You are on page 1of 48

‫الجمع الثقاف – أبو ظب‬

‫المارات العربية التحدة‬

‫منهج الستشرق برنارد لويس‬

‫ف‬

‫دراسة الفكر السياسي السلمي‬

‫إعداد‬

‫د‪ .‬مازن بن صلح مطبقان‬

‫‪29‬ذي الجة ‪1418‬هـ (‪26‬أبريل ‪1998‬م)‬

‫‪1‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه أجعي وبعد‬

‫فالسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪:‬‬

‫أتقدم بزيل الشكر للمجمع الثقاف بأبو ظب وعلى رأسه الستاذ خلفان مصبح‬

‫على كري دعوتم ل لتقدي هذه الحاضرة‪ .‬وأشكر الدكتور وليد العكو على جهوده ف‬

‫التصال ب وتسهيل أموري الاصة بالسفر‪ .‬إنن سعيد أن أكون بي إخوان الكرام هنا‬

‫ف المارات العربية التحدة الت طالا تطلعت لزيارتا لا أعرفه فيها من نشاطات علمية‬

‫مباركة حت إن منظمة اليونسكو قد اختارت الشارقة لتكون العاصمة الثقافية للعال‬

‫العرب‪ .‬وإن أبو ظب شقيقة الشارقة ل تقل عنها أبدا ف نشاطاتا الثقافية‪.‬‬

‫أما موضوع الحاضرة فيتعلق بأحد أعلم الستشرقي ف العصر الاضر ومنهجه‬

‫ف دراسة الفكر السياسي السلمي‪ .‬وأود ف البداية أن أعرّف بقسم الستشراق بكلية‬

‫الدعوة بالدينة النورة‪ .‬فقد أنشأت عمادة البحث العلمي بامعة المام ممد بن سعود‬

‫السلمية وَحدة الستشراق والتنصي عام ‪1400‬هـ(‪1980‬م)‪ ،‬وعمل فيها كل من‬

‫الساتذة الفاضل الدكتور ممد فتحي عثمان والدكتور جعفر شيخ إدريس والدكتور‬

‫قاسم السامرائي والدكتور السيد ممد الشاهد والدكتور إبراهيم عكاشة‪ ،‬وقد ت نشر‬

‫عدة أعمال من إنتاج أساتذة هذه الوحدة منها‪ :‬كتاب الدكتور إبراهيم عكاشة حول‬

‫‪2‬‬
‫التنصي ف البلد العربية‪ ،‬وترجة كتاب الدكتور عبد اللطيف الطيباوي حول‬

‫الستشرقي الناطقي باللغة النليزية‪ .‬وكانت هذه الوحدة مقدمة التفكي ف إنشاء قسم‬

‫أكاديي ف كلية الدعوة يهتم بدراسة أعمال الستشرقي ومراكز الستشراق ودراسة‬

‫التنصي‪ .‬وهذا القسم يقبل الطلب ف مرحلة الدراسات العليا فقط بعد أن يتمكنوا من‬

‫الدراسات السلمية ف الرحلة الامعية‪ ،‬وأحيانا يعطي الطلب سنة تأهيلية تأصيلً لم‬

‫ف هذه العلوم‪.‬‬

‫وقد حصل على الدكتوراه ثلثة من منسوب الكلية كانت الرسالة الول حول‬

‫كتابات برنارد لويس ومنهجه ف دراسات الوانب الفكرية ف التاريخ السلمي‪،‬‬

‫والثانية حول الوانب العقدية ف دائرة العارف السلمية الت أنتجها الستشرقون‪،‬‬

‫والثالثة حول مناهج النصرّين البوتستانت ف النصف الثان من القرن العشرين‪ .‬وقد‬

‫أنزت عشرات البحوث التكميلية ف شت فروع العرفة ف العلوم السلمية الت خاض‬

‫فيها الستشرقون‪ .‬وقد أصدر القسم الكتاب الدوري الول ولدى القسم وحدة‬

‫العلومات الت تضم آلف القالت حول الدراسات الستشراقية‪.‬‬

‫هذا القسم له نشاط علمي بارز ف الصحافة الحلية‪ ،‬كما ت تثيل هذا القسم‬

‫ف الؤتر العالي الامس والثلثي للدراسات السيوية والشمال أفريقية الذي عقد ف‬

‫بودابست بالجر‪ ،‬وكذلك ف الؤتر الدول للدراسات الستشراقية الذي عقد ف تطوان‬

‫‪3‬‬
‫بالغرب‪ ،‬وف الؤتر العالي الول حول السلم والقرن الواحد والعشرين الذي عقد ف‬

‫ليدن بولندا‪ .‬وأسح لنفسي بالرغم من أنن أحد أعضاء هذا القسم لقول بأن جامعة‬

‫المام كان لا الريادة ف العال السلمي بإنشاء هذا القسم الام‪ ،‬وقد فكر الزهر‬

‫مؤخرا ف إنشاء مركز للدراسات الستشراقية ‪ ،‬وأرجو أن يفيد من تربة جامعة المام‬

‫ممد بن سعود السلمية‪.‬‬

‫ول بد قبل الديث عن منهج لويس أن نعرّف بذا الستشرق فهو برنارد‬

‫لويس‪ ،‬مستشرق بريطان ولد ف لندن ف ‪ 16‬مايو ‪1916‬م‪ ،‬وقد بلغ الثماني منذ‬

‫سنتي واحتفل به مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الوسط وشال أفريقيا بندوة‬

‫دامت يومي‪.‬‬

‫تلقى تعليمه ف لندن حت حصل على البكالوريوس ف الداب من قسم التاريخ‬

‫بامعة لندن‪ ،‬ث التحق بامعة باريس معهد الدراسات السامية وحصل منها على دبلوم‬

‫الدراسات السامية‪ ،‬ث عاد إل جامعة لندن لينال درجة الدكتوراه عن رسالته ف أصول‬

‫الساعيلية واشرف عليه الستشرق هاملتون جب‪.‬‬

‫التحق باليش البيطان ف أثناء الرب العالية الثانية وأعيت خدماته إل وزارة‬

‫الارجية‪ ،‬ث عاد إل الامعة ليدرّس حت وصل إل منصب رئيس قسم التاريخ بدرسة‬

‫الدراسات الشرقية والفريقية بامعة لندن من ‪1957‬م حت عام ‪1974‬م‪ ،‬حيث انتقل‬

‫‪4‬‬
‫بعدها إل الوليات التحدة المريكية ليحصل على النسية المريكية عام ‪1982‬م‪،‬‬

‫عمل أستاذا زائرا ف العديد من الامعات المريكية‪ ،‬وحضر الكثي من الندوات‬

‫والؤترات حول الدراسات العربية والسلمية‪ ،‬كما قدم الشورة للكونرس المريكي‬

‫عام ‪1974‬م‪ ،‬وكان ذلك قبل حصوله على النسية المريكية‪ ،‬وقد قامت وزارة‬

‫الارجية السرائيلية بنشر شهادته أو ماضرته ف الكونرس بعد إلقائها بأسبوعي‪.‬‬

‫له العديد من الؤلفات من أشهرها ‪:‬‬

‫‪ -1‬العرب ف التاريخ‬

‫‪-2‬السلم ف التاريخ‬

‫‪-3‬اللغة السياسية ف السلم‬

‫‪-4‬أصول الساعيلية‬

‫‪ -5‬اللون والعرق ف السلم أو اللون والعرق ف الشرق الوسط‪.‬‬

‫‪ -6‬الشاشون أول فرقة ثورية ف السلم‬

‫‪-7‬الساميون واللساميون‬

‫‪-8‬الغرب والشرق الوسط‪.‬بالضافة إل عدد كبي من البحوث الت نشرت ف‬

‫الدوريات التخصصة ومنها على سبيل الثال ف مال هذا البحث ‪:‬‬

‫‪"-1‬الشيوعية والسلم" ‪ ،‬نشرت ف ملة شؤون دولية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪" -2‬الديوقراطية ف الشرق الوسط"‪ ،‬نشرت ف ملة شؤون الشرق الوسط‪.‬‬

‫‪" -3‬عودة السلم"‪ ،‬نشرت ف ملة ‪ ،Commentary‬ونشرت مترجة ف ملة‬

‫الدعوة الصرية (النمسا)‪.‬‬

‫‪" -4‬الفاهيم السلمية للثورة"‪ ،‬نشرت ف كتاب الثورة ف الشرق الوسط‪.‬‬

‫‪" -5‬الدولة والفرد ف الجتمع السلمي"‪ ،‬بث ألقي ف ندوة ف فرنسا ونشر مترجا‬

‫ف ملة الثقافة الزائرية‪.‬‬

‫‪"-6‬الضارة الغربية‪ :‬نظرة من الشرق"‪ ،‬ماضرة توماس جيفرسون التاسعة عشرة ‪.‬‬

‫‪" -7‬الشرق الوسط‪ :‬نظرة جديدة"‪ ،‬ف ملة شؤون خارجية‪.‬‬

‫وكتب كثيا ف الصحف والجلت الغربية وباصة ملة ذا نيو ريبابليك‬

‫وأتلنتك الشهري وكومنتري اليهودية وغيها‪.‬‬

‫أوصى لويس بأن تعطى مكتبته ‪-‬وهي مكتبة كبية‪ -‬لركز موشيه ديان بعد‬

‫وفاته‪ .‬ويقضي لويس شهرين سنويا ف تل أبيب(‪.)1‬‬

‫إن لويس متخصص ف التاريخ السلمي وباصة الدولة العباسية‪ ،‬ولكنه اهتم‬

‫بالسلم عموما‪ ،‬وإن كان قد تول إل دراسة القضايا العاصرة ف العال السلمي‬

‫عندما ظهر ف الغرب اهتما ُم بالقضايا العاصرة‪ .‬ومن أبرز ما يهم الغرب ف العال‬

‫‪ - 1‬حصلت على هذه العلومات من مارتن كرير تلميذ لويس ف مرحلة الدكتوراه ‪ ،‬ومارتن كرير هو مدير معهد دراسات الشرق الوسط وشال أفريقيا‬
‫بامعة تل أبيب حي لقيته ف ليدن بولندا‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫السلمي الفكر السياسي‪ .‬ول يكن أن يتم فهم الفكر السياسي العاصر وباصة‬

‫للجماعات السلمية الت يطلق عليها الغرب خطًأ "الصولية السلمية" إ ّل بدراسة‬

‫الفكر السياسي كما جاء ف الكتاب والسنة وكما جاء ف اجتهادات علماء السلم‬

‫وفقهاؤه‪.‬‬

‫اتصلت بالبوفيسور لويس ف أثناء إعداد بث الدكتوراه وطلبت منه موعدا‬

‫للقائه فأب إعطائي موعدا حت يقرأ جزءا من رسالت (أي فصل منها)‪ ،‬ولّا أخبته أنن‬

‫ما زلت ف طور جع الادة العلمية أصر على أن وقته ثي ول يستطيع إعطائي الوعد‬

‫حت يتأكد أنن باحث موضوعي ولست من الذين يكتبون الكتابة التعصبة‪ .‬وأرسلت له‬

‫خطة البحث باللغة النليزية ولكنها ل تكن كافية ف نظره‪ .‬ولا علمت أنه لن يقتنع‬

‫سافرت إل برنستون وهناك أقنعت زملءه بضرورة مقابلت‪ ،‬وتت القابلة بالفعل‪ ،‬وقد‬

‫سجلت اللقاء بآلة التسجيل وقام براجعة الادة وإقرارها‪.‬‬

‫ولا كانت السياسة والفكر السياسي من أبرز الوضوعات الت تناولا لويس ف‬

‫كتابته ف التاريخ السلمي فل بد من مقدمة موجزة عن مدى اهتمام السلم بشأن‬

‫السياسة قبل الشروع ف البحث ف كتابات لويس ف هذا الوضوع‪.‬‬

‫لقد اهتم السلم بالسياسة منذ بداية تكون الماعة السلمية الول ف دار‬

‫الرقم بن أب الرقم حيث كانت تعمل تت قيادة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو‬

‫‪7‬‬
‫الذي أذن لجموعة من السلمي الذين عانوا الضطهاد بالجرة إل البشة ف السنة‬

‫الامسة وبعدها‪ .‬ول يكن أن تقوم جاعة بثل هذا العمل لو ل يكن لديها تنظيم معي‪.‬‬

‫ث اتضحت بعض أبعاد الماعة السلمية ف بيعة العقبة الول ث الثانية‪ .‬وكانت الثانية‬

‫قد أوضحت بعض الفكار السياسية الهمة وما ورد ف بيعة العقبة الثانية‪ " :‬بايعنا‬

‫رسول ال صلى ال عليه وسلم على السمع والطاعة ف النشط والكره‪ ،‬والعسر واليسر‪،‬‬

‫وأن ل ننازع المر أهله وعلى أثرة منّا‪ ،‬وأن نقول الق ل نشى ف ال لومة لئم"‪.‬‬

‫وبعد أن هاجر الرسول صلى ال عليه وسلم أخذت الماعة السلمية وضع‬

‫الفكر السياسي السلمي موضع التطبيق؛ وذلك ف الصحيفة الت كتبها الرسول صلى‬

‫ال عليه وسلم بي السلمي والكفار من أهل الدينة ث بي السلمي واليهود ف الدينة‪.‬‬

‫وف هذه الثناء كانت آيات القرآن الكري تتوال ف النول توضح معال النهج‬

‫السلمي ف السياسة وف القتصاد وف شؤون الياة كلها‪.‬‬

‫ويكفي تدليلً على أهية السياسة والفكر السياسي ف السلم أن قصة موسى‬

‫عليه السلم مع فرعون وردت أكثر من سبعي مرة ف القرآن الكري وكانت ف غالبها‬

‫ف سياقات سياسية‪ .‬فمن قال إن السلم ل يهتم بالسياسة فما عليه إلّ أن يطلع على‬

‫هذه القصص وتفسيها ليعرف كم هو مهم أن يعيش الناس تت ظل حكومة تعاملهم‬

‫بالعدل وترعى شؤونم وتساوي بينهم ول تأكل أموالم‪ .‬أل يذكر القرآن الكري عن‬

‫‪8‬‬
‫فرعون قوله ‪‬ونادى فرعون ف قومه أليس ل ملك مصر وهذه النار تري من تت‪،)2(‬‬

‫وذكر طغيان فرعون ف قوله تعال‪ :‬ما أريكم إلّ ما أرى وما أهديكم إلّ سبيل الرشاد‪‬‬

‫(‪.)3‬‬

‫ولويس ف اهتمامه بالفكر السياسي السلمي ل ينطلق من كونه باحث‬

‫متخصص ف الفقه أو الفكر السياسي أو القانون‪ ،‬ولكنه كتب بطريقة الؤرخ لذي يرى‬

‫بعض أحداث التاريخ السلمي فيبحث ف كتب الحكام السلطانية والفقه ما ينطبق‬

‫عليها‪ ،‬أو يد فكرة ف أحد كتب الفقه فيوح يبحث لا عن شواهد واستدللت ف‬

‫أحداث التاريخ‪ ،‬وأحيانا يكون لديه فكرة جاهزة عن النهج السلمي ف الكم‬

‫فيبحث ف كتب التاريخ والفقه ول يتوان عن الرجوع إل كتب الدب ليبر وجهة‬

‫نظره‪.‬‬

‫أما هذا البحث فينقسم إل ثلثة ماور ‪:‬‬

‫الحور الول‪ :‬الشروعية ف الفكر السياسي السلمي عند لويس‬

‫الحور الثان‪ :‬العلقات بي الفرد والدولة ف الفكر السياسي السلمي‬

‫الحور الثالث‪ :‬لويس والركات السلمية العاصرة‪.‬‬

‫‪- 2‬سورة الزخرف آية ‪.51‬‬


‫‪- 3‬سورة غافر آية ‪.29‬‬

‫‪9‬‬
‫الحور الول‪ :‬الشروعية ف الفكر السياسي السلمي‪.‬‬

‫تناول لويس مسألة الشروعية ف الفكر السياسي السلمي من خلل حديثه عن‬

‫الرسول صلى ال عليه وسلم وقيامه برئاسة المة وحدود السلطات الت كانت له ف‬

‫هذا العمل‪ .‬وفيما يأت أبرز العبارات الت وردت ف وصفه للرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫وسلطاته‪ .‬فقد قارن لويس بي الرسول صلى ال عليه وسلم بأنه "ل يت على الصليب‪،‬‬

‫وكان إل جانب النبوة جنديا ورجل دولة بل رئيس دولة ومؤسس إمباطورية"(‪،)4‬‬

‫وقد وصف لويس الرسول صلى ال عليه وسلم ف موضع آخر بأنه " شيخ المة لولئك‬

‫الذين آمنوا به بق‪ ،‬ليست سلطته مشروطة أو مقبولة بدون اعتراضات من قبل القبيلة‬

‫الت يكن أن تسحبها ف أي وقت‪ ،‬ولكنه حق دين مطلق‪ .‬إن مصدر السلطة انتقل من‬

‫الرأي العام إل ال الذي أناطها برسوله الختار"(‪.)5‬‬

‫وقد بث لويس مسألة هل الكومة السلمية حكومة دينية انطلقا من القول‬

‫النسوب لعيسى عليه السلم (أعط ما لقيصر لقيصر وما ل ل)‪ ،‬فهذا يؤكد ف نظره‬

‫على وجود سلطتي إحداها دينية والخرى دنيوية ها الكنيسة والدولة بينما امتزجت‬

‫هاتان السلطتان ف السلم يدل على ذلك أن الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قد‬

‫مارس القيادة السياسية والزعامة الدينية (‪.)6‬‬


‫‪4‬‬
‫‪- Bernard Lewis. “ Return of Islam.” In Commentary , Vol. 62 , January 1976.pp 89-101.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Lewis, The Arabs in History. London: 1950 and 5th edition 1970. P 43‬‬
‫‪6‬‬
‫‪- Lewis. “ Islamic Revolution.” In New York Review of Books, 27 January 1988. P47.‬‬

‫‪10‬‬
‫ويواصل لويس ماولته تفسي معن الكومة السلمية حيث يتحدث عن‬

‫تقليدين سياسيي ف السلم يطلق على أحدها التقليد "الساكن" والخر " النشط"‪،‬‬

‫وأن كلً من التقليدين مستمدان من الكتاب والسنة‪ .‬فالتقليد الساكن يتمثل ف كون‬

‫الرسول صلى ال عليه وسلم حاكما ورجلً سياسيا‪ ،‬ولكنه قبل أن يكون كذلك كان‬

‫" متمردا" و"معارضا" للنظام الاكم ف مكة‪ ،‬وقاد معارضته ضد الطبقة الاكمة الوثنية‬

‫ف مكة‪ ،‬وف وقت من الوقات خرج إل النفى وكوّن ما يكن أن يطلق عليه ف‬

‫بالتمرد مثالً‬ ‫الصطلح العاصر "حكومة النفى"‪ ،‬وكان هذا العمل من قيام النب‬

‫احتذته كل الركات الثورية ف التاريخ السلمي ‪ ،‬وكان من ذلك على سبيل الثال‬

‫قيام الدولة العباسية‪ ،‬وقيام الدولة الفاطمية ث ثورة المين ف العصر الاضر(‪.)7‬‬

‫ويرى لويس أن حجة من ينفي عن الكومة السلمية أن تكون حكومة دينية‬

‫وذلك لعدم وجود كنيسة أو بابا أو مالس كنسية ف السلم‪ ،‬أما الذين يرون أن‬

‫حكومة السلم دينية فيبرون ذلك بوجود نوع من عمل القسس بالعن الجتماعي‬

‫حيث يوجد " طبقة من العلماء الحترفي الذين اكتسبوا مكانتهم من العلم وليس من‬

‫التكريس الكنسي‪ ،‬والذين عملوا كرجال دين من عدة نواح‪ .‬ويثل هؤلء ال عز وجل‬

‫وشريعته من النواحي العملية وبالتال يارسون السلطة بالعن القيقي وإن ل تكن‬

‫‪7‬‬
‫‪- Lewis “ Islamic Revolution, Op., Cit.‬‬

‫‪11‬‬
‫السلطة السياسية الكاملة"(‪ .)8‬ويضيف لويس قائلً‪" :‬السلم من ناحية البدأ ‪،‬وإن ل‬

‫يكن ف التطبيق‪ ،‬ثيوقراطي بعن آخر وأكثر عمقا‪ ،‬والثيوقراطية تعن حرفيا حكم ال‪،‬‬

‫وبذا العن كانت حكومة السلم دينية من الناحية النظرية‪ ،‬ففي روما " كان قيصر هو‬

‫ال"‪ ،‬وف النصرانية "تعايش القيصر مع ال "‪ ،‬وف السلم "ال هو القيصر حيث إنه‬

‫وحده الرئيس العلى للدولة ومصدر السيادة‪ ،‬وهكذا صاحب التشريع‪ ،‬فالدولة هي‬

‫دولة ال‪ ،‬والقانون هو قانون ال‪ ،‬واليش جيش ال‪ ،‬وبالطبع فالعداء هم أعداء‬

‫ال"(‪.)9‬‬

‫الناقشة‬

‫عند السلمي ل تقارن بعيسى عليه السلم فإن النبياء‬ ‫إن مكانة الرسول‬

‫جيعا إنا أرسلهم ال عز وجل لتطبيق شرع ال ف الرض ‪ ‬وما أرسلنا من رسول إلّ‬

‫ليطاع بإذن ال‪ ،)10(‬ولكن تتلف ظروف رسالتهم فعيسى عليه السلم عمل تت‬

‫حكم رومان قاهر فلم يستطع أن يقف ف وجه تلك الدولة‪ ،‬وإنا كان هه أن يعيد‬

‫اليهود إل شريعتهم مع تعديلت ف هذا التشريع وفقا لا أمره ال سبحانه وتعال‪ .‬أما‬

‫‪ - -8‬الرجع نفسه‪.‬‬
‫‪ - 9‬الرجع نفسه‪.‬‬
‫‪- 10‬سورة النساء آية ‪.64‬‬

‫‪12‬‬
‫فقد تكن من إنشاء دولة ووضع لا السس والقواعد لن رسالته هي الرسالة‬ ‫رسولنا‬

‫الاتة‪.‬‬

‫إمباطورية فتلك مقارنة فاسدة فالمباطور‬ ‫أما زعم لويس بتأسيس الرسول‬

‫هو الذي يكم دولة استعمارية توسعية لصال شعب أو عرق كما هو الال ف‬

‫المباطوريات السابقة أو اللحقة‪.‬‬

‫بأنه‬ ‫وثة خطأ منهجي آخر وهو سوء الفهم أو الهل وهو وصف الرسول‬

‫"شيخ المة"‪ ،‬فلو كانت السألة كذلك لا واجه تلك العقبات والعراقيل‪ .‬وقد عرض‬

‫كفار قريش عليه أن يكون ملكا عليهم وأن يتخلى عن الرسالة فأب ذلك أشد‬

‫الباء(‪ .)11‬وإن السبب ف ماولة قريش أن تعرض على الرسول ما عرضت أنا فهمت‬

‫أن دعوة التوحيد تقضي "نزع السلطان الذي كان يزاوله الكهان ومشيخة القبائل‬

‫والمراء والكام ورده كله إل ال السلطان على الضمائر والسلطان على الشعائر‪،‬‬

‫والسلطان على الياة ‪..‬السلطان ف الال ‪ ،‬والسلطان ف القضاء والسلطان ف الرواح‬

‫والبدان"(‪.)12‬‬

‫‪ - 11‬ابن هشام الميي ‪ .‬سية ابن هشام ‪ ،‬تقيق مصطفى السقا وآخرون( القاهرة ‪ )1955‬القسم الول ص ‪.295‬‬
‫‪ - 12‬سيد قطب ‪ .‬ف ظلل القرآن‪( .‬بيوت ‪)1973‬ص ‪.1005‬‬

‫‪13‬‬
‫أما بصوص رأي لويس بانتقال السلطة من الرأي العام إل ال ث إل الرسول‬

‫فأمر يالف حقيقة الواقع فلويس مؤرخ متمرس ف التاريخ السلمي‪ ،‬ول شك أنه‬

‫عرف عن بيعة العقبة الول والثانية وبيعة الرضوان‪ .‬وأن البيعة تراض بي طرفي ‪ .‬وقد‬

‫أورد القرآن الكري بيعة النساء ف قوله تعال‪  :‬يا أيها النب إذا جاءك الؤمنات يبايعنك‪‬‬

‫الية(‪ ،)13‬لشك أن سلطة الرسول صلى ال عليه وسلم كانت حقا دينيا فهو التلقي‬

‫للوحي عن ربه‪ ،‬ول بد للمة أن تطيع رسولا ومع ذلك فقد كانت تلك السلطة‬

‫والطاعة مع دروس ف توزيع السلطة‪ ،‬وف الشورى وف تشجيع الواهب الفردية‪ .‬لقد‬

‫أعظم نبة تولت قيادة البشرية بعد أن استطاعت إسقاط إمباطوريت‬ ‫ربّى الرسول‬

‫الفرس والروم‪ .‬إن مشيخة القبيلة أو المة ل يكن أن تكون نتائجها مثل النتائج الت‬

‫وصحبه الكرام رضوان ال عليهم أجعي‪.‬‬ ‫تققت على يدي الرسول‬

‫ولنلتفت الن إل مسألة كون الكومة السلمية دينية أو ل؛ فإن لويس وقع‬

‫ف أخطاء منهجية عديدة‪ ،‬منها أولً إسقاط النظرة الغربية عند تناول الفكر السياسي‬

‫السلمي‪ ،‬ففكرة الكومة الدينية فكرة غربية إذ ل يعرف السلم صراعا بي سلطة‬

‫دينية وأخرى دنيوية‪ ،‬فقد فهم السلمون أن السلم ينظم شؤون حياتم جيعها من أدق‬

‫‪ - 13‬سورة المتحنة آية ‪.12‬‬

‫‪14‬‬
‫تفاصيلها حت مسألة الكم واللفة‪ :‬قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب‬

‫العالي‪ .)14(‬ول يكن هذا الصراع ليقع ف النصرانية لول أن السيح عليه السلم واجه‬

‫الدولة الرومانية القوية وطائفة من اليهود الاقدين وإلّ فإن السيح جاء بشريعة تمع بي‬

‫الدنيا والدين‪ ،‬فهو ل يلغ الشرائع الت كانت موجودة بل جاء بشريعة ليتمها‪.‬ويكملها‪.‬‬

‫وأما العبارة النسوبة للمسيح عليه السلم (أعطوا ما لقيصر لقيصر وما ل ل) الت يلو‬

‫للويس أن يكررها للستدلل على الفصل بي السلطتي‪ ،‬فهو خطأ منهجي آخر لنه‬

‫يارس بتر النصوص من سياقها‪ ،‬فإن القصة الت وردت فيها هذه العبارة تؤكد على‬

‫ضرورة طاعة السلطة مهما كانت ظالة وقد جاء ف رسالة بطرس ( لتخضع كل نفس‬

‫للسلطي الفائقة لنه ليس سلطان إلّ من ال والسلطي الكائني ‪:‬مرتبة من ال حت إن‬

‫من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب ال)(‪ ،)15‬واستمر الصراع بي السلطتي حت قويت‬

‫الكنيسة واكتسبت سلطة ضخمة وثراء‪ ،‬ووصل با المر إل أن أصبحت دولة داخل‬

‫دولة‪ ،‬وأصبح للبابا رأس الكنيسة اليد الطول ف مواجهة الكام‪.‬‬

‫ومن أخطاء لويس النهجية مقارنته بي ال والقيصر وهي مقارنة فاسدة‪ ،‬فقد‬

‫تصح مثل هذه القارنات ف عقلية مشبعة بالنعة الادية ‪ ،‬وكما يقول سليمان ناينق‬

‫وسيعبده أنه‪ " :‬ما كان لباحث يهودي مثل لويس يفترض فيه أنه مؤمن بال أن يعل‬

‫‪- 14‬سورة النعام آية ‪.162‬‬


‫‪ - 15‬رسالة بولس الرسول الراهب ووحيه ‪ ،‬الصحاح الثالث عشر ‪.1:‬‬

‫‪15‬‬
‫قيصر ف درجة مع ال عز وجل‪ .‬وما تعايش السلطتي عند النصارى إلّ لن رجال‬

‫الدين النصارى اضطروا للخنوع وإ ّل فإنم عندما قويت شوكتهم استبدوا بقيصر‬

‫وحكموا عليه بالنوع كما فعل جريوري السابع باللك هنري الرابع‪ .‬وكانوا يمعون‬

‫الضرائب ويسيّرون اليوش وغي ذلك من السلطات الدنيوية"(‪.)16‬‬

‫وبالنسبة لكانة العلماء فقد نظر لويس إل السألة من زاوية واحدة وبوجهة نظر‬

‫معينة وأخذ يشد لا الدلة من هنا وهناك؛ فهذا الدين قام على العلماء‪ ،‬ول يكن ثة‬

‫فرق بي العلماء والكام ‪ ،‬فاللفاء الراشدون كانوا أعلم الناس بالسلم‪ ،‬وجاء بعدهم‬

‫خلفاء بن أمية وكان كثي منهم على درجة عالية من الفقه والدين مثل معاوية بن أب‬

‫سفيان رضي ال عنه‪ ،‬وعبد اللك ابن مروان‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز‪ ،‬وظل اللفاء ف‬

‫الغالب على درجة طيبة من العلم بالسلم‪ ،‬ولذلك كان هؤلء يعرفون للعلماء قيمتهم‬

‫ومكانتهم السامية حي كانوا ينصحون الكام ‪ .‬وبلغ من مكانة العلماء ما ورد عن أب‬

‫جعفر النصور حينما لقي سفيان الثوري فقال له " يا سفيان ل ل تأتنا فنستشيك فما‬

‫أمرتنا بشيء صرنا إليه وما نيتنا عن شيء تركناه"‪ ،‬وهنا سأله الثوري كم بلغت نفقتك‬

‫ف الج – مستعظما تلك النفقة_ ث ذكّره بأن نفقة عمر بن الطاب رضي ال عنه ف‬

‫حجة ل تزد على ثانية عشر دينارا‪.‬‬

‫‪ - 16‬حورية توفيق ماهد‪ .‬الفكر السياسي من أفلطون إل ممد عبده‪ ( .‬القاهرة‪ )1986:‬ص ‪.132‬‬

‫‪16‬‬
‫ولّا ول السلمي حكام قلت درجة معرفتهم بذا الدين كان ل بد من وجود‬

‫العلماء إل جوارهم لتقدي النصح والتوجيه والشورة‪ .‬ول يؤلف العلماء ف التاريخ‬

‫السلمي طبقة ترتزق بالعلم إنا عملوا ف شت مالت الياة حت يلصوا للعلم ولطلبه‪،‬‬

‫وكانوا علماء وجنودا ماهدين وقادة‪ .‬وكان منهم من وقف ف وجه الكام الظلمة‬

‫حت ابتلي عدد منهم بالسجن والتعذيب‪ .‬ونج عدد منهم ف إيقاف الكام عند‬

‫حدهم(‪.)17‬‬

‫وقول لويس إن ال هو الشرع وبالتال فهو الرئيس العلى للدولة ومصدر‬

‫السيادة‪ ،‬وكذلك مصدر التشريع فالدولة دولة ال‪ ،‬واليش جيش ال وبالطبع فالعداء‬

‫هم أعداء ال‪ ،‬فإن لويس هنا ل يأت بديد بل كرر افتراضات مستشرقي سبقوه ومن‬

‫هؤلء سانتيلنا الذي قال ف بث له ف الفكر السياسي‪" :‬إن السلم هو حكومة ال‬

‫الباشرة يكمها ال الذي يرعى شعبه دائما‪ ،‬فالدولة ف السلم يثلها ال‪ ،‬حت‬

‫الوظفون العموميون هم موظفون عند ال"(‪ ،)18‬فالطأ النهجي الول هنا أن لويس‬

‫نقل عن غيه دون ذكر الصدر‪ ،‬أما الطأ الثان فإنه ل يقدم الدليل على افتراضاته‪.‬‬

‫والواقع كان عكس ذلك تاما فلم يدّع حاكم مسلم أنه خليفة ال أو يكم باسم ال‪،‬‬

‫‪ - 17‬عبد العزيز البدري‪ .‬السلم بي العلماء والكام ‪( .‬بدون ناشر) ص ‪ 80‬وما بعدها‬
‫‪ - 18‬ضياء الدين الريس‪ .‬النظريات السياسية السلمية‪( .‬القاهرة‪) 1979 :‬ص ‪ 366‬نق ً‬
‫ل عن ‪De Santillana: The Legacy of Islam. P‬‬
‫‪.256‬‬

‫‪17‬‬
‫فهذا أبو بكر الصديق رضي ال عنه يقول ف أول خطبة له بعد توليه السلطة‪ " :‬لقد‬

‫وليت عليكم ولست بيكم‪ ،‬إن أحسنت فأعينون وإن أسأت فقومون‪" )19("..‬‬

‫فالليفة منفذ للشريعة‪ ،‬خاضع لحكامها‪ ،‬وهو معي من قبل المة تنتخبه ولا الق أن‬

‫تعزله‪ )20(".‬بينما يقصد من الثيوقراطية أنا "حكومة الله أو اللة الذين يكونون مثلي‬

‫برجال (كهنوت) أو زعماء روحيي مقدسي‪ .‬ومن أمثلتها حكومة البابوات ف العصور‬

‫الوسطى فيكون لؤلء الرؤساء سلطات روحية ولم حق الغفران والرمان‪ ،‬وتب‬

‫طاعتهم الطلقة وأقوالم قانون لنم يثلون الرادة اللية"(‪.)21‬‬

‫ويرى الباحثان سليمان ناينج وسي عبد ربه بأن ما كتبه لويس حول هذه‬

‫السألة يعد تثيلً سيئا لطبيعة السلم فل يكن مقارنة ال بالقيصر أو بأي شكل أو هيئة‬

‫بشرية أخرى وأن ال ل يعي وكيلً عنه ف الرض فكل إنسان هو خليفة ال ف الرض‬

‫والجتمع السلمي يتار قادته وفقا لتعاليم الشريعة (‪ ،)22‬والسيادة ف السلم تنبع من‬

‫مصدرين ها الشريعة والمة (‪ ،)23‬فال عز وجل أرسل رسله بالشريعة فإذا ما صح‬

‫اتباعها فل شك أنم أقرب إل هذه القيقة الت يوردها لويس بأسلوبه الساخر‪،‬‬

‫‪ - 19‬ابن هشام ‪ ،‬السية النبوية ‪ ،‬القسم الثان ‪ ،‬ص ‪.661‬‬


‫‪ - 20‬الريس‪ ،‬مرجع سابق ص ‪377‬‬
‫‪ - 21‬الرجع نفسه والصفحة نفسها‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫”‪-Sulyman Naying and Samir Abed Rabbo. “ Bernard Lewis and Islamic Studies: An Assessment.‬‬
‫‪In Orientalism, Islam and Islamists( Vermont(USA):1984). P.271‬‬
‫‪ - 23‬الريس ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.385‬‬

‫‪18‬‬
‫فالنظمة الخرى والقائمة على شرائع من صنع البشر لن تنال شرف هذا اللقب الذي‬

‫ل وآن لا أن تعود إليه قريبا بإذن ال‪.‬‬


‫حازته المة السلمية زمنا طوي ً‬

‫الحور الثان‪ :‬العلقات بي الفرد والدولة ف الفكر السياسي السلمي‪:‬‬

‫يتهم لويس العقلية السلمية بأنا عقلية ذرية أي ل تستطيع أن تنظر إل المور‬

‫نظرة شاملة وأنا عقلية تريدية‪ ،‬ولكن لويس ف دراسته للفكر السياسي السلمي وقع‬

‫فيما اتم به السلمون ظلما ‪ ،‬وأكثر ما تتجلى العقلية الذرية هذه ف نظرته إل العلقة‬

‫بي الفرد والدولة الت تناولا ف أكثر من بث‪ .‬ففي هذه البحوث أخذ بعض‬

‫الصطلحات من الفكر السياسي الغرب وحاول أن يبحث عن مصطلحات ماثلة لا ف‬

‫الفكر السلمي‪ ،‬أو قام بابتداع بعض الصطلحات وراح يشد لا الدلة من أي مصدر‬

‫كان سواء من الديث الضعيف أو من مصدر مهول أو من كتب الدب وغي ذلك ‪.‬‬

‫لقد وجد لويس أن موقف أهل السنة والماعة بعدم الروج على الاكم إذا‬

‫انرف عن الطريق الصحيح ما ل يرو كفرا بواحا وسيلة ليوجه سهام نقده بأن السلم‬

‫يطلب من أتباعه أن يكونوا خانعي أذلء‪ .‬ويستشهد لويس بديث (ل طاعة لخلوق ف‬

‫معصية الالق) ولكن هذا المر يصطدم ف نظره بأمرين أولما "أن الشرعي نادرا ما‬

‫ناقشوا كيف يتم فحص التزام الكومة بالشريعة ‪ ،‬ومت تكون مطئة وبالتال ل يضعوا‬

‫‪19‬‬
‫أجوبة لذلك‪ ،‬والثان أنم ل يضعوا أجهزة أو إجراءات لقياس مدى التزام الكومة‬

‫بالشريعة"(‪.)24‬‬

‫ويقول لويس ف موضع آخر‪ " :‬كان واجب الطاعة ف اليام العظيمة للتاريخ‬

‫السلمي القدي قاصرا على اللفاء الشرعيي الذين هم وكلء ال ف الرض ورؤساء‬

‫الجتمع الدين وف حالة تسكهم بالشرع فقط‪ ،‬ولكن مع تراجع اللفة ونو‬

‫الدكتاتورية جعل الفقهاء والشرعون السلمون تعاليمهم موافقة للحالة التغية‪ ،‬وجعلوا‬

‫واجب الطاعة يتد لية سلطة فعلية مهما كانت عاصية أو متوحشة‪ .‬وقد سيطر على‬

‫الفكر السياسي السلمي ف اللف سنة الخية مبدأ " الطغيان أفضل من الفوضى ومن‬

‫اشتدت وطأته وجبت طاعته"(‪.)25‬‬

‫ولتأكيد نظرته هذه ينقل لويس نصا عن ابن جاعة حول البيعة القهرية جاء فيه‬

‫" ف زمن الضطرابات يصبح من الضروري العتراف بالاكم لنع مزيد من‬

‫الضطرابات‪ ،‬فإذا خل الوقت من إمام فتصدى لا من هو من أهلها ول يقدم ف ذلك‬

‫كونه جاهلً أو فاسقا ف الصح [ أو حت كونه عبدا أو امرأة ل اعتبار له] وأضاف‬

‫لويس بأن ما هو أسوأ من حكم العبد أو الرأة كما قال ابن جاعة هو حكم الكافر ‪.‬‬

‫وقد حدثت هذه الالة حينما استول النورمنديون على جزيرة صقلية ما دعا فقيه من‬
‫‪24‬‬
‫‪- Bernard Lewis. “ Islamic Concept of Revolution.” In Revolution in the Middle East. Edited by‬‬
‫‪P.J. Vatikiotis ( Totowa N. J. 1972) p.p. 30-40.‬‬
‫‪25‬‬
‫‪- Lewis. “ Communism and Islam.” In International Affairs. No. 30 (1954) p.p. 1 -12.‬‬

‫‪20‬‬
‫مدينة مازارا لوضع قاعدة تقضي بقبول حكم النصران وطاعته ما دام يبدي تساما تاه‬

‫السلمي‪)26(.‬‬

‫ويصر لويس على البحث عن نصوص حول ضرورة الذعان للسلطة مهما كان‬

‫المر ويستشهد لذلك بنصوص أوردها ابن بطة ومنها قول عمر بن الطاب رضي ال‬

‫عنه ( وإن ظلمك فاصب وإن حرمك فاصب) وقول النب صلى ال عليه وسلم (اصب‬

‫وإن كان عبدا حبشيا) ويعلق لويس قائلً‪ " :‬من الؤكد أن هذين القولي الذين ينسب‬

‫أحدها إل الليفة عمر وينسب الثان إل الرسول[ صلى ال عليه وسلم] ها قولن‬

‫منحولن والغرض منهما هو تبير الراء الت أخذت تشيع ف تلك الفترة‪)27(".‬‬

‫وف مال تأثر الفكر السياسي السلمي بالفكر السياسي الغرب يتناول لويس‬

‫مسألة حقوق الفرد أو حقوق الواطن فيقول‪" :‬يكن أن يكون للمواطن حاجات وآمال‬

‫ولكن ليس له حقوق‪ ،‬إن هذه الفكرة بالذات مصدرها الغرب‪ ،‬وظهرت لول مرة ف‬

‫القرن التاسع عشر عندما بدأ الكتّاب ف تركيا وف مصر ف استخدام مثل هذه التعبيات‬

‫"حقوق الرية" و"حقوق الواطن"‪. ،‬ويضيف إنه ثة مقولة عربية قدية مفادها أن‬

‫‪ - 26‬يلحظ أن لويس ل يستخدم التوثيق العلمي ف هذا القال وعندما أشار إل نص ابن جاعة ل يذكر الصدر ن وقد وجدت النص مققا والعبارات بي‬
‫معقوفتي ليست ف النص كما حققه فؤاد عبد النعم أحد‪ .‬ترير الحكام ف تدبي أهل السلم للمام بدر الدين بن جاعة (ت ‪( )773‬قطر ‪1407:‬هـ‪/‬‬
‫‪1987‬م) ص ‪ .2‬وعبارات لويس السابقة من مقالته عن السلم والشيوعية الرجع السابق ص ‪.8‬‬
‫‪- 27‬لويس ‪ " .‬الفرد والدولة ف الجتمع السلمي " ف ملة الثقافة ‪(.‬الزائر)ع ‪ ،90‬السنة ‪ 15‬صفر‪-‬ربيع الول ‪ ،1406‬نوفمب ‪/‬ديسمب ‪1985‬م ص‬
‫‪.79‬‬

‫‪21‬‬
‫الليفة إذا كان عادلً فسوف يكافأ‪ ،‬وعليك أن تكون شاكرا‪ ،‬وإذا ل يكن عادلً فإنه‬

‫سيعاقب وعليك أن تكون صبورا" (‪.)28‬‬

‫ويقول لويس عن الرية السياسية‪ " :‬بالرغم من وجود آثار حرية بدوية باقية ف‬

‫النظرية القانونية السلمية التقليدية‪ ،‬فإن تربة السلم السياسية ف معظمها استبدادية ‪،‬‬

‫فعلى الواطن واجب دين هو الطاعة الطلقة وبدون سؤال لصاحب السيادة‪ ،‬وليس له‬

‫حقوق سوى أن يعيش حياة إسلمية طيبة‪ ،‬وعلى الاكم السلم أن يراعي الشريعة‬

‫"القانون القدس" لمكانية إقامة الياة السلمية الطيبة‪ .‬أما ما سوى ذلك فللحاكم أن‬

‫يفعل ما يشاء‪..‬ويضيف لويس أن النظرية السلمية ل تعترف مطلقا بأي مصدر‬

‫للسلطة سوى ال أو القوة والبديل الوحيد لصدر السلطة هو القوة"(‪.)29‬‬

‫الناقشة‪:‬‬

‫من أبرز الميزات الت حرص السلم على تربية السلمي عليها عزة النفس‬

‫والكرامة وأن ل يضع مسلم إلّ ل عز وجل‪ ،‬وأن يتساوى السلمون فيما بينهم‪ ،‬فقد‬

‫دخل الغية بن شعبة رضي ال عنه على رستم " فجلس معه على سريره ووسادته‬

‫فوثبوا عليه …فقال ‪ :‬كانت تبلغنا عنكم الحلم‪ ،‬ول أرى قوما أسفه منكم‪ ،‬إنا‬

‫معشر العرب سواءُ‪ ،‬ل يستعبد بعضنا بعضا إلّ أن يكون ماربا لصاحبه‪ ،‬فظننت أنكم‬
‫‪28‬‬
‫‪- Lewis, Islam in History. ( London:1973) P.297.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪- Bernard Lewis. “ Democracy in the Middle East, Its State and Prospects.” In Middle Eastern‬‬
‫‪Affairs. Vol. vi, No. 4, April 1955. P. p. 101-108.‬‬

‫‪22‬‬
‫تواسون قومكم كما نتواسى‪ ،‬وكان أحسن من الذي صنعتم أن تبون أن بعضكم‬

‫أرباب بعض‪ ،‬وأنّ هذا المر ل يستقيم فيكم فل نصنعه… علمت أن أمركم‬

‫مضمحل‪ ،‬وأنكم مغلوبون‪ ،‬وأنّ ملكا ل يقوم على هذه السية‪ ،‬ول على هذه‬

‫العقول"(‪.)30‬‬

‫إن الطاعة للسلطان مشروطة بطاعة ال عز وجل أما تشكك لويس بالقدرة على‬

‫فحص التزام الكومة بالشريعة السلمية إنا يدل على جهل لويس أو تاهله‪ ،‬فالعلماء‬

‫السلمون ما آتاهم ال من علم وفهم وإدراك ل يتاجون إل إجراءات أو أجهزة لذلك‪.‬‬

‫ولا كان نظام الكم أو شكله ل يتحدد بنصوص شرعية فل بد للمسلمي أن يتخذوا‬

‫من أشكال الكومة ما يناسبهم ‪ .‬ومع ذلك فقد استطاع العلماء السلمون على مدى‬

‫التاريخ السلمي إبلغ صوتم ورأيهم إل الكام عب منابر الساجد أو ف حلقات‬

‫دروسهم أو بواجهة الكام مباشرة‪ .‬وإن نفي لويس وجود إجراءات لعرفة خروج‬

‫الاكم عن الشريعة وماسبته تكفلها حقوق الفرد السلم الت يكن تلخيصها فيما يأت‬

‫‪:‬‬

‫‪ - 30‬أبو جعفر ابن جرير الطبي‪ .‬تاريخ المم واللوك‪،.‬تقيق أبو الفضل إبراهيم ( القاهرة ‪:‬بدون تاريخ) ملد ‪ 3‬ص ‪.522‬‬

‫‪23‬‬
‫حق اختيار الاكم ‪ :‬فمن حق الفرد السلم أن يشارك ف اختيار رئيس الدولة ‪ -‬البيعة‬

‫العامة‪ -‬وف هذا يقول ابن تيمية "المامة تثبت ببايعة الناس ل بعهد السابق له"(‪،)31‬‬

‫وهذه البيعة تعل الاكم ف مركز النائب والوكيل عن المة‪)32(.‬‬

‫‪ -2‬حق الشاورة ‪ :‬نص القرآن الكري على وجوب الشورى ‪ ‬وشاروهم ف المر‪،)33(‬‬

‫تؤكد هذا الق للمة‪.‬‬ ‫وثة سوابق تاريية أهها سية النب‬

‫‪ -3‬حق مراقبة رئيس الدولة‪ ،‬وما دامت المة قد اختارت الاكم فمن حقها مراقبته‬

‫وتقويه إذا انرف ‪ ،‬وأول مراحل التقوي النصيحة وفقا لا جاء ف الديث الشريف‬

‫(الدين النصيحة‪ ..‬قلنا لن يا رسول ال ؟ قال‪( :‬ل ولكتابه ولرسوله ولئمة السلمي‬

‫وعامتهم)(‪.)34‬‬

‫والسلم أسبق ف ماسبة الاكم ففي أول خطبة خطبها أبو بكر الصديق رضي‬

‫ال عنه أرسى هذا الق "إن أحسنت فأعينون وإن أسأت فقومون‪ ،‬أطيعون ما أطعت‬

‫ال فيكم ‪ ،‬فإن عصيته فل طاعة ل عليكم"(‪ ،)35‬وذكر الطبي ف تاريه أن عمر بن‬

‫الطاب كان يطب مذرا عماله من تاوز مهمتهم ف التعليم وما قاله ‪ ":‬فمن فُعل به‬

‫‪ - 31‬أبو العباس أحد بن عبد الليم ابن تيمية‪ ،‬منهاج السنّة النبوية‪ ،‬تقيق ممد سال رشاد‪(.‬الرياض ‪ )1406‬ج ‪ 1‬ص ‪.142‬‬
‫‪ - 32‬عبد ال بن فهد النفيسي ‪ ،‬عندما يكم السلم ‪(.‬لندن‪ :‬بدون تاريخ) ص ‪.156‬‬
‫‪- 33‬سورة آل عمران آية ‪.159‬‬
‫‪ - 34‬رواه مسلم ف كتاب اليان‪.‬‬
‫‪ - 35‬البخاري …‬

‫‪24‬‬
‫شي سوى ذلك فليدفعه إلّ فو الذي نفس عمر بيده لقصنه منه‪ ،‬وقد رأيت رسول ال‬

‫صلى ال عليه وسلم يقص من نفسه"(‪.)36‬‬

‫وقد تفوق السلم على التشريعات الخرى؛ فقد قسمت القوق ف السلم‬

‫إل ثلثة حقوق أحدها حق خالص ل عز وجل‪ ،‬وهو حق التشريع ث حق غالب مثل‬

‫حق القذف فهو أساسا حق ل‪ ،‬ولكن للفرد فيه نصيب وذلك بصون عرضه‪ ،‬ث حق‬

‫للعبد ول فيه نصيب مثل القصاص‪ .‬وف حالة العتداء على أي من القوق فإنه يتولد‬

‫واجب الدفاع الشرعي‪ ،‬وكما يقول الستشار الدكتور علي جريشة‪" :‬إن الدفاع‬

‫الشرعي ل تعرفه النظم الوضعية إلّ حديثا وعرفته قاصرا على مال القوق الاصة‪ .‬وف‬

‫هذا الجال يشوبه الكثي من القصور"(‪ .)37‬وقد عال السلمون مسألة " الدفاع الشرعي‬

‫العام" تت عنوان "المر بالعروف والنهي عن النكر" أو "السبة"‪ ،‬وأوضحوا بأن‬

‫واجب إنكار النكر واجب كفائي إي إذا قام به البعض سقط عن الباقي‪ ،‬وإن ل يقم به‬

‫ذلك البعض الكفائي فقد أثت المة كلها بترك الواجب‪ ،‬ويضيف جريشة بأن‬

‫"شُـرّاح القانون العام ل يستطيعوا أن يرتفعوا ب (مقاومة الظلم) وهي إحدى صور‬

‫الدفاع الشرعي العام ف السلم ل يستطيعوا أن يرتفعوا به أكثر من مرتبة الق‪ ،‬فقد‬

‫أعلنت الثورة الفرنسية ف إعلن حقوق النسان الصادر سنة ‪1799‬م أن حقوق‬

‫‪ - 36‬الطبي‪ ،‬ملد ‪ ،4‬ص ‪.204‬‬


‫‪ - 37‬علي ممد جريشه‪ .‬الشروعية السلمية العليا‪ .‬ط ‪ (2‬القاهرة ‪ *1986 ،1406‬ص ‪.242‬‬

‫‪25‬‬
‫النسان هي ‪:‬الرية واللكية والساواة ومقاومة الظلم‪ .‬وبقي السلم منفردا بعل‬

‫مقاومة الظلم وغيه من صور النكر ف الجتمع واجبا وليس مرد حق‪ ،‬فيتفع بالجتمع‬

‫إل مستوى من اليابية ل يصل إليه نظام آخر ويقق بذلك كفالة القضاء على كل‬

‫انراف يظهر من جانب السلطة"(‪)38‬‬

‫الرية والتأثر بالفكر السياسي الغرب‪:‬‬

‫يكن نا أن نبدأ الرد على لو يس بالتأك يد على إ صراره على ال كم على الشعوب‬

‫الخرى وتاري ها انطلقا من العاي ي الغرب ية‪ ،‬وأن ما ينا سب أ مة من ال مم ل يس من‬

‫الضروري أن يناسـب أمـة أخرى‪ .‬وإن أبزر النقاط ال ت ورد فيهـا هذا ال طأ النه جي‬

‫الذي يكن أن نطلق عليه إسقاط الصطلحات الديثة على أمور تاريية أو مصطلحات‬

‫أمة أو مفاهيمها على أمة أخرى ف موضوع القوق والريات‪.‬‬

‫فقد زعم لويس أن مفهوم "القوق " عند الغربيي ل يعرفه السلمون‪ ،‬كما ل‬

‫يعرف السلمون من هذه القوق "حق الرية"‪ ،‬وهنا يتعمد لويس تاهل معن السلم‬

‫ومبادئه السـاسية‪ .‬فإن معنـ "ل إله إلّ ال " نفـي كـل أنواع العبوديات عـن النسـان‬

‫وإعطاؤه الرية ف أعز مال أل وهو مال العقيدة‪ ،‬فمن مبادئ السلم عدم إكراه أحد‬

‫على اعتنا قه (ل إكراه ف الد ين)(‪ ،)39‬وتأ ت الريات الخرى تبعا لذلك‪ .‬فالر ية ال ت‬

‫‪- 38‬الرجع نفسه ن ص ‪.246‬‬


‫‪ - 39‬سورة البقرة ‪ ،‬آية ‪.256‬‬

‫‪26‬‬
‫ـ السـلم للمسـلم وللذمـي ل توجـد فـ أي نظام آخـر سـوى حريـة النراف‬
‫أعطاه ا‬

‫والضلل ال ت قدمت ها الضارة الغرب ية ح ت أض حت تش كو من ها(‪)40‬؛ فال سلم يك فل‬

‫العمل بالجر الناسب‪ ،‬كما يكفل للمسلم حرية الرأي الت جهدت الدساتي الغربية ف‬

‫إثباتا وكانت شيئا طبيعيا ف السلم‪.‬‬

‫ومن المثلة على حرية الرأي ما ورد من نقاش بعد فتح العراق حول تقسيم‬

‫أرض السواد أو إبقائها بي أيدي أصحابا ويؤدون عنها الراج‪ .‬وكان رأي عمر بن‬

‫الطاب رضي ال أن تبقى الرض ف أيدي مالكيها‪ ،‬ولكن فريقا من السلمي وعلى‬

‫رأسهم بلل بن رباح رضي ال عنه كانوا متحمسي لتوزيع الرض بي الند الفاتي‪.‬‬

‫ول يكره أو يعاقب الليفة على أنه خالفه ف الرأي‪ ،‬بل كان يدعو أن يشرح ال صدر‬

‫بلل للرأي الخر(‪.)41‬‬

‫كما أورد لويس مقولة عربية قدية عن الاكم العادل والاكم الظال‪ ،‬وليس‬

‫من النهج العلمي أن ياكم الفكر السياسي إل مقولت مهولة الوية ول تعن شيئا‪.‬‬

‫فالقولة تزعم أن الاكم العادل سيجد الكافأة ولكن ل يدد لويس من‪ ،‬وكذلك‬

‫العقوبة للحاكم الظال من؟‪ ،‬فإذا كان القصود أن الزاء والعقاب من ال وما على‬

‫‪- 40‬عبد الليم عويس ‪ " .‬موقف الفكر السلمي من الضارة الديثة " ف النهل‪ ،‬ع ‪ ،495‬شوال وذو القعدة ‪ ،1412‬أبريل ومايو ‪ ،1992‬ص ‪-15‬‬
‫‪.28‬‬
‫‪ - 41‬يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف‪ .‬الراج ‪(،‬بيوت ‪ )1399/1979‬ص ‪.35‬‬

‫‪27‬‬
‫السلم إلّ أن يكون شاكرا ف حالة الاكم العادل وصابرا ف الالة الثانية‪ .‬فهذه مالفة‬

‫واضحة لسس العقيدة السلمية الت تدعو إل رفض الظلم وإل إنكار النكر وإل‬

‫مقاومة الفساد‪ .‬إن التسليم برأي لويس يعل السلم شخصا سلبيا وما تركت ف‬

‫عروقه الدماء إلّ ف بداية القرن التاسع عشر عندما بدأ بالحتكاك بالغرب‪.‬‬

‫الحور الثالث‪ :‬لويس والركات السلمية العاصرة‪.‬‬

‫تعد الركات السلمية العاصرة أو ما يطلق عليه السلم السياسي من أبرز‬

‫القضايا ف الفكر السياسي العاصر‪ .‬وقد اهتم لويس بذه القضية عندما وجد أن التاه‬

‫ف الغرب عموما ييل إل الهتمام بالركات السلمية وأن هذا يقدمه إل السؤولي ف‬

‫العال الغرب وجهات صناعة القرار السياسي والقتصادي على أنه خبي ف قضايا العال‬

‫السلمي العاصرة‪.‬‬

‫ولعل ظهور ما يسى الركات السلمية العاصرة قد جاء ف أثناء مقاومة البلد‬

‫السلمية للحتلل الجنب‪ ،‬ولكن هذه الركات اندمت ف الكومات الت قامت بعد‬

‫انتهاء الحتلل واستعادة الستقلل‪ .‬غي أن ظروف البلد العربية السلمية بعد‬

‫الستقلل استدعت من السلمي أن ينظموا أنفسهم ف حركات تدعو إل العودة‬

‫‪28‬‬
‫للسلم بعد أن جاء الستقلل بالكثي من النرافات ف السياسة والقتصاد والثقافة‬

‫والتعليم وغيها من الجالت‪.‬‬

‫يصر الباحثون الغربيون ومن بينهم لويس على تسمية هذه الركات ب‬

‫"الصولية السلمية" بالرغم من أن بعض الباحثي الغربيي قد أدركوا الطأ ف ذلك‬

‫حيث يقول جيل كيبل عن الصطلح النليزية "الصولية"‪Fundamentalism‬‬

‫والفرنسي ‪ " Integrisme‬إنما تبسيطيتان يتزلن الظاهرة ويرفانا‪ ،‬وها يعيقان‬

‫معرفتنا بتلك الظاهرات ف مملها‪ ،‬ث إن عجزنا الجال عن تفسي أو تأويل الركات‬

‫السلمية اليوم إنا يعيد إل حد بعيد إل استخدامنا هذه النظارات القدية الت نضعها‬

‫على أعيننا لننا ل ند ف عجالة أمرنا خيا منها يكن كل ما تقوم به هو زيادة‬

‫التشويش ف إدراكنا"(‪.)42‬‬

‫ويلحظ أن لويس وغيه من الكتاب الغربيي خلطوا بي الصولية الغربية بكل‬

‫ما فيها من رفض للمجتمعات الغربية وانللا وانرافها نو الادية الطاغية وبي‬

‫الركات السلمية الت تنادي بالعودة إل تطبيق السلم ف حياة السلمي ف النواحي‬

‫الثقافية والجتماعية والسياسية والقتصادية‪ ،‬وأولً وقبل كل شيء ف النواحي العقدية‪.‬‬

‫‪ - 42‬جيل كيبل‪ .‬الركات الصولية العاصرة ف الديان الثلث‪ .‬ترجة نصي مروة (قبص‪1992 :‬م) ص ‪.11‬‬

‫‪29‬‬
‫ولذلك فهم يلطون حقا بي السلم وبي ما يتخيلون أنه "أصولية " بالعن الغرب‪،‬‬

‫كما يصمون كل دعوة إل السلم على أنا تطرف وتشدد‪.‬‬

‫وتأت أهية تناول كتابات لويس حول تيار الركة السلمية للمكانة العلمية‬

‫البارزة الت حققها لويس بصفته مؤرخا متصا ف التاريخ السلمي‪ ،‬وبصفته خبيا ف‬

‫شؤون العال السلمي (الشرق الوسط)‪ ،‬ولن كتاباته تصل إل أعلى الستويات ف‬

‫مصادر صنع القرار السياسي ف الغرب‪ ،‬ولن لويس يتميز بغزارة النتاج والنشاط‬

‫التواصل ف نشر فكره‪.‬‬

‫يبدي لويس تردده ف نعت الركات السلمية بالصولية لن هذا الصطلح نشأ‬

‫ف الغرب لوصف الركات البوتستانتية‪ ،‬ولكنه يعود ليجد أن معظم السلمي ينطبق‬

‫عليهم هذا الصطلح وهذا ما يقوله‪ " :‬كل السلمي –مبدئيا‪ -‬أصوليون ف موقفهم من‬

‫نص القرآن‪ ،‬ويتلف الصوليون السلمون عن غيهم من السلمي‪ ،‬وبالطبع من‬

‫الصوليي النصارى ف التمسك الشديد بالتعاليم والساليب التقليدية بالسلم‪،‬‬

‫وتقيدهم الرف الفرط بالسلم‪ ،‬إنم يعتمدون ليس فقط على القرآن ولكن أيضا على‬

‫السنة النبوية‪ .‬وعلى التراث السلمي من الكتابات العقدية والشرعية‪ .‬إن هدفهم ليس‬

‫أقل من القضاء التام على كل التشريعات الستوردة التطورة‪ ،‬والنظام الجتماعي‬

‫‪30‬‬
‫وإحلل الشريعة كاملة مكانا ذلك‪ .‬وتتضمن الشريعة بقوانينها وعقوباتا وتشريعاتا‬

‫وصيغة الكومة الت تقرها(‪.)43‬‬

‫أما أسباب ناح أو انتشار الركات السلمية (الصولية) فيجع إل وجود‬

‫الكومات الفردية الت تنع وجود الحزاب السياسية وبالتال تستطيع الركات‬

‫السلمية أن تتجمع ف الساجد وف الناسبات الدينية‪ ،‬وهذا أمر ل تستطع الكومات‬

‫عمل شيء ليقافه(‪.)44‬‬

‫ونتوقف عند أخطاء لويس النهجية هنا فالركات السلمية الت تسعى إل‬

‫استعادة مكانة السلم ف الجتمعات السلمية ليست " أصولية"؛ ذلك أن "الصولية‬

‫الغربية تسع ىكما يقول جيل كيبل إل "مكافحة العلمانية وإحداث تغيات ف‬

‫الجتمعات الغربية الت طغت عليها الادية وانارت فيها القيم والخلق"‪ ،‬أما العال‬

‫السلمي فلم يصبح فيه علمانيا إلّ النخب التغربة وبصورة جزئية أيضا‪ ،‬بينما تولدت‬

‫حركات معاودة التنصي ف متمعات عاشت ف غالبيتها العظمى ومنذ أكثر من قرن‬

‫علمنة دنيوية عميقة‪ ،‬وقد تلت هذه العلمية ف الجالت القانونية والتنظيمية(‪.)45‬‬

‫ويذكر كيبل أن الصولية اليهودية أيضا قد وصلت إل قناعة بأن الثقافة الغربية تتصف‬

‫‪Bernard Lewis. The Political Language of Islam. ( Chicago: 1988) P.117-118 - 43‬‬
‫‪- 44‬الرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.116-115‬‬
‫‪- 45‬كيبل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.116‬‬

‫‪31‬‬
‫بواء وعبثية كاملي‪ ،‬وأن هدفها الوحيد هو إشباع رغبات الفرد داخل سياق من الادية‬

‫ل حدود لا(‪.)46‬‬

‫ويرى لويس أن الركات السلمية أو "الصولية" إنا هي حركات ضد الغرب‬

‫وضد الضارة الغربية وقد انتقد هذا التفكي الباحث المريكي جون اسبوزيتو حيث‬

‫كتب يصف مثل هذه الكتابات بأنا تقوم على " الطرح النتقائي والتحليلت التعلقة‬

‫بالسلم وتطورات الحداث ف العال السلمي ‪..‬بأنا تفشل ف توضيح القصة بكاملها‬

‫وف أن تعطي الصورة التكاملة للتوجهات السلمية… ونتيجة لذلك فإن السلم‬

‫وحركة التجديد يتم تبسيطهما بسهولة ف تلك القوالب البسيطة والفجة الت تصور‬

‫السلم بأنه ضد الغرب وبأنه صراع السلم ضد التقدم أو الغضبة السلمية والتطرف‬

‫والتشدد والرهاب(‪.)47‬‬

‫موقف الركات السلمية من الغرب والضارة الغربية‬

‫يزعم لويس أن "عداء الصولية يتركز ضد عدوين ها العلمانية والتحديث‪ ،‬وأن‬

‫الرب ضد العلمانية حرب صرية وواعية‪ ،‬أما الرب ضد التحديث ففي معظمها‬

‫ليست واعية ول صرية وموجهة ضد عملية التغيي بكاملها الت حدثت ف العال‬

‫‪ - 46‬الرجع نفسه ص ‪.215‬‬


‫‪- 47‬جون اسبوزيتو ‪ ".‬التهديد السلمي " ترجة وإعداد الؤسسة التحدة للنشر والبحوث ف واشنطن‪ ،‬اللقة الثانية‪ .‬ف ملة الجتمع‪( .‬الكويت) ع‬
‫‪ 26 ،1034‬رجب ‪19 ،1413‬يناير ‪.1993‬ص ‪ ،41-38‬ويشي اسبوزيتو بعبارة الغضب السلمي إل مقالة للويس نشرت ف ملة أتلنتك الشهرية‬
‫‪ The Atlantic Monthly‬بعنوان " جذور الغضب السلمي"‪. .The Roots of Muslim Rage‬‬

‫‪32‬‬
‫السلمي ف القرن الخي‪ ،‬وحولت البناء السياسي والقتصادي والجتماعي والثقاف‬

‫للبلد السلمية"‪ ،‬ويؤكد لويس أن الغرب هو مصدر هذا التغيي ولا كانت أمريكا‬

‫هي زعيمة الغرب فإن الكراهية والغضب يوجهان إليها‪ .‬ويرى لويس أن نوبة الغضب‬

‫والركة الت يواجهها الغرب تاوزت بكثي مستوى القضايا والسياسيات والكومات‬

‫الت تارسها ول بد أن هذا المر ل يقل عن صدام حضاري‪ .‬وينصح لويس الغرب أن‬

‫يقوم بدراسة السلم تاريا وتراثا وحاضرا وعلى السلمي أن يفعلوا الشيء نفسه‬

‫بالنسبة للحضارة الغربية ومن ث يتارون(‪.)48‬‬

‫ويزيد لويس توضيح هذا العداء أو الستعداء للغرب ضد الركات السلمية‬

‫حي يقول‪" :‬وحدث بعد ذلك تغي كبي عندما بث قادة الصحوة السلمية التنامية‬

‫عن عدوهم وحددوه بأنه أعداء ال وحددوا موقعهم واسهم ف العال الغرب‪ ،‬وفجأة أو‬

‫هكذا بدا المر أن أمريكا هي العدو الول أو الشيطان‪ ،‬أو تسيد لبليس والعارض‬

‫الشيطان لكل ما هو خي وباصة للمسلمي"(‪.)49‬‬

‫ويعيد لويس الصراع بي الركات السلمية والغرب إل جذوره التاريية ف‬

‫الصراع مع الضارة اليونانية والرومانية ومن وجهة نظره "أن القرون الطويلة الت مر با‬

‫‪48‬‬
‫‪- Bernard Lewis. “ Western Civilization: A View from the East.” The 19th Thomas Jefferson‬‬
‫‪Lecture in the Humanities. Sponsored by the National Endowment for the Humanities, May 2, 1990.‬‬
‫‪P.23.‬‬
‫‪- 49‬الرجع نفسه ص ‪.25-24‬‬

‫‪33‬‬
‫السلم جعلته يتحول إل نوذج جامد من السلوك والعتقاد‪ ،‬ولكن إذا كان العدن‬

‫أكثر صلبة‪ ،‬فكذلك الطرقة حيث أن التحدي اليوم أكثر تطرفا بالقارنة وأكثر عنفا‬

‫ونفاذا‪ ،‬ول يأت ذلك من عال مغلوب بل من عال غالب"(‪.)50‬‬

‫الناقشة ‪:‬‬

‫لقد وقع لويس ف عدة أخطاء منهجية ف حديثه عن أصل الصراع بي السلم‬

‫والغرب أولا الغالطات التاريية‪ ،‬فالواجهة الول بي السلم والنصرانية أو الغرب‬

‫التمثل ف الدولة الرومانية كانت نقطة انطلقة دعوة السلم‪ ،‬وكانت الواجهة قوية ف‬

‫الناحيتي الادية والعسكرية‪ .‬أما الواجهة على صعيد العقيدة والفكر والضارة فقد‬

‫استطاع السلم احتواء هذه الضارات بقوته الذاتية أولً‪ ،‬وبالنموذج النسان الرفيع ف‬

‫التطبيق‪ .‬أما الواجهة الالية فتختلف جذريا ذلك أن الغرب يفرض أو ياول أن يفرض‬

‫فكره وثقافته وحضارته وعقيدته ومسلماته بالقوة وبشت الوسائل الت أتاحتها له التقنية‬

‫الغربية‪ .‬وأما زعمه أن استخدام السلم لقرون عديدة حوّله إل نوذج جامد من‬

‫ل عليه كما ل يوضح معن المود ول يصف‬


‫السلوك والعتقاد فأمر ل يقدم لويس دلي ً‬

‫السلم بالمود إلّ جاهل به أو من يقصد تشويهه‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫‪- Bernard Lewis. The Arabs in History. P. 177.‬‬

‫‪34‬‬
‫ومن أخطائه النهجية أيضا نظرة الستعلء عند ما يصف لويس السلم بالعدن‬

‫الصلب ويصف الجمة الغربية بالطرقة‪ ،‬ويتأكد ذلك حي يصف السلمي بالعال‬

‫الغلوب وهو هنا يلط بي السلم وأوضاع السلمي؛ إذ ل يكن إنكار أن السلمي ف‬

‫وضع الغلوب ف العصر الاضر‪ ،‬ولكن هذا ل ينطبق على السلم الذي هو رسالة ال‬

‫الخية لعباده وهو قوة الغد العالية مهما كانت قوة الطرقة " الضارة الغربية" وهو ما‬

‫يؤمن به السلمون للنصوص الت وردت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ومنها (ل‬

‫تقوم الساعة حت ل يبقى بيت حضر أو مذر إلّ وفيه شيء من ل إله إلّ ال بعز عزيز‬

‫أو ذل ذليل)‪ ،‬وكذلك حديث نزول عيسى وكسر الصليب وارتفاع راية ل إله إلّ ال‬

‫من جديد‪ ..‬وغيها من البشرات‪.‬‬

‫وثة أخطاء منهجية أخرى ف حديث لويس عن عداء الركات السلمية‬

‫"الصولية" للتحديث والعلمانية‪ .‬وهذه من مزاعم لويس الت ل يقدم عليها الدليل بل إنه‬

‫ناقض نفسه حينما ذكر أن الثورة اليرانية مثلً أخذت ببعض الوسائل الغربية ف الكم‬

‫كالبلانات والتصويت‪ .‬فالعداء للعلمانية قضية مسلم با ذلك أن السلم ل يفصل بي‬

‫الدين والياة‪ ،‬وهو يعلم أن السلم منهج متكامل للحياة ف السياسة وف القتصاد وف‬

‫الجتماع وف كل مالت الياة‪ .‬أما العلمانية الت ترى أن ينحصر دور السلم ف‬

‫العبادات والطقوس فأمر ل شك أن الركات السلمية تعاديه بل يعادي ذلك كل‬

‫‪35‬‬
‫مسلم متمسك بدينه لنه يتلو قول الق سبحانه وتعال ‪ ‬قل إن صلت ونسكي ومياي‬

‫ومات ل رب العالي‪‬‬

‫وقد خلط لويس بي التحديث والتغريب فالسلمون ل يكونوا قط ضد الدنيّة‬

‫وإ ّل لا تعلم السلمون ف القرن الول صناعة السلحة من الفرس والروم ث تفوقوا‬

‫عليهما‪ .‬ولا أخذ السلمون بكثي من أساليب الدارة والكم بعد أن هذبوها وفقا‬

‫للشريعة السلمية‪ .‬وقد شهدت الضارة السلمية ف عصورها الزاهرة الصناعات‪.‬‬

‫والسلمون يستندون إل كتاب ال العزيز ف الخذ بأسباب الدنية وعمارة الرض‪.‬‬

‫ومن ذلك ما كتبه عبد الميد بن باديس ف تفسي قوله تعال ‪‬أتبنون بكل ريع آية‬

‫تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تلدون‪ ‬حيث فسرها بقوله‪ " :‬والذي أفهمه ول أعدل‬

‫عنه هو أن الصانع جع مصنع من الصنع كالعامل من العمل‪ ،‬وأنا مصانع حقيقية‬

‫للدوات الت تستلزمها الضارة ويقتضيها العمران‪ .‬وهل كثي على أمة توصف با‬

‫وصفت به ف الية أن تكون لا مصانع بعناها العرف عندنا؟ بل وإن الصانع لول لزم‬

‫من لوازم العمران وأول نتيجة من نتائجه"(‪.)51‬‬

‫‪ - 51‬عبد الميد بن باديس ‪.‬ابن باديس حياته وآثاره‪ .‬جع وإعداد عمار الطالب ( الزائر ‪1388:‬هـ‪1968 ،‬م)ج ‪ 4‬س ‪.68‬‬

‫‪36‬‬
‫ونقف عند زعمه معاداة الركات السلمية "الصولية" للغرب‪ ،‬وباصة‬

‫أمريكا الت تتزعم الغرب الن فقد قدم جون اسبوزيتو‪ -‬وهو حريص على مصلحة‬

‫الغرب‪ -‬شهادته أمام الكونرس موضحا أسباب هذا العداء وهي‪:‬‬

‫أولً‪:‬أن أمريكا أخضعت كل سياساتا ف النطقة لصال إسرائيل ف الصراع‬

‫العرب السرائيلي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التدخل المريكي ف صراعات ملية داخلية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬فشل الوليات التحدة ف التمييز بي الركات السلمية العتدلة‬

‫والتشددة ووصم الميع بالتطرف والعنف‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬أن المريكيي يفترضون أن الزج بي الدين والسياسة سيؤدي إل ظهور‬

‫حركات استبدادية (‪.)52‬‬

‫نوذج لنهج لويس ف دراسة الركات السلمية (الخوان السلمون)‬

‫يعرّف لويس حركة (الخوان السلمون) بأنا "جعية نصف علنية واسعة‬

‫النتشار تقوم على أساس الليا السرية والفتوة ذات الطابع العسكري‪ ،‬وشبكات‬

‫ضخمة واسعة من الؤسسات الثقافية الراديكالية"(‪ .)53‬وأنا كانت أقرب ويقول ف‬

‫بث آخر إن بداياتا كانت غامضة‪ ،‬ولكن يبدو أنا نشأت ف أواخر العشرينات وأوائل‬
‫‪52‬‬
‫‪- Islamic Fundamentalism in The Muslim World. Hearings of the 99th Congress in 1985.Testomony‬‬
‫‪of John Esposito.‬‬
‫‪- 53‬لويس ‪ ،‬الغرب والشرق الوسط ‪ ،‬ترجة نبيل صبحي‪(.‬بدون ناشر) ص ‪.173‬‬

‫‪37‬‬
‫الثلثينات وأنا كانت مهتمة ف البداية بالنشاطات الدينية والجتماعية حيث بعث‬

‫مؤسسها الدعاة إل الساجد والماكن العامة الخرى ف جيع أناء مص‪ ،‬وقد قام‬

‫الخوان بنشاط واسع ف اليادين التعليمية والجتماعية واليية والدينية ف الدن‬

‫والرياف ‪ ،‬ومارسوا بعض العمال القتصادية‪ .‬أما عن نشاطهم السياسي فيى لويس‬

‫أنه بدأ عام ‪1936‬م بعد توقيع العاهدة الصرية وتبن قضية الفلسطينيي العرب ضد‬

‫الصهاينة‪ ،‬وضد الكم البيطان واستطاعوا أن يدوا نشاطاتم إل الدول العربية‬

‫الخرى (‪ ،)54‬وقال ف موضع آخر إنا بدأت نشاطها السياسي بعد عام ‪1940‬م‪.‬‬

‫ويتناول لويس صلة الماعة باللك فاروق فيزعم أن الماعة حظيت بدعم‬

‫اللك الذي كان ل يب الوفد ولكن بعد عودة متطوعي الماعة من فلسطي بعد‬

‫حرب ‪1948‬م وما قيل عن تدبيهم لطة للطاحة باللك فاروق قام الخي بتوجيه‬

‫ل يبدو أن الماعة‬
‫ضربة إليهم بواسطة رئيس وزرائه النقراشي(‪ ،)55‬ويعلق لويس قائ ً‬

‫قد أصبح لديها قوة مسلحة قادرة على القيام بدور ما ف الحداث‪ .‬ولذا قام النقراشي‬

‫بل الماعة ومصادرة متلكاتا وإلقاء القبض على كثيين من أعضائها‪ .‬وقد اغتيل‬

‫النقراشي عام ‪1948‬م‪ ،‬وبعد ذلك بقليل اغتيل الشرف العام ف ظروف ل يتم الكشف‬

‫عنها حت الن‪)56(.‬‬
‫‪.Lewis , “ The return of Islam.” Op. Cit - 54‬‬
‫‪ - 55‬لويس ‪ ،‬الغرب والشرق الوسط‪ .‬ص ‪.174‬‬
‫‪.Lewis. “ The Return of Islam.” Op., Cit. P. 14 - 56‬‬

‫‪38‬‬
‫كما تدث لويس عن علقة الماعة بالثورة الصرية مشيا إل أن عددا من‬

‫الضباط الشاركي ف الثورة كانوا قد انتموا إل الخوان ومنهم جال عبد الناصر‪ .‬وقد‬

‫حلّت الثورة الماعية ف يناير ‪1954‬م‪ ،‬وجاءت العاهدة ليعود الخوان إل إبداء‬

‫تذمرهم من العاهدة‪ .‬وينسب لويس ماولة اغتيال جال عبد الناصر إل أحد الخوان ما‬

‫أدى إل زيادة التوتر بي الخوان والثورة وماكمة أعداد كبية منهم وتنفيذ العدام ف‬

‫ستة منهم ‪ ،‬وأصبح التنظيم غي شرعي ومع ذلك فقد استمر ف نشاطه(‪.)57‬‬

‫ويمل لويس صورة (الخوان السلمون) بقوله‪" :‬والصورة الت تعكس الخوان‬

‫السلمون هي صورة العنف والتعصب العمى‪ ،‬وليست كلها من صنع أيديهم‪ ،‬فلقد‬

‫ضخمها وبالغ فيها أعداؤهم"(‪.)58‬‬

‫الناقشة‪:‬‬

‫كان لبـد لبنارد لويـس أن يتحدث عـن الخوان السـلمون فهـم مـن أكـب‬

‫الركات ال سلمية ف الع صر الا ضر إن ل يكونوا أ كب حر كة إ سلمية ف الع صر‬

‫الاضر‪ ،‬وقد أصبح لا امتدادها ف جيع أناء العال السلمي كما أن النتاج الفكري‬

‫للمنتسبي لذه الركة يغطى مساحة واسعة من النتاج الفكري ف العال السلمي‪ .‬ول‬

‫‪ - 57‬برنارد لويس ‪ " .‬عودة السلم" ف ملة الدعوة (النمسا) ع ‪ ،87‬ذو الجة ‪1403‬هـ سبتمب ‪ ،1983‬ص ‪.35‬‬
‫‪Bernard Lewis. “ The Middle East and North Africa.” In Chamber’s Encyclopaedia World - 58‬‬
‫‪.Survey, 1955. P.p. 306-312‬‬

‫‪39‬‬
‫يكن لويس باحثا أصيلً مدققا ف ما كتبه عن هذه الركة بالرغم من أنه سبقه عدد‬

‫كبي من الباحثي الغربيي الذين كتبوا عن هذه الركة‪ .‬ول ترج بعض آراء لويس عن‬

‫آراء من سبقه من الستشرقي‪.‬‬

‫وأول أخطائه النهجية أنه ادعى أن بدايات الركة كانت غامضة وأنه يكن أن‬

‫تكون قد تأسست ف أواخر العشرينيات وأوائل الثلثينيات‪ ،‬مع أن التاريخ الدقيق لذه‬

‫الركة معروف تاما منذ البدايات‪ ،‬وقد صدر لذه الركة العديد من الصدارات من‬

‫كتب وملت ما يعل الباحث قادرا على تلية هذه المور الت يدعي لويس غموضها‪.‬‬

‫وهذا الطأ النهجي الذي يقع فيه لويس وغيه من الستشرقي إنا يقصد منه التقليل من‬

‫شأن الوضوع مدار البحث فهو حي يضفي الغموض على قضية من القضايا يعل ذلك‬

‫مبرا لو ضع فرضايا ته ال ت ل ت ستند إل أي دل يل‪ ،‬فل يس من العقول أن ي هل تار يخ‬

‫حركة الخوان وقد بدأت الدراسات الستشراقية حول هذه الركة ف وقت مبكر‪.‬‬

‫أما ربط قبول الشعب الصري لركة الخوان بكره الطبقات الكادحة الظلومة‬

‫لستغليها من السادة التغربي مثلما تكره الغربيي أنفسهم‪ ،‬فثمة عدة أخطاء منهجية ف‬

‫ذلك أولا‪ :‬التمسك بالتفسي الادي لحداث التاريخ أو الحداث العاصرة‪ ،‬وهي شبهة‬

‫قدية أطلقها لويس وغيه على أوائل الذين اتبعوا الدين السلمي‪ .‬وقد سبق لويس إل‬

‫هذه الفكرة اليهودي ناداف سـافران الذي يقول عـن الخوان" وعندمـا سـبب التدهور‬

‫‪40‬‬
‫القتصـادي بؤسـا وفقرا فـ الجتمـع الصـري‪ ،‬قدمـت الركـة للجماهيـ برنامهـا‬

‫الجتما عي الذي تقوم عمده على مفهوم وحدة ال مة ومسؤولياتا الماع ية عن أحوال‬

‫ال مة"(‪ .)59‬وم ن قال بذا الرأي جورج لينتشاو سكي ح يث ك تب يقول‪" :‬ول قد ات ه‬

‫حسن البنا ف بادئ المر إل الطبقات الظلومة والفقية‪ ،‬ث بعد ذلك انتشرت دعوته ف‬

‫الوساط الثقفة‪ .‬وهو منذ البداية ياول أن يكسب تعاون ذوي النفوذ"(‪.)60‬‬

‫كانت دعوة الخوان كما هو الال ف أي دعوة إل العودة إل السلم تتوجه‬

‫إل جيع طبقات الشعب ول يعيبها أبدا إن توجهت للطبقات "الكادحة" و "الطحونة"‬

‫أو الفقية لن هذه الطبقات ل يفسـدها التغريـب‪ ،‬ولذلك فهـي أقرب إل قبول القـ‬

‫والدعوة إل ال‪ .‬وقد كانت قيادة الحزاب التغربة تتظاهر بأنا تارب الستعمار فيما‬

‫هـي فـ القيقـة تقلده‪ ،‬وتتبـع خطواتـه‪ ،‬وقـد صـرح مانفرد هالبن ‪Manfred‬‬

‫‪ Halpern‬بأن الخوان قد وعدوا بتوج يه معركت هم أ ساسا ضد الكام والرأ ساليي‬

‫الجانب(‪ ،)61‬ومع ذلك فقد توجه حسن البنا إل جيع طبقات الجتمع وف ذلك يقول‬

‫الب نا إ نه عند ما بدأ دعو ته ف ال ساعيلية كان قد قرر درا سة الناس والوضاع درا سة‬

‫‪ - 59‬عبد ال الفهد ‪.‬الخوان السلمون ف الفكر الغرب‪( .‬عمّان ‪1399 :‬هـ‪1979/‬م) ص ‪ 28‬نق ً‬
‫ل عن‬
‫‪Nadaf Safran. Egypt in Search of Political Community: An Analysis of the Intellectual and Political‬‬
‫‪Evolution of Egypt: 1804-1952: (Oxford: 1961)p. 199.‬‬
‫‪60‬‬
‫‪: George Lenozowski. The Middle East in World Affairs.(Cornell:1962)3ed. Edition.‬الرجع نفسه نقلً عن ‪-‬‬
‫‪p. 489‬‬
‫‪61‬‬
‫‪- Manfred Halpern. The Politics of Social Change in The Middle East and North Africa.‬‬
‫‪(Princeton:1963) P. 48.‬‬

‫‪41‬‬
‫دقيقة ومعرفة عوامل التأثي ف هذا الجتمع الديد‪ ،‬وقد عرفت أن هذه العوامل أربعة ‪:‬‬

‫العلماء أولً‪ ،‬وشيوخ الطرق ثانيا ‪ ،‬والعيان ثالثاُ‪ ،‬والندية رابعا(‪.)62‬‬

‫ومن أخطاء لويس النهجية تاهل القائق فوصفه لماعة الخوان بأنا "نصف‬

‫علنية" غي صحيح فالمعية علنية ول يقدم لويس الدليل على الفتراضات الخرى الت‬

‫ذكرها من الديث عن الليا السرية والفتوة والطابع العسكري‪ .‬ولكن جهل لويس‬

‫للسـلم أو تاهله له جعله ينظـر إل هذه المور هذه النظرة القاصـرة‪ .‬فالتدريـب‬

‫ما أن‬ ‫العسكري إن وجد عند الخوان فإنه جزء من التربية السلمية فإن الرسول‬

‫ا ستقر ف الدي نة النورة ح ت بدأ ف إر سال ال سرايا من الهاجر ين‪ ،‬ث بدأت التدريبات‬

‫العسكرية قريبا من جبل سليع بالدينة النورة ف النطقة الت كانت تعرب بباب الشامي‪.‬‬

‫وقد حدد لويس بداية دخول جاعة الخوان ف العترك السياسي بعام ‪1936‬م‪،‬‬

‫أو بعد عام ‪1940‬م‪ ،‬فهذا التحديد التاريي خطأ من أكثر من جهة وهو أن السلم‬

‫ل يفصـل بيـ السـياسة والياة‪ .‬أل يدرك لويـس وغيه كيـف أن القرآن الكريـ تناول‬

‫قضايا الكم والسياسة ف حديثه عن داود وسليمان عليهما السلم؟ أل يدرك أن القرآن‬

‫تدث عن طالوت الذي جعله ال ملكا على اليهود وكيف أنم اعترضوا على ذلك بأنه‬

‫ل يؤت سعة ف الال؟ ‪‬ول يؤت سعة من الال‪ .)63(‬أل يعلم لو يس كم مرة ذُ كر في ها‬
‫‪- 62‬حسن البنا‪ .‬مذكرات الدعوة والداعية‪( .‬بيوت‪)1974-1394:‬ط ‪ ،3‬ص ‪.66‬‬
‫‪- 63‬سورة البقرة آية ‪.247‬‬

‫‪42‬‬
‫فرعون ف القرآن الكر ي وأن كثيا من ال سياقات ال ت وردت سياسية ب تة؟ أل يعرف‬

‫قصة يوسف عليه السلم وتوليه السؤوليات الالية ف مصر؟‬

‫وثانيا أن حر كة الخوان انطل قت من ال ساعيلية وكان هدف ها الول التأك يد‬

‫على هو ية الفرد ال سلم وإشعاره بكيا نه وذاتي ته‪ .‬و قد روى الش يخ ح سن الب نا نف سه‬

‫العديـد مـن القصـص حول تول العمال مـن تابعيـ أذلء إل موظفيـ يرصـون على‬

‫كرامتهم(‪ .)64‬وقد بلغ ذلك عن طريق التعليم والطب والحاضرات والواعظ وإنشاء‬

‫الدارس وال ساجد‪ .‬و قد ا ستطاع الب نا أن ي صل بدعو ته ف فترة التأ سيس إل خارج‬

‫الساعيلية بإنشاء ُشعَ بٍ ف عدة مناطق‪ .‬كما واجهت الدعوة موجة من العداء شارك‬

‫فيها بعض النصارى‪ .‬وقد قوّم زكريا سليمان بيومي هذه الفترة الول وبي أن السياسة‬

‫ل تنف صل مطلقا عن فكرة الدعوة بقوله‪ " :‬ف قد أث بت الش عب ال صري بتأييده ال سريع‬

‫للخوان اسـتمرار تسـكه ل بالديـن السـلمي مـن حيـث هـو عقيدة وتراث وحضارة‬

‫وتقاليد فحسب‪ ،‬وإنا لكونه فكرة سياسية كذلك"(‪.)65‬‬

‫وكان انتقال الب نا بدعو ته إل القاهرة حدثا سياسيا ف حد ذا ته‪ ،‬ك ما عقدت‬

‫الماعة مؤترين ف عام واحد‪ ،‬تناول الول منهما موضوع التنصي‪ ،‬وكان من توصياته‬

‫إرسال خطاب إل اللك فؤاد يطلب منه اتاذ موقف ضد هذه الماعات ويرى سليمان‬

‫‪ - 64‬الرجع نفسه ص ‪ 85‬وما بعدها‪.‬‬


‫‪- 65‬زكريا سليمان بيومي ‪.‬الخوان السلمون والماعات السلمية ف الياة السياسية ‪ (.1948-1928‬القاهرة‪1399 :‬هـ‪1979/‬م) ص ‪.84‬‬

‫‪43‬‬
‫بيو مي ف هذا ال مر احتكاك الب نا بالقوى ال سياسية ف الق صر باعتبار ها م سؤولة عن‬

‫الشؤون الدينية(‪ ،)66‬وقد فات بيومي أن الماعات التنصيية كان لا ارتباطاتا الارجية‬

‫وأن ا كانت تقوم بدور سياسي‪ .‬أما الؤتر الثان فقد ات ذ قرارا بإنشاء شركة طباعة‪،‬‬

‫وبث قضايا النشر والدعاية التعليمية(‪.)67‬‬

‫وبعـد سـبعي سـنة على بدايـة جاعـة الخوان السـلمون تتكرر التامات لذه‬

‫الماعات بال سعي للطا حة بالنظ مة الاك مة ل تبير ضرب هذه الركات‪ .‬ف قد كان‬

‫مو قف الخوان من الكو مة ال صرية ف الع هد الل كي هو ال سعي إل ت طبيق ال سلم‬

‫وتأي يد الدعوة إل يه و ف ذلك يقول الب نا ‪":‬فموقف نا إذا من وزارة علي با شا ما هر هو‬

‫موقف نا من أ ية وزارة‪ ،‬مو قف قد ي ل يتغ ي من الوزارات ول بتبدل الوزراء‪ ،‬ف من أ يد‬

‫الفكرة السلمية وعمل لا واستقام ف نفسه وف بيته وتسك بتعاليم القرآن ف حياته‬

‫الا صة والعا مة كنّا له مؤيد ين ومشجع ي…‪.‬ولن ندد موقف نا ولن ن صدر حكما إلّ‬

‫على أعمال ل أقوال"(‪.)68‬‬

‫ويورد لويس بعض القيقة حي يعترف بأن صورة العنف والتعصب العمى الت‬

‫يوصف با الخوان ليست كلها من صنع أيديهم حيث ضخمها وبالغ فيها أعداؤهم‪.‬‬

‫فهذا يتضمن أن الخوان يتحملون جزءا من السؤولية ‪ ،‬ول يبد لويس رأيه فما إذا كان‬
‫‪- 66‬الرجع نفسه ص ‪.87‬‬
‫‪ 67‬ريتشارد ميتشل‪ .‬الخوان السلمون‪ .‬ترجة ممود أبو السعود وتعليق صال أبو رقيق‪ .‬ط ‪ (2‬القاهرة‪1979 :‬م) ص‪.84.‬‬
‫‪- 68‬البنا‪ ،‬مذكرات الدعوة والداعية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 258-251‬عن ملة النذير عدد ‪ 27‬ف ‪6‬رجب ‪1358‬هـ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫الخوان فعلً يتصفون بالعنف والتعصب وكن حديثه عنهم ف أماكن متعددة من أنا‬

‫حركة نصف علنية تعمل من خلل الليا السرية وغي ذلك يؤكد أن لويس ل ينفي‬

‫التعصب والعنف عن الماعة‪ .‬ولكن هذه الفتراضات ل صحة لا لو درس لويس حياة‬

‫الخوان وفكرهـم ومبادئهـم‪ .‬وكان على لويـس الؤرخ الذي يدعـي الوضوعيـة أن ل‬

‫يكت في بذه العبارة الوجزة عن ع نف الخوان الزعوم فيو ضح أن الع نف كان سة من‬

‫سة الكومات ف تعاملها مع الخوان‪ .‬ومن السهل على لويس وغيه من الستشرقي‬

‫أن يصف الركات السلمية بالعنف والستبداد فهذا أمر طبيعي ف رؤية الستشراق‬

‫للحركات السلمية عامة‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الاتة‬

‫الهتمام بالفكر السياسي السلمي من أبرز الوضوعات الت تناولا الستشرقون‬

‫بالبحـث ذلك أن مـن أبرز مـا ييـز أمـة عـن أخرى هـو فكرهـا السـياسي وأوضاعهـا‬

‫السياسية‪ .‬ويرى الدكتور عبد ال النفيسي أن السياسة تؤثر ف شؤون الياة جيعها من‬

‫تعليم واقتصاد وثقافة وتعليم وبرامج ثقافية وغي ذلك‪ .‬وقد تدث ابن باديس ذات مرة‬

‫فـ تونـس مشيا إل أن العلم ل ينهـض بقـ إل ّ إذا نضـت السـياسة ‪ .‬ول تنفصـل‬

‫السياسة ف السلم عن التصور العقدي لكانة النسان ف هذا الكون وعلقته بعناصر‬

‫الكون الختلفة ‪.‬‬

‫وقد اهتم لويس بانب الفكر السياسي انطلقا من تصصه ف التاريخ السلمي‬

‫ولكنه وقع ف العديد من الخطاء النهجية من أبرزها ما يأت ‪:‬‬

‫أولً ‪ :‬إسقاط النظرة الغربية على الفكر السياسي السلمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إسقاط الصطلحات العاصرة على قضايا فكرية‬

‫ثالثا‪ :‬تشويه القائق أو تاهلها أو الهل با‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬اعتماد بعـض الصـادر التـ ل يصـح السـتناد إليهـا فـ بثـ مثـل هذه‬

‫القضايا‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫خامسا ‪ :‬النطلق من وجهات نظر مسبقة والبحث عن أدلة لا دون التحقق‬

‫من صحة هذه الدلة أو الباهي‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬تكرار أفكار وآراء غيه من ال ستشرقي دون الشارة إلي ها ك ما ف عل‬

‫مثلً مع افتراضاته حول حركة (الخوان السلمون)‬

‫سابعا‪ :‬عدم العتماد على ال صادر ال سلمية ال صيلة بالن سبة للف كر ال سياسي‬

‫السلمي ‪ ،‬كما أغفل لويس مصادر الركات السلمية العاصرة مثلما فعل ف دراسته‬

‫حول الخوان السلمي أو الركات السلمية الخرى( الصولية )‬

‫و قد نا قش الب حث من هج لو يس ف درا سة الف كر ال سياسي ال سلمي وأو ضح‬

‫الخطاء النهجية ال ت و قع فيها‪ .‬وأث بت البا حث أن للم سلمي ف كر سياسي ينطلق من‬

‫العقيدة السلمية ومن السوابق التاريية منذ بداية دعوة الرسول صلى ال عليه وسلم ف‬

‫مكة ث إنشائه الدولة ف الدينة النورة إل قيام اللفة الراشدة‪.‬‬

‫ول بد من الشارة إل أن البحث ل يتضمن بعض القضايا الت ناقشها لويس ف‬

‫الفكر السياسي السلمي مثل قيام اللفة السلمية الراشدة وذلك لن لويس ل يكن‬

‫أصـيلً فـ هذا البحـث حيـث كرر شبهات وأخطاء غيه مـن السـتشرقي مـن أمثال‬

‫كايتيان وتوماس آرنولد ولمانس وغيهم‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫إن نا با جة إل معر فة الف كر ال سياسي ال سلمي من م صادره ف الو قت الذي‬

‫تسعى الدول الغربية وباصة الوليات التحدة المريكية تصدير نوذجها وديوقراطيتها‬

‫القائ مة على النتخابات ال ت تدد ها ال صال الاد ية للقائم ي على الملت النتخاب ية‬

‫والشركات الت تول هذه الملت‪.‬‬

‫بينما يقوم الفكر السياسي السلمي على تولية الصلح وفقا للمعايي السلمية ‪.‬‬

‫‪48‬‬

You might also like