Professional Documents
Culture Documents
» ليس من الممكن تغيير وضع المرأة تغييرا جذريا إل إذا تم تغيير جميع الشروط الجتماعية والعائلة والحياة المنزلية« )تروتسكي ،النساء
والعائلة ،ص (45
لقد وصلت الرأسمالية إلى الباب المسدود .وتنيخ أزمة الرأسمالية العالمية بثقلها ،بحدة خاصة،
على كاهل النساء والشباب .في القرن التاسع عشر أشار ماركس إلى ميل الرأسمالية إلى تحقيق أرباح فاحشة من خلل استغلل النساء
والطفال .وقد كتب في المجلد الول لكتابه الرأسمال:
» شكل عمل النساء والطفال ،بالتالي ،أول شيء بحث عنه الرأسماليون الذين استخدموا اللت .هذه البدائل الجبارة للعمل والعمال تحولت فورا
إلى وسائل من أجل زيادة عدد العمال الجراء من خلل إدماج جميع أعضاء أسرة العامل ،تحت السيطرة المباشرة للرأسمال ،دون
أي تمييز من حيث السن أو الجنس .لقد اغتصب العمل الجباري لصالح الرأسمال المكان ،ليس فقط من لعب الطفال ،بل أيضا من
العمل الحر في المنزل ضمن حدود معتدلة لدعم السرة) «.كارل ماركس ،الرأسمال ،م ،1ص (395-394
في البلدان الرأسمالية المتقدمة أدى تغير أنماط النتاج ومحاولة الرأسماليين الدائمة للرفع من معدل الربح ،إلى التزايد المستمر لتشغيل النساء
والشباب الذين يتعرضون لسوء أنواع الستغلل ،ويعملون ،مقابل أجور أقل ،في ظل شروط سيئة بحقوق قليلة أو منعدمة .في
أمريكا وحدها التحقت 40مليون امرأة بالقوة العاملة خلل الخمسين سنة الماضية؛ أما في أوروبا فهناك 30مليون امرأة أخرى.
سنة ،1950كانت ثلث مجمل النساء المريكيات اللئي بلغن سن العمل فقط ،يمارسن عمل مأجورا؛ أما في السنة الماضية ][1999
فقد صارت النسبة ثلثة أرباع تقريبا .وتقول الحصائيات أن %99من النساء المريكيات الن سيشتغلن ،في مرحلة معينة من
حياتهن ،مقابل أجرة .إن عمل النساء ،في حد ذاته ،تطور تقدمي .إنه الشرط المسبق لتحرر النساء من الحدود الضيقة للبيت
والسرة البورجوازية ،ومن أجل تطورهن الكامل والحر ككائنات بشرية وعضوات في المجتمع.
لكن النظام الرأسمالي ينظر إلى النساء كمجرد مصدر سهل للعمل الرخيص وكجزء من "الجيش الحتياطي للعمل" يتم سحبه متى كان هناك
نقص في اليد العاملة في بعض قطاعات النتاج ونبذه مرة أخرى متى انتهت الحاجة إليه .رأينا هذا خلل كلتا الحربين العالميتين،
عندما تم جر النساء إلى المصانع من أجل تعويض الرجال الذين تم استدعائهم إلى الجيش وبعد ذلك أعدن إلى منازلهن عندما انتهت
الحرب .وقد تم تشجيع النساء مرة أخرى على الدخول إلى أماكن العمل خلل مرحلة الزدهار الرأسمالي ،سنوات الخمسينات
والستينات ،عندما كان دورهن مشابها لدور العمال المهاجرين :خزان لليد العاملة الرخيصة .مؤخرا ارتفع عدد النساء العاملت من
أجل ملء الثغرات في المسلسل النتاجي .لكن وبالرغم من كل الخطابات حول "عالم المرأة" و"سلطة الفتاة" ،وبالرغم من جميع
القوانين التي يزعمون أنها تضمن المساواة ،تبقى النساء العاملت القسم الكثر استغلل واضطهادا داخل الطبقة العاملة.
في الماضي ،كّيف المجتمع الطبقي النساء لكي تبقين غير مباليات سياسيا ،وغير منظمات ،وفوق كل شيء ،سلبيات ،وبذلك يوفرن قاعدة
اجتماعية للرجعية .لقد ارتكزت البورجوازية على هذه الشريحة من أجل البقاء في السلطة ،وذلك باستعمال خدمات المؤسسة الدينية
والصحافة )المجلت "النسائية" ،الخ .(.لكن هذه الوضعية تتغير مع تغير دور المرأة في المجتمع .لم تعد النساء تقبلن ،على القل
في البلدان الرأسمالية المتقدمة ،بأن تبقين غارقات في الجهل وتخضعن بسلبية للدور التقليدي للمؤسسة الدينية والمطبخ والطفال
)" .("Kirche, Kücher, Kinderإن هذه ظاهرة تقدمية جدا ،حبلى بالنتائج المستقبلية .بنفس الطريقة التي فقدت بها
الرأسمالية الحتياطي الجتماعي للردة الرجعية التي كانت تمتلكها بين الفلحين في الوليات المتحدة ،واليابان وأوروبا الغربية ،فإن
النساء لم تبقين بعد احتياطيا للتخلف والرجعية كما كن في الماضي .سوف تؤدي أزمة الرأسمالية ،مع هجماتها المتواصلة على
النساء والعائلة ،إلى المزيد من تجذر شرائح متوسعة باستمرار من النساء وستدفع بهن في التجاه الثوري .من المهم أن يفهم
الماركسيون المكانيات الثورية العظيمة التي تختزنها النساء وأن يتخذوا الخطوات الضرورية للوصول إليهن.
المكانيات الثورية لذا النساء أكثر مما هي لذا الرجال لنهن مفعمات بالنشاط وغير ملوثات بسنوات الروتين المحافظ التي تميز غالبا الحياة
النقابية "العادية" .كل من سبق له أن شهد إضرابا للنساء يمكنه أن يحكي عن تصميمهن الصلب وشجاعتهن وحماستهن .إنها
مهمة الماركسيين أن يدعموا كل الجراءات الرامية إلى تشجيع النساء على اللتحاق بالنقابات والمشاركة فيها بحقوق متساوية
ومسئوليات متساوية.
الممية الولى
لقد احتلت المسألة النسائية دائما مكانة مركزية في النظرية والممارسة الماركسيتين .لقد تبنت الممية الولى النضال من أجل الصلحات
بمنتهى الجدية .سنورد فيما يلي استمارة لستبيان ظروف العمل كتبها ماركس خلل نهاية شهر غشت ،1866وبعثها المجلس العام
إلى جميع الفروع:
» - (1القطاع الصناعي ،السم.
- (3عدد العمال.
- (4الرواتب والجور؛ )أ( المتعلمين؛ )ب( الجور باليوم أو العمل بالقطعة؛ المبلغ المدفوع من طرف الوسطاء .المتوسط السبوعي ،السنوي.
) - (5أ( ساعات العمل في المصانع) .ب( ساعات العمل مع صغار المشغلين وفي العمال المنزلية ،إذا كان العمل يتم في هذه النماط المختلفة.
)د( العمل الليلي والعمل النهاري.
- (7نوع الورشة والكتظاظ أثناء العمل ،عيوب التهوية ،الحاجة إلى أشعة الشمس ،استعمال ضوء الغاز ،النظافة ،الخ.
- (8نوعية العمل.
- (11حالة المهنة :ما إذا كانت مهنة موسمية أو إلى حد ما موزعة بشكل منتظم على طول السنة ،ما إذا كانت كثيرة التقلب ،ما إذا كانت
معرضة للمنافسة الخارجية ،ما إذا كانت موجهة أساسا إلى الداخل أو الخارج ،الخ.
إن الشرط الولي ،الذي بدونه ستبقى جميع المحاولت لتحسين الظروف والتحرر عقيمة ،هو تحديد طول يوم العمل.
هناك حاجة إلى تعويض الطاقة الصحية والجسدية للطبقة العاملة ،أي الجسد العظيم لكل أمة ،وكذلك لتمكينهم من فرصة التطور الثقافي
والعلقات الجتماعية والنشاط الجتماعي والسياسيMinutes of the General Council of the First) «.
(International 1864-1866, pp. 342-3
لقد اقترحوا ثمانية ساعات كحد قانوني ليوم العمل .أل يسمح بالعمل الليلي إل في بعض المهن الستثنائية أو فروع من مهن محددة في القانون.
يجب أن يكون التجاه العام هو إلغاء كل أنواع العمل الليلي .وتواصل الوثيقة في القول » :تشير هذه الفقرة فقط إلى الشخاص
البالغين ،رجال ونساء ،إل أن هؤلء الخيرات يجب أن تستثنين بشكل تام من ممارسة جميع أشكال العمل الليلي أيا كان ،وجميع
أنواع العمل المضرة بجنسهن ،أو تعريض أجسادهن للسموم وغيرها من العمال المؤذية .نعني بالشخاص البالغين جميع
الشخاص الذين بلغوا أو تجاوزوا سن الثامنة عشرة(.Ibid., p. 343) « .
من المعروف أن ابنة ماركس إلينور لعبت دورا نشيطا في العمل بين صفوف النساء العاملت في "المهن المتعرقة" )"("sweated trades
في الطرف الشرقي للندن .وقد اقترحت في مقالة صحفية حول "التعرق في مكاتب الطباعة" أن تتشكل وحدة بين كل من هؤلء
اللئي يطبعن في بيوتهن وبين اللئي يطبعن في الورشات حيث ،كما كتبت » ،إذا كنت تريد أن تعيش بعملك يتوجب عليك أن تعمل
في ظل ضغط عال وطيلة عدد كبير جدا من الساعات ،تفوق ثمانية ساعات يوميا« )Yvonne Kapp, Eleanor Marx, The
(.Crowded Years, 1884-98, p. 364كم تبدو هذه السطر آنية بالرغم من مرور مائة عام على كتابتها!
لقد كان إضراب صانعات أعواد الثقاب في لندن ،سنة ،1888نقطة انعطاف هامة ،عندما ثارت هذه الشريحة الكثر استغلل وانسحاقا من
الطبقة العاملة ضد مضطهديهن .كانت قوة العمل في مصنع بو ) (Bowفي الطرف الشرقي الفقير ،مشكلة كلها من النساء ،من
فتيات في 13سنة من عمرهن إلى أمهات ربات أسر كثيرة العدد .كانت الظروف البربرية للعمل هناك مشابهة لتلك التي يعانيها
العمال في العالم الثالث الن .كان استعمال الفسفور البيض في صنع أعواد الثقاب يسبب المرض الرهيب الذي يأكل عظام الفك،
بسبب إجبارهن على أخذ طعامهن في الجو الملوث لمكان العمل .الجور السيئة صارت أكثر سوءا بسبب نظام القتطاعات الجائر،
التي كانت تفرض غالبا على أبسط الخطاء ،التي يتسبب الرهاق في حدوثها .ونتيجة لتلك القتطاعات كان حاملو السهم يحصلون
على إيرادات أرباح تزيد بـ .%22
قامت 672امرأة ،بعد تغلبهن على مخاوفهن ،بتنظيم إضراب خلل شهر يوليوز .1888بعد أسبوعين من ذلك وبفضل دعم النقابات وتنظيم
حملة جمعت مبلغا كبيرا يساوي 400دولر ،حصلت تلك النساء على تنازلت كبيرة .ونتيجة لذلك ،نظمت تلك النساء الغير ماهرات
نقابة صناع أعواد الثقاب ،التي هي أكبر نقابة مشكلة من النساء والفتيات في إنجلترا .لقد كانت تلك خطوة عظيمة إلى المام لندلع
حركة النقابية الجديدة )" ("New Unionismفي بريطانيا عندما ،صار العمال الغير مهرة ،لول مرة ،منظمين داخل النقابات.
يقدم هذا دروسا هامة لمرحلتنا الحالية ،حيث ،وكما كان الحال قبل 100سنة ،صار عدد كبير من العمال الغير مهرة والنصف مهرة
منظمين ،ونسبة عالية منهم نساء.
لقد تعامل البلشفة دائما بجدية كبيرة مع مسألة العمل الثوري بين النساء العاملت .ولقد أعطى لينين ،خصوصا ،أهمية عظيمة لهذه المسألة،
خاصة خلل مرحلة النهوض الثوري ما بين سنة 1912و ،1914وطيلة الحرب العالمية الولى .كانت تلك هي الفترة التي بدأ فيها
تخليد اليوم الممي للمرأة ) 8مارس( بمظاهرات حاشدة للنساء العاملت .ليس من المصادفة أن ثورة فبراير )مارس حسب التقويم
الجديد( اندلعت نتيجة اضطرابات صاحبت يوم المرأة ،عندما تظاهرت النساء ضد الحرب وارتفاع كلفة المعيشة.
بدأ الشتراكيون الديمقراطيون عمل دءوبا بين النساء العاملت طيلة فترة النهوض الثوري مابين 1912و .1914نظم البلشفة أول اجتماع
لتخليد اليوم الممي للمرأة سنة 1913وأصدروا جريدة نسائية ،رابوتنيتسا )المرأة العاملة( ،سنة ،1914وقد ظهر العدد الول منها
بتزامن مع اليوم الممي للمرأة ،عندما نظم الحزب مرة أخرى مظاهرات .تعرضت تلك الجريدة ،وباقي الجرائد العمالية الخرى،
للمنع شهر يوليوز .لقد كانت الجريدة البلشفية تلقى الدعم المالي من جانب عاملت المصانع وكانت توزع من طرفهن في أماكن
العمل .كانت تتحدث عن ظروف عمل النساء العاملت ونضالتهن في روسيا وفي الخارج ،وكانت تشجع النساء على اللتحاق
بنضال العمال الذكور .حثتهن على نبذ الحركة النسوانية التي شكلتها النساء البورجوازيات في أعقاب ثورة .1905
كان العمل الثوري الذي كان الشتراكيون الديمقراطيون في روسيا يقومون به خلل الحرب العالمية الولى يواجه مصاعب هائلة .كان الحزب
والنقابات محظورين .ومع مطلع سنة 1915بدأت الحركة تتعافى من الضربات التي تلقتها خلل الشهر الولى للحرب .ومن بين
القطاعات التي بدأت تتحقق فيها مكاسب هامة نجد العمل بين النساء اللئي تم إدماجهن في قوة العمل الصناعية بأعداد كبيرة .مع
اندلع الحرب ،صارت النساء تشكلن ثلث عدد العمال الصناعيين ونسبة أعلى من هذه في قطاع صناعة النسيج .وقد تزايدت هذه
النسبة أكثر فأكثر خلل الحرب مع إرسال الرجال لداء الخدمة العسكرية .لقد ساءت أوضاع النساء خلل الحرب مع تحول العديد
منهن إلى المعيل الوحيد لسرهن وصارت المواد الساسية أكثر ندرة وأبهظ ثمنا .شاركت النساء العاملت في العديد من الضرابات
والمظاهرات ضد الصعوبات القتصادية التي سببتها مشاركة روسيا في الحرب.
بينما ضل العنصر الذكوري مهيمنا بشكل كبير على تشكيلة الحزب البلشفي )شكلت النساء خلل المؤتمر السادس للحزب البلشفي ،شهر غشت
،1917حوالي % 6من المندوبين( ،فقد بدأ العمل على كسب النساء العاملت بأعداد هائلة إلى الحزب مع اندلع انتفاضة -1912
.1914نقتطف في ما يلي استشهادا من منشور تحت عنوان" :إلى النساء العاملت في كييف" ،الذي وزعه البلشفة في كييف،
أوكرانيا ،خلل يوم المرأة الممي 08مارس .1915ويعطينا المنشور فكرة عن كيف طرح البلشفة المسألة النسائية في
منشوراتهم التحريضية العمومية .لقد ربط ندائهم اضطهاد المرأة بمعانات العمال الرجال ،وببرنامج لتحرر الشعب العامل كله:
» إن وضع المرأة يرثى له ،مثله مثل وضع أغلبية العمال ،لكنه أكثر سوءا .إنها تشتغل في المعمل وفي الورشة لصالح رب العمل الرأسمالي،
وتشتغل في البيت لصالح العائلة.
» آلف العاملت تبعن قوة عملهن للرأسمال؛ تكدح اللف منهن في العمل المأجور؛ وتعاني اللف ومئات اللف منهن تحت نير الضطهاد
السري والجتماعي .ويبدو الحال للغلبية الساحقة من النساء العاملت وكأنه يجب أن يكون على هذا الشكل .لكن هل حقا ل
تستطيع المرأة العاملة أن تأمل في مستقبل أفضل ،وأن هذا المصير رهنها لحياة كاملة من العمل والعمل فقط ،دون توقف ليل
ونهارا؟
» أيتها الرفيقات ،أيتها النساء العاملت! إن رفاقنا الرجال يكدحون معنا .مصيرهم ومصيرنا واحد .إل أنهم تمكنوا منذ وقت بعيد من إيجاد
الطريق الوحيد الذي يقود إلى حياة أفضل :إنه طريق النضال العمالي المنظم ضد الرأسمال ،طريق النضال ضد جميع أنواع
الضطهاد والشرور والعنف .أيتها النساء العاملت ،ليس هناك من طريق آخر أمامنا .إن مصالح العمال والعاملت متشابهة ،إنها
نفس المصالح .فقط في خضم نضال موحد إلى جانب العمال الرجال ،فقط من خلل اللتحاق بالمنظمات العمالية ،أي الحزب
الشتراكي الديمقراطي والنقابات والندية العمالية والتعاونيات العمالية ،سنتمكن من الحصول على حقوقنا وتحقيق حياة أفضل) «.
(Lenin's Struggle for a Revolutionary International, p. 268
كانت نساء روسيا القيصرية ،من وجهة نظر القانون ،مجرد إماء لزواجهن .وحسب القانون القيصري » :يجب على المرأة أن تطيع زوجها،
باعتباره رأس العائلة ،وأن تعامله بحب واحترام وطاعة مطلقة ،وأن تقدم له كل الخدمات ،وتعبر له عن كل امتنان ،باعتبارها
زوجة «.وقد أكد برنامج الحزب الشيوعي ،سنة ،1919أن » :مهمة الحزب في الوقت الحالي هي في المقام الول العمل في حقل
الفكار والتعليم من أجل أن ندمر ،بكل ما في الكلمة من معنى ،جميع مخلفات اللمساواة والجحاف ،خاصة بين صفوف الشريحة
المتخلفة من البروليتاريا والفلحين .ودون أن يحصر نفسه في مجرد المساواة الشكلية للنساء ،يكافح الحزب من أجل تحررهن من
العباء المادية للعمل البيتي القديم عبر تعويضه بالمساكن الشعبية والمطاعم العمومية ومؤسسات غسل الملبس ودور الحضانة،
الخ«.
لكن القدرة على تطبيق هذا البرنامج كانت رهينة بالمستوى العام للمعيشة والثقافة في المجتمع ،كما سبق لتروتسكي أن شرح في مقاله" :من
العائلة القديمة إلى العائلة الجديدة" ،الذي صدر في جريدة البرافدا ،يوم 13يوليوز ،1923حيث قال » :مرة أخرى ل يمكن الفصل
من حيث الجوهر بين التحضير المادي لشروط حياة جديدة وعائلة جديدة ،وبين العمل العام من أجل البناء الشتراكي .يجب على
الدولة العمالية أن تصبح أغنى لكي يصير من الممكن بشكل جدي معالجة مسألة التعليم العمومي للطفال وتخليص السرة من أعباء
المطبخ والغسيل .من المستحيل تشريك العمل البيتي السري وتعميم التعليم العمومي على الطفال دون تحسن واضح لقتصادنا ككل.
نحن في حاجة إلى المزيد من الجراءات القتصادية الشتراكية .لن يمكننا ،إل في ظل تلك الشروط ،أن نحرر السرة من العمال
والهتمامات التي تسحقها الن وتفككها .يجب أن تنجز مهمة غسل الملبس في مؤسسات غسل ملبس عمومية ،وأن تنجز مهمة
تحضير الطعام من طرف مطاعم عمومية وأن تنجز مهمة الخياطة من طرف ورشات عمومية .يجب أن يتعلم الطفال على يد معلمين
عموميين جيدين يتمتعون بالكفاءة للقيام بهذا العمل .عندها ستصبح العلقة بين الزوج والزوجة متحررة من كل العوامل الخارجية
والعرضية ،وسيتوقف أحدهما عن امتصاص حياة الخر.
عندها أخيرا سيتم تشييد صرح المساواة الحقيقية .ستكون العلقة مبنية على قاعدة الحب المتبادل .وستكسب ،لهذا السبب خصوصا ،استقرارا
داخليا ،لن يكون نفسه لدى الجميع ،بطبيعة الحال ،بل غير إلزامي لي كان«.
وضعت الثورة البلشفية الساس من أجل التحرر الجتماعي للنساء ،وبالرغم من أن السياسة الستالينية الرجعية شكلت تراجعا جزئيا ،فإنه ل
يمكن إنكار حقيقة أن النساء في التحاد السوفييتي حققن خطوات جبارة إلى المام في النضال من أجل المساواة .لم تبقى النساء
مجبرات على العيش مع أزواجهن أو مرافقتهم إذا ما أدى تغيير العمل إلى تغيير البيت .لقد أعطين حقوقا متساوية ليكن ربات البيت
وحصلن على أجر متساو .لقد أعطي اهتمام كبير للدور النجابي الذي تقوم به النساء وتم إصدار قوانين حضانة خاصة تمنع ساعات
العمل الطويلة والعمل الليلي وسنت إجازة ولدة مدفوعة الجر ومراكز العناية بالسرة ورعاية الطفال .تم العتراف قانونا بالحق
في الجهاض سنة ،1920وتم تسهيل إجراءات الطلق وتشريع الزواج المدني .وقد تم أيضا إلغاء مفهوم الطفال الغير شرعيين.
وبتعبير لينين » :إننا لم نبقي ،بالمعنى الحرفي للكلمة ،أي حجر على حجر من القوانين الحقيرة التي وضعت النساء في حالة أدنى
بالمقارنة مع الرجل«.
تم تحقيق تقدم مادي في طريق تسهيل النخراط الكلي للنساء في جميع مجالت المجتمع ،والحياة القتصادية والسياسية :توفير وجبات غذائية
مجانية في المدارس ،الحليب للطفال ومعونات خاصة في ما يتعلق بالطعام والملبس للطفال المحتاجين ،ومراكز الستشارة الطبية
أثناء الحمل ومستشفيات الولدة ودور الحضانة وغيرها من الخدمات.
كتب تروتسكي في الثورة المغدورة ما يلي » :لقد برت ثورة أكتوبر بوعودها المتعلقة بالمرأة .لم تكتف السلطة الجديدة بمنح المرأة جميع
الحقوق السياسية والقانونية على قدم المساواة مع الرجل ،بل الشيء الكثر أهمية هو أنها قامت بكل ما بوسعها ،وفي جميع
الحالت ،أكثر بما ل يقاس مما قام به أي نظام آخر على الطلق ،من أجل أن تضمن لها الدخول إلى كل أشكال العمل القتصادي
والثقافي .لكن حتى أقوى الثورات عاجزة ،مثلها مثل البرلمان البريطاني الـ "كلي القدرة" ،عن جعل المرأة كائنا مشابها للرجل .أو
بمعنى آخر عاجزة عن أن توزع بينها وبين رفيقها متاعب الحمل والولدة والرضاعة وتربية الطفال .لقد بذلت الثورة جهدا بطوليا
من أجل تدمير ما يسمى بـ "البيت العائلي" المن .تلك المؤسسة القديمة الفاسدة والراكدة التي حكم فيها على نساء الطبقات
الكادحة بالشغال الشاقة منذ الطفولة حتى الموت .كان من المفترض استبدال السرة ،من حيث هي مؤسسة صغيرة مغلقة ،بنظام
مكتمل للخدمات والتجهيزات الجتماعية :مراكز أمومة ،حضانات ،حدائق للطفال ،مطاعم ،مؤسسات تنظيف الثياب ،مستوصفات،
مستشفيات ،مراكز للنقاهة ،منظمات رياضية ،دور سينما ومسارح ،الخ .إن المتصاص الكامل لمهام تدبير الشؤون المنزلية التي
تقوم به السرة من طرف مؤسسات المجتمع الشتراكي ،بغية توحيد كل الجيال برابطة التضامن والتعاون المتبادل ،كان سيحقق
للمرأة ،وبالتالي للزوجين المتحابين ،تحررا حقيقيا من القيود البدية) «.تروتسكي ،الثورة المغدورة ]فصل :السرة ،الشبيبة،
الثقافة ،الترميدور في السرة[(
الممية الشيوعية
سيرا على خطى الحزب البلشفي ،أعطت الممية الشيوعية أهمية عظيمة للعمل بين النساء وأعطت تعليماتها للحزاب الشيوعية بأن » توسع
نفوذها إلى أوسع شرائح الجماهير النسائية من خلل تنظيم أجهزة خاصة داخل الحزب وانتهاج طرق خاصة للتواصل مع النساء،
بهدف تحريرهن من تأثير التصور البورجوازي للعالم أو تأثير الحزاب التوفيقية وتعليمهن لكي يصبحن مكافحات حازمات من أجل
الشيوعية وبالتالي من أجل تحرر النساء الكامل«.
لم تكن دعوة الممية الشيوعية إلى إقامة "أجهزة خاصة" لغرض العمل بين النساء ،تعني إطلقا الرغبة في خلق منظمات نسائية مستقلة.
كانت مثل هذه الفكرة ستكون أكثر فظاعة من فكرة خلق منظمات ثورية مستقلة للقوميات المضطهدة كاليهود والسود ،الخ ،وهو
الشيء الذي ناضل ضده دائما كل من لينين وتروتسكي .في الحقيقة نصت الموضوعة بشكل واضح على أن » المؤتمر الثالث
للممية الشيوعية يعارض بشكل حازم جميع أنواع الجمعيات النسائية المستقلة داخل الحزاب والنقابات أو المنظمات النسائية
الخاصة« )Theses, Resolutions and Manifestos of the First Four Congresses of the Third
(International, p. 217
المعنى الذي كانوا يرمون إليه كان هو الحاجة إلى مجموعات خاصة من الرفاق /الرفيقات المتخصصين/المتخصصات والماهرين/الماهرات في
القيام بهذا النوع من العمل ،من أجل القيام بالمهام التقنية حول نشر الدعاية والمنشورات ،الخ .وعموما تنظيم هذا العمل .وقد تم
التأكيد أيضا على أنه يجب على مثل هذه المجموعات أن ل تشتغل باستقللية عن الجهزة الحزبية المنتخبة ،بل يجب عليها العمل
تحت رقابتها .وقد تم تحديد الهداف الرئيسية لهذا العمل على الشكل التالي:
- (2النضال ضد التحيز الممارس ضد النساء من طرف جماهير البروليتاريين الرجال ،والرفع من وعي العمال الرجال والنساء بأن لهم مصالح
مشتركة؛
- (3تقوية عزيمة النساء العاملت باستقطابهن إلى المشاركة في جميع أنواع الصراع الجتماعي وتشجيع نساء البلدان البورجوازية على
المشاركة في النضال ضد الستغلل الرأسمالي ،وفي النضالت الجماهيرية ضد غلء المعيشة وضد أزمة السكن والبطالة وغيرها
من المشاكل الجتماعية ،وتشجيع نساء جمهوريات التحاد السوفييتي على أن يشاركن في بناء الشخصية الشيوعية والطريقة
الشيوعية في الحياة؛
– (4من أجل أن يوضع على جدول أعمال الحزب ويتضمن في المقترحات التشريعية المسائل التي تهم مباشرة تحرر النساء ،والتأكيد على
تحررهن والدفاع عن مصالحهن كمنجبات للطفال؛
- (5شن نضال مخطط له بشكل جيد ضد سلطة التقاليد ،والعادات البورجوازية والفكار الدينية ،وتنظيف الطريق أمام ظهور علقات سليمة
وأكثر تناغما بين الجناس ،وضمان الحيوية الجسدية والخلقية للشعب العامل(Ibid., p. 218) «.
لم تكن الممية الشيوعية في ظل لينين وتروتسكي لتقبل أبدا باتخاذ موقف ل مبالي أو رافض اتجاه هذا الحقل الحيوي من حقول العمل الثوري.
لقد أكد المؤتمر الثالث للممية الشيوعية على أنه » بدون المشاركة النشيطة لوسع جماهير البروليتاريات والنصف بروليتاريات،
ل يمكن للبروليتاريا ل أن تحسم السلطة ول أن تحقق الشيوعية.
وفي نفس الن لفت المؤتمر مرة أخرى انتباه جميع النساء إلى واقع أنه ل يمكن تحقيق العتراف بحقوق المرأة باعتبارها إنسان وتحقيق
تحررها الحقيقي بدون دعم الحزب الشيوعي لجميع المشاريع التي تقود إلى تحرر النساء(.Ibid., pp. 213-4) «.
وهكذا أكدت الممية الشيوعية في ظل لينين وتروتسكي ،منذ البداية ،على الدور المركزي للمسألة النسائية ،لكنها :أ( قاربت المسألة بشكل
حازم من وجهة نظر ثورية وطبقية وب( شرحت أنه ل يمكن تحقيق التحرر الحقيقي للنساء إل في ظل الشتراكية .لقد أكدت الممية
الشيوعية على ضرورة إدماج العمل النسائي في العمل الحزبي العام ،وليس عزله كشيء منفصل:
» من أجل تقوية الروح الرفاقية بين العاملت والعمال ،من المستحب عدم تشكيل فصول دراسية أو مدارس خاصة للنساء الشيوعيات ،بل يجب
على جميع مدارس الحزب العامة أن تتضمن بكل تأكيد فصل عن طرق العمل بين النساء(.Ibid., p. 227) «.
خلل المؤتمر الرابع ،المؤتمر اللينيني الخير للممية الشيوعية ،تم القيام بتقييم مختصر ،أشار إلى الهمية العظيمة التي يكتسيها هذا العمل
بالنسبة إلى أممية ثورية )وقام بإشارة خاصة إلى مشكلة النساء في بلدان الشرق المتخلفة والمستعمرة( لكنه أوضح أيضا أن هذا
العمل لم ينجز بما يكفي من الحيوية من طرف بعض الفروع:
» أعطى نشاط سكرتارية النساء في الشرق أيضا الدليل على ضرورة وقيمة وجود منظمات خاصة من أجل العمل الشيوعي بين صفوف النساء.
لقد قامت سكرتارية النساء في الشرق بعمل هام وناجح في ظل ظروف جديدة وغير معتادة .لكن مع السف ،على المؤتمر الرابع
للممية الشيوعية أن يعترف بأن بعض الفروع إما فشلت كليا أو أنها قامت بشكل جزئي بمسئوليتها في إعطاء دعم ثابت للعمل
الشيوعي بين النساء .إن تلك الفروع ،وإلى يومنا هذا ،إما أنها فشلت في اتخاذ إجراءات لتنظيم النساء الشيوعيات داخل الحزب ،أو
أنها فشلت في خلق منظمات حزبية قادرة على انجاز العمل بين جماهير النساء وبناء الصلت معهن.
» يؤكد المؤتمر الرابع بإلحاح على الحزاب المعنية أن تصحح تلك الخطاء بأسرع وقت ممكن .إنه يدعو كل فروع الممية الشيوعية على
القيام بكل ما تستطيعه لتشجيع العمل الشيوعي بين النساء ،بالنظر إلى الهمية العظيمة لهذا العمل .ل يمكن تحقيق الجبهة
البروليتارية الموحدة بدون المشاركة النشيطة والواعية للنساء .وفي ظل ظروف معينة ،إذا ما توفرت علقات صحيحة ووطيدة بين
الحزاب الشيوعية والنساء العاملت ،يمكن للنساء أن يصبحن رائدات للجبهة البروليتارية الموحدة وللحركات الثورية
الجماهيرية(Ibid., p. 326) «.
دور الستالينية
قال الشتراكي الطوباوي الفرنسي العظيم ،فورييه ،بحكمة أن وضع المرأة هو التعبير الوضح عن الطبيعة الحقيقية لنظام اجتماعي ما .وبينما
عملت الثورة البلشفية على تحرير النساء ،أدت الردة الرجعية الستالينية إلى انقلب عنيف في السياسة اتجاه النساء والعائلة .تم
القضاء على العديد من المكتسبات التي حققتها الثورة .تم منع الحق في الجهاض وجعل الطلق أكثر فأكثر صعوبة إلى أن أصبح
إجراءا قضائيا باهظ التكاليف .بدأ يتم اعتقال العاهرات ،في حين أن السياسة البلشفية كانت تتمثل فقط في اعتقال مالكي بيوت
الدعارة وحدهم وفضح الرجال الذين يستأجرون العاهرات ،وتوفير تكوين مهني طوعي للعاهرات .تم تقليص ساعات عمل مراكز
دور الحضانة لكي تتساوى مع ساعات يوم العمل .وتم الشروع في تعليم الفتيات في المدارس دروسا خاصة لتحضيرهن للقيام
بأدوارهن كأمهات وربات بيوت.
سنة ،1938حدد تروتسكي الوضع السائد بالعبارات التالية » :وضع المرأة هو المؤشر الكثر وضوحا وتعبيرا لتقييم نظام اجتماعي ما
وسياسة دولة ما .لقد كتبت ثورة أكتوبر على رايتها تحرر جنس النساء وسنت التشريع الكثر تقدمية في تاريخ الزواج والسرة.
هذا ل يعني ،بطبيعة الحال ،أنه تحققت فورا ’حياة سعيدة‘ للمرأة السوفييتية .ليس من الممكن تحقيق التحرر الحقيقي للنساء بدون
تحقيق ارتفاع عام في القتصاد والثقافة ،بدون تدمير القتصاد العائلي البورجوازي الصغير ،بدون توفير مؤسسات اشتراكية
لتحضير الطعام والتعليم .إل أن البيروقراطية ،الموجهة بغريزتها المحافظة ،بدأت تدق جرس النذار بخصوص ’تفكك السرة‘ .لقد
بدأت تكيل المديح للعشاء العائلي وللغسيل العائلي ،أي للستعباد المنزلي للنساء .ولتتويج كل هذا ،أعادت البيروقراطية تطبيق
العقاب الجرامي ضد الجهاض ،الشيء الذي يعني رسميا إعادة النساء إلى حالة حيوانات للحمل .وهكذا أعادت الطغمة الحاكمة ،في
تناقض كلي مع أبجدية الشيوعية ،نواة المجتمع الطبقي الكثر رجعية وظلمية ،أي السرة البرجوازيةTrotsky, Writings) «.
((1937-38), p. 170
بالرغم من أنه بعد موت ستالين ،سنة ،1953تمت إعادة بعض الصلحات ،من قبيل تشريع الجهاض ،فإن وضع النساء في التحاد السوفييتي
لم يستعد أبدا المكانة التي كان عليها في ظل لينين وتروتسكي .إل أنهن بقين يتمتعن بالعديد من المتيازات مقارنة مع النساء في
الغرب .النمو القتصادي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية ،والذي يعود الفضل فيه للقتصاد المخطط ،سمح بحصول تحسن عام ثابت:
تحديد سن التقاعد في 55سنة ،ل تمييز فيما يتعلق بالجور والتشغيل ،حق النساء الحاملت في التحول إلى عمل أخف مع إجازة
أمومة مدفوعة الجر تصل إلى 56يوما قبل الوضع و 56يوما بعد الوضع .وقد ألغى تشريع جديد ،صدر سنة ،1970العمل الليلي
والعمل تحت الرض بالنسبة للنساء .وارتفع عدد النساء في التعليم العالي من % 28سنة ،1927إلى % 43سنة ،1960إلى 49
%سنة .1970البلدان الخرى الوحيدة في العالم حيث شكلت النساء نسبة أكثر من % 40في التعليم العالي هي فنلندا وفرنسا
والوليات المتحدة.
كان هناك تحسن في ميدان رعاية الطفال قبل سن التمدرس :حيث استفاد 500,000طفل ،سنة ،1960لكن هذا الرقم ارتفع سنة 1970إلى
أكثر من خمسة مليين .انعكست النجاحات العظيمة التي حققها القتصاد المخطط ،والثار اليجابية على تحسين ظروف الرعاية
الصحية ،في تضاعف معدل أمل الحياة بالنسبة للنساء ليصل إلى 74سنة وتقليص معدل وفيات الطفال بـ .% 90وقد ارتفعت
نسبة النساء العاملت في مجال التعليم ،سنة ،1975بـ .% 73سنة 1959كانت ثلث النساء تشتغلن في وظائف حيث % 70من
قوة العمل كن نساء ،لكن مع حلول سنة 1970ارتفع هذا الرقم إلى .% 55خلل تلك الفترة % 98من هيئة التمريض كن نساء،
وكذلك % 75من هيئة التعليم و % 95من القيمين على المكتبات و % 75من الدكاترة .سنة ،1950كانت هناك 600دكتورة في
مجال العلوم ،لكن مع سنة 1984ارتفع الرقم إلى !5,600
لقد ضربت الردة الرأسمالية مكاسب الماضي هذه بسرعة ،ورمت النساء إلى وضع من العبودية المنحطة تحت اسم العائلة المنافق .وقد سقط
الجزء الكبر من ثقل الزمة على كاهل النساء.إن النساء هن أول من يتعرضن للتسريح ،من أجل تلفي أداء العانات الجتماعية،
من قبيل تعويضات الطفال والمومة .إذا أخذنا بعين العتبار أن النساء كن يشكلن % 51من قوة العمل الروسية قبل سنوات قليلة،
وأن % 90من النساء كن يعملن ،فإن ارتفاع البطالة كان يعني أن أكثر من % 70من العمال العاطلين في روسيا الن نساء.
ويصل الرقم في بعض المناطق إلى .% 90
انهيار الخدمات الجتماعية وارتفاع البطالة يعني أن جميع المنافع التي حققها القتصاد المخطط للنساء صارت تتعرض للتدمير بشكل ممنهج.
وسيحكم ارتفاع معدل البطالة على المزيد من الناس بالفقر في روسيا أكثر مما في الغرب ،لن العديد من الخدمات تقدم مباشرة في
أماكن العمل » :ل تزال البطالة تشكل وصمة عار في روسيا .لقد توقفت البطالة ،سنة 1991فقط ،عن أن تكون جريمة .إن هؤلء
الذين ل يملكون عمل مهددون بالفقر المطلق .خدمات التعويض عن البطالة مرتبطة بالحد الدنى للجور 14،620 ،روبل في
الشهر ،أي ما يعادل ثلث حد الكفاف الرسمي وحوالي سبع ) (7/1متوسط الجور .العاطلون في الغالب أسوء حال مما تعكسه هذه
الرقام ،إذ أن أغلبية الخدمات الجتماعية الساسية من قبيل :الصحة والتمدرس والنقل ،توفرها الشركات بدل الحكومة المحلية،
وهكذا فإنها متوفرة فقط للناس العاملين« )تقرير .(-The Economist -93/ 12/ 11
في ظل النظام السابق ،كانت النساء تحصلن على % 70من أجر الرجال .وقد صار الرقم الن .% 40في ظل التحاد السوفييتي السابق كان
التكفل بالعائلة اعتمادا على أجرة واحدة مسألة صعبة للغاية ،أما الن ،ومع الرتفاع المهول للفقر ،فقد صارت مسألة مستحيلة
عمليا .وهكذا فإن النساء شكلن الضحايا الرئيسيات لهذا النظام الرجعي .لقد ارتفع معدل الدعارة بشكل رهيب ،مثل تلك النساء اللئي
يحاولن الحفاظ على بقائهن من خلل بيع أجسادهن للقادرين على شرائهن – الغنياء الجدد النذال والجانب على وجه الخصوص.-
وحتى هنا فإنهن يقعن فريسة للمافيا التي تطالبهن بـ % 20على القل من مجموع مداخيلهن .وتعرض المجلت الغربية النساء
الروسيات ،إلى جانب نساء من بلدان العالم الثالث ،كزوجات متوقعات للجانب .يتغلف في هذا الذلل العبودي للنساء ،اللئي تم
تحويلهن إلى بضائع ،إذلل بلد صار يرغم على الخضوع لنير الستغلل في أكثر مظاهره سفورا ووقاحة.
خلل العاشر من فبراير ،1993أعلن وزير العمل الروسي آنذاك ،ج مليكيان ،عن الحل الذي تقترحه الحكومة لمشكلة البطالة .وقد قال بعبارات
تشرف أي سياسي بورجوازي يميني في الغرب ،أنه ل يرى أية حاجة لبرامج خاصة لمساعدة النساء من أجل العودة إلى العمل.
وتساءل » :لماذا علينا أن نحاول إيجاد عمل للنساء بينما الرجال عاطلون ويعيشون على تعويضات البطالة؟« .وأضاف » :دعوا
الرجال يعملون والنساء يقمن برعاية منازلهن وأطفالهن« .إن مثل هذه اللغة ،التي كان من المستحيل سماعها في الماضي ،صارت
الن بوضوح تعتبر شيئا عاديا ومقبول .نرى هنا ،بشكل أكثر وضوحا مما في أي مكان آخر ،الوجه الحقيقي للردة الرأسمالية
الرجعية :الفظاظة والوحشية والجهل ،ردة بشعة نحو أيام العبودية القيصرية حينما كان مسموحا لجميع العبيد بأن يكونوا أسيادا
على زوجاتهم وأطفالهم كتعويض عن ظروفهم المنحطة.
ل يتعلق المر بروسيا وحدها .ففي ألمانيا الشرقية السابقة ،كان لدى تسعة أعشار النساء منصب عمل قار .كان عمل النساء يعتبر حقا.
ولتمكينهن من المزاوجة بين العمل ورعاية السرة ،وفرت الدولة مؤسسات رعاية طفولة شاملة ،وإجازة سنة على كل رضيع.
والن تم تدمير جميع مكتسبات القتصاد المؤمم المخطط هذه .بعد توحيد ألمانيا ،تم القضاء على ثلث مناصب شغل النساء من خلل
البطالة المكثفة في القطاع العام ،والنسيج والزراعة .وتشير صحيفة اليكونوميست في أحد تقاريرها ) (18/7/98إلى أنه » :خلل
السنوات القليلة الماضية تأرجح معدل بطالة نساء ألمانيا الشرقية حول رقم ،% 20حوالي 5نقاط مئوية أعلى من معدل الرجال،
ومرتين أكثر من معدل بطالة كل من الرجال والنساء في ألمانيا الغربية .لقد بدأت نساء ألمانيا الشرقية ،المحرومات من مداخيلهن
)وكذالك من نظام رعاية الطفولة( في القتصاد فورا في عدد الطفال .نزل معدل الولدات في ألمانيا الشرقية إلى نصف المعدل
الضعيف أصل والذي كان يساوي 1,56طفل لكل امرأة سنة .1989وبقي أقل من طفل واحد لكل امرأة .لكن نساء ألمانيا الشرقية ل
يتخلين عن وظائف الشغل«.
"العالم الثالث"
عرف وضع النساء في البلدان الرأسمالية المتقدمة ،خلل النصف قرن الماضي ،تحسنا ملحوظا .صار لديهن ،من الناحية الرسمية على القل،
نفس الحقوق التي للرجل .لديهن نفس إمكانية اللتحاق بالتعليم وارتفعت ،إلى حد ما ،إمكانية استفادتهن من مناصب الشغل .إل أن
هذا الوضع ل يصدق على العالم المستعمر سابقا ،الذي يحتوي ثلثي الجنس البشري .عبودية المرأة صارت اليوم أسوء مما كانت
عليه في أي وقت آخر في التاريخ .كل سنة تموت 500,000امرأة من تعقيدات مرتبطة بالولدة ،وربما تموت 200,000امرأة
أخرى بسبب الجهاض .ل تنفق بلدان العالم المستعمر سابقا إل % 4من دخلها القومي الخام على الصحة ،مما يساوي 41دولر
للشخص ،مقارنة مع 1900دولر في البلدان الرأسمالية المتقدمة .وحوالي 100مليون طفل ،ما بين 6ستة سنوات و 11سنة
محرومون من الدراسة .ثلثاهم إناث .السبب الرئيسي للفقر الطاحن المستشري في العالم الثالث هو النهب المضاعف الذي تتعرض
له الثروات من خلل شروط التبادل التجاري ،والتريليوني ) 2تريليون( دولر من الديون التي يدين بها العالم الثالث للبناك الغربية
الكبرى.
تضمن السيطرة المطلقة التي تمارسها المبريالية والشركات المتعددة الجنسيات العملقة أن يتم العتصار العديم الرحمة لفائض القيمة حتى
آخر قطرة ،من دماء الرجال والنساء والطفال بدون تمييز .في الواقع ل تزال عمالة الطفال موجودة حتى في البلدان الرأسمالية
المتقدمة ،لكنها في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللتينية تعتبر قاعدة .ل يجد الباء الذين يعيشون على حافة الفاقة أي مخرج سوى بيع
أطفالهم لعبودية فعلية ،بما في ذلك أكثر أشكال العبودية قذارة ،أي الدعارة .تنز القيمة المضافة التي يمتصها ممثلو الحضارة
الغربية المسيحية النسانية بدماء وعرق ودموع مليين النساء المستغلت والطفال المستغلين ،بالضبط كما كان الحال عليه أيام
ماركس .يدعي البورجوازيون أن تلك المعانات تصيبهم بالسى ،لكنهم على أية حال يواصلون ملء جيوبهم.
تمتص الحتكارات الكبرى ،من قبيل ديزني ونايكي ،أرباحها من العمل العبودي في بلدان من قبيل هايتي .دخول الرأسمال الكبير حطم بل رحمة
العلقات البطريركية القديمة التي وجدت في الماضي ،كما شرح ماركس وإنجلز على صفحات البيان الشيوعي .لقد أضفى هذا الواقع
ميزة أكثر قسوة على الستغلل الرأسمالي في العالم الثالث .الحماية التي كانت متوفرة للنساء والطفال في الماضي من طرف
السرة الممتدة وقوانين المجتمع القبلي -العشائري ،تم تدميرها ولم يتم تعويضها بأي شيء .وهكذا فإن النساء في شبه القارة
الهندية ل يزلن يعانين من العذابات القديمة التي تنضاف إلى الستغلل القتصادي الوحشي الذي يمارسه النظام الرأسمالي .لم
تتمكن البورجوازية الهندية ،بعد مرور نصف قرن عن ما سمي بالستقلل ،من القضاء على نظام الطوائف .ول تزال موجودة تلك
الممارسة الهمجية المسماة "سوتي" والتي تجبر النساء خللها على رمي أنفسهن في المحرقة الجنائزية لزواجهن المتوفين.
هناك مئات الحالت كل عام .وتعامل تلك الرامل اللئي ينجحن في الفرار من هذا المصير كصعلوكات وكمنبوذات اجتماعيا ليس
لديهن أي حق في الحياة .يتعرضن للضرب والتجويع والذلل من طرف أقاربهن حتى يدفعن إلى النتحار.
في كل أنحاء القارة السيوية ينظر إلى ولدة النثى كدليل على سوء الحظ في المجتمعات الزراعية .وأد الناث فعل شائع .ملجئ الطفال في
الصين ملئ بالناث على وجه الخصوص واللئي يعانين من التجويع والهمال .السبب الكامن وراء هذا هو أن الفلحين السيويين
الفقراء يحتاجون إلى أسر واسعة لتقوم برعايتهم عندما يصلون سن الشيخوخة في مجتمعات ل يوجد فيها أي نظام معاشات أو
ضمان اجتماعي .الطفال الذكور أقوياء ويمكنهم القيام بعدد أكبر من العمال ،بينما تحتاج الطفال الناث إلى المهر لكي يتم
تزويجهن .في الهند ،إذا ما تم اعتبار المهر غير كاف فإن العروس يمكن أن تتعرض للقتل على يد أسرة العريس .هذا وضع الهند
في مطلع القرن الواحد والعشرين .وليست الوضاع أفضل كثيرا في باكستان ،حيث الشريعة السلمية هي القانون .ليس للنساء
عمليا أي حق ويمكن أن يتعرضن لما يراه آبائهن وأزواجهن مناسبا .لكن يمكن اعتبار باكستان جنة للحرية إذا ما قورنت بأفغانستان
في ظل حكم طالبان .قبل ثورة 1979كان النشاط القتصادي الرئيسي في أفغانستان هو بيع النساء كعرائس .وقد سن الستالينيون
الفغان قوانين تعطي الحقوق للنساء .لكن الن كل ذلك تحطم .النساء محرومات من جميع الحقوق ومسجونات في البيت .وبما أنهن
محرومات من العمل ،فإنهن معرضات للجوع .هذا القانون الهمجي مطبق بشكل صارم حتى بالرغم من واقع وجود نقص جدي في
اليد العاملة نتيجة للعدد الكبير من الرجال الذين قتلوا خلل الحرب .ول يهم ما إذا كانت العديد من تلك النساء يمتلكن مهارات هناك
حاجة إليها كالمعلمات والممرضات .يجب عليهن أل يشتغلن .هذا هو الوجه الهمجي الحقيقي للردة السلمية .لكن المسئولين
الحقيقيين عن ذلك هم المبرياليون في واشنطن وعملئهم في باكستان الذين عملوا على تسليح وتمويل هؤلء الوحوش في
صراعهم ضد "الشيوعية".
إن النضال في أفغانستان من أجل حقوق النساء مرتبط بشكل ل ينفصم بالنضال الثوري من أجل التغيير الشتراكي للمجتمع وإسقاط نظام الردة
الدينية الهمجي هذا .تشكل النساء في أفغانستان احتياطيا هائل للثورة .هذا الواقع تؤكده خبرة إيران .فبعد عشرين سنة من سيطرة
النظام السلمي الرجعي ،سئمت الجماهير من حكم المللي .يثقل عبئ الصولية ،على وجه الخصوص ،كاهل النساء اللئي بدأن
يعبرن عن تحديهن له ،كما شاهدنا ذلك عندما هزمت إيران الوليات المتحدة في مقابلة كرة القدم ،حيث خرجت النساء بتحد إلى
الشوارع لينشدن ويرقصن مع الرجال بدون "شادور" ،ووقف المللي عاجزين عن منع ذلك .هنا أيضا ،سوف تلعب النساء دورا
حاسما في الثورة اليرانية القادمة.
سبق للينين مرة أن قال أن" :الرأسمالية هي الرعب بدون نهاية" .ويصيب هذا الرعب النساء قبل أي كان ،والنساء في العالم الثالث بشكل أكثر
وحشية .فشل جبهة التحرير الوطني "الشتراكية" في الجزائر في انجاز الثورة حتى النهاية ،هو الذي أدى إلى هذا المأزق الدموي
الحالي .المجازر الرهيبة ضد الرجال والنساء والطفال ،حيث تمزقت ،بالمعنى الدقيق للكلمة ،قرى بأسرها بالسكاكين والفؤوس،
ويحدث هذا في ظل تواطؤ صامت من الغرب .من الواضح أن هذه العمال الوحشية ليست من تنفيذ الرهابيين السلميين وحدهم،
بل هي أيضا ،وربما أساسا ،من تنفيذ النظام العسكري وفرق الموت التابعة له .بالضافة إلى معاناتهن جميع مظاهر الرعب الخرى،
اعتبرت النساء هدفا للختطاف والغتصاب .وقد أقدم عدد كبير من هؤلء النساء لحقا على النتحار .وقد شهدنا مرة أخرى
استعمال الغتصاب كسلح في يد الرجعية في إندونيسيا ،حيث نظم نظام سوهارتو المذابح ضد الصينيين ،بنفس الطريقة التي كان
بها النظام القيصري ضد اليهود .تبين لنا هذه الفظائع الحدود التي يمكن للطبقة الحاكمة أن تصلها .نفس المصير ينتظر البلدان
المتقدمة في المستقبل إذا لم تقم الطبقة العاملة بأخذ السلطة في المرحلة المقبلة.
تتحمل النساء المنحدرات من الشرائح الفقر في المجتمع العبء الرئيسي للضطهاد .إل أن هناك ،في العالم الثالث خصوصا ،العديد من حالت
المعاملة الهمجية واللإنسانية ضد نساء الطبقات الخرى .يجب على الماركسيين أن يناضلوا ضد جميع أشكال الظلم في المجتمع،
مع وقوفنا على أرضية الطبقة العاملة التي هي الطبقة الوحيدة التي في إمكانها قيادة المجتمع وإخراجه من هذا الطريق المسدود.
يجب علينا أن نشجب كل شكل من أشكال الظلم ضد النساء.
دون أن نجرح المشاعر الدينية ،وباستعمال لغة ذكية ،يجب علينا أن نفضح الدور الذي يلعبه الدين .يتطلب النضال من أجل الثورة في آسيا
والشرق الوسط نضال مستميتا ضد جميع أنواع الظلمية الدينية والصولية ،التي وبغض النظر عن ديماغوجيتها "المعادية
للمبريالية" تلعب دائما أكثر الدوار رجعية في المجتمع .سوف يبقى تحرر النساء سرابا ما لم يسر يد في يد مع النضال ضد كل
الديان ،التي تدعم حتما وتديم استعباد النساء.
المرأة والبطالة
تعبر أزمة الرأسمالية عن نفسها من خلل وجود معدلت عالية من البطالة حتى خلل مراحل الزدهار .ويؤثر هذا الواقع على النساء والشباب
بشكل أكثر حدة مما هو على باقي أعضاء المجتمع .معدلت البطالة بين صفوف النساء أكثر ارتفاعا من المتوسط .ول تعكس هذه
الرقام الوضع الحقيقي بما أنها تقصي عددا كبيرا من النساء اللئي فقدن كل أمل في إيجاد منصب شغل ولم يعدن يكلفن أنفسهن
بالتسجيل في مراكز التشغيل .الميل العام نحو فرض نظام العمل الغير رسمي )تحت غطاء المرونة( لديه أشد الثار تدميرا على
النساء .وحتى بدون هذا النظام فإن أغلب النساء محكوم عليهن بالعمل في ظل أشد الظروف فظاعة ومقابل أدنى الجور .والن
صارت ظروفهن تتحول من سيء إلى أسوء .النتشار الجامح للعمل المؤقت الجزئي ،الذي يزعمون أنه أكثر ملئمة للنساء هو مبرر
مثالي لفرض مثل هذه الظروف على الفئة الشد اضطهادا في المجتمع ،وتعترف اليكونوميست قائلة:
» تشكل النساء في الوليات المتحدة ،باقتصادها المزدهر وسوق العمل الضيق فيها ،نعمة من عند ال بالنسبة لرباب العمل .تشغيلهن عادة ما
يكلفهم أقل مما يكلفهم تشغيل الرجال ،وهن أكثر استعدادا للقبول بالمرونة وأقل ميل إلى العتراض إذا ما كانت ظروف العمل سيئة.
وعدد جد قليل منهن عضوات في النقابات .والشيء الوحيد المثير للدهشة إذن هو أن معدلت بطالة النساء المريكيات ليست أقل من
معدلت بطالة الرجال(The Economist, 18/7/98) .
وتضيف الصحيفة » :العديد منهن يمارسن ما يسميه اقتصاديو سوق العمل بـ "العمل الشاذ" ،أي ذلك النوع من العمل الذي يناسب أكثر قطاع
الخدمات :العمل الجزئي ،المؤقت ،المتضمن لساعات العمل الغير منتظمة أو الستثنائية أو المنجز على أساس العقدة .بعضهن ل
يتمتعن بالضمان الجتماعي وأغلبيتهن يتلقين أجورا هزيلة .لقد أبانت النساء المتلهفات ليجاد طريقة للمزاوجة بين العمل وبين
السرة عن كونهن أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع هذه الطريقة الجديدة في العمل من الرجال« )The Economist,
(.18/7/98
يتزايد العمل الجزئي في كل مكان .يشكل هذا النوع من العمل الوظيفة الوحيدة التي في إمكانهن شغلها لنها تسمح لهن بالمزاوجة بين العمل
والسرة .هذا المر يلءم أرباب العمل إلى حد كبير لنه يمكنهم من معاملة عمالهم بالطريقة التي تحلو لهم ،يضغطون عليهم للقيام
بمهام أضخم ويدفعون لهم أجورا زهيدة .هناك تنويعات جديدة من هذا النوع من العمل تظهر إلى الوجود طوال الوقت .آخرها هو
العامل "العرضي" :الذي هو في الحقيقة عامل ليس من المفترض أن يكون عمله متواصل .يشتغل مثل هؤلء العمال في تشكيلة
واسعة من القطاعات ،يقومون بعمل مؤقت أو عمل على أساس العقدة أو تحت الطلب .في أمريكا ،تحدد التقديرات الخيرة لدارة
التشغيل عددهم بحوالي 5.5مليون شخص ،وأكثر من نصفهم نساء ويؤدون عمل نصف جزئي تقريبا .إنهم يتقاضون أجورا أقل من
زملئهم الغير عرضيين ،وعادة ما يكونون محرومين من التأمين الصحي أو غيره من المتيازات الخرى من طرف مشغليهم.
يطلق على النسخة اللمانية لهذا العمل اسم "العمل البسيط" ،ويقدر العديد من القتصاديين أنه يتزايد بسرعة فائقة .إن هذا النظام يعتمد على
مكسب قانوني يعفي الناس الذين يتقاضون مبلغا أقل من 620مارك ) 340دولر( شهريا من المساهمة في نظام الضمان الجتماعي
اللماني الشامل )والجد باهظ( ،لكنه يقصيهم أيضا من الحصول على الحق في التقاعد والتعويض عن البطالة .وتقدر بعض
التخمينات عدد الشخاص الذين يشتغلون في هذه العمال "البسيطة" بأكثر من أربعة مليين ،حوالي نصفهم نساء.
تقول اليكونوميست بخجل » :بسبب مسئولياتهن السرية ،تقضي النساء عددا أقل من الساعات في ممارسة عملهن المأجور مما هو الحال
لدى الرجال .ومن ثم فإن أجرهن السبوعي أو السنوي يتخلف أكثر عن أجر الرجال .ثلث جميع النساء العاملت في التحاد
الوروبي بمجمله يشتغلن ساعات أقل من المتوسط السبوعي البالغ 40 – 35ساعة) ،رغم أن المتوسط يخفي وجود اختلفات
هائلة(؛ نسبة العاملين بشكل جزئي بين الرجال ليس سوى حوالي ،% 5وأغلب هؤلء إما طلبة أو عمال مسنون يتجهون نحو
التقاعد .هناك في الوليات المتحدة نسبة أقل من النساء اللئي يعملن بشكل جزئي مما هو الحال في أوروبا ،لكن هناك نسبة أكبر من
الرجال .الرقام المسجلة في اليابان تبدو مشابهة للرقام الوروبية ،إل أن العديد من النساء اللئي يعملن بشكل جزئي هناك يشتغلن
ساعات كاملة تقريبا؛ لكنهن تتقاضين أجورا أقل من العمال الرسميين .ل يزال "العمل الجزئي" يعني غالبا في كل مكان "درجة
ثانية"(.The Economist, 18/7/98) «.
نشرت اليكونوميست مؤخرا مسحا لوضعية النساء في العمل يقدم صورة رهيبة للرهاق الذي يصيب المريكيين في وقتنا الحالي ،ليس فقط
العمال أصحاب الياقات الزرقاء بل حتى العمال أصحاب الياقات البيضاء ،والتي تخلف بالتأكيد أكثر الثار تدميرا على الحياة السرية
والعلقات الشخصية:
» يبدأ اليوم العادي لدى السر التي يشتغل فيها كل البوان )وهي القاعدة التي تسود بين جميع العاملين ،ما عدا كبار المدراء التنفيذيين
للشركات( ،قبل الفجر من أجل تحضير الطفال لرسالهم إلى دور الحضانة التابعة للشركة )المدعومة بشكل جيد( .بعدها يقضي
البوان يوم طويل في العمل قبل أن يأخذوا أطفالهم من دار الحضانة ،ويقومان ببعض المشتريات في طريقهما إلى البيت ،يعملن
على إطعام جميع أفراد السرة ،يضعان الملبس المتسخة في آلة الغسيل وينظفان الفوضى ،يقرآن للطفال قصة قبل النوم ويتجهان
هما أيضا إلى سريرهما ،وهما منهكان بالمعنى الدقيق للكلمة .تكون هذه هي الحالة أثناء اليام التي لم يحدث فيها أي مكروه«.
» وجدت النسة هوشايلد أن هؤلء العمال ل يأخذون إجازة أبوية إل نادرا ،ول يستفيدون من مرونة ساعات العمل ول من جميع السياسات
الموجهة لخدمة السرة .وعوض ذلك يقضون في العمل ساعات أطول ،ويغرقون أنفسهم غالبا في كمية كبيرة من العمل الضافي
فوق متوسط ساعات عملهم .أحيانا يكونون في حاجة حقيقية لمداخيل العمل الضافي ،لكنهم في الغالب عندما يواجهون الخيار بين
الجهاد في العمل والجهاد داخل البيت ،يختار كل من الرجال والنساء العمل ،حيث يستفيدون على القل من العلقات التي ينسجونها
مع زملئهم وحيث يتم التعامل معهم بجدية ويتلقون أجرا مقابل معاناتهم ،بينما يشعرون في المنزل بكونهم معزولين ويتم التعامل
معهم بل مبالة وتسحقهم المطالب التي ل تنتهي .لقد صار العمل هو البيت وصار البيت عمل شاقا!«
وتضيف الصحيفة » :بالتأكيد تحيى أغلبية السر المريكية التي لديها أطفال في عمر الدراسة الن نوعا من الحياة مشابهة لهذه التي يصفها
الكتاب« .(The Economist (18/7/98
بالرغم من ذلك فإن هؤلء العمال غير راضين عن مصيرهم .أكثر من نصفهم اعتبروا أن مشكلتهم الكبرى هي "قلة الوقت" .هذه واحدة من
أكثر تناقضات الرأسمالية الحديثة إثارة .ففي الوقت الذي وفرت فيه التطورات التي عرفتها العلوم والتكنولوجيا القاعدة الضرورية
لتثوير حياة الناس وتوفير بيئة عمل ملئمة وأسبوع عمل أقصر ،فإن مليين البشر محكوم عليهم بالبؤس والعيش حياة العطالة
الجبارية على الصدقات ،بينما يحكم على مليين الناس الخرين" ،المحظوظين" لنهم وجدوا عمل ،بالعمال الشاقة والعمل
ساعات طويلة ومعانات ضغوط قاسية في أماكن العمل .إنهم محكومون بالتضحية بصحتهم وراحتهم وكذا بحياتهم السرية
وبالتواصل مع أبنائهم.
تستعمل التطورات التكنولوجية من أجل زيادة عبودية العامل لرب العمل ،وتجعل حتى من العاملين بشكل جزئي في المنازل عبيدا ليوم عمل
طويل ل ينتهي .لقد مكنت الختراعات من قبيل الهواتف المحمولة والحواسيب المحمولة وأجهزة الستدعاء ،من ممارسة مستوى
غير مسبوق من السيطرة على العامل ،حتى عندما ينعدم الشراف المباشر .ويتوقف الفرق بين مكان العمل وبين المنزل ،بين
ساعات العمل وبين وقت الراحة ،عن أن يكون له أي معنى .لقد صارت دكتاتورية الرأسمال وسيطرته التامة على العمال وعائلتهم
مطلقة .إن السؤال الذي يجب علينا بالتالي أن نطرحه على أنفسنا مع مطلع القرن الواحد والعشرين ليس هو" :هل هناك حياة بعد
الموت؟" ،بل بالحرى" :هل هناك حياة قبل الموت؟"
"التحول الثاني"
من أجل أن يذهبن إلى العمل ،يتوجب على النساء اللئي لديهن أطفال أن تجدن طريقة ما للعناية بهم .في مجتمع سليم يتوجب نشر التعليم
العمومي على الطفال منذ سن مبكرة ،إضافة إلى توفير شروط سخية للجازة البوية خلل سنوات الوضع الولى .لكن عوض ذلك
تجد المهات العاملت أنفسهن مجبرات على ترك أطفالهن في "دور حضانة" غير ملئمة وبين أيدي أشخاص غير خبراء وغير
مؤهلين .وقد أدت هذه الوضاع إلى حدوث العديد من المآسي .تعمل صحافة الثارة كل ما في وسعها لتوظيف هذه الحوادث من أجل
تسليط سوط الكراهية ضد هؤلء النساء التعيسات ،لكنها تحرص على أل تشير بإصبع التهام إلى المجتمع الذي يخلق الشروط لهذه
الفظاعة.
حسب دراسة نشرها مؤخرا المعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية ،فإن حوالي % 80من الرضع المريكيين تتم رعايتهم بشكل منتظم
من طرف أشخاص آخرين غير أمهاتهم خلل الثنتي عشرة شهرا الولى من حياتهم؛ أغلبهم يلتحقون بدور الحضانة قبل بلوغهم
سن الربعة أشهر؛ ويبقون عادة في دور الحضانة حوالي 30ساعة أسبوعيا .لكن الدراسة تضيف أن » :أغلب تلك الدور مفتقرة
لكل ما يمكن أن يجعل أيا منا يعتبرها جيدة .مصطلح "بالكاد مناسبة" صار هو الصيغة التي توصف بها دور الحضانة النموذجية في
هذا البلد .حوالي % 15إلى % 20من تلك الدور هي في الحقيقة كئيبة بل حتى خطرة« )اليكونوميست ،98 /07 /18 ،التشديد
من عندنا(
حتى هذه الظروف البدائية تعتبر جد مكلفة بالنسبة للعديد من النساء اللئي يجدن أنفسهن مجبرات على التخلي تماما عن كل محاولة ليجاد
عمل .بالرغم من كل الكلم عن النساء المتحررات والنساء الموظفات وما إلى ذلك ،فإن العديد من النساء ل يزلن محصورات بين
أربعة جدران في المنازل .حسب هيئة التحاد الوروبي للشئون المعيشية ،فإن حوالي ثلث النساء اللئي هن في سن العمل في
أوروبا ككل تعتبرن أنفسهن "ربات بيت" ،بالرغم من أن بعضهن يشتغلن جزئيا .وكلما كان لديهن أطفال أكثر كلما صار من الرجح
أن يكن ربات بيت .تقول اليكونوميست » :ليس هذا بالضرورة وصفة للسعادة ،ففي كل البلدان الوروبية تقريبا تبدو النساء اللئي
يخرجن للعمل أكثر صحة وأكثر رضا عن الحياة من النساء اللئي ل يعملن .لكنهن معفيات على القل من "التحول الثاني" أي من:
يوم عمل في البيت بعد يوم عمل لصالح رب عملهم(.The Economist, 18/7/98) «.
نقرأ في برنامج إيرفورت للحزب الشتراكي الديمقراطي اللماني ،الذي صيغ قبل مائة سنة ،ما يلي » :تعني مشاركة المرأة في النتاج
الصناعي التدمير الكلي للحياة السرية للطبقة العاملة دون تعويضها بشكل أرقى من العلقات السرية .نظام النتاج الرأسمالي ل
يحطم في أغلب الحالت الحياة السرية للعمال فقط ،بل يسرق منها كل شيء ما عدا ميزاتها السيئة .نشاط المرأة اليوم في النتاج
الصناعي ل يعني بالنسبة إليها التحرر من أعباء البيت؛ بل يعني زيادة أعباء جديدة على أعبائها السابقة .لكن ل يمكن لعبد أن يخدم
سيدين .تعاني أسرة العامل عندما يكون على زوجته أن تساعد في كسب الخبز اليومي .ل يوفر المجتمع الحالي ،في مقابل السرة
الفردية التي يدمرها ،سوى بدائل بائسة؛ مراكز توزيع الحساء ودور حضانة ،حيث يقدم الغنياء فتات المساعدات المادية
والمعنوية للطبقات الدنيا(K. Kautsky, The Class Struggle, p. 26) «.
ل يزال هذا صحيحا حتى يومنا هذا .تعاني النساء من عبودية مزدوجة :من العبودية في أماكن العمل و"التحول الثاني" في المنزل .في اليابان
على سبيل المثال تقضي الزوجات العاملت حوالي ثلثة ساعات ونصف الساعة يوميا في إنجاز المهام المنزلية ،إضافة إلى ساعات
العمل المأجور .نفس الوضع نجده في ما يسمى بالمجتمعات الغربية المتحضرة الخرى.
النساء والنقابات
التغيير الشتراكي للمجتمع مسألة مستحيلة بدون النضال اليومي من أجل الصلحات في ظل الرأسمالية .ومن ثم فإننا ل نتجاهل إطلقا النضال
من أجل الصلحات .لكن الشيء الكثر أهمية ،بالنسبة للماركسيين ،هو واقع أن العمال يتعلمون من خلل النضال .إن مهمتنا
الرئيسية هي أن نشرح بصبر ،بدءا بالنساء الكثر وعيا ونشاطا في النقابات والحزاب العمالية ،ضرورة التغيير الشتراكي
للمجتمع ،ليس فقط على الصعيد الوطني بل على الصعيد الممي .يجب علينا أن نكافح من أجل رفع مستواهن ،جعلهن يهتممن
بالقضايا العم ،بالنظرية والفكار ،وكسبهن إلى الماركسية .يجب علينا أن نحذر من السقوط في نفس الفخ الذي سقط فيه العديد من
الصلحيين والعصب التي ل تعد ول تحصى ،وبالتأكيد العديد من النسوانيات البرجوازيات ،أي في العتقاد بأن النساء مهتمات فقط
بما يسمى قضايا النساء .وبالرغم من أن العديد من تلك القضايا هامة فإنه سيكون من الخطأ الجسيم الستخفاف باهتمام النساء
بالقضايا العم والمسائل الجوهرية .على العكس من ذلك سنتمكن من اكتساب أفضل المناضلت وإلهابهن بالحماس من خلل
النظريات الثورية والبرنامج الماركسي.
يجب أن يبدأ النضال من أجل مصالح النساء في أماكن العمل .يشكل النضال من أجل تنظيم النساء العاملت في النقابات والنضال في سبيل أجور
وظروف عمل لئقة ،وكذا من أجل المساواة التامة مع العمال الرجال ،أول مهمة على عاتق الماركسيين .تقدم العاملت إمكانيات
ثورية عظيمة للحركة العمالية ،وهي المكانيات التي تقف البيروقراطية النقابية الضيقة الفق والمحافظة عاجزة عن تطويرها.
ظروف النتاج الجديدة والنتشار الهائل لما يسمى بالصناعة الخدماتية يعني ارتفاعا هائل في عدد النساء العاملت في ظروف
مرهقة ،واللئي أغلبيتهن غير منتظمات في النقابات .يجب على الماركسيين داخل النقابات أن يأخذوا المبادرة كلما كان ذلك ممكنا
في المطالبة بتنظيم حملة لتنظيم الفئات الغير منظمة ،وخاصة النساء والشباب في تلك "المهن".
القضية المركزية هي التمييز الصارخ ضد النساء في أماكن العمل .تتقاضى النساء في العالم بأسره ،في المتوسط ،أجرا أقل من أجر الرجال –
عادة ما تكون النسبة أقل بـ % 20إلى - % 30مقابل نفس العمل .أجر أقل يعني عادة استفادة أقل ،أو عدم الستفادة ،من المعاش
بعد التقاعد .ليس هذا الواقع مضرا بالنساء العاملت فقط ،بل بالعمال أيضا .إن القبول بأجور متدنية لي مجموعة من العمال يؤدي
إلى الضغط على الجور وعلى ظروف العمل عموما .إن القبول بأن يتقاضى النساء والشباب أجورا أقل من بقية القوة العاملة مسألة
رجعية ومثير للفرقة .إنها تفسر أيضا ل مبالة العديد من النساء اتجاه النقابات التي ل تقوم بأي شيء لهن .إن مهمة تنظيم الغير
منظمين مهمة أساسية للنقابات ،خاصة في مرحلتنا الحالية .يكتسي النضال من أجل مطلب "نفس الجر مقابل عمل بنفس القيمة"
أهمية خاصة .يمكن بسهولة تحريف مبدأ "نفس الجر مقابل نفس العمل" والتملص منه من طرف الرأسماليين ،على اعتبار أنه
يكون من الصعب في غالب الحيان أو من المستحيل مقارنة أنواع مختلفة من العمال التي يقوم بها الرجال والنساء في مختلف
قطاعات النتاج.
ويصف مسح قامت به صحيفة اليكونوميست الوضع قائل » :في هذا الوقت ،وجدوا العمل في انتظارهم .ومع قيام القتصادات المتطورة بإعادة
الهيكلة ،تم خلق الكثير من مناصب الشغل في قطاع الخدمات الجديدة والتي تختلف بشكل كبير عن مناصب الشغل في الوظائف
التقليدية المضمونة والدائمة التي يحتلها الرجال أساسا .العديد من هذه المناصب الجديدة لوقت جزئي أو تفترض ساعات إضافية،
وتقدم وتتطلب درجة من المرونة التي غالبا ما تلئم النساء .العديد من تلك الوظائف هي في قطاعات ذات مستوى منخفض ومتدنية
الجور من قبيل قطاع التسويق وإعداد الطعام والنظافة ،التي ل تستميل كثيرا العمال الرجال(.The Economist, 18/7/98) «.
في الشغال التي تعمل فيها الكثير من النساء ول يوجد فيها سوى عدد أقل من الرجال ،تميل مستويات الجور إلى النخفاض .هذا صحيح بوجه
خاص في قطاع التسويق والنظافة وإعداد الطعام وبمستويات أقل في أعمال من قبيل التمريض والتعليم ،التي يكون المشغل فيها
غالبا هو القطاع العام .مع كل هذا العدد الكبير من النساء المكدسات في الوظائف ذات الجور المتدنية ،ليس من المفاجئ أن نجد،
بالرغم من توفر الكثير من تشريعات المساواة في الجور ،هوة كبيرة في جميع البلدان بين أجور الرجال وأجور النساء .وقد بدأت
هذه الهوة تتناقص نتيجة للضغط من طرف النساء العاملت والنقابات :ففي الوليات المتحدة ،على سبيل المثال ،ارتفع أجر ساعة
العمل لدى النساء ،خلل العشرين سنة الخيرة ،من % 64من أجر ساعة العمل لدى الرجال إلى أكثر من .% 80لكن التفاوت ل
يزال موجودا ،وكلما نزلنا أسفل في سلم الجور كلما ارتفع التفاوت .في حين أن العمال الشباب المحترفون والذين ليس لديهم أطفال
من كل الجنسين والذين يشتغلون بدوام دائم في الوليات المتحدة يحصلون في غالب الحيان على أجر متساوي ،فإن النساء
العاملت ذوات الجور المتدنية اللئي يشتغلن في العمال المرهقة يتقاضين أقل من متوسط أجر الرجل العامل في الصناعة.
تتعرض النساء للتمييز ضدهن بسبب مهمتهن الطبيعية المتمثلة في إنجاب الطفال .في المجتمع الحالي ،صار إنجاب طفل ،الذي من المفترض
أن يكون حدثا سعيدا ،كارثة خاصة بالنسبة للمهات .إنه يعني غالبا خسارة منصب الشغل والتحول إلى الفقر المدقع والعتماد المذل
على المساعدات العمومية الهزيلة .بكلبية مطلقة تعامل الصحافة البرجوازية ،في بريطانيا وأمريكا على وجه الخصوص ،النساء
العازبات كطفيليات "يعشن على حساب الدولة" ،دون أن تشرح كيف صارت تلك النساء محرومات من اللتحاق بسوق العمل وتم
تهميشهن من طرف المجتمع بأكثر الطرق وحشية وقسوة .لكن حتى إن تمكنت من الحتفاظ بمنصب شغلها ،فإن ذلك سيعني المزيد
من انخفاض المداخيل » .بمجرد ما تبدأ النساء في إنجاب الطفال ،ينخفض أجرهن النسبي وكلما زاد عدد أطفالهن كلما انخفض
أجرهن ،The Economist, 18/7/98) «.التشديد من عندنا(
يجب على الماركسيين أن يدافعوا بحيوية عن قضية النساء ،عليهم أن يناضلوا ضد اللمساواة وجميع مظاهر القهر والتمييز والظلم .لكن يجب
علينا دائما أن نقوم بذلك انطلقا من وجهة نظر طبقية .ففي الوقت الذي نناضل فيه بحزم من أجل جميع أشكال التحسينات التي تمثل
تطورا حقيقيا للنساء ،يجب علينا أن نشرح أن الطريق الوحيد لتحقيق التحرر الحقيقي للنساء –وجميع فئات المجتمع المضطهدة
الخرى -يمر عبر القضاء على النظام الرأسمالي .يتطلب هذا الوحدة المطلقة بين رجال ونساء الطبقة العاملة في النضال ضد
الرأسمالية .إن أية محاولة لدفع النساء ضد الرجال أو تقسيم النساء وعزلهن عن بقية الحركة العمالية تحت مسمى "حرية النساء"
أو أي شيء آخر ،هي محاولة رجعية بالمطلق ويجب النضال ضدها بحزم.
نحن نناضل من أجل الوحدة التامة للبروليتاريا ،بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اللون أو الدين أو القومية .وهكذا فإن نضالنا من أجل
قضية النساء تفترض بالضرورة خوض نضال حازم ضد جميع أنواع الحركات النسوانية البرجوازية والبرجوازية الصغرى .تلك
التيارات ،والتي تخدم بشكل ثابت العناصر الشد رجعية ،عندما تتمكن من كسب بعض التأثير داخل الحركة العمالية تلعب دورا زرع
الشقاق واللبس بين صفوف النساء اللئي يتطورن في اتجاه الشتراكية .يجب علينا أن نتخذ في هذه المسألة ،كما هو الحال في
جميع المسائل الخرى ،موقفا طبقيا حازما .لقد كان كل من الحزب البلشفي والممية الشيوعية يتحدثان في جميع توصياتهما ،كما
سبق لنا أن رأينا ،عن "النساء العاملت" وليس عن النساء بشكل عام .من البديهي أن النضال من أجل حقوق النساء يشمل جميع
النساء البروليتاريات ،بمن فيهن ربات البيوت والعاطلت والطالبات ،الخ .لكن العنصر الحاسم بينهن هو النساء العاملت اللئي
يمثلن اليوم قطاعا واسعا ومتزايدا من الطبقة العاملة.
المكاسب المحققة من خلل "المساواة في الحقوق" بدون تغيير علقات النتاج محدودة جدا وتترك السباب الجوهرية لضطهاد النساء في
المجتمع الرأسمالي سليمة .خلل المرحلة الخيرة ،لم تؤدي العديد مما كان مفترضا أنها "تحسينات" مرتبطة "بالتمييز اليجابي"،
في الواقع سوى إلى تحسين وضع شريحة من الوصوليات البرجوازيات الصغيرات .خلل العقد الخير لم يعد صوت المناضلت
النسوانيات البرجوازيات الصغيرات ،الذي كان في الماضي جد قوي في مطالبتهن بالـ "المساواة" )الحق في أن تكون النساء
كاهنات ،أو مديرات وما إلى ذلك( ،يجد سوى عدد متناقص باستمرار من المستمعين .لماذا؟ لن نسوانيات الطبقة المتوسطة صرن
يحصلن على ما يطلبنه.
لقد فتحت البرجوازية هامشا للنساء في تسيير الدارة والقضاء والبناك والبيروقراطية والكهنة .ارتفعت نسبة ترقية النساء في الوظائف
المتوسطة من % 4إلى % 40تقريبا في المجمل خلل العشرين سنة الخيرة في الوليات المتحدة .تتضمن 419شركة من بين
500أكبر الشركات في العالم ) (the Fortune 500امرأة واحدة على القل في مجلسها الداري ،وثلثها تتضمن امرأتين أو ثلثة.
توفر الشركات الكبر إمكانيات أفضل لترقية النساء من تلك التي توجد أسفل الترتيب .وهكذا فإن بعض النساء يحققن نجاحا طيبا.
لقد كانت تلك الوصوليات البرجوازيات والبرجوازيات الصغيرات تدافعن دائما عن "تحرر النساء الواحدة بعد الخرى بدء بنفسي".
هذا هو السبب الذي يجعلنا دائما حازمين في معارضة الحركات النسائية البرجوازية والبرجوازية الصغيرة .ليست لديها أية علقة مع النضال
من أجل تحرر النساء الذي ل يمكن أن يتحقق إل من خلل إسقاط الرأسمالية .بمجرد ما تمكنت تلك النساء الوصوليات من حل
"مشاكلهن" الشخصية داخل إطار النظام الرأسمالي ،صرن مستعدات لنسيان مصير % 99من النساء اللئي تعانين من أشد أشكال
الضطهاد والستغلل وحشية ،بينما التحقت "النسوانيات" السابقات بصفوف المستِغلين .نفس الظاهرة تحدث بين صفوف السود
البرجوازيين الصغار الذين حققوا ثروة طائلة ،خلل السنوات الخيرة بفضل "صناعة العلقات العرقية" .يمكن للطبقة السائدة دائما
أن تقدم هذا النوع من "التنازلت" للحركة التي ل تهدد سيطرتها بأي شكل من الشكال.
نحن ل نؤيد "التمييز اليجابي" ،ل سواء كان لصالح النساء أو السود أو أي فئة أخرى .إنه مطلب برجوازي صغير يحول النتباه عن السباب
الجوهرية للمساواة .إن نظام الكوطا التعسفي لصالح النساء أو السود الخ ،.يخدم بطبيعته كوسيلة لرفع أقلية من الوصوليين مما
يعطي النطباع بأن "شيئا ما تحقق" في الوقت الذي تبقى فيه المشاكل الرئيسية قائمة .ل يقدم هذا السلوب إجابة حقيقية عن
مشاكل التمييز ،بل يؤدي إلى لفت النتباه ويشكل تمرينا في التحسينات الرمزية .وهو إضافة إلى ذلك عادة ما يكون أسلوبا تستعمله
البيروقراطية من أجل قطع الطريق أمام اليسار وملئ الهيئات القيادية والمجالس والبرلمانات بنساء أو سود وصوليين وعملء.
المثال الكثر وضوحا عن هذا هو الوليات المتحدة ،حيث استعمل هذا السلوب بمهارة من طرف البرجوازية من أجل نزع فتيل
القضية العرقية عبر خلق شريحة جد كبيرة من الوصوليين السود .لقد استخدم السود البرجوازيون الصغار النضال ضد العنصرية
من أجل تحسين وضعهم والحصول على مناصب شغل بأجور جيدة وبعد ذلك قرروا أنه سيكون من الفضل بالنسبة إليهم أن يصيروا
أكثر "اعتدال" و"عقلنية".
صحيح أنه في بعض الحالت يمكن لعاملت وشابات نزيهات أن يطلقن على أنفسهن اسم نسوانيات دون أن يفهمن بوضوح ما الذي يعنيه ذلك.
يتوجب علينا أن نمتلك موقفا مرنا وإيجابيا اتجاههن ،بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع أعضاء القوميات المضطهدة .لكن وبالضبط
كما نحن معارضون للحركات القومية ،نحن معارضون للحركات النسائية .إن النضال ضد التمييز ل يؤثر على هذا الموقف على
الطلق .نحن دائما نقارب مسألة اللمساواة انطلقا من وجهة نظر الطبقة العاملة والشتراكية وليس من أية وجهة نظر أخرى.
هناك فرق شاسع جدا بين أن تعبر نساء الطبقة العاملة عن قلقهن بخصوص المشاكل التي يتعرض لها جنسهن )الجور الغير
متساوية ،العباء المنزلية ،مشاكل تربية الطفال ،التحرش الجنسي والعنف ضد النساء( وأن يردن النضال ضد هذه الشياء ،وبين
أن تحاول التيارات البرجوازية والبرجوازية الصغرى أن تستغل مشاكل النساء من أجل حفر هوة بين الجنسين .إن الهموم الطبيعية
لنساء الطبقة العاملة هي نوع من التعبير عن كونهن يرين وجود اللمساواة وأنهن يقفن ضدها .يمكن لهذا أن يكون نقطة البداية في
المساهمة في النضال من أجل تغيير المجتمع تغييرا اشتراكيا ،بينما تقارب النسوانيات البرجوازيات والبرجوازيات الصغيرات قضية
النساء بمعزل عن باقي القضايا وتبحثن عن حل لها داخل إطار النظام الرأسمالي .إن هذا الموقف يؤدي حتما إلى خلصات رجعية.
لدى النساء مشاكل خاصة بهن يجب النتباه إليها .ليست متعلقة فقط بمسألة التمييز في أماكن العمل ،ومعدلت الجور المنخفضة على أساس
جنسي ،وانعدام الحقوق ،الخ .بل مرتبطة أيضا بالمومة والحمل ،الخ .إن الدور الذي تلعبه النساء كمنجبات للطفال يقتضي ضرورة
توفر حقوق خاصة لحماية النساء الحاملت والمهات .إن المساواة القانونية ،بالرغم من أنها بالتأكيد خطوة إلى المام ،ل تحل
المشكل الجوهري الذي تواجهه المرأة:
» ل تحل أكثر مطالب الحركة النسائية جذرية –تعميم الحق في النتخاب على النساء في إطار البرلمانية البرجوازية – مشكلة المساواة الحقيقية
للنساء ،خاصة تلك النساء المنتميات إلى الطبقات الغير مالكة .وتوضح ذلك تجربة الطبقة العاملة في جميع تلك البلدان الرأسمالية
حيث طبقت البرجوازية ،في السنوات الخيرة ،المساواة الشكلية بين الجنسين .إن التصويت ل يدمر السبب الول لستعباد النساء
في السرة والمجتمع .لقد استبدلت بعض الدول البرجوازية الزواج الكاثوليكي بالزواج المدني .لكن وطالما بقيت المرأة البروليتارية
عالة من الناحية القتصادية على رب العمل الرأسمالي وعلى زوجها ،معيلها ،وفي ظل غياب إجراءات شاملة لحماية المومة
والطفولة وتوفير دور حضانة عمومية وتعليم عمومي ،فإن ذلك لن يؤدي إلى جعل النساء متساويات مع الرجال أثناء الزواج أو
يحل مشكلة العلقة بين الجناسTheses, Resolutions and Manifestos of the First Four Congresses of) «.
(the Third International, p. 215
لقد بين كل تاريخ الصلحات الجتماعية بخصوص وضع المرأة خلل القرن الماضي أن هذا الكلم صحيح بشكل مطلق.
ل تتوقف مشاكل المرأة أمام باب المصنع أو المكتب ،بل تتعداهما إلى المنزل والمجتمع .يجب علينا أن نناضل من أجل القضاء على جميع
التشريعات التمييزية؛ من أجل المساواة التامة بين النساء والرجال أمام القانون؛ من أجل كامل الحق في الطلق والجهاض؛ من
أجل الحق في الستفادة المجانية من خدمات منع الحمل والمراقبة الصحية؛ من أجل توفير دور حضانة مجانية وذات جودة عالية
للطفال من كل العمار .يجب علينا أن نطرح برنامجا من المطالب النتقالية ،مشّكل من المطالب المباشرة والكثر ملحاحية للنساء
على جميع الصعدة ،ليس فقط في أماكن العمل ،بل أيضا في المنزل ودور الحضانة والتعليم والسكن والنقل العمومي والمعاشات
ووقت الراحة والحقوق القانونية ،الخ .في الوقت الذي نناضل من أجل أي مطلب تقدمي يؤدي إلى تحسين وضع النساء ،من
الضروري أن نضمن تلك المطالب مضمونا طبقيا .يجب علينا ،على سبيل المثال ،أن نطالب بإقامة دور حضانة ذات جودة عالية
ممولة من طرف الدولة .إل أن النضال اليومي من أجل حقوق النساء العاملت ليس هدفا في حد ذاته ،بل وسيلة لجعل النساء
واعيات بوضعهن كجزء من طبقة مستَغلة ،وبضرورة النضال من أجل نوع مختلف للمجتمع حيث ستضمن حقوقهن كإنسان.
إن انحطاط النظام الحالي يهدد كل أسس الحياة المتحضرة .فإضافة إلى المشاكل الجتماعية والقتصادية التي يسببها الفقر والجور المتدنية
والبطالة ،تواجه البروليتاريا بشكل متصاعد مشاكل المخدرات والجريمة وجميع أنواع التعسف التي تهدد على وجه الخصوص
النساء والطفال والشباب .ينوح الرجعيون ورجال الدين على مظاهر "النحطاط الخلقي" لكنهم عاجزون عن ربطها بأزمة النظام
الذي نعيش فيه .إنها مهمة الحركة العمالية أن تناضل من أجل الدفاع عن عناصر الثقافة والحضارة الموجودة والمهددة بسبب
انحطاط الرأسمالية .إن شكل السرة القديم قد بدأ يتجه نحو الفناء ،لكن لم يوضع أي شيء بدل عنه .ونتيجة لذلك تواجه مليين
النساء ،واللتي العديد منهن شابات وضعيفات ،حياة من البؤس المفسد كأمهات عازبات معتمدات على صدقات بيروقراطية الدولة.
وكما لو أن معاناتهن ليست كافية ،يشن البرجوازيون المنافقون حملة ل رحمة فيها من الشتائم والهانات ضدهن ويعملون على
تجريمهن ويصورنهن كمنبوذات اجتماعيا" ،يعشن على حساب المجتمع" )وهي التهمة التي تصدق تماما على البرجوازيين(.
في بريطانيا كانت أحد الجراءات الولى التي اتخذتها حكومة بلير هي الهجوم على المساعدات المقدمة للمهات العازبات .قبل سنتين طالبت
سياسية أسترالية ،السيدة بولين هانسن ،زعيمة الحزب المسمى بشكل هزلي حزب الوطن الواحد ،بأن يتم منع المساعدات المالية
عن المهات العازبات إذا ما هن أنجبن طفل ثانيا .ونقل عنها قولها » :سوف أنهال فعل على المهات العازبات اللئي يواصلن
إنجاب الطفال الواحد تلو الخر مع آباء مختلفين ،على حساب دافعي الضرائب« .هناك في أستراليا 360.000أم عازبة يتلقين ما
مجموعه 2,9مليار دولر من المساعدات سنويا من ميزانية اجتماعية تصل إلى 42مليار دولر .متوسط سن تلك النساء هو 33
سنة ،ويتقاضين ،في المتوسط ،المبلغ الضخم الذي يساوي 170دولر أسترالي ) 107دولر أمريكي( في السبوع والذي يجب
عليهن به أن يعملن على إطعام أسرتهن وتوفير المأوى والملبس لها ،ومن ثم يوفرن على الدولة مبلغا أكبر بكثير كانت ستنفقه
لتربية هؤلء الطفال في الملجئ .ويمكن إيراد أمثلة مشابهة من جميع البلدان عن هذه الهجمات ضد أكثر الشرائح ضعفا في
المجتمع تحت مبرر محاربة ما يسمى بثقافة التواكل .إنها مثال رائع عن مميزات "الوعظ الخلقي المسيحي" المنافق في خدمة
سياسة القتطاعات العديمة الرحمة .كما أنها تخبرنا بالشيء الكثير عن موقف المجتمع البرجوازي اتجاه المرأة والطفال.
وضع المرأة المطلقة هو أيضا مسألة طبقية .تأثيرات الطلق و"السرة الحادية" مختلفة جدا ورهينة بالطبقة الجتماعية التي تنتمي إليها
المرأة .حكم قاض أمريكي بمنح مطلقة المليونير روبيرت ،أ ،غولدمان ،رئيس شركة الكونغرس المالية % 50 ،من ثروته البالغة
100مليون دولر .كتبت مجلة (BusinessWeek (5/8/98قائلة » :مرحبا بكم في محكمة الطلق الجديدة ،لقد تكاثفت قوى
ثقافية وقانونية واقتصادية جبارة من أجل جعل الطلق في الوليات المتحدة باهظا أكثر من أي وقت مضى ،خاصة بالنسبة لرجال
العمال الثرياء )!( .وهذا ،من جهته ،يجعل من عملية الطلق ،التي ليست مسألة مفرحة أبدا ،عملية أكثر قبحا .الزواج يخبئون
أموالهم في شركات كارايبية سرية ،والزوجات تتهمن أزوجهن السابقين بالتعسف ويأخذ المحامون أتعابا مشكلة من سبعة أرقام«.
يقدم علماء الجتماع البرجوازيون السرة الحادية "الحديثة" باعتبارها المثال الفضل عن التقدم الجتماعي والتحرر .أعلن مكتب الحصاء
المريكي في تقرير له أنه خلل العشرين سنة الخيرة تضاعف عدد النساء اللئي يعشن لوحدهن ليصل 15مليون امرأة .ويقدم
كتاب صدر مؤخرا ،تحت عنوان ،The Improvised Woman, Reinventing Women in a Single Life :صورة
مثالية عن هذه النساء السعيدات ،ويؤكد أن » :النساء العازبات تشترين السيارات ،تنجبن أو تتبنين الطفال ،وترتفعن إلى مواقع
مؤثرة« .لكن الحصائيات العامة تخفي الهاوية التي تعيش فيها الغلبية الساحقة من المهات العازبات ،العديد منهن من السود،
اللئي يعشن في غيتوهات حضرية داخل مدن أكثر البلدان ثراء على الرض ،في ظل ظروف عالم ثالثية ،خاضعات لكابوس الفقر
والمخدرات والجريمة والعنف.
تعبر أزمة الرأسمالية عن نفسها من خلل الهجوم العالمي الهادف إلى وقف النفقات العمومية .يؤثر الهجوم على الشغل وظروف العيش
والخدمات الصحية والتعليم على الطبقة العاملة عموما لكن لديه تأثير أكثر شؤما على النساء ،اللئي يجدن أنفسهن في نهاية سلسلة
الستغلل ،في أسوء مناصب الشغل وبأقل قدر من الحماية والمن .علوة على ذلك ،النساء خاضعات لضطهاد مزدوج .إنهن
مضطهدات كجزء من الطبقة العاملة ومضطهدات كنساء .الحل الوحيد لمشاكل النساء يأتي عبر النضال من أجل إسقاط الرأسمالية
واستبدالها بالشتراكية ،ذلك النظام الذي يمكنه أن يضمن الحرية الحقيقية لكل من الرجال والنساء ،حرية تطوير أنفسهم شخصيا
وذهنيا.
بينما نحن واعون بواقع أن المجتمع الشتراكي وحده هو من بإمكانه أن يصفي أخيرا رموز العبودية التي تطبع كل من الرجال والنساء ،يتوجب
علينا أيضا أن نناضل بكل ما نستطيع ضد المواقف المتخلفة والرجعية ،خاصة داخل الحركة العمالية ،والتي تضر بوحدة العمال
والعاملت وتعيق قضية تحرر الطبقة العاملة .يجب علينا أن نناضل من أجل مبادئ أخلقية بروليتارية حقيقية ،تعامل جميع العمال،
الذكور والناث ،السود والبيض ،كأناس متساويين وإخوة وأخوات ،متحدين في قضية النضال ضد الرأسمال.
في ظل هكذا ظروف ،يتوجب علينا دائما أن نكون مستعدين لخذ المبادرة ،والمساعدة على إشراك النساء .من الواضح أنه يتوجب القيام بهذا
العمل في علقة وثيقة مع النقابات ولجان الضراب ،وليس كشيء معارض للحركة الرسمية ،كما يحاول دائما العصبويون
والفوضويون أن يفعلوا .ل يمكن لهذه اللجان الخاصة أن تمتلك معنى مستقل ،وستبدأ في الضمحلل بمجرد ما تنتهي الحركة .إن
المحاولت التي تبذل من أجل البقاء عليها بشكل مصطنع يعني أنها ستتجه لكي تصبح أجهزة بيروقراطية ومحتكرة من طرف
عناصر منتخبة ،برجوازيين صغار ،وعصبويين ،الخ .لكي تتحول إلى عراقيل عندما تبدأ الحركة مجددا .ليس الغرض من وراء
المشاركة في مثل تلك اللجان هو توجيهها ضد النقابات بل من أجل ضمان أن تنخرط النساء بنشاط داخل المنظمات العمالية من أجل
تغييرها .مع تغير طبيعة النتاج وإفساح الصناعة الثقيلة القديمة المجال أمام طرق إنتاج حديثة مؤسسة على تكنولوجيا المعلوميات،
صارت النساء بشكل متزايد جزءا حاسما داخل قوة العمل وبدأن يشكلن تدريجيا الغلبية.
إل أنه في النهاية ل يمكن تحقيق تحرر النساء إل من خلل تحرر الطبقة العاملة بأسرها » :في نفس الوقت الذي يجعل فيه المؤتمر الثالث
للممية الشيوعية من تحسين العمل الحزبي بين النساء البروليتاريات مهمة عاجلة لدى كل من الحزاب الشيوعية الغربية
والشرقية ،فإنه يعلن للنساء العاملت في العالم بأسره بأن تحررهن من قرون من العبودية وغياب الحقوق واللمساواة ممكن فقط
عبر انتصار الشيوعية ،وأن الحركة النسائية البرجوازية عاجزة كليا عن أن تحقق للنساء ما تقدمه لهن الشيوعية .طالما بقيت
سلطة الرأسمال والملكية الخاصة موجودتان فإنه ل يمكن لتحرر المرأة من التبعية للزوج أن يسير أبعد من حقها في التصرف في
ملكيتها الخاصة وأجرتها الخاصة وتقرر ،على قدم المساواة مع زوجها ،في مستقبل أطفالهاTheses, Resolutions and) «.
(Manifestos of the First Four Congresses of the Third International, pp. 214-5
الشيوعية والسرة
منذ البدايات الولى للماركسية ،احتلت قضية تحرر النساء مكانة مركزية في تفكير الماركسيين .نقرأ في كتاب مبادئ الشيوعية ،الذي كتبه
إنجلز قبل البيان الشيوعي ،ما يلي:
جواب :سُيحّول )المجتمع الشيوعي( العلقات بين الجنسين إلى قضية شخصية صرفة ل تهم إل الشخصين المعنيين ،وسيدعو إلى عدم تدخل
المجتمع فيها .سيتمكن )المجتمع الشيوعي( من تحقيق هذا لنه تخلص من الملكية الخاصة وعّلم الطفال على قاعدة مشتركة .بهذه
الطريقة يحطم حجري الساس اللتان يقف عليهما نظام الزواج السائد حتى اليوم :التبعية ،المشروطة بالملكية الخاصة ،للمرأة اتجاه
زوجها وتبعية الطفال اتجاه الباء .هذا جواب على الحتجاج العنيف الذي يبديه دعاة الخلق المنافقون ضد مشاعة النساء .إن
مشاعة النساء علقة تنتمي بأكملها إلى المجتمع البرجوازي والتي تجد اليوم تعبيرها الكامل في البغاء .لكن البغاء يجد جذوره في
الملكية الخاصة وسيسقط بسقوطها .وهكذا ،فإنه بدل أن يبني المجتمع الشيوعي مشاعة النساء ،سوف يضع حدا لها) «.ماركس
وإنجلز ،مبادئ الشيوعية(
يجب البحث عن أصول استعباد النساء ،كما شرح إنجلز لحقا ،في الملكية الخاصة ،ول يمكن القضاء عليها بشكل نهائي إل بالقضاء الجذري
على الملكية الخاصة لوسائل النتاج وتقسيم العمل .كتب إنجلز في كتابه أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة ،قائل:
» رأينا أعله كيف أصبحت القوة البشرية العاملة قادرة ،إلى حد ما في تلك المرحلة المبكرة من تطور النتاج ،على إنتاج ما يزيد بشكل كبير
عن ما هو ضروري لطعام المنتج ،وكيف أن هذه المرحلة تزامنت ،وبصفة رئيسية ،مع أول مظاهر تقسيم العمل والتبادل بين
الفراد .آنذاك ،لم يمض وقت طويل قبل أن يتم اكتشاف "الحقيقة" العظيمة بأن النسان ،أيضا ،يمكنه أن يكون سلعة؛ وأن القوة
النسانية يمكن تبادلها واستغللها عن طريق تحويل النسان إلى عبد .كان الناس قد بدءوا بالكاد النخراط في التبادل عندما صاروا
هم أنفسهم عرضة للمبادلة .النشط أصبح سلبيا ،سواء أراد النسان ذلك أم لم يرد) «.ف ،إنجلز ،أصل العائلة والملكية الخاصة
والدولة(
العلقات بين الرجال والنساء في ظل الرأسمالية علقات مشوهة ول إنسانية لن نظام المبادلت العالمي ينزل بالبشر إلى مستوى الشياء .ليس
فقط العلقات بين الجناس وحدها من تتجه لكي تفقد إنسانيتها وتستلب في ظل ما أطلق عليه ماركس وإنجلز "رابطة الدفع عدا
ونقدا" ،بل أيضا جميع العلقات الجتماعية الخرى عموما .إن هذا المجتمع مجتمع غير طبيعي ،محكوم بعلقات غير طبيعية .فما
العجب إذن في أن يتوقف الناس عن التصرف والتفكير ككائنات بشرية ،بل يصبحوا حتى قادرين على التصرف مثل الوحوش في
بعض الحالت؟ يبدأ الباء في النظر إلى أبنائهم كملكية خاصة بهم ،والزوج ينظر إلى زوجته على نفس المنوال .في ظل الضغوط
القاسية للحياة في "اقتصاد السوق" حيث المال هو الله ،تتحور العلقات وتتشوه وتصير عسيرة الفهم .وكما يقول إنجلز » :في
يومنا هذا صار النتاج سيدا على المنتج؛ في يومنا هذا ،صار النتاج الجمالي للمجتمع منظما ليس بواسطة مخطط مصاغ بشكل
جماعي ،بل من طرف قوى عمياء ،تشتغل بقوة داخلية ،وفي آخر المطاف في عواصف الزمات التجارية الدورية) «.م ،س .ص،
(331
إذا أردنا التعامل بجدية مع مسألة استعباد النساء ،فلن يكون كافيا التعامل فقط مع ابرز مظاهر هذا الستعباد .من الضروري بطبيعة الحال ،وكما
سبق لنا أن قلنا ،النضال ضد جميع أنواع التمييز وعدم المساواة .ولكن إذا لم يتم القضاء على السبب الجذري للضطهاد النساء،
والى أن يتم ذلك ،فإنه لن يكون بالمكان التغلب على جوهر المشكلة .لن تتحرر النساء إل عندما يتحرر الرجال ،أي عندما تبدأ
النسانية في العيش حياة إنسانية حقا .ويفسر إنجلز قائل:
» إل أن ما سيختفي بالتأكيد من الزواج الحادي هي كل الصفات التي طبعته كنتيجة لنشأته من علقات الملكية .والتي هي ،أول ،هيمنة الرجل،
وثانيا ،عدم قابلية الزواج للحل .إن غلبة الرجل داخل مؤسسة الزواج هي مجرد نتيجة للهيمنة القتصادية التي يتمتع بها ،وسوف
تختفي معها تلقائيا .عدم قابلية الزواج للحل تعود جزئيا إلى الظروف القتصادية التي نشأ الزواج الحادي في ظلها ،وهو جزئيا
تقليد يعود إلى ذلك الوقت عندما كانت العلقة بين هذه الظروف القتصادية وبين الزواج الحادي غير مفهومة بعد بشكل صحيح
وضخمت من طرف الدين .واليوم انتهك الزواج الحادي إلى حد كبير .إذا كانت الزيجات الوحيدة الخلقية هي فقط الزيجات المبنية
على الحب ،فإنه ،أيضا ،الزيجات الوحيدة الخلقية هي تلك التي ل يزال الحب فيها مستمرا .إن استمرارية حافز الحب الجنسي
الفردي تختلف كثيرا بين فرد وآخر ،ول سيما بين صفوف الرجال؛ إن توقف المودة بشكل نهائي ،أو حلول حب جديد محله ،يجعل
النفصال نعمة لكل الطرفين وكذلك بالنسبة للمجتمع) «.المرجع السابق(
برنامج الممية الشيوعية من أجل النتقال إلى الشتراكية المتوخاة هو » :المطاعم العمومية ،والمغاسل وورشات الصلح العمومية،
ومؤسسات الرعاية الجتماعية ودور البلديات ،الخ ،التي تحول الحياة اليومية على أسس شيوعية جديدة ستعفي النساء من
صعوبات المرحلة النتقالية .هذه المؤسسات الجتماعية التي تساعد على تحرير حياة النساء اليومية ،وتحول إماء البيت والسرة
إلى عضو حر من أعضاء الطبقة العاملة ،أي الطبقة التي هي سيدة نفسها ومبدعة من أشكال جديدة للحياةTheses,) «.
(Resolutions and Manifestos of the First Four Congresses of the Third International, p. 220لكن
في ظل ظروف التخلف والفقر التي كانت سائدة في روسيا بعد ،1917لم يكن من الممكن وضع هذه الفكار بشكل ملئم موضع
التنفيذ .وكما يفسر تروتسكي:
» ل يمكنك أن "تقضي" على السرة؛ بل يجب عليك أن تعوضها .إن التحرر الحقيقي للنساء مستحيل التحقيق على قاعدة "الفقر المدقع"«
)تروتسكي ،المرأة والسرة(
ل يمكن إلغاء السرة مثلها في ذلك مثل الدولة .إن الختفاء التدريجي لكليهما على السواء في سياق النتقال إلى مجتمع ل طبقي يعتمد على
تغيير الشروط المادية لوجود الجماهير ،وبالتالي ،في نفس الوقت ،تغيير الطريقة التي يفكر بها الناس والتي تربطهم بعضهم
البعض .في نهاية المطاف ،ومع تحقيق الوفرة الفائقة ومستوى عال من الثقافة ،ستتغير العادات القديمة ونفسية العبيد وسوف
تتغير معها العلقات بين الرجال والنساء .ولكن الشرط المسبق لهذا التغيير هو تغيير ظروف الحياة نفسها .تخفيض ساعات يوم
العمل إلى الحد الدنى الضروري هو الشرط الذي ل بد منه للتحرر الجتماعي .ولكن فوق ذلك ،ينبغي أن يجعل التقدم التكنولوجي
من الممكن اللغاء الفعلي للعمال المنزلية :التي تعتبر أساس السترقاق المنزلي للنساء.
يجب البحث عن السبب الجذري لكل أشكال الضطهاد ،سواء ضد النساء أو السود أو أي من المجموعات المضطهدة الخرى ،في نهاية
المطاف ،في الستعباد والستلب الذي يجد جذوره في نمط النتاج السلعي .فقط عندما سيتم إلغاؤه ،ويتم تغيير ظروف حياة
المجتمع بأكمله سوف يمكن أخيرا لنظام السرة والدولة -بقايا الوحشية هاتين -أن يتوقفا عن الوجود .عندما ستذهب أخيرا النفسية
القديمة البدائية ،واللإنسانية التي نشأت من البؤس ،إلى الماضي ،ستبنى الظروف المادية لنظام اجتماعي جديد ستلشى فيه آخر
معاقل الكراه الخارجي والقسر ،وسوف يصبح الرجال والنساء قادرين أخيرا على نسج علقات حرة بين بعضهم البعض ككائنات
إنسانية.