Professional Documents
Culture Documents
ف
إعداد
1
بسم ال الرحن الرحيم
المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه أجعي وبعد
أتقدم بزيل الشكر للمجمع الثقاف بأبو ظب وعلى رأسه الستاذ خلفان مصبح
على كري دعوتم ل لتقدي هذه الحاضرة .وأشكر الدكتور وليد العكو على جهوده ف
التصال ب وتسهيل أموري الاصة بالسفر .إنن سعيد أن أكون بي إخوان الكرام هنا
ف المارات العربية التحدة الت طالا تطلعت لزيارتا لا أعرفه فيها من نشاطات علمية
العرب .وإن أبو ظب شقيقة الشارقة ل تقل عنها أبدا ف نشاطاتا الثقافية.
أما موضوع الحاضرة فيتعلق بأحد أعلم الستشرقي ف العصر الاضر ومنهجه
ف دراسة الفكر السياسي السلمي .وأود ف البداية أن أعرّف بقسم الستشراق بكلية
الدعوة بالدينة النورة .فقد أنشأت عمادة البحث العلمي بامعة المام ممد بن سعود
الساتذة الفاضل الدكتور ممد فتحي عثمان والدكتور جعفر شيخ إدريس والدكتور
قاسم السامرائي والدكتور السيد ممد الشاهد والدكتور إبراهيم عكاشة ،وقد ت نشر
عدة أعمال من إنتاج أساتذة هذه الوحدة منها :كتاب الدكتور إبراهيم عكاشة حول
2
التنصي ف البلد العربية ،وترجة كتاب الدكتور عبد اللطيف الطيباوي حول
الستشرقي الناطقي باللغة النليزية .وكانت هذه الوحدة مقدمة التفكي ف إنشاء قسم
أكاديي ف كلية الدعوة يهتم بدراسة أعمال الستشرقي ومراكز الستشراق ودراسة
التنصي .وهذا القسم يقبل الطلب ف مرحلة الدراسات العليا فقط بعد أن يتمكنوا من
الدراسات السلمية ف الرحلة الامعية ،وأحيانا يعطي الطلب سنة تأهيلية تأصيلً لم
ف هذه العلوم.
وقد حصل على الدكتوراه ثلثة من منسوب الكلية كانت الرسالة الول حول
والثانية حول الوانب العقدية ف دائرة العارف السلمية الت أنتجها الستشرقون،
والثالثة حول مناهج النصرّين البوتستانت ف النصف الثان من القرن العشرين .وقد
أنزت عشرات البحوث التكميلية ف شت فروع العرفة ف العلوم السلمية الت خاض
فيها الستشرقون .وقد أصدر القسم الكتاب الدوري الول ولدى القسم وحدة
هذا القسم له نشاط علمي بارز ف الصحافة الحلية ،كما ت تثيل هذا القسم
ف الؤتر العالي الامس والثلثي للدراسات السيوية والشمال أفريقية الذي عقد ف
بودابست بالجر ،وكذلك ف الؤتر الدول للدراسات الستشراقية الذي عقد ف تطوان
3
بالغرب ،وف الؤتر العالي الول حول السلم والقرن الواحد والعشرين الذي عقد ف
ليدن بولندا .وأسح لنفسي بالرغم من أنن أحد أعضاء هذا القسم لقول بأن جامعة
المام كان لا الريادة ف العال السلمي بإنشاء هذا القسم الام ،وقد فكر الزهر
مؤخرا ف إنشاء مركز للدراسات الستشراقية ،وأرجو أن يفيد من تربة جامعة المام
ول بد قبل الديث عن منهج لويس أن نعرّف بذا الستشرق فهو برنارد
لويس ،مستشرق بريطان ولد ف لندن ف 16مايو 1916م ،وقد بلغ الثماني منذ
سنتي واحتفل به مركز موشيه ديان لدراسات الشرق الوسط وشال أفريقيا بندوة
دامت يومي.
بامعة لندن ،ث التحق بامعة باريس معهد الدراسات السامية وحصل منها على دبلوم
الدراسات السامية ،ث عاد إل جامعة لندن لينال درجة الدكتوراه عن رسالته ف أصول
التحق باليش البيطان ف أثناء الرب العالية الثانية وأعيت خدماته إل وزارة
الارجية ،ث عاد إل الامعة ليدرّس حت وصل إل منصب رئيس قسم التاريخ بدرسة
الدراسات الشرقية والفريقية بامعة لندن من 1957م حت عام 1974م ،حيث انتقل
4
بعدها إل الوليات التحدة المريكية ليحصل على النسية المريكية عام 1982م،
والؤترات حول الدراسات العربية والسلمية ،كما قدم الشورة للكونرس المريكي
عام 1974م ،وكان ذلك قبل حصوله على النسية المريكية ،وقد قامت وزارة
-1العرب ف التاريخ
-2السلم ف التاريخ
-4أصول الساعيلية
-7الساميون واللساميون
الدوريات التخصصة ومنها على سبيل الثال ف مال هذا البحث :
5
" -2الديوقراطية ف الشرق الوسط" ،نشرت ف ملة شؤون الشرق الوسط.
" -5الدولة والفرد ف الجتمع السلمي" ،بث ألقي ف ندوة ف فرنسا ونشر مترجا
"-6الضارة الغربية :نظرة من الشرق" ،ماضرة توماس جيفرسون التاسعة عشرة .
أوصى لويس بأن تعطى مكتبته -وهي مكتبة كبية -لركز موشيه ديان بعد
إن لويس متخصص ف التاريخ السلمي وباصة الدولة العباسية ،ولكنه اهتم
بالسلم عموما ،وإن كان قد تول إل دراسة القضايا العاصرة ف العال السلمي
عندما ظهر ف الغرب اهتما ُم بالقضايا العاصرة .ومن أبرز ما يهم الغرب ف العال
- 1حصلت على هذه العلومات من مارتن كرير تلميذ لويس ف مرحلة الدكتوراه ،ومارتن كرير هو مدير معهد دراسات الشرق الوسط وشال أفريقيا
بامعة تل أبيب حي لقيته ف ليدن بولندا.
6
السلمي الفكر السياسي .ول يكن أن يتم فهم الفكر السياسي العاصر وباصة
للجماعات السلمية الت يطلق عليها الغرب خطًأ "الصولية السلمية" إ ّل بدراسة
الفكر السياسي كما جاء ف الكتاب والسنة وكما جاء ف اجتهادات علماء السلم
وفقهاؤه.
للقائه فأب إعطائي موعدا حت يقرأ جزءا من رسالت (أي فصل منها) ،ولّا أخبته أنن
ما زلت ف طور جع الادة العلمية أصر على أن وقته ثي ول يستطيع إعطائي الوعد
حت يتأكد أنن باحث موضوعي ولست من الذين يكتبون الكتابة التعصبة .وأرسلت له
خطة البحث باللغة النليزية ولكنها ل تكن كافية ف نظره .ولا علمت أنه لن يقتنع
سافرت إل برنستون وهناك أقنعت زملءه بضرورة مقابلت ،وتت القابلة بالفعل ،وقد
ولا كانت السياسة والفكر السياسي من أبرز الوضوعات الت تناولا لويس ف
لقد اهتم السلم بالسياسة منذ بداية تكون الماعة السلمية الول ف دار
الرقم بن أب الرقم حيث كانت تعمل تت قيادة الرسول صلى ال عليه وسلم ،وهو
7
الذي أذن لجموعة من السلمي الذين عانوا الضطهاد بالجرة إل البشة ف السنة
الامسة وبعدها .ول يكن أن تقوم جاعة بثل هذا العمل لو ل يكن لديها تنظيم معي.
ث اتضحت بعض أبعاد الماعة السلمية ف بيعة العقبة الول ث الثانية .وكانت الثانية
قد أوضحت بعض الفكار السياسية الهمة وما ورد ف بيعة العقبة الثانية " :بايعنا
رسول ال صلى ال عليه وسلم على السمع والطاعة ف النشط والكره ،والعسر واليسر،
وأن ل ننازع المر أهله وعلى أثرة منّا ،وأن نقول الق ل نشى ف ال لومة لئم".
وبعد أن هاجر الرسول صلى ال عليه وسلم أخذت الماعة السلمية وضع
الفكر السياسي السلمي موضع التطبيق؛ وذلك ف الصحيفة الت كتبها الرسول صلى
ال عليه وسلم بي السلمي والكفار من أهل الدينة ث بي السلمي واليهود ف الدينة.
وف هذه الثناء كانت آيات القرآن الكري تتوال ف النول توضح معال النهج
ويكفي تدليلً على أهية السياسة والفكر السياسي ف السلم أن قصة موسى
عليه السلم مع فرعون وردت أكثر من سبعي مرة ف القرآن الكري وكانت ف غالبها
ف سياقات سياسية .فمن قال إن السلم ل يهتم بالسياسة فما عليه إلّ أن يطلع على
بالعدل وترعى شؤونم وتساوي بينهم ول تأكل أموالم .أل يذكر القرآن الكري عن
8
فرعون قوله ونادى فرعون ف قومه أليس ل ملك مصر وهذه النار تري من تت،)2(
وذكر طغيان فرعون ف قوله تعال :ما أريكم إلّ ما أرى وما أهديكم إلّ سبيل الرشاد
(.)3
متخصص ف الفقه أو الفكر السياسي أو القانون ،ولكنه كتب بطريقة الؤرخ لذي يرى
بعض أحداث التاريخ السلمي فيبحث ف كتب الحكام السلطانية والفقه ما ينطبق
عليها ،أو يد فكرة ف أحد كتب الفقه فيوح يبحث لا عن شواهد واستدللت ف
أحداث التاريخ ،وأحيانا يكون لديه فكرة جاهزة عن النهج السلمي ف الكم
فيبحث ف كتب التاريخ والفقه ول يتوان عن الرجوع إل كتب الدب ليبر وجهة
نظره.
9
الحور الول :الشروعية ف الفكر السياسي السلمي.
تناول لويس مسألة الشروعية ف الفكر السياسي السلمي من خلل حديثه عن
الرسول صلى ال عليه وسلم وقيامه برئاسة المة وحدود السلطات الت كانت له ف
هذا العمل .وفيما يأت أبرز العبارات الت وردت ف وصفه للرسول صلى ال عليه وسلم
وسلطاته .فقد قارن لويس بي الرسول صلى ال عليه وسلم بأنه "ل يت على الصليب،
وكان إل جانب النبوة جنديا ورجل دولة بل رئيس دولة ومؤسس إمباطورية"(،)4
وقد وصف لويس الرسول صلى ال عليه وسلم ف موضع آخر بأنه " شيخ المة لولئك
الذين آمنوا به بق ،ليست سلطته مشروطة أو مقبولة بدون اعتراضات من قبل القبيلة
الت يكن أن تسحبها ف أي وقت ،ولكنه حق دين مطلق .إن مصدر السلطة انتقل من
النسوب لعيسى عليه السلم (أعط ما لقيصر لقيصر وما ل ل) ،فهذا يؤكد ف نظره
على وجود سلطتي إحداها دينية والخرى دنيوية ها الكنيسة والدولة بينما امتزجت
هاتان السلطتان ف السلم يدل على ذلك أن الرسول -صلى ال عليه وسلم -قد
10
ويواصل لويس ماولته تفسي معن الكومة السلمية حيث يتحدث عن
تقليدين سياسيي ف السلم يطلق على أحدها التقليد "الساكن" والخر " النشط"،
وأن كلً من التقليدين مستمدان من الكتاب والسنة .فالتقليد الساكن يتمثل ف كون
الرسول صلى ال عليه وسلم حاكما ورجلً سياسيا ،ولكنه قبل أن يكون كذلك كان
" متمردا" و"معارضا" للنظام الاكم ف مكة ،وقاد معارضته ضد الطبقة الاكمة الوثنية
ف مكة ،وف وقت من الوقات خرج إل النفى وكوّن ما يكن أن يطلق عليه ف
بالتمرد مثالً الصطلح العاصر "حكومة النفى" ،وكان هذا العمل من قيام النب
احتذته كل الركات الثورية ف التاريخ السلمي ،وكان من ذلك على سبيل الثال
قيام الدولة العباسية ،وقيام الدولة الفاطمية ث ثورة المين ف العصر الاضر(.)7
وذلك لعدم وجود كنيسة أو بابا أو مالس كنسية ف السلم ،أما الذين يرون أن
حكومة السلم دينية فيبرون ذلك بوجود نوع من عمل القسس بالعن الجتماعي
حيث يوجد " طبقة من العلماء الحترفي الذين اكتسبوا مكانتهم من العلم وليس من
التكريس الكنسي ،والذين عملوا كرجال دين من عدة نواح .ويثل هؤلء ال عز وجل
وشريعته من النواحي العملية وبالتال يارسون السلطة بالعن القيقي وإن ل تكن
7
- Lewis “ Islamic Revolution, Op., Cit.
11
السلطة السياسية الكاملة"( .)8ويضيف لويس قائلً" :السلم من ناحية البدأ ،وإن ل
يكن ف التطبيق ،ثيوقراطي بعن آخر وأكثر عمقا ،والثيوقراطية تعن حرفيا حكم ال،
وبذا العن كانت حكومة السلم دينية من الناحية النظرية ،ففي روما " كان قيصر هو
ال" ،وف النصرانية "تعايش القيصر مع ال " ،وف السلم "ال هو القيصر حيث إنه
وحده الرئيس العلى للدولة ومصدر السيادة ،وهكذا صاحب التشريع ،فالدولة هي
دولة ال ،والقانون هو قانون ال ،واليش جيش ال ،وبالطبع فالعداء هم أعداء
ال"(.)9
الناقشة
عند السلمي ل تقارن بعيسى عليه السلم فإن النبياء إن مكانة الرسول
جيعا إنا أرسلهم ال عز وجل لتطبيق شرع ال ف الرض وما أرسلنا من رسول إلّ
ليطاع بإذن ال ،)10(ولكن تتلف ظروف رسالتهم فعيسى عليه السلم عمل تت
حكم رومان قاهر فلم يستطع أن يقف ف وجه تلك الدولة ،وإنا كان هه أن يعيد
اليهود إل شريعتهم مع تعديلت ف هذا التشريع وفقا لا أمره ال سبحانه وتعال .أما
- -8الرجع نفسه.
- 9الرجع نفسه.
- 10سورة النساء آية .64
12
فقد تكن من إنشاء دولة ووضع لا السس والقواعد لن رسالته هي الرسالة رسولنا
الاتة.
إمباطورية فتلك مقارنة فاسدة فالمباطور أما زعم لويس بتأسيس الرسول
هو الذي يكم دولة استعمارية توسعية لصال شعب أو عرق كما هو الال ف
بأنه وثة خطأ منهجي آخر وهو سوء الفهم أو الهل وهو وصف الرسول
"شيخ المة" ،فلو كانت السألة كذلك لا واجه تلك العقبات والعراقيل .وقد عرض
كفار قريش عليه أن يكون ملكا عليهم وأن يتخلى عن الرسالة فأب ذلك أشد
الباء( .)11وإن السبب ف ماولة قريش أن تعرض على الرسول ما عرضت أنا فهمت
أن دعوة التوحيد تقضي "نزع السلطان الذي كان يزاوله الكهان ومشيخة القبائل
والمراء والكام ورده كله إل ال السلطان على الضمائر والسلطان على الشعائر،
والبدان"(.)12
- 11ابن هشام الميي .سية ابن هشام ،تقيق مصطفى السقا وآخرون( القاهرة )1955القسم الول ص .295
- 12سيد قطب .ف ظلل القرآن( .بيوت )1973ص .1005
13
أما بصوص رأي لويس بانتقال السلطة من الرأي العام إل ال ث إل الرسول
فأمر يالف حقيقة الواقع فلويس مؤرخ متمرس ف التاريخ السلمي ،ول شك أنه
عرف عن بيعة العقبة الول والثانية وبيعة الرضوان .وأن البيعة تراض بي طرفي .وقد
أورد القرآن الكري بيعة النساء ف قوله تعال :يا أيها النب إذا جاءك الؤمنات يبايعنك
الية( ،)13لشك أن سلطة الرسول صلى ال عليه وسلم كانت حقا دينيا فهو التلقي
للوحي عن ربه ،ول بد للمة أن تطيع رسولا ومع ذلك فقد كانت تلك السلطة
والطاعة مع دروس ف توزيع السلطة ،وف الشورى وف تشجيع الواهب الفردية .لقد
أعظم نبة تولت قيادة البشرية بعد أن استطاعت إسقاط إمباطوريت ربّى الرسول
الفرس والروم .إن مشيخة القبيلة أو المة ل يكن أن تكون نتائجها مثل النتائج الت
ولنلتفت الن إل مسألة كون الكومة السلمية دينية أو ل؛ فإن لويس وقع
ف أخطاء منهجية عديدة ،منها أولً إسقاط النظرة الغربية عند تناول الفكر السياسي
السلمي ،ففكرة الكومة الدينية فكرة غربية إذ ل يعرف السلم صراعا بي سلطة
دينية وأخرى دنيوية ،فقد فهم السلمون أن السلم ينظم شؤون حياتم جيعها من أدق
14
تفاصيلها حت مسألة الكم واللفة :قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب
العالي .)14(ول يكن هذا الصراع ليقع ف النصرانية لول أن السيح عليه السلم واجه
الدولة الرومانية القوية وطائفة من اليهود الاقدين وإلّ فإن السيح جاء بشريعة تمع بي
الدنيا والدين ،فهو ل يلغ الشرائع الت كانت موجودة بل جاء بشريعة ليتمها.ويكملها.
وأما العبارة النسوبة للمسيح عليه السلم (أعطوا ما لقيصر لقيصر وما ل ل) الت يلو
للويس أن يكررها للستدلل على الفصل بي السلطتي ،فهو خطأ منهجي آخر لنه
يارس بتر النصوص من سياقها ،فإن القصة الت وردت فيها هذه العبارة تؤكد على
ضرورة طاعة السلطة مهما كانت ظالة وقد جاء ف رسالة بطرس ( لتخضع كل نفس
للسلطي الفائقة لنه ليس سلطان إلّ من ال والسلطي الكائني :مرتبة من ال حت إن
من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب ال)( ،)15واستمر الصراع بي السلطتي حت قويت
الكنيسة واكتسبت سلطة ضخمة وثراء ،ووصل با المر إل أن أصبحت دولة داخل
ومن أخطاء لويس النهجية مقارنته بي ال والقيصر وهي مقارنة فاسدة ،فقد
تصح مثل هذه القارنات ف عقلية مشبعة بالنعة الادية ،وكما يقول سليمان ناينق
وسيعبده أنه " :ما كان لباحث يهودي مثل لويس يفترض فيه أنه مؤمن بال أن يعل
15
قيصر ف درجة مع ال عز وجل .وما تعايش السلطتي عند النصارى إلّ لن رجال
الدين النصارى اضطروا للخنوع وإ ّل فإنم عندما قويت شوكتهم استبدوا بقيصر
وحكموا عليه بالنوع كما فعل جريوري السابع باللك هنري الرابع .وكانوا يمعون
وبالنسبة لكانة العلماء فقد نظر لويس إل السألة من زاوية واحدة وبوجهة نظر
معينة وأخذ يشد لا الدلة من هنا وهناك؛ فهذا الدين قام على العلماء ،ول يكن ثة
فرق بي العلماء والكام ،فاللفاء الراشدون كانوا أعلم الناس بالسلم ،وجاء بعدهم
خلفاء بن أمية وكان كثي منهم على درجة عالية من الفقه والدين مثل معاوية بن أب
سفيان رضي ال عنه ،وعبد اللك ابن مروان ،وعمر بن عبد العزيز ،وظل اللفاء ف
الغالب على درجة طيبة من العلم بالسلم ،ولذلك كان هؤلء يعرفون للعلماء قيمتهم
ومكانتهم السامية حي كانوا ينصحون الكام .وبلغ من مكانة العلماء ما ورد عن أب
جعفر النصور حينما لقي سفيان الثوري فقال له " يا سفيان ل ل تأتنا فنستشيك فما
أمرتنا بشيء صرنا إليه وما نيتنا عن شيء تركناه" ،وهنا سأله الثوري كم بلغت نفقتك
ف الج – مستعظما تلك النفقة_ ث ذكّره بأن نفقة عمر بن الطاب رضي ال عنه ف
- 16حورية توفيق ماهد .الفكر السياسي من أفلطون إل ممد عبده ( .القاهرة )1986:ص .132
16
ولّا ول السلمي حكام قلت درجة معرفتهم بذا الدين كان ل بد من وجود
العلماء إل جوارهم لتقدي النصح والتوجيه والشورة .ول يؤلف العلماء ف التاريخ
السلمي طبقة ترتزق بالعلم إنا عملوا ف شت مالت الياة حت يلصوا للعلم ولطلبه،
وكانوا علماء وجنودا ماهدين وقادة .وكان منهم من وقف ف وجه الكام الظلمة
حت ابتلي عدد منهم بالسجن والتعذيب .ونج عدد منهم ف إيقاف الكام عند
حدهم(.)17
السيادة ،وكذلك مصدر التشريع فالدولة دولة ال ،واليش جيش ال وبالطبع فالعداء
هم أعداء ال ،فإن لويس هنا ل يأت بديد بل كرر افتراضات مستشرقي سبقوه ومن
هؤلء سانتيلنا الذي قال ف بث له ف الفكر السياسي" :إن السلم هو حكومة ال
الباشرة يكمها ال الذي يرعى شعبه دائما ،فالدولة ف السلم يثلها ال ،حت
الوظفون العموميون هم موظفون عند ال"( ،)18فالطأ النهجي الول هنا أن لويس
نقل عن غيه دون ذكر الصدر ،أما الطأ الثان فإنه ل يقدم الدليل على افتراضاته.
والواقع كان عكس ذلك تاما فلم يدّع حاكم مسلم أنه خليفة ال أو يكم باسم ال،
- 17عبد العزيز البدري .السلم بي العلماء والكام ( .بدون ناشر) ص 80وما بعدها
- 18ضياء الدين الريس .النظريات السياسية السلمية( .القاهرة) 1979 :ص 366نق ً
ل عن De Santillana: The Legacy of Islam. P
.256
17
فهذا أبو بكر الصديق رضي ال عنه يقول ف أول خطبة له بعد توليه السلطة " :لقد
وليت عليكم ولست بيكم ،إن أحسنت فأعينون وإن أسأت فقومون" )19("..
فالليفة منفذ للشريعة ،خاضع لحكامها ،وهو معي من قبل المة تنتخبه ولا الق أن
تعزله )20(".بينما يقصد من الثيوقراطية أنا "حكومة الله أو اللة الذين يكونون مثلي
برجال (كهنوت) أو زعماء روحيي مقدسي .ومن أمثلتها حكومة البابوات ف العصور
الوسطى فيكون لؤلء الرؤساء سلطات روحية ولم حق الغفران والرمان ،وتب
ويرى الباحثان سليمان ناينج وسي عبد ربه بأن ما كتبه لويس حول هذه
السألة يعد تثيلً سيئا لطبيعة السلم فل يكن مقارنة ال بالقيصر أو بأي شكل أو هيئة
بشرية أخرى وأن ال ل يعي وكيلً عنه ف الرض فكل إنسان هو خليفة ال ف الرض
والجتمع السلمي يتار قادته وفقا لتعاليم الشريعة ( ،)22والسيادة ف السلم تنبع من
مصدرين ها الشريعة والمة ( ،)23فال عز وجل أرسل رسله بالشريعة فإذا ما صح
اتباعها فل شك أنم أقرب إل هذه القيقة الت يوردها لويس بأسلوبه الساخر،
18
فالنظمة الخرى والقائمة على شرائع من صنع البشر لن تنال شرف هذا اللقب الذي
يتهم لويس العقلية السلمية بأنا عقلية ذرية أي ل تستطيع أن تنظر إل المور
نظرة شاملة وأنا عقلية تريدية ،ولكن لويس ف دراسته للفكر السياسي السلمي وقع
فيما اتم به السلمون ظلما ،وأكثر ما تتجلى العقلية الذرية هذه ف نظرته إل العلقة
بي الفرد والدولة الت تناولا ف أكثر من بث .ففي هذه البحوث أخذ بعض
الفكر السلمي ،أو قام بابتداع بعض الصطلحات وراح يشد لا الدلة من أي مصدر
كان سواء من الديث الضعيف أو من مصدر مهول أو من كتب الدب وغي ذلك .
لقد وجد لويس أن موقف أهل السنة والماعة بعدم الروج على الاكم إذا
انرف عن الطريق الصحيح ما ل يرو كفرا بواحا وسيلة ليوجه سهام نقده بأن السلم
يطلب من أتباعه أن يكونوا خانعي أذلء .ويستشهد لويس بديث (ل طاعة لخلوق ف
معصية الالق) ولكن هذا المر يصطدم ف نظره بأمرين أولما "أن الشرعي نادرا ما
ناقشوا كيف يتم فحص التزام الكومة بالشريعة ،ومت تكون مطئة وبالتال ل يضعوا
19
أجوبة لذلك ،والثان أنم ل يضعوا أجهزة أو إجراءات لقياس مدى التزام الكومة
بالشريعة"(.)24
ويقول لويس ف موضع آخر " :كان واجب الطاعة ف اليام العظيمة للتاريخ
السلمي القدي قاصرا على اللفاء الشرعيي الذين هم وكلء ال ف الرض ورؤساء
الجتمع الدين وف حالة تسكهم بالشرع فقط ،ولكن مع تراجع اللفة ونو
الدكتاتورية جعل الفقهاء والشرعون السلمون تعاليمهم موافقة للحالة التغية ،وجعلوا
واجب الطاعة يتد لية سلطة فعلية مهما كانت عاصية أو متوحشة .وقد سيطر على
الفكر السياسي السلمي ف اللف سنة الخية مبدأ " الطغيان أفضل من الفوضى ومن
ولتأكيد نظرته هذه ينقل لويس نصا عن ابن جاعة حول البيعة القهرية جاء فيه
" ف زمن الضطرابات يصبح من الضروري العتراف بالاكم لنع مزيد من
كونه جاهلً أو فاسقا ف الصح [ أو حت كونه عبدا أو امرأة ل اعتبار له] وأضاف
لويس بأن ما هو أسوأ من حكم العبد أو الرأة كما قال ابن جاعة هو حكم الكافر .
وقد حدثت هذه الالة حينما استول النورمنديون على جزيرة صقلية ما دعا فقيه من
24
- Bernard Lewis. “ Islamic Concept of Revolution.” In Revolution in the Middle East. Edited by
P.J. Vatikiotis ( Totowa N. J. 1972) p.p. 30-40.
25
- Lewis. “ Communism and Islam.” In International Affairs. No. 30 (1954) p.p. 1 -12.
20
مدينة مازارا لوضع قاعدة تقضي بقبول حكم النصران وطاعته ما دام يبدي تساما تاه
السلمي)26(.
ويصر لويس على البحث عن نصوص حول ضرورة الذعان للسلطة مهما كان
المر ويستشهد لذلك بنصوص أوردها ابن بطة ومنها قول عمر بن الطاب رضي ال
عنه ( وإن ظلمك فاصب وإن حرمك فاصب) وقول النب صلى ال عليه وسلم (اصب
وإن كان عبدا حبشيا) ويعلق لويس قائلً " :من الؤكد أن هذين القولي الذين ينسب
أحدها إل الليفة عمر وينسب الثان إل الرسول[ صلى ال عليه وسلم] ها قولن
منحولن والغرض منهما هو تبير الراء الت أخذت تشيع ف تلك الفترة)27(".
وف مال تأثر الفكر السياسي السلمي بالفكر السياسي الغرب يتناول لويس
مسألة حقوق الفرد أو حقوق الواطن فيقول" :يكن أن يكون للمواطن حاجات وآمال
ولكن ليس له حقوق ،إن هذه الفكرة بالذات مصدرها الغرب ،وظهرت لول مرة ف
القرن التاسع عشر عندما بدأ الكتّاب ف تركيا وف مصر ف استخدام مثل هذه التعبيات
"حقوق الرية" و"حقوق الواطن". ،ويضيف إنه ثة مقولة عربية قدية مفادها أن
- 26يلحظ أن لويس ل يستخدم التوثيق العلمي ف هذا القال وعندما أشار إل نص ابن جاعة ل يذكر الصدر ن وقد وجدت النص مققا والعبارات بي
معقوفتي ليست ف النص كما حققه فؤاد عبد النعم أحد .ترير الحكام ف تدبي أهل السلم للمام بدر الدين بن جاعة (ت ( )773قطر 1407:هـ/
1987م) ص .2وعبارات لويس السابقة من مقالته عن السلم والشيوعية الرجع السابق ص .8
- 27لويس " .الفرد والدولة ف الجتمع السلمي " ف ملة الثقافة (.الزائر)ع ،90السنة 15صفر-ربيع الول ،1406نوفمب /ديسمب 1985م ص
.79
21
الليفة إذا كان عادلً فسوف يكافأ ،وعليك أن تكون شاكرا ،وإذا ل يكن عادلً فإنه
ويقول لويس عن الرية السياسية " :بالرغم من وجود آثار حرية بدوية باقية ف
النظرية القانونية السلمية التقليدية ،فإن تربة السلم السياسية ف معظمها استبدادية ،
فعلى الواطن واجب دين هو الطاعة الطلقة وبدون سؤال لصاحب السيادة ،وليس له
حقوق سوى أن يعيش حياة إسلمية طيبة ،وعلى الاكم السلم أن يراعي الشريعة
"القانون القدس" لمكانية إقامة الياة السلمية الطيبة .أما ما سوى ذلك فللحاكم أن
الناقشة:
من أبرز الميزات الت حرص السلم على تربية السلمي عليها عزة النفس
والكرامة وأن ل يضع مسلم إلّ ل عز وجل ،وأن يتساوى السلمون فيما بينهم ،فقد
دخل الغية بن شعبة رضي ال عنه على رستم " فجلس معه على سريره ووسادته
فوثبوا عليه …فقال :كانت تبلغنا عنكم الحلم ،ول أرى قوما أسفه منكم ،إنا
معشر العرب سواءُ ،ل يستعبد بعضنا بعضا إلّ أن يكون ماربا لصاحبه ،فظننت أنكم
28
- Lewis, Islam in History. ( London:1973) P.297.
29
- Bernard Lewis. “ Democracy in the Middle East, Its State and Prospects.” In Middle Eastern
Affairs. Vol. vi, No. 4, April 1955. P. p. 101-108.
22
تواسون قومكم كما نتواسى ،وكان أحسن من الذي صنعتم أن تبون أن بعضكم
أرباب بعض ،وأنّ هذا المر ل يستقيم فيكم فل نصنعه… علمت أن أمركم
مضمحل ،وأنكم مغلوبون ،وأنّ ملكا ل يقوم على هذه السية ،ول على هذه
العقول"(.)30
إن الطاعة للسلطان مشروطة بطاعة ال عز وجل أما تشكك لويس بالقدرة على
فحص التزام الكومة بالشريعة السلمية إنا يدل على جهل لويس أو تاهله ،فالعلماء
ولا كان نظام الكم أو شكله ل يتحدد بنصوص شرعية فل بد للمسلمي أن يتخذوا
من أشكال الكومة ما يناسبهم .ومع ذلك فقد استطاع العلماء السلمون على مدى
دروسهم أو بواجهة الكام مباشرة .وإن نفي لويس وجود إجراءات لعرفة خروج
الاكم عن الشريعة وماسبته تكفلها حقوق الفرد السلم الت يكن تلخيصها فيما يأت
:
- 30أبو جعفر ابن جرير الطبي .تاريخ المم واللوك،.تقيق أبو الفضل إبراهيم ( القاهرة :بدون تاريخ) ملد 3ص .522
23
حق اختيار الاكم :فمن حق الفرد السلم أن يشارك ف اختيار رئيس الدولة -البيعة
العامة -وف هذا يقول ابن تيمية "المامة تثبت ببايعة الناس ل بعهد السابق له"(،)31
-2حق الشاورة :نص القرآن الكري على وجوب الشورى وشاروهم ف المر،)33(
تؤكد هذا الق للمة. وثة سوابق تاريية أهها سية النب
-3حق مراقبة رئيس الدولة ،وما دامت المة قد اختارت الاكم فمن حقها مراقبته
وتقويه إذا انرف ،وأول مراحل التقوي النصيحة وفقا لا جاء ف الديث الشريف
(الدين النصيحة ..قلنا لن يا رسول ال ؟ قال( :ل ولكتابه ولرسوله ولئمة السلمي
وعامتهم)(.)34
والسلم أسبق ف ماسبة الاكم ففي أول خطبة خطبها أبو بكر الصديق رضي
ال عنه أرسى هذا الق "إن أحسنت فأعينون وإن أسأت فقومون ،أطيعون ما أطعت
ال فيكم ،فإن عصيته فل طاعة ل عليكم"( ،)35وذكر الطبي ف تاريه أن عمر بن
الطاب كان يطب مذرا عماله من تاوز مهمتهم ف التعليم وما قاله ":فمن فُعل به
- 31أبو العباس أحد بن عبد الليم ابن تيمية ،منهاج السنّة النبوية ،تقيق ممد سال رشاد(.الرياض )1406ج 1ص .142
- 32عبد ال بن فهد النفيسي ،عندما يكم السلم (.لندن :بدون تاريخ) ص .156
- 33سورة آل عمران آية .159
- 34رواه مسلم ف كتاب اليان.
- 35البخاري …
24
شي سوى ذلك فليدفعه إلّ فو الذي نفس عمر بيده لقصنه منه ،وقد رأيت رسول ال
وقد تفوق السلم على التشريعات الخرى؛ فقد قسمت القوق ف السلم
إل ثلثة حقوق أحدها حق خالص ل عز وجل ،وهو حق التشريع ث حق غالب مثل
حق القذف فهو أساسا حق ل ،ولكن للفرد فيه نصيب وذلك بصون عرضه ،ث حق
للعبد ول فيه نصيب مثل القصاص .وف حالة العتداء على أي من القوق فإنه يتولد
واجب الدفاع الشرعي ،وكما يقول الستشار الدكتور علي جريشة" :إن الدفاع
الشرعي ل تعرفه النظم الوضعية إلّ حديثا وعرفته قاصرا على مال القوق الاصة .وف
هذا الجال يشوبه الكثي من القصور"( .)37وقد عال السلمون مسألة " الدفاع الشرعي
واجب إنكار النكر واجب كفائي إي إذا قام به البعض سقط عن الباقي ،وإن ل يقم به
ذلك البعض الكفائي فقد أثت المة كلها بترك الواجب ،ويضيف جريشة بأن
"شُـرّاح القانون العام ل يستطيعوا أن يرتفعوا ب (مقاومة الظلم) وهي إحدى صور
الدفاع الشرعي العام ف السلم ل يستطيعوا أن يرتفعوا به أكثر من مرتبة الق ،فقد
أعلنت الثورة الفرنسية ف إعلن حقوق النسان الصادر سنة 1799م أن حقوق
25
النسان هي :الرية واللكية والساواة ومقاومة الظلم .وبقي السلم منفردا بعل
مقاومة الظلم وغيه من صور النكر ف الجتمع واجبا وليس مرد حق ،فيتفع بالجتمع
إل مستوى من اليابية ل يصل إليه نظام آخر ويقق بذلك كفالة القضاء على كل
يكن نا أن نبدأ الرد على لو يس بالتأك يد على إ صراره على ال كم على الشعوب
الضروري أن يناسـب أمـة أخرى .وإن أبزر النقاط ال ت ورد فيهـا هذا ال طأ النه جي
الذي يكن أن نطلق عليه إسقاط الصطلحات الديثة على أمور تاريية أو مصطلحات
فقد زعم لويس أن مفهوم "القوق " عند الغربيي ل يعرفه السلمون ،كما ل
يعرف السلمون من هذه القوق "حق الرية" ،وهنا يتعمد لويس تاهل معن السلم
ومبادئه السـاسية .فإن معنـ "ل إله إلّ ال " نفـي كـل أنواع العبوديات عـن النسـان
وإعطاؤه الرية ف أعز مال أل وهو مال العقيدة ،فمن مبادئ السلم عدم إكراه أحد
على اعتنا قه (ل إكراه ف الد ين)( ،)39وتأ ت الريات الخرى تبعا لذلك .فالر ية ال ت
26
ـ السـلم للمسـلم وللذمـي ل توجـد فـ أي نظام آخـر سـوى حريـة النراف
أعطاه ا
العمل بالجر الناسب ،كما يكفل للمسلم حرية الرأي الت جهدت الدساتي الغربية ف
ومن المثلة على حرية الرأي ما ورد من نقاش بعد فتح العراق حول تقسيم
أرض السواد أو إبقائها بي أيدي أصحابا ويؤدون عنها الراج .وكان رأي عمر بن
الطاب رضي ال أن تبقى الرض ف أيدي مالكيها ،ولكن فريقا من السلمي وعلى
رأسهم بلل بن رباح رضي ال عنه كانوا متحمسي لتوزيع الرض بي الند الفاتي.
ول يكره أو يعاقب الليفة على أنه خالفه ف الرأي ،بل كان يدعو أن يشرح ال صدر
كما أورد لويس مقولة عربية قدية عن الاكم العادل والاكم الظال ،وليس
من النهج العلمي أن ياكم الفكر السياسي إل مقولت مهولة الوية ول تعن شيئا.
فالقولة تزعم أن الاكم العادل سيجد الكافأة ولكن ل يدد لويس من ،وكذلك
العقوبة للحاكم الظال من؟ ،فإذا كان القصود أن الزاء والعقاب من ال وما على
- 40عبد الليم عويس " .موقف الفكر السلمي من الضارة الديثة " ف النهل ،ع ،495شوال وذو القعدة ،1412أبريل ومايو ،1992ص -15
.28
- 41يعقوب بن إبراهيم أبو يوسف .الراج (،بيوت )1399/1979ص .35
27
السلم إلّ أن يكون شاكرا ف حالة الاكم العادل وصابرا ف الالة الثانية .فهذه مالفة
واضحة لسس العقيدة السلمية الت تدعو إل رفض الظلم وإل إنكار النكر وإل
مقاومة الفساد .إن التسليم برأي لويس يعل السلم شخصا سلبيا وما تركت ف
عروقه الدماء إلّ ف بداية القرن التاسع عشر عندما بدأ بالحتكاك بالغرب.
القضايا ف الفكر السياسي العاصر .وقد اهتم لويس بذه القضية عندما وجد أن التاه
ف الغرب عموما ييل إل الهتمام بالركات السلمية وأن هذا يقدمه إل السؤولي ف
العال الغرب وجهات صناعة القرار السياسي والقتصادي على أنه خبي ف قضايا العال
السلمي العاصرة.
ولعل ظهور ما يسى الركات السلمية العاصرة قد جاء ف أثناء مقاومة البلد
السلمية للحتلل الجنب ،ولكن هذه الركات اندمت ف الكومات الت قامت بعد
انتهاء الحتلل واستعادة الستقلل .غي أن ظروف البلد العربية السلمية بعد
28
للسلم بعد أن جاء الستقلل بالكثي من النرافات ف السياسة والقتصاد والثقافة
يصر الباحثون الغربيون ومن بينهم لويس على تسمية هذه الركات ب
معرفتنا بتلك الظاهرات ف مملها ،ث إن عجزنا الجال عن تفسي أو تأويل الركات
السلمية اليوم إنا يعيد إل حد بعيد إل استخدامنا هذه النظارات القدية الت نضعها
على أعيننا لننا ل ند ف عجالة أمرنا خيا منها يكن كل ما تقوم به هو زيادة
التشويش ف إدراكنا"(.)42
ما فيها من رفض للمجتمعات الغربية وانللا وانرافها نو الادية الطاغية وبي
الركات السلمية الت تنادي بالعودة إل تطبيق السلم ف حياة السلمي ف النواحي
- 42جيل كيبل .الركات الصولية العاصرة ف الديان الثلث .ترجة نصي مروة (قبص1992 :م) ص .11
29
ولذلك فهم يلطون حقا بي السلم وبي ما يتخيلون أنه "أصولية " بالعن الغرب،
وتأت أهية تناول كتابات لويس حول تيار الركة السلمية للمكانة العلمية
البارزة الت حققها لويس بصفته مؤرخا متصا ف التاريخ السلمي ،وبصفته خبيا ف
شؤون العال السلمي (الشرق الوسط) ،ولن كتاباته تصل إل أعلى الستويات ف
مصادر صنع القرار السياسي ف الغرب ،ولن لويس يتميز بغزارة النتاج والنشاط
يبدي لويس تردده ف نعت الركات السلمية بالصولية لن هذا الصطلح نشأ
ف الغرب لوصف الركات البوتستانتية ،ولكنه يعود ليجد أن معظم السلمي ينطبق
عليهم هذا الصطلح وهذا ما يقوله " :كل السلمي –مبدئيا -أصوليون ف موقفهم من
وتقيدهم الرف الفرط بالسلم ،إنم يعتمدون ليس فقط على القرآن ولكن أيضا على
السنة النبوية .وعلى التراث السلمي من الكتابات العقدية والشرعية .إن هدفهم ليس
30
وإحلل الشريعة كاملة مكانا ذلك .وتتضمن الشريعة بقوانينها وعقوباتا وتشريعاتا
الكومات الفردية الت تنع وجود الحزاب السياسية وبالتال تستطيع الركات
ونتوقف عند أخطاء لويس النهجية هنا فالركات السلمية الت تسعى إل
استعادة مكانة السلم ف الجتمعات السلمية ليست " أصولية"؛ ذلك أن "الصولية
الغربية تسع ىكما يقول جيل كيبل إل "مكافحة العلمانية وإحداث تغيات ف
الجتمعات الغربية الت طغت عليها الادية وانارت فيها القيم والخلق" ،أما العال
السلمي فلم يصبح فيه علمانيا إلّ النخب التغربة وبصورة جزئية أيضا ،بينما تولدت
حركات معاودة التنصي ف متمعات عاشت ف غالبيتها العظمى ومنذ أكثر من قرن
علمنة دنيوية عميقة ،وقد تلت هذه العلمية ف الجالت القانونية والتنظيمية(.)45
ويذكر كيبل أن الصولية اليهودية أيضا قد وصلت إل قناعة بأن الثقافة الغربية تتصف
Bernard Lewis. The Political Language of Islam. ( Chicago: 1988) P.117-118 - 43
- 44الرجع نفسه ،ص .116-115
- 45كيبل ،مرجع سابق ص .116
31
بواء وعبثية كاملي ،وأن هدفها الوحيد هو إشباع رغبات الفرد داخل سياق من الادية
ل حدود لا(.)46
وضد الضارة الغربية وقد انتقد هذا التفكي الباحث المريكي جون اسبوزيتو حيث
كتب يصف مثل هذه الكتابات بأنا تقوم على " الطرح النتقائي والتحليلت التعلقة
بالسلم وتطورات الحداث ف العال السلمي ..بأنا تفشل ف توضيح القصة بكاملها
وف أن تعطي الصورة التكاملة للتوجهات السلمية… ونتيجة لذلك فإن السلم
وحركة التجديد يتم تبسيطهما بسهولة ف تلك القوالب البسيطة والفجة الت تصور
السلم بأنه ضد الغرب وبأنه صراع السلم ضد التقدم أو الغضبة السلمية والتطرف
والتشدد والرهاب(.)47
الرب ضد العلمانية حرب صرية وواعية ،أما الرب ضد التحديث ففي معظمها
ليست واعية ول صرية وموجهة ضد عملية التغيي بكاملها الت حدثت ف العال
32
السلمي ف القرن الخي ،وحولت البناء السياسي والقتصادي والجتماعي والثقاف
للبلد السلمية" ،ويؤكد لويس أن الغرب هو مصدر هذا التغيي ولا كانت أمريكا
هي زعيمة الغرب فإن الكراهية والغضب يوجهان إليها .ويرى لويس أن نوبة الغضب
والركة الت يواجهها الغرب تاوزت بكثي مستوى القضايا والسياسيات والكومات
الت تارسها ول بد أن هذا المر ل يقل عن صدام حضاري .وينصح لويس الغرب أن
يقوم بدراسة السلم تاريا وتراثا وحاضرا وعلى السلمي أن يفعلوا الشيء نفسه
حي يقول" :وحدث بعد ذلك تغي كبي عندما بث قادة الصحوة السلمية التنامية
عن عدوهم وحددوه بأنه أعداء ال وحددوا موقعهم واسهم ف العال الغرب ،وفجأة أو
هكذا بدا المر أن أمريكا هي العدو الول أو الشيطان ،أو تسيد لبليس والعارض
الصراع مع الضارة اليونانية والرومانية ومن وجهة نظره "أن القرون الطويلة الت مر با
48
- Bernard Lewis. “ Western Civilization: A View from the East.” The 19th Thomas Jefferson
Lecture in the Humanities. Sponsored by the National Endowment for the Humanities, May 2, 1990.
P.23.
- 49الرجع نفسه ص .25-24
33
السلم جعلته يتحول إل نوذج جامد من السلوك والعتقاد ،ولكن إذا كان العدن
أكثر صلبة ،فكذلك الطرقة حيث أن التحدي اليوم أكثر تطرفا بالقارنة وأكثر عنفا
الناقشة :
لقد وقع لويس ف عدة أخطاء منهجية ف حديثه عن أصل الصراع بي السلم
التمثل ف الدولة الرومانية كانت نقطة انطلقة دعوة السلم ،وكانت الواجهة قوية ف
الناحيتي الادية والعسكرية .أما الواجهة على صعيد العقيدة والفكر والضارة فقد
استطاع السلم احتواء هذه الضارات بقوته الذاتية أولً ،وبالنموذج النسان الرفيع ف
التطبيق .أما الواجهة الالية فتختلف جذريا ذلك أن الغرب يفرض أو ياول أن يفرض
فكره وثقافته وحضارته وعقيدته ومسلماته بالقوة وبشت الوسائل الت أتاحتها له التقنية
الغربية .وأما زعمه أن استخدام السلم لقرون عديدة حوّله إل نوذج جامد من
50
- Bernard Lewis. The Arabs in History. P. 177.
34
ومن أخطائه النهجية أيضا نظرة الستعلء عند ما يصف لويس السلم بالعدن
الصلب ويصف الجمة الغربية بالطرقة ،ويتأكد ذلك حي يصف السلمي بالعال
الغلوب وهو هنا يلط بي السلم وأوضاع السلمي؛ إذ ل يكن إنكار أن السلمي ف
وضع الغلوب ف العصر الاضر ،ولكن هذا ل ينطبق على السلم الذي هو رسالة ال
الخية لعباده وهو قوة الغد العالية مهما كانت قوة الطرقة " الضارة الغربية" وهو ما
يؤمن به السلمون للنصوص الت وردت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ومنها (ل
تقوم الساعة حت ل يبقى بيت حضر أو مذر إلّ وفيه شيء من ل إله إلّ ال بعز عزيز
أو ذل ذليل) ،وكذلك حديث نزول عيسى وكسر الصليب وارتفاع راية ل إله إلّ ال
"الصولية" للتحديث والعلمانية .وهذه من مزاعم لويس الت ل يقدم عليها الدليل بل إنه
ناقض نفسه حينما ذكر أن الثورة اليرانية مثلً أخذت ببعض الوسائل الغربية ف الكم
كالبلانات والتصويت .فالعداء للعلمانية قضية مسلم با ذلك أن السلم ل يفصل بي
الدين والياة ،وهو يعلم أن السلم منهج متكامل للحياة ف السياسة وف القتصاد وف
الجتماع وف كل مالت الياة .أما العلمانية الت ترى أن ينحصر دور السلم ف
35
مسلم متمسك بدينه لنه يتلو قول الق سبحانه وتعال قل إن صلت ونسكي ومياي
ومات ل رب العالي
وإ ّل لا تعلم السلمون ف القرن الول صناعة السلحة من الفرس والروم ث تفوقوا
عليهما .ولا أخذ السلمون بكثي من أساليب الدارة والكم بعد أن هذبوها وفقا
ومن ذلك ما كتبه عبد الميد بن باديس ف تفسي قوله تعال أتبنون بكل ريع آية
تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تلدون حيث فسرها بقوله " :والذي أفهمه ول أعدل
للدوات الت تستلزمها الضارة ويقتضيها العمران .وهل كثي على أمة توصف با
وصفت به ف الية أن تكون لا مصانع بعناها العرف عندنا؟ بل وإن الصانع لول لزم
- 51عبد الميد بن باديس .ابن باديس حياته وآثاره .جع وإعداد عمار الطالب ( الزائر 1388:هـ1968 ،م)ج 4س .68
36
ونقف عند زعمه معاداة الركات السلمية "الصولية" للغرب ،وباصة
أمريكا الت تتزعم الغرب الن فقد قدم جون اسبوزيتو -وهو حريص على مصلحة
العرب السرائيلي.
يعرّف لويس حركة (الخوان السلمون) بأنا "جعية نصف علنية واسعة
النتشار تقوم على أساس الليا السرية والفتوة ذات الطابع العسكري ،وشبكات
بث آخر إن بداياتا كانت غامضة ،ولكن يبدو أنا نشأت ف أواخر العشرينات وأوائل
52
- Islamic Fundamentalism in The Muslim World. Hearings of the 99th Congress in 1985.Testomony
of John Esposito.
- 53لويس ،الغرب والشرق الوسط ،ترجة نبيل صبحي(.بدون ناشر) ص .173
37
الثلثينات وأنا كانت مهتمة ف البداية بالنشاطات الدينية والجتماعية حيث بعث
مؤسسها الدعاة إل الساجد والماكن العامة الخرى ف جيع أناء مص ،وقد قام
والرياف ،ومارسوا بعض العمال القتصادية .أما عن نشاطهم السياسي فيى لويس
أنه بدأ عام 1936م بعد توقيع العاهدة الصرية وتبن قضية الفلسطينيي العرب ضد
الخرى ( ،)54وقال ف موضع آخر إنا بدأت نشاطها السياسي بعد عام 1940م.
ويتناول لويس صلة الماعة باللك فاروق فيزعم أن الماعة حظيت بدعم
اللك الذي كان ل يب الوفد ولكن بعد عودة متطوعي الماعة من فلسطي بعد
حرب 1948م وما قيل عن تدبيهم لطة للطاحة باللك فاروق قام الخي بتوجيه
ل يبدو أن الماعة
ضربة إليهم بواسطة رئيس وزرائه النقراشي( ،)55ويعلق لويس قائ ً
قد أصبح لديها قوة مسلحة قادرة على القيام بدور ما ف الحداث .ولذا قام النقراشي
بل الماعة ومصادرة متلكاتا وإلقاء القبض على كثيين من أعضائها .وقد اغتيل
النقراشي عام 1948م ،وبعد ذلك بقليل اغتيل الشرف العام ف ظروف ل يتم الكشف
عنها حت الن)56(.
.Lewis , “ The return of Islam.” Op. Cit - 54
- 55لويس ،الغرب والشرق الوسط .ص .174
.Lewis. “ The Return of Islam.” Op., Cit. P. 14 - 56
38
كما تدث لويس عن علقة الماعة بالثورة الصرية مشيا إل أن عددا من
الضباط الشاركي ف الثورة كانوا قد انتموا إل الخوان ومنهم جال عبد الناصر .وقد
حلّت الثورة الماعية ف يناير 1954م ،وجاءت العاهدة ليعود الخوان إل إبداء
تذمرهم من العاهدة .وينسب لويس ماولة اغتيال جال عبد الناصر إل أحد الخوان ما
أدى إل زيادة التوتر بي الخوان والثورة وماكمة أعداد كبية منهم وتنفيذ العدام ف
ستة منهم ،وأصبح التنظيم غي شرعي ومع ذلك فقد استمر ف نشاطه(.)57
ويمل لويس صورة (الخوان السلمون) بقوله" :والصورة الت تعكس الخوان
السلمون هي صورة العنف والتعصب العمى ،وليست كلها من صنع أيديهم ،فلقد
الناقشة:
كان لبـد لبنارد لويـس أن يتحدث عـن الخوان السـلمون فهـم مـن أكـب
الاضر ،وقد أصبح لا امتدادها ف جيع أناء العال السلمي كما أن النتاج الفكري
للمنتسبي لذه الركة يغطى مساحة واسعة من النتاج الفكري ف العال السلمي .ول
- 57برنارد لويس " .عودة السلم" ف ملة الدعوة (النمسا) ع ،87ذو الجة 1403هـ سبتمب ،1983ص .35
Bernard Lewis. “ The Middle East and North Africa.” In Chamber’s Encyclopaedia World - 58
.Survey, 1955. P.p. 306-312
39
يكن لويس باحثا أصيلً مدققا ف ما كتبه عن هذه الركة بالرغم من أنه سبقه عدد
كبي من الباحثي الغربيي الذين كتبوا عن هذه الركة .ول ترج بعض آراء لويس عن
وأول أخطائه النهجية أنه ادعى أن بدايات الركة كانت غامضة وأنه يكن أن
تكون قد تأسست ف أواخر العشرينيات وأوائل الثلثينيات ،مع أن التاريخ الدقيق لذه
الركة معروف تاما منذ البدايات ،وقد صدر لذه الركة العديد من الصدارات من
كتب وملت ما يعل الباحث قادرا على تلية هذه المور الت يدعي لويس غموضها.
وهذا الطأ النهجي الذي يقع فيه لويس وغيه من الستشرقي إنا يقصد منه التقليل من
شأن الوضوع مدار البحث فهو حي يضفي الغموض على قضية من القضايا يعل ذلك
حركة الخوان وقد بدأت الدراسات الستشراقية حول هذه الركة ف وقت مبكر.
أما ربط قبول الشعب الصري لركة الخوان بكره الطبقات الكادحة الظلومة
لستغليها من السادة التغربي مثلما تكره الغربيي أنفسهم ،فثمة عدة أخطاء منهجية ف
ذلك أولا :التمسك بالتفسي الادي لحداث التاريخ أو الحداث العاصرة ،وهي شبهة
قدية أطلقها لويس وغيه على أوائل الذين اتبعوا الدين السلمي .وقد سبق لويس إل
هذه الفكرة اليهودي ناداف سـافران الذي يقول عـن الخوان" وعندمـا سـبب التدهور
40
القتصـادي بؤسـا وفقرا فـ الجتمـع الصـري ،قدمـت الركـة للجماهيـ برنامهـا
الجتما عي الذي تقوم عمده على مفهوم وحدة ال مة ومسؤولياتا الماع ية عن أحوال
ال مة"( .)59وم ن قال بذا الرأي جورج لينتشاو سكي ح يث ك تب يقول" :ول قد ات ه
حسن البنا ف بادئ المر إل الطبقات الظلومة والفقية ،ث بعد ذلك انتشرت دعوته ف
الوساط الثقفة .وهو منذ البداية ياول أن يكسب تعاون ذوي النفوذ"(.)60
إل جيع طبقات الشعب ول يعيبها أبدا إن توجهت للطبقات "الكادحة" و "الطحونة"
أو الفقية لن هذه الطبقات ل يفسـدها التغريـب ،ولذلك فهـي أقرب إل قبول القـ
والدعوة إل ال .وقد كانت قيادة الحزاب التغربة تتظاهر بأنا تارب الستعمار فيما
هـي فـ القيقـة تقلده ،وتتبـع خطواتـه ،وقـد صـرح مانفرد هالبن Manfred
الجانب( ،)61ومع ذلك فقد توجه حسن البنا إل جيع طبقات الجتمع وف ذلك يقول
الب نا إ نه عند ما بدأ دعو ته ف ال ساعيلية كان قد قرر درا سة الناس والوضاع درا سة
- 59عبد ال الفهد .الخوان السلمون ف الفكر الغرب( .عمّان 1399 :هـ1979/م) ص 28نق ً
ل عن
Nadaf Safran. Egypt in Search of Political Community: An Analysis of the Intellectual and Political
Evolution of Egypt: 1804-1952: (Oxford: 1961)p. 199.
60
: George Lenozowski. The Middle East in World Affairs.(Cornell:1962)3ed. Edition.الرجع نفسه نقلً عن -
p. 489
61
- Manfred Halpern. The Politics of Social Change in The Middle East and North Africa.
(Princeton:1963) P. 48.
41
دقيقة ومعرفة عوامل التأثي ف هذا الجتمع الديد ،وقد عرفت أن هذه العوامل أربعة :
ومن أخطاء لويس النهجية تاهل القائق فوصفه لماعة الخوان بأنا "نصف
علنية" غي صحيح فالمعية علنية ول يقدم لويس الدليل على الفتراضات الخرى الت
ذكرها من الديث عن الليا السرية والفتوة والطابع العسكري .ولكن جهل لويس
للسـلم أو تاهله له جعله ينظـر إل هذه المور هذه النظرة القاصـرة .فالتدريـب
ما أن العسكري إن وجد عند الخوان فإنه جزء من التربية السلمية فإن الرسول
ا ستقر ف الدي نة النورة ح ت بدأ ف إر سال ال سرايا من الهاجر ين ،ث بدأت التدريبات
العسكرية قريبا من جبل سليع بالدينة النورة ف النطقة الت كانت تعرب بباب الشامي.
وقد حدد لويس بداية دخول جاعة الخوان ف العترك السياسي بعام 1936م،
أو بعد عام 1940م ،فهذا التحديد التاريي خطأ من أكثر من جهة وهو أن السلم
ل يفصـل بيـ السـياسة والياة .أل يدرك لويـس وغيه كيـف أن القرآن الكريـ تناول
قضايا الكم والسياسة ف حديثه عن داود وسليمان عليهما السلم؟ أل يدرك أن القرآن
تدث عن طالوت الذي جعله ال ملكا على اليهود وكيف أنم اعترضوا على ذلك بأنه
ل يؤت سعة ف الال؟ ول يؤت سعة من الال .)63(أل يعلم لو يس كم مرة ذُ كر في ها
- 62حسن البنا .مذكرات الدعوة والداعية( .بيوت)1974-1394:ط ،3ص .66
- 63سورة البقرة آية .247
42
فرعون ف القرآن الكر ي وأن كثيا من ال سياقات ال ت وردت سياسية ب تة؟ أل يعرف
على هو ية الفرد ال سلم وإشعاره بكيا نه وذاتي ته .و قد روى الش يخ ح سن الب نا نف سه
العديـد مـن القصـص حول تول العمال مـن تابعيـ أذلء إل موظفيـ يرصـون على
كرامتهم( .)64وقد بلغ ذلك عن طريق التعليم والطب والحاضرات والواعظ وإنشاء
الدارس وال ساجد .و قد ا ستطاع الب نا أن ي صل بدعو ته ف فترة التأ سيس إل خارج
الساعيلية بإنشاء ُشعَ بٍ ف عدة مناطق .كما واجهت الدعوة موجة من العداء شارك
فيها بعض النصارى .وقد قوّم زكريا سليمان بيومي هذه الفترة الول وبي أن السياسة
ل تنف صل مطلقا عن فكرة الدعوة بقوله " :ف قد أث بت الش عب ال صري بتأييده ال سريع
للخوان اسـتمرار تسـكه ل بالديـن السـلمي مـن حيـث هـو عقيدة وتراث وحضارة
وكان انتقال الب نا بدعو ته إل القاهرة حدثا سياسيا ف حد ذا ته ،ك ما عقدت
الماعة مؤترين ف عام واحد ،تناول الول منهما موضوع التنصي ،وكان من توصياته
إرسال خطاب إل اللك فؤاد يطلب منه اتاذ موقف ضد هذه الماعات ويرى سليمان
43
بيو مي ف هذا ال مر احتكاك الب نا بالقوى ال سياسية ف الق صر باعتبار ها م سؤولة عن
الشؤون الدينية( ،)66وقد فات بيومي أن الماعات التنصيية كان لا ارتباطاتا الارجية
وأن ا كانت تقوم بدور سياسي .أما الؤتر الثان فقد ات ذ قرارا بإنشاء شركة طباعة،
وبعـد سـبعي سـنة على بدايـة جاعـة الخوان السـلمون تتكرر التامات لذه
الماعات بال سعي للطا حة بالنظ مة الاك مة ل تبير ضرب هذه الركات .ف قد كان
وتأي يد الدعوة إل يه و ف ذلك يقول الب نا ":فموقف نا إذا من وزارة علي با شا ما هر هو
الفكرة السلمية وعمل لا واستقام ف نفسه وف بيته وتسك بتعاليم القرآن ف حياته
الا صة والعا مة كنّا له مؤيد ين ومشجع ي….ولن ندد موقف نا ولن ن صدر حكما إلّ
ويورد لويس بعض القيقة حي يعترف بأن صورة العنف والتعصب العمى الت
يوصف با الخوان ليست كلها من صنع أيديهم حيث ضخمها وبالغ فيها أعداؤهم.
فهذا يتضمن أن الخوان يتحملون جزءا من السؤولية ،ول يبد لويس رأيه فما إذا كان
- 66الرجع نفسه ص .87
67ريتشارد ميتشل .الخوان السلمون .ترجة ممود أبو السعود وتعليق صال أبو رقيق .ط (2القاهرة1979 :م) ص.84.
- 68البنا ،مذكرات الدعوة والداعية ،مرجع سابق ،ص 258-251عن ملة النذير عدد 27ف 6رجب 1358هـ.
44
الخوان فعلً يتصفون بالعنف والتعصب وكن حديثه عنهم ف أماكن متعددة من أنا
حركة نصف علنية تعمل من خلل الليا السرية وغي ذلك يؤكد أن لويس ل ينفي
التعصب والعنف عن الماعة .ولكن هذه الفتراضات ل صحة لا لو درس لويس حياة
الخوان وفكرهـم ومبادئهـم .وكان على لويـس الؤرخ الذي يدعـي الوضوعيـة أن ل
يكت في بذه العبارة الوجزة عن ع نف الخوان الزعوم فيو ضح أن الع نف كان سة من
سة الكومات ف تعاملها مع الخوان .ومن السهل على لويس وغيه من الستشرقي
أن يصف الركات السلمية بالعنف والستبداد فهذا أمر طبيعي ف رؤية الستشراق
45
الاتة
بالبحـث ذلك أن مـن أبرز مـا ييـز أمـة عـن أخرى هـو فكرهـا السـياسي وأوضاعهـا
السياسية .ويرى الدكتور عبد ال النفيسي أن السياسة تؤثر ف شؤون الياة جيعها من
تعليم واقتصاد وثقافة وتعليم وبرامج ثقافية وغي ذلك .وقد تدث ابن باديس ذات مرة
فـ تونـس مشيا إل أن العلم ل ينهـض بقـ إل ّ إذا نضـت السـياسة .ول تنفصـل
السياسة ف السلم عن التصور العقدي لكانة النسان ف هذا الكون وعلقته بعناصر
وقد اهتم لويس بانب الفكر السياسي انطلقا من تصصه ف التاريخ السلمي
رابعا :اعتماد بعـض الصـادر التـ ل يصـح السـتناد إليهـا فـ بثـ مثـل هذه
القضايا.
46
خامسا :النطلق من وجهات نظر مسبقة والبحث عن أدلة لا دون التحقق
سادسا :تكرار أفكار وآراء غيه من ال ستشرقي دون الشارة إلي ها ك ما ف عل
سابعا :عدم العتماد على ال صادر ال سلمية ال صيلة بالن سبة للف كر ال سياسي
السلمي ،كما أغفل لويس مصادر الركات السلمية العاصرة مثلما فعل ف دراسته
الخطاء النهجية ال ت و قع فيها .وأث بت البا حث أن للم سلمي ف كر سياسي ينطلق من
العقيدة السلمية ومن السوابق التاريية منذ بداية دعوة الرسول صلى ال عليه وسلم ف
الفكر السياسي السلمي مثل قيام اللفة السلمية الراشدة وذلك لن لويس ل يكن
أصـيلً فـ هذا البحـث حيـث كرر شبهات وأخطاء غيه مـن السـتشرقي مـن أمثال
47
إن نا با جة إل معر فة الف كر ال سياسي ال سلمي من م صادره ف الو قت الذي
تسعى الدول الغربية وباصة الوليات التحدة المريكية تصدير نوذجها وديوقراطيتها
القائ مة على النتخابات ال ت تدد ها ال صال الاد ية للقائم ي على الملت النتخاب ية
بينما يقوم الفكر السياسي السلمي على تولية الصلح وفقا للمعايي السلمية .
48