You are on page 1of 15

‫الماركسية وتحرر النساء‬

‫آنا مينوز وآلن وودز‬


‫الجمعة‪ 06 ,‬آب ‪11:58 2010‬‬

‫» ليس من الممكن تغيير وضع المرأة تغييرا جذريا إل إذا تم تغيير جميع الشروط الجتماعية والعائلة والحياة المنزلية« )تروتسكي‪ ،‬النساء‬
‫والعائلة‪ ،‬ص ‪(45‬‬

‫لقد وصلت الرأسمالية إلى الباب المسدود‪ .‬وتنيخ أزمة الرأسمالية العالمية بثقلها‪ ،‬بحدة خاصة‪،‬‬

‫على كاهل النساء والشباب‪ .‬في القرن التاسع عشر أشار ماركس إلى ميل الرأسمالية إلى تحقيق أرباح فاحشة من خلل استغلل النساء‬
‫والطفال‪ .‬وقد كتب في المجلد الول لكتابه الرأسمال‪:‬‬

‫» شكل عمل النساء والطفال‪ ،‬بالتالي‪ ،‬أول شيء بحث عنه الرأسماليون الذين استخدموا اللت‪ .‬هذه البدائل الجبارة للعمل والعمال تحولت فورا‬
‫إلى وسائل من أجل زيادة عدد العمال الجراء من خلل إدماج جميع أعضاء أسرة العامل‪ ،‬تحت السيطرة المباشرة للرأسمال‪ ،‬دون‬
‫أي تمييز من حيث السن أو الجنس‪ .‬لقد اغتصب العمل الجباري لصالح الرأسمال المكان‪ ،‬ليس فقط من لعب الطفال‪ ،‬بل أيضا من‬
‫العمل الحر في المنزل ضمن حدود معتدلة لدعم السرة‪) «.‬كارل ماركس‪ ،‬الرأسمال‪ ،‬م ‪ ،1‬ص ‪(395-394‬‬

‫في البلدان الرأسمالية المتقدمة أدى تغير أنماط النتاج ومحاولة الرأسماليين الدائمة للرفع من معدل الربح‪ ،‬إلى التزايد المستمر لتشغيل النساء‬
‫والشباب الذين يتعرضون لسوء أنواع الستغلل‪ ،‬ويعملون‪ ،‬مقابل أجور أقل‪ ،‬في ظل شروط سيئة بحقوق قليلة أو منعدمة‪ .‬في‬
‫أمريكا وحدها التحقت ‪ 40‬مليون امرأة بالقوة العاملة خلل الخمسين سنة الماضية؛ أما في أوروبا فهناك ‪ 30‬مليون امرأة أخرى‪.‬‬
‫سنة ‪ ،1950‬كانت ثلث مجمل النساء المريكيات اللئي بلغن سن العمل فقط‪ ،‬يمارسن عمل مأجورا؛ أما في السنة الماضية ]‪[1999‬‬
‫فقد صارت النسبة ثلثة أرباع تقريبا‪ .‬وتقول الحصائيات أن ‪ %99‬من النساء المريكيات الن سيشتغلن‪ ،‬في مرحلة معينة من‬
‫حياتهن‪ ،‬مقابل أجرة‪ .‬إن عمل النساء‪ ،‬في حد ذاته‪ ،‬تطور تقدمي‪ .‬إنه الشرط المسبق لتحرر النساء من الحدود الضيقة للبيت‬
‫والسرة البورجوازية‪ ،‬ومن أجل تطورهن الكامل والحر ككائنات بشرية وعضوات في المجتمع‪.‬‬

‫لكن النظام الرأسمالي ينظر إلى النساء كمجرد مصدر سهل للعمل الرخيص وكجزء من "الجيش الحتياطي للعمل" يتم سحبه متى كان هناك‬
‫نقص في اليد العاملة في بعض قطاعات النتاج ونبذه مرة أخرى متى انتهت الحاجة إليه‪ .‬رأينا هذا خلل كلتا الحربين العالميتين‪،‬‬
‫عندما تم جر النساء إلى المصانع من أجل تعويض الرجال الذين تم استدعائهم إلى الجيش وبعد ذلك أعدن إلى منازلهن عندما انتهت‬
‫الحرب‪ .‬وقد تم تشجيع النساء مرة أخرى على الدخول إلى أماكن العمل خلل مرحلة الزدهار الرأسمالي‪ ،‬سنوات الخمسينات‬
‫والستينات‪ ،‬عندما كان دورهن مشابها لدور العمال المهاجرين‪ :‬خزان لليد العاملة الرخيصة‪ .‬مؤخرا ارتفع عدد النساء العاملت من‬
‫أجل ملء الثغرات في المسلسل النتاجي‪ .‬لكن وبالرغم من كل الخطابات حول "عالم المرأة" و"سلطة الفتاة"‪ ،‬وبالرغم من جميع‬
‫القوانين التي يزعمون أنها تضمن المساواة‪ ،‬تبقى النساء العاملت القسم الكثر استغلل واضطهادا داخل الطبقة العاملة‪.‬‬

‫في الماضي‪ ،‬كّيف المجتمع الطبقي النساء لكي تبقين غير مباليات سياسيا‪ ،‬وغير منظمات‪ ،‬وفوق كل شيء‪ ،‬سلبيات‪ ،‬وبذلك يوفرن قاعدة‬
‫اجتماعية للرجعية‪ .‬لقد ارتكزت البورجوازية على هذه الشريحة من أجل البقاء في السلطة‪ ،‬وذلك باستعمال خدمات المؤسسة الدينية‬
‫والصحافة )المجلت "النسائية"‪ ،‬الخ‪ .(.‬لكن هذه الوضعية تتغير مع تغير دور المرأة في المجتمع‪ .‬لم تعد النساء تقبلن‪ ،‬على القل‬
‫في البلدان الرأسمالية المتقدمة‪ ،‬بأن تبقين غارقات في الجهل وتخضعن بسلبية للدور التقليدي للمؤسسة الدينية والمطبخ والطفال‬
‫)"‪ .("Kirche, Kücher, Kinder‬إن هذه ظاهرة تقدمية جدا‪ ،‬حبلى بالنتائج المستقبلية‪ .‬بنفس الطريقة التي فقدت بها‬
‫الرأسمالية الحتياطي الجتماعي للردة الرجعية التي كانت تمتلكها بين الفلحين في الوليات المتحدة‪ ،‬واليابان وأوروبا الغربية‪ ،‬فإن‬
‫النساء لم تبقين بعد احتياطيا للتخلف والرجعية كما كن في الماضي‪ .‬سوف تؤدي أزمة الرأسمالية‪ ،‬مع هجماتها المتواصلة على‬
‫النساء والعائلة‪ ،‬إلى المزيد من تجذر شرائح متوسعة باستمرار من النساء وستدفع بهن في التجاه الثوري‪ .‬من المهم أن يفهم‬
‫الماركسيون المكانيات الثورية العظيمة التي تختزنها النساء وأن يتخذوا الخطوات الضرورية للوصول إليهن‪.‬‬

‫المكانيات الثورية لذا النساء أكثر مما هي لذا الرجال لنهن مفعمات بالنشاط وغير ملوثات بسنوات الروتين المحافظ التي تميز غالبا الحياة‬
‫النقابية "العادية"‪ .‬كل من سبق له أن شهد إضرابا للنساء يمكنه أن يحكي عن تصميمهن الصلب وشجاعتهن وحماستهن‪ .‬إنها‬
‫مهمة الماركسيين أن يدعموا كل الجراءات الرامية إلى تشجيع النساء على اللتحاق بالنقابات والمشاركة فيها بحقوق متساوية‬
‫ومسئوليات متساوية‪.‬‬

‫الممية الولى‬

‫لقد احتلت المسألة النسائية دائما مكانة مركزية في النظرية والممارسة الماركسيتين‪ .‬لقد تبنت الممية الولى النضال من أجل الصلحات‬
‫بمنتهى الجدية‪ .‬سنورد فيما يلي استمارة لستبيان ظروف العمل كتبها ماركس خلل نهاية شهر غشت ‪ ،1866‬وبعثها المجلس العام‬
‫إلى جميع الفروع‪:‬‬
‫» ‪ - (1‬القطاع الصناعي‪ ،‬السم‪.‬‬

‫‪ - (2‬سن وجنس العامل)ة(‪.‬‬

‫‪ - (3‬عدد العمال‪.‬‬

‫‪ - (4‬الرواتب والجور؛ )أ( المتعلمين؛ )ب( الجور باليوم أو العمل بالقطعة؛ المبلغ المدفوع من طرف الوسطاء‪ .‬المتوسط السبوعي‪ ،‬السنوي‪.‬‬

‫‪) - (5‬أ( ساعات العمل في المصانع‪) .‬ب( ساعات العمل مع صغار المشغلين وفي العمال المنزلية‪ ،‬إذا كان العمل يتم في هذه النماط المختلفة‪.‬‬
‫)د( العمل الليلي والعمل النهاري‪.‬‬

‫‪ - (6‬أوقات الكل والمعالجة‪.‬‬

‫‪ - (7‬نوع الورشة والكتظاظ أثناء العمل‪ ،‬عيوب التهوية‪ ،‬الحاجة إلى أشعة الشمس‪ ،‬استعمال ضوء الغاز‪ ،‬النظافة‪ ،‬الخ‪.‬‬

‫‪ - (8‬نوعية العمل‪.‬‬

‫‪ – (9‬تأثير العمل على الصحة‪.‬‬

‫‪ - (10‬الظروف الخلقية‪ .‬التعليم‪.‬‬

‫‪ - (11‬حالة المهنة‪ :‬ما إذا كانت مهنة موسمية أو إلى حد ما موزعة بشكل منتظم على طول السنة‪ ،‬ما إذا كانت كثيرة التقلب‪ ،‬ما إذا كانت‬
‫معرضة للمنافسة الخارجية‪ ،‬ما إذا كانت موجهة أساسا إلى الداخل أو الخارج‪ ،‬الخ‪.‬‬

‫‪ - (3‬تحديد طول يوم العمل‪.‬‬

‫إن الشرط الولي‪ ،‬الذي بدونه ستبقى جميع المحاولت لتحسين الظروف والتحرر عقيمة‪ ،‬هو تحديد طول يوم العمل‪.‬‬

‫هناك حاجة إلى تعويض الطاقة الصحية والجسدية للطبقة العاملة‪ ،‬أي الجسد العظيم لكل أمة‪ ،‬وكذلك لتمكينهم من فرصة التطور الثقافي‬
‫والعلقات الجتماعية والنشاط الجتماعي والسياسي‪Minutes of the General Council of the First) «.‬‬
‫‪(International 1864-1866, pp. 342-3‬‬

‫لقد اقترحوا ثمانية ساعات كحد قانوني ليوم العمل‪ .‬أل يسمح بالعمل الليلي إل في بعض المهن الستثنائية أو فروع من مهن محددة في القانون‪.‬‬
‫يجب أن يكون التجاه العام هو إلغاء كل أنواع العمل الليلي‪ .‬وتواصل الوثيقة في القول‪ » :‬تشير هذه الفقرة فقط إلى الشخاص‬
‫البالغين‪ ،‬رجال ونساء‪ ،‬إل أن هؤلء الخيرات يجب أن تستثنين بشكل تام من ممارسة جميع أشكال العمل الليلي أيا كان‪ ،‬وجميع‬
‫أنواع العمل المضرة بجنسهن‪ ،‬أو تعريض أجسادهن للسموم وغيرها من العمال المؤذية‪ .‬نعني بالشخاص البالغين جميع‬
‫الشخاص الذين بلغوا أو تجاوزوا سن الثامنة عشرة‪(.Ibid., p. 343) « .‬‬

‫من المعروف أن ابنة ماركس إلينور لعبت دورا نشيطا في العمل بين صفوف النساء العاملت في "المهن المتعرقة" )"‪("sweated trades‬‬
‫في الطرف الشرقي للندن‪ .‬وقد اقترحت في مقالة صحفية حول "التعرق في مكاتب الطباعة" أن تتشكل وحدة بين كل من هؤلء‬
‫اللئي يطبعن في بيوتهن وبين اللئي يطبعن في الورشات حيث‪ ،‬كما كتبت‪ » ،‬إذا كنت تريد أن تعيش بعملك يتوجب عليك أن تعمل‬
‫في ظل ضغط عال وطيلة عدد كبير جدا من الساعات‪ ،‬تفوق ثمانية ساعات يوميا« )‪Yvonne Kapp, Eleanor Marx, The‬‬
‫‪ (.Crowded Years, 1884-98, p. 364‬كم تبدو هذه السطر آنية بالرغم من مرور مائة عام على كتابتها!‬

‫لقد كان إضراب صانعات أعواد الثقاب في لندن‪ ،‬سنة ‪ ،1888‬نقطة انعطاف هامة‪ ،‬عندما ثارت هذه الشريحة الكثر استغلل وانسحاقا من‬
‫الطبقة العاملة ضد مضطهديهن‪ .‬كانت قوة العمل في مصنع بو )‪ (Bow‬في الطرف الشرقي الفقير‪ ،‬مشكلة كلها من النساء‪ ،‬من‬
‫فتيات في ‪ 13‬سنة من عمرهن إلى أمهات ربات أسر كثيرة العدد‪ .‬كانت الظروف البربرية للعمل هناك مشابهة لتلك التي يعانيها‬
‫العمال في العالم الثالث الن‪ .‬كان استعمال الفسفور البيض في صنع أعواد الثقاب يسبب المرض الرهيب الذي يأكل عظام الفك‪،‬‬
‫بسبب إجبارهن على أخذ طعامهن في الجو الملوث لمكان العمل‪ .‬الجور السيئة صارت أكثر سوءا بسبب نظام القتطاعات الجائر‪،‬‬
‫التي كانت تفرض غالبا على أبسط الخطاء‪ ،‬التي يتسبب الرهاق في حدوثها‪ .‬ونتيجة لتلك القتطاعات كان حاملو السهم يحصلون‬
‫على إيرادات أرباح تزيد بـ ‪.%22‬‬

‫قامت ‪ 672‬امرأة‪ ،‬بعد تغلبهن على مخاوفهن‪ ،‬بتنظيم إضراب خلل شهر يوليوز ‪ .1888‬بعد أسبوعين من ذلك وبفضل دعم النقابات وتنظيم‬
‫حملة جمعت مبلغا كبيرا يساوي ‪ 400‬دولر‪ ،‬حصلت تلك النساء على تنازلت كبيرة‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬نظمت تلك النساء الغير ماهرات‬
‫نقابة صناع أعواد الثقاب‪ ،‬التي هي أكبر نقابة مشكلة من النساء والفتيات في إنجلترا‪ .‬لقد كانت تلك خطوة عظيمة إلى المام لندلع‬
‫حركة النقابية الجديدة )"‪ ("New Unionism‬في بريطانيا عندما‪ ،‬صار العمال الغير مهرة‪ ،‬لول مرة‪ ،‬منظمين داخل النقابات‪.‬‬
‫يقدم هذا دروسا هامة لمرحلتنا الحالية‪ ،‬حيث‪ ،‬وكما كان الحال قبل ‪ 100‬سنة‪ ،‬صار عدد كبير من العمال الغير مهرة والنصف مهرة‬
‫منظمين‪ ،‬ونسبة عالية منهم نساء‪.‬‬

‫البلشفة والمسألة النسائية‬

‫لقد تعامل البلشفة دائما بجدية كبيرة مع مسألة العمل الثوري بين النساء العاملت‪ .‬ولقد أعطى لينين‪ ،‬خصوصا‪ ،‬أهمية عظيمة لهذه المسألة‪،‬‬
‫خاصة خلل مرحلة النهوض الثوري ما بين سنة ‪ 1912‬و ‪ ،1914‬وطيلة الحرب العالمية الولى‪ .‬كانت تلك هي الفترة التي بدأ فيها‬
‫تخليد اليوم الممي للمرأة )‪ 8‬مارس( بمظاهرات حاشدة للنساء العاملت‪ .‬ليس من المصادفة أن ثورة فبراير )مارس حسب التقويم‬
‫الجديد( اندلعت نتيجة اضطرابات صاحبت يوم المرأة‪ ،‬عندما تظاهرت النساء ضد الحرب وارتفاع كلفة المعيشة‪.‬‬

‫بدأ الشتراكيون الديمقراطيون عمل دءوبا بين النساء العاملت طيلة فترة النهوض الثوري مابين ‪ 1912‬و ‪ .1914‬نظم البلشفة أول اجتماع‬
‫لتخليد اليوم الممي للمرأة سنة ‪ 1913‬وأصدروا جريدة نسائية‪ ،‬رابوتنيتسا )المرأة العاملة(‪ ،‬سنة ‪ ،1914‬وقد ظهر العدد الول منها‬
‫بتزامن مع اليوم الممي للمرأة‪ ،‬عندما نظم الحزب مرة أخرى مظاهرات‪ .‬تعرضت تلك الجريدة‪ ،‬وباقي الجرائد العمالية الخرى‪،‬‬
‫للمنع شهر يوليوز‪ .‬لقد كانت الجريدة البلشفية تلقى الدعم المالي من جانب عاملت المصانع وكانت توزع من طرفهن في أماكن‬
‫العمل‪ .‬كانت تتحدث عن ظروف عمل النساء العاملت ونضالتهن في روسيا وفي الخارج‪ ،‬وكانت تشجع النساء على اللتحاق‬
‫بنضال العمال الذكور‪ .‬حثتهن على نبذ الحركة النسوانية التي شكلتها النساء البورجوازيات في أعقاب ثورة ‪.1905‬‬

‫كان العمل الثوري الذي كان الشتراكيون الديمقراطيون في روسيا يقومون به خلل الحرب العالمية الولى يواجه مصاعب هائلة‪ .‬كان الحزب‬
‫والنقابات محظورين‪ .‬ومع مطلع سنة ‪ 1915‬بدأت الحركة تتعافى من الضربات التي تلقتها خلل الشهر الولى للحرب‪ .‬ومن بين‬
‫القطاعات التي بدأت تتحقق فيها مكاسب هامة نجد العمل بين النساء اللئي تم إدماجهن في قوة العمل الصناعية بأعداد كبيرة‪ .‬مع‬
‫اندلع الحرب‪ ،‬صارت النساء تشكلن ثلث عدد العمال الصناعيين ونسبة أعلى من هذه في قطاع صناعة النسيج‪ .‬وقد تزايدت هذه‬
‫النسبة أكثر فأكثر خلل الحرب مع إرسال الرجال لداء الخدمة العسكرية‪ .‬لقد ساءت أوضاع النساء خلل الحرب مع تحول العديد‬
‫منهن إلى المعيل الوحيد لسرهن وصارت المواد الساسية أكثر ندرة وأبهظ ثمنا‪ .‬شاركت النساء العاملت في العديد من الضرابات‬
‫والمظاهرات ضد الصعوبات القتصادية التي سببتها مشاركة روسيا في الحرب‪.‬‬

‫بينما ضل العنصر الذكوري مهيمنا بشكل كبير على تشكيلة الحزب البلشفي )شكلت النساء خلل المؤتمر السادس للحزب البلشفي‪ ،‬شهر غشت‬
‫‪ ،1917‬حوالي ‪ % 6‬من المندوبين(‪ ،‬فقد بدأ العمل على كسب النساء العاملت بأعداد هائلة إلى الحزب مع اندلع انتفاضة ‪-1912‬‬
‫‪ .1914‬نقتطف في ما يلي استشهادا من منشور تحت عنوان‪" :‬إلى النساء العاملت في كييف"‪ ،‬الذي وزعه البلشفة في كييف‪،‬‬
‫أوكرانيا‪ ،‬خلل يوم المرأة الممي ‪ 08‬مارس ‪ .1915‬ويعطينا المنشور فكرة عن كيف طرح البلشفة المسألة النسائية في‬
‫منشوراتهم التحريضية العمومية‪ .‬لقد ربط ندائهم اضطهاد المرأة بمعانات العمال الرجال‪ ،‬وببرنامج لتحرر الشعب العامل كله‪:‬‬

‫» إن وضع المرأة يرثى له‪ ،‬مثله مثل وضع أغلبية العمال‪ ،‬لكنه أكثر سوءا‪ .‬إنها تشتغل في المعمل وفي الورشة لصالح رب العمل الرأسمالي‪،‬‬
‫وتشتغل في البيت لصالح العائلة‪.‬‬

‫» آلف العاملت تبعن قوة عملهن للرأسمال؛ تكدح اللف منهن في العمل المأجور؛ وتعاني اللف ومئات اللف منهن تحت نير الضطهاد‬
‫السري والجتماعي‪ .‬ويبدو الحال للغلبية الساحقة من النساء العاملت وكأنه يجب أن يكون على هذا الشكل‪ .‬لكن هل حقا ل‬
‫تستطيع المرأة العاملة أن تأمل في مستقبل أفضل‪ ،‬وأن هذا المصير رهنها لحياة كاملة من العمل والعمل فقط‪ ،‬دون توقف ليل‬
‫ونهارا؟‬

‫» أيتها الرفيقات‪ ،‬أيتها النساء العاملت! إن رفاقنا الرجال يكدحون معنا‪ .‬مصيرهم ومصيرنا واحد‪ .‬إل أنهم تمكنوا منذ وقت بعيد من إيجاد‬
‫الطريق الوحيد الذي يقود إلى حياة أفضل‪ :‬إنه طريق النضال العمالي المنظم ضد الرأسمال‪ ،‬طريق النضال ضد جميع أنواع‬
‫الضطهاد والشرور والعنف‪ .‬أيتها النساء العاملت‪ ،‬ليس هناك من طريق آخر أمامنا‪ .‬إن مصالح العمال والعاملت متشابهة‪ ،‬إنها‬
‫نفس المصالح‪ .‬فقط في خضم نضال موحد إلى جانب العمال الرجال‪ ،‬فقط من خلل اللتحاق بالمنظمات العمالية‪ ،‬أي الحزب‬
‫الشتراكي الديمقراطي والنقابات والندية العمالية والتعاونيات العمالية‪ ،‬سنتمكن من الحصول على حقوقنا وتحقيق حياة أفضل‪) «.‬‬
‫‪(Lenin's Struggle for a Revolutionary International, p. 268‬‬

‫وضع النساء بعد ثورة أكتوبر‬

‫كانت نساء روسيا القيصرية‪ ،‬من وجهة نظر القانون‪ ،‬مجرد إماء لزواجهن‪ .‬وحسب القانون القيصري‪ » :‬يجب على المرأة أن تطيع زوجها‪،‬‬
‫باعتباره رأس العائلة‪ ،‬وأن تعامله بحب واحترام وطاعة مطلقة‪ ،‬وأن تقدم له كل الخدمات‪ ،‬وتعبر له عن كل امتنان‪ ،‬باعتبارها‬
‫زوجة‪ «.‬وقد أكد برنامج الحزب الشيوعي‪ ،‬سنة ‪ ،1919‬أن‪ » :‬مهمة الحزب في الوقت الحالي هي في المقام الول العمل في حقل‬
‫الفكار والتعليم من أجل أن ندمر‪ ،‬بكل ما في الكلمة من معنى‪ ،‬جميع مخلفات اللمساواة والجحاف‪ ،‬خاصة بين صفوف الشريحة‬
‫المتخلفة من البروليتاريا والفلحين‪ .‬ودون أن يحصر نفسه في مجرد المساواة الشكلية للنساء‪ ،‬يكافح الحزب من أجل تحررهن من‬
‫العباء المادية للعمل البيتي القديم عبر تعويضه بالمساكن الشعبية والمطاعم العمومية ومؤسسات غسل الملبس ودور الحضانة‪،‬‬
‫الخ‪«.‬‬
‫لكن القدرة على تطبيق هذا البرنامج كانت رهينة بالمستوى العام للمعيشة والثقافة في المجتمع‪ ،‬كما سبق لتروتسكي أن شرح في مقاله‪" :‬من‬
‫العائلة القديمة إلى العائلة الجديدة"‪ ،‬الذي صدر في جريدة البرافدا‪ ،‬يوم ‪ 13‬يوليوز ‪ ،1923‬حيث قال‪ » :‬مرة أخرى ل يمكن الفصل‬
‫من حيث الجوهر بين التحضير المادي لشروط حياة جديدة وعائلة جديدة‪ ،‬وبين العمل العام من أجل البناء الشتراكي‪ .‬يجب على‬
‫الدولة العمالية أن تصبح أغنى لكي يصير من الممكن بشكل جدي معالجة مسألة التعليم العمومي للطفال وتخليص السرة من أعباء‬
‫المطبخ والغسيل‪ .‬من المستحيل تشريك العمل البيتي السري وتعميم التعليم العمومي على الطفال دون تحسن واضح لقتصادنا ككل‪.‬‬
‫نحن في حاجة إلى المزيد من الجراءات القتصادية الشتراكية‪ .‬لن يمكننا‪ ،‬إل في ظل تلك الشروط‪ ،‬أن نحرر السرة من العمال‬
‫والهتمامات التي تسحقها الن وتفككها‪ .‬يجب أن تنجز مهمة غسل الملبس في مؤسسات غسل ملبس عمومية‪ ،‬وأن تنجز مهمة‬
‫تحضير الطعام من طرف مطاعم عمومية وأن تنجز مهمة الخياطة من طرف ورشات عمومية‪ .‬يجب أن يتعلم الطفال على يد معلمين‬
‫عموميين جيدين يتمتعون بالكفاءة للقيام بهذا العمل‪ .‬عندها ستصبح العلقة بين الزوج والزوجة متحررة من كل العوامل الخارجية‬
‫والعرضية‪ ،‬وسيتوقف أحدهما عن امتصاص حياة الخر‪.‬‬

‫عندها أخيرا سيتم تشييد صرح المساواة الحقيقية‪ .‬ستكون العلقة مبنية على قاعدة الحب المتبادل‪ .‬وستكسب‪ ،‬لهذا السبب خصوصا‪ ،‬استقرارا‬
‫داخليا‪ ،‬لن يكون نفسه لدى الجميع‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬بل غير إلزامي لي كان‪«.‬‬

‫وضعت الثورة البلشفية الساس من أجل التحرر الجتماعي للنساء‪ ،‬وبالرغم من أن السياسة الستالينية الرجعية شكلت تراجعا جزئيا‪ ،‬فإنه ل‬
‫يمكن إنكار حقيقة أن النساء في التحاد السوفييتي حققن خطوات جبارة إلى المام في النضال من أجل المساواة‪ .‬لم تبقى النساء‬
‫مجبرات على العيش مع أزواجهن أو مرافقتهم إذا ما أدى تغيير العمل إلى تغيير البيت‪ .‬لقد أعطين حقوقا متساوية ليكن ربات البيت‬
‫وحصلن على أجر متساو‪ .‬لقد أعطي اهتمام كبير للدور النجابي الذي تقوم به النساء وتم إصدار قوانين حضانة خاصة تمنع ساعات‬
‫العمل الطويلة والعمل الليلي وسنت إجازة ولدة مدفوعة الجر ومراكز العناية بالسرة ورعاية الطفال‪ .‬تم العتراف قانونا بالحق‬
‫في الجهاض سنة ‪ ،1920‬وتم تسهيل إجراءات الطلق وتشريع الزواج المدني‪ .‬وقد تم أيضا إلغاء مفهوم الطفال الغير شرعيين‪.‬‬
‫وبتعبير لينين‪ » :‬إننا لم نبقي‪ ،‬بالمعنى الحرفي للكلمة‪ ،‬أي حجر على حجر من القوانين الحقيرة التي وضعت النساء في حالة أدنى‬
‫بالمقارنة مع الرجل‪«.‬‬

‫تم تحقيق تقدم مادي في طريق تسهيل النخراط الكلي للنساء في جميع مجالت المجتمع‪ ،‬والحياة القتصادية والسياسية‪ :‬توفير وجبات غذائية‬
‫مجانية في المدارس‪ ،‬الحليب للطفال ومعونات خاصة في ما يتعلق بالطعام والملبس للطفال المحتاجين‪ ،‬ومراكز الستشارة الطبية‬
‫أثناء الحمل ومستشفيات الولدة ودور الحضانة وغيرها من الخدمات‪.‬‬

‫كتب تروتسكي في الثورة المغدورة ما يلي‪ » :‬لقد برت ثورة أكتوبر بوعودها المتعلقة بالمرأة‪ .‬لم تكتف السلطة الجديدة بمنح المرأة جميع‬
‫الحقوق السياسية والقانونية على قدم المساواة مع الرجل‪ ،‬بل الشيء الكثر أهمية هو أنها قامت بكل ما بوسعها‪ ،‬وفي جميع‬
‫الحالت‪ ،‬أكثر بما ل يقاس مما قام به أي نظام آخر على الطلق‪ ،‬من أجل أن تضمن لها الدخول إلى كل أشكال العمل القتصادي‬
‫والثقافي‪ .‬لكن حتى أقوى الثورات عاجزة‪ ،‬مثلها مثل البرلمان البريطاني الـ "كلي القدرة"‪ ،‬عن جعل المرأة كائنا مشابها للرجل‪ .‬أو‬
‫بمعنى آخر عاجزة عن أن توزع بينها وبين رفيقها متاعب الحمل والولدة والرضاعة وتربية الطفال‪ .‬لقد بذلت الثورة جهدا بطوليا‬
‫من أجل تدمير ما يسمى بـ "البيت العائلي" المن‪ .‬تلك المؤسسة القديمة الفاسدة والراكدة التي حكم فيها على نساء الطبقات‬
‫الكادحة بالشغال الشاقة منذ الطفولة حتى الموت‪ .‬كان من المفترض استبدال السرة‪ ،‬من حيث هي مؤسسة صغيرة مغلقة‪ ،‬بنظام‬
‫مكتمل للخدمات والتجهيزات الجتماعية‪ :‬مراكز أمومة‪ ،‬حضانات‪ ،‬حدائق للطفال‪ ،‬مطاعم‪ ،‬مؤسسات تنظيف الثياب‪ ،‬مستوصفات‪،‬‬
‫مستشفيات‪ ،‬مراكز للنقاهة‪ ،‬منظمات رياضية‪ ،‬دور سينما ومسارح‪ ،‬الخ‪ .‬إن المتصاص الكامل لمهام تدبير الشؤون المنزلية التي‬
‫تقوم به السرة من طرف مؤسسات المجتمع الشتراكي‪ ،‬بغية توحيد كل الجيال برابطة التضامن والتعاون المتبادل‪ ،‬كان سيحقق‬
‫للمرأة‪ ،‬وبالتالي للزوجين المتحابين‪ ،‬تحررا حقيقيا من القيود البدية‪) «.‬تروتسكي‪ ،‬الثورة المغدورة ]فصل‪ :‬السرة‪ ،‬الشبيبة‪،‬‬
‫الثقافة‪ ،‬الترميدور في السرة[(‬

‫الممية الشيوعية‬

‫سيرا على خطى الحزب البلشفي‪ ،‬أعطت الممية الشيوعية أهمية عظيمة للعمل بين النساء وأعطت تعليماتها للحزاب الشيوعية بأن » توسع‬
‫نفوذها إلى أوسع شرائح الجماهير النسائية من خلل تنظيم أجهزة خاصة داخل الحزب وانتهاج طرق خاصة للتواصل مع النساء‪،‬‬
‫بهدف تحريرهن من تأثير التصور البورجوازي للعالم أو تأثير الحزاب التوفيقية وتعليمهن لكي يصبحن مكافحات حازمات من أجل‬
‫الشيوعية وبالتالي من أجل تحرر النساء الكامل‪«.‬‬

‫لم تكن دعوة الممية الشيوعية إلى إقامة "أجهزة خاصة" لغرض العمل بين النساء‪ ،‬تعني إطلقا الرغبة في خلق منظمات نسائية مستقلة‪.‬‬
‫كانت مثل هذه الفكرة ستكون أكثر فظاعة من فكرة خلق منظمات ثورية مستقلة للقوميات المضطهدة كاليهود والسود‪ ،‬الخ‪ ،‬وهو‬
‫الشيء الذي ناضل ضده دائما كل من لينين وتروتسكي‪ .‬في الحقيقة نصت الموضوعة بشكل واضح على أن » المؤتمر الثالث‬
‫للممية الشيوعية يعارض بشكل حازم جميع أنواع الجمعيات النسائية المستقلة داخل الحزاب والنقابات أو المنظمات النسائية‬
‫الخاصة« )‪Theses, Resolutions and Manifestos of the First Four Congresses of the Third‬‬
‫‪(International, p. 217‬‬

‫المعنى الذي كانوا يرمون إليه كان هو الحاجة إلى مجموعات خاصة من الرفاق‪ /‬الرفيقات المتخصصين‪/‬المتخصصات والماهرين‪/‬الماهرات في‬
‫القيام بهذا النوع من العمل‪ ،‬من أجل القيام بالمهام التقنية حول نشر الدعاية والمنشورات‪ ،‬الخ‪ .‬وعموما تنظيم هذا العمل‪ .‬وقد تم‬
‫التأكيد أيضا على أنه يجب على مثل هذه المجموعات أن ل تشتغل باستقللية عن الجهزة الحزبية المنتخبة‪ ،‬بل يجب عليها العمل‬
‫تحت رقابتها‪ .‬وقد تم تحديد الهداف الرئيسية لهذا العمل على الشكل التالي‪:‬‬

‫» ‪ – (1‬تعليم النساء الفكار الشيوعية وكسبهن إلى صفوف الحزب؛‬

‫‪ - (2‬النضال ضد التحيز الممارس ضد النساء من طرف جماهير البروليتاريين الرجال‪ ،‬والرفع من وعي العمال الرجال والنساء بأن لهم مصالح‬
‫مشتركة؛‬

‫‪ - (3‬تقوية عزيمة النساء العاملت باستقطابهن إلى المشاركة في جميع أنواع الصراع الجتماعي وتشجيع نساء البلدان البورجوازية على‬
‫المشاركة في النضال ضد الستغلل الرأسمالي‪ ،‬وفي النضالت الجماهيرية ضد غلء المعيشة وضد أزمة السكن والبطالة وغيرها‬
‫من المشاكل الجتماعية‪ ،‬وتشجيع نساء جمهوريات التحاد السوفييتي على أن يشاركن في بناء الشخصية الشيوعية والطريقة‬
‫الشيوعية في الحياة؛‬

‫‪ – (4‬من أجل أن يوضع على جدول أعمال الحزب ويتضمن في المقترحات التشريعية المسائل التي تهم مباشرة تحرر النساء‪ ،‬والتأكيد على‬
‫تحررهن والدفاع عن مصالحهن كمنجبات للطفال؛‬

‫‪ - (5‬شن نضال مخطط له بشكل جيد ضد سلطة التقاليد‪ ،‬والعادات البورجوازية والفكار الدينية‪ ،‬وتنظيف الطريق أمام ظهور علقات سليمة‬
‫وأكثر تناغما بين الجناس‪ ،‬وضمان الحيوية الجسدية والخلقية للشعب العامل‪(Ibid., p. 218) «.‬‬

‫لم تكن الممية الشيوعية في ظل لينين وتروتسكي لتقبل أبدا باتخاذ موقف ل مبالي أو رافض اتجاه هذا الحقل الحيوي من حقول العمل الثوري‪.‬‬
‫لقد أكد المؤتمر الثالث للممية الشيوعية على أنه » بدون المشاركة النشيطة لوسع جماهير البروليتاريات والنصف بروليتاريات‪،‬‬
‫ل يمكن للبروليتاريا ل أن تحسم السلطة ول أن تحقق الشيوعية‪.‬‬

‫وفي نفس الن لفت المؤتمر مرة أخرى انتباه جميع النساء إلى واقع أنه ل يمكن تحقيق العتراف بحقوق المرأة باعتبارها إنسان وتحقيق‬
‫تحررها الحقيقي بدون دعم الحزب الشيوعي لجميع المشاريع التي تقود إلى تحرر النساء‪(.Ibid., pp. 213-4) «.‬‬

‫وهكذا أكدت الممية الشيوعية في ظل لينين وتروتسكي‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬على الدور المركزي للمسألة النسائية‪ ،‬لكنها‪ :‬أ( قاربت المسألة بشكل‬
‫حازم من وجهة نظر ثورية وطبقية وب( شرحت أنه ل يمكن تحقيق التحرر الحقيقي للنساء إل في ظل الشتراكية‪ .‬لقد أكدت الممية‬
‫الشيوعية على ضرورة إدماج العمل النسائي في العمل الحزبي العام‪ ،‬وليس عزله كشيء منفصل‪:‬‬

‫» من أجل تقوية الروح الرفاقية بين العاملت والعمال‪ ،‬من المستحب عدم تشكيل فصول دراسية أو مدارس خاصة للنساء الشيوعيات‪ ،‬بل يجب‬
‫على جميع مدارس الحزب العامة أن تتضمن بكل تأكيد فصل عن طرق العمل بين النساء‪(.Ibid., p. 227) «.‬‬

‫خلل المؤتمر الرابع‪ ،‬المؤتمر اللينيني الخير للممية الشيوعية‪ ،‬تم القيام بتقييم مختصر‪ ،‬أشار إلى الهمية العظيمة التي يكتسيها هذا العمل‬
‫بالنسبة إلى أممية ثورية )وقام بإشارة خاصة إلى مشكلة النساء في بلدان الشرق المتخلفة والمستعمرة( لكنه أوضح أيضا أن هذا‬
‫العمل لم ينجز بما يكفي من الحيوية من طرف بعض الفروع‪:‬‬

‫» أعطى نشاط سكرتارية النساء في الشرق أيضا الدليل على ضرورة وقيمة وجود منظمات خاصة من أجل العمل الشيوعي بين صفوف النساء‪.‬‬
‫لقد قامت سكرتارية النساء في الشرق بعمل هام وناجح في ظل ظروف جديدة وغير معتادة‪ .‬لكن مع السف‪ ،‬على المؤتمر الرابع‬
‫للممية الشيوعية أن يعترف بأن بعض الفروع إما فشلت كليا أو أنها قامت بشكل جزئي بمسئوليتها في إعطاء دعم ثابت للعمل‬
‫الشيوعي بين النساء‪ .‬إن تلك الفروع‪ ،‬وإلى يومنا هذا‪ ،‬إما أنها فشلت في اتخاذ إجراءات لتنظيم النساء الشيوعيات داخل الحزب‪ ،‬أو‬
‫أنها فشلت في خلق منظمات حزبية قادرة على انجاز العمل بين جماهير النساء وبناء الصلت معهن‪.‬‬

‫» يؤكد المؤتمر الرابع بإلحاح على الحزاب المعنية أن تصحح تلك الخطاء بأسرع وقت ممكن‪ .‬إنه يدعو كل فروع الممية الشيوعية على‬
‫القيام بكل ما تستطيعه لتشجيع العمل الشيوعي بين النساء‪ ،‬بالنظر إلى الهمية العظيمة لهذا العمل‪ .‬ل يمكن تحقيق الجبهة‬
‫البروليتارية الموحدة بدون المشاركة النشيطة والواعية للنساء‪ .‬وفي ظل ظروف معينة‪ ،‬إذا ما توفرت علقات صحيحة ووطيدة بين‬
‫الحزاب الشيوعية والنساء العاملت‪ ،‬يمكن للنساء أن يصبحن رائدات للجبهة البروليتارية الموحدة وللحركات الثورية‬
‫الجماهيرية‪(Ibid., p. 326) «.‬‬

‫دور الستالينية‬

‫قال الشتراكي الطوباوي الفرنسي العظيم‪ ،‬فورييه‪ ،‬بحكمة أن وضع المرأة هو التعبير الوضح عن الطبيعة الحقيقية لنظام اجتماعي ما‪ .‬وبينما‬
‫عملت الثورة البلشفية على تحرير النساء‪ ،‬أدت الردة الرجعية الستالينية إلى انقلب عنيف في السياسة اتجاه النساء والعائلة‪ .‬تم‬
‫القضاء على العديد من المكتسبات التي حققتها الثورة‪ .‬تم منع الحق في الجهاض وجعل الطلق أكثر فأكثر صعوبة إلى أن أصبح‬
‫إجراءا قضائيا باهظ التكاليف‪ .‬بدأ يتم اعتقال العاهرات‪ ،‬في حين أن السياسة البلشفية كانت تتمثل فقط في اعتقال مالكي بيوت‬
‫الدعارة وحدهم وفضح الرجال الذين يستأجرون العاهرات‪ ،‬وتوفير تكوين مهني طوعي للعاهرات‪ .‬تم تقليص ساعات عمل مراكز‬
‫دور الحضانة لكي تتساوى مع ساعات يوم العمل‪ .‬وتم الشروع في تعليم الفتيات في المدارس دروسا خاصة لتحضيرهن للقيام‬
‫بأدوارهن كأمهات وربات بيوت‪.‬‬

‫سنة ‪ ،1938‬حدد تروتسكي الوضع السائد بالعبارات التالية‪ » :‬وضع المرأة هو المؤشر الكثر وضوحا وتعبيرا لتقييم نظام اجتماعي ما‬
‫وسياسة دولة ما‪ .‬لقد كتبت ثورة أكتوبر على رايتها تحرر جنس النساء وسنت التشريع الكثر تقدمية في تاريخ الزواج والسرة‪.‬‬
‫هذا ل يعني‪ ،‬بطبيعة الحال‪ ،‬أنه تحققت فورا ’حياة سعيدة‘ للمرأة السوفييتية‪ .‬ليس من الممكن تحقيق التحرر الحقيقي للنساء بدون‬
‫تحقيق ارتفاع عام في القتصاد والثقافة‪ ،‬بدون تدمير القتصاد العائلي البورجوازي الصغير‪ ،‬بدون توفير مؤسسات اشتراكية‬
‫لتحضير الطعام والتعليم‪ .‬إل أن البيروقراطية‪ ،‬الموجهة بغريزتها المحافظة‪ ،‬بدأت تدق جرس النذار بخصوص ’تفكك السرة‘‪ .‬لقد‬
‫بدأت تكيل المديح للعشاء العائلي وللغسيل العائلي‪ ،‬أي للستعباد المنزلي للنساء‪ .‬ولتتويج كل هذا‪ ،‬أعادت البيروقراطية تطبيق‬
‫العقاب الجرامي ضد الجهاض‪ ،‬الشيء الذي يعني رسميا إعادة النساء إلى حالة حيوانات للحمل‪ .‬وهكذا أعادت الطغمة الحاكمة‪ ،‬في‬
‫تناقض كلي مع أبجدية الشيوعية‪ ،‬نواة المجتمع الطبقي الكثر رجعية وظلمية‪ ،‬أي السرة البرجوازية‪Trotsky, Writings) «.‬‬
‫‪((1937-38), p. 170‬‬

‫بالرغم من أنه بعد موت ستالين‪ ،‬سنة ‪ ،1953‬تمت إعادة بعض الصلحات‪ ،‬من قبيل تشريع الجهاض‪ ،‬فإن وضع النساء في التحاد السوفييتي‬
‫لم يستعد أبدا المكانة التي كان عليها في ظل لينين وتروتسكي‪ .‬إل أنهن بقين يتمتعن بالعديد من المتيازات مقارنة مع النساء في‬
‫الغرب‪ .‬النمو القتصادي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية‪ ،‬والذي يعود الفضل فيه للقتصاد المخطط‪ ،‬سمح بحصول تحسن عام ثابت‪:‬‬
‫تحديد سن التقاعد في ‪ 55‬سنة‪ ،‬ل تمييز فيما يتعلق بالجور والتشغيل‪ ،‬حق النساء الحاملت في التحول إلى عمل أخف مع إجازة‬
‫أمومة مدفوعة الجر تصل إلى ‪ 56‬يوما قبل الوضع و ‪ 56‬يوما بعد الوضع‪ .‬وقد ألغى تشريع جديد‪ ،‬صدر سنة ‪ ،1970‬العمل الليلي‬
‫والعمل تحت الرض بالنسبة للنساء‪ .‬وارتفع عدد النساء في التعليم العالي من ‪ % 28‬سنة ‪ ،1927‬إلى ‪ % 43‬سنة ‪ ،1960‬إلى ‪49‬‬
‫‪ %‬سنة ‪ .1970‬البلدان الخرى الوحيدة في العالم حيث شكلت النساء نسبة أكثر من ‪ % 40‬في التعليم العالي هي فنلندا وفرنسا‬
‫والوليات المتحدة‪.‬‬

‫كان هناك تحسن في ميدان رعاية الطفال قبل سن التمدرس‪ :‬حيث استفاد ‪ 500,000‬طفل‪ ،‬سنة ‪ ،1960‬لكن هذا الرقم ارتفع سنة ‪ 1970‬إلى‬
‫أكثر من خمسة مليين‪ .‬انعكست النجاحات العظيمة التي حققها القتصاد المخطط‪ ،‬والثار اليجابية على تحسين ظروف الرعاية‬
‫الصحية‪ ،‬في تضاعف معدل أمل الحياة بالنسبة للنساء ليصل إلى ‪ 74‬سنة وتقليص معدل وفيات الطفال بـ ‪ .% 90‬وقد ارتفعت‬
‫نسبة النساء العاملت في مجال التعليم‪ ،‬سنة ‪ ،1975‬بـ ‪ .% 73‬سنة ‪ 1959‬كانت ثلث النساء تشتغلن في وظائف حيث ‪ % 70‬من‬
‫قوة العمل كن نساء‪ ،‬لكن مع حلول سنة ‪ 1970‬ارتفع هذا الرقم إلى ‪ .% 55‬خلل تلك الفترة ‪ % 98‬من هيئة التمريض كن نساء‪،‬‬
‫وكذلك ‪ % 75‬من هيئة التعليم و ‪ % 95‬من القيمين على المكتبات و ‪ % 75‬من الدكاترة‪ .‬سنة ‪ ،1950‬كانت هناك ‪ 600‬دكتورة في‬
‫مجال العلوم‪ ،‬لكن مع سنة ‪ 1984‬ارتفع الرقم إلى ‪!5,600‬‬

‫الثورة المضادة الرأسمالية‬

‫لقد ضربت الردة الرأسمالية مكاسب الماضي هذه بسرعة‪ ،‬ورمت النساء إلى وضع من العبودية المنحطة تحت اسم العائلة المنافق‪ .‬وقد سقط‬
‫الجزء الكبر من ثقل الزمة على كاهل النساء‪.‬إن النساء هن أول من يتعرضن للتسريح‪ ،‬من أجل تلفي أداء العانات الجتماعية‪،‬‬
‫من قبيل تعويضات الطفال والمومة‪ .‬إذا أخذنا بعين العتبار أن النساء كن يشكلن ‪ % 51‬من قوة العمل الروسية قبل سنوات قليلة‪،‬‬
‫وأن ‪ % 90‬من النساء كن يعملن‪ ،‬فإن ارتفاع البطالة كان يعني أن أكثر من ‪ % 70‬من العمال العاطلين في روسيا الن نساء‪.‬‬
‫ويصل الرقم في بعض المناطق إلى ‪.% 90‬‬

‫انهيار الخدمات الجتماعية وارتفاع البطالة يعني أن جميع المنافع التي حققها القتصاد المخطط للنساء صارت تتعرض للتدمير بشكل ممنهج‪.‬‬
‫وسيحكم ارتفاع معدل البطالة على المزيد من الناس بالفقر في روسيا أكثر مما في الغرب‪ ،‬لن العديد من الخدمات تقدم مباشرة في‬
‫أماكن العمل‪ » :‬ل تزال البطالة تشكل وصمة عار في روسيا‪ .‬لقد توقفت البطالة‪ ،‬سنة ‪ 1991‬فقط‪ ،‬عن أن تكون جريمة‪ .‬إن هؤلء‬
‫الذين ل يملكون عمل مهددون بالفقر المطلق‪ .‬خدمات التعويض عن البطالة مرتبطة بالحد الدنى للجور‪ 14،620 ،‬روبل في‬
‫الشهر‪ ،‬أي ما يعادل ثلث حد الكفاف الرسمي وحوالي سبع )‪ (7/1‬متوسط الجور‪ .‬العاطلون في الغالب أسوء حال مما تعكسه هذه‬
‫الرقام‪ ،‬إذ أن أغلبية الخدمات الجتماعية الساسية من قبيل‪ :‬الصحة والتمدرس والنقل‪ ،‬توفرها الشركات بدل الحكومة المحلية‪،‬‬
‫وهكذا فإنها متوفرة فقط للناس العاملين« )تقرير ‪.(-The Economist -93/ 12/ 11‬‬

‫في ظل النظام السابق‪ ،‬كانت النساء تحصلن على ‪ % 70‬من أجر الرجال‪ .‬وقد صار الرقم الن ‪ .% 40‬في ظل التحاد السوفييتي السابق كان‬
‫التكفل بالعائلة اعتمادا على أجرة واحدة مسألة صعبة للغاية‪ ،‬أما الن‪ ،‬ومع الرتفاع المهول للفقر‪ ،‬فقد صارت مسألة مستحيلة‬
‫عمليا‪ .‬وهكذا فإن النساء شكلن الضحايا الرئيسيات لهذا النظام الرجعي‪ .‬لقد ارتفع معدل الدعارة بشكل رهيب‪ ،‬مثل تلك النساء اللئي‬
‫يحاولن الحفاظ على بقائهن من خلل بيع أجسادهن للقادرين على شرائهن – الغنياء الجدد النذال والجانب على وجه الخصوص‪.-‬‬
‫وحتى هنا فإنهن يقعن فريسة للمافيا التي تطالبهن بـ ‪ % 20‬على القل من مجموع مداخيلهن‪ .‬وتعرض المجلت الغربية النساء‬
‫الروسيات‪ ،‬إلى جانب نساء من بلدان العالم الثالث‪ ،‬كزوجات متوقعات للجانب‪ .‬يتغلف في هذا الذلل العبودي للنساء‪ ،‬اللئي تم‬
‫تحويلهن إلى بضائع‪ ،‬إذلل بلد صار يرغم على الخضوع لنير الستغلل في أكثر مظاهره سفورا ووقاحة‪.‬‬

‫خلل العاشر من فبراير ‪ ،1993‬أعلن وزير العمل الروسي آنذاك‪ ،‬ج مليكيان‪ ،‬عن الحل الذي تقترحه الحكومة لمشكلة البطالة‪ .‬وقد قال بعبارات‬
‫تشرف أي سياسي بورجوازي يميني في الغرب‪ ،‬أنه ل يرى أية حاجة لبرامج خاصة لمساعدة النساء من أجل العودة إلى العمل‪.‬‬
‫وتساءل‪ » :‬لماذا علينا أن نحاول إيجاد عمل للنساء بينما الرجال عاطلون ويعيشون على تعويضات البطالة؟«‪ .‬وأضاف‪ » :‬دعوا‬
‫الرجال يعملون والنساء يقمن برعاية منازلهن وأطفالهن«‪ .‬إن مثل هذه اللغة‪ ،‬التي كان من المستحيل سماعها في الماضي‪ ،‬صارت‬
‫الن بوضوح تعتبر شيئا عاديا ومقبول‪ .‬نرى هنا‪ ،‬بشكل أكثر وضوحا مما في أي مكان آخر‪ ،‬الوجه الحقيقي للردة الرأسمالية‬
‫الرجعية‪ :‬الفظاظة والوحشية والجهل‪ ،‬ردة بشعة نحو أيام العبودية القيصرية حينما كان مسموحا لجميع العبيد بأن يكونوا أسيادا‬
‫على زوجاتهم وأطفالهم كتعويض عن ظروفهم المنحطة‪.‬‬

‫ل يتعلق المر بروسيا وحدها‪ .‬ففي ألمانيا الشرقية السابقة‪ ،‬كان لدى تسعة أعشار النساء منصب عمل قار‪ .‬كان عمل النساء يعتبر حقا‪.‬‬
‫ولتمكينهن من المزاوجة بين العمل ورعاية السرة‪ ،‬وفرت الدولة مؤسسات رعاية طفولة شاملة‪ ،‬وإجازة سنة على كل رضيع‪.‬‬
‫والن تم تدمير جميع مكتسبات القتصاد المؤمم المخطط هذه‪ .‬بعد توحيد ألمانيا‪ ،‬تم القضاء على ثلث مناصب شغل النساء من خلل‬
‫البطالة المكثفة في القطاع العام‪ ،‬والنسيج والزراعة‪ .‬وتشير صحيفة اليكونوميست في أحد تقاريرها )‪ (18/7/98‬إلى أنه‪ » :‬خلل‬
‫السنوات القليلة الماضية تأرجح معدل بطالة نساء ألمانيا الشرقية حول رقم ‪ ،% 20‬حوالي ‪ 5‬نقاط مئوية أعلى من معدل الرجال‪،‬‬
‫ومرتين أكثر من معدل بطالة كل من الرجال والنساء في ألمانيا الغربية‪ .‬لقد بدأت نساء ألمانيا الشرقية‪ ،‬المحرومات من مداخيلهن‬
‫)وكذالك من نظام رعاية الطفولة( في القتصاد فورا في عدد الطفال‪ .‬نزل معدل الولدات في ألمانيا الشرقية إلى نصف المعدل‬
‫الضعيف أصل والذي كان يساوي ‪ 1,56‬طفل لكل امرأة سنة ‪ .1989‬وبقي أقل من طفل واحد لكل امرأة‪ .‬لكن نساء ألمانيا الشرقية ل‬
‫يتخلين عن وظائف الشغل‪«.‬‬

‫"العالم الثالث"‬

‫عرف وضع النساء في البلدان الرأسمالية المتقدمة‪ ،‬خلل النصف قرن الماضي‪ ،‬تحسنا ملحوظا‪ .‬صار لديهن‪ ،‬من الناحية الرسمية على القل‪،‬‬
‫نفس الحقوق التي للرجل‪ .‬لديهن نفس إمكانية اللتحاق بالتعليم وارتفعت‪ ،‬إلى حد ما‪ ،‬إمكانية استفادتهن من مناصب الشغل‪ .‬إل أن‬
‫هذا الوضع ل يصدق على العالم المستعمر سابقا‪ ،‬الذي يحتوي ثلثي الجنس البشري‪ .‬عبودية المرأة صارت اليوم أسوء مما كانت‬
‫عليه في أي وقت آخر في التاريخ‪ .‬كل سنة تموت ‪ 500,000‬امرأة من تعقيدات مرتبطة بالولدة‪ ،‬وربما تموت ‪ 200,000‬امرأة‬
‫أخرى بسبب الجهاض‪ .‬ل تنفق بلدان العالم المستعمر سابقا إل ‪ % 4‬من دخلها القومي الخام على الصحة‪ ،‬مما يساوي ‪ 41‬دولر‬
‫للشخص‪ ،‬مقارنة مع ‪ 1900‬دولر في البلدان الرأسمالية المتقدمة‪ .‬وحوالي ‪ 100‬مليون طفل‪ ،‬ما بين ‪ 6‬ستة سنوات و ‪ 11‬سنة‬
‫محرومون من الدراسة‪ .‬ثلثاهم إناث‪ .‬السبب الرئيسي للفقر الطاحن المستشري في العالم الثالث هو النهب المضاعف الذي تتعرض‬
‫له الثروات من خلل شروط التبادل التجاري‪ ،‬والتريليوني )‪ 2‬تريليون( دولر من الديون التي يدين بها العالم الثالث للبناك الغربية‬
‫الكبرى‪.‬‬

‫تضمن السيطرة المطلقة التي تمارسها المبريالية والشركات المتعددة الجنسيات العملقة أن يتم العتصار العديم الرحمة لفائض القيمة حتى‬
‫آخر قطرة‪ ،‬من دماء الرجال والنساء والطفال بدون تمييز‪ .‬في الواقع ل تزال عمالة الطفال موجودة حتى في البلدان الرأسمالية‬
‫المتقدمة‪ ،‬لكنها في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللتينية تعتبر قاعدة‪ .‬ل يجد الباء الذين يعيشون على حافة الفاقة أي مخرج سوى بيع‬
‫أطفالهم لعبودية فعلية‪ ،‬بما في ذلك أكثر أشكال العبودية قذارة‪ ،‬أي الدعارة‪ .‬تنز القيمة المضافة التي يمتصها ممثلو الحضارة‬
‫الغربية المسيحية النسانية بدماء وعرق ودموع مليين النساء المستغلت والطفال المستغلين‪ ،‬بالضبط كما كان الحال عليه أيام‬
‫ماركس‪ .‬يدعي البورجوازيون أن تلك المعانات تصيبهم بالسى‪ ،‬لكنهم على أية حال يواصلون ملء جيوبهم‪.‬‬

‫تمتص الحتكارات الكبرى‪ ،‬من قبيل ديزني ونايكي‪ ،‬أرباحها من العمل العبودي في بلدان من قبيل هايتي‪ .‬دخول الرأسمال الكبير حطم بل رحمة‬
‫العلقات البطريركية القديمة التي وجدت في الماضي‪ ،‬كما شرح ماركس وإنجلز على صفحات البيان الشيوعي‪ .‬لقد أضفى هذا الواقع‬
‫ميزة أكثر قسوة على الستغلل الرأسمالي في العالم الثالث‪ .‬الحماية التي كانت متوفرة للنساء والطفال في الماضي من طرف‬
‫السرة الممتدة وقوانين المجتمع القبلي‪ -‬العشائري‪ ،‬تم تدميرها ولم يتم تعويضها بأي شيء‪ .‬وهكذا فإن النساء في شبه القارة‬
‫الهندية ل يزلن يعانين من العذابات القديمة التي تنضاف إلى الستغلل القتصادي الوحشي الذي يمارسه النظام الرأسمالي‪ .‬لم‬
‫تتمكن البورجوازية الهندية‪ ،‬بعد مرور نصف قرن عن ما سمي بالستقلل‪ ،‬من القضاء على نظام الطوائف‪ .‬ول تزال موجودة تلك‬
‫الممارسة الهمجية المسماة "سوتي" والتي تجبر النساء خللها على رمي أنفسهن في المحرقة الجنائزية لزواجهن المتوفين‪.‬‬
‫هناك مئات الحالت كل عام‪ .‬وتعامل تلك الرامل اللئي ينجحن في الفرار من هذا المصير كصعلوكات وكمنبوذات اجتماعيا ليس‬
‫لديهن أي حق في الحياة‪ .‬يتعرضن للضرب والتجويع والذلل من طرف أقاربهن حتى يدفعن إلى النتحار‪.‬‬

‫في كل أنحاء القارة السيوية ينظر إلى ولدة النثى كدليل على سوء الحظ في المجتمعات الزراعية‪ .‬وأد الناث فعل شائع‪ .‬ملجئ الطفال في‬
‫الصين ملئ بالناث على وجه الخصوص واللئي يعانين من التجويع والهمال‪ .‬السبب الكامن وراء هذا هو أن الفلحين السيويين‬
‫الفقراء يحتاجون إلى أسر واسعة لتقوم برعايتهم عندما يصلون سن الشيخوخة في مجتمعات ل يوجد فيها أي نظام معاشات أو‬
‫ضمان اجتماعي‪ .‬الطفال الذكور أقوياء ويمكنهم القيام بعدد أكبر من العمال‪ ،‬بينما تحتاج الطفال الناث إلى المهر لكي يتم‬
‫تزويجهن‪ .‬في الهند‪ ،‬إذا ما تم اعتبار المهر غير كاف فإن العروس يمكن أن تتعرض للقتل على يد أسرة العريس‪ .‬هذا وضع الهند‬
‫في مطلع القرن الواحد والعشرين‪ .‬وليست الوضاع أفضل كثيرا في باكستان‪ ،‬حيث الشريعة السلمية هي القانون‪ .‬ليس للنساء‬
‫عمليا أي حق ويمكن أن يتعرضن لما يراه آبائهن وأزواجهن مناسبا‪ .‬لكن يمكن اعتبار باكستان جنة للحرية إذا ما قورنت بأفغانستان‬
‫في ظل حكم طالبان‪ .‬قبل ثورة ‪ 1979‬كان النشاط القتصادي الرئيسي في أفغانستان هو بيع النساء كعرائس‪ .‬وقد سن الستالينيون‬
‫الفغان قوانين تعطي الحقوق للنساء‪ .‬لكن الن كل ذلك تحطم‪ .‬النساء محرومات من جميع الحقوق ومسجونات في البيت‪ .‬وبما أنهن‬
‫محرومات من العمل‪ ،‬فإنهن معرضات للجوع‪ .‬هذا القانون الهمجي مطبق بشكل صارم حتى بالرغم من واقع وجود نقص جدي في‬
‫اليد العاملة نتيجة للعدد الكبير من الرجال الذين قتلوا خلل الحرب‪ .‬ول يهم ما إذا كانت العديد من تلك النساء يمتلكن مهارات هناك‬
‫حاجة إليها كالمعلمات والممرضات‪ .‬يجب عليهن أل يشتغلن‪ .‬هذا هو الوجه الهمجي الحقيقي للردة السلمية‪ .‬لكن المسئولين‬
‫الحقيقيين عن ذلك هم المبرياليون في واشنطن وعملئهم في باكستان الذين عملوا على تسليح وتمويل هؤلء الوحوش في‬
‫صراعهم ضد "الشيوعية"‪.‬‬

‫إن النضال في أفغانستان من أجل حقوق النساء مرتبط بشكل ل ينفصم بالنضال الثوري من أجل التغيير الشتراكي للمجتمع وإسقاط نظام الردة‬
‫الدينية الهمجي هذا‪ .‬تشكل النساء في أفغانستان احتياطيا هائل للثورة‪ .‬هذا الواقع تؤكده خبرة إيران‪ .‬فبعد عشرين سنة من سيطرة‬
‫النظام السلمي الرجعي‪ ،‬سئمت الجماهير من حكم المللي‪ .‬يثقل عبئ الصولية‪ ،‬على وجه الخصوص‪ ،‬كاهل النساء اللئي بدأن‬
‫يعبرن عن تحديهن له‪ ،‬كما شاهدنا ذلك عندما هزمت إيران الوليات المتحدة في مقابلة كرة القدم‪ ،‬حيث خرجت النساء بتحد إلى‬
‫الشوارع لينشدن ويرقصن مع الرجال بدون "شادور"‪ ،‬ووقف المللي عاجزين عن منع ذلك‪ .‬هنا أيضا‪ ،‬سوف تلعب النساء دورا‬
‫حاسما في الثورة اليرانية القادمة‪.‬‬

‫سبق للينين مرة أن قال أن‪" :‬الرأسمالية هي الرعب بدون نهاية"‪ .‬ويصيب هذا الرعب النساء قبل أي كان‪ ،‬والنساء في العالم الثالث بشكل أكثر‬
‫وحشية‪ .‬فشل جبهة التحرير الوطني "الشتراكية" في الجزائر في انجاز الثورة حتى النهاية‪ ،‬هو الذي أدى إلى هذا المأزق الدموي‬
‫الحالي‪ .‬المجازر الرهيبة ضد الرجال والنساء والطفال‪ ،‬حيث تمزقت‪ ،‬بالمعنى الدقيق للكلمة‪ ،‬قرى بأسرها بالسكاكين والفؤوس‪،‬‬
‫ويحدث هذا في ظل تواطؤ صامت من الغرب‪ .‬من الواضح أن هذه العمال الوحشية ليست من تنفيذ الرهابيين السلميين وحدهم‪،‬‬
‫بل هي أيضا‪ ،‬وربما أساسا‪ ،‬من تنفيذ النظام العسكري وفرق الموت التابعة له‪ .‬بالضافة إلى معاناتهن جميع مظاهر الرعب الخرى‪،‬‬
‫اعتبرت النساء هدفا للختطاف والغتصاب‪ .‬وقد أقدم عدد كبير من هؤلء النساء لحقا على النتحار‪ .‬وقد شهدنا مرة أخرى‬
‫استعمال الغتصاب كسلح في يد الرجعية في إندونيسيا‪ ،‬حيث نظم نظام سوهارتو المذابح ضد الصينيين‪ ،‬بنفس الطريقة التي كان‬
‫بها النظام القيصري ضد اليهود‪ .‬تبين لنا هذه الفظائع الحدود التي يمكن للطبقة الحاكمة أن تصلها‪ .‬نفس المصير ينتظر البلدان‬
‫المتقدمة في المستقبل إذا لم تقم الطبقة العاملة بأخذ السلطة في المرحلة المقبلة‪.‬‬

‫تتحمل النساء المنحدرات من الشرائح الفقر في المجتمع العبء الرئيسي للضطهاد‪ .‬إل أن هناك‪ ،‬في العالم الثالث خصوصا‪ ،‬العديد من حالت‬
‫المعاملة الهمجية واللإنسانية ضد نساء الطبقات الخرى‪ .‬يجب على الماركسيين أن يناضلوا ضد جميع أشكال الظلم في المجتمع‪،‬‬
‫مع وقوفنا على أرضية الطبقة العاملة التي هي الطبقة الوحيدة التي في إمكانها قيادة المجتمع وإخراجه من هذا الطريق المسدود‪.‬‬
‫يجب علينا أن نشجب كل شكل من أشكال الظلم ضد النساء‪.‬‬

‫دون أن نجرح المشاعر الدينية‪ ،‬وباستعمال لغة ذكية‪ ،‬يجب علينا أن نفضح الدور الذي يلعبه الدين‪ .‬يتطلب النضال من أجل الثورة في آسيا‬
‫والشرق الوسط نضال مستميتا ضد جميع أنواع الظلمية الدينية والصولية‪ ،‬التي وبغض النظر عن ديماغوجيتها "المعادية‬
‫للمبريالية" تلعب دائما أكثر الدوار رجعية في المجتمع‪ .‬سوف يبقى تحرر النساء سرابا ما لم يسر يد في يد مع النضال ضد كل‬
‫الديان‪ ،‬التي تدعم حتما وتديم استعباد النساء‪.‬‬

‫المرأة والبطالة‬

‫تعبر أزمة الرأسمالية عن نفسها من خلل وجود معدلت عالية من البطالة حتى خلل مراحل الزدهار‪ .‬ويؤثر هذا الواقع على النساء والشباب‬
‫بشكل أكثر حدة مما هو على باقي أعضاء المجتمع‪ .‬معدلت البطالة بين صفوف النساء أكثر ارتفاعا من المتوسط‪ .‬ول تعكس هذه‬
‫الرقام الوضع الحقيقي بما أنها تقصي عددا كبيرا من النساء اللئي فقدن كل أمل في إيجاد منصب شغل ولم يعدن يكلفن أنفسهن‬
‫بالتسجيل في مراكز التشغيل‪ .‬الميل العام نحو فرض نظام العمل الغير رسمي )تحت غطاء المرونة( لديه أشد الثار تدميرا على‬
‫النساء‪ .‬وحتى بدون هذا النظام فإن أغلب النساء محكوم عليهن بالعمل في ظل أشد الظروف فظاعة ومقابل أدنى الجور‪ .‬والن‬
‫صارت ظروفهن تتحول من سيء إلى أسوء‪ .‬النتشار الجامح للعمل المؤقت الجزئي‪ ،‬الذي يزعمون أنه أكثر ملئمة للنساء هو مبرر‬
‫مثالي لفرض مثل هذه الظروف على الفئة الشد اضطهادا في المجتمع‪ ،‬وتعترف اليكونوميست قائلة‪:‬‬

‫» تشكل النساء في الوليات المتحدة‪ ،‬باقتصادها المزدهر وسوق العمل الضيق فيها‪ ،‬نعمة من عند ال بالنسبة لرباب العمل‪ .‬تشغيلهن عادة ما‬
‫يكلفهم أقل مما يكلفهم تشغيل الرجال‪ ،‬وهن أكثر استعدادا للقبول بالمرونة وأقل ميل إلى العتراض إذا ما كانت ظروف العمل سيئة‪.‬‬
‫وعدد جد قليل منهن عضوات في النقابات‪ .‬والشيء الوحيد المثير للدهشة إذن هو أن معدلت بطالة النساء المريكيات ليست أقل من‬
‫معدلت بطالة الرجال‪(The Economist, 18/7/98) .‬‬

‫وتضيف الصحيفة‪ » :‬العديد منهن يمارسن ما يسميه اقتصاديو سوق العمل بـ "العمل الشاذ"‪ ،‬أي ذلك النوع من العمل الذي يناسب أكثر قطاع‬
‫الخدمات‪ :‬العمل الجزئي‪ ،‬المؤقت‪ ،‬المتضمن لساعات العمل الغير منتظمة أو الستثنائية أو المنجز على أساس العقدة‪ .‬بعضهن ل‬
‫يتمتعن بالضمان الجتماعي وأغلبيتهن يتلقين أجورا هزيلة‪ .‬لقد أبانت النساء المتلهفات ليجاد طريقة للمزاوجة بين العمل وبين‬
‫السرة عن كونهن أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع هذه الطريقة الجديدة في العمل من الرجال« )‪The Economist,‬‬
‫‪(.18/7/98‬‬

‫يتزايد العمل الجزئي في كل مكان‪ .‬يشكل هذا النوع من العمل الوظيفة الوحيدة التي في إمكانهن شغلها لنها تسمح لهن بالمزاوجة بين العمل‬
‫والسرة‪ .‬هذا المر يلءم أرباب العمل إلى حد كبير لنه يمكنهم من معاملة عمالهم بالطريقة التي تحلو لهم‪ ،‬يضغطون عليهم للقيام‬
‫بمهام أضخم ويدفعون لهم أجورا زهيدة‪ .‬هناك تنويعات جديدة من هذا النوع من العمل تظهر إلى الوجود طوال الوقت‪ .‬آخرها هو‬
‫العامل "العرضي"‪ :‬الذي هو في الحقيقة عامل ليس من المفترض أن يكون عمله متواصل‪ .‬يشتغل مثل هؤلء العمال في تشكيلة‬
‫واسعة من القطاعات‪ ،‬يقومون بعمل مؤقت أو عمل على أساس العقدة أو تحت الطلب‪ .‬في أمريكا‪ ،‬تحدد التقديرات الخيرة لدارة‬
‫التشغيل عددهم بحوالي ‪ 5.5‬مليون شخص‪ ،‬وأكثر من نصفهم نساء ويؤدون عمل نصف جزئي تقريبا‪ .‬إنهم يتقاضون أجورا أقل من‬
‫زملئهم الغير عرضيين‪ ،‬وعادة ما يكونون محرومين من التأمين الصحي أو غيره من المتيازات الخرى من طرف مشغليهم‪.‬‬

‫يطلق على النسخة اللمانية لهذا العمل اسم "العمل البسيط"‪ ،‬ويقدر العديد من القتصاديين أنه يتزايد بسرعة فائقة‪ .‬إن هذا النظام يعتمد على‬
‫مكسب قانوني يعفي الناس الذين يتقاضون مبلغا أقل من ‪ 620‬مارك )‪ 340‬دولر( شهريا من المساهمة في نظام الضمان الجتماعي‬
‫اللماني الشامل )والجد باهظ(‪ ،‬لكنه يقصيهم أيضا من الحصول على الحق في التقاعد والتعويض عن البطالة‪ .‬وتقدر بعض‬
‫التخمينات عدد الشخاص الذين يشتغلون في هذه العمال "البسيطة" بأكثر من أربعة مليين‪ ،‬حوالي نصفهم نساء‪.‬‬

‫تقول اليكونوميست بخجل‪ » :‬بسبب مسئولياتهن السرية‪ ،‬تقضي النساء عددا أقل من الساعات في ممارسة عملهن المأجور مما هو الحال‬
‫لدى الرجال‪ .‬ومن ثم فإن أجرهن السبوعي أو السنوي يتخلف أكثر عن أجر الرجال‪ .‬ثلث جميع النساء العاملت في التحاد‬
‫الوروبي بمجمله يشتغلن ساعات أقل من المتوسط السبوعي البالغ ‪ 40 – 35‬ساعة‪) ،‬رغم أن المتوسط يخفي وجود اختلفات‬
‫هائلة(؛ نسبة العاملين بشكل جزئي بين الرجال ليس سوى حوالي ‪ ،% 5‬وأغلب هؤلء إما طلبة أو عمال مسنون يتجهون نحو‬
‫التقاعد‪ .‬هناك في الوليات المتحدة نسبة أقل من النساء اللئي يعملن بشكل جزئي مما هو الحال في أوروبا‪ ،‬لكن هناك نسبة أكبر من‬
‫الرجال‪ .‬الرقام المسجلة في اليابان تبدو مشابهة للرقام الوروبية‪ ،‬إل أن العديد من النساء اللئي يعملن بشكل جزئي هناك يشتغلن‬
‫ساعات كاملة تقريبا؛ لكنهن تتقاضين أجورا أقل من العمال الرسميين‪ .‬ل يزال "العمل الجزئي" يعني غالبا في كل مكان "درجة‬
‫ثانية"‪(.The Economist, 18/7/98) «.‬‬

‫العمل الضافي والسرة‬

‫نشرت اليكونوميست مؤخرا مسحا لوضعية النساء في العمل يقدم صورة رهيبة للرهاق الذي يصيب المريكيين في وقتنا الحالي‪ ،‬ليس فقط‬
‫العمال أصحاب الياقات الزرقاء بل حتى العمال أصحاب الياقات البيضاء‪ ،‬والتي تخلف بالتأكيد أكثر الثار تدميرا على الحياة السرية‬
‫والعلقات الشخصية‪:‬‬

‫» يبدأ اليوم العادي لدى السر التي يشتغل فيها كل البوان )وهي القاعدة التي تسود بين جميع العاملين‪ ،‬ما عدا كبار المدراء التنفيذيين‬
‫للشركات(‪ ،‬قبل الفجر من أجل تحضير الطفال لرسالهم إلى دور الحضانة التابعة للشركة )المدعومة بشكل جيد(‪ .‬بعدها يقضي‬
‫البوان يوم طويل في العمل قبل أن يأخذوا أطفالهم من دار الحضانة‪ ،‬ويقومان ببعض المشتريات في طريقهما إلى البيت‪ ،‬يعملن‬
‫على إطعام جميع أفراد السرة‪ ،‬يضعان الملبس المتسخة في آلة الغسيل وينظفان الفوضى‪ ،‬يقرآن للطفال قصة قبل النوم ويتجهان‬
‫هما أيضا إلى سريرهما‪ ،‬وهما منهكان بالمعنى الدقيق للكلمة‪ .‬تكون هذه هي الحالة أثناء اليام التي لم يحدث فيها أي مكروه‪«.‬‬

‫» وجدت النسة هوشايلد أن هؤلء العمال ل يأخذون إجازة أبوية إل نادرا‪ ،‬ول يستفيدون من مرونة ساعات العمل ول من جميع السياسات‬
‫الموجهة لخدمة السرة‪ .‬وعوض ذلك يقضون في العمل ساعات أطول‪ ،‬ويغرقون أنفسهم غالبا في كمية كبيرة من العمل الضافي‬
‫فوق متوسط ساعات عملهم‪ .‬أحيانا يكونون في حاجة حقيقية لمداخيل العمل الضافي‪ ،‬لكنهم في الغالب عندما يواجهون الخيار بين‬
‫الجهاد في العمل والجهاد داخل البيت‪ ،‬يختار كل من الرجال والنساء العمل‪ ،‬حيث يستفيدون على القل من العلقات التي ينسجونها‬
‫مع زملئهم وحيث يتم التعامل معهم بجدية ويتلقون أجرا مقابل معاناتهم‪ ،‬بينما يشعرون في المنزل بكونهم معزولين ويتم التعامل‬
‫معهم بل مبالة وتسحقهم المطالب التي ل تنتهي‪ .‬لقد صار العمل هو البيت وصار البيت عمل شاقا!«‬

‫وتضيف الصحيفة‪ » :‬بالتأكيد تحيى أغلبية السر المريكية التي لديها أطفال في عمر الدراسة الن نوعا من الحياة مشابهة لهذه التي يصفها‬
‫الكتاب« ‪.(The Economist (18/7/98‬‬

‫بالرغم من ذلك فإن هؤلء العمال غير راضين عن مصيرهم‪ .‬أكثر من نصفهم اعتبروا أن مشكلتهم الكبرى هي "قلة الوقت"‪ .‬هذه واحدة من‬
‫أكثر تناقضات الرأسمالية الحديثة إثارة‪ .‬ففي الوقت الذي وفرت فيه التطورات التي عرفتها العلوم والتكنولوجيا القاعدة الضرورية‬
‫لتثوير حياة الناس وتوفير بيئة عمل ملئمة وأسبوع عمل أقصر‪ ،‬فإن مليين البشر محكوم عليهم بالبؤس والعيش حياة العطالة‬
‫الجبارية على الصدقات‪ ،‬بينما يحكم على مليين الناس الخرين‪" ،‬المحظوظين" لنهم وجدوا عمل‪ ،‬بالعمال الشاقة والعمل‬
‫ساعات طويلة ومعانات ضغوط قاسية في أماكن العمل‪ .‬إنهم محكومون بالتضحية بصحتهم وراحتهم وكذا بحياتهم السرية‬
‫وبالتواصل مع أبنائهم‪.‬‬

‫تستعمل التطورات التكنولوجية من أجل زيادة عبودية العامل لرب العمل‪ ،‬وتجعل حتى من العاملين بشكل جزئي في المنازل عبيدا ليوم عمل‬
‫طويل ل ينتهي‪ .‬لقد مكنت الختراعات من قبيل الهواتف المحمولة والحواسيب المحمولة وأجهزة الستدعاء‪ ،‬من ممارسة مستوى‬
‫غير مسبوق من السيطرة على العامل‪ ،‬حتى عندما ينعدم الشراف المباشر‪ .‬ويتوقف الفرق بين مكان العمل وبين المنزل‪ ،‬بين‬
‫ساعات العمل وبين وقت الراحة‪ ،‬عن أن يكون له أي معنى‪ .‬لقد صارت دكتاتورية الرأسمال وسيطرته التامة على العمال وعائلتهم‬
‫مطلقة‪ .‬إن السؤال الذي يجب علينا بالتالي أن نطرحه على أنفسنا مع مطلع القرن الواحد والعشرين ليس هو‪" :‬هل هناك حياة بعد‬
‫الموت؟"‪ ،‬بل بالحرى‪" :‬هل هناك حياة قبل الموت؟"‬

‫"التحول الثاني"‬
‫من أجل أن يذهبن إلى العمل‪ ،‬يتوجب على النساء اللئي لديهن أطفال أن تجدن طريقة ما للعناية بهم‪ .‬في مجتمع سليم يتوجب نشر التعليم‬
‫العمومي على الطفال منذ سن مبكرة‪ ،‬إضافة إلى توفير شروط سخية للجازة البوية خلل سنوات الوضع الولى‪ .‬لكن عوض ذلك‬
‫تجد المهات العاملت أنفسهن مجبرات على ترك أطفالهن في "دور حضانة" غير ملئمة وبين أيدي أشخاص غير خبراء وغير‬
‫مؤهلين‪ .‬وقد أدت هذه الوضاع إلى حدوث العديد من المآسي‪ .‬تعمل صحافة الثارة كل ما في وسعها لتوظيف هذه الحوادث من أجل‬
‫تسليط سوط الكراهية ضد هؤلء النساء التعيسات‪ ،‬لكنها تحرص على أل تشير بإصبع التهام إلى المجتمع الذي يخلق الشروط لهذه‬
‫الفظاعة‪.‬‬

‫حسب دراسة نشرها مؤخرا المعهد الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية‪ ،‬فإن حوالي ‪ % 80‬من الرضع المريكيين تتم رعايتهم بشكل منتظم‬
‫من طرف أشخاص آخرين غير أمهاتهم خلل الثنتي عشرة شهرا الولى من حياتهم؛ أغلبهم يلتحقون بدور الحضانة قبل بلوغهم‬
‫سن الربعة أشهر؛ ويبقون عادة في دور الحضانة حوالي ‪ 30‬ساعة أسبوعيا‪ .‬لكن الدراسة تضيف أن‪ » :‬أغلب تلك الدور مفتقرة‬
‫لكل ما يمكن أن يجعل أيا منا يعتبرها جيدة‪ .‬مصطلح "بالكاد مناسبة" صار هو الصيغة التي توصف بها دور الحضانة النموذجية في‬
‫هذا البلد‪ .‬حوالي ‪ % 15‬إلى ‪ % 20‬من تلك الدور هي في الحقيقة كئيبة بل حتى خطرة« )اليكونوميست‪ ،98 /07 /18 ،‬التشديد‬
‫من عندنا(‬

‫حتى هذه الظروف البدائية تعتبر جد مكلفة بالنسبة للعديد من النساء اللئي يجدن أنفسهن مجبرات على التخلي تماما عن كل محاولة ليجاد‬
‫عمل‪ .‬بالرغم من كل الكلم عن النساء المتحررات والنساء الموظفات وما إلى ذلك‪ ،‬فإن العديد من النساء ل يزلن محصورات بين‬
‫أربعة جدران في المنازل‪ .‬حسب هيئة التحاد الوروبي للشئون المعيشية‪ ،‬فإن حوالي ثلث النساء اللئي هن في سن العمل في‬
‫أوروبا ككل تعتبرن أنفسهن "ربات بيت"‪ ،‬بالرغم من أن بعضهن يشتغلن جزئيا‪ .‬وكلما كان لديهن أطفال أكثر كلما صار من الرجح‬
‫أن يكن ربات بيت‪ .‬تقول اليكونوميست‪ » :‬ليس هذا بالضرورة وصفة للسعادة‪ ،‬ففي كل البلدان الوروبية تقريبا تبدو النساء اللئي‬
‫يخرجن للعمل أكثر صحة وأكثر رضا عن الحياة من النساء اللئي ل يعملن‪ .‬لكنهن معفيات على القل من "التحول الثاني" أي من‪:‬‬
‫يوم عمل في البيت بعد يوم عمل لصالح رب عملهم‪(.The Economist, 18/7/98) «.‬‬

‫نقرأ في برنامج إيرفورت للحزب الشتراكي الديمقراطي اللماني‪ ،‬الذي صيغ قبل مائة سنة‪ ،‬ما يلي‪ » :‬تعني مشاركة المرأة في النتاج‬
‫الصناعي التدمير الكلي للحياة السرية للطبقة العاملة دون تعويضها بشكل أرقى من العلقات السرية‪ .‬نظام النتاج الرأسمالي ل‬
‫يحطم في أغلب الحالت الحياة السرية للعمال فقط‪ ،‬بل يسرق منها كل شيء ما عدا ميزاتها السيئة‪ .‬نشاط المرأة اليوم في النتاج‬
‫الصناعي ل يعني بالنسبة إليها التحرر من أعباء البيت؛ بل يعني زيادة أعباء جديدة على أعبائها السابقة‪ .‬لكن ل يمكن لعبد أن يخدم‬
‫سيدين‪ .‬تعاني أسرة العامل عندما يكون على زوجته أن تساعد في كسب الخبز اليومي‪ .‬ل يوفر المجتمع الحالي‪ ،‬في مقابل السرة‬
‫الفردية التي يدمرها‪ ،‬سوى بدائل بائسة؛ مراكز توزيع الحساء ودور حضانة‪ ،‬حيث يقدم الغنياء فتات المساعدات المادية‬
‫والمعنوية للطبقات الدنيا‪(K. Kautsky, The Class Struggle, p. 26) «.‬‬

‫ل يزال هذا صحيحا حتى يومنا هذا‪ .‬تعاني النساء من عبودية مزدوجة‪ :‬من العبودية في أماكن العمل و"التحول الثاني" في المنزل‪ .‬في اليابان‬
‫على سبيل المثال تقضي الزوجات العاملت حوالي ثلثة ساعات ونصف الساعة يوميا في إنجاز المهام المنزلية‪ ،‬إضافة إلى ساعات‬
‫العمل المأجور‪ .‬نفس الوضع نجده في ما يسمى بالمجتمعات الغربية المتحضرة الخرى‪.‬‬

‫النساء والنقابات‬

‫التغيير الشتراكي للمجتمع مسألة مستحيلة بدون النضال اليومي من أجل الصلحات في ظل الرأسمالية‪ .‬ومن ثم فإننا ل نتجاهل إطلقا النضال‬
‫من أجل الصلحات‪ .‬لكن الشيء الكثر أهمية‪ ،‬بالنسبة للماركسيين‪ ،‬هو واقع أن العمال يتعلمون من خلل النضال‪ .‬إن مهمتنا‬
‫الرئيسية هي أن نشرح بصبر‪ ،‬بدءا بالنساء الكثر وعيا ونشاطا في النقابات والحزاب العمالية‪ ،‬ضرورة التغيير الشتراكي‬
‫للمجتمع‪ ،‬ليس فقط على الصعيد الوطني بل على الصعيد الممي‪ .‬يجب علينا أن نكافح من أجل رفع مستواهن‪ ،‬جعلهن يهتممن‬
‫بالقضايا العم‪ ،‬بالنظرية والفكار‪ ،‬وكسبهن إلى الماركسية‪ .‬يجب علينا أن نحذر من السقوط في نفس الفخ الذي سقط فيه العديد من‬
‫الصلحيين والعصب التي ل تعد ول تحصى‪ ،‬وبالتأكيد العديد من النسوانيات البرجوازيات‪ ،‬أي في العتقاد بأن النساء مهتمات فقط‬
‫بما يسمى قضايا النساء‪ .‬وبالرغم من أن العديد من تلك القضايا هامة فإنه سيكون من الخطأ الجسيم الستخفاف باهتمام النساء‬
‫بالقضايا العم والمسائل الجوهرية‪ .‬على العكس من ذلك سنتمكن من اكتساب أفضل المناضلت وإلهابهن بالحماس من خلل‬
‫النظريات الثورية والبرنامج الماركسي‪.‬‬

‫يجب أن يبدأ النضال من أجل مصالح النساء في أماكن العمل‪ .‬يشكل النضال من أجل تنظيم النساء العاملت في النقابات والنضال في سبيل أجور‬
‫وظروف عمل لئقة‪ ،‬وكذا من أجل المساواة التامة مع العمال الرجال‪ ،‬أول مهمة على عاتق الماركسيين‪ .‬تقدم العاملت إمكانيات‬
‫ثورية عظيمة للحركة العمالية‪ ،‬وهي المكانيات التي تقف البيروقراطية النقابية الضيقة الفق والمحافظة عاجزة عن تطويرها‪.‬‬
‫ظروف النتاج الجديدة والنتشار الهائل لما يسمى بالصناعة الخدماتية يعني ارتفاعا هائل في عدد النساء العاملت في ظروف‬
‫مرهقة‪ ،‬واللئي أغلبيتهن غير منتظمات في النقابات‪ .‬يجب على الماركسيين داخل النقابات أن يأخذوا المبادرة كلما كان ذلك ممكنا‬
‫في المطالبة بتنظيم حملة لتنظيم الفئات الغير منظمة‪ ،‬وخاصة النساء والشباب في تلك "المهن"‪.‬‬

‫القضية المركزية هي التمييز الصارخ ضد النساء في أماكن العمل‪ .‬تتقاضى النساء في العالم بأسره‪ ،‬في المتوسط‪ ،‬أجرا أقل من أجر الرجال –‬
‫عادة ما تكون النسبة أقل بـ ‪ % 20‬إلى ‪ - % 30‬مقابل نفس العمل‪ .‬أجر أقل يعني عادة استفادة أقل‪ ،‬أو عدم الستفادة‪ ،‬من المعاش‬
‫بعد التقاعد‪ .‬ليس هذا الواقع مضرا بالنساء العاملت فقط‪ ،‬بل بالعمال أيضا‪ .‬إن القبول بأجور متدنية لي مجموعة من العمال يؤدي‬
‫إلى الضغط على الجور وعلى ظروف العمل عموما‪ .‬إن القبول بأن يتقاضى النساء والشباب أجورا أقل من بقية القوة العاملة مسألة‬
‫رجعية ومثير للفرقة‪ .‬إنها تفسر أيضا ل مبالة العديد من النساء اتجاه النقابات التي ل تقوم بأي شيء لهن‪ .‬إن مهمة تنظيم الغير‬
‫منظمين مهمة أساسية للنقابات‪ ،‬خاصة في مرحلتنا الحالية‪ .‬يكتسي النضال من أجل مطلب "نفس الجر مقابل عمل بنفس القيمة"‬
‫أهمية خاصة‪ .‬يمكن بسهولة تحريف مبدأ "نفس الجر مقابل نفس العمل" والتملص منه من طرف الرأسماليين‪ ،‬على اعتبار أنه‬
‫يكون من الصعب في غالب الحيان أو من المستحيل مقارنة أنواع مختلفة من العمال التي يقوم بها الرجال والنساء في مختلف‬
‫قطاعات النتاج‪.‬‬

‫ويصف مسح قامت به صحيفة اليكونوميست الوضع قائل‪ » :‬في هذا الوقت‪ ،‬وجدوا العمل في انتظارهم‪ .‬ومع قيام القتصادات المتطورة بإعادة‬
‫الهيكلة‪ ،‬تم خلق الكثير من مناصب الشغل في قطاع الخدمات الجديدة والتي تختلف بشكل كبير عن مناصب الشغل في الوظائف‬
‫التقليدية المضمونة والدائمة التي يحتلها الرجال أساسا‪ .‬العديد من هذه المناصب الجديدة لوقت جزئي أو تفترض ساعات إضافية‪،‬‬
‫وتقدم وتتطلب درجة من المرونة التي غالبا ما تلئم النساء‪ .‬العديد من تلك الوظائف هي في قطاعات ذات مستوى منخفض ومتدنية‬
‫الجور من قبيل قطاع التسويق وإعداد الطعام والنظافة‪ ،‬التي ل تستميل كثيرا العمال الرجال‪(.The Economist, 18/7/98) «.‬‬

‫في الشغال التي تعمل فيها الكثير من النساء ول يوجد فيها سوى عدد أقل من الرجال‪ ،‬تميل مستويات الجور إلى النخفاض‪ .‬هذا صحيح بوجه‬
‫خاص في قطاع التسويق والنظافة وإعداد الطعام وبمستويات أقل في أعمال من قبيل التمريض والتعليم‪ ،‬التي يكون المشغل فيها‬
‫غالبا هو القطاع العام‪ .‬مع كل هذا العدد الكبير من النساء المكدسات في الوظائف ذات الجور المتدنية‪ ،‬ليس من المفاجئ أن نجد‪،‬‬
‫بالرغم من توفر الكثير من تشريعات المساواة في الجور‪ ،‬هوة كبيرة في جميع البلدان بين أجور الرجال وأجور النساء‪ .‬وقد بدأت‬
‫هذه الهوة تتناقص نتيجة للضغط من طرف النساء العاملت والنقابات‪ :‬ففي الوليات المتحدة‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬ارتفع أجر ساعة‬
‫العمل لدى النساء‪ ،‬خلل العشرين سنة الخيرة‪ ،‬من ‪ % 64‬من أجر ساعة العمل لدى الرجال إلى أكثر من ‪ .% 80‬لكن التفاوت ل‬
‫يزال موجودا‪ ،‬وكلما نزلنا أسفل في سلم الجور كلما ارتفع التفاوت‪ .‬في حين أن العمال الشباب المحترفون والذين ليس لديهم أطفال‬
‫من كل الجنسين والذين يشتغلون بدوام دائم في الوليات المتحدة يحصلون في غالب الحيان على أجر متساوي‪ ،‬فإن النساء‬
‫العاملت ذوات الجور المتدنية اللئي يشتغلن في العمال المرهقة يتقاضين أقل من متوسط أجر الرجل العامل في الصناعة‪.‬‬

‫تتعرض النساء للتمييز ضدهن بسبب مهمتهن الطبيعية المتمثلة في إنجاب الطفال‪ .‬في المجتمع الحالي‪ ،‬صار إنجاب طفل‪ ،‬الذي من المفترض‬
‫أن يكون حدثا سعيدا‪ ،‬كارثة خاصة بالنسبة للمهات‪ .‬إنه يعني غالبا خسارة منصب الشغل والتحول إلى الفقر المدقع والعتماد المذل‬
‫على المساعدات العمومية الهزيلة‪ .‬بكلبية مطلقة تعامل الصحافة البرجوازية‪ ،‬في بريطانيا وأمريكا على وجه الخصوص‪ ،‬النساء‬
‫العازبات كطفيليات "يعشن على حساب الدولة"‪ ،‬دون أن تشرح كيف صارت تلك النساء محرومات من اللتحاق بسوق العمل وتم‬
‫تهميشهن من طرف المجتمع بأكثر الطرق وحشية وقسوة‪ .‬لكن حتى إن تمكنت من الحتفاظ بمنصب شغلها‪ ،‬فإن ذلك سيعني المزيد‬
‫من انخفاض المداخيل‪ » .‬بمجرد ما تبدأ النساء في إنجاب الطفال‪ ،‬ينخفض أجرهن النسبي وكلما زاد عدد أطفالهن كلما انخفض‬
‫أجرهن‪ ،The Economist, 18/7/98) «.‬التشديد من عندنا(‬

‫الماركسية أم الحركة النسوانية؟‬

‫يجب على الماركسيين أن يدافعوا بحيوية عن قضية النساء‪ ،‬عليهم أن يناضلوا ضد اللمساواة وجميع مظاهر القهر والتمييز والظلم‪ .‬لكن يجب‬
‫علينا دائما أن نقوم بذلك انطلقا من وجهة نظر طبقية‪ .‬ففي الوقت الذي نناضل فيه بحزم من أجل جميع أشكال التحسينات التي تمثل‬
‫تطورا حقيقيا للنساء‪ ،‬يجب علينا أن نشرح أن الطريق الوحيد لتحقيق التحرر الحقيقي للنساء –وجميع فئات المجتمع المضطهدة‬
‫الخرى‪ -‬يمر عبر القضاء على النظام الرأسمالي‪ .‬يتطلب هذا الوحدة المطلقة بين رجال ونساء الطبقة العاملة في النضال ضد‬
‫الرأسمالية‪ .‬إن أية محاولة لدفع النساء ضد الرجال أو تقسيم النساء وعزلهن عن بقية الحركة العمالية تحت مسمى "حرية النساء"‬
‫أو أي شيء آخر‪ ،‬هي محاولة رجعية بالمطلق ويجب النضال ضدها بحزم‪.‬‬

‫نحن نناضل من أجل الوحدة التامة للبروليتاريا‪ ،‬بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اللون أو الدين أو القومية‪ .‬وهكذا فإن نضالنا من أجل‬
‫قضية النساء تفترض بالضرورة خوض نضال حازم ضد جميع أنواع الحركات النسوانية البرجوازية والبرجوازية الصغرى‪ .‬تلك‬
‫التيارات‪ ،‬والتي تخدم بشكل ثابت العناصر الشد رجعية‪ ،‬عندما تتمكن من كسب بعض التأثير داخل الحركة العمالية تلعب دورا زرع‬
‫الشقاق واللبس بين صفوف النساء اللئي يتطورن في اتجاه الشتراكية‪ .‬يجب علينا أن نتخذ في هذه المسألة‪ ،‬كما هو الحال في‬
‫جميع المسائل الخرى‪ ،‬موقفا طبقيا حازما‪ .‬لقد كان كل من الحزب البلشفي والممية الشيوعية يتحدثان في جميع توصياتهما‪ ،‬كما‬
‫سبق لنا أن رأينا‪ ،‬عن "النساء العاملت" وليس عن النساء بشكل عام‪ .‬من البديهي أن النضال من أجل حقوق النساء يشمل جميع‬
‫النساء البروليتاريات‪ ،‬بمن فيهن ربات البيوت والعاطلت والطالبات‪ ،‬الخ‪ .‬لكن العنصر الحاسم بينهن هو النساء العاملت اللئي‬
‫يمثلن اليوم قطاعا واسعا ومتزايدا من الطبقة العاملة‪.‬‬

‫المكاسب المحققة من خلل "المساواة في الحقوق" بدون تغيير علقات النتاج محدودة جدا وتترك السباب الجوهرية لضطهاد النساء في‬
‫المجتمع الرأسمالي سليمة‪ .‬خلل المرحلة الخيرة‪ ،‬لم تؤدي العديد مما كان مفترضا أنها "تحسينات" مرتبطة "بالتمييز اليجابي"‪،‬‬
‫في الواقع سوى إلى تحسين وضع شريحة من الوصوليات البرجوازيات الصغيرات‪ .‬خلل العقد الخير لم يعد صوت المناضلت‬
‫النسوانيات البرجوازيات الصغيرات‪ ،‬الذي كان في الماضي جد قوي في مطالبتهن بالـ "المساواة" )الحق في أن تكون النساء‬
‫كاهنات‪ ،‬أو مديرات وما إلى ذلك(‪ ،‬يجد سوى عدد متناقص باستمرار من المستمعين‪ .‬لماذا؟ لن نسوانيات الطبقة المتوسطة صرن‬
‫يحصلن على ما يطلبنه‪.‬‬
‫لقد فتحت البرجوازية هامشا للنساء في تسيير الدارة والقضاء والبناك والبيروقراطية والكهنة‪ .‬ارتفعت نسبة ترقية النساء في الوظائف‬
‫المتوسطة من ‪ % 4‬إلى ‪ % 40‬تقريبا في المجمل خلل العشرين سنة الخيرة في الوليات المتحدة‪ .‬تتضمن ‪ 419‬شركة من بين‬
‫‪ 500‬أكبر الشركات في العالم )‪ (the Fortune 500‬امرأة واحدة على القل في مجلسها الداري‪ ،‬وثلثها تتضمن امرأتين أو ثلثة‪.‬‬
‫توفر الشركات الكبر إمكانيات أفضل لترقية النساء من تلك التي توجد أسفل الترتيب‪ .‬وهكذا فإن بعض النساء يحققن نجاحا طيبا‪.‬‬
‫لقد كانت تلك الوصوليات البرجوازيات والبرجوازيات الصغيرات تدافعن دائما عن "تحرر النساء الواحدة بعد الخرى بدء بنفسي"‪.‬‬

‫هذا هو السبب الذي يجعلنا دائما حازمين في معارضة الحركات النسائية البرجوازية والبرجوازية الصغيرة‪ .‬ليست لديها أية علقة مع النضال‬
‫من أجل تحرر النساء الذي ل يمكن أن يتحقق إل من خلل إسقاط الرأسمالية‪ .‬بمجرد ما تمكنت تلك النساء الوصوليات من حل‬
‫"مشاكلهن" الشخصية داخل إطار النظام الرأسمالي‪ ،‬صرن مستعدات لنسيان مصير ‪ % 99‬من النساء اللئي تعانين من أشد أشكال‬
‫الضطهاد والستغلل وحشية‪ ،‬بينما التحقت "النسوانيات" السابقات بصفوف المستِغلين‪ .‬نفس الظاهرة تحدث بين صفوف السود‬
‫البرجوازيين الصغار الذين حققوا ثروة طائلة‪ ،‬خلل السنوات الخيرة بفضل "صناعة العلقات العرقية"‪ .‬يمكن للطبقة السائدة دائما‬
‫أن تقدم هذا النوع من "التنازلت" للحركة التي ل تهدد سيطرتها بأي شكل من الشكال‪.‬‬

‫نحن ل نؤيد "التمييز اليجابي"‪ ،‬ل سواء كان لصالح النساء أو السود أو أي فئة أخرى‪ .‬إنه مطلب برجوازي صغير يحول النتباه عن السباب‬
‫الجوهرية للمساواة‪ .‬إن نظام الكوطا التعسفي لصالح النساء أو السود الخ‪ ،.‬يخدم بطبيعته كوسيلة لرفع أقلية من الوصوليين مما‬
‫يعطي النطباع بأن "شيئا ما تحقق" في الوقت الذي تبقى فيه المشاكل الرئيسية قائمة‪ .‬ل يقدم هذا السلوب إجابة حقيقية عن‬
‫مشاكل التمييز‪ ،‬بل يؤدي إلى لفت النتباه ويشكل تمرينا في التحسينات الرمزية‪ .‬وهو إضافة إلى ذلك عادة ما يكون أسلوبا تستعمله‬
‫البيروقراطية من أجل قطع الطريق أمام اليسار وملئ الهيئات القيادية والمجالس والبرلمانات بنساء أو سود وصوليين وعملء‪.‬‬
‫المثال الكثر وضوحا عن هذا هو الوليات المتحدة‪ ،‬حيث استعمل هذا السلوب بمهارة من طرف البرجوازية من أجل نزع فتيل‬
‫القضية العرقية عبر خلق شريحة جد كبيرة من الوصوليين السود‪ .‬لقد استخدم السود البرجوازيون الصغار النضال ضد العنصرية‬
‫من أجل تحسين وضعهم والحصول على مناصب شغل بأجور جيدة وبعد ذلك قرروا أنه سيكون من الفضل بالنسبة إليهم أن يصيروا‬
‫أكثر "اعتدال" و"عقلنية"‪.‬‬

‫صحيح أنه في بعض الحالت يمكن لعاملت وشابات نزيهات أن يطلقن على أنفسهن اسم نسوانيات دون أن يفهمن بوضوح ما الذي يعنيه ذلك‪.‬‬
‫يتوجب علينا أن نمتلك موقفا مرنا وإيجابيا اتجاههن‪ ،‬بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع أعضاء القوميات المضطهدة‪ .‬لكن وبالضبط‬
‫كما نحن معارضون للحركات القومية‪ ،‬نحن معارضون للحركات النسائية‪ .‬إن النضال ضد التمييز ل يؤثر على هذا الموقف على‬
‫الطلق‪ .‬نحن دائما نقارب مسألة اللمساواة انطلقا من وجهة نظر الطبقة العاملة والشتراكية وليس من أية وجهة نظر أخرى‪.‬‬
‫هناك فرق شاسع جدا بين أن تعبر نساء الطبقة العاملة عن قلقهن بخصوص المشاكل التي يتعرض لها جنسهن )الجور الغير‬
‫متساوية‪ ،‬العباء المنزلية‪ ،‬مشاكل تربية الطفال‪ ،‬التحرش الجنسي والعنف ضد النساء( وأن يردن النضال ضد هذه الشياء‪ ،‬وبين‬
‫أن تحاول التيارات البرجوازية والبرجوازية الصغرى أن تستغل مشاكل النساء من أجل حفر هوة بين الجنسين‪ .‬إن الهموم الطبيعية‬
‫لنساء الطبقة العاملة هي نوع من التعبير عن كونهن يرين وجود اللمساواة وأنهن يقفن ضدها‪ .‬يمكن لهذا أن يكون نقطة البداية في‬
‫المساهمة في النضال من أجل تغيير المجتمع تغييرا اشتراكيا‪ ،‬بينما تقارب النسوانيات البرجوازيات والبرجوازيات الصغيرات قضية‬
‫النساء بمعزل عن باقي القضايا وتبحثن عن حل لها داخل إطار النظام الرأسمالي‪ .‬إن هذا الموقف يؤدي حتما إلى خلصات رجعية‪.‬‬

‫الخطر على الثقافة‬

‫لدى النساء مشاكل خاصة بهن يجب النتباه إليها‪ .‬ليست متعلقة فقط بمسألة التمييز في أماكن العمل‪ ،‬ومعدلت الجور المنخفضة على أساس‬
‫جنسي‪ ،‬وانعدام الحقوق‪ ،‬الخ‪ .‬بل مرتبطة أيضا بالمومة والحمل‪ ،‬الخ‪ .‬إن الدور الذي تلعبه النساء كمنجبات للطفال يقتضي ضرورة‬
‫توفر حقوق خاصة لحماية النساء الحاملت والمهات‪ .‬إن المساواة القانونية‪ ،‬بالرغم من أنها بالتأكيد خطوة إلى المام‪ ،‬ل تحل‬
‫المشكل الجوهري الذي تواجهه المرأة‪:‬‬

‫» ل تحل أكثر مطالب الحركة النسائية جذرية –تعميم الحق في النتخاب على النساء في إطار البرلمانية البرجوازية – مشكلة المساواة الحقيقية‬
‫للنساء‪ ،‬خاصة تلك النساء المنتميات إلى الطبقات الغير مالكة‪ .‬وتوضح ذلك تجربة الطبقة العاملة في جميع تلك البلدان الرأسمالية‬
‫حيث طبقت البرجوازية‪ ،‬في السنوات الخيرة‪ ،‬المساواة الشكلية بين الجنسين‪ .‬إن التصويت ل يدمر السبب الول لستعباد النساء‬
‫في السرة والمجتمع‪ .‬لقد استبدلت بعض الدول البرجوازية الزواج الكاثوليكي بالزواج المدني‪ .‬لكن وطالما بقيت المرأة البروليتارية‬
‫عالة من الناحية القتصادية على رب العمل الرأسمالي وعلى زوجها‪ ،‬معيلها‪ ،‬وفي ظل غياب إجراءات شاملة لحماية المومة‬
‫والطفولة وتوفير دور حضانة عمومية وتعليم عمومي‪ ،‬فإن ذلك لن يؤدي إلى جعل النساء متساويات مع الرجال أثناء الزواج أو‬
‫يحل مشكلة العلقة بين الجناس‪Theses, Resolutions and Manifestos of the First Four Congresses of) «.‬‬
‫‪(the Third International, p. 215‬‬

‫لقد بين كل تاريخ الصلحات الجتماعية بخصوص وضع المرأة خلل القرن الماضي أن هذا الكلم صحيح بشكل مطلق‪.‬‬

‫ل تتوقف مشاكل المرأة أمام باب المصنع أو المكتب‪ ،‬بل تتعداهما إلى المنزل والمجتمع‪ .‬يجب علينا أن نناضل من أجل القضاء على جميع‬
‫التشريعات التمييزية؛ من أجل المساواة التامة بين النساء والرجال أمام القانون؛ من أجل كامل الحق في الطلق والجهاض؛ من‬
‫أجل الحق في الستفادة المجانية من خدمات منع الحمل والمراقبة الصحية؛ من أجل توفير دور حضانة مجانية وذات جودة عالية‬
‫للطفال من كل العمار‪ .‬يجب علينا أن نطرح برنامجا من المطالب النتقالية‪ ،‬مشّكل من المطالب المباشرة والكثر ملحاحية للنساء‬
‫على جميع الصعدة‪ ،‬ليس فقط في أماكن العمل‪ ،‬بل أيضا في المنزل ودور الحضانة والتعليم والسكن والنقل العمومي والمعاشات‬
‫ووقت الراحة والحقوق القانونية‪ ،‬الخ‪ .‬في الوقت الذي نناضل من أجل أي مطلب تقدمي يؤدي إلى تحسين وضع النساء‪ ،‬من‬
‫الضروري أن نضمن تلك المطالب مضمونا طبقيا‪ .‬يجب علينا‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬أن نطالب بإقامة دور حضانة ذات جودة عالية‬
‫ممولة من طرف الدولة‪ .‬إل أن النضال اليومي من أجل حقوق النساء العاملت ليس هدفا في حد ذاته‪ ،‬بل وسيلة لجعل النساء‬
‫واعيات بوضعهن كجزء من طبقة مستَغلة‪ ،‬وبضرورة النضال من أجل نوع مختلف للمجتمع حيث ستضمن حقوقهن كإنسان‪.‬‬

‫إن انحطاط النظام الحالي يهدد كل أسس الحياة المتحضرة‪ .‬فإضافة إلى المشاكل الجتماعية والقتصادية التي يسببها الفقر والجور المتدنية‬
‫والبطالة‪ ،‬تواجه البروليتاريا بشكل متصاعد مشاكل المخدرات والجريمة وجميع أنواع التعسف التي تهدد على وجه الخصوص‬
‫النساء والطفال والشباب‪ .‬ينوح الرجعيون ورجال الدين على مظاهر "النحطاط الخلقي" لكنهم عاجزون عن ربطها بأزمة النظام‬
‫الذي نعيش فيه‪ .‬إنها مهمة الحركة العمالية أن تناضل من أجل الدفاع عن عناصر الثقافة والحضارة الموجودة والمهددة بسبب‬
‫انحطاط الرأسمالية‪ .‬إن شكل السرة القديم قد بدأ يتجه نحو الفناء‪ ،‬لكن لم يوضع أي شيء بدل عنه‪ .‬ونتيجة لذلك تواجه مليين‬
‫النساء‪ ،‬واللتي العديد منهن شابات وضعيفات‪ ،‬حياة من البؤس المفسد كأمهات عازبات معتمدات على صدقات بيروقراطية الدولة‪.‬‬
‫وكما لو أن معاناتهن ليست كافية‪ ،‬يشن البرجوازيون المنافقون حملة ل رحمة فيها من الشتائم والهانات ضدهن ويعملون على‬
‫تجريمهن ويصورنهن كمنبوذات اجتماعيا‪" ،‬يعشن على حساب المجتمع" )وهي التهمة التي تصدق تماما على البرجوازيين(‪.‬‬

‫في بريطانيا كانت أحد الجراءات الولى التي اتخذتها حكومة بلير هي الهجوم على المساعدات المقدمة للمهات العازبات‪ .‬قبل سنتين طالبت‬
‫سياسية أسترالية‪ ،‬السيدة بولين هانسن‪ ،‬زعيمة الحزب المسمى بشكل هزلي حزب الوطن الواحد‪ ،‬بأن يتم منع المساعدات المالية‬
‫عن المهات العازبات إذا ما هن أنجبن طفل ثانيا‪ .‬ونقل عنها قولها‪ » :‬سوف أنهال فعل على المهات العازبات اللئي يواصلن‬
‫إنجاب الطفال الواحد تلو الخر مع آباء مختلفين‪ ،‬على حساب دافعي الضرائب«‪ .‬هناك في أستراليا ‪ 360.000‬أم عازبة يتلقين ما‬
‫مجموعه ‪ 2,9‬مليار دولر من المساعدات سنويا من ميزانية اجتماعية تصل إلى ‪ 42‬مليار دولر‪ .‬متوسط سن تلك النساء هو ‪33‬‬
‫سنة‪ ،‬ويتقاضين‪ ،‬في المتوسط‪ ،‬المبلغ الضخم الذي يساوي ‪ 170‬دولر أسترالي )‪ 107‬دولر أمريكي( في السبوع والذي يجب‬
‫عليهن به أن يعملن على إطعام أسرتهن وتوفير المأوى والملبس لها‪ ،‬ومن ثم يوفرن على الدولة مبلغا أكبر بكثير كانت ستنفقه‬
‫لتربية هؤلء الطفال في الملجئ‪ .‬ويمكن إيراد أمثلة مشابهة من جميع البلدان عن هذه الهجمات ضد أكثر الشرائح ضعفا في‬
‫المجتمع تحت مبرر محاربة ما يسمى بثقافة التواكل‪ .‬إنها مثال رائع عن مميزات "الوعظ الخلقي المسيحي" المنافق في خدمة‬
‫سياسة القتطاعات العديمة الرحمة‪ .‬كما أنها تخبرنا بالشيء الكثير عن موقف المجتمع البرجوازي اتجاه المرأة والطفال‪.‬‬

‫وضع المرأة المطلقة هو أيضا مسألة طبقية‪ .‬تأثيرات الطلق و"السرة الحادية" مختلفة جدا ورهينة بالطبقة الجتماعية التي تنتمي إليها‬
‫المرأة‪ .‬حكم قاض أمريكي بمنح مطلقة المليونير روبيرت‪ ،‬أ‪ ،‬غولدمان‪ ،‬رئيس شركة الكونغرس المالية‪ % 50 ،‬من ثروته البالغة‬
‫‪ 100‬مليون دولر‪ .‬كتبت مجلة ‪ (BusinessWeek (5/8/98‬قائلة‪ » :‬مرحبا بكم في محكمة الطلق الجديدة‪ ،‬لقد تكاثفت قوى‬
‫ثقافية وقانونية واقتصادية جبارة من أجل جعل الطلق في الوليات المتحدة باهظا أكثر من أي وقت مضى‪ ،‬خاصة بالنسبة لرجال‬
‫العمال الثرياء )!(‪ .‬وهذا‪ ،‬من جهته‪ ،‬يجعل من عملية الطلق‪ ،‬التي ليست مسألة مفرحة أبدا‪ ،‬عملية أكثر قبحا‪ .‬الزواج يخبئون‬
‫أموالهم في شركات كارايبية سرية‪ ،‬والزوجات تتهمن أزوجهن السابقين بالتعسف ويأخذ المحامون أتعابا مشكلة من سبعة أرقام‪«.‬‬

‫يقدم علماء الجتماع البرجوازيون السرة الحادية "الحديثة" باعتبارها المثال الفضل عن التقدم الجتماعي والتحرر‪ .‬أعلن مكتب الحصاء‬
‫المريكي في تقرير له أنه خلل العشرين سنة الخيرة تضاعف عدد النساء اللئي يعشن لوحدهن ليصل ‪ 15‬مليون امرأة‪ .‬ويقدم‬
‫كتاب صدر مؤخرا‪ ،‬تحت عنوان‪ ،The Improvised Woman, Reinventing Women in a Single Life :‬صورة‬
‫مثالية عن هذه النساء السعيدات‪ ،‬ويؤكد أن‪ » :‬النساء العازبات تشترين السيارات‪ ،‬تنجبن أو تتبنين الطفال‪ ،‬وترتفعن إلى مواقع‬
‫مؤثرة«‪ .‬لكن الحصائيات العامة تخفي الهاوية التي تعيش فيها الغلبية الساحقة من المهات العازبات‪ ،‬العديد منهن من السود‪،‬‬
‫اللئي يعشن في غيتوهات حضرية داخل مدن أكثر البلدان ثراء على الرض‪ ،‬في ظل ظروف عالم ثالثية‪ ،‬خاضعات لكابوس الفقر‬
‫والمخدرات والجريمة والعنف‪.‬‬

‫تعبر أزمة الرأسمالية عن نفسها من خلل الهجوم العالمي الهادف إلى وقف النفقات العمومية‪ .‬يؤثر الهجوم على الشغل وظروف العيش‬
‫والخدمات الصحية والتعليم على الطبقة العاملة عموما لكن لديه تأثير أكثر شؤما على النساء‪ ،‬اللئي يجدن أنفسهن في نهاية سلسلة‬
‫الستغلل‪ ،‬في أسوء مناصب الشغل وبأقل قدر من الحماية والمن‪ .‬علوة على ذلك‪ ،‬النساء خاضعات لضطهاد مزدوج‪ .‬إنهن‬
‫مضطهدات كجزء من الطبقة العاملة ومضطهدات كنساء‪ .‬الحل الوحيد لمشاكل النساء يأتي عبر النضال من أجل إسقاط الرأسمالية‬
‫واستبدالها بالشتراكية‪ ،‬ذلك النظام الذي يمكنه أن يضمن الحرية الحقيقية لكل من الرجال والنساء‪ ،‬حرية تطوير أنفسهم شخصيا‬
‫وذهنيا‪.‬‬

‫بينما نحن واعون بواقع أن المجتمع الشتراكي وحده هو من بإمكانه أن يصفي أخيرا رموز العبودية التي تطبع كل من الرجال والنساء‪ ،‬يتوجب‬
‫علينا أيضا أن نناضل بكل ما نستطيع ضد المواقف المتخلفة والرجعية‪ ،‬خاصة داخل الحركة العمالية‪ ،‬والتي تضر بوحدة العمال‬
‫والعاملت وتعيق قضية تحرر الطبقة العاملة‪ .‬يجب علينا أن نناضل من أجل مبادئ أخلقية بروليتارية حقيقية‪ ،‬تعامل جميع العمال‪،‬‬
‫الذكور والناث‪ ،‬السود والبيض‪ ،‬كأناس متساويين وإخوة وأخوات‪ ،‬متحدين في قضية النضال ضد الرأسمال‪.‬‬

‫النساء في خضم النضال‬


‫من الضروري أن نصل إلى نساء الطبقة العاملة أينما كن‪ .‬ليس فقط في أماكن العمل التي أقصيت منها العديد من النساء بالقوة‪ .‬يمكن استقطاب‬
‫العديد من النساء إلى النضال ضد الرأسمالية على قاعدة قضايا أخرى‪ :‬سوء ظروف السكن‪ ،‬غلء المعيشة‪ ،‬غلء واجبات الكراء‪،‬‬
‫الخ‪ .‬تبين هذا خلل حملة النضال ضد الضرائب في بريطانيا‪ .‬وقبل كل شيء عندما ينظم إضراب في مكان عمل يهيمن فيه عنصر‬
‫الرجال يصير من الضروري أن تشارك زوجاتهم في الضراب بطريقة نشيطة‪ .‬يمكنهن أن يقدمن احتياطيات نضالية هائلة‪ ،‬لكن هذا‬
‫كثيرا ما يتم إهماله من طرف العمال الرجال‪ .‬وهكذا فإنه طيلة إضراب عمال المناجم البريطانيين سنة ‪ ،1985 – 1884‬عملت‬
‫زوجات العمال المضربين‪ ،‬المنظمات في إطار "لجان للدعم"‪ ،‬على التنسيق بين النقابات ولجان الضراب‪ ،‬ولعبن دورا شديد‬
‫الهمية في الضراب‪ ،‬وفي نفس الوقت تعلمن بشكل سريع جدا‪ .‬بمجرد ما تصبح النساء ناشطات نضاليا‪ ،‬تتغير كل نظرتهن بشكل‬
‫سريع‪ .‬حتى النساء اللئي كن يمتلكن سابقا وعيا سياسيا متخلفا وكن محافظات أو متدينات يمكنهن أن يطورن بسرعة كبيرة جدا‬
‫وعيا ثوريا‪ .‬خاصة عندما يكون التيار الماركسي موجودا للمساعدة على شرح المور لهن‪.‬‬

‫في ظل هكذا ظروف‪ ،‬يتوجب علينا دائما أن نكون مستعدين لخذ المبادرة‪ ،‬والمساعدة على إشراك النساء‪ .‬من الواضح أنه يتوجب القيام بهذا‬
‫العمل في علقة وثيقة مع النقابات ولجان الضراب‪ ،‬وليس كشيء معارض للحركة الرسمية‪ ،‬كما يحاول دائما العصبويون‬
‫والفوضويون أن يفعلوا‪ .‬ل يمكن لهذه اللجان الخاصة أن تمتلك معنى مستقل‪ ،‬وستبدأ في الضمحلل بمجرد ما تنتهي الحركة‪ .‬إن‬
‫المحاولت التي تبذل من أجل البقاء عليها بشكل مصطنع يعني أنها ستتجه لكي تصبح أجهزة بيروقراطية ومحتكرة من طرف‬
‫عناصر منتخبة‪ ،‬برجوازيين صغار‪ ،‬وعصبويين‪ ،‬الخ‪ .‬لكي تتحول إلى عراقيل عندما تبدأ الحركة مجددا‪ .‬ليس الغرض من وراء‬
‫المشاركة في مثل تلك اللجان هو توجيهها ضد النقابات بل من أجل ضمان أن تنخرط النساء بنشاط داخل المنظمات العمالية من أجل‬
‫تغييرها‪ .‬مع تغير طبيعة النتاج وإفساح الصناعة الثقيلة القديمة المجال أمام طرق إنتاج حديثة مؤسسة على تكنولوجيا المعلوميات‪،‬‬
‫صارت النساء بشكل متزايد جزءا حاسما داخل قوة العمل وبدأن يشكلن تدريجيا الغلبية‪.‬‬

‫إل أنه في النهاية ل يمكن تحقيق تحرر النساء إل من خلل تحرر الطبقة العاملة بأسرها‪ » :‬في نفس الوقت الذي يجعل فيه المؤتمر الثالث‬
‫للممية الشيوعية من تحسين العمل الحزبي بين النساء البروليتاريات مهمة عاجلة لدى كل من الحزاب الشيوعية الغربية‬
‫والشرقية‪ ،‬فإنه يعلن للنساء العاملت في العالم بأسره بأن تحررهن من قرون من العبودية وغياب الحقوق واللمساواة ممكن فقط‬
‫عبر انتصار الشيوعية‪ ،‬وأن الحركة النسائية البرجوازية عاجزة كليا عن أن تحقق للنساء ما تقدمه لهن الشيوعية‪ .‬طالما بقيت‬
‫سلطة الرأسمال والملكية الخاصة موجودتان فإنه ل يمكن لتحرر المرأة من التبعية للزوج أن يسير أبعد من حقها في التصرف في‬
‫ملكيتها الخاصة وأجرتها الخاصة وتقرر‪ ،‬على قدم المساواة مع زوجها‪ ،‬في مستقبل أطفالها‪Theses, Resolutions and) «.‬‬
‫‪(Manifestos of the First Four Congresses of the Third International, pp. 214-5‬‬

‫الشيوعية والسرة‬

‫منذ البدايات الولى للماركسية‪ ،‬احتلت قضية تحرر النساء مكانة مركزية في تفكير الماركسيين‪ .‬نقرأ في كتاب مبادئ الشيوعية‪ ،‬الذي كتبه‬
‫إنجلز قبل البيان الشيوعي‪ ،‬ما يلي‪:‬‬

‫» سؤال ‪ :21‬ماذا سيكون تأثير المجتمع الشيوعي على العائلة؟‬

‫جواب‪ :‬سُيحّول )المجتمع الشيوعي( العلقات بين الجنسين إلى قضية شخصية صرفة ل تهم إل الشخصين المعنيين‪ ،‬وسيدعو إلى عدم تدخل‬
‫المجتمع فيها‪ .‬سيتمكن )المجتمع الشيوعي( من تحقيق هذا لنه تخلص من الملكية الخاصة وعّلم الطفال على قاعدة مشتركة‪ .‬بهذه‬
‫الطريقة يحطم حجري الساس اللتان يقف عليهما نظام الزواج السائد حتى اليوم‪ :‬التبعية‪ ،‬المشروطة بالملكية الخاصة‪ ،‬للمرأة اتجاه‬
‫زوجها وتبعية الطفال اتجاه الباء‪ .‬هذا جواب على الحتجاج العنيف الذي يبديه دعاة الخلق المنافقون ضد مشاعة النساء‪ .‬إن‬
‫مشاعة النساء علقة تنتمي بأكملها إلى المجتمع البرجوازي والتي تجد اليوم تعبيرها الكامل في البغاء‪ .‬لكن البغاء يجد جذوره في‬
‫الملكية الخاصة وسيسقط بسقوطها‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإنه بدل أن يبني المجتمع الشيوعي مشاعة النساء‪ ،‬سوف يضع حدا لها‪) «.‬ماركس‬
‫وإنجلز‪ ،‬مبادئ الشيوعية(‬

‫يجب البحث عن أصول استعباد النساء‪ ،‬كما شرح إنجلز لحقا‪ ،‬في الملكية الخاصة‪ ،‬ول يمكن القضاء عليها بشكل نهائي إل بالقضاء الجذري‬
‫على الملكية الخاصة لوسائل النتاج وتقسيم العمل‪ .‬كتب إنجلز في كتابه أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة‪ ،‬قائل‪:‬‬

‫» رأينا أعله كيف أصبحت القوة البشرية العاملة قادرة‪ ،‬إلى حد ما في تلك المرحلة المبكرة من تطور النتاج‪ ،‬على إنتاج ما يزيد بشكل كبير‬
‫عن ما هو ضروري لطعام المنتج‪ ،‬وكيف أن هذه المرحلة تزامنت‪ ،‬وبصفة رئيسية‪ ،‬مع أول مظاهر تقسيم العمل والتبادل بين‬
‫الفراد‪ .‬آنذاك‪ ،‬لم يمض وقت طويل قبل أن يتم اكتشاف "الحقيقة" العظيمة بأن النسان‪ ،‬أيضا‪ ،‬يمكنه أن يكون سلعة؛ وأن القوة‬
‫النسانية يمكن تبادلها واستغللها عن طريق تحويل النسان إلى عبد‪ .‬كان الناس قد بدءوا بالكاد النخراط في التبادل عندما صاروا‬
‫هم أنفسهم عرضة للمبادلة‪ .‬النشط أصبح سلبيا‪ ،‬سواء أراد النسان ذلك أم لم يرد‪) «.‬ف‪ ،‬إنجلز‪ ،‬أصل العائلة والملكية الخاصة‬
‫والدولة(‬

‫العلقات بين الرجال والنساء في ظل الرأسمالية علقات مشوهة ول إنسانية لن نظام المبادلت العالمي ينزل بالبشر إلى مستوى الشياء‪ .‬ليس‬
‫فقط العلقات بين الجناس وحدها من تتجه لكي تفقد إنسانيتها وتستلب في ظل ما أطلق عليه ماركس وإنجلز "رابطة الدفع عدا‬
‫ونقدا"‪ ،‬بل أيضا جميع العلقات الجتماعية الخرى عموما‪ .‬إن هذا المجتمع مجتمع غير طبيعي‪ ،‬محكوم بعلقات غير طبيعية‪ .‬فما‬
‫العجب إذن في أن يتوقف الناس عن التصرف والتفكير ككائنات بشرية‪ ،‬بل يصبحوا حتى قادرين على التصرف مثل الوحوش في‬
‫بعض الحالت؟ يبدأ الباء في النظر إلى أبنائهم كملكية خاصة بهم‪ ،‬والزوج ينظر إلى زوجته على نفس المنوال‪ .‬في ظل الضغوط‬
‫القاسية للحياة في "اقتصاد السوق" حيث المال هو الله‪ ،‬تتحور العلقات وتتشوه وتصير عسيرة الفهم‪ .‬وكما يقول إنجلز‪ » :‬في‬
‫يومنا هذا صار النتاج سيدا على المنتج؛ في يومنا هذا‪ ،‬صار النتاج الجمالي للمجتمع منظما ليس بواسطة مخطط مصاغ بشكل‬
‫جماعي‪ ،‬بل من طرف قوى عمياء‪ ،‬تشتغل بقوة داخلية‪ ،‬وفي آخر المطاف في عواصف الزمات التجارية الدورية‪) «.‬م‪ ،‬س‪ .‬ص‪،‬‬
‫‪(331‬‬

‫إذا أردنا التعامل بجدية مع مسألة استعباد النساء‪ ،‬فلن يكون كافيا التعامل فقط مع ابرز مظاهر هذا الستعباد‪ .‬من الضروري بطبيعة الحال‪ ،‬وكما‬
‫سبق لنا أن قلنا‪ ،‬النضال ضد جميع أنواع التمييز وعدم المساواة‪ .‬ولكن إذا لم يتم القضاء على السبب الجذري للضطهاد النساء‪،‬‬
‫والى أن يتم ذلك‪ ،‬فإنه لن يكون بالمكان التغلب على جوهر المشكلة‪ .‬لن تتحرر النساء إل عندما يتحرر الرجال‪ ،‬أي عندما تبدأ‬
‫النسانية في العيش حياة إنسانية حقا‪ .‬ويفسر إنجلز قائل‪:‬‬

‫» إل أن ما سيختفي بالتأكيد من الزواج الحادي هي كل الصفات التي طبعته كنتيجة لنشأته من علقات الملكية‪ .‬والتي هي‪ ،‬أول‪ ،‬هيمنة الرجل‪،‬‬
‫وثانيا‪ ،‬عدم قابلية الزواج للحل‪ .‬إن غلبة الرجل داخل مؤسسة الزواج هي مجرد نتيجة للهيمنة القتصادية التي يتمتع بها‪ ،‬وسوف‬
‫تختفي معها تلقائيا‪ .‬عدم قابلية الزواج للحل تعود جزئيا إلى الظروف القتصادية التي نشأ الزواج الحادي في ظلها‪ ،‬وهو جزئيا‬
‫تقليد يعود إلى ذلك الوقت عندما كانت العلقة بين هذه الظروف القتصادية وبين الزواج الحادي غير مفهومة بعد بشكل صحيح‬
‫وضخمت من طرف الدين‪ .‬واليوم انتهك الزواج الحادي إلى حد كبير‪ .‬إذا كانت الزيجات الوحيدة الخلقية هي فقط الزيجات المبنية‬
‫على الحب‪ ،‬فإنه‪ ،‬أيضا‪ ،‬الزيجات الوحيدة الخلقية هي تلك التي ل يزال الحب فيها مستمرا‪ .‬إن استمرارية حافز الحب الجنسي‬
‫الفردي تختلف كثيرا بين فرد وآخر‪ ،‬ول سيما بين صفوف الرجال؛ إن توقف المودة بشكل نهائي‪ ،‬أو حلول حب جديد محله‪ ،‬يجعل‬
‫النفصال نعمة لكل الطرفين وكذلك بالنسبة للمجتمع‪) «.‬المرجع السابق(‬

‫برنامج الممية الشيوعية من أجل النتقال إلى الشتراكية المتوخاة هو‪ » :‬المطاعم العمومية‪ ،‬والمغاسل وورشات الصلح العمومية‪،‬‬
‫ومؤسسات الرعاية الجتماعية ودور البلديات‪ ،‬الخ‪ ،‬التي تحول الحياة اليومية على أسس شيوعية جديدة ستعفي النساء من‬
‫صعوبات المرحلة النتقالية‪ .‬هذه المؤسسات الجتماعية التي تساعد على تحرير حياة النساء اليومية‪ ،‬وتحول إماء البيت والسرة‬
‫إلى عضو حر من أعضاء الطبقة العاملة‪ ،‬أي الطبقة التي هي سيدة نفسها ومبدعة من أشكال جديدة للحياة‪Theses,) «.‬‬
‫‪ (Resolutions and Manifestos of the First Four Congresses of the Third International, p. 220‬لكن‬
‫في ظل ظروف التخلف والفقر التي كانت سائدة في روسيا بعد ‪ ،1917‬لم يكن من الممكن وضع هذه الفكار بشكل ملئم موضع‬
‫التنفيذ‪ .‬وكما يفسر تروتسكي‪:‬‬

‫» ل يمكنك أن "تقضي" على السرة؛ بل يجب عليك أن تعوضها‪ .‬إن التحرر الحقيقي للنساء مستحيل التحقيق على قاعدة "الفقر المدقع"«‬
‫)تروتسكي‪ ،‬المرأة والسرة(‬

‫ل يمكن إلغاء السرة مثلها في ذلك مثل الدولة‪ .‬إن الختفاء التدريجي لكليهما على السواء في سياق النتقال إلى مجتمع ل طبقي يعتمد على‬
‫تغيير الشروط المادية لوجود الجماهير‪ ،‬وبالتالي‪ ،‬في نفس الوقت‪ ،‬تغيير الطريقة التي يفكر بها الناس والتي تربطهم بعضهم‬
‫البعض‪ .‬في نهاية المطاف‪ ،‬ومع تحقيق الوفرة الفائقة ومستوى عال من الثقافة‪ ،‬ستتغير العادات القديمة ونفسية العبيد وسوف‬
‫تتغير معها العلقات بين الرجال والنساء‪ .‬ولكن الشرط المسبق لهذا التغيير هو تغيير ظروف الحياة نفسها‪ .‬تخفيض ساعات يوم‬
‫العمل إلى الحد الدنى الضروري هو الشرط الذي ل بد منه للتحرر الجتماعي‪ .‬ولكن فوق ذلك‪ ،‬ينبغي أن يجعل التقدم التكنولوجي‬
‫من الممكن اللغاء الفعلي للعمال المنزلية‪ :‬التي تعتبر أساس السترقاق المنزلي للنساء‪.‬‬

‫يجب البحث عن السبب الجذري لكل أشكال الضطهاد‪ ،‬سواء ضد النساء أو السود أو أي من المجموعات المضطهدة الخرى‪ ،‬في نهاية‬
‫المطاف‪ ،‬في الستعباد والستلب الذي يجد جذوره في نمط النتاج السلعي‪ .‬فقط عندما سيتم إلغاؤه‪ ،‬ويتم تغيير ظروف حياة‬
‫المجتمع بأكمله سوف يمكن أخيرا لنظام السرة والدولة ‪-‬بقايا الوحشية هاتين‪ -‬أن يتوقفا عن الوجود‪ .‬عندما ستذهب أخيرا النفسية‬
‫القديمة البدائية‪ ،‬واللإنسانية التي نشأت من البؤس‪ ،‬إلى الماضي‪ ،‬ستبنى الظروف المادية لنظام اجتماعي جديد ستلشى فيه آخر‬
‫معاقل الكراه الخارجي والقسر‪ ،‬وسوف يصبح الرجال والنساء قادرين أخيرا على نسج علقات حرة بين بعضهم البعض ككائنات‬
‫إنسانية‪.‬‬

‫الماركسية وتحرر النساء‪ -‬آنا مينوز وآلن وودز‬

‫نقل عن موقع الماركسية‬

You might also like