
‫ىؿ كنا نقاتؿ طكاؿ ىذه السنيف الفاجعة‪ 4‬لننسؼ كنستأصؿ التنظيـ السرم لسيطرة المانيا عمى العالـ لغير ىدؼ‬
‫اال لنجد تحتو خط انر آخر أعظـ النو أشد خفاء ىؿ تخمصنا‪ ،‬بتكتير كؿ عرؽ في جسـ كطننا مف "سبلـ الماني‬
‫‪ "pax Germaneca‬لغير شيء اال لنتكرط في "سبلـ ييكدم ‪.Pax Judaeice‬‬
‫أنو ليتحتـ عمى كؿ بريطاني مخمص أف يظفر بيذا الكتاب كيدرسو في ضكء األحداث الداخمية كالخارجية‪.‬‬
‫كعندئذ سيعمـ شيئان عف ماىية الخطر الييكدم ‪ Jewish Peril‬كسيقرر لنفسو امكاف الثقة بالييكد ػ عمى أم‬
‫حاؿ ػ في حككمة ىذا الكطف أك أم كطف مسيحي آخر"‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ استمرار المعارك حول البروتوكوالت‪:‬‬
‫كليست ىذه نياية المعارؾ التي أثارتيا البرتكككالت‪ ،‬كما كاف ليا أف تككف النياية‪ ،‬فقد‬
‫استمرت المعارؾ حكليا تضعؼ أك تشتد في بريطانيا كمما ظيرت آثار العبث الييكدم بمصالحيا كال سيما‬
‫خبلؿ اليزاىز العالمية كالثكرات كاالنقبلبات كالمجاعات كاالزمات المالية كالسياسية كاالجتماعية كالفكرية‪ ،‬فكانت‬
‫الصحؼ التي لـ ينجح الييكد في السيطرة عمييا ػ كفي مقدمتيا المكرننغ بكست كالتيمس ػ تنشب ىذه المعارؾ‬
‫بشدة حكؿ البرتكككالت‪ ،‬فتتجاكب اصداؤىا في صحؼ أخرل‪ ،‬كلـ ييمؿ كتابيـ كمفكركىـ كساستيـ أمرىا‬
‫فشارككا فييا بكتبيـ كمقاالتيـ عمى السكاء كما يخبرنا بذلؾ المؤرخ االنجميزم الجرمء دجبلس ريد صاحب كتاب‬
‫"مف الدخاف إلى الخنؽ" في بحثو عف الحركات السرية المعاصرة‪.‬‬
‫كقد ازدادت ىذه المعارؾ حكؿ البركتككالت عنفان خبلؿ الحرب العالية الثانية كفي أدبارىا‪ ،‬عندما حاكؿ الييكد‬
‫جيدىـ تسخير بريطانيا القامة دكلتيـ "إسرائيؿ" كاجبلء العرب عف فمسطيف كتخكـ سينا الشرقية في مصر‪،‬‬

‫‪4‬‬
‫يقصد الكاتب االنجميزم بذلؾ‪ :‬مقاتمة االنجميزم االلماف طكاؿ سنكات الحرب العالمية األكلى لمتخمص مف سيطرتيـ عمى العالـ‪،‬‬
‫كاف البريطاف (أمتو) قد تخمصكا مف مطامع المانيا‪ ،‬كلكنيـ كقعكا كأكقعكا العالـ تحت سيطرة الييكد‪ ،‬كما أقكل كأخطر مف المانيا‪،‬‬
‫كتزيد ىنا أف البريطاف قد كقعكا في الخطأ نفسو في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كأنيـ مع الدكؿ الكبرل كركسيا كأمريكا كفرنسا قد كقعكا‬
‫في الخطأ نفسو في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬كأنيـ مع الدكؿ الكبرل كركسيا كأمريكا كفرنسا قد مكنكا لمييكد مف تأسيس دكلتيـ‬
‫"إسرائيؿ " فزادىـ ذلؾ قربا مف أمميـ في استعباد العالـ‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ميدريف بذلؾ مصالح بريطانيا كسمعتيا كىيبتيا‪ ،‬كعاثت العصابات االسرائيمية فسادا في تمؾ البقعة المقدسة‪:‬‬
‫تقتؿ جنكد بريطانيا الذيف يحمكنيا كيميدكف السبيؿ القامة دكلتيـ رغـ انكؼ الببلد العربية كغيرىا‪ ،‬كلـ تفرؽ في‬
‫التنكيؿ بينيـ كبيف العرب‪ ،‬بؿ كانت تقتؿ مف البريطانييف كؿ مف تأنس منو تراخيان في تأييد سياستيا االجرامية‪،‬‬
‫كمف ذلؾ‪ ،‬قتؿ ارىابييف منيا لمكرد "مكيف" الكزير البريطاني في مصر خبلؿ الحرب النو أبي التطرؼ مع تمؾ‬
‫العصابات في مطالبيا الفاضحة الجامحة‪ ،‬كتعرضت مصر يقتمو لكارثة لـ يكف يعمـ مداىا اال اهلل لك لـ يقبض‬
‫لمشرطة في مصر القبض عمى االرىابييف القاتميف‪.‬‬
‫كقد أثار تقتيؿ العصابات االسرائيمية لمبريطانييف عسكرييف كمدنييف‪ ،‬كنسفيا لمنشآتيـ كعدكانيا عمى مخازف‬
‫أسمحتيـ كذخائرىـ ػ غضب كثير مف أحرارىـ كفييـ الساسة ذكك السمطاف في الحكـ كالكزراء كأعضاء البرلماف‪،‬‬
‫كلكنيـ أماـ نفكذ الصييكنية العالمية في أكركبا كأمريكا خابكا في القصاص مف العصابات االسرائيمية كفي كقؼ‬
‫نشاطيا المدمر‪ ،‬ال ضد العرب فحسب بؿ ضد ضحاياىا مف رجاليـ كامبلكيـ‪ ،‬بؿ خابكا في كقؼ مساعدات‬
‫حككماتيـ المتكالية لتمؾ العصابات التي ما كانت لتستطيع بغير ىذه المساعدات أف تتمادل في عدكانيا عمييـ‬
‫كعمى العرب‪ ،‬كلكف تكالي المساعدات ىك الذم مكف لتمؾ العصابات في عدكانيا إلى حيف قياـ إسرائيؿ كفيما‬
‫بعده حتى اآلف ‪.‬‬
‫كخبلؿ ذلؾ كمو كاف ذكك االقبلـ الحرة الجريئة بيف الساسة كالصحفييف كالمفكريف كاالدباء في بريطانيا يبدءكف‬
‫كيعيدكف في حديث المؤامرة الصييكنية ضد ببلدىـ كدينيـ كما تدؿ عمييا الفتف العالمية كأقكاؿ زعماء الييكد معان‬
‫في أكركبا كأمريكا كالشرؽ االدنى خبلؿ القرنيف االخيريف‪ ،‬كمضكا يقارنكف كيكازنكف في حديث المؤامرة بيف‬
‫صكرتيا الكاضحة مف تمؾ الفتف كاألقكاؿ كصكرتيا مف الكثائؽ السرية المنسكبة الييـ كال سيما البرتكككالت‪،‬‬
‫كينتيكف مف ىذه الدراسة إلى نتائج بسيطة‪ ،‬كلكنيا مع بساطتيا مدىشة معجبة‪ ،‬منيا صحة نسبة تمؾ الكثائؽ ػ‬
‫كفي مقدمتيا البرتكككالت ػ آبائيا مف الييكد أصحاب الحركة الصييكنية‪ ،‬ألف الشكاىد مف الفتف كاألقكاؿ الييكدية‬
‫الصريحة في القرنيف األخيريف بؿ األقكاؿ المشابية ليا في التكراة ثـ التممكد ثـ فتاكل الربانييف الييكد بعد ذلؾ‬
‫تعزز صحة ىذا النسب العبراني الييكدم المئيـ‪.‬‬
‫كسكاء أكاف الحافز ليؤالء الكتاب األحرار كغيرىـ في ببلد العالـ ىك الغيرة القكمية أك الدينية أك نحكىا أـ الغيرة‬
‫اإلنسانية كىي أنبؿ كأكرـ فانيـ يقدمكف نتائج دراساتيـ الكثيقة أماـ العيكف المفتكحة كأماـ العيكف التي يغمضيا‬
‫الجيؿ أك الغفمة أك اليكل عمى السكاء‪ ،‬لتبصر الجحيـ التي أعدىا الييكد لسائر أمـ العالـ بأديانيا كقكمياتيا‬
‫كثركاتيا كنظاميا أف قدر ليـ أف يسيطركا عمييا‪ ،‬كلتبصر الكيبلت التي يعدكنيا ليا في الطريؽ نحك تمؾ‬
‫الخاتمة‪ .‬لك لـ يتمكنكا مف اسقاطيا في ىذه الجحيـ‪ .‬كمف دراسات ىؤالء الكتاب االحرار ىناؾ مقاالت صحفية‪،5‬‬

‫‪5‬‬
‫كثير مف ىذه المقاالت نشر في الصحيفتيف البريطانيتيف المكرننغ بست كالتايمس كمف امثاليا عندنا المقاالت التي نشرتيا مجمة‬
‫"الرسالة" ك "المقتطؼ" في مصر نحك سنة ‪ 1984‬لؤلستاذ العبلمة المرحكـ نقكال حداد‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫كفصكؿ مف كتب‪ 6‬بؿ لقد ظيرت كتب خاصة‪ 7‬بتكضيح خطط البرتكككالت كاىدافيا ككسائميا معززة بالشكاىد‬
‫الكثيرة مف الفتف العالمية كتصريحات قادة الييكد في القرنيف األخيريف‪ ،‬كمع مقارنتيا بتصريحات الكتب الييكدية‬
‫المقدسة كالتكراة كالتممكد ثـ فتاكل حكماء (حاخامات) الييكد كصمكاتيـ كتعميماتيـ التي تحفظيا دفاترىـ‬
‫كصحفيـ كسجبلتيـ في المدارس كالمعابد كالخزائف‪.‬‬
‫كشاع أنو ما مف أحد ترجـ ىذا الكتب أك عمؿ عمى إذاعتو بأم كسيمة اال انتيت حياتو باالغتياؿ أك بالمكت‬
‫الطبيعي ظاى انر كلكف في ظركؼ تشكؾ في كسيمتو‪ ،‬كأفزعت ىذه الشائعة بعض الناس كمنعتيـ ترجمتو‪ ،‬كمف‬
‫ذلؾ أف جريدة "االساس" ػ احدل جرائدنا المصرية ػ تمكنت في سنة ‪ 1946‬مف الحصكؿ بكسيمة صحفية عمى‬
‫نسخة لمبرتكككالت مكتكبة باآللة الكاتبة لقاء ثمانيف جنييان‪ ،‬كدفعت النسخة إلى األستاذ (أ‪.‬ـ) أحد المترجميف‬
‫فييا‪ ،‬كطمبت منو ترجمتيا لقاء أجر إضافي كاؼ الغرائو‪ ،‬فأحجـ عف ترجمتيا برىة‪ ،‬بعد أف بمغتو تمؾ الشائعة‬
‫كسأؿ عف صحتيا أديبان كبي انر فينا فمـ يكذبيا األديب الكبير‪ ،‬بؿ قابمو باالبتساـ كالدعابة في الجكاب عما سألو‪.‬‬
‫كقد لقيني ذلؾ المترجـ يكمان في دار "االساس" سنة ‪ ،1947‬كأبمغني ىذا كمو‪ ،‬فمما عمـ انني فرغت مف ترجمة‬
‫البركتكككالت‪ ،‬كأني سأنشرىا تباعان في "مجمة الرسالة" حذرني كثي انر‪ ،‬فمما رأل إصرارم لقبني "الشييد الحي"‬
‫‪8‬‬
‫ككرر نصيحتي بالحذر‬

‫‪6‬‬
‫مف أدؽ ما أطمعنا عميو مف ذلؾ فصؿ طكيؿ لمؤرخ اإلنجميزم المعاصر "دجبلس ريد" في القسـ الرابع مف كتابو مف الدخاف إلى‬
‫الخنؽ" ص ‪ 278‬ػ ‪."294‬‬
‫‪7‬‬
‫مف أكفى ىذه الكتب في تحميؿ البرتكككالت كمقارنتيا بأقكاؿ زعماء الييكد كاالحداث الجارية كتاب لممستر جكف كريج سككت‬
‫ظير باالنجميزية سنة ‪ 1954‬أم بعد ظيكر طبعتنا العربية بسنكات‪ ،‬كقد ترجـ كتابو إلى العربية في مصر سنة ‪ ،1957‬كنشرتو‬
‫"دار النصر" بعنكاف "الحككمة السرية في بريطانيا"‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫نبيح ألنفسنا التصريح باسمو بعد أف صرح ىك بيذه القصة‪ ،‬فنقكؿ‪ :‬أنو اخكنا األديب الفاضؿ االستاذ انيس منصكر المحرر‬
‫بجريدة "األخبار" كرئيس تحرير مجمة "الجيؿ" اليكـ‪ ،‬كقد اشار إلى ذلؾ بعد ظيكر طبعتنا "االخبار" يكـ الثبلثاء ‪ 21‬ػ ‪ 11‬ػ ‪1956‬‬
‫ما نصو‪" :‬في سنة ‪ 1947‬كنت محر انر في جريدة "االساس" ككمفتني الجريدة بترجمة "برتكككالت حكماء صييكف" كىذه البرتكككالت‬
‫مف الكتب السرية عند الييكد‪ ،‬كال تعطى اال لمييكد ىذه البرتكككالت التي نقميا لي عمى اآللة الكاتبة صحفي الماني اسمو "ىنرم‬
‫كاستر" يحرر اآلف صحيفة "در أرينت" األلمانية التي تصدر في مصر‪ ،‬كفيمت في ذلؾ الكقت أنو سرؽ كتاب البرتكككالت مف‬
‫مكتبة الحاخاـ‪.‬‬
‫كبدأت أق أر الكتاب‪ ،‬كأجد أف كؿ الذيف ترجمكه في انجمت ار كفرنسا كاسبانيا كايطاليا قد قتمكا جميعان‪ ،‬كأف الصحؼ التي نشرتو قد‬
‫نسفت ألف الييكد حريصكف عمى أف يظؿ س انر‪.‬‬
‫كترددت قميبلن‪ ..‬ثـ كثي انر‪ ..‬كسألت العقاد عف صحة ىذا الكبلـ فأيده ضاحكان‪ ،‬كلـ أفيـ في ذلؾ القكت ىؿ كاف العقاد جادان أك‬
‫ساخ انر‪ .‬كقرأت كتابان لمصحفي األلماني "ككنراد مامبرف" عف "الزعيـ ىتمر" كجاء في الفصؿ األكؿ مف ىذا الكتاب اف فيمسكفو‬
‫(ركزنبرغ) قد استفاد مف ىذا الكتاب كطبقو عمى ييكد المانيا كابادىـ جميعان‪.‬‬
‫ككجدت لمكاتب معنى آخر‪ ..‬كفكرت في ترجمتو‪ ،‬كلـ أكد أبدأ في الكتابة المقدمة لو حتى عرفت أف أدبيان آخر ىك "خميفة التكنسي"‬
‫كقد فرغ مف ترجمتو‪ ..‬كحمدت اهلل ‪..‬‬
‫كأنا اشرؾ لصديقنا االستاذ انيس خالص نصحو كاشفاقو كصراحتو‪ ..‬كال أنسى أف اشكر لو أيضان جممتو األخيرة ىنا "كحمدت اهلل"‬
‫بكؿ معانييا الظاىرة كالخافية‪ ،‬سكاء منيا الطيبة ك‪ ..‬الطيبة ايضان‪ ..‬كأقكؿ ما قاؿ شاعر قديـ يناجي نفسو أماـ خطر كيذا‪:‬‬
‫‪23‬‬
‫‪6‬ػ ندرة نسخ الكتاب ككسائؿ الييكد في منع تداكلو‪:‬‬
‫مف أجؿ ذلؾ كغيره كانت نسخ الكتاب اليكـ قميمة‪ ،‬بؿ نادرة مفرطة الندرة‪ ،‬كحسبؾ مف كتاب صفحاتو مائة أك‬
‫دكنيا مف القطع المتكسط تباع نسختو مكتكبة عمى اآللة الكاتبة لقاء ثمانيف جنييان كما أشرنا ىنا‪ ،‬كقد اخبرني‬
‫أحد‪ 9‬سفرائنا المصرييف في أحد األقطار الشرقية اآلف ػ أثناء اقامتو في فرنسا‪ ،‬كنشرت مجمة "ركز اليكسؼ"‬
‫المصرية في عدىا ‪ 1211‬في ‪ 1951/8/28‬مقالة عنكانيا "ركز اليكسؼ تحصؿ عمى أخطر كتاب في العالـ"‬
‫كقد صدرت مقالتيا بيذا النص "تمكنت احدل الجيات المصرية الرسمية مف الحصكؿ عمى كتاب خطير‬
‫"الخطر الييكدم‪:‬‬
‫بركتكككالت حكماء صييكف" دفعت ثمنان لو خمسمائة جنيو‪..‬كلعؿ ىذه النسخة التي حصمت عمييا الجية الرسمية‬
‫ىي الكحيدة المكجكدة في الشرؽ‪ ،‬كاحدل ثبلث نسخ مكجكدة في العالـ" كمع حذؼ المبالغة التي تكحي بيا‬
‫المينة الصحيفة في ىذا الخبر تبقى حقيقة مؤكدة ىي ندرة نسخ الكتاب بسبب نفكذ الصييكنية العالمية‬
‫كأنصارىا‪ ،‬كبتكقي الناس غضبيـ كغضبيا في ببلد العالـ‪.‬‬
‫كما عرفت مف مكظؼ كبير في جامعة الدكؿ العربية (االستاذ ع‪.‬خ) ػ أثناء اجتماعي بو في دار مجمة "الرسالة"‬
‫ػ أف خبلصة ليذا الكتاب في صفحات طبعت بالعربية في سكرية‪ ،‬فبيعت كؿ نسخة مف الخبلصة بنحك جنيو‬
‫مصرم‪ ،‬كقد تطكع صاحبيا بنسخيا لتباع كيرصد ثمنيا معكنة لجمعية خيرية ىناؾ‪ ،‬مبمغ عممي اف ىذا الكتاب‬
‫لـ يترجـ كمو ترجمة عربية امينة كافية قبؿ ترجمتي ىذه‪ ،‬كأنو ػ كذا قاؿ المؤرخ الكبير المستر دجبلس ريد ػ لـ‬
‫يجرؤ ناشر في أكركبا كال أمريكا عمى طبعو بأم لغة منذ سنة ‪.1921‬‬
‫كما تعرض إنساف لترجمة الكتاب كنشره اال تعرض لمحمبلت العنيفة مف الصييكنييف كصنائعيـ‪ ،‬كعندما‬
‫‪10‬‬
‫ييكديتاف تصدراف في مصر تياجمانني كتتيمانني بتيـ‬ ‫شرعت في نشر البركتكككالت في جريدة "منبر الشرؽ"‬
‫عدة‪ ،‬كلـ أتتبع ىذه الحممة‪ ،‬كال أىمني أمرىا‪ ،‬إذ كنت انتظرىا فمما جاءت عمى مكعد لـ تفاجئني بجديد‪.‬‬
‫كقد اشرت قبؿ ذلؾ إلى أف الييكد كانكا يطعنكف في نسبة الكتاب الييـ منذ نشره نيمكس ألكؿ مرة بالركسية سنة‬
‫‪ 1912‬كانيـ كانكا ػ أيف طبع‪ ،‬كبأم لغة طبع ػ يحاكلكف جمع نسخو مف األسكاؽ بكؿ الطرؽ الحبلؿ كالحراـ‪،‬‬
‫ككانكا يحممكف الحككمات عمى مصادرتو فأبى الكزير ذلؾ‪ ،‬كحجتو أنو ال يممؾ حؽ مصادرتو‪ ،‬ثـ كضح لمنكاب‬
‫الثائريف أف عمييـ اف يمجأكا إلى القضاء اذا كانكا يركف الكتاب مختمقان عمى الييكد‪ ،‬فأفحـ الثكار مف النكاب‬
‫المتحمسيف لمصييكنية‪ .‬بعد ىذه الخيبة التي مني بيا ككبلؤىـ في مجمس العمكـ لـ يجد الييكد مف انر مف شراء‬
‫نسخ الكتاب‪ ،‬ثـ شراء ضمائر ذكم االقبلـ العكجاء بالماؿ كالنساء كغيرىما اليقاؼ الحمبلت ضدىـ بمثميا‪ ،‬كما‬
‫لجأكا لمشتـ كالسباب البذمء كىكذا كانت خطتيـ معي منذ نشرت البركتكككالت في "منبر الشرؽ"‪.‬‬

‫كاال فأني ال اخالؾ ناجيا"‬ ‫"فنف تنج منيا تنج مف ذم عظيمة‬

‫‪9‬‬
‫ىك المرحكـ االستاذ عبد الكىاب عزاـ ككاف يكمئذ سفيرنا في المممكة العربية السعكدية‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫نشرت تباعان فييا مقدمة في اربع مقاالت في اعداد ‪ 616‬ػ ‪ 653‬مف ‪ 24‬نكفمبر سنة ‪ 1951‬إلى ‪ 11‬أغسطس سنة ‪.1951‬‬
‫‪24‬‬
‫كىكذا فعمكا ايضان في فرنسا عندما أعمف عف قرب صدكر الكتاب‪ ،‬كضغطكا عمى الحككمة الفرنسية لمصادرتو‬
‫ففشمكا‪ ،‬كاحالتيـ عمى المحاكـ‪ ،‬ككانكا في كؿ بمد اال سكيس ار يتجنبكف رفع األمر إلى المحاكـ‪ ،‬ألف القضاء البد‬
‫أف يدمغيـ بكؿ ما في البركتكككالت مف مخاز كفضائح‪ ،‬كىذا ما يركف عمى تجنبو‪ ،‬كىناؾ كسائؿ سكل ما‬
‫ذكرناىا مف النساء كاالمكاؿ يمجأ إلييا الييكد لمنع الكتاب مف التداكؿ كمنع تأثيره‪ ،‬أك حصره في أضيؽ نطاؽ‪.‬‬
‫مف ىذه الكسائؿ ما تقرره بركتكككالتيـ‪ ،‬ككتبيـ المقدسة‪ :‬كالتيديد كاالرىاب كالقتؿ غيمة لمتخمص مف كؿ عدك‬
‫خطر‪ ،‬كاماميـ في ىذا نبييـ مكسى كما تصكره ليـ التكراة‪ ،‬فانو حيف رأل مصريان كعمانيان يقتتبلف التفت ىنا‬
‫كىناؾ "فمما لـ يجد أحدان قتمو كطمره في الرمؿ" كىذا المثؿ ػ في كتاب شريعتيـ المقدس ػ يكضح ليـ الطريؽ‬
‫الذم يتخمصكف بو مف كؿ اعدائيـ‪ ،‬كعف ىذا الطريؽ الرىيب اختفى أك اغتيؿ كثير مف ذكم األقبلـ الحرة الذيف‬
‫لـ تنجح األمكاؿ كالنساء كالمناصب كالتيديدات في استمالتيـ إلى صؼ الييكد‪ ،‬أك في كقؼ حمبلتيـ عمييـ‪.‬‬
‫كىؤالء األحرار كميـ أك كثير منيـ اختفكا أك اغتيمكا أك ماتكا طبيعيان كلكف في ظركؼ غريبة كطرؽ مريبة‬
‫تستعصي عمى الفيـ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫‪ 7‬ـ اقسام الكتاب وعنوانو‬
‫الحظ االستاذ نيمكس في مقدمتو التي نقمناىا عنو ىنا أف أقساـ ىذه الكثائؽ "ليست مطردة اطرادان منطقيان عمى‬
‫الدكاـ" كنزيد عمى مبلحظتو‪ ،‬أف مكضكعاتيا متداخمة‪ ،‬فمـ يتناكؿ كاتبيا كؿ مكضكع عمى حدة في بركتكككؿ أك‬
‫أكثر‪ ،‬كلـ يضعو مكضعو المناسب‪ ،‬بؿ أنو كزع بعضيا اعتسافان في مكاضع متعددة ألدنى مبلبسة حينان كلغير‬
‫مناسبة حينان آخر‪.‬‬
‫كلـ اجد في الطبعة االنجميزية الخامسة التي ترجمتيا ىنا ترقيمان مسمسبلن لمبركتكككالت اال ارقامان في الفيرس‬
‫تشير إلى بدايتيا في متف الكتاب‪ ،‬ككؿ ما يدؿ عمى مكضع البداية لبركتكككؿ منيا في المتف انما ىك فراغ‬
‫بمقدار سطر حينان أك فاصؿ بثبلثة نجكـ (***) حينان ‪ ،‬أكال فراغ كال فاصؿ كاف دؿ عميو استئناؼ الكبلـ في‬
‫مكضكع جديد‪.‬‬
‫كما لـ اجد عنكانان لكؿ بركتكككؿ يدؿ عمى مكضكعو أك مكضكعاتو‪ ،‬كنظف ػ كالظف ال يغني مف الحؽ ػ أف‬
‫المترجـ االنجميزم كاف كعادة القكـ محافظان عمى التقسيـ الذم كجده في النسخة الركسية التي نقؿ عنيا ‪ ،‬كىي‬
‫نسخة مف الطبعة الركسية الثانية ‪ ،1915‬كاف مترجميا كناشرىا األكؿ في العالـ ىك األستاذ نيمكس كما اشار‬
‫الى ذلؾ "البريطاف" في مقدمتيـ لمطبعة االنجميزية الخامسة التي نقمناىا ىنا أيضان‪.‬‬
‫كلكثائؽ كتابنا ىذا عنكاف‪ ،‬اقدميما ىك "بركتكككالت حكماء صييكف ػ ‪Brotocols Of Learned Elders‬‬
‫‪ ،"of Xio‬كىذا ىك العنكاف األشير الذم عرفت بو الكثائؽ في جميع المغات‪ ،‬كتكاد ال تعرؼ بغيره حتى في‬
‫المغة االنجميزية التي اضافت إليو عنكانان آخر أقؿ شيرة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ىذه الفصمة السابعة مف زيادات الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫ككاضع ىذا العنكاف األقدـ األشير لمكثائؽ ىك األستاذ الركسي سرجي نيمكس أكؿ ناشر ليا في العالـ‪ ،‬كما تدؿ‬
‫عمى ذلؾ مقدمتو لطبعتيا الركسية الثانية التي ترجمناىا ىنا‪ .‬كعمى ذلؾ تدؿ أقكاؿ أخرل لمف اىتمكا بدراسة‬
‫البركتكككالت كتاريخيا كنقدىا أك الدفاع عنيا‪ ،‬كبعض ىذه األقكاؿ لؤلستاذ نيكس أيضان‪.‬‬
‫كىذا العنكاف "فيو نظر" كما كاف يمفظ اسبلفنا مف العمماء المحققيف في تحديدىـ لمعاني األلفاظ أك اآلراء‬
‫الغامضة حتى ال تختمط عمى األذىاف‪ .‬فقد غمض معنى "بركتكككؿ"عمى بعض المترجميف فاختطأكا فيـ حقيقة‬
‫الكثائؽ كنظاميا‪ ،‬كأكقعكا معيـ بعض القراء كالدارسيف في ىذا الخطأ‪ .‬كبياف ذلؾ أف كممة "بركتكككؿ" تعني‬
‫أحيانان "محضر جمسة "فمما سمى االستاذ نيمكس ىذه الكثائؽ "برتكككالت" ظف بعض المترجميف أف طائفة بيف‬
‫كبار زعماء الصييكنية في الدرجة الثالثة كالثبلثيف في جماعة الماسكنية الييكدية ػ كما كقعت الكثائؽ ػ قد ائتمركا‬
‫في عدة جمسات‪ ،‬كبعد المناقشة اتفقكا خبلليا عمى عدة ق اررات منيا ىذه الكثائؽ‪ ،‬فصح أف تسمى "برتككككالت"‬
‫كما سماىا نيمكس مع التجكز الكثير‪ .‬كمف ىنا ترجـ بعضيـ عنكانيا بما يدؿ عمى ذلؾ‪ ،‬كمف تراجميا في‬
‫العربية كممة "ق اررات" ك"مقررات"‪.‬‬
‫كليس األمر كما فيـ ىؤالء المترجميف كمف تبعيـ في ىذا الخطأ إذ ليس في الكثائؽ أدنى اشارة إلى ذلؾ‪ ،‬كال‬
‫في قراءتيا الفاحصة ما يكحي إلى الكعي شيئان منو‪ ،‬بؿ يكحي ىذا بما كعى منيا األستاذ نيمكس كذكره صراحة‬
‫في مقدمتو إذ قاؿ‪:‬‬
‫"نحف ال نستطيع أف نغفؿ االشارة إلى أف عنكانيا ال ينبؽ تمامان عمى محتكياتيا‪ ،‬فيي ليست عمى كجو التحديد‬
‫مضابط جمسات ‪ Minutes of meetings‬بؿ ىي تقرير كضعو شخص ذك نفكذ‪ ،‬كقسمو اقسامان ليست‬
‫مطردة أطرادان منطقيان عمى الدكاـ‪ ،‬كىي تحممنا عمى االحساس بأنو جزء مف عمؿ أخطر كأىـ بدايتو مفقكدة‪ ،‬كاف‬
‫كاف أصؿ ىذه الكثائؽ السالؼ ذكرىا ليعبر ىنا بكضكح عف نفسو"‪.‬‬
‫كيبدكا لنا اف االستاذ نيمكس مصيب في ىذا الرأم‪ ،‬فالكثائؽ ليست مضابط جمسات كما تدؿ عمييا كممة‬
‫"بركتكككالت" التي اختارىا اسمان ليا فأكقع بتسميتو كثي انر مف القراء في الخطأ كلكف الكثائؽ محاضرة طكيمة ألقاىا‬
‫زعيـ مكقر المكانة عمى جماعة مف ذكم الرأم كالنفكذ بيف الييكد ليستأنسكا بمضامينيا تقري انر كتنبؤان فيما ىـ‬
‫مقدمكف عميو بعد‪ ،‬حتى تقكـ مممكة اسرائيمية تتسمط عمى كؿ العالـ‪ ،‬كيظير أف المحاضرة قد ألقيت في أكثر‬
‫مف جمسة كما تدؿ فاتحة البركتكككؿ العاشر الذم بدأ ىكذا "اليكـ سأشرع في تكرار ما ذكر مف قبؿ…"‪ ،‬كفاتحة‬
‫البركتكككؿ العشريف‪ ،‬إذ قاؿ "سأتكمـ اليكـ في برنامجنا المالي الذم تركتو إلى نياية تقريرم ألنو اشد المسائؿ‬
‫عس انر‪."..‬‬
‫كاذا اعتبرنا ىذا أمكننا الظف بأف الكثائؽ محاضرة ألقيت في ثبلث جمسات‪ :‬ألقيت في اكالىا البركتكككالت‬
‫التسعة األكلى‪ ،‬كألقيت في الجمسة الثالثة البركتكككالت الخمسة الختامية (‪ 21‬ػ ‪ )24‬التي بسط في معظميا‬
‫البرنامج الحالي‪ ،‬كلخص ما سبقو‪،‬ثـ كضح نظـ الحكـ في الدكلة العالمية المنتظرة‪.‬‬
‫كقد الحظت ذلؾ في قراءاتي األكلى لمكثائؽ‪،‬فمما أردت ترجمتيا حرت طكيبلن في ترجمة كممة "بركتكككالت"‪،‬‬
‫كسألت عنيا المعاجـ كمطالعاتي الكثيرة كفقيي بمغتنا‪ ،‬كما سألت كثي انر مف ركاد الفكر كالترجمة عندنا فمـ أسترح‬
‫إلى كممة مما سمعت في ترجمتيا‪ ،‬ككانت أمامي كممات كثيرة مثؿ "ق اررات" ك"مقررات" ك"محاضر" ك"مضابط‬
‫‪26‬‬
‫جمسات" كنحكىا فعدلت عنيا جميعان كأبقيت عمى اصؿ الكممة معربة كآنسني منيا كثرة استعماليا بيننا في‬
‫المداكالت السياسية عمى األلسنة كصفحات الجرائد كالمجبلت‪.‬‬
‫ككانت حيرتي ايسر في ترجمة ‪ Learned Elders‬التي تعني العارفيف مف أكابر السف‪ ،‬فترجمتيا "شيكخ"‬
‫كما ينبغي لمعناكيف مف اختصار‪ ،‬كتحت عنكاف"بركتكككالت شيكخ صييكف" نشرت أكائؿ الكثائؽ في مجمة‬
‫"الرسالة" ثـ نشرتيا كاممة في مجمة "منبر الشرؽ" بعد تكقؼ األكلى عف اتماـ نشرىا‪.12‬‬
‫كلكني عدلت عف كممة "شيكخ" التي اخترتيا أكالن‪ ،‬كعف كممة "عقبلء" التي اختارىا مترجـ مجمة "ركز اليكسؼ"‬
‫حيف أشار إلى عثكر حككمتنا عمى نسخة مف ىذا الكتاب مع أننا كنا فرغنا مف نشر كثائقو كميا في "منبر‬
‫الشرؽ" كعدلت عف كممة "مشيخة" التي اختارىا أديب عندنا كبير‪ ،،‬كرددىا في مقاالتو كأحاديثو االذاعية في‬
‫حمبلتو عمى "الصييكنية العالمية"‪ ،‬كآثرت كممة "حكماء" ألنيا أكفى داللة مف كممة "عقبلء" كأكقع مف الكممتيف‬
‫"شيكخ" ك"مشيخة" كأكلى أف ال تختمط بما نمقب بو لمتكقير عمماءنا المسمميف بيف رجاؿ سائر األدياف‪ .‬كىذا‬
‫العنكاف "بركتكككالت حكما ء صييكف" ىك الذم شاع ترجمة لعنكاف الكثائؽ بعد أف طبعناىا كتابان‪ ،‬كفاض صيتو‬
‫بيف قراء العربية كال سيما الساسة كاألدباء كالمفكريف‪ ،‬حتى أف ىيئة مف ىيئات الدعاية كالنشر اختارتو عنكانان‬
‫ليذه الكثائؽ حيف طبعتيا‪ ،‬بعد أف ادعت أنيا ترجمتيا عف أصؿ فرنسي‪ ،‬كأخذت مف ترجمتنا فق انر كاممة بحركفيا‬
‫كبدايتيا كنيايتيا‪ ،‬بؿ تصحيفاتيا المطبعية‪ ،‬ككاف عنكاننا عنكاف غبلفيا‪ ،‬بعد أف نسيت الييئة النشيطة الكاعية‬
‫انيا كضعت لمكتاب مف داخمو عنكانان آخر ىك "بركتكككؿ حكماء صييكف"‪.‬‬
‫كأما العنكاف الثاني لمكثائؽ ػ كىك دكف األكؿ شيرة ػ فيك "الخطر الييكدم" ككاضعو ىك األستاذ فكتكر مارسدف‬
‫مراسؿ جريدة "المكرننغ بكست" المندنية‪ ،‬كىك الذم ترجـ الكثائؽ مف الركسية إلى االنجميزية‪ ،‬كأضاؼ ليا ىذا‬
‫العنكاف إلى عنكانيا األكؿ كقدمو عميو في طبعتو‪ ،‬ككتبو بحركؼ أكبر ليزيده تنكييان‪ ،‬كقد اتبعناه نحف في ترجمتنا‬
‫العربية عنو‪ ،‬ال لمجرد األمانة‪ ،‬في النقؿ فحسب بؿ ألف الكتاب في تقديرنا جدير بالعنكاف ايضان‪.‬‬
‫كلقد أصاب المراسؿ الحصيؼ فيما اجتيد كاختار‪ ،‬إذ لـ ينظر إلى الحركة الصييكنية في العالـ بمعزؿ عف تأييد‬
‫جميع الييكد كما نظر ػ كما يزاؿ ينظر ػ إلى غيره مف اليكاة اليازليف الذيف يتعاطكف السياسة كدراسة النظـ‬
‫االجتماعية كالحركات التاريخية ظالميف‪ ،‬دكف فقو بفمسفة التاريخ كالبكاعث الخفية مف كراء تياراتو المحمية‬
‫كالعالمية‪ ،‬فميما يكف مف تبرئة سائر الييكد مف مشاركة الصييكنييف مساعييـ لفرض سمطاف الييكدية محميان أك‬
‫عالميان فبل شؾ أف ىؤالء األبرياء ػ عمى أضعؼ الكجكه ػ ضالعكف في الحركة الصييكنية بالعطؼ‪ ،‬كالرغبة في‬

‫‪12‬‬
‫كانت "الرسالة" قد رحبت بنشرىا مف قبؿ‪ .‬ثـ زاد ترحيبيا بعد اف طمب ذلؾ منيا األستاذ المرحكـ عبد الكىاب عزاـ في المرة‬
‫الكحيدة التي التقينا بو فييا‪ ،‬ككاف ذلؾ في دار الرسالة يكمئذ بعد تكقؼ النشر‪ ،‬كلـ يعقب ذلؾ الترحب نشر شيء‪ ،‬كلكال ذلؾ لما‬
‫الي‪ ،‬إذ‬
‫عدلت عف نشر الكثائؽ في مجمة مشيكرة يطالعيا الخاصة إلى مجمة مغمكرة معظـ قرائيا مف العامة‪ ،‬ككاف األكلى اقرب ٌ‬
‫كنت يكمئذ اشارؾ في تحريرىا‪ ،‬كلـ اشارؾ قط في الثانية اال قبؿ ذلؾ بأعكاـ كذلؾ حيف أخذ مني مراسميا في أحد اقاليـ الصعيد ػ‬
‫حيث كنت أعمؿ ػ كراسة سجمت فييا بعض خكاطرم فنشرىا تدعيمان لمجمتو كتسجيبلن محضان ليذه الخكاطر‪ ،‬كعمييا كقع اختياره‬
‫حيف اطمع عمييا بيف كراسات امثاليا لـ تزؿ مطكية في خزائني مع غيرىا مف كتبي كدكاكيني المخطكطة كأنيا المكتى في ظممات‬
‫القبكر‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫النجاح كالمساعدة التي ال تعرضيـ لنقمة األمة التي يعيشكف فييا‪ ،‬كلنقمة الحككمة التي يخضعكف لسمطانيا‪،‬‬
‫كالشؾ أف الحركة الصييكنية تستفيد مف كؿ ييكدم في العالـ بطريؽ مباشر عمى ىكاىا كىكاه‪ ،‬كبعض ىؤالء قد‬
‫يخالفيا س انر أك جي انر في خططيا أك كقت تنفيذىا كلكنو ال يخالفيا أبدان في الغاية التي تممييا عميو شريعتو‬
‫المكسكية لك لـ تكف ىناؾ حركة صييكنية‪ ،‬كليس مف المنتظر أف يخذليا عند المحف‪ ،‬أك تختمؼ بكاعثو في‬
‫مساعيو كاعمالو عف بكاعثيا‪ ،‬كىذه البكاعث عندنا أىـ مف الكسيمة كالغاية ألنيا ىي التي تحدد الكسائؿ كالغايات‬
‫كتدبر ليا ما ينبغي مف مساعدات‪ .‬كاذا لـ يفعؿ الييكدم ذلؾ مف جانب االيماف بالحركة الصييكنية أك بشريعتو‬
‫المكسكية فمف جانب الغيرة القكمية التي لـ تخؿ منيا نفس ييكدم في أحمؾ العيكد كال اشدىا اشراقان‪ ،‬كقد تجد‬
‫الييكدم ممحدان منك انر لكؿ ديف‪ ،‬بؿ منك انر لكؿ اساس ديني في الحياة‪ ،‬كىك مع ذلؾ مف غبلة الدعكة الصييكنية‪،‬‬
‫كمف ىؤالء العبلمة النابغة ماركس نكرد اك الذم كاف ممحدان مجاى انر ينكر كؿ أصؿ غيبي لمديف كلؤلخبلؽ‬
‫أيضان‪،‬ككاف مع كؿ ذلؾ مف رؤكس المؤسسيف لمحركة الصييكنية كمف أقكل دعاتيا بقممو كلسانو‪ ،‬بؿ كاف‬
‫داعيتيا في كؿ ما كتب كخطب ظاى انر كباطنان حيث أراد ذلؾ كحيث لـ يرده بحكـ نزعتو الييكدية المركزة أصكليا‬
‫في أخفى طكايا سريرتو‪ ،‬كبحكـ كركثاتو مأثكراتو كاسمكب حياتو جمعان‪ .‬كىي ناضجة عمى كؿ آثاره الكريية ببل‬
‫خفاء‪.‬‬
‫كانو لمف االفراط في الجيؿ كالغفمة كاليكل أف يخطر عمى عقؿ قابؿ لمفيـ أف ييكديان يتمنى مخمصان خيبة الحركة‬
‫الصييكنية أك فشميا‪ ،‬ميما يخالفيا في خططيا أك مراحميا أك كسائميا أك مكاقيتيا‪ ،‬كأبعد مف ذلؾ في الشطط اف‬
‫يستريح عقؿ إلى أف ييكديان يسعى مخمصان لمقاكمة الحركة الصييكنية بقممو أك لسانو أك نفكذه أك ماؿ كاف رآه‬
‫يغمد سيفو في قمب فرد أك ىيئة مف اتباعيا أك اتباع حركة سكاىا‪ ،‬كميما يتعاد الييكد أك يتفانكا طكعان لما رسخ‬
‫في نفكسيـ مف البغضاء كالضراكة بالشر فبل اختبلؼ بينيـ عمى مف يككف الضحايا‪ ،‬كالضحايا ىـ أنا كانت مف‬
‫األممييف الذيف حرميـ اهلل شرؼ النسب الييكدم فانيـ يركف أنيـ كحدىـ "شعب اهلل المختار" كما عداىـ "أشياء"‬
‫ىي ممكيـ كحدىـ يتصرفكف فييا عمى ما يشاءكف دكف قيد اال مصمحة الييكد الخاصة‪ ،‬فيكذا تممي عمييـ‬
‫التكراة كالتممكد كنصائح سائر األئمة بينيـ كالزعماء‪.‬‬
‫كمف أعجزه فيـ ذلؾ لـ يعجزه التصديؽ بابعد المستحيبلت‪ ،‬كىك قابؿ ألف يفقو شيئان في المجبلت السياسية‬
‫كاالجتماعية كلك كاف مف العمـ بغيرىا في أعمى مكاف‪ ،‬كاف أمة يككف لمثؿ ىذا اآلدمي المسكيف يد في تصريؼ‬
‫شؤكنيا العميا ػ ال سيما خبلؿ األزمات ػ ليي أشد منو مسكنة كأكلى بأبمغ الرحمة‪ .‬كمصيرىا ال شؾ الفناء كما‬
‫ىك شر مف الفناء‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ الناس ييود وجوييم أو أمم‪:‬‬

‫‪28‬‬
‫قديمان قسـ الركماف الناس قسميف‪ :‬ركمانا كبرابرة‪ ،‬كقسميـ العرب قسميف‪ :‬عربان كعجمان‪ ،‬كقسميـ الييكد منذ‬
‫‪13‬‬
‫عندىـ كثنيكف ككفرة كبيائـ‬ ‫خمسة كثبلثيف قرنان قسميف‪ :‬ييكدان كجكييـ أك أممان "أم غير ييكد"‪ .‬كمعنى جكييـ‬
‫كأنجاس‪ .‬كاليؾ البياف‪:‬‬
‫يعتقد الييكد أنيـ شعب اهلل المختار كانيـ أبناء اهلل كأحباؤه‪ ،14‬كانو ال يسمح بعبادتو كال يتقبميا اال لمييكد كحدىـ‬
‫ليذا السبب ىـ المؤمنكف فغيرىـ إذف جكييـ أم كفرة‪ .‬كالييكد يعتقدكف ػ حسب أقكاؿ التكراة كالتممكد ػ أف نفكسيـ‬
‫كحدىـ مخمكقة مف نفس اهلل كأف عنصرىـ مف عنصره‪ ،‬فيـ كحدىـ أبناؤه األطيار جكى انر‪ ،‬كما يعتقدكف أف اهلل‬
‫منحيـ الصكرة البشرية أصبلن تكريمان ليـ‪ ،‬عمى حيف أنيـ خمؽ غيرىـ "الجكييـ" مف طينة شيطانية أك حيكانية‬
‫نجسة‪ :‬كلـ يخمؽ الجكييـ اال لخدمة الييكد‪ ،‬كلـ يمنحيـ الصكرة البشرية اال محاكاة لمييكد‪ ،‬لكي يسيؿ التعامؿ‬
‫بيف الطائفتيف اكرامان لمييكد‪ ،‬إذ بغير ىذا التشابو الظاىرم ػ مع اختبلؼ العنصريف ػ ال يمكف التفاىـ بيف طائفة‬
‫السادة المختاريف كطائفة العبيد المحتقريف‪ .‬كلذلؾ فالييكد أصبلء في االنسانية‪ ،‬كاطيار بحكـ عنصرىـ المستمد‬
‫مف عنصر اهلل استمداد االبف مف أبيو‪ ،‬كغيرىـ إذف جكييـ أم حيكانات كانجاس‪:‬حيكانا عنص انر كاف كانكا بش انر في‬
‫الشكؿ‪ ،‬كأنجاس ألف عنصرىـ الشيطاني أك الحيكاني أصبلن ال يمكف اف يككف اال نجاسان‪.‬‬
‫ككاف الركماف كالعرب "كبعض اآلرييف في العصر الحديث" يفضمكف أنفسيـ عمى غيرىـ ببعض المزايا العقمية‬
‫كالجسمية‪ ،‬كلكنيـ يعتقدكف أف البشر جميعان مف اصؿ كاحد كيركف لغيرىـ عمييـ حقكقان يجب أدبيان أداؤىا لو‪،‬‬
‫كيمتزمكف في معاممتو كمراعاة األخبلؽ كالشرائع الكريمة‪ .‬فيـ ػ ميما عمكا كأسرفكا ػ التفرقة ػ ال يتطرفكف تطرؼ‬
‫الييكد في التعالي عمى غيرىـ كقطع ما بينيـ كبينو مف مشاركة في اصؿ الخمقة كالمزايا البشرية العامة‪.‬‬
‫لكف الييكد ػ حسب عقيدتيـ التي كضحناىا ىنا ػ يسرفكف في التعالي كالقطيعة بينيـ كبيف غيرىـ إلى درجة فكؽ‬
‫الجنكف‪ ،‬فيـ يعتقدكف أف خيرات ارض العالـ أجمع منحة ليـ كحدىـ مف اهلل‪ ،‬كأف غيرىـ مف األمميف أك"الجكييـ"‬
‫ككؿ ما في ايدييـ ممؾ لمييكد‪ ،‬كمف حؽ الييكد بؿ كاجبيـ المقدس معاممة األممييف كالبيائـ كاف اآلداب التي‬
‫يتمسؾ بو االييكد ال يجكز اف يمتزمكه اال في معاممة بعضيـ بعضان‪ ،‬كلكف ال يجكز ليـ‪ ،‬بؿ يجب عمييـ كجكبان‬
‫اىدارىا مع األممييف‪ ،‬فميـ أف يسرقكىـ كيغكىـ كيكذبكا عمييـ كيخدعكىـ كيغتصبكا أمكاليـ كييتككا أعراضيـ‬
‫كيقتمكىـ إذا أمنكا اكتشاؼ جرائميـ‪ ،‬كيرتكبكا في معاممتيـ كؿ المكبقات‪ ،‬كاهلل ال يعاقبيـ عمى ىذه الجرائـ بؿ‬

‫‪13‬‬
‫الييكد في ببلد المغرب يسمكف غيرىـ ىناؾ "جكييـ"حتى اآلف كالمفرد ‪ Goy‬أم القكـ أك األمة (لغير الييكد) كيجمع في‬
‫االنجميزية احيانان عمى طريقتيا بزيادة ‪ S‬فيقاؿ ‪ Goys‬كيجمع فييا احيانان بطريقة أخرل فيقاؿ جكييـ ‪ Goyem‬بزيادة ياء كميـ حسب‬
‫الطريقة كالنطؽ الغربييف كما يجمع االسـ في العربية جمع مذكر سالمان بزيادة ياء كنكف فيقاؿ معمـ كمعمميف أك بزيادة ميـ في‬
‫الجمع عمى صيغة المفرد مع الضمائر فيقاؿ‪ :‬عميؾ كعميكـ كقد كضعنا كممة أمـ كأممييف كأممي مقابؿ كممة ‪( Gentiles‬أم‬
‫الجكييـ) أتباعان لمترجمي العيديف القديـ كالجديد إلى العربية‪ ،‬كيراد بيا غير الييكد‪ ،‬كأرل أف كممة أمييف القرآنية (انظر اآلية‬
‫القرآنية ص‪ )58‬تؤدل معنى جكييـ ك‪ gentiles‬خير اداء‪ ،‬كلكننا كجدناىا كممة مشتركة قميمة التداكؿ بيذا المعنى في كتابتنا‬
‫المعاصرة فتركناىا ىنا‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫اشار القرآف إلى ىذه العقيدة الييكدية اليمجية كرد عمييا فقاؿ‪" :‬كقالت الييكد‪ ..‬نحف أبناء اهلل كاحباؤه‪ ،‬قؿ فمـ يعذبكـ بذنكبكـ‪.‬‬
‫بؿ انتـ بشر ممف خمؽ يغفر لمف يشاء كيعذب مف يشاء…"‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫يعدىا قربات كحسنات يثيبيـ عمييا كال يرضى منيـ اال بيا‪ ،‬كال يعفييـ منيا إالَّ مضطريف‪ .‬كقد أشار القرآف إلى‬
‫ىذه العقيدة االجرامية‪ ،‬كنحف نذكر ذلؾ مف باب االستئناس‪ ،‬ال لندينيـ كال لنبرىف عمى عقيدتيـ بو‪،‬لعدـ اعترافيـ‬
‫بالقرآف‪ ،‬جاء في سكرة آؿ عمراف‪( :‬مف أىؿ الكتاب مف أف تأمنو بقنطار يؤده اليؾ‪،‬كمنيـ مف أف تأمنو بدينار ال‬
‫يؤده اليؾ اال مادمت عميو قائمان‪ ،‬ذلؾ بأنيـ قالكا‪:‬ليس عمينا في األمييف سبيؿ)‪ .‬أم لسنا ممتزميف بمراعاة أم‬
‫شريعة كريمة مع األمييف "غير الييكد"‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ مقارنة البروتوكوالت بكتبيم المقدسة وأقوال ربانيييم وزعمائيم‪:‬‬
‫كال يستطاع‪ ،‬اال في كتاب‪ ،‬مقارنة كؿ فكرة أك نص بمثيمو في كتبيـ المقدسة كالعيد القديـ كالتممكد‪ ،‬كفي أقكاؿ‬
‫زعمائيـ المعترؼ عندىـ بصدكرىا عنيـ‪ ،‬كق اررات ربانيييـ المحفظة في السجبلت ‪ Archives‬اإلسرائيمية‬
‫التي تدؿ عمى أف الدركس التممكدية التي يعكؼ الييكد في كؿ زماف كمكاف عمى دراستيا في مدارسيـ‬
‫كمجامعيـ ليبلن كنيا انر ػ ال غرض مف كرائيا اال السير عمييا في الحياة اليكمية‪.‬‬
‫ككميا تكجب عمى الييكدم اف يستحؿ في معاينة غيره كؿ كسيمة قبيحة كالسرقة كالخداع كالظمـ كالغش كالربا‪،‬‬
‫بؿ القتؿ أيضان كما فعؿ مكسى ػ حسب تصكيراتيـ كتممكدىـ ػ حيف قتؿ المصريفي أناة كبصبرة مستحبلن دمو‪ ،‬بؿ‬
‫أف قتؿ األممي كما يقكؿ الربانيكف قرباف الى اهلل يرضيو كيثيب عميو‪ ،‬ألف األممييف أعداء هلل كالييكد‪ ،‬كىـ بيائـ‬
‫ال حرمة في قتميـ بأم كسيمة‪ ،‬كيعجب الناس مف كممة لديزائيمي رئيس الك ازرة البريطانية قبؿ نحك سبعيف سنة‬
‫نصح االنجميز أف يتخذكىا قاعدة ذىبية لسياستيـ مع الشعكب ال سيما المستعمرات‪ ،‬إذ قاؿ ليـ‪" :‬ال بأس بالغدر‬
‫كالكذب كالكقيعة اذا كانت ىي طريؽ النجاح"‪ .‬كال عجب أف تصدر ىذه الكممة عف صاحبيا ألنو ييكدم‪ ،‬كما‬
‫يدؿ عمى ذلؾ اسمو" دم اسرائيمي"‪،‬كىك في ذلؾ يسير حسب سياسة الييكد في معاممة الجكييـ أك األممييف‪،‬‬
‫كىك لـ يتنصر اال نفاقان‪ ،‬ألف رئاسة الك ازرة التي كاف يطمع فييا ككصؿ إلييا ما اف لو أف يمييا‪ ،‬كىك عمى‬
‫ييكديتو العارية‪ ،‬كلذلؾ تنصر ليساعد الييكد‪.‬‬
‫كليست كممة ديزرائيمي العكراء اال صدل عنيفان لصكت الشريعة الييكدية ال سيما التممكدية‪ ،‬فالتممكد يقكؿ‪" :‬إف‬
‫الييكد أحب إلى اهلل كالمبلئكة‪ ،‬كانيـ مف عنصر اهلل كالكلد مف عنصر أبيو‪ ،‬كمف يصفع الييكد كمف يصفع اهلل‪،‬‬
‫كالمكت جزاء األممي إذا ضرب الييكدم‪ ،‬كلكال الييكد الرتفعت البركة مف األرض كاحتجبت الشمس كانقطع‬
‫المطر‪ ،‬كالييكد يفضمكف األممييف كما يفضؿ اإلنساف البييمة‪ ،‬كاألمميكف جميعان كبلب كخنازير‪ ،‬كبيكتيـ‬
‫كحظائر البيائـ نجاسة‪ ،‬كيحرـ عمى الييكدم العطؼ عمى األممي ألنو عدكه كعدك اهلل‪ ،‬كالتقية أك المدارة معو‬
‫جائزة لمضركرة تجنبان ألذاه‪ .‬ككؿ خير يصنعو ييكدم مع أممي فيك خطيئة عظمى‪ ،‬ككؿ شيء يفعمو معو قرباف‬
‫هلل يثيبو عميو‪ ،‬كالربا غير الفاحش جائز مع الييكدم كما شرع مكسى كصمكئيؿ (في رأييـ)‪ .‬كالربا الفاحش جائز‬
‫مع غيره‪ .‬ككؿ ما عمى األرض ممؾ لمييكد‪ ،‬فما تحت أيدم األممييف مغتصب مف الييكد كعمييـ استرداده منيـ‬
‫بكؿ الكسائؿ‪.‬‬
‫كالييكد ينتظركف مسيحان يخمصيـ مف الخضكع لؤلمييف عمى شرط اال يككف في صكرة قديس‪ ،‬كما ظير عيسى‬
‫بف مريـ كي يخمصيـ مف الخطايا الخمقية‪ ،‬كلذلؾ أنكركه‪ ،‬لكف عمى شرط أف يككف في صكرة ممؾ مف نسؿ داكد‬

‫‪31‬‬
‫يعيد الممؾ إلى اسرائيؿ‪ ،‬كيخضع الممالؾ كميا لمييكد‪ ،‬كىذا ال يتأتى اال بالقضاء عمى السمطة في كؿ األقطار‬
‫األممية‪ ،‬الف السمطة عمى شعكب العالـ مف اختصاص الييكد حسب كعد اهلل كتقديره‪.‬‬
‫ككاجب الييكد أف يككنكا كحدىـ المتسمطيف عمى كؿ مكاف يحمكف فيو‪ ،‬كطالما ىـ بعيدكف عف السمطة العالمية‬
‫فيـ غرباء أك منفيكف‪ ،‬كعندما يظفر المسيح الييكدم بالسمطة عمى العالـ يستعبد كؿ االمـ‪ ،‬كيبيد المسيحييف‪،‬‬
‫كعندئذ فحسب يصبح أبناء إسرائيؿ كحدىـ األغنياء‪ ،‬الف خيرات العالـ التي خمقت ليـ ستككف في قبضتيـ‬
‫خالصة‪ ،‬كال حياة لشعكب األرض فييا بدكف الييكد‪ ،‬كىذه تعاليـ التممكد كىي متفقة مع البرتكككالت‪.‬‬
‫كما تقكؿ التكراة‪" :‬سيقكـ الرب كيقيس األرض كيجعؿ عبدة األكثاف(األممييف) تحت يد إسرائيؿ ‪ ..‬كيسمـ جميع‬
‫ممتمكاتيـ الى الييكد"‪.‬‬
‫كفي آخر سفر المزامير (الزبكر) ما ترجمتو‪" :‬ىممكا غنكا لمرب ترنيمة جديدة تسبيحة لو في جماعة األنقياء‪..‬‬
‫ليفرح إسرائيؿ بخالقو‪ .‬كليبتيج بنك صييكف بممكيـ‪ .‬ليسبحكا اسمو برقص‪ ،‬كليرنمكا لو بدؼ كعكد‪ ،‬الف الرب‬
‫راض عف شعبو‪ .‬كىك يجمؿ الكدعاء بالخبلص ليبيج األتقياء بالمجد‪ ،‬كليرنمكا عمى مضاجعيـ‪ ،‬تنكييات اهلل في‬
‫أفكاىيـ‪ ،‬كسيؼ ذك حديف في أيدييـ‪ ،‬كي ينزلكا نقمتيـ باألمـ‪ ،‬كتأديباتيـ بالشعكب‪ ،‬كيأسركا ممككيـ بقيكد‪،‬‬
‫كأشرافيـ بأغبلؿ مف حديد‪ ،‬كينفذكا فييـ الحكـ المكتكب‪ .‬كىذا كرامة لجميع أتقيائو ىممكيا (المزمكر ‪.)149‬‬
‫كسرقة الييكدم أخاه حراـ‪ ،‬كلكنيا جائزة بؿ كاجبة مع األممي ألف كؿ خيرات العالـ خمقت لمييكد فيي حؽ ليـ‪،‬‬
‫‪15‬‬
‫يطبقكف ىذا كمو‪ ،‬كما يكصييـ التممكد‪ ،‬كتؤيده البركتكككالت‪،‬ىنا‬ ‫كعمييـ تممكيا بأم طريقة‪ ،‬كالييكد في ركسيا‬
‫كىك يدؿ عمى أف سياسة ركسيا مف كحي الييكدية‪.‬‬
‫كمف يحاكـ الييكد بجريمة السرقة أك القتؿ أك الخداع أك الغش فيك يجدؼ عمى اهلل‪ .‬كاذا كجد الييكدم لقطة‬
‫ألممي حرـ عميو ردىا اليو‪ ،‬ألف في درىا تقكية لكافر ضد الييكد‪ .‬كحب الييكدم األممي كثناؤه عميو كاعجابو‬
‫بو اال لضركرة ػ خطيئة عظمى‪ .‬كاذا انتصر الييكد في مقطكعة كجب عمييـ استئصاؿ أعدائيـ عف آخرىـ‪ ،‬كمف‬
‫يخالؼ ذلؾ فقد خالؼ الشريعة كعصى اهلل‪ .‬كىكذا فعمكا‪ ،‬حسب شريعتيـ‪ ،‬كعند دخكليـ فمسطيف بعد مكسى‬
‫ألكؿ مرة ضد الكنعانييف كاآلدمييف كغيرىـ‪ ،‬كىكذا فعمكا مع عرب فمسطيف أخي انر‪ ،‬فحربيـ دائمان حرب ابادة‪.‬‬
‫كاف زنا الييكدم بالييكدية حراـ‪ ،‬كزناه باألممية كمثمو زنا الييكدية مع أممي مباح كما يقكؿ فيمسكفيـ كربانييـ‬
‫الكبير مكسى بف ميمكف‪ ،‬ألف األممية كالبييمة‪ .‬كاذا أقسـ الييكدم ألخيو كاف عميو أف يبر بقسمو‪ .‬كلكنو غير‬
‫مطالب بالكفاء مع األممي‪ .‬كالو الييكد "ييكه"ػ كما تصكره كتبيـ المقدسة ػ ليست لو اال صفات شيطاف‪ .‬أك ىك‬
‫أحد أصناـ الييكد القديمة أياـ كانكا كثنيييف بدكان‪ .‬كقد حكرت صفاتو الكثنية بعض التحكير‪ ،‬كمنيا أنو صار‬
‫مجردان بعد أف كاف مجسدان نً‪.‬‬
‫كمف يدرس تاريخ الفرؽ المسيحية يدىشو أف بعضيا يكفر بالعيد القديـ كينكر شريعتو‪ ،‬كيتب أر مف إليو كأنبيائو‬
‫كمف ىذه الفرؽ فرقة تسمى "المانكية" (أتباع "ماني" الذم ظير في فارس خبلؿ القرف الثالث)‪ .‬كقد قمنا منذ ثبلثة‬
‫اعكاـ تقريبان بصدد ىذا المكضكع في مكاف آخر‪" :‬كاف المانكيكف يصدقكف بنبكة عيسى كيرفضكف نبكة مكسى‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫انظر كتاب "ركسيا الييكدية"‪.K.de Wolski.le Russie Juiv. .‬‬
‫‪31‬‬
‫ألسباب منيا‪ :‬أف اإللو "ييكه" كما كصفتو التكراة شيطاف متكحش شرير شغكؼ بالخراب كالفساد كاراقة الدماء‪،‬‬
‫كاف قارئ التكراة إذا حاكؿ أف يتبيف صفات "ييكه رب الجنكد" كسيرتو مع "شعبو المختار" ػ كجب عميو أف‬
‫يتصكره مخمكقان شيطانيان مسرفان في الحب كالتدليؿ لشبعو المختار‪ ،‬كىك أعجز المخمكقات حيمة في سياستيـ‬
‫كسياسة خصكميـ‪ ،‬فبينما ىك راض عنيـ كؿ الرضا إذا ىك ساخط عمييـ كؿ السخط‪ ،‬كىك مفرط في الحقد‬
‫كالكراىة العدائيـ‪ ،‬فيك ػ لذلؾ كألنو ال حد لقدرتو‪ ،‬كلعدـ حيمتو ػ ينزؿ ضرباتو عمى ىؤالء األعداء في اسراؼ‬
‫كجنكف كقسكة ال حد ليا‪ ،‬كينتقـ ألتفو األسباب ابشع انتقاـ‪ ،‬كىك ػ رغـ قدرتو التي ال حد ليا ػ مخمكؽ "جباف"‬
‫يياب ما ال ييابو إنساف ذك شجاعة عادية فيك ينكص عف محاربة بعض أعدائو كأعدائيـ‪ ،‬ألف لؤلعداء في‬
‫الحركب عجبلت قكية‪ ،‬فيك يترؾ الييكد بشأنيـ‪ ،‬كال يخكض معيـ في حربيـ ليـ خكفان مف ىذه الضربات إلى‬
‫غير ذلؾ مف الفركض المستحيمة التي ال يستطيع العقؿ أف يحتفظ بكحدتو معيا‪ ،‬كيكاد ينسحؽ تحت كطأتيا‪.16‬‬
‫كمف المعركؼ تاريخيان أف الييكد فكجئكا بالديف كىـ بدك لـ يتمدنكا فيـ بدك حتى االف‪،‬كضميرىـ ضمير بدكم لـ‬
‫يتطكر خبلؿ العصكر‪ ،‬كحياتيـ رغـ اتصاليـ بمختمؼ الحضارات حياة القبيمة البدكية الجكالة‪ ،‬فيـ يعتزلكف‬
‫العالـ رغـ اتصاليـ بو‪ ،‬كال ينظركف إليو اال نظرتيـ إلى عدك‪ :‬يخضعكف لو إذا كاف أقكل منيـ‪ ،‬كيستعبدكنو إذا‬
‫كانكا أقكل منو‪ ،‬كحياتيـ تعتمد عمى شف الغارات كالسمب كالتطفؿ عمى ما في يدم غيرىـ كعادة القبائؿ البدكية‪،‬‬
‫كىـ دائمان معبئكف أنفسيـ "تحت السبلح" لشف غارة أك دفع غارة‪ .‬فركحيـ‪ 17‬المالية ركح بدكية قبمية ال تحسف‬
‫االتصاؿ بغيرىا كال تريده‪ ،‬أك ىـ كما تقكؿ تكراتيـ "يدىـ عمى كؿ أحد‪ ،‬كيد كؿ أحد عمييـ"‪.‬‬
‫كالمثؿ العميا لمييكد ىـ انبياؤىـ كابطاليـ كما تصكرىـ التكراة كالتممكد كغيرىما‪،‬كسير ربانيييـ كزعمائيـ عامة‪.‬‬
‫ىؤالء المثؿ المقدسكف الذيف يعتقد الييكد في حياتيـ بقداستيـ ىـ أسكأ مثؿ لبلنساف‪ ،‬فكتبيـ المقدسة تحكي مف‬
‫فضائح إلييـ كأنبيائيـ كعظمائيـ ما يسمؾ أكثرىـ في عداد أكابر المجرميف‪.‬‬
‫كىذا مصدر مف مصادر الشر في نفكس الييكد الذيف ىـ أشد الناس تمسكان بشرائعيـ اليمجية‪ ،‬كجمكدان عمى‬
‫مأثكراتيـ القميمة االجرامية‪ ،‬كلذلؾ كانت نياتيـ ػ مف الكجية األخبلقية ػ دكف كؿ الشرائع حتى الكثنية الكحشية‪،‬‬
‫ذلؾ ألف كؿ كثنية تمزـ اتباعيا في معاممة غيرىـ ببعض اآلداب الفاضمة‪،‬عمى حيف أف الييكدية تعفي اتباعيا‬
‫مف كؿ قانكف مع غير الييكد‪،‬كتبيح ليـ كؿ رذيمة معو‪ ،‬كتحتكر ليـ نعـ الدنيا كمتع الجنة‪ 18‬كىذا اصؿ ال ريب‬
‫فيو مف أصكؿ الببلء الذم ال خبلص لمعالـ منو اال بتصفية الييكد اك نفييـ في مكاف منقطع يمنعكف فيو‬
‫االتصاؿ بغيرىـ‪ ،‬أك إعادة تعميـ اطفاليـ أدبان غير أدب ديانتيـ البدكية كتعاليميـ الكحشية‪.‬‬
‫كمف يق أر كتبيـ المقدسة يركعو كيغثيو أف "المؤامرة" قكاـ تاريخيـ حتى في كقفيـ تجاه إلييـ "ييكه" كاالعتماد في‬
‫حياتيـ عمى الخفاء كالغدر كالخسة كالعنؼ كالعناد سكاء أكاف ذلؾ في معاممتيـ بعضيـ بعضان‪ ،‬أـ في معاممتيـ‬

‫‪16‬‬
‫مف مقاؿ لنا بمجمة "الرسالة"‪ :‬السنة ‪ :18‬العدد ‪ 815‬في ‪ 6‬ػ ‪ 12‬ػ ‪.1948‬‬
‫‪17‬‬
‫خير ما يعبر عف ىذه الركح ىك الشعر العربي الجاىمي كلكف الييكد ينقصيـ كرـ العرب كشجاعتيـ ككفاؤىـ بالعيكد كحسف‬
‫الجكار كالضيافة لمجيراف كالضيفاف‪ ،‬كلك ضحكا في سبيؿ أمانتيـ األركاح كاألمكاؿ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫في القرآف الكريـ اشارة إلى اقكاليـ ىذا كالرد عميو‪" :‬قؿ اف كانت لكـ الدار اآلخرة عند اهلل خالصة مف دكف الناس‪ ،‬فتمنكا المكت‬
‫اف كنتـ صادقيف‪ .‬كلف يتمنكه ابدان بما قدمت ايدييـ كاهلل عميـ بالظالميف‪ ،‬كلتجدنيـ احرص الناس عمى حياة"‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫األمـ التي نكبت بكصاليـ‪ ،‬فيندر اف تراىـ في صبلتيـ بيا اال عبيدان اذالء ليا يمكركف بيا إذا كانت أقكل‬
‫منيـ‪ ،‬أك جبابرة غاشميف يستعبدكنيا إذا كانكا أقكل منيا‪ .‬كىـ ال يعترفكف بعيد كال يدينكف بذمة‪ ،‬بؿ يمجئكف إلى‬
‫الغدر كالبغي كمما احسكا مف انفسيـ قكة‪.‬‬
‫كقد كصفيـ كثير مف أنبيائيـ في كتبيـ المقدسة بأنيـ شعب غميظ القمب صمب الرقبة‪ ،‬كبأنيـ أبناء األفاعي‬
‫كقتمة األنبياء‪ 19‬كمف الظكاىر البارزة في تاريخيـ كثرة انبياءىـ‪ ،‬كىذا شيء ينفردكف بو دكف سائر األمـ‪ ،‬كال‬
‫تعميؿ لو ػ كما يرل أديب مصرم كبير ػ اال السكء العريؽ في دخائميـ المنككسة‪ ،‬كلكال ىذا السكء البلزب لما‬
‫احتاجكا إلى معشار ىذا العدد مف األنبياء كالمصمحيف‪ ،‬كلكنيـ لمسخ طبائعيـ العريؽ كانكا عمى الدكاـ أىؿ سكء‬
‫فكمما حسنت حاليـ عمى يد نبي أك مصمح ثـ مات‪ ،‬ارتدكا إلى سكئيـ كعصيانيـ‪ ،‬فاحتاجكا سريعان إلى غيره‪،‬‬
‫كىكذا دكاليؾ‪ .‬فكثرة انبيائيـ مخزاة مف مخازييـ كليست مفخرة مف مفاخرىـ كما يريدكف أف يفيمكا كيفيمكا‬
‫الناس‪.‬‬
‫كاينما حاكلكا في قطر حاكال االندساس فيو‪ ،‬كالتسمط عميو اقتصاديان كسياسيان في خفاء‪ :‬بالخديعة كالنساء كالرشكة‬
‫كغير ذلؾ‪ ،‬كربطكا ربطان محصنان بيف مصالحيـ كمصالحو‪ ،‬حتى إذا احس خطرىـ عميو كحاكؿ التخمص مف‬
‫شركرىـ لـ يستطع كاذا ىك استطاع فبتعريض بنيانو لكثير مف اليزاىز كاالضطرابات‪ ،‬فيـ كالمرض الطفيمي‬
‫المزمف الدفيف في العضك‪ ،‬ال نجاة منو اال ببتر العضك نفسو أك بعضو أك أتبلؼ كظيفتو‪.‬‬
‫كىـ يعيشكف كاألمراض الطفيمية عمى الشعكب كحضاراتيا‪ ،‬كاف ديانتيـ تبيح ليـ استعماؿ كؿ الكسائؿ الخسيسة‬
‫كما ال تبيحو الشرائع األخرل ػ مع االحساس بالخطر لقمة عددىـ ػ كىـ يتعاكنكا في األعماؿ المالية كالثقافية‬
‫كالسياسية أشد مما يتعاكف غيرىـ‪ ،‬ألنو ال يحس مف خطر الذلة كالقمة ما يحسكف‪ ،‬كمف أجؿ ذلؾ ينجحكف ماليان‬
‫كسياسيان حيث يخفؽ غيرىـ أحيانان‪ ،‬كىذا ما يعدكنو آية عبقريتيـ كامتيازىـ عمى غيرىـ كاختيار اهلل اياىـ دكف‬
‫العالميف‪ ،‬مع أف غيرىـ لك استباح لنفسو مف الكسائؿ الشريرة بعض ما يستبيحكف لغمبيـ في كؿ مجاؿ‪ .‬كما أنيـ‬
‫في كؿ قطر "جماعة سرية"ال تعمؿ اال لمصمحتيا الخاصة‪ ،‬كما تيدر مصالح غيرىا كلك ببل ضركرة‪ 20‬كيعيشكف‬
‫بمعزؿ في الخفاء ميما كانكا ظاىريف‪،‬كقد بمغ مف كقاحتيـ أف بعض كتابيـ خبلؿ الحرب العالمية األكلى طالبكا‬
‫أف تعترؼ ليـ انجمت ار بجنسيتيف‪ :‬مدنية أنجميزية‪ ،‬كدينية ييكدية‪ ،‬مع أنيـ ىناؾ يستطيعكف اف يصمكا إلى مرتبة‬
‫رياسة الكزراء كرياسة القضاء‪ ،‬كىما أسمى ما يمكف أف يصؿ إليو انجميزم‪.‬‬
‫ثـ أنيـ متماسككف متعاكنكف عالميان رغـ تشتتيـ في مختمؼ الببلد‪ ،‬فانيـ بغير ذلؾ البد اف يذكبكا في األمـ التي‬
‫يعيشكف خبلليا‪ ،‬لقمة عددىـ في كؿ أمة‪ ،‬كىذا التماسؾ كالتعاكف العالمي ىك سر قكتيـ كنفكذىـ محميان كعالميان‪،‬‬

‫‪19‬‬
‫تكرر كصفيـ بذلؾ في العيديف القديـ كالجديد‪ .‬كتكرر في القرآف كذلؾ فيما بيف مف خصائيـ‪ ،‬ال سيما في سكرة البقرة‪ ،‬كمما‬
‫جاء فييـ "كلقد آتينا مكسى الكتاب كقفينا مف بعده بالرسؿ‪ ،‬كآتينا عيسى بف مريـ البينات كأيدناه بركح القدس‪ ،‬أفكمما جاءكـ رسكؿ‬
‫بما ال تيكل انفسكـ استكبرتـ‪ ،‬ففريقاه كذبتـ كفريقان تقتمكف‪ .‬كقالكا‪ :‬قمكبنا غمؼ بؿ لعنيـ اهلل بكفرىـ‪ .‬فقميبلن ما يؤمنكف"‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫حاكال نسؼ بغداد منذ شيكر (‪ )1951‬كىـ يجمكف عنيا‪ ،‬ككانكا جكاسيسي كمخربيف في كؿ قطر في االعكاـ االخيرة‪ ،‬لمحرب‬
‫القائمة بيف األقطار العربية التي تؤكييـ كدكلة اسرائيؿ‪ ،‬قصتيـ مع كؿ االمـ صكرة مكررة لقصة مكسى مع آؿ فرعكف‪ ،‬كما كصؼ‬
‫القرآف "فاتخذه آؿ فرعكف ليككف ليـ عدكان كحزنان"‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫كسر نجاحيـ في التجارة كغيرىا‪ ،‬كأف بدا تشتتيـ ػ في الظاىر الخداع ػ مظي انر لضعفيـ كىذا ما اشاركا إليو في‬
‫آخر البركتكككؿ الحادم عشر‪.‬‬
‫كقد القكا‪ ،‬حيثما حمكا كمنذ كانكا‪ ،‬اضطيادات تثير الحسرة في قمب كؿ انساف‪ ،‬كلكف اجماع كؿ االمـ عمى‬
‫اضطيادىـ ظاىرة تستحؽ التعميؿ‪ ،‬كال عمة ليا إال سكء طبائعيـ كاحساس كؿ األمـ بأنيـ خطر عمييا في السمـ‬
‫كالحرب‪ ،‬كىذه االضطيادات قد أفادتيـ كثي انر‪ ،‬إذ حممتيـ عمى أف يتماسككا كيتعاكنكا لدفع األذل عف أنفسيـ‪،‬‬
‫كما حممت صغارىـ عمى الطاعة العمياء لزعمائيـ طكاؿ عصكر االضطياد كما أشارت البركتكككالت‪.‬‬
‫كىـ يستخدمكف المذاىب المتناقضة لخدمة مصالحيـ‪ ،‬ما دامت تؤدم أخي اير إلى تفكؾ العالـ كالقضاء عمى‬
‫أخبلقو كنظمو كأديانو كقكمياتو‪ ،‬ىذه ىي العكائؽ ضد سمطتيـ العالمية فيما يركف‪.‬‬
‫فيدعكف إلى العالمية كالكطنية المتطرفة‪ ،‬كالتسامح الديني كالتطرؼ الديني‪ ،‬كينشركف الشيكعية‪ ،‬كيشجعكف‬
‫الرأسمالية‪ ،‬كقد ككنكا أخي اير جمعية دكلية ذات نفكذ عالمي قكم الثارة الفتنة كتكسيع مدل الخبلؼ بيف الدكؿ‬
‫الديمقراطية كالشيكعية في الغرب كالشرؽ‪ ،‬كاثارة مخاكؼ كبل الفريقيف مف اآلخر كمما خفت حدتيا‪ ،‬كما كشفت‬
‫ذلؾ أخي انر أقبلـ المخابرات الشيكعية كالديمقراطية معان‪ ،‬فكؿ مف الديمقراطييف كالشيكعييف يتيـ اآلخر بجرائـ‬
‫ضده لـ يرتكبيا‪ ،‬كما ارتكبتيا اال ىذه العصابة الدكلية الييكدية التي مف مصمحتيا التصادـ بيف الديمقراطييف‬
‫كالشيكعييف في حرب عالمية ثالثة لتحطيـ القكتيف معان‪ ،‬كازالة العكائؽ ضد سيادة الييكدية العالمية‪.21‬‬
‫‪ 11‬ـ أين الدولة الييودية؟ واين خطرىا؟ وما مداه؟‬
‫اف الدكلة الييكدية قائمة دكف شؾ لكف ال في اسرائيؿ فحسب‪ ،‬كال في أم رقعة كاحدة محدكدة في جية مف‬
‫األرض‪ ،‬فميست ليا حدكد جغرافية كال لغة كاحدة كال نحك ذلؾ مف مقكمات الدكلة في بعض الببلد‪ ،‬كليس ليذيف‬
‫المقكميف كنحكىما اىمية كبيرة‪ ،‬كاف كاف الييكد قد اتجيكا أخي انر إلى تككيف مممكة اسرائيمية بدأت في فمسطيف‪،‬‬
‫كىي تيدؼ إلى االستيبلء عمى رقعة الشرؽ األكسط كالببلد العربية بخاصة‪ ،‬لتتحكـ في تجارة العالـ بيف الشرؽ‬
‫كالغرب حيث تمتقي القارات الثبلث‪ :‬آسيا كأكركبا كأفريقية‪ ،‬كتشمؿ قناة السكيس‪ ،‬ثـ تستغؿ سكاف ىذه الرقعة‬
‫الضعاؼ في نظرىا‪ ،‬كتستكلي عمى آبار النفط ككؿ المعادف فييا‪ ،‬كاف كانكا ايضان يحاكلكف نشر المغة العبرية‬
‫بعد أحيائيا بينيـ‪ ،‬حتى يتـ لدكلتيـ مقكماف ىاماف شكمياف أكثر مما ىما أساسياف‪ ،‬كىما كحدة اإلقميـ ككحدة‬
‫المغة‪ .‬كىذاف المقكماف مع أىميتيما العظمى غير ضركرييف لقياـ الدكلة الييكدية بخاصة‪ ،‬فيي قائمة بدكنيما‪،‬‬
‫الف المقكمات التي ىي أىـ منيما كال قياـ لدكلة بدكنيما قد اجتمع منيا لمييكد أكثر مما يمزـ‪ ،‬فكاف مف جرائيا‬
‫أف الدكلة الييكدية حقيقة قائمة فعبلن‪.‬‬
‫كأىـ مقكمات الدكلة المتحققة لمييكد كثيرة‪( :‬أكليا) اتحاد مصالحيـ كحاجتيـ االلية لمعاكنة بعضيـ بعضان محميان‬
‫كعالميان‪ ،‬ك(ثانييا) كحدة التاريخ كاالشتراؾ في المفاخر كالمآسي منذ خمسة كثبلثيف قرنان‪ ،‬ك(ثالثيا) كحدة الغرض‬
‫كىك استغبلؿ العالـ لمصمحتيـ‪( ،‬كرابعيا) اضطرارىـ لمتعاكف كالتعصب ليأمنكا عمى أنفسيـ كأمكاليـ مف األمـ‬

‫‪21‬‬
‫انظر في ذلؾ مقاالن لبلستاذ محمد التابعي عنكاف "البحث عف عصابة تعمؿ ضد الشيكعية كضد الرأسمالية" في جريدة "أخبار‬
‫اليكـ" في ‪ 7‬ػ ‪ 6‬ػ ‪ ،1951‬كال يمكف عقبلن أف تككف ىذه العصابة اال ييكدية‪ .‬ألنو ال مصمحة ألحد فييا كيفي اعماليا اال الييكد‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫التي تجمع كميا عمى اضطيادىـ‪ ،‬كىـ اقمية ضئيمة العدد محميان كعالميان‪ ،‬فنذا أىممكا التعاكف كالتعصب بينيـ‬
‫لحظة ذابكا في األمـ‪ ،‬ك(خامسيا) إحساسيـ المشترؾ بالنقـ عمى العالـ بكثرة ما اضطيدتيـ أممو جميعان‪،‬‬
‫كاحساسيـ بنقمة العالـ عمييـ الستغبلليـ اياه كمحاكلتيـ احتكار خيراتو‪ ،‬ك(سادسيا) في منتيى الخطكرة‪ ،‬كىك‬
‫كحدة الديف الذم يمتاز بأنو يحثيـ عمى اعتزاؿ العالـ كالترفع عميو كاحتكار خيراتو كسكانو لخدمتيـ‪ ،‬كيكجب‬
‫عمييـ استغبلؿ أسكأ الكسائؿ كالكذب كالخداع كالسرقة كالقتؿ كالزنا كالربا الفاحش كالتدليس الشاعة الرذيمة فيو‬
‫كحؿ أخبلقو كقكمياتو كأديانو‪ ،‬كأف سيرة إلييـ كانبيائيـ كزعمائيـ تمدىـ بأقكل المثؿ لمتعصب ضد األممييف‪،‬‬
‫كاحتقارىـ كالنقمة عمييـ‪ ،‬كاستباحة كؿ الكسائؿ الدنيئة الستغبلليـ كالتسمط فكقيـ عمى الدكاـ‪ .‬كعاصمة ىذه‬
‫المممكة ىي كتبيـ المقدسة ال سيما التممكد كأقكاؿ ربانيييـ كزعمائيـ الذيف يمدكف ليـ في الضبلؿ مدان‪ ،‬كاف‬
‫ممككيـ ىـ حكماؤىـ الذيف ىـ أيضان أنبياؤىـ‪ ،‬كالييكد يخضعكف ليؤالء الحكماء خضكع التقي لربو‪ ،‬كيطيعكف‬
‫كمماتيـ في عمى طاعة االبناء البررة ال كراـ اآلباء‪.‬‬
‫كنفكذ الدكلة الييكدية قائـ في كؿ مكاف عف طريؽ جمعياتيـ الدينية كالسياسية كالماسكنية سرية كعمنية كنسائيـ‬
‫كخداعيـ كبذر بذكر الفتنة بيف الييئات المختمفة في كؿ قطر كفي العالـ معان‪ ،‬كبنشرافيـ عمى الصحافة كدكر‬
‫النشر كككاالت االنباء كمذاىب العمـ كالفمسفة كالفف كالمسرح كالسينما كالمدرسة كنظـ التعميـ كالبنكؾ كالشركات‬
‫كالمصافؽ (البكرصات) كاىـ منابع الثركة في معظـ الببلد‪ ،‬كاحتكار الذىب‪،‬كنظميـ السرية التي ال يعرؼ‬
‫اىدافيا اال أكابر حكمائيـ‪ ،‬كاف نفذ كبارىـ كصغارىـ خططيا تنفيذان دقيقان‪.‬‬
‫ككاف خي انر لمييكد أف تبقى دكلتيـ قائمة عمى ىذا الكضع الغريب الفريد بيف الدكؿ‪ ،‬النيـ لـ يحرزكا ىذه السمطة‬
‫العظمى اال عف طريؽ ىذا الكضع الشاذ الذم كفاىـ شركر أنفسيـ أكالن‪ ،‬فنف تجمعيـ في رقعة كأمنيـ فييا ال‬
‫بد أف يثير الشر الكامف في انفسيـ بيف بعضيـ كبعض‪ ،‬كأف يغرم بينيـ العداكة البغضاء كما كقع ليـ قبؿ‬
‫تشتيتيـ‪ ،‬إذ كانكا في فمسطيف مممكة ثـ مممكتيف‪ ،‬فسكدكا العصر كمو بالفتف كالمنازعات الدينية كالسياسية‬
‫كاالقتصادية‪ ،‬كما أف تجمعيـ في رقعة سيحرميـ مف الخيرات العالمية التي مؤلت خزائنيـ بالذىب‪ ،‬كمكنتيـ مف‬
‫التسمط عمى خيرات العالـ كأىمو عف طريؽ التطفؿ عمى أرزاؽ غيرىـ كاستغبلؿ عجزىـ كغفمتيـ كاثارة شيكاتيـ‬
‫كغرائزىـ البييمية ليخضعكىـ كالحيكانات‬
‫كاف تجمعيـ سيضطرىـ إلى االعتماد عمى جيكدىـ كحدىـ مع أف تطفؿ بعضيـ عمى بعض عسير‪ .‬كىـ‬
‫كالجراثيـ يعيشكف عيشتيا المتطفمة عمى أجساـ الناس‪ ،‬كما كاف لمجراثيـ اال أف تعيش اال متطفمة‪ ،‬كما كاف‬
‫لتطفميا أف يتحقؽ اال في اجساـ الناس ال في تطفؿ بعضيا عمى بعض ‪.‬‬
‫فالذيف يقصركف الخطر الييكدم أك خطر الدكلة الييكدية عمى ىذه الرقعة الضئيمة ػ في فمسطيف أك في الشرؽ‬
‫األكسط ػ قكـ ال يفيمكف أحداث التاريخ كتياراتو كركحو‪ ،‬كال يفطنكف إلى نظـ االجتماع البشرم‪ ،‬كال يعرفكف‬
‫الكفاية عف الركح المالية لمييكد‪ .‬كخير ليـ كلببلدىـ أف ال يشتغمكا بسياستيا كتكجيييا‪ .‬فيـ في ذلؾ كاألنعاـ بؿ‬
‫ىـ أضؿ سبيبلن‪ ،‬كاف كانكا في غير السياسة مف العباقرة‪.‬‬
‫أف الييكد ال تتأدل بيـ الغفمة ػ كىـ يؤسسكف إسرائيؿ في فمسطيف‪ ،‬أك أقطار الشرؽ األكسط ػ إلى حد نزحيـ‬
‫جميعان مف أقطار العالـ‪ .‬كتكدسيـ في ىذه الدكلة‪ ،‬كأف كمما ييدفكف إليو في رأيي ىك اتخاذ ىذه الدكلة مرك انز‬
‫‪35‬‬
‫يتدفؽ إليو ذىبيـ‪ ،‬كيسيطركف منو عمى التجارة كأعماؿ الصيرفة العالمية بيف الشرؽ كالغرب‪ ،‬كينشركف منو‬
‫المكايد التي تطيح بالعكائؽ ضد تسمطيـ عمى العالـ‪ .‬ىذا مع احتفاظيـ بتشتتيـ في اقطار األرض كما ىـ اآلف‬
‫‪ ،‬ليسيطركا عمييا كيستغمكىا فمف ضاؽ بو العيش في قطره ىجره إلى ىذه الدكلة‪.‬‬
‫كمع ذلؾ فالدكلة الييكدية قائمة‪ ،‬كلكف عمى طريقتيا الشاذة‪،‬كمف مصمحتيـ أف تككف كذلؾ‪ ،‬فمك تجمعكا داخؿ‬
‫بقعة مع قمتيـ ػ كأم شعب صغير مف األممييف ككما كانكا أثناء تجمعيـ في فمسطيف قبؿ تشتتيـ ػ لكانكا‬
‫عرضة لككارث الطبيعة كالزالزؿ كالقحط‪ ،‬كلغارات جيرانيـ األقكياء‪ ،‬كىـ أقمية يسيؿ القضاء عمييـ أك إضعافيـ‬
‫إذا تجمعكا جميعان في إقميـ‪.‬‬
‫كتممس سطكة الدكلة الييكدية كنفكذىا في تسمطيـ عمى اقتصاديات الدكؿ الكبرل كأمريكا كركسيا‪ ،‬ككثير مف‬
‫الدكؿ الصغرل كفي تسمطيـ عمى حككماتيا كمذاىبيا‪ .‬فيـ في الدكؿ الديمقراطية يجمعكف الماؿ بما تعترؼ بو‬
‫ىذه الدكؿ لكؿ الناس مف حؽ الحرية في جمعو‪ ،‬كىـ في الدكؿ الدكتاتكرية يستميمكف حكاميا بذىبيـ كنسائيـ‬
‫ككؿ ما لدييـ مف قكة كنفع ال يستغنى عنو ىؤالء الحكاـ‪ ،‬كي يترككا لمييكد نشاطيـ االقتصادم كغيره فييا‪.‬‬
‫ككذلؾ نممس سطكة دكلتيـ القائمة فعبلن في استيبلئيـ عمى الحكـ في ركسيا‪ ،‬فالمكتب السكفيتي ىناؾ اآلف‬
‫يتألؼ مف سبعة عشر عضكان‪ :‬منيـ أربعة عشر ييكديان صريحان كثبلثة مف أصكؿ ييكدية أك مف صنائع الييكد‪،‬‬
‫كزكجات الثبلثة ييكديات‪.22‬‬
‫كأعضاء المكتب الشيكعي االعمى في بكلندا أحد عشر منيـ سبعة ييكد صرحاء‪.‬‬
‫كتسيطر عمى سير األمكر اآلف في ركمانيا أنا بككر الييكدية الشيكعية‪ .‬كأعضاء المجمس الشيكعي في المجر‬
‫خمسة كميـ ييكد‪ .‬كتشيككسمكفاكيا في قبضة ثمانية رجاؿ منيـ خمسة ييكد‪ .‬كمف اعضاء مجمس العمكـ‬
‫البريطاني الحالي ثمانكف نائبان ييكديان صريحان عدا المتنصريف منيـ كصنائعيـ مف النكاب‪ ،‬كعمى يد بريطانيا‬
‫تحطمت الخبلفة العثمانية التي أبى خميفتيا عبد الحميد أف يبيع جانبان مف فمسطيف ليتخذكه كطنان قكميان‪.‬‬
‫كقد تمكف رئيس كزراء بريطانيا الييكدم دزرائيمي بذىب الييكدم ركتشيمد مف أف يشترم نصيب مصر في اسيـ‬
‫قناة السكيس لبريطانيا بأربعة مبلييف جنيو كي تككف بريطانيا إلى جكارىـ في فمسطيف‪ 23‬فتساعدىـ عمى انشاء‬

‫‪22‬‬
‫معظـ اعضاء المجمس الشيكعي الذم يحكـ ركسيا اآلف (سنة ‪ )1951‬مف الييكد الصرحاء‪ .‬فاألعضاء سبعة عشر ىـ‪:‬‬
‫ستاليف رئيس المجمس‪ ،‬ككاجانكفيتش نائبو‪ ،‬كـ بيريا‪ ،‬كفيرشيمكؼ‪ ،‬كمكلكتكؼ‪ ،‬كشفيرنيؾ‪ ،‬ككيرتشينسنيف‪ ،‬كجكركيف‪ ،‬كاليا ايرىميرج‪،‬‬
‫كديفنسكي‪ ،‬كىينسيرج‪ ،‬كميخميس‪ ،‬كفرميف‪ ،‬كجكدم‪ ،‬كلكزكفسكي‪ ،‬ككافتانكؼ‪ ،‬كبيتر ليفنتسكي‪ .‬كىؤالء ييكد صحراء اال ثبلثة منيـ‪:‬‬
‫ستاليف‪ ،‬كفيرشيمكؼ‪ ،‬كمكلكتكؼ‪ .‬كلكف زكجات الثبلثة ييكديات‪ ،‬كفييـ ييكدم األـ أك الجدة أك صنيعة مجيكؿ النسب مف صنائع‬
‫الييكد‪ ،‬كما أف أسماء كثير مف الييكد بينيـ مزدكجة فمكؿ منيـ اسمو الييكدم األصيؿ المستكر‪ ،‬كاسمو الحركي المشيكر الذم‬
‫يخفي االسـ الييكدم األصيؿ‪ ،‬كىذه عادة كثير مف الييكد حيث احتاج األمر إلى التخفي أكالن‪ ،‬كلك لـ يكف داع إلى التخفي‬
‫اخي انر‪،‬فيبقى االسـ المزيؼ المشيكر دكف االسـ األصيؿ المغمكر‪ ،‬كالحركة الشيكعية عامة حركة ييكدية‪ ،‬فمؤسسيا ىك الييكدم‬
‫كارؿ ماركس كىذا بعض صبلت الييكدية بالشيكعية النظرية كالعممية في ركسيا كغيرىا مف الببلد‪( .‬انظر كتاب "ركسيا الييكدية"‬
‫كتأمؿ الشعار الييكدم البمشفي في صدر ىذا الكتاب كحكلو النجمة المسدسة كىي شعار عمـ إسرائيؿ )‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫انظر المؤامرة بالتفصيؿ في كتاب "يقظة العالـ الييكدم" ص ‪ 186‬ػ‪.191‬‬
‫‪36‬‬
‫كطنيـ القكمي‪ .‬كبريطانيا ىي التي تسمطت عمى فمسطيف عقب الحرب العالمية األكلى عف طريؽ االنتداب بعد‬
‫تحمؿ الخبلفة اإلسبلمية التي ابت الخضكع قبؿ ذلؾ لمطالب الييكد‪ .‬كأف أكؿ مندكب ساـ لبريطانيا كأكؿ نائب‬
‫عاـ ليا في فمسطيف ييكدياف‪ .‬كبريطانيا قد فتحت ليـ أبكاب اليجرة عمى مصراعييا بعد االنتداب‪ ،‬كتحت‬
‫حمايتيا أسس الييكد مستعمراتيـ‪ ،‬كزرعكىا‪ ،‬كككنكا جامعتيـ كمدارسيـ كمعابدىـ‪ ،‬كدربكا فرؽ جيشيـ‪ ،‬فمما‬
‫نضجت الثمرة ترككىا خالصة ليـ‪ .‬كحرص بريطانيا الدائـ عمى نفكذىا في الشرؽ األكسط إنما ىك لمصمحتيا‬
‫كلتحمي إسرائيؿ الضعيفة مف جيرانيا العرب‪.‬كىي التي تغرم الفتنة بيف األقطار العربية‪ ،‬كي التقكل فتخرجيا‬
‫مف الشرؽ كتخرجيـ مف فمسطيف‪.‬‬
‫فبريطانيا تمثؿ معيـ دكر "البمطجي" أك الخفير القكم مع مستغؿ األرض الضعيؼ مستأج انر أك مالكان‪ ،‬فيي‬
‫تحمي مصالحيـ في كؿ بمد ليا فيو نفكذ‪ ،‬لقاء ما تجنيو مف نفع ىناؾ عمى أيدييـ‪ ،‬كلقاء ما ليـ مف نفكذ‬
‫اقتصادم كغيره في العالـ كال سيما أمريكا التي الغنى لبريطانيا عنيا منذ الحرب العالمية األكلى‪ ،‬فمستغؿ‬
‫األرض كمما أحس بشيء مف قدرتو عمى حراسة جانب مف األرض كحده‪ ،‬حد مف نفكذ الخفير عمى ىذا الجانب‬
‫الذم يقدر المستغؿ عمى حراستو بنفسو‪ ،‬كما داـ المستغؿ عاج انز عف حراسة بعض األرض أككميا فيك مضطر‬
‫إلى جيكد الحارس كميا أك بعضيا بمقدار حاجتو إليو‪.‬‬
‫فمك كاف لمييكد قكة اآلف عمى تكسيع إسرائيؿ مف أم جانب‪ ،‬لما كقفت بريطانيا كال غيرىا في كجييـ‪،‬‬
‫كلساعدتيـ بقدر ما ليا ىي مف مصمحة في ىذه المساعدة‪ ،‬كلكف الييكد في إسرائيؿ قكـ حصفاء ال يتيكركف‪،‬‬
‫فيـ يحاكلكف االف مضغ المقمة التي انتزعكىا أكالن قبؿ أف يندفعكا إلى انتزاع غيرىا فيعجزكا‪ ،‬أك ينتزعكىا كلكنو‬
‫ال تنتزع ثانية مف أفكاىيـ قبؿ ازدرادىا‪ ،‬أك يزدردكىا بمشقة ليسكا االف أىبلن لتحمميا‪ ،‬كأما المقـ التي في أيدم‬
‫غيرىـ فيـ مطمئنكف إلى بقائيا سميمة في أيدم أصحابيا ال تؤكؿ حتى تقع في أيدم الييكد‪ ،‬كالبركة في‬
‫بريطانيا حامية الشرؽ التي تكفؿ ليـ جيكشيا الحيمكلة بيف المقـ كأفكاه أصحابيا الجائعيف‪.‬‬
‫كنفكذ الييكد في أمريكا ال يعادلو نفكذ‪ ،‬فيـ الذيف مكركا لبريطانيا حتى أخرجكا أمريكا في الحرب العالمية األكلى‬
‫مف عزلتيا التقميدية عف مشاكؿ العالـ فحاربت في صؼ بريطانيا مقابؿ امكر منيا‪ :‬كعد "بمفكر" الييكدم في‬
‫الك ازرة البريطانية عندئذ‪ ،‬إذ كعدىـ بانشاء كطف قكمي لمييكد في فمسطيف‪ ،‬كحمؿ الدكؿ جميعان عمى االعتراؼ‬
‫بالكعد في مؤتمر الصمح‪ ،‬ثـ العمؿ عمى تنفيذه تحت حماية بريطانيا بعد انتزاع فمسطيف مف الخبلفة العثمانية‬
‫ككضعيا تحت االنتداب‪.‬‬
‫كلكال الييكد لما أمكف بريطانيا اخراج أمريكا مف عزلتيا التقميدية‪ .‬ككاف في اخراج أمريكا مف عزلتيا فكائد أخرل‪:‬‬
‫منيا تحطيـ الرأسمالية غير الييكدية في أمريكا‪ ،‬كفتح اسكاؽ جديدة لرؤكس األمكاؿ الييكدية األمريكية التي‬
‫كانت سياسية العزلة خبلؿ الحرب تحكؿ بينيا كبيف اإلنسياح في أقطار العالـ خارج امريكا‪ .‬كالسياسة في أمريكا‬
‫اآلف خاضعة إلى حد بعيد لنفكذ الييكد‪ ،‬كىـ يممككف خفية بحكـ الكاقع كثي انر مف المناصب‪ ،‬كمنيا رياسة‬
‫الجميكرية‪ ،‬كتركماف كاحد منيـ دكف شؾ‪ ،‬كمستشار البيت األبيض ييكدم‪ ،‬ككثير مف الكزراء كاعضاء‬
‫الككنجرس مف الييكد أك صنائعيـ‪ .‬كىـ يمجئكف دائمان الى التقنع بغيرىـ مف حكاـ األممييف مسيحييف كمسمميف‬

‫‪37‬‬
‫طالما كانت مصمحتيـ في التقنع‪ ،‬حتى ال يثيركا ريب األمييف ضدىـ فيما إذا اكتشفكا خطرىـ الييكدم ضد‬
‫مصالحيـ‪ .‬كقد نجح الييكد اخي انر في جعؿ الدكالر األمريكي اساس النقد في العالـ‪ ،‬كفي أيدييـ قكة الدكالر‪.‬‬
‫كىـ يحاكلكف ػ كما قدمنا ػ أف يجركا القكتيف‪ :‬الشيكعية كالديمقراطية إلى حرب عالمية ثالثة تقضي عمى القكتيف‬
‫كعمى كؿ نفكذ غير ييكدم في العالـ‪ .‬كالى الصيف اآلف ينفذكف عف طريؽ ركسيا الشيكعية الييكدية‪ .‬كقد‬
‫حاكلكا فتح األسكاؽ اليابانية ليـ في أكاخر القرف التاسع عشر‪ ،‬فساعدكا الياباف باألمكاؿ كاألسمحة ضد ركسيا‬
‫التي كانت المذابح كاالضطيادات تنصب فييا يكمئذ عمى الييكد‪ ،‬ككاف ذلؾ مف أسباب انتصار الياباف عمى‬
‫ركسيا سنة ‪ ،1915‬ثـ فتح الصيف أماميـ‪ ،‬كلكف الياباف اغمقت الباب في كجكه الييكد بعد أف انتصركا عمى‬
‫ركسيا‪ .‬كمثؿ ىذا يقاؿ عف نفكذىـ في غير ىذه الببلد كفرنسا كايطاليا كالمانيا كتركيا‪.‬‬
‫كىـ الذيف يعممكف عمى أف تحؿ المشاكؿ دكليان‪ ،‬فيـ دعاة السبلـ بعد كؿ حرب لـ تقـ اال بسبب مكايدىـ‪،‬كىـ‬
‫يستفيدكف كحدىـ في السمـ كالحرب أكثر مف المسالميف كالمحاربيف‪ .‬كىـ الذيف دعكا إلى انشاء عصبة األمـ بعد‬
‫الحرب العالمية األكلى ككاف أكثر السكرتيريف فييا ييكدان‪ ،‬ككذلؾ دعكا إلى انشاء مجمس األمف كىيئة األمـ بعد‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ككانت دعكتيـ إلى انشائيا في مصمحة العالـ اجماالن فنجحت بعض النجاح‪ .‬كلـ يزؿ‬
‫اعضاء مختمؼ كفكد الببلد إلى ىذه المؤسسات جميعيـ أك أكثريتيـ مف الييكد أك صنائعيـ‪ ،‬أك مف يعطفكف‬
‫عمييـ‪ ،‬كاليكنسكك منظمة تكاد تككف ييكدية خالصة مكضكعان‪ ،‬كشبو ييكدية شكبلن‪.‬‬
‫كما خمت ك ازرة منيـ أك مجمس نكاب أك شيكخ أك مجمس بنؾ أك شركة في مختمؼ األقطار‪ ،‬زيادة عمى مف ليـ‬
‫فييا مف صنائع ‪ .‬فكاف عمى رأس الك ازرة البريطانية بعد الحرب العالمية األكلى لكيد جكرج ككاف عطفو عمييـ‬
‫مشيك انر‪ ،‬ككاف عضكاف ييكدياف في ك ازرتو‪ ،‬كما كاف ستة ييكد مستشاريف لمممؾ ىناؾ‪ ،‬كمف كزرائيـ في بريطانيا‬
‫ىكربميشاكشنكيؿ كصمكيؿ ىكر‪ ،‬ككاف كفد بريطانيا إلى أمريكا لتصفية مشاكؿ تمؾ الحرب برياسة المكرد ريدنج‬
‫الييكدم الذم صار بعد ذلؾ رئيس قضاة بريطانيا ثـ نائب الممؾ في اليند كمثمو كاف السير ماتيك ناثاف حاكمان‬
‫عمى "ككينز" مف ممتمكات التاج‪.‬‬
‫كأكبر محطمي القيصرية في ركسيا ىـ الييكد ككاف عمى رأسيـ كرينسكي كتركتسكي كزينكفيؼ كرادؾ الييكد‪،‬‬
‫ككاف لمذىب الييكدم األمريكي كالفدائييف الييكد مف الركس أكفر نصيب في تحطيـ القيصرية كتمكيف‬
‫الشيكعييف مف ركسيا كما بينا فيما بعد‪.‬‬
‫كبعد ىزيمة المانيا في الحرب العالمية األكلى كاف معظـ الكفد األلماني في مؤتمر الصمح مف الييكد‪ ،‬ككذلؾ‬
‫معظـ القابضيف عمى أزمة المانيا‪ ،‬ككاف شيفر لممالية كىاز لمخارجية‪ .‬ككاف كزراء بركسيا جميعان ييكديان‪ ،‬كحاكـ‬
‫بافاريا ييكديان‪ .‬ككاف القابض عمى الحكـ في المجر بيبلكيف الييكدم كاسمو أصبلن "ككىيف"‪.‬‬
‫كليذا النفكذ الييكدم في ركسيا مف جانب‪ ،‬كالدكمؿ الديمكقراطية بريطانيا كأمريكا كفرنسا… مف جانب آخر‬
‫أمكف التفاىـ بيف الجانبيف ضد ىتمر كىزيمة المانيا في الحرب العالمية الثانية‪ ،‬بعد أف كانت ركسيا مع ىتمر‬
‫أكالن‪ .‬كالى ىذا النفكذ يرجع اجتماع أمريكا كركسيا معان ػ في كجية النظر ػ عمى االعتراؼ بدكلة إسرائيؿ‪ ..‬كاليو‬
‫يرجع خذالف األمـ جميعان لمصر في مكقفيا أماـ بريطانيا في مسألة مركر السفف البريطانية في قناة السكيس‬

‫‪38‬‬
‫أخي انر‪ ،‬لف انتصار بريطانيا مف مصمحة الييكد الذيف أضرىـ احتفاظ مصر بحقيا في قناة السكيس كمقاطعتيا‬
‫إسرائيؿ مع أف حؽ مصر القانكني كاضح كالشمس‪.‬‬
‫كمكقؼ تركيا منذ انقبلب "أتاتكرؾ" تجاه العرب كالييكد ال يفسره اال نفكذ الييكد في تركيا‪ ،‬فمك بقيت الخبلفة‬
‫العثمانية ػ رغـ ضعفيا ػ قائمة لما أمكف قياـ كطف ييكدم في فمسطيف‪ ،‬فنكب الييكد تركيا لذلؾ بتسميط بريطانيا‬
‫عمييا أثناء الحرب العالمية األكلى‪ ،‬ككادت بريطانيا تعقد الصمح مع تركيا أثناءىا‪ ،‬كلكف الييكد عطمكه بزعامة‬
‫كيزماف رئيس إسرائيؿ ػ كما ذكر ىك في مذكراتو ػ كبمساعدة بعض النساء فيـ الذيف حالكا دكف الصمح بينيما‪،‬‬
‫حتى تخرب تركيا كتنحؿ خبلفتيا كتمتد حاجة بريطانيا بشدة إلى الييكد‪ .‬كما كاف ليـ نصيب كبير في إلغاء‬
‫الخبلفة‪ ،‬ككاف أحد الثبلثة الذيف سممكا الخميفة قرار العزؿ ييكديان‪ .‬ككاف لنفكذىـ أكبر األثر في طرح تركيا دينيا‬
‫اإلسبلمي كقكانينيا اإلسبلمي كقكانينيا اإلسبلمية كمحاربة المغة العربية كالتبرؤ مف صبلتيا بالعرب‪ .‬ألف الييكد‬
‫كال سيما "الدكنمة" في سبلنيؾ ػ كغيرىا ػ كىـ ييكد يتظاىركف باإلسبلـ ػ ىـ الداعكف إلى الجامعة الطكرانية‬
‫لمتخمص مف اإلسبلـ كالمغة العربية كصمة الترؾ بالعرب‪ ،‬ككاف لذلؾ أثره في أف اصطبغ بيذه األلكاف حكـ‬
‫مصطفى كماؿ الممقب أتاتكرؾ‪ .‬كقد كاف فيو عرؽ مف "الدكنمة"‪.‬‬
‫ككاف حاخاـ الييكد حايـ ناحكـ افندم ىناؾ‪ ،‬كىك الذم فتح لمييكد يكمئذ باب اليجرة إلى تركيا ليككنكا بالقرب‬
‫مف فمسطيف ثـ صار مبعكث مصطفى كماؿ إلى مؤتمر لكزاف ثـ عينو حاخامان لمييكد في مصر‪ .‬كما اشتجر‬
‫خبلؼ في األعكاـ األخيرة بيف العرب كاسرائيؿ اال كانت تركيا مع اسرائيؿ‪ ،‬فيي تعترؼ بيا كتصكت معيا في‬
‫ىيئة األمـ كتمدىا باألسمحة كتجمع ليا األقكات‪ .‬كالعبرة في العبلقات ال سيما الدكلية بالمصالح غالبان ال بأم‬
‫شيء آخر‪ ،‬كاف مصمحة تركيا في تأييد الييكد أكبر مف مصمحتنا في تأييد العرب كالمسؤكؿ عف ذلؾ ساسة‬
‫العرب كالترؾ‪.‬‬
‫كاذف فأم دكلة صغرل أك عظمى كأمريكا أك ركسيا أك فرنسا أك بريطانيا ال تستطاع محاربتيا بأسيؿ مما‬
‫يحارب بو نفكذ ىذه الدكلة الييكدية؟ كاذا كاف المعيار لقكل دكلة ما ىك نفكذىا‪ ،‬فأم دكلة اقكل نفكذان مف‬
‫الييكدية؟‪.‬‬
‫أف قياـ مثؿ ىذه الدكلة عمى ىذا النحك الغريب ال يكمفيا مثبلن االنفاؽ عمى جيش كبير لحمايتيا‪ ،‬كال يعرضيا‬
‫لككارث الطبيعة كال لغارات جيكش االعداء ألنيا مشتتة مكزعة في كؿ انحاء العالـ‪.‬‬
‫ليس ليذه الدكلة إقميـ معيف في العالـ‪ ،‬لكنيا تمتد إلى كؿ أقطاره‪ ،‬فحيث يقكـ نشاط ييكدم تقكـ دكلتيـ‪،‬‬
‫كاالستعمار لـ يجف مف الخير ألم دكلة استعمارية‪ ،‬كلـ يحميا مف شركر المستعمريف كغيرىـ ما اجنى لمدكلة‬
‫الييكدية استعمارىا العالـ عمى ىذا النحك الغريب‪ ،‬كليست العبرة في االستعمار بكثرة الجيكش كاألساطيؿ‪ ،‬بؿ‬
‫بالتسمط االقتصادم كالفكرم كالسياسي‪ ،‬كىك مكفكؿ لمييكدية فيـ مف أعظـ سادة العالـ بنفكذىـ ال شؾ‪ .‬كبيذا‬
‫يقاس خطرىـ‪ .‬كال يقاس بدكلة إسرائيؿ معزكلة عف قكة الييكد العالمية‪ .‬كال بمضاعفة إسرائيؿ عمى ىذا النحك‬
‫ألؼ ضعؼ‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ الييودية تعبث باألديان والثقافات لمصمحتيا‪:‬‬

‫‪39‬‬
‫الييكدم ييكدم قبؿ كؿ شيء‪ ،‬ميما تكف جنسيتو كميما يعتنؽ مف عقائد كمبادئ في الظاىر ليخدـ باعتناقيا‬
‫نفسو كأمتو‪ ،‬فيك يتجنس بالجنسية االنجميزية أك األمريكية أك الفرنسية كيؤيد جنسيتو طالما كاف ذلؾ في مصمحة‬
‫الييكدية‪ ،‬فنذا تعارضت المصمحتاف لـ يكف اال ييكديان‪ ،‬فعضد ييكديتو كضحى بجنسيتو األخرل‪.‬‬
‫كالييكدم يسمـ أك ينتصر نفاقان ليفسد اإلسبلـ كالمسيحية‪ ،‬أك يكجو تعاليـ ىذا الديف الجديد كتقاليده كجية تعكد‬
‫بالخير عمى الييكد‪ ،‬أك تبث ركح المكدة ليـ كالعطؼ عمييـ‪،‬كحيثما ظير مبدأ أك ديف أك مذىب عممي أك‬
‫فمسفي‪ ،‬ىب الييكد ليككنكا مف كرائو‪،‬كيتصرفكا معو بما ينفعيـ‪ ،‬كحيث ظير اضطاد ليـ ظيرت الدعكة إلى‬
‫الحرية كاالخاء كالمساكاة‪ .‬كتاريخيـ مع اإلسبلـ ىك تاريخيـ مع كؿ ديف كمذىب‪ :‬حاربكه في البدء ظاى انر أعنؼ‬
‫حرب‪ ،‬حتى إذا فشمكا ارتدكا يسالمكنو سبلمان كاف ش انر عميو مف حربو الظاىرة‪ .‬كأسمـ منيـ في عيد الخمفاء‬
‫الراشديف كبعده كثير‪.‬‬
‫فكعب االخبار مثبلن يفسر القرآف كيركم االخبار كيمؤل ذلؾ كمو بما يسمى عندنا "االسرائيميات"‪،‬ثـ يسير كثير مف‬
‫الييكد بعده سيرتو‪ .‬حتى أف تخميص الكتب اإلسبلمية الجميمة مف االسرائيميات لتنكء بو ككاىؿ عشرات‬
‫الجماعات مف أكلى العزـ‪ .‬ثـ أنو مف جية أخرل يشترؾ في المؤامرة بقتؿ عمر كيخبره بذلؾ مك انر قبؿ حدكثو‬
‫بثبلثة أياـ كيقرر لو أنو رأل ذلؾ في التكراة‪ ،‬فنذا دىش عمر مف ذكر اسمو فييا تخمص كعب بأف ما جاء‬
‫فييا ىك كصفو ال اسمو‪ .‬كىك مع ذلؾ يكصيو بأف يستخمؼ غيره قبؿ مكتو ثـ يقتؿ عمر بعد ذلؾ بثبلثة أياـ‬
‫كما حدد كعب‪..‬‬
‫كىناؾ غشو لعثماف بعد ذلؾ ثـ غشو لغيره مف كبار المسمميف مما يطكؿ شرحو‪.‬‬
‫كينشط عبد اهلل بف سبأ نشاطان مف نكع آخر‪ .‬فيك يثير غضبة المسمميف عمى خميفتيـ عثماف لما أحدث مف بدء‪:‬‬
‫فنذا طرد مف احدل االمصار ذىب إلى غيرىا كنشط ىذا النشاط المرعب‪ .‬كىك في تنقبلتو بيف العراؽ كمصر‬
‫كالشاـ يؤسس "الخبليا السرية" التي تنقـ عمى عثماف كتثير النقمة عميو‪ ،‬كىك يستميؿ إليو بعض أفاضؿ‬
‫الصحابة مف الجانب الضعيؼ المكشكؼ فييـ ليثكركا معو‪ .‬كىك يغرم الرعاع باألعمياء‪ ،‬كيفسد ثقة الجميع‬
‫بعضيـ ببعض‪ ،‬حتى ينتيي األمر بقتؿ عثماف كانقساـ المسمميف أحزابان كيثير االحزاب المختصمة بعضيا عمى‬
‫بعض‪ ،‬كيغرييا بالقتاؿ‪ .‬كينشب السبئية الرعاع الحرب بيف جيش عمي كاصحاب الجمؿ قبؿ أف يأمر بو القكاد‪.‬‬
‫كىك مف ناحية أخرل ينشط لنشر المبادئ اليدامة لئلسبلـ‪ ،‬فيدعكا إلى االيماف برجعة النبي بعد مكتو‪ ،‬كاذا قتؿ‬
‫االماـ عمي أعمف أنو ينكر قتمو كلك أتكه برأسو ميتان سبعيف مرة‪.‬‬
‫كىكذا انخدع المسممكف فحشدكا في كتبيـ كعقكليـ خرافات التكراة‪.‬‬
‫كىكذا فعؿ اليكد مع المسيحييف كغيرىـ مف ذكم النحؿ كالمذاىب‪ .‬فيـ قد اندسكا مف كراء اإلسبلـ كالمسيحية‬
‫حتى صار كثير مف المسمميف كالمسيحييف يعترفكف ليـ بقداسة كتبيـ‪ ،‬كيمقكنيا ىي كابطاليا بالكالء‪ .‬كقد افمحت‬
‫الدعاية الييكدية في طبع كثير مف العقائد كالنحؿ بما يحقؽ مصمحتيـ‪ ،‬فنرل ركح الكالء كالتيميؿ لبني إسرائيؿ‬
‫كمقدساتيـ يييمف عمى بعض المقدسات المسيحية كاإلسبلمية‪ .‬كلذلؾ يتحرج كثير مف المسمميف كالمسيحييف عف‬
‫مقابمة أعماؿ اإلسرائيمييف بما تستحقو مف النظر الصحيح كالجزاء الرادع‪ ،‬اعتقادان منيـ بأف ىذه ىي ارادة اهلل‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫كلما كاف تفصيؿ ذلؾ كتأييده بالكاقع مما ال يحتممو اال كتاب ضخـ فاننا نقفز قفزة كاسعة إلى العصر الحديث‬
‫فنرل أف الييكد مف كراء كؿ مذىب كفمسفة كنظرية ككؿ نشاط انساني‪ :‬ينشركف مبادئ اإلخاء كالحرية كالمساكاة‬
‫إذا أحسكا االضطياد‪ .‬كما ظير مذىب فكاف مؤديان إلى مسيـ باألذل مف قريب أك بعيد اال قتمكه‪ ،‬أك حكركه بما‬
‫يفسده ىك كينفعيـ ىـ‪ .‬ككؿ ما كاف مؤديان إلى خير ليـ مباشرة ركجكه في كؿ أنحاء العالـ كرفعكا صاحبو بيف‬
‫أساتذة الثقافة العالمييف كلك كاف حقي انر‪ ،‬ككذلؾ يركجكف لكؿ قمـ ما دامت آثاره عف قصد أك غير قصد تساعد‬
‫عمى افساد الناس كرفع شأف الييكد كما فعمكا مع نيتشو الذم تيجـ عمى المسيحية كأخبلقيـ‪ .‬كيقسـ االخبلؽ‬
‫قسميف‪ :‬أخبلؽ سادة كالعنؼ كاالستخفاؼ بالمبادئ‪ ،‬كاخبلؽ عبيد كالرحمة كالبر‪ . .‬مما يتفؽ كركح الييكدية‬
‫كتاريخيا أف كيميد ليا في األذىاف كيجعميا سابقة عمى نيتشو‪ .24‬ككذلؾ ركجكا مذاىب التطكر كأكلكه تأكيبلت‬
‫ما خطرت لداركيف عمى باؿ‪ .‬كاستخدمكه في القضاء عمى األدياف كالقكميات كالقكانيف كالفنكف مظيريف اف كؿ‬
‫شيء بدأ ناقصان شائيا يثير السخرية كاالحتقار‪ ،‬ثـ تطكر‪ .‬فبل قداسة اذف لديف كال كطنية كال قانكف كال فف كال‬
‫المقدس مف المقدسات‪ ،‬كىـ يعبثكف بعمكـ االقتصاد كاالجتماع كمقارنة األدياف‪ 25‬كيسخركنيا لمصمحتيـ كافساد‬
‫اآلداب كالنظـ كالثقافات كالعقكؿ في كؿ انحاء العالـ‪ ،‬كيدسكف فييا نظريات مبيرجة ال يفطف إلى زيفيا اال‬
‫المكىكبكف ذكك العقكؿ المستقمة‪ .‬كىـ كراء كؿ زم مف أزياء الفكر كالعقيدة كالممبس كالسمكؾ ما داـ ليـ في‬
‫ركاجو منفعة‪ ،‬كىـ أحرص عمى تركيجو إذا كاف يحقؽ ليـ المنفعة‪ ،‬كيجمب لغيرىـ الضرر‪ .‬كال تخمك بمد كبيرة‬
‫مف مركز دعاية فكرية تركج ألمثاؿ ىذه األزياء المذىبية كاالتجاىات اليدامة‪ .‬كأخصيا في الببلد الديمقراطية‬
‫كفرنسا‪ .‬كاف ظركفيا الخاصة المعاصرة كالتاريخية لترشحيا أكثر مف غيرىا الداء ىذه الرسالة المخربة‪ ،‬كمف‬
‫مقاؿ لؤلستاذ العقاد عمى "الكجكدية‪ :‬الجانب المريض منيا" قاؿ ما نصو‪" :‬كلف تفيـ المدارس الحديثة في أكركبا‬
‫ما لـ تفيـ ىذه الحقيقة التي ال شؾ فييا‪ .‬كىي أف اصبعان مف األصابع الييكدية كامنة كراء كؿ دعكة تستخؼ‬
‫بالقيـ االخبلقية‪ ،‬كترمي إلى ىدـ القكاعد التي يقكـ عمييا مجتمع اإلنساف في جميع االزماف‪ .‬فالييكدم كارؿ‬
‫ماركس كراء الشيكعية التي تيدـ قكاعد األخبلؽ كاألدياف‪ .‬كالييكدم دركيـ كراء عمـ االجتماع الذم يمحؽ نظاـ‬
‫األسرة باالكضاع المصطنعة‪ .‬كيحاكؿ أف يبطؿ آثارىا في تطكر الفضائؿ كاآلداب‪ .‬كالييكدم ػ أك نصؼ‬
‫الييكدم ػ سارتر كراء الكجكدية التي نشأت معززة لكرامة الفرد فجنح بيا إلى حيكانية تصيب الفرد كالجماعة‬
‫بآفات القنكط كاالنحبلؿ‪.‬‬
‫كمف الخير أف تدرس المذاىب الفكرية‪ ،‬بؿ األزياء الفكرية كمما شاع منيا في أكركبا مذىب جديد‪ .‬كلكف مف‬
‫الشر أف تدرس بعناكينيا كظكاىرىا دكف ما كراءىا مف عكامؿ المصادفة العارضة كالتدبير المقصكد‪"26‬‬

‫‪24‬‬
‫انظر ما اكرده البرتكككؿ الثاني عف نيتشو كداركيف كماركس مف تركيج الييكد مذاىبيـ‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫‪25‬‬
‫انظر مقاالن لنا في الرسالة بعنكاف "ابطاؿ الييكد بيف القرآف كالعيد القديـ" العدد ‪ 926‬في ‪ 2‬ػ ‪ 4‬ػ ‪ .1951‬كانظر البرتكككؿ ‪14‬‬
‫ىنا‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫جريدة "االساس" في ‪ 21‬ػ ‪ 4‬ػ ‪.1951‬‬
‫‪41‬‬
‫كقؿ مثؿ ذلؾ في العبلمة سيجمكند فركيد الييكدم الذم ىك مف كراء عمـ النفس يرجع كؿ الميكؿ كاآلداب‬
‫الدينية كالخمقية كالفنية كالصكفية كاألسرية إلى الغريزة الجنسية‪ ،‬كي يبطؿ قداستيا‪ ،‬كيخجؿ اإلنساف منيا كيزىده‬
‫فييا‪ ،‬كيسمب اإلنساف إيمانو بسيكىان ما دامت راجعة إلى أدنى ما يرل في نفسو كبيذا تخط في نظره صبلتو‬
‫بأسرتو نظره صبلتو بأسرتو كمجتمعو كالككف كما كراءه‪ .‬كلك جعؿ األستاذ فركيد الغريزة الكالدية (األبكة كاألمكمة)‬
‫ىي المرجع لكاف أبعد مف الشطط كالشناعة كأدنى إلى القصد كالسداد‪.‬‬
‫كقؿ مثؿ ذلؾ في عمـ مقارنة األدياف التي يحاكؿ الييكد بدراسة تطكرىا كمقارنة بعض أطكارىا ببعض‪ .‬كمقارنتيا‬
‫بمثميا في غيرىا أف يمحك قداستيا كيظيركا األنبياء مظير الدجاليف‪.‬‬
‫ككذلؾ حركة االستشراؽ التي تقكـ عمى بعث الكتب القديمة‪ .‬فيي في العربية تزحـ مكاتبنا بأتفو الكتب التي ال‬
‫تفيد عممان‪ ،‬كال تؤدب خمقان‪ ،‬كال تيذب عقبلن‪ ،‬فكأنما تؤسس المكاتب لتككف متاحؼ لحفظ ىذه المكميات الخالية‬
‫مف الحياة‪.‬‬
‫كالتي ال يمكف اف تحيي عقبلن أك قمبان أك ذكقان‪ .‬ال‪ .‬بؿ ىي تغرم اإلنساف ػ لتفاىة محتكياتيا ككثرتيا كتفككيا ػ‬
‫بالنفكر منيا إذا كاف سميـ الطبع كالعقؿ‪ .‬أك تحممو عمى التمسؾ بتفاىاتيا فتكرثو الغركر كالغباء كالكبرياء‪.‬‬
‫ككذلؾ يركج الييكد كؿ المعارؼ التافية كالشيكانية كاإللحادية فينا كفي غيرنا اآلف ‪.‬‬
‫كليبلحظ أنو مف الغباء القكؿ بأف الييكد ىـ القائمكف بكؿ ىذه الحركات السياسية كالفكرية كاالقتصادية‪ ،‬فبعضيا‬
‫مف عمميـ كعمؿ صنائعيـ‪ ،‬كبعضان مف عمؿ غيرىـ انسانيان أك طبيعيان‪ .‬كلكنيـ ىـ كالمبلح الماىر ينتفع لتسيير‬
‫سفينتو بكؿ تيار ككؿ ريح ميما يكف اتجاىو‪ ،‬كيسخره لمصمحتو سكاء كاف مكافقان أك معاكسان لو‪.‬‬
‫‪ 12‬ػ ىؿ ينجح الييكد في تأسيس مممكة عالمية؟‬
‫الجكاب‪ :‬ال‪ .‬دكف تردد‪.‬‬
‫أف سمطة دكلتيـ الييكدية ػ عمى النمط الغريب الذم كصفنا ىنا ػ شيء يختمؼ عما كعدتيـ بو كتبيـ المقدسة‪،‬‬
‫كيختمؼ كؿ االختبلؼ عف اقامة مممكة أكتكقراطية عالمية تستعبد العالـ لمصمحة الييكد عمى النحك الذم فصؿ‬
‫ىنا في البركتكككالت‪ ،‬كيجمس عمى عرشيا مسيحيـ المنتظر ممكان كبطريركان معان عمى نحك ما يدبركف‪ .‬فنف‬
‫تككيف ىذه المممكة المقدسة مستحيؿ كؿ االستحالة كاقعيان السباب يكفي االشارة إلى أجدرىا بالذكر‪ .‬كىي التي‬
‫تكحي بأنيا تساعد عمى قياـ ىذه المممكة عمى حيف أنيا تحكؿ دكنو‪:‬‬
‫(أ) مف الحقائؽ القائمة اآلف عمميان تشابؾ المصالح االقتصادية كالمكاصبلت كنحكىا عالميان‪ ،‬حتى صارت‬
‫أقطار األرض كأنيا أعضاء جسـ حي كاحد فبل تحدث أزمة في بمد حتى يرل أثرىا في ابعد الببلد عنيا‪ .‬كماال‬
‫يمرض عضك في الجسـ الحي اال تداعت لو سائر األعضاء بالسير كالحمى‪ .‬كذلؾ دليؿ اتجاه العالـ نحك‬
‫االئتبلؼ كىك ما يعمؿ لو الييكد كيحاكلكف استغبللو القامة مممكتيـ المقدسة‪.‬‬
‫كلكف ىناؾ حقيقة أخرل كاقعة تفسر لنا ىذا االتجاه كمداه كحدكده‪ ،‬كىي أف الكحدة االنسانية ال مكاف ليا حتى‬
‫اآلف في ضمير البشر‪ .‬كما يزاؿ راسخان في ضمير اإلنساف كالؤه لنفسو كأسرتو ككطنو كدينو‪ .‬ككميا مما يحكؿ‬
‫دكف قياـ اإلئتبلؼ العالمي الذم ال يرضي ىذه العكاطؼ كال يحقؽ مصالح الشعكب المختمفة جميعان‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫فكيؼ نتصكر قيامو في صكرة مممكة أكتكقراطية تيدر كؿ حقكؽ الناس كمصالحيـ ألجؿ سيادة طائفة قميمة‬
‫سكاء أكانت مف اآللية أـ المبلئكة فضبلن عف أف تككف طائفة الييكد الذيف ال يعترفكف لغيرىـ بحؽ كال يرغكف لو‬
‫حرمة‪.‬‬
‫(ب) ما نجحت ػ في أم عصر كال مكاف ػ حركة عامة أك خاصة لمجمع بيف جانبيف اال كانت ذات رسالة تحقؽ‬
‫مصالحيا معان كلك كاف ظاى انر فييا تسخير جانب آلخر كي يخدمو‪ .‬فنذا كانت كذلؾ بقيت لمحركة كظيفتيا‬
‫كبقيت الصمة قائمة ضركرية‪ ،‬ألف المغمكب‪ ،‬ال قدرة لو بدكف اىدار مصالحو عمى التخمص مف الغالب‪ .‬بؿ تبقى‬
‫الصمة كيحرص عمييا الجانباف معان ما دامت تؤدم رسالتيا‪ ،‬كلكف كاف الفريؽ السيد أضعؼ مف المسكد‪.‬‬
‫كىذا سر خطير مف أسرار االجتماع كالتاريخ كالسياسية‪ .‬كىك يعمؿ لنا مع بساطتو ككضكحو كعمقو كثي انر مف‬
‫مشكبلت التاريخ كاالجتماع كالسياسة‪ ،‬كمف ذلؾ نجاح الركماف كالعرب كالعثمانييف في االبقاء عمى امبراطكرياتيـ‬
‫حتى في عصكر ضعؼ حككماتيـ كجيكشيـ‪ ،‬كىك يعمؿ نجاح االستعمار في العصر الحديث ثـ خيبتو‪ .‬فقد‬
‫نجح عندما كانت األساطيؿ كسائؿ المكاصبلت بيف اجزاء االرض‪،‬كالقكة البكليسية التي تفتح البحار لكؿ قادر‪،‬‬
‫كتحمي السفف مف القراصنة‪ ،‬كتمنع احتكار أحد جانبان مف البحار دكف غيره‪ .‬كنجح االستعمار االنجميزم في‬
‫اليند طكيبلن‪ ،‬إذ كاف االنجميز ىـ عكامؿ التكاصؿ كتبادؿ المنافع بيف اليند كغيرىا مف الببلد ككانكا عكامؿ‬
‫التكاصؿ بيف أقطار القارة اليندية المتنائية كسمطاتيا المتنازعة‪ ،‬ككؼ باس كؿ سمطة عف األخرل‪ .‬كذلؾ عف‬
‫طريؽ كحدة الحكـ كالمغة (االنجميزية) كالتعميـ (األكركبي) كالتجارة‪ :‬فالينكد الختبلؼ لغاتيـ ال يتخاطبكف اال‬
‫باالنجميزية‪ ،‬كىناؾ غير المغة مف أسباب التقريب كالتكحيد بيف مصالح الينكد أنفسيـ‪ ،‬ككميا لـ تكف لتتحقؽ‬
‫بغير االنجميز‪ .‬فمما ساركا تحت حماية االستعمار في طريؽ االتحاد شكطان بعيدان فطنكا إلى مساكئ االستعمار‬
‫كشدة كطأتو كتطفمو عمييـ‪ ،‬مع أف ىذه الشركر كانت أكالن أشد كأعنؼ منيا أخي انر كقؿ مثؿ ذلؾ في قياـ‬
‫الككمنكلث البريطانية‪،‬كقياـ الخبلفة العثمانية كىي في أشد حاالت الفكضى كالفقر كالفساد‪ .‬كلما استنفد‬
‫االستعمار رسالتو انحؿ مف تمقاء نفسو‪ ،‬كىكذا طكاغيت قريش المختمفكف عمى كضع الحجر األسكد عند بناء‬
‫الكعبة إلى حد التقاتؿ قد اتفقكا أف يضعو أكؿ داخؿ (كلك كاف عبدان أك طفبلن)‪ .‬كىكذا تقكـ الصمة بيف الزكجيف‬
‫أحيانان كاف كاف كؿ منيما يمقت اآلخر أشد المقت كلكنو يخشى عميو ىبة النسيـ‪ ،‬ألف تشابؾ المصالح‬
‫الضركرية بينيما كتربية األكالد يجعميا ال تتحقؽ اال في ظؿ ىذه الزكجية الممقكتة‪.‬‬
‫كليس لممممكة االسرائيمية عمى النحك الذم كصؼ اليكد أية رسالة عالمية‪ ،‬العالـ غير متيييء ليا‪ :‬فبل تستطيع‬
‫قكل السمكات كاألرض أف تكره األمـ جميعان عمى اىدار مصالحيا مف أجؿ الييكد كلك كانت تمؾ ىي ارادة "ييكه‬
‫رب الجنكد" كفرؽ بعيد بيف تشابؾ المصالح الييكدية مع مصالح الدكؿ الكبرل كالصغرل منفردة بكؿ دكلة‪ ،‬كىك‬
‫سر نفكذىـ‪ ،‬كتشابؾ ىذه المصالح مع مصالح الدكؿ مجتمعة‪.‬‬
‫(ج) يظير مف تطكر التاريخ كما يرل االستاذ العقاد ػ أنو متجو إلى االعتراؼ بالحرية كالكرامة االنسانية لكؿ‬
‫إنساف ‪ ،‬ألنيا مناط المسؤكلية الذم يميز أنسانان مف إنساف ‪ ،‬كأمة مف أمة‪ ،‬كىذه حقيقة راسخة في بنية اإلنساف‬
‫فردان كمجتمعان رسكخ انسانيتو‪ ،‬باقية بقاءىا‪ ،‬فكؿ ما يصطدـ بيذا االتجاه أك يعاكسو فمصيره االنييار‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫كالمممكة االسرائيمية العالمية المرسكمة ىنا تيدر كؿ حؽ ككؿ كرامة لغير الييكد‪ ،‬كتحتكر ليـ المصالح فكؽ‬
‫ذلؾ فبل سبيؿ إلى قياميا‪.‬‬
‫(د) اف الييكد ال يتعاطفكف كال يتعاكنكف اال مشتتيف شاعريف بالخطر العاـ ضدىـ‪ ،‬كبأنيـ ػ إذا لـ يتعصبكا‬
‫كيتعاكنكا ػ ذائبكف في األمـ ال محالة لقتميـ محميان كعالميان‪ .‬فنذا احسكا باألمف نزع الشر الكامف في دخائميـ‬
‫الممسكخة‪ ،‬كتبيغت قمكبيـ بالدـ الفاسد‪ ،‬كثارت بينيـ العداكة كالبغضاء‪ ،‬كاف كرىيـ عنيؼ كقتاليـ شديد‪،‬‬
‫فمصيرىـ ػ إذا أمنكا ػ أف يفني بعضيـ بعضان‪ ،‬فيـ كما قاؿ نيتشو "عش في خطر" كقد أحسف القرآف كصفيـ‪ ،‬إذ‬
‫قاؿ‪" :‬ال يقاتمكنكـ جميعان اال في قرل محصنة‪ ،‬أك مف كراء جدر‪ ،‬بأسيـ بينيـ شديد‪ ،‬تحسبيـ جميعان كقمكبيـ‬
‫شتى‪ ،‬ذلؾ بأنيـ قكـ ال يعقمكف" فمصمحتيـ في التشتت كىك سبب مف أسباب مكنت ليـ مف التسمط محميان‬
‫كعالميان‪ ،‬كجنبتيـ شر الخبلفات الحادة بيف بعضيـ كبعض‪.‬‬
‫(ىػ) كىناؾ حقيقة دكف ما قدمنا أىمية‪ ،‬كاف كانت‪ ،‬جديرة بالنظر ‪ ،‬ىي قمة عددىـ محميان كعالميان‪ ،‬فعددىـ في‬
‫العالـ ال يبمغ عشريف مميكنان‪ .‬كال يمكف أف ينجح ىذا العدد ػ إذا اجتمع في مكاف فيتسمط عمى العالـ‪ ،‬كلك اكتي‬
‫كمـ نيـ مف القكة العقمية كالخمقية كالعضمية حظ مائة إنساف ‪ .‬كاف نجاح الييكد مشتتيف مقنعيف في النفكذ‬
‫العالمي شيء كنجاحيـ مجتمعيف مكشكفيف شيء آخر‪ .‬كسكاء أكاف القائـ بالمشركع كالكاعد بو إلييـ "ييكه رب‬
‫الجنكد" أـ اجتمعت عميو ككعدت بو آلية السمكات كاألرض ػ فميس ىذا المشركع قاببلن أف يتحقؽ كلك كاف‬
‫بعضيـ لبعض ظيي انر‪.‬‬
‫‪ 13‬ـ المبادئ الصييونية شر من المبادئ المكيافيمية‪:27‬‬
‫كمما لكحظ عمى البركتكككالت منذ ظيركىا في الركسية حتى انتشارىا في لغات أخرل أف بعض الطغاة كأعكانيـ‬
‫يتخذكنيا دستك انر ليـ في الحكـ كالسياسة جزئيان أك كميان‪ ،‬كقد يجنح ذلؾ ببعض المتعجميف إلى مؤاخذة نقمتيا في‬
‫ذلؾ كأنيـ الذيف أغركا أكلئؾ الطغاة بالطغياف كعممكىـ كسائمو‪ ،‬ككأنما أكلئؾ الطغاة لك لـ يقفكا عمى ىذه‬
‫الكثائؽ قمما نزعكا إلى الطغياف كال عرفكا إليو سبيبل‪.‬‬
‫كالمبلحظة ال تخمك مف صحة كعدؿ‪ ،‬كلكف المؤاخذة مف جميع كجكىيا باطمة ظالمة‪ ،‬كىي فكؽ ذلؾ سخيفة‪،‬‬
‫كالداء كما يعمـ المطمعكف قديـ‪.‬‬
‫فمما صرح بو ركزنبرغ الذم كاف يمقب "فيمسكؼ النازية" انو اطمع عمى البركتكككالت كانتفع بيا في كضع فمسفتو‬
‫السياسية‪ ،‬ككاف عكنان لمطاغية ىتمر في سياستو القكمية كالعالمية التي تشبو سياسة البركتكككالت مع كضع‬
‫األلماف منيا مكاف الييكد ليككف لو سمطاف أمتو‪ ،‬كيككف ألمتو سمطاف العالـ‪ ،‬كقد اضطيد الييكد كفؽ الكسائؿ‬
‫التي رسمتيا البرتكككالت فجرعيـ ما أعدكا لمعالـ مف الزعاؼ كالزعاؽ‪.‬‬
‫كميما يكف مف تأثير ركزنبرغ البركتكككالت في فمسفتو السياسية‪ ،‬ثـ مف تأثيره في ىتمر ػ كىذا ما ال دليؿ عميو ػ‬
‫فنف ىتمر ما كاف ليطغى لكال أحكاؿ أمتو الجغرافية كالتاريخية قديمان كحديثان‪ ،‬كىذه األحكاؿ كحدىا ىي التي تمكف‬

‫‪27‬‬
‫ىذه الفصمة كما يمييا مف زيادات الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪44‬‬
‫كؿ حاكـ أللمانيا مف الطغياف سكاء كاف كأكبر أمرائيا في ضخامة الحسب كالنسب‪ ،‬أك كاف الجاكيش النقاش‬
‫المعتكه ىتمر في قماءة حسبو كنسبو‪.‬‬
‫كمف يطالع تاريخ األمة األلمانية في القرنيف األخيريف كلك باالجماؿ‪ ،‬كيقؼ عمى شيء مف ركحيا القكمية‪ ،‬ال‬
‫يعجب الحتماليا ما يسكميا حكاميا مف استبداد مع تقدميا في الثقافة كالحضارة‪ ،‬كىك استبداد ال تطيقو امة أقؿ‬
‫منيا عددان كثقافة كحضارة لك كانت أحكاليا التاريخية كالجغرافية خي انر مف أحكاؿ ىذه األمة الضخمة‪ .‬ككذلؾ مف‬
‫يطالع لمعان مف الفمسفة السياسية األلمانية كنظرياتيا في الدكلة قبؿ ىتمر ال يعدـ فييا كؿ جذكر السياسة اليتمرية‬
‫عند أكبر فبلسفة األلماف مثؿ كنت كىيجؿ كنيتشو‪ ،‬ككميـ قد ماتكا قبؿ ظيكر البركتكككالت‪ ،‬كقبؿ تككيف‬
‫ركزنبرغ فمسفتو السياسية التي ال تعدك أف تككف صكرة ناصمة مضطربة لمفمسفة السياسية عند مف سبقكه مف‬
‫كبار فبلسفة األلماف‪ ،‬كاف كانت صكرتو أكثر عصرية‪.‬‬
‫كالمطمعكف عمى فمسفة التاريخ يعممكف مف حقائقو منذ أقدـ العصكر إلى أحداثيا أف العبلقة بيف الحاكـ كالمحككـ‬
‫في أمة إنما تقكـ عمى ركح األمة كأحاليا التي تككنيا كتجددىا في بطء كأناة مفرطة ‪ ،‬كقد صكرت ىذه العبلقة‬
‫أبمغ صكرة كأكجزىا في إحدل جكامع الكمـ النبكية "كما تككنكا يك ٌؿ عميكـ"‪.‬كما صكر الزعيـ الجاىمي "األفكه‬
‫األكدم" أىـ جكانب ىذه العبلقة عمى اختبلؼ أحكاؿ األمـ االجتماعية كالسياسية في أبياتو الحكيمة البميغة إذ‬
‫قاؿ‪:‬‬
‫كال عماد إذا لـ ترس أكتاد‬ ‫"كالبيت ال يبتنى اال لو عمد‬
‫كساكف بمغكا األمر الذم كادكا‬ ‫فنف تجع أكتاد كأعمدة‬
‫كال سراة إذا جياليـ سادكا‬ ‫ال يصمح الناس فكضى ال سراة ليـ‬
‫فنف تكلت فباألشرار تنقاد‬ ‫تيدل األمكر بأىؿ الرأم ما صمحت‬
‫نما عمى ذاؾ أمر القكـ فازدادكا"‬ ‫إذا تكلى سراة الناس أمرىـ‬
‫ككذلؾ ألمع أديبنا المصرم السيد تكفيؽ البكرم إلى أساس الطغياف‪ ،‬إذ قاؿ عمى نكر ماتقدـ كغيره‪.‬‬
‫فتبكء منو بفادح األثقاؿ‬ ‫"ال تعجبكا الظمـ يغشى أمة‬
‫ألـ المريض عقكبة االىماؿ‬ ‫ظمـ الرعية كالعقاب لجيميا‬
‫كقد يعمـ المطمعكف عمى التاريخ أف الطغياف أعرؽ اساليب الحكـ في اعرؽ عصكر اليمجية كأف صكر أساليب‬
‫الديمقراطية تختمؼ اختبلفان كبي انر في بكاعثيا ككسائميا كغاياتيا كدعاكاىا الصحيحة كالزائفة ثـ في مظاىرىا‬
‫أيضان‪ ،‬باختبلؼ بيئات األمـ كاحكاليا كخبلئقيا‪ ،‬كاما أسمكب الطغياف فنف حككماتو كالتكائـ كمظاىره حيث كاف‬
‫"قريب حيف تنظر مف قريب" كما قاؿ حكيمنا المعرم‪ ،‬كقمما تختمؼ أم صكرتيف لمغطياف مع تباعد األزمنة‬
‫كاألمكنة‪ .‬كما أف مرجعو في النفكس كحد ىك اضمحبلؿ الجماعة لتخمؼ كعييا السياسي‪ ،‬أك اضطراب‬
‫معايشيا‪ ،‬أك تفكؾ أكاصرىا‪ ،‬أك تخادؿ ىمميا‪ ،‬أك فتكر نخكتيا‪ ،‬كحيث يككف القصكر عف غفمة أك ضعؼ تقكـ‬
‫كصاية الطغياف بخداعو كغشمو‪ ،‬كأما حيث ال غفمة فبل خداع‪ ،‬كحيث ال ضعؼ فبل غشـ‪ ،‬كال حاجة بعد ذلؾ‬
‫إلى كصاية طاغية كال قياـ لطغياف‪ ،‬انما ىي ثقة بيف الكبار كالصغار تحفز الجميع إلى التعاكف بالقسط عمى‬
‫جمب المنافع كدفع المضار مشتركيف‪ ،‬ككؿ شريؾ كحظو مف القكة كاالمانة‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫ثـ مف الفرصة المتاحة عف تراض أك نحكه بيف الكبار كالصغار‪ ،‬مع بقاء الكبير عمى كبره دكف تيو كال تطاكؿ‪،‬‬
‫كبقاء الصغير عمى صغره دكف خزم منو كال ذلة‪.‬‬
‫كمف ىذا العرض يظير لنا السخؼ كالتيافت في المكاخذة التي يعقب ىبا النقاد المتعجمكف عمى نقؿ‬
‫البركتكككالت بيف المغات‪ ،‬كنشرىا بيف األمـ ليحذركىا الخطر الييكدم‪ ،‬مع اف ىذا النشر كالتحذير كاجب حتـ‬
‫عمى كؿ مف استطاعو بقكتو كأمانتو كفرصتو‪.‬‬
‫كىذا النكع مف المؤاخذات السخيفة المتيافتة التي ينزلؽ إلييا الفكر الضيؽ الطائش ببلء قديـ أيضان في تاريخ‬
‫البشر‪ ،‬فعندما نشر أديبنا الجاحظ قبؿ أحد عشر قرنان كتابو "حيؿ المصكص"آخذه بعض معاصريو كتابعييـ بيف‬
‫اعدائو كاعداء مذىبو االعتزالي بأنو يركج ىذه الحيؿ فيعمـ السرقة كيغرم بيا‪ ،‬كأنيـ لـ يفطنكا إلى حقيقة ال‬
‫خفاء فييا عمى نظر برمء مف الغرض‪ ،‬ىي أف الجاحظ أراد مف كشؼ ىذه الحيؿ تحذير الناس مف الكقكع فييا‪،‬‬
‫كتبصيرىـ بيا حتى ال تككف أمكاليـ كأركاحيـ نيبان يسي انر لممحتاليف‪ ،‬ككذلؾ اتيمكا بتعميـ التجار الغش كاغرائيـ‬
‫بو حيف كتب يكشؼ كسائؿ غش السمع‪ ،‬كلـ يكف الرجؿ في ىذه التيـ اال مظمكمان في نيتو كنتيجة عممو معان‪،‬‬
‫فنف عدد االشرار مف المصكص كغششة التجار لـ يزد كاحدان بعد انتشار كتب الجاحظ في حيؿ المصكص‬
‫كغش التجارة‪،‬بؿ نقص عدد المخدكعيف كثي انر‪.‬‬
‫كىؿ كاف لمجاحظ كغيره مف ذكم االقبلـ كال سيما مف ينيجكف نيجو في النية كالتأليؼ اال كمف يرفع مصباحان‬
‫في طريؽ كثيرة العقبات كالمنعطفات كالمعاثر كالمزالؽ كي يكشفيا لمساريف فيحذركىا‪ ،‬كفييـ البررة كالفجرة؟‪.‬‬
‫مف ىؤالء الساريف مف خرج مستضيئان بالمصباح إلى حيث يصمي هلل‪ ،‬أك يزكر صديقان‪ ،‬أك يعكد مريضان‪ ،‬أك‬
‫يصؿ رحمان‪ ،‬أك يقضي لنفسو أك لغيره حاجة في حؽ‪ ،‬أك نحك ذلؾ مف أعماؿ البر‪ ،‬كمف الساريف الشؾ مف‬
‫يخرج مستضيئان بالمصباح طمعان في السطك أك الغيمة أك الريبة أك نحكىا مف أعماؿ الفجكر‪ ،‬كلكف أيقترح عاقؿ‬
‫ترؾ الطرؽ مظممة لتعجيز أكلئؾ كالفجرة ليبلن عما يجرمكف؟كماذا يمنع مف المضي مع ىذا االقتراح السخيؼ‬
‫إلى مداه فنعترض عمى شركؽ القمر ثـ شركؽ الشمس بحجة أف الظبلـ مف عكائؽ الجريمة كالنكر مف ميسراتيا‬
‫كالمغريات بيا أحيانان؟ ثـ أليس النكر عكنان لمشرطة حماة المف عمى مطاردة المجرميف؟‪.‬‬
‫لئف كاف أحد أكلى بالمؤاخذة عمى ما سطر فيك مكيافمي صاحب كتاب "األمير" ‪ The prince‬الذم فصؿ‬
‫بيف السياسة كاالخبلؽ‪ ،‬كسكغ فيو مبادئ الحكـ المنافية لآلداب االنسانية‪ ،‬كمف أفظعيا مبدأ "الغاية تبرر‬
‫الكسيمة" حتى استحقت كؿ سياسة غاشمة خادعة دنيئة أف تنسب اليو فيقاؿ انيا‬
‫"سياسة مكيافمية"‪.‬‬
‫كلقد نسب إلى كتاب ذا الفيمسكؼ أنو أغرل كثي انر مف الحكاـ بالطغياف كال نجد حجة كاحدة عمى صحة ىذه‬
‫التيمة‪ ،‬أك ال نجد حاكمان كاف با انر في سياستو فمسختو قراءة الكتاب طاغية‪ ،‬أك حاد عف العدؿ كالميف إلى الظمـ‬
‫كالقسكة‪ ،‬كلـ يزد الطغاة كاحدان بظيكر مكيافمي ككتابو‪ ،‬كال استفاد الطغاة كال أعكانيـ مف ذكم األلسنة كاألقبلـ‬
‫مسكغان جديدان لمطغياف مف كؿ ما حشد ىذا الغر المغركر في كتابو األمير كسائر كتبو‪ ،‬كال مف كؿ ما حشد‬
‫أمثالو مف فبلسفة السياسة‪ .‬ككؿ ما استفاده قراؤىا ىك ما استفاد قراء كتب الجاحظ في حيؿ المصكص كغش‬
‫التجارة‪ ،‬كاف اختمؼ المؤلفاف في ذلؾ غرضان كأسمكبان‪ ،‬فالجاحظ لـ يكف لصان كال مسكغان لمصكصية‪ ،‬كال تاج انر‬
‫‪46‬‬
‫غاشان كال مسكغان لمغش في التجارة‪ ،‬كمكيافمي لـ يكف طاغية كاف سكغ لبعض الحكاـ الطغياف‪ ،‬ككبلىما صاحب‬
‫بحث كنظر ال صاحب تدبير كعمؿ‪ ،‬ككؿ حكلو كحيمتو اف يكتشؼ ثـ يكشؼ لغيره كسائؿ أصحاب الحكلة‬
‫كالحيمة‪ ،‬كاف استيجف الجاحظ مسمؾ مجرميو عف فطنة ككرامة‪ ،‬كاستحسف مكيافمي مسمؾ مجرميو في غفمة ال‬
‫ميانة ‪.‬‬
‫كنقمة البركتكككالت في تراجميا المختمفة أشبو بالجاحظ في النية كالعمؿ كالغاية‪ ،‬كاف كاف كاتبيا كمقركىا‬
‫الصييكنيكف أشبو بمكيافمي عمبلن‪ ،‬كش انر منو في نيتو كغايتو‪ ،‬كىـ يغترفكف مف كتابو معظـ أسسيـ كتفسيراتيـ‬
‫السياسية كال سيما في القسـ األكؿ مف البركتكككالت‪ ،‬كما ألمعنا إلى ذلؾ في بعض المكاضيع‪ ،‬كمف الفركؽ بيف‬
‫مكيافمي كبينيـ أف نظرتو االجتماعية جزئية كنظرتيـ شاممة‪ ،‬كالنطاؽ الذم يستبيح ىك فيو مبادئو غير األخبلقية‬
‫ال يتعدل دكلة محدكدة في بقعة لفترة معينة تنتيي بانتياء الفتنة فييا ككبح أصحابيا الذيف مزقكا األمة كعاثكا‬
‫فييا فسادان‪ ،‬كالنطاؽ الذم يستبيحكف فيو مبادئيـ غير األكقات سكاء كانكا في الطريؽ إلى السمطة أك كانكا عمى‬
‫قمتيا‪.‬‬
‫كالطاغية عند مكيافمي ال ينكر األخكة االنسانية اساسان بينو كبيف المفسديف مف أصحاب الفتف‪ ،‬كال يفترض العداء‬
‫األصيؿ الدائـ بينو كبينيـ‪ ،‬فضبلن عف أف ينظر ىذه النظرة إلى سائر الرعية في األمة كمكيافمي ال يسكغ‬
‫لمطاغية كسائمو االجرامية اال مع ىؤالء المفسديف الذيف يعكلكف في سمطانيـ عمى نشر الفتف في األمة كحماية‬
‫كؿ فتنة بالعنؼ كالخديعة‪ .‬كالطاغية بيف أعدائو المفسديف كما تعرض الصكرة المكيافمية في ابشع األكضاع انما‬
‫ىك لص بيف لصكص‪ ،‬كلكف المص الطاغية أبعد ىمة كاعظـ كفاية كأشد قكة‪ ،‬ثـ ىك بعد ذلؾ أليف مساسان‬
‫بسائر الرعية كأقرب إلى مصمحتيا العامة كأنزع إلى خيرىا الشامؿ‪ ،‬كمف ىنا تسكغ لو الشنع معيـ‪ ،‬كاف كاف ىك‬
‫كىـ لصكصان في معاممة بعضيـ بعضان‪.‬‬
‫أما الطغياف الصييكني في البركتكككالت فيك قائـ عمى انكار األخكة اإلنسانية أساسان بيف الييكد الطغاة كسائر‬
‫األمـ‪ ،‬كىك يفترض العداء الدائـ بيف الييكد كالطغاة حتى سائر الرعية أك األمـ الختبلفيـ عنيـ في أصؿ‬
‫الطبيعة كأساس االجتماع‪ ،‬كىذا أشد أنكاع الطغياف اجرامان كخبثان‪.‬‬
‫كمكيافمي ال يسكغ لطاغيتو جرائمو اال لدفع مكركه أكبر في نظره كنظر كؿ حصيؼ‪ .‬ىذا المكركه ىك اختبلؿ‬
‫األمف كالنظاـ في أمة حيف تنازعيا سمطات ظالمة متدابرة األىكاء كالمصالح‪ ،‬كؿ ىميا استنزاؼ خيرات األمة‬
‫كاثارة الفتف بيف صفكفيا أك ابقاء الفتف الناشئة بينيا‪ .‬كاف ىؤالء المتسمطيف المتنازعيف عصابات المصكص أك‬
‫القراصنة أك قطاع الطرؽ في البحر كالبر كيتنازعكف السمطة‪ ،‬كىميـ جميعان أسبلب المارة الكادعيف في الطريؽ‪،‬‬
‫فيحاكؿ الطاغية عندئذ القضاء عمى ىذه العصابات بكسائؿ مف جنس كسائميا دكف أف يتسمط مثميـ‪ ،‬بؿ ليعيد‬
‫األمف كالنظاـ إلى الجميع‪ .‬كذلؾ قكؿ الداىية األريب عمرك بف العاص في كصية ابنو‪:‬‬
‫"يا بني‪ ،‬مكت ألؼ مف العمية أقؿ ضر انر مف النقاع كاحد مف السفمة‪ .‬يا بني‪ ،‬إماـ عادؿ خير مف مطر كابؿ‪،‬‬
‫كأسد حطكـ خير مف إماـ ظمكـ ‪،‬كاماـ ظمكـ غشكـ خير مف فتنة تدكـ"‪.‬‬
‫كأما حكماء صييكف أك حمقاىا في البركتكككالت كغيرىا مف أسفراىـ فطغيانيـ ىـ كسائر الييكد عمى األمـ ىك‬
‫طغياف رؤساء القراصنة كقطاع الطرؽ بمعكنة رجاليـ ضد المارة الكادعيف في البحر أك البر‪ ،‬كليسكا في شيء‬
‫‪47‬‬
‫مف مكيافمي الذم يكتفي بتسجيؿ حركة الطغياف في ذلؾ "النطاؽ المحدكد" كأحيانان يسكغو عف غفمة كحسف نية‬
‫ال عف ضراكة بالشر كال رغبة في الفتنة كالفساد كالييكد‪.‬‬
‫كطاغية مكيافمي بمثابة الشرطي الذم يتحمؿ مسؤكلية األمف كالنظاـ بيف الناس‪ ،‬فيحارب العابثيف بما يبدك لو‬
‫مف كسائؿ‪ ،‬كلك كانت مف جنس كسائؿ العابثيف‪ ،‬كقد يخكف أمانتو عف اختيار أك اضطرار فيسطك عمى‬
‫الكادعيف باألذل كالسرقة أحيانان‪ ،‬كلكنو ال ينسى أف أصؿ عممو ىك كفالة األمف كالنظاـ‪ ،‬كلكف طاغية الييكد مع‬
‫سائرىـ تجاه غيرىـ إنما ىك رأس عصابة مف العابثيف ال ىـ ليا فيما بيف أنفسيا اال السطك عمى الكادعيف‪ ،‬كال‬
‫شأف ليا باألمف كالنظاـ إال حيث يمكنيا ذلؾ مف زيادة استنزاؼ أمكاؿ الناس لمصمحتيا‪.‬‬
‫كأخي انر حكماء الييكد كاسائرىـ انما ىـ كمصكص الجاحظ كأما نقمو بركتكككالتيـ فانما ىـ كالجاحظ الذم اكتشؼ‬
‫حيؿ أكلئؾ المصكص فكشفيا لمناس كرجاؿ األمف كالنظاـ رغبة في حماية األركاح كاألعراض كاألمكاؿ‪.‬‬
‫كأكبر مسؤكليات أصحاب البركتكككالت ىك النية السيئة فييا ثـ الخطة الشيطانية ضد سائر األمـ ليبلكيا‪ ،‬كلكال‬
‫ذلؾ لما زاد كتابيـ عمى كتاب مكيافمي كأمثالو في الفائدة كالضرر‪ ،‬كربما كانت فائدة كتاب مكيافمي أكبر مف‬
‫ضرره ألنو بيكشؼ لمناس مبادئ الطغياف ككسائمو كجنايتو عمى األركاح كاألخبلؽ‪ ،‬كالممكات كاألذكاؽ‪ ،‬كالجيكد‬
‫كاألرزاؽ‪ ،‬كال يحكؿ حاكمان مف العدؿ إلى الطغياف‬
‫‪ 14‬ـ موقف المفكرين في حرب الصييونية‪:‬‬
‫أما ىذه الممحمة بيننا كبيف الشعب الييكدم الذم أحذر خطره‪ ،‬كأحذر الناس إياه فأنا فييا كما قاؿ الحارث بف‬
‫عبادة الزعيـ الجاىمي‪:‬‬
‫"لـ أكف مف جناتيا عمـ اهلل كاني بحرىا اليكـ صالي"‬
‫كأما مكاني منيا فيك مكاف الغيكر عمى االنسانية أف يستياف بحرمانيا كقيمنيا ميما يكف الباعث أك الكسيمة أك‬
‫الغاية مف ىذه االستيانة‪ ،‬فنف العالـ كمو ألىؿ لمعنة كاليكاف‪ ،‬إذا تكاطأ بيما عمى االستيانة بكرامة انساف كاحد‬
‫أك القسكة عمى حيكاف كاحد‪ ،‬فكيؼ ال يغضب أىؿ الخير كالمركءة حيف تتكاطأ شرذمة مف البشر قمت أك كثرت‬
‫كما يتكاطأ الييكد عمى االستيانة بسائر األمـ كاحتقارىا كاىدار كيانيا كحياتيا جممة‪ ،‬ال لباعث اال الكبرياء‬
‫كاألثرة التي تممي لمييكد أف يعتقدكا انيـ شعب اهلل المختار‪, ،‬اف سائر األمـ متاع ليـ ال قيمة لو اال بقدر ما‬
‫ينفع الييكد أغمظ أنكاع المنفعة‪.‬‬
‫كاهلل يعمـ أنني ال أجاىد الخطر الييكدم اال عف غيرة انسانية قبؿ أف أجاىده عف غيرة قكمية أك غيرة دينية‪،‬‬
‫كليس بيني كبيف ىذا الشعب ترة شخصية‪ ،‬فما أعرؼ أحدان منو نالني بسكء خاص‪ ،‬بؿ أراني مدينان بحظ مف‬
‫الفضؿ لـ تمقيت دركسيـ أك قرأت كتبيـ مف أبنائو‪ ،‬كما أرل األمـ مدينة لو ببعض ما عمـ كعمـ‪ ،‬كاف كنت أرل‬
‫أف حظو فيما أخذ منيا في عالـ الثقافة أضعاؼ ما اعطاىا‪ ،‬كأكبر مف ذلؾ ما أخذ منيا في عالـ الحضارة كلـ‬
‫يعطيا قط اال حظان ال يؤبو بو في كثير كال قميؿ‪ ،‬فقد كاف الشعب الييكدم منذ ظير عالة عمى مف حكلو مف‬
‫األمـ في كؿ كجكه النشاط الثقافية كالحضارية كما كاف عالة عمييا في اكتساب الرزؽ كالحماية‪.‬‬
‫كليس ىتافي ىنا بالخطر الييكدم صيحة حرب مؤقتة فحسب بسبب الصراع القائـ بيننا كبينو اليكـ‪ ،‬كال صيحة‬
‫مكتكر فحسب مف صراع سابؽ أثارىا صراع اليكـ‪ ،‬بقدر ما اعد ىتافي بو صيحة انسانية مف خطر دائـ ال‬
‫‪48‬‬
‫سبلـ معو كال راحة منو لمعالـ اال اف يغير ىذا الشعب ما بنفسو مف آثار تعاليمو اليمجية كما دلت عمييا مكاقفو‬
‫العدائية الشريرة تجاه سائر األمـ في تاريخو الطكيؿ‪ ،‬كانو لتاريخ باؾ كمبؾ بما جناه عمى نفسو بما في نفسو مف‬
‫بغضائو األمـ كسعيو في خرابيا كفقان لركح تعاليمو الشيطانية كنصكصيا الفاضحة‪.‬‬
‫كنستطيع أف نجمؿ ما بنفس ىذا الشعب تجاه سائر األمـ‪ ،‬بأنيما ينظر إلييا نظرة "شيئية" كأف ىذه األمـ أشياء‬
‫جامدة ال حس ليا كال ارادة كال فيـ‪ ،‬فميس ليا أدنى حظ مف كرامة كال حؽ‪ ،‬كىذه النظرة أك الفمسفة "الشيئية"‬
‫تيدر حرمة االنسانية بؿ حرمة الحياة أك الحيكانية‪ ،‬كىي أحط مف نظريتنا نحف إلى الحيكانات‪ ،‬ألف نظرنا إلييا‬
‫أخبلقي‪ ،‬فنحف نشعر دائمان بالعطؼ عمييا‪ ،‬كنكجب غالبان عمى انفسنا البر بيا كىذا يحممنا عمى أف نعرؼ ليا‬
‫حرمة الحياة كلك كانت أبدة أك مفترسة‪ ،‬فاف نؤذييا ببل ضركرة‪ ،‬كال نقسك عمييا عند احرج الضركرات حتى نتأتـ‬
‫كنغتـ‪ .‬كالندـ مف آيات التقكل‪ ،‬كبو تطير النفكس‪.‬‬
‫كأف نظرتنا إلى الحيكانات االجتماعية الداجنة التي طاؿ الفنا ليا ػ فصرنا كاياىا نتبادؿ الشعكر كالفيـ ػ ليي نظرة‬
‫أعمى مف ذلؾ‪ ،‬ألنيا تجاكز بنا العطؼ إلى المكدة‪ ،‬كترتفع مف البر إلى أفؽ الشعكر بالكشائج النفسية الحية‬
‫بيننا كبينيا كأنيا صداقة نفكس أك قرابة لحـ كدـ‪.‬‬
‫كنظرتنا ىذه أك تمؾ إلى الحيكانات آنسيا كآبدىا أنبؿ كأكبر إنسانية مف نظرة الييكد اف ندعكىا كنظرتيـ "شيئية"‬
‫كاف لـ تبمغ نظرتنا إلى انس الحيكانات كآبدىا أف تككف تناسخية أك برىمية في التقديس أك العبادة‪ ،‬كال أف تككف‬
‫صكفية كنظرة بعض القديسيف كىك يناجي الطير فيدعكه "أخي" إذ يشعر لو في عمؽ بصيرتو كسعة ركحو‬
‫كصفاء عنصره بكشائج الرحـ الحية البعيدة بينو كبيف الطير‪.‬‬
‫بؿ أف نظرتنا إلى كثير مف الجمادات أكرـ ‪,‬ابر مف ىذه النظرة الشيئية الييكدية الينا فقد ارتقى فينا االحساس‬
‫بقيـ الجماؿ كالخير كالحؽ عف طريؽ الديف أك الفف أك العبادة أك العشرة أك الحاجة أك غيرىا مف طرؽ الحياة‬
‫التي ييدينا اهلل خبلليا اليو‪ ،‬فصرنا أحيانان ننظر إلى كثير مف الجمادات حكلنا كأنيا بعض حياتنا كنعرؼ ليا‬
‫مف الحرمة كالكرامة ما نعرؼ لؤلحياء مف الحيكانات بؿ الناس‪ ،‬بؿ األصدقاء كاألقرباء‪ ،‬كاف لـ نكف مؤمنيف‬
‫بالحمكؿ كال بكحدة الكجكد‪ ،‬كأيان كاف الدافع بنا إلى ىذه النظرة الناسكتية‪ 28‬ػ كىي عميقة القرار في أغكار طبائعنا‬
‫مكصكلة الجذكر بجذكر الحياة فينا ػ فيي ليست كما ينظر الييكد الينا نظرة شيئية مقدرة بالمنافع المادية الغميظة‬
‫القريبة كحدىا لصاحبيا كحده دكف سائر المنافع كالمتع االنسانية الرفيعة مف كجدانية كعقمية كذكقية كأخبلقية‬
‫تعكد عمى صاحبيا أك غيره مف البشر كعامة االحياء الشارعة‪.‬‬
‫كاذا كصفت ىذه النظرة أك ىذه الفمسفة الييكدية بأنيا "شيئية" فيك غاية كسع المغة كغاية عممي بيا مع ما في‬
‫ىذا الكصؼ مف قصكر‪ ،‬كلكف بياف ىذا المصطمح ىك الذم يجعمو كافيان كما يفي كؿ مصطمح بداللتو‪ ،‬كال فنف‬
‫نظرة الييكد الينا أحط مف نظرتنا االنسانية إلى األشياء الجامدة حكلنا كـ كضحنا مف قبؿ‪ ،‬كنحف ال ننظر إلييا‬
‫كأنيا أعداؤنا‪ ،‬ككاف مف كاجبنا إذف أف ندمرىا كنرل أف افسادىا قربة إلى اهلل‪ ،‬كما ينظر الييكد الينا بعيكف‬
‫البغضاء‪ ،‬كيركف فيما أمرىـ بو ربيـ "ييكه" أف يسمطكا عمينا عكامؿ الفساد كاالبادة ابتغاء مرضاتو كطمعان في‬

‫‪28‬‬
‫أم تزكيد غيرنا بصفات انسانية‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫مثكبتو كتكقيان لغضبو إذا قصركا في تدميرنا‪ ،‬فنف لـ يفعمكا ذلؾ فيـ اآلثمكف المستحقكف عنده كعندىـ ألبشع‬
‫صنكؼ النقمة كالنكاؿ‪.‬‬
‫كال يكف ذلؾ فأم مسكغ كجداني أك عقمي أك ذكقي أك أخبلقي‪ ،‬بؿ أم مسكغ اقتصادم نفعي غميظ بمعزؿ عف‬
‫ىذه البغضاء الجنكنية‪ ،‬كلك في أعرؽ الشرائع اليمجية‪ ،‬يسكغ لغير مجنكف أف يبدأ ضعيفان أك قكيان مف األفراد أك‬
‫الفرؽ بالبغضاء ثـ الغيمة‪ ،‬حتى إذا فتح بمدان لـ يكتؼ بالتسميط عميو بؿ قتؿ محاربييا كلك كانكا مدافعيف ال‬
‫مياجميف‪ ،‬ثـ استأصؿ كؿ نسائيا كاطفاليا كشيكخيا ثـ جميع غنميا كحميرىا كسائر حيكانيا‪ ،‬فنذا بمغكا بيا غاية‬
‫التفظيع كالنكاؿ أحرقكا مبانييا فتصير أنقاضان كيبابان‬
‫ىكذا تقكؿ التعاليـ الييكدية كما تذكر تكراتيـ التي ينسبكف إلى مكسى كتابتيا كحيان مف ربيـ "ييكه" الو الجنكد‪،‬‬
‫ككما تكضح سائر كتبيـ المقدسة‪ ،‬كىـ ال يدينكف اال بيذه التعاليـ‪ ،‬كال ينفذكف غيرىا في معاممة سائر األمـ‪،‬‬
‫كبكحي مف ىذه التعاليـ رسخت في نفكسيـ بغضاء األمـ‪ ،‬كنزع عنيا ما اشتيركا بو مف الشغب كالشكاسة‬
‫كالمكر السيء في معاممة غيرىـ كفي معاممة بعضيـ بعضان‪ ،‬فكاف تاريخيـ سمسمة مف المؤامرات كالفتف‬
‫كالحركب الدمكية فيما بيف بعضيـ كبعض كفيما بينيـ كبيف سائر األمـ‪ ،‬ككانت حركبيـ كال سيما الخارجية‬
‫كحركب استئصاؿ‪ ،‬كما فعمكا مع سائر القبائؿ التي التحمكا بيا في فمسطيف حيف دخمكىا قديمان‪ ،‬ككما فعمكا بكثير‬
‫مف القرل كالمدف حيف اقتحمكا فمسطيف منذ سنيف‪ ،‬ثـ اجمكا عف قسميا الذم قامت فيو دكيمتيـ إسرائيؿ سكانو‬
‫األصبلء مف العرب‪ ،‬عجزكا عف استئصاليـ مف جانب‪ ،‬كزعزعة لمدكؿ العربية باجبلئيـ إلييا مف جانب آخر‪.‬‬
‫كىذه التعاليـ التي تسكغ كؿ ىذه الفظائع قديمان كحديثان‪ ،‬بؿ تباركيا كتفاخر بيا جيا انر ال يمكف اف تصدر عف‬
‫نظرة أخبلقية ‪ ،Moral‬أك نظرة ال أخبلقية ‪ Amoral‬أم بمعزؿ عف األخبلؽ‪ ،‬فتكصؼ بأنيا شيئية فحسب‬
‫كنظرنا إلى الجمادات‪ ،‬كلكنيا تصدر عف نظرة غير اخبلقية ‪ ،lmmoral‬أم نظرة ضد األخبلؽ‪ ،‬فيي نظرة‬
‫شر مف النظرة الشيئية أك ىي شيئية ىدامة‪ ،‬كىذا ىك كصفيا الذم ينبغي ليا‪ ،‬كنحف حيف نكتفي بأف نسمييا‬
‫"شيئية" مف جانب التيسير أك التخفيؼ في التعبير‪ ،‬فنحف نقصد بيا ما فييا مف معنى اليدـ‪ ،‬كليذا نقاكميا كما‬
‫ينبغي أف نقاكـ المبادئ اليدامة التي يسمطيا دعاة الفساد مف اعداء االنسانية عمى المجتمعات البشرية افرادان‬
‫كطكائؼ‪ .‬ليرجعكا بيا القيقرم إلى ما قبؿ عصكر الكحشية‪ ،‬كيمنحكنيا خبلئؽ ش انر مف الكحكش اآلبدة الضارية‬
‫في األدب كالكرامة‪.‬‬
‫كىذه ىك تقديرم لمخطر االحمؽ‪ ،‬ليس غرضي منو اىدار آدميتيـ ‪،‬كال تحدم ظمميـ باضطيادىـ افرادان كفرقان‪،‬‬
‫بؿ الفطنة الى ما يبيتكف لمعالـ مف كسائؿ التدمير‪ ،‬كمقاكمة ظمميـ حيث نجـ في ابانة حتى ال يغمظ سمطانيـ‬
‫فيتمكنكا مف نشر الفساد بيف العباد‪ ،‬كاف كنت اراىـ كاىميف غاية الكىـ في حمميـ بالتسمط عمى العالـ ميما‬
‫يبمغكا مف الحكؿ كالحيمة‪.‬‬
‫كىذا ىك مكقفي الصريح مف الخطر الييكدم‪ ،‬كلـ اقصد فيما اكتب محذ انر منو اف اغرم دكلة أك شعبان‬
‫باضطيادىـ كما كىـ محرر ييكدم في صحيفة ‪ Actualitee‬التي كانت تظير في مصر منذ سنكات‪ .‬حيف‬
‫كتبت منبيان إلى ىذا الخطر فزعـ أني أغرم باضطيادىـ ىنا أك ىناؾ‪ ،‬كأدعى ػ كما قاؿ ػ انني اتمحؿ ليـ‬

‫‪51‬‬
‫الذنكب كما يتمحميا لمكمب اصحابو‪ ،‬حيف يريدكف اغراقو عمى ما كرد في أحد االمثاؿ التي يحسف حفظيا كال‬
‫يحسف مكردىا الصحفي األريب‪.‬‬
‫كمكقفي كما يراه المنصؼ انبؿ مما كىـ الصحفي الييكدم مف جانب كأعمؽ مف جانب آخر‪ ،‬ىك انبؿ ألني‬
‫اعترؼ باآلدمية لكؿ ييكدم كأف كنت أعتقد أنو كفؽ عقيدتو ييدر آدميتنا‪ ،‬كما أني اعترؼ لو بكؿ حرمات‬
‫اآلدمييف كحقكقيـ‪ ،‬كاف كاف ىك ال يرقب فينا حرمة كال يصكف لنا حرية‪ ،‬كلست احاسبيـ عمى ما اشربت قمكبيـ‬
‫مف بغضائنا كاحتقارنا إذ ال يحاسب اإلنساف عمى نياتو اال اهلل‪ ،‬كاف كنت احذر بمميء فمي النيات الشريرة التي‬
‫يجاركف بيا بط انر كفخا انر‪ ،‬كغاية كسعي بعد ذلؾ أف اسمـ بالكاجب الذم ال مفر منو كال حسباىـ عمى اعماليـ‬
‫بالعدؿ دكف اف نخشى لكمة الئـ‪ ،‬ألنيـ ليسكا فكؽ المسؤكلية كال دكنيا‪ ،‬كمف مكجبات الدقة في حسابيـ ما‬
‫يجاىركف بو مف اغراضيـ الشريرة ال فساد االمـ كاف فاتيـ سمطانيا‪.‬‬
‫كمكقفي اعمؽ مف جانب آخر‪ ،‬فأنا اضع نصب عيني ىذه النيات التي تؤحي بيا إلييـ تعاليميـ اليمجية‪ ،‬كىي‬
‫ظاىرة في كؿ ما ليـ مف مساع كاعماؿ‪ ،‬فأنا ال احذر خطرىـ ألنيـ حاربكا قكمي أك يحاربكىـ فحسب‪ .‬كال ألنيـ‬
‫اقتطعكا إسرائيؿ مف فمسطيف فصاركا العدك القريب الدار أك القائـ في صميـ ببلدنا فحسب‪ ،‬كاف كاف كؿ اكلئؾ‬
‫مف دكاعي االلتفات إلى ىذا الخطر‪ ،‬بؿ أنا احذر خطرىـ عمى االنسانية ايضان‪ ،‬كلك جمكا عف ببلدنا إلى أم‬
‫بقعة في العالـ‪ ،‬ألنيـ حيث كانكا أعداء االنسانية الذيف يتربصكف بيا الدكائر‪ ،‬كلـ تعد اقطار األرض الييـ دكائر‬
‫مقفمة‪ :‬كؿ دائرة قائمة بنفسيا معزكلة عف ابعدىا‪ ،‬بؿ ىي دكائر متداخمة كؿ منيا كاغمة في سائر الدكائر‪ ،‬بؿ‬
‫انيا ػ مع تكادىا بؿ تعادييا‪ ،‬كبرضاىا كعمى الكره منيا ػ كأنيا الجسد الحي إذا اشتكى عضك منو تداعى لو‬
‫سائر اعضائو بالسير كالحمى كما تدؿ عمى ذلؾ أكضح الداللة كاغناىا احداث السنكات األخيرة‪.‬‬
‫فحيثما قاـ لمييكد سمطاف كىـ عمى ىذه البغضاء لؤلمـ فيـ خطر عمى كؿ مف فييا ميما يبعد عنيـ مكطنيـ أك‬
‫تنقطع بيـ صمتو في ظاىر األمر‪.‬‬
‫كليذا تبقى مسؤكليات المفكريف كالساسة المسؤكليف عف األمـ قائمة اماـ ىذا الخطر بعد أف يفرغ الجند مف‬
‫حسابيـ معو بالنصر أك المتاركة أك الميادنة أك الصمح كال ينبغي لصاحب قمـ اف يغمده كيغفك عنو كلك ألقى‬
‫الجندم سبلحو كناـ مؿء جفنيو "يسألكنؾ عف الشير الحراـ قتاؿ فيو‪ ،‬قؿ قتاؿ فيو كبير كصد عف سبيؿ اهلل‬
‫ككفر بو كالمسجد الحراـ‪ ،‬كاخراج اىمو منو أكبر عند اهلل‪ ،‬كالفتنة أكبر مف القتؿ‪ ،‬كال يزالكف يقاتمكنكـ حتى‬
‫يردككـ عف دينكـ اف استطاعكا"‪.‬‬
‫كىذا صكت الحياة‪ ،‬فنف لـ يكف منيـ قتاؿ كقتؿ تكف فتنة شر كاكبر مف القتؿ‪.‬‬
‫كاذا اغمد السيؼ حيف ال قتاؿ فبل يغمد القمـ ما قامت الفتنة‪ ،‬كىي قائمة عمى الدكاـ‪.‬‬
‫كال مفر مف قتاؿ كؿ معتد أثيـ حيث ارتفعت يده بالسيؼ كلسنا نرل "الكؼ" فنقكؿ لمييكد امثاليـ ما قاؿ أحد‬
‫ابني آدـ ألخيو فيما ركل القرآف الكريـ "لئف بسطت الي يدؾ لتقتمني ما انا بباسط يدم اليؾ القتمؾ‪ ،‬اني اخاؼ‬
‫اهلل رب العالميف" فنحف نخشى اهلل كيذه الخشية‪ ،‬كلكنا مف أجؿ ىذه الخشية نفسيا نمقي سيؼ الباغي بسيؼ‬
‫مثمو كرامة لمحؽ الذم امرنا اهلل بحفظو كفداء في سبيمو‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫كليس باعثان عمى جياد الخطر الييكدم كنحكه حيث جاىر بالقتاؿ أك الفتنة ىك الشعكر الديني أك القكمي‬
‫فحسب‪ ،‬بؿ ىك الشعكر بالمسؤكلية االخبلقية االنسانية‪ ،‬كليس سندنا ىنا ىك مجرد االخبلؽ االجتماعية التي‬
‫نستمدىا مف المجتمع في بقعة في زمف محدكد‪ ،‬بؿ شعكرنا بالمجتمع االكسع الي يشمؿ االنسانية في جميع‬
‫اإلعصار كاألمصار‪ ،‬ثـ ينداح ىذا الشعكر حتى يمتقي بجذكر الكجكد متضامنا مع كؿ ذم عقؿ كارادة أك كؿ‬
‫ذم مسؤكلية فيو بقدرة مف القكة كاألمانة‪.‬‬
‫فيك شعكر ال تنحصر تبعتو أماـ فرد كال طائفة كال امة كال مجمكع األمـ عمى اختبلؼ األزمنة كاألمكنة‪ ،‬بؿ‬
‫يتناكؿ الككف كمو جممة بسماكاتو كاراضيو‪ ،‬كما كراء ذلؾ مف قكل مدبرة لو كمدبرة معو كمدبرة بو‪ .‬كمف معاف‬
‫ىي ألطؼ مف أف يحيط بيا اال اهلل‪ ،‬كاظير مف أف ال يتأثر بيا حي كال جماد كاف جيميا غاية الجيؿ‪ .‬كاذا‬
‫كاف المرجع القريب ليذا الشعكر ىك المجتمع الذم يحيط بنا في اصغر صكرة ثـ اكبرىا فمرجعو البعيد ىك‬
‫الضمير الذم امتؤل بتاضنو مع الككف كمو في كمالو كنقصو كقكتو كضعفو‪ .‬كبيذا القسطاس االخبلقي الككني‬
‫أديف نفسي كأديف غيرم في الكجكد‪ ،‬كازف كؿ ما فيو مف أعماؿ كقيـ كمذاىب‪ ،‬كمف كاف يحس بتضامنو ىكذا‬
‫مع الككف كمو لـ يحس بالكحشة كلك تخمى عنو كؿ البشر‪ ،‬كال كحشة مع انس الضمير بيذا التضامف االبدم‪.‬‬
‫كعقيدتنا التي ىي عزاؤنا كقكتنا في ىذه الممحمة بيننا كبيف الصييكنية كمثميا اف حربيا فريضة انسانية كليست‬
‫فريضة قكمية فحسب‪ ،‬كفي كؿ فريضة انسانية إنما نعمؿ عمى قدر ما تكجب عمينا قكتنا كامانتنا‪ ،‬ال ألف أحدان‬
‫يطمبيا منا‪ ،‬فنرضيو أك يرضينا إذا أديناىا‪ ،‬كيؤاخذنا إذا قصرنا فييا‪ ،‬فنف ىذا الشعكر مرجعو الضمير‪ ،‬صكت‬
‫اهلل في نفكسنا‪ ،‬كالركح القدس الذم ال سمطاف الحد عميو‪ ،‬كىذا الشعكر نكع مف الحب الذم يغتبط بما يعطي ال‬
‫بما يأخذ‪ ،‬كىذا ضرب مف الفضيمة في أعمى طبقاتيا ال يبمغيا اال المقربكف ككؿ ميسر لما خمؽ لو‪ ،‬كليس‬
‫لبلنساف اال ما سعى‪ ،‬ككؿ امرء بما كسب رىيف‪.‬‬
‫‪ 15‬ػ خطاب إلى العرب‪:‬‬
‫ككؿ ىذا ال يحممنا عمى االستخفاؼ كالتياكف اماـ الخطر الييكدم الذم كضحناه في الفقرة السابقة‪ .‬فنحف ال‬
‫نستبعد قياـ دكلة إسرائيؿ في فمسطيف كميا ػنذا لـ يتنبو العرب إلييا كيحطمكىا قريبان ػ كقد تنجح في بسط‬
‫سمطانيا عمى ما ىك أكسع‪ .‬كلكننا نعتقد أف قياميا منكط بتياكف العرب كببقاء سيطرة األجانب عمى الشرؽ‬
‫األكسط كخصكصان قناة السكيس‪ :‬مفتاح الخطر‪ ،‬كلكال ىذا لقضي عمى إسرائيؿ في بضعة أياـ‪ .‬فاسرائيؿ قائمة‬
‫عمى أف نعاكنيا كيبقى األجانب في اقطارنا‪.‬‬
‫ثـ اف المكازنة بيف قكة العرب كقكة الييكد ال تكحي باليأس‪ ،‬ما داـ العرب قادريف عمى التخمص مف نفكذ‬
‫المستعمريف بينيـ كمقاطعة اسرائيؿ‪ ،‬كنعتقد أف المعركة الجديدة الحاسمة لـ تبدأ بعد‪ .‬كلـ تبذؿ ببلد الشرؽ‬
‫األكسط ال سيما العربية كؿ كسعيا‪ .‬كليس الميـ في الصراع ػ كما قاؿ تشرشؿ ػ كسب المعارؾ بؿ كسب‬
‫الحرب‪ .‬كالدكؿ العربية ال يمكف أف تتحطـ مف قكة خارجية اال بعد أف يتصدع بنيانيا داخميان‪ .‬فميجدد العرب‬
‫بنيانيـ الداخمي‪ ،‬كلينقكا أكطانيـ مف العناصر المتطفمة عمييـ‪ ،‬كليحفظكا أنفسيـ مف األدناس‪ .‬فطالما كانكا كذلؾ‬
‫فيـ بخير‪ ،‬كال محؿ إزاء ذلؾ لمتشاؤـ‪ .‬كال ييـ تكحيد األقطار العربية شكبلن تحت حكـ كاحد‪ .‬بؿ حسبيـ اف تككف‬
‫كؿ دكلة قكية في ذاتيا‪ ،‬بثركتيا كجيكد ابنائيا كقكة عقكليا كأخبلقيا‪ ،‬كلك لـ تتحد مع غيرىا في الحكـ‪.‬‬
‫‪52‬‬
‫أف الجسـ القكم ال تقتمو األمراض كاف أكىنتو‪ ،‬فميقك كؿ منا جسمو مع الحذر مف التعرض لؤلكبئة دكف ضركرة‪،‬‬
‫كليحفظو سميمان‪ .‬كلست انصح العرب نصحية نيتشو "عش في خطر"ألف الخطر يتخمؿ صفكفيـ كيحيط بيـ مف‬
‫كؿ جانب‪ .‬فيـ يعيشكف فعبلن في خطر مف شيكات أنفسيـ كمف أعدائيـ كلكني أنصح ليـ أف يدرككا الخطر‬
‫الذم يعيشكف فيو‪ ،‬ال سيما جانبو الداخمي في سرعة كحزـ‪ .‬كليغيركا ما بأنفسيـ حتى يغير اهلل ما بيـ‪ ،‬فيبعدكا‬
‫الخطر عف أنفسيـ قبؿ فكات األكاف‪.‬‬
‫أييا العربي‪ ،‬أصمح أكالن نفسؾ ينصمح مف حكلؾ كؿ شيء‪" ،‬كالعصر إف اإلنساف لفي خسر‪ .‬اال الذيف آمنكا‬
‫كعممكا الصالحات‪ ،‬كتكاصكا بالحؽ‪ ،‬كتكاصكا بالصبر"‪.‬‬
‫مصر ػ ككبرم القبة‬
‫‪ 11‬سبتمبر سنة ‪1951‬‬
‫محمد خميفة التونسي‬

‫‪53‬‬
‫سـ الثىاني‬ ‫ً‬
‫الق‬
‫ي‬

‫المترجمات‬

‫‪ 1‬ػ تصدير الطبعة االنجميزية الخامسة لمبريطاف‪.‬‬


‫‪ 2‬ػ مقدمة لؤلستاذ الركسي سرجي نيمكس‪.‬‬
‫‪ 3‬ػ بركتكككالت حكماء صييكف‪.‬‬
‫‪ 4‬ػ تعقيب لؤلستاذ سرجي نيمكس‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫تصدير الطبعة الخامسة لمترجمة اإلنجميزية‬

‫إف نفاد طبعة أخرل أيضان مف ىذا الكتاب ليدؿ عمى أنو لـ ينقص تميؼ الناس عمى استقباؿ أخبار بركتكككالت‬
‫صييكف ‪ ،Protocols Of Zion‬كانو ليزداد كضكحان في كؿ يكـ أف سياسة البركتكككالت اآلف تطبؽ بعنؼ‬
‫عمى األممييف‪ ،‬ألف حككماتيا كما يفاخر المستر إسرائيؿ زانجفيؿ ‪ Mr. Israel ZangWill‬مطكقة بالييكد‬
‫كككبلئيـ‪ .‬كأف العالـ مديف لؤلستاذ سرجي نيمكس ‪ professor Sergyei Nilus‬بنشر ىذا الكتاب المفزع‪.‬‬
‫كىكذا بينما ركسيا تتخذ ضحية لبغضاء الييكدية الخالدة‪ ،‬كيقع عمييا اختيار حكماء صييكف لتككف عبرة االنتقاـ‬
‫الييكدم ػ فنف ركسيا كذلؾ تكشؼ مدل الخطر الذم أيقظ العالـ‪ .‬كاف العالـ لمديف لشجاعة ىذا االبف الحؽ‬
‫لركسيا الحقيقية‪ ،‬كلعزمو ككفائو‪ ،‬بأف كشفت اآلف اليد الخفية ‪Hidden Hand‬حتى جمدىا كمخالبيا‪ ،‬كاف‬
‫الفكضى كالعماء ‪ 29chaos‬الذم يطبؽ عمى كؿ مكاف ىنا ليجد في ىذا الكتاب غايتو كسببو كاضحيف‪.‬‬
‫عمى كؿ قارئ اف يدرس المقدمة كالتعقيب المذيف قدميما لنا نيمكس نفسو‪ ،‬كال سيما التعقيب كصمتو بالبركتكككؿ‬
‫الثالث الذم يكسؼ خطكات األفعى الرمزية ‪30 sympolic Serpent‬في التفافيا القاتؿ حكؿ أكركبا‪ .‬كأف‬
‫حسرة الكاتب البالغة عمى مصير ببلده المحبكبة (ركسيا) الذم كاف يكشؾ أف يحؿ بيا‪ ،‬كالذم حاكؿ ىك سدل‬
‫أف يتفاداه ػ ال يمكف أف تخيب في أف تزلزؿ عكاطؼ كؿ قارئ يشعر شعكره‪ ،‬كفي تنفذ إلى اعماؽ فؤاده‪.‬‬
‫كيجب كجكبان أف نستحضر في عقكلنا أف االستاذ نيمكس قد نشر البركتكككالت أكالن في سنة ‪ 1912‬كأف الطبعة‬
‫التي اخذت ترجمتنا عنيا قد نشرت سنة ‪ ،1915‬كأف النسخة ذاتيا التي اتخذناىا في الترجمة ىي اآلف في‬
‫المتحؼ البريطاني مختكمان عمييا تاريخ تسمميا كىك ‪ 11‬أغسطس سنة ‪،1916‬أنو ال يمكف تفنيد ىذه التكاريخ‬

‫‪29‬‬
‫كضع الدكتكر أحمد اميف بؾ كممة (العماء) مقابمة لكممة "‪ "chaos‬حيف ترجـ عف االنجميزية كتاب "مبادئ الفمسفة" لؤلستاذ‬
‫رايكبرت كذكر ىناؾ سبب اختياره اياىا‪ ،‬كقد تابعناه في ذلؾ مع اختبلؼ استعماؿ الكممة ىنا عف استعماليا ىناؾ مف حيث الحقيقة‬
‫كالمجاز‪ ،‬كىذا االختبلؼ ال يمنع مف متابعتو‪ ،‬الف الكممة معناىا الفمسفي "المادة في حالة االختبلؿ كعدـ االنتظاـ" كمعناىا‬
‫المجازم ىنا "االحداث في اختبلليا كعدـ انتظاميا" فبيف المعنييف األصمي كالمجازم تشابو كاضح‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫كرد ذكر األفعى الرمزية في البركتكككؿ الثالث ص ‪ ،133‬كما كرد أيضان ذكرىا كالمراد منيا بالتفصيؿ في التعقيب الذم كتبو‬
‫االستاذ نيمكس أكؿ ناشر الكتاب‪( ،‬أنظر في آخر الكتاب) كحسبنا ىنا أف نذكر باختصار أف األفعى رمز إلى األمة الييكدية‪،‬‬
‫فرأسيا يرمز إلى المتفقييف في أسرار السياسة مف حكماء الييكد‪ ،‬كبدنيا يرمز إلى بقية الشعب الييكدم مف الرعاع‪ ،‬كىي اليكـ‬
‫شعار الببلشفة في ركسيا السكفيتية (ص‪ )4‬كىـ يكادكف يككنكف جميعان مف الييكد‪ ،‬فالحككمة الركسية حككمة ييكدية تقريبان‬
‫كسياستيا ال تختمؼ كثي انر عف سياسة البرتكككالت‪ ،‬فيي كال ريب مف تأليؼ الييكد كاخراجيـ كما يظير لكؿ متأمؿ‪ .‬كينبغي أال‬
‫تفكتنا االشارة ىنا في اتخاذ الييكد األفعى شعا انر ليـ انيـ نقمكه عف المصرييف القدماء‪ ،‬الف األفعى المقدسة في نظر الفراعنة رمز‬
‫الحكمة كالقكة كالدىاء ككانكا يجسمكنيا عمى تيجانيـ كما يظير مف آثارىـ‪ ،‬كليست األفعى كحدىا كؿ ما نقؿ الييكد عف المصرييف‬
‫األقدميف كغيرىـ‪ ،‬إذ ال شيء في عقائدىـ كنظميـ قد ابتدعكه بؿ ىـ ينقمكف ما ينقمكف ما ينقمكف كييكدكنو حتى يناسب عصرىـ‬
‫الشرير‪ ،‬كىـ حتى اليكـ عالة عمى غيرىـ مف األمـ في كؿ منا شط الحياة كمظاىر الحضارة‪ ،‬يأخذكف كال يعطكف كما يتضح مف‬
‫تاريخيـ كعدـ مشاركتيـ في ابتداع شيء مف صكر الحضارة منذ أقدـ العصكر‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫التي تبرىف عمى أف الحرب العالمية‪ ،‬كصمب ركسيا‪ ،‬كاالضرابات‪ ،‬كالثكرات‪ ،‬كاالغتياالت ػ قد حدثت جميعان "كفؽ‬
‫خطة" ‪ .‬كما تبرىف عمى أف تمؾ الخطة لـ تكف خطة المانيا كال خطة انجمت ار كال أم امة أخرل اال أمة الييكدية‬
‫بمغتيا السرية ػ اليد الخفية ‪ The hidden Hand‬ػ التي كشؼ عنيا اآلف بعد أمد طكيؿ في البركتكككالت‬
‫التي ال حاجة بنا إلى القكؿ بأنيا لـ يقصد منيا أف تراىا عيكف األممييف (غير الييكد)‪.‬‬
‫كيزعـ الييكد‪ ،‬ضركرة أف البرتكككالت زكر‪ ،‬كلكف الحرب العظمى‪ 31‬ليست زك انر‪ ،‬كال مصير ركسيا زك انر‪ ،‬كبيذيف‬
‫األمريف تنبأ حكماء صييكف منذ أمد طكيؿ يرجع إلى سنة ‪.1911‬‬
‫أف الحرب العظمى لـ تكف حربان المانية بؿ أنيا مكيدة دبرتيا الييكدية‪ ،‬كقتاؿ بسبب الييكد عمى تبادؿ ذخائر‬
‫العالـ‪ ،‬لقد كاف الييكد ىـ الذيف سخركا كؿ قكاد الجيش ككؿ قكاد األساطيؿ‪ ،‬كأف بيانات معركة جتبلند‬
‫‪32‬‬
‫كنتيجتيا ػ لتقدـ مثبلن كاحدان صغي انر يبيف كيؼ قاد الييكد الحرب سكاء في البر أك‬ ‫‪Jutland Battle‬‬
‫البحر‪ ،‬ككيؼ حازكا "مغانـ" الحرب لمييكد‪ ،‬ككيؼ انيـ حصمكا عمى سمطة القيادة كالتكجيو عمى كؿ المتحاربيف‬
‫مف أجؿ الييكد‪.‬‬
‫أييا القارئ‪ :‬اف نشر ىذا الكتاب ليمقي عميؾ مسؤكلية كبيرة‪.‬‬
‫"لندف" أغسطس سنة ‪1921‬‬
‫البريطان‬

‫‪31‬أم الحرب العالمية األكلى‪ ،‬كالمعنى أف حدكث ىذه النكبات فعبلن كما حددت في البرتكككالت ال يمكف أف يككف بالمصادفة بؿ‬
‫بتدبير الييكد‪ ،‬كفيو أدلة كافية عمى أف البرتكككالت مف عمؿ الييكد‪ ،‬ليست مزيفة عمييـ (انظر مقدمتنا ص ‪ 34‬ػ ‪.)45‬‬
‫‪32‬‬
‫انظر اشارتنا إلييا ص ‪.36‬‬
‫‪56‬‬
‫مقدمة‬
‫(كيف ظيرت البروتوكوالت لمعالم‪)33‬‬
‫لقد تسممت مف صديؽ‪ 34‬شخصي ػ ىك اآلف ميت ػ مخطكطان يصؼ بدقة ككضكح عجيبيف خطة كتطك انر لمؤامرة‬
‫عالمية مشؤكمة‪ ،‬مكضكعيا الذم تشممو ىك جر العالـ الحائر إلى التفكؾ كاالنحبلؿ المحتكـ‪.‬‬
‫ىذه الكثيقة كقعت في حكزتي منذ أربع سنكات (‪ ،)1911‬كىي بالتأكيد القطعي صكرة حقة في النقؿ مف كثائؽ‬
‫أصمية سرقتيا سيدة فرنسية مف أحد األكابر ذكم النفكذ كالرياسة السامية مف زعماء الماسكنية الحرة‬
‫‪35‬‬
‫كقد تمت السرقة في نياية اجتماع سرم بيذا الرئيس في فرنسا حيث ككر "المؤتمر‬ ‫‪Freonasoary‬‬
‫الماسكني الييكدم‪jewish masonie conspiracy.‬‬
‫‪36‬‬
‫بنشر ىذا المخطكط تحت عنكاف "بركتكككالت حكماء صييكف"‬ ‫كلمذيف يريدكف أف يركا كيسمعكا‪ ،‬أخاطر‬
‫كبالتفرس المبدئي خبلؿ ىذه المذكرات ػ قد تشعرنا "بما نشعر بو أماـ ما نسميو عادة "الحقائؽ المسممة‬
‫"‪ ." truisms‬انيا تظير في ىيئة الحقائؽ المألكفة كثي انر أك قميبلي‪ ،‬كاف عبر عنيا بحدة كبغضاء ال تصاحباف‬
‫عادة الحقائؽ المألكفة‪ ،‬فبيف سطكرىا تتأجج بغضاء دينية‪ ،‬كعنصرية عميقة الغكر متغطرسة قد خبئت بنجاح‬
‫أمدان طكيبلن‪ ،‬كانيا لتجيش كتفيض‪ ،‬كما ىك كاقع‪ ،‬مف اناة طافح بالغضب كالنقمة‪ ،‬مدرؾ تماـ االدراؾ أف نصره‬
‫النيائي قريب‪.‬‬
‫كنحف ال نستطيع أف نغفؿ االشارة إلى أف عنكانيا ال ينطبؽ تمامان عمى محتكياتيا‪،‬فيي ليست عمى كجو التحديد‬
‫مضابط جمسات بؿ ىي تقرير كضعو شخص ذك نفكذ‪ ،‬كقسمو أقسامان ليست مطردة أطرادان منطقية عمى الدكاـ‪.‬‬
‫كىي تحممنا عمى االحساس بأنيا جزء مف عمؿ أخطر كأىـ‪ ،‬بدايتو مفقكدة‪ .‬كأف كاف أصؿ كؿ ىذه الكثائؽ‬
‫السالؼ ذكرىا يعبر ىنا عف نفسو بكضكح‪.‬‬
‫ككفؽ تنبؤات اآلباء القديسيف ‪ Holy Fathers‬البد أف تككف دائمان أعماؿ أعداء المسيح محاكاة‪ 37‬لحياة‬
‫المسيح‪ ،‬كال بد أف يككف ليـ خائنيـ‪38‬غير اف خائنيـ‪ ،‬مف كجية نظر دنيكية‪ ،‬يظفر بغاياتو طبعان‪ ،‬كاذف فمف‬

‫‪33‬‬
‫كاتب ىذه المقدمة ىك االستاذ سرجي نيمكس أكؿ ناشر لمبرتكككالت بالركسية‪ ،‬كىذا ما يفيـ مف تصدير الطبعة الخامسة‬
‫االنجميزية الذم سبؽ ىنا‪ ،‬كاف لـ تذيؿ المقدمة باسمو كلـ تصدر منسكبة إليو صراحة‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫ىك اليكسي نيقكال ينفتش‪ ،‬كبير جماعة أعياف ركسيا الشرقية أياـ القصيرية‪( .‬انظر ص‪ ،32‬كتعقيب نيمكس آخر الكتاب)‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫الماسكنية الحرة الشرقية (عف األصؿ االنجميزم)‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫ىكذا يقكؿ الناشر الركسي‪،‬كليس في ىذا التعبير غمك كال شطط كحسب القارئ أف يتصكر مقدار ما تفضح البركتكككالت مف‬
‫أسرار سياسة الييكد‪ ،‬كسعة نفكذىـ في العالـ‪ ،‬كعدـ احجاميـ عف ارتكاب أم جريمة فردية أك جماعية عف طريؽ ككبلئيـ األشرار‬
‫الفاسديف‪( ،‬انظر مقدمتنا ص ‪ 56‬ػ ‪.)88‬‬
‫‪37‬‬
‫يظير اف االستاذ نيمكس يشير بذلؾ إلى ما كرد في العيد الجديد عف المسحاء (جمع مسيح) الكاذبيف الذيف ليـ مثؿ سيرة‬
‫المسيح الظاىرة ال الباطنة كيزعمكف انيـ مسحاء مف عند اهلل‪ ،‬كقد حذر السيد المسيح عيسى اتباعو منيـ (انظر مثبلن انجيؿ متى‪:‬‬
‫االصحاح ‪ 24‬اآليات ‪ 23‬ػ ‪.)27‬‬
‫‪57‬‬
‫المؤكد أف ينتصر "الحاكـ العالمي" انتصا انر كامبلن‪ ،‬لكف لفترة كجيزة‪ .‬كىذه االشارة إلى كممات كسكلكفيؼ‬
‫‪ W.Soloviev‬ال يقصد بو أف تتخذ برىانان عمى سندىـ ‪ authority‬العممي‪ ،‬فالعمـ مف كجية النظر‬
‫األخركية ‪ eschatological‬ال مكاف لو‪ ،‬كالجانب الميـ ىك القضاء كالقدر‪ .‬اف سكلكفيؼ يعطينا النسيج‬
‫‪CAUVAS‬‬

‫كالمخطكط المعركض امامنا سيقكـ بالتطريز ‪ .39embroidery‬كقد نككف ممكميف حقان عمى التشكؾ في طبيعة‬
‫ىذه الكثيقة‪ ،‬غير انو لك أمكف البرىاف عمى ىذه المؤامرة العالمية الكاسعة بخطابات أك تصريحات مف شيكد‬
‫عياف‪ ،‬كأمكف أف يكشؼ قناع زعمائيا كىـ ممسككف بخيكطيا الدمكية ػ اذف لكشفنا بيذه الكاقعة الحقة "اسرار‬
‫الظمـ" كلكف لكي تحقؽ المؤامرة نفسيا يجب أف تبقى س انر حتى يكـ تجسدىا في "ابف الفناء"‪.40‬‬
‫اننا ال نستطيع البحث عف براىيف مباشرة في مشكبلت الخطط االجرامية التي أمامنا‪ ،‬كلكف عمينا أف نقنع‬
‫بالبينات العريضة أك القرائف‪ .‬كاف مثميا ليمؤل عقؿ كؿ متأمؿ مسيحي‪ 41‬غيكر‬
‫‪42‬‬
‫لما فيو مف كضكح‪ ،‬كألنو مقدـ الييـ بقصد‬ ‫اف المكتكب في ىذا الكتاب ينبغي اف يقنع "مف ليـ آذاف لمسمع"‬
‫حثيـ عمى حماية أنفسيـ‪ ،‬إذ الكقت متسع ليذه الحماية‪ ،‬حتى يككنكا عمى حذر‪.‬‬
‫أف ضميرنا سيككف راضيان إذا كصمنا بفضؿ اهلل إلى ىذا الغرض األىـ مف تحذير العالـ األممي (غير الييكدم)‬
‫دكف اثارة الحقد في قمبو ضد شعب إسرائيؿ األعمى‪ .‬كنحف نثؽ بأف األممييف لف يضمركا مشاعر الكراىية ضد‬

‫‪38‬‬
‫في األصؿ ‪ Judas‬كىي تستعمؿ بمعنى خائف‪ ،‬كلكنيا أصبلن عمـ عمى شخص ىك ييكذا االسخريكطي‪ ،‬كىك حكارم المسيح‪،‬‬
‫كقد جعؿ لو كينة الييكد ثبلثيف مف الفضة كي يسمـ ليـ المسيح‪ ،‬فخاف معممو كسممو ليـ (انظر قصتو في انجيؿ متى‪ :‬االصحاح‬
‫‪ ،26‬كانجيؿ مرقص‪ :‬االصحاح‪ ،14‬كانجيؿ لكقا‪ :‬االصحاح ‪ ،22‬كانجيؿ يكحنا‪ :‬االصحاح‪ )18‬كمف ذلؾ صار ييكذا صفة تطمؽ‬
‫عمى كؿ خائف‪ ،‬ككصؼ الكريـ عندنا (حاتـ) كأصمو حاتـ الطائي‪ ،‬كالطامع أشعب كاصمو رجؿ مف المدينة أشتير بالطمع‪ ،‬كالمراد‬
‫التشبيو‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫المعنى اف كممات سكلكفيؼ (التي يحيؿ إلييا نيمكس دكف اف يعينيا) تمد القارئ بفكرة عامة عف المكضكع‪ ،‬كالبرتكككالت تمده‬
‫بالتفصيبلت‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫يعتقد أكثر المسيحييف أف االقنكـ الثاني (االبف) اتخذ جسدان في أحشاء مريـ بقكة الركح المقدس فصار انسانان حقيقيان ليتمكف مف‬
‫تخميص العالـ مف الخطيئة‪ .‬كما دامت حياة عدك المسيح محاكاة لحياتو‪ ،‬فبل بد مف تجسد‪ ،‬ككما تجسد المسيح تتجسد المؤامرة‬
‫الييكدية التي حممتيا القركف الطكيمة حتى تضعيا ممثمة في إنساف مف الييكد‪ ،‬أك مسيح كاذب يحكـ العالـ فيعيد الممؾ إلى‬
‫اسرائيؿ حسب اعتقاد الييكد‪ ،‬كاالستاذ نيمكس يسخر ىنا حيف يقيس تجسد المسيح الكاذب الفاني عمى تجسد االقنكـ الثاني الخالد‬
‫في السيد المسيح عميو السبلـ‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫انما خص االستاذ نيمكس بكبلمو المسيحييف ىنا‪ ،‬النو مسيحي يخاطب مسيحييف ليستنيضيـ كينذرىـ‪ ،‬كيحاكؿ أف يقنعيـ عف‬
‫طريؽ الديف‪ ،‬كليس معني ىذا انو يستبعد مف خطابو المسمميف كغيرىـ‪ ،‬بؿ يخاطب مف كارء ذلؾ كؿ متديف‪ ،‬سكاء أكاف مسيحيان أـ‬
‫مسممان أـ غير ذلؾ‪ ،‬إذ يمزمو تدينو بالثكرة عمى ىذه المؤامرة الصييكنية الييكدية التي تحاكؿ القضاء عمى االدياف كاألخبلؽ‬
‫كالمبادئ االنسانية كمقاييسيا كنظميا االجتماعية‪ ،‬كتجعؿ المجتمع انانيان منحبلن فاسدان ليككف عبيدان لمييكد‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫ىذه كممة المسيح كما كردت في االناجيؿ‪ ،‬ككاف االستاذ نيمكس يصرخ بيا صرخة المسيح ألمتو المسيحية (ركسيا) كي يثير‬
‫حماستيـ‪ ،‬ضد الييكد كما اشرنا في اليامش السابؽ‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫جميكر إسرائيؿ المؤمف خطأ ببراءة الخطيئة الشيطانية لزعمائو‪ 43‬مف الكتبة كالفريسييف ‪ 44Pharisees‬الذيف‬
‫برىنكا مرة قبؿ ذلؾ عمى انيـ ىـ أنفسيـ سبب ضبلؿ اسرائيؿ‪ 45‬كاذا نحينا جانبان نقمة اهلل مف الظالميف لـ تبؽ‬
‫اال كسيمة كاحدة‪ :‬ىي اتحاد المسيحييف جميعان في سيدنا يسكع المسيح كالفناء الشامؿ فيو مستغفريف ألنفسنا‬
‫كلآلخريف‪.‬‬
‫كلكف أىذا ممكف مع حالة العالـ الضالة االف؟ انو مستحيؿ مع سائر العالـ‪ ،‬كلكنو ممكف مع حالة ركسيا‬
‫المؤمنة‪ .46‬فالظركؼ السياسية الحاضرة لمدكؿ األكركبية الغربية كاألقطار التابعة ليا في الجيات األخرل قد تنبأ‬
‫بيا أمير الحكارييف ‪.Prince Of Apostles‬‬
‫التي‬ ‫العاـ‪47‬‬ ‫أف النكع البشرم ػ في استركاحو ‪ espiration‬الكماؿ حياتو األرضية كبحثو عف مممكة االكتفاء‬
‫تحقؽ المثؿ األعمى لمحياة اإلنسانية ػ قد غير اتجاه مثمو بدعكل أف اإليماف المسيحي كاذب قطعان‪ ،‬كانو ال يحقؽ‬
‫اآلماؿ المعمقة عميو‪ .‬كاف العالـ ػ الذم حطـ معبكداتو السابقة كخمؽ معبكدات جديدة‪ ،‬كأقاـ آلية جديدة عمى‬
‫قكاعدىا ػ انما يبني ليذه اآللية الجديدة ىياكؿ‪ :‬كؿ منيا أعظـ فخفخة‪ ،‬كأكبر فخامة مف اآلخر‪ ،‬ثـ يعكد‬
‫فينكسو‪ 48‬كيدمره‪.‬‬
‫اف النكع البشرم قد فقد الفيـ الصحيح لمسمطة التي منحيا الممكؾ المسحاء‪ 49‬مف اهلل‪ ،‬كىك يقترب مف حاالت‬
‫الفكضى‪ .‬كسرعاف ما تبمى بمى تامان ضكابط المكازيف الجميكرية كالدستكرية‪ ،‬كستنيار ىذه المكازيف‪ ،‬كستجر‬
‫معيا في انييارىا كؿ الحككمات إلى أغكار ىاكية الفكضى المتمفة‪.‬‬
‫أف آخر حصف لمعالـ‪ ،‬كآخر ممجأ مف العاصفة المقبمة ىك ركسيا‪ .50‬فايمانيا ال يزاؿ حيان‪ ،‬كامبراطكرىا المسيح‬
‫ال يزاؿ قائمان كحامييا المؤكد‪.‬‬
‫اف كؿ جيكد اليدـ مف جانب أعداء المسيح اليسارييف ‪ Sinistors‬الظاىريف كعمالو الفطناء األغبياء ػ مركزة‬
‫عمى ركسيا‪ .‬كاألسباب مفيكمة كالغايات معمكمة‪ ،‬فيجب أف تككف معركفة لركسيا المتدينة المؤمنة‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫يؤمف الييكد بأف اهلل أباح ليـ كلزعمائيـ كؿ شر ضد غير الييكد (انظر مقدمتنا ص ‪ 58‬ػ ‪.)67‬‬
‫‪44‬‬
‫جرينا في ترجمة الكممتيف عمى نيج الترجمة العربية لؤلناجيؿ‪ ،‬كالكتبة كالفرنسيكف (المراؤكف) كانكا يبلحقكف السيد المسيح‬
‫باالمتحاف رغبة في تعجيزه كفضحو‪ ،‬كلكنو كاف منتصر عمييـ دائمان‪ ،‬ككانكا متمسكيف بحرفية النصكص كلك أدت إلى عكس المراد‬
‫مف كرائيا‪ ،‬بينما كاف ىك ينفذ إلى المب كيراعي الحكمة مف كراء النصكص‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫يشير نيمكس إلى انكار الييكد لممسيح عيسى حيف جاءىـ‪ ،‬ثـ اضطيادىـ اياه ضاليف ظالميف‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫ىذا (عمى رأم نيمكس) أياـ كانت ركسيا محككمة بالقياصرة قبؿ أف يستكلي عمييا أبالسة الشيكعية مف الييكد كصنائعيـ‪،‬‬
‫كينشركا االلحاد كالفساد فييا‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫أم حككمة دنيكية يحصؿ فييا كؿ فرد عمى ما يكفيو‪،‬كىذا حمـ بشرم محاؿ‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫أم يقمبو مف نكست االناء‪ ،‬أم قمبتو‪ ،‬كاستعمؿ بيذا المعنى في القرآف الكريـ‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫المسحاء جمع مسيح‪ ،‬ككاف الممكؾ قديمان يمسحكف بالزيت المقدس مباركة ليـ كاعترافان بسمطتيـ عمى أيدم زعماء رجاؿ الديف‪.‬‬
‫‪50‬‬
‫انظر اليامش ‪ 6‬مف الصفحة السابقة‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫كاف المحظة التاريخية المقبمة أعظـ كعيدان‪ ،‬كاف األحداث المقتربة ػ كىي مقنعة بالغيكـ الكثيفة ػ أشد ىكالن‪ ،‬فيجب‬
‫أف يضرب الركسيكف ذكك القمكب الجريئة الباسمة بشجاعة عظيمة‪ ،‬كتصميـ جبار‪ ،‬كينبغي أف يعقدكا أيدييـ‬
‫بشجاعة حكؿ لكاء كنيستيـ المقدس‪ ،‬كحكؿ عرش امبراطكرىـ‪ .‬كطالما الركح تحيا‪ ،‬كالقمب الجياش يخفؽ في‬
‫الصدر فبل مكاف لطيؼ اليأس القاتؿ‪ .‬كلكننا نعتمد عمى أنفسنا كعمى كالئنا كايماننا‪ ،‬لنظفر برحمة اهلل القادر‬
‫‪ ،Almighty‬كلنؤجؿ ساعة انييار ركسيا‪.)1915(51‬‬

‫‪51‬‬
‫مف العجيب أف يتنبأ االستاذ نيمكس في الفقر األربع االخيرة ىنا كفي التعقيب آخر الكتاب باالنقبلب السياسي الشيكعي البمشفي‬
‫الييكدم قبؿ حدكثو بنحك اثني عشر عامان‪ ،‬كلقد نصح قكمو مخمصان‪ ،‬كأنذرىـ بالكارثة قبؿ حمكليا‪ ،‬كصرخ فييـ صرخة المسيح "مف‬
‫كاف لو أذناف لممسع فميسمع" كلكف صرختو لـ تسمع‪ .‬كلـ تنجح في تفادم الكارثة كال في تأخيرىا عف مكعدىا‪ .‬فمقد نجح ذىب‬
‫الييكد كدسائسيـ ضد ركسيا‪ ،‬ثـ التضحية ببعض جيكشيـ السرية ىناؾ في قتميا كتمكيف الييكد مف حكميا‪ ،‬كاتخاذىا كك انر‬
‫لمدسائس كنشر المبادئ اليدامة في العالـ أجمع‪ ،‬تكصبلن إلى اقامة مممكة ييكدية يجمس عمى عرشيا ممؾ مف نسؿ داكد كيديف ليا‬
‫العال ـ كمو بالخضكع كالكالء‪ ،‬جاء في كتاب المؤامرة الييكدية" ما ترجمتو‪" :‬إف المحفؿ االمريكاني الماسكم الذم يدير الماسكنية‬
‫الككنية ػ كؿ اعضائو مف أعاظـ زعماء الييكد كحدىـ عقد مؤتم انر قرر فيو خمسة مف الييكد أصحاب المبلييف خراب ركسيا‬
‫القيصرية بانفاؽ مميار دكالر‪ ،‬كتضحية مميكف ييكدم الثارة الثكرة في ركسيا‪ ،‬كىؤالء الخمسة الذيف تبرعكا بالماؿ ثـ‪ :‬اسحاؽ‬
‫مكتيمر‪ ،‬كشتسر‪ ،‬كليفي‪ ،‬كركف‪ .‬كشيؼ‪ ،‬ككاف الماؿ مرصكدان لمدعاية كاثارة الصحافة العالمية عمى القيصرية كذلؾ عمى أثر‬
‫المذابح الدائرة ضد الييكد حكالي نياية القرف التاسع عشر"‪ .‬ىذا ككاف تركتسكي الييكدم كما يعرؼ ذلؾ العارفكف‪ ،‬مف أعظـ‬
‫الممكنيف لمرفيؽ لينيف مف السيطرة عمى ركسيا بعد االنقبلب‪ ،‬ثـ طرده ستاليف ىذا الييكدم كدبر اغتيالو كلـ يزؿ أغمب أعضاء‬
‫المجمس الشيكعي السكفييتي الذم يحكـ ركسيا اآلف (‪ )1951‬مف الييكد الصرحاء‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫بروتوكوالت حكماء صييون‬

‫البرتوكول األول‪:‬‬
‫سنككف صرحاء‪ ،‬كنناقش داللة كؿ تأمؿ‪ ،‬كنصؿ إلى شركح كافية بالمقارنة كاالستنباط‪ ،‬كعمى ىذا المنيج‬
‫سأعرض فكرة سياستنا كسياسة الجكييـ ‪( Goys‬كىذا ىك التعريؼ الييكدم لكؿ األممييف‪.)Gentiles 52‬‬
‫يجب أف يبلحظ أف ذكم الطبائع الفاسدة مف الناس أكثر عددان مف ذكم الطبائع النبيمة‪ .‬كاذف خير النتائج في‬
‫حكـ العالـ ما ينتزع بالعنؼ كاالرىاب‪ ،‬ال بالمناقشات األكاديمية ‪ .53academic‬كؿ إنساف يسعى إلى القكة‪،‬‬
‫ككؿ كاحد يريد أف يصير دكتاتك انر‪ ،‬عمى أف يككف ذلؾ في استطاعتو‪ .‬كما أندر مف ال ينزعكف إلى اىدار‬
‫مصالح غيرىـ تكصبلن الى أغراضيـ الشخصية‪ .54‬مذ كبح الكحكش المفترسة التي نسمييا الناس عف االفتراس؟‬
‫كماذا حكميا حتى اآلف ؟ لقد خضعكا في الطكر األكؿ مف الحياة االجتماعية لمقكة الكحشية العمياء‪ ،‬ثـ خضعكا‬
‫لمقانكف‪ ،‬كما القانكف في الحقيقة اال ىذه القكة ذاتيا مقنعة فحسب‪ .‬كىذا يتبدل بنا إلى تقرير أف قانكف الطبيعة‬
‫ىك‪ :‬الحؽ يكمف في القكة‪.‬‬
‫اف الحرية السياسية ليست حقيقة‪ ،‬بؿ فكرة‪ .‬كيجب أف يعرؼ االنساف كيؼ يسخر ىذه الفكرة عندما تككف‬
‫ضركرية‪ ،‬فيتخذىا طعمان لجذب العامة إلى صفو‪ ،‬إذا كاف قد قرر أف ينتزع سمطة منافس لو‪ .‬كتككف المشكمة‬
‫يسيرة إذا كاف ىذا المنافس مكبكءان بأفكار الحرية ‪ FREEDOM‬التي تسمى التحررية ‪،55Liberalism‬‬
‫كمف أجؿ ىذه الفكرة يتخمى عف بعض سمطتو‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫المراد بالجكييـ أك باالممييف مف عدا الييكد‪ ،‬كمعنى الكممة عندىـ البيائـ كاالنجاس كالكفرة كالكثنيكف‪ ،‬كفي ىذا ما يدؿ عمى اف‬
‫الييكد ينظركف إلى مف عداىـ نظرات الحقد كاالحتقار كالمقت كاالشمئزاز‪ ،‬كلقد استعممنا كممة االممييف كاالممية كاالمية عمما‬
‫لمداللة عمى مف عدا الييكد ترجمة لكممة‪( Gentil. ،‬انظر المقدمة ص‪ 56‬ػ ‪.)58‬‬
‫‪53‬‬
‫المناقشات االكاديمية المناقشات عمى طريقة الجامعات عقمية نظرية يترؾ لكؿ مناقش فييا مطمؽ الحرية في الرأم كالقكؿ‪.‬‬
‫‪54‬‬
‫سبؽ شاعرنا المتنبي حكماء صييكف إلى ىذا المعنى‪ ،‬فقاؿ‪:‬‬
‫ذا عفة فمعمة ال يظمـ"‬ ‫"كالظمـ مف شيـ النفكس فنف تجد‬
‫‪55‬‬
‫التحررية تتسـ بأنيا نزعة في السمكؾ أكثر مما ىي مذىب عقمي في التفكير‪ ،‬كيقصد بيا انسبلخ الفرد مف كؿ ما تكاضع عميو‬
‫المجتمع مف آداب كقكانيف في رغباتو كشيكاتو‪ ،‬ثـ سيرتو حسب ضميره كنزعتو الخاصة‪ .‬كقد كضعنا ىذا المصدر النسبي ػ حسب‬
‫المصطمحات الدالة عمى المذاىب ػ مقابؿ المصدر ‪ ،Liberalism‬كاستعممنا تصريفات أخرل مف جذره مع مراعاة تشديد الراء في‬
‫كؿ الصيغ مقابؿ تصريفات الكممة االنجميزية األخرل ‪ ،‬كي ال نخمط بينيا كبيف الحرية ‪ Freedom‬كتصريفاتيا األخرل ‪ .‬كيراد‬
‫بالتحررية أحيانان الضمير كالعدؿ كمعرفة كؿ كاحد حقكؽ غيره‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫كبيذا سيصير انتصار فكرتنا كاضحان‪ ،‬فنف أزمة الحككمة المترككة خضكعان لقانكف الحياة ستقبض عمييا يد‬
‫جديدة‪ .‬كما عمى الحككمة الجديدة اال أف تحؿ محبل القديمة التي أضعفتيا التحررية‪ ،‬ألف قكة الجميكر العمياء‬
‫ال تستطيع البقاء يكمان كاحدان ببل قائد‪.‬‬
‫لقد طغت سمطة الذىب عمى الحكاـ المتحرريف ‪ Fiberal‬كلقد مضى الزمف الذم كانت الديانة فيو ىي‬
‫الحاكمة‪ ،‬كاف فكرة الحرية ال يمكف أف تتحقؽ‪ ،‬إذ ما مف أحد يستطيع استعماليا استعماالن سديدان‪.‬‬
‫يكفي اف يعطي الشعب الحكـ الذاتي فترة كجيزة‪ ،‬لكي يصير ىذا الشعب رعايا ببل تمييز‪ ،‬كمنذ تمؾ المحظة تبدأ‬
‫المنازعات كاالختبلفات التي سرعاف ما تتفاقـ‪ ،‬فتصير معارؾ اجتماعية‪ ،‬كتندلع النيراف في الدكؿ كيزكؿ أثرىا‬
‫كؿ الزكاؿ‪ .‬كسكاء انيكت الدكؿ اليزاىز‪ 56‬الداخمية أـ اسممتيا الحركب األىمية إلى عدك خارجي‪ ،‬فانيا في كمتا‬
‫الحالتيف تعد قد خربت نيائيان كؿ الخراب كستقع في قبضتنا‪ .‬كاف االستبداد المالي ػ كالماؿ كمو في ايدينا ػ سيمد‬
‫الى الدكلة عكدان ال مفر ليا مف التعمؽ بو‪ ،‬ألنيا ػ إذا لـ تفعؿ ذلؾ ػ ستغرؽ في المجة ال محالة‪.‬‬
‫كمف يكف متأث انر ببكاعث التحررية‪57‬فتخالجو االشارة إلى اف بحكثان مف ىذا النمط منافية لبلخبلؽ‪ ،‬فسأسألو ىذا‬
‫السؤاؿ‪ :‬لماذا ال يككف منافيان لبلخبلؽ لدل دكلة يتيددىا عدكاف‪ :‬احدىما خارجي‪ ،‬كاآلخر داخمي ػ اف تستخدـ‬
‫كسائؿ دفاعية ضد األكؿ تختمؼ عف كسائميا الدفاعية ضد اآلخر‪ ،‬كاف تضع خطط دفاع سرية‪ ،‬كاف تياجمو‬
‫في الميؿ أك بقكات أعظـ؟‪.‬‬
‫كلماذا يككف منافيان لبلخبلؽ لدل ىذه الدكلة أف تستخدـ ىذه الكسائؿ ضد مف يحطـ أسس حياتيا كأسس‬
‫سعادتيا؟‪.‬‬
‫ىؿ يستطيع عقؿ منطقي سميـ أف يأمؿ في حكـ الغكغاء حكمان ناجحان باستعماؿ المناقشات كالمجاالت‪ ،‬مع أنو‬
‫يمكف مناقضة مثؿ ىذه المناقشات كالمجادالت بمناقشات أخرل‪ ،‬كربما تككف المناقشات األخرل مضحكة غير‬
‫انيا تعرض في صكرة تجعميا أكثر اغراء في األمة لجميرتيا العاجزة عف التفكير العميؽ‪ ،‬كاليائمة كراء‬
‫عكاطفيا التافية كعاداتيا كعرفيا كنظرياتيا العاطفية‪.58‬‬
‫اف الجميكر الغر الغبي‪ ،‬كمف ارتفعكا مف بينو‪ ،‬لينغمسكف في خبلفات حزبية تعكؽ كؿ امكاف لبلتفاؽ كلك عمى‬
‫المناقشات الصحيحة‪ ،‬كاف كاف كؿ قرار لمجميكر يتكقؼ عمى مجرد فرصة‪ ،‬أك أغمبية ممفقة تجيز لجيميا‬
‫باالسرار السياسية حمكال سخيفة فتبرز بذكر الفكضى في الحككمة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ Convulsios‬معناىا اليزات أك االرتجافات‪ ،‬كقد فضمنا ترجمتيا باليزاىز النيا أدؽ‪ ،‬كفي المصباح المنير "اليزاىز الفتف ييتز‬
‫فييا الناس"‪.‬‬
‫‪57‬‬
‫أم مف يثقؿ ضميره ابتاع ىذه الكسائؿ فيراىا مخالفة لؤلخبلؽ الفاضمة‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫مف المؤسؼ أف ىذا صحيح في الببلد التي لـ تنضج سياسيان كلكنو غير صحيح في الببلد التي نضجت سياسيان كالجزر‬
‫البريطانية فالمناقشات ىناؾ ىي سبيؿ الحكـ‪ ،‬كالشعب ىناؾ يعرؼ الحدكد بؿ يحسيا بالتربية كاحساس الغريزة كيمتزميا‪ ،‬كالحرية‬
‫ىناؾ مطمقة كالرأم اقناع كاقتناع‪ ،‬كالرأم النافذ لؤلغمبية‪.‬‬
‫‪62‬‬
‫اف السياسة ال تتفؽ مع االخبلؽ في شيء‪ .‬كالحاكـ المفيد باالخبلؽ ليس بسياسي بارع‪ ،‬كىك لذلؾ غير راسخ‬
‫‪59‬‬
‫عمى عرشو‬
‫البد لطالب الحكـ مف االلتجاء إلى المكر كالرياء‪ ،‬فنف الشمائؿ االنسانية العظيمة مف االخبلص‪ ،‬كاألمانة‬
‫تصير رذائؿ في السياسة‪ ،‬كأنيا تبمغ في زعزعة العرش أعظـ مما يبمغو ألد الخصكـ‪ .‬ىذه الصفات البد أف‬
‫تككف ىي خصاؿ الببلد األممية (غير الييكدية) كلكننا غير مضطريف إلى أف نقتدم بيـ عمى الدكاـ‪.‬‬
‫اف حقنا يكمف في القكة‪ .‬ككممة "الحؽ" فكرة مجردة قائمة عمى غير أساس فيي كممة ال تدؿ عمى أكثر مف‬
‫"اعطني ما أريد لتمكنني مف أف أبرىف لؾ بيذا عمى أني أقكل منؾ"‪.‬‬
‫أيف يبدأ الحؽ كايف ينتيي؟ أم دكلة يساء تنظيـ قكتيا‪ ،‬كتنتكس فييا ىيبة القانكف كتصير شخصية الحاكـ بتراء‬
‫عقيمة مف جراء االعتداءات التحررية‪ 60‬المستعمرة ػ فاني اتخذ لنفسي فييا خطأ جديدان لميجكـ‪ ،‬مستفيدان بحؽ‬
‫القكة لتحطيـ كياف القكاعد كالنظـ القائمة‪ ،‬كاالمساؾ بالقكانيف كاعادة تنظيـ الييئات جميعان‪ .‬كبذلؾ أصير دكتاتك انر‬
‫عمى أكلئؾ الذيف تخمكا بمحض رغبتيـ عف قكتيـ‪ ،‬كأنعمكا بيا عمينا‪.61‬‬
‫كفي ىذه األحكاؿ الحاضرة المضطربة لقكل المجتمع ستككف قكتنا أشد مف أم قكة أخرل‪ ،‬ألنيا ستككف مستكرة‬
‫حتى المحظة التي تبمغ فييا مبمغان ال تستطيع معو أف تنسعيا أم خطة ماكرة‪.‬‬
‫كمف خبلؿ الفساد الحالي الذم نمجأ إليو مكرىيف ستظير فائدة حكـ حازـ يعيد إلى بناء الحياة الطبيعية نظامو‬
‫الذم حطمتو التحررية‪.62‬‬
‫اف الغاية تبرر الكسيمة‪ ،‬كعمينا ػ كنحف نضع خططنا ػ أال نمتفت إلى ما ىك خير كاخبلقي بقدر ما نمتفت إلى ما‬
‫ىك ضركرم كمفيد‪.63‬‬

‫‪59‬‬
‫‪The Prince‬‬ ‫يبلحظ أف البرتكككالت ىنا تغترؼ مف كتاب "األمير" لمكيافمي اغترافان (راجع الترجمة االنجميزية لكتاب األمير‬
‫ص ‪ ،178 ،144 ،143 ،134 ،133 ،131‬طبعة افريماف)‪ ،‬كدعكاىا ىنا كاذبة‪ ،‬حتى في سياسة الشعكب التي لـ تنضج‬
‫سياسيان‪ .‬كسير الحكاـ االفاضؿ مثؿ عمر في التاريخ تيدـ ىذا الرأم مف أساسو‪ .‬كال دليؿ حؽ عمى أف الشعكب في عيد الحكاـ‬
‫االشرار كانت أحسف حاالن منيا في عيد الحكاـ ساستيا األشرار االخيار‪ .‬بؿ اف التاريخ يثبت عمى الدكاـ اف الشعكب في عيد‬
‫الساسة االخيار كانت اسعد حاالن منيا في عيد الحكاـ االخيار‪.‬‬
‫كالمغالطة ناشئة مف اف بعض الحكاـ غير الناضجيف في السياسة يككنكف ذكم نيات خيرة‪ ،‬كلكف ليست ليـ المقدرة السياسية عمى‬
‫تنفيذىا‪ ،‬فيتعثركف كيعثركف شعكبيـ معيـ‪ .‬غير اف السبب ىك النقص في مقدرتيـ السياسية ال في تمسكيـ باالخبلؽ الفاضمة‪.‬‬
‫‪60‬‬
‫أم االعتداءات التي مصدرىا نزعة الناس إلى التحرر‪ ،‬دكف نظر إلى عكاقب االعتداءات‪.‬‬
‫‪61‬‬
‫ىكذا فعؿ الييكد بركسيا حيف دمركا الحكـ القيصرم مستغميف مفاسده في اثاره الجماىير ضده‪ ،‬حتى إذا تخمصكا منو حكمكىا‬
‫حكميـ الشيكعي‪ ،‬كاف نيج الشيكعييف في الحكـ ىك النيج المرسكـ ىنا‪ ،‬كلمقارئ العربي إذا اراد معرفة ذلؾ الرجكع إلى كتاب "اثرت‬
‫الحرية" المترجـ لمعربية كمؤلفو "فكتكر كرافتشنكك" ترجمة االستاذ محمد بدراف كالدكتكر زكي نجيب محمكد‬
‫‪62‬‬
‫المعنى أف الفساد الحالي سيشعر الناس بالحاجة إلى الحكـ "اإلسرائيمي" الحازـ‪ ،‬كيحمميـ عمى ترقبو كمعرفتو كالخضكع لو عند‬
‫مجيئو‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫سياسة البركتكككؿ ىنا تغترؼ اغترافان مما كتبو مكيافمي في كتاب "األمير" بؿ ىذه كمماتو بنصيا احيانان ال بركحيا كمعناىا‬
‫فحسب‪.‬‬
‫‪63‬‬
‫كبيف أيدينا خطة عمييا خط استراتيجي ‪ 64Strategie‬مكضح‪ .‬كما كنا لننحرؼ عف ىذا الخط اال كنا ماضيف‬
‫في تحطيـ عمؿ قركف‪.‬‬
‫اف ـ يريد انفاذ خطة عمؿ تناسبو يجباف يستحضر في ذىنو حقارة الجميكر كتقمبو‪ ،‬كحاجتو إلى االستقرار‪،‬‬
‫كعجزه عف أف يفيـ كيقدر ظركؼ عيشتو كسعادتو‪ .‬كعميو أف يفيـ أف قكة الجميكر عمياء خالية مف العقؿ‬
‫المميز‪ ،‬كأنو يعير سمعو ذات اليميف كذات الشماؿ‪.‬إذ قاد األعمى أعمى مثمو فيسقطاف معان في الياكية‪ .‬كأفراد‬
‫الجميكر الذيف امتازكا مف بيف الييئات ػ كلك كانكا عباقر ػ ال يستطيعكف أف يقكدكا ىيئاتيـ كزعماء دكف أف‬
‫يحطمكا األمة‪.‬‬
‫ما مف أحد يستطيع اف يق أر الكممات المركبة مف الحركؼ السياسية اال نشأ تنشئة لمممؾ األكتكقراطي‬
‫كاف الشعب المتركؾ لنفسو أم لمممتازيف مف الييئات‪ ،66‬لتحطمو الخبلفات الحزبية التي تنشأ‬ ‫‪65‬‬
‫‪autocratic‬‬
‫مف التيالؾ عمى القكة كاألمجاد‪ ،‬كتخمؽ اليزاىز كالفتف كاالضطراب‪.‬‬
‫ىؿ في كسع الجميكر أف يميز بيدكء كدكف ما تحاسد‪ ،‬كي يدبر أمكر الدكلة التي يجب أف ال تقحـ معيا‬
‫األىكاء الشخصية؟ كىؿ يستطيع أف يككف كقاية ضد عدك أجنبي؟ ىذا مجاؿ‪ ،‬اف خطة مجزأة أجزاء كثيرة بعدد‬
‫ما في أفراد الجميكر مف عقكؿ ليي خطة ضائعة القيمة‪ ،‬فيي لذلؾ غير معقكلة‪ ،‬كال قابمة لمتنفيذ‪ :67‬أف‬
‫األكتكقراطي ‪ autoctrat‬كحده ىك الذم يستطيع أف يرسـ خططان كاسعة‪ ،‬كاف يعيد بجزء معيف لكؿ عضك في‬
‫بنية الجياز الحككمي كمف ىنا نستنبط أف ما يحقؽ سعادة الببلد ىك أف تككف حككمتيا في قبضة شخص كاحد‬
‫مسؤكؿ‪ .‬كبغير االستبداد المطمؽ ال يمكف أف تقكـ حضارة‪ ،68‬ألف الحضارة ال يمكف أف تركج كتزدىر اال تحت‬
‫رعاية الحاكـ كائنان مف كاف‪ ،‬ال بيف أيدم الجماىير‪.‬‬
‫اف الجميكر بربرم‪ ،‬كتصرفاتو في كؿ مناسبة عمى ىذا النحك‪ ،‬فما أف يضمف الرعاع الحرية‪ ،‬حتى يمسخكىا‬
‫سريعان فكضى‪ ،‬كالفكضى في ذاتيا قمة البربرية‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫فضمنا تعريب الكممة عمى ترجمتيا النيا مشيكرة يعرفيا حتى العامة كمعنى االستراتيجية في قيادة الجيكش كما تستتبعو ىذه‬
‫القيادة‪ ،‬كال تكجد كممة في العربية تؤدم معناىا كامبلن‪ .‬كمعنى الفقرة‪ :‬اف مكقفنا في حربنا ضد العالـ كحكمو قد كضع اساسو ابطالنا‬
‫االقدمكف‪ ،‬كسعى في تنفيذه حكماؤنا منذ قركف حتى االف‪ ،‬فنذا سالمنا العالـ افسدنا كؿ اعماليـ الماضية‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫االكتكقراطية نظاـ الحاكـ الفرد المستبد المطمؽ كقد فضمنا كعادتنا تعريب الكممة عمى ترجمتيا كىـ يريدكف بذلؾ مثؿ مممكتيـ‬
‫كممكيا المسيح المخمص‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫ىذه مغالطة‪ ،‬ألف الممتاز في مكاىبو السياسية البد أف يككف حاكمان ممتا انز‪ ،‬كمنشأ الخمط ىنا‪ ،‬كفي سياسة الييئات‪ ،‬ىك كضع‬
‫الحكـ في أيدم رجاؿ ليـ امتيازاتيـ في غير مياديف السياسة أك ليست ليـ مكاىب سياسية ناضجة‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫اقرب نظاـ يشبو النظاـ المرسكـ ىنا ىك نظاـ الحكـ في ركسيا الشيكعية التي يحكميا طاغية مطمؽ‪ ،‬كالنظاـ الشيكعي كضعو‬
‫كينفذه الييكد (انظر كتاب "أثرت الحرية")‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫يريد أف الخطة التي تنشأ عف التكفيؽ بيف آراء اعضاء البرلماف خطة مرقمة فاسدة‪ ،‬عمى عكس الفكرة المكحدة المتماسكة التي‬
‫يديرىا حاكـ مستبد كحده‪( .‬انظر البرتكككؿ العاشر كىكامشو)؟‬
‫‪64‬‬
‫كحسبكـ فانظركا إلى ىذه الحيكانات المخمكرة ‪ alcehololised‬التي أفسدىا الشراب‪ ،‬كاف كاف لينتظر ليا مف‬
‫كراء الحرية منافع ال حصر ليا‪ ،‬فيؿ نسمح ألنفسنا كابناء جنسنا بمثؿ ما يفعمكف؟‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫أناس قد أضمتيـ الخمر‪ ،‬كانقمب شبانيـ مجانيف بالكبلسيكيات ‪ Classics‬كالمجكف المبكر‬ ‫كمف المسيحييف‬
‫كمعممكنا‪ ،‬كخدمنا‪ ،‬كقيرماناتنا‪71‬في البيكتات الغنية ككتبتنا‪ ،Clerks72‬كمف الييـ‪،‬‬ ‫‪70‬‬
‫الذيف اغراىـ بو ككبلؤنا‬
‫كنساؤنا في أماكف ليكىـ ػ كالييف أضيؼ مف يسميف "نساء المجتمع" ػ كالرغبات مف زمبلئيـ في الفساد كالترؼ‪.‬‬
‫يجب أف يككف شعارنا كؿ "كسائؿ العنؼ كالخديعة"‪.‬‬
‫اف القكة المحضة ىي المنتصرة في السياسية‪ ،‬كبخاصة إذا كانت مقنعة باأللمعية البلزمة لرجاؿ الدكلة‪ .‬يجب أف‬
‫يككف العنؼ ىك األساس‪ .‬كيتحتـ أف يككف ماك انر خداعان حكـ تمؾ الحككمات التي تأبى أف تداس تيجانيا تحت‬
‫اقداـ ككبلء ‪ agents‬قكة جديدة‪ .‬اف ىذا الشر ىك الكسيمة الكحيدة لمكصكؿ إلى ىدؼ الخير‪ .‬كلذلؾ يتحتـ اال‬
‫نتردد لحظة كاحدة في أعماؿ الرشكة كالخديعة كالخيانة إذا كانت تخدمنا في تحقيؽ غايتنا‪.‬‬
‫كفي السياسة يجب أف نعمـ كيؼ نصادر األمبلؾ ببل أدنى تردد إذا كاف ىذا العمؿ يمكننا مف السيادة كالقكة‪ .‬اف‬
‫دكلتنا ػ متبعة طريؽ الفتكح السممية ػ ليا الحؽ في أف تستبدؿ بأىكاؿ الحرب أحكاـ االعداـ‪ ،‬كىي أقؿ ظيك انر‬
‫كاكثر تأثي انر‪ ،‬كانيا لضركرة لتعزيز الفرع الذم يكلد الطاعة العمياء‪ .‬أف العنؼ الحقكد كحده ىك العامؿ الرئيسي‬
‫في قكة العدالة‪ .73‬فيجب أف نتمسؾ بخطة العنؼ كالخديعة ال مف أجؿ المصمحة فحسب‪ ،‬بؿ مف أجؿ الكاجب‬
‫كالنصر أيضان‪.‬‬
‫اف مبادئنا في مثؿ قكة كسائمنا التي نعدىا لتنفيذىا‪ ،‬كسكؼ ننتصر كنستعبد الحككمات جميعان تحت حككمتنا‬
‫العميا ال بيذه الكسائؿ فحسب بؿ بصرامة عقائدنا أيضان‪ ،‬كحسبنا اف يعرؼ عنا أننا صارمكف في كبح كؿ‬
‫تمرد‪.74‬‬
‫كذلؾ كنا قديمان أكؿ مف صاح في الناس "الحرية كالمساكاة كاالخاء‪ "75‬كممات ما انفكت ترددىا منذ ذلؾ الحيف‬
‫ببغاكات جاىمة متجميرة منكؿ مكاف حكؿ ىذه الشعائر‪ ،‬كقد حرمت بترددىا العالـ مف نجاحو‪ ،‬كحرمت الفرد مف‬
‫حريتو الشخصية الحقيقية التي كانت مف قبؿ في حمى يحفظيا مف أف يخنقيا السفمة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫انظر اليامشيف ص‪.141‬‬
‫‪70‬‬
‫أم صنائعنا الذيف نتخذىـ آالت لتنفيذ اغراضنا‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫كضعنا كممة قيرمانات لكممة ‪ Governesses‬كالقيرمانة ىي القيمة عمى شئكف المنزؿ‪ ،‬أك عمى شئكف االطفاؿ فيو‪ ،‬كىي‬
‫المربية (الدادة) كقمما تخمك منيا البيكت الكبيرة‪.‬‬
‫‪72‬‬
‫اخترنا ىذا الجمع ألنو المعركؼ بيننا لمف يكتبكف الرسائؿ كالحسابات كنحكىا في البيكت التجارية كدكاكيف الحككمة كما الييا‪،‬‬
‫كقد خصص لفظ الكتاب جمع كاتب أيضان لبلدباء‪ ،‬مقابؿ كممة ‪.Writers‬‬
‫‪73‬‬
‫ىكذا تحكـ ركسيا اآلف كما يدؿ عمى ذلؾ كتاب "آثرت الحرية" كالنظاـ االدارم الذم رسمو حكماء الييكد ىنا ىك الذم طبقو‬
‫خمفاؤىـ الييكد في ركسيا‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫ىذه ىي المممكة العمكية الفاضمة التي يعد الييكد بيا العالـ ليككف ليـ فييا خدمان أذالء‪ ،‬مقابؿ حياتيـ كنظميـ الحاضرة‪ ،‬فميذكر‬
‫ذلؾ الغافمكف‪.‬‬
‫‪65‬‬
‫أف أدعياء الحكمة كالذكاء مف األممييف (غير الييكد) لـ يتبينكا كيؼ كانت عكاقب الكممات التي يمكككنيا‪ ،‬كلـ‬
‫يبلحظكا كيؼ يقؿ االتفاؽ بيف بعضيا كبعض‪ ،‬كقد يناقض بعضيا بعضان‪ .76‬أنيـ لـ يركا أنو ال مساكاة في‬
‫الطبيعة‪ ،‬كأف الطبيعة قد خمقت أنماطان غير متساكية في العقؿ كالشخصية كاألخبلؽ كالطاقة‪ .‬ككذلؾ في‬
‫مطاكعة قكانيف الطبيعة‪ .77‬اف أدعياء الحكمة ىؤالء لـ يكينكا كيتنبئكا أف الرعاع قكة عمياء‪ ،‬كاف المتميزيف‬
‫المختاريف حكامان مف كسطيـ عمياف مثميـ في السياسة‪ .‬فنف المرء المقدكر لو أف يككف حاكمان ػ كلك كاف أحمؽ‬
‫ػ يستطيع أف يحكـ‪ ،‬كلكف المرء غير المقدكر لو ذلؾ ػ كلك كاف عبقريان ػ أف يفيـ شيئان في السياسية‪ .‬ككؿ ىذا‬
‫كاف بعيدان عف نظر االممييف مع اف الحكـ الكراثي قائـ عمى ىذا األساس‪ .‬فقد اعتاد االب اف يفقو االبف في‬
‫معنى التطكرات السياسية كفي مجراىا بأسمكب ليس ألحد غير اعضاء األسرة المالكة اف يعرفو كما استطاع أحد‬
‫أف يفشي االسرار لمشعب المحككـ‪ .78‬كفي كقت مف االكقات كاف معنى التعميمات السياسية ػ كما تكرثت مف‬
‫جيؿ إلى جيؿ ػ مفقكدان‪ .‬كقد اعاف ىذا الفقد عمى نجاح أغراضنا‪.‬‬
‫اف صحيتنا "المساكاة كاالخاء" قد جمبت إلى صفكفنا فرقان كاممة مف زكايا العالـ األربع عف طريؽ ككبلئنا‬
‫المغفميف‪ ،‬كقد حممت ىذه الفرؽ ألكيتنا في نشكة‪ ،‬بينما كانت ىذه الكممات ػ مثؿ كثير مف الديداف ػ تمتيـ سعادة‬
‫المسيحييف‪ ،‬كتحطـ سبلميـ كاستقرارىـ‪ ،‬ككحدتيـ‪ ،‬مدمرة بذلؾ أسس الدكؿ‪ .‬كقد جمب ىذا العمؿ النصر لنا كما‬
‫سنرل بعد‪ ،‬فانو مكننا بيف أشياء أخرل مف لعب دكر اآلس‪ 79‬في اكراؽ المعب الغالبة‪ ،‬أم محؽ االمتيازات‪،‬‬
‫‪80‬‬
‫األممية (غير الييكدية) التي كانت الحماية الكحيدة لمببلد‬ ‫كبتعبير آخر مكننا مف سحؽ كياف االرستقراطية‬
‫ضدنا‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫يدعي الييكد بيذا انيـ كاضعكا شعار الثكرة الفرنسية كانيـ المثيركف ليا‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫اف ىذه المبادئ ال تتناقض إال حيف يفيـ كؿ منيا مطمقان مف حدكده كىذه فيـ خطأ‪ ،‬كما ال يسكء استعماليا اال حيف ال يقؼ‬
‫مزاكلكىا عند حدكدىا الحقيقية العممية‪ ،‬كلكف إذا عرؼ كؿ كاجبو كمقامو‪ ،‬كاستعمؿ حريتو في القياـ بكاجباتو حسب الطريقة‬
‫المناسبة لمكاىبو كظركفو‪ ،‬كعرؼ لذم الفضؿ فضمو كلمف دكنو كاجب تقكيمو كانصافو كأنو مف اسرتو‪ ،‬لـ يكف ضرر في ىذه‬
‫المبادئ كلـ يكف ىناؾ تناقض بينيا‪ ،‬كالييكد يسممكف بذلؾ (انظر البرتكككؿ الرابع)‪ ،‬كمف ذلؾ يظير تناقضيـ‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫اف ىذا االختبلؼ ال يناقض مبدأ المساكاة كما يفيميا العقبلء مساكاة في حرية الحياة كالممؾ كالفكز بثمرات العمؿ كالمكاىب‬
‫كنحك ذلؾ فأما ما كراء ذلؾ مف اختبلؼ في العقؿ كالشخصية كالطاقة كالعمؿ كنحك ذلؾ فيك خير لمناس كمعركؼ عندىـ‪ ،‬ال ريب‬
‫فيو كال ميرب منو‪ ،‬كلكنو ال يحكؿ بينيـ كبيف المساكاة في حؽ الحياة كاالمتبلؾ كنحكىما مما ذكرنا‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫ينشأ عف احتكار الحكاـ لبلسرار السياسية كميا كأسبابيا قصكر المحككميف عف فيـ الحكادث كأسبابيا الحقيقية ببساطة فيمان‬
‫صحيحان‪ ،‬فتمتكم لذلؾ أماميـ الحقائؽ أك يضربكف في متاىات مف الخياالت‪ ،‬كلك اكتفى الحكاـ باحتكار االسرار العميا كحدىا‬
‫كمرنكا المحككميف عمى النظر في الحكادث كأسبابيا السيمة مدة طكيمة كشارككىـ في الحكـ كتحمؿ المسؤكليات لكفاىـ ذلؾ ككفى‬
‫الناس متاعب كثيرة‪ ،‬ألف تمريف المحككميف عمى ذلؾ سيربييـ تربية سياسية صحيحة كما يجرم اآلف في بريطانيا‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫في أكراؽ المعب (الككتشينو) أكراؽ ممتازة أعبلىا اآلس‪ ،‬فانو يقمبيا جميعان كالمعنى أف الييكد تغمبكا عمى امتيازات المختاريف مف‬
‫غي الييكد كما يغمب اآلس سائر االكراؽ الممتازة‪.‬‬
‫‪80‬‬
‫االرستقراطية حككمة االقمية الفاضمة العادلة‪ ،‬كما عرفيا ارسطك‪.‬‬
‫‪66‬‬
‫لقد اقمنا عمى اطبلؿ االرستقراطية الطبيعية كالكراثية ارستقراطية مف عندنا عمى اساس بمكقراطي‬
‫‪ 81Plutorcatic‬كعمى العمـ‪ 82‬الذم يركجو عمماؤنا كلقد عاد النصر ايسر في الكاقع‪ ،‬فاننا مف خبلؿ صبلتنا‬
‫بالناس الذيف ال غنى لنا عنيـ كلقد اقمنا االرستقراطية الجديدة عمى الثركة التي نتسمط عمييا كنا دائمان نحرؾ أشد‬
‫اجزاء العقؿ االنساني احساسان‪ ،‬أم نستثير مرض ضحايانا مف أجؿ المنافع‪ ،‬كشرىـ كنيميـ‪ ،‬كالحاجات المادية‬
‫لبلنسانية‪ 83‬ككؿ كاحد مف ىذه األمراض يستطيع كحده مستقبلن بنفسو اف يحطـ طميعة الشعب‪ 84‬كبذلؾ نضع قكة‬
‫ارادة الشعب تحت رحمة اكلئؾ الذيف سيجردكنو مف قكة طميعتو‪.‬‬
‫اف تجرد كممة "الحرية" جعميا قادرة عمى اقناع الرعاع بأف الحككمة ليست شيئان آخر غير مدير ينكب عف المالؾ‬
‫الذم ىك األمة‪ ،‬كاف في المستطاع خمقعيا كقفازيف بالييف‪ .‬كاف الثقة بأف ممثمي األمة يمكف عزليـ قد اسممت‬
‫ممثمييـ لسمطاننا‪ ،‬كجعمت تعيينيـ عمميان في أيدينا‪.‬‬

‫البرتوكول الثاني‪:‬‬
‫يمزـ لغرضنا أف ال تحدث أم تغييرات أقميمية عقب الحركب‪ ،‬فبدكف التعديبلت اإلقميمية ستتحكؿ الحركب إلى‬
‫س باؽ اقتصادم‪ ،‬كعندئذ تتبيف األمـ تفكقنا في المساعدة التي سنقدميا‪ ،‬كاف اطراد األمكر ىكذا سيضع الجانبيف‬
‫كمييما تحت رحمة ككبلئنا الدكلييف ذكم مبلييف العيكف الذيف يممككف كسائؿ غير محدكدة عمى اإلطبلؽ‪.‬‬
‫كعندئذ ستكتسح حقكقنا الدكلية كؿ قكانيف العالـ‪ ،‬كسنحكـ الببلد باألسمكب ذاتو الذم تحكـ بو الحككمات الفردية‬
‫رعاياىا‪.‬‬
‫كسنختار مف بيف العامة رؤساء ادارييف ممف ليـ ميكؿ العبيد‪ ،‬كلف يككنكا مدربيف عمى فف الحكـ ‪ ،85‬كلذلؾ‬
‫سيككف مف اليسير أف يمسخكا قطع شطرنج ضمف لعبتنا في أيدم مستشارينا العمماء الحكماء الذيف دربكا‬
‫خصيصان عمى حكـ العالـ منذ الطفكلة الباكرة‪ .‬كىؤالء الرجاؿ ػ كما عممتيـ مف قبؿ ػ قد درسكا عمـ الحكـ مف‬

‫‪81‬‬
‫أم الحكـ عمى أساس الغنى كالثكرة‪ ،‬فالبمكتقراطية حككمة االقمية الغنية التي تممؾ معظـ الثركة‪ ،‬أك ىي حككمة االغنياء كىؤالء‬
‫ال تعنييـ اال الثركة كجمعيا مف أم سبيؿ دكف رعاية ألم مبدأ أك عاطفة شريفة‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫المراد بالعمـ الي يركجو عمماؤىـ عمـ االقتصاد السياسي ‪ Political economy‬كقد دشكا فيو نظريات ال تعتمد عمى اساس مف‬
‫كاقع الحياة (انظر البركتكككؿ‪.)31‬‬
‫‪83‬‬
‫أليست ىذه ىي الطريقة الشيكعية الييكدية التي يكقع بيا الشيكعيكف ضحاياىـ في احابيميـ؟ فيـ ال يستغمكف في اإلنساف‬
‫عاطفة كريمة‪ ،‬بؿ يستثيركف اخس عكاطفو كشيكاتو ليسمطكه عمى المجتمع‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫المراد بطميعة الشعب الممتازكف الذيف يتقدمكف طكائؼ الشعب كيتزعمكنيا كيقضكف في أمكرىا‪ ،‬كالييكد يركزكف ضرباتيـ عمى‬
‫ىؤالء المتزعميف‪ ،‬فنذا حطمكىـ تحطمت تحطمت دكف مشقة الطكائؼ التي تسير كراءىـ ببل تفكير‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫مف المؤسؼ اف السياسة في معظـ الببلد تسير عمى ىذا النحك سكاء كاف ذلؾ بسبب الييكد أك بغيرىـ كالييكد عمى كبل الحاليف‬
‫يستفيدكف كثي انر مف الجرم عمى ىذه السياسة‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫خططنا السياسية‪ ،‬كمف تجربة التاريخ‪ ،‬كمف مبلحظة األحداث الجارية‪ .86‬كاألمميكف (غير الييكد) ال ينتفعكف‬
‫بالمبلحظات التاريخية المستمرة بؿ يتبعكف نسقان نظريان مف غير تفكير فيما يمكف أف تككف نتائجو‪ .‬كمف أجؿ‬
‫ذلؾ لسنا في حاجة إلى أف نقيـ لؤلمييف كزنان‪.‬‬
‫دعكىـ يتمتعكا كيفرحكا بأنفسيـ حتى يبلقكا يكميـ‪ ،‬أك دعكىـ يعيشكا في أحبلميـ بممذات كمبله جديدة‪ ،‬أك‬
‫يعيشكا في ذكرياتيـ لؤلحبلـ الماضية‪ .‬دعكىـ يعتقدكا أف ىذه القكانيف النظرية التي اكحينا الييـ بيا انما ليا‬
‫القدر األسمى مف اجميـ‪ .‬كبتقييد انظارىـ إلى ىذا المكضكع‪ ،‬كبمساعدة صحافتنا نزيد ثقتيـ العمياء بيذه القكانيف‬
‫زيادة مطردة‪ .‬اف الطبقات المتعممة ستختاؿ زىكان أماـ أنفسيا بعمميا‪ ،‬كستأخذ جزافان في مزالة المعرفة التي‬
‫حصمتيا مف العمـ الذم قدمو إلييا ككبلؤنا رغبة في تربية عقكلنا حسب االتجاه الذم تكخيناه‪.‬‬
‫ال تتصكركا أف تصريحاتنا كممات جكفاء‪ .‬كالحظكا ىنا اف نجاح داركف ‪ Darwin‬كماركس‪ Marx‬كنيتشو‬
‫‪87‬‬
‫كقد رتبناه مف قبؿ‪ .‬كاألمر غير األخبلقي التجاىات ىذه العمكـ في الفكر األممي (غير‬ ‫‪Nietsche‬‬
‫الييكدم) سيككف كاضحان لنا عمى التأكيد‪ .‬كلكي نتجنب ارتكاب األخطاء في سياستنا كعممنا االدارم‪ ،‬يتحتـ‬
‫عمينا أف ندرس كنعي في أذىاننا الخط الحالي مف الرأم‪ ،‬كىك اخبلؽ األمة كميكليا‪ .‬كنجاح نظريتنا ىك في‬
‫مكافقتيا ألمزجة األمـ التي نتصؿ بيا‪ ،‬كىي ال يمكف أف تككف ناجحة إذا كانت ممارستيا العممية غير مؤسسة‬
‫عمى تجربة الماضي مقترنة بمبلحظات الحاضر‪.‬‬
‫اف الصحافة التي في أيدم الحككمة القائمة ىي القكة العظيمة التي بيا نحصؿ عمى تكجيو الناس‪ .‬فالصحافة‬
‫تبيف المطالب الحيكية لمجميكر‪ ،‬كتعمف شكاكم الشاكيف‪ ،‬كتكلد الضجر احيانان بيف الغكغاء‪ .‬كاف تحقيؽ حرية‬
‫الكبلـ قد كلد في الصحافة‪ ،‬غير أف الحككمات لـ تعرؼ كيؼ تستعمؿ ىذه القكة بالطريقة الصحيحة‪ ،‬فسقطت‬
‫في أيدينا‪ ،‬كمف خبلؿ الصحافة احرزنا نفكذان‪ ،‬كبقينا نحف كراء الستار‪ ،‬كبفضؿ الصحافة كدسنا الذىب‪ ،‬كلك أف‬
‫ذلؾ كمفنا أنيا انر مف الدـ‪ .‬فقد كمفنا التضحية بكثير مف جنسنا‪ ،‬كلكف كؿ تضحية مف جانبنا تعادؿ آالفان مف‬
‫األممييف (غير الييكد) أماـ اهلل‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫في ىذه السطكر تتركز اصكؿ االجتياد في الحكـ كالفقو كالعمكـ كغيرىا‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫تنبأ نيتشو في كتابو "كراء الخير كالشر" لفمسفة ماركس الييكدية الشيكعية باالنتشار‪ ،‬كحدد الدكلة التي ستعتنقيا كىي ركسيا‪،‬‬
‫كما كاف أحد يتصكر يكمئذ ذلؾ‪ ،‬فتحققف نبكءتو‪ ،‬كقد اكرىت ركسيا بالعنؼ كالخديعة عمى احتضاف شيكعية ماركس الييكدم عمى‬
‫أيدم الييكد‪( ،‬انظر ايضان ص ‪ 72‬كىامشيا)‪.‬‬
‫‪68‬‬
‫البرتوكول الثالث‪:‬‬
‫أستطيع اليكـ أف أؤكد لكـ أننا عمى مدل خطكات قميمة مف ىدفنا‪ ،‬كلـ تبؽ اال مسافة قصيرة كي تتـ األفعى‬
‫الرمزية ‪ 88Sympolic Serpeni‬ػ شعار شعبنا ػ دكرتيا ‪ ،‬كحينما تغمؽ ىذه الدائرة سكتكؾ كؿ دكؿ أكركبا‬
‫محصكرة فييا بأغبلؿ ال تكسر‪.‬‬
‫اف كؿ المكازيف‪ 89‬البنائية القائمة ستنيار سريعان‪ ،‬ألننا عمى الدكاـ نفقدىا تكازنيا كي نبمييا بسرعة أكثر‪ ،‬كنمحؽ‬
‫كفايتيا‪.‬‬
‫لقد ظف األمميكف أف ىذه المكازيف‪ ،‬قد صنعت كليا مف القكة ما يكفي‪ ،‬كتكقعكا منيا أف تزف األمكر بدقة‪ ،‬كلكف‬
‫القكاميف عمييا ػ أم رؤساء الدكؿ كما يقاؿ ػ مرتبككف بخدميـ الذيف ال فائدة ليـ منيـ‪ ،‬مقكدكف كما ىي عادتيـ‬
‫بقكتيـ المطمقة عمى المكيدة كالدس بفضؿ المخاكؼ السائدة في القصكر‪.‬‬
‫كالممؾ لـ تكف لو سبؿ اال قمكب رعاياه‪ ،‬كليذا لـ يستطع أف يحصف نفسو ضد مدبرم المكايد كالدسائس‬
‫الطامحيف إلى القكة‪ .‬كقد فصمنا القكة المراقبة عف قكة الجميكر العمياء‪ ،‬فقدت القكتاف معان أىميتيما‪ ،‬ألنيما حيف‬
‫انفصمتا صارتا كأعمى فقد عصاه‪ .‬كلكي نغرم الطامحيف إلى القكة بأف يسيئكا استعماؿ حقكقيـ ػ كضعنا القكم‪:‬‬
‫كؿ كاحدة منيا ضد غيرىا‪ ،‬بأف شجعنا ميكليـ التحررية نحك االستقبلؿ‪ ،‬كقد شجعنا كؿ مشركع في ىذا االتجاه‬
‫ككضعنا أسمحة في أيدم كؿ األحزاب كجعمنا السمطة ىدؼ كؿ طمكح إلى الرفعة‪ .‬كقد أقمنا مياديف تشتجر‬
‫فكقيا الحركب الحزبية ببل ضكابط كال التزامات‪ .‬كسرعاف ما ستنطمؽ الفكضى‪ ،‬كسيظير اإلفبلس في كؿ مكاف‪.‬‬
‫‪90‬‬
‫المجالس البرلمانية كاالدارية مجالس جدلية‪ .‬كالصحفيكف الجريئكف‪ ،‬ككتاب النشرات‬ ‫لقد مسخ الثرثاركف الكقحاء‬
‫‪ 91Pamphleteers‬الجسكركف يياجمكف القكل االدارية ىجكمان مستم انر‪ .‬كسكؼ ييييء سكء استعماؿ السمطة‬
‫تفتت كؿ الييئات ال محالة‪ ،‬كسينيار كؿ شيء صريعان تحت ضربات الشعب اليائج‪.‬‬
‫اف الناس مستعبدكف في عرؽ جباىيـ لمفقر بأسمكب أفظع مف قكانيف رؽ األرض‪ .‬فمف ىذا الرؽ يستطيعكف أف‬
‫يحرركا أنفسيـ بطريقة أك بأخرل‪ ،‬عمى أنو ال شيء يحررىـ مف طغياف الفقر المطبؽ‪ .‬كلقد حرصنا عمى أف‬
‫نقحـ حقكقان لمييئات خيالية محضة‪ ،‬فنف كؿ ما يسمى "حقكؽ البشر" ال كجكد لو اال في المثؿ التي ال يمكف‬

‫‪88‬‬
‫انظر ص ‪ ،119‬كىامشيا كتعقيب نيمكس في آخر الكتاب‪ ،‬كالشعار الييكدم البمشفي ص ‪.5‬‬
‫‪89‬‬
‫أم السنف التي تضبط المجتمع كتيسيره‪ ،‬في تفكيره كاحساسو كسمككو‪ ،‬كالييكد دائمك النقد ليا‪ ،‬كتعطيؿ آثارىا بيدميا‪ ،‬كتشكيؾ‬
‫الناس فييا كتركيـ في حيرة مف أمرىـ كأمرىا‪ ،‬كفي الكقت ذاتو يقدمكف بدليا كضدىا مقاييس مضممة يطبعكنيا بطابع عممي‪ ،‬فيغتر‬
‫قصار النظر بيا‪ .‬كلك كانكا مف قادة الفكر كالرأم‪ ،‬إذا لـ يككنكا ذكم أصالة في النظر‪ ،‬كتجربة طكيمة كاعية (انظر ‪ 79‬ػ ‪.)83‬‬
‫‪90‬‬
‫‪ Insuppressable‬كمعناىا الذم ال يقير‪ ،‬كالمقصكد االعضاء الذيف ال يقدركف العكاقب‪ .‬كالكقاحة ىي الصبلبة‪ ،‬كالكقحاء‬
‫أصحاب كجكه صبلب‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫مف كممة ‪( Pamphet‬أم الممزمة) أك الرسالة أك النبذة كىـ كتاب النشرات أك الرسائؿ القصيرة أك الكتيبات‪ ،‬كقد جرل‬
‫االصطبلح بيف المتأدبيف قديمان عمى تسمية كتاب الرسائؿ بالمترسميف أخذان مف الرسالة فكجدناىا كاقية فكجدناىا كاقية بالمراد مقابؿ‬
‫‪ Pamphieteers‬كلكنيا غريبة عمى القراء‪ ،‬فكضعنا بدليا كممة‪ :‬كتاب النشرات‪ ،‬النيا أكثر معرفة عند القراء في االصطبلح‬
‫التأليفي‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫تطبيقيا عمميان‪ .‬ماذا يفيد عامبلن أجي انر قد حنى العمؿ الشاؽ ظيره‪ ،‬كضاؽ بحظو ػ اف نجد ثرثار حؽ الكبلـ‪ ،‬أك‬
‫يجد صحفي حؽ نشر أم نكع مف التفاىات؟ ماذا ينفع الدستكر العماؿ االجراء اذا ىـ لـ يظفركا منو بفائدة غير‬
‫الفضبلت التي نطرحيا الييـ مف مكائدنا جزاء اصكاتيـ النتخاب ككبلئنا؟‪.‬‬
‫اف الحقكؽ الشعبية سخرية مف الفقير‪ ،‬فنف ضركرات العمؿ اليكمي تقعد بو عف الظفر بأم فائدة عمى شاكمة‬
‫ىذه الحقكؽ‪ ،‬ككمما ليا ىك أف تنأل بو عف األجكر المحدكدة المستمرة‪ ،‬كتجعمو يعتمد عمى االضرابات‬
‫كالمخدكميف كالزمبلء‪.‬‬
‫كتحت حمايتنا أباد الرعاع األرستقراطية التي عضدت الناس كحميتيـ ألجؿ منفعتيـ‪ ،‬كىذه المنفعة ال تنفصؿ‬
‫عف سعادة الشعب‪ ،‬كاالف يقع الشعب بعد أف حطـ امتيازات االرستقراطية تحت نير الماكريف مف المستغميف‬
‫كاألغنياء المحدثيف‪.‬‬
‫اننا نقصد أف نظير كما لك كنا المحرريف لمعماؿ‪ ،‬جئنا لنحررىـ مف ىذا الظمـ‪ ،‬حينما ننصحيـ بأف يمتحقكا‬
‫بطبقات جيكشنا مف االشتراكييف كالفكضكييف كالشيكعييف‪ .‬كنحف عمى الدكاـ نتبنى الشيكعية كنحتضنيا‬
‫متظاىريف بأننا نساعد العماؿ طكعان لمبدأ األخكة كالمصمحة العامة لبلنسانية‪،‬كىذا ما تبشر بو الماسكنية‬
‫االجتماعية‪.92‬‬
‫اف االرستقراطية التي تقاسـ الطبقات العاممة عمميا ػ قد أفادا أف ىذه الطبقات العاممة طيبة الغذاء جيدة الصحة‬
‫قكية األجساـ‪ ،‬غير أف فائدتنا نحف في ذبكؿ األممييف كضعفيـ‪ .‬كاف قكتنا تكمف في أف يبقى العامؿ في فقر‬
‫كمرض دائميف‪ ،‬ألننا بذلؾ نستبقيو عبدان الرادتنا‪ ،‬كلف يجد فيمف يحيطكف بو قكة كال عزمان لمكقكؼ ضدنا‪ .‬كاف‬
‫الجكع سيخكؿ رأس الماؿ حقكقان عمى العامؿ أكثر مما تستطيع سمطة الحاكـ الشرعية أف تخكؿ األرستقراطية مف‬
‫الحقكؽ‪.93‬‬
‫كنحف نحكـ الطكائؼ باستغبلؿ مشاعر الحسد كالبغضاء التي يؤججيا الضيؽ كالفقر‪ ،‬كىذه المشاعر ىي كسائمنا‬
‫التي نكتسح بيا بعيدان كؿ مف يصدكننا عف سبيمنا‪.94‬‬
‫كحينما يأتي أكاف تتكيج حاكمنا العالمي سنتمسؾ بيذه الكسائؿ نفسيا‪ ،‬أم نستغؿ الغكغاء كيما نحطـ كؿ شيء‬
‫قد يثبت أنو عقبة في طريقنا‪.‬‬
‫لـ يعد األمميكف قادريف عمى التفكير في مسائؿ العمـ دكف مساعدتنا‪ .‬كىذا ىك السبب في أنيـ ال يحققكف‬
‫الضركرة الحيكية ألشياء معينة سكؼ نحتفظ بيا حيف تبمغ ساعتنا أجميا‪ ،‬أعني أف الصكاب كحده بيف كؿ العمكـ‬
‫كأعظميا قد انر ىك ما يجب أف يعمـ في المدارس‪ ،‬كذلؾ ىك عمـ حياة االنساف كاألحكاؿ االجتماعية‪ ،‬ككبلىما‬
‫يستمزـ تقسيـ العمؿ‪ ،‬ثـ تصنيؼ الناس فئات كطبقات‪ .‬كانو لحتـ الزـ أف يعرؼ كؿ إنساف فيما بعد أف المساكاة‬

‫‪92‬‬
‫ىنا تمتقي الماسكنية كالشيكعية كالصييكنية كتظير الصمة بينيا جميعان‪ .‬ككذلؾ تمتقي في مكاضع أخرل‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫ليت العماؿ يسمعكف ذلؾ كيعكنو‪ ،‬ليعرفكا أم سـ يدس ليـ الييكد‪ ،‬أك غيرىـ حينما يتظاىركف بالعطؼ عمييـ كيعدكنيـ‬
‫كيمنكنيـ بما ال يمكف تحقيقو كلك حسنت النيات‪ ،‬فكيؼ إذا ساءت ‪،‬كأدعياء االصبلح ال يعدكنيـ اال غرك انر‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫كمف ىنا يظير اف الشيكعييف كغيرىـ الذيف ال يعرفكف طريقان الستغبلؿ اإلنساف إال عمى ىذا النحك الكضيع ليسكا غير منفذيف‬
‫لمسياسة الصييكنية كلك بغير كعي‪.‬‬
‫‪71‬‬
‫الحقة ال يمكف أف تكجد‪ .‬كمنشأ ذلؾ اختبلؼ طبقات أنكاع العمؿ المتباينة‪ .‬كاف مف يعممكف بأسمكب يضر فئة‬
‫كاممة ال بد أف تقع عمييـ مسؤكلية تختمؼ أماـ القانكف عف المسؤكلية التي تقع عمى مف يرتكبكف جريمة ال تؤثر‬
‫اال في شرفيـ الشخصي فحسب‪.‬‬
‫اف عمـ األحكاؿ االجتماعية الصحيح الذم ال نسمـ أس ارره لؤلممييف سيقنع العالـ أف الحرؼ كاألشغاؿ يجب أف‬
‫تحصر في فئات خاصة كي ال تسبب متاعب انسانية تنشأ عف تعميـ ال يساير العمؿ الذم يدعي األفراد إلى‬
‫القياـ بو‪ .‬كاذا ما درس الناس ىذا العمـ فسيخضعكف بمحض ارادتيـ لمقكل الحاكمة كىيئات الحككمة التي‬
‫رتبتيا‪ .‬كفي ظؿ األحكاؿ الحاضرة لمجميكر كالمنيج الذم سمحنا لو بانتباه ػ يؤمف الجميكر في جيمو ايمانان‬
‫اعمى بالكممات المطبكعة كباألكىاـ الخاطئة التي أكحينا بيا إليو كما يجب‪ ،‬كىك يحمؿ البغضاء لكؿ الطبقات‬
‫التي يظف أنيا أعمى منو‪ ،‬النو ال يفيـ أىميو كؿ فئة‪ .‬كاف ىذه البغضاء ستصير أشد مضاء حيث تككف‬
‫األزمات االقتصادية عالمية بكؿ الكسائؿ الممكنة التي في قبضتنا‪ ،‬كبمساعدة الذىب الذم ىك كمو في أيدينا‪.‬‬
‫كسنقذؼ دفعة كاحدة إلى الشكارع بجمكع ج اررة مف العماؿ في أكركبا‪ ،‬كلسكؼ تقذؼ ىذه الكتؿ عندئذ بأنفسيا‬
‫الينا في ابتياج‪ ،‬كتسفؾ دماء اكلئؾ الذيف تحسدىـ ػ لغفمتيما ػ منذ الطفكلة‪ ،‬كستككف قادرة يكمئذ عمى انتياب ما‬
‫ليـ مف أمبلؾ‪ .‬انيا لف تستطيع اف تضرنا‪ ،‬كألف لحظة اليجكـ ستككف معركفة لدينا‪ ،‬كسنتخذ االحتياطات‬
‫لحماية مصالحنا‪.‬‬
‫لقد اقنعنا األممييف بأف مذىب التحررية سيؤدم بيـ إلى مممكة العقؿ كسيككف استبدادنا مف ىذه الطبيعة النو‬
‫سيككف في مقاـ يقمع كؿ الثكرات كيستأصؿ بالعنؼ البلزـ كؿ فكرة تحررية مف كؿ الييئات‪.‬‬
‫حينما الحظ الجميكر أنو قد اعطى كؿ أنكاع الحقكؽ باسـ التحرر تصكر نفسو أنو السيد‪ ،‬كحاكؿ أف يفرض‬
‫القكة‪ .‬كأف الجميكر مثمو مثؿ كؿ أعمى آخر ػ قد صادؼ بالضركرة عقبات ال تحصى‪ ،‬كألنو لـ يرغب في‬
‫الرجكع إلى المنيج السابؽ كضع عندئذ قكتو تحت أقدامنا‪.‬‬
‫تذكركا الثكرة الفرنسية التي نسمييا "الكبرل" اف اسرار تنظيميا التمييدم معركفة لنا جيدان ألنيا مف صنع‬
‫أيدينا‪ .95‬كنحف مف ذلؾ الحيف نقكد األمـ قدمان مف خيبة إلى خيبة‪ ،‬حتى انيـ سكؼ يتبرأكف منا‪ ،‬ألجؿ الممؾ‬
‫الطاغية مف دـ صييكف‪ ،‬كىك المالؾ الذم نعده لحكـ العالـ‪ .‬كنحف اآلف ػ كقكة دكلية ػ فكؽ المتناكؿ‪ ،‬ألنو لك‬
‫ىاجمتنا احدل الحككمات األممية لقامت بنصرنا اخريات‪ .‬إف المسيحييف‪ 96‬مف الناس في خستيـ الفاحشة‬
‫ليساعدكننا عمى استقبللنا حينما يخركف راكعيف اماـ القكة‪ ،‬كحينما ال يرثكف لمضعيؼ‪ ،‬كال يرحمكف في معالجة‬
‫االخطاء‪ ،‬كيتساىمكف مع الجرائـ‪ ،‬كحينما يرفضكف أف يتبينكا متناقضات الحرية‪ ،‬كحينما يككنكف صابريف إلى‬
‫درجة االستشياد في تحمؿ قسكة االستبداد الفاجر‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫انظر ما كتب عف مسار األفعى الرمزية في التعقيب الممحؽ بآخر البركتكككالت كىنا كفي مكاضع أخرل يدعي الييكد اف الثكرة‬
‫الفرنسية مف عمؿ ايدييـ كىذه دعكل مسرفة‪.‬‬
‫‪96‬‬
‫انظر اليامش ‪ 1‬ص ‪.114‬‬
‫‪71‬‬
‫إنيـ ػ عمى أيدم دكتاتكريييـ الحالييف مف رؤساء كزراء ككزراء ػ ليتحممكف اساءات كانكا يقتمكف مف أجؿ اصغرىا‬
‫عشريف ممكان‪ ،‬فكيؼ بياف ىذه المسائؿ؟ كلماذا تككف الجماعات غير منطقية عمى ىذا النحك في نظرىا إلى‬
‫الحكادث؟ السبب ىكاف المستبديف يقنعكف الناس عمى ايدم ككبلئيـ بأنيـ إذا اساؤكا استعماؿ سمطتيـ كنكبكا‬
‫الدكلة فما اجريت ىذه النكبة اال لحكمة سامية‪ ،‬أم التكصؿ إلى النجاح مف اجؿ الشعب‪ ،‬كمف أجؿ االخاء‬
‫كالكحدة كالمساكاة الدكلية‪.‬‬
‫كمف المؤكد أنيـ ال يقكلكف ليـ‪ :‬اف ىذا االتحاد ال يمكف بمكغو اال تحت حكمنا فحسب‪ ،‬كليذا نرل الشعب يتيـ‬
‫البرمء‪ ،‬كيبرمء المجرـ‪ ،‬مقتنعان بأنو يستطيع دائمان اف يفعؿ ما يشاء‪ .‬كينشأ عف ىذه الحالة العقمية اف الرعاع‬
‫يحطمكف كؿ تماسؾ‪ ،‬كيخمقكف الفكضى في كؿ ثنية ككؿ ركف‪.‬‬
‫اف كممة "الحرية" تزج بالمجتمع في نزاع مع كؿ القكل حتى قكة الطبيعة كقكة اهلل‪ .‬كذلؾ ىك السبب في انو يجب‬
‫عمينا ػ حيف نستحكذ عمى السمطة ػ اف نمحؽ كممة الحرية مف معجـ االنسانية باعتبار انيا رمز القكة الكحشية‬
‫الذم يمسخ الشعب حيكانات متعطشة إلى الدماء‪ .‬كلكف يجب اف نركز في عقكلنا اف ىذه الحيكانات تستغرؽ في‬
‫النكـ حينما تشبع مف الدـ‪ ،‬كفي تمؾ المحظة يككف يسي انر عمينا اف نسخرىا كاف نستعبدىا‪ .‬كىذه الحيكانات إذا لـ‬
‫تعط الدـ فمف تناـ‪ ،‬بؿ سيقاتؿ بعضيا بعضان‪.‬‬

‫البروتوكول الرابع‪:‬‬
‫كؿ جميكرية تمر خبلؿ مراحؿ متنكعة‪ :‬أكالىا فترة االياـ األكلى لثكرة العمياف التي تكتسح كتخرب ذات اليميف‬
‫كذات الشماؿ‪ .‬كالثانية ىي حكـ الغكغاء الذم يؤدم إلى الفكضى‪ ،‬كيسبب االستبداد‪ .‬اف ىذا االستبداد مف‬
‫الناحية الرسمية غير شرعي‪ ،‬فيك لذلؾ غير مسؤكؿ‪ .‬كانو خفي محجكب عف االنظار كلكنو مع ذلؾ يترؾ نفسو‬
‫محسكسان بو‪ .‬كىك عمى العمكـ تصرؼ منظمة سرية تعمؿ خمؼ بعض الككبلء‪ ،‬كلذلؾ سيككف أعظـ جبركتان‬
‫كجسارة‪ .‬كىذه القكة السرية لف تفكر في تغير ككبلئيا الذيف تتخذىـ ستا انر‪ ،‬كىذه التغييرات قد تساعد المنظمة‬
‫التي ستككف كذلؾ قادرة عمى تخميص نفسيا مف خدميا القدماء الذيف سيككف مف الضركرم عندئذ منحيـ‬
‫مكافآت أكبر جزاء خدمتيـ الطكيمة‪.‬‬
‫مف ذا كماذا يستطيع اف يخمع فكة خفية عف عرشيا؟ ىذا ىك بالضبط ما عميو حككمتنا اآلف‪ .‬اف المحفؿ‬
‫الماسكني المنتشر في كؿ انحاء العالـ ليعمؿ في غفمة كقناع ألغراضنا‪.‬كلكف الفائدة التي نحف دائبكف عمى‬
‫تحقيقيا مف ىذه القكة في خطة عممنا كفي مركز قيادتنا ػ ما تزاؿ عمى الدكاـ غير معركفة لمعالـ كثي انر‪.‬‬
‫يمكف اال يككف لمحرية ضرر‪ ،‬كأف نقكـ في الحككمات كالبمداف مف غير أف تككف ضارة بسعادة الناس‪ ،‬لك اف‬
‫الحرية كانت مؤسسة عمى العقيدة كخشية اهلل‪ ،‬كعمى األخكة كاالنسانية‪ ،‬نقية مف افكار المساكاة التي ىي مناقضة‬
‫مناقضةن مباشرة لقكانيف الخمؽ‪ .‬كالتي فرضت التسميـ‪ .‬أف الناس محككميف بمثؿ ىذا االيماف سيككنكف مكضكعيف‬

‫‪72‬‬
‫‪97‬‬
‫(ىيئاتيـ الدينية) كسيعيشكف في ىدكء كاطمئناف كثقة تحت ارشاد أئمتيـ الركحييف‪،‬‬ ‫تحت حماية كنائسيـ‬
‫كسيخضعكف لمشية اهلل عمى األرض‪ .‬كىذا ىك السبب الذم يحتـ عمينا أف ننتزع فكرة اهلل ذاتيا مف عقكؿ‬
‫المسيحييف‪, ،‬اف نضع مكانيا عمميات حسابية كضركرية مادية‪ .‬ثـ لكي نحكؿ عقكؿ المسيحييف‪ 98‬عف سياستنا‬
‫سيككف حتمان عمينا اف نبقييـ منيمكيف في الصناعة كالتجارة‪ ،‬كىكذا ستنصرؼ كؿ األمـ إلى مصالحيا‪ ،‬كلف‬
‫تفطف في ىذا الصراع العالمي إلى عدكىا المشترؾ‪ .‬كلكف لكي تزلزؿ الحرية حياة األمييف االجتماعية زل ازالن‪،‬‬
‫كتدمرىا تدمي انر ػ يجب عمينا أف نضع التجارة عمى اساس المضاربة‪.‬‬
‫كستككف نتيجة ىذا أف خيرات األرض المستخمصة باالستثمار لف تستقر في أيدم األممييف (غير الييكد) بؿ‬
‫ستعبر خبلؿ المضاربات إلى خزائننا‪.‬‬
‫اف الصراع مف أجؿ التفكؽ‪ ،‬كالمضاربة في عالـ األعماؿ ستخمقاف مجتمعان انانيان غميظ القمب منحؿ األخبلؽ‪.‬‬
‫ىذا المجمع سيصير منحبلن كؿ االنحبلؿ كمبغضان أيضان مف الديف كالسياسة‪ .‬كستككف شيكة الذىب رائده الكحيد‪.‬‬
‫كسيكافح ىذا المجتمع مف أجؿ الذىب متخذان المذات المادية التي يستطيع أف يمده بيا الذىب مذىبان أصيبلن‪.‬‬
‫كحينئذ ستنضـ الينا الطبقات الكضعية ضد منافسينا الذيف ىـ الممتازكف مف األممييف دكف احتجاج بدافع نبيؿ‪،‬‬
‫كال رغبة في الثكرات أيضان بؿ تنفيسان عف كراىيتيـ المحضة لمطبقات العميا‪.‬‬

‫البرتوكول الخامس‪:‬‬
‫ما نكع الحككمة الذم يستطيع المرء أف يعالج بيا مجتمعات قد تفشت الرشكة كالفساد في كؿ أنحائيا‪ :‬حيث‬
‫الغنى ال يتكصؿ إليو اال بالمفاجآت الماكرة‪ ،‬ككسائؿ التدليس‪ ،‬كحيث الخبلفات متحكمة عمى الدكاـ‪ ،‬كالفضائؿ‬
‫في حاجة إلى أف تعززىا العقكبات كالقكانيف الصارمة‪ ،‬ال المبادئ المطاعة عف رغبة‪ ،‬كحيث المشاعر الكطنية‬
‫كالدينية مستغفرة في العقائد العممانية ‪.Cosmopolitan‬‬
‫ليست صكرة الحككمة التي يمكف أف تعطاىا ىذه المجتمعات بحؽ اال صكرة االستبداد التي سأصفيا لكـ‪.‬‬
‫اننا سننظـ حككمة مركزية قكية‪ ،‬لكي نحصؿ عمى القكل االجتماعية ألنفسنا‪ .‬كسنضبط حياة رعايانا السياسية‬
‫بقكانيف جديدة كما لك كانكا اجزاء كثيرة جدان في جياز‪ .‬كمثؿ ىذه القكانيف ستكبح كؿ حرية‪ ،‬ككؿ نزعات تحررية‬
‫يسمح بيا األمميكف (غير الييكد)‪ ،‬كبذلؾ يعظـ سمطاننا فيصير استبدادان يبمغ مف القكة أف يستطيع في أم زماف‬
‫كأم مكاف سحؽ الساخطيف المتمرديف مف غير الييكد‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫ليس المراد الكنائس ىنا اماكف العبادة عند المسيحييف بؿ الييئات الدينية عند جميع المتدينيف عمى اختبلؼ ممميـ كنحميـ كما‬
‫يقاؿ في الكنسية الكاثكليكية كالكنيسة البركتستاتننية أم الييئة الدينية الكاثكليكية ك‪ ..‬كلذلؾ يقكلكف أحيانان‪ :‬الكنسية اإلسبلمية أم‬
‫الييئة الدينية االسبلمية‬
‫‪98‬‬
‫خصت البرتكككالت المسيحييف بالذكر النيـ أكثر عدداص كأعظـ قكة مف غيرىـ مف ذكم الممؿ كالنحؿ‪ ،‬فنذا استطاعكا تدمير‬
‫المسيحية سيؿ عمييـ تدمير غيرىا مف االدياف كما ذكر في آخر البركتكككؿ ‪ ،19‬فالمراد ىنا أصحاب االدياف جميعان كما جاء‬
‫ذلؾ في عدة مكاضع‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫سيقاؿ اف نكع االستبداد الذم أقترحو لف يناسب تقدـ الحضارة الحالي‪ ،‬غير أني سأبرىف لكـ عمى أف العكس ىك‬
‫الصحيح‪ .‬اف الناس حينما كانكا ينظركف إلى ممككيـ نظرىـ إلى ارادة اهلل كانكا يخضعكف في ىدكء الستبداد‬
‫ممككيـ‪ .‬كلكف منذ اليكـ الذم أكحينا فيو إلى العامة بفكرة حقكقيـ الذاتية ػ اخذكا ينظركف إلى الممكؾ نظرىـ إلى‬
‫‪99‬‬
‫عف رؤكس الممكؾ في نظر الرعاع‪ ،‬كحينما انتزعنا منيـ‬ ‫أبناء الفناء العادييف‪ .‬كلقد سقطت المسحة المقدسة‬
‫‪100‬‬
‫فصارت كالممؾ المشارع‪ ،‬فاختطفناىا‪ .‬ثـ أف مف بيف مكاىبنا االدارية‬ ‫عقيدتيـ ىذه انتقمت القكة إلى الشكارع‬
‫التي نعدىا ألنفسنا مكىبة حكـ الجماىير كاألفراد بالنظريات المؤلفة بدىاء‪ ،‬كبالعبارات الطنانة‪ ،‬كبسنف الحياة‬
‫كبكؿ أنكاع الخديعة األخرل‪ .‬كؿ ىذه النظريات التي ال يمكف أف يفيميا األمميكف أبدان مبنية عمى التحميؿ‬
‫كالمبلحظة ممتزجيف بفيـ يبمغ مف براعتو اال يجارينا فيو منافسكنا أكثر مما يستطيعكف أف يجاركنا في كضع‬
‫خطط لؤلعماؿ السياسية كاالغتصاب‪ ،‬كأف الجماعة المعركفة لنا ال يمكف أف تنافسنا في ىذه الفنكف ربما تككف‬
‫جماعة اليسكعييف ‪ ،Jesuits‬كلكنا نجحنا في أف نجعميـ ىزكان كسخرية في أعيف الرعاع األغبياء‪ ،‬كىذا مع‬
‫أنيا جماعة ظاىرة بينما نحف أنفسنا باقكف في الخفاء محتفظكف س انر‪.‬‬
‫ثـ ما الفرؽ بالنسبة لمعالـ بيف أف يصير سيده ىك رأس الكنيسة الكاثكليكية‪ ،‬كاف يككف طاغية مف دـ صييكف؟‪.‬‬
‫كلكف ال يمكف أف يككف االمراف سكاء بالنسبة الينا نحف "الشعب المختار" قد يتمكف األمميكف فترة مف أف‬
‫يسكسكنا كلكنا مع ذلؾ لسنا في حاجة إلى الخكؼ مف أم خطر ما دمنا في أماف بفضؿ البذكر العميقة‬
‫لكراىيتيـ بعضيـ بعضان‪ ،‬كىي كراىية متأصمة ال يمكف انتزاعيا‪.‬‬
‫لقد بذرنا الخبلؼ بيف كؿ كاحد كغيره في جميع أغراض األممييف الشخصية كالقكمية‪ ،‬بنشر التعصبات الدينية‬
‫كالقبمية خبلؿ عشريف قرنان‪ .‬كمف ىذا كمو تتقرر حقيقة‪ :‬ىي أف أم حككمة منفردة لف تجد ليا سندان مف جاراتيا‬
‫حيف تدعكىا إلى مساعدتيا ضدنا‪ ،‬ألف كؿ كاحدة منيا ستظف اف أم عمؿ ضدنا ىك نكبة عمى كيانيا‬
‫الذاتي‪.101‬‬
‫نحف أقكياء جدان‪ ،‬فعمى العالـ أف يعتمد عمينا كينيب الينا‪ .‬كاف الحككمات ال تستطيع أبدان أف تبرـ معاىدة كلك‬
‫صغيرة دكف أف نتدخؿ فييا س انر‪" .‬بحكمي فميحكـ الممكؾ ‪."Per me reges rogunt‬‬
‫اننا نق انر في شريعة األنبياء أننا مختاركف مف اهلل لنحكـ األرض‪ ،‬كقد منحنا اهلل العبقرية‪ ،‬كي نككف قادريف عمى‬
‫‪102‬‬
‫القياـ بيذا العمؿ‪ .‬اف كاف في معسكر اعدائنا عبقرم فقد يحاربنا‪ ،‬كلكف القادـ الجديد لف يكف كفؤان أليد عريقة‬
‫كأيدينا‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫أم زالت عنيـ مسحة القداسة كأنكر الناس عمى الممكؾ الحؽ اإلليي المطمؽ في حكـ الشعكب‪.‬‬
‫‪100‬‬
‫أم صارت السمطة لمشعكب ال الممكؾ كصارت األمـ مصدر السمطات‪.‬‬
‫‪101‬‬
‫ىذه محنة مف شر المحف التي تقاسييا الشعكب التي عظـ فييا نفكذ الييكد‪ ،‬ألف ىذا النفكذ غالبان يستعمؿ ضد مصمحة‬
‫الشعكب‪ .‬كاذا أرادت األمة التخمص منو لـ تستطع إال بتضحية كثيرة مف مصالحيا لشدة الترابط بيف مصالحنا كمصالح الييكد‪.‬‬
‫كما حدث في المانيا بعد الحرب العالمية األكلى‪.‬‬
‫‪102‬‬
‫أم اف العبقرم الجديد لف يبمغ في المقدرة عمى الحكـ مبمغ حكماء صييكف الذيف تدربكا عمى سياسة الجماىير منذ قركف يكرث‬
‫خبلليا السابقكف منيـ البلحقيف اس ارر السياسية كيدربكنيـ عمى الحكـ‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫اف القتاؿ بيننا سيككف ذا طبيعة مقيكرة لـ ير العالـ ليا مثيبلن مف قبؿ‪ .‬كالكقت متأخر بالنسبة إلى عباقرتيـ‪ .‬كاف‬
‫عجبلت جياز الدكلة كميا تحركيا قكة‪ ،‬كىذه القكة في أيدينا ىي التي تسمى الذىب‪.‬‬
‫كعمـ االقتصاد السياسي الذم محصو عمماؤنا الفطاحؿ قد برىف عمى أف قكة رأس الماؿ أعظـ مف مكانة التاج‪.‬‬
‫كيجب الحصكؿ عمى احتكار مطمؽ لمصناعة كالتجارة‪ ،‬ليككف لرأس الماؿ مجاؿ حر‪ ،‬كىذا ما تسعى الستكمالو‬
‫فعبلن يد خفية في جميع انحاء العالـ‪ .‬كمثؿ ىذه الحرية ستمنح التجارة قكة سياسية‪ ،‬كىؤالء التجار سيظممكف‬
‫الجماىير بانتياز الفرص‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫أعظـ أىمية مف دفعو إلى الحرب‪ ،‬كأىـ مف ذلؾ أف نستعمؿ‬ ‫كتجريد الشعب مف السبلح في ىذه األياـ‬
‫العكاطؼ المتأججة في أغراضنا بدالن مف اخمادىا كاف نشجع افكار اآلخريف كسنخدميا في أغراضنا بدالن مف‬
‫اخمادىا كاف نشجع افكار اآلخريف كنستخدميا في أغراضنا بدالن مف محكىا‪ ،‬اف المشكمة الرئيسية لحككمتنا ىي‪:‬‬
‫‪104‬‬
‫ككيؼ تفقدىا قكة االدراؾ التي تخمؽ نزعة المعارضة‪ ،‬ككيؼ تسحر‬ ‫كيؼ تضعؼ عقكؿ الشعب باالنتقاد‬
‫عقكؿ العامة بالكبلـ األجكؼ‪.‬‬
‫في كؿ األزماف كانت المـ ػ مثميا مثؿ األفراد ػ تأخذ الكممات عمى أنيا أفعاؿ‪ ،‬كأنما ىي قانعة بما تسمع‪ ،‬كقمما‬
‫تبلحظ ما إذا كاف الكعد قاببلن لمكفاء فعبلن أـ غير قابؿ‪ .‬كلذلؾ فاننا ترغبة في التظاىر فحسب ػ سننظـ ىيئات‬
‫يبرىف اعضاؤىا بالخطب البميغة عمى مساعداتيـ في سبيؿ "التقدـ" كيثنكف عمييا‪.105‬‬
‫كسنزيؼ مظي انر تحرريان لكؿ الييئات ككؿ االتجاىات‪ ،‬كما أننا سنضفي ىذا المظير عمى كؿ خطبائنا‪ .‬كىؤالء‬
‫سيككنكف ثرثاريف ببل حد‪ ،‬حتى انيـ سينيككف الشعب بخطبيـ‪ ،‬كسيجد الشعب خطابة مف كؿ نكع أكثر مما‬
‫يكفيو كيقنعو‪.‬‬
‫كلضماف الرأم العاـ يجب أكالن أف نحيره كؿ الحيرة بتغييرات مف جميع النكاحي لكؿ أساليب اآلراء المتناقضة‬
‫حتى يضيع األمميف (غير الييكد) في متاىتيـ‪ .‬كعندئذ سيفيمكف أف خير ما يسمككف مف طرؽ ىك أف ال يككف‬
‫ليـ رأم في السياسية‪ :‬ىذه المسائؿ ال يقصد منيا أف يدركيا الشعب‪ ،‬بؿ يجب أف تظؿ مف مسائؿ القادة‬
‫المكجييف فحسب‪ .‬كىذا ىك السر األكؿ‪.106‬‬

‫‪103‬‬
‫اف تجريد الشعكب مف السبلح كخاصة في األكقات التي يتيددىا فييا خطر خارجي يحمد في قمكبنا الشجاعة كالنخكة‪ ،‬كيغرييا‬
‫باليأس كاالستسبلـ‪ .‬كىذا ما تقاسيو بعض الببلد العربية اآلف كىك مف شر ما تصاب بو الشعكب مف الببليا‪.‬‬
‫‪104‬‬
‫اف النقد عمى غير اساس صحيح يربؾ العقكؿ كيضمميا‪ ،‬كيغرييا باالفراط في الجداؿ لمحض الجدؿ‪ ،‬ال لرغبة في معرفة‬
‫الحؽ‪ .‬كمف شر الببليا التي تسمط عمى الشعكب الجاىمة‪ .‬فميعرؼ ذلؾ المتطرفكف في الديف كالكطنية‪.‬‬
‫‪105‬‬
‫ىذه حقيقة جديرة بااللتفات في السياسة‪ ،‬كالزعماء الدجالكف يمجئكف في تضميؿ الشعكب إلى الكعكد البراقة‪ ،‬كاف الجماىير‬
‫الجاىمة تميؿ دائمان إلى تصديقيا غفمة‪ ،‬أك أمبلن كاذبان في تغيير الحاؿ أك ثقة زائفة بالزعماء أك كؿ ذلؾ كنحكه‪.‬‬
‫‪106‬‬
‫ىذاف السراف مف أخطر االسرار السياسية‪ ،‬كعمييما تبنى النتائج الخطيرة المشار إلى بعضيا في الفقرة التالية ليما‪.‬‬
‫‪75‬‬
‫كالسر الثاني‪ .107‬كىك ضركرم لحككمتنا الناجحة ػ أف تتضاعؼ كتتضخـ االخطاء كالعادات كالعكاطؼ كالقكانيف‬
‫العرفية في الببلد‪ ،‬حتى ال يستطيع إنساف أف يفكر بكضكح في ظبلميا المطبؽ‪ ،‬كعندئذ يتعطؿ فيـ الناس‬
‫بعضيـ بعضان‪.‬‬
‫ىذه السياسية ستساعدنا ايضان في بذر الخبلفات بيف الييئات‪ ،‬كفي تفكيؾ كؿ القكل المتجمعة‪ ،‬كفي تثبيط كؿ‬
‫تفكؽ فردم ربما يعكؽ أغراضنا بأم أسمكب مف األساليب‪.‬‬
‫ال شيء أخطر مف االمتياز الشخصي‪ .‬فانو إذا كانت كراءه عقكؿ فربما يضرنا أكثر مما تضرنا مبلييف الناس‬
‫الذيف كضعنا يد كؿ منيـ عمى رقبة اآلخر ليقتمو‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫في مثؿ ىذا الطريؽ‪ :‬فمكما احتاجكا إلى كؼء لعمؿ مف األعماؿ‬ ‫يجب اف نكجو تعميـ المجتمعات المسيحية‬
‫في أم حاؿ مف األحكاؿ سقط في أيدييـ كضمكا في خيبة ببل أمؿ‪.‬‬
‫اف النشاط الناتج عف حرية العمؿ يستنفد قكتو حينما يصدـ بحرية اآلخريف‪ .‬كمف ىنا تحدث الصدمات األخبلقية‬
‫كخيبة األمؿ كالفشؿ‪.‬‬
‫بكؿ ىذه الكسائؿ سنضغط المسيحييف‪ ،109‬حتى يضطركا إلى اف يطمبكا منا أف نحكميـ دكليان‪ .‬كعندما نصؿ إلى‬
‫ىذا المقاـ سنستطيع مباشرة اف نستنزؼ كؿ قكل الحكـ في جميع انحاء العالـ‪ ،‬كأف نشكؿ حككمة عالمية عميا‪.‬‬
‫كسنضع مكضع الحككمات القائمة ماردان‪ Monstor‬يسمى ادارة الحككمة العميا ‪Administration of‬‬
‫‪ the supergovernment‬كستمتد أيديو كالمخالب الطكيمة المدل‪ ،‬كتحت امرتو سيككف لو نظاـ يستحيؿ‬
‫معو أف يفشؿ في اخضاع كؿ األقطار‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫ىذاف السراف مف أخطر االسرار السياسية‪ ،‬كعمييما تبنى النتائج الخطيرة المشار إلى بعضيا في الفقرة التالية ليما‪.‬‬
‫‪108‬‬
‫ىذا أيضان يشمؿ المجتمعات غير المسيحية‪.‬‬
‫‪109‬‬
‫ليست عداكة الييكد مقصكرة عمى المسحييف بؿ تشمؿ كؿ مف عدا الييكد‪ ،‬كىـ يختصكنيـ بالذكر في ىذا الكضع كغيره مف‬
‫الكتاب‪ ،‬ألنيـ األمـ المسيحية أكثر كأقكل مما عداىا‪ ،‬فنذا انتصر الييكد عمييـ سيؿ اف ينتصركا عمى غيرىـ مف المسمميف‬
‫كالبكذييف كنحكىـ كما اشاركا إلى ذلؾ في مكاضع ىنا‪.‬‬
‫‪76‬‬
‫البروتوكول السادس‪:‬‬
‫سنبدأ سريعان بتنظيـ احتكارات عظيمة ػ ىي صياريج لمثكرة الضخمة ػ لتستغرؽ خبلليا دائمان الثركات الكاسعة‬
‫لبلمييف (غير الييكد) إلى حد انيا ستيبط جميعيا كتيبط معيا الثقة بحككمتيا يكـ تقع األزمة السياسية‪.110‬‬
‫كعمى االقتصادييف الحاضريف بينكـ اليكـ ىنا أف يقدركا أىمية ىذه الخطة‪.‬‬
‫لقد انتيت أرستقراطية األممييف كقكة سياسية‪ ،‬فبل حاجة لنا بعد ذلؾ إلى اف ننظر إلييا مف ىذا الجانب‪ .‬لكف‬
‫األرستقراطييف مف حيث ىـ مبلؾ أرض ما يزالكف خط انر عمينا الف معيشتيـ المستقمة مضمكنة ليـ بمكاردىـ‪.‬‬
‫كلذلؾ يجب عمينا كجكبان أف نجرد األرستقراطييف مف أراضييـ بكؿ األثماف‪ .‬كأفضؿ الطرؽ لبمكغ ىذا الغرض ىك‬
‫فرض األجكر كالضرائب‪ .‬اف ىذه الطرؽ ستبقى منافع األرض في احط مستكل ممكف‪ . .‬كسرعاف ما سينيار‬
‫‪111‬‬
‫ػ غير قادريف عمى القناعة بالقميؿ‪.‬‬ ‫األرستقراطييف مف األمييف‪ ،‬ألنيـ ػ بما ليـ مف أذكاؽ مكركثة‬
‫كفي الكقت نفسو يجب أف نفرض كؿ سيطرة ممكنة عمى الصناعة كالتجارة كعمى المضاربة بخاصة فنف الدكر‬
‫‪ role‬الرئيسي ليا اف تعمؿ كمعادف لمصناعة‪.‬‬
‫كبدكف المضاربة ستزيد الصناعة رؤكس األمكاؿ الخاصة‪ ،‬كستتجو إلى انياض الزراعة بتحرير األرض مف‬
‫الديكف كالرىكف العقارية التي تقدميا البنكؾ الزراعية كضركرم اف تستنزؼ الصناعة مف األرض كؿ خيراتيا كأف‬
‫تحكؿ المضاربات كؿ ثركة العالـ المستفادة عمى ىذا النحك إلى أيدينا‪.‬‬
‫كبيذه الكسيمة سكؼ يقذؼ بجميع األممييف (غير الييكد) إلى مراتب العماؿ الصعاليؾ ‪ Proletariat‬كعندئذ‬
‫يخر األمميكف أمامنا ساجديف ليظفركا بحؽ البقاء‪.‬‬
‫كلكف نخرب صناعة االمييف‪ ،‬كنساعد المضاربات ػ سنشجع حب الترؼ المطمؽ الذم نشرناه مف قبؿ‪ ،‬كسنزيد‬
‫األجكر التي لف تساعد العماؿ‪ ،‬كما اننا في الكقت نفسو سنرفع أثماف الضركريات األكلية متخذيف سكء‬
‫‪112‬‬
‫كما سننسؼ بميارة أيضان أسس االنتاج ببذر بذكر الفكضى بيف العماؿ‪،‬‬ ‫المحصكالت الزراعية عذ انر عف ذلؾ‬
‫كبتشجيعيـ عمى ادماف المسكرات‪ .‬كفي الكقت نفسو سنعمؿ كؿ كسيمة ممكنة لطرد كؿ ذكاء أممي (غير‬
‫ييكدم) مف األرض‪ .‬كلكيبل يتحقؽ األمميكف مف الكضع الحؽ لؤلمكر قبؿ األكاف ػ سنستره برغبتنا في مساعدة‬

‫‪110‬‬
‫المقصكد كما يظير ألف الييكد سيسحبكف أمكاليـ في المحظة االخيرة (عف األصؿ االنجميزم)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫أم اف االرستقراطييف بما اعتادكه كنشئكا عميو مف حب لمترؼ كغراـ بالبذخ ال يستطيعكف اف يقنعكا بالماؿ القميؿ الذم تمدىـ‬
‫بو غبلت األرض حيف تنحدر في مستكل خفيض‪ ،‬فيضطركف إلى التنازؿ عف أراضييـ بالبيع أك الرىف‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫رفع أجكر العماؿ يرىؽ أصحاب االعماؿ‪ ،‬كقد يعجزىـ عف االستمرار في عممو‪ ،‬كفي الكقت نفسو قد ال يسستفيد العماؿ مف‬
‫رفع األجكر‪ ،‬ألف اثماف المكاد الضركرية مرتفعة فيضطركف إلى انفاؽ اجكرىـ ميما ترتفع‪ ،‬عمى حيف يغرييـ الييكد بادماف‬
‫المسكرات كيثيركف في نفكسيـ عكامؿ الحسد كالسخط عمى حياتيـ‪ ،‬كغير ما تحارب بو ىذه الفكرة خفض اسعار المكاد الضركرية‬
‫ليستطيع العامؿ اف يعيش بأجره كلك كاف منخفضان‪ ،‬كافيامو اف حقو عمى المجتمع اف يكفؿ لو ما يعيش بو ال اف يككف في غنى‬
‫فبلف كغيره‪ ،‬كليبلحظ القارئ سباؽ مئات المكظفيف في الحككمات كالشركات في المطالبة برفع األجكر‪ ،‬كىي حاؿ سيئة تقكـ اآلف‬
‫في بعض ببلدنا‪.‬‬
‫‪77‬‬
‫الطبقات العاممة عمى حؿ المشكبلت االقتصادية الكبرل‪ ،‬كأف الدعاية التي لنظرياتنا االقتصادية تعاكف عمى ذلؾ‬
‫بكؿ كسيمة ممكنة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫البرتوكول السابع‬
‫اف ضخامة الجيش‪ ،‬كزيادة القكة البكليسية ضركريتاف التماـ الخطط السابقة الذكر‪ .‬كانو لضركرم لنا‪ ،‬كي نبمغ‬
‫ذلؾ‪ ،‬أف ال يككف إلى جكانبنا في كؿ االقطار شيء بعد اال طبقة صعاليؾ ضخمة‪ ،‬ككذلؾ جيش كثير كبكليس‬
‫مخمص ألغراضنا‪.‬‬
‫في كؿ أكركبا‪ ،‬كبمساعدة أكركبا ػ يجب أف ننشر في سائر االقطار الفتنة كالمنازعات كالعداكات المتبادلة‪ .‬فنف‬
‫في ىذا فائدة مزدكجة‪ :‬فأما أكالن فبيذه الكسائؿ سنتحكـ في اقدار كؿ االقطار التي تعرؼ حؽ المعرفة أف لنا‬
‫القدرة عمى خمؽ االضطرابات كما نريد‪ ،‬مع قدرتنا عمى اعادة النظاـ‪ ،‬ككؿ الببلد معتادة عمى اف تنظر الينا‬
‫مستغيثة عند إلحاح الضركرة متى لزـ األمر‪ .‬كاما ثانيان فبالمكايد كالدسائس‪ ،‬سكؼ نصطاد بكؿ أحابيمنا كشباكنا‬
‫التي نصبناىا في ك ازرات جميع الحككمات‪ ،‬كلـ نحبكيا بسياستنا فحسب‪ ،‬بؿ باالتفاقات الصناعية كالخدمات‬
‫المالية أيضان‪.‬‬
‫كلكي نصؿ إلى ىذه الغايات يجب عمينا أف ننطكم عمى كثير مف الدىاء كالخبث خبلؿ المفاكضات كاالتفاقات‪،‬‬
‫كلكننا فيما يسمى "المغة الرسمية" سكؼ نتظاىر بحركات عكس ذلؾ‪ ،‬كي نظير بمظير االميف المتحمؿ‬
‫لممسؤكلية‪ .114‬كبياذ ستنظر دائمان الينا حككمات األممييف ػ التي عممناىا أف تقتصر في النظر عمى جانب‬
‫األمكر الظاىرم كحده ػ كأننا متفضمكف كمنقذكف لبلنسانية‪.‬‬
‫كيجب عمينا أف نككف مستعديف لمقابمة كؿ معارضة باعبلف الحرب عمى جانب ما يجاكرنا مف ببلد تمؾ الدكلة‬
‫التي تجرؤ عمى الكقكؼ في طريقنا‪ .‬كلكف إذا غدر ىؤالء الجيراف فقركا االتحاد ضدنا ػ فالكاجب عمينا أف نجيب‬
‫عمى ذلؾ بخمؽ حرب عالمية‪.‬‬
‫إف النجاح األكبر في السياسة يقكـ عمى درجة السرية المستخدمة في اتباعيا‪ ،‬كأعماؿ الدبمكماسي ال يجب أف‬
‫تطابؽ كمماتو‪ .‬كلكي نعزز خطتنا العالمية الكاسعة التي تقترب مف نيايتيا المشتياة ػ يجب عمينا أف نتسمط عمى‬
‫حككمات األمميف بما‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫يجب اف يدقؽ القارئ في ىذا البرتكككؿ فنف كؿ ما كرد فيو ينطبؽ بكؿ حركفو عمى ركسيا الشيكعية‪ ،‬كىك أكضح دليؿ عمى‬
‫ما بيف الشيكعية كالييكد مف صبلت‪ ،‬كعمى أف الشيكعية ليست إال فكرة ييكدية تسخر ركسيا كغيرىا لبلستيبلء عمى العالـ‪،‬‬
‫فالجيش كالقكة البكليسية ىما عماد الحكـ االرىابي في ركسيا‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫أم الكفي بعيكده المنفذ لما يمتزـ بو‪ ،‬سكاء أكفى بذلؾ مضط انر أـ غدر مع قدرتو عمى الغدر كاالخبلؼ‪ ،‬كمف أمثمة ذلؾ نشر‬
‫ركسيا الييكدية لمفتف كاالضطرابات في كؿ االقطار‪ ،‬كاتياميا الدكؿ الغربية بالعمؿ عمى قياـ الحرب كمف ذلؾ تظاى انر ىي بحب‬
‫السبلـ كالدعكة اليو‪ ،‬لتكسب أنصا انر إلى جانبيا في كؿ الببلد مف المخدكعيف أك االشرار‪ ،‬كركسيا ظاىرة جدان في ىذا البركتكككؿ‪.‬‬
‫‪78‬‬
‫‪116‬‬ ‫‪115‬‬
‫قكتنا لكاحدة منيا‬ ‫كبايجاز‪ ،‬مف أجؿ اف نظير استعبادنا لجميع الحككمات االمية في أكركبا ػ سكؼ نبيف‬
‫‪117‬‬
‫كاذا اتفقكا جميعان ضدنا فعندئذ سنجيبيـ بالمدافع‬ ‫متكسميف بجرائـ العنؼ كذلؾ ىك ما يقاؿ لو حكـ اإلرىاب‬
‫‪118‬‬
‫أك اليابانية‪.‬‬ ‫األمريكية أك الصينية‬

‫البرتوكول الثامن‪:‬‬
‫يجب أف نأمؿ كؿ اآلالت التي قد يكجييا أعداؤنا ضدنا‪ .‬كسكؼ نمجأ إلى أعظـ التعبيرات تعقيدان كاشكاالن في‬
‫معظـ القانكف ػ لي نخمص أنفسنا ػ إذا أكرىنا عمى اصدار أحكاـ قد تككف طائشة أك ظالمة‪ .‬النو سيككف ىامان‬
‫أف نعبر عف ىذه األحكاـ بأسمكب محكـ‪ ،‬حتى تبدك لمعامة انيا مف أعمى نمط اخبلقي‪،‬كأنيا عادلة كطبيعية‬
‫حقان‪ .‬كيجب أف تككف حككمتنا محكطة بكؿ قكل المدنية التي ستعمؿ خبلليا‪ .‬انيا ستذب إلى نفسيا الناشريف‬
‫كالمحاميف كاالطباء كرجاؿ االدارة الدبمكماسييف‪ ،‬ثـ القكـ المنشئيف في مدارسنا التقدمية الخاصة‪ .119‬ىؤالء القكـ‬
‫سيعرفكف اسرار الحياة االجتماعية‪ ،‬فسيمكنكف مف كؿ المغات مجمكعة في حركؼ ككممات سياسية‪ ،‬كسيفقيكف‬
‫جيدان في الجانب الباطني لمطبيعة االنسانية بكؿ اكتارىا العظيمة المرىفة المطيفة التي سيعزفكف عمييا‪.‬اف ىذه‬
‫االكتار ىي التي تشكؿ عقؿ االمييف‪ ،‬كصفاتيـ الصالحة كالطالحة‪ ،‬كميكليـ‪ ،‬كعيكبيـ‪ ،‬مف عجيب الفئات‬
‫كالطبقات‪ .‬كضركرم اف مستشارم سمطتنا ىؤالء الذيف أشير ىنا الييـ ػ لف يختاركا مف بيف األممييف (غير‬
‫الييكد) الذيف اعتادكا اف يحتممكا أعباء اعماليـ االدارية دكف اف يتدبركا بعقكليـ النتائج التي يجب أف ينجزكىا‪،‬‬
‫كدكف اف يعرفكا اليدؼ مف كراء ىذه النتائج‪ .‬اف االدارييف مف األممييف يؤشركف عمى االكراؽ مف غير أف‬
‫يقرأكىا‪ ،‬كيعممكف حبان في الماؿ أك الرفعة‪ ،‬ال لممصمحة الكاجبة‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫الكممات المكتكبة ىنا بالخط االسكد مكتكبة في االنجميزية بالحركؼ المائمة (االيطالية ‪ ،)galic‬لتكجيو النظر إلييا ‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫ىذه الكاحدة ىي الحككمة الركسية القيصرية التي كقع عمييا اختيار الييكد لتككف عبرة كنكاالن لغيرىا‪ ،‬كقد تنبأ بيذا ناشر‬
‫البركتكككالت األكؿ قبؿ حدكثو باثني عشرة سنة (كما جاء في مقدمتو ىنا) فقد ازالكا قيصرىا كاسسكا حككمتيـ الشيكعية الماركسية‬
‫الييكدية‪ ،‬كال يزالكف يطبقكف فييا سياسة البركتكككالت االرىابية كيبثكف القبلقؿ في كؿ ركف في العالـ‪.‬‬
‫‪117‬‬
‫الحظ الحالة الحاضرة في ركسيا‪(.‬عف األصؿ االنجميزم)‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫لقد نجح الشيكعيكف الييكد أخي انر في النفكذ إلى الصيف عمى أيدم ككبلئيـ مف الصينييف كغيرىـ‪ ،‬كشرعكا يبسطكف عبلنية‬
‫بالعن ؼ كالخديعة عمى آسيا‪ ،‬إلى جانب ما استحكذكا عميو مف االقطار االكركبية كال يكجد قطر في العالـ لـ تتسرب إليو الشيكعية‬
‫الييكدية مستغمة ضيؽ الناس كشرىيـ كجيميـ‪ ،‬كمثيرة حسدىـ كبغضيـ عمى مف ىـ أعمى منيـ‪ .‬ىذا إلى صنائعيـ في الحككمات‬
‫كالشركات كغيرىا ممف ال يعممكف باسـ الشيكعية ظاى انر‪ ،‬كليسكا مع ذلؾ إال صنائع كخدمان منفذيف الغراض صييكف‪ ،‬في ذلؾ ما‬
‫يدؿ عمى أنيـ يريدكف تسخير الصيف كأمريكا عما ىك حاصؿ‪ ،‬كتسخير الياباف أيضان ضد أكربا عند الضركرة‪ ،‬كىذا شيء لـ يكف‬
‫في حساب سياسي قط منذ خمسيف سنة إال حكماء الييكد‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫ال يخمك قطر في العالـ مف صنائع الييكد بيف ىذه الطكائؼ المذككرة كغيرىا ينفذكف خطط صييكف كيخدمكنيا عف كعي كعف‬
‫غي كعي‪.‬‬
‫‪79‬‬
‫اننا سنحيط حككمتنا بجيش كامؿ مف االقتصادييف‪ ،‬كىذا ىك السبب في أف عمـ االقتصاد ىك المكضكع الرئيسي‬
‫الذم يعممو الييكد‪ .‬كسنككف محاطيف بألكؼ مف رجاؿ البنكؾ‪ ،‬كأصحاب الصناعات‪ ،‬كاصحاب المبلييف ػ‬
‫كأمرىـ ال يزاؿ أعظـ قد انر ػ إذا الكاقع أف كؿ شيء سكؼ يقرر الماؿ‪ .‬كما داـ مؿء المناصب الحككمية بنخكاننا‬
‫الييكد في أثناء ذلؾ غير مأمكف بعد ػ فسكؼ نعد بيذه المناصب الخطيرة إلى القكـ الذيف ساءت صحائفيـ‬
‫كأخبلقيـ‪ ،‬كي تقؼ مخازييـ فاصبلن بيف األمة كبينيـ‪ ،‬ككذلؾ سكؼ نعد بيذه المناصب الخطيرة إلى القكـ الذيف‬
‫‪120‬‬
‫كالغرض مف كؿ ىذا أنيـ سيدافعكف عف مصالحنا حتى النفس‬ ‫إذا عصكا أكامرنا تكقعكا المحاكمة كالسجف‬
‫االخير الذم تنفث صدكرىـ بو‪.‬‬

‫البروتوكول التاسع‪:‬‬
‫عميكـ ف تكاجيكا التفاتان خاصان في استعماؿ مبادئنا إلى األخبلؽ الخاصة باألمة التي أنتـ بيا محاطكف‪ ،‬كفييا‬
‫تعممكف‪ ،‬كعميكـ اال تتكقعكا النجاح خبلليا في استعماؿ مبادئنا بكؿ مشتمبلتيا حتى يعاد تعميـ األمة بآرائنا‪،‬‬
‫كلكنكـ إذا تصرفتـ بسداد في استعماؿ مبادئنا فستكشفكف انو ػ قبؿ مضي عشر سنكات ػ سيتغير أشد األخبلؽ‬
‫تماسكان‪ ،‬كسنضيؼ كذلؾ أمة أخرل إلى مراتب تمؾ األمـ التي خضعت لنا مف قبؿ‪.‬‬
‫اف الكممات التحررية لشعارنا الماسكني ىي "الحرية كالمساكاة كاالخاء" كسؼ ال نبدؿ كممات شعارنا‪ ،‬بؿ‬
‫نصكغيا معبرة ببساطة عف فكرة‪ ،‬كسكؼ نقكؿ‪":‬حؽ الحرة‪ ،‬ككاجب المساكاة‪ ،‬كفكرة االخاء"‪ .‬كبيا سنمسؾ الثكر‬
‫مف قرنيو‪ ،121‬كحينئذ نككف قد دمرنا في حقيقة األمر كؿ القكل الحاكمة اال قكتنا‪ ،‬كاف تكف ىذه القكل الحاكمة‬
‫نظريان ما تزاؿ قائمة‪ ،‬كحيف تقؼ حككمة مف الحككمات نفسيا مكقؼ المعارضة لنا في الكقت الحاضر فانما ذلؾ‬

‫‪120‬‬
‫اف الييكد انما يختاركف صنائعيـ غالبان مف ىؤالء‪ ،‬فيـ دائمان يحاكلكف استغبلؿ احط العناصر مف احط مشاعر الناس‬
‫االنسانية‪ ،‬كقد انتشر صنائعيـ عمى ىذا النحك في مياديف كثيرة ال سيما االدارة الحككمية كالصحافة (انظر ما كتب في البرتكككؿ‬
‫األكؿ ص ‪ ،24‬كالعاشر ص ‪ ،61‬كالثاني عشر ص ‪ .)17‬كفي ببلدنا العربية كغيرىا كثير مف صنائعيـ ذكم الصحائؼ السكد‬
‫بيف االدباء كالكزراء كرجاؿ الشركات كنحكىـ‪ .‬كىؤالء الصنائع ذكك ميكؿ كنزعات مختمفة في الظاىر غالبان‪ ،‬كىـ مندسكف بيف كؿ‬
‫الطائؼ كالطبقات حتى الخدـ في البيكت كالمشارب‪ ،‬كالعاىرات مشككفات كمستكرات‪ ،‬كرجاؿ التمثيؿ كنسائو‪ ،‬كالمغنيف كالمغنيات‪،‬‬
‫كالكصيفات‪ ،‬في البيكتات الغنية‪ ،‬كسيدات الصالكنات كسادتو‪ ،‬كزعماء الشعكب كقادة الفكر‪ ،‬بؿ اف رجاؿ االدياف مسيحييف‬
‫كمسمميف ال يخمكف مف عناصر ييكدية أك عناصر مف صنائع الييكد تعمؿ لمصمحتيـ‪ ،‬أك عناصر مف أصكؿ ييكدية تنصرت أك‬
‫أسممت لتندمج في المسيحييف كالمسمميف دكف اف تثير ريبتيـ‪ ،‬كليبلحظ خاصة أف مف اغراض الييكد القضاء عمى جميع االدياف‪،‬‬
‫كالتكصؿ لذلؾ باتخاذ صنائع ليـ مف رجاؿ االدياف‪ ،‬أك دس ييكد يدخمكف في المسيحية أك اإلسبلـ لمكيد كاليدـ مف الداخؿ كعبد‬
‫اهلل بف سبأ ككعب االحبار في اإلسبلـ (ص‪ ،)36‬كديزائيمي ككارؿ ماركس في المسيحية‪ ،‬كىناؾ طائفة عددىا نحك ‪ 411‬اسممكا‬
‫في مصر سنة ‪ .942 ،938‬كقد اشاركا في البركتكككالت إلى خطتيـ ليصمكا إلى جعؿ بابا الفاتيكاف منيـ كىذا ليس بغريب عمى‬
‫مف عرؼ مف تاريخيـ في المسيحية كاالسبلـ عشرات االمثمة عمى ذلؾ ػ انظر اليامش ‪ 1‬ص ‪.96‬‬
‫‪121‬‬
‫أرجك اف يعرؼ القارئ اف ىذه الترجمة جميعيا تكاد تككف حرفية فكمما فييا مف تشبييات كمجازات كاستعارات ىك في األصؿ‬
‫كما ىنا‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫أمر صكرم‪ ،‬متخذ بكامؿ معرفتنا كرضانا‪ ،‬كما أننا محتاجكف إلى انجازاتيـ المعادية لمسامية‪ ،122‬كيما نتمكف‬
‫مف حفظ اخكاننا الصغار في نظاـ‪ .‬كلف أتكسع في ىذه النقطة‪ ،‬فقد كانت مف قبؿ مكضكع مناقشات عديدة‪.‬‬
‫كحقيقة األمر أننا نمقى معارضة‪ ،‬فنف حككمتنا ػ مف حيث القكة الفائقة جدان ذات مقاـ في نظر القانكف يتأدل بيا‬
‫إلى حد أننا قد نصفيا بيذا التعبير الصارـ‪:‬‬
‫الدكتاتكرية‪.‬‬
‫كأنني استطيع في ثقة أف أصرح اليكـ بأننا أصحاب التشريع‪ ،‬كاننا المتسمطكف في الحكـ‪ ،‬كالمقرركف لمعقكبات‪،‬‬
‫كأننا نقضي باعداـ مف نشاء كنعفك عمف نشاء‪ ،‬كنحف ػ كما ىك كاقع ػ اكلك األمر االعمكف في كؿ الجيكش‪،‬‬
‫الراكبكف رؤكسيا‪ ،‬كنحف نحكـ بالقكة القاىرة‪ ،‬ألنو ال تزاؿ في أيدينا الفمكؿ التي كانت الحزب القكم مف قبؿ‪،‬‬
‫كىي اآلف خاضعة لسمطاننا‪ ،‬اف لنا طمكحان ال يحد‪ ،‬كشرىان ال يشبع‪ ،‬كنقمة ال ترحـ‪ ،‬كبغضاء ال تحس‪ .‬اننا‬
‫مصدر ارىاب بعيد المدل‪ .‬كاننا نسخر في خدمتنا أناسان مف جميع المذاىب كاالحزاب‪ ،‬مف رجاؿ يرغبكف في‬
‫‪123‬‬
‫اعادة الممكيات‪ ،‬كاشتراكييف ‪ ،‬كشيكعييف‪ ،‬كحالميف بكؿ أنكاع الطكبيات ‪ ، Utopias‬كلقد كضعناىـ جميعان‬
‫تحت السرج‪ ،‬ككؿ كاحد منيـ عمى طريقتو الخاصة ينسؼ ما بقي مف السمطة‪ ،‬كيحاكؿ أف يحطـ كؿ القكانيف‬
‫القائمة‪ .‬كبيذا التدبير تتعذب الحككمات‪ ،‬كتصرخ طمبان لمراحة‪ ،‬كتستعد ػ مف أجؿ السبلـ ػ لتقديـ أم تضحية‪،‬‬
‫كلكننا لف نمنحيـ أم سبلـ حتى يعترفكا في ضراعة بحككمتنا الدكلية العميا‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫لقد أشير ىنا كفي مكاضع متعددة مف البركتكككالت إلى ىذه العداكة ضد السامية‪ ،‬كلكي نفيـ ذلؾ يجب أف نشير إلى أف‬
‫االكركبييف يعتبركف أنفسيـ آرييف‪ .‬كانيـ أسمى عنص انر مف السامي‪ ،‬كالساميكف في الحياة االكركبية اليكمية يقصد بيـ الييكد‪ ،‬كقد‬
‫اضطيد الييكد في كثير مف األقطار كالمانيا كركسيا باسـ العداكة لمجنس السامي‪ ،‬إذ ال يكجد ساميكف يعيشكف ىناؾ اال الييكد‪،‬‬
‫كالبركتكككالت تقرر منا كفي مكاضع مختمفة أف ىذه العداكة التي سببت اضطيادات كثيرة لمييكد في مختمؼ الببلد قد افادت‬
‫حكماء الييكد إذ مكنتيـ مف المحافظة عمى تماسؾ صغارىـ ككالئيـ لحكمائيـ لحاجتيـ الشديدة الييـ‪ ،‬كلكال ىذه االضطيادات التي‬
‫جعمت الييكد يخافكف كيتدبركف فيعتمدكف عمى معاكنة بعضيـ بعضان كتكتؿ بعضيـ مع بعض س انر كعبلنية لذاب صغار الييكد‬
‫المشتتتيف بيف أقطار مختمفة في سكاف ىذه االقطار (ص‪ )47‬كقد كاف الكبار مف الييكد يمدكف أيدييـ بالمعكنة إلى الصغار في‬
‫كؿ محنة كيحفظكنيـ مف اف يبيدكا أك يتفكككا حيث كاف الكبار أنفسيـ في مأمف عمى الدكاـ مف االضطياد‪ ،‬بما يتخذكف مف‬
‫صنائع ليـ بيف كبار الحاكميف في كؿ االقطار مف أىميا‪ ،‬كبما يقدـ الييكد ليـ مف أمكاؿ كنساء كعضكية في شركاتيـ كمساعدات‬
‫أخرل ظاىرة كباطنة (انظر ص‪.)175‬‬
‫‪123‬‬
‫الطكبيات يقصد بيا ما يسمى الممالؾ الفاضمة أك كما سماىا الفارابي المدينة الفاضمة كمفرد ىذه الكممة ‪( Utopia‬ال أرض)‬
‫كأكؿ مف استعمميا في االنجميزية السير تكماس مكر ‪ 1489(Sir Thomas More‬ػ ‪ )1535‬لمداللة عمى مممكة فاضمة تخيميا‪،‬‬
‫كتخيؿ الناس فييا سعداء جميعان‪ ،‬كقد صارت بعد ذلؾ تطمؽ عمى كؿ فكرة مف ىذا القبيؿ كقد ترجمنا أحيانان بالممالؾ الفاضمة‬
‫مستأنسيف بتسمية الفارابي الفيمسكؼ المسمـ لفكرة لو تشبو فكرة االسميف مف التشابو في المفظ كالمعنى‪ ،‬فأما المفظ فظاىر‪ ،‬كأما‬
‫المعنى فؤلف طكبي في العربية ػ كما كردت في القرآف كالترجمة العربية لبلنجيؿ ػ تؤدم معنى الجزاء لمصالحيف بما عممكا مف‬
‫خير‪ ،‬كقد جعمنا النسبة إلييا طكباكية كطكباكيان‪.‬‬
‫‪81‬‬
‫لقد ضجت الشعكب بضركرة حؿ المشكبلت االجتماعية بكسائؿ دكلية‪ ،124‬كاف االختبلفات بيف األحزاب قد‬
‫أكقعتيا في أيدينا‪ ،‬فنف الماؿ ضركرم لمكاصمة النزاع‪ ،‬كالماؿ تحت أيدينا‪.‬‬
‫اننا نخشى تحالؼ القكة الحاكمة في األممييف (غير الييكد) مع قكة الرعاع العمياء‪ ،‬غير أننا قد اتخذنا كؿ‬
‫االحتياطات لنمنع احتماؿ كقكع ىذا الحادث‪ .‬فقد أقمنا بيف القكتيف سدان قكامو الرعب الذم تحسو القكتاف‪ ،‬كؿ‬
‫مف األخرل‪ .‬كىكذا تبقى قكة الشعب سندان إلى جانبنا‪ ،‬كسنككف كحدنا قادتيا‪ ،‬كسنكجييا لبمكغ اغراضنا‪.‬‬
‫كلكيبل تتحرر أيدم العمياف مف قبضتنا فيما بعد ػ يجب أف نظؿ متصميف بالطكائؼ اصبلن مستم انر‪ ،‬كىك اف ال‬
‫يكف اتصاالن شخصيان فيك عمى أم حاؿ اتصاؿ مف خبلؿ اشد اخكاننا اخبلصان‪ .‬كعندما تصير قكة معركفة‬
‫سنخاطب العامة شخصيان في المجامع السكفية‪ ،‬كسنثقفيا في األمكر السياسية في أم اتجاه يمكف اف يمتئـ مع ما‬
‫يناسبنا‪.‬‬
‫ككيؼ نستكثؽ مما يتعممو الناس في مدارس األقاليـ‪125‬؟ مف المؤكد أف ما يقكلو رسؿ الحككمة‪ ،‬أك ما يقكلو‬
‫الممؾ نفسو ػ ال يمكف أف يجيب في الذيكع بيف األمة كميا‪ ،‬ألنو سرعاف ما ينتشر بمغط الناس‪.‬‬
‫كلكيبل تتحطـ انظمة األمميف قبؿ األكاف الكاجب‪ ،‬امددناىـ بيدنا الخبيرة‪ ،‬كأمنا غايات المكالب في تركيبيـ اآللي‪.‬‬
‫كقد كانت ىذه المكالب ذات نظاـ عنيؼ‪ ،‬لكنو مضبكط فاستبدلنا بيا ترتيبات تحررية ببل نظاـ‪ .‬اف لنا يدان في‬
‫حؽ الحكـ‪ ،‬كحؽ االنتخاب‪ ،‬كسياسة الصحافة‪ ،‬كتعزيز حرية األفراد‪ ،‬كفيما ال يزاؿ أعظـ خط انر كىك التعميـ الذم‬
‫يككف الدعامة الكبرل لمحياة الحرة‪.‬‬
‫كلقد خدعنا الجيؿ الناشئ مف األممييف‪ ،‬كجعمناه فاسدان متعفنان بما عممناه مف مبادئ كنظريات معركؼ لدينا زيفيا‬
‫التا‪ ،‬كلكننا نحف أنفسنا الممقنكف ليا‪ ،‬كلقد حصمنا عمى نتائج مفيدة خارقة مف غير تعديؿ فعمي لمقكانيف السارية‬
‫مف قبؿ‪ ،‬بؿ بتحريفيا في بساطة‪ ،‬كبكضع تفسيرات ليا لـ يقصد إلييا مشترعكىا‪.‬‬
‫كقد صارت ىذه النتائج أكالن ظاىرة بما تحقؽ مف أف تفسيراتنا قد غطت عمى المعنى الحقيقي‪ ،‬ثـ مسختيا‬
‫تفسيرات غامضة إلى حد أنو استحاؿ عمى الحككمة أف تكضح مثؿ ىذه المجمكعة الغامضة مف القكانيف‪.‬‬
‫كمف ىنا قاـ مذىب عدـ التمسؾ بحرفية القانكف‪ ،‬بؿ الحكـ بالضمير‪ ،‬كمما يختمؼ فيو أف تستطيع األمـ‬
‫النيكض بأسمحتيا ضدنا إذا اكتشفت خططنا قبؿ األكاف‪ ،‬كتبلفيان ليذا نستطيع أف نعتمد عمى القذؼ في ميداف‬
‫العمؿ بقكة رىيبة سكؼ تمؤل ايضان قمكب أشجع الرجاؿ ىكالن كرعبان‪ .‬كعندئذ ستقاـ في كؿ المدف الخطكط‬

‫‪124‬‬
‫ىكذا جرت األمكر‪ ،‬كما ظير مف تأليؼ عصبة األمـ‪ ،‬ثـ ىيئة األمـ المتحدة كمجمس األمف كاليكنيسكك… كالمكجيكف‬
‫لسياستيا معظميـ مف الييكد أك صنائعيـ‪.‬‬
‫‪125‬‬
‫ىكذا تسمييا بعض الصحؼ العربية‪ ،‬كتعني بيا اقساـ الببلد الريفية في أم قطر ما عدا عاصمتو‪ ،‬ككانت في التقسيـ االدارم‬
‫العربي قديمان تسمى االعماؿ‪ ،‬أك الككر‪ ،‬ككاف يسمى كاحدىا عمبلن أك ككرة فصار يسمى في بعض الببلد العربية اآلف مديرية أك‬
‫محافظة‪ ،‬كفي بعضيا كالية‪ ،‬أك أيالة‪ ،‬أك متصرفية‪ ،‬أك لكاء كيسمى حاكميا ػ تبعان لكؿ منيا المدير أك المحافظ أك الكلي أك‬
‫المتصرؼ‪.‬‬
‫‪82‬‬
‫الحديدية المختصة بالعكاصـ‪ ،‬كالطرقات الممتدة تحت األرض‪ .‬كمف ىذه األنفاؽ الخفية سنفجر كنسؼ كؿ مدف‬
‫‪127 126‬‬
‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫العالـ‪ ،‬كمعيا أنظمتيا كسجبلتيا جميعان(‬

‫البروتوكول العاشر‪:‬‬
‫اليكـ سأشرع في تكرار ما ذكر مف قبؿ‪ ،‬كأرجك منكـ جميعان أف تتذكركا أف الحككمات كاألمـ تقنع في السياسة‬
‫بالجانب المبيرج الزائؼ مف كؿ شيء‪ ،‬نعـ‪ ،‬فكيؼ يتاح ليـ الكقت لكي يختبركا بكاطف األمكر في حيف أف‬
‫نكابيـ الممثميف ليـ ‪ Representatives‬ال يفكركف اال في الممذات؟‪.‬‬
‫مف الخطير جدان في سياستنا أف تتذكركا التفصيؿ المذككر آنفان‪ ،‬فانو سيككف عكنان كبي انر لنا حينما تناقش مثؿ ىذه‬
‫المسائؿ‪ :‬تكزيع السمطة‪ ،‬كحرية الكبلـ‪ ،‬كحرية الصحافة كالعقيدة‪ ،‬كحقكؽ تككيف الييئات‪ ،‬كالمساكاة في نظر‬
‫القانكف‪ ،‬كحرمة الممتمكات كالمساكف‪ ،‬كمسألة فرض الضرائب (فكرة سرية فرض الضرائب) كالقكة الرجعية‬
‫لمقكانيف‪ .‬كؿ المسائؿ المشابية لذلؾ ذات طبيعة تجعؿ مف غير المستحسف مناقشتيا عمنان أماـ العامة‪ .‬فحيثما‬
‫تستمزـ األحكاؿ ذكرىا لمرعاع يجب أف ال تحصى‪ ،‬كلكف يجب أف تنشر عنيا بعض ق اررات بغير مضي في‬
‫التفصيؿ‪ .‬ستعمؿ ق اررات مختصة بمبادئ الحؽ المستحدث عمى حسب ما ترل‪ .‬كأىمية الكتماف تكمف في حقيقة‬
‫أف المبدأ الذم ال يذاع عمنان يترؾ لنا حرية العمؿ‪ ،‬مع أف مبدأ كيذا إذا اعمف مرة كاحدة يككف كأنو قد تقرر‪.‬‬
‫اف األمة لتحفظ لقكة العبقرية السياسية احترامان خاصان كتحمؿ كؿ أعماؿ يدىا العميا‪ ،‬كتحيييا ىكذا‪" :128‬يا ليا‬
‫مف خيبة قذرة‪ ،‬كلكف يا لتنفييا بميارة!" "يا لو مف تدليس‪،‬كلكف يا لتنفيذه باتقاف كجسارة!"‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫ربما كاف التعبير مجازيان‪ ،‬يشير إلى كسائؿ كالبمشفية‪( .‬عف األصؿ االنجميزم)‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫ىذه القكل التي يشير إلييا الييكد في احداث االضطرابات أك االنقبلبات السياسية تتخذ عناكيف مختمفة في شتى ببلد‬
‫العالـ‪،‬فيي تارة جمعيات دينية‪ ،‬كثانية سياسية‪ ،‬كثالثة خيرية أك ماسكنية أك أدبية‪ ،‬أك صكفية أك اصبلحية‪ ،‬كالجمعيات مف النكعيف‬
‫األكليف ىي أخطر الجمعيات كأكثرىا انتشا انر في ببلد الشرؽ‪ ،‬فمف المعركؼ أف الييكد يدخمكف في االدياف األخرل كالمسيحية‬
‫كاالسبلـ‪ ،‬كمضي جيبلف أك اكثر‪ ،‬كاذا ابناؤىـ مسيحيكف أك مسممكف ال يرتاب في اخبلصيـ لدينيـ الجديد‪ ،‬بؿ ال يعرؼ عنيـ‬
‫أنيـ مف أصؿ ييكدم كيؤلفكف الجمعيات الدينية المسيحية أك اإلسبلمية أك السياسية أك ينضمكف إلى ىيئات مف ىذا القبيؿ‪،‬‬
‫كيحاكلكف اف يسيطركا عمييا كيسخركىا لخدمة الييكد‪ .‬كىـ دكف شؾ معركفكف مف الييكد‪ ،‬فنذا سئمكا عف مكطنيـ االصمي في‬
‫قطر أجابكا جكابان صحيحان أك غير صحيح بأنيـ مف ىذا المكاف االخير‪ ،‬كىكذا إذا انتقمكا إلى مكاف آخر نفاذا حاكؿ محاكؿ أف‬
‫يتبع أصكليـ كقع في حيرة ال قرار لو فيياف كاذا شؾ فييـ قابؿ الناس بالدىشة كاالنكار‪ ،‬ال لشيء اال ألف غركرىـ بأنفسيـ يحكؿ‬
‫بينيـ كبيف االعتراؼ لو بمعرفة ما لـ يعرفكه‪،‬كليس لو عميو مف دليؿ يخرؽ عيكنيـ خرقان‪ .‬كىكذا يسير عمى ىذه السياسية الماكرة‬
‫الزنكج في أمريكا ق ار انر مف اضطياد االمريكاف لمزنكج (انظر اليامش ‪ 1‬ص ‪.)154‬‬
‫‪128‬‬
‫المعنى اف السياسي إذا خدع الجماىير ثـ عرفت خديعتو لـ تحتقره كلـ تضره‪ ،‬بؿ تقابؿ خداعو ليا بالدىشة‪ ،‬معجبة ببراعتو‬
‫في أنو خدعيا فنذا قيؿ ليا‪ :‬انو غشاش‪ .‬قالت‪ :‬كلكنو بارع‪ ،‬كاذا قيؿ‪ :‬انو دجاؿ قذر‪ ،‬قالت‪ :‬كلكنو شجاع‪ ..‬فيي كالنساء تمنح‬
‫اعجابيا لمف ال يستحقو متى أذىميا كأخضعيا‪ ،‬كتغالط نفسيا بغفمتيا‪ ..‬كىذا السر مف أدؽ أصكؿ السياسة‪.‬‬
‫‪83‬‬
‫اننا نعتمد عمى اجتذاب كؿ األمـ لمعمؿ عمى تشييد الصرح الجديد الذم كضعنا نحف تصميمو‪ .129‬كليذا السبب‬
‫كاف مف الضركرم لنا أف نحصؿ عمى خدمات الككبلء المغامريف الشجعاف الذيف سيككف في استطاعتيـ اف‬
‫يتغمبكا عمى كؿ العقبات في طريؽ تقدمنا‪.‬‬
‫كحينما ننجز انقبلبنا السياسي‪ Coup detat‬سنقكؿ لمناس‪" :‬لقد كاف كؿ شيء يجرم في غاية السكء‪ ،‬ككمكـ‬
‫قد تألمتـ‪ ،‬كنحف اآلف نمحؽ آالمكـ‪ ،‬كىك ما يقاؿ لو‪ :‬القكميات‪ ،‬كالعمبلت القكمية‪ ،‬كأنتـ بالتأكيد احرار في‬
‫اتيامنا‪ ،‬كلكف ىؿ يمكف أف يككف حكمكـ نزييان إذا نطقتـ بو قبؿ أف تككف لكـ خبرة بما نستطيع أف نفعمو مف‬
‫اجؿ خيركـ؟"‪.130‬حينئذ سيحممكننا عمى أكتافيـ عاليان‪ .‬في انتصار كأمؿ كابتياج‪،‬كاف قكة التصكيت التي درنا‬
‫عمييا األفراد التافييف مف الجنس البشرم باالجتماعات المنظمة كباالتفاقات المدبرة مف قبؿ‪ ،‬ستمعب عندئذ دكرىا‬
‫األخير‪ ،‬كىذه القكة التي تكسمنا بيا‪ ،‬كي "نضع انفسنا فكؽ العرش"‪،‬ستؤدم لنا ديننا األخير كىي متميفة‪ ،‬كي‬
‫ترل نتيجة قضيتنا قبؿ أف تصدر حكميا‪.‬‬
‫ككمي نحصؿ عمى اغمبية مطمقة ػ يجب أف نقنع كؿ فرد بمزكـ التصكيت مف غير تمييز بيف الطبقات‪ .‬فنف ىذه‬
‫األغمبية لف يحصؿ عمييا مف الطبقات المتعممة كال مف مجتمع مقسـ إلى فئات‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫بيف األمميف‪ ،‬تفسد أىميتيا‬ ‫فنذا أكحينا إلى عقؿ كؿ فرد فكرة أىميتو الذاتية فسكؼ ندمر الحياة األسرية‬
‫التربكية‪ ،‬كسنعكؽ الرجاؿ ذكم العقكؿ الحصيفة عف الكصكؿ إلى الصدارة‪ ،‬كاف العامة‪ ،‬تحت ارشادنا ػ ستبقى‬
‫عمى تأخر أمثاؿ ىؤالء الرجاؿ‪ ،‬كلف تسمح ليـ أبدان اف يقرركا ليـ خططان‪.132‬‬
‫لقد اعتاد الرعاع أف يصغكا الينا نحف الذيف نعطييـ الماؿ لقاء سمعيـ كطاعتيـ‪ .‬كبيذه الكسائؿ سنخمؽ قكة‬
‫عمياء إلى حد انيا لف تستطيع أبدان أف تتخذ أم قرار دكف ارشاد ككبلئنا الذيف نصبناىـ لغرض قيادتيا‪.‬‬
‫كسيخضع الرعاع ليذا النظاـ ‪ System‬ألنيـ سيعرفكف أف ىؤالء القادة مصدر اجكرىـ كارباحيـ ككؿ منافعيـ‬
‫األخرل‪ .‬اف نظاـ الحككمة يجب أف يككف عمؿ رأس كاحد‪ ،‬ألنو سيككف مف المحاؿ تكتيمو إذا كاف عمبلن مشتركان‬
‫بيف عقكؿ متعددة‪ ،‬كىذا ىك السبب في انو ال يسمح لنا اال بمعرفة خطة العمؿ‪ ،‬بؿ يجب اال نناقشيا بأم‬
‫كسيمة‪ ،‬حتى ال نفسد تأثيرىا‪ ،‬كال نعطؿ كظائؼ اجزائيا المنفصمة‪ ،‬كال المعنى لكؿ عنصر فييا‪ ،‬نكقشت مثؿ‬

‫‪129‬‬
‫ىكذا يدعي في مصالح العمارة الرسـ التخطيطي لمبنياف عمى الكرؽ قبؿ تنفيذه فعبلن‪ ،‬ككاف يسمى قديمان خطة‪ ،‬كقد فضمنا‬
‫المصطمح الشائع عمى المغمكر‪ ،‬كاستعممنا كممة خطة في نحك ذلؾ مما يتصؿ بالمشركعات الحيكية عمى نحك أكسع‪.‬‬
‫‪130‬‬
‫اف الشيكعية الييكدية تنفذ ىذه الخطة في ركسيا‪ ،‬كشبيو بيذا ما يحدث عقب كؿ انقبلب سياسي في أمة إذ ينعى أصحابو‬
‫عمى سابقييـ أخطاءىـ كيكبركنيا كيتزيدكف عمينا كيرسمكنا في أشنع الصكر‪ ،‬كىـ يحرصكف عمى ذلؾ أكثر مف حرصيـ عمى بياف‬
‫محاسف حكميـ الجديد‪ ،‬سكءا كانكا خي انر مف السابقيف أك ش انر منيـ‪ ،‬كالدىماء كاالنعاـ ال يميزكف الخبيث مف الطيب‪ .‬كلكف العمية‬
‫في أعمى األمـ كادناىا ىـ المسؤكلكف عف ذلؾ خيره كشره‪ ،‬حتى حيف يغمبيـ السفياء‪.‬‬
‫‪131‬‬
‫اف الييكد يحاكلكف في ركسيا تحطيـ نظاـ االسرة ألنو أقكل عقبة ضد نظاميـ بؿ يحاربكنو عمميان في كؿ مكاف كما يظير مف‬
‫آراء "دكر كايـ" الييكدم في عمـ االجتماع في فرنسا (ص‪.)83‬‬
‫‪132‬‬
‫ىذه الخطة تنفذ اليكـ بنجاح عظيـ‪ ،‬كالجماىير التي ال تحف تقدير األمكر التي فكؽ مستكاىا‪ ،‬ال يعينيا إال المغط بما يقاؿ ليا‬
‫دكف تمييز‪ ،‬بؿ كمما انحط الشيء كلك كاف كذبان أك خطأ ػ كاف أقرب إلى ذكقيا كأرضى ليا‪.‬‬
‫‪84‬‬
‫ىذه الخطط‪ ،‬كغيرت بتكالي الخضكع لمتنقيحات ػ اذف الختمطت بعد ذلؾ بنتائج كؿ اساءات الفيـ العقمية التي‬
‫تنشأ مف أف المصكريف ال يسبركف األغكار العميقة لمعانييا‪ ،‬كلذلؾ ال بد أف تككف خططنا نيائية كممحصة‬
‫تمحيصان منطقيان‪ .‬كىذا ىك السبب في أننا يجب أف ال نرمي العمؿ الكبير مف قائدنا ليتمزؽ اجزاء عمى أيدم‬
‫الرعاع كال عمى أيدم عصبة ‪ Glique‬صغيرة أيضان‪.‬‬
‫اف ىذه الخطط لف تقمب اليكـ الدساتير كالييئات القائمة‪ ،‬بؿ ستغير نظريتيا االقتصادية فحسب‪ ،‬كمف ثـ تغير‬
‫كؿ طريؽ تقدميا الذم البد لو حينئذ أف يتبع الطريؽ الذم تفرضو خططنا‪.‬‬
‫في كؿ الببلد تقكـ ىذه الييئات ذاتيا كلكف تحت أسماء مختمفة فحسب‪ :‬فمجالس نكاب الشعب‪ ،‬كالك ازرات‪،‬‬
‫كالشيكخ‪ ،‬كمجالس العرش مف كؿ نكع‪ ،‬كمجالس الييئات التشريعية كاالدارية‪.‬‬
‫كال حاجة بي إلى اف اكضح لكـ التركيب اآللي الذم يربط بيف ىذه الييئات المختمفة‪ ،‬فيك معركؼ لكـ مف قبؿ‬
‫معرفة حسنة‪ .‬كلتبلحظكا فحسب اف كؿ ىيئة مف الييئات السالفة الذكر تكافي كظيفة ميمة في الحككمة‪( .‬اف‬
‫استعمؿ الكممة "ميمة" ال اشارة إلى الييئات بؿ اشارة إلى كظائفيا)‪.‬‬
‫لقد اقتسمت ىذه الييئات فيما بيف انفسيا كؿ كظائؼ الحككمة التي ىي السمطة القضائية كالسمطة التشريعية‬
‫كالسمطة التنفيذية‪ .‬كقد صارت كظائفيا مماثمة لكظائؼ االعضاء المتميزة المتنكعة مف الجسـ االنساني‪.‬‬
‫فنذا آذينا أم جزء في الجياز الحككمي فتسقط الدكلة مريضة كما يمرض الجسـ االنساني‪ ،‬ثـ يمكت‪ ،‬كحينما‬
‫حققنا نظاـ الدكلة بسـ الحرية تغيرت سحنتيا السياسية كصارت الدكلة مكبكءة ‪ Infected‬بمرض مميت‪ ،‬كىك‬
‫مرض تحمؿ الدـ ‪ Decomposation of the blood‬كلـ يبؽ ليا اال ختاـ سكرات المكت‪.‬‬
‫لقد كلدت الحرية الحككمات الدستكرية التي احتمت مكاف االكتكقراطية ‪ Autoreacy‬كىي كحدىا صكرة‬
‫الحككمة النافعة الجؿ االممييف (غير الييكد)‪ .‬فالدستكر كما تعممكف ليس أكثر مف مدرسة لمفتف كاالختبلفات‬
‫كالمشاحنات كالييجانات الحزبية العميقة‪ ،‬كىك بنيجاز مدرسة كؿ شيء يضعؼ نفكذ الحككمة‪ .‬كاف الخطابة‪،‬‬
‫كالصحافة‪ ،‬قد مالت إلى جعؿ الممكؾ كسالى ضعافان‪ ،‬فردتيـ بذلؾ عقماء زائديف عمى الحاجة‪ ،‬كليذا السبب‬
‫عزلكا في كثير مف الببلد‪.‬‬
‫‪133‬‬
‫في شخص رئيس‬ ‫كبذلؾ صار في االمكاف قياـ عصر جميكرم‪ ،‬كعندئذ كضعنا في مكاف الممؾ ضحكة‬
‫‪134‬‬
‫قد اخترناه مف الدىماء بيف مخمكقاتنا كعبيدنا‪.‬‬ ‫يشبيو‬
‫كىكذا ثبتنا المغـ الذم كضعناه تحت األممييف‪ ،‬أك باألخرل تحت الشعكب األممية‪،‬كفي المستقبؿ القريب سنجعؿ‬
‫الرئيس شخصان مسؤكالن‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫الضحكة الشخص الذم يضحؾ منو‪ ،‬كىك ترجمة ‪ caricature‬التي تعني صكرة ىزلية مضحكة‪ ،‬كالصكر الكاريكاتيرية‬
‫معركفة؟‬
‫‪134‬‬
‫يمكف أف تترجـ الكممة ‪ President‬بكممات كثيرة كميا تدؿ عمى الرياعنة‪ ،‬كلما كاف المراد بيا رأس الجميكرية كما يتضح مف‬
‫الكبلـ "اآلتي" كىك يسمى في لغتيا الجارية اليكـ "الرئيس" كضعنا الرئيس مقاببلن ليا‪.‬‬
‫‪85‬‬
‫كيكمئذ لف نككف حائريف في أف ننفذ بجسارة خططنا التي سيككف "دميتنا" "‪ "Dummy‬مسؤكالن عنيا‪ ،‬فماذا‬
‫يعنينا إذا صارت رتب طبلب المناصب ضعيفة‪ ،‬كىبت القبلقؿ مف استحالة كجكد رئيس حقيقة؟ اليس ىذه‬
‫القبلقؿ ىي التي ستطيح نيائيان بالببلد؟‪.‬‬
‫كلكي نصؿ إلى ىذه النتائج سندبر انتخاب امثاؿ ىؤالء الرؤساء ممف تككف صحائفيـ السابقة مسكدة بفضيحة‬
‫"بنامية ‪ "135Panama‬أك صفقة أخرل سرية مربية كاف رئيان مف ىنا النكع سيككف منقذان كافيان الغراضنا‪ ،‬النو‬
‫سيخشى التشيير‪ ،‬كسيبقى خاضعان لسمطاف الخكؼ الذم يمتمؾ دائمان الرجؿ الذم كصؿ إلى السمطة‪ ،‬كالذم‬
‫يتميؼ عمى اف يستبقي امتيازاتو كامجاده المرتبطة بمركزه الرفيع‪ .‬اف مجمس ممثمي الشعب ‪The House of‬‬
‫‪ Representative‬سينتخب الرئيس كيحميو كيستره‪ ،‬كلكننا سنحرـ ىذا المجمس ‪ House‬سمطة تقديـ‬
‫القكانيف كتعديميا‪.‬‬
‫ىذه السمة سنعطييا الرئيس المسؤكؿ الذم سيككف ألعكبة خالصة ‪ mare Puppet‬في أيدينا‪ ،‬كفي تمؾ الحاؿ‬
‫ستثير سمطة الرئيس ىدفان معرضان لممياجمات المختمفة‪ ،‬كلكننا سنعطيو كسيمة الدفاع‪ ،‬كىي حقو في أف يستأنؼ‬
‫‪136‬‬
‫أم أف يتكجو الرئيس إلى الناس الذيف ىـ عبيدنا‬ ‫الق اررات محتكمان إلى الشعب الذم ىك فكؽ ممثمي األمة‬
‫العمياف‪ ،‬كىـ أغمبية الدىماء‪.‬‬
‫كالى ذلؾ سنعطي الرئيس سمطة اعبلف الحكـ العرفي‪ ،‬كسنكضح ىذا االمتياز بأف الحقيقة ىي أف الرئيس ت‬
‫لككنو رئيس الجيش ػ يجب أف يممؾ ىذا الحؽ لحماية الدستكر الجميكرم الجديد‪ ،‬فيذه الحماية كاجبة ألنو‬
‫ممثميا المسؤكؿ‪.‬‬
‫كفي مثؿ ىذه األحكاؿ سيككف مفتاح المكقؼ الباطني في أيدينا بالضركرة كما مف أحد غيرنا سيككف مييمنان عمى‬
‫التشريع‪ .‬كيضاؼ إلى ذلؾ اننا حيف نقدـ الدستكر الجميكرم الجيد سنحرـ المجمس ػ بحجة سر الدكلة ػ حؽ‬
‫السؤاؿ عف القصد مف الخطط التي تتخذىا الحككمة‪ .‬كبيذا الدستكر الجديد سننقص كذلؾ عدد ممثمي األمة إلى‬
‫أقؿ عدد‪ ،‬منقصيف بذلؾ عددان مماثبلي مف ىذا فاننا سنسمح لمممثميف الباقيف باالحتكاـ إلى األمة‪ ،‬كسيككف حقان‬
‫لرئيس الجميكرية أف يعيف رئيسان كككيبلن لمجمس النكاب كمثميما كلمجمس الشيكخ‪ ،‬كنستبدؿ بفترات االنعقاد‬
‫المستمرة لمبرلمانات فترات قصيرة مدل شيكر قميمة‪.‬‬
‫كالى ذلؾ سيككف لرئيس الجميكرية ػ باعتباره رأس السمطة التنفيذية ػ حؽ دعكة البرلماف كحمو‪ .‬كسيككف لو في‬
‫حالة الحؿ ارجاء الدعكة لبرلماف جديد‪ .‬كلكف ػ لكيبل يتحمؿ الرئيس المسؤكلية عف نتائج ىذه األعماؿ المخالفة‬

‫‪135‬‬
‫حيف نجح دلسبس في حفر قناة السكيس كمؼ بحفر قناة بنماما بيف أمريكيا الشمالية كالجنكبية‪ ،‬فخاب كاتيـ بالنصب كالتدليس‪،‬‬
‫كقدـ لممحاكمة ىك كابنو‪ ،‬كما قدـ غيرىما كمات ىك أثناء المحاكمة كسجف ابنو كالمراد بالفضيحة البنامية فضيحة بتيمة شائنة‬
‫كيذه الفضيحة‪ ،‬كمرتكب ىذه الجريمة خاضع لمف يعرفكف أسرارىا‪ ،‬فالييكد يحاكلكف استغبلليا في اكراىو عمى ما يريدكف فيطيعيـ‬
‫خكؼ الفضيحة‪ .‬كالييكد يختاركف ككبلؤىـ عادة مف ىؤالء كما ذكركا في آخر البركتكككالت ‪ 8‬ص‪.154‬‬
‫‪136‬‬
‫أم سيككف مف حقو حؿ البرلماف‪ ،‬كاالحتكاـ إلى األمة الختيار ممثميف حدد ليا‪ ،‬النيا صاحبة الحؽ كفي اختيار مف يمثمكنيا‪،‬‬
‫كفي أثناء عممية االنتخاب يعتمد الييكد عمى خداع الجماىير الغافمة التي ال تميز بيف حؽ كباطؿ‪ ،‬كال بيف أميف كخائف‪ ،‬كي‬
‫تنتخب صنائعيـ‪ ،‬الذيف سيؤيدكف الرئيس في اعمالو لخدمة الييكد‪ .‬كال اعتراض لؤلمة عمى أعماليـ النيـ ممثمكىا‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫لمقانكف مخالفة صارخة‪ ،‬مف قبؿ أف تبمغ خططنا كتستكم ػ سنغرم الكزراء ككبار المكظفيف االدارييف اآلخريف‬
‫الذيف يحيطكف بالرئيس‪ ،‬كي يمكىكا أكامره‪ ،‬بأف يصدركا التعميمات مف جانبيـ‪ ،‬كبذلؾ نضطرىـ إلى تحمؿ‬
‫المسؤكلية بدالن مف الرئيس‪ ،‬كسننصح خاصة بأف تضـ ىذه الكظيفة إلى مجمس الشيكخ أك إلى مجمس شكرل‬
‫الدكلة‪ ،‬أك إلى مجمس الكزراء‪ ،‬كأف ال تككؿ إلى األفراد‪ .137‬كبارشادنا سيفسر الرئيس القكانيف التي يمكف فيميا‬
‫بكجكه عدة‪.‬‬
‫كىك ػ فكؽ ذلؾ ػ سينقض القكانيف في األحكاؿ التي نعد فييا ىذا النقض ام انر مرغكبان فيو‪ .‬كسيككف لو أيضان حؽ‬
‫اقتراح قكانيف كقتية جديدة‪ ،‬بؿ لو كذلؾ اجراء تعديبلت في العمؿ الدستكرم لمحككمة محتجان ليذا العمؿ بأنو أمر‬
‫تقتضيو سعادة الببلد‪.‬‬
‫مثؿ ىذه االجراءات ستمكننا مف أف نسترد شيئان فشيئان أم حقكؽ أك امتيازات كنا قد اضطررنا مف قبؿ إلى منحيا‬
‫حيف لـ نكف مستحكذيف عمى السمطة أكالن‪.‬‬
‫كمثؿ ىذه االمتيازات سنقدميا في دستكر الببلد لتغطية النقص التدريجي لكؿ الحقكؽ الدستكرية‪ ،‬كذلؾ حيف‬
‫يحيف الكقت لتغيير كؿ الحككمات القائمة‪ ،‬مف أجؿ أكتكقراطيتنا أف تعرؼ ممكنا األكتكقراطي يمكننا أف نتحقؽ‬
‫منو قبؿ إلغاء الدساتير‪ ،‬أعني بالضبط‪ ،‬أف تعرؼ حكمنا سيبدأ في المحظة ذاتيا حيف يصرخ الناس الذيف‬
‫مزقتيـ الخبلفات كتعذبكا تحت افبلس حكاميـ (كىذا ما سيككف مدب انر عمى أيدينا) فيصرخكف ىاتفيف‪" :‬اخمعكىـ‪،‬‬
‫كاعطكنا حاكمان عالميان كاحدان يستطيع أف يكحدنا‪ ،‬كيمحؽ كؿ أسباب الخبلؼ‪ ،‬كىي الحدكد كالقكميات كاألدياف‬
‫كالديكف الدكلية كنحكىا‪..‬حاكمان يستطيع أف يمنحنا السبلـ كالراحة المذيف ال يمكف أف يكجدكا في ظؿ حككمة‬
‫رؤسائنا كممككنا كممثمينا"‪.138‬‬
‫كلكنكـ تعممكف عممان دقيقان كفيان أنو‪ ،‬لكي يصرخ الجميكر بمثؿ ىذا الرجاء‪ ،‬البد أف يستمر في كؿ الببلد‬
‫اضطراب العبلقات القائمة بيف الشعكب كالحككمات‪ ،‬فتستمر العدكات كالحركب‪ ،‬كالكراىية‪ ،‬كالمكت استشيادان‬
‫أيضان‪ ،‬ىذا مع الجكع كالفقر‪ ،‬كمع تفشي األمراض ككؿ ذلؾ سيمتد إلى حد أف ال يرل األمميكف (غير الييكد)‬
‫أم مخرج ليـ مف متاعبيـ غير أف يمجأكا إلى االحتماء بأمكالنا كسمطتنا الكاممة‪.139‬‬
‫كلكننا إذا اعطينا األمة كقتان تأخذ فيو نفسيا فنف رجكع مثؿ ىذه الفرصة سيككف مف العسير‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫كاذف تككف الحككمة أكتكقراطية دكتاتكرية في الحقيقة‪ ،‬كديمقراطية شكرية في ظاىراىا‪ ،‬إذ سيككف ممثمكا األمة استا انر أك آالت‬
‫تنفذ ما تريده االدارة الممثمة في الرئيس كأعكانو‪ ،‬كالحككمة االكتقراطية كحدىا ىي أمؿ الييكد لسيكؿ العبث بيا كاخضاعيا‬
‫لشيكاتيـ الشيطانية‪.‬‬
‫‪138‬‬
‫كىذا ما تنفذه الشيكعية الييكدية في ركسيا كتحاكؿ نشره في العالـ مما يدؿ عمى أف الشيكعية انما تنفذ السياسة الصييكنية‬
‫كأنيا ليست إال جزءان منيا كآلة ليا (انظر الترجمة العربية لكتاب "آثرت الحرية")‪.‬‬
‫‪139‬‬
‫أم إذا تركت لؤلمة فرصة تستريح فييا مف المتاعب فنف ضيقيا يخؼ قميبلن‪ ،‬فنذا دعيت لمثكرة عمى حالتيا لـ تمب النداء‬
‫كصبرت عمى الضيؽ‪ ،‬ألف عندىا بقية احتماؿ‪ ،‬ففترات الراحة المتقطعة كلك قصرت تيكف عمى األمة آالميا فبل تطمب التغيير عف‬
‫طريؽ الثكرة كاالنقبلب بؿ تحاكؿ اصبلح أحكاليا بالحكمة كالصبر‪.‬‬
‫‪87‬‬
‫البروتوكول الحادي عشر‪:‬‬
‫اف مجمس الدكلة ‪ State Council‬سيفصؿ كيفسر سمطة الحاكـ‪ ،‬كاف ىذا المجمس ػ كلو مقدرتو كييئة‬
‫تشريعية رسمية ػ سيككف المجمع الذم يصدر أكامر القائميف بالحكـ‪.‬‬
‫كىا ىكذا برنامج الدستكر الجديد الذم نعده لمعالـ‪ .‬أننا سنشرع القكانيف‪ ،‬كنحدد الحقكؽ الدستكرية كننفذىا بيذه‬
‫الكسائؿ‪:‬‬
‫‪ 1‬ػ اكامر المجمس التشريعي المقترحة مف الرئيس‪.‬‬
‫‪ 2‬ػ التكسؿ بأكامر عامة ‪ ،‬كأكامر مجمس الشيكخ كمجمس شكرل الدكلة‪ ،‬كالتكسؿ بق اررات مجمس الكزراء‪.‬‬
‫‪ 3‬ػ كالتكسؿ بانقبلب سياسي ‪ Cuop detat‬حينما تسنح المحظة المبلئمة‪.‬‬
‫ىذا ػ كمع تصميمنا تقريبان عمى خطة عممنا ػ سنناقش مف ىذه األجزاء ما قد يككف ضركريان لنا‪ ،‬كي نتـ الثكرة في‬
‫مجمكعات دكاليب جياز الدكلة حسب االتجاه الذم كضحتو مف قبؿ‪ .‬كأنا أقصد بيذه االجزاء حرية الصحافة‪،‬‬
‫كحقكؽ تشكيؿ الييئات‪ ،‬كحرية العقيدة‪ ،‬كانتخاب ممثمي الشعب‪ ،‬كحقكقان كثيرة غيرىا سكؼ تختفي مف حياة‬
‫اإلنساف اليكمية‪ .‬كاذا ىي لـ تختؼ جميعان فسيككف تغييرىا أساسيان منذ اليكـ التالي العبلف الدستكر الجيد‪.‬‬
‫كسنككف في ىذه المحظة المعينة كحدىا آمنيف كؿ األماف‪ ،‬لكي نعمف كؿ تغييراتنا‪ .‬كىناؾ سبب آخر ىك أف‬
‫التغييرات التي يحسيا الشعب في أم كقت ػ قد يثبت أنيا خطرة ألنيا إذا قدمت بعنؼ كصرامة كفرضت قي انر ببل‬
‫تبصر فقد تسخط الناس‪ ،‬إذ ىـ سيخافكف تغييرات جديدة في اتجاىات مشابية‪ .‬كمف جية أخرل إذا كانت‬
‫التغييرات تمنح الشعب كلك امتيازات أكثر فسيقكؿ الناس فييا‪ :‬أننا تعرفنا أخطاءنا‪ .‬كاف ذلؾ يغض مف جبلؿ‬
‫‪140‬‬
‫السمطة الجديدة‪ .‬كربما يقكلكف اننا قد فزعنا كأكرىنا عمى الخضكع لما يريدكف‪ .‬كاذا انطبع أم مف ىذه‬ ‫عصمة‬
‫اآلثار عمى عقكؿ العامة فسيككف خط انر بالغان عمى الدستكر الجديد‪.‬‬
‫انو ليمزمنا منذ المحظة األكلى العبلنو ػ بينما الناس ال يزالكف يتألمكف مف آثار التغيير المفاجئ‪ ،‬كىـ في حالة‬
‫فزع كبمبمة ػ أف يعرفكا أننا بمغنا مف عظـ القكة كالصبلبة كاالمتبلء بالعنؼ أفقان لف ننظر فيو إلى مصالحيـ نظرة‬
‫احتراـ‪ .‬سنريد منيـ أف يفيمكا أننا نتنكر آلرائيـ كرغباتيـ فحسب‪ ،‬بؿ سنككف مستعديف في كؿ زماف كفي كؿ‬
‫مكاف ألف نخنؽ بيد جبارة أم عبارة أك اشارة إلى المعارضة‪.141‬‬

‫‪140‬‬
‫كضعنا كممة عصمة مقابؿ ‪ lnfallibility‬كمعناىا عدـ السقكط في الخطأ كقد استعممت كممة العصمة في كتب الكبلـ‬
‫(التكحيد) بيذا المعنى فيقاؿ‪ :‬النبي معصكـ أم منزه عف الخطأ‪ ،‬كمعنى العصمة في األصؿ االمتناع‪.‬‬
‫‪141‬‬
‫ىذا ما يجرم في ركسيا الشيكعية اآلف تمامان‪ ،‬مما يدؿ عمى أف سياستيا تسير حسب خطة البرتكككالت‪ ،‬كأف سياستيا ييكدية‬
‫خالصة‪.‬‬
‫‪88‬‬
‫سنريد مف الناس أف يفيمكا أننا استحكذنا عمى كؿ شيء اردناه‪ ،‬كأننا لف نسمح ليـ في أم حاؿ مف األحكاؿ أف‬
‫يشرككنا في سمطتنا‪ ،‬كعندئذ سيغمضكف عيكنيـ عمى أم شيء بدافع الخكؼ‪ ،‬كسينتظركف في صبر تطكرات‬
‫أبعد‪.‬‬
‫اف األمميف (غير الييكد) كقطيع مف الغنـ‪ ،‬كأننا الذئاب‪ ،‬فيؿ تعممكف ما تفعؿ الغنـ حينما تنفذ الذئاب إلى‬
‫الحظيرة؟ انيا لتغمض عيكنيا عف كؿ شيء‪.‬‬
‫كالى ىذا المصير سيدفعكف‪ ،‬فسنعدىـ بأننا سنعيد الييـ حرياتيـ بعد التخمص مف أعداء العالـ‪ ،‬كاضطرار كؿ‬
‫الطكائؼ إلى الخضكع‪ .‬كلست في حاجة ممحة إلى أف أخبركـ‪ ،‬إلى متى سيطكؿ بيـ االنتظار حتى ترجع الييـ‬
‫حرياتيـ الضائعة‪.142‬‬
‫أم سبب اغرانا بابتداع سياستنا‪ ،‬كبتمقيف األممييف إياىا؟ لقد أكحينا إلى األممييف ىذه السياسة دكف أف ندعيـ‬
‫يدرككف مغزاىا الخفي كماذا حفزنا عمى ىذا الطريؽ لمعمؿ اال عجزنا كنحف جنس مشتت عف الكصكؿ إلى‬
‫غرضنا في تنظيمنا لمماسكنية التي ال يفيميا أكلئؾ الخنازير ‪ Swine‬مف األمميف‪ ،‬كلذلؾ ال يرتابكف في‬
‫مقاصدىا لقد اكقعناىـ فيؾ كتمة محافمنا التي ال تبدك شيئان أكثر مف ماسكنية كي نذر الرماد في عيكف‬
‫رفقائيـ‪.143‬‬
‫مف رحمة اهلل اف شعبو المختار مشتت‪ ،‬كىذا التشتت الذم يبدك ضعفان فينا أماـ العالـ ػ قد ثبت أنو كؿ قكتنا‬
‫التي كصمت بنا إلى عتبة السمطة العالمية‪.144‬‬
‫ليس لدينا أكثر مف أف نبني عمى ىذه األسس‪ ،‬لكي نصؿ إلى ىدفنا‪.‬‬

‫البروتوكول الثاني عشر‪:‬‬


‫إف كممة الحرية التي يمكف أف تفسر بكجكه شتى سنجدىا ىكذا "الحرية ىي حؽ عمؿ ما يسمح بو القانكف"‬
‫تعريؼ الكممة ىكذا سينفعنا عمى ىذا الكجو‪ :‬إذ سيترؾ لنا أف نقكؿ أيف تككف الحرية‪ ،‬كأيف ينبغي أف ال تككف‪،‬‬
‫كذلؾ لسبب بسيط ىك أف القانكف لف يسمح اال بما نرغب نحف فيو‪.‬‬
‫كسنعامؿ الصحافة عمى النيج اآلتي‪ :‬ما الدكر الذم تمعبو الصحافة في الكقت الحاضر؟ انيا تقكـ بتيييج‬
‫العكاطؼ الجياشة في الناس‪ ،‬كأحيانان بنثارة المجادالت الحزبية األنانية التي ربما تككف ضركرية لمقصدنا‪ .‬كما‬
‫أكثر ما تككف فارغة ظالمة زائفة‪ ،‬كمعظـ الناس ال يدرككف أغراضيا الدقيقة أقؿ إدراؾ‪ .‬إننا كسنسرجيا كسنقكدىا‬

‫‪142‬‬
‫أم اف ىذه الحريات لف ترجع الييـ أبدان كأف كؿ كعكدنا خداع كتضميؿ‪.‬‬
‫‪143‬‬
‫أنظر لبياف الصمة بيف الماسكنية كالصييكنية ص ‪.127 ،125،124 ،123،115 ،118 ،92 ،78‬‬
‫‪144‬‬
‫ىذه حقيقة مف إغرب الحقائؽ كأصدقيا‪ ،‬فنف تشتت الييكد في اقطار العالـ مع تماسكيـ قد جعميـ ذكم نفكذ في كؿ قطر‪،‬‬
‫كىـ يسخركف كؿ االقطار التي عظـ نفكذىـ فييا كبريطانيا كامريكا كركسيا كغيرىا لمصمحتيـ الذاتية‪ ،‬كما ظير أثناء اقامتيـ‬
‫لدكلتيـ "إسرائيؿ " كغير ذلؾ مف االحداث الجارية‪ ،‬فميتدبر ذلؾ الغافمكف‪ ،‬ككؿ جالية ييكدية في دكلة انما ىي جمعية سرية تعمؿ‬
‫لمصمحة الييكد كلك ضد الشعب الذم يساكنكنو (انظر ص ‪ 24‬ك‪ 25‬ك‪ 26‬كما بعدىا)‪.‬‬
‫‪89‬‬
‫بمجـ حازمة‪ .‬كسيككف عمينا أيضان أف نظفر بادارة شركات النشر األخرل‪ ،‬فمف ينفعنا أف نييمف عمى الصحافة‬
‫الدكرية بينما ال نزاؿ عرضة ليجمات النشرات ‪ Pamphlets‬كالكتب‪ .‬كسنحكؿ انتاج النشر الغالي في الكقت‬
‫الحاضر مكردان مف مكارد الثركة يدر الربح لحككمتنا‪ ،‬بتقديـ ضريبة دمغة معينة كباجبار الناشريف عمى أف يقدمكا‬
‫لنا تأمينا‪ ،‬لكي نؤمف حككمتنا مف كؿ أنكاع الحمبلت مف جانب الصحافة كاذا كقع ىجكـ فسنفرض عمييا‬
‫الغرامات عف يميف كشماؿ‪.‬‬
‫إف ىذه االجراءات كالرسكـ كالتأمينات كالغرامات ستككف مكرد دخؿ كبير لمحككمة‪ ،‬كمف المؤكد أف الصحؼ‬
‫الحزبية لف يردعيا دفع الغرامات الثقيمة‪145‬كلذلؾ فاننا عقب ىجكـ خطير ثاف ػ ستعطميا جميعان‪.‬‬
‫كما مف أحد سيككف قاد انر دكف عقاب عمى المساس بكرامة عصمتنا السياسية كسنعتذر عف مصادرة النشرات‬
‫بالحجة اآلتية‪ ،‬سنقكؿ‪ :‬النشرة التي صكدرت تثير الرأم العاـ عمى غير قاعدة كال أساس‪.‬‬
‫غير أني سأسألكـ تكجيو عقكلكـ إلى أنو ستككف بيف النشرات اليجكمية نشرات نصدرىا نحف ليذا الغرض‪،‬‬
‫كلكنيا ال تياجـ اال النقط التي نعتزـ تغييرىا في سياستنا‪ .‬كلف يصؿ طرؼ مف خبر إلى المجتمع مف غير أف‬
‫يمر عمى ارادتنا‪ .‬كىذا ما قد كصمنا إليو حتى في الكقت الحاضر كما ىك كاقع‪ :‬فاألخبار تتسمميا ككاالت‬
‫‪146‬‬
‫تتركز فييا األخبار مف كؿ انحاء العالـ‪ .‬كحينما نصؿ إلى السمطة ستنضـ ىذه الككاالت‬ ‫‪ Agincies‬قميمة‬
‫جميعان الينا‪ ،‬كلف تنشر اال ما نختار نحف التصريح بو مف األخبار‪.‬‬
‫إذا كنا قد تكصمنا في األحكاؿ الحاضرة إلى الظفر بادارة المجتمع األممي (غير الييكدم) إلى حد أنو يرل أمكر‬
‫العالـ خبلؿ المناظير الممكنة التي كضعناىا فكؽ أعينو‪ :‬كاذا لـ يقـ حتى اآلف عائؽ يعكؽ كصكلنا إلى اسرار‬
‫الدكلة‪ .‬كما تسمى لغباء األممييف‪ ،‬اذف ػ فماذا سيككف مكقفنا حيف تعرؼ رسميان كحكاـ لمعالـ في شخص‬
‫امبراطكرنا الحاكـ العالمي؟‪.‬‬
‫كلنعد إلى مستقبؿ النشر‪ِّ .‬‬
‫كؿ انساف يرغب في أف يصير ناش انر أك كتبيان أك طابعان سيككف مضط انر إلى الحصكؿ‬
‫عمى شيادة كرخصة ستسحباف منو إذا كقعت منو مخالفة‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫التي يجد فييا التفكير االنساني ترجمانان لو ػ ستككف بيذه الكسائؿ خالصة في أيدم حككمتنا التي‬ ‫كالقنكات‬
‫ستتخذىا ىي نفسيا كسيمة تربكية‪ ،‬كبذلؾ ستمنع الشعب أف ينقاد لمزيغ بخياؿ "التقدـ" كالتحرر‪ .‬كمف ىنا ال‬
‫يعرؼ أف السعادة الخيالية ىي الطريؽ المستقيـ إلى الطكبى ‪ Utopia‬التي انبثقت منيا الفكضى ككراىية‬
‫السمطة؟ كسبب ذلؾ بسيط‪ ،‬ىك أف "التقدـ" أك باألحرل فكرة التقدـ التحررم قد امدت الناس بأفكار مختمطة‬
‫لمعتؽ ‪ Emancipation‬مف غير أف تضع أم حد لو‪ .‬اف كؿ مف يسمكف متحرريف فكضكيكف‪ ،‬اف لـ يككنكا‬
‫في عمميـ ففي افكارىـ عمى التأكيد‪ .‬كؿ كاحد منيـ يجرم كراء طيؼ الحرية ظانان أنو يستطيع اف يفعؿ ما يشاء‪،‬‬

‫‪145‬‬
‫سبب ذلؾ اف اال حزاب تتحمؿ عف صحفيا ما تدفعو مف غرامات فيي ال تبالي بالغرامة‪ ،‬كلكف الصحؼ غير الحزبية تدفع ما‬
‫تغرـ مف ما ليا فيي ال تجرؤ جرأة الصحؼ الحزبية عمى أم ىجكـ كراءه غرـ ليا‪.‬‬
‫‪146‬‬
‫أم الككاالت االخبارية‪ ،‬كيبلحظ أف معظـ ىذه الككاالت تخضع لمييكد االف‪ ،‬فمعظـ ما كانكا يشتيكنو قد تحقؽ ليـ اآلف‪.‬‬
‫‪147‬‬
‫المراد بالقنكات المطبكعات التي يعبر الناس فييا عف آرائيـ كالكتب كالرسائؿ كالنشرات كنحكىا‪.‬‬
‫‪91‬‬
‫أم اف كؿ كاحد منيـ ساقط في حالة فكضى في المعارضة التي يفضميا لمجرد الرغبة في المعارضة‪ .‬كلنناقش‬
‫اآلف أمر النشر‪ :‬أننا سنفرض عميو ضرائب باألسمكب نفسو الذم فرضنا بو الضرائب عمى الصحافة الدكرية‪،‬‬
‫أم مف طريؽ فرض دمغات كتأمينات‪ .‬ضعفيف‪ .‬كاف الكتب القصيرة سنعتبرىا نشرات ‪ ،Pamphlets‬لكي‬
‫نقمؿ نشر الدكريات التي تككف أعظـ سمكـ النشر فتكان‪.‬‬
‫كىذه االجراءات ستكره الكتاب أيضان عمى اف ينشركا كتبان طكيمة‪ ،‬ستق أر قميبلن بيف العامة مف أجؿ طكليا‪ ،‬كمف‬
‫أجؿ أثمانيا العالية بنكع خاص‪ .‬كنحف أنفسنا سننشر كتبان رخيصة الثمف كي نعمـ العامة كنكجو عقكلنا في‬
‫االتجاىات التي نرغب فييا‪ .‬اف فرض الضرائب سيؤدم إلى االقبلؿ مف كتابة أدب الفراغ الذم ال ىدؼ لو‪ .‬كاف‬
‫ككف المؤلفيف مسؤكليف أماـ القانكف سيضـ في أيدينا‪ ،‬كلف يجد أحد يرغب مياجمتنا بقممو ناش انر ينشر لو‪.‬‬
‫قبؿ طبع أم نكع مف األعماؿ سيككف عمى الناشر أك الطابع أف يمتمس مف السمطات اذنان بنشر العمؿ المذككر‪.‬‬
‫كبذلؾ سنعرؼ سمفان كؿ مؤامرة ضدنا‪ ،‬كسنككف قادريف عمى سحؽ رأسيا بمعرفة المكيدة سمفان كنشر بياف عنيا‪.‬‬
‫األدب كالصحافة ىما اعظـ قكتيف تعميميتيف خطيرتيف‪ .‬كليذا السبب ستشترم حككمتنا العدد األكبر مف‬
‫الدكريات‪.‬‬
‫كبيذه الكسيمة سنعطؿ ‪ Neutralise‬التأثير السيء لكؿ صحيفة مستقمة‪ ،‬كنظفر بسمطاف كبير جدان عمى‬
‫العقؿ االنساني‪ .‬كاذا كنا نرخص بنشر عشر صحؼ مستقمة فسنشرع حتى يككف لنا ثبلثكف‪ ،‬كىكذا دكالي‪.‬‬
‫كيجب أال يرتاب الشعب أقؿ ريبة في ىذه االجراءات‪ .‬كلذلؾ فنف الصحؼ الدكرية التي ننشرىا ستظير كأنيا‬
‫معارضة لنظراتنا كآرائنا‪ ،‬فتكحي بذلؾ الثقة إلى القراء‪ ،‬كتعرض منظ انر جذابان ألعدائنا الذيف ال يرتابكف فينا‪،‬‬
‫كسيقعكف لذلؾ في شركنا‪ ،148‬كسيككنكف مجرديف مف القكة‪.‬‬
‫كفي الصؼ األكؿ سنضع الصحافة الرسمية‪ .‬كستككف دائمان يقظة لمدفاع عف مصالحنا‪ ،‬كلذلؾ سيككف نفكذىا‬
‫عمى الشعب ضعيفان نسبيان‪ .‬كفي الصؼ الثاني سنضع الصحافة شبو الرسمية ‪ Semi Official‬التي سيككف‬
‫‪149‬‬
‫كفاتر اليمة‪ ،‬كفي الصؼ الثالث سنضع الصحافة التي تتضمف معارضتنا‪ ،‬كالتي‬ ‫كاجبيا استمالة المحايد‬
‫ستظير في احدل طبعاتيا مخاصمة لنا‪ ،‬كسيتخذ اعداؤنا معارضتنا‪ ،‬كالتي ستظير في احدل طبعاتيا مخاصمة‬
‫لنا‪ ،‬كسيتخذ اعداؤنا الحقيقيكف ىذه المعارضة معتمدان ليـ‪ ،‬كسيترككف لنا أف نكشؼ أكراقيـ بذلؾ‪.‬‬
‫ستككف لنا جرائد شتى تؤيد الطكائؼ المختمفة‪ :‬مف أرستقراطية كجميكرية‪ ،‬كثكرية‪ ،‬بؿ فكضكية أيضان ػ كسيككف‬
‫ذلؾ طالما أف الدساتير قائمة بالضركرة‪ .‬كستككف ىذه الجرائد مثؿ اإللو اليندم فشنك ‪ .150Vishnu‬ليا مئات‬
‫االيدم‪ ،‬ككؿ يد ستجس نبض الرأم العاـ المتقمب‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫أم سيكشفكف انفسيـ فييا لمييكد‪ ،‬كيمكنكف ليـ مف االتصاؿ بيـ‪ ،‬فيعاممكنيـ بما يمف كالئيـ‪ ،‬كيضعيـ تحت رحمتيـ كما‬
‫كضحتو السطكر التالية‪.‬‬
‫‪149‬‬
‫‪ Indifferent‬أم الذم ليس مع ىذا الفريؽ كال مع غيره‪ ،‬كخير كممة عربية تؤدم ىذا المعنى كممة المعتزؿ‪ ،‬فاالعتزاؿ البعد‬
‫عف كؿ طائفة مف الطكائؼ‪ ،‬كىك يسمى في عرفنا الحياد خطأ كبيذا المعنى سمى بعض عمماء الكبلـ (المعتزلة)‪.‬‬
‫‪150‬‬
‫فشنك مأخكذ مف الكممة السنسكريتية ‪ vish‬أم يشمؿ كىك اسـ إلو ىندم بمعنى الشامؿ أم الحافظ أك الحامي‪ ،‬كالثالكث االليي‬
‫في الديانة البرىمية اليندية يشمؿ برىما ‪ Brahma‬كفشنكا كسيفا ‪ ،Siva‬كىك ليس إليان كاحدان ذا ثبلثة اقانيـ كالثالكث المسيحي في‬
‫‪91‬‬
‫كمتى أراد النبض سرعة فنف ىذه االيدم ستجذب ىذا الرأم نحك مقصدنا‪ ،‬ألف المريض الميتاج األعصاب‬
‫سيؿ االنقياد كسيؿ الكقكع تحت أم نكع مف أنكاع النفكذ‪ .‬كحيف يمضي الثرثاركف في تكىـ أنيـ يرددكف رأم‬
‫جريدتيـ الحزبية فانيـ في الكاقع يرددكف رأينا الخاص‪ ،‬أك الرأم الذم نريده‪ .‬كيظنكف أنيـ يتبعكف جريدة حزبيـ‬
‫عمى حيف انيـ‪ ،‬في الكاقع‪ ،‬يتبعكف المكاء الذم سنحركو فكؽ الحزب‪ ،‬كلكي يستطيع جيشنا الصحافي اف ينفذ‬
‫ركح ىذا البرنامج لمظيكر‪ ،‬بتأييد الطكائؼ المختمفة ػ يجب عمينا أف ننظـ صحافتنا بعناية كبيرة‪.‬‬
‫كباسـ الييئة المركزية لمصحافة ‪ Central Commission Of the Press‬سننظـ اجتماعات‬
‫أدبية‪،‬كسيعطي فييا ككبلؤنا ػ دكف اف يفطف الييـ ػ شارة لمضماف ‪ countersigns‬ككممات‬
‫السر‪ .Passwords‬كبمناقشة سياستنا كمناقضتيا‪ .‬كمف ناحية سطحية دائمة بالضركرة‪ .‬كدكف مساس في‬
‫الكاقع بأجزائيا الميمة ػ سيستمر اعضاؤنا في مجادالت زائفة شكمية ‪ feigned‬مع الجرائد الرسمية‪ .‬كي تعطينا‬
‫حجة لتحديد خططنا بدقة أكثر مما نستطيع في اذاعتنا البرلمانية كىذا بالضركرة ال يككف اال لمصمحتنا فحسب‪،‬‬
‫كىذه المعارضة مف جانب الصحافة ستخدـ أيضان غرضنا‪ ،‬إذ تجعؿ الناس يعتقدكف اف حرية الكبلـ ال تزاؿ‬
‫قائمة‪ ،‬كما انيا ستعطي ككبلءنا ‪ Agents‬فرصة تظير اف معارضينا يأتكف باتيامات زائفة ضدنا‪ ،‬عمى حيف‬
‫أساس حقيقيان يستندكف عميو لنقض سياستنا كىدميا‪.‬‬
‫ن‬ ‫أنيـ عاجزكف عف أف يجدكا‬
‫ىذه االجراءات التي ستختفي مبلحظتيا عمى انتباه الجميكر ػ ستككف أنجح الكسائؿ في قيادة عقؿ الجميكر‪،‬‬
‫كفي االيحاء إليو بالثقة كاالطمئناف إلى جانب حككمتنا ‪.‬‬
‫كبفضؿ ىذه االجراءات سنككف قادريف عمى اثارة عقؿ الشعب كتيدئتو في المسائؿ السياسية‪ ،‬حينما يككف‬
‫ضركريان لنا أف نفعؿ ذلؾ‪ .‬كسنككف قادريف عمى اقناعيـ أك بمبمتيـ بطبع أخبار صحيحة أك زائفة‪ ،‬حقائؽ أك ما‬
‫يناقضيا‪ ،‬حسبما يكافؽ غرضنا‪ .‬كأف األخبار التي سننشرىا ستعتمد عمى األسمكب الذم يتقبؿ الشعب بو ذلؾ‬
‫النكع مف االخبار‪ ،‬كسنحتاط دائمان احتياطان عظيمان لجس األرض قبؿ السير عمييا‪.‬‬
‫اف القيكد التي سنفرضيا عمى النشرات الخاصة‪ ،‬كما بينت‪ ،‬ستمكننا مف أف نتأكد مف االنتصار عمى اعدائنا‪ .‬إذ‬
‫لف تككف لدييـ كسائؿ صحفية تحت تصرفيـ يستطيعكف حقيقة أف يعبركا بيا تعبي انر كامبلن عف آرائيـ‪ ،‬كلف نككف‬
‫مضطريف كلك إلى عمؿ تنفيذ كامؿ لقضاياىـ‪.‬‬
‫كالمقاالت الجكفاء ‪ Ballon dessai‬التي سنمقي بيا في الصؼ الثالث مف صحافتنا سنفندىا عفكان‪ ،‬بالضركرة‬
‫‪151‬‬
‫العطاء‬ ‫تفنيدان‪ ،‬شبو رسمي ‪ .Semi _ offically‬يقكـ اآلف في الصحافة الفرنسية نيج الفيـ الماسكني‬
‫شارات الضماف ‪ Countersigns‬فكؿ أعضاء الصحافة مرتبطكف بأسرار مينية متبادلة عمى أسمكب‬
‫النبكءات القديمة‪ Ancient oreles‬كال أحد مف األعضاء سيفشي معرفتو بالسر‪ ،‬عمى حيف أف مثؿ ىذا‬

‫نظر بعض الطكائؼ المسيحية‪ ،‬كلكنو إلو كاحد ذك ثبلثة أسماء تطمؽ عميو بحسب فعمو في الككف‪ ،‬فيك يراىما حيف يككف المبدع‪،‬‬
‫كفشنك حيف يككف الحامي كسيفان حيف يككف المدمر‪ .‬كتمثاؿ فشنك يصكر عمى ىيئة إنساف لو أيد كثيرة‪ ،‬كىذه االيدم تشير إلى‬
‫عممو كمداه‪ ،‬فااليدم عبلمة الحماية ككثرتيا عبلمة شمكليا كامتدادىا إلى كؿ شيء‪.‬‬
‫‪151‬‬
‫أم تككيف الجماعة سريان‪ ،‬كالتفاىـ بيف اعضائيا بطريقة ال يفيميا غيرىـ‪.‬‬
‫‪92‬‬
‫السر غير مأمكر بتعميمو‪ .‬كلف تككف لناشر بمفرده الشجاعة عمى افشاء السر الذم عيد بو اليو‪ ،‬كالسبب ىك‬
‫‪152‬‬
‫‪ Marks‬بعض األعماؿ المخزية‬ ‫انو ال أحد منيـ يؤذف لو بالدخكؿ في عالـ األدب‪،‬ما لـ يكف يحمؿ سمات‬
‫‪Shady‬في حياتو الماضية‪ .‬كليس عميو أف يظير اال أدنى عبلمات العصياف حتى تكشؼ فك انر سماتو‬
‫المخزية‪ .‬كبينما تظؿ ىذه السمات معركفة لعدد قميؿ تقكـ كرامة الصحفي بجذب الرأم العاـ إليو في جميع‬
‫الببلد‪ ،‬كسينقاد لو الناس‪ ،‬كيعجبكف بو‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫كضركرم لنا كذلؾ أف نخمؽ أفكا انر‪ ،‬كنكاحي آراء‬ ‫كيجب أف تمتد خططنا بخاصة إلى األقاليـ ‪Previnces‬‬
‫ىناؾ بحيث نستطيع في أم كقت أف ننزليا إلى العاصمة بتقديميا كأنيا آراء محايدة لؤلقاليـ‪.‬‬
‫كطبعان لف يتغير منبع الفكرة كأصميا‪ :‬اعني أنيا ستككف عندنا‪ .‬كيمزمنا‪ ،‬قبؿ فرض السمطة‪ ،‬أف تككف المدف‬
‫أحيانان تحت نفكذ رأم األقاليـ ػ كىذا يعني أنيا ستعرؼ رأم األغمبية الذم سنككف قد دبرناه مف قبؿ كمف‬
‫الضركرم لنا أف ال تجد العكاصـ في فترة األزمنة النفسية كقتان لمناقشة حقيقة كاقعة‪ ،‬بؿ تتقبميا ببساطة‪ ،‬ألنيا قد‬
‫اجازتيا األغمبية في األقاليـ‪.‬‬
‫كحينما نصؿ إلى عيد المنيج ‪ Regeme‬الجديد ػ أم خبلؿ مرحمة التحكؿ إلى مممكتنا ػ يجب أف ال نسمح‬
‫لمصحافة بأف تصؼ الحكادث االجرامية‪ :‬إذ سيككف مف البلزـ اف يعتقد الشعب أف المنيج الجديد مقنع كناجح‬
‫إلى حد أف االجراـ قد زاؿ‪ .‬كحيث تقع الحكادث االجرامية يجب أف تككف معركفة اال لضحيتيا كلمف يتفؽ لو أف‬
‫‪154‬‬
‫فحسب‪..‬‬ ‫يعاينيا‬

‫البروتوكول الثالث عشر‪:‬‬


‫اف الحاجة يكميان إلى الخبر ستكره األمميف ‪ Gentiles‬عمى الدكاـ اكراىان أف يقبضكا ألسنتيـ‪ ،‬كيظمكا خدمنا‬
‫األذالء‪ .‬كاف اكلئؾ الذيف قد نستخدمو في صحافتنا مف األمميف سيناقشكف بايعازات منا حقائؽ لف يككف مف‬
‫المرغكب فيو أف نشير إلييا بخاصة في جريدتنا ‪ Gazette‬الرسمية‪ .‬كبينما تتخذ كؿ أساليب المناقشات‬
‫كالمناظرات ىكذا سنمضي القكانيف التي سنحتاج الييا‪ ،‬كسنضعيا أماـ الجميكر عمى أنيا حقائؽ ناجزة‪.‬‬
‫كلف يجرؤ أحد عمى طمب استئناؼ النظر فيما تقر امضاؤه‪ ،‬فضبلن عف طمب استئناؼ النظر فيما يظير حرصنا‬
‫عمى مساعدة التقدـ‪ .‬كحينئذ ستحكؿ الصحافة نظر الجميكر بعيدان بمشكبلت جديدة‪( ،155‬كأنتـ تعرفكف بأنفسكـ‬

‫‪152‬‬
‫السمات‪ ،‬جمع سمعة كىي العبلمة كالمراد ىنا‪ :‬كصمو عار كخزم‪.‬‬
‫‪153‬‬
‫انظر ىامش ص ‪.155‬‬
‫‪154‬‬
‫مف المعاينة كىي مف العيف‪ ،‬كالمعنى اف الجريمة ال يراىا اال المصاب بيا‪ ،‬كمف يشيدىا النو كاف في مكاف الجريمة مصادفة‪.‬‬
‫‪155‬‬
‫صحيح اف الجماىير كالطفؿ‪ ،‬فنذا ىك اعنتؾ بااللحاح في طمب كفاؾ اف تقكؿ لو مثبلن‪" :‬انظر إلى ىذا العصفكر" فتكجو‬
‫ذىنو إلى ما تريد‪ ،‬كينسى ما كاف يمح عميو مف فكرة الطمب‪ ،‬مع انو ال عصفكر ىناؾ‪ ،‬كيبدأ ىك في السؤاؿ عف العصفكر كقد‬
‫يصؼ لؾ شكمو كلكنو‪ ..‬فالميـ ىك تكجيو انتباه الجماىير بشاغؿ يرضي تطفميا كتدبر عميو ألسنتيا ببل قصد كال تمييز كىذا مف‬
‫أدؽ االسرار السياسية‪.‬‬
‫‪93‬‬
‫أننا دائمان نعمـ الشعب أف يبحث عف طكائؼ جديدة)‪ .‬كسيسرع المغامركف السياسيكف األغبياء إلى مناقشة‬
‫المشكبلت الجديدة‪ .‬كمثميـ الرعاع الذيف ال يفيمكف في أيامنا ىذه حتى ما يتشدقكف بو‪.‬‬
‫كاف المشكبلت السياسية ال يعني بيا أف تككف مفيكمة عند الناس العادييف‪،‬كال يستطيع ادراكيا ػ كما قمت مف‬
‫قبؿ ػ اال الحكاـ الذيف قد مارسكا تصريؼ األمكر قركنان كثيرة‪ .156‬كلكـ اف تستخمصكا مف كؿ ىذا اننا ػ حيف نمجأ‬
‫إلى الرأم العاـ ػ سنعمؿ عمى ىذا النحك‪ ،‬كي نسيؿ عمؿ جيازنا ‪ Machinary‬كما يمكف أف تبلحظكا أننا‬
‫نطمب المكافقة عمى شتى المسائؿ ال باالفعاؿ‪ ،‬بؿ باألقكاؿ‪ .‬كنحف دائمان نؤكد في كؿ اجراءاتنا اننا مقكدكف‬
‫باألمؿ كاليقيف لخدمة المصمحة العامة‪ .‬كلكي نذىؿ الناس المضعضعيف عف مناقشة المسائؿ السياسية ػ نمدىـ‬
‫بمشكبلت جديدة‪ .‬أم بمشكبلت الصناعة كالتجارة‪ .‬كلنتركيـ يثكركا عمى ىذه المسائؿ كما يشتيكف‪.‬‬
‫انما نكافؽ الجماىير عمى التخمي كالكؼ عما تظنو نشاطان سياسيان إذا اعطيناىا مبلىي جديدة‪ ،‬أم التجارة التي‬
‫نحاكؿ فنجعميا تعتقد أنيا أيضان مسألة سياسية‪ .‬كنحف انفسنا اغرينا الجماىير بالمشاركة في السياسيات‪ ،‬كي‬
‫نضمف تأييدىا في معركتنا ضد الحككمات االممية‪.‬‬
‫كلكي نبعدىا عف أف تكشؼ بأنفسيا أم خط عمؿ جديد سنميييا أيضان بأنكاع شتى مف المبلىي كاأللعاب‬
‫كمزجيات لمفراغ كالمجامع العامة كىمـ جرا‪.‬‬
‫كسرعاف ما سنبدأ االعبلف في الصحؼ داعيف الناس إلى الدخكؿ في مباريات شتى في كؿ انكاع المشركعات‪:‬‬
‫كالفف كالرياضة كما الييما ‪ .‬ىذه المتع الجديدة ستميي ذىف الشعب حتمان عف المسائؿ التي سنختمؼ فييا معو‪،‬‬
‫كحالما يفقد الشعب تدريجان نعمة التفكير المستقؿ بنفسو سييتؼ جميعان معنا لسبب كاحد‪ :‬ىك أننا سنككف أعضاء‬
‫المجتمع الكحيديف الذيف يككنكف أىبلن لتقديـ خطكط تفكير جديدة‪.‬‬
‫كىذه الخطكط سنقدميا متكسميف بتسخير آالتنا كحدىا مف أمثاؿ األشخاص الذيف ال يستطاع الشؾ في تحالفيـ‬
‫معنا‪ ،‬أف دكر المثالييف المتحرريف سينتيي حالما يعترؼ بحككمتنا‪ .‬كسيؤدكف لنا خدمة طيبة حتى يحيف ذلؾ‬
‫الكقت‪.‬‬
‫كليذا السبب سنحاكؿ اف كجو العقؿ العاـ نحك كؿ نكع مف النظريات المبيرجة ‪ fantastic‬التي يمكف أف تبدك‬
‫تقدمية أك تحررية‪ .‬لقد نجحنا نجاحان كامبلن بنظرياتنا عمى التقدـ في تحكيؿ رؤكس األممييف الفارغة مف العقؿ‬
‫نحك االشتراكية‪ .‬كال يكجد عقؿ كاحد بيف األممييف يستطيع اف يبلحظ انو في كؿ حالة كراء كممة "التقدـ" يختفي‬
‫ضبلؿ كزيغ عف الحؽ‪ ،‬ما عدا الحاالت التي تشير فييا ىذه الكممة إلى كشكؼ مادية أك عممية‪ .‬إذ ليس ىناؾ‬
‫اال تعميـ حؽ كاحد‪ ،‬كال مجاؿ فيو مف أجؿ "التقدـ" اف التقدـ ػ كفكرة زائفة ػ يعمؿ عمى تغطية الحؽ‪ ،‬حتى ال‬
‫يعرؼ الحؽ أحد غيرنا نحف شعب اهلل المختار الذم اصطفاه ليككف قكامان عمى الحؽ‪.‬‬
‫كحيف نستحكذ عمى السمطة سيناقش خطباؤنا المشكبلت الكبرل التي كانت تحير اإلنسانية‪ ،‬لكي ينطكم النكع‬
‫البشرم في النياية تحت حكمنا المبارؾ كمف الذم سيرتاب حينئذ في اننا الذيف كنا نثير ىذه المشكبلت كفؽ‬
‫خطة ‪ Scheme‬سياسية لـ يفيميا إنساف طكاؿ قركف كثرة‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫يريدكف بذلؾ الييكد كحدىـ‪ ،‬العتقادىـ أف اهلل اختصيـ بقيادة الناس‪.‬‬
‫‪94‬‬
‫البرتوكول الرابع عشر‪:‬‬
‫حينما نمكف ألنفسنا فنككف سادة األرض ػ لف نبيح قياـ أم ديف غير ديننا‪ ،‬أم الديف المعترؼ بكحدانية اهلل الذم‬
‫ارتبط حظنا باختياره إيانا كما ارتبط بو مصير العالـ‪.‬‬
‫‪157‬‬
‫فمف‬ ‫كليذا السبب يجب عمينا أف نحطـ كؿ عقائد اإليماف‪ ،‬كاذ تككف النتيجة المؤقتة ليذا ىي أثمار ممحديف‬
‫يدخؿ ىذا في مكضكعنا‪ ،‬كلكنو سيضرب مثبلن لؤلجياؿ القادمة التي ستصغي إلى تعاليمنا عمى ديف مكسى الذم‬
‫ككؿ الينا ػ بعقيدتو الصارمة ػ كاجب اخضاع كؿ األمـ تحت أقدامنا‪.‬‬
‫كاذ نؤدم ىذا سنعكؼ أيضان عمى الحقائؽ الباطنية ‪ Mystic truths‬لمتعاليـ المكسكية التي تقكـ عمييا ػ كما‬
‫سنقكؿ ػ كؿ قكتيا التربكية‪.‬‬
‫ثـ سننشر في كؿ فرصة ممكنة مقاالت نقارف فييا بيف حكمنا النافع كذلؾ الحكـ السابؽ‪ .‬كاف حالة اليمف‬
‫كالسبلـ التي ستسكد يكمئذ ػ كلك انيا كليدة اضطراب قركف طكيمة ػ ستفيد ايضان في تبييف محاسف حكمنا‬
‫الجديد‪ .‬كسنصكر االخطاء التي ارتكبيا األمميكف (غير الييكد) في إدارتيـ بأفضح األلكاف‪ .‬كسنبدأ باثارة شعكر‬
‫االزدراء نحك منيج الحكـ السابؽ‪ ،‬حتى اف األمـ ستفضؿ حككمة السبلـ في جك العبكدية عمى حقكؽ الحرية‬
‫التي طالما مجدكىا‪ ،‬فقد عذبتيـ بأبمغ قسكة‪ ،‬كاستنزفت منيـ ينبكع الكجكد االنساني نفسو‪ ،‬كما دفعيـ إلييا عمى‬
‫التحقيؽ اال جماعة مف المغامريف الذيف لـ يعرفكا ما كانكا يفعمكف‪.‬‬
‫اف التغييرات الحككمة العقيمة التي أغرينا االممييف بيا ػ متكسميف بذلؾ إلى تقكيض صرح دكلتيـ ػ ستككف في‬
‫ذلؾ الكقت قد اضجرت األمـ تمامان‪ ،‬إلى حد انيا ستفضؿ مقاساة أم شيء منيا خكفان مف أف تعكد إلى العناء‬
‫كالخيبة المذيف تمضي األمـ خبلليما فيما لك عاد الحكـ السابؽ‪.‬‬
‫كسنكجو عناية خاصة إلى االخطاء التاريخية لمحككمات األممية التي عذبت االنسانية خبلؿ قركف كثيرة جدان‬
‫لنقص في فيميا أم شيء يكافؽ السعادة الحقة لمحياة االنسانية‪ ،‬كلبحثيا عف الخطط المبيرجة لمسعادة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ألف األمميف لـ يبلحظا أف خططيـ‪ ،‬بدالن مف أف تحسف العبلقات بيف اإلنساف كاالنساف‪ ،‬لـ‬
‫تجعميا اال اسكأ كأسكأ‪ .‬كىذه العبلقات ىي أساس الكجكد االنساني نفسو‪ ،‬اف كؿ قكة مبادئنا كاجراءاتنا‪ ،‬ستككف‬
‫كامنة في حقيقة ايضاحنا ليا‪ ،‬مع أنيا مناقضة تمامان لممنيج المنحؿ الضائع لؤلحكاؿ االجتماعية السابقة‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫ليبلحظ القارئ اف عمماء الييكد يجدكف بكؿ ما في كسعيـ ليدـ االدياف عف طريؽ المذاىب االجتماعية كالسياسية كالفكرية‬
‫كالبيكلكجية مثؿ مذىب دكر كايـ كالشيكعية كالكجكدية كمذىب التطكر كالسريالية‪ ،‬كأنيـ القائمكف عمى دراسة عمـ االدياف المقارف‬
‫متكسميف بو إلى نشر اإللحاد كنسؼ االيماف مف النفكس‪ ،‬كأف تبلميذىـ مف المسمميف كالمسيحييف في كؿ االقطار كمنيا مصر‬
‫يركجكف آلرائيـ اليدامة بيف الناس جيبلن ككب انر‪ .‬كلك استقؿ ىؤالء التبلميذ في تفكيرىـ لكشفكا ما في آراء اساتذتيـ الييكد مف زيؼ‬
‫كما كراء نظرياتيـ مف سكء النية (انظر ‪ 79‬ػ ‪ ،)83‬كمقالنا في الرسالة‪:‬‬
‫العدد ‪ 926‬في ‪ 2‬ػ ‪ 4‬ػ ‪ 1951‬بعنكاف "ابطاؿ الييكد بيف القرآف كالعيد القديـ"‪.‬‬
‫‪95‬‬
‫كسيفضح فبلسفتنا كؿ مساكئ الديانات األممية (غير الييكدية) كلكف لف يحكـ أحد أبدان عمى دياناتنا مف كجية‬
‫نظرىا الحقة‪ ،‬إذ لف يستطاع ألحد أبدان أف يعرفيا معرفة شاممة نافذة اال شعبنا الخاص الذم لف يخاطر بكشؼ‬
‫أسرارىا‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫أدبان ‪ Literature‬مريضان قذ انر يغثي النفكس‪ .‬كسنستمر فترة‬ ‫كقد نشرنا في كؿ الدكؿ الكبرل ذكات الزعامة‬
‫قصيرة بعد االعتراؼ بحكمنا عمى تشجيع سيطرة مثؿ ىذا األدب‪ ،‬كي يشير بكضكح إلى اختبلفو عف التعاليـ‬
‫التي سنصدرىا مف مكقفنا المحمكد‪ .‬كسيقكـ عمماؤنا الذيف ربكا لغرض قيادة األممييف بنلقاء خطب‪،‬كرسـ خطط‪،‬‬
‫كتسكيد مذكرات‪ ،‬متكسميف بذلؾ إلى اف تؤثر عمى عقكؿ الرجاؿ كتجذبيا نحك تمؾ المعرفة كتمح االفكار التي‬
‫تبلئمنا‪.‬‬

‫البروتوكول الخامس عشر‪:‬‬


‫سنعمؿ كؿ ما في كسعنا عمى منع المؤامرات التي تدبر ضدنا حيف نحصؿ نيائيان عمى السمطة‪ ،‬متكسميف إلييا‬
‫بعدد مف االنقبلبات السياسية ‪ coups detat‬المفاجئة التي سننظميا بحيث تحدث في كقت كاحد في جميع‬
‫االقطار‪ ،‬كسنقبض عمى السمطة بسرعة عند اعبلف حككماتيا رسميان انيا عاجزة عف حكـ الشعكب‪ ،‬كقد تنقضي‬
‫فترة طكيمة مف الزمف قبؿ أف يتحقؽ ىذا‪ ،‬كربما تمتد ىذه الفترة قرنان ببل رحمة في كؿ مف يشير أسمحة ضد‬
‫استقرار سمطتنا‪.‬‬
‫أف تأليؼ أم جماعة سرية جديدة سيككف عقابو المكت ايضان‪ ،‬كاما الجماعات السرية التي تقكـ في الكقت‬
‫الحاضر كنحف نعرفيا‪ ،‬كالتي تخدـ‪ ،‬كقد خدمت‪ ،‬اغراضنا ػ فاننا سنحميا كننفي اعضاءىا إلى جيات نائية مف‬
‫العالـ‪ .‬كبيذا األسمكب نفسو سنتصرؼ مع كؿ كاحد مف الماسكنييف األحرار األممييف (غير الييكد) الذيف‬
‫يعرفكف أكثر مف الحد المناسب لسبلمتنا‪ .‬ككذلؾ الماسكنيكف الذيف ربما نعفك عنيـ لسبب أك لغيره سنبقييـ في‬
‫خكؼ دائـ مف النفي‪ ،‬كسنصدر قانكنان يقضي عمى االعضاء السابقيف في الجمعيات السرية بالنفي مف أكركبا‬
‫حيث سيقكـ مركز حككمتنا‪.‬‬
‫كستككف ق اررات حككمتنا نيائية‪ ،‬كلف يككف ألحد الحؽ في المعارضة‪ .‬كلكي نرد كؿ الجماعات األممية عمى‬
‫اعقابيا كنمسخيا ػ ىذه الجماعات التي غرسنا بعمؽ في نفكسيا االختبلفات كمبادئ نزعة المعارضة‬
‫‪ Protestant‬لممعارضة ػ سنتخذ معيا اجراءات ال رحمة فييا‪ .‬مثؿ ىذه االجراءات ستعرؼ األمـ اف سمطتنا‬
‫ال يمكف أف يعتدل عمييا‪ ،‬كيجب اال يعتد بكثرة الضحايا الذيف سنضحي بيـ لمكصكؿ إلى النجاح في المستقبؿ‪.‬‬
‫اف الكصكؿ إلى النجاح‪ ،‬كلك تكصؿ إليو بالتضحيات المتعددة‪ ،‬ىك كاجب كؿ حككمة تتحقؽ اف شركط كجكدىا‬
‫ليست كامنة في االمتيازات التي تتمتع بيا فحسب‪ ،‬بؿ في تنفيذ كاجباتيا كذلؾ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫انظر مقدمتنا‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪96‬‬
‫كالشرط االساسي في استقرارىا يمكف في تقكية ىيبة سمطاتيا‪ ،‬كىذه الييبة ال يمكف الكصكؿ إلييا اال بقكة‬
‫عظيمة غير متأرجحة ‪ ،Unshakable‬كىي القكة التي ستبدكا انيا مقدسة ال تنتيؾ ليا حرمة‪ ،‬كمحاطة بقكة‬
‫باطنية ‪ Mystic‬لتككف مثبلن مف قضاء اهلل كقدره‪.‬‬
‫ىكذا حتى الكقت الحاضر كانت األكتكقراطية الركسية ‪ Russian Autoxiacy‬عدكنا الكحيد إذا استثنينا‬
‫الكنسية البابكية المقدسة ‪ Holysee‬اذكركا أف إيطاليا عندما كانت تتدفؽ بالدـ لـ تمس شعرة كاحدة مف رأس‬
‫سبل ‪159Silla‬كقد كاف ىك الرجؿ الذم جعؿ دميا يتفجر كنشأ عف جبركت شخصية سبل ‪ Silla‬أف صار ليا‬
‫في أعيف الشعب‪ ،‬كقد جعمتو عكدتو ببل خكؼ إلى ايطاليا مقدسان ال تنتيؾ لو حرمة ‪ Ruviolable‬فالشعب لف‬
‫‪160‬‬
‫بشجاعة كقكة عقمو‪.‬‬ ‫يضر الرجؿ الذم يسحره ‪huphoneses‬‬
‫كالى أف يأتي الكقت الذم نصؿ فيو إلى السمطة‪ ،‬سنحاكؿ اف ننشيء كنضاعؼ خبليا الماسكنييف االحرار في‬
‫‪161‬‬
‫جميع انحاء العالـ كسنجذب إلييا كؿ مف يصير أك مف يككف معركفان بأنو ذك ركح عامة ‪Pubicspirit‬‬
‫كىذه الخبليا ستككف االماكف الرئيسية التي سنحمميا عمى ما نريد مف اخبار كما انيا ستككف افضؿ مراكز‬
‫الدعاية‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫سبل ‪ silla‬مثاؿ نادر لمف يصؿ إلى السمطاف المطمؽ عف طريؽ العنؼ كالدىاء‪ .‬ككاف أكؿ ظيكره أياـ الحككمة الجميكرية‬
‫في ركما‪ ،‬كىك حمكؿ القائد الركماني ماريكس سنة ‪ 117‬ؽ‪.‬ـ‪ .‬حيف أرسمو ىذا القائد بمفاكضة ممؾ مغربي في شماؿ افريقيا فنجح‬
‫في سفارتو‪ .‬كحيف صار ماريكس قنصبلن ركمانيان سنة ‪ 114‬ؽ‪ .‬ـ‪ /‬كاف سبل مف قكاد جيشو‪ ،‬كما زاؿ امره يعمك تحت رعاية‬
‫ماريكس حتى اصدما في سنة ‪ 87‬ؽ‪.‬ـ‪ .‬فزحؼ سبل بجيشو إلى ركما‪ ،‬كأكره مجمس الشيكخ عمى الحكـ بنفي ماريكس كبعض‬
‫اتباعو‪ ،‬ثـ أىدر دمو ػ ككاف سبل أكؿ مف سف ذلؾ بيف الركماف ػ ككعد قاتمو بمكافأة كبيرة‪ :‬فيرب ماريكس‪.‬‬
‫كخبلؿ غيبة سبل عف ركما في حرب مع بعض اعدائيا انتصر عمييـ فييا‪ ،‬عاد ماريكس إلى ركما‪ ،‬كقبض عمى أزمة الحكـ فييا‪،‬‬
‫كلكف سبل عاد إلييا بعد انتصاره سنة‪ 83‬ؽ‪.‬ـ‪ .‬كانتصر عمى ماريكس كجيكشو أيضان‪ ،‬فخضع لو الركماف صاغريف‪ ،‬كلقب نفسو‬
‫"السعيد" كانطمؽ كالكحش يسفؾ دماء اعدائو كأعداء أصدقائو ال يميز بيف برئ كمذنب‪ ،‬كطغت أعمالو الكحشية حتى أنو جمع مرة‬
‫أعضاء المجمس في ىيكؿ‪ ،‬كقاـ فييـ خطيبان كالى جكاره مكاف حشد فيو ثمانية آالؼ مف حضاياه كأمر جنكده بذبحيـ‪ ،‬فمما بمغت‬
‫صرخاتيـ مسامع أعضاء المجمس تمعرت كجكىيـ مف الفزع‪ ،‬فأمرىـ سبل اف ال تشغميـ اصكات ىؤالء االشقياء عف سماع خطابو‪.‬‬
‫كلما جاء مكعد انتخاب القنصميف المذيف جرت السنة اف يميا حكـ الدكلة الركمانية ترؾ سبل ركما‪ ،‬ككتب مف خارجيا إلى رئيس‬
‫المجمس كرئيس لجنة االقتراع طالبان سؤاؿ الشعب عف اقامة دكتاتكر الى أجؿ غير مسمى ليصمح األحكاؿ في جميع أرجاء الدكلة‪،‬‬
‫كأعمف انو قابؿ ليذا المنصب اداء ليذه الخدمة الكطنية‪ ،‬فتـ ما أراد‪،‬ككفؽ عمى كؿ اعمالو‪ ،‬كأعطى سنة ‪ 81‬ؽ‪.‬ـ‪ .‬سمطة مطمقة‬
‫عمى االركاح كاالمكاؿ‪ ،‬فبدد فييا ما شاءت لو نزكاتو‪ ،‬كبمغ مف السطكة ما لـ يبمغ حاكـ ركماني قبمو‪ ،‬ككاف يستطيع الغاء‬
‫الجميكرية كالمناداة بنفسو ممكان كلكنو لـ يفعؿ‪ ،‬النو كاف يريد اعتزاؿ السياسة بعد االنتقاـ مف اعدائو‪ .‬كلما ناؿ ىذه الغاية بعد أف‬
‫بشـ مف الدماء استعفى مف منصبو‪ .‬كسمـ سمطتو إلى قنصميف جديديف‪ ،‬كلجأ إلى الراحة بعد أف أضناه التعب بدنا كعقبلن‪،‬‬
‫كضعضعتو الرذائؿ كالحماقات‪ ،‬كاصابو داء خبيث أفسد أحشاءه‪ .‬كأطمؽ الدكد في قركح جمده دكف أف ينقذه الدكاء كالنظافة‪ ،‬كمات‬
‫سنة‪ 78‬ؽ‪ .‬ـ‪ .‬في أتعس حاؿ‪ ،‬كأمر أف يكتب عمى قبره"ىنا سبل الذم فاؽ كؿ أحد في البر بأصدقائو كالنقمة مف أعدائو"‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫معنى الكممة بالضبط ينكمو تنكيمان مغناطيسيان‪ ،‬كقد ترجمناىا بكممة يسحره‪.‬‬
‫‪161‬‬
‫أم ذك ميؿ إلى الخدمة العامة‪ ،‬أك اجتماعي ال معتزؿ كال منطك عمى نفسو‪.‬‬
‫‪97‬‬
‫كسكؼ نركز كؿ ىذه الخبليا تحت قيادة كاحدة معركفة لنا كحدنا كستتألؼ ىذه القيادة مف عممائنا‪ ،‬كسيككف ليذه‬
‫الخبليا ايضان ممثمكىا الخصكصيكف‪ ،‬كي نحجب المكاف الذم نقيـ فيو قيادتنا حقيقة‪ .‬كسيككف ليذه القيادة كحدىا‬
‫الحؽ في تعيف مف يتكمـ عنيا كفي رسـ نظاـ اليكـ‪ ،‬كسنضع الحبائؿ كالمصايد في ىذه الخبليا لكؿ االشتراكييف‬
‫كطبقات المجتمع الثكرية‪ .‬كاف معظـ الخطط السياسية السرية معركفة لنا‪ ،‬كسنيدييا إلى تنفيذىا حالما تشكؿ‪.‬‬
‫ككؿ الككبلء ‪ Agents‬في البكليس الدكلي السرم تقريبان سيككنكف اعضاء في ىذه الخبليا‪.‬‬
‫كلخدمات البكليس أىمية عظيمة لدينا‪ ،‬ألنيـ قادركف عمى أف يمقكا ستا انر عمى مشركعاتنا ‪ ،Enterprises‬كأف‬
‫يستنبطكا تفسيرات معقكلة لمضجر كالسخط بيف الطكائؼ‪ .‬كأف يعاقبكا أيضان أكلئؾ الذيف يرفضكف الخضكع لنا‪.‬‬
‫كمعظـ الناس الذيف يدخمكف في الجمعيات السرية مغامركف يرغبكف اف يشقكا طريقيـ في الحياة بأم كيفية‪،‬‬
‫كليسكا مياليف إلى الجد كالعناء‪.‬‬
‫كبمثؿ ىؤالء الناس سيككف يسي انر عمينا أف نتابع أغراضنا‪ ،‬كأف نجعميـ يدفعكف جيازنا لمحركة‪.‬‬
‫كحينما يعاني العالـ كمو القمؽ فمف يدؿ ىذا اال عمى أنو قد كاف مف الضركرم لنا أف نقمقو ىكذا‪ ،‬كي نعظـ‬
‫صبلبتو العظيمة الفائقة‪ .‬كحينما تبدأ المؤامرات خبللو فنف بدءىا يعني أف كاحدان مف اشد ككبلئنا اخبلصان يقكـ‬
‫عمى رأس ىذه المؤامرة‪ .‬كليس اال طبيعيان أننا كنا الشعب الكحيد الذم يكجو المشركعات الماسكنية‪ .‬كنحف‬
‫الشعب الكحيد الذم يعرؼ كيؼ يكجييا‪ .‬كنحف نعرؼ اليدؼ األخير لكؿ عمؿ عمى حيف أف األممييف (غير‬
‫الييكد) جاىمكف بمعظـ األشياء الخاصة بالماسكنية كال يستطيعكف كلك رؤية النتائج العاجمة لما ىـ فاعمكف‪ .‬كىـ‬
‫بعامة ال يفكركف اال في المنافع الكقتية العاجية‪ ،‬كيكتفكف بتحقيؽ غرضيـ‪ ،‬حيف يرضي غركرىـ‪ ،‬كال يفطنكف‬
‫إلى أف الفكرة األصمية لـ تكف فكرتيـ بؿ كنا نحف انفسنا الذيف اكحينا الييـ بيا‪.‬‬
‫كاألمميكف يكثركف مف التردد عمى الخبليا الماسكنية عف فضكؿ محض‪ .‬أك عمى أمؿ في نيؿ نصيبيـ مف‬
‫األشياء الطيبة التي تجرم فييا‪ ،‬كبعضيـ يغشاىا أيضان النو قادر عمى الثرثرة بأفكاره الحمقاء اماـ المحافؿ‪.‬‬
‫كاألمميكف يبحثكف عف عكاطؼ النجاح كتيميبلت االستحساف كنحف نكزعيا جزافان ببل تحفظ‪ ،‬كليذا نتركيـ‬
‫يظفركف بنجاحيـ‪ .‬لكي نكجو لخدمة مصالحيا كؿ مف تتممكيـ مشاعر الغركر‪ ،‬كمف يتشربكف افكارنا عف غفمة‬
‫كاثقيف بصدؽ عصمتيـ الشخصية‪ ،‬كبانيـ كحدىـ أصحاب اآلراء‪ ،‬كانيـ غير خاضعيف فيما يركف لتأثير‬
‫اآلخريف‪.‬‬
‫كانتـ ال تتصكركف كيؼ يسيؿ دفع امير االممييف إلى حالة مضحكة مف السذاجة كالغفمة ‪ Naivite‬باثارة‬
‫غركره كاعجابو بنفسو‪،‬كيؼ يسيؿ مف ناحية أخرل ػ اف تثبط شجاعتو كعزيمتو بأىكف خيبة‪ ،‬كلك بالسككت‬
‫ببساطة عف تيميؿ االستحساف لو‪ ،‬كبذلؾ تدفعو إلى حالة خضكع ذليؿ كذؿ العبد إذ تصده عف األمؿ في نجاح‬
‫جديد‪ ،‬كبمقدار ما يحتقر شعبنا النجاح‪ ،‬كيقصر تطمعو عمى رؤية خططو متحققة‪ ،‬يحب االميكف‬
‫النجاح‪،‬كيككنكف مستعديف لمتضحية بكؿ خططيـ مف اجمو‪.‬‬
‫اف ىذه الظاىرة ‪ Feature‬في اخبلؼ األممييف تجعؿ عممنا ما نشتيي عممو معيـ ايسر كثي انر‪ .‬اف اكلئؾ‬
‫الذيف يظيركف كأنيـ النمكر ىـ كالغنـ غباكة‪ ،‬كرؤكسيـ مممكءة بالفراغ‪.‬‬
‫سنتركيـ يركبكف في أحبلميـ عمى حصاف اآلماؿ العقيمة‪ ،‬لتحطيـ الفردية االنسانية باالفكار الرمزية لمبدأ‬
‫‪98‬‬
‫الجماعية ‪ .162Collectivism‬انيـ لـ يفيمكا بعد‪ ،‬كلف يفيمكا‪ ،‬اف ىذا الحمـ الكحشي مناقض لقانكف الطبيعة‬
‫األساسي ىك ػ منذ بدء التككيف ػ قد خمؽ كؿ كائف مختمفان عف كؿ ما عداه‪ .‬لكي تككف لو بعد ذلؾ فردية مستقمة‪.‬‬
‫أفميست حقيقة اننا كنا قادريف عمى دفع االمييف إلى مثؿ ىذه الفكرة الخاطئة ػ تبرىف بكضكح قكم عمى تصكرىـ‬
‫الضيؽ لمحياة االنسانية إذا ما قكرنكا بنا؟ كىنا يكمف األمؿ األكبر في نجاحنا‪.‬‬
‫ما كاف أبعد نظر حكمائنا القدماء حينما اخبركنا انو لمكصؿ إلى غاية عظيمة حقان يجب اال نتكقؼ لحظة أماـ‬
‫الكسائؿ‪ .‬كأف ال نعتد بعدد الضحايا الذيف تجب التضحية بيـ لمكصكؿ إلى ىذه الغاية‪ ..‬اننا لـ نعتمد قط‬
‫بالضحايا مف ذرية أكلئؾ البيائـ مف األممييف (غير الييكد)‪ ،‬كمع أننا ضحينا كثي انر مف شعبنا ذاتو ػ فقد بكأناه‬
‫اآلف مقامان في العالـ ما كاف ليحمـ بالكصكؿ إليو مف قبؿ‪ .‬أف ضحايانا ػ كىـ قميؿ نسبيان ػ قد صانكا شعبنا مف‬
‫الدمار‪ .‬كؿ إنساف ال بد أف ينتيي حتمان بالمكت‪ .‬كاألفضؿ أف نعجؿ بيذه النياية إلى الناس الذيف يعكقكف‬
‫غرضنا‪ ،‬ال الناس الذيف يقدمكنو‪.‬‬
‫اننا سنقدـ الماسكف االحرار إلى المكت بأسمكب ال يستطيع معو أحد ػ اال االخكة ػ أف يرتاب أدنى ريبة في‬
‫الحقيقة‪ ،‬بؿ الضحايا انفسيـ أيضان ال يرتابكف فييا سمفان‪ .‬انيـ جميعان يمكتكف ػ حيف يككف ذلؾ ضركريان ػ مكتان‬
‫طبيعيان في الظاىر‪ .‬حتى االخكة ػ كىـ عارفكف بيذه الحقائؽ ػ لف يج أركا عمى االحتجاج عمييا‪.‬‬
‫كبمثؿ ىذه الكسائؿ نستأصؿ جذكر االحتجاج نفسيا ضد أكامرنا في المجاؿ الذم ييتـ بو الماسكف االحرار‪.‬‬
‫فنحف نبشر بمذىب التحررية لدل االممييف‪ ،‬كفي الناحية األخرل نحفظ شعبنا في خضكع كامؿ‪.163‬‬
‫كبتأثيرنا كانت قكانيف االممييف مطاعة كأقؿ ما يمكف‪ :‬كلقد قكضت ىيبة قكانينيـ باالفكار التحررية‪Liberal‬‬
‫التي أذعناىا في أكساطيـ‪.‬كاف اعظـ المسائؿ خطكرة‪ ،‬سكاء أكانت سياسية أـ أخبلقية‪ ،‬انما تقرر في دكر‬
‫العدالة بالطريقة التي شرعيا‪ .‬فاألممي القائـ بالعدالة ينظر إلى األمكر في أم ضكء نختاره لعرضيا‪.‬‬
‫كىذا ما انجزناه متكسميف بككبلئنا كبأناس نبدك أف ال صمة لنا بيـ كآراء الصحافة ككسائؿ أخرل‪ ،‬بؿ أف أعضاء‬
‫مجمس الشيكخ ‪ Senators‬كغيرىـ مف أكابر المكظفيف يتبعكف نصائحنا اتباعان أعمى‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫‪ Collectivism‬مذىب يقضي أف يمتمؾ الناس االشياء شيكعان‪ ،‬كيعممكا فييا معان دكف اختصاص أحد بشيء معيف ‪ ،‬كقد دعا‬
‫إلى ىذا المذىب كثير مف المتيكسيف المناكيد‪ ،‬منيـ"مزدؾ" الذم ظير في فارس قبؿ اإلسبلـ سنة ‪487‬ـ زاد شيكعية النساء عمى‬
‫شيكعية األمكاؿ كاعتبر ذلؾ دينان‪ ،‬فتبعو كثير مف السفياء حتى كاد يذىب بالدكلة‪ ،‬كلكف الممؾ قباد كاد يستأصمو ىك كأتباعو في‬
‫مذبحة عامة سنة ‪ .523‬كما دعا إلى ىذا المذىب القرامطة أياـ الدكلة العباسية‪ ،‬كفتنكا كثي انر مف الخمؽ كارتكبكا كثي انر مف الشنع‬
‫البشعة في جنكبي العراؽ كما كااله حيث قامت دكلتيـ نحك سنة ‪891‬ـ‪ .‬إلى أكائؿ القرف الحادم عشر‪ ،‬كما دعا إليو الشيكعيكف‬
‫في العصر الحاضر كراس مذىبيـ كارؿ ماركس الييكدم‪ ،‬كقد تمكف ببلشفتيـ الييكد مف كضع ركسيا تحت ىذا النظاـ‪ ،‬كأكرىكىا‬
‫بالعنؼ عمى ىذه الفكرة الخاطئة كال يزالكف يتخبطكف في تطبيقيا ىناؾ منحدريف مف خيبة إلى خيبة‪ ،‬مع تمكنيـ مف الحكـ المطمؽ‬
‫فيا منذ سنة ‪ 1917‬كىـ يحاربكف الرأسمالية الفردية‪ ،‬كلكف الشعب ىناؾ في يدم الحاكـ المطمؽ الذم ممؾ الماؿ كاالركاح‪ .‬فيجمع‬
‫بيف استبداد الماؿ كاستبداؿ الحكـ معان‪.‬‬
‫‪163‬‬
‫أنظر مقدمتنا ىنا ػ ص ‪.79‬‬
‫‪99‬‬
‫كعقؿ األممي ػ لككنو ذا طبيعة بييمية محضة ػ غير قادر عمى تحميؿ أم شيء كمبلحظتو‪ ،‬فضبل عف التكيف‬
‫بما قد يؤدم إليو امتداد حاؿ مف األحكاؿ إذا كضع في ضكء معيف‪.‬‬
‫كىذا االختبلؼ التاـ في العقمية بيننا كبيف األممييف ىك الذم يمكف اف يرينا بسيكلة آية اختيارنا مف عند اهلل‪،‬‬
‫كاننا ذكك طبيعة ممتازة فكؽ الطبيعة البشرية ‪ Superhumannatury‬حيف تقارف بالعقؿ الفطرم البييمي‬
‫عند األممييف‪ .‬انيـ يعاينكف الحقائؽ فحسب‪ .‬كلكف ال يتنبأكف بيا‪ ،‬كىـ عاجزكف عف ابتكار أم شيء كربما‬
‫تستثني مف ذلؾ األشياء المادية‪ .‬كمف كؿ ىذا يتضح اف الطبيعة قد قدرتنا تقدي انر لقيادة العالـ كحكمو‪ .‬كعندما‬
‫يأتي الكقت الذم نحكـ فيو جيرة ستحيف المحظة التي نبيف فييا منفعة حكمنا‪ ،‬كسنقكـ كؿ القكانيف‪.‬كستككف كؿ‬
‫قكانينا قصيرة ككاضحة كمكجزة غير محتاجة الى تفسير‪ ،‬حتى يككف كؿ انساف قاد انر عمى فيميا باطنان كظاى انر‪.‬‬
‫كستككف السمة ‪ Future‬الرئيسية فييا ىي الطاعة البلزمة لمسمطة‪ ،‬كاف ىذا التكفير لمسمطة سيرفعو إلى قمة‬
‫عالية جدان‪ .‬كحينئذ ستكقؼ كؿ أنكاع اساءة استعماؿ السمطة ألف كؿ إنساف سيككف مسؤكالن اماـ السمطة العميا‬
‫الكحيدة‪ :‬أم سمطة الحاكـ‪ .‬كاف سكء استعماؿ السمطة مف جانب الناس ما عدا الحاكـ سيككف عقابو بالغ‬
‫الصرامة إلى حد أف الجميع سيفقدكف الرغبة في تجربة سمطتيـ ليذا االعتبار‪.‬‬
‫كسنراقب بدقة خطكة تتخذىا ىيئتنا االدارية التي سيعتمد عمييا عمؿ جياز الدكلة‪ ،‬فانو حيف تصير االدارة بطيئة‬
‫ستبعث الفكضى في كؿ مكاف‪ .‬كلف يبقى بمنجاة مف العقاب أم عمؿ غير قانكني‪ ،‬كال أم سكء استعماؿ‬
‫لمسمطة‪.‬‬
‫ستزكؿ كؿ أعماؿ الخفاء كالتقصير العمد مف جانب المكظفيف في االدارة بعد أف يركا أكائؿ أمثمة العقاب‪.‬‬
‫كستستمزـ عظمة سمطتنا تكقيع عقكبات تناسبيا‪ ،‬أك أف تمؾ العقكبات ستككف صارمة ‪ Harsh‬كلك عند أدنى‬
‫شركع في االعتداء عمى ىيبة سمطتنا مف أجؿ مصمحة شخصية لممعتدم أك لغيره‪ .‬كالرجؿ الذم يعذب جزاء‬
‫أخطائو ػ كلك بصرامة بالغة ػ انما ىك جندم يمكت في معترؾ ‪ Battlefield‬االدارة مف أجؿ السمطة كالمبدأ‬
‫كالقانكف‪ ،‬ككميا ال تسمح بأم انحراؼ عف الصراط العاـ ‪ Public path‬مف أجؿ مصالح شخصية‪ ،‬كلك كقع‬
‫مف اكلئؾ الذيف ىـ مركبة الشعب ‪ Public chariot‬كقادتو‪ .‬فمثبلن سيعرؼ قضاتنا أنيـ بالشركع في اظيار‬
‫تسامحيـ يعتدكف عمى قانكف العدالة الذم شرع لتكقيع العقكبة عمى الرجاؿ جزاء جرائميـ التي يقترفكنيا‪ ،‬كلـ‬
‫يشرع كي يمكف القاضي مف اظيار حممو‪ .‬كىذه الخصمة الفاضمة ال ينبغي اف تظير اال في الحياة الخاصة‬
‫لبلنساف‪ ،‬ال في مقدرة القاضي الرسمية التي تؤثر في أسس التربية لمنكع البشرم‪.‬‬
‫كلف يخدـ أعضاء القانكف في المحاكـ بعد سف الخامسة كالخمسيف لمسببيف اآلتييف‪:‬‬
‫أكليما‪ :‬أف الشيكخ أعظـ أص ار انر كجمكدان في تمسكيـ باالفكار التي يدرككنيا سمفان‪ ،‬كأقؿ اقتدا انر عمى طاعة النظـ‬
‫الحديثة‪.‬‬
‫كثانييما‪ :‬أف مثؿ ىذا االجراء سيمكننا مف احداث تغييرات عدة في الييئة ‪ Staff‬الذيف سيككنكف لذلؾ‬
‫خاضعيف ألم ضغط مف جانبنا‪ .‬فنف أم إنساف يرغب في االحتفاظ بمنصبو سيككف عميو كي يضمنو أف‬
‫يطيعنا طاعة عمياء‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫كعمى العمكـ سيختار قضاتنا مف بيف الرجاؿ الذيف يفيمكف اف كاجبيـ ىك العقاب كتطبيؽ القكانيف‪ ،‬كليس‬
‫االستغراؽ في أحبلـ مذىب التحررية ‪ Liberalism‬الذم قد ينكب النظاـ التربكم لمحككمة‪ ،‬كما يفعؿ القضاة‬
‫األمميكف اآلف‪ .‬كاف نظاـ تغيير المكظفيف سيساعدنا أيضان في تدمير أم نكع لبلتحاد يمكف أف يؤلفكه فيما بيف‬
‫أنفسيـ‪ ،‬كلف يعممكا اال لمصمحة الحككمة التي ستتكقؼ حظكظيـ كمصايرىـ عمييا‪ .‬كسيبمغ مف تعميـ الجيؿ‬
‫الناشيء مف القضاة أنيـ سيمنعكف بداىة كؿ عمؿ قد يضر بالعبلقات بيف رعيانا بعضيـ كبعض‪.‬‬
‫اف قضاة األمميف في الكقت الحاضر مترخصكف‪164‬مع كؿ صنكؼ المجرميف‪ ،‬إذ ليست لدييـ الفكرة الصحيحة‬
‫لكاجبيـ‪ ،‬كلسبب بسيط أيضان ىك أف الحكاـ حيف يعينكف القضاة ال يشددكف عمييـ في اف يفيمكا فكرة ما عمييـ‬
‫مف كاجب‪.‬‬
‫اف حكاـ األمميف حيف يرشحكف رعاياىـ لمناصب خطيرة ال يتعبكف انفسيـ كي يكضحكا ليـ خطكرة ىذه‬
‫المناسب‪ .‬كالغرض الذم أنشئت مف اجمو‪ ،‬فيـ يعممكف كالحيكانات حيف ترسؿ جراءىا الساذجة بغية االفتراس‪.‬‬
‫كىكذا تتساقط حككمات األممييف بددان عمى أيدم القائميف بأمكرىا‪ .‬اننا سنتخذ نيجان أدبيان كاحدان أعظـ‪ ،‬مستنبطان‬
‫مف نتائج النظاـ الذم تعارؼ عميو األمميكف‪ ،‬كنستخدمو في الصبلح حككمتنا‪ .‬كسنستأصؿ كؿ الميكؿ التحررية‬
‫مف كؿ ىيئة خطيرة في حككمتنا لمدعاية التي قد تعتمد عمييا تربية مف سيككنكف رعايانا‪ .‬كستككف المناصب‬
‫الخطيرة مقصكرة ببل استثناء عمى مف ربيناىـ تربية خاصة لبلدارة‪.‬‬
‫كاذا لكحظ أف اخراجنا مكظفينا قبؿ األكاف في قائمة المتقاعديف قد يثبت أنو يكبد حككماتنا نفقات باىظة ػ إذف‬
‫فجكابي اننا‪ ،‬قبؿ كؿ شيء‪ ،‬سنحاكؿ أف نجد مشاغؿ خاصة ليؤالء المكظفيف لنعكضيـ عف مناصبيـ في‬
‫الخدمة الحككمية‪ .‬أك جكابي أيضان اف حككمتنا‪ ،‬عمى أم حاؿ‪ ،‬ستككف مستحكذة عمى كؿ أمكاؿ العالـ‪ ،‬فمف تأبو‬
‫مف أجؿ ذلؾ بالنفقات‪.‬‬
‫كستككف اكتكقراطيتنامكينة‪165‬في كؿ أعماليا‪ ،‬كلذلؾ فنف كؿ قرار سيتخذه أمرنا العالي سيقابؿ باالجبلؿ‬
‫كالطاعة دكف قيد كال شرط‪ .‬كسنتنكر لكؿ نكع مف التذمر كالسخط‪ ،‬كسنعاقب عمى كؿ اشارة تدؿ عمى البطر‬
‫عقابان بالغان في صرامتو حتى يتخذه اآلخركف ألنفسيـ عبرة‪ ،‬كسنمغي حؽ استئناؼ االحكاـ‪ ،‬كنقصره عمى‬
‫مصمحتنا فحسب‪ .‬كالسبب في ىذا االلغاء ىك أننا يجب عمينا اال نسمح أف تنمك بيف الجميكر فكرة أف قضاتنا‬
‫يحتمؿ اف يخطئكا فيما يحكمكف‪.‬‬
‫كاذا صدر حكـ يستمزـ اعادة النظر فسنعزؿ القاضي الذم اصدره فك انر‪ ،‬كنعاقبو جي انر‪ ،‬حتى ال يتكرر مثؿ ىذا‬
‫الخطأ فيما بعد‪.‬‬
‫سأكرر ما قمتو مف قبؿ‪ ،‬كىك أف أحد مبادئنا األساسية ىك مراقبة المكظفيف االدارييف‪ ،‬كىذا عمى الخصكص‬
‫الرضاء األمة‪ ،‬فنف ليا الحؽ الكامؿ في االصرار عمى أف يككف لمحككمة مكظفكف اداريكف صالحكف‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫الترخص التساىؿ‪ ،‬كىك مصطمح فقيي‪ ،‬كالرخصة ضد العزيمة‪.‬‬
‫‪165‬‬
‫انظر ص‪.179‬‬
‫‪111‬‬
‫اف حككمتنا ستحيؿ مظير الثقة األبكية ‪ Patriarchal‬في شخص ممكنا‪ ،‬كستعده أمتنا كرعايانا فكؽ األب‬
‫الذم يعني بسد كؿ حاجاتيـ‪ ،‬كيرعى كؿ حاجاتيـ‪ ،‬كيرعى كؿ أعماليـ‪ ،‬كيرتب جميع معامبلت رعاياه بعضيـ‬
‫مع بعض‪ ،‬كمعامبلتيـ أيضان مع الحككمة‪ .‬كبيذا سينفذ االحساس بتكقير الممؾ بعمؽ بالغ في األمة حتى لف‬
‫تستطيع اف تقدـ بغير عنايتو كتكجييو‪.‬انيـ ال يستطيعكف اف يعيشكا في سبلـ اال بو‪ ،‬كسيعترفكف في النياية بو‬
‫عمى أنو حاكميـ االكتكقراطي المطمؽ‪.‬‬
‫كسيككف لمجميكر ىذا الشعكر العميؽ بتكقيره تكقي انر يقارب العبادة‪ ،‬كبخاصة حيف يقتنعكف بأف مكظفيو ينفذكف‬
‫أكامره تنفيذان أعمى‪ ،‬كانو كحده المسيطر عمييـ‪ .‬انيـ سيفرحكف بأف يركنا ننظـ حياتنا‪ our lives‬كما لك كنا‬
‫آباء حريصيف عمى تربية أطفاليـ عمى الشعكر المرىؼ الدقيؽ بالكاجب كالطاعة‪.‬‬
‫كتعتبر سياستنا السرية أف كؿ األمـ أطفاؿ‪ ،‬كأف حككماتيا كذلؾ‪ ،‬كيمكنكـ أف تركا بأنفسكـ أني أقيـ استداللنا‬
‫عمى الحؽ ‪ Right‬كعمى الكاجب ‪ .Duty‬فنف حؽ الحككمة في االصرار عمى أف يؤدم الناس كاجبيـ ىك‬
‫في ذاتو فرض لمحاكـ الذم ىك ابكر رعاياه‪ ،‬كحؽ السمطة منحة لو‪ ،‬النو سيقكد االنسانية في االتجاه الذم‬
‫شرعتو حقكؽ الطبيعة‪ ،‬أم االتجاه نحك الطاعة‪.‬‬
‫اف كؿ مخمكؽ في ىذا العالـ خاضع لسمطة‪ ،‬اف لـ تكف سمطة إنساف فسمطة ظركؼ‪ ،‬أك سمطة طبيعتو‬
‫الخاصة فيي ػ ميما تكف الحاؿ ػ سمطة شيء أعظـ قكة منو‪ ،‬كاذف فمنكف نحف الشيء األعظـ قكة مف أجؿ‬
‫القضية العامة‪.‬‬
‫كيجب اف نضحي دكف تردد بمثؿ ىؤالء االفراد الذيف يعتدكف عمى النظاـ القائـ جزاء اعتداءاتيـ‪ ،‬الف حؿ‬
‫المشكمة التربكية الكبرل ىك في العقكبة المثمى‪.‬‬
‫كيكـ يضع ممؾ إسرائيؿ عمى رأسو المقدس التاج الذم أىدتو لو كؿ أكركبا ػ سيصير البطريرؾ ‪Patriarch‬‬
‫لكؿ العالـ‪.‬‬
‫اف عدد الضحايا الذيف سيضطر ممكنا إلى التضحية بيـ لف يتجاكز عدد اكلئؾ الذيف ضحى بيـ الممكؾ‬
‫االمميكف في طمبيـ العظمة‪ ،‬كفي منافسة بعضيـ بعضان‪.‬‬
‫سيككف ممكنا عمى اتصاؿ كطيد قكم بالناس‪ ،‬كسيمقي خطبان مف فكؽ المنابر ‪ .Tribunes‬كىذه الخطب جميعان‬
‫ستذاع فك انر عمى العالـ‪.‬‬

‫البرتوكول السادس عشر‪:‬‬


‫‪166‬‬
‫رغبة في تدمير أم نكع مف المشركعات الجمعية غير مشركعنا ػ سنبيد العمؿ الجمعي في مرحمتو التمييدية‬
‫أم أننا سنغير الجامعات‪ ،‬كنعيد انشائيا حسب خططنا الخاصة‪.‬‬

‫‪166‬‬
‫أم اننا بدؿ اف نترؾ الطمبة يتخرجكف في الجامعات حامميف االفكار التي ال تناسبنا فسنضع برامج ليا يتمقكنيا‪ ،‬فيتخرجكف فييا‬
‫كما نريد ليـ كىذا ما يحدث اآلف في ركسيا الشيكعية الييكدية (انظر كتاب "آثرت الحياة" المترجـ إلى العربية"‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫كسيككف رؤساء ‪ Heads‬الجامعات كأساتذتيا معديف اعدادان خاصان كسيمتو برنامج عمؿ سرم متقف سييذبكف‬
‫كيشكمكف بحسبو‪ ،‬كلف يستطيعكا االنحراؼ عنو بغير عقاب‪ .‬كسيرشحكف بعناية بالغة‪ ،‬كيككف معتمديف كؿ‬
‫االعتماد عمى الحككمة ‪ Gouvernment‬كسنحذؼ مف فيرسنا ‪ Syllabus‬كؿ تعاليـ القانكف المدني مثمو‬
‫في ذلؾ مثؿ أم مكضكع سياسي آخر‪ .‬كلف يختار لتعمـ ىذه العمكـ اال رجاؿ قميؿ مف بيف المدرسيف‪ ،‬لمكاىبيـ‬
‫الممتازة‪ .‬كلف يسمح لمجامعات أف تخرج لمعالـ فتيانان خضر الشباب ذكم أفكار عف اإلصبلحات الدستكرية‬
‫الجديدة‪ ،‬كأنما ىذه االصبلحات ميازؿ ‪ comedies‬أك و‬
‫مآس ‪ ،Tragedies‬كلف يسمح لمجامعات أيضان اف‬
‫تخرج فتيانان ذكم اىتماـ مف أنفسيـ بالمسائؿ السياسية التي ال يستطيع كلك آبائيـ اف يفيمكىا‪.‬‬
‫اف المعرفة الخاطئة لمسياسية بيف أكداس الناس ىي منبع األفكار الطكباكية ‪ Utopian ideas‬كىي التي‬
‫تجعميـ رعايا فاسديف‪ .‬كىذا ما تستطيعكف أف تركه بأنفسكـ في النظاـ التربكم لؤلمييف (غير الييكد)‪ .‬كعمينا أف‬
‫نقدـ كؿ ىذه المبادئ في نظاميـ التربكم‪ ،‬كي نتمكف مف تحطيـ بنيانيـ االجتماعي بنجاح كما قد فعمنا‪ .‬كحيف‬
‫نستحكذ عمى السمطة سنبعد مف برامج التربية كؿ المكاد التي يمكف اف تمسخ ‪ upset‬عقكؿ الشباب كسنصنع‬
‫منيـ أطفاالن طيعيف يحبكف حاكميـ‪ ،‬كيتبينكف في شخصو الدعامة الرئيسية لمسبلـ كالمصمحة العامة‪.‬‬
‫كسنتقدـ بدراسة مشكبلت المستقبؿ بدالن مف الكبلسيكيات ‪ Classics‬كبدراسة التاريخ القديـ الذم يشتمؿ عمى‬
‫مثؿ ‪ Examples‬سيئة أكثر مف اشتمالو عمى مثؿ حسنة‪ ،167‬كسنطمس في ذاكرة اإلنساف العصكر الماضية‬
‫اتي قد تككف شؤما عمينا‪ ،‬كال نترؾ اال الحقائؽ التي ستظير اخطاء الحككمات في الكاف قائمة فاضحة‪ .‬كتككف‬
‫في مقدمة برنامجنا التربكم المكضكعات التي تعني بمشكبلت الحياة العممية‪ ،‬كالتنظيـ االجتماعي‪ .‬كتصرفات‬
‫كؿ إنساف مع غيره‪ ،‬ككذلؾ الخطب التي تشف الغارة عمى النماذج االنانية السيئة التي تعدم كتسبب الشر‪ ،‬ككؿ‬
‫ما يشبييا مف المسائؿ األخرل ذات الطابع الفطرم‪ .‬ىذه البرامج ستككف مرتبة بخاصة لمطبقات كالطكائؼ‬
‫المختمة‪ ،‬كسيبقى تعميميا منفصبلن بعضيا عف بعض بدقة‪.‬‬
‫كانو ألعظـ خطكرة أف نحرص عمى ىذا النظاـ ذاتو‪ .‬كسيفرض عمى كؿ طبقة أك فئة أف تتعمـ منفصمة حسب‬
‫مركزىا كعمميا الخاصيف‪ .‬اف العبقرية العارضة ‪ chance‬قد عرفت دائمان كستعرؼ دائمان كيؼ تنفذ إلى طبقة‬
‫أعمى‪ ،‬كلكف مف أجؿ ىذا العرض االستثنائي تمامان ال يمي أف نخمط بيف الطكائؼ المختمفة‪ ،‬كال أف نسمح لمثؿ‬
‫ىؤالء الرجاؿ بالنفاذ إلى المراتب العميا‪ ،‬ال لسبب اال انيـ يستطيعكف اف يحتمكا مراكز مف كلدكا ليمؤلكىا‪،168‬‬
‫كانتـ تعرفكف بأنفسكـ كيؼ كاف ىذا األمر شؤمان عمى األممييف إذ رضخكا لمفكرة ذات الحماقة المطمقة القاضية‬
‫بعدـ التفرقة بيف الطبقات االجتماعية‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫أم اف الييكد سيدرسكف يكمئذ لمشباب صفحات التاريخ السكد ليعرفكىـ اف الشعكب عندما كانت محككمة بالنظـ القديمة كانت‬
‫حي اتيا سيئة كال يدرسكف ليـ الفترات التي كانت الشعكب فييا سعيدة‪ ،‬لكي يقنعكىـ بيذه الدراسة الكاذبة الزائفة أف النظاـ الجديد‬
‫افضؿ مف القديـ‪ ،‬كىذا ما يجرم في ركسيا اآلف‪ .‬كفي كؿ بمد عقب كؿ انقبلب سياسي‪.‬‬
‫‪168‬‬
‫يريدكف بذلؾ "الييكد" العتقادىـ باحتكار السيادة كالعبقرية ليـ أصبلن مف عند اهلل‪ ،‬فنذا ظيرت لغيرىـ‪ ،‬كفي عارضة أك‬
‫بالمصادفة ال أصيمة كيجب عمييـ حربيا النيا خطر عمييـ‪ ،‬كاف قكة العبقرية فكؽ كؿ قكة‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫كلكي يناؿ ممكنا مكانة كطيدة في قمكب رعاياه‪ ،‬يتحتـ أثناء حكمو أف تتعمـ األمة‪ ،‬سكاء في المدارس كاألماكف‬
‫العامة أىمية نشاطو كفائدة مشركعاتو‪.‬‬
‫انا سنمحك كؿ أنكاع التعميـ الخاص‪ .‬كفي أياـ العطبلت سيككف لمطبلب كآبائيـ الحؽ في حضكر اجتماعات‬
‫في كمياتيـ كما لك كانت ىذه الكميات أندية‪.‬‬
‫كسيمقي االساتذة في ىذه االجتماعات أحاديث تبدكا كأنيا خطب حرة في مسائؿ معامبلت الناس بعضيـ بعضان‪،‬‬
‫كفي القكانيف كفي اخطاء الفيـ التي ىي عمى العمكـ نتيجة تصكر زائؼ خاطئ لمركز الناس االجتماعي‪ .‬كأخي انر‬
‫سيعطكف دركسان في النظريات الفمسفية الجديدة التي لـ تنشر بعد عمى عالـ‪ ،‬ىذه النظريات ستجعميا عقائد‬
‫لبليماف‪ ،‬متخذيف منيا مستندان ‪ Stepping _Stone‬عمى صدؽ ايماننا كديانتنا‪.‬‬
‫كحينما انتيي مف رحمتكـ خبلؿ برنامجنا كمو ػ كبذلؾ سنككف قد فرغنا مف مناقشة كؿ خططا في الحاضر‬
‫كالمستقبؿ ػ عندئذ سأتمكا عميكـ خطة تمؾ النظريات الفمسفية الجديدة‪ .‬كنحف نعرؼ مف تجارب قركف كثيرة أف‬
‫الرجاؿ يعيشكف كييتدكف بأفكار‪ ،‬كاف الشعب انما يمقف ىذه االفكار عف طريؽ التربية التي تمد الرجاؿ في كؿ‬
‫العصكر بالنتيجة ذاتيا‪ ،‬كلكف بكسائؿ مختمفة ضركرية‪ .‬كأننا بالتربية النظامية سنراقب ما قد بقي مف ذلؾ‬
‫االستقبلؿ الفكرم الذم نستغمو استغبلالن تامان لغايتنا الخاصة منذ زماف مضى‪ .‬كلقد كضعنا مف قبؿ نظاـ‬
‫‪169‬‬
‫‪( Demonstrative education‬التعميـ بالنظر)‬ ‫اخضاع عقكؿ الناس بما يسمى نظاـ التربية البرىانية‬
‫الذم فرض فيو أف يجعؿ األممييف غير قادريف عمى التفكير باستقبلؿ كبذلؾ سينتظركف كالحيكانات الطيعة‬
‫برىانان عمى كؿ فكرة قبؿ أف يتمسككا بيا‪ .‬كاف كاحدان مف أحسف ككبلئنا في فرنسا كىك بكركم ‪ :Bouroy‬كاضع‬
‫النظاـ الجديد لمتربية البرىانية‪.‬‬

‫البرتوكول السابع عشر‪:‬‬


‫اف احتراؼ القانكف تجعؿ الناس يشبكف بارديف قساة عنيديف كيجردىـ كذلؾ مف كؿ مبادئيـ‪ ،‬كيحمميـ عمى أف‬
‫ينظركا إلى الحياة نظرة غير انسانية بؿ قانكنية محضة‪ .‬انيـ صاركا معتاديف أف يركا الكقائع ظاىرة مف كجية‬

‫‪169‬‬
‫المراد بالتربية البرىانية أك التعميـ بالنظر‪ ،‬تعميـ الناس الحقائؽ عف طريؽ البراىيف النظرية كالمناقشات الفكرية‪ ،‬كالمضاربات‬
‫الذىنية ال التعميـ مف طريؽ مبلحظة االمثمة كاجراء التجارب عمييا لمكصكؿ إلى الحقائؽ أك القكاعد العامة‪ .‬كالتربية في أكثر‬
‫مدارسنا برىانية تيتـ باثبات الحقيقة بالبرىاف النظرم عمييا‪ ،‬كمف شأف ىذه الطريقة اف تفقد اإلنساف ممكة المبلحظة الصادقة‪،‬‬
‫كاالستقبلؿ في ادراؾ الحقائؽ‪ ،‬كفيـ الفركؽ الكبيرة أك الصغيرة بيف األشياء المتشابية ظاى انر‪ .‬كىي عمى العكس مف طريقة التربية‬
‫بالمشاىدة كالمبلحة كالتجربة كدراسة الجزئيات‪ ،‬كىذه الطريقة االخيرة تعكد اإلنساف عمى حسف المبلحظة كاالستقبلؿ الفكرم‬
‫كالتمييز الصحيح بيف االشياء‪ .‬كالتربية البرىانية غالبان استداللية‪ ،‬كالثانية غالبان استقرائية تجريبية‪ .‬كلـ تتقدـ العمكـ كتنكشؼ الحقائؽ‬
‫منذ عصر النيضة اال باتباع الطريقة االستقرائية التجريبية‪ .‬كضرر التربية البرىانية أكثر مف نفعيا‪ ،‬فيي تمسح العقؿ كتمد لو في‬
‫الغركر كالعمى كالكسؿ كالتكاكؿ‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫النظر إلى ما يمكف كسبو مف الدفاع‪ ،‬ال مف كجية النظر إلى االثر الذم يمكف أف يككف لمثؿ ىذا الدفاع في‬
‫السعادة العامة‪.‬‬
‫ال محامي يرفض أبدان الدفاع عف أم قضية‪ ،‬انو سيحاكؿ الحصكؿ عمى البراءة بكؿ األثماف بالتمسؾ بالنقط‬
‫االحتيالية ‪ Tricky‬الصغيرة في التشريع ‪ Jurisprudence‬كبيذه الكسائؿ سيفسد ذمة المحكمة‪.‬‬
‫كلذلؾ سنجد نطاؽ عمؿ ىذه المينة‪ ،‬كسنضع المحاميف عمى قدـ المساكاة ‪ on afooting‬مع المكظفيف‬
‫‪170‬‬
‫المنفذيف ‪ Executive‬كالمحامكف ػ مثميـ مثؿ القضاة ػ ألف يككف لنيـ الحؽ في اف يقابمكا عمبلءىـ‬
‫‪ clints‬كلف يتسممكا منيـ مذكراتيـ اال حينما يعينكف ليـ مف قبؿ المحكمة القانكنية‪ ،‬كسيدرسكف مذكرات عف‬
‫‪171‬‬
‫عمبلئيـ بعد اف تككف النيابة قد حققت معيـ‪ ،‬مؤسسيف دفاعيـ عف عمبلئيـ عمى نتيجة ىذا التحقيؽ‬
‫كسيككف اجرىـ محددان دكف اعتبار بما إذا كاف الدفاع ناجحان‪ .‬أـ غير ناجح انيـ سيككنكف مقرريف بسطاء‬
‫لمصمحة العدالة‪ ،‬معادليف النائب الذم سيككف مقر انر لمصمحة النيابة‪.‬‬
‫كىكذا سنختصر االجراءات القانكنية اختصا انر يستحؽ االعتبار‪ .‬كبيذه الكسائؿ سنصؿ أيضان إلى دفاع غير‬
‫متعصب‪ ،‬كال منقاد لممنافع المادية‪ ،‬بؿ ناشيء عف اقتناع المحامي الشخصي‪ .‬كما ستفيد ىذه الكسائؿ أيضان في‬
‫كضع حد ألم رشكة أك فساد يمكف أف يقعا اليكـ في المحاكـ القانكنية في بعض الببلد‪.‬‬
‫كقد عنينا عناية عظيمة بالحط مف كرامة رجاؿ الديف ‪ clergy‬مف األمميف (غير الييكد) في اعيف الناس‪،‬‬
‫كبذلؾ نجحنا في اإلضرار برسالتيـ التي كاف يمكف أف تككف عقبة كئكدان في طريقنا‪ .‬كاف نفكذ رجاؿ الديف عمى‬
‫الناس ليتضاءؿ يكمان فيكمان‪ .‬اليكـ تسكد حرية العقيدة في كؿ مكاف‪ ،172‬كلف يطكؿ الكقت اال سنكات قميمة حتى‬
‫تنيار المسيحية بددان انييا انر تامان‪ .‬كسيبقى ما ىك أيسر عمينا لمتصرؼ مع الديانات االخرل‪ ،173‬عمى أف مناقشة‬
‫ىذه النقطة أمر سابؽ جدان ألكانو‪.‬‬
‫سنقصر رجاؿ الديف كتعاليميـ لو عمى جانب صغير جدان مف الحياة‪ ،‬كسيككف تأثيرىـ كبيبلن عمى الناس حتى أف‬
‫تعاليميـ سيككف ليا أثر مناقض لؤلثر الذم جرت العادة بأف يككف ليا‪.‬‬
‫حينما يحيف لنا الكقت كي نحطـ الببلد البابي ‪ the papal court‬تحطيمان تامان فنف يدان مجيكلة‪ ،‬مشيرة إلى‬
‫الفاتيكاف ‪ the vatican‬ستعطي اشارة اليجكـ‪ .‬كحينما يقذؼ الناس‪ ،‬أثناء ىيجانيـ‪ ،‬بأنفسيـ عمى الفاتيكاف‬

‫‪170‬‬
‫العمماء نسمييـ في مصر "الزبايف"‪.‬‬
‫‪171‬‬
‫ىذا ىك النظاـ المتبع في ركسيا الشيكعية (انظر كتاب "آثرت الحرية")‪.‬‬
‫‪172‬‬
‫يجتيد الييكد في تشكيؾ الناس في الديانات عف طريؽ النقد الحر كعمـ مقارنة االدياف‪ ،‬كحرية العقيدة كالحط مف كرامة رجاؿ‬
‫االدياف كىـ يحافظكف عمى بقائيا حتى تفسد فسادان تامان نيائيان‪ ،‬فيصير اتباعيا ممحديف‪( ،‬أنظر ص ‪ )184‬كااللحاد ىك الخطكة‬
‫األكلى التي تمييا خطكة حمؿ الناس عمى االدياف بصحة الديانة الييكدية كحدىا‪ .‬القاضية بأف الييكد شعب اهلل المختار لمسيادة‬
‫عمى العالـ كاستعباد مف عداىـ مف البشر‪ ،‬كالييـ ال يسمح لغيرىـ باعتناؽ الييكدية فيما يركف‪.‬‬
‫‪173‬‬
‫اف استطاع الييكد القضاء عمى المسيحية كاف قضاؤىـ عمى الديانات األخرل أيسر‪ ،‬ألف اتباع المسيحية أكثر عددان كأعظـ‬
‫قكة‪ ،‬كىـ لذلؾ يختصكنيا بالجانب األكبر مف حربيـ‪ ،‬كىـ ييدفكف إلى تنصيب بابكات الكنائس المسيحية مف مسيحييف أصميـ‬
‫ييكد‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫سنظير نحف كحماة لو لكقؼ المذابح‪ .‬كبيذا العمؿ سننفذ إلى اعماؽ قمب ىذا الببلط‪ ،‬كحينئذ لف يككف لقكة عمى‬
‫كجو األرض أف تخرجنا منو حتى نككف قد دمرنا السمطة البابكية‪.‬‬
‫اف ممؾ إسرائيؿ سيصير البابا‪ pope‬الحؽ لمعالـ‪ ،‬بطريرؾ‪ patricl‬الكنسية الدكلية‪.‬‬
‫كلف نياجـ الكنائس القائمة اآلف حتى تتـ اعادة تعميـ الشباب عف طريؽ عقائد مؤقتة جديدة‪،‬ثـ عف طريؽ‬
‫عقيدتنا الخاصة بؿ سنحاربيا عف النقد ‪ Criticisim‬الذم كاف كسيظؿ ينشر الخبلفات بينيا‪ .‬كباالجماؿ‪،‬‬
‫ستفضح صحافتنا الحككمات كالييئات األممية الدينية كغيرىا‪ ،‬عف طريؽ كؿ انكاع المقاالت البذيئة‬
‫‪ Unscrupulous‬لنخزييا كنحط مف قدرىا إلى مدل بعيد ال تستطيعو اال أمتنا الحكيمة‪ .‬اف حككمتنا ستشبو‬
‫اإللو اليندم فشنك‪ Vishnu‬ككؿ يد مف ايدييا المائة ستقبض عمى لكلب في الجياز االجتماعي لمدكلة‪.‬‬
‫اننا سنعرؼ كؿ شيء بدكف مساعدة البكليس الرسمي الذم بمغ مف افسادنا اياه عمى األممييف انو ال الحككمة‪،‬‬
‫اال في اف يحجبيا عف رؤية الحقائؽ الكاقعية‪ .‬كسيستميؿ برنامجنا فريقان ثالثاي مف الشعب مراقبة ينبغي مف‬
‫احساس خالص الكاجب كمف مبدأ الخدمة الحككمية االختيارية‪.174‬‬
‫كيكمئذ لف يعتد التجسس عمبلن شائنان‪ ،‬بؿ عمى العكس مف ذلؾ سينظر إليو كأنو عمؿ محمكد ‪ .‬كمف الجية‬
‫يكؼ أصحاب الببلغات عف استعماؿ‬
‫األخرل سيعاقب مقدمك الببلغات ‪ Report‬الكاذبة عقابان صارمان حتى ٌ‬
‫حصانتيـ استعماالن سيئان‪.‬‬
‫كسيختار ككبلؤنا ‪ Agints‬مف بيف الطبقات العميا كالدنيا عمى السكاء‪ ،‬كسيتخذكف مف بيف االدارييف كالمحرريف‬
‫الطابعيف‪ ،‬كباعة الكتب‪ ،‬كالكتبة ‪ Clerks‬كالعماؿ‪ ،‬كالحكذية‪ ،‬كالخدـ كامثاليـ‪ .‬كىذه القكة البكليسية لف تككف‬
‫ليا سمطة تنفيذية مستقمة‪ ،‬كلف يككف ليا حؽ اتخاذ اجراءات حسب رغباتيا الخاصة‪ ،‬كاذف فسينحصر كاجب ىذا‬
‫البكليس الذم ال نفكذ لو انحصا انر تامان في العمؿ كشيكد‪ ،‬كفي تقديـ ببلغات ‪ Reports‬كسيعتمد في فحص‬
‫ببلغاتيـ كمضبكطاتيـ الفعمية عمى أيدم "الجندرمة" ‪ Gendarmes‬كبكليس المدينة‪ .‬كاذا حدث تقصير في‬
‫تبميغ أم مخالفة ‪ Misdemeanour‬تتعمؽ باألمكر السياسية فنف الشخص إذا كاف ممكنان اثبات انو مجرـ‬
‫بمثؿ ىذا االخفاء‪ .‬كعمى مثؿ ىذه الطريقة يجب أف يتصرؼ إخكاننا االف‪ ،‬أم أف يشرعكا بأنفسيـ الببلغ السمطة‬
‫‪175‬‬
‫كعف كؿ األعماؿ التي تخالؼ قانكننا‪ .‬كىكذا يككف‬ ‫المختصة عف كؿ المتنكريف لمعقيدة ‪Apostates‬‬

‫‪174‬‬
‫المعنى اف الييكد سيستعينكف ببكليس سرم آخر غير الرسمي كما يفعمكف في ركسيا اآلف‪ .‬أك أعضاؤه مف جميع أصناؼ‬
‫الشعب‪ ،‬منيـ الحكذية كالمدرسكف كالمحامكف ككبار المكظفيف كالخدـ كالطمبة كالبغايا‪ ،‬كما اف افراد االسرة يتجسس بعضيـ عمى‬
‫بعض ككذلؾ المشترككف في عمؿ كاحد‪ ،‬كىؤالء الجكاسيس ليسكا مكظفيف في البكليس كاف كانكا مف افراده‪ ،‬كمف طبقة ىؤالء‬
‫الجكاسيس الرقباء لمقضاء عمى كؿ ما في سريرة اإلنساف الفاضؿ مف ضمير كاحساس بالكاجب‪ ،‬كحب لمكطف‪،‬كميؿ إلى الخير ػ‬
‫ما داـ ذلؾ ضد مصمحة الييكد‪ ،‬كيشبو ذلؾ في مصر بعض الشبو ما كاف يسمى "البكليس السياسي"‪ ،‬كفي ألمانيا نظاـ‬
‫"الجستابك"‪ ،‬كيمثؿ ذلؾ أقكل تمثيؿ نظاـ الجاسكسية الداخمي في ركسيا اآلف( انظر كتاب "آثرت الحرية")‪.‬‬
‫‪175‬‬
‫المعنى اف جكاسيسنا سيبمغكننا اخبار كؿ إنساف يرتد عف نظامنا كمبادئنا‪ ،‬ككؿ ما يدؿ عمى نفكره منيا أك تمرده عمييا‪ .‬كىكذا‬
‫تفعؿ ركسيا مع سكانيا‪ ،‬فتعاقب بالنفي أك القتؿ أك السجف كؿ مف تبدك منو اشارة أك كممة أك عمؿ تشتـ منو رائحة تنكر لمنظاـ‬
‫الشيكعي الييكدم‪.‬أك عدـ الكالء االعمى لو‪( .‬انظر كتاب "أثرت الحرية")‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫كاجب رعايانا في حككمتنا العالمية ‪ Universal Gouvernment‬أف يخدمكا حاكميـ باتباع األسمكب‬
‫السابؽ الذكر‪:‬‬
‫اف تنظيمان كيذا سيستأصؿ كؿ استعماؿ سيء لمسمطة‪ ،‬كاالنكاع المختمفة لمرشكة كالفساد ػ انو سيجرؼ في الكاقع‬
‫كؿ األفكار التي لكثنا بيا حياة األممييف عف طريؽ نظرياتنا في الحقكؽ البشرية الراقية ‪Superhuman‬‬
‫‪Right‬‬
‫ككيؼ استطعنا أف نحقؽ ىدفنا لخمؽ الفكضى في الييئات االدارية لؤلميييف اال ببعض أمثاؿ ىذه الكسائؿ؟‪.‬‬
‫كمف الكسائؿ العظيمة الخطيرة الفساد ىيئاتيـ‪ ،‬اف نسخر ككبلء ذكم مراكز عالية يمكثكف غيرىـ خبلؿ نشاطيـ‬
‫اليداـ‪ :‬بأف يكشفكا كينمكا ميكليـ الفاسدة الخاصة كالميؿ إلى اساءة استعماؿ السمطة كاالنطبلؽ في استعماؿ‬
‫الرشكة‪.‬‬

‫البروتوكول الثامن عشر‪:‬‬


‫حينما يتاح لنا الكقت كي نتخذ اجراءات بكليسية خاصة بأف نفرض قي انر نظاـ "أكيرانا ‪ "Okhrana‬الركسي‬
‫الحاضر (اشد السمكـ خط انر عمى ىيبة الدكلة) ػ حينئذ نثير اضطرابات تيكمية بيف الشعب‪ ،‬أك نغريو باظيار‬
‫السخط المعطؿ ‪ Protracted‬كىذا يحدث بمساعدة البمغاء‪ .‬اف ىؤالء الخطباء سيجدكف كثي انر مف األشياع‬
‫‪ ،176Sympathesers‬كبذلؾ يعطكننا حجة لتفتيش بيكت الناس‪ ،‬ككضعيـ تحت قيكد خاصة‪ ،‬مستغميف‬
‫خدمنا بيف بكليس األممييف‪.‬‬
‫كاذ أف المتآمريف مدفكعكف بحبيـ ىذا الفف‪ :‬فمف التآمر‪ ،‬كحبيـ الثرثرة‪ ،‬فمف نمسيـ حتى نراىـ عمى اىبة‬
‫المضي في العمؿ‪ .‬كسنقتصر عمى أف نقدـ مف بينيـ ػ مف أجؿ الكبلـ ػ عنص انر إخباريان ‪Reporting‬‬
‫‪ element‬كيجب أف تذكر أف السمطة تفقد ىيبتيا في كؿ مرة تكتشؼ فييا مؤامرة شعبية ضدىا‪ .‬فمثؿ ىذا‬
‫االكتشاؼ يكحي إلى االذىاف أف يحدث كتؤمف بضعؼ السمطة‪ ،‬كبما ىك أشد خط انر مف ذلؾ‪ .‬كىك االعتراؼ‬
‫بأخطائيا‪ .‬يجب أف نعرؼ أننا دمرنا ىيبة األممييف الحاكميف متكسميف بعدد مف االغتياالت الفردية التي انجزىا‬
‫ككبلؤنا‪ :‬كىـ خرفاف قطيعنا العمياف الذيف يمكف بسيكلة اغراؤىـ بأم جريمة‪ ،‬ما دامت ىذه الجريمة ذات طابع‬
‫‪177‬‬
‫سياسي‬

‫‪176‬‬
‫أم مف يشارككنيـ مشاركة كجدانية في احساسيـ كنزعاتيـ‪.‬‬
‫‪177‬تفرؽ في األمـ ال سيما الديمقراطية بيف الجريمتيف العادية كالسياسية اطبلقان‪ .‬فيترخص مع الثانية في العقاب دكف األكلى‪.‬‬
‫كالحؽ اف التفرقة بينيما مف اغكص المشكبلت كأدقيا اماـ رجاؿ القانكف فقياء كقضاة كمحامكف كغيرىـ‪ ،‬كمف الكاجب التفرقة بيف‬
‫العادية الخالصة كالعادية ذات الطابع السياسي‪ ،‬كالسياسة الخالصة‪ ،‬فقد تظير الجريمة سياسية كليس ليا مف السياسة اال الطابع ال‬
‫الجكىر‪ ،‬كاف اتخاذىا الصكرة السياسية ييكف عمى صاحبيا ارتكابيا‪ .‬إذ يجعمو في نظر نفسو كنظر الناس بطبلن‪ ،‬بينما ىك في‬
‫دخيمتو إنساف ممسكخ الطبيعة ممتكم العقؿ‪ ،‬شرير بفطرتو‪ ،‬كاف إجرامو كامف يكفي اف يييجو فيو اف الجريمة سياسية الطابع كال‬
‫‪117‬‬
‫اننا سنكره الحاكميف عمى االعتراؼ بضعفيـ بأف يتخذكا عبلنية اجراءات بكليسية خاصة "أكيرانا ‪"Okhrana‬‬
‫كبيذا سنزعزع ىيبة سمطتيـ الخاصة‪.‬‬
‫كاف ممكنا سيككف محميان بحرس سرم جدان‪ .‬إذ لف نسمح النساف أف يظف أف تقكـ ضد حاكمنا مؤامرة ال يستطيع‬
‫ىك شخصيان أف يدمرىا فيضطر خائفان إلى اخفاء نفسو منيا‪ .‬فنذا سمحنا بقياـ ىذه الفكرة ػ كما ىي سائدة بيف‬
‫األممييف ػ فاننا بيذا سنكقع صؾ المكت لممكنا‪ :‬اف لـ يكف مكتو ىك نفسو فمكت دكلتو ‪.178Dynasty‬‬
‫كبالمبلحظة الدقيقة لممظاىر سيستخدـ لممكنا سمطتو لمصمحة األمـ فحسب‪ ،‬ال لمصمحتو ىك كال لمصمحة دكلتو‬
‫‪.Dynasty‬‬
‫كبالتزامو مثؿ ىذا األدب سيمجده رعاياه كيفدكنو بانفسيـ انيـ سيقدسكف سمطة الممؾ ‪ Sovereign‬مدركيف اف‬
‫سعادة األمة منكطة بيذه السمطة "ألنيا عماد النظاـ العاـ"‪.‬‬
‫اف حراسة الممؾ جيا انر تساكم االعتراؼ بضعؼ قكتو‪.‬‬
‫كاف حاكمنا سيككف دائمان كسط شعبو‪ .‬كسيظير محفكفان بجميكر مستطمع مف الرجاؿ كالنساء يشغمكف بالمصادفة‬
‫‪179‬‬
‫مبعديف بذلؾ عنو الرعاع‪ ،‬بحجة حفظ النظاـ مف أجؿ النظاـ‬ ‫ػ دائمان حسب الظاىر ػ اقرب الصفكؼ إليو‬
‫فحسب‪ .‬كىذا المثؿ سيعمـ اآلخريف محاكلة ضبط النفس‪ .‬كاذا كجد صاحب ممتمس بيف الناس يحاكؿ أف يسمـ‬
‫الممؾ ممتمسان‪ ،‬كيندفع خبلؿ الغكغاء‪ ،‬فنف الناس الذيف في الصفكؼ األكلى سيأخذكف ممتمسو‪ ،‬كسيعرضكنو عمى‬
‫الممؾ في حضكر صاحب الممتمس لكي يعرؼ كؿ إنساف بعد ذلؾ أف كؿ الممتمسات تصؿ الممؾ‪ ،‬كانو ىك‬
‫نفسو يصؼ كؿ األمكر‪ .‬كلكي تبقى ىيبة السمطة يجب أف تبمغ منزلتيا مف الثقة إلى حد أف يستطيع الناس أف‬
‫يقكلكا فيما بيف انفسيـ‪" :‬لك أف الممؾ يعرفو فحسب" أك "حينما يعرفو الممؾ"‪.180‬‬

‫بأس بالترخص مع الجريمة السياسية عنص انر كطابعان يرتكبيا إنساف فاضؿ تكرىو الظركؼ اكراىان عمى ارتكابيا كىك في ذاتو‬
‫اريحي كريـ نبيؿ الدكافع أكالن‪ ،‬كمسكغ لغاية بعد ذلؾ‪.‬‬
‫كاألمر الذم يجب اف يدرس أكالن ىك الدكافع ثـ الغاية ألف الدكافع ال الغايات ىي محركات الحياة‪ ،‬كرب جريمة يفمت المجرـ فييا‬
‫مف العقاب كىك مجرـ بفطرتو‪ ،‬ألنو يرتكبيا باسـ العدؿ أك باسـ المحافظة عمى األمف أك نحك ذلؾ‪ ،‬كما فعؿ عبيد اهلل بف زياد‬
‫كأعكانو مع الحسيف‪ .‬ككما يفعؿ كثير مف أكلي األمر مع المحككميف في بعض الببلد‪ .‬منذ قاـ الحكـ بيف الناس‪ ،‬ككذلؾ يفعؿ كثير‬
‫مف المدرسيف أك اآلباء مع الصغار‪ ،‬كنحك ذلؾ‪.‬‬
‫‪178‬‬
‫استعممنا كممة الدكلة كما يقاؿ في التاريخ‪ :‬الدكلة االمكية‪ ،‬كالدكلة العباسية كالدكلة الفاطمية‪ ،‬فميس المراد بالدكلة رقعة األرض‬
‫المحككمة أك الناس عمييا لكف سمسمة الحاكميف المنتسبيف إلى أمية أك العباس أك فاطمة كلكال اف كممة خبلفة خاصة بالحكـ‬
‫اإلسبلمي لكانت أكلى باالستعماؿ مقابؿ كممة‪.dynasty‬‬
‫‪179‬‬
‫أم ىذا الحرس سيككف سريان ال يحمؿ شارات تدؿ عميو فتسير حكؿ الممؾ في سيره ككأف الممؾ ببل حرس بيف رعيتو‪ .‬فيعتقد‬
‫الناس الذيف يجيمكف ىذا السر اف الممؾ بمغ مف ثقتو بالشعب كمف حب الشعب اياه انو ال يخاؼ مف سيره بيف رعيتو مجردان مف‬
‫الحراس‪.‬‬
‫‪180‬‬
‫المعنى اف الناس سيقكلكف‪ :‬لك اف الممؾ يعرؼ ىذا الضرر المشكك منو لما كافؽ عميو أك لعاقب عميو إذا كاف قد جرل كحاكؿ‬
‫ازالة آثاره الضارة‪،‬كحينما يعرؼ الممؾ ىذا األمر سيعمؿ لما فيو الخير كالمصمحة مف كجية نظر صاحبو‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫اف الصكفية ‪ Myticism‬التي تحيط بشخص الممؾ تتبلشى بمجرد أف يرل حرس مف البكليس مكضكع حكلو‪.‬‬
‫فحيف يستخدـ مثؿ ىذا الحرس فميس عمى أم مغتاؿ ‪ assassin‬إال أف يجرب قد انر معينان مف الكقاحة‪ ،‬كالطيش‬
‫كي يتصكر نفسو أقكل مف الحرس‪ ،‬فيحقؽ بذلؾ مقدرتو‪ ،‬كليس عميو بعد ذلؾ اال اف يترقب المحظة التي‬
‫يستطيع فييا القياـ بيجكـ عمى القكة المذككرة‪.‬‬
‫اننا ال ننصح االمميف (غير الييكد) بيذا المذىب‪ .‬كأنتـ تستطيعكف اف تركا بانفسكـ النتائج التي أدل إلييا‬
‫اتخاذ الحرس العمني‪.‬‬
‫إف حككمتنا ستعتقؿ الناس الذيف يمكف اف تتكىـ منيـ الجرائـ السياسية تكىمان عف صكاب كثير أك قميؿ‪ .‬إذ ليس‬
‫أم انر مرغكبان فيو أف يعطى رجؿ فرصة اليرب مع قياـ مثؿ ىذه الشبيات خكفان مف الخطأ في الحكـ‪.‬‬
‫كنحف فعبلن لف نظير عطفان ليؤالء المجرميف‪ .‬كقد يككف ممكنان في حاالت معنية أف نعتد بالظركؼ المخفقة‬
‫‪ Attenuating circumstances‬عند التصرؼ في الجنح ‪offences‬االجرامية العادية كلكف ال‬
‫ترخص كال تساىؿ مع الجريمة السياسية‪ ،‬أم ترخص مع الرجاؿ حيف يصيركف منغمسيف في السياسة التي لف‬
‫يفيميا أحد اال الممؾ‪ ،‬كانو مف الحؽ أنو ليس كؿ الحاكميف قادريف عمى فيـ السياسة الصحيحة‪.‬‬

‫البرتوكول التاسع عشر‪:‬‬


‫اننا سنحرـ عمى االفراد اف يصيركا منغمسيف في السياسة‪ ،‬كلكننا مف جية أخرل‪ ،‬سنشجع كؿ نكع لتبميغ‬
‫االقتراحات أك عرضيا ما دامت تعمؿ عمى تحسيف الحياة االجتماعية كالقكمية كي تكافؽ عمييا الحككمة كبيذه‬
‫الكسيمة اذف سنعرؼ أخطاء حككمتنا كالمثؿ العميا لرعايانا‪ ،‬كسنجيب عمى ىذه االقتراحات إما بقبكليا‪ ،‬كاما‬
‫بتقديـ حجة قكية ػ إذا لـ تكف مقنعة ػ لمتدليؿ عمى انيا مستحيمة التحقيؽ‪ ،‬كمؤسسة عمى تصكير قصير النظر‬
‫لؤلمكر‪.‬‬
‫اف الثكرة ‪ Sedition‬ليس أكثر مف نباح كمب عمى فيؿ‪ ،‬ففي الحككمة المنظمة تنظيمان حسنان مف كجية النظر‬
‫‪181‬‬
‫مف غير أف يحقؽ قدرتو‪ .‬كليس عمى‬ ‫االجتماعية ال مف كجية النظر إلى بكليسيا‪ ،‬ينبح الكمب عمى الفيؿ‬
‫‪182‬‬
‫بأذنابيا عندما‬ ‫الفيؿ اال اف يظير قدرتو بمثؿ كاحد متقف حتى تكؼ الكبلب عف النباح‪ ،‬كتشرع في البصبصة‬
‫ترل الفيؿ‪.‬‬
‫كلكي ننزع عف المجرـ السياسي تاج شجاعتو سنضعو في مراتب المجرميف اآلخريف بحيث يستكم مع المصكص‬
‫كالقتمة كاالنكاع األخرل مف األشرار المنبكذيف المكركىيف‪.‬‬
‫كعندئذ سينظر الرأم العاـ عقميان إلى الج ارئـ السياسية في الضكء ذاتو الذم ينظر فيو إلى الجرائـ العادية‪،‬‬
‫كسيصميا كصمة العار كالخزم التي يصـ بيا الجرائـ العادية ببل تفريؽ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫نبح الكمب الفيؿ كنبح عميو سكاء‪.‬‬
‫‪182‬‬
‫بصيص الكمب إذا حرؾ ذنبو الظيار خضكعو أك نحك ذلؾ‪.‬‬
‫‪119‬‬
‫كقد بذلنا اقصى جيدنا لصد األمميف عمى اختيار ىذا المنيج الفريد في معاممة الجرائـ السياسية‪ .‬كلكي نصؿ‬
‫إلى ىذه الغاية ػ استخدمنا الصحافة‪ ،‬كالخطابة العامة‪ ،‬ككتب التاريخ المدرسية الممحصة بميارة‪ ،‬كاكحينا الييـ‬
‫بفكرة اف القاتؿ السياسي شييد‪ ،‬ألنو مات مف أجؿ فكرة السعادة اإلنسانية‪ .‬كأف مثؿ ىذا االعبلف قد ضاعؼ‬
‫عدد المتمرديف‪ ،‬كانفتحت طبقات ككبلئنا بآالؼ مف االممييف‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫البروتوكول العشرون‪:‬‬
‫سأتكمـ اليكـ في برنامجنا المالي الذم تركتو إلى نياية تقريرم‪ .‬ألنو أشد المسائؿ عس انر‪ ،‬كألنو يككف المقطع‬
‫النيائي في خططنا‪ .‬كقبؿ أف أناقش ىذه النقطة سأذكركـ بما أشرت مف قبؿ اليو‪ ،‬كأعني بذلؾ أف سياستنا‬
‫العامة متكقفة عمى مسألة أرقاـ‪.‬‬
‫حيف نصؿ إلى السمطة فنف حككمتنا االكتكقراطية ػ مف أجؿ مصمحتيا الذاتية ػ ستتجنب فرض ضرائب ثقيمة‬
‫عمى الجميكر‪ .‬كستتذكر دائمان ذلؾ الدكر الذم ينبغي أف تمعبو‪ ،‬كأعني بو دكر الحامي األبكم‪.‬‬
‫كلكف ما داـ تنظيـ الحككمة سيتطمب كميات كبيرة مف الماؿ فمف الضركرم اف تتييأ الكسائؿ البلزمة لمحصكؿ‬
‫عميو‪ ،‬كلذلؾ يجب اف نحاكؿ بحرص عظيـ بحث ىذه المسألة‪ ،‬كأف نرل أف عبء الضرائب مكزع بالقسط‪.‬‬
‫كبحيمة كفؽ القانكف ػ سيككف حاكمنا مالكان لكؿ امبلؾ الدكلة (كىذا بكضكح مكضع التنفيذ بسيكلة)‪ .‬كسيككف‬
‫قاد انر عمى زيادة مقادير الماؿ التي ربما تككف ضركرية لتنظيـ تداكؿ العممة في الببلد‪.‬‬
‫كمف ىنا سيككف فرض ضرائب تصاعدية عمى االمبلؾ ىك خير الكسائؿ لمكاجية التكاليؼ الحككمية‪ ،‬كىكذا‬
‫تدفع الضرائب دكف أف ترىؽ الناس كدكف أف يفمسكا‪،‬كأف الكمية التي ستفرض عمييا الضريبة ستتكقؼ عمى كؿ‬
‫ممكية فردية‪.‬‬
‫كيجب أف يفيـ األغنياء أف كاجبيـ ىك التخمي لمحككمة عف جانب مف ثركتيـ الزائدة‪ .‬ألف الحككمة تضمف ليـ‬
‫تأميف حيازة ما يتبقى مف أمبلكيـ‪ ،‬كتمنحيـ حؽ كسب الماؿ بكسائؿ نزيية ‪ honest‬كأنا أقكؿ نزيية‪ ،‬ألف‬
‫ادارة األمبلؾ ستمنع السرقة عمى اسس قانكنية‪.‬‬
‫ىذا االصبلح االجتماعي يجب أف يككف في طميعة برنامجنا‪ ،‬كما أنو الضماف االساسي لمسبلـ‪ .‬فمف يحتمؿ‬
‫التأخير لذلؾ‪.‬‬
‫اف فرض الضرائب عمى الفقراء ىك اصؿ كؿ الثركات‪ ،‬كىك يعكد بخسارة كبيرة عمى الحككمة‪ ،‬كحيف تحاكؿ‬
‫الحككمة زيادة الماؿ عمى الفقراء تفقد فرصة الحصكؿ عميو مف األغنياء‪.‬‬
‫اف فرض الضرائب عمى رؤكس األمكاؿ يقمؿ مف زيادة الثركة في األيدم الخاصة التي سمحنا ليا بتكديسيا ػ‬
‫مغرضيف ػ حتى تعمؿ كمعادؿ لحككمة االممييف كمالياتيـ‪.‬‬
‫اف الضرائب التصاعدية المفركضة عمى نصيب الفرد ستجبي دخبلن أكبر مف نظاـ الضرائب الحاضر‬
‫(‪ )1911‬الذم يستكم فيو كؿ الناس‪ .‬كىذا النظاـ في الكقت الحاضر ضركرم لنا‪ ،‬ألنو يخمؽ النقمة كالسخط‬
‫بيف األممييف‪.183‬‬
‫اف قكة ممكنا ستقكـ أساسيان عمى حقيقة أنو سيككف ضمانان لمتكازف الدكلي‪ ،‬كالسبلـ الدائـ لمعالـ‪ ،‬كسيككف عمى‬
‫رؤكس األمكاؿ اف تتخمى عف ثركتيا لتحفظ الحككمة في نشاطيا‪.‬‬
‫اف النفقات الحككمية يجب أف يدفعيا مف ىـ أقدر عمى دفعيا‪ ،‬كمف يمكف اف تزاد عمييـ األمكاؿ‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫الحظ اف ىذا الخطاب قد نشر سنة ‪( 1911‬عف األصؿ االنجميزم)‪.‬‬
‫‪111‬‬
‫مثؿ ىذا االجراء سيكقؼ الحقد مف جانب الطبقات الفقيرة عمى االغنياء الذيف سيعتدكف الدعامة المالية‬
‫الضركرية لمحككمة‪ ،‬كسترل ىذه الطبقات أف األغنياء ىـ حماة السبلـ كالسعادة العامة‪ ،‬ألف الطبقات الفقيرة‬
‫ستفيـ أف االغنياء ينفقكف عمى كسائؿ اعدادىا لممنافع االجتماعية‪.‬‬
‫كلكيبل تبالغ الطبقات الذكية‪ ،‬أم دافعكا الضرائب‪ ،‬في الشككل مف نظاـ الضرائب الجديد ػ سنقدـ ليـ كشكفان‬
‫تفصيمية تكضح طريؽ انفاؽ امكاليـ‪ ،‬كيستثنى منيا بالضركرة الجانب الذم ينفؽ عمى حاجات الممؾ الخاصة‬
‫كمطالب االدارة‪.‬‬
‫كلف يككف لممكؿ ممؾ شخصي‪ ،‬فنف كؿ شيء في الدكلة سيككف ممكان لو‪ ،‬إذ لك سمح لمممؾ بحيازة ممؾ خاص‬
‫فسيظير كما لك كانت كؿ أمبلؾ الدكلة غير مممككة لو‪.‬‬
‫كأقارب الممؾ ػ اال كارثو الذم ستتحمؿ الحككمة نفقاتو ػ سيككف عمييـ كميـ اف يعممكا مكظفيف حككمييف‪ ،‬أك‬
‫يعممكا عمبلن آخر لينالكا حؽ امتبلؾ الثركة‪ ،‬كلف يؤىميـ امتيازىـ بأنيـ مف الدـ الممكي‪ ،‬ألف يعيشكا عالة عمى‬
‫نفقة الدكلة‪.‬‬
‫كستككف ىناؾ ضرائب دمغة تصاعدية عمى المبيعات كالمشتريات‪ ،‬مثميا مثؿ ضرائب التركات ‪death‬‬
‫‪ duties‬كأف أم انتقاؿ لمممكية بغير الدمغة المطمكبة سيعد غير قانكني‪ .‬كسيجبر المالؾ السابؽ ‪former‬‬
‫عمى أف يدفع عمالة بنسبة مئكية ‪ percentage‬عمى الضريبة مف تاريخ البيع‪.‬‬
‫كيجب أف نسمـ مستندات التحكيؿ (لمممكية) أسبكعيان إلى مراقبي الضرائب المحمييف ‪ local‬مصحكبة بببلغ عف‬
‫االسـ كالمقب ‪ surname‬لكؿ مف المالكيف الجديد كالسابؽ‪ ،‬كالعنكاف الثابت لكؿ منيما أيضان‪.‬‬
‫كاف مثؿ ىذا االجراء سيككف ضركريانت مف أجؿ المعامبلت المالية حيت تزيد عمى مقدار معيف‪ ،‬أعني حيف‬
‫تزيد عمى مقدار يعادؿ متكسط النفقات اليكمية الضركرية األكلية ‪ Prime‬كسيككف بيع األشياء الضركرية‬
‫مدمكغان‪ stamed‬بضريبة دمغة محدكدة عادية‬
‫كيكفي اف تحسبكا أنتـ كـ ضعفان سيزيد بو مقدار ىذه الضرائب عمى دخؿ حككمات األممييف‪.‬‬
‫اف الدكلة البد ليا مف اف تحتفظ في االحتياطي بمقدار معيف مف رأس الماؿ‪ ،‬كاذا زاد الدخؿ مف الضرائب عمى‬
‫ىذا المبمغ المحدكد فسترد الدخكؿ الفائضة إلى التداكؿ‪ .‬كىذه المبالغ الفائضة ستنفؽ عمى تنظيـ أنكاع شتى مف‬
‫األعماؿ العامة‪.‬‬
‫كسيككؿ تكجيو ىذه األعماؿ إلى ىيئة حككمية‪ .‬كبذلؾ ستككف مصالح الطبقات مرتبطة ارتباطان كثيقان بمصالح‬
‫الحككمة كمصالح ممكيـ‪ ،‬كسيرصد كذلؾ جزء مف الماؿ الفائض لممكافآت عمى االختراعات كاالنتاجات‪.‬‬
‫كمف ألزـ الضركريات عدـ السماح لمعممة ‪ currency‬بأف تكضع دكف نشاط في بنؾ الدكلة إذا جاكزت مبمغان‬
‫معينان ربما يككف القصد منو غرضان خاصان‪ .‬إذ أف العممة كجدت لمتداكؿ‪ .‬كاف أم تكديس لمماؿ ذك اثر حيكم في‬
‫أمكر الدكلة عمى الدكاـ‪ .‬ألف الماؿ يعمؿ عمؿ الزيت في جياز الدكلة‪ ،‬فمك صار الزيت عائقان اذف لتكقؼ عمؿ‬
‫الجياز‪.‬‬
‫كما كقع مف جراء استبداؿ السندات بجزء كبير مف العممة قد خمؽ اآلف تضخمان يشبو ما كصفناه تمامان‪ ،‬كنتائج‬
‫ىذه الكاقعة قد صارت كاضحة كضكحان كافيان‪.‬‬
‫‪112‬‬
‫ككذلؾ سننشئ ىيئة لممحاسبة‪ .‬كي تمكف الممؾ مف اف يتمقى في أم كقت حسابان كامبلن لخرج‬
‫‪ Expenditure‬الحككمة كدخميا‪ .‬كستحفظ كؿ التقريرات بدقة كحزـ إلى ىذا التاريخ ما عدا تقريرات الشير‬
‫الجارم كالمتقدـ‪.‬‬
‫كالشخص الكحيد الذم لف تككف لو مصمحة في سرقة بنؾ الدكلة‪ ،‬سيككف ىك مالكو‪ ،‬كأعني بو الممؾ‪ ،‬كليذا‬
‫السبب ستقؼ سيطرتو كؿ احتماالت لبلسراؼ أك النفقة غير الضركرية‪ .‬كاف المقاببلت يممييا أدب السمكؾ ػ‬
‫كىي مضيعة لكقت الممؾ الثميف ػ ستككف معدكمة‪ ،‬لكي تتاح لو فرصة عظمى لمنظر في شؤكف الدكلة‪ .‬كلف‬
‫يككف الممؾ في حككمتنا محكطان بالحاشية الذيف يرقصكف عادة في خدمة الممؾ مف أجؿ األبية‪ ،‬كال ييتمكف اال‬
‫‪184‬‬
‫بأمكرىـ الخاصة مبتعديف جانبان عف العمؿ لسعادة الدكلة‬
‫إف األزمات االقتصادية التي دبرناىا بنجاح باىر في الببلد األممية ػ قد انجزت عف طريؽ سحب العممة مف‬
‫التداكؿ‪ ،‬فتراكمت ثركات ضخمة‪ ،‬كسحب الماؿ مف الحككمة التي اضطرت بدكرىا إلى االستنجاد بمبلؾ ىذه‬
‫الثركات الصدار قركض‪ .‬كلقد كضعت ىذه القركض عمى الحككمات اعباء ثقيمة اضطرتيا إلى دفع فكائد الماؿ‬
‫المقترض مكبمة بذلؾ أيدييا‪.‬‬
‫كاف تركز االنتاج في أيدم الرأسمالية قد امتص قكة الناس االنتاجية حتى جفت‪ ،‬كامتص معيا أيضان ثركة الدكلة‪.‬‬
‫كالعممة المتداكلة في الكقت الحاضر ال تستطيع اف تفي بمطالب الطبقات العاممة‪ ،‬إذ ليست كافية لبلحاطة بيـ‬
‫كارضائيـ جميعان‪.‬‬
‫اف اصدار العممة يجب أف يساير نمك السكاف‪ ،‬كيجب أف يعد االطفاؿ مستيمكي عممة منذ أكؿ يكـ يكلدكف فييز‬
‫كاف تنقيح العممة حينان فحينان مسألة حيكية لمعالـ أجمع‪.‬‬
‫كأظنكـ تعرفكف اف العممة الذىبية كانت الدمار لمدكؿ التي سارت عمييا‪ ،‬ألنيا لـ تستطع اف تفي بمطالب‬
‫السكاف‪ .‬كألننا فكؽ ذلؾ قد بذلنا أقصى جيدنا لتكديسيا كسحبيا مف التداكؿ‪.‬‬
‫اف حككمتنا ستككف ليا عممة قائمة عمى قكة العمؿ في الببلد‪ ،‬كستككف مف الكرؽ أك حتى مف الخشب‪.‬‬
‫كسنصدر عممة كافية لكؿ فرد مف رعايانا‪ ،‬مضيفيف إلى ىذا المقدار عند ميبلد كؿ طفؿ‪ ،‬كمنقصيف منو عند‬
‫كفاة كؿ شخص‪.‬‬
‫كستقكـ عمى الحسابات الحككمية حككمات محمية منفصمة كمكاتب إقميمية (ريفية)‪.‬‬
‫كلكيبل تحدث مماطبلت في دفع األمكاؿ المستحقة لمحككمة‪ ،‬سيصدر الحاكـ نفسو أكامر عف مدة ىذا المبالغ‪،‬‬
‫كبيذا ستنتيي المحاباة التي تظيرىا احيانان ك ازرات المالية نحك ىيئات معينة‪.185‬‬

‫‪184‬‬
‫مف المؤسؼ اف كثي انر مف الحكاـ في األمـ المتأخرة يحكطكف بامثاؿ ىذه الحاشية مف االمعات كاالنتيازييف الذيف ال تيميـ إال‬
‫مصالحيـ الذاتية‪ .‬مثميـ مثؿ كبلب الصيد التي ال ييميا لمصمحتيا إال أرضاء سادتيا‪ ،‬كليسكا عمى شيء مف قكة الخمؽ كال المقدرة‬
‫السياسية‪ ،‬كال االخبلص لممصمحة العامة كال مصمحة سادتيـ الحقيقية المرتبطة بمصمحة شعكبيـ‪.‬‬
‫‪185‬‬
‫مف المؤسؼ اف بعض الحككمات تحتمؿ مماطمة كثير مف الرأسمالييف االغنياء في دفع الضرائب المفركضة عمييـ حتى‬
‫تضيع بمضي المدة‪ ،‬أك تصالحيـ عمى دفع جزء منيا كترؾ جزء عمى حيف انيا تتشدد في معاممة الصغار‪ ،‬كربما يككف دفع‬
‫الصغار الضريبة المطمكبة كافيان لتعطيؿ عمميـ أك إفبلسيـ كخراب بيكتيـ‪.‬‬
‫‪113‬‬
‫ستحفظ حسابات الدخؿ كالخرج معان‪ ،‬لكي يمكف دائمان مقارنة كؿ منيما باألخرل‪.‬‬
‫كالخطط التي سنتخذىا الصبلح المؤسسات المالية لبلممييف ستقكـ بأسمكب لف يمكف أف يمحظكه‪ .‬فسنشير إلى‬
‫ضركرة االصبلحات التي تتطمبيا الحالة الفكضكية التي بمغتيا الماليات المميتة‪ .‬كسنبيف أف السبب األكؿ ليذه‬
‫الحاالت السيئة لممالية يكمف في حقيقة أنيـ يبدأكف السنة المالية بعمؿ تقدير تقريبي لمميزانية الحككمية‪ ،‬كأف‬
‫مقدارىا يزداد سنة فسنة لمسبب التالي‪ :‬كىك أف الميزانية الحككمية السنكية تستمر متأخرة حتى نياية نصؼ‬
‫السنة‪ ،‬كعندئذ تقدـ ميزانية منقحة‪ ،‬ينفؽ ماليا بعامة في ثبلثة اشير‪ ،‬كبعد ذلؾ يصكت الميزانية لسنة كاحدة تقكـ‬
‫عمى جممة النفقة المتحصمة في السنة السابقة‪ ،‬كعمى ذلؾ فيناؾ عجز في كؿ سنة نحك خمسيف مف مائة مف‬
‫المبمغ اإلسمي‪ .‬فتتضاعؼ الميزانية السنكية بعد عشر سنكات ثبلثة أضعاؼ ‪ .‬كبفضؿ ىذا االجراء الذم اتبعتو‬
‫‪186‬‬
‫الحككمات االممية الغافمة استنفذت امكاليـ االحتياطية عندما حمت مكاعيد الديكف‪ ،‬كفرغت بنكؾ دكلتيـ‬
‫كجذبتيـ إلى حافة االفبلس‪.‬‬
‫كسكؼ تفيمكف سريعان أف مثؿ ىذه السياسة لؤلمكر المالية التي أغرينا األممييف باتباعيا‪ ،‬ال يمكف اف تككف‬
‫مبلئمة لحككمتنا‪.‬‬
‫إف كؿ فرض ليبرىف عمى ضعؼ الحككمة كخيبتيا في فيـ حقكقيا التي ليا‪ .‬ككؿ ديف ػ كأنو سيؼ داميك كميز‬
‫‪ Damocles‬ػ يعمؽ عمى رؤكس الحاكميف الذيف يأتكف إلى أصحاب البنكؾ ‪ Bankers‬منا‪ ،‬كقبعاتيـ في‬
‫أيدييـ‪ ،‬بدالن مف دفع مبالغ معينة مباشرة عف األمة بطريقة الضرائب الكقتية‪.‬‬
‫اف القركض الخارجية مثؿ العمؽ الذم ال يمكف فصمو مف جسـ الحككمة حتى يقع مف تمقاء نفسو‪ ،‬أك حتى‬
‫تتدبر الحككمة كي تطرحو عنيا‪ ،‬كلكف حككمات األممييف ال ترغب في أف تطرح عنيا ىذا العمؽ‪ ،‬بؿ ىي ذلؾ‪.‬‬
‫فانيا تزيد عدده‪ ،‬كبعد ذلؾ كتب عمى دكلتيـ أف تمكت قصاصان مف نفسيا بفقد الدـ‪ .‬فماذا يككف القرض‬
‫الخارجي اال أنو عمقة؟ القرض ىك اصدار أكراؽ حككمية تكجب التزاـ دفع فائدة تبمغ نسبة مئكية مف المبمغ‬
‫الكمي لمماؿ المقترض‪ .‬فنذا كاف القرض بفائدة قدرىا خمسة مف مائة‪ ،‬ففي عشريف سنة ستككف الحككمة قد‬
‫دفعت ببل ضركرة مبمغان يعادؿ القرض لكي تغطي النسبة المئكية‪ .‬كفي أربعيف سنة ستككف قد دفعت ضعفيف‪،‬‬
‫كفي ستيف سنة ثبلثة أضعاؼ المقدار‪ ،‬كلكف القرض سيبقى ثابتان كأنو ديف لـ يسدد‪.‬‬
‫ثابت مف ىذه االحصائية اف ىذه القركض تحت نظاـ الضرائب الحاضرة (‪ )1911‬تستنفذ آخر المميمات‬
‫‪187‬‬
‫مف دافع الضرائب الفقير‪ ،‬كي تدفع فكائد لمرأسمالييف األجانب الذيف اقترضت الدكلة منيـ الماؿ‪ ،‬بدالن‬ ‫النيائية‬
‫مف جمع الكمية الضركرية مف األمة مجردة مف الفكائد في صكرة الضرائب‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫أم ما يسمى بنؾ الدكلة‪،‬ال البنكؾ األخرل المكجكدة في الدكلة‪.‬‬
‫‪187‬‬
‫في األصؿ ‪ ،Last sent‬كالترجمة الحرفية "السنتات النياية" كالسنت ‪ Cent‬عممة أمركية‪ ،‬كىك يساكم جزءان مف مائة جزء مف‬
‫الدكالر ‪ Dollar‬أك اللاير األمريكي‪.‬‬
‫‪114‬‬
‫كقد اكتفى األغنياء ػ طالما كانت القركض داخمية ػ بأف ينقمكا الماؿ مف أكياس الفقراء إلى أكياس األغنياء‪ ،‬كلكف‬
‫بعد أف رشكنا أناسان الزميف الستبداؿ القركض الخارجية بالقركض الداخمية ػ تدفقت كؿ ثركة الدكؿ إلى خزائننا‪،‬‬
‫كبدأ كؿ األممييف يدفعكف لنا ماالن يقؿ عف الخراج المطمكب‪.‬‬
‫كالحكاـ األمميكف ػ مف جراء اىماليـ‪ ،‬أك بسبب فساد كزرائيـ أك جيميـ ػ قد جركا ببلدىـ إلى االستدانة مف‬
‫بنككنا‪ ،‬حتى أنيـ ال يستطيعكف تأدية ىذه الديكف‪ .‬كيجب أف تدرككا ما كاف يتحتـ عمينا أف نعانيو مف اآلالـ لكي‬
‫تتييأ األمكر عمى ىذه الصكرة‪.‬‬
‫سنحتاط في حككمتنا حيطة كبيرة كي ال يحدث تضخـ مالي‪ ،‬كعمى ذلؾ لف نككف في حاجة إلى قركض لمدكلة‬
‫اال قرضان كاحدان ذا فائدة قدرىا كاحد مف المائة تككف سندات عمى الخزانة‪ .‬حتى ال يعرض دفع النسبة المئكية‬
‫الببلد ألف يمتصيا العمؽ‪.‬‬
‫كستعطي الشركات التجارية حؽ اصدار السندات استثناء‪ .‬فنف ىذه الشركات لف تجد صعكبة في دفع النسبة‬
‫المئكية مف ارباحيا‪ ،‬ألنيا تقترض الماؿ لممشركعات التجارية‪ ،‬كلكف الحككمات ال تستطيع أف تجني فكائد مف‬
‫الماؿ المقترض‪ ،‬ألنيا انما تقترض دائمان لتنفؽ ما اخذت مف القركض‪.188‬‬
‫كستشترم الحككمة أيضان اسيمان تجارية‪ ،‬فتصير بيذا دائنة بدؿ أف تككف مدينة كمسددة لمخراج ‪ Tribute‬كما‬
‫ىي اآلف ‪ .‬كاف اجراء كيذا سيضع نياية لمتراخي كالكسؿ المذيف كانا مفيديف لنا طالما كاف األممييف (غير‬
‫الييكد) مستقميف‪.‬‬
‫كيكفي لمتدليؿ عمى فراغ عقكؿ األممييف المطمقة البييمة حقان‪ ،‬انيـ حينما اقترضكا الماؿ ىنا بفائدة خابكا في‬
‫ادراؾ أف كؿ مبمغ مقترض ىكذا مضافان إليو فائدة ال مفر مف أف يخرج مف مكارد الببلد‪ .‬ككاف أيسر ليـ لك أنيـ‬
‫اخذكا الماؿ مف شعبيـ مباشرة دكف حاجة إلى دفع فائدة‪ .‬كىذا يبرىف عمى عبقريتنا كعمى حقيقة أننا الشعب‬
‫الذم اختاره اهلل‪ .‬انو مف الحنكة كالدربة أننا نعرض مسألة القركض عمى األممييف في ضكء يظنكف معو انيـ‬
‫كجدكا فيو الربح ايضان‪.‬‬
‫اف تقديراتنا ‪ Esimates‬التي سنعدىا عندما يأتي الكقت المناسب‪ ،‬كالتي ستككف مستمدة مف تجربة قركف‪،‬‬
‫كالتي كنا نحصيا عندما كاف األمميكف يحكمكف ػ اف تقديراتنا ىذه ستككف مختمفة في كضكحيا العجيب عف‬
‫التقديرات التي صنعيا األممييف‪ ،‬كستبرىف لمعالـ كيؼ أف خططنا الجديدة ناجحة ناجعة‪ .‬اف ىذه الخطط‬
‫ستقضي عمى المساكئ التي صرنا بامثاليا سادة األممييف‪ .‬كالتي ال يمكف أف نسمح بيا في حكمنا‪ ،‬كسنرتب‬
‫نظاـ ميزانيتنا الحككمية حتى لف يككف الممؾ نفسو كال أشد الكتبة ‪ Clerks‬خمكالن في مقاـ ال يبلحظ فيو‬
‫اختبلسو ألصغر جزء مف الماؿ‪ ،‬كال استعمالو اياه في غرض آخر غير الغرض المكضكع لو في التقدير األكؿ‬
‫(في الميزانية)‪.‬‬

‫‪188‬‬
‫لنبلحظ براعة ىذه الخطة‪ ،‬فالشركات التجارية انما تقترض لبلنشاء كالتعمير المربح فيزداد بذلؾ رأس ماليا بما تربح‪ ،‬كالحككمة‬
‫تقترض لبلستيبلؾ غالبان فتخسر بالقرض‪ ،‬كلكف ليبلحظ مف ناحية أخرل خطأ ىذه الفكرة فنف الحككمات يطمب منيا نحك الشعب‬
‫أكثر مما يطمب أصحاب االسيـ كاألمة مف الشركات‪.‬‬
‫‪115‬‬
‫كيستحيؿ الحكـ بنجاح اال بخطة محكمة احكامان تامان‪ .‬حتى الفرساف كاالبطاؿ ييمككف إذا ىـ اتبعكا طريقان ال‬
‫يعرفكف إلى أيف يقكدىـ‪ ،‬أك إذا بدأكا رحمتيـ مف غير أف يتأىبكا األىبة المناسبة ليا‪.‬‬
‫اف ممكؾ االممييف الذيف ساعدناىـ‪ ،‬كي نغرييـ بالتخمي عف كاجباتيـ في الحككمة بكسائؿ الككاالت (عف األمة‬
‫) ‪ Entertainments Represention‬كالكالئـ كاألبية كالمبلىي األخرل ػ ىؤالء الممكؾ لـ يككنكا اال‬
‫حجبان إلخفاء مكايدنا كدسائسنا‪.‬‬
‫كاف تقريرات المندكبيف الذيف اعتيد ارساليـ لتمثيؿ الممؾ في كاجباتو العامة قد صنعت بأيدم ككبلئنا‪ .‬كقد‬
‫استعممت ىذه التقريرات في كؿ مناسبة كي تبيج عقكؿ الممكؾ القصيرة النظر‪ ،‬مصحكبة ػ كما كانت ػ‬
‫بمشركعات عف االقتصاد في المستقبؿ "كيؼ استطاعكا اف يقتصدكا بضرائب جديدة؟" ىذا ما استطاعكا اف‬
‫يسألكا عنو قراء تقريراتنا التي يكتبكنيا عف المياـ التي يقكمكف بيا‪.‬كلكنيـ لـ يسألكا عنو فعبلن‪.‬‬
‫كأنتـ انفسكـ تعرفكف إلى أم مدل مف االختبلؿ المالي قد بمغكا باىماليـ الذاتي‪ .‬فمقد انتيكا إلى افبلس رغـ كؿ‬
‫المجيكدات الشاقة التي يبذليا رعاياىـ التعساء‪.‬‬

‫البرتوكول الحادي والعشرون‪:‬‬


‫سأزيد اآلف عمى ما اخبرتكـ بو في اجتماعنا األخير‪ ،‬كأمدكـ بشرح مفصؿ لمقركض الداخمية‪ .‬غير أني لف‬
‫أناقش القركض الخارجية بعد اآلف‪ .‬ألنيا قد مؤلت خزائننا باألمكاؿ األممية‪ ،‬ككذلؾ ألف حككمتنا العالمية لف‬
‫يككف ليا جيراف أجانب تستطيع اف تقترض منيـ ماالن‪.‬‬
‫لقد استغممنا فساد االدارييف كاىماؿ الحاكميف األممييف لكي نجني ضعفي الماؿ الذم قدمناه قرضان إلى حككماتيـ‬
‫أك نجني ثبلثة اضعافو‪ ،‬مع أنيا لـ تكف في الحقيقة بحاجة إليو قط‪ .‬فمف الذم يستطيع اف يفعؿ ىذا معنا‪ ،‬كما‬
‫فعمناه معيـ؟كلذلؾ لف أخكض اال في مسألة القركض الداخمية فحسب‪ .‬حيف تعمف الحككمة اصدار قرض كيذا‬
‫تفتح اكتتابان لسنداتيا‪ .‬كىي تصدرىا مخفضة ذات قيـ صغيرة جدان‪ ،‬كي يككف في استطاعة كؿ إنساف أف يسيـ‬
‫فييا‪ .‬كالمكتتبكف األكائؿ يسمح ليـ أف يشتركىا بأقؿ مف قيمتيا االسمية‪ .‬كفي اليكـ التالي يرفع سعرىا‪ ،‬كي يظف‬
‫أف كؿ انساف حريص عمى شرائيا‪.‬‬
‫كفي خبلؿ أياـ قميمة تمتميء خزائف بيت ماؿ الدكلة ‪ Exchequer‬الماؿ الذم اكتتب بو زيادة عمى الحد‪( .‬فمـ‬
‫االستمرار في قبكؿ الماؿ لقرض فكؽ ما ىك مكتتب بو زيادة عمى الحد؟)‪ .‬اف االكتتاب ببل ريب يزيد زيادة ليا‬
‫اعتبارىا عمى الماؿ المطمكب‪ ،‬كفي ىذا يكمف كؿ االثر كالسر‪ ،‬فالشعب يثؽ بالحككمة ثقة اكيدة‪.189‬‬

‫‪189‬‬
‫يجب أف يتأمؿ القارئ لكي يفيـ ما تنطكم عميو ىذه الخطة المحببة التي ال يتفتؽ عنيا اال عقؿ قد بمغ قمة العنؼ كالدىاء‬
‫كالمؤـ فالمعنى اف االساس في رفع سعر االسيـ بعد ىبكطيا ىك التبلعب بالمكتتبيف كاستغفاليـ بالربح الحراـ‪ .‬كليس ىك مراعاة‬
‫قيمة االسيـ الحقيقية‪ ،‬كمثؿ ذلؾ االعيب الييكد في المضافؽ (البكرصات) اآلف‪.‬‬
‫‪116‬‬
‫كلكف حينما تنتيي الميزلة ‪ Comedy‬تظير حقيقة الديف الكبير جدان‪ ،‬كتضطر الحككمة‪ ،‬مف أجؿ دفع فائدة‬
‫ىذا الديف‪ ،‬إلى االلتجاء إلى قرض جديد ىك بدكره ال يمغي ديف الدكلة‪ .‬بؿ انما يضيؼ إليو دينان آخر‪ .‬كعندما‬
‫تنفذ طاقة الحككمة عمى االقتراض يتحتـ عمييا أف تدفع الفائدة عف القركض بفرض ضرائب جديدة‪ ،‬كىذه‬
‫الضرائب ليست اال ديكنان مقترضة لتغطية ديكف أخرل‪.‬‬
‫ثـ تأتي فترة تحكيبلت الديكف‪ ،‬كلكف ىذه التحكيبلت انما تقمؿ قيمة الفائدة فحسب‪ ،‬كال تمغي الديف كلذلؾ ال يمكف‬
‫أف تتـ اال بمكافقة أصحاب الديكف‪.‬‬
‫كحيف تعمف ىذه التحكيبلت يعطى الدائنكف الحؽ في قبكليا أك في استرداد امكاليـ إذا لـ يرغبكا في قبكؿ‬
‫التحكيبلت‪ ،‬فنذا طالب كؿ انساف برد مالو فستككف الحككمة قد اصطيدت بطعميا الذم أرادت الصيد بو‪ ،‬كلف‬
‫تككف في مقاـ يمكنيا مف ارجاع الماؿ كمو‪.‬‬
‫كرعاية الحككمات األممية ػ لحسف الحظ ػ ال يفيمكف كثي انر في الماليات‪ ،‬ككانكا دائمان يفضمكف معاناة اليبكط قيمة‬
‫ضماناتيـ كتأميناتيـ كانقاص الفكائد بالمخاطرة في عممية مالية أخرل الستثمار الماؿ مف جديد‪ ،‬كىكذا طالما‬
‫منحكا حككماتيـ الفرصة لمتخصص مف ديف ربما ارتفع إلى عدة مبلييف‪.‬‬
‫اف األممييف لف يج أركا عمى فعؿ شيء كيذا‪ ،‬عالميف حؽ العمـ اننا ػ في مثؿ ىذا الحاؿ ػ سنطمب كؿ امكالنا‪.‬‬
‫بمثؿ ىذا العمؿ ستعترؼ الحككمة اعترافان صريحان بافبلسيا الذاتي‪ ،‬مما سيبيف لمشعب تبيينان كاضحان أف مصالحو‬
‫الذاتية ال تتمشى بعامة مع مصالح حككمتو‪ .‬كاف أكجو التفاتكـ تكجييان خاصان إلى ىذه الحقيقة‪ ،‬كما أكجو كذلؾ‬
‫إلى ما يمي‪ :‬اف كؿ القركض الداخمية مكحدة ‪ consolidated‬بما يسمى القركض الكقتية‪ :‬كىي تدعى الديكف‬
‫ذات األجؿ القصير‪ ،‬كىذه الديكف تتككف مف الماؿ المكدع في بنكؾ الدكلة أك بنكؾ االدخار‪.‬‬
‫ىذا الماؿ المكضكع تحت تصرؼ الحككمة لمدة طكيمة يستغؿ في دفع فكائد القركض العرضية‪ ،‬كتضع الحككمة‬
‫بدؿ الماؿ مقدا انر مساكيان لو مف ضماناتيا الخاصة في ىذه البنكؾ‪ ،‬كاف ىذه الضمانات مف الدكلة تغطي كؿ‬
‫مقادير النقص في خزائف الدكلة عند األممييف (غير الييكد)‪.‬‬
‫كحينما يمي ممكنا العرش عمى العالـ أجمع ستختفي كؿ ىذه العمميات الماكرة‪ ،‬كسندمر سكؽ سندات الديكف‬
‫الحككمية العامة‪ ،‬ألننا لف نسمح بأف تتأرجح كرامتنا حسب الصعكد كاليبكط في ارصدتنا التي سيقرر القانكف‬
‫قيمتيا بالقيمة االسمية مف غير امكاف تقمب السعر‪ .‬فالصعكد يسبب اليبكط‪ ،‬كنحف قد بدأنا بالصعكد إلزالة الثقة‬
‫بسندات الديكف الحككمية العامة لؤلممييف‪.‬‬
‫كسنستبدؿ بمصافؽ (بكرصات) األكراؽ المالية ‪ Exchanges‬منظمات حككمية ضخمة سيككف مف كاجبيا‬
‫فرض ضرائب عمى المشركعات التجارية بحسب ما تراه الحككمة مناسبان‪ .‬كاف ىذه المؤسسات ستككف في مقاـ‬
‫يمكنيا مف أف تطرح في السكؽ ما قيمتو مبلييف مف األسيـ التجارية‪ ،‬أك أف تشترييا ىي ذاتيا في اليكـ نفسو‪.‬‬
‫كىكذا ستككف كؿ المشركعات التجارية معتمدة عمينا‪ .‬كانتـ تستطيعكف أف تتصكركا أم قكة ىكذا ستصير عند‬
‫ذلؾ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫البروتوكول الثاني والعشرون‪:‬‬
‫حاكلت في كؿ ما أخبرتكـ بو حتى اآلف اف أعطيكـ صكرة صادقة لسير األحداث الحاضرة‪ ،‬ككذلؾ سر‬
‫االحداث الماضية التي تتدفؽ في نير القدر‪ ،‬كستظير نتيجتيا في المستقبؿ القريب‪ ،‬كقد بينت لكـ خططنا‬
‫السرية التي نعامؿ بيا األممييف‪ ،‬ككذلؾ سياستنا المالية‪ ،‬كليس لي أف أضيؼ اال كممات قميمة فحسب‪.‬‬
‫في ايدينا تتركز أعظـ قكة في االياـ الحاضرة‪ ،‬كاعني بيا الذىب‪ .‬ففي خبلؿ يكميف تستطيع أف تسحب أم‬
‫مقدار منو مف حجرات كنزنا السرية‪.‬‬
‫أفبل يزاؿ ضركريان لنا بعد ذلؾ اف نبرىف عمى أف حكمنا ىك ارادة اهلل؟ ىؿ يمكف ػ كلنا كؿ ىذه الخيرات الضخمة‬
‫ػ اف نعجز بعد ذلؾ عف اثبات اف كؿ الذىب الذم ظممنا نكدسو خبلؿ قركف كثيرة جدان لف يساعدنا في غرضنا‬
‫الصحيح لمخير‪ ،‬أم العادة النظاـ تحت حكمنا؟‪.‬‬
‫إف ىذا قد يستمزـ مقدا انر معينان مف العنؼ‪ .‬كلكف ىذا النظاـ سيستقر اخي انر‪ ،‬كسنبرىف عمى اننا المتفضمكف الذيف‬
‫اعادكا السبلـ المفقكد كالحرية الضائعة لمعالـ المكركب‪ ،‬كسكؼ تمنح العالـ الفرصة ليذا السبلـ كىذه الحرية‪،‬‬
‫كلكف في حالة كاحدة ليس غيرىا عمى التأكيد ػ أم حيف يعتصـ العالـ بقكانيننا اعتصامان صارمان‪.‬‬
‫كفكؽ ذلؾ سنجعؿ كاضحان لكؿ إنساف اف الحرية ال تقكـ عمى التحمؿ كالفساد أك عمى حؽ الناس في عمؿ ما‬
‫يسرىـ عممو‪ ،‬ككذلؾ مقاـ اإلنساف كقكتو ال يعطيانو الحؽ في نشر المبادئ اليدامة ‪Destructive‬‬
‫‪ Principles‬كحرية العقيدة كالمساكاة كنحكىما مف األفكار‪ .‬كسنجعؿ كاضحان أيضان أف الحرية الفردية ال تؤدم‬
‫إلى أف لكؿ رجؿ الحؽ في أف يصير ثائ انر‪ ،‬أك أف يثير غيره بالقاء خطب مضحكة عمى الجماىير القمقة‬
‫المضطربة‪ .‬سنعمـ العالـ اف الحرية الصحيحة ال تقكـ اال عمى عدـ االعتداء عمى شخص اإلنساف كممكو ما‬
‫داـ يتمسؾ تمسكان صادقان بكؿ قكانيف الحياة االجتماعية‪ .‬كنعمـ العالـ أف مقاـ اإلنساف متكقؼ عمى تصكره‬
‫لحقكؽ غيره مف الناس‪ ،‬كأف شرفو يردعو عف األفكار المبيرجة في مكضكع ذاتو‪.‬‬
‫اف سمطتنا ستككف جميمة مييبة ألنيا ستككف قديرة كستحكـ كترشد‪ ،‬كلكف ال عف طريؽ اتباع قكة‬
‫الشعب‪190‬كممثميو‪ ،‬أك أم فئة مف الخطباء الذيف يصيحكف بكممات عادية يسمكنيا المبادئ العميا‪ ،‬كليست ىي‬
‫في الحقيقة شيئان آخر غير أفكار طكباكية خيالية أف سمطتنا ستككف المؤسسة لمنظاـ الذم فيو تكمف سعادة‬
‫الناس كاف ىيبة ىذه السمطة ستكسبيا غرامان صكفيان‪ ،‬كما ستكسبيا خضكع األمـ جمعاء‪.‬‬
‫اف السمطة الحقة ال تستسمـ ألم حؽ حتى حؽ اهلل‪ .‬كلف يجرؤ أحد عمى االقتراب منيا كي يسمبيا كلك خيطان‬
‫مف مقدرتيا‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫أم ال عف طريؽ مف ينتخبيـ الشعب كما يحدث في األمـ البرلمانية اآلف ألف الييكد ػ كما يفيـ مف البركتكككالت ككتبيـ‬
‫المقدسة ػ ال يعترفكف بالنظاـ النيابي البرلماني في الحكـ‪ ،‬لكف يحكمكف حكمان أكتكقراطيان مطمقان‪ ،‬عمى يد ممكيـ المقدس‪.‬‬
‫‪118‬‬
‫البروتوكول الثالث والعشرون‪:‬‬
‫يجب أف يدرب الناس عمى الحشمة كالحياء كي يعتادكا الطاعة‪ .‬كلذلؾ سنقمؿ مكاد الترؼ‪ .‬كبيذه الكسائؿ أيضان‬
‫سنفرض األخبلؽ التي أفسدىا التنافس المستمر عمى مياديف الشرؼ‪ .‬كسنتبنى "الصناعات القركية ‪Peasant‬‬
‫‪ "industries‬كي نخرب المصانع الخاصة‪.‬‬
‫اف الضركريات مف أجؿ ىذه االصبلحات ايضان تكمف في حقيقة أف أصحاب المصانع الخاصة الفخمة كثي انر ما‬
‫يحرضكف عمميـ ضد الحككمة‪ ،‬كربما عف غير كعي‪.‬‬
‫كالشعب أثناء اشتغالو في الصناعات المحمية‪ ،‬ال يفيـ حالة "خارج العمؿ" أك "البطالة" كىذا يحممو عمى‬
‫االعتصاـ بالنظاـ القائـ‪ .‬كيغريو بتعضيد الحككمة‪ .‬إف البطالة ىي الخطر األكبر عمى الحككمة كستككف ىذه‬
‫البطالة قد انجزت عمميا حالما تبمغنا طريقيا السمطة‪.‬‬
‫اف معاقرة الخمر ستككف محرمة كأنيا جريمة ضد االنسانية‪ ،‬كسيعاقب عمييا مف ىذا الكجو‪ :‬فالرجؿ كالبييمة‬
‫سكاء تحت الكحكؿ‪.‬‬
‫اف األمـ ال يخضعكف خضكعان أعمى اال لمسمطة الجبارة المستقمة عنيـ استقاالن مطمقان‪ ،‬القادرة عمى أف ترييـ أف‬
‫سيفان في يدىا يعمؿ كسبلح دفاع ضد الثكرات االجتماعية‪ .‬لماذا يريدكف بعد ذلؾ أف يككف لمميكيـ ركح مبلؾ؟‬
‫انيـ يجب أف يركا فيو القكة كالقدرة متجسدتيف‪.‬‬
‫يجب أف يظير الممؾ الذم سيحؿ الحككمات القائمة التي ظمت تعيش عمى جميكر قد تمكنا نحف انفسنا مف‬
‫إفساد اخبلقو خبلؿ نيراف الفكضى‪ .‬كاف ىذا الممؾ يجب أف يبدأ باطفاء ىذه النيراف التي تندلع اندالعان مطردان‬
‫مف كؿ الجيات‪.‬‬
‫كلكي يصؿ الممؾ إلى ىذه النتيجة يجب أف يدمر كؿ الييئات التي قد تككف اصؿ ىذه النيراف‪ ،‬كلك اقتضاه ذلؾ‬
‫إلى اف يسفؾ دمو ىك ذاتو‪ ،‬كيجب عميو اف يككف جيشاى منظمان تنظيمان حسنان‪ ،‬يحارب بحرص كحزـ عدكل أم‬
‫فكضى قد تسمـ جسـ الحككمة‪.‬‬
‫اف ممكنا سيككف مختا انر مف عند اهلل‪ ،‬كمعينان مف اعمى‪ ،‬كي يدمر كؿ األفكار التي تغرم بيا الغريزة ال العقؿ‪،‬‬
‫كالمبادئ البييمية ال االنسانية‪ ،‬إف ىذه المبادئ تنتشر اآلف انتشا انر ناجحان في سرقاتيـ كطغيانيـ تحت لكاء الحؽ‬
‫كالحرية‪.‬‬
‫اف ىذه االفكار قد دمرت كؿ النظـ االجتماعية مؤدية بذلؾ إلى حكـ ممؾ إسرائيؿ ‪Kingdom‬‬
‫‪of lsrael‬‬
‫كلكف عمميا سيككف قد انتيى حيف يبدأ حكـ ممكنا‪ .‬كحينئذ يجب عمينا أف نكنسيا بعيدان حتى ال يبقى أم قذر في‬
‫طريؽ ممكنا‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫كحينئذ سنككف قادريف عمى أف نصرخ في األمـ "صمكا هلل‪ ،‬كاركعكا أماـ ذلؾ (الممؾ) الذم يحمؿ آية التقدير‬
‫األزلي لمعالـ‪ .‬كالذم يقكد اهلل ذاتو نجمو‪ ،‬فمف يككف أحد آخر اال ىك نفسو ‪ Himself‬قاد انر عمى أف يجعؿ‬
‫االنسانية حرة مف كؿ خطيئة‪.191‬‬

‫البروتوكل الرابع والعشرون‪:‬‬


‫كاآلف سأعالج االسمكب الذم تقكل بو دكلة ‪ Dynasty‬الممؾ داكد حتى تستمر إلى اليكـ اآلخر ‪.‬‬
‫إف أسمكبنا لصيانة الدكلة سيشتمؿ عمى المبادئ ذاتيا التي سممت حكماءنا مقاليد العالـ‪ ،‬أم تكجيو الجنس‬
‫البشرم كمو كتعميمو‪.‬‬
‫كأف أعضاء كثيريف مف نسؿ داكد ‪ David‬سيعدكف كيربكف الممكؾ كخمفائيـ الذيف لف ينتخبكا بحؽ الكراثة بؿ‬
‫بمكاىبيـ الخاصة‪ .‬كىؤالء الخمفاء سيفقيكف فيما لنا مف مكنكنات سياسية‪ ،‬سرية‪ ،‬كخطط لمحكـ‪ ،‬آخذيف أشد‬
‫الحذر مف أف يصؿ إلييا أم إنساف أخر‪.‬‬
‫كستككف ىذه االجراءات ضركرية‪ ،‬كي يعرؼ الجميع اف مف يستطيعكف اف يحكمكا إنما ىـ الذيف فقيكا تفقييان في‬
‫أسرار الفف السياسي كحدىـ‪ ،‬كىؤالء الرجاؿ كحدىـ سيعممكف كيؼ يطبقكف خططنا تطبيقان عمميان مستغميف‬
‫تجاربنا خبلؿ قركف كثيرة‪ .‬انيـ سيفقيكف في النتائج المستخمصة مف كؿ مبلحظات نظامنا السياسي‬
‫كاالقتصادم‪ ،‬ككؿ العمكـ االجتماعية‪ .‬كىـ‪ ،‬بايجاز‪ ،‬سيعرفكف الركح الحقة لمقكانيف التي كضعتيا الطبيعة نفسيا‬
‫لحكـ النكع البشرم‪.‬‬
‫كسيكضع مكاف الخمفاء المباشريف لمممؾ غيرىـ إذا حدث ما يدؿ عمى انيـ مستيتركف بالشيكات‪ ،‬أك ضعاؼ‬
‫العزيمة خبلؿ تربيتيـ‪ ،‬أك في حاؿ اظيارىـ أم ميؿ آخر قد يككف مض انر بسمطتيـ‪ ،‬كربما يردىـ عاجزيف عف‬
‫الحكـ‪ ،‬كلك كاف في ىذا شيء يعرض كرامة التاج لمخطر‪.‬‬
‫كلف يأتمف شيكخنا ‪ Our elders‬عمى أزمة الحكـ اال الرجاؿ القادريف عمى أف يحكمكا حكمان حازمان‪ ،‬كلك كاف‬
‫عنيفان‪.‬‬
‫كاذا مرض ممكنا أك فقد مقدرتو عمى الحكـ فسيكره عمى تسميـ أزمة الحكـ إلى مف اثبتكا بأنفسيـ مف أسرتو انيـ‬
‫اقدر عمى الحكـ‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫كاف الييكد ينتظركف المخمص الذم يخمصيـ مف العبكدية بعد تشتتيـ‪ ،‬كيعيد الييـ ممكيـ الدنيكم‪ ،‬فمما ظير يسكع أك عيسى‬
‫في صكرة قديس‪ ،‬كحاكؿ تخميصيـ ركحيان كخمقنان مف شركرىـ‪ .‬كلـ يظير في صكرة ممؾ يعيد الييـ سمطانيـ الدنيكم‪ ،‬انكركه‬
‫كاضطيدكه‪ ،‬كىـ حتى اآلف ينتظركف المسيح المخمص في صكرة ممؾ مف نسؿ داكد يخمصيـ مف االستعباد كالتشتت‪ ،‬كىذا‬
‫المخمص ىك الذم يخمص االنسانية مف الخطيئة كما يقكلكف ىنا ككما تقكؿ كتبيـ المقدسة (انظر سفر اشعينا كما بعده مثبلن‪ .‬كما‬
‫اف ىذ المخمص ىك الذم يعيد مممكة صييكف في نظرىـ ايضان كيخضع ليـ األمـ جميعان (انظر المقدمة ص ‪ 11‬ػ ‪.)61‬‬
‫‪121‬‬
‫كاف خطط الممؾ العاجمة ػ كأحؽ منيا خططو لممستقبؿ ػ لف تككف معركفة حتى لمف سيدعكف مستشاريو‬
‫األقربيف‪ .‬كلف يعرؼ خطط المستقبؿ اال الحاكـ كالثبلثة ‪ Three‬الذيف دربكه‪.‬‬
‫كسيرل الناس في شخص الممؾ الذم سيحكـ بارادة ال تتزعزع كسيضبط نفسو ضبطو لبلنسانية‪ ،‬مثبلن لمقدر نفسو‬
‫كلكؿ طرقو االنسانية‪ ،‬كلف يعرؼ أحد اىداؼ الممؾ حيف يصدر اكامره‪ ،‬كمف أجؿ ذلؾ لف يجرؤ أحد عمى اف‬
‫يعترض طريقو السرم‪.‬‬
‫كيجب ضركرة اف يككف لمممؾ رأس قادر عمى تصريؼ خططنا‪ ،‬كلذلؾ لف يعتمي العرش قبؿ اف يتثبت حكماؤنا‬
‫مف قكتو العقمية‪.‬‬
‫كلكي يككف الممؾ محبكبان كمعظمان مف كؿ رعاياه ػ يجب أف يخاطبيـ جيا انر مرات كثيرة‪ .‬فمثؿ ىذه االجراءات‬
‫ستجعؿ القكتيف في انسجاـ‪ :‬اعني قكة الشعب كقكة الممؾ التيف قد فصمنا بينيما في الببلد األممية (غير‬
‫الييكدية) بابقائنا كبلن منيما في خكؼ دائـ مف األخرل‪.‬‬
‫كلقد كاف لزامان عمينا أف نبقي كمتا القكتيف في خكؼ مف األخرل‪ ،‬ألنيما حيف انفصمتا كقعتا تحت نفكذنا‪.‬‬
‫كعمى ممؾ إسرائيؿ اف ال يخضع لسمطاف اىكائو الخاصة ال سيما الشيكانية‪ .‬كعميو اف ال يسمح لمغرائز البييمية‬
‫اف تتمكف مف عقمو‪ .‬اف الشيكانية ػ اشد مف أم ىكل آخر ػ تدمر ببل ريب كؿ قكل الفكر كالتنبؤ بالعكاقب‪ ،‬كىي‬
‫تصرؼ عقكؿ الرجاؿ نحك أسكأ جانب في الطبيعة االنسانية‪.‬‬
‫اف قطب ‪ column‬العالـ في شخص الحاكـ العالي ‪ World ruler‬الخارج مف بذرة إسرائيؿ ػ ليطرح كؿ‬
‫االىكاء الشخصية مف اجؿ مصمحة شعبو‪ .‬اف ممكنا يجب اف يككف مثاؿ العزة كالجبركت‬
‫‪.192Erreprochable‬‬
‫كقعة ممثمك صييكف مف الدرجة الثالثة كالثبلثيف‪.193‬‬

‫‪192‬‬
‫أم ال يمكف تناكلو بالنقد كال المؤاخذة مسو باالذل بأم حاؿ كخير ترجمة عربية في نظرم لمكممة االنجميزية ىي‪" :‬عزيز" ألف‬
‫العزة تشتمؿ كؿ ذلؾ‪.‬‬
‫‪193‬‬
‫أرقى درجات الماسكنية الييكدية‪ :‬فالمكقعكف ىنا ىـ أعظـ أكابر الماسكنية في العالـ‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫تعقيب‬
‫(لألستاذ سرجي نيموس)‬

‫‪195‬‬
‫في مكاتب بمركز‬ ‫ىذه الكثائؽ قد انتزعت خمسة مف كتاب ضخـ فيو محاضر خطب‪ .194‬كقد كجدىا صديقي‬
‫قيادة جمعية صييكف القائـ اآلف في فرنسا‪.‬‬
‫اف فرسنا قد اجبرت تركيا عمى منح امتيازات لجميع المدارس كالمؤسسات الدينية لكؿ الطكائؼ‪ :‬ما دامت ىذه‬
‫المدارس كالمؤسسات خاضعة لحماية الدبمكماسية في آسيا الصغرل‪.‬‬
‫كال ريب اف ىذه االمتيازات ال تتمتع بيا المدارس كالمؤسسات الكاثكلكليكية التي طردتيا مف فرنسا حككمتيا‬
‫‪196‬‬
‫ال تيتـ اال بحماية‬ ‫السابقة‪ .‬ىذه الحقيقة تثبت ببل ريب أف دبمكماسية المدارس الدريفكسية ‪Dreyfus‬‬
‫مصالح صييكف‪ .‬كأنيا تعمؿ عمى استعمار آسيا الصغرل بالييكد الفرنسييف‪ .‬اف صييكف تعرؼ دائمان كيؼ‬
‫تحرز النفكذ لنفسيا عف طريؽ ما يسمييـ التممكد "البيائـ العاممة" التي يشير بيا إلى جميع األممييف‪.‬‬
‫كيستفاد مف الصييكنية الييكدية السرية اف سميماف كالعمماء مف قبؿ قد فكركا سنة ‪ 929‬ؽ‪.‬ـ‪ .‬في استنباط‬
‫مكيدة لفتح كؿ العالـ فتحان سمميان لصييكف‪.‬‬
‫ككانت ىذه المكيدة تنفذ خبلؿ تطكرات التاريخ بالتفصيؿ‪ ،‬كتكمؿ عمى أيدم رجاؿ دربكا عمى ىذه المسألة‪ .‬ىؤالء‬
‫الرجاؿ العمماء صممكا عمى فتح العالـ بكسائؿ سممية مع دىاء االفعى الرمزية التي كاف رأسيا يرمز إلى‬
‫المتفقييف في خطط االدارة الييكدية‪ ،‬ككاف جسـ االفعى يرمز إلى الشعب الييكدم ػ ككانت االدارة مصكنة س انر‬
‫عف الناس جميعان حتى األمة الييكدية نفسيا‪ .‬كحالما نفذت ىذه األفعى في قمكب األمـ التي اتصمت بيا سربت‬
‫مف تحتيا‪ ،‬كالتيمت كؿ قكة غير ييكدية في ىذه الدكؿ‪ .‬كقد سبؽ القكؿ بأف األفعى ال بد أف عمميا معتصمة‬

‫‪194‬‬
‫محاضر الخطب أك جمسات (انظر معنى كممة بركتكككؿ في المقدمة ص‪..)51‬‬
‫‪195‬‬
‫أم الصديؽ الذم دفع بالبركتكككالت إلى االستاذ نيمكس (انظر مقدمتنا ص‪ )32‬كىذا الصديؽ ىك اليكسي نيقكال نيفتش كبير‬
‫جماعة أعياف ركسيا الشرقية القيصرية‪.‬‬
‫‪196‬‬
‫الكابتف دريفكس كاف ضابطان في الجيش الفرنسي‪ ،‬أتيـ فيو بتيمة الخيانة العظمى سنة ‪ 1894‬كاحدثت قضيتو رجو في أىؿ‬
‫أكركبا كامريكا كركسيا كبخاصة فرنسا‪ ،‬كحاكؿ الييكد بكؿ ما لدييـ مف كسائؿ عمنية كسرية انقاذه كلكف حكـ عميو بالنفي المؤبد‬
‫مف فرنسا‪ ،‬ثـ تصدل لنقض الحكـ كثير‪ ،‬منيـ الكاتب الفرنسي المشيكر "اميؿ زكال" إذ نشر في جريدة "االركر" في ‪ 13‬يناير سنة‬
‫‪ 1898‬خطابان بعنكاف "أني اتيـ" كأعقبو بمثمو‪ .‬كعمؿ الييكد بكؿ ما لدييـ مف نفكذ لتبرئة دريفكس‪ ،‬كلكف المحكمة قبمت اعادة‬
‫النظر في القضية‪ ،‬كقضت بحبسو عشر سنكات بدؿ النفي‪ ،‬ثـ لـ يزؿ الييكد بكؿ كسائميـ يعممكف عمى تغيير الحكـ‪ ،‬فنجحكا‪ ،‬كفي‬
‫‪ 12‬يكليك سنة‪ 1912‬قررت محكمة النقض بطبلف الحكـ السابؽ كتبرئة دريفكس كاعادتو إلى الجيش العامؿ‪ ،‬فسر الييكد بذلؾ‬
‫سرك انر بالغان‪ .‬رغـ ما نالكه مف عناء كبذلكا مف تضحيات طاىرة كنجسة في الحصكؿ عمى ذلؾ كالمراد بالمدارس الدريفكسية ىنا‬
‫المدارس التي ال تيتـ اال بخدمة الييكد‪ .‬كقد صدرت البركتكككالت قبؿ تبرئة دريفكس (انظر ىامش ص‪ 242‬ككتاب "يقظة العالـ‬
‫الييكدم" بالعربية ص ‪ 74‬ػ ‪.)87‬‬
‫‪122‬‬
‫اعتصامان صارمان بالخطة المكسكية حتى يغمؽ الطريؽ الذم تسعى فيو بعكدة رأسيا إلى صييكف‪ ،197‬كحتى تككف‬
‫األفعى بيذه الطريقة قد اكممت التفافيا حكؿ أكركبا كتطكيقيا إيياىا‪ ،‬كتككف لشدة تكبيميا أكركبا قد طكقت‬
‫العالـ اجمع‪ .‬كىذا ما يتـ انجازه باستعماؿ كؿ محاكلة الخضاع الببلد األخرل بالفتكحات االقتصادية‪.‬‬
‫اف عكدة رأس األفعى إلى صييكف ال يمكف أف تتـ اال بعد اف تنحط قكل كؿ ممكؾ اكركبا‪ ،198‬أم حينما تككف‬
‫األزمات االقتصادية كدمار تجارة الجممة قد أث ار في كؿ مكاف‪ .‬ىناؾ ستميد السبيؿ الفساد الحماسة كالنخكة‬
‫كاالنحبلؿ األخبلقي كخاصة بمساعدة النساء الييكديات المتنكرات في صكر الفرنسيات كااليطاليات كمف الييف‪.‬‬
‫‪199‬‬
‫عمى رؤكس األمـ‪.‬‬ ‫اف ىؤالء النساء أضمف ناشرات لمخبلعة كالتيتؾ في حيكات ‪ Lives‬المتزعميف‬
‫كالنساء في خدمة صييكف يعممف كأحابيؿ كمصايد لمف يككنكف بفضميف في حاجة إلى الماؿ عمى الدكاـ‪.‬‬
‫فيككنكف لذلؾ دائمان عمى استعداد ألف يبيعكا ضمائرىـ بالماؿ‪ .‬كىذا الماؿ ليس اال مقترضان مف الييكد‪ ،‬ألنو‬
‫سرعاف ما يعكد مف طريؽ ىؤالء النسكة أنفسيف إلى أيدم الييكد الراشيف‪ ،‬كلكف بعد أف اشترل عبيدان ليدؼ‬
‫‪200‬‬
‫صييكف مف طريؽ ىذه المعامبلت المالية‬
‫كضركرم لمثؿ ىذا االجراء أف ال يرتاب المكظفكف العمكميكف كال األفراد الخصكصيكف في الدكر الذم تعمبو‬
‫النسكة البلتي تسخرىف ييكد‪ ،‬كلذلؾ أنشأ المكجيكف ليدؼ صييكف ػ كما قد كقع فعبلن ػ ىيئة دينية‪ :‬قكاميا‬
‫األتباع المخمصكف لمشريعة المكسكية كقكانيف التممكد‪ ،‬كقد اعتقد العالـ كمو اف حجاب شريعة مكسى ىك القانكف‬
‫الحقيقي لحياة الييكد‪ ،201‬كلـ يفكر أحد في أف يمحص أثر قانكف الحياة ىذا‪،‬كال سيما أف كؿ العيكف كانت‬
‫مكجية نحك الذىب الذم يمكف أف تقدمو ىذه الطائفة‪ ،‬كىك الذم يمنح ىذه الطائفة الحرية المطمقة في مكايدىا‬
‫االقتصادية كالسياسية‪.‬‬
‫كقد كضح رسـ طريؽ األفعى الرمزية كما يمي‪:202‬‬
‫كانت مرحمتيا األكلى في أكركبا سنة ‪ 429‬ؽ‪ .‬ـ‪ .‬في ببلد اليكناف حيث شرعت األفعى أكالن في عيد بركميس‬
‫‪ Percles‬تمتيـ قكة تمؾ الببلد‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫ىذه نبكءة نيمكس بقياـ "إسرائيؿ " قبؿ قياميا بنحك نصؼ قرف‪.‬‬
‫‪198‬‬
‫لقد تـ ما أراد الييكد‪ ،‬كتحقؽ ما تنبأ بو نيمكس كىك سقكط الممكيات في الببلد االكركبية الممكية عقب الحربيف العالميتيف‬
‫كركسيا كاسبانيا كايطاليا…‬
‫‪199‬‬
‫ليبلحظ أف كثي انر مف زعماء األمـ كالمشيكريف فييا كالعمماء كالفنانيف كاالدباء كقادة الجيكش كرؤساء المصالح كالشركات ليـ‬
‫زكجات أك خميبلت أك مدبرات لمنازليـ مف الييكديات‪ ،‬يطمعف عمى اسرارىـ كيكجيف عقكليـ كجيكدىـ لمساعدة الييكد أك العطؼ‬
‫عمييـ أك كؼ االذل عنيـ كىف سبلح يعد أخطر األسمحة‪.‬‬
‫‪200‬‬
‫كاف الييكد يشتركف األراضي مف عرب فمسطيف بأثماف غالية‪ ،‬ثـ يسمطكف نساءىـ كخمكرىـ عمى ىؤالء العرب حتى يبتزكا‬
‫منيـ األمكاؿ التي دفعكىا ليـ‪ ،‬كعمى ىذا النحك كأمثالو يعممكف في كؿ الببلد‪.‬‬
‫‪201‬‬
‫يجب أف يبلحظ أف الشريعة المكسكية ال يرعاىا الييكد اال بيف بعضيـ كبعضف كليـ في معاممة األممييف الغرباء عنيـ طريؽ‬
‫خاصة‪ ،‬فيـ ينظركف الييـ كالحيكانات تمامان كال يرعكف ليـ حرمة‪ ،‬كاكثرىـ يمتزـ شريعة التممكد الييكدية كىي شريعة أشد كحشية‬
‫كاجرامان مف شريعة الغاب (انظر مقدمتنا ص ‪ 76‬ػ‪.)67‬‬
‫‪202‬‬
‫الخريطة التي يشير إلييا نيمكس ىنا لـ تكضع في نسختنا االنجميزية‪.‬‬
‫‪123‬‬
‫ككانت المرحمة الثانية في ركما في عيد أغسطس ‪ Augustus‬حكالي سنة ‪ 69‬ؽ‪ .‬ـ‪.‬‬
‫كالثالثة في مدريد في عيد تشارلس الخامس ‪ Charles‬سنة ‪1552‬ـ‪.‬‬
‫كالرابعة في باريس حكالي ‪ 1711‬في عيد الممؾ لكيس السادس عشر‪.‬‬
‫كالخامس في لندف سنة ‪ 1814‬كما تبلىا (بعد سقكط نابميكف)‪.‬‬
‫كالسابعة في ساف بطرسبرج الذم رسـ فكقيا رأس األفعى تحت تاريخ ‪.1881‬‬
‫كؿ ىذه الدكؿ التي اخترقتيا األفعى قد زلزلت اسس بيانيا‪ ،‬كألمانيا مع قكتيا الظاىرة ػ ال تستثنى مف ىذه‬
‫القاعدة‪ .‬كقد أبقي عمى انجمت ار كألمانيا مف النكاحي االقتصادية‪ ،‬كلكف ذلؾ مكقكت ليس اال‪ ،‬إلى أف يتـ لؤلفعى‬
‫‪203‬‬
‫كالطريؽ المستقبؿ لؤلفعى غير ظاىر عمى ىذه‬ ‫قير ركسيا التي قد ركزت عمييا جيكدىا في الكقت الحاضر‬
‫الخرطية‪ ،‬كلكف السياـ تشير إلى حركتيا التالية نحك مكسكك ككييؼ كأكدسا‪.‬‬
‫كنحف نعرؼ اآلف جيدان مقدار اىمية المدف الخيرة مف حيث ىي مراكز لمجنس الييكدم المحارب‪ .‬كتظير‬
‫‪204‬‬
‫كأنيا المرحمة األخيرة لطريؽ األفعى قبؿ كصكليا إلى أكرشميـ‪ .‬كلـ تبؽ أماـ األفعى اال مسافة‬ ‫القسطنطينية‬
‫قصيرة حتى تستطيع اتماـ طريقيا بضـ رأسيا إلى ذيميا‪.‬‬
‫كلكي تتمكف األفعى مف الزحؼ بسيكلة في طريقيا‪ ،‬اتخذت صييكف االجراءات اآلتية لغرض قمب المجتمع‬
‫كتأليب الطبقات العاممة نظـ الجنس الييكدم اكالن الى حد أنو لف ينفذ إليو أحد‪ ،‬كبذلؾ ال تفشي اس ارره‪.‬‬
‫كمفركض اف اهلل نفسو قد كعد الييكد بأنيـ مقدر ليـ أزالن اف يحكمكا األرض كميا في ىيئة مممكة صييكف‬
‫المتحدة‪ ،‬كقد اخبرىـ بأنيـ العنصر الكحيد الذم يستحؽ اف يسمى انسانيان‪ .‬كلـ يقصد مف كؿ مف عداىـ اال اف‬
‫يطمقكا "حيكانات عاممة" كعبيدان لمييكد‪،‬كغرضيـ ىك اخضاع العالـ‪ ،‬كاقامة عرش صييكف عمى الدنيا ‪see‬‬
‫‪205‬‬
‫‪sanh. 91.21.1051‬‬

‫‪203‬‬
‫ىذه نبؤة مف نبكءات االستاذ نيمكس بسقكط القيصرية‪ ،‬كقياـ الشيكعية الييكدية الماركسية بدليا عمى الصكرة التي رسمتيا‬
‫البركتكككالت كليس االختبلؼ بيف الصكرتيف اال االختبلؼ الذم يجب أف ينتظر في تنفيذ المؤامرة قؿ اتماميا كبعد‪ .‬كال يمكف أف‬
‫تتفؽ الصكرتاف التمييدية كالنيائية كاف كانت مبلمح التمييدية كاضحة في النيائية كضكح مبلمح الطفؿ في الرجؿ‪" .‬كالطفؿ أبك‬
‫الرجؿ" كما يقكؿ شكسبير‪.‬‬
‫‪204‬‬
‫اف االفعى الييكدية في طريقيا إلى اكرشميـ قد مرت عمى القسطنطينية فدمرت الخبلفة االسبلمية‪ ،‬كلـ يكف مفر مف تدميرىا‬
‫قبؿ الكصكؿ إلى أكرشميـ كاقامة دكلة إسرائيؿ كالمتتبعكف الحكاؿ تركيا قبؿ سقكط الخبلفة االسبلمية‪ ،‬كبعد قياـ مصطفى كماؿ‬
‫بالحكـ التركي البلديني كانحياز تركيا إلى إسرائيؿ ضد العرب في كؿ المكاقؼ السياسية يممسكف اليد الييكدية في تكجيو سياسة‬
‫تركيا كىذه نبكءة مف نبكءات االستاذ نيمكس‪.‬‬
‫‪205‬‬
‫خبر مرجع لمقارئ العربي في ذلؾ كتاب العيد القديـ كالتممكد كاقرب لو منيما كأبسط كأسيؿ فيما كتيب في ‪ 116‬صفحة ػ‬
‫لبلستاذ بكلس حنا مسعد‪ ،‬عنكانو‪" :‬ىمجية التعاليـ الصييكنية" كىك مف اخطر الكتب الصغيرة بخاصة في الكشؼ عف ىمجية‬
‫الديانة الييكدية‪ .‬كقد نقمت أسماء المراجع االنجميزية في ىذا المكضع كا قبمو كبعده عمى حاليا‪ ،‬ألنيا ػ فيما اعمـ ػ لـ تترجـ إلى‬
‫العربية‪ ،‬فبل فائدة إذف لمقارئ العربي غير العارؼ باالنجميزية مف نقؿ اسمائيا إليو بالعربية ما داـ ال يستطيع الرجكع إلييا في‬
‫اصكليا االجنبية‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫كقد تعمـ الييكد أنيـ فكؽ الناس كأف يحفظكا أنفسيـ في عزلة عف األمـ األخرل جميعان ػ كقد أكصت ىذه‬
‫النظريات إلى الييكد فكرة المجد الييكد فكرة المجد الذاتي لعنصرىـ‪ ،‬بسبب أنيـ أبناء اهلل حقان‬
‫)‪(see jihal J 97: 1.sanh J 58,2‬‬
‫كقد كطدت الطريقة االعتزالية لحياة جنس صييكف تكطيدان تامان نظاـ "الكاغاؿ ‪ "Kaghal‬الذم يحتـ عمى كؿ‬
‫ييكدم مساعدة قريبة‪ ،‬غير معتمد عمى المساعدة التي يتمقاىا مف االدارات المحمية التي تحجب حككمة صييكف‬
‫عف ايعف ادارات الدكؿ األممية التي تدافع دائمان بدكرىا دفاعان حماسيان عف الحككمة الييكدية الذاتية‪ ،‬ناظريف إلى‬
‫الييكد خطأ كأنيـ طائفة دينية محضة‪ ،‬كىذه األفكار المشار إلييا قبؿ ػ كىي مقررة بيف الييكد ػ قد اثرت تأثي انر‬
‫ىامان في حياتيـ المادية‪ .‬فحينما نق أر ىذه الكتب مثؿ‪:‬‬
‫;‪"Gopayon"14,Page1; "Eben _Gaizar," Page 81‬‬
‫‪xxxv1.Ebamot,"98;"xxv.Ketubat,"36.‬‬
‫‪"xxxvl.Pandrip."746;"xxx Kadushih,"68 A.‬‬
‫كىذه كميا مكتكبة لتمجيد الجنس الييكدم ػ نرل أنيا في الكاقع تعامؿ األمميف (غير الييكد) كما لك كانكا‬
‫حيكانات لـ تخمؽ اال لتخدـ الييكد‪ .‬كىـ يعتقدكف أف الناس كامبلكيـ بؿ حيكاناتيـ ممؾ لمييكد‪ ،‬كاف اهلل رخص‬
‫لشعبو المختار أف يسخرىـ فيما يفيده كما يشاء‪.206‬‬
‫كتقرر شرائع الييكد اف كؿ المعامبلت السيئة لؤلممييف في رأس سنتيـ الجديدة‪ ،‬كما يمنحكف في اليكـ ذاتو أيضان‬
‫العفك عف الخطايا التي سيرتكبكنيا في العاـ القادـ‪.‬‬
‫كقد عمؿ زعماء الييكد كأنيـ "ككبلء استفزاز" في الحركات المعادية لمسامية‬
‫‪207 Anti- Semitism‬بسماحيـ لؤلمميف أف يكتشفك بعض اسرار التممكد‪ ،‬لكي يثير ىؤالء الزعماء بغضاء‬
‫الشعب الييكدم ضد األممييف‪.‬‬
‫‪208‬‬
‫مفيدة لقادة الييكد‪ ،‬ألنيا خمقت الضغينة في قمكب األممييف نحك الشعب‬ ‫ككانت تصريحات عداكة السامية‬
‫الذم كاف يعامؿ في الظاىر معاممة سيئة‪ ،‬مع أف تشيغاتيـ كأىكاءىـ كانت مسجمة في جانب صييكف‪.‬‬
‫‪209‬‬
‫ػ كالتي جرت االضطياد عمى الطبقات الدنيا مف الييكد‪ .‬قد ساعدت‬ ‫كعداكة السامية ‪Anti-Semitism‬‬
‫قادتيـ عمى ضبط اقاربيـ كامساكيـ اياىـ في خضكع‪ .‬كىذا ما استطاعكا لزامان أف يفعمكه ألنيـ دائمان كانكا‬
‫يتدخمكف في الكقت المناسب النقاذ شعبيـ المكالي ليـ‪ .‬كليبلحظ أف قادة الييكد لـ يصابكا بنكبة قط مف ناحية‬
‫الحركات المعادية لمسامية‪ ،‬ال في ممتمكاتيـ الشخصية كال مناصبيـ الرسمية في ادارتيـ‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫انظر مقدمتنا ص ‪ 56‬ػ‪ ،67‬كمحزكر فارحي الييكدم المصرم المترجـ إلى العربية (كىك بالعبرية أيضان) الجزء الثاني‪ .‬كىك‬
‫خاص بالصمكات ألجؿ عيد رأس السنة‪ ،‬فدرس يكـ رأس السنة‪ :‬صبلة بعد الظير أك العصر ص ‪ 242‬ػ ‪ 258‬كترتيب تشميح أك‬
‫طرح الخطايا ص ‪ 259‬ػ ‪ 264‬كمكاضع أخرل (طبع بالمطبعة الرحمانية بمصر سنة ‪ )1924‬كجزء ‪ 3‬ص ‪ 28‬ليمة الغفراف‬
‫كصبلة المساء ص ‪.)41‬‬
‫‪207‬‬
‫انظر المقصكد مف عداكة السامية في اليامش ‪ 2‬ص ‪.242‬‬
‫‪208‬‬
‫انظر المقصكد مف عداكة السامية في اليامش ‪ 2‬ص ‪.242‬‬
‫‪209‬‬
‫انظر المقصكد مف عداكة السامية في اليامش ‪ 2‬ص ‪.242‬‬
‫‪125‬‬
‫كليس ىذا بعجيب ما داـ ىؤالء الرؤكس انفسيـ قد كضعكا "كبلب الصيد المسيحية السفاكة" ضد الييكد األذالء‪.‬‬
‫فمكنتيـ كبلب الصيد السفاكة مف المحافظة عمى قطعانيـ‪ ،‬كساعدت بذلؾ عمى بقاء تماسؾ صييكف‪.‬‬
‫كالييكد ػ فيما يركف أنفسيـ ػ قد كصمكا فعبلن إلى حككمة عميا تحكـ العالـ جميعان‪ ،‬كىـ اآلف يطرحكف اقنعتيـ‬
‫عنيـ بعيدان‪.‬‬
‫كال ريب في اف القكة الفاتحة الغازية الرئيسية لصييكف تكف دائمان في ذىبيـ‪ ،‬كىـ لذلؾ انما يعممكف ليعطكا ىذا‬
‫الذىب قيمة‪.‬‬
‫كال يعمؿ سعر الذىب المنتفع اال بتداكؿ الذىب خاصة‪ ،210‬كال يعمؿ تكدسو في ايدم صييكف اال بأف الييكد‬
‫قادركف عمى الربح مف كؿ األزمات الدكلية االقتصادية‪ .‬كي يحتكركا الذىب‪ ،‬كىذا ما يبرىف عميو تاريخ اسرة‬
‫ركتشيمد ‪ Rothschild‬المنشكر في باريس في "الميبر باركؿ ‪ .211"Libre Parole‬كقد تكطت سيطرة‬
‫الرأسمالية عف طريؽ ىذه األزمات تحت لكاء مذىب التحررية ‪ ،Liberalism‬كما حميت بنظريات اقتصادية‬
‫كاجتماعية مدركسة دراسة ماىرة‪ ،‬كقد ظفر شيكخ صييكف بنجاح منقطع النظير باعطائيـ ىذه النظريات مظي انر‬
‫عمميان‪.212‬‬
‫كاف قياـ نظاـ التصكيت السرم قد أتاح لصييكف فرصة لتقديـ قكانيف تبلئـ أغراضيا عف طريؽ الرشكة‪ .‬كاف‬
‫الجميكرية ىي صكرة الحككمة األممية التي يفضميا الييكد مف أعماؽ قمكبيـ‪ ،‬ألنيـ يستطيعكف مع الجميكرية‬
‫اف يتمكنكا مف شراء اغمبية األصكات بسيكلة عظمى‪ ،‬كألف النظاـ الجميكرم يمنح ككبلءىـ كجيش الفكضكييف‬
‫التابعيف ليـ حرية غير محدكدة‪ .‬كليذا السب يعضد الييكد مذىب التحررية عمى حيف كاف األمميكف الحمقى‬
‫الذيف افسد الييكد عقكليـ يجيمكف ىذه الحقيقة الكاضحة مف قبؿ‪ ،‬كىي أنو ليست الحرية مع الجميكرية أكثر‬

‫‪210‬‬
‫مف االسس االقتصادية المعتمدة نظرية تقكـ كؿ االشياء بالذىب كىي خاطئة‪ ،‬ألف الذىب ليس اال مقكمان‪ ،‬كاف مقدرة الدكلة‬
‫االقتصادية ال تقكـ بما عندىا مف الذىب ػ كاف كاف ىذا ما يريد أف يؤكده الييكد ػ لكف مقدرة كؿ دكلة تقاس بمنتجاتيا كخيراتيا التي‬
‫تقدميا لمعالـ كلك لـ تممؾ مف الذىب شيئان‪ ،‬فالدكؿ التي تعمؿ عمى تكديس الذىب لمجرد الذىب دكف االعتماد عمى منتجاتيا‬
‫األخرل ‪ ،‬دكلة جاىمة مخطئة تسيء إلى منزلتيا كحياتيا‪ ،‬كىذا ما كقعت فيو مصر منذ عاميف ‪.1949‬‬
‫‪211‬‬
‫في أكاخر القرف الماضي انتشرت في فرنسا دعكة عداكة السامية كالمراد بيا اكالن مقاكمة الييكدية‪ ،‬ككاف مف أشد المكقديف‬
‫لنارىا في فرنسا كاتب فرنسي اسمو ادكار بريريمكف بكتاب نشره عنكانو "فرنسا الييكدية" بيف فيو نظرية خصكمة الييكد كفساد الحياة‬
‫الفرنسية كانحبلليا بتأثيرىـ‪ ،‬ثـ اسس سنة ‪ 1892‬جريدة لمطعف في الييكد سماىا "الميبرباركؿ" أم الكبلـ الحر‪ ،‬فقامت حركة‬
‫الخراج ضباط الييكد مف الجيش الفرنسي كعددىـ خمسمائة ككتبت في ذلؾ مقاالت نارية كاف مف ضحاياىا ضابط ييكدم يسمى‬
‫"ارماف ماير" فقتؿ‪ .‬كظف اف مقتمو نياية الحركة غير اف الصحيفة "الميييرباركؿ" استمرت عمى تيجميا حتى قبض في أكائؿ سنة‬
‫‪ 1894‬عمى الضابط الكبير دريفكس بتيمة الخيانة العظمى‪ ،‬ككانت الصحيفة أكؿ مف اظير التيمة كقاد الحممة ضده (انظر‬
‫اليامش ‪ 1‬ص‪ ،234‬ككتاب "يقظة العالـ الييكدم" لبلستاذ اليكدم المصرم "ايمي ليفي عسؿ" بالعربية (ص‪ 68‬ػ ‪.)73‬‬
‫‪212‬‬
‫ىذا مظير زائؼ ما يزاؿ يخدع كثي انر مف دعاة التمكف مف عمـ االقتصاد كقد كضعت مصر سنة ‪ 1949‬في خطأ بسبب ذلؾ‬
‫(انظر اليامش ‪ 1‬ص ‪.)242‬‬
‫‪126‬‬
‫منيا مع األكتكقراطية كاألمر بالعكس‪ ،‬ففي الجميكرية يقكـ الضغط عمى األقمية عف طريؽ الرعاع‪ ،213‬كىذا ما‬
‫يحرص عميو دائمان ككبلء صييكف‪.‬‬
‫‪214‬‬
‫‪ Montefiore‬ال تدخر ماالن كال كسيمة أخرل لمكصؿ إلى ىذه الغايات‪.‬‬ ‫كصييكف‪ ،‬حسب اشارة منتفيكرم‬
‫كفي أيامنا ىذه تخضع كؿ الحككمات في العالـ ػ عف كعي أك عف غير كعي ػ ألكامر تمؾ الحككمة العميا‬
‫العظيمة‪ :‬حككمة صييكف‪ ،215‬ألف كؿ كثائقيا في حكزة حككمة صييكف‪ ،‬ككؿ الببلد مدينة لمييكد إلى حد انيا‬
‫ال تستطيع اطبلقان اف تسد ديكنا‪ .‬اف كؿ الصناعة كالتجارة ككذلؾ الدبمكماسية في ايدم صييكف‪ .‬كعف طريؽ‬
‫رؤكس امكاليا قد استعبدت كؿ الشعكب األممية‪ .‬كقد كضع الييكد بقكة التربية القائمة عمى اساس مادم سبلسؿ‬
‫ثقيمة عمى كؿ األممييف‪ ،‬كربطكىـ بيا إلى حككمتيـ العميا‪.‬‬
‫كنياية الحرية القكمية في المتناكؿ‪ ،‬كلذلؾ ستسير الحرية الفردية أيضان إلى نيايتيا‪ ،‬ألف الحرية الصحيحة ال‬
‫يمكف اف تقكـ حيث قبضة الماؿ تمكف صييكف مف حكـ الرعاع‪ ،‬كالتسمط عمى الجزء األعمى قد انر‪ ،‬كاألعظـ‬
‫عقبلن في المجتمع‪"..‬مف ليـ آذاف لمسمع فميسمعكا"‪.216‬‬
‫قريبان ستككف قد مضت أربع سنكات منذ كقعت في حكزتي "بركتكككالت حكماء صييكف" كال يعمـ اال اهلل كحده كـ‬
‫كانت المحاكالت الفاشمة التي بذلتيا البراز ىذه البركتكككالت إلى النكر‪ ،‬أك حتى لتحرير أصحاب السمطاف‪،‬‬
‫كاف اكشؼ ليـ عف أسباب العاصفة التي تتيدد ركسيا البميدة التي يبدك مف سكء الحظ فقدت تقديرىا لما يدكر‬
‫حكليا‪.‬‬
‫كاآلف فحسب قد نجحت ػ بينما أخشى اف يككف قد طاؿ تأخرم ػ في نشر عممي عمى أمؿ أني قد أككف قاد انر‬
‫عمى إنذار اكلئؾ الذيف ال يزالكف ذكم آذاف تسمع‪ ،‬كأعيف ترل‪.217‬‬

‫‪213‬‬
‫ىذه حقيقة مف الحقائؽ السياسية اليامة التي ال يفطف إلييا اال الحمقاء‪ .‬كلمعرفة ذلؾ يجب مقارنة الممكية في بريطانيا‬
‫بالجميكرية في فرنسا لبياف الفرؽ بيف الحكميف‪ ،‬فالفرؽ بيف الحكميف كاضح‪ ،‬كالفرؽ ينشأ دائمان ال مف شكؿ الحككمة ممكية أك‬
‫جميكرية بؿ مف تربية الشعب السياسية‪ ،‬فشكؿ الحككمة ال قيمة لو‪ ،‬لكف القيمة لمشعب‪ ،‬كمدل ادراكو كتمسكو بحقكقو كصدؽ‬
‫النبي‪ ،‬إذ قاؿ‪" :‬كما تككنكا يكؿ عميكـ"‪.‬‬
‫‪214‬‬
‫زعيـ ييكدم كاف يريد لمييكد استعمار فمسطيف ككاف عظيـ النفكذ في بريطانيا كصديؽ العائمة المالكة‪ ،‬كعاش أكثر مف قرف‬
‫(انظر "يقظة العالـ الييكدم" ص ‪ 135‬ػ ‪.)181‬‬
‫‪215‬‬
‫ىذا ما تحقؽ اآلف فعبلن‪ ،‬كاف لـ يبمغ مداه‪ .‬فمعظـ الحككمات في األمـ الكبرل كأمريكا كركسيا كبريطانيا كفرنسا‪ ،‬كالمجامع‬
‫الدكلية مثؿ مجمس األمف كىيئة األمـ المتحدة‪ ،‬كمحكمة العدؿ الدكلية كمف قبميا عصبة األمـ ‪ ،‬ككفكد األمـ السياسية إلييا ‪،‬‬
‫كاليكنسكك تبدك خاضعة لنفكذ الييكد‪ ،‬أك تتككف اكثريتيا مف أعضاء ييكد أك صنائعيـ‪ .‬كاالحداث الجارية تكشؼ عف ذلؾ بكضكح‬
‫يراه العمياف‪.‬‬
‫‪216‬‬
‫اقتباس مف كممات السيد المسيح كما ركتيا االناجيؿ‪.‬‬
‫‪217‬‬
‫كىذا ما احس بو انا المترجـ العربي لكتاب البركتكككالت‪ ،‬فقد لقيت في سبيؿ نشره مف المتاعب ما يطكؿ ذكره‪ ،‬كقد كشؼ لي‬
‫عف السمطاف الكاسع الذم يتمتع بو الييكد حتى في أبعد المؤسسات الكطنية عف نفكذ الييكد الظاىر‪ ،‬كال أتمنى أكثر مما تمنى‬
‫االستاذ نيمكس ىنا‪ ،‬كأرجك أف يككف حظي خي انر مف حظو‪ ،‬كاف كنت معرضان لبلغتياؿ في كؿ لحظة‪ ،‬كمكطد نفسي عميو‪.‬‬
‫‪127‬‬
‫لـ يبؽ ىناؾ مجاؿ لمشؾ‪ ،‬فنف حكـ إسرائيؿ المنتصر يقترب مف عالمنا الضاؿ بكؿ ما لمشيطاف مف قكة‬
‫كارىاب‪ ،‬فنف الممؾ المكلكد مف دـ صييكف ػ عدك المسيح ػ قريب مف عرش السمطة العالمية‪.218‬‬
‫اف االحداث في العالـ تندفع بسرعة مخيفة‪ :‬فالمنازعات‪ ،‬كالحركب‪ ،‬كاالشعاعات‪ ،‬كاألكبئة كالزالزؿ ػ كاالشياء‬
‫التي لـ تكف أمس اال مستحيمة ػ قد صارت اليكـ حقيقة ناجزة‪ .‬اف االياـ تمضي مندفعة كأنيا تساعد الشعب‬
‫‪219‬‬
‫كال كقت ىناؾ لمتكغؿ بدقة خبلؿ تاريخ االنسانية مف كجية نظر "أسرار الظمـ" المكشكفة‪ ،‬كال لمبرىة‬ ‫المختار‬
‫تاريخان عمى السمطاف الذم أحرزه "حكماء صييكف" كي يجمبكا نكبات عمى االنسانية‪ ،‬كال كقت كذلؾ لمتنبؤ‬
‫بمستقبؿ البشرية المحقؽ المقترب اآلف كال لمكشؼ عف الفصؿ األخير مف مأساة العالـ‪.‬‬
‫اف نكر المسيح ‪ Light Of Christ‬منفردان "كنكر كنيستو العالمية المقدسة‬
‫‪ His Holy Universal Church‬ىما المذاف يستطيعاف اف ينفذا خبلؿ األغكار الشيطانية‪ ،‬كيكشفا مدل‬
‫ضبلليا‪.220‬‬
‫أني ألشعر في قمبي بأف الساعة قد دقت لدعكة المجمع المسككني الثامف‬
‫‪ Eighth Ecumenical Council‬فيجتمع فيو رعاة الكنائس كممثمك المسيحية عامة‪ ،‬ناسيف المنازعات‬
‫‪221‬‬
‫التي مزقتيـ طكاؿ قركف كثيرة كي يقابمكا مقدـ أعداء المسيح‬

‫‪218‬‬
‫سنعكد لمكشؼ عف ىذا في كتاب مستقؿ بعد ىذا الكتاب لبياف جنايات الييكد عمى االنسانية‪ ،‬كمدل افسادىـ لمعالـ تكصبلن‬
‫إلى ىدفيـ‪ .‬كفي كتاب "المسألة الييكدية" لممرحكـ االستاذ عبد اهلل حسيف ما يكضح كثي انر مف ذلؾ لمقارئ العربي‪.‬‬
‫‪219‬‬
‫لـ يعد الديف مسيحيان أك اسبلميان كافيان كحده لمكقكؼ أماـ طغياف صييكف بؿ البد معو مف االستعانة بكؿ ما في العقكؿ‬
‫الحكيمة مف كعي‪ ،‬ككؿ ما في االيدم مف أسمحة حربية كسممية لمقضاء عمى ىذا الطغياف الذم سيدمر العالـ تدمي انر لغرض‬
‫استعباد البشر لمييكد‪ ،‬كمف ىذه الفقرة كامثاليا نممح شدة تديف االستاذ نيمكس‪ ،‬كايمانو بقدرة الديف عمى تخميص الناس مف ىذا‬
‫الخطر الساحؽ‪ ،‬كليت الديف كحده ينفع في اصبلح ما افسد الييكد‪.‬‬
‫‪220‬‬
‫لـ يعد الديف مسيحيان أك اسبلميان كافيان كحده لمكقكؼ أماـ طغياف صييكف بؿ البد معو مف االستعانة بكؿ ما في العقكؿ‬
‫الحكيمة مف كعي‪ ،‬ككؿ ما في االيدم مف أسمحة حربية كسممية لمقضاء عمى ىذا الطغياف الذم سيدمر العالـ تدمي انر لغرض‬
‫استعباد البشر لمييكد‪ ،‬كمف ىذه الفقرة كامثاليا نممح شدة تديف االستاذ نيمكس‪ ،‬كايمانو بقدرة الديف عمى تخميص الناس مف ىذا‬
‫الخطر الساحؽ‪ ،‬كليت الديف كحده ينفع في اصبلح ما أفسد الييكد‪.‬‬
‫‪221‬‬
‫المجامع المسيحية نكعاف‪ :‬مجامع خاصة عقدىا آباء كنيسة معينة كىذه كثيرة‪ .‬كمجامع عامة عقدىا آباء الكنائس مف جميع‬
‫اقطار المسككنة (األرض) كلذلؾ تسمى "مسككنية" كعددىا سبعة‪ :‬أقدميا "مجمع نيقية األكؿ" سنة ‪325‬ـ كآخرىا "مجمع نيقية‬
‫الثاني" سنة ‪787‬ـ‪ .‬كاالستاذ نيمكس يشير إلى المجامع المسككنية السبعة التي عقدىا آباء الكنيسة المسيحية لبلتفاؽ عمى تعاليـ‬
‫كاحدة اختمفت حكليا طكائفيـ المسيحية‪ ،‬كيتمنى عقد مجمع ثامف يتفؽ فيو اآلباء عمى الكقكؼ متحديف ضد الييكد‪ ،‬كلكف ال اظف‬
‫ذلؾ ممكنان‪ ،‬كال اظنو ػ اف أمكف ػ نافعان كحده‪ ،‬كال بمد مع ذلؾ مف كسائؿ سياسية كاقتصادية كحربية لمقضاء عمى ىذه المؤامرة‬
‫االجرامية‪.‬‬
‫‪128‬‬

You might also like