You are on page 1of 23

‫تطور التشريع العلمي في الدول المغاربية‬

‫د‪.‬علي كريمي‬
‫أسيييتاذ بكليييية‬
‫الحقوق‬
‫رئيس المركز المغربي‬
‫للدراسات‬
‫والبحيياث فييي حقييوق‬
‫النسان والعلم‬

‫يبدو من الصعب عزل تطور التشريع المغاربي للعلم‪ ،‬عن الللبيئة‬


‫السياسية التي عرفها كل قطر من القطار محللل الدراسللة‪ .‬فللالقوانين‬
‫المغاربية للعلم شديدة الرتباط‪ ،‬ووثيقة الصلة‪ ،‬بالمتغيرات السياسللية‬
‫الدولية كمللا بللالمتغيرات السياسللية القليميللة والوطنيللة الداخليللة‪ .‬هللي‬
‫ليسللت إل نتللاج لواقللع الشللرط السياسللي المحلللي الللداخلي‪ ،‬والللدولي‬
‫وإفرازا له‪.‬‬
‫مست لحظة الستقلل بعض هذه الللدول‪ ،‬ودفعللت بهللا إلللى‬ ‫لقد ح ّ‬
‫وضع قللانون ليللبرالي للعلم‪ ،‬مكرسللا للتعدديللة العلميللة ومللن خللهللا‬
‫التعددية السياسية‪ .‬ولعل النموذج المغربي ذا دللللة فللي هللذا المنحللى‪،‬‬
‫فالتشريع المغربي للعلم بعد الستقلل تأثر كثيرا بالظرفية السياسللية‬
‫التي ولد فيها‪ .‬ومعلوم أن القواعد القانونية المنظمللة للعلم والتصللال‬
‫مثلها مثل كافة القوانين المنظمة للحقوق والحريات العامة‪ ،‬هي وليللدة‬
‫الشروط السياسية والقتصادية والجتماعيللة‪ ،‬الللتي فللي رحمهللا نشللأت‬
‫ووضعت هذه القواعد‪ .‬فالقوانين العلمية الصادرة في الدول المغاربية‬
‫منللذ السللتقلل حللتى الن‪ ،‬سللواء فللي المغللرب أو تللونس والجللزائر‪،‬‬
‫فموريطانيا‪ ،‬كانت معبرة تعبيرا صادقا عن الوضاع والظروف إياها‪.‬‬
‫سوف يتم التركيز على المحطات الكبرى التي مللرت بهللا قللوانين‬
‫العلم فللي دول المغللرب العربللي الربللع‪ ،‬المغللرب وتللونس والجللزائر‬
‫وموريطانيا‪ ،‬مع استبعاد ليبيللا‪ ،‬العتبللار منهجللي محللض‪ .‬فالللدول الربللع‬
‫خضعت لنفس السللتعمار‪ ،‬وتللأثر تشللريعها بالتشللريع الفرنسللي للعلم‬
‫لسنة ‪ ،1881‬كما خضعت وسائل العلم فيها‪ ،‬إبان الفترة السللتعمارية‬
‫للتشريع الستعماري للعلم‪ :‬وهللو تشللريع منسللوخ مللن تشللريع ‪1881‬‬
‫مضللافة إليلله تشللديدات وقيللود تسللتهدف علللى الخصللوص الصللحف‬
‫المملوكللة لمللواطني الللدول الربللع المسللتعمرة‪ ،‬وسللوف يلحللظ بعللد‬
‫الستقلل أنه عندما صارت تضع قوانينها للعلم اعتمللدت علللى قللانون‬
‫‪ 29‬يوليوز ‪ 1881‬الفرنسي كمرجعية موحدة‪ ،‬ولعللل ذلللك مللا قللاد إلللى‬
‫التقارب والتشابه على مستوى البنللاء القللانوني لهللذه الللدول فللي عللدة‬
‫أمور‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫تتشابه التشريعات العلمية في الللدول الربللع‪ ،‬مللن حيللث تأثرهللا‬
‫بالظروف السياسية الدولية والوطنية‪ ،‬في اتجاه توسيع حرية العلم أو‬
‫في اتجاه تقييدها‪ .‬وذلك ما يؤكده واقع رصد تطور هذه التشريعات منذ‬
‫الستقلل حتى اليوم عبر سلسلة من المحطات واللحظات على النحللو‬
‫التي‪:‬‬
‫لحظة الستقلل إلى حدود منتصللف السللبعينات مللن القللرن‬ ‫‪-‬‬
‫المنصرم‬
‫لحظة السبعينات إلى نهاية الثمانينات‬ ‫‪-‬‬
‫لحظة نشوء النظام العالمي الجديد حتى الن‬ ‫‪-‬‬
‫أول‪ :‬التشريعات المغاربية للعلم الصادرة بعد‬
‫الستقلل‬
‫العلم فللي الللدول المغاربيللة الربعللة‪ ،‬كللان محكومللا‪ ،‬إبللان الفللترة‬
‫الستعمارية بتشريع وضع من قبل الحمايللة‪ ،‬وعنللد حصللول هللذه الللدول‬
‫على استقللها‪ ،‬بدأت تتخلى عن التشريع السللتعماري للعلم المطبللق‬
‫فيها جزئيا وشيئا فشيئا‪ ،‬دون أن يعني ذلللك إلغاؤهللا للترسللنة القانونيللة‬
‫المنظمة للعلم كليا أثناء الفترة الستعمارية‪ .‬لقد تم الحتفللاظ ببعللض‬
‫النصوص الستعمارية لتطبق على مجالت الحقللوق والحريللات وخاصللة‬
‫على حرية الرأي والتعبير‪ .‬وتجدر الشارة هنللا علللى سللبيل المثللال إللى‬
‫‪1‬‬
‫قانون‪ 1936 :‬في المغرب الذي اسلتمر العملل بله إللى حلدود ‪1994‬‬
‫على الرغم من كون قانون ‪ 15‬نونبر ‪ 1958‬كان الهدف من وضعه هللو‬
‫التخلي بشكل لرجعة فيه عن التشريع العلمي المطبق خلل المرحلة‬
‫الستعمارية‪.‬‬
‫إن التشريعات المغاربية للعلم محكومة بسمة العتزاز بالستقلل وما‬
‫خلفه من روح حماسية‪ ،‬إذ لزالت رنة نشوته حاضللرة وبقللوة فللي آذان‬
‫وأذهلللان المشلللرعين المغلللاربيين‪ .‬فلللي المغلللرب وتلللونس والجلللزائر‬
‫وموريطانيا‪ .‬وهي )أي التشريعات( محكومة بالشرط السياسي الوطني‬
‫وبما يحمله من صللراع علللى السلللطة بيللن الفرقللاء السياسلليين داخليللا‬
‫)حالة المغرب(‪.‬‬
‫كما أنها محكومة بما تعرضت له صلحافة حركلة التحريلر اللوطني‪ ،‬ملن‬
‫اضطهاد وتضييق‪ ،‬وقمللع ومصللادرة‪ ،‬خلل الفللترة السللتعمارية‪ .‬ولللذلك‬
‫فإن حركة التحرير هذه عنلدما صلارت مالكللة لسلللطة الحكلم‪ ،‬وضلعت‬
‫قوانين للعلم فيها بعض من الحرية والنفتاح‪ ،‬حتى وإن لم تكن تللؤمن‬
‫بالتعددية‪.‬‬
‫بعد استقلل الدول المغاربية‪ ،‬ولحظة وضعها للتشللريعات العلميللة لللم‬
‫تكن هناك وثائق دولية ذات أهمية تشدد على حريللة العلم مللا عللدا مللا‬

‫‪ 1‬حول ظروف إلغاء هذا القانون راجع‪ :‬علي كريمي‪ :‬حقوق النسان والحريات العامة في المغرب بين الواقع القانوني وظروف الكراه السياسي‪.‬‬
‫منشورات ‪.REMALD 2003‬‬

‫‪2‬‬
‫نصادفه فللي العلن العللالمي لحقللوق النسللان الصللادر فللي ‪ 10‬دجنللبر‬
‫‪ ،1948‬أو من نشاطات المم المتحدة‪ ،‬ووكالتها المتخصصللة كمنظمللة‬
‫اليونسكو‪ ،‬أو التفاقية الدولية لسلنة ‪ 1953‬حلول حلق اللرد‪ 2‬ومشلروع‬
‫اتفاقية حرية العلم‪.‬‬
‫وخلل اللحظة الللتي بللدأت هللذه الللدول ) أو علللى القللل بعضللها( تضللع‬
‫تشريعاتها العلمية‪ ،‬كان الهتمللام بحقلوق النسللان لزال ضللعيفا علللى‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬وذلك بفعل سلليادة الحللرب البللاردة‪ ،‬وهيمنللة الثنائيللة‬
‫القطبية الجامدة على العلقات الدولية‪ .‬فانشغال المجتمع الدولي بذلك‬
‫قلل من اهتماماته بقضايا حرية العلم والتعبير‪ ،‬وحقوق النسان‪.‬‬
‫وفي النظام القليمللي العربللي الللذي تنتمللي إليلله هللذه المجموعللة مللن‬
‫الدول محل الدراسة‪ ،‬لم يعر المحيط العربللي نفسلله الهتمللام لمسللألة‬
‫حرية العلم خلل هذه الفترة‪ ،‬بل كرست هنللاك فللي مختلللف مكونللاته‬
‫سلليادة فكللرة الللرأي الواحللد‪ ،‬وإلغللاء التعدديللة بالخصللوص بعللد حللرب‬
‫السويس وما قبلها بقليل‪.‬‬
‫العوامل المشار إليها‪ ،‬أثرت في مختلف التشللريعات المغاربيللة للعلم‪،‬‬
‫وجعلتها تتراوح بين التقييللد والتفتللح‪ ،‬إزاء حريللة الللرأي والتعللبير وحريللة‬
‫العلم‪ .‬كما جعلتها تتراوح بين تشريعات ليبرالية مطلقة‪ ،‬سوف تتحول‬
‫بعد وقت وجيز إلللى تشللريعات قيللدت فيهللا حريللة التعللبير‪ .‬وتشللريعات‬
‫كبلت هذه الحرية منذ البداية‪ ،‬وجعلت العلم تحت رحمة السلطة وفي‬
‫خدمتها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القوانين الولى والتأثر بالشرط السياسي‬
‫ظهرت القوانين المنظمة للعلم عقب الستقلل وكأنها قوانين منفتحة‬
‫ومدافعة على حرية العلم‪ ،‬وبالخصوص العلم المكتوب‪ ،‬وعدم فرض‬
‫قيود عليه‪ ،‬ماعدا ما اقتضته المحافظة على السس السياسية والدينيللة‬
‫للدولللة‪ ،‬ومللا يسللتلزمه الللدفاع والحفللاظ علللى المللن العللام والنظللام‬
‫والخلق والداب العامللة‪ .‬يبللدو ذلللك فللي التشللريعات الولللى للعلم‬
‫المكتوب‪ .‬أما العلم السمعي البصري فهو محتكر من قبل الدولة فللي‬
‫كل الدول المغاربيللة‪ .3‬لكللن النفللس الشللبه الليللبرالي داك سللرعان تللم‬
‫التخلي عنه في تونس‪ ،‬والجزائر‪ ،‬كما حصل التدرج في التخلي عنه في‬
‫المغرب خطوة خطوة‪.‬‬
‫فإذا كان العلم السمعي البصري محتكر أصل مللن طللرف الدولللة فللي‬
‫مختلف هذه الدول‪ ،‬فإن مبدأ الحتكار هذا صار يطللال العلم المكتللوب‬
‫في تونس والجزائر‪ ،‬وحتى في موريطانيا بدءا من سنة ‪ .1963‬ومقابله‬
‫صار يحصل في المغرب قضم بعض الجوانب الليبراليللة المشللرقة فللي‬

‫‪2‬‬
‫‪Roger Pinto : la liberté de l’information et de l’opinion Ed : domat 1995‬‬
‫‪ 3‬حول احتكار الدول المغاربية للعلم السمعي البصري راجع‪ :‬الكتاب الجماعي ‪l’information au Maghreb CERES Production‬‬
‫‪Collection enjeu Tunisie : 1992‬‬

‫‪3‬‬
‫قانون ‪ 15‬نونبر ‪ ،1958‬ملا بيلن ‪ 1960‬حلتى ‪ ،1965‬سلنة إعلن حاللة‬
‫الستثناء‪.‬‬
‫إن القيود المفروضة علللى حريللة العلم فللي الللدول المغاربيللة الربللع‪،‬‬
‫والمكرسللة فللي قللوانين إعلمهللا‪ ،‬ل يسللتقيم فهللم لمللاذا وردت علللى‬
‫الصورة التي وردت بها‪ ،‬بدون استحضللار الظللروف السياسللية الداخليللة‬
‫لهذه البلدان‪ ،‬وكذا الظللروف السياسللية الدوليللة والقليميللة‪ .‬إن قللراءة‬
‫تلك الظروف هي ما يوضح لماذا حدث ما حدث؟‬
‫فلللو أخللذنا النمللوذج المغربللي الللذي جللاء قللانونه ليبراليللا متللأثرا بفكللر‬
‫التعددية ورغبة إقصاء‪ ،‬أو على القل إضعاف هيمنة حزب غالب‪ ،‬يتضللح‬
‫كيف أن الصراع الداخلي بين المعارضة والقصللر فللي المغللرب صللارت‬
‫تتأرجح منللذ إقالللة الحكومللة السللتقللية الللتي كللان يترأسللها المرحللوم‬
‫مولي عبد الله إبراهيم ما بين دجنبر ‪ 1958‬وماي ‪ ،1960‬وكيف بللدأت‬
‫ليبراليلة قلانون ‪ 1958‬تلتراجع منلذ ذاك حلتى سلنة ‪ 41965‬عنلد إعلن‬
‫حالة الستثناء وكيف لعبت الحلداث السياسلية الداخليلة بعلد محلاولتي‬
‫النقلب الولللى فللي ‪ 1971‬والثانيللة فللي ‪ ،1972‬وأحللداث ‪ 3‬مللارس‬
‫‪ 1973‬دورا في إنهاء ما تبقى من ليبرالية قانون العلم والتصال‪ ،‬بعللد‬
‫إدخال تعديلت عليه في ‪ 10‬أبريل ‪ 1973‬في اتجاه تقييللد أكللثر شللمول‬
‫لحرية الرأي والتعبير‪.‬‬
‫وفي الجزائر التي خرجت تحت نيللر السللتعمار الفرنسللي عللام ‪،1962‬‬
‫شعرت الحكومة هناك‪ ،‬بأهمية وسائل العلم فوضعت يللدها علللى هللذا‬
‫القطاع الستراتيجي‪ ،‬فأصدرت في ‪ 31‬دجنبر ‪ 1962‬قانونا يؤكللد علللى‬
‫السللتمرار فللي تطللبيق القللوانين الجللاري بهللا العمللل فللي الفللترة‬
‫السللتعمارية‪ ،‬مللع اشللتراط أن ل يكللون بهللا مللا مللن شللأنه المسللاس‬
‫بالسيادة الوطنية‪ ،‬أو يتعارض معها‪ .‬ولم يتم تعديل هذا القللانون إل بعللد‬
‫صدور أمر بتاريخ ‪ 5‬يوليوز ‪ 1973‬الللذي ألغللى نهائيللا قللانون ‪ 31‬دجنللبر‬
‫‪.1962‬‬
‫ومن المعلوم أنه منذ يوليوز ‪ 1962‬قبل تأسلليس أول حكومللة جزائريللة‬
‫مؤقتة ناتجة عن اتفاقيات "إفيان"‪ ،‬وجهت هذه الخيرة تلغرافا إلى كللل‬
‫جهللات البلد‪ ،‬أي إلللى كللل الوليللات‪ ،‬تسللمح بموجبهللا للللولة بمراقبللة‬
‫مضمون الجرائد والنشرات قبل الترخيص لها بالطبع‪ ،‬مع مصللادرة كللل‬
‫النسخ عند صدورها‪ ،‬وذلك في الحالت التي ل تلتزم فيها هذه الصللحف‬
‫بالتعليمات الصادرة من الولة‪ .‬كما قررت الحكومة الجزائريللة أن تضللع‬
‫المؤسسات الصحفية تحلت وصللاية الحكوملة والحلزب بلدءا ملن شلهر‬
‫غشللت ‪ ،1963‬واحتكللار توزيللع الخبللار فللي سللبتمبر ‪ ،1964‬وتللأميم‬
‫الصحافة المكتوبة في نفس التاريخ‪.5‬‬
‫‪ 4‬ما بين ‪ 1958‬و ‪ 1965‬تاريخ إعلن حالة الستثناء تعرض القانون المغربي لعدة تعديلت قزمت ليبرالية ما بين ‪ 1959‬و ‪،1962 ،1960‬‬
‫‪.1963‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Brahim Brahimi : la liberté de l’information à travers les deux codes de la presse (1982-1990) en Algérie‬‬

‫‪4‬‬
‫وهكذا فما بين ‪ 1962‬إلى حدود وضع قللانون للعلم فللي الجللزائر فللي‬
‫سنة ‪ ،1982‬وضللعت الحكومللة عللدة نصللوص تهللم‪ :‬نظللام المؤسسللات‬
‫الصلحفية‪ ،‬قلانون نونللبر ‪ 1967‬الللذي يحلدد نظلام الصللحافة المكتوبلة‪،‬‬
‫والنظللام الساسللي للمهنللة فللي شللتنبر ‪ ،1968‬ونظللام النشللر وخاصللة‬
‫حقوق المؤلف في ‪.1973‬‬
‫ومع ذلك فإن النصوص المشار إليها على أهميتها‪ ،‬إل أنها لم تعمل على‬
‫سد الفراغ القانوني الذي ميز قطاع العلم فللي الجللزائر بشللكل عللام‪،‬‬
‫ونظام النشر بشكل خاص‪ .‬وهكذا نجد حتى القانون الجنللائي الجللزائري‬
‫المطبق منذ ‪ 1966‬قد أشار في المادة ‪ 298‬وفللي المللادة‪ ،299 :‬إلللى‬
‫المسللاس بشللرف الشللخاص‪ ،‬وإلللى التحقيللر والتشللهير‪ ،‬وخاصللة إلللى‬
‫السبب والقذف‪ ،‬بدون تحديد وتدقيق المسطرة في حالة ما إذا تم ذلك‬
‫عن طريق الصحافة‪.‬‬
‫ويتضح مما سلف أنه فللي الجللزائر قللد وضللعت الدولللة يللدها علللى هللذا‬
‫القطاع بتحريره أول من يد المستعمر‪ ،‬ثم بعد ذلك تأميمه‪ ،‬وفي مرحلة‬
‫ثالثة تركيزه في يد الدولة‪ ،‬وقللد عللبر علللى ذلللك بصللورة أكللثر وضللوحا‬
‫الستاذ إبراهيم البراهيمي في أطروحة حول "السلطة والصللحافة فللي‬
‫الجزائر"‪ .‬حيث أكللد "فيمللا بيللن ‪ 1962‬و ‪ 1965‬كللانت مسللؤولية إدارة‬
‫أجهزة العلم يتحملهلا رجلال السياسلة‪ .‬وابتللداء ملن سللنة ‪ 1965‬حلل‬
‫محل هؤلء الموظفون الداريون"‪ .‬ويبدو أن لهذا التحول علقة بللالتغيير‬
‫السياسي الحاصل في الجزائر إثر انقلب ‪ 19‬يونيو ‪.1965‬‬
‫عرفت الجزائر إذن سلسلة من الوامر تسللعى إلللى تنظيللم العلم مللع‬
‫بقائها متمسللكة بقللانون فرنسللا لسللنة ‪ ،1881‬دون تطللبيقه فعل‪ ،‬ففللي‬
‫أطروحتلله المخصصللة للعلم الجللزائري سللنة ‪ 1976‬يتعللرض الحسللين‬
‫سياح‪ :‬إلى حكم صادر عن محكمة الجللزائر بتاريللخ فاتللح غشللت ‪1968‬‬
‫فالقاضي لكي يعاقب جريمة القذف اعتمد على قللانون ‪ 8‬يونيللو ‪1966‬‬
‫وهو القانون الجنائي الجزائري‪ ،‬ولم يعتمللد علللى القللانون الفرنسللي ل‬
‫‪ 29‬يوليوز ‪.1881‬‬
‫وفي الجزائر علللى مسللتوى آخللر هنللاك الحتكللار المراقللب للعلم‪ ،‬مللا‬
‫يعنللي خدمللة الصللحافة للدارة‪ :‬أي أن الصللحافة صللارت فللي خدمللة‬
‫السلطة التنفيذية وهكللذا تفللوت مراقبللة الدولللة لوسللائل العلم بفعللل‬
‫وجود فراغ قانوني مهول‪ .‬فالجزائر لم تعرف أول قانون للعلم إل في‬
‫عام ‪ ،1982‬وهللو فللي عمقلله ليللس إل وثيقللة جنائيللة‪ ،‬تعللاقب ممللارس‬
‫الصحافة أكثر مما تحمى مهنة الصحافة‪.‬‬
‫من خلل ما سبق يبدو أن هنللاك تقللارب بيللن التجللارب المغاربيللة فيمللا‬
‫يخص قوانين العلم وارتباطها بتشريع الدولة المسللتعمرة وبالخصللوص‬
‫قانون ‪ 29‬يوليوز ‪ 1881‬الفرنسللي الللذي طبللق فللي بعللض الللدول بعللد‬
‫‪In : l’information au Maghreb : ouvrage collectif Tunisie 1992. p : 182-213‬‬

‫‪5‬‬
‫السللتقلل كمللا هللو الشللأن فللي الجللزائر أو اتخللذ فللي البعللض الخللر‬
‫كمرجعية استقى منها قانونها للعلم كما هو الشأن في المغرب أو في‬
‫موريطانيا أو تونس‪.‬‬
‫ففي تونس صدر المرسوم الخاص بالصحافة في تاريخ ‪ 9‬فبراير ‪1956‬‬
‫مباشللرة بعللد التوقيللع علللى التفاقيللة الفرنسللية التونسللية الخللاص‬
‫بالسللتقلل الللذاتي عللام ‪ .1955‬هللذا القللانون تللأثر كللثيرا بالتشللريع‬
‫الفرنسي للعلم الصادر في ظل الجمهورية الثالثة الفرنسية‪ .‬لقد نللص‬
‫القانون التونسي تأثرا بالفرنسي المشار إليلله فللي مللادته الولللى علللى‬
‫]‪ ...‬مبدأ حرية الصحافة والنشر[‪ ،‬تماما كما فعل التشريع المغربي فللي‬
‫‪ 15‬نونبر ‪ .1958‬وأما بقية المواد الخرى المكونللة لهللذا القللانون فهللي‬
‫كلها تدور حول تنظيم هذه الحرية‪ :‬حرية الصحافة والنشر‪.‬‬
‫فالمادة‪ 54 :‬من هذا القللانون ألغللت سلسلللة مللن المراسلليم القانونيللة‬
‫التي قيدت الصحافة المكتوبة في تونس فأردتها صحافة خرسللاء‪ ،‬ومللن‬
‫هذه المراسيم‪:‬‬
‫مرسلللوم ‪ 6‬غشلللت ‪ -1936‬مرسلللوم ‪ 15‬سلللبتمبر ‪-1939‬‬ ‫‪-‬‬
‫مرسوم ‪ 9‬غشت ‪1944‬‬
‫مرسوم ‪ 4‬يناير ‪.1945‬‬ ‫‪-‬‬
‫صدر في تونس عقب الستقلل مرسوم تكميلللي فللي ‪ 7‬نونللبر ‪،1957‬‬
‫يهدف إلى تيسير وتسهيل مهمة وزيللر الداخليللة لللدعم النظللام الجديللد‪،‬‬
‫وقد تضمن تعديلت ذات أهمية عملية‪ :‬فمن جهللة نظللم تسللهيل عمليللة‬
‫اليداع القانوني‪ ،‬كما نظم عملية مصللادرة الصللحف الجنبيللة فللي حالللة‬
‫مساسها بالنظام العام‪ .‬وينضاف إللى هللذا نصلان قانونيللان آخللران‪ ،‬تلم‬
‫إصللدارهما بتاريللخ ‪ 10‬غشللت ‪ 1957‬و ‪ 30‬غشللت ‪ 1961‬يهللدفان إلللى‬
‫مراقبة التمويل الجنبي للصحافة التونسية‪.‬‬
‫إن قللانون ‪ 9‬فللبراير ‪ 1956‬بقللي علللى الرغللم مللن تعللديله مجللرد نللص‬
‫ظرفي وليس بمدونة حقيقية لممارسة حرية الرأي والتعبير فهذا الخير‬
‫كما سبقت الشارة إلى ذلك جاء عشية المفاوضات بين فرنسا وتونس‬
‫حول الستقلل‪ ،‬كما جاء سابقا عللى التحلولت القانونيلة اللتي عرفتهلا‬
‫تللونس وخاصللة دسللتور ‪ ،1959‬الللذي أحللل النظللام الجمهللوري محللل‬
‫الملكي‪ ،‬وضمن ممارسة الحريات العامة‪ :‬كما أن هذا القانون تبين أثناء‬
‫الممارسة أنه نص ناقص‪ ،‬وغير منسجم مع وضعية البلد‪ ،‬وخاصة بعدما‬
‫وضعت القللوانين الخللرى مثللل ‪ :‬قللانون المسللطرة الجنائيللة والمدنيللة‬
‫والقللانون التجللاري والقللانون العسللكري‪ ،‬وقللانون النتخللاب‪ ،‬والقللانون‬
‫المنظم للذاعة والبت‪...‬الخ‪.‬‬
‫كمللا أن قللانون ‪ 1956‬لللم يخصللص إلللى مقتضلليات وشللكليات اليللداع‬
‫القانوني إل مادتين غامضتين وغير واضللحتين‪ .‬فالعقوبللات الللواردة فيلله‬
‫متطابقة تماما مع ما هو وارد في التشريع الفرنسي‪ ،‬وهي ل تتلءم في‬

‫‪6‬‬
‫الغالب مع الواقع التونسي‪ .‬فإذا أضفنا إلى هذا أنها مستوحاة كليللا مللن‬
‫التشريع الفرنسي ل ‪ 29‬يوليوز ‪ ،1881‬فإن ذلللك يعللد سللببا كافيللا مللن‬
‫أجل المطالبة بإعادة النظر فيه‪ .‬ولشك أن تلك هي الحيثيللات والحجللج‬
‫التي تم العتماد عليها عندما طرح تعديل ‪.1975‬‬
‫في موريطانيا يمكللن القللول إن التشللريعات الللتي كللانت تحكللم العلم‬
‫خلل الفترة الستعمارية هي التشريعات التي تضبط القاليم الفرنسللية‬
‫فيما وراء البحار‪ ،‬كما يمكن القول إنه خلل هذه الفترة لللم توجللد‪ ،‬فللي‬
‫موريطانيللا وسللائل إعلم حقيقيللة‪ ،‬بللل حللتى الذاعللة الوطنيللة الوحيللدة‬
‫الموجودة كانت تبث برامجها لفترة من الوقت انطلقا من مدينة "سان‬
‫الوي" السينغالية والتي كانت هللي العاصللمة الداريللة لموريطانيللا‪ ،‬قبللل‬
‫الستقلل عام ‪ .1960‬أمللا الصللحافة المكتوبللة فكللانت قليلللة وضللعيفة‬
‫المحتوى والطر‪.‬‬
‫وأهمها "جريدة موريطانيا الجديدة" الحكومية‪ ،‬وقد حلللت محلهللا نشللرة‬
‫"الخبار" وجريدة "الشعب"‪ ،‬الناطقة باسللم الحللزب وجريللدة "الواقللع"‬
‫تصدر عن نقابة المحامين العرب‪ ،‬والتي كانت تمثل تيارا معينا يتعاطف‬
‫مع القضايا العربية‪.‬‬
‫صدر خلل هذه اللحظللة فللي مورريطانيللا فللي سللنة ‪ 1963‬مثلهللا مثللل‬
‫الدول المغاربية الخرى قانون للعلم جاء صورة طبق الصللل لتشللريع‬
‫الفرنسي لسلنة ‪ .1881‬وكملا فعللت الجلزائر وتلونس وحلتى المغلرب‬
‫)فيما يخص السمعي البصري( لجأت موريطانيا هي الخرى إلى احتكللار‬
‫العلم المكتللوب والسللمعي البصللري‪ ،‬تمشلليا مللع العتبللارات القاضللية‬
‫والداعية إلى قيام الحزب الوحيد‪ ،‬إنه تماما نفس ما حصللل فللي تللونس‬
‫والجزائر‪.‬‬
‫ولكن على الرغم من احتكار وسائل العلم في موريطانيللا مللن طللرف‬
‫الدولة‪ ،‬لم يمنع ذلك من وجود نشرات سرية تعبر عن رأي المجموعات‬
‫المعارضة للحزب الوحيد‪ ،‬فبعد أحداث ‪ 1966‬الناتجة عن تدمر الشباب‬
‫والطبقة العاملة بسبب كبللث الحريللات‪ ،‬وأيضللا بسللبب تللدهور الوضللاع‬
‫القتصادية والجتماعية‪ ،‬ولوحظ أن هناك انفتاح نسبي‪ ،‬لم يكللن مألوفللا‬
‫خاصة مع نهاية الستينات وبداية السبعينات أي ما بيللن ‪ 1969‬و ‪.1971‬‬
‫وهللو تللوجه اختللارته الحكومللة أنللذاك للحفللاظ علللى هيبتهللا بعللد موجللة‬
‫الحتجاجات‪ .‬لكن النفتللاح المشللار إليلله حصللر حريللة العلم المتحللدث‬
‫عنها في داخل منابر الحزب العلمية‪ ،‬وذلك بممارسة حق النقد البنللاء‪،‬‬
‫والنقللد الللذاتي داخللل الحللزب الوحيللد‪ .‬ويشللكل ذلللك حسللب القللادة‬
‫الموريطللانيين حل وسللطا بيللن الديكتاتوريللة الطاغيللة‪ ،‬الللتي ل تقبللل إل‬
‫المدح والثناء‪ ،‬والديموقراطية الكلسيكية التي تسللمح بحريللات التعللبير‪،‬‬
‫ووسائله بصورة مطلقة وغير مقيدة‪ .‬وقد تم التأكيد علللى هللذه التجللاه‬
‫بصورة واضحة في الميثاق الوطني الصادر في سنة ‪.1975‬‬

‫‪7‬‬
‫ثالثا‪ :‬تأثير الهتمام بحقوق النسان على قوانين‬
‫العلم‪.‬‬
‫يمكن العتراف أن اللحظة التي تبتدأ مع منتصف السبعينات من القرن‬
‫المنصرم‪ ،‬وهي لحظة اهتمام بتنظيم حرية العلم فللي مختلللف الللدول‬
‫المغاربية المدروسة تنظيما مراقبا محسوبا‪ ،‬وأحيانا مقيدا لهذه الحرية‪.‬‬
‫فمن تونس التي ستعرف قانونا لعلم جديد فللي ‪ ،1975‬إلللى الجللزائر‬
‫حيث وضللع الميثللاق الللوطني سللنة ‪ 1976‬مشللددا علللى حريللة العلم‪،‬‬
‫والتي لن تضع أول قللانون يللبين كيفيللة ممارسللتها إل فللي سللنة ‪،1982‬‬
‫مرورا بموريطانيا‪ ،‬حيللث تللم التأكيللد عليهللا فللي الميثللاق الللوطني سللنة‬
‫‪ 1975‬وصول إلى المغرب الللذي وضللع نظامللا للعلم جديللد منللذ ربيللع‬
‫‪ 1973‬والذي سوف يدخل في رسم الهللامش الللديموقراطي بللدءا مللن‬
‫سنة ‪.1976-1975‬‬
‫كانت الظروف السياسية الدولية والقليمية‪ ،‬وكذا الظللروف السياسللية‬
‫الداخلية الللتي عاشللتها الللدول المغاربيللة مللا بيللن منتصللف الخمسللينات‬
‫وبداية الستينات حتى منتصلف عقللد السلبعينات ملن القللرن المنصللرم‪،‬‬
‫ذات تأثير على القلوانين العلميلة لهلذه اللدول‪ -‬للذلك جلاءت الخيلرة‬
‫معبرة تعللبيرا صللادقا عللن تلللك الظللروف‪ ،‬وعاكسللة لحالتهللا السياسللية‬
‫ولواقعها المعيش‪ .‬ففي ظل هذه الشللروط بللدأت توضللع أولللى قللوانين‬
‫العلم الحقيقية في كل من تونس وموريطانيا‪ ،‬وحتى في الجزائر فيما‬
‫بعد‪ .‬كما في ظلها بدأت تظهر بعض ملمح رفع القيود‪ ،‬على العلم في‬
‫المغرب‪ ،‬الذي عرف قانونه الليبرالي تقييللدات خطيللرة بعللد ‪ 10‬أبريللل‬
‫‪.1973‬‬
‫إن التأثير المعلن عنه يقود إلللى التسللاؤل حللول كيللف قللادت التحللولت‬
‫الللتي عرفهللا النظللام الللدولي فللي اتجللاه النفتللاح نحللو مزيللد مللن‬
‫الديموقراطية وحقوق النسان‪ ،‬بدءا من منتصف السللبعينات‪ ،‬وبالضللبط‬
‫خلل سنتي ‪ 1975‬و ‪ .1976‬فهاتين السنتين تعتبران مرجعيللتين‪ .‬ففللي‬
‫‪ 1975‬ينعقللد مللؤتمر المللن والتعللاون الوروبللي الول فللي هلسللنكي‬
‫عاصللمة فيلنللدا‪ ،‬وشللدد علللى مسللألة الديموقراطيللة وحقللوق النسللان‬
‫وضمنها حرية العلم‪ ،‬وحرية الللرأي والتعللبير‪ .‬وفللي سللنة ‪ 1976‬ظهللر‬
‫متغيران أساسيان‪ ،‬أولهما يخص دخول العهدين الدوليين الصادرين عللن‬
‫الجمعية العامة منذ ‪ 1966‬والمتعلقين بحقوق النسان‪ ،‬حيز التنفيذ في‬
‫سنة ‪ 61976‬والمتغير الثاني‪ :‬هللو وصللول الللديموقراطيين إلللى الحكللم‬
‫في الوليات المتحدة المريكية من خلل ولية جيمي كارتر" ورفللع هللذا‬
‫الخير شللعار الديموقراطيللة وحقللوق النسللان‪ ،‬واشللتراط المسللاعدات‬

‫‪ 6‬فالمادة ‪ 19‬من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية تؤكد على حرية العلم والرأي والتعبير‪ ،‬فحولت ماجاء في العلن العالمي سنة ‪1948‬‬
‫وفي نفس المادة إلى قاعدة قانونية ملزمة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫الللتي تقللدمها الوليللات المتحللدة لحلفائهللا بمللدى احللترام هللذه الخيللرة‬
‫لحقوق النسان‪.‬‬
‫العوامللل الثلث أثللرت بشللكل واضللح علللى الللدول المغاربيللة‪ ،‬وأثللرت‬
‫توصلليات مللؤتمر هلسللنكي علللى الخصللوص علللى المشللرع العلمللي‬
‫المغاربي‪ .‬كما أثلرت عليله أحلداث أخلرى أساسلا ماحلدث فلي جلواره‬
‫الوروبي القريب‪ ،‬وخاصة التحول الذي بدأ تفرض نفسلها فلي كلل ملن‬
‫اسللبانيا والبرتغللال خلل سللنة ‪ ،1975‬و ماحللدث فللي جللواره الوروبللي‬
‫القريب‪ ،‬وخاصة التحول الذي بدأت معالمه تفرض نفسها فللي كللل مللن‬
‫اسبانيا والبرتغال خلل سنة ‪ ،1975‬إثر دخولها في حالللة النتقللال نحللو‬
‫الديموقراطية‪ .‬مرة أخرى ليس من باب الصللدفة أن تظهللر بعللد ظهللور‬
‫هذه المتغيرات أولى القوانين الممكن نعتهللا فعل بقللوانين إعلميللة فللي‬
‫تونس ‪ 1975‬في الجللزائر سللنة ‪ ،71982‬وأيضلا إشللارات واضللحة دالللة‬
‫وردت فللي الميثللاق الللوطني الموريطللاني ‪ ،1975‬والميثللاق الللوطني‬
‫الجزائري سنة ‪.1976‬‬
‫إن مرحلة السبعينات تمهد لمرحلة أخللرى أساسللية كللان لهللا أثللر علللى‬
‫قوانين العلم في الدول المغاربية انطلقا من منتصف الثمانينللات إلللى‬
‫حدود بداية اللفية الثالثة‪ ،‬وهذه اللحظة أساسية ومهمة‪.‬‬
‫نتج عن التغييرات السالفة نشوء قوانين تستحق فعل أن يطلق عليهللا‬
‫مدونات للعلم في تونس سللنة‪ ،81975‬وفللي الجللزائر قللانون ‪.91982‬‬
‫ولكنها في عمقها قوانين‪ ،‬وإن رامت تنظيم حريللة العلم ظاهريللا هللي‬
‫مقيدة لها بفعل ما تضمنته من قيود وشروط مطلوبة لصدار صحيفة أو‬
‫منشور دوري‪ .‬كما هي مقيدة لهذه الحرية بالنظر إلللى مللا وضللعته مللن‬
‫خطوط حمر ل ينبغي تجاوزها‪ ،‬وهي كثيرة ومتنوعة‪ .‬وهللي مقيللدة أكللثر‬
‫لهذه الحرية بتحويلهللا قللانون العلم إلللى قللانون جنللائي محللض‪ ،‬نظللرا‬
‫لطغيان المواد المتضمنة للغرامات والعقوبللات علللى بنللوده‪ .‬والمعضلللة‬
‫هي أن أكبر مقيد لحرية الصحافة هو كون هذه القوانين ل تعترف بهللذه‬
‫الحرية إل للحزب او الدولة المحتكلرة لوسللائل العلم‪ ،‬فهللل فللي ظللل‬
‫هللذا الوضللع يمكللن الحللديث عللن حريللة للعلم وعللن حريللة للصللحافة‪،‬‬
‫المكتوبة منها أو السمعية البصرية؟ مللع ذلللك يجللب العللتراف أن هللذه‬
‫القوانين هي مقدمات لقللوانين جديللدة ناتجللة عللن الظللروف السياسللية‬
‫الوطنية والدولية في كل البلدين‪ ،‬كما في بقية الدول المغاربية الخرى‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫يعتبر قانون ‪ 1982‬الخاص بالعلم أو قانون حقيقي للعلم في الجزائر‪ .‬وذات الشيء يقال بالنسبة لقانون ‪ 1975‬في تونس‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫قانون الصحافة التونسي عدد‪ 32 :‬لسنة ‪ 1975‬مؤرخ في ‪ 28‬أبريل ‪ 1975‬يتعلق بإصدار مجلة الصحافة‬
‫‪9‬‬
‫القانون الجزائري رقم ‪ 01-82‬المؤرخ في ‪ 24‬رمضان عام ‪ 1402‬الموافق ‪ 6‬فبراير ‪1982‬‬

‫‪9‬‬
‫رابعا‪ :‬قوانين العلم في الدول المغاربية أية علقة‬
‫بالنفتاح؟‬
‫كانت لحظة النفتاح لحظة مؤطرة سياسيا لواقع وحللال قللوانين العلم‬
‫على الصعيد المغاربي‪ .‬إنها لحظللة حاسللمة‪ ،‬ومهمللة‪ ،‬إذ خللهللا ظهللرت‬
‫تشريعات إعلمية جديدة مغايرة لتلك المطبقة في بعللض هللذه الللدول‪،‬‬
‫سللواء بعللد السللتقلل مباشللرة أو حللتى للللتي طبقللت منللذ منتصللف‬
‫السبعينات من القرن المنصللرم‪ .‬إنهللا تشللريعات جديللدة فيهللا إضللافات‬
‫لمسندة حرية العلم والرأي‪ ،‬لكنها لم تخرج تماما عن روح التشريعات‬
‫القديمة‪.‬‬
‫التشللريع الصلادر ‪ 1990‬فللي الجللزائر‪ ،‬والللذي سللبقه فللي تللونس سللنة‬
‫‪ 1988‬عمل علللى إفسللاح المجللال للتعدديللة العلميللة فللي الصللحافة‬
‫المكتوبللة‪ ،‬لكنهمللا كرسللا معللا احتكللار الدولللة لقطللاع العلم السللمعي‬
‫البصري‪ .‬إنهما بللذلك قللد سلللكا مسلللك التشللريع المغربللي منللذ ‪1958‬‬
‫وصول إلى ‪ .1973‬وتبعا لهذا يمكن القول إننللا فللي المنطقللة المغاربيللة‬
‫بلدءا ملن ‪ 1988‬و ‪ 1990‬أملام تشلريع مغلاربي موحللد للعلم‪ .‬سللمته‬
‫احتكار الدولة للعلم السمعي البصري وتحريرها للصحافة المكتوبة‪.‬‬
‫لعبت التحولت السياسية التي مرت بها الدول المغاربية دورا بارزا فللي‬
‫تطور التشريع العلمي‪ ،‬بحيللث ل يمكللن أن يعللزل عللن مللا حللدث فللي‬
‫تونس سنة ‪ ،1987‬وفي الجزائر سنة ‪ .1988‬كما ل يمكللن فصللله عللن‬
‫ما حدث على المستوى القليمي المغاربي‪ ،‬عن ظروف تشللكيل اتحللاد‬
‫المغرب العربي‪ ،‬فللي بدايللة ‪ ،1989‬بللل ل يمكللن فصللل كللل ذلللك عللن‬
‫التحولت الناتجة عن تطللبيق سياسلية الشلفافية والنفتللاح فللي التحلاد‬
‫السللوفياتي سللنة ‪ ،1986‬إن هللذه العوامللل كللانت حاسللمة فللي تطللور‬
‫تشريعات العلم في الدول المغاربيللة‪ .‬وتللزداد الصللورة وضللوحا وتللأثرا‬
‫بللالمتغيرات السياسللية المشللار إليهللا فللي علقللة مللع تطللور القللوانين‬
‫العلمية‪ ،‬عندما سيدخل على الخط متغيللر التحللولت العالميللة الكللبرى‬
‫ومن أهم صورها‪ :‬انهيلار جللدار برليلن ‪ ،1989‬ونشلوء النظلام العللالمي‬
‫الجديلللد‪ ،‬الملللروج لليديولوجيلللة الليبراليلللة اقتصلللاديا وللديموقراطيلللة‬
‫التقليدية‪ ،‬وحقوق النسان سياسيا‪ ،‬والمكللرس لهيمنللة القطللب الواحللد‬
‫استراتيجيا وعسكريا‪.‬‬
‫‪ (1‬قييانون العلم فييي الجييزائر ميين النغلق إلييى النفتيياح‬
‫الليبرالي‬
‫ففي الجزائر‪ ،‬وفي عمللق التحللولت الكللبرى الللتي عرفتهللا البلد‪ ،‬أثنللاء‬
‫حالة الحصار الناتجللة عللن أحللداث أكتللوبر ‪ ،1988‬بللدأ الحللديث يتنللامى‬
‫بشكل مثير حول قضايا حرية العلم والتعبير‪ ،‬وحول دور وسللائله فللي‬
‫ترسيخ وتركيز الديموقراطية وأيضا حول مهنة العلم‪ .‬فالصللحافة قبللل‬
‫المصادقة على دستور ‪ 1989‬لزالت محكومة بمقتضيات قانون ‪1982‬‬

‫‪10‬‬
‫رقم ‪ .01-08‬ولكن عندما وضللع الدسللتور‪ ،‬وضللع مباشللرة بعللده قللانون‬
‫رقم ‪ 11-89‬الذي يسمح للحزاب السياسلية بإصلدار الصلحف الخاصلة‬
‫بها‪ ،‬الشيء الذي جعل القانون رقم ‪ 01-08‬بتاريخ ‪ 6‬أبريل ‪ 1982‬غيللر‬
‫ذي جدوى ول معنى‪ ،‬خاصة وأن دستور ‪ 23‬فللبراير ‪ ،1989‬قللد خصللص‬
‫عدة مواد لحريللة الللرأي والتعللبير بشللكل صللريح‪ ،‬وهللي المللواد التاليللة‪:‬‬
‫المادة ‪ 35‬والمادة‪ -36 :‬والمادة‪ .39 :‬من الواضح أننا لزلنللا حللتى الن‬
‫على الرغم من النللص الدسللتوري‪ ،‬ومللن القللانون رقللم‪ 11-89 :‬لسللنة‬
‫‪ ،1989‬أمام صحافة تابعة للدولة بالشكل الكامل‪ .‬فالوضع القائم يحتم‬
‫على المشرع تنظيم مجللال العلم بملا يتماشللى ومقتضلليات الدسللتور‪،‬‬
‫ومع واقع الظروف السياسية‪ ،‬ما يفللرض عليلله أن يأخللذ بعيللن العتبللار‬
‫تعدديللة الللرأي والفكللر والعلم‪ ،‬فالحقللل العلمللي صللار متعللددا‪ ،‬ممللا‬
‫يطرح على المشرع الجابة على السئلة المحيرة التالية‪ :‬أيللة صللحافة؟‬
‫لمن ستكون مملوكة فللي المسللتقبل؟ هللل هللي صللحافة الحكومللة؟ أم‬
‫صحافة حزبية‪ ،‬أم صحافة رأي؟ أم صحافة ذات طابع تجاري؟‪.10‬‬
‫لقد جاء قانون ‪ 1990‬مجيبا على مختلف هذه التساؤلت‪ .‬فللإلى جللانب‬
‫تأكيده علللى إمكانيللة الفللراد والجمعيللات ذات الطللابع السياسللي علللى‬
‫إصدار الصحف وامتلكها‪ ،‬فإنه أكللد علللى أن الدولللة سللتحتفظ بمللوجبه‬
‫علللى احتكللار التلفزيللون‪ -‬والتوزيللع السللينماتوغرافي وكللذلك اسللتيراد‬
‫وتوزيع الصحف الجنبية‪ .‬كما أن أهم شيء في هذا القللانون هللو تأكيللده‬
‫على أن كل نشرة جديدة ينبغي إجباريا أن تنشر باللغللة العربيللة‪ ،‬ولكللن‬
‫في نفس الن نجد المادة‪ 21 :‬مللن قللانون الجمعيللات السياسللية تجيللز‬
‫لهذه الخيرة إصدار النشرات باللغات الجنبية‪.11‬‬
‫ويشتمل أيضا هذا القانون على حوالي‪ 43 :‬مللادة ذات الطللابع الجنللائي‬
‫كلها تهدف إلللى الحفللاظ علللى النظلام العللام‪ .‬والخلق والداب العاملة‬
‫وإلى حفظ السللس السياسللية للدولللة‪ ،‬ومؤسسللات الدولللة الحساسللة‬
‫وتمنع السب والقذف والتشهير‪...‬الخ‪ .‬وهذه الخيرة من شللأنها أن تحللد‬
‫من ممارسة الصحافة ومن حرية العلم‪.‬‬
‫ولكن هل استطاعت الجزائر أن تلللتزم ببنللود هللذا القللانون علللى علتلله‬
‫بالخصوص وأن الشرط السياسي المصاحب لتطبيقه بعد مللرور سللنتين‬
‫أو أقل صار يميل نحو النغلق والتشديد بعد التراجعات الللتي سللتعرفها‬
‫الحياة السياسية في الجزائر خاصة بعد ‪.1992‬‬
‫يبدو أن عملية ربط التحولت السياسية بتطور التشريعات العلمية في‬
‫الدول المغاربية الربع محل هذه الدراسة‪ -‬قد بللدأت تتضللح أكللثر فللأكثر‬
‫بالخصوص في ظل الوضاع السياسية التي تمر بها المنطقللة المغاربيللة‬
‫في نهاية عقللد الثمانينللات مللن القللرن المنصللرم‪ .‬فأحللداث أكتللوبر فللي‬
‫‪Zoubir chaouche : l’évolution des médias en Algérie in information au Maghreb : CERES production 1992 10‬‬
‫‪p :123-130‬‬
‫‪11‬‬
‫القانون رقم ‪ 07-90 :‬بتاريخ ‪ 3‬أبريل ‪ 1990‬المتعلق بالعلم ‪Annuaire de l’Afrique du Nord : 1990- p : 533-534‬‬

‫‪11‬‬
‫الجللزائر قللادت إلللى مراجعللة وتعللديل قللانون العلم الجللزائري لسللنة‬
‫‪ .1982‬وأحداث ‪ 7‬نونبر في تونس ‪ ،1987‬دفعت إلى مراجعة القللانون‬
‫التونسي للعلم الموضوع في سنة ‪ 1975‬ليحل محله قانون جديد في‬
‫سنة ‪.1988‬‬
‫‪ (2‬قانون العلم في تونس والليبرالية المراقبة‬
‫فللي تللونس ظهللرت الرهاصللات الولللى لتحريللر الصللحافة فللي عقللد‬
‫الثمانينات منذ سنة ‪ ،1981‬واستمرت‪ ،‬ولكن بشكل مضللبوط ومللوزون‬
‫يجعل كل خيوط العلم بين يدي سلطة الحكومة‪ .‬فبعد ‪ 7‬نونللبر ‪1987‬‬
‫تم تعديل قانون العلم لسنة ‪ 121975‬بموجب قانون جديد هو القللانون‬
‫رقم‪ 89 :‬المؤرخ في فبراير ‪ .1988‬ولكن على الرغم من هذا التعللديل‬
‫فإن حرية الصحافة في تراجع وترد مقارنة مع ملا كللانت عليلله مباشللرة‬
‫بعد ‪ 7‬نونبر ‪ .1987‬ويتجلى هللذا الللتردي وهللذا الللتراجع فللي العقوبللات‬
‫القاسية الموجهة للصحفيين‪ ،‬وفي تدخلت الدارة ضد الصحافة‪.‬‬
‫فخلل هذه الفترة كانت هناك محاكمللات تحللت مللبرر السللبب والقللذف‬
‫والهانة‪ ،‬ونشر النباء الكاذبة‪...‬الخ‪ .‬كمللا تللوالت وبكللثرة عمليللات حجللز‬
‫الصللحف وتوقيفهللا مللن قبللل الدارة وباسللتمرار وتحللت أوامللر تعطللى‬
‫هاتفيا‪ 13.‬وعرف حق المواطن في العلم انتهاكات جسيمة بفعل إرغام‬
‫الصحافة على السكوت إزاء بعض القضللايا ذات الطللابع السياسللي‪ .‬ثللم‬
‫إن نظام الرقابة القبلية الذي عاد إلى الظهور وبقوة بعد حللرب الخليللج‬
‫الثانية‪ ،‬كان من نتائجه أن صدرت العشرات من النشللرات وفيهللا بعللض‬
‫الفراغات البيضاء ما يعني أن هناك أخبار تم حذفها من قبل الرقيب‪.‬‬
‫الوقائع السالفة تبين أن هناك تناقض مثير ما بيللن المقتضلليات المعلللن‬
‫عنها من طرف القانون رقللم ‪ 89‬الصللادر فللي فللبراير ‪ ،1988‬واحللترام‬
‫تطبيقاته الفعلية‪ .‬وتظهر الفجوة كبيرة بين واقع النللص القللانوني‪ ،‬وبيللن‬
‫الممارسة على أرض الواقع‪ .‬وهذه ظاهرة تهم كل الدول المغاربيللة‪ .‬إذ‬
‫قد يكون النص ليبراليا براقا ولكن يفرغ من محتواه عند التطبيق بفعللل‬
‫شللطارة البيروقراطيللة‪ ،‬وبفعللل التطللبيق السلليء لمضللمونه‪ .‬إن هنللاك‬
‫تناقض بين ما هو مرغوب فيه‪ ،‬وبين مللا هللو كللائن وحاصللل علللى أرض‬
‫الواقع‪ ،‬وهناك تناقض بين ذاك وبين المبللادئ المعلللن عنهللا كمفتضلليات‬
‫قانونية وأيضا معلن عنها كخطاب ليبرالي‪.‬‬
‫ويستخلص في النهاية من قراءة القانون التونسي للعلم لسللنة ‪1988‬‬
‫أنه على الرغم من طموحه إلى مراجعة سلسلة من التقيدات المدرجة‬
‫في بنود قانون ‪ 1975‬والتي تكبل حرية العلم‪ .‬وأيضا على الرغم مللن‬
‫كونه جاء في ظرفية تتسم بنوع من النفتللاح الللداخلي‪ ،‬فللإنه لللم يللرض‬
‫الفاعلين العلميين وكلذا الحقلوقيين فلي تلونس‪ .‬فالقلانون إيللاه لزال‬

‫‪12‬‬
‫قانون الصحافة التونسي عدد‪ 32 :‬لسنة ‪ 1975‬مؤرخ في ‪ 28‬أبريل ‪1975‬‬
‫‪Larbi chouiha : fondements et situation de la liberté de l’information en Tunisie CERES : P 75-76 13‬‬

‫‪12‬‬
‫ينعت بكونه قانونا جنائيا للعلم‪ ،‬نظرا لثقل وتعللدد العقوبللات الحبسللية‬
‫والغرامات المالية المضمنة فيه‪ ،‬والتي من شأنها عرقلللة وتقييللد حريللة‬
‫العلم‪ ،‬وحرية التعبير‪ .‬ويتضح مللن قللراءة بنللوده أننللا فعل أمللام قللانون‬
‫جنائي وليس قانون للعلم‪ .14‬وربمللا أن هللذا التشللدد المقللرون بقضللايا‬
‫الحفاظ على النظام العام‪ ،‬والمن العللام‪...‬الللخ‪ ،‬يللبرز حسللابات الدولللة‬
‫الراغبة والمتمسكة كالعادة بالتحكم في العلم وجعله تحت جناحها‪ .‬ول‬
‫سبيل إلى إدامة هذه السيطرة إل بوضع قانون من هذا القبيل‪ ،‬يكللرس‬
‫سيطرتها‪ ،‬ويقمع كل متطاول راغب في التعبير الحر عن الللرأي بشللكل‬
‫مطلق‪.‬‬
‫‪ (3‬قانون العلم في موريطانيا وإرث النغلق‬
‫وفي موريطانيا حيث حدث إنقلب عسكري في عام ‪ 1978‬قد ل يمكن‬
‫فصل مللا حصللل ملن تطللور فللي مجللال التنظيللم القللانوني للعلم عللن‬
‫التطورات السياسية التي عرفها هذا البلد‬
‫خلل فترة الحكومات الستثنائية التي عرفتها موريطانيا مللا بيللن ‪1978‬‬
‫و ‪ ،1992‬وهي حكومات استثنائية عسكرية‪ .‬عملت هذه الحكومات في‬
‫مجللال العلم علللى تنظيللم هللذا القطللاع وفقللا للقللرارات والقللوانين‬
‫الصادرة في فترة الحكومة المدنية الولى‪ .‬وهذا ما يعني أن هناك فراغ‬
‫قانوني كبير علللى مسللتوى التنظيللم والتقنيللن القطللاعي والمؤسسللاتي‬
‫للهيئات العلمية‪.15‬‬
‫فبعد قانون ‪ 1963‬الذي أستنسخ من القانون الفرنسي‪ ،‬قد وضع قانون‬
‫جديد ليحل محله‪ ،‬في ظل التحول الذي عرفته موريطانيا‪ .‬وقد جاء هذا‬
‫القانون مشخصا في المللر القللانوني الصللادر بتاريللخ ‪ 25‬يوليللوز ‪1991‬‬
‫وهو يتعلق بحرية الصحافة‪ :‬نص هذا القللانون علللى "‪ ...‬حللق كللل واحللد‬
‫فللي معرفللة حقيقيللة المسللائل الللتي تعنيلله‪ ،‬أو يخللص بلده‪ ،‬أو تتعلللق‬
‫بالقضللايا العالميللة‪ ،‬باعتبارهللا إحللدى حريللات النسللان الساسللية الللتي‬
‫يتمسك بها الشعب الموريطاني‪ ،‬شأنها شأن حرية التعبير "‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن المللر القللانوني هللذا يحللد مللن حريللة العلم ومللن حريللة‬
‫الللرأي والتعللبير‪ ،‬لخضللاعه إصللدار أيللة صللحيفة لذن وزارة الداخليللة‬
‫المسبق‪ ،‬وفق ما تضمنته المادة ‪ 11‬من هذا القللانون‪ .‬كمللا أنهللا تخضللع‬
‫الصحفي ومهنته بشكل عام لعقوبات غير متناسبة مللع الجنللح المرتكبللة‬
‫بواسطة الصحافة‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪Larbi chouiha : fondement et situation de la liberté de l’information en Tunisie.‬‬
‫‪ :‬كذلك يراجع‬
‫‪Tunisie : la liberté d’expression assiégée‬‬
‫‪Rapport du group de l’IFEX chargé d’observation de l’état de la liberté d’expression en Tunisie Fevrier 2005.‬‬
‫‪P22 suivantes.‬‬
‫‪ 15‬محمد باب ولد حامد‪ :‬الطار القانوني والتنظيمي للمشهد السمعي البصري في موريطانيا رسالة لنيل دبلوم الدراسات عليا‪ ،‬معمقة كلية الداب‪:‬‬
‫عين الشق الدار البيضاء ‪2008‬‬

‫‪13‬‬
‫أما القانون رقم ‪ 19-94‬بتاريخ ‪ 18‬يوليللوز ‪ ،1994‬والللذي ينظللم بعللض‬
‫النشاطات العمومية في مجال السمعيات البصرية‪ ،‬فإنه قد أخضع تلللك‬
‫النشاطات للموافقة المسبقة من قبل القطاع المكلللف بللالعلم‪ .‬لكللن‬
‫هذا القللانون أضللحى متجللاوزا لعللدم مسللايرته للتطللورات الللتي عرفهللا‬
‫القطاع‪.‬‬
‫هكللذا فللي موريطانيللا كمللا فللي بقيللة دول المغللرب العربللي‪ ،‬حصلللت‬
‫تطورات سياسية‪ ،‬خاصة بعد وضع دستور ‪ 20‬يوليوز ‪ 1991‬الللذي فتللح‬
‫الباب أمام الصحافة المستقلة‪ ،‬وهللذه الخيللرة عرفللت نمللوا لفتللا منللذ‬
‫ظهور المسلسل الديموقراطي الذي بدأ مع فكللرة التعدديللة المكرسللة‬
‫بموجب دستور ‪ ،1991‬والتي فصلها المر القللانوني الصللادر بتاريللخ ‪25‬‬
‫يوليوز ‪ 1991‬المتعلق بحرية الصحافة‪ .‬وأثرت التغيرات السياسية تلللك‬
‫على القطاع العلمي وعلى القانون المنظم له‪ .‬ولشللك أن للتحللولت‬
‫الدولية وكذا القليمية بعض التأثير القوي على تنظيم التعددية العلمية‬
‫في موريطانيا‪ ،‬تماما كما حصل في كل من تونس والجزائر خلل نفس‬
‫الوقت‪.‬‬
‫من المفيد إعللادة التللذكير مللن جديللد أن الشللروط السياسللية الوطنيللة‬
‫الداخليللة المتللأثرة بللالظروف الدوليللة قللد عملللت علللى بلللورة الموجللة‬
‫الجديدة من القوانين العلمية‪ ،‬عبر سنوات ‪ 1988‬و ‪ 1990‬و ‪ 1991‬و‬
‫‪... 1993‬الخ‪ .‬فمنذ حدوث النفتاح في التحللاد السللوفياتي مللع سياسللة‬
‫البرسترويكا والشللفافية فللي سللنة ‪ ،1985‬لللوحظ أن الللدول المغاربيللة‬
‫صارت تعرف تململت‪ ،‬من أهللم نتائجهللا مللا حصللل فللي تللونس ‪1987‬‬
‫وفي الجزائر ‪ .1988‬ما نتج عنه على المستوى الدستوري في الجللزائر‬
‫دستور ‪ 1989‬وعلى المستوى القانوني العلمي قانون ‪.1990‬‬
‫ومن نتائجهللا أيضلا مللا حللدث فللي المغللرب سللنة ‪ 1990‬عنللدما قللدمت‬
‫المعارضة الوطنية ملتمسا ضد سياسة الحكومة آنذاك بغيللة إسللقاطها‪،‬‬
‫وينضاف إلى ذلك الحداث الجتماعيللة الللتي عرفتهللا مدينللة فللاس فللي‬
‫شهر دجنبر ‪ ،161990‬وما واكب ذلللك مللن انفتللاح ململلوس فللي مجللال‬
‫الحقوق وبالساس مجال حريللة العلم والللرأي والتعللبير الشلليء الللذي‬
‫سيترك الباب مفتوحا أمام تطورات مهمللة سللتطال القللوانين العلميللة‬
‫في الدول المغاربية‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬التشريعات العلمية المغاربية بداية نهاية‬
‫الحتكار‬
‫خلل اللحظة الممتدة ما بين منتصف السبعينات مللن القللرن المنصللرم‬
‫وبدايللة اللفيللة الثالثللة سللتعرف الللدول المغاربيللة الربعللة موجللة مللن‬

‫‪16‬‬
‫حول هذه التطورات التي عرفها المغرب أنظر علي كريمي‪ :‬النتقال الديموقراطي في المغرب قضايا في الصلح السياسي والدستوري‬
‫منشورات نوافذ ‪ 2005‬الدار البيضاء‬

‫‪14‬‬
‫القوانين العلمية الميالللة فللي عمومهللا نحللو الليبراليللة والمتجهللة نحللو‬
‫تحرير العلم من سيطرة الدولة ومن هيمنة الحزب الوحيد‪.‬‬
‫ففي المغرب عرفت هذه المرحلة نقاشات واسعة حللول حريللة العلم‬
‫وحول إعادة النظر في القيود التي فرضللتها تعللديلت ‪ 10‬أبريللل ‪1993‬‬
‫على هذه الحرية‪ ،‬ملا أطللق العنللان لنقللاش المعمللم حلول العلم فلي‬
‫لحظللة حاسللمة مللن تاريللخ المغللرب السياسللي‪ ،‬إثللر وضللع إصلللحات‬
‫دستورية سنة ‪ .1992‬لقد شدد دستور ‪ 1992‬على " اعتراف المغللرب‬
‫بحقوق النسان كما هي متعارف عليها دوليللا"‪ .‬لقللد اسللتتبع هللذا النللص‬
‫تعديل عدة قوانين‪ ،‬قائمة ووضع قلوانين أخلرى جديلدة‪ ،‬والتوقيلع عللى‬
‫سلسلة من التفاقيات الدولية الخاصة بحقللوق النسللان‪ .‬لكنلله اسللتلزم‬
‫أكثر مللن كللل هللذا إلغللاء قللانون ‪ 1936‬المسللمى فللي أدبيللات الحركللة‬
‫الوطنيللة " ظهيللر كللل مللا مللن شلأنه"‪ ،‬وهللو قللانون اسللتعماري اسللتمر‬
‫تطبيقه على الصحافة الوطنية إلى حدود إلغائه في سنة ‪.1994‬‬
‫لقد تعالت الصللوات مللن أجللل الللدعوة إلللى عقللد "نللدوة وطنيللة حللول‬
‫العلم" تمشيا مع روح النفتللاح‪ ،‬هللذه النللدوة الللتي انعقللدت فللي ربيللع‬
‫‪ ،1993‬تناولت بالدرس والتحليل مختلف جللوانب القصللور الللتي يشللكو‬
‫منهللا العلم فللي المغللرب‪ ،‬وبالسللاس الجللوانب القانونيللة مللن هللذا‬
‫القصور‪ .‬وتمخضت عنها توصيات لمعالجة الثغرات القانونية الكامنة في‬
‫قانون العلم المغربي‪ ،‬لكن التوصيات إياها لم تر النور إل بعللد مجيللء‬
‫حكومة "التناوب التوافقي"‪ ،‬بل عند نهاية وليتها سنة ‪.2002‬‬
‫فخلل الفترة الممتللدة بيللن المنللاظرة الوطنيللة للعلم وتعللديل قللانون‬
‫العلم في ‪ ،2002‬كانت هناك محاولت لدخللال تعللديلت علللى قللانون‬
‫‪ 1973‬من طرف أحزاب المعارضة وكمثال علللى ذلللك مللا تقللدمت بلله‬
‫أحزاب الكتلة الديموقراطية من مقترح قانون يهدف إلى إعللادة النظللر‬
‫في المادة ‪ 77‬من قانون العلم والتصال المغربي‪ ،‬لكن مقترحهللا ذاك‬
‫قد رفض من طرف الغلبية في البرلمان‪.17‬‬
‫عدل قانون العلم مكتوب بموجب القانون رقللم ‪ 77-00‬لسللنة ‪2002‬‬
‫كما صدرت قوانين أخرى تهللدف إلللى تحريللر قطللاع السلمعي البصللري‬
‫ورفع احتكار الدولة عنلله‪ .‬وإنشللاء "الهيئة العليللا للعلم"‪ .‬تللم كللل ذلللك‬
‫خلل سنوات ‪ 2002‬و ‪ .2005‬وملع ذللك فلإن قلانون العلم المكتلوب‬
‫لزال يعاني من ثغرات كثيرة مثيرة للجدل من قبل رجال العلم ومللن‬
‫قبل الحقوقيين والقانونيين‪.‬‬
‫الكثير من الثغرات التي يشكو منها القانون المغربي تتلقى مع ثغللرات‬
‫يعاني منها التشريع التونسي الذي خضع هو الخر لعدة ترميمات‪ ،‬علللى‬
‫إثللر حركللة ‪ 7‬نونللبر ‪ .1987‬هكللذا مثل أعلللن الرئيللس التونسللي فللي‬

‫‪ 17‬لم تكن هذه هي أول مرة تقدم فيها المعارضة مقترحة قانون لتعديل الفصل ‪ 77‬إذ سبق لحزب الستقلل والتحاد الوطني للقوات الشعبية تقديم‬
‫مقترح بهذا الشأن إلى برلمان ‪ 1963‬في دورته الربيعية سنة ‪1965‬‬

‫‪15‬‬
‫تصريحه بذات التاريخ أن هناك لجنة تلدرس إعللادة النظللر فلي القلانون‬
‫‪ ،1975‬كما أن هناك نص قللانوني معللروض علللى البرلمللان فللي سللياق‬
‫التحولت التي تعرفها تونس‪ .‬ففللي ‪ 2‬غشللت ‪ 1988‬أدخللل أول تعللديل‬
‫على قانون ‪ 1975‬بموجب القانون رقم ‪ .1988- 89‬وقد تم استكمال‬
‫هذا التعديل بتعديل ثان لقانون العلم بعض مرور خمس سنوات وذلك‬
‫بمللوجب القللانون رقللم ‪ 43‬بتاريللخ ‪ 3‬مللاي ‪ .2001‬وأضلليف إلللى هللذه‬
‫السلسلة من التعديلت تعديل ‪.2006‬‬
‫أما موريطانيا التي عاشت تجربة ديموقراطية مجهوضة‪ ،‬فإنها كادت أن‬
‫تعطي مثل ينبغي احتداؤه من بقية الدول المغاربية‪ ،‬فإنها كذلك عاشللت‬
‫نفس التجربة من أجل إعللادة النظللر فللي قللانون العلم السللابق الللذي‬
‫أحلت محله قانونا جديدا‪ ،‬مؤطرا للظروف المتسمة بالنفتاح والتعددية‪.‬‬
‫وهكذا وضع قللانون رقللم ‪ 017‬المتعلللق بحريللة الصللحافة بعللد مصللادقة‬
‫المجلللس العسللكري للعدالللة والديموقراطيللة عليلله‪ ،‬بتاريللخ ‪ 12‬يوليللو‬
‫‪.2006‬‬
‫القوانين المغاربية المشار إليها في هذه الدراسللة بهللا ثغللرات‪ ،‬و تعللاني‬
‫من نواقص‪ ،‬وهي معرضة لنتقادات شديدة من طرف الجسم العلمي‬
‫في مختلف اللدول المبحوثلة‪ .‬وتكلاد النتقلادات الموجهلة لكلل قلانون‪،‬‬
‫ولممارسات تطبيقه تكون متطابقللة وموحللدة‪ ،‬فمللن المغللرب فتللونس‪،‬‬
‫والجزائر وموريطانيا‪ .‬تطرح نفس النتقادات ونفللس الملحظللات حللول‬
‫هذه القوانين‪ ،‬وما تتضمنه من مظاهر معيقة لحرية العلم‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬المظاهر المعيقة لحرية العلم في الدول‬
‫المغاربية‬
‫لم يمر إل وقت وجيز على وضللع الموجللة الجديللدة مللن قللوانين العلم‬
‫في هذه الدول‪ ،‬حتى ارتفعت الصوات للمناداة بضرورة تعللديلها‪ .‬ففللي‬
‫المغرب حيث اشللتدت الخلفللات بيللن واضللعي مشللروع قللانون العلم‬
‫الللذي سيصللبح قانونللا للعلم عللام ‪ ،2002‬ولللم يؤخللذ بالملحظللات‬
‫الجوهرية التي أدلى بها الفاعلون العلميون والحقوقيون‪ ،‬الذين أبرزوا‬
‫مظاهر الخلل في هذا المشروع‪ ،‬المتضمن لكثير من الخطللوط الحمللر‪.‬‬
‫لللذلك لللم يمللر إل وقللت وجيللز حللتى صللارت المطللالب تتقللوى مناديللة‬
‫بضللرورة إعللادة النظللر فللي القللانون رقللم ‪ 77-00‬لسللنة ‪ 2002‬وقللد‬
‫وضعت الحكومللة منللذ ‪ 2006‬مشللروعا لهللذا الغللرض يهللدف إلللى سللد‬
‫مجموعة من الثغللرات اللتي ظهلرت فلي قللانون ‪ .2002‬وعللى رأسللها‬
‫إلغاء ما كان سائدا من سلوك ناتج عن تصللرف البيروقراطيللة الداريللة‪،‬‬
‫مثل فكرة الوصل المؤقت والوصل النهائي‪ ،‬الذي حول بقدرة قادر مللع‬
‫القانون أعله إلى قاعدة قانونية‪ .18‬ويهدف المشروع الجديد إلللى إلغللاء‬
‫‪18‬‬
‫‪Najib lamnini : le régime juridique des médias écrits et audiovisuels :l au maroc thése de doctorat d’états :‬‬
‫‪faculté de droit Casablanca Maroc :2007‬‬
‫أيضا علي كريمي‪ :‬الخلفية السياسية لتقييد حرية الرأي والتعبير في التشريع العلمي المغرب الدورية المغربية لبحوث التصال‪2003 :‬‬

‫‪16‬‬
‫كل العقوبللات الحبسللية‪ ،‬مللا عللدا تلللك الللتي تتعلللق بالمسللاس بالحيللاة‬
‫الخصوصية للفراد‪ ،‬أو المتعلقة بالمساس بالسس الدينيللة للدوللة‪ ،‬مللع‬
‫إعطاء تحديد دقيق لما المقصود بهلا فلي ديباجلة القلانون‪ ،‬إضلافة إللى‬
‫تحديد مفهوم النظام العام والمن العللام بدقللة‪ .‬كمللا أن هللذا المشللروع‬
‫جاء شامل لقانون العلم المكتوب‪ ،‬فتضمن محتويات قللانون الصللحفي‬
‫المهني الذي لزال محكوما حتى الن بقانون ‪ 1942‬والمعدل في سللنة‬
‫‪ .1995‬وتناول كذلك إنشاء مجلس أعلى للصحافة‪ ،‬تماما كما هو عليلله‬
‫المر في مصر وفي الجزائر‪.‬‬
‫ففي الجزائر منذ السللنوات الولللى مللن اللفيللة الثالثللة طللرح مشللروع‬
‫إعادة النظر في قللانون ‪ 1990‬المعللدل بقللانون ‪ ،1993‬وهمللا قانونللان‬
‫بهما بعض من الليبراليللة‪ ،‬ولكللن فللي حاجللة إلللى تطويرهمللا أكللثر لكللي‬
‫يساير مطالب العلميين ومطالب الحقوقيين‪ .‬وتللوالت مطللالب إعللادة‬
‫النظر في القوانين المنظمة للعلم في الللدول المغاربيللة الخللرى فللي‬
‫منتصللف العشللرية الولللى مللن اللفيللة الثالثللة‪ ،‬بللل صللدرت تصللريحات‬
‫بالستجابة لهذه المطالب كما حللدث فللي تللونس مللؤخرا‪ .‬عنللدما أعلللن‬
‫الرئيس بنعلي يوم ‪ 27‬مللاي ‪ 2005‬بمناسللبة الحتفللال بللاليوم الللوطني‬
‫للثقافة‪ ،‬إلغاء إجراء البداع القللانوني‪ ،‬والعقوبللة المترتبللة عنلله‪ ،‬كللإجراء‬
‫لتحرير الصحافة والدفع بحرية النشر إلى المام في تونس‪ .‬وقللد صللدر‬
‫في سنة ‪ 2006‬قانون بهذا الشأن‪.‬‬
‫لزالت هناك مظاهر كثيرة تعيق حرية العلم في الدول المغاربيللة كمللا‬
‫لزالت المطالب تتوالى من طرف المشتغلين فللي العلم والحقللوقيين‬
‫في إعادة النظر في القوانين المنظمللة للعلم‪ ،‬فللي هللذه الللدول بغيللة‬
‫جعلها أكثر تحررا وليبرالية ومتخلصة من المظاهر المعيقة لها‪:‬‬
‫يمكن أن ترصد هذه المظاهر انطلقا من محتوى النللص القللانوني‪ ،‬كمللا‬
‫يمكن أن ترصد خارج النص القللانوني‪ :‬أي مللن خلل التعامللل معلله مللن‬
‫طرف الدارة‪ ،‬وما يفرزه ذلك من سلوك بيروقراطي غالبا ما يشوه بل‬
‫يحرف مضمون النص بمحاولللة تفسلليره تفسلليرا ليللس هللو مللا يقصللده‬
‫المشرع‪ ،‬ويمكللن كللذلك رصللد المظللاهر المعيقللة لحريللة العلم‪ ،‬وهللي‬
‫كامنة بكثرة في متلن النلص القلانون ومنطلوقه‪ .‬وحاضلرة فيله بشلكل‬
‫قوي وواضح‪ ،‬وقد شكل عنصر عرقلة لحرية العلم في مختلف الللدول‬
‫المغاربية‪ .‬وسوف تتم الشارة هنا إلى بعضها فقط على النحو التي‪:‬‬
‫‪ (1‬فكرة الوصل والجهة المتلقية للتصريح‬
‫يبدأ العطب عند تحديد الجهة المتلقية لتصريح من أجللل إصللدار جريللدة‬
‫أو منشللور دوري‪ ،‬ففللي بعللض القللوانين‪ ،‬يكللون القضللاء هللو صللاحب‬
‫الختصاص كما هو الشأن في المغرب‪ ،‬حيث يوجه التصريح إلللى وكيللل‬
‫الملللك بالمحكمللة البتدائيللة الللتي توجللد الجريللدة تحللت وليللة نفوذهللا‬
‫القضائي‪ .‬هذا التوجه فيه نفحة من الليللبرالي‪ ،‬علللى اعتبللار أن القضللاء‬

‫‪17‬‬
‫مفروض فيه أن يكون محايدا‪ .‬كرس هذا المبدأ في المغرب منذ صدور‬
‫ظهير ‪ 15‬نونبر ‪ ،1958‬ولم يتم الخروج عنه حتى خلل سللنوات القمللع‬
‫والرصاص‪ ،‬عندما أدخلت تعديلت على قانون العلم قيدت كثيرا حريلة‬
‫العلم‪ ،‬وذلك بمللوجب قللانون ‪ 10‬أبريللل ‪ .1973‬وهللو كللذلك مللا عليلله‬
‫قانون رقم ‪ ،77-00‬الذي جاء ببدعة الوصل المؤقت والوصللل النهللائي‪،‬‬
‫وهناك رغبة قوية لتخلي عن هذا الجراء حسب ما كان متضمنا في نص‬
‫مشروع القانون الولي المعروض الن على البرلمان ‪.‬‬
‫وفي الجزائر فإن المر مر بمرحلتين‪ :‬الخضوع لنظام الذن في إصللدار‬
‫الصللحف المكللرس منللذ ‪ ،1963‬والللذي أعيللد تأكيللده بقلوة فللي قللانون‬
‫‪ .1982‬وبعد أحداث ‪ 1988‬حصللل تطللور وتغييللر فللي هللذا الصللدد فللي‬
‫اتجاه نوع من الليبرالية التي عكسللها قللانون ‪ ،1990‬فالمللادة‪ 14 :‬منلله‬
‫تنص على‪ ... ":‬إصدار أية نشرية دورية حر‪ ،‬غير أنه يشللترط لتسللجيلها‬
‫ورقابة صحتها تقديم تصريح مسبق في ظرف ل يقللل عللن ثلثيللن يومللا‬
‫من صدور العدد الول‪ ،‬ويسجل التصريح لدى وكيل الجمهورية المختص‬
‫إقليميا بمكان صدور النشرية‪ ....‬ويسلللم وصللل بللذلك فللي الحيللن‪."....‬‬
‫والمقصود هنا بالنص على تسليم وصلل فلي الحيلن هلو قطلع الطريللق‬
‫على كل سلوك بيروقراطي مللن شللأنه عرقلللة إصللدار الصللحف عنللدها‬
‫يتوفر التصريح على كل الوثللائق المطلوبللة‪ .‬ولكللن المللادة‪ 6 :‬مللن هللذا‬
‫القانون تنص على أن إصدار نشرة بلغة أجنبية يسللتلزم الحصللول علللى‬
‫رأي المجلس العلى للصحافة‪ .‬ومع ذلك فإن هناك من يللرى أنلله علللى‬
‫الرغم من ذلك فإن هذا القانون يعد ثورة حقيقيللة فللي تاريللخ الصللحافة‬
‫الجزائرية‪.19‬‬
‫في موريطانيللا تؤكللد المللادة‪ 9 :‬مللن القللانون رقللم‪ 017 :‬لسللنة ‪2006‬‬
‫حول حرية الصللحافة علللى " يمكللن نشللر أيللة جريللدة دون إذن مسللبق‬
‫ودون دفع ضمانة بعد العلن المنصوص عليه فللي المللادة‪ "11:‬ونصللت‬
‫المادة ‪11‬على "قبل نشر أية صحيفة أو دوريللة فللي الجريللدة الرسللمية‬
‫يتللم إشللعار النيابللة العامللة أو المحكمللة المختصللة بللذلك عللن طريللق‬
‫إعلن‪ ."...‬إن التشريع الموريطاني اعتمادا علللى هللذا هللو الن متشللابه‬
‫مع المغربي والجللزائري‪ ،‬بحيللث يللوجه التصللريح إلللى القضللاء باعتبللاره‬
‫جهازا محايدا‪ .‬ولكن لم يحللددها إذا كللان التصللريح متبوعللا بوصللل أم ل‪،‬‬
‫لقد سكت التشريع الموريطاني عن مسألة الوصل‪.‬‬
‫أما التشريع التونسي فقد جاء مخالفا لهذه التشريعات من حيث الجهللة‬
‫المتلقية للتصريح‪ .‬فالتصريح فللي تللونس يقللدم إلللى السلللطة التنفيذيللة‬
‫أساسا إلى وزارة الداخلية‪ .‬فعلى الرغم مللن التعللديلت المدخلللة علللى‬
‫القانون التونسي لسنة ‪ 1975‬في سللنة ‪ 1988‬و ‪ ،1993‬وسللنة ‪2001‬‬

‫‪19‬‬
‫‪Mohammed kirat : la liberté de la presse en Algérie avant octobre 1988‬‬
‫‪Ouvrage collectif : l’information au Maghreb Tunisie 1992. p : 166‬‬

‫‪18‬‬
‫فللإن هللذا الخيللر لزال متشللبثا بفكللرة التصللريح المقللدم إلللى الجهللاز‬
‫التنفيذي‪ .‬عكس التشريعات المغاربيللة الثلث‪ .‬ولكللن يسللير فللي ركبهللا‬
‫عندما نص على تلقي الوصل فور إيداع التصريح‪ .‬المللادة ‪ :13‬مللن هللذا‬
‫القانون تنص على‪" :‬يقدم إلى وزارة الداخليللة قبللل إصللدار أيللة نشللرية‬
‫دورية إعلن في كاغد متنبر وممضى من مدير النشرية الدورية‪ ،‬ويسلم‬
‫وصللل فللي ذلللك‪ 20"...‬فللإذا كللان التشللريع التونسللي المتللأثر بالتشللريع‬
‫الفرنسي مثلله مثلل التشلريعات المغاربيلة الخلرى ينلص عللى تقلديم‬
‫الوصل فور إيداع التصريح‪ ،‬إل أن ذلك قد يمكن التحايل عليه سواء في‬
‫تونس أو في الجزائر كما هو عليه المللر فللي المغللرب‪ .‬لكللن الأشللكال‬
‫في تونس أن التصريح قد يتحول إلى ترخيص خاصة لما يقدم للسلللطة‬
‫التنفيذيللة الللتي هللي خصللم وحكللم فللي آن واحللد وحللتى فللي الجللزائر‬
‫والمغرب‪ ،‬حيث يقدم التصريح إلى السلطة القضللائية‪ ،‬فللإن هنللاك بللون‬
‫شاسع بين النص القانوني وتطبيقه على محك الواقع‪ ،‬مما يحول نظللام‬
‫التصريح الليبرالي إلى نظام للترخيص‪ .‬ففي المغللرب مثل كللانت دائمللا‬
‫هناك إمكانية اللتفاف على هذه الصيغة الليبرالية في السابق من قبللل‬
‫السلطات الدارية خلل الفترة ما بيللن ‪ 1973‬إلللى ‪ .،2002‬ولكللن بعللد‬
‫ذلك جللاء القللانون‪ 77-00 :‬بتقنيللة الوصللل المللؤقت والوصللل النهللائي‪،‬‬
‫وهذه تقنية ذكية لتلخص من الصحف والنشرات الغير مرغوب فيها‪.‬‬

‫‪ -2‬التدرع بالنظام العام‬


‫وهو لفظة مهلهلللة فضفاضللة‪ ،‬غالبللا مللا تسللتخدم كوسلليلة لكبللح جمللاح‬
‫الصحافة في الدول المدروسة‪ ،‬قصد منع إصدار وتداول الصحف‪ .‬ليللس‬
‫هناك أدنى خلف على أهمية ضرورة الحفاظ على النظام العللام وعلللى‬
‫المن الداخلي والخارجي للدول‪ ،21‬إل أن الخطير هو الستنجاد بالنظللام‬
‫العام‪ ،‬ويترك تفسيره إلللى السلللطات الداريللة‪ ،‬وحللتى القضللائية بللدون‬
‫تحديده‪.‬‬
‫فكرة النظام العام‪ ،‬قد تتسللع وقلد تضلليق حسلب الشللروط والظللروف‬
‫السياسللية الللتي تمللر بهللا الدولللة‪ .‬وهللو أمللر مفللروض احللترامه وعللدم‬
‫المساس به‪ .‬لكن ما تجدر الشارة إليه هللو أن المسللاس بحريللة الللرأي‬
‫والتعبير وحرية العلم هو في حد ذاتلله مسللاس بالنظللام العللام‪ ،‬علللى‬
‫اعتبار أن هذه الحريات هي مكون من مكوناته‪ ،‬ول ينبغي التفللاق علللى‬
‫ما يخالفها فالمساس بحقوق النسان عموما هو مساس بالنظام العام‪.‬‬
‫أثبتت عدة أحكام صادرة عن القضللاء الفرنسللي‪ ،‬أساسللا عللن مجلللس‬
‫الدولة الفرنسي بشأن حرية العلم‪ ،‬كيف يضلليق وكيللف يتسللع مفهلوم‬
‫‪ 20‬وردت هذه المادة بشكل متواتر في كل القوانين التونسية في القانون رقم‪ 32:‬لسنة ‪ 1975‬المؤرخ ب ‪ .28/2/1975‬والذي نقح بموجب القانون‬
‫عدد ‪ 85 :‬لسنة ‪ 1993‬المؤرخ ب ‪ 2‬غشت ‪ 1993‬كما وردت في تعديلت ‪...2001‬الخ‬
‫‪21‬‬
‫‪P. Bernard : la notion de l’ordre public en droit administratif L.G.D.J, Paris 1962‬‬

‫‪19‬‬
‫النظام العللام؟ يتسللع خلل فللترة الضللطرابات‪ ،‬مثللل الحللرب العالميللة‬
‫الولى والثانية‪ ،‬ويضيق عندما يكون هناك هدوء واستقرار سياسي‪.‬‬
‫في كل التشريعات المغاربية هناك إشارات قوية إلللى معاقبللة الصللحف‬
‫وكل وسائل العلم التي تنشر ما ملن شلأنه المسلاس بالنظلام العلام‪،‬‬
‫وبللأمن الدولللة الللداخلي والخللارجي‪ ...‬الللخ‪ .‬ففللي الجللزائر مثل نجللد ان‬
‫قانون ‪ 3‬أبريل ‪ 1990‬يشدد في نصه على عقوبات قاسية في حق مللن‬
‫ينشر أنباءا تمس بسلمة الدولة‪ ،‬أو بالوحدة الوطنية‪ ،‬أو تحقر السلللم‪،‬‬
‫أو تكشللف عللن السللرار القتصللادية للدولللة‪ ،‬و السللرار ذات الطللابع‬
‫الستراتيجي‪ ،‬أو تكشف عن السرار العسكرية او المنية للدولة‪ .‬ونجللد‬
‫ذات الشيء في مختلف التشريعات المغاربية الخللرى‪ .‬ففللالمغرب مثل‬
‫تتناول المادة ‪ 77‬هللذه المللور كمللا تتناولهللا مللواد أخللرى موزعللة علللى‬
‫مختلف مفاصيل القانون رقم ‪.77-00‬‬
‫إن النظام العام وأمن الدوللة اللداخلي والخلارجي وملا يتعللق بالنظلام‬
‫العام والخلق العامة والصحة العامة‪ ،‬أمور اهتمت بهللا المللادة ‪ 19‬مللن‬
‫العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسلية‪ ،‬مؤكللدة عللى أن الدولللة قلد‬
‫تلجللأ إلللى تقييللد حريللة الللرأي والتعللبير لحمايتهللا فللي بعللض الظللروف‬
‫الستثنائية‪ .‬ويكللون ذلللك بشللكل مللؤقت‪ ،‬يللزول بللزوال الظللروف الللتي‬
‫استوجبته ويتم بموجب قانون‪.‬‬
‫والملحللظ أن الللدول المغاربيللة تبللالغ كللثيرا فللي السللتنجاد بالمسللاس‬
‫بالنظام العام‪ ،‬والخلق والداب العامللة‪ ،‬وأمللن الدولللة‪ .‬وعلللى العمللوم‬
‫تبالغ في قمع حرية الرأي والتعبير تحت مبرر تهديد السللس السياسللية‬
‫والدينية للدولة‪ .‬ويطال هذا الجللراء وسللائل العلم المكتللوب الخارجللة‬
‫من تحت سيطرة الدولة‪ ،‬وخاصللة العلم المسللتقل أو المعللارض‪ .‬وقللد‬
‫يتحول تبعا لما سبق قانون العلم لهذه الدول عمليا إلى قانون جنللائي‬
‫للعلم‪ ،‬بحكم ما يتضمنه من عقوبات وغرامات‬
‫‪ (3‬قانون للعلم أم قانون جنائي للعلم؟‬
‫تكاد كل التشللريعات المغاربيللة المبحوثللة تللوحي بأنهللا هللي فعل قللانون‬
‫جنائي للعلم وذلللك بفعللل مكانللة النصللوص الزجريللة المتضللمنة فيهللا‪،‬‬
‫والتي تكاد تغطي جزءا كبيرا منها‪ .‬فرغم محاولة هذه التشريعات إلغللاء‬
‫بعض العقوبات الحبسية والتخفيف مللن البعللض الخللر‪ ،‬إل أن مللا تبقللى‬
‫منها لزال ثقيل جدا‪ .‬فالتشريع المغربي بعد تعللديله سللنة ‪ 2002‬حللاول‬
‫حللذف مجموعللة مللن العقوبللات الجنائيللة‪ .‬وهنللاك الن فللي المشللروع‬
‫المقدم للبرلمان إلغاء لهذه العقوبات في كثير من القضايا‪ ،‬ما عدا تلك‬
‫المتعلقة بالسس السياسية والدينية للدولة‪ .‬ويدخل ضمن هللذا‪ ،‬بمعنللى‬
‫آخر ما حصل في تونس من نقل لمجموعة من العقوبللات الجنائيللة مللن‬
‫قانون العلن والتصال وإلحاقها بقانون العقوبات‪ .‬فالبللاب الثللالث مللن‬
‫القللانون التونسللي الخللاص "بللالتعليق علللى الجللدران والنقللل والللبيع‬

‫‪20‬‬
‫بالطريق العام"‪ ،‬قد ثم نقله‪ ،‬وإدراج العقوبات والواردة فيه في القانون‬
‫الجنائي كما هو الشأن مثل بالنسبة للمادة ‪ 35‬التي أدرجت في القانون‬
‫الجنائي‪ ،‬تحت عللدد ‪ 315‬مكللرر بمقتضللى القللانون الساسللي عللدد ‪43‬‬
‫لسنة ‪ 2001‬المؤرخ في ‪ 2‬ماي ‪ .2002‬والمادة ‪ 37‬التي أدرجت كذلك‬
‫في القانون الجنائي‪ ،‬تحللت عللدد ‪ 303‬مكللرر بمقتضللى نفللس القللانون‪.‬‬
‫والمادة ‪ 38‬المدرجة كذلك في القانون الجنائي‪ ،‬تحت عدد ‪ 303‬مثلث‪،‬‬
‫و أيضا المادة ‪ 39‬التي سحبت منه وأدرجت في القانون الجنللائي تحللت‬
‫عدد ‪ 321‬مكرر ‪.22‬‬
‫ومعلوم أن هناك عقوبات ثم إلغاؤها نهائيا في ظللل المرحلللة النتقاليللة‬
‫بعد التحولت التي عرفتها تونس بدأ من ‪ 7‬نونللبر ‪ 1987‬ويتعلللق المللر‬
‫بالمللادتين ‪ 40‬و ‪ 41‬اللللتين ألغيتللا بالقللانون رقللم ‪ 89‬بتاريللخ ‪ 2‬غشللت‬
‫‪.1988‬‬
‫ومع ذلك وعلى الرغم من هذه التنقيحات التي عرفها التشريع التونسي‬
‫لسللنة ‪ 2001‬ومللا تلهللا مللن حللذف وإلغللاء لبعللض العقوبللات‪ ،‬لزال‬
‫المشتغلون في حقل العلم يطالبون بإدخال تنقيحات أخرى‪ ،‬على هللذا‬
‫القانون يكون من شأنها إلغاء سائر العقوبللات الحبسللية‪ .‬إنلله نفللس مللا‬
‫يطالب به المهنيون والحقوقيون في المغرب او الجللزائر أو موريطانيللا‪.‬‬
‫هكذا تتعالى الصوات المطالبة بذلك خاصة بعدما لوحظ أن هناك توجه‬
‫عام لسائر هذه الدول للغاء بعض العقوبات المخففلة أصلل كملا حلدث‬
‫في المغرب سنة ‪.2002‬‬
‫وفي الجزائر حصل تطور فيما يخللص المقتضلليات المتعلقللة بالعقوبللات‬
‫الجنائية بين ‪ 1982‬و ‪ ،1990‬وردت هللذه الخيللرة فللي البللاب الخللامس‬
‫وامتدت من المادة ‪ 85‬إلى المادة ‪ 128‬أي ما يعادل ‪ 43‬مادة‪ ،‬ما يدفع‬
‫إلى العتقللاد أننللا فعل أمللام قللانون جنللائي للعلم وليللس أمللام قللانون‬
‫للعلم‪.‬‬
‫وينطبق هذا على قانون ‪ 1990‬رغم أنه حاول التخفيللف مللن العقوبللات‬
‫الجنائية إذا ما قورن مع قانون ‪ ،1982‬وذلك تمشيا مللع ملا يطمللح إليلله‬
‫من ليبرالية‪ ،‬إل أنه ل يزال يعتبر مثله مثل المغربي والتونسللي‪ .‬إن ذاك‬
‫‪23‬‬
‫ما تعبر عنه المواد ‪...86-83-82-81-88-77‬الخ‪.‬‬
‫وينبغي التذكير على أن التخفيف من العقوبات الجنائية على ضعفه أمر‬
‫مرتبط بالتطورات السياسية التي مرت بها هذه الدول‪ .‬كما أنه مرتبللط‬
‫بالتطورات التي عرفتها حقوق النسان على المستوى العالمي‪ ،‬وخاصة‬
‫في ظل النظام العالمي الجديد‪ ،‬حيث عولمة الليبرالية‪ ،‬والديموقراطية‬

‫‪ 22‬وثم كذلك إدراج المادة ‪ 45‬في القانون الجنائي تحت عدد ‪ 220‬مكرر بمقتضى القانون ‪ 43‬لسنة ‪2001‬‬
‫‪ 23‬وصف القانون الجزائري لسنة ‪ 1990‬بكونه قانون جنائي للعلم وكمثال على ذلك ما نصادفه في مختف المواد المشار إليها وخاصة المادة ‪77‬‬
‫التي تنص على الحكم بالسجن لمدة تتراوح بين ‪ 6‬أشهر وثلث سنوات عند تحقير الديان السماوية أو‬
‫المادة ‪ 84‬التي تحكم بالحبس من ‪ 5‬سنوات إلى ‪ 10‬سنوات على النشرات التي تهدد أمن الدولة والوحدة الوطنية‬

‫‪21‬‬
‫وحقوق النسان‪ .‬وبالتالي‪ :‬عولمة حريللة العلم‪ ،‬وعولمللة حريللة الللرأي‬
‫والتعبير‪.‬‬
‫‪ (4‬ميين القييانون الجنييائي للعلم إلييى السييتنجاد بالقييانون‬
‫الجنائي‬
‫كثيرا مللا يتللم اللجللوء إلللى تطللبيق القللانون الجنللائي فللي قضللايا الجنللح‬
‫والجرائم المرتكبة بواسطة وسائل العلم‪ ،‬مع العلم أنلله ليسللت هنللاك‬
‫جرائم صحافية ولكللن هنللاك دائمللا جللرائم ترتكللب عللن طريللق وسللائل‬
‫العلم‪ .‬فالتشريعات المغاربية للعلم‪ ،‬في المغرب أو الجزائر وتللونس‬
‫فموريطانيا غالبا ما ينظر إليها من طللرف الدارسللين علللى أنهللا قللوانين‬
‫جنائية للعلم‪ .‬مع ذلك وبالرغم من هذا التقدير‪ ،‬فإنه غالبا عند محاكمة‬
‫الصحف ما يتم الستنجاد بالقانون الجنائي في كافللة الللدول المدروسللة‬
‫بغية تطلبيق بنلوده عللى القضلايا العلميلة‪ ،‬ويحلدث ذللك عنلدما يلراد‬
‫تشديد العقوبة علللى المتهللم‪ ،‬وعنللدما يقللدر أن العقوبلات الللواردة فللي‬
‫قانون العلم غير كافيللة‪ ،‬رغللم أنهللا عقوبللة متشللددة أصللل‪ ،‬وفللق نلص‬
‫قانون العلم‪ ،‬فيستنجد بالقانون الجنائي ليتم التنقيب مللن خلللله علللى‬
‫عقوبات أشد وأردع من الواردة في قانون العلم‪ .‬الشللكال المطللروح‬
‫هنا هو أن قانون العلم قانون له ذاتية وما هو مضمن فيه من عقوبات‬
‫مشددة هي ما ينبغي تطبيقه في محاكمة وسائل العلم‪.‬‬
‫لكن غالبا ما يتم اللجوء إلى القانون الجنائي بشكل متللواتر‪ ،‬ويمكللن أن‬
‫نعطي في هذا الصدد أمثلة من المغرب حيث يلجأ القضاء في كثير من‬
‫الحالت إلى تطبيق قواعللد القللانون الجنللائي علللى قضللايا تهللم العلم‪.‬‬
‫وغالبا ما يعمد إلى تطبيق المللادة‪ 87 :‬ملن القللانون الجنللائي فللي عللدة‬
‫محاكمات‪ .‬ويتم الحكم على الصحفيين بالمنع من ممارسة المهنة لمدة‬
‫معينللة‪ .‬قضللية مصللطفى العلللوي مللع وزيللر الخارجيللة محمللد بنعيسللى‪،‬‬
‫وقضية علي المرابط‪...‬الخ‪.‬‬
‫إن السلطات في الدول المغاربية على اختلف أوضاعها‪ ،‬غالبا ما تلللوح‬
‫باستخدام القانون الجنائي في محاكمة الصحف‪ ،‬وتستخدم هذا القللانون‬
‫"كسلليف ديمللوقليس" لتهديللد الصللحفيين وممارسللة الضللغط علللى‬
‫الصحافة‪ .‬وتتمادى هذه الدول أكثر في هللذا التجللاه بالخصللوص عنللدما‬
‫وضعت قوانين لمكافحة الرهاب )حاللة المغلرب بعلد أحلداث ‪ 16‬ملاي‬
‫‪ .(2003‬وهناك صور أخرى كما هو المر في الجزائر عندما طرح أمللام‬
‫الجمعية الوطنية تعديل للمادة‪ 144 :‬مكرر مللن القللانون الجنللائي الللتي‬
‫تتضمن‪ :‬عقوبات من ‪ 2‬إلى ‪ 12‬شهر سجنا وغرامة مالية بيلن ‪50.000‬‬
‫و ‪ 250.000‬دينار عندما تتعرض الصحافة لرئيللس الجمهوريللة‪ ،‬بالسللب‬
‫أو القللذف أو التجريللح‪ .‬وتطبللق نفللس العقوبللات عنللدما يمللارس نفللس‬
‫الشيء ضد البرلمان‪ ،‬أو الجيش الوطني الشعبي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫من المفروض اليوم التأكيد على ضرورة تعديل قللانون العلم فللي كللل‬
‫من المغللرب وتللونس والجللزائر وموريطانيللا بإلغللاء مللا أدخللل فيلله مللن‬
‫عقوبللات تهللم الجللرائم والمخالفللات الصللحفية‪ .‬انسللجاما مللع التللوجه‬
‫العالمي‪ ،‬كما يطالب بللذلك مقللرر المللم المتحللدة "حللول حريللة الللرأي‬
‫والتعبير"‪ .‬ففي ‪ 18‬يناير ‪ 2000‬طالب مقرر المم المتحللدة مللن جميللع‬
‫الحكومات أن تسهر على أن ل تكللون جللرائم الصللحافة معللاقب عليهللا‬
‫بموجب عقوبات حبسية‪ .‬ماعدا الجرائم المتعلقللة بالعنصللرية‪ ،‬والتمييللز‬
‫العنصري‪ ،‬والدعوة إلى العنف‪ .‬فللالحبس كعقوبللة مهللدد لحريللة التعللبير‬
‫عن الرأي ‪ ،‬واللجوء إليه فيه مساس خطيلر بحقلوق النسلان كملا هلي‬
‫متعارف عليها عالميا‪ .‬ويبدو أن الفللاعلين العلمييللن والحقللوقيين‪ ،‬كمللا‬
‫السياسيين أدركوا مغزى اهتمام المم المتحدة بالموضوع لللذلك كللثرت‬
‫المناداة بإلغاء كثير من العقوبللات الجنائيللة مللن قللانون العلم‪ ،‬وبللدأت‬
‫حتى بعض الستجابات الخجولة لذلك هنا وهناك‪.‬‬
‫ويتضح من كل ما سبق أن قوانين العلم في الدول المغاربيللة عرفللت‬
‫تطورات‪ ،‬وأحيانا تراجعات فيما يخص حرية الللرأي والتعللبير وذلللك تبعللا‬
‫"لترمومللتر" الظرفيللة السياسللية الداخليللة لهللذه الللدول‪ ،‬وأيضللا لواقللع‬
‫الشللرط السياسللي الللدولي‪ .‬فللبين ‪ 1975‬و ‪ 1991‬حصلللت تطللورات‬
‫وتعديلت في اتجاه ليبرالية قوانين العلم‪ .‬كما أن ما بعد حرب الخليللج‬
‫ونشوء النظام العالمي الجديد حصلت تطورات أخرى موسللومة بمزيللد‬
‫من التحرير ورفع الحتكار‪.‬‬

‫‪23‬‬

You might also like