You are on page 1of 675

‫فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم وحقوقه ((‪))8‬‬

‫الباب الحادي عشر – مقالت وخطب حول ردود فعل‬


‫المسلمين‬

‫أتسخرون من الحبيب صلى الله عليه وسلم ؟!!‬


‫الكاتب‪ :‬عزة عبد الرحيم سليمان‬
‫ضرب وأذي ‪...‬أهذا نبي ؟!!‬ ‫سحر ‪ . .‬قالوا تزوج وأنجب ‪ ...‬و ُ‬ ‫قالوا ُ‬
‫وهل كان نبي على غير هذا ؟!‬
‫ك ما أَتى الَّذين من قَبلِهم من َرسول إ ّل قَالُوا سا ِ َ‬
‫َ‬
‫حٌر أوْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ ِّ ّ ُ ٍ ِ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫(كَذَل ِ َ َ َ‬
‫ن) (الذاريات ‪) 52 :‬‬ ‫جنُو ٌ‬
‫م ْ‬‫َ‬
‫َ‬
‫م أْزوَاجا ً وَذُّرِي َّ ً‬ ‫َ‬
‫ما كَا َ‬
‫ن‬ ‫ة َو َ‬ ‫جعَلْنَا لَهُ ْ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫من قَبْل ِ َ‬ ‫سل ً ِّ‬ ‫سلْنَا ُر ُ‬
‫(وَلَقَد ْ أْر َ‬
‫ب) (الرعد ‪) 38 :‬‬ ‫ل ِرسول أَن يأْت ِي بآية إل َّ بإذ ْن اللّه لِك ُ ّ َ‬
‫ل كِتَا ٌ‬ ‫ج ٍ‬ ‫لأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ِ َ ٍ ِ ِِ ِ‬ ‫َ ُ ٍ‬
‫حتَّى‬ ‫ُ‬
‫ما كُذِّبُوا ْ وَأوذ ُوا ْ َ‬ ‫صبَُروا ْ ع َلَى َ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫من قَبْل ِ َ‬ ‫ل ِّ‬ ‫س ٌ‬‫ت ُر ُ‬ ‫(وَلَقَد ْ كُذِّب َ ْ‬
‫َ‬
‫ن)‬‫سلِي َ‬
‫مْر َ‬ ‫من نَّبَإ ِ ال ْ ُ‬ ‫ك ِ‬‫جاء َ‬ ‫ت اللّهِ وَلَقد ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل لِكَل ِ َ‬
‫دّ َ‬ ‫صُرنَا وَل َ ُ‬
‫مب َ ِ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫أتَاهُ ْ‬
‫(النعام ‪) 34 :‬‬
‫فهي شنشنة قديمة من يوم سار ركب النبياء بنور الله ‪ ،‬حين يعجز‬
‫أهل الكفر عن نقض الرسالة يوجهون سهامهم لحاملي الرسالة‬
‫صلوات الله وسلمه عليهم أجمعين ‪.‬‬
‫والعجب العجاب الذي يأخذ باللباب ‪ .‬أن أحدا ممن عاصروا النبي‬
‫محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتكلم فيه بما يسوءه ‪ ...‬لم‬
‫نسمع أن أحدا ممن عادوه كذَّبه ‪ ،‬أو أن أحدا رماه بالزنا والفحش ‪،‬‬
‫أو أن أحدا قال عنه ما يقال اليوم ‪ ..‬أو شيئا منه ‪.‬‬
‫مضى الجيل الذي عاصر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يشهد‬
‫له بأنه الصادق المين ‪ ،‬ووقف اليهود له بكل طريق كي يسجلوا‬
‫عليه خطئا يقدح في نبوته وما استطاعوا ‪ .‬بل أقروا رغما عنهم ‪..‬‬
‫أنطقتهم فعاله ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬كانت إحدى الدلة على إثبات نبوة محمد ـ صلى الله عليه‬
‫وسلم ـ هي الستدلل بأخلقه قبل البعثة النبوية وبأحواله بين‬
‫الناس ‪ ،‬وتدبر قول الله تعالى وهو يخاطب المكذبين لمحمد ـ صلى‬
‫الله عليه وسلم ـ ‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م تَتَفَك ُّروا َ‬
‫ما‬ ‫مثْنَى وَفَُرادَى ث ُ َّ‬‫ه َ‬ ‫موا لِل ّ ِ‬
‫حدَةٍ‬‫عظُكُم بِوَا ِ‬
‫أ َن تَقُو َُ‬ ‫ما أ َ ِ‬ ‫ل إِن َّ َ‬‫(قُ ْ‬
‫شدِيدٍ) (سبأ ‪:‬‬ ‫ب َ‬ ‫ن يَدَيْ عَذ َا ٍ‬‫إ ِ ّل نَذِيٌر ل ّكُم بَي ْ َ‬
‫ن هُوَ‬ ‫جنَّةٍ إ ِ ْ‬‫من ِ‬ ‫حبِكُم ِّ‬ ‫صا ِ‬ ‫بِ َ‬
‫‪) 46‬‬
‫ن) (التكوير ‪) 22 :‬‬ ‫جنُو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫حبُكُم ب ِ َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫(وَ َ‬
‫ض َّ‬
‫ما غَوَى) (النجم ‪) 2 :‬‬ ‫م َو َ‬ ‫حبُك ُ ْ‬‫صا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ما َ‬ ‫( َ‬
‫يقول أهل العلم ‪ :‬عبّر بلفظ صاحبكم ولم يستخدم أي لفظ آخر‬
‫ليقول لهم أنه هذا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي صحبتموه‬
‫وعرفتموه معرفة الصاحب بصاحبة ‪ .‬فل جنون ‪ ،‬ول ضلل ‪ ،‬بل‬
‫صادق أمين كما سميتموه ‪.‬‬
‫يصوروه أسود أشعث أغبر أحول ‪ .‬وما كان هكذا ـ صلى الله عليه‬
‫وسلم ـ‬
‫رأته أعرابية عجوز في الصحراء وهو مطارد تتبعه قريش ومن معها‬
‫يوم الهجرة فقالت في وصفه ‪ ،‬وهي ل تعرفه ‪ :‬أبهى الناس‬
‫وأجملهم من بعيد ‪ ,‬وأحسنهم من قريب غصن بين غصنين ‪ ،‬فهو‬
‫أنضر الثلثة منظرا ‪ ،‬وأحسنهم قدا ‪ ،‬له رفقاء يحفون به ‪ ،‬إن قال‬
‫استمعوا لقوله ‪ ،‬وإن أمر تبادروا لمره ‪ ،‬محفود محشود ‪.‬‬
‫وصدق حسان ‪:‬‬
‫أحسن منك لم تر قط عيني * * * وخير منك لم تلد النساء‬
‫خلقت مبرئا من كل عيب * * * كأنك قد خلقت كما تشاء‬
‫والسؤال ‪ :‬من أين أتى من يسخرون اليوم ويتهكمون على الحبيب ـ‬
‫صلى الله عليه وسلم ـ بكلمهم هذا ؟‬
‫قوم ل يعرفون العربية ‪ ...‬ول يحسنون قراءة القرآن ‪ ..‬وجل شهد‬
‫له أعدائه قبل محبوه ‪ ...‬ومضى بخير سيرة عرفتها البشرية ‪.‬‬
‫ثم يقولون كان نبيكم وكان ‪. . .‬‬
‫من أين ؟؟‬
‫إنه الحسد ليس إل ‪.‬‬
‫هل جهلوا أوصاف نبينا ‪ .‬ل والله ‪ .‬فنبينا ولد في الشمس وعاش‬
‫بين الناس ‪ ،‬وخبره موصول إلينا بأوثق الطرق وأوكدها ‪ .‬نعرف عنه‬
‫كل شيء ‪ ...‬يعرف أحدنا عن محمد صلى الله عليه وسلم ما ل‬
‫يعرفه عن أبيه ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫فكيف تنكرون صفاته ؟‪.‬‬
‫ح يُنكُِرهَا‬
‫سود ٍ را َ‬‫ح ُ‬‫ن لِ َ‬
‫جب َ ْ‬
‫ق الفَهِم ِ *** ل تَع َ‬‫ن الحاذ ِ ِ‬‫تجاهُل وَهْوَ عي ُ‬
‫س‬
‫ضوْءَ الشم ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سقَم ِ *** قد تُنكُِر العي ُ‬ ‫من َ‬ ‫م الماءِ ِ‬ ‫م طع َ‬ ‫ويُنكُِر الفَ َ‬
‫مدٍ‬
‫من َر َ‬ ‫ِ‬
‫مابي من طاقة للكلم عن أخلق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‬
‫فوالله كلما هممت بالكتابة عن خلق رأيت أن كلمات تشينه ل تزينه‬
‫‪ ،‬وأن كلماتي أقل من أن تعبر عن أوصاف الحبيب ‪ ،‬ولكن دونكم‬
‫الكتب ‪ .‬فقط أردت أن أبين لكل من يقرأ أن من يتكلمون عن‬
‫الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنما يغرفون من وعاهم ‪ ،‬ول سند‬
‫لهم ممن عاصروا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونبينا كل‬
‫الكمال ‪ ،‬وجملة الجمال صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫======================‬
‫أخطر عقائد القرن‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬جمال الحسيني أبو فرحة‬


‫يؤمن كل من اليهود والمسيحيين والمسلمين بعقيدة المسيح‬
‫المنتظر إل أن مسيح اليهود في عقيدتهم لم يولد بعد‪ ،‬أما مسيح‬
‫المسيحيين والمسلمين فهو المسيح عيسى عليه السلم‪.‬‬
‫وهناك اختلفات كثيرة في صفات ذلك المنتظر الجسدية والنفسية‬
‫والخلقية‪ ،‬وفي الدور الذي سيؤديه على الرض‪ ،‬ليس بين أهل‬
‫الديان الثلثة فقط ولكن بين أبناء كل دين كذلك‪ ،‬حتى ذهب بعض‬
‫المسلمين والمسيحيين إلى القول بعدم نزوله عليه السلم ماديًا‪،‬‬
‫وأولوا نزوله بغلبة روحه وروح تعاليمه في آخر الزمان من انتشار‬
‫المحبة والتسامح والسلم – وإن كان في ذلك إيماءة إلى أن‬
‫السلم ل يحتوي على تلك الروح وهو ما نأباه ونعجب من وقوع‬
‫بعض علمائنا فيه‪. -‬‬
‫وعلى كل فليس في كل ما سبق خطورة كبرى ولكن الخطورة‬
‫تتأتى من بعض الطوائف المسيحية المنتشرة في الغرب‪ ،‬والتي‬
‫تدعمها إسرائيل وتروج لها بأشكال عديدة‪ ،‬حيث تؤمن بهذه العقيدة‬
‫جاعلة للمسيح عليه السلم صفات لم تكن قط له من القسوة‬
‫والغلظة ومحبة الدمار‪ ،‬زاعمة كذلك أنه عليه السلم إنما سينزل‬

‫‪3‬‬
‫على اليهود فهم قومه‪ ،‬وسيحارب بهم العالم حربًا نووية من مكان‬
‫في فلسطين يدعى "هرمجدّون" ( أي ‪ :‬جبل مجدّون ) يفنى فيها‬
‫ثلثا البشر‪ ،‬ويعود العالم على إثرها إلى حالة بدائية كما كانت الحال‬
‫بعد الطوفان واندثار مدنية ما قبل الطوفان‪.‬‬
‫وبعد المعركة يكبل الشيطان ويتوج المسيح ملكًا على العالم‪ ،‬ويبدأ‬
‫الحكم اللفي للمسيح وفيه يعيش اليهود بعد اعترافهم بالمسيح في‬
‫أورشليم حياة كاملة بل ألم أو ضيق أو شر مدة ألف سنة هم وكل‬
‫المسيحيين الذين آووهم أثناء شتاتهم الخير وساعدوهم ووقفوا‬
‫بجانب إقامة دولتهم في فلسطين لتكون محطة لبد منها لنزول‬
‫المسيح عليه السلم‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يؤمن هؤلء بأن الله ل يريدهم أن يعملوا من أجل‬
‫السلم وإنما يريد منهم العداد لهذه الحرب‪.‬‬
‫ضا يؤمن هؤلء بأن الوقوف في طريق قيام‬ ‫وبناء على ذلك أي ً‬
‫إسرائيل وتوسعها ولو حتى بنقضها هو وقوف في طريق إرادة الله‬
‫التي قدرت جمع بني إسرائيل في فلسطين قبل نزول المسيح؛‬
‫وانطلقًا من هذه العقيدة نجد على سبيل المثال‪:‬‬
‫‪ -‬أن أمريكا تجعل نصيب إسرائيل من مساعداتها أكثر من نصيب‬
‫بعض ولياتها والتي هي في حجم إسرائيل‪.‬‬
‫‪ -‬وأن فرنسا بلد الحرية والديمقراطية المزعومة يوافق برلمانها‬
‫بأغلبية ‪ %58‬على قانون "جيسو فابيوس" الذي يعطي لليهود حقوقًا‬
‫فوق سائر البشر حتى الفرنسيين أنفسهم؛ حيث ينص على حرية‬
‫الفكر والبحث والنقد في تاريخ كافة المم وفي كافة العقائد حتى‬
‫وإن أنكر الباحث وجود الله تعالى ‪ .‬أما إن تعلق البحث بالنقد لي‬
‫من الساطير المؤسسة لدولة إسرائيل – مهما كانت الدلة –‬
‫فيعاقب الباحث بالسجن والغرامة؛ ومن هنا جرت المحاكمة‬
‫الشهيرة للمفكر الفرنسي "جارودي" لمخالفته لهذا القانون الذي‬
‫وصفه وزير العدل آنذاك‪ ،‬والرئيس الفرنسي " جاك شيراك " –‬
‫عمدة باريس وقتئذ – بأنه وصمة عار على جبين فرنسا؛ هذا قليل‬
‫من كثير ل يتسع المقام إل للتمثيل له‪.‬‬
‫ونحن نقول لهؤلء‪:‬‬
‫إن المسيح عليه السلم لم يكن ولن يكون ذلك الفظ المدمر قط ؛‬
‫فهذا مسيح ل يعرفه الكتاب المقدس الذي تؤمنون به؛ إن المسيح‬

‫‪4‬‬
‫الذي يعرفه الكتاب المقدس مسيح رحمة وسلم‪ ،‬إنه المسيح الذي‬
‫ما أترك لكم سلمي أعطيكم" يوحنا‬ ‫يقول يوحنا على لسانه‪" :‬سل ً‬
‫‪ .. 27 :14‬والذي يقول متى على لسانه ‪" :‬أحبوا أعداءكم باركوا‬
‫لعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لجل الذين يسيئون إليكم‬
‫ويطردونكم‪........‬لنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأي أجر لكم" متى‬
‫‪. 48-44 :5 :‬‬
‫ونقول لهم كذلك ‪ :‬إن اليهود قد رفضهم الله ولعنهم للبد ول يمكن‬
‫أن ينزل المسيح على هؤلء الملعين؛ يقول الرب عن بني إسرائيل‬
‫وفي كتابهم الذي يؤمنون به "هأنذا أنساكم نسيانًا وأرفضكم من‬
‫أمام وجهي ‪.....‬وأجعل عليكم عاًرا أبديًا وخزيًا أبديًا ل ينسى" إرميا‬
‫‪ .. 40 :39 :23 :‬وهو ما يؤكده المسيح عليه السلم بقوله لبني‬
‫إسرائيل‪" :‬إن ملكوت الله سينزع منكم ويعطى لمة تثمر ثمره"‬
‫متى ‪. 43 :21 :‬‬
‫وأما قول أصحاب هذه العقيدة بأن الوقوف في طريق إقامة‬
‫إسرائيل هو وقوف أمام إرادة الله فهو منطق مخادع؛ يخلط بين‬
‫إرادته تعالى وأمره؛ والنبوءة بالشر ل تعني تحريم مقاومة وقوعه‪،‬‬
‫ول تدعو للستسلم له وتشجيعه في أي عقل وفي أي دين؛ فعلمنا‬
‫بأننا بشر والموت قدرنا‪ ،‬ل يعني تحريم مقاومتنا للموت بالتداوي‬
‫وتجنب المخاطر وكافة السبل‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك أن ما يقال عنه إنه "مقاومة للقدر" هو في الحقيقة‬
‫جزء من القدر فكل ما يبرز إلى الوجود قد سبق به القدر‪ ،‬ول يجوز‬
‫أن نسمي جزءًا من القدر "قدًرا" وجزءًا "مقاومة القدر" فالقدر ل‬
‫يقاوم " فإذا جاء أجلهم ل يستأخرون ساعة ول يستقدمون"‬
‫العراف ‪ . . 34 :‬وسيحاسب النسان على عمله خيًرا كان أو شًرا‪،‬‬
‫ولن يقبل الله احتجاج محتج بالقدر‪.‬‬
‫د‪ .‬جمال الحسيني أبو فرحة‬
‫أستاذ الدراسات السلمية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة‬
‫‪gamalabufarha@yahoo.com‬‬
‫==================‬
‫أريد أن أقول ثورة الغضب السلمية‬

‫‪5‬‬
‫رضا محمد لري‬
‫واعلن الفاتيكان أن الحرية ل تعطي الحق في إهانة المعتقدات‬
‫الدينية‪ ،‬وأكد الحاخام الكبر في فرنسا جوزيف سيتروك انه يعارض‬
‫مهاجمة الديان‪ ،‬وتقف الجالية اليهودية في تركيا ضد التطاول على‬
‫النبياء‪.‬‬
‫تطاولت صحيفة بلندس بوستن الدينماركية في شهر سبتمبر من‬
‫العام الماضي ‪2005‬م‪ ،‬على سيدي رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم باثني عشر رسما ً كاريكاتوريا ً تحت مظلة مسابقة بين‬
‫راسمي الكاريكاتور في كوبنهاجن‪ .‬ليس غريبا ً أن تقام هذه‬
‫المسابقة في بلد‪ ،‬ملكتها مارجريت الثانية «طرطورة» لنها تملك‬
‫ول تحكم‪ ،‬واعلنت عن معادتها للسلم بدون سبب‪ ،‬وعن كرهها‬
‫للمسلمين بدون مبرر‪ ،‬وصرحت لصحيفة الديلي تلجراف اللندنية‬
‫في شهر ابريل من العام الماضي ‪2005‬م‪ ،‬بقولها «إن السلم‬
‫يتحدانا محليا ً وعالمياً‪ ،‬وكنا في الماضي متسامحين وكسلنين في‬
‫الرد على هذا التحدي لفترة زمنية طويلة وقد حان الوقت للوقوف‬
‫بكل قوة ضد السلم بمعارضة أحكامه وان استلزم المر بمحاربته‬
‫في داخل وطننا وفي كل مكان بالرض لنه عدو لدود لنا‪.‬‬
‫رفض رئيس الوزارة الدينماركي اندريه فوج راسموسن مقابلة‬
‫سفراء الدول السلمية المعتمدين في بلده عن ظهور كارثة‬
‫الكاريكاتور بحجة ل شأن للحكومة في ما تنشره الصحف‪ ،‬غير انه‬
‫اضطر إلى مقابلتهم لمواجهة الخسارة الفادحة التي نزلت على‬
‫الدينمارك ووصلت إلى ‪ 2‬مليار يورو من بداية المقاطعة إلى الن‪،‬‬
‫ومن المتوقع أن تصل إلى ‪ 39‬مليار يورو‪ ،‬لو استمرت المقاطعة‬
‫السلمية لستة أشهر قادمة‪ ،‬وكلما زادت مدة المقاطعة تضاعفت‬
‫الخسارة التي تنزل بالدينمارك‪ ،‬لن سدس سكان الرض ‪1500‬‬
‫مليون نسمة يقاطعونها‪ ،‬ولكن وزير الخارجية الدينماركي بير ستيج‬
‫مولر أخبر سفراء الدول السلمية بأن رئيس الوزارة لن يعتذر عن‬
‫ما بدر من الصحيفة لن بلدهم تتمتع بالديمقراطية التي تعطي‬
‫الصحف التمتع بحرية التعبير عن آرائهم بدون قيود أو حدود‪ ،‬وفي‬
‫ظل هذه الديمقراطية يقوم التسامح بين الديان والحترام بين‬
‫الحضارات نهجت النرويج المسلك الدينماركي وسارعت إلى إعادة‬
‫نشر الثني عشر كاريكاتوريا ً بإحدى صحفها الصادرة في أوسلو‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫وبرر هذا التعاطف بين مجموعة الدول السكندافية على احترام‬
‫الحريات واللتزام بالديمقراطية‪ ،‬وهدفهم الحقيقي من ذلك تعدد‬
‫الدول التي نشرت الكاريكاتورات وتتضح هذه المؤامرة من تتابع‬
‫الدول غير السكندافية في نشرها حتى يتعذر على المسلمين‬
‫مقاطعة منتجات دول العالم‪ ،‬ولكن المقاطعة الشعبية السلمية‬
‫اخذت تتسع لتشمل منتجات كل الدول التي تتطاول على سيدي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قامت صحيفة لبدانيا اليطالية لسان حال حزب عصبة الشمال‬
‫اليطالي بتقديم رسوم كاريكاتورية جديدة مسيئة إلى سيدي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ولم يكتف حزب عصبة الشمال اليطالي‬
‫المتطرف بما نشرته صحيفة لبدانيا وانما تظاهر اعضاء من الحزب‬
‫بقيادة الوزير المتشدد روبيرتو كالديروني وعضو البرلمان الوروبي‬
‫ماثيو سالفيني‪ ،‬وتجمع المتظاهرون امام القنصلية العامة‬
‫الدينماركية في ميلنو ليعلنوا تعاطفهم مع الدينمارك وزايدوا‬
‫بالعلن عن طبع كل الرسوم الكاريكاتورية على قمصان توزع‬
‫مجانا ً على الشباب تحديا ً للمقاطعة الشعبية السلمية‪ ،‬لنثبت‬
‫للمسلمين أننا احرار في حكم بلدنا بدون تدخل منهم‪ ،‬ودعا الوزير‬
‫روبيرتو كالديروني الرسامين الكاريكاتوريون إلى التحاد ليمارسوا‬
‫بحرية مطلقة انتقاد من يشاؤون بما في ذلك محمد «صلوات الله‬
‫وسلمه عليه» رغم أنف كل المسلمين في مشارق الرض ومغاربها‬
‫لنفرض عليهم احترام الحرية والديمقراطية‪.‬‬
‫في فرنسا قامت صحيفة فرانس سوار «المسائية» باعادة رسم‬
‫الكاريكاتوريات الساخرة‪ ،‬وقامت أيضا ً صحيفة ليبراسيون الباريسية‬
‫بفتح ملف أزمة مسابقة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لسيدي‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وادعت أن الحرية والتمسك بها‬
‫تلزمنا بمناقشة هذه القضية لن الصمت يخرجنا عن حريتنا ويفقدنا‬
‫الحترام للديمقراطية التي نؤمن بها‪ ،‬وقالت صحيفة ليبراسيون‬
‫بأنها اكتفت باعادة نشر رسمين من الثني عشر رسما ً لتكون وثيقة‬
‫لهذه المناقشة ودخلت في لعبة الحرية صحيفة اللوموند التي ل‬
‫تنشر صورا ً أو رسوما ً كاريكاتورية على صفحاتها مما جعلها تتناول‬
‫هذه القضية في افتتاحيتها يوم الجمعة الماضية ‪ 3‬فبراير من عامنا‬
‫الحالي ‪2006‬م قالت فيها من الممكن أن يصاب النسان المسلم‬
‫بالصدمة من نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لهم ولعقيدتهم‬
‫الدينية ولكننا ل نستطيع أن نقبل تحت مظلة الديمقراطية التي‬

‫‪7‬‬
‫نؤمن بها والحرية التي نتمتع بممارستها الموافقة على اقامة‬
‫«بوليس على الرأي» لننا نرفض أن ندعس بأقدامنا حقوق النسان‬
‫والحرية والديمقراطية وهي قيم ومبادئ فكرية ل يمكن التخلي‬
‫عنها‪.‬‬
‫يتضح من كل التجاهات المختلفة في التطاول على سيدي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم التركيز على الحرية والديمقراطية‬
‫وحقوق النسان في تبرير الرسوم الكاريكاتورية والدفاع عنها‪ ،‬وهو‬
‫في مجمله حديث افك لن الحرية المطلقة تؤدي إلى الفوضى‪،‬‬
‫ويتفق الفكر الغربي بأن الحرية تنتهي عند بداية انوف الخرين‬
‫والديمقراطية ل تقر العدوان على الغير وإل تحولت إلى ديكتاتورية‪،‬‬
‫وحقوق النسان تحترم كل حق له وفي مقدمة هذه الحقوق حرية‬
‫العقيدة مما يجعل السخرية من أي عقيدة دينية اعتداء على حق‬
‫النسان في عقيدته‪ ،‬وهو ما فعلته الدول التي شاركت الدينمارك‬
‫في اثم التطاول على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫والخذ بمنطق الحرية والديمقراطية وحقوق النسان التي تتحدث‬
‫عنها الدول الغربية يجعلنا نطالب في ظل هذه الحرية‬
‫والديمقراطية وحقوق النسان بحق الحديث عن الهولوكوست الذي‬
‫اباد اليهود في ألمانيا النازية وندعو إلى الغاء «البوليس على‬
‫الرأي» الذي فرضه الفكر الغربي على ما جاء في كتاب أساطير‬
‫اليهود للفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي‪ ،‬وما جاء في كتاب‬
‫الهولوكوست للمؤرخ البريطاني الدكتور ديفيد ايفرينج‪ ،‬والسماح‬
‫للكتابين بالتداول بين الناس وفتح صفحات الصحف الوروبية‬
‫والمريكية لمناقشة قضية اليهود في الهولوكوست تحت مظلة‬
‫الحرية والديمقراطية وحقوق النسان‪.‬‬
‫امتناع أمريكا عن الخوض في قضية مسابقة الرسوم الكاريكاتورية‬
‫لتنفي عن نفسها الساءة إلى السلم حتى تخفي دورها العدائي له‬
‫مما يؤكد قيام مؤامرة أمريكية أوروبية ترمي إلى القضاء على‬
‫السلم بعد أن وصفه المفكر المريكي صمويل هينتيجتون بالعقيدة‬
‫الدموية العدوانية واصدر كتابه «صدام الحضارات واعادة بناء‬
‫النظام العالمي» في عام ‪1993‬م بعد انتهاء الحرب الباردة بسقوط‬
‫التحاد السوفييتي في عام ‪1991‬م‪ ،‬ليؤكد فيه سمو الحضارة الغربية‬
‫التي تتطلب لفرض سيادتها دحر الفكر السلمي‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫دعم هذا الرأي مفكر أمريكي آخر فرانسيس فوكوياما الذي يعمل‬
‫في مركز ابحاث تابع للقوات الجوية المريكية‪ ،‬بكتابه «نهاية‬
‫التاريخ» الذي يذهب فيه إلى أن الرأسمالية تمثل قمة التطور‬
‫الحضاري للنسان بعد انتصارها في الحرب الباردة على الفكر‬
‫الشيوعي‪ ،‬وألقى فرانسيس فوكوياما محاضرة في باريس قبل ايام‬
‫معدودة هاجم فيها السلم لفقدانه التسامح والديمقراطية مما‬
‫يجعله عدوا ً للفكر النساني المعاصر ويشكل تهديدا ً للحضارة‬
‫الغربية وطالب بالسراع إلى توجيه ضربة مبكرة للسلم للحد من‬
‫خسائر الغرب عند الصراع بين الحضارات‪ ،‬لنه يرى في الفكر‬
‫السلمي منافسا ً خطيرا ً للفكر الغربي‪.‬‬
‫ل يزال العالم يذكر كيف وصف الرئيس جورج بوش الحرب التي‬
‫يخطط لها بعد احداث ‪ 11‬سبتمبر من عام ‪2001‬م بالحرب الصليبية‬
‫‪ CRUSADE‬فلما اختنق بهذا العلن للحرب الصليبية ادعى انه‬
‫يقصد الصليب ‪ CROSS‬ليدعو سيارات السعاف لنقاذ الجرحى‬
‫تحت النقاض فلم يصدقه احد من اعدائه وحلفائه‪.‬‬
‫دعوة توم تانكريدو العضو الجمهوري بالكونجرس في يوم ‪ 4‬يوليو‬
‫من عام ‪2005‬م إلى ضرب مكة المكرمة بالقنبلة النووية لمنع هجوم‬
‫إرهابي على أمريكا ووصفه المريكيون الذين اعتنقوا السلم‬
‫«إبرهة» القرن الواحد والعشرين وقالوا أن اعصار وطوفان كاترينا‬
‫في نيو اورلينز‪ ،‬وكذلك اعصار وطوفان ريتا في تكسس كولورادو‬
‫هو عقاب الله على التفكير بضرب مكة المكرمة نووياً‪ ،‬وشبهوهما‬
‫«بالطير البابيل» التي صدت إبرهة وافعاله عن هدم الكعبة‪.‬‬
‫ل يعقل النظر إلى العداء السافر للسلم الذي صعدته الدينمارك‬
‫ووقفت معه اوروبا‪ ،‬وتبرأت منه امريكا «لغرض في نفس يعقوب»‬
‫على انه مجرد تعبير عن الحرية والخذ بالديمقراطية‪ ،‬وانما هو‬
‫مؤامرة غربية تقودها أمريكا لبدء الصراع بين الحضارات‪ ،‬وهو‬
‫عدوان مدبر ضد السلم لتنفرد الحضارة الغربية بفرض مبادئها‬
‫على العالم‪ ،‬واعلن الفاتيكان أن الحرية ل تعطي الحق في إهانة‬
‫المعتقدات الدينية‪ ،‬وأكد الحاخام الكبر في فرنسا جوزيف سيتروك‬
‫انه يعارض مهاجمة الديان‪ ،‬وتقف الجالية اليهودية في تركيا ضد‬
‫التطاول على النبياء‪.‬‬
‫ثورة الغضب السلمية الشعبية الساعية إلى مقاطعة المنتجات‬
‫الدينماركية وكذلك مقاطعة منتجات الدول التي تؤازرها‪ ،‬نقف مع‬

‫‪9‬‬
‫هذا التوجه الشعبي السلمي وندعمه في مسعاه‪ ،‬ولكننا نذكر‬
‫بالمثل الشعبي «الدبره في الحصان جيبوا الحمار نكويه»‪ ،‬وهذا‬
‫المثل يدعونا إلى مقاطعة المنتجات المريكية بعد أن اتخذت‬
‫واشنطون السلم عدوا ً لها‪ ،‬وسمت المسلمين إرهابيين‪ ،‬وجعلت‬
‫المرأة تأم الرجال في الصلة‪ ،‬واصدرت قرآنا ً جديدا ً سمته «فرقان‬
‫الحق» وهو الباطل بعينه‪ ،‬وانتهكت كتاب الله القرآن الكريم‬
‫وتطاولت على رسول الله في سجن ابوغريب بالعراق‪ ،‬وسجن‬
‫جواتينامو في كوبا وفي غيرهما من سجون امريكية معروفة‬
‫ومجهولة ونطالب بمقاطعة كل من يعادي السلم وفي مقدمتهم‬
‫أمريكا‪ ،‬ونذكر بالتاريخ الذي تقول صفحاته بأن الهند نالت استقللها‬
‫وحريتها بمقاطعة منتجات المستعمر البريطاني‪.‬‬
‫===========‬
‫تأملت في الغضب السلمي‬
‫محمد بن علي المحمود‬
‫إن اللغة التي يعبر بها الكاتب أو المفكر عن موقفه من هذا الحدث‪،‬‬
‫لبد أن تكون على درجة عالية من النضباط بمعايير الكتابة العلمية‬
‫التي ل تترك مجال ً لتوظيفها خارج سياق الكاتب‪ .‬لبد أن تكون‬
‫الستثناءات واضحة‪ ،‬ومقرونة بالتفاصيل التي تحدد رؤية الكاتب‬
‫الخاصة‪ ،‬دون ترك مساحات من المعنى فارغة‪ ،‬يستطيع أن يملها‬
‫من يشاء بما يشاء‬
‫ليزال الغضب السلمي عارماً؛ جراء محاولة بعض المتطرفين‬
‫الساءة إلى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم‪ .‬وقد تمظهر‬
‫هذا الغضب السلمي في صور شتى‪ ،‬منها ما يأخذ منحى التعبير‬
‫المجرد عن عاطفة صادقة اليمان‪ ،‬ومنها ما يتجاوز ذلك إلى مناح‬
‫عملية واقعية؛ تحاول استثمار الحدث في مسارات إيجابية لصالح‬
‫السلم والمسلمين‪ ،‬ومنها ما ليس إلى هؤلء ول إلى هؤلء؛ من‬
‫تجار العمل السياسي والقتصادي المحترف‪.‬‬
‫وبما أن هذا الغضب السلمي العام‪ ،‬إيجابي في عمومه ‪ -‬بصرف‬
‫النظر عن التفاصيل ‪-‬؛ فإن هذه اليجابية ل تعني عدم التوقف عند‬
‫هذا الغضب؛ توقف القارئ لما تحمل هذه الموجة الغاضبة من‬
‫دللت وإشكالت‪ ،‬بل إن هذا اللحاح على التساؤل والمساءلة‪،‬‬
‫يمكن اعتباره جزءا ً من مكونات هذا الغضب‪ ،‬ومن ملمح اليجابية‬

‫‪10‬‬
‫فيه‪ ،‬إذ هو غضب عام‪ ،‬يُسائل بعضه بعضا‪ ،‬ويتهم الغاضب غضبه‬
‫بالدرجة التي يتهم بها (الخر) مصدر الغضب‪.‬‬
‫حينما نتجاوز أنفسنا ‪ -‬بكوننا غاضبين ‪ -‬إلى التأمل الناقد في‬
‫تمظهرات هذه الموجة الغاضبة؛ فإننا نلحظ ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬غياب الستراتيجية الواضحة التي تحدد الهداف العملية من وراء‬
‫هذه الموجة الغاضبة‪ .‬فمع أن الباعث هو النتصار لرسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم ‪-‬من الساءة المتعمدة‪ ،‬فإن النتصار هو‬
‫مبرر وحافز‪ ،‬لكنه ليس هدفا ً تتجه إليه فعاليات الغضب السلمي‪.‬‬
‫الهدف الستراتيجي لبد أن يكون واضحا ً في أذهاننا ونحن نمارس‬
‫حقنا في الحتجاج والحوار والمقاضاة‪ .‬وما لم يكن الهدف محدداً‬
‫وواضحاً؛ فإن ما نقوم به ل يعدو كونه ‪ -‬في محصلته النهائية ‪ -‬تعبيراً‬
‫ساذجا ً عن حالة عاطفية‪ ،‬حالة سوف تتوارى بعد أن تأخذ مداها‬
‫السيكولوجي؛ أيا كانت درجتها من الصدق والتسامي‪.‬‬
‫إننا نشاهد ونسمع على امتداد العالم السلمي الغاضب‪ ،‬بيانات‬
‫الغضب التي تتفاوت في أفقها الذي تتغياه‪ .‬المقاطعة ‪ -‬كأحد‬
‫مظاهر الغضب ‪ -‬لم يستطع القائمون بها أن يرسموا لها حدودا ً في‬
‫الواقع‪ .‬البعض يريد مجرد اعتذار واضح من الصحيفة‪ ،‬والبعض الخر‬
‫يريد اعتذارا ً رسميا ً من الحكومة الدنماركية‪ ،‬وآخرون ل يرضون‬
‫بغير معاقبة المجرمين المباشرين عن طريق القضاء‪ .‬بل إن هناك‬
‫من يعلن أن الذنب فوق المغفرة‪ ،‬وأن العقاب (المقاطعة)‬
‫سيستمر دون توقف؛ مهما كانت درجة العتذار!‬
‫ما هو الحد الدنى الذي نقبل به كمسلمين؟ هذا ما ل يستطيع‬
‫الغضب السلمي تحديده بوضوح‪ ،‬خاصة وأن المواجهة قد اتخذت‬
‫شكل المقاطعة القتصادية التي هي بطبيعتها ذات منحى عملي‪،‬‬
‫يبحث عن نتيجة ملموسة‪ .‬ول قيمة لهذه المقاطعة فيما لو تخاذل‬
‫عنها كثير من القائمين بها؛ جراء رضاهم بحد أدنى من حدود‬
‫العتذار‪ ،‬ل ترضى به بقية الطياف‪.‬‬
‫لشك أن هذا جزء من إشكالياتنا العامة في التفكير‪ ،‬والتي تتسم‬
‫في الغالب بغياب الهدف أو غموضه‪ ،‬وأننا ‪ -‬في الغالب ‪ -‬ل نعرف‬
‫ماذا نريد‪ ،‬حتى في قضايانا الكبرى والمصيرية‪.‬‬
‫إن هذه الحيرة والضطراب في مثل هذا الحدث تجعل الخر‬
‫المقابل ل يتعاطى مع احتجاجاتنا على نحو جدي‪ ،‬بل يجد نفسه ل‬

‫‪11‬‬
‫يعرف كيف يرضينا؛ فيما لو أراد إرضاءنا!‪ ،‬وأن ما يقدمه من‬
‫اعتراف واعتذار و‪ ....‬الخ‪ ،‬ل قيمة له عند بعضنا الغاضب‪ .‬وبهذه‬
‫العشوائية‪ ،‬نصبح وكأننا نخوض معركة مضنية؛ لجل المعركة ذاتها‪،‬‬
‫وكأن المعركة هي الوسيلة والهدف!‬
‫س جديد‪ ،‬نفس غير‬ ‫‪ -2‬في سياق هذا الغضب السلمي ظهر نف ٌ‬
‫معهود في سياقات الخطاب السلمي المعاصر‪ .‬هذا النفس الجديد‬
‫النساني لم يكن غائبا ً تمام الغياب‪ ،‬ولكنه كان هامشيا ً ‪ -‬ومهمشا ً ‪.-‬‬
‫لقد أصبح الخطاب السلمي يطرح ‪ -‬بإلحاح ‪ -‬على الخر‪ ،‬مفردات‬
‫التسامح واحترام الخر‪ ،‬وأهمية مراعاة عقائد الخرين‪ .‬وهو في هذا‬
‫يريد ‪ -‬من ناحية ‪ -‬الحتجاج بها على الغربي المسيء‪ ،‬باعتباره من‬
‫أبرز دعاتها على امتداد الحضارات البشرية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬يريد‬
‫أن يؤكد أن هذه المفردات محل احترام وإجلل في منظومته‪.‬‬
‫هذا المنحى اليجابي الذي هيمن على خطاب الحتجاج والغضب‬
‫السلمي أتى متأخراً‪ ،‬أي في غير أوانه‪ .‬فمع ايجابية دخول هذه‬
‫المفردات ‪ -‬بقوة ‪ -‬إلى الخطاب السلمي المعاصر‪ ،‬إل أنها ‪-‬‬
‫للسف ‪ -‬لم تظهر إل عندما أصبحنا محتاجين إليها في تبرئة أنفسنا‬
‫من الرهاب‪ ،‬أو في إدانة الخر بأنه ينتهكها في حقنا‪.‬‬
‫رائع أن نكون مشدودين إلى هكذا مفردات‪ ،‬مفردات متخمة‬
‫بالنساني‪ .‬لكن‪ ،‬للسف‪ ،‬نطرحها في الوقت الذي نطرح فيه ‪ -‬على‬
‫يد الرهابيين من أبنائنا ‪ -‬ذبح السرى من الوريد إلى الوريد على‬
‫شاشات التلفاز‪ ،‬مقرونة بذكر الله والتكبير‪ ،‬وبخلفية من شهادة‬
‫السلم بحيث تعطي هوية صارخة للمشهد الجرامي‪ .‬إننا نطرحها‪،‬‬
‫في الوقت الذي تسير فيه المسيرات الغوغائية الهائجة إلى‬
‫السفارات الجنبية‪ ،‬فتشعل فيها النيران‪ ،‬وفي الوقت الذي تسير‬
‫في الرعاع إلى الكنائس‪ ،‬فتدمرها على عبادها البرياء‪.‬‬
‫إننا نتكلم عن احترام الرسل جميعاً‪ ،‬وأننا نقدسهم دون تفريق‪،‬‬
‫ونرفض أن يسيء إليهم أحد ولو بكلمة عابرة‪ .‬هذه هي الروح‬
‫العامة عند جميع المسلمين‪ .‬لكن‪ ،‬هل ننكر‪ ،‬أو نستنكر‪ ،‬ما ورد في‬
‫كتاب رائج عندنا‪ ،‬نوصي به أبناءنا‪ ،‬ككتاب (إغاثة اللهفان) مع أن‬
‫مؤلفه ‪ -‬في معرض رده على النصارى‪ ،‬وتأكيده على بشرية‬
‫المسيح ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬يصف المسيح في قصيدة له‪ ،‬بأوصاف‬
‫بلغت قمة البذاءة‪ ،‬كما في قوله (أقام هناك تسعا ً من شهور‪..‬‬

‫‪12‬‬
‫البيتين‪ .‬ج‪ ،‬ص‪ ،)350‬ول استطيع كتابة البيتين هنا؛ لما فيهما من‬
‫إسفاف وانحطاط‪ ،‬بل وانعدام في الذوق العام‪.‬‬
‫ل يمكن أن نكون صادقين ‪ -‬ونقنع الخرين بصدقنا ‪ -‬في دعاوى‬
‫احترام الخر‪ ،‬ونحن نوصي أبناءنا بمثل هذه الكتب التي كتبت في‬
‫عصور الصراع العقائدي‪ ،‬دون تنقية لها من هذا العفن الشائن‪ .‬لن‬
‫نكون مقنعين؛ إل عندما نبدأ بغربلة تراثنا‪ ،‬وفحص مناهجنا‪ ،‬وجعل‬
‫احترام الخر سلوكا ً عاما ً لنا‪ ،‬وليس مجرد شعارات جوفاء‪ ،‬نجأر بها؛‬
‫للستهلك العلمي العابر‪.‬‬
‫من السهل أن نقول‪ ،‬ومن السهل أن نحتج بما نقول‪ .‬ولكن من‬
‫الصعب أن نقنع الخرين بصدقنا فيما نقول؛ مادمنا نحتضن ‪ -‬وإلى‬
‫هذه اللحظة ‪ -‬مراجع الكراهية والتفسيق والتبديع‪ ،‬ونؤسس عقائدياً‬
‫‪ -‬من خللها ‪ -‬لكره الخر من بني ديننا‪ ،‬فما بالك بالخر من غيرنا‪،‬‬
‫من غير المسلمين!‬
‫إننا نعلم أن كثيرا ً من التجمعات السلمية في الما وراء إسلمي ‪-‬‬
‫في أوروبا وأمريكا خاصة ‪ -‬قد تجاوزت هذه الشرنقات التصنيفية‪،‬‬
‫وهي في سبيلها إلى التخلص من ما بقي من عقابيلها‪ ،‬وطرحها‬
‫الفكري المتجاوز في السلميات يشي بروح حضارية صاعدة‪ .‬لكن‪،‬‬
‫المعاقل التقليدية في البلد السلمية‪ ،‬لزالت كما كانت قبل ألف‬
‫سنة أو تزيد‪ ،‬تبحث المسائل نفسها‪ ،‬وتقترح الحلول ذاتها‪.‬‬
‫‪ -2‬ظهر جليا ً الستخدام المسيس لهذا الغضب السلمي السامي‪.‬‬
‫ح الحدث‬ ‫كثير من الحزاب والتيارات‪ ،‬بل والدول‪ ،‬باتت تمسر ُ‬
‫لمصالحها الخاصة‪ ،‬على حساب الفكرة العامة للغضب‪ .‬لقد غدا‬
‫الحتجاج الغاضب يوجه ‪ -‬وفق شعارات خاصة ‪ -‬في هذا الحشد‬
‫السياسي أو ذاك‪ ،‬والجماهير تساق إلى هذا التعبير أو ذاك‪ ،‬وهي‬
‫تفعل؛ مادام أنها في انتظار ما تفعله من عقود ول تجد‪.‬‬
‫تيارات المواجهة‪ ،‬أو التي اضطرتها الظروف القليمية إلى‬
‫المواجهة‪ ،‬ليس من أولوياتها النتصار لرسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم ‪ -‬ولكنها وجدت ما تجعله وقود عداوتها للخر؛ لتفرض‬
‫على الخر خيارات ليست بالضرورة هي خيارات الغاضبين السذج‪،‬‬
‫بل ربما كانت ‪ -‬في مؤداها النهائي ‪ -‬على الضد من آمال وتطلعات‬
‫تلك الجماهير‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫يخيل إليك ‪ -‬أحيانا ً ‪ -‬أن بعض أطياف السلموية مبتهجة بالحدث؛‬
‫لما تراه من تقاطع كثير من الصوات الغاضبة مع شعاراتها‪ .‬وإذا كنا‬
‫لبد أن نغضب ‪ -‬مهما استخدم غضبنا لغير ما نأمل ونريد ‪ -‬فإننا لبد‬
‫أن نكون حذرين غاية الحذر في لغة الدانة التي نختارها؛ كيل نسهم‬
‫في الحشد والتجييش لفصائل ليست من خياراتنا الحضارية‪ ،‬بل‬
‫تقف ‪ -‬من خلل مجمل مضامينها ‪ -‬على الضد من المنحى النساني‬
‫الذي تجتمع عليه قوى التقدم والتحرر النساني‪.‬‬
‫إن اللغة التي يعبر بها الكاتب أو المفكر عن موقفه من هذا الحدث‪،‬‬
‫لبد أن تكون على درجة عالية من النضباط بمعايير الكتابة العلمية‬
‫التي ل تترك مجال ً لتوظيفها خارج سياق الكاتب‪ .‬لبد أن تكون‬
‫الستثناءات واضحة‪ ،‬ومقرونة بالتفاصيل التي تحدد رؤية الكاتب‬
‫الخاصة‪ ،‬دون ترك مساحات من المعنى فارغة‪ ،‬يستطيع أن يملها‬
‫من يشاء بما يشاء‪.‬‬
‫‪ -4‬ظهر هذا الحدث الصاخب‪ ،‬وكأنه موقف (يجب!) على الجميع‬
‫المشاركة فيه‪ ،‬وخاصة من قبل ذوي السهام في الشأن العام‪ .‬بدا‪،‬‬
‫وكأن هناك من يريد أن يمارس عملية (امتحان) ليمان كل كاتب‬
‫وكل إعلمي وكل اقتصادي‪ .‬من أعلن مشاركته في حملة الغضب‬
‫فقد برأت ساحته‪ ،‬ومن لم يشارك فهو في دائرة التهام في موقفه‬
‫من نبي السلم‪ .‬وهذا موقف في غاية الخطورة؛ لن المشاركة لبد‬
‫أن تكون ذات جدوى عملية‪ ،‬وإل فل ضرورة لها‪ .‬وهناك من يرى أن‬
‫ما لديه ل يستحق التقديم؛ فل يتقدم في مثل هذه الحال بشيء‪،‬‬
‫فهل يتم وضعه ‪ -‬في هذه الحال ‪ -‬في دائرة التهام؟!‪ ،‬ومن هو‬
‫المخول بممارسة هذا الدور البابوي؟!‬
‫أحد العزاء‪ ،‬ممن يقف مني موقف العراف بين إحسان الظن بي‬
‫وإساءته‪ ،‬قال لي بعد مقال الخميس الماضي‪ :‬لقد كنت متوقفاً؛‬
‫أنتظر‪ ،‬وبقلق كبير عليك‪ ،‬هل ستشارك في هذا الموضوع أم ل؟‪،‬‬
‫شبَه!!!‬ ‫أما وقد كتبت؛ فقد أبعدت سوء الظن عنك‪ ،‬ونفيت عنك ال ُّ‬
‫ومع تقديري العميق لمثل هذه العواطف؛ إل أنني أرفض أن أضع‬
‫إيماني على محك المتحان من قبل أي أحد‪ .‬إنني لست بحاجة إلى‬
‫شهادة من أي أحد لي باليمان‪ ،‬أو بما يضاد ذلك من تهم‪ .‬هذه‬
‫مسألة شخصية‪ ،‬ل تخص أحدا ً سواي‪ .‬وعندما أكتب‪ ،‬فإنما أتوسل‬
‫العلمية ‪ -‬قدر المكان ‪ -‬ول أنتظر فيما اكتبه تزكية ايمانية من أي‬

‫‪14‬‬
‫كهنوت كان‪ ،‬أيا كانت عباءته التي يرتديها‪ .‬وهذا ما يجب أن يكون‬
‫عليه الجميع في سياق هذا البتزاز‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬المشكلة في هذا السياق‪ ،‬أن هناك من يقلقه ‪ -‬بل ما يفزعه‬
‫غاية الفزع ‪ -‬مثل هذا المتحان العقائدي‪ ،‬الذي يمارس محاكمته‬
‫التفتيشية القروسطية‪ ،‬ويخضع طائعا ً لمثل هذا البتزاز؛ فيسارع‬
‫لثبات إيمانه في مثل هذه المناسبات‪ ،‬خاصة عندما يسمع التساؤل‬
‫البتزازي التقليدي عن سبب صمته‪.‬‬
‫قد يمتحن النسان في أي شيء‪ ،‬في أخلقه‪ ،‬في علميته‪ ،‬في‬
‫مهاراته‪ ..‬الخ‪ ،‬وقد يحتاج إلى شهادات الخرين له في كل هذا‪ .‬لكن‪،‬‬
‫في مسألة اليمان ل يمكن أن يكون محل تقييم الخرين؛ لن‬
‫المسألة اليمانية ل يطلع عليها إل عالم الغيب والشهادة ‪ -‬سبحانه‬
‫‪.-‬‬
‫‪ 3‬تعليقات‬
‫‪1‬‬
‫لشعوب السلمية اتحدت بسلح المقاطعة!‪ ..‬فهل تتحد الحكومات‬
‫لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم؟‬
‫مشكور‪ ...‬ولكن‪ ...‬ألسنا نقرأ ونسمع‪ ..‬عن اتحادات دول متقدمة‬
‫كالتحاد الوربي‪ ..‬والكمولث‪ ،‬و‪ ..‬واتحاد التجارة العالمية‪ ...‬و‪ ...‬و‪...‬‬
‫و‪ .‬و‪.‬؟‬
‫وما نشأت تلك التحادات إل بعد سنوات طويلة من التخطيط‬
‫والدراسة‪ ،‬والجهود‪.‬‬
‫لكن الشعوب المسلمة اتحدت بسرعة البرق لنصرة الحبيب صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬فهل تستثمر الحكومات هذا التحاد وتقوم بدورها‬
‫تجاه الحبيب صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وتجاه مسئولياتها ككل وهي ‪-‬‬
‫أي الحكومات المسلمة‪ -‬تعرف حجم المسئولية والمانة الملقاة‬
‫على عاتقها؟ {إنا عرضنا المانة على السموات والرض فأبين أن‬
‫يحملنها وحملها النسان} والحكومات المسلمة تعلم أيضا قول‬
‫الحبيب صلى الله عليه وسلم [كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته]‬
‫فهل نرى تحركا حكوميا من قبل الحكومات المسلمة لنصرة‬
‫الحبيب ؟؟؟ فما زلنا منتظرين‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫نعم المملكة بادرت بسحب سفيرها من الدنمرك في بادرة عظيمة‬
‫وتبعتها الكويت وإيران‪ ..‬وسوريا‪ ...‬فهل يكفي هذا‪ ...‬منها؟‬
‫وما دور باقي الحكومات السلمية‪ ...‬إن هذه الساءة امتحان‬
‫حقيقي للولء والبراء عند الشعوب والحكومات السلمية‪ ...‬فهل‬
‫تتحد الدول السلمية‪ ،‬وتحول المحن إلى منح‪ ،‬والمصائب إلى‬
‫انتصارات‪ ...‬فقد آن الوان لذلك‪...‬‬
‫وجزاك الله كل خير على هذه الكلمات‪ ..‬الرائعة التي أسأل الكريم‬
‫الكرم‪ ...‬أن يثقل بها ميزان حسناتك‪ ،‬لترى بكل كلمة حسنات‬
‫كالجبال‪ ،‬آمين‪...‬‬
‫مقال اتمنى ان يفعل‪ ،‬وأن يُرى على أرض الواقع‪...‬‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 06:59‬صباحا ً ‪2006/02/09‬‬
‫‪2‬‬
‫ودي‬
‫كعادتك دائما أستاذ محمد‪..‬‬
‫تثير كثيرا من السئلة اللذيذة والجميلة‪...‬‬
‫كثرة هي ملحظاتي على هذا المقال‪ ،‬ولكن اكثر ما شدني هو‬
‫نقطتك التي ذكرت بها عدم وضوع الرؤية والغائية من هذه‬
‫المقاطعة‪.‬‬
‫انت تعلم سيدي أن كل هذه المشاعر هي نفثات مصدورين وتفاعل‬
‫عشوائي وردة فعل غير محسوبة للغضب للرسول عليه السلم‬
‫وذلك لنعدام مؤسسات المجتمع المدني والتظيمات الجتماعية‬
‫التي تؤطر الحماس الجماهيري وتصبه في خانة اليجاب‪.‬‬
‫ولذلك تنعدم مقولة الستراتجية الموحدة والواضحة التي تنادي بها‬
‫‪-‬على القل هنا‪-‬لنعدام ما ذكرت سابقا‪..‬‬
‫لذيك فهناك عشرون مليون استراتيجية وراي للتفاعل مع موضوع‬
‫الساءة لو سلمنا جدل ان هناك عشرون مليون مقاطع للسلع‬
‫الدنماركية!!‪..‬‬
‫شكرا لك‬

‫‪16‬‬
‫ابراهيم عسيري‬
‫‪ 03:29‬مساءً ‪2006/02/09‬‬
‫‪3‬‬
‫تأثير القلم محدود‬
‫ماحدث من غضب عارم لم يكن للقلم اثر يذكر لن الحدث اكبر‬
‫من التأثير اما الدور الذي لعبتة القلم حيال هذة القضية دور‬
‫متفاوت ومتباين بعض الشىء فمن القلم من يرى التخفيف من‬
‫الحده زاعما ً اثر قلمة فى وقف الغضب وكأن المر بسيطا ً كما‬
‫يعتقد ومنهم من يرى العكس ويطالب بالقصف العلمي المستمر‬
‫على الذين يستهزؤن برسولنامحمد صلى الله علية وسلم من‬
‫منطلق ان هذا المر ليحتاج إلى حلول وسط فالمطلوب التوقف‬
‫عن الساة والعتذار من أعلى المستويات اما الستمرار بنشر‬
‫الصور فلبد ان يواجه بالقصف العلمي المضاد ليكون وسيلة‬
‫لفشال مخططات الغرب الذين توقعو ان يستمرو بغيهم ويتم‬
‫مقابل ذلك المطالبة بالتوقف عن ردود الفعال المضاده ليكون‬
‫الحتقان مابين العرب والمسلمين وحكوماتهم عند ذلك يتفرجون‬
‫على المسرحية فيما بيننا والتهم التى ستحدث لو بقينا اسرى‬
‫للكاذيبهم فهل سنقول لبعضنا ان الهدوء مطلوب لنحترق نحن‬
‫بأدواتهم هذا انتحار لنهم لو لديهم نويا حسنة لتوقفو ويبدو انهم اى‬
‫(الغرب ) سيجدو مخرج قريبا بعد ان فشلت مخططاتهم لجعلنا‬
‫نتناحر بالتهم فى التخلى عن نصرة نبينا نتيجة التحلى بالهدوء‬
‫وضبط النفس التى تعني فى قواميس الغرب التقاتل فيما بيننا لن‬
‫التوقيت افشل مخططاتهم عندما هب العلم فى نصرة نبينا محمد‬
‫صلى اللع علية وسلم اما الطرح الجانبي ليخدم مثل تلك القضية‬
‫بل يسىء لها ويدم من يريد نقل المعركه فى اوطاننا‪.‬‬
‫طارق بن محمد‬
‫‪ 03:23‬صباحا ً ‪2006/02/10‬‬
‫==================‬
‫أسباب ودوافع دينية وثقافية ونفسية وراء ما حدث من‬
‫سب للنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كتب ‪ -‬مندوب «الرياض»‪:‬‬

‫‪17‬‬
‫تساءل الدكتور محمد بن عبدالله السحيم‪ ،‬جامعة الملك سعود‬
‫باستغراب‪ :‬لماذا يتطاول رئيس تحرير جريدة غربية على مقام نبينا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم؟ إن بينهما من الفاصل الزمني بعداً‬
‫سحيقاً‪ ،‬وبينهما من الفاصل الجغرافي البعد الشاسع‪ ،‬انك حينما‬
‫تقرأ هذه التجاوزات والنتهاكات تتسائل لماذا كل هذا؟! وإذا أراد‬
‫المنصف أن يتتبع أسباب ذلك ودوافعه؛ وقف على شيء كثير من‬
‫ذلك‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬الخلفية الدينية‪ :‬التي يؤصلها ويغذيها (الكتاب المقدس) التوراة‬
‫والنجيل المحرفان ففيهما من التطاول على الله الشيء الكثير‪،‬‬
‫ومعلوم أن النصارى يقدسون العهد القديم بالضافة للعهد الجديد‪،‬‬
‫ومن درس هذا الكتاب علم كثرة التجاوز والفتراء‪ ،‬ففيه أن الله‬
‫سبحانه يندم‪ ،‬ويأسى وانه تصارع مع يعقوب وصرعه يعقوب‪ ،‬وفيه‬
‫أنه ينام‪ ..‬تعالى الله عن ذلك علوا ً كبيراً‪ .‬وفيه أيضا ً الكذب على‬
‫النبياء عليهم الصلة والسلم ووصفهم بأقبح الصفات من الكفر‬
‫والشرك وعبادة الوثان والزنى ببناتهم وبالخريات ووصفوهم‬
‫بشرب الخمر والسرقة والمخادعة‪ ،‬حتى إن المسيح لم يسلم من‬
‫ذلك فوصف بعقوق والدته وبشرب الخمر‪ ..‬وحاشا رسل الله‬
‫صلوات الله وسلمه عليهم من ذلك‪.‬‬
‫وأضاف د‪ .‬السحيم‪ :‬الخلفية الثقافية التي تربى عليها منذ نعومة‬
‫أظفاره فكل من اطلع على كتب المستشرقين علم ما اشتملت‬
‫عليه من افتراء على الله سبحانه وتعالى وعلى أنبيائه ورسله‬
‫وكتبه‪ ،‬ووصفه لهذه الشرائع بالتخلف والرجعية إذ هي محط‬
‫سخريتهم ولمزهم‪ ،‬وقد خصصوا لنبينا محمد ولرسالته وكتابه وسنته‬
‫من ذلك الشيء الكثير إذ شككوا في أصل رسالته وفي طريقة‬
‫حفظ القرآن وفي نقل السنة ومصدريتها‪ ،‬وهي شبه قديمة يقلبونها‬
‫بين آونة وأخرى قال تعالى‪{ :‬وقال الذين كفروا إن هذا إل إفك‬
‫افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا ً ? وقالوا‬
‫أساطير الولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيل ? قل أنزله‬
‫الذي يعلم السر في السماوات والرض}‪.‬‬
‫كما أن من تصفح كتاب الستاذ إدريس الدريس المعنون ب (صورة‬
‫العرب والمسلمين في المناهج الدراسية حول العالم) استحضر‬
‫مدى ما يتلقونه في مدارسهم عنا وعن نبينا محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم وعن ديننا وعن حضارتنا وأوطاننا‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫‪ -‬الخلفية التاريخية‪ :‬إذ يحمل التاريخ في ثنايا صفحاته سجل ً حافلً‬
‫بالصراع بين السلم والنصرانية الغربية منذ معركة اليرموك إلى‬
‫حروب العصر الحديث وهذا الصراع يحمل المتحامل على البذاءة‬
‫والشطط والغلو في القول والفعل‪ .‬وهم لم ينسوه ويدركون أبعاده‬
‫النفسية ولذا أرسلوا قبل سنوات معدودات مجموعة من أبناء‬
‫المحاربين الصليبيين إلى الشرق الوسط بدء من تركيا لمقابلة‬
‫بعض السر المسلمة وبعض المسئولين هناك للغرض نفسه‪ ،‬كما‬
‫نشرت ذلك جريدة الشرق الوسط‪.‬‬
‫‪ -‬الثر الستشراقي‪ :‬فقد أسهم المستشرقون في صياغة الصورة‬
‫النمطية عن الشرق وتعبئة المتلقي الغربي بكل حقد وغلو على‬
‫الشرق وأهله وأديانه وكتبه وحضارته وقد جل معالي د‪ .‬علي النملة‬
‫في كتابه الرائع (محددات العلقة بين الشرق والغرب) هذا الثر مع‬
‫غيره من المؤثرات في هذه العلقة‪.‬‬
‫‪ -‬أما الثر النفسي فيقول د‪ .‬السحيم‪ :‬فكيف يحتمل الغربي أن يرى‬
‫دينه يترنح وأهله ينصرفون عنه وكنائسه تعرض في المزاد‪ ..‬ثم يجد‬
‫السلم ل تزيده اليام إل توهجا ً ول المحن إل انتشارا ً ول التقنية إل‬
‫تقدما ً ول العلوم إل توافقا ً ول تقادم العوام إل حفظا ً لمصادره‬
‫وقبول لتعاليمه‪ ..‬أل يدفعه ذلك للحسد والغيرة قال تعالى‪{ :‬ود كثير‬
‫من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ً حسدا ً من عند‬
‫أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق}‪.‬‬
‫‪ -‬البغي والطغيان وهما مطية كل مستكبر‪ ،‬وسبيل كل جبار فبعد ما‬
‫تبين لهم الحق اعرضوا عنه ورغبوا فيما عداه‪ ،‬وحسدوا أهله‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪{ :‬ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ول المشركين أن ينزل‬
‫عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو‬
‫الفضل العظيم} فمن بغيهم ما يودون أن ينزل الله علينا خيرا ً قط‪.‬‬
‫وأخبر سبحانه عن موقفنا منهم وموقفهم منا فقال‪{ :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا ل تتخذوا بطانة من دونكم ل يألونكم خبال ً ودوا ما عنتم قد‬
‫بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم‬
‫اليات إن كنتم تعقلون ? ها أنتم أولء تحبونهم ول يحبونكم وتؤمنون‬
‫بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم النامل‬
‫من الغيظ قل موتوا بغيظم إن الله عليم بذات الصدور}‪.‬‬
‫ويضيف د‪ .‬السحيم وبعد معرفة أسباب هذا التطاول قد يسأل‬
‫متسائل هل يعرفون حقيقة هذا النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فنقول‬

‫‪19‬‬
‫هب أنهم ل يعرفونه‪ ،‬إل تقتضي المنهجية العلمية أن يبحث فيما بين‬
‫يديه من المصادر ومواقع الشبكة عن المعلومات الصحيحة عن هذه‬
‫الشخصية العالمية التي ل تخفى سيرتها على مطلع قبل أن يكتب‬
‫مقاله ويجري مسابقته‪.‬‬
‫ولكن الحقيقة البدهية تقول إن المعلومات المتوافرة لدى الباحثين‬
‫منهم كثيرة جدا ً بل تحدوا بالكثيرين منهم إلى النصاف وآخرين إلى‬
‫السلم وفريق ثالث مستكبر إلى البغي والعناد‪ ،‬فقد كتب‬
‫المستشرق جورج بوش ‪ -‬وهو جد للرئيس الحالي ‪ -‬كتابه (محمد‬
‫نبي المسلمين ومؤسس أمبراطورية المسلمين) وهو في هذا‬
‫الكتاب ل يفتر عن الكذب ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم ب‬
‫(الدعي) ومع ذلك قال في كتابه‪« :‬إن هذا الرجل حقق هو وأصحابه‬
‫خلل ثمانين سنة ما عجزت عن تحقيقه اوروبا خلل ثمانية قرون)‪.‬‬
‫ومن يطالع الكتب التي تعني بأخباره صلى الله عليه وسلم في‬
‫العهد القديم والعهد الجديد (الكتاب المقدس) يجد فيها الشهادات‬
‫العظيمة له صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقال تعالى منوها ً بها وبما‬
‫يعرفونه منها‪{ :‬الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم‬
‫وإن فريقا ً منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}‪.‬‬
‫وهذا الموقف المتعجرف من هذه الصحيفة ومن الحكومة‬
‫الدنمركية يوقفنا على حقيقة ما ُرمينا به كثيرا ً بعد أحداث الحادي‬
‫عشر من سبتمبر من أننا ندعو للغلو ونرعاه وندافع عنه؟! فأقول‬
‫رمتني بدائها وانسلت‪ .‬إن الغلو في السلم مرفوض شرعاً‪،‬‬
‫وممنوع حكما ً ومحارب سياسيا ً وممقوت اجتماعيا ً وشعبياً‪ ،‬فل تجد‬
‫غاليا ً في بلد السلم إل وهو محل التشنيع والطرد والبعاد‪ ،‬فل‬
‫تعترف به الشريعة‪ ،‬ول تقره الدولة‪ ،‬ول تدعو إليه المؤسسات‬
‫الدينية‪ ،‬ول يرضاه الناس‪ .‬بينما الغلو في الغرب ‪ -‬كما في هذه‬
‫الصورة ‪ -‬وفي غيرها كثير ‪ -‬ينطلق من مؤسسات رسمية وتدافع‬
‫عنه الدولة وتمنحه الصفة القانونية‪ ،‬ول تستحي أن تصفه بأنه حرية‬
‫كفلها القانون‪ ،‬وتضحي من أجله بمصالحها القتصادية‪.‬‬
‫ويؤكد د‪ .‬السحيم أن هذا الموقف المتعجرف من هذه الصحيفة‬
‫ملت‬‫ومن الحكومة الدنمركية يوقفنا أيضا ً على النظر في دعوى ح ّ‬
‫زورا التسبب في أحداث الحادي عشر من سبتمبر ال وهو مبدأ‬
‫(الولء والبراء)! فمن الذي حملته مبادئه على التطاول والفتراء‬
‫والتنقص بل وإجراء المسابقات لبلوغ ذلك‪ .‬إن هذا المبدأ قيمة‬

‫‪20‬‬
‫فطرية ل يمكن أن تتخلى عنه أي أمة حتى النعام في فلواتها ل‬
‫تتخلى عنه‪ ،‬ولكن ينبغي أن يكون هذا المبدأ يحفظ المة من‬
‫الذوبان ويمنعها من العتداء‪ ،‬ويوجب عليها مسؤولية الدعوة‪.‬‬
‫وقبل الختام يحسن بنا أن نتذكر أن هذا دين الله وهذا رسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم والله ناصر دينه‪ ،‬وحافظ نبيه في حياته وبعد مماته‪،‬‬
‫وقد قال تعالى‪{ :‬إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا‬
‫ويوم يقوم الشهاد} وقال سبحانه‪{ :‬إن الذين يحادون الله ورسوله‬
‫أولئك في الذلين ? كتب الله لغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز}‬
‫وإن من نصر الله لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه الوقفة المباركة‬
‫من هذه الدولة حفظها الله حكومة ورجال أعمال وشعب‪ ،‬وإن من‬
‫نصر الله أيضا ً أن تنشر الصحيفة التي نشرت الساءة فزع‬
‫الدنمركيين من هذه الوقفة المباركة وتحذرهم من مغبة ما‬
‫صنعت؟! فيا للحمق ولكنه مكر الله وكيده‪ ،‬فلكأنما هي تقول‬
‫بلسان حالها لهم‪ :‬انظروا المآسي التي أوقعتكم بها؟؟ أو تدبروا‬
‫أمركم للخروج منها‪.‬‬
‫وأخيرا ً ينبغي أل يمر هذا الحدث دون أن نخرج منه بدروس عملية‬
‫تلهمنا كيف نتعامل مع أزماتنا تعامل إيجابيا‪ ،‬ينتقل من حيز ردات‬
‫الفعل المؤقتة إلى أعمال تتبناها المؤسسات الرسمية والعلمية‬
‫والقتصادية والعملية‪.‬‬
‫وأخشى ما أخشاه أن تخرج علينا أقلم ما بين محتسبة أو مأجورة‬
‫تقلل مما صنعوا وتدعو إلى إعادة النظر في جدوى هذه المقاطعة‬
‫التي أرعبتهم وأفزعتهم وهي اللغة التي يفهمومنها‪ ،‬وتبرر هذه‬
‫القلم موقفها بأن المتضرر من هذه المقاطعة تجار مسلمون‬
‫يرعون أسرا ً مسلمة و وو‪ ..‬فل ينبغي أن تنطلي هذه على القارئ‬
‫الفطن‪.‬‬
‫=====================‬
‫أفل ينظرون إلى البل كيف خلقت‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬جمال الحسيني أبوفرحة‬


‫يزعم كثيرون من غير المسلمين أن القرآن الكريم إنما هو من‬
‫تأليف نبينا –عليه أفضل الصلة والتسليم‪ -‬ويستدلون على ذلك بما‬
‫يزعمونه أدلة وبراهين‪ ،‬وما هي في الحقيقة سوى أوهام وأباطيل‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ومن أشهر براهينهم الكاذبة على دعواهم تلك الباطلة قولهم بأن‬
‫القرآن الكريم إنما جاء مصوًرا للبيئة العربية القديمة‪ ،‬محصوًرا‬
‫بمعطياتها‪ ،‬ول يمكنه أن يتعامل مع غيرها من بيئات لم يطلع عليها‬
‫نبي السلم –صلى الله عليه وسلم‪ -‬وهو ما ل يمكن قبوله في‬
‫كتاب سماوي يعلن ختمه كتب السماء وعموم خطابه لهل كل‬
‫زمان ومكان‪ ،‬ويمثلون لذلك بحديث القرآن عن عظمة خلق البل‬
‫في معرض حديثه عن عظمة خلق الكون من‪ :‬سماوات مرفوعة‪،‬‬
‫وجبال منصوبة‪ ،‬وأرض مسطوحة‪ ،‬في قوله تعالى‪ {:‬أفل ينظرون‬
‫إلى البل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف‬
‫نصبت وإلى الرض كيف سطحت } [ الغاشية ‪،] 20 : 17 :‬‬
‫ويقولون‪ :‬إنما اختار محمد –صلى الله عليه وسلم‪( -‬البل) على‬
‫وجه الخصوص لنها من مفردات البيئة الصحراوية التي عاش فيها‪.‬‬
‫وقولهم باطل‪ :‬وذلك أن كلمة ( إبل ) تفسر في كتاب الله تعالى‬
‫على وجهين‪:‬‬
‫الوجه الول‪ (:‬إبل )‪ :‬جمع مؤنث ل واحد له من لفظه‪،‬‬
‫مفرده‪":‬جمل أو بعير"؛ وقد جاء هذا المعنى في كتاب الله في قوله‬
‫تعالى { ومن البل اثنين ومن البقر اثنين } [ النعام ‪. ] 144 :‬‬
‫الوجه الثاني‪ (:‬إبل ) بمعنى‪" :‬السحاب" ؛ كما في الية التي‬
‫استشهدوا بها‪.‬‬
‫ضا في تلك الية بمعنى‪" :‬‬ ‫وإن كان من الممكن تفسير ( البل ) أي ً‬
‫الجمل أو البعير" ولكل تفسير وجهة‪.‬‬
‫فالتفسير الذي رأى أصحابه أن ( البل ) هنا تعني‪ " :‬السحاب "‬
‫احتجوا بالسياق اللحق لهذه اللفظة؛ يقول تعالى‪{:‬أفل ينظرون‬
‫إلى البل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف‬
‫نصبت وإلى الرض كيف سطحت }؛ فقالوا‪ :‬إن اليات هنا تحثنا‬
‫على النظر فوقنا؛ فنرى عظمة الخلق في السحاب‪ ،‬ثم ما فوقه‬
‫من سماء‪ ،‬ثم ننظر حولنا؛ لنرى عظمة الخلق في الجبال‪ ،‬ثم ننظر‬
‫أسفل منا؛ لنرى عظمة الخلق في الرض؛ وهكذا ل يكون الخطاب‬
‫هنا مقصوًرا على المم التي عرفت البل واعتمدت عليها في‬
‫معيشتها؛ بل يكون لكل المم؛ فالسحاب تقر بعظمة خلقه كل‬
‫المم‪.‬‬
‫وأما التفسير الثاني الذي رأى أصحابه أن المراد بـ ( البل ) هنا‪:‬‬
‫ضا في فهمهم هذا بالسياق ولكنه في‬ ‫"الجمل أو البعير" فاحتجوا أي ً‬

‫‪22‬‬
‫هذه المرة السياق السابق؛ يقول تعالى ‪ { :‬في جنة عالية ل تسمع‬
‫فيها لغية فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة‬
‫ي مبثوثة أفل ينظرون إلى البل كيف خلقت‬ ‫ونمارق مصفوفة وزراب ّ‬
‫‪ } ...‬الخ [الغاشية ‪] 17 : 10 :‬؛ فقالوا‪ :‬إن الدعوة إلى النظر في‬
‫خلق(البل) هنا إنما جاءت تفسيًرا لقوله تعالى‪ { :‬وسرر‬
‫مرفوعة }؛ فكأنها إجابة على سؤال‪ :‬كيف نعتلي هذه السرر ؟ ‪. .‬‬
‫والجابة هي‪ :‬كما نعتلي البل؛ فهي تبرك حتى يتمكن راكبها من‬
‫ركوبها ثم تعتلي به؛ كما أضاف أصحاب هذا التفسير أن اختيار‬
‫"الجمل" موضوع ًا للتأمل دون غيره من حيوان في هذه اليات؛‬
‫فلنه أعجب الحيوانات‪ :‬يؤكل لحمه‪ ،‬ويشرب لبنه‪ ،‬ويبرك ويركب‪،‬‬
‫وتحمل عليه الحمال الثقيلة‪ ،‬ويسافر عليه المسافات البعيدة؛ وهي‬
‫خصائص لعلها ل تجتمع لحيوان آخر‪.‬‬
‫ومن هنا يتبين لنا أنه حتى على هذا التفسير فإن اختيار كلمة‬
‫(البل) بمعنى‪ :‬الجمل‪ ،‬موضوع ًا للتأمل له ما يبرره بعيدًا عن‬
‫مزاعم هؤلء (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم) ‪..‬‬
‫غافر‪.56:‬‬
‫وبقليل من التأمل يتبين لنا كذلك أل تعارض بين المعنيين‪ ،‬وليس‬
‫هناك ما يمنع أن يكونا مرادين معًا؛ فكلهما يشير إليه السياق‬
‫إشارة قوية؛ وهو وجه من وجوه العجاز البلغي للقرآن الكريم‬
‫ينأى به بعيدًا عن مظنة التأليف البشري (ولو كان من عند غير الله‬
‫لوجدوا فيه اختلفًا كثيًرا)‪..‬النساء ‪.82‬‬
‫د‪ .‬جمال الحسيني أبوفرحة‬
‫أستاذ الدراسات السلمية المساعد بجامعة طيبة بالمدينة المنورة‬
‫‪gamalabufarha@yahoo.com‬‬
‫======================‬
‫أل شاهت الوجوه وتبت اليادي‬
‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬علي بن حسن التواتي‬
‫أل شاهت وجوه من تهاونوا في حرمة جمعة المسلمين وأمتدت‬
‫ب أولئك الذين‬ ‫أياديهم الثمة إلى دمائنا وأرزاقنا‪ ,‬أل تبت أياديهم وت ّ‬
‫يتحركون بتناغم واضح مع تصريحات وأفعال يفوح منها عفن‬
‫المؤامرة‪ ,‬فمن مساندة واضحة لصحافة صفراء مسيئة لهم رمز‬
‫من رموزنا الدينية والتاريخية إلى تفجيرات لغتيال أفراح عائلت‬

‫‪23‬‬
‫مسلمة بريئة في فنادق اردنية إلى تصريحات متكررة للستغناء عن‬
‫نفطنا لنه يأتي من مناطق غير آمنة‪ ,‬إلى محاولة قدح شرارة حرب‬
‫طائفية أهلية في العراق إلى حشد الجهود للتخطي على الشرعية‬
‫اللبنانية والنفخ على جمر الحرب الهلية الخامدة من بوابة خلع‬
‫رئيس الدولة إلى تهريب إرهابيي القاعدة الجانب من السجون‬
‫اليمنية‪.‬‬
‫سلسلة متسارعة من الحداث التي ل يمكن ان يقبل أي عقل ناقد‬
‫بفصلها عن بعضها البعض فهي متصلة بخيط رفيع شفاف يمكن‬
‫لكل ذي بصيرة ان يتبينه كما يتبين الخيط البيض من الخيط السود‬
‫من الفجر‪.‬‬
‫ولربما اجاد من دبّر للتفجير في كافة مراحل العداد من تدريب‬
‫للرهابيين وتفخيخ للعربات المستخدمة وتمكين من التسلل ولكنه‬
‫أخطأ في أمرين مهمين أحدهما تكتيكي يتمثل في يقظة رجال‬
‫المن البواسل الذين تمكنوا من احباط العملية بوقت قياسي أما‬
‫المر الخر فقد كان استراتيجيا تمثل في الخطأ الفادح في توقيت‬
‫العملية‪ ,‬فالمملكة تعيش الن أفضل أيامها تحت قيادة خادم‬
‫الحرمين الشريفين الملك عبدالله الذي استهل عهده باعلن أكبر‬
‫ميزانية في تاريخ البلد آثر فيها التركيز على استكمال مشاريع البنية‬
‫الساسية وتطوير وصيانة القائم منها‪ ,‬وانحاز في مخصصاتها‬
‫للفقراء وأصحاب الدخول الثابتة والمحدودة في اطار خطة متكاملة‬
‫للصلح القتصادي والسياسي الذي بدأت بوادر نجاحه في الظهور‬
‫بازدياد حجم السيولة في أيدي المواطنين وتمكنهم من الستثمار‬
‫وتنمية المدخرات والكتتاب في شركات جديدة ستسهم في توسيع‬
‫القاعدة القتصادية للبلد وتستوعب اللف من اليدي الوطنية‬
‫العاملة‪.‬‬
‫أما من يحاول ان يشيع الفوضى ويخلط الوراق في المنطقة‬
‫لشغالنا بأنفسنا واستكمال مخطط الهيمنة والتفرد لطالة أمد بقائه‬
‫في المنطقة فل يمكن ان نصدق انه استغنى فعل عن نفطنا‪ ,‬لقد‬
‫تعلمنا من متابعة السياسات الخارجية للدول المهيمنة انها ل تنطلق‬
‫في تعاملتها مع هذه المنطقة من منطلقات انسانية وحضارية بل‬
‫من منطلقات مصلحية نفعية بحتة ل مكان فيها للرحمة ول‬
‫للمساومة‪ ,‬ولتبين ما أرمي اليه لم ل نرى أي اهتمام بمذابح وسط‬
‫افريقيا أو بمجاعة اثيوبيا او بفقر بنجلديش?‬

‫‪24‬‬
‫وتبقى المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن‬
‫عبدالعزيز عقبة كأداء وبناء شامخا صلبا في وجه التيارات‬
‫المتلطمة التي تجتاح المنطقة ولذلك كان ل بد من تذكيرها بان‬
‫الرهاب ورقة لم تحترق بعد وأنه يمكن أن يطل برأسه البشع من‬
‫وقت لخر في محاولة بائسة لجبارها على المتثال لما يملى‬
‫عليها‪.‬ولكن ليعلم الجميع أننا في هذه البلد نصطف بثبات تحت راية‬
‫التوحيد خلف الزعيم العادل وسنتحمل معه كافة النتائج المترتبة‬
‫على مواقفه المشرفة في مساندة الفلسطينيين والعراقيين‬
‫وغيرهم من الشقاء المحتاجين والمنكوبين ومد جسور الصداقة‬
‫والمحبة باتجاه الشرق وكافة الشعوب الخرى المحبة للسلم‪,‬‬
‫وغيرها من المواقف المشرفة المستقلة التي يريد من ورائها‬
‫الحفاظ على كرامتنا وعلى تماسكنا كشعب وكأمة اسلمية اثبتت‬
‫للعالم من خلل ردود أفعالها الشعبية على الساءات بحق نبيها‬
‫ورمزها السمى ان جماهيرها لم تعد كما ً مهمل ً ل قيمة له بل‬
‫أصبحت بايمانها العميق برسالتها الحضارية ودفاعها عنها عملقا ً فتياً‬
‫يزيد قيادتها المخلصة قوة على قوتها ومنعة على منعتها‪.‬‬
‫وليعلم الجميع في أقاصي الدنيا وأدناها ان هذه البلد ل يمكن ان‬
‫تؤتى من جبهتها الداخلية ول يمكن أن تهتز ثقتها بقيادتها من خلل‬
‫تفجير هنا أو جريمة اغتيال هناك وان الطريق المثل لتحقيق‬
‫مكاسب سياسية أو اقتصادية في التعامل معنا ل يمكن ان يمر بغير‬
‫البوابة المامية فقط‪ ,‬تلك البوابة التي ل نسمح بالعبور عبرها ال‬
‫لمن يحترم اختياراتنا ويراعي مصالحنا ويكن لنا المودة والكثير‬
‫الكثير من الحترام‪.‬‬
‫صحيفة عكاظ السعودية‬
‫======================‬
‫أل شاهت وجوه العداء‬
‫مشعل بن عبد العزيز الفلحي‬
‫النبياء في كل أمة من المم هم قادتها ورسلها وأمناء الوحي في‬
‫مابين المة وبين الله تعالى ‪ ،‬يكفيهم شرفا ً أن الله اختارهم‬
‫للرسالة ‪ ،‬واصطفاهم لهذه المة ‪ ،‬وأمنهم على وحيه ‪ .‬فكان لهم‬
‫شرف البلغ ‪ ،‬وهداية الناس ‪ .‬أفضل النبياء على الطلق نبينا‬
‫محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي ‪ .‬قال عليه‬
‫الصلة والسلم مبينا ً ذلك ‪ :‬إن مثلي ومثل النبياء قبلي كمثل رجل‬

‫‪25‬‬
‫بنى بيتا ً ‪ ،‬فأحسنه وأجمله إل موضع لبنة من زاوية ‪ :‬فجعل الناس‬
‫ضعَت هذه اللبنة ؟ قال ‪:‬‬ ‫يطوفون به ‪ ،‬ويعجبون له ويقولون ‪ :‬هل وُ ِ‬
‫فأنا اللبنة ‪ ،‬وأنا خاتم النبيين ‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أعطيت‬
‫جوامع الكلم ‪ ،‬ونصرت بالرعب ‪ ،‬وأحلت لي الغنائم ‪ ،‬وجعلت لي‬
‫ختم بي‬‫الرض طهورا ً ومسجدا ً ‪ ،‬وأرسلت إلى الخلق كافة ‪ ،‬و ُ‬
‫النبيون ‪ .‬رفع الله تعالى ذكره وأعلى شأنه قال تعالى ‪ ( :‬ورفعنا لك‬
‫ذكرك ) قال قتادة ‪ :‬رفع الله ذكره في الدنيا والخرة ‪ ،‬فليس‬
‫خطيب ول متشهد ‪ ،‬ول صاحب صلة إل ينادي بها أشهد أن ل إله إل‬
‫الله وأشهد أن محمدا ً رسول الله ‪ .‬وكان من فضله وشرفه أن‬
‫جعل الله تعالى محبته واجبة على هذه المة ‪ .‬روى عنه ذلك أنس‬
‫رضي الله عنه فقال قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ل يؤمن أحدكم‬
‫حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين ‪ .‬وتحدث عبد‬
‫الله بن هشام فقال ‪ :‬كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ‬
‫ى‬
‫بيد عمر بن الخطاب ‪ ،‬فقال له عمر يارسول الله ‪ :‬لنت أحب إل ّ‬
‫من كل شيء إل من نفسي ‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم ل ‪،‬‬
‫والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال له عمر‬
‫فإنه الن والله لنت أحب إلى من نفسي فقال صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬الن ياعمر ‪ .‬ورحم الله ابن القيم حين قال ‪ :‬وإذا كانت‬
‫سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف‬
‫من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين ‪ ،‬ويدخل في‬
‫عداد أتباعه وشيعته وحزبه ‪ ،‬والناس في هذا بين مستقل ‪،‬‬
‫ومستكثر ‪ ،‬ومحروم ‪ ،‬والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء ‪ ،‬والله ذو‬
‫الفضل العظيم ‪ .‬اهـ‬
‫هذه بعض فضائل وخصائص ذلك النبي العظيم صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وفي سيرته جوانب من العظمة يستحيل أن تأتي عليها‬
‫صوّرعليه الصلة‬ ‫أسطر كهذه ‪ .‬ندوّن هذه السطر اليوم بعد إن ُ‬
‫والسلم في الصحف الدنمركية والنرويجية بصور تستهزئ بمقامه ‪،‬‬
‫وتسخر برسالته ‪ ،‬وتعيب مواقفه ‪ ،‬وتزري به أمام العالم كله ‪ .‬وهذا‬
‫الحدث يصنعه العداء تشفيا ً من ذلك القدوة ‪ ،‬وطعنا ً في الرسالة ‪،‬‬
‫واحتقارا ً للمسلمين على وجه الرض فيا لله كم هي المصيبة والعار‬
‫والفضيحة أن يذبح عرض أكرم من مشى على وجه الرض !‬
‫وتسفك قيم الدين بسفك قدواته ! وتعلن الحرب على ديننا من‬
‫خلف الوقوع في عرض رسولنا صلى الله عليه وسلم !‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫أخي الحبيب ‪ :‬هذه الوقيعة التي دونتها الصحف جريمة عظيمة ‪،‬‬
‫وقف القرآن منها موقفا ً صارما ً ‪ ،‬وسجل أهل العلم رحمهم الله‬
‫تعالى في بيان أخطارها وآثارها بيانا ً واضحا ً جليا ً ‪ .‬لقد قّرر الله‬
‫تعالى في كتابه الكريم اللعنة على من آذى النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فقال تعالى ‪ ( :‬إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في‬
‫الدنيا والخرة وأعد لهم عذابا ً مهينا ً ) وقال تعالى ‪ ( :‬والذين يؤذون‬
‫رسول الله لهم عذاب أليم ) ونقل شيخ السلم رحمه الله تعالى‬
‫في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول بيانا ً في ذلك فقال ‪:‬‬
‫إن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من مسلم أو كافر فإنه‬
‫يجب قتله ‪ .‬هذا مذهب عامة أهل العلم ‪ ،‬قال ابن المنذر رحمه الله‬
‫تعالى ‪ :‬أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم القتل ‪ ...‬اهـ وقال الخطابي رحمه الله ‪ :‬ل أعلم أحداً‬
‫من المسلمين اختلف في وجوب قتله ‪ .‬اهـ ‪ ،‬وقال محمد بن‬
‫سحنون ‪ :‬أجمع العلماء على أن شاتم الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم المتنقّص له كافر ‪ ،‬والوعيد جار عليه بعذاب الله له وحكمه‬
‫عند المة القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر ‪ .‬اهـ ‪ ،‬قال المام‬
‫أحمد رحمه الله تعالى ‪ :‬كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو‬
‫تنقّصه مسلما ً كان أو كافرا ً فعليه القتل وأرى أن يقتل ول يستتاب ‪.‬‬
‫اهـ ‪ ،‬وقال شيخ السلم رحمه الله تعالى ‪ ... :‬فعلم أن السب جناية‬
‫زائدة على الكفر ‪ ...‬على وجه يقطع العاقل أن سب رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم جناية لها موقع يزيد على عامة الجنايات‬
‫بحيث يستحق صاحبها من العقوبة مال يستحقه غيره وإن كان كافراً‬
‫حربيا ً مبالغا ً في محاربة المسلمين ‪ ،‬وأن وجوب النتصار ممن كان‬
‫هذا حاله كان مؤكدا ً في الدين ‪ ،‬والسعي في إهدار دمه من أفضل‬
‫العمال وأوجبها وأحقها بالمسارعة إليه وابتغاء رضوان الله تعالى‬
‫فيه ‪ ،‬وأبلغ الجهاد الذي كتبه الله على عباده وفرضه عليهم ‪ .‬اهـ‬
‫أخي الحبيب ‪ :‬إن هذه الصور التي عرضها العداء ل يريدون منها‬
‫سوى إذابة هذه الشخصية العظيمة في نفوس المسلمين ‪ ،‬والطعن‬
‫في رسالتهم ‪ ،‬والقدح في قدوتهم ‪ ،‬وعلينا تجاه هذه الحملة‬
‫المغرضة ‪ ،‬التي تعّرض فيها نبينا صلى الله عليه وسلم لعظم‬
‫القوادح أن نتخذ موقفا ً حازما ً نرد به على العداء ‪ ،‬نرضي به ربنا‬
‫تعالى ‪ ،‬وننصر به نبينا عليه الصلة والسلم ‪ .‬ومن أهم هذه‬
‫المواقف ما يلي ‪:‬‬

‫‪27‬‬
‫أول ً ‪ :‬تجديد قضية البراء من الكفار ‪ ،‬إن هذا ليس بغريب على‬
‫العداء ‪ ،‬وقد أوضح الله تعالى موقفهم من السلم في كتابه‬
‫الكريم فقال ‪ ( :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى أولياء‬
‫بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله ل يهدي‬
‫القوم الظالمين ) وقال تعالى ‪ ( :‬ولن ترضى عنك اليهود ول‬
‫النصارى حتى تتبع ملتهم ) ومثل ذلك ل يستغرب من العداء ‪.‬‬
‫وعلينا أن نجدد البراء منهم ‪ ،‬وأن نغرس ذلك منهجا ً واضحا ً في حياة‬
‫أبنائنا ‪ .‬واستغلل الحدث لتعميق هذه المفاهيم في نفوس‬
‫المسلمين من خلل عرض آيات القرآن الكريم ‪ ،‬ومواقف اليهود‬
‫والنصارى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السيرة ‪ .‬وطرح‬
‫نواقض السلم وشرحها خاصة ما يتعلّق بالكافرين وموقف الدين‬
‫منهم‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬مراجعة استقامتنا على وفق منهج هذا النبي الكريم صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ورسم معالم القتداء بسيرته وسنته صلى الله عليه‬
‫وسلم من جديد ‪ .‬ما أحرانا أيها الحبيب اليوم من أن نبين عن‬
‫شرفنا بهذه السيرة وذلك من خلل القتداء الفعلي بشخصية هذا‬
‫الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم ‪ .‬على كل واحد منا أن‬
‫يراجع تأسيه واقتدائه بهذا الرسول ليرى أين هو من معالم هذه‬
‫السيرة ؟ وأين أثر القدوة في حياته ‪ .‬وحين يرانا العداء في أين‬
‫مكان يشرقون بهدينا ‪ ،‬ويضيقون بتأسينا ‪ ،‬ويأسفون على أن جددوا‬
‫بيننا وبين نبينا صلى الله عليه وسلم الولء ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬فتّش حفظك الله تعالى عن آثار هذا العتداء الثم في‬
‫قلبك ؟ قلّب صفحات حياتك حين ولج أذنيك مثل هذا الخبر هل‬
‫صدمت ؟ أو تأثرت ؟ هل قلق قلبك أن أوذي رسولك صلى الله‬
‫عليه وسلم ؟ هل فاضت عيناك بالدموع حين علمت أنه نيل من‬
‫عرضه وهو في قبره ؟ هل وجدت مس اللم يعصر بفؤادك ؟ إنني‬
‫متأكد من كل ذلك وهو أقل حب تجده في قلبك ومشاعرك لنبيك‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وإنني أدعوك أل تقف عند هذا ‪ .‬أدعوك لن‬
‫تكون رقما ً مؤثرا ً في الحدث بالكتابة‬
‫عن موقفك ‪ ،‬والتعبير عن رأيك بكل الوسائل الممكنة ‪ .‬استنكر‬
‫الحدث بكل قوة ‪ ،‬وشارك في نصرة نبيك صلى الله عليه وسلم بما‬
‫تستطيع ‪ .‬ويمكنك ذلك كله من خلل المشاركة بإرسال خطابات‬
‫الشجب والستنكار ‪ ،‬وإعلن موقفك بكل شجاعة ‪ .‬وتجد بين طيات‬

‫‪28‬‬
‫الشبكة العنكبوتية مواقع تساعدك في ذلك كله ‪ ،‬كموقع الردادي ‪،‬‬
‫وصيد الفوائد ‪ ،‬وغيرها من المواقع التي تجد فيها العناوين التي‬
‫تسهم في إرسال صوتك واضحا ً معبرا ً ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬علينا أن نبدأ اليوم بتقليب كتب السيرة ‪ ،‬وإعادة ترتيبها من‬
‫جديد ‪ ،‬ووضع آلية لقراءتها قراءة المتأسي بمواقفها ‪ ،‬الباحث عن‬
‫القدوة من خللها ‪ .‬ويمكن لنا أن نرتّب درسا ً يوميا ً أو أسبوعيا ً مع‬
‫أبنائنا وأسرنا داخل البيوت للتعّرف على هذه السيرة ‪ ،‬وتعميق أثر‬
‫سع الدور ليشمل المسجد ‪،‬‬ ‫القدوة في حياتهم جميعا ً ‪ .‬ويمكن أن يو ّ‬
‫والمدرسة ‪ ،‬والمنتديات ‪ ،‬والقنوات ‪ ،‬والذاعات ‪ ،‬والصحف كل‬
‫حسب طاقته وقدر جهده ‪ .‬ولعل من أهم الكتب التي يمكن أن تبين‬
‫عن هذه الجوانب ‪ :‬كتاب الشمائل المحمدية للترمذي أو مختصره‬
‫لللباني ‪ ،‬وكتاب الشفا في حقوق المصطفى للقاضي عياض أو‬
‫تهذيبه لصلح الشامي ‪ ،‬وكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد ل بن‬
‫القيم ‪ ،‬وكتاب السيرة النبوية لمهدي رزق الله أو فقه السيرة‬
‫للغزالي ‪ .‬وغير ذلك من كتب السيرة المعروفة‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬إن مما ينبغي أن نتخذ موقفا ً حازما ً للرد على العداء وذلك‬
‫بالمقاطعة القتصادية للبضائع الدنمركية والنرويجية ‪ ،‬واتخاذ موقفاً‬
‫واضحا ً تجاه صادرات هذه الدولة ‪ .‬وتقديم البرهان الواضح على‬
‫تأثير رقم المسلمين في العالم كله ‪ .‬وليس هذا فحسب بل تربية‬
‫أبنائنا على تعميق هذه الحرب ‪ ،‬والمشاركة في المقاطعة ‪.‬‬
‫وأخيرا ً ‪ :‬ل تنس أيها الحبيب من الدعاء لقادة هذه البلد المباركة‬
‫الذين أبانوا عن موقفهم بكل شجاعة ‪ ،‬ورسموا منهجا ً لدول العالم‬
‫السلمي في السير على منهجهم ‪ ،‬فإنهم والله رأسا ً في الخير ‪،‬‬
‫وأعلما ً فيه سدد الله خطوهم وبارك فيهم ‪ ،‬وأصلح لهم دينهم‬
‫وديناهم ‪ .‬وعليك حفظك الله تعالى أن تمد الشكر إلى علماء هذه‬
‫البلد والذين شاركوا في الحدث بفاعلية ‪ ،‬وإلى قناة المجد‬
‫الفضائية التي دعت لنصرة هذا النبي الكريم من أوسع البواب ‪.‬‬
‫وفتحت بابا ً للحدث شارك فيه العلماء ‪ ،‬وطلب العلم ‪ ،‬وعامة‬
‫المسلمين ‪ .‬سائل ً الله تعالى أن ينصر دينه ‪ ،‬ويعلي كلمته ‪ ،‬ويرد‬
‫كيد العداء ‪ ،‬ويجمع شمل المسلمين ‪ .‬إنه ولي ذلك والقادر عليه ‪.‬‬
‫=====================‬
‫أهكذا نقف من إهانات أعدائنا لرسولنا؟!‬

‫‪29‬‬
‫د‪.‬عبدالله قادري الهدل‬
‫احتلوا بلداننا‪ ،‬دنسوا مقدساتنا‪ ،‬حاولوا تشكيكنا في قرآننا وألفوا‬
‫قرآنا جديدا‪ ،‬ليقولوا لنا‪ :‬أنتم تقولون‪ :‬إن القرآن معجز ل يأتي أحد‬
‫بمثله فهانحن أتينا بقرآن غيره وفيه سور وليست سورة واحدة‪،‬‬
‫غمزوا نبينا ولمزوه بأوصاف سيئة كثيرة‪ ،‬حتى قال اليهود‪ :‬محمد‬
‫مات وخلف بنات‪ ،‬لم يبقوا شيئا مقدسا عندنا إل نالوا منه‪.‬‬
‫فعلوا كل ذلك وغيره ووجدونا نصيح يوما أو يومين‪ ،‬ثم نهدأ ونسكت‬
‫فعرفوا بأن إيماننا إنما هو مجرد عواطف ل يثير فينا غيرة تجعلنا‬
‫ندافع عن ضرورات حياتنا بموقف جاد يجبرهم على الكف عن‬
‫إهاناتنا وإذللنا والسخرية بما يجب أن يكون أحب إلينا من أنفسنا‪.‬‬
‫بل وجدونا بعد الحماس العاطفي نعانقهم ونصافحهم ونظهر لهم ما‬
‫يطمئنهم على محبتنا لهم والتقرب إليهم‪ ،‬ول نكترث بإساءاتهم‬
‫المتكررة‪.‬‬
‫ونحن نملك من الوسائل السلمية ما لو اتخذنا بعضا منها بصفة‬
‫جادة مستمرة حتى نخضعهم بها لرسلوا قادتهم إلينا يعتذرون لنا‬
‫ويكفوا عن إساءاتهم للهنا ونبينا وقرآننا ورسولنا‪:‬‬
‫من ذلك الحتجاجات المتواصلة في أجهزة إعلمنا‪ ،‬وسحب سفرائنا‬
‫و مقاطعتنا القتصادية لما يصدرونه إلى بلداننا‪ ،‬وفي أي بلد نوجد‬
‫فيه‪ ،‬ولكن ل يليق بنا أن نرفع شعارات ل حقيقة لها في الواقع‪ ،‬ول‬
‫أن نعمل بشعاراتنا يومين أو ثلثة‪ ،‬ثم ننام قبل أن نسمع من الدول‬
‫التي تمت الساءات لنبينا صلى الله عليه وسلم فيها اعتذارا صريحا‬
‫ل لف فيه ول دوران‪.‬‬
‫وإن أقل ما نستطيع تهديدهم به هو المقاطعة لقتصادهم ولكل ما‬
‫نتبادله معه من مصالح تعود علينا أو عليهم‪.‬‬
‫وإنني أذكر أتباع رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأمور‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن الطعن فيه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬هو طعن في‬
‫ذات الله تعالى الذي اختاره واصطفاه‪ ،‬فبعثه إلى كافة الناس في‬
‫جميع المكنة والزمنة‪ ،‬إلى يوم قيام الساعة‪ ،‬ول يقبل الله بعد‬
‫بعثته صلى الله عليه وسلم دينا غير دين السلم‪.‬‬
‫وطعن كذلك في دين السلم الذي أكمله الله لنا قبل وفاته صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬وهو طعن في كتاب الله القرآن الكريم الذي لول‬

‫‪30‬‬
‫حفظ الله له ليكون مرجعنا في مسيرة حياة أجيالنا إلى أن تقوم‬
‫الساعة‪ ،‬فإذا لم نقف الموقف الذي ندافع به عن رسولنا صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فقد فرطنا في كل ما سبق‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬أن ندرك ما لقاه صلى الله عليه وسلم من العنت‬
‫والمشقة في سلمه وحربه‪ ،‬لينقل لنا هذا الدين‪ ،‬ليسعدنا برضا الله‬
‫عنا‪ ،‬وينقذنا من سخطه وعذابه‪.‬‬
‫المر الثالث‪ :‬أن نذكر ما أوجبه الله له من النصر والتوقير والدب‬
‫معه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ولهذا قرن الله تعالى حق هذا النبي‬
‫الكريم‪ ،‬بحقه في كتابه وفي شعائر عبادته‪ ،‬فقال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سولِهِ‬ ‫منُوا بِالل ّهِ وََر ُ‬ ‫شرا ً َونَذِيرا ً (‪ )8‬لِتُؤْ ِ‬ ‫مب َ ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫شاهِدا ً و‬ ‫ك َ‬ ‫سلْنَا َ‬ ‫((إِنَّا أْر َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ك إِن َّ َ‬
‫ما‬ ‫ن يُبَايِعُون َ َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫صيل ً (‪ )9‬إ ِ ّ‬ ‫حوه ُ بُكَْرة ً وَأ ِ‬ ‫سب ِّ ُ‬ ‫وَتُعَّزُِروه ُ وَتُوَقُِّروه ُ وَت ُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫س ِ‬ ‫ث ع َلَى ن َ ْف ِ‬ ‫ما يَنْك ُ ُ‬ ‫ث فَإِن َّ َ‬ ‫ن نَك َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ه يَد ُ الل ّهِ فَوْقَ أيْدِ َيهِ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫يُبَاي ِ ُعو َ‬
‫جرا ً عَظِيما ً (‪[ ))10‬الفتح]‬ ‫َ‬ ‫وم َ‬
‫سيُؤ ْتِيهِ أ ْ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫ه الل ّ َ‬ ‫ما ع َاهَد َ ع َلَي ْ ُ‬ ‫ن أوْفَى ب ِ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫فقد ذكر بعض المفسرين أن ضميري الغائبين المفردين في قوله‬
‫تعالى‪( :‬وتعزروه وتوقروه) فقد قرن الله بين اليمان به اليمان‬
‫برسوله‪ ،‬خص رسوله على هذا التفسير بالتعزير – وهو النصر –‬
‫والتوقير‪ ،‬ثم خص نفسه بالتسبيح‪.‬‬
‫واعتبر الله بيعة المسلمين لرسوله بيعة له تعالى في قوله‪( :‬إ ِ َّ‬
‫ن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه)‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ما يُبَاي ِ ُعو َ‬ ‫ك إِن َّ َ‬
‫ن يُبَاي ِ ُعون َ َ‬ ‫ال ّذِي َ‬
‫وأوجب الله تعالى الدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم في‬
‫خفض الصوات عنده كما يحصل من بعضهم عند بعض‪ ،‬وحرم رفعه‬
‫وجعل ذلك محبطا أعمال من فعله‪ ،‬وأنكر على العراب مناداته من‬
‫خارج حجراته‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جهَُروا‬ ‫ي وَل ت َ ْ‬ ‫ت النَّب ِ ِ ّ‬ ‫صوْ ِ‬ ‫م فَوْقَ َ‬ ‫صوَاتَك ُ ْ‬ ‫منُوا ل تَْرفَعُوا أ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫((يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬
‫َ‬ ‫ل َه بالْقَول ك َجهر بعضك ُم لِبعض أ َن تحب َ َ‬
‫ن‬‫شعُُرو َ‬ ‫م ل تَ ْ‬ ‫م وَأنْت ُ ْ‬ ‫مالُك ُ ْ‬ ‫ط أع ْ َ‬ ‫ْ ِ َ ْ ِ َْ ِ ْ َْ ٍ ْ َ ْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ ِ‬
‫َ‬
‫ن (‪ )4‬وَل َ ْ‬
‫و‬ ‫قلُو َ‬ ‫م ل يَعْ ِ‬
‫َ‬ ‫ت أكْثَُرهُ ْ‬ ‫جَرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن وََراءِ ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن يُنَادُون َ َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫(‪ )2‬إ ِ َّ‬
‫َ‬
‫م (‪)5‬‬ ‫حي ٌ‬‫ه غَفُوٌر َر ِ‬ ‫م وَالل ّ ُ‬ ‫خيْرا ً لَهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م لَكَا َ‬ ‫ج إِلَيْهِ ْ‬ ‫خُر َ‬ ‫حتَّى ت َ ْ‬ ‫صبَُروا َ‬ ‫م َ‬ ‫أنَّهُ ْ‬
‫الحجرات‬
‫قال القرطبي في تفسير هذه اليات – بعد أن ذكر أمثلة في‬
‫الحديث في سبب نزول الية ‪:-‬‬
‫"قال القاضي أبو بكر بن العربي‪ :‬حرمة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ميتا كحرمته حيا‪ ،‬وكلمه المأثور بعد موته في الرفعة مثال كلمه‬

‫‪31‬‬
‫المسموع من لفظه‪ ،‬فإذا قرئ كلمه‪ ،‬وجب على كل حاضر أل يرفع‬
‫صوته عليه‪ ،‬ول يعرض عنه‪ ،‬كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند‬
‫تلفظه به‪.‬‬
‫وقد نبه الله سبحانه على دوام الحرمة المذكورة على مرور الزمنة‬
‫بقوله تعالى‪" :‬وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا" [العراف‪:‬‬
‫‪ .]204‬وكلمه صلى الله عليه وسلم من الوحي‪ ،‬وله من الحكمة‬
‫مثل ما للقرآن‪ ،‬إل معاني مستثناة‪ ،‬بيانها في كتب الفقه‪.‬‬
‫ليس الغرض برفع الصوت ول الجهر ما يقصد به الستخفاف‬
‫والستهانة‪ ،‬لن ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون‪ .‬وإنما الغرض صوت‬
‫سه غير مناسب لما يهاب به‬ ‫جْر ِ‬
‫هو في نفسه والمسموع من َ‬
‫العظماء ويوقر وقال تعالى في امتنانه عليه بإكرامه له‪(( :‬وََرفَعْنَا‬
‫ك)) [الشرح (‪])4‬‬ ‫لَ َ‬
‫ك ذِكَْر َ‬
‫ولهذا شرع ذكره صلى الله عليه وسلم مع ربه في الذان وفي‬
‫التشهد‪ ،‬وفي الدعاء للموتى‪.‬‬
‫المر الرابع‪ :‬نفى الرسول صلى الله عليه وسلم نفيا مؤكدا بالقسم‬
‫بربه‪ ،‬اليمان الشرعي الصادق عمن لم أحب عنده من أقرب‬
‫المقربين إليه من أهله‪ ،‬كالوالد والولد‪ ،‬فضل عن غير أقاربه من‬
‫الناس‪.‬‬
‫روى أبو هريرة رضي الله عنه‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪( :‬فوالذي نفسي بيده‪ ،‬ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب‬
‫إليه من والده وولده) وفي رواية أنس‪( :‬والناس أجمعين)‪ .‬والحديث‬
‫في صحيح مسلم‪.‬‬
‫بل ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخذ‬
‫بيد عمر بن الخطاب‪ ،‬فقال له عمر‪ :‬يا رسول الله لنت أحب إلي‬
‫من كل شيء إل من نفسي‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬ل والذي نفسي بيده حتى أكون‬
‫أحب إليك من نفسك)‬
‫فقال له عمر‪ :‬فإنه الن والله لنت أحب إلي من نفسي‪.‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬الن يا عمر)‬
‫ففي هذا الحديث‪ :‬وجوب أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫أحب إلى المؤمن من نفسه‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫وهنا يجب على المسلمين أفرادا وجماعات وأحزابا‪ ،‬ودول‪ ،‬أن‬
‫يسألوا أنفسهم‪ :‬هل معاملة من سب رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم واستهان به وسخرمنه‪ ،‬في العلقات السياسية والجتماعية‬
‫والدبلوماسية والقتصادية والعلمية‪ ،‬ومع إصراره على موقفه ممن‬
‫هو أحب إلى أنفسنا‪ ،‬هل هم مؤمنون إيمانا صادقا‪.‬‬
‫ونسأل من ل يقاطع اقتصاد الدول التي حصلت إهانة رسولنا صلى‬
‫الله عليه وسلم والستهزاء به‪ ،‬أي المرين أحب إليك يا مسلم‬
‫رسولك أم جوال؟ بل أيهما أحب إليك نبيك أم قطعة قماش‬
‫تستريها؟‬
‫إن المسلم ل يليق به أن يتعامل مع من استهان برسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم في بيع أو شراء‪ ،‬وبخاصة إذا كانت السلع التي يحتاجها‬
‫موجودة في السوق من دول أخرى‪ ،‬إن المسلم ولو كان غير ملتزم‬
‫بدبنه كما ينبغي ولو كان يتعاطى شرب الخمر المحرم عليه‪ ،‬والذي‬
‫يجب عليه القلع عنه فورا‪ ،‬فإذا أصر على ارتكاب هذا المحرم‪ ،‬فل‬
‫يليق به أن يشتريه ممن أهان رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أسواق‬
‫غير تلك الدول مندوحة‪.‬‬
‫وإن من السئلة التي يجب أن نوجهها لمن يؤمنون بالرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬سواء كان فردا أو جماعة أو دولة‪:‬‬
‫ما ذا ستفعل لو وجهت الهانات إلى والدك أو ولدك أو علم بلدك‬
‫أو دولتك ونظامها؟‬
‫وهل ولدك ووالدك وعلم بلدك ونظامها ونفسك أحب إليك من‬
‫نبيك‪ ،‬فتنتصر لها ول تنتصر لرسول الله حبيبه؟‬
‫نحن ل نطلب من كل تلك الفئات أن تقاتل الدول التي حصل فيها‬
‫الستهزاء برسولنا‪ ،‬ول بخطف رعاياهم وقتلهم في بلداننا‪ ،‬وإنما‬
‫نطلب فقط أن نغيظهم بما يؤثر فيهم وهو العلقات بأنواعها‪ ،‬ل‬
‫بالكلم فقط؟‬
‫إن كلمنا عندهم ل يساوي صفرا على اليسار‪ ،‬ما داموا يحصلون‬
‫على مصالحهم المادية منا‪.‬‬
‫يا مسلمون! كل عدوان على ديننا واستهزاء بربنا أو قرآننا أو‬
‫رسولنا صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يمر بدون وقفة صادقة في الدفاع‬
‫عن ذلك سيجرئ أعداءنا علينا‪ ،‬فاختاروا لنفسكم إرضاء أعداء‬
‫نبيكم‪ ،‬أو إرضاء ربكم‪ ،‬وأنتم إليه راجعون‪ ،‬فينبئكم بما عملتم‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫=======================‬
‫أي حرية وأي ديمقراطية؟‬

‫أ‪.‬د‪ .‬محمد خضر عريف‬


‫ان سياسة الكيل بميكالين اصبحت سمتا ً شامل ً في الممارسات‬
‫الغربية كافة‪ ،‬وقد انتقلت عدواها المميتة من اقاصي الرض في‬
‫العالم الجديد إلى الجزء الغربي من العالم القديم‪ ،‬وما عاد‬
‫الغربيون يستحيون من العمل بها في وضح النهار وعند كل مناسبة‬
‫فهاهم يصرحون بأن ما اقدمت عليه الصحف الدنماركية والنرويجية‬
‫وتبعتها فيه الصحف الفرنسية‪ ،‬انما هو ممارسة لحق مضمون في‬
‫النظم الديمقراطية الغربية وهو حق حرية التعبير وحرية الرأي‪ ،‬وها‬
‫هم يؤكدون ان الحكومات ل تستطيع الحجر على الصحافة والعلم‬
‫مهما كانت تجاوزاتها استنادا ً إلى مبدأ حرية الرأي‪ ،‬وعليه فقد‬
‫تبجحت صحيفة (فرانس سوار) بعد إعادة نشر الرسوم المشينة‪،‬‬
‫وقالت (انه يحق لها الستهزاء بالله قبل ان يحق لها الستهزاء‬
‫بمحمد) والعياذ بالله و(الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم‬
‫يعمهون)‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق فان التحاد الوروبي أكد انه سيقف مع الدنمارك‬
‫في حال اعلن مقاطعة رسمية من بعض الدول السلمية‪ ،‬وسيرفع‬
‫التحاد القضية إلى منظمة التجارة العالمية لتتخذ ما هو مناسب لن‬
‫التحاد يعتبر اي اجراء رسمي متخذ ضد الدنمارك اعتداءً على‬
‫التحاد الوروبي برمته‪.‬‬
‫ذلك موقف التحاد الوروبي من القضية‪ ،‬اذ يحترم الوروبيون رأي‬
‫من كانوا خلف هذه الرسوم وان كانوا ل يمثلون الشعب الدنماركي‬
‫كله او غالبيته فماذا كان موقف التحاد الوروبي كله ومن قبله‬
‫امريكا من رأي الغالبية الساحقة من الشعب الفلسطيني الذي‬
‫انتخب حركة حماس لتحكمه في انتخابات نزيهة وسلمية ونموذجية؟‬
‫لقد وقف الغرب كله وقفة واحدة ‪ -‬والكفر ملة واحدة ‪ -‬في وجه‬
‫حرية الرأي هذه ليضعوا كافة العراقيل في وجه هذه الممارسة‬
‫الديمقراطية الفريدة في العالم العربي في سعي حثيث لفشال‬
‫مشروع حماس السياسي وجعل من المستحيل تشكيل حكومة‬
‫فلسطينية بقيادة حماس‪ ،‬حتى لو كانت تمثل الكثرة الكاثرة من‬
‫فئات الشعب الفلسطيني‪ ،‬وعليه فان الكونجرس المريكي سارع‬

‫‪34‬‬
‫إلى وضع مشروع قانون لتجميد المساعدات المريكية للفلسطينيين‬
‫وسيمضي القانون دون ادنى شك‪ ،‬ومن قبل ذلك سارع التحاد‬
‫الوروبي الى فرض املءات عسيرة على حماس كي تحظى‬
‫بمساعدات الدول الوروبية اهمها العتراف باسرائيل وحقها في‬
‫الوجود‪ ،‬فاين مبدأ حرية الرأي؟ الذي يتيح للعلم الوروبي التطاول‬
‫على نبي مليار ونصف من البشر ويحجر على رأي شعب باكمله بعد‬
‫ان قال كلمته في انتخاباته الحرة النزيهة وما اريد ان اضيفه أيضاً‬
‫هو ان ما تناقلته وسائل العلم الوروبية والمريكية من ان النظمة‬
‫الغربية ل تمنع الستهزاء برسل كعيسى وموسى وسواهما‪ ،‬فكيف‬
‫تستطيع ان تمنع الستهزاء بمحمد (صلى الله عليه وسلم)؟ جزء‬
‫من كذبة كبيرة يريد اليهود والنصارى لها ان تنطلي على عامة‬
‫المسلمين فقد شهدت بنفسي مواقف كثيرة تصدى فيها الوروبيون‬
‫حكومات وشعوبا ً لي مساس بعيسى عليه السلم خصوصا ً في‬
‫القنوات العلمية فقد كنت في امريكا حين ظهر فيلم‪(:‬غواية‬
‫المسيح الخيرة (‪The last temptation of christ‬‬
‫الذي يصور المسيح والعياذ بالله على انه فاسق فاجر مرتاد‬
‫للمواخير ويلصق به اقذع الصفات وافظعها واذكر ان تسع دور فقط‬
‫من دور السينما في امريكا سمحت بعرضه من بين الف الدور‬
‫المنتشرة في انحاء امريكا‪ ،‬ثم كان ان خرج المتظاهرون باللف‬
‫امام تلك الدور التسع في صخب شديد حاملين لفتات كتب عليها‪،‬‬
‫اوقفوا هذا التجديف او هذا الكفر‪ )stop that blasphomy(:‬وواصلت‬
‫وسائل العلم الضغط على دور السينما حتى توقف عرض الفلم‬
‫بعد ايام قليلة‪.‬‬
‫وحصل الموقف نفسه بشكل اشد من قبل اليهود بعد عرض فلم‬
‫‪(:‬موسى المقدس) (‪ )holy Moses‬الذي يسخر من موسى عليه‬
‫السلم ووقف اليهود كذلك في وجه عرض فيلم‪( :‬عذابات المسيح)‬
‫الخير الذي يتهمهم صراحة بتهمة الوقوف خلف صلبه (من وجهة‬
‫نظر النصارى) ولو اتسع المقام لسقت عشرات المواقف المشابهة‬
‫التي تبين بما ل يدع مجال ً للشك ان حرية التعبير في الغرب ل تصل‬
‫إلى حد المساس بالنبياء والرسل والمعتقدات الدينية وان الدماء‬
‫يمكن ان تسيل لديهم جراء ذلك كما انهم مارسوا ضغوطا ً اكبر‬
‫بكثير من التي يمارسها المسلمون اليوم لوقف تلك التجاوزات منها‬
‫المقاطعة ان الديمقراطية كذبة كبيرة وحرية الرأي المزعومة كذبة‬

‫‪35‬‬
‫اكبر منها‪ ،‬ولن يكون اليهود والنصارى بإذن الله اكثر غيرة منا نحن‬
‫المسلمين على انبيائهم ومقدساتهم‪.‬‬
‫أيعقل أن تعظم شركة آرل مؤتمر البحرين أكثر من بعض المسلمين‬
‫‪1‬‬
‫الكاتب‪ :‬الشيخ رائد حليحل‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على خاتم النبياء وإمام‬
‫المرسلين وبعد‪:‬‬
‫لقد تنامي إلى مسامعي في الونة الخيرة انتقادات لتوصية المؤتمر‬
‫العالمي لنصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والتي قضت‬
‫بضرورة إيقاف المقاطعة عن منتجات شركة (آرل) والملحظ أن‬
‫الناقدين على ضربين‪.‬‬
‫الول‪:‬‬
‫علماء أفاضل وأجلء‪ ،‬نحترمهم ونحترم رأيهم إل أننا نرى أنهم لم‬
‫يستجمعوا كل ملبسات القضية‪ ،‬ولم يعوا تفاصيل الواقع الغربي‬
‫السائد مما جعل نظرهم قاصرا وبالتالي ما نراه هو خطأ اجتهادهم‪.‬‬
‫الثاني‪:‬‬
‫أناس وكأنهم يتصيدون بالماء العكر‪ ،‬لصالح حسابات خاصة فل أملك‬
‫لهؤلء إل الدعاء لهم بالرحمة والهداية وأذكّرهم قائل (ما هكذا يا‬
‫سعد تورد البل)‪.‬‬
‫ولكن عموما فإنني أقدر وبشكل كبير المشاعر الجياشة والعواطف‬
‫العارمة‪ ،‬والحب الكبير لشخص النبي المصطفى والحرص على‬
‫توظيف كل المكانات وقد تصور البعض أنها محصورة بالمقاطعة‬
‫فقط والستفادة من كل ما من شأنه رد العتبار لمقام النبي‬
‫المختار‪ ،‬إل أنني أرى أن العاطفة وحدها‪ ،‬ليست الخيار الفضل‪ ،‬بل‬
‫ل بد من ضبطها بمعيار الشرع الذي حث على تحقيق مناط أي‬
‫حكم‪ ،‬والنظر في الواقع‪ ،‬إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره‪.‬‬
‫ولمعرفة المرجحات لرأي المؤتمر العالمي ولجنة المتابعة المنبثقة‬
‫عنه‪ ،‬ل بد من الرجوع إلى الوراء قليل‪ ،‬ول بد من الجابة على أسئلة‬
‫مهمة تسلط الضوء على خفايا المور‪ :‬تحديد المسيء؟ من هو‪،‬‬
‫ومن دعمه وأيده وسانده؟ من الذي برر الساءة ودافع عنها؟ ومن‬

‫‪36‬‬
‫الذي عارضها وبذل ما يمكنه لضعاف أهلها؟ ما العمل المطلوب‬
‫من شرائح المجتمع الدانمركي على اختلف أطيافه؟‬
‫سنجد‪ ،‬وبشكل واضح أن الذي تولى كبر القضية هي جريدة‬
‫(اليولند بوسطن) التي نشرت الرسومات المسيئة في ‪30/09/2005‬‬
‫للميلد‪ ،‬وهي جريدة مستقلة‪ ،‬حرة وإن كانت قريبة جدا في ميولها‬
‫من التيار اليميني الحاكم ول يتعب المتابع كثيرا ليرى مدى التناغم‬
‫الكبير بينهما‪ ،‬ولكن لم يقف المر عند هذا الحد فحسب‪ ،‬بل تعاملت‬
‫الحكومة مع القضية بشكل أشعر المراقبين بأنها متواطئة‪ ،‬متعاونة‪،‬‬
‫موافقة‪ ،‬غير كارهة ول عابئة ول حتى ممتعضة من عمل الصحيفة؟‬
‫وبالتالي أصبح للجريدة شريكا أل وهو الحكومة الحالية‪ .‬وبقى‬
‫الشعب على الحياد بحجة أن ثقافته ل توجب عليه التدخل في هذه‬
‫القضية فظهر بمظهر الل مبالي‪.‬‬
‫ومرت اليام‪ ،‬بل الشهور وكأن شيئا لم يكن ‪-‬وهذا للسف على‬
‫صعيد العالم السلمي‪ -‬ولحكمة يعلمها الله مرت ثلثة شهور‬
‫ونصف‪ ،‬وبعدها هبت العاصفة التي ل يستطيع أحد ‪-‬مهما كان دوره‪-‬‬
‫أن يدعي فضل تأجيجها‪ ،‬إذ الفضل لله وحده‪ ،‬إظهارا لكرامة‬
‫المصطفى ومقامه الكريم واللفت للنتباه أن عامة الناس هم الذي‬
‫أخذوا قرار المقاطعة‪ ،‬مستبقين الفتاوى من العلماء‪ ،‬ول شك أنه‬
‫كان عمل مهيبا‪ ،‬أحيى في المة المل من جديد‪ ،‬فهي أمة قال عنها‬
‫قائدها أن خيرها ل ينقطع‪ ،‬يكفي في تلك الهبة العارمة أنها دلت‪،‬‬
‫بما ل يدع مجال للشك‪ ،‬على أن المة محبة ومعظمة وموالية لنبيها‬
‫وإمامها وأسوتها وقائدها‪ ،‬خاتم النبياء وإمام المرسلين عليه من‬
‫الله أفضل الصلة وأتم التسليم‪ .‬ومرت اليام ول بد لنا أن نلقي‬
‫نظرة فاحصة على واقعنا كمسلمين داخل الدانمرك وخارجها لنجد‬
‫التالي‪ ،‬والذي ل يليق بنا تجاهله عند حكمنا‪.‬‬
‫على صعيد الدانمرك‪:‬‬
‫فإن شيئا ما لم يتغير على صعيد الحياة اليومية‪ ،‬بل أحيانا يظن‬
‫الناظر في الواقع أن شيئا لم يكن‪ ،‬اللهم إل إن كان يستمع للخبار‪.‬‬
‫أما الجريدة فلم تعتذر ولم تقدم ما يشعر بندمها بل كانت مصرة‬
‫على موقفها حتى الرمق الخير‪ ،‬أما الحكومة فقد تحلت بالصبر‬
‫حتى تمر الزمة وهي ماضية في موقفها متذرعة بعدم إمكانية‬
‫إدانتها لعمل الصحيفة لن قانون الحريات يكفل لها ذلك‪ ،‬فكذبها‬
‫الله وأدانت عمل شركة (آرل) واصفة إياه بأنه ركوع للمسلمين‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫أما الشعب الدانمركي فبقي على بروده المعتاد دون حراك‪ ،‬اللهم‬
‫إل مظاهرات بسيطة متواضعة ل ترتقي إلى مستوى الفعل وردات‬
‫الفعل عليه وكذا بعض البيانات الصادرة من هنا أو هناك‪.‬‬
‫وما له علقة بشركة (آرل) فإنها كانت بين مطرقة المقاطعة في‬
‫العالم السلمي وسندان مقاطعة سابقة داخل الدانمرك‪ ،‬أفضت‬
‫إلى استبدال الكثير من السواق لمنتجاتها بمنتجات أخرى ولسباب‬
‫داخلية وجدت نفسها تدفع ثمن فعلة غيرها فحارت بين النظر إلى‬
‫مصالحها والنظر إلى مصالح الوطن كما أوهم البعض من ضرورة‬
‫ثباتها وعدم خذلنها لنصار الحرية كما زعموا‪.‬‬
‫وعلينا أن ل ننسى أن شركة (آرل) ليست شركة وطنية‪ ،‬بالمصطلح‬
‫العربي‪ ،‬فليست هي الحكومة حتى تتحمل مسؤولية عمل الخيرة‬
‫وليست تابعة للجريدة أو داعمة لها‪ ،‬وقبل ذلك ل بد أن نعرف أن‬
‫الحكومة لم تعد الشركة بتعويضات لنها تراهن على عقود فيها بنود‬
‫جزائية والتزامات تجارية‪ ،‬قد تخرج الدانمرك من أزمتها‪ ،‬ويتحمل‬
‫بعد ذلك المسؤولية عن هذه الخسائر جهات أخرى ول يستبعد أن‬
‫يكون المسلمون هم الدافعون لتلك الضريبة‪.‬‬
‫إلى جانب أن الحكومة الدانمركية كانت تعول آمال على دعم لها‬
‫من التحاد الوروبي‪ ،‬بل صرح المسؤولون فيها مرارا أن المقاطعة‬
‫لم تضر بها وذلك لن صادراتها للعالم السلمي ل تتجاوز العشرة‬
‫في المائة‪.‬‬
‫وخلصة القول‪:‬‬
‫أن المقاطعة آذت الدانمركيين ولكنها لم تضرهم وعليه فل يصح‬
‫العتاب الن بأن يقال لماذا قاطعنا إذن؟ بل يقال يكفي المقاطعة‬
‫أنها عبرت عن الحب الكبير لنبينا ولديننا وعلينا أن ل ننسى أن‬
‫المقاطعة خيار شعبي وهو ل يملك غير ذلك والله ل يكلف نفسا إل‬
‫وسعها‪ ،‬يكفيها أنها حركت مشاعر المة‪ ،‬ونبهت خصومها إلى ثبات‬
‫المة واحترامها لمقدساتها‪ .‬فالخلل لم يكن بالمقاطعة ولن يكون‬
‫برفعها بل الخلل كله في جعل المقاطعة السبيل الوحد وعدم رفده‬
‫بما يشكل ضغطا على المعتدي ليرد الحق إلى أصحابه ولذلك فإني‬
‫أناشد الخوة في الله أن يكونوا موضوعيين هذه المرة وأن ينظروا‬
‫للقضية من كل جوانبها ولئن ساءهم وقف المقاطعة بعد وقوعها‬
‫فقد كان الولى أن يسوءهم ما لم يقع أصل وكان مؤثرا أكثر‪،‬‬
‫فالتقصير كبير وعلى شتى المستويات‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫أما على صعيد العالم السلمي‪:‬‬
‫فإن التوصية برفع المقاطعة عن منتجات شركة (آرل) بعد خطابها‬
‫الواضح والصريح‪ ،‬كان قرارا عاقل وحكيما بل ومنسجما مع قواعد‬
‫الشريعة الغراء‪ .‬وخطأ المعترضين أنهم رأوا القذاة في عيون‬
‫الدعاة ولم يروا الجذع في عيون غيرهم‪ ،‬وإن المتابع لمجريات‬
‫الحداث في عالمنا السلمي يجد معوقات أمام المقاطعة كانت‬
‫كفيلة بزوالها دون تحقيق شيء من المصالح والمكتسبات‪ ،‬فإنه مما‬
‫أثخن في المقاطعة وأوهنها أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬ظهور بعض الصوات التي قللت‪ ،‬للسف‪ ،‬يومها من شأن‬
‫المقاطعة‪ ،‬سواء من أفتى بحرمتها وبعضهم صرح ببدعيتها وغير‬
‫ذلك مما عودنا البعض على سماعه عند كل معضلة ونازلة‪ ،‬أو من‬
‫جهة من قلل من شأن المقاطعة وصورها وكأنها مسعرة حرب‬
‫ونحن بأمس الحاجة للسلم فرفع شعار الحوار على أنه أوحد خيار‪،‬‬
‫فساهمت تلك الدعوات بدفن المل الذي سرى في أوساط المة‪،‬‬
‫ورغم هول المصاب وفداحة الموقف وما قابله من حرقة عظيمة‬
‫وفورة في المشاعر وإقبال من الناس لنصرة الحبيب المصطفى‪،‬‬
‫في تلك اللحظات الحاسمة جاءت تلك الدعوات‪ ،‬من بارزين في‬
‫مجتمعنا‪ ،‬لتقوم بدور الفرامل‪ ،‬كابحة جماح ثورة عارمة‪ ،‬فكانت تلك‬
‫الصوات بل بعض الممارسات موهنة للعزائم مثبطة للهمم مطفئة‬
‫لجذوة الغيرة‪ ،‬أل فسامح الله من عمل ذلك وهو يظن أنه يحسن‬
‫صنعا‪.‬‬
‫‪ -2‬إن المتتبع لحوال المسلمين اليوم ول سيما عند المحن ليعجب‬
‫كل العجب من حالنا‪ ،‬إل من رحم الله‪ ،‬أمة سرعان ما تنتفض ثم‬
‫تنطفئ‪ ،‬تبدأ أعمالها بشكل انفعالي عاطفي‪ ،‬تفرغ معه شحنتها‬
‫كاملة ثم ل تلبث أن يدب إليها التراجع واليأس مع أننا كلنا يعلم أن‬
‫النصر مع الصبر‪ ،‬وديننا علمنا أن أفضل العمال أدومها وأن الله ل‬
‫يمل حتى يملوا‪ .‬وأنا عندما أقول ذلك ل أفشي سرا‪ ،‬فإن‬
‫الدانمركيين صرحوا به قبل مؤتمر البحرين بل في وقت الذروة‬
‫والنشوة للمقاطعين وقالوا‪ :‬سنصنع كسنبلة القمح ننحني للعاصفة‬
‫حتى تمر وقد عودنا المسلمون أنهم سرعان ما تفتر عزائمهم‪ .‬يا‬
‫سبحان الله وكأني بقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يحاكي‬
‫واقعنا (عجبت لجد الفاجر وعجز الثقه) فإلى الله المشتكى وهنا‬
‫يحسن ينا التذكير أن المقاطعة لم تكن سوى ردة فعل عاطفية‬

‫‪39‬‬
‫متأخرة وغير مدروسة ول مخطط لها وهذا بحد ذاته لم يكن مبشرا‪،‬‬
‫فالمخاوف كانت تشوب المقاطعة حتى قبل وجودها لعدم توفر‬
‫المناخات المناسبة‪.‬‬
‫‪ -3‬عمليا‪ :‬لم تكن المقاطعة أمرا واقعيا مطبقا في أرجاء عالمنا‬
‫السلمي‪ ،‬اللهم إل في بعض البقاع المباركة وهي محدودة‪ ،‬عودتنا‬
‫دائما التفاعل اليجابي مع قضايا المسلمين‪ ،‬بينما بقية العالم فلم‬
‫يكن يعنيه المر شيئا وقد تكشفت بعض الحقائق حول هذا المر‬
‫أخيرا‪.‬‬
‫‪ -4‬وهنا بيت القصيد أن المقاطعة لم تكن تستند إلى أرضية ثابتة‪،‬‬
‫أعني أن ارتباط الجهات الرسمية بمعاهدات وعقود وعلقات جعلتها‬
‫مكبلة ل تقدر على أخذ موقف واضح معلن‪ ،‬وبالتالي فإن المقاطعة‬
‫التي كنا نفخر في بدايتها أنها شعبية محضة لم يعد ذلك محل فخر‬
‫واعتزاز فقد آن الوان لتبنيها وتقنينها ودعمها لتكون فاعلة ومؤثرة‬
‫فالله عز وجل يزع بالسلطان ما ل يزع بالقرآن‪ ،‬وعليه فإن الحمل‬
‫كان ثقيل على القتصاديين وحدهم لنه كان لزاما على المة بشتى‬
‫أطيافها أن تقف موقفا واحدا وواضحا ليكون ذا أثر‪ ،‬أما حصر‬
‫القضية بالتاجر والمستهلك فمعناه أننا حرمنا على أنفسنا طعاما‬
‫لسبب‪ ،‬نحترمه‪ ،‬ولكن لم نطور من عملنا ليكون ضاغطا للصلح‬
‫والتغيير‪ ،‬وبصراحة تامة فإن الغاية من المقاطعة لم تتحقق بل‬
‫أصبح‪ ،‬ضمن هذه الظروف‪ ،‬تحقيقها ضربا من المحال أو الخيال‪،‬‬
‫وعليه فرفع المقاطعة ل سيما عن المتبرئ ليس هو السبب في‬
‫ضياع حقنا بل السبب هو هواننا على الناس فإلى الله المشتكى‬
‫وعليه التكلن‪.‬‬
‫‪ -5‬لو نظرنا لواقعنا نظرة متفحص وبإخبار الثقات من الغيورين‬
‫المتابعين للواقع‪ ،‬تبين أن البضاعة الدانمركية عادت لكثير من‬
‫أسواق المسلمين دون قرار ول رأي ول توصية بل حتى ول فتوى‪،‬‬
‫اللهم إل إذا استثنينا بعض البلد التي لم تفعّل فيها المقاطعة أصل‬
‫فبقيت بضائعهم على رفوفها‪ .‬فاللوم إذن ليس على التوصية نفسها‬
‫لن العلماء أخذوا بها لما وجدوا أنفسهم أمام مفترق طرق إما أن‬
‫يتجاهلوا بيان شركة (آرل) أوانهم يتعاطون معه بما يلزم‪ .‬وإما أن‬
‫يلحظوا واقع المسلمين وضعفهم ويستفيدوا من تلك الفرصة ليكون‬
‫عود البضائع بيدهم ويستفيدون منه ويوظفوه لصالح القضية أو أن‬
‫تخرج أوراق اللعبة من أيديهم ويعود كل شيء إلى مكانه دون‬

‫‪40‬‬
‫مراجعتهم ودون تحقيق أي من المكتسبات وبذلك يضعون أنفسهم‬
‫موضعا يصدق فيه "ويقضى المر حين تغيب تيم‪....‬ول يستشهدون‬
‫وهم شهود"‬
‫‪ -7‬بعض المظاهر السلبية والفعال غير المنضبطة التي واكبت‬
‫المقاطعة‪ ،‬مما جعل الجميع ‪-‬ما دام معترضا‪ -‬في خانة يسعى‬
‫للبراءة منها (الرهاب) والذي أراه والله أعلم‪ ،‬بعد كل ما أوردت‬
‫وغيره مما قد ل يحسن إيراده‪ ،‬وبما أنني معني بالمر ومطلع عليه‬
‫عن قرب فأنا ابن هذه المحنة وأرى أن قرار الدعاة إلى الله كان‬
‫قرارا حكيما وعاقل جدا ومع كل ذلك فإنه ل يسعنا إل أن نحترم‬
‫وجهة النظر الخرى وأرجو من الله أن يكون لكلينا نصيب من‬
‫شفاعة الرسول الكريم كما تكرم الله على فريقين من الحجاج‬
‫( فمن تعجل في يومين فل إثم عليه ومن تأخر فل إثم عليه لمن‬
‫اتقى) جعلنا الله من المتقين الذابين عن سيد المرسلين‪.‬‬
‫أسباب وجيهة تستدعي رفع المقاطعة عن شركة (آرل) ل عن‬
‫سواها‪:‬‬
‫الول‪ :‬ل بد لنا أن نتنبه أن شركة (آرل) شركة غذائية مساهمة فهي‬
‫ليست تابعة للجريدة المسيئة ول الحكومة المتواطئة وبالتالي‬
‫فليست شركة (آرل) مسيئة للمسلمين ول داعمة لمن أساء إليهم‪،‬‬
‫وعليه فتحميلها مسؤولية عمل غيرها ليس من العدل ول من‬
‫النصاف‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬شركة (آرل) كغيرها من مواطني الدانمرك فإنه بعد أن‬
‫استبانت المور وانجلت الحقائق فإنها ل تملك إل الدانة والبراءة‬
‫من عمل الصحيفة وإعلن ذلك‪ ،‬ليقل الظهير ويضعف النصير‬
‫للمسيء‪ ،‬وإن المتابع لما ذكرته الشركة في بيانها المنشور على‬
‫صفحات الجرائد والصحف العالمية بل وعلى المحطات المرئية‬
‫والمنصوص عليه في موقعها وباللغات الثلث "العربية والنجليزية‬
‫والدانمركية" من قرأه بتمعن يجده تصريحا واضحا ل لبس فيه‪ ،‬مما‬
‫يجعل المسلمين إزاءه في حرج شرعي فرفض ما صرحوا بإدانته‬
‫أمر يجانب الصواب‪ ،‬وقبوله ليس له معنى إل رفع الضرر عنهم‬
‫وإعانتهم على حل مشكلتهم‪ .‬والكلمة الخيرة للنسان فله الخيار‬
‫الكامل‪ ،‬لن توصية العلماء ليس فيها إلزام كما لم تكن المقاطعة‬
‫أصل على وجه اللزام‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫الثالث‪ :‬أن تصريح شركة (آرل) بأنها ستبذل ما بوسعها لمساعدة‬
‫المسلمين في كل ما من شأنه أن يعيد لهم اعتبارهم ويحقق لهم‬
‫احترام دينهم‪ ،‬يعتبر عمل إيجابيا ل يجوز التغافل عنه أبدا‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن توجيهها الخطاب إلى العلماء والدعاة المجتمعين في‬
‫البحرين يجعل العلماء أمام التزام أدبي‪ ،‬إذ ليس من أدب السلم‬
‫إذا ما استجارك أحد أن ل تجيره‪ ،‬كيف وقد ميز نفسه عن‬
‫المسيئين‪ ،‬فبأي حق يلحق بهم مع براءته ويأخذ حكمهم مع إدانته‪،‬‬
‫إلى جانب ما فيه من لغة الحترام والتقدير للعلماء المجتمعين‬
‫هناك‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬إن موقف الحكومة من كلم شركة (آرل) بأنها ركعت‬
‫للمسلمين‪ ،‬خير دليل على أن كلمها بل موقفها قد أدى ما نطمع‬
‫إليه من تكثير المساندين لنا داخل المجتمع الدانمركي‪ ،‬ويقلل من‬
‫أنصار المسيئين والمتعاونين معهم‪ ،‬فإن لم يكن في كلم (آرل) إل‬
‫أنه أغاظ الحاقدين فكفى به شرفا لنا أن نجد نصيرا لنا من بينهم‪.‬‬
‫السادس‪ :‬إن موقف العلماء العاقل والمتزن سيشجع أمثال (آرل)‬
‫لعمل مشابه‪ ،‬بل سيكون له أثره الدعوي الكبير إن لم يكن على‬
‫المدى المنظور فل شك أنه مستقبل سيكون أمرا جيدا لصالح‬
‫السلم ودعوته في تلك الديار‪ ،‬فالموقف كان رسالة متوازنة تماما‬
‫ولسان حالنا يقول نحن لسنا غوغائيين كما تصورون حتى نعادي من‬
‫سالمنا وكذلك لسنا بهذه الدرجة من الهوان حتى نسالم من يعادينا‪،‬‬
‫فرسالتنا واضحة سلم على من سالمنا وحرب على من عادانا وبهذا‬
‫يتضح للجميع لماذا قاطعنا ومن قاطعنا وما غايتنا من المقاطعة وما‬
‫الحكمة منه‪ ،‬فهي ليست غاية في نفسها بل عملت لغاية وإن نبل‬
‫الغاية لن ينسينا نبل الوسيلة أيضا‪ .‬فالمقاطعة وسيلة ل غاية‪.‬‬
‫السابع‪ :‬أن تجاهلنا لكلم (آرل) سيسجل علينا ل لنا‪ ،‬ويظهرنا بمظهر‬
‫غير المنصف ول العادل بل ول اليجابي المتفهم لواقعه‪ ،‬وسيضعف‬
‫موقفنا فنصبح في موقع المتأثر بالحداث ل المؤثر فيها ويكفي ذلك‬
‫مفسدة لنه سيكون تجاهل غير مبرر‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬أن الموقف الحكيم هذا كان له أثر إيجابي على واقع‬
‫المسلمين في الدانمرك في وقت حاول العلم تصويرهم بأنهم‬
‫مؤججوا نار فبدا للجميع أنهم عناصر إطفاء بل إنقاذ وإنهم يسالمون‬
‫من سالمهم وهم متوازنون بين الحرص والغيرة والمحافظة بل‬
‫والستمرار بمطالبتهم بحقهم والذي من أعظمه احترام دينهم‬

‫‪42‬‬
‫ونبيهم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وفي نفس الوقت الذي يطالبون فيه‬
‫بحقوقهم‪ ،‬يؤدون حقوق الخرين‪ ،‬ول يظلمون أحدا بجريرة غيره‪.‬‬
‫وبصراحة تامة‪ ،‬فإننا ل نخجل من موقفنا هذا لن الله يعلم ويشهد‬
‫أننا ضحينا وثبتنا في وقت قل فيه النصير وعز فيه الظهير‪ ،‬وكان‬
‫وسيبقى شغلنا الشاغل إعزاز ديننا الذي دونه المهج ول نخجل من‬
‫استدللنا بقول الحق (أل تزر وازرة وزر أخرى) ولو استخدمت كثيرا‬
‫في غير محلها‪ ،‬لكن المقام هنا واضح ل لبس فيه‪.‬‬
‫ولرب معترض يقول‪ :‬ما دام المر كذلك فلماذا قوطع هؤلء أساسا‪،‬‬
‫فأقول مضيفا لما تقدم أن هذا الموقف "أعني المقاطعة" كان ل بد‬
‫منه في أول المر‪ .‬أما بعد اتضاح السبيل ومعرفة المجرم المسيء‬
‫والمتعاون معه من المحايد بل الرافض فعلينا أن ل نجعلهم سواء‬
‫وهم من قال الله عنهم "ليسوا سواء"‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬أن شركة (آرل) نفسها ولو كانت منطلقاتها مادية إل أنهم‬
‫أيضا محل لدعوتنا فإذا ما أحسوا بعدلنا وإنصافنا الذي خاطبونا به‬
‫فل شك سيكون له أثر دعوي عليهم وعلى أمثالهم ولن يفوتني هنا‬
‫أن بعض الشركات بدأت بالتصال باللجنة العالمية لتسوية وضعه‬
‫أسوة بآرل‪.‬‬
‫وللطمئنان أكثر فإن جريدة اليولند بوسطن وبتاريخ ‪2006-05-14‬‬
‫ذكرت (مستهجنة) أن شركة آرل مارست كثيرا من الضغوط على‬
‫رئيس الوزراء ليدين الرسوم ويعتذر من العالم السلمي‪ .‬وتتهمها‬
‫بأنها بالغت في أرقام الخسائر الناتجة عن المقاطعة لتستعطف‬
‫الناس وتحملهم على الخضوع لرغبات المسلمين فيقدموا لهم‬
‫العتذار الذي يكفل لهم رفع المقاطعة‪.‬‬
‫وختاما‪ :‬نحن مسلموا الدانمرك لم نقل هذا تحت أي ضغط إل رعاية‬
‫لمصلحة دعوية بحتة ولننا نرى أن ديننا يأمرنا بذلك ولو كان الضغط‬
‫هو الدافع لطالبنا برفع المقاطعة مطلقا كما كان يطلب منا ‪-‬إن من‬
‫الخصم أو حتى من الصديق‪ -‬ولكنا نقولها بفخر واعتزاز‪ ،‬دون خوف‬
‫ول وجل‪ :‬أعز شيء على قلوبنا "حبيبنا ونبينا" ونفتديه بكل شيء‪،‬‬
‫ولو كنا نعلم سبيل يفضي إلى احترامه وتوقيره‪ ،‬حتى عند الكافرين‪،‬‬
‫لسلكناه مهما كان صعبا‪.‬‬
‫فإن عبرت المقاطعة عن الحب فرفعها عن آرل يعبر عن التباع‬
‫الكامل له‪ ،‬وهو معلمنا أن ل نظلم أحدا أيا كان‪ ،‬فالتوصية برفع‬
‫المقاطعة عن (آرل) ل عن سواها فقط لموقفها ل يجوز اعتباره‬

‫‪43‬‬
‫تفريطا بحق من حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا فيه‬
‫تمام العدل إذ أن المؤتمر قرر الرفع على الجهة التي أدانت‬
‫الرسومات وتبرأت منها وأظهرت الرغبة في التعاون مع المسلمين‬
‫ليجاد المخرج المناسب لهذه القضية‪ ،‬ونلحظ أن المؤتمر لم يوص‬
‫برفع المقاطعة عن الجميع مطلقا ً حتى يتهم بأنه أوهن المقاطعة‬
‫وأضعفها‪ ،‬كيف ل وهو الذي قدم دراسة تأصيلية فيها التدليل على‬
‫شرعية المقاطعة وأنها أسلوب حضاري ينبغي تفعيله والستفادة‬
‫منه بضوابط ل بد من رعايتها‪.‬‬
‫فبدل أن نقضي الوقات في جدل ل يقدم ول يؤخر لم ل نقبل‬
‫جميعا على ما يجب علينا أن نمضي به في سبيل نصرتنا لرسولنا‬
‫فإن سبيل النصرة ما زال مشرعا أمامنا‪ ،‬يحتاج منا أن نلجه ل أن‬
‫نقف على أعتابه متعاتبين‪.‬‬
‫فالساءة هي هي لم تتغير فهل ابتكرنا ما يمكننا من تغيير المنكر‬
‫وإزالته فضل عن إنكاره‪ ،‬اللهم وفق الجميع لما تحبه وترضاه وآخر‬
‫دعوانا أن الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم على خاتم‬
‫النبياء وإمام المرسلين‪.‬‬
‫رئيس اللجنة الوروبية لنصرة خير البرية‬
‫==================‬
‫أيّهما أولى بالمقاطعة ؟‬
‫تاريخ الجابة ‪05/11/2000‬‬
‫موضوع الفتوى السياسة الشرعية‬
‫بلد الفتوى ‪ -‬السعودية‬
‫نص السؤال أيّهما أولى بالمقاطعة – منتج تنتجه بالكامل دولة‬
‫أجنبية‪ :‬فرنسا أو ألمانيا أو الصين أو تايلند – أم منتج لبضاعة‬
‫أمريكية معروفة لكنّه ينتج في دولة عربية أو إسلمية وتقوم هذه‬
‫الشركة بتوظيف بعض المسلمين فيها كما تحصل الدولة على بعض‬
‫المزايا لكن الجزء الكبر من الرباح يذهب للشركة المريكية في‬
‫صورة أرباح على رأس المال أو للبحاث والتطوير أو للمديرين‬
‫مى (إتاوة المبيعات)؟‬ ‫الكبار أو ما يس ّ‬
‫نص الجابة‬

‫‪44‬‬
‫اتفق جمهور الفقهاء على جواز التجارة مع الحربيين(‪ – )1‬وهم غير‬
‫المسلمين الذين ل توجد بينهم وبين المسلمين عهود‪ .‬ومن باب‬
‫ن التجارة جائزة مع غير المسلمين الذين توجد بيننا وبينهم‬ ‫أولى أ ّ‬
‫ل دول العالم المرتبطة بميثاق المم‬ ‫عهود‪ ،‬وهذا يشمل اليوم ك ّ‬
‫ن الفقهاء من ذلك إلّ‬ ‫المتحدة والمواثيق المتفّرعة عنه‪ .‬ولم يستث ِ‬
‫أمرين‪- :‬‬
‫الول‪ :‬التجار بالمحظورات الشرعية كالخمور والخنازير وسائر‬
‫المنكرات‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬تصدير السلح أو الدوات التي يصنع منها‪.‬‬
‫ن الصل الشرعي هو جواز المتاجرة مع جميع‬ ‫وبناءً على ذلك فإ ّ‬
‫الدول الجنبية كفرنسا وألمانيا والصين واليابان وتايلند وغيرها ‪..‬‬
‫ما فتوى مقاطعة البضائع الميركية التي أطلقها علماء وقادة‬ ‫أ ّ‬
‫ن الوليات المتحدة الميركية‬ ‫الحركة السلمية فهي مبنية على أ ّ‬
‫تساعد إسرائيل بالمال والسلح‪ ،‬وهي التي تمكّنها من الستمرار‬
‫في احتلل فلسطين وتشريد ‪ 4‬مليين من أهلها في بقاع الرض‪،‬‬
‫وإذلل واستغلل من بقي منهم هناك‪ .‬وتدفع الوليات المتحدة‬
‫سنويا ً أربع مليارات دولر لسرائيل كمساعدة رسمية‪ .‬ومعنى ذلك‬
‫ن الدولر الذي تربحه أميركا من التجارة مع المسلمين يذهب‬ ‫أ ّ‬
‫رصاصة في صدور الفلسطينيين‪ .‬وهذا ليس فقط خذلنا ً لخواننا‪،‬‬
‫بل هو مساعدة للعدو ضدّهم‪ ،‬والرسول صلّى الله عليه وسلّم ينهى‬
‫عن ذلك بقوله‪( :‬المسلم أخو المسلم‪ ،‬ل يظلمه ول يسلمه ول‬
‫يخذله ‪)..‬‬
‫ن مقاطعة البضائع المريكية تحتاج إلى دراسة تفصيلية من أهل‬ ‫إ ّ‬
‫ن مقاطعة‬ ‫ك فيه أ ّ‬‫ما ل ش ّ‬‫ى تحقّق الغاية منها‪ .‬وم ّ‬‫الختصاص حت ّ‬
‫م بكثير‬ ‫البضائع المصنوعة في أميركا كالسيارات واللت وغيرها أه ّ‬
‫ن‬
‫من مقاطعة البضائع المصنوعة في بلدنا برخصة أميركية‪ ،‬ل ّ‬
‫صلة للقتصاد الميركي في النوع الول أكبر منها في‬ ‫الرباح المتح ّ‬
‫النوع الثاني‪.‬‬
‫ول يقال أيّهما أولى بالمقاطعة؟ بضائع منتجة بالكامل في دولة غير‬
‫مسلمة كفرنسا أو ألمانيا أو غيرها‪ ،‬أو بضائع منتجة في بلد عربية‬
‫ن الصل الباحة لجميع أنواع البضائع‬ ‫أو إسلمية برخصة أميركية‪ ،‬ل ّ‬
‫الجنبية‪ ،‬وفتوى مقاطعة البضائع الميركية بُنيت على أمر عارض‬

‫‪45‬‬
‫وهو المساعدة الهائلة من الوليات المتحدة لسرائيل‪ ،‬فأيّ دولة‬
‫ن الواجب الشرعي يقتضينا مقاطعة‬ ‫تقدّم مثل هذه المساعدة‪ ،‬فإ ّ‬
‫بضائعها‪ .‬فالولوية ل تكون بين حرام ومباح‪ ،‬وإنّما هي بين حرام‬
‫ن شراء البضائع‬ ‫ف‪ .‬فيمكننا أن نقول مثلً‪ :‬إ ّ‬ ‫أشد ّ وحرام أخ ّ‬
‫المصنوعة في الوليات المتحدة أشد ّ حرمة من البضائع المصنوعة‬
‫في بلد أجنبية برخصة أميركية‪ ،‬وهذه أشد ّ حرمة من نفس البضائع‬
‫ن استفادة القتصاد‬ ‫المصنوعة في بلد إسلمية برخصة أميركية ل ّ‬
‫الميركي من النوع الول أكبر من استفادته من النوع الثاني‪ ،‬وهذه‬
‫ن استفادة العدوّ الصهيوني من‬ ‫أكبر من النوع الثالث‪ ،‬وبالتالي فإ ّ‬
‫شرائنا البضائع الميركية ناتجة عن مدى استفادة القتصاد الميركي‬
‫من هذه البضائع‪ ،‬وهذا أمر يحتاج إلى دراسة علمية من قبل أهل‬
‫الختصاص وليس هناك أيّ مبّرر للموازنة بين البضائع الميركية –‬
‫ل أنواعها – إذ يحرم التعامل بها بناءً على هذه الفتوى‪ ،‬وبين‬ ‫بك ّ‬
‫ن‬
‫البضائع الخرى سواء كانت فرنسية أو ألمانية أو يابانية أو غيرها ل ّ‬
‫ن هذه الدول تقدّم‬ ‫التعامل بها يبقى على أصل الباحة‪ ،‬إل ّ إذا تبيّن أ ّ‬
‫أيضا ً مساعدات للعدوّ الصهيوني‪ ،‬فينتقل أمر بضائعها من الباحة‬
‫إلى التحريم‪ ،‬وعند ذلك يُبحث في مدى شدّة هذا التحريم في ضوء‬
‫مدى استفادة العدوّ من مساعدات هذه الدولة أو تلك‪.‬‬
‫كافة الفتاوى المنشورة على شبكة "إسلم أون لين‪.‬نت" تعبر عن‬
‫اجتهادات وآراء أصحابها من السادة العلماء والمفتين‪ ،‬ول تعبر‬
‫بالضرورة عن آراء فقهية تتبناها‬
‫==================‬
‫إدانة الحكومة الدنمارك على خلفية الرسوم الكاريكاتيرية‬

‫الكاتب‪-- :‬في تقرير رسمي ‪:‬‬


‫كوبنهاغن‪ -‬أدينت حكومة الدنمرك في تقرير رسمي بسبب إساءتها‬
‫إلى الدول السلمية التي احتجت على نشر الرسوم الكاريكاتيرية‬
‫عن النبي محمد‪ ،‬الصحيفة الدنمركية التي قامت بنشر تلك الرسوم‬
‫لول مرة ذكرت ذلك في موقعها على النترنت‪.‬‬
‫وكان رئيس الوزراء الدنمركي أندرز فوغ راسموسن قد رفض في‬
‫أكتوبر ‪ 2005‬مقابلة أحد عشر سفيرا ً من سفراء الدول السلمية‬
‫طلبوا مقابلته بعد نشر الرسوم الكاريكاتيرية لول مرة في صحيفة‬
‫يلندز بوستن الدنمركية اليومية‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫وقد نقل الموقع عن دراسة تم إجراؤها بتكليف من الحكومة قولها‬
‫"إن الطريقة التي اتبعتها الحكومة الدنمركية في إدارة أزمة‬
‫الرسوم الكاريكاتيرية تسببت في مشكلة أكبر من مشكلة الرسوم‬
‫الكاريكاتيرية نفسها‪ ،‬وقد كان من واجب رئيس الوزراء أن يتحاور‬
‫مع سفراء الدول السلمية"‪.‬‬
‫وكتب الباحثون الجامعيون الذين قاموا بإعداد الدراسة "أن الدنمرك‬
‫من الناحية العملية‪ ،‬لم تكن ترغب في الحوار‪ .‬فهي لم تتقبل‬
‫وجهات نظر الطرف الخر (أي الدول السلمية) ورأت في النفتاح‬
‫على الحوار مساومة على قيمها"‪.‬‬
‫لقد اعتبر المسلمون تلك الرسوم الكاريكاتيرية مسيئة لدينهم‪.‬‬
‫وتم نشر تلك الرسوم على نطاق واسع في الصحف الوربية‪ ،‬مما‬
‫أدى إلى إثارة اضطرابات في كافة أنحاء العالم قتل فيها عدد من‬
‫الناس‪.‬‬
‫وقد ركزت الدراسة على "المبادرة العربية" وهو مشروع طرحته‬
‫الحكومة الدنمركية المحافظة في عام ‪ 2003‬لتحسين الحوار مع‬
‫الدول العربية‪.‬‬
‫وقد أصيب المشروع بالجمود بعد حادثة الرسوم الكاريكاتيرية التي‬
‫أدت إلى توتر العلقة بين الدنمرك والعالم السلمي‪ ،‬غير أن‬
‫كوبنهاغن أعربت الن عن رغبتها في إعادة تنشيط تلك المبادرة‪.‬‬
‫وفيما يلي ملخص للمبادرة ‪:‬‬
‫وزارة الخارجية الدنمركية ‪ -‬مايو ‪2006‬‬
‫تحليل المبادرة العربية ومقترحات للمرحلة التالية‬
‫يشتمل ملخص هذا التقرير على أهم التجارب التي تمخضت عنها‬
‫المرحلة التجريبية (‪ )2005-2004‬من المبادرة العربية‪ ،‬ويقدم‬
‫مقترحات للستمرار في المبادرة‪ .‬وقد تم إعداد هذا التقرير‬
‫بواسطة وزارة الخارجية من خلل مادة تحليلية واسعة حول تطور‬
‫الوضاع في المنطقة العربية‪ ،‬ونشر استبيان بين المنظمات‬
‫الدنمركية‪ ،‬وكذلك إجراء دراسة لمعرفة نظرة الشعب العربي تجاه‬
‫الدنمرك بعد قضية الرسوم الكاريكاتيرية‪ ،‬بالضافة إلى الستماع‬
‫للكثير من المصادر الدنمركية‪ ،‬وكذلك الممثلين الدنمركيين في‬
‫المنطقة‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫لقد بدأت المبادرة العربية في عام ‪ ،2003‬وتشمل الشرق الوسط‬
‫وشمال إفريقيا‪ ،‬من المغرب غربا ً إلى إيران شرقاً‪ ،‬وهي جزء‬
‫متكامل للسياسة الخارجية الدنمركية‪ .‬وتشتمل المبادرة على‬
‫مسارين‪ :‬والهدف من تعدد المسارات هو لتقوية جهود المنتدى‬
‫متعدد الطراف‪ ،‬وخصوصا ً جهود التحاد الوربي فيما يتعلق بدعم‬
‫عملية الصلح في المنطقة‪ .‬بينما الهدف من المسار الثنائي هو‬
‫لتقوية حوار الدنمرك مع الدول في منطقة الشرق الوسط وشمال‬
‫إفريقيا‪ ،‬وكذلك لدعم عمليات إصلح محددة قامت بها بعض‬
‫العناصر الفاعلة في المنطقة‪.‬‬
‫غالبية مشاريع هذه المبادرة ل تزال في المرحلة البتدائية‪ ،‬ول يزال‬
‫الوقت مبكرا ً جدا ً للحكم على أثر المبادرة العربية على عملية‬
‫الصلح في منطقة الشرق الوسط وشمال إفريقيا‪ .‬وقد لوحظ في‬
‫المنطقة أن هنالك رغبة كبيرة للمشاركة في المبادرة‪ ،‬وأن‬
‫الدنمرك مدعوة لكي تتعاون في بعض عمليات الصلح‪ ،‬التي‬
‫يُحتمل أن تسهم في إيجاد بعض الصلحات بعيدة المدى‪ .‬والمبادئ‬
‫الساسية للمبادرة‪ ،‬في بناء برامج ثنائية للشراكة والحوار مع كل‬
‫بلد على حدة بناء على طلبه‪ ،‬كانت حاسمة على نحو إيجابي‬
‫لمصلحة المبادرة العربية في المنطقة‪ .‬ولكن مع ظهور قضية‬
‫الرسوم الكاريكاتيرية تعرضت صورة الدنمرك للتغيير‪ ،‬وهو ما أدى‬
‫إلى تغيير السس اللزمة لتطوير المبادرة‪ .‬ول يزال هنالك اهتمام‬
‫بين الحكومات والمنظمات والشعوب بأهمية النخراط في حوار‬
‫متكافئ وتعاون متبادل مع الدنمرك‪ .‬فضل ً عن ذلك‪ ،‬تقدم التحليلت‬
‫بعض وجهات النظر التي يجب أخذها في العتبار من أجل استمرار‬
‫المبادرة‪ .‬وهذه المور تتراكم في سلسلة من السئلة التي يجاب‬
‫عليها بمقترح واحد أو عدة مقترحات‪ ،‬عن أهمية أي منها‪:‬‬
‫التركيز على المبادرة العربية دون المساس بالشركاء الرئيسيين‬
‫الذين يملكون التأثير النهائي عند اختيار الجهود‪ ،‬ول بأس من الخذ‬
‫بها‪:‬‬
‫• التركيز بشكل أساسي على‪:‬‬
‫‪ .1‬الحرية في نيل الحقوق والتمتع بالحكم الجيد‪.‬‬
‫‪ .2‬إنشاء نظام تعليمي ومجتمع متعلم‪.‬‬
‫‪ .3‬تعزيز المساواة‪ ،‬وتشجيع مشاركة المرأة في حياة المجتمع‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫• اختيار الحكومات الشريكة في المنطقة يتم على أساس تقييم نية‬
‫الحكومة في تحقيق تقدم ضمن هذه الموضوعات الثلث‪.‬‬
‫• التفاقيات الثنائية تعقد كأقصى حد مع ‪ 6‬من ‪ 18‬دولة في‬
‫المنطقة يحتمل ان تشارك‪ .‬فبالضافة إلى برامج الشراكة القائمة‬
‫مع كل من المغرب والردن واليمن‪ ،‬المبادرة الولى أخذت على‬
‫عاتقها مهمة إقامة برامج شراكة مع كل من الجزائر ولبنان‪.‬‬
‫• ومن ذلك لم يتم تنفيذ أي نشاطات ثنائية مع إيران‪.‬‬
‫• التعاون مع مصر مستمر من خلل معهد الحوار الدنمركي‬
‫المصري‪ ،‬وفي مشاريع فردية أخرى ضمن المواضيع الثلثة المهمة‪.‬‬
‫• البرامج القليمية تلي المواضيع الثلث‪ ،‬ولكنها أيضا ً تتضمن‬
‫مشاركة المجتمع المدني في المنطقة برمتها بما فيها العراق‬
‫وإسرائيل (القلية العربية) والمناطق الفلسطينية الخاضعة للحكم‬
‫الذاتي‪.‬‬
‫• المواضيع الثلث تسير في المسار متعدد الطراف‪ ،‬خصوصا ً في‬
‫التحاد الوربي‪ ،‬ولكن أيضا ً في المنتدى من أجل المستقبل (‪Forum‬‬
‫‪ )for the Future‬ومنظمة المن والتعاون في أوربا (‪ ،)OSCE‬وكذلك‬
‫التعاون بين المسارين الثنائي والمتعدد الطراف يبدو أكثر فاعلية‪.‬‬
‫• اشتمال المسار متعدد الطراف على المزيد من العناصر ذات‬
‫الطبيعة المنية والسياسية مع أهميتها الستراتيجية تتم مراقبتها‬
‫بحذر من أجل تقوية حرية الناس في التمتع بحقوقهم في المنطقة‪،‬‬
‫بما في ذلك مشاركتهم في تعزيز هيكل المن القليمي وأن يتم‬
‫ذلك من خلل الصلحات الديمقراطية في قطاع المان‪.‬‬
‫واعترافا ً بتطورها الجتماعي والمالي‪ ،‬من الضروري بالنسبة للدول‬
‫العربية أن تعمل للتصدي للتحديات التي تواجهها‪ ،‬ومن المستحسن‬
‫بالنسبة للحكومة أن تقوم بالمبادرات التالية إلى جانب المبادرة‬
‫العربية‪:‬‬
‫• إعفاء المنظمات الدنمركية غير الحكومية من القيود المفروضة‬
‫على المنظمات غير الحكومية الخرى لكي تتقدم للمشاركة في‬
‫مشاريع المبادرة العربية التي تُعنى بمعالجة الفقر في الدول‬
‫الشريكة في المسار الثنائي‪.‬‬
‫• الستمرار في برنامج التواصل بين الشركات في مصر‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫لقد أثبتت قضية الرسوم الكاريكاتيرية أن هنالك حاجة ماسة إلى‬
‫إجراء حوار عالمي‪ .‬ولذلك يستحسن التي‪:‬‬
‫• التركيز على ضرورة حرص المبادرة العربية على إجراء حوار‬
‫عالمي‪ .‬ولكن لبد لمثل هذا الحوار أن يقوم أساسا ً على أجندة ثابتة‬
‫ترعى المصالح المشتركة وتراعي مناطق التركيز الساسية الثلث‪.‬‬
‫ولكي نمنح المنظمات غير الحكومية والقواعد الشعبية هامشا ً أوسع‬
‫في المبادرة‪ ،‬يستحسن التي‪:‬‬
‫• يجب فرض مساهمات محدودة على طلبات المنظمات غير‬
‫الحكومية في المناطق المعنية‪.‬‬
‫مع إدراك أن الغرب والدنمرك ودوائر أخرى واسعة في منطقة‬
‫الشرق الوسط وشمال إفريقيا متهمة بازدواجية المعايير ول ترقى‬
‫إلى مستوى القيم التي يقوم عليها مجتمعنا‪ ،‬وهي حقوق النسان‬
‫الساسية‪ ،‬وتميل إلى انتهاج سياسة ذات نوايا خفية ل تتفاعل مع‬
‫المشاكل الفعلية في المنطقة‪ ،‬يستحسن إتباع التي‪:‬‬
‫• المزيد من جهود الدبلوماسية الشعبية للتعبير عن الدوافع والقيم‬
‫ومصداقية الدنمرك في الشرق الوسط‪ ،‬ولتقديم مبادرة الشرق‬
‫الوسط على أنها جزء من السياسية الخارجية للدنمرك تجاه‬
‫الشرق الوسط‪ ،‬وهي تعطي الولوية للجوانب المنية والجتماعية‬
‫والمالية‪ -‬بنفس الدرجة العالية‪.‬‬
‫• البرامج القليمية تشتمل على مشاركة المنطقة برمتها‪ ،‬بما فيها‬
‫العراق وإسرائيل (القلية العربية) ومناطق الحكم الذاتي‬
‫الفلسطينية‪.‬‬
‫فيما يتعلق باستخدام المورد الذي يوجد لدى الدنمركيين‬
‫والمهاجرين الذين تعود جذورهم إلى المنطقة‪ ،‬يستحسن التي‪:‬‬
‫• يجب القيام بعمل منظم لشراك الدنمركيين وهؤلء المهاجرين‬
‫الذين تعود جذورهم إلى الشرق الوسط كمصادر يعتمد عليها في‬
‫تطبيق المشروع‪.‬‬
‫===================‬
‫عل‬‫ت ال ُ‬
‫م ُ‬
‫إذا ر ُ‬
‫الكاتب‪ :‬أبو عمر‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫‪50‬‬
‫ت العُل *‬ ‫م ُ‬‫* إذا ر ُ‬
‫ب‬‫ي الجر ُ‬ ‫ب يُصلَي به ذاك الشق ًُ‬ ‫م يُلهِ ُ‬ ‫هاك القصيد َ له جحي ُ‬
‫ب‬‫ه يوحي إليه فيكت ِ ُ‬ ‫ف قام يُبدي حقده شيطان ُ ُ‬ ‫ل أقل َ‬ ‫من ك ِّ‬
‫ب‬ ‫ش ُ‬ ‫ة تن ُ‬ ‫ل لمن خط الذى يزهو بهِ عقبى الجريرةِ ل محال َ‬ ‫وي ُ‬
‫ب‬
‫ض ويخط ُ‬ ‫دع ك َّ‬
‫ل ممدوٍح غدا في ساحته متملقُ يشري القري َ‬
‫إن القوافي إن رأت من ربها صدقا ً من العماق جاءت ترك ُ‬
‫ب‬
‫ب‬‫شب ُ‬ ‫ة في حب من يهوى وراح ي ّ‬ ‫م قد سربلته غواي ُ‬ ‫ومتي ُ‬
‫ب‬‫ح من تحيا القلوب بهديه وتطب ّ ُ‬ ‫ن مدي َ‬ ‫شفَ َّ‬
‫فإليك عنهم وار ُ‬
‫إني إذا رمت العل في صورة يممت طرفي للرسو ُ‬
‫ل أقل ِّ ُ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ب‬‫س عهد الهدى يُتَهي َّ ُ‬ ‫ذو سؤدد ٍ وأُرومةٍ المقتدى ومؤس ُ‬
‫ب‬‫ب منك إلى العدوِّ يواك ُ‬ ‫ل يوم وقيعةٍ والرع ُ‬ ‫بك يتقي البطا ُ‬
‫ب‬‫ة تسل ُ ُ‬
‫ح من رد َّ الهداي َ‬ ‫ه دَُّر الغمامةِ إلها أروا َ‬ ‫ويمين ُ ٌ‬
‫َ‬
‫ة هاديا ً وإلى الصراط المستقيم يُرِغّ ُ‬
‫ب‬ ‫قد قام في بطحاءِ مك ّ َ‬
‫ب‬
‫س ُ‬ ‫م شركَهَم بعقيدةٍ صرمت ع ُرىَ للجاهلية تن َ‬ ‫وطفقت تهد ِ ُ‬
‫َ‬
‫فأغاض عباد ُّ الحجارة مارأوا وتوطؤوا أن يفتكوا وتكتبوا‬
‫ب‬ ‫ه عن النبي مرادهم مكروا ومكر الله دوما ً يغل ُ‬ ‫رد َّ الل ُ‬
‫ن أبغضوا وحاربوا‬ ‫ً‬
‫ة غرسا لدي ٍ‬ ‫هاجرت والصديقَ تنشد ُ بقع ً‬
‫ة لعناقكم وغدت مقاما ً طيبا ً ومحب ُ‬
‫ب‬ ‫مدت يداها طيب ً‬
‫ب‬‫ت إل للهداية تند ُ ُ‬ ‫معَل ِّما ً هل أن َ‬ ‫ومضيت تدعو للرشاد ُ ُ‬
‫ب‬ ‫ل الطي ُ‬ ‫ت الرحي ِ‬ ‫ة حتى أتى وق ُ‬ ‫شْرع َ ً‬‫ن في أن تبل ِّغ ِ‬ ‫لم تألو ْ‬
‫ت تصبو للقاءِ وترقُ ُ‬
‫ب‬ ‫ت للمولى رضيَّا ً راضيا ً قد كن َ‬ ‫ورجع َ‬
‫ب‬ ‫حتنِا ك ُّ‬ ‫نفذ َ القضاءُ فح َّ‬
‫ك ستذهَ ُ‬ ‫ل النفوس إلى الملي ِ‬ ‫ل في سا َ‬
‫كتبها ‪ /‬أبو عمر‬
‫بليغ بن مطهر بن حمود العطاب‬
‫====================‬
‫إسرائيل وقضية الرسوم الكاريكاتورية‬
‫الكاتب‪ :‬حلمي موسى‬

‫‪51‬‬
‫ما إن ظهرت إلى العلن قضية الرسوم الكاريكاتورية ضد السلم‬
‫ومقدساته‪ ،‬حتى بدا السجال في إسرائيل مزدوج التجاه‪ .‬فمن‬
‫جهة‪ ،‬هناك في إسرائيل كما في الغرب والعالم بأسره‪ ،‬من يؤمن‬
‫وينظّر لصراع الحضارات‪ ،‬وهناك من يخالف هذا المعتقد‪ .‬ولكن إلى‬
‫جانب كل أولئك الذين يناقشون المر من زاويته اليديولوجية‪ ،‬ثمة‬
‫في إسرائيل‪ ،‬ربما أكثر من أي مكان آخر‪ ،‬من ينظرون إليه من‬
‫زاويته السياسية‪.‬‬
‫ويتصارع في إسرائيل على الصعيدين اليديولوجي والسياسي‪ ،‬على‬
‫وجه العموم‪ ،‬خطان‪ .‬أحدهما يعتبر أن الصراع القائم الن بين‬
‫الغرب والعالم السلمي يفيد إسرائيل كثيرا ً لنه يظهرها بمظهر‬
‫من كان على حق دائما وأن الوروبيين لم يفهموه‪ .‬ويؤمن هؤلء‬
‫بنظرية "التراث المسيحي اليهودي المشترك" كنقيض للتراث‬
‫السلمي‪ .‬والخر يرى أن تغذية الصراع السلمي المسيحي يضع‬
‫اليهودية عموما ً وإسرائيل خصوصا ً في طريق الفيلة‪ ،‬المر الذي قد‬
‫ل يجلب لها إل الضرر‪.‬‬
‫وفي ثنايا سجال المدرستين ملمح خلف سياسي داخلي يحاول‬
‫الفادة ولو بشكل تكتيكي ومؤقت من اللحظة الراهنة‪ .‬فاليمين‬
‫المتشدد في إسرائيل‪ ،‬الذي طور علقات وثيقة مع اليمين‬
‫المسيحي في أميركا وأوروبا‪ ،‬يحاول الفادة من صراع الكاريكاتير‬
‫في سجاله حول خطة الفصل‪ .‬ويرى أن أوروبا أخطأت بالضغط‬
‫على إسرائيل للتجاوب مع المطالب العربية وأن ما تواجهه أوروبا‬
‫اليوم ليس سوى محصلة لهذا الضغط‪ .‬ولذلك يحسن بالغرب‬
‫العودة عن ضغوطه وتشجيع إسرائيل على حسم الصراع مع‬
‫الفلسطينيين والعرب والمسلمين بالطريقة التي تجيدها وهي‬
‫استخدام القوة‪.‬‬
‫ويقفز كثيرون في إسرائيل في هذا السجال عن واحدة من قواعد‬
‫الستشراق التي حاولت طوال الوقت مطالبة المستعمرين‬
‫الغربيين بالحذر فقط عند التعامل مع جانبي الدين والمرأة لدى‬
‫الشرقيين‪ .‬وكانت تلك القواعد تقول بأن الشرقي عموما ً يستطيع‬
‫تقبل كل ظلم اقتصادي أو اجتماعي أو معنوي إل إذا لمس دينه‬
‫وعرضه‪ .‬ومع ذلك فإن السجال في إسرائيل قفز عن هذه القاعدة‬
‫مثلما قفز عن قواعد أخرى‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫إذ دأب المتنورون اليهود‪ ،‬على العموم‪ ،‬على رؤية كل تمييز ضد‬
‫الخرين تمييزا ً ضدهم‪ .‬ولذلك وقفوا في الغالب ضد كل أشكال‬
‫التمييز ضد الخرين لنهم كانوا يشعرون بأنهم من الطرف‬
‫الضعيف‪ .‬ولكن الحال تغير في العقود الخيرة بعد "اكتشاف" الرث‬
‫الثقافي "المسيحي اليهودي" المشترك وغدا اليهود في أميركا على‬
‫وجه الخصوص في موضع القوة‪.‬‬
‫ومهما يكن الحال فإن قسما ً من "المستشرقين" السرائيليين‬
‫الجدد صاروا يضعون أنفسهم في موضع التنظير على أوروبا في‬
‫الميدان اليديولوجي‪ .‬وقد كتب مؤخرا في "يديعوت" غاي بخور أن‬
‫قضية الرسوم الكاريكاتورية فندت العتقاد الشائع بأن الشرق‬
‫الوسط هو العنصر المبادر في "صراع الحضارات في كل ما يتعلق‬
‫بالسلم"‪ .‬ويرى أن الرأي القائل بأن سبب الصراع هو النزاع‬
‫السرائيلي الفلسطيني قد "انقلب رأسا ً على عقب أمام أعيننا‪:‬‬
‫تصادم الحضارات يندلع في أوروبا وأصداؤه الرتدادية تصل إلى‬
‫الساحة الشرق أوسطية‪ .‬وخط التماس المعروف ل يمر عبر‬
‫إسرائيل فقط‪ ،‬وإنما في الساس في غرب أوروبا‪ .‬قلب الصراع‬
‫ينتقل إلى باريس وكوبنهاغن"‪.‬‬
‫ويؤمن بخور بأنه "لم يعد بالمكان دفن الرأس في الرمل واتهام‬
‫إسرائيل‪ ،‬كما حاول الوروبيون في قمة ديربن عام ‪ 2001‬آملين أن‬
‫يقوم النمر السلمي بافتراس إسرائيل وليس هم"‪ .‬ويخلص إلى أن‬
‫وجود إسرائيل بات يشكل للوروبيين "ميزة" ديمغرافية‪.‬‬
‫ويرى يحيئاف نجار في "معاريف" أن الرسوم الكاريكاتورية ضد‬
‫السلم ل يمكن مقارنتها بالرسوم الكاريكاتورية ضد السامية‪.‬‬
‫"فالرسوم الكاريكاتورية التي أمامنا ل تهدف إلى بث البغض‬
‫للسلم‪ ،‬ول يلحظ أنها رسمت صدورا ً عن توجه معاد للسلم‪.‬‬
‫صحيح أنها تنقد السلم لكن هذا نقد مناسب وشجاع"‪ .‬ويخلص نجار‬
‫إلى أن "جوهر القضية أمامنا هو كيف تتصرف حضارة متقدمة مع‬
‫حضارة متدنية‪ .‬تمتاز الحضارة المتدنية باستعمال القوة‪ ،‬وتمتاز‬
‫الحضارة المتقدمة بضبط النفس‪ .‬وها نحن أول رأينا كيف استعملت‬
‫الرسوم الكاريكاتورية تشخيصاتها استعمال دقيقا‪ ،‬مثل ذلك الرسم‬
‫الذي رسم فيه محمد وعلى رأسه قنبلة‪ .‬ما هو رد العالم السلمي؟‬
‫استعمال القوة‪ ،‬وإحراق السفارات‪ ،‬واختطاف الوروبيين ومقاطعة‬
‫المنتجات وأشباه ذلك‪ .‬وبإزاء ثقافة القوة‪ ،‬ل يحل النسحاب إلى‬

‫‪53‬‬
‫موقف شبه مشايع‪ .‬الرد المناسب هو كرد أجهزة تحرير الصحف‬
‫في فرنسا وألمانيا وهو الحرب‪ .‬وكرد التحاد الوروبي‪ ،‬وهو التهديد‬
‫باستعمال مقاطعة الدول التي أزالت منتجات الدنمارك عن‬
‫الرفوف فيها"‪.‬‬
‫وقد عبرت افتتاحية "هآرتس" عن موقف "محايد" بعض الشيء‬
‫بإصرارها في الوقت نفسه على إدانة الرسوم الكاريكاتورية‬
‫وإحراق السفارات‪ .‬وقالت الصحيفة انه رغم ذلك ل يمكن عدم‬
‫تفهم "مشاعر الهانة التي لحقت بالمسلمين في أرجاء العالم بما‬
‫في ذلك مسلمو المناطق وإسرائيل‪ .‬التنظير الغربي للتعددية‬
‫الثقافية كقيمة عليا ل يمكن أن يُحمل على محمل الجد إذا لم‬
‫يشمل في إطاره المتدينين والعلمانيين وأبناء الطوائف والقليات‬
‫الدينية من مسلمين ومسيحيين على حد سواء‪ .‬ل يمكن لي مجتمع‬
‫مهينة لقيم مقدسة عند‬ ‫أن يقف مكتوف اليدي أمام نشر صور ُ‬
‫مجموعة في داخله"‪.‬‬
‫===================‬
‫إل تنصروه فقد نصره الله‬

‫حمود بن محسن الدعجاني‬


‫فإن من فضل الله تعالى على هذه المة أن جعلها خير المم كما‬
‫ْ‬
‫ف‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن بِال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫س تَأ ُ‬ ‫َ‬
‫ت لِلن ّا ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫خرِ َ‬ ‫مةٍ أ ُ ْ‬ ‫خيَْر أ ُ َّ‬ ‫م َ‬ ‫قال تعالى‪ { :‬كُنت ُ ْ‬
‫ن بِاللّهِ}وجعل نبيها محمد ‪ -‬صلى الله‬ ‫منُو َ‬ ‫منكَرِ وَتُؤ ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫وَتَن ْ َهوْ َ‬
‫عليه وسلم ‪ -‬أفضل النبياء والمرسلين وخاتمهم‪ ،‬وجعل رسالته‬
‫عامة للناس أجمعين عربهم وعجمهم إنسهم وجنهم‪ ،‬كما قال‬
‫َ‬
‫ميعًا}وقال تعالى‪:‬‬ ‫ج ِ‬‫م َ‬‫ل اللّهِ إِلَيْك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫س إِنِّي َر ُ‬ ‫ل يَا أي َُّهَا النَّا ُ‬ ‫تعالى‪{ :‬قُ ْ‬
‫ما‬ ‫ك إ ِ ّل كَافَّ ً ّ َ‬ ‫سلْنَا َ‬ ‫َ‬
‫{و َ‬‫شيًرا وَنَذِيًرا}وقال تعالى‪َ :‬‬ ‫س بَ ِ‬ ‫ة لِلن ّا ِ‬ ‫َ‬
‫ما أْر َ‬ ‫{و َ‬
‫َ‬
‫ن } وجعل الله تعالى الفلح في الدنيا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مي َ‬ ‫ة لِلعَال ِ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫سلنَاك إ ِل َر ْ‬ ‫أْر َ‬
‫والخرة في اليمان به صلى الله عليه وسلم واتباعه ونصرته‪ ،‬كما‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صُروه ُ وَاتَّبَعُوا ْ النُّوَر ال ّذِيَ‬ ‫منُوا ْ بِهِ وَعََّزُروه ُ وَن َ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫قال تعالى‪{ :‬فَال ّذِي َ‬
‫ن} وتوعد الله المكذبين لرسوله ‪-‬‬ ‫حو َ‬ ‫مفْل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫ه أُوْلَئ ِ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫أُنزِ َ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬الذين يؤذونه ويستهزئون به‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ف‬‫سوْ َ‬ ‫خَر فَ َ‬ ‫معَ اللّهِ إِلهًا آ َ‬ ‫َ‬ ‫جعَلُو َ‬
‫ن‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ّذِي‬ ‫َ‬ ‫زئِي‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ستَه‬‫م ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك ال ْ‬‫{إِنَّا كَفَيْنَا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ه فِي‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه لَعَنَهُ ُ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن يُؤْذ ُو َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫ن}وقال تعالى‪{ :‬إ ِ ّ‬ ‫ملُو َ‬ ‫يَعْ َ‬
‫َ‬
‫مهِينًا} (‪ )57‬سورة الحزاب‪ ،‬وقال‬ ‫م عَذ َابًا ُّ‬ ‫خَرةِ وَأعَد َّ لَهُ ْ‬ ‫الدُّنْيَا وَاْل ِ‬

‫‪54‬‬
‫ك هُوَ اْلَبْتَُر} وثبت عنه ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫شانِئ َ َ‬
‫ن َ‬ ‫تعالى‪{ :‬إ ِ َّ‬
‫ي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار)‪ ،‬وثبت عنه‬ ‫أنه قال‪( :‬من كذب عل َّ‬
‫عليه الصلة والسلم أيضا ً في الصحيحين أنه قال‪( :‬إن الله تعالى‬
‫ن عادى لله وليا ً فقد آذنته بالحرب) وإذا كان هذا في أولياء‬ ‫م ْ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫الله المؤمنين فكيف بنبيه وصفوته من خلقه صاحب المقام‬
‫المحمود والحوض المورود‪ ،‬ل شك أنه أولى بهذا الوعيد الشديد‪،‬‬
‫وقد سمعنا وشاهدنا ما حصل مؤخرا ً من جرأة بعض الصحف في‬
‫الدنمارك والنرويج على صاحب الجناب الرفيع والمقام العظيم سيد‬
‫الولين والخرين وقائد الغر المحجلين نبينا وإمامنا محمد بن‬
‫عبدالله عليه أفضل الصلة وأزكى التسليم‪ ،‬فما أعظم ما يتجرأ‬
‫عليه هؤلء من الباطل وما أقبح ما وقعوا فيه من الستهزاء‬
‫والتنقص بخير البرية مما تحرمه وتجرمه كافة الشرائع السماوية‬
‫وتنفر منه الفطر السوية وتأباه العقول السليمة!!!‪.‬‬
‫وهذا التعدي الشنيع والجرم الفظيع يدل على خبثهم ويظهر عداءهم‬
‫السافر للسلم والمسلمين وهذه الرسوم التي تخيلوها ل توجد إل‬
‫في عقولهم المريضة وليست بغريبة من صحف الخلعة والمجنون‬
‫وأبواق الكفر واللحاد ومنابر الظلم والعدواء‪ ،‬أما نبينا محمد عليه‬
‫الصلة والسلم فهو أخشى الناس لله وأتقاهم له وأنصحهم لعباده‪،‬‬
‫خلقا ً وأوفرهم عقل ً وأرفعهم‬
‫خلقا ً و َ‬
‫وأكمل الناس دينا ً وأحسنهم ُ‬
‫قدرا ً وأطيبهم نفسا ً وأعلهم مقاما ً وأعظمهم تواضعا ً وأشجعهم قلباً‬
‫وأعفهم لسانا ً وأفصحهم بيانا ً وأجودهم عطاءً وأبعدهم عن سفاف‬
‫َ‬
‫المور ورذائلها نشهد أنه بل ّغَ الرسالة وأدى المانة ونصح المة ودلها‬
‫على كل خير وحذرها من كل شر‪ ،‬فصلوات ربي وسلمه عليه‬
‫ض رغم أنف الكفار‬‫والسلم دين الله وهو ‪ -‬بحمد الله ‪ -‬ما ٍ‬
‫والملحدين إلى يوم القيامة‪.‬وواجب المسلمين أن يتمسكوا بدينهم‬
‫وسنة نبيهم عليه الصلة والسلم ويذبوا عن دينهم وعرض نبيهم‬
‫ويقدموا ذلك على المال والنفس والهل والولد‪ ،‬فل يكمل اليمان‬
‫إل بذلك وعليهم أن يستقيموا على أمر الله ويجتنبوا ما حرم الله‬
‫ويوالوا أولياءه ويتبرأوا من أعدائه‪.‬نسأل الله تعالى أن ينصر دينه‬
‫ورسوله ويعلي كلمته وينصر أولياءه ويذل أعداءه إنه ولي ذلك‬
‫والقادر عليه‪.‬‬
‫(*) داعية وإمام مسجد الصرامي بحي الشهداء بمدينة الرياض‬
‫إل رسول الله‬

‫‪55‬‬
‫د‪.‬عبدالوهاب بن ناصر الطريري* ‪9/8/1423‬‬
‫‪15/10/2002‬‬
‫مع كل الجنايات التي تتوالى على المسلمين‪ ،‬والبغي والعدوان‬
‫بألوان وصنوف شتى فما زال المسلمون يواصلون الحتمال والصبر‬
‫ولو على مضض‪ ،‬إل رسول الله أن ينال فل نغضب له‪ ،‬ويساء إليه‬
‫فل ننصره‪ ،‬ويتعدى عليه فل ندافع عنه‪ ،‬فها هي تتوالى بذاءات‬
‫وإهانات للمسلمين في جناب المصطفى – صلى الله عليه وسلم –‬
‫تطلقها عصابة من قساوسة الكنيسة النجيلية في أمريكا ( جيري‬
‫فاويل‪ ،‬بات روبرتسون ‪ ،‬فرانكلين جراهام‪ ،‬جيري فاينز) ومجملها‬
‫وصفهم للنبي – صلى الله عليه وسلم‪ -‬بأنه إرهابي ورجل عنف‬
‫وحرب‪ ،‬وتزوج ‪ 12‬زوجة‪ ،‬أما تفصيلها فبذاء وتفحش‪ ،‬وتسفل في‬
‫العقل والخلق‪.‬‬
‫وهذه القيادات الكنسية ذات علقة قوية بالرؤساء المريكيين‬
‫الجمهوريين‪ ،‬ففرانكلين جراهام هو الذي تلى الدعية في حفل‬
‫تنصيب الرئيس المريكي‪،‬وبات روبنسون هو الذي نال المنحة‬
‫المالية من البيت البيض‪ ،‬كما أن الرئيس المريكي خاطب عبر‬
‫القمار الصناعية مؤتمر الكنيسة المعمدانية الذي ألقى فيه القس‬
‫جيري فاينر تهمه الفاحشة على النبي – صلى الله عليه وسلم‪.-‬‬
‫‪-‬وهذه ليست أوّل مرة ينال فيها من مقام النبوة‪ ،‬أو يساء فيها إلى‬
‫الجناب الكريم فقد صدر مثل ذلك من مستشرقين وصحفيين‬
‫وفنانين وغيرهم كثيرين‪ ،‬ولكن جانب الفظاعة أن يصدر ذلك من‬
‫قادة دينيين كبار‪ ،‬و بشكل شبه جماعي من هؤلء القسس‪ ،‬وهي‬
‫قيادات دينية ذات صلة بالقيادة السياسية المريكية ولهذا كله دللته‬
‫التي ل يمكن تجاهلها‪.‬‬
‫‪ -‬إن هؤلء يتكلمون عن النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي علّم‬
‫البشرية تعظيم أنبياء الله وتوقير رسله‪ (:‬ل نفرق بين أحد من‬
‫رسله) وأن اليمان برسالة محمد – صلى الله عليه وسلم – ل يصح‬
‫ول يقبل إل مع اليمان برسالة عيسى – عليه السلم‪ -‬ومن سبقه‬
‫من المرسلين‪.‬‬
‫‪ -‬وعندما كان اليهود يصفون المسيح بأقبح الوصاف كان محمد –‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬يعلم البشرية‪ ( :‬إذ قالت الملئكة يا مريم إن‬
‫الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها ً في‬

‫‪56‬‬
‫الدنيا والخرة ومن المقربين)‪ ( ،‬ما المسيح بن مريم إل رسول قد‬
‫خلت من قبله الرسل)‪.‬‬
‫‪ -‬وعندما كان اليهود يصفون المحصنة العذراء بأفحش الصفات كان‬
‫محمد – صلى الله عليه وسلم‪ -‬يعلّم البشرية‪ ( :‬ومريم ابنة عمران‬
‫التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها‬
‫وكتبه وكانت من القانتين)‪.‬‬
‫‪ -‬وإن هؤلء الذين يشتغلون بالوقيعة في النبي العظيم بمثل‬
‫أوصاف السفّاح والقاتل إنما يصفون بذلك نبي الرحمة الذي علم‬
‫البشرية‪ ( :‬أنه من قتل نفسا ً بغير نفس أو فساد في الرض فكأنما‬
‫قتل الناس جميعا ً ) والذي علم البشرية الرحمة والعدل حتى في‬
‫حال الحرب والقتال‪ ،‬وكان ذلك في وقت البربرية والتوحش‬
‫العالمي حيث ل هيئات ول مواثيق ول قوانين عالمية فجاء إلى هذا‬
‫العالم بقوانين العدل في السلم والحرب‪( :‬ل تغلوا‪ ،‬ول تغدروا‪ ،‬ول‬
‫تمثلوا‪ ،‬ول تقتلوا وليدا ً )‪.‬‬
‫‪ -‬إن إلقاء هذه التهم من هؤلء القسس دللة على إفلسهم؛ لنهم‬
‫لم يجدوا ما يثيرونه إل اجترار تهم قديمة سبق المستشرقون من‬
‫قبل إلى إثارتها‪ ،‬وقد تهافتت وأفلست وانتهت صلحيتها ودحضتها‬
‫الجوبة الموضوعية التي كتبت عنها في حينها‪.‬‬
‫كما له دللة أخرى وهو مقدار الجبن والتضليل الذي يتلبس به هؤلء‬
‫سيسا ً يؤمن بالعهد‬‫القسس‪ ،‬أما كيف ذلك؛ فإننا عندما نعلم أن ق ّ‬
‫القديم ومع ذلك يطعن في النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه‬
‫تزوج اثنتي عشرة امرأة‪ .‬ونحن نعلم أنه يعلم من العهد القديم‬
‫الخبر عن سليمان – عليه السلم‪ -‬أنه كان لديه سبعمئة زوجة‬
‫وثلثمئة محظية ( سفر الملوك الصحاح الحادي عشر)‪.‬‬
‫وفي (سفر صموئيل الصحاح الخامس) أن داود – عليه السلم‪-‬‬
‫اتخذ لنفسه زوجات ومحظيات ومثله عن يعقوب – عليه السلم ‪-‬؛‬
‫فما بال تعدد الزوجات عند هؤلء الرسل والمذكور في العهد القديم‬
‫الذي تؤمن به الكنيسة النجيلية ؟ أم هو الجبن والخوف إلى حد‬
‫الذعر من اليهود أن يُنَال أنبياؤهم وآباؤهم؟‬
‫ثم انظر إلى وصفهم النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬بالقتل وأنه‬
‫ن داود – عليه‬‫سفاح؛ مع أن في العهد القديم الذي يؤمنون به أ ّ‬
‫ً‬
‫السلم – خطب ابنة الملك شاؤول فطلب إليه مهرا مئة غلفة من‬
‫غلف الفلسطينيين‪ ،‬فانطلق داود مع رجاله فقتل (مئتي) رجل من‬

‫‪57‬‬
‫الفلسطينيين‪ ،‬وأتى بغلفهم وقدمها للملك‪ ،‬فزوجه شاؤول عندئذ‬
‫من ابنته ميكال‪ ،‬وأدرك شاؤول يقينا ً أن الرب مع داود ( سفر‬
‫صموئيل الصحاح الثامن عشر) وما جاء فيه أيضا ً أن يوشع هاجم‬
‫مدن عجلون وحبرون ودبير وقتل ملوكها وكل نفس فيها بحد‬
‫السيف فلم يفلت منها ناج ( سفر يوشع ‪.)34‬‬
‫وأن موسى قال للسرائيليين‪ ( :‬الن اقتلوا كل ذكر من الطفال‬
‫وكل امرأة ضاجعت رجلً‪ ،‬ولكن استحيوا لكم كل عذراء لم تضاجع‬
‫رجلً) ( سفر العدد ‪.)31‬‬
‫ويتجاهل إلى حد العمى ما ورد في النجيل منسوبا ً إلى المسيح‪:‬‬
‫( ل تظنوا أني جئت لرسي سلما ً على الرض‪ ،‬ما جئت لرسي‬
‫سلما ً بل سيفاً‪ ،‬فإني جئت لجعل النسان على خلف مع أبيه‪،‬‬
‫والبنت مع أمها‪ ،‬والكنة مع حماتها‪ ،‬وهكذا يصير أعداء النسان أهل‬
‫بيته) إنجيل متى الصحاح (‪. )34‬‬
‫ويتجاهل ما ورد في العهد القديم من كتابهم المقدس من المر‬
‫بقتل الكفار وحرق ممتلكاتهم ورجمهم بالحجارة حتى الموت وكلها‬
‫موجودة في العهد القديم في مواضع منها ( سفر الخروج الصحاح‬
‫‪ ،34‬سفر التثنية الصحاح ‪.)17 ،13‬‬
‫فأين الكلم عن القتل وسفك الدماء هناك؟ أم هو الذعر المخرس‬
‫من معاداة السامية‪ ،‬والمقاييس النتقائية الجبانة‪ ،‬والتعصب العمى‬
‫المقيت؟‬
‫‪ -‬أين الكلم عن القتل الذي مارسته الكنيسة ضد المسلمين واليهود‬
‫في الحروب الصليبية ومحاكم التفتيش؟‬
‫‪-‬أين الكلم عن القتل وسفك دماء المدنيين من النساء والطفال‬
‫والشيوخ في هيروشيما ونجازاكي وفيتنام وغيرها؟‬
‫‪-‬أين الكلم عن سفك الدماء الذي يمارسه اليهود ضد الطفال‬
‫والصبايا في فلسطين؟‬
‫‪-‬إن هؤلء يصنعون الرهاب ويقذفون بالنار إلى صهاريج الوقود ‪،‬‬
‫فالنيل من جناب النبوة استفزاز واستنفار لكل مسلم‪ ،‬ودونه أبداً‬
‫مهج النفوس‪ ،‬وفداه المهات والباء‪ ،‬وإن جمرة الغضب التي‬
‫يوقدها هؤلء في قلب كل مسلم ل يمكن التنبؤ بالحريق الذي‬
‫ستشعله ول كيف ول أين ‪ .‬وسيدفع هؤلء برعونتهم هذه البشرية‬
‫إلى أتون سعير متواصل من الصراعات والثارات ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫ولن احتمل المسلمون ألوانا ً من البغي‪ ،‬وتقبلوا تبريرات متنوعة‬
‫للعدوان فلن يوجد من يحتمل البغي على النبي – صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬ولن يمكن تبرير أي حماقة من هذا النوع ‪.‬‬
‫‪-‬أل يطرح هذا سؤال ً كبيرا ً عن هذه الحملة‪ :‬هل هي محاولة لدفع‬
‫المواجهة التي تخوضها أمريكا مع العالم السلمي باتجاه ديني‪ ،‬أم‬
‫ل على‬ ‫أنها كشف للوجه الحقيقي للحملة المريكية؟ وسيجيب ك ٌ‬
‫هذا السؤال وفق ما لديه من معطيات ‪.‬‬
‫‪-‬إن هؤلء القسس يجّرون أمريكا إلى بؤرة خطرة لم تجربها من‬
‫قبل‪ ،‬وسيكون عاقبة أمرها خسراً‪ ،‬إذ قد تستطيع تغيير النماط‬
‫الجتماعية والقتصادية في بعض البلد السلمية‪ ،‬أما مقام النبوة‬
‫في نفوسهم فأخطر من أن يمس‪ ،‬وأبعد من أن ينال‪.‬‬
‫‪-‬إن اليهود قد استطاعوا أن يرهبوا أوروبا وأمريكا‪ ،‬وأن يكمموا‬
‫الفواه دون ما يسمونه معاداة السامية‪ ،‬وأصبحت هذه الوصمة رعباً‬
‫ل يستطيع أحد تجاوزه‪ ،‬فإذا فكر وقدر تكالبت عليه أجهزة العلم‬
‫بهجوم عنيف يقضي على كيانه وقيمته‪ ،‬فهل تعجز المليين المملينة‬
‫من أتباع محمد – صلى الله عليه وسلم‪ -‬أن تدفع أو تدافع‪ ،‬فتحرك‬
‫ساكنا ً وتحدث أثرا ً ‪.‬‬
‫‪-‬وبعد فإن عظمة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في نفوسنا‬
‫أعلى من قبّة الفلك‪ ،‬ولن ينال منها مثل هذا التواقح الجبان ( والذي‬
‫يبصق على السماء عليه أن يمسح وجهه بعد ذلك )‪ ،‬ولكن الذي‬
‫يعنينا هنا واجبنا نحن تجاه مقام النبوة‪ ،‬والنتصار لجناب الرسول –‬
‫ب عن شريف مقامه‪.‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬والذ ّ‬
‫‪ -‬فهذا نداء إلى كل مؤمن بالله ورسله‪ ،‬إلى كل قلب يخفق حباً‬
‫لنبيه – صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬وإلى كل مهجة تتحرق شوقا ً إليه ‪،‬‬
‫إلى كل مسلم يعلم أنه لول رسول الله – صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫لكنا حيارى في دياجير الظلمات‪ ،‬ولول رسول الله لكنا فحما ً في نار‬
‫جهنم‪ ،‬إلى كل مسلم يقول من أعماق قلبه‪ :‬فدى لرسول الله‬
‫نفسي‪ ،‬وفدى لنفاسه أبي وأمي‪ ،‬إلى كل مسلم تضج جوانحه‬
‫تعظيما ً وتوقيراً‪ ،‬وإجلل ً وتقديسا ً لرسول الله – صلى الله عليه‬
‫وسلم – هذا نداء لنصرة النبي أمام هذا التواقح الفاحش والتسفل‬
‫البذيء‪ ،‬ولن يعدم كل غيور أن يجد له مكانا ً ومكانة‪ ،‬وأن يبذل فيه‬
‫جهدا ً ولو قل‪ ،‬وكل كثير منّا فهو في حق النبي قليل‪ .‬وذلك بإعلن‬
‫الستنكار لهذا التهجم والهجوم والحتجاج القوي عليه‪ ،‬والرد بعزة‬

‫‪59‬‬
‫ووثوق على شبههم المستهلكة‪ ،‬وأن يعلم هؤلء ومن يلحد إليهم‬
‫عظيم جنايتهم وتجنيهم على مشاعر المسلمين‪ ،‬وأن يُعلموا أن‬
‫مكانة النبي – صلى الله عليه وسلم – في نفوس المسلمين أعظم‬
‫مما يتصورون‪ ،‬والمساس بها أخطر مما يقدرون‪ ،‬كل ذلك مع‬
‫ملحظة حصر الخطأ فيمن صدر منه‪ ،‬فليس من العدل ول من‬
‫العقل توسيع دائرة الخطأ لتشمل غير من صدر منه‪ ،‬وإن كانوا‬
‫يشتركون في قواسم أخرى‪ .‬كما أن تعميم الخطأ يعيق عملية‬
‫التصحيح واليضاح‪ ،‬كما أنه ينبغي أل يوقف الحملة المضادة‬
‫وليضعفها العتذارات الواهنة التي صدرت من أحدهم ويمكن أن‬
‫تصدر من آخرين‪ ،‬فالخطيئة أكبر من أن يمحوها اعتذار باهت‪.‬‬
‫وسيترتب على هذه الحملة في نصرة النبي – صلى الله عليه وسلم‬
‫– مصالح أخرى تابعة لذلك منها تصحيح المفاهيم الخاطئة عن‬
‫السلم والمسلمين‪ ،‬ونشر السلم ‪ ،‬ومقاومة الحملة اليهودية على‬
‫المسلمين‪ ،‬ومقاومة المد التنصيري وغير ذلك ‪.‬‬
‫ويمكن أن تأخذ الحملة لنصرة النبي – صلى الله عليه وسلم –‬
‫طرائق متنوعة منها‪:‬‬
‫‪01‬الحتجاج على الصعيد الرسمي على اختلف مستوياته‪ ،‬واستنكار‬
‫هذا التهجم بقوة‪،‬وإننا نعجب أن الشجب والستنكار الذي نحن أهله‬
‫دائما ً لم يستعمل هذه المرة‪ ،‬ونعجب أخرى أن يستنكر هذه‬
‫الساءة وزير خارجية بريطانيا‪ ،‬سابقا ً بذلك آخرين كانوا أحق بها‬
‫وأهلها‪.‬‬
‫‪02‬الحتجاج على مستوى الهيئات الشرعية الرسمية كوزارات‬
‫الوقاف‪ ،‬ودور الفتيا‪ ،‬والجامعات السلمية‪.‬‬
‫‪03‬الحتجاج على مستوى الهيئات والمنظمات الشعبية السلمية‬
‫وهي كثيرة‪.‬‬
‫‪ .4‬إعلن الستنكار من الشخصيات العلمية والثقافية والفكرية‬
‫والقيادات الشرعية‪ ،‬وإعلن هذا النكير من عتبات المنابر وأعلها‬
‫ذروة منبري الحرمين الشريفين‪.‬‬
‫‪05‬المواجهة على مستوى المراكز السلمية الموجودة في الغرب‬
‫بالرد على هذه الحملة واستنكارها‪.‬‬
‫‪06‬المواجهة على المستوى الفردي‪ ،‬وذلك بإرسال الرسائل‬
‫اللكترونية المتضمنة الحتجاج والرد والستنكار إلى كل المنظمات‬

‫‪60‬‬
‫والجامعات والفراد المؤثرين في الغرب‪ ،‬ولو نفر المسلمون‬
‫بإرسال مليين الرسائل الرصينة القوية إلى المنظمات والفراد فإن‬
‫هذا سيكون له أثره اللفت قطعا ً ‪.‬‬
‫‪07‬استئجار ساعات لبرامج في المحطات الذاعية والتلفزيونية تدافع‬
‫عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وتذب عن جنابه‪ ،‬ويستضاف‬
‫فيها ذوو القدرة والرسوخ‪ ،‬والدراية بمخاطبة العقلية الغربية بإقناع‪،‬‬
‫وهم بحمد الله كثر‪.‬‬
‫‪08‬كتابة المقالت القوية الرصينة لتنشر في المجلت والصحف ‪-‬ولو‬
‫كمادّة إعلنية‪ -‬ونشرها على مواقع النترنت باللغات المتنوعة ‪.‬‬
‫‪ 09‬إنتاج شريط فيديو عن طريق إحدى وكالت النتاج العلمي‬
‫يعرض بشكل مشوق وبطريقة فنية ملخصا ً تاريخيا ً للسيرة‪ ،‬وعرضاً‬
‫للشمائل والخلق النبوية‪ ،‬ومناقشة لهم الشبه المثارة حول سيرة‬
‫المصطفى – صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬وذلك بإخراج إعلمي متقن‬
‫ومقنع‪.‬‬
‫‪ 010‬طباعة الكتب والمطويات التي تعرف بشخصية النبي – صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬ويراعى في صياغتها معالجة الشكالت الموجودة‬
‫في الفكر الغربي‪.‬‬
‫‪ 011‬عقد اللقاءات‪ ،‬وإلقاء الكلمات في الجامعات والمنتديات‬
‫والملتقيات العامة في أمريكا لمواجهة هذه الحملة ‪.‬‬
‫‪ 012‬إقامة مؤتمرات في أمريكا وأوروبا تعالج هذه القضية وتعرض‬
‫للعالم نصاعة السيرة المشرفة وعظمة الرسول – صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.-‬‬
‫‪ 013‬إصدار البيانات الستنكارية من كل القطاعات المهنية والثقافية‬
‫التي تستنكر وتحتج على هذه الساءة والفحش في اليذاء‪.‬‬
‫‪ 014‬تبادل الفكار المجدية في هذه القضية‪ ،‬وإضافة أفكار جديدة‬
‫والتواصي بها‪ ،‬وسيجد كل محب لرسول الله – صلى الله عليه‬
‫وسلم – معظم لجنابه مجال ً لظهار حبه وغيرته وتعظيمه ‪ ،‬فهذا‬
‫يأتي بفكرة‪ ،‬وذاك يكتب مقالة وآخر يترجم‪ ،‬وآخر يرسل‪ ،‬وآخر‬
‫يمول في نفير عام لنصرة النبي – صلى الله عليه وسلم – ولسان‬
‫حالهم كل منهم يقول‪:‬‬
‫فإن أبي ووالده وعرضي ‪... ...‬‬
‫لعرض محمد منكم وقاء‬

‫‪61‬‬
‫اللهم اجعل حبك وحب رسولك أحب إلينا من أنفسنا وأبنائنا ومن‬
‫الماء البارد على الظمأ‪ ،‬اللهم ارزقنا شفاعة نبيك محمد وأوردنا‬
‫حوضه‪ ،‬وارزقنا مرافقته في الجنة‪ ،‬اللهم صلى وسلم وبارك أطيب‬
‫وأزكى صلة وسلم وبركة على رسولك وخليلك محمد وعلى آله‬
‫وصحبه‪.‬‬
‫________________________________________‬
‫*المشرف على المكتب العلمي لموقع السلم اليوم‬
‫‪www.islamtoday.net‬‬
‫=========================‬
‫(إل محمد)‬
‫عبد الله عبد الرحمن سليمان العايد‬
‫إن العتداء على رسولنا الكريم وهو رمز من رموز السلم‪ ،‬بل هو‬
‫الهادي البشير من لدن عليم حكيم هو اعتداء على السلم وبالتالي‬
‫خلق من‬ ‫غضبتنا هذه هي غضبة على السلم ومحارمه‪ .‬والستهزاء ُ‬
‫أخلق أعداء الله‪ ،‬تخلّق به الكفار والمشركون‪ ،‬وتخلّق به المنافقون‬
‫الذين احترقت أحشاؤهم على دين الله وأهله‪ ،‬لذلك كشف الله‬
‫خلُقَ النبيل لنبيه محمدژ وأصحابه الكرام الذين قضوا‬ ‫تعالى هذا ال ُ‬
‫بالحق وبه يعدلون‪ .‬ولقد وردت آيات كثيرة في كتاب الله تبيّن‬
‫موقف النبياء والرسل من الستهزاء والحتقار‪ ،‬بل صرحت هذه‬
‫اليات بكفر هؤلء الهازلين المستهزئين‪.‬‬
‫والمر ثابت من سيرة رسول الله ژ أنه أرحم الناس بالناس‪ ،‬وأقبل‬
‫الناس عذرا ً للناس‪ ،‬ومع ذلك كلّه لم يقبل عذرا ً لمستهزئ‪ ،‬ولم‬
‫يلتفت لحجة ساخر ضاحك‪ ،‬فحين سخر به وبأصحابه من سخر في‬
‫مسيره لمعركة تبوك وجاء الهازلون يقولون‪ :‬إنما كنا نخوض‬
‫ونلعب‪ :‬لم يقبل ژ لهم عذراً‪ ،‬بل أخذ يتلو عليهم الحكم الرباني‬
‫الذي نزل من فوق سبع سماوات‪{ :‬قُ ْ َ‬
‫سولِهِ كُنت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ه وََر ُ‬
‫ه وَآيَات ِ ِ‬ ‫ل أبِالل ّ ِ‬
‫م} (‪ )66‬سورة‬ ‫مانِك ُ ْ‬ ‫ن (‪ )65‬ل َ تَعْتَذُِروا ْ قَد ْ ك َ َفْرتُم بَعْد َ إِي َ‬‫ستَهْزِؤ ُو َ‬
‫تَ ْ‬
‫التوبة‪.‬‬
‫ولكي ندرك خطورة وفداحة ما ارتكبوه‪ :‬ننظر إلى ملبسات حالهم‪،‬‬
‫فنجد أنهم قد خرجوا في الغزو مع رسول الله ژ وتركوا الهل‬
‫والزواج والولد والوطان‪ ،‬وكان خروجهم في فصل الصيف‪ ،‬وشدة‬
‫حرارته المعروفة وتعرضوا للجوع الشديد والعطش الليم‪ ،‬ومع هذا‬

‫‪62‬‬
‫كلّه لم يشفع لهم حال من هذه الحوال حين استهزؤوا برسول الله‬
‫من معه من الصحابة رضوان الله عليهم‪.‬‬ ‫ژو َ‬
‫وفي هذه اليام وخصوصا ً أنها ليست أول مرة يستهزؤون على نبينا‬
‫الكريم ول آخر مرة قبلها في السويد وفي هولندا وفي النمسا والن‬
‫في الدنمارك أطلت علينا صحيفة غربية أو قناة تلفزيونية هنا أو‬
‫هناك بتطاول سافر على رموزنا الدينية السلمية وغالبا ً ما يكون‬
‫الهدف هو شخص الرسول المصطفي محمد ژ خاتم المرسلين‪،‬‬
‫وآخر حلقة في هذه السلسلة ذلك التطاول على شخص الرسول‬
‫الكريم محمد ژ من جانب صحيفة (يولند بوستن) الدنماركية التي‬
‫نشرت رسما ً مزعوما ً لشخص الرسول عليه الصلة والسلم‪ ،‬مما‬
‫أثار حفيظة المسلمين في كل مكان‪ ،‬والمشكلة تكمن في أنه ل‬
‫يوجد أي ردة فعل بمعنى الكلمة ولكن كل الردود مواقف فردية‬
‫صغيرة‪ ،‬ومهما كان هذا الستهزاء من عدمه أو تضخيمه إل أنه‬
‫يذكرنا بموقف (قالت فيه الذبابة للنخلة يوما ً استمسكي بنفسك‬
‫إني ذاهبة عنك فقالت النخلة لم أشعر بك وأنت هابطة علي فكيف‬
‫ن‬
‫أشعر بك وأنت ذاهبة عني)‪ .‬ول شك أن الحرب الشعواء التي تش ّ‬
‫على رموز السلم لم تكن حديثة عهد‪ ،‬بل هي من قديم الزمن فقد‬
‫َ‬
‫مل ّتَهُ ْ‬
‫م‬ ‫حتَّى تَتَّبِعَ ِ‬
‫َ‬
‫صاَرى َ‬‫ك اليهود ُ وَل َ الن َّ َ‬ ‫ضى ع َن َ‬‫قال تعالى‪{ :‬وَلَن تَْر َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاء َ‬ ‫ت أهْوَاءهُم بَعْد َ ال ّذِي َ‬ ‫ن اتَّبَعْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلئ ِ ِ‬ ‫ل إ ِ َّ‬
‫قُ ْ‬
‫صيرٍ} (‪ )120‬سورة البقرة‪ .‬ما‬ ‫من وَلِي وَل َ ن َ ِ‬ ‫ن اللّهِ ِ‬
‫م َ‬ ‫ما ل َ َ‬
‫ك ِ‬ ‫الْعِلْم ِ َ‬
‫حدث من استهزاء بالرسول ژ جريمة بكل المقاييس يجب أن تجد‬
‫صداها في العالم السلمي‪ .‬منذ أسابيع تناقلت الصحف خبرا ً عن‬
‫مسابقة أجرتها إحدى الصحف لفن الكاريكاتير‪ ،‬وتم اختيار الرسم‬
‫الفائز للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)‪ ،‬رسمه أحدهم باعتباره‬
‫إرهابيا ً يمسك قنبلة يدوية‪ ،‬ومهما احتج أي مسؤول أو أي شخص ما‬
‫إل وجاء الرد من أن هناك متعلل ً بحرية التعبير وهذا الرد فيه‬
‫استهانة بالعقول‪ ،‬لننا نعرف جميعا ً أن هناك في أوروبا قوانين‬
‫وأوضاع تعاقب من يخوض في الديان أو العراق‪ ،‬أو يشكك في‬
‫المحرقة‪ ،‬أو يتعّرض من قريب أو من بعيد للسامية التي تعني هناك‬
‫اليهود فقط‪ ،‬لكن المر يبدو أنه مختلف بالنسبة للسلم‬
‫والمسلمين‪ .‬وهذا يعني أن العالم الن تبرز فيه ظاهرة جديدة‪،‬‬
‫خطيرة على النسانية بكل أطرافها الظاهرة ومضمونها الخوض في‬
‫جج وينذر بحروب ثقافية‪ ،‬دينية‪،‬‬ ‫العقائد والهجوم على الديان مما يؤ ّ‬
‫سيسفر عنها أعمال عنف متمثّلة في الحروب والعمال اليائسة‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫وفي الختام ل أملك إل أن أقرأ قوله تعالى‪ :‬يقول الله‬
‫َ‬
‫ن}‬
‫مو َ‬ ‫حك ُ ُ‬
‫ف تَ ْ‬ ‫م كَي ْ َ‬ ‫ما لَك ُ ْ‬‫ن (‪َ )35‬‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬
‫م ْ‬‫ن كَال ْ ُ‬‫مي َ‬
‫سل ِ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫تعالى‪{:‬أفَن َ ْ‬
‫جعَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫سول َ ُ‬
‫ه‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حادُّو َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬
‫ن يُ َ‬ ‫(‪ )36‬سورة القلم‪ .‬وقوله سبحانه‪{:‬إ ِ ّ‬
‫َ َ‬ ‫أولئك في الَذ َل ِّين (‪ )20‬كَتب الل َّه َلغلب َ َ‬
‫ه قَوِي‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سلِي إ ِ ّ‬ ‫ن أنَا وَُر ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ع َزِيٌز} (‪ )21‬سورة المجادلة‪ .‬لقد تأملت اليات العظيمة التي وردت‬
‫في كتاب الله تعالى والتي ذكر فيها سبحانه عقوبة المستهزئين‬
‫وعقاب الله الليم المحيط بهم‪ ،‬فوجدت أمرا ً عظيما ً تتفطّر منه‬
‫الكباد‪ ،‬وتنخلع لهوله الفئدة ل سيما خزي في الدنيا‪ ،‬وعذاب في‬
‫الخرة‪ .‬سدَّد الله الخطى وبارك في الجهود‪ ،‬والله من وراء القصد‬
‫‪shabib22@hotmail.com‬‬
‫====================‬
‫إن شانئك هو البتر‬

‫عبدالرحمن بن عمر بن حسين‬


‫الحمد الله الذي أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا‪،‬‬
‫وجعله للبشرية جمعاء سراجا وقمرا منيرا‪ ،‬وأنزل عليه القرآن‬
‫الكريم أفضل كتبه‪ ،‬وجعله خاتم أنبيائه ورسله‪ ،‬وأسرى به إلى‬
‫السماوات العلى‪ ،‬ورأى هناك آيات عظيمة لتدركها الفهام‪ ،‬وجمع‬
‫له في بيت المقدس إخوانه النبياء فتقدم وكان هو المام‪ ،‬ورفع له‬
‫ذكره في الولين والخرين‪ ،‬وأمر أن ل ترتفع أصوات المؤذنين بذكر‬
‫اسم رب العالمين‪ ،‬إل ومعها اسم الرسول المين‪ ،‬وبشرت به كتب‬
‫النبياء والمرسلين‪ ،‬وآتاه الله المقام المحمود‪ ،‬والحوض المورود‪،‬‬
‫فصلة ربنا وسلمه على هذا النبي الكريم‪ ،‬الذي بلغ الرسالة‪ ،‬وأدى‬
‫المانة‪ ،‬ونصح المة‪ ،‬وتركها على المحجة البيضاء‪ ،‬ليزيغ عنها إل‬
‫الهالكون‪ ،‬ولينأى عنها إل الضالون‪.‬‬
‫لقد ضرب نبي السلم أروع المثلة في دعوته الناس إلى دين‬
‫السلم‪ ،‬وتحلى بأخلق رفيعة بهرت العقول‪ ،‬حتى قال عنه المولى‬
‫في كتابه المبين‪ { :‬وإنك لعلى خلق عظيم} (القلم‪ .)4 :‬وأيده‬
‫سبحانه بآيات باهرة‪ ،‬ودلئل معجزة‪ ،‬تدل على صدق ماجاء به‪ ،‬وأنه‬
‫رسول رب العالمين‪ ،‬وخاتم النبياء والمرسلين‪ ،‬ومع ذلك أبي‬
‫الجاهلون إل عنادا‪ ،‬وارتضوا سبيل جهنم لهم مهادا‪ ،‬واتهموا النبي‬

‫‪64‬‬
‫الطاهر‪ ،‬بأنه رجل ساحر‪ ،‬أو مجنون ساخر‪ ،‬أو بليغ شاعر‪ ،‬وأجابهم‬
‫القوي الجبار في كتابه الخالد‪{ :‬وما صاحبكم بمجنون} (التكوير‪:‬‬
‫‪{ ،)22‬كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إل قالوا ساحر أو‬
‫مجنون} (الذاريات‪{ ،)52 :‬وما هو بقول شاعر قليل ماتؤمنون}‬
‫(الحاقة‪.)41 :‬‬
‫لقد حسد اليهود الضالون‪ ،‬والنصاري الظالمون‪ ،‬محمدا صلى الله‬
‫عليه وسلم على ما أنعم به عليه من اصطفائه بالرسالة الخاتمة‪،‬‬
‫التي نسخ الله بها الديان السابقة‪ ،‬فليقبل دين عندالله إل دين‬
‫السلم {ومن يبتغ غير السلم دينا فلن يقبل منه وهو في الخرة‬
‫من الخاسرين} (آل عمران‪ .)85 :‬وقد كشف الله في كتابه عن‬
‫خبث طويتهم وأنهم ليرضون عن محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫ولعن أتباعه إل إذا تركوا دين السلم واتبعوا ملة الباطل‪{ :‬ولن‬
‫ترضى عنك اليهود ول النصارى حتى تتبع ملتهم} (البقرة‪،)120 :‬‬
‫ومن أجل ذلك كله كان أشد الناس عداوة لهل السلم اليهود‬
‫والنصارى {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين‬
‫أشركوا} (المائدة‪ .)82 :‬إن ما حدث في «الدنمارك» و«النرويج»‬
‫من تعرض لجناب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نموذج من‬
‫حقد دفين تجاه سيد البشرية تفوه به حثالة من البشر‪ ،‬ليزيد‬
‫صاحبه إل ذلة وهوانا‪ ،‬وضلل وخسرانا‪ ،‬يريدون الطعن به في دين‬
‫السلم لخماد نوره الذي دخل ديارهم‪ ،‬وأرهب ‪ -‬لجهلهم ‪ -‬قلوبهم‬
‫{يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إل أن يتم نوره‬
‫ولو كره الكافرون} (التوبة‪.)32 :‬‬
‫اللهم صل وسلم على الحبيب المصطفى‪ ،‬والنبى المجتبى‪ ،‬وآته‬
‫الوسيلة والفضيلة‪ ،‬وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته {إن الله‬
‫وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا‬
‫تسليما} (الحزاب‪.)56 :‬‬
‫اللهم ابتر شانئ محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬واجعل ذاكره بسوء‬
‫عبرة للمعتبرين‪ ،‬وآية في العالمين‪ ،‬واحفظ مقام المصطفى عليه‬
‫السلم من ألسنة الماكرين‪ ،‬وعبث الحاسدين‪ ،‬واقطع دابرهم‬
‫كالولين‪ ،‬وأرنا فيهم عجائب قدرتك يارب العالمين‬
‫===================‬
‫إنا كفيناك المستهزئين ‪...‬‬

‫‪65‬‬
‫‪24/12/1426‬‬
‫أ‪.‬د‪ /‬ناصر بن سليمان العمر‬
‫الحمد لله وكفى‪ ،‬ثم الصلة والسلم على عباده الذين اصطفى‪،‬‬
‫ورسله الذين اجتبى‪ ،‬وبعد‪..‬‬
‫فإن من سنة الله فيمن يؤذي رسوله‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أنه إن‬
‫لم يجاز في الدنيا بيد المسلمين‪ ،‬فإن الله سبحانه ينتقم منه ويكفيه‬
‫إياه‪ ،‬والحوادث التي تشير إلى هذا في السيرة النبوية وبعد عهد‬
‫النبوة كثيرة‪ ،‬وقد قال الله تعالى‪( :‬فاصدع بما تؤمر وأعرض عن‬
‫المشركين إنا كفيناك المستهزئين) [الحجر‪.]95:‬‬
‫والقصة في سبب نزول الية وإهلك الله لهؤلء المستهزئين واحدا‬
‫واحدا معروفة قد ذكرها أهل السير والتفسير وهم على ما قيل نفر‬
‫من رؤس قريش‪ :‬منهم الوليد بن المغيرة‪ ،‬والعاص بن وائل‪،‬‬
‫والسودان ابن المطلب وابن عبد يغوث‪ ،‬والحارث بن قيس‪.‬‬
‫وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر‪ ،‬وكلهما‬
‫لم يسلم‪ ،‬لكن قيصر أكرم كتاب النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وأكرم رسوله‪ ،‬فثبت ملكه‪.‬‬
‫قال ابن تيمية في الصارم‪" :‬فيقال‪ :‬إن الملك باق في ذريته إلى‬
‫اليوم"‪ ،‬ول يزال الملك يتوارث في بعض بلدهم‪.‬‬
‫وأما كسرى فمزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬واستهزأ‬
‫برسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقتله الله بعد قليل ومزق ملكه‬
‫كل ممزق‪ ،‬فلم يبق للكاسرة ملك‪ ،‬وهذا والله أعلم تحقيق لقوله‬
‫تعالى‪( :‬إن شانئك هو البتر) [الكوثر‪ ،]3 :‬فكل من شنأه وأبغضه‬
‫وعاداه‪ ،‬فإن الله يقطع دابره ويمحق عينه وأثره‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إنها‬
‫نزلت في العاص بن وائل‪ ،‬أو في عقبة بن أبي معيط‪ ،‬أو في كعب‬
‫بن الشرف‪ ،‬وجميعهم أخذوا أخذ عزيز مقتدر‪.‬‬
‫ومن الكلم السائر‪ ،‬الذي صدقه التاريخ والواقع‪" :‬لحوم العلماء‬
‫مسمومة"‪ ،‬فكيف بلحوم النبياء عليهم السلم؟‬
‫وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬يقول الله‬
‫تعالى من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة" فكيف بمن عادى‬
‫النبياء؟‬
‫يا ناطح الجبل العالي ليثلمه أشفق على الرأس ل تشفق على‬
‫الجبل‬

‫‪66‬‬
‫إن من عقيدة أهل السنة أن من آذى الصحابة ولسيما من تواتر‬
‫فضله فإسلمه على شفا جرف هار‪ ،‬يجب ردعه وتأديبه‪ ،‬فكيف بمن‬
‫آذى نبيا ً من النبياء‪ ،‬فكيف بمن آذى محمدا ً صلى الله عليه وسلم؟‬
‫خَرةِ وَأَعَدَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ه فِي الدُّنْيَا وَاْل ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه لَعَنَهُ ُ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ن يُؤْذ ُو َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫(إ ِ ّ‬
‫مهِيناً) [الحزاب‪.]57:‬‬ ‫م عَذ َابا ً ُ‬ ‫لَهُ ْ‬
‫وإذا استقصيت قصص النبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما‬
‫أهلكوا حين آذوا النبياء‪ ،‬وقابلوهم بقبيح القول أو العمل‪ ،‬وهكذا بنو‬
‫إسرائيل إنما ضربت عليهم الذلة وباءوا بغضب من الله ولم يكن‬
‫لهم نصير لقتلهم النبياء بغير حق‪ ،‬مضموما ً إلى كفرهم كما ذكر‬
‫ما‬ ‫الله ذلك في كتابه‪ ،‬فقال عز شأنه‪( :‬ضربت ع َلَيهم الذّل َّ ُ َ‬
‫نَ َ‬ ‫ة أي ْ َ‬ ‫ِْ ُ ِ‬ ‫ُ َِ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن اللهِّ‬‫م ََ‬ ‫ب ِ‬ ‫ض ٍ‬ ‫س َوبَاءُوا بِغَ َ‬ ‫م َ َ‬ ‫ن الل ّهِ وَ َ‬ ‫ثُقِفُوا إ ِ ّل ب ِ َ‬
‫ن الن ّا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حب ْ‬ ‫َ‬
‫وضربت ع َلَيهم ال ْمسكَنة ذَل َ َ‬
‫م‬
‫ل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫حب ْ‬
‫ت الل ّهِ‬ ‫ن بِآيَا ِ‬ ‫م كَانُوا يَكْفُُرو َ‬ ‫ك بِأنَّهُ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ ِ‬ ‫ِْ ُ‬ ‫َ ُ َِ ْ‬
‫ن) [آل عمران‪:‬‬ ‫صوْا وَكَانُوا يَعْتَدُو َ‬ ‫ق ذَل ِ َ‬ ‫ن اْلنْبِيَاءَ بِغَيْرِ َ‬ ‫َ‬ ‫وَيَقْتُلُو َ‬
‫ما ع َ َ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ح ٍّ‬
‫‪ .]112‬فحري بمثل هذا المستهزء المستهتر أن يُتمثل له قول‬
‫العشى‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ت الِب ِ ُ‬ ‫ت ضائَِرها ما أط ّ ِ‬ ‫ت أثلَتِنا وَ لَس َ‬ ‫منتَهِيا ً ع َن نَح ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫ألَس َ‬
‫َ‬
‫ع ُ‬
‫ل‬ ‫ه الوَ ِ‬ ‫ضرها وَأوهى قَرن َ ُ‬ ‫صخَرة ً يَوما ً لِيَفلِقَها فَلَم ي َ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫كَناط ِ ٍ‬
‫ولعل وقيعة بعض الغربيين في النبي الكريم مشعر بتهالك‬
‫حضارتهم وقرب زوالها‪ ،‬فإنهم ما تجرأوا ول عدلوا إلى النتقاص‬
‫وأنواع الشتم إل ّ بعد أن فقدوا المنطق‪ ،‬وأعوزتهم الحجة ‪...‬‬
‫شّرِها يَوما ً وَتَبتَهِ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ل‬ ‫من َ‬ ‫حطَبا ً تَعُوذ ُ ِ‬ ‫ن وَقَد أك ّلتَها َ‬ ‫ل تَقعُد َ َّ‬
‫إن مجرد إخراج النبي رفع للمان وإيذان بحلول العذاب‪ ،‬ولهذا قال‬
‫منْهَا وَإِذا ً ل‬ ‫َْ‬
‫ك ِ‬ ‫جو َ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ض لِي ُ ْ‬
‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫فُّزون َ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن كَادُوا لَي َ ْ‬ ‫الله تعالى‪( :‬وَإ ِ ْ‬
‫َ َ َ‬
‫ك إ ِ ّل قَلِيلً) [السراء‪ ،]76:‬فإذا كان هذا جزاء الخراج‬ ‫خلف‬ ‫ن ِ‬ ‫يَلْبَثُو َ‬
‫فكيف بالذى والسخرية والستهزاء؟ لعلك ل تجد أحدا آذى نبيا من‬
‫النبياء ثم لم يتب إل ولبد أن تصيبه قارعة‪ ،‬وقد قال شيخ السلم‬
‫بعد أن ذكر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه‪ ،‬قال‪ :‬كان رجل‬
‫نصراني فأسلم وقرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فعاد نصرانيا وكان يقول ل يدري محمد إل ما كتبت‬
‫له فأماته الله فدفنوه فأصبح وقد لفظته الرض فقالوا هذا فعل‬
‫محمد وأصحابه لما هرب منهم نبشوا عن صاحبنا فألقوه‪ ،‬فحفروا‬
‫له فأعمقوا له في الرض ما استطاعوا فأصبحوا وقد لفظته الرض‬

‫‪67‬‬
‫فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه‪ ،‬وهذا حديث صحيح ثابت عند‬
‫البخاري وغيره‪... .‬‬
‫ثم قال المام ابن تيمية معلقاً‪" :‬وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل‬
‫أحد على أن هذه عقوبة لما قاله‪ ،‬وأنه كان كاذباً‪ ،‬إذ كان عامة‬
‫الموتى ل يصيبهم مثل هذا‪ ،‬وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الرتداد‬
‫إذا كان عامة المرتدين ل يصيبهم مثل هذا‪ ،‬وأن الله منتقم لرسوله‬
‫ب الكاذب إذا لم يمكن‬ ‫ممن طعن عليه وسبه‪ ،‬ومظهر لدينه وكَذ ِ ِ‬
‫الناس أن يقيموا عليه الحد‪ .‬ونظير هذا ما حدثناه أعداد من‬
‫المسلمين العدول أهل الفقه والخبرة عما جربوه مرات متعددة في‬
‫حصر الحصون والمدائن التي بالسواحل الشامية‪ ،‬لما حصر‬
‫المسلمون فيها بني الصفر في زماننا قالوا كنا نحن نحصر الحصن‬
‫أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتنع علينا حتى نكاد‬
‫نيأس منه‪ ،‬حتى إذا تعرض أهله لسب رسول الله والوقيعة في‬
‫عرضه تعجلنا فتحة وتيسر ولم يكد يتأخر إل ّ يوما ً أو يومين أو نحو‬
‫ذلك ثم يُفتح المكان عنوة‪ ،‬ويكون فيهم ملحمة عظيمة‪ .‬قالوا حتى‬
‫إن كنا لنتباشر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم يقعون فيه‪ ،‬مع امتلء‬
‫القلوب غيظا ً عليهم بما قالوا فيه‪ .‬وهكذا حدثني بعض أصحابنا‬
‫الثقات؛ أن المسلمين من أهل المغرب حالهم مع النصارى كذلك‪،‬‬
‫ومن سنة الله أن يعذب أعداءه تارة بعذاب من عنده وتارة بأيدي‬
‫عباده المؤمنين"‪.‬‬
‫وقال في موضع آخر‪ :‬وبلغنا مثل ذلك في وقائع متعددة‪.‬‬
‫وقد قال أصدق القائلين سبحانه مبينا تكفله بكفاية شر هؤلء‪:‬‬
‫ما أُنْزِ َ‬ ‫ما أُنْزِ َ‬ ‫َ‬
‫عي َ‬
‫ل‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫ل إِلَى إِبَْراهِي َ‬ ‫ل إِلَيْنَا وَ َ‬ ‫منَّا بِالل ّهِ وَ َ‬ ‫(قُولُوا آ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ما أوت ِ َ‬ ‫سى َو َ‬ ‫عي َ‬ ‫سى وَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ما أوت ِ َ‬ ‫ط وَ َ‬‫سبَا ِ‬ ‫ب وَاْل ْ‬ ‫حاقَ َويَعْقُو َ‬ ‫س َ‬
‫وَإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن * فَإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ح ُ‬‫م وَن َ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫منْه‬‫حد ٍ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ‬ ‫م ل نُفَّرِقُ بَي ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن َرب ِّه‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ن ِ‬ ‫النَّبِيُّو َ‬
‫ق‬
‫شقَا ٍ‬ ‫م فِي ِ‬ ‫ما هُ ْ‬‫ن تَوَل ّوْا فَإِن َّ َ‬ ‫م بِهِ فَقَد ِ اهْتَدَوْا وَإ ِ ْ‬ ‫منْت ُ ْ‬ ‫ما آ َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ِ‬
‫منُوا ب ِ ِ‬ ‫آ َ‬
‫م) [البقرة‪ .]137-136 :‬فما أوسع‬ ‫ْ‬
‫ميعُ العَلِي ُ‬ ‫س ِ‬‫ه وَهُوَ ال َّ‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫سيَكْفِيكَهُ ُ‬ ‫فَ َ‬
‫البون بين أهل السلم التقياء النقياء الذين يؤمنون بجميع الرسل‬
‫ويعظمونهم ويوقرونهم‪ ،‬وبين غيرهم الذين ناصبوا رسلهم العداء‬
‫قديما ً وحديثاً‪ ،‬وورثوه كابرا ً عن كابر‪.‬‬
‫ولشك أن ساسة الدول الذين يغضون الطرف عن سفهائهم‬
‫الواقعين في أعراض النبياء ليسوا عن الذم بمعزل‪ ،‬فإن الله‬
‫سبحانه تأذن بإهلك المدن والقرى الظالمة‪ ،‬ولعل من أظلم الظلم‬

‫‪68‬‬
‫العتداء على النبياء وتنقصهم‪ ،‬فإن ذلك يخالف التشريعات‬
‫السماوية‪ ،‬كما أنه مخالف للنظم والقوانيين الوضعية الكافرة‬
‫الرضية‪ .‬والدول الغربية إذا لم تقم العدل لم تبق من مقومات‬
‫بقائها كثير أعمدة‪.‬‬
‫ولعل وقيعة بعض الغربيين في النبي الكريم مشعر بتهالك‬
‫حضارتهم وقرب زوالها‪ ،‬فإنهم ما تجرأوا ول عدلوا إلى النتقاص‬
‫وأنواع الشتم إل ّ بعد أن فقدوا المنطق‪ ،‬وأعوزتهم الحجة‪ ،‬بل‬
‫ظهرت عليهم حجة أهل السلم البالغة‪ ،‬وبراهين دينه الساطعة‪،‬‬
‫فلم يجدوا ما يجاروها به غير الخروج إلى حد السب والشتم‪ ،‬تعبيراً‬
‫عن حنقهم وما قام في نفوسهم تجاه المسلمين من المقت‪،‬‬
‫وغفلوا أن هذا يعبر أيضا ً عما قام في نفوسهم من عجز عن إظهار‬
‫الحجة والبرهان‪ ،‬والرد بمنطق وعلم وإنصاف‪ .‬فلما انهارت‬
‫حضارتهم المعنوية أمام حضارة السلم عدلوا إلى السخرية‬
‫والتنقص والشتم‪.‬‬
‫وإنك لتعجب من دول يعتذر حكماؤها لسفهائها بحجة إتاحة‬
‫الحريات‪ ،‬مع أن شأنهم مع من عادى السامية أو تنقصها يختلف!‬
‫وحسبك أن تقرير الحريات المريكي الخير أشاد بحادثة تحقيق‬
‫وإدانة في الدنمارك لمعادات السامية‪ ،‬وببعض جهود الدولة في‬
‫ذلك‪ ،‬ولمها في بعض التقصير –وفق رؤيتهم‪ -‬وفي معرض ذلك‬
‫عرض بالمسلمين‪ ،‬فضل ً عن تغافله عن حوادث السخرية بالسلم‬
‫ونبيه صلى الله عليه وسلم المتكررة هناك‪.‬‬
‫ومن هنا يتبين أن مسألة الديمقراطية وقضية الحريات وقوانين‬
‫المم المتحدة التي تزعم احترامها وحمايتها وبالخص الدينية منها‪،‬‬
‫أمور ذات معاير مختلفة عند القوم‪ ،‬والمعتبر عندهم فيها ما وافق‬
‫اعتقادهم ودينهم وثقافتهم‪.‬‬
‫وإذا تقرر هذا فليعلم أن من واجب المسلمين أن يذبوا عن عرض‬
‫رسول الله بما أطاقوا قول ً وعملً‪ ،‬وأن يسعوا في محاسبة الظالم‬
‫وفي إنزال العقوبة التي يستحقها به‪ ،‬كما قال الله تعالى‪( :‬لِتُؤ ْ ِ‬
‫منُوا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صيلً) [الفتح‪،]9:‬‬ ‫حوه ُ بُكَْرة ً وَأ ِ‬ ‫سولِهِ وَتُعَّزُِروه ُ وَتُوَقُِّروه ُ وَت ُ َ‬
‫سب ِّ ُ‬ ‫بِالل ّهِ وََر ُ‬
‫َ‬
‫ه)[التوبة‪ ،]40:‬ومن المفارقات‬ ‫صَره ُ الل ّ ُ‬ ‫وقال‪( :‬إِل ّ تَن ْ ُ‬
‫صُروه ُ فَقَد ْ ن َ َ‬
‫الظاهرة التي وقع فيها بعض المسلمين‪ ،‬تقصيرهم في الذب عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬مع أنك ترى الموالد الحاشدة‬
‫المكتظة بدعوى المحبة‪ ،‬فهل ياترى عبرت تلك الحشود التي ربما‬

‫‪69‬‬
‫رمت غيرها بعدم محبته صلى الله عليه وسلم عن حبها بذبها عن‬
‫رسولها صلى الله عليه وسلم؟ وهل أنصف النبي الكرم صلى الله‬
‫عليه وسلم أولئك الذين يحاولون تصوير مسألة تنقصه –مجاملة‬
‫للغرب‪ -‬على أنها مسألة لتنبغي لنها من قبيل الحديث في‬
‫الموات؟ هل هذا علج صحيح للقضية؟ وهل هذا هو حجمها عند‬
‫المسلمين؟ أرأيتم لو استهزأ بحاكم أو ملك أو رئيس‪ ،‬أوَ تبقي بعدها‬
‫تلك الدولة المستهزؤ بحاكمها علقة مع الدولة التي يُستهزؤ فيها‬
‫تحت سمع وبصر الساسة باسم الحريات؟ أويقبل مسلم أن تقطع‬
‫دولة إسلمية علقتها مع دولة غربية لسباب يسيرة وقضايا هامشية‬
‫ثم ل تحرك ساكنا تجاه السخرية بنبي المة صلى الله عليه وسلم؟‬
‫لقد كان الذب عنه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومجازاة المعتدي وردعه‬
‫من هدي الصحابة والسلف الكرام‪ ،‬بالعمل والقول وربما بهما‬
‫جميعاً‪ ،‬وكم جاد إنسان منهم بنفسه في سبيل ذلك‪ ،‬إل ّ أنه ليتوجب‬
‫على المسلم أن يُعَّرِض نفسه للهلكة في سبيل ذلك‪ ،‬بل له في‬
‫السكوت رخصة إذا لم تكن له بالنكار طاقة‪ ،‬وفي خبر عمار –رضي‬
‫الله عنه‪ -‬في الكراه ونزول قول الله تعالى‪( :‬إل ّ من أكره) الية ما‬
‫ب بن‬‫يشهد لهذا‪ ،‬وكذلك حديث جابر في قتل محمد ُ بن مسلمة كع َ‬
‫الشرف‪ ،‬فهو يشهد لهذا المعنى‪ ،‬وغيره مما هو معروف عند أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫ومن كان هذا شأنه فل يقتله السى وليعلم أن الله منتقم لنبيه‪ ،‬وأن‬
‫المجرم إذا تداركته فلتة من فلتات الدهر في الدنيا فلم تمض فيه‬
‫سنة الله في أمثاله‪ ،‬فإن وراءه‪:‬‬
‫يوم عبوس قمطرير شره في الخلق منتشر عظيم الشان‬
‫وحسبه من خزي الدنيا أن يهلك وألسنة المليار ومن ينسلون تلعنه‬
‫إلى يوم الدين‪ ،‬فإن المسلمين قد ينسون أمورا ً كثيرة ويتجاهلون‬
‫مثلها‪ ،‬ولكنهم لينسون ول يغفرون لمن أساء إلى نبيهم صلى الله‬
‫عليه وسلم وإن تعلق بأستار الكعبة‪ ،‬وخاصة بعد موته صلى الله‬
‫عليه وسلم وتاريخهم على هذا شاهد‪.‬‬
‫هذا والله أسأل أن يعجل بالنتصار لنبيه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأن‬
‫يعز السلم وأهله إنه على ذلك قدير وبالجابة جدير‪ ،‬وصلى الله‬
‫وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫إهانة نبي السلم تجدد السؤال من يكره من؟‬

‫‪70‬‬
‫الكاتب‪ :‬فهمي هويدي‬
‫إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو‪ :‬لماذا ل تعلن‬
‫حكومات الدول السلمية استهجانها واستنكارها لموقف حكومة‬
‫الدنمارك بشكل صريح وحازم‪ ،‬أسوة بموقف منظمة المؤتمر‬
‫السلمي التي دعت إلى مقاطعة المؤتمر الدنماركي عن الشرق‬
‫الوسط‪ ،‬ذلك أن مثل ذلك الطعن الجارح إذا وجه إلى أي رئيس‬
‫دولة في منطقتنا لقامت الدنيا ولم تقعد‬
‫صدمة الرسوم الدنماركية الفاحشة التي أهانت نبي السلم‬
‫وسخرت منه وحطت من شأن كل ما يمثله‪ ،‬ينبغي أل تمر من دون‬
‫أن نتوقف عند وقائعها ونستخلص دروسها‪ ،‬لنها تشكل نموذجاً‬
‫للكيفية التي تتعامل بها بعض الحكومات والنخب في الغرب مع‬
‫السلم‪ ،‬وللكيفية التي ترد بها الطراف السلمية على الهانات‬
‫التي توجه إلى عقيدتهم ونبيهم‪.‬‬
‫خلصة الوقائع على النحو التالي‪ :‬في الثلثين من شهر سبتمبر‬
‫(أيلول) الماضي نشرت صحيفة «يولندز بوسطن»‪ ،‬وهي من أوسع‬
‫الصحف اليومية انتشارا ً في الدنمارك‪ 12 ،‬رسما ً كاريكاتوريا ً للنبي‬
‫محمد عليه الصلة والسلم‪ ،‬أقل ما توصف بها أنها بذيئة ومنحطة‬
‫إلى أبعد الحدود‪ ،‬ومع الرسوم نشرت الصحيفة تعليقا ً لرئيس‬
‫تحريرها عبر فيه عن دهشته واستنكاره إزاء القداسة التي يحيط بها‬
‫المسلمون نبيهم‪ ،‬المر الذي اعتبره ضربا ً من «الهراء الكامن وراء‬
‫جنون العظمة»‪ ،‬ودعا الرجل في تعليقه إلى ممارسة الجرأة في‬
‫كسر ذلك «التابو»‪ ،‬عن طريق فضح ما اسماه «التاريخ المظلم»‬
‫لنبي السلم‪ ،‬وتقديمه إلى الرأي العام في صورته الحقيقية (التي‬
‫عبرت عنها الرسوم المنشورة)‪.‬‬
‫كان لنشر الصور الكاريكاتورية وقع الصاعقة على المسلمين الذين‬
‫يعيشون في الدنمارك (‪ 180‬ألف نسمة‪ ،‬يمثلون حوالي ‪ %3‬من‬
‫السكان البالغ عددهم ‪ 5.4‬مليون شخص)‪ ،‬كما كان له نفس الصدى‬
‫في أوساط ممثلي الدول السلمية في كوبنهاجن‪ ،‬فعقد ‪11‬‬
‫دبلوماسيا ً منهم اجتماعا ً بحثوا فيه المر‪ ،‬وقرروا مطالبة الصحيفة‬
‫بالعتذار للمسلمين عن إهانة نبيهم‪ ،‬ولكن رئيس تحريرها رفض‬
‫العتذار‪ ،‬فطلبوا مقابلة رئيس الوزراء الدنماركي لبلغه باحتجاجهم‬
‫على نشر الصور‪ ،‬فرفض مقابلتهم بدوره‪ ،‬وأبلغهم من مكتبه بأن‬

‫‪71‬‬
‫المر يتعلق بحرية التعبير التي ل تتدخل فيها الحكومة‪ ،‬وقيل لهم إن‬
‫بوسعهم اللجوء إلى القضاء إذا أرادوا‪.‬‬
‫حين علم بالمر المين العام لمنظمة المؤتمر السلمي الدكتور‬
‫اكمل الدين احسان أوغلو‪ ،‬فإنه وجه خطابات إلى رئيس وزراء‬
‫الدنمارك والمسؤولين في التحاد الوروبي ومنظمة المن والتعاون‬
‫الوروبي دعاهم فيها إلى التدخل لوقف حملة الكراهية ضد‬
‫المسلمين‪ ،‬واتخاذ موقف حازم إزاء الهانات التي توجه ضد نبيهم‪،‬‬
‫وكان محور الردود التي تلقاها ـ خصوصا ً من رئيس الوزراء‬
‫الدنماركي ـ أن قضية حرية التعبير تمثل ركنا ً أساسيا ً في‬
‫الديمقراطية الدنماركية‪ ،‬المر الذي اعتبر رفضا ً لتخاذ موقف إزاء‬
‫الحملة‪ ،‬في الوقت ذاته تحرك سفراء الدول السلمية في جنيف‪،‬‬
‫وقدموا شكوى إلى مفوضية حقوق النسان في العاصمة‬
‫السويسرية‪ ،‬اعتبروا فيها موقف الصحيفة الدنماركية محرضا ً على‬
‫العنصرية والكراهية للمسلمين‪ ،‬فقررت المفوضية تحري المر‬
‫وإعداد تقارير عن الموضوع يفترض أن ينتهي إعدادها يوم ‪ 24‬من‬
‫الشهر الحالي‪.‬‬
‫أدرجت المسألة ضمن جدول أعمال القمة السلمية التي عقدت‬
‫في مكة في السابع من شهر ديسمبر (كانون الول) الماضي‪ ،‬وبناء‬
‫على ذلك عبرت إحدى توصيات المؤتمر عن القلق إزاء الحملت‬
‫العلمية المسيئة إلى السلم ونبي المسلمين‪ ،‬وأشارت إلى‬
‫مسؤولية جميع الحكومات عن ضمان احترام الديانات المختلفة‪،‬‬
‫وعدم جواز التذرع بحرية التعبير للساءة إلى الديان والمقدسات‪.‬‬
‫بعد ثلثة أشهر من التجاهل والصمت‪ ،‬وفي أعقاب التفجيرات التي‬
‫حدثت في لندن‪ ،‬علق على قضية الرسوم الكاريكاتورية المفوض‬
‫العدلي بالتحاد الوروبي فرانكو فراتيني‪ ،‬قائل ً إن نشرها لم يكن‬
‫تصرفا ً حكيماً‪ ،‬باعتبار أنه من شأن ذلك أن يشيع الكراهية ويشجع‬
‫على التطرف في أوروبا‪.‬‬
‫بينما الرسائل يتم تبادلها بين الطراف المختلفة‪ ،‬انتقد ‪ 22‬سفيراً‬
‫دنماركياً‪ ،‬أغلبهم عملوا في البلد العربية موقف حكومة بلدهم من‬
‫المسألة‪ ،‬وقام وفد من مسلمي الدنمارك يمثلون ‪ 21‬مركزا ً إسلمياً‬
‫ومنظمة بزيارة إلى القاهرة‪ ،‬التقوا خللها شيخ الزهر والمين العام‬
‫لجامعة الدول العربية‪ ،‬وانتقد وزراء خارجية الدول العربية سلبية‬
‫الحكومة الدنماركية إزاء الهانة التي لحقت بنبي السلم‪ ،‬ووجد‬

‫‪72‬‬
‫المين العام لمنظمة المؤتمر السلمي أنه ل مفر من اتخاذ موقف‬
‫عملي يوصل رسالة الحتجاج والغضب إلى حكومة الدنمارك‪ ،‬التي‬
‫تعاملت مع الحدث بقدر لفت للنظر من عدم الكتراث واللمبالة‪،‬‬
‫ولذلك قرر إعلن مقاطعة المنظمة لمشروع دنماركي‪ ،‬يتمثل في‬
‫إقامة معرض كبير تحت عنوان «انطباعات عن الشرق الوسط»‬
‫تغطي حكومة كوبنهاجن جزءا ً من تكاليفه‪ ،‬ويفترض أن تسهم‬
‫الدول العربية (الخليجية) في تغطية بقية النفقات‪ ،‬وبعث الدكتور‬
‫اكمل الدين أوغلو رسالة بهذا المعنى إلى الجهة المعنية في‬
‫كوبنهاجن‪ ،‬أبلغها فيها بأن منظمة المؤتمر السلمي طلبت من كل‬
‫العضاء مقاطعة المشروع‪ ،‬احتجاجا ً على موقف بلدهم الرسمي‬
‫من إهانة نبي السلم‪.‬‬
‫أخيراً‪ ،‬في أعقاب كل تلك التطورات‪ ،‬تطرق رئيس وزراء الدنمارك‬
‫إلى الموضوع في بيان رأس السنة الميلدية‪ ،‬الذي بثه التلفزيون‬
‫قال فيه إن حكومته تدين أي تعبير أو تصرف يسيء إلى مشاعر أية‬
‫جماعة من الناس‪ ،‬استنادا ً إلى خلفياتهم الدينية أو العرقية‪ ،‬وبهذه‬
‫الشارة المخففة‪ ،‬تصور الرسميون في كوبنهاجن أنه تمت تسوية‬
‫المر‪ ،‬في الوقت الذي بدا فيه لكل ذي حس سليم أن الجرح أكبر‬
‫وأعمق بكثير من أن يداوى بكلمات عامة وخجولة من ذلك القبيل‪.‬‬
‫من ناحية أخرى‪ ،‬كانت بعض المنظمات السلمية في الدنمارك قد‬
‫رفعت قضية ضد الصحيفة التي تبنت الساءة البذيئة للنبي محمد‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬ولكن المدعي العام رفض القضية معتبرا ً أن‬
‫نشر الرسوم الكاريكاتورية تم في إطار حرية التعبير التي يحميها‬
‫القانون‪ ،‬وفي حين اختص رئيس تحرير صحيفة «يولندز بوسطن»‬
‫بالقرار‪ ،‬فإن صدوره شجع صحيفة مسيحية محافظة أخرى في‬
‫الترويج «مجازينت» على إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الثني‬
‫عشر‪ ،‬ومن ثم الترويج لحملة السخرية البذيئة من نبي المسلمين‬
‫ودينهم‪.‬‬
‫ول يزال الملف مفتوحاً‪ ،‬حيث قدم مسلمو الدنمارك طعنا ً في قرار‬
‫المدعي العام‪ ،‬وثمة مشاورات حول الموضوع ما زالت جارية بين‬
‫ممثلي الدول السلمية في جنيف ولدى منظمة اليونيسكو‪ ،‬وليس‬
‫معروفا ً بعد كيف سيكون موقف ممثلي تلك الدول من المسألة‪.‬‬
‫إن ما يثير دهشتنا واستياءنا ليس فقط أن يتطاول شخص أو منبر‬
‫إعلمي على نبي السلم ومقدسات المسلمين‪ ،‬فالمتعصبون‬

‫‪73‬‬
‫والموتورون والحاقدون والمغرضون‪ ،‬موجودون في كل مجتمع‪،‬‬
‫وهم كثر في الغرب‪ ،‬خصوصا ً إذا ما تعلق المر بالشأن السلمي‪،‬‬
‫ومن أسف أن أصوات هؤلء طغت على أصوات العقلء والمنصفين‬
‫من مثقفي الغرب‪ ،‬لكن ما يثير الدهشة والستياء أيضا ً وبدرجة أكبر‬
‫هو مسلك الحكومة والقضاء في الدنمارك‪ ،‬حيث يفترض أن تتنزه‬
‫مواقفهما عن الهوى والغرض‪ ،‬وأن يكون تعبيرهما أكثر التزاماً‬
‫بمعايير النصاف وبمقتضيات المصلحة العامة‪.‬‬
‫فليس صحيحا ً أن السخرية والطعن في نبي السلم ورموز‬
‫المسلمين يعد من قبيل ممارسة حرية التعبير‪ ،‬لن الذي تعلمناه‬
‫في دراسة القانون أنه ل توجد حرية مطلقة إل فيما يخص حرية‬
‫العتقاد والتفكير‪ ،‬أما التعبير فهو سلوك اجتماعي يرد عليه التنظيم‬
‫في أي مجتمع متحضر‪ ،‬وعند فقهاء القانون في النظام‬
‫النجليسكسوني وفي النظم اللتينية‪ ،‬فضل ً عن الشريعة السلمية‪،‬‬
‫فإن حرية التعبير يسبغ عليها القانون حمايته طالما ظلت تخدم أية‬
‫قضية اجتماعية‪ ،‬ول تشكل عدوانا ً على الخرين‪ ،‬وللمحكمة‬
‫الدستورية العليا في الوليات المتحدة أحكام متواترة بهذا المعنى‪،‬‬
‫والعبارة المتكررة في تلك الحكام تنص على أن حماية حرية‬
‫التعبير تظل مكفولة طالما تضمنت حدا ً أدنى من المردود‬
‫الجتماعي النافع‪ ،‬ونصها بالنجليزية كما يلي‪:‬‬
‫‪A minimum of social redeaming value‬‬
‫إن كل القوانين تجرم سب الشخاص والقذف في حقهم‪ ،‬حيث ل‬
‫يمكن أن يعد ذلك نوعا ً من حرية التعبير‪ ،‬لن السب في هذه الحالة‬
‫يعد عدوانا ً على شخص آخر‪ ،‬ومن ثم فأولى بالتجريم سب نبي‬
‫السلم الذي يؤمن بنبوته ورسالته ربع سكان الكرة الرضية‪ ،‬وحين‬
‫حدثت في المر الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وهو خبير قانوني‬
‫دولي‪ ،‬أيد ما ذكرت وأضاف أنه حتى إذا سلمنا بأنه ل توجد نصوص‬
‫في التشريعات الدنماركية تعاقب على سلوك الصحيفة المشين‪،‬‬
‫فإن هناك التزاما ً أخلقيا ً وسياسيا ً يفرض على المسؤولين في‬
‫الدولة إدانة ذلك المسلك‪ ،‬انطلقا ً من الحرص على حماية‬
‫المعتقدات الدينية ودفاعا ً عن فكرة التعددية الثقافية‪.‬‬
‫إضافة الدكتور أبوالمجد بأن عدم اتخاذ موقف صريح وحازم من‬
‫جانب حكومة الدنمارك إزاء الطعن في نبي السلم يفتح الباب‬
‫لشرور كثيرة‪ ،‬من بينها فتح البواب واسعة لشعال حروب ثقافية ل‬

‫‪74‬‬
‫مصلحة لحد فيها‪ ،‬المر الذي يهيئ المناخ لحلل القطيعة بين‬
‫الشعوب والثقافات محل التواصل‪ ،‬والصراع محل التعاون‪ ،‬وليس‬
‫معقول ً أن يكون ذلك ما تسعى إليه حكومة الدنمارك‪.‬‬
‫إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو‪ :‬لماذا ل تعلن‬
‫حكومات الدول السلمية استهجانها واستنكارها لموقف حكومة‬
‫الدنمارك بشكل صريح وحازم‪ ،‬أسوة بموقف منظمة المؤتمر‬
‫السلمي التي دعت إلى مقاطعة المؤتمر الدنماركي عن الشرق‬
‫الوسط‪ ،‬ذلك أن مثل ذلك الطعن الجارح إذا وجه إلى أي رئيس‬
‫دولة في منطقتنا لقامت الدنيا ولم تقعد‪ ،‬ولسحب السفير وتهددت‬
‫العلقات الدبلوماسية فضل ً عن المصالح القتصادية للقطيعة‪ ،‬فهل‬
‫نستكثر على نبي السلم عليه الصلة والسلم أن نغضب لشخصه‬
‫ولكرامته بما هو دون ذلك بكثير؟ وأل يخشى إذا استمر الصمت‬
‫الرسمي في العالمين العربي والسلمي‪ ،‬أن يخرج علينا من يطرح‬
‫العنف بديل ً عن المعالجة الدبلوماسية الرصينة‪ ،‬فيفتي مثل بإهدار‬
‫دماء محرر الصحيفة الدنماركية ورساميها‪ ،‬وتكون هذه شرارة فتنة‬
‫جديدة ل يعلم إل الله مداها؟‬
‫أخيرا ً فإن الواقعة تجدد سؤال ً آخر طالما طرحناه حينما كان يفتح‬
‫باب الحديث عن عداء المسلمين المزعوم للغرب‪ ،‬هو‪ :‬من حقاً‬
‫يكره من؟‬
‫ض وإنكاٌر على الساءة النرويجية نحو رسول الله محمد صلى‬ ‫اعترا ٌ‬
‫الله عليه وسلم‬
‫نشرت جريدة المدينة في ملحق الرسالة في ‪20/12/1426‬هـ‬
‫====================‬
‫ض وإنكاٌر على الساءة النرويجية نحو رسول الله‬ ‫اعترا ٌ‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع‬
‫ب‬ ‫ي العزيز ‪ ،‬وصلَّى الله وسلَّم على من خاطبه ر ُّ‬ ‫الحمد لله العل ِ ّ‬
‫ن ) النبياء ‪107 :‬‬ ‫َ‬
‫ة ل ِّلْعَال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫سلْنَا َ‬
‫ك إِل َر ْ‬ ‫ما أْر َ‬
‫العالمين فقال ‪ ( :‬وَ َ‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫ب النصراني المتطّرِف ‪ ،‬والذي تتغنَّى عواصمه بالتحضر‬
‫فها هو الغَْر ُ‬
‫والتمدن ‪ ،‬ويتشدق مثقفوه بالمعاني النسانية ‪ ،‬ها هو يكشف يوماً‬

‫‪75‬‬
‫بعد يوم عن حقيقته ‪ ،‬من خلل أفعال بغيضة في حق كثيرٍ من‬
‫ة موقفهم من السلم والمسلمين ‪.‬‬ ‫الناس ‪ ،‬وخاص ً‬
‫َّ‬
‫ط العمال وأشنع الفعال ‪ ،‬عسكرية‬ ‫ويتجلى ذلك باقترافهم أح‬
‫كانت أو اقتصادية أو سياسية أو إعلمية ‪ ،‬حيث يشترك تطرفهم في‬
‫بغي آلتهم العسكرية الباطشة بالبرياء ‪ ،‬مع اقتصادهم المجوع‬
‫للطفال والنساء ‪ ،‬مع عجرفة سياساتهم وبغي تعاملتهم ‪.‬‬
‫وكانت أبغض أفعالهم ما تقترفه ثقافة وإعلم متطرفيهم ‪ ،‬المتمثلة‬
‫معَل ِّم البشريَّة وهادي النسانية وخاتم رسل الله محمد‬ ‫في معاداة ُ‬
‫ف‬‫ل وعل ‪ ( :‬كَي ْ َ‬ ‫بن عبدالله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وصدق الله ج َّ‬
‫َ‬ ‫م إِل ٌّ وَل َ ذ ِ َّ‬
‫ضونَكُم بِأفْوَاهِهِ ْ‬
‫م‬ ‫ة يُْر ُ‬
‫م ً‬ ‫م ل َ يَْرقُبُوا ْ فِيك ُ ْ‬
‫وَإِن يَظْهَُروا ع َلَيْك ُ ْ‬
‫ن ) ]التوبة ‪8 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سقُو َ‬ ‫م فَا ِ‬‫م وَأكْثَُرهُ ْ‬ ‫وَتَأبَى قُلُوبُهُ ْ‬
‫‪ .‬لقد تمادت وسائل إعلم غربية عديدة ‪ ،‬وتناوب منهم أشخاص‬
‫موتورون على الستهزاء برسول الله محمد عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫وتكررت منهم محاولت الساءة إليه بألفاظ نابية ورسوم بغيضة‬
‫كاذبة ‪ ،‬وكان ذلك منهم على مل ٍ واستعلن في المجتمعات الغربية‬
‫النصرانية ‪ ،‬في أوروبا وأمريكا ‪ ،‬من خلل وسائل إعلم متعددة ‪،‬‬
‫دون أن يُجابه ذلك بالعتراض والنكير ‪ ،‬برغم فداحته ‪.‬‬
‫وكان من أواخر ذلك‪:‬‬
‫‪ )1‬ما صدر عن القساوسة (جيري فالويل) و (بات روبرتسون) و‬
‫(فرانكلين جراهام) و (جيري فاينز) من إساءات مرفوضة وكلم‬
‫ساقط نحو دين السلم ونحو رسول الله محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪ )2‬ما صدر عن منظمة (رابطة الرهبان لنشر النجيل) التنصيرية‬
‫المدعومة بأموال هائلة من الفاتيكان ‪ .‬حيث تعد من أهم مؤسسات‬
‫الفاتيكان ومقرها روما ‪ ،‬وتضم نحو مليون فرد ‪ ،‬يعملون ليل نهار ‪،‬‬
‫وفي كل مكان ‪ ،‬من أجل وقف انتشار السلم في العالم بكل قوة‬
‫بزعمهم ‪ ،‬وعلى تشويه صورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫ونَعْتِه بأبشع الصفات ‪ ،‬من خلل مشروع أطلقوا عليه ‪( :‬مليون ضد‬
‫محمد) ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫‪ )3‬ما صدر عن الصحيفة الدنمركية ( جيلندز بوستن ‪Jyllands-/‬‬
‫‪ ) ,Posten‬من السوء حين نشرت (‪ )12‬رسما ً ( كاريكاتيريا ً ) أو‬
‫ساخرا ً يوم الثلثاء ‪ 26‬شعبان ‪1426‬هـ ‪ 30 /‬سبتمبر ‪ 2005‬تصور‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم في أشكال مختلفة‪ ،‬وفي أحد‬
‫الرسوم يظهر مرتديا ً عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !!‪.‬‬
‫‪ )4‬وهاهي المجلة النصرانية النرويجية (ماغازينت‪) Magazinet /‬‬
‫تنضم لهذا التجاه الثم ‪ ،‬وتعيد نشر تلك الصور الكاذبة الخاطئة‬
‫تحت شعار حرية التعبير‪ ،‬في يوم عيد الضحى ‪1426‬هـ الموافق ‪10‬‬
‫يناير ‪. 2006‬‬
‫وفي هذا يقول رئيس تحرير تلك المجلة ( فيبيورن سيلبك ‪Vebjrn /‬‬
‫‪ ) Selbekk‬يقول ‪« :‬لقد ضقت ذرعا ً شأني شأن يلندز بوسطن من‬
‫تآكل حرية التعبير الذي يحدث خفية» ويقول ‪« :‬لقد فعل العديدون‬
‫بالفعل الكثير لكي ل يتم وأد هذه القضية‪ ،‬وبهذه الرسوم نود أن‬
‫نقدم مساهمتنا الصغيرة»‪.‬‬
‫هكذا يتتابع الشرار في الستهزاء بأطهر البشر ‪ ،‬وأزكى الخلق‬
‫محمد عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وأحيل هنا على مقالي السابق في‬
‫الرد على صحيفة ( جيلندز بوستن‪ ) ,Jyllands-Posten/‬المنشور‬
‫مختصرا ً بجريدة المدينة والحياة ‪ ،‬وكامل ً في موقع صيد الفوائد ‪( .‬‬
‫‪) http://saaid.net/Doat/shaya/1.htm‬‬
‫وأؤكد على أن المسلمين والعالم أجمع مسئولون مسئولية تاريخية‬
‫عن تفنيد تلك الباطيل ‪ ،‬حتى تكون المور في نصابها الصحيح ‪،‬‬
‫فهذه الباطيل مؤذنة بالسوء على العالم أجمع ما لم يتم تفنيدها ‪.‬‬
‫َ‬
‫وإنني لتوجه بالل ّوم الكبير والستهجان الشديد للمنظمات الدولية ‪:‬‬
‫وخاصة المم المتحدة وجمعيات حقوق النسان وغيرها ‪ ،‬والتي لم‬
‫تُبْد ِ اعتراضا ً واضحا ً تجاه هذه المساوئ نحو نبي الرحمة محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬كما تصنع عادة في قضايا معاداة السامية أو إنكار‬
‫ما يسمى هولوكوست ‪ ،‬ونحوهما من القضايا الهامشية !!‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫فأي حق للنسان ستدافع عنه تلك المنظمات إذا لم تدافع عن‬
.!‫أطهر إنسان ؟‬
‫وأي مبدأ سيُحترم في حياة البشر إذا كان أصحاب المبادئ الكريمة‬
‫ بل يُستهزأ‬. !‫ يُستهزأ بهم دون أي نكير؟‬، ‫ وهم النبياء‬، ‫الحقَّة‬
. ‫بأفضلهم وخاتمهم محمد عليه الصلة والسلم‬
: ‫ فأقول له‬، ) Magazinet / ‫وأما رئيس تحرير مجلة ( ماغازينت‬
‫ن محمدا ً صلى الله عليه وسلم هو أطهر البشر وأزكاهم ولن‬
َّ ‫إ‬
: ‫يضيره مثل هذه التفاهات‬
is truly the purest of the. ‫ صلى الله عليه وسلم‬Mohammed
mankind breed. Any ridiculing acts, no matter how many in
volume and number they are, they would not change this fact that
billions of people believe in. Allah, the Almighty reported this in
the Glorious Quran
‫ إن دعوى حرية التعبير ل تجيز‬: ‫وأقول له ولمن هو على شاكلته‬
. ‫الساءة لحد بل حق‬
The claim of "freedom-of-speech" does not entitle anyone to
.attack others and harms them
e privacy, dignity and honor and principles of others.All worlds'
constitutions and international organizations insist on and demand
to respect all the Prophets and Messengers of Allah, the
Almighty. Moreover, they confirm the necessity to respect the
Divine Messages, respect others and do not attack th
‫ هذا الستهزاء ل يخدم مصالح النرويج ول مصالح‬: ‫وأقول له ولقومه‬
. ‫أوروبا‬

78
Ridiculing important figures does not serve the interests of
.Norway or even Europe
‫ ولذلك توعدهم‬، ‫ إن الستهزاء بالنبياء مسلك الشرار‬: ‫وأقول له‬
. ‫الله بالنتقام‬
.Ridiculing the Prophets is truly the way of evil-minded people
Those who attempt to harm the Prophets are promised with
.Allah's revenge
، ‫ إن التاريخ ل ينصت للدعياء ول للموتورين ول للفَّاكين‬: ‫وأقول له‬
‫ فهؤلء مصيرهم الخسارة‬، ‫ممن يحاربون النبياء ودعاة الهدى‬
‫ الذين اعتبروا‬، ‫ ولكن التاريخ ينصت لصحاب العدل والنُّبْل‬، ‫الفادحة‬
: ‫ واقرأ بعض ما قال هؤلء‬، ‫عملك هذا من أكبر الحماقات‬
The British writer and critique, Bernard Show, in his book
Mohammed, which was ordered to be burnt by the British
authorities, says, 'This world is in a bad need for a man with the
thinking style and ability of that of Mohammed. (1
ill find great accommodation in Europe.'This Prophet who always
placed his religion in a respectable and honorable position. This
religion is the strongest to digest all civilizations and be an eternal
religion. I notice that many British citizens embraced Islam justify
dir="rtl" fully. This religion w
The clergy men in the middle ages, as a result of discrimination
.and ignorance, had painted a dim picture for Mohammed
They considered him an enemy for Christianity. However, after
.researching his personality, I discovered that he was a great man

79
sperity for the entire humanity.I concluded that he was never an
enemy for Christianity; rather he should be called the savior of the
humanity. In fact, if he is given the leadership in our world today,
he will resolve the entire world problems in a manner that secure
peace and pro
nd cheater.'The English philosopher, Thomas Carlyle, the Nobel
Prize winner says in his book, 'The Heroes', 'It is extremely
shameful to anyone to believe that Islam is nothing but a bunch of
lies. And, it is equally shameful to believe that Mohammed is a
liar a (2
of people lived and died by were a mere lie and trick!?We must
fight such shameful rumors. The mission that Mohammed
achieved and fulfilled is still the lit candle for the past twelve
centuries for approximately two-hundred-million people. How
would one believe that the principles, which this huge number
Why then to say, write or publish harmful items that destroy and
U،¸‫ إ‬dG¸‫ آ‬Y¸‫ آا‬harm instead of construct and benefit ¼¸،Sh
These were some excerpts of the some of the renowned
international scholars of the world concerning Prophet Mohammed
‫ إنه من لمن الحسرة‬: )‫وأقول لرئيس تحرير مجلة ( ماغازينت‬
‫والبؤس أن يكون غاية علمكم بهذا النبي العظيم صلى الله عليه‬
‫ وأدعوك وغيرك ممن استفزهم‬، ‫وسلم هو مجرد الستهزاء‬
‫الشيطان لن تشرفوا أنفسكم بالطلع على سيرته عليه الصلة‬
‫ لتطلعوا على كمال النسانية في شخصه صلى الله عليه‬،‫والسلم‬
.‫وسلم‬

80
is the bit they ridiculed him for. Allah, the Almighty told the truth
saying in the Glorious Quran 36:30, 'Woe be to mankind! Never a
¸‫ آا‬messenger was sent to them except they ridiculed him.' ¼¸،Sh
U itself and its' editors and editor-in-chief, and also for،¸‫ إ‬dG¸‫ آ‬Y
the entire Norway government that the only information they have
about Mohammed (Magazinet) It is rather extremely disappointing
and depressing for the
the net that easily testify to that and support this fact. The
following sites are some examples: ves a favor by reading the
best biography of a man on-the-face-of-earth ever. He is the
perfect man, the perfect leader, the perfect teacher, the perfect
human being, the perfect father and the perfect all-in-all man.
There are thousands of sites onI call upon these ridiculing people,
who ridiculed Allah's Messenger SAAW, and I call upon the non-
Muslims to do-themselves-a-favor, to read the noble biography
of the honorable Prophet and Messenger of Allah, the Almighty.
They will be doing themsel
: ‫وبعد‬
‫ وإنه‬، ‫فنبرأ إلى الله من كل إساءة نحو نبينا محمد عليه الصلة‬
‫لواجب على الحكومات والمنظمات والجمعيات السلمية في العالم‬
. ‫أجمع أن تنكر هذا الباطل العظيم‬
‫وأن توضح للشعوب غير المسلمة حقيقة نبينا محمد عليه الصلة‬
‫ ذلك أن العلم الغربي من خلل‬، ‫والسلم وأن تعرفهم بدينه‬
‫سيطرة الصهاينة وأعوانهم من النصارى المتطرفين قد بذلوا‬
‫جهودهم الشريرة في تشويه دين السلم وتشويه حياة نبينا محمد‬
. ‫صلى الله وسلم ودعوته‬

81
‫وهذا هو البريد اللكتروني لهذه المجلة النرويجية ( ماغازينت ‪ُ /‬‬
‫‪ ) Magazine‬للنكار والعتراض على باطلهم والمطالبة بالعتذار‬
‫ي‪.‬‬
‫ف عن هذا الغ ّ‬ ‫والك ِ ّ‬
‫وهذا أيضا ً البريد اللكتروني لرئيس تحرير المجلة ( فيبيورن سيلبك‬
‫‪: ) Vebjrn Selbekk /‬‬
‫‪vebjorn@magazinet.no‬‬
‫ن أَكْثََر‬
‫مرِهِ وَلَك ِ َّ‬ ‫َ‬
‫ب ع َلَى أ ْ‬ ‫وختاما ً ‪ :‬أذكر بقول الله تعالى ‪ ( :‬وَالل ّ ُ‬
‫ه غَال ِ ٌ‬
‫ن)‬ ‫س ل َ يَعْل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫َ‬
‫الن ّا ِ‬
‫»يوسف ‪«21 :‬‬
‫‪ .‬وقوله تعالى مخاطبا ً عباده المؤمنين بعد أن بين شدة عداوة‬
‫ما‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه بِ َ‬ ‫شيْئا ً إ ِ َّ‬ ‫م كَيْدُهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫صبُِروا ْ وَتَتَّقُوا ْ ل َ ي َ ُ‬
‫ضُّرك ُ ْ‬ ‫المشركين ‪ ( :‬وَإِن ت َ ْ‬
‫ط)‬ ‫حي ٌ‬
‫م ِ‬ ‫ملُو َ‬
‫ن ُ‬ ‫يَعْ َ‬
‫» آل عمران ‪«120 :‬‬
‫وإن من الصبر والتقوى أن نرد عليهم إفكهم كلما أعلنوه ‪ ،‬وأرجو‬
‫أن يتحقق بهذا المقال شيء من ذلك‪.‬‬
‫ل على محمد وعلى آل محمد ‪ ،‬كما صليت على إبراهيم‬ ‫ص ِّ‬
‫اللهم َ‬
‫وعلى آل إبراهيم إنك حميد ٌ مجيد‪ ،‬وبارك على محمد وعلى آل‬
‫محمد ‪ ،‬كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد ٌ مجيد ‪.‬‬
‫=========================‬
‫الساقفة الشواذ يهاجمون رسول السلم!‬

‫محمد جمال عرفة ‪7/4/1423‬‬


‫‪2=18/06/200‬‬
‫من عجائب هذا الزمان أن يأتي قساوسة شواذ يمارسون الفجور‬
‫مع الطفال النصارى وفضيحتهم على رؤوسهم ‪ ..‬ثم يتكلمون في‬
‫السياسة ‪ ،‬ويهاجمون نبي السلم محمد عليه الصلة والسلم !؟‬
‫ومن عجب العجاب أن هؤلء القساوسة المنحرفين جنسيًا والذين‬
‫صوَّت مجلس الساقفة الميركيين لطرد ‪ 300‬منهم من عملهم‬
‫الكهنوتي‪ ،‬أصبحوا ناصين لدارة الرئيس المريكي بوش !‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫فخلل الجتماع السنوي للكنيسة المعمدانية المريكية الجنوبية‪،‬‬
‫والذي عقد مؤخرا في مدينة سانت لويس بولية ميسوري المريكية‬
‫‪ ،‬افترى أحد هؤلء الشواذ ‪-‬وهو القس جيري فاينز ‪ -‬الرئيس‬
‫السابق للمؤتمر السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية على الرسول‬
‫محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وأتهمه بأقذع التهم والشذوذ والتي ل‬
‫تنطبق سوى على شواذ الكنيسة الذين تم طردهم هذا السبوع من‬
‫الكهنوتية المسيحية اتقاءً للفتنة بعدما كشفت إحصاءات الفاتيكان‬
‫أن إعراض الوروبيين عن الكنيسة بسبب فضائح الكهنة يتزايد !‪.‬‬
‫وقال هذا القس – أخزاه الله‪ -‬مفسًرا سر زواج رسول السلم عدة‬
‫مرات بأنه ‪" :‬شاذ يميل للطفال ويتملكه الشيطان‪ ،‬تزوج من ‪12‬‬
‫زوجة أخراهم طفلة عمرها تسع سنوات" !‪.‬‬
‫وأضاف القس الشاذ (فاينز) أن "الله (الذي يؤمن به المسلمون)‬
‫ليس الرب (الذي يؤمن به المسيحيون)‪ .‬فلن يقوم الرب بتحويلك‬
‫إلى إرهابي يحاول تفجير الناس وأخذ أرواح آلف مؤلفة من البشر"‬
‫!‪.‬‬
‫ولنه إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا ‪..‬فشيمة أهل البيت الرقص ‪،‬‬
‫فقد أيد قادة الكنيسة المعمدانية الجنوبية تصريحات فاينز‪ ،‬وأعلنوا‬
‫تأييدهم له فيما قال عن النبي العدناني !‪.‬‬
‫وقد أرسل نهاد عوض المدير العام لمجلس العلقات السلمية‬
‫المريكية خطابا رسميا إلى الرئيس المريكي يطالبه فيه "بالتدخل‬
‫المباشر لدانة تصريحات القس جيري فاينز المعادية للسلم" خلل‬
‫المؤتمر السنوي للكنيسة المعمدانية الجنوبية خاصة وأن الرئيس‬
‫قد خاطب الحاضرين بالمؤتمر من خلل القمار الصناعية‪.‬‬
‫وقال عمر أحمد رئيس مجلس إدارة مجلس العلقات السلمية‬
‫المريكية (كير)‪ :‬إن " التصريحات المتهورة والمعادية للسلم‬
‫الصادرة عن أفراد يعتبرون قادة في مجتمعاتهم الدينية سوف تضر‬
‫بصورة أمريكا ومصالحها عالميا وسوف تؤدي إلى انقسام أمريكا‬
‫خلل الزمة الراهنة"‪.‬‬
‫ولكن مرت اليام ولم يصدر أي إدانة من جانب الرئيس (المتدين)‬
‫بوش على أقوال كبير شواذ الكنيسة رغم حديث بوش المتكرر عن‬
‫احترام الديان !‬
‫تصويت سري !‬

‫‪83‬‬
‫والغريب أن تصدر هذه التصريحات ضد السلم ونبيه في الوقت‬
‫الذي تثار فيه ضجة كبيرة في أمريكا تحديدًا وبقية دول اوروبا حول‬
‫شذوذ رجال الكنيسة الذي لم يمس فقط النساء والفتيات ‪ ،‬ولكنه‬
‫امتد إلى الطفال البرياء ‪ ،‬مما دعا بعض العقلء في الغرب للقول‬
‫إن التهجم على رسول السلم ما هو إل وسيلة للتغطية على‬
‫فضائح الكنيسة المدوية والتي أدت لطرد المئات من الكنيسة‪.‬‬
‫حيث تم هذا السبوع اعتماد ما سمي "النص النهائي "للميثاق من‬
‫أجل حماية الطفال والحداث" بالتصويت السري من جانب مجلس‬
‫القساوسة المريكان ب ‪ 239‬صوتا مقابل ‪ . 39‬وقال رئيس مؤتمر‬
‫الساقفة الكاثوليك الميركيين ‪ ،‬السقف بيلفيل ويلتون غريغوري‬
‫"لقد اعتمدنا اليوم وثيقة مهمة في تاريخ مؤتمرنا السقفي"‪.‬‬
‫واضاف "اعتبارا من اليوم‪ ..‬كل من يعرف عنه ( من القساوسة)‬
‫أنه تعاطى الدعارة مع طفل يمنع من العمل في كنيسة الوليات‬
‫المتحدة الكاثوليكية"‪ .‬؟! ‪.‬‬
‫وجاء هذا القرار للرد على الفضيحة التي طاولت الكهنة ‪ ،‬بعدما‬
‫حاولوا في البداية التستر على هؤلء الكهنة المنحرفين (!) ‪ ،‬إذ‬
‫قامت اللجنة المختصة المكلفة بصياغة الميثاق الجمعة بتشديد‬
‫مشروع البيان واعتمدت صيغة "عدم التسامح" مع أي كاهن تثبت‬
‫إدانته بالستغلل الجنسي ليطرد من الكنيسة ويعاد إلى الحياة‬
‫العلمانية بعدما كان النص يدور حول " إمكانية أن يبقى في سلك‬
‫الكهنوت أي كاهن مارس الستغلل الجنسي في الماضي لكنه لم‬
‫يذنب إل مرة واحد !" ‪.‬‬
‫أو أن يبقى "إذا تلقى علجا مناسبا " ؟! ‪.‬‬
‫وكانت صحيفة "دالس مورنينغ نيوز" قد ذكرت أن ثلثي الساقفة‬
‫الميركيين (‪ )111‬في ‪ 178‬ابرشية قاموا على مدى سنوات بالتغطية‬
‫على تصرفات الكهنة الذين يستغلون الطفال جنسيًا واكتفوا بنقلهم‬
‫من ابرشية إلى أخرى أو إخضاعهم لعلج نفسي‪.‬‬
‫ورغم هذا فقد اثار هذا التعديل أيضا غضب الضحايا الذين طالبوا‬
‫بعقوبات تأديبية بحق أولئك الساقفة‪ .‬وقال بيتر ايسلي المسؤول‬
‫عن شبكة الناجين من الستغلل الجنسي الذي يقوم به الكهنة "انه‬
‫"أمر فاضح أخلقيًا بكل بساطة"‪.‬‬
‫الثقة في الكنيسة تتراجع‬

‫‪84‬‬
‫وقد جاءت هذه النتائج في الوقت الذي كشف فيه استطلع للرأي‬
‫أجري في الوليات المتحدة عن تراجع ثقة المريكيين في الكنيسة‬
‫حيث أشار الستطلع إلى أن نصف المريكيين –فقط‪ -‬لديهم‬
‫انطباعا إيجابيا عنها ‪.‬‬
‫وقالت وكالة أسوشيتدبرس المريكية إن عدد القساوسة الذين‬
‫سلمت أوراقهم إلى الشرطة قد ارتفع إلى ‪ 260‬قسا منذ تكشف‬
‫أبعاد الفضيحة التي يقوم بها القساوسة منذ أكثر من ستة أشهر ‪.‬‬
‫ويشير المسح الذي أجرته الوكالة إلى أن ‪ 550‬شخصا قد رفعوا‬
‫قضايا ضد رجال دين مسيحيين في وليتي ماسوشيستس ومين‬
‫فقط بسبب سلوكياتهم الخلقية الفاضحة !‪.‬‬
‫وقد دفعت رائحة الفضيحة العطنة بابا الفاتيكان لعقد اجتماع مع‬
‫الكرادلة المريكيين مؤخرا "لعلج عدم النسجام في السياسة‬
‫الكنسية تجاه الفضيحة" !‪ .‬وقد قوبل الجتماع بانتقادات بسبب عدم‬
‫صدور قرار صريح عنه يجيز عزل القساوسة الذين يثبت اعتداؤهم‬
‫على الطفال‪.‬‬
‫وكان بابا الفاتيكان قد عقد جلسة خاصة حول هذا الموضوع مع‬
‫ممثلي قيادات الكنيسة الكاثوليكية بروما تابع فيها نتائج التحقيقات‬
‫التي أفضت إلى كشف هذه الفضيحة وأعرب البابا عن "بالغ الحزن‬
‫والسى لهذا السلوك غير الخلقي من رجال دين دورهم مكافحة‬
‫الرذيلة وتقوية القيم والسلوك السوي لتباع الكنيسة"‪.‬‬
‫ول يقتصر الشذوذ والسقوط من جانب القساوسة على أمريكا‬
‫فقط ‪ ،‬ولكنه يمتد إلى كل كنائس أوروبا التي اصبحت تعاني فراغا‬
‫واعراض الجمهور عنها ‪.‬‬
‫وكمثال ‪ ،‬فقد سعت الكنيسة الكاثوليكية في بلجيكا إلى تكثيف‬
‫جهودها لمكافحة العتداء الجنسي على الطفال من جانب‬
‫القساوسة وموظفي الكنائس‪ .‬وشكَّل أساقفة الكنيسة الكاثوليكية‬
‫في مؤتمر عقدوه في بروكسل العام قبل الماضي لجنة تحقيق‬
‫داخلية مستقلة لهذا الغرض‪ ..‬حسبما أعلنت وكالة النباء الكاثوليكية‬
‫"كاث برس"‪.‬‬
‫ونظرت اللجنة في شكاوى الضحايا المعنيين‪ ،‬ودرست إجراءات‬
‫تأديبية بحق عناصر الكنيسة المتورطين في ممارسات ل أخلقية‬
‫بحق الطفال‪ .‬وجاء هذا الجراء عقب الكشف عن حالت اعتداء‬

‫‪85‬‬
‫جنسي عديدة توَّرط فيها قساوسة كاثوليك في بلجيكا خلل‬
‫ن الكثير من‬‫السنوات القليلة الماضية‪ .‬وتقول الدوائر الكاثوليكية‪ :‬إ ّ‬
‫الضحايا ل يطالبون في العادة بإنزال عقوبات قانونية ضد رجال‬
‫الكنيسة المتورطين في جرائم من هذا النوع‪ ،‬وإنما يأملون في‬
‫الكتفاء بإجراءات تأديبية داخلية‪ .‬وتلقَّى هاتف خصصته الكنيسة في‬
‫بلجيكا منذ عام ‪ 1997‬لتلقِّي اتصالت الضحايا العشرات من البلغات‬
‫حتى الن‪ ،‬وجاء ذلك الجراء على أثر تزايد فضائح العتداء الجنسي‬
‫على الطفال في الروقة الكنسية !!‬
‫المسيحية تنحسر في أوروبا‬
‫وقد صدرت إشارات تحذير من بعض الكنائس بتزايد إعراض‬
‫الجمهور المسيحي الوروبي عنها بسبب الفضائح والخواء الروحي ‪،‬‬
‫وجاءت خطوات إبعاد الشواذ كمحاولة للتغلب على أحد عناصر‬
‫إعراض الشباب والطفال عن الكنيسة ‪.‬‬
‫فقد أعلن الكاردينال "كورمك ميرفي أوكونور" رئيس الكنيسة‬
‫الكاثوليكية في إنجلترا وويلز "أن المسيحية أوشكت على النحسار‬
‫في بريطانيا‪ ،‬وأن الدين لم يعد يؤثر في الحكومة‪ ،‬أو في حياة‬
‫الناس" ‪ .‬وقال في يوليه ‪" :2001‬إن الموسيقى والمعتقدات‬
‫المستحدثة والحركة البيئية والتنجيم والسحر واقتصاد السوق الحر‬
‫حلت محل السيد المسيح عليه السلم"‪ ،‬ودعا إلى ما أسماه "فكر‬
‫ثوري" يستهدف الوصول إلى جموع الشباب الكاثوليك وإلى‬
‫المارقين والملحدين منهم‪.‬‬
‫كذلك قال تقرير لراديو لندن‪" :‬إن الفضائح المتعلقة بالجنس لعدد‬
‫من القساوسة كانت أحد السباب التي دفعت الناس إلى البتعاد‬
‫عن الدين المسيحي الذي لم يعد بالنسبة للمسيحيين يجيب عن‬
‫الكثير من السئلة التي يطرحها الشباب‪ ،‬وهو ما دفعهم إلى التجاه‬
‫نحو الحركات الحديثة‪ ،‬كحركة المحافظة على البيئة والحركات‬
‫الجتماعية التي تنمي طاقاتهم"‪ .‬وأشار إلى أن استطلعا للرأي قد‬
‫أظهر مؤخرا أن الكثيرين ممن يترددون على الكنيسة يعتقدون بأنه‬
‫ل تتاح لهم الفرصة للجابة عن السئلة التي يطرحونها بشأن الدين‪،‬‬
‫وقد أدى هذا كله إلى ثقافة بديلة عن الدين ‪ .‬وكان أسقف كانتربري‬
‫قد ذكر أيضا أن الناس كانوا يلجؤون في الماضي إلى القسيس‬
‫للتعبير عن مشاكلهم وقلقهم النفسي‪ ،‬أما الن فيلجؤون إلى‬
‫الطباء‪ ،‬ويعتبرون أن الدواء ربما يكون سببا لسعادهم‪ ،‬وأضاف‪:‬‬

‫‪86‬‬
‫"ويلجأ بعضهم إلى الجنس والمخدرات والخمور اعتقادا منهم بأن‬
‫فيها علجا لراحتهم وإسعادهم بدل من الدين المسيحي"‪.‬‬
‫ن ثقة الشعب النمساوي في الكنيسة‬ ‫كذلك كشف استطلع للرأي أ ّ‬
‫تعاني من التراجع الحاد‪ .‬فبينما أبدى ‪ %48‬من النمساويين ثقتهم‬
‫بالكنيسة عام ‪ ،1990‬أصبحت هذه النسبة حاليًا ‪ %38‬فقط‪ .‬ورغم‬
‫ن‬
‫هذا التراجع في الثقة بالمؤسسة الكنسية فقد بين الستطلع أ ّ‬
‫الدوافع الدينية لدى النمساويين مالت إلى الزدياد بشكل ظاهر في‬
‫السنوات العشر الخيرة؛ بسبب حالة القلق والكآبة التي يعاني منها‬
‫الناس في أوروبا عموما بسبب الخواء الروحي ‪.‬‬
‫وكانت دراسة سويدية نشرت السبوع الماضي قد أكدت ارتفاع‬
‫نسبة النتحار في البلدان السكندنافية بشكل ملحوظ وأن أسباب‬
‫تجرع زجاجة السم ما عادت تقتصر على العزلة والكآبة فقط لن‬
‫الخوف من " بهدلة " آخر العمر تدفع العديدين للنتحار بسبب‬
‫الفردية وعدم الترابط الجتماعي في المجتمع !‪.‬‬
‫لم يجد القساوسة إذ ًا – بعد انصراف المريكيين والوروبيين عنهم –‬
‫سوى مهاجمة السلم كي تعود لهم اضواء الشهرة (!) ‪.‬‬
‫وهو نفس ما فعله من قبل حلف الطلنطي عندما لم يجد له عدوا‬
‫يواجهه بعد انهيار الشيوعية فاختار السلم عدوًا بديل ً خشية انفراط‬
‫عقد الحلف كما انفرط عقد حلف وارسو الشيوعي !‪.‬‬
‫======================‬
‫الساءة للرسول‪ ..‬بداية نصر جديد لو تعلمون‬

‫‪28/12/1426‬‬
‫معمر الخليل‬
‫وعد الله _عز وجل_‪ ،‬بنصر أوليائه من المؤمنين في الرض ولو بعد‬
‫ن" (الروم‪ :‬من الية‪ ،)47‬وتكفّل‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫صُر ال ْ ُ‬ ‫حقّا ً ع َلَيْنَا ن َ ْ‬
‫ن َ‬‫حين "وَكَا َ‬
‫حافِظُو َ‬
‫ن"‬ ‫ه لَ َ‬‫ن نََّزلْنَا الذِّكَْر وَإِنَّا ل َ ُ‬ ‫ح ُ‬‫بحفظ القرآن العظيم "إِنَّا ن َ ْ‬
‫(الحجر‪ ،)9:‬وتعهّد بنصر رسوله الكريم _صلى الله عليه وسلم_ "إِنَّا‬
‫َ‬
‫ميعُ‬
‫س ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه وَهُوَ ال َّ‬ ‫سيَكْفِيكَهُ ُ‬ ‫ن" (الحجر‪ ،)95:‬و"فَ َ‬ ‫ستَهْزِئي َ‬ ‫م ْ‬‫ك ال ْ ُ‬
‫كَفَيْنَا َ‬
‫م"(البقرة‪ :‬من الية‪.)137‬‬ ‫الْعَلِي ُ‬
‫ووعد الله _تبارك وتعالى_ (ووعده الحق) أن يخرج الحي من‬
‫الميت‪ ،‬ومن الظلمات إلى النور‪ ،‬وأن يجعل بعد عسر يسراً‪ ،‬وبعد‬

‫‪87‬‬
‫ي‬
‫ح ِّ‬‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬
‫ت ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫مي ِّ َ‬ ‫خرِ ُ‬
‫ت وَي ُ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مي ِّ ِ‬ ‫م َ‬
‫ي ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫ح َّ‬ ‫الضيق فرجا ً "ي ُ ْ‬
‫خرِ ُ‬
‫َ‬
‫معَ الْعُ ْ ِ‬
‫سر‬ ‫ن َ‬ ‫موْتِهَا"(الروم‪ :‬من الية‪ ،)19‬و"فَإ ِ َّ‬ ‫ض بَعْد َ َ‬‫حيِي اْلْر َ‬
‫وَي ُ ْ‬
‫سراً" (الشرح‪)5:‬‬ ‫يُ ْ‬
‫وبين يدي المسلمين اليوم فرصة ذهبية‪ ،‬مهّدها الله بقدرته وعظيم‬
‫صنعه وتقديره‪ ،‬لكافة المسلمين‪ ..‬على اختلف ألوانهم ولغاتهم‪..‬‬
‫ومهّد لغيرهم من المم الخرى فضول الستماع لما يقوله‬
‫المسلمون‪.‬‬
‫فالساءة التي قامت بها إحدى الصحف اليمينية المتطرفة في‬
‫الدنمرك من رسومات كاريكاتوريا ل تليق بشخص الرسول الكريم‬
‫_صلى الله عليه وسلم_‪ ،‬أثارت فتنة عظيمة في نفوس المسلمين‪،‬‬
‫حتى ود ّ البعض أن يوغل في الرد عليهم إلى حد القتل‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ولكن وقفة تأمل منّا قد تجعل من هذه الزمة انفراجة طال‬
‫انتظارها‪ ،‬وبركة ينشرها الله _تبارك وتعالى_ بين الناس‪.‬‬
‫ويجب أل تعمي الساءة أعيننا عن اغتنام الفرصة‪ ،‬ويكفي أصحاب‬
‫الرأي والهمة أن يتذكروا ما قاله _عليه الصلة والسلم_ حينما هجاه‬
‫بعض الكفار‪ ،‬ذاكرين اسم "مذمم" بدل ً عن "محمد" زيادة في الذم‪،‬‬
‫فكان قوله _صلى الله عليه وسلم_ لصحابته الذين ساءتهم مقالة‬
‫الكفار " ل تعجبون كيف يصرف الله عني أذى قريش وسبهم‪ ،‬هم‬
‫يشتمون مذمما ً وأنا محمد"‪ .‬رواه البخاري‪ .‬فهم هنا رسموا‬
‫رسومات لشخصيات وهمية في أذهانهم‪ ،‬وهي ليست ‪-‬بل شك‪-‬‬
‫رسومات للنبي _عليه أفضل الصلة وأتم التسليم_‪.‬‬
‫دون أن ننتقص من حق الرد على هذه الساءة‪ ،‬مثلما حدث حين‬
‫هجا بعض الكفار رسولنا الكريم _صلى الله عليه وسلم_ فقال له‬
‫حسان بن ثابت‪" :‬أتأذن لي يا رسول الله أن أهجوهم" فأذن له‪.‬‬
‫ولطالما كتب الله _تبارك وتعالى_‪ ،‬نصرا ً للدعوة ولدين السلم‪،‬‬
‫خلل نائبات الدهر والحداث الجسام‪ ،‬واستفاد الرسول _صلى الله‬
‫عليه وسلم_‪ ،‬وصحابته‪ ،‬من ذلك‪ ،‬في نشر الدعوة‪ ،‬وتوصيل رسالة‬
‫الدين إلى بقية المم‪ ،‬كمثل إسلم النجاشي (ملك الحبشة) في‬
‫أضيق أوقات المسلمين من هجرتهم بعد طول إيذائهم‪ .‬وحين كتب‬
‫الله لرسالة نبيه الظهور والنتشار‪ ،‬بعد أن هاجر عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬من مكة المكرمة‪ ،‬مكرهاً‪ ،‬حين مكر كفارها لقتله‪.‬‬
‫وضاقت به الرض‪ ..‬فكانت المدينة التي أنارها الرسول بوصوله أول‬
‫موطئ لدولة السلم‪ ،‬التي انتشرت حتى وصلت أطراف الرض‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ومنها دخول أعداد كبيرة من الناس في السلم بعد أن منعت‬
‫قريش رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وصحابته من دخول مكة‬
‫المكرمة للعمرة عام ‪ 6‬للهجرة (عام الحديبية)‪ ،‬وضاقت الرض على‬
‫وعدونا‬
‫ّ‬ ‫المسلمين‪ ،‬وقال عمر بن الخطاب للنبي‪" :‬ألسنا على الحق‬
‫على الباطل‪( "...‬الحديث) رواه البخاري‪ .‬حيث استفاد _عليه الصلة‬
‫والسلم_ من الهدنة التي وقعها مع قريش بعد تلك الواقعة‪ ،‬في‬
‫تعزيز السلم ونشره بين الناس في المدينة‪ ،‬فيما كانت تقدم عليه‬
‫أفواج من المسلمين من مكة وغيرها‪.‬‬
‫وما يجب أن يدركه المسلمون اليوم هو أن هذه المحنة التي أنزلها‬
‫الله علينا‪ ،‬بداية خير كثير‪ ،‬لو استفاد منها المسلمون بطرق عديدة‪.‬‬
‫وأن شعاعا ً عظيما ً من المل والنصر قد أشرق من جنباتها‬
‫المظلمة‪ .‬فماذا ننتظر؟‬
‫َ‬ ‫يقول الله _تبارك وتعالى_‪" :‬حتَى إذ َا استيأ َ‬
‫ل وَظَنُّوا أنَّهُ ْ‬
‫م‬ ‫س ُ‬‫س الُّر ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ ّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫ن القَوْ ِ‬ ‫سنَا ع َ ِ‬‫شاءُ وَل يَُرد ُّ بَأ ُ‬ ‫ن نَ َ‬
‫م ْ‬
‫ي َ‬ ‫صُرنَا فَن ُ ِّ‬
‫ج َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫قَد ْ كُذِبُوا َ‬
‫جاءَهُ ْ‬
‫ن" (يوسف‪.)110:‬‬ ‫مي َ‬
‫جرِ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫اليوم‪ ..‬يهتم الكثير من الغرب بما يحدث من إساءة لنبي‬
‫المسلمين‪ ،‬ويترقبون ما يصدر عن المسلمين من أقوال وأفعال ل‬
‫تخرج (في رأيهم) عن الساءة للصحيفة والحكومة الدنمركية‪،‬‬
‫والساءة للنصارى ودينهم‪ ،‬والتهديد بالقتل والوعيد بالثأر‪ ،‬بما فيها‬
‫المحاكمات القضائية‪ ،‬فضل ً عن المنحى الرسمي الذي يتخذ طابع‬
‫"التنديد والستنكار!"‪.‬‬
‫وقد استطاع العلم العربية والسلمية (على اختلف وسائله‬
‫المتلفزة والمطبوعة والذاعية واللكترونية) أن يحدث ضجة إعلمية‬
‫حقيقية‪ ،‬أثارت فضول المليين من المم الخرى لمعرفة "ماذا‬
‫سيقول المسلمون ردا ً عن هذه الساءة العظيمة"‪.‬‬
‫وهذه بحد ذاتها نعمة أنعمها الله _تبارك وتعالى_ أن جعل المم‬
‫الخرى مستعدة لسماع ما نقوله‪ ..‬فماذا يجب أن نقول؟‬
‫هنا يجب أن يغتنم المسلمون هذه النعمة العظيمة‪ ،‬وينتقلوا من‬
‫حالة "الدفاع عن الرسول" بالطرق التقليدية‪ ،‬إلى "حالة الهجوم"‪،‬‬
‫بالطرق غير التقليدية‪.‬‬
‫وأن يصبح توجههم إلى الغرب بهدف "الدعوة إلى الله بالحكمة‬
‫والموعظة الحسنى"‪ ..‬وهناك درس عظيم في تاريخنا يمكن الرجوع‬

‫‪89‬‬
‫إليه‪ ،‬والستفادة منه في تحقيق هذه الغاية‪ ،‬فكما قال _صلى الله‬
‫عليه وسلم_‪" :‬لن يهدي الله بك أحد‪ ،‬خير لك من حمر النعم"‪.‬‬
‫وهي قصة إسلم النجاشي على يد جعفر بن أبي طالب _رضي الله‬
‫عنه_ عندما استطاع أن يوجد خطابا ً دعويا ً بالغ الرقي‪ ،‬يخاطب به‬
‫ملكا ً يدين بالنصرانية‪ ،‬أدخله في السلم ببركة الحدث والوقت‬
‫والخطاب التي هيأها الله _تبارك وتعالى_‪.‬‬
‫الخطاب الذي ينتظره النصارى من المسلمين اليوم‪ ،‬خطابا ً يحمل‬
‫في طياته انتقاصا ً من دينهم‪ ،‬وإساءة لحبارهم ورهبانهم‪ ،‬وهجوماً‬
‫على معتقداتهم وأفكارهم‪ ..‬يحمل في طياته حقدا ً وتهديدا ً وتطرفاً‪..‬‬
‫ن‬ ‫فلم ل نجعل خطابنا لهم‪ ،‬سهما ً نطلقه بعناية‪ ،‬لع ّ‬
‫ل الله أن يم ّ‬
‫علينا بنصر في الرض‪ ،‬ونور من ظلم‪ ،‬وصد ّ عن نبينا بدخول أمم‬
‫أخرى في دين نبينا _صلى الله عليه وسلم_‪.‬‬
‫ولعل ذلك يتأتى ‪-‬بإذن الله‪ -‬بخطاب يتضمن ما تضمنه كلم جعفر‬
‫بن أبي طالب‪ ،‬من عرض المشترك بين دين السلم‪ ،‬والمسيحية‬
‫التي يؤمن بها غالبية أهل الغرب‪ ،‬وعرض اليات من القرآن الكريم‪،‬‬
‫وسنة نبيه المصطفى _صلى الله عليه وسلم_ التي تحث المسلمين‬
‫وتأمرهم باحترام نبي الله عيسى _عليه السلم_ وأمه الصديقة‬
‫_عليها السلم_‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫وأذكر أنني حضرت خطبة جمعة في مسجد‪ ،‬التقينا بعدها برجل‬
‫أمريكي أسلم حديثاً‪ ،‬فحدّثنا عن إسلمه‪ ،‬وأنه كان في طائرة‬
‫يجلس إلى جانبه رجل مسلم‪ ،‬دخل في نقاش حول الديان‪ ،‬فذهل‬
‫عندما سمع من المسلم قوله‪" :‬عيسى عليه السلم"‪ ،‬و"مريم‬
‫العذراء عليها السلم" فسأله‪ ،‬أو مؤمن أنت بما تقول‪ ،‬فقال له‬
‫المسلم‪" :‬نعم‪ ..‬قرآننا وديننا يأمرنا بذلك"‪ ،‬وعرض عليه ما يقوله‬
‫القرآن ونبي الله في عيسى _عليه السلم_ وأمه الطاهرة‪ ،‬وأخبره‬
‫أن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال في حديثه الصحيح‪" :‬‬
‫إن الله منزل عيسى _عليه السلم_ في آخر الزمان‪ ،‬يدعو الناس‬
‫إلى عبادة الله الواحد‪ ،‬على ملة أبينا إبراهيم‪ .‬وتحاشى ذكر أن‬
‫المسيح سوف يدعوا إلى السلم "وقد كان إبراهيم حنيفا ً مسلماً‬
‫كما أخبرنا الله تبارك وتعالى"‪ ،‬تحاشيا ً من نفور رفيقه المريكي‪،‬‬
‫وتدّرجا ً معه في الدعوة إلى السلم‪ .‬فبدأ المريكي في قبول الدين‬
‫السلمي على أنه دين سماوي‪ ،‬وأزال الحاجز الذي بداخله ضد كل‬
‫ما هو مسلم‪ ،‬فكانت هذه بداية طريق هدايته‪ ،‬فكان أن فتح الله‬

‫‪90‬‬
‫قلبه للسلم بعد أن اطلع على تعاليمه وأوامره وأخلقياته‬
‫وأخلقيات الرسول _صلى الله عليه وسلم_‪.‬‬
‫الدعوة مفتوحة لجميع المسلمين‪ ،‬في مشارق الرض ومغاربها‪،‬‬
‫بكل لغاتهم‪ ،‬بتوجيه رسائل دعوية‪ ،‬ل تتضمن إل ما يقّرب النصارى‬
‫من دين السلم‪ ،‬وما يكشف لهم من تقارب بين الدين السلمي‬
‫والمسيحية التي يؤمنون بها‪ ،‬وما يحمل كل احترام لنبي الله عيسى‬
‫_عليه السلم_‪ ،‬ومريم _عليها السلم_‪.‬‬
‫جه إلى النصارى‪ ،‬يترجم إلى‬ ‫كأن تتضمن نصا ً من هذا القبيل‪ ،‬مو ّ‬
‫لغات عدة‪ ،‬وينشر في كل المنتديات الغربية‪ ،‬ويرسل إلى أكبر قدر‬
‫من القوائم البريدية‪:‬‬
‫تحاول بعض الجهات المتطرفة إيجاد حالة من الخلف بين‬
‫المسلمين والنصارى‪ ،‬بتشويه صورة نبي السلم محمد _صلى الله‬
‫عليه وسلم_ ويتحجج البعض منهم أن الدين المسيحي بأمرهم‬
‫بذلك‪ ..‬رغم أن ديننا السلمي يأمرنا باحترام نبي الله عيسى _عليه‬
‫السلم_‪ ،‬وأمه مريم العذراء_عليها السلم_‪ ،‬حيث يقول قرآننا‬
‫ُ َ‬
‫ه أَلْقَاهَا‬ ‫مت ُ ُ‬‫ل الل ّهِ وَكَل ِ َ‬ ‫سو‬ ‫م َر ُ‬ ‫مْري َ َ‬‫ن َ‬‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬
‫ح ِ‬ ‫سي ُ‬‫م ِ‬ ‫ما ال ْ َ‬‫الكريم‪" :‬إِن َّ َ‬
‫ه"(النساء‪ :‬من الية‪.)171‬‬ ‫من ْ ُ‬
‫ح ِ‬ ‫م وَُرو ٌ‬ ‫مْري َ َ‬‫إِلَى َ‬
‫َ َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫م إِ ّ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫ة يَا َ‬‫ملئِك َ ُ‬‫ت ال ْ َ‬ ‫ويقول عن مريم العذراء‪" :‬وَإِذ ْ قَال َ ِ‬
‫ن" (آل عمران‪)42:‬‬ ‫ساءِ الْعَال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ك ع َلَى ن ِ َ‬ ‫صطَفَا ِ‬ ‫ك وَا ْ‬ ‫ك وَطَهََّر ِ‬ ‫صطَفَا ِ‬ ‫ا ْ‬
‫ويقول نبينا محمد _صلى الله عليه وسلم_‪" :‬ما كملت من النساء‬
‫إل أربع" وذكر أول واحدة منهن مريم العذراء‪.‬‬
‫وأعلمنا نبينا _صلى الله عليه وسلم_ أن الله _تبارك وتعالى_‪،‬‬
‫سيرسل عيسى _عليه السلم_ آخر الزمان‪ ،‬فيقاتل الشر‪ ،‬ويدعو‬
‫الناس إلى عبادة الله الواحد الحد‪ ،‬على ملة أبينا إبراهيم _عليه‬
‫السلم_‪.‬‬
‫فندعوك يا من تدين بالطاعة لله _عز وجل_‪ ،‬وتقر بعبوديتك له‪،‬‬
‫وولءك للمسيح عيسى _عليه السلم_ بأن تساهم في التصدي‬
‫لحملت التشويه التي تنال من نبي السلم محمد _صلى الله عليه‬
‫وسلم_ راجيا ً أن يكون ذلك مما يؤلف بين قلوبنا‪ ،‬ويرضي الله‬
‫_تبارك وتعالى_ عنا‪ ،‬حيث قال الله _تبارك وتعالى_ في كتابه‪" :‬قُ ْ‬
‫ل‬
‫َ َ‬ ‫ُ ََ‬ ‫يَا أَهْ َ‬
‫ه وَل‬‫م أ ّل نَعْبُد َ إ ِ ّل الل ّ َ‬ ‫سوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَك ْ‬ ‫مةٍ َ‬ ‫ب تَعَالَوْا إِلَى كَل ِ َ‬ ‫ل الْكِتَا ِ‬

‫‪91‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه"(آل عمران‪:‬‬ ‫ن دُو ِ‬ ‫ضنَا بَعْضا ً أْربَابا ً ِ‬
‫م ْ‬ ‫شيْئا ً وَل يَت َّ ِ‬
‫خذ َ بَعْ ُ‬ ‫شرِ َ‬
‫ك بِهِ َ‬ ‫نُ ْ‬
‫من الية‪ )64‬صدق الله العظيم‪.‬‬
‫=====================‬
‫السلم‪ ..‬والغرب‪ ..‬حرب مجددة؟!‬

‫هل بدأ تفجير التاريخ بين الغرب والسلم لتعود حرب الهلل مع‬
‫الصليب أو المسيحي مع المسلم؟ وهل من قاموا بتشويه صورة‬
‫الرسول (صلى الله عليه وسلم) مارسوا حرية مدمرة اقتضت‬
‫التصعيد وحرب الكلمات التي هي مقومات صدام قادم؟‪..‬‬
‫قالوا إنهم فعلوا ذلك مع المسيحية‪ ،‬واليهودية‪ ،‬والبوذية‪ ،‬دون أن‬
‫تثير أي حساسيات كما حدثت مع المسلمين‪ ،‬لكن كيف نقبل بهذا‬
‫التبرير وتشريع عالمي قاده الغرب بأن من يضع الصهيونية كحركة‬
‫عنصرية يدخل في معادات السامية التي عقوبتها ل توازي أي جزاء‬
‫آخر؟ ثم إذا كان شتم النبياء ترف باسم الحرية‪ ،‬فهل الصهيونية‬
‫أشرف منهم‪ ،‬أو أن من يرفع‪ ،‬ولو تحدياً‪ ،‬اسم النازية وهتلر يصنف‬
‫بعدو السلم والبشرية‪ ،‬والفصل العنصري؟‪.‬‬
‫وإذا كان تعريف الحرية فضفاضا ً يتسع لقلم الغرب بأن تمارس‬
‫حقا ً مرفوضاً‪ ،‬فكيف ل يكون للقداسات قانون يحميها من العتداء‬
‫المعنوي أسوة بحماية اليهود مثلً؟‪..‬‬
‫الزوبعة كبيرة‪ ،‬وحدودها ل تقف عند شخص‪ ،‬أو صحيفة‪ ،‬أو عاصمة‬
‫كبرى‪ ،‬إذا كان استثارة ما يزيد عن مليار ونصف مليار مسلم‪ ،‬هي‬
‫مجرد حالة عابرة و ظّفت لتكون اختبار قوة بين طرفي نزاع‬
‫تاريخي‪ ،‬وحروب مدمرة مسلمين ومسيحيين يمكن قبولها في هذا‬
‫العصر‪ ،‬بتوليد عداوات ل ندري ما العائد المادي‪ ،‬والمعنوي من‬
‫جلبها من الماضي‪ ،‬لتكون تصعيدا ً خطيراً؟ ثم إذا كنا مسلمين وغير‬
‫مسلمين نواجه مدا ً إرهابيا ً يضع نفسه فوق القوانين والعراف‪،‬‬
‫والشرائع‪ ،‬فهل ما فعلته صحف الغرب يساهم بردع الرهاب إذا‬
‫كانوا يمارسون إرهابا ً آخر باسم حرياتهم؟ أم أنهم أضافوا بفعلهم‬
‫جبهة أخرى تلتقي مع تلك القوى؟‪..‬‬
‫مقولة أنه من السهل البدء في الحرب‪ ،‬لكن من الصعب اطفاؤها‬
‫تنطبق على هذه القضية‪ ،‬والبادئ إعلم غربي ل يزال يحمل بذور‬

‫‪92‬‬
‫التعالي على الشعوب والديان‪ ،‬ويدعي حماية الحقوق التي ل ندري‬
‫مقاييسها القانونية والخلقية‪ .‬إذا كان النبياء مستهدفين بالشتيمة؟‬
‫ل أحد ينكر أن معظم الدول السلمية تمارس سياسات تجاه‬
‫شعوبها يمكن أن توصف بالتعسف والستبداد‪ ،‬لكن النبي محمد‬
‫(صلى الله عليه وسلم) لم يمارس أو يشّرع لهذه العمال أو يعطي‬
‫إذنا ً بجعل الرهاب جزءا من هوية الدين السلمي‪ ،‬ولعل ما يجري‬
‫من فوضى حادة يعتبر اختراقا ً لمحرم‪ ،‬فهل يعي من أعطى الوامر‬
‫بنشر تلك (الكاريكاتيرات) أن النار من مستصغر الشرر؟‪..‬‬
‫‪ 18‬تعليق‬
‫‪1‬‬
‫ل فض فوك أستاذي الكريم‪ ،‬لو عرفوا محمدا ً صلى الله عليه وسلم‬
‫لسلموا ولحبوه‬
‫أشكر لك هذا المقال القيم‪ ،‬وأسأل الله لك السداد والتوفيق‪ ،‬وأن‬
‫يشفع فيك الحبيب صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫أما قولهم (قالوا إنهم فعلوا ذلك مع المسيحية‪ ،‬واليهودية‪ ،‬والبوذية‪،‬‬
‫دون أن تثير أي حساسيات كما حدثت مع المسلمين‪) ...‬‬
‫فينبغي أن نقول لهم‪ ..‬الفرق بيننا وبين النصارى والبوذيين كبير‬
‫جداً‪ ...‬من ذلك أننا نحن المسلمين‪ ...‬من أركان إيماننا أن نؤمن‬
‫بعيسى وبموسى ونحبهما كما نحب محمداً‪ ..‬وندافع عن النبياء‬
‫كلمهم كما ندافع عن محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬وهذا ليس عند‬
‫غير المسلمين!!!‬
‫أليس نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة وجد‬
‫اليهود يصوم يوم عاشوراء ‪ ,,‬فقال نحن أحق بموسى منكم! كما‬
‫ل الله صلى الله عليه‬ ‫ن رسو َ‬ ‫س رضي الله عنه أ َّ‬ ‫ن عبَّا ٍ‬ ‫روى عن اب ِ‬
‫ل لهم‬ ‫م عاشوراء‪ .‬فقا َ‬ ‫ة فوجد َ اليهود َ صياماً‪ ،‬يو َ‬ ‫مدين َ‬ ‫وسلم قَد ِ َ‬
‫م ال َ‬
‫ه؟‬‫ما هَذ َا اليوم الّذي تصومون ُ‬ ‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم‪َ «:‬‬ ‫رسو ُ‬
‫ه‪ ،‬وغَّرقَ‬‫م ُ‬
‫ه فِيهِ موسى وقو َ‬ ‫م عظيم‪ ،‬أنجى الل ُ‬ ‫»فقالوا‪ :‬هذا يو ٌ‬
‫ل‬‫ه‪ .‬فقال رسو ُ‬ ‫م ُ‬
‫ن نصو ُ‬ ‫ه موسى شكراً‪ ،‬فنح ُ‬ ‫م ُ‬
‫ه‪ ،‬فصا َ‬ ‫م ُ‬‫ن وقو َ‬ ‫فرعو َ‬
‫منكم ]‬ ‫موسى ِ‬ ‫ن أحقُّ وأولى ب ِ ُ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‪ [ :‬فنح ُ‬
‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأمَر‬ ‫ه رسو ُ‬ ‫م ُ‬‫رواه مسلم‪ .‬فصا َ‬
‫مه‪.‬‬ ‫بصيا ِ‬

‫‪93‬‬
‫بل لو كان النصارى مؤمنين بعيسى حقا ً لسلموا‪ ..‬لنه بشر بمحمد‬
‫كما قال الله تعالى {ومبشرا برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد}‬
‫ولو كان اليهود مؤمنين بموسى حقا ً لسلموا‪ ...‬فنحن المسلمون‪..‬‬
‫على دينا النبياء نوح وإبراهيم وموسى وعيسى‪ ...‬أسأل أن يوفق‬
‫الجميع‪.‬‬
‫أخوكم‪ /‬أبو عاصم‬
‫‪abo-aseem@maktoob.com‬‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 06:42‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪2‬‬
‫نعم ‪ :‬الحرب وان كانت اعلميه من الصعب اطفاؤها‬
‫مع ان الحق كان دائما معنا ‪ -‬كامة مسلمة قوية اليمان بدينها‬
‫تتمحور حول رسالةمحمدصلى الله عليه واله وصحبه وسلم ‪ -‬في‬
‫التصدي لما ينشر وله مساس بالعقيدة اوشخص الرسول الكريم‬
‫ولكن في الخير نفاجا باتساع االموضوع عالميا وقد ياتي منا من‬
‫يؤنبنا على مساهمة ا لتصدي في النتشار فنقبل مجرد الخروج او‬
‫السكوت بل اصابات جديده‪ .‬لماذا ؟ لن العاطفه والعفويه تحكم‬
‫تحركنا وليس خطط مدروسه وموثقه باتفاقات رسميه لرجوع‬
‫عنهامع الدول السلميه وليس بتقدير متوازن للعواقب يحصر‬
‫التصدي في حدود مضمونة النتائج بحكم ضعف امكانياتنا العلميه‬
‫في العالم‪...‬حتى الن‪.‬‬
‫عبدالرحمن بن علي‬
‫‪ 06:46‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪3‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫حذاري من التشتت‬
‫الحمد لله وحده وبعد استمروا في المقاطعة وما يحدث الن من‬
‫قبل الصحافة الغربية هو محاولة لتشتيت المة والرضوخ للمر‬
‫الواقع ركزوا الن على اول من بدأ بالشر (والبادي اظلم) وهي‬
‫الدنمرك حتى تذعن لمطالبنا ومن اهم مطالبنا سن قوانين لديهم‬
‫في دساتيرهم تحرم التهكم والسخرية على الديان و الرسل اما‬

‫‪94‬‬
‫فرنسا وغيرها فان اللعبه مكشوفة المطلوب من اخواننا المسلمين‬
‫في فرنسا تسيير مظاهرات سلميه يوميه بحكم ان المظاهرات‬
‫هناك لها فعلها و لعل هذه الهجمة الباغية تزيل الغشاوة من على‬
‫عيون كثير من المسلمين حتى يقفوا بانفسهم على الحرية‬
‫المزعومة وحقوق النسان المفصلة حسب أهوائهم لكنني اناشد‬
‫كل المسلمون الحذر من العنف والعتداء ‪ ,‬لذا لبد من التعقل‬
‫والرد بطريقة متزنه‪ .‬فبإذن الله اذا استمرينا في المقاطعة ليذعن‬
‫عباد البقر لمطالبنا ولو بعد حين‪ .‬وحينها سيأتي الدور على بقية‬
‫عصابة الشر وفي مقدمتها فرنسا‪.‬نريد جهة مخولة للتفاوض والرد‬
‫معهم ولتكن رابطة العالم السلمي او منظمة المؤتمر السلمي‬
‫وانا اعتبر ما يحدث فتح للسلم والمسلمين ومجال خصب خصب‬
‫جدا للدعوة للسلم فمن مبدأ احترام جميع الرسل واجللهم واولهم‬
‫موسى وعيسى فليكن انطلقنا من هذا المعتقد لدينا نحن‬
‫المسلمون‬
‫‪alawifi@hotmail.com‬‬
‫العويفي‬
‫‪ 07:36‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪4‬‬
‫ثمار الحرب على الرهاب‬
‫هذا ما زرعه بوش وبلير من الحرب على الرهاب(المسلمين) من‬
‫كره وحقد وتعالي على المة السلميه وهذه هي باكورة الحصاد‬
‫بداية بحرب كلميه بين الشعوب ومن ثم حروب الله اعلم الى اي‬
‫مدى تفضي اليه الكل يعلم ما هي الديموقراطيه والكل يعلم ما هي‬
‫حدودها ولكن بأسمها عذرا بدءة الحرب واشتعلت والى المام امة‬
‫السلم‪.‬‬
‫محمود‬
‫‪ 07:38‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪5‬‬
‫بالفعل الحرب بدأت والبترول سلحنا السلمي الول‪.‬‬
‫لله درك يا كاتب هذه السطور‪..‬‬

‫‪95‬‬
‫بالفعل فقد مارسوا الرهاب بتلك الفعلة بدعوى حرية الرأي‪،‬‬
‫ولكنهم لم يمارسوا ذات الحرية في موضوع المحرقة وهتلر‪..‬‬
‫حتراما للسامية‪..‬‬
‫أي شعارات زائفة تلك التي يتغنون بها‪ ،‬فلقد كشر الغرب عن وجهه‬
‫القبيح‪ ،‬وآن للمسلمين أن ينهضوا وأن يفيقوا من سباتهم العميق‪،‬‬
‫لقد بدأت الحرب ولن تنتهي إل بانتهاء أحد الطرفين‪..‬‬
‫في رأيي أن أول سلح سلمي يجب أن نلوح به حاليا هو البترول‪،‬‬
‫وقطعه عنهم‪ ،‬ثم بعد ذلك بدأ الجهاد‪ ،‬الجهاد لعلء كلمة الله‪..‬‬
‫شكرا مرة أخرى لكاتب هذه السطور‪..‬‬
‫أحمد الحمد‬
‫‪ 09:02‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪6‬‬
‫حرية التعبير ام حرية التخريب‬
‫بارك الله فيكم على المقال الرائع ويكشف المكيالين الموجودين‬
‫في اوروبا الغير منطقي ولنسأل ولنحلل هذه الظاهره المرضية ولو‬
‫جزئيا من حيث الوقت المكان والسباب والنتائج‬
‫‪-‬هناك صورة مشوهة عن العالم العربي والسلمي نحن شاركنا في‬
‫صنعها بتطبيق نظم شمولية ل تحترم النسان وزادت من تخلفه‬
‫وفقره وانتجت ارهابيين وميليشيات ارهابية ثم اننا مجتمعات‬
‫مستهلكة وغير منتجة وندعي باننا مسلمين وايضا (زاد البلة طين)‬
‫قتل البرياء في كثير من البلدان الغربية وامريكا‪.‬‬
‫‪-‬اكثر الذين اساؤا للرسول(صلى الله عليه وسلم) وللسلم من‬
‫اليمين المتطرف في اوروبا لكي يزجوا المسلمين في الرهاب‬
‫والعنف وبهذا يدعون ان السلم دين ارهاب‬
‫‪-‬ثم ان اليمين المتطرف في اوروبا يريدون ان يضعفوا الحكومات‬
‫الغير اليمينية اقتصاديا ويحلوا محلها ويضعوا شروطا على العالم‬
‫السلمي وعلى المهاجرين اذا استلموا‪.‬‬
‫‪-‬علينا ان نكون حكيمين ونستخدم القنوات القانونية لنها حملة‬
‫مدروسة من قبل اعداء النسانية والسلم واعداء الدول الفقيرة‬
‫وعلينا ان نعمل على نصرة الرسول(صلى الله عليه وسلم) في‬

‫‪96‬‬
‫تطبيق شرعه باحترام النسان وتطبيق ل اكراه في الدين والصدق‬
‫في المعاملة والتقان في العمل لنصبح امة منتجة محترمة‪.‬‬
‫د‪ .‬هشام النشواتي‬
‫‪ 10:16‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪7‬‬
‫‪ADL‬‬
‫‪There is an international organization called ADL (Anti‬‬
‫‪Defamation Leage) protects the jewish culture. Muslim world may‬‬
‫‪! need to have a similar one‬‬
‫‪Mohamed Kandil‬‬
‫‪ 10:41‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪8‬‬
‫وهل بهذا السلوب ندافع‬
‫نعم ننكر وبشده الستهزاء باي نبي من انبياء الله‪.‬ونصر علي ان‬
‫من يستخدم عبارات او رسوم لهذا الغرض اما جاهل او سخيف‪.‬‬
‫نبينا عليه افضل الصلة والسلم اشرف واطهر من ان يمسة‬
‫متطاول او مجنون او مريض عقلي‪ .‬المساس بشعور المم ليس‬
‫حريه راي اة اعلم‪.‬بل سخافة من اقزام تتطاول ويجب ان تبقي‬
‫في حجمها الحقيقي ل ان نزيد من طولها وصيتها‪.‬‬
‫لكنني استغرب ان يتم تجاهل مواقف الحكومات بل وتقزيمها من‬
‫طرف بعض المنافقين الذي وجدوها فرصة لتصفية حساباتهم‬
‫وبالذات مع الحكومة السعوديه‪ .‬المشاهد لقناة العالم اليرانيه‬
‫والمنار اللبنانيه‪.‬يجزم بان وراء الكمة ماورائها‪ .‬الموضوع ليس دفاع‬
‫عن نبينا علية افضل الصلة والسلم‪ .‬الموضوع تم تحويره الي‬
‫الدفاع عن الحكومة اليرانيه‪.‬واستخدام عواطف العامه للستعداء‬
‫علي حكوماتها‪ .‬ولي وقفة مع الشيخ القرضاوي الذي يصرخ‬
‫بالزعيق عن تخاذل الحكومات العربيه عن الدفاع عن سيد الخلق ؟‬
‫ماذا يريد القرضاوي وابواق ايران‪.‬هل يريدوننا ان نستخدم سلح‬
‫البترول لمنع اصدار قرار دولي ضد ايران ؟ هل اصبح ديننا سلعة‬
‫رخيصه للصطياد في الماء العكر‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫وثمة سؤال لهوؤلء المتطاولين علي المملكه وحكومتها‪ .‬ماذا‬
‫ستفعلون عندما تنشر صحف اخري سخافات ربما تكون اسواء مما‬
‫نشر‪.‬وانتم تعلمون ان مليين الصحف تصدر يوميا‪.‬‬
‫ماذا سنفعل عند ما نجعل انفسنا وسيلة سهله لطالبي الشهره‬
‫والمغموريين‪.‬‬
‫وهل يجب تركيع العالم لرادة ايران‪.‬‬
‫ان ماشاهدته في قناتي ايران هو ليس دفاع عن النبي بل لم يقتصر‬
‫علي مهاجمة الرئيس بوش وحكومة امريكا؟؟ واستعداء للغرب بكل‬
‫وضوح‪.‬وانما دعوة مباشرة لستعداء الشعوب علي حكوماتها‪.‬‬
‫التصرف الحضاري بمقاطعة المتجات الدنماركيه امر رائع‪ .‬لكن‬
‫اطلق الرعاع لتصفية حساباتهم وكيل التهم للسباب معروفه‬
‫ومبطنه مسبقا امر لنقره‪.‬‬
‫المملكه ليست بحاجة شهادة براءة من ايران ول من القرضاوي‪.‬‬
‫الشاوي‬
‫‪ 10:51‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪9‬‬
‫من واجبنا ان ندافع عن نبينا وعن السلم‪...‬‬
‫عاطفيا فرحت كثيرا بالهبة السلمية الكبيرة التي بثتها وسائل‬
‫العلم الدولية‪ ...‬ولكن بعد بعض التأمل‪ ،‬بدأ تفكيري يجول يمينا‬
‫ويسارا‪ ،‬وتسائلت اينا كنا عندما نشرت كتب في امريكا تتهجم على‬
‫خاتم النبياء عليه الصلة والسلم واين ردودنا على المسؤولين‬
‫المريكيين الذين وصفوا رسولنا الحبيب بالرهابي‪ ،‬واين ردودن عن‬
‫القس المريكي الذي قال ان الرسول عليه الصلة والسلم ارهابي‪،‬‬
‫اليست هذه بصور كاريكاتورية ايضا‪.‬‬
‫اين تعليقنا عن الهانات التي تتم يوميا من طرف السملمين وغير‬
‫المسلمين للسلم الذي كانت رسالة حبيبنا محمد‪...‬‬
‫ال تعتقدون ان الذي وصلنا اليه هو نتيجة حتمية لتصرفاتنا وافعالنا‪،،،‬‬
‫كيف سيتصرف الخر عندما يعرف اننا غيرنا من مناهج تعليمنا لننا‬
‫اكتشفنا انها تدعوا للكراهية‪ ...‬كيف يتصرف معنا هذا الكافر عندما‬
‫يعرف ان الدول السلمية وضعت تقنين لخطب الجمعة‪...‬‬

‫‪98‬‬
‫انا لريد ان اقلل من حجم المشكلة والزمة‪ ،‬كما انني ادعوا الى‬
‫التعامل مع الموضوع بكل مسؤولية وحزم‪...‬‬
‫الحبيب عليه الف سلم‪ ...‬ل يهاني ول يجأ احد على اهانته ولكن ان‬
‫كانت هناك إهانة صدلرت من هنا وهناك فهي بسببنا نحن‪ ،‬الذين‬
‫اعطينا اعظم واكبر الصور في النحطاط الخلقي والجتماعي‬
‫والسياسي‪ ...‬هم حكموا على تاريخنا انطلقا من حاضرنا ورسموه‬
‫على شكل كاريكاتيرات‪...‬‬
‫اعتقد من الضروري ان نصحح حالنا وواقعنا لكي نشرف انفسنا‬
‫واسلفنا‪ ،‬وحينها لن يكون هناك مجال لحد ان يشوه ماضينا‪.‬والله‬
‫يعلم‬
‫رضا بدر الدين‬
‫‪ 11:49‬صباحا ً ‪2006/02/04‬‬
‫‪10‬‬
‫لجم الطابور الخامس يخرس الغرب‬
‫كما هي عادة الغرب يطبق مقولة اكذب اكذب إلى ان تصدق‬
‫اكذوبتك ففشل عندما حاول التدخل بإلعلم عندما حاول ان يسن‬
‫قانون عبر مجلس المن ليحدد مسار العلم وخصوصا ً الذى يدعو‬
‫للتطرف حسب زعمة والن يقومون بتلك الحملة على الرسول‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم تحت ذريعة الرأى الحر والسبب نحن‬
‫وليس هم لننا نقوم بدور الغرب عندما يقوم بعضا ً من أبناء‬
‫المسلمين بأعمال ارهابية واجرامية يضل اعلمنا يبحث عن السباب‬
‫وكأن الجرائم والعمال الرهابية لم تحدث بالتاريخ الحديث والقديم‬
‫من جميع الملل لكن الخر عندما يقوم بأعمال اجرامية تمحى من‬
‫الذاكرة وهذا ما جعل الخر يستهين بنا لننا نسير معه بدون أعطاء‬
‫تفسير واضح للرهاب والحرب الجادة عليه بكل أشكالة ان كان ذا‬
‫طابع رسمي او فردى اسلمي اومسحي ليهم المهم ان يكون‬
‫الرفض لجميع الجرائم والعقاب يطال الجميع عند ذلك يصمت‬
‫الغرب والطابور الخامس لكثرهم الله‪.‬‬
‫طارق بن محمد‬
‫‪ 12:41‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪11‬‬

‫‪99‬‬
‫هؤلء اما ملحدة او ارهابيين صليبيين حاقدين!!!‬
‫اصحاب الكاريكاتور‪ ،‬ومن تعاطف معهم او لم يفهم مدى تأثير ذلك‬
‫على شعور المسلمين‪ ،‬اما ان يكونوا ملحدة ل تهمهم المشاعر‬
‫الدينية قاطبة (اسلمية ونصرانية ويهودية)‪ ،‬واما ارهابيين فكريين‬
‫من الصليبيين الحاقدين‪ ،‬ول اقول النصارى لن منهم من تقزز من‬
‫هذا العمل وكأنه مسه مباشرة لعلمهم ان للحرية حدود ل يجب ان‬
‫تتعداها‪ ،‬لكن من ليس له مبدأ او ان الحقد مل قلبه‪ ،‬فنتوقع منه‬
‫الكثير!‬
‫شخصيا ل استغرب ان يقوم حاقد بما قام به لن الرئيس بوش‬
‫نفسه‪ ،‬قدوة المحافظين الجدد راعي الحرية والديموقاطية (!!!)‪،‬‬
‫نفّس عن ما يكنه صدره وما يخفيه عقله الباطن من ان الحرب‬
‫على الرهاب التي اطلقها هي حرب صليبية!‬
‫نعم ان اول الحرب كلم‪ ،‬الله يكفينا شرها‪ ،‬ويحفظ علينا ديننا‪،‬‬
‫ويحمي لنا اوطاننا‪ ،‬ويديم علينا امننا واماننا‪.‬‬
‫ابراهيم‬
‫ابراهيم اسماعيل‬
‫‪ 01:09‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪12‬‬
‫التركيز على الدنمارك فقط‬
‫نعم يا اخوان التركيز على الدنمارك فقط ول نتشتت فتفشل‬
‫مقاطعتنا الشعبيه وتتوسع الدائره ويضعف موقفنا فل ناخذ بعدها ل‬
‫حق ول باطل الدنمارك فقط الدنمارك‬
‫ابو ياسر‬
‫‪ 04:23‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪13‬‬
‫لغرب والحريه\الحريه التى وصل اليها الغرب المتقدم بتداء من‬
‫رفض سيطرت الكنيسه على كل شى الى التهجم على ال نبياء‬
‫عليهم السلم‬
‫لقد وصل الغرب الى ا كبر من الوقاحه بدء با السماح بممارست‬
‫الشذوذ الجنسى‬

‫‪100‬‬
‫وزواج المحارم وال حتجاج على الله تعالى الله عن ما يقولون علوا‬
‫كبير ليس جديد‬
‫فمعظم هذا كله تجده فى كتب العهد القديم وكل ذالك نتج عن‬
‫تعسف الكنيسه فى القرون الوسطى‬
‫وقد كانت الكنيسه هى القوه المسيطره على الحياهحتى انها‬
‫ترفض العم والتعليم‬
‫وقد كان مصير كثير من العلماء القتل اوالحرق حسب تعاليم‬
‫الكنيسه فى ذالك‬
‫العصر وبعد فصل الدين عن السياسه عن ضهور العلمانيه اصبح كل‬
‫شى مباح‬
‫حتى الكنيسه والقساوسه الذين كانو يرفضون الزواج ومتع الحياه‬
‫تغيروا فمنهم‬
‫من فضل الزواج ومن هم زاول الشذوذ وهذا نتيجت الكبت‬
‫وتسلط الكنيسه فى ذلك الوقت اما الن فان الحريه عندهم لحدود‬
‫لها‬
‫وما حث فى المانيا قبل عدت اسابيع عند ما قا بعض ال لمان برسم‬
‫ملكة‬
‫بريطانيا والرئيس بش وبلير فى منظر مسى للخلق على احد‬
‫جدران برلين‬
‫وقدا راد مجموعه من المتطرفين ان يجروا المسلمين الى مواجهه‬
‫مع العالم‬
‫الغربى وهم يعلمون ان المسلمون لن يرضوا بان ينال احد من سيد‬
‫البشر‬
‫محمدصلى الله عليه وسلم وانه سوف يكون لهاذ المر تداعيات‬
‫خطيره‬
‫اول تصفيت حسابات بين الشركات التى تسيطر على المال‬
‫وضرب مصالحها فى العالم السلمى ثانيا استدراج الجاليات ال‬
‫سلميه‬
‫للقيام با اعمال عنف لكى يتم ضربها ونبذها من المجتمعات الغربيه‬
‫وتوسعت شقة الخلف بين المسلمين ووصمهم با الرهاب كا العاده‬

‫‪101‬‬
‫وقد كان هذا المر مد وس بعنايه ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫نحن نملك اموالنا ونقول لن نشترى بعد اليوم من اى بلد يريد ان‬
‫ينال من‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم انتم احرار ونحن احرار ان نشتر‬
‫ممن نريد‬
‫ونقاطع من نريد‪.‬‬
‫ابو مهند‬
‫‪alsauf@msn.com‬‬
‫ابو مهند‬
‫‪ 05:04‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪14‬‬
‫دعم التعريف بالسلم خير من المقاطعة !؟‬
‫ليس اكبر من شيء يرفع الراس بين العالمين من حميا المة‬
‫المسلمة في هذا البلد المقدس لكل ما يمس السلم و المسلمين‬
‫في العالم و لو كره المبطلون‪.‬‬
‫و لعلها الغضبة اليعربية السلمية من شعب نبيل يهوى التضحيات و‬
‫يعشق التحديات‪.‬‬
‫لكننا ل نزر وازرة بازر اخرى و من تعاليمنا كل نفس بما كسبت‬
‫رهينة و ان ليس للنسان ال ما سعى و ل يجرمنكم شنئان قوم‬
‫على ال تعدلوا اعدلو‪ ..‬والله يحب المقسطين‪.‬‬
‫و لو كنا نفكر او يفكر لنا لعلمنا الفرق بين استثمار الحداث‬
‫للضافة الى رصيد المة بين اهل النرويج و الدنمارك و بين زيادة‬
‫اعداد اعدائنا او جر غيرهم الى معاداتنا تعصبا و نصرة لقطعة‬
‫قماش دسناها باقدامنا و لم تشفنا لنا غليل و ل حققت لنا مكسبا‪.‬‬
‫و لماذا ل نعامل الناس بما عاملهم النبي نفسه عليه الصلة و‬
‫السلم حيث تقول عائشة رضي الله عنها انه لم يغضب لنفسه قط‪.‬‬
‫ايها الحباب الغاضبين مهل فليس بالغضب سادت رسالة محمد و‬
‫انما بتلك التعاليم التي قالها النبي صلى الله عليه و سلم حين قال‬
‫اوصاني ربي بتسع منها العدل في الغضب و الرضى و ان اعفو عن‬
‫من ظلمني و ان احسن الى من اساء الي و ان اصل من قطعني‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫والى ان نعي ان دعم الدعوة و التعريف بالسلم في المجتمعات‬
‫الغربية و الجاليات المسلمة هناك و منها النرويج و الدنمارك هو‬
‫خير لنا من مقاطعتها سيعلم الفارق بين النضج و عدمه و سيعلم ان‬
‫لنا عقول تفكر و تعلم مكر اعداء السلم بجرهم الى معاداة‬
‫الشعوب من اجل صحيفة مغرضة ماكرة و بالله التوفيق‪.‬‬
‫علي الجهني‬
‫‪ 05:34‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪15‬‬
‫نعم للمقاطعة ولننذر بالقرآن‬
‫سلح المقاطعة حاد ونتائجه فعالة لكن أرجو أن ل نضع الغرب‬
‫باكمله في كفة واحدة وأن ننذر بالقرآن كما أمر الحق جل وعل‬
‫(نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكّر بالقرآن من‬
‫يخاف وعيد)‪.‬‬
‫فهيم منذر‬
‫‪ 05:58‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪16‬‬
‫الحمد لله تعالي أن العالم بأجمعه اعترف بأن الدينمارك هي البادئة‬
‫بالشر‬
‫الحمد لله تعالي لم نغلط علي الدينمارك ولم نبادؤها بأي عداء ول‬
‫بغيره‪ ...‬الحمد لله أن العالم كله رأي بأم عينه بأن الدينمارك هي‬
‫من اعتدت علينا أول ونحن لم نخطأ مع الدينمارك بأي خطأ‪ .‬دائما‬
‫كان الغربيون والمتحررون من أبناء جنسنا يتهموننا زورا وبهتانا‬
‫كمسلمين بأننا ضيقوا الفق ول نتقبل الخر وليس عندنا مرونة في‬
‫تقبل الخرين و جامدون ول نستطيع التعايش السلمي مع من‬
‫يخالفنا في الدين و و و و و و و‪ ...‬الخ‪ .‬ولكن وبحمد الله تعالي فقد‬
‫شاهد العالم بأم عينه أننا كمسلمين لم نخطأ علي الدينمارك بشئ‬
‫ولم نسؤها بأي شئ بأي شئ بأي شئ ومع ذلك هي التي اعتدت‬
‫علينا واستمرت بغيها دون أن نفعل لها شئ وباصرار وحقد أسود‬
‫ودفين‪ ...‬الحمد لله تعالي أنه سقط القناع الزائف التي كانت تلبسه‬
‫الدينمارك وغيرها من الدول التي تزعم الحرية واحترام الخر وقبلها‬
‫كانت فرنسا التي لم تتحمل حرية اختيار بنات السلم للبس‬
‫الحجاب وفرضت عليهن خلعه وإل‪ .‬وبالمس يسأل أحد المذيعون‬

‫‪103‬‬
‫إعلمية بريطانية كانت تتكلم عن الحرية إن كانت تستطيع أن‬
‫تمارس هذه الحرية في التشكيك في المحرقة اليهودية فردت قائلة‬
‫بما معناه‪ ":‬صحيح نحن نلحظ أن الحريات في بلدنا تمارس مع‬
‫طرف دون الخر " يعني أنها تستطيع أن تمارس الحرية بالتعرض‬
‫السلم ولكنها ل تستطيع ممارسة الحرية في التعرض لليهود‪...‬‬
‫فأي حرية هذه ؟‬
‫وأنا أوجه سؤال لدعاة التحرر والحرية في بلدنا‪ :‬ما رأيكم فيما‬
‫قامت به الدينمارك من إساءة لنا دون أن نتعرض لها بأي سوء؟ هل‬
‫هذه الحرية والتحضر التي تنادون بها وتفاخرون بها في هذه الدول‬
‫الغربية؟ من منا لم يحترم الخر ؟ نحن أم الدينمارك؟ من منا لم‬
‫يكن مرنا في تقبل الخر؟ نحن أم الدينمارك؟ من منّا تهجم عي‬
‫الخر؟ نحن أم الدينمارك؟ من منا ضاق بالخر؟ نحن أم‬
‫الدينمارك ؟ وخاصة أن الدينمارك تبعتها الدول الوربية‬
‫( المتحضرة) كفرنسا والنرويج وأسبانيا في الهجوم والستهزاء بنا‪...‬‬
‫لم تكن الدينمارك حالة استثنائية وشاذة‪.‬‬
‫ولكننا نركز بالمقاطعة علي الدينمارك لكي ل نشتت جهودنا ولنها‬
‫أول من سن هذه السنة السيئة‪.‬‬
‫عبدالعزيز‬
‫‪ 08:01‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪17‬‬
‫انا اريد ان اعرف من هو المتورط في قنوات التلفزة بوجود فتيات‬
‫عاريات مع العلم‬
‫السعودي مكتوب عليها لاله ال الله محمد رسول الله‪,‬يجب على‬
‫العالم السلمي‬
‫ان يعرف هذه الجريمة لنها اكثر جرما من كاريكاتور الدانمارك‬
‫خليل بوقب‬
‫‪ 09:41‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫‪18‬‬
‫إل حبيبنا محمد‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪...‬أمابعد‪-:‬‬
‫بصراحه تامة‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫لقد كنت افكر في جميع النقاط الساخنه المذكورة هنا من قبل‬
‫اخواني العزاء‪,‬‬
‫وكنت مشغول في كيفية ان استطيع ذكرها مرتبه ومن يكون الول‬
‫ومن يكون التالي‪,,,‬‬
‫ولكن‪-‬ماشاءالله عليكم‪ -‬جميع كلماتكم البراقه والهادفه والنابعه من‬
‫قلب غيور في جسد كل مؤمن محب لدينه ولنبيه محمد‪-‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪,-‬‬
‫لكل منكم موضوعه الهادف اللمع في سماء هذه القضية‬
‫الحساسه‪ ,‬القضية الكثر اهمية التي تحتاج ال قلوب نابضه باليمان‬
‫والمحبه والموده‪,‬والعقول الراكده المفركه بكيفية المدافعه بعقلنيه‬
‫بحته وعدم التهجم العشوائي‪,‬‬
‫فلم استطع ان اضيف شيئا جديدا على ماذركتوه هنا‪,‬‬
‫ولكن اقول بعبارة واحده وبصرخة المسلم المؤمن المجاهد بقلمه‬
‫المدافع عن دينه‬
‫وهي عبارة( إل حبيبنا محمد‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ,)-‬كل شئ في‬
‫هذه الدنيا الزائله‪ ,‬كل شئ يهووون إل ان يمسوا حبيبنا ‪-‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬بكلمة واحده‪,‬‬
‫لو قلنا انها مجرد اقلم ولن تؤثر بديننا بشي‪ ,‬فسوف يستخف‬
‫الغرب بنا‪,‬فيتركون القلم ويأتوا بشي اشد منه وهكذا تدريجيا حتى‬
‫ليكون هناك دين اسمه السلم على وجه الكره الرضيه‪,‬صحيح‬
‫مسلمون ولكن لو سكتنا عن هذه السخريه الناجمه عن عقول‬
‫صغيره مصيرها جهنم باذن الله ‪ ,‬فلن نسمى مسلمين بعدها ان لم‬
‫ندافع عنه ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فعن من ندافع‪,‬‬
‫أحبائي ل اريد الطاله ول اريد ان اكون ثقيل الظل عليكم هذا‬
‫ماستطعت ذكره‪,‬‬
‫فان اخطات فمن نفسي والشيطان‪ ,‬وان اصبت فمن الله‪.‬‬
‫لكم خالص حبي‪ .‬اخوكم الصغير‪.‬‬
‫أحمد‬
‫‪ 10:53‬مساءً ‪2006/02/04‬‬
‫=====================‬

‫‪105‬‬
‫السناد عند المحدثين الدللة التاريخ المنهج‬

‫رضا أحمد صمدي‬


‫تمهيد‪:‬‬
‫ل يبدو لنا جليا بداية التاريخ الدللي لكلمة السناد ومتى ابتدأ أول‬
‫استعمال لهذا الصطلح؟ لكن إطلق كلمة السناد ‪-‬الذي هو مصدر‬
‫أسند‪ -‬على سلسلة رواة الخبر يشير إلى تطور اصطلحي منهجي‬
‫في نقل الكلمة من معنى لغوي حقيقي إلى معنى عرفي لم يكن‬
‫شائعا ليصبح لغة يعرفها الصغير والكبير بل الجاهل والعالم‪.‬‬
‫ولن نهتم كثيرا بالبحث الدللي لكلمة السناد بقدر ما سنعتني – إن‬
‫شاء الله – بالبحث التاريخي لنشأة السناد وتطوره تنظيرا وتطبيقا‪.‬‬
‫فنظرية السناد هي من أهم نظريات النقد عند المحدثين وسنطيل‬
‫النفس في تنظير هذه القضية ولم شتات ما قيل فيها إن شاء الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫ونبدأ بتأريخ السناد وتأصيله شرعا ثم نعرج بتأريخ نهاية تطبيق‬
‫السناد كآلية لنقل ورواية الحاديث‪.‬‬
‫البداية والنهاية‬
‫نشأة السناد‬
‫حول تاريخ نشأة السناد تبرز نظريتان شهيرتان في الوساط‬
‫العلمية‪ ،‬سأحاول عرضهما ثم مناقشتهما وترجيح ما تقتضيه الوثائق‬
‫والنصوص المعتمدة‪.‬‬
‫النظرية الولى‪ :‬الختلق‬
‫مضمون هذه النظرية أن أكبر جزء من السانيد في كتب الحديث‬
‫اعتباطي وأن السانيد بدأت بشكل بدائي ووصلت إلى كمالها في‬
‫النصف الثاني من القرن الثالث الهجري… وأن السانيد كانت‬
‫تلصق بأدنى اعتناء‪]1[ .‬‬
‫وتََزعَّم هذه النظرية وروج لها فذاعت في أوساط المستشرقين بل‬
‫في الوسط العلمي العربي بأسره المستشرقُ "شاخت" حيث زعم‬
‫أنه درس أسانيد كتب السيرة والفقه وتوصل من خلل دراساته إلى‬

‫‪106‬‬
‫نظرية سماها "القذف الخلفي" أو ‪ Projecting Bac :‬وأن هذه‬
‫النظرية هي التي أدته إلى اكتشاف تاريخ اختلق السناد‪.‬‬
‫وقد امتدح المشرقون نظرية "شاخت"‪ ،‬ووصفوها بأنها إسهام قيم‬
‫جدا لدراسة التطورات في الحاديث النبوية ‪ ،‬لن هذا المنهج ل‬
‫يعطينا فقط التاريخ الذي نسب فيه حديث ما إلى النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪،‬بل يعطي المدلول الدقيق لتلك السانيد ‪،‬وهو أن الجزء‬
‫السفلي من السانيد صحيح بينما الجزء العلوي الموصل إلى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم خيالي وزائف‪]2[ .‬‬
‫ولم تكن دراسات "شاخت" هي الوحيدة في إطار جهود‬
‫المستشرقين‪ ،‬فقد ابتدأت هذه الجهود في القرن الثامن عشر‪،‬‬
‫حيث برز "المير كايتاني" توفي سنة ‪ 1926‬و"ميور" توفي ‪1905‬‬
‫و"شبرنجرا" توفي‪ ،1893‬واهتم الثلثة بتاريخ السنة‪ ،‬واعتقدوا نظرية‬
‫الشك في صحة الحاديث ‪،‬وسعوا للكشف عما أسموه المادة‬
‫الصلية للحديث‪.‬‬
‫ن بعدهم اليهودي المجري "جولدزيهر"‬ ‫م ْ‬
‫ثم تولى كِبَْر هذه النظرية ِ‬
‫الذي استعان بمنهج النقد التاريخي الوروبي في دراسة الحديث ‪،‬‬
‫حيث توصل إلى فكرة تطور السانيد والمتون في الفكر السلمي‪،‬‬
‫ويرى أن وضع الحديث بدأ في جيل الصحابة المبكر وإن كان يثبت‬
‫وجود مادة أصلية كما ذهب كايتاني وشبرنجر وميور‪.‬‬
‫ولقد صارت دراسات "جولدزيهر" دستورا للمستشرقين من بعده‪،‬‬
‫وقليل ما هم الذين انتقدوها‪ ،‬أما الكثرية الساحقة فاكتفوا بتعميق‬
‫آرائه بإضافة براهين جديدة‪ ،‬فكان منهم "فنسنك" الذي ركز على‬
‫أحاديث العقيدة‪ ،‬و"جوزيف شاخت" الذي ركز على أحاديث‬
‫الحكام‪]3[ .‬‬
‫وسنعرض لنموذج واحد من دراسات أولئك المستشرقين ونتناولها‬
‫بالمناقشة لنعرف قيمتها العلمية‪ ،‬وسنركز على فكرة الختلق‬
‫المتمثل في نظرية القذف الخلفي عند "شاخت" باعتبارها من‬
‫أقوى التجاهات التي سادت أوساط المستشرقين بل وبعض‬
‫الباحثين المسلمين في العصر الحاضر‪.‬‬
‫نظرية القذف الخلفي‪:‬‬

‫‪107‬‬
‫خلصة نظرية القذف الخلفي عند "شاخت" أنه يفترض وجود راو‬
‫واحد في سلسلة السناد هو محوره‪ ،‬وهو واضع السناد من الجزء‬
‫العلوي والحديث أيضا‪ ،‬وأما من فوق هذا المحور فل وجود له في‬
‫الواقع ‪،‬وإنما هو من اختلق هذا الراوي المحور‪ ،‬واستند إلى هذه‬
‫الفرضية بناء على دراسة لسناد واحد في كتاب "اختلف الحديث‬
‫للشافعي" نلحظ أن ذلك الحديث ورد بالسانيد التية‬
‫فقد لحظ شاخت أن عمرو بن أبي عمرو هو الراوي المشترك في‬
‫السانيد كافة وانه من الصعوبة بمكان أن يكون عمرو قد تردد بين‬
‫موله وبين رجل مجهول (من بني سلمة) ليكون سنده المباشر‪[ .‬‬
‫‪]4‬‬
‫ولقد ناقش الستاذ العظمي "نظرية شاخت" بأسلوب علمي راق‬
‫وأثبت ما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬أن "شاخت" جاء بمثال واحد فقط لثبات نظريته مع ادعائه‬
‫تعميم هذه الظاهرة في الحاديث‪ ،‬وهو مخالف لمنهج الستقراء‬
‫العلمي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن هذا النموذج الذي بني عليه "شاخت" دراساته أو نظريته‬
‫عليه مآخذ منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن "شاخت" أخطأ في تشجير السناد‪ ،‬وكان حريا أن يجعل‬
‫شيوخ عمرو اثنان ل ثلثة وتكون شجرة السناد هكذا‪:‬‬
‫وإنما عمد شاخت إلى تكثير شيوخ عمرو لحداث تأثير كاذب ليثبت‬
‫نظرية القذف الخلفي‪.‬‬
‫‪ -2‬أن "شاخت" لم يمعن النظر في نصوص الشافعي في كتاب‪:‬‬
‫"اختلف الحديث" أو لم يفهمها‪ ،‬فقد أراد الشافعي من سوق تلك‬
‫السانيد والمقارنة بينها إثبات أن تلميذ عمرو رووا الحديث عن‬
‫شيخ واحد فقط وهو عمرو نفسه‪ ،‬ولكن الذي سمى شيخ عمرو أنه‬
‫رجل من بني سلمة إنما هو طريق عبد العزيز‪ ،‬وأما إبراهيم‬
‫وسليمان فطريقهما سمى شيخ عمرو أنه المطلب واعتبر الشافعي‬
‫إبراهيم ‪-‬وهو ابن أبي يحي‪ -‬أقوى في الحفظ من عبد العزيز وتابعه‬
‫على ذلك سليمان وأن الرواية عبد العزيز خطأ‪.‬‬

‫‪108‬‬
‫ومن هنا يتضح ‪-‬كما يرى الستاذ العظمي‪ -‬أن هناك إسنادا واحدا‬
‫وعن طريقه روى عمرو بن أبي عمرو هذا الحديث عن المطلب‬
‫وعلى هذا ينبغي أن تكون شجرة السناد هكذا‪]5[ :‬‬
‫يقول الستاذ العظمي‪ :‬لذلك‪ ..‬فكل ما قاله شاخت وما بنى عليه‬
‫من البيانات والدعاءات ذهب سدى‪ ..‬ثم يقول‪" :‬وبعد‪ ..‬فإن سلمنا‬
‫ادعاء شاخت بأن عمرو بن أبي عمرو ادعى أنه روى هذا الحديث‬
‫عن عدة أشخاص وهو الراوي الوحيد عن هؤلء جميعا‪ ،‬فهذه حادثة‬
‫فردية‪ ،‬ول يبدو إطلقا أن شاخت بذل وقتا كافيا في بحث أسانيد‬
‫أكثر الحاديث‪ ،‬المر اللزم لتكوين نظرية من هذا النوع فضل عن‬
‫دراسة لظاهرة أسانيد الحاديث الفقهية كافة‪ ،‬وإل فتكوين نظرية‬
‫وإعطاؤها صبغة الوقوع الغالبي والعتيادي بناء على هذه الدراسة‬
‫الضئيلة الهزيلة ليس ذا قيمة في مجال البحث العلمي‪ "..‬ثم يقول‪:‬‬
‫"هذا النوع من السلوب اللعلمي في البحث يثبت في الواقع جنوح‬
‫شاخت إلى الهوى بدل من البحث العلمي النزيه" [‪.]6‬‬
‫والواقع أن المستشرقين كافة صدروا عن جهل محقق بنظام‬
‫السناد وروحه واعتمدوا على دراسات خاطئة في المنهج العلمي‬
‫والستقراء مع ضميمة العجمة في اللغة مما أوقعهم في كثير من‬
‫الستنتاجات المتناقضة [‪.]7‬‬
‫والواقع أن هناك أسبابا كثيرة تبطل نظرية الختلق وتثبت أن‬
‫السانيد نشأت نشأة طبيعية في الوسط العلمي السلمي‬
‫وباستلهام لفكرة السناد من روح النصوص الشرعية نفسها التي‬
‫حثت على تبني هذه الطريقة في حفظ النقول وتبليغها‪.‬‬
‫ومن السباب التي تبطل نظرية الختلق‪:‬‬
‫‪ -1‬كثرة السانيد‪ .‬فطرق الحاديث تبلغ مئات اللوف إن لم يكن‬
‫أكثر‪ ،‬ولو اعتبرنا عملية حسابية في السناد مبنية على التضاعف‬
‫العددي للرواة لمدة ثلثة أجيال رووا حديثا واحدا لعلمنا ضخامة‬
‫العدد‪ .‬وهذه الكثرة قرينة قوية على استحالة الختلق إذ يبعد أن‬
‫يكون النتحال صفة مشتركة بين آلف الرواة في كل جيل ثم ل‬
‫يأتي ما يفيد هذا التواطؤ الواضح‪.‬‬
‫‪ -2‬تشابه الكثير من المتون مع أن أسانيدها مختلفة ورواتها‬
‫متباعدون إقليميا‪ .‬فتجد الكثير من الحاديث التي تشترك في لفظ‬

‫‪109‬‬
‫واحد مع أن مخارجها عن صحابة مختلفين متفرقين في المصار‬
‫والذين رووا عنهم أيضا من أماكن متفرقة بعيدة عن بعضها‪ ،‬والقول‬
‫بالختلق يعني ضرورة عقد مؤتمر دائم يضم الرواة من الشام‬
‫ومصر والعراق والحجاز وخراسان وغيرها‪ ،‬وهذا مع أنه لم ينقل‬
‫حدوثه فهو مستحيل يعرفه كل من طالع التاريخ السلمي‪.‬‬
‫‪ -3‬أخلقيات الرواة التي اشتهرت وذاعت‪ ،‬ومآثرهم الذي لم‬
‫يجحدها جاحد‪ ،‬تمنع من اتهامهم باختلق الحاديث‪ ،‬والمستشرقون‬
‫يعلمون أن الرواية العربية تحفظ المثالب كما تحفظ المناقب‪ ،‬وإذا‬
‫كانت فرية افتراءها أعرابي على حضري أو سرقة ارتكبها شاعر‬
‫في قصيدة عن غير قصد‪ ،‬تنقل بين الرواة حتى تبلغ الفاق‪ ،‬أفل‬
‫يكون اختلق آلف السانيد حدثا جديرا بنقله عن أولئك الرواة‬
‫المختلقين‪.‬‬
‫‪ -4‬روح ونظام السناد‪ ،‬وأخلقية منهج الرواية والنقد عند المحدثين‬
‫– والتي سيأتي بيانها – تحيل حدوث اختلق مقصود ثم تداوله على‬
‫أنه صحيح معتمد‪.‬‬
‫النظرية الثانية ‪:‬تطور السناد‬
‫تعني هذه النظرية أن آلية السناد أو نظامه لم يأخذ الهيئة الكاملة‬
‫ولم يعتمد بصورته التامة إل عبر مراحل زمنية متعاقبة‪.‬‬
‫لكن ينبغي التنبيه إلى نقطة مهمة متعلقة بفكرة تطور السناد‪ ،‬وهو‬
‫أن بعض المستشرقين قالوا بهذه النظرية‪ ،‬لكنهم اعتبروا تطور‬
‫السناد بمعنى اختلقه أيضا وانتحاله عبر بعض الرواة‪ ،‬وقد‬
‫استخدموا كلمة التطور لثبات نظرية الختلق التي تكلمنا عنها‪]8[ ،‬‬
‫أما التطور الذي نعنيه هنا فالمراد به مرور السناد بمراحل زمنية‬
‫تفاوت فيها اهتمام النقلة والرواة في اللتزام بالهيئة الكاملة‬
‫للسناد‪.‬‬
‫وتعتمد هذه النظرية على أثر لمحمد بن سيرين يقول فيه‪ " :‬لم‬
‫يكونوا يسألون عن السناد فلما وقعت الفتنة قالوا‪ :‬سموا لنا‬
‫رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع‬
‫فل يؤخذ حديثهم"‪]9[ .‬‬

‫‪110‬‬
‫وواضح من الرواية أن محمد بن سيرين – وهو تابعي معروف توفي‬
‫‪110‬هـ – انه أرخ بداية الهتمام بالسناد عند وقوع الفتنة‪.‬‬
‫ونلفت النتباه إلى أن هذا الثر إنما أرخ لبداية الهتمام بالسناد‪،‬‬
‫ولبداية الجرح والتعديل‪ ،‬حيث ورد في الشارة إلى السؤال عن‬
‫أحوال الرجال‪.‬‬
‫كما أن الثر واضح في أن السناد كان موجودا قبل هذه المرحلة‪،‬‬
‫وغاية ما حدث هو بداية الهتمام به والسؤال والتفتيش‬
‫عنه‪.‬وسنحاول التعرف على تاريخ الفتنة التي ابتدأ اهتمام السناد‬
‫عندها عند الكلم عن نظرية الجرح والتعديل لكننا نشير إشارة‬
‫بسيطة إلى استنتاجات بعض الباحثين ونرجئ مناقشتها إلى الموضع‬
‫المذكور ‪.‬‬
‫لقد ذهب الستاذ أكرم العمري أن المراد بالفتنة المذكورة في أثر‬
‫ابن سيرين هو زمن مقتل عثمان حيث ظهر الوضع وبرزت‬
‫النشقاقات عن الجماعة‪ ،‬ويفسر أثر محمد بن سيرين السابق بأثر‬
‫آخرله استعمل فيه كلمة الفتنة‪ ،‬وهي قوله‪ « :‬ثارت الفتنة وأصحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلف لم يخف منهم‬
‫أربعون رجل [‪.]10‬‬
‫ويعتمد الستاذ محمد العظمي على نفس أثر ابن سيرين في‬
‫الفتنة ويجزم بأن المراد بها فتنة علي بن أبي طالب ومعاوية [‪.]11‬‬
‫لكن الستاذ العظمي ينبه إلى ما أ شرنا إليه في بداية المبحث‬
‫وهو أن كلم ابن سيرين يفهم منه "أن استعمال السانيد كان‬
‫موجودا ومعروفا كل ما هنالك أن الناس ما كانوا يدققون‬
‫فيستفسرون وكان المر متروكا للراوي نفسه إذا أراد أن يبين‬
‫شيخه أول " [‪.]12‬‬
‫لكننا نرى أن في كلم لستاذ العظم توسعا ‪ ،‬لن معنى عدم‬
‫التدقيق و الستفسار وأن ذكر الشيخ كان متروكا للراوي ‪ ..‬معنى‬
‫ذلك عدم وجود حقيقة السناد فيكون كلمه متناقضا حيث أنه أثبت‬
‫في بداية العبارة وجود السانيد واستعمالها وشهرتها ‪.‬‬
‫و الولى أن يقال في تفسير أثر ابن سيرين إن السانيد كانت‬
‫موجودة ومستعملة لنها كانت منبعثة من روح الشريعة كما‬
‫سنعرف ‪ ،‬لكن اللتزام بالهيئة الكاملة للسناد والتفتيش عن الدجال‬

‫‪111‬‬
‫وتلمس احتمالت الكذب لم يكن ملتزما في الصدر الول لتعاملهم‬
‫في مسألة نقل الشرع على البراءة ‪ ،‬إذ لم يتفش الكذب ‪ ،‬بل يكن‬
‫يتصور أحد أن يكذب أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ويدل على ذلك أثر أنس ابن مالك حيث يقول ‪":‬ليس كل ما‬
‫نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه ولكن‬
‫حدثنا أصحابنا ونحن قوم ل يكذب بعضهم بعضا " [‪ .]13‬وقال البراء‬
‫بن عازب ‪" :‬ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وكان يحدثنا أصحابنا عنه ‪،‬كانت تشغلنا عنه رعية البل " [‬
‫‪ ]14‬وفي رواية ‪":‬ولكن الناس لم يكونوا يكذبون يومئذ فيحدث‬
‫الشاهد الغائب" [‪.]15‬‬
‫أصل السناد ‪.‬التأصيل الشرعي‬
‫لقد وجدت نصوص كثيرة تثبت أن السناد لم يكن إل تطبيقا طبيعيا‬
‫لما دلت عليه تلك النصوص وأرشدت إليه ‪.‬‬
‫فمبدأ إحالة القول إلى قائله عن طريق الرواة والنقلة – وهو روح‬
‫السناد – موجود في أصل أدلة الشرع‪.‬‬
‫فاليات تصرح بان جبريل كان هو الواسطة في الوحي بين الله‬
‫تعالى وبين النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يقول تعالى‪ ( :‬نزل به‬
‫الروح المين على قلبك‪)..‬‬
‫وقال تعالى ‪ ( :‬إن هو إل وحي يوحى ‪ .‬علمه شديد القوى‪ .‬ذو مرة‬
‫…) وهو جبريل عليه السلم ‪ .‬وقال الله تعالى ‪ ( :‬وإنك لتلقى‬
‫القرآن من لدن حكيم عليم)‪.‬‬
‫ولعلنا بهذا التخريج نفهم سر بدء البخاري أبواب صحيحه بباب بدء‬
‫الوحي‪ ،‬حيث أورد فيه حديث هيآت الوحي التي كان يأتي بها جبريل‬
‫عليه السلم‪ .‬فالسر والله أعلم أن بيان السنة من الوحي [‪، ]16‬‬
‫وأن الوحي يتلقى بالسناد و النقل عن الثقة المين وهو في‬
‫الحديث جبريل عليه السلم‪ ،‬فكأنه إشارة إلى تأصيل مبدأ السناد‬
‫من إرشاد الشرع إلى اعتماده طريقة في نقل الوحي إلى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فأولى بالمكلفين أن يعتبروه وسيلة في‬
‫تداوله بينهم على نفس الجادة والطريقة‪.‬‬
‫وقد وردت أحاديث أخرى تفيد الشارة إلى استعمال السناد في‬
‫تبليغ الوحي ونقل النصوص‪ .‬فعن عبد الله بن مسعود عن النبي‬

‫‪112‬‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ‪ ":‬نضر الله عبدا سمع مقالتي فحفظها‬
‫ب حامل فقه غير فقيه‪ ،‬ورب حامل فقه إلى من‬ ‫ووعاها وأدّاها‪ ،‬فَُر َّ‬
‫هو أفقه منه " [‪.]17‬‬
‫ويروى أيضا عن زيد بن ثابت [‪ ]18‬وجبير بن مطعم [‪. ]19‬‬
‫وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪" :‬تسمعون ويسمع منكم‪ ،‬ويسمع ممن يسمع منكم" [‬
‫‪ ،]20‬ويروى عن ثابت بن قيس أيضا [‪.]21‬‬
‫ومما يدل على أن مبدأ السناد كان شائعا حديث ضمام بن ثعلبة‪،‬‬
‫وهو أعرابي كان في البادية‪ ،‬جاءه رسول رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وعرض عليه السلم‪ ،‬فجاء ضمام إلى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪" :‬يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم‬
‫أن الله أرسلك‪ ،‬قال‪ :‬صدق‪..‬قال ‪ :‬وزعم رسولك أن علينا زكاة في‬
‫أموالنا ‪ .‬قال‪ :‬صدق…" [‪. ]22‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قعد على المنبر فقال‪" :‬أيها الناس ‪ :‬حدثني تميم‬
‫الداري أن أناسا من قومه كانوا في البحر ‪"..‬الخ حديث الجساسة‬
‫المشهور [‪.]23‬والشاهد في إسناده صلى الله عليه وسلم القصة‬
‫إلى قائلها ‪ ،‬وذ ُكِر هذا الحديث مثال لرواية الكابر عن الصاغر‪.‬ومن‬
‫تطبيقات ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقن القرآن‬
‫لصحابه كما تلقاه من جبريل عليه السلم ‪ ،‬وكان يحفظ عنه‬
‫الصحابة ويكتبون ‪ ،‬وعندما جمع القرآن في عهد أبي بكر وعثمان‬
‫رضي الله عنهما اعتمد زيد بن ثابت في نقد مصادر اليات القرآنية‬
‫فكان يعتمد على ما وجد مكتوبا ومحفوظا معا ويشترط توافر اثنين‬
‫يحفظان القراءة التي يراد إثباتها في المصحف المام [‪ . ]24‬فكان‬
‫هذا التوجيه النبوي والتطبيق العملي من الصحابة من أسس نظرية‬
‫السناد ‪ ،‬إذ استوحى المحدثون منه فكرة صحة النص بناء على‬
‫توافر شرط النقل المتصل عن العدول الضابطين‪ ،‬وغدا بمثابة‬
‫الصل العام الذي استحضره منهج النقد عند المحدثين في كل طور‬
‫من أطواره‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬من كذب علي متعمدا‬
‫فليتبوأ مقعده من النار» [‪. ]25‬فإن هذا الحديث المتواتر الذي رواه‬
‫العشرات من الصحابة دليل على فشو السناد بينهم ‪ ،‬وهو النقل‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ولو لم يكن إسناد القول إلى‬
‫قائله أمرا شائعا وطريقا مسلوكة لما كان لهذا الحديث معنى‪.‬‬
‫ولجل هذا الحديث تزايد حرص الصحابة وتثبتهم في نسبة أي شئ‬
‫إلى النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫فمن هؤلء الذين ثبت عنهم الحتياط في قبول الخبار ‪ :‬أبو بكر‬
‫الصديق [‪ ]26‬وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب [‪. ]27‬‬
‫إن النصوص والثار التي سقناها تثبت وجود السناد منذ عهد النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وأنه أخذ ينمو من حيث المادة والهتمام به‬
‫عبر الجيال حتى أخذ مكانته اللئقة والمحورية كعلو وأساس في‬
‫منهج نقد الثار والنصوص على يد علما ْ القرن الثاني الهجري‪.‬‬
‫نهاية تطبيق مبدأ السناد في الرواية‬
‫أما وقد انتهينا إلى أن نظرية السناد نشأت مع النصوص الشرعية‬
‫ذاتها‪ ،‬وأن صورته لم تنشأ متأخرة أو تتطور بالختلف كما زعم‬
‫الزاعمون‪ ،‬فنحتاج إلى أن نؤرخ لنهاية السناد كآلية مستخدمة في‬
‫نقل وحفظ الروايات ‪.‬‬
‫ويجب أن نؤكد على قضية بالغة الهمية قبل التعرض للمسألة‬
‫المذكورة‪ ،‬أل وهي أن السناد كما علمنا من خصائص هذه المة‬
‫المباركة [‪ ]28‬كما ذكر غير واحد من أهل العلم ‪ ،‬لذا فإن ديمومة‬
‫وجود السناد أمر يجب أل يكون محل تشكيك أو تهوين‪ ،‬فأسانيد‬
‫المصنفات وكتب العلم الشرعي التي ضمنت فيه النصوص‬
‫الشرعية مازالت متداولة حتى عصرنا الحالي ‪ ،‬وأهميتها تكمن في‬
‫البعد التوثيقي للمصنفات‪ ،‬وبذلك تتميز هذه المة عن كل المم بأن‬
‫كتبها تتوثق على مر العصور نسبتها فيؤمن النتحال فيها ويستيقن‬
‫من نسبتها لصحابها [‪]29‬‬
‫لكننا في الوقت نفسه يجب أن نعترف أنه بعد انتهاء عصر الرواية‬
‫لم يعد إسناد المتأخرين هذا هو مجال النقد ‪،‬فالنقد العلمي ينصب‬
‫أساسا على السناد الوارد في المصنف الذي صحت نسبته لمؤلفه‬

‫‪114‬‬
‫إلى صاحب الخبر أو النص ‪،‬ولهذا نحتاج إلى تأريخ زمان انتهاء عصر‬
‫الرواية‪ ،‬وانصرام تطبيق نظرية السناد عمليا ‪.‬‬
‫من المتفق عليه بين النقاد أن أسانيد المتأخرين في هذه العصور‬
‫إلى المصنفات المشهورة مثل صحيح البخاري وسنن أبي داوود‬
‫ومسند أحمد وصحيح ابن حبان لم تعد محل دراسة أو مجال نقد‪،‬‬
‫لن البحث فيها ل طائل إذ اشتهار تلك المصنفات وذيوعها وتعدد‬
‫نسخها في العالم ضمين بعدم حصول انتحال لي جزء منها أو زيادة‬
‫أو نقص فيها‪.‬‬
‫ولو تعد أسانيد المتأخرين يراعى فيها ما يراعى في أسانيد‬
‫المتقدمين من شروط الضبط والتقان والتيقظ ونحو ذلك‪.‬‬
‫يقول ابن الصلح‪« :‬إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها‬
‫حديثا صحيح السناد ولم نجده في أحد الصحيحين ول منصوصا على‬
‫صحته في شئ من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة فإنا‬
‫ل نتجاسر على جزم الحكم بصحته‪ ،‬فقد تعذر في هذه العصار‬
‫الستقلل بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار السانيد ‪ ،‬لنه ما من إسناد‬
‫من ذلك إل وتجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه‬
‫جريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والتقان‪ ،‬فآل‬
‫المر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى العتماد على ما نص‬
‫عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة التي يؤمن‬
‫فيها لشهرتها من التغيير والتحريف‪ ،‬وصار معظم المقصود بما‬
‫يتداول من السانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة السناد التي‬
‫خصت بها هذه المة زادها الله شرفا‪.‬آمين» [‪]30‬‬
‫ويبين ذلك في موضع آخر قائل ‪ ":‬أعرض الناس في هذه العصار‬
‫المتأخرة عن اعتبار مجموع ما بينا من الشروط في رواة الحديث‬
‫ومشايخه‪ ،‬فلم يتقيدوا بها في رواياتهم لتعذر الوفاء بذلك على نحو‬
‫ما تقدم ‪ ،‬وكان عليه ما تقدم ‪،‬ووجه ذلك ما قدمناه في أول كتابنا‬
‫هذا من كون المقصود المحافظة على خصيصة هذه المة في‬
‫السانيد‪ ،‬والمحاذرة من انقطاع سلسلتها ‪ ،‬فليعتبر من الشروط‬
‫ف في أهليه‬ ‫المذكورة ما يليق بهذا الغرض على تجرده ‪ ،‬وليُكْت َ َ‬
‫الشيخ بكونه مسلما بالغا عاقل غير متظاهر بالفسق والسخف ‪،‬‬
‫وفي ضبطه بوجود سماعه مثبتا بخط غير متهم ‪ ،‬وروايته من أصل‬
‫موافق لصل شيخه‪ ،‬وقد سبق إلى نحو ما ذكرنا الحافظ الفقيه أبو‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫سعَ َ‬‫بكر البيهقي رحمه الله تعالى‪ ،‬فإنه ذكر فيما رويناه عنه تو ُّ‬

‫‪115‬‬
‫سعَ في السماع من بعض محدثي زمانه الذين ل يحفظون حديثهم‬ ‫تو َّ‬
‫ول تحسنون قراءته من كتبهم ول يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن‬
‫تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم‪ ،‬ووجه ذلك بأن الحاديث‬
‫التي قد صحت أو وقعت بين الصحة والسقم قد دُونت وكُتبت في‬
‫الجوامع التي جمعها أئمة الحديث ‪ ،‬ول يجوز أن يذهب شئ منها‬
‫على جميعهم ‪ ،‬وإن جاز أن يذهب على بعضهم لضمان صاحب‬
‫الشريعة حفظها‪ ،‬قال البيهقي‪ :‬ومن جاء بحديث معروف عندهم‬
‫فالذي يرويه ل ينفرد بروايته‪ ،‬والحجة قائمة بحديثه برواية غيره ‪،‬‬
‫والقصد من روايته والسماع منه أن يصير الحديث مسلسل بحدثنا‬
‫وأخبرنا‪ ،‬وتبقى الكرامة التي خصت بها المة شرفا لنبينا المصطفى‬
‫صلى الله عليه وسلم" [‪.]31‬‬
‫وقد ذهب الذهبي إلى انتهاء عصر الجرح بانتهاء المتقدمين‪ ،‬واعتبر‬
‫الحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر هو رأس الثلثمائة [‪ .]32‬فما‬
‫بعد عام ‪ 300‬هـ يعتبر عند الذهبي من المتأخرين‪ ،‬ول يدخل فيما‬
‫يجب معرفته فيه من جرح وتعديل على الوجه المطلوب في‬
‫المتقدمين‪ ،‬وما ذلك إل لنتهاء عصر الرواية في تلك الفترة غالبا‪،‬‬
‫وصار من يصنف إنما يعول على رواية كتب بإسناده إليها‪ ،‬وأمن‬
‫تخليطه فيما يروِي لعتماده على نص مدون مشهور معروف‬
‫متداول ‪.‬‬
‫ولكن هذا ل يعني أن المحدثين تخلوا عن نظرية السناد في تلك‬
‫الفترة التي حدها الذهبي فاصل بين المتقدمين والمتأخرين‪ ،‬بل‬
‫باستقراء عصر ابن الصلح نفسه‪ -‬الذي نقلنا كلمه آنفا ‪-‬وجدنا أنه‬
‫ما زال هناك البعض ممن يعتبرون السناد في رواية الحديث‪ ،‬ومنهم‬
‫الحافظ ضياء الدين المقدسي صاحب الحاديث المختارة‪ ]33[ ،‬فإنه‬
‫ألف كتابه في استدراك الحاديث الصحيحة التي ليست في‬
‫الصحيحين‪ ،‬ومعلوم أنه كان يعتبر إسناده في رواية تلك الحاديث‪.‬‬
‫ويمكننا أن نعتبر الحافظ ضياء الدين المقدسي من آخر المصنفين‬
‫للكتب على طريقة السناد‪ ،‬بمعنى أنه وضع مصنفه في الحاديث‬
‫كامل على وفق نظرية السناد رواية وتطبيقا –نقدا‪ -‬ويكون منتصف‬
‫القرن السابع الهجري هو آخر عهد السناد‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫وهذا ل يفيد نفي وجود الحاديث أو الثار المسندة في بطون‬
‫المصنفات‪ ،‬فإنه وجدت الحاديث المسندة في بطون كتب الرجال‬
‫والفقه والتاريخ والجزاء الحديثية الصغيرة‪ ،‬ولكن التصنيف لم يأت‬
‫على هيئة السناد وعلى وفق نظريته في كامل الكتاب إل كما في‬
‫كتاب ضياء الدين المقدسي‪.‬‬
‫وقد تبين لي باستقراء التجاهات العلمية الحديثية أنه عندما ابتدأت‬
‫نظرية السناد في الندثار رواية ؛ أن المؤلفات في كتب الرجال قد‬
‫ابتدأت في النشاط والنمو‪ ،‬وصارت جهود المحدثين مصروفة إلى‬
‫تتبع رجال أسانيد المتقدمين‪ ،‬مما يوحي بأن الوساط العلمية قد‬
‫أدركت عقم التعويل على أسانيد المتأخرين ‪ ،‬وأن الجدى القتصار‬
‫على دراسة ما اشتهر من أسانيد المتقدمين وتسليط جهود الفحص‬
‫والنقد والتفتيش إليها ‪.‬‬
‫ول يدل ذلك على بخس لقيمة نظرية السناد عند المتأخرين‪ ،‬بل‬
‫إنهم حافظوا على السناد كتقليد علمي مصون لتوثيق المصادر‬
‫والكتب لكنهم لم يعولوا عليه في نقد النص‪ ،‬فصار التعويل على‬
‫أسانيد المتقدمين مما أتاح نشوء فترة علمية ازدهرت فيها علوم‬
‫النقد‪ ،‬وتطور التأليف وتنوع على وجه لم يحدث في أي علم من‬
‫العلوم الخرى ‪.‬‬
‫وقد عنى المحدثون بدراسة كل المصنفات التي اعتمدت الرواية‬
‫بالسناد وقاموا بتصنيفها على حسب جودة أسانيدها‪ ،‬فاعتمد‬
‫جمهورهم الكتب الستة ‪-‬صحيحي البخاري ومسلم وسنن النسائي –‬
‫المجتبى‪ -‬وأبي داود والترمذي وابن ماجة‪ ،‬مع مسند أحمد وموطأ‬
‫مالك وسنن الداري وصحيح ابن خزينة وصحيح ابن حبان ومستدرك‬
‫الحاكم ‪ -‬اعتبروا هذه المصنفات هي الصول الصيلة التي جمعت‬
‫جل المادة الحديثية المروية بأسانيد معتبرة أو قابلة للعتبار‪.‬‬
‫ثم قاموا بجمع ما ورد من تراث المتقدمين في نقد الرجال على‬
‫هيئة معاجم تذكر فيها كل المعلومات المتعلقة بالرواة مثل الكمال‬
‫في أسماء الرجال لبن ماكول وثقات العجلي وتهذيب الكمال‬
‫للمزي ومصنفات الذهبي وابن حجر وقَطْلُوبَغَا في التراجم والرجال‬
‫مما يعد من مفاخر الحضارة السلمية‪.‬‬
‫ومع ضميمة ذلك وجدت كتب الفهارس التي تعين على معرفة‬
‫أطراف الحديث وزوائده مثل أطراف المزي والمطالب العالية لبن‬
‫حجر ومجمع الزوائد للهيثمي‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫وقد برع المحدثون بتصنيف كتب معينة في مجال النقد مثل كتب‬
‫النساب والسماء المشتبهة والمدل ِّسين والمختلِطين والعلل‬
‫والمصطلح ‪ ،‬بحيث يندر أن توجد كلمة في إسناد أو متن إل وقد‬
‫استوفوه بالبيان ‪.‬‬
‫ثم ارتقت عناية المحدثين بابتكار كتب تخريج الحاديث ‪ ،‬وهي التي‬
‫تعنى ببيان مواضع ودرجات الحاديث التي وردت في كتب الفقه‬
‫والتفسير الشهيرة ‪ ،‬تيسيرا على الفقهاء والعلماء في العلوم‬
‫الخرى الذين ل باع لهم في علوم النقد‪]34[ .‬‬
‫وبهذا نعلم أن السناد وان انتهى تطبيقا في مجال الرواية إل أنه‬
‫ظل المجال الذي يعتمد عليه المحدثون في عمليات النقد‪.‬‬
‫الخلصة‪:‬‬
‫‪ -1‬نشأة السناد نشأة طبيعية مع النصوص الشرعية نفسها إذا‬
‫اقتضى المر حفظها ونقلها‪ ،‬فاستخدم السناد وسيلة لذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬بطلن نظرية اختلق السناد التي قال بها المستشرقون‪ ،‬والتي‬
‫بنوها على دراسة خاطئة لمادة السانيد في العصور المبكرة‪.‬‬
‫‪ -3‬تفاوت الرواة ‪ -‬في بداية عهد السناد ‪ -‬في الهتمام بهيئة السناد‬
‫فكان الجمهور ملتزما بصورته ومادته ثم تطور الهتمام بهيئة‬
‫السناد حتى غدا تقليدا علميا صارما فيما بعد‪.‬‬
‫‪ -4‬انتهى عصر تطبيق نظرية السناد في منتصف القرن السابع‬
‫الهجري‪ ،‬بمعنى عدم العتماد على السناد في الرواية وتناقل‬
‫النصوص‪ ،‬وصار المعول على المصنفات المشهورة التي جمعت‬
‫تلك النصوص واعتمدت السانيد الواردة فيها كتكون مجال للنقد‪.‬‬
‫‪ -5‬نشطت المؤلفات المنية بنقد السانيد حتى غدت فترة نهاية‬
‫تطبيق السناد رواية من أكثر عصور النقد الحديثي ازدهاًرا‪.‬‬
‫السناد في منظومة المعرفة السلمية ‪.‬التأصيل والتنظير‪:‬‬
‫إن كل هذه النصوص استدعت اهتمام المحدثين ونادت على قريحة‬
‫نقادهم فصاغوا معانيها في عبارات تنظيرية وجمل تأصيلية توحي‬
‫بتنبههم منذ وقت مبكر إلى خطر السناد فغدت عباراتهم بمثابة‬
‫دستور لهذه النظرية وأساسا لبنائها الشامخ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫وسنورد هنا جملة من تلك العبارات التي نظر بها المحدثون النقاد‬
‫لمبدأ السناد حضور هذه النظرية في فكرهم النقدي‪ ،‬وأن منهجهم‬
‫قام على أسس نظرية عميقة كما أسلفنا في المقدمة‪.‬‬
‫يقول عبد الله بن المبارك‪«:‬السناد عندي من الدين‪ ،‬ولول السناد‬
‫ي» [‪.]35‬‬
‫ن شاء ما شاء ولكن إذا قيل له‪ :‬من حدثك؟ بَقِ َ‬
‫م ْ‬
‫لقال َ‬
‫قال تلميذ ابن المبارك الذي روى عنه هذه الرواية ‪ ":‬ذكر ابن‬
‫المبارك هذا عند ذكر الزنادقة وما يضعون من الحاديث"‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن المبارك أيضا ‪ «:‬بيننا وبين القوم – أي المبتدعة‬
‫والكذبة‪ -‬القوائم –يعني السناد‪]36[ .»-‬‬
‫وعن إبراهيم بن عيسى الطالقاني قال ‪ ":‬قلت لعبد الله بن‬
‫المبارك‪ :‬يا أبا عبد الرحمن الحديث الذي جاء‪ «:‬إن البر من بعد أن‬
‫تصلي لبويك مع صلتك‪ ،‬وتصوم لهما مع صومك»‪ ،‬فقال عبد الله ‪:‬‬
‫يا أبا إسحاق‪ :‬عمن هذا ؟ قلت له ‪ :‬هذا من حديث شهاب بن‬
‫خراش‪ ،‬قال ‪ :‬ثقة ‪ ،‬عمن؟ قلت ‪ :‬عن الحجاج بن دينار‪ ،‬قال ثقة ‪،‬‬
‫عمن ؟ قلت ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬قال يا أبا‬
‫إسحاق بين الحجاج بن دينار وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫مفاوز ينقطع أعناق المطي‪ ،‬ولكن ليس في الصدقة خلف" [‪.]37‬‬
‫وعن علي بن حجر قال‪ :‬سمعت ابن المبارك يقول ‪ " :‬إن الله‬
‫حفظ السانيد على أمة محمد صلى الله عليه وسلم" [‪.]38‬‬
‫شرح عبارة ابن المبارك ‪«:‬السناد عندي من الدين‪ ،‬ولول السناد‬
‫لقال من شاء ما شاء ‪ ،‬ولكن إذا قيل له ‪ :‬من حدثك ؟ بقي»‬
‫تأتي أهمية هذه العبارة في أنها تنص على جللة السناد‪ ،‬وترد‬
‫أصوله إلى الدين نفسه‪ ،‬وذلك على ضوء ما ذكرنا من النصوص‬
‫الشرعية التي تنوه بمبدأ السناد في نقل النصوص الشرعية‪.‬‬
‫واستعمال عبد الله بن المبارك لكلمة «السناد » دليل على حصول‬
‫صورة السناد في ذهنه ووعيه لمدلولها‪.‬‬
‫وجعل السناد من الدين تنبيه إلى دستورية «السناد » ‪ -‬لو جاوز‬
‫التعبير – ‪ ،‬فليس السناد عند ابن المبارك مجرد تقليد فني اعتمدته‬
‫طائفة المحدثين من عنديات فنونهم أو بنيات أفكارهم وقرائحهم ‪،‬‬
‫بل هو نفس هذا الدين أي ناشئ عنه ومعمول به لمقتضى النصوص‬

‫‪119‬‬
‫التي نوهت به وأرشدت إليه وحضت عليه‪ ،‬أو المراد أن اللتزام في‬
‫نقل النصوص بالسناد دليل على ديانة الراوي وأنه ليس من‬
‫أصحاب السمر والقصص والقيل والقال‪ ،‬وأنه باستعماله السناد قد‬
‫انخرط في سلك من يعتمد عليهم من أهل الديانة في تبليغ نصوص‬
‫الوحي المطهر‪.‬‬
‫وقد قصد ابن المبارك بالسناد مطلق السناد‪ ،‬سواء كان رجاله‬
‫ثقات أو غيرهم ‪ ،‬فعبارته تحض على معرفة سند الرواية وحفظ هذا‬
‫السند وتبليغه مع الرواية بعض النظر عن حال رجال السند‪ ،‬وذلك‬
‫أن ابن المبارك يُنَظ ُِّر مبدأ ً يسير عليه كل الرواة والنقلة ‪ ،‬وليس‬
‫مجرد النقاد والخبيرين بمنهج الجرح والتعديل‪ ،‬مما يدل على ذلك‬
‫قوله في نفس العبارة‪«:‬فإذا قيل له‪ :‬من حدثك؟ بقي» [‪ ،]39‬أي‬
‫أنه يجزئه أن يذكر من نقل عنه الرواية وحدثه ليخرج من العهدة‬
‫جريا على المبدأ المعروف عند المحدثين أن « من أسند فقد أحال‬
‫»‪.‬‬
‫وقد ظن المام أبو إسحاق الشاطبي أن قول ابن المبارك ‪":‬‬
‫السناد من الدين " ليس معناه قول المحدث ‪ :‬حدثني فلن عن‬
‫فلن مجردا ‪ ،‬بل يريدون ذلك لما تضمنه من معرفة الرجال الذين‬
‫يحدث عنهم حتى ل يسند عن مجهول ول مجروح ول متهم إل عمن‬
‫تحصل الثقة بروايته‪ ،‬لن روح المسألة أن يغلب على الظن من غير‬
‫ريبة أن ذلك الحديث قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم [‪. ]40‬‬
‫وليس ما ظنه الشاطبي بصحيح بل إن ابن المبارك قصد مجرد قول‬
‫المحدث ‪ :‬حدثني فلن عن فلن‪ ،‬وأن في عناية الراوي بهذا السند‬
‫ضمانة لمعرفة الصحيح والسقيم‪.‬‬
‫ومما يدل على ذلك أن الحافظ أبا حاتم الرازي كان في مجلس‬
‫فقال ‪ « :‬لم يكن في أمة من المم منذ خلق الله آدم أمناء‬
‫يحفظون آثار نبيهم وأنساب سلفهم إل في هذه المة ‪ ،‬فقال له‬
‫رجل‪ :‬يا أبا حاتم‪ ،‬ربما رووا حديثا ل أصل له ول يصح ‪ ،‬فقال أبو‬
‫حاتم ‪ :‬علماؤهم يعرفون الصحيح والسقيم فروايتهم ذلك‪-‬أي‬
‫الحديث الواهي – للمعرفة‪ ،‬ليتبين لمن بعدهم أنهم ميزوا الثار‬
‫وحفظوها » [‪]41‬‬
‫فأبو حاتم يعتبر حفظ السناد ولوكان واهيا سببا لتمكن النقاد بعد‬
‫ذلك من تمييز الصحيح من السقيم ‪ ،‬وهذا هو لب نظرية السناد‬

‫‪120‬‬
‫‪:‬لنه يعتمد السناد آلية لنقل النصوص وقالبا يوضع فيه كل الرواة‬
‫الذين نقلوا النص طبقة عن طبقة ‪ ،‬حتى إذا ما أراد ناقد دراسة هذا‬
‫النص ومعرفة أصالته أو زيفه استطاع أن يجد المجال الذي يجري‬
‫فيه نقده وبحثه‪.‬‬
‫ومما يدل على ذلك أيضا أن ابن المبارك نفسه سئل عن الحاديث‬
‫الموضوعة التي يرويها الوضاعون بالسانيد ‪ ،‬فقال ‪" :‬تعيش لها‬
‫الجهابذة" [‪.]42‬‬
‫فالنقاد هم الذين يتصدرون لتلك السانيد الضعيفة والموضوعة‬
‫ويغربلونها ويعرفون من الذي وضعها أو من الذي أخطأ فيها ‪ ،‬وإذا‬
‫لم ترو هذه السانيد ولم تنقل كما هي فكيف سينقد النقاد ‪ ،‬وما‬
‫هي الوسيلة إذن لمعرفة الصحيح والسقيم ؟‬
‫وممن نظر لمبدأ السناد ونوه به أبو عمرو الوزاعي حيث قال ‪« :‬‬
‫ما ذهاب العلم إل ذهاب السناد » [‪]43‬‬
‫سطَام الواسطي البصري‪":‬كل حديث‬ ‫وقال ُ‬
‫شعبة ابن الحجاج أبو ب ِ ْ‬
‫خ ُّ‬
‫ل وبَقْل " [‪.]44‬‬ ‫ليس فيه حدثنا أو أخبرنا فهو َ‬
‫وكان ابن شهاب الزهري إذا حدث أتى بالسناد ويقول ‪« :‬ل يصلح‬
‫أن يرقى السطح إل بدرجه» [‪.]45‬‬
‫مهَْران – يحدث بالحديث ثم يقول ‪«:‬‬
‫وكان العمش – سليمان بن ِ‬
‫بقي رأس المال ‪ :‬حدثني فلن قال ‪ :‬فلن عن فلن » [‪.]46‬‬
‫وكان بَهُْز ابن أسد يقول ‪ ":‬ل تأخذوا الحديث عمن ل يقول ‪ :‬ثنا "‬
‫وكان بهز إذا ذكر له السناد الصحيح يقول ‪ « :‬هذه شهادات العدول‬
‫المرضيين بعضهم على بعض » وإذا ذكر السناد فيه شئ ‪-‬أي‬
‫ضعف‪ -‬قال ‪ « :‬هذا فيه عُهْدَة » ويقول ‪ « :‬لو أن لرجل على رجل‬
‫عشرة دراهم ثم جحده لم يستطع أخذها إل بشاهدين عدلين‪ ،‬فدين‬
‫الله أحق أن يؤخذ فيه بالعدول » [‪]47‬‬
‫وعن ع ُتْبَة بن أبي حكيم أنه كان عند إسحق بن عبد الله بن أبي‬
‫فروة ‪ -‬أحد الضعفاء المتروكين – وعنده الزهري‪ ،‬فجعل ابن أبي‬
‫فروة يقول ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فقال الزهري‪:‬‬

‫‪121‬‬
‫قاتلك الله يا ابن أبي فروة ‪ ،‬ما أجرأك على الله ‪ ،‬ل تسند حديثك ‪،‬‬
‫مة»‪]48[ .‬‬‫م ول أَز َّ‬
‫خط ُ ٌ‬
‫تحدثنا بأحاديث ليس لها ُ‬
‫هذه النقول السابقة جملة مما ورد عن السلف المتقدمين في بيان‬
‫أهمية السناد مما يدل على إدراكهم لدوره في مجال نقد الحديث‪.‬‬
‫وقد اقتبس النقاد من هذه النقول فحوى نظرية السناد عند‬
‫المسلمين‪ ،‬وصاغوا فلسفتها منذ وقت مبكر ‪.‬‬
‫قال الحاكم في معرفة علوم الحديث ‪ « :‬فلول السناد وطلب هذه‬
‫س مناُر السلم ‪،‬‬ ‫الطائفة له وكثرة مواظبتهم على حفظه لَدََر َ‬
‫وتمكن أهل اللحاد والبدع منه بوضع الحاديث وقلب السانيد ‪ ،‬فإن‬
‫ت عن وجود السناد فيها كانت بُتَْرا ً » [‪.]49‬‬
‫الخبار إذا تَعََّر ْ‬
‫وهذه صياغة راقية ‪-‬مبكرة ‪ -‬لفلسفة السناد ‪ ،‬فالحاكم يعتبر السناد‬
‫قطعة من الخبر نفسه ‪ ،‬فإذا ذكر الخبر دون إسناده كان أبتر‪،‬‬
‫والبتر والقطع ل قيمة له ‪.‬‬
‫سي ‪:‬‬ ‫خ ِ‬ ‫« وقال أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدَّغُوِلّي ال َّ‬
‫سْر َ‬
‫مظَفَّر يقول ‪ :‬إن الله تعالى قد أكرم‬ ‫سمعت محمد ابن الحاتم بن ال ُ‬
‫هذه المة وشرفها وفضلها بالسناد ‪ ،‬وليس لحد من المم كلها‬
‫ف في أيديهم ‪ ،‬وقد خلطوا‬ ‫ح ٌ‬
‫ص ُ‬
‫قديمها وحديثها إسناد ‪ ،‬وإنما هي ُ‬
‫بكتبهم أخباَرهم ‪ ،‬وليس عندهم تمييز بين ما نزل من التوراة‬
‫والنجيل مما جاءهم به أنبياؤهم وبين ما ألحقوه بكتبهم من الخبار‬
‫التي أخذوها عن غير الثقات ‪ ،‬وهذه المة الشريفة ‪ -‬زادها الله‬
‫شرفا بنبيها ‪ -‬إنما تنص الحديث‪ -‬أي ترويه وترفعه‪ -‬عن الثقة‬
‫المعروف في زمانه المشهور بالصدق والمانة عن مثله حتى تتناهى‬
‫أخبارهم ‪ ،‬ثم يبحثون أشد البحث‪ ،‬حتى يعرفوا الحفظ فالحفظ‬
‫والضبط فالضبط ‪ ،‬والطول مجالسة لمن فوقه ممن كان أقصر‬
‫مجالسة ‪ ،‬ثم يكتبون الحديث من عشرين وجها ‪ -‬أي طريقا‪ -‬وأكثر‬
‫حتى يهذبوه من الغلط والزلل‪ ،‬ويضبطوا حروفه ويعدوه عدا ‪ ،‬فهذا‬
‫ه شكر هذه النعمة‬ ‫من أفضل نعم الله على هذه المة‪ ،‬فنستوزع الل َ‬
‫ف‬
‫وغيرها من نعمه‪ ،‬ونسأله التثبيت والتوفيق لما يقرب إليه ويُْزل ِ ُ‬
‫لديه ‪ ،‬ويمسكنا بطاعته إنه ولي حميد [‪.]50‬‬
‫صل الملل والنحل‪" :‬نقل الثقة عن الثقة حتى‬
‫وقال ابن حزم في الفِ َ‬
‫يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع التصال ‪ ،‬ويخبر كل واحد‬

‫‪122‬‬
‫منهم باسم الذي أخبره ونسبه ‪ ،‬وكلهم معروف الحال والعين‬
‫والعدالة والزمان والمكان خص الله به المسلمين دون سائر أهل‬
‫ضا جديدا على قديم الدهور‪ ،‬يدخل في‬ ‫الملل كلها ‪ ،‬وأبقاه عندهم غ َ َّ‬
‫صي عددَهم إل خالقُهم ‪ ،‬ويواظب‬ ‫ن ل يُح ِ‬ ‫م ْ‬
‫طلبه إلى الفاق البعيدة َ‬
‫على تقييده من كان الناقل قريبا منه ‪ .‬قد تولى الله حفظه عليهم‬
‫والحمد لله رب العالمين فل تفوتهم زلة في كلمة فما فوقها في‬
‫شئ من النقل إن وقعت لحدهم ول يمكن فاسقا أن يقحم كلمة‬
‫موضوعة ولله تعالى الشكر‪ .‬وأما مع الرسال والعضال فيوجد في‬
‫كثير من اليهود ولكنهم ل يَقُْربُون فيه من موسى عليه الصلة‬
‫والسلم قُربَنَا من محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬بل يقفون بحيث‬
‫يكون ببينهم وبين موسى أكثر من ثلثين عصرا في أزيد من ألف‬
‫وخمسمائة عام ‪ ،‬وإنما يبلغون بالنقل إلى شمعون ونحوه ‪ ،‬وأما‬
‫النصارى فلبس عندهم من صفة هذا النقل إل تحريم الطلق وحده‬
‫فقط‪ ،‬على أن مخرجه من كذاب قد صح كذبه ‪ ،‬وأما النقل‬
‫بالطريق المشتملة على كذاب أو مجهول العين فكثير في نقل‬
‫اليهود والنصارى‪ .‬وأما أقوال الصحابة والتابعين رضي الله عنهم فل‬
‫يمكن اليهود أن يبلغوا إلى صاحب بني أصل ول إلى تابع له‪ ،‬ول‬
‫يمكن النصارى أن يصلوا إلى أعلى من شمعون وبولص " [‪.]51‬‬
‫ومما تجدر الشارة إليه أن خصيصة السناد في المة السلمية‬
‫استقرت في تراث أهل ألسنة على وجه الخصوص دون سائر‬
‫الفرق من أهل البدع والهواء‪.‬‬
‫وقد نبه إلى هذه الحقيقة شيخ السلم ابن تيمية حيث قال في‬
‫منهاج السنة ‪« :‬السناد من خصائص هذه المة وهو من خصائص‬
‫السلم ثم هو في السلم من خصائص أهل السنة‪ ،‬والرافضة اقل‬
‫عناية به إذ ل يصدّقون إل ما يوافق أهواءهم ‪ ،‬وعلمة كذبه – أي‬
‫عندهم – أنه يخالف هواهم ‪ ،‬ولهذا قال عبد الرحمن بن مهدي ‪:‬‬
‫أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم ‪ ،‬وأهل الهواء ل يكتبون إل ما‬
‫لهم ‪ .‬وأهل البدع سلكوا طريقا أخرى ابتدعوها واعتمدوها ول‬
‫يذكرون الحديث بل ول القرآن في أصولهم إل للعتضاد ل للعتماد‬
‫» [‪.]52‬‬
‫ويعلق على هذا الستاذ عبد الفتاح أبو غدة قائل‪ « :‬هذا الهتمام‬
‫العظيم بالسناد خاص بأهل السنة ولم يكن لدى الشيعة المامية‬
‫اهتمام بالسناد لنهم يقولون‪ :‬إن أحاديثنا كلها قطعية الصدور عن‬

‫‪123‬‬
‫المعصوم وما كان كذلك فل يحتاج إلى ملحظة سنده‪ .‬نقله عنهم‬
‫أحد كبار علماء الشيعة عبد الله المامقاني المتوفى سنة ‪1351‬هـ‬
‫في كتابه « تنقيح المقال في علم الرجال » (‪ )1/177‬ثم نازع هو‬
‫في قبول هذا القول بوجود الحاجة إلى ملحظة أحوال الرجال ‪.‬‬
‫وجاء في كتاب « تاريخ المامية وأسلفهم من الشيعة» للدكتور عبد‬
‫الله فياض في ص ‪ 140‬قوله ‪ :‬ولما كان المام معصوما عند‬
‫المامية ‪ ،‬فل مجال للشك فيما يقول ‪ .‬وفي ص ‪ 158‬قوله أيضا ‪ :‬إن‬
‫العتقاد بعصمة الئمة جعل الحاديث التي تصدر عنهم صحيحة دون‬
‫أن يشترطوا إيصال سندها إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما هو‬
‫الحال عند أهل السنة» [‪.]53‬‬
‫ويشرح خصيصة السناد لدى المة العلمة مصطفى صبري‬
‫التوقادي – خاتمة شيوخ السلم في الدولة العثمانية – ضاربا المثال‬
‫بصحيح المام البخاري رحمه الله يقول ‪ « :‬الطريقة المتبعة في‬
‫السلم لتوثيق الحاديث النبوية أفضل طريق وأعلها ل تدانيها في‬
‫دقتها وسموها أي طريقة علمية غريبة اتبعت في توثيق الروايات ‪،‬‬
‫ففي صحيح البخاري مثل ألفان وستمائة واثنان من الحاديث‬
‫المسندة سوى المكررة انتقاها البخاري من مائة ألف حديث صحيح‬
‫يحفظها وفيه قريب من ألفي راو اختارهم من نيف وثلثين ألفا من‬
‫الرواة الثقات الذين يعرفهم وكتاب البخاري البالغ أربع مجلدات‬
‫كبيرة يبقى بعد حذف أسانيده على حجم مجلد واحد متوسط‬
‫الحجم فهل سمعتم وسمعت الدنيا أن كتاب تاريخ في هذا الحجم‬
‫يروى مافية سماعا من ألفي رجل ثقة يعرفهم المؤلف وغيره من‬
‫أهل العلم بأسمائهم وأوصافهم على أن تكون كل جملة معينة من‬
‫الكتاب مؤلفة من سطر أو أكثر أو أقل تقريبا سمعها فلن وهو من‬
‫فلن إلى أن تصل – السناد والسماع – بالنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فيقام لكل سطر من سطور الكتاب تقريبا شهود من الرواة‬
‫يتحملون مسؤولية روايته» [‪.]54‬‬
‫ويظهر مما سبق أن السناد قد استقر في وجدان المسلمين عامة‬
‫وأهل العلم خاصة أنه خصيصة المة وروح الرواية وجوهر النقل‬
‫الذي تحتاجه نصوص الشرع‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫ومن ثم لم يتردد المحدثون في اعتباره واجبا دينيا بجب على‬
‫المسلمين القيام به والمحافظة علية‪.‬‬
‫يقول ابن حجر العسقلني في شرح النخبة‪ « :‬ولكون السناد يعلم‬
‫به الحديث الموضوع من غيره ‪ ،‬كانت معرفته من فروض الكفاية»‬
‫[‪.]55‬‬
‫ويؤكد ذلك الشيخ على القارئ فبقول‪ « :‬أصل السناد خصيصة‬
‫فاضلة من خصائص هذه المة وسنة من السنن المؤكدة بل من‬
‫فروض الكفاية» [‪.]56‬‬
‫وفرض الكفاية كما هو معروف عند الصوليين‪ :‬ما يجب على‬
‫مجموع المة فإذا قام به البعض ‪-‬قياما كافيا ‪ -‬سقط عن الباقين [‬
‫‪. ]57‬‬
‫خصائص السناد‪:‬‬
‫يقول الستاذ عبد الفتاح أبو غدة‪ " :‬وقد نشأ عن اهتمام المحدثين‬
‫بالسناد ووضوح أهميته في تلقي المنقول أن اشترط –السناد‪ -‬في‬
‫تلقي سائر العلوم السلمية كالتفسير والفقه والتاريخ والرجال‬
‫والنساب واللغة والنحو والدب والشعر والحكايات ‪،‬حتى دخل في‬
‫سياق الكلمة الواحدة من أخبار الحمقى والمغفلين وأخبار‬
‫المضحكين ونوادر الطفيليين‪ ،‬كما دخل في سياق الكلمة الواحدة‬
‫في التفسير…" [‪.]58‬‬
‫إن نظرية السناد صارت مرتكزا علميا في معظم العلوم الشرعية‬
‫جعلت المام الشافعي ينظر لهذا المرتكز في أبيات شعرية يقول‬
‫فيها‪:‬‬
‫كل العلوم سوى القرآن مشغلة إل الحديث وإل الفقه في الدين‬
‫العلم ما كان فيه‪ :‬قال حدثنا وما سوى ذلك وسواس الشياطين‬
‫ولقد سرت تطبيقات نظرية السناد إلى كل العلوم الخرى لنها‬
‫كانت السمة العلمية المعتبرة في ذلك الوقت‪ ،‬ويمكننا أن نجمل‬
‫خصائص نظرية السناد فيما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬أكسبت نظرية السناد في منهج النقد عند المحدثين وجاهة‬
‫بين العلوم الشرعية كما علمنا‪ ،‬فتسارع أصحاب العلوم الخرى إلى‬
‫اقتباس تلك النظرية وتطبيقها في كل الفروع‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫ثانيا‪ :‬أعطت نظرية السناد للنقد العلمي شفافية ل يمكن أن تتوفر‬
‫بدونها‪ ،‬فصار النقد العلمي سهل ومباشرا وواضحا‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬جمع الروايات بأسانيدها وطرقها المتعددة لم يكن ترفا علميا‬
‫أو مفاخرة بالكثرة كما ظن البعض‪ ،‬بل كان مقصودا لدى جهابذة‬
‫النقد لتحقيق منهج النقد على أسس عملية سلمية‪ ،‬وكانت مقولتهم‬
‫ش"‬‫ش ثم فّت ِّ ْ‬ ‫الشهيرة التي تختصر المنهج في كلمتين وهما‪ " :‬قَ ِّ‬
‫م ْ‬
‫أي اجمع ثم افحص وانقد‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬لم تقف نظرية السناد عند مجرد الرواية‪ ،‬بل عمل المحدثون‬
‫على تطوير منهج النقد حتى يكون أكثر تقعيدا وتأصيل‪ ،‬وتسلم من‬
‫احتمالت الخطأ أو تقل احتمالته فيه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬صاحب السناد في كل أجياله – طبقاته‪ -‬عملية توثيقية‬
‫بالغة التقان في الرواية ‪-‬تحمل وأداء‪ -‬والكتابة ‪-‬تصحيحا وتدقيقا‪-‬‬
‫وفي الرواة ‪ -‬جرحا وتعديل‪ -‬وفي معرفة الروايات ‪-‬نقدا وتعليل‪-‬‬
‫فصارت نظرية السناد بناء متكامل‪ ،‬وعلى أساسه بنيت كل العلوم‬
‫الشرعية الخرى‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬لقد أتاحت نظرية السناد للنقاد أن يتناولوا النصوص والثار‬
‫بالبحث في صحتها عن طريق الملحظات الدقيقة بحيث تبعد‬
‫أحكامه عن نطاق الخرص والرجم بالغيب ‪ ،‬وتكون مبنية على أعلى‬
‫شروط من الدقة والموضوعية والمانة‪ ،‬ولم يكن ثمة بديل آخر‬
‫لهذه المة عن طريق السناد في حفظ النصوص‪ ،‬وإل كان شأنها‬
‫شل شأن المم السابقة التي انفلتت منها أسانيد كتبها فتفرقت‬
‫نصوصها أيادي سبأ‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬لقد كان السناد هو المحور الذي تطور حوله جهود المحدثين‬
‫في تعلية منهج النقد‪ ،‬فكل محاولة في تهذيب هذا المنهج وتلفي‬
‫قصوره أو ابتكار ما يزيده تقه وشفافية إنما كان يعتمد على مبدأ‬
‫وجود السناد ولوله كانت تلك الجهود التي بذلت في التصنيف في‬
‫الجرح والعلل جهودا غير ذات موضوع‪ ،‬لنها فقدت المحور الذي‬
‫تعتمد عليه ومنه تنبثق‪.‬‬
‫إن كل هذه الخصائص غفل عنها أصحاب منهج النقد الوروبي وهم‬
‫يدرسون نظرية السناد عند المحدثين‪ ،‬فلقد أشار" شبر نجر" إلى‬
‫تعاسة نظام السناد وأن اعتبار الحديث شيئا كامل سندا ومتنا قد‬
‫سبب ضررا كثيرا وفوضى عظيمة‪.1‬‬

‫‪126‬‬
‫وأما "ميور" معاصر "شبر نجر" فينتقد طريقة اعتماد السانيد في‬
‫تصحيح الحديث لحتمال الدس في سلسلة الرواة [‪.]59‬‬
‫ول يخفي "مرغليوث" تبرمه وإعجابه معا من نظرية السناد وحين‬
‫يقول‪" :‬ولكنه بالرغم من أن نظرية السناد سببت متاعب ل نهاية‬
‫لها أحيانا بسبب البحاث التي ينبغي القيام بها لتوثيق كل راو‪،‬‬
‫وإلفهم وضع لحاديث وتقليدها أحيانا في سهولة ‪ ،‬ل يمكن الشك‬
‫في قيمتها في قيمتها في ضمان الصحة‪ ،‬والمسلمون على حق في‬
‫فخرهم بعلم الحديث"‪]60[ .‬‬
‫تدوين السانيد وحفظها‬
‫في بدايات القرن العشرين اشتهرت في الوساط العلمية دراسات‬
‫«جولدزيهر» و «شاخت» وأضرابهما من المستشرقين‪ ،‬وقد تركزت‬
‫أهمية دراساتهم حول مصادر التلقي عند المسلمين‪ ،‬وبخاصة حديث‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ووجدت هذه الشهرة أصداءها جنبات‬
‫الكاديميات العلمية في أرجاء العالم السلمي‪ ،‬وأعجب بها الكثير‬
‫من الكتاب والمفكرين المسلمين‪ ،‬وكان من أكثر القضايا التي‬
‫أحدثت ضجيجا قضية تدوين السنة‪.‬‬
‫فقد اشتهرت دراسات المستشرقين اللمان بخاصة بعمق وتحليل‬
‫أضفى على أبحاثهم الوجاهة لدى العلماء والمفكرين‪ ،‬وتجدر‬
‫الشارة إلى دراسات «وشبرنجر» و«جولدزيهر» و «شاخت» ‪.‬‬
‫وقد صدرت معظم هذه الدراسات عن قناعة من أصحابها بأن «‬
‫التدوين للسنة لم يبدأ إل في القرن الثاني الهجري» وأن هذه‬
‫الفترة التي عول فيها المحدثون على الرواية الشفهية كانت فترة‬
‫حافلة بعمليات وضع واختلق الحديث بدوافع سياسية وكلمية‬
‫ومذهبية [‪.]61‬‬
‫وممن تأثر بهذا التجاه الفكري وتبنى طرحه في صورة الدب‬
‫والتاريخ والبحث العلمي كُتَّا ٌ‬
‫ب في العالم السلمي نذكر منهم أحمد‬
‫أمين وأبا رية وغيرهما [‪.]62‬‬
‫ولضراوة الهجمات التي مارسها المستشرقون ومن اقتنع برأيهم‬
‫من المسلمين صارت قضية تأخر تدوين السنة من القضايا المسلمة‬
‫لدى الباحثين‪ ،‬ومع كثرة ترداد قضية اختلق ووضع السنة صارت‬
‫الجمهرة من المثقفين المسلمين على قناعة بان أحاديث النبي‬

‫‪127‬‬
‫صلى الله عليه وسلم كلها موضوعة‪ ،‬أو محل شك كبير على أقل‬
‫تقدير‪ .‬ولكن مع مضي النصف الول من القرن العشرين صدرت‬
‫مجموعة من الدراسات ذات القيمة العلمية العالية ‪ ،‬قام بها باحثون‬
‫مسلمون وكانت معظمها في أكاديميات غربية‪ ،‬وخلصت تلك‬
‫الدراسات‪ -‬التي اعتمدت على وثائق محققه ومدروسة بعناية‪ -‬إلى‬
‫أن السنة قد دونت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم شأنها شأن‬
‫القرآن ‪ ،‬وأن الجيال المتعاقبة من لدن الصحابة حتى عصر التدوين‬
‫المتوسع كانت تقوم بكتابة الحاديث على نطاق متأصل ‪ ،‬لكنه لم‬
‫يأخذه مداه وبعده المتوسع كتقليد علمي إل في عصر التدوين الذي‬
‫يبتدئ في نفايات القرن الول الهجري‪.‬‬
‫ومن الدراسات القيمة في هذا الصدد والتي تجدر الشارة إلى‬
‫قيمتها العلمية ودراسات كل من‪:‬‬
‫‪ -1‬الستاذ محمد العظمي صاحب‪ « :‬دراسات في الحديث النبوي‬
‫» والذي كان أطروحة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة كامبردج ‪.‬‬
‫وقد اعتمد الستاذ العظمي في دراساته على مخطوط قديم يعود‬
‫سهيل بن أبي صالح‬ ‫إلى منتصف القرن الول الهجري وهي "نسخة ُ‬
‫"إضافة إلى استقصاء واسع لكل المصادر الحديثية بغية الوصول‬
‫إلى إشارات تاريخية عن مدونات حديثية مبكرة‪ ،‬قد توصل إلى‬
‫مئات النصوص الواضحة الصريحة التي تثبت وجود تدوين للسنة منذ‬
‫عهد مبكر‪ .‬وقد تناول الستاذ العظمي دراسات المستشرقين‬
‫وبالخص « جوزيف شاخت» وحاول معرفة سبب النتائج الخاطئة‬
‫التي وصلوا إليها فأشار إلى أن من أهم السباب عدم العتماد على‬
‫منهج علمي واستقراء كاف ‪،‬مع وجود نصيب كبير من الهوى والحقد‬
‫[‪.]63‬‬
‫‪ -2‬ا ‪ ...‬لستاذ محمد عجاج الخطيب صاحب « السنة قبل التدوين‬
‫»‪ ،‬وقد كانت نتائج بحثه شبيهة بنتائج أبحاث الستاذ العظمي‪.‬‬
‫‪ -3‬الستاذ امتياز أحمد الذي أجرى دراسات معمقة لنيل درجة‬
‫الدكتوراه في جامعة أدنبره ببريطانيا عن أطروحته‪ « :‬دلئل التوثيق‬
‫المبكر للسنة والحديث»‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫‪ -4‬الستاذ محمد حميد الله صاحب « مجموعة الوثائق السياسية‬
‫للعهد النبوي والخلفة الراشدة‪ .‬دار النفائس ‪.‬ط ‪1405‬هـ ‪.‬‬
‫‪ -5‬الستاذ فؤاد سزكين ‪ .‬الباحث الشهير‪ ،‬والذي أجرى دراسات‬
‫بلغت الغاية في الدقة والستقصاء وتوصل إلى نتائج أبعد مدى من‬
‫السابقين حيث استنتج من دراسات أسانيد البخاري وبعض‬
‫المصنفات الخرى أن جملة المرويات الشفوية التي تداولها‬
‫المحدثون في مصنفاتهم عبر سلسل السناد تشير في الواقع إلى‬
‫مصادر تحريرية حتى ولو ظهر في بادئ المر أنها تدل على الرواية‬
‫الشفوية‪.‬‬
‫وقد أودع دراساته هذه في بحث خاص عن صحيح البخاري طبع‬
‫باللمانية‪ ،‬وفي ثنايا موسوعته الكبرى عن «تاريخ التراث العربي»‪.‬‬
‫لقد تكفلت هذه الدراسات بدفع الفرية الكبرى التي ظلت تحتل‬
‫مكانة مرموقة في الوساط العلمية في أوروبا وفي العالم‬
‫السلمي وهي أن « السنة لم تدون إل في عصر متأخر مما أدى‬
‫إلى سهولة سريان حركة الختلق إلى مادتها» لكن هذه الدراسات‬
‫كلها اتفقت على مبدأ التدوين على حساب التهوين من مبدأ الرواية‬
‫الشفوية التي كانت تعتمد على الحفظ ‪ ،‬أعني حفظ الصدر الذي‬
‫يعتمد على الذاكرة [‪.]64‬‬
‫والملحظ أن نظرية أولئك الباحثين كانت أشبه برد نعل عكسي‬
‫ومضاد لفتراآت المستشرقين ‪ ،‬فقد أقام المستشرقون أبحاثهم‬
‫على أساس أن المحدثين كانوا يعتمدون على الرواية الشفوية التي‬
‫مبناها على الحفظ والذاكرة [‪ ]65‬وذلك لجل إثبات وقوع الختلف‬
‫والتحريف فكانت أبحاث العظمي وسيزكين وغيرهما تصب في‬
‫اتجاه إثبات العكس بغية درء تهمة الختلف والتحريف‪.‬‬
‫وقد حاول الستاذ سيزكين رد الفهم الخاطئ للمستشرقين في هذا‬
‫الباب إلى عدم إدراكهم لمعاني الصطلحات الحديثية مثل « حدثنا‬
‫» و «أخبرنا » و « عن» إذ يرى – سيزكين – أن هذه اللفاظ ل تدل‬
‫بالضرورة على روايات شفوية‪ ،‬بل إن بعضها قد يستخدم في‬
‫الجازة والنقل عن مرويات تحريرية [‪.]66‬‬

‫‪129‬‬
‫والواقع أن أحكام المستشرقين التي دارت حول قضية الحفظ‬
‫والذاكرة ناشئة بالدرجة الولى عن الراء المسبقة التي تشبع بها‬
‫المستشرقون أو عن التراث الحضاري الغربي الذي بفكر به‬
‫المستشرقون وبه يبحثون ويدرسون … ثم يحكون‪.‬‬
‫والى هذه النقطة المهمة يشير مستشرق اشتهر بدراساته التاريخية‬
‫عن التراث السلمي وهو فرانز روزنتال إذ يقول ‪" :‬إن نقطة‬
‫البداية التي ننطلق منها لفحص تاريخ علم التاريخ أمة أو فترة هي‬
‫آراؤها الخاصة عن وظيفة التاريخ وواجب المؤرخ‪ ،‬وهذه الراء هي‬
‫نتائج زماننا أي لقرنين ونصف القرن الخيرة من « التاريخية »‬
‫وهذه الراء من خصائص المدنية الغربية الحديثة‪ ،‬وعلم التاريخ في‬
‫أي مجتمع ل يكون جزءا من المدنية الغربية الحديثة‪ ،‬بل يخضع‬
‫لعوامل محيطية مختلفة وتكيفه قيم فكرية تختلف موازينها اختلفا‬
‫كبيرا‪ ،‬ويجدر بنا أن نتذكر هذه الحقيقة طوال بحثنا في علم التاريخ‬
‫السلمي» [‪.]67‬‬
‫والعجيب أن روزنتال نفسه أول المخالفين أو المتغافلين عن‬
‫خصوصيته المعرفة السلمية فطفق يهون من شأن قضية الحفظ‬
‫والذاكرة في كتابه ‪ :‬مناهج العلماء المسلمين في البحث العلمي ‪:‬‬
‫« إن العلماء المحدثين – أي المعاصرين – الذين يعيشون في عالم‬
‫لم تعد فيه أهمية للعلم المحفوظ في الذاكرة يبالغون في الهتمام‬
‫بما يسمعونه من أخبار عن قوة الذاكرة التي كان يتميز بها العلماء‬
‫المسلمون ‪ ،‬بأنهم ‪-‬كذا ‪ -‬يشعرون أن هذه الظاهرة تتوفر لهم‬
‫احسن الظروف لدراسة أهمية الرواية الشفوية في نقل الخبار‬
‫الدينية والدبية ‪ ..‬نعم إن حفظ القرآن غيبا إلى جانب عدد كبير من‬
‫الحاديث والشعار والقصص حقيقة حرية بالعتبار‪ ،‬ولكن بعد أن‬
‫وفرت الطباعة طبع المحفوظات على نطاق واسع فإنه إرهاق‬
‫الذاكرة أصبح من وجهة نظر العالم أمرا ل طائل تحته» [‪.]68‬‬
‫إن هذا الكلم صادر عن قناعة واضحة بآلية معينة في تناول العلوم‬
‫لم تدرك بعد عمق قضية الحفظ والذاكرة وحقيقتها في منظومة‬
‫المعرفة السلمية‪.‬‬
‫ليس هذا وجهة نظر فردية بل اتجاه علمي أوروبي غير مقتنع بمنهج‬
‫المسلمين في حفظ المعلومات عن طريق الذاكرة يقول لنجلوا‬
‫في « المدخل إلى الدراسات التاريخية»‪ « :‬هناك طريقة أوغل في‬

‫‪130‬‬
‫الوحشية لن نذكرها إل من باب الضراب وتتلخص في تسجيل‬
‫الوثائق في الذاكرة دون تقيد شئ كتابة ‪ ،‬وهناك من استخدموها ‪،‬‬
‫فبعض المؤرخين الذين وهبوا ذاكرة ممتازة وكسول (كذا) قد لذ‬
‫لهم هذا الوهم‪ ،‬وكانت النتيجة أن معظم اقتباساتهم وإشاراتهم إلى‬
‫المراجع غير حقيقة فالذاكرة جهاز تسجيل بالغ اللطافة لكنه قليل‬
‫الدقة‪ ،‬ولهذا فان مثل هذه المخاطرة ليس لها أي مبرر» [‪.]69‬‬
‫ويعتبر مرغليوث طريقة الذاكرة‪ -‬عند المسلمين – سببا لعرقلة‬
‫جهود هؤلء الذين حاولوا أن يضمنوا الصحة عن هذا الطريق‪]70[ .‬‬
‫وأشار الستاذ حسين نصار إلى أن الروايات الكثيرة التي كانت‬
‫تعتمد غالبا على الذاكرة سببت بعض وجوه من النقص والفوضى‪،‬‬
‫فان النسيان اعترى بعض هؤلء المؤرخين فجعل بعض رواياتهم‬
‫تضطرب‪]71[ .‬‬
‫لكن الستاذ شاكر مصطفى يعترف بوجوب هذه الحلقة – الذاكرة‪-‬‬
‫في دائرة التدوين أل أنه يجزم بأن« حفظ العلم لم يكن له إل أضأل‬
‫الثر ول كان له في نقله إل الدور القصير المحدود» [‪ ، ]72‬لقد كان‬
‫اتجاها أشبه بالقوانين الخفية يندر أن نجد من يخالفها من الباحثين‪.‬‬
‫وقد تبنى الستاذ سيزكين [‪ ]73‬هذه القناعة وبني عليها كل ما‬
‫وجده من نصوص تشير إلى قوة الحفظ الخارقة عند المحدثين‬
‫داعيا « إلى استخراج الدللة الصحيحة للخبار الكثيرة التي تروي‬
‫أن هذا المحدث أو ذاك‪ ،‬قد حفظ مائتي ألف حديث ونحن نفسر‬
‫اليوم مثل هذا معجبين بقوة ذاكرة النسان في تلك العصور أو‬
‫معتبرين هذا نوعا من المبالغة أو مطرحين هذا جانبا وكأنه من‬
‫قصص الكرامات ورغم أن المبالغة في هذا الرقم بديهية في معظم‬
‫الحوال إل أننا نعرف من البحث الدقيق لكتب الحديث أن الروايات‬
‫المختلفة تدخل أيضا في هذا الحساب وهذه الروايات ل تختلف إل‬
‫اختلفا يسيرا يتناول السناد وكانت تعد كل رواية قائمة برأسها‬
‫وبهذا بلغ عدد النصوص بضعة آلف» ثم يورد السناد سيزكين بعضا‬
‫من الروايات التي تفيد خطأ الرواة الذين اعتمدوا على حفظهم‬
‫موحيا أن « سائر المحدثين كانوا يلحظون بسهولة اختلف‬
‫الحاديث المروية من الذاكرة والخرى المروية عن نص مدون» [‬
‫‪. ]74‬‬

‫‪131‬‬
‫ويشعر المرء أحيانا أن مثل أولئك الباحثين – على نفاسة دراساتهم‬
‫– يعتقدون أن الحفظ والذاكرة عند المحدثين أسطورة أو خرافة ‪،‬‬
‫أو سبة يجب أن يوجد السبيل لزالتها ومحو آثارها‪.‬‬
‫ول شك أن أبحاث أولئك الباحثين المسلمين كانت ذات قيمة عالية‬
‫ونتائج حاسمة في أبحاث التدوين المبكر لسانيد والحاديث لكنها‬
‫أغفلت جانبا ل يمكن إنكاره وهو أن الحفظ والذاكرة أو رواية الصدر‬
‫شكلت أهم الليات التي اعتمد عليها المحدثون في نقل وحفظ‬
‫السانيد والنصوص وأن التدوين هو الذي كان شأنا ثانويا وذلك في‬
‫عصر الرواية على القل‪.‬‬
‫وليست الروايات التي تذكر حفظ الئمة لمئات اللف من الحاديث‬
‫مجرد كرامات أو قصص أسطورية أو أرقام مبالغ فيها‪.‬‬
‫وما تأوله السناد سزكين من أن تكرار الروايات والسانيد‬
‫المتشابهة يختزل العدد إلى بضعة اللف ل يدفع وجه العبقرية في‬
‫أن المحدثين استطاعوا أن يحفظوا هذا العدد من الروايات‬
‫والسانيد المتشابهة ذوات الفروق البسيطة بحيث ل يختلط إسناد‬
‫في إسناد ول نص في نص مع دقة التشابه ‪،‬ولقد كان هذا الحفظ‬
‫هو عماد النقاد في معرفة الرواية الراجحة عبر الموازنة بين‬
‫السانيد والروايات لمعرفة وجه الخطأ وانتقاء الصواب من ركام‬
‫الروايات التي يتخلل فيها الخطأ البسيط فيستطيع النقاد تصفية‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ونستطيع أن نستثني ا الستاذ محمد عجاج الخطيب والستاذ‬
‫صبحي صالح من أولئك الباحثين الذين لم يغفلوا عن دور الذاكرة‬
‫وحفظ الصدر حيث نبها إلى أن المحدثين « اجتهدوا وسعهم لحفظ‬
‫الحديث بأسانيد ه في مصنفات ومسانيد تكفل لهل العلم معرفة‬
‫القوى الضعيف» [‪. ]75‬‬
‫والدليل على أن الحفظ ورواية الصدر أو العتماد على الذاكرة‬
‫استمر هو التقليد المتبع في رواية الحاديث المور التية‪:‬‬
‫‪ ... ...‬أول ‪ :‬أن العصور المتأخرة هي التي عولت على المدونات‬
‫والمصنفات يقول ابن الصلح [‪ «:]76‬فقد تعذر في هذه العصار‬
‫الستقلل بادراك الصحيح بمجرد اعتبار السانيد لنه ما من إسناد‬
‫من ذلك إل وتجد رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه عريا‬
‫عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والتقان» ‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫‪ ... ...‬ثانيا ‪ :‬أن المحدثين قد نصوا في علم المصطلح على أن‬
‫الرواية الصحيحة المقبولة هي « التي يرويها العدل الضابط عن‬
‫مثله إلى منتهاه بدون شذوذ ول علة» وفسروا الضبط بأنه نوعان‬
‫‪ «:‬ضبط صدر وضبط كتاب»‪ ،‬ثم فسروا ضبط الصدر بأنه « الحفظ‬
‫في الذاكرة بأن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى‬
‫شاء‪ ،‬وضبط الكتاب "بصيانته لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن‬
‫يؤدي منه"‪]77[ .‬‬
‫وواضح أن ضبط الصدر يعتمد على الحفظ والذاكرة ومع ذلك فكان‬
‫الراوي الذي يعتمد على حفظ الكتاب إذا روى من حفظ صدره‬
‫ضعف ‪ ،‬ونجد في كتب الرجال مصطلحات من قبيل‪" :‬صحيح‬
‫الكتاب" أو "ثقة إذا حدث من كتابه"‪.‬‬
‫وتصحيح الرواية من الكتاب هو الذي استقر عليه عرف المحدثين‬
‫بعد أن كانت المدرسة الحديثية التقليدية ترفض ذلك وتأباه‪.‬‬
‫فقد قال أشهب لمالك ‪ :‬الرجل يخرج كتابه وهو ثقة‪ ،‬فيقول‪ :‬هذا‬
‫سماعي إل أنه ل يحفظ؟ قال‪ " :‬ل يسمع منه" ‪ .‬قال يونس بن عبد‬
‫العلى الراوي عن أشهب ‪ " :‬لنه إن أدخل عليه ل يعرف"‪ .‬وفي‬
‫رواية أخرى لمالك قال‪ " :‬ل يؤخذ منه أخاف أن زاد في كتبه "‪[ .‬‬
‫‪]78‬‬
‫وعن أحمد ابن حنبل قال‪ :‬ل ينبغي للرجل إذا لم يعرف الحديث ‪-‬‬
‫أي يحفظه‪ -‬أن يحدث‪ .‬ثم قال ‪ :‬صار الحديث يحدث به من ل يعرفه‬
‫ثم استرجع‪ .‬هذا مع أن أحمد ابن حنبل كان ل يحدث إل من كتابه‬
‫كما قال علي ابن المديني‪.‬‬
‫وقال هيثم ‪ :‬من لم يحفظ الحديث فليس هو من أصحاب الحديث ‪،‬‬
‫يجيء أحدهم بكتاب كأنه سجل مكاتب‪]79[ .‬‬
‫ويعلق الخطيب البغدادي على ذلك قائل‪ ":‬ونرى العلة التي لجلها‬
‫منعوا صحة السماع من الضرير والبصير المي هي جواز الدخال‬
‫عليهما ما ليس من سماعهما وهي العلة التي ذكرها مالك فيمن له‬
‫كتب وسماعه صحيح فيها غير أنه ل يحفظ ما تضمنت‪ ،‬فمن احتاط‬
‫في حفظ كتابه ولم يقرأ إل منه وسلم من أن يدخل عليه غير‬
‫سماعه جازت روايته"… ثم ذكر روايات السلف في ذلك‪]80[ .‬‬

‫‪133‬‬
‫والدليل على أن الصل في قبول رواية الراوي هو حفظه‪ :‬أن‬
‫المحدثين لم يقبلوا رواية سيء الحفظ إل بما رواه من أصل كتابه‪.‬‬
‫مام فقال‪ :‬كتابه صالح‬
‫فمن ذلك أن يزيد بن ُزريع سئل عن هَ ّ‬
‫شريك ‪-‬يعني القاضي‪ -‬كتبه‬‫وحفظه ل يسوى شيئا‪ .‬وقال ابن عمار‪ِ َ :‬‬
‫صحاح‪ ،‬فمن سمع من كتبه فهو صحيح‪ ،‬قال‪ :‬ولم يسمع من شريك‬
‫من كتابه إل إسحاق الزرق‪ .‬وقال يحي بن سعيد‪ :‬إذا حدثكم‬
‫المعتمر بن سليمان بشيء فاعرضوه فإنه سيء الحفظ‪]81[ .‬‬
‫ثالثا‪ :‬لو اعتبرنا أن الرواية في العصور المبكرة كانت تعتمد على‬
‫المصادر المدونة في الغالب كما يقول سيزكين وغيره فإن كل ما‬
‫دونه علماء الحديث من جرح وتعديل وعلل يكون غير ذي موضوع‪،‬‬
‫لن الرواية عن الكتب تكون مضمونة عن الخطاء في الغالب ‪ ،‬ول‬
‫يعقل أن تحدث تحريفات أو زيادات في الروايات التي تداولها‬
‫المحدثون عن الكتب في طول سلسلة السناد‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إن نظرية السناد قامت أساسا على مبدأ الحفظ في‬
‫الذاكرة‪ ،‬إذ لو كان السلف يعتمدون على المدونات والكتب لتداولها‬
‫دون تحديث أو مشافهة‪ ،‬لكن النشاط العلمي عندهم كان مبنيا كله‬
‫على المشافهة‪ ،‬وهذا بعرفه من له أدنى إلمام بتاريخ العلوم‬
‫السلم‪ .‬ولذلك اشتهر عندهم ذم من يعتمد على الصحف في‬
‫العلوم‪ ،‬ولهم في ذلك مقولت شهيرة‪.‬‬
‫يقول الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه " الحث على حفظ‬
‫العلم "‪ « :‬فإن الله عز وجل خص أمتنا بحفظ القرآن والعلم ‪ ،‬وقد‬
‫كان من قبلنا يقرءون كتبهم من الصحف ول يقدرون على الحفظ‪،‬‬
‫فلما جاء "عزير" فقرأ التوراة من حفظه قالوا ‪:‬هذا ابن الله !‬
‫فكيف نقوم بشكر من خولنا أن ابن سبع سنين منا يقرأ القرآن عن‬
‫ظهر قلب‪ ،‬ثم ليس في المم ممن ينقل عن نبيه أقواله وأفعاله‬
‫ف عن‬ ‫على وجه تحصل به الثقة إل نحن‪ ،‬فإنه يروي الحديث منا خال ٌ‬
‫سالف‪ ،‬وينظرون ثقة الراوي إلى أن يصل المر إلى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم وسائر المم يروون ما يذكرونه عن صحيفة ل‬
‫يدرى من كتبها ول يعرف من نقلها ‪ ،‬وهذه المنحة العظيمة ‪-‬أي‬
‫الرواية‪ -‬نفتقر إلى حفظها‪ ،‬وحفظها بدوام الدراسة ليبقى‬
‫المحفوظ…» [‪.]82‬‬

‫‪134‬‬
‫خامسا‪:‬تشير روايات كثيرة [‪ ]83‬إلى أن كتب المحدثين كانت تبلغ‬
‫قدرا كبيرا جدا يجعل من المستحيل تصور أن المحدثين كانوا‬
‫يصطحبونها معهم في كل مجالس تحديثهم‪ ،‬فالمتوجه أن نفترض‬
‫أن مجالس الحديث كانت تعقد بالعتماد على الحفظ والذاكرة في‬
‫الغالب والتحديث من الكاتب كان هو الطارئ‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬إن دراسة كثير من مصطلحات المحدثين تنبئ بحقيقة‬
‫مكانة حفظ الصدر عندهم‪ ،‬فمن ذلك اصطلحهم على تسمية‬
‫الرواية التي رويت على الوجه الصحيح بالموافقة لروايات الثقات‬
‫بأنها الرواية"المحفوظة" ‪ ،‬ومن ذلك أيضا استعمالهم اصطلحات‬
‫من قبيل ‪ ":‬ضعيف‪،‬له أوهام‪ ،‬بغلط" كل ذلك منصرف إلى الحفظ‬
‫ليس غير‪ ،‬ويمكن للعين الملحظة أن تدرك المساحة الكبيرة التي‬
‫تحتلها تلك الصطلحات في علم الرجال والعلل وهما عماد علم‬
‫النقد عند المحدثين‪.‬‬
‫وقد أبعد الستاذ سيزكين النجعة حين اعتبر تزكية الئمة لراو‬
‫وتلقيبه بـ" صاحب حفظ" أن ذلك مجرد تكريم له [‪ ،]84‬بل إن ذلك‬
‫له علقة وطيدة بمنهج نقد الروايات والجرح والتعديل كما يعلم كل‬
‫خبير بهذا الفن‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬قال المام الترمذي في كتابه ‪ ":‬العلل الصغير "‪ " :‬وإنما‬
‫تفاضل أهل العلم بالحفظ والتقان والتثبت عند السماع…" [‪.]85‬‬
‫كل هذه المور تثبت بما ل يدع مجال للشك أن حفظ الصدر‬
‫والذاكرة عند منهج المحدثين في النقد كانت تشكل بعدا عميقا في‬
‫نظرية السناد بحيث يصعب الفصل بين هذه العناصر ‪ ( :‬الحفظ‪،‬‬
‫السناد‪،‬النقد)‪.‬‬
‫الخلصة‪.‬‬
‫‪ -1‬احتل السناد مكانته العالية وتم التنظير العلمي له منذ وقت‬
‫مبكر على يد المحدثين‪ ،‬وأشهر من نظر له من المتقدمين عبد الله‬
‫بن المبارك‪.‬‬
‫‪ -2‬تميز السناد بخصائص ذاتية أهلته أن يكون السمة العلمية التي‬
‫يتميز بها أصحاب العلوم‪ ،‬كما أنه صار الساس الذي بني عليه منهج‬
‫النقد عند المحدثين‬

‫‪135‬‬
‫‪ -3‬لقد تم تدرين الحاديث وأسانيده منذ عصر مبكر‪ ،‬لكن حفظ‬
‫الذاكرة كان عنصرا مهما في صيانة تلك السانيد إلى جانب‬
‫المدونات‪ ،‬وقد قام منهج النقد عند المحدثين على اعتبار هذا‬
‫الجانب في ضبط الراوي الذي يستخدم السناد في نقل النصوص‬
‫حتى غدا معيارا لقبول أو رفض روايات النقلة‪.‬‬
‫________________________________________‬
‫[‪ - ]1‬دراسات في الحديث النبوي محمد العظمي (‪.)2/422‬‬
‫[‪ - ]2‬السابق (‪ )2/416‬ولقد ركز "جوزيف شاخت "(بريطانيا يهودي)‬
‫في دراسته على أحاديث الحكام وأعلن عن نظريته في اختلق‬
‫السانيد في كتابه‪ :‬أصول الشريعة المحمدية‪The Origin of :‬‬
‫‪ Mohammedan Jurispro dunce‬وكتابه الخر مقدمه في الفقه‬
‫السلمي‪ Introduction to Islamic Law :‬انظر موقف الستشراق من‬
‫السيرة والسنة النبوية‪ .‬أكرم العمري ص‪73‬‬
‫[‪ - ]3‬أنظر‪ :‬موقف الستشراق من السيرة والسنة النبوية‪ .‬أكرم‬
‫العمري‪ .‬ص‪ 38-35‬ودراسات في تاريخ السنة المشرفة له أيضا ص‬
‫‪ 49‬ودراسات في الحديث النبوي محمد العظمي (‪)2/420‬‬
‫[‪ - ]4‬دراسات في الحديث النبوي‪ ,‬محمد العظمي (‪)497-2/496‬‬
‫والرسم البياني (شجرة السناد) المنقولة هنا هو النموذج الذي‬
‫تصوره شاخت‪.‬‬
‫[‪ - ]5‬الواقع أن رواية عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل‬
‫من بني سلمة خطأ‪ ،‬والسناد الخطأ يطرحه نقاد الحديث ما دام‬
‫وجد السناد الذي روي على الجادة‪ ،‬ول يصحح الخطأ على وفق‬
‫الرواية الصحيحة ليعتبر قرينا لها‪ ،‬انظر‪ :‬الرشادات في تقوية‬
‫الحاديث بالشواهد والمتابعات‪ .‬طارق عوض الله‪ .‬ص‪.50‬‬
‫[‪ - ]6‬دراسات في الحديث النبوي‪ .‬محمد العظمي (‪.)420-2/416‬‬

‫‪136‬‬
‫[‪ - ]7‬انظر موقف الستشراق من السيرة والسنة النبوية‪ .‬أكرم‬
‫العمري ص‪ .52‬وفي قضية العوائق التي أدت إلى وقوع‬
‫المستشرقين في كثير من الخطاء العلمية أنظر‪ :‬السنة قبل‬
‫التدوين‪ .‬محمد عجاج الخطيب ص‪ 382‬وموقف الستشراق من‬
‫السيرة والسنة النبوية لكرم العمري ص‪ .76‬وتاريخ الثلث الغربي‬
‫فؤاد سزكين(‪.)1/225‬‬
‫[‪ - ]8‬وهذا هو الذي عناه الستاذ العظمي في نتائج دراساته عن‬
‫نظرية القذف الخلفي لشاخت حيث استنتج أنه "لم يكن هناك‬
‫تطور وتحسين في السانيد" أنظر‪ :‬دراسات في الحديث النبوي (‬
‫‪)2/437‬‬
‫[‪ - ]9‬رواه مسلم في مقدمة الصحيح (‪ )1/15‬الترمذي في العلل‬
‫الصغير ص‪ 81‬بشرح ابن رجب والخطيب البغدادي في الكفاية ص‬
‫‪.122‬‬
‫[‪ - ]10‬رواه عبد الرزاق في المصنف (‪ )11/357‬و قال الستاذ‬
‫العمري ‪ :‬بسند صحيح وانظر ‪ ( :‬بحوث في تاريخ السنة المشرفة‬
‫لكرم العمري ص ‪)44‬‬
‫[‪ - ]11‬دراسات في الحديث النبوي (‪)2/395‬‬
‫‪ ]12[ -‬السابق (‪)2/397‬‬
‫[‪ - ]13‬رواه الخطيب في الكفاية ص ‪386‬‬
‫[‪ - ]14‬رواه أحمد في المسند (‪ )4/283‬و الحاكم في المستدرك (‬
‫‪ )1/95‬والخطيب في الكفاية ص ‪385‬‬
‫[‪ - ]15‬رواها الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص ‪235‬‬
‫[‪ - ]16‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ابن حجر العسقلني‪)1/8(.‬‬

‫‪137‬‬
‫[‪ - ]17‬رواه الشافعي في كتاب« الرسالة» ص‪ 401‬وأحمد بن حنبل‬
‫في المسند (‪ )1/437‬والترمذي في السنن(‪ )3/372‬وابن ماجة (‬
‫‪ )1/52‬وابن حبان في صحيحه (‪ )227-1/226‬وابن عبد البر في جامع‬
‫بيان العلم وفضله (‪ )1/40‬وقد أورده السيوطي في الزهار المتناثرة‬
‫و الكتاني في نظم المتناثرة وكذلك الزبيدي في لقط الللئ ‪.‬‬
‫وانظر ‪ :‬لقط الللئ المتناثرة في الحاديث المتواترة ‪ .‬محمد‬
‫مرتضى الزبيدي ص‪.161‬ط بيروت ‪ 1985‬م‪.‬‬
‫[‪ - ]18‬رواه أحمد (‪ )5/183‬وأبو داود ( حديث رقم ‪ )3660‬والترمذي‬
‫(‪ )3/372‬وابن ماجة (‪ )1/52‬وابن حبان (‪ )1/225‬والحاكم في‬
‫المستدرك (‪ )88 /1‬وابن عبد البر (‪.)1/39‬‬
‫[‪ - ]19‬رواه أحمد (‪ )4/80‬والحاكم في المستدرك (‪ )87-1/86‬وابن‬
‫عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (‪. )39 /1‬‬
‫[‪ - ]20‬رواه أحمد (‪ )4/340‬والرامهرمزي في المحدث الفاصل ص‬
‫‪.206‬‬
‫[‪ - ]21‬رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص ‪ 206‬وضياء الدين‬
‫المقدسي في الحاديث المختارة (‪)10/196‬‬
‫[‪ - ]22‬رواه البخاري(‪) 2425 /1‬‬
‫[‪ - ]23‬صحيح مسلم (‪ )2/2265‬حديث رقم ‪ .2942‬فؤاد عبد الباقي‪.‬‬
‫[‪ - ]24‬انظر ‪ :‬مقدمة تفسير القرطبي (‪.)59-2/49‬‬
‫[‪ - ]25‬رواه البخاري في مواطن منها (‪ )1/52‬ومسلم(‪ )1/10‬وابن‬
‫حبان في صحيحه (‪ )1/214‬والحاكم في المستدرك (‪)1/149‬‬
‫والترمذي في السنن(‪ )5/35‬وضياء الدين المقدسي في الحاديث‬
‫المختارة(‪ .)3/22287‬وقد حكم الكثير من الحفاظ عليه بأنه حديث‬

‫‪138‬‬
‫متواتر‪ ،‬انظر‪ :‬لقط الللئ المتناثرة في الحاديث المتواترة محمد‬
‫مرتضى الزبيدي‪ .‬تحقيق محمد عطا‪.‬ص‪ 2261‬ط دار الكتب العلمية‬
‫‪.‬بيروت ‪.1985‬‬
‫[‪ - ]26‬قال الحاكم في المدخل ص ‪ 46‬عن أبي بكر الصديق ‪ «:‬هو‬
‫أول من وقى الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم » وقال‬
‫عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ (‪ « : )1/2‬وهو أول من احتاط في‬
‫قبول الخبار»‪.‬‬
‫[‪ - ]27‬قال ابن حبان في المجروحين (ص‪« : )38‬إن عمر وعليا أول‬
‫من فتشا عن الدجال في الرواية وبحثا عن النقل في الخبار ثم‬
‫تبعهم ناس على ذلك»‪.‬‬
‫[‪ - ]28‬ذكر ذلك لبن الصلح في المقدمة ص‪ ،12‬ونص على‬
‫خصيصيتها الزرقاني في شرح المواهب اللدنية (‪)444774—5/398‬‬
‫[‪ - ]29‬يراجع الباب الرابع من فهارس علماء المغرب ص ‪.494-421‬‬
‫د عبد الله المرابط الترغي ‪ .‬وتشتهر عند المحدثين مقولة أن »‬
‫السانيد أنساب الكتب » وانظر ‪ :‬التأصيل ‪ .‬بكر أبو زيد ‪.‬ص ‪.75‬‬
‫[‪ - ]30‬علوم الحديث لبن الصلح ص‪12‬‬
‫[‪ - ]31‬علوم الحديث لبن الصلح ص ‪132‬‬
‫[‪ - ]32‬ميزان العتدال‪ .‬الحافظ الذهبي ‪)1/115(.‬‬
‫[‪ - ]33‬هو الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي‬
‫واسم كتابه "الحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين أو أحدهما‬
‫"مرتب على حروف المعجم ولم يكمله توفي عام ‪643‬هج وهي‬
‫السنة التي توفي فيها ابن الصلح‪.‬‬
‫[‪ - ]34‬وقد استوفى مصنفات المحدثين في خدمة السنة والسانيد‬
‫العلمة الكتاني في كتابة الرسالة المستطرفة ‪ .‬ويوجد استقصاء‬
‫مبدع لكتب السنة ومصنفات المحدثين عند حاجي خليفة في كشف‬

‫‪139‬‬
‫الظنون‪ ،‬وقد عني صديق حسن خان ببيان مناهج كتب السنة‬
‫الشهيرة في كتابه الحطة في ذكر الصحاح الستة‪ ،‬و استوفى تاريخ‬
‫التأليف عند المحدثين الستاذ فؤاد سزكين في الجزء الول من‬
‫تاريخ التراث العربي ولبروكلمان مادة واسعة عن مصنفات‬
‫المحدثين لكنها منثورة في أجزاء الكتاب‪.‬‬
‫[‪ - ]35‬رواه مسلم في مقدمة صحيحه ( ‪ )1/87‬والترمذي في العلل‬
‫الصغير ص ‪ 87‬وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (‪ )1/17‬ولبن‬
‫حبان في كتاب الضعفاء (‪ )1/17‬والرامهرمزي في المحدث الفاصل‬
‫ص ‪ 209‬والحاكم في معرفة علوم الحديث ص ‪ 6‬والخطيب‬
‫النغدادي في الكفاية ص‪ 393‬وشرف أصحاف الحديث ص ‪40‬‬
‫والجامع لخلق الراوي وآداب السامع (‪ )2/147‬وابن عبد البر في‬
‫مقدمة التمهيد (‪ )1/56‬وأوردها ابن الصلح في علوم الحديث ص‬
‫‪ ، 215‬وابن تيمية في منهاج السنة النبوية ( ‪ )4/96‬وابن عبد الهادي‬
‫في الصارم المنكي ص ‪ ،268‬والذهبي في تذكرة الحفاظ (‪)4/1054‬‬
‫والتاج السبكي في طبقات الشافعية (‪ )5/187‬والسخاوي في فتح‬
‫المغيث ص ‪ 335‬والزرقاني في شرح المواهب اللدنية(‪.)5/187‬‬
‫[‪ - ]36‬رواه مسلم في مقدمة صحيحه (ص‪.)12‬‬
‫[‪ - ]37‬شرح عن الترمذي لبن رجب ص ‪88‬‬
‫[‪ -]38‬السابق وقد ذكرنا النقول التي وقفنا عليها لبن المبارك‬
‫وجمعناها قبل غيرها لهميتها في تنظير مبدأ السناد ولن عباراته‬
‫أعمق من غيرها ‪ .‬وخاصة قوله ‪«:‬السناد من الدين ‪.»..‬‬
‫[‪ - ]39‬أي بقي ساكتا مفحما مبهوتا منقطعا‪ .‬قال الستاذ عبد الفتاح‬
‫أبو غدة‪ « :‬وهذا أسلوب معروف الستعمال في محاورات أهل‬
‫القرن الثاني والثالث والرابع ثم غاب وغمض معناه‪ .‬انظر ‪ :‬السناد‬
‫من الدين ‪ .‬عبد الفتاح أبو غدة ص‪)53‬‬

‫‪140‬‬
‫[‪ - ]40‬العتصام للشاطبي (‪.)1/225‬‬
‫[‪ - ]41‬المواهب اللدنية للزرقاني (‪ )5/454‬والجوبة الفاضلة لعبد‬
‫الحي اللكنوي ص ‪24‬‬
‫[‪ - ]42‬رواه الخطيب البغدادي في الكفاية ص ‪ 37‬وأبو وليد الباجي‬
‫في التعديل والتجريح (‪ )1/291‬وذكر السيوطي في تدريب الراوي (‬
‫‪ )1/282‬وقال النووي في تهذيب السماء واللغات (‪« :)3/53‬جهبذ‬
‫بكسر الجيم والباء الموحدة وبالذال المعجمة هو الفائق في تمييز‬
‫جيد الدراهم من رديئها والجمع جهابذة وهي عجمية وقد تطلق على‬
‫البارع في العلم استعارة» ‪.‬‬
‫[‪ - ]43‬رواه ابن عبد البر في مقدمة التمهيد (‪)1/57‬‬
‫[‪ - ]44‬رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص ‪ 97‬والخطيب‬
‫البغدادي في الكفاية ص‪283‬‬
‫[‪ - ]45‬شرح علل الترمذي لبن رجب ص ‪88‬‬
‫[‪ - ]46‬رواه ابن حبان في المجروحين ص ‪27‬‬
‫[‪ - ]47‬شرح علل الترمذي لبن رجب ص ‪89-88‬‬
‫[‪ - ]48‬رواه الحاكم في معرفة علوم الحديث ص‪ 6‬والخطم والزمة‬
‫خطام وزِمام ‪ :‬يا يقاد به البعير ‪.‬‬
‫جمع ِ‬
‫[‪ - ]49‬السابق نفس الصفحة‪.‬‬
‫[‪ - ]50‬شرح المواهب اللدنية للزرقاني (‪)5/454‬‬
‫[‪ - ]51‬الفصل في الملل والنحل ‪ .‬ابن حزم الندلسي (‪)82-2/81‬‬
‫[‪ - ]52‬منهاج السنة النبوية ‪ .‬أحمد بن تيمية ‪ )7/37( .‬تحقيق محمد‬
‫رشا وسالم‬
‫[‪ - ]53‬السناد من الدين ‪ .‬عبد الفتاح أبو غدة ص‪30‬‬

‫‪141‬‬
‫[‪ - ]54‬موقف العقل والعلم والعالم من رب العلمين وعباده ‪.‬‬
‫مصطفى صبري‪)4/87(.‬‬
‫[‪ - ]55‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح ‪ .‬علي القاري (‬
‫‪)08-…1/2‬‬
‫[‪ - ]56‬شرح شرح النخبة على القارئ ص‪194.‬‬
‫[‪ - ]57‬انظر ‪ :‬اللمع في أصول الفقه لبي اسحق الشيرازي ص‪23‬‬
‫وإعلم الموقعين لبن قيم الجوزية (‪ )1/353‬والموافقات لبي‬
‫إسحاق الشاطبي (‪ )1/76‬والبهاج في شرح منهاج البيضاوي في‬
‫أصول الفقه للسبكي (‪)1/100‬‬
‫[‪ - ]58‬لمحات من التاريخ السنة وعلوم الحديث‪ .‬عبد الفتاح أبو غدة‬
‫ص‪ 76‬وقد أغفل الستاذ أبو غدة ذكر اهتمام القراء بقضية السناد‬
‫باعتبارها شرطا أساسا من شروط إثبات قرآنية النص أو القراءة‬
‫وأن هذا الشرط بكل تفاصيله ل يخرج عما قرره منهج النقد عند‬
‫المحدثين‪.‬‬
‫‪ - 1‬موقف الستشراق من السيرة والسنة النبوية‪ ،‬أكرم العمري‬
‫‪.40‬‬
‫[‪ - ]59‬السابق ص ‪41-40‬‬
‫[‪ - ]60‬دراسات عن المؤرخين العرب ‪.‬مرغليوث بترجمة حسين‬
‫نصار ص‪ 30‬ويقول فرانز روزنتال‪" :‬لماذا نبدي سخطنا على كاتب‬
‫يجمع أسانيد تبعث على الضجر‪ ،‬أسانيد ل حصرها لها تتعلق بسيرة‬
‫رجل أو براوية من رواة الحديث الذين عاشوا في دمشق أو مروا‬
‫بها لماما‪ ،‬نحن (يشير إلى الباحثين الغربيين) إذا قرأنا في مثيل هذا‬
‫في كتاب من كتب الغرب قلنا صوابا‪ :‬إنه عمل عملي وإن صاحبه‬
‫قام بخدمات علمية جليلة ؟! " (مناهج العلماء المسلمين في البحث‬
‫العلمي‪ .‬فرانز روزنتال‪ .‬ص‪ )19‬وعبارات هؤلء المستشرفين تنبئ‬

‫‪142‬‬
‫عن تقصير في دراسة نظرية السناد لدى المحدثين‪ ،‬ول يمكن لحد‬
‫أن يدرك فائدة آلف السانيد المروية في كتب الحديث ما لم يتفهم‬
‫روح نظرية السناد ويقف على تاريخه من لدن نشوئه‪.‬‬
‫[‪ - ]61‬موقف الستشراق من السيرة والسنة النبوية‪ .‬أكرم العمري‬
‫ص ‪36‬‬
‫[‪ - ]62‬النوار الكاشفة عبد الرحمن المعلمي‪ .‬ص‪ 8‬و ص ‪72‬‬
‫[‪ - ]63‬دراسات في الحديث النبوي ‪ .‬محمد العظمي ‪ 2/485 .‬فما‬
‫بعدها و(‪.)2/416‬‬
‫[‪ - ]64‬انظر مثل تاريخ التراث العربي‪ .‬فؤاد سزكين ‪)243-1/240( .‬‬
‫وفيه يقول ‪ « :‬وعلى كل حال فقد كانت العادة المألوفة في الرواية‬
‫أن تذكر عبارة «إملء من حفظه» إذا كانت الرواية تعتمد على‬
‫الذاكرة وحدها‪ ،‬هذا أمر استثنائي » ‪ .‬وأيضا دراسات في الحديث‬
‫النبوي‪ .‬محمد العظمي (‪)2/327‬‬
‫[‪ - ]65‬يمكننا استثناء قرار روزنتال الذي قال في كتابه « مناهج‬
‫العلماء المسلمين في البحث العلمي » ترجمة أنيس فريحة ص ‪:26‬‬
‫« كان المؤرخون المسلمون كما كان علماء الدين أيضا يعتمدون‬
‫على الوثائق المدونة ولم يكن للمعارف التي تعتمد الذاكرة شأن‬
‫في تأليفهم » وسيأتي مناقشة مضمون الجملة الخيرة لروزنتال‪.‬‬
‫[‪ - ]66‬تاريخ التراث العربي فؤاد سيزكين (‪)244-1/243‬‬
‫[‪ - ]67‬علم التاريخ عند المسلمين ‪ .‬فرانز روزنتال ترجمة صالح‬
‫احمد العلي ص ‪ 16‬وفي كتابه « مناهج العلماء المسلمين في‬
‫البحث العلمي» يقرر أن آراء الغربيين عن الحضارة السلمية كثيرا‬
‫ما يشوهها شعورهم بالتفوق والعلو شعورا ل يرتكز على منطق‬
‫وأن من المزالق التي وقع فيها الباحثون الغربيون أنهم يضعون‬
‫مقاييس صارمة يحكمون بموجبها على ما أنتجه الفكر السلمي‬
‫‪.‬انظر ص ‪ 19-18‬من الكتاب المذكور‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫[‪ - ]68‬مناهج العلماء المسلمين في بحث العلمي ‪ .‬فرانز روزنتال‬
‫ترجمة أنيس فريحة ص ‪22‬‬
‫[‪ - ]69‬مدخل إلى دراسات التاريخية ‪ .‬لنجلوا و سينوبوس‪ .‬ترجمة‬
‫عبد الرحمن بدوي ص ‪78‬‬
‫[‪ - ]70‬دراسات عن المؤرخين العرب ‪ .‬مرغليوث ‪ .‬ترجمة حين‬
‫نصار ص‪32‬‬
‫[‪ - ]71‬نشأة التدوين التاريخي عند العرب ‪ .‬حسين نصار ‪.‬ص‪70.‬‬
‫والواقع لن معظم أفكار هذا الكاتب كانت مجرد صدى لكتاب‬
‫مرغليوث الذي ترجمته هو نفسه ‪.‬‬
‫[‪ - ]72‬التاريخ العربي والمؤرخون‪ .‬شاكر مصطفى (‪)1/77‬‬
‫[‪ -]73‬الستاذ فؤاد سيزكين باحث تركي مخضرم هاجر من بلده‬
‫تركيا لسباب سياسية‪-‬كما يذكر ذلك في مقدمة كتابه « تاريخ‬
‫التراث العربي» وتتلمذ علىكثير من المستشرقين في ألمانيا حيث‬
‫حط رحاله‪ ،‬وابتدأ من هناك رحلته العالمية في البحث عن‬
‫المخطوطات السلمية لتاريخ « التراث العربي » وثقافته‪ -‬مع ما‬
‫فيها من ولء صادق للمسلمين وللتراث السلمي – إل أنها تأثرت‬
‫بشوب من التراث الحضاري الوروبي يغتفر له في خضم محاسنه‪.‬‬
‫[‪ - ]74‬تاريخ التراث العربي‪ .‬فؤاد سيزكين‪)243-1/22240(.‬‬
‫[‪ - ]75‬راجع السنة قبل التدوين محمد عجاج الخطيب ص ‪.380‬‬
‫وعلوم الحديث ومصطلحه صبحي صلح ص ‪.30-23‬‬
‫[‪ - ]76‬علوم الحديث لبن الصلح ص ‪.23‬‬
‫[‪ - ]77‬نزهة النظر شرح نخبة الفكر لبن حجر العسقلني ص‪83-86‬‬
‫[‪ - ]78‬الكفاية في علم الرواية‪ .‬الخطيب البغدادي ص‪.227‬‬
‫[‪ - ]79‬أيضا‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫[‪ - ]80‬السابق ص‪ 229‬وانظر علوم الحديث لبن الصلح ص‪144‬‬
‫[‪ - ]81‬أنظر الكفاية في علم الرواية‪ .‬الخطيب البغدادي ص‪.223‬‬
‫[‪ - ]82‬الحث على حفظ العلم وذكر كبار الحفاظ‪ .‬أبو الفرج ابن‬
‫الجوزي ‪.‬ص ‪11‬‬
‫[‪ - ]83‬انظر‪ :‬منهج النقد عند المحدثين محمد العظمي ص‪72‬‬
‫[‪ - ]84‬تاريخ التراث العربي‪ .‬فؤاد سيزكين (‪)1/242‬‬
‫[‪ - ]85‬علل الترمذي ص ‪ 147‬بشرح ابن رجب‪.‬‬
‫====================‬
‫منهج المحدثين في توثيق السناد ونقده‪.‬‬

‫لقد قامت نظرية السناد على أساس إتاحة أكبر قدر من عنصر‬
‫الملحظة لنقد الخبر والرواية‪ ،‬بحيث ينأى النقد عن مجرد‬
‫الفتراضات والظنون والوهام ‪ ،‬ولعل هذا ما يميز منهج المحدثين‬
‫في النقد عن منهج الغربيين في النقد التاريخي‪.‬‬
‫فإن منهج النقد التاريخي عند الوروبيين في أساسه منهج استردادي‬
‫كما قال اندريه للند [‪ ،]1‬ومعنى ذلك أنه ل نصيب له من الملحظة‬
‫والتجربة‪ ،‬وهذا ما يعترف به لنجلوا و سينوبوس ‪ ،‬فهما يقولن‪" :‬‬
‫والخاصة المميزة للوقائع التاريخية هي أنها لتدرك مباشرة‪ ،‬بل‬
‫وفقا لثارها ‪ ،‬ولهذا فإن المعرفة التاريخية هي بطبيعتها معرفة غير‬
‫مباشرة‪ ،‬ولهذا السبب ينبغي أن يختلف منهج علم التاريخ اختلفا‬
‫أساسيا عن منهج العلوم المباشرة‪ ..‬وعلم التاريخ مهما قيل فيه‬
‫ليس علم ملحظة" [‪.]2‬‬
‫فالمؤرخون الوروبيون قطعوا المل في حصول أي نوع من أنواع‬
‫الملحظة المباشرة للواقعة التاريخية‪ ،‬والمحدثون قد أدركوا هذه‬
‫الستحالة في الواقع العملي لكنهم حاولوا أن يوفروا مجال لتحقق‬
‫نوع من أنواع الملحظة المباشرة حتى يخرج هذا العلم عن حيز‬
‫الخرص والوهام‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫يقول الستاذ عثمان موافي‪ ":‬فمنهج الملحظة غير المباشرة الذي‬
‫هو أساس كل بحث تاريخي في عصرنا الحاضر من الصعوبة بمكان‬
‫أن نصل منه إلى اليقين‪ ،‬بينما المعرفة السلمية التي أساسها منهج‬
‫الملحظة المباشرة في درجة أقرب إلى العلم واليقين لنها كما‬
‫أشرنا ترتد أصل إلى رؤية حسية مباشرة للظاهرة موضوع البحث‬
‫والدرس‪ ،‬وهي ليست يقينية تماما وإنما في درجة أقرب إلى‬
‫اليقين"‪.‬‬
‫وقد أشار الستاذ موافي إلى أن المنهج السلمي في رواية الخبر‬
‫اعتمد التجربة وذلك بالموازنة بين الروايات ومعارضة المكتوب‬
‫على السماع [‪.]3‬‬
‫لقد كان السناد هو المعمل أو المختبر الذي تجري فيه الملحظة‬
‫المباشرة ‪ ،‬ليس للواقعة التاريخية ولكن لمن شاهدوا الواقعة‬
‫التاريخية ‪.‬‬
‫يقول مرغليوث ‪ " :‬والمنهج الثاني لضمان الصحة ‪ -‬في تسجيل‬
‫الحداث ‪ -‬هو السناد ‪ ،‬وهو سلسلة الرواة الذين يمكن تتبع آثار‬
‫الرواية عن طريقهم إلى شاهد العيان الصلي" [‪.]4‬‬
‫إن الملحظة شبه المباشرة التي تولد اليقين نظر لها المحدثون في‬
‫مناهج نقدهم ‪ ،‬واعتبروا أن الخبر الذي ورد بإسناد صحيح في ميزان‬
‫نقدهم "يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار" [‪.]5‬‬
‫وجعلوا من الخبار التي تفيد العلم النظري بالقرائن ما أخرجه‬
‫البخاري ومسلم في صحيحها مما لم يبلغ حد التواتر ‪ ،‬ومنها‬
‫المسلسل بالئمة الحفاظ المتقنين حيث ل يكون غريبا ‪ ،‬كالحديث‬
‫الذي يرويه أحمد بن حنبل مثل ويشاركه فيه غيره عن الشافعي‬
‫ويشاركه فيه غيره عن مالك بن أنس‪ ،‬فإنه يفيد العلم عند سامعه‬
‫بالستدلل من جهة جللة رواته‪ ،‬وأن فيهم من الصفات اللئقة‬
‫الموجبة للقبول ما يقوم مقام الكثير من غيرهم [‪.]6‬‬
‫واعتبر المحدثون أن السناد الذي ينقده العالم المتبحر في الحديث‬
‫العارف بأحوال الرواة المطلع على العلل يفيد العلم بصدق الخبر‬
‫ويسوغ القطع بوقوعه [‪.]7‬‬
‫لقد عرف منهج النقد التاريخي الوروبي فكرة السناد‪ ،‬لكنه لم‬
‫يتخيل أصل إمكانية نقد الخبر عن طريق السناد في الواقع العملي‬
‫‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫يقول لنجلوا وسينوبوس ‪ ":‬هذا البحث عن المشاهد الصلي ليس‬
‫غير معقول من الناحية المنطقية فمجاميع الروايات العربية القديمة‬
‫تعطي أسانيد الرواية‪ ،‬لكننا في الواقع العملي نفتقر دائما إلى‬
‫معلومات عن السند تصعد بنا إلى المشاهد الصلي فتظل المشاهد‬
‫مجهولة الصاحب"‪]8[ .‬‬
‫ول نغالي إذا قلنا إن المنهج الوروبي تخبط أيضا في آلية الرواية‬
‫ونقلها عبر الرواة‪ ،‬ففي موضع من كتابهما يعتبر لنجوا وسينوبوس‬
‫الحداث التاريخية شديدة التعقيد وأنه من غير المحتمل مطلقا أن‬
‫يرويها مشاهدان مستقلن بنفس الطريقة" [‪ .]9‬لكن سينوبوس في‬
‫رسالة له في النقد التاريخي يبدو أكثر نفهما حين يقول‪ " :‬فالقوال‬
‫إذا اتفقت ‪ ،‬فإن اتفاقها ليس من الممكن عمليا أن يقع إل لنها‬
‫تتفق مع الحقيقة الواقعية" [‪.]10‬‬
‫إن هذا التخبط يعكس حجم المعوقات التي تخيلها المؤرخون‬
‫الوربيون حائلة بين المؤرخ وبين الملحظة المباشرة ‪ ،‬ولقد فطن‬
‫المحدثون لكل تلك المعوقات وذللوها وهيئوا للنقد مجال علميا‬
‫دقيقا وشفافا إلى أبعد الحدود‪.‬‬
‫إذا تبين لنا تفرد منهج النقد عند المحدثين بخصيصة السناد الذي‬
‫جعلهم أقدر على الفحص والملحظة المباشرة للرواية من غيرهم‪،‬‬
‫نبين هنا مادة السناد وما يتكون منه ‪ ،‬ونبين الجهود التوثيقية [‪]11‬‬
‫المصاحبة للرواية منذ صدورها عن صاحبها حتى تدوينها في الكتاب‪،‬‬
‫ثم الجهود التوثيقية الخرى التي ضمنت المحافظة على الرواية‬
‫المدونة من النتحال أو التحريف أو التصحيف‪.‬‬
‫ومن العرض الذي سنقدمه سندرك أن نظرية السناد قامت على‬
‫توفير أكبر قدر ممكن من الدقة في التوثيق الرواية من بداية السند‬
‫على قسمين ‪:‬‬
‫‪ o‬القسم الول ‪ :‬توثيق الرواية منذ حدوثها إلى تدوينها‪.‬‬
‫‪ o‬القسم الثاني‪ :‬توثيق الرواية منذ تدوينها إلى نشرها وتداولها عن‬
‫طريق الوساط العلمية‪.‬‬
‫وينبغي أن يتنبه إلى أن السناد كان حاضرا في الحالتين بصفته‬
‫القالب العلمي الذي تمارس مت خلله أي عملية توثيقية ‪.‬‬
‫القسم الول‪ :‬توثيق رواية الواقعة التاريخية منذ حدوثها إلى تدوينها‬

‫‪147‬‬
‫إن عبقرية نظرية السناد تكمن في أنها أتاحت للناقد أن يتوغل في‬
‫الزمان المجرد‪ ،‬ويتدخل بآلته في النقد كأنه طبيب يفحص حالة كل‬
‫راو لتلك‪ ،‬ويلحظ بنفسه قدرة كل راو على نقل تلك الرواية "على‬
‫وجهها"‪.‬‬
‫يمكننا تقسيم السناد منذ حدوث الرواية إلى تدوينها على ثلثة‬
‫أقسام‪ :‬طرفان ووسط‪.‬‬
‫الطرف الول‪ :‬هو بداية السند‪ ،‬أي المشاهد للواقعة وليس‬
‫بالضرورة أن يكون صحابيا‪ ،‬فإن أي واقعة مروية بالسند يكون‬
‫المشاهد لها والراوي لتفاصيلها هو طرف السند الول‪.‬‬
‫الطرف الثاني‪ :‬وهو المصنف الذي دون الواقعة‪ ،‬ويرويها في كتابه‬
‫بإسناده إلى الطرف الول‪.‬‬
‫الوسط‪ :‬وهي سلسلة السناد بين ذينك الطرفين من الرواة الذين‬
‫شاركوا في نقل الرواية عن بعضهم حتى وصلت عن طريقهم في‬
‫الطرف الول إلى الطرف الثاني‪.‬‬
‫لقد اشترط المحدثون شروطا كثيرا لضمان توثيق هذه المراحل‪،‬‬
‫جزء منها متعلق بنظرية الجرح والتعديل وهي الصفات التي يجب‬
‫توافرها في مادة السناد أي الرواة والنقلة لضمان عدم حدوث‬
‫الخطأ منهم‪ ،‬ولكن حتى يتمكن الناقد من القيام بهذه العملية‬
‫التوثيقية فإنه يحتاج إلى أن يصل إليه السناد بمادته الصلية دون‬
‫تحريف‪ ،‬ومن ثم يتاح له إعمال النظر في أحوال الرواة بمقتضى‬
‫نظرية الجرح والتعديل التي ستأتي بعد هذا الباب‪.‬‬
‫لكن التوثيق الخاص بمادة السناد يصطحب الرواية منذ حدوثها إلى‬
‫تدوينها‪.‬‬
‫وسنعرض على النحو التي‪:‬‬
‫أول‪ :‬توثيق المشاهد للواقعة (الطرف الول من السناد)‪.‬‬
‫استقرت كلمة المحدثين على ضرورة أن يكون المشاهد للواقعة‬
‫في حالة تسمح له بروايتها دون أي عوائق تؤثر في صحة‬
‫المشاهدة‪.‬‬
‫وعبروا عن ذلك بضرورة وجود صفة التمييز أي فهم الخطاب ورد‬
‫الجواب‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫قال ابن الصلح بعد أن ذكر خلف المحدثين في سن التحمل‪« :‬‬
‫والذي ينبغي في ذلك أن يعتبر في كل صغير حاله على الخصوص‪،‬‬
‫فإن وجدناه مرتفعا عن حالة من ل يعقل فهما للخطاب وردا‬
‫للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه وإن كان دون خمس سنين‪ ،‬وإن‬
‫لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن‬
‫خمسين»‪]12[ .‬‬
‫والتمييز الذي اشترطه المحدثون في مشاهد الواقعة يتناسب طردا‬
‫مع نوع الحادثة التي شاهدها‪ ،‬فل يجدي مجرد التمييز في وصف‬
‫حرب أو معركة أو واقعة معقدة التفاصيل‪.‬‬
‫لذلك أحال المحدثون روايات عبد الله بن عباس للوقائع المكية إلى‬
‫روايات صحابة أخذ عنهم ابن عباس لنه لم يكن في سن تتيح له أن‬
‫يروي ويصف بعض الوقائع المعقدة وهو إذ ذاك بمكة صغير‪]13[ .‬‬
‫وهذا الشرط الذي وضعه المحدثون أدق من السئلة غير المنطقية‬
‫التي يضعها لنجلوا وسينوبوس في عملية النقد الباطني السلبي‪،‬‬
‫لن شرط المحدثين عام‪ ،‬ثم تراعى خصوصيات كل واقعة بما‬
‫يناسبها‪ ،‬أما أسئلة أصحاب النقد التاريخي فإنها قد تكون عقيمة أو‬
‫معقدة في بعض الظروف‪]14[ .‬‬
‫أما عمليات فحص حالة الراوي المشاهد للواقعة فسيأتي تناولها في‬
‫نظرية الجرح والتعديل‪ ،‬لكننا نشير ههنا إلى أن الخطأ المحتمل في‬
‫مشاهدة الواقعة وارد على كل الرواة بما فيهم الصحابة رضوان‬
‫الله عليهم‪ ،‬وهذا أمر منفصل عن قضية عدالة الصحابة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬توثيق نقل الرواية عبر طبقات السند‪.‬‬
‫تعتبر هذه المرحلة من أكثر المراحل صعوبة وتعقيدا‪ ،‬لنها تتناول‬
‫كل طبقات السند حتى يتم تدوين الرواية‪ ،‬والمطلوب تحصيل أعلى‬
‫قدر ممكن من الدقة والمانة في نقل الرواية عبر طبقات السند‪.‬‬
‫ويلحظ أن التوثيق ينصب على السناد بالدرجة الولى‪ ،‬أما الرواية‬
‫نفسها أو الواقعة أو المتن (كما يسميه المحدثون) فهي تابعة‬
‫للسند‪ ،‬لذلك كان الحرص على توصيل السناد بكامل الفنيات التي‬
‫مارسها الرواة في التوثيق لتصل للناقد دون تحريف‪.‬‬
‫وفي سبيل ذلك حرر المحدثون كيفيات نقل الرواية وبينوا الصفة‬
‫المعتبرة منها وغير المعتبرة‪.‬‬
‫وحاصل كيفيات الرواية تعود إلى طريقتين‪:‬‬

‫‪149‬‬
‫الطريقة الولى‪ :‬الخذ المباشر بين الرواة‪ ،‬بمعنى سماع الرواية‬
‫على وجه التحقيق بالمشافهة بينهم وتتفرع إلى طريقتين أيضا‪:‬‬
‫الولى‪ :‬سماع التلميذ لفظ شيخه‪ ،‬سواء كان إملء من الشيخ أو‬
‫بدون إملء‪ ]15[ .‬وسواء كان من كتاب الشيخ أو من حفظه‪ .‬وهذه‬
‫الطريقة هي أرفع القسام وأعلها عند المحدثين‪.‬‬
‫واصطلحوا لهذه الطريقة ألفاظا خاصة تدل عليها مثل‪ :‬سمعت‬
‫وسمعنا وحدثني وحدثنا واخبرني واخبرنا [‪ ]16‬وأنبأني وأنبأنا‪]17[ .‬‬
‫وهم تفريق بين ما يسمع في وقت التعليم والرواية المعتبرة وبين‬
‫ما يسمع في وقت المذاكرة أي المباحثة‪ ،‬واستحبوا التمييز‬
‫باصطلح معين‪]18[ .‬‬
‫الثانية‪ :‬القراءة على الشيخ ويسميها أكثر المحدثين "عرضا" سواء‬
‫قرأ التلميذ بنفسه على الشيخ أو قرأ غيره وهو يسمع من كتاب أو‬
‫من حفظ سواء حفظ الشيخ أم لم يحفظ‪ ،‬غير أنهم اشترطوا إذا لم‬
‫يكن الشيخ حافظا أن تكون القراءة عليه من كتاب ويكون الكتاب‬
‫بيد موثوق به‪ ،‬إل لم تعتبر الرواية‪]19[ .‬‬
‫وللمحدثين تدقيقات في هذا الباب تدل على كمال التقان‪ ،‬فمن‬
‫ذلك أنه إذ كثر التلميذ واحتج الشيخ إلى مستمل ليسمع من بعد‬
‫فإن التلميذ ل يجوز له أن يروي الكلم عن شيخه إذا سمعه من‬
‫المستملي‪ ،‬وألزمه النقاد أن يبين ما هو من سماعه من الشيخ وما‬
‫هو من سماعه من المستملي‪ ]20[ .‬والعجيب أن هذا التيقظ‬
‫والتقان كان موجودا منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬ففي‬
‫صحيح البخاري [‪ ]21‬عن جابر بن سمرة قال‪ :‬سمعت النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪ « :‬يكون اثنا عشر أميرا» فقال كلمة لم‬
‫أسمعها‪ ،‬فسألت أبي‪ ،‬فقال‪ « :‬كلهم من قريش» فقد بين جابر ما‬
‫كان سماعه وما كان من سماع غيره عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫الطريقة الثانية‪ :‬الخذ بغير طريق المشافهة‪ .‬مثل الجازة بالرواية‬
‫على أنواعها [‪ ،]22‬والمناولة [‪ ،]23‬والكتابة [‪ ،]24‬والعلم [‪،]25‬‬
‫والوصية [‪ ،]26‬والوجادة [‪.]27‬‬
‫ولقد تناول المحدثون قضية التحمل والداء‪ ،‬والدقة في تبليغ صيغهما‬
‫لجل نقل السناد بحاله إلى التاقد حتى يتهيأ له أكبر قدر من‬
‫الملحظة المباشرة‪ ،‬مع أن الفارق بينهما ضعيف‪ ،‬ومن قبله منعوا‬

‫‪150‬‬
‫منعا جازما استبدال "حدثنا" بـ "عن"‪ ،‬لن ذلك يؤثر فيما لو كان‬
‫الراوي مدلسا‪]28[ .‬‬
‫ولقد كانت هذه السلسلة من الحتياطات الدقيقة جزءا من عمليات‬
‫التوثيق المتعاقبة‪ ،‬والتي تحتف بالرواية منذ حدوثها حتى تدوينها‬
‫وتداولها‪.‬‬
‫وهذا كله تمهيد لعملية النقد التي سيجريها الناقد من خلل آليات‬
‫أخرى أكثر تعقيدا وسنتعرض لها في محلها من نظريتي‪ :‬الجرح‬
‫والتعديل‪ ،‬والعلل‪.‬‬
‫فإذا دونت الرواية في كتاب واستقر نقل تلك الرواية عن طريق‬
‫الكتاب‪ ،‬فإن المحدثين جعلوا للنقل والرواية حينئذ آلية توثيقية‬
‫أخرى‪ ،‬هي القسم الثاني من عمليات التوثيق التي تستمر في‬
‫سلسلة السناد حتى منتهاه‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬توثيق الرواية منذ تدوينها إلى نشرها وتداولها عن‬
‫طريق الوساط العلمية‪.‬‬
‫تمر هذه العملية بمرحلتين ‪:‬‬
‫المرحلة الولى‪ :‬ضبط مادة الكتاب (الوثيق) عن طريق إتقان كتابة‬
‫محتوياتها ومقابلتها على النسخ الصحيحة المعتمدة‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬المحافظة على تداول الكتاب رسميا عن طريق‬
‫سماعه كله أو بعضه أو التنصيص عليه في الجازات [‪.]29‬‬
‫المرحلة الولى‪ :‬ضبط مادة الكتاب‬
‫إن الفنيات التي ابتكرها المحدثون لكتابة المحدثون لكتابة‬
‫المصنفات ونسخها نعطيهم سبقا تاريخيا يقينيا في ابتكار قواعد‬
‫الكتابة والملء [‪. ]30‬‬
‫ولم يكن هذا المر مجرد هواية‪ ،‬بل تقليدا عميا منصوصا عليه‪-‬‬
‫بتفاصيله‪ -‬في مؤلفات القوم [‪.]31‬‬
‫يقول ابن الصلح‪":‬ثم إن على كتبة الحديث وطلبته صرف الهمة‬
‫إلى ضبط ما يكتبونه أو يحصلونه بخط الغير من مروياتهم على‬
‫الوجه الذي رووه شكل ونقطا يؤمن معهما اللتباس‪ ،‬وكثيرا ما‬
‫يتهاون بذلك الواثق بذهنه وتيقظه‪ ،‬وذلك وخيم العاقبة‪ ،‬فإن‬
‫النسان معرض للنسيان‪ ،‬وأول ناس أول الناس‪ ،‬وإعجام المكتوب‬
‫يمنع من استعجامه‪ ،‬وشكله يمنع من إشكاله" [‪.]32‬‬

‫‪151‬‬
‫ويفيد هنا أن نذكر بعض تلك التفصيلت الفنية التي نص عليها‬
‫المحدثون ليتبين لنا مستوى التوثيق في هذه المرحلة [‪.]33‬‬
‫يقول ابن الصلح [‪ :]34‬وهذا بيان أمور مفيدة في ضبط الكتاب‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬ينبغي أن يكون اعتناؤه من بين ما يلتبس بضبط الملتبس‬
‫من أسماء الناس أكثر‪ ،‬فإنها ل تستدرك بالمعنى ول يستدل عليها‬
‫بما قبل وبعد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يستحب في اللفاظ المشكلة أن يكرر ضبطها‪ ،‬بأن يضبطها‬
‫في متن الكتاب ثم قبالة ذلك في الحاشية مفردة مضبوطة‪ ،‬فإن‬
‫ذلك أبلغ في إنابتها وأبعد من التباسها‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬يكره الخط الدقيق من غير عذر يقتضيه‪ ،‬والعذر في ذلك‬
‫مثل أن ل يجد في الورق سعة أو يكون رحال يحتاج إلى تدقيق‬
‫الخط ليخف عليه محمل كتابه ونحو هذا‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬يختار له في خطه التحقيق( التأني في الكتابة) دون المشق(‬
‫السرعة في الكتابة)‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬كما تضبط الحروف المعجمة بالنقط كذلك ينبغي أن‬
‫تضبط المهملت غير المعجمة بعلمة الهمال لتدل على عدم‬
‫إعجامها‪.‬‬
‫السادس ‪ :‬ينبغي أن يصطلح مع نفسه كتابه بما ل يفهمه غيره‬
‫فبوقع غيره في حيرة‪ ،‬كفعل من يجمع في كتابه بين روايات‬
‫مختلفة ويرمز إلى رواية كل راو بحرف واحد من اسمه أو حرفين‬
‫وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫السابع‪ :‬ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة تفصل بينهما وتميز‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬يكره له في مثل "عبد الله بن فلن بن فلن" أن يكتب‬
‫"عبد" في آخر سطر والباقي في أول السطر‪ ،‬وكذلك في سائر‬
‫السماء المشتملة على التعبيد لله تعالى ‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬المختار في كيفية تخريج الساقط في الحواشي – ويسمى‬
‫اللحق بفتح الحاء – أن يخط من موضع سقوطه من السطر خطا‬
‫صاعدا إلى فوق ثم يعطفه بين السطرين عطفه يسيرة إلى جهة‬
‫الحاشية التي يكتب فيها اللحق‪ ،‬ويبدأ في الحاشية بكتابة اللحق‬
‫مقابل للخط المنعطف وليكن ذلك في حاشية ذات اليمين‪ ،‬وإن‬
‫كانت تلي وسط الورقة إن اتسعت له فليكتبه صاعدا إلى أعلى‬
‫الورقة ل نازل به إلى أسفل ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫العاشر‪ :‬من شأن الحذاق المتقنين العناية بالتصحيح والتضبيب أو‬
‫التمريض ‪.‬‬
‫أما التصحيح فهو كتابة " صح " على الكلم أو عنده‪ ،‬ول يفعل ذلك‬
‫إل فيما صح رواية ومعنى غير انه عرضة للشك أو الخلف فيكتب‬
‫عليه " صح " ليعرف انه لم يغفل عته ‪ ،‬وأنه قد ضبط وصح على‬
‫ذلك الوجه‪.‬‬
‫وأما التضبيب ويسمى أيضا التمريض فيجعل على ما صح وروده‬
‫كذلك من جهة النقل غير انه فاسد لفظا أو معنى أو ضعيف أو‬
‫ناقص‪ ،‬مثل أن يكون غير جائز من حيث العربية أو يكون شاذا عند‬
‫أهلها يأباه أكثرهم أو مصحفا‪ ،‬أو ينقص من جملة الكلم كلمة أو‬
‫أكثر وما أشبه ذلك‪ ،‬فيمد – على ما هذا سبيله – خط أوله مثل‬
‫الصاد ول يلزق بالكلمة المعلم عليها كيل يظن ضربا‪ ،‬وكأنه صاد‬
‫التصحيح بمدتها دون حائها كتبت ليفرق بين ما صح مطلقا من جهة‬
‫الرواية وغيرها وبين ما صح من جهة الرواية دون غيرها فلم يكمل‬
‫عليه التصحيح‪ ،‬وكتب حرف ناقص على حرف ناقص إشعارا بنقصه‬
‫ومرضه مع صحة نقله وروايته وتنبيها بذلك لمن ينظر في كتابه على‬
‫انه قد وقف عليه ونقله على ما هو عليه‪ ،‬ولعل غيره قد يخرج له‬
‫وجها صحيحا أو يظهر له‪ ،‬بعد ذلك في صحته ما لم يظهر له الن‪،‬‬
‫ولو غير ذلك وأصلحه على ما عنده لكان متعرضا لما وقع فيه غير‬
‫واحد من المتجاسرين الذين غيروا وظهر الصواب فيما أنكروه‬
‫والفساد فيما أصلحوه [‪.]35‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬إذا وقع في الكتاب ما ليس منه فإنه بنفي عنه‬
‫بالضرب أو الحك أو المحو‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬والضرب خير من الحك‬
‫والمحو‪ ،‬وقد اعتبر المحدثون الحك تهمة‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬ليكن فيما تختلف فيه الروايات قائما بضبط ما تختلف‬
‫فيه في كتابه جيد التمييز بينها كيل تختلط وتشتبه فيفسد عليه‬
‫أمرها‪.‬‬
‫وسبيله أن يجعل أول متن كتابه على رواية خاصة ثم ما كانت من‬
‫زيادة لرواية أخرى ألحقها‪ ،‬أو من نقص اعلم عليه‪ ،‬أو من خلف‬
‫كتبه إما في الحاشية و إما غيرها معينا في كل ذلك من رواه ذاكرا‬
‫اسمه بتمامه‪ ،‬فإن رمز إليه بحرف أو أكثر فعليه أن يبين المراد‬
‫بذلك في أول كتابه أو في آخره كيل يطول عهده به فينسى أو يقع‬
‫كتابه إلى غيره فيقع من رموزه في حيرة وعمى" [‪. ]36‬‬

‫‪153‬‬
‫العرض والمقابلة‪:‬‬
‫ثم تأتى خطوة مهمة في هذه المرحلة من ضبط الكتاب وهي‬
‫خطوة عرضه على اصل صحيح ونسخة معتمدة ‪ .‬يقول ابن الصلح‬
‫[‪:]37‬‬
‫على الطالب مقابلة كتابه بأصل سماعه وكتاب شيخه الذي يرويه‬
‫عنه وإن كان إجازة‪ ،‬روينا عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما أنه‬
‫قال لبنه هشام‪ :‬كتبت ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬عرضت كتابك؟ قال ‪ :‬ل‪،‬‬
‫قال‪ :‬لم تكتب‪.‬‬
‫ثم إن أفضل المعرضة أن يعارض الطالب بنفسه كتابه بكتاب‬
‫الشيخ مع الشيخ في حال تحديثه إياه من كتابه لما يجمع ذلك من‬
‫وجوه الحتياط والتقان من الجانبين… والصحيح انه ل يشترط أن‬
‫يقابله بنفسه بل يكفيه مقابله نسخته بأصل الراوي وإن لم يكن‬
‫ذلك حالة القراءة وإن كانت المقابلة على يدي غيره إذا كان ثقة‬
‫موثوقا بضبطه‪ ،‬وجائز أن تكون مقابلته بفرع قد قوبل المقابلة‬
‫المشروطة بأصل شيخه ‪ :‬أصل السماع‪ ،‬وكذلك إذا قابل بأصل‬
‫أصل الشيخ المقابل به أصل الشيخ لن الغرض المطلوب أن يكون‬
‫كتاب الطالب مطابقا لصل سماعه وكتاب شيخه‪ ،‬فسواء حصل له‬
‫ذلك بواسطة أو بغير واسطة‪.‬‬
‫ول يقلد غيره ول يكون بينه وبين كتاب الشيخ واسطة وليقابل‬
‫نسخته بالصل بنفسه حرفا حرفا حتى يكون على ثقة ويقين من‬
‫مطابقتها له‪ ،‬لكن هذا من طريقة أهل التشديد التي لم تستخدم‬
‫في العصور المتأخرة [‪.]38‬‬
‫أما إذا لم يعارض كتابه بالصل أصل فل يجوز رواية الكتاب إل بثلثة‬
‫شروط‪:‬‬
‫• الشرط الول‪ :‬أن تكون نسخته نقلت من الصل ‪.‬‬
‫• الشرط الثاني‪ :‬أن يكون ناقل النسخة من الصل غير سقيم‬
‫النقل بل صحيح النقل قليل السقط [‪.]39‬‬
‫• الشرط الثالث ‪:‬ثم إذا نسخ الكتاب فل ينقل سماعه إلى شئ من‬
‫النسخ أو يثبته فيها عند السماع ابتداء إل بعد المقابلة المرضية‬
‫بالمسموع كيل يغتر أحد بتلك النسخة غير المقابلة إل أن يبين مع‬
‫النقل وعنده كون النسخة غير مقابلة‪ .‬وبعد هذه العملية التوثيقية‬

‫‪154‬‬
‫تأتي مرحلة أكثر دقة ومشقة وهي سماع الكتاب على الشيخ إما‬
‫بالقراء عليه أو السماع من لفظه أو من لفظ من يقرأ عليه [‪.]40‬‬
‫السماع‬
‫لقد جرت سنة المحدثين السلف أن يتلقوا الحديث عن شيوخهم‬
‫سماعا بالسناد المتصل من شيوخهم إلى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ثم لما ألفت الكتب – طبعا – أسانيد من طريق شيوخه‬
‫أيضا تصله بالنبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فيتم لهم اتصال السند‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم عن هذا المنوال‪.‬‬
‫وهذه السنة أو الطريقة في تلقي الحديث الشريف وكتبه بالسند ل‬
‫تكاد تتخلف عن كتاب من كتب السنة المطهرة‪ ،‬صغر ذلك الكتاب‬
‫فجاء في صفحات معدودة أو كبر فجاء في مجلدات ضخام تبلغ‬
‫العشرة أو العشرين أو تنقص قليل أو تزيد قليل‪.‬‬
‫فالجزاء الحديثية – وهي ما يبلغ الواحد منها تقديرا نحو عشرين‬
‫صفحة أو أكثر أو أقل – والكتب الحديثية – وهي ما يبلغ الواحد منها‬
‫المجلد أو المجلدات الكثيرة – كلها تتجلى بإسناد سماعها من‬
‫مؤلفها أو ممن روى عن مؤلفها من قرب أو بعد‪ ،‬فتكون تامة‬
‫الصلة بين مؤلفها وراويها أو رواتها عنه‪ ،‬بشكل مطمئن إلى صحة‬
‫نسبتها ونقلها وتلقيها وضبطها‪]41[ .‬‬
‫ومن المهم أن ننقل هنا نموذجا من تلك السماعات التي تبين‬
‫مستوى ما وصل إليه جهود المحدثين في توثيق النصوص وحفظها‬
‫من النتحال والتحريف‪.‬‬
‫سماع سنن البيهقي‪.‬‬
‫سنن البيهقي‪ ..‬هذا الكتاب العظيم‪ ،‬والديوان الحديثي الفقهي‬
‫الستدللي الحافل الضخم الكبير النادر المثال‪ ،‬يأتي في حوالي‬
‫عشرة مجلدات ضخام‪ ،‬هذا الكتاب الضخم الفخم حظي بعناية‬
‫الحافظ ابن الصلح وقراءته وسماعه منه من أوله إلى آخره في‬
‫‪ 757‬مجلس‪ ،‬وسمع المجلد الثامن منه عدد كبير‪ 93 :‬محدثا في ‪90‬‬
‫مجلسا في مدينة دمشق في دار الحديث الشرفية‪ ،‬التي بناها‬
‫الملك الشرف رحمه الله تعالى‪ ،‬وكان الحافظ ابن الصلح أول من‬
‫درس الحديث فيها‪.‬‬
‫وقد حفظت سماعات سنن البيهقي على الحافظ ابن الصلح بل‬
‫وطبعت [‪ ،]42‬ويمكننا أن نلحظ فيها ما يلي‪:‬‬

‫‪155‬‬
‫‪ .1‬الضبط لعدد مجالس السماع‪.‬‬
‫‪ .2‬تعيينها بخط الشيخ ابن الصلح المقروءة عليه كالشهادة منه‬
‫بذلك‪.‬‬
‫‪ .3‬ذكر السامعين منه بألقابهم وكناهم وأسمائهم وأنسابهم تعريفا‬
‫بهم‪.‬‬
‫‪ .4‬ضبط أحوال السامعين‪ :‬من سمع المجالس كلها بغير فوات‪،‬‬
‫ومن سمعها بفوات‪ ،‬ومن سمعها مع نوم في بعضها أو إغفاء أحيانا‪،‬‬
‫ومن سمعها وهو يتحدث خلل السماع‪ ،‬ومن سمعها وهو ينسخ‬
‫خلل ذلك‪ ،‬ومن سمع وقد جمع كل ذلك وتعيين حال كل واحد‬
‫منهم‪.‬‬
‫‪ .5‬تاريخ الفراغ من إسماع الشيخ ابن الصلح هذا المجلد‪.‬‬
‫‪ .6‬تعيين المكان الذي أسمع فيه هذا الكتاب‪.‬‬
‫‪ .7‬تعيين اسم كاتب السماع ومثبت السماع وذكره أن محضر‬
‫السماع المكتوب هو بخطه‪]43[ .‬‬
‫مؤلفات خاصة بكيفية السماع‪:‬‬
‫هذا وتجدر الشارة إلى أن المحدثين أولوا قضية الرواية بالسماع‬
‫أهمية قصوى واعتبروها من أهم وسائل توثيق الروايات لنها سبيل‬
‫حفظ النقل – الذي السناد آلته – من التحريف والتصحيف‬
‫والنتحال‪.‬‬
‫لذلك ألف فيه العلماء على مدى القرون‪ ،‬واهتموا ببيان كل ما له‬
‫علقة بحفظ السماع والرواية من شائبة الخطأ‪ .‬ومن أهم من أفرد‬
‫هذه المسألة بالتصنيف‪:‬‬
‫‪ .1‬القاضي الحسن بن عبد الرحمان الرامهرمزي (ت ‪360‬هـ) حيث‬
‫ألف كتابه‪" :‬المحدث الفاصل بين الراوي والواعي" ويعتبر من أقدم‬
‫ما ألف في مصطلح الحديث‪.‬‬
‫‪ .2‬الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المعروف بالخطيب‬
‫البغدادي (ت ‪463‬هـ) حيث ألف كتابه‪" :‬الكفاية في علم الرواية"‬
‫وكتابا آخر سماه "الجامع لخلق الراوي وآداب السامع"‪.‬‬
‫‪ .3‬القاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت ‪544‬هـ) حيث ألف كتابه‪:‬‬
‫"اللماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع"‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫والملحظ على المصنفات المذكورة الهتمام بفنيات الرواية أكثر‬
‫من الهتمام بالنقد العلمي الحديثي‪ ،‬إن كانت مادة الكفاية للخطيب‬
‫البغدادي أخذت من جانب الدراية (النقد) بنصيب ل بأس به‪ ،‬إل أن‬
‫اسم الكتاب مبني باتجاه التأليف فيه‪.‬‬
‫وقد صنف العلماء بمصنفات الخطيب في علوم الحديث‪ ،‬قال‬
‫الحافظ أبو بكر بن نقطة‪" :‬ول شبهة عند كل لبيب أن المتأخرين‬
‫من أصحاب الحديث عيال على أبي بكر الخطيب‪.‬‬
‫ونورد ههنا بعض الصطلحات الفنية التي ابتكرها المحدثون لدرء‬
‫خطر النتحال والتزييف [‪.]44‬‬
‫الرواية على الوجه‪:‬‬
‫والمقصود بذلك تحمل الرواية وأداؤها كاملة دون انتخاب أو اختبار ‪.‬‬
‫وهو مأخوذ من قوله تعالى‪ " :‬أن يأتوا بالشهادة على وجهها" [‪]45‬‬
‫أي كاملة دون انتقاص‪ .‬وهو اصطلح استخدمه المحدثون للدللة‬
‫على إتقان الراوي إذا كان دقيقا في حفظ ورواية مروياته [‪.]46‬‬
‫قال الخطيب البغدادي في كتابه‪ " :‬الجامع لخلق الراوي وآداب‬
‫السامع" [‪ " :]47‬باب‪ :‬القول في انتقاء الحديث وانتخابه لمن عجز‬
‫عن كتبه على الوجه واستيعابه‪ ..‬ثم أورد بعض الثار عن المحدثين‬
‫وعلق قائل‪ :‬إذا كان المحدث مكثرا وفي الرواية متعسرا [‪]48‬‬
‫فينبغي للطالب ان ينتقي حديثه وينتخبه‪ ،‬فيكتب عنه ما ل يجده عند‬
‫غيره ويتجنب المعاد من رواياته‪ ،‬وهذا حكم الواردين من الغرباء‬
‫الذين ليمكنهم طول القامة والثواء‪ ،‬وأما من لم يتميز للطالب‬
‫معاد حديثه من غيره وما يشارك في روايته فلولى أن يكتب حديثه‬
‫على الستيعاب ( أي على الوجه كما بوب) دون النتقاء والنتخاب"‪.‬‬
‫وفي كتاب المجروحين لبن حبان عن يحيى بن معين حين سئل عن‬
‫سماعه لكتب حماد بن سلمة فقال‪ ":‬سمعتها على الوجه من سبعة‬
‫عشر نفسا" [‪.]49‬‬
‫الطباق [‪]50‬‬
‫وهي الشهادة الخطية التي يثبتها الشيخ – الذي سمع عليه الكتاب‪-‬‬
‫أو من ينوب مكانه في إثبات السماع ثم يوقع الشيخ على ذلك [‬
‫‪.]51‬‬
‫وتثبت هذه الشهادة في أول النسخة المسموعة على الشيخ [‪،]52‬‬
‫ويبين فيها أسماء من حضر السماع ومن غاب ومقدار الفوات في‬

‫‪157‬‬
‫حق من حضر أو غاب‪ ،‬ويذكر مكان السماع وعدد مجالسه وتاريخ‬
‫كل كما مثلنا في سماع سنن البيهقي على ابن الصلح‪.‬‬
‫ويحفظ هذا الطباق مع النسخة المسموعة في خزانة المدرسة التي‬
‫سمع فيها الكتاب‪ ،‬ولم يكن ذلك تقليدا رسميا في كل مدرسة لكنه‬
‫انتشر في القرون المتأخرة فيما أظن‪ ،‬وقد كان ينشط بعض‬
‫المجتهدين من طلبة العلم في كتب الطباق في نسخته مبنيا سماع‬
‫من حظر ومن غاب‪ ،‬وكان هذا الطباق بمثابة الشهادات الدراسية‬
‫الرسمية‪ ،‬بحيث يجب على من حاز الطباق أن يبذل النسخة‬
‫المسموعة المضبوطة لمن حضر السماع وورد اسمه في الطباق‪.‬‬
‫وبلغت أهمية الطباق أن من كان يمنع هذا الثبات يلجأ إلى القضاء‬
‫لينتزع له حقه في نسخ الكتاب المسموع‪]53[ .‬‬
‫فمن ذلك أن رجل قدم رجل إلى إسماعيل بن إسحاق القاضي‪،‬‬
‫فادعى عليه أن له سماعا في الحديث في كتابه وأنه قد أبى أن‬
‫يعيره‪ ،‬فسأل إسماعيل المدعى عليه‪ ،‬فصدقه وقال‪ :‬له في كتابي‬
‫سماع ولست أعيره‪ ،‬فأطرق إسماعيل مليا‪ ،‬ثم رفع رأسه إلى‬
‫المدعى عليه‪ ،‬فقال له‪ :‬عافاك الله‪ ،‬إن كان سماعه في كتابك‬
‫بخطك فيلزمك أن تعيره‪ ،‬وإن كان سماعه في كتابك بخطك‬
‫فيلزمك أن تعيره‪ ،‬وإن كان سماعه في كتابك بخط غيرك فأنت‬
‫أعلم‪ .‬قال‪ :‬سماعه في كتابي‪ .‬بخطي ولكنه يبطئ برده علي‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أخوك في الدين‪ ،‬أحب أن تعيره‪ ،‬وأقبل على الرجل فقال‪:‬‬
‫إذا أعارك شيئا فل تبطئ به‪]54[ .‬‬
‫قال الستاذ أبوغدة‪ :‬ويتجلى للقارئ من هذه الوقائع والقضية قيمة‬
‫( السماع) العلمية ‪ ،‬فغن السماع شهادة صادقة تمثل الكلمة‬
‫العلمية المنقولة توثيقا وتحقيقا وقهما وضبطا وتحمل و أداء وإذا‬
‫كانت السانيد انساب الكتب فالسماعات هي البينات الناطقة‬
‫وشهادات العدول الثقات لها‪ ،‬فلذا كان الحرص عليها شديدا‪ ،‬وتدخل‬
‫القضاء في الحكم فيها كما علمت [‪.]55‬‬
‫كيفية كتابة الطباق‬
‫في مقدمة ابن الصلح‪ ":‬ذكر الخطيب الحافظ أنه ينبغي للطالب‬
‫أن يكتب بعد البسملة اسم الشيخ الذي سمع الكتاب منه وكنيته‬
‫ونسبه ثم يسوق ما سمعه منه على لفظه‪ ،‬قال‪ :‬وإذا كتب الكتاب‬
‫المسموع فينبغي أن يكتب فوق سطر التسمية أسماء من سمع‬
‫معه وتاريخ وقت السماع‪ ،‬وإن أحب كتب ذلك في حاشية أول ورقة‬

‫‪158‬‬
‫من الكتاب فكل قد فعله شيوخنا [‪ . ]56‬ثم يعقب ابن الصلح قائل‪:‬‬
‫كتبة التسميع جنب ذكره أحوط له وأحرى بأن ل يخفى على من‬
‫يحتاج إليه‪ ،‬ول بأس بكتبته آخر الكتاب وفي ظهره وحيث ل يخفى‬
‫موضعه‪ ،‬وينبغي أن يكون التسميع بخط [‪ ]57‬شخص موثوق به غير‬
‫مجهول الخط ول ضير حينئذ في أل يكتب الشيخ المسمع خطه‬
‫بالتصحيح‪ .‬وهكذا ل بأس على صاحب الكتاب إذا كان موثوقا به أن‬
‫يقتصر على إثبات سماعه بخط نفسه‪ ،‬فطال ما فعل الثقات ذلك [‬
‫‪. ]58‬‬
‫قال السيوطي‪:‬وينبغي لكتاب الطباق أن يكتب إجازة الشيخ عقب‬
‫كتابة السماع‪ ،‬وذلك لحتمال وقوع شئ من النشغال من‬
‫المستمعين أو العجلة أو الهيمنة فينجبر بذلك( أي ينجبر النقص في‬
‫السماع بالجازة فيسوغ أن يروي الكتاب بعدئذ) [‪. ]59‬‬
‫قال ابن الصلح ‪ ":‬ثم إن على كاتب التسميع التحري والحتياط‬
‫وبيان السامع والمسموع منه بلفظ غير محتمل‪ ،‬ومجانبة التساهل‬
‫فيمن يثبت اسمه‪ ،‬والحذر من إسقاط اسم واحد منهم لغرض‬
‫فاسد‪ .‬فإن كان مثبت السماع غير حاضر في جميعه لكن أثبته‬
‫معتمدا على إخبار من يثق بخبره من حاضريه فل بأس بذلك إن‬
‫شاء الله" [‪.]60‬‬
‫أي يجوز لكتاب الطباق أن يعتمد على إخبار الثقات بحضور البعض‬
‫ليثبت أسماءهم في الطباق‪.‬‬
‫منهج المحدثين في نقد السناد‪:‬‬
‫قد آل بنا البحث إلى ضرورة معرفة منهج المحدثين في نقد السناد‬
‫وما هي قواعدهم وأصولهم في هذا المضمار؟‬
‫وسبق أن عرفنا في ضوء عرض نظرية السناد عند المحدثين أن‬
‫النقد قد وجدله مجال يمكن أن يمارس فيه على أساس يشبه‬
‫الملحظة والتجربة‪ ،‬وقد احتف بذلك جملة من القواعد العملية في‬
‫الجرح والتعديل والعلل (يأتي الكلم عليها)… كل ذلك صاغه‬
‫المحدثون في سياق منظومة واضحة للنقد العلمي‪.‬‬
‫لكننا نجتزئ هنا ما له علقة مباشرة بالسناد الفرد‪ ،‬وذلك أن منهج‬
‫النقد عند المحدثين يتدرج من البسيط إلى المركب على نسق‬
‫تصاعدي‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫ثم نعرج بعد ذلك على منهجهم في دراسة السانيد المتعددة أو‬
‫المركبة لنصل إلى فهم تلك المنظومة من النقد العلمي للسناد‬
‫عند المحدثين‪.‬‬
‫وقد نص المحدثون على شروط السند الصحيح الذي يعتبر من‬
‫المقبول في حيز الحتجاج‪.‬‬
‫فاشترطوا له شروطا تتعلق بسلمة ظاهر السند من القوادح‬
‫الواضحة‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن يكون السند متصل بين رواته‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يرويه العدول الذين ل قدح في ديانتهم والضابطون الذين ل‬
‫قدح في حفظهم‪.‬‬
‫وشرطان لبلوغه درجة الصحة التامة ومرتبة صلحية الحتجاج به‪،‬‬
‫وهو من أدق شروطهم في هذا الباب‪ .‬وهو‪ :‬أن يكون سالما من‬
‫الشذوذ والعلة‪]61[ .‬‬
‫وعلى ضوء هذه الشروط انبنى نقد المحدثين للسانيد‪ ،‬حيث‬
‫اعتبروا الصفات التي تقدح في ظاهر السناد إما أن ترجع إلى‬
‫اتصال السند أو إلى اختلل في عدالة الرواة وضبطهم‪.‬‬
‫وسنتحدث إن شاء الله عن منهجهم في معرفة عدالة الرواة‬
‫وضبطهم عند الكلم عن نظرية الجرح والتعديل‪.‬‬
‫أما الن فنبسط الكلم في الصفات التي تقدح في شرط سلمة‬
‫ظاهر السناد‪ ،‬وهو سقط الرواة‪]62[ .‬‬
‫والسقط الذي يطرأ على السند أخذ صورا متعددة يمكن حصرها‬
‫في صورتين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬السقط الواضح ويشتمل الصور التية‪:‬‬
‫‪ .1‬السناد المنقطع‪.‬‬
‫‪ .2‬السناد المعضل‪.‬‬
‫‪ .3‬السناد المرسل‪.‬‬
‫‪ .4‬السناد المعلق‪.‬‬
‫الثانية السقط الخلفي ويشتمل‪:‬‬
‫• الرسال الخفي‪.‬‬
‫• المدلس‪.‬‬

‫‪160‬‬
‫وتأتي قوادح أخرى في السند لكنها ل تعرف في السند الواحد‬
‫بمفرده بل عن طريق الموازنة بين السانيد‪ ،‬ومن صور تلك‬
‫القوادح‪:‬‬
‫‪ .1‬الشذوذ والنكارة والعلة‪ ،‬وسيأتي الكلم فيها عند مباحث نظرية‬
‫العلم‪.‬‬
‫‪ .2‬الزيادة في السانيد والضطراب والدراج والقلب‪ .‬وسيأتي الكلم‬
‫فيها عند الكلم عن منهج المحدثين في نقد ودراسة السانيد‬
‫المتعددة‪.‬‬
‫أما القوادح الظاهرة [‪ ]63‬المتعلقة بالسقط في السناد المفرد‬
‫فهي ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬النقطاع‪ :‬وهو سقط راو واحد في السند بحيث يظهر أن أحد‬
‫الرواة ل يعاصر من فوقه بحال‪.‬‬
‫‪ .2‬العضال‪ :‬وهو سقط راويين في السند على التوالي‪.‬‬
‫‪ .3‬الرسال‪ :‬وهو سقوط الصحابي بين التابعي والنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .4‬التعليق‪ :‬وهو سقوط راو أو أكثر من بداية السند خاصة‪.‬‬
‫كيفية معرفة السقط الظاهر في السناد‬
‫استعان المحدثون منذ وقت مبكر بمعرفة تواريخ المواليد والوفيات‬
‫لكل راو‪ ،‬فما من راو إل وقد ذكروا ذلك في ترجمته – إل القليل‬
‫النادر جدا – فاستخدموا هذا التاريخ في كشف التصال بين الرواة‪.‬‬
‫يقول السيوطي‪ " :‬هو فن به يعرف اتصال الحديث وانقطاعه‪ ،‬وقد‬
‫ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في التاريخ فظهر أنهم زعموا‬
‫الرواية عنهم بعد وفاتهم بسنين‪ ..‬سأل الحاكم محمد ابن حاتم‬
‫الكسي عن مولده لما حدث عن عبد ابن حميد‪ ،‬فقال‪ :‬سنة ستين‬
‫ومائتين‪ ،‬فقال‪ :‬هذا سمع من عبد بعد موته بثلث عشرة سنة‪".‬‬
‫قال حفص بن غياث القاضي‪ :‬إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين‬
‫يعني سنه وسن من كتب عنه‪.‬‬
‫وقال سفيان الثوري‪ :‬لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم‬
‫التاريخ‪ .‬وقال‪ :‬حسان بن يزيد‪ :‬لم نستعن على الكذابين بمثل‬
‫التاريخ‪ ،‬نقول للشيخ‪ :‬سنة كم ولدت؟ فإذا أقر بمولده عرفنا صدقه‬
‫من كذبه‪]64[ .‬‬

‫‪161‬‬
‫تتبع السانيد لمعرفة الخطاء‬
‫وعن طريقة التتبع للطرق والمعرفة التامة بالسانيد وعللها استطاع‬
‫النقاد من المحدثين معرفة القوادح الخرى مثل‪:‬‬
‫‪ -1‬الرسال الخفي‪ :‬وهو النقطاع ما بين الراويين مع ثبوت‬
‫المعاصرة كل منهما للخر لعدم السماع مع ثبوت اللقاء‪ ،‬أو لعدم‬
‫سماع ذلك الخبر بعينه مع سماع غيره‪.‬‬
‫وطريق معرفة ذلك‪:‬‬
‫أ‪ -‬إما بنص الئمة عليه‪.‬‬
‫ب‪ -‬بإخبار الراوي عن نفسه‪.‬‬
‫ج‪ -‬لمجيئه من وجه آخر بزيادة شخص في السند‪]65[ .‬‬
‫وقد يأتي إسناد على العكس من السناد الذي فيه إرسال خفي وهو‬
‫أن يأتي بزيادة في طبقة من طبقات السند‪ ،‬فقد تكون هذه الزيادة‬
‫وهما من أحد الرواة فيبين النقاد ذلك‪]66[ .‬‬
‫وقد يشتبه المر على من ل اضطلع له بين الرسال الخفي الذي‬
‫هو نقص في السناد وبين المزيد في السانيد لنه ربما كان الحكم‬
‫للزائد وربما كان للناقص والزائد وهم‪ ،‬ول يدرك ذلك إل النقاد‪]67[ .‬‬
‫‪ -2‬التدليس‪ :‬هو أن يروي الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه‬
‫من غير أن يذكر أنه سمعه منه‪ ،‬قال أبو الحسن القطان‪ :‬والفرق‬
‫بينه وبين الرسال الخفي أن الرسال روايته عمن لم يسمع منه‪.‬‬
‫ويستخدم الراوي المداس لفظا ل يقتضي التصريح بالسماع نحو‪:‬‬
‫"عن" أو" أن فلنا قال"‪.‬‬
‫والذي استقر عليه منهج المحدثين في النقد أن المدلس إذا كان‬
‫ثقة فما رواه بلفظ محتمل لم يبين فيه السماع فحكمه حكم‬
‫المرسل‪ ،‬وما بينه كسمعت وحدثنا وأخبرنا وشبهها فمقبول محتج به‬
‫[‪ ]68‬ول بد في هذا الباب أيضا من تتبع السانيد والطرق لنه قد‬
‫يصرح المدلس الثقة بالسماع في طريق ول يصرح به في آخر‬
‫فالكتفاء بالطريق الواحد في الحكم على المدلس ل يكفي‪]69[ .‬‬
‫‪-3‬الضطراب‪ :‬وهو الذي يروي على أوجه مختلفة من راو واحد‬
‫مرتين أو أكثر أو من راويين أو رواة مع التساوي حيث ل مرجح‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫فإن رجحت إحدى الروايات بحفظ راويها أو كثرة صحبته أو غير‬
‫ذلك من وجوه الترجيحات فالحكم للرواية الراجحة ول يكون‬
‫الحديث مضطربا‪]70[ .‬‬
‫وسبيل معرفة ذلك أيضا هو جمع الطرق والموازنة بينها‪.‬‬
‫‪-4‬الدراج‪ :‬وهو أن يذكر الراوي كلما لنفسه أو لغيره فيرويه من‬
‫بعده متصل بالحديث من غير فصل فيتوهم أنه من تتمة الحديث‪.‬‬
‫ويدرك ذلك بوروده منفصل في رواية أخرى أو بالتنصيص على ذلك‬
‫من الرواية أو بعض الئمة المضطلعين أو باستحالة كونه صلى الله‬
‫عليه وسلم يقول ذلك‪ .‬وقد يكون الدراج في السند أيضا‪.‬‬
‫‪-5‬والدراج كله حرام‪ ،‬قال السمعاني‪" :‬من تعمد الدراج فهو ساقط‬
‫العدالة وممن يحرف الكلمة عن مواضعه وهو ملحق بالكذابين" [‬
‫‪.]71‬‬
‫‪-6‬القلب‪:‬وهو أن يكون الحديث مشهورا براو فيجعل مكانه أخرا في‬
‫طبقته وقد يقع القلب في المتن أيضا بتبديل جملة مكان أخرى‪.‬‬
‫وقد يقع القلب قصدا ويسميه المحدثون سرقة الحديث‪ ،‬وقد يقع‬
‫غلطا‪ ،‬وعلى الحتمالين فهو خطأ بقدح في الحديث‪ ،‬وقد أفرغ‬
‫المحدثون جهدهم في تتبع ذلك عن طريق التفتيش في السانيد و‬
‫الطرق ‪]72[ .‬‬
‫وبقي من القوادح‪:‬الشذوذ و العلة و النكارة و سنفردها بالحديث إن‬
‫شاء الله في نظرية العلة‪.‬‬
‫ونشير هنا إلى أن تتبع السانيد والطرق ليس مقصودا لذاته‪،‬ولكن‬
‫بقصد الموازنة بينها والمقابلة بين أفرادها لتلمس وجه الخطأ فيها‬
‫وسنتعرض لتفصيل ذلك عند الفصل الخاص بمرتكزات المركز إن‬
‫شاء الله تعالى‪.‬‬
‫الحديث المرسل و موقف المحدثين منه [‪]73‬‬
‫لقد كان الحديث المرسل من أكثر الشكاليات تعقيدا في نظرية‬
‫السناد‪ ،‬ولم أقف حتى الن على دراسة تفسير وجود المرسل أو‬
‫جنوح البعض للحتجاج به مع استقرار نظرية السناد في وسط‬
‫المحدثين‪.‬‬

‫‪163‬‬
‫وسنحاول من خلل هذا المبحث أن نتعقب نشأة الحديث المرسل‬
‫وقضية الحتجاج به لنحاول معالجة هذه الشكالية في ضوء منهج‬
‫النقد عند المحدثين‪.‬‬
‫لقد علمنا أن السناد نشأ مع انتشار النصوص الشرعية في عهد‬
‫النبوة ووجدت النصوص التي تحصن على تبني مفهوم نظرية‬
‫السناد‪.‬‬
‫لكن اعتماد التنصيص على رجال السند أمر لم يستقر في العهد‬
‫المبكر لنشوء نظرية السناد‪ ،‬فكان السناد موجودا على الحقيقة‬
‫ولكن في مقام الرواية كان يحدث بعض التساهل في ذكر السند‪.‬‬
‫وأساس ذلك أن الرعيل الول لم يعرف الكذب على رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل احتاط من ذلك اشد الحيطة وخاف منه‬
‫أشد الخوف حتى إنهم أقلوا من الرواية حذرا من الوقوع في الخطأ‬
‫في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫قال عبد الله بن الزبير لبيه ( الزبير بن العوام )‪ :‬إني ل أسمعك‬
‫تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلن‬
‫وفلن ‪ ،‬قال ‪ :‬أما وإني لم أفارقه‪ ،‬ولكني سمعته يقول ‪" :‬من كذب‬
‫علي فليتبوأ مقعده من النار" [‪.]74‬‬
‫وقال ابن أبي ليلى ‪ :‬كنا إذا أتينا زيد بن أرقم‪ ،‬فنقول ‪ :‬حدثنا عن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول‪ " :‬إنا قد كبرنا ونسينا‪،‬‬
‫والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد"‪]75[ .‬‬
‫حبيل بن السمط لكعب ‪ ":‬يا كعب ابن مرة حدثنا عن‬ ‫وقال ُ‬
‫شَر ْ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر"‪ ]76[ .‬وكان عمران ابن‬
‫الحصين يتجنب التحدث كثيرا لئل يقع في الخطأ [‪.]77‬‬
‫وكان بعضهم يثق في رواية بعض‪ ،‬وعولوا على رواية من كان‬
‫يحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان ل يحضر‬
‫انشغال بجهاد أو معاش أو نحو ذلك‪.‬‬
‫قال البَراء بن عازب‪ ":‬ما كل الحديث سمعناه من رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬كانت لنا ضيعة وأشغال‪ ،‬ولكن الناس لم يكونوا‬
‫يكذبون يومئذ‪ ،‬فيحدث الشاهد الغائب" [‪.]78‬‬
‫وهذه الثقة في عدم وجود من يكذب على رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم جعلتهم يحدثون عن الوسائط ثم يرفعون الحديث دون‬
‫ذكر هذه الوسائط لنه تحصيل الحاصل‪.‬قال انس ابن مالك ‪ ":‬ليس‬

‫‪164‬‬
‫كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعناه منه‬
‫ولكن حدثنا أصحابنا‪ ،‬ونحن قوم ل يكذب بعضهم بعضا" [‪]79‬‬
‫وليس معنى هذا أن كل ما حدثوه كان عن وسائط فهذا مستحيل‬
‫يمنعه استقراء بسيط لصيغ التحمل التي استخدموها مثل قولهم‬
‫سمعت رسول الله ‪ ،‬رأيت رسول الله‪ ،‬سألت رسول الله‪ ،‬ذهبت‬
‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ولكن هذا ل يمنع أن للصحابة مراسيل اسقطوا فيها الوسائط‪ ،‬ولم‬
‫تكن تلك الوسائط إل صحابة أيضا – لنه يبعد أن يروي صحابي فيها‬
‫حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – ولذلك أجمع نقاد‬
‫الحديث على قبول مراسيل الصحابة لحتجاج بها‪ ،‬ومنع الحتجاج‬
‫بمراسيل الصحابة قول مرذول قالت به شرذمة ل تنتمي إلى‬
‫المحدثين فل يعتد بمخالفتهم في استقراء منهج المحدثين [‪.]80‬‬
‫فلما جاء عصر التابعين جروا على هذا المنهج في الوثوق بصحابة‬
‫رسول الله صلى الله عليه ‪ ،‬وكان ذلك بصورة قليلة ومن بعض‬
‫التابعين‪ -‬كبارهم على الخصوص‪ -‬وليس جميعهم‪.‬‬
‫فلما وقعت الفتن في أواخر عهد الصحابة وبداية انقراض وجودهم‬
‫وابتدأ ظهور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف‬
‫التابعون جميعا وقف حازمة من قضية الرسال وإسقاط الواسطة‬
‫وابتدأ التنصيص على رجال السند جميعا كأنه واجب يقتضيه تبليغ‬
‫الحديث نفسه [‪. ]81‬‬
‫ولكن عجزوا عن تداول ما حدثوا به من قبل على صفة الرسال‬
‫فمنهم من صار ينص على الصحابي الذي كان يسقطه ومنهم من‬
‫كان يشك هل سمعه من صحابي أو غيره صحابي فيسكت عما‬
‫أرسله قديما [‪ ]82‬فبقيت روايته المرسلة متداولة على إرسالها‪،‬‬
‫ومن أسند شاعت روايته المرسلة المسندة‪ ،‬ومن التابعين من كان‬
‫يثق في من يروي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا‬
‫وإن لم يكن صحابيا فلما حدثت الفتن ارتابوا فيما رووه عن‬
‫المجاهيل فلم يعودوا لرواية ما سمعوه عنهم لكن كانت مراسيلهم‬
‫تلك قد انتشرت أيضا [‪.]83‬‬
‫وعلى هذا يمكننا تقسيم أنواع المراسيل من حيث رجوع أصحابها‬
‫عن روايتها على صورة الرسال إلى ثلثة أقسام ‪:‬‬

‫‪165‬‬
‫الول ‪ :‬مراسيل من كان ل يرسل إل عن صحابي ‪ ،‬فكان يرسل‬
‫تارة ويسند تارة ‪ ،‬فلما حدثت الفتن وظهر الكذب امتنع عن‬
‫الرسال ولم يحدث إل بالمسند‪ ،‬وعلى هذا تحمل مراسيل سعيد‬
‫ابن المسيب ‪ ،‬فإنه لم يكن يحتاج إلى الرواية عن التابعين وقد لقي‬
‫العشرة المبشرين بالجنة فضل عن المئات من الصحابة [‪،]84‬‬
‫ولذلك عندما تتبع المحدثون مراسيله وجدوها مسندة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬مراسيل من كان يشك أو كان يحدث أحيانا من غير الصحابة‬
‫فلما امتنع عن الرسال لم يسند إل ما تيقن أنه عن صحابي‪ ،‬ومن‬
‫بعده روى عنه على هيئة الرسال دون أن يوجد له طريق مسند‪،‬‬
‫وعلى ذلك تحمل مراسيل مثل الحسن البصري‪ ،‬فإن منها مراسيل‬
‫لم توجد لها طرف مسندة البتة [‪.]85‬‬
‫الثالث‪ :‬مراسيل من كان يحدث عن بعض المجاهيل [‪ ]86‬فلما‬
‫احتاط امتنع عن تكرار التحديث عنهم لكن رويت عنه تلك الروايات‬
‫وانتشرت على هيئة الرسال وعلى ذلك تحمل مراسيل مثل‬
‫الزهري والعمش‪.‬‬
‫ويوجد احتمال رابع يشمل كل تلك الحالت‪،‬وهي أن المراسيل كانت‬
‫أحاديث تروى في مقام المذاكرة السريعة أو الموعظة المختصرة‬
‫فكانت السرعة والختصار في الموعظة تتطلب اختصار السند‬
‫فينتشر عندئذ على هيئة الرسال‪.‬‬
‫لعل هذا التفسير لتاريخ الرسال وأسبابه يبين علة وجود المرسل‬
‫مع استقرار نظرية السناد‪.‬‬
‫ول يمكننا أن نذهب إلى أن نظرية السناد لم تكن واضحة المعالم‬
‫بعد‪ ،‬أو أن التابعين تهاونوا في تطبيقها‪ ،‬لن كل من أن أرسل من‬
‫التابعين فإرساله هو النادر وإسناده هو الكثر‪ ،‬فكيف نفسر الكثير‬
‫بالقليل والنادر؟ إن الوفق أن نحكم بالكثير على القليل لن النادر‬
‫ل حكم له‪.‬‬
‫بل إن النظر السديد والتأمل العميق يؤدي إلى القول بان في وجود‬
‫المرسل دليل على استقرار نظرية السناد ل على اضطرابها وعدم‬
‫وضوحها‪.‬‬
‫فاجتماعهم على تحبيذ السناد وعلى جعل المرسل هو الطارئ دليل‬
‫على أنهم مزية السناد وفضيلته وما كان لحد أن ينزع إلى‬

‫‪166‬‬
‫المفضول مع قدرته على بلوغ الفاضل إل عن ضرورة ملجئة أو علة‬
‫وجيهة أو عذر من العذار يستوجب رفع المذمة ودرء النقيصة‪.‬‬
‫وهناك مسالك وجيهة لتفسير وجود المرسل ل يصح أن نضرب عن‬
‫ذكرها صفحا‪ ،‬فإنها وإن كانت قاعدة عن تبرير جواز الرسال صناعة‬
‫إل أنها ناهضة لتسويغ إعذار من أرسل تساهل‪.‬‬
‫فمن ذلك ما روى الترمذي في العلل الصغير عن العمش قال‪:‬‬
‫قلت لبراهيم النخعي‪ :‬أسند لي عن عبد الله ن مسعود‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إبراهيم ‪ :‬إذا حدثتك عن الرجل عن عبد الله فهو الذي سميت‪ ،‬و إذا‬
‫قلت‪ :‬قال عبد الله فهو عن غير واحد [‪. ]87‬فهذا منهج خاص‬
‫واصطلح مستقل للنخعي في الرسال‪ ،‬أنه ل يرسل إل حين‬
‫يستفيض الرواة في النقل عمن يروى دللة على بلوغ المنتهى في‬
‫الثقة بالمنقول فيرويه عنه على هيئة المرسل اطمئنانا إلى صحة‬
‫واستغناء بشهرته عن إسناده‪.‬‬
‫وعلى هذا المسلك درج آخرون منهم الحسن البصري‪ ،‬قال الخطيب‬
‫ابن ناصح‪ :‬كان الحسن إذا حدثه رجل واحد عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بحديث ذكره‪ ،‬فإذا حدثه أربعة بحديث عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ألقاهم وقال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم [‪.]88‬‬
‫وروى ابن عبد البر عن الحسن البصري قال‪ :‬ما حدثني به رجلن‬
‫قلت ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [‪ . ]89‬ومع ذلك كله‬
‫فإن منهج النقد عند المحدثين لم يقف بوقف المتفرج تجاه هذه‬
‫الشكالية بل إنه تعامل معها بصرامة تتناسب وسمة التثبت التي‬
‫اتصف بها هذا المنهج فلنستعرض كلم أصحاب المنهج في ذلك‪.‬‬
‫حكم الحتجاج بالمرسل‪:‬‬
‫قال أبو داود في رسالته لهل مكة‪ ":‬أما المراسيل فقد كان يحتج‬
‫بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس‬
‫والوزاعي حتى جاء الشافعي فتكلم فيه وتابعه على ذلك أحمد بن‬
‫حنبل وغيره‪]90[ "..‬‬
‫وقال ابن رجب الحنبلي في شرح العلل‪ ":‬وقد ذكر ابن جرير وغيره‬
‫أن إطلق القول بأن المرسل ليس بحجة من غير تفصيل بدعة‬
‫حدثت بعد المائتين " [‪ .]91‬ويفهم من كلم ابن جرير أن قبول‬

‫‪167‬‬
‫المرسل بالقيود كان قول مشهورا قبل المائتين‪،‬ثم نشأ قول برد‬
‫المرسل مطلقا‪.‬‬
‫وما تحصل لي في هذه المسألة أن المرسل لم بتكلم فيه أحد‬
‫بقبول أورد قبل الشافعي‪ ،‬وإنما كانوا يروون المرسل وهم يعملون‬
‫انقطاع السند ولكنهم يحتجون بمضمونه فقط كما قال ابن رجب‬
‫في شرح علل الترمذي‪.‬‬
‫ثم جاء الشافعي ورد المرسل مستثنيا مراسيل سعيد وبعض‬
‫المراسيل التي تتوافر فيها شروط أخرى [‪.]92‬‬
‫لكن جل النقاد من مدرسة أهل الحديث رفض أي استثناء واعتبر‬
‫السناد المرسل ناقصا غير مقبول حتى يرد كامل موصول من‬
‫طريق أخرى‪ ،‬وما روى عن أحمد في قبوله بعض مراسيل التابعين‬
‫أو الحتجاج ببعض المراسيل التي توافرت فيها بعض الشروط‬
‫فليس من باب صناعة الحديث أو النقد الحديثي‪ ،‬ولكن قاله تفقها‬
‫لنه كان يواجه مدرسة الرأي‪ ،‬فنظر بأن الخذ والحتجاج بصحاح‬
‫المراسيل أولى من العمل بالرأي‪ ،‬وهذا معنى احتجاج الفقهاء‬
‫بمضمون المرسل وليس اعتقادا منهم بصحة نسبة الكلم إلى‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم مع انقطاع السند‪.‬‬
‫وصفوة القول إن هناك فرقا بين الحتجاج بالمرسل وبين صحة‬
‫الحديث المرسل ‪ ،‬فالسناد إذا صح إلى التابعي الذي ل يروي إلى‬
‫عن صحابة أو توافر شروط أخرى تفيد الثقة بمراسيله يكون بذلك‬
‫صالحا للحتجاج ولكن ل يطلق ولكن ل يطلق القول بصحة الحديث‬
‫من هذا الطريق المرسل‪ ،‬فالمرسل صورة ناقصة للسناد ولم‬
‫تختلف كلمتهم على ضعف الحديث المرسل‪ ،‬أي ضعف نسبته(‬
‫كلما ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أما اعتماده‬
‫( احتجاجا) بديل عن الرأي فهذا عمل غالب المحدثين والفقهاء [‪]93‬‬
‫‪.‬‬
‫وبهذا التخريج يلتئم منهج النقد عند المحدثين ويتناسق ‪ ،‬ول تبدو‬
‫قضية المرسل فيه نشازا او شذوذا ينال من اتساق قواعده‬
‫وأحكامه‪.‬‬
‫الخلصة‬

‫‪168‬‬
‫‪ -1‬قام منهج النقد عند المحدثين على أساس تحقيق اكبر قدر من‬
‫الملحظ المباشرة‪ ،‬وذلك عبر وجود السناد الذي هيأ للناقد تواصل‬
‫مع الرواية التاريخية لم يتوافر لمنهج النقد التاريخي عند الوروبيين‪.‬‬
‫‪ -2‬موت عملية نقد الروايات وصيانتها من النتحال بمرحلتين أتاحت‬
‫توثيق السانيد بأكبر قدر ممكن من الحتياط والتثبت والتدقيق حتى‬
‫تصل ( السانيد ) إلى الناقد على وجه يتيح له الرواية من خللها‪.‬‬
‫وهاتان المرحلتان هما ‪:‬‬
‫‪ .1‬توثيق الرواية منذ حدوثها إلى تدوينها‬
‫‪ .2‬توثيق الرواية منذ تدوينها إلى نشرها وتداولها عن طريق‬
‫الوساط العلمية ‪.‬‬
‫‪ -3‬تظهر عبقرية منهج المحدثين من خلل الدقة المتناهية في‬
‫الرسال التي ابتكروها في تحمل وأداء السانيد وتصحيحها‪.‬‬
‫‪ -4‬تبنى منهج النقد عند المحدثين مبدأ البحث عن وجود سقط في‬
‫السناد أو انقطاع بين الرواة‪ ،‬واعتبروا هذا القادح الظاهر سببا في‬
‫اطراح الرواية لعدم وجود التصال في المسند وابتكروا لذلك طرقا‬
‫فريدة في الكشف عن النقطاع بين الرواة ‪.‬‬
‫‪ -5‬وجدت أسباب تاريخية أدت إلى وجود صورة الحديث المرسل‪،‬‬
‫وقد عالج المحدثون إشكالية المرسل لنها تحتل خصوصية في‬
‫سياق نظرية السناد‪ ،‬فاعتبروا هيئة الحديث المرسل مرفوعة من‬
‫حيث صورة السناد المنقطع‪ ،‬لكنهم احتجوا بمضمون المرسل‬
‫بشروط معينة‪.‬‬
‫________________________________________‬
‫[‪ - ]1‬مناهج البحث عند مفكري السلم ‪ .‬علي سامي النشار‪ .‬ص‬
‫‪375‬‬
‫وينبغي الشارة إلى خطأ الدكتور النشار في تصنيف علم مصطلح‬
‫الحديث تحت المنهج الستردادي باعتباره صنو المنهج البحثي‬
‫التاريخي الحديث كما عرفه لنجلوا و سينوبوس‪ ،‬فمن عرضه‬
‫يستبين أنه لم تحصل له صورة واضحة عن منهج المحدثين في‬
‫النقد ا‪ ،‬إذ لم يزد على أن قال‪ " :‬وقد توصل المسلمون إلى كل ما‬
‫توصل أليه علماء مناهج البحث التاريخي…" وأثبت مجرد السبق ‪،‬‬
‫لكن منهج المحدثين تفرد بنظريات ومجالت لم بتطرق إليها المنهج‬

‫‪169‬‬
‫الوروبي أصل كما أنه يخالفه في البيئة التي نشأ فيها ويفارقه ببعد‬
‫ديني وعمق أخلقي فريد‪.‬‬
‫[‪ - ]2‬المدخل إلى الدراسات التاريخية لنجلوا سينوبوس‪.‬ص ‪43‬‬
‫[‪ - ]3‬السابق ص‪90‬‬
‫[‪ - ]4‬دراسات عن المؤرخين العرب‪ .‬مرغليوث‪ .‬ترجمة حسين نصار‬
‫‪.‬ص‪ .30.‬وانظر التاريخ عند المسلمين ‪ .‬محمد عبد الغني حسن‬
‫صفحات ‪ .63،67،،11،53‬والواقع أن الحقيقة العلمية في يقينها‬
‫بالنسبة للمشاهد والملحظ ولغيره ل تختلف عن الرواية التاريخية‪،‬‬
‫فقوانين الجاذبية مثل يقينية في حق الممارس لها العارف بها‪،‬‬
‫وإخباره عن يقينها للجاهل بها مثل إخبار المشاهد للواقعة التاريخية‬
‫من لم يشاهدها‪ .‬فارتدت المعرفة لدى كليهما بالنسبة لغير الملحظ‬
‫والمشاهد بنفسه إلى مجرد الخبار‪ ،‬فل بد من معايير النقد الخلقية‬
‫التي انفرد بها منهج المحدثين‪.‬‬
‫[‪ - ]5‬نزهة النظر شرح نخبة الفكر لبن حجر ص ‪73‬‬
‫[‪ - ]6‬السابق ص ‪77-74‬‬
‫[‪ - ]7‬السابق ص ‪ .77‬ونسجل في المقابل‪ ،‬أن المنهج الوروبي في‬
‫النقد التاريخي لما كان استردادا فإنه انبنى على التركيب والتخييل‪،‬‬
‫يقول سينوبوس في رسالة له في النقد التاريخي‪ ":‬والمسلك الذي‬
‫تفرضه طبيعة مادة المعرفة في التاريخ هو البدء من الوثيقة وهي‬
‫الثر المادي الوحيد عن الماضي ‪ ،‬ثم الرتفاع في سلسلة العمليات‬
‫النفسية ‪ :‬الكتابة‪ ،‬اللغة‪ ،‬والمعنى المجازي والمعنى الحقيقي‬
‫وتمثيل الشيء في نفس المؤلف حتى نصل إلى الواقعة التي=‬
‫=عرفها " النقد التاريخي ترجمة عبد الرحمن بدوي ص (ج) ويراجع‬
‫ما أشار إليه الستاذ حسن الشافعي والستاذ محمد الجليند من تأثر‬
‫التفكير التاريخي الغربي بالرومانسية ‪ .‬المنطق و مناهج البحث ‪.‬‬
‫للستاذين المذكورين ص ‪ 171‬فما بعدهما‪.‬‬
‫[‪ - ]8‬المدخل إلى الدراسات التاريخية‪ .‬لنجلوا وسينوبوس ‪.‬ص‪139.‬‬
‫[‪ - ]9‬السابق ص ‪71‬‬
‫[‪ - ]10‬رسالة سينوبوس في النقد بعثها لحد أصدقائه وترجمها‬
‫وطبعها عبد الرحمن بدوي ضمن مجموع النقد التاريخي ص (و)‪.‬‬

‫‪170‬‬
‫[‪ - ]11‬المقصود بالتوثيق في عرضنا لمنهج المحدثين ‪ :‬عملية التثبت‬
‫واكتساب الثقة في الرواية ‪ ،‬وليس المراد المعنى اللغوي الظاهر أو‬
‫الصطلحي في الجرح والتعديل وهو جعل أو اعتبار الراوي‬
‫ثقة‪.‬وآثرنا استخدام هذا الصطلح الخاص لليحاء بالمعنى العلمي‬
‫المعاصر للتوثيق وهو فن معالجة المعلومات غير العددية ويقوم‬
‫علي أساس سلسلة من العمليات في التجميع والتحليل والبحث‬
‫والبث لن ثمة أوجها من الشبه بين التوثيق عند المحدثين وهذا‬
‫المعنى العلمي المعاصر‪ .‬انظر ( أصول التوثيق‪ .‬جاك شومييه‪.‬‬
‫ترجمة أنطوان عبده ص ‪ .19‬ط لبنان غير مؤرخة‪.‬‬
‫[‪ - ]12‬علوم الحديث لبن الصلح ص‪ 139‬بحاشية العراقي‪ .‬واعتمده‬
‫النووي في التقريب (‪ )2/6‬وصححه القسطلني في كتاب المنهج‬
‫وقرره السيوطي‪ .‬انظر تدريب الراوي شرح تقريب النواوي‬
‫للسيوطي (‪.)7-2/6‬‬
‫[‪" - ]13‬إخبار الصحابي عن شيء فعله رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أو نحوه مما يعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو تأخر إسلمه‬
‫فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح الذي قطع به الجمهور"‪.‬‬
‫أنظر تدريب الراوي للسيوطي (‪.)1/207‬‬
‫[‪ - ]14‬لقد بنى أصحاب النقد التاريخي الوروبي منهجهم على مبدأ‬
‫الشك والرتياب المسبق والمطلق في كل رواية تاريخية محاولين‬
‫بذلك تطبيق الشك المنهجي عند ديكارت لضفاء صبغة العلم على‬
‫التاريخ‪ ،‬وقد يكون الشك المنهجي مناسبا لخطوات البحث العلمي‬
‫القائم على الملحظة والتجربة لدراسة الفروض والحتمالت‪ ،‬على‬
‫ضوء المعطيات الموجودة‪ ،‬لكن منهج النقد التاريخي الوروبي كان‬
‫مفلسا من أية فرصة للملحظة‪ ،‬ومن أية معطيات موجودة‪ ،‬فغدا‬
‫يطبق شكه على تيك الفروض والحتمالت دون أي نسق علمي‬
‫واضح‪ ،‬وإنما هو الذوق الذي يبنى عليه التركيب التاريخي في‬
‫الجملة‪ .‬أنظر مدخل إلى الدراسات التاريخية لنجلوا سينوبوس ص‬
‫‪ 122‬وأسس الفلسفة د‪ .‬توفيق الطويل ص‪ 299‬فما بعدها‪ .‬وسيأتي‬
‫مزيد تناول لهذه القضية أثناء عرض منهج المحدثين في التوثيق‪.‬‬
‫[‪ - ]15‬لقد كان التقليد العلمي عند المحدثين استخدام الطريقتين‬
‫(التحديث بإملء وبغير إملء) وإن كان الكثر في عصور الرواية‬
‫الولى والمبكرة التحديث بدون إملء‪ ،‬ثم ظهر الملء كتقليد خاص‬
‫عندما كثر التدوين وكثر النقلة والمحدثون‪ .‬أنظر دراسات في‬

‫‪171‬‬
‫الحديث النبوي الشريف‪ .‬محمد العظمي (‪ )359-2/350‬وأدب الملء‬
‫والستملء للسمعاني ص‪.13‬‬
‫[‪ - ]16‬أكثر ما يستعمل في هذه الطريقة‪ :‬حدثنا ثم أخبرنا وكان هذا‬
‫قبل أن يشبع تخصيص أخبرنا بالقراءة على الشيخ (كما سيأتي)‪.‬‬
‫أنظر علوم الحديث لبن الصلح ص‪.141‬‬
‫[‪ - ]17‬وهو قليل في الستعمال‪ .‬انظر علوم الحديث لبن الصلح‬
‫ص‪141‬‬
‫[‪ - ]18‬استحبوا إذا كان السماع حال المذاكرة أن يقول‪ :‬قال لنا أو‬
‫ذكر لنا‪ ،‬لنه لئق بسماع المذاكرة وبه أشبه‪ .‬أنظر علوم الحديث‬
‫لبن الصلح ص‪ 142‬وتدريب الراوي للسيوطي (‪.)2/11‬‬
‫[‪ - ]19‬أنظر تدريب الراوي للسيوطي (‪)2/19‬‬
‫[‪ - ]20‬السابق (‪)2/25‬‬
‫[‪ - ]21‬صحيح البخاري (‪ )6/2640‬تحقيق مصطفى البغا‪.‬‬
‫[‪ - ]22‬أي الذن بالرواية ولها أنواع كثيرة‪ .‬أنظر تدريب الراوي (‬
‫‪)43-2/29‬‬
‫[‪ - ]23‬المناولة أن يدفع الشيخ لتلميذه مروياته سواء أذن له‬
‫بالرواية منها أو لم يأذن‪ ،‬ولها صور‪ .‬أنظر تدريب الراوي (‪)55-2/44‬‬
‫[‪ - ]24‬هي أن يكتب الشيخ مروياته لحاضر أو غائب بخطه أو بأمره‬
‫ولها أضرب‪ .‬انظر تدريب الراوي (‪)58-2/55‬‬
‫[‪ - ]25‬إعلم الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه‪،‬‬
‫مقتصرا على ذلك‪ .‬أنظر تدريب الراوي (‪)59-2/58‬‬
‫[‪ - ]26‬أن يوصي الشيخ عند موته أو سفره بكتاب يرويه‪ .‬أنظر‬
‫تدريب الراوي (‪)60-2/59‬‬
‫[‪ - ]27‬بكسر الواو مصدر لوجد مولد غير مسموع من العرب‪ ،‬وهي‬
‫أن يقف على أحاديث بخط راويها الواجد‪ ،‬فله أن يقول وجدت أو‬
‫قرأت بخط فلن أو في كتابه بخطه‪ ..‬حدثنا فلن ويسوق السناد‬
‫والمتن‪ .‬أنظر تدريب الراوي (‪ .)63-2/60‬وكل هذه الطرق خلف‬
‫الصل في الرواية عند المحدثين‪ ،‬لنها ل مشافهة فيها‪ ،‬لذلك حصل‬
‫فيها خلف بين العلماء والنقاد ولم يستقر إجماع على شيء منها‬
‫بخلف المشافهة‪ ،‬والملحظ أن غالب هذه الطرق استخدمها‬
‫المحدثون في الصدر الول من عصور الرواية بقلة شديدة‪ ،‬ثم إنهم‬

‫‪172‬‬
‫يبينون ما كان من جنس هذه الطريقة أو تلك‪ ،‬ثم توسع المتأخرون‬
‫في تلك الطرق لستقرار التدوين وشهرة المصنفات‪ ،‬وإنما توسعوا‬
‫في الرواية بها إبقاء لخصيصة السناد في المة‪.‬‬
‫[‪ - ]28‬تدريب الراوي للسيوطي (‪.)2/22‬‬
‫[‪ -]29‬إن كثيرا من العمليات التوثيقية التي ذكرناها ساقطة تماما‬
‫من مجرد التفكير فيها‪ -‬فضل عن تطبيقها – لدى المنهج النقدي عند‬
‫الوروبيين‪ ،‬فكما أسلفنا أن نقدهم يبدأ منذ وجد أن الوثيقة أما قبل‬
‫ذلك فهم على العكس من تراث المسلمين‪ ،‬يواجهون قدرا عظيما‬
‫من النتحال والتزييف والكذب يصل لدرجة تثير الشفقة‪ ،‬حتى إننا ل‬
‫نتعجب حين نراهم‪ -‬لتلك السباب‪ -‬يمرون في مراحل النقد‬
‫بعمليات فحص شديدة الوعورة والتعقيد‪ ،‬مع ابتناء منهجهم – كما‬
‫في الوثيقة‪ .‬يقول لنجلوا‪ ":‬إن انتحال الكتب اليوم نادر‪ ،‬يحرمه‬
‫القانون ويلطخ صاحبه بالعار أما قديما فقد كان عادة جارية مقبولة‪،‬‬
‫ليعاقب صاحبها"‪ .‬مدخل إلى الدراسات التاريخية‪.‬لنجلوا‬
‫سينوبوس‪.‬ص‪ .70‬ونحن لن نندهش كثيرا من هذه الخلقيات‬
‫المتدنية‪ ،‬فإن الشعوب التي لم تستطع أن تحافظ على نسخثين‬
‫متشابهتين من كتابهم المقدس(النجيل) جديرون بأن يتقنوا النتحال‬
‫والكذب والتزييف لما هو أقل قدسية‪.‬‬
‫[‪ -]30‬على خلف المشتهر بين الوساط العلمية أن الوربيين هم‬
‫السابقون في ذلك‪ ،‬شأن الكثير من السبوق العلمية التي يثبت‬
‫التاريخ حوزتها للمسلمين‪.‬‬
‫[‪ - ]31‬في كل كتب المصطلح الحديث بل استثناء يفردون فصل‪،‬‬
‫وبعضهم يسميه علما أو نوعا من علوم الحديث وهو‪ :‬كتابة الحديث‬
‫وكيفية ضبط الكتاب وتقييده‪ .‬وينبغي أن ننوه أن الخط العربي على‬
‫وجه العموم بلغ الغاية في التقان من حيث المنهج العلمي وتقعيد‬
‫ضوابط كتابته وفق نظريات حسابية وهندسية‪.‬‬
‫[‪ - ]32‬علوم الحديث لبن الصلح ص ‪.171‬‬
‫[‪ -]33‬اختصرنا مادة هذا المبحث وانتقيناها من الفصل الذي أفرده‬
‫ابن الصلح في مقدمته‪ ،‬وقد قام الستاذ أحمد شاكر –المحدث‬
‫المعروف‪ -‬بطبع هذا الفصل مستقل ليعرض فيها منهج المسلمين‬
‫في ضبط الكتاب مقترحا أن تكون فنيات المحدثين في تقييد‬
‫الكتاب منهجا علميا يلتزم به مصححوا الكتب ومحققوها في عالم‬

‫‪173‬‬
‫اليوم‪.‬انظر‪ :‬تصحيح الكتب وصنع الفهارس المعجمة وكيفية ضبط‬
‫الكتاب‪ :‬أحمد شاكر‪.‬ط مكتبة السنة بمصر ‪1410‬هج‬
‫[‪ - ]34‬علوم الحديث لبن الصلح من ص ‪ 172‬إلى ص‪ 183‬بتصرف‪.‬‬
‫[‪ - ]35‬وللمحدثين تفصيل أوسع في التصحيفات والتحريفات ضمنوه‬
‫نوع " معرفة المصحف" من علوم الحديث‪ ،‬ولهم فيها تصنيفات‬
‫خاصة مثل مصنف الدارقطني وأبو احمد العسكري(انظر‪ :‬تدريب‬
‫الراوي ‪ )2/193‬وهو شبيه بكشاف التحريفات الذي ابتكره ووضعه‬
‫أصحاب المنهج الوروبي في النقد التاريخي لعانة العلماء‬
‫المحصلين – محققي المخطوطات – على كشف الخطاء ومعرفة‬
‫الحتمالت الصائبة فيما غمض‪ ( .‬انظر‪ :‬المدخل إلى الدراسات‬
‫التاريخية‪.‬لنجلوا و سينوبوس‪ .‬ص‪)58 .‬‬
‫[‪ - ]36‬الجدير بالذكر أن مثل هذه الفنيات الدقيقة وجد كثير من‬
‫تفاصيلها منذ القرن الرابع الهجري عند الرامهرمزي في كتابه"‬
‫المحدث الفاصل" والخطيب البغدادي في كتابيه "الكفاية" و‬
‫"الجامع"‪ ،‬لكن فرانز روزنتال ( من المستشرقين المعنيين بالتراث‬
‫السلمي ) اختار كتاب الشيخ عبد الباسط العلموي المتوفى سنة‬
‫‪981‬هج واسمه " المعيد في أدب المفيد والمستفيد " ليكون مثال‬
‫لدراسة مركزة ومنظمة حول طريقة التأليف والتصنيف ومعالجة‬
‫فنيات الكتابة والخط وكان حريا به أن ينوه على ان هذا الفن قد‬
‫وجد في الحضارة السلمية منذ عصر مبكر ( انظر مناهج العلماء‬
‫المسلمين في البحث العلمي فرانز روزنتال ‪.‬ت‪:‬أنيس فريحة ص)‪.‬‬
‫[‪ - ]37‬السابق‪.‬‬
‫[‪ - ]38‬قضية كلم ابن الصلح أن ذلك كان شائعا في العصور‬
‫المتقدمة‪ ،‬أي عصور الرواية بالمشافهة ‪ .‬انظر علوم الحديث لبن‬
‫الصلح ص‪177‬‬
‫[‪ - ]39‬علوم الحديث لبن الصلح ص ‪177‬‬
‫[‪ - ]40‬السابق ص ‪185‬‬
‫[‪ - ]41‬صفحة مشرقة من تاريخ سماع الحديث عند المحدثين‪ .‬عبد‬
‫الفتاح أبو غدة‪ .‬ص‪ .99‬وقد اشتهر عند المحدثين قولهم‪ ":‬السانيد‬
‫أنساب الكتب" أنظر‪ :‬التأصيل بكر أبو زيد ص‪.75‬‬
‫[‪ - ]42‬طبع مع السنن ألحقت السماعات بها (طبعة الهند في مدينة‬
‫حيدر آباد الدكن)‪ ،‬ثم أفرده الستاذ عبد الفتاح أبو غدة بطبعة‬

‫‪174‬‬
‫مستقلة مصدرة بدراسة وسماها‪ :‬صفحة مشرقة من تاريخ سماع‬
‫الحديث عند المحدثين‪ .‬ط حلب بسورية سنة ‪1412‬هـ‪.‬‬
‫[‪ - ]43‬هو كاتب الطباق وسيأتي بيان معناه‪.‬‬
‫[‪ - ]44‬نقتصر على اصطلحين ذوي صلة بمسألة التوثيق هما‪:‬‬
‫الرواية على الوجه والطباق‪ .‬ولنني لم أجد تعريفا شافيا في كتب‬
‫المحدثين فبحث عن لدللتها من خلل تضاعيف التراجم وكتب‬
‫الرجال وبعض كتب المصطلح‪.‬‬
‫[‪ - ]45‬المائدة ‪108‬‬
‫[‪ - ]46‬أخطأ الستاذ فؤاد سيزكين حين ظن أن مصطلح ‪ :‬الرواية‬
‫على الوجه يدل على السماع والقراءة على الشيخ فقط( تاريخ‬
‫التراث العربي ‪ )1/240‬واستشهد بقول ابن سعد في الطبقات (‬
‫‪ )7/328‬عن عبد الله بن عبيد الرحمن أنه روى كتب الثوري على‬
‫وجهها‪ ،‬وبما في تاريخ بغداد (‪ )4/163‬عن أحمد بن أبي خيثمة أنه‬
‫كان يشترط على من يسمع ويروي عنه تاريخه أن يسمعه ويرويه‬
‫على الوجه‪ ،‬وقد تعقبه الستاذ اكرم العمري في كتاب‪ ( :‬دراسات‬
‫تاريخية ص ‪ )239‬بأن من المحتمل والجائز أن يكون المرد بمصطلح‬
‫الرواية على الوجه أنه الرواية الكاملة وقال‪ ":‬إنه احتمال بدا له"‬
‫وطلب ممن له دراية بالمعنى أن يوضحه‪ .‬وما احتمله وجوزه هو‬
‫الصحيح لما ذكرنا أعله‪ ،‬وما أورده الستاذ فؤاد سيزكين عن‬
‫طبقات لبن سعد وتاريخ بغداد ظاهر فيما وجهناه‪.‬والله أعلم‪.‬‬
‫[‪ - ]47‬الجامع لخلق الراوي وآداب السامع‪ .‬الخطيب البغدادي(‬
‫‪.)2/155‬‬
‫[‪ - ]48‬أي متمنعا غير سهل في بذل الرواية‪ ،‬وقد كان بعض‬
‫المحدثين على هذه الصفة ضنا بعلمهم عمن ل يستحقه‪.‬‬
‫[‪ - ]49‬الضعفاء والمجروحين لبن حبان البستى(‪.. )1/32‬‬
‫[‪ - ]50‬الطباق جمع طبقة‪ .‬هكذا استعمله بعض الباحثين ( انظر‬
‫القلئد الجوهرية في تاريخ الصالحية‪ 22-1/21‬نقل اعن أبي غدة)‬
‫ولعله موجود في بعض التراجم‪ ،‬والوجه عندي تخريجه على‬
‫المصدرية ل على الجمع‪ ،‬من طابق طباقا ومطابقة) ويمكن توجيه (‬
‫طباق جمع طبقة) على طبقات السامعين للكتب ومراتبهم وفيه‬
‫تكلف‪ .‬والله أعلم ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫[‪ - ]51‬توهم المؤرخ الشيخ محمد أحمد دهمان الدمشقي في‬
‫مقدمة " القلئد الجوهرية في تاريخ الصالحية" (‪ )1/21‬أن الجازة‬
‫المثبتة في آخر النسخة المسموعة هي نفس الطباق‪ ،‬وليس‬
‫بصحيح‪ ،‬فالطباق هو قيد السماء وتفصيلت السماع من عدد‬
‫مجالس ومكان وزمان ونحو ذلك‪ ،‬أما الجازة فهي الذن بالرواية‬
‫لمن ثبت سماعه على نحو ما هو مثبت في الطباق‪ ،‬ولم تكن هذه‬
‫الجازة مع الطباق في القديم بل حدثت في نحو القرن السادس‬
‫الهجري وأول من كتب الجازة مع الطباق –فيما ذكر الحافظ‬
‫العراقي‪ -‬هو أبو طاهر إسماعيل بن عبد المحسن النماطي‪ .‬قال‬
‫ابن عتاب الندلسي‪ :‬لغنى في السماع عن الجازة لنه قد يغلط‬
‫القارئ ويغفل الشيخ أو السامعون فينجبر ذلك بالجازة‪ .‬قال‬
‫الحافظ العراقي‪ :‬ولقد حصل به نفع كبير‪ ،‬فقد انقطع بسبب ترك‬
‫ذلك وإهماله اتصال بعض الكتب في بعض البلد بسبب كون بعضهم‬
‫كان له فوت ولم يذكر في طبقة السماع إجازة الشيخ لهم‪ ،‬فاتفق‬
‫أن كان بعض المفوتين آخر من بقي ممن سمع بعض ذلك الكتاب‬
‫فتعذر قراء الكتاب عليه كأبي الحسن بن الصواف الشاطبي راوى‬
‫غالب النسائي عن ابن باقا ‪ .‬انظر تدريب الراوي(‪.)2/25‬‬
‫[‪ - ]52‬وقد تكتب في آخر النسخة وسيأتي كيفية كتابة الطباق‪.‬‬
‫[‪ - ]53‬أنظر المحدث الفاصل للرامهرمزي ص ‪ ،589‬والجامع لخلق‬
‫الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي ( ‪ )1/241‬واللماع فى‬
‫معرفة أصول الرواية وآداب السماع ص ‪ 223‬ومقدمة ابن الصلح‬
‫ص ‪.184‬‬
‫[‪ - ]54‬الجامع لخلق الراوي وآداب السامع‪ .‬الخطيب البغدادي (‬
‫‪.)1/241‬‬
‫[‪ - ]55‬صفحة مشرقة من تاريخ سماع الحديث عند المحدثين‪ .‬عبد‬
‫الفتاح أبو غدة‪ .‬ص‪149.‬‬
‫[‪ - ]56‬علوم الحديث‪ .‬ابن الصلح ص ‪183‬‬
‫[‪ -]57‬استحبوا أن يكتب الطباق بخط قوي أمانا من الحك( أي‬
‫التزوير)‪ .‬ورد في ترجمة سنجر ابن عبد الله التركي في معجم‬
‫المحدثين للذهبي(‪":)1/106‬عني بالرواية وصار له أنسة بالفن وكتب‬
‫الطباق بخط قوي"‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫[‪ - ]58‬أي المشهورون بالرواية والخذ عن الشيوخ‪ .‬وكلم ابن‬
‫الصلح يوحي بوجود مأخذ فيما لو كتب الطباق بخط نفسه‪ ،‬وهو‬
‫صحيح‪ ،‬لن فيه تهمة‪ ،‬حيث اتهم بعض الرواة بتزوير الطباق‪.‬ففي‬
‫ترجمة أحمد بن سعيد العسكري أبو الحارث في ميزان العتدال (‬
‫‪ )1/237‬قال الذهبي‪ :‬متأخر حدث عن الترسي‪،‬يزور الطباق‪ .‬وفي‬
‫ترجمة راو آخر في سير أعلم النبلء(‪ )22/109‬نقل الذهبي عن ابن‬
‫النجار قوله في ذلك الراوي‪ ،‬قال‪ :‬سماعاته بخطوط المعروفين‬
‫صحيحة فأما ما كان بخطه فل يعتمد عليه كان يلحق اسمه في‬
‫الطباق لكن تعقبه ابن حجر في لسان الميزان(‪ )4/6‬بأنه يجوز أنه‬
‫كان يوجد اسمه فيه أما فقدان الصول فل ذنب للشيوخ فيه‪.‬وقد‬
‫كانوا يستدلون على كذب السماعات بما في الطباق‪ .‬ففي وفيات‬
‫السلمي (‪ )1/296‬قال عن أحد الرواة‪ ":‬قد أخبروه بسماع جميع‬
‫الكتاب ( صحيح البخاري) من قطب العارفين محمد بن أبي‬
‫البركات‪ ،‬قال السلمي‪ :‬فأخذت البخاري جميعه وقرأت الطباق‬
‫فوجدت المجلد الول ليس عليه طبقة بالكلية بل على الخمسة‪،‬‬
‫وجميع الطباق بخط العلمة فخر الدين التوزري‪ ،‬فأما المجلد الرابع‬
‫والخامس فسمعهما واسمه على كل مجلد‪ ،‬وأما المجلد الثاني‬
‫والثالث فيحتمل أنه سمعهما ويحتمل ل‪ ،‬وسماعه للمجلد الثالث‬
‫أظهر من سماعه للثاني وسبب ذلك أنه مكتوب في المجلد الرابع‬
‫والخامس اللذين سمعهما محققا على هذه الصفة وهي ( وعيسى‬
‫ومحمد ولدا الحجي) وأما المجلد الثالث فمكتوب‪( :‬وعيسى‬
‫صقَ عليه ورقة فليس ببعيد أن‬ ‫ومحمد‪ )...‬وباقي السطر لما َر َّ‬
‫ث لُ ِ‬
‫يكون بعد قوله"(ومحمد ولدا الحجي …)فعلى هذا والله أعلم يكون‬
‫المذكور قد سمع جميع البخاري إل هذا الفوت المعين وإل جميع‬
‫المجلد السادس وأوله كتاب الدعوات وآخره آخر الكتاب"‬
‫[‪ - ]59‬انظر تدريب الراوي للسيوطي(‪)2/25‬‬
‫[‪ - ]60‬علوم الحديث لبن الصلح ص ‪.184‬‬
‫[‪ - ]61‬نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر ص‪.82‬‬
‫وسيأتي في نظرية العلة التفريق بين الشاذ والمعلل‪ ،‬لكن نشير هنا‬
‫إلى أن الشاذ عند المحدثين يتوقفون فيه لن الشاذ هو الذي خالف‬
‫فيه الثقة من هو أوثق منه‪ ،‬ومنهم من ل يحتج به‪ ،‬والفقهاء‬
‫والصوليون ل يعتبرون شروط الشذوذ‪ .‬أنظر نكت ابن حجر على‬
‫ابن الصلح ص‪.64-63‬‬

‫‪177‬‬
‫[‪ - ]62‬المور التي تقدح في الخبر إما أن تعود إلى نظام اتصال‬
‫السند وهو سقط الرواة‪ ،‬أو إلى ضعف في الرواة ذواتهم وهو ما‬
‫يتعلق بجرحهم وتعديلهم أو إلى خطأ خارج عن المعتاد من نظام‬
‫السناد والجرح والتعديل وهو العلة‪ .‬ونحن قد قسمنا الكلم عن‬
‫منهج المحدثين في نقد السانيد على هذه القسام التي تمثل كبرى‬
‫نظريات النقد عندهم‪.‬‬
‫[‪ - ]63‬ومما اختلف فيه المحدثون النقاد حول شرط اتصال السند‬
‫قضية لقاء الرواة ومعاصرتهم‪ ،‬حيث شرط جمهور المتقدمين وكثير‬
‫من المحققين ثبوت اللقاء ولو مرة بين الراوي وشيخه ليثبت اتصال‬
‫السند وإل فإنه يتوقف فيه أو يحكم بانقطاعه‪ ،‬واشهر من ذهب إلى‬
‫ذلك علي بن المديني والبخاري‪ ،‬وذهب جمهور المتأخرين وعليه‬
‫العمل عند جماهير المحدثين والمحققين أن ثبوت المعاصرة بين‬
‫الراويين كاف في ثبوت اتصال السند وإن عنعن الراوي ما لم يكن‬
‫مدلسا فإنه ل يقبل منه إل ما صرح فيه بالتحديث‪ ،‬واشهر من ذهب‬
‫إلى هذا المام مسلم في مقدمة صحيحه وشنع فيه على المخالف‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬شرح علل الترمذي لبن رجب الحنبلي ص‪268‬‬
‫[‪ - ]64‬انظر تدريب الراوي (‪.)350-2/349‬‬
‫[‪ - ]65‬تدريب الراوي (‪.)206-1/205‬‬
‫[‪ - ]66‬السابق (‪.)1/203‬‬
‫[‪ - ]67‬السابق (‪.)1/206‬‬
‫[‪ - ]68‬تدريب الراوي (‪ )231-223 /1‬ولهم في ذلك تفصيلت كثيرة‬
‫تتعلق بأنواع التدليس ترجع كلها في النهاية إلى ما ذكرنا‪.‬‬
‫[‪ - ]69‬انظر‪ :‬التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الباطيل‪ .‬عبد‬
‫الرحمن المعلمي ( ‪.)82 /1‬‬
‫[‪ - ]70‬تدريب الراوي (‪.)267-1/262‬‬
‫[‪ - ]71‬السابق (‪)274-1/628‬‬
‫[‪ - ]72‬تدريب الراوي(‪)295-1/291‬‬
‫[‪ - ]73‬المرسل لغة من قوله‪ :‬أرسلت كذا إذا أطلقته و لم تمنعه‪،‬‬
‫فكأن المرسل أطلق السناد ولم يقيده براو معروف ويحتمل أن‬
‫يكون من قولهم‪ :‬جاء القوم أرسال أي قطعا متفرقين‪،‬ويجوز أن‬
‫يكون المرسل من قولهم‪:‬ناقة مرسال أي سريعة السير وفي‬

‫‪178‬‬
‫الصطلح له ثلثة معاني ‪:‬الول ‪:‬هو ما رفعه التابعي إلى رسول‬
‫الله صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو إقرار سواء كان‬
‫التابعي صغيرا أو كبيرا‪ .‬الثاني‪ :‬وهو ما رفعه التابعي الكبير إلي‬
‫رسول الله صلي الله عليه و سلم‪.‬نحو سعيد بن المسيب‪ .‬الثالث‪:‬‬
‫هو ما سقط راو من إسناده واكثر في أي موضع كان‪ ،‬فعلى هذا‬
‫فهو و المنقطع سواء‪ .‬وإلى المعني الول ذهب جمهور المحدثين‪ ،‬و‬
‫هو الذي سيدور عليه هذا المبحث‪.‬انظر معرفة علوم الحديث‬
‫للحاكم النيسابوري ص‪ 25‬وعلوم الحديث لبن الصلح ص ‪ .47‬وأهم‬
‫المؤلفات في المرسل‪ -1 :‬المراسيل لبن أبي حاتم‪ -2 .‬المراسيل‬
‫لبي داود‪ -3 .‬جامع التحصيل لحكام المراسيل للحافظ العلئي‪.‬‬
‫[‪ - ]74‬رواه البخاري (‪)1/52‬‬
‫[‪ - ]75‬رواه ابن ماجة في المقدمة حديث رقم ‪3‬‬
‫[‪ - ]76‬رواه ابن ماجة ( ‪)2/843‬‬
‫[‪ - ]77‬رواه أحمد بن حنبل في المسند(‪)3/433‬‬
‫[‪ - ]78‬رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص ‪235‬‬
‫[‪ -]79‬رواه الخطيب في الخطيب في الكفاية ص ‪382‬‬
‫[‪ - ]80‬تدريب الراوي‪ .‬السيوطي(‪)1/207‬‬
‫[‪ - ]81‬وغلى هذا يشير قول محمد بن سيرين وهو من التابعين‪" :‬‬
‫كانوا ل يسألون عن السناد حتى وقعت الفتنة…" ومضى تخريجه‪.‬‬
‫[‪ -]82‬وعليه يحمل قول يحيى بن سعيد القطان‪ ":‬لوكان فيه إسناد‬
‫لصاح به" أي انه لشكه تورع عن ذكر السناد فاهمله ولم يعد‬
‫لروايته‪ .‬وهذا الحمل أولى من حمله على أنه رواه عن غير ثقة وأنه‬
‫أسقطه تعمية( كما قال ابن رجب الحنبلي ) لن هذا يعد من تدليس‬
‫التوبة ولم يقل أحد من أهل العلم أن من أرسل فهو مدلس ‪،‬‬
‫والتدليس يضعف به الراوي ( خاصة التسوية) ولم يعرف عن أحمد‬
‫ممن أرسل من التابعين أنه ضعف لذلك ‪ ( .‬انظر ‪ :‬شرح ابن رجب‬
‫لعلل الترمذي ص ‪.)226‬‬
‫[‪ - ]83‬وعلى هذا يحمل قول محمد بن سيرين ‪ ":‬كان أربعة‬
‫يصدقون من حدثهم ‪ :‬أبو العالية والحسن وحميد بن هلل ورجل‬
‫آخر سماه " (شرح ابن رجب لعلل الترمذي ص ‪.)229‬‬

‫‪179‬‬
‫[‪ - ]84‬وروى البخاري في التاريخ الكبير عن عبيد الصيد قال ‪ :‬قال‬
‫الرجل للحسن إنك لتحدثنا ‪ :‬قال النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فلو‬
‫كنت تسند لنا ؟ قال ‪ :‬والله ما كذبناكم ول كذبنا‪ ،‬لقد غزوت إلى‬
‫خراسان غزوة معنا فيها ثلثمائة من أصحاب النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم وهذا الحسن فكيف بسعيد ؟قال ابن رجب ‪ " :‬وهذا يدل‬
‫على أن مراسيل الحسن أو أكثرها عن الصحابة" ( شرح علل ص‬
‫‪. )221‬‬
‫[‪ - ]85‬قال أبو زرعة الرازي " كل شئ يقول الحسن قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصل ثابتا ما خل أربعة أحاديث"‬
‫‪.‬شرح العلل ص‪226‬‬
‫[‪ - ]86‬قال الشافعي‪ :‬إرسال الزهري عنده ليس بشئ وذلك إنا‬
‫نجده يروي عن سليمان بن أرقم وقال مهنا لحمد ‪ :‬لم كرهت‬
‫مرسلت العمش ؟ قال ‪ :‬كان العمش ل يبالي عمن حدث ‪.‬شرح‬
‫العلل ص ‪ 226‬و ‪.239‬‬
‫‪ ]87[ -‬العلل الصغير للترمذي ص ‪223‬بشرح ابن رجب‬
‫[‪ - ]88‬شرح ابن رجب لعلل الترمذي ص ‪227‬‬
‫[‪ - ]89‬التمهيد لبن عبد البر (‪)1/57‬‬
‫[‪ - ]90‬رسالة أبي داود لهل مكة ص ‪24‬‬
‫[‪ - ]91‬شرح علل الترمذي لبن رجب الحنبلي ص ‪233‬‬
‫[‪ - ]92‬السابق ص ‪239-234‬‬
‫[‪ - ]93‬قال ابن رجب الحنبلي ‪ ":‬واعلم أنه ل تنافي بين كلم‬
‫الحفاظ وكلم الفقهاء في هذا الباب‪ ،‬فإن الحفاظ يريدون صحة‬
‫الحديث المعين إذا كان مرسل‪ ،‬وهو ليس بصحيح على طريقتهم‬
‫لنقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعين الذي دل عليه الحديث‬
‫( المضمون) فإذا عضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصل‬
‫قوي الظن بصحة ما دل عليه فاحتج به مع ما احتف به من القرائن‬
‫وهذا هو التحقيق في الحتجاج بالمرسل عند الئمة كالشافعي‬
‫وأحمد وغيرهما مع أن في كلم الشافعي ما يقتضي صحة المرسل‬
‫حينئذ " شرح علل الترمذي ص ‪232‬‬
‫========================‬

‫‪180‬‬
‫النتصار لرسول الله محمد أزكى البشرية‬

‫الكاتب‪ :‬خالد بن عبدالرحمن الشايع‬


‫ماذا تنقم حكومة الدنمرك وصحافتها على محمد خاتم رسل الله‬
‫عليه الصلة والسلم ؟‬
‫دفاع عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من استهزاء‬
‫صحيفة دنمركية‬
‫ما موقف المسلمين حكومات ورجال أعمال وشعوبا ً نحو هذه‬
‫الساءة ؟‬
‫الحمد لله وحده ‪ ،‬وصلى الله وسلم على من ل نب َّ‬
‫ي بعده ‪ ،‬نبينا‬
‫ل ‪ ،‬وسائر التابعين إلى يوم‬ ‫محمد ‪ ،‬وعلى إخوانه من النبيين ‪ ،‬وآل ك ٍّ‬
‫الدين ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫ة نفسي ‪ ،‬أحرره دفاعا ً عن‬ ‫ج ُ‬
‫مهْ َ‬
‫م قلبي ‪ ،‬ورقعته ُ‬ ‫مدَادُه ُ د ُ ُ‬
‫ن ِ‬
‫فهذا بيا ٌ‬
‫ب حبيب ‪ ،‬وأرقُمه ذودا عن أزكى مخلوق وأطهر بشر ‪ :‬محمد بن‬ ‫ً‬ ‫أح ِّ‬
‫ب‬‫عبدالله ‪ ،‬رسول رب العالمين ‪ ،‬وخاتم النبياء والمرسلين ‪ ،‬فيار ِّ‬
‫تقبَّل مني إنك أنت السميع العليم ‪.‬‬
‫لقد اطلعت على ما تناقلته بعض وكالت النباء من اقتراف‬
‫الصحيفة الدنمركية ( جيلندز بوستن ‪ ) ,Jyllands-Posten /‬لخطأ‬
‫ف فظيع بنشرها ( ‪ ) 12‬رسما ً ( كاريكاتيريا ً ) أو ساخراً‬ ‫شنيع وانحرا ٍ‬
‫يوم الثلثاء ‪ 26‬شعبان ‪1426‬هـ ‪ 30 /‬سبتمبر ‪ 2005‬تصور الرسول‬
‫(صلى الله عليه وسلم) في أشكال مختلفة‪ ،‬وفي أحد الرسوم‬
‫يظهر مرتديا ً عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه !!‪.‬‬
‫سامين التقدم بمثل تلك‬ ‫وإمعانا ً في غيها طلبت الجريدة من الر َّ‬
‫الرسوم لنشرها على صفحاتها ‪.‬‬
‫م كبير ‪ ،‬وأحزنني حزناً‬ ‫ً‬
‫ولما بلغني الخبر كدَّرني كثيرا وأصابني به ّ ٍ‬
‫ت بنفسي للنظر في موقع الصحيفة المذكورة‬ ‫عظيما ً ‪ ،‬وقد عمد ُ‬
‫على شبكة المعلومات العالمية (النترنت) ‪ ،‬حتى وقفت على موقع‬
‫الجريدة (‪ ) ,Jyllands-Posten‬في صفحاتها الصادرة بتاريخ (‪.29‬‬
‫‪ ) September 2005‬فكان الخبر ليس كالمعاينة ‪ ،‬حيث هالني ما رأيته‬
‫‪ ،‬واقشعر جسمي ‪ ،‬وبلغ بي ذلك كل مبلغ في النكير والستهجان‬
‫والمتعاض ‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫وهكذا كان الشأن عند عامة أهل السلم ممن بلغهم الخبر ‪ ،‬حيث‬
‫كان هذا العمل محل انتقاد واستهجان لديهم ‪ ،‬ولدى غيرهم من‬
‫العقلء في أرجاء الرض ‪.‬‬
‫وقد عمد إخواننا المسلمون في الدنمرك ‪ ،‬ومعهم غيرهم من‬
‫المواطنين الدنمركيين ‪ ،‬وكذلك غيرهم من المقيمين في الدنمرك‬
‫إلى إنكار هذه السخرية التي نالت أشرف إنسان في التاريخ ‪،‬‬
‫فكُتبت المقالت ووُجهت الرسائل إلى الحكومة الدنمركية وإلى‬
‫ف عن‬ ‫الصحيفة المعنية ‪ ،‬مطالبين بالعتذار عن هذا العمل والك َ ِ ّ‬
‫مثله مستقبل ً ‪ ،‬وقد تظاهر في شهر أكتوبر الماضي أكثر من ( ‪5000‬‬
‫) مسلم وغيرهم من المتعاطفين معهم في العاصمة كوبنهاجن ضد‬
‫الصحيفة وطالبوها بالعتذار‪.‬‬
‫غير أن السلطات الدنمركية ومسئولي الصحيفة رفضوا ذلك‬
‫بمبررات حرية العلم والتعبير ‪ ،‬وأنه ل شيء يستثنى من شموليته‬
‫وحريته ‪.‬‬
‫ول زال مسئولو صحيفة ( جيلندز بوستن‪) ,Jyllands-Posten/‬‬
‫والحزب الحاكم الذي تنتمي إليه يرفضون العتذار ‪ ،‬وينوون‬
‫الستمرار في منهجهم المتهجم على الرسول الكريم الذي قال الله‬
‫َ‬
‫ن ) [النبياء ‪. ]107 :‬‬ ‫ة ل ِّل ْ َعال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫سلْنَا َ‬
‫ك إِل َر ْ‬ ‫ما أْر َ‬‫له ‪( :‬وَ َ‬
‫متجاهلين بذلك المواثيق والعراف الدولية ‪ ،‬غير مبالين‬
‫ي ‪ ،‬وعلى‬ ‫بالعتراضات المقدمة إليهم ‪ ،‬فرأيت أن من الواجب عل َّ‬
‫ة‬
‫ملهم الله أمانة البيان والبلغ البيان في ذلك ‪ ،‬خاص ً‬ ‫غيري ممن ح َّ‬
‫وأنني أشرف بالنتساب للمملكة العربية السعودية التي فيها قبلة‬
‫المسلمين ‪ ،‬وبها مسجد رسول الله محمد عليه الصلة والسلم‬
‫َ‬
‫ميثَاقَ ال ّذِي َ‬
‫ن‬ ‫الشريف ‪ ،‬وذلك عمل ً بقوله سبحانه ‪ ( :‬وَإِذ َ أ َ َ‬
‫خذ َ الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬
‫ب لَتُبَيِّنُن َّ ُ َ‬ ‫ُ‬
‫س ) [آل عمران ‪. ]187 :‬‬ ‫ه لِلن ّا ِ‬ ‫أوتُوا ْ الْكِتَا َ‬
‫وإذا تأملنا في خلفيات هذه التهجمات فلنا أن نقف الوقفات التالية ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬محمد أزكى البشرية ‪:‬‬
‫أذكِّر الشعب الدنمركي وغيره من الشعوب النصرانية وغيرهم من‬
‫أمم الرض أن هذه السخريات ما هي إل محض افتراء وكذب ‪،‬‬
‫فمحمد ٌ رسول الله هو أطهر البشرية جمعاء وأزكاها ‪ ،‬ولن تضيره‬
‫هذه السخرية مهما عظمت أو تكاثرت ‪ ،‬كما أخبرنا بذلك ربُّنا في‬
‫القرآن العظيم ‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫ونحن نعتقد أن الله سبحانه سيحمي سمعة رسوله محمد عليه‬
‫الصلة والسلم ويصرف عنه أذى الناس وشتمهم بكل طريق ‪ ،‬حتى‬
‫في اللفظ ‪ ،‬ففي " الصحيحين" عن أبي هريرة قال ‪ :‬قال رسول‬
‫م‬ ‫ف الله عنِّي َ‬
‫شت ْ َ‬ ‫صرِ ُ‬ ‫ن كيف ي َ ْ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬أل ترو َ‬
‫مد ٌ ! " ‪.‬‬ ‫ح َّ‬ ‫ما ً ‪ ،‬وأنا ُ‬
‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫ما ً ‪ ،‬ويلعنون ُ‬
‫مذ َ َّ‬ ‫مذ َ َّ‬
‫م َ‬ ‫ش ولعنَهم ‪ ،‬يشتمون ُ‬ ‫قري ٍ‬
‫مم ‪،‬‬ ‫مذ َ َّ‬
‫مه ونَعْتَه عن الذى ‪ ،‬وصرف ذلك إلى من هو ُ‬ ‫فنََّزه الله اس َ‬
‫وإن كان المؤذِي إنما قصد عينه"‪.‬‬
‫قال المام العالم الحافظ ابن حجر رحمه الله ‪ :‬قوله ‪ " :‬يشتمون‬
‫ما ً " ‪ :‬كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم في النبي صلى‬ ‫مذ َ َّ‬
‫م َ‬ ‫ُ‬
‫الله عليه وسلم ل يسمونه باسمه الدال على المدح ‪ ،‬فيعدلون إلى‬
‫ل الله بمذمم‬ ‫مم ‪ ،‬وإذا ذكروه بسوء قالوا ‪ :‬فَعَ َ‬ ‫مذ َ َّ‬
‫ضده ‪ ،‬فيقولون ‪ُ :‬‬
‫‪.‬‬

‫مم ليس هو اسمه عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ول يُعرف به ‪ ،‬فكان‬ ‫مذ َ َّ‬
‫و ُ‬
‫الذي يقع منهم في ذلك مصروفا ً إلى غيره ‪.‬‬
‫أقول ‪ :‬وهكذا تلك الرسوم التي دعت الجريدة الرسامين لرسمها‬
‫ونشرتها على صفحاتها ‪ ،‬إنها قطعا ً ل تمثل رسول الله محمدا ً صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬ل في رسمها ‪ ،‬ول في رمزها ‪:‬‬
‫ل في رسمها ‪ :‬أي ملمح الوجه ‪ ،‬فوجه محمد هو الضياء والطهر‬
‫والقداسة والبهاء ‪ ،‬وجهه أعظم استنارة ً وضياءً من القمر المسفر‬
‫ة وبشرا ً وسرورا ً ‪ ،‬وجه محمد‬ ‫ليلة البدر ‪ ،‬وجه محمد يفيض سماح ً‬
‫ة آسرة ‪ ،‬تأخذ بلب كل من رآه إجلل ً وإعجابا ً وتقديرا ً ‪.‬‬ ‫له طلع ٌ‬
‫ول في رمزها ‪ :‬فمحمد صلى الله عليه وسلم ما كان عابسا ً ول‬
‫مكشرا ً ‪ ،‬وما ضرب أحدا ً في حياته ‪ ،‬ل امرأة ول غيرها ‪ ،‬تقول‬
‫عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ورضي الله عنها ‪:‬‬
‫خيَِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إل أخذ‬ ‫ما ُ‬
‫أيسرهما ‪ ،‬ما لم يكن إثما ً ‪ ،‬فإن كان إثما ً كان أبعد الناس منه ‪ ،‬وما‬
‫انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ‪ ،‬إل أن تُنتهك حرمة‬
‫الله فينتقم لله بها " رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وإنه لمن الحسرة والبؤس على الصحيفة الدنمركية وعلى حكومة‬
‫الدنمرك أن يكون مجرد علمهم عن محمد رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم هو ما استهزؤوا به ‪ ،‬مما أوحت به إليهم النفس‬

‫‪183‬‬
‫ْ‬
‫ل‬ ‫من َّر ُ‬
‫سو ٍ‬ ‫ما يَأتِيهِم ِّ‬ ‫سَرة ً ع َلَى الْعِبَاد ِ َ‬
‫ح ْ‬ ‫الشريرة ‪ ،‬وصدق الله ‪( :‬يَا َ‬
‫َ‬
‫ستَهْزِئُون ) [يس ‪. ]30 :‬‬ ‫إِل ّ كَانُوا بِهِ ي َ ْ‬
‫وأدعو هؤلء المستهزئين برسول الله محمد عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫وأدعو غير المسلمين لن يشرفوا أنفسهم بالطلع على سيرته‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ليطلعوا على كمال النسانية في شخصه‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وهناك آلف المراجع والمواقع اللكترونية‬
‫في هذا المجال ‪ ،‬ومنها على سبيل المثال ‪:‬‬
‫‪islamweb.net/ver2/archive/index2.php?vPart=57&startno=1&thela‬‬
‫‪ng=E‬‬
‫‪islamonline.net/English/In_Depth/mohamed/1424/biography/articl‬‬
‫‪e01.shtml‬‬
‫وقد شرفني الله بالتأليف في هذا المجال ‪ ،‬ومن ذلك ‪ :‬كتابي " نفح‬
‫العبير من شمائل البشير النذير ‪ ،‬صلى الله عليه وسلم " وكتابي ‪:‬‬
‫" مواقف من بيت النبوة " ‪.‬‬
‫وقد شهد لمحمد عليه الصلة والسلم عقلءُ البشر ومثقفوهم ‪،‬‬
‫حتى من أهل الملل الخرى ‪ ،‬شهدوا له بالنُّبل والطهر والفضائل‬
‫مة ‪ ،‬وسأورد طرفا ً من تلك الشهادات في آخر هذا البيان ‪.‬‬ ‫الج َّ‬
‫ثانيا ً ‪ :‬السخرية بالنبياء لن تزيد العالم إل شقاءً ‪:‬‬
‫ل يخفى أن العالم اليوم يشهد اضطرابات عديدة ‪ ،‬أريقت فيها‬
‫الدماء وأزهقت الرواح ‪ ،‬بغيا ً وعدوانا ً ‪ ،‬بما يجعلنا أحوج ما نكون‬
‫ة احترام الشرائع السماوية‬ ‫لنشر أسباب السلم والعدل ‪ ،‬وخاص ً‬
‫واحترام النبياء والمرسلين ‪ ،‬فهذا المسلك يتحقق به حفظ‬
‫ضرورات البشر في أرواحهم وأعراضهم وأموالهم ‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫حقوقهم ومقومات عيشهم الكريم ‪.‬‬
‫وإن مثل هذه الطروحات العدائية والستفزازية لن تزيد العالم إل‬
‫شقاءً وبؤسا ً ‪ ،‬ذلك أننا جميعا ً بحاجة لمصادر الرحمة والهدى ‪ ،‬والتي‬
‫سرها رب العالمين على يدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬ ‫ي َّ‬
‫فكان المستهزئون به عليه الصلة والسلم ‪ ،‬المشوهون لحقيقة‬
‫حياته ورسالته ممن يصد الناس عن الخير ويمنع من استقرار العالم‬
‫وطمأنينته ‪ ،‬وهذا الصنف من الناس توعده الله في كتابه وندد بسوء‬
‫َ‬
‫ن ع َن‬ ‫صدُّو َ‬ ‫حيَاة َ الدُّنْيَا ع َلَى ال ِ‬
‫خَرةِ وَي َ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫حبُّو َ‬
‫ست َ ِ‬ ‫فعالهم ‪( :‬ال ّذِي َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫ل بَعِيد ٍ ) [إبراهيم ‪. ]3 :‬‬ ‫ضل َ ٍ‬
‫ك فِي َ‬ ‫عوَجا ً أُوْلَئ ِ َ‬‫ل اللّهِ وَيَبْغُونَهَا ِ‬
‫سبِي ِ‬ ‫َ‬

‫‪184‬‬
‫وإنَّه لمن المؤسف لحال البشرية اليوم ‪ ،‬مع ما وصلت إليه من‬
‫التقدم في مجالت عديدة من علوم الدنيا ‪ ،‬بما تتضمنه من‬
‫الكتشافات المبهرة ‪ ،‬ثم يأتي في هذا الخضم من العواصم التي‬
‫ت مبحوحة وكتابات ساقطة تتردى معها تلك‬ ‫تدَّعي التحضر أصوا ٌ‬
‫المجتمعات بسبب إسقاطات أخلقية نحو المقدسات ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬دعوى حرية التعبير ل تجيز الساءة لحد ‪:‬‬
‫إن ادعاء صحيفة (‪ ) Jyllands-Posten‬حرية التعبير في نشرها لتلك‬
‫َ‬
‫الرسوم الساخرة من محمد رسول الله‪ ،‬ادعاءٌ غير مسل ّم ول‬
‫مقنع ‪ ،‬لن جميع دساتير العالم ومنظماته تؤكد على احترام‬
‫الرسل ‪ ،‬وعلى احترام الشرائع السماوية ‪ ،‬واحترام الخرين وعدم‬
‫الطعن فيهم بل بينة ‪.‬‬
‫وقد جاء في ميثاق شرف المجلس العالمي للفيدرالية الدولية‬
‫للصحفيين ما نصه ‪:‬‬
‫( على الصحفي التنبه للمخاطر التي قد تنجم عن التمييز والتفرقة‬
‫اللذين قد يدعو إليهما العلم‪ ،‬وسيبذل كل ما بوسعه لتجنب القيام‬
‫بتسهيل مثل هذه الدعوات التي قد تكون مبنية على أساس‬
‫عنصري أو الجنس أو اللغة أو الدين أو المعتقدات السياسية وغيرها‬
‫من المعتقدات أو الجنسية أو الصل الجتماعي‪.‬‬
‫ـ سيقوم الصحفي باعتبار ما سيأتي على ذكره على أنه تجاوز مهني‬
‫خطير ‪ :‬النتحال‪،‬التفسير بنية السوء‪ ،‬الفتراء‪ ،‬الطعن‪ ،‬القذف‪،‬‬
‫التهام على غير أساس‪ ،‬قبول الرشوة سواء من أجل النشر أو‬
‫لخفاء المعلومات‪.‬‬
‫ـ على الصحافيين الجديرين بصفتهم هذه أن يؤمنوا أن من واجبهم‬
‫المراعاة المينة للمبادئ التي تم ذكرها‪ .‬ومن خلل الطار العام‬
‫للقانون في كل دولة ) ‪.‬‬
‫ولذلك حين نطالب الصحيفة والحكومة الدنماركية بالعتذار وبمنع‬
‫تلك الساءات لحقا ً فإننا نعتمد أيضا ً على ميثاق صحفي شريف ‪،‬‬
‫جاء فيه ‪ ( :‬سيقوم الصحافي ببذل أقصى طاقته لتصحيح وتعديل‬
‫معلومات نشرت ووجد بأنها غير دقيقة على نحو مسيء ) ‪.‬‬
‫ول شك أن ما نشرته صحيفة (‪ ) Jyllands-Posten‬الدنماركية مسيءٌ‬
‫لكثر من مائتي ألف من مواطني الدنمارك ‪ ،‬ومسيء لكثر من‬
‫مليار وثلثمائة مليون شخص ‪ ،‬ومعهم غيرهم من المنصفين من‬

‫‪185‬‬
‫أصحاب الملل الخرى ‪ ،‬كلهم يعظمون رسول الله محمد عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬وسيبقى ذلك العمل مسيئا ً لكل المسلمين ما‬
‫بقيت هذه الحياة على وجه الرض ‪ ،‬وستبقى الدنمارك ـ إذا لم‬
‫تعالج هذه الساءة ـ مصدر قرف واشمئزاز من عقليات تقطن‬
‫فيها ‪ ،‬وتعادي الرسل والشرائع السماوية وتسخر بها ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬هذا الستهزاء ل يخدم مصالح الدنمارك ول مصالح أوروبا ‪:‬‬
‫إن العقلء في البلد الغربية النصرانية ينبغي أن يدركوا كم في تلك‬
‫الكلمات والستفزاز من الخطار الكبيرة على رعاياهم ومصالحهم‬
‫في أقطار الرض ‪ ،‬بل وفي بلدانهم ‪ ،‬وأنها قد تؤدي لمزيد التوتر ‪،‬‬
‫ي والبهتان ‪.‬‬‫بما يتعين معه الكف عن هذا الغ ِ ّ‬
‫ة بعض المتحمسين للثأر ممن وقع في رسول رب‬ ‫فقد تأخذ الحمي ُ‬
‫ً‬
‫العالمين ‪ ،‬ومئات المليين يفرحون أن يموتوا دفاعا عن نبيهم وعن‬
‫مكانته الشريفة أن تمتهن ‪ .‬ولكن من ضمن هؤلء من ل يَقْدِر أن‬
‫يصفِّي حسابه مع من استهزأ وقال الفك والبهتان لبُعده عنه ؛‬
‫فيعمد إلى من يراهم يدينون بالنصرانية حوله فينتقم منهم ومن‬
‫ممتلكاتهم لقربه منهم ‪ ،‬مع أن هذا العمل الخير ل يجوز ‪ ،‬وقد‬
‫حرمه ومنع منه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقال ‪" :‬‬
‫من قتل معاهدا ً لم يرح رائحة الجنة " رواه البخاري ‪.‬‬
‫والمراد بالمعاهد ‪ :‬من له عهد مع المسلمين ‪ ،‬سواء كان بعقد جزية‬
‫ن من مسلم ‪ ،‬ويدخل في ذلك ما له‬ ‫أو هُدنة من سلطان ‪ ،‬أو أما ٍ‬
‫ة بالعراف الديبلوماسية التي التزمت بها الدول وتعارفت عليها‬ ‫صل ٌ‬
‫‪.‬‬
‫وأعمال التحريض والستفزاز تلك ستؤدي إلى سفك الدماء وإزهاق‬
‫الرواح ومزيد الضطراب والتوتر ‪.‬‬
‫ونذكر في هذا المقام بالقرار الذي تبنته لجنة حقوق النسان التابعة‬
‫للمم المتحدة ‪ ( ،‬بتاريخ ‪ 3/3/1426‬هـ ‪ -‬الموافق‪ 12/4/2005‬م )‬
‫الداعي إلى محاربة تشويه الديان ‪ ،‬لسيما السلم ‪ ،‬الذي زادت‬
‫وتيرة تشويهه في العوام الخيرة ‪.‬‬
‫خامسا ًً ‪ :‬أين الحكماء من النصارى ؟‬
‫أذ ِكّر الشعب الدنمركي ‪ ،‬وغيره من الشعوب النصرانية ‪ ،‬وغيرهم‬
‫من أمم الرض ‪ ،‬أذكرهم جميعا ً بالمواقف السابقة لسلفهم من‬
‫النصارى ‪ ،‬وكيف كان تعاملهم مع رسول الله محمد صلى الله عليه‬

‫‪186‬‬
‫وسلم ‪ ،‬فقد كان موقفهم حضاريا ً حكيما ً متعقل ً ‪ ،‬بعيدا ً عن‬
‫التشنجات النفسية أو النحرافات الخلقية ‪ ،‬فكانت عاقبة أمرهم‬
‫إلى خير ‪ ،‬في الدنيا ‪ ،‬أو في الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫فقد بعث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم رسائل إلى‬
‫سلِم ‪،‬‬‫كِسرى ملك الفرس وإلى قيصر ملك الروم ‪ ،‬وكلهما لم ي ُ ْ‬
‫ن قَيصر أكرم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأكرم‬ ‫لك َّ‬
‫ت ملكُه ‪ ،‬واستمر في الجيال اللحقة ‪ ،‬وأما كِسرى‬ ‫رسوله ‪ ،‬فثَب َ َ‬
‫فمَّزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬واستهزأ برسول‬
‫مَّزق ‪ ،‬ولم يبق‬ ‫الله ‪ ،‬فقتله الله بعد قليل ‪ ،‬ومَّزق ملكَه ك َّ‬
‫م َ‬
‫ل ُ‬ ‫ُ‬
‫ك‪.‬‬‫للكاسرة مل ٌ‬
‫وقد ذكر المؤرخون كيف كانت ملوك النصارى يعظ ِّمون ذلك الكتاب‬
‫الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ي أنه‬‫وفي هذا يقول المام العالم الحافظ ابن حجر ‪ :‬ذكر السهيل ُ‬
‫بلغه أن هرقل وضع الكتاب في قصبة من ذهب تعظيما ً له ‪ ،‬وأنهم‬
‫لم يزالوا يتوارثونه حتى كان عند ملك الفرنج الذي تغلب على‬
‫ض أصحابنا أن عبد الملك‬ ‫سبطه ‪ ،‬فحدثني بع ُ‬ ‫طليطلة ‪ ،‬ثم كان عند ِ‬
‫بن سعد أحد قواد المسلمين اجتمع بذلك الملك فأخرج له الكتاب ‪،‬‬
‫كّنه من تقبيله فامتنع ‪.‬‬ ‫فلما رآه استعبر ‪ ،‬وسأل أن يم ِ‬
‫ثم ذكر ابن حجر عن سيف الدين فليح المنصوري أن ملك الفرنج‬
‫مصفَّح بذهب ‪ ،‬فأخرج منه مقلمة ذهب ‪،‬‬ ‫أطلعه على صندوق ُ‬
‫خرقَة‬ ‫فأخرج منها كتابا ً قد زالت أكثر حروفه ‪ ،‬وقد التصقت عليه ِ‬
‫حرير ‪ ،‬فقال ‪ :‬هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر ‪ ،‬ما زلنا نتوارثه إلى‬
‫الن ‪ ،‬وأوصانا آباؤُنا أنه ما دام هذا الكتاب عندنا ل يزال الملك فينا ‪،‬‬
‫فنحن نحفظه غاية الحفظ ‪ ،‬ونعظمه ونكتمه عن النصارى ليدوم‬
‫الملك فينا " انتهى ‪.‬‬
‫ما للشعب الدنمركي النصراني وغيرهم من النصارى أسوةٌ‬ ‫َ‬
‫ثم أ َ‬
‫بالملك النصراني النجاشي ملك الحبشة ‪ ،‬فإنه لما قرأ عليه‬
‫الصحابي جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ صدرا ً من سورة‬
‫مريم بكى النجاشي حتى أخضل لحيته ‪ ،‬وبكت أساقفته حتى‬
‫أخضلوا مصاحفهم ‪ ،‬حين سمعوا ما تل عليهم ‪ ،‬ثم قال النجاشي ‪:‬‬
‫إن هذا ـ واللهِ ـ والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ‪.‬‬
‫رواه المام أحمد في "المسند"‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫ولقد نقل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ما أوحاه الله إليه‬
‫في القرآن الكريم من ثناء الله جل وعل على أولئك النصارى الذي‬
‫صدقوا في دينهم وفي أمانتهم ‪ ،‬وهو قول الله في القرآن الكريم ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ما أُنزِ َ‬
‫مِع‬‫ن الد َّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫في ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ل تََرى أع ْيُنَهُ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫ل إِلَى الَّر ُ‬ ‫معُوا ْ َ‬ ‫س ِ‬‫( وَإِذ َا َ‬
‫ن)‬ ‫معَ ال َّ‬ ‫منَّا فَاكْتُبْنَا َ‬ ‫ن َربَّنَا آ َ‬ ‫ق يَقُولُو َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ما عََرفُوا ْ ِ‬ ‫م َّ‬
‫شاهِدِي َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫[ سورة المائدة ‪.]83 :‬‬
‫ونذكر الشعب الدنمركي وقادة الرأي والمثقفين فيه والقائمين على‬
‫صحيفة ( جيلندز بوستن ) نذكرهم بما قاله أحد علمائنا ‪ ،‬وهو‬
‫المام أحمد ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قال ‪ " :‬وما زال في النصارى‬
‫من الملوك والقسيسين والرهبان والعامة من له مزية على غيره‬
‫في المعرفة والدين ‪ ،‬فيعرف بعض الحق ‪ ،‬وينقاد لكثير منه ‪،‬‬
‫ويعرف من قَدْرِ السلم وأهله ما يجهله غيره ‪ ،‬فيعاملهم معاملة‬
‫ة له في الدنيا والخرة " ‪.‬‬ ‫تكون نافع ً‬
‫سادساً‪ :‬الستهزاء بالنبياء مسلك الشرار ‪:‬‬
‫إن تلك الساءة التي نشرتها صحيفة ( جيلندز بوستن ) لم تخرج‬
‫عن طريقة أصحاب المناهج الشريرة ‪ ،‬الذين الذي حاربوا النبياء‬
‫والمصلحين ‪ ،‬وهذا ما أخبرنا الله به عنهم في القرآن الكريم ‪ :‬فقال‬
‫ت‬ ‫جآؤ ُوا بِالْبَيِّنَا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫من قَبْل ِ َ‬ ‫ل ِّ‬ ‫س ٌ‬ ‫ب ُر ُ‬ ‫ذّ َ‬ ‫ك فَقَد ْ ك ُ ِ‬ ‫تعالى ‪ ( :‬فَإِن كَذَّبُو َ‬
‫منِيرِ ) [آل عمران ‪. ]184 :‬‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫وَالُّزبُرِ وَالْكِتَا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سهُ ْ‬
‫م‬ ‫ما ل َ ت َ ْهوَى أنْفُ ُ‬ ‫ل بِ َ‬‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاءهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫وقال سبحانه عن اليهود ‪ ( :‬كُل ّ َ‬
‫ن ) [المائدة ‪. ]70 :‬‬ ‫فَرِيقا ً كَذَّبُوا ْ وَفَرِيقا ً يَقْتُلُو َ‬
‫َ َ‬ ‫وقال الله عَّز وج َّ‬
‫م لَ‬ ‫ن فَإِنَّهُ ْ‬ ‫ك ال ّذِي يَقُولُو َ‬ ‫حُزن ُ‬ ‫ه لَي َ ْ‬ ‫م إِن َّ ُ‬ ‫ل َ ‪ ( :‬قَد ْ نَعْل َ ُ‬
‫من‬ ‫ل ِّ‬ ‫س ٌ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫ن ‪ .‬وَلَقَد ْ كُذِّب َ ْ‬ ‫حدُو َ‬ ‫ج َ‬ ‫ت اللّهِ ي َ ْ‬ ‫ن بِآيَا ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ن الظ ّال ِ ِ‬ ‫ك وَلَك ِ َّ‬ ‫يُكَذِّبُون َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫صُرنَا وَل َ ُ‬
‫مبَدِّ َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫حتَّى أتَاهُ ْ‬ ‫ما كُذِّبُوا ْ وَأوذ ُوا ْ َ‬ ‫صبَُروا ْ ع َلَى َ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫قَبْل ِ َ‬
‫ن ) [النعام ‪ 33 :‬و ‪.]34‬‬ ‫سلِي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫من نَّبَإ ِ ال ْ ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاء َ‬ ‫ه وَلَقد ْ َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫لِكَل ِ َ‬
‫سابعا ً ‪ :‬المؤذون للنبياء توعدهم الله بالنتقام ‪:‬‬
‫لقد كانت صحيفة (‪ ) , Jyllands-Posten‬ومحرروها في عافية من‬
‫دنياهم وانهماك في شهواتهم قبل أن يتعمدوا الستهزاء بالرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ولكنهم بما نشروه وكتبته أيديهم قد أدخلوا‬
‫أنفسهم ومن تواطأ معهم في الوعيد اللهي المسطر في القرآن‬
‫ن مبغضك يا‬ ‫و الَبْتَُر ) [الكوثر ‪ ]3 :‬أي ‪ :‬إ َّ‬ ‫ك هُ َ‬ ‫شانِئ َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫الكريم ‪( :‬إ ِ َّ‬

‫‪188‬‬
‫ت به من الهدى والحق والبرهان الساطع‬ ‫محمد ‪ ،‬ومبغض ما جئ َ‬
‫والنور المبين ( هُوَ الَبْتَُر ) ‪ :‬القل الذل المنقطع كل ذِكرٍ له ‪.‬‬
‫فهذه الية تعم جميع من اتصف بهذه الصفة من معاداة النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أو سعى للصاق التهم الباطلة به ‪ ،‬ممن كان في‬
‫زمانه ‪ ،‬ومن جاء بعده إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫وفي هذا يقول أحد علمائنا وهو شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪:‬‬
‫مظْهٌِر لِدِينِهِ‬ ‫سبَّه ‪ ،‬و ُ‬ ‫م لرسوله ممن طعن عليه و َ‬ ‫ن الله منتق ٌ‬ ‫" إ َّ‬
‫ب الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد ‪ ،‬ونظير‬ ‫ولِكَذ ِ ِ‬
‫حدَّثَنَاه أعداد ٌ من المسلمين العُدُول ‪ ،‬أهل الفقه والخبرة‪،‬‬ ‫هذا ما َ‬
‫صرِ الحصون والمدائن التي‬ ‫ح ْ‬‫ت متعددةٍ في َ‬ ‫ما جربوه مرا ٍ‬ ‫ع َّ‬
‫بالسواحل الشامية‪ ،‬لما حصر المسلمون فيها بني الصفر في‬
‫ن أو المدينة الشهر أو أكثر من‬ ‫ص َ‬ ‫ح ْ‬‫صُر ال ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫زماننا‪ ،‬قالوا‪ :‬كنا نحن ن َ ْ‬
‫الشهر وهو ممتنعٌ علينا حتى نكاد نيأس منه‪ ،‬حتى إذا تعرض أهل ُ ُ‬
‫ه‬
‫سر‪ ،‬ولم يكد‬ ‫جلنا فتحه وتي َ َّ‬ ‫ضه تَعَ َّ‬ ‫ل الله والوقيعةِ في عر ِ‬ ‫ب رسو ِ‬ ‫س ِّ‬ ‫لِ َ‬
‫يتأخر إل يوما ً أو يومين أو نحو ذلك‪،‬ثم يفتح المكان عنوة ‪ ،‬ويكون‬
‫شُر بتعجيل الفتح إذا‬ ‫فيهم ملحمة عظيمة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬حتى إن كنا لَنَتَبَا َ‬
‫سمعناهم يقعون فيه ‪ ،‬مع امتلء القلوب غيظا ً عليهم بما قالوا فيه "‬
‫انتهى‪.‬‬
‫واليام بيننا وبين أولئك المبطلين المستهزئين ‪ ،‬لننظر من تكون له‬
‫العاقبة ‪ ،‬ومن الذي يضل سعيه ‪ ،‬ويكذب كلمه ‪ ،‬وتظهر للعالمين‬
‫أباطيله وافتراءاته ‪ ،‬فقد قالها أمثالهم ‪ ،‬فلمن كانت العاقبة ؟ وأين‬
‫آثارهم وأين مثواهم ؟ قال الله جل شأنه في القرآن الكريم ‪:‬‬
‫َ‬
‫م ) [التوبة ‪ ، ]61 :‬وقال‬ ‫ٌ‬ ‫ب أَلِي‬
‫م عَذ َا ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ل اللّهِ لَه‬ ‫سو َ‬‫ن َر ُ‬ ‫ن يُؤْذ ُو َ‬ ‫َ‬ ‫( وَال ّذِي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ه فِي الدُّنْيَا‬ ‫م الل ّ ُ‬‫ه لَعَنَهُ ُ‬‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن يُؤْذ ُو َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫الله سبحانه ‪ ( :‬إ ِ ّ‬
‫مهِينا ً ) [الحزاب ‪. ]57 :‬‬ ‫م عَذ َابا ً ُّ‬ ‫َ‬
‫خَرةِ وَأعَد َّ لَهُ ْ‬ ‫وَال ِ‬
‫وقال المام العالم شيخ السلم ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ‪:‬‬
‫سنة الله أن من لم يُمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين‬ ‫" ومن ُ‬
‫ن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه‬ ‫يؤذون الله ورسوله فإ َّ‬
‫إياه ‪ ،‬كما قدمنا بعض ذلك في قصة الكتاب المفترى ‪ ،‬وكما قال‬
‫ن ‪ .‬إِنَّا‬ ‫َ‬
‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫ض عَ ِ‬ ‫مُر وَأع ْرِ ْ‬ ‫ما تُؤ ْ َ‬ ‫صدَع ْ ب ِ َ‬‫الله سبحانه ‪ ( :‬فَا ْ‬
‫ن ) [الحجر ‪ 94 :‬و ‪.]95‬‬ ‫ستَهْزِئِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫كَفَيْنَا َ‬
‫والقصة في إهلك الله المستهزئين واحدا ً واحدا ً معروفة ‪ ،‬قد ذكرها‬
‫سيَر والتفسير‪.‬‬ ‫ل ال ِّ‬ ‫أه ُ‬

‫‪189‬‬
‫ك هُوَ الَبْتَُر ) [الكوثر‬‫شانِئ َ َ‬
‫ن َ‬ ‫وهذا والله أعلم تحقيق قوله تعالى ‪( :‬إ ِ َّ‬
‫ن الله تعالى يقطع دابره ‪،‬‬ ‫شنَأَه ُ أو أبغضه وعاداه فإ َّ‬ ‫ل من َ‬ ‫‪ ]3 :‬؛ فك ُ ُّ‬
‫ويمحق عينه وأثره ‪.‬‬
‫وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬قال ‪ " :‬يقول الله‬
‫تعالى ‪ :‬من عادى لي وليا ً ‪ ،‬فقد بارزني بالمحاربة " فكيف بمن‬
‫ب‪.‬‬ ‫حرِ َ‬ ‫ب الله تعالى ُ‬ ‫حاَر َ‬
‫عادى النبياء ؟ ومن َ‬
‫وإذا استقصيت قصص النبياء المذكورة في القرآن تجد أممهم إنما‬
‫أُهلكوا حين آذوا النبياء وقابلوهم بقبيح القول ‪ ،‬أو العمل ‪.‬‬
‫ب من الله ‪،‬‬ ‫ض ٍ‬ ‫ذّلة وباؤوا بغ ِ‬ ‫وهكذا بنو إسرائيل إنما ضربت عليهم ال ِ‬
‫ولم يكن لهم نصير ؛ لقتلهم النبياء بغير حق ‪ ،‬مضموما ً إلى‬
‫كفرهم ‪ ،‬كما ذكر الله ذلك في كتابه ‪.‬‬
‫ب إل ول بد أن يصيبه‬ ‫ولعلك ل تجد أحدا ً آذى نبيا ً من النبياء ثم لم يَت ُ ْ‬
‫الله بقارعة ‪.‬‬
‫ثامنا ً ‪ :‬هذه أقوال المنصفين في رسول الله محمد عليه الصلة‬
‫والسلم ‪:‬‬
‫إن المنصفين من المشاهير المعاصرين عندما اطلعوا على سيرة‬
‫رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لم يملكوا إل العتراف له‬
‫ف من أقوال بعضهم ‪:‬‬ ‫بالفضل والنبل والسيادة ‪ ،‬وهذا طر ٌ‬
‫‪ /1‬يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة "ينج إنديا" ‪ " :‬أردت‬
‫أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب مليين‬
‫البشر‪ ..‬لقد أصبحت مقتنعا ً كل القتناع أن السيف لم يكن الوسيلة‬
‫التي من خللها اكتسب السلم مكانته‪ ،‬بل كان ذلك من خلل‬
‫بساطة الرسول ‪ ،‬مع دقته وصدقه في الوعود‪ ،‬وتفانيه وإخلصه‬
‫لصدقائه وأتباعه‪ ،‬وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته‪.‬‬
‫هذه الصفات هي التي مهدت الطريق‪ ،‬وتخطت المصاعب وليس‬
‫السيف‪ .‬بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول‬
‫سفا ً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته‬ ‫وجدت نفسي أ ِ‬
‫العظيمة"‪.‬‬
‫ي"‬ ‫‪ /2‬يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه " محمد النب ّ‬
‫‪ " :‬ل يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها‪ .‬ولكن كل ما في‬
‫استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫ي‪ ،‬ومحمد المحارب‪ ،‬ومحمد رجل العمال‪ ،‬ومحمد‬ ‫فهناك محمد النب ّ‬
‫رجل السياسة‪ ،‬ومحمد الخطيب‪ ،‬ومحمد المصلح‪ ،‬ومحمد ملذ‬
‫اليتامى‪ ،‬وحامي العبيد‪ ،‬ومحمد محرر النساء‪ ،‬ومحمد القاضي‪ ،‬كل‬
‫هذه الدوار الرائعة في كل دروب الحياة النسانية تؤهله لن يكون‬
‫بطل "‪.‬‬
‫‪ /3‬يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه " الشرق‬
‫وعاداته " ‪ :‬إن محمدا ً كان ول شك من أعظم القواد المسلمين‬
‫الدينيين‪ ،‬ويصدق عليه القول أيضا ً بأنه كان مصلحا ً قديرا ً وبليغاً‬
‫فصيحا ً وجريئا ً مغواراً‪ ،‬ومفكرا ً عظيماً‪ ،‬ول يجوز أن ننسب إليه ما‬
‫ينافي هذه الصفات‪ ،‬وهذا قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان‬
‫بصحة هذا الدعاء‪.‬‬
‫‪ /4‬يقول المستشرق اللماني ( برتلي سانت هيلر ) في كتابه‬
‫"الشرقيون وعقائدهم" ‪ :‬كان محمد رئيسا ً للدولة وساهرا ً على‬
‫حياة الشعب وحريته‪ ،‬وكان يعاقب الشخاص الذين يجترحون‬
‫الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال تلك الجماعات الوحشية التي‬
‫ي بين ظهرانيها‪ ،‬فكان النبي داعيا ً إلى ديانة الله‬ ‫كان يعيش النب ُّ‬
‫الواحد ‪ ،‬وكان في دعوته هذه لطيفا ً ورحيما ً حتى مع أعدائه‪ ،‬وإن‬
‫ل الصفات التي تحملها النفس‬ ‫في شخصيته صفتين هما من أج ّ‬
‫البشرية ‪ ،‬وهما ‪ :‬العدالة والرحمة‪.‬‬
‫‪ /5‬ويقول النجليزي ( برناردشو ) في كتابه "محمد" ‪ ،‬والذي أحرقته‬
‫ل في تفكير‬ ‫السلطة البريطانية‪ :‬إن العالم أحوج ما يكون إلى رج ٍ‬
‫محمد‪ ،‬هذا النبي الذي وضع دينه دائما ً موضع الحترام والجلل ‪،‬‬
‫فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات‪ ،‬خالدا ً خلود البد‪ ،‬وإني‬
‫أرى كثيرا ً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة‪ ،‬وسيجد هذا‬
‫الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا)‪.‬‬
‫صب‪ ،‬قد‬ ‫ة للجهل أو التع ّ‬ ‫ن رجال الدين في القرون الوسطى‪ ،‬ونتيج ً‬ ‫إ ّ‬
‫ة‪ ،‬لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا‬‫رسموا لدين محمد ٍ صورة ً قاتم ً‬
‫للمسيحية‪ ،‬لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل‪ ،‬فوجدته أعجوب ً‬
‫ة‬
‫ة‪ ،‬وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية‪ ،‬بل يجب أ ْ‬
‫ن‬ ‫خارق ً‬
‫مى منقذ البشرية‪ ،‬وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم‪،‬‬ ‫يس َّ‬
‫ل مشكلتنا بما يؤمن السلم والسعادة التي يرنو البشر‬ ‫لوفّق في ح ّ‬
‫إليها‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫‪ /6‬ويقول ( سنرستن السوجي ) أستاذ اللغات السامية ‪ ،‬في كتابه‬
‫"تاريخ حياة محمد" ‪ :‬إننا لم ننصف محمدا ً إذا أنكرنا ما هو عليه من‬
‫عظيم الصفات وحميد المزايا‪ ،‬فلقد خاض محمد معركة الحياة‬
‫الصحيحة في وجه الجهل والهمجية‪ ،‬مصرا ً على مبدئه‪ ،‬وما زال‬
‫يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين‪ ،‬فأصبحت‬
‫شريعته أكمل الشرائع‪ ،‬وهو فوق عظماء التاريخ‪.‬‬
‫‪ /7‬ويقول المستشرق المريكي ( سنكس ) في كتابه "ديانة العرب"‬
‫‪ :‬ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة‪ ،‬وكانت وظيفته‬
‫ترقية عقول البشر‪ ،‬بإشرابها الصول الولية للخلق الفاضلة‪،‬‬
‫وبإرجاعها إلى العتقاد بإله واحد‪ ،‬وبحياة بعد هذه الحياة‪.‬‬
‫‪ /8‬ويقول (مايكل هارت) في كتابه "مائة رجل في التاريخ" ‪ :‬إن‬
‫اختياري محمداً‪ ،‬ليكون الول في أهم وأعظم رجال التاريخ‪ ،‬قد‬
‫يدهش القراء‪ ،‬ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى‬
‫نجاح على المستويين‪ :‬الديني والدنيوي‪.‬‬
‫فهناك ُرسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالت عظيمة‪ ،‬ولكنهم ماتوا‬
‫دون إتمامها‪ ،‬كالمسيح في المسيحية‪ ،‬أو شاركهم فيها غيرهم‪ ،‬أو‬
‫سبقهم إليهم سواهم‪ ،‬كموسى في اليهودية‪ ،‬ولكن محمدا ً هو‬
‫الوحيد الذي أتم رسالته الدينية‪ ،‬وتحددت أحكامها‪ ،‬وآمنت بها‬
‫شعوب بأسرها في حياته‪ .‬ولنه أقام جانب الدين دولة جديدة‪ ،‬فإنه‬
‫حد القبائل في شعب‪ ،‬والشعوب‬ ‫في هذا المجال الدنيوي أيضاً‪ ،‬و ّ‬
‫في أمة‪ ،‬ووضع لها كل أسس حياتها‪ ،‬ورسم أمور دنياها‪ ،‬ووضعها‬
‫في موضع النطلق إلى العالم‪ .‬أيضا ً في حياته‪ ،‬فهو الذي بدأ‬
‫الرسالة الدينية والدنيوية‪ ،‬وأتمها‪.‬‬
‫‪ /9‬ويقول الديب العالمي (ليف تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما‬
‫كتب في التراث النساني قاطبة عن النفس البشرية ‪ :‬يكفي محمداً‬
‫ة من مخالب شياطين العادات‬ ‫ة دموي ً‬ ‫فخرا ً أنّه خلّص أم ً‬
‫ة ذليل ً‬
‫ة‬‫ن شريع َ‬ ‫الذميمة‪ ،‬وفتح على وجوههم طريقَ الُّرقي والتقدم‪ ،‬وأ ّ‬
‫محمدٍ‪ ،‬ستسود ُ العالم لنسجامها مع العقل والحكمة‪.‬‬
‫ن البشرية لتفتخر بانتساب‬ ‫‪ /10‬ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي‪ :‬إ ّ‬
‫ميته‪ ،‬استطاع قبل بضعة عشر قرنًا‬ ‫ُ‬
‫رجل كمحمد إليها‪ ،‬إذ إنّه رغم أ ّ‬
‫ن الوروبيين أسعد ما نكون‪ ،‬إذا توصلنا‬ ‫ن نح ُ‬‫ن يأتي بتشريع‪ ،‬سنكو ُ‬ ‫أ ْ‬
‫مته‪.‬‬
‫إلى ق ّ‬

‫‪192‬‬
‫‪ /11‬ويقول الفيلسوف النجليزي ( توماس كارليل) الحائز على‬
‫جائزة نوبل يقول في كتابه البطال ‪ " :‬لقد أصبح من أكبر العار‬
‫على أي فرد متحدث هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين‬
‫السلم كذب ‪ ،‬وأن محمدا ً خدّاع مزوِّر ‪.‬‬
‫وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه القوال السخيفة‬
‫المخجلة ؛ فإن الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج‬
‫المنير مدة اثني عشر قرنا ً لنحو مائتي مليون من الناس ‪ ،‬أفكان‬
‫أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها ومات عليها هذه‬
‫المليين الفائقة الحصر والحصاء أكذوبة وخدعة ؟!‪.‬‬
‫‪ /12‬جوتة الديب اللماني ‪" " :‬إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا ‪ ،‬لم‬
‫نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ‪ ،‬وسوف ل يتقدم عليه أحد‪ ،‬ولقد‬
‫بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا النسان ‪ ،‬فوجدته في النبي‬
‫محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو‪ ،‬كما نجح محمد الذي‬
‫أخضع العالم كله بكلمة التوحيد"‪.‬‬
‫تلك بعض أقوال مشاهير العالم ‪ ،‬في محمد نبي الرحمة عليه‬
‫الصلة والسلم ‪ ،‬فلماذا المزايدات التي تضر ول تنفع ‪ ،‬وتهدم ول‬
‫تبني ‪.‬‬
‫وختام هذا البيان موجه لخواني المسلمين في أقطار الرض ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬اعلموا أن سمعة السلم وسمعة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫مسئولية كل واحد ٍ منكم ‪ ،‬ذكورا ً وإناثا ً ‪ ،‬فينبغي على كل أحد أن‬
‫يكون سفير خير ومنبر هدى في بيان حقيقة دين السلم ‪ ،‬وحقيقة‬
‫دعوة نبينا محمد عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أتوجه للتجار ورجال العمال أن يكون لهم موقفهم الحازم‬
‫غيرة على نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فينبغي أن يوقفوا‬
‫كل التعاملت التجارية مع الدنمارك ‪ ،‬حتى يتم العتذار وبشكل‬
‫علني ورسمي من ذلك العمل الذي أقدمت عليه صحيفة (‪Jyllands-‬‬
‫‪ ، ) ,Posten‬وليتذكروا أن المال زائل ‪ ،‬لكن المآثر باقية مشكورة‬
‫في الدنيا والخرة ‪ ،‬وأعظمها حب رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫والنتصار له ‪ ،‬ولهم أسوة في الصحابي الجليل عبدالله بن عبدالله‬
‫بن أبي سلول ‪ ،‬في موقفه الحازم من أبيه ‪ ،‬عندما آذى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وكيف أنه أجبر أباه على العتذار من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وإل منعه من دخول المدينة ‪ ،‬في‬
‫جعْنَا إِلَى‬
‫ن لَئِن َّر َ‬
‫الحادثة التي سجلها القرآن الكريم ‪ ( :‬يَقُولُو َ‬

‫‪193‬‬
‫َ‬ ‫منْها اْلَذ َ َّ‬ ‫ج َ َ‬
‫ن‬ ‫سولِهِ وَلِل ْ ُ‬
‫مؤْ ِ‬
‫منِي َ‬ ‫ل وَلِل ّهِ الْعَِّزة ُ وَلَِر ُ‬ ‫ن اْلعَُّز ِ َ‬ ‫خرِ َ ّ‬ ‫مدِينَةِ لَي ُ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ) [المنافقون ‪. ]8 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫ن َل يَعْل َ ُ‬‫منَافِقِي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫وَلَك ِ َّ‬
‫ي بن سلول تكلم‬ ‫ُ‬ ‫وثبت في الصحيحين أ َّ‬
‫ن المنافق عبدالله بن أب ِ ّ‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلم سيء ‪ ،‬حيث قال ‪" :‬‬
‫والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن العز منها الذل " الحديث ‪،‬‬
‫ن ابنه الصحابي عبد الله بن عبد الله قال‬ ‫وفيه في رواية الترمذي أ َّ‬
‫لبيه ‪ " :‬والله ل تنفلت حتى تقر أنك الذليل ورسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم العزيز ‪ ،‬ولم يأذن لبيه بدخول المدينة حتى اعتذر ورجع‬
‫عنه قوله‪ ،‬وقال ‪ :‬إنه الذليل ‪ ،‬ورسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫هو العزيز ‪.‬‬
‫فهل يستجيب رجال العمال المسلمين لهذا الواجب في الغيرة‬
‫على نبيهم عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وهل يكفُّون عن التعمل التجاري‬
‫مع الدنمارك حتى يتم تقديم العتذار الرسمي ‪ ،‬واشتراط عدم‬
‫تكرار هذه الجريمة ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أدعو إخواني المسلمين في كل مكان إلى إرسال استنكارهم‬
‫والمطالبة بالعتذار إلى الجريدة على عناوينها التالية‪:‬‬
‫ـ مملكة الدنمرك ‪ ،‬صحيفة (‪. ) Jyllands - Posten‬‬
‫ـ الهاتف والفاكس ‪ ) 38 38 38 87 45+ ( :‬و ( ‪. ) 30 30 30 33 45+‬‬
‫ـ البريد اللكتروني ‪. ) jp@jp.dk ( :‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬يجدر التواصل من قبل الشعوب السلمية مع وزارة‬
‫الخارجية الدنمركية لشعارها بالمتعاض والستنكار لمساس‬
‫الصحيفة المذكورة بمقدساتنا ‪ .‬وبيان أن ذلك لن يخدم تطور‬
‫العلقات القائمة على الحترام فيما بين الشعوب السلمية‬
‫والشعب الدنمركي ‪.‬‬
‫وهذا هو العنوان البريدي واللكتروني للخارجية الدنمركية على‬
‫شبكة المعلومات العالمية (النترنت)‪:‬‬
‫‪)Ministry of Foreign Affairs of Denmark (www.um.dk‬‬
‫‪Asiatisk Plads ,2‬‬
‫‪DK-1448 Copenhagen K‬‬
‫‪Tel. +45 33 92 00 00‬‬
‫‪Fax +45 32 54 05 33‬‬

‫‪194‬‬
‫‪E-mail um@um.dk‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬لما كان المسئولون بالدنمارك غير مبالين بدعوات السلم‬
‫والبيان التي وجهت إليهم ‪ ،‬وبالنظر للصرار على الحرية المزعومة‬
‫في الستهزاء والساءة برسول الله محمد عليه الصلة والسلم ‪ ،‬أو‬
‫بأي من إخوانه النبيين ‪ ،‬عليهم الصلة والسلم ‪ ،‬فأرى أنه من غير‬
‫اللئق أن يتوجه الناس لقتناء أي سلعة منشأها الدنمرك ‪ ،‬وهم‬
‫يجدون بديل ً آخر ‪ ،‬حتى يكفوا عن هذه السخرية ويعتذروا منها‬
‫علنا ً ‪ ،‬ويتعهدوا بعدم تكرارها ‪.‬‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫فيارب هذا جهدي القليل ‪ ،‬في الدفاع والنتصار لخاتم رسلك محمد‬
‫عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ل تؤاخذني بما فيه من خلل أو تقصير ‪.‬‬
‫منِّك ليكون نافعا ً للناس ‪ ،‬وليكون مقربا ً لي‬ ‫وبارك فيه بفضلك و َ‬
‫لمرضاتك ‪ ،‬وسببا ً في صحبة نبيك يوم القيامة ‪.‬‬
‫ويارب ل تعاقبنا بتقصيرنا في حق خليلك ورسولك محمد ‪ ،‬ووفقنا‬
‫َ‬
‫لليمان به والعمل بما دل ّنا عليه ‪ ،‬وإلى الذود عنه وعن شريعته‪.‬‬
‫ل وسل ِّم عبدك ورسولك محمد ما تعاقب الليل والنهار ‪،‬‬ ‫اللهم وص ِّ‬
‫ل اللهم عليه وسل ِّم كلما ذكره الذاكرون البرار ‪ ،‬بمنك وكرمك ‪،‬‬ ‫وص ِّ‬
‫ن الحمد لله رب العالمين ‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أ ِ‬
‫حرر بمدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية حرسها الله‬
‫في ‪ 5‬ذو القعدة ‪1426‬هـ‬
‫=================‬
‫ي المختار صلى الله عليه وسلم‬ ‫النتصار للنب ِ ّ‬

‫عبد المنعم مصطفى حليمة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪ ،‬وبعد‪.‬‬
‫فقد تناهى إلى مسامعنا تطاول بعض الجرائد المحلية الرسمية‬
‫الدنمركية على سيد الخلق‪ ،‬وخاتم النبياء والمرسلين ‪ -‬صلوات ربي‬
‫وسلمه عليه ‪ -‬من خلل رسمه في صور كاريكاتيرية ساخرة ‪..‬‬
‫ورغم ما يمثل هذا الحدث الدنيئ المتخلف من اعتداء سافر على‬
‫السلم والمسلمين ‪ ..‬تأبى الجريدة " ‪ " Jyllands Posten‬أن تقدم‬

‫‪195‬‬
‫أي اعتذار عن سوء صنيعها هذا ‪ ..‬كما وتأبى الحكومة الدنمركية أن‬
‫توجه أي خطاب تأنيب واستنكار للجريدة ‪ ..‬أو حتى اعتذار‬
‫للمسلمين!‬
‫نبينا صلوات ربي وسلمه عليه ل يحتاج مني ول من غيري إلى أن‬
‫ندافع عنه ـ وكأن الطعن بحقه محتمل! ـ أو أن نُظهر محامد خصاله‬
‫وأخلقه ‪ ..‬فهو أكبر وأعظم من ذلك ‪ ..‬يكفيه فخرا ً وعظمة أن الله‬
‫ق‬ ‫ك لَعَلى ُ ُ‬ ‫تعالى من فوق سبع سماوات يصفه بقوله‪ { :‬وَإِن َّ َ‬
‫خل ٍ‬
‫ستَقِيم ٍ }‬ ‫م ْ‬‫ك لَعَلَى هُدًى ُّ‬ ‫عَظِيم ٍ } [ القلم‪ .]4:‬وقوله تعالى ‪ { :‬إِن َّ َ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ن}‬ ‫مي َ‬ ‫ة ل ِّلْعَال َ ِ‬
‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ك إ ِ ّل َر ْ‬ ‫سلنَا‬ ‫ما أْر َ‬ ‫[ الحج‪ .]67:‬وقوله تعالى ‪ { :‬وَ َ‬
‫[ النبياء‪ . ] 107:‬فأي تزكية تعلو أو توازي هذه التزكية ‪ ..‬وما قيمة‬
‫ثناء وتزكية المخلوق تجاه ثناء وتزكية الخالق سبحانه وتعالى ؟!‬
‫لكن ماذا يعني هذا الحدث الجلل ‪ ..‬وكيف يفهمه ويفسره‬
‫المسلمون ؟!‬
‫هذا الحدث الجلل يعني أمورا ً عدة ‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن هذا الطعن بشخص النبي صلى الله عليه وسسلم هو‬
‫طعن بجميع أنبياء الله تعالى ورسله‪ :‬إبراهيم‪ ،‬وموسى‪ ،‬وعيسى‬
‫عليهم السلم‪ ،‬وغيرهم من النبياء والرسل؛ لنهم كلهم يصدقون‬
‫بعضهم بعضاً‪ ،‬ويُلزمون أتباعهم باليمان والتصديق بجميع النبياء‬
‫والرسل من جاء قبلهم ومن يأتي بعدهم؛ وبالتالي فإن تكذيب أي‬
‫نبي من أنبياء الله تعالى أو الطعن به‪ ،‬هو تكذيب لجميع النبياء‬
‫ل إِلَيْنَا‬ ‫ما أُنزِ َ‬ ‫منَّا بِاللّهِ وَ َ‬ ‫والرسل‪ ،‬وطعن بهم‪ ،‬قال تعالى‪ { :‬قُولُوا ْ آ َ‬
‫ما‬ ‫ط َو َ‬ ‫سبَا ِ‬ ‫ب وَال ْ‬ ‫حاقَ وَيَعْقُو َ‬ ‫س َ‬ ‫ل وَإ ِ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫ل إِلَى إِبَْراهِي َ‬ ‫ما أُنزِ َ‬ ‫َو َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حدٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ل َ نُفَّرِقُ بَي ْ َ‬ ‫من َّرب ِّهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ي النَّبِيُّو َ‬ ‫ما أوت ِ َ‬ ‫سى َو َ‬ ‫عي َ‬ ‫سى وَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬ ‫أوت ِ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ن } [ البقرة‪ . ] 136:‬وقال تعالى ‪ { :‬آ َ‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ح ُ‬ ‫م وَن َ ْ‬ ‫منْهُ ْ‬‫ِّ‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ملئِكَت ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ن بِاللهِ َو َ‬ ‫م َ‬‫لآ َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫منُو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫من َّربِّهِ وَال ُ‬ ‫ل إِليْهِ ِ‬ ‫ما أنزِ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫الَّر ُ‬
‫َ‬
‫معْنَا وَأطَعْنَا‬ ‫َ‬
‫س ِ‬ ‫سلِهِ وَقَالُوا ْ َ‬ ‫من ُّر ُ‬ ‫حد ٍ ِّ‬ ‫نأ َ‬ ‫سلِهِ ل َ نُفَّرِقُ بَي ْ َ‬ ‫وَكُتُبِهِ وَُر ُ‬
‫صيُر } [ البقرة‪. ]285:‬‬ ‫م ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ك َربَّنَا وَإِلَي ْ َ‬ ‫غُفَْران َ َ‬
‫والطعن والستهزاء بالنبياء والرسل هو استهزاء وطعن بالله عز‬
‫وجل الذي زكى أنبياءه ورسله‪ ،‬وأثنى عليهم خيراً‪ ،‬لذلك ع ُد النفر‬
‫الذين استهزؤوا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم في‬
‫مسيرهم نحو تبوك‪ ،‬هو استهزاء بالله وآياته‪ ،‬ورسوله‪ ،‬كما قال‬
‫خوض ونلْعب قُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل أبِاللّهِ‬ ‫ُ ََ َ ُ‬ ‫ما كُنَّا ن َ ُ‬ ‫ن إِن َّ َ‬ ‫م لَيَقُول ُ َّ‬ ‫سألْتَهُ ْ‬ ‫تعالى‪ { :‬وَلَئِن َ‬

‫‪196‬‬
‫م}‬ ‫ن ‪ .‬ل َ تَعْتَذُِروا ْ قَد ْ كَفَْرتُم بَعْد َ إِي َ‬
‫مانِك ُ ْ‬ ‫زئُو َ‬ ‫ه كُنت ُ ْ‬
‫م تَ ْ‬
‫ستَهْ ِ‬ ‫سول ِ ِ‬
‫وَآيَاتِهِ وََر ُ‬
‫[ التوبة‪. ] 66-65:‬‬
‫ومنها‪ :‬أن هذا العتداء على شخص النبي صلى الله عليه وسلم هو‬
‫اعتداء على جميع المسلمين في الرض‪ ،‬وعلى مشاعرهم‪،‬‬
‫وعقيدتهم ‪ ..‬وهو أشد عليهم من العتداء المباشر على أنفسهم‬
‫وأموالهم ‪ ..‬والصليبيون يُدركون هذا المعنى؛ وهو المراد من وراء‬
‫طعنهم وتشهيرهم ‪ -‬المتكرر بين الفينة والخرى ‪ -‬بشخص النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬أن اللجوء لمثل هذا الطعن‪ ،‬والستهزاء ‪ ..‬هو علمة من‬
‫علمات الفلس الفكري والحضاري‪ ،‬والثقافي لدى النصارى‬
‫الصليبيين ‪ ..‬وحضارتهم ‪ ..‬فيُعوضون عن هذا النقص والفلس بمثل‬
‫هذا الطعن‪ ،‬والسب‪ ،‬والستهزاء !‬
‫ومنها ‪ :‬أن الشعار المرفوع حول حوار الديان والحضارات هو شعار‬
‫كاذب؛ له ما له من الغايات والمقاصد المريبة الخبيثة ‪ ..‬ل وجود له‬
‫على الحقيقة والتحقيق !‬
‫فالغرب النصراني الصليبي بتواطؤه على مثل هذا الطعن‬
‫والستهزاء بشخص النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ..‬يفقد المصداقية‪،‬‬
‫والرغبة الصادقة في الحوار والتفاهم مع المسلمين‪ ،‬ومع حضارة‬
‫السلم ‪ ..‬إذ كيف ينهضون للحوار والجلوس مع المسلمين وهم‬
‫يطعنون ويستهزئون بنبي السلم‪ ،‬وبأقدس ما عند المسلمين ؟!‬
‫فالتواطؤ على مثل هذا الطعن والستهزاء ل شك أنه يوسع من‬
‫ساحة عدم التفاهم والتعايش السلمي والمن بين الشعوب‬
‫والحضارات !‬
‫ومنها‪ :‬أن مثل هذا الطعن والستهزاء ‪ ..‬والتواطؤ عليه من قبل‬
‫الجهات الرسمية ‪ ..‬يدل على ازدواجية المعايير والقوانين المعمول‬
‫بها في بلد الغرب النصراني؛ فهم إذ يسنون القوانين التي تُحارب‬
‫إثارة الكراهية والعنصرية بين الشعوب كما يزعمون‪ ،‬تراهم هم أول‬
‫من ينقض ويُخالف هذه القوانين‪ ،‬وبخاصة عندما تكون إثارة هذه‬
‫الكراهية موجهة ضد السلم والمسلمين ‪ ..‬وتسير في التجاه الذي‬
‫يرغبونه ويهوونه!‬
‫عندما تكون إثارة الكراهية والعداوة موجهة ضد السلم والمسلمين‬
‫‪ ..‬فهذه حرية مصونة الجانب ل يجوز المساس بها أو القتراب منها‬

‫‪197‬‬
‫‪ ..‬وعندما تُثار الكراهية في التجاه الذي ل يرضونه ول يلمس‬
‫هواهم ‪ ..‬فحينئذ ٍ تُصبح إجراما ً مخالفة للقانون‪ ،‬يؤخذ صاحبها‬
‫بالنواصي والقدام !‬
‫ومنها‪ :‬أن مثل هذا الطعن والستهزاء ‪ ..‬والتواطؤ عليه ‪ ..‬يُعد تعبيراً‬
‫صادقا ً عما يُضمره القوم من حقد‪ ،‬وكراهية‪ ،‬وعداوة وبغضاء‬
‫للسلم والمسلمين ‪ ..‬وإن تظاهروا بخلف ذلك ‪ ..‬وأنهم من دعاة‬
‫النسانية ‪ ..‬والحرية ‪ ..‬وعدم التعصب للديان !‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من دُونِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫خذ ُوا ْ بِطَان َ ً‬
‫ة ِّ‬ ‫منُوا ْ ل َ تَت َّ ِ‬ ‫صدق الله العظيم ‪ { :‬يَا أي ُّ َها ال ّذِي َ‬
‫نآ َ‬
‫خبال ً ودُوا ْ ما ع َنِت ُم قَد بدت الْبغْضاء م َ‬ ‫ْ‬
‫ما‬
‫م َو َ‬‫ن أفْوَاهِهِ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ّ ْ ْ َ َ ِ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫م َ َ‬‫ل َ يَألُونَك ُ ْ‬
‫خفي صدورهُ َ‬
‫ن } [ آل‬ ‫م تَعْقِلُو َ‬ ‫ت إِن كُنت ُ ْ‬ ‫م اليَا ِ‬ ‫م أكْبَُر قَد ْ بَيَّنَّا لَك ُ ُ‬ ‫ُ ُ ُ ْ‬ ‫تُ ْ ِ‬
‫عمران ‪. ] 118 :‬‬
‫هكذا يفهم المسلمون هذا الحدث الجلَل ‪ ..‬وهكذا يفسرونه ‪ ..‬وفي‬
‫الختام أود أن أذكر إخواني المسلمين بحقيقة ساطعة ماثلة للعيان‬
‫طالما ذكرتهم بها‪ ،‬وهي‪ :‬أنكم رعية بل راٍع ‪ ..‬ووالله لو كان لكم‬
‫دولة وسلطان يحترم نفسه‪ ،‬ودينه‪ ،‬وأمته ‪ ..‬لما تجرأ القوم على‬
‫التطاول على نبيكم؛ نبي السلم والرحمة ‪ -‬صلوت ربي وسلمه‬
‫عليه ‪ -‬وعلى أقدس مقدساتكم ‪ ..‬ولكن لما وجدوكم رعية متفرقين‬
‫بل راٍع يرعاكم‪ ،‬ويذود عنكم وعن دينكم ‪ ..‬طمعوا بكم ‪ ..‬وتكالبوا‬
‫عليكم ‪ ..‬وعلى دينكم ‪ ..‬وأمتكم ‪ ..‬كما تتكالب الكلة على‬
‫قصعتهم !‬
‫ما هو موقف حكامنا من هذا الحدث الجلل ‪ ..‬وما موقف إعلمهم‬
‫المشغول بتوافه زائفة ؟!‬
‫ل شيء؛ وكأن المر ل يعنيهم في شيء ‪ ..‬وكأن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ليس نبيهم ‪ ..‬والسلم ليس دينهم !‬
‫لو تعرض أحدهم ‪ -‬من قِبل أي دولة ‪ -‬لنوع استهزاء أو طعن‬
‫م بقطع العلقات الدبلوماسية‬ ‫وتجريح ‪ ..‬لستدعى سفيره‪ ،‬وه َّ‬
‫والقتصادية‪ ،‬والتجارية مع تلك الدولة ‪ ..‬ولتحركت جميع وسائل‬
‫العلم للذود عن الطاغوت ‪ ..‬أما أن يتعرض شخص النبي صلى‬
‫ن الله به علينا لما كنا‬ ‫الله عليه وسلم ‪ -‬الذي لوله‪ ،‬ولول أن م َّ‬
‫نساوي شيئا ً ‪ -‬للطعن والستهزاء ‪ ..‬والتحقير ‪ ..‬فهذا ل يستدعي‬
‫شيئا ً من هذا المقاطعة أو المحاربة ‪ ..‬أو القلق ‪ ..‬ول حول ول قوة‬
‫إل بالله!‬

‫‪198‬‬
‫أما أنتم أيها المسلمون افعلوا كل شيء‪ ،‬وأي شيء متاح ومشروع‬
‫عرض نبيكم ‪ ..‬تقبل الله‬‫‪ ..‬من أجل نبيكم ‪ ..‬والذود عن حرمات و ِ‬
‫منكم‪ ،‬وغفر الله لنا ولكم ‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫عبد المنعم مصطفى حليمة‬
‫‪ 22/12/1426‬هـ ‪22/1/2006 /‬م‪.‬‬
‫التدين رد عملي على الساءة‬
‫الكاتب‪ :‬محمود كمال‬
‫بدأت أزمة الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم في‬
‫الغرب‪ ،‬وكانت الكثر تأثيرا على مسلمي الغرب‪ ،‬وكان رد فعلهم‬
‫مشرفا ومفخرة للسلم‪ .‬هذا ما أكده لنا فضيلة الشيخ سالم‬
‫الشيخي‪ ،‬خطيب ومستشار المركز السلمي بمانشستر‪ ،‬ورئيس‬
‫الهيئة القضائية ببرمنجهام‪ ،‬وأستاذ الفقه المقارن بكلية لندن‬
‫المفتوحة‪ ،‬والمين العام للجنة الفتوى ببريطانيا‪ ،‬وعضو المجلس‬
‫الوربي للفتاء والبحوث؛ في الحوار التالي‪:‬‬
‫* كانت لزمة الرسوم المسيئة آثار عظيمة على جميع شعوب‬
‫العالم‪ ،‬فما أثرها على مسلمي بريطانيا تحديدا؟ وكيف تفاعلوا معها‬
‫إيمانيا؟‪.‬‬
‫‪ -‬كانت الرسوم المسيئة محنة في طياتها منحة‪ ،‬حيث ذكرت‬
‫المسلمين بواجبهم تجاه نبيهم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وتجلى ذلك‬
‫بوضوح في المجتمع السلمي ببريطانيا؛ حيث ظهر على الساحة‬
‫عدد من المشاريع اليمانية في المراكز والمساجد كلها؛ تدعو إلى‬
‫القتداء به صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وتربية البناء على الهدي‬
‫المحمدي‪ .‬ولقد تفاعل مسلمو بريطانيا مع هذه الزمة بشكل‬
‫منظم‪ ،‬وتوهج التعلق الروحي بالنبي صلى الله عليه وسلم؛‬
‫وأظهروا التفاعل الجتماعي والعتراضات على تلك الرسوم‪ ،‬كما‬
‫اعتصموا أكثر من مرة‪ ،‬ويقومون الن بنشاط ضخم للتعريف بالنبي‬
‫من خلل الندوات والمعارض‪ ،‬بالضافة إلى إرسال المكاتبات‬
‫والخطابات للحكومة الدانماركية للعتراض على هذه الرسوم‪.‬‬
‫* وكيف ترى تصرفات المسلمين عامة تجاه هذه الزمة؟ وهل‬
‫كانت على مستوى الخلق السلمية؟‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫‪ -‬أفرزت الزمة عدة جوانب إيجابية؛ فهي تكاد تكون القضية الولى‬
‫منذ سنوات طويلة التي يتفق فيها أهل السلم جميعا على قول‬
‫واحد‪ .‬غير أن ردود الفعل السلبية ‪-‬كحرق السفارات وتحطيم‬
‫السيارات‪ -‬ل تمت للخلق السلمي بصلة‪ ،‬ومن فعلوا ذلك قلة ل‬
‫يمثلون التيار السلمي؛ إذ كانت الغلبة عقلنية وملتزمة‪ ،‬وطالب‬
‫المسلمون بقانون عالمي يردع العدوان على مكانته صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫* هناك من يرى أن ضعف إيمان المسلمين في الغرب سبب في‬
‫التطاول على النبي‪ ،‬فما تعليقك على ذلك باعتبارك ممن يعيش‬
‫بالغرب؟‪.‬‬
‫‪ -‬أبدا‪ ..‬ل توجد علقة بين هذا وذاك؛ فالذين أثاروا الزمة مجموعة‬
‫من المتطرفين العنصريين الذين يريدون سحب أهل السلم في‬
‫الغرب إلى المواجهة المسلحة مع الحكومات القائمة‪ .‬كما أن الواقع‬
‫السلمي في الغرب يبشر بالخير؛ فالسرة المسلمة متماسكة‪،‬‬
‫ومنحنى السلم في زيادة؛ في مقابل مشاكل أسرية واجتماعية‬
‫تفكك العلقات في الغرب‪ .‬وأعتقد أن من قاموا بالتخطيط للزمة‬
‫رأوا الخير للوجود السلمي في أوربا‪ ،‬وعجزوا عن مواجهته‪ ،‬فلجئوا‬
‫إلى جر بعض المسلمين إلى تصرفات ل تحمد عقباها؛ حتى تسن‬
‫قوانين ضد الوجود السلمي في الغرب‪ ،‬ويصطدم المجتمع‬
‫السلمي المصغر مع المجتمع الوربي المكبر‪.‬‬
‫جراح دينية‬
‫* يشير البعض إلى أن أزمة الرسوم فتحت جراحا دينية في قلوب‬
‫المسلمين من تصرفات الغرب؛ إذ نشرت إحدى الكنائس البريطانية‬
‫الرسوم في نشرتها‪ ..‬ثم اعتذرت عنها‪ ،‬فما رأيك في ذلك؟‪.‬‬
‫‪ -‬لم تولد الزمة أي جراح دينية؛ لن الذين دعموا الرسوم لم‬
‫ينطلقوا من أبعاد دينية أو تاريخية‪ ،‬كما أن الكنيسة النجليكية في‬
‫بريطانيا والفاتيكان ‪-‬وهما أكبر مرجعيتين مسيحيتين في الغرب‪-‬‬
‫كان لهما مواقف إيجابية‪ ،‬إذ أدانتا ما حدث‪ ،‬وأكدتا على عدم جواز‬
‫الساءة للنبياء‪ .‬ومن ثم؛ فإنه يجب التذكير دائما أن البعد في قضية‬
‫الرسوم هو بعد عنصري‪ ،‬وليس دينيا‪ ،‬حيث قام بها مجموعة من‬
‫العنصريين الذين ل يرفضون ثقافة السلم‪ ،‬وإنما يتحيزون ضد كل‬
‫ما هو مغاير ومخالف لجنسهم‪.‬‬

‫‪200‬‬
‫* ظهرت نغمة جديدة في الغرب تقول إن أزمة الرسوم تخص‬
‫مسلمي الدانمارك وحدهم لنها نتيجة علقاتهم مع الحكومة‬
‫الدانماركية‪ ،‬فكيف نرد هذه الدعوى؟‪.‬‬
‫‪ -‬لو كانت المسألة خاصة بمسلمي الدانمارك لصار الوضع مختلفا‪،‬‬
‫ولكن القضية عقدية‪ ،‬والعقيدة ليس لها أرض‪ ،‬ونقول لمن يدعي‬
‫ذلك‪" :‬لو حدث عدوان على قيمة أو مبدأ نصراني في أي بقعة من‬
‫العالم‪ ،‬فإن النصراني سيعتبره قضية عقدية يدافع عنها"‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن الساءة للرسول ل تعني اعتداء على مسلمي الدانمارك‪ ،‬وإنما‬
‫على كل مسلم يؤمن برسالته صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫* هناك من يرى أن ثورة المسلمين لنبيهم ل تنبع من إيمان حقيقي‪،‬‬
‫وإنما مجرد دفاع عن رمز ديني؟‪.‬‬
‫‪ -‬هذا تصور خاطئ؛ فالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ل‬
‫ينفصل عن اليمان به وبمحبته‪ ،‬كما أن اليمان بالنبي ل يمكن أن‬
‫ينفصل عن عمل يؤيد هذا اليمان‪ ،‬فل يوجد فصل بين اليمان به‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وبين نصرته‪ ،‬ورد العتداء على مقامه الكريم‬
‫يعد منطلقا من اليمان به‪.‬‬
‫* إذن ما الرد الذي تراه كفيل بشفاء غليل قلوب المسلمين تجاه‬
‫الساءة لنبيهم؟‪.‬‬
‫‪ -‬اعتقد أن الرد الذي يهدئ ثورة القلوب المسلمة لنبيها هو إصدار‬
‫قانون على مستوى الدول الوربية يحمي المقدسات الدينية‪ ،‬ويمنع‬
‫العتداء عليها بأي صورة من الصور‪.‬‬
‫* وكيف يمكن أن ينصر المسلمون نبينا صلى الله عليه وسلم؟‪.‬‬
‫‪ -‬تكون نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بنصرة دعوته قبل كل‬
‫شيء‪ ،‬وهناك أدوار يمكن أن يقوم بها المسلمون في هذا الصدد‪،‬‬
‫أهمها إعادة الحيوية من جديد للدعوة إلى الله‪ ،‬والتعريف بالنبي‪،‬‬
‫وبرسالته‪ .‬فلقد تعرض الرسول طيلة وجوده في مكة للذى‬
‫والتشويه؛ ولكن كان المرتكز الساسي له هو البقاء على محور‬
‫الدعوة السلمية‪ ،‬والتعريف برسالة الله عز وجل‪.‬‬
‫مشروع إيماني متكامل‬
‫* وكيف نقوي إيمانيات مسلمي الغرب؛ ليكونوا مفخرة السلم‬
‫أمام الخر؟‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫‪ -‬ما ينقص إيمانيات المسلمين في المجتمع الغربي هو المشروع‬
‫اليماني المتكامل‪ ،‬وفي الحقيقة فقد قمت منذ ‪ 3‬سنوات بطرح‬
‫مشروع إيماني في ثماني دول أوربية سميته المشروع اليماني‬
‫شعب‬ ‫للسرة المسلمة في ديار الغرب‪ ،‬وهو ينطلق من تفعيل ُ‬
‫اليمان المتمثلة في قوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬اليمان بضع‬
‫وسبعون شعبة؛ فأفضلها‪ :‬قول ل إله إل الله وأدناها‪ :‬إماطة الذى‬
‫عن الطريق والحياة شعبة من اليمان"‪ .‬ولو استطعنا تفعيل هذه‬
‫شعب في ديار الغرب حمينا اليمان في القلوب‪ ،‬ولقد قمت في‬ ‫ال ُ‬
‫شعب إلى ‪ 10‬فصائل‪ ،‬ثم قسمتها‬ ‫سبيل تحقيق ذلك بتقسيم هذه ال ُ‬
‫إلى مجموعة من مجالت العمل‪ ،‬وذلك من خلل مشروع السرة‬
‫المسلمة‪ ،‬حيث لقى هذا المشروع تفاعل كبيرا وأثرا في كل السر‬
‫التي تعرفت عليه‪ ،‬وأخذت دورات فيه‪.‬‬
‫* بناء على ما ذكرته هل تعتقد أن أسس تقوية الخلق داخل‬
‫المجتمع الوربي قائمة بالدرجة الولى على السرة فقط؟‪.‬‬
‫‪ -‬هناك ‪ 3‬عوامل يمكن من خللها تقوية الخلق للمسلمين في ديار‬
‫الغرب؛ أولها‪ :‬السرة باعتبارها حلقة مهمة في بناء الخلق‪ ،‬وثانيها‪:‬‬
‫مجتمع المسلمين المصغر‪ ،‬وما فيه من مؤسسات إسلمية‬
‫كالمسجد والندية الشبابية‪ ،‬والمراكز السلمية‪.‬‬
‫أما العامل الثالث فهو الصحبة‪ ،‬ولقد طرحنا مشروعا لحياء الصحبة‬
‫الصالحة في الغرب‪ ،‬ونستهدف منه تربية الشباب والفتيات على‬
‫القيم التربوية والخلق السلمية‪ ،‬وقمنا بتطبيق هذا المشروع في‬
‫مركزنا السلمي بمانشستر‪.‬‬
‫ونعد فتيات مربيات من أعمار ‪ 14‬إلى ‪ 19‬عاما؛ بحيث تتربى البنت‬
‫لمدة عامين وتدرس هذا المشروع‪ ،‬وتستوعب كل أطرافه اليمانية‪،‬‬
‫ثم تتولى بعد ذلك تربية بنات من سن ‪ 9‬إلى ‪ 12‬سنة لزرع القيم‬
‫السلمية في نفوسهن من خلل مصاحبتهن‪ ،‬وأصبح لدينا الن ‪76‬‬
‫بنتا من المربيات‪.‬‬
‫النحلل الخلقي‬
‫* تظهر في المجتمعات الغربية صور من النحلل الخلقي‪ ،‬ومنها‬
‫العلقات المثلية‪ ،‬فما مدى أثر هذه الصور على أخلقيات مسلمي‬
‫أوربا؟‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫‪ -‬هناك حالة من النفور والشمئزاز بين أبنائنا في الغرب تجاه‬
‫الباحية‪ ،‬رغم وقوع بعض حالت النحراف منهم‪.‬‬
‫* وكيف يمكن أن نحقق تواصل إيمانيا بين القليات السلمية‬
‫والعالم السلمي؟‪.‬‬
‫‪ -‬عندنا مشاريع لحداث هذا التواصل‪ ،‬فنحن نعطي الفرصة لشبابنا‬
‫في الغرب أن ينظموا مخيمات داخل الدول السلمية؛ لتكون بمثابة‬
‫فرصة لتغذية اليمان في نفوسهم‪ ،‬والتواصل مع المجتمعات‬
‫السلمية‪ .‬وكان آخر هذه الجهود مؤتمر كشفي بالسعودية؛ ضم‬
‫عددا من مسلمي أوربا وأمريكا وكندا‪ .‬ونأمل أن تحتضن الدول‬
‫السلمية أبناءنا في الغرب؛ من خلل برنامج إيماني لمدة شهر أو‬
‫شهرين يعينهم على التواصل والتربية اليمانية والدينية‪ ،‬وزيارة‬
‫الماكن التي تذكرهم بتراثهم السلمي‪.‬‬
‫وقمنا في بريطانيا برحلة إلى مراكز التراث السلمي مثل الشام‬
‫والندلس والمغرب‪ ،‬ونظمنا عددا كبيرا من الرحلت يخرج فيها‬
‫شباب الجامعة لزيارة هذه الماكن لمدة أسبوع‪ ،‬ومعهم شخص‬
‫يشرح لهم ارتباط هذه المراكز بتاريخ المسلمين؛ وهو ما يكون‬
‫رافدا أساسيا لتقوية اليمان في نفوس أبنائنا وبناتنا في ديار‬
‫الغرب‪.‬‬
‫إسلم أون لين‬
‫التصدي للغارة على الحبيب صلى الله عليه وسلم‬
‫د‪ .‬تنيضب الفايدي‬
‫إن مشاعر الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوب‬
‫المؤمنين ثابتة‪ ،‬ويبقى الحب متقداً‪ ،‬حيث إن حب رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم في القلب‪ ،‬ويصدقه العمل وفق سنته صلى الله‬
‫عليه وسلم مما يبقي الشوق وجذوته في مشاعر المسلم‬
‫وأحاسيسه طوال حياته‪ ،‬لن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫تكمن في كل قلب مؤمن به صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل إن حب الله‬
‫وحب رسوله صلى الله عليه وسلم قوت القلوب‪ ،‬وغذاء الرواح‬
‫المؤمنة‪ ،‬وحبه صلى الله عليه وسلم شرط اليمان‪ ،‬فقد روى‬
‫مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪« :‬ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب‬
‫إليه من ولده ووالده والناس أجمعين»‪ .‬وروى البخاري في صحيحه‬

‫‪203‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪« :‬ثلث من كن فيه وجد حلوة اليمان‪ ،‬ومن هذه الثلثة من‬
‫ب إليه مما سواهما»‪.‬‬‫كان الله ورسوله أح ّ‬
‫وفيما يلي بعض الخطوات الجرائية لمقابلة الغارة الشرسة‬
‫والحرب الطاغية الظالمة على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم ومقابلة نار الفتنة التي كلما خبت زادها المتربصون بالسلم‬
‫اشتعالً‪:‬‬
‫أولً‪ :‬تعميق محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوس‬
‫المسلمين ول سيما الطلب والطالبات وذلك عن طريق‪:‬‬
‫‪ -‬السرة‪ :‬يتناول أفراد السرة جانبا ً من سيرة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم بين فترة وأخرى سواء من حيث كمال صفته‪ ،‬ونسبه‪،‬‬
‫ودعوته‪ ،‬ورحمته وجوده‪ ،‬وكمال صبره‪ ،‬وعدله‪ ،‬وتواضعه‪ ،‬وكمال‬
‫آدابه‪ ،‬ودراسة غزواته ونتائجها وجهاده في سبيل الله لتبليغ‬
‫الرسالة‪ ،‬وقيادته وشجاعته‪ ..‬وعلقته مع الدول المعاصرة لبعثته‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وفضل الصلة والسلم عليه وتطبيق ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬المؤسسات التربوية من مدارس ومعاهد وكليات‪ :‬تقوم كل‬
‫مؤسسة تربوية بتقديم قبس من سيرته وتقديم الجوائز العلمية‬
‫للبحوث التي تتناول هذه السيرة بأسلوب مميز وعصري‪ ،‬وتوظيف‬
‫النشاط باختلف أنواعه سواء النشاط المستقل أو النشاط‬
‫المصاحب للمادة وذلك للهتمام بصاحب الرسالة عليه الصلة‬
‫والسلم واختيار بعض كلمات حب المصطفى صلى الله عليه وسلم‬
‫ضمن كل إشعار يصل إلى يد الطالبة أو الطالب‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫حديثا ً أو حكمة أو أي عبارة تدل على ذلك الحب‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف وسائل العلم باختلف أنواعها (المسموعة والمرئية‬
‫والمقروءة) حيث تركز في برامجها على جوانب من سيرة الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والحب والتقدير الذي يحمله أصحابه بين‬
‫جوانحهم ونماذج من الحب‪ ،‬ويكون ذلك بلغات مختلفة ول سيما‬
‫النجليزية واللمانية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬والسبانية وخاصة أن معدي‬
‫البرامج ومقدميها ومخرجيها يمثلون الصفوة المثقفة وهم غيورون‬
‫على ديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬لنا في رسولنا الكريم القدوة الحسنة عند مقابلة هذه الفتنة‬
‫فقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لنواع الذى فلم يزده‬
‫ذلك إل صبرا ً وتحملً‪ ،‬كما لم يزده جهل الخرين عليه صلى الله‬

‫‪204‬‬
‫عليه وسلم إل حلما ً وعفوا ً حيث لم يُعرف عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه تجاوز على أحد ولو بكلمة أو زلة ولم تحفظ‬
‫عنه صلى الله عليه وسلم أي هفوة ذلك لنه كما قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪« :‬أدبني ربي فأحسن تأديبي» لذا فقد تأدب بأدب ربه‬
‫حيث وصل من قطعه وعفا عمن ظلمه أو تجاوز عليه‪ ،‬وأعطى من‬
‫حرمه‪ ،‬ويعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ً أعلى لكل‬
‫خلُق فاضل ليتمثل به أصحابه ولمن تبعهم من المسلمين الصادقين‬ ‫ُ‬
‫في الولين والخرين‪ ،‬وهو القدوة في الحلم والصبر حيث تعددت‬
‫صور حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لذا يحتاج المر إلى نشر‬
‫نماذج من الصور المشرقة مع ترجمتها لمواقف رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم لمن أساء إليه‪:‬‬
‫‪ -‬حيث عفا عن من حاول قتله فقد روى البخاري عن عبدالله بن‬
‫عمر رضي الله عنهما أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قبل نجد‪ ،‬فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه‪،‬‬
‫فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة‪ ،‬فنزل رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون بالشجر‪ ،‬فنزل رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم تحت سمرة وعلق بها سيفه‪ ،‬ونمنا نومة فإذا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا وإذا عنده أعرابي فقال‪:‬‬
‫ي سيفي وأنا نائم‪ ،‬فاستيقظت وهو في يده مصلتاً‬ ‫إن هذا اخترط عل ّ‬
‫فقال من يمنعك مني‪ ،‬فقلت الله ثلثاً‪ ،‬ولم يعاقبه وجلس‪ ،‬علما ً بأن‬
‫هذا الرجل لم يسلم حيث قال له الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫بعد هذه الحادثة‪ :‬أتشهد أن ل إل إلله إل الله‪ ،‬قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن أعاهدك‬
‫أل أقاتلك‪ ،‬ول أكون مع قوم يقاتلوك‪.‬‬
‫‪ -‬كما عفا عن اليهودية التي أرادت قتله صلى الله عليه وسلم‬
‫بالسم حيث روى الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن‬
‫يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة‪ ،‬فأكل‬
‫منها فجيء بها فقبل أل تقتلها فقال‪ :‬ل‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬إن المعاملة بالمثل ورد الكلمة بأكبر منها أو بتصرف غير‬
‫منظم وليس له مرجعية مسؤولة يؤدي ذلك إلى نشر ثقافة الكره‬
‫والحقد والغلظة‪ ،‬وترديد الوعد والوعيد في وسائل العلم ل يمثل‬
‫السلوب المثل ول سيما عند دراسة السيرة المباركة لرسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم وأسلوب التعامل المميز مع الخرين ول بد‬
‫من التحرك ضمن إطار مخطط له وإظهار أمثلة من تعامله مع أهل‬

‫‪205‬‬
‫الكتاب والمشركين وعفوه عنهم (مترجمة بلغاتهم)‪ ،‬وقد خاطب‬
‫الله سبحانه وتعالى نبيه‪{ :‬ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك‬
‫ي حميم} ويتم ذلك بالسلوك والتصرف الذي‬ ‫وبينه عداوة كأنه ول ٌ‬
‫يقدم النموذج والقدوة الحسنة‪.‬‬
‫ولوجود قاعدة «درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة‬
‫«وقاعدة» عدم سب المشركين خوفا ً من أن يسبوا الله سبحانه‬
‫وتعالى وذلك تطبيقا ً لقوله تعالى‪{ :‬ول تسبوا الذين يدعون من دون‬
‫الله فيسبوا الله عدْوا ً بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى‬
‫ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون}‪ .‬لذا فإن إشاعة هذا‬
‫الهجوم وتوصيف (الكاريكاتير) في وسائل العلم بما في ذلك‬
‫وسائل العلم العربية والسلمية باختلف أنواعها تزيد من جراحات‬
‫المسلمين‪ ،‬لذا وجب عدم تكرار الوصف‪ ،‬ويكتفى بعبارات عامة‬
‫واتباع أساليب أخرى مثل المقاطعة القتصادية التي أتت ثمارها‬
‫حاليا ً ولله الحمد‪ .‬أما إشاعة الهجوم وترديد الكلمات والوصف لما‬
‫يقولون للرد عليه فإن ذلك يزيد المر سوءا ً كما هو حاصل الن‬
‫حيث إن جميع الرسائل العلمية ول سيما الصحف الوروبية وغيرها‬
‫أشاعت بين جماهيرها ما عمدت إليه الصحيفة الدنماركية ونحن ‪-‬‬
‫المسلمين ‪ -‬نؤمن إيمانا ً كامل ً بأن الله سبحانه وتعالى قد كفى‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم المستهزئين‪ .‬قال تعالى‪{ :‬إنا كفيناك‬
‫المستهزئين}‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬نظرا ً لن السلم يواجه عداء أهل الديانات المحرفة‬
‫وإجماعهم واجتماعهم على ذلك‪ ،‬وبين فترة وأخرى تشن ضده‬
‫غارات مختلفة‪ ،‬فأحيانا ً يهان كتاب الله «القرآن الكريم» وأحياناً‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الحقد على السلم يتجدد‬
‫من كنيسة أو كنيس حيث يعمل منسوبوها إلى إيقاد جذوة (الحروب‬
‫الصليبية) ورؤساء بعض الدول أعادوها (جذعة) لن كرههم للسلم‬
‫ونبيه صلى الله عليه وسلم التصق بأفئدتهم وأعادوا صياغة العالم‬
‫بأكمله وفق خططهم فقط ضمن إطار موحد ل تخرج عنه أي دولة‬
‫في الكرة الرضية ويسمى هذا الطار «العلقات الدولية» وما تفرع‬
‫عن ذلك من العولمة ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الدول‬
‫الوروبية التي تستعدي بها الدنمارك حاليا ً ضد العالم السلمي وقد‬
‫نجحت في ذلك‪.‬‬

‫‪206‬‬
‫لذا يجب مقابلة ذلك بأسلوب متزن وحكيم مرة بعد أخرى مع‬
‫(الترجمة بعدة لغات) موقف السلم من النبياء والرسل عليهم‬
‫الصلة والسلم بما هم أهله من التوقير والحترام واليمان بهم‬
‫عليهم السلم‪ ،‬حيث إن ذلك من أركان اليمان كما هو معروف‪،‬‬
‫وتناول القرآن الكريم مواقفهم مع أممهم في سبيل نشر العقيدة‬
‫وتوحيد الله سبحانه وتعالى‪ ،‬لذا فإن إظهار اليمان بهم وحب‬
‫المسلمين لهم وذلك في وسائل العلم المختلفة وفي المواقع‬
‫اللكترونية والبرامج الموجهة وإظهار دور نبينا محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم في تعظيمه لولئك المرسلين صلوات الله وسلمه عليهم‬
‫أجمعين‪ ،‬ول سيما سيدنا عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫رسول الله للنصارى ‪ -‬وسيدنا موسى عليه السلم وسيدنا يوسف‬
‫عليه السلم وهما من رسل الله إلى بني إسرائيل وغيرهم من‬
‫الرسل فقد كان يعظمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحمل‬
‫لهم الثناء والتقدير وكمثال لذلك قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم في سيدنا يوسف عليه السلم‪« :‬إن الكريم ابن الكريم ابن‬
‫الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم»‪.‬‬
‫===================‬
‫التميز الداري في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم‬

‫(‪)1/2‬‬
‫إسلم عبد الله‬
‫الدارة ‪..‬هي فن قيادة الخرين‪ ،‬فالنسان يتشكل من مجموعة من‬
‫العواطف والمشاعر‪ ،‬لذا فهو بحاجة إلى مرونة كاملة في التعامل‬
‫معه‪ ،‬لذا فالواجب على الدارة أن تكون مرنة‪ ،‬وعلى المدير الناجح‬
‫أن يلحظ ذلك جيدا ً ‪..‬‬
‫ولنا في حياة الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬السوة الحسنة في‬
‫كل نواحي الحياة على وجه الخصوص في قيادة الخرين على‬
‫السس السليمة التي رسخها السلم‪ ،‬وفي الرفق والتعاون حيث‬
‫يقول الله ‪-‬عز وجل‪ -‬في كتابه الكريم‪( :‬وتعاونوا على البر والتقوى‬
‫ول تعاونوا على الثم والعدوان)‪.‬‬
‫ولقد رسخ الرسول الكريم ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أسس ومبادئ‬
‫الدارة وفن قيادة الخرين من خلل مواقفه مع أصحابه‪ ،‬فكل‬

‫‪207‬‬
‫موقف كان يرسخ مبدأ ً جديدا ً في كيفية إنجاز العمال بنجاح وتميز‬
‫دون إهدار حقوق الغير‪ ،‬ودون التقليل من المهام الموكولة للخرين‪،‬‬
‫بل يصبح تقسيم العمل والتعاون والستماع للخرين من الصفات‬
‫التي ينبغي أن نتحلى بها في تعاملنا نحن في أعمالنا ‪.‬‬
‫وقد كان لرسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أكبر الثر في توجيه‬
‫صحابته وتحفيزهم على العمل بكفاءة ‪،‬وبذلك فنجده صلى الله عليه‬
‫وسلم قد وضع هذه السس قبل أن نكتب فيها بأربعة عشر قرناً‬
‫فمن أولى هذه المبادئ ‪:‬‬
‫مهارة تحفيز وتشجيع فريق العمل‬
‫يصف الواقدي تحركات الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬بجيشه‬
‫حنين حيث ينقل قول رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬ ‫نحو ُ‬
‫لصحابه ‪" :‬أل فارس يحرسنا الليلة ؟" إذ أقبل أنيس بن أبي مرثد‬
‫الغنوي على فرسه فقال ‪ :‬أنا ذا يا رسول الله‪ ،‬فقال صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪" :‬انطلق حتى تقف على جبل كذا وكذا فل تنزلن إل‬
‫مصليا ً أو قاضي حاجة ‪ ،‬ول تغرن من خلفك"‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فبتنا حتى أضاء الفجر وحضرنا الصلة فخرج علينا رسول الله‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقال‪ " :‬أأحسستم فارسكم الليلة ؟"‪.‬‬
‫قلنا ل والله‪ ،‬فأقيمت الصلة فصلى بنا ‪ ،‬فلما سلّم رأيت رسول‬
‫الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ينظر خلل الشجر‪ ،‬فقال ‪" :‬أبشروا‬
‫جاء فارسكم " وعندئذ جاء (أي الفارس) وقال ‪:‬‬
‫يا رسول الله إني وقفت على الجبل كما أمرتني فلم أنزل عن‬
‫فرسي إل مصليا ً أو قاضي حاجة حتى أصبحت ‪ ،‬فلم أحس أحدا ً قال‬
‫رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" : -‬انطلق فانزل عن فرسك‬
‫وأقبل علينا‪ ،‬فقال ‪ :‬ما عليه أن يعمل بعد هذا عملً"‪.‬‬
‫كان من منهج النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في الداء أنه كان دائما‬
‫ما يعمد إلى التخيير وبث روح المنافسة بين فريق عمله ‪" ..‬أل‬
‫فارس يحرسنا الليلة ؟"‪.‬‬
‫كما أنه استقبل حديث "أنيس " وهو يتحدث عن دوره وإجادته في‬
‫تنفيذه بنفس طيبة " قال ‪ :‬يا رسول الله إني وقفت على الجبل‬
‫كما أمرتني فلم أنزل عن فرسي إل مصليًا أو قاضي حاجة حتى‬
‫أصبحت فلم أحس أحدا ً "‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫فلم يتهمه النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وهو يعرض موقفه بنقص‬
‫في إخلصه ل سيما وأنه يدلي بهذا الحديث أمام جمع من صحابته‬
‫‪-‬رضوان الله عليهم ‪ ، -‬ثم يبادر النبي بتشجيعه وتحفيزه ‪" :‬ما عليه‬
‫أن يعمل بعد هذا عمل" ‪.‬‬
‫وفي هذا الثناء والتشجيع والشادة بالموقف ‪ ..‬ما يدعو كل مشرف‬
‫أو مدير إلى استنفاذ طاقة فريقه وتفانيهم في العمل ‪ ،‬كما أن‬
‫الرسول أتقن فن التحفيز والتشجيع من خلل الوصاف المتميزة‬
‫على صحابته‪ ،‬فأبو بكر الصديق وعمر الفاروق – رضي الله عنهما‪-‬‬
‫كما ذكر محمد أحمد عبد الجواد في كتابه "أسرار التميز الداري‬
‫والمهاري في حياة الرسول"‪.‬‬
‫مهارة بناء العلقات مع الخرين ‪ ..‬والتعامل مع الناس‬
‫إذا كانت الدارة الناجحة في حقيقتها ‪ ..‬هي فن إدارة الخرين‬
‫لتحقيق هدف معين؛ فإن مناط نجاحها هو التعامل المثل مع هؤلء‬
‫البشر الذين يراد بهم تحقيق هذا الهدف ‪..‬‬
‫ومن ثم تصبح من المسلمات لكل من يتولى مهمة الدارة أو‬
‫يتصدى لقيادة الخرين أن يجيد هذا الفن‪ ،‬حيث إنه سيواجه أصنافاً‬
‫من البشر تختلف عن بعضها في المزجة والميول والمشارب‬
‫والتجاهات‪ ،‬وإذا تأملنا هذه الصفة في سيد النبياء ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬وجدناها جلية واضحة ‪..‬‬
‫يقول المام البخاري ـ رحمه الله ـ ‪:‬‬
‫"‪ ..‬فدخل رسول الله‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬على خديجة ـ رضي‬
‫الله عنها ـ فقال زملوني ‪ ..‬زملوني " فزملوه حتى ذهب عنه الروع‪،‬‬
‫فقال لخديجة وأخبرها الخبر ‪" :‬لقد خشيت على نفسي "‪ ،‬فقالت‬
‫خديجة ‪ :‬كل والله ل يخزيك الله أبدا ً ‪" ..‬إنك لتصل الرحم ‪ ،‬وتحمل‬
‫ل ‪ ،‬وتكسب المعدوم‪ ،‬وتقرى الضيف‪ ،‬وتعين على نوائب الحق ‪..‬‬ ‫الك ّ‬
‫"‪.‬‬
‫لننظر في هذه الصفات ولنتأمل فيما قالته السيدة خديجة ‪-‬رضي‬
‫الله عنها‪ -‬عن رسول الله ‪ ،‬ولكي ندرك أكثر هذه المهارة ونتعامل‬
‫بها؛ فإن هنا بعض المنطلقات التي ينبغي اليمان بها حتى تكون‬
‫حركتنا في هذا المجال راشدة ومهدفة ‪:‬‬
‫* في بناء العلقات لبد من معاملة كل فرد على أنه مهم ‪ -‬وهو‬
‫بالفعل كذلك‪ -‬فل يوجد إنسان بل قيمة‪ ،‬وأنت ل تعرف من ستحتاج‬

‫‪209‬‬
‫إليه غداً‪ ،‬كما أن العالم صغير حقيقة ل مجازاً‪ ،‬وستدهش عندما‬
‫تكتشف أن كثيرين ممن تعرفهم سيتقلدون مناصب مهمة لم تكن‬
‫تتوقعها ‪.‬‬
‫* في مجال التعامل مع الخرين ينبغي أن ننتبه إلى أن أنهم ليسوا‬
‫نمطا ً واحداً‪ ،‬وفي نفس الوقت مطلوب منا أن نتعامل معهم جميعاً‪،‬‬
‫ومن ثم كان علينا أن نعرف الجهد في تنمية مهارات التعامل معهم‬
‫بأنماطهم المختلفة‪ ،‬وليس الحكم عليهم وتقييمهم؛ لننا لن نعدم أن‬
‫نجد بعض نقاط التميز حتى في الشخصيات التي نختلف معها ‪.‬‬
‫وفي حديث السيدة خديجة جعلت من صفات الرسول شخصية‬
‫مجمعة؛‬
‫ل‪ ،‬ويكسب المعدوم‪ ،‬وفي هاتين الصفتين إشارة إلى‬ ‫فهو يحمل الك ّ‬
‫ما ينبغي أن يتمتع به من يدير الخرين تجاههم من عاطفة جياشة‬
‫تجعله يسعى إلى خدمتهم والسهر على راحتهم والمسارعة في بذل‬
‫الخير لهم‪ ،‬وهو صلى الله عليه وسلم يقري الضيف؛ لذا لبد للمدير‬
‫ما وجوادا ً يحسن استقبال ضيفه ‪.‬‬‫الناجح أن يكون دائما كري ً‬
‫مهارة التفويض الفعال ‪ ..‬وتوزيع المسؤوليات‬
‫إن الكتاف القوية ل تنمو إل بالتدريب‪ ،‬والمساعدون الكفاء ل‬
‫يولدون من فراغ‪ ،‬والمؤسسات القوية هي التي تحسن إدارة عملية‬
‫تفويض المسؤوليات والختصاصات‪ ،‬ول تعتمد على مستوى إداري‬
‫واحد تحسن إعداده فحسب؛ وإنما تبني كل منطلقاتها وحركتها على‬
‫إدارة عملية التفويض‪ ،‬حتى ل يمر في أية مرحلة من مراحله‬
‫بمنعطفات أو مشكلت تنبع من عدم وجود المستوى المؤهل لتناول‬
‫القيادة من سابقه ‪ ،‬كما أن نجاح المدير أو المشرف يكمن في‬
‫إدراكه لهذا المر في مؤسسته أو إدارته ‪.‬‬
‫ولقد أدرك الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أهمية هذا المر‪ ،‬ومن‬
‫ثم ‪ :‬أوجد النبي لكل طاقة ما يناسبها من عمل‪ ،‬ووزع المسؤوليات‪،‬‬
‫وفرض المهام ومنح أجزاء متساوية من المسؤولية والسلطة‬
‫لصحابه رضي الله عنهم؛ ففي عهده صلى الله عليه وسلم تولى‬
‫على بن أبي طالب وعثمان بن عفان كتابة الوحي ‪ ،‬كما كان يقوم‬
‫بذلك أيضا ً أثناء غيابهما "أُبي بن كعب ‪ ،‬وزيد بن ثابت وكان الزبير‬
‫بن العوام وجهيم بن الصلت يقومان بكتابة أموال الصدقات ‪ ،‬وكان‬
‫حذيفة بن اليمان يعد تقديرات الدخل من النخيل‪ ،‬وكان المغيرة بن‬
‫شعبة والحسن بن نمر يكتبان الميزانيات والمعاملت بين الناس ‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫وفي هذا إشارة إلى أصحاب المسؤوليات في تفويض المهام‪ ،‬وأن‬
‫يعهد ببعض مهامه إلى أحد معاونيه‪ ،‬ويعطيه سلطة اتخاذ القرارات‬
‫ض‪.‬‬
‫مر ٍ‬ ‫اللزمة للنهوض بهذه المهمة على وجه ُ‬
‫ومما لشك فيه أن النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬إذا أدى هذه‬
‫الدوار؛ فإنه سيكون أسرع وأفضل ‪ ،‬ولكن على المدى القصير‪،‬‬
‫وسيتحمل أكثر من طاقته‪ ،‬ويغرق في كثير من التفاصيل الروتينية‬
‫وتصبح المسؤولية عبئا ً ثقيل ً ‪.‬‬
‫ومن ثم أدرك الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أن قدرته على‬
‫تحقيق النتائج ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأداء أصحابه ‪.‬‬
‫وقد ظهر تفويض السلطة في عهد الخلفاء الراشدين حينما كان‬
‫سيدنا عمر بن الخطاب يطلق الحرية لعماله في الشؤون الوظيفية‪،‬‬
‫ويقيدهم في المسائل العامة‪ ،‬أي يفوضهم بعضا ً من السلطات‬
‫ويراقب عملهم في حدود ذلك التفويض‪ ،‬وكان يختبر موظفيه بين‬
‫الحين والخر ليتأكد من كفاءاتهم وقدرتهم ‪.‬‬
‫سا‬
‫ويبدو ذلك جليًا في موقفه مع (كعب بن سور) حينما كان جال ً‬
‫عند عمر فجاءته امرأة تشكو زوجها فقال " لكعب ‪ :‬اقض بينهما‬
‫فلما قضي قضاءه قال لكعب ‪" :‬اذهب قاضيًا على البصرة" ‪.‬‬
‫وهنا ل ينبغي للمشرف أن ينظر إلى التفويض على أنه تهرب من‬
‫المسؤولية؛ لنه المسؤول في النهاية عن نتائج إدارته‪ ،‬ومن ثم فهو‬
‫يفوض طريقة العمل ول يفوض المسؤولية ‪.‬‬
‫كما أن التفويض ليس تخلصا ً من المهام غير الممتعة‪ ،‬بأن يعهد بها‬
‫المدير إلى أحد مرؤوسيه؛ إنما ينبغي أن ننظر إلى التفويض على‬
‫أنه إيجاد البدائل القادرة على القيام بالصورة المثلى في المستقبل‬
‫مستصحبة في أدائها الفعال ما سبق لها من تجربة ناضجة في أدائه‬
‫‪.‬‬
‫التميز الداري في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم(‪)2/2‬‬
‫إسلم عبد الله ‪5/8/1424‬‬
‫‪01/10/2003‬‬
‫نحن نعقد الجتماعات لكي يعبر كل فرد فيها عن وجهة نظره في‬
‫القضايا المطروحة ‪ ،‬وحتى يتاح للمجتمعين هذا المر لبد من‬
‫التركيز على الجوانب النسانية في الجتماعات‪ ،‬وعدم الوقوف عند‬
‫الجوانب الشكلية في الجتماع ‪ ،‬ومن ثم كان جواز المرور لي مدير‬

‫‪211‬‬
‫فعال في إدارة اجتماعاته هو أن يدع كل فرد يعبر عما يؤرقه‪ ،‬وأن‬
‫يجمع الخرين حوله‪ ،‬ول ينحاز لحد داخل الجتماع؛ بل يسعى جاهداً‬
‫في أن يجعل مجموعته صفًا واحدا ً ‪.‬‬
‫والمتأمل في مواقف النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في إدارته‬
‫لجتماعاته يلمح هذا المر جلياً؛ فقد كان الرسول في اجتماعاته‬
‫ومجالسه "ل يجلس ول يقوم إل على ذكر ول يوطن الماكن وينهى‬
‫عن إيطانها (أي اختصاص كل واحد بمجلس معين في المسجد أو‬
‫غيره ) وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر‬
‫بذلك ويعطي كل جلسائه نصيبه‪ ،‬ل يحسب جليسه أن أحدا أكرم‬
‫ما) في حاجة صابَره‬ ‫عليه منه ‪ ،‬من جالسه أو قاومه (وقف معه قائ ً‬
‫حتى يكون هو المنصرف عنه‪ ،‬ومن سأله حاجة لم يرد إل بها أو‬
‫بميسور من القول "‪.‬‬
‫أما عن سيرته في جلسائه ‪ :‬فقد " كان الرسول دائم البِشر‪ ،‬سهل‬
‫الخلق‪ ،‬لين الجانب‪ ،‬ليس بفظ (سيئ الخلق)‪ ،‬ول غليظ‪ ،‬ول سخاب‬
‫(صياح)‪ ،‬ول فحاش ول عياب‪ ،‬ول مّزاح ‪ ..‬يتغافل عما ل يشتهي‪ ،‬ول‬
‫يؤيس منه راجيه ول يخيب فيه ‪."..‬‬
‫فقد ترك نفسه من ثلث ‪ :‬المراء (الجدل) ‪ ،‬والكثار ‪ ،‬وما ل يعنيه ‪.‬‬
‫وترك الناس من ثلث‪ :‬كان ل يذم أحدا ً ول يعيره‪ ،‬ول يطلب عورته‪،‬‬
‫ول يتكلم إل فيما يرجو ثوابه ‪.‬‬
‫إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير فإذا تكلم‬
‫سكتوا‪ ،‬وإذا سكت تكلموا‪ ،‬ول يتنازعون عنده ( أي ل يتكلمون سوياً‬
‫) ‪ ،‬ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ ‪.‬‬
‫مهارة المتابعة وتقويم الداء‬
‫إن وجود هدف مخطط له في أية مؤسسة أو في أي عمل من‬
‫أعمال الفريق ل يعني أن الهدف قد تحقق ‪.‬‬
‫ومن ثم كان على المدير أو المشرف أن يقوم بمجموعة من‬
‫الساليب والجراءات لكي يتأكد من أن ما تم إنجازه مطابق لما‬
‫يجب أن يكون‪ ،‬ومحققا له ‪ ،‬ولك أن تتخيل ماذا يحدث لو تركنا كل‬
‫شئ يجري دون أن نتأكد من أن ما يتحقق أو ما تحقق مطابق‬
‫للهداف ‪.‬‬
‫فالمدير الناجح أو المشرف الناجح مثل قائد السفينة‪ ،‬ل يمكن ول‬
‫يصح أن يترك عملية الرقابة حتى يكتشف أنه ضاع أو تاه؛ بل يجب‬

‫‪212‬‬
‫عليه أن يتأكد أن سفينته في طريقها للهدف المحدد لها بالكفاءة‬
‫المحددة مقدما ً ‪.‬‬
‫وقد تواترت المواقف النبوية التي تشير إلى أن الرسول ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬قد أولى المتابعة أهمية خاصة ‪ ،‬وصحح من خللها‬
‫كثيرا ً من الخطاء التي وقع فيها الصحابة ‪-‬رضوان الله عليهم‪،-‬‬
‫وتعددت مناهج هذه المتابعة؛ فتارة نجدها قبل العمل‪ ،‬وتارة أثناء‬
‫العمل‪ ،‬وتارة أخرى بعد انتهاء العمل ‪.‬‬
‫في قصة "كعب بن مالك" وتخلفه عن غزوة تبوك قدوة ومثل؛ فقد‬
‫جاء كعب بن مالك فلما سلم عليه تبسم تبسم المغضب‪ ،‬ثم قال له‬
‫‪ :‬تعال قال فجئت أمشي حتى جلست بين يديه؛ فقال لي " ما‬
‫خلّفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟" فقلت‪ :‬بلى‪ ،‬إني والله لو‬
‫جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت إني سأخرج من سخطه‬
‫بعذر ‪ ،‬ولقد أعطيت جدل ً ‪ ،‬ولكني والله لقد علمت إن حدثتك اليوم‬
‫ي ولئن حدثتك‬ ‫حديث كذب ترضى به ليوشكن الله أن يسخطك عل ّ‬
‫ي فيه إني لرجو فيه عفو الله عني‪ ،‬والله ما‬ ‫حديث صدق تجد عل ّ‬
‫كان لي من عذر‪ ،‬والله ما كنت قط أقوى ول أيسر مني حين‬
‫تخلفت عنك؛ فقال رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" : -‬أما هذا‬
‫فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك" فقمت ‪.‬‬
‫كان من نهج النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في تعامله مع صحابته‬
‫المتابعة وتقويم الداء‪ ،‬فهو يسأل " كعب بن مالك " عن سبب‬
‫تخلفه في الغزوة "ألم تكن قد ابتعت ظهرك؟" فما كان رسول‬
‫‪-‬الله صلى الله عليه وسلم‪ -‬يترك كل فرد يتصرف من تلقاء نفسه‪،‬‬
‫وإنما كان يتابع ويُسائل وإن كانت هناك فكان يحاسب ‪.‬‬
‫ومن ثم كان على المدير أن يتابع وأن يقوّم أداء فريقه؛ لنه إذا‬
‫تُركت المور بغير متابعة فسوف تختلط المور ‪ ،‬ويضيع جهد‬
‫العاملين ‪ ،..‬غير أن هذه المتابعة ل ينبغي أن تكون في كل دقائق‬
‫أمورهم؛ فإن ذلك يبعث على النفور‪ ،‬ويشعرهم بأنهم في حصار‬
‫مستمر‪ ،‬ومن ثم يضطرون لخفاء الحقائق أو التورية‪ ،‬فيها ويفقده‬
‫ذلك ثقته بنفسه ‪.‬‬
‫فل ينبغي للمشرف أن يجعل فريقه يصل إلى هذه الحال حرصاً‬
‫على سلمة قلوبهم وصدق حديثهم وتحرر أفئدتهم ووجدانهم ‪ ،‬وقد‬
‫عزل النبي "العلء بن الحضرمي" عمله في البحرين؛ لن وفد عبد‬

‫‪213‬‬
‫القيس شكاه وولى إبان بن سعيد‪ ،‬وقال له ‪" :‬استوص بعبد القيس‬
‫خيرا ً ‪ ،‬وأكرم سراتهم "‪.‬‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم يستوفي الحساب على العمال‪،‬‬
‫ويحاسبهم على المستخرج والمصروف ‪ ،‬وقد استعمل صلى الله‬
‫عليه وسلم مرة رجل ً على الصدقات‪ ،‬فلما رجع حاسبه ‪.‬‬
‫وعن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله‬
‫استعمل رجل ً من الزد على صدقات بني سليم‪ ،‬فلما جاء بالمال‬
‫ي؛ فقال النبي‪:‬‬ ‫ُ‬
‫حاسبه فقال الرجل هذا لكم وهذا هدية أهدي إل ّ‬
‫"فهل جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت‬
‫صادقا ً ! " ثم قام صلى الله عليه وسلم خطيبا ً فحمد الله وأثنى‬
‫عليه ثم قال‪ " :‬ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولنا الله‬
‫فيقول ‪ :‬هذا لكم وهذا أهدي إلي‪ ،‬أفل جلس في بيت أبيه وأمه حتى‬
‫تأتيه هديته ؟ والذي نفس محمد بيده ل نستعمل رجل ً على العمل‬
‫بما ولنا الله فيغفل منه شيئا ً إل جاء يوم القيامة يحمله على عنقه‬
‫"‪.‬‬
‫فهذا رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يحاسب عماله‪ ،‬ويناقشهم‬
‫من أين لهم ما يملكون؟ ومن أي طريق وصل إليهم؟‬
‫كما سار على هذا النهج عمر ـ رضي الله عنه ـ‪ ،‬أخرج البيقهي وابن‬
‫عساكر عن طاووس أن عمر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال ‪ :‬أرأيتم إن‬
‫ي؟‬ ‫استعملت عليكم خير من أعلم ثم أمر بالعدل أقضيت ما عل ّ‬
‫مل بما أمرته أم ل؟‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ! قال ل حتى أنظر في عمله أع ِ‬
‫‪..‬فهذه كانت بعض من تعاليم المدرسة النبوية في فن قيادة‬
‫الخرين‪..‬‬
‫=======================‬
‫التنديد والستنكار ل يُغنيان عن التبصير والحوار‬

‫الكاتب‪ :‬محمد سعيد رمضان البوطي‬


‫إنكار المنكر والتنديد به واجب ديني أمر به الله ضمن شروط‪ ،‬وهو‬
‫من أولى ثمرات البغض في الله‪ .‬وقد صح عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قوله‪« :‬أوثق عرى اليمان بالله الحب في الله‬
‫والبغض في الله»‪ .‬وملقاة صاحب المنكر لدعوته إلى القلع عنه‪،‬‬
‫والسعي إلى إقناعه بذلك عن طريق الحوار‪ ،‬واجب ديني آخر ل‬

‫‪214‬‬
‫معنى للستنكار والتنديد من دونه‪ ،‬وحسبك دليل ً قاطعا ً على ذلك‬
‫قوله تعالى‪« :‬أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة‬
‫وجادلهم بالتي هي أحسن»‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن أصواتا ً كثيرة من مسؤولين وغيرهم‪ ،‬ارتفعت في‬
‫الدنمارك بعد ازمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة الى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬تدعو علماء المسلمين والدعاة إلى هذا‬
‫الواجب الذي أناطه الله بأعناقهم‪ ،‬وإلى التلقي لبحث هذا‬
‫الموضوع‪ ،‬وفتح باب الحوار حول حقيقة السلم وما ينبغي أن‬
‫يعرفوه من سيرة رسول الله‪ .‬وسئلت من قبل بعض من وجهت‬
‫إليهم هذه الدعوة عن رأيي في الستجابة لها‪ ،‬فقلت‪ :‬إذا دعينا إلى‬
‫التباحث والحوار حول السلم أو ما يتعلق به‪ ،‬فل خيار لنا في المر‪،‬‬
‫والستجابة للدعوة واجبة‪ ،‬والخطاب القرآني في ذلك قاطع‪ .‬غير‬
‫أني علمت من بعد أن في السلميين (وأنا ل أحب التعامل مع هذا‬
‫من حذ ّر من‬ ‫المصطلح‪ ،‬لكنني أستعمله الن على سبيل المشاكلة) َ‬
‫الستجابة لهذه الدعوة‪ ،‬وأصّر على أن الحوار مرفوض وغير وارد‬
‫وبذل جهدا ً كبيرا ً للصد ّ عن هذا السبيل!‬
‫وبصرف النظر عما تم بعد ذلك من توجه ثلّة من الناشطين في‬
‫أعمال الدعوة السلمية إلى الدنمارك‪ ،‬ومن اللقاءات الحوارية التي‬
‫تمت‪ ،‬والثار المحمودة التي نجمت عن ذلك‪ ،‬فإني أود أن أسأل‬
‫أولئك الذين ضاقوا ذرعا ً بالحوار وحذروا إخوانهم منه‪ ،‬وذهبوا في‬
‫استنكار سعيهم إلى ذلك قريبا ً من استنكارهم للذين تطاولوا على‬
‫رسول الله‪ :‬أهو استنكار منكم لمشروعية الحوار مع الخرين‪ ،‬أم‬
‫هو قناعة منكم بأن الذين توجهوا للقيام بهذا الواجب غير مؤهلين‬
‫له‪ ،‬وبأن سياسة الدعوة إلى الله ومحاورة الخرين عن طريق‬
‫الدعوة وقف على منظمة أو جمعية‪ ،‬أنتم دون غبركم سدنتها‪ ،‬وإليها‬
‫دون غيرها كلمة الفصل في قرار الستجابة وعدمها؟‬
‫نفترض أول ً أن الموقف هو إنكار مشروعية الحوار مع الخرين‬
‫عموماً‪ ،‬أو مع الذين توّرطوا في التطاول على رسول الله خصوصاً‪.‬‬
‫ول بد أن نبدي في هذه الحال دهشتنا من تجاهل ما هو معلوم‬
‫بالبداهة من أوامر القرآن وما هو معلوم لكل مسلم مثقف من‬
‫ي الدعوة إلى الحوار أمام قول‬ ‫سيرة رسول الله‪ .‬اذ كيف يتأتى ط ّ‬
‫الله تعالى‪« :‬أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة‬
‫وجادلهم بالتي هي أحسن»؟ وفي القرآن مشاهد كثيرة للحوار‬

‫‪215‬‬
‫ما بالقرآن‪ .‬بل‬ ‫العقلني مع الخرين‪ ،‬ل يجهلها من هو على صلة ّ‬
‫كيف يتأتى العراض عنه والتهوين من شأنه وقد علمنا أن رسول‬
‫الله ضحى بسبعة من عيون أصحابه يوم الرجيع في سبيل الحوار‬
‫مع المشركين‪ ،‬ثم ضحى في العام ذاته بسبعين من أخلص أصحابه‬
‫على طريق الحوار مع المشركين في نجد‪ ،‬لم ينج منهم إل واحد‬
‫أبقاه الله ليعود إلى رسول الله بخبر ما جرى لخوانه؟‬
‫وقد دل عمله عليه الصلة والسلم على أنه لم يكن يشترط‬
‫لمشروعية الحوار أن يكون ناجحا ً أو يغلب عليه النجاح‪ ،‬بل كان‬
‫ن نجاح‬ ‫ينطلق إليه استجابة لمر الله‪ ،‬بصرف النظر عن النتائج‪ .‬إ ّ‬
‫الحوار مع الخرين‪ ،‬في يقينه‪ ،‬أن يتم على النهج الذي أمر الله به‪،‬‬
‫سواء هدي الخرون إلى الحق بسببه أم أصّروا على باطلهم‬
‫وتمسكهم به‪ .‬إنه البلغ الذي ل بديل عنه‪ ،‬وهو الواجب المراد‬
‫لذاته‪ ،‬بصرف النظر عن النتائج‪ .‬ثم إن العراض عن الدعوة التي‬
‫توجه إلى المسلمين للتلقي من أجل الحوار‪ ،‬ل بد ّ أن يحمل في‬
‫طياته الدللة على أن كل ً من الستنكار والتنديد مطلوب لذاته‪،‬‬
‫وليس وسيلة لحل مشكلة أو أداة للقلع عن منكر‪ .‬ومعاذ الله أن‬
‫يحتضن السلم مثل هذه الدللة‪.‬‬
‫وصفوة القول أن محاورة الخرين هو العمود الفقري لسائر أعمال‬
‫الدعوة إلى الله‪ ،‬وحسبك من قدسية أعمال الدعوة إليه عز وجل‬
‫قوله في محكم تبيانه‪« :‬ومن أحسن قول ً ممن دعا إلى الله وعمل‬
‫صالحا ً وقال إنني من المسلمين»‪ .‬فمن وقف في وجه الحوار أو‬
‫فنّده أو استخف به‪ ،‬فليعلم أنه إنما اتخذ هذا الموقف من واجب‬
‫الدعوة إلى الله عز وجل‪.‬‬
‫على أن تلقي علماء المسلمين ودعاتهم مع الخرين أيا ً كانوا على‬
‫مائدة المباحثة والحوار‪ ،‬له آثار ونتائج أخرى ذات أهمية بالغة‪ .‬اذ‬
‫يزيل كثيرا ً من اللبس الذي يرسخه ويضخمه تجافي الطراف عن‬
‫اللقاء‪ ،‬ويكشف عن كثير من النقاط الغامضة والمور المجهولة‬
‫التي تسبب الوحشة وتفتح أمام العدو المشترك مجال ً رحبا ً لليقاع‬
‫بين الطراف‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن اللتباس القائم بين حرية‬
‫التعبير عن الرأي والمعتقد‪ ،‬وحرية إيذاء الخرين بالهمز واللمز‬
‫وتمزيق الكرامة‪ ،‬في ذهن كثير من الناس في الغرب‪ ،‬إنما يزيله‬
‫التلقي والحوار‪ .‬وعلى سبيل المثال أيضا ً من المفيد جدا ً أن يستبين‬
‫لكل من الجالية السلمية في أوروبا والقائمين بالحكم وإدارة‬

‫‪216‬‬
‫المور السياسية فيها‪ ،‬ما يلعبه طرف ثالث من دور خفي وخطير‬
‫مة الحكم هناك‪ .‬وقد كان‬ ‫سكين بأز ّ‬‫م ِ‬‫لليقاع بين تلك الجالية والم ْ‬
‫هذا الدوُر إلى المس القريب خفياً‪ ،‬وكان أبطاله يتوارون عن أعين‬
‫الرقباء في الظل‪ .‬لكن كُل ً من الدور وأصحابه باتا اليوم جليين‬
‫ومكشوفين‪ ،‬ويتلخصان في ما أقدمت عليه الصهيونية العالمية من‬
‫سلسلة محاولت‪ ،‬إثر النتيجة التي انتهى إليها الستفتاء في‬
‫المجتمعات الغربية كلها قبل خمس سنوات‪ ،‬والذي كانت نتيجته أن‬
‫إسرائيل هي الدولة الرهابية الولى في العالم‪ ،‬وهي أيقنت أن ما‬
‫جاء بهذه النتيجة غير المتوقعة إنما هو نشاط الجاليات السلمية‬
‫المتزايد في أوروبا عدديا ً وتغلغل ً حضارياً‪.‬‬
‫وسرعان ما وقعت إسرائيل على العلج الذي يدرأ هذا الخطر الكبير‬
‫عنها‪ .‬إنه علج واحد ل ثاني له‪ ،‬هو العمل بكل الوسائل الممكنة‬
‫على اليقاع بين دوائر الحكومات الوروبية والجاليات السلمية‬
‫فيها‪ .‬كانت الوسيلة الولى إلى ذلك إثارة مسألة الحجاب السلمي‬
‫وتحريك أصحاب القرار للعمل على منعه‪ ،‬ثم أعقبتها الوسيلة الثانية‬
‫اليوم‪ ،‬وهي استثارة غيظ المسلمين عن طريق دفع بعضهم إلى‬
‫التطاول على شخص رسول الله عن طريق الرسوم‪ .‬والكشف عن‬
‫هذه الحقيقة ل سبيل له إل الحوار‪ ،‬مشفوعا ً بعرض الوثائق‬
‫والدلئل‪ .‬وسيتضح حينئذ أن الطرفين‪ ،‬الوربيين والمسلمين‪ ،‬إنما‬
‫يراد لهما أن يكونا ضحيتين لهذا المكر‪ .‬ومعرفة الخفايا في مثل‬
‫ل المشكلة وإنهاء التوتر‪.‬‬ ‫هذه الحال هي السبيل إلى ح ّ‬
‫هذا هو الفتراض الول في السبب الذي دعا أولئك الناس إلى أن‬
‫ينكروا على إخوة صالحين لهم استجابتهم للدعوة التي تلقوها من‬
‫كثير من المسؤولين الدنماركيين للتلقي على مائدة الحوار‪ .‬أما‬
‫الفتراض الثاني فهو قناعة أولئك أن الذين هَبُّوا للستجابة‪،‬‬
‫وتوجهوا‪ ،‬من دون أي استئذان منهم إلى مائدة المناقشة والحوار‪،‬‬
‫غير مؤهلين لذلك‪ ،‬وأن القيام بمثل هذا العمل ينبغي أن يكون وقفاً‬
‫على جماعة أو منظمة بخصوصها‪ ،‬ومن ثم فإن تجاوزها شق لعصا‬
‫الجماعة وعقوق لمقتضى النتماء‪ .‬ونقول تعقيبا ً على هذا الفتراض‪:‬‬
‫لو كانت الخلفة السلمية بأيامها المزدهرة ممتدة إلى يومنا هذا‪،‬‬
‫إذن لقلنا‪ :‬إن خليفة المسلمين وإمامهم هو المرجع الول في‬
‫معالجة هذه المشكلة واتخاذ القرار المناسب لحلّها‪ ،‬وإن على سائر‬
‫العاملين في الحقل السلمي من علماء السلم والداعين إليه‪ ،‬أن‬
‫يهتدوا بهديه وأن يلتزموا تعاليمه‪ ،‬ولقلنا إن أي شرود عن تعاليم‬

‫‪217‬‬
‫الخليفة شقٌ لعصا المسلمين حقا ً وفتح لثغرات الخلف في بنيان‬
‫الوحدة السلمية‪.‬‬
‫لكن عصور الخلفة السلمية طويت ‪-‬كما هو معلوم – عن حياتنا‬
‫اليوم‪ ،‬وعادت الدولة السلمية دويلت شتى‪ ،‬وأصبح علماء‬
‫المسلمين والدعاة إلى السلم جماعات متنوعة‪ .‬ول يتأتى في هذه‬
‫الحال أن تزعم جماعة منها أن لها سلطة القيادة والتوجيه على‬
‫الجماعات الخرى‪ .‬ومهما تمكنت من جمع شتات العلماء وضفرهم‬
‫ي أن أعلم كما قال المام مالك‬ ‫في جماعة واحدة‪ ،‬فإن عل ّ‬
‫للمنصور‪ :‬ان من وراء جماعتي هذه علماء أفذاذا ً كثيرين منتشرين‬
‫في أصقاع الدنيا كلها‪ ،‬ل سلطان لي على شيء من أفكارهم‬
‫واجتهاداتهم‪ ،‬وليس لي من سبيل إليهم إل الُخوة في سبيل الله‬
‫ي أن أعلم أيضا ً أن ليس لي من‬ ‫والتعاون على مرضاة الله‪ ،‬بل عل ّ‬
‫سلطان على الناس الذين انضووا في جماعتي‪ .‬إن لهم أن يكونوا‬
‫أعضاء في جماعتي اليوم‪ ،‬وأن يتحولوا عنها غداً‪ ،‬وإن لهم أن يتّفقوا‬
‫اليوم معي في اجتهاد رأيته‪ ،‬وأن يخالفوني إلى اجتهاد آخر يرونه‬
‫غداً‪.‬‬
‫فإن أنا أبيت إل اتباع الناس كلهم للجماعة التي اصطفيتها‪،‬‬
‫وأصررت على أن أتهم المخالفين لي بشق عصا المسلمين‪ ،‬ل‬
‫سيما في أمر لم يشرد المخالفون فيه عن أمر الله ورسوله‪ ،‬بل‬
‫انقادوا فيه لمر كل منهما‪ ،‬فذلك دليل ناطق بأني اتخذ من عصبيتي‬
‫الفردية أو الجماعية حاكما ً على شرعة الله وهديه‪ .‬ول أعلم في‬
‫الدنياكلها ابتلءً يطوف بالفئة الداعية إلى الله‪ ،‬شّرا ً من البتلء‬
‫بمشاعر العصبية للذات أو الجماعة‪ ،‬إنها إن هيمنت على صاحبها‬
‫أحالت شرعة الله وأحكامه إلى مطية ذلول تدار على خدمتها‪ ،‬أي‬
‫خدمة العصبية وتغذيتها بغذاء الستكبار والعتداد بالذات‪.‬‬
‫أخيراً‪ ،‬وبصرف النظر عن هذين الحتمالين والتعليق عليهما‪ ،‬فإن‬
‫الحوار الذي دعت إليه فئات من المسؤولين وغيرهم في الدنمارك‬
‫تم كما هو معلوم‪ ،‬وحقق كثيرا ً من ثماره‪ .‬وإنه لَعبادة مأجورة حتى‬
‫ولو لم يحقق شيئا ً من ثماره‪ ،‬فكيف وقد حقق الكثير منها‪ .‬ولَتمنيت‬
‫ل موانع دون اشتراكي مع الذين تقربوا إلى الله بهذا‬ ‫ح ْ‬
‫أن لم ت َ ُ‬
‫الجهاد الفكري المبرور‪ .‬ولقد عشت حياتي الغابرة كلها وأنا أقدس‬
‫الحوار وأدعو إليه واستجيب له‪ ،‬ورأيت بعيني آثاره الحميدة‪ ،‬ودوره‬

‫‪218‬‬
‫في تبديد غاشية الوحشة مع الخرين‪ ،‬ومد ً نسيج النس في مكانها‬
‫معهم‪.‬‬
‫لقد استنكرت الكفر الذي تنطوي عليه المادية الجدلية‪ ،‬ولكني‬
‫ترجمت استنكاري لها بدرسها وهضمها والتأمل في قوانينها‬
‫ومقولتها‪ ،‬ثم أقبلت إلى قادتها ومنظّريها أناقشهم فيها‪ ،‬على ضوء‬
‫موازين العلم وحده‪ ،‬فكان من وراء ذلك الخير العظيم والتلقي‬
‫على الحق‪ .‬واستنكرت الكفر الذي تنطوي عليه الفلسفة الوجودية‪،‬‬
‫وجربت حظي في التطاول على الخذين بها والمنتسبين إليها‪ ،‬وفي‬
‫تسخيفهم والستهانة بأفكارهم‪ ،‬فلم أعد من تلك التجربة إل وقد‬
‫ملت أضعاف ما اتهمتُهم به من السخافة في الفكر والضياع في‬ ‫ح ِّ‬
‫ُ‬
‫مل‬ ‫النتماء‪ .‬عندئذ أقبلت إلى الوجودية أعكف على درسها‪ ،‬وأح ّ‬
‫نفسي وعقلي أثقال سخافتها‪ ،‬ثم عدت إلى الذين أوسعوني اتهاماً‬
‫بالجهل والتخلف والفكر المشيخي الضيق‪ ،‬أحاورهم فيها وأجادلهم‬
‫في مقولتها‪ ،‬فكان أن تحول التقاذف بيننا بتهم السخافة والكفر‬
‫والجهل‪ ،‬إلى التواصل والتآنس من خلل جسور الحوار العقلني‪ ،‬ثم‬
‫تفتحت خلل الحوار فرص الحديث عن السلم وحقيقته ومصدره‪،‬‬
‫وتجلى للجميع في أكثر من لقاءٍ مصداق قول الله تعالى‪« :‬بل‬
‫نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق»‪.‬‬
‫شرط واحد ينبغي أن يلحظه ويلتزم به المسلم الداعي إلى الله‬
‫عند محاورته للخرين‪ ،‬هو أن يقف منهم موقف الند ّ من الندّ‪ ،‬ول‬
‫يجوز أن يتعالى عليهم أو أن يقف منهم موقف المرشد من مريده‬
‫أو موقف الناصح من المتنكب عن الجادة‪ .‬وحصيلة القول أن واجب‬
‫التنديد والستنكار ل يغني عن واجب التبصير والحوار‪ .‬وإذا كان‬
‫الخلص لله هو السائق والحادي‪ ،‬فلسوف ينبثق من تلقي هذين‬
‫الواجبين خير كبير يعم سائر الطراف‪.‬‬
‫صحيفة الحياة اللندنية‬
‫=======================‬
‫الجرائم الغربية‬
‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬رقية بنت محمد المحارب‬
‫تابعنا الخبر المصاحب لمقاطع الفيديو والصور التي بثت لتظهر‬
‫الجريمة البريطانية التي ارتكبها بعض العلوج البريطانيين في حق‬
‫صبية ضربوهم بوحشية‪ ،‬بعد أن استاقوهم إلى ملذ ظنوه آمنا ً من‬

‫‪219‬‬
‫العيون‪ ،‬فإذا به يظهر الفضيحة على رؤوس الشهاد ليراه العالم‬
‫كله‪ ،‬فما قول السادة غير المحترمين الذين زكموا أنوفنا وهم‬
‫يطبلون ببقاء العلوج في ديارنا‪ ،‬ويغسلون عقولنا بمقالتهم الصفراء‬
‫والخضراء مدافعين عن الثقافة المريكية الوروبية التي تحمل لنا‬
‫التقنية‪ ،‬وتقدم لنا الرقي والتطور والديمقراطية على طبق من‬
‫ذهب‪...‬‬
‫إلى كل من شاهد أحداث ضرب الصبية حتى الموت بكل ما تعنيه‬
‫كلمة البشاعة من معنى أقول أليس هذا إرهاب‪ ،‬أليس موت‬
‫السجناء في سجن أبو غريب تحت التعذيب إرهاب‪ ،‬أليس احتجاز‬
‫السجناء دون محاكمة أو موتهم في غوانتانامو إرهاب‪..‬‬
‫أم أن الرهاب عندنا محصور فيمن عافت نفسه زبدة الدنمرك‬
‫وجبنتها‪ ،‬وهو يتخيل رسوما ً مشينة لخير البرية الذي نتقرب إلى الله‬
‫بحبه وتعزيره وتوقيره‪ ،‬وهو لنا دين ‪..‬‬
‫أم أن الرهاب جمع الكلمة ليكون لنا صوت فقط!‪ ..‬صوت يقول‬
‫للعالم المتعدي على مشاعرنا ل أسمح أن تهين رسولي!‪.‬‬
‫إني لعجب كل العجب وأنا أقرأ مقالت لكتبه يمارسون تضليلً‬
‫فكريا ً وقحاً‪ ،‬ويخونون أمانتهم حينما يصبون جهودهم في مصالح‬
‫عدو أمتهم التي أرضعتهم وعلمتهم واحتضنتهم‪ ،‬فهل تملي عليهم‬
‫المصلحة الشخصية هذا الفعل لقاء ما يتقاضونه من أموال مغرية‪..‬‬
‫وهل تستحق أموال الدنيا أن أطأ عنقا ً حملتني‪ ،‬وأقطع يداً‬
‫أطعمتني‪ ،‬وأفقأ عينا ً رعتني وسهرت لجلي‪..‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫خونُوا ْ الل ّ َ‬
‫ه وَالَّر ُ‬ ‫منُوا ْ ل َ ت َ ُ‬ ‫يقول الحق سبحانه (يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬
‫نآ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن)‪.‬‬
‫مو َ‬ ‫م تَعْل َ ُ‬
‫م وَأنت ُ ْ‬ ‫خونُوا ْ أ َ‬
‫مانَاتِك ُ ْ‬ ‫وَت َ ُ‬
‫نزلت هذه الية في حاطب بن بلتعه حين بعث من يخبر قريشا ً بنية‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم غزوهم ليستعدوا له‪ ،‬ويريد بذلك أن‬
‫يتخذ عليهم يدا ً ومعروفا ً يحفظون له بها ماله ولده‪ ..‬وقد عد ذلك‬
‫الصحابة خيانة طلبوا بها إهدار دمه وحكموا عليه بالنفاق‪ ..‬لكن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر له وعفا عنه بشهوده بدر‪،‬‬
‫وأخبر عن رضا الله تعالى عن أهل بدر ولعله اطلع عليهم وقال‬
‫افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم‪ ..‬وقد ذم الله تعالى من يعّرض‬
‫مصالح المة المسلمة للخطر‪ ،‬وإن أعظم مصلحة للمسلمين هي‬
‫مصلحة ظهور عزتهم‪ ،‬وغلبة دينهم وحفظ عقيدتهم‪..‬‬

‫‪220‬‬
‫ومضة‪..‬‬
‫ساءني جدا ً خرق بعض المشائخ إجماع المة على مقاطعة البضائع‬
‫الدنمركية مع حبي لهم وتقديري لتاريخهم‪ ،‬إل أن موقفهم هذا لم‬
‫يكن مدروساً!! ولم يتحققوا فيه‪ ،‬مع أن من المهم لمن كان من‬
‫أهل المنابر أن يتريث قبل أن يصرح برأي حتى يرى أبعاد رأيه‪،‬‬
‫لسيما إذا كانت القضايا عامة تهم المة جمعاء‪..‬‬
‫ل أعتقد أبدا ً أنه ساءكم أن تروا قوة أمتكم‪ ،‬ول أزعجكم قلق‬
‫الغرب من ردة الفعل السلمية التي جعلتهم يتحسسون أنفسهم‪،‬‬
‫ويبادرون إلى التخلي عن الدنمرك بعد أن حاولوا الوقوف معها‬
‫وتبديد الحصار المضروب عليها‪ ..‬كما ظهر ذلك من المفوضية‬
‫الوروبية بانتقادها تصرف الدنمرك‪..‬‬
‫موقف الدنمرك الذي ل أحد يحسدها عليه صنعه الطباق السلمي‬
‫على المقاطعة‪ ،‬والموج الكاسح لجميع شرائح المجتمع ومؤسساته‬
‫الذي شكل طوفانا ً أرعب الغرب‪ ،‬يعيد لنا الثقة بأننا مازلنا نملك‬
‫قوة تحفظ لنا بعض عزتنا المفقودة‪ ،‬وتعيد جزءً من هيبتنا في‬
‫نفوس الخرين‪ ،‬وكم تحقق لنا هذه السياسة الشعبية من مصالح‬
‫لحكوماتنا وأمتنا وشعوبنا لو تعلمون‪..‬‬
‫ب وَلَ‬ ‫ك بأَنَهم ل َ يصيبهم ظ َ ٌ‬
‫ص ٌ‬ ‫مأ وَل َ ن َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِ ُُ ْ‬ ‫وتأملوا قوله تعالى‪{ :‬ذَل ِ َ ِ ّ ُ ْ‬
‫ظ الْكُفَّاَر وَل َ يَنَالُو َ‬
‫ن‬ ‫موْطِئًا يَغِي ُ‬‫ن َ‬ ‫ل اللّهِ وَل َ يَطَؤ ُو َ‬ ‫سبِي ِ‬ ‫ة فِي َ‬ ‫ص ٌ‬
‫م َ‬‫خ َ‬‫م ْ‬
‫َ‬
‫ب لهُم}‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ن عَدُوٍّ ن ّيْل إِل كت ِ َ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫من قُوَّةٍ}‬ ‫ستَطَعْتُم ِّ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫عدُّوا ْ لَهُم َّ‬ ‫وتأملوا قوله تعالى {وَأ َ ِ‬
‫وهل أقوى من الجتماع على الكلمة‪ ،‬وهل أضر وأدعى للفشل من‬
‫م}والله من‬ ‫حك ُ ْ‬‫ب رِي ُ‬ ‫شلُوا ْ وَتَذْهَ َ‬ ‫التفرق وشق الصف{وَل َ تَنَاَزع ُوا ْ فَتَفْ َ‬
‫وراء القصد‬
‫=======================‬
‫الحرية الحقة‬

‫د‪ .‬نجاح بنت أحمد الظهار‬


‫يدندن الغرب بكل ما أوتي من فصاحة‪ ،‬بأنه زعيم دعاة حرية‬
‫النسان والحارس المين لحرية الرأي والتعبير‪ ،‬ودليل ذلك انه‬
‫ماجاء للعراق‪ ،‬وأقام تلك الموائد الحافلة بجثث النساء والطفال‬
‫والشيوخ ال ليكفل لهم الحرية وهم في اكفان الموتى‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫ومن منافحته عن حرية الرأي والتعبير‪ ،‬انه ل يرى بأسا في ايذاء‬
‫مشاعر الشعوب‪ ،‬واستثارة حنقها وغضبها بالتعدي على مقدساتها‪،‬‬
‫والنيل من اديانها فلو رجعنا إلى وثائق هؤلء‪ ،‬المشرعين الوضعيين‬
‫الغربيين في مجال حرية الرأي بعد تجاربهم الطويلة فاننا سنجدهم‬
‫ينقسمون قسمين‪:‬‬
‫قسم يرى حرية القول دون قيد ال فيما يمس النظام العام‪ ،‬وهؤلء‬
‫ل يعيرون الخلق أي اهتمام‪ .‬وتطبيق رأيهم يؤدي دائما إلى‬
‫التباغض والتنابذ والتحزب ثم القلقل والثورات وعدم الستقرار‪.‬‬
‫وقسم يرى تقييد حرية الرأي في كل ما يخالف رأي الحاكمين‬
‫ونظرتهم للحياة‪ ،‬وتطبيق رأي هؤلء يؤدي إلى كبت الراء الحرة‪،‬‬
‫وابعاد العناصر الصالحة عن الحكم‪ ،‬ويؤدي في النهاية إلى‬
‫الستبداد‪ ،‬ثم القلقل والثورات‪.‬‬
‫اما الدين السلمي دين الوسطية‪ ،‬فانه يجمع بين الحرية والتقييد‪،‬‬
‫فل يسلم بالحرية على اطلقها‪ ،‬ول بالتقييد على اطلقه‪.‬‬
‫فالقاعدة الساسية هي حرية القول‪ ،‬واهم القيود على هذه الحرية‪:‬‬
‫‪ -1‬ان ل يكون في القول عدوان‪ ،‬وان يكون طيبا بعيدا عن الفحش‬
‫والقبح وبذاءة اللسان‪ ،‬يقول المولى عز وجل‪ '' :‬وهدوا إلى الطيب‬
‫من القول وهدوا إلى صراط الحميد'' الحج ‪.24‬‬
‫‪ -2‬الدعوة إلى الرأي بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬والمجادلة بالتي‬
‫هي أحسن‪ ،‬لقوله تعالى‪ '' :‬ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة‬
‫الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن'' النحل‪125 :‬‬
‫‪ -3‬ان يكون الكلم مطابقا للحقيقة صادقا مثبتا‪ .‬بعيدا عن الظن‪،‬‬
‫فان الصل في حرية القول هو الصدق في القوال؟ لن الكذب‬
‫قبيح مذموم‪ ،‬فقد حث السلم على توخي الصدق لقوله تعالى‪ '' :‬يا‬
‫ايها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين'' التوبة ‪119‬‬
‫‪ -4‬ان ل يسمح بالمساس بالقواعد الخلقية‪ ،‬ول يسمح بتحسين‬
‫القوال أو الفعال القبيحة كالنفاق وتعاطي الرشوة‪ ،‬والتعامل‬
‫بالربا‪ ،‬وفعل المنكرات‪.‬‬
‫‪ -5‬عدم السماح بتشكيك الناس بمعتقداتهم‪ ،‬ونشر اللحاد في‬
‫المجتمع‪ ،‬والعمل على تفريق المة والشعوب‪ ،‬كي تصبح شيعا‬
‫يقاتل بعضها بعضا‪.‬‬

‫‪222‬‬
‫‪ -6‬عدم الجتراء على الديان السماوية‪ ،‬والضرار بالسلم واهله‬
‫عامة إذ تجب العقوبة حدا وتعزيرا في هذه الحالة على المفسد‬
‫المسيء لستخدام الحرية‪.‬‬
‫‪ -7‬تحري الحق والعدل‪ ،‬وترك المحاباة والمجاملة التي تعلي الباطل‬
‫وتزهق الحق هذه الحرية الحقة المقننة بكل دقة لها ثمراتها على‬
‫الفرد والمجتمع إذ هي تنشر الثقة بين افراد المة‪ ،‬وتؤدي إلى نمو‬
‫الخاء والحب والحترام بين الفراد والشعوب‪ ،‬كما تؤدي إلى قوة‬
‫بناء المة وتماسكها وتضامنها فل يطمع فيها عدوها وتجعل من أمة‬
‫السلم هي المة الداعية إلى الخير والسلم في العالم أجمع‪.‬‬
‫‪ -8‬وان من نتاج هذه الحرية ان السلم كفل حرية الديان التي‬
‫انطوت تحت لواء حكمه وخاصة الديان السماوية‪ ،‬فالسلم قد قرر‬
‫هذه الحرية دون ان يخوض تجارب سلبية دامية كتجربة محاكم‬
‫التفتيش في العصور الوروبية الوسطى‪.‬‬
‫‪ -9‬كذلك السبان عندما غلبوا المسلمين على الندلس‪ ،‬خيروهم بين‬
‫ترك الندلس أو الدخول في دين النصرانية او القتل‪ ،‬فقضوا بهذه‬
‫الحرية الجائرة على مليين المسلمين ومنعوا ان يذكر اسم الله في‬
‫دولة كاملة عاش المسلمون فيها ثمانية قرون‪.‬‬
‫اما حرية السلم فانها تعلن انه '' ل اكراه في الدين قد تبين الرشد‬
‫من الغي '' البقرة‪256 :‬‬
‫وفي هذا ما يدحض تلك الفتراءات القائلة بان الدين السلمي‬
‫انتشر بحد السيف‪ ،‬وآخرها تلك الرسومات البشعة الكاذبة التي‬
‫نشرتها الصحف الدنماركية ومن تبعها فاظهرت سيد الخلق‬
‫واشرفهم واكرمهم صلى الله عليه وسلم وهو يعتم بعمامة مليئة‬
‫بالقذائف اشارة إلى الرهاب‪.‬‬
‫كيف يكون ذلك وهو المبلغ لقول المولى عز وجل‪ '' :‬فان اعرضوا‬
‫فما ارسلناك عليهم حفيظا ان عليك ال البلغ'' الشورى‪ 48 :‬فهذه‬
‫الية الكريمة تلزم الناس ان يحترموا حق الغير في اعتقاد ما يشاء‪،‬‬
‫وفي تركه يعمل طبقا لشريعته‪ ،‬فليس لحد ان يكره آخر على‬
‫اعتناق عقيدة ما اوترك أخرى‪ .‬وان كان عليه اقناعه بالحسنى فان‬
‫قبل عن قناعة كان له ذلك‪ ،‬وال فانه يكفي صاحب العقيدة المضادة‬
‫انه ادى واجبه فبين الخطأ وارشد إلى الحق بالحسنى‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫والسلم دين الحرية الحقة هو الذي امن غير المسلمين على‬
‫شعائرهم الدينية وتركهم يمارسونها بشكل لم يعرف له مثيل في‬
‫أي دين أو نظام آخر‪ ،‬فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يدعو‬
‫إلى تركهم وما يدينون واليهود والنصارى يترددون على كنائسهم‬
‫وبيعهم في ظل الدولة السلمية ولم يعرف ان حاكما مسلما هدم‬
‫كنيسة أو اقفل بيعة أو حولها إلى مسجد‪ ،‬ومن سماحة السلم ان‬
‫المسلم إذا كانت تحته كتابية فل يمنعها من ممارسة شعائر دينها‪.‬‬
‫ولنقارن بين هذه الحرية الحقة التي دعا اليها السلم على يد‬
‫اشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم وبين الحرية المعاصرة‬
‫التي لبست وجوها واقنعة كثيرة مبهرجة لخداع الناس‪ ،‬ولنستعين‬
‫بذاكرة التاريخ‪ ،‬ونرى ما فعلته الشيوعية وامثالها بالمسلمين في‬
‫كل انحاء المعمورة ‪ ،‬فالبستهم لباس الجوع والخوف ومنعتهم من‬
‫ممارسة شعائرهم الدينية‪ ،‬وهدمت المساجد ومنعت الذان ‪،‬‬
‫واجبرتهم على تغيير هويتهم السلمية‪ ،‬حتى السماء الشخصية‬
‫والحروف العربية لم تسلم من ذلك الجبروت‪.‬‬
‫=====================‬
‫الحرية المطلقة ‪ ..‬كيف نفهمها‬

‫الكاتب‪ :‬بشرى ماروق‬


‫إن لكل شعب الحق المطلق في ممارسة حريته داخل بلده ‪،‬لكن‬
‫ما نحب أن نلفت النتباه إليه‪ ،‬هو أن هناك حرية بالمعنى الراقي‬
‫للحرية‪ ،‬وهي الحرية التي لها خطوط حمراء ل تتجاوزها‪ .‬وهناك‬
‫حرية سلبية وهي الحرية المطلقة‪ .‬وهذه الخيرة ل يقبل بها الكل‬
‫نظرا لمساوئها الكثيرة‪ ،‬ومن يقبل بها ويقرها فل بد من أن يكتوي‬
‫بنار سلبياتها‪ ،‬لكن ليس له الحق في أن يكوي بها غيره من‬
‫الشعوب‪ ،‬إل أن أن يقبلوا‪ ،‬ونحن كمسلمين ل نقبل بأن نكتوي بهذه‬
‫النار وهذا حقنا‪ .‬لننا لنؤمن بوجود حرية مطلقة في أي مجال من‬
‫المجالت‪ .‬ونقول للشعوب التي تؤمن بالحرية المطلقة إذا كنتم‬
‫تؤمنون بها حقا‪ ،‬فلماذا تسنون فوانين وتبنون محاكم وسجون‬
‫وتكونون محامين وقضاة ‪ ...‬أليس هدا اعتداء على الحرية‪.‬‬
‫ولتقريب الصورة نضرب مثل ‪ ،‬لنفرض أننا في بلد يؤمن بالحرية‬
‫المطلقة فإذا بشخص يسب جاره وقد يتهجم عليه بغير سبب حتى‬

‫‪224‬‬
‫إذا سئل عن سبب العتداء أجاب‪ :‬هذا ليس اعتداء وإنما هي حرية‬
‫وأنا في بلد الحرية وقد آن لجاري أن يعرف ما معنى حرية‪ ،‬وهذا‬
‫شخص آخر يسوق سيارته بسرعة قياسية دون أن يتوقف عند‬
‫الضوء الحمر وقد يتسبب في حادثة حتى إذا سئل عن ذلك أجاب و‬
‫بكل بساطة ‪ :‬أنا حر وأنا في بلد يؤمن بالحرية‪ .‬فهذه هي الحرية‬
‫المطلقة التي نعتبرها اعتداء على الخر و هي حرية قد تدخل‬
‫الفراد والجماعات في دوامة من الصراعات‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫قد تقول هذه الشعوب إننا ل نؤمن بهذا النوع من الحريات‪ ،‬لذلك‬
‫سننا قوانين زاجرة هي بمثابة خطوط حمراء‪...‬حتى نضمن أمن‬
‫الفراد والجماعات وبنينا السجون والمحاكم‪ ...‬لكننا في المقابل‬
‫نؤمن بالحرية المطلقة في التعبير والمتمثلة أساسا في حرية‬
‫الصحافة‪ .‬لنقول لهم إنكم ل تؤمنون بحرية العتداء بالفعل وتؤمنون‬
‫بحرية العتداء بالقلم رغم أن المر سواء والضرر واحد‪ .‬فإذا كنتم‬
‫تعتبرون العتداء ولو بالقلم حرية فإننا نعتبر رد العتداء حرية أيضا‪.‬‬
‫لنضرب لكم مثل موسعا لنبرز سوء استغلل الحرية المطلقة في‬
‫التعبير لنفرض أن هناك من يرغب في تأليف كتاب في التاريخ‪ ،‬هذه‬
‫حرية لكن لو علمنا أن في هذا الكتاب تم تزوير حقائق‬
‫تاريخية‪.‬فهذه هي الحرية المطلقة التي ل نقرها بل نعتبرها تزويرا‬
‫للحقيقة‪.‬وهذا شخص آخر وضع نظرية أو يؤمن بنظرية معينة فألف‬
‫كتابا ليثبت صحتها وعرض فيه نتائج بحث علمي وصور لتجارب‬
‫علمية كدليل على صحتها فهذه حرية لكن إذا علمنا بأن تلك الصور‬
‫مزورة و بأن نتائج البحث محرفة وأن‬
‫القارئ يجهل هذا التحريف فهذه هي الحرية المطلقة التي نرفضها‬
‫لننا نعتبرها تحريفا للحقائق العلمية و تأخيرا لتطور العلوم ‪.‬‬
‫وهذا آخر يريد أن يترجم معاني القرآن الكريم لتفهمه فئة معينة‬
‫هذه حرية لكن لوعلمنا بأن تلك الترجمة ل علقة لها بالنسخة‬
‫الصلية‪ ،‬فهذه هي الحرية المطلقة التي نعتبرها تحريفا لكلم الله‬
‫عز وجل‪ .‬وهناك أيضا من يرغب في عرض حياة شخص بالصور أو‬
‫بالكلمات‪ ،‬هذه حرية لكن عندما نعلم أنه عرضها بشكل محرف‬
‫وبطريقة مقززة للتأثير على الرأي الخر وجعله ينفر من هذه‬
‫الشخصية‪ ،‬وعندما نعلم أكثر بأن هذا الشخص هو رسول الله عليه‬
‫الصلة والسلم فهذه هي الحرية المطلقة التي ثرنا لها نحن‬
‫كمسلمين‪ ،‬وسعينا في اتخاذ الكثير من الجراءات للرد عنها لننا‬

‫‪225‬‬
‫نعتبرها تضليل ولننا نعتبر هذا النوع من الحريات إذا لم يحد بحدود‬
‫من شأنه أن يدخل الشعوب في صراعات لنهاية لها‪.‬‬
‫قد يقول أحدهم إن الساءة استهدفت شخصا واحدا وليس كل‬
‫المسلمين واننا لنفهم سر غضب كل المسلمين‪.‬لنقول لهم إنكم لم‬
‫تعتدوا على أي شخص بل اعتديتم على رسول الله عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬وإن باعتدائكم هذا كأنكم تقولون إن المليين المليين‬
‫المليين‪ ...‬من المسلمين الذين اتبعوه منذ البعثة إلى اليوم وإلى أن‬
‫تقوم الساعة‪ ،‬ناقصي عقل وأنهم يؤمنون بخزعبلت‪ ،‬ويتبعون رجل‬
‫كله عيوب مع العلم أن فيهم علماء سجل ويسجل وسيسجل‬
‫التاريخ أسماءهم قد تركوا آثارهم في تطور العلوم‪.‬‬
‫وكأنكم تقولون إن السنة النبوية ما هي إل أساطير مع العلم أنها‬
‫أخبرتنا عن حقيقة الوجود من قبل الخلق و إلى أن تقوم الساعة و‬
‫وصفت لنا مشاهد عن الحياة البرزخية‪ ،‬وحياة ما بعد البعث‬
‫ووصفت لنا تفاصيل الزمان الذي نعيشهه الن فرأينا الكثير من تلك‬
‫التفاصيل تتجسد على أرض الواقع مما زاد من إيماننا‪.‬‬
‫وكأنكم تقولون أن السيرة النبوية الشريفة كما وصفتم تحمل في‬
‫طياتها الكثير من العيوب مع العلم أننا لو عرضناها كاملة وبصورتها‬
‫الحقيقية على أي عاقل فإنه ل يملك سوى أن يقر بأن الرسول‬
‫عليه الصلة والسلم هو أعظم شخصية عرفها التاريخ وكأنكم‬
‫تقولون أن القرآن الكريم معجزة رسول الله ص ليس كلم الله مع‬
‫العلم أن المليين المليين‪...‬من غير المسلمين أقروا بأنه كلم الله‪.‬‬
‫ولحد الن لزال العلماء يكتشفون حقائق علمية ويعتبرونها آخر‬
‫المكتشفات في ظل التطور العلمي ليجدوا أنها قد ذكرت في كتابنا‬
‫منذ ما يقارب ‪ 15‬قرنا‪...‬وكأنكم تقولون وتقولون‪...‬‬
‫قد يقول أحدهم إننا لم نقصد الساءة إنه مجرد تعبير حر ويجب أن‬
‫تفهموا حريتنا‪ .‬لنقول لهم هل حاولتم في المقابل فهم عقيدتنا‪ ...‬قد‬
‫يقول البعض إن هذا خطأ تتحمله صحيفة أو صحفي فلماذا تعتذر‬
‫الحكومة‪.‬فنجيب بأن الصحيفة أخطأت تحت شعار الحرية المطلقة‬
‫للصحافة ‪.‬هذه الحرية التي يقرها الشعب ككل والشعب الذي يؤمن‬
‫بهذه الحرية هو الذي قد جعل من الديمقراطية شعارا له‪.‬‬
‫والديمقراطية تعني حكم الشعب للشعب‪ .‬والحكومة هي من اختيار‬
‫الشعب كممثل له وناطق بلسانه‪.‬فعندما نطالب الحكومة بلعتذار‬
‫فإننا ضمنيا نطالب الشعب بلعتذار عن إقراره لحرية دون وضعه‬

‫‪226‬‬
‫لطار معقول لها يحمي من خلله حضارات باقي الشعوب‬
‫ومقدساتهم من التحريف والتزوير والعرض المشوه البعيدعن‬
‫الحقيقة‪ .‬لكن ما ينفع العتذار مع التكرار‪.‬‬
‫إن رسول الله عليه الصلة والسلم قد بلغ من جمال وكمال الخلقة‬
‫قدار ل يقل عن كمال خلقه‪.‬ومع ذلك فإنه لم يخلف لنا صورة له ول‬
‫تمثال ليس من قلة نحاتين ساعتها ولكن لحكم كثيرة نذكرمنها أنه‬
‫لم يكن قائدا عسكريا همه اجتياح العالم لبراز قوته‪.‬ول ملكا يطمع‬
‫في توسيع رقعة حكمه وبسط سيطرته على الرض‪.‬أو شخصية‬
‫مصابة بجنون العظمة همها الخلود في الرض بأي شكل من‬
‫الشكال‪.‬أو‪...‬بل كان رسول لله عزوجل همه تبليغ رسالته لكل‬
‫الناس‪.‬و لنه لو أجاز أن تؤخذ له صورة فقد يأتي زمن على عدد‬
‫من المسلمين يبلغ بهم المر من شدة حبهم له أن يسجدوا له من‬
‫دون الله أو أن يجعلوه وساطة بينهم وبين ربهم‪.‬أو قد يبلغ بهم‬
‫المر أن يعبدوه من دون الله‪.‬وكما نعلم أن البشر كلهم من آدم ول‬
‫يجوز لبشر أن يعبد بشرا مثله و لو كان رسول‪ .‬ول أن يسجد له ول‬
‫حتى أن يجعله وسيطا بينه وبين ربه‪.‬وقد حرص رسول الله على‬
‫تجنيب المسلمين الوقوع في ذلك‪...‬‬
‫والمسلمون كاتباع لسنة رسول الله عليه الصلة والسلم ل يقبلون‬
‫برسم صور له و لو لوصفه فما بالك للساءة إليه‪ .‬وأقول لمن تولوا‬
‫مهمة رسمه‪ .‬لو علمتم حقيقة الرجل الذي وصفتموه لتمنيتم لو لم‬
‫تخلق لكم أصابع من الصل‪ ..‬ولو كان رسول الله عليه الصلة‬
‫والسلم حيا اليوم وبلغته إساءتكم لما دافع عن نفسه‪ .‬ولما أمر‬
‫بحرق ول قتل ولكن لبعث لكم برسول يدعوكم إلى السلم ليبلغكم‬
‫حقيقة هذا الدين التي تظهر صوركم مدى جهلكم المطلق بعظمته‪.‬‬
‫إن رد فعل المسلمين ليس نابعا عن كراهية لشعب من الشعوب‪،‬‬
‫ولكنه إشارة منهم الى أنه ليس هناك حرية مطلقة في أي مجال‬
‫من المجالت‪ .‬وأن الحرية الحقيقية للصحافة هي عرض الحقيقة‬
‫كل الحقيقة كماهي ل تشويهها أو تحريفها بغرض التأثير على الخر‬
‫بأي شكل من الشكال‪ .‬وهذا من شأنه أن يجرد مهنة الصحافة من‬
‫أخلقياتها ويدخل القارئ في حالة شك دائم في مدى صحة المادة‬
‫العلمية‪...‬مما يضطره إلى البحث عن الحقيقة من مصادرها‪ .‬وهنا‬
‫نتساءل ماذا سيكون دور الصحافة بعد ذلك‪ .‬وما ندعوا إليه اليوم‬
‫كمسلمين أنه من أراد التعرف على حقيقة السلم فعليه أخذه من‬

‫‪227‬‬
‫المصادر الموثوق بها‪ .‬ونقول للعلم العالمي كفى تشويها لهذا‬
‫الدين‪.‬فمهما شوهتم فإنكم لتزيدونه إل علوا لن الله وعد بنصره‪...‬‬
‫وأخيرا أريد أن أقول لغير المسلمين‪ ،‬إن من حق أي إنسان أن‬
‫يعرف الحقائق الكبرى من غير تحريف ول تزوير‪ .‬كسبب وجوده في‬
‫هذه الحياة هل كان دلك مجرد صدفة و أن حياته تنتهي بموته؟ أم‬
‫أن له خالقا أوجده لداء رسالة و أنه سيحاسبه عليها بعد موته ؟ من‬
‫أراد الجواب على هذه السئلة وغيرها فإنه سيجد عند العلماء‬
‫المسلمين أجوبة تخاطب العقل قبل القلب لن السلم دين عقل‬
‫ودين‪ ،‬علم ودين عمل‪...‬‬
‫الحرية حين تكون سلوكا ً إرهابياً‬
‫ونشرت جريدة الرياض في كلمتها في ‪29/12/1426‬هـ‪:‬كلمة الرياض‬
‫======================‬
‫الحرية حين تكون سلوكا ً إرهابياً‬

‫من المستحيل أن يتعرض أي من أنبياء الديانات التوحيدية لنقد أو‬


‫سب من قبل المسلمين بجميع طوائفهم وتنوعاتهم الجنسية‬
‫والقومية‪ ،‬لن الروادع تأتي من القرآن الكريم نفسه الذي يجسد‬
‫معنى احترام المقدسات والنبياء‪ ،‬لكننا نرى أنه باسم الحرية التي‬
‫س الهم يباح انتهاك حقوق النسان والشعوب‪،‬‬ ‫ب المقد َ‬ ‫يضعها الغر ُ‬
‫ونحن ل نجد تفسيرا ً موضوعيا ً أن تقدم صحافة الدنمارك على‬
‫تشويه صورة نبي السلم (صلى الله عليه وسلم)‪ ،‬إل أنه نوع من‬
‫الرهاب المضاد وكسب الشهرة باسم دساتير وقوانين الحرية‪،‬‬
‫والتي ل ندري إذا كان العتداء على حرية معتقد يبيح هذا السلوك‬
‫الهمجي بكل ما يعنيه من معنى‪..‬‬
‫السؤال هل تجرؤ صحافة أخرى تملك نفس الحقوق والتشريعات‬
‫أن تقدم على إنكار المحرقة‪ ،‬أو التطهير اليهودي؟‪ ،‬وهل لو جرى‬
‫هذا الفعل في الدنمارك أن ل تسارع الحكومة ومنظماتها إلى ان‬
‫تستنكر وتحاكم‪ ،‬وربما تفصل المتسببين بهذه الفكار‪ ،‬لن الطرف‬
‫السرائيلي لديه وسائل الضغط التي ل تقاومها مشاريع الحرية؟‪..‬‬
‫العالم السلمي مستنفر بكل جبهاته وهيئاته أمام السخرية من‬
‫نبيهم العظيم‪ ،‬لكن إذا أخذنا بالدعاء بجوهر الحرية‪ ،‬فهل من‬

‫‪228‬‬
‫المنطقي إباحة زواج ذكر من آخر‪ ،‬وأنثى من أخرى لتحقيق هذه‬
‫العدالة باسم حرية الغرائز‪ ،‬والتي تنفر منها مملكة الحيوان؟‪..‬‬
‫إذا آمنا أن ذلك مخالفة لجوهر قيم النسان وطبيعته البشرية‪ ،‬فإن‬
‫استسهال هذا المر يدفع بأطراف دنماركية أو أوروبية لن تعتدي‬
‫على معتقدات الشعوب الخرى التي ل تتطابق معها‪ ،‬بالمقابل أل‬
‫يكون ذلك تنمية لتفجير أحقاد شعوب تدفع للتطرف أو الدفاع عن‬
‫حق منتهك؟‪..‬‬
‫الدنماركيون وضعوا أنفسهم أمام بؤر النار المشتعلة‪ ،‬وقد تكون‬
‫مقاطعة بضائعهم مقدمات صغيرة‪ ،‬لفعل أكبر طالما خلقت مبادرة‬
‫تحدي مشاعرهم من دولة ليست في حصانة من غضب ما يزيد‬
‫على مليار مسلم لم يبادروا بالعتداء‪ ،‬بل كانت طبقات المثقفين‬
‫ترى في الدول السكندنافية بؤر التوازن في احترام الشعوب‬
‫ومقدساتهم‪ ،‬لكن أن تتجه الصورة بشكل مغاير‪ ،‬فإن الحرية بقدر‬
‫ما هي حق للنسان‪ ،‬فهي ليست سلطة على رقاب الخرين تنتهك‬
‫باسمها الحريات‪ ،‬ولعل الحكومة الدنماركية التي تشعر أنها أمام‬
‫مفترق طرق بين اللتزام بقوانينها‪ ،‬وصدمة انفجار العالم السلمي‬
‫ضدها‪ ،‬ليس أمامها إل أن تفاضل بين مصلحة وطن وسلوك أفراد‪،‬‬
‫لن تداعيات المشكلة ليست دبلوماسية تحل بواسطة الحوارات‬
‫واللقاءات طالما الغضب انتشر بين القوى السلمية بمختلف‬
‫مستوياتها‪ ،‬وهو مرشح لن يتسع ويفجر هذه القوى بمختلف ردود‬
‫الفعال‪..‬‬
‫تعليق‬
‫‪1‬‬
‫الغرب المسيحي عبيدا للحقاد الصهيونية‬
‫الحرية الغربية الغت كل الضوابط والمحرمات الدينية والخلقية‬
‫فاصبحوا ل يحتشمون من شيء ول يتورعون عن قول شيء حتى‬
‫ولو كان ذلك القول يمس الذات اللهية التي يعبدون؛ ال الها‬
‫واحدا لديهم وهم اليهود؛ فل يجرؤون حتى على مناقشة الحقائق‬
‫الثابتة في كتبهم ؛‬
‫فمع ان اليهود يحتقرون المسيحين وينعتون السيدة مريم العذراء‬
‫والنبي عيسى عليهم السلم باقبح الوصافف بعكس المسلمين‬
‫الذين يخرجون من السلم لو انكروا او اساؤ الى احد من انبياء الله‬

‫‪229‬‬
‫؛ال ان يهوديا واحدا في بلد غربي يحسب له الف حساب اكثر من‬
‫مليار مسلم؛‬
‫ولكن ليس ذلك هو السبب الرئيسي لوقاحة الحكومة الدنمركية‬
‫وتخاذلها في ردع تلك الصحيفة ولكن قائد الحملة الصليبية على‬
‫السلم والمسلمين يطلب من العالم المسيحي المشاركة في هذه‬
‫الحرب عسكريا ونفسيا‬
‫فالعالم المسيحي سلم القيادة الصليبية الى امريكا ذات المال‬
‫والقوة والعناد التي تشن حربا مفتوحة على السلم بقيادة‬
‫المحافظين الجدد الذين يعتبرون اليهود اولد انبيا مقدسين وجورج‬
‫بوش صاحب خلفية دينية تعود الى جده الذي الف اكثر الكتب قبحا‬
‫في وصف السلم ورسول السلم صلى الله عليه وسلم‬
‫وال ماالذي يجعل الدنمارك وبلجيكا وغيرها من البلدان الوربية‬
‫والتي كان يسودها الهدؤ فليس بها جماعات اسلمية ولم يصبها اذا‬
‫من المسلمين تقفز فجاة بهذه الحدة ضد السلم ونبي السلم‬
‫وتبرر موقفها بعذر قبيح مثل حريتهم‬
‫يحي الحربي‬
‫‪ 06:05‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬
‫‪2‬‬
‫القتصاد هو الحل‬
‫ما ان يحدث خلف مع الدول الغربية إل وتتصدر العقوبات‬
‫القتصادية اولى الحلول من وقف التبادل القتصادي او وقف‬
‫المعونات للدول الممنوحة‪.‬‬
‫وعلى الرغم من هذة الممارسات الدائمة نجد من يحاول ان يقول‬
‫ان التلويح بالقتصاد ليجب القيام به خشيه على مشاعر الخر الذى‬
‫قد يتبادر إلى ذهنه ان المال لدى الدول العربية يستغل للعقوبات‬
‫لحل القضايا وعلينا التنبه لذلك وعلى رغم ان من بيننا من مثقفين‬
‫يحاولو ان يفكرو بغير مايقوم به الغرب حين يختلف مع اى دوله من‬
‫الدول تجد اولى التهديدات القتصاد بطبيعة الحال ولدينا التسفيه‬
‫لمن يقوم بذلك‪.‬‬
‫طارق بن محمد‬
‫‪ 07:52‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬

‫‪230‬‬
‫‪3‬‬
‫وهكذا نكران الجميل !‬
‫بعث الله تعالى نبيه محمدا ً صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين‪،‬‬
‫وهاديا ً للبشر أجمعين‪ ،‬ومعيدا ً المور إلى أنصبتها‪ ،‬جاء بالعدل‪،‬‬
‫وحكم بالعدل‪ ،‬وأمر بالعدل‪ ،‬وبيّن كيف يكون العدل‪.‬‬
‫كان عليه الصلة والسلم عادل ً مع نفسه‪ ،‬عادل ً مع أتباعه‪ ،‬عادل ً من‬
‫أعدائه‪ ،‬عادل مع القريب والبعيد‪ ،‬عادل ً مع كل شيء حتى الحيوانات‬
‫والجمادات‪.‬‬
‫جاء فأنصف عيسى عليه السلم مما رماه به أعداؤه اليهود‪ ،‬حين‬
‫اتهموا أمه العذراء بالزنا‪ ،‬وأنه ولد زنا‪ ،‬وأنصفه من غلو من غل فيه‬
‫وجعله الله‪ ،‬أو ابن الله‪ ،‬أو ثالث ثلثة‪ ،‬فقال للغلة‪(( :‬إن مثل‬
‫عيسى عند الله كمثل آدم))‪ ،‬وأنصفه ممن أنكر نبوته من اليهود‪،‬‬
‫وجعل اليمان بعيسى قرين اليمان به‪ ،‬والكفر بعيسى قرين الكفر‬
‫به‪ ،‬ول يصح إيمان عبد إل إذا آمن بعسى عليه السلم‪ ،‬وأثبت‬
‫معجزاته‪ ،‬وبيّن أنه أدى رسالة ربه‪ ،‬وأنه من ذوي العزم من الرسل‬
‫عليهم السلم‪.‬‬
‫فبماذا كافأه النصارى‪ ،‬هل اعترفوا بفضله‪ ،‬هل راعوا انصافه‪ ،‬هل‬
‫أقروا بنصرته لعيسى عليه السلم؟ للسف الشديد‪ ،‬الواقع يقول‪:‬‬
‫لقد أنكروا معروفه‪ ،‬وجحدوا فضله‪ ،‬وكذبوا بشارة عيسى عليه‬
‫السلم به‪ ،‬وما هذه الرسوم الساخرة إل دليل على تكذيبهم بمحمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ودليل على نكرانهم للجميل‪ ،‬ودليل أنهم لم‬
‫يصدقوا عيسى عليه السلم في بشارته بسيد الخلق محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫أحسنت يا جريدة الرياض بهذا الطرح‪ ،‬فسيري معبرة عن مشاعر‬
‫المسلمين‪ ،‬وكوني مجس نبضهم‪ ،‬ولسان حالهم‪ ،‬ودليل ً لشخصيتهم‪.‬‬
‫والله الموفق‪.‬‬
‫أحمد بن عبد العزيز السليمان‬
‫‪ 07:59‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬
‫‪4‬‬
‫وهذا نفهم من الحريه التي يزعمون بها‪ ,,‬هي حريتهم فقط بما يحلو‬
‫لهم‪,,‬‬

‫‪231‬‬
‫وذلك عندما اجتمع العرب المسلمون للتعبير عن رأيهم طردو‬
‫واتهمتم الدنمارك بالخائنين‪,, ,,‬‬
‫ولكن هذا ل يضر المة السلميه بل يقويها ويلم اطرافها ووحدها‬
‫بقيادة حكومتنا الرشيده‪ ,,‬حيث نلقن من يغالط على السلم درسا‬
‫ونحن لسنى بحاجه الى احد كل الدول السلميه تكمل بعضها‬
‫اقتصاديه وسياسيا ولسنى بحاجه الى تلك الدول التي هي بأمس‬
‫الحاجه الينا‪,,,‬‬
‫ولله العزه ولنبيه ثم حكومتنا الرشيده وسياستها السمحه‬
‫المتوازنه‪,,‬‬
‫للمراسله‪,,‬‬
‫‪ibrahim.qahtani@gmail.com‬‬
‫إبراهيم الشاعرة‬
‫‪ 08:43‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬
‫‪5‬‬
‫هكذا يكون متابعة الحدث يا جريدة الرياض‪.‬‬
‫شعارات الغرب زائفة‪ ،‬ونظريات ل يمكن أن تطبقها‪ ..‬شعارات‬
‫يحاولون من خللها الوصول إلى مبتغاهم‪ ،‬وما أن يتحقق هذا‬
‫المبتغى حتى يرمى بهذا الشعار في سلة النفايات‪ ،‬ثم يتم البحث‬
‫عن شعار آخر لمبتغى وهدف آخر‪..‬‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ل يضره شيء من ذلك‪ ،‬إنما الضرر‬
‫الكبر متوجه إلى تدمير الحياة البشرية السلمية‪..‬‬
‫شكرا جريدة الرياض‪ ،‬واتمنى من زاوية (كلمة الرياض) مثل تلكم‬
‫المقالت المتابعة للحدث أول بأول حيث أن الساءة من صحف‬
‫الدانمارك حدثت منذ ثلثة أشهر‪ ..‬وقد غضبت الشعوب رغم‬
‫التغييب العلمي لذلك‪ ..‬مما يدل على أنه يجب تغيير موازين‬
‫ومفاهيم العلم لدينا‪..‬‬
‫شكرا‪..‬‬
‫أحمد الحمد‬
‫‪ 09:29‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬
‫‪6‬‬

‫‪232‬‬
‫شكرا لكم‬
‫هكذا يكون الرد‬
‫مقال تشكرون عليه والى المزيد‬
‫ابو زيد‬
‫‪ 10:37‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬
‫‪7‬‬
‫اللعنه عليهم‬
‫دار النشر في الدنمارك انتهت من طبع كتاب جديد عن حياه‬
‫الرسول الكريم مرفوق بالصور الكثر اساءه للنبي الكريم ومن بين‬
‫الصور للسيده عائشه وهيه جالسه بحجر الرسول وسوف يكون‬
‫الكتاب بالسواق بعد ايام اللهم بلغت اخوكم من الدنمارك‬
‫احمد عبد اللطيف جبر‬
‫‪ 10:39‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬
‫‪8‬‬
‫ن تخاذلنا عن نصرة نبينا صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫أيها المسلمون‪ :‬إ ْ‬
‫ل ذكره‪ ،‬رافعٌ شأنه‪ ،‬معذب الذين يؤذنه في‬ ‫فإن الله ناصر نبيه‪ ،‬مع ٍ‬
‫الدنيا والخرة‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه فِي‬ ‫م الل ُ‬ ‫ه لَعَنَهُ ُ‬‫سول َ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه وََر ُ‬ ‫ن يُؤْذ ُو َ‬‫ن ال ّذِي َ‬ ‫قال الله سبحانه‪ { :‬إ ِ َّ‬
‫َ‬
‫مهِينًا }‬‫م عَذ َابًا ُّ‬ ‫خَرةِ وَأعَد َّ لَهُ ْ‬
‫الدُّنْيَا وَاْل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م}‬ ‫ب ألِي ٌ‬ ‫م عَذ َا ٌ‬ ‫ل اللّهِ لَهُ ْ‬‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ن يُؤْذ ُو َ‬‫يقول الله جل الله‪ { :‬وَال ّذِي َ‬
‫وأنتم أيها المسلمون‪ ..‬أتعجزون عن مقاطعة منتجاتهم‪ ،‬غيرة لنبيكم‬
‫صلى الله عليه وسلم؟! حتى يعلم أولئك الوغاد أن لرسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أنصاراً؛ ل يرضون أن يدنّس جنابه‪ ،‬أو أن‬
‫س بسوء عرضه‪ ،‬ودون ذلك حُّز الرؤوس‪..‬‬ ‫يم ّ‬
‫اللهم عليك بالنصارى الحاقدين‪ ،‬واليهود المفسدين‪..‬‬
‫اللهم عليك بهم فإنهم ل يعجزونك‪ ،‬اكفناهم بما تشاء يا سميع‬
‫الدعاء‬
‫‪collo_555@yahoo.fr‬‬
‫عبد العزيز ‪belgique‬‬

‫‪233‬‬
‫‪ 11:02‬صباحا ً ‪2006/01/29‬‬
‫‪9‬‬
‫أيها العرب إن لم نقف لنصرة نبيينا وديننا فعلي الدنيا السلم‬
‫اول اتمني من كل الحكام العرب مقاطعة الدنمرك سياسيا‬
‫واقتصاديا وسحب السفراء فورا ولكي تكون عضة لكل من تسول‬
‫له نفسه المساس بعقيدتنا ونبينا صلي الله علية وسلم واحذوا ان‬
‫لم نفعل لماتت عزيمتنا و دمرت هيبة المسلمين في كل العالم‬
‫وسوف يتكرر هذا الفعل المهين‪ .‬أناشد كل مسلم غيور ان يفعل ما‬
‫يرضي ربة و يقابل به رسوله يوم الحساب‪.‬‬
‫للمراسلة‬
‫‪elahmadi@yahoo.com‬‬
‫أمير عبد الماجد بشير الحمدي‬
‫‪ 12:01‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫‪10‬‬
‫شكرا لك‬
‫جزاك الله الف خير على هذا المقال وهكذا تكون الكتابة في الدفاع‬
‫عن سيد البرية‬
‫علي الزهراني‬
‫‪ 12:28‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫‪11‬‬
‫صح لسانك‬
‫صح لسانك وأبقاك الله‬
‫بندر المنصور‬
‫‪ 12:47‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫‪12‬‬
‫الكيل بمكيالين ليست حرية راي والعتداء على شخصية عظيمة‬
‫عند النسانية يعتبر ارهاب وسلوك همجي بكل ما يعنيه من معنى‪..‬‬
‫"الكيل بمكيالين" في مجتمع متحضر غير منطقي ذلك انه "عندما‬
‫يتعلق المر بمعاداة السامية تنقلب الدنيا رأسا على عقب‪ ،‬ولكن‬

‫‪234‬‬
‫عندما يطعن اكثر من مليار مسلم في رموزهم ودينهم‪ ،‬ل احد يتكلم‬
‫او يتحرك"‪ .‬ان مايكل هاردت يقول عن محمد (صلى الله عليه‬
‫وسلم ) (الشخصية الولى من مائة شخصية غيرت وجه التاريخ‪،‬‬
‫والمسيح لم يكمل مهمته فخطفته الحداث ) فكيف بهذه الشخصية‬
‫المحترمة والمقدسة من قبل مليار انسان على القل يعتدى عليها‬
‫بدون منطق فقط لمارب ومنها زج المسلمين في العنف؟ السلم‬
‫دين سلم ومحبة ودين احترام للنسان الذي يحترم نفسه‪.‬‬
‫د‪ .‬هشام النشواتي‬
‫‪ 12:57‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫‪13‬‬
‫بداية إنهيار الغرب وحضارتهم الزائفه‬
‫إ بشروا هذه بداية إنهيار الغرب وحضارتهم الزائفه وعلوا السلم‬
‫وأهله‬
‫أبو محمد الفهد‬
‫‪ 01:23‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫‪14‬‬
‫هذا ما انتظرناه كثيرا يا صحيفتنا الغراء‪.‬‬
‫أحسنت صنعا ً يا صحيفة الرياض‪ .‬بطرح مثل هذا الموضوع‪ .‬وإن‬
‫كان متأخراً‪ ...‬لكن‪ .‬شيء ((ولو متأخر)) ول نبقى بل شيء!!!‬
‫فبفضل الله جاء التحركي السعودي بدأ من مقام خادم الحرمين‬
‫بسب السفير السعودي‪ ..‬وعلى مستوى مجلس الشورى ومجلس‬
‫الوزراء‪ ،‬وبيان سماحة المفتي العام‪ ...‬وعلى مستوى الشعب‪.‬‬
‫ولم يبقى إل دور العلم‪ .‬فهاهو الن‪ ...‬ينضم‪ ...‬فالحمد لله على‬
‫اكتمال العقد‪...‬‬
‫أسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين‪ ،‬ويرد كيد الكائدين في‬
‫نحورهم‪ ،‬ويحمي حوزة الدين‪ ،‬ويوفق ويسدد ولة أمورنا‪ ،‬وصلى‬
‫الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 01:34‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫‪15‬‬

‫‪235‬‬
‫هل تمثال بوذا اهم من نبي السلم!‬
‫الجميع يتذكر حال قادة العالم العربي والسلمي‪ ،‬السياسيين‬
‫والدينيين‪ ،‬وحال القادة الدوليين و الصحافة العالمية المقروءة مها‬
‫والمسموعة والمشاهدة‪ ،‬عندما هبوا جميعا لمنع حكومة الطالبان‬
‫الفغانية من دك تمثال بوذا‪ ،‬وهو مجرد تمثال‪ ،‬لن تدمير التمثال‬
‫يمثل اهانة لشخص بوذا الذي يعتقد به البعض‪ ،‬ول يمثل هذا العمل‬
‫حرية حكومة (حتى وان اختلفنا معهم في فعلهم) تريد ان تزيل‬
‫"صنما" يعبد من دون الله من ارضها‪ ،‬بينما لم نسمع مثل هذا‬
‫الضجيج عندما تهين حفنة من الحاقدين كرامة نبي السلم والحب‬
‫والخاء‪ ،‬وكرامة اكثر من مليار وثلثمائة مليون مسلم يكنون الحب‬
‫والولء ليس لهذا النبي فحسب بل لكافة انبياء الله رسله كمعتقد ل‬
‫كحرية فردية!‬
‫فهل يا ترى تمثال بوذا اهم من نبي السلم؟!‬
‫انا لله وانا اليه راجعون‪.‬‬
‫ابراهيم‬
‫ابراهيم اسماعيل‬
‫‪ 02:05‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫‪16‬‬
‫فلنهب جميعا لنصرة الرسول الكريم‬
‫ان اقل مايمكن عمله مقابل هذه الهجمة الشرسة المجنونة على‬
‫شخص رسولنا الكريم عليه افضل السلم واتم التسليم ان نقوم‬
‫جميعنا مسلمين في شتى بقاع الرض لنصرة خير البشر وان لم‬
‫تقم الحكومات بعمل ما‪ ،‬على غرار مافعلته الحكومة السعودية‬
‫مشكورة‪،‬فيجب علينا افراد وجماعات مقاطعة جميع المنتجات‬
‫الدانماركية والنرويجيية وتسجيل الحتجاجات لدى وزارة الخارجية‬
‫الدانماركية على البريد اللكتروني ‪um@um.dk‬‬
‫نسأل الله سبحانه وتعالى ان يرد كيد الخائنين وان يشغلهم في‬
‫انفسهم وان ينصر دينه دين الحق وصلى الله وسلم وبارك على‬
‫اشرف النبياء والمرسلين‬
‫ابو احمد‬
‫‪ 02:22‬مساءً ‪2006/01/29‬‬

‫‪236‬‬
‫‪17‬‬
‫المقاطعة نعم المقاطعه‬
‫يقول قائل وما الجدوى من المقاطعه القتصاديه لو لم تكن‬
‫المقاطعه ذات جدوى لما تصدرت الصحف ونشرات الخبار لدى‬
‫الدنمارك ونرى امريكا تهدد ايران بالمقاطعه القتصاديه والسياسيه‬
‫وهي ذات جدوى فالستمرار مطلوب استمروا في المقاطعه‬
‫المنظمه ومعرفة منتجات الدنمارك والنرويج في الطريق‬
‫ابو ياسر‬
‫‪ 02:52‬مساءً ‪2006/01/29‬‬
‫=======================‬
‫ي بعد أزمة الرسوم‬ ‫الحواُر الحضار ّ‬

‫الكاتب‪ :‬د‪.‬مسفر بن علي القحطاني‬


‫بعد مرور أكثر من ستة أشهر على أزمة الرسوم المسيئة للنبي‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬وبعدما انجلى الغبار عن هذه المحنة التي‬
‫ست أعز مقدساتنا السلمية‪ ،‬وبعدما شهدت ساحتنا الفكرية‬ ‫م ّ‬
‫والشعبية ردود فعل غاضبة على ما حدث من اعتداء ‪ ..‬أعتقد أنه آن‬
‫الوان لدراسة هذه الحالة التي أيقظت المة‪ ،‬وأحيت ضميرها‬
‫المغيّب‪ ،‬وأشعلت جذوة الغيرة في النفس بعد صدمات الذلة‬
‫والنكسار‪ .‬ولبد عند تأمل هذه الظاهرة أن نفكر بعيدا ً عن‬
‫العواطف والنفعالت التي شهدتها مجتمعاتنا السلمية إبّان الزمة‪..‬‬
‫وأحب أن أساهم في رصد هذه الحالة من خلل تأملت خاصة‪ ،‬هي‬
‫رجع الصدى لفكار منثورة على صفحة هذا المقال‪:‬‬
‫أولً‪ :‬عمق المشاركة الشعبية لنصرة الرسول ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬من كافة الفئات ومختلف الشرائح؛ إذ ضربت أروع المثلة‬
‫في الحب والتضحية‪ ,‬مصداق ذلك ما شاهدناه من تحرك وعمل‬
‫فاق في حجمه وأثره الدور المرتجى من النخب المثقفة في‬
‫مجتمعاتنا السلمية؛ وهي التي تمتلك ناصية الخروج على‬
‫الفضائيات أو صفحات الجرائد والمجلت‪ .‬وأظن أن تلك النخب‬
‫مرت باختبار حقيقي كشف عن حجمها أو أثرها في أزمات المة‬
‫وقضايا المجتمع الساخنة‪ .‬فل ننكر أن هناك من تماشى مع ردود‬
‫صب نفسه إماما ً للمسلمين أو قاضيا ً لمعاقبة‬
‫الفعل الغاضبة‪ ،‬ون ّ‬

‫‪237‬‬
‫المعتدين‪ ،‬وقد وُظ ِّفت تلك التصرفات عكس ما هدفت إليه نصرة‬
‫مى‬ ‫النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ,-‬وهناك من كتم رأيه في ح ّ‬
‫من قتل‬ ‫الغضب الجماهيري مع قناعته بأن تلك التصرفات الغاضبة ِ‬
‫وإحراق وظلم في المقاطعة لغير المعنيين تصرفات خاطئة وغير‬
‫مسؤولة‪ ،‬لكن خوفه من غضب الجمهور و معاكسة إرادة الحشود‬
‫جعله يكتم النصح الحقيقي والنظرة المعتدلة والفقه اللزم في مثل‬
‫هذه الظروف‪ ,‬كما برز أصحاب التثاقل والتوهين لمشاعر‬
‫المسلمين والمتغيظين من هبّة الغيورين؛ وصدق الله العظيم في‬
‫َ‬
‫خبَال ً وََلَوْ َ‬
‫ضعُوا‬ ‫م إ ِ ّل َ‬
‫ما َزادُوك ُ ْ‬ ‫جوا فِيك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫خَر ُ‬‫وصفه لحالة أولئك ‪(:‬لَوْ َ‬
‫م)[التوبة‪ :‬من الية‪.]47‬‬ ‫ن لَهُ ْ‬
‫ماعُو َ‬ ‫س َّ‬
‫م َ‬‫ة وَفِيك ُ ْ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫فتْن َ َ‬ ‫خللَك ُ ْ‬
‫م يَبْغُونَك ُ ُ‬ ‫ِ‬
‫إن النخب المثقفة وأصحاب الرأي في المة ل يجوز لهم تأخير‬
‫البيان عن وقت الحاجة‪ ،‬وترك الشعوب تمور من الغضب اللواعي؛‬
‫مما أفقدنا كثيرا ً من مكتسبات تلك الزمة‪ ،‬وتوظيفها في مصالح‬
‫المة‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬هذا التأّزم حّرك المجتمع العالمي إلى فريق النصرة والغضب‬
‫دفاعا ً عن مقدسات ومعتقدات أكثر من مليار مسلم‪ ,‬وإلى فريق‬
‫المدافعة عن حرية الرأي وحق التعبير من غير شرط أو قيد‪ .‬وأثار‬
‫لدى الكثير من المراقبين والمحللين إمكانية العودة لنظرية الصدام‬
‫ججت‬ ‫شر بها في الغرب هنغتون وفوكوياما‪ .‬وتأ ّ‬ ‫الحضاري التي ب ّ‬
‫مشاعر المسلمين في تحميل الغرب والشرق عداوتهم البدية‬
‫للسلم‪ ،‬وكانت معطيات الصراع الديني والحضاري متوفرة في ثنايا‬
‫تلك الزمة من خلل بعض التصريحات الغربية ومحاولة إعادة نشر‬
‫الرسوم المسيئة‪ .‬وأظن أن صيحات بعض الخطباء والمنادين بحرب‬
‫الغرب قد طغت عن تفكيك الحالة الغربية وموقفها من احترام‬
‫المقدسات السلمية‪ .‬بل أغفلت أن هناك في أوروبا وحدها أكثر‬
‫من خمسين مليون مسلم أكثرهم مواطنون في تلك الدول‪ .‬ونسيت‬
‫الهدف الساس من وراء تأجيج هذه النزعة الصدامية‪ ,‬ول أدري‪ :‬هل‬
‫كان المراد منها شن الحرب على أوروبا كما شنتها القاعدة على‬
‫أمريكا التي مازلنا نتحمل تبعات تلك التشنجات المتطرفة؟! ثم‬
‫مل مئات‬ ‫أتساءل‪ :‬هل الغرب كله يحمل هذا العداء السافر حتى نح ّ‬
‫المليين من الشعوب‪ ،‬ومئات المؤسسات المعتدلة تبعات ما قامت‬
‫به بعض الصحف أو القنوات العلمية المعادية أو سفاهة بعض‬
‫المسؤولين و المثقفين الغربيّين؟! وهل من العدل أن نحاكم أمة‬
‫كاملة بتصرفات سفهائها‪ ،‬ونحن نطالبهم بنظرة العدل والنصاف‪،‬‬

‫‪238‬‬
‫في حين ل ننظر إليهم بها كذلك؟! ثم هل نقدر فعل ً أننا نمارس‬
‫عداوة أو قطيعة كاملة مع تلك الدول في عصر ل يمكن أن نتعايش‬
‫إل بالتبادل التجاري والتقني والتحالف السياسي والعسكري‪ ،‬وغيرها‬
‫من المشتركات الحاجية بين الشعوب في ظل انفتاح السواق‬
‫وتهاوي الحدود بين المجتمعات؟! ثم لماذا نحسن في إلقاء اللوم‬
‫على المتآمرين ضدنا‪ ،‬وننسى أننا صنعنا صورتنا المشوّهة في‬
‫أذهانهم من خلل تصرفات بعض أبنائنا هناك أو زوّارنا إليهم؟! هذه‬
‫السئلة وغيرها ل يمكن أن نسارع في الجابة عنها من خلل موقف‬
‫عارض‪ ،‬أو واقع نجهل تفاصيله‪ ،‬أو غفلة عن إدراك المنطلقات‬
‫الدافعة لهذه التصرفات والمآلت المترتبة عليها؟! والهروب من‬
‫الجابة عنها قد يكلفنا جهدا ً يضيع أو يحملنا عبء تكرار الخطاء‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬تحتاج المة في الفتن أن ترجع لهل العلم الراسخ والنظر‬
‫الثاقب‪ ،‬وتحذر من خطيب مصقع‪ ،‬وواعظ جاهل يشوّه الحقائق‪،‬‬
‫ويغطي العقل بلهب العواطف‪ ،‬وقد جاء في الثر عن ابن مسعود‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قوله‪" :‬شّر الناس في الفتنة كل راكب موضع‪،‬‬
‫وكل خطيب مصقع"! ويقول الحسن البصري ‪-‬رحمه الله‪" :-‬الفتنة‬
‫إذا أقبلت عرفها كل عالم‪ ،‬وإذا أدبرت عرفها كل جاهل"‪.‬‬
‫ول شك أن أهل العلم والفكر إذا اجتمعوا على أمر رشد ٍ أنه أدعى‬
‫إلى الصواب وأقرب إلى النجاة‪ .‬وأزمة الرسوم المسيئة كانت‬
‫تحتاج إلى مثل هذا الدور الذي يصنع الفعل الحضاري‪ ،‬ول يخضع‬
‫للنفعال الوقتي أو المعادي‪ ،‬ويُستثمر الحدث لصالح المسلمين‪ ،‬ول‬
‫يُوظّف ضدّهم‪ .‬ول يمكن أن نجد فعل ً حضاريا ً إل وقد تأسس على‬
‫فكرة جوهرية تنطبع على عقول الفراد تدخلهم نحو مدارج النهضة‬
‫والتقدم‪ .‬وهذا الطريق الطويل الشاقّ هو الدور الذي فعله النبياء‬
‫والرسل‪ ،‬وهو الدور الذي ينبغي أن يكمله ورثتهم‪ ،‬والسائرون على‬
‫دروب نهضتهم‪.‬‬
‫(السلم اليوم)‬
‫حج بقايا الوثنية ‪ ،‬والدعاء تَسول )‬
‫( ال َ‬
‫الكاتب‪ :‬عبدلله بن منور الجميلي‬
‫في الوقت الذي تتفاعل فيه المقاطعة القتصادية في البلد‬
‫السلمية لكل ما هو دنمركي ؛ جراء الرسوم الكاريكاتيرية‬
‫الكرتونية ‪h‬لمسيئة لنبي الهدى محمد عليه الصلة والسلم التي‬
‫نشرتها بعض الصحف هناك ؛ نجد أن من المسلمين أنفسهم من‬

‫‪239‬‬
‫يسيء إلى الدين في مؤلفاته أو مقالته ‪ ،‬ويسخر من ثوابته وأركانه‬
‫؛ بحجة الفلسفة أو أنه من تيار اليسار السلمي ؛ ومع ذلك تُشّرع‬
‫له أبواب التكريم ‪ ،‬وتستقبله القُبلت والحضان الدافئة من الجهات‬
‫شرف المملكة في حج‬ ‫الرسمية ؛ وأنا هنا أتحدث عن أحد ضيوف َ‬
‫هذا العام ؛ الذي قدّمت له وزارة الثقافة والعلم الدعوة الشرفية‬
‫ليحج على حسابها تحت وَهَج وبريق ألقابه فهو يتأبط شهادة‬
‫الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون العريقة ‪ ،‬وهو أستاذ‬
‫الفلسفة في جامعة القاهرة وبالتالي هو ( حسن حنفي ) العالم‬
‫والمفكر والفيلسوف الكبير كما يصف نفسه ؛ هذا الرجل عندما‬
‫رجع من حجه كتب مقالة في العدد (‪ ) 654‬من صحيفة أخبار الدب‬
‫التي تصدر عن دار أخبار اليوم للطباعة والنشر في القاهرة ؛ وذلك‬
‫يوم الحد ‪22/1/2006‬م ‪.‬‬
‫في تلك المقالة التي عنوانها (خواطر حاج بين تهنئة بالسفر و تهنئة‬
‫بالعودة ) مارس الكاتب وهو يجتر ذكريات رحلته ألونا ً من السخرية‬
‫والستهزاء بالدين تحت غطاء من العِبارات والنظريات الفلسفية ؛‬
‫ظ مباشرة أو جمل إيحائية ذات مدلول بعيد ؛ المقال بدأ هذا‬ ‫بألفا ٍ‬
‫ة و أسلوب العاجزين ؛‬ ‫حيل ُ‬‫المسلسل التهكمي بالتعرض للدعاء وأنه ِ‬
‫فما أن علم أقرباؤه وأصدقاؤه بأمر حجه حتى أمطروه بوابل من‬
‫الدعوات يحملها معه ‪ ،‬يقول ‪ ( :‬وتجمعت في ليلةٍ حاجات المجتمع‬
‫جزه عن تحقيق ما يريد فلم يبق له إل‬ ‫المصري وإحباطاته ‪ ،‬وع َ ْ‬
‫ئ أخير‪ ،‬بالرغم‬ ‫الدعاء في الحرم المكي أو المسجد النبوي كملج ٍ‬
‫من وصف إقبال الدعاء بأنه سؤال وشحاذة ‪ ،‬ومن يريد شيئا عليه‬
‫أن يحققه بنفسه وجهده ) ‪ ،‬وفي المطار يسخر من لباس الحرام‬
‫وأنه تأصيل للمظهرية ؛ فاللباس العادي بزعمه أقرب للتواضع‬
‫ض فوه ‪ ( :‬كانت الحيرة يوم السفر بأي‬ ‫وإخفاء النوايا يقول ل فُ ّ‬
‫ملبس يسافر الحاج‪ ،‬باللباس العادي ثم يغيره بعد الوصول إلي‬
‫ملبس الحرام‪ ،‬وهو أقرب إلي التواضع وإخفاء النوايا وأقرب إلي‬
‫التقوى أم لبس الحرام منذ مغادرة المنزل ؟ وفضل " الستاذ " ‪-‬‬
‫ستُعَرى لحقا ً ‪ -‬الخيار الول‬ ‫لحظوا النرجسية وتعظيم الذات التي َ‬
‫وغادر بالملبس العادية ‪ ،‬ووجد الناس في المطار وقد فضلوا الخيار‬
‫الثاني زي الحرام ‪ ...‬وتذكر العَالِم – أيضا ً يُبَجل ذاته ‪ -‬قول‬
‫المسيح‪ :‬إذا أردت أن تصلي فل تصل أمام الناس حتى ل تأخذ‬
‫جزاءك منهم بل ادخل إلي غرفة وأغلق الباب وصل لله حتى ل‬

‫‪240‬‬
‫يراك إل أبوك الذي في السماوات ‪ .‬والشعائر تظاهر أمام الناس ؛‬
‫وأكثر الشعائر مظهرية مناسك الحج ) ‪.‬‬
‫وفي وصف الكعبة المشرفة والطواف حولها يواصل الكاتب الكبير‬
‫إدعاءاته وسخرياته فيقول ما نصه ‪ ( :‬والكعبة بناء أسود مغطى‬
‫بقطيفة سوداء مذهبة عالية البنيان‪ ،‬عريضة الحائطين ‪ ،‬يلف الناس‬
‫حولها؛ توحي للناظر بالوثنية القديمة في العصر الجاهلي ‪ ...‬ربطاً‬
‫للجديد بالقديم‪ ،‬وللمسلمين بالحنفاء‪ ،‬وللرسول بإبراهيم ‪ ،‬من بقايا‬
‫الوثنية القديمة بعد تهذيبها ) ‪ .‬وفي إصرار منه على وصف شعائر‬
‫الحج أو بعضها على القل بالوثنية يقول عند حديثه عن الجمرات ‪( :‬‬
‫وإلي مني تتحرك المليين لرمي الجمرات من علي الجسور أو‬
‫النفاق ‪ ،...‬ومكانها من فوق الجسر إلي أسفله أو في النفق أمام‬
‫الحائط المبني كالتمثال في الجاهلية ) ‪.‬‬
‫حج‬ ‫مله ملطخ بدماء الساءة للدين وشعائر ال َ‬ ‫ج َ‬‫المقال في أغلب ُ‬
‫ولعلي أختم بنقل هذا النص ‪ ( :‬وفي النهاية يتم التحلل من‬
‫حَراما ً قبلها الحلق أو التطيب أو الستحمام بصابون‬ ‫الحرام ‪ ،‬وكان َ‬
‫ذي رائحة طيبة أو حتى عند البعض دعك السنان بمعجون به رائحة‬
‫حرِم ‪،‬‬‫م ْ‬‫النعناع أو الفواكه حتى ل ينعم الحاج بطيب الحياة وهو ُ‬
‫وكأن النظافة ليست من اليمان‪ ،‬وكأن السلم ليس دين النظافة‪،‬‬
‫وكأن النظافة ليست أساس الطهارة ‪ ،‬وفي الحلق‪ ،‬يفضل البعض‬
‫حلق شعر الرأس كلية فيصبح الحاج أصلعا ً ‪ ...‬والنوار ساطعة فوق‬
‫الرؤوس بدل أن تخرج منها ) ‪.‬‬
‫أعزائي ربما هذه المغالطات والتجاوزات لجهلها وتفاهتها ل تحتاج‬
‫من ردود فإني أتركه لهل الختصاص ‪.‬‬ ‫إلى رد ّ ‪ ،‬وإن كان ِ‬
‫من يتطاول على الدين من باب أولى أن‬ ‫ولكن هناك نقطة أخرى ؛ ف َ‬
‫يقابل الحسان بالساءة ‪ ،‬والجميل بالتهكم والنكران ؛ وهذا ما فعله‬
‫ذلك الفيلسوف في عدة مواضع من مقالته منها قوله ‪ ( :‬وتم‬
‫الوصول إلي فندق السلم " هوليداي إن " لفظ عربي يوحي‬
‫بدللت سياسية معاصرة ‪ ،‬ولفظ وافد يوحي بصناعة أمريكية ) ‪.‬‬
‫وفي معرض وصفه للقاء خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله –‬
‫يمارس لغة التهكم والتطاول فيقول ‪ ( :‬وكان خطاب الملك تقليدياً‬
‫دينيا ً خالصا ً يخلو من موضوعات الساعة التي تشغل بال المثقفين‬
‫والعلميين والعلماء ) ‪ .‬وفي مكان آخر يقول مظهرا ً الحقد الدفين‬
‫على هذه البلد وأهلها ؛ رغم أنها كَّرمته وشرفته بالحج المجاني ذي‬

‫‪241‬‬
‫الخمس نجوم ‪ ( :‬وكما بدأ الحج بتهنئة القارب والصدقاء انتهي‬
‫أيضا بالتهنئة بسلمة الوصول خاصة بعد أنباء شهداء الحجيج الذين‬
‫سقطوا فوق جسر الجمرات بالمئات بالتدافع طبقا للرواية الرسمية‬
‫‪ ،‬وبدفع رجال المن الحجيج لفساح الجسر لمرور شخصية كبيرة‬
‫مسئولة ‪ ،‬والناس طبقات وأصحاب البلد لهم الولوية في الحج‬
‫علي عامة المسلمين ) ‪.‬‬
‫ص أخير‬ ‫أعزائي أعتذر عن كثرة النقولت ‪ ،‬ولكن أستأذنكم بنقل ن ٍ‬
‫يكشف زيف اللقاب والشهادات التي يحتمي بها هؤلء ويخفون‬
‫ت من الدين ل تخفى على العامة‬ ‫خلفها جهل ً مركبا ً بمبادئَ وتشريعا ٍ‬
‫البسطاء ( وفي طريق العودة‪ ،‬بالرغم من أن الوفد كان بدعوة‬
‫رسمية من وزارة الثقافة والعلم‪ ،‬وهي التي حددت موعد السفر‬
‫وموعد العودة إل أن سلطات المطار رفضت مغادرة الوفد لن‬
‫مناسك الحج لم تنته بعد ‪ .‬فكيف نغادر فجر اليوم الثالث وينقصنا‬
‫رمي الجمرات الوسطى في اليوم الثاني الربعاء‪ ،‬والصغرى في‬
‫اليوم الثالث الخميس ‪ ،‬والمفروض أن نعود من المناسك يوم‬
‫الجمعة ويبدأ الفوج الول للمغادرة يوم السبت ؛ فلبد من إذ ْن من‬
‫وزارة الحج بأن أداء المناسك قد اكتمل ؛ فالدين أساس الدولة ‪.‬‬
‫وبعد أن وافقت السلطة الدينية علي الخروج وافقت السلطة‬
‫المنية ) ‪.‬‬
‫وفي الختام عدة أسئلة أرجو أن نسمع إجابتها قريبا ً من وزارة‬
‫الثقافة والعلم ؛ فإذا كان العالم السلمي يقف صفا ً واحدا ً تجاه‬
‫من يسيء للسلم من غير المسلمين ‪ ،‬فكيف تكرم الوزارة هذا‬
‫وأمثاله ممن لهم سوابق في سجل التهكم بالدين السلمي وثوابته‬
‫ومؤلفاتهم وكتاباتهم خير شاهد ويمكن الرجوع في ذلك لمقالته في‬
‫جريدة التحاد الماراتية ؟‬
‫ثم ما الغرض والفائدة من دعوة هذا وأمثاله ‪ ،‬وكذا زمرة الفنانين‬
‫والراقصات للحج أو العمرة ؟ هل نحتاج للسنتهم المسمومة ‪،‬‬
‫وإمكانياتهم البارزة ؟ وإذا كان ولبد من هذه الدعوات المجانية‬
‫أليس الفقراء بها أولى ؟‬
‫‪aaljamili@yahoo.com‬‬
‫============================‬
‫الدعاة ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم‬

‫‪242‬‬
‫الكاتب‪ :‬شيماء سيد‬
‫‪ -‬د‪ .‬الفرماوي‪ :‬المطلوب إحياء سنته والقتداء به‬
‫‪ -‬د‪ .‬البري‪ :‬علينا اللتزام بتعاليمه وسيرته‬
‫لكل إنسان قدوة ٌ يقتدي بها ويتخذها مثل ً أعلى له‪ ،‬وغالبًا ما يتخذ‬
‫ب آباءَهم أو أمهاتِهم قدوة ً لهم‪ ..‬أما المسلمون فلهم في‬ ‫الشبا ُ‬
‫رسول الله القدوة والسوة الحسنة‪ ،‬فالنبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫كان قدوة ً في كل مجالت الحياة‪.‬‬
‫فإذا كنت فقيًرا تستطيع أن تقتدي به‪ ،‬عندما كان يسأل أزواجه‬
‫الطعام فإذا لم يجد يصمت‪.‬‬
‫وإذا كنت غنيًّا تستطيع أن تقتدي به وهو يوزع الغنائم بين أصحابه‪.‬‬
‫جا تستطيع أن تقتدي به وهو يعامل زوجاته وكيف كان‬ ‫وإذا كنت زو ً‬
‫يعدل بينهن‪.‬‬
‫وإذا كنت أبًا تستطيع أن تقتدي به وهو يعامل ابنته فاطمة‪ ،‬وكيف‬
‫كان يقبِّلها كلما دخلت عليه‪.‬‬
‫وإذا كنت جدًّا تستطيع أن تقتدي به وهو يقصر في الصلة عند‬
‫سماع بكاء حفيديه الحسن والحسين‪.‬‬
‫وإذا كنت سياسيًّا تستطيع أن تقتدي به وهو يأخذ برأي أصحابه‪،‬‬
‫فمثل ً وافق على فكرة سيدنا سلمان الفارسي لحفر الخندق‪ ،‬المر‬
‫ة‬
‫سميت بغزوة الخندق نسب ً‬ ‫الذي كان سببًا في انتصار المسلمين و ُ‬
‫ف في حياتنا إل سنجد له موقفًا‬ ‫لفكرة سيدنا سلمان‪ ،‬وما من موق ٍ‬
‫مشابهًا تعَّرض له‪ ،‬فقد مات له أولده وزوجاته لنتعلم منه الصبر‬
‫ويكون قدوة ً لنا في الشدائد‪ ..‬لذلك يستطيع كل إنسان‪ -‬وليس‬
‫المسلمون فقط‪ -‬أن يتخذوا سيدنا محمدًا‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫قدوة ً لهم؛ لنه وباختصار شديد تميَّز في كل مجالت الحياة‬
‫كسياسي وكاقتصادي وكحاكم وكمحكوم‪ ،‬فإنه وبحق أعظم شخصية‬
‫في التاريخ‪.‬‬
‫حاولنا في هذا التحقيق طرح تساؤل حول نصرة النبي‪ -‬صلى الله‬
‫ة؟!‬‫عليه وسلم‪ -‬وماذا فعل الدعاة خاص ً‬
‫القتداء به‬

‫‪243‬‬
‫يرى الدكتور عبد الحي الفرماوي‪ -‬الستاذ بجامعة الزهر‪ -‬أنه من‬
‫الواجب على كل فرد أن يقوم بدور لنصرة النبي‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬من خلل وسائل متعددة‪ ،‬كإحياء سنته‪ ،‬والقتداء به‪ ،‬وتطبيق‬
‫أثره‪ ،‬وتعليم السلم للفراد‪ ،‬وعندما ينشأون بهذا الشكل يكونون‬
‫ضا في نصرة‬ ‫ُ‬
‫أفرادًا صالحين وأسًرا صالحة‪ ،‬وللدولة دور مهم أي ً‬
‫النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬بأن تُعلن غضبها من خلل مؤتمر قمة‬
‫طارئ ل يكون على مستوى الوزراء فقط لن العمل إنما يكون‬
‫على مستوى قادة الدول وزعمائها‪ ،‬أما الشعوب فقد قامت بدور‬
‫م عملها ونشر غضبهم‬ ‫ف من خلل المظاهرات السلمية التي ت َّ‬ ‫كا ٍ‬
‫من خلل الوسائل المتداولة على اليميل‪.‬‬
‫ويطالب الدكتور الفرماوي بالمقاطعة القتصادية المستديمة ليست‬
‫للدنمارك‪ ،‬فحسب‪ ،‬بل كل من يؤيدها ويساندها‪ ،‬وسوف تكون تلك‬
‫نقطة بداية للقتصاد السلمي والعتماد على نفسها‪.‬‬
‫أما على المستوى الثقافي فيشير الدكتور الفرماوي إلى ضرورة‬
‫ل جدي وسهل بلغة البلد‬ ‫عرض السلم على الدول الوروبية بشك ٍ‬
‫المدعو فيها واستكتاب المسلمين داخل هذه البلد لنشر الصورة‬
‫المشرقة للدين السلمي‪.‬‬
‫كما ل بد من تربية أبنائنا قول ً وعمل ً منذ الصغر على منهج ودين‬
‫الرسول‪ -‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬من خلل تكثيف‬
‫ة‬
‫الجرعة للطلب في مناهج مادة التربية الدينية وجعلها مادةً أساسي ً‬
‫ة للمجموع وعليها درجات كبيرة‪ ،‬والتغيير في صورة العلم‬ ‫مضاف ً‬
‫المرئي والمسموع وتحويله إلى إعلم إسلمي ل غربي وعند توافر‬
‫ة‬ ‫هذه الشياء يكون سهل ً على البيوت تربية أبنائها تربي ً‬
‫ة إسلمي ً‬
‫من يتصدى للدين‬ ‫ة قادرين على أن يواجهوا أو يقفوا أمام كل َ‬ ‫سليم ً‬
‫السلمي‪.‬‬
‫هذا دور المسلمين كأفراد ولكن كشعوب المر يختلف فل بد من أن‬
‫تقف المة يدًا واحدةً‪ ،‬ولذلك كان أول أساس من أساسيات السلم‬
‫عدم التشرذم "التقسيم" والتمزق‪ ..‬ويقول‪ :‬ل بد من لفت النظر‬
‫إلى قول مالك بن أنس‪" :‬إنه ل يصلح آخر هذه المة إل بما صلح‬
‫أولها"‪.‬‬
‫ويشير الدكتور الفرماوي إلى هذا المعني قائلً‪ :‬كان عمر بن‬
‫الخطاب يحكم مشارق الرض ومغاربها‪ ،‬وقال فيه أحد خصومه‬

‫‪244‬‬
‫ما في ظل شجرة‪" :‬حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا‬ ‫عندما رأه نائ ً‬
‫عمر"‪ ،‬ويناشد جميع المسلمين توحيد المشاعر والعواطف‪.‬‬
‫ويتلخص دور الحكومة في المقاطعة لكل بضاعةٍ من أعداء السلم‬
‫وحكم من ل يقاطع أنه خائن وجدير به أن يبتليه الله بما يؤذيه‪ ،‬وهذا‬
‫لضعف اليمان وواجب على الدولة الكتفاء الذاتي‪.‬‬
‫إحياء سنته‬
‫ويناشد الدكتور محمد عبد المنعم البري‪ -‬أستاذ الثقافة السلمية‬
‫والدراسات العليا بكلية الدعوة بجامعة الزهر‪ -‬الجميع إحياء سنة‬
‫الرسول‪ -‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬واللتزام بعهده‬
‫ومحاولة ربط القلب والفؤاد بحبه‪ ،‬من منطلق الحديث الشريف‪" :‬ل‬
‫يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله ووالده والناس‬
‫أجمعين"‪.‬‬
‫واجب على الجميع‬
‫ويضيف الدكتور رجب أبو مليح‪ -‬دكتوراه في الشريعة السلمية‪ -‬أن‬
‫نصرة النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬واجبة على كل مسلم ٍ رجل ً كان‬
‫ة‪ ،‬كل‬ ‫ة أوحكوم ً‬‫خا كان أو شابًا‪ ،‬فردًا كان أو مؤسس ً‬
‫أو امرأة‪ ،‬شي ً‬
‫على قدر إمكاناته وقدراته‪ ،‬فهي نوع من الجهاد يجب على ك ِّ‬
‫ل‬
‫مسلم ٍ بقدره يجدنا حيث أمرنا ويفتقدنا حيث نهانا‪...‬‬
‫وعلى مستوى الشعوب والمجتمعات تجب نصرة النبي‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،-‬وتتحقق بالضافةِ لما سبق بإخراج نموذج عملي‬
‫للمجتمع الذي أسسه النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أو محاولة‬
‫محاكاة هذا النموذج الفريد‪ ،‬أن تشيع بيننا روح التعاون واللفة‬
‫والمحبة‪ ،‬أن نصير م ًعا كما شبهنا النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫ضا‪ ،...‬وأن نصير معًا كالجسد الواحد "إذا‬ ‫كالبنيان يشد بعضه بع ً‬
‫اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"‪.‬‬
‫ويضيف الدكتور أبو مليح أن دور الحكومات السلمية على‬
‫مستويين في الداخل وهو زرع هذه القيم والمبادئ والخلق النبوية‬
‫في المجتمع وحمايته من الضياع ثم يأتي دورها في الخارج‬
‫بالتعريف بالرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬والتركيز على القيم‬
‫الحضارية التي جاء بها النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في مجتمع‬
‫كان يفتقر إلى هذه القيم‪ ،‬ليعلم كل الناس كيف كان يتعامل‬
‫من يخالفونه في الرأي أو‬ ‫الرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬مع َ‬

‫‪245‬‬
‫المعتقد‪ ،‬أما على مستوى الفراد فيشير إلى نصرة النبي‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬بالتأسي بتطبيق قوله‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬عليكم‬
‫بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها‬
‫بالنواجذ‪."...‬‬
‫وكذلك تكون النصرة بالتخلق بأخلقه الكريمة فنتحلى بهذه الخلق‬
‫ل الخلق الرذيلة التي نهى عنها النبي‪ -‬صلى‬ ‫الفاضلة‪ ،‬ونتخلى عن ك ِّ‬
‫الله عليه وسلم‪ ،-‬فقد كان النبي رغم ذلك يسمح لهل هذه‬
‫المعتقدات بممارستها وهو يعلم أنها غير صحيحة‪.‬‬
‫ويضيف‪ :‬إن هناك أشكال ً لنصرة النبي من خلل الفراد والشعوب‬
‫والحكومات اقتصاديًّا بالمقاطعة وهذه أضعف اليمان‪ ،‬وتمتد لبذل‬
‫المال بسخاء من أجل التعريف بالرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫وقيم السلم بشتى لغات العالم‪ ،‬وبكافة الوسائل المسموعة‬
‫والمرئية والمقروءة‪ ،‬ويمكننا نصرته ثقافيًّا بالتمسك بثقافتنا‬
‫والختيار من ثقافة الخرين فنأخذ منها وندع وفْق ما يتناسب مع‬
‫منظومة القيم والخلق التي أتى بها السلم‪ ،‬ونبذ ما ل يتناسب مع‬
‫ثوابتنا وقيمنا وأخلقنا‪ ،‬وعلى المسلمين في الداخل والخارج أن‬
‫ة للسلم ونبي السلم عليهم أن يكونوا صورة‬ ‫يكون صورة ً مشرف ً‬
‫مشرقة يهتدي الناس بنورها ويحبوا النبي من أجلها ويتعرفوا عليه‬
‫ي يرونه أمامهم ولو عرفوه لحبوه‪ ،‬والنسان‬ ‫من خلل نموذٍج عمل ٍ ّ‬
‫عدو ما يجهل‪.‬‬
‫التربية‬
‫أما تربية الولد على حب الحبيب‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فواجب‬
‫أن يشترك فيه الفراد والشعوب والمجتمعات والحكومات‪ ،‬هو‬
‫واجب السرة في البيت بزرع هذا الحب ورعايته في قلوب البناء‪،‬‬
‫وواجب المجتمع بأن يعلي من أخلقه‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫ويساعد على شيوعها في المجتمع وواجب الحكومة من خلل‬
‫وسائل التربية في مراحل التعليم المختلفة ووسائل العلم نشر‬
‫سيرة النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وتعريف البناء به بطريقة‬
‫مشوقة محببة إلى نفوسهم‪ ،‬ففي غزوة بدر وجدنا مثال ً واض ً‬
‫حا‬
‫ن صغيرين هما إلى‬ ‫يرويه لنا عبد الرحمن بن عوف عندما وجد شابي ِ‬
‫سن الطفولة أقرب منه إلى سن الشباب يسأله كل منهما أن يدله‬
‫على أبي جهل ذلك الرجل الذي كان يؤذي النبي في مكة فلما‬
‫دلهما عليه غمسا سيفيهما في جسده ثم عادا قريرا العين وقد‬

‫‪246‬‬
‫ت من فراغ‬ ‫انتصروا للرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬وهذا لم يأ ِ‬
‫لكنه أتي من خلل زرع محبة النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في‬
‫قلوب الطفال فشبوا عليها واختلطت محبته بقلوبهم ودمائهم‪.‬‬
‫يقول الشيخ أكرم كساب‪ -‬باحث شرعي‪ :-‬إن هذه الصور البذيئة‪،‬‬
‫جاءت بردود أفعال غاضبة أسفرت عن إيمان مخدر لدى الشعوب‪،‬‬
‫وحب دفين لدى الفراد‪ ،‬يحتاج فقط إلى من يوقظ هذا اليمان‬
‫المخدر‪ ،‬ويُفعل هذا الحب الدفين‪.‬‬
‫ويطالب المة السلمية بأن تقف يدًا واحدة ً أمام التيار الذي يريد‬
‫أن يسيء إلى الرسول‪ -‬صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬‬
‫وإلى المسلمين أجمعين فكل فرد له دور يمتد ليطول الحكومات‬
‫مع الشعوب‪.‬‬
‫ويلخص أكرم كساب دور الفراد في التعرف الحقيقي على سيرة‬
‫جا‬
‫النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬والعمل على أن يكون الفرد نموذ ً‬
‫يُجسد السلم مع التعريف بسيرة الرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫وسنته والدعوة إليها والمشاركة الفعالة فيما يدور حوله من ندوات‬
‫ومحاضرات ومسيرات تؤكد هذه المعاني مع التجاوب الفعال مع‬
‫المقاطعة التي دُعي إليها تجاه الدول المسيئة‪.‬‬
‫ويضيف‪ :‬أما المؤسسات والتجمعات فيتلخص دورها في استغلل‬
‫هذا الحدث استغلل ً جيدًا والستفادة منه من خلل إقامة الندوات‬
‫والمحاضرات التي تشرح عظمة الرسول مع إقامة المسابقات التي‬
‫تربط الفراد بالرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬والنفاق عليها‬
‫ما‬‫ة إلى تبني النابغين النابهين في مجال السنة عمو ً‬ ‫بسخاء إضاف ً‬
‫صا ونشر المقالت والنشرات والمجلت التي‬ ‫والسيرة النبوية خصو ً‬
‫تعرف بالرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ومكارم أخلقه مع ترجمة‬
‫العديد من المقالت والنشرات والمجلت التي تُعرف بالرسول‬
‫وتفعيل الجانب الفني في هذا المجال ولكن بالضوابط الشرعية‪،‬‬
‫ومن ذالك‪ :‬أعمال كرتونية للطفال تشرح بعض مواقف العظمة‬
‫في شخصية الرسول‪.‬‬
‫ويضيف‪ :‬أما على مستوى العلماء فضروري إبراز شخصية الرسول‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬وبيان محاسنها التي ل تعد‪ ،‬وإظهار محاسن‬
‫الدين السلمي الذي دعا إليه النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬والرد‬
‫على الشبهات والباطيل التي تُثار بين الفينة والخرى حول‬
‫الرسول‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬مع استخدام لغة العصر وما جد‬

‫‪247‬‬
‫فيه من تكنولوجيا حديثة في نشر الخطاب السلمي مع توحيد‬
‫الجهود حتى ل نكرر العمل‪ ،‬وكأننا نحرث في البحر‪.‬‬
‫ويطالب بدور أكبر للحكومات من خلل التفاعل مع الشعوب حتى ل‬
‫تداس (الحكومات) بالقدام‪ ،‬أو تركل بالرجل‪ ،‬وطالب بسحب‬
‫السفراء من الدول المسيئة ومخاطبة هؤلء السفراء وإخبارهم‬
‫بجرم ما فعلوا مع العمل على استصدار قوانين تجرم الساءة إلى‬
‫ما‪.‬‬
‫صا وكل الديان عمو ً‬
‫السلم خصو ً‬
‫==========================‬
‫الدعوة للفصل بين الكنيسة والدولة أكذوبة تفندها‬
‫الوقائع‬
‫إبراهيم عباس‬
‫يرى العديد من المراقبين أن تصريحات بعض الساسة الوروبيين‬
‫التي وصلت إلى حد دعوة أحد الوزراء في الحكومة اليطالية إلى‬
‫استخدام القوة العسكرية ضد المسلمين بسبب ردود الفعل‬
‫السلمية الغاضبة على إثر نشر صحيفة دنماركية لصور مسيئة‬
‫للسلم بأنها ل تخرج فقط عن الطار الدبلوماسي المفترض لها‬
‫وحسب ‪ ،‬وإنما تتناقض مع مطالب الغرب للمسلمين بتوخي خطاب‬
‫العتدال والوسطية والتسامح في الوقت الذي ل يتقيدون فيه‬
‫بقواعد هذا الخطاب ‪ .‬وكان يعتقد أن توجه أوروبا في العصر‬
‫الحديث نحو الديمقراطية واعتناقها لمبادئ المساواة والحرية‬
‫وحقوق النسان ستحد من النزعة العنصرية التي شكلت السمة‬
‫البارزة في هذا الخطاب بدءًا من العصور الوسطى من خلل‬
‫الحروب الصليبية وبعد ذلك على يد المستشرقين الحاقدين على‬
‫السلم والمسلمين أمثال مرجليوث وجولدتسهر ويوسف شاخت‬
‫وماسينيون وجب وصول ً بتلك القائمة الطويلة إلى برنارد لويس‬
‫الذي يعتبر أحد المنظرين الرئيسيين للمحافظين الجدد والذي يقف‬
‫جنبًا إلى جنب مع كارل روف في تخطيط سياساتهم التي ل تخفي‬
‫عداءها للسلم والمسلمين ‪.‬‬
‫وما يدعو إلى التعجب أن بعض ساسة أوروبا الذين يبدون دهشتهم‬
‫من ردود الفعل السلمية الغاضبة على الرسومات الكرتونية‬
‫المسيئة لنبي هذه المة سيدنا محمد عليه الصلة والسلم والتي‬
‫تبارت عشرات الصحف الوروبية في إعادة نشرها إمعانا في‬
‫استفزاز المسلمين أن الغرب نفسه الذي يتبجح بحرية التعبير يحذو‬

‫‪248‬‬
‫الحذو نفسه عندما يتعلق المر بالدين أو الساءة للكنيسة رغم‬
‫تظاهره بالتمسك بمبدأ الفصل بين الدين والدولة ‪ .‬ويمكن أن‬
‫نضرب بعض المثلة على ذلك ردود الفعل الغاضبة التي أعقبت‬
‫تصوير مادونا لغنية (كمن يصلي) في الثمانينيات التي سخرت فيها‬
‫من الكنيسة مثيرة ردود فعل عنيفة في أوساط الكنيسة والرأي‬
‫ضا ما ذكره‬ ‫العام المسيحي في أوروبا وأمريكا على حد سواء ‪ .‬وأي ً‬
‫كمبرلي بلكر في كتابه ''أصول التطرف ‪ -‬اليمين المسيحي‬
‫المتطرف في أمريكا'' حول سطوة اليمين المسيحي المتطرف في‬
‫الوليات المتحدة على العلم ضاربًا مثال ً لذلك ''الرابطة‬
‫الكاثوليكية للحقوق الدينية والمدنية'' التي يصنفها بأنها هيئة دينية‬
‫تكرس جهودها لخدمة القانون الكنسي ‪ 1369‬الذي ينص على‬
‫معاقبة كل من يجدف أو يستثير الكراهية أو الزدراء ضد الدين أو‬
‫الكنيسة'' ‪ .‬ويذكر بهذا الصدد أن صحيفة ''بالم بيتش بوست'' سبق‬
‫وأن استهدفت من قبل هذه الرابطة على إثر نشرها كاريكاتير لدون‬
‫ما لمرأة تصلي وتتمتم بألفاظ تنتقد فيها الكنيسة‪.‬‬ ‫رايت يتضمن رس ً‬
‫وقد بدأت الرابطة على الفور بمعركة مع الصحيفة مطالبة ليس‬
‫ضا بفصل رايت عن عمله ‪.‬‬ ‫فقط بالعتذار ‪ ،‬وإنما أي ً‬
‫ويعتقد البعض أن الستغراب حول ردود الفعل السلمية الغاضبة ل‬
‫ينبغي أن تصدر عن بعض ساسة الغرب الذي يتشدق بحرية الرأي‬
‫والتسامح مع الخر وغير ذلك من المفردات التي ل يكفون فيها عن‬
‫مطالبتهم المسلمين الخذ بها ‪ ،‬وإنما من بعض المواقف التي تصدر‬
‫عنه وتتناقض مع هذا المبدأ ‪ ،‬وحيث يتعرض للملحقة القانونية‬
‫والعتقال كل من ينكر الهولوكوست أو يشكك في أرقامه التي‬
‫تعتبر الرقم ‪ 6‬مليون يهودي رقم مقدس ل ينبغي لحد التجرؤ على‬
‫المساس به‪ .‬وأبسط المثلة على ذلك روجيه جارودي وفريسون ‪.‬‬
‫وقد حكم بالسجن لمدة ستة أشهر على صاحب إذاعة ''راديو‬
‫السلم'' التي تبث من السويد بسبب برنامج نقلته إذاعته حول‬
‫الهولوكوست بالرغم من أن التشكيك جاء من قبل ضيوف البرنامج‬
‫(الغربيين) الذين تحدثوا عن خرافة هذا الموضوع ‪ .‬ولعل أكثر‬
‫النكات مدعاة للسخرية اتهام الستاذ بجامعة نيويورك الحكومية د‪.‬‬
‫نورمان فنكلشتاين (صاحب كتاب صناعة الهولوكوست) باللسامية‬
‫بالرغم من إنه يهودي‪.‬‬

‫‪249‬‬
‫استعداء أوروبا للمسلمين على هذا النحو يقلب الطاولة على‬
‫أكذوبة حرية الرأي التي تزعمها ‪ ،‬ويؤكد على أن الكراهية والتعصب‬
‫ورفض الخر واستفزاز مشاعره لغة جديدة في قاموس الحوار‬
‫العربي الوروبي ليس من شأنها أن تؤدي إلى تعثر هذا الحوار‬
‫ضا إلى انقسام جديد في أوروبا ‪ ،‬ليس على‬‫وحسب ‪ ،‬وإنما أي ً‬
‫أساس أوروبا الجديدة وأوروبا العجوز الذي نشب على إثر الغزو‬
‫المريكي للعراق ‪ ،‬وإنما على أساس أوروبا المتسامحة مع السلم‬
‫وأوروبا المتحاملة عليه بعد موجة نشر الرسومات المسيئة للسلم‬
‫التي اجتاحتها‪.‬‬
‫===================‬

‫الدفاع عن حبيب الله‬


‫الدفاع عن سيّد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واجب‬
‫على كل مسلم ومسلمة ‪ ،‬وما صدر من سفه من خلل الرسوم‬
‫الكاريكاتورية التى أساءت للرسول محمد عليه افضل الصلة‬
‫وأزكى التسليم فى الدنمارك والتى على إثرها سحبت المملكة‬
‫العربية السعودية سفيرها من هناك وكذلك فعلت بعض الدول ‪،‬‬
‫راجيا ان تفعل نفس الشىء بقية الدول العربية والسلمية وهذا‬
‫أضعف اليمان ‪،‬لن ما صدر من سفه بالساءة الى سيدنا محمد‬
‫إساءة لمشاعر اكثر من مليار مسلم يعيشون فى المعمورة من‬
‫اقصاها الى اقصاها‪.‬‬
‫وكم اثلجت صدورنا الغضبة العارمة التى تفجرت فى الشارع‬
‫العربى والسلمى وخطب صلة الجمعة الماضية وتحرك منظمة‬
‫مؤتمر العالم السلمى بدعوة وزراء خارجية الدول العربية‬
‫والسلمية لمناقشة هذا التطاول على سيد الخلق ‪ ،‬كل هذا اثبت‬
‫ان امة محمد بخير ‪.‬‬
‫ان المكانة التى يتربع فيها شفيعنا فى قلوبنا ناهيك عن مكانته التى‬
‫وصفه فيها الله عز وجل بالخلق العظيم وأنه ارسل عليه الصلة‬
‫والسلم رحمة للعالمين ‪ ،‬لكل هذه السباب وغيرها يجب ال نتهاون‬
‫فى الرد على هذه الساءة بالمقاطعة القتصادية على مستوى‬
‫العالم العربى و السلمى‪ ،‬لننا بهذا ندافع عن رمز الدين السلمى‬
‫وهادى البشرية شفيعنا وحبيبنا سيد الخلق عليه الصلة والسلم ‪،‬‬
‫لن الحديث عن النبياء والرسل يتطلب بل ويفرض قدرا كامل من‬

‫‪250‬‬
‫التأدب عند الحديث عنهم لكى ليكون هناك سبب فى بث روح‬
‫الكراهية وتأجيج صراع الحضارات وعنصرية الديان ‪.‬‬
‫وهنا أود ان اذكّر بأن مكانة ودور النبى محمد عليه الصلة والسلم‬
‫لم يكتشفها المسلمون فقط ‪ ،‬بل اكتشفها ايضا ذوو الحجا من‬
‫مفكرى الغرب من غير المسلمين مثل ‪:‬‬
‫‪ -‬اديب روسيا '' تولستوى '' الذى كان من اشد المعجبين بسيدنا‬
‫محمد وبشخصيته ومنجزه ‪ ،‬لدرجة انه كان يردد دائما '' ‪...‬ان رجل‬
‫مثل النبى محمد جدير بالحترام والتبجيل'' ‪.‬‬
‫جد الرسول محمدا ً صلى الله عليه‬ ‫‪ -‬شاعر المانيا '' جوته '' ‪ ...‬م ّ‬
‫وسلم فى شعره وقال ‪( :‬تحت وطأة قدميه تنبت فى الوادى‬
‫زهور ‪ ،‬وتحيا من انفاسه زهور)‪.‬‬
‫‪ -‬مايكل هارت المريكى الجنسية اعتبر النبى محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم الشخصية الكثر تأثيرا فى تاريخ البشرية ‪.‬‬
‫‪ -‬برنارد شو‪ ..‬وقف مشدوها امام شخصية الرسول ليقول ‪:‬‬
‫‪ '' -‬لو حكم هذا العالم رجل كمحمد لقدم له الحلول لمشكلته‪ ،‬بل‬
‫لفتح كل مستغلق فى وقت وجيز ''‬
‫لبد ان نتحرك وبسرعة لن هذا أمر يجب ال نتهاون فيه وكفانا‬
‫تهاونا ً وهوانا ً اوصلنا الى مانحن فيه ‪.‬‬
‫ان الشجب والستنكار الذى جبلنا عليه ليس وقته الن لن التطاول‬
‫الذى حدث من الصحيفة الدنماركية وغيرها من الصحف على نبينا‬
‫الكريم بدون اى سبب وبدون اى مقدمات اسفر عن وجه ونوايا‬
‫قبيحة ل تنسجم مع ظننا أنهم أمة متحضرة بل جعلتنا نتيقن انهم‬
‫بفعلتهم النكراء وخصوصا ان ملكتهم ورئيس وزرائهم اعتبروا ان‬
‫ماحدث يندرج تحت حرية التعبير الشخصية ‪،‬كل هذا اكد لنا انهم‬
‫تراجعوا الى الوراء آلف السنين ايام كانت الحروب الداخلية‬
‫والفساد ينهش بحضارتهم الحديثة ‪ ،‬ثم اى حرية شخصية وأى‬
‫ديموقراطية التى تسعى لحظر بعض القنوات السلمية والعربية‬
‫بالدنمارك وذلك لمعاداتها للسامية كما يدّعون ! ثم هل يجرأون فى‬
‫ظل ديموقراطيتهم وحريتهم الشخصية نشر اى شيىء له علقة‬
‫بالمحرقة النازية الـ ‪ "holocaust '' ..‬؟‬
‫ولنتذكر معا ً مصير من تطاول وأستهزأ برسول الله وما أصابهم من‬
‫خزى ونكال وذلة ومهانة وعقوبة ‪ ،‬اين صناديد قريش عندما اشعلوا‬

‫‪251‬‬
‫نار الفتنة ؟ إنهم فى مزبلة التاريخ وفى الدرك السفل من النار ‪،‬‬
‫يقول الله فى محكم تنزيله ‪( :‬تبت يدا ابى لهب وتب * ماأغنى عنه‬
‫ماله وماكسب * سيصلى نارا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب *‬
‫فى جيدها حبل من مسد)‪.‬‬
‫ان من أعتقدوا انهم سخروا بسيد البشر واستهزأوا بالدين العظيم‬
‫ظانين انهم يرسون دعائم الديموقراطية ‪،‬فإن الله قادر على بتر‬
‫السنتهم وقادر على خزيهم فى الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫المطلوب الن من حكومات العالم وهيئاته ومؤسساته وعلمائه ان‬
‫ينتصروا لسيد الخلق و لردع المفترى وكفه عن ضلله وبغيه وان‬
‫يطالبوا بحق المسلمين حتى لتتكرر هذه المسالك القذرة ‪.‬‬
‫قبل الختام ‪:‬‬
‫لبد ان اشيد بالتفاعل الذى كان منتظرا من معظم شركات الدول‬
‫العربية والسلمية لمقاطعتها الفورية لكافة المنتجات الدنماركية ‪،‬‬
‫ولع ّ‬
‫ل القادم اكثر ‪.‬‬
‫فداك نفسى وأبنائى وأمى وأبى يا حبيب الله وصلى الله عليك‬
‫صلة يقبل بها دعائى ويحقق بها رجائى بنصر مؤزر لمتك من الله‬
‫سبحانه وتعالى انه سميع مجيب ‪.‬‬
‫سامى عباس خميّس ‪ -‬جدة‬
‫‪sami@khumaiyes.com‬‬
‫الدنمارك والهجوم على الرسول‬
‫العربية نت‪:‬‬
‫الجمعة ‪ 23‬ديسمبر ‪2005‬م‪ 22 ،‬ذو القعدة ‪ 1426‬هـ‬
‫======================‬
‫الدنمارك والهجوم على الرسول‬

‫محمد الباهلي‬
‫كثيرة هي الدراسات والكتابات والصوات التي تحدثت طويل ً عن‬
‫العداء الغربي للسلم والمسلمين‪ ،‬خاصة بعد أحداث الحادي عشر‬
‫من سبتمبر‪ ،‬وكثيرة هي الندوات واللقاءات والمؤتمرات والحوارات‬
‫التي عقدت طوال السنوات الماضية لمعالجة إشكالية هذا العداء‬
‫بين الغرب والسلم وإشكالية الربط بينه وبين الرهاب‪ ،‬حتى أصبح‬

‫‪252‬‬
‫''حوار الحضارات'' مادة أساسية في كل لقاء بين العرب‬
‫والمسلمين والغرب• ورغم كل هذه الجهود‪ ،‬فإن نزعة الكراهية‬
‫في جسد الجسم السياسي الغربي لم تتوقف‪ ،‬حيث إن هناك نوعاً‬
‫من الصرار في الغرب‪ ،‬وبالخص في أوروبا وأميركا‪ ،‬على تصعيد‬
‫حالة الكراهية والعداء للسلم والمسلمين والعرب بكل الوسائل‪،‬‬
‫وتحويل هذا الموضوع إلى حالة من المرض والقلق والخوف‬
‫والهستيريا في المخ الغربي ضد السلم والمسلمين والعرب•‬
‫وكلما حاول العرب والمسلمون معالجة هذه الشكالية بصورة‬
‫حضارية عالية المستوى‪ ،‬وذلك من خلل التعاون البناء ودعم الحوار‬
‫بين الطرفين بهدف توضيح الصورة وإزالة الشكوك‪ ،‬يصر المخ‬
‫الغربي واللة العلمية الغربية والنخب الفكرية هناك‪ ،‬على‬
‫الستمرار في إشعال الفتنة بين الطرفين بصورة بغيضة والصرار‬
‫على تحويل موضوع الكراهية والحقد ضد السلم إلى ''صناعة‬
‫مسمومة''‪ ،‬صناعة كريهة تدر عليهم مليارات الدولرات‪ ،‬وذلك من‬
‫خلل المنتجات العلمية التي يتم تعليبها في صورة ''أفلم‬
‫ومسلسلت وبرامج إذاعية ورسوم كاريكاتيرية ولوحات فنية''‬
‫ومنتجات ثقافية في صورة ''مقالت وكتب ودراسات وقصص‬
‫وروايات ونصوص مدرسية ومناهج تعليمية وكتابات ساقطة''‪ ،‬كلها‬
‫تعمل على تشويه صورة العرب والمسلمين في عيون الرأي العام‬
‫الغربي‪ ،‬وكلها تعمل على تعمية بصيرة الغرب وتجهيله عن الطلع‬
‫بوضوح على السلم وحضارة العرب والمسلمين‪ ،‬وكلها تصر جاهدة‬
‫على استمرار تفريخ صورة الكراهية ضد السلم والمسلمين‪ ،‬وتصر‬
‫على قذف منتجاتها العلمية والثقافية في سوق الغرب على هيئة‬
‫قنابل حارقة تنفجر بصورة هستيرية في المخ الغربي لترسخ في‬
‫داخله صورة هذا العداء•‬
‫المشكلة الن هي أن هذه ''الصناعة الكريهة'' قد تجاوزت كل‬
‫الحدود والخطوط الحمراء‪ ،‬ووصلت إلى درجة أن تسخر من عقيدة‬
‫مليار وثلثمائة مليون مسلم‪ ،‬حيث وصل المر إلى الساءة‬
‫والسخرية من القرآن الكريم ورسولنا الكريم محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬حيث يتعرض الرسول الكريم منذ ‪ 30‬سبتمبر الماضي إلى‬
‫هجوم حاد وسخرية مسيئة في الصحافة الدانماركية‪ ،‬حيث بدأت‬
‫الزمة كما يصورها المسلمون هناك عندما أراد مؤلف كتب أطفال‬
‫دانماركي أن يضع على غلف كتابه صورة للرسول الكريم صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ورفض رسام الكاريكاتير المكلف بإعداد الغلف‬

‫‪253‬‬
‫رسم هذه الصورة‪ ،‬فقرر المؤلف إقامة مسابقة لرسم الرسول‪،‬‬
‫حيث تقدم لها ‪ 12‬رسام كاريكاتير أرسلوا ‪ 12‬صورة مسيئة لرسولنا‬
‫الكريم• ثم تواصل نشر هذه الصور المسيئة في صحيفة ''بيو لندز‬
‫بوستن'' اليمينية المتطرفة والتابعة للحزب الحاكم‪ ،‬وانتقل المر‬
‫إلى شبكة النترنت• ورغم أن المسلمين هناك والبالغ عددهم ‪200‬‬
‫ألف مسلم حاولوا الحتجاج على القرار وذلك عن طريق رفع‬
‫مذكرة إلى الحكومة الدانماركية‪ ،‬إل أن الجواب كان هو الرفض‬
‫وإصرار الحكومة على دعم حملة الهجوم تحت مسمى ''حرية‬
‫التعبير''•‬
‫إن المطلوب الن هو أن نقوم بحملة واسعة لمواجهة هذا الهجوم‬
‫الذي يتعرض له رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أن نعمل‬
‫بقوة على دعم إخواننا المسلمين في الدانمارك وأن نقف معهم‬
‫في مواجهة هذا الهجوم‪ ،‬وأن تحول الدول السلمية ومنظمة العالم‬
‫السلمي والجامعة العربية والزهر الشريف ومؤسساتنا الدينية‬
‫والثقافية‪ ،‬لغة الستنكار إلى خطوات عملية ملموسة ضد هذا‬
‫التجاوز الخطير الذي أصبح يمارس بكل وقاحة في دول الغرب‪،‬‬
‫خاصة بعد أن فشلت كل المحاولت والحوارات الحضارية البناءة‬
‫معهم• لبد أن تقدم دولة الدانمارك اعتذارها لمليار وثلثمائة مليون‬
‫مسلم•‬
‫* نقل عن جريدة "التحاد" الماراتية‬
‫تعليقات حول الموضوع‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الفران دستوري وسنة النبي حبيبي سيفي‬
‫ابو عمر |‪ 23/12/2005‬م‪( 17:51 ،‬السعودية)‪( 14:51 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم والصلة والسلم علي نبينا محمد عليه‬
‫افضل الصلة والسلم وعلي اصحابه الرار الميامين اما بعد نحن‬
‫في غزو من الدول الغربيه عموم وقد هاجموانا في مصطلح‬
‫الرهاب وماهو الرهاب الرهاب ليس موجود في ديننا الحنيف‬
‫والسلم برياء منه وقال الرسوال صلي الله الله عليه وسلم‬
‫المسلم من سلم المسلمون من لسانه وويده وبارك الله فيكم‬
‫وفي موقعكم وجعلكم الله اصحاب راي جاد وحوار جاد ولنرضاء‬

‫‪254‬‬
‫احد يسب النبي الحبيب المصطفي وسيرو الي الحق ونحن معكم‬
‫والسلم خير الختام‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نرفض الساءه الى دين‬
‫ماجد |‪ 23/12/2005‬م‪( 18:30 ،‬السعودية)‪( 15:30 ،‬جرينيتش)‬
‫اى انسان متحضر يرفض الساءه الى معتقدات الخرين فلبد ان‬
‫يحترم كل انسان الخر المختلف وليسى الى عقيدته التى يعتز بها‬
‫ولكنى ليس مع الكاتب فى اتهامه للغرب بالبدء فى العداء الى‬
‫المسلمين ‪.‬فهم ليستطيعون ان يجدوا تفسيرا واضحا للعمليات‬
‫النتحاريه الموجوده فى العالم كله والغريب انه لتوجد ادانه واضحه‬
‫من شيوخ المسلمين فى احداث ‪ 11‬سبتمبر ومدريد ولندن وشرم‬
‫الشيخ والردن وغيرها فعلها مسلمين وفى الحداث التى وقعت فى‬
‫الخارج صفق وهلل المسلمين لها‪.‬فانا كمصرى كنت ارى الشماته‬
‫فى اعين اخوتى المسلمين فى المريكان فى احداث ‪ 11‬سبتمبر ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫كفانا سلبيه!!!!‬
‫المين |‪ 23/12/2005‬م‪( 18:42 ،‬السعودية)‪( 15:42 ،‬جرينيتش)‬
‫ان رئيس الوزراء الدنماركي اندروز فوغ اسموسن رفض لقاء عدد‬
‫من بعثات الدول السلمية الديبلوماسية في كوبنهاغن لسماع وجهة‬
‫نظرها إزاء الرسومات‪ ،‬واقتصر رده على هذه البعثات بأن الدنمارك‬
‫دولة ديمقراطية تحترم مبدأ الحرية و الرسومات تدخل ضمن هذا‬
‫النطاق وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء‪.....‬وأقول لهذا المنافق‬
‫وغيره ماذا يحصل لو حاول احدهم كتابه مقال معاد للساميه او‬
‫مقال يشجع فيه العمليات الستشهاديه في اسرائيل !!؟؟ وأقول‬
‫لكم بحسره يا ليت الساءة للرسول تقتصر على هذه الرسومات‬
‫فقط ولكنها امتدت لتشمل إساءات اشد ‪...‬مثل ما نشرته صحيفة‬
‫هيوستن برس المريكية السبوعية في ولية تكساس إعلن عن دار‬
‫عرض أمريكية تعرض فيلما إباحيا بعنوان`الحياة الجنسية للنبي‬
‫محمد`‪!!!.‬ورغم الحتجاجات التي تلقتها دار السينما من مسلمي‬
‫ولية تكساس إل أنها رفضت إيقاف عرض الفيلم واستعانت‬

‫‪255‬‬
‫بالشرطة لصد المتظاهرين‪....‬يجب التخلي عن المواقف السلبية‬
‫المتمثلة في السكوت والتخاذل فكلما سكتنا كلما زادت الساءة و‬
‫هذه الساءة ليست لشخاصنا فقط و لكن لديننا ونبينا الحبيب الذي‬
‫خلق عظيم)‪....‬‬
‫وصفه ربه فقال(وانك لعلى ٌ‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حزين لحال السلم‬
‫اسلم |‪ 23/12/2005‬م‪( 19:9 ،‬السعودية)‪( 16:9 ،‬جرينيتش)‬
‫والله ان جل ما اريد معرفته مدى التأثير الذي سيحدثه قيام ذلك‬
‫الكاتب بعمل قصه عن اساطير وخرافات المحارق اليهوديه فى‬
‫دوله شقيقه لدولتهم بل ملصقه لها او عن المجازر اليهوديه لخواننا‬
‫الفلسطنيين او عن الكثير من موازينهم المقلوبه وهل كان التصريح‬
‫الحكومى لتلك الدوله بنفس العبارات ؟؟؟ لو الله لنهم يعرفون‬
‫مدى قسوة الرد اليهودى الصهيونى فى الدفاع عن اكاذيبهم اما‬
‫نحن فنتكاسل حتى فى الدفاع عن حقوقنا وديننا وشرائعنا ‪ ,‬اين‬
‫منظمات الدول السلميه الحكوميه والشعبيه ؟؟؟؟ ان ما يخفف‬
‫من وطأة الخبر فى نفسى هو قيام هؤلء المتشدقين بحب المسيح‬
‫والتسامح النسانى هم انفسهم من رسموا السيدة مريم عليها‬
‫رضوان الله فى صورة العاهرات وصوروا السيد المسيح فى صورة‬
‫القواد وغير ذلك ‪ ,‬ان مثل هؤلء مثل زبد البحر فأن من ل يحترم‬
‫مبادئه ومعتقداته هانت عليه معتقدات الخرين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هيا يا عرب‬
‫المنقذ |‪ 23/12/2005‬م‪( 19:13 ،‬السعودية)‪( 16:13 ،‬جرينيتش)‬
‫ارجو من العربيه النشر‪.....‬بسم الله الرحمن الرحيم‪....‬ارجو من‬
‫الرؤساء جمعينا التصال في الحكومه الدنيماركيه لتعرف تلك الدوله‬
‫ان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو نبينا وقره اعيننا وان من‬
‫يتحدث عنه بسوء يتحدث عن السلم كله وعن كل مسلم غيور‬
‫على اسلمه وعلى دينه ‪ .‬وارجو من الملك عبد الله خادم الحرمين‬
‫الشريفبن التوجه والتصال شخصيا بالرئيس الدينيماركي لحل هذه‬
‫المشكله الماسه بالسلم وعدم تكرارها وخاصه ان السعوديه تعتبر‬
‫من كبرى الدول العربيه السلميه‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اساءة لمن؟‬
‫‪ khaled |23/12/2005‬م‪( 19:27 ،‬السعودية)‪( 16:27 ،‬جرينيتش)‬
‫لمن لقد ندسو القرأن الكريم والن تصل مواصيلهم الى الرسول‬
‫(ص)الى أين تظنون نفسكم ستصلون الى ل شيىء و مصيرهم أكد‬
‫جهنم وبأس المير‬
‫‪---------------------------‬‬
‫وبالحق انزلنه وبالحق نزل‬
‫على العتر |‪ 23/12/2005‬م‪( 20:22 ،‬السعودية)‪( 17:22 ،‬جرينيتش)‬
‫كان يجب على المسلمين اثناء انعقاد مؤتمر القمة السلمى الذى‬
‫انعقد بمكة المكرمة ان يوجة تحذير للدنمارك وغيرها ممن‬
‫يتطاولون على دين اللة ورسولة الكريم انة ما يحدث ليس حرية‬
‫تعبير وانما هو (قلة ادب) والحادممن ليس لهم دين ول ملة وانة اذا‬
‫لم يرتدعوا والعودة الى الصواب واحترام الديان فقطع العلقات‬
‫بكافة اشكالها هو الجزاء لمثل هؤلء‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بدون تعليق‬
‫علء حسن |‪ 23/12/2005‬م‪( 20:55 ،‬السعودية)‪( 17:55 ،‬جرينيتش)‬
‫يكفينا شرف أن رسولنا عليه الصلة والسلم كان امي علمه شديد‬
‫القوى وجاء بمعجزة خالدة إلى يومنا هذا فليأت المكذبون‬
‫والمضللون بكتاب مثله ويأتي بأطفال العالم جميعا ويطلب منهم ان‬
‫يحفظوا الكتاب الذي ألفوه لن يستطيعوا ول يوجد كتاب في العالم‬
‫في مثل حجم القرآن الكريم بأي ديانه كانت يستطيع أن يحفظه‬
‫طفل في السادسة أو رجل مسن أو امرأة أو شاب ‪ .‬نعم رسولنا‬
‫الكريم جاء بمعجزة جعلت الحاقدين وأصحاب الشهوات الخبيئة‬
‫يعيبون عليه لنه جاء بالطهارة والنقاء وصلى الله على محمد وسلم‬
‫تسليما كثيرا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ياحبيبي يارسول الله‬

‫‪257‬‬
‫مسلم |‪ 23/12/2005‬م‪( 21:20 ،‬السعودية)‪( 18:20 ،‬جرينيتش)‬
‫أرجو من جميع المسلمين اشخاصا ومؤسسات ودول ان يوقفوا‬
‫تعاملهم مع هذه الدولةالكافرة فوالله مااقوانا باتحاد كلمتنا والله‬
‫أكبر‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل !‬
‫أحمد |‪ 23/12/2005‬م‪( 21:31 ،‬السعودية)‪( 18:31 ،‬جرينيتش)‬
‫إحنا الوصلنا نفسنا لكداا مهو لو وحدنا كلمه السلم وبطلنا نخااف‬
‫ونقول رأينا بصرااحه يا ألف خساره علي الي رااح وياريت هنعرف‬
‫نرجعه أحنا بقيناا مسخه لدرجه ان المسحيين الي فبلدنا لما بيهزرو‬
‫مع بعض بيقولو لبعضهم بسخريه ( يا عم روح انت شايفني مسلم )‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل في الخنازير !‬
‫‪---------------------------‬‬
‫‪where are you eslam‬‬
‫‪ lover of eslam for ever |23/12/2005‬م‪( 21:39 ،‬السعودية)‪18:39 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫‪if there is any moslem in this word then why you are waiting tell‬‬
‫‪know every body hates us and we are waiting from where you are‬‬
‫‪isn t you moslens dont wait or we will cry for our life in the future‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المدينة المنورة‬
‫عادل صنفيري |‪ 23/12/2005‬م‪( 21:41 ،‬السعودية)‪18:41 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ارجوا مناقشة الموضوع على قناتنا المميزة العربية في اسرع وقت‬
‫وشن حملة اعلمية مضادة ‪ -‬انا لله وانا اليه راجعون‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اين اهل الغيره‬

‫‪258‬‬
‫احمدالشمري |‪ 23/12/2005‬م‪( 22:50 ،‬السعودية)‪19:50 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫المسلم طبعه الغيره وما من غيره اشد من الغيره عن المصطفى‬
‫صلى الله عليه وسلم ونحن كمسلمين لنملك بعد الله ال اوامر‬
‫وله المور فنتقدم لوله امو المسلمين عامه بالتدخل في هذا‬
‫الموضوع باسرع وقت ونناشد خادم الحرمين الشريفين خاصه‬
‫بالتدخل السرع ونقول له انت الخير والبركه وانت امامنا وولي‬
‫امرنا فانصرنا بعد الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ما هي ال ايام‬
‫رشيد |‪ 23/12/2005‬م‪( 23:5 ،‬السعودية)‪( 20:5 ،‬جرينيتش)‬
‫الى كل الدنماركيين حكومة وشعبا ام ان ترجعوا عن هذه المهزلة‬
‫وال فالمنتقم ينتقم لدينه ولستم وحدكم في هذه المهزلة بل كل‬
‫حاكم مسلم يمنعنا وان غدا لناظره لقريب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫السباب ‪ ...‬والنتائج‬
‫أحمد عبدالرحمن |‪ 23/12/2005‬م‪( 23:13 ،‬السعودية)‪20:13 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بدل ً من الوعيد والتهديد والسب والندب والتباكى على تطاول‬
‫الخرين على مقدساتكم ‪ ..‬هل تسائل أحد منكم عن السباب ؟؟؟‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يا حبيبي يا رسول الله‬
‫نزهة |‪ 23/12/2005‬م‪( 23:39 ،‬السعودية)‪( 20:39 ،‬جرينيتش)‬
‫و اخيرا وصلت بهم الوقاحه الى شخص رسول الله اين الغيرة‬
‫‪...‬اين العزة ‪..‬اين هو حب رسول الله الغريزي في نفوس‬
‫المسلمين ما يسعنا الل قول ل حول ول قوة ال بالله‪................‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لماذا هذا التصرف الحمق‬

‫‪259‬‬
‫رافت الظاهر |‪ 23/12/2005‬م‪( 23:46 ،‬السعودية)‪20:46 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫كفى عصبية و تعصب ايها الغربيون اسالوا انفسكم من دمر اوروبا‬
‫قبل ستون عاما في الحرب العالمية ‪ 2‬فاحرى بكم ان ترسموه في‬
‫كركتارتكم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الدنمارك والهجوم على الرسول‬
‫بو عبدالله ‪ -‬البحرين ‪ -‬مدينة حمد |‪ 25/12/2005‬م‪20:53 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 17:53 ،‬جرينيتش)‬
‫بي أبي و أمي يارسول الله مدام نستو القران و الصلة و تربية‬
‫البناء و الصلة الفجر ‪ 00000‬الله يرحمكم يا مسلمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لن ننسى ما فعلت يادنمارك‬
‫ابو عواد |‪ 30/12/2005‬م‪( 20:47 ،‬السعودية)‪( 17:47 ،‬جرينيتش)‬
‫لحل ال المقاطعة يجب ان تنظم حملة واسعة لمقاطعة هؤلء‬
‫الشرذمة‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أنت ربنا ومولنا يالله‬
‫ابو حصة |‪ 01/01/2006‬م‪( 14:35 ،‬السعودية)‪( 11:35 ،‬جرينيتش)‬
‫ياعزيز ياقوي ياكبير قهار اللهم أرينا فيهم مالم تراهو العيون اللهم‬
‫ياسامع الصوت ارينا فيهم عجائب قدرتك ‪ ....‬ها نحن ندعوك‬
‫فستجب لنا كما امرتنا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لبد من مقاطعة بضائعهم‬
‫مسلمة |‪ 08/01/2006‬م‪( 22:0 ،‬السعودية)‪( 19:0 ،‬جرينيتش)‬

‫‪260‬‬
‫لبد أن يتخذ المسلمون وقفة فالقتصاد أكثر مايؤثر على مثل هذه‬
‫الدول نقاطع البضائع الدنمركية حسبنا الله عليهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل للعصيان‬
‫محمد عارف |‪ 11/01/2006‬م‪( 16:30 ،‬السعودية)‪13:30 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫هؤلء العصاة يريدون ان يشوهوا صورة السلم والرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم لكن ذلك بعيد عن هؤلء الكفره وحسابهم عند الله‬
‫عسير و أليم يوم القيامة والسلم عليكم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هذه هى سنته‬
‫‪ spider500 |18/01/2006‬م‪( 12:22 ،‬السعودية)‪( 9:22 ،‬جرينيتش)‬
‫الهم أغفر لهؤلء القوم فانهم ل يعلمون أنظروا الى معلمنا و قدوتنا‬
‫حين أشتد به إيذاء قومه ماذا فعل؟ دعا الله لقومه بالهدايه‬
‫والمغفره و لو شاء لدعا الله فأهلكهم جميعا أن كنا ل نملك القدره‬
‫على المغفره فإننا نملك القدره على الصبر هذه هى سنته صلى‬
‫الله و سلم وبارك عليك يا خير خلق الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لقد بلغ الحقد عندهم ما بلغ‬
‫غيور |‪ 20/01/2006‬م‪( 13:7 ،‬السعودية)‪( 10:7 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم لم شمل المسلمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الجانب المشرق‬
‫ناصر |‪ 20/01/2006‬م‪( 14:15 ،‬السعودية)‪( 11:15 ،‬جرينيتش)‬
‫سبحان الله ‪ .....‬الدنماركيون سوف يقراؤن عن الرسول الكريم‬
‫فتكون سببا لدخوله الدين العظيم‪ (( ........‬رب ضاره نافعة))‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ابشروا بالفتح‬

‫‪261‬‬
‫فايز ‪ -‬مصر |‪ 21/01/2006‬م‪( 11:23 ،‬السعودية)‪( 8:23 ،‬جرينيتش)‬
‫ابشروا يا أمة المليار بالفتح القريب بعد سب الحبيب هذه سنة الله‬
‫فى أعداء حبيبة بعد ان يقعوا فى عرضة الشريف يأتى النصر عليهم‬
‫مع ملء قلوبنا غيظا مما قالوا وكتبوا وصدق الحبيب لما قال عن‬
‫رب العزة ((من عاد لى وليا فقد آذنته بالحرب)) والله ولى‬
‫المؤمنين و محمد صلى الله عليه وسلم أول المؤمنين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لسكوت على مثل هذا‬
‫راشدالدوسري |‪ 21/01/2006‬م‪( 13:26 ،‬السعودية)‪10:26 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بسمالله الرحمن الرحيم كل مافعل هؤلءالمجرمون تجاه رسولنا‬
‫وحبيبنا صلى الله عليه وسلم ليسكت عنه بل من كان لديه رد‬
‫تجاههم فعليه بالمبادره والقيام بما يقدر عليه واسال الله ان يجزل‬
‫لكل من شارك بما يقدر عليه تجاههم الجر العظيم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫النصر قادم‬
‫مسلمة |‪ 22/01/2006‬م‪( 2:36 ،‬السعودية)‪( 23:36 ،‬جرينيتش)‬
‫إن الغد لناظره قريب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مؤسف‬
‫ناصر |‪ 22/01/2006‬م‪( 7:34 ،‬السعودية)‪( 4:34 ،‬جرينيتش)‬
‫تأجيج للرهاب وآمل من الله ان يطولهم بمشئة عموما لن يضر‬
‫حبيبنا صلى الله عليه وسلم ماكتبه ورسمه الكلب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المسلم العاقل‬
‫مسلم غيور |‪ 22/01/2006‬م‪( 8:36 ،‬السعودية)‪( 5:36 ،‬جرينيتش)‬
‫لقد ادى الني صلى الله علية وسلم رسالتة فقد احسن تربيتنا‬
‫وعلمنا العلم الفاضل فنحن كمسلمون يجب علينا ان ننظر الى‬

‫‪262‬‬
‫هديه وان نأخذ عنة اسلوب التعامل فلم يكن الرسول صلوات الله‬
‫علية يرد على الساءة بالساءة بل كان لطيف التعامل حسن الخلق‬
‫فلو نظرنا الى كيف كان يتعامل مع جارة اليهودي الذي كان يرمي‬
‫القذرات امام منزلة فلما توقف هذا اليهودي فلم يأنبة بل زارة‬
‫عندما توقف عن رميها فاكتشف ان سبب توقفة هو مرضة فما كان‬
‫من اليهودي ال ان يدخل في دين السلم لما وجدة من كرم وحسن‬
‫تعالم الرسول صلى الله علية وسلم بي ابي هو وامي وهذة والذي‬
‫كان خلقة القرآن‪ .‬فحري بنا ايها المسلمون ان نصدق في تعاملنا‬
‫وان نتأدب بأداب السلم فو والله وان نتبع كتاب الله وسنة رسولة‬
‫فهذة كفيلة برفع راية السلم والمسلمين‪ ،‬فالسلم دين عمل‬
‫وليسى دين ردود افعال فاين نحن مما يمارسة البعض منا من قلة‬
‫صلة واكل محرم وطرب ولهو وفسوق وما نشاهدة على قنوات ‪...‬‬
‫`السلمية` فو الله يجب علينا ان نخجل اول مما نعمل ونشاهد ولو‬
‫اصلحنا مما بنا لكنا امة مسلمة حقة‪ .‬نسأل الله لنا وللجميع حسن‬
‫العمل والتقوى وان يرد كيد الكأدين في نحورهم انة ولي ذلك‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاتة‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل حول ول قوة ال بالله‬
‫ل حول ول قوة ال بالله |‪ 22/01/2006‬م‪( 10:10 ،‬السعودية)‪7:10 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫إن الله ل يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اليهود هم اليهود ‪....‬‬
‫أختكم ورد |‪ 22/01/2006‬م‪( 10:13 ،‬السعودية)‪( 7:13 ،‬جرينيتش)‬
‫لنستعين بالمحاكم الدولية ول غيرها لني مؤمنة أنه كما يقال‬
‫( حاميها حراميها ) إنما أوجه حديثي للمسلمين أنفسهم للحكام‬
‫الذين يرسمون تلك البتسامات العريضة والرضى كل الرضى عن‬
‫أحفاد القردة والخنازير وأوقن أنه لحياة لمن تنادي!! لذا أبث نفثي‬
‫وحديثي للشباب المقلد والمحب للغرب العاشق الراضي ‪،،‬الشباب‬
‫الذي سلم نفسه لخزعبلت الموضة تراه يسير وأنت تظن ان الذي‬
‫شبه امرأة ولو هفته نسمة وقع على أرض التميع ظانا ً نفسه‬‫أمامك ِ‬

‫‪263‬‬
‫أنه قد اعتلى علو الجبال ولأحدمثله سوى أمثاله ‪ ....‬تراه يسير وهو‬
‫يلبس بنطال ً يكاد أن يصل لركبتيه ومن نظر إليه من ذوي البصيرة‬
‫م ؟؟ يقول لك هذه الموضه‬ ‫يشعر بتقزز المنظر وغثيان الصورة ‪ ..‬ل َ‬
‫!! أي موضة ودينك مستهان به ‪.‬؟ أي موضة ورسولك يُسب ؟ تخيل‬
‫نفسك وأنت تسير متميعا ً مطبقا ً برتوكلتهم ومخططاتهم وكأنك‬
‫ض ‪ ..‬القضية ليست في هؤلء‬ ‫تقول اعملوا ماشئتم فأنا عنكم را ٍ‬
‫النجاس !!! إنما فينا نحن ‪ ..‬فرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أوذي وهو في حياته ‪ ..‬أوذي وهو يصلي وهو ساجد ويرمى على‬
‫ظهره الطاهر القاذورات فهل ينجو من هذا الذى وهو ميت (فداه‬
‫أبي وأمي ) له رب يحميه وله الفئة المؤمنة التي تدافع عنه (من‬
‫آذى لي وليا ً فقد آذنته بالحرب ) فموعدهم قريب ‪ ..‬ولكن القضية‬
‫فينا نحن كما أسلف قلمي وهو ماموقفنا ؟ لذا وبعد هذا كله لبد‬
‫من وقفة صادقة مع أنفسنا ‪ ..‬أول ‪ :‬ومن أجل الله عزوجل ورسوله‬
‫صلى الله عليه وسلم لبد أن نُري الله من أنفسنا خيرا ً وهو أقل‬
‫شئ نقدمه لديننا أن نقاطع منتاجاتهم وبشدة وندعو لمقاطعتهم ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬نشر المقالت الممثاله لهذه في كل مكان خاصة المنتديات‬
‫لتبصير المة خاصة الشباب فمهما وصل شبابنا من متابعة لنعيقهم‬
‫لبد من وجود البذرة الطيبة في قلوبهم ‪ ..‬ثالثا ً ‪ :‬المشاركة في الرد‬
‫لمثل هذه المواقف ومقاومتها ومواجهتها والثقة والثبات في تحقيق‬
‫الهداف التي تعبر عن كره أهل الكفر ومحاربتهم رابعا‪ :‬وقفة‬
‫صادقة مع أنفسنا وأن الدين ينادينا وينادي صدق فطرتنا ولنسأل‬
‫ت لهذا الدين ) سترى الجواب مخجل ً أمام‬ ‫أنفسنا دائما ً ( ماذا قدم ُ‬
‫نفسك أخيرا ً ومضة ساخنة لي أنا ولكل من أحب من المسلمين‬
‫( وإن تتولوا يستبدل الله قوما ً غيركم ثم ليكونوا أمثالكم ) تحياتي‬
‫ورد‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هذا ما جنت عليه يداكم‬
‫أمجد زياد العباسي |‪ 22/01/2006‬م‪( 10:21 ،‬السعودية)‪7:21 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫دائما نعود لنقول ان المشكلة ليست فيمن تطاول على نبي‬
‫العالمين عليه الصلة والسلم ولكن المشكلة في من يدعون انهم‬
‫ينتمون الى دين هذا النبي مسلسل الحقاد متواصل ولن ينفك يوماً‬
‫‪ ....‬ما نريد بحثه هنا ‪ ..‬هو ما ذا علينا ان نفعل لنسكت هذه‬

‫‪264‬‬
‫الصوات ( العلنية على القل ) على المدى البعيد ؟ ولربما أقل ما‬
‫يقال هو المحاولة قدر المستطاع مقاطعة بضائع هذه الدول ‪..‬‬
‫الكثير منا سيقول ان شراءه ببضعة دراهم او ريالت او جنيهات من‬
‫منتجات هذه الدولة لن يؤثر في المر طالما انه يظن انه هو وحده‬
‫فقط من يقاطع ‪ ..‬بينما هناك اللف ولربما المليين ممن يشاركونه‬
‫المقاطعه ‪ ..‬فعلينا ان ل ننتظر مقاطعة الخرين لنبدأ نحن‬
‫بالمقاطعه ‪ ...‬وريال مع ريال وجنيه مع جنيه ودولر مع دولر‬
‫بامكانهم عمل الكثير لصد هذه الهجمات ‪ ...‬إبدأ بنفسك ول تنتظر‬
‫الخرين ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يال العجب العجاب!!!!!!!!!‬
‫احمد صلح حيدر |‪ 22/01/2006‬م‪( 10:22 ،‬السعودية)‪7:22 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ماذا ساكتب؟ وماذا افعل؟ فكرت كثيرا ولكن ما الحل؟ انعيب‬
‫زماننا؟ نعيب زمانن والعيب فينا وما لزمانن عيب سوانا ونهجو ذا‬
‫الزمان بغير حق ولو نطق الزمان لنا هجانا الم وحسرة في قلبي‬
‫الى هذا الحد من الضعف الذي وصل المسلمون اليه فرسول الله‬
‫يصبح مهانا ول نتحرك يال هذا العار ان اي انتقاص من شخصية‬
‫الرسول هي انتقاص للسلم فمعجزته صلى الله عليه وسلم هي‬
‫كتاب المسلمين وسيرته هي تاريخ للمسلمين واخلقه هي النموذج‬
‫الذي يقتدي به المسلمون فالمسلمون لم يرتضو ان يشتم احد‬
‫الرسول وكانو في اشد فترات الضعف وقلة العدد فها هو حمزة‬
‫يضرب احد سادات قريش بقوس السهام ويقول له اتسب محمدا‬
‫وانا على دينه؟ فما بالنا اليوم فنحن في العدد كثيرون وفي العدة‬
‫مجهزون فنحن منبع نفط العالم وارضنا سلة لغذاء العالم وبعد كل‬
‫هذا نسب في ديننا؟ فيال العجب العجاب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫سؤال فقط‬
‫نسائم الجنان |‪ 22/01/2006‬م‪( 23:44 ،‬السعودية)‪20:44 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬

‫‪265‬‬
‫لكل ابي محب ماذا تفعل لو ان شخص سب امك او شتم اباك او‬
‫انتقص من عرقك اوقبيلتك ؟؟؟؟؟ ثم اقول كيف ومن سب وشتم‬
‫اغل من الب والم بل والنفس كيف ومن سب هو حبيبنا وهادينا من‬
‫االعيون مقره وسويداء القلب محله من شج راسه الشريف‬
‫وكسرت رباعيته وقتل اصحابه وشرد اتباعه ورميت زوجته الطاهره‬
‫كل هذا وهو صابر محتسب يعلم ان اصحابه واحبائه نحن سوف‬
‫ننتصر له ((((((((سيد وحبيبي اشهد الله اني اتبراء اليك مما فعل‬
‫هؤل واشهدك يارب ان روحي فداء وعرضي لعرضه فداء ومالي‬
‫وولدي له فداء فجعلها لي وجاء يوم القيامه مما قصرت فيه فاني ل‬
‫استطيع يارب غيره)))))))))) والى الشرذمه الصليبيهاقول ما قال‬
‫حسان‪ :‬هجوت محمد ولست له بندا فشركم لخيركم الفداء اللهم‬
‫عليك بهم فانهم ليعجزونك عليك بهم فانهم ليعجزونك عليك بهم يا‬
‫رب فانهم ل يعجزونك‬
‫=========================‬
‫فسيكفيكهم الله‬
‫مساعد علي آل الطوير الشهري |‪ 22/01/2006‬م‪23:49 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 20:49 ،‬جرينيتش)‬
‫ماذا تنتظرون من اعداء الدين ولكن ابشركم ان الله مهلكهم وقد‬
‫قال الله تعالى (( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين‬
‫سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون)) تفسير الطبري ج‪:17‬ص‪29‬‬
‫فلقد استهزئ برسل من رسلنا الذين أرسلناهم من قبلك إلى‬
‫أممهم فوجب ونزل بالذين استهزءوا بهم وسخروا منهم من أممهم‬
‫ما كانوا به يستهزءون يقول جل ثناؤه حل بهم الذي كانوا به‬
‫يستهزءون من البلء والعذاب الذي كانت رسلهم تخوفهم نزوله بهم‬
‫يستهزءون يقول جل ثناؤه فلن يعدو هؤلء المستهزءون بك من‬
‫هؤلء الكفرة أن يكونوا كأسلفهم من المم المكذبة رسلها فينزل‬
‫بهم من عذاب الله وسخطه باستهزائهم بك نظير الذي نزل بهم‪.‬‬
‫وقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ((إنا كفيناك‬
‫المستهزئين ))تفسير السعدي ج‪/1‬ص‪ 435‬إنا كفيناك المستهزئين‬
‫بك وبما جئت به وهذا وعد من الله لرسوله أن ل يضره‬
‫المستهزئون وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة وقد‬

‫‪266‬‬
‫فعل تعالى فإنه ما تظاهر أحد بالستهزاء برسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وبما جاء به إل أهلكه الله وقتله شر قتله ثم ذكر‬
‫وصفهم وأنهم كما يؤذونك يا رسول الله فإنهم أيضا يؤذون الله‬
‫الذين يجعلون مع الله إلها آخر وهو ربهم وخالقهم ومنه برهم‬
‫فسوف يعلمون غب أفعالهم إذا وردوا القيامة ولقد نعلم أنك يضيق‬
‫صدرك بما يقولون لك من التكذيب والستهزاء فنحن قادرون على‬
‫استئصالهم بالعذاب والتعجيل لهم بما يستحقونه ولكن الله يمهلهم‬
‫ول يهملهم ‪.‬‬
‫‪-------------------‬‬
‫المقاطعه‬
‫دكتور على التركى |‪ 22/01/2006‬م‪( 23:55 ،‬السعودية)‪20:55 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫على كل مسلم ان يستنصر لحبيبة محمد رسول الله فقاطعوا كل‬
‫منتجات الدنمارك وهية التى زبدة لوبارك وحليب نيدو وجبن انكور‬
‫واى جبن دنماركى قاطعوهم ولتكونوا كالخراف لو ان دنماركى‬
‫تجرا ورسم بوذا لقام السيخ وحرقوا كل ماهوة دنماركى وهم‬
‫يعلمون ذلك جيدا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫‪http://www.gooh.net/oiii-1/111.htm‬‬
‫‪ http://www.gooh.net/oiii-1/111.htm |23/01/2006‬م‪0:46 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 21:46 ،‬جرينيتش)‬
‫انصرو حبيبكم عبر هذا الرابط‬
‫‪---------------------------‬‬
‫محمد رسول الله‬
‫مواطن |‪ 23/01/2006‬م‪( 1:39 ،‬السعودية)‪( 22:39 ،‬جرينيتش)‬
‫ايها المسلمون اني ادعوكم الى الجهاد في سبيل الله ومحمد عليه‬
‫الصلة والسلم وان كان محمد ليستدعي منك التحرك فل تنسوا‬
‫ان محمد علية الصلة والسلم قدم كل رخيص وغال في سبيل الله‬
‫اول وسبيل السلم ثانيا وفي سبيل المسلمين ثالثا ورسول الله‬

‫‪267‬‬
‫ينظر لما ما ستفعلون انصروا الله ورسوله اللهم اني بلغت اللهم‬
‫اني بلغت اللهم اني بلغت والسلم على رسول الله وهو رسول الله‬
‫رغم انوف الكفار المعتدين‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بيكفي سكوت بيكفي‬
‫`‪ mahmod |23/01/2006‬م‪( 1:50 ،‬السعودية)‪( 22:50 ،‬جرينيتش)‬
‫لوا ان العرب متحدين بالشرع والدين المتين وسنة الرسول المين‬
‫لما حدث واتا رعااع الغرب ليقولوا كلمة بل واقول حسبي الله‬
‫ونعم الوكيل عليكم يا حكام العرب على سكوتكم وعلى واحترامكم‬
‫للغرب الزائف والزائل بعون الله ومذا نقول يا اخوتي بالله اذا‬
‫رائينى مئات الجرائم الشارونية والسرائيلة والمريكيه في‬
‫غونتاناموا وسجون اسرائيل ايضا من اهانة المصحف الشريف وماذا‬
‫رئينا من حاكم عربي واحد ان كان صوتنا هنا سيبقا هنا فل نسكت‬
‫جميعا وال فالنقوم قومة رجل واحد ولنكبر ولنرفع اسم الله‬
‫ورسوليه الكريم اما بعد كل الحترام والتقدير للغيورين على دينهم‬
‫واقول اشعلوا من هم قريبين منكم بالدين وما يحدث فنا متاكد‬
‫هناك اناس ل يعلمون شيئا بالموضوع وكتير من المواضيع اعملوا‬
‫على بناء اسلم حنيف بالقلوب يقوم بعدها على ارض باذن الله‬
‫==========================‬
‫إنا كفيناك المستهزئين‬

‫أبو عاصم الزدي |‪ 23/01/2006‬م‪( 1:59 ،‬السعودية)‪22:59 ،‬‬


‫(جرينيتش)‬
‫ن الله‬ ‫يقول أحد علمائنا وهو شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪ ` :‬إ َّ‬
‫ب‬‫مظْهٌِر لِدِينِهِ ولِكَذ ِ ِ‬ ‫سبَّه ‪ ،‬و ُ‬‫م لرسوله ممن طعن عليه و َ‬ ‫منتق ٌ‬
‫الكاذب إذا لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد ‪ ،‬ونظير هذا ما‬
‫حدَّثَنَاه أعداد ٌ من المسلمين العُدُول ‪ ،‬أهل الفقه والخبرة‪ ،‬ع َّ‬
‫ما‬ ‫َ‬
‫صرِ الحصون والمدائن التي بالسواحل‬ ‫ح ْ‬‫ت متعددةٍ في َ‬ ‫جربوه مرا ٍ‬
‫الشامية‪ ،‬لما حصر المسلمون فيها بني الصفر في زماننا‪ ،‬قالوا‪ :‬كنا‬
‫ع‬
‫ن أو المدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو ممتن ٌ‬ ‫ص َ‬‫ح ْ‬
‫صُر ال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نحن ن َ ْ‬
‫ل الله‬ ‫ب رسو ِ‬ ‫س ِّ‬
‫ه لِ َ‬ ‫علينا حتى نكاد نيأس منه‪ ،‬حتى إذا تعرض أهل ُ ُ‬
‫سر‪ ،‬ولم يكد يتأخر إل يوما ً أو‬ ‫ضه تَعَ َّ‬
‫جلنا فتحه وتي َ َّ‬ ‫والوقيعةِ في عر ِ‬

‫‪268‬‬
‫يومين أو نحو ذلك‪،‬ثم يفتح المكان عنوة ‪ ،‬ويكون فيهم ملحمة‬
‫شُر بتعجيل الفتح إذا سمعناهم‬ ‫عظيمة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬حتى إن كنا لَنَتَبَا َ‬
‫يقعون فيه ‪ ،‬مع امتلء القلوب غيظا ً عليهم بما قالوا فيه ` وقال‬
‫سنة الله‬ ‫المام العالم شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪ ` :‬ومن ُ‬
‫أن من لم يُمكن المؤمنين أن يعذبوه من الذين يؤذون الله ورسوله‬
‫ن الله سبحانه ينتقم منه لرسوله ويكفيه إياه ‪ ،‬كما قدمنا بعض‬ ‫فإ َّ‬
‫صدَعْ‬‫ذلك في قصة الكتاب المفترى ‪ ،‬وكما قال الله سبحانه ‪ ( :‬فَا ْ‬
‫َ‬
‫ن ) ويقول‬ ‫زئِي َ‬
‫ستَهْ ِ‬ ‫ك ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن ‪ .‬إِنَّا كَفَيْنَا َ‬
‫شرِكِي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ض عَ ِ‬ ‫ما تُؤْ َ‬
‫مُر وَأع ْرِ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫ن البشرية لتفتخر بانتساب رجل‬ ‫الدكتور (شبرك) النمساوي‪ :‬إ ّ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ميته‪ ،‬استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أ ْ‬ ‫كمحمد إليها‪ ،‬إذ إنّه رغم أ ّ‬
‫ن الوروبيين أسعد ما نكون‪ ،‬إذا توصلنا إلى‬ ‫ن نح ُ‬ ‫يأتي بتشريع‪ ،‬سنكو ُ‬
‫مته‪ .‬جوتة الديب اللماني ‪` ` :‬إننا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا ‪ ،‬لم‬ ‫ق ّ‬
‫نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد ‪ ،‬وسوف ل يتقدم عليه أحد‪ ،‬ولقد‬
‫بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا النسان ‪ ،‬فوجدته في النبي‬
‫محمد … وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو‪ ،‬كما نجح محمد الذي‬
‫أخضع العالم كله بكلمة التوحيد`‪ .‬تلك بعض أقوال مشاهير العالم ‪،‬‬
‫في محمد نبي الرحمة عليه الصلة والسلم ‪ ،‬فلماذا المزايدات‬
‫التي تضر ول تنفع ‪ ،‬وتهدم ول تبني ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مسابقة رسم‬
‫فتاة مسلمة |‪ 23/01/2006‬م‪( 18:23 ،‬السعودية)‪( 15:23 ،‬جرينيتش)‬
‫نعلن لمن يرغب دخول مسابقة لرسم ملكة الدنمارك الرسم الذي‬
‫يليق بها ‪ .....................‬ردا ً على مسابقة رسم رسولنا الكريم‬
‫عليه أفضل الصلة والتسليم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ويمكرون والله خير الماكرين‬
‫مصطفى |‪ 23/01/2006‬م‪( 21:7 ،‬السعودية)‪( 18:7 ،‬جرينيتش)‬
‫والله لعذابهما أت ل محال انشاء الله أشد العذاب يا رب ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل‬
‫ام الشهداء |‪ 23/01/2006‬م‪( 21:33 ،‬السعودية)‪( 18:33 ،‬جرينيتش)‬

‫‪269‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم حسبي الله ونعم الوكيل في كل من‬
‫شارك في هذه الساءة واقول رب خذهم اخذ عزيز مقتدر وقول‬
‫كما سمعت على الجزيرة يا حكام العرب والعالم لو ان احدا اساء‬
‫الى حضراتكم فماذا سيكون الرد ولكن الله ينصر السلم‬
‫والمسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم‬

‫‪---------------------------‬‬
‫نحن لنقبا ذالك على حبيبنا رسول الله‬
‫محب الرسول صلى الله عليه وسلم |‪ 24/01/2006‬م‪13:50 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 10:50 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم من سخر برسولك صلى الله عليه وسلم واعتدى على حرمته‬
‫فأعم بصره وشل يده واجعله عبرة للمعتبرين ‪ .‬أبشروا بالنصر‬
‫والتأيد ياأهل السلم فإن الله سيدافع عن نبيه صلى الله عليه‬
‫وسلموسيعلي راية هذا الدين ولو كره المشركون‪ .‬قال تعالى ‪:‬‬
‫(ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) وقال تعالى ‪(:‬إن‬
‫الله يدافع عن الذين آمنوا‪ )....‬وأخيرا أقول اللهم أجب دعاأنا وأقر‬
‫عيوننا بنصرت دينك العالمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫إلى كل من طلب شفاعة الرسول الكريم‬
‫مسلم محب للرسول الكريم |‪ 24/01/2006‬م‪( 13:53 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 10:53‬جرينيتش)‬
‫يا أمة السلم‪ ،‬يا أمة القرآن‪ ،‬يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫إلى متى الهوان والذل‪ ،‬هل بعد هذا شيء‪ ،‬يحاربون السلم‪،‬‬
‫ويدنسون القرآن‪ ،‬ويسبون رسولنا الكريم عليه الصلة والسلم‪ ،‬هل‬
‫بعد ذلك شيء‪ ،‬استحلفكم بالله‪ ،‬لو أحدا ً سب أختك هل تسكت؟‬
‫أجبني هل تسكت؟ لماذا ل ترد؟ ان الجواب واضح؟ إذا كنت ل‬
‫تسكت‪ ،‬فلماذا تسكت على سب أشرف الخلق والمرسلين؟ هل‬
‫أختك أعز عليك من الرسول؟؟ هل ترجو شفاعة الرسول وأنت‬
‫تسكت على سبه‪ ،‬ماذا ستقول له يوم تلقاه عند الحوض؟ عندما‬
‫ت على سبي‪ ،‬ماذا ستقول له؟ الصحابة الكرام كانوا‬ ‫يسألك هل سك ّ‬
‫يفدونه بدمائهم وأنفسهم ومالهم وأهلهم‪ ،‬ونحن نبخل عليه بأن نثأر‬
‫لسبه‪ ،‬لو أنه موجود أمامك وسبه أحد هل ستسكت‪ ،‬طبعا ً ل‪ ،‬فلماذا‬

‫‪270‬‬
‫وهو غائب في جنات النعيم نسكت على سبه‪ ،‬هل الثأر له من أجل‬
‫وجوده وحضوره‪ ،‬أم من أجل محبته ورجاء شفاعته يوم الشفاعة‪،‬‬
‫خاب من كانت أمه وأخته وأبوه وعرضه أعز عليه من الرسول‬
‫الكريم‪ .‬يا أمة السلم‪ ،‬اطلبوا الشفاعة ممن يحبكم‪ ،‬أحبوه وأثبتوا‬
‫له محبتكم له بالذود عنه والدفاع عن عرضه‪ ،‬أرى النصارى وغير‬
‫المسلمين غيورين على سبه‪ ،‬فلماذا ل نكون أغير عليه منهم‪ .‬ابذلوا‬
‫كل ما في وسعكم لتنالوا الشفاعة والفوز‪ ،‬ل تستهينوا بالمر‪،‬‬
‫فالصحابة كانوا يفدونه بكل ما اوتوا من جهد طلبا ً للجنة‪ ،‬أليست‬
‫هذه طريق للجنة؟ لو أن أبا بكر أو عمر كانوا الن‪ ،‬ماذا كانوا‬
‫سيفعلون؟ والذي نفسي بيده لكانوا أعدوا جيوشا ً للدفاع عن سيد‬
‫الخلق‪ ،‬قاطعوا كل المنتجات الدنماركية‪ ،‬ل تستهينوا بالمر‪ ،‬فهذا‬
‫ل يد‬ ‫أضعف اليمان‪ ،‬وكل يحاسب على قدر نيته وعمله‪ .‬اللهم ش ّ‬
‫من رسم صورة الرسول الكريم‪ ،‬واجعله عبرة لكل الخلق‪ .‬اللهم ل‬
‫تمته حتى يكون تنفسه عذابا ً له وطعامه عذابا ً له وشرابه عذابا ً له‪،‬‬
‫وانتقم لرسولك الكريم‪ ،‬فإنك على كل شيء قدير‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بأبي أنت وأمي يا رسول الله‬
‫محمد الزهراني |‪ 24/01/2006‬م‪( 14:16 ،‬السعودية)‪11:16 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫إن الرسول لنور يستضاء به ‪888888‬مهند من سيوف الله مسلول‬
‫بأبي أنت وأمي يا رسول الله اللهم اهلك من سب نبك محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم وأرنا فيه عجائب قدرك عاجل غير ىجل يارب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫العزة للسلم‬
‫ياسين |‪ 24/01/2006‬م‪( 15:13 ،‬السعودية)‪( 12:13 ،‬جرينيتش)‬
‫السلم على من اتبع الهدى و الهداية لمن أرادها‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لعنة الله عليهم‬
‫من مكة |‪ 24/01/2006‬م‪( 15:33 ،‬السعودية)‪( 12:33 ،‬جرينيتش)‬

‫‪271‬‬
‫إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا قول من رب العالمين على مدار‬
‫القرون ‪ 0‬فالله كفيل بهذا ولعنة الله وسخطه وغضيه سينزل بهم‬
‫إن شاء الله وكما وعد على من قبلهم من المم فهذا خيرته من‬
‫خلقه والمقرب إليه من أنبيائه وشفيع عباده عنده ‪ 0‬حسبي الله‬
‫ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل حسبي الله ونعم الوكيل‬
‫وأفوض أمري إلى الله ‪0‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫" أل لعنة الله على الكافرين "‬
‫نصرالدين من الجزائر إحدى أراضي الله |‪ 24/01/2006‬م‪15:47 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 12:47 ،‬جرينيتش)‬
‫قبحكم الله وشوه صوركم‪ ،‬رسولنا عليه أفضل الصلة وأزكى‬
‫التسليم ‪ ،‬هدانا لطريق الحق المبين ‪ ،‬ووعدنا بجنة ونعيم و موعدكم‬
‫أنتم كل أشكال العذاب في نار الحميم ‪ ،‬يا سي محمد هذا أضعف‬
‫أيماننا جزاك الله خير الجزاء ‪ ،‬ندعو الله السداد لحكامنا وأن يرفع‬
‫عنهم غشاوة الخمول وغظ الطرف عن أعداء السلم ‪ ...‬أما صورة‬
‫نبينا الكريم عليه أفضل الصلة والسلم فهي أحسن صورة نرسمها‬
‫في أعماقنا ‪ ،‬ويكفينا فخرا واعتزازا به وبما أتى به ل إله إل الله‬
‫محمد رسول الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫القمص زكريا‬
‫ام طلل |‪ 25/01/2006‬م‪( 12:52 ،‬السعودية)‪( 9:52 ،‬جرينيتش)‬
‫على فكره ليس الوربين فقط اللذين يسبون الرسول فهناك‬
‫القمص زكريا في قناة الحياه كل يوم يتلذذ في سب الرسول‬
‫ويطلب من كبار رجال الدين ان يواجهوه في حقيقة دينهم ولكن‬
‫لل يوجد من يوقفه عند حده والله انه يقول كلم اقبح واشنع من‬
‫ما يقوله الدنماركيون في عظمة الرسول الحبيب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين‬
‫مسلم والحمد لله |‪ 25/01/2006‬م‪( 13:13 ،‬السعودية)‪10:13 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬

‫‪272‬‬
‫الرسول الكريم عليه الصلة والسلم أشرف الخلق والمرسلين‪،‬‬
‫من تجرأ على الستهزاء به فهو حقير‪ ،‬جبان وضعيف‪ ،‬لنه لو كان‬
‫الرسول حيا ً لما تجرأ على ما فعل‪ ،‬إذا لم يكن جبانا ً فليرسم صورة‬
‫ملكة الدنمارك أو صورة أحد رؤساء الدول الوروبية‪ ،‬لن يجرؤ على‬
‫ذلك‪ ،‬إذا ً النتيجة أنه جبان حقير‪ .‬وأقول له‪ :‬لو فررت من العقاب‬
‫في الدنيا‪ ،‬فلن تفّر من عذاب الخرة‪( ،‬ولَعذاب الخرة أكبر لو كانوا‬
‫يعلمون)‪ .‬اللهم عليك الكافرين فإنهم ل يعجزونك يا رب العالمين‪ ،‬يا‬
‫رب إنك تسمع الدعاء اللهم استجب‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ولسوف تعلمون‬
‫ناصر الحبيب |‪ 25/01/2006‬م‪( 13:56 ،‬السعودية)‪( 10:56 ،‬جرينيتش)‬
‫يا شباب حان وقت الجد لزم نردعهم ونقاطعهم فقد تعدوا على‬
‫رمز المسلمين على قائد الغر المحجلين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نحرنا دون نحرك يارسول الله‬
‫‪ ophelia |25/01/2006‬م‪( 14:40 ،‬السعودية)‪( 11:40 ،‬جرينيتش)‬
‫تفيض اعيننا من الدمع عندما لنرى سوى قناة المجد هي القناة‬
‫الفضائية الوحيدة التي تتصدى لهذه الحملة المنحطة والحقيرة أما‬
‫بقية القنوات والسعودية خاصة مثل روتانا ‪،‬وال‪mbc‬التي يحز علينا‬
‫ان ل تعرض برنامجا يذود عن نبي المة الذي قال فية المولى‬
‫(وانك لعلى خلق عظيم) أم صار همكم عرض اخر الفيديو الكليبات‬
‫للفنانات العاريات اين الغيرة على الدين وهل اصبحت حرية التعبير‬
‫للغرب حلل وعلينا حرام بل عليكم الى متى وانتم في سبات اين‬
‫النتصرون لك يارسول ام انهم رحلوا برحيلك اين عمر وابوبكر‬
‫وعثمان وعلي اما يوجد فين أمثالهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل والله يارسول الله لن نسكت‬
‫عاشقة الرسول |‪ 25/01/2006‬م‪( 15:5 ،‬السعودية)‪( 12:5 ،‬جرينيتش)‬
‫يكفينا ذل وهوان أين غيرتنا على رسولنا ؟لقد سبوا احب الخلق‬
‫إلينا نبينا وحبيبنا وقرة اعيننا بابي هو وامي ‪ ...‬لكن وااااااالله لن‬
‫نسكت سنقاطع منتجاتهم ونهز اقتصادهم فنحن امة المليار سنرفع‬

‫‪273‬‬
‫اكفنا في ثلث الليل الخير وندعوا عليهم ليكونوا عظه لغيرهم وعلى‬
‫حكوماتنا الرشيده في كل الدول السلميه ان تسحب سفيرها في‬
‫الدنمارك وان تقطع العلقات‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نصرة رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫عبدالله الغامدي |‪ 25/01/2006‬م‪( 15:51 ،‬السعودية)‪12:51 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫قال الله تعالى(كتب الله لغلبن انا ورسلي ان الله قوي عزيز)‬
‫لذلك نقول حسبنا الله ونعم الوكيل وانا لله وانا اليه راجعون أسأل‬
‫المولى عزوجل ان يرين فيهم يوما اسودا عاجل غير آجل وان‬
‫يبتليهم بالمراض والزلزل والكوارث انه على ذلك قدير وبالجابة‬
‫جدير ياحي ياقيوم اجب دعائنا آمين يارب العالمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لحول ول قوة البالله‬
‫حسن الغامدي |‪ 26/01/2006‬م‪( 11:3 ،‬السعودية)‪( 8:3 ،‬جرينيتش)‬
‫ان مثل هؤلء القوم يوصفون بعدم العقل والجهل وعدم احترام‬
‫الديانات الخرى التى منزله من الله ولحول ولقوة ال بالله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫فداك روحي يارسول الله‬
‫الغربة |‪ 26/01/2006‬م‪( 12:4 ،‬السعودية)‪( 9:4 ،‬جرينيتش)‬
‫بأبي أنت وأمي يارسول الله‪..................‬والله نفديك‬
‫بأرواحناوأولدنا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أمة محمد بخير‬
‫ابو الياس |‪ 26/01/2006‬م‪( 22:17 ،‬السعودية)‪( 19:17 ،‬جرينيتش)‬
‫الذي يقرأ هذه التعلبقات يقول ما زالت امة محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم بخير بوركتم والمة بخير ما دامت الغيرة فيها فان سلبت‬
‫فأقرا عليها السلم‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪274‬‬
‫مانرد على هؤولء العجول الدنمركية‬
‫ابو احمد |‪ 26/01/2006‬م‪( 23:8 ،‬السعودية)‪( 20:8 ،‬جرينيتش)‬
‫يجب مقاطعة مثل هؤلء العجول حتى يعلموا ان وراء الرسول‬
‫رجال يحبونه ويقدمونه على انفسهم واولدهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أين صحوة المة‬
‫سالم الدوسري |‪ 26/01/2006‬م‪( 23:17 ،‬السعودية)‪20:17 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫لن أتكلم عن أولئك الكفرة الملحدين فليس بعد الكفر ذنب ولكني‬
‫أقول للمسلمين ماذا قدمتم للسلم هل مجرد التسمي به أم ماذا‬
‫ياللعار كيف يستهزأ بنبيكم وأنتم تتفرجون وكأن اللجم قد اللجمت‬
‫لكم ءأصبحتم مطايا أم أذنابا كيف يستهزأ بالرسول الكريم صلوات‬
‫الله وسلمه عليه ولم يتكلم أحد أقصد بهم روساء الدول العربيه‬
‫والسلمية يجب أن يكون هناك ردا صارخا رادعا وأن يحاكم من‬
‫فعل ذلك سواء أشخاص أو مؤسسات أو حتى حكومات فكفى بهذا‬
‫حدا لصحوة المسلمين من سبات عميق تذكروا ماذا فعل رسولكم‬
‫الكريم ليبين الهدى للناس ويرسم الطريق المستقيم فكان يقابل‬
‫بالساءة ولكنه صبر على ذلك حتى أوصل السلم والمسلمين الى‬
‫أفضل مكانة وهيبة ثم خلف بعده الخلفاء الراشدين من بعده‬
‫وساروا على دربه واقتفوا أثره ثم توالت عصور المسلمين وهم في‬
‫قوة وهيبة وعزة وكبرياء وعظمة ثم بعد ذلك أصبحت القوة والهيبة‬
‫تتضاءل شيئا فشيئا الى أن وصلت المة السلمية الى ماوصلت‬
‫اليه الن من ذل وصغار حتى وصل المر الى أن يتطاول أخوان‬
‫القردة والخنازير أن يستهزؤن بنبينا الكريم فأقول لكم يا أيها‬
‫المسلين أجمعوا كلمتكم وكونوا على قلب رجل واحد وقفوا أمام‬
‫عدوكم وكونوا لهم بالمرصاد ‪..........‬يارب أن رسولك الكريم صلى‬
‫الله عليه وسلم كان لينتقم لنفسه ال أن تنتهك حرمة الله تعالى‬
‫فينتقم لله تعالى اللهم فانتقم له من أولئك الذين أستهزوأ به‬
‫وأنتقم للمسلمين منهم فهم قد تتطاولوا على السلم والمسلمين‬
‫وبالشرائع السمواية وبالديان التي ليست محل لحرية الرأي كما‬
‫يزعمون قاتلهم الله أنى يؤفكون ‪.....‬أرجوا أذا كان هناك خطأ في‬
‫ماكتبت مراسلتي وتوجيهي على أيميلي‪sogl_123@hotmail.com‬‬

‫‪275‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المقاطعة وسحب السفير السعودي بدأت تتفاعل في الدانمارك‬
‫مسلم من الدانمارك |‪ 26/01/2006‬م‪( 23:50 ،‬السعودية)‪20:50 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بدأت إعادة الحسابات والخوف من المقاطعة وعد المليارات التي‬
‫تحصل عليها الدانمارك من التصدير إلى السعودية وغيرها من‬
‫الدول العربية بدأت على شاشات التلفاز والمجلت فقد كان الخبر‬
‫الول في التلفاز الدانمركي اليوم عن إستدعاء السفير السعودي‬
‫للتشاور وخبر دعوات علماء المسلمين للمقاطعة والخوف من‬
‫الخسائر المادية والمعنوية بسبب الرسوم وقالت شركة أرل‬
‫الدنماركية أن تعاملها مع المملكة يقدر سنويا ً ب ‪ 3‬مليار وأن هذه‬
‫خسائر وقد تمتد المقاطعة للدول المجاورة بسبب دعوات العلماء‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أعوذ بالله من فعلتهم الشنيعة‬
‫بنت السلم |‪ 26/01/2006‬م‪( 23:54 ،‬السعودية)‪( 20:54 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل ‪.‬اللهم إني أعوذ بك مما فعل أحفاد القردة‬
‫والخنازير ‪ ( .‬فلنكن يدا بيد ضد منتجاتهم الدنماركية ) حتى نثبت‬
‫لهم قوة السلم و أهله للدفاع عن أشرف النبياء والمرسلين سيدنا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ليس بعد الكفر ذنب‬
‫سعيد احمد |‪ 27/01/2006‬م‪( 0:7 ،‬السعودية)‪( 21:7 ،‬جرينيتش)‬
‫اعزائي الكرام القائمين على هذا الموقع لكم مني اجل تحية‬
‫واحترام لن اتكلم عن اولئك المنكرين المتنكرين لله تعلى فهم‬
‫وصفهم الله بقتلة النبيا فهم يقتلون انبياء الله المرسلين اليهم‬
‫فكيف بحبيبنا النبي المي العربي عليه افضل الصلة والسلم‬
‫ولكن اريد من المه السلميه بان ل تتكتفي بمقاطعة الدنمرك بل‬
‫تقتل هذا العين الذي تجراء على الحبيب وان تحرق مقر تلك‬
‫الصحيفه وان الله على نصرناء لقدير اذا غيرنا ما بانفسنا واتجهنا‬
‫الى الله عز وجل بالخلص في العباده ووحدنا صفوفنا وكنا امة‬
‫واحده‬

‫‪276‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫السعودية‬
‫فتحي الولدي |‪ 27/01/2006‬م‪( 0:12 ،‬السعودية)‪( 21:12 ،‬جرينيتش)‬
‫إن هذه الساءة والحملة البغيضة عن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم لهو تعبير ورساااالة واضحة للعرب والمسلمين بكره الغرب‬
‫واليهود كافة لهم وينسبون الرهاب للمسلمين متناسين اكبر‬
‫الرهابين (شارون) لعنه الله وامثاله بوش وبلير‪ .‬فلبد من قادة‬
‫العرب ان يسحبو كل سفراءهم لدى هذه الدولة المعلونة باذن الله‬
‫ومقاطعة جميع صادراتها لنا من منتوجات غذائية او صناعية فلبد‬
‫من الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم لنه هو الشفيع لنا‬
‫يوم القيامة وهذا اختبار لنا فمن لم يدافع عن الرسول اليوم فل‬
‫يدافع عنه ويشفع له يوم القيامة‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لعنة الله على العداء‬
‫محمد العواجي |‪ 27/01/2006‬م‪( 0:13 ،‬السعودية)‪( 21:13 ،‬جرينيتش)‬
‫حبيبي يا رسول الله بأبي وأمي انت يانور البشرية أما هولء‬
‫الحاقدين لعنهم الله وأبطل أفعالهم فيجب على كل منا كامسلمين‬
‫الوقوف ضد هولء الجبناء ومقاطعة منتجاتهم وانا من هذه اللحظة‬
‫لن استخدم اي منتج لهم مدى عمري لنه ذنب ليغتفر مهما قدموا‬
‫من أعتذارت كاذبه تخفي حقد قلوبهم كما يجب على الحكومة‬
‫الوقوف موقف الحسم من هذا الموضوع الذي اساء لحبيبنا‬
‫ورسولنا وكذلك الدعاء على هولء الكفار الفجرة لاقام لهم راية‬
‫وجعلهم لمن خلفهم آيه أمين يارب العالمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الضربة القاضية لهم‬
‫عبدالله |‪ 27/01/2006‬م‪( 0:16 ،‬السعودية)‪( 21:16 ،‬جرينيتش)‬
‫ان المقاطعة لمنتجاتهم سوف تكون بمثابة الضربة القاضية لهم‬
‫ومن يتساهل في ذالك فغيرته على النبي الحبيب معدومه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل تدعوها تمر مرور الكرام‬

‫‪277‬‬
‫محمد السواجي ‪ ،‬الرياض |‪ 27/01/2006‬م‪( 0:22 ،‬السعودية)‪21:22 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫لو جعلناها تمر مرور الكرام فل نلوم انفسنا اذا استمر‬
‫الدينماركييون او غيرهم بالستهزاء في المستقبل واتمنى ان تحذو‬
‫الدول السلمية خطى المملكة العربية السعودية في استدعاء‬
‫سفراءها من الداينمرك حتى نثبت لهم كبر حجم الموضوع وانه‬
‫يتعدى حدود حرية التعبير والرأي بكثير ‪ .‬وفي نظري ان السخرية‬
‫لم تمس سيد الخلق فقط وانما مست كل مسلم على وجهه الرض‬
‫فالرسول عليه الصلة والسلم قد قبضت روحه لكن السلم باقي‬
‫والعمامة السوداء التي كان يعتمرها الرسول الكريم في الكاريكاتير‬
‫الحقير انما ترمز للدين السلمي وليس لذات الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫رؤوساء المسلمين‬
‫رؤوساء المسلمين |‪ 27/01/2006‬م‪( 0:45 ،‬السعودية)‪21:45 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫اين ردود روؤساء المسلمين اين النخوه والغيره علي السلم انا‬
‫من رأي ان اول اجراء يتم اتخاذه من البدايه ان تغلق كل‬
‫السفارات الدنماركيه في الدول المسلمه وتقطع كل العلقات مع‬
‫هذه الدول الكافره لكي تكون عبره لغيرها وشكرا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لبد من ان نقاطع هذي الدولة‬
‫هل من منادي؟ |‪ 27/01/2006‬م‪( 1:21 ،‬السعودية)‪22:21 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫نحن مسلمون وابنااء مسلمون وسيدنا وحبيبناا هو رسول الله صلى‬
‫الله علية وسلم فيجب على كل مسلم صادق يحب الرسول صلى‬
‫الله علية وسلم ان يقاطع هذي الدوله الكاافرة التي قام بهاا اخس‬
‫البشر واحقر الناس بان يرسم رسول الله صلى الله علية وسلم‬
‫اين وقفت المسلمون الن لبد مناا جميعااا ان نقف وقفت رجل‬
‫واحد وجسم واحد ضد هذي الدولة الكافرة وهي ان نقاطع جميع‬
‫منتجاتهاا التي نستوردهاا من عندهم فنحن مسلمون في هذي‬
‫الوقفه الجاادة واريد من احد الخوان هنااا ان يبحث عن الشركاات‬

‫‪278‬‬
‫التي تستورد من هذي الدوله الكاافرة الكي نعرف هذي المنتجااات‬
‫و نسال الله العظيم الكريم القادر على كل شي ان ياخذهم اخذ‬
‫عزيز مقدتر امين امين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اه اه ياالقهر‬
‫ابو رغد |‪ 27/01/2006‬م‪( 1:22 ،‬السعودية)‪( 22:22 ،‬جرينيتش)‬
‫لعنة الله عليهم وصلة الموصيل ان الكفار يستهزون بالرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم ونحن كمسلمون نشتري منتجاتهم ونرفع اقتصادهم‬
‫والله ان المفروض ندافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم بكل‬
‫مانملك من قوة ونحارب كل من يستهز بالرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ .‬اللهم عليك بالدنمارك والنرويج اللهم ارناعجاب قدرتك‬
‫فيهم ودمرهم يارب العالمين اللهم انصر المسلمين في كل مكان ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الباركود‬
‫عبدالمنعم |‪ 27/01/2006‬م‪( 1:39 ،‬السعودية)‪( 22:39 ،‬جرينيتش)‬
‫هل تعلم أخي المسلم بأن الباركود للمنتجات الدنمركية لي منتج‬
‫لهم يبدأ ب رقم ‪ 57‬نتمني العزيمة والصرارفي مقاطعة المنتجات‬
‫الدنمركية‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بالكيل الذى به تكيلون يكال لكم ويزداد‬
‫بيجول |‪ 24/12/2005‬م‪( 4:22 ،‬السعودية)‪( 1:22 ،‬جرينيتش)‬
‫المسلمون الن يعانون من الزدراء؟؟؟!!!!! لعلهم يعرفون ماهى‬
‫مرارته وكم استهزأوا ويستهزئون بالمسيحية واليهودية وليس‬
‫عندهم حجة للزدراء ال انه محرف انه محرف فاليهود والنصارى‬
‫كنبهم محرفه وهم فقط السليم كفى وافيقوا واشربوا من نفس‬
‫الكأس‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المسألة مسألة مادة‬
‫مسلم في الدنمارك |‪ 24/12/2005‬م‪( 4:39 ،‬السعودية)‪1:39 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬

‫‪279‬‬
‫اذا اردنا ان نرد فل مقاطعة‪ ,‬ول هجوم مسلح‪ ,‬ول غيره‪ ,,,‬العين‬
‫بالعين والسن بالسن‪ ,,,‬ولكنا لسنا بحقارتهم‪ ,‬مبلغ صغير لرسام‬
‫يرسم كاريكاتيرات عن الذي رسم كاريكاتير عن نبينا محمد (ص)‪ ,‬و‬
‫يتم دفع المبالغ المحتمة لنشره في اكبر الجرائد وهكذا يكون حتى‬
‫يعرفون ان ما يفعلون ممكن يدور عليهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ياحبيبي يارسول الله‬
‫عربية |‪ 24/12/2005‬م‪( 6:28 ،‬السعودية)‪( 3:28 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‪...‬أما بعد‪...‬فمن قد قام بهذا الفعل‬
‫العظيم علية غضب من الله والناس اجمعين‪...‬وأما بالنسبة لنا‬
‫كأفراد مسلمين فالله يشهد باننا غير راضين عما حدث ويحدث لنا‬
‫سواء بالتطاول على عقيدتنا‪...‬أو على القرأن الكريم‪...‬او على نبينا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ولنملك بكل أسف ال الدعاء على‬
‫هؤلء الفجرة الكفرة‪..‬اللهم عليك بهم‪...‬اللهم عليك بهم‪..‬أنزل‬
‫عليهم سخطك‪...‬وأحل عليهم غضبك‪...‬اللهم أهلكهم‪...‬اللهم أهلكهم‬
‫ومن والهم‪ ...‬ماذا عساهم يقولون في محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪...‬ماذا سيقولون في من قال ( أدبني ربي فأحسن‬
‫تأديبي)‪...‬ماذا عساهم يقولون في من قال عنه رب العزة والجلل‬
‫(انك لعلى خلق عظيم) ماذا يقولون في رجل قبل أن تلده أمه رأت‬
‫نورا يخرج منها يمتد من الرض الى السماء‪...‬ماسيقولون في رجل‬
‫أمي أصطفاه ربه ليكون أخر النبياء وخاتم الرسل‪...‬ماعساهم‬
‫يقولون في من قال( من رأني في المنام فقد رأني فان الشيطان‬
‫ليتمثل بي)‪...‬ماعساهم يقولون في رجل كان عرقه مسك تطيب‬
‫به النساء أبنائها في العياد‪...‬ماذا سيقولون عن رجل كسرت‬
‫رباعيته في معركة أحد فزادته جمال على جماله‪...‬وشج صدغه‬
‫صلى الله عليه وسلم فزاده ذلك بهاء وجلل‪...‬ماذا سيقولون عن‬
‫رجل أنشق له القمر ولزال الثر ظاهرا عليه الى اليوم‪...‬ماعساهم‬
‫يقولون في رجل نزل عليه القرأن‪.....‬وكفى‪ ..‬فوالله لو أن هؤلء‬
‫الكفرة الفجرة قد قرأو عن‪ ،‬صفاته صلى الله عليه وسلم لهتزت‬
‫الرض تحت أقدامهم‪ ....‬ماذا عسى ان يقولون في حبيب الله‪...‬في‬
‫أجمل خلق الله‪...‬وأكمل خلق الله‪ ...‬اللهم صلي وسلم وبارك على‬
‫نبيك وحبيبك محمد وعلى أله وصحبه أجمعين‪ .‬أخيرا أقول لبيجول‬
‫كان حري بك أن تسمي نفسك بغول‪...‬قبحك الله كيف تجرؤ على‬

‫‪280‬‬
‫السخرية من رسول الله وكتاب الله الذي لم ولن يحرف ويكفينا‬
‫أيها الغبي قوله تعالى (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)‪..‬‬
‫فوالله أيها البيجول البغول لول أحترامي لرأي وأدب بعض الخوة‬
‫المسيحيين هنا لكنت كلت عليك من السباب والشتائم مايجعلك‬
‫تدفن رأسك الغارغ تحت التراب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مقاطعة المنتجات الدانمركيه‬
‫‪ hany |04/01/2006‬م‪( 16:53 ،‬السعودية)‪( 13:53 ،‬جرينيتش)‬
‫كل مارجوه من كل من يقرا هذه الرساله ان يقاطع كل المنتجات‬
‫الدانمركيه من البان مجففه نيدو‪,‬انكور وغيرها أو زبده لورباك أو‬
‫جبن او غيرها‪ .‬وارجو من كل تاجر ان يوقف استيراد هذه البضائع‪.‬‬
‫ارجوكم يا جماعه فالمر جدا خطير فلقد تجاوزت هذه الدوله كل‬
‫الحدود ‪ ،‬ول تنسوا انكم سوف تلقون رسول الله يوم القيامة على‬
‫نهر الكوثر فماذا ستقولون له وقد علمتم ماعلمتم ؟ ارجوكم‬
‫ياشباب لتجعلوا المر يمر عليكم مرور الكرام وتخيلوا لو ان احدهم‬
‫سب امك اواختك فماذا سيكون رد فعلك؟ وهل اهلك وذويك احب‬
‫اليك من رسول الله ؟ ارسل هذه الرساله الى كل من تعرف ‪ ...‬او‬
‫ارسلها على هيئة رسائل قصيرة ‪...‬بلغ اصحابك جيرانك اطبع ورق‬
‫ووزعه ا افعل كل ماهو ممكن ومتاح فكر ولن تعجزك الوسيله‬
‫ولتكن قدوتك فى هذ المر اصحاب رسول الله اللذين دافعوا عنه‬
‫باموالهم ودمائهم وانفسهم واجعل شعار ك قول وقدوتك ابا طلحه‬
‫حين قال وهو يدافع عن رسول الله يوم بدر `نحرى دون نحرك‬
‫يارسول الله` وصدق حسان ابن ثابت حين قال‪ :‬فان ابي ووالدتى‬
‫وعرضى لعرض محمد منكم فداء‬
‫‪---------------------------‬‬
‫واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلما صدق الله العظيم‬
‫ثائر الشحاتيت |‪ 07/01/2006‬م‪( 15:7 ،‬السعودية)‪( 12:7 ،‬جرينيتش)‬
‫هل حدث يوما واستهزأت احد الصحف المسلمه بأحد النبياء؟‬
‫الجواب كل ‪ .‬لن ديننا هو الدين الكامل الشامل ل نفرق بين احد‬
‫من رسله صدق الله العظيم اين الحترام للديان اين ما يدعونه‬
‫التقدم‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪281‬‬
‫بلد التوحيد (السعودية)‬
‫طاهر |‪ 12/01/2006‬م‪( 0:48 ،‬السعودية)‪( 21:48 ،‬جرينيتش)‬
‫انا كشعوب مسلمة لن نسكت على هذا التصرف ونطالب القادة‬
‫من ملوك ورؤساء الدول السلمية للتدخل ومطالبة هذاالدولة‬
‫الكافرة بمحاكمت كل من كانت له يدفي هذا الموضوع واني أبرأ‬
‫الى ممافعل هؤلء الكفرة لعت الله عليهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ‪ ...‬اصحوا يا أصحاب محمد‬
‫حسبي الله وحده |‪ 17/01/2006‬م‪( 2:26 ،‬السعودية)‪23:26 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫اللهم عليك بأعداء الملة والدين ‪ ،‬اللهم العنهم لعنا شديدا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫فداك العالمين يارسول الله‬
‫‪ solid |17/01/2006‬م‪( 22:54 ،‬السعودية)‪( 19:54 ،‬جرينيتش)‬
‫يا أهل السلم ياأهل الغيرة ماذا بقي لكم بعد رسول الله ‪ 0‬لعذر‬
‫لحد ان يتخلف عن نصرته والذب عنه فوسائل التصال متوفره‬
‫وسهام الليل لتخطئ والمقاطعه مهمه ونشر الستياء العام في‬
‫كافة وسائل العلم‪ 0000‬اللهم انا نعتذر اليك مما صنع المبطلون‬
‫بحرمة نبيك الكريم ونستغفرك من تقصيرنا نحوه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫فجر أجيالنا قادم‬
‫لينة محمد نور زينو |‪ 19/01/2006‬م‪( 21:3 ،‬السعودية)‪18:3 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫إلى كل من غّره ضعفنا الن ‪,‬هذا وعد من شباب السلم و من كل‬
‫مسلم يعلم عدل دينه و صلحه لكل الدنيا و أن الله ما أرسله إل‬
‫لنه دين الرحمة للدنيا هذا وعد منا باسمي وباسم كل مسلم شعر‬
‫بذلك ‪ :‬لكل عدو لله و الله سنعود أبطال كما كنا حماة للرضو الدنيا‬
‫ز سوف يسلمنا الله عز و جل مفاتيح الدنياكما و عد إذ قال جل‬
‫جلله { فإذا حاء وعد الخرة ليسوؤا و جوهكم و ليدخلوا المسجد‬

‫‪282‬‬
‫كما دخلوه أول مرة و ليتبروا ما علو تتبيرا } ‪ ...‬هذا وعد الله لنا و‬
‫هذا وعدنا للمة آتون يا أمة السلم ‪ ...‬ابن من أبناء السلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫دعاء‬
‫أبو عبد الرحمن إبراهيم جابر |‪ 20/01/2006‬م‪( 19:26 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 16:26‬جرينيتش)‬
‫اللهم انصر السلم والمسلمين واخذل الكفرة والمشركين‬
‫والمنافقين والمنافقين والمنافقين ‪0‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المقاطعة‬
‫ابو سلطان |‪ 20/01/2006‬م‪( 22:24 ،‬السعودية)‪( 19:24 ،‬جرينيتش)‬
‫المقاطعة هي الحل المثل لمثل هؤلء السفلة‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أظهرو عزتكم وإباءكم يا مسلمين ‪..‬‬
‫عبدالله |‪ 20/01/2006‬م‪( 22:36 ،‬السعودية)‪( 19:36 ،‬جرينيتش)‬
‫لبد لكل مسلم أل يجعل هذا الموضوع أن يمر مرورا عاديا بل لبد‬
‫من إظهار عزته وإبائه ورفضه كل ما ينقص من قدر نبينا صلى الله‬
‫عليه وسلم وأن يدافع عنه بكل ما يستطيع من جهد ‪ ،‬فمن ما يمكن‬
‫القيام به لبراز موقف المسلمين نحو هذا العمل الكفري ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬للخطباء ‪ :‬أن يركزوا على هذا الموضوع ويحذروا العامة من‬
‫القنوات التي تدعو إلى مثل هذه المور ‪ -2 .‬للقنوات ‪ :‬لبد أن‬
‫يعمل برنامج للرد على هؤلء المجرمين من خلل علماء فضلء و‬
‫تكثيفها هذه اليام ‪ -3 .‬للباء والمربين ‪ :‬جهدهم لزم في التوجيه‬
‫والتحذير من هذه الترهات وهذه السخافات ‪ -4 .‬للكتاب ‪ :‬فهم‬
‫أصحاب الرسائل الواعية التي تسطر فتوعي وترشد وتحذر ‪-5 .‬‬
‫لكل مسلم ‪ :‬توعية الهل والقارب والجيران وزرع فيهم روح‬
‫المدافعة عن الحبيب صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ونشر الرسائل‬
‫القصيرة التي تدعو إلى مقاطعة المنتجات الدنماركية ‪ .‬لبد من‬
‫تحذير هؤلء المجرمين من إعادة هذا الفعل عبر موقع الجريدة‬
‫الدنماركية صاحبة المسابقة الخبيثة ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪283‬‬
‫الدنمارك تريد لفت النظر عن ما اشتهرت به‬
‫النور |‪ 21/01/2006‬م‪( 19:45 ،‬السعودية)‪( 16:45 ،‬جرينيتش)‬
‫ان امثال هده الفعال هي التي تعجل خطى حامل القنبلة وتجعل‬
‫المكظوم يفز وترسخ في دهن الصغير ان لحوار بين المم فضل‬
‫عن الديان ان المم التي لتحترم عقائد ومبادئ المم الخرى لن‬
‫ولم يكون لها شأن تسمو وتفخر به(البقار الدنماركية) مادام هدا‬
‫ديدن حكومتها والتي استمدت هده الصحف منها شرعية عملها‬
‫والدليل على دلك سكوت الحكومة وحق لنا كرد فعل بسيط عدم‬
‫احترامها والوقوف منها موقف العدو حتى تعتدر‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نواجه بكل قوه‬
‫عبدالعزيز _‪ taif |21/01/2006‬م‪( 19:47 ،‬السعودية)‪16:47 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫اناشد كل افراد المجتمع من كاتب وصحفي ومدرس وشاعر وشيخ‬
‫وعالم واب وام وامير وحاكم وكل من يمثل السلم والمسلمين ان‬
‫نواجه وبكل قوه كل من اساء الى الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫كل بتخصصه و مكانه وان نرسل لهم ردودنا بقوه السلم وبحبنا‬
‫لرسول الله وان نكون يد واحده وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬
‫‪---------------------------‬‬
‫عدل السلم‬
‫احمد الشمراني |‪ 21/01/2006‬م‪( 19:55 ،‬السعودية)‪16:55 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫السلم دين ل تهزه مثل ما يفعلة بعض الدبش من هؤلء الفارغين‬
‫الذين شغلهم الشاغل هو الرتقاء على اكتاف اي شيء عظيم ولكن‬
‫هم يحسبون انهم الن ارتقوا الى النجومية ول يعلمون انهم انحدروا‬
‫الى اسفل السافلين بحقارتهم وعدم احترامهم للديان الخرى‬
‫فديننا عظيم ويامرنا بعدم سب اي دين كان بل باحترامه وتقديره‬
‫واي دين نعرفه يستحيل بتاتا ان يكون في طيات اخلقه انتقاص‬
‫وعدم احترام الديان الخرى وال فسوف يكون دين بل اخلق ونحن‬
‫ل ننتقص اي دين ينتمون اليه وانما ننتقص نفس الشخاص‬
‫ومعقولياتهم التافهة وتغذيتهم المسمومة ضد ديننا السلمي السمح‬

‫‪284‬‬
‫والعادل والذي دعا اليه نبينا محمد عليه السلم الذي ينتقصونه‬
‫ويرسمونه بالرسومات التافهة التي تدل على وضاعتهم وشكرا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫ابن السلم |‪ 21/01/2006‬م‪( 20:54 ،‬السعودية)‪( 17:54 ،‬جرينيتش)‬
‫اخوتي في الله ان مصابنا في اهانت الرسول عظيم فكيف يهان‬
‫حبيبنا ورسول ربنا ونحن لفعلهم جامدون فيا راجي الشفاعه كن‬
‫ناصرا لرسول ربنا محمدا المين وحسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫سيكون الرد عنيفا‬
‫قادم |‪ 21/01/2006‬م‪( 20:55 ،‬السعودية)‪( 17:55 ،‬جرينيتش)‬
‫ال ان للحبيب عليه الصلة و السلم مكانة لو وزنت بالكون لرجحت‬
‫كفته عليه الصلة والسلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫أبو أويس |‪ 21/01/2006‬م‪( 21:36 ،‬السعودية)‪( 18:36 ،‬جرينيتش)‬
‫( ول تحسبن الله غافل ً عما يعمل الظالمون )‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الجواب ما تروه ل ما تسمعوه‬
‫مازن |‪ 21/01/2006‬م‪( 22:8 ،‬السعودية)‪( 19:8 ،‬جرينيتش)‬
‫‪ /1‬محبة الرسول زادت في قلوبنا أكثر ووووو ‪ /2‬سنعلم أبنائنا سيرة‬
‫الرسول المصطفى حتى يكونوا سيوفا في أعناق هؤلء الكفرة ‪/3‬‬
‫هذه بداية النهاية لهؤلء الكفرة‬
‫‪---------------------------‬‬
‫سيكون الرد عنيفا‬
‫قادم |‪ 22/01/2006‬م‪( 15:59 ،‬السعودية)‪( 12:59 ،‬جرينيتش)‬
‫أقل شيء نفعله مقاطعة المنتجات الدنمركية ‪ ..‬اجعلها اخى اخيتى‬
‫توقيع لك‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪285‬‬
‫بابى انت وامى يا رسول الله‬
‫خالد عقده |‪ 22/01/2006‬م‪( 16:57 ،‬السعودية)‪( 13:57 ،‬جرينيتش)‬
‫ما حدث فى الدنمارك ما هو ال افصاح عن عقيده كفريه ضغينه‬
‫وكل هذا عند كل كافر ولكن الجديد انهم افصحوا عن ذلك فى‬
‫العلن لنهم لم يجدوا احد من المليار والثلثمائه يددافع عن اى‬
‫حاجه من المقدسات السلميه القدس محتله ول حد يدافع والحكام‬
‫يحكومن بغير شرع الله اذن الحل هو الحكام يحكموا بشرع الله‬
‫وان تعود الخلفه السلميه اى ان خليفه واحد يحكم الدول‬
‫السلميه كلها نعبد رب واحد ونؤمن برسول واحد ونقرأ من كتاب‬
‫واحد ونصلى الى قبله واحده اذن لماذا ل يكون لنا خليفه واحد‬
‫عمله واحده جيش واحد حدود واحده الحل هو العوده الى شرع الله‬
‫وسنه رسول الله الرض ارض الله والشرع شرع الله ونحن عباد‬
‫الله ولن تعود لنا نحن عباد الله العزه ال اذا حكمنا انفسنا بشرع‬
‫الله قال الله تعالى(ان الله ل يغير قوما ما بقوم حتى يغيروا ما‬
‫بانفسهم) صدق الله العظيم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫عليكم لعنة الله‬
‫أحمد حسن |‪ 22/01/2006‬م‪( 18:50 ،‬السعودية)‪( 15:50 ،‬جرينيتش)‬
‫عليكم لعنة وغضب الله لقد جاتم باعز خلق الله انه الرسول الكريم‬
‫وما اسال الله ال ان يخسف بهم الرض وهم ل يشعرون‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لن يكتفوا بذلك ؟‬
‫عمر عبد الله |‪ 22/01/2006‬م‪( 19:30 ،‬السعودية)‪( 16:30 ،‬جرينيتش)‬
‫( ولن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى تتبع ملتهم ) ‪ . . .‬نعم لن‬
‫بكنفوا بذلك من نار تتأجج في صدورهم ‪ . .‬وهذا مصداق لما جاء‬
‫في القران الكريم ‪ ،‬حياة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلة و‬
‫التسليم كانت كلها جهاد لعلء كلمة الله و صبر على أكثر من ذلك‬
‫لول إن لمحمد حيزا كبيرا في تفكيرهم لما لجئوا لذلك ندعوا لهم‬
‫بالهدايه و لكل ضال سبيل الرشاد ‪ ،‬هكذا علمنا حبيب الله محمد‬
‫( إدعوا الى سبيل ربك بالحكمة و الموعضة الحسنة )‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪286‬‬
‫اين العلم‬
‫ابو ربى |‪ 23/01/2006‬م‪( 10:52 ،‬السعودية)‪( 7:52 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل‪ ,‬يجب ان اتكون هناك ردة الفعل قوية‬
‫متناسبة مع مكانة سيد الخلق عند المسلمين بحيث تكون على‬
‫جميع المستويات الشعبية والمؤسسات والحكومات‪ .‬وأرى ان‬
‫المؤسسات العلمية السلمية لم تقدم شيئا ذكر‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله ما اذل الشرك والمشركين‬
‫اليمني |‪ 23/01/2006‬م‪( 12:8 ،‬السعودية)‪( 9:8 ،‬جرينيتش)‬
‫ليس من الغريب او من المستغرب ان نرى ونسمع بمثل هذه‬
‫الشياء فنحن قوم اضعف من الضعيف ول حول ول قوة ال بالله‬
‫فلمشركين من قبل ذالك الغصبو ارضنا وسرقو ثرواتنا وغتصبو‬
‫اعرضنا وليس من المفاجا ان نرى انهم يسؤون علي الرسول صلى‬
‫الله علية وسلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يا ويحهم نصبوا منارا من غضب‬
‫شمري غيور على رسوله لى الله عليه وسلم |‪ 23/01/2006‬م‪13:27 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 10:27 ،‬جرينيتش)‬
‫يقول الشيخ ‪ /‬عائض القرني حفظه الله تعالى ‪ ( :‬فيما معناه ) لو‬
‫أن دولة من دول الكفر أحرق علمها لقامت قيامتها ‪ ...‬ونحن‬
‫المسلمون يجب أن نقوم ول نقعد إل بعد أخذ الثأئر لرسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فيجب على العالم الرد وعلى الشاعر أن‬
‫يهجوهم بشعره وعلى التاجر وعلى الصغير والكبير ‪ ،،،‬يجب نعم‬
‫يجب علينا جميعا ً أن نرد عليهم ويعلموا أن محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم خلفا رجال ً ‪ ،‬رجل ً أكفاء يحمون عرضه صلى الله عليه وسلم‬
‫بكل ما يملكون وبالغالي والنفيس ‪ .‬واخيرا ً ‪ :‬اللهم من اعتدى على‬
‫نبينا صلى الله عليه وسلم بالسب أو أقل من ذلك اللهم فاهده إلى‬
‫الدخول في هذا الدين العضيم وإل فأخرص لسانه وأعمي بصره‬
‫وشل أطرافه واجعله عبرة للمعتبرين آمين آمين آمين ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قاطعو المنتجات الدنماركية‬

‫‪287‬‬
‫عبدالله الحربي |‪ 23/01/2006‬م‪( 14:8 ،‬السعودية)‪( 11:8 ،‬جرينيتش)‬
‫يجب على كل مسلم غيور على دينه مقاطعة المنتجات الدنماركية‬
‫ومن اهمها زبدة لورباك عشان البقر يبطلو يدللو انفسهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫‪00‬رب ضارة نافعه‪...‬ولكن‬
‫احمدالقرني |‪ 23/01/2006‬م‪( 14:11 ،‬السعودية)‪( 11:11 ،‬جرينيتش)‬
‫ان هذا الموضوع قد المنا كثيراًولكن رب ضارة نافعه ولكن لبد ان‬
‫يتخذالمسلمون ردة فعل واستباق فعل فى هذا الموضوع‬
‫لنشرالدين فى هذا البلد المنحرف فكريا ويفتقد القدوة التى‬
‫سيراها في حبيبنا وسيدنا محمد عليه افضل الصله والسلم حتى‬
‫نراهم يدخلون انشاء الله فى السلم افواجا باذن المولى عزوجل‬
‫ونقاطع منتجاتهم وارجوا توضيحها للعامه ويتم مقاطعتها فى اسرع‬
‫وقت ممكن ليعلمو ا ان المسلمين ليعتدون ولكن ليهنوا وهم‬
‫العلون‬
‫‪---------------------------‬‬
‫كيف نرد‬
‫قادم |‪ 23/01/2006‬م‪( 14:16 ،‬السعودية)‪( 11:16 ،‬جرينيتش)‬
‫نحتاج الى مقاطعة هده المنتوجاة الدنماركية يا اخواني تجدونها‬
‫داخل هدا الموقع ‪www.khayma.com‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أدعو إخواني المسلمين في كل مكان إلى إرسال استنكارهم‬
‫ياسر |‪ 23/01/2006‬م‪( 14:24 ،‬السعودية)‪( 11:24 ،‬جرينيتش)‬
‫أدعو إخواني المسلمين في كل مكان إلى إرسال استنكارهم‬
‫والمطالبة بالعتذار إلى الجريدة على عناوينها التالية‪ :‬مملكة‬
‫الدنمرك ‪ ،‬صحيفة (‪ . ) Jyllands - Posten‬الهاتف والفاكس ‪( :‬‬
‫‪ )004587383838‬و (‪ )004533303030‬البريد اللكتروني ‪jp@jp.dk ( :‬‬
‫) ‪ .‬رابعا ً ‪ :‬يجدر التواصل من قبل الشعوب السلمية مع وزارة‬
‫الخارجية الدنمركية لشعارها بالمتعاض والستنكار لمساس‬
‫الصحيفة المذكورة بمقدساتنا ‪ .‬وبيان أن ذلك لن يخدم تطور‬
‫العلقات القائمة على الحترام فيما بين الشعوب السلمية‬
‫والشعب الدنمركي ‪ .‬وهذا هو العنوان البريدي واللكتروني‬

‫‪288‬‬
‫للخارجية الدنمركية على شبكة المعلومات العالمية (النترنت)‪:‬‬
‫‪Ministry of Foreign Affairs of Denmark www.um.dk 2, Asiatisk‬‬
‫‪Plads DK-1448 Copenhagen K Tel. +45 33 92 00 00 Fax +45 32‬‬
‫‪54 05 33 E-mail um@um.dk‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نحن أتباع النبي (صلى الله علية وسلم )‬
‫خالد الحارثي |‪ 24/01/2006‬م‪( 21:28 ،‬السعودية)‪( 18:28 ،‬جرينيتش)‬
‫السلم عليكم ورحمة الله‪....‬وبعد لقد تهجمت هذه الصحف الرذيله‬
‫الى اشرف البشر وخاتم النبيين وحبيبنامحمد صلى الله علية وسلم‬
‫وأساءت إليه فهل من صحوة اخواني المسلمين الى متى تكون‬
‫قلوبنا غلف وأذاننا صماء وايدينا مكتوفه واقلمنا جف الحبر منها لو‬
‫تم السكوت على هذا المر فلن نستحق ان نكون من حمله هذا‬
‫الدين ول نكون من اتباع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فاقل‬
‫اليمان ان نحارب هذه الدوله في اقتصادها فنقاطع كل المنتجات‬
‫الدنماركيه وكل المنتجات التي تسئ الى السلم مما يجعل هذا‬
‫المر قوة لنا لمحاربه هذه الدوله الساقطه التي تتلفظ على نبينا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ومن لم يكن في قلبه غيرة وتصدي‬
‫ومقاتله عن هذا الدين والتوحيد فلي منا نحن امه شرفها الله‬
‫بالتوحيد له وشرفها بأن انزل علينا افضل الرسل محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم وشرفنا بالقران الكريم فكل هذا الشرف ينبغي منكم‬
‫يامه محمد صلى الله عليه وسلم بالدفاع عنه وعن آل بيته الشريف‬
‫‪ .‬اللهم اني بلغت اللهم فشهد‪...‬اللهم اني بلغت اللهم فشهد‪...‬اللهم‬
‫اني بلغت اللهم فشهد ولاله ال الله وان محمد رسول الله عليه‬
‫افضل السلم والتسليم‪ .‬والسلم وعليكم ورحمة الله وبركاته‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ليضر السحاب نبح الكلب‬
‫الخنسااء |‪ 24/01/2006‬م‪( 21:43 ،‬السعودية)‪( 18:43 ،‬جرينيتش)‬
‫بأبي أنت وأمي ياارسول الله‪ ........‬فعلوا قريش ماافعلوا في‬
‫زماانهم مع حبيبنا محمد وانظروا مااحل بهم رساالتي هذه مو جهه‬
‫لكل من عبث بعرض رسولنا الكريم‪ .........‬انكم مهما فعلتم وقلتم‬
‫ايها الكلااب لن تظروا رسولنا بشيئ بل انتم تضرون انفسكم اول‬
‫واخيرا ورسولناله رب يحميه ويذود عن عررضه فسااعروا بالتوبه‬

‫‪289‬‬
‫قبل فوات الوان وقبل ان يحل بكم ماحل باسلفكم من المشركين‬
‫اما نحن فواجبنا معرووف وهو النكاار بشده انا اريد ان اسأل لو ان‬
‫احدكم قد سب ابااه او امه او قبيلته الاا تثوور ثائرته فكيف يسب‬
‫حبيبنا بابي هو وامي ونفق سااكتين لاابد من مقااطعة منتجااتهم‬
‫وعدم التعاامل معهم حتى يكفوا عن فعلهم وايضا تشن عليهم‬
‫حملاات في كل مكاان وخااصة النترنت وهذا اضعف اليمان‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ال لعنة الله على القوم الكافرين‬
‫أبو زيد |‪ 24/01/2006‬م‪( 22:27 ،‬السعودية)‪( 19:27 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم عليك بهم اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر أخواني اكثر من‬
‫الصلتي والسلم على رسول الله ول تنسو الدعاء عليهم الكفرة‬
‫حطب جهنم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫احنا السبب‬
‫ام طلل |‪ 24/01/2006‬م‪( 23:2 ،‬السعودية)‪( 20:2 ،‬جرينيتش)‬
‫المشكله يا جماعه فينا وليس في الدنمارك الرهبين تسسببوا في‬
‫سب الرسول بما فعلوه من قتل وتنكيل في اجانب ليس لهم دخل‬
‫في السياسه ما نقول ال ل حول ول قوة ال بالله اللهم انصرنا على‬
‫الكفرة الفجره من اعداء السلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هذا ما ارادة الرهابيون‪.................‬تشوية صورتنا امام الغرب‬
‫غيداء |‪ 24/01/2006‬م‪( 23:28 ،‬السعودية)‪( 20:28 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل ‪...‬الله ينتقم منهم الخنازير‪ ....‬والواجب‬
‫على كل مسلم ان يضرب ضربة موجعة لمن يتعدى على حبيبنا‬
‫ورسول المة وشفيعنا محمد صلى الله علية وسلم واذا لم نوقفهم‬
‫عند حدهم سوف يقوم غيرهم بالتعدي على السلم ولن يهابونا‬
‫لنكن كلنا ضد من يكن الكراهية للرسول علية صلوات الله وارجوا‬
‫من الذين يضعون المنتجات الدنماركية التأكد منها قبل‬
‫نشرها‪..............‬‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪290‬‬
‫حب الرسول‬
‫حمد سعود العجمى |‪ 25/01/2006‬م‪( 0:6 ،‬السعودية)‪21:6 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫قال الله تعالى (اتك لعلى خلق عظيم ) صدق الله العظيم والله ثم‬
‫والله ان الشخص الذى لينكر ما يحصل من هولء الكفار سواء‬
‫حكومات او اشخاص والله سوف يحاسبه الله يوم القيامه فيجب‬
‫عمل مظاهرات لسفارات هولء الكفار فى بلدنا حتى يكون‬
‫الرسول صلى الله عليه احب الينا من انفسنا ومصالحنا‬
‫‪........‬ولنقل بصوت واحد ((((نحورنا واهلينا دون نحرك يارسول‬
‫الله))))‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لوكان بيدى‬
‫حنان ناجى |‪ 25/01/2006‬م‪( 1:1 ،‬السعودية)‪( 22:1 ،‬جرينيتش)‬
‫اليك يافضل الخلق محمد رسول الله الى من تعب لجل العالم كله‬
‫الى الرحمه والخير لو كان بيدى ان اقف فى وجه من اساء اليك‬
‫لوقفت وانا مرفوعه الراس بك ويشهد علىما اقول رب كل شى‬
‫وشهيده الله عزوجل ولكنى اقول لمن اساء اليك وعزه الحى‬
‫القيوم لو عرفتموه لندمتواعلىما فعلتو وان الله خير من ياخذ بحق‬
‫حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم من اتباع خير الخلق وعلى سنته‬
‫الى اخر يوم فى حياتها حنان‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قوة إيمان‬
‫محمد أبوطالب |‪ 25/01/2006‬م‪( 1:14 ،‬السعودية)‪22:14 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫والله يا اخواني المسلمين انه اختبار ليماننا وولءنا لحبيبنا علي‬
‫الصلة والسلم ‪ .‬من أبكته غيرته لحبيبنا ؟ من تسلّح بقلمه للذود‬
‫عنه ؟ من ابتهل في الدعاء ؟ من قاطع سلعهم ؟ من أهمه المر‬
‫عن الملذات والمسليات ؟ اسأل نفسك أخي الحبيب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫جعل الله كيدهم في نحرهم‬

‫‪291‬‬
‫عوض الطاهر المهدي |‪ 25/01/2006‬م‪( 1:45 ،‬السعودية)‪22:45 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫نشهد ونري عند مطلع شمس يوم جديد هجوم علي العقيدة‬
‫والديانة السلمية السمحاء ‪ ،‬ذلك لن المؤمن مصاب وكل هذا‬
‫يقوي من عزيمتنا لقهر هولء اليهود وجعل الله كيدهم في نحرهم‬
‫واذاقهم الوان العذاب في الدنيا والخرة‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حبيبنا محمد عليه افضل الصلة والسلم‬
‫مشتاقه لرؤية الله ورسوله |‪ 25/01/2006‬م‪( 2:37 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 23:37‬جرينيتش)‬
‫إذا بقينا هكذا في غفلة سوف نرى ما يريدون هؤلء الكفرة‬
‫الحاقدون على ديننا ‪...............‬لبد لنا ان نقاطع منتجاتهم ويجب‬
‫على التجااااار المقاطعة ولماذا لم يقف العالم المسلم اجمع على‬
‫هؤلء ؟؟؟؟؟؟؟ لكن اين حكماء المسلمين وعلمائهم عن اعداء‬
‫محمد عليه افضل الصلة والسلم ؟؟؟؟؟؟؟ لبد ان نكون يدا واحدة‬
‫في الدفاع عن حبيبنا (محمد صلى الله عليه وسلم ) لكن مانقول‬
‫وما نفعل هو الدعاء عليهم اللهم أشل ايديهم واجعل الرض تتزلزل‬
‫من تحت ارجلهم اللهم ارزقهم المرض في جلودهم ودمر هم‬
‫واجعل كيدهم في نحورهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك ياحي ياقوم يا‬
‫ذا الجل والكرام اللهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله‬
‫بو عبد الرحمن |‪ 25/01/2006‬م‪( 2:48 ،‬السعودية)‪( 23:48 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل وندعو الله سبحانه وتعالى ان يسلط عليهم‬
‫من بني جلدتهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أين انتم شيوخ هذه المة وقادتها أين انت يامليكنا ميما يقال ‪...‬‬
‫الساعدي ‪-‬مدافع عن رسول الله |‪ 25/01/2006‬م‪( 2:57 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 23:57‬جرينيتش)‬
‫نسمع ونرى ولكن من يسمعنا ويرانا نسمع مايقال في حبيبنا رسول‬
‫الله ونرى مارسم عنه ولكن من الذى يسمعنا ويرانا نحن نكتم في‬

‫‪292‬‬
‫أنفسنا من الغيض والكره والعداء لمن تجراء على حبيبنا ولكن أين‬
‫انتم ياشيوخ هذه المه وقادتها أليس لكم الكلمه المسموعه ليقاف‬
‫هذا العداء اين انت يامليكنا لتدافع عن رسولنا نحن نشد بك‬
‫سواعدنا ونستند اليك بعد الله فأرننا مافعلك بهم وماصنيعك بمن‬
‫يجرو بحبيبك واخيرا ومابوسعي ال ان اقول حسبي الله و نعم‬
‫الوكيل اللهم ارنا بهم عجائب قدرتك ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫فتاة مسلمة |‪ 25/01/2006‬م‪( 20:35 ،‬السعودية)‪( 17:35 ،‬جرينيتش)‬
‫الرسول الكريم محمد بن عبدالله أكرم وأفضل من كل الحاقدين‬
‫ولنقول إل المثل العربي الشهير ( ليضر السحاب نبح الكلب )‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله المستعان احترق قلبي لسبك يا رسول الله‬
‫ولد الرس |‪ 25/01/2006‬م‪( 20:51 ،‬السعودية)‪( 17:51 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل هذه اول كلمة اتكلم بها ‪ ....‬اللهم مكنا‬
‫ممن سب رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ياخواني‬
‫ياشباب واقصد اللذين داخل السعودية ارسلو بجوالتكم على‬
‫اصدقائكم واقربائكم بطلب مقاطعت المنتجات الدنماركية وحتسبو‬
‫الجر بدل ان ترسل غرامية تذكر ان هذه الرساله هي للمدافعه عن‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وهذه مجربه لدينا بالقصيم فقد اتتني‬
‫رساله بهذه الطريقة وارسلت لجميع الرقام الخاصه التي بجوالي‬
‫واطلب من اخواني المقيمين ان يفعلو نفس هذه الطريقه لهلهم‬
‫في البلدان العربية والسلمية حتى نصل الى ضرب القتصاد‬
‫الدنماركي وباذن الله سوف ننجح ‪ .....‬اعذروني ان لم اكن اجيد‬
‫التعبير عن مافي داخلي لن المر اكثر من ذلك ‪ ....‬ول اول مرة‬
‫اكتب على النتر نت ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫‪ Night Dews |25/01/2006‬م‪( 21:46 ،‬السعودية)‪( 18:46 ،‬جرينيتش)‬

‫‪293‬‬
‫اللهم يا احد ياصمد‪ ,‬يا حي يا قيوم‪ ,‬ارنا فيهم عجائب قدرتك‪,‬‬
‫وسلط عليهم عقابك‪ .‬حسبنا الله ونعم الوكيل‪ ,‬حسبنا الله ونعم‬
‫الوكيل‪ ,‬حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الخلفة هي الحل‬
‫محمد الحربي |‪ 25/01/2006‬م‪( 23:23 ،‬السعودية)‪20:23 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ل خير في حلم إذا لم تكن له‪ ....‬بوادر تحمي صفوه أن يكدر ما‬
‫دمنا ممزقين مشتتين تنابلة نعيش عالة على شعوب الرض فلن‬
‫يأبه بنا أحد ‪ ,‬نأكل مال نزرع و نلبس ما ل ننسج ‪ ,‬نستخدم حواسيب‬
‫ليست من إبتكارنا و نتراسل بجوالت ليست إختراعنا ‪ ,‬عجزنا عن‬
‫ترجمة العلوم الى لغتنا بل عجزنا عن تدريسها لبنائنا ‪ .‬نتواصى‬
‫بمقاطعة الدنمرك ‪ ,‬الم نتواصى من قبل بمقاطعة أمريكا فماذا‬
‫كانت النتيجة؟ هل نحن حقا غاضبون ؟ و ال متى يستمر هذا‬
‫الغضب ؟ هل نسيتم سلمان رشدي و آيات الشيطان ؟ أم نسيتم‬
‫هدم المسجد البابري في الهند؟ أم تتغافلون أن الفلبين و سحقها‬
‫للمسلمين في مندناو ؟ أم ل تعرفون إقليم فطاني في تايلند ؟ و‬
‫هل في بالكم تركستان الشرقية تحت نير الشيوعية الصينية؟ و ماذا‬
‫عن الشيشان ؟ و اسرائيل و تهويدها للقدس الشريف؟ و هل‬
‫نسيتم المتجات الطالية التي كتبت لفظ الجللة على الحذية؟ و‬
‫هل الفلم الهولندي ( الذعان ) أصبح نسيا منسيا ؟ و محاربة‬
‫الحجاب في فرنسا هل غاب عن الذاكرة؟ بل و احسرتاه هل غفلتم‬
‫عن تركيا عاصمة الخلفة السلمية أربعة قرون و ما آل اليه حالها؟‬
‫أنا إتجهت الى السلم في بلد‪ .....‬تلقاه كالطير مقصوص جناحاه‬
‫إن مشاكلنا ل بد لها من حلول جذرية ‪ ,‬منها العتصام بكتاب الله و‬
‫سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ‪ ,‬و نشر التعليم و توطين التقنية‬
‫و العتماد على النفس و نشر اللغة العربية و التي هي لسان‬
‫الوحدة السلمية‪ ,‬و الدعوة لحياء الخلفة السلمية لقطع الطريق‬
‫على من يدعون لمزيد من التفتت و التشرذم بحجة دعم القليات‬
‫الكردية و المازيغية ‪ ,‬وهم ل إرب لهم سوى إجاد مسلمين ل‬
‫يقدرون فهم القرآن و من ثم ي}ل حالهم الى ما آلت اليه دولة‬
‫بني عثمان‪ .‬أما عرض نبينا الكريم فمصون ومن حثى التراب على‬
‫الشمس إرتد التراب الى وجهه و ظلت الشمس ناصعة نقية‬

‫‪294‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يجب علي كل الدول السلمية قطع العلقات الدبلوماسية مع كل‬
‫دولة تسي للسلم ورسولنا صلى الله عليه وسلم صراحة‬
‫خضر احمد عبدالمجيد |‪ 26/01/2006‬م‪( 15:12 ،‬السعودية)‪12:12 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ان الدنيا تقوم ولتقعد عندما يتحدث شخص عن اسرائيا ويتهم‬
‫بمعاداة السامية ويا ويله اذا نفى محرقة اليهود كما حدث للرئيس‬
‫اليراني متي يكون لنا نحن المسلمين العتداد بديننا وهو الدين‬
‫الحق ومتي تتون لنا العزة ونحن نصمت ونسكت على اساءة‬
‫رسولنا وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ‪ 0‬اول ينبغي ان‬
‫نبدا باضعف اليمان وهو التي ‪ -1‬مقاطعة اقتصادية لمنتجان‬
‫الدنمارك بالسواق وهناك بدائل غيرها ‪ -2‬تكوين لجان اسلمية‬
‫بتصنيف الدول المعادية للسلم على قرار المعادية للسامية حسب‬
‫ما تعمل به امريكا ‪ - 3‬طرد سفراء الدنمارك من الدول السلمية‬
‫‪ -4‬رفع دعوى قضائية من الدلل السلمية عبر المم المتحدة ضد‬
‫الصحف التي تكتب وتسئ للسلم بالغرب ‪ - 5‬مقاطعة التكنولجيا‬
‫الغربية والتجاه شرقا لدول كلهند والصين ودول شرق اسيا وهي‬
‫تحترم عقائد المسلمين وبها مانحتاج اليه من تكنلوجيا ونتمنى ان‬
‫تجمع كل الدول على ذلك كاجماع دول الغرب على قضياها‬
‫وانسياق المسلمين خلفها‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله‬
‫ايناس |‪ 26/01/2006‬م‪( 15:34 ،‬السعودية)‪( 12:34 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫كيف تجرؤ على ذلك‬
‫سعد اليامي |‪ 26/01/2006‬م‪( 15:38 ،‬السعودية)‪( 12:38 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله والصلة والسلم على رسول الله اما بعد ان هؤل‬
‫الشرذمة الدنماركية لو فعلو ما فعلوا لن يضر ذلك في سمعة‬
‫رسول الله اي شي ول يجب علينا السكوت على ذلك وهم لم‬
‫يفعلوا ذلك ال بعد رؤيتهم لتهوننا في ديننا ولكنهم سوف يرون غير‬

‫‪295‬‬
‫ذلك انشاء الله هم الذين بدأو فلو حصل لديهم اي اعتداآت او‬
‫تفجير قالو هؤل المسلمون وهم من يبحثون عنها لكن انشاء الله‬
‫يرون شيا غير الذي توقعوه ‪ .‬وفي الختام نوصيكم بالدعاء عليهم‬
‫في كل صلة ومقاطعتهم ومنتجاتهم من اجبان والبان ولحوم‬
‫وغيرها وحسبنا الله ونعم الوكيل والسلم عليكمن ورحمة الله‬
‫وبركاته ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بْأْقتصادهم نداويهم‬
‫عيسي العنزي(الكويت) |‪ 26/01/2006‬م‪( 15:45 ،‬السعودية)‪12:45 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫أن كانت الصحيفة حكومية فسوف أبدأ منى اليوم في مقاطعة أي‬
‫شي دانمركي ‪ .‬وان كانت خاصة فنرجوا من الحكومة الدانمركية‬
‫اتخاذ اقصي العقوبات بحق الصحيفة ومدير تحريرها والكاتب‬
‫والرسام ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نصره الحبيب صلى الله عليه وسلم‬
‫راجي الشفاعه‪ 26/01/2006| ......‬م‪( 15:55 ،‬السعودية)‪12:55 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫يجب علينا انكار مثل هذه الشياء التي نشرتها ايدي الغرب ويجب‬
‫الرد عليها كي ل يتمادوا بها ويجب مقاطعة مايتصدر الينا من‬
‫هؤلءويجب علينا كمسلمين نشر امجاد النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪.........‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫فرصة حقيقية‬
‫ابو منال |‪ 26/01/2006‬م‪( 16:1 ،‬السعودية)‪( 13:1 ،‬جرينيتش)‬
‫نعم تعتبر هذة المناسبة فرصة حقيقية لكي نري العالم الغربي ان‬
‫من يتطاول علينا في ديننا يجد أمة غيورة علي دينها وسوف يجني‬
‫علي نفسة خراب أمرة ‪ .‬والله ولي التوفبق ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫" قل موتوا بغيظكم "‬

‫‪296‬‬
‫إبن الرض المباركة |‪ 26/01/2006‬م‪( 16:37 ،‬السعودية)‪13:37 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫` يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواهم ` القافلة تسير و الكلب تنبح‬
‫‪ ..‬ل يضير السحاب نباح الكلب مغيوظين من تشريفنا بالسلم و‬
‫حبيبنا محمد الله مولنا و ل مولى لهم محمد خاتم النبياء و سيد‬
‫البشر أجمعين و ليخسأ الخاسئون ‪ ..‬و التحيات لله و الصلة على‬
‫محمد و على أنبياء الله و عباد الله الصالحين و الحمد لله رب‬
‫العالمين ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هلموا يامسلمون لذود عن نبيكم‬
‫شاكر الهتاري |‪ 26/01/2006‬م‪( 16:51 ،‬السعودية)‪( 13:51 ،‬جرينيتش)‬
‫هي هذه الحياة وما نراه اليوم هو تكرار لكثير من المواقف التي‬
‫تعرض لها رسولنا الكريم في حياته‪..‬ولكنهم مهما فعلوا فلن‬
‫يستطيعوا ان يحجبوا نور هذا النبي ورسالته الخالدة السلم‪ .‬والحل‬
‫الذي نملكه في يدنا هي المقاطعة لمنتجاتهم ارجو فتح الرابط‪:‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫دعاء‬
‫عادل |‪ 26/01/2006‬م‪( 16:55 ،‬السعودية)‪( 13:55 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم ارنا فيهم عجائب قدرتك فإنهم ليعجزونك ‪.‬اللهم أرسل عليهم‬
‫الجراد والضفادع والقمل ياذا الجبروت والقوة والعظمة ‪.‬اللهم‬
‫فإلعنهم لعنا ً كثيرا‪.‬اللهم ياقوي فإخسف بدورهم وانزل عليهم البلء‬
‫من كل صوب وجابب‪.‬اللهم من سب نبيك فشل أركانه ويبس‬
‫الدماء في عروقه يارب العالمين ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بحبك يا رسول الله‬
‫عزة أحمد محمد |‪ 26/01/2006‬م‪( 16:59 ،‬السعودية)‪13:59 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بحبك وبحب كل من حبك وبأكره كل من اساء اليك وفى كل لحظة‬
‫بأحمد ربنا انى مسلمة و بأدعو كل مسلم ومسلمة أن يغيروا على‬
‫دينهم وعلى نبينا محمد (ص ) يا أيها المسلمون فى كل بقاع الرض‬

‫‪297‬‬
‫قاطعوا هذه المنتجات وهذا اضعف اليمان وادعو لدين نبينا محمد‬
‫بالنصر وأن يزلزل هذه البلدان بأذن الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫والله كلنا لفداء‬
‫سامية حكمي ** |‪ 27/01/2006‬م‪( 13:6 ،‬السعودية)‪10:6 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫إن الستنكار والتنديد والتشجيب لم يعد يؤدي إلى نتيجة ‪ ،‬بل ل بد‬
‫من تحرك واسع على أعلى المستويات ‪ ،‬ولن ننسى ما فعلوه ولو‬
‫بعد حين ‪ ،‬إن الغضب السلمي اليوم أصبح أكبر مما يعتقدون بل‬
‫إن قلوبنا أصبحت ملئ من الغيظ على هؤلء الذين مافتيؤا يهينون‬
‫كتابنا الكريم حتى يتبع طريقهم هؤلء الشرذمة من الذين انطوت‬
‫قلوبهم على الحقد والكراهية لهذا الدين العظيم بإهانة رسول المة‬
‫محمد صلوات الله عليه وسلمه ‪ .‬بأبي أنت يارسول الله أتهان‬
‫ونحن أمة المليار أو نزيد ‪ ،‬كل والله ‪ ..‬لن نخذلك أيها الكريم ‪..‬‬
‫ولنأخذ بحقك من أعين هؤلء حتى وإن قدمنا أرواحنا ودمائنا لجلك‬
‫فلن نرتد أو نهون ‪ ..‬جراحنا الممتدة لن تنزف أكثر من ذلك بعد‬
‫الن ‪ ،‬فقد آن لنا أن نعود ‪ ..‬آن لنا أن نعود ‪ ..‬فيا شباب المة ‪ ..‬ويا‬
‫نساء هذه المة المباركة ‪ ..‬لقد بدأت ساعة الصفر ‪ ..‬فهل‬
‫ستتخاذلون عن نصرة هذا الدين !! أما يكفي ما فعلوه بأبنائنا ‪..‬‬
‫والله لقد قهرونا حتى في ديننا فوالله لن نعود إلى المهادنة ‪ ،‬وإلى‬
‫الذل والرضوخ بعد أبدا ‪ ..‬إنني أناصر هذه الحملة للدفاع عن رسول‬
‫المة ‪ ..‬فل نامة أعين الجبناء ‪..‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫افيقوا ايها المسلمون‬
‫مهدى على مهدى |‪ 27/01/2006‬م‪( 13:28 ،‬السعودية)‪10:28 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫تنتهك اراضيكم ول تحركون ساكنا وتنتهك اعراضكم ول تحركون‬
‫ساكنا والن تنتهك حرمه السلم ويتهجم على رسول الله (صلى‬
‫الله عليه وسلم) ول تحركون ساكنا الى متى الضعف والهوان الى‬
‫متى الذل امام اعداء الله كفا بنا كلمة نفسى نفسى واتحدوا لعل‬
‫الله يجعل لكم مخرجا من هذه المهانه اسال الله العلى العظيم ان‬
‫يمنحنا القوة على ان نتحد اول لن باتحادنا مخافة لعداء الله والله‬

‫‪298‬‬
‫ما جعل من هؤلء الشرزمة رجال ال زلنا قاطعوا وهاجموا‬
‫واستنكروا نصرة لرسول الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اعدا الدين كثر‬
‫ابو عبد الله الفيفي |‪ 27/01/2006‬م‪( 13:38 ،‬السعودية)‪10:38 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ما علينا ال انقول حسبنا الله ونعم الوكيل @واقول من اراد ال‬
‫سلم والمسلمين بمضره نقول اشغله الله في نفسه@ ومما‬
‫توصلت اليه هذه النخبه الفاجره الكافره با الدين و با الله وبرسوله‬
‫صلى الله عليه وسلم نقول واضهار عليه ما ليسى فيه وحاشاه انما‬
‫يرجع قولهم على انفسهم واسئل الله بأن يا خذ حق رسوله‬
‫المعصوم من العيوب والكلم البذيئ ويخذ حق خلقه كامله من‬
‫انفسهم واموالهم واول دهم وبا لله التوفيق @@@@@@‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ماذا كانو يريدون من سب الرسول‬
‫عيسى بن علي المغربي |‪ 27/01/2006‬م‪( 14:5 ،‬السعودية)‪11:5 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ربما كانت لهم اهداف دنيويه او اهداف سياسيه من هذه الفعله‬
‫الشنعاء؟ ربما كانو يرون انهم اذا سبو الرسول انهم سوف تعلو‬
‫اسهمهم عند جميع الديانات؟ ال تذكرون المرءه التي صلت بالناس‬
‫في امريكا الم تكن هناك ضجه في كل الوساط ربما كانو يريدون‬
‫ضجه من هذا القبيل هم انا س ليعرفون عن السلم شيئا سوا اننا‬
‫ارهابيون؟ لماذا لندعوهم ال السلم بالحكمه والموعضه الحسنه ؟‬
‫في زمن الرسول صلوات الله عليه وسلمه كان يعرض للذى من‬
‫المشركين وكان يصبر عليهم لماذا لنواجه هذه المحنه بالصبر‬
‫والدعوه ال الله لكي نهزم كل من حاول ان يستهزء بنا او بديننا او‬
‫برسولنا عليه افضل الصله والتسليم ]]] ربنا ل تؤاخذا ان نسينا او‬
‫اخطئنا واعفو عنا وارحمنا انت مولنا فنصرنا على القوم‬
‫الكافرين[[[[[[[ اخوكم عيسى المغربي‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ضعف هيبة المسلمين‬

‫‪299‬‬
‫‪ The Phantom of Islam |27/01/2006‬م‪( 14:6 ،‬السعودية)‪11:6 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫الصحافة المريكية تخشى التطرق للمريكان السود افريقيوا الصل‬
‫بأي استهزاء أو سخرية عبر الصحف أو غيرها من وسائل العلم‬
‫وذلك لن ردة فعلهم قوية تجاه الحكومة والصحافة لذا يحسب لهم‬
‫ألف حساب ونحن المسلمين ليس لنا أي قيمة أو ردة فعل تجاه‬
‫الستهزاء إلى رمز من رموز السلم وخاتم النبياء والمرسلين‬
‫وأكمل البشر محمد عليه أفضل الصلة والتسليم لذا يجب على كل‬
‫مسلم غيور حسب القدرة المتاحة لنا وهي أن نحاربهم اقتصادياً‬
‫وذلك بمقاطعة منتجاتهم حيث أن نصف صادرات الدنمارك متجهه‬
‫نحو السعودية فعليكم بهم يا مسلمين وأي منتج العلمة المسجلة‬
‫عليه تنتهي بالرقم ‪ 57‬فهذا منتج دنماركي لذا أعزفوا عنه وجزاكم‬
‫الله خيرا ً أخوكم أبو سليمان‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله يمهل ولكنه سبحانه ل يهمل‬
‫محمد |‪ 27/01/2006‬م‪( 14:26 ،‬السعودية)‪( 11:26 ،‬جرينيتش)‬
‫أسال الله العزيز القدير العالم بما يفعله هولء الكفره أن ينزل بهم‬
‫سخطة ويجعلهم عبرة لمن غيلرهم انه سميع قدير‪....‬آمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ان شانئك هو البتر‬
‫ابو جازي |‪ 27/01/2006‬م‪( 14:31 ،‬السعودية)‪( 11:31 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله ‪ .‬زالصلة والسلم على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا‬
‫محمد وعلى آلة وصحبه تسليما ً كثيرا ‪ .....‬أن الدين ظاهر والباطل‬
‫زائل ‪ .‬ونصرة الله لنبية ودينة حاصل بنا أو بغيرنا اللهم بنا ‪ ....‬ل‬
‫امثلهم ال ( ككناسيين بشارع يريدون أن يثيرو الغبار لحجب نور‬
‫الشمس الساطع بهذا الغبار ) ‪ ,‬ول يضرون ال أنفسهم‪ .‬يجب علينا‬
‫نصرة نبينا بكل ما أوتينا من قوة بالكلمة ‪ .‬بتطبيق سنتة ‪ ,‬بنشر‬
‫سيرتة وتوعية ابناءنا بحب النبي ‪ ,‬بالمقاطعة فهم ل يؤمنون ال‬
‫بالمادة‪ .‬بأبي انت وأمي ياااااااااااااا رسول الله ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قاطعو المنتجات الدنماركيه‬

‫‪300‬‬
‫محمد الشهري |‪ 27/01/2006‬م‪( 14:39 ،‬السعودية)‪11:39 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫اخواني المسلمين في كل مكان ارجوكم ان تقاطعو المنتجات‬
‫الدنماركيه من زبده لورباك وارجو من التجار بعدم بيع المنتجات‬
‫النماركيه عليم لعنه الله وانا لله وانا اليه لراجعون‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لماذا غضبنا على من استهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم ؟‬
‫عبدالله آل هادي |‪ 27/01/2006‬م‪( 14:47 ،‬السعودية)‪11:47 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫لماذا غضبنا على من استهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ولم‬
‫نغضب على من استهزاء بدينه ؟ لقد استهزاء بالرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم منذ بعثته ولن يضره ذلك شيء لقوله تعالى (( إن‬
‫شانئك هو البتر )) ولكن هنك اناس من بني جلدتنا ويتحدثون بلغتنا‬
‫ويزعمون أنهم ينتمون لهذا الدين ويستهزؤون بديننا عبر القنوات‬
‫والصحف ول نجد من يحرك ساكنا بل يصفق لهم ويضحك لهم ‪،‬‬
‫ومنها البرنامج الفكاهي الساخر بسنه الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ودينه ‪ ،‬ويعرض هذا البرنامج في أفضل الشهور ( في شهر‬
‫رمضان المبارك ) يوميا ً عبر القنوات ولقد صدر فيه عدة فتاوى من‬
‫العلما ء بحرمته وحرمة متابعته وعلقت الفتاوى على أبواب‬
‫المساجد ويقرأونها من يرعمون أنهم يحبون محمد وينصرفون‬
‫لمشاهدتة هذا البرنامج الساخر ( طاش ما طاش ) والضحك على‬
‫ما يقدم فيه من أستهزاء بأمور ديننا ‪ .‬وبعد هذا نغضب على من‬
‫سب الرسول ونكيل بمكيالين ‪ .‬وماذا نرتجي من الكفار ؟ أن يحبوا‬
‫الرسول محمد صلى الله عليه وسلم !!!! فيجب علينا أن يكون‬
‫لدينا تقوى ذاتية داخلية ول يكون تفاعلنا مع الحداث تبعا للقنوات‬
‫والعلم إذا تحدث تفاعلنا وإذا صمت ركنا ‪ .‬وفي الختام أقول ‪ :‬أن‬
‫أقل ما يجب علينا مقاطعة كل من إستهزاء بديننا ورسولناصلى الله‬
‫عليه وسلم للبد وليس مع توجه العلم ‪ ،‬ونصرة نبينا صلى الله‬
‫عليه وسلم بالتمسك بدينه وسنته ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بدون تعليق‬
‫الزارع |‪ 27/01/2006‬م‪( 14:54 ،‬السعودية)‪( 11:54 ،‬جرينيتش)‬

‫‪301‬‬
‫العرب للسف في طي النسيان!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله المستعان‬
‫حسن |‪ 24/12/2005‬م‪( 1:28 ،‬السعودية)‪( 22:28 ،‬جرينيتش)‬
‫ل يسعنا سوى القول ‪:‬اللهم ان هذا منكر وأنا ل أرضى به والله‬
‫المنتقم الجبار‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل يجب أن تكون الساءة ‪ ...........‬بتلك المور للسلم ‪((.......‬عيب‬
‫))‬
‫سودانى من أصل مصرى |‪ 24/12/2005‬م‪( 1:50 ،‬السعودية)‪22:50 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫نحن كمسيحيين نرفض رفضا باتا الساء’ للمسلمين بأى صورة من‬
‫الصور ‪ ....‬والمساس بألديان ‪ ...‬مرفوض(( شكل وموضوعا ))‪...‬‬
‫لماذا تحدث مثل تلك المور غير المنضبطة ‪ ...‬وغير المسئولة ‪......‬‬
‫المسيحية ترفض الذدراء بالديان والمعتقدات ‪ ...‬والمسلمين‬
‫أصدقاء وأحباء ل نرضى أى تجريح لهم ‪ .....‬ويجب مساءلة أولئك ‪..‬‬
‫على تلك الفوضى ‪ ...‬وأيقافها ‪ .....‬بكل الطرق الممكنة ‪ ....‬شكرا‬
‫للعربية لهذا الطرح ‪ ...‬وشكرا للقراء العزاء ‪. ....... .‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫وقاحة و جبن‬
‫‪ housni_001@hotmail.com |24/12/2005‬م‪( 2:26 ،‬السعودية)‪23:26 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫مادا ننتظر أكثر من هدا ‪ .‬مسابقة للكاريكاتور لرسم الرسوا عليه‬
‫السلم‪.‬ول من متحرك بينما عندما يتعرض مفكر أو ما شابه دلك‬
‫للنتقاد الكل ينتفض دفاعا عنه‪ .‬الرسول عليه السلم في غنى عنا‬
‫لقد بلغ رسالته ولقي ربه وسيلقى ماوعد به‪ .‬بعد أن عدب و عانى‬
‫العداب ةالجوع والنفي من أجلنا لكن الخوف أن يرى عليه السلم‬
‫فينا الخدلن‪ .‬ربما كنا سنحاسب لكن عزائي أنه ليست لي سلطة‬
‫ول صوت مؤثر للدفاع عنه لكن من سيحاسب بشدة هم كل من‬
‫توفرت لهم الفرصة ولم يتحركوا ول عزاء للمتخادلين والمنتفعين‬
‫والحكااااام‬

‫‪302‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نداء لولة أمورنا‪....‬‬
‫ابو أمين |‪ 24/12/2005‬م‪( 2:36 ،‬السعودية)‪( 23:36 ،‬جرينيتش)‬
‫كرامة و سمعة نبينا تهان في صحف الكفار ونحن قابعون‬
‫ساكتون‪ !...‬فاتحدوا ولو مرة واحدة وأقطعوا العلقات الدبلوماسية‬
‫مع هذا البلد ‪ !...‬ليكونوا عبرة للخرين ‪...‬ولله لسوف تسألون امام‬
‫الله و نبيه ماّذا فعلتم ضد هؤلء الكفرة‪...‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الحبيب (صلى الله عليه وسلم)و الذندقة‬
‫حسن فكرى مصر |‪ 24/12/2005‬م‪( 2:38 ،‬السعودية)‪23:38 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫دعوا جميع المسلمين في جميع أقطار العالم الى مقاطعة البضائع‬
‫و المنتجات الدنماركية وهي انشاء الله وسيلة جيدة للدفاع عن‬
‫المقدسات السلمية و زلك نظرا لتطاول الدنمارك على الرسول‬
‫عليه لفضل الصلة و السلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫صدقت يا رسول الله‬
‫هانى على |‪ 24/12/2005‬م‪( 2:58 ،‬السعودية)‪( 23:58 ،‬جرينيتش)‬
‫(بسم لله الرحمن الرحيم) (لن ترضى عنك اليهود والنصرى حتى‬
‫تتبع ملتهم ) لن ترضى عنا الملل الخرة حتى نتبع الضلل معهم فى‬
‫كل شىء الله عز وجل يقول للرسول(صلى الله عليه وسلم) لن‬
‫يرضوى عنك لنك انت الحق من ربك فى كل امور الدنية والخرة ‪.‬‬
‫صدق المصدق حيث قال الرسول (صلى الله علية وسلم )‬
‫(ستتكالب عليكم المم مثلما تتكالب الكله على قصعته قالو او من‬
‫قلة نحن يا رسول الله قال بلى ولكن انتم كثيركغوساء السيل )‬
‫نعم نحنو كثير بل فائدة ولكن يعلم الله بمن سيأتى ويجمع شمل‬
‫المه السلمية من جديد وانة لتى أن شاء الله ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ان الوان‬
‫محمود احمد |‪ 24/12/2005‬م‪( 3:24 ،‬السعودية)‪( 0:24 ،‬جرينيتش)‬

‫‪303‬‬
‫ان الوان ان نقف وقفه رجل واحد ضد اى معتدى على السلم‬
‫والمسلمون ونتكاتف يدا واحده‪..‬وان ينصركم الله فل غالب لكم‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله وكفى‬
‫ابن هزاااااااااااااااان |‪ 25/12/2005‬م‪( 18:13 ،‬السعودية)‪15:13 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بسم الله والحمد الله والصلة والسلم على افضل خلق الله سيدنا‬
‫محمد وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيرا ان المر لجلل ها نحن‬
‫يااخواني المسلمين اتحدنا بقلوبنا وبغيرتنا على ديننا وعلى مقدساتنا‬
‫فمتى والله نتحد كدولة واحدة كمجتمع واحد نرد الصاع ‪100‬صاع ان‬
‫هواننا على الناس لننا اصبحنا بدون فائدة لماذا لن اكثر من مليار‬
‫ونصف مسلم ال من رحم ربي ليستطيعون ان يردووووووووووو‬
‫الساءة عن افضل خلق الله اللهم صلي وسلم عليه اتمنى لو‬
‫وافقنا الخت رباب وقاطعنا جميع المنتجات المستوردة من دول‬
‫الشر وليس هذا وحسب بل ان نضايقهم ونغلظ عليهم في جميع‬
‫معاملتهم ومصالحهم وفي النهايه اقول بابي انت وبامي ونفسي‬
‫واولدي وكل من عرفت ومن لاعرف يارسول الله الله هم صلي‬
‫على سيدنا محمد عدد ماذكرة الذاكرون وغفل عنه الغفلون واخر‬
‫دعوانا ان الحمد لله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يمهل ول يهمل‬
‫صفاء عيد |‪ 05/01/2006‬م‪( 17:40 ،‬السعودية)‪( 14:40 ،‬جرينيتش)‬
‫مهما عملوا و مهما قالوا السلم هيزيد و التدين هيزيد و انابقولهم‬
‫يومكم قرب جدا و ربنا يشمتنا فيكم بمرض لعين ينزل يهلكم‬
‫امممييييييييييييييييييييييين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ديننا اكبر من تفاهاتكم‬
‫ل ‪ .‬م ‪ .‬ز |‪ 09/01/2006‬م‪( 0:25 ،‬السعودية)‪( 21:25 ،‬جرينيتش)‬
‫إذا نطق السفيه فل تجبه *** فخير من اجابته السكوت الرسول‬
‫خلُقِه‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ليحتاج إلى تعريف برسالته ول ب ُ‬
‫فقد قال الله تعالى (( وإنك لعلى خلق عظيم)) ‪ ...‬المهم في‬

‫‪304‬‬
‫الموضوع أنه لمن السخف وقلة الدب أن يتكلم أي شخص من أي‬
‫دين بسوء عن أي رسول من رسل رب العالمين ونحن كمسلمون‬
‫مأمورون في ديننا بأن نحترم كل الرسل وكل الرسالت‬
‫م‪...‬‬
‫‪................‬وكفى واللبيب بالشارة يفه ُ‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله اكبر عليهم‬
‫ياحبيبي يارسول الله صلي الله عليه وسلم |‪ 13/01/2006‬م‪9:28 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 6:28 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبي الله عليهم الله ‪.....‬الله قادر على ان يخسف فيهم انشالله‬
‫ان الله يمهل ول يهمل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله يرد عن رسوله‬
‫محمود |‪ 16/01/2006‬م‪( 0:8 ،‬السعودية)‪( 21:8 ،‬جرينيتش)‬
‫عندما حاول ابرهه هدم الكعبة وأعد الجيش الكبير لذلك وهو في‬
‫الطريق الى مكة قابل قطيع غنم لعبد المطلب جد النبى صلى الله‬
‫عليه وسلم فأخذوا غنم عبد المطلب ‪ ،‬وعندما علم بذلك اسرع‬
‫لبرهه ليسأله عن غنمة فتعجب ابرهه وقال له حسبتك تدافع عن‬
‫البيت الحرام ولكنك جئت من اجل قطيع غنم ‪ .‬فقال مقولته‬
‫المشهورة ‪ :‬اما الغنم فأنا ربها واما البيت فلله بيت يحميه ‪ .‬فإذا‬
‫كان الله قد حمى بيته الحرام فكيف برسوله الكريم صلى الله عليه‬
‫وسلم الذى قال في حقه ( ورفعنا لك ذكرك ) اللهم استخدمنا‬
‫لنصرة دينك ول تستبدلنا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫سحقا سحقا‬
‫أبو أسامة |‪ 20/01/2006‬م‪( 15:6 ،‬السعودية)‪( 12:6 ،‬جرينيتش)‬
‫( وما ربك بغافل عما يعمل الظالمون ) الله أكبر كيف يجرء الكافر‬
‫على الستهزاء بالله ورسوله ‪ (( .‬قل ابالله وآياته ورسوله كنتم‬
‫تستهزئون ))‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ان غدا لناظره قريب‬

‫‪305‬‬
‫عبدالعزيز |‪ 20/01/2006‬م‪( 15:17 ،‬السعودية)‪( 12:17 ،‬جرينيتش)‬
‫انتظروا سماع الذان فىكوبنهاجن‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لن ترضى عنك اليهود أو النصارى‬
‫محمد ابراهيم |‪ 20/01/2006‬م‪( 18:39 ،‬السعودية)‪15:39 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫كثر فى هذه اليام التطاول على السلم والمسلمين نظرا لحتكار‬
‫الغرب لنا و استهوانه بنا لما نحن فيه من ضعف وهوان بسبب‬
‫انكبابنا على الدنيا كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )‬
‫وليس من قلة ولكن لما نحن فيه من حب الدنيا والشهوات والله‬
‫يرحمنا برحمته ليس لنا سواها ويجب على كل مسلم مقاطعة‬
‫الكفرة من جميع الجناس بقدر المستطاع فى المنتجات وعلى‬
‫اغنياء المسلمين مقاطعتهم فى الستيراد والله ان شاء الله سوف‬
‫يرينا فيهم عجائب قدرته ولكن لبد من ان يبدأ كل فرد بنفسه فى‬
‫الصلح أول وحسبنا الله ونعم الوكيل يا حبيبى يا رسول الله يا‬
‫محمد يا رسول الله أنت اسمى من فى الوجود وسيد السياد من‬
‫خلق آدم بأبى أنت و امى يا محمديا رسول الله (صلى الله عليه‬
‫وسلم ) ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نرجو تبيين منتجاتهم لكي نقاطعها‬
‫ابو عمر |‪ 21/01/2006‬م‪( 16:3 ،‬السعودية)‪( 13:3 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم اللله الرحمن الرحيم نرجوا ممن لديه اسماء بعض منتجاتهم‬
‫ان يوضحها للخوة ويا حبذا بعض الصور ان وجدت وجزاكم الله خير‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بأبى انت وامى ياخير من وطىء الثرى‬
‫الساجدة لله |‪ 22/01/2006‬م‪( 11:57 ،‬السعودية)‪( 8:57 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل ‪/‬لنا الله مادام انقطع لسان المسلمون فى‬
‫الدفاع عن الحبيب صلى الله عليه وسلم بابى هو وامى اللهم اجعلنا‬
‫خداما ً له فى الجنة من غير سابقة عذاب اوعتاب‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪306‬‬
‫المنتجات الدنماركية ‪ -‬قاطعها وانشر‬
‫أرض الجنوب |‪ 23/01/2006‬م‪( 3:26 ،‬السعودية)‪( 0:26 ،‬جرينيتش)‬
‫‪-1‬اللبان الكويتية الدانماركية (كي دي دي ) ‪-2‬بانج آند أولفسون‪،‬‬
‫الشركة الدانماركية الرائدة في مجال تصنيع الجهزة الصوتية‬
‫وأجهزة الفيديو‪-3 .‬نو?و نورديسك الشركة الرائدة في العالم في‬
‫رعاية مرض السكر ‪-4‬شركة [تي دي سي الدانماركية] للجوالت‬
‫متعاونة مع دولة عمان وقطر ‪-5‬شركة ألبان `جين بلس`‬
‫الدانماركية [ معلومة هذه الشركة تم حضرها من المملكة عام‬
‫‪ 2002‬لنها تحتوي البانها على زيت تشحيم ورقائق صلب ] ‪-6 .‬زبدة‬
‫لورباك ‪-7‬أجبان البقرات الثلث ‪ -8‬شركة بوك ‪ ..‬دانماركية ‪-9‬شركة‬
‫سدافكو ( حليب السعودية ‪ -‬وغيره من منتجات سدافكو ) ‪-10‬‬
‫قشطة وادي فاطمة ‪-11‬حليب دانو بودرة ‪-12‬لحم لنشون دجاج‬
‫((روبيرت)) ‪ • .‬معلومة هامة ‪ :‬إذا أردت معرفة البضائع الدنماركية‬
‫لمقاطعتها ‪ ..‬فأنظر في الشريط التعريفي للسلعة ‪ ..‬حيث تبدأ‬
‫المنتجات الدنماركية ‪ ..‬بالرقمين من اليسار ((( ‪ )))57‬ول تنسى‬
‫المنتجات النرويجية كذلك فقد اساؤوا لنبي محمدصلى الله عليه‬
‫وسلم وإليك هذه الروابط للطلع على مزيد من المواضيع المهمة‬
‫‪http://www.saaid.net/Doat/shaya/15.htm‬‬
‫‪ >http://www.saaid.net/Doat/shaya/15.htm<SPAN< a> dir=rtl‬وهذا‬
‫فاكس السفارة الدنماركية بالمملكة العربية السعودية ‪014881366-‬‬
‫وهذا بريد المجلة ‪ magazinet@magazinet.no‬وبريد أحد رسامي‬
‫الكاركتير ‪ vebjorn@magazinet.no‬تذكر أن البديل متوفر بكثرة في‬
‫السوق وبجودة أفضل وقبل هذا وذاك تذكر فضل نصرة نبيك إن‬
‫كان عندك انتماء حقيقي لدينه وحب حقيقي له ‪ ...‬ولكم جزيل‬
‫الشكر ‪ ..‬وادعو لخيكم بمرافقة نبيه صلى الله عليه وسلم في‬
‫الجنة‪...‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل حول ول قوة ال بالله‬
‫أحمد |‪ 23/01/2006‬م‪( 3:46 ،‬السعودية)‪( 0:46 ،‬جرينيتش)‬
‫بأبي أنت و أمي يا سيدي و سيد الخلق يا رسول الله لاله ال الله‬
‫محمد رسول الله‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪307‬‬
!Ignorance and Stupidy in Denmark
1:15 ،)‫ (السعودية‬4:15 ،‫ م‬Hamid and Theresa |23/01/2006
)‫(جرينيتش‬
Assalamu alaikum; I am sending this email to you with the hopes
that my thoughts will go out to the world.What was painted and
said in Denmark about our prophet(PBUH) is something that
should never have been said.This shows me the stupidy of some in
the world and do not understand Islam,Muslims and our
prophet.This person needs to open their eyes before painting and
open their minds before speaking.Obviously Denmark has nothing
better to do but amuse themselves with Islam and our religion is
not something to amuse the world with,our religion is about
truth,honesty and a perfect way of life and we should never need to
sit idle and deal with such ignorance.It`s time for other members of
the Muslim community in the world to voice their
opinions,acknowledge what Denmark has said and done and let
Denmark know that this is uncalled for and their ignorance cannot
.be justified,not in our eyes
---------------------------
‫بأبي أنت وأمي يارسول الله صلى الله عليه وسلم‬
)‫ (جرينيتش‬2:54 ،)‫ (السعودية‬5:54 ،‫ م‬23/01/2006| ‫عيد السبيعي‬
‫والصلة والسلم على حبيبنا‬..........‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫ان افضل‬.........‫وسيدنا رسول الله عليه أفضل الصلة والتسليم‬
‫من خلق الله سبحانه وتعالى هو محمد صلى الله عليه وسلم فهو‬
‫ فالواجب‬............ ‫سيد الخلق وأطهرهم وأشرفهم بأبي هو وأمي‬
‫على كل مسلم ان يرد على تللك المور اما بكلمه اوشعر او اي‬
‫ فمقام الرسول صلى الله عليه وسلم‬........ ‫نوع من المشاركه‬
‫أعظم و أشرف من أبائنا وأمهاتنا والناس أجمعين كافه السابقون‬
.....‫واللحقون‬
---------------------------
‫هذا شفيعكم‬
)‫ (جرينيتش‬4:48 ،)‫ (السعودية‬7:48 ،‫ م‬23/01/2006| ‫ام ياسر‬

308
‫ل تسكتوا وقوموا قومة رجل واحد ودافعوا عن رسولكم بكل‬
‫الطرق وعليكم بمقاطعة كل ماهو دنماركي وقولوا نحرنا دون‬
‫نحرك يارسول الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المقاطعة التجارية‬
‫محمد الفيل سودانى |‪ 23/01/2006‬م‪( 9:54 ،‬السعودية)‪6:54 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫حسبنا الله و نعم الوكيل ‪ ،‬أدعوا كل أحبة النبى صلى الله عليه و‬
‫سلم و أحبة أصحاب النبى عليهم رضوان الله ‪ ،‬أدعوهم جميعا‬
‫لمقاطعة البضائع الدنماركية جملة و تفصيل‪ ،‬عبدة الدرهم و الدينار‬
‫هؤلء ل يردعهم إل نقص أموالهم و دخولهم ‪ ،‬فتعالوا نقاطع‬
‫بضائعهم و منتجاتهم‪ ،‬تعالوا نقول لهم إن أحباء النبى صلى الله عليه‬
‫و سلم يقاطعون من يسىء إلى حبيبهم‪ ،‬تعالوا نفعلها فنحن قادرون‬
‫على ذلك‪ .‬سوق المسلمين من أكبر السواق العالمية فلماذا ل‬
‫يستخدم المسلمون سوقهم فى الدفاع عن حبيبهم و عن معتقداتهم‬
‫؟ ` يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم‪ ،‬و الله متم نوره و لو كره‬
‫الكافرون`‪ .‬صدق الله العظيم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫إلى متى الصمت ؟‬
‫المبتدي |‪ 23/01/2006‬م‪( 22:28 ،‬السعودية)‪( 19:28 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم والصلة والسلم على سيدنا محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ..‬إن كانت هناك ملمة فنحن المسلمون الملومين‬
‫أول ً وآخيرا ً وليس من يرسم أو من يكتب أو من من يصور أو حتى‬
‫من من يصفع أويقتل ‪........‬الخ ‪ .‬فنحن آخر نسل للمسلمين‬
‫ونختلف عن المسلمين بأنهم ليخافون إلمن الله سبحانه ونحن‬
‫نخاف من كل شي وفي المقدمه أصحاب القرار الول والخير‬
‫والعذر هكذا تكون السياسة ‪ ....‬وكأننا وجدنا في هذه الدنيا من أجل‬
‫السياسة وأرضاء أعداء الله ‪ .‬أتحدى أي مسلم أن يقول انا راضي‬
‫بأساءة المسلمين في أي مكان من قبل أعداء الله ‪ .....‬فقليل ً علينا‬
‫كلمة جبناء‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هذه محنة كبرى والعاقبة لرسول الله وأتباعه‬

‫‪309‬‬
‫ابوبكر |‪ 23/01/2006‬م‪( 22:38 ،‬السعودية)‪( 19:38 ،‬جرينيتش)‬
‫هي لهم في الدنيا ووالله ليتمن الله هذا الدين الذي جاء به رسول‬
‫الله بعز عزيز أو بذل ذليل ولكن نبرأ إلى الله من هذه الساءة‬
‫لشخص رسول الله الطاهر الشريف الكريم‪ ,‬ونحتسب عند الله‬
‫تعالى هذه النصرة وأسأل الله أن ليبقي من الكافرين أحد‪(,‬لعائن‬
‫الله تترى على هذه الدولة الدنماركية الكافرة)‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫خير امة اخرجت بين المم‪..‬‬
‫ابوسيف السهلي ‪ -‬السعوديه |‪ 23/01/2006‬م‪( 22:42 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 19:42‬جرينيتش)‬
‫بسم الله ‪ ,‬والصلة والسلم على رسول الله محمدا ًَ عليه افضل‬
‫الصلة واتم التسليم‪ ..‬اما بعد ‪ /‬احبتي ف الله لن اطيل بتعليقي‬
‫ولكن كل مافي المر اننا وبل شك لن نرضى ‪ /‬ولن ننسى ‪ ..‬هذه‬
‫الحادثه المريره والتي الله اسأل بأن يشل اعضاء كل من تطاول‬
‫على حبيبنا صلى الله عليه وسلم‪ ..‬اخواني الكرام ‪ ..‬انا مع كل من‬
‫اقترح المقاطعه وهذا واجب علينا ‪ ..‬اما من قال ان نتطاول على‬
‫رجال ديانتهم ف هذا امر لن يصب في مصلحة المه والسبب اننا‬
‫سنتعرض ل الساءه من الجميع وحتى من لم يسيء لمصطفانا‬
‫سيقف بصفهم ‪ ..‬وحتى انه عليه الصلة والسلم نهى عن سب‬
‫المشرك وسب دينه ومقدساته ‪ ..‬ارجو البحث في هذا المر بحكمه‬
‫‪ ..‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬
‫‪---------------------------‬‬
‫عبيد الدراهم‬
‫ابو محمد من ارض الوطن |‪ 23/01/2006‬م‪( 23:28 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 20:28‬جرينيتش)‬
‫لعنهم الله واذلهم امام السلم والمسلمين ولكن علينا بالمقاطعة‬
‫لنهم عبدة الدينار والدرهم‪........‬اكرم الله المسلمين وكلما زادت‬
‫المقاطعة سوف ينقص اقتصادهم بأذن الله لنهم يبحثون عن الربح‬
‫المادي‬
‫‪---------------------------‬‬
‫عليهم اللعنه‬

‫‪310‬‬
‫عبدالله المهاجر إليه |‪ 23/01/2006‬م‪( 23:41 ،‬السعودية)‪20:41 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫إن كثرة الكلم لضعاف والمساكين عكسنا تماما فنحن أقوياء بالله‬
‫تعالى المسأله جديه ويتطلب موقف جدي مابأيدينا الن هو مقاطعة‬
‫منتجاتهم وهذا أمر لبد منه ‪ .‬ثانيا ‪ /‬دعم أخواننا المسلمين في‬
‫الدنمارك ثالثا ‪ /‬مناشدة أهل العلم والمؤسسات الدينية ورابطة‬
‫العالم السلمي هلموا بنا ياأمة محمد صلى الله عليه وسلم جعلها‬
‫الله في موازين حسناتكم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل‬
‫محمد عبدالله |‪ 23/01/2006‬م‪( 23:51 ،‬السعودية)‪20:51 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ليست المرة الول التي يتهج بها الكفار على محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم ولكن الله فوقهم وحسبس الله ونعم الوكيل ‪ .‬يا أخوان‬
‫عليكم بدعاء في اخر الليل ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫كلنا فداء للدين والرسول (فداءك ابي وامي ياحبيبي يارسول الله)‬
‫محمد ابولبن |‪ 23/01/2006‬م‪( 23:58 ،‬السعودية)‪( 20:58 ،‬جرينيتش)‬
‫كلنا فداء للدين والرسول (فداءك ابي وامي ياحبيبي يارسول اللة)‬
‫تحملت عنا الكثير ياحبيبي يارسول الله ونحن الن نلتجئ وندعوا‬
‫الى العلي القدير ان يرسل عليهم جنودا من عنده كالطير البابيل‬
‫وان يسخط بهم الرض كقوم لوط وليس ذلك على الله ببعيد‪.‬‬
‫اخواني اخواتي ارجوا من كل من يقراء هذا ان يطلب من كل مسم‬
‫ومن نفسه يالتوجه بقلبه الى الله بالدعاء الصادق لنصرة السلم‬
‫والمسلمين والنتقام من الكفرة والكثار من الستغفار ‪ -‬قال الله‬
‫تعالى `ادعوني استجب لكم` الرجاء على كل مسلم التوجه‬
‫الصادق الى الله بالدعاء الصادق والستغفار وخصوصا في الثلث‬
‫الخير من الليل‪ .‬اخواني اخواتي اقل ما نقوم به اليوم الدعاء‬
‫الصادق من قلب مجروح (السلم عزيز ولعز لنا ال بالسلم)‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الصحوة الصحوة‬

‫‪311‬‬
‫فضيلة ضاهر |‪ 24/01/2006‬م‪( 0:4 ،‬السعودية)‪( 21:4 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم ( إن كفيناك المستهزئين ) صدق الله‬
‫العظيم‪ ...‬نداء إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم ‪ :‬الصحوة‬
‫الصحوة قبل أن يأتي يوم لنصر من الله فيه ‪ ...‬إنه نبيكم محمد‬
‫الذي يطلع على أعمالكم في كل ليلة جمعة ‪ ،‬فما أنتم فاعلون‬
‫؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ واجب عليكم الضراب‬
‫العام في كافة البلد السلمية للضغط على السفارات الدانماركية‬
‫والنيروجية لتنكب منكسرة أمام عظمة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وتقدم إعتذارها لمليار وثلثمائة مليون مسلم في العالم ‪...‬‬
‫ونهيب بالعلماء الكرام وأصحاب كلمة الحق بفعل كل ما يستطيوا‬
‫لنصرة الرسول الكريم محمد ودين محمد وأمة محمد صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم ‪ ( ....‬وقل اعملوا وسيرى الله عملكم ورسوله‬
‫والمؤمنون ) صدق الله العظيم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بشرى لمن تطاول على النبي المصطفى‬
‫حمدان الغامدي |‪ 24/01/2006‬م‪( 0:4 ،‬السعودية)‪( 21:4 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم اذا ما بلغ الظلم حده فسيتلوه نهارا تقع‬
‫معه كل الصنام واقول لكل من تطاول على حبيبي وسيدي رسول‬
‫الله فداه الهل والمال والولد لقد بلغ بكم المكر والكيد والجراءة‬
‫ان تتطاولوا على سيد ولد بني ادم فاني مبشركم باذن الله تعالى‬
‫بعذاب قريب وان شاء الله ستكونون عبرة تتحدث عنها الجرائد‬
‫والقنوات ليس لثلثة اشهر بل الى يوم الدين اللهم رب العرش‬
‫العظيم رب جبريل والملئكة والجان والناس والخلق اجمعين‬
‫اسألك باعظم اسم هو لك سميت به نفسك واحتفظت به في علم‬
‫الغيب عندك ان ترينا فيهم ما يشفي صدورنا ويكونوا عبرة لكل‬
‫كافر ملحد يظهر او يبطن لحبيبنا محمد رسول الله ذرة حقد او غل‬
‫يارب العالمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله عليهم‬
‫مسلمه غيوره ومحبه لرسولها ولدينها |‪ 24/01/2006‬م‪0:46 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 21:46 ،‬جرينيتش)‬

‫‪312‬‬
‫اول ماراح نقول غير حسبي الله ونعم الوكيل والله يأخذهم اخذ‬
‫عزيز مقتدر واوصي كل مسلم غيور على دينه ورسوله بأنه يقاطع‬
‫اي منتج لهذه الدولهالدنمارك وان شاء الله ان الدين والسلم هو‬
‫اللي راح ينتصر وفي نهاية كلمي مااقول غير النصر لنا وللمسلمين‬
‫ياأعداء العررررب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله‬
‫ام احمد |‪ 24/01/2006‬م‪( 18:0 ،‬السعودية)‪( 15:0 ،‬جرينيتش)‬
‫اعلموا انكم لن تنالوا من مكانة نبينا في نفوسنا شيئا وانما تؤذون‬
‫انفسكم وسوف تعلمون‪ ( .‬رجاء ايصالها للمعنيين في الدنمارك‬
‫جزيتم خيرا‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله عليهم‬
‫عبدالغني لحمدي |‪ 24/01/2006‬م‪( 18:19 ،‬السعودية)‪15:19 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫علينا نحن المسلمين نصرة رسول الله هيا يامسلمون‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ worldsun2006@hotmail.com |24/01/2006‬م‪( 18:22 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 15:22‬جرينيتش)‬
‫نحب رسولنا ونحب كل من يحبه ونقاطع كل من يتطاول على سيد‬
‫البشر رسول النسانية الذي بعثه الله رحمة للعالمين فكان حريص‬
‫علينا بالمؤمنين رؤوف رحيم والواجب يحتم علين جميعا مقاطعة‬
‫المنتجات الدنماركية والله يوفق الجميع إلى مافيه خير الدين والدنيا‬
‫ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قاطعوهم تنصروا السلم‬
‫نوال السعودية |‪ 24/01/2006‬م‪( 19:8 ،‬السعودية)‪( 16:8 ،‬جرينيتش)‬
‫المقاطعة المقاطعة ثم المقاطعة هي القشة التي ستقصم ظهر‬
‫البعير ‪ .‬شفيعنا فداك روح ومال كل من قال ل إله إل الله ‪.‬‬

‫‪313‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الرسول قدوتنا وحبه واجب على كل مسلم‬
‫ماجد الحسني |‪ 24/01/2006‬م‪( 19:28 ،‬السعودية)‪16:28 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫انا استغرب موقف حكام المسلمين الذين ماسمعنا احدهم ينطق‬
‫ببنت شفة اوحتى يعلق على هذا الموضوع الذي يمس فيه نبيهم‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬نحن لنريدمنهم المستحيل اقل شيءعلى‬
‫الحكومات العربية والسلمية فعله هو ان يخصصوا حلقة في اجهزة‬
‫العلم عندهم للتوعية بخطر هذا الفعل ويظهروا عظمة النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ويتركوا العمل والحركة لهذه الشعوب وليجلسوا‬
‫هم في بيوتهم كالنساءءءءءءءءءءءءءءءءءءءءء والله حسبنا ونعم‬
‫الوكيل‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫احمد عبد المنعم محمد اسماعيل مصر |‪ 24/01/2006‬م‪19:41 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 16:41 ،‬جرينيتش)‬
‫مقاطعه كل المنتجات الدنماركيه لن اقتصادهم قائم علينا فى‬
‫الدرجة الولى‬
‫‪---------------------------‬‬
‫دعاء‬
‫الفارس ‪ 24/01/2006| 1399‬م‪( 19:52 ،‬السعودية)‪( 16:52 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫ابو الحارث |‪ 24/01/2006‬م‪( 20:19 ،‬السعودية)‪( 17:19 ،‬جرينيتش)‬
‫الله أكبر الله أكبر الله أكبر سلم على من أتبع الهدى أم بعد الى‬
‫متى يامسلمون ونحن في هذا الذل والهوان والله ان بطن الرض‬
‫خير لنا من ضهرها اذا اعتدي على ديننا وعلى حبيبنا محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم فداه أرواحنا هو بأمي وأبي ونقول لكلب الدنمارك‬
‫والنروج وكل من سب ديننا الجواب فيما ترونه مال تسمعونه‬

‫‪314‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫سياتى يوما ستعلمون من هم فى ضلل ً مبين‬
‫حسن سليمان القطان |‪ 24/01/2006‬م‪( 20:57 ،‬السعودية)‪17:57 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم وبعد نحترم شعب الدنمارك لنه شعب‬
‫معطاء ومنتج ونحب الكثير من منتجاته التي تميزت بالجودة والتي‬
‫يتوق إلي شرائها الكثير من الشعب السعودي والعربي ‪ 0‬وفجأة‬
‫نسمع أن احد الصحف الدنماركية تعرضت بالساءة إلى أعظم من‬
‫خطى على الرض إلى رسولنا وقائدنا وحبيبنا محمد صلى الله علية‬
‫وسلم ‪ 0‬ولتدرك الدنمارك أهمية وعظم مكانة هذا النسان بين‬
‫المسلمين لما له من فضل علينا فى هدايتنا إلى طريق الخير‬
‫والسلم والذي نكن له كل الحب والتقدير لدرجة تفوق محبتنا‬
‫لبناءنا وآباءنا كيف ل وهو خاتم النبياء سيد الرسل شفيع المة‬
‫محمد صلى الله علية وسلم وهو من أرسى بداخلنا أهمية الحذر من‬
‫انتهاك حرمات الغير واهم من ذلك احترام ديانات الخرين وأرسى‬
‫أهم قاعدة فى التعامل مابين المم وهى (لكم دينكم ولي دين)‬
‫ومن هذا المنطلق ننوه باستنكارنا وغضبنا من مساس ذلك الرث‬
‫السلمي القيم والستهانة بشخصه الكريم صلى الله علية وسلم‬
‫فى إحدى الصحف وبشكل يسيء لكل مسلم بل لكل من يحمل‬
‫دينه بعزة وكرامة ليرضى بالساءة إليه ‪ 0‬لذلك وددنا أن ننوه‬
‫بأهمية تقدم الدنمارك بالعتذار لكل مسلم على وجه الكرة الرضية‬
‫وإل سيتم مقاطعة تلك المنتجات الدنماركية والتي نعلم إن الكثير‬
‫من الدول العربية والمسلمة يقع عليها ترويج تلك المنتجات‬
‫واستفادة الدنمارك اقتصاديا منها‪ 0‬وفى النهاية ليسعنا إل أن نقول‬
‫انه سيأتي يوم ستعلمون من هم فى ضلل ً مبين‪ 0‬المرسل‪ /‬المسلم‬
‫حسن سيلمان القطان المدينة المنورة بجوار قبر النبي صلى الله‬
‫علية وسلم المملكة العربية السعودية‬
‫‪---------------------------‬‬
‫دعاء واستنكار‬
‫اميره |‪ 24/01/2006‬م‪( 20:59 ،‬السعودية)‪( 17:59 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم ياقوي ياعزيز ارنا فيهم عجائب قدرتك وانصر رسولك على‬
‫اعدائه واعدائنا اعداء المسلمين كافة ول يسعنا نحن الى بمقاطعة‬

‫‪315‬‬
‫منتجاتهم وهذا ادنى مانستطيع فعله مع الدعاء والسير على منهج‬
‫رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ولينصرن الله من ينصره‬
‫مجروح |‪ 25/01/2006‬م‪( 16:59 ،‬السعودية)‪( 13:59 ،‬جرينيتش)‬
‫`محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم`‬
‫‪---------------------------‬‬
‫رد عليهم‬
‫أبوعمر |‪ 25/01/2006‬م‪( 17:1 ،‬السعودية)‪( 14:1 ،‬جرينيتش)‬
‫إخواني في الله لقد شاهدت اليوم قبل أن أدخل قاعة المتحانات‬
‫شيئا لم أره من قبل وللسف ثلثة طلب يجلسون على كتاب‬
‫الحديث ويرمون أوراق فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫القمامة أكرمكم الله وتقبلوا خالص تحياتي ابوعمر ‪khalid-ali-‬‬
‫‪yusuf@hotmail.com ali-2006@naseej.com‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يارب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خذهم أخذ عزيز مقتدر‬
‫أبوعبدالحمن دبور |‪ 25/01/2006‬م‪( 18:26 ،‬السعودية)‪15:26 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ربنا ويارب أشرف من خلقت من النبياء والرسل محمد صلى الله‬
‫ة أخرجتها للناس ‪ ،‬فقد أهينت خيريتها‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬فإن أمته خير أم ٌ‬
‫بنشر ذلك الرسم البذي تعال عنه حبيبنا صاحب المقام المحمود ‪،‬‬
‫قائد الغر المحجلين ‪ ،‬وأنت سبحانك قد قضيت بخيريتيها ‪ ،‬فأسقط‬
‫على هؤلء الغادرين بإمة حبيبك محمد صلى الله عليه كسفا ً من‬
‫السماء ‪ ،‬وزلزل الرض من تحت أرجلهم وأجعلهم عبرة لمن يعتبر ‪،‬‬
‫فقد خارت قوة إيمان أمة مصطفاك صلوات الله وسلمه عليه إل‬
‫من رحمته بنور اليمان ‪ ،‬فلن يٌشفا لنا غليل ً إل بسوط عذابك المبين‬
‫في الدنيا والخرة ‪ ،‬فانت القادر المقتدر ‪ ،‬فأنت ملك الملوك وقاهر‬
‫الجبابرة والظالمين‪ ،‬فحسبي الله عليهم ونعم الوكيل‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اين الخوه‬

‫‪316‬‬
‫سالى |‪ 25/01/2006‬م‪( 18:27 ،‬السعودية)‪( 15:27 ،‬جرينيتش)‬
‫ان تعدى مجله على الرسول صلى الله عليه وسلم يجب ان يوقظ‬
‫الكثير من الغفله التى نحن فيها فاليوم التعدى على الرسول اذن‬
‫فمن التالى ‪................................‬؟ ان المر سوف يزداد سواء‬
‫اذا لم نستيقظ يجب على كل مسلم ان يقاطع المنتجات للدول‬
‫المعاديه للسلم كما يجب مقاطعه اليمن لن لها الكثير من تعديها‬
‫على السلم اما انا فاناشد الخوه المسيحين بالوقف كاخوه لن‬
‫ليوجد هناك مسلم يقبل على اهانه الدين المسيحى من قبل فنحن‬
‫اخوه ل نقبل باهانه الديانات السماويه مهما كانت وما حدث هو‬
‫تعدى عن حقوق المسلمين ومخالف للقانون الدولى الذى ليسمح‬
‫باهانه اى المعتقدات والديان السماويه فمعن لمحاربه هؤلء‬
‫الهمجين الذين يدعون السلم وهم فى الحقيقه يدعون الى القتل‬
‫والعنف والرهاب افيقوا يا امه محمد‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مسلسل التطاول على شخص الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫يتواصل‬
‫ياربي اشكثر اعاني & عروس القصيم _ عنيزة _ عند الباب شجرة‬
‫صغيرة |‪ 25/01/2006‬م‪( 19:29 ،‬السعودية)‪( 16:29 ،‬جرينيتش)‬
‫ليس غريبا أن تطالعنا الصحف والقنوات وغيرها من وسائل العلم‬
‫الغربية عن هذا الحقد الدفين في نفوسهم تجاه السلم والمسلمين‬
‫ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وهذا يدل على التخوف‬
‫الذي بات يضج مضاجع كل فئات المجتمع الغربي من السلم‬
‫كنظام يرعى شؤون المسلمين ‪ ،‬وما خطاب الرئيس المريكي‬
‫بوش الخير إل دليل على ذلك ‪ .‬فالمسلمون محتاجون في الوقت‬
‫الراهن إلى دولة تجمع كلمتهم من المغرب إلى المشرق وتحمي‬
‫كيانهم وتعزهم وتذل كيد الحاقدين ‪ ،‬وليس ذلك على الله بعزيز‬
‫‪ ^^* m8228@hotmail.com‬بدر ^^* ‪-------------[[ 0557355984‬‬
‫لمناقشة الموضوع بالتفصيل ( الشباب مانبيهم بس البنات ههههاااي‬
‫) من الساعة ‪ 12‬ليل حتى الفجر‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ياشفيعنا‬

‫‪317‬‬
‫بنت السلم من السعوديه |‪ 25/01/2006‬م‪( 19:30 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 16:30‬جرينيتش)‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل بالمستهزين بالرسولنا وشفعينا محمد عليه‬
‫الف الصله والتسليم ويشهد الله اننا معارضين عل الي صار والله‬
‫يسلط عليهم غضبه وعذابه واعداءهم الله ياخذهم اخذة عزيز‬
‫مقتدر‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قطع العلقات مع الدانمارك‬
‫احمد السعودي |‪ 25/01/2006‬م‪( 19:43 ،‬السعودية)‪16:43 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ارجو من حكومتنا الرشيده قطع العلقات مع الدانمارك وترحيل‬
‫السفير الدينامركي حتى يتم العتذار الرسمي امام وسائل العلم‬
‫المقروءه والمسموعه كما ارجو من اخواني واخواتي القراء ابتداءا‬
‫من اليوم مقاطعة المنتجات الدينماركيه بشتى انواعها والله ولي‬
‫التوفيق واسال الله ان ينصر السلم ويعلي كملة الحق ل اله ال‬
‫الله محمد رسول الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫العمل وليس القول‬
‫ايناس العماري ‪---‬اليمن |‪ 26/01/2006‬م‪( 13:12 ،‬السعودية)‪10:12 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بجب على كل المسلمين القيام بمضاهره ضد السفارات الدنماركيه‬
‫وطردها يجب مقاطعه المنتجات الدنمركيه يجب مراسله موقع‬
‫الجريده و الرد عليهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لحول ول قوه البالله‬
‫نايف سلمان |‪ 26/01/2006‬م‪( 13:20 ،‬السعودية)‪( 10:20 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أل لعنة الله علي الظالمين‬
‫أبو أحمد |‪ 26/01/2006‬م‪( 13:26 ،‬السعودية)‪( 10:26 ،‬جرينيتش)‬

‫‪318‬‬
‫اللهم رد كيدهم في نحرهم وانتقم منهم وأنصر أمة الحبيب صلي‬
‫الله عليه وسلم بأبي وأمي أنت يارسول الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مندوبية تحفيظ العرضية الشمالية‬
‫علي بن سلطان السهيمي |‪ 26/01/2006‬م‪( 13:41 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 10:41‬جرينيتش)‬
‫الحمد لله وكفى وصلة وسلما على رسول الهدى وبعد‪ :‬إن‬
‫ماقامت به المجلة الدنمركية من تشويه سمعة أطهر البشرية شيئ‬
‫حقير ولكن ليعلم كل واحد أن هذا لن يزيدنا إل تمسكا بهدي نبينا‬
‫وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإني داع فأمنوا ‪ :‬اللهم عليك‬
‫بصاحب الفكرة ومنفذها وراسمها وكاتبها وناشرها ومؤيدها الله‬
‫شل أطرافهم وأعمي أبصارهم ‪ ..‬اللهم وعليك بالدنمرك اجعل‬
‫كيدهم في نحورهم وادمر اقتصادهم ياقوي وياعزيز ‪ ..‬اللهم اجعل‬
‫أعراضنا وأنفسنا فداء لحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ‪ .‬وإني‬
‫أهيب بالجميع بمقاطعة جميع النتوجات الدنمركية حتى ولو متنا‬
‫جوعا ‪ ..‬والحمد لله رب العامين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫ابو عبدالرحمن |‪ 27/01/2006‬م‪( 2:17 ،‬السعودية)‪( 23:17 ،‬جرينيتش)‬
‫عليكم بالمحاربة القتصادية وهي مقاطعة المنتجات‬
‫‪---------------------------‬‬
‫تبوك‬
‫محمد العنزى |‪ 27/01/2006‬م‪( 2:26 ،‬السعودية)‪( 23:26 ،‬جرينيتش)‬
‫يجب على كل مسلم مؤمن يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ان‬
‫يقاطع المنتجلت الدنماركيه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫أعشقوا الراحه‬
‫عبدالرحمن |‪ 27/01/2006‬م‪( 4:48 ،‬السعودية)‪( 1:48 ،‬جرينيتش)‬
‫يا حبيبي خلكم مكانكم احسن ووفروا اصواتكم بس كلم في كلم‬
‫والله يا ليتني مو من العرب اقول حطوا راسكم في الطين وبوسوا‬

‫‪319‬‬
‫رجل بوش وبلير اقوووووول مالت علينا كلنا والله اتمنى اكون‬
‫افريقي سنيغالي مسلم ول اني اكون عربي مصخره‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الفرج يا الله‬
‫أحمد |‪ 27/01/2006‬م‪( 6:55 ،‬السعودية)‪( 3:55 ،‬جرينيتش)‬
‫الصلة و السلم على نبي الله المختار الهادي سيدنا أبو القاسم‬
‫محمد و آله و سلم تسليما كثيرا وعجل الله فرجهم و أللعن‬
‫أعدائهم يا رب الحقيقة ضعف حالة المسلمين بالعالم شيء مخزي‬
‫و هذا الهجوم الحقيقة مرتب من تحالف يستعد لمحاربة و أبادة‬
‫السلم بكل صورة لمعرفة ردود الفعل قبل الخطوات القادمة‬
‫ولكن تأكدوا أن سيدنا محمد عزيز عندالله و الله يعلم شتات رأي‬
‫المسلمين و ضعف حالهم وسوف ينتقم منهم شر أنتقام مثل ما‬
‫فعل بكل من تعرض لسيدنا محمد بالشتم و الساء كأحد الدلة‬
‫سورة المسد عندما رد الله على عم الرسول‪ .‬وكل مرة ينقلب‬
‫السحر على الساحر حاولوا أخراج المسلمين من الدين بجعل الزنا‬
‫شيء سهل لهم وشرب الخمر و القمار و اللهو و بث القنةات‬
‫اللباحية الموجة الى العالم السلمي ولكن فشلوا لله الحمد الن‬
‫المسلمين أكثر تمسك بالدين من قبل و شوف العالم كلة حركات‬
‫أسلمية و توجة أسلمي لول خروج بعض الرهابين كمثل أبن لدن و‬
‫جماعة تخصص قتل المسلمين قبل المشركين أعداء السلم وهذي‬
‫أحدى أفرازات خطط الغرب محاربة السلم بالسلم ونقلبت‬
‫مخططاتهم عليهم لله الحمد وهذا أصبح الطفل الذي يعض الم‪.‬‬
‫تمسكوا بحديث النبي أني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضل‬
‫بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي طبقوا هذي النصيحة من‬
‫سيدنا محمد وسوف تكون لنا الغلبة أنشاءالله وليس أتباع كل‬
‫شخص يعمل أنقلب او يعين من الغرب رئيس ويتكلم بأسم الله و‬
‫الشعب اللهم ليكون سيدنا محمد أقل شئن من فصيل ناقة صالح‬
‫اللهم هيئنا على الخذ بحق نبيك اللهم هيئا بالخذ بحق نبيك و اهل‬
‫بيت النبي وعجل فرجهم و اللعن أعدائهم يارب‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنى اللة ونعم الوكيل‬

‫‪320‬‬
‫بوسعود العازمي من الكويت |‪ 27/01/2006‬م‪( 7:44 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 4:44‬جرينيتش)‬
‫ان الرسول علية الصلة والسلم مثل المسلمين العلى و حبيب‬
‫كل مسلم فم يسيئ إليه كأنه يسيئ لكل مسلم وقطع كل العلقات‬
‫مع هذه الدول يجب أن يكون بسرعه تامه من كل مسلم يغيير على‬
‫مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلم والمسلمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ما أعظم مصيبتنا في فقدك يارسول الله‬
‫العجميه |‪ 27/01/2006‬م‪( 8:7 ،‬السعودية)‪( 5:7 ،‬جرينيتش)‬
‫نشهد ان ل اله ال الله وحده لشريك له ‪...‬وانك يامحمد عبده‬
‫وصفيه ورسوله صلى الله عليه وسلم ‪..‬لقد طفح الكيل يا أمة‬
‫محمد واعداء السلم يحاربوننا في ابداننا واوطاننا ومعتقداتنا بكل‬
‫قوه‪ ..‬ولكن هيهات السلم بااق ماداامت الحياة وذكر الله‬
‫خالدمااختلف ليل ونها‪..‬ونحن على نبراسك ياحبيبنا محمد‬
‫سائرون‪....‬وانتم ياعبدة المال والشيطان ‪...‬نعرف اداة سلحكم‬
‫القاتل ونقطة ضعفكم‪..‬انه المال‪..‬هبوا ياامة محمد لمقاطعة‬
‫منتوجاتهم الرخيصه العفنه‪...‬ارفعوا رايات الستنكار ‪.‬وطالبوا‬
‫بالعتذار الرسمي من ديار الكفر‪..‬وال فإن رسولنا هو عزتنا وحياتنا‬
‫وحبنا واملنا ونورنا‪....‬كلنا فدءك يا رسول الله بأبي انت وامي‬
‫‪---------------------------‬‬
‫عار علينا السكوت‬
‫نايف راشد المصربي السبيعي العنزي |‪ 27/01/2006‬م‪11:7 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 8:7 ،‬جرينيتش)‬
‫الى كل غيور على دينه الى كل مسلم يعبد الله ويصلي على محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم يجب ان نقاطع جميع المنتجات الدنمركية‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حبيبنا ‪..............‬‬
‫نور مكة |‪ 27/01/2006‬م‪( 11:16 ،‬السعودية)‪( 8:16 ،‬جرينيتش)‬
‫لأقول إل حسبي الله ونعم الوكيل اللهم دمرهم عاجل غير أجل‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪321‬‬
‫الي متي يامة محمدالسكوت الي متي‬
‫الرواق |‪ 27/01/2006‬م‪( 2:5 ،‬السعودية)‪( 23:5 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم منذ العصور الولي لدين ال سلم والحقد‬
‫والبغضا الند بالند لهذا الدين ولنبيه صلي الله عليه وسلم ولكان‬
‫كان في العصور الول لهذا الدين رجال صدقوا معاهدو الله عليه‬
‫رضوان الله عليهم جميعا واستطاعو دحر الحاقدين ورد كيدهم في‬
‫نحورهم بقوة من الله ثم قوة ايمانهم امثال عمر وسعد وزيد سيف‬
‫الله المسلول وغيرهم رضوان الله عليهم‪.‬اخواني لقد حل بنا منذ‬
‫زمن مصيبه من اعظم المصايب وهيه فقدان الغيره علي المسلم‬
‫ودينه ونرا النكبات علي الشعوب المسلمه من الشعوب الغربيه‬
‫التي تفتك بالمسلمين ودينهم واعراضهم واموالهم مثل الشعب‬
‫الفلسطيني ويقتلون وتنتهك العراض ونحن لقوة ولناصربس الله‬
‫امنصر الشعب الفلسطينيوها نحن نرا رسولنا الكريم يسب عيان‬
‫بيان خير البريه يسب الله الله من هول الخنازير والحيله لدينا‬
‫الشجب والستنكار اخواني اخواني اخواني هذه ساعة الحزم انا‬
‫لطلب منكم قصفهم بالطيران والدبابه لوكان بودي‬
‫ولكان؟؟؟؟؟؟‪ ......‬اخواني عليكم بمقاطعة جميع المنتجات‬
‫الدنماركيه بجميع اصنافها لن الدول السلميه لتقدر تعمل هذه‬
‫المقاطعه فلبد ان اتحرك انا وانت والجميع لمقاطعه منتتجات هذه‬
‫الدوله اللعينه بس لمده شهرين او ثلثه فقط وسوف نرا هذه‬
‫الصحيفه قد اغلقة بس سوف نرا بس المقاطعه المقاطعه لبد‬
‫المقاطعه هذا العمل لن يساوي مثقال ذره في محبه الرسول‬
‫الكريم صلي الله عليه وسلم اخواني ال نقدر علي هذا العمل‬
‫النقدر من اين اجل النصره لدين والرسول من اين عليكم بالحزم‬
‫الحزم وامعتصماه فل نذكر والحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫خادم ومحب رسول الله |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:19 ،‬السعودية)‪19:19 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ليس بوسعنا كافراد سوى التعليق على ما تم من قبل هذا الصغير‬
‫الذي استهزأ برسول الله (ص) سوى انه مهما حاول الستهزاء فان‬
‫الله موجود وهو العالم بكل شئ وهو الذي سينتقم لنا من هذا‬

‫‪322‬‬
‫السافل الحقير وأسأل الله أن يؤينا يومه عاجل ً آجل ً ‪ .‬حسبنا الله‬
‫ونعم الوكيل ‪..‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لحول ول قوة إل بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫نوال |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:37 ،‬السعودية)‪( 19:37 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم عليك بكل من اراد السأة برسول الله و بالسل م‬
‫والمسلمين وأول دولة الدنمارك ‪.‬اللهم وأرنا أية فيهم و خذهم أخذ‬
‫عزيز مقتدر ‪.‬وأهدي أمة حبيبك محمد صلى اله عليه وسلم إلى‬
‫ماتحب وترضى‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫سحقا ً للدنمارك‬
‫الحمدية |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:38 ،‬السعودية)‪( 19:38 ،‬جرينيتش)‬
‫ل حول ول قوة إل بالله اللهم اجعل كيدهم في نحورهم واجعل‬
‫تدبيرهم في تدميرهم يا سميع الدعاء اللهم من أراد بمحمد صلى‬
‫الله عليه وسلم وبأمته فعليك به يا ارحم الرحمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ان تنصروا الله ينصركم‬
‫محمد عبد الحميد |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:45 ،‬السعودية)‪19:45 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ` ان تنصروا الله ينصركم ويثبت‬
‫اقدامكم` صدق الله العظيم هذه هى البدايه ول بد من كل مسلم‬
‫ان يتدبر معنى هذه اليه الكريمه لنها هى السبيل للخلص وعوده‬
‫السلم الى مكانته بين المم وان شاء الله قريبا سيكون النصر `ال‬
‫ان تصر الله قريب`‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نفداك بأرواحنا و اجسادنا و أموالنا و انفسنا يا رسول الله اللهم‬
‫صلي وسلم علية‬
‫ابو المهند |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:49 ،‬السعودية)‪( 19:49 ،‬جرينيتش)‬
‫كلمة تذكارية لخواننا المسلمون الذينا يعتذرون بعدم القدرة على‬
‫المقاطعة بئي حجة من الحجج الواهية فنقول لهذى الصنف من‬

‫‪323‬‬
‫المسلمون أتقو الله فقد كان رسولكم صلى الله علية وسلم (يربط‬
‫على بطنه حجر من شدة الجوع ونحنو عند أقل حق من حقوق‬
‫رسول الهدى علية الصلة والسلم و الذي أحي على يدية امم‬
‫لنسنتطيع ان نقوم بهذى الحق فما لنا الى أن نقل لكل مسلم و‬
‫مسلمة من ل ينصر رسول الله علية الصلة والسلم في هذا‬
‫الموقف فمتا ننصرة بأبي أنت و أمي علية الصلة والسلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫وذلك أضعف اليمان‬
‫ابو عبدالله ‪....‬عبدالعزيز |‪ 27/01/2006‬م‪( 23:4 ،‬السعودية)‪20:4 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫أعلم بأن تسطيري لهذه الكلمات ليعتبر سوى من اضعف‬
‫اليمان‪.‬فداك ابي وأمي وكلي ياصفوة خلق الله اجمع يانبي الله‬
‫محمد عليك صلة الله وتسليمه ولعل انكاري لكل من تجرء نفسه‬
‫الدنيئه على ان يمسك بأذا يارسول الله هو الشي الذي اقدمه لك‬
‫يحبيب الله لعل الله ان يرحمني بشفاعتك يوم العرض عليه ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫سنقاطع ‪.. ..‬‬
‫غادة |‪ 27/01/2006‬م‪( 15:0 ،‬السعودية)‪( 12:0 ،‬جرينيتش)‬
‫سنقاطع ونحن قادرون على ذلك‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الحمد لله‬
‫غسان المسلم |‪ 27/01/2006‬م‪( 16:1 ،‬السعودية)‪( 13:1 ،‬جرينيتش)‬
‫الحمد لله الذي اعزنا بهذا الدين وكما قال الشاعر اذا اتتني المذمة‬
‫من ناقص فهذا الدليل على اني كامل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يمكرون والله خير الماكرين‬
‫منصور محمد الشحي المارات |‪ 27/01/2006‬م‪( 16:13 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 13:13‬جرينيتش)‬
‫( ول تحسبن الله غافل ً عما يعمل الظالمون ) المقاطعة هي الحل‬
‫المثل لمثل هؤلء السفلة اللهم يا احد ياصمد‪ ,‬يا حي يا قيوم‪ ,‬ارنا‬

‫‪324‬‬
‫فيهم عجائب قدرتك‪ ,‬وسلط عليهم عقابك‪ .‬حسبنا الله ونعم‬
‫الوكيل‪ ,‬حسبنا الله ونعم الوكيل‪ ,‬حسبنا الله ونعم الوكيل أقل شيء‬
‫نفعله مقاطعة المنتجات الدنمركية ‪..‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫إن الله يمهل وليهمل‬
‫محمد بن مختار بن ياسين |‪ 27/01/2006‬م‪( 16:54 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 13:54‬جرينيتش)‬
‫لتظن أن الله ليعلم عما يفعل الكفرة المشركون من سب نبيه‬
‫افضل الصلة والسلم عليه وتدنيس مقدسات المسلمين بالضافة‬
‫الى هذا التجرؤ الشديد عل التنقص من شخص رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم وهو بأبي وأمي افضل النبياء والمرسلين ولكن‬
‫لنقول إل حسبنا الله ونعم الوكيل قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬إن الله ليملي للظالم حتى اذا اخذه لم يفلته‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ان ربك لبالمرصاد‬
‫المدمر |‪ 27/01/2006‬م‪( 16:58 ،‬السعودية)‪( 13:58 ،‬جرينيتش)‬
‫بوركت يابن أثال إذ قاطعتهم فالكفر يخضع عند قطع الدرهم هذا‬
‫رسول الله نحن له فدا نفديه بالقلب المتيم والدم قد افصح‬
‫الدنمارك عن أحقادهم ومآل كل الكفر قعر جهنم قاطعهوهم‬
‫وقاطعوا قبلهم امريكا اللتي جّرأت العام على المسلمين ان كان‬
‫الدنمارك قد سبوا الحبيب فلقد دنس المربكان كتاب ربنا جل وعل‪.‬‬
‫فانتصروا لربكم ونبيكم صلى الله عليه وسلم `ان تنصروا اله‬
‫ينصركم ويثبت اقدامكم`‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله غايتنا والرسول زعيمنا‬
‫عربي غيور |‪ 23/12/2005‬م‪( 15:24 ،‬السعودية)‪( 12:24 ،‬جرينيتش)‬
‫صح لسانك ياسيد محمد الباهلي‪،‬فيجب أن تقوم كافة القوى‬
‫السلمية في مشارق الرض ومغاربها بحملة لمواجهة هذا‬
‫الهجوم‪،‬الذي يستهدف الدين السلمي في شخص سيدنا رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ .‬وأقولها والذي نفسي بيده صادقا‪:‬إن‬
‫المسؤولين في الدنمرك ل يريدون من خلل ذلك إل الشر ‪،‬للسلم‬

‫‪325‬‬
‫والمسلمين‪...‬ولكن هيهات لهم ما أرادوا‪.‬فمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم هو رسول من عند الله‪،‬بلغ الرسالة وأدى المانة‪،‬ونصح المة‬
‫وجاهد في الله عز وجل حق الجهاد‪،‬حتى أتاه اليقين‪.‬ورسالته‬
‫ستظل خالدة في قلوب المسلمين في العالم إذ هي رسالة المحبة‬
‫والرحمة والسلم‪ .‬قال تعالى‪(:‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز‬
‫عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رؤوف رحيم)‪ .‬وقال‬
‫تعالى‪(:‬وما أرسلناك إل رحمة للعالمين)‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هذه ليست حريه‬
‫مسيحي مصري |‪ 23/12/2005‬م‪( 16:45 ،‬السعودية)‪13:45 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫انا مسيحي و ارفض الستهزاء بالمعتقدات الدينيه لي دين سواء‬
‫اليهوديه او المسيحيه او السلم او البوذيه او اي دين اخر و الحريه‬
‫ل تعني التحقير من ايمان الخرين و اقترح رفع دعوى ضد المجله و‬
‫الحكومه الدنماركيه في الدنمارك و لو لم يمكن هذا يجب على‬
‫الدول السلميه رفع المر لمحكمه دوليه او ما شابه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله ينصر السلم‬
‫رباب(لبنان) |‪ 23/12/2005‬م‪( 16:49 ،‬السعودية)‪( 13:49 ،‬جرينيتش)‬
‫أدعوا جميع المسلمين في جميع أقطار العالم الى مقاطعة البضائع‬
‫و المنتجات الدنماركية وهي انشاء الله وسيلة جيدة للدفاع عن‬
‫المقدسات السلمية( نرجو النشر)‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اين انتم يامسلمون‬
‫تامر العربي |‪ 23/12/2005‬م‪( 17:4 ،‬السعودية)‪( 14:4 ،‬جرينيتش)‬
‫ما سوف نقوله الي رسول الله يوم الموقف العظيم عما كان دورنا‬
‫لنصرة السلم نجت امريكا وتابعيها للتسويق لحرب ضد السلم‬
‫وهم علي باطل ولم ننجح لتسويق اسلمنا ونحن علي حق اين‬
‫علماء المسلمين هل مازالو في غفلتهم افيقو يا عباد الله افيقو يا‬
‫علماء السلم سب رسولنا اهين اسلمنا ‪...........‬فمازا ننتظر بعد؟‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪326‬‬
‫الله اكبر‬
‫بريطاني |‪ 23/12/2005‬م‪( 17:24 ،‬السعودية)‪( 14:24 ،‬جرينيتش)‬
‫`ان للكعبة رب يحميها` وان لحكام المسلمين رب ينتقم منهم‪،‬‬
‫والعزة لله ورسوله‪ ،‬وخسئ الكافرون الحاقدون‬
‫‪---------------------------‬‬
‫محمد‪ ،‬ذلك العملق‬
‫عربي |‪ 23/12/2005‬م‪( 17:34 ،‬السعودية)‪( 14:34 ،‬جرينيتش)‬
‫إن كل محاولت الساءة للرسول محمد (ص) مآلها الفشل الذريع‪.‬‬
‫لن أي شخص موضوعي‪ ،‬مهما كانت قناعاته الدينية‪ ،‬لو درس تاريخ‬
‫العرب لدرك في قرارة نفسه قيمة ذلك الرجل العملق الذي وحد‬
‫قبائل متناحرة متخلفة لتولد أمة عظيمة قهرت أعتى قوتين في‬
‫العالم في ذلك الوقت ولتظهر حضارة أنارت العالم برحمتها و‬
‫تسامحها وعدلها في موقف القوة وتقدمها الروحي و المادي‪.‬‬
‫صحيح أننا الن متخلفون‪ .‬ولكن السبب في ذلك هو أننا ابتعدنا عن‬
‫جوهر ما علمه لنا محمد (ص) و لم ننفك نضيع وقتنا في صغائر‬
‫المور‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫‪.Victory, will come soon‬‬
‫‪ fatima from Morocco |24/12/2005‬م‪( 13:16 ،‬السعودية)‪10:16 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫‪The victory of the light over the black is imminent, did not fear,‬‬
‫‪our religion will only leave there stronger. Never they can‬‬
‫‪extinguish the light of our ALLAH, it is the hatred which‬‬
‫‪.encourages them to do that‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫وما اقبح جرأتكم على رسولنا!!!!‬
‫فهد |‪ 31/12/2005‬م‪( 0:21 ،‬السعودية)‪( 21:21 ،‬جرينيتش)‬
‫أل تعرفونة قبل أن تسبوة ! أنة خاتم النبياء و شفيعنا يوم القيامة‬
‫والذي قال فيه ربنا ( وانك لعلى خلق عظيم ) فيا أمة محمد ل‬
‫تسكتوا عن هذا الهراء وردوا بكل الوسائل الممكنة حتى يعلم كتاب‬
‫هذه المجلة الحمقى أن لمحمد أتباعا لن يسكتوا الى يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪327‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫عزيزى بيجول‬
‫شريف بدر |‪ 04/01/2006‬م‪( 12:34 ،‬السعودية)‪( 9:34 ،‬جرينيتش)‬
‫عزيزى بيجول ذكرت فى ردك انه ان الوان لكى يشرب المسلمون‬
‫من نفس كاس الزدراء و التى تزعم ان المسلمون قد ازدروا بقية‬
‫الديان بقولهم بتحريفها‪ .‬اذا كان الزدراء هو شيمة المسلمون كما‬
‫ذكرت فهل و جدت رد واحد من هذه الردود الغضبة الغيورة على‬
‫دينها و على رسولها الكريم صلى الله عليه و سلم من طالب بان‬
‫نقوم بالرد بالمثل اى تكليف احد رسامى الكاريكاتير بتشويه صورة‬
‫السيد المسيح ؟ طبعا لم تجد و لن تجد فهل سالت نفسك لماذا ؟‬
‫الجابة هى ‪ :‬اول من صميم و صحيح عقيدة اى مسلم هى اليمان‬
‫بالسيد المسيح عليه السلم و موسى عليه السام و ما انزل عليهما‬
‫اى اننا نؤمن بالنجيل و التوراة و لكن ليس اناجيلكم و توراتكم و‬
‫يرجى مراجعة قساوستك فى امر انجيل متى و لوقا كما يرجى منك‬
‫مراجعة تاريخ بولس الرسول و هو صاحب نظرية تأليه السيد‬
‫المسيح‪.‬و اخيرا فانى ادعو الله عز و جل ان يهديك الى طريق‬
‫الصواب و يجعلك ترى ما ل تراه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مهما قيل عنك فأنت الرسول الكريم‬
‫الرسول المنتصر |‪ 14/01/2006‬م‪( 23:2 ،‬السعودية)‪20:2 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ال لعنة الله على القوم الكافرين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الغرب العمى‬
‫إبراهيم أبو مصطفى |‪ 20/01/2006‬م‪( 0:51 ،‬السعودية)‪21:51 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫إذا كان الغرب العمى( إن أحسنا الظن بهم) ل يرى المسلمين‬
‫المعتدلين في الجانب الخر و ل يرون إل كل قبيح من المسلمين‪،‬‬
‫وإذا كانوا يعتبرون أن كل المسلمين إرهابيين إذن فبمنطقهم ‪ - :‬كل‬
‫الغرب زناة‪ - .‬كل الغرب سكارى ‪ - .‬كل الغرب ذوي ميول عنصرية‬
‫لكل ماهو غير مسيحي ` ليبيا ‪ ..‬أفغانستان ‪ ..‬العراق ‪ ..‬فلسطين ‪..‬‬

‫‪328‬‬
‫السودان ‪ ..‬سوريا ‪ ..‬إيران ‪ - .......‬كل الغرب و‪ .‬مش كده ول‬
‫إييييييه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هم العداء‬
‫عبدالعزيز |‪ 21/01/2006‬م‪( 0:8 ،‬السعودية)‪( 21:8 ،‬جرينيتش)‬
‫ل صداقة لحكومة تناصر وتؤيد من يعادينا‪ ،‬ولصدقة لشعب يحمل‬
‫كل هذا الكره لديننا ولهادينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم بأبي‬
‫وأمي عليه الصلة والسلم‪ .‬قاطعوهم هم ومنتجاتهم (( بوك ‪،‬‬
‫نيدو ‪ ،‬أنكور ‪ ،‬والجبان الدنماركية ))‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي عليهم؟؟‬
‫علي محمد جبران |‪ 21/01/2006‬م‪( 1:41 ،‬السعودية)‪22:41 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫لو أحد سب والدك لقاطعته فكيف لو رسم صورته على أبشع شكل‬
‫فما بالكم برسول الله عليه الصله وأتم التسليم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قاطعوا المنتج الدنماركي‬
‫شملن العبدالهادي |‪ 21/01/2006‬م‪( 2:29 ،‬السعودية)‪23:29 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫في رأيي ‪ ،،،‬ليس هناك أوجع من ضربة اقتصادية لمثل تلك الدول ‪،‬‬
‫والتي الن باتت الدنمارك تتطلع وتحاول أن تكون بمصاف الدول‬
‫الكبرى اقتصاديا ‪ ،‬ومحاولتها الحثيثة في الفقز بمؤسساتها‬
‫وشركاتها على مؤشرات البورصات العالمية ‪ ،،‬كما أنها فتحت‬
‫أبواب الستثمار الجنبي على مصراعيه ‪ ،‬وحجم قروضها للنتاج‬
‫الصناعي في تزايد ‪ ،،،‬فتخيلوا لو قاطع المسلمون المنتج‬
‫الدنماركي ‪ ،،‬ما الذي سيحدث؟؟ أتوقع لو قاطع ‪ 20‬بالمئة من‬
‫المسلمون المنتجات الدنماركية ‪ ،،‬ستتكبد الدنمارك خسائر قد‬
‫تتجاوز ‪ 15‬إلى ‪ 25‬بالمئة من صادراتها ‪ ،،‬أي المليارات ‪ ،،‬بخلف ما‬
‫سيلحق المصانع والمصالح الداخلية والخارجية من ركود وبطالة ‪،،‬‬
‫لنلقن هؤلء السفهاء أصحاب الديمقراطية التي تجاوزت حدودها ‪،‬‬
‫ووصلت إلى مقدساتنا ‪ ،‬درسا موجعا وكي نكون يوم القيامة ‪ ،‬بمن‬

‫‪329‬‬
‫يناديهم رسولنا الكريم ‪ ،‬ويقول ‪ :‬هؤلء هم أمتي وكي يفخر بنا‬
‫الرسول الكريم‬

‫‪---------------------------‬‬
‫السعودية‬
‫ابو عبدالملك |‪ 21/01/2006‬م‪( 23:8 ،‬السعودية)‪( 20:8 ،‬جرينيتش)‬
‫(اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد ) اكثروا من الصلة على‬
‫الحبيب المختار وغيروا هذا المنكر بالمقاطعة والدعاء عليهم نسأل‬
‫الله العظيم رب العرش العظيم ان ينصر السلم والمسلمين وان‬
‫يذل الشرك والمشركين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل‬
‫عبدالرحمن |‪ 21/01/2006‬م‪( 23:57 ،‬السعودية)‪( 20:57 ،‬جرينيتش)‬
‫اخواني المسلمين في كل بقاع المعموره هل نرضى بما فعلوا‬
‫لتشويه صورة خاتم النبياء والمرسلين اضعف مانقوم به هو‬
‫مقاطعت المنتجات الدنمركيه ورفع القضياء على الحكومه والمجله‬
‫واهم شي هي المقاطعه والحاق الضرر بهم حتى يتم معاقبه‬
‫المتسبب تكفون ياأمه محمد لترضون على نبيكم الهانه الله اهم‬
‫عليك به‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قاتلهم الله أنى يؤفكون‬
‫أبو محمد |‪ 22/01/2006‬م‪( 0:8 ،‬السعودية)‪( 21:8 ،‬جرينيتش)‬
‫بأبي أنت وأمي يارسول الله اللهم عليك بمن تقوّل على رسولك‬
‫وبمن استهزأ بدينك ‪ .‬اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك انتقاما لحبيبك‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬اللهم أرنا فيهم يوما أسودا كيوم‬
‫فرعون وهامان وقارون وأمية بن خلف‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‬
‫بنت السلم |‪ 22/01/2006‬م‪( 0:51 ،‬السعودية)‪( 21:51 ،‬جرينيتش)‬

‫‪330‬‬
‫`الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم‬
‫ايمانا و قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل`‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حبيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييبي‬
‫فاطمة |‪ 22/01/2006‬م‪( 1:20 ،‬السعودية)‪( 22:20 ،‬جرينيتش)‬
‫لن نرضى بسب الرسول مهما كانت الفتراأت ولن نسكت عما‬
‫كتبتة الصحف الدنمركية التي أسأت لحبيبنا محمد صلى الله علية‬
‫وسلم أعجب لمن قال *حتى لنكون مسخرة * ماهذا العنوان بدل‬
‫من الرد والمخاطبة والدفاع عن رسول وحبيبنا تقول حتى لنكون‬
‫مسخرة لأأبة بك ول بكلم غيرك من الذين كتبوا بأن سبب سبهم‬
‫لرسول هو ضعفنا وهذا أمر لإستغراب فية ثكلتكم أمهاتكم أي سب‬
‫الرسول وأنتم تتبادلون الخيبات وتتذكرون العثرات بدل من الرد‬
‫السريع على هذة القاويل المجحفة في حق نبينا الكريم إخواني‬
‫وأحبتي أذكركم بقول الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ل النصارى‬
‫حتى تتبع ملتهم ) ولن نسكت مهما كلفنا ذلك من أمر فأين الخيرة‬
‫فينا إذا لم أدافع عن رمز قوتنا وعزتنا والله أسأل أن يرد كيد‬
‫الكافرين إلى نحورهم وأن يزلزل الرض من تحت أقدامهم ‪,‬وأن‬
‫يجعل في يد من رسم هذة الصور عبرة من أراد أن يتعظ والسلم‬
‫عليكم ورحمة الله وبركاتة‬
‫‪---------------------------‬‬
‫السعودية‬
‫ابو عبدالمجيد |‪ 22/01/2006‬م‪( 21:17 ،‬السعودية)‪( 18:17 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم شل يد من رسم هذا الكركتير واعم بصره اللهم‬
‫آآآآآآآآآآآآآآآآآآمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لن ننساها لهم‬
‫سيف الدين العراقي |‪ 22/01/2006‬م‪( 22:38 ،‬السعودية)‪19:38 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫اول ‪ /‬نقول (حسبنا الله ونعم الكيل ) ‪ .‬ثانيا ‪ /‬نقول لهم لن ننساها‬
‫لكم واليام دول يوم لك ويوم عليك فحسبنا ان ياتي يومنا ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪331‬‬
‫الرد على من يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أبو عبد الله مسلم مصرى |‪ 22/01/2006‬م‪( 22:41 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 19:41‬جرينيتش)‬
‫ان اساليب السباب طريق للمرتزقة لتحصيل ماربهم الدنيوية وهذا‬
‫مافعلته تلك الصحيفة وهذا الذى اخبرنا به ربنا سبحانه وتعالى‬
‫وعلينا أن نعى جيدا ان الله قال فى كتابه الكريم ( ولن ترضى عنك‬
‫اليهود ول النصارى حتى تتبع ملتهم ) وان استغرب من بعض علماء‬
‫السلم اللذين يقولون أن محمد صلى الله عليه وسلم مات ولم‬
‫يرد وأين أنت يا عالم السلم من ردك على هذا السباب وانكارك ال‬
‫تتقى الله وتعام أنك ستسأل جزى الله كل من أنكر هذا السباب‬
‫خيرا وأبشرو فا ن الله سبحانه وتعالى أخبرنا ( وما تخفى صدورهم‬
‫أكبر)‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ربنا ارنا يوما في الكافرين‬
‫المسلمة دنيا من المغرب العربي |‪ 22/01/2006‬م‪22:52 ،‬‬
‫(السعودية)‪( 19:52 ،‬جرينيتش)‬
‫اين المسلمين اين النصاراين احبت الرسول ‪.‬لسوف ترون لسوف‬
‫ترون تبا لكم تبا لكم تبا لكم يااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا لعنكم‬
‫الله لعنكم الله ما عسايا اقول حسبي الله ونعم الوكيل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله اكبر‬
‫مسلمة |‪ 22/01/2006‬م‪( 22:57 ،‬السعودية)‪( 19:57 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم صلي على رسولك محمد لقد تمادوا هؤلء الكفرة الفجرة لقد‬
‫نسوا من اذاقهم نعيم الحضارة اذ كانوا يعيشون في غياهب الظلمة‬
‫والجهل والتخلف و القذارة في وقت كانت الحضارة السلمية تنعم‬
‫فيه بالعلم والتطور والنظافة في كافة ارجائها التي امتدت من‬
‫الندلس غربا حتى بلد الهند والسند والصين شرقا ولم تجعل المة‬
‫هذا التطور حكرا لها بل قام المسلمين بنشره في كافة ارجاء‬
‫اوروبا وعلموا علمهم لتلمذتهم الوروبيون والن نسي هؤلء‬
‫مااذاقتهم الحضارة السلمية وتطاولوا على نبيها الطاهر الذي قد‬
‫ادى المانة ونشر الرسالة واخيرا اهيب بجميع المسلمين‬

‫‪332‬‬
‫واصدقائهم ان يقاطعوا المنتجات الدنماركية لن القتصاد هو نقطة‬
‫ضعفهم والسلم عليكم ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حبيبي يا رسول الله‬
‫أم سعد |‪ 22/01/2006‬م‪( 23:11 ،‬السعودية)‪( 20:11 ،‬جرينيتش)‬
‫لن نرضى على حبيبنا المصطفى ‪ ،‬خسئتم يا أعداء الدين ‪......‬‬
‫اللهم رد كيدهم عليهم فإنهم آذوا حبيبك يارحمن‪ ..‬اللهم زلزل‬
‫الرض تحت أقدامهم يارب‪....‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل حول ول قوة إل بالله‬
‫مسلمة |‪ 23/01/2006‬م‪( 15:8 ،‬السعودية)‪( 12:8 ،‬جرينيتش)‬
‫الله أكبر الله أكبر أللة أكبر ختم الله عز وجل النبياء والرسل‬
‫بسيدنا محمد صلى الله علية وسلم الذي جاءت دعوتة للناس كافة‬
‫رحمة من عند الله سبحانة وتعالى‪ .‬وهذة ليست المرة الولى التي‬
‫يهاجمون فيها نبينا العظيم ‪ ,‬فقد كان لسلفهم الصليبيين المحاولة‬
‫للوصول إلى قبر النبي صلى الله علية وسلم ونبش قبره الكريم إل‬
‫أن الله سبحانة وتعالى رد كيدهم ‪ .‬نقول لهم موتو ا بيغيظكم ‪,‬‬
‫سنعيش مسلمين أحرار تحت راية السلم ندافع عن أمتنا العربية ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المقاطعه هى الحل‬
‫على التركى مصرى |‪ 23/01/2006‬م‪( 15:37 ،‬السعودية)‪12:37 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫يااحباب رسول الله هيا استنصروا لحبيبكم محمد ياراجين شفاعتة‬
‫يامن ينتظر ان يشرب من يدة شربة ليظمأبعدها ابدا قاطعوا‬
‫منتجاتهم قاطعوا حلبي نيدو وجبن انكور وزبدة لورباك ومنتجات‬
‫اللبان الدنماركى فوالله لو قاطعناهم ليعملوا لنا الف حساب ولكننا‬
‫كالخراف لصوت لنا ول وزن فلو احد تطاول على بوذى او يهودى‬
‫لقامت الدنيا واحترقت لكن ماذا اقول حسبى الله ونعم الوكيل فى‬
‫كل مسلم يستعمل اى شئ دنماركى من اليوم واستنصروا‬
‫لرسولكم ياحباب رسول الله‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪333‬‬
‫هؤلء كفرة ملحدين‬
‫ابو ثائر |‪ 23/01/2006‬م‪( 17:37 ،‬السعودية)‪( 14:37 ،‬جرينيتش)‬
‫ارجو مقاطعة جميع البضائع الدينماركية الى الدول العربية‬
‫والسلميةمقاطعة تامه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يجب أن نستغل الفرصه‬
‫محمد عبدالله |‪ 25/01/2006‬م‪( 3:28 ،‬السعودية)‪( 0:28 ،‬جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم والصلة و السلم على أشرف النبياء‬
‫والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أتوقع من هده‬
‫الحمله هدف يراد به الوصول الى استثارة المسلمين ودلك لتمرير‬
‫بعض القرارت ضد المسلمين المقيمين في تلك البلد وبدلك يزداد‬
‫التضييق على المسلمين في أوروبا ووقف أنتشار السلم بالتخلص‬
‫من بعض المسلمين الفاعلين في مجال الدعوه في أوروبا‪ .‬ويجب‬
‫علينا تفويت هده الفرصه عليهم ودلك بعدم النسياق وراء هده‬
‫الستثاره وجعلهم ينالون ما يريدون ولدلك أقترح أن يكون الرد‬
‫على الشكل التالي ‪ )1‬إستشارة بعض العلماء والنشطين في مجال‬
‫الرد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يكون العمل منظم ودا‬
‫تأثير قوي‪ )2 .‬إستغلل هدا الهجوم لنه بالتأكيد سيثير فضول‬
‫الكثيرين منهم لمعرفة الحقيقه عن شخصية الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم ولهدا السبب سوف يلجأ الكثير منهم للقراءه عن شخصيته‬
‫وبدلك تكون الفرصه مواتيه لنشر بعض الكتب المترجمه عن‬
‫سيرته‪ .‬أقترح جمع التبرعات لترجمة وطباعة هده الكتب إرسالها‬
‫وتوزيعها في تلك الدول‪ .‬وبدلك نكون قد أخدنا زمام المبادره‬
‫وفرضنا عليهم قواعد اللعبه‪ )3 .‬أرجو من إعلمنا السلبي أن يتحرك‬
‫ويكون مفيد لهده المه لما للعلم من دور مؤثر يستطيع أن يلعبه‬
‫في مثل هده الظروف‪ .‬ولدلك أقترح من إداعة العربيه لما لها من‬
‫وزن أن تخصص برنامج بالتنسيق مع احد الداعات الدنماركيه‬
‫بتخصيص برنامج من عدة حلقات لمناقشة الموضوع وإستخدام‬
‫حرية ارآي التي يدعونها للدفاع عن مواقفنا‪ .‬أظن أننا قادرون كأمه‬
‫على القيام بدلك وليكون لنا في اليهود مثل‪ ,‬حيث أنهم قادرون‬
‫بالتأثير على حرية الرأي التي يدعيها الوروبيون في كثير من‬
‫الموقف‪ .‬ودلك بأستخدام أدوات مختلفه من ضمنها العلم‪.‬‬

‫‪334‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل إله إل الله محمد رسول الله‬
‫مسلم |‪ 25/01/2006‬م‪( 7:12 ،‬السعودية)‪( 4:12 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل‪ ،‬ل حول ول قوة إل بالله‪ ،‬أشهد أن ل إله إل‬
‫الله وأشهد أن محمدا ً رسول الله‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫قاطعوهم قاطعوهم قاطعوهم قاطعوهم قاطعوهم قاطعوهم‬
‫قاطعوهم قاطعوهم‬
‫مسلم غيور |‪ 25/01/2006‬م‪( 8:35 ،‬السعودية)‪( 5:35 ،‬جرينيتش)‬
‫يا أخوان وأخواتي هؤلء الغرب أناس ماديين ول بد من مقاطعتهم‬
‫ول يردعهم إل محاربتهم كشعوب مسلمة ول ننتظر قادات الدول‬
‫السلمية لننا انشاالله بمقاطعتهم سوف نحاربهم‪ .‬ليسأل الجميع‬
‫ويسعى ويبحث عن منتجاتهم كي نعرفها ول نشتريها‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اكثروووووو من الدعاء عليهم‬
‫ابو طارق النجمي |‪ 25/01/2006‬م‪( 10:32 ،‬السعودية)‪7:32 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫اللهم عجل عليهم العذاب يارب العرش العظيم ول تبقي منهم احد‬
‫‪ .‬ارجو من المسلمين ومن كل من يحب الله ورسوله ان يكثر من‬
‫الدعاء عليهم في اوقات الستجابه خاصه وفي كل وقت عامه وارجو‬
‫منكم مقاطعتهم في كل شي‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل إله إل الله محمد رسول الله‬
‫مسلم عربي |‪ 25/01/2006‬م‪( 10:35 ،‬السعودية)‪( 7:35 ،‬جرينيتش)‬
‫قولوا‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله وأشهد أن محمدا ً رسول الله بلّغ‬
‫الرسالة وأدّى المانة ونصح المة وجاهد في الله حق جهاده‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مدافع عن الرسول محمد بن عبدالله‬

‫‪335‬‬
‫الشيخ خالد السرحان |‪ 25/01/2006‬م‪( 11:25 ،‬السعودية)‪8:25 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ان اهذا المر الذي قامت به الصحيفة الدنماركية في الستهزاء‬
‫بالرسول صلى الله عليه وسلم أمر ل يرتضى مما يسمى باإنسانية‬
‫فل يعني انهم ل يدينون بدين محمد صلى الله عليه وسلم انهم‬
‫يهاجمونه في عرضه فهذا ل يعتبر من أحترام الديانات ‪ ....‬والله‬
‫أعلم‪..‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله على طغيانهم فهي اقوى من عتاد وعدد‬
‫بنت مكه |‪ 26/01/2006‬م‪( 0:17 ،‬السعودية)‪( 21:17 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم اخسف بهم الرض نعتذر لك يانبي الله عما فعلوا ونبراء اليك‬
‫يارب منهم اللهم ان هذا حبيبك هكذا فعلوبة الله انت حسب نبيك‬
‫‪---------------------------‬‬
‫مقاطعه المنتجات الدنماركيه‬
‫عمرو المصرى |‪ 26/01/2006‬م‪( 0:35 ،‬السعودية)‪( 21:35 ،‬جرينيتش)‬
‫يجب على كل المسلمين مقاطعه جميع المنتجات الدنماركيه حتى‬
‫يشعر هؤلء الكلب بان الشعوب السلميه لها القدره على تؤثر‬
‫على اقتصادهم وهم شعوب ل يهتمون ال بالمادة و يجب على كل‬
‫مختص فى اى مجال ان ينشر لنا عن الصناف التى يمكن ان‬
‫نقاطعها فعلى سبيل المثال بالنسبه للدويه الدنماركيه توجد‬
‫شركتين الولى هى شركه ليو والتى تنتج ماهم الفيوسيدين بانواعها‬
‫و حبوب وان الفا لعلج هشاشه العظام مرهم دايفونكس لعلج‬
‫الصدفيه و مضاد حيوى سليكسيد و قطرات العيون فيوسيثالميك و‬
‫ايضا توجد شركه نوفو نورديسك لتصنيع النسولين مثل ميكستارد و‬
‫اكترابيد وايضا حبوب نوفو نورم لعلج السكر و يجب على الطباء و‬
‫الصيادله عدم التعامل مع تلك المنتجات و استخدام البدائل و هى‬
‫كثيره و نرجو من اى مسلم غيور على دينه و يعلم اى اصناف اخرى‬
‫فى اى مجال اخر ان يعلنها لكل المسلمين و يجب ان يعلم‬
‫الدنماركيون ان اعتزارهم لن نقبله بل يجب ان يقدموا الى‬
‫المحاكمه بتهمه ازدراء الديان و صدقونى لو كنت انا القاضى‬
‫لقتلتهم جميعا هؤلء الكلب‬
‫‪---------------------------‬‬

‫‪336‬‬
‫السعوديه ‪...‬ينبع‬
‫شعاع |‪ 26/01/2006‬م‪( 0:37 ،‬السعودية)‪( 21:37 ،‬جرينيتش)‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ليس غريبا ً على أخوان القرده‬
‫والخنازير هذه التصرفات ‪....‬لقد عملوا بنهج آبائهم من قبل ‪....‬فلقد‬
‫وصف الرسول الكريم منذ سابق العهد بعدة كلمات ( مجنون‬
‫‪...‬كاهن ‪..‬ساحر‪...‬شاعر ) وهذه الوصاف لتعبر سوى عن ما يكنه‬
‫العداء في محرقة قلوبهم المتشبعه بالغل والحسد على ديننا‬
‫الحنيف ‪...‬واليوم نرى ونشاهد نسخه قد نسخها ابناء مستر خنزير‬
‫ومستر قرد من محرقة قلوب آبائهم فأصبحوا يلوحون بها ‪........‬ل‬
‫يعلم هؤلء البغال أن هذه الفعال سوف تزج بهم إلى أشباح ليليه‬
‫تزورهم في مضاجعهم من الرعب الذي سوف يلقونه من التهديد‬
‫من أخواننا الغيورين على دينهم ‪..‬هذا في الدنيا ‪....‬أما في الخره‬
‫فلهم عذاب إليم بما كانو يستهزئون ‪...‬أخيكم شعاع من السعوديه‬
‫‪....‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الرد اللزم‬
‫أحمد |‪ 26/01/2006‬م‪( 0:52 ،‬السعودية)‪( 21:52 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبنا الله و نعم الوكيل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يمهل الله ول يهمل‬
‫فتاة السلم |‪ 26/01/2006‬م‪( 1:23 ،‬السعودية)‪( 22:23 ،‬جرينيتش)‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل اللهم يارب العالمين اخسف بهم الرض‬
‫اللهم عاججل وليس اجل‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اللهم انصر اكرم رسلك‬
‫احمد جماح |‪ 26/01/2006‬م‪( 1:37 ،‬السعودية)‪( 22:37 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم يا من اخرجت يونس من بطن الحوت العظيم ويامن نصرت‬
‫نوح بالطوفان ويا من فلقت البحر لموسى البحر ويامن سخرت‬
‫الجن لسليمان ويامن جعلت نار ابراهيم بردا وسلما هذا اكرم‬
‫رسلك قد خاضت في شخصه اقلم الكفر ولهجت بسبه اللذع‬

‫‪337‬‬
‫السنة عبدة الطاغوت وضحكت من اجل ذلك اشداقهم اللهم اني‬
‫اسلك باسمك العظم الذي اذا سؤلت به اعطيت ان تنزل بهم‬
‫سخطك وان توقع بهم اشد عقابك وان تجعلهم عبرة للعالمين اللهم‬
‫عجل بذلك ياسميع الدعاء‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بيان من جبهة التوافق العراقية‬
‫محمد العراقي |‪ 26/01/2006‬م‪( 6:4 ،‬السعودية)‪( 3:4 ،‬جرينيتش)‬
‫أصدرت جبهة التوافق العراقية بيانا حول الساءة إلى شخص النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫المقاطعة للبد‬
‫عدو الدنمارك |‪ 26/01/2006‬م‪( 20:8 ،‬السعودية)‪( 17:8 ،‬جرينيتش)‬
‫علما قبل ايام عما فعله اعداء الله سبحانه وتعالي واعداء الدين‬
‫واعداء الرسول صلي الله عليه وسلم واعداء المة السلمية جميعا‬
‫فلعنة الله عليهم فيجب علينا نحن جميعا كمسلمين مقاطعة كل كل‬
‫ما ينتجهه هولء الصهاينة مقاطعة ابدية `لعنة الله عليهم` اللهم‬
‫انصر دينك وعليك باعداء الدين اللهم امين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الله يكفيك يارسول الله‬
‫لحظة غروب |‪ 26/01/2006‬م‪( 20:58 ،‬السعودية)‪( 17:58 ،‬جرينيتش)‬
‫ان الله يمهل ول يهمل وسوف نرى نصره للرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم عاجل غير آجل وضوح الشمس في وسط النهار‬
‫‪---------------------------‬‬
‫واجبنا نحوك يارسول الله هو‪...‬‬
‫علي |‪ 26/01/2006‬م‪( 21:2 ،‬السعودية)‪( 18:2 ،‬جرينيتش)‬
‫هو أن نقول الن واجب واجب واجب علينا مقاطعة جميع منتجاتهم‬
‫وهذا أقل مانعمل لرد حق رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫نصر الله قادم بإذن الله‬

‫‪338‬‬
‫احمد |‪ 27/01/2006‬م‪( 17:38 ،‬السعودية)‪( 14:38 ،‬جرينيتش)‬
‫ابشروا يا أمة سيدي وحبيبي محمد ‪-‬عليه افضل الصلة وأتم‬
‫التسليم ‪ -‬فنصر الله قادم انشاء الله فهذا الهجوم الذي شنوه‬
‫الكفار على خير النام انما هو والله أعلم جاء ليجعل قلوب‬
‫المسلمين في جميع اقطار المعمورة تصحو من بعد غفلة فأناشدكم‬
‫الله ان تبذولو كل المساعي والجهود لمحاربة الكفار الظالمين‬
‫الحاقدين على هذا الدين العظيم فيا أخواني المسلمين شدوا العزم‬
‫والله ينصرنا على القوم الظالمين ياعزيز ياقدير يا أكرم الكرمين ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الحل القوى‬
‫ام عبد الله |‪ 27/01/2006‬م‪( 18:44 ،‬السعودية)‪( 15:44 ،‬جرينيتش)‬
‫ل شك أن جرأة هولء تحدي لكل مسلم ‪ .‬و أن الرد عليهم لبد أن‬
‫يكون رادعا لكل من قد تسول له نفسه بمثل هذا الفعل العظيم ؟‬
‫ومن ذلك‪ -1 :‬مقاضات الصحيفة والسعي لغلقها‪ _2 .‬السعي بقوة‬
‫لستصدار قانون ينص على عقوبة لكل من أساء للنبياء أو السلم‬
‫‪ .‬ولسنا أقل من أولئك القوم الذين استصدرو قانونا ضد من يعادي‬
‫السامية_ كما زعموا _‪ _3 .‬سحب كل الدول المسلمة سفاراتها من‬
‫هذه الدول للضغط عليهم إذ كان موقفهم باردا ‪ ..‬ميتا ‪ -4 .‬ضرب‬
‫اقتصاد تلك الدولة بكل سبيل لفترة غير محدودة وليس حماسة‬
‫وقتية تترجم بمقاطعات من أفراد بينما التجار والشركات في صد‬
‫عن ذلك‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫واسلماه‪....‬‬
‫عمار |‪ 27/01/2006‬م‪( 18:47 ،‬السعودية)‪( 15:47 ،‬جرينيتش)‬
‫ليست المشكله وليده اللحظة‪.......‬نحن من اضاع السلم‪.....‬نحن‬
‫من تهاون في السلم‪...‬كلنا خاطئ‪..‬نحن اساس الكارثه‪..‬اضعنا‬
‫اسلمنا‪..‬فاذلنا الله‪...‬عوقبنا بكرامتنا‪..‬بعزتنا‪..‬بعروبتنا‪..‬بديننا‪...‬‬
‫بنبينا‪...‬رحماك ياالله‪...‬واسلماه‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اللعنة على الدنماركيين‬
‫ابو أسامة |‪ 27/01/2006‬م‪( 19:0 ،‬السعودية)‪( 16:0 ،‬جرينيتش)‬

‫‪339‬‬
‫يامسلمين علينا جميعا ً مقاطعة الدنماركيين ومنتوجياتهم ‪ ..‬وليس‬
‫كما يقول رئيس وزرائهم لعنة الله ( ديمقراطية وحرية ) أي حرية‬
‫مع الستهزاء بخاتم النبيين ونبي هذه المة السلمية ( أل لعنة الله‬
‫عى الكافرين ) ‪ ..‬زور الموقع وقاطعوهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫والله ل ينام المسلمون حتى يثأروا لرسولهم الكريم‬
‫بشار الحطاب من العراق |‪ 27/01/2006‬م‪( 19:11 ،‬السعودية)‪16:11 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫والله المستعان على مايصفون وحسبنا الله ونعم الوكيل ‪ .‬ادو كل‬
‫حاكم مسلم غيور على امته ودينه ان يقطع كل التعاملت مع‬
‫الدنمارك وان يطالب بتقديم المجرمون الذين تجاوزو على رسول‬
‫المة وشفيعها حبيبنا المصطفى ابى القاسم محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪.‬وان تنصرو الله ينصركم ان تنصروا الله فل غالب لكم ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫يارسول الله‬
‫ناصر علي الغامدي |‪ 27/01/2006‬م‪( 19:16 ،‬السعودية)‪16:16 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بأبي وأمي انت يارسول الله اللهم اكفنا فيهم ياقوي ياعزيز‬
‫‪---------------------------‬‬
‫واه إسلماه واه إسلماه واه إسلماه‬
‫قاهر الدنمارك |‪ 27/01/2006‬م‪( 19:54 ،‬السعودية)‪16:54 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫ال السلم على من اتبع الهدى اعلموا ايها الدنمركيون ان التاريخ‬
‫يشهد عندما كان المسلمون يتزعمون العالم يعيش في سلم وامان‬
‫وعندما ضاعت زعامة المسلمين للعالم وقع العالم في الظلم‬
‫والحروب وضاعت الفضيله جاءت براثم الرزيله والقوي ياكل‬
‫الضعيف وذلك بعد ان جاء منقذ البشريه وسيدها محمد صلى الله‬
‫الذي اخرجه من الظلمات الى النور قام هاؤلء الوغاد بلساءة اليه‬
‫‪ ,.‬ابشركم ايها الدنمركيون والنروجيون بأن الله ناصر لدينه ومعلي‬
‫كلمته ومدافع عن نبيه وسوف تلحقكم بإذن الله العقوية في الدنيا‬
‫و الخره الغوث الغوث يا أمة السلم بمقاطعة المنتجات الدنمركية‬

‫‪340‬‬
‫والنرويجية نرجوا من جميع المتاجر أبو حر ب متجر المستهلك‬
‫وطني بنده ‪---‬الخ بمقاطعة المنتجات كمتجر العثيم جزاه الله خيرا‬
‫سلم على من اتبع الهدى‬
‫‪---------------------------‬‬
‫بابي انت وامي يا حبيب الله‬
‫الفقيره الى الله تعالى |‪ 27/01/2006‬م‪( 20:19 ،‬السعودية)‪17:19 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بابي انت وامي يا رسول الله بابي انت وامي ياحبيب الله بابي انت‬
‫وامي ياخيرخلق الله اللهم دمرهم اللهم اهلكهم اللهم انزل عليهم‬
‫باسك وانصر خاتم رسلك ياحي ياقيوم يارب العالمين منتجاتهم‬
‫يجب عل المسلمين مقاطعتها وهي سن توب سن كويك جبنه‬
‫البقرات الثلث انكور نيدو لورباك واخر دعوانا ان الحمد لله رب‬
‫العالمين‬
‫‪---------------------------‬‬
‫شل اللة ايد يهم‬
‫مطلق حداد |‪ 27/01/2006‬م‪( 20:43 ،‬السعودية)‪( 17:43 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم اخرس ألسنتهم وشل ايديهم ول تشفي مرضاهم اللهم ارنا‬
‫عجائب قدرتك فيهم اللهم اخسف بهم الرض اللهم ارسل عليهم‬
‫عذابك الذي ليرد عن القوم الظالمين اللهم زلزل الرض من تحت‬
‫اقدامهم قال تعالى [انا لننصر رسلنا والذين ءامنوا في الحياة‬
‫الدنيا]‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين ل يعلمون‬
‫حفيد رسول الله |‪ 27/01/2006‬م‪( 20:55 ،‬السعودية)‪17:55 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫الى جدي وسيدي ورسولي محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلة‬
‫والسلم ‪ ...‬نعلم أنك منصور وذكرك محفوظ ولكن هذا إبتلء من‬
‫الله تعالى ( لبيلوكم أيكم أحسن عمل ) فغدا كلنا يجد عمله أمام‬
‫حوضك يا رسول الله ‪ ..‬إما أن يشرب ‪ ..‬وإما والعياذ بالله أن يكب‬
‫على وجهه في جهنم ‪ ..‬يا رسول الله سوف نرضيك ‪ ..‬والله إن‬
‫أعمالنا تعرض عليك كل يوم إثنين وخميس ‪ ..‬والله لسوف ترضى‬

‫‪341‬‬
‫عن إخوانك وأحفداك بأبي أنت وأمي ‪ ..‬سنريهم كما فعل أصحابك‬
‫‪ ...‬فنحن إخوانك فأنت بكيت علينا لنك لم تلقانا ‪ ..‬فهل نبكي عليك‬
‫لكي نلقاك ؟؟؟ نعم نبكي ونبكي وبنكي ل دموعا بل دما فداء لك يا‬
‫رسول الله ‪ .‬يا ودود ‪ ..‬يا ودود ‪ ..‬يا ودود ‪ ..‬يا ذا العرش المجيد ‪ ..‬يا‬
‫فعال لما تريد ‪ ..‬أسألك بنور وجهك الذي أضاءت له أقطار عرشك‬
‫‪ ..‬وبقدرتك التي قدرت بها على خلقلك ‪ ...‬وبرحمتك التي وسعت‬
‫كل شيئ ‪ ..‬ل إله إل أنت سبحانك ‪ ..‬اللهم أغثنا ‪ ..‬اللهم أغثنا ‪..‬‬
‫اللهم أغثنا ‪ ..‬اللهم جازي هؤلء الفئه الذين أساؤوا في حق حبيبك‬
‫وحبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بقدر محبتك فيه ‪ .‬اللهم‬
‫إحفظ عبادك من أن يفتنوا وأن يضلوا ‪ .‬ولله المر من قبل ومن‬
‫بعد ‪ .‬والله غالب على أمره ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫النهاية ياأعداء محمد‬
‫ابو نواف من السعودية |‪ 27/01/2006‬م‪( 20:59 ،‬السعودية)‪17:59 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫قريبا ً ان شاء الله يحل هزه اقتصادية بدولة الدنمارك بسبب الحقد‬
‫الدفين الذي ظهر هذه اليام على صحافتهم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫طبت حيا وميتا ياحبيب يامصطفى‬
‫من الكويت |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:7 ،‬السعودية)‪( 18:7 ،‬جرينيتش)‬
‫أرجو من الجميع ارسال رسالة احتجاج على الرسومات المسيئة‬
‫للرسول صلى الله عليه وسلم بالجرائد الدنماركية والنرويجية على‬
‫ايميل السفاره الدنماركية‪Dkconkwi@qualitynet.net .‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ردا على ماقيل في الرسول الكريم‬
‫‪ fayssal |27/01/2006‬م‪( 21:8 ،‬السعودية)‪( 18:8 ،‬جرينيتش)‬
‫السلم عليكم انني واحد من أبناء هذه المة الخيرية أغار على‬
‫عرض رسول الله(ص) وأناشد وأدعو من كل مسلم غيور على هذ ا‬
‫الدين أن يقف مع نفسه لحظات ليرى ما قدم لهذا الدين ولرسوله‬
‫الكريم‪ ،‬وأدعو الجميع الى المقاطعة القتصادية لن الكفار عبدة‬

‫‪342‬‬
‫الدينار والدرهم وسيتأثرون بذلك أيما تأثر‪ .‬عباس صبان طالب‬
‫جامعي من الجزائر و السلم عليكم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لن نرضى بهذه الهانة‬
‫ابو حمد |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:9 ،‬السعودية)‪( 18:9 ،‬جرينيتش)‬
‫قيل اذا قابلك شخص بالساءة فقابله بالحسنة ال اذى تعرض لدينك‬
‫وعقيدتك فما بالك بالذي يسب حبيبك ورسولك محمد فأنا شخصيا‬
‫ل أرضى إل بالجهاد والغزو على هؤلء الكفرة ونأمل من الله أن‬
‫ينصرنا إلى ذلك‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اين من يحمل هم الرسالة‬
‫ياسر محمد توفيق |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:23 ،‬السعودية)‪18:23 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫الى مليار وثلثمائة مسلم اين غيرتكم لحبيبكم محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم وباى وجهه سوف تلقونه فى عرصات يوم القيمه وكيف‬
‫ترجون من الله شفاعة ولم يتمعر وجه احدكم غضبا لنصرته اجعلوا‬
‫من ادعياء الحرية فى الدنمارك عبرة لغيرهم قاطع منتاجتهم‬
‫مقاطعه ل رجعه فيها ماحيينا وحسابنا الله ونعم الوكيل فاين انتم‬
‫يامسلمون‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اهدار دمه‬
‫المسلمة |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:26 ،‬السعودية)‪( 18:26 ،‬جرينيتش)‬
‫السلم عليكم احب ان اؤكد مع اخوتي على واجبنا اتجاه هذا العدو‬
‫بمواجهته بكل السبل بالمقاطعة والكتابة والحديث في كل مكان‬
‫ونشرها عبر العالم والمطالبة بهدر دم المسؤول عن هذا الستهزاء‬
‫كما فعل النبي عليه الصلة والسلم بهدر دم من شتمه ‪ ،،‬نحن‬
‫المسلمين نعلم بمدى شناعة هذا الفعل ولكن يجب ايصاله للغرب‬
‫حتى يسمعوا من هم المسلمين وكيفية قدرتنا على الدفاع عن ديننا‬
‫وحبيبنا صلى الله عليه وسلم وتكون الدنمارك عبرة لغيرها ‪ ،،‬وحتى‬
‫نثير لديهم الفضول في البحث عن هذا النسان الذي يدافع عنه‬
‫المليين من امته ‪ ،،‬ونسال الله ان تكون في هذه المصيبة عزة‬

‫‪343‬‬
‫لديننا ونصرة له وسبب لسلم الكثير ‪ ..‬هذه رسالة لكل من لديه‬
‫القدرة على ايصال كلمته للغرب سواء من المغتربين او المهاجرين‬
‫او بايصالها عن طريق النترنت الذي قررب كل المسافات ‪ ،،‬علينا‬
‫بالدخول الى مواقعهم في الشبكة ‪ ,,‬واسال من الله التوفيق‬
‫والسداد وان ل تهبط عزيمتنا ول تفتر في سبيل الله ‪ ,,‬اللهم عليك‬
‫باعدائك واعداء حبيبك صلى الله عليه وسلم ‪ ..‬الله كما حميته‬
‫ونصرته في حياته انصره بنا في مماته وبلغنا شفاعته واجعله يفخر‬
‫بنا ويسقنا من حوضه شربة ل نظمأ بعدها ‪ ..‬والحمدلله رب‬
‫العالمين!!!!‬
‫‪---------------------------‬‬
‫لبيك ياخاتم النبياء‬
‫لبيك يارسول الله |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:29 ،‬السعودية)‪18:29 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫انه والله لكبيره على امة المليار ووالنصف مسلم يسب رسولهم‬
‫وهم يتفرجون ول يملك اكثرهم ال الدعاء ‪ .‬الدعاء وحده ل يكفي‬
‫وانما علينا جميعا مقاطعة جميع بظائع هذه الدولة المقيته حتى تندم‬
‫على ما اقترفت يداها من تطاول على رسول السلم فالله الله في‬
‫انفسكم واجلو من المقاطعه درس لجميع المم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫هذا ليس بالغريب‬
‫ماهر |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:31 ،‬السعودية)‪( 18:31 ،‬جرينيتش)‬
‫ايها الخوان والخوات ماحدث في الدنمارك ليس بالغريب وليس‬
‫من المستغرب أن يحدث في اي من بلد الكفر فالكل يعلم مدى‬
‫كراهيتهم للسلم وللمسلمين ولكن الغريب والغريب جدا أن نجد‬
‫من المسلمين من يشجع صناعاتهم وتجارتهم على حساب منتجات‬
‫وطنيه منتجه في دول اسلميه ‪ ،‬والمقاطعه هي اقل القليل واقل‬
‫ما نملك فعله للدفاع عن حبيبنا ‪ ،‬يرجى زياره موقع شبكه اللجنه‬
‫العالميه لنصره خاتم النبياء لمعرفه ‪ 100‬وسيله لنصره النبي عليه‬
‫الصله والسلم ‪www.icsfp.com‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫الدنمارك والهجوم على الرسول‬

‫‪344‬‬
‫ل إله إل الله محمد رسول الله |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:38 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 18:38‬جرينيتش)‬
‫ويلهم من رب العباد يوم القيام سيرسمون ب قيحم و دمائهم‬
‫أنفسهم طلبا للرحمة من الله‬
‫‪---------------------------‬‬
‫فل نامت أعين الجبناء‬
‫إسماعيل عبده إسماعيل البطر |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:39 ،‬السعودية)‪،‬‬
‫‪( 18:39‬جرينيتش)‬
‫ما سمعناه وما قرأناه لم يكن إل إضهارا للنوايا البائته من قبلهم‬
‫قاتلهم الله وجعل كيدهم في نحورهم ‪ ،‬أتمنى من كل مسلم ان‬
‫يفعل ما يقدر على فعله واقل شيئ يمكنه فعله هو مقاطعة البضائع‬
‫الدنماركية ولنتوكل على الله في أن يرد عليهم فهم ل يعجزونه ‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫واسفاه‬
‫صقر |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:45 ،‬السعودية)‪( 18:45 ،‬جرينيتش)‬
‫ايها الخوة واله العلي الذي ل اله ال هو ان هذا الذي يحدث ماهوا‬
‫ال علمة من علمات النصر وان النصر قريب وليس ببعيد وان وعد‬
‫الله حق وانهم ليذوقوا من العذاب مالم يتوقعوه بحياتهم على ايدي‬
‫المؤمنينفاوالله اننا نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب‬
‫سوانافابشر ياحبيبي يارسول الله‪.....‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫ل حول ول قوة البالله‬
‫ابو احمد ( السعوديه ) |‪ 27/01/2006‬م‪( 21:51 ،‬السعودية)‪18:51 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم نداء الى جميع المسلمين ماذا تنتظروا‬
‫قال رسول الله (ص) لمن راى منكم منكرا ليغيره بيده فان لم‬
‫يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف اليمان‪ .‬ما‬
‫بالكم اذا كان الرسول الكريم يتعرض لمثل هذا الهجوم لذلك ياايها‬
‫المسلمون يجب ان تتخذوا موقفا ضد هؤلء الكفره بشتى الوسائل‬
‫ابسطها مقاطعة منتجاتهم والمشاركه بالعتراض وعدم الرضى‬

‫‪345‬‬
‫حتى يتباهى عليه السلم امام اصحابه والملئكه بكم ويقول انظروا‬
‫اتباعي يدافعو ن عن نبيهم ولم يروني‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبي الله ونعم الوكيل‬
‫محبة الرسول |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:4 ،‬السعودية)‪( 19:4 ،‬جرينيتش)‬
‫اللهم انصر السلم والمسلمين واذل الشرك والمشركين اللهم‬
‫اجعل النصر قريب للحبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورد‬
‫كيد العداء في نحورهم ‪ ......‬اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى‬
‫ال سيدنا وحبيبنا محمد وعلى زوجاته وذرياته اجمعين في العالمين‬
‫انك حميد مجيد ‪.......‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫اللهم دمرهم‬
‫محبة رسول الله |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:4 ،‬السعودية)‪19:4 ،‬‬
‫(جرينيتش)‬
‫حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن استهزء برسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‬
‫‪---------------------------‬‬
‫حسبنا الله و نعم الوكيل‬
‫مسلمون |‪ 27/01/2006‬م‪( 22:12 ،‬السعودية)‪( 19:12 ،‬جرينيتش)‬
‫نحن اساس ما يحدث في الدنمارك فلول تهاوننا في التمسك بديننا‬
‫و نبينا وتساهلنا مع عدونا ما كان هذا ليحدث‪,‬فلندعوا من الله‬
‫العزيز الكريم ان تستيقظ امة السلم قريبا‬
‫ب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫الذ ّ‬
‫جريدة الرياض ‪30/12/1426‬هـ‬
‫=========================‬

‫ب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم‬


‫الذ ّ‬

‫وكل مصيبة بعدك يا رسول الله جلل‬


‫د‪ .‬م‪ .‬حبيب بن مصطفى زين العابدين‬

‫‪346‬‬
‫هل هو في حق القادر فرض أو واجب أو مستحب؟ في اعتقادي أنه‬
‫فرض على القادر وإذا لم يقم القادرون بهذا الفرض أثمت المة‬
‫بكاملها‪ ..‬ولقد تجرأ الغرب على القرآن العظيم ولم يجدوا من‬
‫المسلمين من يذب عن أعظم ما نزل على البشرية من كتب رب‬
‫العالمين وكان الرد ضعيفا ً وهزيل ً ل يرقى إلى حجم الهانة التي‬
‫أهين بها كتاب رب العالمين الذي يعتبره المسلمون أعظم نعم الله‬
‫عليهم‪ ..‬إذ يربطهم بخالقهم وبارئهم الذي صاغ لهم حياتهم الدنيوية‬
‫والخروية فيه على النحو الذي يرضى به عنهم‪.‬‬
‫واليوم يتجرأ الغرب في الدنمارك وجارتها ليتطاولوا على رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم بعد سكوت المسلمين على إهانة القرآن‬
‫العظيم وما عساهم فاعلين بعد سكوتنا على إهانة رسولنا الحبيب‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫لقد شهد أشد أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم في عهده على‬
‫صدقه وأمانته وهاجر من مكة المكرمة حين هاجر وأمانات غير‬
‫المسلمين في حوزته تركها عند ابن عمه علي بن أبي طالب رضي‬
‫الله عنه ليردها إلى أصحابها‪ ..‬لقد وُصف صلى الله عليه وسلم عند‬
‫حضرة النجاشي ملك الحبشة من جعفر بن أبي طالب عندما‬
‫حاولت قريش استعادة من هاجر إليها من الصحابة بقوله‪( :‬أيها‬
‫الملك‪ ،‬كنا قوما ً أهل جاهلية نعبد الصنام‪ ،‬ونأكل الميتة‪ ،‬ونأتي‬
‫الفواحش‪ ،‬ونقطع الرحام‪ ،‬ونسيء الجوار‪ ،‬يأكل القوي منا‬
‫الضعيف‪ ،‬فكنا على ذلك‪ ،‬حتى بعث الله إلينا رسول ً منا‪ ،‬نعرف‬
‫نسبه وصدقه وأمانته وعفافه‪ ،‬فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده‪،‬‬
‫ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والوثان وأمرنا‬
‫بصدق الحديث‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬وحسن الجوار‪ ،‬والكف‬
‫عن المحارم والدماء‪ ،‬ونهانا عن الفواحش‪ ،‬وقول الزور‪ ،‬وأكل مال‬
‫اليتيم وقذف المحصنات‪( )..،‬سيرة ابن هشام) هذا هو الرسول‬
‫الذي يصوره صحفيو الدنمارك وأعوانهم بأبشع صورة وأسوأ حال‪..‬‬
‫ولقد كان أبو سفيان وغيره من المشركين قبل إسلمهم ل يتهمونه‬
‫في شيء من أمانته وإخلصه وصدقه بل كانوا عدلء ل يبعد وصفهم‬
‫له عن الوصف السابق له وأعظم شيء كانوا يعيبونه عليه هو‬
‫دعوته لهم بتوحيد الله ونبذ الصنام وإخراجهم من عبادة العباد إلى‬
‫عبادة الله الواحد القهار‪.‬‬

‫‪347‬‬
‫وعلى مّر التاريخ وفي كتابات المستشرقين وفي كتابات النصارى‬
‫العرب في العهود الحديثة لم نعهد قط أن أحدا ً سقط هذا السقوط‬
‫الذي تناول به الصحفيون الدنماركيون ومن على شاكلتهم سيرة‬
‫المصطفى عليه السلم وتشويه صورته على هذا النحو بل المشهود‬
‫أن بعض هؤلء كانوا يثنون على النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ويعتبرونه عبقري العرب وأشد ما كان يؤخذ عليهم تشكيكهم في‬
‫نبوته أو التقليل من شأنه عداك عمن أعطى المصطفى عليه‬
‫السلم حقه وأنصفه من الوروبيين والنصارى واليهود الذين أسلموا‬
‫في العهود القريبة أمثال محمد أسد‪ ،‬وروجيه جارودي وغيرهما‪.‬‬

‫لقد عدّه مايكل هارت في كتابه العظماء مائة‪ ..‬أعظمهم محمد‬


‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ويقول برناردشو في كتابه محمد منقذ‬
‫النسانية (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد الذي‬
‫وضع دينه موضع الحترام) ويضيف قائلً‪( :‬ولذلك يمكنني أن أؤكد‬
‫نبوءتي فأقول‪ :‬إن بوادر العصر السلمي الوروبي قريبة ل محالة‪،‬‬
‫وإني أعتقد أن رجل ً كمحمد لو تسلم زمام الحكم المطلق في‬
‫العالم بأجمعه اليوم‪ ،‬لتم له النجاح في حكمه‪ ،‬ولقاد العالم إلى‬
‫الخير‪ ،‬وحل مشاكله على وجه يحقق للعالم كله السلم‪.)..‬‬
‫ويقول العالم الفرنسي لومارتين في كتابه (تاريخ تركيا) بعد أن ذكر‬
‫الكثير من صفاته صلى الله عليه وسلم (‪ ..‬هذا هو محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬بالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية‪ ،‬أود أن أتساءل‪:‬‬
‫هل هناك من هو أعظم من النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟)‪.‬‬
‫ويقول السيد موير العالم النكليزي في كتابه (تاريخ محمد) (إن‬
‫محمدا ً أسمى من أن ينتهي إليه الواصف‪ ،‬ول يعرفه من جهله‪،‬‬
‫وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد‪ ،‬ذلك التاريخ الذي ترك‬
‫محمدا ً في طليعة الرسل ومفكري العالم) هذا غيض من فيض مما‬
‫كُتب ويُكتب في التاريخ في الثناء على محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫من غير المسلمين‪.‬‬
‫ولقد توعد الله الذين يؤذون الله ورسوله يقول تعالى‪{ :‬إن الذين‬
‫يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والخرة وأعد لهم عذاباً‬
‫مهيناً} الحزاب ‪ ،57‬وستطال اللعنة الدنماركيين وأمثالهم وسينالون‬
‫خص‬ ‫عذاب الدنيا قبل الخرة‪ ..‬ولكن واجب المسلمين الذين َر ُ‬
‫عليهم رسولهم وقرآنهم ودينهم وزخوانهم المسلمين والمسلمات‬

‫‪348‬‬
‫هم الذين يُخشى عليهم من التقصير في حق الله ورسوله وحق‬
‫السلم والمسلمين‪.‬‬
‫ل يشك أحد في أنه على مستوى الفراد والمجتمعات والملوك‬
‫والرؤساء لو أن أحدا ً أهين في نفسه أو والده أو زوجه أو ابنه لثار‬
‫ثورة عظيمة ولحاول أن يثأر ولغلي كالبركان‪ .‬أما أن يهان القرآن‬
‫ويهان رسول السلم فإن الغضب باهت والثورة باردة والعتاب على‬
‫استحياء‪ ..‬أين محبة الله ورسوله؟! وأين محبة القرآن؟ إن هانت‬
‫علينا فستهون علينا أنفسنا وأهلونا وأوطاننا وأموالنا شئنا أم أبينا!!‪.‬‬
‫أما إن عز علينا الله ورسوله والقرآن والسلم والمسلمين فسيعز‬
‫الله كل من ذبه عن عرض رسوله وعن عرض القرآن العظيم وعن‬
‫السلم والمسلمين في أهله ونفسه وماله ووطنه‪.‬‬
‫إن الواجب أمام الله ل أمام أحد سواه يستلزم أن يكون التفاعل‬
‫على مستوى الحدث وأن نثأر لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫كل على قدر استطاعته‪ ..‬أما أن يتغنى المسلمون بمحبة الله‬
‫ورسوله دون أن يبرهنوا على هذه المحبة كما كان يفعل صحابة‬
‫الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حين فضلوه على أهلهم‬
‫وأنفسهم وفدوه بالغالي قبل الرخيص‪ ..‬عندما كان خباب بن الرت‬
‫على حبل المشنقة وسأله المشركون هل تتمنى أن يكون محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم مكانك؟ قال ل والله ما أتمنى أن يشاك‬
‫محمد بشوكة وهو في مكانه‪ !!..‬ول يسع المجال لتعداد المثلة‬
‫العظيمة لمحبة الصحابة لرسولهم كتلك المرأة التي فقدت والدها‬
‫وأخاها وزوجها في غزوة من الغزوات وكان همها الول أن تطمئن‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تراه بعينها سليماً‬
‫معافى فقّرت عيناها بذلك واطمأنت وهان عليها مصابها الجلل بفقد‬
‫أعز الناس عليها وقالت كلمتها الشهيرة الخالدة لرسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪( :‬وكل مصيبة بعدك يا رسول الله جلل)‪.‬‬
‫حفنة من الصهاينة استطاعوا أن يدرجوا العتداء على السامية‬
‫ضمن الجرائم المستحقة للمقاضاة عليها عالميا ً ودولياً‪..‬‬
‫واستصدروا بذلك قرارات عالمية وحاكموا كثيرين على أساسها‪!!..‬‬
‫ما لم يطالب المسلمون حكاما ً وتجارا ً وأصحاب نفوذ وجاه ومن‬
‫معهم من المسلمين وهم أكثر من مليار مسلم بأن تصدر المم‬
‫المتحدة قانونا ً دوليا ً يعتبر الساءة إلى النبياء والرسل والقرآن‬
‫العظيم جريمة يعاقب عليها ويلحق عليها قضائيا ً في أي مكان في‬

‫‪349‬‬
‫العالم‪ ..‬فالستهزاء سيستشسري والستهانة ستزداد والمهانة‬
‫ستطال الجميع ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫إن القادر منا على أن يذب عن عرض رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بكلمة‪ ،‬بمقال بتنديد‪ ،‬بشجب‪ ،‬بمقاطعة‪ ..‬يجب أن يبادر إلى‬
‫ذلك بأقصى ما يستطيع وبأعلى درجة وتقاعسه عن ذلك دليل على‬
‫قلة محبته لله ولرسوله وقلة إيمانه‪ ..‬والله ل يؤمن أحدكم حتى‬
‫أكون أحب إليه من أهله وماله وولده والناس أجمعين صدق رسول‬
‫السلم العظيم‪ .‬أما غير القادرين فل أقل من أن يضرعوا إلى الله‬
‫يبكون وإليه يلجأون وهو المستعان وإليه المشتكى يسألونه أن‬
‫يؤهل أمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لتكون منيعة ممتنعة من‬
‫كل من تسول له نفسه أن يعتدي على رسولها أو على قرآنها أو‬
‫على أراضيها أو على المستضعفين منها وأن تهاب المم المساس‬
‫بمقدساتها أو النيل من اعراضها والله يستجيب والله قدير وبالجابة‬
‫جدير وما ذلك على ربنا بعزيز‪.‬‬
‫تعليقان‬
‫‪1‬‬
‫مفخرنا بنبينا الذي بعثه الله لنا بديننا‬
‫الشكر لله ثم للدكتور على موضوعةالمنسق والمتزن‪ ...‬قبل كل‬
‫شئ أقول تاريخ هجرته غدا فكيف ننسى حبيبنا الذي بعثه الله لنا‬
‫بديننا دافعوا عن اليقين فل فخر سواه‪ ...‬ول عيش بله‪...‬ول جنة‬
‫مثواه لمن نسي دينه بدنياه هونبينا وديننا الذ ي أتنا معاه ول نريد‬
‫سواه بطلنا وقدوتنا نبي الله‪..‬نبي المة‪..‬هبوا يا مسلمين ودافعوا‬
‫عن اليقين أي دنيا تحيا بأهانة وذل عيشوا شرفاء وأبعدوا عن الغباء‬
‫مريم عبد الكريم بخاري‬
‫‪ 06:08‬صباحا ً ‪2006/01/30‬‬
‫‪2‬‬
‫هنيئا ً لك لقد تشرفت بالدفاع عن الحبيب صلى الله عليه وسلم‬
‫وما أعظمه من شرف أسأل أن يشفعه فيك وفي والديك‪.‬‬
‫آمل أن تستمر في العطاء فهذه الموهبة نعمة من الله‪ .‬ومن حق‬
‫المنعم الشكر {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم} لزيدنكم} وأعظم‬
‫الشكر استعمال هذه الموهبة وهذا القلب وهذا السلوب الرائع في‬

‫‪350‬‬
‫نشر السلم وعظمة السلم‪ ..‬وتعاليم السلم‪ ،‬ونشر سيرة الحيب‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬في الصحف السعودية‪ ،‬والجنبية وفي‬
‫منتديات النترنت الغربية بتقل مقالت ينشرها موقع الشيخ محمد‬
‫صالح المنجد لمنتدياتهم ف[لئن يهيد الله بك رجل واحدا ً خيٌر لك من‬
‫حمر النعم] كما آمل الذب عن عرضه بالتي هي أحسن‪ ,‬فألله الله‬
‫في هذا الثغر العظيم‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 08:07‬صباحا ً ‪2006/01/30‬‬
‫الرابحون والخاسرون من قضية الكاريكاتير‬
‫د‪ .‬عبدالله بن إبراهيم العسكر‬
‫لم يكن في نيتي العودة إلى موضوع رسومات الكاريكاتير المنشور‬
‫في الصحيفة الدنماركية يولندس بوستن لول استمرار تصاعد‬
‫تداعيات الحدث‪ ،‬وتأثر الدين السلمي والمسلمين سلبا ً بتلك‬
‫التداعيات‪ .‬وكنت أشرت في مقال السبوع ماقبل الماضي إلى أن‬
‫جهات سياسية وتجارية إسلمية ودنماركية استثمرت الحدث لمآربها‬
‫الخاصة‪ .‬وهذا وأيم الحق هو الضرر الكبير الذي يضر بالدين‬
‫السلمي والمسلمين في كافة أرجاء المعمورة‪ ،‬وبالمسلمين في‬
‫الغرب على وجه الخصوص‪.‬‬
‫وقرأت مقالة جيدة للسيد عادل درويش في صحيفة الشرق‬
‫الوسط ليوم السبت ‪11/2/2006‬م ينقل فيها أخبارا ً ل تسر عن قيام‬
‫جماعة مجهولة في أحد بلدان العالم السلمي‪ ،‬نسقوا مع أمثالهم‬
‫من مسلمي الدنمارك لدارة حملة إعلمية‪ ،‬قامت تلك المجموعتان‬
‫بتمويل وطبع وتوزيع منشورات عليها رسومات كاريكاتيرية تسيء‬
‫إلى الرسول محمد عليه أفضل الصلة والسلم‪ .‬ثم أخذوا في توزيع‬
‫تلك المنشورات في بلدان العالم السلمي من المغرب إلى‬
‫الفلبين‪ ،‬زاعمين أنها رسومات تم ارسال اللف منها لكل‬
‫الدنماركيين بالبريد‪ .‬وهو خبر كاذب‪ ،‬يتحمل وزره تلك المجموعات‬
‫المجهولة‪ .‬لكن ضرره كبير‪ ،‬إذ ألب آلف المسلمين في افريقيا‬
‫وآسيا الذين وصلتهم تلك المنشورات‪.‬‬
‫وقلت في مقالتي السابقة أن بعض قادة العمل السلمي استثمروا‬
‫الحدث بصورة ل تنم عن سلمة طوية أو حق وصدق‪ .‬واليوم‬
‫اطلعت على خبر رواه لي من أثق به‪ ،‬وفيه أن أحد زعماء الجالية‬

‫‪351‬‬
‫السلمية في الدنمارك ظهر على محطة تلفزيون الجزيرة يؤيد‬
‫ويدعو المسلمين إلى مقاطعة المنتجات الدنماركية‪ ،‬ثم ظهر هذا‬
‫الزعيم على محطة تلفزيون دنماركية يدين فيها المقاطعة‬
‫السلمية‪ ،‬ويصفها بالغوغائية‪ ،‬ويقول أنها ل تمثل السلم في شيء‪.‬‬
‫فتأمل رعاك الله كيف تدار أمورنا الدينية والسياسية بيد مسلمين‬
‫يجلبون الشر والضرر‪.‬‬
‫على أن أخطر ما يمكن توقعه هو أن تكون القاعدة في أوروبا قد‬
‫اخترقت بعض الجماعات السلمية في الدنمارك وقامت بنشر‬
‫أكاذيب وتأليب الرأي العام الوروبي من أجل هدفها المتمثل في‬
‫توسعة الشق بين المسلمين والغرب‪ ،‬أو ما يسمى بصدام‬
‫الحضارات‪ .‬وهو هدف طالما نادى به الظواهري‪ .‬لهذا ليس بعيدا ً أن‬
‫تكون الخبار صحيحة تلك التي تسربت من مصادر مخابرات‬
‫أوروبية‪ ،‬وفيها أن ناشطين من الدنمارك يتعاونون مع بلد أفريقي‬
‫من أجل زعزعة أي تعاون أو تفاهم غربي ‪ -‬إسلمي‪ .‬على أن‬
‫السؤال الكبير الذي لزال عالقا ً هو‪ :‬من أين جاءت الموال الطائلة‬
‫التي صرفها (أئمة كوبنهاجن) على حملة طباعة المنشورات ومن‬
‫ثم توزيعها في عرض البلد السلمية وطولها‪ .‬هذا سؤال ل نجد له‬
‫اجابة شافية من قبل دوائر العمل السياسي في العالم السلمي‪..‬‬
‫ومثل هذا السؤال يمكن أن يُقال عن التظاهرات السياسية والتدمير‬
‫الذي طال بعض السفارات أو المصالح الغربية‪ .‬من الذي يقف‬
‫وراءها‪ ،‬خصوصا ً في بلدان إسلمية ل تسمح أنظمتها بالتظاهرات‬
‫السياسية‪ ،‬ناهيك عن أعمال التخريب والتدمير‪ .‬هل نقول ان أجندة‬
‫سياسية محددة أرادت استثمار الرسومات الكاريكاتيرية لغراض‬
‫سياسية دنيئة‪.‬‬
‫إنه ليحزنني أن تُستغل قضية دينية لمآرب سياسية‪ .‬وهذا ما حدث‬
‫بالضبط‪ ،‬فبعض المعارضين السياسيين والقتصاديين في أوروبا‪ ،‬لم‬
‫تكن معارضتهم نابعة عن صدق‪ ،‬بل لمنافسة حزبية قميئة‪،‬‬
‫ومنافسة تجارية واضحة‪ ،‬ل تنطلي إل ّ على السذج‪ .‬ولهذا كان على‬
‫حكماء المسلمين أن ل ينخدعوا بخطط الصاعدين على أكتاف‬
‫الحدث‪ ،‬والذين يطمعون في تحقيق مصالح مادية أو شخصية‪ .‬كان‬
‫على حكماء المة السلمية توضيح ذلك لعامة الشعوب السلمية‪.‬‬
‫من ذلك مثل ً تزويدهم بمعلومات صادقة وحيادية‪ ،‬ونشر ثقافة‬
‫الحتجاج السلمي‪ ،‬بدل العنف الذي ظهر على شاشات التلفاز‬

‫‪352‬‬
‫صور المسلمون وهم يحملون الفؤوس‬ ‫البريطاني‪ ،‬حيث ُ‬
‫والسواطير‪ ،‬ويحملون شعارات الموت الزؤوم للنصارى‪ ،‬ويدعون‬
‫لقتل عدد كبير من النصارى على حد تعبير شعاراتهم المسيئة‬
‫للسلم والمسلمين‪ .‬كان على علماء المسلمين التصدي للفتاوى‬
‫التي تسيء للدين السلمي‪ ،‬مثل فتوى عويلم كويتي قال فيها‬
‫باستباحة دم رسام الكاريكاتير الدنماركي‪.‬‬
‫إنني والله لعجب أشد ما يكون العجب من أمة كرمها الله بالقرآن‪،‬‬
‫وأرسل إليها رسول الهدى والحكمة أن تنجرف إلى هذا القدر من‬
‫غياب العقل والحق‪ .‬فما كان يجب تعميم الذنب ومعاقبة الكل‪ .‬وما‬
‫كان يجب أن تصدر ردود أفعالنا السياسية بناء على عواطف شعبية‪،‬‬
‫ل نعرف من يديرها ويثيرها‪ ،‬وما كان يجب أن تُغيّب الحقائق هكذا‪.‬‬
‫لماذا ل تنشر الصحافة السلمية مقابلت مع مسلمين من أوروبا‬
‫لنعرف موقفهم‪ ،‬لنهم هم مع السلم في أوروبا هما المتضررون‬
‫أول ً وأخيرا ً من ردود أفعالنا‪ .‬لماذا ل نسأل هذا السؤال البسيط‪ :‬من‬
‫الذي أثار الرأي العام السلمي بخصوص الرسومات بعد نشرها‬
‫بثلثة أشهر‪ .‬نعم ثلثة أشهر لم يعرف عنها المسلمون في آسيا‬
‫وأفريقيا وبعض بلدان أوروبا شيئا ً يذكر‪ .‬وهي نشرت في صحيفة ل‬
‫يقرؤها إل من يجيد اللغة الدنماركية‪ ،‬وهم قلة مقارنة بمن يقرأ‬
‫بالنجليزية أو السبانية أو الفرنسية ‪.‬من وراء الحدث يا ترى؟‬
‫أسئلة كثيرة عالقة‪ .‬ويهمني أن أقول بصراحة ان المتشددين‬
‫والمتطرفين في أوروبا والعالم السلمي سواء بسواء هم من يغذي‬
‫مثل هذه المواقف‪ .‬والحق أن هذا الحدث المشين لم يكن الول‬
‫ولن يكون الخير‪ ،‬فمنذ بزوغ السلم ونبيه يتعرض في كل عصر‬
‫ومصر لحملت هوجاء‪ ،‬ولم يضره في حياته‪ ،‬ولن يضره في مماته‪.‬‬
‫وأنبياء الله يتعرضون لسخرية واسعة في العلم الغربي والسينما‬
‫الغربية والمؤلفات الغربية‪ .‬ولن تقف تلك السخرية إل بسن قوانين‬
‫صارمة من قبل المشرعين الغربيين‪ ،‬تُجرم تلك الفعال‪ .‬أما تأليب‬
‫الرأي العام السلمي بهذه الصورة‪ ،‬فل أظن أنها مفيدة‪ ،‬ولن تحقق‬
‫ما نرجوه‪ ،‬بل أضرارها كثيرة‪ ،‬وقد تكون قاتلة وتؤدي إلى صدام‬
‫حضاري بيننا وبين الغرب‪ .‬وهو ما يسعى إليه المتطرفون الجاهلون‬
‫من قبل الطرفين‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫==========================‬
‫الرابحون والخاسرون من قضية الكاريكاتير‬

‫‪353‬‬
‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬عبدالله بن إبراهيم العسكر‬
‫لم يكن في نيتي العودة إلى موضوع رسومات الكاريكاتير المنشور‬
‫في الصحيفة الدنماركية يولندس بوستن لول استمرار تصاعد‬
‫تداعيات الحدث‪ ،‬وتأثر الدين السلمي والمسلمين سلبا ً بتلك‬
‫التداعيات‪ .‬وكنت أشرت في مقال السبوع ماقبل الماضي إلى أن‬
‫جهات سياسية وتجارية إسلمية ودنماركية استثمرت الحدث لمآربها‬
‫الخاصة‪ .‬وهذا وأيم الحق هو الضرر الكبير الذي يضر بالدين‬
‫السلمي والمسلمين في كافة أرجاء المعمورة‪ ،‬وبالمسلمين في‬
‫الغرب على وجه الخصوص‪.‬‬
‫وقرأت مقالة جيدة للسيد عادل درويش في صحيفة الشرق‬
‫الوسط ليوم السبت ‪11/2/2006‬م ينقل فيها أخبارا ً ل تسر عن قيام‬
‫جماعة مجهولة في أحد بلدان العالم السلمي‪ ،‬نسقوا مع أمثالهم‬
‫من مسلمي الدنمارك لدارة حملة إعلمية‪ ،‬قامت تلك المجموعتان‬
‫بتمويل وطبع وتوزيع منشورات عليها رسومات كاريكاتيرية تسيء‬
‫إلى الرسول محمد عليه أفضل الصلة والسلم‪ .‬ثم أخذوا في توزيع‬
‫تلك المنشورات في بلدان العالم السلمي من المغرب إلى‬
‫الفلبين‪ ،‬زاعمين أنها رسومات تم ارسال اللف منها لكل‬
‫الدنماركيين بالبريد‪ .‬وهو خبر كاذب‪ ،‬يتحمل وزره تلك المجموعات‬
‫المجهولة‪ .‬لكن ضرره كبير‪ ،‬إذ ألب آلف المسلمين في افريقيا‬
‫وآسيا الذين وصلتهم تلك المنشورات‪.‬‬
‫وقلت في مقالتي السابقة أن بعض قادة العمل السلمي استثمروا‬
‫الحدث بصورة ل تنم عن سلمة طوية أو حق وصدق‪ .‬واليوم‬
‫اطلعت على خبر رواه لي من أثق به‪ ،‬وفيه أن أحد زعماء الجالية‬
‫السلمية في الدنمارك ظهر على محطة تلفزيون الجزيرة يؤيد‬
‫ويدعو المسلمين إلى مقاطعة المنتجات الدنماركية‪ ،‬ثم ظهر هذا‬
‫الزعيم على محطة تلفزيون دنماركية يدين فيها المقاطعة‬
‫السلمية‪ ،‬ويصفها بالغوغائية‪ ،‬ويقول أنها ل تمثل السلم في شيء‪.‬‬
‫فتأمل رعاك الله كيف تدار أمورنا الدينية والسياسية بيد مسلمين‬
‫يجلبون الشر والضرر‪.‬‬
‫على أن أخطر ما يمكن توقعه هو أن تكون القاعدة في أوروبا قد‬
‫اخترقت بعض الجماعات السلمية في الدنمارك وقامت بنشر‬
‫أكاذيب وتأليب الرأي العام الوروبي من أجل هدفها المتمثل في‬

‫‪354‬‬
‫توسعة الشق بين المسلمين والغرب‪ ،‬أو ما يسمى بصدام‬
‫الحضارات‪ .‬وهو هدف طالما نادى به الظواهري‪ .‬لهذا ليس بعيدا ً أن‬
‫تكون الخبار صحيحة تلك التي تسربت من مصادر مخابرات‬
‫أوروبية‪ ،‬وفيها أن ناشطين من الدنمارك يتعاونون مع بلد أفريقي‬
‫من أجل زعزعة أي تعاون أو تفاهم غربي ‪ -‬إسلمي‪ .‬على أن‬
‫السؤال الكبير الذي لزال عالقا ً هو‪ :‬من أين جاءت الموال الطائلة‬
‫التي صرفها (أئمة كوبنهاجن) على حملة طباعة المنشورات ومن‬
‫ثم توزيعها في عرض البلد السلمية وطولها‪ .‬هذا سؤال ل نجد له‬
‫اجابة شافية من قبل دوائر العمل السياسي في العالم السلمي‪..‬‬
‫ومثل هذا السؤال يمكن أن يُقال عن التظاهرات السياسية والتدمير‬
‫الذي طال بعض السفارات أو المصالح الغربية‪ .‬من الذي يقف‬
‫وراءها‪ ،‬خصوصا ً في بلدان إسلمية ل تسمح أنظمتها بالتظاهرات‬
‫السياسية‪ ،‬ناهيك عن أعمال التخريب والتدمير‪ .‬هل نقول ان أجندة‬
‫سياسية محددة أرادت استثمار الرسومات الكاريكاتيرية لغراض‬
‫سياسية دنيئة‪.‬‬
‫إنه ليحزنني أن تُستغل قضية دينية لمآرب سياسية‪ .‬وهذا ما حدث‬
‫بالضبط‪ ،‬فبعض المعارضين السياسيين والقتصاديين في أوروبا‪ ،‬لم‬
‫تكن معارضتهم نابعة عن صدق‪ ،‬بل لمنافسة حزبية قميئة‪،‬‬
‫ومنافسة تجارية واضحة‪ ،‬ل تنطلي إل ّ على السذج‪ .‬ولهذا كان على‬
‫حكماء المسلمين أن ل ينخدعوا بخطط الصاعدين على أكتاف‬
‫الحدث‪ ،‬والذين يطمعون في تحقيق مصالح مادية أو شخصية‪ .‬كان‬
‫على حكماء المة السلمية توضيح ذلك لعامة الشعوب السلمية‪.‬‬
‫من ذلك مثل ً تزويدهم بمعلومات صادقة وحيادية‪ ،‬ونشر ثقافة‬
‫الحتجاج السلمي‪ ،‬بدل العنف الذي ظهر على شاشات التلفاز‬
‫صور المسلمون وهم يحملون الفؤوس‬ ‫البريطاني‪ ،‬حيث ُ‬
‫والسواطير‪ ،‬ويحملون شعارات الموت الزؤوم للنصارى‪ ،‬ويدعون‬
‫لقتل عدد كبير من النصارى على حد تعبير شعاراتهم المسيئة‬
‫للسلم والمسلمين‪ .‬كان على علماء المسلمين التصدي للفتاوى‬
‫التي تسيء للدين السلمي‪ ،‬مثل فتوى عويلم كويتي قال فيها‬
‫باستباحة دم رسام الكاريكاتير الدنماركي‪.‬‬
‫إنني والله لعجب أشد ما يكون العجب من أمة كرمها الله بالقرآن‪،‬‬
‫وأرسل إليها رسول الهدى والحكمة أن تنجرف إلى هذا القدر من‬
‫غياب العقل والحق‪ .‬فما كان يجب تعميم الذنب ومعاقبة الكل‪ .‬وما‬

‫‪355‬‬
‫كان يجب أن تصدر ردود أفعالنا السياسية بناء على عواطف شعبية‪،‬‬
‫ل نعرف من يديرها ويثيرها‪ ،‬وما كان يجب أن تُغيّب الحقائق هكذا‪.‬‬
‫لماذا ل تنشر الصحافة السلمية مقابلت مع مسلمين من أوروبا‬
‫لنعرف موقفهم‪ ،‬لنهم هم مع السلم في أوروبا هما المتضررون‬
‫أول ً وأخيرا ً من ردود أفعالنا‪ .‬لماذا ل نسأل هذا السؤال البسيط‪ :‬من‬
‫الذي أثار الرأي العام السلمي بخصوص الرسومات بعد نشرها‬
‫بثلثة أشهر‪ .‬نعم ثلثة أشهر لم يعرف عنها المسلمون في آسيا‬
‫وأفريقيا وبعض بلدان أوروبا شيئا ً يذكر‪ .‬وهي نشرت في صحيفة ل‬
‫يقرؤها إل من يجيد اللغة الدنماركية‪ ،‬وهم قلة مقارنة بمن يقرأ‬
‫بالنجليزية أو السبانية أو الفرنسية ‪.‬من وراء الحدث يا ترى؟‬
‫أسئلة كثيرة عالقة‪ .‬ويهمني أن أقول بصراحة ان المتشددين‬
‫والمتطرفين في أوروبا والعالم السلمي سواء بسواء هم من يغذي‬
‫مثل هذه المواقف‪ .‬والحق أن هذا الحدث المشين لم يكن الول‬
‫ولن يكون الخير‪ ،‬فمنذ بزوغ السلم ونبيه يتعرض في كل عصر‬
‫ومصر لحملت هوجاء‪ ،‬ولم يضره في حياته‪ ،‬ولن يضره في مماته‪.‬‬
‫وأنبياء الله يتعرضون لسخرية واسعة في العلم الغربي والسينما‬
‫الغربية والمؤلفات الغربية‪ .‬ولن تقف تلك السخرية إل بسن قوانين‬
‫صارمة من قبل المشرعين الغربيين‪ ،‬تُجرم تلك الفعال‪ .‬أما تأليب‬
‫الرأي العام السلمي بهذه الصورة‪ ،‬فل أظن أنها مفيدة‪ ،‬ولن تحقق‬
‫ما نرجوه‪ ،‬بل أضرارها كثيرة‪ ،‬وقد تكون قاتلة وتؤدي إلى صدام‬
‫حضاري بيننا وبين الغرب‪ .‬وهو ما يسعى إليه المتطرفون الجاهلون‬
‫من قبل الطرفين‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫صحيفة الرياض السعودية‬
‫=========================‬
‫الرسوم الدنماركية المسيئة واستبداد العلم المتسلّط‬

‫الكاتب‪ :‬احميدة النيفر‬


‫تختزل قضية الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية وما انجّر عنها من‬
‫َ‬
‫ة بين أطراف واسعة من‬ ‫ة مرك ّب ً‬
‫ة وخانق ً‬ ‫مضاعفات ل تكاد تنتهي أزم ً‬
‫العالم العربي السلمي وجانب مهم من نخب الغرب الوروبي‪ .‬لذا‬
‫يصعب القول إن الموضوع في حقيقته صراع بين حداثة غربية ل‬
‫يمكن أن تتخلّى عن حرية التعبير والتفكير وبين شرق مسلم ل يريد‬
‫التنازل عن مقدّساته ول يسمح بإهانة رموزه الدينية‪ .‬عرض القضية‬

‫‪356‬‬
‫بهذا التعميم ل يساعد على التوقّف للكشف عما يعتمل في‬
‫الفضاءين (العربي ‪ -‬السلمي والغربي الوروبي) من انسدادات‬
‫وعوائق وما يثار بينهما في خصوص نظرتهما إلى العالم والذات‬
‫والمستقبل‪ .‬ل يعني ذلك أن حريّة التعبير ليست من المحددات‬
‫الحضارية في الغرب‪ ،‬كذلك فإن ليس من قصدنا دعم مقولة بعض‬
‫النخب العربية التي لم تستهجن تلك الرسوم ولم تر فيها إساءة الى‬
‫المسلمين‪ .‬ما نود ّ لفت النظر إليه في المقام الول هو أن ل تناقض‬
‫البتّة بين حرية الصحافة والتعبير وبين احترام المعتقدات الدينية‪،‬‬
‫ذلك أن ما أكّده أكثر من كاتب ومعلّق هنا وهناك اختار اتجاهاً‬
‫معاكسا ً ينطلق من ضرورة تحديد موقف واضح‪ :‬إما مع الحرية وإما‬
‫ل على تهافت مثل هذا الرأي مما وقع في الصحيفة‬ ‫مع التديّن‪ .‬ل أد ّ‬
‫الدنماركية ذاتها‪ :‬الـ «يولندس بوستن» التي كانت رفضت في‬
‫نيسان (ابريل) ‪ 2003‬نشر رسوم كاريكاتورية للسيد المسيح‬
‫اعتبرتها مسيئة إليه وإلى أتباعه‪ .‬إلى هذا نذكر أن هيئة تحرير‬
‫الصحيفة قد وجدت نفسها في خريف ‪ 2005‬عند الشروع في‬
‫مناقشة نشر الرسوم الكاريكاتورية منقسمة بين مؤيد للنشر‬
‫ومعارض له‪ .‬يُثبت هذان المثالن أن حرية التعبير تظل محكومة‬
‫بضوابط حدود الحياة المدنية وما تتطلبه من توازن وتفاهم‪ ،‬تضاف‬
‫إلى ذلك حالت أخرى كثيرة في «الغرب الديموقراطي» تؤكد ما‬
‫أصبح يُعرف بـ «استبدادية التصال» التي تعّري الواقع الفعلي‬
‫للسلطة العلمية المتحكّمة في صنع الخبر وتبادله‪ .‬ما نريده من‬
‫هذه المثلة هو أننا نحتاج في حديثنا عن حرية التعبير إلى قدر أكبر‬
‫من تنسيب في الرؤية والموضوعية في الحكام‪ .‬المر‪ ،‬إذاً‪ ،‬أعقد‬
‫من أن يُعَرض في صيغة «مانوية» تبسيطية تدفع إلى ضرورة‬
‫الختيار بين حرية التعبير وبين التديّن‪ ،‬أي ضرورة القرار بالتناقض‬
‫الجوهري بين عالمين‪« :‬عالم التسامح والتحرر» و «فضاء اليمان‬
‫والتديّن»‪ .‬على رغم هذا فإن ما نشره من أيام قليلة اثنا عشر كاتباً‬
‫بينهم سلمان رشدي وتسليمة نصرين وبرنار آنري ليفي يؤكد في‬
‫سذاجة مذهلة هذا التوجه وينافح عنه‪ .‬في هذا البيان ‪ -‬النموذج‬
‫الذي أصدرته صحيفة أسبوعية فرنسية أعادت نشر الرسوم‬
‫الدنماركية دعوة منها للتصدي إلى «الشمولية السلمية» والوقوف‬
‫إلى جانب «قيم العلمانية والحرية والدفاع عنها»‪ .‬ان يقع هذا من‬
‫جانب بعض مثقفي فرنسا المتشبثين إلى الن بعلمانية استئصالية‬
‫ترفض ما يعتبرونه «حرمانا ً للمسلمين من حقوقهم في المساواة‬

‫‪357‬‬
‫والحرية والعلمانية باسم احترام الثقافة أو التقاليد»‪ ،‬مثل هذا‬
‫الموقف يمكن أن يُفهَم من دون أن تكون له حظوظ في التفهّم‪.‬‬
‫أما أن ينضم إليهم لفيف من كتاب وصحافيين تتحدر غالبيتهم من‬
‫عالم إسلمي أحد إعاقاته الكبرى صنعتها نخبه التحديثية المكّرسة‬
‫للقطيعة مع مجتمعاتها وثقافتها المحلية‪ ،‬فتلك هي الشناعة بعينها‪.‬‬
‫إن أول ما يثير الستهجان في تلك الرسوم الكاريكاتورية وما تولّد‬
‫عنها من ردود فعل بين «الشرق» و «الغرب» هو أن الذين يعتبرون‬
‫أنفسهم خصوم العقائد الشمولية والصوليات اليديولوجية ل‬
‫يفعلون شيئا ً آخر سوى تقوية ذلك التيار ونشره‪ .‬يحصل ذلك لنهم‬
‫يستميتون في الدفاع عن قضية تتوالى الحداث موضوعيا ً في إثبات‬
‫فشلها لكونها أفضت إلى أصناف من القهر والتعسف حال دون أي‬
‫إبداع أو تحرر‪ .‬ل غرابة إن شهدنا منذ عقدين من الزمن سقوط‬
‫مقولة العلمنة اللدينية في العالم السلمي والغربي على السواء‪.‬‬
‫ما جرى في إيران الشاه ثم ما تحقق في تركيا أتاتورك بعد ذلك‬
‫بأسلوب آخر يقضي بنهاية العلمنة المناضلة كأحد أبعاد عملية‬
‫التحديث‪ .‬على المستوى العالمي‪ ،‬كان سقوط التحاد السوفياتي‬
‫في جانب من أهم جوانبه إلغاء للفكرة القائلة بأن التحديث يؤدي‬
‫بالضرورة إلى إقصاء الدين‪ .‬كيف – والحال هذه ‪ -‬لم ينتبه ناشرو‬
‫الرسوم الدنماركية ومؤيدوهم الى أنهم يسيرون ضد حركة التاريخ‬
‫وأن علقة الدين بالسياسة علقة تمايز ترفض القطيعة والقصاء؟‬
‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن الرسوم الكاريكاتورية تثير تساؤل ً آخر موصولً‬
‫بقضية الحدود الفاصلة بين المجتمعات والثقافات والديان‪ .‬ما‬
‫تفضي إليه الثورة المعلوماتية ووسائل التصال المتطوّرة هو تغيير‬
‫حتمي للعلقات بين الدول والمجتمعات والثقافات والمعتقدات‪ .‬من‬
‫ثم‪ ،‬فإن الحديث عن عالم واحد وحضارة واحدة للجميع ليس شعاراً‬
‫أجوف‪ ،‬بل هو حقيقة تفرض نفسها تدريجا ً على الحواجز القديمة‬
‫وما يرتبط بها من مفاهيم‬
‫كالستقللية الكاملة والسيادة المطلقة والعوالم المنفصلة‪ .‬ضمن‬
‫هذا السياق يكون السؤال النجع‪ :‬كيف تساهم الخصوصيات العرقية‬
‫والثقافية والدينية في التأسيس لعالم تصاغ فيه الحدود القديمة في‬
‫شكل يحقق تعايشا ً على رغم الختلف بل وبفضله؟إن ما تجاهلته‬
‫الرسوم الدنماركية الوروبية وأعرضت عنه غالبية ردود الفعل‬
‫العنيفة هو أننا أصبحنا مدعوّين إلى أن نعيش معا ً ومختلفين‪ .‬ما‬
‫اقترفته الرسوم الدنماركية وأصّر عليه أصحاب بعض الصحف‬

‫‪358‬‬
‫الوروبية هو رفض لواقع مستقبلي هو قيد التشكّل بخطى وئيدة‬
‫وأكيدة تتجه نحو عالمية ثقافية تأسس لحداثات مختلفة وكونيات‬
‫متحاورة‪ ،‬من أبرزها حداثة وكونية إسلمية‪ .‬ما صنعه واضعو‬
‫الرسوم وناشروها كان أكثر كاريكاتوريّة من الّرسوم نفسها لنه‬
‫كشف عن جهل فاضح وسوء تقدير لمسيرة التاريخ البشري في‬
‫راهنيته‪ .‬ذلك أن معنى الرسوم – من الزاوية الحضارية المعاصرة –‬
‫هو أن أصحابها يفكرون من داخل حصون افتراضية متداعية يعلو‬
‫فيها بكاء على عالم يتجه إلى النقراض‪ ،‬عالم شعاره‪« :‬الشرقُ‬
‫شرقٌ والغرب غرب ولن يلتقيا»‪ .‬كاريكاتورية الرسوم أعادت‬
‫السحَر على الساحر لنها عبّرت عن سذاجة القائلين بحداثة واحدة‬
‫ووحيدة يسعى إلى النيل منها «البرابرة» من أبناء محمد وبناته‪.‬‬
‫منتهى ما يمكن أن نقترحه من جانبنا العربي السلمي كإضافة الى‬
‫الرسوم وكتعليق عليها وعبارة نقتبسها من كتاب تداولناه قديماً‬
‫بيننا‪« :‬حصوننا مهددة من الداخل»‪.‬يبقى بعد هذا الطرف المقابل‬
‫وكيف عبّر عن موقفه من الساءة التي انضافت إلى سلسلة طويلة‬
‫من الهانات والستباحات؟ غالب ردود فعل الطرف العربي المسلم‬
‫كانت إما غير مقنعة وإما مثبتة لصفة الهمجية التي عمل على‬
‫إلصاقها أصحاب الرسوم الدنماركية بالمسلمين‪.‬هذا الصنف الول‬
‫من المواقف والكتابات كان تعبيرا ً عن فجيعة قديمة –متجددة‬
‫لقسم مهم من المسلمين‪ .‬إنها – بحسب عبارة صاحب سراج‬
‫الملوك ‪ -‬الفجيعة «من الدهر الخؤون‪ ،‬دهر ذهب صفوه وبقي‬
‫ة أقل من ردود الفعل‬ ‫كدره‪ .‬فالموت تحفة لكل مسلم‪ .»...‬نسب ٌ‬
‫كانت مغايرة في طبيعتها ووجهتها لما انساقت فيه الجموع الغاضبة‬
‫المفجوعة‪ .‬من بين هذه القلية الواعدة ارتفع شعار‪ ...« :‬إل رسول‬
‫الله» تعبيرا ً واعيا ً عن رفض الساءة إلى الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬هذا أولً‪ .‬ثم لن في هذا الموقف قبول ً بحضارة كونية تعبُر‬
‫الثقافات والمجتمعات ل ينبغي أن يفضي إلى التنميط وإلغاء‬
‫الختلف‪ .‬عبارة «إل رسول الله» ترفض دخول الحداثة القهقرى‪،‬‬
‫دخول السخط على الزمنة الحديثة والتبّرم من الدهر الخؤون‪ .‬إنها‬
‫عبارة تعلن الشتراك في صنع عالم حديث بمقاييس مرجعية‬
‫مختلفة‪ .‬أخيراً‪« ،‬إل رسول الله» رفض للرسوم الدنماركية لنها‬
‫رسوم عنصرية ‪ -‬شيطانية‪ .‬إن من أشد ما يؤذي في تلك الرسوم‬
‫ط تأبيد بين العنف والعدوانية وبين الرسول (صلى‬ ‫أنها ربطت رب َ‬
‫الله عليه وسلم) وأتباعه‪ .‬مؤدى الرسوم أن السلم شٌّر محض وأن‬

‫‪359‬‬
‫جوهر المسلمين ل يقبل ارتقاء أو تغييراً‪ .‬إنه الخطاب ذاته الذي‬
‫اعتمده إبليس حين تمّرد ورفض قبول الدمي لكونه مخلوقا ً دونيّا ً ل‬
‫يمكنه التغلب على جوهره الترابي‪ .‬تلك هي الرسوم في رؤيتها‬
‫الجوهرانية للسلم ومؤسسه وأتباعه‪ ،‬إنهم جميعا ً في حضيض‬
‫مل الرسوم‬ ‫التدنّي والهمجية ل يستطيعون منهما براحاً‪ .‬تأ ّ‬
‫الدنماركية في ضوء مقولة‪« :‬إل رسول الله» يوصلنا إلى جانب‬
‫أساس من أصالة الرسالة المحمدية كما صاغها القرآن الكريم‪.‬‬
‫ة جاءت الرسوم لتطمسها‪ ،‬في حين أن الرسالة المحمدية ما‬ ‫أصال ٌ‬
‫تحققت إل نتيجة ثقة في الدمي وقدراته فاتحة آفاقا ً غير محدودة‬
‫للبشرية‪ .‬ما أبرزته الرسوم من عنف يقوم به بعض المسلمين فيه‬
‫تجاهل لتداخل العناصر المؤدية إلى ذلك العنف بحصرها في جهة‬
‫واحدة هي جهة المسلمين وحدهم‪ .‬الخطر من هذا هو هذه اللوثة‬
‫الشيطانية التي تجعل ديانة كبرى مصدرا ً للشر الذي ل ينضب‪.‬‬
‫يحصل هذا بينما يتميّز الخطاب القرآني برهان دائم على آدمي له‬
‫من القدرات ما يتيح له أخطاء وصعودا ً عبر الحرية التي أعطاه إياها‬
‫الخالق‪ .‬هكذا تندرج عنصرية المركزيات الثقافية المعاصرة في‬
‫جوهرانية البؤس البليسي‪ ،‬إنها في اعتقادها بتفوّقها الذي ل يُطاول‬
‫ل ترى في الخر إل مجموعة من الثوابت والطبائع المتناقضة‬
‫الحاجزة عن كل تغيير‪ .‬في مواجهة هذا تأتي مقولة «إل رسول‬
‫الله» مع مواقف قليلة أخرى لتضيء دروب مستقبل للنسانية أكثر‬
‫رحابة وثراء‪ .‬باحث تونسي صحيفة الحياة اللندنية‬
‫============================‬
‫الرسوم الكاريكاتيرية علمة على الجحاف العميق في‬
‫أوربا الغربية‬

‫الكاتب‪ :‬توميك كرزيزوستانياك‬


‫الرسوم الكاريكاتيرية الثنا عشر للنبي محمد‪ ،‬والتي نشرت في‬
‫سبتمبر الماضي بصحيفة يلندز بوستن اليومية‪ ،‬ثم أعيد نشرها في‬
‫عدد من الصحف الرئيسية في النرويج وفرنسا وألمانيا وإسبانيا‬
‫وإيطاليا وهولندا‪ ،‬أثارت غضبا ً شديدا ً في كافة أنحاء العالم‬
‫السلمي‪ .‬وقد تضاعفت الحتجاجات نهاية السبوع الماضي في‬
‫عدد من الدول في الشرق الوسط‪ ،‬حيث اندلعت أعمال العنف‬
‫التي أدت إلى إشعال مقرات البعثات الدبلوماسية الدنمركية‬

‫‪360‬‬
‫والنرويجية‪ .‬الكثيرين من المسلمين يعترضون على هذه الرسوم‬
‫لن السلم يحرم رسم أي صورة للنبي‪ ،‬ولن الرسوم الكاريكاتيرية‬
‫صورت محمد في صورة إرهابي‪ .‬وقد اختلط الغضب بمشاعر‬
‫الدهشة لدى الذين كانوا يتخيلون أوروبا أرضا ً متسامحة وودودة‪.‬‬
‫وقد تعرض هذا الملجأ الخيالي إلى الرتباك بفعل أعمال الشغب‬
‫التي شهدتها فرنسا العام الماضي‪ .‬فإذا كانت أوروبا متسامحة جداً‬
‫من الناحية الثقافية‪ ،‬لماذا تشعر العديد من القليات فيها‬
‫بالنزعاج؟‪.‬‬
‫غير أن الوربيين من الدول السلفية يدركون تركيبة تفوق أوربا‬
‫الغربية أفضل من غيرهم‪ .‬حيث أن عمي أندريج ليواندويسكي‪،‬‬
‫كغيره من رجال العمال البولنديين‪ ،‬يواجه في أسفاره تعليقات‬
‫مستهترة ومعاملة سيئة بشكل دائم من نظرائه الفرنسيين‬
‫واللمان‪ .‬ومع أن بولندا عضو كامل العضوية في التحاد الوربي‪ ،‬إلّ‬
‫أن الدول الوربية الغربية وضعت قيودا ً على قدرة البولنديين في‬
‫العمل والدراسية فيها‪ .‬كما وصف الرئيس الفرنسي جاك شيراك‬
‫بولندا ودول ً أخرى من أوروبا الشرقية بأنها دول "غير مسؤولة"‬
‫و"بدائية" بسبب مواقفها من العراق‪ ،‬وهي كلمات قل ما تستخدم‬
‫في مخاطبة النداد والحلفاء‪.‬‬
‫إن معاملة السلفيين محترمة جدا ً إذا ما قورنت بالسلوك تجاه غير‬
‫المسيحيين وغير البيض‪ .‬والدلة على ذلك واضحة جدا ً في ملعب‬
‫كرة القدم‪ .‬حيث أنه في بريطانيا المشهورة بلباقتها‪ ،‬أشارت مصادر‬
‫إخبارية دولية أن أحد اللعبين السود تعرض للسخرية من قبل‬
‫مشجعين يقلدون أصوات القرود‪ .‬وكان من المفترض أن يؤدي هذا‬
‫المسلك إلى صدمة البعض‪ ،‬لول أنه أمر يحدث مرات ل حصر لها‬
‫في إيطاليا وإسبانيا وهولندا‪.‬‬
‫ومع أن الكثيرين من المشجعين قادرين على التسامح مع اللعبين‬
‫طالما أن أداءهم ل يزال جيدا ً في الميدان‪ ،‬إل ّ أنهم يظهرون ألوانهم‬
‫الحقيقية عند التصويت‪ .‬ففي النمسا‪ ،‬حزب الحرية جزء من‬
‫التحالف الحاكم‪ ،‬وهو حزب يميني شعبي يعارض الهجرة والتجارب‬
‫متعددات الثقافات‪ .‬وفي فرنسا أحد المرشحين المتطرفين فاز‬
‫بنسبة ‪ %18‬من أصوات الناخبين في النتخابات الرئاسية التي جرت‬
‫عام ‪ .2002‬كما أن لدى كل ً من الدنمرك والنرويج‪ ،‬حيث بدأت مهزلة‬
‫الرسوم الكاريكاتيرية‪ ،‬تمثيل ً مقدرا ً في البرلمان للحزاب المعادية‬

‫‪361‬‬
‫للمهاجرين بنسبة (‪ %12‬و‪ %15‬لكل من البلدين على التوالي)‪ .‬وفي‬
‫ألمانيا الحزب الوطني الديمقراطي وهو حزب النازيين الجدد خاض‬
‫انتخابات عام ‪ 2002‬وحصل على ‪ % 1.6‬من الصوات‪ .‬وبالرغم من‬
‫أن الرقام ل تزال صغيرة‪ ،‬إل ّ أن تزايد شعبية أحزاب اليمين‬
‫المتطرفة أمر يدعو إلى القلق‪ ،‬بل أن أداءها في النتخابات المحلية‬
‫كان أفضل‪ .‬ففي عام ‪ ،2004‬تمكن الحزب الوطني الديمقراطي من‬
‫الحصول على ‪ %9.2‬من إجمالي الصوات في انتخابات الوليات‪،‬‬
‫واستولى على اثنا عشر مقعدا ً في برلمان ولية سكسونيا‪.‬‬
‫هنالك أمثلة ل تعد ول تحصى للعنصرية والتعصب في أوروبا الغربية‪،‬‬
‫من حكومات تمنع الحجاب إلى حوادث تفجير المعابد اليهودية في‬
‫بروكسل وأنتريب‪ .‬وهذه النماذج العنصرية في المناطق التي ينظر‬
‫إليها على أنها متسامحة‪ ،‬تذكرني بمدينة ماديسون التي أعيش فيها‬
‫بولية ويسكنسن‪ .‬ومدينة ماديسون التي ينظر إليها في باقي البلد‬
‫على أنها معقل الحرية‪ ،‬ل تخلو هي الخرى من مثل هذه المور‪.‬‬
‫ففي الشهر الماضي عندما كانت هنالك مباراة بين مدرسة ميدلتون‬
‫الثانوية (التي يهيمن عليها أبناء البيض والثرياء) ومدرسة شرق‬
‫ماديسون (التي يهيمن عليها أبناء الملونين والفقراء)‪ ،‬كان مشجعي‬
‫مدرسة ميدلتون يصيحون (‪ )food stamps)...(Oscar Meyer‬في‬
‫إشارة إلى الوضع القتصادي لخصومهم‪ .‬وقد قدم هؤلء الطلب‬
‫جراء ذلك اعتذارات فاترة ولم يتعرضوا للعقاب من إدارة المدرسة‪.‬‬
‫ومع أن هذا شيء ل يذكر مع القنابل الحارقة والعنف‪ ،‬إل ّ أنه يكشف‬
‫عن حقيقة محزنة لمجتمع متسامح‪.‬‬
‫وطالما أن القليات العرقية والقتصادية وغيرها‪ ،‬ل تزال قليلة‪،‬‬
‫فسيحلو للمواطنين البيض أن يتحدثوا بملء أصواتهم عن قبول‬
‫الخر والمساواة‪ ،‬ولكن في اللحظة التي يظهر فيها واحد أو أكثر‬
‫من هؤلء‪ ،‬تظهر مشاعرهم الحقيقية‪ .‬وبالرغم مما تتصف به هذه‬
‫الرسوم الكاريكاتيرية من غباء‪ ،‬إل ّ أنها ل تعدو أن تكون مجرد جزء‬
‫من مشكلة أكبر‪.‬‬
‫ترجمة موقع إسلم ديلي‬
‫============================‬
‫الرسوم المسيئة جهل أم استفزاز؟‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬عادل الصفتي‬

‫‪362‬‬
‫الرسوم المسيئة التي نشرت في صحيفة دانمركية‪ ،‬والتي أدت إلى‬
‫مظاهرات غاضبة نتج عنها مصرع ‪ 40‬من البرياء‪ ،‬لم تكن صراع‬
‫حضارات في رأيي بقدر ما كانت صراع جهل واستفزاز‪.‬‬
‫و"فليمنج روز" رئيس تحرير الصحيفة الدانمركية والذي كان سببا‬
‫في كل ما حدث في الصل‪ ،‬أدلى بتصريح قال فيه إنه يستطيع أن‬
‫يظهر الحترام للديان ولكنه ل يستطيع أن يراعي "تابوهاتها" أو‬
‫محرماتها‪.‬‬
‫ولكن الحقيقة أنه وغيره من رؤساء التحرير في الصحف الوروبية‬
‫يقومون بمراعاة "التابوهات" التي يتم فرضها عليهم بواسطة‬
‫القانون بدليل أن "روز" هذا نفسه قال إنه ل يستطيع أن ينشر‬
‫رسما كرتونيا يمثل رئيس الوزراء السرائيلي شارون وهو يخنق‬
‫طفل عربيا لن هذا الرسم سيعتبر "عنصريا"‪ ،‬كما قال في تصريح‬
‫آخر إنه لن يسمح لصحيفته بطبع رسوم كرتونية عن الهولوكوست‪.‬‬
‫وفي الحقيقة أن ما يقوله هو بالضبط مضمون شكوى العرب‪.‬‬
‫فهؤلء يرون أن الوروبيين يعتقدون أن من الخطر من الناحية‬
‫السياسية والقانونية السخرية من معتقدات اليهود أما معتقدات‬
‫المسلمين فليس هناك ما يمنع الساءة إليها بزعم حرية التعبير‬
‫التي يقول رئيس تحرير الصحيفة الدانمركية إنه أراد أن يحافظ‬
‫عليها كقيمة من قيم المجتمع الغربي في حين أن حرية التعبير‬
‫ليست معرضة للتهديد ل في الدانمرك‪ ،‬ول في أي مكان آخر في‬
‫أوروبا‪.‬‬
‫والدليل على ذلك أن "روز" نفسه يعترف بأنه لم يجد صعوبة في‬
‫نشر تلك الرسوم المسيئة‪ ،‬وأن الصعوبة التي واجهته هي فهم رد‬
‫فعل العالم السلمي على الرسوم‪.‬‬
‫وإذا ما كان "روز" يرى أن العالم السلمي لم يكن يفترض أن‬
‫يغضب كل هذا الغضب بسبب تلك الرسوم المسيئة فهو إذن ل‬
‫يفهم السلم ول يفهم المسلمين‪ .‬وباعتباره مسؤول عن الصفحة‬
‫الثقافية في صحيفة تسوق نفسها باعتبارها صحيفة الدانمرك‬
‫الدولية فإنه كان يجب أن يعرف أن جهله بالسلم كان لبد وأن‬
‫ترتب عليه مسؤوليات باعتباره رئيسا لتحريرها‪.‬‬
‫وهذا التفسير هو التفسير الذي يتم تبينه على نطاق واسع ليس‬
‫فقط في العالم السلمي وإنما في أماكن أخرى‪ .‬فقد كتب صحفي‬
‫أميركي هو "كريستوفر بولين" في صحيفة" أميركان فري برس"‬

‫‪363‬‬
‫السبوعية أن "روز" له علقات واضحة بـ"المحافظين الجدد" من‬
‫الصهاينة‪ ،‬وأنه يكن إعجابا خاصا لدانييل بايبس وأنه زار الخير في‬
‫الوليات المتحدة عام ‪ 2004‬كما كتب عنه مقالة إيجابية وتتضمن‬
‫هجوما لذعا على السلم "الجهادي"‪.‬‬
‫وصحيفة "واشنطن بوست" أيضا من ضمن صحف التيار العام ذات‬
‫النفوذ التي ترى أن الرسوم الكرتونية كانت عمل متعمدا من أعمال‬
‫الستفزاز حيث كتب رئيس تحريرها يقول "إن نشر الرسوم تلك‬
‫كان عمل محسوبا مقصودا به إهانة المسلمين من قبل صحيفة‬
‫تنتمي إلى التيار اليميني في دولة يعتبر التعصب فيها ضد القلية‬
‫المسلمة مشكلة كبيرة وإن لم تكن معترفا بها"‪.‬‬
‫وفي الحقيقة أن نشر تلك الرسوم المسيئة عرض من أعراض جهل‬
‫بعض الوروبيين بالمجتمعات السلمية التي تعيش بين ظهرانيهم‪،‬‬
‫وجهل الديماغوجين الوروبيين الذي يلقون باللوم على الجاليات‬
‫المهاجرة باعتبارها المسؤولة عن الكثير من الويلت السياسية‬
‫والجتماعية في الدول الوروبية‪.‬‬
‫وهذا الجهل امتد للسف إلى المؤسسات الوروبية غير القادرة حتى‬
‫الن على التعامل مع الوجه المتغير لوروبا ول على فهم تشعبات‬
‫التعددية الثقافية‪.‬‬
‫علوة على أن تلك الساءة ضد المسلمين يجب النظر إليها ضمن‬
‫سياق أكبر هو احتلل العراق وأفغانستان وفلسطين‪ ،‬والفظائع التي‬
‫حدثت في أبوغريب‪ ،‬ووقائع تدنيس القرآن‪ .‬وإذا ما تم النظر إليها‬
‫في هذا السياق فسندرك أن المظاهرات المناهضة للرسوم هي في‬
‫جوهرها عن غضب المسلمين وعدم قدرتهم على مواجهة كل تلك‬
‫الساءات والهانات‪.‬‬
‫ولكن العنف مع ذلك ليس هو الجابة على ذلك في رأيي‪ ..‬فالعنف‬
‫استجابة قصيرة النظر للستفزاز الجاهل‪ ،‬وهو ل يعالج المشكلة من‬
‫قريب أو من بعيد‪ ،‬وإنما يؤدي إلى التدمير وإلى التنفير‪ ،‬كما أنه‬
‫يغمر صوت العقل‪ ،‬ويغلق إمكانية الحوار الرشيد‪ ،‬ويقوض السعي‬
‫من أجل التفاهم‪.‬‬
‫صحيفة التحاد الماراتية‬
‫=============================‬
‫الرسوم المسيئة حملة مدبرة وليست رصاصة طائشة‬

‫‪364‬‬
‫الكاتب‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬سليمان صالح‬
‫شرفني الله بالمشاركة في المؤتمر العالمي لنصرة الرسول‬
‫الكريم صلى الله عليه وسلم في البحرين حيث اجتمع أكثر من ‪300‬‬
‫من علماء المة ومفكريها‪ .‬جاء هؤلء العلماء من كل أنحاء الرض‬
‫كتعبير رمزي عن عالمية السلم‪ ،‬وفي قاعة المؤتمر كان هناك‬
‫جميع اللوان والجناس كتعبير على أن السلم وحده هو الذي‬
‫يحقق المساواة بين البشر‪ ،‬ولنه ل حرية بدون مساواة فإن السلم‬
‫وحده هو الذي يحقق الحرية للبشرية‪ ..‬الحرية من الظلم والطغيان‬
‫والعنصرية‪ ،‬وهو وحده الذي يمكن أن يحقق العدل لكل البشر‬
‫بتحريرهم من العبودية لغير الله‪.‬‬
‫جاء العلماء والمفكرون من كل القارات يعبرون عن حب المة‬
‫لرسولها‪ ،‬وأن هذا الحب من أهم مقومات وجودها‪ ،‬وكان شعار‬
‫المؤتمر كلمة الصديق رضي الله عنه «ومن نفسي يا رسول الله»‪.‬‬
‫وكان اختيار الشعار تعبيرا عن مرحلة جديدة في حياة المة‪.‬‬
‫تحليل عميق للزمة‬
‫شهدت قاعة المؤتمر تحليل لزمة الرسوم الكاريكاتورية المسيئة‬
‫للرسول الكريم‪ ،‬حيث كشف هذا التحليل بعض الحقائق المهمة‪،‬‬
‫منها أن جريدة اليولندز بوسطن هي جريدة دينية متطرفة‪ ،‬وفي‬
‫الوقت نفسه فإنها مدعومة من الحكومة الدنماركية حيث تتلقى‬
‫دعما من الحكومة بلغ ‪ 2،10‬مليون كراون‪ ،‬وبالتالي فإن الحكومة‬
‫مسؤولة عما نشرته تلك الصحيفة فهي ليست مستقلة‪ ،‬وبالتالي ل‬
‫يمكن أن يعتبر ما نشرته تعبيرا عن حرية الرأي‪.‬‬
‫ولذلك يقول الدكتور جهاد الفرا إن هذه الرسوم كانت جزءا من‬
‫حملة عامة ضد السلم يقوم بها العلم الدنماركي المدعوم من‬
‫الحكومة‪ .‬كما أن الجريدة كانت تعرف النتائج التي يمكن أن تترتب‬
‫على نشرها للرسوم حيث استشارت أحد خبراء الديان الذي أوضح‬
‫لها خطورة النشر‪.‬‬
‫كما أن القانون الدنماركي يعاقب على سب أي دين معترف به‬
‫بالغرامة والسجن‪ ،‬لكن المشكلة أن السلم دين غير معترف به‬
‫في الدنمارك‪ .‬وهذه الرسوم ل تندرج تحت إطار حرية التعبير‪،‬‬
‫ولكنها تعبير عن العنصرية‪ .‬كما أن نشر تلك الرسوم يشكل ظلما‬
‫للشعب الدنماركي الذي تتركز اهتماماته على الفن والزياء والمور‬

‫‪365‬‬
‫الحياتية البسيطة‪ ،‬وبالتالي فإن جهل هذا الشعب يجعله أسيرا‬
‫للمعلومات التي يحصل عليها من وسائل العلم‪.‬‬
‫لم تكن رصاصة طائشة‬
‫قدم الشيخ رائد شفيق حليحل إمام مسجد الدنمارك عرضا لتطور‬
‫القضية موضحا أنها لم تكن رصاصة طائشة ولكنها كانت عمل‬
‫مدروسا تعرف الجريدة والحكومة الدنماركية أنه سيؤدي إلى‬
‫انتفاضة في العالم السلمي‪ ،‬فالجريدة أصرت على توجيه الهانات‬
‫للسلم‪ ،‬وربط تلك الهانات بالحرب ضد الرهاب‪.‬‬
‫كما قدم عدد من العلماء منهم الدكتور جعفر شيخ إدريس عرضا‬
‫للتطور التاريخي للعداء الغربي للسلم‪ ،‬وأن هذا العداء كان نتيجة‬
‫لرغبة الغرب في أن تظل حضارته مهيمنة على العالم ماديا وثقافيا‪،‬‬
‫وهم يخافون من عودة السلم‪ ،‬وأن يكون له قوة مادية يستخدمها‬
‫المسلمون في المحافظة على مواردهم الطبيعية‪ ،‬وفي تحقيق‬
‫الستقلل‪.‬‬
‫إن الغرب يدرك أن السلم له قوة ثقافية كبيرة‪ ،‬وخوفهم الحقيقي‬
‫ليس من الرهاب‪ ،‬ولكن من انتشار السلم فهم يصرحون بأنه أكثر‬
‫الديان انتشارا‪ .‬وهم يخافون من قوة محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫الذي يتأسى به المسلمون في معتقداتهم ومعاملتهم‪ ،‬بينما ليوجد‬
‫إنسان يقتدي به الغربيون أو يتأسون به‪.‬‬
‫القوة الثقافية للسلم‬
‫كان هناك إدراك حقيقي في قاعة المؤتمر لقوة السلم الثقافية‪،‬‬
‫وضرورة تحويل تلك القوة لتفجير الطاقات الحضارية للمة‪ .‬لذلك‬
‫فإن تلك الزمة لبد أن تشكل بداية لوعي المة بقوتها الثقافية‬
‫والحضارية‪ ،‬وصياغة استراتيجية شاملة للدفاع عن الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم بتحقيق نهضة شاملة للمة السلمية‪.‬‬
‫ولن الثقافة هي أساس قوة الحضارات‪ ،‬فإن القوة المادية هي‬
‫التي تنقص المسلمين‪ ،‬والبشر يمكن أن يصنعوا القوة المادية‬
‫عندما يمتلكون الوعي والرادة والعتزاز بهويتهم وذاتيتهم الثقافية‪،‬‬
‫لذلك فإن انتفاضة المسلمين دفاعا عن رسولهم‪ ،‬ومشاعر الحب‬
‫التي تفجرت في نفوس المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫والغضب على من وجهوا له تلك الهانة قد وضعت المة السلمية‬
‫على الخريطة السياسية الدولية كما قال نهاد عوض‪ .‬لكن تلك‬

‫‪366‬‬
‫المشاعر يجب أن تتحول إلى طاقة إيجابية توظف القدرات‬
‫النسانية لمليار ونصف من البشر‪ ،‬وتجعلهم يشعرون بالمسؤولية‬
‫عن إنقاذ الشعوب الغربية الغارقة في التسلية من جهلها‪ .‬إن إدراك‬
‫تلك القوة الثقافية والحضارية يمكن أن تتحول بداية لصياغة‬
‫مشروع حضاري جديد‪.‬‬
‫القوة العلمية‬
‫لكننا نعيش في عصر ثورة التصال‪ ،‬والقوة العلمية هي أهم‬
‫مصادر القوة‪ ،‬لذلك قال أستاذنا وشيخنا العلمة يوسف القرضاوي‬
‫إن المة في حاجة إلى جيوش من العلميين المدربين للتعريف‬
‫برسولنا ‪ -‬جيوشنا الن يجب أن تكون جيوشا إعلمية تعليمية‬
‫توجيهية تثقيفية‪ ،‬ويجب أن يكون قوامها عشرات اللوف بل مئات‬
‫اللوف‪.‬‬
‫إن تشكيل جيش العلميين المؤهلين علميا وثقافيا ومهنيا للتعبير‬
‫عن المة هو بداية حقيقية لتحويل نصرة الرسول الكريم إلى عمل‬
‫دائم ومستمر‪ ،‬ولعادة المة للقيام بوظيفتها الحضارية‪ ،‬وتحقيق‬
‫الستقلل الشامل‪.‬‬
‫والغرب يحاول أن يضعفنا إعلميا حتى نظل نتلقى بشكل سلبي‬
‫رؤيته للحداث‪ ،‬لذلك فإن بناء صناعة إعلمية واتصالية مستقلة هو‬
‫أهم وسائل تحقيق التقدم القتصادي والسياسي والتعليمي‬
‫والثقافي‪.‬‬
‫إن الصناعة العلمية المستقلة يمكن أن تلعب دورا مهما في‬
‫تشكيل مستقبل جديد للمة السلمية‪ ،‬ولذلك فإنه لبد من الربط‬
‫بين تعليم العلم والدعوة السلمية عن طريق زيادة قدرات الدعاة‬
‫علي التعامل مع وسائل التصال الحديثة‪ ،‬وفي الوقت نفسه‬
‫أصبحت المة تحتاج إلى تعليم كل شاب علوم العلم والتصال‬
‫الحديثة في المدارس والجامعات‪ ،‬لذلك يقول عمرو خالد‪ :‬هناك‬
‫آلف من الشباب المسلم منعزل عن قضايا المة‪ ،‬ولبد أن يتم‬
‫إعطاء الفرصة للشباب القادرين على فهم العقلية الغربية للقيام‬
‫بالدعوة للسلم‪.‬‬
‫إن طاقات الشباب يمكن تفجيرها‪ ،‬وتحويلها إلى قوة إيجابية عن‬
‫طريق تعليمهم علوم العلم والتصال الحديثة‪ ،‬وبالتالي يمكن أن‬
‫يتحولوا إلى مصدر لقوة المة العلمية‪ .‬وهذا لبد أن يحتل مكانه‬
‫داخل المشروع الحضاري السلمي‪ ،‬فكل شاب يمكن أن يتحول‬

‫‪367‬‬
‫إلى منتج للمضمون وقائد للرأي وقائم بالتصال‪ ..‬وعندئذ سيتحول‬
‫الحلم إلى واقع‪.‬‬
‫وحدة المة‬
‫لقد كانت الزمة اختبارا لقوة المة السلمية‪ ،‬ولو أن المة لم‬
‫تنتفض دفاعا عن رسولها لستمرت الهانات بشكل متواصل‪،‬‬
‫وبالرغم من أن المة لم تستخدم سوى المظاهرات والمقاطعة فإن‬
‫النتائج السياسية والقتصادية والثقافية حتى الن واضحة‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن قوة المة الحقيقية لم تتضح بعد‪ ،‬فقوة المة في‬
‫وحدتها‪ ..‬لذلك يقول جاسم الياسين إن المطلوب من الدعاة هو أن‬
‫يستنهضوا المة ويوحدوها‪ ،‬ويجمعوا المليار ونصف على ثوابت‪.‬‬
‫والثوابت لدى المة السلمية يمكن أن تشكل أساسا لوحدتها‪،‬‬
‫ورسول الله صلى الله عليه وسلم أهم تلك الثوابت‪ .‬فحبه في‬
‫قلوب المسلمين يعلو على كل عوامل الفرقة والختلف‪ ،‬وعندما‬
‫يهان رسول الله يجب أن تختفي الختلفات المذهبية‪ ،‬واختلفات‬
‫المصالح‪.‬‬
‫لذلك وجه الشيخ محمد الراوي رسالة لولة المر قال فيها‪ :‬إن‬
‫المة سوف تضع ولة المر فوق رؤوسها عندما ترى منهم ترابطا‬
‫يعز دينها وينصر رسولها‪.‬‬
‫لكن الوحدة تحتاج إلى حوار إيجابي طبقا لتعبير الشيخ محمد علي‬
‫التسخيري يقوم على اكتشاف المساحات المشتركة بين‬
‫المسلمين‪ ،‬ويهدف إلى تعميقها‪ ،‬والحوار يجب أن يقوم على‬
‫مجموعة من الثوابت من أهمها أن حبنا لرسولنا مقوم لكل وجودنا‪.‬‬
‫الحوار مع الغرب‬
‫هناك قبول عام للحوار مع الغرب‪ ،‬والبحث عن وسائل للتعايش‬
‫معه‪ ،‬لكن ذلك الحوار لبد أن يقوم على أساس فهم حقيقي للعقلية‬
‫الغربية‪ .‬كما أن احترام مقدساتنا كما يقول الشيخ عبدالله بن بيه‬
‫هو البداية لتحقيق التعايش بيننا وبين الغرب‪.‬‬
‫والبداية الحقيقية للحوار هي زيادة القوة الثقافية والمادية للحضارة‬
‫السلمية‪ ،‬فالغرب يريد حوارا يفرض فيه هيمنته وسيطرته علينا‪،‬‬
‫والمة السلمية تريد حوارا يتيح إمكانية اكتشاف أساليب التعايش‬
‫السلمي بدون هيمنة أو قهر أو سيطرة‪ .‬إن زيادة قوة المة‬

‫‪368‬‬
‫السلمية هو البداية الصحيحة لحوار الحضارات‪ ،‬ونزع فتيل الصدام‬
‫بينها‪.‬‬
‫لبد أن نتحاور على أساس الحترام المتبادل‪ ،‬والرغبة في‬
‫المساهمة في تطوير الحضارة النسانية بدل من أن يدمر الغرب‬
‫تلك الحضارة بعنصريته واستعلئه وغروره‪.‬‬
‫الحوار اليجابي يحتاج إلى صياغة علقة جديدة بين الغرب والسلم‪،‬‬
‫وهذه العلقة تحتاج تطوير مصادر القوة السلمية‪ ،‬وتفجير طاقات‬
‫المة لبناء عالم جديد يقوم على العدل والمساواة ورفض العنصرية‬
‫والغرور والخرافات العرقية‪.‬‬
‫الحوار بين السلم والغرب ممكن ولكن بشرط احترام المقدسات‬
‫السلمية‪ ،‬وصياغة علقة جديدة تقوم على احترام ثوابت المة‬
‫وحقها في النهضة والتقدم والستقلل‪.‬‬
‫ربما تكون تلك هي أهم رسائل المؤتمر العالمي لنصرة الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم والذي يمكن أن يتحول إلى بداية نهضة جديدة‬
‫للمة عام ‪ 2006‬الذي سيكون عام التعريف بالرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم في أمريكا وكندا‪.‬‬
‫صحيفة الشرق القطرية‬
‫=============================‬
‫سسة‬ ‫الرسوم المسيئة والرد عليها ‪ ...‬السلوكيات المؤ ِّ‬

‫الكاتب‪ :‬حسين عبدالعزيز‬


‫طرحت قضية الرسوم المسيئة التي نشرتها صحف دنماركية‬
‫وأوروبية‪ ،‬ورد الشارع العربي عموما ً والسوري خصوصاً‪ ،‬أسئلة‬
‫صعبة ليس على سلوك الطرفين الوروبي والعربي فحسب‪ ،‬بل‬
‫أيضا ً على المنظومة الفكرية المؤسسة لهذين السلوكين‪ ،‬ما يدفعنا‬
‫الى تفحص المرجعية الفكرية الوروبية والعربية – السلمية على‬
‫السواء لفهم أقوى لهذين السلوكين‪ .‬يتطلب فهم المجال الثقافي‬
‫التداولي في العقل الوروبي‪ ،‬العودة الى الصراع الذي حكم القارة‬
‫الوروبية طوال عشرة قرون بين السلطتين السياسية والكهنوتية‪.‬‬
‫اذ أدرك الوروبيون انهم لن يدخلوا بوابة الحداثة ال من خلل‬
‫القضاء على الثنائية التي حكمت العصور الوسطى‪ ،‬والتي جعلت‬
‫من المجتمع وحدة موحدة خاضعة لمركزية لهوتية قسرية‪ ،‬ولنظام‬

‫‪369‬‬
‫كلي مستقل عن العضاء الذين يؤلفونه‪ .‬ووفق هذه الرؤية‬
‫اليديولوجية‪ ،‬فإن الخير على سبيل المثال ل يفرض نفسه على‬
‫الفراد بصفتهم أفراداً‪ ،‬بل يصدر عن النظام المتعالي‪ ،‬وما على‬
‫الفراد ال أن يبذلوا جهدا ً للتصرف وفق المنظور الخاص لهذا‬
‫النظام‪ ،‬ما يعني أننا نقف أمام ايديولوجية أو رؤية ميتافيزيقية‬
‫لمذهب اجتماعي وأخلقي وسياسي يقدم تصورات مسبقة للحياة‬
‫المدنية‪ .‬ويتطلب فك الرتباط عن الفكر القروسطي هذا فك‬
‫ارتباط من نوع آخر بين الدين والسياسة أو الكنيسة والدولة‪ ،‬وهو‬
‫فصل ما كان ليتم لول المحاولت الفكرية المترافقة مع ثورات‬
‫دموية‪ .‬وليست عملية الفصل هذه‪ ،‬أو العلمنة‪ ،‬سوى محاولة لنكار‬
‫سلطة السماء المتسامية على الشؤون الدنيوية‪ ،‬تلك العملية التي‬
‫بدأت مع دانتي‪ ،‬ودونس سكوت ومحاولته نسف التصور الثنائي‬
‫القروسطي للوجود‪ ،‬الى مارسيل دوبادو ومحاولته فصل الدين عن‬
‫الدولة‪ ،‬وارجاعه الجماعة السياسية الى جماعة اجتماعية ل يمكن‬
‫فصل استقللها السياسي عن استقلل المجتمع المدني كمقابل‬
‫للمجتمع الديني‪ ،‬الى توماس مور والتشديد على القوة الطبيعية‬
‫والعمل النساني بصفتهما أساسا ً للترتيب السياسي‪ ،‬الى‬
‫ديموقراطية الطوائف عند مارتن لوثر وأتباعه‪ ،‬الى القوة السيدة‬
‫عند بودان‪ ،‬والجهاز السياسي المتسامي والعقد الجتماعي عند‬
‫هوبز ولوك وروسو‪ ،‬الى وسطية العقل عند ديكارت‪ ،‬وإفراغ‬
‫التجربة من الظواهر عند كانط‪ ،‬الى شوبنهاور وإعادة توحيد مظهر‬
‫الشيء مع الشيء نفسه‪ ،‬الى هيغل وفيبر وفوكو‪ ...‬الخ‪ .‬باختصار‬
‫ان الصراع الذي عرفته أوروبا في العصور الوسطى بين الكنيسة‬
‫والمبراطور‪ ،‬ثم لحقا ً بين الكنيسة والنبالة القطاعية‪ ،‬ثم بين‬
‫الكنيسة والدولة‪ ،‬ثم أخيرا ً بين الكنيسة ورجال الدين الصلحيين‪،‬‬
‫أدت الى الفصل الحاد الذي نشهده اليوم في المنظومة الثقافية‬
‫الوروبية بين ما هو ديني وما هو دنيوي‪ .‬لكن المر تطور الى أبعد‬
‫من ذلك‪ .‬فإذا كانت الحداثة الوروبية أعلنت موت القداسة‪ ،‬فإن ما‬
‫متسام‬
‫ٍ‬ ‫بعد الحداثة أعلن موت القيم من خلل تدنيس كل ما هو‬
‫ومقدس‪ ،‬أي انها مرحلة العدمية التي تحول البشر فيها ذرات‬
‫يلتمسون أقصى درجات الربح ليس في القتصاد فحسب بل في‬
‫الجتماع أيضاً‪ .‬في الجانب المقابل‪ ،‬ل وجود لهذه الظاهرة في‬
‫التجربة الحضارية العربية – السلمية‪ ،‬بل انها منبوذة تماماً‪ .‬وهذا‬
‫يعود ليس الى طبيعة الدين السلمي فحسب‪ ،‬بل أيضا ً الى التجربة‬

‫‪370‬‬
‫التاريخية التي تطور من خللها الدين السلمي بالمقارنة مع‬
‫التجربة الوروبية‪ :‬في أوروبا وجدت الدولة أولً‪ ،‬ثم ظهر الدين في‬
‫كنفها‪ .‬أما في التجربة العربية فظهر السلم أول ً ثم وجدت الدولة‬
‫ثانياً‪ ،‬أي أن الثانية أسست على الولى‪ ،‬ما يعني أن الممارسة‬
‫الدينية لم تكن ممارسة صوفية‪ ،‬بقدر ما هي ممارسة اجتماعية‬
‫واقتصادية وسياسية في آن‪ .‬ففي وقت كان السلم يبلور مجاله‬
‫الديني كان يبلور بالتوازي منه مجاله السياسي‪ ،‬ولهذا يعيش‬
‫المسلم الحال كحال انطولوجية‪ ،‬ومن هنا تبدو عملية التقديس‬
‫للدين مضاعفة أكثر‪ .‬لكن هذا التقديس لم يقتصر على الدين وحده‪،‬‬
‫اذ كرست مركزية مقدسة في الفكر العربي السلمي بمختلف‬
‫تياراتها السلمية والعلمانية على غرار تلك التي كرست في العصور‬
‫القروسطية الوروبية‪ ،‬مركزية هرمية غايتها تثبيت البنيات السياسية‬
‫والجتماعية والثقافية القائمة منذ الستبداد العربي القطاعي وحتى‬
‫هذه المرحلة‪ .‬لقد استبدلت الثنائية الوروبية القروسطية هناك‬
‫بأحاديات متعددة هنا مع الحفاظ على الغاية اليديولوجية‪ ،‬وهي‬
‫تكوين رؤية ميتافيزيقية لمذهب اجتماعي وأخلقي وسياسي يقدم‬
‫تصورات مسبقة للحياة المدنية‪ .‬واستبدلت قيم الشورى والعدالة‬
‫والمساواة مع الموروث القرآني‪ ،‬بقيم أخرى وجدت معينها‬
‫المعرفي والتاريخي من موروث آخر‪ ،‬جاء مع الدولة المبراطورية‬
‫(الموية والعباسية)‪ ،‬ثم مع الدولة الستبدادية الحديثة والمعاصرة‪.‬‬
‫من هنا يمكن فهم ما شهدته العواصم العربية والسلمية من‬
‫احتجاجات خصوصا ً في دمشق‪ .‬صحيح ان ارادة المجموع بحسب‬
‫السوسيولوجيين ليست نتاجاً‬
‫حسابيا ً لرادات الفراد الداخلين في هذا المجموع‪ ،‬أي أن الجماعة‬
‫تتخذ في لحظات معينة ارادة مختلفة عن الرادات الكامنة فيها‪،‬‬
‫بحيث تسلك سلوكا ً غرائزيا ً قطيعيا ً يحمل في طياته قوة من العنف‬
‫أعلى بكثير من المعدلت التقليدية في الصراعات الجتماعية‬
‫والسياسية‪ ،‬وصحيح ان هذه الفئات أيضا ً قد تعود في أكثريتها‬
‫العددية الى تلك الفئات المهمشة من الحقل القتصادي‪ ،‬لكن‬
‫الصحيح أيضا ً أن هذا السلوك انما يعبر تعبيرا ً دقيقا ً عن واقع هذه‬
‫الشعوب وفضائها المعرفي ومخيالها الجتماعي أيضاً‪ ،‬وعن تلك‬
‫الثقافة العربية القروسطية والحديثة التي قامت بعملية قلب‬
‫ايديولوجي لبستمية المفاهيم السلمية‪ .‬ظهرت هذه الثقافة‬
‫القروسطية في أبهى صورها في تظاهرات دمشق‪ ،‬ولن نجد في‬

‫‪371‬‬
‫المجتمع السوري تظاهرة للمطالبة بالحقوق أو المساواة أمام‬
‫القانون‪ ،‬أو بتفعيل العمل الديموقراطي‪ .‬اذ ان عقلوية الفرد‬
‫السوري ل تقوَّم بمفاهيم الديموقراطية وحقوق النسان والعدل‬
‫والمساواة أمام القانون‪ ،‬بل بالمقولت الميتافيزيقية التي فرضتها‬
‫مركزية السلطة – الدولة السورية‪ :‬مقولت الدولة المنية‪ ،‬الوحدة‬
‫الوطنية‪ ،‬المبريالية والصهيونية المتربصة بنا‪ ،‬ما يعني أن أي‬
‫محاولة لكسر مركزية هذه المقولت ستعتبر تهديدا ً حقيقيا ً ليس‬
‫للسلطة – الدولة‪ ،‬بل أيضا ً لفعل الوجود ذاته على اعتبار أن الدولة‬
‫في هذه المركزية ناموس أو عقل لكل ما هو موجود‪ * .‬كاتب‬
‫سوري صحيفة الحياة اللندنية‬
‫==========================‬
‫الرسوم المسيئة ورقة في أيدي المتطرفين‬

‫الكاتب‪ :‬باسكال بونيفاس‬


‫تفاقمت تفاعلت الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة لنبي السلم التي‬
‫نشرتها صحيفة "يولندن بوستن" الدانماركية‪ ،‬لتأخذ أبعادا ً دولية‬
‫خطرة‪ ،‬لمست الجوانب الستراتيجية في العلقات الدولية‪ .‬فهل‬
‫سيتضاعف حجم القضية لتحتل مكانة مركزية في العلقات بين‬
‫العالمين السلمي والغربي‪ ،‬وتساهم بذلك في تغذية الجدل الدائر‬
‫قبل مدة حول صدام الحضارات؟ ففي هذا الطار أرى البعض‬
‫يتشبث بحرية التعبير على أنها جوهر الديمقراطية التي ل تقبل‬
‫التضييق أو الختزال‪ ،‬بينما يصر البعض الخر على الطبيعة المهينة‬
‫للرسوم بما تشكله عند المسلمين من تعبير صريح عن الحقد‬
‫الدفين تجاه العالم السلمي‪ ،‬وتعميقا ً للهوة بين الطرفين إلى حد‬
‫اتساع الرقع على الراقع‪ .‬إلى ذلك ل أحد يجادل أن صورة‬
‫المسلمين والعرب في الصحافة الغربية سيئة للغاية‪ ،‬إذ تميل في‬
‫كثير من الحيان إلى الخلط بين السلم والرهاب‪ .‬والمؤسف في‬
‫المر أن مثل هذا الخلط المجحف ل يقتصر فقط على الصحافة‬
‫الصفراء‪ ،‬بل يمتد أيضا إلى بعض المنابر العلمية الرصينة التي‬
‫تدعي معرفتها الفرق بين أغلبية المسلمين من جهة وبين أقلية من‬
‫العناصر الرهابية من جهة أخرى‪.‬‬
‫لكن بالنسبة لوسائل العلم الغربية التي تفضل أن تغطي المواضيع‬
‫الساخنة وتعطيها العناوين المثيرة مثل "خطر الملتحين" و"تهديد‬

‫‪372‬‬
‫صعود السلم" ل ترى في ذلك ضررا ً من الوجهة السياسية بقدر ما‬
‫تعتبره فرصة لزيادة حجم المبيعات وتحقيق المزيد من الرباح‪.‬‬
‫الصحيفة الدانمركية مع السف لم تقتصر فقط على تصوير النبي‬
‫محمد‪ ،‬وهو ما يحرمه السلم‪ ،‬بل قامت بما هو أفظع عندما وضعت‬
‫قنبلة فوق عمامة الرسول مساهمة في تكريس الصورة النمطية‬
‫لدى الغرب التي يصبح فيها السلم مرادفا ً للرهاب‪ ،‬وفي ترسيخ‬
‫نظرية صدام الحضارات‪ .‬وإذا كانت الساءة الصادرة عن الصحيفة‬
‫الدانمركية قد عمقت الهوة بين الغرب والمسلمين‪ ،‬إل أن ردة‬
‫الفعل السلمية جاءت قوية وعنيفة لتغذي الكثير من المخاوف‬
‫الكامنة لدى المواطنين في الغرب‪ ،‬ولتساهم في توسيع دائرة‬
‫الخلف بين العالمين الغربي والسلمي وزرع المزيد من الشقاق‬
‫بين الجانبين‪.‬‬
‫الصحافة الغربية تعمل في استقلل تام عن الحكومات‪ ،‬وتتمتع‬
‫بحرية طرق الموضوعات وتناولها دون رقابة‪ ،‬ونفس الشيء ينطبق‬
‫أيضا على الرسوم الساخرة التي تطال شتى الميادين دون حرج‪.‬‬
‫وللحيلولة دون انزلق الصحافة وانحدارها إلى درك التشهير العرقي‬
‫أو السب الشخصي سنت الدول الوروبية مجموعة من التشريعات‬
‫التي تعاقب على القذف والتشهير‪ ،‬وهي قوانين وإن كانت تختلف‬
‫من بلد لخر‪ ،‬إل أنها تتفق على ضرورة احترام كرامة الشخاص‬
‫وعدم المس بها‪ .‬وبالنظر إلى السلوك الرعن للصحيفة الدانمركية‬
‫المتمثل في إقدامها على نشر صور تمتهن كرامة الخر وتحط من‬
‫معتقداته‪ ،‬فإن الرد المثل على ذلك هو انخراط المسلمين في‬
‫احتجاجات سلمية تشجب الرسوم وتعبر عن غضبهم المشروع إزاء‬
‫صور تمس بالمقدسات السلمية‪ ،‬لكن دون النخراط في أعمال‬
‫العنف ودعاوى الحقد والكراهية التي أطلقتها بعض الجهات‪ ،‬علما‬
‫أن العنف لم يؤد سوى إلى تقديم خدمة جليلة إلى المحرضين في‬
‫المعسكر الغربي الذين ينتظرون الفرصة لشعال نار الفرقة بين‬
‫العالمين السلمي والغربي‪ .‬وقد نظر الوروبيون إلى الحتجاجات‬
‫العنيفة التي شهدتها بعض الدول على أنها أمثلة ساطعة على‬
‫التخلف ومناهضة الديمقراطية السائدين في العالم السلمي‪ ،‬في‬
‫وقت ناضل فيه الوروبيون طيلة قرون مديدة لنتزاع الحرية‬
‫والنعتاق من هيمنة الكنيسة الكاثوليكية‪.‬‬
‫بيد أن الغربيين بإصرارهم على حرية التعبير كمبدأ أساسي يحكم‬
‫الصحافة استشعر العديد من المسلمين سياسة المعايير المزدوجة‬

‫‪373‬‬
‫التي يدمن عليها الغرب‪ .‬وقد عبر عن ذلك الشعور بشكل واضح‬
‫عمرو موسى‪ ،‬المين العام للجامعة العربية الذي أعلن متسائل‪:‬‬
‫"ماذا عن حرية التعبير عندما يتعلق المر بالعداء للسامية؟ بالطبع‬
‫يعتبر المر جريمة في هذه الحالة‪ ،‬لكن عندما يتعرض السلم‬
‫للسب‪ ،‬فإن المسألة ل تعدو حرية التعبير"‪ .‬لذا فإن الدعوة التي‬
‫أطلقت في العالم السلمي لمقاطعة المنتجات الدانمركية جاءت‬
‫في إطار الحتجاج غير العنيف‪ ،‬حيث تركت للناس حرية النخراط‬
‫الطوعي في مقاطعة البضائع الدانمركية على قاعدة التعبئة‬
‫الشعبية‪ .‬أما أعمال العنف التي عمت الشارع السلمي فقد جاءت‬
‫غير متناسبة مع حجم القضية وخلفت انطباعا بعدم الرتياح لدى‬
‫الغرب‪ .‬وإذا كان من السهل الهجوم على بلد مثل الدانمرك بدل‬
‫الدخول في مواجهة مع بلد أكثر قوة‪ ،‬فإنه من غير المفهوم حدوث‬
‫ردة فعل بهذه الحدة ضد رسوم كاريكاتيرية‪ ،‬مهما بلغت إساءتها‪،‬‬
‫وتجلت ردة الفعل هذه في حشد الجماهير المدعومة من قبل‬
‫الحكومات إلى درجة فاقت احتجاجات ستكون مفهومة أكثر ضد‬
‫قضايا ملحة كالحرب على العراق‪ ،‬أو ما يجري في معتقلي‬
‫"أبوغريب" وغوانتانامو‪ .‬وهي موضوعات جديرة بالحتجاج‪ ،‬فضلً‬
‫عن أنها تجمع بين النشطاء العرب الديمقراطيين من جهة‬
‫ونظرائهم الغربيين المناهضين للسياسة الميركية في منطقة‬
‫الشرق الوسط من جهة أخرى‪ .‬ثم لماذا اقتصرت المقاطعة على‬
‫المنتجات الدانمركية وحدها بينما يستمر المسلمون في استهلك‬
‫البضائع الميركية مثل كوكاكول وغيرها؟‬
‫ولئن كنا نفهم جيدا مشاعر الغضب والستياء التي اجتاحت شرائح‬
‫واسعة من المسلمين نتيجة للرسوم المشينة‪ ،‬غير أن الحكمة كانت‬
‫تقتضي عدم الوقوع في فخ النظرة التعميمية التي تعاملت مع‬
‫الغرب على أنه كتلة واحدة‪ ،‬فضل عن الهجوم غير الموفق على‬
‫حرية التعبير‪ .‬نقول هذا لن ردة الفعل العنيفة في العالم السلمي‬
‫منحت مبررا ً للمتطرفين في الغرب لتصوير المسلمين وكأنهم‬
‫أعداء للحرية والديمقراطية التي يتم استغللها في الكثير من‬
‫الحيان للتهجم على المسلمين‪ ،‬رغم أنهم ليسوا الوحيدين في ذلك‬
‫بعدما أصبحت الرموز المسيحية أيضا ً محط سخرية وتندر‪ .‬وحتى لو‬
‫التأم الجرح الذي خلفته قضية الرسوم في الجسمين السلمي‬
‫والغربي بعدة فترة قصيرة‪ ،‬إل أن الندوب ستظل ماثلة أمامنا‬
‫تذكرنا بمدى الهوة التي تفصل بين عالمينا والتصورات الخاطئة‬

‫‪374‬‬
‫التي ما فتئت تتعمق لدى الجانبين‪ .‬ورغم أننا نعيش في عصر‬
‫العولمة‪ ،‬إل أن التواصل بيننا بات أصعب من ذي قبل فاتحا ً المجال‬
‫أمام المتطرفين في الجهتين معا لتعزيز مواقفهما من خلل‬
‫الخطاب المحرض على العنف والكراهية التي جاءت لتؤكده‬
‫الحداث الخيرة المؤسفة‪ .‬ولئن كان بعض المسلمين قد شعروا‬
‫فعل بالساءة‪ ،‬كما شعر بعض الغربيين بخضوعهم للرقابة‪ ،‬إل أن‬
‫المتطرفين في كل الجانبين ساهموا في تأجيج تلك المشاعر عبر‬
‫نفخ وتضخيم مقولت احترام المعتقدات‪ ،‬والدفاع عن حرية التعبير‪.‬‬
‫صحيفة التحاد الماراتية‬
‫ي‬‫السر العص ّ‬
‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬باسم عبد الله عالِم‬
‫منذ النتفاضة الخيرة للعالم السلمي في مواجهة العتداءات‬
‫الخلقية والنسانية التي حاولت النيل من رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم والغرب في حالة من النزعاج والقلق تجاه هذه‬
‫النتفاضة وما تضمنته من مؤشرات توحي إلى الغرب بوجود خطأ‬
‫فادح في خطوتهم المشؤمة ونتائجها المتوقعة‪ .‬ويعني ذلك اضطرار‬
‫الغرب الطلسي إلى إعادة تقييم خططه في مواجهة العالم‬
‫السلمي بعد أن ظن أن هذه النتفاضة يمكن احتوائها من خلل‬
‫تصريحات فضفاضة ومجاملت دبلوماسية‪ .‬وسرعان ما أكتشف‬
‫التحاد الوربي أن المر أكبر من ذلك فندب إلينا السيد‪ /‬خافيير‬
‫سولنا الذي زار المنطقة بصفته الرسمية وباعتباره المسئول‬
‫الوربي الول عن الشئون المنية والسياسية‪ .‬ولكنه ما أن حط‬
‫رحاله حتى راح يتصرف كعامل الصيانة الذي انتدبته شركته ليفهمنا‬
‫كيف يجب أن نتعامل مع الجهاز المعقد المركب الذي اشتريناه‬
‫منهم ولم نعرف بعد أسرار تشغيله أو نتمكن من حسن استخدامه‪.‬‬
‫راح يشرح مفهوم الحرية وكيف أن سباب الخر حق مشروع وكيف‬
‫أنه منطقي وطبيعي أن يفحش الغرب القول لنا ولنبينا ولديننا مع‬
‫البقاء على احترامه لمعتقداتنا وكيف أن انزعاجنا دليل على عدم‬
‫قدرتنا على التفاعل مع الخر وتفهم منطلقاته وتقبل الختلف معه‪.‬‬
‫وفي هذه الفترة الوجيزة تتابعت التصالت والستفسارات من قبل‬
‫العلم الغربي لمحاولة فهم ما يجري وقد أبدى الكثيرون‬
‫اندهاشهم‪ ،‬فهم لم يتوقعوا رد فعل واسع النطاق وشديد التعبير عن‬
‫التأثر والغضب الذي اجتاح العالم السلمي‪ .‬وكانت تساؤلتهم‬

‫‪375‬‬
‫تحمل في طياتها الكثير من الستفهام الممزوج بالستنكار وكلهما‬
‫يعكس نفسية مضطربة قد دبت فيها الحيرة جراء ما يحدث‪ .‬إن ما‬
‫حدث يعتبر فشل ً حقيقيا ً يستدعي إعادة تقييم وتغيير جذري للخطط‬
‫الغربية تجاه العالم السلمي‪ ،‬فالحملت العسكرية والغربنة‬
‫والعولمة والهيمنة السياسية والهيمنة القتصادية والتوجيه العلمي‪.‬‬
‫وجميع محاولت إعادة صياغة العقل العربي المسلم جميعها باءت‬
‫بالفشل الذريع حيث انهارت أمام أول اختبار من شأنه أن يثبت‬
‫انفصال المسلم عن ثوابته وذلك في مراحل متقدمة في المسيرة‬
‫التي رسمها له الغرب تجاه التبعية الفكرية والهيمنة الحضارية‬
‫المطلقة‪ .‬وزاد من حيرتهم الخلل الذي وجدوه حاضرا ً جليا ً من خلل‬
‫تباين ردود فعل العالم السلمي تجاه الكثير من الحداث الدموية‬
‫التي أقترفها الغرب وذلك مقارنة برد الفعل الناجم عن المساس‬
‫بمقام صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقد يعتقد الغرب أن‬
‫ردود الفعل السابقة تمثل ضعفا ً وانهيارا ً لمقومات المة وقدرتها‬
‫على المواجهة الجماعية كما تعكس (بحسب ظنهم) ما أعتبره‬
‫الغرب نجاح مخططاتهم التي استهدفت تدجين ومسخ العقل‬
‫العربي المسلم‪ .‬ولكنه فوجئ بهذه الهبة الجماعية فأخذ يبحث عن‬
‫سئلت عما حدث وأنتظر القوم مني‬ ‫أسبابها بل وأسرارها‪ .‬وقد ُ‬
‫جوابا ً فرحت أقلب المر وأتدبره محاول ً معرفة الجواب ومنطقته‪.‬‬
‫فأخذت أقلب في صفحات التاريخ القريب لمعرفة أسرار التحرك‬
‫الجماعي وآلياته فإذا بي أمام حالة فريدة لم توجد خارج عالمنا‬
‫العربي والسلمي من قبل‪ ،‬وهي غضب النسان المسلم والعربي‬
‫لجل مبدأ أو مفهوم روحي يخرج عن إطار الحسيات والماديات‬
‫التي تمس النسان مساسا ً مباشرا ً في حياته اليومية أو مصادر‬
‫الرزق أو النظمة الحاكمة التي تحد من حركته أو تؤثر في‬
‫مستقبله‪ .‬بل ويزيد على ذلك أن هذه الحالة إنما طرأت على أمر‬
‫غير ملموس إذ ليس أمامنا ما نشهده من انتهاك مباشر للنسان‬
‫العربي المسلم على غرار ما نراه في العراق وفلسطين‬
‫وأفغانستان وغوانتانامو وغيرها من البؤر المظلمة في تاريخ‬
‫النسانية المعاصرة‪.‬‬
‫أن الحقيقة‪ ،‬في ما أرى‪ ،‬تكمن في السر اللهي الذي وضعه رب‬
‫العباد في كتابه وشرعته (سواء أنزله وحيا ً أو أنطقه وحيا ً على‬
‫لسان نبيه) فالسلم في إطار وجوده كدين إلهي للبشرية جمعاء‬
‫غُرِس فيه سر الهي يدخل في تكوين الشخصية المسلمة التي‬

‫‪376‬‬
‫تستصحب معها هذا السر مهما ابتعدت عن الجادة ومهما تنكبت‬
‫الطريق‪ .‬فالدين ورموزه يشكلن لدى الشخصية المسلمة طوق‬
‫النجاة والملذ المن‪ .‬ومهما غامر المسلم وذهب بعيدا ً عن الشاطئ‬
‫فإنه وطالما بقي يقبض على طوق النجاة يشعر أن بإمكانه العودة‬
‫سالما ً أن شاء‪ .‬وهذه الشخصية في أسوأ ظروفها وأحلك لحظاتها‬
‫يمكنها أن تتحمل الذى الشخصي والرهق الذي يسومه لها الغرب‬
‫كما يمكنها السكوت على مضض في بعض الحيان أو النخداع في‬
‫أحيان أخرى لنصائح الغرب ومحاولته للظهور بمظهر الناصح المين‬
‫ليعلمنا كيفية المساك بطوق النجاة أو ضرورة تحديث طوق النجاة‬
‫من خلل محاولته لتحوير ديننا وتدجينه‪ .‬ولعل المسلم إن سكت‬
‫على ذلك أو قبل به سواء كان على مضض أو منخدعا ً فإنما يشعر‬
‫بأن ثمة ورقة توت ل تزال تغطي عورة الحقيقة التي تفضح نوايا‬
‫الغرب وتجسدها دونما تورية‪ .‬أما في الحالة الراهنة فإن ما حدث‬
‫يوازي محاولة الغرب انتزاع طوق النجاة أو تحطيمه ظنا ً منه بأن‬
‫المسلم لم يعد بحاجة إليه و لم تعد له رغبة في أن يعود يوما ً ما‬
‫إلى بر المان و لم يعد يعتمد بعد اليوم في عقله الباطن على طوق‬
‫النجاة الذي ل يزال يمسك به بيده‪ .‬وفي هذه اللحظة الحرجة‬
‫الحاسمة تكشفت الحقائق وظهرت الحسابات الحقيقية لدى كل‬
‫طرف‪ .‬ولعلها ملئمة هذا الدين بل وتطابقه تطابقا ً تاما ً مع الفطرة‬
‫السليمة هو الذي يجعل النسان المسلم يقاتل بشراسة منقطعة‬
‫النظير إذا ما كان الهدف هو الجتثاث الكامل لكيانه ووجوده بل‬
‫ولمله وطوق نجاته في دنياه وآخرته‪ .‬ويزيد على ذلك أن وسائل‬
‫الستهداف هذه المرة لم تكن وسائل مبطنة أو محاطة بزخرف من‬
‫القول يغررون به‪ .‬فقد كانت الوسيلة واضحة مباشرة وكان الهدف‬
‫واضحا ً فلم يكن بالمكان للمعتدي أن ينكر استهدافه ولم يكن‬
‫بالمكان للمعتدي عليه أن يدفن رأسه في التراب أو يعلل أو يجد‬
‫العذر‪.‬‬
‫ولن المر كله جاء على حين غفلة فلم تستطع وسائل العلم‬
‫المحلية والعالمية كما لم تستطيع الحكومات أن تحتوي الزمة من‬
‫خلل إسباغ صبغة سياسية عليها أو فذلكة في إخراجها‪ ،‬فيتم‬
‫التفريق بين الحكومات ووسائل العلم الغربية أو حتى التوجيه بمنع‬
‫وسائل العلم العربية ومنابر المساجد من التطرق إلى هذا المر‪.‬‬
‫لقد وجدت الفكرة أمثل وسيلة لتبنيها وأمثل أداة لتحريك المة‬
‫وذلك من خلل المساجد والتي استتبعها تحرك جماهيري على‬

‫‪377‬‬
‫نطاق واسع مستخدمين جميع الطاقات والمكانيات الحديثة بعد أن‬
‫تم تقعيد المر توطئته من قبل المسجد ومن على منبره‪ .‬وهنا‬
‫مكمن الحقيقة في أسباب التحريك الجماعي وإنجاحه إذ أن‬
‫مؤسسات المجتمع المدني في صياغتها الحالية منفصلة عن إرث‬
‫المة الحضاري والنساني فل تقوى على تعبئة الشارع وتحريكه ولم‬
‫يبق في المجتمع المسلم مؤسسة مدنية منبثقة من عمق إرث‬
‫النسان المسلم سوى المسجد‪.‬‬
‫وإنني أدعو اليوم كما دعوت سابقا ً إلى وجود مؤسسات مدنية‬
‫تشكل في مجملها أعمدة المجتمع المدني و بأن هذه المؤسسات‬
‫يجب أن تبنى على قواعد راسخة من تراثنا وأن تصاغ في إطار‬
‫مفاهيم مستمدة من هذا التراث بحيث ل تبدو لرجل الشارع العربي‬
‫المسلم أمرا ً غريبا ً أو مستهجنا ً يصعب قبوله أو تفهمه بفطرة‬
‫وتلقائية ودون عناء‪ .‬إذ يبدو اليوم أن مؤسسات مجتمعنا المدني‬
‫(إن وجدت) قد صيغت في إطار غريب عن مفهوم رجل الشارع‬
‫فانحصرت في إطار المثقفين أو أولئك الذين جاءوا بها ومعها من‬
‫الغرب فظنوا أنها سوف تلقي رواجا ً وقبول ً في المجتمع ولكنهم‬
‫كمن يحدث القوم بلغة ل يفهمونها ول يتقبلونها مهما اشتد حماس‬
‫المتحدث ومهما صحت نيته فالمجتمع ليس مطالبا ً بأن يتحدث‬
‫باللغة التي يخاطبه بها المثقف ولكن المثقف هو المطالب بأن‬
‫يتحدث إلى قومه باللغة التي يفهمها المجتمع ويتقبلها ويتفاعل‬
‫معها‪.‬‬
‫والله من وراء القصد‪,‬‬
‫‪E-mail: alim@alimlaw.com‬‬
‫نشرت بالعدد (‪ )15661‬من جريدة المدينة‪ ،‬يوم الجمعة بتاريخ ‪10‬‬
‫صفر ‪1427‬ه الموافق ‪ 10‬مارس ‪2006‬م‪ ،‬بصفحة الرأي‪.‬‬
‫=========================‬
‫سنة النبوية‪ :‬إضاءات ضروريّة‬ ‫ال ّ‬
‫أ‪ .‬د‪ .‬عماد الدين خليل‬
‫[‪]1‬‬
‫من بين العديد من الباحثين الغربيين الذين كتبوا عن سيرة رسول‬
‫الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يبدو ليوبولد فايس (محمد أسد)‬
‫أكثرهم اهتماما ً واقترابا ً من جانب حيوي من أكثر جوانبها أهمية‪،‬‬

‫‪378‬‬
‫ذلك هو" السنة "‪ :‬ما الذي تعنيه‪ ،‬وما مكانها في خارطة التشريع‬
‫السلمي‪ ،‬ومدى التوثيق الذي حظيت به‪ ،‬وما هي طبيعة التعامل‬
‫التي يجب أن تنظم العلقة بينها وبين المسلم‪ ،‬وردود الفعال التي‬
‫خضت عن هذا التعامل عبر التاريخ‪.‬‬ ‫تم ّ‬
‫يعّرف "فايس" السنة بأنها‪ " :‬المثال الذي أقامه لنا الرسول ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬من أعماله وأقواله‪ .‬إن حياته العجيبة كانت تمثيلً‬
‫حيا ً وتفسيرا ً لما جاء في القرآن الكريم‪ ،‬ول يمكننا أن نتصف‬
‫القرآن الكريم بأكثر من أن نتّبع الذي قد بلغ الوحي(‪.)1‬‬
‫فهذا التعريف ـ على إيجازه ـ يكاد يلّم بسائر عناصر المصطلح‬
‫المقصود‪ ،‬فهناك أفعال الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وأقواله‪،‬‬
‫أي معطياته كافة على مستوى الممارسة والتعليم‪ ،‬وهناك التمثيل‬
‫الحي لكتاب الله في واقع الحياة من خلل هذه المعطيات التي‬
‫صل ما ورد‬ ‫ضح ويف ّ‬‫تمارس دورا ً ل يقل أهمية‪ ،‬وهو التفسير الذي يو ّ‬
‫في القرآن الكريم موجزاً‪ ،‬مركزا ً ‪ ..‬وهناك ـ أخيرا ً ـ ما تتضمنه‬
‫السنة من إلزام باعتبارها القناة‪ ،‬أو الطريق الوحيد المفضي إلى‬
‫تنفيذ أمر الله كما بلّغه الوحي المين‪ ،‬وكما تمثل في كتاب الله‪.‬‬
‫والسنة بهذا المعنى ليست مجرد حشود من المفردات السلوكية‪،‬‬
‫أو مجموعة متفرقة من التعاليم والرشادات‪ .‬إنها وحدة مركبة‬
‫وبرنامج عمل يتميز بالشمولية والترابط‪ ،‬ويوازي حياة المسلم‬
‫نفسها بكل تفاصيلها ونبضاتها‪ ،‬بل إنه ـ بعبارة أكثر دقة ـ يتعاشق‬
‫معها كما تتعاشق الروح مع الجسد البشري‪ ،‬مع جملته العصبية‪،‬‬
‫ودمه‪ ،‬وخلياه و" كما أن حياة المسلم يجب أن تقوم على التعاون‬
‫التام المطلق بين ذاته الروحية وذاته الجسدية‪ ،‬فإن هداية النبي ‪-‬‬
‫م الحياة على أنها وحدة مركبة‪،‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬يجب أن تض ّ‬
‫أي على أنها مجموع أعمق المظاهر الخلقية والعملية والشخصية‬
‫والجتماعية‪ ،‬وها هو أعمق معاني السنة "(‪.)2‬‬
‫وإذا كانت السنة على هذا الساس‪ ،‬هي التعبير المتكامل عن‬
‫السلم‪ ،‬يصبح العمل بها لزما ً لكل مسلم يتوخى التعامل مع هذا‬
‫الدين بالجد ّ المطلوب‪ ،‬من أجل أن تتوحد المبادئ والتعاليم‪،‬‬
‫بالممارسة والسلوك‪ ،‬ويلتقي الفكر بالحياة‪ ،‬ويتمكن السلم ـ‬
‫بالتالي ـ من أن يشق طريقه متحققا ً في مجرى الواقع‪ ،‬متقدماً‬
‫بأتباعه إلى المام‪ ،‬من خلل برنامج عمل ل يكاد يغفل صغيرة ول‬
‫كبيرة‪ .‬ومن هذا المنطلق يلحظ "فايس" كيف " أن العمل بسنة‬

‫‪379‬‬
‫رسول الله‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬هو عمل على حفظ كيان‬
‫السلم وعلى تقدمه‪ ،‬وأن ترك السنة هو انحلل السلم"‪ .‬كما أنه‬
‫يجد في السنة " الهيكل الحديدي الذي قام عليه صرح السلم"‪.‬‬
‫ويتساءل‪ " :‬إنك إذا أزلت هيكل بناء ما‪ ،‬أفيدهشك أن يتقوّض ذلك‬
‫البناء كأنه بيت من ورق؟ "(‪.)3‬‬
‫وعلى هذا المستوى‪ ،‬أي على مستوى اللزام التشريعي والسلوكي‬
‫والجتماعي للسنة‪ ،‬يمضي "فايس" إلى تأكيد حقيقة أن " سنة‬
‫الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬تالية للقرآن‪ ،‬وهي المصدر الثاني‬
‫للشرع السلمي وللسلوك الشخصي والجتماعي‪ ..‬إنها التفسير‬
‫الوحيد لتعاليم القرآن الكريم‪ ،‬والوسيلة الوحيدة لجتناب الخلف‬
‫في تأويل تلك التعاليم وتطبيقها في الحياة العملية‪ ..‬إن تفكيرنا‬
‫يقودنا حتما ً إلى أنه ليس ثمة حكم‪ ،‬فيا يتعلق بالتأويل العملي‬
‫لتعاليم القرآن الكريم‪ ،‬أفضل من الذي أوحيت إليه هذه التعاليم‬
‫هدى للعالمين‪ .‬إن التعبير الذي يتردّد اليوم على مسامعنا كثيراً‪:‬‬
‫"لنرجع إلى القرآن الكريم‪ ،‬ولكن يجب أل ّ نجعل من أنفسنا أتباعاً‬
‫مستعبدين للسنة‪ ،‬ينكشف بكل بساطة عن جهل للسلم‪ .‬إن الذين‬
‫يقولون هذا القول يشبهون رجل ً يريد أن يدخل قصرا ً ولكنه ل يريد‬
‫أن يستعمل المفتاح الصلي الذي يستطيع به وحده أن يفتح الباب"(‬
‫‪.)4‬‬
‫وذلك ـ بإيجاز ـ هو جوهر الموضوع‪ :‬إن السنة هي المفتاح الصلي‬
‫الذي يمكننا من الدخول إلى عالم السلم‪ ،‬وبدونه فإننا سنظل‬
‫واقفين على البواب‪ ،‬ولن تكون سائر الدعاوى التي تنادي بالتحّرر‬
‫من السنة!! قادرة على أن تجعلنا مسلمين بحق‪.‬‬
‫[‪]2‬‬
‫ولكن ما مدى مصداقية السنة على مستوى التوثيق التاريخي؟؟‬
‫وهل أن ما نقل عن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬من أقوال‬
‫وأفعال هي نفسها التي تحققت وقيلت في حيته بالفعل‪ ،‬أو قريباً‬
‫منه؟ وإذا كان القرآن الكريم يحمل ـ وبشكل مطلق ـ مصداقيته‬
‫كنص إلهي محفوظ‪ ،‬لم ولن يأتيه الباطل من بين يديه ول من‬
‫خلفه‪ ،‬فما مدى حظ السنة من هذا المر؟ ل سيما‪ ،‬وأنها تحمل هذا‬
‫القدر الكبير من الهمية واللزام في الحياة السلمية؟‬
‫إن "فايس" ل يجعل هذه التنازلت تفلت من بين يديه‪ ،‬وتبقى‬
‫معلقة في الفضاء‪ ..‬ونحن ـ كمسلمين نعرف جميعا ً الجابة عليها‪،‬‬

‫‪380‬‬
‫م والمتابعة‬‫تلك التي حرص الجداد بسلسلة موصولة من الجهد واله ّ‬
‫على تقديمها موثقة منقحة لجيال المسلمين‪ .‬ولكن المطلوب هو‬
‫مخاطبة العقل الغربي‪ ..‬العقل العلماني الذي ل يسلّم بسهولة بأمر‬
‫كهذا‪ ..‬ومن ثم فإن استنتاجات "فايس" بهذا الصدد تحمل قيمتها؛‬
‫لنها تتحدث بالمفردات نفسها التي يدركها العقل‪ ،‬وقد يقتنع بها‬
‫أيضاً‪.‬‬
‫فهو يشير مثل ً إلى" الثر العظيم الذي تركته شخصية الرسول ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬في أولئك الرجال الذين صحبوه باعتبارها‬
‫حقيقة من أبرز حقائق التاريخ النساني " وأنها " فوق ذلك ثابتة‬
‫بالوثائق التاريخية " ويتساءل‪ " :‬هل يمر في خيالنا أن أولئك الرجال‬
‫الذين كانوا على استعداد لن يضحوا بأنفسهم وما يملكون في‬
‫سبيل رسول الله ‪ ،‬كانوا يتلعبون بكلماته؟ "(‪.)5‬‬
‫ويمضي "فايس" إلى القول بأن " الذين عاشوا في صحبة الرسول‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬رأوا جميعهم في أقواله وأعماله أعظم‬
‫الهمية‪ ،‬ل لن شخصية الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أثّرت‬
‫فيهم فخلبت ألبابهم فقط‪ ،‬بل لنهم كانوا أيضا ً على اعتقاد جازم‬
‫بأن ذلك كان أمرا ً من الله تعالى لتنظيم حياتهم حتى في أدق‬
‫تفاصيلها‪ .‬كل ذلك اهتداء بالرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وإقتداء‬
‫به‪ .‬من أجل لك لم يستطيعوا أن يتناولوا الحاديث بل اكتراث‪ ،‬بل‬
‫جربوا أن يتعلموها وأن يحفظوها عن ظهر قلب‪.)6(" ..‬‬
‫وهو‪ ،‬على ضوء الجهود التوثيقيّة المذهلة التي بذلها رجال الحديث‬
‫في العصور التالية للصحابة والتابعين‪ ،‬والتي وضعت أصول منهج‬
‫صارم في التوثيق والبحث العلمي‪ ،‬بطرح تحدّيه إزاء العقل الغربي‪:‬‬
‫أن يدعم انتقاداته العاطفية لمصداقية الحاديث النبوية بدليل علمي‬
‫مقنع‪ " :‬إنه على الرغم من جميع الجهود التي بذلت في سبيل‬
‫تحدّي الحديث على أنه نظم ما‪ ،‬فإن أولئك النقاد العصريين من‬
‫الشرقيين والغربيين لم يستطيعوا أن يدعموا انتقادهم العاطفي‬
‫الخالص بنتائج من البحث العلمي‪ .‬وأنه من الصعب أن يفعل أحد‬
‫ذلك‪ ،‬لن الجامعين لكتب الحديث الولى وخصوصا ً المامين‬
‫البخاري ومسلماً‪ ،‬قد قاموا بكل ما في طاقة البشر عند عرض‬
‫صحة كل حديث على قواعد التحديث عرضا ّ أشد كثيرا ً من ذلك‬
‫الذي يلجأ إليه المؤرخون الوربيون عادة عند النظر في مصادر‬
‫التاريخ القديم "(‪.)7‬‬

‫‪381‬‬
‫ثم يخلص إلى القول بأن " رفض الحاديث الصحيحة‪ ،‬جملة واحدة‬
‫أو أقساماً‪ ،‬ليس حتى اليوم إل ّ قضية ذوق‪ ،‬قضية قصرت عن أن‬
‫تجعل من نفسها بحثا ً علميا ً خالصا ً من الهواء "(‪.)8‬‬
‫فهي ـ إن ـ الميول والهواء تسعى لن تقول كلمتها في واحدة من‬
‫أشد مرتكزات السلم أهمية‪ ،‬حتى إذا ما أُتيح لها أن تفرض كلمتها‪،‬‬
‫قدرت على هدم السلم نفسه‪ ،‬بعد أن رأينا ذلك الرتباط الصميم‬
‫بين السنة وبين الدين الذي ترجمته إلى وقائع وممارسات‪ .‬ولكنها‬
‫لن تقدر إذ إن هناك‪ ،‬في الجهة الخرى للظن والهوى‪ :‬المنهج‪،‬‬
‫والعلم‪ ،‬والنقد الجاد التي قادت العقل البشري وستقوده دوما ً إلى‬
‫التسليم بمصداقية سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫[‪]3‬‬
‫سنكتفي بهذا القدر من الحديث عن مسألة التوثيق هذه التي‬
‫أشبعت بحثاً‪ ،‬ولنتابع "فايس" وهو يتحدث عن طبيعة التعامل مع‬
‫السنة‪ .‬عن صيغ هذا التعامل التي تتأرجح بين اللية التي ل تكاد‬
‫تتمخض عن شيء وبين التمثل الذي قاد أجيال ً من المسلمين إلى‬
‫أن يكونوا تعبيرا ً صادقا ً عن كتاب الله‪ ،‬وإلى أن يصنعوا المستحيل‬
‫بالتالي‪ ..‬ففي " اللحظة التي ينحط فيها العمل بالسنة إلى عمل‬
‫آلي‪ ،‬تفقد السنة قيمتها المثقفة فقدانا ً تاماً‪ ،‬وكذلك كان شأن‬
‫المسلمين في العصور الخيرة‪ .‬أما الصحابة والتابعون الذين قاموا‬
‫بكل مسعى لجعل كل دقيقة في حياتهم موافقة لما كان عليه‬
‫الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فإنهم فعلوا ذلك مع الفهم التام‬
‫بأنهم أسلموا أنفسهم إلى إرادة هادية تجعل حياتهم مطابقة لروح‬
‫القرآن الكريم "(‪.)9‬‬
‫[‪]4‬‬
‫كيف يتم ذلك التطابق الباهر بين الحياة وتعاليم الله سبحانه؟ يجيب‬
‫"فايس" بأن " العمل بالسنة يجعل كل شيء في حياتنا اليومية‬
‫مبنيا ً على القتداء بما فعله الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وهكذا‬
‫نكون دائماً‪ ،‬إذا فعلنا أو تركنا ذلك‪ ،‬مجبرين على أن نفكر بأعمال‬
‫الرسول وأقواله الماثلة لعمالنا هذه‪ ،‬وعلى هذا تصبح شخصية‬
‫أعظم رجل متغلغلة إلى حد بعيد في منهاج حياتنا اليومية نفسه‪،‬‬
‫ويكون نفوذه الروحي قد أصبح العامل الحقيقي الذي يعتادنا طول‬
‫الحياة "(‪.)10‬‬
‫[‪]5‬‬

‫‪382‬‬
‫والحديث عن سنة رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يقودنا إلى‬
‫الحديث عن شخص رسول الله نفسه‪ ..‬النبي‪ ،‬والقائد والمعلم‪ ..‬عن‬
‫علقة المسلمين على مّر العصور به‪ ..‬عن محبتهم له ‪ ..‬عن‬
‫عشقهم لفعاله وكلماته‪ ..‬وعن ردود الفعال النسانية‪ ،‬وجدانية‬
‫وسلوكية‪ ،‬تلك التي تصادت على مدار الزمن‪ ،‬مؤكدة أنه ما من أمة‬
‫أحبّت رسولها‪ ،‬واقتدت به‪ ،‬كأمة السلم‪ ،‬وأنه ـ أيضا ً ـ ما من أمة‬
‫كهذه المة لم تجرفها المحبة الطاغية إلى مواقع الشرك والتأليه‬
‫والصنمية‪ ،‬وما كانت الستثناءات بقادرة على أن تغطي على‬
‫القاعدة‪ ،‬أبداً‪ ..‬إنه ليس هناك من رجل ‪ ،‬يقول "فايس"‪ " ،‬مضى‬
‫على وفاته أكثر من ألف وثلثمائة سنة‪ ،‬قد أصاب مثل هذا الحب‪،‬‬
‫ومن قبل هذا العدد من الفئدة‪ ،‬مثل ذلك إلى من يرقد تحت القبة‬
‫العظيمة الخضراء‪ .‬ومع ذلك فإنه لم يدع يوما ً إل ّ أنه بشر‪ ،‬ولم‬
‫ينسب المسلمون إليه اللوهية قط‪ ،‬كما فعل الكثيرون من أتباع‬
‫النبياء الخرين (عليهم السلم) بعد وفاة نبيهم‪ .‬والحق أن القرآن‬
‫نفسه يزخر باليات التي تؤكد إنسانية محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ .. -‬ول ريب في أن من حوله لم يحبوه مثل هذا الحب إل لنه لم‬
‫يكن سوى بشر فحسب‪ ،‬ولنه عاش كما يعيش سائر الناس‪ ،‬يتمتع‬
‫بملذات الوجود البشري ويعاني آلمه‪ .‬ولقد بقي هذا الحب بعد‬
‫وفاته‪ ،‬وهو ل يزال حيّا ً في قلوب أتباعه حتى اليوم كنشيد تعدد‬
‫النغمات "(‪.)11‬‬
‫هذا الموقف النساني الملتاع بالمحبة‪ ..‬هذه الجلود المؤمنة التي‬
‫تقشعر كلما وجدت نفسها قبالة الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪)-‬‬
‫بعقولها ووجدانها‪ ،‬وهو يقودها ويعلمها ويهديها‪ ..‬هذه العيون التي‬
‫تدمع كلها لجأت إلى نبي الله‪ ،‬تطلب من يده الحانية أن يكفكف بها‬
‫دمع العيون ويمسح بها جرح القلب‪ ..‬وما أغزرها وأعمقها في كل‬
‫زمن ومكان‪.‬‬
‫هذه وتلك تحمل أهميتها القصوى ها هنا ونحن نتحدث عن سنة‬
‫رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ .. -‬لنها تعكس‪ ،‬بإقناع يكاد‬
‫يكون كاملً‪ ،‬كيف تمكن المسلمون من حماية سنة نبيهم من‬
‫الضياع‪ ،‬وكيف قدروا في الوقت نفسه على أن يعيشوها ويتمثلوها‪،‬‬
‫بدرجة أو أخرى‪ ،‬فيتيحوا بذلك للسلم نفسه أن يتحقق وأن يواصل‬
‫الطريق‪..‬‬

‫‪383‬‬
‫والن وبعد مرور أربعة عشر قرنا ً على لحاق رسول الله ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬بالرفيق العلى‪ ،‬واستقرار جسده الشريف في‬
‫المدينة فإن " وجوده الروحي ل يزال حيّا ً هنا كما كان يوم ذاك‪..‬‬
‫ولقد كان من أجله وحده أن أصبحت مجموعة القرى التي كانت‬
‫تُدعى في ما مضى يثرب‪ ،‬مدينة أحبها المسلمون حتى يومنا هذا‬
‫كما لم تُحب مدنية غيرها في أي مكان آخر من العالم‪ .‬وليس لها‬
‫حتى اسم خاص بها‪ .‬فمنذ أكثر من ثلثة عشر قرنا ً وهي تعرف‬
‫بمدينة النبي فحسب‪ ،‬وطيلة أكثر من ثلثة عشر قرنا ً التقت هنا‬
‫سيول ل تُحصى من الحب‪ ،‬بحيث اكتسبت مع الشكال والحركات‬
‫نوعا ً من التشابه العائلي‪ ،‬وجميع الفروق في المظاهر تتّحد في‬
‫لحن مشترك واحد "(‪.)12‬‬
‫‪-----------‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫(‪ )1‬السلم على مفترق الطرق‪ ،‬ترجمة د‪ .‬عمر فروخ‪ ،‬الطبعة‬
‫السادسة ‪ ،‬دار العلم للمليين‪ ،‬بيروت ـ ‪ 1965‬م‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫(‪ )2‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.89‬‬
‫(‪ )3‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫(‪ )4‬نفسه ‪ ،‬ص ‪ 90‬ـ ‪.91‬‬
‫(‪ )5‬نفسه ‪.94 ،‬‬
‫(‪ )6‬نفسه ‪.95 ،‬‬
‫(‪ )7‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫(‪ )8‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.97‬‬
‫(‪ )9‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.106‬‬
‫(‪ )11‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.109‬‬
‫(‪ )12‬نفسه ‪ ،‬ص ‪.297‬‬
‫الصحف المتطاولة على الرسول خائنة لمانة القلم‬
‫نشرت جريدة الوطن في ‪30/12/1426‬هـ‬
‫=========================‬
‫الصحف المتطاولة على الرسول خائنة لمانة القلم‬

‫‪384‬‬
‫ليس لدى النسان المسلم شيء أغلى عنده من خالقه ومعتقده‬
‫ونبيه عليه أفضل الصلة وأتم التسليم ول شك بأن المساس بذات‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم والنيل من شخصيته صلى الله عليه‬
‫وسلم والتطاول على سيرته ببذيء الكلم وساقط القول إنما‬
‫يعكس أثرا جليا عن رداءة الجهة المعتدية وسوء اليدي التي‬
‫توجهت إلى ذلك‪ ،‬فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما‬
‫يكسبون‪ ،‬وهو نيل من كرامة كل مسلم على وجه الرض وتحت‬
‫أديم السماء‪ ..‬فماذا نحن فاعلون؟‪ ،‬هل الصمت في هذه الحالة إل‬
‫ذل وهوان ونكوص يمجه الدين والعقل؟ ولقد انبرى عدد قليل هنا‬
‫وهناك للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسائل‬
‫العلم المقروءة ورد الهجمة الخرقاء‬
‫وليس بمستغرب ذلك الخذلن الذي نقل عبر صحافتهم فالعداوة‬
‫قديمة وأزلية وقد فند القرآن الكريم مزاعمهم وبين تربصهم بدين‬
‫السلم وكرههم لهله ومعتقديه‪ ،‬ولقد أعجبني كلما نفيسا ً سمعته‬
‫على لسان داعية إسلمية في بلدنا أثناء خطبته لصلة الجمعة‬
‫الماضية حيث أدان تلك الصحف الشاذة التي نالت من شخصية‬
‫أعظم بشر مشى على وجه الرض الرسول المين والمصطفى‬
‫الصادق عليه الصلة والسلم وأكد على خيانة تلك الصحف لمانة‬
‫القلم وأمانة اللسان يوم أن فقدت المانة وليس بعد الكفر ذنب‬
‫واختتم قوله داعيا وناصحا المة السلمية بضرورة التمسك بمنهج‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقته وأخلقه واقتفاء أثره‪،‬‬
‫والكثار والتفاني في الصلة والسلم عليه وفي ذلك أعظم رد على‬
‫افتراءاتهم وبين بأن المة لم تعرف السلم والراحة والطمئنان إل‬
‫عن طريقه وسلوكه وما قيمة المة بغير مشيها على أثره وسلوكها‬
‫في ركاب رسالته صلى الله عليه وسلم (ل يؤمن أحكم حتى أكون‬
‫أحب إليه من ماله وولده ووالده والناس أجمعين) ويقول عليه‬
‫الصلة والسلم (ل يؤمن أحكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)‬
‫فحري بكل مؤمن أن يكون ذلك دافعا له لمزيد من الحب والقبال‬
‫والتمسك والمرابطة والدفاع عن حياض دينه ورسوله وأمته‪.‬‬
‫معاذ الحاج ‪ -‬جازان‬
‫=========================‬
‫الصفات الخلقية لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم‬

‫‪385‬‬
‫وصف جامع للرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعضائه‬
‫صفة لون رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة شعر رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفة لحيته صلى الله‬
‫عليه وسلم‬
‫خاتم النبوة‬
‫ذكر شيب النبي صلى الله عليه وسلم وخضابه‬
‫الكفان‬
‫الذراعان و المنكبان‬
‫القدمان‬
‫الساقان‬
‫فصاحة لسانة صلى الله عليه وسلم‬
‫ريقه الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة يده الشريفة صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة صوته الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة صدره وبطنه وظهره صلى الله عليه وسلم‬
‫بياض إبطيه صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة قدمه الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫صفه شعره الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة طول الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫كلمات في وصفه صلى الله عليه و سلم‬
‫طيب ريحه وعرقه وفضلته صلى الله عليه وسلم‬
‫هل كان للنبي صلى الله عليه وسلم ظل؟‬
‫الكلم على صفة خاتم النبوة‬

‫‪386‬‬
‫صفة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬ما رأيت شيئا أحسن من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكان كأن الشمس تجري في جبهته وما‬
‫رأيت أحدًا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫كأنما الرض تطوى له‪ ،‬إنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث‬
‫وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال‪ :‬رأيت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم في ليلة أضحيان وعليه حلة حمراء فجعلت أنظر‬
‫إليه وإلي القمر‪ ،‬فلهو عندي أحسن من القمر‬
‫وعن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر رضي الله عنهم قال‪:‬‬
‫قلت للربيع بنت معوذ‪ :‬صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫قالت يا بني لو رأيته رأيت الشمس طالعة‬
‫وصف جامع للرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫وصف الرسول صلى الله عليه وسلم لبن أبي هالة ‪ :‬عن الحسن‬
‫بن علي رضي الله عنهما قال‪ :‬سألت خالي هند بن أبي هالة‬
‫التميمي_ وكان وصافًا_ عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئًا أتعلق به‪ ،‬فقال‪:‬كان صلى الله‬
‫ما‪ ،‬يتلل وجهه كتللؤ القمر ليلة البدر‪ ،‬أطول‬‫ما مفخ ً‬
‫عليه وسلم فخ ً‬
‫من المربوع وأقصر من المشذب‪ ،‬عظيم الهامة‪ ،‬رجل الشعر‪ ،‬إن‬
‫انفرقت عقيصته فرق‪ ،‬وإل فل يجاوز شعره شحمة أذنيه إذ هو‬
‫وفره‪ ،‬أزهر اللون‪ ،‬واسع الجبين‪ ،‬أزج الحواجب‪ ،‬سوابغ من غير‬
‫قرن‪ ،‬ينهما عرق يدره الغضب‪ ،‬أقنى العرنين‪ ،‬له نور ويعلوه يحسبه‬
‫من لم يتأمله أشم‪ ،‬كث اللحية‪ ،‬أدعج سهل الخدين‬
‫ضليع الفم أشنب‪ ،‬مفلج السنان‪ ،‬دقيق المسربة‪ ،‬كأن عنقه كجيد‬
‫دمية في صفاء الفضة‪ ،‬معتدل الخلق‪ ،‬بادن متماسك سواء‪ ،‬موصول‬
‫البطن والصدر‪ ،‬عريض الصدر‪ ،‬بعيد ما بين المنكبين‪ ،‬ضخم‬
‫الكراديس‪ ،‬أنور المتجرد‪ ،‬موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري‬
‫كالخط‪ ،‬عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك‪ ،‬أشعر الذراعين‬
‫والمنكبين وأعالي الصدر‪ ،‬خمصان الخمصين‪ ،‬مسيح القدمين ينبو‬
‫عنهما الماء‬
‫إذا زال زال تقل ًعا‪ ،‬ويخطو تكفأ‪ ،‬ويمشي هونًا سريع المشية‪ ،‬إذا‬
‫مشى كأنما ينحط من صبب‪ ،‬وإذا التفت التفت معًا‪ ،‬خافض‬

‫‪387‬‬
‫الطرف‪ ،‬نظره إلى الرض أطول من نظره إلى السماء‪ ،‬جل نظره‬
‫لملحظة‪ ،‬يسوق أصحابه‪ ،‬ويبدأ من لقيه بالسلم‬
‫قلت‪ :‬صف لي منطقه‬
‫قال ‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم متواصل الحزان‪ ،‬دائم الفكرة‪،‬‬
‫ليست له راحة‪ ،‬ول يتكلم في غير حاجة‪ ،‬طويل السكوت‪ ،‬يفتتح‬
‫الكلم ويختتمه بأشداقه‪ ،‬ويتكلم بجوامع الكلم‪ ،‬فضل ً ل فضول فيه‬
‫ول تقصير‪ ،‬دمثًا‪ ،‬ليس بالجافي ول بالمهين‪ ،‬يعظم النعمة‪ ،‬وإن دقت‬
‫ل يذم ذواقًا ول يمدحه‪ ،‬ول تغضبه الدنيا‪ ،‬ول ما كان لها‪ ،‬فإذا تعرض‬
‫للحق لم يعرف أحدًا‪ ،‬ولم يقم لغضبه شيء‪ ،‬ول يغضب لنفسه ول‬
‫ينتصر لها‪ ،‬إذا أشار أشار بكفه كله‪ ،‬وإذا تعجب قلبها‪ ،‬وإذا تحدث‬
‫اتصل بها فضرب بباطن راحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى‪ ،‬وإذا‬
‫غضب وأعرض أشاح‪ ،‬وإذا ضحك غض طرفه‪ ،‬جل ضحكه التبسم‪،‬‬
‫ويفتر عن مثل حب الغمام‬
‫قال الحسن‪ :‬فكتمتها الحسين زمانًا ثم حدثته‪ ،‬فوجدته قد سبقني‬
‫إليه‪ ،‬فسأله عما سألته عنه‪ ،‬ووجدته قد سأل أباه عن مدخله‬
‫ومجلسه ومخرجه وشكله‪ ،‬فلم يدع منه شيئًا‬
‫قال الحسين‪ :‬لقد سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فقال ‪ :‬كان دخوله لنفسه مأذونًا له في ذلك‪ ،‬فكان إذا أوى‬
‫إلى منزله جزأ نفسه ثلثة أجزاء‪ :‬جزء لله وجزء لهله وجزء لنفسه‪،‬‬
‫ثم جزأ نفسه بينه وبين الناس‪ ،‬فيرد ذلك العامة بالخاصة‪ ،‬فل يدخر‬
‫عنهم شيئًا‪ ،‬فكان من سيرته في جزء المة إيثار أهل الفضل بأذنه‪،‬‬
‫وقسمتهم على قدر فضلهم في الدين‪ ،‬فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو‬
‫الحاجتين ومنهم ذو الحوائج‪ ،‬فيتشاغل بهم فيما يصلحهم ويلئمهم‬
‫ويخبرهم بالذي ينبغي لهم ويقول‪ :‬ليبلغ الشاهد الغائب‪ ،‬وأبلغوني‬
‫حاجة من ل يستطيع إبلغها إياي؛ فإنه من أبلغ سلطانًا حاجة من ل‬
‫يستطيع إبلغها ثبت الله قدميه يوم القيامة‪ ،‬ل يذكر عنده إل ذلك‪،‬‬
‫ول يقبل من أحد غيره‪ ،‬يدخلون روادًا ول يتفرقون إل عن ذواق‬
‫ويخرجون أدلة‪ ،‬يعني على الخير‬
‫قال‪ :‬فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟‬
‫فقال ‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إل ما يعنيه‪ ،‬ويؤلفهم‬
‫ول يفرقهم‪ ،‬أو قال‪ :‬ول ينفرهم‪ ،‬فيكرم كريم كل قوم‪ ،‬ويوليه‬
‫عليهم‪ ،‬ويحذر الناس‪ ،‬ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد‬
‫منهم بشره ول خلقه‪ ،‬يتفقد أصحابه‪ ،‬ويسأل الناس عما في الناس‪،‬‬

‫‪388‬‬
‫ويحسن الحسن ويصوبه‪ ،‬ويقبح القبيح ويوهنه‪ ،‬معتدل المر‪ ،‬غير‬
‫مختلف‪ ،‬ل يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا‪ ،‬لكل حال عنده عتاد‪ ،‬ل‬
‫يقصر عن الحق ول يجاوزه‪ ،‬الذين يلونه من الناس خيارهم‬
‫وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم‬
‫مواساة ومؤازرة‬
‫فسألته عن مجلسه فقال ‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم ل يجلس ول‬
‫يقوم إل على ذكر‪ ،‬ول يوطن الماكن وينهى عن إيطانها‪ ،‬وإذا انتهى‬
‫إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك‪ ،‬ويعطي كل‬
‫جلسائه نصيبه حتى ل يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه‪ ،‬من‬
‫جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف‪ ،‬ومن‬
‫سأله حاجة لم يرده إل بها أو بميسور من القول‪ ،‬قد وسع الناس‬
‫بسطه وخلقه فصار لهم أبًا وصاروا عنده في الحق سواء‪ ،‬مجلسه‬
‫مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة‪ ،‬ل ترفع فيه الصوات‪ ،‬ول تؤبن فيه‬
‫الحرم‪ ،‬ول تنثى فلتاته‪ ،‬متعادلين متواصين فيه بالتقوى‪ ،‬متواضعين‪،‬‬
‫يوقرون فيه الكبير ويرحمون الصغير‪ ،‬ويؤثرون ذوي الحاجة‪،‬‬
‫ويحفظون الغريب‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬كيف كانت سيرته في جلسائه؟‬
‫قال ‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم دائم البشر‪ ،‬سهل الخلق‪ ،‬لين‬
‫الجانب‪ ،‬ليس بفظ ول غليظ‪ ،‬ول صخاب ول فاحش‪ ،‬ول عياب ول‬
‫مداح‪ ،‬يتغافل عما ل يشتهي‪ ،‬ول يوئس منه ول يخيب فيه‪ ،‬قد ترك‬
‫نفسه من ثلث‪ :‬المراء (الجدال) والكثار (أي الكثار من الكلم أو‬
‫المال) وما ل يعنيه‪ ،‬وترك الناس من ثلث‪ :‬كان ل يذم أحدًا ول‬
‫يعيبه‪ ،‬ول يطلب عورته (أي ل يكشف عورة أحد أو ل يظهر ما يريد‬
‫الشخص ستره ويخفيه عن الناس) ول يتكلم إل فيما يرجو ثوابه‬
‫إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير‪ ،‬وإذا سكت‬
‫تكلموا‪ ،‬ول يتنازعون عنده الحديث‪ ،‬من تكلم عنده أنصتوا له حتى‬
‫يفرغ‪ ،‬حديثهم عنده حديث أولهم‬
‫يضحك مما يضحكون منه‪ ،‬ويتعجب مما يتعجبون منه‪ ،‬ويصبر‬
‫للغريب على الجفوة (أي الجفاء والغلظة) في منطقه ومسألته‪،‬‬
‫حتى إذا كان أصحابه ليستجلبونهم ويقول‪ :‬إذا رأيتم طالب الحاجة‬
‫فأرشدوه‪ ،‬ول يقبل الثناء إل من مكافئ (أي مقتصد في المدح غير‬
‫متجاوز اللئق به)‪ ،‬ول يقطع على أحد حديثه حتى يجوز (أي يجاوز‬
‫الحق ويتعداه ) فيقطعه بنهي أو قيام‬

‫‪389‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬كيف كان سكوته؟‬
‫قال ‪ :‬كان سكوته صلى الله عليه وسلم على أربع‪ :‬على الحلم‬
‫والحذر والتقدير والتفكر‪ .‬فأما تقديره‪ :‬ففي تسوية النظر والستماع‬
‫بين الناس‪ ،‬وأما تذكره أو قال تفكره‪ :‬ففيما يبقى ويفنى‬
‫وجمع له الحذر في أربع‪ :‬أخذه بالحسن ليقتدى به‪ ،‬وتركه القبيح‬
‫لينتهى عنه‪ ،‬واجتهاد الرأي فيما أصلح أمته‪ ،‬والقيام لهم بما جمع‬
‫لهم في الدنيا والخرة‪ .‬رواه الترمذي في الشمائل‪ ،‬والطبراني في‬
‫الكبير‬
‫صفة لون رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن‪ :‬قال‪ :‬سمعت أنس بن مالك رضي‬
‫الله عنه يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬كان ربعة من‬
‫القوم ل بالطويل ول بالقصير‪ ،‬أزهر اللون‪ ،‬ليس بأبيض أمهق ول‬
‫آدم‪ ،‬ليس بجعد قط ول سبط رجل‬
‫عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أبيض مشربًا بياضه بحمرة‬
‫وقال ابن أبي خيثمة رحمه الله في صفته صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫كان أزهر اللون‪ ،‬والزهر البيض الناصع البياض الذي ل تشوبه‬
‫حمرة ول صفرة ول شئ من اللوان‬
‫وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشرب حمرة‪ ،‬وقد صدق من نعته‬
‫بذلك ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح؛‬
‫فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة‪ ،‬وما تحت الثياب فهو‬
‫البيض الزهر ل يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر‬
‫صفة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعضائه‬
‫كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهًا‪ ،‬فكان‬
‫وجهه كالقمر والشمس مستديًرا‬
‫وكان صلوات الله وسلمه عليه عظيم العينين أهدب الشفار‪،‬‬
‫مشرب العينين حمرة‪ ،‬أشكل أسود الحدقة‪ ،‬أدعج‪ ،‬أكحل العينين‪،‬‬
‫دقيق الحاجبين‪ ،‬سابغهما‪ ،‬أزج‪ ،‬أقرن‪ ،‬أبلج واسع الجبين‪ ،‬أغر‪ ،‬أجلي‬
‫كأنه يتلل‪ ،‬وكان العرق في وجهه كاللؤلؤ‪ ،‬وكان أسيل الخدين‬
‫سهلهما‪ ،‬أقني النف‪ ،‬ضليع الفم‪ ،‬حسن الثغر‪ ،‬براق الثنايا‪ ،‬إذا‬
‫ضحك كاد يتلل‬

‫‪390‬‬
‫وفيما يلي باقة عطرة من وصف الواصفين لرسول الهدي صلى‬
‫الله عليه وسلم ممن حضره وشاهده تدلل على ما ذكرناه‬
‫عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أحسن الناس وج ًها وأحسنهم خلقًا ليس بالطويل‬
‫الذاهب ول بالقصير‬
‫وعن أبي إسحاق قال‪ :‬سئل البراء‪ :‬أكان وجه النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم مثل السيف؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬بل كان مثل الشمس والقمر وكان‬
‫مستديًرا‬
‫وعن على بن أبي طالب رضي الله عنه في نعت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪ ..." :‬كان أسود الحدقة أهدب الشفار‬
‫وعن على بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض اللون‬
‫مشربا حمرة أدعج العين‪ ،‬سهل الخد‬
‫وعن سماك بن حرب قال‪ :‬سمعت جابر بن سمرة قال‪ :‬كان رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم"ضليع الفم أشكل العين منهوس العقبين‬
‫قال‪ :‬قلت لسماك‪ :‬ما ضليع الفم؟‬
‫قال‪ :‬عظيم الفم‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ما أشكل العين؟‬
‫قال‪ :‬طويل شق العين‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬ما منهوس العقب؟‬
‫قال‪ :‬قليل لحم العقب‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬في وصفه رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الثغر‬
‫صفة رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفة لحيته صلى الله‬
‫عليه وسلم‬
‫عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪ :‬لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بالطويل ول بالقصير‪ ،‬ضخم الرأس‬
‫وعنه رضي الله عنه في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم اللحية‬

‫‪391‬‬
‫وعن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم كثير شعر اللحية‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه في وصف رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود اللحية‬
‫صفة شعر رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم شديد سواد الشعر‬
‫وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬كان شعر رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم إلي أنصاف أذنيه‬
‫وعنه رضي الله عنه قال‪ :‬كان شعر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم شعًرا رجلً‪ ،‬ليس بالجعد ول البسط‪ ،‬بين أذنيه وعاتقه‬
‫عن ابن العباس رضي الله عنهما قال‪ :‬كان أهل الكتاب يسدلون‬
‫أشعارهم‪ ،‬وكان المشركون يفرقون رؤوسهم‪ ،‬وكان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به‪،‬‬
‫فسدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد‬
‫ذكر شيب النبي صلى الله عليه وسلم وخضابه‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬توفي رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء‪ ،‬قال‬
‫ربيعه‪ :‬فرأيت شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه و سلم‬
‫فإذا هو أحمر فسألت فقيل‪ :‬من الطيب‬
‫وعن ثابت رضي الله عنه قال‪ :‬سئل أنس بن مالك عن خضاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم؟‬
‫فقال‪ :‬لو شئت أن أعد شمطات كن في رأسه فعلت‬
‫وقال‪ :‬لم يختضب‪ ،‬وقد اختضب أبو بكر بالحناء والكتم‪ ،‬واختضب‬
‫عمر بالحناء بحتا‬
‫عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته‪ ،‬وكان إذا دهن‬
‫ومشط لم يتبين وإذا شعت رأسه تبين‬
‫عن إياد بن أبي رمثة رضي الله عنهما قال‪ :‬انطلقت مع أبي نحو‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لي‪ :‬هل تدري من‬
‫هذا؟‬

‫‪392‬‬
‫قلت‪ :‬ل‬
‫قال‪ :‬إن هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فاقشعررت حين‬
‫قال ذلك‪ ،‬وكنت أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ل‬
‫يشبه الناس‪ ،‬فإذا هو بشر ذو وفرة بها ردع من حناء‪ ،‬وعليه بردان‬
‫أخضران‬
‫عن ابن عمر رضي الله عنهما‪ :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم كان‬
‫يلبس النعال السبتية ويصفر لحيته بالورس والزعفران‪ ،‬وكان ابن‬
‫عمر يفعل ذلك‬
‫عن عبد الله بن عقيل قال‪ :‬قدم أنس بن مالك المدينة وعمر بن‬
‫عبد العزيز وال عليها‪ ،‬فبعث إليه عمر‬
‫وقال للرسول‪ :‬سله هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛‬
‫فإني رأيت شعرا من شعره قد لون‬
‫قال أنس‪ :‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد متع‬
‫بالسواد‪ ،‬ولو عددت ما أقبل عليه من شيبة في رأسه ولحيته ما‬
‫كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة‪ ،‬وإنما هذا الذي لون من‬
‫الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫هو الذي غير لونه‬
‫فائدة‬
‫يلحظ مما تقدم من الحاديث ما يدل على أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قد خضب‪ ،‬مثل حديث أبي رمثة وحديث ابن عمر رضي‬
‫الله عنهم‪ ،‬ومنها ما ينفي ذلك مثل حديث أنس بن مالك رضي الله‬
‫عنه‬
‫ومن الحاديث أيضا ما حدد عدد شيب رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم مثل حديث أنس النف الذكر؛ فإنه حدد الشيب بإحدى عشرة‬
‫شيبة‪ ،‬بينما وردت أحاديث أخر دلت على أن الشيب أزيد من هذا‬
‫العدد‪ ،‬مثل حديث ابن عمر‬
‫وقد جمع العلماء رحمهم الله بين هذه الحاديث ورجحوا ما يأتي‬
‫أول ً ‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خضب‬
‫قال ابن كثير‪ ،‬رحمه الله‪ :‬ونفي أنس للخضاب معارض بما تقدم‬
‫عن غيره من إثباته‪ ،‬والقاعدة المقررة أن الثبات مقدم على النفي‪،‬‬
‫لن المثبت معه زيادة علم ليست مع النافي‬

‫‪393‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن إثبات غير أنس من الصحابة لزيد مما ذكر من الشيب‬
‫مقدم ل سيما ما جاء عن ابن عمر الذي يظن أنه تلقى ذلك عن‬
‫أخته أم المؤمنين حفصة؛ ذلك أن اطلعها أتم من اطلع أنس؛ لنها‬
‫ربما فلت رأسه الكريم عليه الصلة والسلم‬
‫صفات أخري لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أول ً ‪ :‬خاتم النبوة‬
‫عن عاصم عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال‪ :‬رأيت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزا ولحما‪ ،‬أو قال ثريداً‬
‫قال‪ :‬فقلت استغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال‪ :‬نعم ولك‬
‫َ َ ََ َ َ َ َ‬
‫ن‬
‫منِي َ‬ ‫ك وَلِل ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫ستَغْفِْر لِذ َنب ِ َ‬ ‫ه إ ِ ّل الل ّ ُ‬
‫ه وَا ْ‬ ‫ه ل إِل َ‬
‫م أن ّ ُ‬
‫ثم تل هذه الية‪ :‬فاع ْل ْ‬
‫ت ‪ -‬سورة محمد آية ‪19‬‬ ‫منَا ِ‬ ‫وَال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫قال‪ :‬ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه‪ ،‬عند ناغض‬
‫كتفيه اليسرى جمعا عليه خيلن كأمثال الثاليل‬
‫عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال‪ .." :‬كان وجه رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم مثل الشمس والقمر مستديرا‪ ،‬ورأيت الخاتم‬
‫عند كتفيه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده‬
‫ثانيا ً ‪ :‬المنكبان‬
‫عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم بعيد ما بين المنكبين‬
‫ثالثا ً ‪ :‬الذراعان‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه في نعت النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪ :‬كان شبح الذراعين‬
‫رابعا ً ‪ :‬الكفان‬
‫عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ضخم اليدين‪ ،‬حسن الوجه‪ ،‬لم أر بعده ول قبله مثله وكان بسط‬
‫الكفين‬
‫عن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال‪ :‬كان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم شثن الكفين والكراديس‪ ،‬طويل المسربة‬
‫عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أزهر اللون كان عرقه اللؤلؤ‪ ،‬إذا مشى تكفأ ول مسست ديباجة ول‬

‫‪394‬‬
‫حريرة ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ول شممت‬
‫مسكة ول عنبرة أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫خامسا ً ‪ :‬الساقان‬
‫عن سراقة بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬أتيت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فلما دنوت منه وهو على ناقته جعلت أنظر إلي‬
‫ساقه كأنها جمارة‬
‫عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال‪ :‬دفعت إلي النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وهو بالبطح في قبة كان بالهاجرة‪ ،‬فخرج بلل فنادى‬
‫بالصلة‪ ،‬ثم دخل فأخرج فضل وضوء رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فوقع الناس عليه يأخذون منه‪ ،‬ثم دخل فأخرج العنزة‪ ،‬وخرج‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كأني أنظر إلي وبيص ساقيه‪،‬‬
‫فركز العنزة ثم صلى الظهر ركعتين‪ ،‬والعصر ركعتين‪ ،‬يمر بين يديه‬
‫الحمار والمرآة‬
‫عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ل يضحك إل تبسما وكان في ساقيه حموشة‬
‫سادسا ً ‪ :‬القدمان‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ضخم القدمين‬
‫وعنه رضي الله عنه قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم شثن‬
‫القدمين‬
‫عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم منهوس العقبين‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬في صفة رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬كان يطأ بقدميه جميعا ليس له أخمص‬
‫سابعا ً ‪ :‬ريقه الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫عن سهل بن سعد‪ :‬أن علي بن أبي طالب اشتكى عينيه يوم خيبر‪،‬‬
‫فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأ حتى كأن لم يكن‬
‫به وجع‬
‫ومج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر ففاح منها رائحة‬
‫المسك‪ ،‬وبزق في بئر في دار أنس فلم يكن بالمدينة بئر أعذب‬
‫منها‬

‫‪395‬‬
‫ومسح بيديه الشريفة صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بعد أن نفث فيها من‬
‫ريقه على ظهر عينيه وبطنه وكان به شري‪ ،‬فما كان يشم أطيب‬
‫منه رائحة‬
‫ثامنا ً ‪ :‬فصاحة لسانة صلى الله عليه وسلم‬
‫كان صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬أنا أفصح العرب‪ ،‬وإن أهل الجنة‬
‫يتكلمون بلغة محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫وقال أبو بكر رضي الله عنه‪ :‬يا رسول الله لقد طفت في العرب‪،‬‬
‫وسمعت فصحاءهم‪ ،‬فما سمعت أفصح منك‬
‫قال‪ :‬أدبني ربي‪ ،‬ونشأت في بني سعد بن بكر‬
‫تاسعا ً ‪ :‬صفة صوته الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫كان صوته صلى الله عليه وسلم يبلغ حيث ل يبلغه صوت غيره‬
‫فعن البراء قال‪ :‬خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى‬
‫أسمع العوائق في خدورهن‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬جلس رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر فقال للناس اجلسوا‪ ،‬فسمعه‬
‫عبد الله بن رواحه وهو في بني غم فجلس مكانه‬
‫عاشرا ً ‪ :‬صفة يده الشريفة صلى الله عليه وسلم‬
‫قال يزيد بن السود‪ :‬ناولني رسول الله صلى الله عليه وسلم يده‪،‬‬
‫فإذا هي أبرد من الثلج‪ ،‬وأطيب ريحا من المسك‬
‫وعن أنس رضي الله عنه‪ :‬مامسست حريرا ول ديباجا ألين من كف‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال ابن بطال‪ :‬كانت كفه صلى الله عليه وسلم ممتلئة لحما‪ ،‬غير‬
‫أنها مع ضخامتها كانت لينة‬
‫وعن أبي زيد النصاري قال‪ :‬مسح رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بيده على رأسي ولحيتي ثم قال‪ :‬اللهم جمله‬
‫قال الراوي عنه‪ :‬فبلغ بضعا ومائة سنة وما في لحيته بياض‪ ،‬ولقد‬
‫كان منبسط الوجه ولم ينقبض وجهة حتى مات ‪ -‬رواه البيهقي‬
‫وغيره‬
‫حادي عشر ‪ :‬بياض إبطيه صلى الله عليه وسلم‬

‫‪396‬‬
‫عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬رأيت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يرفع يديه في الدعاء حتى رأيت بياض إبطيه‬
‫ثاني عشر ‪ :‬صفة صدره وبطنه وظهره صلى الله عليه وسلم‬
‫وصفه علي رضي الله عنه فقال‪ :‬ذو مسربة وفسر بخيط الشعر‬
‫بين الصدر والسرة‬
‫وصفت بطنه أم هانئ فقالت‪ :‬ما رأيت بطن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم إل ذكرت القراطيس المثني بعضها على بعض‬
‫وقال أبو هريرة رضي الله عنه‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم أبيض‬
‫كأنما صبغ من فضة‪ ،‬رجل الشعر‪ ،‬فضاض البطن‪ ،‬عظيم مشاش‬
‫المنكبين مفاض البطن واسعه‬
‫المشاش‪ :‬رؤوس العظام‬
‫وعن محرش الكعبي قال‪ :‬اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم من‬
‫الجعرانة ليل‪ ،‬فنظرت إلي ظهره كأنه سبيكة فضة‬
‫وروى البخاري‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم بعيد ما بين المنكبين‬
‫وعن أبي هريرة‪ :‬رحب الصدر‬
‫ثالث عشر ‪:‬صفة قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫قد صح أن جبريل عليه السلم شقه‪ ،‬واستخرج منه علقة‪ ،‬فقال له‬
‫هذا حظ الشيطان منك ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم‬
‫ثم لمه فأعاده في مكانه قال أنس‪ :‬فلقد كنت أرى أثر المخيط في‬
‫صدره ‪ -‬رواه مسلم‬
‫رابع عشر ‪ :‬صفة قدمه الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫وعن ميمونة بنت كردم قالت‪ :‬رأيت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فما نسيت طول إصبع قدمه السبابة على سائر أصابعه ‪-‬‬
‫رواه المام أحمد وغيره‬
‫وقال أبن أبي هالة‪ :‬خمصان الخمصين مسيح القدمين‬
‫والخمص من القدم‪ :‬الموضع الذي ل يلصق بالرض منها عند الوطء‬
‫والخمصان‪ :‬البالغ منه‬
‫ومسيح القدمين‪ :‬أي ملساوتان لينتان ليس فيهما تكسر ول شقاق‬
‫وعن عبد الله بن بريدة قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أحسن الناس قدما‬

‫‪397‬‬
‫خامس عشر ‪ :‬صفة طول الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫قال علي رضي الله عنه‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ل‬
‫قصير ول طويل وهو على الطول أقرب ‪ -‬رواه البيهقي‬
‫وقال أبن أبي هالة‪ :‬أطول من المربوع وأقصر من المشذب‬
‫والمشذب‪ :‬البائن الطول في نحافة‪ ،‬وهو مثل قوله في الحديث‬
‫الخر‪ :‬لم يكن بالطول المغط‪ ،‬أي المتناهي في الطول‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬لم يكن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم بالطويل البائن ول بالقصير المتردد‪ ،‬وكان ينسب إلي‬
‫الربعة إذا مشي وحده‪ ،‬ولم يكن يماشيه أحد من الناس ينسب إلى‬
‫الطول إل طالة صلى الله عليه و سلم‪ ،‬ولربما اكتنفه الرجلن‬
‫الطويلن فيطولهما رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإذا فارقاه‬
‫نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي الربعة ‪ -‬رواه البيهقي‬
‫وعلي وزاد ابن سبع في (الخصائص)‪ :‬أنه كان إذا جلس يكون كتفه‬
‫أعلى من جميع الجالسين صلى الله عليه وسلم‬
‫ووصفه ابن أبي هالة‪ :‬بأنه معتدل الخلق بادن متماسك‬
‫سادس عشر ‪ :‬صفه شعره الشريف صلى الله عليه وسلم‬
‫عن قتادة رضي الله عنه قال‪ :‬سألت أنس عن شعر رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال‪ :‬كان شعر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم شعرا بين شعرين‪ ،‬ل رجل سبط ول جعد قطط‪ ،‬وكان بين‬
‫أذنيه وعاتقه‬
‫وفي رواية‪ :‬كان رجل ليس بالسبط ول الجعد بين أذنيه وعاتقه‬
‫وفي أخري‪ :‬كان شعر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلي‬
‫أنصاف أذنيه‬
‫وفي حديث البراء‪ :‬يضرب إلي منكبيه‪ ،‬وفي حديث أنس‪ :‬كان إلي‬
‫أذنيه‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه و سلم‬
‫فوق الوفرة ودن الجمة‬
‫والجمة‪ :‬هي مجتمع الشعر الذي نزل إلي المنكبين‬
‫والوفرة‪ :‬ما نزل إلي شحمة الذن‬
‫واللمة‪ :‬التي ألمت بالمنكبين‬

‫‪398‬‬
‫قال القاضي عياض‪ :‬والجمع بين هذه الروايات أن ما يلي الذن هو‬
‫الذي يبلغ شحمة أذنيه‪ ،‬والذي يلي أذنيه وعاتقيه وما خلفه هو الذي‬
‫يضرب منكبيه‪ ،‬قال‪ :‬وقيل بل لختلف الوقات فإذا غفل عن تقصير‬
‫شعره بلغ المنكب‪ ،‬وإذا قصره كان إلي أنصاف الذنين فكان يطول‬
‫ويقصر بحسب ذلك‬
‫وعن أبن عباس رضي الله عنهما‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رءوسهم وكان‬
‫أهل الكتاب يسدلون شعورهم وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما‬
‫لم يؤم فيه بشئ ثم فرق صلى الله عليه و سلم رأسه ‪ -‬رواه‬
‫الترمذي وفي صحيح مسلم نحوه‬
‫وسدل الشعر‪ :‬إرساله‪ ،‬والمراد هنا إرساله على الجبين‪ ،‬واتخاذه‬
‫كالقصة‪ ،‬وأما الفرق‪ :‬فهو فرق الشعر بعضه عن بعض‬
‫قال العلماء‪ :‬والفرق سن لنه هو الذي رجع إليه صلى الله عليه‬
‫وسلم‬
‫والصحيح جواز الفرق والسدل‪ ،‬يكون الفرق أفضل ‪ -‬والقصة‪ :‬شعر‬
‫الناصية يقص حول الجبهة‬
‫وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت‪ :‬قدم رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم مكة وله أربع غدائر ‪ -‬رواه الترمذي‬
‫الغدائر‪ :‬هي الذوائد‪ ،‬والمفرد‪ :‬غديرة‬
‫وعن أنس رضي الله عنه‪ :‬كان في لحيته صلى الله عليه وسلم‬
‫شعرات بيض ‪ -‬رواه مسلم‬
‫وعنه رضي الله عنه‪ :‬ما كان في رأسه صلى الله عليه وسلم ول‬
‫لحيته إل سبع عشرة أو ثماني عشرة شعرة بيضاء وعن ابن عمر‪:‬‬
‫نحو عشرين‬
‫وفي الصحيحين‪ :‬أن ابن عمر رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ‬
‫بالصفرة‬
‫قال الثوري‪ :‬المختار أنه صبغ في وقت وتركه في أوقات كثيرة‪،‬‬
‫فأخبر كل بما رأى‪ ،‬وهو صادق‬
‫وعن أنس رضي الله عنه‪ :‬كان صلى الله عليه وسلم يكثر دهن‬
‫رأسه وتسريح لحيته‪ ،‬ولم يرو أنه صلى الله عليه وسلم حلق شعره‬

‫‪399‬‬
‫الشريف في غير نسك حج أو عمرة فتكون تبقية الشعر في الرأس‬
‫سنة‪ ،‬ومن لم يستطع التبقية يباح له إزالته‬
‫وأما العانة‪ :‬ففي حديث أنس رضي الله عنه‪ :‬أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم كان ل يتنور‪ ،‬وكان إذا كثر شعره حلقه‬
‫طيب ريحه وعرقه وفضلته صلى الله عليه وسلم‬
‫قال أنس رضي الله عنه‪ :‬ما شممت ريحا قط ول مسكا ول عنبر‬
‫أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ -‬رواه أحمد‬
‫وعنه رضي الله عنه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا‬
‫مر في طريق من طرق المدينة وجدوا منه رائحة الطيب‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫مر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الطريق ‪ -‬رواه أبو‬
‫ليلي وغيره‬
‫وعن ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬قال حجم النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم غلم لبعض قريش‪ ،‬فلما فرغ من حجامته أخذ الدم فذهب‬
‫من وراء الحائط فنظر يمنيا وشمال فلم ير أحدا فحسي دمه (أي‬
‫شربه) حتى فرغ ثم أقبل‪ ،‬فنظر في وجهه فقال‪ :‬ويحك ما صنعت‬
‫بالدم؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬غيبته من وراء الحائط‬
‫قال‪ :‬أين غيبته؟‬
‫قلت‪ :‬يا رسول الله عز علي دمك أن أهرقه في الرض فهو في‬
‫بطني‬
‫فقال‪ :‬اذهب‪ ،‬فقد أحرزت نفسك من النار‬
‫وعن أم أيمن قالت‪ :‬قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من‬
‫الليل إلي قحاب في جانب البيت فبال فيها‪ ،‬فقمت من الليل وأنا‬
‫عطشانة فشربت ما فيها وأنا ل أشعر‪ ،‬فلما أصبح النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪ :‬يا أم أيمن قومي فأهرقي ما في تلك الفخارة‬
‫فقلت‪ :‬قد والله شربت ما فيها‬
‫قالت‪ :‬فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه‬
‫ثم قال‪ :‬أما والله ل توجعن بطنك أبدا‬
‫كلمات في وصفه صلى الله عليه و سلم‬
‫قال سيدنا عمر رضي الله عنه‪ :‬بأبي وأمي لم أر قبله ول بعده مثله‬
‫صلى الله عليه و سلم‬

‫‪400‬‬
‫وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه‬
‫وأكمل منك لم تلد النساء ‪ ... ...‬وأجمل منك لم تر قط عيني‬
‫كأنك قد خلقت كما تشاء ‪ ... ...‬خلقت مبرءا من كل عيب‬
‫وقال حسان أيضا‬
‫ول في جنان الخلد مثلك أخر ‪ ... ...‬فما ولدت حواء من صلب آدم‬
‫وقال أخر‬
‫ينكس الحسن رأسه خجل ‪ ... ...‬أن جاء الحسن كي يقاس به‬
‫وقال القرطبي‪ :‬لم يظهر لنا تمام حسنه صلى الله عليه و سلم لنه‬
‫لو ظهر لنا تمام حسنه لما أطاقت أعيننا رؤيته صلى الله عليه و‬
‫سلم‬
‫الكلم على صفة خاتم النبوة‬
‫عن السائب بن يزيد قال‪ :‬ذهبت بي خالتي إلي رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول الله إن ابن أخي وقع‪ ،‬فمسح‬
‫رأسي ودعا لي بالبركة‪ ،‬وتوضأ فشربت من وضوئه‪ ،‬ثم قمت خلف‬
‫ظهره فنظرت إلي خاتم النبوة بين كتفيه‪ ،‬مثل زر الحجلة ‪ -‬رواه‬
‫البخاري‬
‫ووقع في رواية ابن حبان من طريق سماك بن حرب‪ :‬كبيضة‬
‫النعامة‪ .‬ونبه على أنها غلط‬
‫وعند ابن حبان من حديث ابن عمر‪ :‬مثل النائتة من اللحم‬
‫وعند الترمذي‪ :‬كبضعة ناشزة من اللحم‬
‫وأما ورد من أنها كانت كأثر المحجم‪ ،‬أو كالشامة السوداء أو‬
‫الخضراء‪ ،‬أو مكتوب عليها‪ :‬محمد رسول الله‪ ،‬أو سر فإنك‬
‫المنصور‪ ،‬أو نحو ذلك فلم يثبت منها شئ‬
‫وقال القرطبي‪ :‬اتفقت الحاديث الثابتة على أن خاتم النبوة كان‬
‫شيئا بارزا أحمر عند كتفه صلى الله عليه وسلم اليسر‪ ،‬إذا قلل‬
‫قدر بيضة الحمامة‪ ،‬وإذا كبر قدر جمع اليد‪ ،‬والله أعلم‬
‫السر في خاتم النبوة كان عند كتفه اليسر‬
‫وقال‪ :‬وقع في حديث عبد الله بن سرجس عند مسل أن خاتم‬
‫النبوة كان بين كتفيه عن نغض كتفه اليسري‬

‫‪401‬‬
‫ثم قال العلماء‪ :‬السر في ذلك أن القلب في تلك الجهة‪ ،‬وقد ورد‬
‫في خبر مقطوع أن رجل سأل ربه أنه يريه موضع الشيطان‪ ،‬فرأي‬
‫الشيطان في صورة ضفدع عند نغض كتفه اليسر حذاء قلبه‪ ،‬له‬
‫خرطوم كالبعوضة ‪ -‬أخرجه أبن عبد البر يسند قوي إلي ميمون بن‬
‫مهران عن عمر بن عبد العزيز فذكره‪ ،‬وذكره أيضا صاحب (الفائق)‬
‫في مصنفه‬
‫وله شاهد مرفوع عن أنس عند أبي يعلي وأبن عدي ولفظه‪ :‬أن‬
‫الشيطان واضع خطمه على قلب أبن آدم‪ :‬الحديث‬
‫وأورد أبن أبي دواد في كتاب (الشريعة) من طريق عروة بن رويم‬
‫أن عيسي عليه السلم سأل ربه أن يريه موضع الشيطان من أبن‬
‫آدم‪ ،‬وقال فإذا برأسه مثل الحية‪ ،‬وأضع رأسه على تمرة القلب‪،‬‬
‫فإذا ذكر العبد ربه خنس‪ ،‬وإذا غفل وسوس‬
‫وقال السهيلي‪ :‬موضع خاتم النبوة عند نغض كتفه صلى الله عليه‬
‫وسلم اليسر لنه معصوم من وسوسة الشيطان‪ ،‬وذلك الموضع‬
‫يدخل منه الشيطان ليوسوس لبن آدم‬
‫خاتم النبوة ليس أثرا ً الشق الصدر‬
‫قال الحافظ في (الفتح)‪ :‬وداعي عياض هنا أن الخاتم هو أثر شق‬
‫الملكين لما بين كتفيه وتعقبه النووي قال‪ :‬هذا باطل لن الشق إنما‬
‫كان في صدره وبطنه‪ ،‬وقال القرطبي‪ :‬أثره إنما كان خطا واضحا‬
‫من صدره إلي مراق بطنه كما في الصحيح‪ ،‬ولم يثبت قط أنه بلغ‬
‫الشق حتى نفذ من وراء ظهره ولو ثبت مسربته إلي مراق بطنه‬
‫قال‪ :‬بهذه غفلة من هذه المام‪ ،‬ولعله ذلك وقع من بعض نساخ‬
‫كتابه‪ ،‬فإنه لم يسمع عليه فيما عملت‪ ،‬كذا قال‬
‫وقد وقفت على مستند القاضي وهو حديث عتبة بن عبد السلمي‬
‫الذي أخرجه أحمد والطبراني وغيرهما عنه أنه سأل رسول الله‬
‫صلى الله عليه و سلم‪ :‬كيف كان بدأ أمرك؟ فذكر القصة في‬
‫ارتضاعه في بني سعد‪ ،‬وفيه أن الملكين لما شقا صدره صلى الله‬
‫عليه و سلم قال أحدهما للخر‪" :‬خطة فخاطه وختم عليه بخاتم‬
‫النبوة" انتهي‬
‫فلما ثبت أن خاتم النبوة كان بين كتفيه حمل ذلك عياض على أن‬
‫الشق لما وقع في صدره ثم خيط حتى التأم كما كان وقع الختم‬
‫بين كتفيه كان ذلك أثر الشق‬

‫‪402‬‬
‫وفهم النووي وغيره أن قوله‪( :‬بين كتفيه) متعلق بالشق وليس‬
‫كذلك بل هو متعلق بأثر الختم‪ ،‬ويؤيده ما في حديث شداد بن أوس‬
‫عند أبي يعلي في (الدلئل) لبي نعيم أن الملك لما أخرج قلبه‬
‫وغسله ثم أعاده ختم عليه بخاتم في يده من نور فامتل نورا وذلك‬
‫نور النبوة‪ ،‬فيحتمل أن يكون ظهر من وراء ظهره عند كتفه اليسر‬
‫لن القلب في تلك الجهة‬
‫وفي حديث عائشة عند أبي دواد الطيالسي وأبن أبي أسامة في‬
‫(الدلئل) لبي نعيم أيضا‪ :‬أن جبريل وميكائيل لما تراءيا له عند‬
‫المبعث (هبط جبريل فسلق لحلوة القفا ثم شق عن قلبي‬
‫فاستخرجه ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم‪ ،‬ثم أعاده‬
‫مكانه ثم لمه ثم ألقاني‪ ،‬وخيم في ظهري حتى وجدت برد الخاتم‬
‫في قلبي‪ ،‬وقال‪ :‬أقرا) الحديث هذا مستند القاضي فيما ذكره‬
‫وليس بباطل‪.‬‬
‫الخاتم لم يكن موجودا حين ولد صلى الله عليه وسلم‬
‫ثم قال الحافظ‪ :‬ومقتضي هذه الحاديث أن الخاتم لم يكن موجودا‬
‫حين ولدته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ففيه تعقيب على من ذهب وزعم‬
‫أنه ولد به‪ ،‬وهو قول نقله أبو الفتح اليعمري بلفظ‪ :‬قيل ولد به‬
‫وقيل حين وضع‪ ،‬نقله مغلطاي عن يحي بن عائذ‪ ،‬والذي تقدم أثبت‬
‫احتمال أن الخاتم وقع في موضعين من جسده‬
‫ثم قال‪ :‬ووقع مثله في حديث أبي ذر عند أحمد والبيهقي في‬
‫(الدلئل) وفيه‪ :‬وجعل خاتم النبوة بين كتفيه كما هو الن‬
‫وفي حديث شداد بن أوس في المغازي لبن عائذ في قصة شق‬
‫صدره وهو في بلد بني سعد بن بكر‪ :‬وأقبل وفي يده الخاتم له‬
‫شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه" الحديث‪ .‬وهذا قد يؤخذ منه أن‬
‫الخاتم وقع في موضعين من جسده‪ ،‬والعلم عند الله‬
‫هل كان للنبي صلى الله عليه وسلم ظل؟‬
‫قال ابن سبع‪ :‬كان من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان‬
‫نورا‪ ،‬وكان إذا مشي في الشمس أو القمر ل يظهر له ظل والله‬
‫أعلم بالحقيقة‬
‫قال القاري‪ :‬وسمي الله النبي صلى الله عليه وسلم نورا فقال‪ :‬قَدْ‬
‫ن قيل المراد بالنور محمد صلى الله‬ ‫ب ُّ‬
‫مبِي ٌ‬ ‫ن اللّهِ نُوٌر وَكِتَا ٌ‬ ‫جاءكُم ِّ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫منِيرا أي شمسا مضيئا‪ ،‬سمي‬‫ً‬ ‫ً‬
‫سَراجا ُّ‬ ‫عليه وسلم ‪ ،‬وقال فيه‪ :‬وَ ِ‬

‫‪403‬‬
‫بذلك لوضوح أمره‪ ،‬وتنوير قلوب المؤمنين والعارفين بما جاء به ‪،‬‬
‫وما ظهر من النوار والسرار بسببه‬
‫قال الحلبي‪ :‬ولعل ابن سبع استنبط من هذا ومن الحديث الذي‬
‫سأل فيه النبي صلى الله عليه وسلم ربه أنه يجعل في جميع‬
‫أعضائه وجهاته نورا‪ ،‬وقوله‪ :‬واجعلني نورا‪ ،‬ما قاله من أنه صلى‬
‫الله عليه وسلم كان من خصائصه أنه كان نوراً‬
‫وقال العلمة على بن محمد القاري‪ :‬وفي حديث أبن عباس‪ :‬لم‬
‫يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظل‪ ،‬ولم يقم مع الشمس‬
‫قط إل غلب ضوؤه ضوء الشمس‪ ،‬ولم يقم مع سراج قط إل غلب‬
‫ضوؤه ضوء السراج ذكره ابن الجوزي وذكره المناوي في (شرح‬
‫الشمائل) وقال‪ :‬ذكره في الوفاء بأسانيده‬
‫==========================‬
‫ي بين السلم والغرب على القاّرة‬ ‫صراع الفكر ّ‬ ‫ال ّ‬
‫السوداء"‬

‫نايف ذوابه ‪22/6/1425‬‬


‫‪08/08/2004‬‬
‫ما قرأت كتابًا عن السلم في إفريقيا صادًرا‬ ‫قبل خمسة عشر عا ً‬
‫عن سلسلة دار المعرفة الكويتيّة‪ ،‬وقد أثلج صدري‪ ،‬وأبهج نفسي ما‬
‫حات مضيئة من جهاد المسلمين الفارقة للحفاظ‬ ‫قرأته من صفَ َ‬
‫ي التي شهدت‬ ‫منطقة القرن الفريق ّ‬ ‫على هويّة القاّرة السلميّة في ِ‬
‫معارك طاحنة مع القوّات اليطاليّة وغيرها من قوّات الحلفاء في‬
‫نهاية القرن التاسع عشر الميلديّ‪.‬‬
‫حات الكتاب‪ ،‬وكلّما طويت صفحة كنت أشعر‬ ‫ولقد كنت أقرأ صفَ َ‬
‫بالّزهو والفخر لهذا الكفاح العنيد‪ ،‬والجهاد الصادق الذي بذله إخوتي‬
‫هناك للوقوف في وجه الستعمار الغربي (الذي كان ينشد احتلل‬
‫الوطان والدمغة ونهب الثروات) على قلّة إمكاناتهم‪ ،‬وضخامة‬
‫إمكانات أعدائهم؛ لكنّهم أبدَوْا إرادة خلقة تستحوذ على إعجاب من‬
‫سقْمها من أحداث‬ ‫يتتبّع هذه الحداث‪ ،‬وهذا ما شفى نفسي وأبرأ ُ‬
‫ي؛ حيث وجد المستعمر‬ ‫أخرى كانت تدور رحاها في الشرق العرب ّ‬
‫الكافر ضالّته في نفر من المسلمين المغفّلين باعوا أنفسهم للهوى؛‬
‫كانوا ينتحرون سياسيًّا ويتعاونون مع المستعمر الكافر لدقّ آخر‬

‫‪404‬‬
‫إسفين في نعش دولة الخلفة العثمانيّة التي كانت آخر من يمثل‬
‫ي‪ ،‬والعلقات الدوليّة ‪.‬‬ ‫سلطان السلم ووجوده في الموقف الدّول ّ‬
‫وكان ما كان؛ إذ لفظت دولة الخلفة العثمانيّة أنفاسها في نهاية‬
‫الحرب العالميّة الولى ‪ ،‬وتداعت عليها قوى الكفر‪ ،‬ووقعت‬
‫منطقة بأسرها تحت هيمنة الكفار المستعمرين‪ :‬فرنسيين وإنجليز‬ ‫ال ِ‬
‫ن غيّبت أحداث الحرب العالميّة الولى المسلمين عن الساحة‬ ‫بعد أ ْ‬
‫الدوليّة ‪ ،‬وقامت بريطانيا وفرنسا باقتسام تركة الرجل المريض‬
‫م وعد‬ ‫(الدولة العثمانيّة) وفق اتفاقيّة سايكس ‪ -‬بيكو المشؤومة‪ ،‬ث ّ‬
‫بلفور المشؤوم ‪ .‬وباء الذين تعاونوا مع النجليز بالخسران المبين؛‬
‫فل هم حافظوا على ملكهم الذي كانوا عليه‪ ،‬ول منحهم النجليز ما‬
‫وعدوهم به‪.‬‬
‫ي للحداث السياسيّة‬ ‫ن أخوض في تفاصيل الطار التاريخ ّ‬ ‫ل أريد أ ْ‬
‫وحسبي ما ذكرت لعود ثانية إلى القارة " البيضاء" فتح الله علينا‬
‫بها‪ ،‬والتي هي الن ميدان الصراع الّرهيب بيننا وبين الغرب الذي‬
‫ن‬
‫صرون "بأ ّ‬ ‫يخشى من اكتساح السلم لهذه القارة والتي أقر المن ّ‬
‫السلم يلقى فيها الترحيب الحاّر" لكنّهم لم يسألوا أنفسهم‪ :‬لماذا‬
‫يلقى السلم الترحيب الحاّر من سكان القاّرة الفريقيّة كما في‬
‫غيرها!‬
‫ن أستطرد في هذا الموضوع أعود للكتاب الذي قرأته‬ ‫وقبل أ ْ‬
‫فأتحدّث عن حادثة اهتزت لها نفسي‪ ،‬وخفق لها جناني‪ ،‬وجعلتني‬
‫خا وثقة بهذا الدين الذي أنتسب إليه‪ .‬وهذه الحادثة كما‬ ‫أكثر شمو ً‬
‫ي في‬ ‫ي النّصران ّ‬
‫ن المبراطور الحبش ّ‬ ‫خص في أ ّ‬ ‫يذكرها الكتاب تتل ّ‬
‫تلك الحقبة من نهاية القرن التاسع عشر الميلديّ هداه الله‬
‫ي من بطارقة وكرادلة‬ ‫للسلم؛ فجمع كبار رجال الدّين المسيح ّ‬
‫جهم‬‫وقساوسة‪ ...‬وصارحهم بما أصبح عليه من السلم‪ ،‬وحا ّ‬
‫ودعاهم إلى السلم‪ ،‬فما كان منهم إل الّرفض‪ ،‬وعزموا على عزله‬
‫ملكه رغبة في السلم وقدّم مثل ً رائعًا‬ ‫حى المبراطور المهتدي ب ُ‬ ‫وض ّ‬
‫في التضحية بالدنيا وما فيها حبًا في الله ومحبّة برسوله محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ي لسلطان‬ ‫وهذا المشهد النزيه الذي انقاد فيه المبراطور الحبش ّ‬
‫الحقّ الذي قاده إليه عقله ذكّرني بموقف جدّنا العظيم سعد بن‬
‫ن مصعب بن عمير يدعو‬ ‫ُ‬
‫سأ ّ‬‫معاذ رضي الله عنه حينما نما إليه أنا ٌ‬
‫للسلم في المدينة ويفتن النّاس عن دين آبائهم وأجدادهم؛ فجاء‬

‫‪405‬‬
‫ن كان لك بنفسك حاجة يابن‬ ‫سعد إلى مصعب مغضبًا وقال له ‪ :‬إ ْ‬
‫سفير الداعية‬ ‫ل عن هذا المكان ! فما كان من ال ّ‬ ‫أخي فارح ْ‬
‫ن سمعت ما تكره كففْنا عنك‬ ‫ن قال له ‪ :‬أوَ تسمع؟ فإ ْ‬‫(مصعب) إل أ ْ‬
‫ما تكره ‪.‬فقال سعد ‪ :‬أنصفت ! وركز حربته في الرض‪ ،‬وجلس‬
‫يستمع إلى كلم الله من مصعب‪ ،‬ولم يمنعه هوى‪ ،‬ول كبر‪ ،‬ول‬
‫استخفاف بهذا الغريب من النصات لنداء العقل والحقّ‪ ،‬وسمع معاذٌ‬
‫ن هذا‬ ‫القرآن‪ ،‬وهل من عاقل يسمع القرآن‪ ،‬ول يدرك أنّه حق( إ ّ‬
‫القرآن يهدي للتي هي أقوم ) وما أن انتهى مصعب من قراءته حتى‬
‫فعل القرآن فعله في سعد بن معاذ وسأل سعد مصعبًا ‪ :‬وماذا‬
‫يفعل من يدخل في دينكم ؟ واغتسل سعد وتشهّد ودخل في دين‬
‫الله‪ ،‬وكان إسلمه فتحا على السلم ‪ ،‬وعلى إثره قام الكيان‬
‫ي في المدينة‪.‬‬ ‫السلم ّ‬
‫وهذا الموقف اليجابي من سعد بن معاذ الذي استسلم لسلطان‬
‫سماع ثم التباع أقارنه بموقف‬ ‫العقل‪ ،‬ولم يحجزه الهوى عن ال ّ‬
‫أتذكره للجاسوس البريطاني "هنفر" الذي بعثته بريطانيا إلى‬
‫ن يتربّى في‬ ‫ن‪ ،‬وإنّما أرادوا أ ْ‬‫إستانبول (ولم يزل حدثًا صغير الس ّ‬
‫أحضان البلد التي سيعمل فيها ليتعّرف على عادات القوم وأخلقهم‬
‫‪ ،‬ودينهم‪ ،‬وتفاصيل حياتهم؛ ليسهل عليه انخراطه في مجتمعهم)؛‬
‫سس على الدولة العثمانيّة وتقويض أركانها من الداخل‪.‬‬ ‫وذلك للتج ّ‬
‫خا تركيًّا كان يعمل نجاًرا‪ ،‬وادّعى "هنفر"‬ ‫وقد لزم "هنفر" شي ً‬
‫ُ‬
‫السلم‪ ،‬وأخذ يتعلّم السلم من الشيخ‪ ،‬وقد أعجب "هنفر" بالسلم‬
‫وبالشيخ الذي تمثل السلم تمثّل ً صادقًا‪ :‬استقامة‪ ،‬وأمانة‪ ،‬ورقة‬
‫ن يسلم حقيقة ل ادّعاءً ‪،‬‬ ‫قلب‪ ،‬وحسن خلق‪ .‬وبدأت نفسه تراوده أ ْ‬
‫ودخل مع هواه في صراع رهيب ‪ ،‬وكلّما عزم "هنفر" على السلم‬
‫ي‪ ،‬وهكذا‬ ‫مة التي جاء من أجلها لخدمة التاج البريطان ّ‬ ‫تذكّر المه ّ‬
‫ن‬
‫انتصر الهوى وحال بينه وبين السلم ‪ ،‬وقد صدق من قال ‪ :‬إ ّ‬
‫الهوى من الهوان !‬
‫ن السلم عقيدة عقليّة‪ ،‬وهنا تكمن قوّة السلم؛ فهو يخاطب‬ ‫إ ّ‬
‫العقل‪ ،‬ويقنعه بخلف المسيحيّة التي تتناقض مع العقل سواء في‬
‫ن الفكرة‬ ‫فكرة التثليث‪ ،‬أو فكرة الخلص والفداء ‪،‬فضل عن أ ّ‬
‫السلميّة تمل القلب والفطرة طمأنينة؛ فيغدو المْرء معها مرتاح‬
‫البال‪ ،‬هادئ النّفس‪ ،‬قرير العين وتتحوّل معه الحياة إلى سعادة‬
‫دائمة‪.‬‬

‫‪406‬‬
‫ما الجانب النساني في الفكرة السلميّة فكان مثال ً حيًّا جعلت‬ ‫أ ّ‬
‫م تحمله من خلل جيوش الفتح‬ ‫الشعوب تستقبله‪ ،‬وتنصهر فيه‪ ،‬ث ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫السلم ّ‬
‫ي حي مؤثّر في النفوس‪ ،‬يهز‬ ‫ن السلم فكر دينام ّ‬ ‫ومن هنا فإ ّ‬
‫العقول‪ ،‬ويوقظ العواطف النبيلة‪ ،‬ول قِبل ليّ فكر عرفته البشريّة‬
‫ن يتحدّى السلم وقد أبدى المؤرخ البريطاني"أرنولد توينبي"‬ ‫أ ْ‬
‫ذهوله من الفترة القياسيّة التي استطاع فيها السلم الظهور؛ إذ‬
‫تحدّى أكبر إمبراطوريتين في عصره بل وهزمهما وقهرهما‬
‫وأقصاهما من الموقف الدولي حينئذ بعد معركتي اليرموك و‬
‫ما من قيام الدولة‬ ‫القادسيّة أي بعد مضي قرابة خمسة عشر عا ً‬
‫السلميّة في المدينة‪.‬‬
‫ب كل إمكانياته‬ ‫منطقة عن كثب‪ ،‬وقد ص ّ‬ ‫والغرب يراقب ال ِ‬
‫منطقة‪ ،‬وضبط إيقاع الحداث‬ ‫الستخباراتيّة والعسكريًة للحاطة بال ِ‬
‫فيها و"نيسكون" أشار في كتابيه " نصر بل حرب" و " الفرصة‬
‫ن السلم سيصبح قوّة جيوبوليتيكيّة خطيرة‪ ،‬ول‬ ‫السانحة" إلى أ ّ‬
‫سكاني‪ ،‬والمكانيّات الضخمة لبلد المسلمين‪.‬‬ ‫سيّما مع التزايد ال ّ‬
‫وقد بّررت "مارغريت تاتشر" ضرورة استمرار وجود حلف الناتو بعد‬
‫ي‪.‬‬
‫سقوط التحاد السوفيتي لوجود الخطر السلم ّ‬
‫منطقة وهو "جورج‬ ‫ن أحد المحلّلين السياسيين في ال ِ‬ ‫بل إ ّ‬
‫طرابيشي" في حوار له مع قناة الجزيرة قبل نشوب الحرب‬
‫خف الغرض الرئيس من تصميم أمريكا على إسقاط‬ ‫الخيرة لم ي ُ ْ‬
‫ن‬
‫نظام صدّام‪ ،‬وهو الخشية من وقوع العراق بأيدي أصوليّة‪ ،‬وأ ّ‬
‫ي الذي تخشاه أمريكا‪،‬‬ ‫صدّام و البعثيين ليسوا هم الخطر الحقيق ّ‬
‫وإنّما القوى السياسيّة السلميّة التي تعمل بدأب لستلم السلطة‬
‫منطقة!‬ ‫في ال ِ‬
‫ك قد روّع‬‫ما المشهد المذهل الذي سآتي عليه – وهو ل ش ّ‬ ‫أ ّ‬
‫المفكّرين والسياسيّين الغربيّين‪ -‬فهو ذلك اللّقاء الذي أجرته قناة‬
‫الشارقة الفضائيّة في رمضان الماضي مع سيّدة أمريكيّة مسلمة‬
‫صة إسلمها فقالت‪ :‬إنّها كانت مسيحيّة متديّنة‪ ،‬وكانت‬ ‫تحكي ق ّ‬
‫ي لكن العقدة التي‬ ‫تحرص على تنشئة أبنائها على الدّين المسيح ّ‬
‫واجهتها في الدّيانة المسيحيّة كانت في فكرة التثليث التي لم‬
‫يتقبلها عقلها‪ ،‬وظلّت تنتظر أجوبة لسئلة كثيرة محيّرة لم تستطع‬
‫الدّيانة المسيحيّة الجابة عنها‪ ،‬وكانت تذهب إلى الغابات تتأمل‬

‫‪407‬‬
‫قدرة الله في مخلوقاته‪ ،‬وقد قيّض الله لها بوساطة جيران لها‬
‫ض‬
‫ما عربيًا‪ -‬أجابها عن أسئلتها التي تقلقها وتق ّ‬ ‫ومعارف – مسل ً‬
‫مضجعها؛ فشعرت بالّراحة النفسيّة بعد ذلك‪ ،‬وأخذت تتعّرف على‬
‫ن قلبها للسلم‪ ،‬فدخلت في دين‬ ‫السلم‪ ،‬وتقرأ عنه حتى اطمأ ّ‬
‫الله‪ ،‬وخرجت من حياتها تاركة زوجها وأولدها الذين كانت تدعو لهم‬
‫بالهداية‪.‬‬
‫لقد كنت أستمع لقصة إسلم هذه المرأة وأنا في غاية التأثر‬
‫ن‬‫والنّشوة‪ ،‬لقد كنت أسمعها‪ ،‬وأشعر أنّها في غاية السعادة بعد أ ْ‬
‫هداها الله لنور السلم‪.‬‬
‫أما المشهد الخير الذي سأختم به مقالي فهو ما عرضته قناة‬
‫الشارقة أيضا ً لمجموعة من الفتيان والفتيات الوروبيّات ومن‬
‫صة إسلمهم‪ ،‬وأعمارهم ما بين‬ ‫جنوب إفريقيا يتحدثون عن ق ّ‬
‫السادسة عشرة والحادية وعشرين‪ ،‬يهتدون للسلم وهم في سن‬
‫ن يبحث عن المتعة‬ ‫المراهقة‪ .‬يا إلهي! الفتى أو الفتاة في هذه الس ّ‬
‫شهوة‪ ،‬وهؤلء يبحثون عن الحقيقة التي لم يجدوها في ديانتهم‬ ‫وال ّ‬
‫ن‬
‫المسيحيّة‪ ،‬ول في حضارتهم الغربيّة الرأسماليّة‪ .‬ل شك أ ّ‬
‫المفكرين الغربيّين تدهشهم هذه المشاهد‪ ،‬وتهزهم من العماق‪،‬‬
‫ي والفكريّ الذي تعيشه مجتمعاتهم ل‬ ‫ن الفراغ الروح ّ‬ ‫وهم يدركون أ ّ‬
‫يملؤه إل السلم ‪.‬‬
‫وفي النهاية أقول‪ :‬مهما حشد الغرب من قوى لعادة تنصير العالم‬
‫ن‬
‫ن الغرب يخوض معركة خاسرة؛ ل ّ‬ ‫أو لكتساب نصارى جدد‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن جنوده الذين جنّدهم‬ ‫عقيدته باطلة وفكرته ضعيفة‪ ،‬ناهيك عن أ ّ‬
‫في المعركة ضعفاء فاقدون للقناعة‪ ،‬وفاقد الشيء ل يعطيه‪،‬‬
‫والغرب جّرد عقيدته من حقائق التوحيد وأصبحت عقيدته عقيدة‬
‫وثنية تعبد العلم‪ ،‬ول تعترف بغير حقائق العلم‪ ،‬ومجتمعاته مجتمعات‬
‫ن يراجع ما‬ ‫ن على "فوكوياما" أ ْ‬ ‫خواءً رهيبًا ‪ ،‬وأجزم أ ّ‬ ‫ماديّة خاوية ُ‬
‫ن الغرب وحضارته وعقيدته‬ ‫كتبه في كتابه "نهاية التاريخ" ؛ ل ّ‬
‫ق‬
‫ح ِّ‬‫ف بِال ْ َ‬ ‫وليبراليّته في مأزق خطير وصدق الله العظيم (ب َ ْ‬
‫ل نَقْذ ِ ُ‬
‫ه فَإِذ َا هُوَ َزاهِقٌ‪[) ...‬النبياء‪ :‬من الية‪]18‬‬ ‫ع َلَى الْبَاط ِ ِ‬
‫ل فَيَد ْ َ‬
‫مغُ ُ‬
‫==========================‬
‫العلقة السرية بين الحكومة الدانماركية والبقر‬

‫الكاتب‪ :‬ناصر بن عبدالرحمن بن ناصر الحمد *‬

‫‪408‬‬
‫إن الناظر إلى المنتجات الدانماركية في العالم يجد أن أكثر‬
‫ماتشتهر به(المنتجات البقرية‪..‬الزبدة ‪..‬الجبان ‪..‬الحليب) وهذا‬
‫بلشك يجعل عندنا تفكيرا عميقا في العلقة السرية بين البقر‬
‫والحكومة الدانماركية لبد أن يكون هناك وجه شبه فكرت مليا في‬
‫الشبه بينهما فوجدت العلقة الوطيدة بين الجانبين إنها (علة‬
‫الفهم )و(علة اللغة )هناك دراسات لفهم الحيوانات ولغاتها ولعل‬
‫منها البقر ولبد لكل دارس أن يعرفنا لغة البقر حتى نفهم ماتريد‬
‫الحكومة الدانماركية ومما زادني يقينا في معرفة العلقة السرية‬
‫بين الجانبين أن رئيس الوزراء الدانماركي رد أحد عشر سفيرا من‬
‫دول عربية أرادوا النقاش معه وهذا يدل أن له لغة خاصة ليفهم‬
‫فيها لغة البشر وحين نعلم أن اقرب لغة له هي لغة البقر فلبد أن‬
‫نعلم أن البقر لتفهم إل بالجزاء والعقاب ويؤثر فيها جدا ولذا ينبغي‬
‫للمسلمين أن يفهموا ذلك جيدا ولو فكرنا ماحيلتنا نحن لنفهم لغة‬
‫البقرإل مانعرفه عند رعيها وذلك بالحرمان والعقاب علمنا أن‬
‫مقاطعة الحكومة الدانماركية شعوبا وحكومات إسلمية هو حل‬
‫لبأس به ليؤدبها بعض الشيء وربما نحتاج لن ندفع بعض الموال‬
‫إلى من يجيد لغة البقر فيأطرها على الصواب أطرا وذلك من خلل‬
‫المحاكمة التي تردعها بعض الشيء ولكن علينا أن نفهم أن هناك‬
‫(انفلونزا بقري )ربما سبب مرضا في بعض البشر ممن يدافعون‬
‫عن البقر ممن يكتبون في صحافتنا العربية فيسبون المصطفى‬
‫صلى الله عليه وسلم من طريق ملتوية فلنحذر منهم ولنعالج البقر‬
‫قبل أن يستفحل شره ولنري الله تعالى خيرا ‪.‬‬
‫أمة السلم أيها البشر الكرام أيستهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ونحن نرى ونسمع بل مسمع ونحن نسقي هذا العدو للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بأموالنا من حيث لنشعر نحب أن نشعر فقط أننا‬
‫ندافع ولو بالقليل عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا رأينا‬
‫زبدة لورباك وتذكرنا حسن طعمها ذكرنا مر شتم النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وأثره على قلوبنا نفديه بآبائناوأمهاتنا وذرارينا وأهلينا‬
‫وجميع من على الرض ل أريد الطالة فإني أخاف أن لأستطيع‬
‫جمع العبارات مع العبرات لكون منها عبارة تغني لكن يكفينا قول‬
‫مولنا تعالى (لقدجائكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم‬
‫حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ) ‪.‬‬
‫أضع بين يدي الغيور بعض مايجب علينا وفاء لحق النبي الكريم‬

‫‪409‬‬
‫أول ‪ :‬الدعاء على من ناوئه وعاداه وشتمه فرب دعوة تصدع ماالتئم‬
‫وتقطع ماجتمع ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬اتباع سنته وترك البتداع وهذه هي حقيقة المحبة ليست‬
‫المحبة في أهازيج ول قصائد ول احتفالت موالد بل هي (إن المحب‬
‫لمن يحب مطيع ) ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬الدفاع عن سنته وشخصه الكريم ولو كلفنا أرواحنا فصلتنا‬
‫وزكاتنا وحجنا وعباداتنا كلها على ماجاء به المصطفى عن ربه تعالى‬
‫وماسواها فهو مردود (وماينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى )‬
‫هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم كان قادرا على أن يطلب من‬
‫ملك الجبال أن يطبق الخشبين وقادرا أن يدعوا على قومه‬
‫فيهلكهم الله لكنه بالعكس من ذلك طلب من ربه تعالى أن ليهلك‬
‫أمته بعام فأجاب الله دعوته أفل نستحي على أنفسنا أن نبقى‬
‫مكتوفي اليدين عن نصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كل‬
‫بقدر مايستطيع (قلم‪..‬لسان ‪ ..‬مقاطعة ‪ ..‬بغض مبغضيه‪. )..‬‬
‫رابعا ‪ :‬محبة صحابته البرار وعلى رأسهم الخلفاء الراشدين ثم‬
‫العشرة ثم المهاجرين ثم النصار ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم‬
‫فمن أراد الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم فليدافع عن‬
‫أصحابه (لتسبوا أصحابي ‪.....‬الحديث) ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬محبة آل بيته الطهار وعلى رأسهم علي وفاطمة والحسن‬
‫والحسين وزوجاته عليهم السلم فإن لهم علينا حق كبير (اوصيكم‬
‫الله في آل بيتي ‪...‬الحديث) وكل من كان من سللته من آل علي‬
‫او جعفر او ابي طالب أو عقيل من أهل السلم لبد أن نكرمهم‬
‫ونحترمهم ونقوم بخدمتهم مااستطعنا ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬إظهار سيرته ونشرها لنقطع على أهل الزيغ زيغهم وإن‬
‫كانوا ليعلمون أنه الحق من ربهم كما قال تعالى (يعرفونه‬
‫كمايعرفون أبنائهم)ولكن إمعانا في البلغ ولبد من تعليم ابنائنا‬
‫ونشأنا على سيرته فإن المسقبل الغامض يوحي بأخطار ‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬بذل الموال لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وقد سررت‬
‫حين قرأت عن الخ الغيور حسن آل مهدي أنه مستعد لمحاكمة‬
‫هذه الصحف المجرمة فجزاه الله خيرا ‪.‬‬

‫‪410‬‬
‫ثامنا ‪ :‬الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة عند ذكره‬
‫وكثير من الناس يجهل أنه واجب عليه عند ذكر المصطفى صلى‬
‫الله عليه وسلم او سماع اسمه ان يصلي عليه (وجوبا) ‪.‬‬
‫تاسعا ‪ :‬مقاطعة المنتجات التي تدعم الدانمارك في اقتصادها وهذا‬
‫جهد المقل والله المستعان ‪.‬‬
‫عاشرا ‪ :‬لبد من أناس يتهيئون لمواجهة هذا الفكر النجس في‬
‫العتداء على الرسل عليهم السلم عامة وعلى المصطفى صلى‬
‫الله عليه وسلم خاصة ‪.‬‬
‫اللهم أعز دينك وانصر كلمتك وانتصر لنبيك‬
‫*إمام وخطيب جامع المام بن ماجه رحمه الله‬
‫===========================‬
‫ب السلم وحرمة الحديث عن‬ ‫الغرب بين حريّة س ّ‬
‫الهولوكست ‪.‬‬

‫كتب يحي أبوزكريا ‪ /‬ستوكهولم‬


‫تجيز القوانين الغربية للمواطن الغربي أن يعيش الحريّة بكل‬
‫تفاصيلها و أن يتحرّر من كل القيود التي تكبلّه وبناءا عليه أصبحت‬
‫الحريّة الجنسية المقرفة و الحرية السياسية و الحرية القتصادية‬
‫م هائل من القوانين الرئيسية‬‫في متناول الجميع ‪ ,‬و هناك ك ّ‬
‫والفرعية التي تكفل مبدأ الحرية للمواطن الغربي الذي يحقّ له أن‬
‫ن‬
‫يستهين بالقيم الدينية و بالنبياء ‪ ,‬وعلى الرغم من ذلك فإ ّ‬
‫مناقشة موضوع الهولكست تعتبر محرمة ول يجوز مطلقا الخوض‬
‫فيها أو الحديث عنها أو الدعوة إلى إعادة قراءة ظاهرة الهولوكست‬
‫ن ذلك يعتبر محرما ويعّرض الداعي إلى إعادة قراءة هذه‬ ‫فإ ّ‬
‫الظاهرة إلى الملحقات القانونية و العتقالت ‪ ,‬كما حدث مع‬
‫روجي غارودي وفريسون في فرنسا وكما حدث مع أحمد رامي في‬
‫السويد الذي سجن ستة أشهر بسبب تناول إذاعته راديو السلم‬
‫موضوع الهولوكست و أستضاف شخصيات غربية تحدثت في راديو‬
‫السلم عن خرافة الموضوع ‪.‬‬
‫و للشارة فإنّه في تاريخ ‪ 19‬مارس ‪ /‬آذار ‪ 2005‬أقام الكيّان‬
‫الصهيوني معرضا في تل أبيب أطلق عليه معرض الهولوكست‬
‫المحرقة العظيمة و دعت الحكومة السرائيلية إلى هذا المعرض‬

‫‪411‬‬
‫آلف الشخصيات و الزعماء الدوليين التي لبّت الدعوة و حتى‬
‫المين العام للمم المتحدة كوفي عنان لبّى الدعوة وزار المعرض‬
‫متناسيا جرائم الكيّان الصهيوني في قانا وجنين و غيرها من المجازر‬
‫الصهيونية ‪.‬‬
‫وقد تعرض الكثير من الكتّاب الغربيين إلى العتقال في ألمانيا‬
‫وهولندا و النمسا بسبب حديثهم عن الهولوكست و تفنيذ مزاعم‬
‫الرواية السرائيلية للمحرقة اليهودية ‪.‬‬
‫وفي الدانمارك سمحت جريدة رسمية لنفسها بتصوير رسول الله –‬
‫ص – في رسوم كاريكاتورية ‪ ,‬بينما تلتزم كل الصحف الدانماركية‬
‫بمبدأ عدم جواز الحديث عن الهولكوست أو حتى الحركة الصهيونية‬
‫‪.‬‬
‫ن‬
‫و للشارة فإ ّ‬
‫السويد‬
‫وعندما دعت الكاتب البريطاني الهندي الصل سلمان رشدي‬
‫صاحب كتاب آيات شيطانية رحبّت كل وسائل العلم السويدية‬
‫بقدومه و أتاحت له فرصة واسعة لمخاطبة الجمهور السويدي ‪ ,‬و‬
‫في نفس زمن وجوده في السويد دعت جمعية عربية الكاتب‬
‫الفرنسي المعروف بطروحاته ضد ّ الحركة الصهيونية فوريسون‬
‫وقامت الدنيا ولم تقعد ضد ّ فوريسون المعادي للصهيونية و قوبل‬
‫بتظاهرات مضادة المر الذي جعل البعض يقول لماذا الحرية متاحة‬
‫م على المسلمين وشبّه طوافهم حول‬ ‫لسلمان رشدي و الذي تهج ّ‬
‫الكعبة بمثابة طواف الزناة حول بيت الزانية ‪ ,‬و غير متاحة لرجل‬
‫كفوريسون أو روجي غارودي بمجّرد حديثهم عن الحركة الصهيوينة‬
‫و أكاذيبها ‪.‬‬
‫وفرنسا‬
‫التي حظرت الحجاب و تصف المسلمين بأخس النعوت فإنّه ل‬
‫يسمح مطلقا الحديث عن الهولوكست و غرف الغاز و أبرز من‬
‫تعرض لليذاء في هذا المجال الكاتب الفرنسي الراحل روجي‬
‫غارودي الذي أنكر في كتابه المسألة اليهودية غرف الغاز ‪Marp‬‬
‫والتي مات فيها أكثر من ‪ 6‬مليين يهوديا أو يزيد ‪ .‬و ظل غارودي‬
‫محل ملحقة منذ سنة ‪ 1998‬فرض عليه عندها حصارا متعدد ّ الوجوه‬
‫وفي كل المجالت بمجّرد أنّه تنكّر للهولوكست و أعتبره من إنتاج‬

‫‪412‬‬
‫مخيلة الستراتيجيين اليهود والحاخامات الذين كرسوا الحركة‬
‫الصهيونية من خلله وكسبوا تعاطف الرأي العام الرسمي و‬
‫الشعبي في الغرب ‪.‬‬
‫اتمنى من الله جل جلله ان تتحد المه جميعها وتبقى يدا واحده‬
‫للوقوف ضد هذه الستفزازات التى يرتكبونها ضد السلم‬
‫والمسلمين وهاهم بعد ان القوا بالمصاحف فى دورات المياه‬
‫وداسوها بالقدام ولم يتحرك احد ولكن شجبنا ‪..‬ولكن حين حصلت‬
‫المقاطعه التجاريه اسرعوا بالعتذار ‪...‬وما فائده العتذار ‪..‬يجب‬
‫علينا العتماد على انفسنا وبضائعنا العربيه ومقاطعة كل ماهو‬
‫مصنع بالغرب ‪..‬واذكركم بما حدث لمن سب ملة اخرى ؟؟؟!‬
‫اقول ان اعتزارهم جاء بعد اربعه اشهر من نشر هذه الصور ‪...‬‬
‫ولننظر ماذا فعلوا بمن هاجم الساميه او مايدعونه بالمجزره‬
‫اليهوديه ‪..‬او التطرق للشواذ او المثليين لذا يجب علينا الن ان‬
‫نتوحد فى وجه هذه الحملة الشعواء بعيدا عن العصبيه والميه‬
‫السياسيه ونتخذ قرارات تصون معتقداتنا وافراد المه السلميه‬
‫جميعها حتى لنكون امثالهم فى افعالهم التى تذكرنى بما حدث‬
‫للسلم فى بدايته من تنكيل وتعذيب وسفك دماء ‪...‬انهم يخافون‬
‫من انتشار السلم السريع الذى حدث بعد احداث سبتمبر ‪...‬وياليتنا‬
‫نكون قدوة حسنه فى هذه اللحظات حتى ينضم للسلم اكبر عدد‬
‫منهم عن اقتناع بان ديننا هو دين الحق والعدل والسلم والمساواه‬
‫بين البشر فهنيئا لمن كان سببا فى اسلم ولو شخص ‪...‬وهنيئا لكل‬
‫من نصر دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ‪...‬‬
‫وقدمت الصحيفه الحمقاء اعتزارا عبيطا باللغه العربيه حتى تحفظ‬
‫ماء وجهها مع شعبهم وقرائها ‪..‬‬
‫ولكن مميأسف له أن صحفا عربيه نشرت نفس الصور واحده في‬
‫الردن وأخري في اليمن وأخرى في الجزائرفهل يعقل هذا فمثل‬
‫هذا العمل يزيد الغرب علينا حده ‪.‬‬
‫وبلشك فهم ربما من عملئهم أو غير مسلمين حقا وان كانوا اسما‬
‫=========================‬
‫الفاتيكان رأس حربة للصهيونية‬

‫السيد أبو داود ‪8/5/1425‬‬

‫‪413‬‬
‫‪26/06/2004‬‬
‫حملة "مليون ضد محمد" التي أطلقها الفاتيكان ليست آخر موقف‬
‫للفاتيكان ضد ّ السلم ونبيّه صلّى الله عليه وسلّم ‪ ،‬فقد أصدر‬
‫خرا ً بيانا يحذ ّر فيه النّساء الكاثوليكيّات من الزواج‬ ‫الفاتيكان مؤ ّ‬
‫حشين ضد‬ ‫ن المسلمين متو ّ‬ ‫بمسلمين سواء في أوروبا أو خارجها‪ ،‬ل ّ‬
‫النساء‪ ،‬وأن المسيحيّة التي سوف تتزوج من مسلم ستحرم من‬
‫حقوقها‪.‬‬
‫صة في أوروبا ‪ ،‬فهو يعلم أنّه ضعيف‬ ‫فالفاتيكان له حساباته الخا ّ‬
‫على مستوى الوجود العام‪ ،‬ولذلك يريد أن يركب موجة العِداء‬
‫للسلم التي تثار كثيًرا في مؤسسات صناعة القرار في الغرب‬
‫لكي يستعيد َ بعض توازنه المفقود‪.‬‬
‫ما عندما ركب‬ ‫وذلك يذكرنا بما حدث في أوروبا منذ عشرين عا ً‬
‫موجة العداء للشيوعيّة وحّرك الكنائس الكاثوليكيّة في أوروبا‬
‫الشرقيّة ضد الشيوعيّة‪.‬‬
‫وكان الفاتيكان هو الذي حّرض نقابة " تضامن " في بولندا‪ ،‬حيث‬
‫ي‪.‬‬
‫كانت هي المبادرة بإسقاط النظام الشيوع ّ‬
‫شعار المرفوع الن هو محاربة السلم‬ ‫ن ال ّ‬
‫ولن الفاتيكان يعلم أ ّ‬
‫تحت دعاوى مواجهة الرهاب‪ ،‬فهو يريد أن يلعب مع السلم نفس‬
‫سابق‪.‬‬ ‫الدور الذي لعبه مع الشيوعية في ال ّ‬
‫حوار بين الديان والمحبّة‬ ‫والغريب أن القوم يتحدثون عن ال ِ‬
‫حوار مع هذه المواقف السلبيّة التي‬ ‫والتّسامح ‪ ،‬فكيف يستقيم ال ِ‬
‫كانت حملة " مليون ضد محمد " أعنفها وأفحشها؟‪.‬‬
‫خًرا للعتراف‬ ‫والفاتيكان يعلم أنّه ضعيف في أوروبا ولذلك ضغط مؤ ّ‬
‫ساسة‬ ‫ن تجاهله ال ّ‬ ‫ي بعد أ ْ‬‫بالجذور المسيحيّة في الدستور الوروب ّ‬
‫ولم يشيروا إلى هذا المر‪.‬‬
‫والغريب في المر أنّه في الوقت الذي يعلن فيه الفاتيكان الحرب‬
‫على السلم نجد المؤسسات السلميّة في البلد العربيّة‬
‫والسلميّة عاجزة عن العمل وتكاد تكون مشلولة‪ ،‬حتى في الدّعوة‬
‫الدّاخلية‪ ،‬لنّها مقيّدة تحت دعوى محاربة الرهاب‪.‬‬
‫ي على‬ ‫و من غرائب المور أيضا أنّه بينما يسيطر اليمين المسيح ّ‬
‫السياسة في أوروبا ‪ ...‬ويرفع بوش شعارات الدين في النتخابات‬

‫‪414‬‬
‫شح المسيحيّة‪ ..‬بينما يحدث ذلك يحذ ّرنا الغرب‬ ‫ويقول‪ :‬إنّه مر ّ‬
‫وأتباعه في ديارنا من التداخل بين الدّين والسياسة!!‬
‫سلم‬‫محاَربة ال ْ‬ ‫ُ‬
‫حنق على السلم والّرغبة العنيفة في إقصائه هي‬ ‫ضغينة وال ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫إ ّ‬
‫صليبيّة على جنوب السودان‪ ،‬إنّها تدرك أنّه لو‬ ‫م أهداف الحملة ال ّ‬ ‫أه ّ‬
‫ن ذلك مدعاة لنتشاره في كامل القرن‬ ‫نفذ السلم إلى هناك فإ ّ‬
‫الفريقي ومنابع النيل ومنطقة البحيرات‪ ،‬وهي مناطق استراتيجية‬
‫مة ومفصل حركة القاّرة‪ ،‬وهذه ميادين ل مساومة فيها؛ ومن ث َ ّ‬
‫م‬ ‫ها ّ‬
‫سعت الكنيسة إلى نفي كل أثر يتعلق به من الجنوب‪ ،‬لقد كتب‬
‫(اللورد كتشنر) عام ‪1982‬م قائلً‪" :‬ليس من شك في أن الدين‬
‫السلمي يلقى ترحيبا ً حارا ً من أهالي هذه البلد فإذا لم تقبض‬
‫ن العرب‬ ‫القوى النّصرانيّة على ناصية المر في إفريقيا فأعتقد أ ّ‬
‫سيخطون هذه الخطوة‪ ،‬وسيصبح لهم مركز في وسط القارة‬
‫يستطيعون منه طرد كافة التأثيرات الحضارية إلى الساحل‪ ،‬وستقع‬
‫البلد في هذه العبودية"‪ .‬ويشرح القس (أرشيد كون شو) المر‬
‫م تغيير هذه القبائل السوداء في‬ ‫ن لم يت ّ‬‫فيقول عام ‪1909‬م‪" :‬إ ْ‬
‫ن هذه‬‫مديّين؛ إذ إ ّ‬
‫السنوات القليلة القادمة فإنّهم سيصيرون مح ّ‬
‫منطقة استراتيجيّة لغراض التنصير‪ ،‬إنّها تمتد في منطقة‬ ‫منطقة ِ‬ ‫ال ِ‬
‫شرق إفريقيا في منتصف الطريق بين القاهرة والكاب"‪ .‬ثم يقول‪:‬‬
‫ن كانت الكنيسة في حاجة إلى مكان ليوائها فهو هنا لصد ّ انتشار‬ ‫"إ ْ‬
‫ي الزائف"‪ .‬ونحن نقول‪ :‬وهو تماماً‬ ‫السلم‪ ،‬والقضاء على تعاليم النب ّ‬
‫ما تمت التوصية به في المؤتمر الرسالي العالمي بأدنبرة عام‬
‫ن أول ما يتطلب العمل إذا كانت إفريقيا ستكسب‬ ‫‪1910‬م‪" :‬إ ّ‬
‫لمصلحة المسيح أن نقذف بقوة تنصيريّة قويّة في قلب إفريقيا‬
‫لمنع تقدّم السلم"‪.‬‬
‫التنصير وسيلتهم الخبيثة‬
‫التّنصير حركة سياسيّة استعماريّة بدأت بالظهور إثر فشل الحروب‬
‫الصليبيّة بغية نشر النصرانيّة بين المم المختلفة في دول العالم‬
‫سيطرة على‬ ‫مة‪ ،‬وبين المسلمين بخاصة بهدف إحكام ال ّ‬ ‫الثالث بعا ّ‬
‫هذه الشعوب ‪.‬‬
‫ويساعدهم في ذلك انتشار الفقر والجهل والمرض في معظم‬
‫ي في كثير من بلدان‬ ‫ي‪ ،‬والنفوذ الغرب ّ‬ ‫بلدان العالم السلم ّ‬

‫‪415‬‬
‫المسلمين‪ ،‬وضعف بعض حكام المسلمين الذين يسكتون عنهم أو‬
‫سبل رغبًا ورهبًا أو نفاقًا لهم ‪.‬‬ ‫ييسرون لهم ال ّ‬
‫ي تولّى التبشير بعد فشل الحروب‬ ‫ويعد "ريمون لول" أول نصران ّ‬
‫الصليبيّة في مهمتها؛ إذ إنّه قد تعلم اللّغة العربيّة بكل مشقة وأخذ‬
‫يجول في بلد الشام مناقشا ً علماء المسلمين ‪.‬‬
‫ومنذ القرن الخامس عشر وأثناء الكتشافات البرتغالية دخل‬
‫المبشرون الكاثوليك إلى إفريقيا وبعد ذلك بكثير أخذت ترد‬
‫الرساليات التبشيريّة البروتستانتيّة إنجليزيّة وألمانيّة وفرنسيّة ‪.‬‬
‫صر "هنري مارتن "ت ‪1812‬م يد طُولى في إرسال‬ ‫وكان للمن ّ‬
‫صرين إلى بلد آسيا الغربيّة وقد ترجم التوراة إلى الهنديّة‬ ‫المن ّ‬
‫والفارسيّة والرمنيّة ‪.‬‬
‫وفي عام ‪1795‬م تأسست جمعية لندن التنصيريّة وتبعتها أخريات‬
‫في اسكوتلندة ونيويورك ‪.‬‬
‫وفي سنة ‪1819‬م اتفقت جمعيّة الكنيسة البروتستانتيّة مع النصارى‬
‫شر النجيل في إفريقيا ‪.‬‬ ‫في مصر وكوّنت هناك إرسالية ع ُهد إليها ن َ ْ‬
‫وفي سنة ‪1849‬م أخذت ترد إرساليات التبشير إلى بلد الشام وقد‬
‫قامت بتقسيم المناطق بينها ‪.‬‬
‫وفي سنة ‪1855‬م تأسست جمعية الشبان المسيحية من النجليز‬
‫متها في إدخال ملكوت المسيح بين‬ ‫والمريكان وقد انحصرت مه ّ‬
‫شبان كما يزعمون ‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫سست جمعيّة اتحاد الطلبة المسيحيّين في‬ ‫وفي سنة ‪1895‬م تأ ّ‬
‫العالم ‪ ،‬وهي تهتم بدراسة أحوال التلميذ في كل البلد مع العمل‬
‫شر النصرانيّة) ‪.‬‬ ‫ث روح المحبّة بينهم (المحبة تعني ن َ ْ‬ ‫على ب ّ‬
‫وجاء "صموئيل زويمر" وكان رئيس إرساليّة التنصير العربيّة في‬
‫شرق الوسط‪ ،‬وكان يتولى‬ ‫البحرين‪ ،‬ورئيس جمعيات التنصير في ال ّ‬
‫ي النجليزية التي أنشأها سنة ‪1911‬م وما‬ ‫إدارة مجلّة العالم السلم ّ‬
‫تزال تصدر إلى الن من هارتيفورد ‪ ،‬دخل البحرين عام ‪1890‬م ومنذ‬
‫عام ‪1894‬م قدمت له الكنيسة الصلحية المريكية دعمها الكامل ‪.‬‬
‫سسها "زويمر" كان في حقل‬ ‫وأبرز مظاهر عمل البعثة التي أ ّ‬
‫منطقة الخليج‪ ،‬وتبعا لذلك فقد افتتحت مستوصفات‬ ‫التطبيب في ِ‬
‫لها في البحرين والكويت ومسقط وعمان‪ ،‬ويُعَد ّ " زويمر" من أكبر‬

‫‪416‬‬
‫أعمدة التنصير في العصر الحديث وقد أسس معهدا باسمه في‬
‫أمريكا لبحاث تنصير المسلمين‪.‬‬
‫خلف "كنيث كراج " "صموئيل زويمر" على رئاسة مجلة العالم‬
‫ي ‪ ،‬وقام بالتدريس في الجامعة المريكيّة بالقاهرة فترة من‬ ‫السلم ّ‬
‫الوقت‪ ،‬وهو رئيس قسم اللهوت المسيحي‪ ،‬في هارتيفورد بأمريكا‬
‫وهو معهد للمنّصرين ومن كتبه ( دعوة المئذنة ) صدر عام ‪1956‬م ‪.‬‬
‫أما "لويس ماسينيون" فقد قام على رعاية التنصير في مصر وهو‬
‫عضو مجمع اللّغة العربيّة بالقاهرة‪ ،‬كما أنّه مستشار وزارة‬
‫المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال إفريقيا ‪.‬‬
‫ن من مصلحة الكنيسة‬ ‫ويرى بابا الفاتيكان بعد سقوط الشيوعية أ ّ‬
‫ومصلحة رجال السياسة توجيه عموم الشعب المسيحي نحو خصم‬
‫جديد يخيفه به وتجنده ضده والسلم هو الذي يمكن أن يقوم بهذا‬
‫الدور في المقام الول‪ ،‬ويقوم البابا بمغادرة مقره بمعدل أربع‬
‫صراع مع اليديولوجيّات العالميّة وعلى‬ ‫رحلت دوليّة لكسب ال ّ‬
‫رأسها السلم ‪ ،‬وتوجد بليين الدولرات تحت تصّرفه للنفاق منها‬
‫صرين‪ ،‬وإجراء البحوث‪ ،‬وعقد المؤتمرات‪،‬‬ ‫على إرسال المن ّ‬
‫والتخطيط لتنصير أبناء العالم الثالث وتنظيم وتنفيذ ومتابعة النشاط‬
‫التنصيريّ في كل أحاء العالم وتقويم نتائجه أوّل بأوّل ‪.‬‬
‫الوحدة السلميّة هدفُهم‪g‬‬‫منْعُ َ‬‫ّ‬
‫ن الوَحدة السلميّة تجمع آمال الشعوب‬ ‫يقول "القس سيمون" ‪" :‬إ ّ‬
‫السلميّة وتساعد على التملّص من السيطرة الوروبيّة‪ ،‬والتبشير‬
‫عامل مهم في كسر شوكة هذه الحركة‪ ،‬من أجل ذلك يجب أن‬
‫حول بالتنصير باتجاه المسلمين عن الوحدة السلمية" ‪.‬‬ ‫نَ ُ‬
‫ويقول "لورنس براون"‪ " :‬إذا اتحد المسلمون في إمبراطورية‬
‫عربيّة أمكن أن يصبحوا لعنة علىالعالم وخطرا ‪ ،‬أو أمكن أن يصبحوا‬
‫ن ول‬ ‫أيضا نعمة له ‪،‬أما إذا بقوا متفرقين فإنّهم يظلون حينئذ بل وز ٍ‬
‫تأثير" ‪.‬‬
‫ي هو العقبة القائمة في‬ ‫ن الدّين السلم ّ‬
‫ويقول "مستر بلس" ‪ :‬إ ّ‬
‫صرون على بث‬ ‫طريق تقدم النصرانيّة في إفريقيا" ‪ .‬كما دأب المن ّ‬
‫الكاذيب والباطيل بين أتباعهم ليمنعوهم من دخول السلم‬
‫وليشوّهوا جمال هذا الدين ‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫يقول "هنري جسب" المريكي ‪" :‬المسلمون ل يفهمون الديان ‪،‬ول‬
‫ن التنصير سيعمل‬ ‫يقدّرونها قدرها إنهم لصوص وقتلة ومتأخرون‪ ،‬وإ ّ‬
‫على تمدينهم" ‪.‬‬
‫أما "لطفي ليفونيان" وهو أرمني ألّف بضعة كتب للنّيْل من السلم‬
‫ن تاريخ السلم كان سلسلة مخيفة من سفك الدماء‬ ‫يقول‪" :‬إ ّ‬
‫والحروب والمذابح"‪.‬‬
‫و"أديسون" يقول عن محمد صلى الله عليه وسلم‪" :‬محمد لم‬
‫يستطع فهم النّصرانيّة ولذلك لم يكن في خياله إل صورة مشوّهة‬
‫بنى عليها دينه الذي جاء به العرب" ‪.‬‬
‫ن أحسن ما فيه إنما هو‬ ‫صر" نلسن" يزعم بأن السلم مقلد‪ ،‬وأ ّ‬ ‫المن ّ‬
‫خذ من الوثنيّة كما هو أو مع‬ ‫مأخوذ من النصرانيّة وسائر ما فيه أ ِ‬
‫شيء من التّبديل" ‪.‬‬
‫د‬
‫ن محمدا كان في الحقيقة عاب َ‬ ‫المبشر" ف‪.‬ج هاربر" يقول ‪" :‬إ ّ‬
‫أصنام ؛ذلك لن إدراكه في الواقع كاريكاتور" ‪.‬‬
‫ي على الحاديث أكثر مما‬ ‫صر "جسب" يقول ‪" :‬إن السلم مبن ّ‬ ‫المن ّ‬
‫هو مبني على القرآن‪ ،‬ولكننا إذا حذفنا الحاديث الكاذبة لم يبق من‬
‫السلم شيء" ‪.‬‬
‫ويقول كذلك ‪ :‬ا"لسلم ناقص والمرأة فيه مستعبدة" ‪.‬‬
‫ن نُريَ هؤلء الناس أن‬ ‫صر "جون تاكلي" يقول ‪" :‬يجب أ ْ‬ ‫المن ّ‬
‫حا ‪.‬‬
‫ن الجديد فيه ليس صحي ً‬ ‫صحيح في القرآن ليس جديدا‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫أما القس "صموئيل زويمر" فيقول في كتابه العالم السلمي اليوم‪:‬‬
‫ن النصارى ليسوا أعداء لهم ‪.‬‬ ‫يجب إقناع المسلمين بأ ّ‬
‫ويقولون أيضاً‪ :‬تنصير المسلمين يجب أن يكون بوساطة رسول من‬
‫أنفسهم ومن بين صفوفهم لن الشجرة يجب أن يقطعها أحد‬
‫أعضائها ‪.‬‬
‫تحالف الكنائس العالميّة والصهيونيّة‬
‫الصهيونيّة العالميّة ومعها الفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي‬
‫استبدلوا العدو الغربي القديم بصناعة عدو جديد؛ ليحققوا من خلله‬
‫ن يضربوا أكثر‬ ‫أهدافهم الستراتيجيّة قريبة وبعيدة المدى‪ ,‬وأرادوا أ ْ‬
‫من عصفور بحجر واحد على النحو التالي‪:‬‬

‫‪418‬‬
‫مسلمين بأيدي‬ ‫* يقومون بتصعيد حربهم التاريخيّة ضد السلم وال ُ‬
‫م تفضيل توريط أفراد ومؤسسات وتنظيمات‬ ‫آخرين‪ ,‬على أن يت ّ‬
‫مسلمين وبين‬ ‫ة" حتى تحدث الفتنة بين ال ُ‬ ‫"ذات واجهة إسلمي ّ‬
‫مبّررات‬ ‫بعضهم البعض في الداخل‪ ,‬ومن ناحية ثالثة يوجدون بذلك ُ‬
‫للغرب لكي يتدخل في الشؤون العربيّة والسلميّة‪ ,‬ويعملون على‬
‫تحريض دعاة العنف على أوطانهم‪ ,‬واحتضانهم وتغذيتهم بالموال‬
‫والسلح‪ ,‬والدفع بهم إلى داخل بلدهم لرتكاب جرائم غير إنسانيّة‪,‬‬
‫معارض‪.‬‬ ‫باسم الدين مرة‪ ,‬وأخرى تحت وهم العمل السياسي ال ُ‬
‫شغْل العرب في صراعات مع الغير‪ ,‬حتى يمنحوا‬ ‫* الستمرار في َ‬
‫منطقة العربيّة‪ ,‬وتنفرد‬ ‫ة لسرائيل لتحقيق مآربها في ال ِ‬ ‫الفرص َ‬
‫بسياسة يهوديّة تفرضها داخل الراضي الفلسطينيّة على الوجه‬
‫الخص‪.‬‬
‫منطقة العربيّة من حولها‪ ,‬ليقولوا‬ ‫* السعي لهز أمن واستقرار ال ِ‬
‫ن عدم‬ ‫مهدّدة من جيرانها العرب‪ ,‬وإ ّ‬ ‫ن إسرائيل ُ‬ ‫للعالم الغربي ‪:‬إ ّ‬
‫استقرار المن في المنطقة العربية ينعكس عليها‪ ,‬وبذلك يقومون‬
‫مبادرات السلم‪ ,‬أو عودة الحقوق الفلسطينيّة‬ ‫بتعطيل ووأد ُ‬
‫المشروعة‪.‬‬
‫* البحث عن جبهات جديدة بعد أن تم تحييد دور كل من مصر‬
‫ي‬
‫صراع العرب ّ‬ ‫والردن وبعض الدول الخليجية "نسبيًا" في ال ّ‬
‫ي‬‫ي‪ ,‬وبذلك ترتاح إسرائيل من وجود وَحدة موقف عرب ّ‬ ‫السرائيل ّ‬
‫ي‪ ,‬وفي ذات‬ ‫يؤثر على مخططاتها‪ ,‬ويحرجها أمام الرأي العالم ّ‬
‫الوقت يحرم العرب من استمالة المواقف الوروبيّة التي هي أفضل‬
‫نسبيًّا‪ ,‬مقارنة بموقف الوليات المتحدة المريكيّة‪ ,‬تجاه القضية‬
‫الفلسطينيّة‪.‬‬
‫* إفساد العلقات السياسيّة والتعاون والصداقة بين الدول العربيّة‬
‫والسلميّة والغرب‪ ,‬بتحريك ملفّات تعتمد على النماذج الغربيّة‪,‬‬
‫سياسيًّا واجتماعيًّا‪ ,‬والقيام بتحريض المؤسسات السياسيّة الغربيّة‬
‫في شكل حثها على فرض مطالب من العرب والمسلمين‪ ,‬تصل‬
‫لحد التدخل في الشؤون الداخلّة لدول المنطقة‪.‬‬
‫خطّة سّرية لتحويل الراضي‬ ‫ن خبراءهم يقولون‪ :‬إنّه توجد ُ‬ ‫إ ّ‬
‫مغلقة‬ ‫مقدسة السلميّة في كل أنحاء العالم إلى مناطق" ُ‬ ‫ال ُ‬
‫ن تديرها‬ ‫م فيها ممارسة الشعائر الدينيّة‪ ,‬على أ ْ‬ ‫معزولة"‪ ,‬يت ّ‬
‫سسات دينيّة ل تكون لها علقات بالسياسات الدوليّة‪ ,‬باستثناء ما‬ ‫مؤ ّّ‬

‫‪419‬‬
‫يرتبط بأمور الدين البحتة‪ ,‬والقضايا التي تؤثر عليه‪ ,‬وذلك اقتداء‬
‫ن النصائح السياسيّة والتقارير‬
‫بنموذج "الفاتيكان" في إيطاليا‪ ,‬كما أ ّ‬
‫التي تخرج من عباءة المنظمات اليهوديّة وعلى رأسها" اليباك" في‬
‫أمريكا‪ ,‬تطلب من الدارات السياسية الوروبيّة والمريكيّة إقامة‬
‫ي"‬‫منطقة الخليج العرب ّ‬‫أنظمة سياسيّة جديدة أكثر مرونة "في ِ‬
‫للتعاون بإيجابيّة أكثر تطوًّرا مع أمريكا والغرب‪.‬‬
‫===========================‬
‫الفوائد الجنية من الهجرة النبوية‬

‫سلمان بن يحي المالكي‬


‫‪slman_955@hotmail.com‬‬
‫مقدمة السلسلة‪:‬‬
‫س‬
‫س النا َ‬ ‫ف الباطل وركام ِ الجاهلية‪ ،‬يسو ُ‬ ‫ن بزي ِ‬ ‫في جوٍ مشحو ٍ‬
‫خنا وأد ٌ للبنات‪،‬‬ ‫ل وزنا‪ ،‬عُهٌُر و َ‬ ‫مهم عرفُهم وعاداتُهم‪ ،‬قت ٌ‬ ‫جهلهم‪ ،‬ويحك ُ‬
‫ن الغاب‪ ،‬فالبقاءُ‬ ‫تفاخٌر بالحساب والنساب‪ ،‬ساد َ في البِقاِع قانو ُ‬
‫ة على الخرى لتفهِ السباب‪،‬‬ ‫ن للعزيز‪ ،‬تُغِيُر القبيل ُ‬ ‫للقوي‪ ،‬والتمكي ُ‬
‫ح‪ ،‬وتُهلك الموال‪ ،‬وتُسبى‬ ‫َ‬ ‫ة‪ ،‬تُزهق الروا ُ‬ ‫ب الطاحن ُ‬ ‫م الحرو ُ‬ ‫تقو ُ‬
‫ب يرثها‬ ‫ب العوام‪ ،‬والحر ُ‬ ‫م السنون وتتعاق ُ‬ ‫النساءُ والذراري‪ ،‬وتدو ُ‬
‫ت أخرى‪ ،‬أو قطيعُ‬ ‫س سبق ْ‬ ‫ل‪ ،‬وأصلها بعيٌر عُقْر‪ ،‬وفر ٌ‬ ‫ل بعد جي ٍ‬ ‫جي ٌ‬
‫ة عجيبة‪،‬‬ ‫ت غريب ٌ‬ ‫م المجتمعُ عادا ٌ‬ ‫أغنام ٍ سيقٌ وسْرق‪ ،‬ساد في ذلك ُ‬
‫ل للسلمِ‬ ‫ت القبائ َ‬ ‫ت جمع ِ‬ ‫ت المرأة إذا شاء ْ‬ ‫فعند الشراف منهم كان ِ‬
‫ل في‬ ‫ب والقتال‪ ،‬بينما كان الحا ُ‬ ‫ت بينهم ناَر الحر ِ‬ ‫وإن شاءت أشعل ْ‬
‫ع‬
‫ل والمرأةِ ل نستطي ُ‬ ‫ط بين الرج ِ‬ ‫ط الخرى أنواع ٌ من الختل ِ‬ ‫الوسا ِ‬
‫سفاِح والفاحشةِ‪ ،‬كانت الخمُر‬ ‫ن وال ِ‬ ‫أن نعبَّر عنه إل بالدَعارةِ والمجو ِ‬
‫ل‬‫سب ُ ِ‬ ‫ل من ُ‬ ‫خرة الناس‪ ،‬فهي عندهم سبي ٌ‬ ‫مف َ‬ ‫ح الشعراء‪ ،‬و َ‬ ‫ممتَد ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ك وعبادةِ الوثان‪ ،‬التي تُصوُِّر كيف كا َ‬ ‫الكرم‪ ،‬ناهيك عن صورِ الشر ِ‬
‫نل‬ ‫ن ل يبصرون بها‪ ،‬وأذا ٍ‬ ‫وأعي ٍ‬ ‫ل ل يفكرون بها‪،‬‬ ‫ك يعيشون بعقو ٍ‬ ‫أولئ َ‬
‫ل في هذه الثناءِ حدث‬ ‫ض ُّ‬ ‫ل هُ َ‬ ‫م إِل َّ كَالنْعَام ِ ب َ ْ‬
‫مأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫يسمعون بها إ ِ ْ‬
‫ن‬
‫ب النجاشي على اليم ِ‬ ‫ة نائ َ‬ ‫مها‪ ،‬رأى أبره ُ‬ ‫ة وحر ِ‬ ‫ب لمك َ‬ ‫ث عجي ٌ‬ ‫حاد ٌ‬
‫ج‬‫ف ح َّ‬ ‫ة كبيرة ً بصنعاءَ ليصر َ‬ ‫ة‪ ،‬فبنى كنيس ً‬ ‫ن الكعب َ‬ ‫ب يحجو َ‬ ‫أن العر َ‬
‫ّ ََ‬
‫ل من بني كِنانة‪ ،‬فدخلها ليل ً ولطخ‬ ‫ب إليها‪ ،‬وسمع بذلك رج ٌ‬ ‫العر ِ‬
‫عرمرم‬
‫ٍ‬ ‫ش‬‫ة بذلك ثار غضبه وساَر بجي ٍ‬ ‫قِبلتها بالعَذِرة‪ ،‬ولما علم أبره ُ‬
‫ي إلى الكعبةِ ليهدمها‪ ،‬واختار لنفسه فيل ً من‬ ‫ف جند ٍ‬ ‫ن أل َ‬ ‫عدده ستو َ‬

‫‪420‬‬
‫ة عشر فيلً‪ ،‬وتهيأ لدخو ِ‬
‫ل‬ ‫ة ثلث َ‬ ‫ش قُراب َ‬ ‫ة‪ ،‬وكان في الجي ِ‬ ‫أكبرِ الفيل ِ‬
‫ل ولم‬ ‫ك الفي ُ‬ ‫ة ومنى بر َ‬ ‫سرٍ بين مزدلف َ‬ ‫ة فلما كان في وادي مح ِّ‬ ‫مك َ‬
‫ق قام يهرول‪،‬‬ ‫ل أو الشر ِ‬ ‫ب أو الشما ِ‬ ‫يقُم‪ ،‬وكلما وجهوه إلى الجنو ِ‬
‫ك فلم يتحرك‪ ،‬فبينما هم كذلك إذ أرسل‬ ‫ل الكعبةِ بر َ‬ ‫وإذا وجهوه قِب َ َ‬
‫ة أحجارٍ‬ ‫ل الخطاطيف مع كل طائرٍ ثلث ُ‬ ‫الله عليهم طيًرا أبابيل أمثا ُ‬
‫ب‬
‫ب أحدًا منهم إل تقطعت أعضاؤه وهلك‪ ،‬وهر َ‬ ‫مص‪ ،‬ل تصي ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫مث ُ‬
‫ل‬
‫ج بعضهم في بعض‪ ،‬فتساقطوا بك ِ‬ ‫من لم يصبه منها شيءٌ يمو ُ‬ ‫َ‬
‫ث الله عليه داء‬ ‫ة فبع َ‬ ‫ك‪ ،‬وأما أبره ُ‬ ‫ق‪ ،‬وهلكوا على كل مهل ٍ‬ ‫طري ٍ‬
‫ل الفرِخ‪،‬‬ ‫صل إلى صنعاءَ إل وهو مث ُ‬ ‫ملُه‪ ،‬ولم ي ِ‬ ‫تساقطت بسببه أنا ِ‬
‫ة قبل مولدِ‬ ‫ت هذه الوقع ْ‬ ‫وانصدع صدُره عن قلبِه ثم هلك‪ ،‬وكان ْ‬
‫ما أو تزيد‪ ،‬فأضحت كالتقْدُمةِ قدَّمها الله لنبيه‬ ‫النبي بخمسين يو ً‬
‫ش أشرقت الدنيا وتنادت ربوعُ‬ ‫ك ذلكم الجي ِ‬ ‫وبيتِه‪ ،‬وبعد أيام ٍ من هل ِ‬
‫ف البشرى بولد ِ سيد ِ المرسلين‪ ،‬وإمام ِ المتقين‪ ،‬والرحمةِ‬ ‫ن تُّز ُ‬ ‫الكو ِ‬
‫م الثنين التاسِع من‬ ‫ة يو ُ‬ ‫ة صبيح َ‬ ‫ب بني هاشم ٍ بمك َ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫للعالمين في ِ‬
‫م‬
‫ل لعام ِ الفيل‪ ،‬وُلد خيُر البشر‪ ،‬وسيد ُ ولد ِ آدم‪ ،‬ولد الرحي ُ‬ ‫ربيٍع الو ِ‬
‫ن عبد‬ ‫َ‬ ‫الرفيقُ بأمته‪ ،‬أط ّ‬
‫ن عبد الله ب ُ‬ ‫ل على هذه الحياةِ محمد ُ ب ُ‬
‫ي القرشي‪ ،‬أرسله الله إلى الناس جميعًا ليقول‬ ‫ب الهاشم ِ‬ ‫المطل ِ‬
‫للناس‪( :‬إني رسول الله إليكم جميعًا الذي له ملك السماوات‬
‫والرض ل إله إل هو يحي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي المي‬
‫ي صلى‬ ‫الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون)‪ .‬جاء النب ُ‬
‫س إلى شهادةِ أن ل إله إل الله وأن‬ ‫الله عليه وسلم يدعوا النا َ‬
‫محمد رسول الله بكل ما تضمنته هذه الشهادة من معنى‪ ،‬جاء نبي‬
‫والطهر‬
‫ِ‬ ‫ف‬‫س إلى العفا ِ‬ ‫الرحمة صلى الله عليه وسلم يدعو النا َ‬
‫ف عن‬ ‫ن الجوار والك ِ ّ‬ ‫ة وصلةِ الرحام وحس ِ‬ ‫ق الكريم والستقام ِ‬ ‫والخل ِ‬
‫ب العزيز ل إلى‬ ‫المظالم والمحارم‪ ،‬يدعوهم إلى التحاكم ِ إلى الكتا ِ‬
‫ل الناس كلهم أمام شريعةِ الله سواءً‬ ‫الكهان وأمرِ الجاهلية‪ ،‬وجعْ ِ‬
‫س رضي الله عنهما‬ ‫ن عبا ٍ‬ ‫ن جريرٍ عن اب ِ‬ ‫يتفاضلون بالتقوى‪ ،‬روى اب ُ‬
‫ش فيهم أبو‬ ‫ة من قري ٍ‬ ‫ل عليه مشيخ ٌ‬ ‫ب دخ َ‬ ‫ض أبو طال ٍ‬ ‫قال " لما مرِ َ‬
‫ل‬‫ل ويقو ُ‬ ‫ل ويقو ُ‬ ‫ل ويفع ُ‬ ‫م آلهتَنَا ويفع ُ‬ ‫ن أخيك يشت ُ ُ‬ ‫ن اب َ‬ ‫ل فقالوا‪ :‬إ َّ‬ ‫جه ٌ‬
‫ه‪ ،‬فقال‬ ‫ه وإلهُ ُ‬ ‫ف عن شتم ِ آلهتِنا وندَع ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن أخيك‪ ،‬فلْيَك ُ ّ‬ ‫صفْنَا من اب ِ‬ ‫فأن ْ ِ‬
‫م‬
‫ك تشت ُ ُ‬ ‫مون أن َ‬ ‫ك ويزعُ ُ‬ ‫ك يشكُون َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل قو ِ‬ ‫ن أخي ما با ُ‬ ‫ب‪ :‬يا اب َ‬ ‫أبو طال ٍ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ن لهم بها العر ُ‬ ‫ة تَدِي ُ‬ ‫آلهتَهم‪..‬؟ قال يا عم‪ :‬أريد أن يقولوا كلم ً‬
‫وتؤدي لهم بها العجم الجزية‪ ،‬فقال أبو جهل‪ :‬نقولُها وعشًرا‪ ،‬فقال‬
‫ن‬
‫عليه الصلة والسلم‪ :‬قولوا ل إله إل الله‪ ،‬ففزِعوا وولوا مدبري َ‬

‫‪421‬‬
‫ن هذا لشيء‬ ‫ه واحدًا إ ّ‬ ‫ة إل ً‬ ‫ضون ثيابَهم ويقولون‪( :‬أجعل الله َ‬ ‫وهم ينفُ ُ‬
‫س‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم النا َ‬ ‫عجاب) نعم‪ ..‬لقد دعا رسو ُ‬
‫َّ‬
‫ب الكبيرِ الذي هو‬ ‫ى العظيم‪ ،‬وقام بهذا الواج ِ‬ ‫كلهم إلى هذا المعن َ‬
‫ن قويم ٍ يرقى به‬ ‫ة كلها‪ ،‬دعا إلى دي ٍ‬ ‫ب في تاريخ البشري ِ‬ ‫أكبُر واج ٍ‬
‫ة في‬ ‫سعَد ُ به في الخرةِ سعادة ً أبدي ً‬ ‫ل‪ ،‬وي ْ‬ ‫ن إلى أعلى المناز ِ‬ ‫النسا ُ‬
‫النعيم ِ المقيم‪ ،‬فاستجاب له‬
‫ع‬
‫ن أنوا َ‬ ‫م المشركو َ‬ ‫القلة المؤمنة المستضعفة في مكة‪ ،‬فأذاقَهُ ُ‬
‫ن‬
‫ة أنواٍع من الناس‪ :‬المستكبرو َ‬ ‫العذاب‪ ،‬ووقف في وجههِ ثلث ُ‬
‫ل‬‫ن المحترقون‪ ،‬والجها ُ‬ ‫سدو َ‬ ‫ن بالحق‪ ،‬والحا ِ‬ ‫ن العالمو َ‬ ‫الجاحدو َ‬
‫ة عنيدة ً وحربًا وحزبًا شيطانيًا ل‬ ‫ث جبه ً‬ ‫ن هذا الثالو ُ‬ ‫وكو َ‬
‫ّ‬ ‫الضالون‪،‬‬
‫ل ول وسيلةٍ إل سلكها للصد عن سبيل الله‪( .‬يريدون‬ ‫ك من سبي ٍ‬ ‫يتُر ُ‬
‫ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون)‪,‬‬
‫ن السلمي‪ ،‬وائتمَر‬ ‫خناقُ على الدي ِ‬ ‫ضيِّقَ ال ِ‬‫ةو ُ‬ ‫ب بمك َ‬ ‫واشتد َّ الكر ُ‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم قال‬ ‫ة أن يقتلوا رسو َ‬ ‫ن بمك َ‬ ‫المشركو َ‬
‫جبريل عليه السلم " إن الله أذن لك يا محمد بالهجرةِ إلى المدينةِ‬
‫ن عند بابه‬ ‫ة في فراشك " ورصده المشركو َ‬ ‫ت هذه الليل َ‬ ‫فل تَب ِ ْ‬
‫ل‪ ،‬فخرج عليه‬ ‫مه بين القبائ ِ‬ ‫ل واحد ٍ ليتفرقَ د َ‬ ‫ة رج ٍ‬ ‫ليضربوه ضرب َ‬
‫الصلة ُ والسلم عليهم وهو يتلو صدَر سورةِ يس وذرى على‬
‫م‬‫ب وأخذ الله بأبصارهم عنه فلم يروه‪ ،‬وأخذه ُ‬ ‫م الترا َ‬ ‫رؤوسه ُ‬
‫أيام‬
‫ٍ‬ ‫ة‬
‫ق في غارِ ثورٍ ثلث َ‬ ‫س‪ ،‬واختبأ هو وصاحبَه أبو بكر الصدي ِ‬ ‫النعا َ‬
‫جهَةٍ‪ ،‬وتتبعوا الثَر‬ ‫ل وِ ْ‬ ‫ش في ك ِ‬ ‫ت عنه قري ٌ‬ ‫ب‪ ،‬ففتش ْ‬ ‫حتى هدأ الطل ُ‬
‫ل الله‬ ‫حتى وقفوا على الغارِ فقال أبو بكر رضي الله عنه ‪ :‬يا رسو َ‬
‫لو أن أحدَهم نظر إلى موضِع قدميه لبصرنا‪ ،‬فقال‪ " :‬يا أبا بكر ما‬
‫مما‬ ‫ث براحلتْيَهما‪ ،‬وي ّ‬ ‫ل بعد ثل ٍ‬ ‫ظنك باثنين الله ثالثهما " ولقيا الدلي َ‬
‫المدينة فكانت هجرة ُ المصطفى صلى الله عليه وسلم نصًرا‬
‫ن وكيدَهم في‬ ‫ل الله مكَر المشركي َ‬ ‫ث أبط َ‬ ‫للسلم والمسلمين حي ُ‬
‫ل رسول‬ ‫م القدرة َ على قت ِ‬ ‫ة وظنهَّ ُ‬ ‫م القضاءَ على السلم ِ بمك َ‬ ‫تفكيره ِ ُ‬
‫الله‪.‬‬
‫ة من‬ ‫ل فيها وخاص ً‬ ‫س أيها الحبة التي ينبغي التأم ُ‬ ‫م ِ الدرو ِ‬ ‫من أه ّ‬
‫م في حياةِ النبي صلى الله‬ ‫سبُُر أوراقَ السيرةِ‪ ،‬ذلكم المُر المه ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬أل وهو أمُر الهجرةِ وما أدراكم ما الهجرة‪.‬‬
‫ض النظرِ عن أحداثِها تستحقُ‬ ‫ة في حدِّ ذاتِها بغَ ِّ‬ ‫إن الهجرة َ النبوي َ‬
‫ة الثاقبة‪ ،‬تستحقُ النظَر الدقيق‪ ،‬فهي‬ ‫ة المتأنيَة‪ ،‬تستحقُ الوقف َ‬ ‫الوقف َ‬

‫‪422‬‬
‫ج‬
‫ة ليست للتفر ِ‬ ‫ة‪ ،‬الهجرة ُ النبوي ُ‬ ‫ة بحري ً‬ ‫ة ول وسياح ً‬ ‫ة بري ً‬ ‫ت نزه ً‬ ‫ليس ْ‬
‫متَِع هذه‬ ‫ل في ُ‬ ‫والطلِع‪ ،‬ول للنظرِ والمعاينةِ‪ ،‬ول للسفرِ والتحصي ِ‬
‫ظ‬
‫ل الحفا ِ‬ ‫ل وطيد ٌ من أج ِ‬ ‫ة جديدة ٌ وانتقا ٌ‬ ‫الدنيا وملذاتِها‪ ،‬وإنما هي نقل ٌ‬
‫ن مع‬ ‫ُ‬
‫س المتي ِ‬ ‫س‪ ،‬وال ِّ‬ ‫ن السا ِ‬ ‫على العقيدةِ‪ ،‬الحفاظ على الرك ِ‬
‫ظ على‬ ‫ل والولدِ‪ ،‬نعم‪ ..‬إنه الحفا ُ‬ ‫ل واله ِ‬ ‫س والما ِ‬ ‫التضحيةِ بالنف ِ‬
‫العقيدةِ والمحافظةِ عليها‪ ،‬فهو مبدؤها وهدفُها وأملُها وغايتُها‬
‫ونهايتها‪.‬‬
‫ل في طياتِه‬ ‫ث حم َ‬ ‫ث غيَّر مجرى التأريخ‪ ،‬حد ٌ‬ ‫ة حد ٌ‬ ‫إن الهجرة َ النبوي َ‬
‫ل‬
‫ي الشجاعةِ والتضحيةِ والباءِ والصبرِ والنصرِ والفداءِ والتوك ِ‬ ‫معان ْ‬
‫ة والخاءِ والعتزازِ بالله وحده‪.‬‬ ‫والقو ِ‬
‫للنصر‬
‫ِ‬ ‫ث جعلَه الله سبحانه طريقا ً‬ ‫ة حد ٌ‬ ‫ث الهجرةِ النبوي ِ‬ ‫ن حد َ‬ ‫إ َّ‬
‫ح حضارتِه‪ ،‬فما‬ ‫والعزةِ ورفِع رايةِ السلم ِ وتشييد ِ دولتِه وإقامةِ صر ِ‬
‫ي حبيساً‬ ‫شعَ في جميِع أرجاءِ المعمورةِ لو بق َ‬ ‫ن لنورِ السلم ِ أن ي ّ ِ‬ ‫كا َ‬
‫ن الستفادة َ منه‬ ‫ل لمن أحس َ‬ ‫ل متكام ٌ‬ ‫ل كام ٌ‬ ‫ث شام ٌ‬ ‫في مهده‪ ،‬إنه حد ٌ‬
‫ض‬
‫ث يعرِ ُ‬ ‫ن وجه‪ ،‬إنه في الحقيقةِ حد ٌ‬ ‫ة على أحس ِ‬ ‫وأخذ َ العبرة َ والعظ َ‬
‫ج المعصوم ِ صلى الله عليه‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬منه َ‬ ‫ج النب ِ‬ ‫منه َ‬
‫ب العالمين‪،‬‬ ‫ج المؤَيَّد ِ من ر ِ‬ ‫ج من ل ينطقُ عن الهوى‪ ،‬مه َ‬ ‫وسلم‪ ،‬منه َ‬
‫ل‬‫فليست الهجرة ُ حدثا ً عادياً‪ ،‬ول أمرا طبيعيًا‪ ،‬بل هي أمٌر جل ٌ‬
‫يستحقُ منا الهتمام بما تحويه هذه الهجرة وما بداخلها من كنوز‪.‬‬
‫إن بين أيدينا هجرة ُ الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بين أحضاننا‬
‫هجرة ُ النبي صلى الله عليه وسلم وفيها الدواءُ الناجعُ لكثيرٍ من‬
‫عنا وعللنا‪.‬‬ ‫ضنا وأوضا ِ‬ ‫أمرا ِ‬
‫ت‬ ‫ت والثارِ النيرا ِ‬ ‫ت البينا ِ‬ ‫إن في هذه الهجرةِ المباركةِ من اليا ِ‬
‫ت‬ ‫م وعمل ْ‬ ‫ة السلم ِ اليو َ‬ ‫متْه أم ُ‬ ‫ت ما لو استله َ‬ ‫س والعبرِ البالغا ِ‬ ‫والدرو ِ‬
‫عُّزهَا وقوتُها‬ ‫ق لتحقّقَ لها ِ‬ ‫ق الطر ِ‬ ‫مفْتََر ِ‬ ‫ش على ُ‬ ‫على ضوئِه وهي تعي ُ‬
‫ح‬‫ل لمشكلتِها ول صل َ‬ ‫َ‬ ‫ن أنه ل ح ّ‬ ‫م اليقي ِ‬ ‫ومكانتُها وهيبتُها‪ ،‬ولعلمت عل َ‬
‫مها بعقيدتِها وإيمانها‪ ،‬فو الذي‬ ‫مها والتزا ِ‬ ‫ك بإسل ِ‬ ‫لحوالِها إل بالتمس ِ‬
‫ت‬‫ق بشيرا ً ونذيرا ً ما قام ِ‬ ‫ث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالح ِ‬ ‫بع َ‬
‫ة والنصَر‬ ‫ن العزة َ والكرام َ‬ ‫ل المسلمو َ‬ ‫ن ول نا َ‬ ‫الدنيا إل بقيام ِ الدي ِ‬
‫ن ورخاءٌ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬
‫ل أم ٌ‬ ‫ت أن ي َ ُ‬ ‫ب العالمين وهيها َ‬ ‫ن إل لما خضعوا لر ِّ‬ ‫والتمكي َ‬
‫ث هذه‬ ‫ج النبياءِ والمرسلين‪ ،‬ومن هنا جئنا لنتحد َ‬ ‫م إل باتباِع نه ِ‬ ‫وسل ٌ‬
‫ت المجتناه ْ من‬ ‫س والعبرِ والعظا ِ‬ ‫ض المفاهيم ِ والدرو ِ‬ ‫ل بع ِ‬ ‫الليلة حو َ‬
‫ما‬‫هجرةِ المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬وإني ل َّ‬

‫‪423‬‬
‫ُ‬
‫ة‬
‫ت أتذكُر حكم ً‬ ‫ب صفحات هذه الهجرةِ المباركةِ عرض ُ‬ ‫ت أقل ِّ ُ‬ ‫كن ُ‬
‫ة‬‫خصب َ‬ ‫ض ال ِ‬ ‫ب تخيّر " أي من وجد َ الر َ‬ ‫ص َ‬ ‫خ َ‬ ‫ة تقول " من أ ْ‬ ‫ة قديم ً‬ ‫عربي ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب علي فإني لم أعُدْ‬ ‫ة تنقل ُ‬ ‫ت الحكم َ‬ ‫الوفيرة َ تخيََّر المرعى‪ ،‬فرأي ُ‬
‫ب صفحات هذهِ الهجرة " من أخصب تخير "‬ ‫أجدُها وأنا أقل ُ‬
‫ة وماذا أدع‪..‬؟‬ ‫ولكني وجدتها " من أخصب تحير " فماذا أقول الليل َ‬
‫ت‬ ‫س التي اطلعْ ُ‬ ‫م المفاهيم ِ والدرو ِ‬ ‫ت أما َ‬ ‫مكم أحبتي أنني وقف ُ‬ ‫فل أكت ُ‬
‫خذ؟‬ ‫ت أيَّ مفهوم ٍ من هذه المفاهيم آ ُ‬ ‫عليها‪ ،‬واحترت‪ :‬نعم‪ ..‬احتر ُ‬
‫ت معي هذه المفاهيم‬ ‫صل َ ْ‬
‫وأيها أتُرك؟ أيها أدع ُ؟ وأيها ألتمس؟ وو َ‬
‫ما كبيًرا‪ ،‬ولكن مراعاة ً للوقت‪ ،‬وتركيزا ً على‬ ‫س عددا وك ّ‬ ‫وهذه الدرو ُ‬
‫ة‬
‫ل هجر ِ‬ ‫ل "على المهم‪ ،‬أو الهم " فك ُ‬ ‫ض النقاط‪ ،‬وإل ل أقو ُ‬ ‫بع ِ‬
‫ط‬‫ض النقا ِ‬ ‫ً‬
‫ل صلى الله عليه وسلم مهمة‪ ،‬وتركيزا على بع ِ‬ ‫الرسو ِ‬
‫ض المفاهيم‬ ‫ض الوقفات‪ ،‬وبع َ‬ ‫التي تزداد ُ حاجتنا إليها؛ سأذكُر بع َ‬
‫ب هذه الهجرةِ المباركة‪ ،‬فما‬ ‫ض الدروس التي أخذتها من استيعا ِ‬ ‫وبع َ‬
‫ت عابرةٍ لعدد ٍ من القضايا المهمةِ الجديرة‬ ‫ل أن نُشيَر إشارا ٍ‬ ‫أجم َ‬
‫ل العالمين الذي أسأل الله بمنه‬ ‫بالشادةِ والتذكيرِ في هجرة رسو ِ‬
‫قيَنَا من حوضه‬ ‫وكرمه أن يُلحقنا به وأن يحشَرنا في زمرته وأن يُس ِ‬
‫ة ل نظمأ بعدها أبدًا ‪.‬‬ ‫شرب ً‬
‫أولً‪ ..‬لماذا الهجرة‪..‬؟‬
‫ه‬
‫عداد ِ الذي أعد ّ ُ‬ ‫ت إلى ال ِ‬ ‫ت إلى تأريِخ الهجرةِ‪ ،‬ونظر ُ‬ ‫إني لما نظر ُ‬
‫ب‬ ‫ب والسالي ِ‬ ‫ت إلى السبا ِ‬ ‫ل صلى الله عليه وسلم ونظر ُ‬ ‫الرسو ُ‬
‫صولِه إلى‬ ‫ة‪ ،‬وانتهاءً بوُ ُ‬ ‫التي اتخذ َها‪ ،‬ابتداءً من إذ ْنِه بالهجرةِ للصحاب ِ‬
‫ة‪،‬‬ ‫سري ُ‬ ‫ب بشريةٍ كثيرةٍ‪ ،‬فيها الختفاءُ وال ِّ‬ ‫المدينة‪ ،‬وما بينهما من أسبا ٍ‬
‫ل صلى‬ ‫سَر بالرسو ِ‬ ‫ت‪ :‬ألم ي ُ ْ‬ ‫ب البشرية‪ ،‬تساءل ُ‬ ‫فيها كثيًرا من السبا ِ‬
‫س‪ ،‬ويُعَرج به إلى‬ ‫ت المقد ِ‬ ‫ط إلى بي ِ‬ ‫ل عام ٍ فق ٍ‬ ‫الله عليه وسلم قب َ‬
‫سنِد ٌ ظهره‬ ‫م ْ‬‫م وهو ُ‬ ‫ل على الصلة ُ والسل ُ‬ ‫ت إليه جبري ُ‬ ‫السماءِ؟ ألم يأ ِ‬
‫ت‬‫ة المكرمة إلى بي ِ‬ ‫ل هو وإياه ُ من مك َ‬ ‫ق ليرح َ‬ ‫الشريف للكعبة بالبرا ِ‬
‫سرى به إلى‬ ‫المقدس ومن هناك إلى السموات‪..‬؟ سبحان الله! ي ُ ْ‬
‫جع في ليلةٍ واحدةٍ‪،‬‬ ‫ت المقدس‪ ،‬ويُعرج به إلى السماءِ‪ ،‬ويْر ِ‬ ‫بي ِ‬
‫ب‬‫خذ َ كثيًرا من السبا ِ‬ ‫ويجلس عدَّة َ شهورٍ صلى الله عليه وسلم ويت َّ ِ‬
‫م تكن تلك‬ ‫مل ْ‬ ‫ل لهذه الهجرةِ! لماذا‪..‬؟ ما السبب‪..‬؟ ل ِ َ‬ ‫والوسائ ِ‬
‫ح في المدينةِ النبوية‬ ‫ة ويصب ُ‬ ‫مسي في مك َ‬ ‫ك السراء‪..‬؟ ي ُ ْ‬ ‫الهجرةِ كذا َ‬
‫بأمرِ الله سبحانه وتعالى وبقدرته؟ أليس الله قادٌر على ذلك‪..‬؟‬
‫ض والسماء‪..‬؟ كيف ل‪..‬‬ ‫جُزه سبحانَه وتعالى شيءٌ في الر ِ‬ ‫أيُعْ ِ‬

‫‪424‬‬
‫م ِّ‬
‫ل‬ ‫ل عليه عليه الصلة والسلم‪ ،‬لكنني بعد َ التأ ُ‬ ‫ت تتنز ُ‬ ‫والمعجزا ُ‬
‫ت أن الله سبحانه وتعالى أراد منا ومن أمةِ النبي صلى الله‬ ‫وجد ُ‬
‫ه هذه‬ ‫عليه وسلم أن نفقه هذا الدين فِقْهًا دقيقاً‪ ،‬أرادنا أن نفق َ‬
‫ب هي وربي‬ ‫الدعوة المحمدية فقها سديدًا‪ ،‬فهذه الدعوةُ أيها الحبا ُ‬
‫ج للبشر‪ ،‬ربنا جل وعل قادٌر أن يأخذ َ رسوله صلى الله عليه‬ ‫منه ٌ‬
‫ج إلى‬ ‫ة إلى المدينة‪ ،‬ل يحتا ُ‬ ‫وسلم في لحظةٍ واحدة‪ ،‬وينقُلُه من مك َ‬
‫إعداد‪ ،‬ل يحتاج إلى اختفاء‪ ،‬ل يحتاج إلى مئونة‪ ،‬ل يحتاج إلى‬
‫ك وربي‬ ‫مطاردةٍ‪ ،‬ل يحتاج إلى مصاحبةٍ‪ ،‬لكن المَر أعمقَ من ذل َ‬
‫ن منهجا ً للبشريةِ‪ ،‬لماذا‪..‬؟‬ ‫ن‪ !..‬أراده الله ليكو َ‬ ‫وأبعد َ بكثير‪ ،‬إنه الدي ُ‬
‫لنه لو فُعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءَ بعدَه من‬
‫ل الضطهاد‪،‬‬ ‫ل‪ ،‬مشاك ِ‬ ‫ل هذه المشاك ِ‬ ‫الدعاةِ ممن تواجهُهُم مث ُ‬
‫س من عبادةِ‬ ‫ن الدعوةِ وإخراِج النا ِ‬ ‫ل تبيي ِ‬ ‫ومعاناةِ العذاب في سبي ِ‬
‫ن‬
‫ل؟ كيف يجدو َ‬ ‫َ‬ ‫ن الح ّ‬ ‫ب العباد ِ فأين حينَها يجدُو َ‬ ‫العباد إلى عبادةِ ر ِ‬
‫ن في دينهم‪،‬‬ ‫المخرج؟ إلى من يلتجئون‪..‬؟ أولئك الذين يُضطهدو َ‬
‫ن كرامتُهم‬ ‫ن في عقيدتهم‪ ،‬أولئك الذين تُمتَهَ ُ‬ ‫ن يحاَربو َ‬ ‫ك الذي َ‬ ‫أولئ َ‬
‫ة من هذه الهجرةِ‪.‬‬ ‫م َ‬‫س العظي َ‬ ‫عليهم أن يأخذوا الدرو َ‬
‫إذ ًا‪..‬‬
‫س‬
‫ن من خللِها الدرو َ‬ ‫نحن في هذه الهجرةِ بجميِع مراحلِها‪ ،‬نتبي ُّ‬
‫ت هذه الهجرة ُ بين عشيةٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‪ ،‬فلو ت َّ‬ ‫ة للدعاةِ وللمسلمي َ‬ ‫العظيم َ‬
‫ف‪ ،‬وهذا أمٌر ل‬ ‫ك المواق َ‬ ‫س‪ ،‬ولخسرنا تل َ‬ ‫ك الدرو َ‬ ‫وضحاها؛ لخسرنا تل َ‬
‫َّ‬
‫خ شرفا ً أن سطَر بأحرفهِ‬ ‫ينتبه له كثيٌر من الناس‪ ،‬ويكفي التاري َ‬
‫الذهبيةِ هذه السيرةِ العطرةِ‪ ،‬وهذه الهجرة المباركة‪ ،‬لنلجأ إليها‬
‫ضنا‪ ،‬بعد الله جل‬ ‫شفاءٍ لمرا َ‬ ‫ل لزماتِنا‪ ،‬و ِ‬ ‫كمخرٍج من كُرباتِنا‪ ،‬وح ٍ‬
‫وعل‪.‬‬
‫ب‪ ،‬كيف يفرقُ بين‬ ‫ة كيف يأخذ ُ بالسبا ِ‬ ‫ف الداعي ُ‬ ‫في هذه الهجرةِ يعر ُ‬
‫م من هذه‬ ‫ف المسل ُ‬ ‫ة‪ ،‬يعر ُ‬ ‫حيط َ‬ ‫ل‪ ،‬يأخذ الحذَر وال ِ‬ ‫ل والتواك ُ ِ‬ ‫التوك ِ‬
‫ة في دينه‪ ،‬ول‬ ‫ل الذل َ‬ ‫ن ول يقْب َ ُ‬ ‫ن ول يستهي ُ‬ ‫الهجرةِ النبويةِ أنه ل يستكي ُ‬
‫ج للبشر‪ ،‬ولو‬ ‫ة منه ٌ‬ ‫في عقيدته أبدا‪ ،‬نعم‪ ..‬إن هذه الهجرة َ العظيم َ‬
‫ه بهذا‬ ‫س عظيم ٍ أربِط ُ ُ‬ ‫ت عن الموضوِع من جهةٍ أخرى في در ٍ‬ ‫ج ُ‬ ‫خر ْ‬
‫ت‬
‫مل ُ‬ ‫ت كثيرا وتأ ّ‬‫ً‬ ‫ة المنافقين " فلقد وقف ُ‬ ‫الموضوِع‪ ،‬وهو " قضي ُ‬
‫ج السلم ِ لقضيةِ المنافقين‪ ،‬وكيف عالج الرسو ُ‬
‫ل‬ ‫ة عل ِ‬ ‫ن قص َ‬ ‫بتمعُّ ٍ‬
‫صلى الله عليه وسلم قضيتهم حتى انتهت‪ ،‬ابتداءً من الهجرةِ وحتى‬
‫وفاتِه صلى الله عليه وسلم مرورا ً بالطوارِ التي مرت بها قضي ُ‬
‫ة‬

‫‪425‬‬
‫ت‪ :‬الله جل وعل قادٌر‬ ‫ت وقل ُ‬ ‫ن وأثُرهم في المدينة‪ ،‬وتساءَل ْ ُ‬ ‫المنافقي َ‬
‫ن‬
‫م بعض أسماء المنافقي َ‬ ‫ه صلى الله عليه وسل َ‬ ‫م نبي َ‬ ‫على أن يُعْل ِ َ‬
‫ستَتِيَبهم؛ فإن تابوا‪ ،‬وإل قُتلوا‪ ،‬أو طُردوا (وممن حولكم من‬ ‫لِي َ ْ‬
‫العراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ل تعلمهم‬
‫نحن نعلمهم) نعم‪ ..‬ل تعلمهم كلهم نحن نعلمهم‪ ،‬لن الله لم يُردْ‬
‫إبلغَه إياهم؛ لن الله تعالى لو أخبَر رسولَه صلى الله عليه وسلم‬
‫ن‬
‫ن نأتي من بعدِه من سيخبُِرنا بالمنافقي َ‬ ‫ن الذي َ‬ ‫بهذهِ السماء‪ ،‬نح ُ‬
‫شكِلَتِنَا معهم وهم من بني‬ ‫م ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن بيننا؟ كيف نعال ُ‬ ‫الذين يعيشو َ‬
‫جلدتِنا؟ إذا‬
‫ل صلى الله عليه‬ ‫ل بد َّ من اللجوءِ بعد الله تعالى إلى سيرةِ الرسو ِ‬
‫ج‬
‫ما عال َ‬ ‫مثْل َ َ‬‫وسلم‪ ،‬إلى هجرةِ الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فَ ِ‬
‫ة داخ َ‬
‫ل‬ ‫ك الفتن َ‬ ‫ة وتل َ‬ ‫ك المشكل َ‬ ‫ل صلى الله عليه وسلم تل َ‬ ‫الرسو ُ‬
‫ل‬
‫ت في داخ ِ‬ ‫ت التي ارتُكب ْ‬ ‫ك الخيانا ِ‬ ‫ف على تل َ‬ ‫ف المسلمِ‪ ،‬ووق َ‬ ‫الص ِ ّ‬
‫ف؛ سنجد ُ حينها علجا لمشكلتِنا في زماننا هذا‪.‬‬ ‫هذا الص ِ ّ‬
‫س عظيم‪ ،‬أراد الله سبحانه وتعالى‬ ‫س الهجرةِ أيها الحبة در ٌ‬ ‫إن در َ‬
‫ة؟ أين‬ ‫ب الحي ُ‬ ‫م منه الشيءَ الكثيَر‪ ،‬ولكن أين القلو ُ‬ ‫لنا أن نتعل َ‬
‫ة عن الحق؟ فالعودة‬ ‫ب الباحث ُ‬ ‫ة؟ أين القلو ُ‬ ‫ة اليقظ ُ‬ ‫ب الصادق ُ‬ ‫القلو ُ‬
‫ل صلى الله عليه وسلم‬ ‫العودة الصادقة الحميمة إلى هجرةِ الرسو ِ‬
‫س والعبَر ‪ ,,,‬وإلى ثاني الدروس الجنية من الهجرة‬ ‫م الدرو َ‬ ‫لنستله َ‬
‫النبوية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬المدينة النبوية‪ ،‬التأسيس والتوطين‪!..‬‬
‫ن أو‬ ‫ن للفئةِ المسلمةِ موط ٌ‬ ‫ة‪ ،‬وهي أنه ل بُد َّ أن يكو َ‬ ‫ة مهم ٌ‬ ‫وهذه قضي ٌ‬
‫س من خللِه‬ ‫س فيه وتتربى عليه‪ ،‬وتستطيعُ أن تمار َ‬ ‫موضعٌ تتأس ُ‬
‫م قب َ‬
‫ل‬ ‫ن أبي الرق َ‬ ‫ة التغيير‪ ،‬وقد كان هذا في دارِ الرقم ِ ب ِ‬ ‫عملي َ‬
‫س للعقيدةِ وبناءٍ‬ ‫ن بناءٍ وتعليم ٍ وإرشاد ٍ وغر ٍ‬ ‫الهجرةِ‪ ،‬فقد كان موط ُ‬
‫ل‬
‫س‪ ،‬وتجميٍع للصفوف ومعرفةٍ لواقع الباط ِ‬ ‫للسلم في النفو ِ‬
‫ك دعوةَ السلم ِ حتى أذن‬ ‫والجاهليةِ‪ ،‬وهذا التجمعُ هو الذي كان يحّرِ ُ‬
‫ن في صورةِ دولةٍ وفي صورةِ‬ ‫س والتوطي ُ‬ ‫الله بالهجرةِ فكان التأسي ُ‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫جرِ رسو ِ‬ ‫ل في مهَا َ‬ ‫مجتمٍع متكام ٍ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم من هجرتهِ إلى المدينةِ‬ ‫ف النب ِ‬ ‫ن هد ُ‬ ‫لقد كا َ‬
‫ن والستقرار‪ ،‬حتى‬ ‫م بالم ِ‬ ‫إيجاد ُ موطئ قدم للدعوة هناك حتى تَنْعُ َ‬
‫ق أهدافِها في‬ ‫َ‬
‫ل وتَنْطلِقَ لتحقي ِ‬ ‫س َها من الداخ ِ‬ ‫تستطيعَ أن تَبْنِي نف َ‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫ف أمل ً وحلُما يراود ُ رسو َ‬ ‫الخارِج‪ ،‬ولقد كان هذا الهد ُ‬

‫‪426‬‬
‫ض بها‬ ‫ة إلى أر ٍ‬ ‫ت في المنام ِ أني أهاجُر من مك َ‬ ‫عليه وسلم "رأي ُ‬
‫ل‪ ،‬فذهب ظني إلى أنها اليمامة أو هجر‪ ،‬فإذا هي يثرب "‪.‬‬ ‫نخ ٌ‬
‫النصار‬
‫ِ‬ ‫ل صلى الله عليه وسلم من الهجرةِ تكثيُر‬ ‫ف الرسو ِ‬ ‫كان هد ُ‬
‫ة‬
‫ك يوفُر على الدعو ِ‬ ‫ي عام ٍ مؤ َيِّد ٍ للدعوةِ‪ ،‬لن وجود َ ذل َ‬ ‫وإيجاد رأ ٍ‬
‫صعاب‪ ،‬والمجا ُ‬
‫ل‬ ‫ل في طريقِها الكثيَر من ال ِ‬ ‫الكثيَر من الجهود ِ ويُذ َل ِّ ُ‬
‫منْطَلَقُ الذي تَنْطَلِقُ منه‬ ‫ف وال ُ‬ ‫ب الذي تَتَحققُ فيه الهدا ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫ال َ‬
‫ل الله صلى الله عليه‬ ‫ص رسو ُ‬ ‫ت هو في المدينة‪ ،‬ولهذا حرِ َ‬ ‫الطاقا ُ‬
‫ل سفيرٍ في السلم‪ ،‬حرِص‬ ‫ن عميرٍ أو َ‬ ‫بب َ‬ ‫ث مصع َ‬ ‫وسلم أن يبع َ‬
‫ن سفيَره إلى المدينةِ ليعل ِّ َ‬
‫م‬ ‫صلى الله عليه وسلم أن يرسله ليكو َ‬
‫ل الله‬ ‫ن رسو ُ‬ ‫ما اطمأ َّ‬ ‫م وينشَر دعوة َ الله فيها‪ ،‬ول ّ‬ ‫النصاَر السل َ‬
‫ي عام ٍ مؤ َيِّدٍ للدعوةِ في المدينة‬ ‫صلى الله عليه وسلم إلى وجود ِ رأ ٍ‬
‫ث أصحابَه إلى الهجرةِ إليها وقال لهم "هاجروا إلى يثرب‪ ،‬فقد‬ ‫ح ّ‬
‫ن بها "‪.‬‬ ‫ل الله لكم فيها إخوانا ً ودارا ً تأمنو َ‬ ‫جع َ‬
‫م من الهجرةِ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسل َ‬ ‫ف رسو ِ‬ ‫لقد كان هد ُ‬
‫ي للدعوةِ‪ ،‬فقد كان صعبا ً أن يكو َ‬
‫ن‬ ‫ل التنظيم ِ‬ ‫ل الهيك ِ‬ ‫استكما ُ‬
‫ب‬‫ن في المدينة‪ ،‬صع ٌ‬ ‫ة‪ ،‬والنصاُر والمهاجرو َ‬ ‫ل القائد ُ في مك َ‬ ‫الرسو ُ‬
‫ن عنه في المدينة‪ ،‬ولهذا‬ ‫ة والتلميذ ُ بعيدو َ‬ ‫م في مك َ‬ ‫ن المعل ُ‬ ‫أن يكو َ‬
‫عه‪،‬‬ ‫ي أتبا ِ‬ ‫ن بين ظهَْراَن ْ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم ليكو َ‬ ‫هاجَر رسو ُ‬
‫ف‬‫ن تحقيقَ أهدا ِ‬ ‫س‪ ،‬ول َّ‬ ‫ن قائد ٍ كالجسد ِ بل رأ ٍ‬ ‫ة بدو ِ‬ ‫لن الجماع َ‬
‫ذّ السيَر‬ ‫مةٍ‪ ،‬تُغَ ِ‬ ‫َ‬
‫م إل بوجود ِ جماعةٍ مؤمنةٍ منظ َ‬ ‫السلم ِ الكبرى ل يت ُّ‬
‫خطًى وئيدةٍ وطيدةٍ متينةٍ‪.‬‬ ‫إلى أهدافِها ب ُ‬
‫م إلى هجرةٍ نحو الله ورسولِه‪ ،‬هجرةٍ إلى‬ ‫ن اليو َ‬ ‫ج المسلمي َ‬ ‫فما أحو َ‬
‫ن وتحكيم ِ شرعهِ القويم وهجرةٍ إلى‬ ‫ك بحبله المتي ِ‬ ‫الله بالتمس ِ‬
‫ن‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم باتباِع سنته‪ ،‬والقتداءِ بسيرته‪ ،‬فإ ْ‬
‫ن‬
‫ق الصحيِح وبدأوا يأخذو َ‬ ‫فعلوا ذلك فقد بدأوا السيَر في الطري ِ‬
‫ك متى هو؟‬ ‫من عند ِ الله‪ ،‬ويسألون َ‬ ‫ب النصرِ‪ ،‬وما النصُر إلى ِ‬ ‫بأسبا ِ‬
‫ن قريبا‪ً.‬‬ ‫قل عسى أن يكو َ‬
‫ثالثًا‪ :‬دعوة ٌ مستمرة ٌ وصبٌر عظيم‪.‬‬
‫ة ثلث عشرةَ‬ ‫ل في مك َ‬ ‫فالنبي صلى الله عليه وسلم كما نعلم ظ َّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضا في ذلك إلى الذى‬ ‫َ‬
‫ة يدعو إلى الله جل وعل ليل نهار‪ ،‬متعر ً‬ ‫سن ً‬
‫ن للخيرِ‬ ‫ن ل يريدو َ‬ ‫ش الذي َ‬ ‫الشديد ِ والضطهاد ِ المستمرِ من كفارِ قري ٍ‬
‫ن معه‬ ‫ت وقلةِ من آم َ‬ ‫ل هذا العن ِ‬ ‫أن ينتشَر‪ ،‬ومع ذلك فلم ييأس مع ك ِّ‬
‫ه يستطيعُ من‬ ‫ه إلى بيئةٍ أخرى لعل ُ‬ ‫ل أن يتج َ‬ ‫ل هذه المدةِ‪ ،‬فحاو َ‬ ‫خل َ‬

‫‪427‬‬
‫ئ‬‫ف ولكنه فوج َ‬ ‫ن الله جل وعل‪ ،‬فاتجه إلى الطائ ِ‬ ‫خللِها نشَر دي ِ‬
‫ة رضى الله‬ ‫ن عائش ُ‬ ‫َ‬ ‫م المؤمني‬ ‫لأ ُ‬ ‫بالسفهاءِ يردونَه ردا ً منكرا‪ ،‬تقو ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صل ّى الل ّه ع َلَيْهِ‬ ‫ي َ‬ ‫ت لِلنَّب ِ ِ ّ‬ ‫ن أختها عروة أنَّهَا قَال َ ْ‬ ‫ث اب َ‬ ‫عنها وهي تحدِّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل أَتَى ع َلي ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫قي ُ‬ ‫ل‪( :‬لقَد ْ ل ِ‬ ‫حد ٍ ‪..‬؟ قَا َ‬ ‫ن يَوْم ِ أ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫نأ َ‬ ‫م كَا َ‬ ‫ك يَوْ ٌ‬ ‫م هَ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ض ُ‬ ‫م الْعَقَبَةِ إِذ ْ عََر ْ‬ ‫م يَوْ َ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ما لَقِي ُ‬ ‫شد َّ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ت وَكَا َ‬ ‫ما لَقِي ُ‬ ‫ك َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن قَوْ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ما أَرد ْ ُ‬ ‫جبْنِي إِلَى َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ل فَل َ ْ‬ ‫ن ع َبْد ِ كُل ٍ‬ ‫ل بْ ِ‬ ‫ن ع َبْد ِ يَالِي َ‬ ‫سي ع َلى َاب ْ ِ‬
‫َ‬ ‫نَفْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الث ّعَال ِ ِ‬
‫ب‬ ‫فقْ إِل وَأنَا بِقَْر ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫مأ ْ‬
‫َ‬ ‫جهِي فَل ْ‬ ‫م ع َلى َو ْ‬ ‫مو ٌ‬ ‫م ْه ُ‬ ‫ت وَأنَا َ‬ ‫فَانْطلقْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬‫جبْرِي ُ‬ ‫ت فَإِذ َا فِيهَا ِ‬ ‫حابَةٍ قَد ْ أظَل ّتْنِي فَنَظَْر ُ‬ ‫س َ‬ ‫سي فَإِذ َا أنَا ب ِ َ‬
‫َ‬
‫ت َرأ ِ‬ ‫فََرفَعْ ُ‬
‫ك وَقَدْ‬ ‫ما َردُّوا ع َلَي ْ َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل قَوْ ِ‬ ‫معَ قَوْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ه قَد ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ل إ ِ َّ‬ ‫فَنَادَانِي فَقَا َ‬
‫ْ‬
‫ل‬
‫جبَا ِ‬ ‫ك ال ْ ِ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫م فَنَادَانِي َ‬ ‫ت فِيهِ ْ‬ ‫شئ ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫مَره ُ ب ِ َ‬ ‫ل لِتَأ ُ‬ ‫جبَا ِ‬ ‫ك ال ْ ِ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ث إِلَي ْ َ‬
‫َ‬
‫بَعَ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫شبَي ْ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ن أطْبِقَ َع َلَيْهِ ُ‬ ‫تأ ْ‬
‫َ‬ ‫شئ ْ َ‬ ‫ن ِ‬
‫َ‬
‫مد ُ إ ِ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬ ‫ل يَا ُ‬ ‫م قَا َ‬ ‫ي ث ُ َّ‬ ‫م ع َل َ َّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫جو أ ْ‬ ‫ل أْر ُ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫صل ّى الل ّه ع َلَيْهِ وَ َ‬
‫َ‬ ‫ي َ‬ ‫ل النَّب ِ ُّ‬ ‫فعلت ولك ذلك‪ ،‬فَقَا َ‬
‫خرج الل َّه م َ‬
‫شيْئًا)‪[ .‬رواه‬ ‫ك بِهِ َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫حدَه ُ ل ي ُ ْ‬ ‫ه وَ ْ‬ ‫ن يَعْبُد ُ الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫صلبِهِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫يُ ْ ِ َ‬
‫البخاري]‪.‬‬
‫ن الله؟ كم‬ ‫ُ‬
‫ة تجعلنا نتساءل‪ :‬ماذا قدمنا لدي ِ‬ ‫ة أيها الحب ُ‬ ‫إن هذه الوقف َ‬
‫ل نشره بين الناس؟ هل صبَرنا كما صبَر‬ ‫تحملنا من الذى في سبي ِ‬
‫ه أذىً أو‬ ‫ج َ‬ ‫عليه الصلة والسلم؟ أم أننا استسلمنا بمجرد ِ أن نوا ِ‬
‫ف عن الدعوةِ إليه سبحانَه‪ ،‬هل هذه‬ ‫ة‪ ،‬فقمنا بعد ذلك بالتوقُ ِ ّ‬ ‫معارض ً‬
‫م إلى‬ ‫ت أيها الكري ُ‬ ‫ن‪ ،‬إنك لو نظر َ‬ ‫ي المصطفى المي ِ‬ ‫هي القدوة ُ بالنب ِ‬
‫ض الواقِع‬ ‫ت إليها في أر ِ‬ ‫ن الكريم ِ ونظر َ‬ ‫ك الكريمةِ في القرآ ِ‬ ‫أمت َ‬
‫ن والبكاءِ على واقع أمةٍ قد انحرفت كثيراً‬ ‫ك من الحز ِ‬ ‫لنفلق كبِد ُ َ‬
‫ِ‬
‫وكثيرا ً عن منهج الله جل وعل وعن سنةِ رسوله صلى الله عليه‬
‫ت‬
‫ش تحت ظِللها‪ ،‬ليس ْ‬ ‫م ونعي ُ‬ ‫ة التي نراها اليو َ‬ ‫وسلم‪ ،‬فهاهي الم ُ‬
‫م بدلت‬ ‫ت في فجرِ السلم‪ ،‬أمتنا اليو ْ‬ ‫ت وبزغ ْ‬ ‫ة التي خرج ْ‬ ‫هي الم ُ‬
‫ت الذي هو أدنى‬ ‫ق رسول الله واستبدل ِ‬ ‫ت عن طري ِ‬ ‫شرع الله وانحرف ْ‬
‫ض ممن كتب الله‬ ‫ُ‬ ‫ة لحقرِ وأذ ِّ‬ ‫بالذي هو خير‪ ،‬أذ َّ‬
‫ل أمم ِ الر ِ‬ ‫ل الله الم َ‬
‫ن القردةِ والخنازيرِ من أبناءِ‬ ‫ة من إخوا ِ‬ ‫ن واللعن َ‬ ‫ة والهوا َ‬ ‫م الذل َ‬ ‫عليه ُ‬
‫ض‬
‫ة لحقرِ أمم ِ الر ِ‬ ‫ة مستباح ً‬ ‫صعَ ً‬ ‫م قَ ْ‬ ‫ة اليو َ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫يهود‪ ،‬نعم‪ ..‬أصبح ِ‬
‫ق المصدوق صلى الله عليه وسلم‬ ‫ل الصاد ِ‬ ‫حقَّ عليها قو ُ‬ ‫وأذل ِّها‪ ،‬و َ‬
‫ن رضي‬ ‫ث ثوبا َ‬ ‫ح الذي رواه أبو داوود َ من حدي ِ‬ ‫ث الصحي ِ‬ ‫في الحدي ِ‬
‫ة إلى‬ ‫م كما تتداعى الكل ُ‬ ‫م الم ُ‬ ‫ك أن تتداعى عليك ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫الله عنه ‪( :‬يو ِ‬
‫مئذ ٍ يا رسول الله؟ قال ‪ :‬ل‪،‬‬ ‫ن يو ِ‬ ‫من قلةٍ نح ُ‬ ‫قصعتها) قالوا ‪ :‬أو ِ‬
‫َ‬
‫ب‬‫ة من قلو ِ‬ ‫ه أن ينزع َ المهاب َ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫ل‪ ،‬وليوشك ّ َ‬ ‫ولكنكم غثاءٌ كغثاءِ السي ِ‬
‫ن يا رسول الله‬ ‫ن‪ )،‬قيل وما الوه ُ‬ ‫م الوه َ‬ ‫ن في قلوبك ُ‬ ‫عدوِّكُم‪ ،‬وليقذف َّ‬

‫‪428‬‬
‫م أيها‬ ‫ة اليو َ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫ة الموت)‪ .‬لقد أصبح ِ‬ ‫ب الدنيا وكراهي ُ‬ ‫؟ قال ‪( :‬ح ُ‬
‫ط الحياةِ‬ ‫ش على بِسا ِ‬ ‫ت البشريةِ تعي ُ‬ ‫الخياُر غُثاءً من النِفايا ِ‬
‫ت متناثرةٍ متصارعةٍ متحاربةٍ تفصل‬ ‫ة كدُويل َ ٍ‬ ‫ش الم ُ‬ ‫النسانيةِ‪ ،‬تعي ُ‬
‫ف على‬ ‫ة جاهلية‪ ،‬وتُرفر ُ‬ ‫ت قومي ٌ‬ ‫ة مصطنعة‪ ،‬ونَعََرا ٌ‬ ‫بينها حدود ٌ جغرافي ٌ‬
‫ن جاهلية غربية‪ ،‬وتدوُر‬ ‫مها قواني ٌ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫ة ووطني ٌ‬ ‫ت قومي ٌ‬ ‫سمائها رايا ٌ‬
‫ن بل ول‬ ‫ة نفسها عن الدورا ِ‬ ‫ك الم ُ‬ ‫ة فل تمل ُ‬ ‫ت السياسي ُ‬ ‫بالمةِ الدورا ُ‬
‫َ‬
‫ع ّزةٍ‪،‬‬ ‫ة بعد ِ‬ ‫ن الذي تدوُر فيه ! ذلت الم ُ‬ ‫سها حتى المكا َ‬ ‫تختاُر لنف ِ‬
‫ل‬ ‫ت في َذي ِ‬ ‫ة بعد قوة‪ ،‬وأصبح ْ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫ة بعد علم‪ ،‬وضعُف ِ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫جهِل ِ‬ ‫و َ‬
‫ة كل ّها‬ ‫ب تقود ُ القافل َ‬ ‫س القري ِ‬ ‫ت بالم ِ‬ ‫القافلةِ النسانيةِ بعد أن كان ْ‬
‫ل على موائد ِ الفكرِ‬ ‫م تتسوَّ ُ‬ ‫ة اليو َ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫بجدارةٍ واقتدار‪ ،‬أصبح ِ‬
‫ب منارة ً تَهْدِي‬ ‫س القري ِ‬ ‫ة بالم ِ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫ي والعلمي بعد أن كان ِ‬ ‫النسان ِ‬
‫ل‬‫ل وأَّرقهم طو ُ‬ ‫ح الهاجرةِ القات ْ ِ‬ ‫م لف ُ‬ ‫ن ممن أحرقَهُ ْ‬ ‫الحيارىَ والتائهي َ‬
‫ح في سيرِها‪،‬‬ ‫م تتَأرج ُ‬ ‫ة اليو َ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫ي في التيهِ والضلل‪ ،‬أصبح ِ‬ ‫المش ِ‬
‫ه وأن تسيَر فيه بعد َ أن‬ ‫سلُك َ ْ‬ ‫ب عليها أن ت َ ْ‬ ‫ف طريقَها الذي يج ُ‬ ‫ول تعر ُ‬
‫ب‬ ‫ب في الدرو ِ‬ ‫ل الحاذقَ الر َ‬ ‫ب الدلي َ‬ ‫س القري ِ‬ ‫ة بالم ِ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫كان ِ‬
‫المتشابكةِ والصحراءِ المهلكةِ التي ل يهتدي للسيرِ فيها إل اللداءُ‬
‫ن‬‫ن‪ ..‬فما الذي جرى؟ ما الذي تغير‪ ..‬ل شيء‪ !..‬لكنها السن ُ‬ ‫المجّرِبو َ‬
‫ة " إن الله ل يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " واللهِ إن‬ ‫الرباني ُ‬
‫الهممِ‬ ‫م ِ أعينِنا في أمتنا يستنفُر جميعَ ِ‬ ‫م الذي نراه بأ ّ‬ ‫هذا الواقعَ اللي َ‬
‫ل ماذا‬ ‫سه هذا السؤا َ‬ ‫ل واحد ٍ منا نف َ‬ ‫لك ُ‬ ‫ب أن يسأ َ‬ ‫الغيورةِ ويستوج ُ‬
‫ف هذه‬ ‫ب في تخل ِ ّ‬ ‫ن السب ُ‬ ‫قدمنا لدين الله جل وعل ؟ هل فعل نح ُ‬
‫ل في الحقيقةِ‬ ‫مث ِّ ُ‬ ‫ل وإن كان ي ُ َ‬ ‫ل القطار‪..‬؟ سؤا ٌ‬ ‫المةِ وُركُوبِها ذي َ‬
‫ل في فَهْم ِ حقيقةِ النتماءِ لهذا لدي ِ‬
‫ن‬ ‫خل َ ٍ‬ ‫م عن َ‬ ‫ة إل أنه يَن ُ ُّ‬ ‫ظاهرة ً صحي ً‬
‫ب عليه أن‬ ‫ف ما الذي يج ُ‬ ‫م ل يعر ُ‬ ‫ح فيه المسل ُ‬ ‫دّ الذي أصب َ‬ ‫ح ِ‬ ‫إلى ال َ‬
‫ل للدين ما‬ ‫ة العم ِ‬ ‫ل وعل‪ ،‬لماذا ؟! لن قضي َ‬ ‫ن الله ج ّ‬ ‫مه لدي ِ‬ ‫يقدِّ َ‬
‫ص‬
‫م مخل ٌ‬ ‫جهَا عال ٌ‬ ‫ج َ‬‫س عابرةٍ أ َّ‬ ‫ت في قلوبنا إل في لحظةِ حما ٍ‬ ‫تحرك ْ‬
‫ل‬‫ة نسأ ُ‬ ‫ة صادقٌ‪ ،‬فقمنا بعد هذه اللحظةِ الحماسيةِ المتأجج ِ‬ ‫أو داعي ٌ‬
‫ب أل‬ ‫ل يج ُ‬ ‫مهيب؟؟ سؤا ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫ل سؤا ٌ‬ ‫ل مخج ٌ‬ ‫عن أدوارِنا‪ ..‬إنه وربي سؤا ٌ‬
‫ل لهذا‬ ‫م َّ‬
‫ة العم ِ‬ ‫ب قضي َ‬ ‫ي في القلو ِ‬ ‫م تِكراره لنُحي َ‬ ‫ل طرحه وأل نسئ َ‬ ‫ن ِ‬
‫ة‬
‫ل رجولةٍ وقو ٍ‬ ‫ل بك ِ‬ ‫ل الكفرِ والباط ِ‬ ‫ك فيه أه ُ‬ ‫ت تحَّر َ‬ ‫ن في وق ٍ‬ ‫الدي ِ‬
‫ل فيه وتحركوا في‬ ‫ل الباط ِ‬ ‫ش أه ُ‬ ‫ت انتع َ‬ ‫لباطلِهم وكفرِهم! في وق ٍ‬
‫ش‬
‫ق وتكاسلوا‪ ،‬بل والله ما انتف َ‬ ‫ل الح ِ‬ ‫س فيه أه ُ‬ ‫ت الذي تقاع َ‬ ‫الوق ِ‬
‫ب أن‬ ‫ق أهلُه‪ ،‬إنه واقعٌ يج ُ‬ ‫م أن تخلى عن الح ِ‬ ‫ه إل يو َ‬ ‫ل وأهل ُ ُ‬ ‫الباط ُ‬
‫ك وخاطبها‪ ..‬ما هو دوري في‬ ‫ل لنفس َ‬ ‫يستنفَر جميعَ الهمم ِ الغيورةِ‪ ،‬قُ ْ‬

‫‪429‬‬
‫ة‬
‫ت قضي ُ‬ ‫م لدين الله‪..‬؟‪ ..‬أما والله لو كان ْ‬ ‫هذه الحياة؟ كيف أقد ُ‬
‫ل أفكاَرنا وتمل قلوبَنا وتُحرِقُ وُجدانَنا وتُقِ ُّ‬
‫ض‬ ‫ُ‬ ‫شغَ ُ‬ ‫ن الله ت ْ‬ ‫ل لدي ِ‬ ‫العم ِ‬
‫سرِ والعلنية‪،‬‬ ‫ل نهار في النوم ِ واليقظةِ في ال ِّ‬ ‫مضاجعَنا ونفكُر فيها لي َ‬
‫ل منا ما سأل‬ ‫ب ك ٍّ‬ ‫ل لدين الله في قل ِ‬ ‫ة العم ِ‬ ‫ت قضي ُ‬ ‫نعم‪ ..‬لو كان ْ‬
‫ن الذي‬ ‫ب الزما ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل‪ ،‬لنه سيحدِّد ُ أمَره ب َ‬ ‫نفسه أبدا ً هذا السؤا َ‬
‫ن الله‬ ‫ل لدي ِ‬ ‫ة العم ِ‬ ‫ش فيه‪ ،‬لن قضي َ‬ ‫ن الذي يعي ُ‬ ‫ب المكا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫شه وب ِ َ‬ ‫يعي ُ‬
‫تملُ‬
‫ن‬
‫ل مرارةٍ بكل حز ٍ‬ ‫ف بك ِ‬ ‫ل أس ٍ‬ ‫ه ووُجدانَه وقلبه‪ ،‬لكن بك ٍ‬ ‫م ُ‬‫عليه ه َّ‬
‫كثير‬
‫ٍ‬ ‫س‬
‫ح ِّ‬ ‫ة في ِ‬ ‫ة ثانوي ً‬ ‫ة هامشي ً‬ ‫ن الله قضي ً‬ ‫ل لدي ِ‬ ‫ة العم ِ‬ ‫أصبحت قضي ُ‬
‫ض آخَر‬ ‫َ‬
‫س قِطاٍع عري ٍ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ح ل وجود َ لها في ِ‬ ‫من المسلمين!‪ ..‬بل وأصب َ‬
‫لءَ بطونِهم وينامون ملءَ عيونهم ويضحكون ملءَ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ممن يأكلو َ‬
‫ضي‬ ‫م ِ‬ ‫ن إلى واقِع المةِ فَيَهُُّز الواحد ُ كتفيه وي َ ْ‬ ‫أفواههم‪ ،‬بل وينظرو َ‬
‫ل ‪..‬‬ ‫ب‪ ،‬أقو ُ‬ ‫ل ويشر َ‬ ‫خلقَ إل ليأك َ‬ ‫ن المَر ل يعنيه‪ ،‬وكأنه ما ُ‬ ‫وكأ َّ‬
‫ن‬ ‫ل مسلم ٍ ومسلمةٍ‪ ،‬فل بد َّ أن تكو َ‬ ‫ة ك ِّ‬ ‫ن مسئولي ُ‬ ‫ل للدي ِ‬ ‫إن العم َ‬
‫ة في خريطةِ اهتماماتنِا وبرامجنا نعم‪ ..‬ل بد َّ أن‬ ‫ن مساح ٌ‬ ‫لقضيةِ الدي ِ‬
‫ن من‬ ‫ن وِجدانَنا‪ ،‬وإ ِ َّ‬ ‫حرِقَ ه ُّ‬ ‫ضب َ‬
‫م الدي ِ‬ ‫ن عواطفَنا‪ ،‬وأن ي ُ ْ‬ ‫ط الدي ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن لشيءٍ ل يعتقده‪ ،‬ل يحمله في قلبه‪،‬‬ ‫ك النسا ُ‬ ‫ل أن يتحَر َ‬ ‫محا ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ب نبينا صلى الله عليه وسلم لهذا الدين حتى‬ ‫وتأمل كيف احترق قل ُ‬
‫قال له ربه " فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا‬
‫ث أسفا "‪.‬‬ ‫الحدي ِ‬
‫رابعًا‪ :‬الثبات على المبدأ‪.‬‬
‫ة‬
‫ة الدال َ‬ ‫ب لهم الدل َ‬ ‫إن الله تعالى خلقَ الخلق ليعرفوه ويعبُدُوهُ‪ ،‬ونص َ‬
‫على كبريائهِ وعظمته ليهابُوه‪ ،‬وقد اقتضت حكمتُه سبحانه وتعالى‬
‫ن اللهِ الكونيةِ‪ ،‬وأن المرءَ بحاجةٍ إلى‬ ‫ة من سن ِ‬ ‫ل البتلءَ سن ً‬ ‫أن جع َ‬
‫ن من‬ ‫ب‪ ،‬والمؤم ُ‬ ‫ث من الطي ِ‬ ‫ص ومراجعةٍ حتى يتميََّز الخبي ُ‬ ‫تمحي ٍ‬
‫ن‬
‫غيره؛ فالسعيد ُ من اعتصم بالله‪ ،‬وأناب ورجعَ إلى الله‪ ،‬والمؤم ُ‬
‫س أَن يُتَْركُوا‬ ‫ب النَّا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬
‫َ‬
‫ت في السراءِ والضراءِ " الم * أ َ‬ ‫الصادقُ ثاب ٌ‬
‫َ‬ ‫أَ‬
‫ن‬ ‫م َّ‬ ‫م فَلَيَعْل َ َ‬ ‫من قَبْلِهِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن * وَلَقَد ْ فَتَنَّا ال ّذِي َ‬ ‫م ل يُفْتَنُو َ‬ ‫منَّا وَهُ ْ‬ ‫ن يَق َُولُوا آ َ‬ ‫َ‬
‫خلُوا‬ ‫م أَن تَد ْ ُ‬ ‫سبْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ن " وقال‪ " :‬أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن الْكَاذِبِي‬ ‫م َّ‬ ‫صدَقُوا وَلَيَعْل َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ه ال ّذِي‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ْ‬ ‫ما يَأْتِكُم َّ‬
‫ضَّراءُ‬ ‫ساءُ وَال َّ‬ ‫م الْبَأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ستْه‬ ‫م َّ‬ ‫من قَبْلِكُم َّ‬ ‫خلَوْا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ّذِي‬ ‫مث َ ُ‬ ‫ة وَل َ َّ‬ ‫جن َّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫صُر الل ّهِ أل إ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫متَى ن َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫منُوا َ‬
‫نآ َ‬ ‫ل وَال ّذِي َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل الَّر ُ‬ ‫حتَّى يَقُو َ‬ ‫وَُزلْزِلُوا َ‬
‫َ‬
‫ب"‬ ‫صَر الل ّهِ قَرِي ٌ‬ ‫نَ ْ‬

‫‪430‬‬
‫م‬‫ت لنا معال َ‬ ‫م إلى المدينةِ كشف ْ‬ ‫ي صلى الله عليه وسل َ‬ ‫إن هجرة َ النب ِ‬
‫س‪،‬‬ ‫ن النفو ِ‬ ‫في الشدةِ والرخاءِ‪ ،‬والعسرِ واليسر‪ ،‬وأبانت لنا عن معاد ِ‬
‫ن‬‫ف المور‪ ،‬وجريا ِ‬ ‫ة الله في تصري ِ‬ ‫م حكم َ‬ ‫وطبائِع القلوب؛ ومن عَل ِ َ‬
‫ك‬‫ت المسال ُ‬ ‫س إلى قلبه سبيلً‪ ،‬ومهما أظلم ِ‬ ‫القدارِ فلن يجد َ اليأ ُ‬
‫ت؛ فلن يزداد َ إل ثباتاً؛ فالنسا ُ‬
‫ن‬ ‫ت النكبا ُ‬ ‫ب وتكاثر ِ‬ ‫ت الخطو ُ‬ ‫وتتابع ِ‬
‫ك وبأقدار الله مسل ِّم‪ ،‬وإن‬ ‫ن بإيمانه مستمس ٌ‬ ‫إلى ربه راجع‪ ،‬والمؤم ُ‬
‫ت‬
‫ت على المبدأ‪ ،‬الثبا ُ‬ ‫ة المباركة‪ :‬الثبا ُ‬ ‫من معالم ِ هذه الهجرةِ النبوي ِ‬
‫ن اللهِ‬ ‫ت على دي ِ‬ ‫ة عليه‪ ،‬ذلك أن الثبا َ‬ ‫ن والستقام ُ‬ ‫على الدي ِ‬
‫ن السلمِ‬ ‫ن‪ ،‬وحس ِ‬ ‫ة على سلمةِ اليما ِ‬ ‫ة قاطع ً‬ ‫ل دلل ً‬ ‫م به يد ُ‬ ‫والعتصا َ‬
‫وصحةِ اليقين‪.‬‬
‫س‬‫م‪ ،‬ومعنى جميل‪ ،‬له في نف ِ‬ ‫خلُقٌ عظي ٌ‬ ‫ن الله ُ‬ ‫ت على دي ِ‬ ‫إن الثبا َ‬
‫ة تفعل فِعْلَها‪،‬‬ ‫ت مهم ٌ‬ ‫س مؤثرا ٌ‬ ‫ت وفيمن حوله من النا ِ‬
‫َ‬ ‫ن الثاب ِ‬ ‫النسا ِ‬
‫َ‬
‫ة الفائقةِ في تربيةِ الفردِ‬ ‫ب من الهمي ِ‬ ‫وتؤثُر أثََرهَا‪ ،‬وفيه جوان ُ‬
‫والمجتمع‪.‬‬
‫ة‬
‫ت على السلم ِ والستمرارِ على منهِج الحق نعم ٌ‬ ‫ة الثبا ِ‬ ‫إن صف َ‬
‫ن عليهم بها‪ ،‬فقال‬ ‫ة حبا الله بها أولياءَه وصفوة َ خلقه‪ ،‬وامت َّ‬ ‫عظيم ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مخاطبا عبدَه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم‪ ":‬وَلوْل أن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫شيْئًا قَلِيل ً "‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ن إلَيْهِ ْ‬ ‫ت تَْرك َ ُ‬ ‫ك لَقَد ْ كِد َّ‬ ‫ثَبَّتْنَا َ‬
‫ة إلى الثقةِ‬ ‫ل على سلمةِ المنهِج‪ ،‬وداعي ٌ‬ ‫ن الله دلي ٌ‬ ‫ت على دي ِ‬ ‫إن الثبا َ‬
‫ق الموصلةِ إلى المجدِ‬ ‫ن والطري ِ‬ ‫ة النصرِ والتمكي ِ‬ ‫به‪ ،‬وهو ضريب ُ‬
‫ت صلى الله عليه وسلم في دعوتِه قب َ‬
‫ل‬ ‫والرفعةِ‪ ،‬ألم تروا كيف ثب َ‬
‫ُ‬
‫صَر بسبب ثباته على‬ ‫مكِّن وأعَّز ون ُ ِ‬ ‫الهجرة وبعدَها؟ ألم تروا كيف ُ‬
‫مبدأه صلوات ربي وسلمه عليه‪..‬؟‬
‫ت النبيلةِ؛‬ ‫ة‪ ،‬والغايا ِ‬ ‫ف العظيم ِ‬ ‫ق الهدا ِ‬ ‫ت طريقٌ لتحقي ِ‬ ‫إن الثبا َ‬
‫ل على رفعةِ‬ ‫ب العالمين والعام ُ‬ ‫س لر ِ‬ ‫ب في تعبيد ِ النا ِ‬ ‫ن الراغ ُ‬ ‫فالنسا ُ‬
‫دينه وإعلءِ رايتِه ل ِغنَى له عن الثبات‪.‬‬
‫سَر‬ ‫ك بالتقى‪ ،‬وقَ ْ‬ ‫ة على الهدى‪ ،‬والتمس َ‬ ‫ت يعني الستقام َ‬ ‫إن الثبا َ‬
‫ب‬‫ق والخير‪ ،‬والبُعْد ِ عن الذنو ِ‬ ‫ق الح ِ‬ ‫ك طري ِ‬ ‫س على سلو ِ‬ ‫النف ِ‬
‫ف الهوى والشيطان‪.‬‬ ‫والمعاصي وصوار ِ‬
‫ن‬
‫ة اليما ِ‬ ‫ت صح ُ‬ ‫ن والبتلءا ِ‬ ‫م الفت ِ‬ ‫ت أما َ‬ ‫ن على الثبا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن مما يُعي‬ ‫إ َّ‬
‫َ‬
‫ن قويا ً في إيمانه‪ ،‬صلْبا ً في دينه‪،‬‬ ‫ن النسا ُ‬ ‫ما كا َ‬ ‫ن؛ فكل ّ َ‬ ‫ة الدي ِ‬ ‫وصلب ُ‬
‫حجتُه‪،‬‬ ‫ت ُ‬ ‫ت عزيمتُه وثبت َ ْ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫صادقا ً مع ربه‪ ،‬كلما ازداد َ ثباتُه‪ ،‬وقَ ِ‬
‫ب الهجرةِ محمدا ً صلى الله عليه وسلم كان يدعو‬ ‫ك أن صاح َ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬

‫‪431‬‬
‫ة‬
‫ت في المرِ‪ ،‬والعزيم َ‬ ‫ربه ويسألُه الثبات " اللهم إني أسألك الثبا َ‬
‫على الرشد"‪.‬‬
‫ب‬ ‫ق يح ُ‬ ‫ل مسلم ٍ صاد ٍ‬ ‫س لك ِ‬ ‫م ورئي ٌ‬ ‫ب عظي ٌ‬ ‫ن مطل ٌ‬ ‫ت على الدي ِ‬ ‫إن الثبا َ‬
‫ق‬‫ق الح ِ‬ ‫ك طري ِ‬ ‫الله ورسولَه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ويريد ُ سلو َ‬
‫ن‬
‫ج ما تكو ُ‬ ‫م أحو ُ‬ ‫ة اليو َ‬ ‫ة السلمي ُ‬ ‫والستقامةِ بعزيمةٍ ورشد‪ ،‬والم ُ‬
‫ف‬ ‫ن والمغريات وأصنا ِ‬ ‫ج بأنواِع الفت ِ‬ ‫ة وهي تمو ُ‬ ‫ت خاص ً‬ ‫إلى الثبا ِ‬
‫مِع العداءِ‬ ‫الشهوات والشبهات‪ ،‬فضل ً عن تداعي المم ِ عليها‪ ،‬وط َ َ‬
‫م‬
‫ت أعظ ُ‬ ‫ل الثبا ِ‬ ‫م لعوام ِ‬ ‫ة المسلم ِ اليو َ‬ ‫فيها ومما ل شك فيه أن حاج َ‬
‫ن السالفة وذلك لكثرةِ‬ ‫من حاجةِ أخيه المسلم ِ إلى ذلك في القرو ِ‬
‫معين‪ ،‬وقِلةِ الناصح والناصر‪ ،‬والله‬ ‫ف ال ُ‬ ‫ضعْ ِ‬ ‫الفساد ِ ونُدَْرةِ الخوان‪ ،‬و َ‬
‫المستعان‪.‬‬
‫ة المسلم ِ ووطنُه عقيدته‪.‬‬ ‫جنسي ُ‬ ‫خامساً‪ِ :‬‬
‫ت دينِه‪ ،‬أهلُه وولدُه‬ ‫مقوِما ِ‬ ‫ن إذا تخلى عن ُ‬ ‫إن أغلى ما لدى النسا ِ‬
‫ت‬‫ة ليس ْ‬ ‫ن الله عليهم لما وجدوا أن مك َ‬ ‫ة رضوا ُ‬ ‫وماله وبلده‪ ،‬فالصحاب ُ‬
‫ً‬
‫ل صلى الله عليه وسلم بالهجرةِ‪،‬‬ ‫مقرا ّ لدينِهم؛ استأذنوا من الرسو ِ‬
‫ب الدنيا‪،‬‬ ‫فأذن لهم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهنا ارتفعوا عن مطال ِ‬
‫م‬
‫جوا بعقيدتِهم؛ لن المسل َ‬ ‫ل الدنيا‪ ،‬وَن َ َ‬ ‫وعن حقارةِ الدنيا‪ ،‬وعن ذ ُ ِّ‬
‫ن‪ ،‬وضحوا‬ ‫حوا بالوط ِ‬ ‫ن الله عليهم ض َّ‬ ‫ة رضوا ُ‬ ‫ه‪ ،‬فالصحاب ُ‬ ‫وطنُه عقيدت ُ ُ‬
‫ل عقيدتِهم‪،‬‬ ‫ل في سبيل هذه الهجرة في سبي ِ‬ ‫ل‪ ،‬وضحوا بالما ِ‬ ‫باله ِ‬
‫ب الرومي رضي الله عنه‪ ،‬كان عبدا ً مملوكا ً في‬ ‫وانظر إلى صهي ٍ‬
‫ة‪ ،‬فلما جاء الله بالسلم صدّقَ وأطاع‪ ،‬فاشتد َ عليه عذاب‬ ‫مك َ‬
‫ن بالهجرةِ إلى‬ ‫َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم للمؤمني َ‬ ‫ن النب ُ‬ ‫الكفار‪ ،‬ثم أذ ِ َ‬
‫ش‪،‬‬ ‫المدينة فهاجروا‪ ،‬فلما أراد َ أن يهاجَر معهم منعه سادة ُ قري ٍ‬
‫ب إلى‬ ‫سه‪ ،‬خوفا ً من أن يَهُْر َ‬ ‫وجعلوا عنده بالليل والنهارِ من يحُر ُ‬
‫شه إلى الخلء‪،‬‬ ‫ج من فرا ِ‬ ‫المدينة‪ ،‬فلما كان في إحدى الليالي‪ ،‬خر َ‬
‫ج أخرى‬ ‫ج معه من يْرقُبُه‪ ،‬ثم ما كاد َ يعود ُ إلى فراشهِ حتى خر َ‬ ‫فخر َ‬
‫ج‬ ‫ج‪ ،‬فخر َ‬ ‫إلى الخلءِ‪ ،‬فخرج معه الرقيب‪ ،‬ثم عاد إلى فراشه‪ ،‬ثم خر َ‬
‫ب‪ ،‬ثم خرج كأنه يريد الخلءَ‪ ،‬فلم يخُرج معه أحد‪ ،‬وقالوا‪:‬‬ ‫معه الرقي ُ‬
‫َ‬
‫سل ّ َ‬
‫ج‬ ‫ل رضي الله عنه‪ ،‬وخَر َ‬ ‫ة‪ ،‬فت َ‬ ‫ت والعزى ببطنه الليل َ‬ ‫قد شغلَتُه الل ُ‬
‫موا بهربِه إلى‬ ‫ه‪ ،‬فعل ِ ُ‬ ‫خَر عنهم‪ ،‬خرجوا يلتمسون َ ُ‬ ‫ة‪ ،‬فلما تأ َّ‬ ‫من مك َ‬
‫ق‪ ،‬فلما‬ ‫ض الطري ِ‬ ‫خيْلِهم‪ ،‬حتى أدركوُه في بع ِ‬ ‫المدينة‪ ،‬فلحقوه على َ‬
‫مهِ بين يديه وقال‪ :‬يا‬ ‫سهَا ِ‬‫ة ِ‬ ‫ل‪ ،‬ثم نَثََر كِنَان َ َ‬ ‫شعَُر بهم رقى على ثَنِيَّةِ جب ٍ‬ ‫َ‬
‫صلُو َ‬
‫ن‬ ‫ش‪ ،‬لقد علمتُم واللهِ أنِّي أصوبُكُم رمياً‪ ،‬ووالله ل ت َ ِ‬ ‫معشَر قري ٍ‬

‫‪432‬‬
‫صعْلُوكاً‬ ‫سهْم ٍ بين يَدَيّ رجل ً منكم‪ ،‬فقالوا‪ :‬أتيتنا ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل بِك ِ ِّ‬ ‫ي حتى أَقْت ُ َ‬ ‫إل َّ‬
‫ضِع‬‫ن دَلَلْتُكُم على مو ِ‬ ‫ك ومالك‪ ،‬فقال‪ :‬أرأيتم إ ْ‬ ‫ج بنفس َ‬ ‫فقيراً‪ ،‬ثم تخر ُ‬
‫ة أتأخذونه وتدعوني‪..‬؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ..‬فقال‪ :‬احفروا‬ ‫ي في مك َ‬ ‫مال ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي من ذهب‪ ،‬فخذوها واذهبوا‬ ‫كذا وكذا فإن بها أواق َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫سكُفّةِ با ِ‬ ‫تأ ْ‬ ‫تح َ‬
‫ب‪ ،‬فرجعوا وتركوه‪ ،‬ومضى يَطْوِي‬ ‫حل ّتَيْن من ثيا ٍ‬ ‫ة فخذوا ال ُ‬ ‫إلى فلن َ‬
‫ي عليه‬ ‫ل في لقاءِ النب ِ‬ ‫قِفَاَر الصحراءِ‪ ،‬يحمله الشوقُ ويحدوه ُ الم ُ‬
‫ل إلى المسجد ِ فدخ َ‬
‫ل‬ ‫ة‪ ،‬أقب َ‬ ‫ل المدين َ‬ ‫م وأصحابِه‪ ،‬حتى إذا وص َ‬ ‫السل ُ‬
‫َ‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه أثَُر الطريق وَوَع ْثَاءُ‬
‫ح البيعُ أبا‬ ‫ي عليه الصلة ُ والسلم قال‪ :‬رب ِ َ‬ ‫السفرِ‪ ،‬فلما رآه النب ُ‬
‫ح البيع‪..‬‬ ‫ح البيعُ أبا يحيى‪ ..‬ربح البيعُ أبا يحيى‪ ..‬نعم والله رب َ‬ ‫يحيى‪ ..‬رب َ‬
‫ل الذي جمعه‬ ‫ك الما َ‬ ‫ن عليه أن يَتُْر َ‬ ‫ولماذا ل يربح‪..‬؟ وهو الذي ها َ‬
‫ض التي ألفها‬ ‫ك الر َ‬ ‫ب النهار‪ ،‬لماذا ل يربح وقد تر َ‬ ‫ل وتَعَ ِ‬ ‫بكَدِّ اللي ِ‬
‫ب عقيدته‬ ‫والبلد َ التي عرفها‪ ،‬والداَر التي سكنها‪ ،‬في سبيل طل ِ‬
‫ة الكرام‪..‬‬ ‫ومرضاةِ ربه‪ ..‬أيها الحب ُ‬
‫ن أنفسنا‪ ،‬وأن نفهم هذه الهجرة َ فهما ً حقيقيا بأن‬ ‫ل بد أن نوط َّ‬
‫م تبعًا لهذا المبدأ‪ ،‬فل‬ ‫ة المسلم ِ ووطنِه هي عقيدتُه‪ ،‬فالمسل ُ‬ ‫جنسي َ‬
‫ف " وَل تَهِنُوا‬ ‫ل الخور والضع َ‬ ‫ل‪ ،‬ول يقب ُ‬ ‫يَهن ول يستكين ول يقبل الذ َّ‬
‫ِ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة رضي‬ ‫ن " ولما وجد الصحاب ُ‬ ‫منِي َ‬‫مؤْ ِ‬‫م ُ‬‫ن كنْت ُ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م الع ْلوْ َ‬ ‫حَزنُوا وَأنْت ُ ُ‬ ‫وَل ت َ ْ‬
‫الله عنهم أنهم ل يستطيعون أن يعيشوا بهذا الدين إل بالذل‬
‫والمهانة والستكانة؛ تخلوا عن هذا الوطن‪ ،‬وذهبوا إلى بلد يرفعون‬
‫فيها رؤوسهم عالية‪ ،‬فرفع الله مقامهم‪ ،‬وأعادهم إلى وطنهم‬
‫منتصرين‪.‬‬
‫من في تحقيق‬ ‫س الهجرةِ النبويةِ أن عزة المة تك ُ‬ ‫لقد أكدت درو ُ‬
‫ق في أمر العقيدة‬ ‫كلمة التوحيد‪ ،‬وتوحيد ِ الكلمةِ عليها‪ ،‬وأن أي تفري ٍ‬
‫ك المجتمِع‬ ‫ف الفراد ِ وتفك ُ ُ‬ ‫ن مآلُه ضع ُ‬ ‫أو تقصيرٍ في أخوةِ الدي ِ‬
‫ب‬ ‫ت الشعو ِ‬ ‫ل في هزائم ِ المم ِ وانتكاسا ِ‬ ‫ة المة‪ ،‬وإن المتأم َ‬ ‫وهزيم ُ‬
‫ط في أمر العقيدةِ‬ ‫عبر التاريِخ يجد ُ أن مرد ّ ذلك إلى التفري ِ‬
‫ت الوسائ ُ‬
‫ل‬ ‫ت المعنويةِ مهما تقدم ِ‬ ‫ل في جانب الثواب ِ‬ ‫والتساه ِ‬
‫المادية‪.‬‬
‫ت‬‫ل أمامها النتماءا ُ‬ ‫ة التي تتضاء ُ‬ ‫إن عقيدة َ التوحيد ِ هي الرابط ُ‬
‫ت الحزبية‪ ،‬واستحقاقُ المةِ‬ ‫ة والعَلقا ُ‬ ‫ت القبلي ُ‬ ‫ة والتمايزا ُ‬ ‫القومي ُ‬
‫ن بولئها لعقيدتها وارتباطِها بمبادئها‪ ،‬كيف‬ ‫للتمجيد ِ والتكريم ِ مدي ٌ‬
‫ت‬
‫م تيارا ٍ‬ ‫ن كثر أما َ‬ ‫ب الزمن منهزمو َ‬ ‫ل‪..‬؟ وفي المةِ في أعقا ِ‬

‫‪433‬‬
‫ت مصطنعةٍ وتُطْل ِ ُ‬
‫ق‬ ‫إلحاديةٍ وافدةٍ ومبادئَ عصريةٍ زائفةٍ ترفعُ شعارا ٍ‬
‫ة‬
‫ل والصغاَر والمهان َ‬ ‫ن أهلها من ورائها إل الذ ّ‬ ‫ة‪ ،‬لم يج ِ‬ ‫ت خادع ً‬ ‫نداءا ٍ‬
‫ب في السياسةِ‬ ‫والتباَر والشقاءَ والبواَر؛ فأهواءٌ في العتقاد ومذاه ُ‬
‫ن‬
‫ف المهي َ‬ ‫ب في الجتماع والقتصاد ِ كانت نتيجتها التخل َ‬ ‫ومشار ُ‬
‫حقُّ لنا أن‬ ‫مزري ي َ ِ‬ ‫ضم ِ هذا الواقِع ال ُ‬ ‫خ َّ‬ ‫والتمزقَ المشين‪ ،‬وفي ِ‬
‫س الهجرةِ في التوحيد ِ والوحدة؟‬ ‫ل بحرقةٍ وأسى‪ :‬أين درو ُ‬ ‫نتساء َ‬
‫ن‬
‫ق النسا ِ‬ ‫ت حقو ِ‬ ‫من شعارا ِ‬ ‫ن والنصارِ ِ‬ ‫أين أخوة ُ المهاجري َ‬
‫ن‬ ‫المعاصرةِ الزائفة؟ قولوا لي بربكم أيُ نظام ٍ راعى حقوقَ النسا ِ‬
‫ن القويم‪.‬‬ ‫ل حقوقَه كهذا الدي ِ‬ ‫ن تكريم ٍ وكَفِ َ‬ ‫وكّرمه أحس َ‬
‫ثامنًا‪ :‬المسجد ُ والدوُر الحقيقي‪.‬‬
‫ل إلى المدينةِ‪،‬‬ ‫م سيَره ُ حتى وص َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسل َ‬ ‫ل النب ُ‬ ‫ويواص ُ‬
‫ن المسجد َ لم يوجد ْ في السلمِ‬ ‫مه أ َّ‬ ‫فبدأ ببناءِ المسجد ِ وعمارتِه لِعِل ْ ِ‬
‫ة‬
‫ة المجتمِع الحقيقيةِ وهو نُقط ُ‬ ‫لداءِ الصلةِ فقط‪ ،‬وإنما هو مدرس ُ‬
‫ن الله‪ ،‬وهو مركَُز الدولةِ السلميةِ السائرةِ على‬ ‫ق لتبليِغ دي ِ‬ ‫النطل ِ‬
‫منهِج الله‪.‬‬
‫منْذ ُ عهدِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ب المسلمي َ‬ ‫ت في قلو ِ‬ ‫ة المسجد ِ وترعرع ْ‬ ‫ت مكان ُ‬ ‫لقد نشأ ْ‬
‫للسلم‬
‫ِ‬ ‫ن مصدَر النورِ والعلم والبصيرةِ والعزة‬ ‫النبوةِ‪ ،‬حيث كا َ‬
‫لَ‬
‫ن المساجد ِ ورفع قدرها‪ ،‬ول أد ّ‬ ‫والمسلمين؛ فأعلى سبحانَه شأ َ‬
‫ن ل طريقَ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ن الوائ َ‬ ‫على عظيم ِ مكانةِ المسجد ِ ومعرفةِ المسلمي َ‬
‫ك فإ َّ‬
‫ن‬ ‫ق منه‪ ،‬ولذل َ‬ ‫عّزِهِم‪ ،‬إل بالنطل ِ‬ ‫م الذي هو مصدُر ِ‬ ‫لعلءِ دينِه ُ‬
‫ة‬
‫ض الهجر ِ‬ ‫َ‬ ‫م عندما ح ّ‬ ‫أو َ‬
‫ل بأر ِ‬ ‫ي صلى الله عليه وسل َ‬ ‫ل ما بَدأ به النب ُ‬
‫جعْلِه مصدًرا للدعوةِ ومنبعًا لها وموردًا‬ ‫النبويةِ هو بِناءُ المسجد ِ ل ِ َ‬
‫س معه عليه الصلة ُ والسلم‪،‬‬ ‫للصحابةِ رضي الله عنهم للجلو ِ‬
‫ت هذه المعاني في قلوبِهم رضي الله عنهم ساروا‬ ‫خ ْ‬ ‫وعندما رس َ‬
‫ن بعد وفاته عليه الصلة ُ والسلم‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫عليها بك ُ ِّ‬
‫ل ما أوتُوا من عْزم ٍ ويقي ٍ‬
‫ن من بعدهم في هذا المسير‪ ،‬وانطلقوا من هذا‬ ‫ثم ساَر المسلمو َ‬
‫م عليه‬ ‫ف فإن الما َ‬ ‫ن الطاهر الشري ِ‬ ‫ق‪ ،‬ومن ذلك المكا ِ‬ ‫المنطل ِ‬
‫ل له دوُره‬ ‫ن كذلك‪ ،‬ك ُ ٌ‬ ‫ن المسجد ِ والمصلو َ‬ ‫ة وتَبِعَات‪ ،‬ومؤذ ِ ُ‬ ‫مسئولي ٌ‬
‫ة لِبِنَاءِ هذه الرسالة‪ ،‬وبَعْثِها لرجاءِ المعمورة‪.‬‬ ‫الذي يُعْتَبَُر لَبِن َ ً‬
‫ل منه وإحيائِه واستحضارِه… أيبقى‬ ‫ل بدوره المأمو ِ‬ ‫م كُ ٌ‬ ‫أرأيتم لو قا َ‬
‫ض وقوة ٌ على ظهرها لغيرِ السلم ِ ودعوته؟ ول‬ ‫دو ٌ َر في أرجاءِ الر ِ‬
‫مرِ الشارِع بعدم‬ ‫ستِه من أ ْ‬ ‫عنَايةِ السلم ِ بالمسجد ِ وقدا َ‬ ‫ل على ِ‬ ‫أد ّ‬
‫ب وتبته َ‬
‫ل‬ ‫حد َ القلو ُ‬ ‫ل ذلك لِتَتَوَ َّ‬ ‫ت‪ ،‬ك ُ ُ‬ ‫شد ِ الضالةِ ورفِع الصو ِ‬ ‫زخرفتِه‪ ،‬ون َ ْ‬

‫‪434‬‬
‫ل تُعيقُ تَهَيؤ َها للقيام ِ بدورها‬ ‫ف وشواغ َ‬ ‫ن صوار َ‬ ‫وإلهها بدو ِ‬ ‫ِ‬ ‫إلى خالِقها‬
‫ن عن هذه الحقيقةِ‪،‬‬ ‫تجاه َ المسجد ِ ورسالته‪ ،‬فأين أغنياءُ المسلمي َ‬
‫ن عن هذا المرِ المهم ِ في حياةِ‬ ‫ن العلماءُ والمسئولو َ‬ ‫وأي َ‬
‫من‬ ‫ي بها ف ِ‬ ‫ة‪ ،‬وإذا اعتُن ِ َ‬ ‫ت المساجد ُ مهمل ً‬ ‫المجتمعات‪ ،‬لماذا أصبح ِ‬
‫ط ول دوَر لها بعد ذلك في حياة المسلمين‪.‬‬ ‫ت فق ْ‬ ‫َ‬
‫ل الصلوا ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫أ ْ‬
‫تاسعًا‪ :‬الهجرة ُ وتاريخها‪!..‬‬
‫ث الهجرةِ النبويةِ في قضيةٍ تُعبُِّر‬ ‫وإشارة ً أخرى إلى أمرٍ يتعلقُ بحد ِ‬
‫للعالم‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫بجلءٍ عن اعتزازِ هذه المةِ بشخصيتها السلميةِ وتُثب ُ‬
‫مستقى من عقيدتِها‬ ‫ل هذه المةِ بمنهجها المتميزِ ال ُ‬ ‫بأسره استقل َ‬
‫ة أجمعَ عليها‬ ‫ة ع ُمري ٌ‬ ‫ة إسلمية وسن ٌ‬ ‫وتاريخها وحضارتِها‪ ،‬إنها قضي ٌ‬
‫ت والتاري ُ‬
‫خ‬ ‫ن الخطاب ‪ t‬إنها التوقي ُ‬ ‫ن في عهد ِ عمَر ب ِ‬ ‫المسلمو َ‬
‫خ على غيرهِ من‬ ‫بالهجرةِ النبويةِ المباركة‪ ،‬واختياُر الصحابةِ هذا التأري َ‬
‫ث الذي‬ ‫ق لهميةِ هذا الحد ِ‬ ‫م العمي ِ‬ ‫م وفهمه ُ‬ ‫ث يُعَد ُّ من فقهِهِ ْ‬ ‫الحدا ِ‬
‫ف والبتلءِ إلى‬ ‫ة بسببه من مرحلةِ الستضعا ِ‬ ‫ة المسلم ُ‬ ‫ت الم ُ‬ ‫انتقل ِ‬
‫ف والتمكين‪ ،‬وكم لهذه القضيةِ وربي من مغًزى‬ ‫مرحلةِ الستخل ِ‬
‫ُ‬
‫ن‬‫م تَذ َك َّره ُ والتَقيَُد َ به‪ ،‬كيف وقد فُت ِ َ‬ ‫جدُُر بأمةِ السلم ِ اليو َ‬ ‫عظيم ٍ ي َ ْ‬
‫خهم‬ ‫م في تأري ِ‬ ‫ن والتشبهِ به ْ‬ ‫ض أبنائِها بتقليد ِ غيرِ المسلمي َ‬ ‫بع ُ‬
‫ة المسلمين؟‬ ‫عزة ُ السلم؟ وأين هي شخصي ُ‬ ‫وأعيادِهم‪ ،‬فأين هي ِ‬
‫ت الحياة؟ فإلى الذين تنكروا لثوابتِهم‬ ‫مغَْريا ِ‬ ‫مِ ُ‬‫ض ّ‬‫خ َ‬‫هل ذابت في ِ‬
‫وخدشوا بَهاءَ هويتِهم وعملوا على إلغاءِ ذاكرةِ أمتِهم‪ ،‬وتهافتوا تَهَافُتاً‬
‫مهم وذابوا وتميعوا‬ ‫مذموما ً وانساقوا انسياقا ً محموما خلف خصو ِ‬
‫ت‬‫ة ذا ُ‬ ‫ن أم ٌ‬ ‫م أعدائهم‪ ،‬ننادي نداءَ المحبةِ والشفاق‪ :‬رويدَكم؛ فنح ُ‬ ‫أما َ‬
‫ب ربِنا‬ ‫ق من كتا ِ‬ ‫ج متميزٍ منبث ٍ‬ ‫ة ومنه ٍ‬ ‫أمجاد ٍ وأصالةٍ وتاريٍخ وحضار ٍ‬
‫ة على شيءٍ من‬ ‫وسنةِ نبينا صلى الله عليه وسلم فل مساوم َ‬
‫غيرنا‪ ،‬بل إن غيَرنا‬ ‫ِ‬ ‫خنا ولسنا بحاجةٍ إلى تقليد ِ‬ ‫عقيدتنا وثوابتنا وتاري ِ‬
‫في الحقيقةِ بحاجةٍ إلى أن يستفيد َ من أصالتِنا وحضارتنا‪ ،‬لكنه‬
‫ض‬‫ه العمى من بع ِ‬ ‫ة والتشب ُ‬ ‫ة والمجاراة ُ والنهزامي ُ‬ ‫التقليد ُ والتبعي ُ‬
‫ن هداهم الله‪ ،‬كيف ل‪..‬؟ وقد حذر صلى الله عليه وسلم‬ ‫المسلمي َ‬
‫ن "من‬ ‫ل السن ِ‬ ‫م أحمد ُ وأه ُ‬ ‫جه الما ُ‬ ‫أمتَه من ذلك بقوله فيما أخر َ‬
‫تشبه بقوم فهو منهم "‪.‬‬
‫عاشًرا‪ :‬الهجرة ُ ومبدأ الشورى‪.‬‬
‫َ‬
‫ت في دارِ الندوة‪ ،‬وتشاوروا كيف‬ ‫ف أن قريشا ً اجتمع ْ‬ ‫كل ّنا نعر ُ‬
‫ل صلى الله عليه وسلم؟ نعم‪ ..‬تآمروا واختلفوا في‬ ‫ن بالرسو ِ‬ ‫يفعلو َ‬

‫‪435‬‬
‫ل وأفرادها‬ ‫الرأي‪ ،‬لكنهم اتفقوا على أن يجتمعَ عدد ٌ من أمزاِع القبائ ِ‬
‫ل‪.‬‬ ‫مه بين القبائ ِ‬ ‫ضيعُ د ُ‬ ‫م في َ ِ‬ ‫ل صلى الله عليه وسل َ‬ ‫ليقتلوا الرسو َ‬
‫والحاضر‬
‫ِ‬ ‫ة الماضي بالحاضرِ‬ ‫علق َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ة بالبارحة‪ ،‬وما أقر َ‬ ‫ه الليل َ‬ ‫ما أشب َ‬
‫ب الدعاة‪،‬‬ ‫ن الله‪ ،‬جادون لحر ِ‬ ‫ب دي ِ‬ ‫ن لحر ِ‬ ‫بالماضي؛ أعداءُ الله جادو َ‬
‫ت الدواُر‬ ‫ن في دارِ الندوة‪ ،‬فقط‪ ..‬اختلف ِ‬ ‫ك جادي َ‬ ‫كما كان أولئ َ‬
‫ت الغايات‪.‬‬ ‫ل واتفق ِ‬ ‫ت الوسائ ُ‬ ‫ف‪ ،‬اختلف ِ‬ ‫ت الهدا ُ‬ ‫واتفق ِ‬
‫ش في دارِ الندوةِ يشعُّون حماسا ً لنهاءِ هذه‬ ‫كما أجد أن كفاَر قري ٍ‬
‫م من أعينِهم‬ ‫الدعوةِ المحمديةِ‪ ،‬أجد واللهِ أعداءَ الله يتطايُر النو ُ‬
‫ن إلى‬ ‫ب السلم‪ ،‬أجد ُ أن الدعاة َ يفتقرو َ‬ ‫ب الدعاةِ وحر ِ‬ ‫حماسا ً لحر ِ‬
‫س لدعوتهِم ومبادئِهم‪،‬‬ ‫شيءٍ مما نجده عند َ أعداءِ اللهِ وهو الحما ُ‬
‫ش جلسوا يتشاورون ويعقدون‬ ‫ط البعيد ِ المستمر‪ ،‬كفاُر قري ٍ‬ ‫والتخطي ِ‬
‫ن‬‫ل المسلمو َ‬ ‫ويتآمرون‪ ،‬والسؤال المهم الذي ينبغي أن نستفيده‪ :‬ه ِ‬
‫ن ليتدارسوا‬ ‫ن فيما يتعلقُ بأمورِ دينهم وعقيدتهم؟ هل يلتقو َ‬ ‫يتشاورو َ‬
‫ن؟ كفاُر قريش‬ ‫ت على هذه العقيدة‪ ،‬وعلى هذا الدي ِ‬ ‫أوضاع َ المؤامرا ِ‬
‫ن‬
‫في دارِ الندوة‪ ،‬وكفاُر العصرِ الحاضرِ في دورٍ كثيرةٍ‪ ،‬يتشاورو َ‬
‫ن نائمون‪ ،‬كفار قريش في دار الندوة سلكوا‬ ‫ن‪ ،‬والمسلمو َ‬ ‫ويخططو َ‬
‫ق‬‫س المنط ِ‬ ‫السبيل الذي يحقق لهم أهدافهم‪ ،‬وبنفس القوةِ وبنف ِ‬
‫ل ذاتَه‪ ،‬ولهذا فإن‬ ‫ن السبي َ‬ ‫أعداءُ السلم في العصر الحاضر يسلكو َ‬
‫جا للمشكلة التي مَّر بها‬ ‫ل صلى الله عليه وسلم عل ً‬ ‫الرسو َ‬
‫ط بالتخطيط‪ ،‬والقوة َ بالقوة‪،‬‬ ‫والمؤامرة التي حلت به واجه التخطي َ‬
‫ب بالسلوب‪.‬‬ ‫والحكمة بالحكمة‪ ،‬والسلو َ‬
‫الحادي عشر‪ :‬الهجرة ُ والتخطيط‪.‬‬
‫ط للهجرةِ من أعظم الدروس التي نستفيدُها في دعوتنا‪،‬‬ ‫إن التخطي َ‬
‫ط لديهم فيه‬ ‫مأساة كثيرٍ من المسلمين بل مأساة ُ الدعاة أن التخطي َ‬
‫م‬
‫ف كبير‪ ،‬إن لم أقل‪ :‬إنه ل يوجد لدى الكثيرِ منهم أبدا مفهو ُ‬ ‫ضع ٌ‬
‫َ‬
‫م العداد ُ الضعيف‪ ،‬بينما نجده في الهجرةِ يتمث ّل في‬ ‫التخطيط‪ ،‬لديه ُ‬
‫ل صلى الله‬ ‫أشياءَ كثيرة‪ ،‬يتمثل في الستعداد ِ المبكرِ من الرسو ِ‬
‫ط في تهيئةِ أبي بكرٍ رضي الله عنه‬ ‫ل التخطي ُ‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬يتمث ُ‬
‫ة أشهرٍ ينتظُر الهجرة َ معَ‬ ‫ث جلس كما في الصحيِح أربع َ‬ ‫لذلك‪ ،‬حي ُ‬
‫ط في‬ ‫ة‪ ،‬نجد ُ التخطي َ‬ ‫ئ الراحل َ‬ ‫ل صلى الله عليه وسلم ويهي ُ‬ ‫الرسو ِ‬
‫ل صلى الله عليه وسلم عليا مكانه‪ ،‬وعندما بدأت‬ ‫إقامةِ الرسو ِ‬
‫خطُوَات‪ ،‬وانتبهوا إلى‬ ‫ط الدقيقُ في ُ‬ ‫ل الهجرة؛ جاءَ التخطي ُ‬ ‫مراح ُ‬
‫هذه الخطوات وهذا التخطيط‪:‬‬

‫‪436‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ل إلى غارِ ثورٍ‪ ،‬ولماذا اختاَر النب ُ‬ ‫أول‪ :‬النتقا ُ‬
‫وأبو بكرٍ هذا الغار؟ نعم‪ .‬اختارا هذا الغاَر ليخالفوا ما أرادت إليه‬
‫قريش‪ ،‬فاتجهوا جنوبًا‪.‬‬
‫ن‬
‫ن أبي بكرٍ يأتي بالخبار‪ ،‬وعامُر ب ُ‬ ‫ثانيا‪ :‬توزيعُ الدوار‪ ،‬فعبد ُ اللهِ ب ُ‬
‫ن أبي‬ ‫ويغطي آثاَر عبد ِ اللهِ ب ِ‬ ‫فهيرة َ يأتي بالغنم ِ ليحلبوا ويشربوا‪،‬‬
‫ق‬ ‫ُ‬
‫ستَعِد ُ للنطل ِ‬ ‫ن أَريقِط ي َ ْ‬ ‫بكر‪ ،‬وأسماءُ تأتي بالطعام‪ ،‬وعبد ُ اللهِ ب ُ‬
‫ط له‪،‬‬ ‫م دقيقٌ مخط ٌ‬ ‫ب محك ٌ‬ ‫ف أنه ترتي ٌ‬ ‫ث ليال‪ ،‬أرأيتم كي َ‬ ‫بهم بعد َ ثل ِ‬
‫م على أي أمرٍ من أمورِ الدعوة؛ نستعدُّ‬ ‫فهل نحن عندما نريد أن نُقْد َ‬
‫ُّ‬
‫ف أن الواحد َ منا إذا‬ ‫ط له‪ ،‬نُجيد ُ تحديد َ المراحل‪ ،‬المؤس ُ‬ ‫لذلك؟ نخط‬
‫ط عدة َ أشهرٍ‪ ،‬نعم‪ ..‬إذا أقبل على أمرٍ‬ ‫س يُخط ُ‬ ‫جل َ‬ ‫مَر بيتا؛ َ‬ ‫أراد أن يَعْ ُ‬
‫َ‬
‫من أمورِ الدنيا؛ خط ّ َ‬
‫ب واستعدَ‪ ،‬ولكن في أمورِ الدعوة في‬ ‫ط ورت َ‬
‫ج‬‫ت النتائ ُ‬ ‫ط عشواء‪ ،‬ومن هنا جاء ِ‬ ‫ط خب َ‬ ‫خب ِ ُ‬ ‫أمورِ السلم فإنه ي َ ْ‬
‫ت؛‬ ‫ت وكثيرٍ من الحركا ِ‬ ‫ة لكثيرٍ من الدعوا ِ‬ ‫ج السيئ ُ‬ ‫ة والنتائ ُ‬ ‫السلبي ُ‬
‫ن‬‫ن دراسةٍ للواقع‪ ،‬وبدو ِ‬ ‫ن بدو ِ‬ ‫ط‪ ،‬يتحركو َ‬ ‫ن تخطي ِ‬ ‫ن بدو ِ‬ ‫لنهم يتحركو َ‬
‫ب التي شرعها الله سبحانه‬ ‫ب السبا ِ‬ ‫ب للمستقبل؛ حس َ‬ ‫حسا ٍ‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم يا أحبابي‪ ،‬وهو‬ ‫وتعالى‪ ،‬وهذا رسو ُ‬
‫ط تخطيطا ً بشريًا دقيقا‪،‬‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم يُخط ُ‬ ‫رسو ُ‬
‫ط ليستفيد َ الدعاة ُ من هذه التجربةِ‪ ،‬إنها دروس‪ ،‬فهل نستفيد‬ ‫يخط ُ‬
‫منها؟‬
‫َ‬
‫ت بكثيرٍ من‬ ‫ت التي حل ّ ْ‬ ‫ت في كثيرٍ من النكبا ِ‬ ‫ت وفكر ُ‬ ‫تذكر ُ‬
‫م‬
‫من أه ّ ِ‬ ‫ت أن ِ‬ ‫ت السلميةِ في كثيرٍ من الدول‪ ،‬ووجد ُ‬ ‫الجماعا ِ‬
‫س فطن‪،‬‬ ‫م كَي ِّ ٌ‬ ‫الله‪ ،‬فالمسل ُ‬ ‫َ‬
‫ط لمقابلةِ أعداءِ‬ ‫ف التخطي ِ‬ ‫أسبابِها ضع ُ‬
‫ب جميعَ المور‪ ،‬وأخذَ‬ ‫ّ‬
‫ن قد قل َ‬ ‫م على أمرٍ إل بعد أن يكو َ‬ ‫فل يُقْد ِ ْ‬
‫م في‬ ‫ي وعظي ٌ‬ ‫ح وجل ٌ‬ ‫س واض ٌ‬ ‫ل والسباب‪ ،‬وهذا الدر ُ‬ ‫بجميِع الوسائ ِ‬
‫م دقيقٌ‪ ،‬ل تجدُ‬ ‫ط محك ٌ‬ ‫سيرةِ الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬تخطي ٌ‬
‫م‬‫ف أما َ‬ ‫ن الله! ما أحوجنا إلى أن نق َ‬ ‫ت‪ ،‬فسبحا َ‬ ‫فيه ثغرة ً من الثغرا ِ‬
‫ل‪ ،‬فإلى متى‬ ‫ل بعد الجيا ِ‬ ‫هذا المرِ العظيم؛ لتستفيد َ منه الجيا ُ‬
‫صدفةِ‪،‬‬ ‫ن في أمورهم؟ إلى متى ونحن أبناءُ ال ُ‬ ‫ن يتخبَّطو َ‬ ‫والمسلمو َ‬
‫جدُّ؟ أين‬ ‫ج ثم تخبوا‪ ،‬فأين ال ِ‬ ‫ف تهي ُ‬ ‫ف؟ فقط عواط ُ‬ ‫ْ‬ ‫وأبناءُ العواط ِ‬
‫العزيمة؟ أين الوُضوح؟ فالمُر من الجدِّية بمكان‪ ،‬ثم نقول بعد ذلك‬
‫ك‪ :‬النصُر من عند الله‪،‬‬ ‫ونتفاخر " النصر من عند الله "؟! نعم‪ ،‬بل ش ٍ‬
‫ل المشروعة‪،‬‬ ‫ولكن ل بُد َّ من الخذ ِ بالسباب‪ ،‬ل بُد َّ من الخذ ِ بالوسائ ِ‬
‫ل صلى الله عليه‬ ‫فأين هذا من واقعنا؟ أليس لنا في سيرةِ الرسو ِ‬
‫م‬ ‫عظة؟ بدأ وحيدًا صلى الله عليه وسل َ‬ ‫م عبرة؟ أليس لنا فيه ِ‬ ‫وسل َ‬

‫‪437‬‬
‫ت‬‫ت الدعوة ُ في ازياد ٍ شيئا فشيئا‪ ،‬حتى قام ْ‬ ‫ي بدأ ْ‬ ‫وبالرقم ِ القياس ِ‬
‫ة السلم‪ ..‬أيها الحباب‪:‬‬ ‫دول ُ‬
‫ن للفوضى‬ ‫ن للفوضى في هذا العصر‪ ،‬بل ل مكا َ‬ ‫أكرر فأقول‪ :‬ل مكا َ‬
‫ة‬
‫ب نفسه ولو من زاوي ٍ‬ ‫ل واحد ٍ منا يحاس ُ‬ ‫في حياةِ المسلم أبدًا‪ ،‬فك ُ‬
‫ل حياتِنا الخاصةِ اليومية‪ ،‬هل ك ُ‬
‫ل‬ ‫ش فوضى داخ َ‬ ‫ضيقةٍ‪ ،‬ألسنا نعي ُ‬
‫م هذه‬ ‫ش هَ َّ‬ ‫ل واحد ٍ منا يعي ُ‬ ‫م وقتَه تنظيما ً دقيقا؟ هل ك ُ‬ ‫واحد ٍ منا ينظ ِّ ُ‬
‫َ‬
‫ب لذلك؟‬ ‫ن فك َّر ورت َّ َ‬ ‫ل إن كا َ‬ ‫م َ‬
‫ل نهار؟ ثم ماذا ع ِ‬ ‫كُّر لها لي َ‬ ‫الدعوة‪ ،‬ويف ِ‬
‫ب‬ ‫م الله سبحانه وتعالى فيما نرى من المصائ ِ‬ ‫والله ل ع ُذر لنا أما َ‬
‫والمشكلت‪.‬‬
‫م المتكامل‪.‬‬ ‫ت المسل ُ‬ ‫الثاني عشر‪ :‬البي ُ‬
‫خ الدعوة‪ ،‬فقد‬ ‫ً‬
‫م حاضرا لخطرِ قرارٍ في تاري ِ‬ ‫ت المسل ُ‬ ‫ن البي ُ‬ ‫لقد كا َ‬
‫ت‬ ‫ك المداول ِ‬ ‫ن لتل َ‬ ‫ستمعا ِ‬ ‫ة وأسماءُ رضي الله عنهما ت ْ‬ ‫ت عائش ُ‬ ‫كان ْ‬
‫ي‬
‫م وبين والدهِما أب ِ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسل َ‬ ‫التي دارت بين رسو ِ‬
‫ت‬ ‫س في بي ٍ‬ ‫ن يوما ً جلو ٌ‬ ‫ق رضي الله عنه قالت " بينما نح ُ‬ ‫بكر الصدي ٍ‬
‫ل الله‬ ‫ل لبي بكر‪ :‬هذا رسو ُ‬ ‫أبي بكرٍ في نحرِ الظهيرةِ‪ ،‬قال قائ ٌ‬
‫صلى الله عليه وسلم متقنِّعا ً في ساعةٍ لم يكن يأتينا فيها‪ ،‬فقال أبو‬
‫بكرٍ‪ :‬فداءً له أبي وأمي‪ ،‬والله ما جاءَ به في هذه الساعةِ إل أمٌر‪،‬‬
‫ن له‬ ‫ن فأذ ِ َ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فاستأذ َ‬ ‫قالت‪ :‬فجاءَ رسو ُ‬
‫من‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫خرِ ْ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم لبي بكر‪ :‬أ ْ‬ ‫فدخل‪ ،‬فقال النب ُ‬
‫ت يا رسول الله‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ك بأبي أن َ‬ ‫عندَك‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬إنما هم أهل ُ َ‬
‫ة بأبي أنت يا‬ ‫ن لي في الخروِج‪ ،‬فقال أبو بكرٍ‪ :‬الصحب َ‬ ‫ُ‬
‫فإني قد أذ ِ َ‬
‫خذ ْ بأبي أنت يا‬ ‫ل الله‪ :‬نعم‪ ،‬قال أبو بكرٍ‪ :‬ف ُ‬ ‫ل الله‪ ،‬قال رسو ُ‬ ‫رسو َ‬
‫ن‪ ،‬قالت‬ ‫ل الله‪ ،‬بالثم ِ‬ ‫ل الله إحدى راحلتِي هاتين‪ ،‬قال رسو ُ‬ ‫رسو َ‬
‫ب‬‫سفَْرة ً في جرا ٍ‬ ‫ن الجهازِ وصنعنَا لهما َ‬ ‫ة‪ :‬فجهزناهما أحس َ‬ ‫عائش ُ‬
‫ت به على فَ ِ‬
‫م‬ ‫ة من نِطَاقِها فربط ْ‬ ‫ت أبي بكرٍ قِطع ً‬ ‫فقطَعَت أسماءُ بن ُ‬
‫ت النطاقين "‬ ‫سميت ذا ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ب فبذل َ‬ ‫جرا ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ت أبي بكرٍ‪ ،‬أبو بكرٍ‪ ،‬وابْنُه‬ ‫م بي َ‬ ‫ت المسل َ‬ ‫ل هذا البي َ‬ ‫الله أكبر‪ ..‬ما أجم َ‬
‫ن فُهيرةَ‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬بل وحتى مولهُ عامُر ب ُ‬ ‫عبد الله وابْنتاه أسماءُ وعائش ُ‬
‫ضم ِ السودِ‬ ‫خ َّ‬ ‫ض الوثنيةِ‪ ،‬في وسط هذا ال ِ‬ ‫ط الجاهليةِ‪ ،‬ومراب ِ‬ ‫في وس ِ‬
‫ت‬‫مقَوِما ُ‬ ‫ن بعقيدتهم‪ ،‬نجد بيتا صالحا فيه ُ‬ ‫ب فيه المسلمو َ‬ ‫الذي يَهُْر ُ‬
‫َ‬
‫ل صلى الله عليه وسلم " أخرِج من‬ ‫ل الرسو ُ‬ ‫الصلح‪ ،‬فعندما قا َ‬
‫ن‬
‫عندك‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله " أكا َ‬
‫ل أنهما ابنتا أبي بكر؟ ل وربي‪،‬‬ ‫ل صلى الله عليه وسلم يجه ُ‬ ‫الرسو ُ‬

‫‪438‬‬
‫ما‬ ‫ل " إنهما على منهجي‪ ،‬ه َ‬ ‫فهْو يعْرفهُما‪ ،‬ولكن أراد أبو بكرٍ أن يقو َ‬
‫ل الله "‪.‬‬ ‫على عقيدتي‪ ،‬ل خوف عليهما يا رسو َ‬
‫م‬
‫ت المسل َ‬ ‫ت المسلمِ‪ ،‬وقارنت هذا البي َ‬ ‫م هذا البي ِ‬ ‫ت أما َ‬ ‫لقد وقف ُ‬
‫ت‬
‫ت البي ِ‬ ‫ت الذي تتوفُر فيه صفا ُ‬ ‫ببيوتِنا في ديارِ السلم‪ ،‬أين البي ُ‬
‫المسلم ِ كبيت أبي بكر‪..‬؟‬
‫مها للمجتمِع‬ ‫ت المسلم ِ وأسمى رسالةٍ يقد ُ‬ ‫ت البي ِ‬ ‫إن من أولى أولويا ِ‬
‫ة للتربيةِ ول أثَر‬ ‫ي‪ ،‬ول قيم َ‬ ‫ل صالٍح قو ٍ‬ ‫ن جي ٍ‬ ‫ة الولد‪ ،‬وتكوي ُ‬ ‫تربي ُ‬
‫ة‬
‫ق القدوةِ الحسنةِ في الوالدين؛ القدوةِ في العباد ِ‬ ‫للنصيحةِ إل بتحقي ِ‬
‫المخبر‬
‫ِ‬ ‫ل والعمال‪ ،‬القدوةِ في‬ ‫والخلق‪ ،‬القدوةِ في القوا ِ‬
‫والمظهر‪.‬‬
‫ف‪ ،‬وتفشو‬ ‫ئ ينمو النحرا ُ‬ ‫ئ الهان ِ‬ ‫ت المسلم ِ الهاد ِ‬ ‫ب البي ِ‬ ‫في غَيا ِ‬
‫ة المخدرات‪ ،‬بل ونسمعُ بارتفاِع نسبةِ النتحار‪.‬‬ ‫ة‪ ،‬وترتفعُ نسب ُ‬ ‫الجريم ُ‬
‫م على نهِج القرآن ول‬ ‫ن ول يستقي ُ‬ ‫س اليما َ‬ ‫ت الذي ل يَغرِ ُ‬ ‫إن البي َ‬
‫ش التمُّزقَ النفسي‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ب عناصَر تعي ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ش في ألفةٍ ووئام‪ ،‬يُن ِ‬ ‫يعي ُ‬
‫والضياع َ الفكري‪ ،‬والفساد َ الخلقي‪ ،‬هذا العقوقُ الذي نجده من‬
‫ت الخاسرةِ بين الشباب والتخلي عن‬ ‫ض الولد ِ والعَلقا ِ‬ ‫بع ِ‬
‫ئ الذي‬ ‫ض عن الله والتمُّرد ِ على القيم ِ والمباد ِ‬ ‫المسؤوليةِ والعرا ِ‬
‫ل عن‬ ‫ت غف َ‬ ‫ة لبي ٍ‬ ‫ة حتمي ٌ‬ ‫ق من أبناءِ أمتنا اليوم‪ ،‬ذلك نتيج ٌ‬ ‫ف بفري ٍ‬ ‫ص ُ‬ ‫يع ِ‬
‫ة‪ ،‬وفقد َ القدوةَ‪ ،‬وتشتَّت شملُه‪.‬‬ ‫ل التربي َ‬ ‫التزكيةِ‪ ،‬وأهم َ‬
‫عضين‪ ،‬يأخذ ما يشتهي‪ ،‬ويذُر ما ل‬ ‫ل شرائعَ السلم ِ‬ ‫ت الذي يجع ُ‬ ‫البي ُ‬
‫ة ونفوساً‬ ‫ج بشريةٍ هزيل ً‬ ‫ق أو غرب‪ ،‬يُنشئ نماذ َ‬ ‫يريد‪ ،‬إلى شر ٍ‬
‫سؤدُدِها‪.‬‬ ‫ض بالمةِ إلى مواقِع عزها و ُ‬ ‫ح في النهو ِ‬ ‫مهزوزة‪ ،‬لن تفل َ‬
‫ت البيت المسلم أنه يُرد ُ أمَره إلى الله ورسولِه صلى الله‬ ‫من سما ِ‬
‫من‬ ‫ل َ‬ ‫ل خلف‪ ،‬وفي أي أمرٍ مهما كان صغيراً‪ ،‬وك ُ‬ ‫عليه وسلم عند َ ك ِّ‬
‫ضى‬
‫َّ‬
‫منَةٍ إِذ َا قَ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن وَل َ ُ‬ ‫مَ ٍ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ن لِ ُ‬‫ما كَا َ‬ ‫فيه يرضى ويسل ِّم بحكم الله (وَ َ‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫الل َّه ورسول ُ َ‬
‫ص الل َ‬
‫ه‬ ‫من يَعْ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مرِه ِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خيََرة ُ ِ‬ ‫ن لَهُ ُ‬ ‫مرا ً أن يَكُو َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ ََ ُ ُ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مبِينا)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ضلل ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ه فَقَد ْ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫ن أفراده على الطاعةِ والعبادة‪،‬‬ ‫تعاو ُ‬‫ُ‬ ‫ت المسلم ِ‬ ‫ت البي ِ‬ ‫من سما ِ‬
‫مه‬ ‫ك الزوجةِ يقوِّ ُ‬ ‫ج سلو ِ‬ ‫ة‪ ،‬واعوجا ُ‬ ‫تقوّيهِ الزوج ُ‬ ‫ِ‬ ‫ن الزوِج‬ ‫ف إيما ِ‬ ‫فضعْ ُ‬
‫ة وتناصر‪.‬‬ ‫ضد‪ ،‬ونصيح ٌ‬ ‫ل وتعا ُ‬ ‫الزوج‪ ،‬تكام ٌ‬
‫سهام‬
‫ِ‬ ‫ت كِيانَه من‬ ‫ن البي ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ت البيت المسلم ِ الحياءُ‪ ،‬وبه يُح ِّ‬ ‫من سما ِ‬
‫سس على‬ ‫ت أ ِّ‬ ‫ل الشر التي تدع ُ الدياَر بلقع‪ ،‬ل يليقُ ببي ٍ‬ ‫ك ووسائ ِ‬ ‫الفت ِ‬

‫‪439‬‬
‫ش‬
‫ث هواؤه بما يخد ُ‬ ‫ض حياؤه‪ ،‬ويلوَّ َ‬ ‫ك ستُره‪ ،‬ويُنق َ‬ ‫التقوى أن يُهت َ َ‬
‫ب وتشبهٍ بأعداء‬ ‫ن ماجنة ونبذ ٍ للحجا ِ‬ ‫الحياءَ من أفلم ٍ خليعةٍ وأغا ٍ‬
‫ت المسلم‪ ،‬وبُؤ َرا ً تفت ُ‬
‫ح‬ ‫ن البي ِ‬ ‫س في كَيا ِ‬ ‫خُر كالسو ِ‬ ‫ل ذلك ين ِ‬ ‫الدين‪ ،‬ك ُ‬
‫مغالقَ الشّرِ وتدع ُ العامَر خرابًا‪.‬‬
‫ة‪ ،‬وخلفاتِه مستورةٌ‪،‬‬ ‫ت المسلم أن أسراره محفوظ ٌ‬ ‫ت البي ِ‬ ‫من سما ِ‬
‫ة يوم‬ ‫س عند الله منزل ً‬ ‫ل تُفشى ول تُستقصى " إن من شّرِ النا ِ‬
‫سَّرها "‪.‬‬ ‫شُر ِ‬ ‫ل يُفضي إلى امرأته وتُفضي إليه‪ ،‬ثم يَن ْ ُ‬ ‫القيامةِ الرج ُ‬
‫ساد‪،‬‬ ‫ل المفسدِ ف َ‬ ‫ضى دينُه‪ ،‬فدخو ُ‬ ‫م من ل يُر َ‬ ‫ت المسل َ‬ ‫ل البي َ‬ ‫ل يدخ ُ‬
‫ت الخلقُ في‬ ‫ج المشبوهِ خطٌر على فلذات الكباد بهؤلء فسد ِ‬ ‫ووَلو ُ‬
‫ح أتراحا‪،‬‬ ‫ت الفرا ُ‬ ‫ت‪ ،‬وانقلب ِ‬ ‫ت السرقا ُ‬ ‫البيوت‪ ،‬وفشا السحُر‪ ،‬وحدث ِ‬
‫ت السعيد‪ ،‬والله المستعان‪..‬‬ ‫ل هدم ٍ للبي ِ‬ ‫بل إنهم معاوِ ُ‬
‫ت‬‫ن البي ِ‬ ‫ب والمرأةِ وميدا ِ‬ ‫ل تربيةِ الشبا ِ‬ ‫لقد برَز أثُر الهجرةِ في مجا ِ‬
‫ن أبي بكر رضي الله عنهما في‬ ‫ف عبداللهِ ب ِ‬ ‫والسرةِ‪ ،‬ففي موق ِ‬
‫ب الهجرة عليه الصلة والسلم بأبي هو وأمي‪،‬‬ ‫خدمةِ ونُصرةِ صاح ِ‬
‫ن‬
‫ة ونُصرةِ الدي ِ‬ ‫ب في الدعوةِ ودورِهم في الم ِ‬ ‫ي أثَر الشبا ِ‬ ‫ما يُجل ّ ِ‬
‫ن على فِكرِ المةِ‬ ‫ض المحسوبي َ‬ ‫ملة‪ ،‬فأين هذا مما يُنادي به بع ُ‬ ‫وال ِ‬
‫ل‬
‫ة لمهاز ِ‬ ‫ت وجعلِهم فريس ً‬ ‫وثقافتِها من تخديرِ الشباب بالشهوا ِ‬
‫ت الذي يُعَد ّون فيه للطلِع‬ ‫ُ‬ ‫ت في الوق ِ‬ ‫ت وشبكةِ المعلوما ِ‬ ‫القنوا ِ‬
‫ت على‬ ‫ن والقيم‪ ،‬والثبا ِ‬ ‫ظ على الدي ِ‬ ‫ت في الحفا ِ‬ ‫بأغلى المهما ِ‬
‫ت المتسارعةِ ودعاوَى العولمةِ‬ ‫م المتغيرا ِ‬ ‫ق والمبادئ أما َ‬ ‫الخل ِ‬
‫ت أبي بكر رضي الله عنها ما‬ ‫ف أسماءَ بن ِ‬ ‫المفضوحة‪ ،‬وفي موق ِ‬
‫ي دوَر المرأةِ المسلمةِ في خدمتِها لدينها ودعوتها؛ فأين هذا من‬ ‫جل ّ ِ‬
‫يُ َ‬
‫جلِهم‬ ‫دُعاةِ المدنيةِ المأفونةِ الذين أجلبوا على المرأةِ بخيلِهم وََر ِ‬
‫ك المرأةِ بثوابتِها وقيمها واعتزازها‬ ‫س َ‬ ‫م ُّ‬‫ن تَ َ‬ ‫ن زورا ً وبُهتانا أ َّ‬ ‫زاعمي َ‬
‫س ما زعموا‬ ‫بحجابها وعفافها تقييد ٌ لحريتِها وفقد ٌ لشخصيتها وبئ َ‬
‫ث عن سعادةٍ موهومةٍ وتقدميّةٍ مزعومةٍ‬ ‫ت تبح ُ‬ ‫ت من البي ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫فخر َ‬
‫ة‬
‫ي والمصانِع فرجعت مسلوب َ‬ ‫ق والشوارِع والمله ِ‬ ‫لتَظُنَّها في السوا ِ‬
‫ة الحياءِ موءودةَ‬ ‫ق عديم َ‬ ‫ة الحقو ِ‬ ‫صب َ َ‬ ‫مغْت َ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ُ َ‬
‫مدَن ّسةِ العر ِ‬ ‫الشر ِ‬
‫ت العصرِ المزعومةِ وحريتِه‬ ‫ك صورة من صورِ إنسانيا ِ‬ ‫الغيَْرة‪ ،‬وتل َ‬
‫المأفونةِ ومدنيته المدَّعاة‪ ..‬أقول‪:‬‬
‫ت أبي بكر‪ ،‬ما أحوجنا إلى أسرة كأسرة أبي‬ ‫ت كبي ِ‬ ‫ما أحوجنا إلى بي ٍ‬
‫بكر‪ ،‬ما أحوجنا إلى إيمان كإيمان أبي بكر بل ما أحوجنا إلى آباء‬
‫كأبي بكر وأبناء كأبناء أبي بكر‪..‬‬

‫‪440‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬الصدق والخلص مع الله‪.‬‬
‫صُروهُ‬ ‫ح وظاهر " إِل ّ تَن ْ ُ‬ ‫ي وواض ٌ‬ ‫لنبيه أمٌر جل ٌ‬ ‫َ‬
‫صُر الله سبحانَه وتعالى‬
‫َ‬ ‫ن ْ‬
‫ما فِي الْغَارِ إِذْ‬ ‫َ‬
‫ن إِذ ْ هُ َ‬ ‫ن كَفَُروا ثَان ِ َ‬
‫ي اثْنَي ْ ِ‬ ‫ه ال ّذِ َي َ‬ ‫ج ُ‬‫خَر َ‬ ‫ه إِذ ْ أ ْ‬ ‫صَره ُ الل ّ ُ‬ ‫فَقَد ْ ن َ َ‬
‫معَنَا " روى المام البخاري في‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن إ ِ َّ‬ ‫حَز ْ‬ ‫حبِهِ ل ت َ ْ‬ ‫صا ِ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫يَقُو ُ‬
‫ل ونظروا ؛ قال أبو‬ ‫ش إلى الجب ِ‬ ‫صحيحه قال‪ :‬لما صعد َ كفاُر قري ٍ‬
‫ل قدميه لرآنا‪ ،‬فقال‬ ‫ل الله‪ ،‬لو نظَر أحدُهم إلى أسف ِ‬ ‫بكر‪ :‬يا رسو َ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬يا أبا بكر‪ ،‬ما ظنك باثنين الله‬
‫ثالثهما؟! " الله أكبر‪ ،‬إنه التوكل والثقة بنصر الله تعالى لم يقل‬
‫عليه الصلة والسلم "ما ظنك بنبي وصاحبُه؟! " ل " ما ظنك باثنين‬
‫ن مخلصين؛‬ ‫ن صادقي ِ‬ ‫ل اثني ِ‬ ‫نك َ‬ ‫الله ثالثهما؟! إنها قاعدة ٌ عظيمة‪ :‬أ َ‬
‫ة عليه الصلة والسلم به‪ ،‬لم يقل "يا أبا‬ ‫ط القضي َ‬ ‫الله معهما‪ ،‬لم يرب ْ‬
‫ل الله " ل‪ ،‬ربطَهَا بقضيةٍ‬ ‫بكر‪ ،‬ل تخف ؛ لنني أنا موجودٌ‪ ،‬أنا رسو ُ‬
‫ب‬
‫ف والسب ُ‬ ‫منا الحاضرِ؛ يتكرُر الهد ُ‬ ‫ت في يو ِ‬ ‫أصليةٍ؛ حتى إذا تكرر ْ‬
‫والنتيجة " ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! إذا أصابتك مصيبة وأنت‬
‫معتصم بالله؛ فل تخف؛ فأمامك "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!" إذا‬
‫ادلهمت عليك الخطوب من كل جانب فل تحزن لنك تقرأ " ما ظنك‬
‫باثنين الله ثالثهما " إذا واجهك عدو فاعتصم برب العدو لنك تتلوا "‬
‫ما ظنك باثنين الله ثالثهما " إذا‪..‬‬
‫ن‬
‫ة بأنه نبي‪ ،‬ل ؛ لن الله تعالى يقول " إ ِ ْ‬ ‫ة ليست مربوط ً‬ ‫القضي ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ي وغيُر نبي‪ ،‬ما دام أنه على منهج النبي "‬ ‫م " نب ِ َ ٌ‬ ‫صْرك ُ ْ‬ ‫صُروا الل َ‬
‫ه يَن ْ ُ‬ ‫تَن ْ ُ‬
‫ة‬
‫صُر الله كان لنبيه‪ ،‬ولمن يقتفى سن َ‬ ‫ه"ن ْ‬ ‫صَره ُ الل ّ ُ‬ ‫صُروه ُ فَقَد ْ ن َ َ‬ ‫إِل ّ تَن ْ ُ‬
‫ن بالله متبٍع نبيه‪،‬‬ ‫ص مؤم ٍ‬ ‫ق مخل ٍ‬ ‫ل لكل صاد ٍ‬ ‫ن وسيظ ُ‬ ‫نبيه‪ ،‬وسيكو ُ‬
‫ة‬
‫كما نجد في هذا المَر أن المَر ل يتعلق بالقوةِ الماديةِ والضخام ِ‬
‫ل هذا المر‪ ،‬ولكنها لم تُحقِّقْ شيئا‬ ‫ش من أج ِ‬ ‫المادية؛ فكم بذلت قري ٌ‬
‫م بوسائِله الضعيفةِ البسيطةِ‬ ‫صر الله نبيَه صلى الله عليه وسل َ‬ ‫ون َ َ‬
‫الهزيلة‪ ،‬لكنها الوسائل المادية‪ ،‬أما وسائله الكبرى فهي وسائ ٌ‬
‫ل‬
‫ق معه‬ ‫ن بالله سبحانه وتعالى والصد ِ‬ ‫ة اليما ِ‬ ‫عظيمة‪ ،‬أقواها وسيل ُ‬
‫والتوكل عليه والثقة بنصره‪.‬‬
‫==========================‬
‫القدوة الحسنة !‬

‫موسى محمد هجاد الزهراني‬

‫‪441‬‬
‫لم َ‬
‫ص ع َلَيْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫حرِي ٌ‬‫م َ‬‫ما ع َنِت ُّ ْ‬
‫م ع َزِيٌز ع َلَيْهِ َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫سو ٌ ِ ْ‬
‫ن أن ْ ُف ِ‬ ‫م َر ُ‬ ‫{ لَقَد ْ َ‬
‫جاءَك ُ ْ‬
‫وبِةِ ‪.. ] 128 :‬‬ ‫سوَرة ُ الت َّ ْ‬ ‫م}[ ُ‬ ‫حي ٌ‬
‫ف َر ِ‬‫ن َرءُو ٌ‬ ‫منِي َ‬ ‫بِال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫إن المتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليجد أنها حوت‬
‫جميع مكارم الخلق التي تواطئ عليها فضلء ونجباء البشر‬
‫ونبلؤهم ‪ ،‬حتى إنها لتجيب على كل ما يختلج في الفؤاد من أسئلة‬
‫قد تبدو محيرة لمن لم يذق طعم اليمان بالله تعالى من الذين‬
‫كفروا ‪ ،‬والغريب في المر أن بعض بني قومنا من المسلمين‬
‫هداهم الله ل يحفلون بهذه الميزة العظيمة التي ميزنا الله بها وهي‬
‫كون النبي صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة حسنة رغم أنها تمثل‬
‫الرادع الفعلي عن ارتكاب ما يخل بخلق المسلم ‪ ،‬وهي المحرك‬
‫الساس إلى الرتقاء بالذات إلي معالي المور وقممها السامقات ‪.‬‬
‫ن يمشي على الرض وكان‬ ‫إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرآ ٌ‬
‫خلقه القرآن ‪ ،‬ولذلك تجد كثيرا ً من عامة المسلمين اليوم إذا‬
‫سألتهم ولو كان ذلك بطريقة عشوائية عن ‪ :‬من هو قدوتك أو مثلك‬
‫العلى؟!‬
‫لسمعت الجابة ‪ _:‬النبي صلى الله عليه سلم ! ‪.‬‬
‫أتعرف شيئا ً عن سيرته ؟ ‪.‬‬
‫فسيحدثك ولو بالقدر القليل عن سيرته عليه السلم من ولدته‬
‫ونشأته وعبادته وشجاعته وحسن خلقه وغزواته وغير ذلك إلى‬
‫الوفاة ‪.‬‬
‫وإنك لتسمع من البعض أيضا ً عبارة ‪ :‬هذا لم يفعله رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ..‬وما ذلك إل َّ دللة واضحة على أن المسلمين‬
‫عموما ً لديهم الرجوع الذهني إلى القدوة المطلقة وهو النبي الكريم‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ..‬فيفعلون ما فعل وينتهون عما نهى‬
‫ويخجلون من فعل شيء لم يفعله‪.‬‬
‫***‬
‫أين هذا من الكثرة الكاثرة في الرض اليوم بكل في كل زمان من‬
‫الكافرين على جميع أصنافهم وتنوع مذاهبهم وتنوع مذاهبهم‬
‫ومشاربهم ؟ ‪.‬‬
‫خذ مثل ً ‪ ..‬النصارى الموجودين اليوم ‪ ..‬لو سألت أحدهم أو‬
‫مجموعة منهم عن قدوته في الحياة لما حار جوابا ً إل َّ بعد تفكير‬
‫مضطرب قد تأتي الجابة بعده ليست كما تريد ‪ ..‬وينسى ( المسيح‬

‫‪442‬‬
‫عليه السلم ) أو ( يسوع كما يحلو لهم أن يعبروا ) لنه يجهل‬
‫سيرته تماما ً ول يعلم منها إل الجزء المظلم في نظرة النصرانية من‬
‫أنه أحد القانيم الثلثة ‪ ..‬ثلثة في واحد ‪ ..‬وأنه ابن الله ‪ ،‬وهو‬
‫المصلوب لنقاذ الجنس البشري من تبعات خطيئة أبيهم آدم ‪ ..‬وهو‬
‫الذي نزل باسم الله تارة أو ابنه تارة أو ما إلى ذلك من خرافاتهم‬
‫‪..‬‬
‫ما قَتَلُو ُ‬
‫ه‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫م َر ُ‬ ‫مْري َ َ‬
‫ن َ‬ ‫سى اب ْ َ‬ ‫َ‬
‫عي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫سي َ‬ ‫م ِ‬ ‫م إِنَّا قَتَلْنَا ال ْ َ‬ ‫{ وَقَوْلِهِ ْ‬
‫ما‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ك ِ‬ ‫ش ٍّ‬ ‫ختَلَفُوا فِيهِ لَفِي َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫م وَإ ِ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ه لَه‬ ‫َ‬ ‫ن ُ‬
‫شب ّ‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫صلَبُوه ُ وَلَك ِ‬ ‫ما َ‬ ‫َو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه إِلَيْهِ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ل َرفَعَ ُ‬ ‫ما قَتَلُوه ُ يَقِينًا ‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫ن َو َ‬ ‫علْم ٍ إِل ّ اتِّبَاع َ الظ ّ ِ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م بِهِ ِ‬ ‫لَهُ ْ‬
‫ساءِ ‪] 158 :‬‬ ‫سوَرة ُ الن ِّ َ‬ ‫ما } [ ُ‬ ‫حكِي ً‬ ‫ه ع َزِيًزا َ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫وَكَا َ‬
‫فإذا أردت منه شيئا ً يسيرا ً عنه ولدة عيسى عليه السلم ‪ ..‬لربما‬
‫غضب منك لنه يعلم أنك تريد تسفيه عقيدته في ابن الله ( حسب‬
‫ي الخاصة‬ ‫زعمهم ) ‪ ..‬وإذا أردت شيئا ً من سيرته لم تسمع من ف ّ‬
‫منهم إل َّ العبارة المشهورة عن المسيح عندهم " إذا صفعك أحدهم‬
‫على الخد اليسر فأدر له الخد اليمن ومن جاءك يريد أخذ شيئا ً من‬
‫مالك فأعطه مالك كله " على أنها ل سند لها من شرع ول عقل إلَّ‬
‫إنها ل تمثل ما عليه واقع حال النصرانية المحرفة أبدا ً ول يحفل‬
‫قسسهم ول باباوتهم ورهبانهم وساستهم – وبوش الظالم المعتدي‬
‫على أفغانستان والعراق أكبر مثال – ل يحفلون بهذا النص عن‬
‫المسيح عندهم ول يُعملونه في واقعهم‪ ،‬وواقعهم المّر يشهد بذلك ‪.‬‬
‫َ‬ ‫{ يَا أَهْ َ‬
‫حقَّ إِن َّ َ‬
‫ما‬ ‫م وَل َ تَقُولُوا ع َلَى اللهِ إِل ّ ال ْ َ‬ ‫ب ل َ تَغْلُوا فِي دِينِك ُ ْ‬ ‫ل الْكِتَا ِ‬
‫ل الله وكَل ِمت َ‬
‫ح‬‫م وَُرو ٌ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ه ألْقَاهَا إِلَى َ‬ ‫ِ َ َ ُ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه إِل َ ٌ‬
‫ه‬ ‫ما الل ُ‬ ‫م إِن َّ َ‬ ‫خيًْرا لَك ُ ْ‬ ‫ة انْتَهُوا َ‬ ‫سلِهِ وَل َ تَقُولُوا ثَلَث َ ٌ‬ ‫منُوا بِاللهِ وَُر ُ‬ ‫ه فَآ ِ‬ ‫من ْ ُ‬‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬‫ما فِي الْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما فِي ال َّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه وَلد ٌ ل ُ‬ ‫نل ُ‬ ‫ن يَكُو َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫حد ٌ ُ‬ ‫وَا ِ‬
‫ساءِ ‪] 171 :‬‬ ‫سوَرةُ الن ِّ َ‬ ‫وَكَفَى بِاللهِ وَكِيل ً } [ ُ‬
‫***‬
‫أين المسلمون عن شكر نعمة القدوة المطلقة محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم وأين العمل بسنته والفتخار بها؟‪.‬‬
‫ُ‬
‫ه‬
‫جو الل َ‬ ‫ن يَْر ُ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫سوَة ٌ َ‬ ‫ل اللهِ أ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫م فِي َر ُ‬ ‫ن لَك ُ ْ‬ ‫{ لَقَد ْ كَا َ‬
‫ب ‪] 21 :‬‬ ‫حَزا ِ‬ ‫سوَرة ُ ال َ ْ‬ ‫ه كَثِيًرا } [ ُ‬ ‫خَر وَذ َكََر الل َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫وَالْيَوْ َ‬
‫وبقي أن نعلم أن القدوات ثلثة ‪ ..‬القدوة المطلقة وهو الحبيب‬
‫المصطفى صلى الله عليه وسلم والقدوة الثانية ‪ :‬من مات على‬

‫‪443‬‬
‫السلم الصحيح من سلف المة المخلصين ومن كانت سيرته‬
‫نبراسا ً لمن بعده كالصحابة الكرام والتابعين لهم بإحسان ‪ ..‬وعلماء‬
‫المة الربعة فمن بعدهم وشمسهم الوهاجة شيخ السلم بن تيميه‬
‫‪ ..‬إلى آخر عالم ٍ مات منهم ‪ ..‬بالشرط المتقدم ‪.‬‬
‫القدوة الثالثة ‪ :‬من يصلح القتداء به في هذا الزمان من الخيار ‪،‬‬
‫على أن الحي ل تؤمن عليه الفتنة ‪..‬‬
‫ولله در الشيخ الدكتور عائض القرني على روعة وصفة لقدوتنا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬في رائعته ‪ :‬تاج المدائح ‪:‬‬
‫مدادها من معاني نون والقلم ‍‬ ‫َ‬
‫مم ِ **** ُ‬‫أنصت لميميةٍ جاءتك من أ َ‬
‫ب في محبتكم***** فيضا ً تدفق مثل الهاط ِ‬
‫ل‬ ‫ة ص ٍّ‬ ‫سالت قريح ُ‬
‫العمم ِ ‍‬
‫كالسيل كالليل كالفجر اللحوح غدا * يطوي الروابي ول يلوي على‬
‫الكم ‍‬
‫أجش كالرعد في ليل السعود ول *** يشابه الرعد في بطش وفي‬
‫غشم ‍‬
‫كدمع عيني إذا ما عشت ذكركم *** أو خفق قلب بنار الشوق‬
‫مضطرم ‍‬
‫يزري بنابغة النعمان رونقها ***** ومن زهير ؟ وماذا قال في هَرِم ِ ‍‬
‫ن صفحا ً ومادحه ***** وتبّعا ً وبني شداد في إرم ‍‬ ‫دع سيف ذي يز ٍ‬
‫صيد أو ذي هالة وكمي ‍‬ ‫ول تعرج على كسرى ودولته ***** وكل أ ْ‬
‫وانسخ مدائح أرباب المديح كما ***** كانت شريعته نسخا لدينهم ‍‬
‫صع بها هامة التأريخ رائعة ***** كالتاج في مفرق بالمجد مرتسم‬ ‫ر ّ‬
‫‍‬
‫فالهجر والوصل والدنيا وما حملت **** وحب مجنون ليلى ضلة‬
‫لعمي ‍‬
‫دع المغاني وأطلل الحبيب ول***** تلمح بعينك برقا لح في أضم ‍‬
‫وأنس الخمائل والفنان مائلة ***** وخيمة وشويهات بذي سلم ‍‬
‫هنا ضياء هنا ري هنا أمل ***** هنا رواء هنا الرضوان فاستلم ‍‬
‫لو زينت لمرء القيس انزوى خجل ***** ولو رآها لبيد الشعر لم‬
‫يقم ‍‬

‫‪444‬‬
‫ميمية لو فتى بوصير أبصرها ***** لعوذوه برب الحل والحرم ‍‬
‫سل شعر شوقي أيروي مثل قافيتي *** أو أحمد بن حسين في‬
‫بني حكم ‍‬
‫ما زار سوق عكاظ مثل طلعتها***** هامت قلوب بها من روعة‬
‫النغم ‍‬
‫أثني على من ؟ أتدري من أبجله ؟ ***** أما علمت بمن أهديته‬
‫كلمي ‍‬
‫في أشجع الناس قلبا غير منتقم ***** وأصدق الخلق طّرا غير‬
‫متهم ‍‬
‫أبهى من البدر في ليل التمام وقل * أسخى من البحر بل أرسى‬
‫من العلم ‍‬
‫أصفى من الشمس في نطق وموعظة ** *أمضى من السيف في‬
‫حكم وفي حكم ‍‬
‫أغر تشرق من عينيه ملحمة ***** من الضياء لتجلو الظلم والظلم‬
‫‍‬
‫في همة عصفت كالدهر واتقدت *** كم مزقت من أبي جهل ومن‬
‫صنم ‍‬
‫أتى اليتيم أبو اليتام في قدر ***** أنهى لمته ما كان من يتم ‍‬
‫محرر العقل باني المجد باعثنا ***** من رقدة في دثار الشرك‬
‫واللمم ‍‬
‫بنور هديك كحلنا محاجرنا ***** لما كتبنا حروفا صغتها بدم ‍‬
‫من نحن قبلك إل نقطة غرقت **** في اليم بل دمعة خرساء في‬
‫القدم ‍‬
‫حَرقي ***** إذا ذكرتُك أو أرتاع ُ من ندمي ‍‬ ‫أكاد أقتلع الهات من ُ‬
‫لما مدحتك خلت النجم يحملني ***** وخاطري بالسنا كالجيش‬
‫محتدم ‍‬
‫ت بالله أن يشدو بقافية ***** من القريض كوجه الصبح‬ ‫أقسم ُ‬
‫مبتسم ‍‬
‫صه شكسبير من التهريج أسعدنا **** عن كل إلياذة ما جاء في‬
‫الحكم ‍‬

‫‪445‬‬
‫الفرس والروم واليونان إن ذكروا ***** فعند ذكراه أسمال على‬
‫قزم ‍‬
‫هم نمقوا لوحة للرق هائمة ***** وأنت لوحك محفوظ من التهم ‍‬
‫أهديتنا منبر الدنيا وغار حرا ***** وليلة القدر والسراء للقمم ‍‬
‫والحوض والكوثر الرقراق جئت به*** أنت المزمل في ثوب الهدى‬
‫فقم ‍‬
‫الكون يسأل والفلك ذاهلة ***** والجن والنس بين اللء والنعم ‍‬
‫ل والجو مبتهج ***** والبدر ينشق واليام في حلم ‍‬ ‫والدهر محتف ٌ‬
‫سرب الشياطين لما جئتنا احترقت **** ونار فارس تخبو منك في‬
‫ندم ‍‬
‫صفّد َ الظلم والوثان قد سقطت ***** وماء ساوة لما جئت‬ ‫و ُ‬
‫كالحمم ‍‬
‫قحطان عدنان حازوا منك عزتهم ***** بك التشرف للتأريخ ل بهم ‍‬
‫عقود نصرك في بدر وفي أحد ***** وعدل فيك ل في هيئة المم ‍‬
‫شادوا بعلمك حمراء وقرطبة ***** لنهرك العذب هب الجيل وهو‬
‫ظمي ‍‬
‫ومن عمامتك البيضاء قد لبست ***** دمشق تاج سناها غير منثلم ‍‬
‫رداء بغداد من برديك تنسجه ***** أيدي رشيد ومأمون ومعتصم ‍‬
‫وسدرة المنتهى أولتك بهجتها ***** على بساط من التبجيل محترم‬
‫‍‬
‫دارست جبريل آيات الكتاب فلم***** ينس المعلم أو يسهو ولم‬
‫يهم ‍‬
‫خط به ***** وثيقة العهد يا من بر في القسم ‍‬ ‫اقرأ ودفترك اليام ُ‬
‫قربت للعالم العلوي أنفسنا ***** مسكتنا متن حبل غير منصرم ‍‬
‫نصرت بالرعب شهرا قبل موقعة *** كأن خصمك قبل الحرب في‬
‫صمم ‍‬
‫إذا رأوا طفل في الجو أذهلهم ***** ظنوك بين بنود الجيش‬
‫والحشم ‍‬

‫‪446‬‬
‫بك استفقنا على صبح يؤرقه ***** بلل بالنغمة الحّرى على الطم‬
‫‍‬
‫إن كان أحببت بعد الله مثلك في **** بدو وحضر ومن عرب ومن‬
‫عجم ‍‬
‫فل اشتفى ناظري من منظر حسن *****ول تفوه بالقول السديد‬
‫فمي ‍‬
‫***‬
‫بعد ‪ ،‬فهذه كلمات يسيرة كتبتها على عجل ‪ ،‬أثارها في صدري ما‬
‫قرأته عن مقارنه الديان [‪ ]1‬وتخبطاتها حاشا السلم ‪.‬‬
‫أسأل الله أن يجعلنا من المهتدين المقتدين بالرسول الكريم محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم ويرزقنا أتباع سنته وشفاعته يوم القيامة ‪.‬‬
‫القاهرة‬
‫في ‪12/5/1425‬هـ‬
‫‪---------------------------------------‬‬
‫[‪ ]1‬انظر كتاب أستاذنا الفاضل أ د ‪ /‬مصطفى حلمي ( السلم‬
‫ومقارنة الديان ) ‪..‬‬
‫==========================‬
‫الكمالت و الخصائص التي انفرد بها رسول الله‬

‫أول ‪ :‬الكمالت‬
‫ذكر الماوردي –رحمه الله‪ -‬في ذكر خصائص الرسول صلى الله‬
‫عليه و سلم وفضائله وشرف أخلقه وشمائله المؤيدة لنبوته‬
‫والمبرهنة علي عموم رسالته‪ :‬فالكمال المعتبر في البشر يكون من‬
‫أربع أوجه ‪ :‬كمال الخلق وكمال الخلق وفضائل القوال وفضائل‬
‫العمال‬
‫الوجه الول ‪ :‬كمال الخلق‬
‫كمال خلقه صلى الله عليه و سلم بعد اعتدال صورته يكون بأربع‬
‫أوصاف‬
‫الوصف الول‬
‫السكينة الباعثة علي الهيبة والتعظيم الداعية إلى التقديم والتسليم‬

‫‪447‬‬
‫وكان أعظم مهيب في النفوس حتى ارتاعت رسل كسري من هيبته‬
‫حين أتوه مع اعتيادهم لصولة الكاسرة ومكاثرة الملوك الجبابرة‬
‫فكان صلى الله عليه و سلم في نفوسهم أهيب وفي أعينهم أعظم‬
‫‪ ,‬وإن لم يتعاظم بأبهة ولم يتطاول بسطوة ‪ ,‬بل كان بالتواضع‬
‫موصوفا وبالوطأة‪-‬أي السهولة – معروفاً‬
‫الوصف الثاني‬
‫في الطلقة الموجبة للخلص والمحبة الباعثة علي المصافاة‬
‫والمودة‬
‫وقد كان صلوات الله عليه محبوبا ً استحكمت محبة طلقته في‬
‫النفوس حتى لم يقله (أي لم يبغضه أو يجافه) مصاحب ولم يتباعد‬
‫منه مقارب وكان أحب إلي أصحابه من الباء والبناء وشرب الماء‬
‫البارد علي الظمأ‬
‫الوصف الثالث‬
‫حسن القبول الجالب لممايلة القلوب حتى تسرع إلي طاعته‬
‫وتذعن بموافقته ‪ ,‬وقد كان قبول منظره صلى الله عليه و سلم‬
‫مستوليا على القلوب ولذلك استحكمت مصاحبته في النفوس حتى‬
‫لم ينفر منه معاند ول استوحش منه مباعد ‪ ,‬إل من ساقه الحسد‬
‫إلي شقوته وقاده الحرمان إلي مخالفته‬
‫الوصف الرابع‬
‫ميل النفوس إلي متابعته وانقيادها لوافقته وثباته علي شدائده‬
‫ومصابرته ‪ ,‬فما شذ عنه معها من أخلص ول ند عنها فيها إل من‬
‫حرم الخير كله‬
‫وهذه الربعة من دواعي السعادة وقوانين الرسالة قد تكاملت فيه‬
‫فكمل لما يوازيها واستحق ما يقتضيها‬
‫الوجه الثاني ‪ :‬كمال الخلق‬
‫أما كمال أخلقه صلى الله عليه و سلم فيكون بست خصال‬
‫الخصلة الولي‬
‫رجاحة عقله وصدق فراسته ‪ ,‬وقد دل علي وفور ذلك فيه صحة‬
‫رأيه وصواب تدبيره وحسن تألفه علي الناس وأنه ما استغفل في‬
‫مكيدة ول استعجز في شديدة بل كان يلحظ العجاز في المبادئ‬

‫‪448‬‬
‫فيكشف عيوبها ويحل خطوبها وهذا ل ينتظم إل بأصدق حدس‬
‫وأوضح رؤية‬
‫الخصلة الثانية‬
‫ثباته في الشدائد وهو مطلوب ‪ ,‬وصبره علي البأساء و الضراء ‪,‬‬
‫وهو مكروب ومحروب (المحروب من فقد ماله ) ونفسه في‬
‫اختلف الحوال ساكنة ل يخور في شديدة ول يستكين لعظيمة وقد‬
‫لقي بمكة من قريش ما يشيب النواصي ويهد الصياصي وهو مع‬
‫الضعف يصابر صبر المستعلي ويثبت ثبات المستولي أي الممسك‬
‫بمقاليد المور المسيطر عليها‬
‫الخصلة الثالثة‬
‫زهده في الدنيا وإعراضه عنها وقناعته منها فلم يمل إلي غضارتها‬
‫ولم يله لحلوتها وقد ملك من أقصي الحجاز إلي عذار العراق ومن‬
‫أقصي اليمن إلي شحر عمان‬
‫وهو أزهد الناس فيها يقتني ويدخر وأعرضهم عما يستفاد ويحتكر ‪,‬‬
‫لم يخلف عينا ول دينا ول حفر نهرا ول شيد قصرا ولم يورث ولده‬
‫وأهله متاعا ول مال ليصرفهم عن الرغبة في الدنيا كما صرف نفسه‬
‫عنها فيكونوا علي مثل حاله في الزهد فيها‬
‫وحقيق بمن كان في الدنيا بهذه الزهادة أن ل يتهم بطلبها أو يكذب‬
‫علي الله تعالي في ادعاء الخرة ويقنع في العاجل وقد سلب الجل‬
‫بالميسور النزر ويرضي بالعيش الكدر‬
‫الخصلة الرابعة‬
‫تواضعه للناس وهم اتباع ‪ ,‬وخفض جناحه لهم وهو مطاع يمشي في‬
‫السواق ويجلس علي التراب ويمتزج بأصحابه وجلسائه فل يتميز‬
‫عنهم إل بإطراقه وحيائه ‪ ,‬فصار بالتواضع متميزا ‪ ,‬وبالتذلل متعززاً‬
‫ولقد دخل عليه بعض العراب فارتاع من هيبته فقال خفض عليك‬
‫فإنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة وهذا من شرف أخلقه‬
‫وكريم شيمه فهي غريزة فطر عليها وجبلة طبع بها لم تندر فتعد ‪,‬‬
‫ولم تحصر فتحد‬
‫الخصلة الخامسة‬
‫حلمه ووقاره عن طيش يهزه أو خرق يستفزه فقد كان أحلم في‬
‫النفار من كل حليم وأسلم في الخصام من كل سليم وقد مني‬

‫‪449‬‬
‫بجفوة العراب فلم يوجد منه نادرة ولم يحفط عليه بادرة ‪ ,‬ول‬
‫حليم غيره إل ذو عثرة ول وقور سواه إل ذو هفوة ‪ ,‬فإن الله تعالي‬
‫عصمه من نزع الهوى وطيش القدرة (النفار أو المنافرة ) ليكون‬
‫بأمته رؤوفا وعلي الخلق عطوفا لقد تناولته قريش بكل كبيرة‬
‫وقصدته بكل جريرة وهو صبور عليهم ومعرض عنهم‬
‫وما تفرد بذلك سفهاؤهم عن حلمائهم ول أراذلهم دون عظمائهم ‪,‬‬
‫بل تمال عليه الجلة و الدون ‪ ,‬فكلما كانوا عليه ألح ‪ ,‬كان عنهم‬
‫أعرض و أصفح ‪ ,‬حتى قدر فعفا ‪ ,‬وأمكنه الله منهم فغفر‬
‫وقال لهم حين ظفر بهم عام الفتح وقد اجتمعوا إليه ‪ :‬ما ظنكم بي‬
‫قالوا ابن عم كريم ‪ ,‬فإن تعف فذلك الظن بك وإن تنتقم فقد أسأنا‬
‫فقال ‪ :‬بل أقول كما قال يوسف‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬‫ح ِ‬‫م الَّرا ِ‬
‫ح ُ‬
‫م وَهُوَ أْر َ‬ ‫م يَغْفُِر الل ّ ُ‬
‫ه لَك ُ ْ‬ ‫م الْيَوْ َ‬
‫ب ع َلَيْك ُ ُ‬‫ل ل َ تَثَْري َ‬
‫لخوته قَا َ‬
‫‪ -‬سورة يوسف آية ‪92‬‬
‫وقال ‪ :‬اللهم قد أذقت أول قريش نكال فأذق آخرهم نوال وأتته هند‬
‫بنت عتبة ‪ ,‬وقد بقرت بكن عمه حمزة ‪ ,‬ولكت كبده فصفح عنها‬
‫وأعطاها يده ‪ ,‬لبيعتها‬
‫فإن قيل ‪ :‬فقد ضرب رقاب بني قريظة صبرا في يوم واحد وهم‬
‫نمو سبعمائة ‪ ,‬فأين موضع العفو والصفح قيل ‪ :‬إنما فعل ذلك في‬
‫حقوق الله تعالى‬
‫وقد كانت بني قريظة رضوا بتحكيم سعد بن معاذ عليهم فحكم أن‬
‫من جرت عليه الموسي أي بلغ مبلغ الرجال فحلق ذقنه ‪-‬قتل ومن‬
‫لم تجر عليه استرق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم‪ :‬هذا‬
‫حكم الله من فوق سبعة أرقعة (يعني من فوق سبع سنوات) فلم‬
‫يجز أن يعفو عن حق وجب لله تعالي عليهم وإنما يختص عفوه بحق‬
‫نفسه‬
‫الخصلة السادسة‬
‫حفظه للعهد ووفاؤه بالوعد فإنه ما نقض لمحافظ عهدا ‪ ,‬ول اخلف‬
‫لمراقب وعدا ‪ ,‬يري الغدر من كبائر الذنوب ‪ ,‬والخلق من مساوئ‬
‫الشيم فيلتزم فيهما الغلظ ويرتكب فيهما الصعب حفظا لعهده‬
‫ووفاء بوعده حتى يبتدئ معاهدوه بنقضه فيجعل الله تعالي له‬
‫مخرجا كفعل اليهود من بني قريظة وبني النضير وكفعل قريش‬
‫بصلح الحديبية إذ جعل الله تعالي له في نكثهم الخيرة‬

‫‪450‬‬
‫فهذه ست خصال تكاملت في خلقه ‪ ,‬فضله الله تعالي علي جميع‬
‫خلقه‬
‫الوجه الثالث ‪ :‬فضائل القوال في فضائل أقواله صلى الله عليه و‬
‫سلم خصال عديدة ‪ ,‬منها‬
‫الخصلة الولي‬
‫ما أوتي من الحكمة البالغة ‪ ,‬وأعطي من العلوم من الجمة الباهرة‬
‫‪ ,‬وهو أمي من أمة أمية لم يقرأ كتابا ول درس علما ول صحب‬
‫عالما ً ول معلما ً فأتي بما بهر العقول وأذهل الفطن من إتقان ما‬
‫أبان وإحكام ما أظهر ولم يتعثر فيه بزلل في قول أو عمل‬
‫وقد شرع من تقدم من علماء الفلسفة سننا حملوا الناس على‬
‫التدين بها حين علموا انه ل صلح للعالم إل بدين ينقادون له‬
‫ويعملون به فما راق لها أثر ول فاق لها خبر‬
‫الخصلة الثانية‬
‫حفظه لما أطلعه الله تعالي عليه من قصص النبياء مع المم وأخبار‬
‫العالم في الزمن القدم حتى لم يعرب عنه منها صغير ول كبير ول‬
‫شذ عنه منها قليل ول كثير‬
‫وهو ل يضبطها بكتاب يدرسه ول يحفظها بعين تحرسه ‪ ,‬وما ذاك إل‬
‫من ذهن صحيح وصدر فسيح و قلب شريح ‪ ,‬وهذه الثلثة آله ما‬
‫استودع من الرسالة وحمل من أعباء النبوة فجدير أن يكون بها‬
‫مبعوثا وعلي القيام بها محثوثاً‬
‫الخصلة الثالثة‬
‫إحكامه لما شرع بأظهر دليل وبيانه بأوضح تعليل حتى لم يخرج منه‬
‫ما يوجبه معقول ول دخل فيه ما تدفعه العقول‬
‫ولذلك قال صلى الله عليه و سلم ‪ :‬أوتيت جوامع الكلم واختصرت‬
‫لي الحكمة اختصارا ‪ ,‬لنه نبه بالقليل على الكثير فكف عن الطالة‬
‫وكشف عن الجهالة وما تيسر ذلك إل وهو عليه معان وإليه مقاد‬
‫الخصلة الرابعة‬
‫ما أمر به من محاسن الخلق ودعا إليه من مستحسن الداب وحث‬
‫عليه من صله الرحام وندب إليه من التعاطف على الفقراء و‬
‫اليتام ثم ما نهي عنه من التباغض و التحاسد وكف عنه من التقاطع‬
‫والتباعد لتكون الفضائل فيهم اكثر ومحاسن الخلق بينهم أنشر ‪,‬‬

‫‪451‬‬
‫ومستحسن الداب عليهم اظهر وتكون إلي الخير أسرع ومن الشر‬
‫س‬ ‫َ‬
‫ت لِلن ّا ِ‬‫ج ْ‬ ‫مةٍ أ ُ ْ‬
‫خرِ َ‬ ‫خيَْر أ ُ َّ‬ ‫امنع فيتحقق فيه قول الله تعالي ‪ :‬كُنت ُ ْ‬
‫م َ‬
‫ْ‬
‫منكَرِ فلزموا أمره واتقوا زواجره‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫ن عَ ِ‬
‫ف وَتَنْهَوْ َ‬ ‫ن بِال ْ َ‬
‫معُْرو ِ‬ ‫مُرو َ‬
‫تَأ ُ‬
‫فتكامل بهم صلح دينهم ودنياهم حتى عز بهم السلم بعد ضعفه‬
‫وذل بهم الشرك بعد عزه فصاروا أئمة أبرارا وقادة أخيارا‬
‫الخصلة الخامسة‬
‫وضوح جوابه إذا سئل وظهور حجاجه إذا جادل ل يحصره عي و ول‬
‫يقطعه عجز ول يعارضه خصم في جدال إل كان جوابه أوضح‬
‫وحجاجه أرجح‬
‫الخصلة السادسة‬
‫انه محفوظ اللسان من تحريف في قول واسترسال في خبر يكون‬
‫إلي الكذب منسوبا وللصدق مجانبا ‪ ,‬فأنه لم يزل مشهورا بالصدق‬
‫في خبره كان فاشيا وكثيرا حتى صار بالصدق مرقوما ‪ ,‬وبالمانة‬
‫موسوماً‬
‫وكانت قريش بأسرها تتيقن صدقه قبل السلم فجهروا بتكذيبه في‬
‫استدعاءهم إليه فمنهم من كذبه حسدا ومنهم من كذبه عنادا من‬
‫كذبه استبعادا أن يكون نبيا أو رسولً‬
‫ولو حفظوا عليه كذبه نادرة في غير الرسالة لجعلوها دليل على‬
‫تكذيبه في الرسالة ‪ ,‬ومن لزم الصدق في صغره كان له في الكبر‬
‫الزم ومن عصم منه في حق نفسه كان في حقوق الله تعالي‬
‫أعصم وحسبك بهذا دفعا لجاحد وردا لمعاند‬
‫الخصلة السابعة‬
‫تحرير كلمه في التوخي به إبان حاجته و القتصار منه على قدر‬
‫كفايته فل يسترسل فيه هذرا ول يحجم عنه حصرا وهو فيما عدا‬
‫حالتي الحاجة و الكفاية اجمل الناس صمتا وأحسنهم سمتا‬
‫ولذلك حفظ كلمه حتى لم يختل و ظهر رونقه حتى لم يعتل‬
‫واستعذبته الفواه حتى بقي محفوظا في القلوب مدونا في الكتاب‬
‫فلن يسلم الكثار من الزلل ول الهذر من الملل‬
‫الخصلة الثامنة‬
‫أنه أفصح الناس لسانا وأوضحهم بيانا وأوجزهم كلما وأجزلهم‬
‫ألفاظا وأصحهم معاني ل يظهر فيه هجنة التكلف ول يتخلله فيهقة‬

‫‪452‬‬
‫التعسف وقد دون كثير من جوامع كلمه ومن كلمه الذي ل يشاكل‬
‫في فصاحته وبلغته ومع ذلك فل يأتي عليه إحصاء ول يبلغه‬
‫استقصاء‬
‫ولو مزج كلمه بغيره لتميز بأسلوبه ولظهر فيه آثار التنافر فلم‬
‫يلتبس حقه من باطله ولبان صدقه من كذبه هذا ولم يكن متعاطياً‬
‫للبلغة ول مخالطا لهلها من خطباء أو شعراء أو فصحاء وإنما هو‬
‫من غرائز طبعه وبداية جبلته وما ذاك إل لغاية تراد وحادثة تشاد‬
‫الوجه الرابع ‪ :‬فضائل العمال في فضائل أفعاله صلى الله عليه و‬
‫سلم فمختبر بثماني خصال‬
‫الخصلة الولي‬
‫حسن سيرته ‪ ,‬وصحة سياسته في دين نقل به مألوف ‪ ,‬وصرفهم‬
‫به عن معروف إلي غير معروف فأذعنت به النفوس طوعا ‪,‬‬
‫وانقادت خوفا وطمعاً‬
‫الخصلة الثانية‬
‫أن جمع بين رغبة من استمال ورهبة من استطاع حتى اجتمع‬
‫الفريقان علي نصرته وقاموا بحقوق دعوته رغبا في عاجل وآجل ‪,‬‬
‫ورهبا من زائل ونازل ‪ ,‬لختلف الشيم والطباع في النقياد الذي ل‬
‫ينتظم بأحدهما ‪ ,‬ول يستديم إل بهما ‪ ,‬فلذلك صار الدين بهما‬
‫مستقرا ً ‪ ,‬والصلح بهما مستمراً‬
‫الخصلة الثالثة‬
‫أنه عدل فيما شرعه من الدين عن اللغو و التقصير إلي التوسط ‪,‬‬
‫وخير المور أوسطها ‪ ,‬وليس لما جاوز العدل حظ من رشد ‪ ,‬ول‬
‫نصيب من سداد‬
‫الخصلة الرابعة‬
‫أنه لم يمل بأصحابه إلي الدنيا ول إلي رفضها ‪ ,‬وأمدهم فيها‬
‫بالعتدال ‪ ,‬وقال ‪( :‬خيركم من لم يترك دنياه لخرته ول آخرته‬
‫لدنياه ‪ ,‬ولكن خيركم من أخذ من هذه و هذه) وهذا صحيح ‪ ,‬لن‬
‫النقطاع إلي أحدهما اختلل ‪ ,‬والجمع بينهما اعتدال‬
‫وقال صلى الله عليه و سلم ‪( :‬نعم المطية الدنيا فارتحلوها تبلغكم‬
‫الخرة) ‪ ,‬وإنما كان كذلك لن من يتزود لخرته ‪ ,‬ويستكثر فيها من‬

‫‪453‬‬
‫طاعته وأنه ل يخلو تاركها من أن يكون محروما مضاعا أو مرحوما‬
‫مراعي وهو في الول كل وفي الثاني مستذل‬
‫الخصلة الخامسة‬
‫تصديه لمعالم الدين ونوازل الحكام حتى أوضح للمة ما كلفوه من‬
‫العبادات ‪ ,‬وبين لهم ما يحل وما يحرم من مباحات و محظورات ‪,‬‬
‫وفصل لهم ما يجوز ويمتنع من عقود ومناكح ومعاملت‬
‫حتى احتاج أهل الكتاب في كثي من معاملتهم ومواريثهم لشرعه‬
‫ولم يحتج شرعه إلي شرع غيره ثم مهد لشرعه أصول تدل على‬
‫الحوادث المغفلة ويستنبط لها الحكام المعللة فأغنى عن نص بعد‬
‫ارتفاعه وعن التباس بعد إغفاله ثم أمر الشاهد أن يبلغ الغائب‬
‫ليعلم بإنذاره ويحتج بإظهاره فقال صلى الله عليه و سلم ‪ :‬بلغوا‬
‫عني ول تكذبوا علي فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه‬
‫ألي من هو أفقه منه‬
‫الخصلة السادسة‬
‫انتصابه لجهاد العداء وقد أحاطوا بجهاته وأحدقوا بجنباته وهو في‬
‫قطب مهجور ‪ ,‬وعدد محقور فزاد به من قل وعز به من ذل وصار‬
‫بإثخانه في العداء محذورا وبالرعب منه منصورا فجمع بين التصدي‬
‫لشرع الدين حتى ظهر وانتشر وبين النتصاب لجهاد العدو حتى قهر‬
‫وانتصر‬
‫الخصلة السابعة‬
‫ما خص به من الشجاعة في حروبه والنجدة في مثابرة عدوه فإنه‬
‫لم يشهد حربا ً في فزاع إل صابر حتى انجلت عن ظفر أو دفاع وهو‬
‫في موقفه لم يزل عنه هربا ً ول حاز فيه رغباً‬
‫بل ثبت بقلب آمن وجأش ساكن قد ولى عنه أصحابه يوم حنين‬
‫حتى بقى بإزاء جمع كثير وجم غفير في تسعة من أهل بيته‬
‫وأصحابه على بغلة مسبوقة إن طلبت غير مستعدة لهرب ول طلب‬
‫وهو ينادي أصحابه ويظهر نفسه ويقول إلي عباد الله (أنا النبي ل‬
‫أكذب أنا ابن عبد المطلب) فعادوا أشذاذا ً وأرسال ً وهو ازن تراه‬
‫وتحجم عنه فما هاب حرب من كاثره ول انكفأ عن مصاولة من‬
‫صابره‬
‫الخصلة الثامنة‬

‫‪454‬‬
‫ما منح من السخاء والجود حتى جاد بكل موجود وآثر بكل مطلوب‬
‫ومحبوب ومات ودرعه مرهونة عند يهودي على آصع من شعير‬
‫لطعام أهله‬
‫وقد ملك جزيرة العرب وكان فيها ملوك وأقيال لهم خزائن وأموال‬
‫يقتنوها ذخرا ً ويتباهون بها فخرا ً ويستمتعون بها أشرا ً وبطرا ً وقد‬
‫حاز ملك جميعهم فما اقتنى دينارا ول درهما ً ‪ ,‬ل يأكل إل الخشن ول‬
‫يلبس إل الخشن ‪ ,‬وكان يقول ‪ :‬أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم‬
‫فمن ترك دينا ً أو ضياعا فعلي ومن ترك مال ً فلورثته فهل مثل هذا‬
‫الكرم والجود كرم وجود ؟ أم هل لمثل هذا العراض والزهادة‬
‫إعراض وزهد ؟ هيهات‬
‫أنا لم نرى ولم نسمع لحد قط كصبره ول كحلمه ول كوفائه ول‬
‫كزهده ول كجوده ول كنجدته ول كصدق لهجته ول ككرم عشرته ول‬
‫كتواضعه ول كحفظه ول كصمته إذا صمت ول كقوله إذا قال ول‬
‫كعجيب منشئه ول كعفوه ول كدوام طريقته وقله امتنانه‬
‫ثانيا ‪ :‬الخصائص‬
‫القسم الول ‪ :‬خصائص اختص بها رسول الله صلى الله عليه و‬
‫سلم دون غيره من النبياء والمرسلين عليهم الصلة والسلم‬
‫القسم الثاني ‪ :‬ما اختص به صلى الله عليه و سلم من الخصائص‬
‫والحكام دون أمته وقد يشاركه في بعضها النبياء عليهم الصلة‬
‫والسلم‬
‫القسم الول ‪ :‬وقد قسم العلماء رحمهم الله الخصائص التي انفرد‬
‫بها رسول الله صلى الله عليه و سلم عن بقية النبياء والمرسلين‬
‫عليهم الصلة والسلم إلى عدة أنواع‬
‫النوع الول ‪ :‬ما اختص به في ذاته في الدنيا‬
‫النوع الثاني ‪ :‬ما اختص به في ذاته في الخرة‬
‫النوع الثالث ‪ :‬ما اختص به في أمته في الدنيا‬
‫النوع الرابع ‪ :‬ما اختص به في أمته في الخرة‬
‫النوع الول ‪ :‬ما اختص به في ذاته في الدنيا‬
‫اختص الله تبارك وتعالي نبيه محمدا ً صلى الله عليه و سلم دون‬
‫غيره من النبياء والمرسلين عليهم الصلة والسلم بخصائص في‬
‫الدنيا لذاته منها ما يلي‬

‫‪455‬‬
‫أول ً ‪ :‬عهد وميثاق‬
‫أخذ الله عز وجل العهد والميثاق علي جميع النبياء والمرسلين من‬
‫لدن آدم إلي عيسى عليهما السلم لما آتى الله أحدهم من كتاب‬
‫وحكمه وبلغ أي مبلغ ثم بعث محمد بن عبد الله صلى الله عليه و‬
‫سلم ليؤمن به ولينصرنه ول يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من‬
‫اتباعه ونصرته ‪ ,‬كما أمرهم أن يأخذوا هذا الميثاق على أممهم لئن‬
‫بعث محمد صلى الله عليه و سلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرونه‬
‫ب‬ ‫من كِتَا ٍ‬ ‫ما آتَيْتُكُم ِّ‬ ‫ن لَ َ‬‫ميثَاقَ النَّبِيِّي ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫خذ َ الل ّ ُ‬ ‫قال الله تعالى ‪ :‬وَإِذ ْ أ َ َ‬
‫ه قَا َ‬
‫ل‬ ‫صُرن َّ ُ‬‫ن بِهِ وَلَتَن ُ‬ ‫م لَتُؤ ْ ِ‬
‫من ُ َّ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫صدِّقٌ ل ِّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُّ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاءك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مةٍ ث ُ َّ‬‫حك ْ َ‬
‫وَ ِ‬
‫شهدوا ْ وأناَْ‬ ‫َ‬
‫صرِي قَالُوا ْ أقَْرْرنَا قَا َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫َ َ‬ ‫ل فَا ْ َ ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫م ع َلَى ذَلِك ُ ْ‬ ‫خذ ْت ُ ْ‬ ‫م وَأ َ‬ ‫أأقَْرْرت ُ ْ‬
‫من ال َّ‬
‫ن ‪-‬سورة آل عمران إية ‪81‬‬ ‫شاهِدِي َ‬ ‫معَكُم ِّ َ‬ ‫َ‬
‫قال على بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم ‪ :‬ما بعث الله‬
‫نبيا ً من النبياء إل أخذ عليه ميثاق لئن بعث الله محمدا ً وهو حي‬
‫ليؤمنن به ولينصرنه ‪ ,‬وأمره أن يأخذ الميثاق علي أمته لئن بعث‬
‫الله محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه‬
‫ثانيا ً ‪ :‬رسالة عامة‬
‫كان النبياء والرسل السابقين عليهم الصلة والسلم يرسلون إلي‬
‫َ‬
‫مهِ ‪-‬‬ ‫سلْنَا نُوحا ً إِلَى قَوْ ِ‬ ‫أقوامهم خاصة كما قال الله تعالى ‪ :‬إِنَّا أْر َ‬
‫سورة نوح آية ‪1‬‬
‫م هُودا ً ‪ -‬سورة العراف آية ‪65‬‬ ‫خاهُ ْ‬ ‫و قال الله تعالى ‪ :‬وَإِلَى ع َاد ٍ أ َ َ‬
‫صالِحا ً ‪ -‬سورة العراف آية ‪73‬‬ ‫م َ‬ ‫خاهُ ْ‬ ‫مود َ أ َ َ‬ ‫و قال الله تعالى ‪ :‬وَإِلَى ث َ ُ‬
‫وأما نبينا صلى الله عليه و سلم ‪ ,‬فرسالته عامة لجميع الناس‬
‫عربهم وعجمهم وإنسهم وجنهم ‪ ,‬وهذا من خصائصه صلى الله عليه‬
‫و سلم‬
‫قال العز بن عبد السلم رحمه الله ‪ :‬ومن خصائصه ‪ :‬أن الله تعالى‬
‫أرسل كل نبي إلي قومه خاصة ‪ ,‬وأرسل نبينا محمدا ً صلى الله‬
‫عليه و سلم إلي الجن والنس ‪ ,‬ولكل نبي من النبياء ثواب تبليغه‬
‫إلي أمته‬
‫ولنبينا صلى الله عليه و سلم ثواب التبليغ إلي كل من أرسل إليه‬
‫تارة لمباشرة البلغ وتارة بالنسبة إليه ولذلك تمنن عليه بقوله‬
‫ل قَْريَةٍ نَذِيرا ً سورة الفرقان آية ‪51‬‬ ‫شئْنَا لَبَعَثْنَا فِي ك ُ ِّ‬ ‫تعالى وَلَوْ ِ‬

‫‪456‬‬
‫ووجه التمنن ‪ :‬انه لو بعث في كل قرية نذيرا ً لما حصل لرسول الله‬
‫صلى الله عليه و سلم إل أجر إنذاره لهل قريته وقد جاءت اليات‬
‫القرآنية والحاديث النبوية تشير إلي هذه الخصوصية قال الله تعالي‬
‫ة ل ِّلنَاس بشيرا ً ونذيرا ً ولَك َ َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫س َل‬ ‫َ‬
‫ن أكْثََر الن ّا ِ‬‫َ ِ ّ‬ ‫ََ ِ‬ ‫ك إ ِ ّل كَافَّ ً ّ ِ َ ِ‬ ‫سلنَا‬
‫ما أْر َ‬ ‫‪َ :‬و َ‬
‫ن ‪-‬سورة سبأ إية ‪28‬‬ ‫مو َ‬ ‫يَعْل َ ُ‬
‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ -‬سورة النبياء إية‬ ‫ة ل ِّلْعَال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫م ً‬ ‫ك إ ِ ّل َر ْ‬
‫ح َ‬ ‫سلنَا‬ ‫ما أْر َ‬ ‫قال الله تعالي ‪ :‬وَ َ‬
‫‪106‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬نبوة خاتمة‬
‫من رحمه الله تعالى بعباده إرسال محمد صلى الله عليه و سلم‬
‫إليهم ‪ ,‬ومن تشريفه له ختم النبياء والمرسلين به وإكمال الدين‬
‫الحنيف له وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله‬
‫عليه و سلم في السنة المتواترة عنه أنه ل نبي بعده ليعلم العباد أن‬
‫كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال قال الله‬
‫َ َ‬ ‫ما كَان مح َ َ َ‬
‫م‬
‫خات َ َ‬‫ل الل ّهِ وَ َ‬ ‫م وَلَكِن َّر ُ‬
‫سو‬ ‫جالِك ُ ْ‬
‫من ّرِ َ‬ ‫حد ٍ ِّ‬ ‫مد ٌ أبَا أ َ‬ ‫َ َُ َ ّ‬ ‫تعالى َّ‬
‫يءٍ عَلِيما ً ‪ -‬سورة الحزاب آية ‪40‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه بِك ُ ِّ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ن وَكَا َ‬ ‫النَّبِيِّي َ‬
‫ومما يدل على هذه الخصوصية من السنة ما يأتي‬
‫عن أبي هريرة رضى الله عنه ‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه و‬
‫سلم قال ‪ :‬إن مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا‬
‫فأحسنه وأجمله إل موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به‬
‫ويعجبون له ويقولون ‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة ؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم‬
‫النبيين‬
‫‪- ...‬‬
‫عن أبي هريرة رضى الله عنه ‪ :‬أن رسول الله صلى الله عليه و‬
‫سلم قال ‪ :‬فضلت على النبياء بست ‪ :‬أعطيت جوامع الكلم ‪,‬‬
‫ونصرت بالرعب ‪ ,‬وأحلت لي الغنائم ‪ ,‬وجعلت لي الرض طهوراً‬
‫ومسجدا ً ‪ ,‬وأرسلت إلي الخلف كافة ‪ ,‬وختم بي النبيون‬
‫‪- ...‬‬
‫وعن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنهما أن النبي‬
‫صلى الله عليه و سلم قال ‪ :‬إن لي أسماء ‪ :‬أنا محمد ‪ ,‬وأنا أحمد ‪,‬‬
‫وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ‪ ,‬وأنا الحاشر الذي يحشر‬
‫الناس على قدمي ‪ ,‬وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد ‪- ...‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬رحمة مهداه‬

‫‪457‬‬
‫أرسل الله تبارك وتعالي رسوله محمدا ً صلى الله عليه و سلم‬
‫رحمة للخلءئق عامة مؤمنهم وكافرهم وإنسهم وجنهم ‪ ,‬وجعله‬
‫رؤوفا رحيما ً بالمؤمنين خاصة فمن قبل الرحمة وشكر هذه النعمة‬
‫سعد في الدنيا والخرة ومن ردها وجحدها خسر الدنيا والخرة‬
‫ويؤيد هذه الخصوصية‬
‫عن أبي هريرة رضى الله عنه ‪ :‬قيل ‪ :‬يا رسول الله صلى الله عليه‬
‫و سلم ادع الله علي المشركين قال ‪ :‬إني لم أبعث لعانا ً وإنما بعثت‬
‫رحمة‬
‫‪- ...‬‬
‫وعنه رضي الله عنه ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ‪ :‬يا‬
‫أيها الناس إنما أنا رحمة مهداه‬
‫‪- ...‬‬
‫وعن سلمان رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه و‬
‫سلم ‪.... :‬أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي‬
‫فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون وإنما بعثتي رحمة‬
‫للعالمين فأجعلها عليهم صلة ً يوم القيامة‬
‫‪- ...‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬أمنة لصحابه‬
‫أكرم الله تبارك وتعالى نبيه محمدا ً صلى الله عليه و سلم فجعل‬
‫وجوده بين أصحابه أمنة لهم من العذاب ‪ ,‬بخلف ما حصل لبعض‬
‫المم السابقة حيث عذبوا في حياة أنبيائهم ‪ ,‬وكان صلى الله عليه‬
‫و سلم أمنة لصحابه كذلك من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من‬
‫العراب واختلف القلوب ونحو ذلك مما أنذر به صريحا ً ووقع بعد‬
‫وفاته‬
‫قال العز بن عبد السلم رحمه الله ‪ :‬ومن خصائصه صلى الله عليه‬
‫و سلم أن الله تعالى أرسله (رحمة للعالمين) فأمهل عصاه أمته‬
‫ولم يعالجهم إبقاء عليهم بخلف من تقدمه من النبياء فإنهم لما‬
‫كذبوا عوجل مكذبهم‬
‫وقد جاء النص على هذه الخصوصية من القرآن الكريم والسنة‬
‫المطهرة وآثار السلف الصالح ‪ ,‬فمن ذلك ما روى البخاري ومسلم‬
‫من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال ‪ :‬قال أبو جهل ‪ :‬اللهم‬

‫‪458‬‬
‫إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو‬
‫َ‬
‫ن‬‫ما كَا َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ت فِيهِ ْ‬ ‫م وَأن َ‬ ‫ه لِيُعَذِّبَهُ ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ما كَا َ‬ ‫ائتنا بعذاب أليم فنزلت َو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه وَهُ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫م أل ّ يُعَذِّبَهُ ُ‬ ‫ما لَهُ ْ‬ ‫ن { ‪ }33‬وَ َ‬ ‫ستَغْفُِرو َ‬ ‫م يَ ْ‬‫م وَهُ ْ‬ ‫معَذِّبَهُ ْ‬
‫ه ُ‬‫الل ّ ُ‬
‫حَرام ‪ -‬سورة النفال إيات ‪ 33‬و ‪34‬‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫ن عَ ِ‬ ‫صدُّو َ‬‫يَ ُ‬
‫وعن أبي موسى رضى الله عنه ‪ :‬قال ‪ :‬صلينا المغرب مع رسول‬
‫الله صلى الله عليه و سلم ثم قلنا ‪ ,‬لو جلسنا حتى نصلي معه‬
‫العشاء‬
‫قال ‪ :‬فجلسنا فخرج علينا فقال ‪ :‬ما زلتم هاهنا ؟‬
‫قلنا ‪ :‬يا رسول الله صلينا معك المغرب ‪ ,‬ثم قلنا نجلس حتى نصلي‬
‫معك العشاء‬
‫قال ‪ :‬أحسنتهم أو أصبتم‬
‫قال فرفع رأسه إلي السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلي السماء‬
‫فقال ‪ :‬النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد‬
‫وأنا أمنة لصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون ‪ ,‬وأصحابي‬
‫أمنة لمتي فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون‬
‫سادسا ً ‪ :‬القسم بحياته‬
‫أقسم الله تبارك وتعالي بأشياء كثيرة من مخلوقاته الدالة على‬
‫كماله وعظمته ليؤكد المعنى في نفوس المخاطبين ‪ ,‬فأقسم تعالي‬
‫بالشمس والقمر والسماء وغير ذلك ‪.‬بينما نجده سبحانه وتعالى لم‬
‫يقسم بأحد من البشر إل بالرسول الكريم صلى الله عليه و سلم‬
‫ن والقسام‬ ‫م ُهو َ‬ ‫سكَْرتِهِ ْ‬
‫م ي َ ْع َ‬ ‫في َ‬ ‫م لَ ِ‬ ‫ك إِنَّهُ ْ‬
‫مُر َ‬ ‫حيث يقول جل شأنه ل َ َع ْ‬
‫بحياة المقسم يدل على شرف حياته وعزتها عند المقسم بها ‪ ,‬وان‬
‫حياته صلى الله عليه و سلم لجديرة أن يقسم بها لما فيها من‬
‫البركة العامة والخاصة ‪ ,‬ولم يثبت هذا لغيره صلى الله عليه و سلم‬
‫سابعا ً ‪ :‬نداؤه بوصف النبوة والرسالة‬
‫خاطب الله عز وجل رسوله صلى الله عليه و سلم في القرآن‬
‫الكريم بالنبوة والرسالة ولم يناده باسمه زيادة في التكريم‬
‫والتشريف أما سائر النبياء والمرسلين عليهم الصلة والسلم‬
‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حُزنك الذِي َ‬ ‫ل ل َ يَ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫فخوطبوا بأسمائهم قال الله تعالى يَا أيُّهَا الَّر ُ‬
‫ن فِي الْكُفْرِ ‪ 0‬سورة المائدة آية ‪ 41‬قال الله تعالى يَا أَيُّهَا‬ ‫سارِع ُو َ‬ ‫يُ َ‬
‫ل إِلَي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ك سورة المائدة آية ‪ 67‬قال الله‬ ‫من َّرب ِّ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ما أنزِ َ‬ ‫ل بَل ِّغْ َ‬‫سو ُ‬‫الَّر ُ‬

‫‪459‬‬
‫ن سورة‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن اتَّبَعَ َ‬ ‫م ِ‬‫ه َو َ‬‫ك الل ّ ُ‬ ‫سب ُ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ي َ‬ ‫تعالى يَا أَيُّهَا النَّب ِ ُّ‬
‫النفال آية ‪ 64‬بينما قال تعالى لنبيائه‬
‫جن َّ َ‬ ‫قال الله تعالى وقُلْنا يا آدم اسك ُ َ‬
‫ة سورة البقرة‬ ‫ك ال ْ َ‬‫ج َ‬ ‫ت وََزوْ ُ‬ ‫ن أن َ‬ ‫َ َ َ َ ُ ْ ْ‬
‫سلَم ٍ سورة هود آية ‪48‬‬ ‫ط بِ َ‬ ‫ح اهْب ِ ْ‬ ‫ل يَا نُو ُ‬ ‫آية ‪ 35‬قال الله تعالى قِي َ‬
‫قال العز بن عبد السلم رحمه الله ‪ :‬ول يخفي علي أحد أن السيد‬
‫إذا دعي أحد عبيده بأفضل ما وجد فيهم من الوصاف العلية‬
‫والخلق السنية ‪ ,‬ودعا الخرين بأسمائهم العلم ل يشعر بوصف‬
‫من الوصاف ول بخلق من الخلق ‪ ,‬أن منزلة من دعاه بأفضل‬
‫السماء والوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه باسمه العلم‬
‫‪.‬وهذا معلوم بالعرف أن من دعي بأفضل أوصافه وأخلقه كان ذلك‬
‫مبالغة في تعظيمه واحترامه‬
‫ثامنا ً ‪ :‬نهي المؤمنين عن مناداته باسمه‬
‫أدب الله عز وجل عباده المؤمنين في مخاطبة نبيه صلى الله عليه‬
‫و سلم والكلم معه تشريفا وتعظيما وتقديرا له ‪ ,‬فأمرهم أن ل‬
‫يخاطبونه باسمه بل يخاطبوه ‪ :‬يا رسول الله ‪ ,‬يا نبي الله وإذا كان‬
‫الله تبارك وتعالى خاطبه في كتابه العزيز بالنبوة والرسالة ولم‬
‫يناده باسمه زيادة في التكريم والتشريف كما مر ذكره ‪.‬فمن باب‬
‫أولى وأحرى أهل اليمان ‪.‬واختص رسول الله صلى الله عليه و‬
‫سلم بذلك بخلف سائر النبياء والمرسلين فإن أممهم كانت‬
‫ل بَيْنَك ُ ْ‬
‫م‬ ‫سو ِ‬ ‫جعَلُوا دُع َاء الَّر ُ‬ ‫تخاطبهم بأسمائهم قال الله جل ذكره َل ت َ ْ‬
‫َ‬ ‫َّ َ‬
‫حذ َِر‬‫م لِوَاذا ً فَلْي َ ْ‬‫منك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سل ّلُو َ‬ ‫ن يَت َ َ‬ ‫ه ال ّذِي َ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ضكُم بَعْضا ً قَد ْ يَعْل َ ُ‬ ‫كَدُع َاء بَعْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ب ألِي ٌ‬ ‫م عَذ َا ٌ‬ ‫صيبَهُ ْ‬ ‫ة أوْ ي ُ ِ‬ ‫م فِتْن َ ٌ‬‫صيبَهُ ْ‬ ‫مرِهِ أن ت ُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫خالِفُو َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ال ّذِي َ‬
‫سورة النور آية ‪63‬‬
‫بخلف ما خاطبت به المم السابق أنبياءها فقال تعالى حكاية عنهم‪:‬‬
‫سى‬ ‫مو َ‬ ‫ك سورة العراف آية ‪ 134‬قَالُوا ْ يَا ُ‬ ‫سى ادْع ُ لَنَا َرب َّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫قَالُوا ْ يَا َ ُ‬
‫ة سورة العراف آية ‪138‬‬ ‫م آلِهَ ٌ‬ ‫ما لَهُ ْ‬ ‫جعَل ل ّنَا إِلَها ً ك َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫تاسعا ً ‪ :‬كلم جامع‬
‫فضل الله عز وجل نبيه صلى الله عليه و سلم على غيره من‬
‫النبياء عليهم السلم بأن أعطاه جوامع الكلم ‪ ,‬فكان صلى الله‬
‫عليه و سلم يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني‬
‫أعطاه مفاتيح الكلم وهو ما يسره له من البلغة و الفصاحة ‪,‬‬
‫والوصول إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات و‬

‫‪460‬‬
‫اللفاظ التي أغلقت على غيره وتعذرت عليه قال العز بن عبد‬
‫السلم رحمه الله ‪ :‬ومن خصائصه أنه بعث بجوامع الكلم ‪ ,‬واختصر‬
‫له الحديث اختصارا ‪ ,‬وفاق العرب في فصاحته‬
‫عاشرا ً ‪ :‬نصر بالرعب‬
‫اختص نبينا صلى الله عليه و سلم ‪ ,‬بأن الله عز وجل نصره بالرعب‬
‫‪ ,‬وهو الفزع والخوف ‪ ,‬فكان سبحانه يلقيه في قلوب أعداء رسوله‬
‫صلى الله عليه و سلم ‪ ,‬فإذا كان بينه وبينهم مسيرة شهر أو‬
‫شهرين هابوا وفزعوا منه ‪ ,‬فل يقدمون علي لقائه‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ‪ :‬وهذه الخصوصية حاصلة له على‬
‫الطلق حتى لو كان وحده بغير عسكر‬
‫وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و‬
‫سلم قال ‪ :‬فضلت على النبياء بخمس ‪ :‬بعثت إلي الناس كافة ‪,‬‬
‫وادخرت شفاعتي لمتي ‪ ,‬ونصرت بالرعب شهرا ً أمامي ‪ ,‬وشهراً‬
‫خلفي ‪ ,‬وجعلت لي الرض مسجدا ً وطهورا ً ‪ ,‬وأحلت لي الغنائم ولم‬
‫تحل لحد من قبلي‬
‫حادي عشر ‪ :‬مفاتيح خزائن الرض بيده‬
‫أكرم الله عبده ورسوله محمدا ً صلى الله عليه و سلم واختصه على‬
‫غيره من النبياء بأن أعطاه مفاتيح خزائن الرض وهي ما سهل الله‬
‫تعالي له ولمته من بعده من افتتاح البلد المتعذرات والحصول‬
‫على كنوزها وذخائرها ومغانمها واستخراج الممتنعات من الرض‬
‫كمعادن الذهب والفضة وغيرها‬
‫عن عقبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج يوما‬
‫فصلى على أهل أحد صلته على الميت ‪ ,‬ثم انصرف على المنبر‬
‫فقال ‪:‬إني فرط لكم ‪ ,‬وأنا شهيد عليكم ‪ ,‬وإني والله لنظر إلي‬
‫حوضي الن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الرض وإني والله ما أخاف‬
‫عليكم أن تشركوا بعدي ‪ ,‬ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها‬
‫ثاني عشر ‪ :‬ذنوب مغفورة‬
‫اختص الله تعالى عبده ورسوله محمدا ً ‪ r‬تشريفا ً له وتكريما ً بأن‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأخبره بهذه المغفرة وهو حي‬
‫صحيح يمشي على الرض‬
‫قال العز بن عبد السلم ‪ :‬من خصائصه أنه أخبره الله بالمغفرة ولم‬
‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫شَر ْ‬ ‫ينقل أنه أخبر أحدا ً من النبياء بذلك وقال تعالى ‪ :‬أل َ ْ‬
‫م نَ ْ‬

‫‪461‬‬
‫ض ظَهَْر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك {‪}3‬‬ ‫ك {‪ }2‬ال ّذِي أنقَ َ‬ ‫ك وِْزَر َ‬ ‫ضعْنَا ع َن َ‬ ‫ك {‪ }1‬وَوَ َ‬ ‫صدَْر َ‬ ‫َ‬
‫وََرفَعْنَا لك ذِكَرك ‪ -‬سورة الشرح آيات من ‪ 1‬الى ‪4‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وفي حديث أنس رضي الله عنه في الشفاعة وفيه ‪......( :‬فيأتون‬
‫عيسى فيقول ‪ ......‬اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد صلى الله‬
‫عليه و سلم ‪ ,‬فيقولون ‪ :‬يا محمد ‪ ,‬أنت رسول الله وخاتم النبياء‬
‫وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان‬
‫يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه‬
‫فقالت عائشة ‪ :‬لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما‬
‫تقدم من ذنبك وما تأخر ؟‬
‫قال ‪ :‬أفل أحب أن أكون عبدا ً شكورا ً فلما كثر لحمه صلى جالسا ً ‪,‬‬
‫فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع‬
‫ثالث عشر ‪ :‬كتاب خالد محفوظ‬
‫أعطى الله تبارك وتعالى كل نبي من النبياء عليهم الصلة والسلم‬
‫من اليات والمعجزات الدالة على صدقه وصحة ما جاء به عن ربه‬
‫فيه كفاية وحجة لقومه الذين بعث إليهم ‪ ,‬وهذه المعجزات كانت‬
‫وقتية انقرض زمانها في حياتهم ولم يبق منها إل الخبر عنها‬
‫وأما نبينا صلى الله عليه و سلم فكانت معجزته العظمى التي‬
‫أختص بها دون غيره هي القرآن العظيم الحجة المستمرة الدائمة‬
‫القائمة في زمانه وبعده إلى يوم القيامة ‪.‬كتاب خالد ل ينضب معينه‬
‫ول تنقضي عجائبه ول تنتهي فوائده محفوظ بحفظ الله من التغيير‬
‫والتبديل والتحريف‬
‫قال العز بن عبد السلم ‪ :‬من خصائصه أن معجزة كل نبي تصرمت‬
‫وانقرضت ومعجزة سيد الولين والخرين وهي القرآن العظيم باقية‬
‫إلي يوم الدين وقال ‪.... :‬ومنها حفظ كتابه ‪ ,‬فلو اجتمع الولون‬
‫والخرون على أن يزيدوا فيه كلمة أو ينقصوا منه لعجزوا عن ذلك ‪,‬‬
‫ول يخفى ما وقع من التبديل في التوراة والنجيل‬
‫ن ‪ -‬سورة‬ ‫حافِظُو َ‬
‫ه لَ َ‬
‫ذّكَْر وَإِنَّا ل َ ُ‬
‫ن نََّزلْنَا ال ِ‬ ‫ح ُ‬‫قال الله تعالى ‪ :‬إِنَّا ن َ ْ‬
‫ْ‬
‫ب ع َزِيٌز {‪َ }41‬ل يَأتِيهِ الْبَاط ِ ُ‬
‫ل‬ ‫ه لَكِتَا ٌ‬
‫الحجر آية ‪ 9‬وقوله تعالى ‪ :‬وَإِن َّ ُ‬
‫خل ْ ِفهِ ‪ -‬سورة فصلت آيات ‪ 41‬و ‪42‬‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يَدَيْهِ وََل ِ‬‫من بَي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫وعن يحيى بن أكثم قال ‪ :‬دخل يهودي على المأمون فتكلم فأحسن‬
‫الكلم ‪ ,‬فدعاه المأمون إلى السلم ‪ ,‬فأبي فلما كان بعد سنة جاءنا‬

‫‪462‬‬
‫مسلما ً ‪ ,‬فتكلم عن الفقه فأحسن الكلم ‪ ,‬فقال له المأمون ‪ :‬ما‬
‫كان سبب إسلمك ؟ قال ‪ :‬انصرفت من حضرتك فأحببت أن‬
‫أمتحن هذه الديان فعمدت إلي التوراة فكتبت ثلث نسخ فزدت‬
‫فيها ونقصت وأدخلتها الكنيسة ‪ ,‬فاشتريت مني ‪ ,‬وعمدت إلى‬
‫النجيل فكتبت ثلث نسخ فزدت فيها ونقصت وأدخلتها البيعة ‪,‬‬
‫فاشتريت مني ‪ ,‬وعمدت إلى القرآن فكتبت ثلث نسخ فزدت فيها‬
‫ونقصت وأدخلتها الوارقين فتصفحوها ‪ ,‬فلما أن وجدوا فيها الزيادة‬
‫والنقصان رموا بها فلم يشتروها ‪ ,‬فعلمت أن هذا الكتاب محفوظ ‪,‬‬
‫فكان هذا سبب إسلمي‬
‫رابع عشر ‪ :‬إسراء ومعراج‬
‫ومما اختص به رسول الله صلى الله عليه و سلم عن غيره من‬
‫النبياء عليهم الصلة والسلم معجزة السراء والمعراج فقد أسري‬
‫به ببدنه وروحه يقظة من المسجد الحرام بمكة المكرمة إلى‬
‫المسجد القصى وهو بيت المقدس بإيلياء في جنح الليل ‪ ,‬ثم عرج‬
‫به إلى سدرة المنتهى ثم إلى حيث شاء الله عز وجل ورجع مكة‬
‫من ليلته‬
‫وأكرم صلى الله عليه و سلم في هذه الية العظيمة بكرمات كثيرة‬
‫‪ ,‬منها ‪ :‬تكليمه ربه عز وجل ‪ ,‬وفرض الصلوات عليه ‪ ,‬وما رأى من‬
‫آيات ربه ‪ ,‬وإمامته للنبياء في بيت المقدس ‪.‬فدل ذلك على أنه هو‬
‫المام العظم والرئيس المقدم صلوات الله وسلمه عليه وعليهم‬
‫أجمعين‬
‫وفد ثبت السراء بالقرآن ‪ ,‬كما ثبت المعراج بالمتواتر من الحديث ‪,‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫سَرى بِعَبْدِهِ لَيْل ً ِّ‬ ‫ن ال ّذِي أ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫وإليه أشار القرآن قال الله تعالى ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه لِنُرِي َ ُ‬ ‫صى ال ّذِي بَاَركْنَا َ ْ‬
‫حول َ ُ‬ ‫جد ِ القْ َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬‫حَرام ِ إِلَى ال ْ َ‬ ‫جد ِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن الْهَوَى {‪}3‬‬ ‫ما يَنطِقُ ع َ ِ‬ ‫وقال تعالى ‪ :‬وَ َ‬ ‫صيُر‬‫ميعُ الب َ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ه هُوَ ال َّ‬ ‫ُ‬ ‫آيَاتِنَا إِن َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ستَوَى‬ ‫مَّرةٍ فَا ْ‬ ‫شدِيد ُ الْقُوَى {‪ }5‬ذ ُو ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫حى {‪ }4‬ع َل‬ ‫ي يُو َ‬ ‫ٌ‬ ‫ح‬ ‫و إ ِ ّل وَ ْ‬ ‫ن هُ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫سي ْ ِ‬ ‫ب قَوْ َ‬ ‫ن قَا َ‬ ‫م دَنَا فَتَدَل ّى {‪ }8‬فَكَا َ‬ ‫ق اْلع ْلَى {‪ }7‬ث ُ َّ‬ ‫ْ‬
‫َ{‪ }َ 6‬وَهُوَ بِالفُ َ ِ‬
‫َ‬
‫ما‬‫ب الْفُؤ َاد ُ َ‬ ‫ما كَذ َ َ‬ ‫حى {‪َ }10‬‬ ‫ما أوْ َ‬ ‫حى إِلَى ع َبْدِهِ َ‬ ‫أوْ أدْنَى {‪ }9‬فَأوْ َ‬
‫ُ‬ ‫ما يََرى {‪ }12‬وَلَقَد ْ َرآه ُ نَْزل َ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خَرى {‪}13‬‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ه ع َلَى َ‬ ‫ماُرون َ ُ‬ ‫َرأى {‪ }11‬أفَت ُ َ‬
‫شى‬ ‫مأْوَى {‪ }15‬إِذ ْ يَغْ َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫جن َّ ُ‬ ‫عندَهَا َ‬ ‫منْتَهَى {‪ِ }14‬‬ ‫سدَْرةِ ال ْ ُ‬ ‫عند َ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ما طغَى {‪ }17‬لقَد ْ َرأى ِ‬ ‫صُر وَ َ‬ ‫ما َزاغ َ الب َ َ‬ ‫شى {‪َ }16‬‬ ‫ما يَغْ َ‬ ‫سدَْرة َ َ‬ ‫ال ِّ‬
‫ت َرب ِّهِ الْكُبَْرى ‪ -‬سورة النجم اليات من ‪ 3‬الى ‪18‬‬ ‫آيَا ِ‬
‫النوع الثاني ‪ :‬ما اختص به صلى الله عليه و سلم لذاته في الخرة‬

‫‪463‬‬
‫ما اختص به صلى الله عليه و سلم من الخصائص والحكام دون‬
‫أمته وقد يشاركه في بعضها النبياء عليهم الصلة والسلم‬
‫أول ً ‪ :‬وسيلة وفضيلة‬
‫الوسيلة أعلى درجة في الجنة ل ينالها إل عبد واحد من عباد الله‬
‫وهو رسولنا صلى الله عليه و سلم قال الحافظ ابن كثير رحمه الله‬
‫‪( :‬الوسيلة) علم على أعلي منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله‬
‫صلى الله عليه و سلم وداره في الجنة ‪ ,‬وهي أقرب أمكنة الجنة‬
‫إلي العرش‬
‫وعن عبد الله بن عمرو بن العاص –رضى الله عنهما – أنه سمع‬
‫النبي صلى الله عليه و سلم يقول ‪ :‬إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل‬
‫ما يقول ثم صلوا علي ‪ ,‬فإنه من صلى علي صلى الله عليه به‬
‫عشرا ً ‪ ,‬ثم سلوا الله لي الوسيلة ‪ ,‬فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي‬
‫إل لعبد من عباد الله ‪ ,‬وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة‬
‫حلت له الشفاعة‬
‫ثانيا ً ‪ :‬مقام محمود‬
‫لرسول الله صلى الله عليه و سلم يوم القيامة ‪ ,‬تشريفات‬
‫وتكريمات ل يشركه ول يساويه فيها أحد النبياء فمن دونهم ومن‬
‫ذلك المقام المحمود ‪ ,‬الذي يقومه صلى الله عليه و سلم فيحمده‬
‫َ‬
‫ه‬
‫جد ْ ب ِ ِ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫ل فَتَهَ َّ‬ ‫م َ‬
‫الخالق عز وجل والخلئق من بعد قال تعالي وَ ِ‬
‫مودا ً ‪ -‬سورة السراء آية‬ ‫ح ُ‬ ‫مقَاما ً َّ‬
‫م ْ‬ ‫سى أَن يَبْعَث َ َ‬
‫ك َرب ُّ َ‬
‫ك َ‬ ‫ة ل َّ َ‬
‫ك عَ َ‬ ‫نَافِل َ ً‬
‫‪ 79‬قال ابن جرير الطبري رحمه الله ‪ :‬قال أكثر أهل العلم ذلك هو‬
‫المقام الذي يقومه صلى الله عليه و سلم يوم القيامة للشفاعة‬
‫للناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم‬
‫وقال ابن عباس – رضي الله عنهما ‪ :-‬المقام المحمود ‪ :‬مقام‬
‫الشفاعة‬
‫ثالثا ً ‪ :‬شفاعة عظمى وشفاعات‬
‫يجمع الله عز وجل الولين والخرين يوم القيامة في صعيد واحد ‪,‬‬
‫وتدنو منهم الشمس وقد تضاعف حرها وتبدلت عما كانت عليه من‬
‫خفة أمرها ويعرق الناس حتى يذهب عرقهم في الرض سبعين باعاً‬
‫ويلجمهم ويبلغ آذانهم في يوم مقداره خمسين ألف سنة ‪ ,‬قياماً‬
‫على أقدامهم شاخصة أبصارهم منفطرة قلوبهم ل يكلمون ول ينظر‬
‫في أمورهم ‪.‬فإذا بلغ الكرب والجهد منهم ما ل طاقة لهم به كلم‬

‫‪464‬‬
‫بعضهم بعضا ً في طلب من يكرم على موله ليشفع في حقهم ‪,‬‬
‫فلم يتعلقوا بنبي إل دفعهم ‪ ,‬قال ‪ :‬نفسي نفسي ‪ ,‬اذهبوا إلى غيري‬
‫حتى ينتهوا إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم فينطلق فيشفع‬
‫حتى يقضي الله تبارك وتعالى بين الخلق وبعد هذه الشفاعة يكون‬
‫له ولغيره شفاعات أخرى ‪.‬فهذه هي الشفاعة العظمى‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬أتي رسول الله صلى الله عليه‬
‫و سلم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة ثم‬
‫قال ‪ :‬أنا سيد الناس يوم القيامة ‪ ,‬وهل تدرون مم ذلك ؟ يجمع‬
‫الناس الولين والخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي ‪ ,‬وينفذهم‬
‫البصر ‪ ,‬وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما ل يطيقون‬
‫ول يحتملون‬
‫فيقول الناس ‪ :‬أل ترون ما قد بلغكم ؟ أل تنظرون من يشفع لكم‬
‫إلى ربكم ؟‬
‫فيقول بعض الناس لبعض ‪ :‬عليكم بآدم‬
‫فيأتون آدم عليه السلم فيقولون له أنت ابو البشر ‪ ,‬خلقك الله‬
‫بيده ‪ ,‬ونفخ فيك من روحه ‪ ,‬وأمر الملئكة فسجدوا لك ‪,‬اشفع لنا‬
‫إلى‬
‫ربك ‪ ,‬أل ترى ما نحن فيه ؟ أل ترى إلى ما قد بلغنا ؟‬
‫فيقول أدم ‪ :‬إن ربي غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ‪ ,‬ولن‬
‫يغضب بعده مثله ‪ ,‬إنه نهاني عن الشجرة فعصيته ‪ ,‬نفسي نفسي‬
‫اذهبوا إلى غيري ‪ ,‬اذهبوا إلى نوح‬
‫فيأتون نوحا ً فيقولون ‪ :‬يا نوح أنك أنت أول الرسل إلى أهل الرض‬
‫‪ ,‬وقد سماك الله عبدا ً شكورا ً ‪ ,‬اشفع لنا إلى ربك ‪ ,‬أل ترى ما نحن‬
‫فيه ؟ أل ترى إلى ما قد بلغنا ؟‬
‫فيقول ‪ :‬إن ربي غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ‪ ,‬ولن‬
‫يغضب بعده مثله ‪ ,‬إنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي ‪,‬‬
‫نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري ‪ ,‬اذهبوا إلى إبراهيم‬
‫فيأتون إبراهيم فيقولون ‪ :‬يا إبراهيم أنك نبي الله وخليله من أهل‬
‫الرض ‪ ,‬اشفع لنا إلى ربك ‪ ,‬أل ترى ما نحن فيه ؟ أل ترى إلى ما‬
‫قد بلغنا ؟‬

‫‪465‬‬
‫فيقول ‪ :‬إن ربي غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ‪ ,‬ولن‬
‫يغضب بعده مثله ‪ ,‬وأني قد كنت كذبت ثلث كذبات ‪ ,‬نفسي نفسي‬
‫اذهبوا إلى غيري ‪ ,‬اذهبوا إلى موسى‬
‫فيأتون موسى فيقولون ‪ :‬يا موسى ‪ ,‬أنت رسول الله ‪ ,‬فضلك الله‬
‫برسالته وبكلمه على الناس اشفع لنا إلى ربك ‪ ,‬أل ترى ما نحن‬
‫فيه ؟ أل ترى إلى ما قد بلغنا ؟‬
‫فيقول ‪ :‬إن ربي غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ‪ ,‬ولن‬
‫يغضب بعده مثله ‪ ,‬وإني قد قتلت نفسا ً لم أومر بقتلها ‪ ,‬نفسي‬
‫نفسي اذهبوا إلى غيري ‪ ,‬اذهبوا إلى عيسى‬
‫فيأتون عيسى فبقولون ‪ :‬يا عيسى أنت رسول الله ‪ ,‬وكلمته ألقاها‬
‫إلى مريم وروح منه ‪ ,‬وكلمت الناس في النهد صبيا ً ‪ ,‬اشفع لنا إلى‬
‫ربك ‪ ,‬أل ترى ما نحن فيه ؟ أل ترى إلى ما قد بلغنا ؟‬
‫فيقول ‪ :‬إن ربي غضب اليوم غضبا ً لم يغضب قبله مثله ‪ ,‬ولن‬
‫يغضب بعده مثله ‪ ,‬ولم يذكر ذنبا ً ‪ ,‬نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري ‪,‬‬
‫اذهبوا إلى محمد‬
‫فيأتون محمد صلى الله عليه و سلم فيقولون ‪ :‬يا محمد أنت رسول‬
‫الله وخاتم النبياء ‪ ,‬وقد غفر اله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ‪,‬‬
‫اشفع لنا إلى ربك ‪ ,‬أل ترى ما نحن فيه ؟ أل ترى إلى ما قد بلغنا ؟‬
‫فأنطلق ‪ ,‬فآتى تحت العرش فأقع ساجدا ً لربي عز وجل ‪ ,‬ثم يفتح‬
‫الله على من محامده ومحاسنه وحسن الثناء عليه شيئا ً لم يفتحه‬
‫على أحد قبلي ثم يقال ‪ :‬يا محمد ‪ ,‬أرفع رأسك سل تعطه ‪ ,‬واشفع‬
‫تشفع‬
‫فأرفع رأسي فأقول ‪ :‬أمتي يا رب ‪ ,‬أمتي يا رب ‪ ,‬فيقال ‪ :‬يا محمد‬
‫‪ ,‬أدخل من أمتك من ل حساب عليهم من الباب اليمن من أبواب‬
‫الجنة ‪ ,‬وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من البواب ‪.‬ثم قال ‪:‬‬
‫والذي نفسي بيدي إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما‬
‫بين مكة وحمير ‪ ,‬أو كما بين مكة وبصرى‬
‫هذا ‪ ,‬ولرسول الله صلى الله عليه و سلم شفاعات أخرى غير‬
‫الشفاعة العظمى ‪ ,‬منها ما اختص بها وحده ‪ ,‬ومنها ما شاركه فيها‬
‫غيره ممن أذن الله تعالى له من الملئكة المقربين والنبياء‬
‫والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين وغيرهم‬

‫‪466‬‬
‫فنسرد شفاعته صلى الله عليه و سلم ثم نقتصر في ذكر الدلة‬
‫على ما اختص به منها دون غيره‬
‫الشفاعة في استفتاح باب الجنة ‪- ...‬‬
‫الشفاعة في تقديم من ل حساب عليهم في دخول الجنة ‪- ...‬‬
‫الشفاعة فيمن استحق النار من الموحدين أن ل يدخلها ‪- ...‬‬
‫الشفاعة في إخراج عصاة الموحدين من النار ‪- ...‬‬
‫الشفاعة في رفع درجات ناس في الجنة ‪- ...‬‬
‫الشفاعة في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب ‪- ...‬‬
‫أول ً ‪ :‬الشفاعة في استفتاح باب الجنة‬
‫ينتقل الناس في عرصات القيامة من كرب إلى كرب فأهوال قبل‬
‫فصل القضاء فشفاعة عظمى ثم يحاسب الناس ‪ ,‬وعند ذلك ينصب‬
‫الميزان ‪ ,‬وتطاير الصحف ويكون التميز بين المؤمنين والمنافقين‬
‫ثم يؤذن في نصب الصراط والمرور عليه ويوقف بعض من نجا عند‬
‫القنطرة للمقاصصة بينهم ‪ ,‬فإذا انتهى ذلك كله يقوم المؤمنون‬
‫وتقرب لهم الجنة فيطلبون من يكرم على موله ليشفع لهم في‬
‫استفتاح باب الجنة ‪ ,‬فيأتون آدم فإبراهيم فموسى فعيسى عليهم‬
‫السلم وكل منهم يعتذر عن ذلك المقام العظيم ‪ ,‬فيأتون رسول‬
‫الله صلى الله عليه و سلم فيشفع لهم الله تعالى‬
‫فعن أبي هريرة وحذيفة رضي الله عنهما قال ‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه و سلم ‪ :‬يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم‬
‫المؤمنون حتى تزلف(تقرب) لهم الجنة ‪ ,‬فيأتون آدم ‪ ,‬فيقولون ‪ :‬يا‬
‫أبانا استفتح لنا الجنة‬
‫فيقول ‪ :‬وهل أخرجكم من الجنة إل خطيئة أبيكم آدم لست بصاحب‬
‫ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله‬
‫قال ‪ :‬فيقول إبراهيم ‪ :‬لست بصاحب ذلك إنما كنت خليل ً من وراء‬
‫وراء ‪ ,‬اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليماً‬
‫فيأتون موسى فيقول ‪ :‬لست بصاحب ذلك ‪ ,‬اذهبوا إلى عيسى‬
‫كلمة الله وروحه‬
‫فيقول عيسى ‪ :‬لست بصاحب ذلك ‪ ,‬فيأتون محمدا ً صلى الله عليه‬
‫و سلم ‪ ,‬فيقوم فيؤذن له وترسل المانة والرحم فتقومان جنبتي‬
‫الصراط يمينا ً وشمال ً فيمر أولكم كالبرق ؟‬

‫‪467‬‬
‫قال قلت بأبي أنت وأمي أي شيء كمر البرق ؟‬
‫قال ‪( :‬ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ؟ ثم‬
‫كمر الريح ‪ ,‬ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم‬
‫قائم على الصراط يقول ‪ :‬رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد‬
‫حتى يجيء الرجل فل يستطيع السير إل زحفا ً قال وفى حافتي‬
‫الصراط كلليب معلقة مأمورة بأخذ من أمرت به ‪ ,‬فمخدوش ناج‬
‫ومكدوس في النار) والذى نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم‬
‫لسبعون خريفاً‬
‫وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه و سلم ‪ :‬آتي باب الجنة يوم القيامة ‪ ,‬فأستفتح فيقول الخازن‬
‫‪ :‬من أنت ؟‬
‫فأقول ‪ :‬محمد‬
‫فيقول ‪ :‬بك أمرت ل أفتح لحد قبلك‬
‫ثانيا ً ‪ :‬شفاعته في تقديم من ل حساب عليهم في دخول الجنة‬
‫ومما اختص به رسولنا صلى الله عليه و سلم من الشفاعات أنه‬
‫يشفع في تعجيل دخول الجنة لمن ل حساب عليهم من أمته وهذا‬
‫من عظيم قدره صلى الله عليه و سلم ورفعة منزلته عند ربه تبارك‬
‫وتعالى‬
‫ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه الطويل في الشفاعة (‪......‬يا‬
‫محمد أرفع رأسك سل تعطه ‪ ,‬واشفع تشفع ‪ ,‬فأرفع رأسي فأقول‬
‫‪ :‬أمتي يا رب ‪ ,‬أمتي يا رب ‪ ,‬فيقول ‪ :‬يا محمد ‪ ,‬أدخل من أمتك من‬
‫ل حساب عليهم من الباب اليمن من أبواب الجنة ‪ ,‬وهم شركاء‬
‫الناس فيما سوى ذلك من البواب‬
‫فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و‬
‫سلم أنه قال ‪ :‬سألت ربي عز وجل فوعدني أن يدخل أمتي سبعين‬
‫ألفا ً على صورة القمر ليلة البدر ‪ ,‬فاستزدت فزادني مع كل ألف‬
‫سبعين ألفا‪ ,‬فقلت أي رب ‪ ,‬إن لم يكن هؤلء مهاجري أمتي قال ‪:‬‬
‫إذن أكملهم لك من العراب‬
‫ثالثا ً ‪ :‬شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب‬
‫كان أبو طالب يحوط ابن أخيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ‪,‬‬
‫وينصره ويقوم في صفه ويبالغ في إكرامه والذب عنه ‪ ,‬ويحبه حباً‬
‫شديدا ً طبعيا ً ل شرعيا ً ‪ ,‬فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول‬

‫‪468‬‬
‫الله ‪ r‬إلى اليمان والدخول في السلم ‪ ,‬فسبق القدر فيه فاستمر‬
‫على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة البالغة ‪.‬ونظرا ً لما قام به‬
‫أعمال جليلة مع رسول الله ‪ r‬جوزي على ذلك بتخفيف العذاب‬
‫خصوصية له من عموم الكفار الذين ل تنفعهم شفاعة الشافعين‬
‫‪.‬وذلك إكراما ً وتطيبا ً لقلب رسول الله صلى الله عليه و سلم‬
‫فعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه قال ‪ :‬يا رسول‬
‫الله ‪ ,‬هل نفعت أبا طالب بشيء ‪ ,‬فأنه كان يحوطك ويغضب لك ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ,‬هو في ضحضاح من نار ‪ ,‬ولول أنا لكان في الدرك‬
‫السفل من النار‬
‫ضحضاح بمعنى ‪ :‬ما رق من الماء على وجه الرض‬
‫==========================‬
‫ب سيد البشرية‬ ‫الليبرالية وراء س ّ‬

‫د‪.‬سعد بن علي الشهراني*‬


‫ذهل المسلمون في شتى أنحاء المعمورة من هذه الوقاحة والجرأة‬
‫في التعدّي على جناب المصطفى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومما زاد‬
‫في حنقهم تلك التبريرات السمجة التي قدمتها الحكومة الدنمركية‬
‫لهذه الفعال الشنيعة‪ ،‬باسم الحرية‪ ،‬وما أدراك ما الحرية؟ إنها‬
‫قطب رحى الليبرالية وشعارها الول‪.‬‬
‫والليبرالية على اختلف تعريفاتها لكل أصنافها ترتكز على جوهر‬
‫واحد يتفق عليه جميع الليبراليين وهو أنها‪ :‬تعتبر الحرية هي المبدأ‬
‫والمنتهى في حياة النسان‪ ،‬وهي وراء بواعثه‪ ،‬وأهدافه‪ ،‬وهي‬
‫المقدمة والنتيجة لفعاله‪ ،‬فالحرية هي سيدة القيم عندهم دون‬
‫أدنى حدود أو قيود‪ ،‬سواء كانت هذه الحدود هي (حدود الله) أو‬
‫كانت قيودًا سياسية أو ثقافية أو اجتماعية‪...‬‬
‫أما مبدأ عبودية الله تعالى أو تعظيم رسالت النبياء فهي عند‬
‫الليبراليين لون من تراث الماضي المتخلف!‬
‫وتعريفات الليبراليين لها تؤكد ذلك‪ ،‬فهذا المفكر اليهودي (هاليفي)‬
‫يعرفها بأنها‪( :‬الستقلل عن العلل الخارجية‪ ،‬فتكون أجناسها‪:‬‬
‫الحرية المادية والحرية المدنية أو السياسية والحرية النفسية‬
‫والحرية الميتافيزيقية ''الدينية'')‪.‬‬

‫‪469‬‬
‫ويعرفها الفيلسوف (روسو) بأنها‪( :‬الحرية الحقة في أن نطبق‬
‫القوانين التي اشترعناها نحن لنفسنا)‪ ،‬وهناك تعريفات عديدة‬
‫ومتباينة‪ ،‬وتشير موسوعة للند الفلسفية إلى المعنى الذي يتفق‬
‫عليه جميع الليبراليين فتقول بأنها‪( :‬النفلت المطلق بالترفع فوق‬
‫كل طبيعة)‪.‬‬
‫والليبرالية الدينية لها النصيب الوفر في هذا النفلت من القيم‬
‫والثوابت والمقدسات‪ ،‬فالليبرالية الدينية تسعى إلى نمط من الفكر‬
‫الديني ل يتقيد بأية قواعد‪ ،‬ول يستند إلى أية مرجعية‪ ،‬بل يستند إلى‬
‫حرية النسان في اختيار الله الذي يهواه‪ ،‬ولو عبد كل يوم إلهاً‪...‬‬
‫ولو لم يعبد إلها ً على الطلق إل هواه‪.‬‬
‫نعم إن الليبرالية تهدف إلى نزع القداسة عن كل مقدس‪ ،‬أما اليهود‬
‫والهولوكوست فهو المحرم الذي ل يمس!‬
‫لن البنائين الحرار يعملون على هدم الثوابت وإلغاء الخصوصية‬
‫الثقافية‪ ،‬وتدمير مفهوم المقدس واستبداله بمفهوم النسبية في‬
‫الحقائق والعقائد والقيم لزالة الثبات عنها‪ ،‬حتى ل يبقى هناك‬
‫مجال لصول تبنى عليها الهوية‪ ،‬أو ترتكز إليها القيم‪.‬‬
‫وقد صرح أحد كبار الكتاب الدانمرك باستنكاره عن عدم قبول‬
‫المسلمين لهذا النقد لمعتقداتهم بينما تقبل الديانات الخرى النقد!!‬
‫ول يظنن غمر أني بمقالي هذا أعارض الحرية‪ ،‬فالسلم هو دين‬
‫الحرية الحقيقية ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو محرر البشرية‬
‫منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا‪ ،‬حررهم من عبادة العباد إلى عبادة‬
‫رب العباد‪ ،‬ومن جور الديان إلى عدل السلم‪ ،‬إنها حرية لم تذق‬
‫أوروبا طعمها‪ ،‬حين تحررت من طغيان الكنيسة ورجال القطاع‪،‬‬
‫فحاربت الدين لنها لم تعرف دين الله الحق‪ ،‬وإنما عرفت دينًا مبدل‬
‫يصادم العلم والفطرة والعقل‪ .‬فثارت عليه وظنت أنها تحررت‪،‬‬
‫ذلك أن الحرية في السلم حرية القلب والعبودية عبودية القلب‪،‬‬
‫كما أشار إلى ذلك ابن تيمية‪ ،‬وعرفها السخاوي بقوله‪( :‬السلم‬
‫أعطى النسان الحرية وقيدها بالفضيلة حتى ل ينحرف‪ ،‬وبالعدل‬
‫حتى ل يجور‪ ،‬وبالحق حتى ل ينزلق مع الهوى‪ ،‬وبالخير واليثار حتى‬
‫ل تستبد به النانية وبالبعد به عن الضرر حتى ل تستشري فيه غرائز‬
‫الشر)‪.‬‬
‫لقد عاشت القليات وأصحاب الحضارات في ظل السلم عبر‬
‫قرون عديدة في حرية وأمان‪ ،‬والكثير من أعلم الفكر الغربي‬

‫‪470‬‬
‫المنصفين يضربون بالسلم المثل في التسامح والحرية‪ ،‬أما منظرو‬
‫الحروب وزارعو الكراهية المعاصرون من أمثال برنارد لويس‬
‫وهنتنجتون وفوكوياما فإنهم يخوفون من السلم لعتقادهم بأنه‬
‫يملك اليديولوجية الوحيدة القادرة على تحدي المنظومة الليبرالية‪،‬‬
‫ولذلك يبشرون بصراع الحضارات واستعداء السلم‪.‬‬
‫ومن باب النصاف أقول بأن بعض من ينتمي للفكر الليبرالي من‬
‫ضا لهذه الرسومات الشنيعة‪ ،‬ولعل هؤلء ل‬ ‫المسلمين وقف معار ً‬
‫يدركون ما هي الليبرالية ببعدها الفلسفي المضاد لحقيقة السلم‪.‬‬
‫أما بعضهم فقد كان موقفهم مخذلً‪ ،‬فقد سمعت ليبراليا ً سعوديًا‬
‫عبر قناة الحرة المريكية يقول‪ :‬لماذا هذا الغضب لمجرد أفعال‬
‫بسيطة صدرت من الغرب؟ وهل شتم رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم بهذه الصورة الشنيعة يعد بسيطًا أيها الليبرالي؟!!‬
‫أما صحيفة الحرية اليمنية فقد نشرت تلك الصور المشينة فكانت‬
‫بالفعل ليبرالية!!‬
‫إن في هذه الحادثة المؤلمة لكل صاحب قلب سليم فرصة في‬
‫كشف زيف الحرية الغربية وإظهار مفهوم الحرية السلمية‪ ،‬وكيف‬
‫حرر سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم البشرية‪ ،‬ولو علم‬
‫شعب الدنمارك وشعوب العالم أجمع حقيقة وسيرة هذا النبي‬
‫جا‪.‬‬
‫الكريم لدخلوا في دين الله أفوا ً‬
‫وقد أظهرت الستطلعات بأن ‪ %97‬في كندا يرفضون نشر هذه‬
‫الصور‪.‬‬
‫وفي الدنمارك نفدت جميع النسخ المترجمة من القرآن الكريم‪ ،‬مما‬
‫يعني أن هذه الشعوب تطلب الحقيقة‪ ،‬ولكنها محكومة بقوى تحجب‬
‫عنها هذه الحقيقة وتشوهها‪ ،‬فهل قمنا بمساعدة هذه الشعوب في‬
‫الوصول إلى الحقيقة؟!‬
‫* أستاذ العقيدة والديان بجامعة أم القرى‬
‫========================‬
‫المؤتمر الول للنصرة‬

‫الكاتب‪ :‬د‪.‬سلمان بن فهد العودة‬

‫‪471‬‬
‫‪ -1‬ما بين ‪ 23-22‬صفر من هذا العام ‪1427‬هـ انعقد بمدينة المنامة‬
‫بالبحرين المؤتمر العالمي الول لنصرة النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬والذي دعت إليه خمس منظمات ومؤسسات إسلمية من‬
‫المملكة ودولة البحرين‪.‬‬
‫‪ -2‬كان التحضير للمؤتمر متأخراً؛ ولذا وجهت الدعوة لنحو ثلثمائة‬
‫شخصية إسلمية رجاء أن يحضر منهم الثلث أو نحوه‪ ،‬وكانت‬
‫المفاجأة أن الحضور زادوا على الثلثمائة وخمسين‪.‬‬
‫‪ -3‬الحضور شكلوا تنوعا ً جغرافيا ً وفقهيا ً وفكريا ً واسعا ً من أنحاء‬
‫العالم السلمي وأوربا وأمريكا‪ ،‬حيث حضر الكثير من الشخصيات‬
‫المؤثرة والمعتبرة من العلماء والدعاة ورؤساء المراكز والهيئات‬
‫السلمية‪ ،‬وربما لول مرة يجتمع هذا الحشد وهذا التنوع تحت‬
‫سقف واحد ولغاية واحدة‪.‬‬
‫‪ -4‬كانت مطارحة الموضوعات راقية تمتاز بالتنوع والختلف‪ ،‬مع‬
‫السكينة في المعالجة‪ ،‬وبدأ المؤتمر وانقضى دون كلمة حادة‪ ،‬أو‬
‫لفظة خارجة عن نظام الدب‪ ،‬النسيابية والتداول الهادئ هي‬
‫السمة المسيطرة‪ ،‬لقد كان نبل الهدف‪ ،‬وحسن نيات المشاركين ‪-‬‬
‫نحسبهم والله حسيبهم ‪ -‬كافيا ً لنجاح المداولت ومرورها بسلم مع‬
‫ضيق الوقت‪ ،‬ورغبة الجميع في أن يتحدثوا‪ ،‬ومن حقهم وقد قطعوا‬
‫آلف الميال وضحوا بوقتهم ومواعيدهم أن يظفروا بفرصة‬
‫للحديث‪ ،‬ولو وجيزة‪ ،‬وقد تحقق من ذلك الكثير‪.‬‬
‫‪ -5‬الحساس بوجوب التشاور في معالجة الزمة كان معنى‬
‫مشتركًا‪ ،‬فليس مقبول ً أن تترك مثل هذه الحالت الطارئة دون‬
‫ضبط؛ لن ذلك يفضي إلى تلشيها مع الزمن دون مكاسب للمة‪ ،‬أو‬
‫إلى تفاقمها حتى ل يمكن السيطرة عليها‪ .‬والزمات تتكرر‪ ،‬وما‬
‫حدث مرة يمكن أن يحدث مرات‪ ،‬ولذا اتفق المشاركون على أن‬
‫يكون لقاء سنويا ً وليس مؤتمرا ً عابراً‪.‬‬
‫‪ -6‬ولم يكن النهماك برد الفعل كافياً‪ ،‬فالمة الصاعدة تتجه إلى‬
‫الفعل والمبادرة والبناء‪ ،‬وتأسيسا ً على هذا كان التجاه العظم‬
‫للمؤتمر لعداد خطة عمل رشيدة وشاملة لخطاب دعوي ناضج‬
‫لهدف إيصال الصورة الصحيحة للسلم وبني السلم إلى شعوب‬
‫العالم كلها‪ ،‬وليستفيد من التقنيات المعاصرة وثورة التصالت‬
‫لشرح قيم السلم ومبادئه العظيمة التي جاءت كما قال الله‬
‫تعالى‪( :‬رحمة للعالمين)‪.‬‬

‫‪472‬‬
‫فهي ليست سوى (رحمة)‪.‬‬
‫و(للعالمين) وليست للعرب أو المسلمين فحسب‪.‬‬
‫وما بناء المواقع اللكترونية وإعداد البرامج‪ ،‬وإطلق القنوات‬
‫الفضائية‪ ،‬وعقد الندوات والحوارات إل جزء من هذا العمل الشاق‬
‫والضروري في هذه المرحلة الحرجة من حياة المة بل البشرية‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق جاء العلن عن إقامة (المنظمة العالمية‬
‫للنصرة) التي تحمل على عاتقها هذه المهمة الجسيمة‪ ،‬والتي لن‬
‫تنجح بغير دعم وإسناد كبير من القادة والمؤثرين‪ ،‬سواء كانوا في‬
‫سدة الحكم‪ ،‬أو في مجال المال‪ ،‬أوفي نطاق الرأي‪.‬‬
‫‪ -7‬عزز المؤتمر موقف العالم السلمي الذي هب كله ضد الساءة‬
‫الفاجرة التي استهدفت تشويه صورة النبي الكريم ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬ووصمه بالعنف والرهاب والتخلف تحت مسمى حرية‬
‫التعبير‪ ،‬وكان مؤثرا ً أن تجتاح العالم كله موجة من السخط‬
‫والستنكار والستهجان للساءة والسب الصادر من الصحيفة‬
‫الدنماركية‪ ،‬ومن ساندها ووقف إلى جانبها من الرسميين وغيرهم‪،‬‬
‫والذين ينطلقون من مبادئ عنصرية تحث على الكراهية والتحقير‬
‫والزدراء باسم الحرية‪ .‬وفي الوقت ذاته أدان أي ردة فعل غير‬
‫منضبطة كالحرق أو التدمير أو العدوان بغير حق مما حدث في‬
‫فترة من الفترات بسبب شدة الغضب وغياب الموجه‪.‬‬
‫‪ -8‬دعا المؤتمر المسلمين في أوربا وأمريكا والعالم إلى المشاركة‬
‫اليجابية في بناء مجتمعاتهم وتدعيم مؤسساتها‪ ،‬والمحافظة على‬
‫النظمة السارية‪ ،‬ومحاربة العنف والعدوان بكل أشكاله انطلقا ً من‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم‪( :‬إن الله رفيق يحب الرفق في المر‬
‫كله‪ ،‬ويعطي على الرفق ما ل يعطي على العنف وما ل يعطي على‬
‫سواه)‪ ،‬وأكد على أن صدام الحضارات ليس حتما ً لزماً‪ ،‬وأنه ينبغي‬
‫أن تكون العلقة بين الشعوب قائمة على الحوار والحترام والتعاون‬
‫على البر والتقوى‪ ،‬وليس على الثم والعدوان كما أمر ربنا سبحانه‬
‫في كتابه‪.‬‬
‫‪ -9‬قرر المؤتمر أن المقاطعة حق مشروع للشعوب التي اعتدي‬
‫عليها في أعز مقدساتها‪ ،‬نعم‪ .‬ل تستطيع الحكومات المحكومة‬
‫بأنظمة التجارة الدولية أن تقاطع‪ ،‬لكن ل أحد يفرض على‬
‫المستهلك أو التاجر أن يشتري سلعة بعينها‪ ،‬والبدائل موجودة‬
‫خصوصا ً وأن غالب المنتجات الدنماركية زراعية كاللبان والجبان‬

‫‪473‬‬
‫وفي المنتج العربي أو البدائل الخرى من نيوزيلندا أو غيرها ما‬
‫تقوم مقامها‪.‬‬
‫وفي هذا السياق دعا المؤتمر إلى تفعيل التجارة البينية بين البلدان‬
‫السلمية وتوسيع نطاقها‪ ،‬والعمل الجاد على إنتاج السلع الغذائية‬
‫محلياً‪ ،‬كجزء من تنمية الذات وتحرير القرار وتحقيق المن الغذائي‬
‫للدول السلمية‪.‬‬
‫من المؤتمر موقف (شركة آرل للغذية) التي خاطبت‬ ‫‪ -10‬وث َّ‬
‫المؤتمر إعلمياً‪ ،‬عبر أكثر من خمسين مطبوعة عربية ودنماركية‬
‫مستنكرة شاجبة للرسوم متبرئة من فاعلي تلك الجريمة النكراء‪،‬‬
‫مشيدة بموقف المسلمين وأخلقياتهم‪ ،‬وقد تعرضت لحملة‬
‫انتقادات واسعة من جراء موقفها هذا‪ ،‬فكان لزاما ً أن يكافئها‬
‫المؤتمرون على هذا الموقف‪ ،‬وأن يكون ثمة تحفيز وتشجيع‬
‫للشركات الخرى أن تحذو حذوها ومن هنا صدر تأكيد من أمانة‬
‫المؤتمر على التوصية برفع المقاطعة عن منتجاتها في السواق‬
‫السلمية‪.‬‬
‫ومسوغات هذا الموقف كثيرة‬
‫‪ -1‬مجازاة الحسنة بالحسنة‪ ،‬وهو مبدأ شرعي‪.‬‬
‫‪ -2‬اختراق المواقف السلبية في الدنمارك المعارضة لي اعتذار‪،‬‬
‫فضل ً عن الشجب والستنكار‪.‬‬
‫‪ -3‬المقاطعة موقف إيجابي‪ ،‬لكنه قد يتلشى من ذاته كما حدث في‬
‫حالت عديدة سابقة‪ ،‬فأن يتم ترتيبه بطريقة مدروسة‪ ،‬فهذا يعني‬
‫أنه يمكن أن يؤدي في المستقبل دورا ً أكبر‪ ،‬وأن يظل سلحا ً فعّالً‬
‫في يد المسلمين‪.‬‬
‫‪ -4‬مكافأة ذوي السبق مطلب؛ لئل تساوى مع غيرهم‪.‬‬
‫‪ -5‬وقد تتسع دائرة المتفاعلين مع هذا الموقف أوربيا ً ودنماركياً‪،‬‬
‫وبهذا يكون المسلمون حققوا هدفا ً رئيسا ً سعوا إليه‪.‬‬
‫‪ -6‬يجب أل يكون المسلمون في الدنمارك ضحية هذا الحدث بعد‬
‫هدوء العاصفة باعتبارهم سببا ً لما حدث ‪ -‬في نظر الحكومة ‪ -‬وكان‬
‫دورهم في المؤتمر إيجابيا ً جداً‪ ،‬وكذلك في رفع المقاطعة‪ ،‬وهذا‬
‫يرجى أن يكون سببا ً في تدعيم مكانتهم اجتماعيا ً وقطع الطريق‬
‫على المتربصين بهم‪ ،‬وهم كثير‪.‬‬

‫‪474‬‬
‫‪ -7‬التصعيد إلى ما ل نهاية يبدو حل ً عند بعض الناس‪ ،‬ولكنه في‬
‫النهاية يضر أصحابه قبل غيرهم‪ ،‬وإدارة مثل هذه الزمات تتطلب‬
‫اتزانا ً وقراءة ً للصورة في مجملها‪ ،‬ومن جوانبها المختلفة وليس من‬
‫زاوية خاصة‪.‬‬
‫‪ -11‬وقد خلص المؤتمرون إلى أن هذا الحدث وإن كان مؤلما ً في‬
‫ن‬‫بدايته إل أن عواقبه ستكون خيرا ً بإذن الله‪ ،‬وقد قال سبحانه‪{ :‬إ ِ َّ‬
‫خيٌْر‬
‫ل هُوَ َ‬‫شًّرا لَّكُم ب َ ْ‬‫سبُوه ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫م َل ت َ ْ‬
‫منك ُ ْ‬
‫ة ِّ‬‫صب َ ٌ‬
‫ك عُ ْ‬‫جاؤ ُوا بِاْلِفْ ِ‬
‫ن َ‬
‫َ‬
‫َال ّذِي َ‬
‫خيًْرا كَثِيًرا}‪.‬‬ ‫ه فِيهِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫شيْئًا وَي َ ْ‬
‫جعَ َ‬ ‫سى أَن تَكَْرهُوا ْ َ‬ ‫م}‪ ،‬وقال‪{ :‬فَعَ َ‬ ‫ل ّك ُ ْ‬
‫‪ -12‬المؤتمر يتحدث باسم ثلثمائة وخمسين شخصية إسلمية من‬
‫أنحاء العالم‪ ،‬ومن يمثلون ل يتحدث باسم المسلمين‪ ،‬ول باسم‬
‫العلماء‪ ،‬وليس من هدفه مصادرة الجهود الضخمة التي سبقته أو‬
‫جاءت بعده‪ ،‬ول يرى أن ما ينتهي إليه من نتائج له صفة اللزامية‬
‫لحد‪ ،‬إل أولئك الذين يقتنعون بالنتائج ذاتها‪ ،‬والتنوع والتعددية في‬
‫الوسائل والليات والجتهادات حق فطري وشرعي ل يحق لحد أن‬
‫يصادره‪ ،‬أو أن يثرب عليه‪.‬‬
‫وليس مطلوبا ً أن تتحول العمال والرؤى المختلفة إلى تقاطعات‬
‫يدمر بعضها بعضاً‪ ،‬ويتشاغل أهلها فيما بينهم بحروب جانبية‪ ،‬بل‬
‫الحكمة أن تسير في خطوط متوازية متكاملة‪ ،‬مبناها على احترام‬
‫اجتهادات الخرين ونظراتهم وجهودهم‪ ،‬وحسن الظن بهم‪ ،‬والهدف‬
‫واحد‪ ،‬والغاية واحدة‪ ،‬فلتكن الجهود مصروفة إليها بعيدا ً عن‬
‫التقاطعات والتجاذبات السلبية داخل الصفوف‪ .‬وقد حرص المؤتمر‬
‫على استيعاب العديد من التوجهات واحتوائها‪ ،‬والمأمول أن تكون‬
‫هذه صفته الدائمة عبر دوراته القادمة بإذن الله‪.‬‬
‫والحمد لله أول ً وآخرا ً وظاهرا ً وباطناً‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫صحيفة الجزيرة السعودية‬
‫المشروع الفرنجي••• والمشروع الصهيوني‬
‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬عبد الوهاب المسيري‬
‫المختصر‪ /‬المركز الفلسطيني للعلم ‪ /‬ل يملك الدارس‬
‫للمشروعين الفرنجي والصهيوني إل أن يُلحظ عمق التشابه بينهما‪،‬‬
‫وهو أمر متوقع لن كليهما جزء من المواجهة التي تتفاوت في‬
‫حدتها بين التشكيلين الحضاريين السائدين في الغرب والشرق‬

‫‪475‬‬
‫العربي‪ .‬فحملت الفرنجة التي يقال لها الحملت الصليبية‪ ،‬هي‬
‫نقطة انطلق أوروبا نحو التوسع والصرار على بسط سيطرتها على‬
‫الخارج‪ .‬وعلى حد قول أحد مؤرخي حملت الفرنجة الغربيين إن‬
‫حملت الفرنجة احتوت بذور كل أشكال المبريالية الوروبية التي‬
‫حكمت فيما بعد حياة جميع شعوب العالم‪ .‬ولعله لهذا السبب‬
‫أصبحت حملت الفرنجة صورة مجازية أساسية في الخطاب‬
‫الستعماري الغربي‪ ،‬وأصبحت ديباجاتها هي نفسها ديباجات‬
‫المشروع الستعماري الغربي‪.‬‬
‫وقد رأى كثير من المدافعين عن المشروع الصهيوني‪ ،‬من اليهود‬
‫وغير اليهود‪ ،‬أنه استمرار وإحياء للمشروع الفرنجي (أي الصليبي)‬
‫ضعه موضع التنفيذ من جديد في العصر الحديث‪ .‬فلويد‬ ‫ومحاولة وَ ْ‬
‫جورج رئيس الوزارة البريطانية التي أصدرت وعد بلفور‪ ،‬صرح أن‬
‫الجنرال أللنبي الذي قاد القوات النجليزية التي احتلت فلسطين‬
‫شن وربح آخر الحملت الصليبية وأعظمها انتصاراً‪ .‬ويمكننا أن نقول‬
‫إن المشروع الصهيوني هو نفسه المشروع الفرنجي بعد أن تمت‬
‫علمنته‪ ،‬وبعد أن تم إحلل المادة البشرية اليهودية التي تم تحديثها‬
‫وتطبيعها وتغريبها وعلمنتها محل المادة البشرية المسيحية‪.‬‬
‫ولنحاول الن أن نبين بعض نقاط التشابه الساسية بين‬
‫المشروعين‪ ،‬ويبدو أن فلسطين مستهدفة دائما ً من صناع‬
‫المبراطوريات إذ أنها تُعَد ُّ مفتاحا ً أساسيا ً لسيا وأفريقيا‪ ،‬وتُعد ُّ معبراً‬
‫على البحرين الحمر والبيض‪ ،‬وتقف على مشارف الطرق البرية‬
‫التي تؤدي إلى العراق وإيران‪ ،‬وهي أيضا ً معبر أساسي لشطري‬
‫العالم السلمي‪ .‬ولذا نجد أن المشروعين الفرنجي والصهيوني قد‬
‫جعل من فلسطين مسرحا ً لطماعهما ونقطة ارتكاز لنطلقهما‬
‫باعتبارهما مشروعين استعماريين‪.‬‬
‫ولكن المشروعين لم يكونا مشروعين استعماريين فحسب‪ ،‬وإنما‬
‫كانا مشروعين من النوع الستيطاني الحللي‪ .‬فالمشروع الفرنجي‬
‫كان يهدف إلى تكوين جيوب بشرية غربية وممالك فرنجية داخل‬
‫العالم السلمي ولكنها تدين بالولء الكامل للعالم الغربي‪ .‬ولذا‬
‫جاءت جيوش الفرنجة ومعها كتلة بشرية من الغرب المسيحي‬
‫لتحل محل العنصر البشري العربي السلمي‪ .‬والمشروع الغربي‬
‫في هذا ل يختلف عن المشروع الصهيوني إل في بعض التفاصيل‪.‬‬
‫ضر‬ ‫فغزو فلسطين تم أول ً على يد القوات البريطانية‪ ،‬ثم َ‬
‫ح َ‬

‫‪476‬‬
‫المستوطنون الصهاينة بعد ذلك بوصفهم عنصرا ً يقوم بالزراعة‬
‫والقتال‪ .‬وقد كانت المؤسسات القتصادية للفرنجة‪ ،‬مثلها مثل‬
‫قرينتها السرائيلية‪ ،‬تتسم بطابع عسكري‪ ،‬كما أن التنظيم‬
‫القتصادي التعاوني لم يكن مجهول ً لدى الفرنجة‪ .‬ويمكن القول إن‬
‫دويلت الفرنجة‪ ،‬مثلها مثل الدولة الصهيونية‪ ،‬كانت ترسانات‬
‫عسكرية في حالة تأهب دائم لـ"الدفاع عن النفس" وللتوسع كلما‬
‫سنحت لها الفرصة‪.‬‬
‫ومن المعروف أن الغزاة الستيطانيين عادة ما يسلكون طريق‬
‫البحر ثم يستقرون على الساحل أو يحتفظون بركيزتهم الساسية‬
‫فيه (كما حدث في جنوب إفريقيا والجزائر) حتى ل يفقدوا صلتهم‬
‫بالوطن الم فهم يعتمدون عليه اعتمادا ً يكاد يكون كاملً‪ .‬وهذا يعود‬
‫إلى طبيعتهم الستيطانية الحللية‪ ،‬فقد طردوا السكان الصليين‬
‫وحلوا محلهم ومن ثم خلقوا مشكلة لجئين‪ ،‬وتحولوا إلى وقود يجند‬
‫سكان المنطقة ضدهم‪ •.‬لهذا يضطر المستوطنون دفاعا ً عن‬
‫أنفسهم وضمانا ً لبقائهم واستمرارهم أن يستمدوا مقومات بقائهم‬
‫واستمرارهم من دعم عسكري ومالي وهوية ثقافية ومادة بشرية‬
‫من وطنهم الصلي‪ .‬وهذه سمة أساسية في الكيانين الفرنجي‬
‫والصهيوني‪ ،‬مع تنويعات فرعية تنصرف إلى التفاصيل ل الجوهر‪.‬‬
‫والغزوتان الفرنجية والصهيونية كانتا تهدفان إلى حل بعض مشاكل‬
‫المجتمع الغربي وتخفيف حدة تناقضاته‪ .‬فالمجتمع الوسيط الغربي‬
‫كان يخوض عملية بَعْث اقتصادي فتحت شهيته للستيلء على طرق‬
‫التجارة المتجهة إلى الشرق‪ .‬وهذا يشبه من بعض الوجوه‪ ،‬وإن كان‬
‫بدرجة أقل‪ ،‬انفتاح شهية رجل أوروبا الشره في القرن التاسع عشر‬
‫الميلدي الذي لم يهدأ له بال إل بعد أن وقع العالم كله في قبضته‪.‬‬
‫وقد استخدمت أوروبا كل المشروعين‪ ،‬الفرنجي والصهيوني‪ ،‬في‬
‫التخلص مما أطلق عليه في القرن التاسع عشر الميلدي "الفائض‬
‫البشري"‪ ،‬أي العناصر التي لم تستطع أن تحقق الحراك الجتماعي‬
‫داخل مجتمعاتها‪ ،‬ولذا كانت تهدِّد السلم الجتماعي‪ ،‬ولم يكن هناك‬
‫مفر من تصديرها للشرق حتى يحقق الغرب سلما ً اجتماعيا ً داخلياً‪،‬‬
‫كما هو حال المشروع الفرنجي‪ .‬وكل المشروعين يستخدم‬
‫الديباجات الدينية النجيلية والتوراتية لتحقيق أهداف مادية إمبريالية‬
‫علمانية‪ .‬فالمشروع الصليبي جرد الحملت العسكرية باسم أمير‬
‫السلم (المسيح) وقام باحتلل الرض وذبح اللف من سكانها‪.‬‬
‫والمشروع الصهيوني هو الخر جرد حملته العسكرية باسم الوعد‬

‫‪477‬‬
‫اللهي وقداسة الشعب اليهودي فقام بإهدار قداسة وإنسانية‬
‫الفلسطينيين وطردهم من أرضهم‪ .‬وكل المشروعين رغم ادعاءات‬
‫المستوطنين الدينية الصاخبة ل يمكن أن يقبل أن يُحاكما من منظور‬
‫المعايير الخلقية لعقائدهما الدينية‪.‬‬
‫مع الفرنجي ل تختلف عن أزمة التجمع‬ ‫ويبدو أن أزمة التج ُّ‬
‫حظ أن الكيان الفرنجي كان يعاني من أزمة سكانية‪،‬‬ ‫الصهيوني‪ .‬فيُل َ‬
‫وذلك نظرا ً لنخفاض عدد سكان أوروبا عام ‪ 1300‬بعد انتهاء فترة‬
‫تزايد السكان‪ ،‬المر الذي أدَّى إلى عدم مجيء المزيد من المادة‬
‫البشرية‪ ،‬كما كان الكيان الفرنجي يعاني من تناقص نسبة المواليد‪.‬‬
‫وهذا ل يختلف كثيرا ً عن أزمة المستوطَن الصهيوني السكانية‪ ،‬بعد‬
‫أن جفت ينابيع الهجرة اليهودية من شرق أوروبا‪ ،‬لن يهود غرب‬
‫أوروبا والوليات المتحدة ل يهاجرون إلى الدولة الصهيونية‪.‬‬
‫ويلحظ أن كل من المجتمع الصليبي والصهيوني كان يتسم بتقسيم‬
‫ثلثي‪ ،‬ففي القمة كان يأتي الفرنجة في الممالك الصليبية‪ ،‬يقابلهم‬
‫الشكناز في التجمع الصهيوني‪ ،‬وفي الوسط كان يوجد بعض‬
‫المسيحيين الشرقيين الذين تعاونوا مع الفرنجة يقابلهم السفارديم‬
‫في التجمع الصهيوني‪ ،‬وفي القاع كان يوجد المسلمون في كل‬
‫المجتمعين‪.‬‬
‫ومن المعروف أن الجيوب الستيطانية التي ل تبيد السكان‬
‫الصليين مآلها إلى الزوال‪ ،‬لن السكان الصليين يستمرون في‬
‫مقاومتهم حتى ينهكوا عدوهم تماماً‪ .‬وهذا ما حدث بالنسبة لممالك‬
‫الفرنجة فقد تم القضاء عليها‪ ،‬لسباب عديدة‪ ،‬من أهمها أن‬
‫الشعوب السلمية لم ترض بوجود الفرنجة‪ ،‬فاستمرت عملية‬
‫المقاومة زهاء قرنين حتى انتهى المشروع الفرنجي ولم يبق منه‬
‫سوى بعض الخرائب الصليبية‪ .‬وبالنسبة للصهيونية‪ ،‬فمازال العرب‬
‫يقاومون والحمد لله‪ ،‬وأعتقد أن مدريد وأوسلو وقبول الكيان‬
‫الصهيوني للسلطة الفلسطينية هو تعبير عن الرهاق الصهيوني‪.‬‬
‫فقبول "إسرائيل" بالسلطة الفلسطينية هو بدايات الهزيمة‪ ،‬وكما‬
‫يقول بعض المتطرفين الصهاينة إنه لول مرة تم تعريف حدود‬
‫الدولة الصهيونية‪ ،‬وفي هذا اعتراف ضمني بالوجود الفلسطيني‪.‬‬
‫ولول مرة توجد داخل الدولة الصهيونية كتلة بشرية ضخمة تطالب‬
‫بحق تقرير المصير‪ ،‬كما توجد مناطق فلسطينية محررة‪ ،‬بل إن‬

‫‪478‬‬
‫مجرد دخول مصطلح "فلسطيني" في المعجم الصهيوني هو انتصار‬
‫ضخم‪ ،‬لنه يهز الخريطة الدراكية الصهيونية‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫=========================‬
‫المصيبة العظمى‪ ..‬بموت الرسول صلى الله عليه وسلم‬

‫شريف رمضان السكندري‬


‫الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا ً بصيراً‪ ،‬والصلة والسلم على من‬
‫بعثه ربه هاديا ً ومبشرا ً ونذيراً‪.‬‬
‫أما بعد‪....‬‬
‫أحبائي الكرام‪/‬‬
‫في هذا المقال نتحدث عن أشد مصيبة ابتليت بها هذه المة‪...‬‬
‫لنأخذ منها الفوائد والدروس والعبر‪،‬‬
‫ونسأل الله أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه‪.‬‬
‫(المصيبة العظمى)‬
‫فو الله إني لمتحير كيف أدخل إلى هذا الموضوع‪ ،‬ومن أنا أمام هذا‬
‫الموضوع المدهش المحير المبكي؟! إنه موضوع وفاته عليه الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬إنه موضوع انتقاله إلى الرفيق العلى عليه أفضل الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬ولكن ل جدوى إل بحديث يذكرنا بذاك الحدث الجلل‪ ،‬وكل‬
‫حدث بعد وفاته هين سهل بسيط يسير‪.‬‬
‫وقد اخترت هذا الموضوع تحديدًا لشدته على المسلم الحق‪ ،‬ومن‬
‫ثم يهون كل شيء وتسهل كل مصيبة بعد وفاته عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫ورحم الله امرأة قالوا لها بأن زوجها وابنها وأخوها قد قتلوا فلم تأبه‬
‫لذلك وبادرت قائلة‪ :‬ماذا صنع رسول الله – صلى الله عليه وسلم –‬
‫قالوا‪ :‬هو بخير‪ .‬فقالت‪ :‬ل حتى أراه‪ .‬فلما رأته قالت‪ :‬كل المصائب‬
‫بعدك جلل يا رسول الله‪( .‬جلل‪ :‬تعني هينة أو يسيرة)‬
‫ولكن الموت نهاية كل حي‪ ،‬فقد انفرد سبحانه وتعالى بالبقاء وكتب‬
‫ن ع َلَيْهَا‬ ‫على جميع المخلوقات الفناء فقال الله عز وجل‪(:‬ك ُ ُّ‬
‫م ْ‬ ‫ل َ‬
‫فَان) [الرحمن‪ ]26:‬وقال تعالى‪( :‬ك ُ ُّ‬
‫ما‬ ‫ت وَإِن َّ َ‬ ‫مو ِ‬‫ة ال ْ َ ْ‬‫س ذ َائِقَ ُ‬‫ٍ‬ ‫ل نَفْ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ة فقَدْ‬ ‫َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫ْ‬
‫ل ال َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫ن الن ّارِ وَأد ْ ِ‬ ‫ح عَ ِ‬‫حزِ َ‬ ‫ن ُز ْ‬‫م ْ‬ ‫َ‬
‫مةِ ف َ‬ ‫ْ‬
‫م ال َقِيَا َ‬
‫م يَوْ َ‬ ‫ُ‬
‫جوَرك ْ‬ ‫نأ ُ‬ ‫تُوَفَّوْ َ‬
‫متَاع ُ الْغُُرورِ)‪[ .‬آل عمران‪]185:‬‬ ‫حيَاة ُ الدُّنْيَا إ ِ ّل َ‬
‫ما ال ْ َ‬
‫فَاَز وَ َ‬

‫‪479‬‬
‫ولم يستثن أحدًا حتى أكرم الخلق –صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقد قال‬
‫ن) [الزمر‪ ]30:‬ويقول جل‬ ‫مي ِّتُو َ‬‫م َ‬ ‫ت وَإِنَّهُ ْ‬ ‫مي ِّ ٌ‬
‫ك َ َ‬ ‫الله عز وجل‪( :‬إِن َّ َ‬
‫َ‬ ‫خل َت من قَبلِه الُرس ُ َ‬
‫ت أوْ‬ ‫ما َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ل أفَإ ِ ْ‬ ‫ل قَد ْ َ ْ ِ ْ ْ ِ ّ ُ‬ ‫سو ٌ‬ ‫مد ٌ إ ِ ّل َر ُ‬ ‫ح َّ‬ ‫م َ‬‫ما ُ‬ ‫ذكره‪( :‬وَ َ‬
‫هّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضَّر الل َ‬‫ن يَ ُ‬ ‫ب ع َلى عَقِبَيْهِ فَل ْ‬ ‫ن يَنْقَل ِ ْ‬
‫م ْ‬ ‫م َو َ‬ ‫م ع َلى َأعْقَابِك ُ ْ‬ ‫ل انْقَلَبْت ُ ْ‬‫قُت ِ َ‬
‫ن [آل عمران‪.]144:‬‬ ‫ه ال َّ‬ ‫جزِي الل ّ ُ‬ ‫شيْئا ً وَ َ‬ ‫َ‬
‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫سي َ ْ‬
‫فليبن أهل البغي والعدوان بروجا ً من التحسين إن شاءوا‪ ،‬فو الله‬
‫ليموتن ولو كانوا في بروج مشيدة‪ ،‬والموت وما أدراك ما الموت؟!‬
‫ض‬ ‫َْ‬ ‫إنه مصيبة كما سماه ربنا تبارك وتعالى‪( :‬إ َ‬
‫م فِي الْر ِ‬ ‫ضَربْت ُ ْ‬‫م َ‬ ‫ن أنْت ُ ْ‬
‫ِ ْ‬
‫َ‬
‫ت) [المائدة‪.]106:‬‬ ‫موْ ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫م ِ‬‫م ُ‬ ‫صابَتْك ُ ْ‬
‫فَأ َ‬
‫ولكن ليست كل المصائب كفقده صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫(طلئع التوديع)‬
‫ولما تكاملت الدعوة وسيطر السلم على الموقف‪ ،‬أخذت طلئع‬
‫التوديع للحياة والحياء تطلع من مشاعره صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وتتضح بعباراته وأفعاله ‪.‬‬
‫إنه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوماً‪ ،‬بينما كان‬
‫ل يعتكف إل عشرة أيام فحسب‪ ،‬وتدارسه جبريل القرآن مرتين‪،‬‬
‫وقال في حجة الوداع ‪ ( :‬إني ل أدري لعلى ل ألقاكم بعد عامي هذا‬
‫بهذا الموقف أبدا ً ) ‪ ،‬وقال وهو عند جمرة العقبة ‪ ( :‬خذوا عني‬
‫مناسككم‪ ،‬فلعلي ل أحج بعد عامي هذا ) ‪ ،‬وأنزلت عليه سورة‬
‫النصر في أوسط أيام التشريق‪ ،‬فعرف أنه الوداع وأنه نعيت إليه‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫وفي أوائل صفر سنة ‪ 11‬هـ خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫أحد‪ ،‬فصلي على الشهداء كالمودع للحياء والموات‪ ،‬ثم انصرف‬
‫إلى المنبر فقال ‪ ( :‬إني فرط لكم‪ ،‬وأنا شهيد عليكم‪ ،‬وإني والله‬
‫لنظر إلى حوضي الن‪ ،‬وإني أعطيت مفاتيح خزائن الرض‪ ،‬أو‬
‫مفاتيح الرض‪ ،‬وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي‪ ،‬ولكني‬
‫أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ) ‪.‬‬
‫قيع‪ ،‬فاستغفر لهم‪ ،‬وقال ‪:‬‬ ‫وخرج ليلة ـ في منتصفها ـ إلى الب َ ِ‬
‫ن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح‬ ‫( السلم عليكم يا أهل المقابر‪ ،‬لِيَهْ َ‬
‫الناس فيه‪ ،‬أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم‪ ،‬يتبع آخرها أولها‪،‬‬
‫والخرة شر من الولي ) ‪ ،‬وبشرهم قائل ً ‪ ( :‬إنا بكم للحقون ) ‪.‬‬
‫(مرض النبي صلى الله عليه و سلم)‬

‫‪480‬‬
‫ويوم الخميس‪ ،‬وما أدراك ما يوم الخميس؟!‬
‫يوم زار المرض رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لما ذكر هذا‬
‫اليوم شيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬قال‪ :‬بأبي هو وأمي زاره المرض يوم‬
‫الخميس‪ .‬نعم‪ ،‬بأبي هو وأمي‪ ،‬وليت ما أصابه أصابنا‪ ،‬فإن مصابه‬
‫رزية على كل مسلم‪ ،‬ولكن رفعا ً لدرجاته وتعظيما ً له عند موله‪.‬‬
‫ذكر ابن كثير بسند جيد قال‪ :‬كان ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه‬
‫يقلب الحصى في المسجد الحرام ويقول‪[ :‬يوم الخميس‪ ،‬وما يوم‬
‫الخميس ‪-‬وهو يبكي‪ -‬يوم زار المرض فيه رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم]‪.‬‬
‫فديناك من حب وإن زادنا كربا ً فإنك كنت الشمس في الشرق أو‬
‫غربًا‬
‫وكان الصحابة يفدونه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ففي صحيح مسلم عن‬
‫عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت‪{ :‬خرج رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم إلى بقيع الغرقد وعاد وهو معصوب الرأس‪ ،‬فتقول‬
‫عائشة ‪ -‬وقد فجعت رضي الله عنها وأرضاها‪{ :-‬وارأساه!{ فقال‬
‫صلى الله وسلم‪( :‬بل أنا وا رأساه) وصدق صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فإن صداع الموت قد وصل إلى رأسه الشريف‪.‬‬
‫انظروا عباد الله هذا حال نبينا عليه الصلة والسلم عند مرض‬
‫موته‪ ،‬وهو أكرم خلق الله على الله‪ ،‬فما بالنا نحن‪ ،‬وفينا ما فينا‪،‬‬
‫الله المستعان‪.‬‬
‫ثم لما أحس صلى الله عليه وسلم بدنو الجل كما عند البخاري في‬
‫الجنائز من حديث عقبة بن عامر قال‪{ :‬خطبنا رسول الله صلى‬
‫َ‬
‫الله عليه وسلم بعدما وصل الشهداء في أحد‪ ،‬فسل ّم عليهم سلم‬
‫المودع‪ ،‬ثم قال‪( :‬يا أيها الناس‪ :‬والله ما أخاف عليكم الفقر‪ ،‬ولكن‬
‫أخاف أن تفتح عليكم الدنيا‪ ،‬فتنافسوها كما تنافسوها‪ ،‬فتهلككم كما‬
‫أهلكتهم)}‬
‫وصدق عليه الصلة والسلم‪ ،‬فو الله ما قطعت أعناقنا إل الدنيا‪،‬‬
‫وما أفسد ديننا إل الدنيا‪ ،‬وما ذهب بأخلقنا وآدابنا إل الدنيا‪...‬‬
‫و عند أحمد في المسند بسند حسن عن أبي مويهبة قال‪ :‬قال لي‬
‫صلى الله عليه وسلم في الليل الدامس‪( :‬يا أبا مويهبة! أسرج لي‬
‫دابتي)‪ ،‬فأسرجت له دابته عليه الصلة والسلم‪ ،‬فركبها فذهبت معه‬
‫َ‬
‫حتى أتى الشهداء في أحد‪ ،‬فسل ّم عليهم سلم المودع‪ ،‬وقال‪( :‬أنا‬

‫‪481‬‬
‫شهيد عليكم أنكم عند الله شهداء)‪ ،‬ثم قال‪( :‬يا أبا مويهبة! خيرت‬
‫بين البقاء وأعطى مفاتيح خزائن الدنيا وبين لقاء الرفيق العلى)‪،‬‬
‫قال‪ :‬أبو مويهبة بأبي أنت وأمي يا رسول الله! خذ مفاتيح الدنيا‪،‬‬
‫وأطل عمرك في الدنيا ما استطعت‪ ،‬ثم اختر الرفيق العلى‪ ،‬فقال‬
‫عليه الصلة والسلم‪( :‬بل الرفيق العلى‪ ،‬بل الرفيق العلى‪ ،‬بل‬
‫الرفيق العلى)}‪.‬‬
‫انظروا إليه عليه الصلة والسلم وهو في مرض موته يعلم أمته‬
‫الدروس الوجيزة المفيدة‪ ،‬وخلصة تلك الحياة العامرة في الدعوة‬
‫لدين الله تبارك وتعالى والتي يصل بها العبد إلى أعلى المراتب‬
‫اليمانية ومن هذه الدروس‪-:‬‬
‫‪-1‬عدم الركون إلى الدنيا والتنافس عليها لنها أهلكت من قبلنا‪.‬‬
‫‪-2‬أن من يحب الله جل وعز يكون دائما في اشتياق إلى لقائه‪،‬‬
‫و(من أحب لقاء الله أحب الله لقائه)‪.‬‬
‫‪-3‬المؤمن ل يفتر أبدًا عن حمل هم الدعوة حتى ولو كان على في‬
‫مرض الموت‪.‬‬
‫(على فراش الموت)‬
‫ووقع صلى الله عليه وسلم على فراش الموت‪ ،‬وعصب رأسه‪،‬‬
‫وأخذت الحمى تنفضه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فكما جاء عند الترمذي‬
‫وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪( :‬إن الله إذا أحب‬
‫قوما ً ابتلهم‪ ،‬فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط)‪.‬‬
‫وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪( :‬ل يصيب المؤمن هم ول‬
‫غم ول حزن ول مرض‪ ،‬حتى الشوكة يشاكها إل كفر الله بها من‬
‫خطاياه)‪.‬‬
‫ويقول عليه الصلة والسلم كما في كتاب الطب والمرض للبخاري‪:‬‬
‫(إن المؤمن كالخامة من الزرع‪ ،‬ل تزال الريح تفيئها يمنة ويسرة‪،‬‬
‫وأما المنافق كالرزة‪ ،‬ل تزال قائمة منتصبة حتى يكون انجعافها‬
‫مرة واحدة)‪.‬‬
‫المؤمن يحم‪ ،‬المؤمن يصاب ويمرض ويجوع‪ ،‬لكن المنافق يسمن‬
‫ويترك حتى تأتيه قاصمة الظهر مرة واحدة‪.‬‬
‫ول ذنوب له صلى الله عليه وسلم؛ لن الله غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه وما تأخر‪ ،‬ولكن رفعت درجاته عليه الصلة والسلم‪ ،‬جاء في‬
‫الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‪{:‬دخلت على رسول‬

‫‪482‬‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك ‪-‬أي‪ :‬في مرض موته‪-‬‬
‫فمسسته بيدي‪ -‬بأبي هو وأمي عليه الصلة والسلم‪ -‬فقلت‪:‬يا‬
‫رسول الله! إنك توعك وعكا ً شديداً‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ .‬إني أوعك كما‬
‫يوعك رجلن منكم‪ .‬قلت‪ :‬ذلك بأن لك الجر مرتين يا رسول الله‪.‬‬
‫قال‪ :‬نعم‪ .‬ثم قال‪ :‬ما من مؤمن يصيبه هم أو غم أو حزن أو مرض‬
‫إل كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة يشاكها}‪.‬‬
‫فيا من ابتلك الله بالمرض ل تيأس ول تحزن واصبر واحتسب فإن‬
‫هذا خير لك إذا صبرت واحتسبت ورضيت بقضاء الله تبارك وتعالي‪.‬‬
‫فقد قال عليه الصلة والسلم (عجبا لمر المؤمن إن أمره كله خير‪،‬‬
‫وليس ذاك لحد إل للمؤمن؛ إن أصابته سّراء شكر؛ فكان خيرا ً له‪،‬‬
‫وإن أصابته ضّراء صبر؛ فكان خيرا ً له)‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬
‫فل تحزن عبد الله إذا أصابك مرض وانظر إلى رسول الله عليه‬
‫الصلة والسلم يتألم كما يتألم الرجلن وهو من هو‪ ،‬ورغم ذلك‬
‫ضا وهو على فراش الموت فيقول‪(:‬ما من مؤمن يصيبه‬ ‫يبشرنا أي ً‬
‫هم أو غم أو حزن أو مرض إل كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة‬
‫يشاكها)‬
‫الله أكبر‪ ...‬الله أكبر‪ ...‬الله أكبر‪.‬‬
‫ما أجملها من بشرى‪..‬‬
‫(قبل الوفاة بخمسة أيام)‬
‫ويوم الربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة‪ ،‬اتقدت حرارة العلة في‬
‫بدنه‪ ،‬فاشتد به الوجع وغمي‪ ،‬فقال ‪ ( :‬هريقوا علي سبع قَِرب من‬
‫آبار شتي‪ ،‬حتى أخرج إلى الناس‪ ،‬فأعهد إليهم ) ‪ ،‬فأقعدوه في‬
‫ب‪ ،‬وصبوا عليه الماء حتى طفق يقول ‪ ( :‬حسبكم‪ ،‬حسبكم )‬ ‫ض ٍ‬
‫خ َ‬
‫م َ‬
‫ِ‬
‫‪.‬‬
‫وعند ذلك أحس بخفة‪ ،‬فدخل المسجد متعطفا ً ملحفة على منكبيه‪،‬‬
‫قد عصب رأسه بعصابة دسمة حتى جلس على المنبر‪ ،‬وكان آخر‬
‫مجلس جلسه‪ ،‬فحمد الله وأثني عليه‪ ،‬ثم قال ‪ ( :‬أيها الناس‪،‬‬
‫إلي ) ‪ ،‬فثابوا إليه‪ ،‬فقال ـ فيما قال ‪ ( :‬لعنة الله على اليهود‬
‫والنصارى‪ ،‬اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ـ وفي رواية ‪ ( :‬قاتل الله‬
‫اليهود والنصارى‪ ،‬اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) ـ وقال ‪ ( :‬ل تتخذوا‬
‫قبري وثنا ً يعبد ) ‪.‬‬

‫‪483‬‬
‫خرج بأبي هو وأمي عليه الصلة والسلم على الناس‪ ،‬يقول ابن‬
‫عباس كما جاء من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة في‬
‫الصحيحين‪{ :‬خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس‪،‬‬
‫وهو عاصب على رأسه بعصابة دسمة‪- ،‬وقيل‪ :‬سوداء‪ -‬وهو بين‬
‫علي والعباس‪ ،‬على كتفيهما رضوان الله عليهما‪ ،‬وأقدامه من‬
‫المرض تخط في الرض‪ ،‬فأجلساه على المنبر‪ ،‬فلما رأى الناس‬
‫قال‪( :‬يا أيها الناس‪ :‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ..‬زاد‬
‫ق ربي‪ ،‬وسوف‬ ‫البيهقي كما قال ابن كثير‪ :‬يا أيها الناس‪ :‬إني مل ٍ‬
‫أخبره بما أجبتموني به‪ ،‬يا أيها الناس‪ :‬من سببته أو شتمته أو أخذت‬
‫من ماله فليقتص مني الن قبل أل يكون درهما ً ول ديناراً‪ ،‬قال‬
‫أنس‪ :‬فنظرت إلى الناس وكل واضع رأسه بين رجليه من البكاء‪ ،‬ثم‬
‫قال عليه الصلة والسلم‪ :‬يا أيها الناس‪ :‬اللهم من سببته أو شتمته‬
‫أو أخذت من ماله أو ضربته فاجعلها رحمة عندك} وعند أبي داود‪:‬‬
‫{إني أخذت عند ربي عهدا ً أيما مسلم شتمته أو سببته أو ضربته‪،‬‬
‫أن يجعلها كفارة له ورحمة} فاستبشر الناس بهذا‪ ،‬وأخذوا يقولون‪:‬‬
‫فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله! وعاد إلى فراشه‪.‬‬
‫وعرض نفسه للقصاص قائل ً ‪ ( :‬من كنت جلدت له ظَهًْرا فهذا‬
‫عْرضا ً فهذا عرضي‬ ‫ظهري فليستقد منه‪ ،‬ومن كنت شتمت له ِ‬
‫فليستقد منه ) ‪.‬‬
‫ثم نزل فصلى الظهر‪ ،‬ثم رجع فجلس على المنبر‪ ،‬وعاد لمقالته‬
‫الولي في الشحناء وغيرها ‪ .‬فقال رجل ‪ :‬إن لي عندك ثلثة دراهم‪،‬‬
‫فقال ‪ ( :‬أعطه يا فضل ) ‪ ،‬ثم أوصي بالنصار قائل ً ‪:‬‬
‫شي وع َيْبَتِي‪ ،‬وقد قضوا الذي عليهم‬ ‫( أوصيكم بالنصار‪ ،‬فإنهم كِْر ِ‬
‫سنهم‪ ،‬وتجاوزوا عن مسيئهم ) ‪،‬‬ ‫ح ِ‬
‫م ْ‬
‫وبقي الذي لهم‪ ،‬فاقبلوا من ُ‬
‫ل النصار حتى يكونوا‬ ‫وفي رواية أنه قال ‪ ( :‬إن الناس يكثرون‪ ،‬وتَقِ ُّ‬
‫كالملح في الطعام‪ ،‬فمن ولي منكم أمرا ً يضر فيه أحدا ً أو ينفعه‬
‫فليقبل من محسنهم‪ ،‬ويتجاوز عن مسيئهم ) ‪.‬‬
‫ثم قال ‪ ( :‬إن عبدا ً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء‪،‬‬
‫وبين ما عنده‪ ،‬فاختار ما عنده ) ‪ .‬قال أبو سعيد الخدري ‪ :‬فبكي أبو‬
‫بكر ‪ .‬قال ‪ :‬فديناك بآبائنا وأمهاتنا‪ ،‬فعجبنا له‪ ،‬فقال الناس ‪ :‬انظروا‬
‫إلى هذا الشيخ‪ ،‬يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد‬
‫خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا‪ ،‬وبين ما عنده‪ ،‬وهو يقول ‪:‬‬

‫‪484‬‬
‫فديناك بآبائنا وأمهاتنا ‪ .‬فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو‬
‫المخير‪ ،‬وكان أبو بكر أعلمنا ‪.‬‬
‫ن الناس‬ ‫ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ( :‬إن من أم ّ‬
‫على في صحبته وماله أبو بكر‪ ،‬ولو كنت متخذا ً خليل ً غير ربي ل‬
‫اتخذت أبا بكر خليلً‪ ،‬ولكن أخوة السلم ومودته‪ ،‬ل يبقين في‬
‫المسجد باب إل سد‪ ،‬إل باب أبي بكر ) ‪.‬‬
‫وانظر إلى حرصه عليه الصلة والسلم من خلل تلك الوصايا‬
‫الغالية التي أسداها لصحابه الكرام وللمة من بعدهم وأيضا‬
‫سماحته‪ ،‬وإرساء دعائم العقيدة السلمية الصحيحة وهو يودع أمته‬
‫عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫(قبل الوفاة بأربعة أيام)‬
‫ويوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام قال ـ وقد اشتد به الوجع ‪:‬‬
‫( هلموا أكتب لكم كتابا ً لن تضلوا بعده ) ـ وفي البيت رجال فيهم‬
‫عمر ـ فقال عمر ‪ :‬قد غلب عليه الوجع‪ ،‬وعندكم القرآن‪ ،‬حسبكم‬
‫كتاب الله‪ ،‬فاختلف أهل البيت واختصموا‪ ،‬فمنهم من يقول ‪ :‬قربوا‬
‫يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومنهم من يقول ما‬
‫قال عمر‪ ،‬فلما أكثروا اللغط والختلف قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ( :‬قوموا عني ) ‪.‬‬
‫وأوصى ذلك اليوم بثلث ‪ :‬أوصي بإخراج اليهود والنصارى‬
‫والمشركين من جزيرة العرب‪ ،‬وأوصي بإجازة الوفود بنحو ما كان‬
‫يجيزهم‪ ،‬أما الثالث فنسيه الراوي ‪ .‬ولعله الوصية بالعتصام‬
‫بالكتاب والسنة‪ ،‬أو تنفيذ جيش أسامة‪ ،‬أو هي ‪ ( :‬الصلة وما ملكت‬
‫أيمانكم ) ‪.‬‬
‫والنبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان به من شدة المرض كان‬
‫يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم ـ يوم الخميس قبل‬
‫الوفاة بأربعة أيام ـ وقد صلي بالناس ذلك اليوم صلة المغرب‪،‬‬
‫فقرأ فيها بالمرسلت عرفا ً ‪.‬‬
‫وعند العشاء زاد ثقل المرض‪ ،‬بحيث لم يستطع الخروج إلى‬
‫المسجد ‪ .‬قالت عائشة ‪ :‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫َ‬
‫صل ّى الناس ؟ ) قلنا ‪ :‬ل يا رسول الله‪ ،‬وهم ينتظرونك ‪ .‬قال ‪:‬‬ ‫(أ َ‬
‫ضب ) ‪ ،‬ففعلنا‪ ،‬فاغتسل‪ ،‬فذهب لينوء‬ ‫خ َ‬
‫م ْ‬
‫( ضعوا لي ماء في ال ِ‬
‫فأغمي عليه ‪ .‬ثم أفاق‪ ،‬فقال ‪ ( :‬أصلى الناس ؟ ) ـ ووقع ثانيا ً وثالثاً‬

‫‪485‬‬
‫ما وقع في المرة الولي من الغتسال ثم الغماء حينما أراد أن ينوء‬
‫ـ فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس‪ ،‬فصلي أبو بكر تلك اليام‬
‫‪ 17‬صلة في حياته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهي صلة العشاء من‬
‫يوم الخميس‪ ،‬وصلة الفجر من يوم الثنين‪ ،‬وخمس عشرة صلة‬
‫فيما بينها ‪.‬‬
‫وراجعت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم ثلث أو أربع مرات؛‬
‫ليصرف المامة عن أبي بكر حتى ل يتشاءم به الناس‪ ،‬فأبي وقال ‪:‬‬
‫( إنكن لنتن صواحب يوسف‪ ،‬مروا أبا بكر فليصل بالناس)‪.‬‬
‫ضا حرصه عليه الصلة والسلم من خلل تلك الوصايا‬ ‫وفيه هذا أي ً‬
‫الغالية التي أسداها لصحابه الكرام وللمة من بعدهم وأيضا‬
‫سماحته‪ ،‬وإرساء دعائم العقيدة السلمية الصحيحة وهو يودع أمته‬
‫عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫(ثلثة أيام قبل الوفاة)‬
‫قبل ثلثة أيام‬
‫قال جابر ‪ :‬سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلث وهو‬
‫يقول ‪ ( :‬أل ل يموت أحد منكم إل وهو يحسن الظن بالله ) ‪.‬‬
‫ما أجملها من وصية وهي مصداق الحديث القدسي وفيه يقول الله‬
‫تعالى (أنا عند ظن عبدي بي)‪.‬‬
‫قبل يوم أو يومين‬
‫ويوم السبت أو الحد وجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه‬
‫خفة‪ ،‬فخرج بين رجلين لصلة الظهر‪ ،‬وأبو بكر يصلي بالناس‪ ،‬فلما‬
‫رآه أبو بكر ذهب ليتأخر‪ ،‬فأومأ إليه بأل يتأخر‪ ،‬قال ‪ ( :‬أجلساني إلى‬
‫جنبه ) ‪ ،‬فأجلساه إلى يسار أبي بكر‪ ،‬فكان أبو بكر يقتدي بصلة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع الناس التكبير ‪.‬‬
‫قبل يوم‬
‫وقبل يوم من الوفاة ـ يوم الحد ـ أعتق النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫غلمانه‪ ،‬وتصدق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده‪ ،‬ووهب للمسلمين‬
‫أسلحته‪ ،‬وفي الليل أرسلت عائشة بمصباحها امرأة من النساء‬
‫وقالت ‪ :‬أقطري لنا في مصباحنا من ع ُكَّتِك السمن‪ ،‬وكانت درعه‬
‫صلى الله عليه وسلم مرهونة عند يهودي بثلثين صاعا ً من الشعير ‪.‬‬
‫وفي هذا جواز المعاملة مع أهل الكتاب‪.‬‬

‫‪486‬‬
‫(آخر يوم من الحياة)‬
‫روي أنس بن مالك ‪ :‬أن المسلمين بينا هم في صلة الفجر من يوم‬
‫الثنين ـ وأبو بكر يصلي بهم ـ لم يفجأهم إل رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم‪ ،‬وهم في صفوف‬
‫الصلة‪ ،‬ثم تبسم يضحك ‪ -‬يا لقلبي ويا لشعري ما لهذا التبسم‪ ،‬وما‬
‫لهذا التعجب! إنه ‪-‬إن شاء الله‪ -‬تبسم لنه رأى الصفوف منتظمة‪،‬‬
‫ورأى الدعوة حية‪ ،‬ورأى الرسالة منتصرة‪ ،‬ورأى ل إله إل الله‬
‫مرتفعة‪ ،‬ورأى أبا بكر يصلي بالناس‪ ،‬ورأى دعوة التوحيد قد ضربت‬
‫بجرانها في الجزيرة‪ ،‬فحق له أن يتبسم‪ ،-‬فنكص أبو بكر على‬
‫عقبيه؛ ليصل الصف‪ ،‬وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫م المسلمون أن يفتتنوا‬ ‫يريد أن يخرج إلى الصلة ‪ .‬فقال أنس ‪ :‬وهَ َّ‬
‫حا برسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فأشار إليهم‬ ‫في صلتهم‪ ،‬فََر ً‬
‫بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلتكم‪ ،‬ثم دخل‬
‫الحجرة وأرخي الستر ‪.‬‬
‫ثم لم يأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت صلة أخرى‬
‫‪.‬‬
‫ساَّرها‬
‫ولما ارتفع الضحى‪ ،‬دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة ف َ‬
‫بشيء فبكت‪ ،‬ثم دعاها‪ ،‬فسارها بشيء فضحكت‪ ،‬قالت عائشة ‪:‬‬
‫فسألنا عن ذلك ـ أي فيما بعد ـ فقالت ‪ :‬سارني النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه‪ ،‬فبكيت‪ ،‬ثم سارني‬
‫فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت ‪.‬‬
‫وبشر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بأنها سيدة نساء العالمين‬
‫‪.‬‬
‫ورأت فاطمة ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرب‬
‫الشديد الذي يتغشاه ‪.‬‬
‫فقالت ‪ :‬وا كرب أباه ‪ .‬فقال لها ‪ ( :‬ليس على أبيك كرب بعد‬
‫اليوم ) ‪.‬‬
‫ودعا الحسن والحسين فقبلهما‪ ،‬وأوصي بهما خيراً‪ ،‬ودعا أزواجه‬
‫فوعظهن وذكرهن ‪.‬‬
‫وطفق الوجع يشتد ويزيد‪ ،‬وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى‬
‫كان يقول ‪ ( :‬يا عائشة‪ ،‬ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر‪،‬‬
‫فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السم ) ‪.‬‬

‫‪487‬‬
‫صة له على وجهه‪ ،‬فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه‪،‬‬ ‫مي َ‬ ‫خ ِ‬
‫وقد طرح َ‬
‫فقال وهو كذلك ـ وكان هذا آخر ما تكلم وأوصي به الناس ‪ ( :‬لعنة‬
‫الله على اليهود والنصارى‪ ،‬اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ـ يحذر ما‬
‫صنعوا ـ ل يبقين دينان بأرض العرب ) ‪.‬‬
‫وأوصى الناس فقال ‪ ( :‬الصلة‪ ،‬الصلة‪ ،‬وما ملكت أيمانكم ) ‪ ،‬كرر‬
‫ذلك مرارا ً ‪.‬‬
‫فما أروعها من وصايا وما أبعد المسلمين عنها في أيامنا هذه‪.‬‬
‫(الحتضار)‬
‫وبدأ الحتضار فأسندته عائشة إليها‪ ،‬وكانت تقول ‪ :‬إن من نعم الله‬
‫على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي‬
‫حرِي‪ ،‬وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند‬ ‫حرِي ون َ ْ‬‫س ْ‬
‫يومي وبين َ‬
‫موته ‪ -.‬ويا لسعادة الزوجة بزوجها! ويا لسعادة الحبيبة بحبيبها! ويا‬
‫لفرحتها بمؤنسها وبرجلها في آخر عمره وهو يلصق رأسه بحجرها‬
‫رضي الله عنها وأرضاها!‪ -‬و دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ـ وبيده‬
‫السواك‪ ،‬وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فرأيته ينظر‬
‫إليه‪ ،‬وعرفت أنه يحب السواك‪ ،‬فقلت ‪ :‬آخذه لك ؟ فأشار برأسه‬
‫أن نعم ‪ .‬فتناولته فاشتد عليه‪ ،‬وقلت ‪ :‬ألينه لك ؟ فأشار برأسه أن‬
‫نعم ‪ .‬فلينته‪ ،‬فأمره ـ وفي رواية أنه استن به كأحسن ما كان مستنا‬
‫َ‬
‫ـ ‪ ،-‬ليلقى الله طيباً‪ ،‬فإن حياته طيبة‪ ،‬ووفاته طيبة (يَا أيَّتُهَا النَّفْ ُ‬
‫س‬
‫عبَادِي *‬ ‫خلِي فِي ِ‬ ‫ضي َّ ً‬
‫ة * فَاد ْ ُ‬ ‫مْر ِ‬
‫ة َ‬
‫ضي َ ً‬ ‫جعِي إِلَى َرب ِّ ِ‬
‫ك َرا ِ‬ ‫ة * اْر ِ‬ ‫مئِن َّ ُ‬
‫مط ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫جنَّتِي)‪[ .‬الفجر‪ - .]30-27:‬وبين يديه َركْوَة فيها ماء‪ ،‬فجعل‬ ‫خلِي َ‬ ‫وَاد ْ ُ‬
‫يدخل يديه في الماء فيمسح به وجهه‪ ،‬يقول ‪ ( :‬ل إله إل الله‪ ،‬إن‬
‫للموت سكرات ‪ ) . . .‬الحديث ‪.‬‬
‫وما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو أصبعه‪ ،‬وشخص‬
‫بصره نحو السقف‪ ،‬وتحركت شفتاه‪ ،‬فأصغت إليه عائشة وهو يقول‬
‫‪ ( :‬مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء‬
‫والصالحين‪ ،‬اللهم اغفر لي وارحمني‪ ،‬وألحقني بالرفيق العلى ‪.‬‬
‫اللهم‪ ،‬الرفيق العلى ) ‪.‬‬
‫كرر الكلمة الخيرة ثلثاً‪ ،‬ومالت يده ولحق بالرفيق العلى ‪ .‬إنا لله‬
‫وإنا إليه راجعون ‪.‬‬

‫‪488‬‬
‫وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم الثنين ‪ 12‬ربيع الول‬
‫سنة ‪11‬هـ‪ ،‬وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلث وستون سنة‬
‫وزادت أربعة أيام ‪.‬‬
‫يوم توفاه الله إليه ليكرمه جزاء ما قدم للمة‪ ،‬يوم قبضه الله‪ ،‬قال‬
‫أنس‪( :‬ظننا أن القيامة قامت يوم توفي رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم) أي مصيبة أكبر من مصيبة وفاته على المة؟! أي حدث وقع‬
‫في تاريخ النسان يوم توفي خير إنسان وأفضل إنسان عليه الصلة‬
‫والسلم؟! ولكن نقول الن وبعد الن ويوم نلقى الرحمن‪ :‬إنا لله‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة قَالُوا إِنَّا لِل ّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ‬‫صيب َ ٌ‬
‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫صابَتْهُ ْ‬ ‫وإنا إليه راجعون! (ال ّذِي َ‬
‫ن إِذ َا أ َ‬
‫م‬‫ك هُ ُ‬ ‫ة وَأُولَئ ِ َ‬ ‫م ٌ‬‫ح َ‬
‫م وََر ْ‬ ‫ن َربِّهِ ْ‬‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫صلَوَا ٌ‬‫م َ‬ ‫ن * أُولَئ ِ َ‬
‫ك ع َلَيْهِ ْ‬ ‫جعُو َ‬ ‫َرا ِ‬
‫ن)‪[ .‬البقرة‪.]157-156:‬‬ ‫مهْتَدُو َ‬‫ال ْ ُ‬
‫(الفراق الليم)‬
‫وتسرب النبأ الفادح‪ ،‬وأظلمت على أهل المدينة أرجاؤها وآفاقها ‪.‬‬
‫وبقي جثمانه الشريف في غرفة عائشة رضي الله عنها وأرضاها‪،‬‬
‫ولكن ما هو حال الصحابة؟‬
‫فدا ً لك من يقصر عن فداك فل ملك إذا ً إل فداكا‬
‫أروح وقد ختمت على فؤادي بحبك أن يحل به سواكا‬
‫إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى‬
‫وقف الصحابة في موقف ل يعلمه إل الله‪ ،‬وفي دهشة ل يعلمها إل‬
‫الحي القيوم‪ ،‬كلهم يكذب الخبر‪ ،‬ول يصدق إل من أتاه اليقين‪..‬‬
‫طوى الجزيرة حتى جاءني خبر فزعت فيه بآمالي إلى الكذب‬
‫حتى إذا لم يدع لي صدقه أمل ً شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي‬
‫وقفوا حول مسجده صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأغلق بابه الشريف‬
‫على جثمانه‪ ،‬وبقيت عائشة رضي الله عنها وأرضاها تبكي مع‬
‫النساء‪ ،‬أما السكك فقد امتلت بالبكاء والعويل والنحيب‪ ،‬وأما عمر‬
‫رضي الله عنه وأرضاه فوقف عند المنبر يسل سيف الخلص‬
‫والصدق الذي نصر به دين الله‪ ،‬ويقول‪ :‬يا أيها الناس‪ :‬من كان يظن‬
‫أن رسول الله قد مات‪ ،‬ضربت عنقه بهذا السيف‪.‬‬
‫قال أنس ‪ :‬ما رأيت يوما ً قط كان أحسن ول أضوأ من يوم دخل‬
‫ما كان‬ ‫علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وما رأيت يو ً‬
‫أقبح ول أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪489‬‬
‫ن جنة‬‫م ْ‬‫ولما مات قالت فاطمة ‪ :‬يا أبتاه‪ ،‬أجاب ربا دعاه ‪ .‬يا أبتاه‪َ ،‬‬
‫الفردوس مأواه ‪ .‬يا أبتاه‪ ،‬إلى جبريل ننعاه ‪.‬‬
‫أورد صاحب مجمع الزوائد عن عثمان رضي الله عنه وأرضاه‪ ،‬أن‬
‫عمر مر به فسلم عليه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فلم يرد عليه السلم‪ ،‬فذهب عمر إلى أبي بكر فاشتكى عثمان‬
‫وقال‪ :‬سلمت عليه فلم يرد علي السلم‪ ،‬فاستدعاه أبو بكر‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫َ‬
‫يا عثمان! سل ّم عليك أخوك عمر فلم ترد عليه السلم‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫َ‬
‫خليفة رسول الله! والله ما علمت أنه سل ّم علي قال‪ :‬لعلك داخلك‬
‫ذهول أو دهش من وفاته صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬إي والله‪،‬‬
‫فجلسوا يبكون]‪.‬‬
‫وفي الصحيحين من حديث أنس قال‪ :‬قال أبو بكر لعمر رضي الله‬
‫عنه وأرضاه‪ :‬يا عمر! اذهب بنا إلى أم أيمن ‪-‬هذا بعد وفاة رسول‬
‫الله‪ ،‬وهي مولة كانت مرضعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫عجوز مسنة كان يزورها صلى الله عليه وسلم في حياته‪ -‬قال‪:‬‬
‫اذهب بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان صلى الله عليه وسلم‬
‫يزورها‪ ..‬يا للتواضع! يا للتمسك بالسنة! يا للحرص على الثر! فذهبا‬
‫رضوان الله عليهما‪ ،‬فلما وصل إلى أم أيمن بكت‪ ،‬فقال‪ :‬ما يبكيك يا‬
‫أم أيمن ؟‬
‫قالت‪ :‬أبكي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬أما تعلمين‬
‫أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم؟‬
‫قالت‪ :‬والله إني أعلم ذلك‪ ،‬ولكن أبكي على أن الوحي انقطع من‬
‫السماء‪ .‬فهيجتهما على البكاء فجعل يبكيان رضوان الله عليهما‪.‬‬
‫(الثبات العظيم)‬
‫أما أبو بكر فكان غائبا ً في ضاحية من ضواحي المدينة في مزرعته‪،‬‬
‫ما يظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوفى في ذلك اليوم‪،‬‬
‫بأبي هو وأمي! فسمع الخبر فأتى على فرسه‪ ،‬وقد ثبته الله يوم أن‬
‫يثبت أهل طاعته‪ ،‬وقد سدده الله يوم أن يسدد أهل التوحيد‪.‬‬
‫فأتى بسكينة ووقار‪ ،‬كان رجل المواقف‪ ،‬ورجل الساعة‪ ،‬وكان‬
‫اختياره صلى الله عليه وسلم موفقا ً في إمامة أبي بكر‪ ،‬فأتى وإذا‬
‫الناس ل يزدادون من البكاء إل بكاء‪ ،‬ول من العويل إل عويلً‪ ،‬ول‬
‫من النحيب إل نحيباً‪ ،‬فقال‪ :‬ماذا حدث؟ قالوا‪ :‬توفي رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬مات رسول الله‪ ،‬أتدرون ماذا قال؟‬

‫‪490‬‬
‫قال‪ :‬الله المستعان! الله المستعان نلقى بها الله‪ ،‬والله المستعان‬
‫نعيش بها لله‪ ،‬والله المستعان نتقبل بها أقدار الله‪ ،‬ثم قال‪ :‬إنا لله‬
‫وإنا إليه راجعون!‪.‬‬
‫إنها كلمة الصابرين حين يصابون بصدمات في الحياة‪ ،‬إنها كلمة‬
‫الخيار حينما تحل بهم الكوارث من أقدار الله وقضاء الله‪.‬‬
‫ثم دخل وشق الصفوف في سكينة على فرس له‪ ،‬وبيده عصا‪،‬‬
‫ويشق الصفوف بسكينة ووقار‪ ،‬حتى وصل إلى البيت ففتح الباب‪،‬‬
‫ثم أتى إليه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فكشف الغطاء عن وجهه‪ ،‬ثم‬
‫قبله وبكى ودمعت عيناه الشريفتان على وجه الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ثم قال‪[ :‬بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما أطيبك حياً‬
‫وما أطيبك ميتاً‪ ،‬أما الموتة التي كتبت عليك فقد ذقتها‪ ،‬ولكن والله‬
‫ل تموت بعدها أبداً‪ ،‬والله ل تموت بعدها أبداً‪ ،‬والله ل تموت بعدها‬
‫أبدا ]‪.‬‬
‫ثم خرج رضي الله عنه وأرضاه إلى الناس وعصاه بيده‪ ،‬فأسكتهم‪،‬‬
‫وقال لعمر‪ :‬يا بن الخطاب! اسكت‪ ،‬فلما سكت الناس‪ ،‬وهم‬
‫ينظرون إلى القائد الجديد الملهم‪ ،‬إلى هذا المام الموفق‪ ،‬إلى هذا‬
‫الخليفة الراشد‪ ،‬وهو يتخطى الصفوف حتى صعد المنبر‪ ،‬فيستفتح‬
‫خطابه بحمد الله والثناء على الله‪ ،‬فالمنة لله والحمد لله‪ ،‬والمر‬
‫لله من قبل ومن بعد‪ ،‬ثم يقول‪[ :‬يا أيها الناس! من كان يعبد محمداً‬
‫ما‬ ‫محمدا ً قد مات‪ ،‬ومن كان يعبد الله فإن الله حي ل يموت (وَ َ‬ ‫َ‬
‫فإن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت أوْ قُت ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ح َّ‬
‫م‬
‫ل انْقَلبْت ُ ْ‬ ‫ما َ َ‬ ‫ل أفَإ ِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن قَبْلِهِ الُّر ُ‬
‫م ْ‬‫ت ِ‬‫خل ْ‬ ‫ل قَد ْ َ‬ ‫سو ٌ‬ ‫مد ٌ إ ِل َر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جزِي‬ ‫سي َ ْ‬
‫شيْئا وَ َ‬ ‫ه َ‬‫ضَّر الل َ‬
‫ن يَ ُ‬‫ب ع َلى عَقِبَيْهِ فَل ْ‬ ‫ن يَنْقَل ِ ْ‬
‫م ْ‬‫م وَ َ‬‫ع َلى أعْقَابِك ْ‬
‫ه ال َّ‬ ‫َ‬
‫ن)‪[ .‬آل عمران‪ ]] ]144:‬فكأن الناس سمعوها لول‬ ‫شاكِرِي َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫مرة‪ ،‬وكأنها ما مرت على أذهانهم‪ ،‬ثم عاد رضي الله عنه وأرضاه‪.‬‬
‫فلله دره ما أثبته‪ ،‬فليكن قدوة لكل من أصابته مصيبة أيا كانت‪.‬‬
‫(التجهيز وتوديع الجسد الشريف إلى الرض)‬
‫ويوم الثلثاء غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن‬
‫يجردوه من ثيابه‪ ،‬قال علي رضي الله عنه‪ :‬اختلفنا في كيفية‬
‫تغسيل رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فألقي علينا النعاس‪،‬‬
‫ونحن بالماء حوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حتى نمنا وإن لحية أحدنا‬
‫إلى صدره‪ ،‬فسمعنا هاتفا ً يقول‪{ :‬اغسلوا رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم من فوق ثيابه} وهذا سند صحيح‪ ،‬فغسلوه من فوق‬

‫‪491‬‬
‫ثيابه‪ ،‬طيبا ً مباركا ً مهدياً‪ ،‬عليه السلم يوم ولد‪ ،‬وعليه السلم يوم‬
‫بعث‪ ،‬وعليه السلم يوم مات‪ ،‬وعليه السلم يوم يبعث حياً‪.‬‬
‫وكان القائمون بالغسل ‪ :‬العباس وعليّا‪ ،‬والفضل وقُثَم ابني العباس‪،‬‬
‫شقَْران مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأسامة بن زيد‪،‬‬ ‫و ُ‬
‫خولي‪ ،‬فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه‪ ،‬وأسامة‬ ‫وأوس بن َ ْ‬
‫وشقران يصبان الماء‪ ،‬وعلى يغسله‪ ،‬وأوس أسنده إلى صدره ‪.‬‬
‫سدْر‪ ،‬وغسل من بئر يقال لها ‪:‬‬ ‫وقد غسل ثلث غسلت بماء و ِ‬
‫مة بقُبَاء وكان يشرب منها ‪.‬‬ ‫خيْث َ َ‬
‫الغَْرس لسعد بن َ‬
‫سف‪ ،‬ليس‬ ‫حولِيَّة من كُْر ُ‬‫س ُ‬
‫ثم كفنوه في ثلثة أثواب يمانية بيض َ‬
‫جا ‪.‬‬‫فيها قميص ول عمامة ‪ .‬أدرجوه فيها إدرا ً‬
‫واختلفوا في موضع دفنه‪ ،‬فقال أبو بكر ‪ :‬إني سمعت رسول اللّه‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول ‪ ( :‬ما قبض نبي إل دفن حيث يقبض ) ‪،‬‬
‫فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه‪ ،‬فحفر تحته‪ ،‬وجعل القبر‬
‫لحدا ً ‪.‬‬
‫ودخل الناس الحجرة أرسالً‪ ،‬عشرة فعشرة‪ ،‬يصلون على رسول‬
‫اللّه صلى الله عليه وسلم أفذاذاً‪ ،‬ل يؤمهم أحد‪ ،‬وصلي عليه أولً‬
‫أهل عشيرته‪ ،‬ثم المهاجرون‪ ،‬ثم النصار‪ ،‬ثم الصبيان‪ ،‬ثم النساء‪ ،‬أو‬
‫النساء ثم الصبيان ‪.‬‬
‫ومضى في ذلك يوم الثلثاء كاملً‪ ،‬ومعظم ليلة الربعاء‪ ،‬قالت‬
‫عائشة ‪ :‬ما علمنا بدفن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى‬
‫حي من جوف الليل ـ وفي رواية ‪ :‬من آخر‬ ‫سا ِ‬ ‫سمعنا صوت الم َ‬
‫الليل ـ ليلة الربعاء ‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬دفن و وضع في قبره عليه الصلة والسلم‪ ،‬ورد عليه التراب‪،‬‬
‫ودفن كما يدفن النسان بعدما صلى عليه الناس زرافات ووحداناً‪.‬‬
‫ذكر الشوكاني في نيل الوطار‪ :‬أن من صلى عليه صلى الله عليه‬
‫وسلم يبلغون سبعة وثلثين ألفا ً من الرجال والنساء‪ ،‬من المهاجرين‬
‫والنصار‪ ،‬ما كان لهم إمام يصلي بهم‪ ،‬بل صلى كل إنسان منهم‬
‫على حدة‪ ،‬وكان في الصف الول أبو بكر وعمر‪ ،‬حفظ من دعائهما‬
‫رضي الله عنهما أنهما قال‪[ :‬صلى الله وسلم عليك يا رسول الله‪،‬‬
‫نشهد أنك بلغت الرسالة‪ ،‬وأديت المانة‪ ،‬ونصحت المة‪ ،‬وجاهدت‬
‫في الله حتى أتاك اليقين]‪.‬‬
‫(التركة)‬

‫‪492‬‬
‫وهكذا كانت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مات وما‬
‫َ‬
‫خل ّف درهما ً ول ديناراً‪ ،‬ول عقارا ً ول قصورا ً ول مناصب‪ ،‬وإنما ذهب‬
‫َ‬
‫كما أتى‪ ،‬ذهب سليم اليد‪ ،‬أبيض الوجه‪ ،‬طاهر السريرة‪ ،‬ولكن خل ّف‬
‫َ‬
‫دينا ً خالدا ً وخل ّف رسالة‪ ،‬مات الداعية ولكن ما ماتت الدعوة‪ ،‬مات‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن ما ماتت الرسالة‪ ،‬مات البشير‬
‫النذير‪ ،‬ولكن ما ماتت البشارة والنذارة‪ ،‬ترك لنا تراثا ً أيما تراث‪،‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫خل ْ ِ‬
‫فهِ تَنْزِي ٌ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ن يَدَيْهِ وَل ِ‬
‫ن بَي ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫قرآنا ً حكيما ً (ل يَأْتِيهِ الْبَاط ِ ُ‬
‫ل ِ‬
‫ميدٍ) [فصلت‪ ]42:‬وسنة طاهرة للمعصوم فيها صلح العبد‬ ‫ح ِ‬
‫حكِيم ٍ َ‬‫َ‬
‫في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وعادوا إلى تركته ول تركة له‪ ..‬فيا من جمع الموال ولم يقدم ما‬
‫ينفعه عند الواحد القهار! هذا خيرة خلق الله‪ ،‬وهذا صفوة عباد الله‪،‬‬
‫ذهب والله ما تلوث منها بشيء‪ ،‬يمر عليه الشهر بعد الشهر ول‬
‫يوقد في بيته نار‪ ،‬ويمر عليه ثلثة أيام وهو في جوعه صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فالله المستعان‪..‬‬
‫كفاك عن كل قصر شاهق عمد بيت من الطين أو كهف من العلم‬
‫تبني الفضائل أبراجا ً مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم‬
‫إذا ملوك الورى صفوا موائدهم على شهي من الكلت والدم‬
‫صففت مائدة للروح مطعمها عذب من الوحي أو عذب من الكلم‬
‫ذهب عليه الصلة والسلم وبقي بيته من طين‪ ،‬وبقيت بعض‬
‫الدراهم ليست له‪ ،‬أنفقت في الصدقات وفي سبيل الله‪ ،‬وأتى أبو‬
‫بكر فقال لقرابته ولبناته صلى الله عليه وسلم لما طلبوه الميراث‪،‬‬
‫قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬إنا ل نورث‪،‬‬
‫ما تركناه صدقة"‬
‫وعند أحمد في المسند‪" :‬إنا ل نورث ما تركنا صدقة" فما ترك صلى‬
‫الله عليه وسلم شيئاً‪ ،‬ولكن ترك هذا الدين‪ ،‬اجتماعنا بهذه الوجوه‬
‫الطيبة النيرة حسنة من حسنات‪ ،‬وهذه المساجد والمنابر حسنة من‬
‫حسنات رسالته‪ ،‬وهذه الدعوة الخالدة والرسالة القائمة فضل من‬
‫فضل الله ثم من فضله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫نعم‪ .‬مضى إلى الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإنا لله وإنا إليه‬
‫راجعون! وحسبنا الله على كل ما يصيبنا!‬
‫فإنه قد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪{ :‬يا أيها الناس‪ :‬من‬
‫أصيب بمصيبة فليتعز بي‪ ،‬فإني عزاء لكل مسلم} إي والله‪.‬‬

‫‪493‬‬
‫وهذا إخواني العزاء هو غاية هذا الجزء المبارك من هذه السلسلة‬
‫(أيها المبتلى‪ ...‬لست وحدك على الدرب)‬
‫وإذا أتتك من المور بلية فاذكر مصابك بالنبي محمد‬
‫إذا مات ابنك فاعلم أن ابنك ل يكون أحب في قلبك إن كنت مؤمناً‬
‫من رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإن مات أبوك أو أمك أو‬
‫قريبك أو صفيك‪ ،‬فاعلم أنهم ل يعادلون ذرة في ميزان الحب مع‬
‫حبه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬تذكر أنه مات‪ ،‬وأنه صلى الله عليه‬
‫وسلم عند ربه‪ ،‬يستشهده الله علينا هل بلغنا ما علينا؟ ويستشهده‬
‫ة‬ ‫ل أ ُ َّ‬
‫م ٍ‬ ‫ن ك ُ ِّ‬ ‫جئْنَا ِ‬
‫م ْ‬ ‫الله علينا هل سمعنا وأطعنا أم ل؟ (فَكَي ْ َ‬
‫ف إِذ َا ِ‬
‫شهِيداً) [النساء‪.]41:‬‬ ‫ك ع َلَى هَؤ ُلءِ َ‬
‫جئْنَا ب ِ َ‬ ‫بِ َ‬
‫شهِيد ٍ وَ ِ‬
‫(دروس وعبر من قصة وفاة سيد البشر)‬
‫وهكذا عباد الله كانت قصة وفاة سيدنا محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وقلنا بأننا ذكرناها في هذه السلسلة لغاية خاصة وهي كما‬
‫ذكرنا من قبل‪.‬‬
‫إنه قد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪{ :‬يا أيها الناس‪ :‬من‬
‫أصيب بمصيبة فليتعز بي‪ ،‬فإني عزاء لكل مسلم}‪.‬‬
‫ولكن قصة وفاته عليه الصلة والسلم اشتملت على فوائد غزيرة‬
‫جليلة نذكر منها‪-:‬‬
‫‪ -1‬أن الموت نهاية كل حي‪ ،‬ولو كان أحد أولى بالبقاء لكان رسول‬
‫الله عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شديد الحب لمته حيهم‬
‫وميتهم حتى وهو في نهاية حياته‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه عليه الصلة والسلم كان يخشى على أمته أن يركنوا إلى‬
‫الدنيا لذلك حذرهم من ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬أن من يحب الله جل وعز يكون دائما في اشتياق إلى لقائه‪ ،‬و‬
‫(من أحب لقاء الله أحب الله لقائه)‬
‫‪ -5‬المؤمن ل يفتر أبدًا عن حمل هم الدعوة حتى ولو كان على في‬
‫مرض الموت‪.‬‬
‫‪ -6‬مرض المؤمن خير له‪ ،‬وتكفير لخطاياه‪ ،‬ومضاعفة لجره‪.‬‬

‫‪494‬‬
‫‪ -7‬أن مرض النبي عليه الصلة والسلم لرفع درجته عليه الصلة‬
‫والسلم‪.‬‬
‫‪ -8‬شديد حب الصحابة للنبي عليه الصلة والسلم‪ .‬وحرصهم على‬
‫الستفادة والستزادة من تعاليمه ووصاياه عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫‪ -9‬أنه عليه الصلة والسلم ل يتوانى ول يتكاسل عن أداء واجبه‬
‫الدعوي‪ ،‬فإذا سمحت له الفرصة ليقوم قام ول يركن إلى الفراش‪.‬‬
‫‪ -10‬حرص النبي عليه الصلة والسلم على ترسيخ العقيدة‪ ،‬وتنبيه‬
‫على مخالفة اليهود والنصارى‪ ،‬وعدم اتخاذ القبور مساجد وتشديده‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫‪ -11‬حرصه صلى الله عليه وسلم على رد المانات إلى أهلها‪ ،‬وأداء‬
‫حقوق العباد قبل أل يكون درهم ول دينار‪.‬‬
‫‪ -12‬وصيته عليه الصلة والسلم بالنصار خيرا‪ ،‬لما لهم من فضل‬
‫في السلم‪.‬‬
‫‪ -13‬فقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وشدة حبه للنبي عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وكذلك حب النبي صلى الله عليه وسلم له وبيانه‬
‫لفضله‪.‬‬
‫‪ -14‬وصيته عليه الصلة والسلم بإخراج اليهود والنصارى‬
‫والمشركين من جزيرة العرب‪ ،‬و إجازة الوفود بنحو ما كان‬
‫يجيزهم‪.‬‬
‫‪ -15‬وصيته عليه الصلة والسلم بأل يموتن مسلم إل وهو يحسن‬
‫الظن برب العالمين‪.‬‬
‫‪ -16‬جواز المعاملة مع أهل الكتاب والقتراض منهم مقابل رهان‪.‬‬
‫‪ -17‬فرح النبي عليه الصلة والسلم لرؤيته لدعوته حية قائمة على‬
‫أصولها‪.‬‬
‫‪ -18‬حبه عليه الصلة والسلم لبنته وإسراره لها بأنه سيموت في‬
‫مرضه هذا‪ ،‬وتبشيرها بأنه أول من سيلحق به من أهله‪ ،‬وبيان‬
‫فضلها من أنها سيدة نساء العالمين‪.‬‬
‫‪ -19‬حب النبي صلى الله عليه وسلم لمنا عائشة رضي الله عنها‪،‬‬
‫وحبها له‪ ،‬وكذلك فرحها بأن الله توفاه في بيتها وفي يومها وبين‬
‫سحرها ونحرها وأنه جمع بين ريقه وريقها‪.‬‬

‫‪495‬‬
‫‪ -20‬حرصه عليه الصلة والسلم على أن يستاك ليلقى الله طيباً‪،‬‬
‫فإن حياته طيبة‪ ،‬ووفاته طيبة‪.‬‬
‫‪ -21‬بيانه عليه الصلة والسلم لمته من أن للموت سكرات‪.‬‬
‫‪ -22‬اختياره عليه الصلة والسلم للرفيق العلى مع الذين أنعم الله‬
‫عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‪.‬‬
‫‪ -23‬حب الصحابة رضوان الله عليهم ومعاناتهم الشديدة من فراقه‬
‫عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫‪ -24‬ثبات الصديق في أحلك الظروف‪ ،‬وإيضاحه للحقائق التي غابت‬
‫في خضم تلك المشاعر العظيمة‪.‬‬
‫‪ -25‬أن النبي عليه الصلة والسلم تم تغسيله من فوق ثيابه إكرام‬
‫له عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫‪ -26‬أن النبياء عليهم الصلة والسلم يدفنون مكان موتهم‪.‬‬
‫ما ول ديناًرا‪ ،‬وما‬
‫‪ -27‬أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك دره ً‬
‫تركه فهو صدقة‪.‬‬
‫‪ -28‬أن من أصيب بمصيبة أيا كانت وأيا كان حجمها فليتعزى بالنبي‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬فإنه عزاء لكل مسلم‪.‬‬
‫هذا ما وفقنا الله لستخراجه من فوائد وعبر من قصة وفاة سيد‬
‫البشر صلى الله عليه وسلم‬
‫وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأ أو نسيان‬
‫فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وأعوذ بالله أن أذكركم‬
‫به وأنساه‪.‬‬
‫والله أسأل أن ينفع بهذه السلسلة إنه على ما يشاء قادر‪.‬‬
‫ول تنسونا من دعوة صالحة بظهر الغيب ليقول لك الملك إن شاء‬
‫الله ولك بمثله‬
‫المقاطعة القتصادية شبهات وردود‬
‫إسلم أون لين‪:‬‬
‫عنوان الفتوى‪:‬‬
‫المقاطعة القتصادية‪ :‬شبهات وردود‬
‫تاريخ الجابة ‪10/03/2005‬‬

‫‪496‬‬
‫موضوع الفتوى المعاملت‬
‫بلد الفتوى ‪ -‬فلسطين‬
‫نص السؤال يرى المثبطون لسلح المقاطعة القتصادية أنها سوف‬
‫تسبب خسائر للعرب والمسلمين وسوف تتوقف المصانع وتكسد‬
‫التجارة وتمنع المنح والهبات والمساعدات وتزداد المديونية‪ ..‬إلي‬
‫غير ذلك من العذار فكيف يكون الرد على هؤلء؟‪.‬‬
‫اسم المفتي الستاذ الدكتور حسين شحاته‬
‫نص الجابة‬
‫بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله وبعد‪:‬‬
‫فالواجب إخلص النية لله عز وجل في مقاطعة هذه المنتجات‪،‬‬
‫وسوف يبدل الله تعالى المغرم مغنما‪ ،‬ولنا في صحابة رسول الله‬
‫السوة الحسنة‪ ،‬هذا فضل عن أنه يجب أل نغفل أننا في حالة جهاد‬
‫مع ألد أعداء الله في الرض‪ ،‬وأي جهاد ل بد فيها من تضحية لتنتصر‬
‫المبادئ وتحيا العقائد فهذا هو المكسب الحقيقي هذا فضل عن‬
‫المكاسب المادية والمعنوية التي ستعود على أمتنا‪ ،‬وحسبنا أن‬
‫المقاطعة أمانة سوف نسأل عنها يوم القيامة‪.‬‬
‫وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسين شحاتة – الستاذ بجامعة الزهر‪:‬‬
‫لقد ذُُكرت هذه الدعوى ‪-‬أن المقاطعة سوف تسبب الفقر والعوز‪-‬‬
‫في كتاب الله عز وجل في سورة التوبة عندما نزل قول الله تبارك‬
‫وتعالي‪( :‬إنما المشركون نجس فل يقربوا المسجد الحرام بعد‬
‫عامهم هذا) التوبة‪ . 28 :‬فقد ورد في تفسير هذه الية‪ :‬أن الله أمر‬
‫عباده المؤمنين الطاهرين دينا وذاتا بنفي المشركين الذين هم‬
‫نجس دينا عن المسجد الحرام وأل يقربوه‪ ،‬وبعد نزول هذه الية‬
‫بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم بها عليا إلى أبي بكر الصديق‬
‫رضي الله عنهما وأمره أن ينادي في المشركين‪ :‬أن ل يحج بعد هذا‬
‫العام مشرك ول يطوف بالبيت عريان‪ ،‬فأتم الله ذلك وحكم به‬
‫شرعا وقدرا‪ ..‬وقال الناس‪( :‬لتقطعن عنا السواق ولتهلكن التجارة‬
‫وليذهبن عنا ما كنا نصيب من المرافق) فأنزل الله‪( :‬وإن خفتم‬
‫عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء‪ )...‬ولقد عوضهم الله‬
‫عن تلك المكاسب بأموال الجزية التي يأخذونها من أهل الذمة‪.‬‬
‫(ابن كثير‪ :‬صفحة ‪.)334‬‬

‫‪497‬‬
‫ولقد تحقق وعد الله عز وجل وربح التجار المسلمون أرباحا كثيرة‬
‫في الدنيا والخرة لنهم أخلصوا العمل لله‪ ،‬وصدقوا ما عاهدوا الله‬
‫عليه‪ ،‬وليأخذ المثبطون من هذه الية العظة والعبرة‪ ،‬فإن كانت‬
‫هناك خسارة اقتصادية ظاهرية فسوف تتحول إلي مكاسب في‬
‫الدنيا والخرة في المد القريب‪.‬‬
‫مقاطعة الرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وحصاره في شعب أبي‬
‫طالب‪.‬‬
‫ولقد استخدم المشركون والكفار سلح المقاطعة ضد رسول الله‬
‫صلي الله عليه وسلم في شعب مكة ثلث سنوات للضغط عليه‬
‫وعلي من آمنوا معه ليثنوهم عن دعوتهم‪ ،‬ولحق بالمسلمين خسائر‬
‫اقتصادية واجتماعية ونفسية عديدة ولكن صبروا وصابروا ورابطوا‬
‫ولم يرجعوا عن مبادئهم حتى حقق الله لهم النصر علي أعدائهم‬
‫وربحوا في التجارة مع الله‪.‬‬
‫ألم يكن لنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم والذين آمنوا معه‬
‫السوة الحسنة والقدوة‪.‬‬
‫صور متميزة للمقاطعة في العصر الحديث‪.‬‬
‫وفي التاريخ المعاصر نماذج متميزة لفعالية سلح المقاطعة كأحد‬
‫الوسائل لتحرير البلد من المحتلين الظالمين المعتدين نذكر منها‬
‫علي سبيل المثال ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬نموذج الزعيم الهندي غاندي في مقاطعة السلع النجليزية‬
‫ومقاومة الحتلل النجليزي الغاشم‪ ،‬لقد نجح في تحقيق مقاصده‬
‫بتفاعل شعبه معه‪.‬‬
‫‪ -‬نموذج الزعيم المصري سعد زغلول‪ ،‬في مقطاعة البضائع‬
‫النجليزية بعد ثورة ‪ 19‬وكانت بداية خير ولقد حققت النماذج‬
‫السابقة مقاصدها المشروعة ضد المعتدين ومنها التحرر‬
‫والمحافظة علي الهوية الوطنية بالرغم من الخسائر القتصادية‬
‫الموقوتة والي أعقبها مكاسب عظيمة‪.‬‬
‫المكاسب القتصادية والمعنوية للمقاطعة‪.‬‬
‫ومن المنظور القتصادي يجب النظر إلي المقاطعة القتصادية علي‬
‫أنها حرب ضد العداء ول توجد حرب بدون تضحيات‪ ،‬ولقد قيل‪ :‬إن‬
‫النصر يحتاج إلي جهاد‪ ،‬ول جهاد بدون تضحية عزيزة‪ ،‬بالتأكيد‬
‫ستكون هناك خسائر اقتصادية تلحق بالدول العربية والسلمية‬

‫‪498‬‬
‫بسبب المقاطعة‪ ،‬منها علي سبيل المثال‪ :‬انخفاض حجم‬
‫الستثمارات وحجم السياحة وانقطاع المنح والمساعدات‪ ..‬ولكن‬
‫مقابل ذلك سوف تتحقق مكاسب اقتصادية ومعنوية منها‪:‬‬
‫‪ -‬الحرية في اتخاذ القرار وتقوية الرادة والمحافظة علي الحيوية‬
‫العربية والسلمية‪.‬‬
‫‪ -‬الخروج من طوق التبعية القتصادية الذليلة التي تقود إلي السلبية‬
‫السياسية‪.‬‬
‫‪ -‬العتماد علي الذات وتنمية القدرات وحسن استخدام المكانيات‬
‫والطاقات‪.‬‬
‫‪ -‬الحث علي البداع والبتكار‪ ،‬فالحاجة تفتق الحيلة‪.‬‬
‫‪ -‬التقشف والتربية علي الخشونة وعلي روح الجهاد بكل عزيز‪.‬‬
‫‪ -‬حتمية التعاون والتكامل القتصادي بين الدول العربية والسلمية‪.‬‬
‫‪ -‬إثبات قدرتنا علي التضحية من أجل تطهير مقدساتنا‪.‬‬
‫وسوف تقل الخسائر القتصادية للدول العربية والسلمية إذا ما‬
‫خططت ونظمت المقاطعة ووضعت لها البرامج الموضوعية في‬
‫إطار مجموعة من السياسات الستراتيجية علي المستوي الشعبي‬
‫والحكومي وعلي مستوي المة العربية والسلمية‪ ،‬بحيث تتم وفق‬
‫سلم الولويات‪ :‬حيث نبدأ بمقاطعة الكماليات والتحسينات يلي ذلك‬
‫مقاطعة الحاجيات وهكذا‪ ..‬وأن يتم ذلك وفق مخطط ليجاد البديل‬
‫الوطني وإن لم يوجد فالبديل من الدول العربية والسلمية‪ ،‬وإن لم‬
‫يوجد فالبديل من البلد الجنبية غير المحاربة وهكذا‪.‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫=============================‬
‫المقاطعة تستنفد طاقتنا الحيوية فيما ل ينفع !!‬
‫الكاتب‪ :‬د‪.‬عمار بكار*‬
‫هناك شعور أليم وحاد ينتاب الكثيرون الذين يتابعون العلم الغربي‪.‬‬
‫عندما تشاهد الصور السلبية عن العرب والمسلمين تتوالى كل يوم‬
‫بطرق مختلفة‪ ،‬وعندما تشاهد الحقيقة حول قضية فلسطين مثل‬
‫تزوًر كل يوم‪ ،‬ويصبح الظالم فيها مظلوما‪ ،‬والمظلوم ظالما‪ ،‬تشعر‬
‫بالغضب‪ ،‬وتتمنى لو أن هناك شيئا يمكن فعله‪.‬‬

‫‪499‬‬
‫هناك بالتأكيد ما يمكن فعله‪ ،‬وهناك من يحاول‪ ،‬وأنا كتبت كثيرا عن‬
‫هذا المر خلل السنوات العشر الماضية‪ ،‬ومع ذلك فأنا منزعج‬
‫ومعترض على حملة المعارضة ضد الدنمارك‪.‬‬
‫لقد انتفض الناس غاضبين لعدة أسابيع لما رأوا أعظم الخلق‬
‫الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يساء إليه في الصحيفة‬
‫الدنماركية‪ ،‬لكنهم في غمرة هذا الشعور نسوا عدة قضايا هامة‪.‬‬
‫لقد كان واضحا أن رد الفعل هو مجرد سلوك عاطفي بحت‪ ،‬تحول‬
‫بسرعة إلى سلوك جماعي‪ ،‬وربما كان من الغريب تفسير تأخر هذا‬
‫النبعاث العاطفي لعدة أشهر‪ ،‬ولكن يمكن القول بأن ظرفا معينا‬
‫أتاح لهذا أن يحصل فجأة وأن ينطلق الناس نحو التعبير عن‬
‫غضبهم‪.‬‬
‫مشكلة السلوكيات العاطفية أنها غير منطقية وأنها ل ترتبط‬
‫باستراتيجية واضحة وأنها تنطفئ بعد فترة شأن العواطف بأنواعها‪.‬‬
‫كانت الحملة المصاحبة للرسوم المسيئة غير منطقية لن الساءات‬
‫تحصل كل يوم في العلم الغربي‪ ،‬وإذا كان كتاب سلمان رشدي‬
‫وهذه الصور قد لفتت انتباهنا فهناك الكثير مما لم يلفت انتباهنا‪،‬‬
‫ويحمل نفس الثر التدميري‪.‬‬
‫لم يكن واضحا خلل الحملة لماذا غضب المسلمون من الرسوم‬
‫بمعنى أنه لم يكن لديهم أي رسالة واضحة يقدمونها للغرب‬
‫ويحددون فيها ما يريدون‪ ،‬ولما انتبه الناس لهذا طالبوا بالعتذار من‬
‫طرف الحكومة الدنماركية‪ ،‬رغم أن رئيس الوزراء الذي طلب منه‬
‫العتذار يتم شتمه في الصحف كل يوم ويرسم بصور ساخرة دائما‬
‫(وكذلك شأن الملكة)‪ ،‬ومن هنا نشأ سوء الفهم‪ ،‬فرئيس الوزراء ل‬
‫يريد العتذار نيابة عن الجريدة التي تنتقده باستمرار لنه ل يملك‬
‫عليها أي سلطة‪ ،‬ونحن رفضنا أن نتفهم طبيعة النظام الديمقراطي‬
‫الغربي‪ ،‬وبقي كل طرف غاضبا وعاجزا عن توصيل رسالته‪.‬‬
‫كان هناك مشكلة أيضا في التخطيط لهذا الموضوع‪ ،‬لنه لم يخطط‬
‫له حقيقة‪ .‬لم يحسب أحد حساب أحداث العنف التي نشأت لحقا‬
‫والتي أساءت كثيرا للعالم السلمي‪ ،‬ولم يحسب أحد احتمالية أن‬
‫يقوم رجل غاضب (أو شخص مستغل للظروف) بإلقاء قنبلة يدوية‬
‫صغيرة على مبنى الجريدة قد ل يحدث أي ضحايا ولكنه يجعل‬
‫أوروبا كلها تعيش في حالة مراجعة للقوانين والنظمة وتزيد من‬
‫تشديدها على الجاليات العربية والسلمية هناك‪ ،‬كما حصل في‬

‫‪500‬‬
‫حال مقتل المخرج الهولندي فان جوخ‪ ،‬الذي غضب المسلمون من‬
‫فيلمه المسيء للقرآن الكريم‪ ،‬فهجم أحدهم وقتله‪ ،‬وغير هذا حال‬
‫المسلمين في هولندا إلى البد‪.‬‬
‫لم يحسب الناس حساب ما حصل وهو تضامن الصحف الغربية مع‬
‫الصحيفة الدنماركية‪ ،‬وإعادة نشر الرسوم مئات المرات في‬
‫الصحف ومواقع النترنت‪ ،‬وبالتالي تكرر الساءة وتشويه صورة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وصورة المسلمين‪ .‬ولحسن الحظ‬
‫أن عقلء أوروبا استوعبوا الموقف وفهموا أهمية تهدئة العالم‬
‫السلمي‪ ،‬وتوقفت قضية إعادة نشر الرسوم المسيئة‪ .‬لقد جهل‬
‫البعض أن حرية التعبير تمثل "دينا" للغربيين وخيارا ل تراجع عنه‪،‬‬
‫ومواجهة حرية التعبير بهذا الشكل معناه أيضا تحدي الغربيين في‬
‫أهم قيمهم‪ ،‬وغاب عن الكثيرين إن كان المسلمون في وضعهم‬
‫الحالي قادرين على مثل هذا التحدي وهذه المواجهة مع الوروبيين‪.‬‬
‫كثيرون كانوا يقولون بأن حرية التعبير الكاملة غير موجودة في‬
‫الغرب بدليل أنه ل يمكن إنكار الهولوكست‪ ،‬لكن هؤلء جهلوا لماذا‬
‫يحصل ذلك وكيف يجيب الغربيون على هذه القضية‪ .‬معظم الناس‬
‫ل يعرفون البعد التاريخي للمر وأن إنكار الهولوكست يمثل لدى‬
‫الغربيين عودة لتأييد النازية التي أدخلت العالم في حرب عالمية‬
‫قاسية لن ينساها التاريخ أبدا‪.‬‬
‫وعلى العموم‪ ،‬هذا كله بالنسبة لي مفهوم‪ ،‬لن عدم التخطيط لمثل‬
‫هذه المور يحصل دائما‪ ،‬ولكن ما يجعلني أعترض بقوة على‬
‫المعارضة التي حصلت هي قضية "الطاقة الحيوية الخيرية" لدى‬
‫النسان‪.‬‬
‫نحن عادة مشغولون بالعمل والسرة والعلقات الجتماعية‪ ،‬ول‬
‫يهتم معظمنا ببذل الكثير من الوقت والجهد في العمال التي تعود‬
‫بالنفع على الصالح العام‪ ،‬ولكن البعض منا يبذلون القليل‪ ،‬لن‬
‫لديهم طاقة حيوية خيرية محدودة يريدون من خللها أن يقدموا‬
‫شيئا للناس‪ ،‬ليشعروا بالرضا بأنهم حققوا الواجب عليهم في هذا‬
‫المجال أو ذاك‪ .‬المشكلة أن محدودية هذه الطاقة تجعل من المهم‬
‫جدا لمة متهالكة تعاني من مئات المشكلت المستصية أن تصرف‬
‫هذه الطاقة بأكبر قدر ممكن من الفعالية التي تحقق الهداف ذات‬
‫الولوية قبل أي شيئ آخر‪.‬‬

‫‪501‬‬
‫وبالرغم أن المقاطعة هي عمل فردي من حق النسان أن يبذله‬
‫احتجاجا على الساءة للرسول الكريم‪ ،‬إل أن الجهد الضخم الذي‬
‫بذله الناس للدعوة لهذه المقاطعة‪ ،‬وهي في النهاية عمل مؤقت له‬
‫ثمرات محدودة‪ ،‬يجعلنا نتساءل فيما إذا كان ينبغي بذل هذا الجهد‬
‫في قضايا أكثر أهمية وفي جهود تعطي ثمرات أفضل على‬
‫المستوى البعيد‪.‬‬
‫المر بالضبط يمكن تشبيهه بالموارد التي تملكها الدولة أو الشركة‪،‬‬
‫لديك القليل من المال‪ ،‬أل تحرص دائما على بذله في أهم الشياء‬
‫وأكثرها أولوية لتحقيق الهداف العامة؟ المر نفسه ينطبق على‬
‫طاقتنا اليجابية‪ ،‬والتي يجب أن نحرص على بذلها في القضايا الكثر‬
‫أولوية‪ .‬وأنا هنا لن أتحدث عن هذه القضايا الكثر أهمية لن لها‬
‫حديثا مستقل‪ ،‬ولنه إن لم تخطر ببالك قضايا أكثر أهمية‪ ،‬فإنك‬
‫يجب أن تدرك مباشرة حجم المشكلة عندما تجري أمة تعاني من‬
‫الضعف في كل مجال وراء مشاعرها العاطفية (رغم أنه أمر‬
‫مطلوب ومبرر) وتنسى القضايا الهامة التي تخرج بها من الهاوية‬
‫التي تعيشها‪.‬‬
‫ربما كان هذا هو السبب الذي جعل الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫يتجاهل دائما كل محاولت الساءة إليه‪ ،‬وكان بهذا قدوة للصحابة‬
‫الكرام الذين عانوا المرين في مجتمع مكة المكرمة‪ ،‬وذلك حتى ل‬
‫تضيع الطاقة الحيوية في الردود الغاضبة بينما هناك مهام الدعوة‪،‬‬
‫وهي أكثر أهمية بل شك‪.‬‬
‫المر الخر الذي يمكن قراءته في سلوك الرسول الكريم هو أن‬
‫التسامح كفعل إيجابي خير دائما من الفعل السلبي في ما يوصله‬
‫من رسائل للناس‪ ،‬وهذا أمر أثبتته فيما بعد النظريات السياسية‬
‫والدارية والتعليمية والتجارب العلمية التي تثبت فعالية الرد‬
‫اليجابي مقارنة بالرد السلبي‪.‬‬
‫لقد عانينا كأمة الكثير من أثر "الرهاب" السلبي علينا‪ ،‬وكانت هذه‬
‫الساءات في الصحف الدنماركية فرصة هامة للستفادة منها في‬
‫أنشطة إيجابية للتعريف بالسلم والمسلمين وتبرئته من هذه‬
‫النشطة التدميرية‪ ،‬ولذلك أعتبر ما حصل لحقا بعدما هدئت‬
‫العواطف من حوار مع الدنماركيين‪ ،‬وإقامة المؤتمرات وغيره‬
‫أفضل بكثير من الهجوم وحرق السفارات والمظاهرات الفغانية‬
‫التي مات فيها العشرات وتدمير شركات عربية لمجرد أنها قررت‬

‫‪502‬‬
‫عمل علقة تجارية مع دولة أخرى كانت عبر التاريخ دولة مسالمة‬
‫للعرب والمسلمين‪.‬‬
‫لقد كتبت قبل أسابيع مقالة بعنوان "صدفة حزينة في الدنمارك"‪،‬‬
‫لن الدنمارك خصصت عام ‪ 2006‬لتعريف الدنماركيين بالثقافة‬
‫العربية والسلمية وخططت لهذا لمدة أربع سنوات‪ ،‬ووضعت‬
‫سلسلة طويلة من النشطة تشمل برنامجا للتبادل العلمي‬
‫والكاديمي ومهرجانا ثقافيا يمتد طوال شهر أغسطس‪ ،‬ولكن‬
‫الصدفة دمرت هذا النشاط‪ ،‬وجعلته في وضع محرج‪ ،‬وخاصة بعدما‬
‫وجد الدنماركيون أنفسهم مكروهين من شعوب ل يعرفون عنها‬
‫شيئا بسبب رسوم في صحيفة ل يملكون عليها أي سلطة قانونية‪.‬‬
‫أحدهم قال لي بعد قراءة المقالة بأن المر ربما لم يكن صدفة‪،‬‬
‫وأن الصحيفة ربما فعلت ذلك لتخرب هذه الجهود‪ .‬بصراحة لم‬
‫يخطر هذا الحتمال في بالي قبل أن يقول لي الصديق هذا‪ ،‬ربما‬
‫لنني أكره نظرية المؤامرة‪ ،‬ولكن التخريب قد حصل بكل أسف‪.‬‬
‫أنا لست ضد المقاطعة‪ ،‬فهي سلوك شخصي من حق كل إنسان أن‬
‫يقوم به بسبب أو بدون سبب‪ ،‬ولكنني ضد تضييع جهود أمة كاملة‬
‫في ردود فعل عاطفية لم يخطط لها‪ ،‬وضد الغضب غير المجدي‪،‬‬
‫وضد المغامرات التي تثير الحماس دون قيمة‪ ،‬وضد الجهود‬
‫السلبية‪.‬‬
‫تحية إكبار لكل الذين يخططون ويفعلون إيجابيا !!‬
‫ـ نقل عن مجلة "المعرفة" السعودية‬
‫* رئيس تحرير (العربية‪.‬نت)‬
‫المقاطعة والمعاملت التجارية مع العداء‬
‫إسلم أون لين‪:‬عنوان الفتوى‪:‬‬
‫========================‬
‫المقاطعة والمعاملت التجارية مع العداء‬

‫تاريخ الجابة ‪01/03/2005‬‬


‫موضوع الفتوى السياسة الشرعية‬
‫بلد الفتوى ‪ -‬الردن‬

‫‪503‬‬
‫نص السؤال أود أن تتفضلوا بالفادة عن حكم الشريعة السلمية‬
‫في الشخص المسلم الذي يتعامل مع أعداء دينه ووطنه معاملت‬
‫تجارية أو اقتصادية أو غيرها تعود بالنفع على العدو‪ ،‬سواء كان ذلك‬
‫في وقت السلم أو في وقت الحرب‪.‬‬
‫اسم المفتي الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي‬
‫نص الجابة‬
‫بسم الله‪ ،‬والحمد لله‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫ل شك أن المسلم مأمور بمجاهدة أعداء دينه ووطنه‪ ،‬بكل ما‬
‫يستطيع من ألوان الجهاد‪ ،‬الجهاد باليد‪ ،‬والجهاد باللسان‪ ،‬والجهاد‬
‫بالقلب‪ ،‬والجهاد بالمقاطعة ‪ . .‬كل ما يضعف العدو‪ ،‬ويخضد شوكته‬
‫يجب على المسلم أن يفعله‪ ،‬كل إنسان بقدر استطاعته‪ ،‬وفي‬
‫حدود إمكانياته‪ ،‬ول يجوز لمسلم بحال أن يكون رداء أو عونًا لعدو‬
‫دينه وعدو بلده‪ ،‬سواء كان هذا العدو يهوديًا أم وثنيًا ‪ . .‬أو غير ذلك‬
‫فالمسلم يقف ضد أعدائه الذين يريدون أن ينتقصوا حقوقه‪،‬‬
‫وينتهكوا حرماته بكل ما يستطيع‪ ،‬وكل من والى أعداء الله وأعداء‬
‫الدين وأعداء الوطن فهو منهم‪ ،‬كما قال الله تعالى‪( :‬ومن يتولهم‬
‫منكم فإنه منهم) (المائدة‪ )51 :‬أي من كان مواليًا لهم بقلبه أو‬
‫بلسانه أو بمعاملته أو بماله‪ ،‬أو بأي طريقة من الطرق أو أسلوب‬
‫من الساليب فهو منهم ‪ . .‬يصبح في زمرتهم ‪ . .‬وهذا ما حذ ّر‬
‫القرآن منه في أكثر من سورة‪ ،‬وفي أكثر من آية‪ ،‬جعل الذين‬
‫ضا منهم ‪( . .‬والذين كفروا بعضهم‬ ‫يتولون الكفار جزءًا منهم وبع ً‬
‫أولياء بعض) (النفال‪.) 73 :‬‬
‫فالمسلم ل يوالي الكافر‪ ،‬والبر ل يوالي الفاجر‪ ،‬فإذا واله كان دليلً‬
‫على نقص إيمانه أو على زوال إسلمه والعياذ بالله‪ ،‬فهو نوع من‬
‫الردة‪ ،‬ولون من المروق عن السلم‪ ،‬المفروض أن المسلم إذا لم‬
‫يستطع أن يجاهد أعداءه بالسيف‪ ،‬فعلى القل يجاهدهم بالمقاطعة‪،‬‬
‫ل يتسبب في أن ينفعهم اقتصاديًا أو ماديًا أو تجاريًا‪ ،‬لن كل دينار أو‬
‫كل ريال أو كل قرش أو كل روبية تذهب إلى العدو‪ ،‬معناه‪ :‬أنك‬
‫أعطيتهم رصاصة أو ثمن رصاصة تتحول بعد ذلك إلى صدر مسلم‬
‫وإلى قلب مسلم ومن هنا كان اليهود حينما يجمعون تبرعات في‬
‫أمريكا وفي غيرها كان شعارهم لفتة معروفة‪ :‬ادفع ديناًرا تقتل‬
‫عربيًا ‪.‬‬

‫‪504‬‬
‫فالمال هو الذي سيشتري السلح الذي يقتل ‪ . . .‬وهكذا ‪ . .‬أنت إذا‬
‫عاونت مشركًا أو كافًرا أو فاجًرا يحارب المسلمين‪ ،‬فأنت بذلك‬
‫سا مسلمة‪ ،‬وهذه كبيرة من الكبائر العظمى (ومن قتلها‬ ‫تقتل نف ً‬
‫فكأنما قتل الناس جميعا) (المائدة‪( .)32 :‬ومن يقتل مؤمنا متعمدًا‬
‫فجزاؤه جهنم خالدًا فيها‪ ،‬وغضب الله عليه ولعنه‪ ،‬وأعد له عذابًا‬
‫ما)‪( .‬النساء‪.)93 :‬‬
‫عظي ً‬
‫فالمفروض في المسلم أل يكون مع أعدائه أبدًا‪ ،‬مهما أظهروا من‬
‫حسن النوايا فهذا كذب ‪ -‬يقول الله تعالى‪( :‬وإن الظالمين بعضهم‬
‫أولياء بعض) (الجاثية‪( ،)19 :‬ومن يتولهم منكم فإنه منهم) (المائدة‪:‬‬
‫‪ )51‬ويقول‪( :‬لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين‬
‫أشركوا) (المائدة‪ ،)82 :‬فلبد أن نعرف هذا جيدًا‪ ،‬وأن يكون كل‬
‫مسلم مع أمته السلمية‪ ،‬ومع دينه ‪ . . . .‬وهذا أقل شيء ‪ . .‬وهو‬
‫أمر فطري في المم ‪ . .‬فالنسان إذا حارب سواه‪ ،‬ل يحاربه‬
‫بالسلح فقط‪ ،‬بل بأكثر من ذلك ‪ . . .‬بالمقاطعة ‪ . .‬المشركون‬
‫حينما أرادوا في مكة أن يحاربوا النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪،-‬‬
‫أول ما حاربوه‪ ،‬لم يكن حرب السلح‪ ،‬وإنما كانت حربًا اقتصادية‬
‫بالمقاطعة قاطعوه وأصحابه‪ ،‬وأهله‪ ،‬ممن انتصروا‪ ،‬من بني‬
‫المطلب وبني هاشم ‪ . . .‬حاصروهم‪ ،‬وقاطعوهم ولم يبيعوا لهم‬
‫ولم يشتروا منهم‪ ،‬ولم يزوجوهم‪ ،‬ولم يتزوجوا منهم‪ ،‬وذلك معناه‪:‬‬
‫الحرب القتصادي معناه العداد ‪ . .‬فهكذا ‪ . .‬وهؤلء مشركون ‪. .‬‬
‫فالمسلمون أولى بأن يعرفوا ذلك وأن يقاطعوا كل عدو لله‪ ،‬وكل‬
‫عدو للمسلمين‪،‬‬
‫وكل من خرج على ذلك فقد خان الله ورسوله وجماعة المسلمين‪.‬‬
‫والله أعلم‬
‫=========================‬
‫المقاطعة وسيلة لنصرة المجاهدين‬

‫تاريخ الجابة ‪01/06/2001‬‬


‫موضوع الفتوى الجهاد‬
‫بلد الفتوى ‪ -‬السعودية‬

‫‪505‬‬
‫نص السؤال ليخفى عليكم مايتعرض له إخواننا الفلسطينيون في‬
‫الرض المقدسة من قتل واضطهاد من قبل العدو الصهيوني ‪،‬ول‬
‫شك أن اليهود لم يمتلكوا ما امتلكوا من سلح وعدة إل بمؤازرة‬
‫من الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا والمسلم حينما يرى‬
‫مايتعرض له إخواننا ل يجد سبيل ً لنصرة إخوانه وخذلن أعدائه إل‬
‫بالدعاء للمسلمين بالنصر والتمكين وعلى العداء بالذلة والهزيمة‪،‬‬
‫ويرى بعض الغيورين أنه ينبغي لنصرة المسلمين أن نقاطع منتجات‬
‫إسرائيل وأمريكا ‪،‬فهل يؤجر المسلم إذا قاطع تلك المنتجات بنية‬
‫العداء للكافرين وإضعاف اقتصادهم ؟ وماهو توجيهكم حفظكم الله‬
‫‪.‬‬
‫نص الجابة‬
‫بسم الله ‪،‬والحمد لله ‪،‬والصلة والسلم على رسول الله‪،‬وبعد‪:‬‬
‫يقول الشخ ابن جبرين من علماء السعودية ‪:‬‬
‫ما التعاون على البر والتقوى ومساعدة‬ ‫يجب على المسلمين عمو ً‬
‫المسلمين في كل مكان بما يكفل لهم ظهورهم وتمكنهم في البلد‬
‫وإظهارهم شعائر الدين وعملهم بتعاليم السلم وتطبيقه للحكام‬
‫الدينية وإقامة الحدود والعمل بتعاليم الدين‪ ،‬وبما يكون سببًا في‬
‫نصرهم على القوم الكافرين من اليهود والنصارى ‪ ،‬فيبذل جهده‬
‫في جهاد أعداء الله بكل مايستطيع‪ ،‬فقد ورد في الحديث ‪( :‬جاهدوا‬
‫المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)‪.‬‬
‫فيجب على المسلمين مساعدة المجاهدين بكل مايستطيعونه ‪،‬‬
‫وبذل كل المكانات التي يكون فيها تقوية للسلم والمسلمين ‪،‬كما‬
‫ضا‬
‫يجب عليهم جهاد الكفار بما يستطيعونه من القدرة‪ ،‬وعليهم أي ً‬
‫أن يفعلوا كل مافيه إضعاف للكفار أعداء الدين‪ ,‬فل يستعملونهم‬
‫ما بأي نوع من‬ ‫كعمال للجرة كتابًا او حسابًا أو مهندسين أو خدا ً‬
‫الخدمة التي فيها إقرار وتمكين لهم بحيث يكتسحون أموال‬
‫المؤمنين‪ ،‬ويعادون بها المسلمين ‪.‬‬
‫ضا أن يقاطعوا جميع الكفار بترك التعامل‬ ‫وعلى المسلمين أي ً‬
‫معهم ‪،‬وبترك شراء منتجاتهم سواء كانت نافعة كالسيارات‬
‫والملبس وغيرها ‪،‬أو ضاًرا كالدخان بنية العداء للكفار وإضعاف‬
‫قوتهم وترك ترويج بضائعهم ‪،‬ففي ذلك إضعاف لقتصادهم مما‬
‫يكون سببًا في ذلهم وإهانتهم ‪.‬‬

‫‪506‬‬
‫والله أعلم‬
‫====================‬
‫ملْيار!‬
‫ة ال ِ‬ ‫ختار يا أ ُ َّ‬
‫م َ‬ ‫م ْ‬
‫ال ُ‬

‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬


‫ت الحادِي؟‬ ‫صو ُ‬ ‫ن َ ْ‬ ‫ن النَّفيُر وأي ْ َ‬ ‫ك أي ْ َ‬ ‫ن رِجال ُ ِ‬ ‫ملْيَارِ أي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫ُ‬
‫ن ع َادِي!!‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م النَّكيرِ فَيا ل َ ُ‬ ‫ي وما انْتَهَى ُرغ ْ َ‬ ‫ل يَهَْزأ بالنَّب ِ ِ ّ‬ ‫فَالنَّذ ْ ُ‬
‫ة الوْغادِ؟‬ ‫حفْن َ َ‬ ‫ن أَغَْرى بِنَا أبناءَ قِْرد ٍ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ملْيَارِ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ي الهادِي؟‬ ‫ضبَى لِتَثْأَر لِلنَّب ِ ِ ّ‬ ‫ك الْغَ ْ‬ ‫ملْيَارِ أيْن أسود ُ ِ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫مقْدَادِ؟‬ ‫خطَى ال ْ ِ‬ ‫مَزة َ أَوْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ة ت َ ْهفُو ل ِ َ‬ ‫شبِيب َ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬
‫ملْيارِ أي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫مة الملْيار أَين صفي َ ٌ َ‬ ‫يَا أ ُ َّ‬
‫حفَادِ؟‬ ‫ساءِ لِل َ ْ‬ ‫خن ْ َ‬ ‫ن بَنُو ال َ‬ ‫ة أي ْ َ‬ ‫ِ ِ ْ َ َ ِ ّ‬
‫م أَيَادِي‬ ‫ه يُريد ُ لَث ْ َ‬ ‫سفي ُ‬ ‫خالِد ٌ أَوْ طَارِقٌ لَتَى ال َّ‬ ‫ن فِينَا َ‬ ‫لَوْ كَا َ‬
‫********************‬
‫حدَادِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ت لِعَهْدِ الْعِّزِ ثَوْ َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك ُربُوع ُنا لَب ِ َ‬ ‫ملْيَارِ تِل ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫يَا أ ُ َّ‬
‫ن بَغْدَادِ؟‬ ‫م ْ‬ ‫س وَ ِ‬ ‫حا ِ َ ُ‬ ‫ملْيَارِ هَ ْ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ل أنْدَل ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫عبَْرةٍ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫سهْلَنَا والوَادِي!‬ ‫مَّزقَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫ل تَحالَفوا وَال ُ‬ ‫ل الضل ِ‬ ‫جبا ً نَرى أه َ‬ ‫عَ َ‬
‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫حقادِ‬ ‫ن ال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن وَقْفَةٍ؟ فَالْكُفُْر أظْهََر كَا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ملْيَارِ هَ ْ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫منا وَالْبَادِي؟‬ ‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ضرِ قَوْ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ن نَبِيُّنا فِي قَل ْ ِ‬ ‫ملْيارِ أي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫حب النبي فريضة وبدونها ركن العقيدة ذاهب كرماد‬
‫ُ‬
‫مي قَوْلَنا بِفَسادِ!‬ ‫ل يَْر ِ‬ ‫فعْ ُ‬ ‫ه وَال ِ‬ ‫جل ّ ُ‬ ‫ه وَن ُ ِ‬ ‫حب ُّ ُ‬ ‫ل نُ ِ‬‫جبا ً نَقو ُ‬ ‫عَ َ‬
‫موْقٍِع وَنَوَادِي؟‬ ‫م بِ َ‬ ‫ب ها َ‬ ‫ة وَالقَل ْ ُ‬ ‫حب َّ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫ملْيارِ كَي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫عبَادِ؟‬
‫جَر ِ‬ ‫ب هَ ْ‬ ‫حَرا ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شتَكَى ال ِ‬ ‫ة وَقَد ِ ا ْ‬ ‫حب َّ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫ملْيارِ كَي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ َ َّ‬
‫سادِ؟‬ ‫من ربا ً وَفَ َ‬ ‫شكُو ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ة وَال ْ َ‬ ‫حب َّ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫ملْيَارِ كَي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ن بَِزادِ؟‬ ‫سري َ‬ ‫مو ِ ِ‬ ‫معُ ال ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫حبَاه ُ َ‬ ‫ن فَقِيُرنَا أ َ‬ ‫ملْيَارِ أي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫حوَ ال َّ‬ ‫َ‬
‫ضيَاِع ع َوَادِي‬ ‫ت بِها ن َ ْ‬ ‫جاب ُ َها وَعَفَافُ َها؟ قَذَفَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ساءُ ِ‬ ‫ن الن ِّ َ‬ ‫أي ْ َ‬
‫َ‬ ‫ملْيارِ يَبْكِي طِفْلُنَا أ ُ َّ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ن بَوادِي!‬ ‫ه بَي ْ َ‬ ‫ت ع َن ْ ُ‬ ‫خل ّ ْ‬ ‫ما ً ت َ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ل العُبَّادِ؟‬ ‫ن قَوَافِ ِ‬ ‫ل بَي ْ َ‬ ‫جودُنَا بِاللي ْ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ملْيارِ أي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ب الُّزهَّادِ؟‬ ‫موْك ِ َ‬ ‫حاكِي َ‬ ‫منَا نَفْل ًً ن ُ َ‬ ‫صيَا ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ملْيارِ أي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬

‫‪507‬‬
‫شادِي؟‬ ‫م َ‬ ‫ة القُرآن أَين كتابك أَلْهتك ع َنه رباب ٌ َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ةأ ْ‬ ‫َ ْ ِ ْ ُ َ َ َ‬ ‫ْ ِ ْ َ َِ ُ ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ساد!‬ ‫سوقُهَا بِك َ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ت وَبَاءَ ْ‬ ‫جَر ْ‬ ‫ه؟ هُ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ع ُلُو ُ‬ ‫ختَارِ أي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫م َ‬
‫ُ‬
‫صم ٍ للرسول يُعَادِي‬ ‫خ ْ‬ ‫ض لِ َ‬ ‫ه بُغْ ٌ‬ ‫ل فَكُل ّ ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫حبّا ً للَّر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫حادِي‬
‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل وَهَدْي ُ ُ‬ ‫سو ِ‬ ‫ه غَيُْر الَّر ُ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫صرا ً للَّر ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫من را َ‬ ‫َ‬
‫*********************‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫معَادِ؟‬ ‫حيلِنَا وَ َ‬ ‫ل َر ِ‬ ‫س قَب ْ َ‬ ‫سابُنَا للن ّفْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ملْيَارِ أي ْ َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫شادِ؟‬ ‫معٌ آبِقٌ بَِر َ‬ ‫ج ْ‬ ‫م لِيَلُوذ َ َ‬ ‫حازِ ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫ن فِعْ ٌ‬ ‫م فَأي ْ َ‬ ‫كَثَُر الكَل ُ‬
‫حد ٌ لِيَفُ َّ‬ ‫ص ٌّ‬ ‫َ‬
‫حادِ؟‬ ‫صابَةِ الِل ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫حد َّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ف وَا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫شقَاقُ فَأي ْ َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫طَا َ‬
‫ل يُنَادِي؟‬ ‫سو ُ‬ ‫حقُّ يَدْع ُو وَالَّر ُ‬ ‫ن تَوْبَةٍ فال َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ملْيَارِ هَ ْ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫ن غَفْلَةٍ وَُرقَادِ؟‬ ‫َ‬ ‫ملْيَارِ هَ ْ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫م ْ‬ ‫حوَةٍ ِ‬ ‫ص ْ‬‫ضةٍ أوْ َ‬ ‫ن نَهْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫م َ‬
‫عَّزةٍ وَرِيَادِ؟‬ ‫ح وَ ِ‬ ‫حوَ الفَل ِ‬ ‫مةٍ ن َ ْ‬ ‫ن ه ِ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سلم ِ هَ ْ‬ ‫ة ال ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫سدَادِ؟؟‬ ‫ل بِقُوَّةٍ وَ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ن ع َوْدَةٍ لِهُدَى الَّر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سلم ِ هَ ْ‬ ‫ة ال ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫يا أ ُ َّ‬
‫=========================‬
‫النبي العظيم بين حقد أعدائه وحب أبنائه‬

‫(إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والخرة وأعد‬
‫لهم عذابا مهينا)‪ ..‬الحزاب‪.57 :‬‬
‫لقد اعتاد المجرمون في الرض أن يحاربوا الحق والهدى بوسائل‬
‫شتى‪ ،‬وللهجوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى‬
‫السلم تاريخ طويل ابتدأ به كفار قريش‪ ،‬كان آخره ما حدث في‬
‫الدانمرك حين نشرت إحدى صحفها صورا مسيئة للرسول محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وما تل ذلك من أحداث كشفت حقيقة الحقد‬
‫الدفين‪ ،‬وعدم التجاوب مع سفراء الدول السلمية‪ ،‬وقد سبق ذلك‬
‫قصة سلمان رشدي‪ ،‬ثم قصة اخراج فيلم سيئ عن النبي العظيم‪،‬‬
‫ولكن مهما بذل المجرمون في هذا السبيل فانه ل ينقص من‬
‫المنزلة العالية لمحمد صلى الله عليه وسلم عند الله وعند‬
‫المؤمنين‪ ،‬وقد توعد الله المستهزئين‪ ،‬وذلك بقوله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫(إنا كفيناك المستهزئين) الحجر‪.95 :‬‬

‫‪508‬‬
‫فقد كان نفر من قريش يستهزئون برسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فأهلكم الله جميعا‪ ،‬وكذلك في الية المذكورة أعله‪ ،‬ينزل‬
‫الله عليهم اللعنة في الدنيا والخرة وأعد لهم عذابا مهينا‪ ،‬وكذلك‬
‫آيات أخرى في هذا الصدد‪.‬‬
‫وحسب الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم ان مدحه الله‬
‫سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وأعلى ذكره في الرض والسماء‬
‫أبد الدهر‪ ،‬ثناء لم ينله أحد من خلقه‪.‬‬
‫وتدافع الشعراء والمؤمنون يمدحون رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم مديحا امتد من حياة الرسول الكريم إلى يومنا هذا‪ ،‬وما‬
‫اجتمع لحد من خلق الله أن ينال هذا المديح الممتد ول جزءا ً منه‪،‬‬
‫مديحا افرغ فيه المؤمنون شديد ايمانهم وعظيم حبهم وروائع‬
‫بيانهم‪ ،‬لتظل أنشودة الدهر‪ ،‬وللئ البيان‪.‬‬
‫ولعل أول من بدأ بمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم من‬
‫الشعراء العشى الكبير ميمون ابن قيس في قصيدته التي مطلعها‪:‬‬
‫ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا‬
‫وعادك ما عاد السليم المسهدا‬
‫وقصيدة كعب بن زهير رضي الله عنه حين تاب واعتذر وألقى بين‬
‫يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته الرائعة‪:‬‬
‫بانت سعاد فقلبي اليوم متبول‬
‫متيم إثرها لم يفد مكبول‬
‫وأنا أعد هذه القصيدة من روائع الدب العالمي‪ ،‬واندفع بعض‬
‫الصحابة الشعراء رضي الله عنهم يمدحون رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يدافعون عنه أمام هجوم قريش كعبدالله بن رواحة‬
‫وكعب بن مالك وحسان بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين‪.‬‬
‫ولكن حسان بن ثابت كان أطولهم باعا وأشدهم ايذاء لقريش‬
‫وشعرائها‪ ،‬وإنا لنجد في وصف أم معبد التي مسح رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ضرع شاة خلفها الجهد‪ ،‬فدرت لبنا روي منه‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وأبوبكر رضي الله عنه والذين معه‪،‬‬
‫نجد في وصفها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قطعة أدبية‬
‫عالية‪ ،‬تقول فيها‪:‬‬

‫‪509‬‬
‫رأيت رجل ظاهر الوضاءة‪ ،‬أبلج الوجه‪ ،‬حسن الخلق‪ ..‬ان صمت‬
‫فعليه الوقار‪ ،‬وان تكلم سماه وعله البهاء‪ ..‬هذا البيان الرائع دفعه‬
‫التأثر الصادق العميق حين رأت وجه النبوة دون أن تعرفه‪.‬‬
‫وتوالى الشعراء على مر العصور يدفعون للئ قرائحهم وغني‬
‫بيانهم في مديح سيد الخلق‪ ،‬حتى ل يكاد يخلو عصر من أحد منهم‪،‬‬
‫وقد جمع الشيخ يوسف سعيد النبهاني المتوفى سنة ‪1350‬هـ كل ما‬
‫قيل في مدح الرسول الكريم في المجموعة النبهانية‪ ،‬في المدائح‬
‫النبوية في أربع مجلدات تضم أكثر من ألف وخمسمائة صفحة‪،‬‬
‫وجاء الشعراء في العصر الحديث يبدعون في هذا المديح مثل‬
‫محمود سامي البارودي في قصيدته‪ :‬كشف الغمة في مدح سيد‬
‫المة في أربعمائة وسبعة وأربعين بيتا‪ ،‬وأحمد محرم في ديوانه‬
‫مجد السلم‪ ،‬وشوفي في قصيدتيه البائية والهمزية‪ ،‬وشعراء‬
‫كثيرون يضيق المجال عن ذكرهم في هذه الكلمة الموجزة‪.‬‬
‫ولم يقتصر مديح الرسول صلى الله عليه وسلم على المسلمين‬
‫فان عددا من الشعراء النصارى مدح الرسول المصطفى‪ ،‬من مثل‪:‬‬
‫الياس قنصل‪ ،‬والشاعر القروي رشيد سليم خوري‪ ،‬ورشيد أيوب‪،‬‬
‫ورياض المعلوف‪ ،‬والياس طعمة الذي أسلم وسمي نفسه الوليد‪،‬‬
‫ولقد تشرفت بمديح سيد المرسلين بقصيدة بعنوان‪ :‬رسول الهدى‬
‫في سبعة وأربعين بيتا أذكر هنا منها‪:‬‬
‫أنت معنى الوفاء‪ :‬ذكرك في الرض حميد وفي السماء حميد‬
‫ل تكاد الشهود تمل عينيـ ـها فيغضي من الجلل الشهود‬
‫حسبك المدح أن تكون على خلـ ـق عظيم يثني به الكتاب المجيد‬
‫وعلى المة المسلمة كلها أن تقتفي أثر جهود المملكة العربية‬
‫السعودية في معالجة هذا الموقف من الدانمرك بالحزم والدفاع‬
‫عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولو أدى ذلك إلى مقاطعة العالم‬
‫السلمي كله للدانمرك‪ ،‬حتى تعلم الدانمرك وغيرها ان المة‬
‫المسلمة مازالت على عهدها مع الله سبحانه وتعالى وحبها للرسول‬
‫العظيم وغيرتها على السلم‪.‬‬
‫=========================‬
‫ي العظيم والرحمة المهداة بين وفاء المؤمنين وإيذاء‬ ‫النب ُّ‬
‫المشركين‬

‫‪510‬‬
‫‪www.alnahwi.com‬‬
‫أنعم الله تبارك وتعالى على هذه المة نبي الهدى { الذي أخرج‬
‫الناس من الظلمات إلى النور‪ ،‬فهو الرحمة المهداة‪ ،‬والنعمة‬
‫المسداة‪ ،‬وهو خاتم النبيين‪ ،‬وسيد المرسلين‪ ،‬ومحبته واجبة على‬
‫الخلق أجمعين‪ ،‬وقد نصره وأحبه كل مؤمن تقي‪ ،‬وخذله وآذاه كل‬
‫منافق ومشرك‪ ،‬والكاتب ينفع الله به ‪ -‬أبان في هذا المقال هذه‬
‫الصور بشكل دقيق وبيان لطيف‪.‬‬
‫‪ -1‬ثناء من الله سبحانه وتعالى على رسوله الكريم { ‪:‬‬
‫يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ( ‪ ) 45‬وداعيا إلى‬
‫الله بإذنه وسراجا منيرا ( ‪ ) 46‬وبشر المؤمنين بأن لهم من الله‬
‫فضل كبيرا ( ‪ ) 47‬ول تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل‬
‫على الله وكفى" بالله وكيل ( ‪{ ) 48‬الحزاب‪.}48 - 45 :‬‬
‫ي العظيم‪ ،‬سيد المرسلين‬ ‫الصادقون من ثناء على النب ّ‬ ‫مهما كتب‬
‫َ‬
‫محمد {‪ ،‬ومهما أل ّفوا من كتب وقدَّموا من دراسات عن عظمة‬
‫ي الخاتم‪ ،‬ومهما نظَم الشعراء من قصائد في مديح النب ّ‬
‫ي‬ ‫النب ِ ّ‬
‫المصطفى‪ ،‬فلن يبلغ ذلك كله ما أثنى به الله على رسوله الذي‬
‫سبك هذا الوصف الذي تعرضه‬ ‫ح ْ‬
‫اصطفاه وبعثه رحمة للعالمين‪ .‬و َ‬
‫اليات الكريمة أعله‪ ،‬يخاطب بها الله سبحانه وتعالى رسوله ونبيّه‪،‬‬
‫َ‬ ‫فيبيّن له حقيقة المهمة التي بُعث بها‪ :‬شاهدا ً على أ ُ َّ‬
‫ك وقد بل ّغتَهم‬‫مت ِ َ‬
‫جة وعلى الناس كافَّة‪ ،‬ومبشرا ً للمؤمنين بالجنَّة‬ ‫ت عليهم الح َّ‬ ‫وأقم َ‬
‫ً‬
‫والفضل العظيم من الله‪ ،‬ونذيرا للكافرين من عذاب النار يوم‬
‫ة الخاتمة‪ ،‬إلى الناس كافة‪،‬‬ ‫القيامة‪ ،‬وداعيا ً يبل ِّغ رسالة رب ِّه‪ ،‬الرسال َ‬
‫رسالة ظاهرة مشرقة كالشمس بصدقها وحجتها وآياتها‪ .‬ول تطع‬
‫ض متوكل ً على الله‪،‬‬ ‫ل بأذاهم وام ِ‬ ‫الذين أدبروا عن الهدى‪ ،‬ول تبا ِ‬
‫على خطّة جليَّة‪ ،‬ونهج قويم‪ ،‬وصراط مستقيم‪ ،‬ل يعطله إيذاء‬
‫المجرمين !‬
‫ي الذي اصطفاه الله‬ ‫وتتوالى اليات الكريمة تعرض عظمة النب ّ‬
‫واختاره وبعثه بالهدى ودين الحق‪ ،‬تعرض وتحيط بجوانب عظمته‬
‫في بيان معجز وعرض حق ‪ .‬ول نستطيع هنا أن نورد اليات كلها‬

‫‪511‬‬
‫في هذا الصدد‪ ،‬ولكننا نأخذ قبسات تشير وتد ُّ‬
‫ل ‪ :‬وإنك لعلى" خلق‬
‫عظيم ‪{ 4‬القلم‪.}4 :‬‬
‫ب العالمين‪ ،‬يبرز فيه سبحانه وتعالى‬ ‫وما أعظم هذا الثناء من ر ِّ‬
‫خلُق في دين الله‪ ،‬ومنزلته في حياة الناس‪ ،‬ودوره في‬ ‫أهمية ال ُ‬
‫ق كل ِّهم‪،‬‬ ‫الوفاء بالمانة والعهد‪ ،‬والتبليغ والتعهد‪ .‬ولتكون نبراسا ً لل َ ْ‬
‫خل ِ‬
‫خلُق‬‫سوا ب ُ‬‫للبشريَّة كل ِّها‪ ،‬حتى يتمسكوا بهذا المبدأ العظيم‪ ،‬ويتأ َّ‬
‫الرسول {‪:‬‬
‫لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله‬
‫واليوم الخر وذكر الله كثيرا ‪{ 21‬الحزاب‪.}21 :‬‬
‫ويرفع الله منزلة النبي { بين المؤمنين وبين الخلق جميعاً‪ ،‬حتى‬
‫يكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم‪ ،‬وزوجاته أمهاتهم ‪:‬‬
‫النبي أولى" بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الرحام‬
‫بعضهم أولى" ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إل أن‬
‫تفعلوا إلى" أوليائكم معروفا كان ذلك في الكتاب مسطورا ‪6‬‬
‫{الحزاب‪.}6 :‬‬
‫ي ل يقرأ‬
‫م ٍّ‬
‫وهذه المنزلة العالية والصفات السامية تجتمع في رجل أ ّ‬
‫ول يكتب‪ ،‬وبعثه الله بهذه المعجزة العظيمة ليدحض الله بها أقوال‬
‫المفترين ومزاعم المضلّين‪:‬‬
‫قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك‬
‫السموات والرض ل إله إل هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله‬
‫النبي المي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ‪158‬‬
‫{العراف‪.}158 :‬‬
‫وأمر الله المؤمنين باحترام الرسول { بأسلوب الحديث وعدم رفع‬
‫الصوت وعدم تقديم الرأي بين يديه‪ ،‬وجعل الله الخلل بذلك مبطلً‬
‫لعمالهم‪ .‬إنه إجلل للنبوة ولمنزلتها العالية ‪:‬‬
‫يا أيها الذين آمنوا ل تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن‬
‫الله سميع عليم ‪ 1‬يا أيها الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت‬
‫النبي ول تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم‬
‫وأنتم ل تشعرون ‪{ 2‬الحجرات‪.}2 ،1 :‬‬

‫‪512‬‬
‫سبك من ثناء الله على رسوله { أن اختاره واصطفاه من خلقه‪،‬‬ ‫ح ْ‬
‫و َ‬
‫ليحمل هذه الرسالة العظيمة‪ ،‬وجعل طاعة الرسول من طاعة الله‪،‬‬
‫ومعصيته من معصية الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وإيذاءه يجلب غضب الله‬
‫ولعنته ‪:‬‬
‫يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ول تولوا عنه وأنتم تسمعون‬
‫‪ 20‬ول تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم ل يسمعون ‪{ 21‬النفال‪،20 :‬‬
‫‪.}21‬‬
‫قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل‬
‫وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إل البلغ‬
‫المبين ‪{ 54‬النور‪.}54 :‬‬
‫من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى" فما أرسلناك عليهم‬
‫حفيظا ‪{ 80‬النساء‪.}80 :‬‬
‫إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والخرة وأعد‬
‫لهم عذابا مهينا ‪{ 57‬الحزاب‪.}57 :‬‬
‫وأيّ ثناء أعظم من أن يجعل الله طاعة رسوله { من طاعته‪،‬‬
‫قاعدة إيمانيَّة رئيسة يلتزم بها المؤمنون أبد الدهر ‪ .‬ولتكون طاعة‬
‫الله ورسوله هي القاعدة الجامعة للمؤمنين صفا ً واحدا ً ما التزموا‬
‫ذلك !‬
‫ل الثناء على رسوله { ثناءً ممتدا ً أبد الدهر‪ ،‬كلما تل مؤمن‬ ‫ويظ ُّ‬
‫كتاب الله‪ ،‬يردّد مع التلوة ثناء الله على رسوله {‪ ،‬كما يقول‬
‫الشاعر ‪:‬‬
‫خ ْ‬
‫ل‬ ‫ن تكون ع َلَى ُ‬ ‫ك المد َ‬ ‫سب ُ َ‬
‫حأ ْ‬‫َ ْ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫مجيدُ‬
‫ب ال ُ‬ ‫ق ع َظيم ٍ يُتْلَى بِهِ الكِتا ُ‬ ‫ٍ‬
‫ُ‬
‫ب وَذِكْرٍ‬
‫ن الكِتا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬‫لآ ٍ‬ ‫كُ ّ‬
‫جدِيدُ(‪)1‬‬
‫ن َ‬ ‫هُوَ ذِكٌْرعلى الَّز َ‬
‫ما ِ‬
‫‪ -2‬عناية الله ورعايته‪ ،‬وتثبيته وحمايته ‪:‬‬
‫ول يقف المر عند ثناء الله على رسوله النبي المصطفى فحسب‪،‬‬
‫ولكن مع هذا الثناء تمتد رعاية الله سبحانه وتعالى رعاية حانية‪،‬‬

‫‪513‬‬
‫تحنو على الرسول الكريم وهو يشقُّ سبيله بين صخور وعقبات‪،‬‬
‫ت‬ ‫وشدَّة إيذاء وعظيم ابتلء‪ .‬ويمتد ُّ مع الرعاية والحنو توجي ٌ‬
‫ه وتثبي ٌ‬
‫ل ذلك ليبعث في نفسه‬ ‫ومدد ٌ بالوحي والملئكة والنور الذي أُنْزل‪ ،‬ك ُّ‬
‫الطمأنينة‪ ،‬وفي قلبه الثبات والعزيمة‪ ،‬ومع مسيرته الصبر والثقة‬
‫والستبشار‪ .‬ولنتدبَّر بعض القبسات من كتاب الله تضيء لنا هذه‬
‫الحقائق ‪:‬‬
‫وتوكل على العزيز الرحيم ‪ 217‬الذي يراك حين تقوم ‪ 218‬وتقلبك‬
‫في الساجدين ‪ 219‬إنه هو السميع العليم ‪{ 220‬الشعراء‪- 217 :‬‬
‫‪.}220‬‬
‫ل أحوال الرسول {‪ ،‬وهو يتلقَّى اليذاء‬ ‫وتمضي هذه الرعاية في ك ِّ‬
‫الشديد من قريش‪ ،‬والعدوان والمطاردة‪ ،‬والكيد والتآمر والمكر من‬
‫معت والتقت على‬ ‫اليهود ومن قريش ومن الحزاب كلها‪ ،‬حين تج َّ‬
‫حربه ‪:‬‬
‫واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ‪ 48‬ومن‬
‫الليل فسبحه وإدبار النجوم ‪{ 49‬الطور‪.}49 ،48 :‬‬
‫وتمتد هذه الرعاية الحانية إلى التوجيه والتثبيت في مواقف الشدَّة‬
‫ل مرحلة من مراحل الدعوة ‪:‬‬ ‫والكيد والمكر‪ ،‬مع ك ِّ‬
‫وما خلقنا السموات والرض وما بينهما إل بالحق وإن الساعة لتية‬
‫فاصفح الصفح الجميل ‪ 85‬إن ربك هو الخلق العليم ‪ 86‬ولقد آتيناك‬
‫سبعا من المثاني والقرآن العظيم ‪ 87‬ل تمدن عينيك إلى" ما متعنا‬
‫به أزواجا منهم ول تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ‪ 88‬وقل‬
‫إني أنا النذير المبين ‪{ 89‬الحجر‪.}89 - 85 :‬‬
‫نعم ! وقل إني أنا النذير المبين ! إعلن حاسم للرسالة‪ ،‬سيعقبه‬
‫ي دون أن يأبه‬
‫اليذاء والستهزاء من المشركين ‪ .‬فيأمره الله بالمض ّ‬
‫ض على نهج قويم وصراط مستقيم‪،‬‬ ‫بالمشركين ول بإيذائهم‪ ،‬فهو ما ٍ‬
‫وقد تعهَّد الله بأن يكفيه المستهزئين‪:‬‬

‫‪514‬‬
‫فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ‪ 94‬إنا كفيناك المستهزئين‬
‫‪ 95‬الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ‪{ 96‬الحجر‪94 :‬‬
‫‪.}96 -‬‬
‫ل رعاية‬‫ويشتد ُّ اليذاء على رسول الله {‪ ،‬ويشتد ُّ المكر والكيد‪ ،‬وتظ ُّ‬
‫الله لنبيّه حانية ممتدة‪ ،‬حتى إذا حاولوا أن يفتنوا الرسول { عن‬
‫جه وتثبّت‬‫الذي أوحى به الله إليه‪ ،‬كانت الرعاية الربَّانيَّة حانية تو ِّ‬
‫وتنصر ‪:‬‬
‫وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا‬
‫لتخذوك خليل ‪ 73‬ولول أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليل‬
‫‪ 74‬إذا لذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم ل تجد لك علينا‬
‫نصيرا ‪{ 75‬السراء‪. }75 - 73 :‬‬
‫وكما يمتد ُّ مكر المشركين والكيد برسول الله {‪ ،‬تمتد ُّ عناية الله‬
‫برسوله وحمايته له‪:‬‬
‫وإن كادوا ليستفزونك من الرض ليخرجوك منها وإذا ل يلبثون‬
‫خلفك إل قليل ‪ 76‬سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ول تجد‬
‫لسنتنا تحويل ‪{ 77‬السراء‪.}77 ،76 :‬‬
‫تثبيت ويقين يتنَّزل على رسول الله {‪ ،‬وإنذار شديد للكافرين يذهب‬
‫بمكرهم وكيدهم‪ ... :‬وإذا ل يلبثون خلفك إل قليل ! سينزل بهم‬
‫عذاب الله! وكذلك تدَّبَّْر هذه اليات التالية لترى عظمة الرعاية‬
‫وجلل الحنو وقوة التثبيت ‪:‬‬
‫وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون‬
‫ويمكر الله والله خير الماكرين ‪{ 30‬النفال‪.}30 :‬‬
‫وكذلك ‪:‬‬
‫وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه‬
‫الجبال ‪ 46‬فل تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو‬
‫\نتقام ‪{ 47‬إبراهيم‪.}47 ،46 :‬‬

‫‪515‬‬
‫ولقد ثبت رسول الله {‪ ،‬ومضى في دعوته بين كيد الكافرين ومكر‬
‫المشركين‪ ،‬وبين رعاية الله وحمايته حتى من المستهزئين‪ :‬إنا‬
‫كفيناك المستهزئين! واستمع إلى قوله سبحانه وتعالى يمد ُّ الرعاية‬
‫لرسوله الكريم‪:‬‬
‫فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد \هتدوا وإن تولوا فإنما هم في‬
‫شقاق فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ‪{ 137‬البقرة‪.}137 :‬‬
‫نعم ! فسيكفيكهم الله ! وقد كفاه المستهزئين والماكرين‪ ،‬فأخذهم‬
‫الله بهلك من عنده‪ ،‬ويمتد ُّ وعد الله هذا إلى أبد البدين على سنن‬
‫لله ثابتة وقضاء نافذ وقدر غالب وحكمة بالغة‪.‬‬
‫ولو راجعنا السيرة لوجدنا أن المستهزئين كانوا كثيرين‪ .‬فأما " أبو‬
‫لهب " فقد بشره الله بالهلك في الدنيا والخلود في النار بالخرة‪.‬‬
‫فأصيب أبو لهب بمرض مات فيه شر ميتة‪ ،‬ولم يقدروا على تغسيله‬
‫لشدَّة الرائحة الكريهة التي كانت تخرج من جسده الذي ينسلخ‬
‫سَر في بدر‬ ‫ُ‬
‫ويتساقط‪ .‬وأبو جهل قتل في بدر‪ ،‬والنضر ابن الحارث أ ِ‬
‫وأمر الرسول { بضرب عنقه‪ .‬والسود بن يغوث أصابته السموم‬
‫ومرض الكلة‪ ،‬فامتل جسمه قيحا ً فمات شَّر ميتة‪ .‬والحارث بن‬
‫ي بن خلف وأميَّة بن خلف كانا من‬ ‫ُ‬
‫قيس السهمي مات بالذبحة‪ .‬وأب ّ‬
‫دّ من آذى رسول الله { وعداوة له واستهزاء به‪ ،‬فهلك أمية في‬ ‫أش ِ‬
‫ي في أحد‪ .‬وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة هلك على يد‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫بدر وأب ّ‬
‫حمزة رضي الله عنه‪ .‬والعاص بن وائل السهمي‪ ،‬فقد هلك هذا‬
‫المشرك في مكة بلدغة حيَّة في رجله فانتفخت رجله حتى مات‪.‬‬
‫سهميَّان‪ ،‬والسود بن المطلب ابن‬ ‫منَب ِّه ابنا الحجاج ال َّ‬ ‫وكذلك نَبِيْه و ُ‬
‫أسد‪ ،‬وطعيمة بن عديّ بن نوفل‪ ،‬ومالك بن الطلطلة بن عمرو بن‬
‫غبشان‪ ،‬وركانة بن عبد يزيد‪ ،‬والوليد ابن المغيرة(‪ .)2‬وحشد من‬
‫اليهود والمشركين‪ ،‬رد َّ الله استهزاءَهم ومكرهم على أنفسهم‬
‫وباؤوا بخسران في الدنيا والخرة‪ .‬وذهب ذكرهم وطُوي‪ ،‬وظ َّ‬
‫ل‬
‫محمد{ يشرق مع الدهر ذكرا ً حميدا ً في السماء وحميدا ً في الدنيا‪:‬‬
‫َ‬
‫ل‬ ‫خ ْ‬ ‫ت في ال َ‬‫أيُّها المصطفى! تَفََّرد ْ َ‬
‫ُ‬
‫ق نَبِيّا ً ع ُلَك أفْقٌ فَرِيدُ‬ ‫ِ‬
‫ك في الرَ‬ ‫معْنَى الوَفَاءِ‪ :‬ذِكُْر َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ت َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫حميدُ(‪)3‬‬ ‫ض حميد ٌ وفي ال َّ‬
‫سماءِ َ‬ ‫ِ‬

‫‪516‬‬
‫ُ‬ ‫وظ َّ‬
‫ل أعداء محمد { هم أعداء الدين الحق‪ ،‬ظل ّوا ممتدّين مع الزمن‬
‫يكيدون ويستهزئون‪ ،‬ويَُرد ُّ كيدهم إلى نحورهم‪ ،‬وهم دائما ً ‪:‬‬
‫الكافرون والمشركون والمنافقون واليهود وفريق من النصارى‪،‬‬
‫حيث ما زال منهم من يؤمن بهذا الدين ‪:‬‬
‫وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين النس والجن يوحي بعضهم‬
‫إلى" بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما‬
‫يفترون ‪{ 112‬النعام‪.}112 :‬‬
‫إنها سنَّة من سنن الله !‬
‫ولقد اجتمعت هذه الخصائص والسمات الفريدة في محمد { وهو‬
‫ب العالمين‪،‬‬ ‫يشقُّ طريقه بين أعداء مجرمين وبين عناية من ر ِّ‬
‫ة بأصحابه المؤمنين‬ ‫ة للعالمين‪ ،‬رحم ً‬
‫ل رحم ً‬‫ل ذلك ظ َّ‬‫ولكنه مع ك ِّ‬
‫ة للبشريَّة على مّرِ القرون‪ ،‬ما دام المؤمنون يُبل ِّغون رسالة‬ ‫ورحم ً‬
‫َ‬
‫رب ِّهم إلى الناس كافّة‪ ،‬ليخرجوهم من الظلمات إلى النور‪:‬‬
‫وما أرسلناك إل رحمة للعالمين ‪{ 107‬النبياء‪.}107 :‬‬
‫يهدي به الله من \تبع رضوانه سبل السلم ويخرجهم من الظلمات‬
‫إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم ‪{ 16‬المائدة‪.}16 :‬‬

‫‪ -3‬ثناء الشعراء المؤمنين على م ّ ِ‬


‫ر العصور ‪:‬‬
‫حبّه جزءاً‬
‫وقد عرف المؤمنون رسولهم ونبيُّهم محمدا ً {‪ ،‬وأصبح ُ‬
‫ب الكبر في حياة‬ ‫ب الله ورسوله الح َّ‬ ‫رئيسا ً من اليمان‪ ،‬ليكون ُ‬
‫ح ُّ‬
‫ب في الحياة الدنيا ‪ .‬ومن هذا الحب‬ ‫المؤمن‪ ،‬ومنه ينبع ك ُّ‬
‫ل ح ٍّ‬
‫الصادق انطلق الشعراء المسلمون يمدحون رسول الله‬
‫{ بقصائدهم الغنيَّة بالبيان والصدق والوفاء ‪.‬‬
‫ل أول من بدأ بمدح رسول الله { من الشعراء العشى الكبير‬ ‫ولع َّ‬
‫ميمون ابن قيس في قصيدته التي مطلعها(‪:)4‬‬
‫ض عيناك ليلة أرمدا‬ ‫م ْ‬‫ألم تَغْت ِ‬
‫وعادك ما عاد السليم المسهَّدا‬
‫ي‬ ‫وقد نظم القصيدة حين عزم على أن يسلم‪ ،‬وتو َّ‬
‫جه إلى النب ّ‬
‫{ بهذه القصيدة‪ ،‬فصدَّته قريش لما خافت من أثر شعره في‬
‫مى صنَّاجة العرب ‪ .‬ونجحت قريش في صدَّه‬ ‫العرب‪ ،‬إذ كان يُس َّ‬

‫‪517‬‬
‫فعاد إلى قريته‪ ،‬وفي طريق عودته رمى به بعيره إلى الرض‬
‫فمات‪ ،‬وذلك سنة ‪629‬م ‪.‬‬
‫وقصة كعب بن زهير بن أبي سلمى رضي الله عنه‪ ،‬حين هجا‬
‫جه إلى الرسول الكريم بقصيدته الرائعة‪،‬‬ ‫الرسول {‪ ،‬ث َّ‬
‫م تاب وتو ّ‬
‫م ألقى قصيدته التي مطلعها(‪:)4‬‬‫وأعلن توبته بين يدي الرسول {‪ ،‬ث َّ‬
‫بانت سعاد فقلبي اليوم متبو ُ‬
‫ل‬
‫م إثرها لم يُفْد َ مكبول‬ ‫متي ّ‬ ‫ُ‬
‫وإني لعد ُّ هذه القصيدة من روائع الدب العالمي ‪ .‬وإني ل أرى كما‬
‫ن مطلعها غزل وتشبيب كعادة العرب في الجاهلية‪،‬‬ ‫يرى الكثيرون أ َّ‬
‫ن كعبا ً يصف فيها رحلته من الجاهلية التي كان قد‬ ‫ولكني أرى أ َّ‬
‫م فارقها (بانت سعاد) إلى السلم واليمان الذي دخل قلبه‬ ‫عشقها ث َّ‬
‫ض ل يبلّغها‪ :‬إل العتاق النجيبات‬
‫ت سعاد بأر ٍ‬ ‫مس ْ‬ ‫وملك حبّه (أ ْ‬
‫المراسيل)‪.‬‬
‫م تتدافع الشعراء من أصحاب رسول الله { يمدحون نبيّهم‬ ‫ث َّ‬
‫ورسولهم‪ ،‬ويدافعون عنه ويدفعون عنه أذى قريش وشعرائها ‪.‬‬
‫وكان من شعراء الصحابة عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك‬
‫وحسان بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين ‪ .‬ولكن حسان بن ثابت‬
‫كان أطولهم باعا ً وأشدهم إيذاءً لقريش ‪.‬‬

‫وكان وصف أم معبد لرسول الله { حين مَّر بخيمتها ‪:‬‬


‫" رأيت رجل ً ظاهر الوضاءة‪ ،‬أبلج الوجه‪ ،‬حسن الخلق‪ ،‬لم تعبْه‬
‫ثُعلة‪ ،‬ولم تُْزرِ به صعلة‪ ،‬وسيم قسيم‪ ،‬في عينيه دعج‪ ،‬وفي أشفاره‬
‫وطف‪ ،‬وفي ضوئه صحل‪ ،‬وفي عنقه سطع‪ ،‬أحور‪ ،‬أكحل‪ ،‬أزج‪،‬‬
‫َ‬
‫أقرن‪ ،‬شديد سواد الشعر‪ ،‬إذا صمت عله الوقار‪ ،‬وإن تكل ّم عله‬
‫البهاء‪ ،‬أجمل الناس وأبهاهم من بعيد‪ ،‬وأحسنه وأحله من قريب‪،‬‬
‫ي بن أبي‬ ‫حلو المنطق ل نزر ول هذر ‪....‬الخ"(‪ .)5‬وقد وصفه عل ٌّ‬
‫طالب في بيان رائع‪ ،‬وكذلك أنس بن مالك‪ ،‬وأبو جحيفة‪ ،‬والبراء‪،‬‬
‫وجابر بن سمرة‪ ،‬وأبو هريرة‪ ،‬وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫‪518‬‬
‫وقد توالى الشعراء المسلمون على مّرِ العصور يدفعون للئ‬
‫ي بيانهم في مدح رسول الله {‪ ،‬حتى ل يكاد يخلو‬ ‫قرائحهم وغن ّ‬
‫عصر من أحد منهم‪ .‬وجاء الشعراء في العصر الحديث يبدعون في‬
‫هذا المديح‪ .‬وكان أولهم محمود سامي باشا البارودي في قصيدته‪:‬‬
‫"كشف الغمة في مدح سيد المة" في أربعمائة وسبعة وأربعين‬
‫بيتاً‪ ،‬وكذلك أحمد محَّرم في ديوانه مجد السلم‪ ،‬وشوقي في‬
‫قصيدتيه البائية والهمزية‪ ،‬وعمر أبو ريشة في مقدمة ملحمته‪،‬‬
‫وعدنان النحوي في قصيدته رسول الهدى في سبعة وأربعين بيتا ً ‪.‬‬
‫ن الله سبحانه وتعالى قد أثنى‬ ‫ولقد بيّنَّا في هذه الصفحات كيف أ َّ‬
‫ي الخاتم أعلى ثناء‪ ،‬وكيف مدحه عدد من أصحابه‬ ‫على عبده النب ّ‬
‫الشعراء وأخرسوا سفهاء قريش‪ ،‬وكيف وصفته أم معبد‪ ،‬وهي لم‬
‫تره إل مّرة واحدة ولفترة قصيرة‪ ،‬ولكنه أثر النبوّة المشرق الذي‬
‫يؤثر في النفوس‪ ،‬ويزداد تأثيره كلما صفت النفوس وزادت إيماناً‪.‬‬
‫وأشرنا كذلك كيف وصفه بعض الصحابة كذلك وصفا ً جامعا ً يهُّز‬
‫النفوس‪.‬‬
‫ي العظيم يصف نسبه ومنزلته عند الله‪:‬‬ ‫‪ -4‬النب ّ‬
‫وبالضافة إلى ذلك كله‪ ،‬فقد عَّرفنا رسول الله { بنسبه وكيف‬
‫اختاره الله من خير قرون بني آدم قرنا ً فقرنا ‪ .‬فلننظر في قبسات‬
‫من الحاديث الشريفة حول ذلك ‪:‬‬
‫ت من خير‬‫فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي { قال ‪" :‬بُعث ُ‬
‫ت منه"(‪.)6‬‬
‫ت من القرن الذي كن ُ‬ ‫قرون بني آدم قرنا ً فقرناً‪ ،‬حتى كن ُ‬
‫عنه أيضا ً عن الرسول { أنه قال‪" :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة‪،‬‬
‫وأول من ينشقُّ عنه القبر‪ ،‬وأول شافع وأول مشفّع"(‪ )7‬وفي رواية‬
‫أخرى عنه أيضا ً في حديث طويل‪" :‬أنا سيد الناس يوم القيامة‪ .‬وهل‬
‫م ذلك ؟! يجمع الله الولين والخرين ‪.)8(".....‬‬
‫تدرون ب ِ َ‬
‫وعن المطلب بن أبي وداعة عن العباس عن الرسول { أنه قال‪:‬‬
‫"‪..‬أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب‪ ،‬إن الله تعالى خلق الخلق‬
‫فجعلني في خير خلقه‪ ،‬وجعلهم فرقتين‪ ،‬فجعلني في خيرهم فرقة‪،‬‬
‫وخلق القبائل‪ ،‬فجعلني في خير قبيلة‪ ،‬وجعلهم بيوتاً‪ ،‬فجعلني في‬
‫خيرهم بيتاً‪ ،‬فأنا خيركم بيتاً‪ ،‬وخيركم نفساً"(‪.)9‬‬

‫‪519‬‬
‫والحاديث الشريفة كثيرة حول هذا الموضوع‪ ،‬حيث يظهر فضل‬
‫خلْقاً‬
‫الله على خلقه جميعا ً أن بعث فيهم محمدا ً { على أحسن هيئة َ‬
‫خلُقاً‪ ،‬وأحسنهم منبتا ً ‪.‬‬
‫و ُ‬
‫‪ -5‬الشعراء غير المسلمين يمدحون الرسول { ‪:‬‬
‫ولم يقتصر مديح الرسول { على المسلمين‪ ،‬فقد قام عدد من‬
‫الشعراء النصارى يمدحون رسول الله { بقصائد غنيَّة تلمس فيها‬
‫وضوح العاطفة وحقيقة الكبار ‪ .‬ويبقى السؤال‪ :‬فلماذا لم‬
‫يسلموا ؟! ومن هؤلء‪" :‬إلياس قنصل"‪ ،‬والشاعر القروي "رشيد‬
‫سليم الخوري"‪ ،‬و"رشيد أيوب"‪ ،‬و"رياض المعلوف"‪ ،‬و"إلياس‬
‫طعمة" الذي أسلم وجعل اسمه بعد إسلمه "وليد طعمة"! وكذلك‬
‫سعيد جرجس العيسى الذي مدح رسول الله بقصيدة جميلة‪ ،‬والذي‬
‫ذكر عيسى عليه السلم ومريم عليها السلم كما هما في القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وأشاد بالتوحيد كما هو في كتاب الله ‪ .‬وقد دعوته ليعلن‬
‫إسلمه‪ ،‬ولكنّه توفّي قبل أن أتلقَّى منه خبرا ً ‪.‬‬
‫‪ -6‬الرسول { في الكتب المنزلة ‪:‬‬
‫ن اسم محمد { ثابت في‬ ‫ولدينا في كتاب الله القول الحق بأ َّ‬
‫التوراة والنجيل ‪:‬‬
‫وإذ قال عيسى \بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم‬
‫مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي‬
‫\سمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ‪{ 6‬الصف‪:‬‬
‫‪.}6‬‬
‫ولم يقف المر عند عيسى عليه السلم وحده‪ ،‬وإنما امتد َّ إلى جميع‬
‫ي الخاتم‬ ‫الرسل‪ ،‬حيث أخذ الله عهدا ً منهم جميعا ً أن يؤمنوا بالنب ّ‬
‫وينصروه ‪:‬‬
‫وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم‬
‫رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم‬
‫على" ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من‬
‫الشاهدين ‪{ 81‬آل عمران‪.}81 :‬‬
‫ن اسم‬‫ولقد كتب عدد من الباحثين في التوراة والنجيل وبيّنوا أ َّ‬
‫محمد وارد في التوراة والنجيل بالسلوب واللغة التي دُوِّن فيهما‬

‫‪520‬‬
‫هذان الكتابان‪ ،‬مع ما أصابهما من التحريف ‪ .‬فيذكر البروفسور عبد‬
‫الحد داود في كتابه‪ " :‬محمد في الكتاب المقدس " نماذج متعددة‬
‫جي‪ ،‬تأتي‬ ‫ح ّ‬
‫عن ذكر محمد {‪ ،‬ففي الصحاح الثاني من سفر َ‬
‫الترجمة هكذا‪ " :‬ويأتي مشتهى كل المم "! " وعندما أرسل الله‬
‫جي ليسري عن هؤلء المحزونين على تدمير الهيكل‪،‬‬ ‫يح ّ‬‫خادمه النب ّ‬
‫مدا (‬‫ح َ‬
‫ومعه الرسالة الهامة‪ :‬ولسوف أزلزل كل المم وسوف يأتي ِ‬
‫مداث كول هاجو بيم‬ ‫‪ )Himada‬لكل المم " ! وبالعبريّة‪ " :‬في يافو ِ‬
‫ح ْ‬
‫"‪ ،‬وترجمتها الحرفية كما سبق ذكره(‪ .)10‬ويورد ن ّ‬
‫صا ً آخر ‪.... " :‬‬
‫سر كلمة "‬ ‫حتى يأتي شيلوه ويكون له خضوع الشعوب " ! ويف ّ‬
‫صه‪ ،‬ويذكر المؤلف نصوصا ً أخرى كثيرة‬ ‫شيلوه " بالشخص الذي تخ ّ‬
‫ت رأيه ‪.‬‬‫ليُثْب َ‬
‫ي‬
‫ويذكر المستشار محمد عزت الطهطاوي في كتابه‪ " :‬محمد { نب ّ‬
‫السلم‪ :‬في التوراة والنجيل والقرآن "‪ ،‬وأمثلة كثيرة عن ورود‬
‫ي الخاتم بألفاظ متعددة ‪ .‬ويذكر في الباب الول نصوصاً‬ ‫اسم النب ّ‬
‫ت‬‫ص ليُثْب َ‬ ‫من البشارات في "العهد القديم " ‪ .‬ويحقق في ك ِّ‬
‫ل ن ٍّ‬
‫الشارة والبشارة بمجيء محمد {‪ .‬ويأخذ النصوص من أسفار‪:‬‬
‫جي‪ ،‬ملخي‬ ‫ح ّ‬
‫التكوين‪ ،‬التثنية‪ ،‬المزامير‪ ،‬وأشعياء‪ ،‬وميخا‪ ،‬وحبقوق‪ ،‬و َ‬
‫‪ .‬ويأتي بنصوص من الشارات والبشارات في بعض كتب العهد‬
‫الجديد‪ ،‬وهي الناجيل الربعة‪ " :‬متى ومرقص‪ ،‬ولوقا ويوحنا"(‪.)11‬‬
‫فبالرغم مما جرى في العهدين القديم والجديد من تحريف‪ ،‬فقد‬
‫ن الله سيبعث بعد موسى وعيسى‬‫بقيت نصوص كثيرة تشير إلى أ َّ‬
‫ي الذي تخضع له الشعوب أو الذي تنتظره‬ ‫عليهما السلم النب ّ‬
‫الشعوب ‪.‬‬
‫‪ -7‬كتب ودراسات تشيد بذكر النبي العظيم محمد {‪:‬‬
‫ي العظيم‪،‬‬ ‫ولم يقف المر عند هذا الحد ّ من الثناء على النب ّ‬
‫المصطفى‪ ،‬ولكن كثيرا ً من الناس‪ ،‬من مسلمين وغير مسلمين‪،‬‬
‫كتبوا عن محمد {‪ ،‬بعد أن درسوا سيرته‪ ،‬فخشعوا أمام هذه‬
‫السيرة العظيمة المتفّرِدة ‪ .‬فقد كتب كثيرون قديما ً وحديثا ً عن‬
‫الرسول { دراسات عامة من عظمته وتفّرده‪ ،‬أو عن جانب من‬
‫جوانب عظمته‪ ،‬بحيث يصعب حصر الذين كتبوا في ذلك‪ ،‬يضاف‬
‫إلى ذلك المقالت الواسعة التي ل تقع تحت حصر‪ .‬وكلها تدور بين‬

‫‪521‬‬
‫الثناء والكشف عن أسرار عظمته‪ ،‬أو للدفاع والر ِدّ على المجرمين‬
‫المبطلين الذين يؤذون الله ورسوله‪ .‬ولكننا نشير إلى ثلثة كتب‬
‫رئيسة‪ ،‬هي ‪ :‬السيرة النبوية لبن هشام‪ ،‬الشمائل المحمدية‬
‫للترمذي‪ ،‬وزاد المعاد لبن القيم‪.‬‬
‫ومن غير المسلمين من عبَّر عن رأيه في عظمة الرسول‬
‫{ بكلمات أو جمل تعبّر عن جلء قناعته بعظمة النبي الكريم ‪.‬‬
‫ونذكر بعض أسماء من عبَّروا عن آرائهم‪ ،‬فالقائمة طويلة تتجاوز‬
‫خمسين اسماً‪ ،‬كان من بينهم‪ :‬بيرنارد شو‪ ،‬توماس كارليل‪ ،‬ه ‪ .‬جي‬
‫‪ .‬ويلز جوستاف لوبون‪ ،‬بلنشيه‪ ،‬الفونس ل مارتين‪ ،‬تولستوي‪ ،‬سير‬
‫وليم موير في كتابه ‪ :‬حياة محمد ({)‪ ،‬غاندي‪ ... ،‬وكثيرون !‬
‫صا ً واحدا ً للعالم الهندي د ‪ .‬ت ‪ .‬ل ‪ .‬فسواني‪ ،‬حيث يقول‪" :‬‬‫ونأخذ ن َّ‬
‫إليك يا محمد وأنا الخادم الحقير أقدّم إجللي بخضوع وتكريم ‪ .‬إليك‬
‫قوتك العظيمة كانت‬‫ي حقا ً من الله ‪ّ .‬‬
‫أطأطئ رأسي!‪ ،‬إنك لنب ٌّ‬
‫مستمدَّة من عالم الغيب الزلي!"(‪.)12‬‬
‫من هذا العرض السريع نرى بجلء أنه ل يوجد لدى البشرية كلها من‬
‫نال من الثناء والجلل في جميع العصور ومن مختلف التجاهات ما‬
‫من الناس‪ ،‬مثل ً كُت َ‬
‫ب في الثناء عليه‬ ‫ي الرحمة محمد {‪ .‬فمن ِ‬ ‫ناله نب ُّ‬
‫ة‪ ،‬خلف النثر والكتب والمؤلفات ‪.‬‬ ‫شعر تجاوز ألفا ً وخمسمائة صفح ً‬
‫ن أعظم ثناء ناله هو من الله سبحانه وتعالى ‪.‬‬ ‫ول بد َّ أن نؤكِّد أ َّ‬
‫‪ -8‬الرسول { في قلوب المؤمنين‪:‬‬
‫ل ذكُر الرسول { مقترنا ً بذكر الله الذي ل إله إل هو‪،‬‬ ‫وسيظ ُّ‬
‫ب الكبر في قلوب المؤمنين‪ ،‬منه‬ ‫ب الله ورسوله الح ّ‬ ‫لح ّ‬ ‫وسيظ ُّ‬
‫ل العهد الول مع الله سبحانه‬ ‫ب في الحياة الدنيا‪ ،‬وسيظ ُّ‬ ‫ينبع كل ح ٍّ‬
‫لُ‬
‫ل عهد في الحياة الدنيا ويرتبط به‪ ،‬وسيظ ّ‬ ‫ُ‬ ‫وتعالى‪ ،‬منه ينبع ك ّ‬
‫ل موالة في الحياة‬ ‫الولء الكبر هو لله سبحانه وتعالى‪ ،‬منه تنبع ك ُّ‬
‫خوة اليمان بين المؤمنين جميعا ً كما أمر الله ورسوله‬ ‫ُ‬
‫الدنيا‪ ،‬لتبني أ ّ‬
‫‪.‬‬
‫وهذا اليمان الذي يدعو إليه الكتاب والسنة هو الذي يجمع المؤمنين‬
‫أمة مسلمة واحدة‪ ،‬ممتدّة مع الدهر‪ ،‬يهابها أعداء الله ما التزم‬
‫المؤمنون التزاما ً صادقا ً برسالتهم‪ ،‬وما داموا صفَّا ً واحدا ً كما أمر‬
‫الله‪ ،‬وما داموا يحملون رسالة الله يبل ِّغونها إلى الناس كافَّة !‬

‫‪522‬‬
‫‪ -9‬هل دين الله واحد أم أديان؟‪:‬‬
‫إن دين الله واحد للرسل جميعا ً وهو السلم ‪ .‬فلقد كان السلم‬
‫دين جميع النبياء والرسل الذين بعثهم الله إلى عباده‪ ،‬والذين‬
‫ختموا بمحمد { فليس عند الله إل دين واحد هو السلم ‪ .‬ول يُعقل‬ ‫ُ‬
‫ن سماوية توحيدية‪ ،‬كما يزعم الكثيرون‪ ،‬وكما‬ ‫أن يكون هنالك أديا ٌ‬
‫يردِّد ذلك بعض المسلمين ‪.‬فذلك تناقض واضح بين كلمة أديان‬
‫وكلمة سماوية توحيدية ‪.‬‬
‫وهل يُعقل أن يبعث الله لعباده بأديان مختلفة يتصارع الناس عليها‪،‬‬
‫وهو الله الذي يريد لعباده جميعا ً اليمان الواحد الصادق‪ ،‬والذي‬
‫جعل الجنَّة مأوى الصادقين والنار مأوى المكذ ّبين ! فل بد َّ أن يكون‬
‫الدين عند الله واحداً‪ ،‬وأن يبعث جميع النبياء والمرسلين بدين‬
‫ي نبيَّاً‪ ،‬فيختلط المر على الناس ‪.‬‬
‫واحد‪ ،‬حتى ل يناقض نب ٌّ‬
‫ونحن المسلمين نؤمن بالنبياء والرسل جميعاً‪ ،‬وبالكتب المنزلة‬
‫قبل تحريفها جميعا ً ‪ .‬وأيّ إخلل بذلك هو إخلل باليمان والتوحيد ‪.‬‬
‫فل نؤذي نبيّا ً ورسولً‪ ،‬ول نفّرق بين أحد منهم ‪:‬‬
‫آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله‬
‫وملئكته وكتبه ورسله ل نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا‬
‫وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ‪{ 285‬البقرة‪.}285 :‬‬
‫‪ -10‬إيذاء رسول الله { يجلب لعنة الله وغضبه ‪:‬‬
‫ي هو‬
‫ي من النبياء اجتراء على الله‪ ،‬وإيذاء النب ّ‬
‫فالجتراء على نب ٍ ّ‬
‫إيذاء لله‪ ،‬يُنزل الله به غضبه ولعناته ‪:‬‬
‫إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والخرة وأعد‬
‫لهم عذابا مهينا ‪{ 57‬الحزاب‪.}57 :‬‬
‫ولقد وجد أهل الكتاب صادق الرعاية والرحمة في ظلل حكم الله‬
‫ورسوله‪ ،‬حكم الكتاب والسنَّة‪ ،‬ولقد أحسن محمد { إليهم إحساناً‬
‫كبيراً‪ ،‬وكذلك فعل المؤمنون ‪.‬‬
‫فما بال بعض النصارى‪ ،‬أو المنتسبين إلى دين عيسى عليه السلم‪،‬‬
‫بعد أن حَّرفوه وبدَّلوا وغيَّروا‪ ،‬ما بالهم يحملون الحقاد على السلم‬

‫‪523‬‬
‫والمسلمين‪ ،‬وعلى رسول الله {‪ .‬فل تكاد تهدأ فتنة حتى تثور فتنة‪.‬‬
‫ي عدوّا ً من‬ ‫وقد نبَّأنا الله في كتابه الحكيم أنه قد جعل لكل نب ّ‬
‫المجرمين‪ ،‬من شياطين النس والجن ‪ .‬وقد بدأت العداوة لمحمد {‬
‫م امتد َّ الحقد مع‬ ‫من لحظة ابتعاثه من قريش وبعد ذلك من اليهود‪ ،‬ث َّ‬
‫َ‬
‫الزمن حتى تول ّى كبر ذلك‪ :‬المشركون والكافرون والمنافقون‬
‫والظالمون من أهل الكتاب في إيذاء بعد إيذاء عبر التاريخ‪ ،‬حتى‬
‫الحروب الصليبية‪ ،‬وحتى ظلمهم وعدوانهم على مسلمي الندلس‪،‬‬
‫و كلما واتت فرصة لذلك !‬
‫وجاءت الحادثة الخيرة عندما نشرت إحدى صحف الدنمارك صوراً‬
‫ن هذا من باب حريّة‬ ‫مهينة ومؤذية لرسول الله {‪ .‬واعتبرت الدولة أ َّ‬
‫ن هذا من‬ ‫الرأي!‪ ،‬وكأنَّها اعتبرت الناس بل عقول حتى يصدّقوا أ َّ‬
‫باب حريّة الرأي ‪ .‬وإن كان المر كذلك فعلى دولة الدنمارك أن‬
‫َ‬
‫تراجع قوانينها‪ ،‬وأن تتعل ّم من السلم‪ ،‬ومن محمد {‪ ،‬حدود حريّة‬
‫م تولّت صحيفة نرويجية‬ ‫الرأي‪ ،‬وأدب الرأي‪ ،‬وحقوق النسان ‪ .‬ث َّ‬
‫نشر تلك الصور أيضاً‪ ،‬وفي بلدهم جميعا ً مسلمون أقاموا عشرات‬
‫السنين‪ ،‬ما قدَّموا إل الخير والحسان ‪.‬‬
‫سام! فلقد أرسل المحّرر الثقافي‬ ‫لم يكن المر مصادفة أو زلّة ر َّ‬
‫ي {‪،‬‬ ‫ساما ً يدعوهم إلى رسم النب ّ‬ ‫ت إلى أربعين ر َّ‬ ‫في الجريدة دعوا ٍ‬
‫فأجاب الدعوة اثنا عشر رساما ً فقط‪ .‬وكانت ملكة الدنمارك "‬
‫ن السلم يمثّل تهديدا ً على‬ ‫مارغاريت " الثانية‪ ،‬قد اعتبرت أ َّ‬
‫المستويين المحلي والدولي‪ ،‬وحثَّت حكومتها على عدم التسامح مع‬
‫المسلمين والسلم! ودون مبالة لما قد تثير هذه السياسة من‬
‫غضب خارجي! إنها لغة التهديد والثارة بكل العتبارات اللغوية‬
‫والسياسية والرسمية‪ .‬ويرفض رئيس وزراء الدنمارك مقابلة‬
‫السفراء المسلمين الرسميين في بلده ‪ .‬وتتولى أجهزة الدولة‬
‫والصحافة صياغة المسوِّغات لهذا العمل‪ ،‬فكانت العذار أقبح من‬
‫الذنب ‪ .‬عدوان إثر عدوان ‪ .‬وكان أوقح ما في هذه الساليب قول‬
‫الصحيفة‪" :‬إننا ل نعتذر عن عمل هو جزء طبيعي من النشاط‬
‫العلمي‪ ."....‬الصحيفة الدنماركية هي صحيفة " يولند بوستن "‪،‬‬
‫والصحيفة النرويجية هي‪" :‬مغازينات"! وكذلك امتدَّت الهجمة على‬
‫السلم بإعادة إذاعة هذه الصور الكاذبة في صحف فرنسا وإسبانيا‬
‫وألمانيا وسويسرا‪ .‬وربما تمتد ُّ الهجمة إلى أبعد من ذلك ‪.‬‬

‫‪524‬‬
‫ول ننسى ذلك المخرج الهولندي الذي أخرج فيلما ً مسيئا ً إلى‬
‫جة كبيرة ‪ .‬ول ننسى‬ ‫الرسول الكريم وإلى السلم‪ ،‬والذي أثار ض ّ‬
‫كذلك قضية المؤسسة التي أصدرت كتابا ً أسمته " الفرقان " تزوّر‬
‫فيه جمل ً وكلمات تحريفا ً ليات الله في القرآن الكريم‪ ،‬وطعنا ً في‬
‫السلم واليمان والتوحيد ‪ .‬يضاف إلى ذلك جهود الحركات‬
‫التنصيرية في العالم السلمي‪ ،‬وما تقوم به من محاولت لصرف‬
‫المسلمين عن دينهم‪ ،‬وتشويه صورة السلم‪ ،‬وإثارة الفتن !‬
‫ن القوم يمضون على نهج‬ ‫ن هذا كلّه ليد ّ‬
‫ل دللة واضحة على أ َّ‬ ‫إ َّ‬
‫وخطة وليس على عمل ارتجالي ‪ .‬ول بد َّ للمسلمين أن يجابهوا ذلك‬
‫بعمل منهجي مدروس يجمع جهود المة كلها‪.‬‬
‫‪ -11‬واجب المؤمنين أمام هذا العتداء والنصيحة الواجبة ‪:‬‬
‫القضيّة قديمة‪ ،‬بدأت‪ ،‬كما تذكر بعض الصحف‪ ،‬قبل ثلثة أشهر‪،‬‬
‫واشتد َّ التفاعل ضد ّ هذه الهانة الكبيرة منذ أسبوع أو أسبوعين ‪.‬‬
‫وإن كان قد بدأت محاولت هادئة ل تتناسب مع عظم الجريمة ‪ .‬إنها‬
‫حقا ً جريمة‪ ،‬وجريمة كبيرة في ميزان السلم ‪ .‬أين المسلمون ؟!‬
‫وأين المليار من المسلمين ؟!‬
‫صبح‬ ‫ُ‬
‫ك فأ ْ‬
‫قّ ! ما دها ِ‬
‫أمة الح ِ‬
‫ت في النجادِ‬ ‫ت شظايا تطاير ْ‬ ‫ِ‬
‫ت في السا‬ ‫ي كُن ِ‬
‫ت ملتق ً‬
‫م ِ‬‫كلما ُر ْ‬
‫حةِ أوهى من حفنة من رمادِ(‪)13‬‬
‫لقد هان المسلمون في الرض‪ ،‬وأصبحوا غثاءً كغثاء السيل‪ ،‬كما‬
‫جاء في حديث رسول الله { يرويه ثوبان رضي الله عنه ‪( :‬يوشك‬
‫المم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الكلة على قصعتها " ‪ .‬فقال‬
‫قائل ‪ :‬ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال‪ :‬بل أنتم كثير ‪ .‬ولكنكم غثاء كغثاء‬
‫ن‬‫ن الله من صدور عدوكم المهابة منكم‪ ،‬وليقذف َّ‬‫السيل ‪ .‬ولينزع َّ‬
‫الله في قلوبكم الوهن " فقال قائل ‪ :‬يا رسول الله ! وما الوهن ؟!‬
‫ب الدنيا وكراهية الموت!)(‪.)14‬‬
‫قال ‪ :‬ح ُّ‬
‫ت كتابي ‪ " :‬دور المنهاج الرباني في‬
‫منذ سنين طويلة‪ ،‬حين أصدر ُ‬
‫ت هذا الحديث الشريف‪ ،‬متوقعا ً أن حالة‬‫الدعوة السلمية "‪ ،‬ذكر ُ‬
‫سن مع اليَّام ومع ضجيج الشعارات‪ ،‬وكثرة‬ ‫المسلمين ستتح َّ‬

‫‪525‬‬
‫المؤتمرات‪ ،‬وتزاحم الكتب والمقالت‪ ،‬وتزاحم الدعاة هنا وهناك‪،‬‬
‫وبعد هذه السنين أرى أننا ما زلنا غثاءً كغثاء السيل ‪.‬‬
‫وأول سبب أجده لهوان المسلمين هو تمّزقهم أقطارا ً ومصالح‬
‫وأهواءً‪ ،‬وشيعا ً وأحزاباً‪ ،‬يخالفون بذلك ما أمرهم الله به ورسوله {‪:‬‬
‫واعتصموا بحبل الله جميعا ول تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ‬
‫كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على"‬
‫شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم‬
‫تهتدون ‪{ 103‬آل عمران‪.}103 :‬‬
‫ول تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك‬
‫لهم عذاب عظيم ‪{ 105‬آل عمران‪.}105 :‬‬
‫إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم‬
‫إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ‪{ 159‬النعام‪.}159 :‬‬
‫وآيات كريمة أخرى تنذر المسلمين إن تفّرقوا إنذارا ً شديداً‪.‬‬
‫وحسبك هذا النذار في الية السابقة‪ :‬وأولئك لهم عذاب عظيم !‬
‫وأهم سبب لهذا التمّزق والهوان‪ ،‬هو عدم التزام السلم التزاماً‬
‫أميناً‪ ،‬وعدم التزام الكتاب والسنَّة التزاما ً أميناً‪ ،‬وبذلك عدم طاعة‬
‫الله ورسوله‪:‬‬
‫وأطيعوا الله ورسوله ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا‬
‫إن الله مع الصابرين ‪{ 46‬النفال‪.}46 :‬‬
‫ول بد َّ على ضوء ذلك أن توضع قاعدة عمليّة نابعة من قواعد‬
‫اليمان والتوحيد ومن منهاج الله‪ ،‬ومن مدرسة محمد {‪ ،‬قاعدة‬
‫تثبّت مسؤوليات الفرد المسلم ودوره‪ ،‬ودور السرة في البناء‬
‫والتعهد‪ ،‬ودور كل مؤسسة في المة المسلمة‪ ،‬وتبين قواعد التربية‬
‫والبناء‪ ،‬والهداف والصراط المستقيم الذي يوصل إلى الهداف‪،‬‬
‫ليكون الدرب ربانياً‪ ،‬والهداف ربانية ‪ .‬لقد تناثرت الهداف‪،‬‬
‫وتباعدت الدروب‪ ،‬وقد جعل الله لعباده المؤمنين دربا ً واحداً‬
‫واحدا ً يجمعهم‪ ،‬ولغيرهم سبل ً شتَّى‪:‬‬
‫وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن‬
‫سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ‪{ 153‬النعام‪.}153 :‬‬

‫‪526‬‬
‫ض في حربه ضد َّ السلم والمسلمين بصورة خفيّة‪،‬‬ ‫ن الغرب ما ٍ‬
‫إ َّ‬
‫ن عمل الصحيفة‬ ‫ن عداءهم هذا امتد َّ حتى اليوم لم يتوقّف‪ ،‬وإ َّ‬ ‫وإ َّ‬
‫الدنمركية لم يتوقف في الدنمارك‪ ،‬فسرعان ما تبنته النرويج‪ ،‬ث َّ‬
‫م‬
‫د‬
‫م أخذت عواطف بعض الناس في تلك الدول تتأجج ض ّ‬ ‫فرنسا‪ ،‬ث َّ‬
‫م لول الدعاية السيئة التي أشاعتها‬ ‫المسلمين ‪ .‬ولم يكن ذلك ليت َّ‬
‫أجهزة العلم ضد َّ المسلمين ‪.‬‬
‫والمر العجيب أن الدول الغربية كلها ل تنظر في جرائم إسرائيل‬
‫في فلسطين‪ ،‬ول في انتهاكها لحقوق النسان‪ ،‬ول في عدم التزامها‬
‫بقرارات هيئة المم المتحدة!‪ ،‬ول في ما تملكه من أسلحة نووية‪ ،‬أو‬
‫ل ما تفعله إسرائيل من جرائم يغضون‬ ‫أسلحة دمار شامل‪ .‬ك ُّ‬
‫الطرف عنه‪ ،‬ويغضون الطرف عما ترتكب الدول الغربية نفسها من‬
‫جرائم بحق الشعوب‪ ،‬في تاريخ طويل مليء بالمجازر والتدمير ‪.‬‬
‫ث محمد {‪ ،‬بدأت عداوة‬ ‫إنها قصة التاريخ الممتد ّ منذ أن بُعِ َ‬
‫المشركين لرسول الله { دون أن يؤذيهم أو يعتدي عليهم ‪ .‬دعاهم‬
‫جد ِ السلم ول‬ ‫إلى الله الذي ل إله إل هو‪ ،‬دعوة سلم وخير‪ .‬فلم ي ُ ْ‬
‫الخير‪ ،‬وإنما بادروا باليذاء والعدوان ‪ .‬وكذلك اليهود الذين عاملهم‬
‫الرسول أطيب معاملة قابلوا ذلك بالغدر والحرب والفتن ‪ .‬ومنذ‬
‫ن الحرب ضد ّ السلم لم تتوقف‪ ،‬ولن‬ ‫ذلك العهد حتى اليوم فإ َّ‬
‫تتوقف ‪ .‬فإنها ابتلء من الله سبحانه وتعالى‪ ،‬يمحص به عباده لتقوم‬
‫عليهم الحجة يوم القيامة أو تقوم لهم ‪.‬‬
‫حيِّي النفوس المؤمنة التي غضبت لرسول الله {‪ ،‬والنفوس‬ ‫وإنا إذ ن ُ َ‬
‫المؤمنة التي تداعت إلى النصرة بوسائل متعددة‪ ،‬فكلنا مع نصرة‬
‫الله ورسوله‪.‬‬
‫لذلك فإنا ننصح بأن يراجع المسلمون أنفسهم لينظروا في واقعهم‪،‬‬
‫ويروا كم يُرضون الله بما هم عليه‪ ،‬وبما يفعلون ‪ .‬ومن أهم‬
‫مسؤوليات المسلمين أن يبل ِّغوا رسالة الله ودين السلم إلى الناس‬
‫َ‬
‫كافَّة ‪ .‬فهل بل ّغ أحد هذا الدين إلى رئيس وزراء الدنمارك أو غيره‬
‫من رجال الدولة‪ ،‬أو رؤساء الدول الخرى‪ ،‬حتى نعذر أنفسنا بين‬
‫يدي الله يوم القيامة ‪.‬‬
‫مت العالم السلمي إل أن‬ ‫مع أهمية ردود آفعال المسلمين التي ع َّ‬
‫ق هذا‬ ‫دّ من معالجة أخطائنا وتقصيرنا بح ِ ّ‬ ‫هذا وحده ل يكفي ‪.‬فل ب ِ‬
‫الدين العظيم ونبي ِّه العظيم ‪.‬‬

‫‪527‬‬
‫فإن أدرك المسلمون جوانب الخلل في واقعنا اليوم‪ ،‬فليبادروا إلى‬
‫إصلح كل خلل يغضب الله‪ ،‬وإلى صدق التوبة والنابة‪ ،‬عسى أن‬
‫يكون الله معنا فيما نجابه من أحداث‪ ،‬لن نقوى على مجابهتها دون‬
‫نصر يتنَّزل من عند الله‪:‬‬
‫وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ‪{ 31‬النور‪:‬‬
‫‪.}31‬‬
‫ومن خلل ذلك فل بد َّ أن يقف المسلمون في العالم السلمي كله‬
‫ل مسلم في‬ ‫وقفة واحدة‪ ،‬لر ِدّ هذا العتداء‪ ،‬فهو اعتداء على ك ِّ‬
‫ن المسلمين ما زالوا أقوياء يفدون دينهم‬ ‫الرض‪ ،‬ولِشعار هؤلء أ َّ‬
‫بكل شيء ‪.‬‬
‫ما أن نطيع الله ورسوله‪ ،‬وننصر ديننا فننال‬ ‫وهنا نقف أمام خيارين‪ :‬إ َّ‬
‫رحمة الله وعونه‪ ،‬وإما أن نتهاون في هذا المر‪ ،‬فَيُنْزِل الله غضبه‬
‫علينا ‪ .‬وإنها مسؤولية جميع مستويات المة المسلمة كلها ابتداءً من‬
‫الفرد المسلم‪ ،‬على خطة إيمانيَّة واعية ونهج مدروس شامل‪ ،‬يعالج‬
‫الواقع ويبني المستقبل بإذن الله ‪.‬‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫(‪ )1‬ديوان مهرجان القصيد لصاحب المقال ‪.‬‬
‫(‪ )2‬أبو بكر الجزائري ‪ " :‬هذا الحبيب محمد "يا محب" ص ‪-112 :‬‬
‫‪. 119‬‬
‫(‪ )3‬ديوان مهرجان القصيد مرجع سابق ‪.‬‬
‫(‪ )4‬ديوان العشى ‪ :‬دار صادر بيروت ‪ .‬ص ‪. )45( :‬‬
‫(‪ )4‬د ‪ .‬محمود حسن زيني ‪ :‬قصيدة البردة ص ‪. )76( :‬‬
‫(‪ )5‬البداية والنهاية ‪ ،29/3‬زاد المعاد لبن القيم ‪ . 54-2 :‬صفي‬
‫الرحمن المباركفوري ‪ :‬الرحيق المختوم ‪ :‬ص ‪ . )189( :‬تحفة‬
‫الرسائل ‪ :‬اختيار مؤسسة الوقف السلمي ‪ :‬من صفات الرسول {‬
‫الخلقية والخلقية ‪ :‬ص ‪. 2 :‬‬

‫‪528‬‬
‫(‪ )6‬صحيح البخاري رقم‪.)3481( :‬‬
‫(‪ )7‬صحيح مسلم رقم‪.)5893( :‬‬
‫(‪ )8‬صحيح البخاري رقم‪ )3270( :‬ومسلم رقم‪.)433( :‬‬
‫(‪ )9‬أخرجه أحمد (‪ )172/5( ،)345/1‬صحيح الجامع (‪.)1466‬‬
‫(‪ )9‬أحمد(‪ )345/1‬صحيح الجامع (‪.)1472‬‬
‫(‪ )10‬البرفسور عبد الحد داود ‪ " :‬محمد ({) في الكتاب المقدس "‬
‫ص ‪. )51-50 ( :‬‬
‫(‪ )11‬المستشار محمد عّزت الطهطاوي ‪ :‬محمد { نبي السلم "‬
‫ص ‪ ،) 30-11 ( :‬ص ‪. )56-31( :‬‬
‫جر آل بو طامي آل بن علي ‪ " :‬السلم والرسول‬ ‫(‪ )12‬أحمد بن َ‬
‫ح َ‬
‫{ " في نظر منصفي الشرق والغرب ‪ .‬ص ‪. )198-129( :‬‬
‫(‪ )13‬د ‪ .‬عدنان النحوي ‪ :‬ملحمة أرض الرسالت ‪ .‬ص ‪. )134( :‬‬
‫(‪ )14‬أبو داود ‪ 4297-5-31 :‬الجامع الصغير وزيادته رقم ‪.)8138( :‬‬
‫=========================‬
‫النفاق أم الغطرسة؟!‬

‫د‪ .‬نورة خالد السعد‬


‫منذ أحداث ‪11‬سبتمبر ‪2001‬م والعالم السلمي يقع تحت تهمة‬
‫الرهاب‪ ..‬جميعه لم يسلم ‪،‬أي مجتمع وأي فرد‪ ،‬إل من أظهر‬
‫المداهنة واعتمر قبعة محاباة الدارة المريكية وبدأ في الهجوم‬
‫على المتدينين واتهامهم بالتشدد والظلمية وكانوا يرددون أن‬
‫للدارة المريكية الحق في كل ما قامت به!! لن هناك اعتداء على‬
‫رموزها المالية والدفاعية وقتلى في البرجين‪..‬‬
‫حوكم (العالم السلمي جميعه) وحوربت مؤسساته المالية الخيرية‬
‫تحت مظلة تسويق الرهاب وحوربت معاهد تعليم القرآن ومدارس‬

‫‪529‬‬
‫تحفيظه بتهمة أنها تحّرض على كره (الخر)!! وتغذي في مرتاديها‬
‫كره الخر!! ولم يتصد لهم من يقول لماذا؟؟‬
‫على مدى خمسة أعوام والعالم السلمي والقليات السلمية في‬
‫دول أوروبا وأمريكا يطاَردون إذا ما تم ملحظة أنهم ذوو لحى أو‬
‫نساؤهم محجبات وحوكم طلب سعوديون بتهم باطلة وبرئ منهم‬
‫البعض وحكم بالسجن على حمدان الن بسنوات طويلة لتهامه أن‬
‫خادمته تعمل تسع ساعات!!‬
‫وقضيته معروفة ونشر عنها في الصحف وفي النترنت وطالبوا أهله‬
‫بكفالة مالية لطلق سراح زوجته تبلغ المليون ريال قبل إصدار‬
‫الحكم مؤخراً‪ ..‬ناهيك عن عذابات المعتقلين في غوانتانامو وإلغاء‬
‫الشرعية الدولية في استصدار أي أحكام لمحاسبة الدارة المريكية‬
‫على اعتقالهم دون تهم!!‬
‫تم احتلل أفغانستان ودمرت القرى على أهلها وأسقطت عليهم‬
‫آلف الطنان من المتفجرات والقنابل الحارقة والعالم صامت!!‬
‫منهم من يؤيد لخوف أو لرغبة في الحصول على غنائم الفوز‬
‫بالحتلل!!‬
‫واحتلت العراق!! تحت مزاعم عديدة وثبت الن (كذبها) واعترف‬
‫رئيس الدولة الكبرى بذلك‪ ..‬وذهبت أرواح المائة ألف عراقي‬
‫القتلى في طي النسيان!! ولم نجد من يقول‪ :‬لماذا تعاقبون الجميع‬
‫بجريمة قلة؟؟‬
‫وفي كل مرحلة من هذه المراحل الموغلة في المتهان لسيادة‬
‫الدول السلمية تحت مظلة وتهم إما الرهاب!! أو امتلك السلح‬
‫الذي سيدمر جيران العراق!!‬
‫في كل مرحلة كانت هناك جوقة عربية ومستعربة تمرر هذه‬
‫الخروقات للشرعية الدولية‪ ،‬وبالطبع هناك جوقة غربية منها‬
‫الدنمارك وسواها ممن يشارك بجنود في العراق أو بتأييد آخر في‬
‫مجلس المن!!‬
‫في كل مرحلة كانت التهم تحيط بنا من كل جانب ومعظمنا‬
‫صامتون‪ ..‬والقلة من يدافع ويرفض ويستهجن‪..‬‬
‫?? ورغم ظهور حقائق الوضع الن سواء في أفغانستان أو في‬
‫العراق على لسان تقارير البنتاغون وما يتسرب منها لصحف أمريكا‬
‫نفسها وأوروبا وبدأ الغرب ممثل ً في مفكريه وسياسييه يعلنون‬

‫‪530‬‬
‫الحقائق كما هي ويكتبون عنها وعن سقوط أمريكا في المستنقع‬
‫العراقي كما يقال‪..‬‬
‫?? ما أردت قوله اننا صمتنا على ظلمهم لنا واتهامهم السلم‬
‫بالرهاب‪ ..‬ولهذا تجرأت الدنمارك ورساموها بل وسواها من‬
‫مخرجي أفلم هوليوود ومؤلفي بعض الكتب عندهم على إعلن‬
‫إساءتهم لمكانة رسولنا صلى الله عليه وسلم ودافعوا عنها‬
‫بأسلوبهم الموغل في التناقض والزدواجية‪ ..‬فهم يحترمون حرية‬
‫التعبير عن الرأي!! والن يوجهون أصدقاءهم في التحاد الوروبي‬
‫ليقاف المقاطعة لمنتجاتهم!!‬
‫ويتحرك كوفي عنان متثاقل ً مؤخرا ً كي يبدي اندهاشه لما يحدث‬
‫ويطالب الحكومات السلمية بالتهدئة لشعوبها!! أين هو من هذه‬
‫المطالبة عندما دان عبارة الرئيس اليراني ودعوته لستضافة‬
‫إسرائيل في الوليات المتحدة المريكية؟!‬
‫وأين هو من إدانة اغتيال الشيخ أحمد ياسين من قبل عصابة‬
‫شارون جهارا ً أمام العالم!! والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي!! والن‬
‫يتم اغتيال قياديين من كتائب القصى بقصف الطائرات!! ول يتحرك‬
‫من يدين!! وكأن إرهاب دولة الصهاينة (شرعي)!! والدفاع عن‬
‫الرض سواء في فلسطين أو العراق (إرهاب)!!‬
‫?? ما يثير في هذه الحداث المتسارعة هم هؤلء (الجوقة) من‬
‫العرب الذين ل يزالون يهاجمون الدين السلمي ويعيدون روايات‬
‫تغذية الشباب بما في القرآن من آيات كره الخر!! وحولوا اعتداء‬
‫الدنمارك وسواها من دول أوروبا التي تعيد رسوم الكاريكاتير إمعاناً‬
‫في استفزاز الشارع السلمي‪ ،‬ورغبة في تخفيف الضغط على‬
‫مقاطعة منتجات الدنمارك‪ ،‬من ناحية أخرى‪ ..‬حولوا هذه القضية‬
‫إلى أنها ردة فعل لما يقوم به المسلمون من دفاع عن أرضهم وعن‬
‫مقدساتهم!! بل ويرددون لماذا يعاقب الشعب الدنماركي بسبب‬
‫رسوم رسام؟؟ ويجدون ساحات من قنوات لم تنشأ إل لتسميم‬
‫ذهنية المشاهد العربي وتحسين صورة النموذج المريكي والغربي‬
‫بقيمه وثقافته وحتى (هيمنته واحتلله وسطوته)!!‬
‫?? بل هناك من بدأ يتهم من يقاطع هذه المنتجات وهو (حق كل‬
‫فرد) بتهمة أنه يسيء إلى صورة المسلمين!! أليست هذه‬
‫(مهزلة)!!‬

‫‪531‬‬
‫وكما يعرف أن الدنمارك كانت أول دولة استخدمت (سلح‬
‫المقاطعة) ضد ألمانيا بعد الحرب العالمية‪ ..‬واستخدمته الدارة‬
‫المريكية ليس ضد العراق وليبيا والسودان فقط بل ضد فرنسا منذ‬
‫أعوام عندما لم توافقها في حربها على العراق!! فكيف يشرعون‬
‫لنفسهم ما يرفضونه الن لنا شعوبا ً إسلمية لنا الحق في التعبير‬
‫عن مشاعرنا وأسلوب دفاعنا عن مكانة رسولنا صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ..‬وكيف نجد من بيننا من يدافع عنهم بهذه الصورة الغريبة؟؟‬
‫بل ان رئيس وزرائهم في آخر حديث له كان يكابر ويرفض‬
‫العتذار!! ويتهم المتشددين السلميين!! ويستنجد بخافيير سولنا‬
‫كي يسافر للمنطقة حسب قوله لتصحيح الوضع!!‬
‫ينسى أنه شخصيا ً رفض مقابلة السفراء المسلمين واستهان‬
‫بموقفهم ولم يتوقع هذه الردود الغاضبة التي امتدت من جميع أنحاء‬
‫العالم‪ ..‬بل كل ثانية يردد عن دعمه للحكومة الفلسطينية!!‬
‫بل ويتبجح في طلبه بأن نقف عن تصريحاتنا نحن وقادتنا (النارية)!!‬
‫كما يقول!! وفي الوقت نفسه ل يمنع رئيس التحرير من الساءة‬
‫للمسلمين في كل مرة يتم اللقاء معه‪..‬‬
‫?? أليس هذا هو النفاق العالمي؟؟ في أن يبدأوا بإطلق شرارة‬
‫الغضب ثم يتهمون المسلمين بأنهم متشددون!!‬
‫تستهين ملكتهم بالسلم وتتهمه بالرهاب‪ ،‬وينسى رئيس وزرائها‬
‫هذه العبارات‪!!..‬‬
‫يرفضون العتراف بالسلم دينا ً في دولتهم مع اعترافهم بديانات‬
‫اليهودية والنصرانية والسيخ!!‬
‫ويستهينون بالمة السلمية ويطالبوننا بأن نكون (حضاريين)!! ول‬
‫نحرق أعلم الدنمارك وكأن حرق (العلم) يرتقي إلى مستوى هذه‬
‫الساءات لمكانة الرسول الكريم‪ ..‬أم ترى هو اللم من المقاطعة‬
‫القتصادية التي ينبغي علينا نحن الشعوب استمرارها ولمدة أعوام‬
‫وليس عاما ً فقط‪ ..‬فذلك حقنا في إبداء الرأي وحريتنا في الختيار!!‬
‫‪ 11‬تعليق‬
‫‪1‬‬
‫متعنا الله ببقائك قلم نابض لللم السلمي ووفقك الله في الدنيا‬
‫والخرة وجعل مايخطه يراعك في ميزان حسناتك آمين‬

‫‪532‬‬
‫جواهرعبدالله‬
‫‪ 05:55‬صباحا ً ‪2006/02/09‬‬
‫‪2‬‬
‫هو نفاق وغطرسة واستبداد‪.‬‬
‫أكثر من مليار مسلم يمثلون ربع سكان الكرة الرضية أو خمسها‬
‫ومع ذلك فهم أضعف سكانها‪ .‬السبب ل يخفى على أحد‪ .‬اختلفنا‬
‫فضعفنا رغم أننا نقرأ القرآن ونقرأ هذه الية الكريمة‪ :‬ول تنازعوا‬
‫فتفشلوا وتذهب ريحكم‪.‬‬
‫قبل أن نواجه أعداءنا علينا أن ننهي خلفاتنا‪ .‬ولكن هذا لن يتم‬
‫مادمنا نعتقد بأن الخطر القادم من الداخل أخطر من الخطر القادم‬
‫من الخارج‪ .‬إلى أين يوجه الجهاد الن؟ الجهاد موجه لتصفية بعضنا‬
‫بعضا‪ .‬ثم نضرب كفا بكف حين نرى الخرين يستضعفوننا‬
‫ويحتقروننا ويستغلوننا ويحتلوننا‪.‬‬
‫تاريخنا يمتد إلى أكثر من ألف وأربعمائة سنة ومع ذلك لم نتعظ‬
‫بعد‪ .‬لم نفهم بعد أن طرفا لن يستطيع أن يصفي الخر مهما أوتي‬
‫من قوة‪ .‬وأن الخطر القادم من الداخل ماهو إل وهم خلقه العدو‬
‫الذي يؤمن بسياسة فرق تسد‪.‬‬
‫لقد حان الوقت لن يقوم مفكرونا بأكثر من التباكي الذي يجيده‬
‫حتى من ل يعرف القراءة والكتابة‪ .‬عليهم أن يعملوا لتوحيد الصف‬
‫وأن يعملوا لكي يتقبل كل منا الخر‪.‬‬
‫لقد وضعت الدورة الثالثة لمؤتمر القمة السلمي نقاطا رائعة‬
‫تتعلق بالوحدة السلمية يستطيع من خللها أن ينطلق كل مفكر‬
‫لن يعمل لوحدة الصف لكي نتحد جمعيا ضد أعداءنا‪ .‬وضعنا اليوم‬
‫يحتم علينا أن نرجع لتوصيات المؤتمر وتفعيلها وإل فعلينا أل نلوم إل‬
‫أنفسنا‪.‬‬
‫محمد حسن اسماعيل‬
‫‪ 06:44‬صباحا ً ‪2006/02/09‬‬
‫‪3‬‬
‫نحن ل نلومهم سواء تغطرسوا أو اتفقوا‪ ..‬فقد اتضحت الصورة!‬
‫إنما نلوم أنفسنا!‬

‫‪533‬‬
‫هم يعملون ليل نهار‪ ...‬وقد اتضحت لنا الدمقراطية‪ ...‬وحقوق‬
‫النسان‪ ،‬و‪..‬و‪ ..‬ولعله ل يخفى عليكم ما نشرته صحيفة "فليت إم‬
‫زونتاج" اللمانية في عددها الصادر بتاريخ ‪ 30‬مايو من عام ‪ 2004‬م‪،‬‬
‫مقال بعنوان (مليون ضد محمد) ذكرت فيه أن للفاتيكان منظمة‬
‫اسمها "رابطة الرهبان لتنصير الشعوب" هي من أقدم منظمات‬
‫الفاتيكان وأكثرها نفوذا وأقلها شهرة‪ ،‬إنها تعمل في كل مناطق‬
‫العالم بما في ذلك المناطق التي يسمونها مناطق الصمت؛ كدول‬
‫الخليج واليمن والصين وفيتنام وكمبوديا‪ .‬ويعمل تحت لوائها ‪ 85‬ألف‬
‫قسيس‪ ،‬و ‪ 450‬ألف جمعية دينية‪ ،‬وأكثر من مليون مدرس يجوبون‬
‫العالم كله‪ ،‬قرية قرية‪ ،‬ومدينة مدينة‪ ،‬وهي تملك ‪ 42‬ألف مدرسة‪ ،‬و‬
‫‪ 1600‬مستشفى‪ ،‬و ‪ 6000‬مؤسسة لمساعدة المحتاجين‪ ،‬و‪ 780‬ملجأ‬
‫لمرضى السرطان‪ ،‬و‪ 12‬مؤسسة خيرية واجتماعية حول العالم‪.‬‬
‫وتقول الصحيفة أن المنظمة تعمل اليوم بجيش يضم أكثر من‬
‫مليون شخص " للحد من انتشار السلم في العالم‪ ،‬وعلى تشويه‬
‫صورة النبي محمد‪ ،‬ونعته بأبشع الصفات‪.‬‬
‫لذا فنحن نلوم أنفسنا ك(دعاة‪ ،‬وعلماء‪ ،‬وكتاب‪ ،‬ومفكرين‪،‬‬
‫وأكاديميين‪ ) ،‬وقبل هذا وذاك كحكومات‪ .‬ماذا قدمنا للسلم؟؟؟ كل‬
‫منا عليه دور‪ ،‬كل منا في مجاله‪ ،‬كل منا على ثغرة من ثغور‬
‫السلم‪ ،‬فالله‪ ...‬الله أن يؤتى السلم من قبلك‪...‬‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 07:06‬صباحا ً ‪2006/02/09‬‬
‫‪4‬‬
‫المقاطعة ليست حل‬
‫د‪ .‬نورة‬
‫مع احترامي لرأيك ولكن انا ضد المقاطعة لننا نخلق اعداء جدد‬
‫ونفقد بعض الصدقاء‪ .‬انا مع الحتجاجات الرسمية والشعبية‬
‫المنظمة‪.‬‬
‫أمل‬
‫امل منصور‬
‫‪ 08:13‬صباحا ً ‪2006/02/09‬‬
‫‪5‬‬

‫‪534‬‬
‫بل كفروغطرسة‬
‫نور الله وجهك يانورة "خالد"وجعلك من المخلدين في‬
‫الجنة"السعد" واسعدك الله في الدنيا والخرة‪...‬كم نحن بحاجة الى‬
‫من يكتب عن السلم بهذه الغيرة والخلص والدفاع عن مانتعرض‬
‫له من هجوم ضد السلم من قبل المنافقين في الداخل والحاقدين‬
‫في الخارج ولكن عزانا في قوله تعالى "لتحسبوه شرا لكم بل هو‬
‫خيرا لكم"‬
‫ابوعبدالله الدخيل‬
‫‪ 08:26‬صباحا ً ‪2006/02/09‬‬
‫‪6‬‬
‫المقاطعة هي سلحنا الفتاك‬
‫المقاطعة هي التي ذبحتهم من الوريد الى الوريد‬
‫المفاطعة هي التي ستجعل رئيس وزرائهم يسقط عما قريب‬
‫المقاطعة هي التي ستجعل اصحاب المال عندهم باعادة انتخاب‬
‫رئيس وزرا جديد‬
‫المقاطعة هي السلح الفتاك الذي نمتلكه وليس سلحا نوويا يمكن‬
‫حضره عنا‬
‫المقاطعة هي التي ستجعلهم يفكرون الف مرة بنشر اي اساءة‬
‫لديننا او نبينا عليه الصلو والسلم‬
‫المقاطعة نود ان تمتد لسنوات لنرى هل يستطيعون العيش من غير‬
‫اسواقنا‬
‫واذا هم يرون ان المقاطعة لم تؤثر علي اقتصادهم حسب قول‬
‫رئيس وزرائهم امس‬
‫فاليام بيننا‪.‬‬
‫اقترح عليهم بتصدير ما يتم تصديره لنا وللشرق الوسط الى امريكا‬
‫وأوربا ويتم الستغناء عن اسواقنا‬
‫شكرا لك يادكتورة‪.‬‬
‫سالم السالم‬
‫‪ 08:53‬صباحا ً ‪2006/02/09‬‬

‫‪535‬‬
‫‪7‬‬
‫بارك الله بك‪.‬‬
‫اقول ان هذا الفعل الشنيع المملؤ بالحقد والكراهية ال دعوة‬
‫للمسلمين الحق ان يصحوا من نوهم العميق وان هذه الفعال‬
‫كشفت لنا من هو له غيرة ومؤمن بالسلم ويكشف الله لنا من‬
‫اللذين يدعون انهم مسلمون وهم بيننا‪.‬‬
‫اما المقاطعة فلتستمر فكل مسلم له الحق بالتصرف لنصرة نبينا‬
‫الكريم (ص) ودين اليسلم وحبذا لو سخدمت مواردنا وثرواتنا‬
‫للدفاع عن نبينا (ص) وديننا وليكن النفط اول الثروات‪.‬‬
‫صلح العلي‬
‫‪ 02:59‬مساءً ‪2006/02/09‬‬
‫‪8‬‬
‫نعم المقاطعة المستمرة‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ,,‬اشكركم علي التعليقات ‪,,‬‬
‫وارجوكم قراءة مقالة الستاذ رضالري في عدد اليوم فهي تضع‬
‫النقاط علي الحروف لجذور هذا الستخفاف بنا بصفتنا مسلمين ‪,,‬‬
‫ولمن يدافع عن هذا الغرب المتعجرف ويدعي المعرفة بما هو‬
‫السلوب المثل لردود أفعالنا التي استمدت قوتها من دعم الولة‬
‫الصالحين ‪,‬و ان كانوا قلة ‪ ,,‬ومن حبنا لرسولنا الكريم صلي الله‬
‫عليه وسلم ‪ ,‬وايماننا بعقيدتنا السماوية ‪ ,‬وليس ركضنا خلف‬
‫( ديموقراطية الغرب المزعومة ) ولمن في قلبه زيغ وانحراف عن‬
‫الحق الذي لينتظر أوامر امريكا ول تقارير المم المتحدة‪ ..‬ول رضا‬
‫الغرب او امتداحهم( لتحضرنا !!!) نقول لهم تمعنوا في آيات الله‬
‫الكريمة ( خالق الكون ) جبار السماوات والرض‪ ..‬وأدعوا نفسى‬
‫وإياكم إلي التبصر فى اليات التالية وتدبرها مع تفسيرها‪.‬‬
‫يقول الله سبحانه وتعالى‬
‫َ‬ ‫خفُوا ما في صدورك ُ َ‬
‫ما فِي‬ ‫م َ‬‫ه وَيَعْل َ ُ‬
‫ه الل ّ ُ‬ ‫مَ أوْ تُبْدُوه ُ يَعْل َ ْ‬
‫م ُ‬ ‫ُ ُ ِ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ن تُ ْ‬
‫ل إِ ْ‬‫قُ ْ‬
‫ه ع َلَى ك ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫يءٍ قَدِيٌر (‪)29‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض وَالل ّ ُ‬
‫ما فِي الْر ِ‬
‫ت وَ َ‬‫موَا ِ‬ ‫ال َّ‬
‫س َ‬
‫آل عمران‪ ..‬قل ‪-‬أيها النبي‪ -‬للمؤمنين‪ :‬إن تكتموا ما استقر في‬
‫ف على‬ ‫خ َ‬‫قلوبكم من ممالة الكافرين ونصرتهم أم تظهروا ذلك ل ي َ ْ‬

‫‪536‬‬
‫ن علمه محيط بكل ما في السماوات وما في‬ ‫الله منه شيء‪ ,‬فإ َّ‬
‫الرض‪ ,‬وله القدرة التامة على كل شيء‪.‬‬
‫َ‬
‫م أَوْلِيَاءُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ضه‬ ‫َ‬
‫صاَرى أوْلِيَاءَ بَعْ ُ‬ ‫َ‬ ‫خذ ُوا الْيَهُود َ وَالن َّ‬ ‫منُوا ل تَت َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫نآ‬ ‫َ‬ ‫يَا أَي ُّ َها ال ّذِي‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫م الظ ّال ِ ِ‬ ‫ه ل يَهْدِي الْقَوْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬
‫منْهُ ْ‬‫ه ِ‬ ‫م فَإِن َّ ُ‬‫منْك ُ ْ‬‫م ِ‬ ‫ن يَتَوَل ّهُ ْ‬
‫م ْ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫بَعْ ٍ‬
‫(‪ )51‬المائدة‪ ..‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ‬
‫وأنصاًرا على أهل اليمان; ذلك أنهم ل يُوادُّون المؤمنين‪ ,‬فاليهود‬
‫ضا‪ ,‬وكذلك النصارى‪ ,‬وكل الفريقين يجتمع على‬ ‫يوالي بعضهم بع ً‬
‫ضا‪ .‬ومن‬ ‫ضكم بع ً‬ ‫عداوتكم‪ .‬وأنتم ‪-‬أيها المؤمنون‪ -‬أجدُر بأن ينصر بع ُ‬
‫يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم‪ ,‬وحكمه حكمهم‪ .‬إن الله ل‬
‫يوفق‬
‫د‪.‬نورة خالد السعد‬
‫‪ 03:28‬مساءً ‪2006/02/09‬‬
‫‪9‬‬
‫لبد ان تستمر المقاطعة لعوام ‪,,‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ,,‬اشكركم علي التعليقات ‪,,‬‬
‫وارجوكم قراءة مقالة الستاذ رضالري في عدد اليوم فهي تضع‬
‫النقاط علي الحروف لجذور هذا الستخفاف بنا بصفتنا مسلمين ‪,,‬‬
‫ولمن يدافع عن هذا الغرب المتعجرف ويدعي المعرفة بما هو‬
‫السلوب المثل لردود أفعالنا التي استمدت قوتها من دعم الولة‬
‫الصالحين ‪,‬و ان كانوا قلة ‪ ,,‬ومن حبنا لرسولنا الكريم صلي الله‬
‫عليه وسلم ‪ ,‬وايماننا بعقيدتنا السماوية ‪ ,‬وليس ركضنا خلف‬
‫( ديموقراطية الغرب المزعومة ) ولمن في قلبه زيغ وانحراف عن‬
‫الحق الذي لينتظر أوامر امريكا ول تقارير المم المتحدة‪ ..‬ول رضا‬
‫الغرب او امتداحهم( لتحضرنا !!!) نقول لهم تمعنوا في آيات الله‬
‫الكريمة ( خالق الكون ) جبار السماوات والرض‪ ..‬وأدعوا نفسى‬
‫وإياكم إلي التبصر فى اليات التالية وتدبرها مع تفسيرها‪.‬‬
‫يقول الله سبحانه وتعالى‬
‫َ‬ ‫خفُوا ما في صدورك ُ َ‬
‫ما فِي‬ ‫م َ‬ ‫ه وَيَعْل َ ُ‬
‫ه الل ّ ُ‬ ‫مَ أوْ تُبْدُوه ُ يَعْل َ ْ‬
‫م ُ‬ ‫ُ ُ ِ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ن تُ ْ‬‫ل إِ ْ‬ ‫قُ ْ‬
‫ه ع َلَى ك ُ ِّ‬ ‫َ‬
‫يءٍ قَدِيٌر (‪)29‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض وَالل ّ ُ‬ ‫ما فِي الْر ِ‬ ‫ت َو َ‬ ‫موَا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال َّ‬
‫آل عمران‪ ..‬قل ‪-‬أيها النبي‪ -‬للمؤمنين‪ :‬إن تكتموا ما استقر في‬
‫ف على‬ ‫خ َ‬ ‫قلوبكم من ممالة الكافرين ونصرتهم أم تظهروا ذلك ل ي َ ْ‬

‫‪537‬‬
‫ن علمه محيط بكل ما في السماوات وما في‬ ‫الله منه شيء‪ ,‬فإ َّ‬
‫الرض‪ ,‬وله القدرة التامة على كل شيء‪.‬‬
‫َ‬
‫م أَوْلِيَاءُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ضه‬ ‫َ‬
‫صاَرى أوْلِيَاءَ بَعْ ُ‬ ‫َ‬ ‫خذ ُوا الْيَهُود َ وَالن َّ‬ ‫منُوا ل تَت َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫نآ‬‫َ‬ ‫يَا أَي ُّ َها ال ّذِي‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫م الظ ّال ِ ِ‬‫ه ل يَهْدِي الْقَوْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬
‫منْهُ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫م فَإِن َّ ُ‬‫منْك ُ ْ‬‫م ِ‬ ‫ن يَتَوَل ّهُ ْ‬
‫م ْ‬ ‫ض وَ َ‬‫بَعْ ٍ‬
‫(‪ )51‬المائدة‪ ..‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا اليهود والنصارى حلفاءَ‬
‫وأنصاًرا على أهل اليمان; ذلك أنهم ل يُوادُّون المؤمنين‪ ,‬فاليهود‬
‫ضا‪ ,‬وكذلك النصارى‪ ,‬وكل الفريقين يجتمع على‬ ‫يوالي بعضهم بع ً‬
‫ضا‪ .‬ومن‬ ‫ضكم بع ً‬ ‫عداوتكم‪ .‬وأنتم ‪-‬أيها المؤمنون‪ -‬أجدُر بأن ينصر بع ُ‬
‫يتولهم منكم فإنه يصير من جملتهم‪ ,‬وحكمه حكمهم‪.‬‬
‫د‪.‬نورة خالد السعد‬
‫‪ 03:30‬مساءً ‪2006/02/09‬‬
‫‪10‬‬
‫هذا ديدنهم !‬
‫الهجوم على السلم ليس وليد اليوم ‪ ,‬فقد هوجم السلم في عهد‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وفي العهود اللحقة ‪ ,‬وهجومهم على‬
‫السلم هو تأكيد على تزايد الكره والبغضاء من قبلهم للنسانية لن‬
‫السلم هو دين النسانية ‪ ,‬واستمرار هجومهم هو الدليل على ما‬
‫تفيض به نفوسهم من الحقد والكراهية ‪ ,‬وإذا أردنا أن ندير الصراع‬
‫لصالحنا علينا أن نرجع إلى الدبيات التي رسمها لنا القرآن الكريم‬
‫وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫سطام العوض‬
‫‪ 10:06‬مساءً ‪2006/02/09‬‬
‫‪11‬‬
‫المقاطعة التجارية‪ ..‬احتجاج سلمي‪.‬‬
‫أشكر الدكتورة نوره‪..‬‬
‫وأؤيد ما خطه يراعها‪..‬‬
‫أدامها الله فارسة على صهوة الصحيفة‪..‬‬
‫ودمتم بخير‪،،،‬‬
‫خالد الحجي‬
‫‪ 04:27‬مساءً ‪2006/02/10‬‬

‫‪538‬‬
‫=========================‬
‫الهجرة النبوية المباركة‬

‫الكاتب‪ :‬خالد محمود عبداللطيف‬


‫إذا كانت أمتنا السلمية تريد فعل ً الخروج من هذا المأزق الحضاري‬
‫الذي تمر به الن فإن هنالك ضرورة ملحة تحتم عليها بلورة آفاق‬
‫وملمح ظاهرة النفتاح الحضاري تطبيقيا ً عبر مسيرة التاريخ‬
‫السلمي وذلك حتي يتسني لهذه المة فهم مدي ديناميكية هذه‬
‫الظاهرة في واقعها التاريخي‪ ،‬ومن ثم تنطلق نحو المستقبل بثبات‬
‫وثقة‪.‬‬
‫ولعل العامل الحيوي الذي حدا بنا إلي اختيار الهجرة المباركة علي‬
‫النبي أفضل صلة وأزكي سلم‪ .‬في يوم هجرته كمرحلة أولي من‬
‫مراحل التاريخ السلمي لتطبيق هذه الظاهرة تطبيقا ً مثاليا ً ل نظير‬
‫له في التاريخ البشري قاطبة هو أن الهجرة قد شهدت علي‬
‫المستوي التطبيقي العملي‪ ،‬البلورة المثالية لظاهرة النفتاح‬
‫الحضاري في كل خطواتها‪ ،‬ومن هنا تعد الهجرة ول ريب بمثابة‬
‫نقطة تحول حضاري حاسمة ليس علي المستوي السلمي فحسب‬
‫بل علي المستوي الكوني بأسره‪ ..‬ولذا فإنه جدير بالدرس التاريخي‬
‫الواعي أن يستهلم منها كل القيم المشعة التي يمكن أن تسهم‬
‫اسهاما ً حيويا ً في إعادة صياغة النسان المسلم في هذا العصر‬
‫الراهن علي ضوء نسق إيماني معجز تسهم الهجرة في إضفاء‬
‫الطابع التكاملي علي تكوينه العضوي الحي‪.‬‬
‫ومن هنا فإن الهجرة النبوية المباركة كانت بمثابة النافذة التي أطل‬
‫من خللها سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ومعه الرعيل الول‬
‫من المسلمين علي الدنيا و ذلك لكي يعلن للكون انبثاق التحولت‬
‫الجذرية في تكوين البشرية وجوديا ً وحضاريا ً وذلك بعد استلهام‬
‫القيم الحضارية السامية التي جاء بها الدين الجديد‪ ،‬وهذه القيم لن‬
‫تؤتي فعاليتها المنشودة إل عبر الستيعاب الموضوعي لها‪ .‬فضلً‬
‫عن النفتاح علي الخرين أيا ً كانت وجهتهم‪ :‬ولكل وجهة هو موليها‬
‫فاستبقوا الخيرات ‪.‬‬
‫وتتبلور هذه المظاهر النفتاحية في الهجرة من خلل سلوكيات‬
‫سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم التي جعلت من الهجرة حركة‬
‫تاريخية رائدة فضل ً عن كونها المحك اليماني الفذ الذي صنع‬

‫‪539‬‬
‫الرجال‪ ،‬والبوتقة التي انصهرت فيها جميع التيارات الحضارية‬
‫السائدةآنذاك‪ ،‬ولن يتحقق التجسيد الحيوي لبعاد هذه المظاهر إل‬
‫من خلل معرفة أكيدة بأن رسولنا صلي الله عليه وسلم قد وضع‬
‫خطواته الولي في الدرب صوب يثرب المدينة وقلبه يخفق بهذا‬
‫الدعاء‪ :‬وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق‬
‫واجعل لي من لدنك سلطانا ً نصيرا ً ‪ .‬وكان يعلم جيدا ً أن حركة‬
‫النسان في التاريخ ل تستقيم وتصل إلي هدفها إلبأن يرفع النسان‬
‫بصره وفؤاده وعقله وسمعه وحسه إلي السماء يتلقي عنها الصدق‬
‫والنصر‪ ،‬صدق الحركة وانتصار قيمها لكنه لم ينس لحظة أن هذا‬
‫التوجه إلي السماء يجب أن يقترن بثبات الخطي علي الرض‬
‫وبتحمل مسؤولية البصر والسمع والفؤاد بأمانة كاملة وبصياغة‬
‫الحرية النسانية بما ينسجم في المدي القريب والبعيد مع قدر الله‬
‫ونواميسه وسننه‪ ،‬ومن دون هذا التناغم بين مشيئة الله وحرية‬
‫النسان بين نور السماء وشفافيتها‪ ،‬وبين كثافة الرض ووعورة‬
‫الطريق من دون هذا الحوار الدائم الفعال بين النسان وخالق‬
‫النسان‪ ،‬بين انطلق الروح وشد الجسد‪ ،‬من دون هذا التواصل‬
‫الدائم بين الحضور والغياب بين عالم المشاهدة المباشرة والغيب‬
‫البعيد من دون هذا وذاك‪ ،‬لن تكون هناك حركة جادة ول مصير‬
‫عظيم‪.‬‬
‫وفي ضوء هذا المنطلق اليماني الراشد يمكن القول‪:‬إن اللتحام‬
‫العضوي الحي بين الرادة اللهية العليا والرادة البشرية السوية هو‬
‫الذي ساعد علي نجاح حركة الهجرة التي قلبت موازين التاريخ‬
‫البشري رأسا ً علي عقب حيث تولد عنها قيام الدولة السلمية ذات‬
‫الطابع العالمي في المدينة المنورة لول مرة في تاريخ شبه‬
‫الجزيرة العربية ثم الحضارة السلمية بنزوعها الكوني والنساني‪.‬‬
‫كما يمكننا التأكيد علي أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد انفتح‬
‫علي جميع التيارات السائدة في عهده وذلك من خلل الستيعاب‬
‫الموضوعي لمعطيات العصر آنذاك‪ ،‬فضل ً عن أنه صلي الله عليه‬
‫وسلم لم ينس الستضاءة بوحي السماء المسدد لخطاه علي درب‬
‫الهجرة الطويل الذي جاءه المر اللهي بالقيام بها‪ ،‬بعد أن تكالبت‬
‫عليه كل قوي البغي و العدوان‪ ،‬وعلي كل المسلمين في مكة‪.‬‬
‫مستشار مركز التعاون الوروبي العربي‬
‫صحيفة الراية القطرية‬

‫‪540‬‬
‫========================‬
‫الهجرة النبوية والدروس التربوية والدعوية‬

‫محمد عبد الله السمان ‪30/12/1426‬‬


‫‪30/01/2006‬‬
‫ل جدال في أن الهجرة النبوية ـ على صاحبها أفضل صلة وأكمل‬
‫تسليم ـ تمثل مرحلة من أهم مراحل الدولة السلمية وأخطرها‪.‬‬
‫فهي مرحلة انتقالية لثبات وجودها سياسيا ً وعقائدياً؛ فالمرحلة‬
‫المكية على مسار ثلثة عشر عاماً‪ ،‬كانت لثبات العقيدة‪ ..‬بل‬
‫وتثبيتها في أذهان أتبعاها‪ ،‬من ناحية ـ ومن ناحية أخرى ـ لتعرية‬
‫عقيدة الجاهلية ـ وبضدها تُعرف الشياء ـ كما يقولون‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك أن المرحلة المكية‪ ،‬كان ل بد منها‪ ،‬لصقل إيمان‬
‫أتباعها‪ ،‬ليكونوا نواة المستقبل للدولة السلمية‪ ،‬وكانت توجيهات‬
‫القرآن‪ ،‬وتوجيهات الرسول ـ صلوات الله وسلمه عليه‪ -‬للنواة‬
‫الولى من أتباع الدعوة‪ ،‬تقوم على أساس الثقة في الله ـ عز وجل‬
‫ـ والنصيحة في مواجهة ما يلحقهم من أذى بالغ من الضراوة‬
‫والشراسة‪ ،‬ولعلنا نلمس ذلك من موقف ل نكاد نذكره‪ .‬حيث كان‬
‫رسول الله ـ صلوات الله وسلمه عليه ـ يمر على آل ياسر وهم‬
‫يُعذ ّبون‪ ،‬فيقول لهم‪" :‬صبرا ً آل ياسر‪ ..‬فإن موعدكم الجنة"‪،‬‬
‫واستجابوا‪ ،‬وكانت أم عمار أول شهيدة في السلم‪ .‬وفي صحيح‬
‫البخاري عن خباب بن الرت ـ رضي الله عنه ـ قال‪" :‬شكونا إلى‬
‫رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو متوسد بردة له في ظل‬
‫من‬‫الكعبة ـ فقلنا‪" :‬أل تستنصر لنا؟ أل تدعو لنا؟‪ ".‬فقال‪" :‬قد كان َ‬
‫قبلكم يُؤخذ الرجل‪ ،‬فيحفرون له في الرض‪ ،‬فيُجعل فيها‪ ..‬ثم يُؤتى‬
‫بالمنشار‪ ،‬فيوضع على رأسه‪ ،‬فيُجعل نصفين‪ ،‬ويُمشط بأمشاط‬
‫ن‬‫الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه‪ ..‬والله ليُتم ّ‬
‫الله هذا المر‪ ،‬حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت‪ ،‬ل‬
‫يخاف إل الله‪ ،‬والذئب على غنمه‪ ،‬ولكنكم تستعجلون"!‬
‫إن إرادة الله ـ عز وجل ـ اقتضت أن يكون السلم ديناً‪ ،‬يصحح‬
‫مسار العقول التي حادت عن الطريق السويّ‪ ،‬ويصحح مسار الحياة‬
‫البشرية التي شملتها الفوضى‪ ،‬بعد أن تحوّلت إلى غابة شاسعة‪،‬‬
‫يفترس القوي فيها الضعيف‪ ،‬وأن يكون السلم دولة‪ ،‬تقيم العدل‬
‫بعد أن اختلت موازينه‪ ،‬وتؤازر الحق‪ ،‬بعد أن أصبح مضغة في أفواه‬

‫‪541‬‬
‫الباطل‪ ،‬فالعالم يومئذ تحكمه إمبراطوريتان‪ ،‬إحداهما صليبية تنكبت‬
‫مبادئ المسيحية‪ ،‬والخرى وثنية تمتهن العقل‪ ،‬أعني إمبراطوريتي‪:‬‬
‫فارس والروم‪ ،‬وبذلك يكون السلم بدولته ضرورة لنقاذ البشرية‬
‫من الوحل‪ ،‬وكانت الهجرة البشرية هي البداية لقامة دولته‪.‬‬
‫يرى الشيخ محمود شلتوت ـ شيخ الزهر السبق ـ في‬
‫دراسته‪":‬السلم والوجود الدولي للمسلمين" العدد الثالث من‬
‫"سلسلة الثقافة السلمية" التي كنت أصدرتها (‪ 1958‬ـ ‪ !) 1965‬أن‬
‫حادثة الهجرة‪ ،‬كانت نقطة تحوّل في تاريخ البناء السلمي‪ ،‬لتقوم‬
‫فوق الرض الجديدة ـ يثرب ـ دولة ذات منهج ونظام وهدف‪،‬‬
‫والهجرة من الحداث الفذة التي كانت تمهيدا ً لتثبيت البناء‬
‫السلمي‪ ،‬وميلد دولة داخل إطار من القوة‪ ،‬وبذلك أصبحت‬
‫(الهجرة) من الحداث السلمية الكبرى التي يجب أن تحمل‬
‫العظمة في نفس كل مسلم‪.‬‬
‫ويضيف الشيخ‪" :‬وقد ع ُني المؤرخون كثيرا ً ـ وهم يتكلمون على هذا‬
‫الحدث ـ بذكر حوادث اليذاء التي كانت تتصل بالرسول وأصحابه‬
‫الذين لبّوا دعوته‪ ،‬ومن هنا ألبسه أرباب الهوى الخاص ـ وهم يكتبون‬
‫سيرة (النبي العربي) ـ ثوب الفرار وعدم الصبر والحتمال في‬
‫القيام برسالته‪ ،‬ولم يتوّرعوا ـ إمعانا ً فيما يشتهون ـ أن يلصقوا كلمة‬
‫(النبي الفار) وقد ظنوا أن هذا الثوب المهلهل الذي خلعوه على هذا‬
‫الحادث العظيم‪ ،‬يستطيع أن يستر الحقيقة التي يحملها بين جنبيه‪،‬‬
‫والتي لم تلبث ـ بعد الوصول إلى المدينة‪ ،‬أن سطع نورها‪ ،‬وانتشر‬
‫أريجها‪ ،‬وبدأت الغشاوة التي وضعها الجهل على العقل البشري حيناً‬
‫من الدهر‪ ،‬والواقع أن هذه الهجرة (البدنية) لم تكن إل أثرا ً من آثار‬
‫هجرة القلوب‪ ،‬عما كان عليه القوم من عقائد فاسدة‪ ،‬وشرائع‬
‫باطلة‪ ،‬وعقائد وتقاليد‪ ،‬كان لها في هدم النسانية‪ ،‬ما ليس للمعاول‬
‫القوية في تقويض البناء الشامخ العنيد" ‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬إن الهجرة كانت لتأكيد علمية السلم‪ ،‬وهي حقيقة حاول‬
‫بعض المستشرقين ذوي الهواء أن يطمسوها‪ ،‬متجاهلين ما أقره‬
‫القرآن ـ كتاب الله ـ الذي ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه‬
‫تنزيل من حكيم حميد ـ وقد تصدى عملق الدب الستاذ العقاد‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ك قُْرآنا ً عََربِيّا ً لِتُنْذَِر أ ُ َّ‬
‫م الْقَُرى وَ َ‬ ‫حيْنَا إِلَي ْ َ‬ ‫لقوله تعالى‪ (:‬وكَذَل ِ َ َ‬
‫ك أوْ َ‬ ‫َ‬
‫حوْلَهَا‪[.)...‬الشورى‪ :‬من الية‪ ]7‬لتنذر أم القرى ومن حولها‪،‬‬ ‫َ‬
‫يقول‪":‬وأيا كان القول في اللغة التي تكلم بها النبي‪ ،‬وفي صلح‬ ‫ً‬

‫‪542‬‬
‫هذه اللغة للدعوة العالمية‪ ،‬فإن النوع النساني يشمل أم القرى‬
‫(مكة) وما حولها‪ ،‬ول تعتبر هداية أهلها عزل ً لهم عمن عداهم من‬
‫الناس؛ إذ كان خطاب الناس كافة يمنع أن يكون الخطاب مقصوراً‬
‫على (أم القرى) ومن حولها‪ ،‬ولكن خطابه (أم القرى) ومن حولها‪،‬‬
‫ل يمنع أن يعم الناس أجمعين‪..‬‬
‫فكيف يسيغ العقل أن يكون صاحب الدعوة المحمدية ـ خاتم النبيين‬
‫ـ إذا كانت رسالته مقصورة على قوم لم يأتهم من قبل نذير؟! إن‬
‫طائفة من المستشرقين تسيغ ما ل يسيغه العقل في أمر القرآن‬
‫وأمر السلم"‪.‬‬
‫ظهر حديثا ً للشيخ عبد الجواد أحمد عبد المولى‪-‬المام والخطيب‬
‫والمدرس بالوقاف ـ كتاب يحمل عنوان "الدروس التربوية الدعوية‬
‫من الهجرة النبوية" في زهاء مائتي صفحة من القطع الكبير‪ ،‬أشار‬
‫في المقدمة إلى أن ما أراده من كتابه‪ :‬دعوة للتفكر والتدبر‪ ،‬لبعض‬
‫صفحات التاريخ السلمي‪ ،‬وبخاصة تاريخ الرسول وجهاده في‬
‫هجرته‪ ،‬لنتعرف على سنن الله في خلقه‪ ،‬وسننه في أرضه‪ ،‬وسنن‬
‫الله الثابتة ل تقبل تبديل ً ول تحويلً‪ ،‬والهجرة تبين لنا كيف أخذ‬
‫المصطفى ـ صلوات الله وسلمه عليه ـ بالسباب الرضية‪ ،‬وتوكل ـ‬
‫في نفس الوقت ـ على الله‪ ،‬ول تضاد ّ بينهما ـ وقد تعامل سلف هذه‬
‫المة مع السنن الكونية‪ ،‬فسادوا العالم‪ ،‬ولم يع الخلف هذا المعنى‪،‬‬
‫مما جعل المة اليوم في حال يُرثى لها ‪..‬‬
‫وما عرض له المؤلف‪:‬‬
‫ـ الهجرة النبوية المحمدية لم تكن بدعة‪ ،‬بل سنة قديمة‪ ،‬فقد هاجر‬
‫من أنبياء الله‪ :‬إبراهيم ولوط وموسى عليهم السلم‪.‬‬
‫ـ أسباب الهجرة‪ :‬ذكر المؤلف السباب التقليدية التي سجلتها كتب‬
‫السيرة‪ ،‬وكنت أود أن يهتم بمسألة ذات أهمية خاصة‪ ،‬وهي أن‬
‫الهجرة كانت استجابة لمر الله‪ ،‬ولم تكن مجرد خاطرة خطرت‬
‫على بال الرسول ـ صلوات الله وسلمه عليه ـ فرارا ً من الذى‪،‬‬
‫فالله ـ عز جل ـ هو الذي قدر بعد أن حققت الدعوة أهدافها في‬
‫مكة التي لم تكن تصلح لقامة دولة ‪.‬‬
‫ـ عوامل نجاح الهجرة‪ :‬وضوح الهدف‪ ،‬المعرفة‪ ،‬اختيار الوقت‬
‫المناسب‪ ،‬ولعامل التوقيت أهمية متنامية في عملية التخطيط‪،‬‬
‫القدرة على مواجهة الظروف المتغيرة‪ ،‬إخلص القائمين على‬

‫‪543‬‬
‫التنفيذ‪ ،‬التهيئة والعداد النفسي‪ ،‬ونسي المؤلف‪ :‬عناية الله‪ ،‬وهي‬
‫الساس وفوق كل شيء‪.‬‬
‫ـ مظاهر نجاح الهجرة‪ :‬خسرت قريش موازين القوى التي توارثتها‬
‫على مدى قرون وزال عنها سلطانها‪ ،‬لم تعد قريش حاجزا في وجه‬
‫الدعوة السلمية‪ ،‬إذا أسقطت الهجرة هيبتها من نفوس‬
‫المستضعفين الخائفين‪..‬‬
‫ذكر المؤلف في شجاعة أن الكتاب‪ :‬جمع وإعداد‪ ،‬وليس تأليفاً‪،‬‬
‫وهذا يعفيه من النقد‪ ،‬ويُحمد له‪ ،‬أن قدم لنا معاني كانت في حاجة‬
‫إلى التحليل‪ ،‬الذي خلت منه بعض كتب التراث التي اهتمت بسرد‬
‫الحداث‪ ،‬لكنها حفظت لنا أهم حدث في تاريخ الدعوة السلمية‪.‬‬
‫إن الهجرة حفلت بالكثير من المؤلفات عدا ما دونته كتب السيرة‬
‫قديما ً وحديثاً‪ ،‬وهذا ما جعل مهمة من يكتب عن الهجرة شاقة؛ إذ ل‬
‫بد من أن يضيف جديداً‪ ،‬ونجح المؤلف جهد استطاعته‪.‬‬
‫ويُؤخذ على هذه الدراسة‪ :‬أن المؤلف خرج على الموضوع‬
‫الساسي أحياناً‪ ،‬صحيح أن ما زاده تضمن معاني جديرة بالهتمام‪،‬‬
‫كذلك كنا نود أن يربط الهجرة النبوية بالمعاصر‪ ،‬وقد أصبحت المة‬
‫المسلمة التي أرادها الله خير أمة أخرجت للناس ـ عاجزة حتى عن‬
‫الدفاع في مواجهة التحديات الشرسة‪ ،‬وذلك بعد أن كانت رأساً‪ ،‬و‬
‫أصبحت تابعا ً بعد أن كانت متبوعاً‪ ،‬وبقي أن نقول‪ :‬إن المؤلف بذل‬
‫جهدا ً كبيرا ً وشاقاً‪ ،‬وقدم لنا دراسة معاصرة يحتاجها الشباب قبل‬
‫الشيوخ‪.‬‬
‫وبقي سؤال يطرح نفسه‪ ،‬وفي أسى مرير‪ :‬أين اليوم من الهجرة‬
‫التي لم تكن نقطة تحول في تاريخ دعوة المسلمين ـ وحسب ـ بل‬
‫كذلك أرادها الله ـ عز وجل ـ منهجا ً ومعنى وبرنامج عمل للمسلمين‬
‫إلى أن يرث الله الرض ومن عليها‪ ،‬ودرسا ً يجب أن يعيه المسلم‬
‫في كل زمان ومكان‪ ..‬فهل يليق بنا أل ّ نذكر الهجرة إل أياماً‬
‫معدودات في كل عام‪ :‬أحاديث ومقالت يغلب عليها التكرار شبه‬
‫الممل‪ ،‬ثم ننساها بعد ذلك؟‬
‫وحسبنا هنا أن نتوقف عند قضية لها أهميتها‪ ،‬أعني قضية ـ أو محنة‬
‫ـ القليات المسلمة في شتى بقاع المعمورة‪ ،‬والعديد من هذه‬
‫القليات تُشن عليها حروب إبادة شرسة‪ ،‬كما في الفلبين وبورما‬
‫وتايلند‪ ،‬وغيرها‪ ،‬إن كتاب الله تعالى كتب علينا الجهاد من أجل‬
‫إخوة لنا في العقيدة مستضعفين في الرض‪ ،‬وفي سورة النساء ـ‬

‫‪544‬‬
‫َ‬
‫ل‬
‫جا َِ‬ ‫ن الّرِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫ضعَ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الل ّهِ وَال ْ ُ‬ ‫سبِي ِ‬ ‫ن فِي َ‬ ‫م ل تُقَاتِلُو َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ما لَك ُ‬ ‫‪ (:‬وَ َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن هَذِهِ القَْريَةِ الظالِمِ‬ ‫م ْ‬ ‫جنَا ِ‬ ‫خرِ ْ‬ ‫ن َربَّنَا أ ْ‬ ‫ن يَقُولُو َ‬ ‫ن ال ّذِي َ‬ ‫ساءِ وَالْوِلْدَا ِ‬ ‫وَالن ِّ َ‬
‫صيراً)‪[ .‬النساء‪:‬‬ ‫ن لَدُن ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك نَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل لَنَا ِ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ك وَلِيّا ً وَا ْ‬ ‫ن لَدُن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل لَنَا ِ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫أهْلُهَا وَا ْ‬
‫‪ .]75‬ول جدال في أن الجهاد هنا فرض عين ل فرض كفاية‪ ،‬وإذا‬
‫كان عقد المة السلمية اليوم قد انفرط‪ ،‬ولم يكن للدولة السلمية‬
‫وجود‪ ..‬نملك السلح ل لنقاتل به العداء‪ ،‬بل ليقاتل به المسلم أخاه‬
‫المسلم‪ .‬دونما اعتبار لتحذير الرسول لنا في خطبة الوداع‪":‬ل‬
‫ترجعوا بعدي كفارا ً يضرب بعضكم رقاب بعض" وقوله في الصحيح‬
‫المتفق عليه‪" :‬إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في‬
‫النار‪ ،‬قالوا يا رسول الله‪ :‬هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال‪ :‬إنه‬
‫كان حريصا ً على قتل صاحبه"‪.‬‬
‫أقول إذا كنا عاجزين عن الجهاد المسلح‪ ،‬فلماذا ل نلجأ إلى سلح‬
‫آخر‪ :‬جهاد المقاطعة‪ ،‬وهو سلح له خطورته‪ ،‬وإذا كان هذا السلح‬
‫تقرر بالنسبة للثلثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك وهم مسلمون‪،‬‬
‫فمن باب أولى المعتدون على إخواننا من غير المسلمين‪،‬‬
‫ج لها السماوات السبع‪ .‬هي أننا أصبحنا أصدقاء‬ ‫والمفاجأة التي ترت ّ‬
‫لعدائنا‪ ،‬نمنحهم الولء‪ ،‬ضاربين عرض الحائط بقوله تعالى محذراً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صاَرى‬ ‫خذ ُوا الْي َ ُهود َ وَالن َّ ََ‬ ‫منُوا ل تَت َّ ِ‬ ‫ن آ ََ‬ ‫في سورة المائدة ‪(:‬يَا أيُّهَا ال ّذِي َ‬
‫أَولِياءَ بعضه َ‬
‫هل‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إ ِ َّ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م فَإِن َّ ُ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن يَتَوَل ّهُ ْ‬ ‫م َْ‬ ‫م أوْ َلِيَاءُ بَعْ ٍ‬
‫ض وَ َ‬ ‫ْ َ َْ ُ ُ ْ‬
‫ن‬
‫سارِع ُو َ‬ ‫ض يُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫مَر‬ ‫م ََ‬ ‫ُ‬
‫ن فِي قُلوبِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن فَتََرى الذِي‬ ‫َ‬ ‫مي‬ ‫ّ‬
‫م الظال ِ ِ‬ ‫يَهْدِي الْقَوْ َ‬
‫ح أ َ ْو‬ ‫ن يَأْت ِ َ ْ‬ ‫شى أ َن تصيبنا دائ ِرة ٌ فَعسى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫م يَقُولُو َ‬
‫ي بِالفَت ْ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫ْ ُ ِ ََ َ َ‬
‫َ‬
‫ن نَ ْ‬ ‫فِيهِ ْ‬
‫َ‬
‫ن)‪.‬‬‫مي َ‬ ‫م نَاد ِ ِ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫سُّروا فِي أنْفُ ِ‬ ‫ما أ َ‬ ‫حوا ع َلَى َ‬ ‫صب ِ ُ‬ ‫عنْدِهِ فَي ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫مرٍ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫[المائدة‪ .]52-51:‬وأخيراً‪ ..‬وليس آخراً‪ :‬فليتنا نعي اليوم كلمات‬
‫الشيخ شلتوت ـ رحمه الله‪" :-‬كانت الهجرة من بين الحداث كلها‬
‫جديرة أن تتجه إليها النظار‪ ،‬ويُتّخذ منها مبدأ للتاريخ السلمي‪،‬‬
‫ليكون للمسلمين من ذكراها في كل عام‪ ،‬ومن التوقيت بها في‬
‫مكاتباتهم وعقودهم وأحداثهم العامة والخاصة درس متصل‬
‫الحلقات‪ ،‬يساير حياتهم كلها"‪ .‬ولله المر من قبل ومن بعد‪.‬‬
‫=========================‬
‫الوقاحة الدنماركية مع الذات النبوية‬

‫جريدة السياسية الكويتية‬


‫كتبه ‪ :‬محمد يوسف المليفي‬

‫‪545‬‬
‫قام العلم الرسمي اخيرا ً في الدنمارك بالنضمام الى ركب‬
‫المحاربين لله ولرسوله وللدين السلمي‪ ,‬حيث قام بعمل مسابقة‬
‫على مستوى الدولة وبمباركة الحكومة الدنماركية‪ ,‬وهذه المسابقة‬
‫هي افضل كاريكاتير ساخر للذات النبوية المحمدية صلوات الله‬
‫وسلمه عليه وعلى آله الطهار واصحابه الخيار‪ ,‬فلما ضج‬
‫المسلمون هناك من الحرب العلمية الساقطة ضد السلم‬
‫والمسلمين‪ ,‬ازداد العلم الدنماركي عنادا ً فقام يدعو الشعب‬
‫الدنماركي للمساهمة ببعث صور كاريكاتيرية جديدة للنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم لكي يطبعوها في كتاب خاص يوزع مع الصحف‪.‬‬
‫وفعل ً قامت جريدة « يولنس بوستن » الدنماركية الحكومية بنشر‬
‫صور جديدة على صفحتها الولى امعانا ً في اذلل المسلمين‪ ,‬حيث‬
‫صورتهم على هيئة خنازير ساجدة‪ ,‬وصور اخرى لكلب يفعل‬
‫الفاحشة بمسلم وهو في هيئة السجود داخل المسجد وكتبت اسفل‬
‫الكاريكاتير عبارة « من أجل هذا يصلي المسلمون هكذا » ‪.‬‬
‫المصيبة ان الجالية السلمية هناك عندما استنكرت « مجرد‬
‫استنكار » ما يفعله العلم الرسمي الدنماركي مع خاتم النبياء‬
‫والدين السلمي‪ ,‬قامت الهيئات الحكومية بالتضامن مع كل‬
‫الصحف الوقحة ورفضت واستنكرت بشدة اعتراض المسلمين‬
‫ونصرتهم لنبيهم‪ ,‬وفي الوقت ذاته رفض رئيس الوزراء الدنماركي‬
‫فوغ راسموسن الموافقة على اجتماعه بـ ‪ 11‬سفيرا ً إسلميا ً في‬
‫بلده لتسلم خطاب استنكاري وقال لهم هذه ديمقراطيتنا‬
‫الدنماركية‪.‬‬
‫اذن يتضح لنا وبجلء واضح ان المسألة ليست محصورة في جريدة‬
‫او جريدتين‪ ,‬وانما هي حرب على الله ورسوله والمؤمنين من هذه‬
‫الدولة التي تورد إلينا زبدتها الدنماركية الشهيرة‪ ,‬والنبي صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم يقول لنا جميعا ً ‪ ( :‬ليس اليمان بالتحلي ول‬
‫بالتمني‪ ,‬ولكن اليمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ) وأي‬
‫مسلم في قلبه ذرة من الغيرة على نبيه وعرض نبيه‪ ,‬يجب عليه ان‬
‫يصدق ما وقر في قلبه من حب النبي وتعظيمه ويترجم هذا الحب‬
‫الى عمل ينصر به نبيه صلى الله عليه وآله وسلم‪ ,‬ونحن ل ندعو‬
‫المسلمين الى جهادهم بالسلح او رميهم بالمنجنيق‪ ,‬ولكن اقل ما‬
‫يمكن ان يفعله المؤمن الموحد هو ان يقاطع المنتوجات الدنماركية‬
‫ويحرمها على نفسه وأهل بيته‪.‬‬

‫‪546‬‬
‫هناك نظرية اميركية تقول « الذي في يده السلح هو الذي يسن‬
‫القوانين » وبما أننا في زمن النكسار والهوان والذلة والصغار‪..‬‬
‫وبما أننا في زمن تركنا فيه الجهاد بل واصبحنا نجرم اهله‪ ,‬فلم يتبق‬
‫في يدنا حيلة ولم يتبق عندنا سلح‪ ,‬ال سلح المقاطعة‪ ,‬فلنقاطع‬
‫منتجاتهم وهذا هو اضعف اليمان‪ ,‬وان هذه الذات المقدسة‬
‫العظيمة لم يمسها احد بسوء على مر التاريخ ال أذله الله واخزاه‪,‬‬
‫كيف ل‪ ,‬والله تعالى هو الذي يكفي ويدافع عن نبيه‪ ,‬يقول تعالى‬
‫مخاطبا ً نبيه وحبيبه { إنا كفيناك المستهزئين } ووالله ما آذى احد‬
‫هذا النبي الكريم إل أخزاه الله وأذله وذلك هو مصداق قوله تعالى‬
‫{ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والخرة واعد‬
‫لهم عذابا ً مهينا ً } ‪.‬‬
‫معاشر السادة النبلء‬
‫لبد من أن تتضافر الجهود الدفاعية عن الذات النبوية الشريفة‪,‬‬
‫وأقل شيء يفعله العلماء وطلب العلم هو ان يعقدوا مؤتمراً‬
‫اسلميا ً طارئا ً لعلماء السلم ودعاته يصدرون فيه فتوى موحدة‬
‫وبيانا ً شديد اللهجة للدولة الدنماركية ودعوة الى مقاطعة منتجاتها‬
‫حتى يعتذروا ويتوقفوا عن هذا النحطاط في حق سيد النبياء وسيد‬
‫البشرية جمعاء‪ ,‬ويا ليت ثم يا ليت يكون لوزارة الوقاف والشؤون‬
‫السلمية دور بارز في هذا العمل الجليل فأي شيء أعظم من‬
‫نصرة الحبيب يا محب?‬
‫* كاتب كويتي‬
‫‪mlaifi@maktoob.com‬‬
‫=======================‬
‫أما لهذه الهجمة من رادع ؟!‬

‫الكاتب‪ :‬عبد الله بن راضي المعيدي الشمري‬


‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على اشرف النبيين محمد‬
‫وعلى اله وصحبه أجمعين ‪.‬‬
‫( منذ ‪ 30‬سبتمبر الماضي و الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫إلى هجوم حاد وحملة حاقدة في الصحافة الدانمركية‪ ،‬والتي بدأت‬
‫عندما أراد مؤلف كتب أطفال دانماركي أن يضع على غلف كتابه‬
‫صورة للرسول ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ورفض رسام الكاريكاتير‬

‫‪547‬‬
‫المكلف بإعداد الغلف رسم هذه الصورة‪ ،‬فقرر المؤلف إقامة‬
‫مسابقة لرسم الرسول‪ ،‬حيث تقدم لها (‪ )12‬رسام كاريكاتير أرسلوا‬
‫(‪ )12‬صورة مسيئة لرسولنا الكريم •‬
‫ولم تفوّت صحيفة (بيو لندز بوستن) اليمينية المتطرفة والتابعة‬
‫للحزب الحاكم هذه الفرصة‪ ،‬في التقاط هذه الصور ونشرها‬
‫استهانة بمشاعر أكثر من مليار و(‪ )300‬مليون مسلم ‪ ،‬بالرغم من‬
‫أن مسلمي الدانمارك والبالغ عددهم (‪ )200‬ألف‪ ( ،‬السلم هو‬
‫الديانة الثانية في الدانمارك بعد المسيحية البروتستانتية ) حاولوا‬
‫الحتجاج على القرار‪ ،‬وذلك عن طريق رفع مذكرة إلى الحكومة‬
‫الدانماركية‪ ،‬إل أن الجواب كان هو الرفض‪ ،‬وإصرار الحكومة على‬
‫دعم حملة الهجوم تحت مسمى ''حرية التعبير''‬
‫بل كان الموقف الحكومي الدانماركي أكثر شراسة برفض المدعي‬
‫العام تلبية طلب الجالية السلمية برفع دعوى قضائية ضد الصحيفة‬
‫بتهمة انتهاك مشاعر أكثر من مليار مسلم في العالم‪ ،‬وقال‬
‫المدعي العام الدنماركي‪ :‬إن القانون الذي يُستخدم لتوجيه تهم‬
‫بسبب انتهاك حرمة الديان ل يمكن استخدامه ضد الصحيفة‪.‬‬
‫إن حالة العداء للسلم والمسلمين في الدانمرك تجاوزت كل‬
‫الخطوط؛ فهناك تعبئة عامة ضد السلم‪ ،‬على كافة المستويات‬
‫بدءا ً من التصريح الذي نقل على لسان ملكة الدانمرك (مارجريت‬
‫الثانية) والذي قالت فيه‪" :‬إن السلم يمثل تهديدا ً على المستويين‬
‫العالمي والمحلي"‪ ،‬وحثت حكومتها إلى "عدم إظهار التسامح تجاه‬
‫القلية المسلمة"‪ ،‬انتهاءً بمواقع النترنت التي يطلقها دانمركيون‬
‫أفرادا ً ومؤسسات خاصة ‪ ،‬تحذر من السائقين المسلمين‪ ،‬لنهم‬
‫"إرهابيون وقتلة" مرورا ً بالحملة العامة في الصحف ومحطة التلفاز‬
‫العامة التي أعلنت الحرب ضد السلم والمسلمين) *‪.‬‬
‫ومن هنا رأيت أن اكتب في هذا الجانب المهم مذكرا النفس‬
‫والخوان بعظم حقه مستعينا الله تعالى فأقول ‪:‬‬
‫إن من أعظم النعم التي أنعم الله علينا هي أن بعث لنا محمداّ‬
‫ُ‬
‫ن الله على المؤمنين إذ‬ ‫صلى الله عليه وسلم نبينا ً ورسول ً ‪ ":‬لقد م ّ‬
‫بعث فيهم رسول من أنفسهم " ‪ .‬وقال تعالى‪ " :‬لقد جاءكم رسو ٌ‬
‫ل‬
‫من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف‬
‫رحيم "‬

‫‪548‬‬
‫قال العلمة ابن سعدي رحمه الله تعالى ‪ ":‬هذه المنة التي امتن‬
‫الله بها على عباده هي اكبر النعم بل اجلها وهي المتنان عليهم‬
‫بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضللة وعصمهم به‬
‫من التهلكة " ا‪.‬هـ‬
‫نعم أيه الحبة لقد بعث الله محمدا َ صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫الخليقة بعد أن كانت تعيش في جاهلية جهلء ‪ ..‬قويهم يأكل‬
‫ضعيفهم قد وقع بأسهم بينهم ‪ ..‬وهم يعيشون ضلل وعمى جميعهم‬
‫إل بقايا من أهل الكتاب ‪..‬‬
‫فبعث الله محمدا ً صلى الله عليه وسلم ففتح الله به أع ُينا عميا ً ‪..‬‬
‫وآذان صما ً ‪ ..‬وقلوبا ً غلفا ً ‪ ..‬فهدى به من العمى ‪ ..‬وبصر به من‬
‫الضللة ‪..‬‬
‫فل إله إل الله ما أعظم هذه النعمة وأجلها لمن تدبرها وعرف‬
‫قدرها ‪...‬‬
‫ولقد اوجب الله تعالى على المومنين محبته وتعظيمه ‪ ..‬ولقد امر‬
‫الله تعالى بتعظيمه رسول الله وتوقيره ‪ ..‬وتعظيم سنته وحديثه‬
‫فقال تعالى ‪(( :‬وَتُعَّزُِروه ُ وَتُوَقُِّروهُ))‬
‫ومن مظاهر التعظيم لرسول الله في السلم ‪...‬‬
‫ل‬
‫سو ِ‬‫جعَلُوا دُع َاء الَّر ُ‬
‫صه في المخاطبة بما يليق به‪ ،‬فقال‪(( :‬ل ت َ ْ‬ ‫أنه خ ّ‬
‫ضكُم بَعْضاً)) [النور‪ ،]63:‬فنهى أن يقولوا‪ :‬يا محمد‪،‬‬ ‫م كَدُع َاءِ بَعْ ِ‬‫بَيْنَك ُ ْ‬
‫أو يا أحمد‪ ،‬أو يا أبا القاسم‪ ،‬ولكن يقولوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬يانبي الله‪،‬‬
‫وكيف ل يخاطبونه بذلك والله (سبحانه وتعالى) أكرمه في مخاطبته‬
‫إياه بما لم يكرم به أحدا ً من النبياء‪ ،‬فلم يَدْع ُه باسمه في القرآن‬
‫قط ‪...‬‬
‫ومن ذلك ‪ :‬أنه حّرم التقدم بين يديه بالكلم حتى يأذ َن‪ ،‬وحرم رفع‬
‫الصوت فوق صوته‪ ،‬وأن يُجهر له بالكلم كما يجهر الرجل للرجل‪...‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬أن الله رفع له ذكره‪ ،‬فل يُذكر الله (سبحانه) إل ذكر‬
‫معه‪ ،‬وأوجب ذكره في الشهادتين اللتين هما أساس السلم‪ ،‬وفي‬
‫الذان الذي هو شعار السلم‪ ،‬وفي الصلة التي هي عماد الدين‪)...‬‬
‫و إن تعظيم نبينا محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬من صلب إيمان‬
‫المسلم ‪ ..‬فهو خليل الله المصطفى من خلقه ‪ ..‬وخاتم النبياء الذي‬
‫بانتهاء رسالته انقطع وحي السماء ‪ ..‬والموصوف من ربه ‪ -‬جل وعل‬
‫‪ -‬بعظم خلقه ‪ ..‬وأحد خمسة من أولي العزم من الرسل‪ .‬هذا‬

‫‪549‬‬
‫التعظيم تحتمه سيرته الشريفة ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬كما تمليه‬
‫حقيقة شهادة أن (محمدا ً رسول الله) ‪...‬‬
‫ولم يغفل المسلمون ‪ -‬منذ جيل الصحابة الكرام ‪ -‬عن قدر رسول‬
‫الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وعن محبته وتعظيمه ‪ ..‬فنرى في‬
‫سيرة هؤلء الصحابة وتابعيهم وعلماء المة وعوامها من بعدهم‬
‫أفضل نماذج لهذا التعظيم ‪..‬‬
‫ومن نافلة القول هنا أن يقال أن معنى التعظيم المشروع لرسول‬
‫الله هو تعظيمه بما يحبه هو صلى الله عليه وسلم وعدم رفعة فوق‬
‫منزلته النبوية وانه عبد ليعبد ورسول ليكذب فل يرفع الى مقام‬
‫الربوبية أو اللوهية ‪..‬‬
‫وقد ضرب السلف الصالح أروع المثلة بتعظيم وإجلل رسول الله‬
‫‪..‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬مارواه الدارمي في سننه عن عبد الله بن المبارك قال ‪:‬‬
‫(كنت عند مالك وهو يحدثنا حديث رسول الله فلدغته عقرب ست‬
‫عشرة مرة‪ ،‬ومالك يتغير لونه ويصفر‪ ،‬ول يقطع حديث رسول الله‪،‬‬
‫فلما فرغ من المجلس وتفرق الناس‪ ،‬قلت‪ :‬يا أبا عبدالله‪ ،‬لقد رأيت‬
‫منك عجباً! فقال‪( :‬نعم إنما صبرت إجلل ً لحديث رسول الله‪-‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪)-‬‬
‫وقال الشافعي (رحمه الله تعالى)‪(:‬يكره للرجل أن يقول‪ :‬قال‬
‫رسول الله‪ ،‬ولكن يقول‪ :‬رسول الله؛ تعظيما ً لرسول الله)‪.‬‬
‫وممن يجب تعظيمهم وإجللهم _ وهو من إجلله عليه الصلة‬
‫والسلم _ إجلل صحابة رسول الله‪ ،‬فيتعين احترامهم وتوقيرهم‪،‬‬
‫وتقديرهم حق قدرهم‪ ،‬والقيام بحقوقهم (رضي الله عنهم)‪.‬‬
‫ويلحظ اليوم وجود هجمة شرسة على جناب نبي المة يقوده‬
‫العلم الغربي وإني لتعجب ولينقضي عجبي من العلم السلمي‬
‫ن شيئاء لم يحدث ؟!‬ ‫اين هو من مثل هذا الهجوم على نبينا زكأ ً‬
‫وإين هو العلم الذي انشغل بالبرامج التافهة والفاضحة ونجومها‬
‫المزوعومين ! فضل ً عن متابعة نجوم هليودو والفيديو كليب ! فيا‬
‫أمة السلم‪ ،‬ويا إخوة العقيدة‪ ،‬ويا أبناء الرسالة الخالدة‪ ،‬هذا نبيكم‬
‫وهذا فضله‪ ،‬ووصفه فهل ترضون بأهنته ؟!! فالواجب على المة‬
‫بكل أفراده وطاقاتها أن تهب هبة الدفاع عن الحبيب صلى الله‬
‫عليه واله وسلم والواجب أن يعيش معنا دائما ً وأبدا ً في مشاعرنا‪،‬‬

‫‪550‬‬
‫وآمالنا‪ ،‬وطموحاتنا‪ ..‬يعيش معنا‪ ،‬قدوة وأسوة‪ ،‬وإماماً‪ ،‬ومعلماً‪ ،‬وأباً‪،‬‬
‫وقائداً‪ ،‬ومرشداً‪.‬يعيش معنا في ضمائرنا عظيماً‪ ،‬وفي قلوبنا رحيماً‪،‬‬
‫وفي أبصارنا إماماً‪ ،‬وفي آذاننا مبشرا ً ونذيرا ً " هو الذي أرسل‬
‫رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره‬
‫المشركون "‬
‫نسينا في ودادك كل غال فأنت اليوم أغلى ما لدينا‬
‫ف نلم وما علينا‬ ‫نلم على محبتك ويكفي لنا شر ٌ‬
‫ولما نلقكم لكن شوقا ً يذكرنا فكيف إذا التقينا‬
‫تسلّى الناس بالدنيا وإنا لعمر الله بعدك ما سلينا‬
‫* من مظاهر محبته صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪ )1‬فأول علمات المحبة ‪ :‬التباع والعتصام بالكتاب والسنة ‪..‬‬
‫وحيث كان ادّعاء حب الله من أسهل ما يكون على النفس جعل‬
‫الله دللته النبي صلى الله عليه وسلم كما في الية السابقة " قل‬
‫ان كنتم تحبون الله ‪"...‬‬
‫تعصي الله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمري في القياس بديع‬
‫لو كنت صادقا في حبه لطعمته *** أن المحب لمن يحب مطيع‬
‫قال الحسن ‪ :‬ادعى قوم على عهد رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم محبة الله فابتلهم الله بهذه الية ‪ ":‬قل أن كنتم تحبون الله‬
‫فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم "‬
‫حب وأعظم منه‬ ‫وثمرة التباع محبة الله للمتبع ‪ ...‬وشان عظيم أن ت ً ِ‬
‫أن تحب ‪..‬‬
‫‪ )2‬الحذر من رد شيء من السنة ‪:‬‬
‫قال احمد بن حنبل ‪ ":‬من رد حديث رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فهو على شفا هلكة " قال الله تعالى ‪ ":‬فليحذر الذين‬
‫يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب اليم " ‪.‬‬
‫قال ابن كثير رحمه الله ‪ ":‬أي ‪ :‬عن أمر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته فتوزن القوال‬
‫بأقواله وأعماله فما وافق ذلك قبل وما خالفه فهو مردود على‬
‫قائله وفاعله كائنا من كان " ا‪.‬هـ [ تفسير ابن كثير ‪.. ]2/307:‬‬

‫‪551‬‬
‫ومن مظاهر رد السنة السخرية والستهزاء بالسنة النبوية‬
‫ومعارضتها بالعقول والراء والرغبات والعادات كالسخرية‬
‫والستهزاء باللحية ورفع الرجل ثوبة فوق الكعبين وحجاب المرأة‬
‫والسواك والصلة الى سترة وغير ذلك ‪ .‬فتسمع من يصف تلك‬
‫العمال بأوصاف رديئة أو يتهكم بمن التزم بها فلم يجد هؤلء‬
‫مايملؤون به فراغهم ال الضحك والستهزاء بمن عمل بالسنة‬
‫وحافظ عليها فيجعلونه محل لسخريتهم هازلي لعبين فيصدق في‬
‫مثلهم قوله صلى الله عليه وسلم ‪ ":‬وان العبد ليتكلم بالكلمة من‬
‫سخط الله ل يلقي لها بال يهوي بها في جهنم "‬
‫ويغفل كثير من الناس عن أمر خطير وهو أن الستهزاء بالدين كفر‬
‫سواء كان على سبيل اللعب والهزل والمزاح أو على سبيل الجد‬
‫فهو كفرمخرج من الملة ‪.‬‬
‫قال ابن قدامة ‪ :‬من سب الله تعالى كفر سواء كان مازحا أو جادا‬
‫وكذلك من استهزاء بالله تعالى او بآياته أو برسله أو كتبه ‪.‬اهـ‬
‫وعن سلمة بن الكوع رضي الله عنه ‪ :‬أن رجل أكل عند رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم بشماله فقال ‪ " :‬كل بيمينك " قال ‪ :‬ل‬
‫استطيع ‪ .‬قال ‪ " :‬ل استطعت ما منعه ال الكبر " قال ‪ :‬فما رفعها‬
‫الى فيه ‪.‬‬
‫قال التيمي ‪ :‬فليتق المرء الستخفاف بالسنن ومواضع التوقيف‬
‫فانظر كيف وصل اليه شؤم فعله ‪.‬‬
‫وعن ابي يحيى الساجي قال ‪ :‬كنا نمشي في أزقة البصرة الى باب‬
‫بعض المحدثين فاسرعنا المشي ومعنا رجل ماجن متهم في دينه‬
‫فقال ‪ :‬ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملئكة ل تكسروها‬
‫(كالمستهزئ) فلم يزل من موضعه حتى جفت رجله وسقط ‪!!.‬‬
‫والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين ‪،،،‬‬
‫انطباعات وآراء‬
‫الكاتب‪ :‬أحمد قائد السودي‬
‫من حقي أن ابدي دهشتي الشديدة وفرحي العظيم‪ ..‬لما رأيت‬
‫وسمعت فقد دعيت لول مرة في حياتي إلى مؤتمر عالمي إسلمي‬
‫احتشد فيها علماء السلم ومفكريه و ناشطيه من كل الطياف‬
‫السلمية على اختلف انتماءاتهم المكانية والفكرية واجتهاداتهم‬
‫‪..‬كان لقاءا بين علماء المسلمين ومفكريه ودعاته ووعاظه من‬

‫‪552‬‬
‫جميع قارات العالم كان في يوم (الربعاء ‪ .)22/3/2006‬الجميع أتوا‬
‫بصفاتهم الشعبية ول مكان فيه للحكوماتية‪..‬جميعهم اجتمعوا في‬
‫مملكة عربية إسلمية صغيرة جدا فقيرة‪ ..‬حسب معرفتي‪..‬مقارنة‬
‫بجيرانها‪ .‬لقد استضافت مملكة البحرين علماء المسلمين‬
‫ومفكيريهم في قارات العالم الست‪..‬‬
‫ذلك البلد أصغير الذي استضاف قبل أيام قليلة أعظم مشروع‬
‫إسلمي مصرفي سيكون هو الكبر في العالم برأسمال سيتجاوز‬
‫العشرة مليارات دولر‪..‬ماذا وراء هذا البلد الصغير الفقير(مقارنة‬
‫بجيرانه)‪...‬؟؟‪..‬إنه يقفز هذه القفزات الكبرى إسلميا وعالميا فهو‬
‫يستضيف أعظم مؤتمر إسلمي عالمي نخبوي شعبي ويستضيف‬
‫مصرفا إسلميا سيكون هو العظم كمؤسسة اقتصادية مصرفية ‪..‬‬
‫على مستوى العالم السلمي وكل ذلك يتم في فترة قصيرة‪.‬‬
‫يتم كل ذلك في أعظم الظروف صعوبة وأشدها على المسلمين‬
‫حكاما ومحكومين وأقليات وأفراد أينما وجدوا‪ ..‬و في أعقد‬
‫المشكلت التي تطوق المسلمين في كل مكان في العالم‪..‬في‬
‫ظرف الحرب فيه على السلم والمسلمين على أشدها من طغاة‬
‫العالم‪ ..‬إنه بكل صراحة بلد صغير المساحة والسكان والثروة ولكنه‬
‫حقا عظيم الرجال عالي الهمم تميز به أبنائه وملكهم و ترجمتها‬
‫قراراتهم ومواقفهم هذه‬
‫إنه بلد يسجل (ملكه العربي المسلم) اليوم ملحم تاريخية كبرى‬
‫ولكن من نوع جديد ‪ ...‬هذه العمال التي رسمت بل حققت للمة‬
‫السلمية ولكل مسلم في العالم انتقالت حياتية وحضارية‬
‫كبرى‪..‬انتقالت جديدة كبرى على المستوى القتصادي السلمي‬
‫وانتقالت أخرى كبرى عديدة افرزها المؤتمر العالي لنصرة رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪..‬تجاوزت بكثير ما كان مرجوا منه‪.‬‬
‫المفاجأة الكبرى‬
‫لقد بدأ المؤتمر السلمي العالمي لنصرة رسول الله (صلى الله‬
‫عليه وسلم)‪..‬كما هو مقرر له لتكون المفاجئة الكبرى غير‬
‫المحسوبة‪..‬مفاجأة ميلد وجود إسلمي عالمي جديد على غير‬
‫المألوف في الكيانات السائدة والمعروفة ‪..‬لقد بدأ مؤتمرا لينتهي‬
‫إلى إعلن منظمة عالمية إسلمية أعضائها المؤسسين من‬
‫المشاركين في المؤتمر القادمين من كل قارات العالم والجنسيات‬
‫والقوميات ومن كل تلك الطياف الفكرية والمذهبية التي يمثلها‬

‫‪553‬‬
‫المسلمون في العالم‪..‬لقد رأيت في المؤتمر المجتهدين و العلماء‬
‫والدعاة والوعاظ والمفكرين والسياسيين والحزبيين والقتصاديين‬
‫ورأيت السني وما يمثله من أطياف و رأيت الشيعي‬
‫والصوفي‪..‬رأيت الجميع هناك يجمعهم شعار واحد هو (‪...‬ومن‬
‫نفسي يا رسول الله )‪..‬وكان للمرأة وجودا مشهودا‪ ..‬فلقد سمعنا‬
‫ورأينا مشاركات نسائية قوية عملقة‪ ..‬مصرية ومغربية وسعودية‬
‫وغيرهن‪..‬‬
‫منجزات ومحصلت‬
‫على مدى قرابة العشرون ساعة التي استغرقها المؤتمر‪ ..‬كانت‬
‫المنجزات كبيرة والمحصلت عظيمة ‪ ..‬فأكاد أقول انه في مملكة‬
‫البحرين الصغيرة‪ ..‬صيغت محصلت كبرى تفوق التصور لقد أنجز‬
‫المؤتمر اكبر مما كان متوقعا في تصوري‪ ..‬فلقد بارك الله بالوقت‬
‫القصير وعظم الله تلك الجهود المبذولة من ذلك العدد‬
‫القليل(اللجنة التحضيرية) جزا هم الله خيرا‪ ..‬الذين أوكلت إليهم‬
‫مهمة العداد للمؤتمر وتنظيمه وإدارته‪.‬ولست هنا بصدد الشارة‬
‫إلى تلك المحصلت العديدة جميعها ‪ ..‬ولكني سوف اكتفي بالشارة‬
‫إلى بعض منها‪..‬مما رأيتها وعشتها خلل ساعات الصحوة ال‪ 35‬التي‬
‫قضيتها في مملكة البحرين‪...‬منها ساعات انتظار ساعة بدأ المؤتمر‬
‫لوصولي قبل الموعد بساعات بسبب الطيران‪ ..‬وساعات قضيتها‬
‫مع زملء من البحرين وأحبه جمعتني بهم الدراسة الجامعية قبل‬
‫عقدين وأكثر لم أجدهم بعدها حتى يوم المؤتمر المبارك هذا‬
‫أنواع المحصلت‬
‫أ ‪ -‬محصلت محسوبة‪:‬‬
‫اشتملت التوصيات على كثير من المحصلت التي كانت متوقعة‪.‬‬
‫‪ – 1‬كل ما ورد في محاور المؤتمر الذي تم إرساله للمشاركين‪..‬‬
‫تمت على نحو مرضي ورائع وانعكس ذلك فيما ورد في بنود‬
‫التوصيات‪.‬‬
‫ب – محصلت غير محسوبة‪:‬‬
‫‪ -1‬ا شتملت قرارات المؤتمر على تلك المحصلة التي لم تكن في‬
‫جدول العمال ولم ترد ولم تشر إليها على نحو ما مباشر أو غير‬
‫مباشر في المحاور التي أرسلت للمشاركين يتمثل أعظم‬

‫‪554‬‬
‫المحصلت في قرار العلن عن إنشاء (المنظمة العالمية لنصرة‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم)‪.‬‬
‫‪ -2‬تلحم الجميع وشيوع اللفة والمحبة و المحبة بين جميع‬
‫الحاضرين على اختلف انتماءاتهم و أطيافهم الفكرية و السياسية‬
‫والمذهبية والجغرافية‪.‬‬
‫‪ -3‬غياب الخلفات المعتادة المعقدة في لقاءات هذا النسيج المتنوع‬
‫أطيافه وقناعاته وتصوراته الدينية والحياتية‪.‬‬
‫‪ - 4‬التعارف بين المشاركين وتلقي كثيرين ممن فرقتهم السنون‬
‫من المتعارفين فقد كان المؤتمر لحياء علقات جديدة و إعادة‬
‫الحياة إلى علقات ربما كانت في حكم النسيان‪.‬‬
‫‪ - 5‬التعرف على أحوال وتطورات الواقع المسلم في مختلف‬
‫قارات العالم بالخص تلك البقاع المنسية أو البعيدة من العلم‬
‫السلمي والعربي في أوروبا وأفريقيا وغيرها‪.‬‬
‫‪ - 6‬بعث حياة جديدة وحماسة عظيمة لدى كثير من المشاركين‬
‫لمضاعفة القيام بواجب العمل السلمي و تجذ ير قيمه ومبادئه في‬
‫السلوك و في النفس والواقع وتوسيع ساحته نشره لدى غير‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫‪ - 7‬صيغة البيان الختامي على ذلك النحو الرائع المتماسك الحكيم‬
‫المتوازن الذي عكس نضجا رفيع المستوى لدى هؤلء المشاركين‬
‫الذي تجسد فيه معاني وقيم و مبادئ السلم في التعامل مع‬
‫المواقف الصعبة‪..‬وتقديم منطق ا لعقل والحكة والعدل على‬
‫العاطفة‪..‬فلقد شاعت عبارات مثل ليسوا ساء ول يجرمنكم شنئآن‬
‫على أن ل تعدلوا‪..‬‬
‫‪ -8‬إفساد ظن ما كان مروجا له من أنه سيكون موقفا متطرفا‬
‫وشديدا وعنيفا فقد كان البيان عكس ما كان متوقعا لدى الكثيرين‬
‫في الغرب والشرق من المرضى ومن الجهلة ومن يضمرون الشر‬
‫للمسلمين‪.‬‬
‫‪ - 9‬انتهاء المؤتمر في جو من المحبة والرضا لدى الجميع‪..‬وتجليات‬
‫البركة والرحمة‪.‬‬
‫‪ - 10‬تجليات ملمح إمكانية الوحدة بين المسلمين على نحو سريع‬
‫فقابلية الوحدة بين شعوب المسلمين عالية جدا‪..‬أكدها المؤتمر في‬

‫‪555‬‬
‫حواراته ومداخلته و تلحمه وأخيرا في إعلن منظمته العالمية‬
‫الجديدة على ذلك النحو الجماعي السريع‪.‬‬
‫آراء‪ ..‬لتسريع التفعيل‬
‫ج ‪ -‬إذا كان هناك من اقتراحات و تصويبات لبد من الشارة لتحقيق‬
‫مزيد من الكمال لهذه الخطوة الجبارة‪..‬فأقول ‪:‬‬
‫‪ – 1‬مهم حشد اكبر عدد ممكن من المسلمين الجدد في أوروبا‬
‫وأمريكا واستراليا وإفريقيا وغيرها ليكونوا أعضاء مؤسسين فذلك‬
‫ملح جدا على أن يكونوا من الرجال والنساء علماء مفكرين تجار‬
‫ساسة الخ‪..‬‬
‫‪ – 2‬سرعة التحرك في أوساط المتعاطفين مع المسلمين من غير‬
‫المسلمين والتواصل معهم وتمكينهم من المعلومة وتعريفهم‬
‫بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم من خلل مواقعهم في‬
‫الشبكة الكترونية‪.‬‬
‫‪ – 3‬سرعة إصدار نشرة تخص العضاء المؤسسين لبقائهم على‬
‫حماسهم وعلى تواصل وذلك بتمكينهم من المستجدات وما عليهم‬
‫فعله وغير ذلك إلى جانب تفعيل كبير للموقع المنظمة وتحديثه على‬
‫مدار أل ‪ 24‬ساعة ومحاولة أن يكون إلى جانب اللغتين العربية و‬
‫النجليزية اللغة الفرنسية والسبانية‪..‬وتكليف أعضاء المؤتمر‬
‫لتغطية هذه اللغات وغيرها كمشاركة طوعية‪.‬‬
‫‪ – 4‬تعجيل التعميم على العضاء المؤسسين في كل بلد أن يشكلوا‬
‫فيما بينهم مجلسا يختارون فيه رئسا ونائبا ومقررا وعضوا تنظم‬
‫لقاءاتهم ومشاركاتهم و لتشكيل نواة للمنظمة العالمية لنصرة‬
‫النبي‪..‬يرتبون فيما بينهم لقاءات نصف شهرية لتفعيل المنظمة في‬
‫ساحتهم من ناحية ومن ناحية أخرى لمد اللجنة التحضيرية بالفكار‬
‫المساعدة التي تعجل باستكمال الوجود الرسمي للمنظمة‬
‫وتسجيلها محليا ودوليا‪..‬و كذلك لشاعة مزيد من اللفة و تجذ يرها‬
‫وتعميمها بين مختلف الطياف السلمية داخل كل بلد‪.‬‬
‫‪ – 5‬إشراك عالمين من اليمن من علماء الزيد ية والشافعية من‬
‫المرجعيات من المعروفين بالحكمة وعدم التعصب‪..‬‬
‫‪ – 6‬البدء في تنشيط المنظمة في التواصل مع الوروبيين‬
‫والمريكان وغير المسلمين في العالم‪..‬وذلك من خلل تحفيز‬
‫الساحة الشبابية السلمية في العالم من اؤلئك الناشطين و‬

‫‪556‬‬
‫الموهوبين في مجال النترنت والبرمجة وغرف الدردشة والمواقع‬
‫المختلفة ‪..‬و ذلك بالتواصل معهم و حثهم على إيصال رسالة محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم إلى غير المسلمين بصيغ قصيرة جدا واضحة‬
‫جدا من خلل مدهم بمادة الرسالة المراد توصيلها إلى المليين من‬
‫غير المسلمين يوميا وعبر أدلة البحث‪ ..‬وغيرها وهذا مجال واسع‬
‫وفوري‪.‬وهناك طرق عديدة جدا‪.‬‬
‫‪ – 7‬إشراك عدد من أبناء وبنات الحكام العرب والمسلمين في‬
‫المنظمة‬
‫‪ – 8‬إشراك شخصيات مثل د‪ .‬محمد عبده يماني و مثل د‪ .‬مهاتير‬
‫محمد رئيس وزراء ماليزيا السبق وغيرهم ليكونوا إلى جانب‬
‫المشير سوار الذهب‬
‫هذا ما لزم الشارة إليه واشكر الذي كان سببا في حضوري هذا‬
‫اللقاء الكبير المبارك والله اعلم وهو المستعان‪.‬‬
‫رئيس مركز القرن ال‪ 21‬للتجديد والتنمية_ صنعاء _‬
‫==========================‬
‫بأبي أنت وأمي يا رسول الله‬

‫ق عَظِيم ٍ )‬ ‫ك لَعَلى ُ ُ‬
‫( وَإِن َّ َ‬
‫خل ٍ‬
‫م‬
‫صلى عليك الله يا علم الهدى *** واستبشرت بقدومك اليا ُ‬
‫م‬
‫هتفت لك الرواح من أشواقها *** وازينت بحديثك القل ُ‬
‫م ‪ ،‬إذا‬
‫مى ‪ ،‬وهو النبي العظيم في سورة ع ّ‬ ‫ما أحسن السم والمس َّ‬
‫َ‬
‫ذكرته هل ّت الدموع السواكب ‪ ،‬وإذا تذكرته أقبلت الذكريات من كل‬
‫جانب ‪.‬‬
‫وكنت إذا ما اشتد ّ بي الشوق والجوى *** وكادت ع ُرى الصبر‬
‫م‬
‫الجميل تفص ُ‬
‫أُعل ِّل نفسي بالتلقي وقربه *** وأوهمها لكنّها تتوهم‬
‫المتعبد في غار حراء ‪ ،‬صاحب الشريعة الغراء ‪ ،‬والملة السمحاء ‪،‬‬
‫والحنيفية البيضاء ‪ ،‬وصاحب الشفاعة والسراء ‪ ،‬له المقام المحمود‬
‫‪ ،‬واللواء المعقود ‪ ،‬والحوض المورود ‪ ،‬هو المذكور في التوراة‬
‫والنجيل ‪ ،‬وصاحب الغرة والتحجيل ‪ ،‬والمؤيد بجبريل ‪ ،‬خاتم النبياء‬

‫‪557‬‬
‫ما‬
‫‪ ،‬وصاحب صفوة الولياء ‪ ،‬إمام الصالحين ‪ ،‬وقدوة المفلحين ( َو َ‬
‫َ‬
‫ن)‪.‬‬ ‫ة لِلْعَال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫سلْنَا َ‬
‫ك إِل َر ْ‬ ‫أْر َ‬
‫السماوات شيّقات ظِماءُ *** والفضا والنجوم والضواءُ‬
‫كلها لهفة إلى العلَم الها *** دي وشوق لذاته واحتفاءُ‬
‫تنظم في مدحه الشعار ‪ ،‬وتدبج فيه المقامات الكبار ‪ ،‬وتنقل في‬
‫الثناء عليه السير والخبار ‪ ،‬ثم يبقى كنزا ً محفوظا ً ل يوفّيه حقه‬
‫الكلم ‪ ،‬وعلما ً شامخا ً ل تنصفه القلم ‪ ،‬إذا تحدثنا عن غيره عصرنا‬
‫الذكريات ‪ ،‬وبحثنا عن الكلمات ‪ ،‬وإذا تحدثنا عنه تدفق الخاطر‪ ،‬بكل‬
‫حديث عاطر ‪ ،‬وجاش الفؤاد ‪ ،‬بالحب والوداد ‪ ،‬ونسيت النفس‬
‫همومها ‪ ،‬وأغفلت الروح غمومها ‪ ،‬وسبح العقل في ملكوت الحب ‪،‬‬
‫وطاف القلب بكعبة القرب ‪ ،‬هو الرمز لكل فضيلة ‪ ،‬وهو قبة الفلك‬
‫للخصال الجميلة ‪ ،‬وهو ذروة سنام المجد لكل خلل جليلة ‪.‬‬
‫مرحبا ً بالحبيب والريب والنجيب الذي إذا تحدثت عنه تزاحمت‬
‫الذكريات ‪ ،‬وتسابقت المشاهد والمقالت ‪.‬‬
‫صلى الله على ذاك القدوة ما أحله ‪ ،‬وسلم الله ذاك الوجه ما أبهاه‬
‫َ‬
‫م المة الصدق‬ ‫‪ ،‬وبارك الله على ذاك السوة ما أكمله وأعله ‪ ،‬عل ّ َ‬
‫وكانت في صحراء الكذب هائمة ‪ ،‬وأرشدها إلى الحق وكانت في‬
‫ظلمات الباطل عائمة ‪ ،‬وقادها إلى النور وكانت في دياجير الزور‬
‫قائمة ‪.‬‬
‫ب طفل الهدى المحبوب متشحا ً *** بالخير متزرا ً بالنور والنار‬ ‫وش َّ‬
‫جبار‬
‫ِ‬ ‫في كفه شعلة تهدي وفي دمه *** عقيدة تتحدى كل‬
‫كانت المة قبله في سبات عميق ‪ ،‬وفي حضيض من الجهل‬
‫سحيق ‪ ،‬فبعثه الله على فترة من المرسلين ‪ ،‬وانقطاع من النبيين ‪،‬‬
‫فأقام الله به الميزان ‪ ،‬وأنزل عليه القرآن ‪ ،‬وفرق به الكفر‬
‫والبهتان ‪ ،‬وحطمت به الوثان والصلبان ‪ ،‬للمم رموز يخطئون‬
‫ويصيبون ‪ ،‬ويسدّدون ويغلطون ‪ ،‬لكن رسولنا صلى الله عليه وسلم‬
‫معصوم من الزلل ‪ ،‬محفوظ من الخلل ‪ ،‬سليم من العلل ‪ ،‬عصم‬
‫ن هو إل وحي‬ ‫قلبه من الزيغ والهوى ‪ ،‬فما ضل أبدا ً وما غوى ‪( ،‬إ ْ‬
‫يوحى) ‪.‬‬
‫للشعوب قادات لكنهم ليسوا بمعصومين ‪ ،‬ولهم سادات لكنهم‬
‫ليسوا بالنبوة موسومين ‪ ،‬أما قائدنا وسيدنا فمعصوم من‬
‫النحراف ‪ ،‬محفوف بالعناية واللطاف ‪.‬‬

‫‪558‬‬
‫قصارى ما يطلبه سادات الدنيا قصور مشيدة ‪ ،‬وعساكر ترفع الولء‬
‫مؤيدة‪ ،‬وخيول مسومة في ملكهم مقيدة ‪ ،‬وقناطير مقنطرة في‬
‫خزائنهم مخلدة ‪ ،‬وخدم في راحتهم معبدة‪.‬‬
‫مد عليه الصلة والسلم فغاية مطلوبه ‪ ،‬ونهاية مرغوبه ‪ ،‬أن‬ ‫أما مح ّ‬
‫يُعبد الله فل يُشرك معه أحد ‪ ،‬لنه فرد صمد (لم يلد ولم يولد ‪ ،‬ولم‬
‫يكن له كفوا ً أحد) ‪.‬‬
‫يسكن بيتا ً من الطين ‪ ،‬وأتباعه يجتاحون قصور كسرى وقيصر‬
‫فاتحين ‪ ،‬يلبس القميص المرقوع ‪ ،‬ويربط على بطنه حجرين من‬
‫الجوع ‪ ،‬والمدائن تُفتَح بدعوته ‪ ،‬والخزائن تُقسم لمته ‪.‬‬
‫إن البرية يوم مبعث أحمد ٍ *** نظر الله لها فبدّل حالها‬
‫بل كَّرم النسان حين اختار من *** خير البرية نجمها وهللها‬
‫سرت أغللها‬ ‫لبس المرقع وهو قائد أمةٍ *** جبت الكنوز وك َّ‬
‫لما رآها الله تمشي نحوه *** ل تبتغي إل رضاه سعى لها‬
‫ماذا أقول في النبي الرسول ؟ هل أقول للبدر حييت يا قمر السماء‬
‫؟ أم أقول للشمس أهل ً يا كاشفة الظلماء ‪ ،‬أم أقول للسحاب‬
‫ت يا حامل الماء ؟‬ ‫سلِم َ‬ ‫َ‬
‫اسلك معه حيثما سلك ‪ ،‬فإن سنته سفينة نوح من ركب فيها نجا‬
‫ومن تخلف عنها هلك ‪ ،‬نزل بُّز رسالته في غار حراء ‪ ،‬وبيع في‬
‫المدينة ‪ ،‬وفصل في بدر ‪ ،‬فلبسه كل مؤمن فيا سعادة من لبس ‪،‬‬
‫ويا خسارة من خلعه فتعس وانتكس ‪ ،‬إذا لم يكن الماء من نهر‬
‫رسالته فل تشرب ‪ ،‬وإذا لم يكن الفرس مسوَّما ً على علمته فل‬
‫تركب ‪ ،‬بلل بن رباح صار باتِّباعه سيدا ً بل نسب ‪ ،‬وماجدا ً بل حسب‬
‫ب‪،‬‬‫‪ ،‬وغنيّا ً بل فضة ول ذهب ‪ ،‬أبو لهب عمه لما عصاه خسر وت َّ‬
‫(سيصلى نارا ً ذات لهب) ‪.‬‬
‫الفرس والروم واليونان إن ذكروا *** فعند ذكرك أسمال على قزم‬
‫ق هائمة *** وأنت لوحك محفوظ من التهمِ‬ ‫مقوا لوحة بالّرِ ِ‬ ‫هم ن َّ‬
‫خلُق عظيم ‪ ،‬وإنك‬ ‫وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ‪ ،‬وإنك لعلى ُ‬
‫ل‪،‬‬‫ل ‪ ،‬وما م َّ‬ ‫ل ‪ ،‬وما غ َّ‬ ‫ل ‪ ،‬وما ز َّ‬
‫ل ‪ ،‬وما ذ َّ‬ ‫لعلى نهج قويم ‪ ،‬ما ض َّ‬
‫ل لن الله هاديه‪ ،‬وجبريل يكلمه ويناديه ‪ ،‬وما ز ّ‬
‫ل‬ ‫ل ‪ ،‬فما ض َّ‬ ‫وما ك َّ‬
‫ل لن النصر حليفه ‪،‬‬ ‫لن العصمة ترعاه ‪ ،‬والله أيده وهداه ‪ ،‬وما ذ ّ‬
‫ل لنه صاحب أمانة ‪ ،‬وصيانة ‪ ،‬وديانة‪ ،‬وما م ّ‬
‫ل‬ ‫والفوز رديفه ‪ ،‬وما غ ّ‬

‫‪559‬‬
‫ل لن له عزيمة ‪ ،‬وهمة‬ ‫شرح له الصدر ‪ ،‬وما ك ّ‬ ‫لنه أُعطي الصبر ‪ ،‬و ُ‬
‫كريمة ‪ ،‬ونفسا ً طاهرة مستقيمة ‪.‬‬
‫كأنك في الكتاب وجدت لءً *** محرمة عليك فل تح ُّ‬
‫ل‬
‫إذا حضر الشتاء فأنت شمس *** وإن حل المصيف فأنت ظ ُّ‬
‫ل‬ ‫ٌ‬
‫صلى الله عليه وسلم ما كان أشرح صدره ‪ ،‬وأرفع ذكره ‪ ،‬وأعظم‬
‫قدره ‪ ،‬وأنفذ أمره ‪ ،‬وأعلى شرفه ‪ ،‬وأربح صفقة من آمن به وعرفه‬
‫عظَم الناء ‪ ،‬وكرم الباء ‪ ،‬فهو محمد الممجد ‪،‬‬ ‫‪ ،‬مع سعة الفناء ‪ ،‬و ِ‬
‫كريم المحتد ‪ ،‬سخي اليد ‪ ،‬كأن اللسنة والقلوب ريضت على حبه ‪،‬‬
‫وأنست بقربه ‪ ،‬فما تنعقد إل على وده ‪ ،‬ول تنطق إل بحمده ‪ ،‬ول‬
‫تسبح إل في بحر مجده ‪.‬‬
‫س‬
‫نور العرارة نوره ونسيمه *** نشر الخزامى في اخضرار ال ِ‬
‫س‬
‫وعليه تاج محبة من ربه *** ما صيغ من ذهب ول من ما ِ‬
‫إن للفطر السليمة ‪ ،‬والقلوب المستقيمة ‪ ،‬حبا ً لمنهاجه ‪ ،‬ورغبة‬
‫عارمة لسلوك فجاجه‪ ،‬فهو القدوة المام ‪ ،‬الذي يهدي به الله من‬
‫سبُل السلم ‪.‬‬ ‫اتبع رضوانه ُ‬
‫َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬عل ّم اللسان الذكر ‪ ،‬والقلب الشكر ‪،‬‬
‫َ‬
‫والجسد الصبر ‪ ،‬والنفس الطهر ‪ ،‬وعل ّم القادة النصاف ‪ ،‬والرعية‬
‫العفاف ‪ ،‬وحبب للناس عيش الكفاف ‪ ،‬صبر على الفقر ‪ ،‬لنه عاش‬
‫فقيرا ‪ ،‬وصبر على جموع الغنى لنه ملك ملكا ً كبيرا ‪ ،‬بُعث بالرسالة‬
‫‪ ،‬وحكم بالعدالة ‪ ،‬وعلّم من الجهالة ‪ ،‬وهدى من الضللة ‪ ،‬ارتقى‬
‫سلّم الفضل حتى‬ ‫في درجات الكمال حتى بلغ الوسيلة ‪ ،‬وصعد في ُ‬
‫حاز كل فضيلة ‪.‬‬
‫أتاك رسول المكرمات مسلما ً *** يريد رسول الله أعظم متقي‬
‫فأقبل يسعى في البساط فما درى *** إلى البحر يسعى أم إلى‬
‫الشمس يرتقي‬
‫هذا هو النور المبارك يا من أبصر ‪ ،‬هذا هو الحجة القائمة يامن‬
‫أدبر ‪ ،‬هذا الذي أنذر وأعذر ‪ ،‬وبشر وحذر ‪ ،‬وسهل ويسر ‪ ،‬كانت‬
‫الشهادة صعبة فسهّلها من أتباعه مصعب ‪ ،‬فصار كل بطل بعده‬
‫إلى حياضه يرغب ‪ ،‬ومن مورده يشرب ‪ ،‬وكان الكذب قبله في كل‬
‫طريق ‪ ،‬فأباده بالصديق ‪ ،‬من طلبه أبو بكر الصديق ‪ ،‬وكان الظلم‬
‫قبل أن يبعث متراكما ً كالسحاب ‪ ،‬فزحزحه بالعدل من تلميذه عمر‬
‫بن الخطاب ‪ ،‬وهو الذي ربى عثمان ذا النورين ‪ ،‬وصاحب البيعتين ‪،‬‬

‫‪560‬‬
‫واليمين والمتصدق بكل ماله مرتين ‪ ،‬وهو إمام علي حيدرة ‪ ،‬فكم‬
‫من كافر عفّره ‪ ،‬وكم من محارب نحره ‪ ،‬وكم من لواء للباطل‬
‫مٌر مستنفرة ‪ ،‬فَّرت من قسوره ‪.‬‬ ‫ح ُ‬
‫كسره ‪ ،‬كأن المشركين أمامه ُ‬
‫إذا كان هذا الجيل أتباع نهجه *** وقد حكموا السادات في البدو‬
‫ضْر‬
‫ح َ‬
‫وال َ‬
‫فقل كيف كان المصطفى وهو رمزهم *** مع نوره ل تذكر‬
‫الشمس والقَمْر‬
‫كانت الدنيا في بلبل الفتنة نائمة ‪ ،‬في خسارة ل تعرف الربح ‪،‬‬
‫ي على الفلح ‪ ،‬فاهتزت‬ ‫وفي اللهو هائمة‪ ،‬فأذ ّن بلل بن رباح ‪ ،‬بح َّ‬
‫القلوب ‪ ،‬بتوحيد علّم الغيوب ‪ ،‬فطارت المهج تطلب الشهادة ‪،‬‬
‫وسبَّحت الرواح في محراب العبادة ‪ ،‬وشهدت المعمورة لهم‬
‫بالسيادة ‪.‬‬
‫ن‬
‫ة *** وكل أرض سوى الزهراء قيعا ُ‬ ‫كل المشارب غير النيل آسن ٌ‬
‫ن‬
‫ل تُنحُر النفس إل عند خيمته *** فالموت فوق بلط الحب رضوا ُ‬
‫أرسله الله على الظلماء كشمس النهار ‪ ،‬وعلى الظمأ كالغيث‬
‫المدرار ‪ ،‬فهّز بسيوفه رؤوس المشركين هّزا ً ‪ ،‬لن في الرؤوس‬
‫مسامير اللت والعَُّزى ‪ ،‬عظمت بدعوته المنن ‪ ،‬فإرساله إلينا أعظم‬
‫منّة ‪ ،‬وأحيا الله برسالته السنن ‪ ،‬فأعظم طريق للنجاة إتباع تلك‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫السنة ‪ .‬تعل ّم اليهود العلم فعط ّلوه عن العمل ‪ ،‬ووقعوا في الزيغ‬
‫والزلل ‪ ،‬وعمل النصارى بضلل ‪ ،‬فعملهم عليهم وبال ‪ ،‬وبعث عليه‬
‫الصلة والسلم بالعلم المفيد ‪ ،‬والعلم الصالح الرشيد‬
‫ً‬
‫أخوك عيسى دعا ميْتا فقام له *** وأنت أحييت أجيال ً من الرممِ‬
‫بهم‬
‫ِ‬ ‫قحطان عدنان حازوا منك عّزتهم *** بك التشرف للتاريخ ل‬
‫كتبه الشيخ الداعية ‪/‬‬
‫د‪ .‬عائض القرني‬
‫المقال من مكتب الشيخ عائض خاص بحملة مليار مع محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪...‬‬
‫===========================‬
‫بشارات‬

‫‪561‬‬
‫د‪ .‬محمد بن عبد الله السحيم‬
‫‪--------------------‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬رؤيا رآها يعقوب عليه السلم في منامه‪ ،‬وذلك أنه‬
‫رأى سلما ً منصوبا ً من الرض إلى السماء‪ ،‬وله خمس درجات‪ ،‬ورأى‬
‫في منامه أمة عظيمة صاعدة في ذلك الدرج والملئكة يعضدونهم‪،‬‬
‫وأبواب السماء مفتوحة فتجلى له ربه قائلً‪ :‬يا يعقوب أنا معك‬
‫أسمع وأرى‪ ،‬تمن يا يعقوب‪ .‬فقال‪ :‬يا رب من أولئك الصاعدون في‬
‫ذلك الدرج ؟ فقال الله له‪ :‬هم ذرية إسماعيل‪ .‬فقال يا رب بماذا‬
‫وصلوا إليك ؟ فقال‪ :‬بخمس صلوات فرضتهن عليهم في اليوم‬
‫والليلة فقبلوهن وعملوا بهن فلما استيقظ يعقوب من منامه فرض‬
‫على ذريته الخمس الصلوات‪ ،‬ولم يكن الله سبحانه وتعالى قد‬
‫فرض على بني إسرائيل صلة في التوراة إل القرابين يقربونها‪ ،‬وما‬
‫زالت بنو إسرائيل وعلماؤهم يصلون الصلوات الخمس إتباعا ً لسنة‬
‫جدهم يعقوب عليه السلم‪ ،‬ولم تزل أنبياء بني إسرائيل عليهم‬
‫السلم يبشرون بظهور محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ويتمنون أن‬
‫يكونوا في زمانه‪.‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬أن يعقوب عليه السلم لما دنت وفاته جمع أولده‬
‫ي أقول لكم ما يظهر آخر الزمان‪ .‬فلما‬ ‫وقال لهم‪( :‬تقربوا إل ّ‬
‫اجتمعوا قال لهم‪ :‬ما تعبدون من بعدي ؟ قالوا نعبد إلهك وإله آبائك‬
‫إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها ً واحداً‪ ،‬قال السكندراني‪( :‬ولم‬
‫يوجد في التوراة أنه ذ ُكر شيء مما وعد به‪ ،‬بل مكتوب في التوراة‬
‫أنه دعا لهم وتوفى‪ ،‬علم من ذلك أنهم محوا اسم النبي محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم من هذه الية‪.‬‬
‫قلت‪ :‬إن الله صرفهم عن محو اسم النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫من وصية يعقوب‪ ،‬ففي هذا الصحاح وبعد هذه الفقرة بفقرات‬
‫يسيرة يرد إخبار يعقوب لبنائه بما سيكون في آخر الزمان‪ ،‬وقد‬
‫بقى هذا الخبار إلى الن يحمل بعض ألفاظه العبرية‪ ،‬وهو قول‬
‫يعقوب عليه السلم‪( :‬ل يزول صولجان من يهوذا أو مشّرع ٌ من بين‬
‫ن الله‬
‫قدميه حتى يأتي شيلوه‪ ،‬ويكون له خضوع الشعوب)‪ ،‬وقد م ّ‬
‫على المهتدي عبد الحد داود فكشف اللثام عن هذه الوصية‪ ،‬وفي‬
‫السطر التالية اقتبس بعض استدللته واستنتاجاته على أن هذه‬

‫‪562‬‬
‫البشارة خاصة برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وهذه‬
‫الستدللت هي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن كلمة "شيلوه" كلمة فريدة في العهد القديم‪ ،‬ول تكرر في أي‬
‫مكان آخر في العهد القديم‪.‬‬
‫‪ .2‬أن كلمة شيلوه تتكون من أربعة أحرف عبرية هي‪" :‬شين"‪،‬‬
‫"يود"‪" ،‬لميد"‪" ،‬وهي"‪ ،‬وتوجد بلدة اسمها شيلوه ولكن ل يوجد‬
‫فيها حرف "يود"‪ ،‬ولذلك ل يمكن أن يكون السم مطابقا أو مشيراً‬
‫للبلدة‪ ،‬إذا ً فالكلمة حيثما وجدت تشير إلى شخص وليس إلى مكان‪.‬‬
‫‪ .3‬أن هذه العبارة اشتملت على ضمير لغير العاقل‪ ،‬وقد يشير إلى‬
‫القضيب أو الصولجان‪ ،‬أو المشرع بصورة منفصلة أو مجتمعة‪،‬‬
‫وربما يشير للطاعة‪ ،‬وعليه فإن معنى العبارة‪( :‬إن الطابع الملكي‬
‫المتنبي لن ينقطع من يهوذا إلى أن يجئ الشخص الذي يخصه هذا‬
‫الطابع‪ ،‬ويكون له خضوع الشعوب)‪.‬‬
‫‪ .4‬بعد أن أورد بعض تحولت الترجمة لهذه الكلمة بين العبرية‬
‫والسريانية قال‪ :‬يمكن أن تقرأ هذه العبارة بالصورة التالية‪( :‬حتى‬
‫يأتي الشخص الذي تخصه‪)..‬‬
‫‪ .5‬أن الكلمة "شيلوه" مشتقة من الفعل العبري "شله" وهي تعني‬
‫المسالم والهاي والوديع والموثوق‪.‬‬
‫‪ .6‬من المحتمل أنه تم على هذه العبارة تحريف متعمد فتكون‬
‫"شالوه" فحينئذ يكون معناها "شيلوح" وهذه العبارة مرادفة لكلمة‬
‫"رسول ياه" وهو نفس اللقب الموصوف به محمد صلى الله عليه‬
‫وسلم "وشيلواح إلوهيم" تعني‪ :‬رسول الله‪.‬‬
‫‪ .7‬ل يمكن أن تنطبق هذه البشارة على المسيح حتى لو آمن اليهود‬
‫بنبوته‪ ،‬لنه ل توجد أي من العلمات أو الخصائص التي توقعها اليهود‬
‫في هذا النبي المنتظر في المسيح عليه السلم‪ ،‬فاليهود كانوا‬
‫ينتظرون مسيحا ً له سيف وسلطة‪ ،‬كما أن المسيح رفض هذه‬
‫الفكرة القائلة بأنه هو المسيح المنتظر الذي تنتظره اليهود‪.‬‬
‫‪ .8‬أن هذه النبوة قد تحققت حرفيا وعمليا ً في محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فالتعابير المجازية "الصولجان" و "المشرع" قد أجمع‬
‫الشراح المعلقون على أن معناها السلطة الملكية والنبوة‪ .‬وهذا‬
‫يعني علميا ً أنه صاحب الصولجان والشريعة‪ ،‬أو الذي يملك حق‬
‫التشريع وتخضع له الشعوب‪.‬‬

‫‪563‬‬
‫‪ .9‬ل يمكن أن تنطبق هذه البشارة في حق موسى‪ ،‬لنه أول منظم‬
‫لسباط بني إسرائيل‪ ،‬ول في حق داود‪ ،‬لنه أول ملك فيهم‪.‬‬
‫‪ .10‬لو تم تفسير "شيلوه" بـ "شال" الرامية فهي تعني‪ :‬هادي‬
‫ومسالم وأمين‪ ،‬وهذا يتفق مع تفسير "شله" العبرية‪ .‬وقد كان‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم قبل الرسالة هو المين‪ ،‬وهو محل‬
‫الثقة‪ ،‬وهو المسالم الهادي الصادق‪ .‬وبعد هذه المحاولت التفسيرية‬
‫والترجمة ينتقل المهتدي عبد الحد إلى إلزام الخصم بهذه النبوة‬
‫ومدلولتها وهي ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن الصولجان والمشرع سيظلن في سبط يهوذا طالما أن‬
‫شيلوه لم يظهر‪.‬‬
‫‪ .2‬بموجب ادعاء اليهود في هذا "الشيلوه" فإن شيلوه لم يظهر‪،‬‬
‫وأن الصولجان الملكي والخلفة تخصان ذلك السبط‪ ،‬وقد انقرضنا‬
‫منذ أكثر من ثلثة عشر قرناً‪.‬‬
‫‪ .3‬أن سبط يهوذا اختفى مع سلطته الملكية وشقيقتها الخلفة‬
‫النبوية‪ ،‬ومن الشروط الساسية لظهور "الشيلوه" إبقاء السبط‬
‫على وجه الرض يعيض في أرض آبائه‪ ،‬أو في مكان آخر بصورة‬
‫جماعية‪.‬‬
‫‪ .4‬اليهود مضطرون أن يقبلوا واحدا ً من الخيارين‪ :‬إما التسليم بأن‬
‫"شيلوه" قد جاء من قبل‪ ،‬وأن أجدادهم لم يتعرفوا عليه‪ .‬أو أن‬
‫يتقبلوا أن سبط يهوذا لم يعد موجوداً‪ ،‬وهو السبط الذي ينحدر منه‬
‫"شيلوه"‪.‬‬
‫‪ .5‬أن النص يتضمن بصورة واضحة ومعاكسة جدا ً للعتقاد اليهودي‬
‫والنصراني – أن "شيلوه" غريب تماما ً على سبط يهوذا وبقية‬
‫السباط‪ ،‬لن النبوة تدل على أنه عندما يجيء "شيلوه" فإن‬
‫الصولجان والمشرع سوف يختفيان من سبط يهوذا‪ ،‬وهذا ل يتحقق‬
‫إل إذا كان "شيلوه" غريبا ً عن يهوذا‪ ،‬فإن كان "شيلوه" منحدرا ً من‬
‫يهوذا فكيف ينقطع هذان العنصران من ذلك السبط‪ ،‬ول يمكن أن‬
‫يكون "شيلوه" منحدرا ً من أي سبط آخر‪ ،‬لن الصولجان والمشرع‬
‫كانا لمصلحة إسرائيل كلها‪ ،‬وليس لمصلحة سبط واحد‪ .‬وهذه‬
‫الملحظة الخيرة تقضي على الدعاء النصراني في أن المسيح هو‬
‫"شيلوه"‪ ،‬لن المسيح منحدر من يهوذا من جهة أمه‪.‬‬

‫‪564‬‬
‫وقد أورد هذه البشارة النجار وقال إن المعنى‪ :‬أن النبوة تبقى في‬
‫سبط يهوذا – أكبر أولد سيدنا يعقوب – حتى يأتي "شيلون" أي‬
‫السلم‪ ،‬وتخضع له المم‪.‬‬
‫أول ً ‪ :‬بشارة سفر العدد‪ :‬ما ورد في قصة بلعام بن باعوراء أنه قال‪:‬‬
‫(انظروا كوكبا ً قد ظهر من آل إسماعيل‪ ،‬وعضده سبط من العرب‪،‬‬
‫ولظهوره تزلزلت الرض ومن عليها) وقال المهتدي السكندراني‪:‬‬
‫(ولم يظهر من نسل إسماعيل إل محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وما‬
‫تزلزلت الرض إل لظهوره صلى الله عليه وسلم‪ .‬حقا إنه كوكب آل‬
‫إسماعيل‪ ،‬وهو الذي تغير الكون لمبعثه صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فقد‬
‫حرست السماء من استراق السمع‪ ،‬وانطفأت نيران فارس‪،‬‬
‫وسقطت أصنام بابل‪ ،‬ودكت عروش الظلم على أيدي أتباعه‪.‬‬
‫وقد حرف هذا النص في الطبعات المحدثة إلى‪( :‬يبرز كوكب من‬
‫يعقوب‪ ،‬ويقوم قضيب من إسرائيل‪ ،‬فيحطم موآب‪ ،‬ويهلك من‬
‫الوغى)‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬بشارات سفر التثنية‪:‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬لما هُزمت جيوش بني إسرائيل أمام العمالقة‪،‬‬
‫توسل موسى إلى الله سبحانه وتعالى مستشفعا ً بمحمد صلى الله‬
‫عليه وسلم قائلً‪( :‬اذكر عهد إبراهيم الذي وعدته به من نسل‬
‫إسماعيل أن تنصر جيوش المؤمنين‪ ،‬فأجاب الله دعاءه ونصر بني‬
‫إسرائيل على العمالقة ببركات محمد صلى الله عليه وسلم) وقد‬
‫استبدل هذا النص بالعبارات التالية‪( :‬اذكر عبيدك إبراهيم وإسحاق‬
‫ويعقوب‪ ،‬ول تلتفت إلى غلظة هذا الشعب وإثمه وخطيئته) ول‬
‫يمكن أن يكون هذا الدعاء – الذي في النص الول – قد صدر من‬
‫موسى عليه السلم ‪ ،‬لنه ينافي كمال التوحيد‪.‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬في الفصل الحادي عشر أن موسى قال لبني‬
‫إسرائيل‪( :‬إن الرب إلهكم يقيم نبيا ً مثلي من بينكم‪ ،‬ومن إخوتكم‬
‫فاسمعوا له) وقد ورد في هذا الصحاح ما يؤكد هذا القول ويوضحه‪،‬‬
‫وهو ما ورد في التوراة أن الله قال لموسى‪( :‬إني مقيم لهم نبياً‬
‫مثلك من بين إخوتهم‪ ،‬وأيما رجل لم يسمع كلماتي التي يؤديها ذلك‬
‫الرجل باسمي أنا أنتقم منه) وتكاد أن تكون هذه البشارة محل‬
‫إجماع من كل من كتب في هذا الجانب‪ ،‬وقد بين هؤلء المهتدون‬
‫كيف تنطبق هذه البشارة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من‬
‫خلل الوجوه التالية‪:‬‬

‫‪565‬‬
‫‪ .1‬اليهود مجمعون على أن جميع النبياء الذين كانوا في بني‬
‫إسرائيل من بعد موسى لم يكن فيهم مثله‪ .‬والمراد بالمثلية هنا أن‬
‫يأتي بشرع خاص تتبعه عليه المم من بعده‪ ،‬وهذه صفة نبينا محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬لنه من إخوتهم العرب‪ ،‬وقد جاء بشريعة‬
‫ناسخة لجميع الشرائع السابقة‪ ،‬وتبعته المم عليها‪ ،‬فهو كموسى‪،‬‬
‫هذا فضل ً عن أن لفظه (من بينهم) الواردة في البشارة قد أكدت‬
‫وحددت الشخص المراد‪.‬‬
‫‪ .2‬هذا النص يدل على أن النبي الذي يقيمه الله لبني إسرائيل ليس‬
‫من نسلهم‪ ،‬ولكنه من إخوتهم‪ ،‬وكل نبي بعث من بعد موس كان‬
‫من بني إسرائيل وآخرهم عيسى عليه السلم‪ ،‬فلم يبق رسول من‬
‫إخوتهم سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .3‬أن إسماعيل وذريته كانوا يسمون إخوة لبني إبراهيم عليه‬
‫السلم‪ ،‬لن الله قال في التوراة لهاجر – حسب رواية العهد القديم‬
‫– عن ابنها إسماعيل‪( :‬بأنه قبالة إخوته ينصب المضارب) كما دعى‬
‫إسحاق وذريته إخوة لسماعيل وذريته‪.‬‬
‫‪ .4‬أن في هذه الية إشارة خفية غير صريحة‪ ،‬فائقة الحكمة‪ ،‬لن‬
‫موسى لو كان قصد بالنبي الموعود أنه من بني إسرائيل‪ ،‬لكان‬
‫ينبغي أن يقول بدل من (من إخوتكم)‪ :‬منكم‪ ،‬أو من نسلكم‪ ،‬أو من‬
‫أسباطكم‪ ،‬أو من خلفكم‪ ،‬وبما أنه ترك هذا اليضاح‪ ،‬علمنا أنه قصد‬
‫بهذه الشارة أنه من بني إسماعيل المباينين لهم‪.‬‬
‫‪ .5‬إشتمل هذا النص على مفردة كافية للتدليل على أن هذه النبوة‬
‫خاصة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهي قوله‪" :‬انتقم منه"‪.‬‬
‫وفي بعض الترجمات (وكل نفس ل تسمع لذلك النبي وتطيعه‬
‫تستأصل)‪ .‬فهي تدل على أن من ل يسمع له ويطعه ينتقم منه‬
‫ويستأصل‪ .‬وهذا ينطبق تماما ً مع حال المخالفين لرسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬ول يمكن أن تنطبق على عيسى عليه السلم‬
‫الذي طارده وحاربه اليهود‪ ،‬ولم يقع عليهم النتقام منه أو من‬
‫أتباعه‪ ،‬وهذه المفردة كافية للتدليل على صدقها على نبينا محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫البشارة الثالثة‪ :‬جاء في الفصل العشرين‪( :‬أن الرب جاء من طور‬
‫سينين‪ ،‬وطلع لنا من ساعير‪ ،‬وظهر من جبل فاران‪ ،‬ومعه عن يمينه‬
‫ربوات القديسين فمنحهم العز‪ ،‬وحببهم إلى الشعوب‪ ،‬ودعا بجميع‬

‫‪566‬‬
‫قديسيه بالبركة) وهذه البشارة كالتي قبلها كادت أن تكون محل‬
‫إجماع وقبول ممن كتب في هذا الجانب‪.‬‬
‫وفاران هي مكة وأرض الحجاز‪ ،‬وقد سكنها إسماعيل‪ ،‬ونصت على‬
‫ذلك التوراة (وأقام في برية فاران‪ ،‬وأنكحته أمه امرأة من أرض‬
‫مصر) وإذا كانت التوراة أشارت إلى نبوة تنزل على جبل فاران لزم‬
‫أن تلك النبوة على آل إسماعيل‪ ،‬لنهم سكان فاران‪.‬‬
‫أما من توهم أن فاران الواردة في هذه البشارة هي التي بقرب‬
‫جبل سيناء – فليس ظنه صحيحاً‪ ،‬لن فاران تلك هي برية فاران كما‬
‫أفادت عنها التوراة‪ .‬وهنا ذكر جيلً‪ .‬ودعيت تلك فاران بسبب أنها‬
‫ظليلة من الشجار‪ .‬ولفظة فاران عبرية تحتمل الوجهين‪ ،‬فإذا‬
‫ذكرت البرية لزم أنها ظليلة‪ ،‬وإن ذكر الجبل ينبغي أن يفهم بأنه‬
‫جبل ذو غار‪ ،‬وفي هذه البشارة ذكر جبل فعلم أنه جبل فاران الذي‬
‫فيه المغارة‪ .‬كما أن لفظة فاران مشتقه من فاري بالعبرية‬
‫وعربيتها‪ :‬المتجمل‪ .‬أي المتجمل بوجود بيت الله‪ .‬وهذه الجبال قد‬
‫تجملت ببيت الله‪.‬‬
‫ومعنى جاء الرب‪ :‬أي ظهر دينه ودعي إلى توحيده‪ .‬كما أن لفظة‬
‫"رب" هنا تقع على موسى وعيسى ومحمد وهي مستعملة بهذا‬
‫الطلق في اللغة السريانية والعربية فتقول العرب رب البيت‬
‫بمعنى صاحب البيت ويقول السريان لمن أرادوا تفخيمه "مار" ومار‬
‫بالسريانية هو الرب‪.‬‬
‫وقد أورد المهتدي السكندراني هذه البشارة باللغة العبرية ثم‬
‫ترجمها إلى اللغة العربية ونص ترجمته هكذا‪( :‬جاء الله من سيناء‬
‫وأشرق من ساعير‪ ،‬واستعلن من جبال فاران‪ ،‬وظهر من ربوات‬
‫قدسه عن يمينه نور وعن شماله نار‪ ،‬إليه تجتمع المم‪ ،‬وعليه‬
‫تجتمع الشعوب) وقال‪( :‬إن علماء بني إسرائيل الشارحين للتوراة‬
‫شرحوا ذلك وفسروه بأن النار هي سيف محمد القاهر‪ ،‬والنور هي‬
‫شريعته الهادية صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد يقول قائل‪ :‬إن موسى تكلم بهذه البشارة بصيغة الماضي فل‬
‫تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬والجواب أن من عادة‬
‫الكتب اللهية أن تستعمل الماضي في معنى المستقبل‪ ،‬ألم تر أنه‬
‫أخبر عن عيسى في هذه البشارة كذلك بصيغة الماضي‪ ،‬فإن قبلت‬
‫هذه البشارة في حق عيسى فهي في حق محمد ادعى للقبول‪.‬‬

‫‪567‬‬
‫وفي الشارة إلى هذه الماكن الثلثة التي كانت مقام نبوة هؤلء‬
‫النبياء ما يقتضي للعقلء أن يبحثوا عن المعنى المراد منه المؤدي‬
‫به إلى إتباع دينهم‪ .‬وقد ربط المهتدي إبراهيم خليل بين هذه‬
‫البشارة وبين صدر سورة التين واستنتج منه تطابقا ً كامل ً في‬
‫الوسيلة والتعبير‪.‬‬
‫البشارة الرابعة‪ :‬لما بعث المسيح عليه السلم إلى بني إسرائيل‪،‬‬
‫وأظهر لهم المعجزات‪ ،‬نهض إليه عالم من علمائهم يقال له‬
‫شمعون بلقيش وقال له‪( :‬ل نؤمن بك ول نسلم لك فيما ادعيته‪ ،‬ول‬
‫فيما أتيت به‪ ،‬لن موسى عليه السلم أخبرنا في شريعته عن الله‬
‫عز وجل أن النبي المبعوث في آخر الزمان هو من نسل إسماعيل‪،‬‬
‫وأنت من بني إسرائيل‪ .‬واستدل على ذلك بقول موسى في‬
‫التوراة‪( :‬ل يقوم في بني إسرائيل مثل موسى) وأفتوا بقتل عيسى‬
‫عليه السلم‪ .‬وعيسى لم يدع أنه مثل موسى‪ ،‬وإنما دعاهم إلى‬
‫عبادة الله وحده‪ ،‬والعمل والتصديق بما في التوراة‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬بشارة اليأس‪:‬‬
‫ذكر المهتدي السكندراني أنه جاء في صحف إلياس عليه السلم‬
‫أنه خرج في سياحته وصحبه سبعون رجلً‪ ،‬فلما رأى العرب بأرض‬
‫الحجاز قال لمن معه‪ :‬انظروا هؤلء الذين يملكون حصونكم‬
‫العظيمة فقالوا‪ :‬يا نبي الله ! ما الذي يكون معبودهم ؟ فقال عليه‬
‫السلم‪ :‬يوحدون الله تبارك وتعالى فوق كل منبر عال‪ ،‬فقال له‬
‫أتباعه يا نبي الله ! من يدلهم على ذلك ؟ فقال‪ :‬ولد يولد من نسل‬
‫إسماعيل‪ ،‬اسمه مقرون باسم الله‪ ،‬حيث يذكر اسم الله تعالى‬
‫يذكر اسمه‪ .‬قال المهتدي السكندراني‪ :‬ولم يكن ذلك إل لمحمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬بشارات المزامير‪:‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬قول داود عليه السلم في المزمور الخامس‬
‫والربعين‪( :‬من أجل هذا بارك الله عليك إلى البد فتقلد السيف أيها‬
‫الجبار‪ ،‬لن بهاءك وحمدك البهاء الغالب‪ ،‬وأركب كلمة الحق‪،‬‬
‫وسميت التأله‪ ،‬فإن ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك‪،‬‬
‫وسهامك مسنونه‪ ،‬والمم يخرون تحتك) وقد أورد هذه البشارة‬
‫المهتدي الشيخ زيادة في البحث الصريح بصورة أطول من هذه‪،‬‬
‫وكل الصفات الواردة في كل النصين تنطبق تماما ً على سيدنا محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫‪568‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قول داود عليه السلم في المزمور الثامن‬
‫والربعين‪( :‬إن ربنا عظيم محمود جداً‪ ،‬وفي قرية إلهنا وفي جبله‬
‫قدوس ومحمد‪ ،‬وعمت الرض كلها فرحا) فقد صرح وأبان عن‬
‫اسمه‪ ،‬وذكر مبعثه وهي أم القرى‪ ،‬ووصف حال الكون بعد مبعثه‬
‫وهو الستبشار والفرح‪ ،‬ألم تتلق الشعوب المغلوبة على أمرها‬
‫جنوده بالفرح والستبشار كما هو مدون في كتب السير والتأريخ‪.‬‬
‫وقد حرف هذا النص في الطبعة التي بين يدي إلى‪( :‬عظيم هو‬
‫الرب وحميد جدا ً في مدينة إلهنا قدسه) وقد يتضح القصد من إبدال‬
‫القرية بالمدينة‪ ،‬حتى تنطبق هذه البشارة على أنبياء بني إسرائيل‬
‫المبعوثين في مدنهم‪ .‬وقد أعماهم الله عن تحريف الجزء الول منه‬
‫فلله الحمد والمنة‪.‬‬
‫البشارة الثالثة‪ :‬قول داود عليه السلم في المزمور الخمسين‪( :‬إن‬
‫الله صهيون إكليل ً محموداً‪ ،‬فالله يأتي ول يهمل‪ ،‬وتحرق النيران بين‬
‫يديه‪ ،‬وتضطرم حواليه اضطراماً) وقال المهتدي الطبري تعليقا ً على‬
‫هذه البشارة‪( :‬أفما ترون أنه ل يخلى داود عليه السلم شيئا ً من‬
‫نبواته من ذكر محمد أو محمود‪ ،‬كما تقرءون‪ ،‬ومعنى قوله إكليلً‬
‫محموداً‪ :‬أي أنه رأس وإمام محمد محمود‪ ،‬ومعنى محمد ومحمود‬
‫وحميد شيء واحد في اللغة‪ ،‬وإنما ضرب بالكليل مثل ً للربانية‬
‫والمامية) وقد حرف هذا النص إلى‪( :‬من صهيون كمال الجمال الله‬
‫أشرق‪ ،‬يأتي إلهنا ول يصمت)‪.‬‬
‫البشارة الرابعة‪ :‬قول داود في المزمور الثاني والسبعين‪( :‬إنه يجوز‬
‫من البحر إلى البحر‪ ،‬ومن لدن النهار إلى منقطع الرض‪ ،‬وأنه يخر‬
‫أهل الجزائر بين يديه على ركبهم‪ ،‬وتلحس أعداؤه التراب‪ ،‬تأتيه‬
‫ملوك تاريس والجزائر بالقرابين‪ ،‬وتقّرب إليه ملوك سابا القرابين‪،‬‬
‫وتسجد له الملوك كلهم‪ ،‬وتدين له المم كلها بالطاعة والنقياد‪ ،‬لنه‬
‫يخلص المضطهد البائس ممن هو أقوى منه‪ ،‬ويفتقد الضعيف الذي‬
‫ل ناصر له‪ ،‬ويرأف بالضعفاء والمساكين‪ ،‬وينجي أنفسهم من الضر‬
‫والضيم‪ ،‬وتعز عليه دماؤهم‪ ،‬وأنه يبقى ويعطى من ذهب سبأ‪،‬‬
‫ويصلى عليه في كل وقت‪ ،‬ويبارك عليه كل يوم مثل الزروع‬
‫الكثيرة على وجه الرض‪ ،‬ويطلع ثماره على رؤوس الجبال‪ ،‬كالتي‬
‫تطلع من لبنان‪ ،‬وينبت في مدينته مثل عشب الرض‪ ،‬ويدوم ذكره‬
‫إلى البد‪ ،‬وأن اسمه لموجود قبل الشمس‪ ،‬فالمم كلهم يتبكون به‪،‬‬
‫وكلهم يحمدونه) وقال المهتدي الطبري‪( :‬ول نعلم أحدا ً يصلى عليه‬
‫في كل وقت غير محمد صلى الله عليه وسلم) وغني هذا النص عن‬

‫‪569‬‬
‫زيادة تعليق أو شرح‪ ،‬فلم تتحقق هذه الصفات متكاملة لنبي أو‬
‫ملك قبل محمد صلى الله عليه وسلم مثل ما تحققت له‪ ،‬وبمقارنة‬
‫سريعة بين اليات التي سأوردها وهذا النص يتضح التماثل التام‬
‫بينهما‪ ،‬قال تعالى‪( :‬لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما‬
‫عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) وقال عز وجل‪( :‬محمد‬
‫رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا‬
‫سجدا ً يبتغون فضل ً من الله ورضوانا ً سيماهم في وجوههم من أثر‬
‫السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في النجيل كزرع أخرج‬
‫شطأة فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ‬
‫بهم الكفار)‪.‬‬
‫وقد تضمن المزمور الذي وردت فيه هذه البشارة بعض اللفاظ‬
‫التي ل تزال مشرقة وشاهدة وهي قول داود‪( :‬ويشرق في أيامه‬
‫الصديق وكثرة السلم إلى أن يضمحل القمر) وهذا اللفظ يقع‬
‫مباشرة قبل قوله‪( :‬إنه يجوز من البحر إلى البحر‪ )..‬ولنفاسه هذا‬
‫ضبطت لفظة "الصديق" بالشكل الذي‬ ‫اللفظ أحببت إيراده‪ .‬وقد ُ‬
‫نقلته‪ ،‬فهل بعد هذا اليضاح يبقى إشكال لذي عقل؟ وقد ذكر‬
‫صاحبه الصديق رضي الله عنه‪ ،‬وذكر سنة من سنن دينه وهي كثرة‬
‫السلم إلى أن يضمحل القمر‪ ،‬واضمحلل القمر تعبير عن الساعة‬
‫يشهد له أول سورة التكوير والنفطار‪ ،‬وقد أخبر النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أن من علمات الساعة أن يكون السلم على الخاصة‪.‬‬
‫البشارة الخامسة‪ :‬قال داود في المزمور الحادي عشر بعد المائة‪:‬‬
‫(قال يهوه لسيدي‪ :‬اجلس على يميني إلى أن أجعل أعداءك مسنداً‬
‫لقدميك) ويبرر المهتدي عبد الحد داود إطلق داود عليه السلم‬
‫لهذا الوصف "سيدي" بما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن داود كان ملكا ً قوياً‪ ،‬ول يتأتى أن يكون خادما ً لي كائن‬
‫بشري‪.‬‬
‫‪ .2‬ل يمكن أن نتصور أنه كان يعني بهذا اللقب أحد النبياء‬
‫المتوفين‪.‬‬
‫‪ .3‬ل يمكن لداود أن يدعو أحدا ً من سللته "سيدي"‪ ،‬لن اللقب‬
‫المعقول حينئذ سيكون‪ :‬يا بني‪.‬‬
‫‪ .4‬ل يمكن أن يكون المسيح عليه السلم هو الذي عناه داود‬
‫بسيدي‪ ،‬لن المسيح قد استثنى نفسه من هذا اللقب بنص إنجيل‬
‫برنابا‪.‬‬

‫‪570‬‬
‫أما الحجج التي احتج بها عبد الحد على أن الموصوف بـ "سيدي"‬
‫في هذا النص هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في كالتالي‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه أعظم نبي‪ ،‬لنه هو الذي نشر التوحيد‪ ،‬وقضى على الشرك‪،‬‬
‫وطهّر الكعبة من الصنام‪ ،‬وأخرج الناس من الظلمات إلى النور‪ ،‬إذاً‬
‫ليس لداود فحسب‪ ،‬بل سيد النبياء ول فخر‪.‬‬
‫‪ .2‬أن عيسى اعترف أنه لم يكن سيد داود‪ ،‬فلم يبق سوى محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم سيدا ً لداود‪.‬‬
‫‪ .3‬بمقارنة ما قدمه محمد صلى الله عليه وسلم للبشرية مع ما‬
‫قدمه كافة النبياء‪ ،‬نخرج بنتيجة تفرض نفسها وهي أن محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم وحده هو الذي يستحق هذا اللقب المميز‪.‬‬
‫‪ .4‬تفوقه صلى الله عليه وسلم في التنديد بالشرك والوثنية‬
‫وبالثالوث النصراني‪.‬‬
‫‪ .5‬أن هذا التشريف قد تم ليلة المعراج‪.‬‬
‫البشارة السادسة‪ :‬قول داود عليه السلم في المزمور التاسع‬
‫والربعين بعد المائة‪( :‬من أجل أن الرب أتاح لشعبه وتطول على‬
‫المساكين بالخلص‪ ،‬فليتعزز البرار بالكرامة‪ ،‬ويسبحونه على‬
‫مضاجعهم‪ ،‬ويكرمون الله بحناجرهم‪ ،‬لن في أيديهم السيف ذا‬
‫الشفرتين للنتقام من الشعوب وتوبيخ المم‪ ،‬وإثقال ملوكهم‬
‫بالقيود‪ ،‬وعليّتهم ومكّرميهم بالسلسل‪ ،‬ليحملهم على القَدَر‬
‫المكتوب المبرم‪ ،‬فالحمد لجميع أبراره) ألم تحقق هذه النبوة في‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه؟ ألم يقل الحق عنهم‪( :‬الذين‬
‫يذكرون الله قياما ً وقعودا ً وعلى جنوبهم) أما قوله‪ :‬ويكرمون الله‬
‫بحناجرهم‪ .‬فهذا من أخص خصائص هذه المة‪ ،‬وهو الذان والقامة‬
‫والتكبير والتسبيح والذكر‪ .‬وقال المهتدي الطبري معلقا ً على هذه‬
‫البشارة‪( :‬أما ترون – يهديكم الله – هذه الصفات خالصة للنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ولمته ؟ فهو الذي معه السيف ذو الشفرتين‪،‬‬
‫وهو المنتقم بأمته من جبابرة فارس وطغاة الروم وغيرهم‪ ،‬وهو‬
‫الذي قيّدت أمته الملوك‪ ،‬وساقت جلّتهم وأولدهم في السلسل‬
‫والغلل)‪.‬‬
‫البشارة السابعة‪ :‬قول داود عليه السلم في المزمور الثاني‬
‫والخمسين بعد المائة‪( :‬لترتاح البوادي وقراها‪ ،‬ولتصر أرض قيدار‬
‫مروجاً‪ ،‬وليسبح سكان الكهوف‪ ،‬ويهتفوا من قلل الجبال بحمد‬

‫‪571‬‬
‫الرب‪ ،‬ويذيعوا تسابيحه في الجزائر‪ ،‬لن الرب يجئ كالجبار‪،‬‬
‫كالرجل المجرب المتلظي للتكبر‪ ،‬فهو يزجر ويتجبر‪ ،‬ويقتل أعداءه)‬
‫قال المهتدي الطبري‪( :‬من قيدار؟ إل ولد إسماعيل عليه السلم‪،‬‬
‫وهم سكان الكهوف الذي يحمدون الرب ويذيعون تسابيحه في‬
‫الهواجر والسحار) ولم يختص أبناء إسماعيل بسكنى الكهوف‪ ،‬وإنما‬
‫ذكر في هذه البشارة سكان البوادي والقرى والكهوف وقلل الجبال‬
‫والجزائر إشارة إلى شمول رسالته صلى الله عليه وسلم كافة‬
‫أرجاء المعمورة‪ ،‬ولجميع الماكن الممكنة لسكنى البشر كالبوادي‬
‫والقرى والكهوف والجزائر وقلل الجبال‪ ،‬وليس وراء هذه الماكن‬
‫ما ينفع لقامة البشر فيها واتخاذها مسكناً‪.‬‬
‫البشارة الثامنة‪ :‬قول داود عليه السلم‪( :‬طوبى لكم يا بني‬
‫إسماعيل سيبعث منكم نبي تكون يده عالية على كل المم‪ ،‬وكل‬
‫المم تحت يده) وعلق السكندراني على هذه البشارة بقوله‪( :‬ومن‬
‫المعلوم أن إسماعيل عليه السلم لم يكن ظهر له ملك‪ ،‬ول علت‬
‫يده على إخوته‪ ،‬ول نزل إلى الشام ول سكن‪ ،‬ولم يكن ذلك إل‬
‫لمحمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأمته هم الذين سكنوا بمساكن بني‬
‫إسرائيل بمصر والشام) وهذه البشارة مماثلة للبشارة الولى في‬
‫سفر التكوين – وقد سبق إيرادها في هذا المبحث‪.‬‬
‫البشارة التاسعة‪ :‬قول داود في المزمور‪( :‬عظموا الله يا كل المم‪،‬‬
‫ووحدوا الله يا أهل الرض‪ ،‬سيبعث لكم نبي الرحمة) فهل بعد هذا‬
‫التصريح من تصريح؟ ومن غير محمد صلى الله عليه وسلم نبي‬
‫الرحمة ؟ ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬بشارات إشعياء‪:‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬قول إشعياء في الصحاح الول‪( :‬اسمعي يا‬
‫سموات‪ ،‬وقّري يا أرض‪ ،‬ولماذا تقلقي؟ سيبعث عليك نبي به‬
‫ترحمي) وهذه النبوة توافق النبوة الماضية في مزامير داود عليه‬
‫السلم التي قال فيها‪ :‬سيبعث لكم نبي الرحمة‪.‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قول إشعياء في الفصل الثالث‪( :‬إني رافع آية‬
‫للمم‪ ،‬من بلد بعيد‪ ،‬وأصفر لهم من أقاصي الرض صفيراً‪ ،‬فيأتون‬
‫سراعا ً عجالً‪ ،‬ول يميلون ول يتعثرون ول ينعسون ول ينامون ول‬
‫يحلون مناطقهم‪ ،‬ول ينقطع معقد خفافهم‪ ،‬سهامهم مسنونة‪،‬‬
‫وقسيهم موترة‪ ،‬وحوافر خيلهم كالجلميد صلبة‪ ،‬وعجلهم مسرعة‬
‫مثل الزوابع‪ ،‬وزئيرهم كنهيم الليوث‪ ،‬وكشبل السد الذي يزأر وينهم‬

‫‪572‬‬
‫للفريسة‪ ،‬فل ينجو منهم ناج‪ ،‬ويرهقهم يومئذ مثل دوي البحر‬
‫واصطكاكه‪ ،‬ويرمون بأبصارهم إلى الرض فل يرون إل النكبات‬
‫والظلمات‪ ،‬وينكشف النور عن عجاج جموعهم) وقد استنبط‬
‫المهتدي الشيخ زيادة من هذا النص الدللت التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬هذه البشارة منطبقة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من‬
‫كل وجه‪ ،‬بدليل قوله رابع آية للمم‪ .‬ومحمد صلى الله عليه وسلم‬
‫هو العلمة المرفوعة لسائر المم‪.‬‬
‫‪ .2‬أن قوله‪ :‬من بلد بعيد‪ ،‬إشارة إلى أن هذه العلمة ترفع للمم من‬
‫خارج أرض بني إسرائيل‪ ،‬ويتضح ذلك من قوله بعده‪ :‬من أقاصي‬
‫الرض‪ .‬فكأنه قال‪ :‬إن أقصى أرض إسرائيل هي الرض التي يخرج‬
‫منها ذلك النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .3‬نفى التعب والعياء والنوم عن جيوشه‪ ،‬وإثبات السرعة‪ ،‬برهان‬
‫ظاهر على أن المراد بهذه النبوة محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬لن‬
‫الملئكة كانت تشارك في جيوشه‪ ،‬وهم الذين ل ينامون ول‬
‫يسأمون‪ ..‬كما أن نفي النوم عنه يدل أيضا على نبينا‪ ،‬لنه كان‬
‫يقضي الليل في العبادة والذكر والصلة‪ ،‬حتى تورمت قدماه‪.‬‬
‫‪ .4‬الشهادة لحوافر خيله بأنها مثل الصوان‪ ،‬مطابق لوصف الله لها‬
‫في القرآن بقوله‪( :‬والعاديات ضبحا‪ ،‬فالموريات قدحا) ول يمكن أن‬
‫تنطبق هذه البشارة على عيسى عليه السلم‪ ،‬لنه لم يكن له خيل‪.‬‬
‫ولعل المراد من قوله‪ :‬وأصفر لهم من أقاصي الرض فيأتون سراعاً‬
‫عجالً‪ .‬هو النداء بالحج إلى بيت الله الحرام الوارد في قوله تعالى‪:‬‬
‫(وأذن في الناس بالحج يأتوك رجال وعلى كل ضامر يأتين من كل‬
‫فج عميق)‪ .‬وعبر بالصفير عن النداء والذان‪.‬‬
‫البشارة الثالثة‪ :‬قول إشعياء في الفصل الخامس مفسرا ً ما تقدم‬
‫من نبواته‪( :‬إن المة التي كانت في الظلمات رأت نورا ً باهراً‪،‬‬
‫والذين كانوا في الدجى وتحت ظلل الموت سطع عليهم الضوء‪،‬‬
‫أكثرت من التبع والحزاب‪ ،‬ولم تستكثر بهم‪ ،‬فأما هم فإنهم فرحوا‬
‫بين يديك كمن يفرح يوم الحصاد‪ ،‬وكالذين يفرحون عند اقتسام‬
‫الغنائم‪ ،‬لنك فككت النير الذي كان أذلهم‪ ،‬والعصا التي كانت على‬
‫أكتافهم‪ ،‬وكسرت القضيب الذي كان يستبعد بهم مثل كسرك من‬
‫كسرت في يوم مدين وقال الطبري‪( :‬وذلك شبيه بما وصف الله‬
‫تعالى عن النبي في القرآن وقال إنه يضع عنهم إصرهم والغلل‬
‫التي كانت عليهم)‪.‬‬

‫‪573‬‬
‫وهذا النص يصور حال أمته قبل بعثته‪ ،‬فقد كانت ترتع في ظلمات‬
‫الجهل والشرك‪ ،‬ثم أضاء لها نور الوحدانية فاتبعته‪ ،‬وبعد أن كانت‬
‫أمة مستضعفة‪ ،‬كثر أتباعها‪ ،‬وفرحوا بانضمامهم إليها‪ ،‬وبسبب هذه‬
‫الرسالة رفع الله عنهم استبعاد المم لهم‪ ،‬وانقلبت حالهم فإذا هم‬
‫المسيطرون على بني البشر‪.‬‬
‫البشارة الرابعة‪ :‬قول إشعياء في الفصل الخامس‪( :‬إنه ولد لنا‬
‫مولود‪ ،‬ووهب لنا ابن سلطانه على كتفه) هذا النص عن الترجمة‬
‫السريانية‪ ،‬أما ترجمته عن اللغة العبرية فهو‪( :‬إن على كتفه علمة‬
‫النبوة)‪.‬‬
‫وقد أورد المهتدي الشيخ زيادة هذه البشارة بالنص العبري ثم‬
‫ترجمها إلى اللغة العربية‪ ،‬وكانت بصورة أطول مما ذكره الطبري‬
‫هنا‪ ،‬واستنتج منها الدلة التالية الدالة على نبينا محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن اسمه عجيب‪ ،‬فلم يتسم أحد بهذا السم الشريف من قبل‪.‬‬
‫‪ .2‬أنه من سللة إسماعيل الذي لم يظهر منهم سواه‪.‬‬
‫‪ .3‬أن لفظه "عجيباً" التي تضمنتها البشارة قد وجدت في التوراة‬
‫اليونانية "رسولً" وهو السم المتغلب عليه صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .4‬هذه النبوة تضمنت أن إشعياء سماه "مشاوراً"‪ ،‬ولم يكن أحد‬
‫أكثر منه مشاورة لصحابه صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .5‬أن إشعياء قال عنه‪" :‬سيد سلم"‪ ،‬وهذا يدل على أنه رئيس‬
‫السلم والمسلمين‪ ،‬وخاتم النبياء والمرسلين‪ .‬ول تنطبق هذه‬
‫الوصاف على عيسى عليه السلم‪ ،‬لنه ل توجد على كتفه علمة‬
‫النبوة‪ ،‬ولم يكن اسمه عجيبا ً فقد سبقه من تسمى بمثل اسمه‪ ،‬ولم‬
‫يأت بشريعة مستقلة‪.‬‬
‫والمقصود بهذه البشارة الشارة إلى خاتم النبوة الذي كان على‬
‫كتفه الشريف‪ ،‬وقد استفاضت كتب السنة والسيرة والدلئل بذكر‬
‫خبره وصفته‪ ،‬وكذلك القصص والحوادث المتعلقة به كقصة إسلم‬
‫سلمان الفارسي رضي الله عنه‪ ،‬وقصة بحيرا الراهب‪.‬‬
‫البشارة الخامسة‪ :‬قول إشعياء في الفصل العاشر‪( :‬هكذا يقول‬
‫الرب إنك تأتي من جهة التيمن‪ ،‬من بلد بعيد‪ ،‬ومن أرض البادية‬
‫مسرعاً‪ ،‬مقدا ً مثل الزعازع من الرياح‪ ،‬ورأينا منظرا ً رائعا ً هائلً‬
‫ظالما ً يظلم‪ ،‬ومنتهيا ً ينتهب ‪ ...‬ولتقم السادة والقادة إلى أترستهم‪،‬‬

‫‪574‬‬
‫فيدهنوها لن الرب قال لي‪ :‬هكذا أمض فأقم الربيئة على المنظرة‪،‬‬
‫ليخبر بما يرى‪ ،‬فكان الذي رأى راكبين‪ :‬أحدهما راكب حمار‪ ،‬والخر‬
‫راكب جمل‪ ..‬فبينما أنا كذلك إذ أقبل أحد الراكبين وهو يقول‪ :‬هوت‬
‫بابل وتكسرت جميع آلهتها المنجورة على الرض‪ ،‬فهذا الذي‬
‫سمعت من الرب إله إسرائيل العزيز قد أنبأتكم)‪ .‬ويستنتج من هذا‬
‫النص الدللت التالية المؤكدة على أن المعنى بهذه البشارة هو نبينا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪ .1‬أن إشعياء قال‪ :‬ستأتي من جهة التيمن‪ ،‬من بلد بعيد‪ ،‬من أرض‬
‫البادية‪ ،‬لئل يدع حجة لمحتج‪ ،‬لنه لم يأت أحد بهذه النوبة من أرض‬
‫التيمن الواقعة في البادية البعيدة عن أرض إسرائيل سوى محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .2‬أنه قال‪( :‬هوت بابل وانكسرت جميع آلهتها)‪ .‬ولم تزل الوثان‬
‫تعبد في بابل حتى ظهر محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فأطفأ‬
‫نيرانهم‪ ،‬وهدم أوثانهم‪ ،‬واذعنوا لدين الله طوعا ً أو كرهاً‪.‬‬
‫‪ .3‬إذا كان راكب الحمار ينطبق على المسيح‪ ،‬فليس في الدنيا‬
‫راكب جمل أولى بهذه النبوة من محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقد‬
‫أورد المهتدي السكندراني النص العبري المتعلق براكب الحمار‬
‫وراكب الجمل‪ ،‬ثم اتبعه بالترجمة العربية وجاء فيه‪( :‬فرأى ركب‬
‫رديف خيل‪ ،‬ركب رديف حمار‪ ،‬ركب رديف جمل) وقال‪ :‬هذه حال‬
‫جيوشه صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬خلف عساكر الملوك‪ ،‬لن الملوك‬
‫ل تركب جيوشها مراديف‪ ،‬ول يركبون الحمير والجمال‪.‬‬
‫أما قوله‪( :‬ظالما ً بظلم‪ ،‬ومنتهبا ينتهب)‪ .‬فقصد به المبراطورية‬
‫الفارسية والرومانية‪.‬‬
‫البشارة السادسة‪ :‬قول إشعياء في الفصل السادس عشر‪( :‬لتفرح‬
‫أهل البادية العطشى‪ ،‬ولتبتهج البراري والفلوات‪ ،‬ولتخرج نورا ً كنور‬
‫الشسلبذ‪ ،‬ولتستر وتزه مثل الوعل‪ ،‬لنها ستعطى بأحمد محاسن‬
‫لبنان‪ ،‬وكمثل الدساكر والرياض‪ ،‬وسيرون جلل الله عز وجل وبهاء‬
‫إلهنا) وقد اشتملت هذه البشارة على ذكر بلده وحال أمته‪،‬‬
‫وصرحت باسمه‪ ،‬وتضمنت ما وعدوا به من النظر إلى وجهه تعالى‬
‫في الخرة‪.‬‬
‫البشارة السابعة‪ :‬قول إشعياء في الفصل التاسع عشر‪( :‬هتف‬
‫هاتف في البدو وقال‪ :‬خلوا الطريق للرب‪ ،‬وسهلوا للهنا السبيل‬
‫في القفر‪ ،‬فستمتلئ الودية كلها مياهاً‪ ،‬وتنخفض الجبال انخفاضاً‪،‬‬

‫‪575‬‬
‫وتصير الكام دكا دكاً‪ ،‬والرض الوعرة ملساء‪ ،‬وتظهر كرامة الرب‪،‬‬
‫ويراه كل أحد‪ ،‬من أجل أن الرب يقول ذلك)‪ .‬ولم تدع أمه من‬
‫البادية وتكرم هذا التكريم سوى المة السلمية‪ .‬وقد أول الطري‬
‫الجبال والروابي في هذه البشارة على أنهم الملوك والجبابرة‪ ،‬وأن‬
‫الودية الواردة هنا حقيقية‪.‬‬
‫ولعل الولى أن يتم تأويل هذه الودية على معنى معنوي كما أول‬
‫الجبال والكام فيكون المقصود بفيضان الودية بالماء هو انتشار‬
‫السلم‪ ،‬وإشاعة العلم الشرعي الذي ل تستغني عنه المة‪ ،‬كما أنها‬
‫ل تستغني عن الماء‪ ،‬وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم ما بُعث‬
‫به بالغيث أصاب الرض‪.‬‬
‫البشارة الثامنة‪ :‬قول إشعياء في الفصل التاسع عشر‪( :‬من الذي‬
‫نبه البر من المشرق‪ ،‬ودعاه إلى موطئ قدمه ليسلم إليه المم‪،‬‬
‫ويذهل عنه الملوك‪ ،‬ويجعل سيوفه في عدد الثرى ‪ ..‬وقسيه في‬
‫عدد الحزم المنثورة‪ ،‬فهو يغلبهم ويضرب وجوههم‪ ،‬ثم يحدث سلما‪ً،‬‬
‫ول يطأ برجله سفراً)‪ .‬قال الطبري‪( :‬فإن الحجاز والعراق وما ولها‬
‫عند أهل الشام مشرق)‪ .‬ومعنى قوله من الذي نبه البر‪ .‬لعله بمعنى‬
‫من الذي نبه البار من المشرق‪ ،‬أو لعل المقصود بالبر اليمان‪ ،‬كما‬
‫جاء في قوله تعالى‪( :‬ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق‬
‫والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الخر)‪ .‬أما بقية النص فهو‬
‫متحقق في النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فهو الذي سلمت إليه‬
‫المم قيادها‪ ،‬وذهل منه الملوك‪ ،‬وكانت سيوفه بعدد الثرى‪ ،‬وهو‬
‫الذي تغلب على الكفار وخذلهم‪ ،‬ولم تجتمع هذه الصفات لحد‬
‫سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫البشارة التاسعة‪ :‬قول إشعياء في الفصل العشرين‪( :‬يا آل إبراهيم‬
‫خليلي الذي قويتك‪ ،‬ودعوتك من أقاصي الرض‪ ،‬ومن نجودها‬
‫وعواليها‪ ،‬ناديتك وقلت لك‪ :‬إنك عبدي وأنا اجتبيتك‪ ،‬ولم أستر ذلك‪،‬‬
‫فل تخف‪ ،‬لني معك‪ ،‬ول ترهب فها أنا إلهك أيدتك ثم أعنتك‪،‬‬
‫وبيميني العزيزة البرة مهدت لك‪ ،‬ولذلك يبهت ويخزي المستطيلون‬
‫عليك‪ ،‬ويضمحل ويتلشى الذين يمارونك ويشاقونك‪ ،‬ويبيد القوم‬
‫المنازعون لك‪ ،‬وتطلبهم فل تحس منم أثراً‪ ،‬لنهم يبطلون‪،‬‬
‫ويصيرون كالنسئ المنسي أمامك لني أنا الرب قويت يمينك‪،‬‬
‫وقلت لك ل تخف‪ ،‬فإني أنا عونك ومخلصك‪ ،‬هو قدوس إسرائيلل‪،‬‬
‫يقول الله الرب‪( :‬أنا جاعلك مثل الجرجر الحديد الذي يدق ما يأتي‬

‫‪576‬‬
‫عليه دقاً‪ ،‬ويسحقه سحقاً‪ ،‬وكذلك تفعل أنت أيضاً‪ ،‬تدوس الجبال‪،‬‬
‫وتدقها‪ ،‬وتجعل المدائن والتلل هشيما ً تذروه العواصف‪ ،‬وتلوى به‬
‫هوج الرياح‪ ،‬وتبتهج أنت حينئذ‪ ،‬وترتاح بالرب‪ ،‬وتكون محمدا ً بقدوس‬
‫إسرائيل)‪ .‬وقد استبدل أول هذا النص بـ (وأما أنت يا إسرائيل‬
‫عبدي‪ ،‬يا يعقوب الذي اخترته من نسل إبراهيم)‪ .‬كما استبدل آخره‬
‫بـ (وأنت لتبتهج بالرب بقدوس إسرائيل تفتخر)‪.‬‬
‫وقد تقدم في البشارات السابقة أن أرض الحجاز واقعة في أقاصي‬
‫أرض إسرائيل‪ ،‬أما قوله‪( :‬فل تخف لني معك‪ ،‬ول ترهب فها أنا‬
‫إلهك أيدتك ثم أعنتك)‪ .‬فهو متفق مع قوله تعالى‪( :‬والله يعصمك‬
‫من الناس)‪ .‬أما قوله‪( :‬يبهت ويخزي المستطيلون عليك)‪ .‬فهو‬
‫متفق مع قوله تعالى‪( :‬إنا كفيناك المستهزئين) وقوله‪( :‬فسيكفيكهم‬
‫الله وهو السميع العليم) كما أنه متفق مع حال المناوئين له‬
‫والمخالفين لمره ممن كانوا أمما أو أفراداً‪ .‬ومعنى قوله‪( :‬تدوس‬
‫الجبال وتدقها) ‪ ..‬فقد سبق تأويل الجبال بالملوك والجبابرة‪ ،‬وقد‬
‫سحقوا أمام جيوشه وجيوش أصحابه‪ ،‬وأصبحوا هشيما ً تذروه‬
‫الرياح‪.‬‬
‫وقال المهتدي الطبري‪( :‬وإن شغب شاغب فأكثر ما يمكنه أن‬
‫يقول‪ :‬إن تفسير اللفظة السريانية هو‪ :‬أن يكون محمودا ً وليس‬
‫بمحمد‪ .‬ومن عرف اللغة وفهم نحوها لم يخالفنا في أن معنى‬
‫محمود ومحمد شيء واحد)‪.‬‬
‫البشارة العاشرة‪ :‬قول إشعياء في الفصل العشرين‪( :‬إن المساكين‬
‫والضعفاء يستسقون ماء ول ماء لهم‪ ،‬فقد جفت ألسنتهم من‬
‫الظمأ‪ ،‬وأنا الرب أجيب حينئذ دعوتهم‪ ،‬ولن أهملهم بل أفجر لهم‬
‫في الجبال والنهار وأجري بين القفار العيون‪ ،‬وأحدث في البدو‬
‫آجاماً‪ ،‬وأجري في الرض ماء معيناً‪ ،‬وأنبت في القفار البلقع‬
‫والصنوبر والس والزيتون‪ ،‬وأغرس في القاع الصفصف والسرو‬
‫البهية‪ ،‬ليروها جميعاً‪ ،‬وليعلموا ويتدبروا ثم يفهموا معا ً أن يد الله‬
‫فعلت ذلك‪ ،‬قدوس إسرائيل ابتدعه) وقد ذهب الطبري إلى أن‬
‫اللفاظ الواردة في هذه النبوة على حقيقتها‪ ،‬فقال‪( :‬فأين لكم يا‬
‫بني عمي المحيد عن هذه النبوة الواضحة الناطقة؟ وما عسيتم‬
‫تقولون فيها؟ وقد سمى البلد ووصف المعاطش والقفار البلقع‪،‬‬
‫وما فجر فيها من العيون‪ ،‬وأجرى من النهار‪ ،‬وغرس فيها من أنواع‬
‫الشجار‪ ،‬وسمي العطاش المساكين من أهل البوادي والحجاز‪)..‬‬

‫‪577‬‬
‫ولكنني أرى أن المقصود بهذه اللفاظ هي المعاني المجازية التي‬
‫يمكن تأويل هذه اللفاظ إليها استئناسا ً بقرينة الحال والواقع‪ ،‬ل أن‬
‫المقصود بهذه اللفاظ المعاني الحقيقية‪ ،‬يؤكد ذلك أن الرض التي‬
‫أشرقت بنور الرسالة المحمدية ل تزال منذ أن سكنها إسماعيل‬
‫عليه السلم إلى يوم الناس هذا واد غير ذي زرع‪ ،‬كما قال ذلك‬
‫الخليل عليه السلم‪ ،‬فلم تنعم بالنهار‪،‬ولم تتفجر فيها العيون‪ ،‬ولم‬
‫تنبت الزيتون والس‪ .‬ولعل المراد من قوله‪ :‬إن المساكين‬
‫والضعفاء يستسقون ول ماء لهم أن هذا كناية عن سؤالهم الله أن‬
‫يغيثهم بالرسالة‪ ،‬ويزكيهم بالكتاب والحكمة وينزل على قلوبهم‬
‫السكينة والطمأنينة‪ ،‬امتدادا ً لدعوة أبيهم إبراهيم عليه السلم لما‬
‫قال – كما أخبر بذلك الله عنه في محكم تنزيله ‪( :-‬ربنا وابعث فيهم‬
‫رسول ً منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم‬
‫إنك أنت العزيز الحكيم)‪.‬‬
‫وقد أورد المهتدي الشيخ زيادة نصا ً عن إشعياء يتضمن أن "دوما" –‬
‫وهي إحدى البلد التي عمرها أحد أبناء إسماعيل عليه السلم –‬
‫تستغيث بلسان حالها إلى الله سبحانه وتعالى أن يرسل إليها النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ليخرجها من الظلمات إلى النور‪ .‬فعلى ذلك‬
‫يتيسر تأويل بقية النص الوارد إلى المعاني المجازية‪ ،‬فيكون المراد‬
‫بالنهار والعيون‪ ،‬وازدياد الخير والنماء وتبدل حال القفار ‪ ...‬هو‬
‫انتشار الرسالة‪ ،‬وعموم نور السلم‪ ،‬وكثرة العلماء والدعاة الذين‬
‫يرد إليهم الناس لسؤالهم والستفادة من علمهم الذي هو للروح‬
‫كالماء للجسد‪ .‬وقد يكون من حكمة الله أن تظل هذه النصوص‬
‫بهذه اللفاظ‪ ،‬لنها لو وردت ظاهرة لتلقفتها أيدي اليهود النصارى‬
‫بالتحريف والتغيير‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يكون هذا النص – سواء كان ظاهرا ً أم مؤول ً – دالً‬
‫على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬لنه ذكر الضعفاء‬
‫والمساكين في البادية العطشى بين الجبال والقفار‪ ،‬وقد كانت أمته‬
‫قبل بعثته على هذه الحال من الضعف والمسكنة والبداوة والسكنى‬
‫بين الجبال وفي القفار والودية العطشى‪.‬‬
‫البشارة الحادية عشر‪ :‬قول إشعاء في الفصل الحادي والعشرين‪:‬‬
‫(لتسبحني وتحمدني حيوانات البر من بنات آوى حتى النعائم‪ ،‬لني‬
‫أظهرت الماء في البدو‪ ،‬وأجريت النهار في بلد أشيمون‪ ،‬لتشرب‬
‫منها أمتي المصطفاة فلتشرب منه أمتي التي اصطفيتها) وما ورد‬

‫‪578‬‬
‫في هذه النبوة يؤكد ما جاء في النبوة السابقة‪ ،‬ويؤكد أيضا ً تأويل‬
‫الماء بالرسالة‪.‬‬
‫البشارة الثانية عشر‪ :‬قول إشعياء في الفصل الثالث والعشرين‬
‫متحدثا ً عن النبي صلى الله عليه وسلم‪( :‬اسمعي أيتها الجزائر‪،‬‬
‫وتفهمي يا أيتها المم‪ ،‬إن الرب أهاب بي من بعيد‪ ،‬وذكر اسمي وأنا‬
‫في الرحم‪ ،‬جعل لساني كالسيف الصارم وأنا في البطن‪ ،‬وأحاطني‬
‫بظل يمينه‪ ،‬وجعلني في كنانته كالسهم المختار وخزنتي لسره‪،‬‬
‫وقال لي‪ :‬إنك عبدي‪ .‬فصرفي وعدلي قدام الرب حقا‪ ،‬وأعمالي‬
‫بني يدي إلهي‪ ،‬وصرت محمدا ً عند الرب‪ ،‬وبإلهي حولي وقوتي)‬
‫قال المهتدي الطبري‪ :‬فإن أنكر منكر اسم محمد في الباب‪ .‬فليكن‬
‫محموداً‪ ،‬فلن يجد إلى غير ذلك من الدعاوي سبيلً‪.‬‬
‫البشارة الثالثة عشر‪ :‬قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين‪:‬‬
‫(هكذا يقول الرب قدوس إسرائيل للذي كانت نفسه مسترذلة‬
‫مهانة‪ ،‬ولمن كانت المم تستخف به‪ ،‬وأتباع السلطان يهينونه‪،‬‬
‫ستقوم له الملوك إذا رأوه‪ ،‬وتسجد له السلطين‪ ،‬لن وعد الله‬
‫حق‪ ،‬وهو قدوس إسرائيل الذي انتخبك واختارك‪ ،‬وهو الذي يقول‬
‫أجبتك عند الرضى‪ ،‬وترث تواريث الخرابات‪ ،‬وتقول للسرى‪:‬‬
‫أخرجوا وانفكوا‪ ،‬وللمحبسين اظهروا وانطلقوا‪ ..‬ويتوافى القوم من‬
‫بلد شاسع بعيد‪ :‬بعض من جهة الجريباء‪ ،‬وبعض من البحر‪ ،‬وبعض‬
‫من بحر سنيم‪ .‬فسبحي أيتها السماء‪ ،‬واهتزي أيتها الرض فرحاً‪،‬‬
‫وابتهجي أيتها الجبال بالحمد‪ ،‬فقد تلقى الرب شعبه‪ ،‬ورحم‬
‫المساكين من خلقه) ولم تتحقق هذه المعاني مجتمعة إل لنبينا‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فقد كانت أمته قبل بعثته أمة‬
‫مسترذلة مستضعفة‪ ،‬وببعثته صلى الله عليه وسلم أذعنت لهم‬
‫الملوك‪ ،‬واستسلمت لهم الجبابرة‪ ،‬وقضوا على المبراطوريات‬
‫القائمة‪ ،‬وحكموا البلد والعباد‪.‬‬
‫أما قوله‪( :‬جعلتك ميثاقا ً للشعوب)‪ .‬فهو متفق مع قوله تعالى‪( :‬وإذ‬
‫أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول‬
‫مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على‬
‫ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين)‬
‫والذي جاء مصدقا ً لما معهم هو محمد صلى الله عليه وسلم بدليل‬
‫قوله تعالى‪( :‬وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا ً لما بين يديه من‬
‫الكتاب ومهيمنا عليه)‪.‬‬

‫‪579‬‬
‫أما قوله‪ :‬نورا ً للمم‪ .‬فهو متفق أيضا ً مع قوله تعالى‪( :‬فالذين آمنوا‬
‫به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم‬
‫المفلحون)‪ .‬وقوله تعالى‪( :‬الله نور السموات والرض مثل نوره‬
‫كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري‬
‫يوقد من شجرة مباركة زيتونة ل شرقية ول غربية يكاد زيتها يضئ‬
‫ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء) وقوله‬
‫تعالى‪( :‬ما كنت تدري ما الكتاب ول اليمان ولكن جعلناه نورا)‪.‬‬
‫أما قوله‪( :‬لتطمئن بك الرض)‪ ،‬فهو مماثل لقوله تعالى‪( :‬الذين‬
‫آمنوا وتطمئن قلوبهم يذكر الله أل بذكر الله تطمئن القلوب)‪.‬‬
‫أما قوله‪( :‬وترث ثواريث الخرابات) فتستطيع أن تلمح منه وعد الله‬
‫للذين آمنوا وعملوا الصالحات بالستخلف كما في قوله تعالى‪:‬‬
‫(وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفهم في‬
‫الرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي‬
‫ارتضى لهم ‪ .) ..‬أما بقية هذه البشارة فهي تصوير لتوافد المة‬
‫السلمية في موسم الحج‪ ،‬وإقامة شعائر الله في تلك البقاع‬
‫الطاهرة المباركة‪..‬‬
‫البشارة الرابعة عشر‪ :‬قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين‬
‫مخاطبا ً مكة وهاجر‪( :‬أنا رسمتك على كفي فأسوارك أمامي في‬
‫كل وقت‪ ،‬وسيأتيك ولدك سراعا‪ ،‬ويخرج عنك من أراد أن يتحيّفك‬
‫ويخّربك‪ ،‬فارفعي بصرك إلى ما فوقك‪ ،‬وانظري فإنهم يأتونك‬
‫ويجتمعون عن آخرهم إليك يقول الله مقسما ً باسمه‪ :‬إني أنا الحي‪،‬‬
‫لتلبسنهم مثل الحلة‪ ،‬ولتتزينين بالكليل مثل العروس‪ ،‬ولتضيقن‬
‫عنك قفارك وخراباتك‪ ،‬والرض التي ألجئوك إليها‪ ،‬وضغطوك فيها‬
‫من كثرة سكانها والراغبين فيها‪ ،‬وليهربن منك من كان يناويك‬
‫ويهتضمك‪ ،‬وليقولن لك ولد عقمك‪ :‬أيتها النزور الرقوب‪ ،‬إنه قد‬
‫ضاقت بنا البلد فتزحزحوا وانفرجوا فيها لتتسع في فيافيها‪،‬‬
‫وستحدثين فتقولين‪ :‬من رزقني هؤلء كلهم‪ ،‬ومن تكفل لي بهم‪.‬‬
‫وهذه البشارة ل تتطلب الشرح والتعليق لوضوحها‪ ،‬كما أنها ل تقبل‬
‫أن تؤول على غير مكة أو هاجر‪ ،‬فمن الذي تكفل الله بحمايتها غير‬
‫مكة؟ ومن الذي تكاثر عددها ونسلها‪ ،‬وضاقت عنهم أرضها‪ ،‬سوى‬
‫هاجر ؟؟‪.‬‬
‫البشارة الخامسة عشرة‪ :‬قول إشعياء في الفصل الرابع‬
‫والعشرين‪( :‬هكذا يقول الرب‪ :‬ها أنا رافع يدي على المم‪ ،‬وناصب‬

‫‪580‬‬
‫لهم آية‪ ،‬وهي أن الناس يأتونك بأبنائك على أيديهم‪ ،‬ويحملون بناتك‬
‫على أكتافهم وتكون الملوك ظؤوتك‪ ،‬وعقائل نسائهم مرضعاتك‪،‬‬
‫ويخرون على وجوههم سجدا ً على الرض‪ ،‬ويلحسون تراب أقدامك‪،‬‬
‫وتعلمين حينئذ أني أنا الرب الذي ل يخزي الراجون لي لدى)‪ .‬وفي‬
‫هذا النص تقرير لخضوع المم لهذه المة السلمية‪ ،‬فيكون أبناؤها‬
‫وبناتها خدما ً لبناء المة السلمية‪ ،‬وتكون نساؤهم مرضعات‬
‫لطفال المسلمين‪ ،‬وقد حدث ذلك نتيجة الفتوحات السلمية التي‬
‫أثمرت عن انتشار الرقيق من سبايا الكفار‪ ،‬كما أن في قوله‪:‬‬
‫(ويلحسون تراب أقدامك)‪ .‬تصوير لحال الصغار والذل الذي يلزم‬
‫دافع الجزية كما في قوله تعالى‪( :‬حتى يعطوا الجزية عن يد وهم‬
‫صاغرون)‪ .‬وقد وافق إشعياء داود في هذه النبوة‪ ،‬ولم ل‪ ،‬والمصدر‬
‫واحد‪ ،‬والموضوع واحد‪ ،‬والوصف واحد‪ ،‬وهو قوله‪( :‬ويلحسون تراب‬
‫أقدامك)‪.‬‬
‫البشارة السادسة عشر‪ :‬قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين‪:‬‬
‫(من الذي أقبل من أدوم؟ وثيابه أشد حمرة من البسر‪ ،‬وأراه بهياً‬
‫في حلله ولباسه‪ ،‬عزيزا ً لكثرة خيله وأجناده‪ ،‬وإني أنا الناطق بالحق‬
‫والمخلص للقوام‪ ،‬وإن لدينا ليوم الفتنة نكلً‪ ،‬ولقد اقتربت ساعة‬
‫النجاة‪ ،‬وحانت ساعة تخليصي‪ ،‬لني نظرت فلم أجد من يعينني‪،‬‬
‫وتعجبت إذ ليس من ينيب إلى رأيي‪ ،‬فخلصني عند ذلك ذراعي‪،‬‬
‫وثبت بالغضب قدمي‪ ،‬ودست المم برجزي‪ ،‬وأشقيت حدودهم‬
‫بغيظي واحتدامي‪ ،‬ودفنت عزهم تحت الرض)‪ .‬تورد هذه النبوة‬
‫بعضا ً من صفاته صلى الله عليه وسلم في هيبته وجلله‪ ،‬وطرفا ً من‬
‫ذكر بهائه‪ ،‬وإشارة إلى كثرة خيله وأجناده‪ ،‬وأن بمقدمه تتخلص‬
‫القوام من قيد العبودية لغير الله‪ ،‬وتقترب ساعة نجاتها‪ ،‬كما‬
‫تضمنت هذه النبوة صفة البشرية قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫وأنها ل تسمع لكلم الله‪ ،‬ول تنصر المؤمنين به‪ ،‬فاستحقت بذلك‬
‫غضب الله ومقته‪ ،‬فكانت بعثته صلى الله عليه وسلم عقابا ً لمم‬
‫الكفر‪ ،‬إذ ناصبهم العداوة‪ ،‬وشهر السيف في وجوههم‪ ،‬وأرغمهم‬
‫على الذعان له‪ ،‬ودفن مجد الكافرين تحت الرض‪.‬‬
‫وقد يقول قائل‪ :‬إن هذه البشارة ذكرت أنه أقبل من أدوم‪ .‬ومحمد‬
‫صلى الله عليه وسلم كان في أرض الحجاز‪ ،‬فل تنطبق عليه هذه‬
‫النبوة‪ .‬والجواب على ذلك‪ :‬أن الصفات الواردة في بقية النبوة ل‬
‫تنطبق إل على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته‪ ،‬أما قوله‪ :‬أقبل‬
‫من "أدوم" فمن المعلوم أن المتحدث في هذه البشارة هو أحد‬

‫‪581‬‬
‫أنبياء بني إسرائيل المقيمين في أرضها‪ ،‬و"أدوم" إقليم يقع بين‬
‫الحجاز وفلسطين‪ ،‬إذ القادم من الحجاز إلى فلسطين ل بد أن يعبر‬
‫من خلل "أدوم"‪ ،‬ويجب أن ل نغفل أن المتحدث – وهو إشعياء –‬
‫يتحدث عن أمر غيبي مستقبلي فل يمكن إذا ً أن يقول‪ :‬من الذي‬
‫أقبل من الحجاز‪ .‬لنه سيقال له‪ :‬أين منا الحجاز ؟؟‪ .‬ولكنه يتحدث‬
‫عن هذا النبي القادم بيقين ل شك فيه‪ ،‬حتى لكأنه يراه في أطراف‬
‫أرض إسرائيل فيقول لهم‪ :‬من هذا الذي أقبل من أدوم؟؟ وهو‬
‫علىيقين منه‪ ،‬لنه ذكر صفاته‪ ،‬ولكنه طرح الخبر بصيغة التساؤل‬
‫حتى تستشرف النفوس‪ ،‬وتهفو الرواح للقائه‪.‬‬
‫البشارة السابعة عشر‪ :‬قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين‬
‫عن الله عز وجل أنه قال مخاطبا ً نبيه محمدا ً صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫(إني جعلت اسمك محمداً‪ ،‬فانظر من محالك ومساكنك يا محمد‪ ،‬يا‬
‫قدوس‪ .. ،‬واسمك موجود منذ البد) فذكر اسمه مرتين في هذه‬
‫النبوة‪ ،‬وهذه مماثلة لما ورد في نبوة داود عليه السلم عنه في‬
‫المزامير من قول داود‪( :‬في جبله قدوس ومحمد)‪ .‬فليس وراء هذا‬
‫مجل لمدٍع أن يتمحل أو يجادل‪.‬‬
‫وقال الطبري‪( :‬إن القدوس في اللغة السريانية‪ :‬الرجل البر الطاهر‬
‫‪ ...‬فإن غالط مغالط فقال‪( :‬يا محمد يا قدوس)‪ ،‬إنما يقع على‬
‫المساكن التي ذكرها‪ .‬فإن الكتاب السرياني يكذبه‪ ،‬لنه لو أراد‬
‫بذلك المساكن لقال‪ :‬يا قدوسين ومحمدين‪ .‬ولم يقل قدوساً‬
‫ومحمداً‪.‬‬
‫البشارة الثامنة عشر‪ :‬قول إشعياء في الفصل الرابع والعشرين‪:‬‬
‫(اعبروا اعبروا الباب‪ ،‬وردوا الطريق على المة‪ ،‬وسهلوا السبيل‬
‫وذللوها‪ ،‬ونحوا الحجارة عن سبيلها‪ ،‬وارفعوا للمة علما ً ومناراً‪ ،‬فإن‬
‫الرب أسمع نداءه من في أقطار الرض‪ ،‬فقل لبنه صهيون إنه قد‬
‫قرب مجيء من يخلصك‪ ،‬وأجره معه‪ ،‬وعمله قدامه‪ ،‬ويسمون شعباً‬
‫طاهراً‪ ،‬يخلصهم الرب‪ ،‬وتسمين أنت أيتها القرية التي أدال الله لها‬
‫من أعدائها ولم يخذلها ربها) وهذه البشارة شاهدة ومؤكدة للبشارة‬
‫السابقة لشعياء التي سبق إبرادها تحت مسمى البشارة التاسعة‪.‬‬
‫ويماثل قول إشعياء أسمع نداءه من في أقطار الرض‪ .‬قوله صلى‬
‫الله عليه وسلم عن هذا الدين‪( :‬ل يبقي على ظهر الرض بيت مدر‬
‫ول وبر إل أدخله الله كلمة السلم‪ ،‬بعز عزيز‪ ،‬أو بذل ذليل‪ :‬إما‬
‫يعزه الله فيجعلهم من أهلها‪ ،‬أو يذلهم الله فيدينون لها‪.‬‬

‫‪582‬‬
‫أما قوله‪ :‬فقل لبنة صهيون إنه قد قرب مجيء من يخلصك‪ .‬فهو‬
‫شاهد على أن هذا المخلص هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫لنه ذكر شيئا من صفاته‪ ،‬وهو أن أجره معه فهو ل يبتغي على‬
‫رسالته أجرا ً من أحد سوى الله‪ ،‬كما أنه ل يعمل لدنياه بل يعمل‬
‫لخرته فعمله أمامه‪ ،‬ولم تتخلص ابنة صهيون – ولعل ذلك تعبير عن‬
‫بيت المقدس – من ربقة السيطرة اليهودية‪ ،‬وضلل الوثنية‬
‫النصرانية إل على يد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬فهو‬
‫الذي ألبسها حلة اليمان‪ ،‬وكساها رونق التوحيد‪ ،‬وكشف عنها ستار‬
‫الجهالة‪ .‬ويؤكد اختصاص هذه المة بهذه البشارة قوله‪( :‬ويسمون‬
‫شعبا طاهرا ً ‪ ...‬وتسمين أيتها القرية التي أدال الله لها من أعدائها)‪.‬‬
‫فذكر حالهم وهو الطهارة‪ ،‬ولعنايتهم به جعله اسما ً لهم‪ ،‬وهذا‬
‫موافق لقوله ‪( :r‬أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ‬
‫الوضوء)‪ .‬وأشار إلى موطنهم وهو مكة‪ ،‬فهي القرية وهي أم‬
‫القرى‪.‬‬
‫البشارة التاسعة عشر‪ :‬قول إشعياء في الفصل السادس‬
‫والعشرون مخاطبا ً هاجر عليها السلم‪( :‬سبحي أيتها النزور‬
‫الرقوب‪ ،‬واغتبطي بالحمد أيتها العاقر‪ ،‬فقد زاد ولد الفارغة المجفية‬
‫على ولد المشغولة الحظية‪ .‬وقال لها الرب أوسعي مواضع خيامك‪،‬‬
‫ومدي ستور مضاريك‪ ،‬لنك ل تنفسي ول تضني‪ ،‬بل طوّلي أطنابك‪،‬‬
‫واستوثقي من أوتادك‪ ،‬من أجل أنك تتبسطين وتنتشرين في الرض‬
‫يمينا ً وشمالً‪ ،‬وترث ذريتك المم‪ ،‬ويسكنون القرى المعطلة‬
‫اليبات)‪ .‬فذكر حال هاجر عليها السلم‪ .‬وبشر هاجر بهذه المال‬
‫العظيمة التي تستحق الحمد والشكر والغتباط‪ ،‬وما ينتظر ذريتها‬
‫من التوسع والسيطرة والغلبة على سائر المم‪ ،‬وبمقارنة هذا الوعد‬
‫الذي وعد به إشعياء هاجر عليها السلم – مع الفتوحات التي‬
‫تحققت للمة السلمية على أيدي صحابة رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم نجد أنه قد تحقق فعلً‪ ،‬وليس بعد شهادة الواقع‬
‫وتصديقه لهذه النبوة مجال لمجادل أن يجادل أو يغالط فيدعي أن‬
‫هذه البشارة ل تصدق هنا‪ ،‬وأنها دالة على قوم آخرين ‪ ..‬ويكفي في‬
‫هذه النبوة حجة ودليل ً أنه نص على أن أبناء المجفية قد زادوا على‬
‫أبناء المشغولة الحظية‪ ،‬ومن المجفية إل هاجر؟ ومن الحظية إل‬
‫سارة؟‪ .‬ولم تحصل هذه الزيادة‪ ،‬ولم تتحقق هذه الغلبة إل بعد بعثة‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫‪583‬‬
‫البشارة العشرون‪ :‬قال إشعياء في الفصل الثامن والعشرين‬
‫مخاطبا ً هاجر عليها السلم‪( :‬أيتها المنغمسة المتغلغلة في الهموم‬
‫التي لم تنل حظوة ول سلوا‪ ،‬إن جاعل حجرك بلورا ً ‪ ..‬ويعرفني‬
‫هنالك جميع ولدك ول ينكرونني‪ ،‬وأعلم أبناءك بالسلم‪ ،‬وتكونين‬
‫مزينة بالصلح والبر‪ ،‬فتنحي عن الذى والمكارة‪ ،‬لنك آمنة منها‪،‬‬
‫فانحرفي عن النكسار والنخذال فلن يقرباك‪ ،‬ومن انبعث من بين‬
‫يدي فإليك يكون وفيك حلوله‪ ،‬وتصيرين وزرا ً وملجأ ً لقاطنيك‬
‫وساكانك)‪ .‬قال الطبري‪( :‬فأي شهادة أعظم من شهادة الله لهم‬
‫أنهم جميعا ً يعرفونه ول يجهلونه؟ وأنه صير بلدهم وزرا ً وملجأً‬
‫ّ‬
‫للناس‪ ،‬أي حرما ً آمناً)‪.‬‬
‫البشارة الواحد والعشرون‪ :‬قول إشعياء في الفصل الثامن‬
‫والعشرين‪( :‬يا معشر العطاش توجهوا إلى الماء والورود‪ ،‬ومن‬
‫ليس له فضة فليذهب ويمتار ويستسقي ويأكل من الخمر واللبن بل‬
‫فضة ول ثمن)‪ .‬قال المهتدي الطبري‪( :‬فهذا من نبوة إشعياء دال‬
‫على ما أنعم الله به على ولد هاجر من أمة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وعلى أنهم صائرون إلى ما وعدهم الله تعالى في الخرة‬
‫من أنهار من خمر‪ ،‬وأنهار من لبن لم يتغير طعمه‪ ،‬وأنهار من خمر‬
‫لذة للشاربين‪ .‬فانظروا إلى هذه المشاكلة والموافقة التي بين‬
‫النبوتين جميعاً)‪ .‬وهذا إشارة منه إلى قوله تعالى‪( :‬مثل الجنة التي‬
‫وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير‬
‫طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم‬
‫فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم)‪.‬‬
‫البشارة الثانية والعشرون‪ :‬قول إشعياء في الفصل الثامن‬
‫والعشرين‪( :‬إني أقمتك شاهدا ً للشعوب‪ ،‬ومدبرا ً وسلطانا ً للمم‪،‬‬
‫لتدعو المم الذين لم تعرفهم‪ ،‬وتأتيك المم الذين لم يعرفوك‬
‫هرولة وشداً‪ ،‬من أجل الرب إلهك قدوس إسرائيل الذي أحمدك‪،‬‬
‫فاطلبوا ما عند الرب‪ ،‬فإذا عرفتموه فاستجيبوا له‪ ،‬وإذا قرب منكم‬
‫ي لرحمه‪ ،‬ولينب‬ ‫فليرجع عن خطيئته‪ ،‬والفاجر عن سبيله‪ ،‬وليرجع إل ّ‬
‫مت رحمته وفضله) قال الطبري‪( :‬فقد سمي النبي‬ ‫إلى إلهنا الذي ع ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم باسمه‪ ،‬وقال‪ :‬إن الله جعلك محمداً‪ .‬فإن آثر‬
‫المخالف أن يقول‪ :‬ليس بمحمد‪ ،‬بل محمود وافقناه فيه‪ ،‬لن‬
‫معناهما واحد)‪.‬‬

‫‪584‬‬
‫أما قوله‪( :‬أقمتك شاهدا ً للشعوب)‪ .‬فهو مماثل لقوله تعالى‪:‬‬
‫(وكذلك جعلناكم أمة وسطا ً لتكونوا شهداء على الناس ويكون‬
‫الرسول عليكم شهيداً) وقوله عز وجل‪( :‬ليكون الرسول شهيداً‬
‫عليكم وتكونوا شهداء على الناس)‪ .‬وقوله عز من قائل‪( :‬فكيف إذا‬
‫جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلء شهيداً)‪.‬‬
‫أما قوله‪ :‬سلطانا ً للمم‪ .‬فيحتمل أن يكون المراد منه المعنى‬
‫المتبادر للذهن وهو السيادة والقيادة‪ ،‬وقد تحققت له هذه على‬
‫المم في حياته وحياة أصحابه‪ .‬ويحتمل أن يكون المراد منه أنه‬
‫سلطان بمعنى حجة على المم‪ ،‬لن السلطان في لغة التنزيل تأتي‬
‫بمعنى حجة‪.‬‬
‫وأما قوله‪( :‬لتدعو المم الذين لم تعرفهم)‪ .‬فقد تحقق ذلك بإرساله‬
‫صلى الله عليه وسلم الرسل والكتب إلى الملوك كهرقل وكسرى‬
‫والمقوقس وغيرهم ممن ل يعرفهم كما هو مشهور في كتب السنة‬
‫والسيرة‪.‬‬
‫وأما قوله‪ :‬تأتيك المم الذين لم يعرفوك هرولة وشداً‪ .‬فمصداق‬
‫ذلك في انضواء المم التي لم تكن تعرفه من قبل‪ ،‬والتي ل تعد ول‬
‫تحصى تحت لوائه‪ ،‬والذعان لمره‪ .‬كما أن هذه البشارة ل تنطبق‬
‫على النبياء قبله‪ ،‬لنهم دعوا أقوامهم وهم يعرفونهم‪ ،‬واستجابت‬
‫لهم المم التي تعرفهم‪ ،‬أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد دعا‬
‫من لم يعرفه‪ ،‬واستجاب له من ل يعرفه‪.‬‬
‫وبقية النص تتعلق بالرحمة والمغفرة والتوبة‪ ،‬وهي معان ظاهرة‬
‫في شريعته‪ ،‬أظهر من الشمس في رائعة النهار‪ ،‬ول يمكن أن تكون‬
‫هذه البشارة دالة على اليهودية أو على النصرانية لما يأتي‪.‬‬
‫‪ .1‬أن اليهودية تعتقد أنها دين خاص ببني إسرائيل‪ ،‬وهذه البشارة قد‬
‫تضمنت أنه يدعو المم ‪ ،‬وتأتيه المم‪ ،‬وهذا يناقض اعتقادها‪.‬‬
‫‪ .2‬أن هذا النص تضمن أن صاحب هذه الرسالة يبشر بالتوبة‬
‫والمغفرة والرحمة‪ ،‬وهذا يخالف اعتقاد اليهود والنصارى‪ :‬فاليهود‬
‫تعتقد أن من حق الكاهن المغفرة ومحو الخطايا كما أن النصرانية‬
‫تعتقد أن البشرية كانت مثقلة بالخطيئة الموروثة التي رفعت عنهم‬
‫بعد صلب المسيح – كما زعموا – ثم غفلت النصرانية عن كونها‬
‫محت الخطيئة الموروثة فمنحت رجال الدين حق مغفرة الخطايا‪.‬‬

‫‪585‬‬
‫‪ .3‬المسيحية ديانة خاصة ببني إسرائيل‪ ،‬لن المسيح عليه السلم‬
‫أرسل إلى بني إسرائيل حيث يقول لتلميذه‪( :‬إلى طريق أمم ل‬
‫تمضوا‪ ،‬وإلى مدينة للسامريين ل تدخلوا‪ .‬بل اذهبوا بالحرى إلى‬
‫خراف بيت إسرائيل الضالة)‪.‬‬
‫البشارة الثالثة والعشرون‪ :‬قول إشعياء في الفصل الثامن‬
‫والعشرين عن الله سبحانه وتعالى أنه قال‪( :‬إني أقسمت بنفسي‬
‫وأخرجت من فمي كلمة الحق التي ل خلف لها ول تبديل‪ ،‬وإنه تخّر‬
‫لي كل ركبة‪ ،‬ويقسم بي كل لسان‪ ،‬ويقولون معا‪ :‬إن النعمة من‬
‫عند الرب)‪ .‬قال المهتدي الطبري‪( :‬فمن هذه المة التي تقسم‬
‫باسم الله؟ ومن ذا الذي يخر على الركب لسم الفرد الواحد‪،‬‬
‫ويحدث بنعم الله صباحا ً ومساء‪ ،‬ويفرده بالدعاء والبتهال غير هذه‬
‫المة ؟ فأما جماعة النصارى فإنهم ينسبون النعم إلى المسيح)‪.‬‬
‫البشارة الرابعة والعشرون‪ :‬قال إشعياء في الفصل الثامن‬
‫والعشرين‪( :‬إن الله نظر ولم ير عدلً‪ ،‬وأنكر ذلك‪ ،‬ورأى أنه ليس‬
‫أحد يعين على الحق‪ ،‬فعجب الرب منه‪ ،‬وبعث وليه فأنقذه بذراعه‪،‬‬
‫ومهد له بفضله‪ ،‬فاستلم العفاف كالدرع‪ ،‬ووضع على رأسه سنور‬
‫العانة والفلح‪ ،‬ولبس لباس الخلص‪ ،‬لينتقم من المبغضين له‬
‫والمعادين‪ ،‬ويجازي أهل الجزائر جزاءهم أجمعين‪ ،‬ليتقي اسم الله‬
‫في مغارب الرض‪ ،‬وليخشع في مشارقها لجلله) وفي هذه النبوة‬
‫تصوير لواقع البشرية قبل مبعثه عليه الصلة والسلم‪ ،‬كما أن فيها‬
‫إشارة إلى اختيار الله سبحانه وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ ،‬ووصفا ً لجهاده صلى الله عليه وسلم الكافرين والمعاندين‪ ،‬وبياناً‬
‫للنتيجة التي تحققت على يديه وهي‪ :‬دخول المم في دين الله‬
‫أفواجاً‪ ،‬حتى شمل ذلك المشرق والمغرب‪.‬‬
‫البشارة الخامسة والعشرون‪ :‬قول إشعياء مخاطبا ً هاجر عليها‬
‫السلم وبلدها وهي مكة‪( :‬قومي وأزهري مصباحك فقد دنا وقتك‪،‬‬
‫وكرامة الله طالعة عليك‪ ،‬فقد تخللت الرض الظلم‪ ،‬وغطي على‬
‫المم الضباب‪ ،‬فالرب يشرق عليك إشراقاً‪ ،‬وتظهر كرامته عليك‪،‬‬
‫وتسير المم إلى نورك‪ ،‬والملوك إلى ضوء طلوعك‪ ،‬ارفعي بصرك‬
‫إلى ما حولك وتأملي‪ ،‬فإنهم سيجتمعون كلهم إليك ويحجونك‪،‬‬
‫ويأتيك ولدك من بلد بعيد‪ ،‬وتحج إليك عساكر المم حتى تعمرك‬
‫البل المربلة‪ ،‬وتضيق أرضك عن القطرات التي تجتمع إليك‪،‬‬
‫ويساق إليك كباش مدين وكباش أعفا‪ ،‬وتأتيك أهل سبأ ويتحدثون‬

‫‪586‬‬
‫بنعم الله ويمجدونه‪ ،‬وتسير إليك أغنام قيدار كلها‪ ،‬وتخدمك رخلت‬
‫نبايوت‪ ،‬ويرفع إلى مذبحي ما يرضيني‪ ،‬وأحدث حينئذ لبيت محمدتي‬
‫حمداً)‪ .‬فذكر هاجر وذكر البلد‪ ،‬وصرح بالحج وما يصاحبه من توافد‬
‫المم‪ ،‬وسوق الهدي‪ ،‬كما صرح بأسماء بعض هذه المم الوافدة إلى‬
‫الحج كأهل سبأ ومدين وغيرهما‪ .‬أما قوله‪( :‬قيدار ونبايوت)‪ .‬فقال‬
‫الطبري‪ :‬هما من أولد إسماعيل عليه السلم‪.‬‬
‫البشارة السادسة والعشرون‪ :‬قال إشعياء في الفصل الثامن‬
‫والعشرين‪( :‬سيترجاني أهل الجزائر‪ ،‬ومن في سفن تارسيس كما‬
‫فعلوا من قبل‪ ،‬ويوردون عليك أبناءك من بلد بعيد ومعهم فضتهم‬
‫وذهبهم‪ ،‬من أجل اسم الرب إلهك قدوس إسرائيل الذي أحمدك‬
‫وأكرمك‪ ،‬ويبني أبناء الغرباء سورك‪ ،‬وملوكهم يخدمونك‪ ،‬وتفتح‬
‫أبوابك في كل وقت وأوان من آناء الليل والنهار فل تغلق‪ ،‬ويدخل‬
‫إليك أرسال المم‪ ،‬ويقاد إليك ملوكهم أسرى‪ ،‬لن كل أمة ومملكة‬
‫ل تخضع لك تتبدد ستورها‪ ،‬وتصطلم الشعوب بالسيف اصطلماً‪،‬‬
‫وتأتيك الكرامة من صنوبر لبنان البهي‪ ،‬ومن أبهلها ليبخر به بيتي‪،‬‬
‫ويعظم به موضع قدمي ومستقر كرامتي‪ ،‬وتأتيك أبناء القوم الذين‬
‫كانوا يذلونك‪ ،‬ويقبل آثار أقدامك جميع من كان يؤذيك ويضطهدك‪،‬‬
‫وأجعلك كرامة إلى البد‪ ،‬وغبطة وفرحا ً إلى دهر الداهرين‪،‬‬
‫وسترضعين ألبان الشعوب‪ ،‬وستصيبين من غنائم الملوك‪ ،‬وتتمززين‬
‫من غاراتك عليهم ‪ ...‬وأجعل السالمة مدبرك‪ ،‬والصلح والبر‬
‫سلطانك‪ ،‬ويكون الرب نورك ومصباحك إلى البد)‪ .‬فلم تتحقق هذه‬
‫الصفات مجتمعة إل لهذه المة السلمية‪ ،‬فتغلبت على المم‪،‬‬
‫وقادت ملوكهم أسرى‪ ،‬وتبدد من أمامها المم التي لم تذعن لها‪.‬‬
‫وكتب الله لها الغلبة والظهور إلى قيام الساعة وهو ما أشار إليه‬
‫أشعياء في قوله‪ :‬إلى دهر الداهرين ‪ ..‬إلى البد‪ .‬وهو مماثل لقوله‬
‫تعالى‪( :‬وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم‬
‫في الرض)‪ .‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪( :‬ل يزال ناس من أمتي‬
‫ظاهرين‪ ،‬حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون)‪.‬‬
‫البشارة السابعة والعشرون‪ :‬قال إشعياء في الصحاح الثاني‬
‫والربعين‪( :‬إن عبدي المجتبى عندي‪ ،‬ابن حبيبي اخترته وأرسلته‬
‫إلى المم بأحكام صادقة)‪.‬‬
‫وقد أورد المهتدي الترجمان وغيره هذا النص بصورة أطول‪،‬‬
‫واشتمل على صفات هي ألصق بمحمد صلى الله عليه وسلم من‬

‫‪587‬‬
‫غيره وهو قوله‪( :‬إن الرب سبحانه وتعالى سيبعث في آخر الزمان‬
‫عبده الذي اصطفاه لنفسه‪ ،‬ويبعث له الروح المين‪ ،‬يعلمه دينه‪،‬‬
‫ويعلم الناس ما علمه الروح المين‪ ،‬ويحكم بين الناس بالحق‪،‬‬
‫ويمشي بينهم بالعدل‪ ،‬وما يقول للناس هو نور يخرجهم من‬
‫الظلمات التي كانوا فيها‪ ،‬وعليها رقود‪ ،‬وقد عّرفتكم ما عرفني‬
‫الرب سبحانه قبل أن يكون)‪ .‬فمحمد صلى الله عليه وسلم هو‬
‫المبعوث في آخر الزمان‪ ،‬وهو الذي نزل عليه الروح المين‪ ،‬وهو‬
‫الذي حكم بين الناس بالعدل وأخرجهم من الظلمات إلى النور‪.‬‬
‫البشارة الثامنة والعشرون‪ :‬قول إشعياء في الصحاح الثاني‬
‫والربعين‪( :‬لترفع البرية ومدنها صوتها‪ ،‬والديار التي سكنها قيدار‪،‬‬
‫ولتترنم سالع من رؤوس الجبال‪ ،‬ليهتفوا ليعطوا مجداً‪ ،‬ويخبروا‬
‫بتسبيحه في الجزائر الرب كالجبار‪ ،‬يخرج كرجل حروب ينهض‬
‫غيرته‪ ،‬يهتف ويصرخ على أعدائه)‪ .‬تضمن هذا النص الشارة إلى‬
‫مساكن العرب وهم ذرية قيدار أحد أبناء إسماعيل عليه السلم‪،‬‬
‫والتصريح بذكر جبال المدينة المنورة وهو سالع‪ ،‬إذا ً فل تقبل هذه‬
‫البشارة أن تنطبق على غير رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وقبل النتقال إلى نبوات إرميا ل بد لي من الشارة على أن النبوات‬
‫التي أوردها إشعياء تكاد أن تأخذ طابعا ً معينا ً وهو‪ :‬المباشرة في‬
‫الطرح والتصريح بذكر السماء كمحمد صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫وإسماعيل‪ ،‬ومكة والعرب‪ ،‬أو الشارة إلى صفته وصفات أمته‬
‫وأصحابه كذكر الدروع والسيوف والجهاد ‪ ..‬كما مر سابقاً‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬بشارات إرميا‪:‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬خاطب الله بها النبي صلى الله عليه وسلم على‬
‫لسان إرميا في الفصل الول فقال‪( :‬من قبل أن أصورك في الرحم‬
‫عرفتك‪ ،‬ومن قبل أن تخرج من البطن قدستك‪ ،‬وجعلتك نبيا ً للمم‪،‬‬
‫لنك بكل ما آمرك تصدع‪ ،‬وإلى كل من أرسلك تتوجه‪ ،‬فأنا معك‬
‫لخلصك‪ ،‬يقول الرب‪ :‬وأفرغت كلمي في فمك إفراغاً‪ ،‬فتأمل‬
‫وانظر‪ ،‬فقد سلطتك اليوم على المم والمملكات‪ ،‬لتنسف وتهدم‬
‫وتتبر وتسحق‪ ،‬وتغرس من رأيت) قال المهتدي الطبري عن هذه‬
‫البشارة‪( :‬هي شبيهة بنبوات إشعياء وغيره) وهو يقصد قول إشعياء‪:‬‬
‫(إن الرب أهاب بي من بعيد‪ ،‬وذكر اسمي وأنا في الرحم‪ ،‬وجعل‬
‫لساني كالسيف الصارم) وهذه هي البشارة الرابعة عشرة من‬
‫بشارات إشعياء حسب ترتيب هذا البحث‪.‬‬

‫‪588‬‬
‫ويتفق أول هذه البشارة مع قوله تعالى‪( :‬وإذ أخذ الله ميثاق النبيين‬
‫لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم‬
‫لتؤمنن به ولتنصرنه) ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي‬
‫جاء بالحق مصدقا ً لما معهم بدليل قوله تعالى عنه‪( :‬بل جاء بالحق‬
‫وصدّق المرسلين) وقوله تعالى‪( :‬نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً‬
‫لما بين يديه)‪.‬‬
‫أما قول إرميا‪( :‬لنك بكل ما أمرك تصدع)‪ .‬فيصدقه قوله تعالى‪:‬‬
‫(فاصدع بما تؤمر واعرض عن المشركين)‪ .‬ويشهد لقوله‪( :‬وأفرغت‬
‫كلمي في فمك)‪ .‬قوله تعالى‪( :‬وما ينطق عن الهوى‪ .‬إن هو إل‬
‫وحي يوحى)‪ .‬وبقية النص متوافق مع البشارات التي تحدثت عن‬
‫جهاده صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قال إرميا في الفصل التاسع عشر مخبرا ً عن الله‬
‫عز وجل أنه قال‪( :‬إني جاعل بعد تلك اليام شريعتي في أفواههم‪،‬‬
‫وأكتبها في قلوبهم‪ ،‬فأكون لهم إلها‪ ،‬ويكونون لي شعبا‪ ،‬ول يحتاج‬
‫الرجل أن يعلم أخاه وقريبه الدين والملة‪ ،‬ول إلى أن يقول له‬
‫أعرف الرب‪ ،‬لن جميعهم يعرفونه صغارهم وكبارهم‪ ،‬وأنا أغفر‬
‫لذلك ذنوبهم‪ ،‬ول أذكرهم بخطاياهم)‪ .‬قال المهتدي الطبري معلقاً‬
‫على هذه النبوة‪( :‬وقد صدق وعد الله‪ ،‬وازدرع حبه في قلوب هذه‬
‫المة صغارها وكبارها‪ ،‬وأنطق ألسنتهم بشرائعه وتحاميده‪ ،‬وكل‬
‫عارف بالله مؤمن به)‪ .‬واقرأ قوله تعالى‪( :‬اليوم أكملت لكم دينكم‬
‫وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم ديناً)‪ ،‬وقوله تعالى‪:‬‬
‫(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر‬
‫وتؤمنون بالله)‪ .‬وقوله عز من قائل (والذين آمنوا أشد حبا لله)‪،‬‬
‫وقوله عز وجل‪( :‬يحبهم ويحبونه) وتأمل ما وصف الله به هذه المة‬
‫في هذه النصوص من صفات خيّرة مباركة‪ ،‬فستجد أنها مماثلة لما‬
‫وصفها الله به على لسان إرميا‪.‬‬
‫البشارة الثالثة‪ :‬قول إرميا في الصحاح الثامن والعشرين‪( :‬النبي‬
‫الذي تنبأ بالسلم‪ ،‬فعند حصول كلمة النبي عرف ذلك النبي أن الله‬
‫أرسله حقاً)‪ .‬هذه النبوة أوردها المهتدي عبد الحد داود بالمعنى‪،‬‬
‫ويرى أنها بمعنى‪( :‬إن النبي الذي تدور نبوءاته حول السلم‬
‫"شالوم" عند ورود كلمة النبي‪ ،‬ذلك النبي المعروف أنه المرسل‬
‫من قبل الله الحق) وبعد دراسته للنص السابق خرج منه بالنتائج‬
‫التالية‪:‬‬

‫‪589‬‬
‫‪ .1‬أنه ل يمكن أن يكون النبي صادقا ً إل إذا بشر بدين السلم‬
‫ونشره‪( ،‬إن الدين عند الله السلم)‪.‬‬
‫‪ .2‬من الحقائق المسلّم بها أن كلمة "شالوم" العبرية و "سلم"‬
‫السريانية و "إسلم" العربية كلها من نفس الجذر السامي "شلم"‬
‫وتحمل نفس المعنى‪ ،‬وهذا أمر يعترف به جميع علماء اللغات‬
‫السامية‪ ،‬وفعل "شلم" يدل على الخضوع أو الستسلم‪ ،‬ول يوجد‬
‫نظام ديني في العالم يحمل اسما ً أو وصفا ً أفضل وأشمل من‬
‫السلم‪ .‬فالدين الحق لله الحق‪.‬‬
‫‪ .3‬أن إرميا هو النبي الوحيد قبل المسيح عليه السلم الذي استخدم‬
‫كلمة "شالوم" بمعنى الدين‪ ،‬وهو النبي الوحيد الذي يستخدم هذه‬
‫الكلمة بهدف إثبات صدق أحد من رسل الله‪ .‬أي أن إرميا هو‬
‫الوحيد قبل المسيح الذي جعل السلم هو المقياس الذي يعرف من‬
‫خلله النبي الصادق من الكاذب‪ ،‬وإل فإن إبراهيم وإسماعيل‬
‫وإسحاق ويعقوب وكافة الرسل عليهم السلم كانوا مسلمين‪،‬‬
‫واتخذوا السلم ديناً‪.‬‬
‫‪ .4‬أن دين السلم – أي السلم – هو وحده القادر على تحديد‬
‫الخصائص المميزة للنبي الصادق من النبي الكاذب‪ ،‬كما أنه ل يوجد‬
‫في العالم دين يتبنى ويدافع عن هذه الوحدانية المطلقة سوى‬
‫السلم‪.‬‬
‫البشارة الرابعة‪ :‬قال إرميا في الفصل الثاني والثلثين مخاطبا النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪( :‬اعدوا لي آلت الحرب‪ ،‬فإني أبدد بك‬
‫الشعوب‪ ،‬وأبدد بك الخيل وفرسانها وأبدد بك الطغاة والولة‪،‬‬
‫وأجازي بابل‪ ،‬وجميع سكان بلد الكلدانيين بجميع أوزارهم التي‬
‫ارتكبوها‪ .‬هذا قول الرب)‪ .‬وبمقارنة النهاية التي آلت إليها‬
‫المبراطورية الفارسية على أيدي المسلمين بما ورد في هذه‬
‫النبوة‪ ،‬نجد أن هذا الوعد لهذه المة السلمية‪ ،‬وذلك الوعيد‬
‫المتوعد به المة الفارسية قد تحقق فعل‪ ،‬وأقامه الله شاهدا ً من‬
‫شواهد التاريخ مصدقا ً لما وعد الله به المؤمنين على ألسنة رسله‬
‫وأوليائه‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬بشارة حزقيال‪:‬‬
‫مك مغروسة على الماء‬ ‫قال حزقيال في الفصل التاسع‪( :‬إن أ ّ‬
‫بدمك‪ ،‬فهي كالكرمة التي أخرجت ثمارها وأغصانها من مياه كثيرة‪،‬‬
‫وتفرعت منها أغصان كالعصى قوية مشرفة على أغصان الكابر‬

‫‪590‬‬
‫والسادات‪ ،‬وارتفعت وبسقت أفنانهن على غيرهن‪ ،‬وحسنت‬
‫أقدارهن بارتفاعهن والتفاف سعفهن‪ ،‬فلم تلبث الكرمة أن قلعت‬
‫بالسخط‪ ،‬ورمى بها على الرض‪ ،‬وأحرقت السمائم ثمارها‪ ،‬وتفرق‬
‫قواها‪ ،‬ويبس عصي عزها‪ ،‬وأتت عليها النار فأكلتها‪ ،‬فعند ذلك غرس‬
‫في البدو وفي الرض المهملة العطشى‪ ،‬وخرجت من أغصانه‬
‫الفاضلة نار أكلت ثمار تلك حتى لم يوجد فيها عصا قوية بعدها ول‬
‫قضيب ينهض بأمر السلطان)‪ .‬فتأمل ما في هذا النص من بلغة في‬
‫التصوير‪ ،‬ودقة في التعبير‪ ،‬فشبه المة اليهودية إبان عزها وسؤددها‬
‫– لما كانت تعيش تحت مظلة النبياء – بالكرمة الحسنة‪ ،‬وبعد أن‬
‫نزعت منها النبوة‪ ،‬وأغضبت ربها استأصل شأفتها‪ ،‬واقتلع جذورها‪،‬‬
‫فذرتها الرياح‪ ،‬وأكلتها النار‪ ،‬وانتهى مجدها‪ .‬واستبدل الله بها أمة‬
‫هي خير أمة أخرجت للناس‪ ،‬وشبهها بشجرة قد غرست في أرض‬
‫البادية العطشى من الماء المعنوي والحسي‪ ،‬فأثمرت هذه الشجرة‬
‫الغصان الفاضلة التي قضت على تلك الشجرة الولى ولم تبق فيها‬
‫عصا ول قضيباً‪ .‬وهذا حال المة اليهودية والمة السلمية التي‬
‫أشرق عزها‪ ،‬وتوسع نفوذها‪ ،‬حتى شمل بلد بني إسرائيل وغيرها‪.‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬قال دانيال في الصحاح السابع‪( :‬إن ملكوت الله‬
‫وعظمة المملكة الممتدة تحت رقعة السماء كلها سوف تعطي‬
‫لعباد الله تعالى وأوليائه‪ .‬وسيكون ملكوتهم هذا مملكة أبدية‪،‬‬
‫تخدمها جميع الممالك الخرى‪ ،‬وتعمل بطاعتها) إن هذه البشارة‬
‫لتدل بوضوح على أن في السلم توجد وحدة ل انفصام لها بين‬
‫الدين والدولة‪ .‬فالسلم ليس دينا ً فحسب‪ ،‬بل أيضا ً المملكة‬
‫الدنيوية‪ .‬ول بد من إلقاء نظرة خاطفة على التدرج التأريخي لهذا‬
‫الملكوت حتى بلغ غايته‪ ،‬واكتمل بناؤه على يد سيدنا محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬وهذا التدرج هو كما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن السلم قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم تمثله دولة تحكم‬
‫باسمه وتدافع عنه‪ ،‬وإنما كان السلم دينا ً قائما ً في حياة القوام‬
‫التي آمنت به‪ ،‬ولم تقم له دولة في حياتهم‪ ،‬بل كان السلطان‬
‫والقوة في أيدي الكفرة الوثنيين‪ ،‬في العموم الغالب‪ ،‬ويستثنى من‬
‫ذلك فترات حكم كل من سليمان وداود ويوشع عليهم السلم‪.‬‬
‫‪ .2‬إن المسيح عليه السلم قد بشر تلميذه باقتراب ملكوت الله‪.‬‬
‫وهذا الملكوت يعني وجود دين ومجتمع قوي من المؤمنين بالله‪،‬‬
‫وهذا المجتمع يتسلح باليمان بالله وبالسيف لقتال أعدائهم الذين‬

‫‪591‬‬
‫يريدون أن يحولوا بينهم وبين تبليغ كلمة الله إلى البشرية‪ ،‬أو بمعنى‬
‫أوضح‪ :‬إن ملكوت الله هو السلم‪ .‬إذا ً فالمسيح عليه السلم بشر‬
‫تلميذه باقتراب ظهور السلم على يد محمد صلى الله عليه‬
‫ً‬
‫وسلم ‪ ،‬وأكد لليهود أن النبي الذي تنتظره اليهود ليس يهوديا‪ ،‬ول‬
‫من نسل داود عليه السلم‪ ،‬بل هو من نسل إسماعيل عليه السلم‬
‫واسمه أحمد‪ ،‬وسيقيم الدولة السلمية وفق المنهج الذي ارتضاه‬
‫الله لهم‪ ،‬وهذه الدولة مؤيدة بنصر الله ثم بسواعد المجاهدين في‬
‫سبيله‪.‬‬
‫‪ .3‬طبيعة هذا الملكوت وتكوينه‪ :‬يتألف هذا الملكوت من المؤمنين‬
‫بالله الذين يلزمهم ذكر الله سبحانه وتعالى في كل أحوالهم‪ ،‬فل‬
‫يقومون بأي عمل إل ويبدءونه بذكر الله‪ ،‬ويحمدونه بعد النتهاء منه‪.‬‬
‫وطبيعة هذا الملكوت أنه يتكون في جوهره من شقين‪ :‬الول‪ :‬دين‬
‫صحيح قائم على وجه الرض وفق المنهج الذي ارتضاه الله في‬
‫كتابه القرآن‪ .‬والثاني‪ :‬دولة إسلمية تقوم على هذا المنهج ويتصف‬
‫المؤمنون بهذا المنهج بما يأتي‪:‬‬
‫أ ) أنهم يكونون أمة واحدة تربطهم أخوة واحدة هي أخوة الدين‪.‬‬
‫ب) أنهم كما وصفهم دانيال‪ :‬جماعة القديسين‪ .‬وهذه صفة تنطبق‬
‫على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والنصار‬
‫وعلى سائر المؤمنين بالله‪.‬‬
‫‪ .4‬ديمومة هذه المملكة ورفعة شأنها‪ :‬هذه الحقيقة أكدها دانيال‬
‫بقوله‪ :‬إن جميع المم تحت قبة السماء تخدم شعب البرار العامل‬
‫بطاعة الله‪ .‬ولم تتحقق هذه الصفة – وهي خدمة المم – إل للمة‬
‫السلمية التي خدمتها المم في مشارق الرض ومغاربها‪ .‬ومن‬
‫دواعي استمرار هذه المة وديمومتها أنها ل تعرف التمييز الطبقي‬
‫في تشريعاتها بين أفرادها فالكل سواء أمام شرع الله‪ ،‬ل فرق بين‬
‫البيض والسود أو بين الحاكم والمحكوم‪.‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قال دانيال‪( :‬طوبى لمن أمل أن يدرك اليام اللف‬
‫والثلثمائة والخمسة والثلثين)‪ .‬قال المهتدي الطبري‪( :‬فأعملت فيه‬
‫الفكر فوجدته يوحي إلى هذا الدين‪ ،‬وهذه الدولة العباسية خاصة‪،‬‬
‫وذلك أنه ل يخلو دانيال من أن يكون أراد بهذا العدد‪ :‬اليام والشهور‬
‫والسنين‪ ،‬أو سرا من أسرار النبوة بخرجه الحساب‪ .‬فإن قال قائل‪:‬‬
‫إنه أراد به اليام‪ .‬فإنه لم يحدث لبني إسرائيل‪ ،‬ول في العالم بعد‬
‫أربع سنين فرح ول حادثة سارة‪ ،‬ول بعد ألف والثلثمائة وخمسة‬

‫‪592‬‬
‫وثلثين شهراً‪ ،‬فإن ذلك مائة وإحدى عشر سنة وأشهر‪ .‬فإن قالوا‪:‬‬
‫عني به السنين‪ .‬فإنما ينتهي ذلك إلى هذه الدولة‪ ،‬لن من زمن‬
‫دانيال إلى المسيح نحوا ً من خمسمائة سنة‪ ...‬ومن المسيح إلى‬
‫سنتنا هذه ثمانمائة وسبع وستون سنة ينتهي ذلك إلى هذه الدولة‬
‫العباسية منذ ثلثين سنة‪ ،‬أو يزيد شيئاً)‪.‬‬
‫وبمقارنة هذا التاريخ الميلدي بالتاريخ الهجري تكون السنة التي‬
‫أشار إليها هي سنة ‪253‬هـ تقريباً‪ .‬ولعل في هذه البشارة سرا ً عجيباً‬
‫وهو الشارة إلى بلوغ الدولة السلمية غاية مجدها‪ ،‬وكمال‬
‫سيطرتها‪ ،‬ونهاية فتوحاتها‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬بشارات هوشاع‪:‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬قول هوشاع‪( :‬قال الرب‪ :‬إني أنا الرب الله الذي‬
‫رعيتك في البدو‪ ،‬وفي أرض خراب قفر غير مأهول‪ ،‬ليس بها‬
‫أنيس)‪ .‬قال المهتدي الطبري‪ :‬فلسنا نعرف أحدا ً رعاه الله في‬
‫البدو‪ ،‬وفي أرض قفر غير النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قال هوشاع يصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫(إنها أمة عزيزة لم يكن مثلها قط ول يكون‪ ،‬وإن النار تحرق أمامها‪،‬‬
‫وتتوقد خلفها الضرائر)‪ .‬ولم تنل أمة من العز والمنعة والسلطان‬
‫في فترة طويلة وعلى رقعة واسعة كما نالت المة السلمية‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬بشارة ميخا‪:‬‬
‫قال ميخا‪( :‬إنه يكون في آخر اليام جبل بيت الرب مبنيا ً على قلل‬
‫الجبال‪ ،‬وفي أرفع رؤوس العوالي‪ ،‬وتأتيه جميع المم‪ ،‬وتسير إليه‬
‫أمم كثيرة‪ ،‬وهم يقولون‪ :‬تعالوا نطلع جبل الرب)‪ .‬ويرى الطبري أن‬
‫هذا النص يتضمن صفة مكة‪ .‬بينما يرى الترجمان أن الجبل المشار‬
‫إليه هو جبل عرفات‪ ،‬وأن المة المشار إليها في النص الذي أورده‬
‫الترجمان هي المة السلمية‪ .‬وعلى كل الحالين فهذه النبوة شاهدة‬
‫ومبشرة بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ومبينة صفة‬
‫أمته‪ ،‬ومشاعر ملته‪.‬‬
‫وقد حرف آخر هذا النص في الطبعة التي بين يدي فصار هكذا (‪...‬‬
‫هلم نصعد إلى جبل الرب‪ ،‬وإلى بيت إله يعقوب من طرقه‪ ،‬ونسلك‬
‫في سبيله‪ ،‬لنه من صهيون تخرج الشريعة‪ ،‬ومن أورشليم كلمة‬
‫الرب)‪ .‬وقد أعماهم الله عن تحريف أول هذا النص‪ ،‬حتى يبقى‬
‫شاهدا ً على الحقيقة‪ ،‬دال ً على النبوة‪ .‬وقد توقع المهتدي الطبري‬

‫‪593‬‬
‫مثل هذا التحريف فقال‪ :‬عني بيت المقدس‪ .‬فكيف يصح له ذلك ؟‬
‫وقد بين الله أن يكون ذلك في آخر اليام‪ ,‬وكان بيت المقدس في‬
‫زمان هذا النبي موجوداً‪ ،‬وإنما تنبأ النبي على شيء يحدث‪ ،‬ل على‬
‫ما كان ومضى)‪.‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬بشارة حبقوق‪:‬‬
‫قال حبقوق‪( :‬إن الله جاء من التيمن‪ ،‬والقدوس من جبل فاران‪.‬‬
‫لقد انكسفت السماء من بهاء محمد‪ ،‬وامتلت الرض من حمده‪،‬‬
‫ويكون شعاع منظره مثل النور‪ ،‬يحوط بلده بعزه‪ ،‬وتسير المنايا‬
‫أمامه‪ ،‬وتصحب الطير أجناده‪ .‬قام فمسح الرض‪ ،‬ثم تأمل المم‬
‫وبحث عنها‪ ،‬فتضعضعت الجبال القديمة‪ ،‬واتضعت الروابي الدهرية‪،‬‬
‫وتزعزعت ستور أهل مدين‪ ،‬ولقد حاز المساعي القديمة‪ ،‬وغضب‬
‫الرب على النهار‪ .‬فرجزك في النهار‪ ،‬واحتدام صولتك في البحار‪،‬‬
‫ركبت الخيول‪ ،‬وعلوت مراكب النقاذ والغوث‪ ،‬وستترع في قسيك‬
‫إغراقا ً وترعاً‪ ،‬وترتوي السهم بأمرك يا محمد ارتواءً‪ ،‬وتحرث الرض‬
‫بالنهار‪ .‬ولقد رأتك الجبال فارتاعت‪ ،‬وانحرف عنك شئويوب السيل‪،‬‬
‫ونعرت المهاوي نعيرا ً ورعياً‪ ،‬ورفعت أيديها وجل ً وخوفاً‪ ،‬وتوقفت‬
‫الشمس والقمر عن مجراهما‪ ،‬وسارت العساكر في بريق سهامك‬
‫ولمعان نيازكك‪ ،‬تدوخ الرض غضباً‪ ،‬وتدوس المم رجزاً‪ ،‬لنك‬
‫ظهرت لخلص أمتك‪ ،‬وإنقاذ شريعة آبائك)‪ .‬هذا النص أورده‬
‫المهتدي الطبري بهذه الصيغة‪ ،‬وورد لدى كل من الشيخ زيادة‪،‬‬
‫والترجمان‪ ،‬وإبراهيم خليل أحمد‪ :‬بصور مختلفة طول ً وقصراً‪ ،‬مع‬
‫اختلف يسير في العبارات‪ ،‬واتفاقهم على محتوى السطر الول‪.‬‬
‫واتفق أيضا ً كل من الترجمان والشيخ زيادة وإبراهيم خليل على أن‬
‫المراد بجبال فاران هي جبال مكة‪ .‬وأشار الطبري والشيخ زيادة‬
‫إلى أن هذه النبوة موافقة لنبوة موسى عليه السلم الواردة في‬
‫سفر التثنية وهي قوله‪( :‬جاء الله من سيناء‪ ،‬وأشرق من ساعير‪،‬‬
‫وتلل من جبال فاران)‪ .‬كما أشار الشيخ زيادة إلى أن هذه النبوة‬
‫موافقة لنبوة أشعياء التي ذكر فيها أن حوافر خيله مثل الصوان‬
‫الذي ينبعث منه الشرر‪ .‬وقد سبق الحديث عنهما‪ .‬وأكد المهتدي‬
‫الطبري والشيخ زيادة على أن هذا الوصف الوارد في هذه النبوة‬
‫عن الخيل والسهام والسيوف‪ ،‬إنما ينطبق على جيوش محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم وقال المهتدي الطبري بعد أن أورد تطابق هذه‬
‫النبوة مع حالة صلى الله عليه وسلم‪( .‬فإن لم يكن هو الذي وصفتا‬
‫– أي محمد صلى الله عليه وسلم – فمن إذا ً ؟ لعلهم بنو إسرائيل‬

‫‪594‬‬
‫المأسورون المسببون‪ ،‬أو النصارى الخاضعون المستسلمون‪ .‬وكيف‬
‫يكون ذلك وقد سمي فيها النبي مرتين ووصف عساكره وحروبه‬
‫‪.)...‬‬
‫وإن الستفاضة في تأمل هذه النبوة ‪ ،‬واستخراج ما أشارت إليه‪،‬‬
‫وبسطه‪ ،‬لتعجز عنه هذه الصفحات ‪ ،‬لنه يستغرق كتاباً‪ ،‬وليس‬
‫المجال هنا مجال البسط والتوسع‪ ،‬وإنما هو الستدلل والشارة‬
‫فقط‪ .‬ولكن استوقفتني بعض العبارات التي اشتمل عليها هذا‬
‫النص‪ ،‬ولم أر هؤلء الذين مر ذكرهم تعرضوا لها‪ ،‬فأردت أن أقف‬
‫عندها وقفة يسيرة تكشف ما في النفس‪ ،‬ول تطيل البحث‪ .‬وأول‬
‫هذه العبارات هي قوله‪( :‬قام فمسح الرض)‪ .‬وهذه العبارة تحاكي‬
‫قوله صلى الله عليه وسلم‪( :‬إن الله زوى لي الرض فرأيت‬
‫مشارقها ومغاربها‪ ،‬وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ‪ )...‬أما‬
‫الثانية فهي قوله‪( :‬لنك ظهرت لخلص أمتك‪ ،‬وإنقاذ تراث آبائك)‪.‬‬
‫فمن أباؤه؟ إنهم إبراهيم وإسماعيل‪ ،‬وما هو إرثهم ؟ هل هو الملك‬
‫أم الموال أم ماذا ؟؟ إنه التوحيد والرسالة قال تعالى (إن أولى‬
‫الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي‬
‫المؤمنين) وقال تعالى‪( :‬قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم‬
‫والذين آمنوا معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من‬
‫دون الله)‪.‬‬
‫الحادي عشر‪ :‬بشارة صفتيا‪:‬‬
‫قال صفتيا‪( :‬يقول الرب‪ :‬أيها الناس ترجوا اليوم الذي أقوم فيه‬
‫للشهادة‪ ،‬فقد حان أن أظهر حكمي بحشر المم كلها وجميع‬
‫الملوك‪ ،‬لصب عليهم رجزي‪ ،‬وأليم سخطي‪ ،‬فستحترق الرض كلها‬
‫احتراقا ً بسخطي ونكيري‪ .‬هناك أجدد للمم اللغة المختارة‪ ،‬ليذوقوا‬
‫اسم الرب جميعاً‪ ،‬ويعبدوه في ربقة واحدة معا ً ويأتون بالذبائح في‬
‫تلك اليام من معابر أنهار كوش)‪ .‬قال المهتدي الطبري معلقا ً على‬
‫هذه النبوة‪ :‬وهذا صفنيا قد نطق بالوحي وأخبر عن الله بمثل ما‬
‫أدى أصحابه‪ ،‬ووصف المة التي تشهد أن ل إله إل الله وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬وتجتمع على عبادته‪ ،‬وتأتيه بالذبائح من سواحل السودان‬
‫ومعابر النهار واللغة المختارة هي اللسان العربي المبين ‪ ...‬وهي‬
‫التي قد شاعت في المم فنطقوا بها‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬بشارة حجي‪:‬‬

‫‪595‬‬
‫قال حجي‪( :‬ولسوف أزلزل كل المم‪ ،‬وسوف يأتي "حمدا" "‬
‫‪ "Himada‬لكل المم‪ ،‬وسوف أمل هذا البيت بالمجد‪ ،‬هكذا قال رب‬
‫الجنود‪ ،‬ولي الفضة‪ ،‬ولي الذهب‪ ،‬هكذا يقول رب الجنود‪ ،‬وإن مجد‬
‫ذلك البيت الخير يكون أعظم من مجد الول‪ .‬هكذا يقول رب‬
‫الجنود‪ ،‬وفي هذا المكان أعطى السلم‪ .‬هكذا يقول رب الجنود)‪.‬‬
‫وقد ترجمت كلمتي "حمدا" و "شالوم" العبريتين إلى المنية‪ ،‬أو‬
‫المشتهى‪ ،‬أو السلم‪ .‬وعندئذ تفقد هذه النبوة ما اشتملت عليه من‬
‫معنى وتصبح ول قيمة لها‪ .‬ولكن الترجمة الصحيحة لهذه العبارات‬
‫هي أن "شالوم" أو "شلما" و "حمدا" تترجم إلى السلم‪ ،‬وأحمد‪.‬‬
‫وتؤدي نفس الدللة التي تؤديها تلك العبارات السابقة وبنفس‬
‫الهمية‪ .‬وبين المهتدي عبد الحد داود أصول هذه الكلمات ووضح ما‬
‫ذهب إليه من أنها تترجم إلى السلم‪ ،‬وأحمد‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أ ) إن كلمة "حمدا" تقرأ باللغة العبرية الصلية هكذا‪( :‬في يافوا‬
‫حمداث كول هاجوييم) والتي تعني حرفياً‪( :‬وسوف يأتي حمدا ً لكل‬
‫المم)‪ .‬وعليه فإن الحقيقة الناصعة تبقى بأن كلمة "أحمد" هي‬
‫الصيغة العربية لكلمة "حمدا" العبرية‪ ،‬وهذا التفسير تفسير قاطع ل‬
‫ريب فيه‪ .‬ولقد جاء في القرآن الكريم في سورة الصف‪( :‬وإذ قال‬
‫عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا ً لما‬
‫بين يدي من التوارة ومبشرا ً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)‪.‬‬
‫ب) إن كلمة "شالوم" و "شلما" بالعبرية و "سلم" و "إسلم"‬
‫باللغة العربية هما مشتقتان من أصل واحد‪ ،‬وتعنيان نفس المعنى‬
‫وهو السلم والذعان أو الستسلم‪.‬‬
‫وبعد هذا التوضيح من قبل هذا المهتدي لهذه اللفاظ ذكر عددا ً من‬
‫البراهين التي استند إليها فيما ذهب إليه‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ .1‬إن القرابة والعلقة والتشابه بين هذين التعبيرين "حمدا" و‬
‫"أحمد" وكذلك التشابه في الصل الذي اشتق السم منهما ل يترك‬
‫أدنى جزء من الشك‪ ،‬لن المفهوم من الجملة هو (وسوف يأتي‬
‫حمدا لكل المم) إنما هو "أحمد" أي محمد‪ ،‬ول يوجد أدنى صلة في‬
‫أصل اللفاظ ول في تعليلها بين كلمة "حمد" وبين السماء الخرى‬
‫كمثل يسوع أو المسيح أو المخلص‪.‬‬
‫‪ .2‬لو سلمنا جدل ً بالصيغة العبرية لكلمة "حمده" وأنها مجرد معنى‬
‫اسمي لكلمات "أمنية أو مشتهى أو شهوة أو مدح" فإن هذا الجدل‬
‫هو في صالح ما نطرحه من بحث هنا‪ ،‬وذلك لن الصيغة العبرية‬

‫‪596‬‬
‫تكون بحسب أصول الكلمات متساوية تماما ً بالمعنى والتشبيه أو‬
‫حتى في التطابق لكلمة "حمدا" وعلى أية حال فإن صلتها بـ‬
‫"أحمد" أو "أحمدية" هي صلة قاطعة‪ ،‬وليس لها علقة أبدا ً بـ‬
‫"يسوع" أو "اليسوعية"‪,.‬‬
‫‪ .3‬إن هيكل "زورو بابل" كان يجب أن يكون أعظم مجدا ً من هيكل‬
‫سليمان عليه السلم‪ ،‬ذلك لن "ملخي" تنبأ بأن الرسول العظيم ل‬
‫بد أن يزوره فجأة‪ ،‬وهذا احصل فعل ً عندما زاره الرسول محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم ليلة السراء‪.‬‬
‫‪ .4‬إن "أحمد" وهي الصيغة الخرى لسم محمد ومن نفس المصدر‬
‫والتعبير ومعناه "المجد"‪ ،‬وفي خلل رحلته الليلية صلى الله عليه‬
‫وسلم زار تلك البقعة المقدسة كما ينص القرآن الكريم على ذلك‪،‬‬
‫وهناك أدى الصلة المباركة بحضور جميع النبياء عليهم السلم كما‬
‫تدل أحاديثه الشريفة‪ ،‬وبهذا يتحقق المجد‪.‬‬
‫‪ .5‬إن تسمية خاتم النبياء بـ "محمد" أو "أحمد" من أعظم‬
‫المعجزات‪ ،‬لنه أول اسم عرف بهذه الصفة في تاريخ البشرية‪.‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬بشارات زكريا عليه السلم‪:‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬قال النبي زكريا عليه السلم في الصحاح الثامن‪:‬‬
‫(هكذا يقول رب الجنود‪ :‬في تلك اليام يجتمع عشرة رجال من كل‬
‫لسانات الشعوب ويتمسكون بذيل رجل حميد‪ ،‬أعني أبو حيد‪،‬‬
‫ويقولون‪ :‬لنذهب معك‪ ،‬لننا سمعنا أن الله معك) أورد المهتدي‬
‫الشيخ زيادة هذه البشارة بلفظها العبري ثم ترجمها إلى اللغة‬
‫العربية‪ ،‬وأطال الكلم حول هذه البشارة واشتقاقات اسم "حميد‬
‫وأحمد" وبين أنه ظل سنين طويلة وهو يقرأ هذه النبوة ويفهمها‬
‫على وفق الترجمة اليهودية‪ ،‬حتى يسر الله له كتب أصول اللغة‬
‫العبرية – وكانت شبه معدومة – فوقف من خللها على حقيقة هذا‬
‫اللفظ "يا أودي" وأنه إذا ترجم إلى اللغة العربية صار‪" :‬حميد"‪.‬‬
‫الرابع عشر‪ :‬بشارات ملخي‪:‬‬
‫البشارة الولى‪ :‬قال ملخي مخبرا ً عن الله أنه قال‪( :‬انظروا‪ ،‬إنني‬
‫أبعث برسولي‪ ،‬وسوف يمهد السبيل أمامي‪ ،‬وسوف يأتي فجأة إلى‬
‫هيكله السيد الذي تبحثون عنه‪ ،‬ورسول العهد الذي ترغبون‪ .‬انظروا‬
‫إنه قادم‪ .‬هكذا يقول رب الجيوش أو الجموع) ويرى المهتدي عبد‬
‫الحد داود أن التحديد الدقيق لموضوع هذه النبوة أمر في غاية‬

‫‪597‬‬
‫الهمية‪ ،‬لن الكنائس المسيحية اعتقدت منذئذ أن المقصود بها‬
‫شخصان‪ .‬ومما يدحض هذا الزعم انتهجته الكنائس ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن السيد أو الرسول الموعود كلف بتأسيس وإقامة دين قويم‬
‫صالح‪ ،‬ومكلف بإزالة كافة العقبات التي تحول بين البشرية وربها‪،‬‬
‫ومكلف أيضا ً بأن يجعل الطريق سهل ً ممهدا ً مستنيرا ً ‪ ...‬وبالتأكيد‬
‫فإن الرسول الرفيع الشأن المبعوث من الله لم يكن قادما ً لصلح‬
‫الطريق من أجل حفنة من اليهود‪ ،‬ولكن من أجل إقامة دين عام‬
‫وثابت للناس كافة‪ ،‬والديانة اليهودية ديانة خاصة لشعب خاص‪ ،‬هذا‬
‫بالضافة إلى ما تشتمل عليه من طقوس وتضحيات‪ ،‬وخلوها من‬
‫العقائد اليمانية اليجابية‪ ،‬كل ذلك يفقد هذه الديانة جوهرها‪،‬‬
‫ويجعلها غير ملئمة إطلقا‪ ،‬وغير واقعية باحتياجات الشعوب‬
‫المختلفة‪ ،‬أما الديانة النصرانية فإن طقوسها السبعة‪ ،‬واعتقادها‬
‫بالخطيئة الصلية‪ ،‬وتجسد الله والتثليث – وهي أمور لم تعهد في‬
‫الديانات السابقة – بالضافة إلى افتقادها إلى كتابها الصلي الذي‬
‫أنزل على مؤسسها عليه السلم‪ ،‬كل ذلك يجعلها غير مؤهلة لن‬
‫تقدم خيرا ً للبشر‪ .‬وإذا كان الرسول الخاتم مكلفا ً بإلغاء هذين‬
‫الدينين‪ ،‬وإقامة دين إبراهيم وإسماعيل ودين كافة النبياء على‬
‫أسس وتعاليم تصلح للبشر كافة‪ ،‬فإن هذا الدين الذي أقامه ودعا‬
‫إليه هو الصراط المستقيم‪ ،‬وهو أقرب الطرق الموصلة إلى الله عز‬
‫وجل‪ ،‬وأسهل الديان لعبادته‪ ،‬وأسلم العقائد الباقية على طهارتها‬
‫ونقائها البدي‪ .‬إذا كان منوطا ً بهذا الرسول المبشر به في هذا‬
‫النص أن يرسخ هذا الدين‪ ،‬ويقيم الوحدانية‪ ،‬ويحول دون تدخل‬
‫الوسطاء بين الله والناس‪.‬‬
‫‪ .2‬هذا النص أكد على أن هذا الرسول المبشر به ل بد أن يصل‬
‫بصورة مفاجئة إلى بيت المقدس‪ ،‬منطلقا ً من الحرم الول "مكة"‬
‫وهذا ما تحقق في ليلة السراء‪ ،‬وهذا يعني أن مهمة هذا الرسول‬
‫تطهير هذه البقاع من الوثنية‪ ،‬ويلقن روادها الوحدانية‪ ،‬واليمان‬
‫بالله الواحد الحد‪ .‬وإذا تحقق هذا فهو بمثابة بناء طريق جديد يربط‬
‫العبد بربه‪ ،‬وهذا الطريق الذي شرعه هو دين عالمي شامل يدعو‬
‫إلى إلغاء الوسائط بين الله وعباده‪ ،‬فل قديس ول قسيس‪ ،‬ول سر‬
‫مقدس‪ .‬وهذا لم يتحقق إل على يد الرسول المنعوت بأنه "محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم "‪.‬‬

‫‪598‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قول ملخي‪( :‬هاأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل‬
‫مجيء يوم الرب‪ ،‬اليوم العظيم والمخوف‪ ،‬فيرد قلب الباء على‬
‫البناء‪ ،‬وقلب البناء على آبائهم‪ ،‬لئل آتي وأضرب الرض بلعن)‪ .‬قال‬
‫المهتدي النجار‪( :‬والمعنى أن الله يرسل قرب الساعة النبي أحمد‬
‫صلى الله عليه وسلم "فيرد قلب الباء على البناء" يرد بني‬
‫إسماعيل – أعمام بني إسرائيل – إلى حقيقة وحي النبياء‬
‫والمرسلين من أبناء أخيهم إسحاق "وقلب البناء على آبائهم" ويرد‬
‫اليهود والنصارى على دين آبائهم النبياء نوح وإبراهيم وإسماعيل‬
‫وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى‪ ،‬قال تعالى‪( :‬شرع لكم من‬
‫الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم‬
‫وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ول تتفرقوا فيه)‪.‬‬
‫تأمل ما في هذه البشارة من الوعد بمجيئه صلى الله عليه وسلم‬
‫قبل يوم القيامة مع قوله صلى الله عليه وسلم‪( :‬بعثت أنا والساعة‬
‫هكذا‪ .‬ويشير بأصبعيه فيمد بهما)‪.‬‬
‫هذه أسفار العهد القديم شاهدة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫شهادة ل تقبل التضليل‪ ،‬مصرحة باسمه ولغته وصفة أمته صراحة ل‬
‫تحتمل التأويل‪ ،‬فمن كان طالبا ً للحق اتبعه إذا قام عليه الدليل‪،‬‬
‫فكيف إذا تظافرت عليه الدلة والبراهين‪ ،‬والحق هنا شهادة العهد‬
‫التقديم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم‪ .‬فمن أراد أن يدفع‬
‫اليقين بأوهن الشكوك‪ ،‬وأفسد التأويل‪ ،‬ويدعي – مماحكة ومجادلة‬
‫– أن هذه النبوات والشهادات وردت في حق عيسى عليه السلم –‬
‫فيقال له ليس بعد التصريح بذكر اسمه وصفته وخبره وبلده وأمته‬
‫– مجال للتأويل والحتمال‪ .‬كيف وقد شهد المسيح عليه السلم‬
‫بنبوته وأخبر تلمذته باقتراب ظهور محمد صلى الله عليه وسلم ؟؟‬
‫وهذه الشهادة ما يماثلها من شهادات العهد الجديد هي ما سيكون‬
‫الحديث عنه في المطلب التالي‪.‬‬
‫============================‬
‫بعد تكرار نشر صور ساخرة لخاتم النبياء‬

‫نشرت جريدة الحياة اللندنية في ‪21/12/1426‬هـ‪:‬‬


‫بعد تكرار نشر صور ساخرة لخاتم النبياء‪ :‬بعد الدنمارك ‪ ...‬النروج‬
‫مرشحة لحملة مقاطعة شعبيبة في السعودية ورسائل الجوال‬
‫تتصدى للحملة‬

‫‪599‬‬
‫الدمام ‪ -‬محمد المرزوق الحياة ‪//21/01/06 -‬‬
‫شهدت السابيع الماضية تداول رسائل عبر الجوال وعدد من مواقع‬
‫النترنت تدعو إلى مقاطعة البضائع الدنمركية‪ ،‬على خلفية نشر‬
‫إحدى صحفها رسوما ً للكاريكاتير تسيئ إلى شخص الرسول محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وتضمنت بعض الرسائل عددا ً من المنتجات‬
‫الدانمركية المطلوب مقاطعتها‪ ،‬ومن ضمنها «زبدة لورباك‪ ،‬وحليب‬
‫نيدو‪ ،‬وأنكور‪ ،‬وأجبان بوك‪ ،‬وجميع أجبان الدنمارك»‪ .‬مع توصية‬
‫بنشر الرسالة إلى أكبر عدد ممكن‪ ،‬وشبه أحدهم هذه الحملة‬
‫بحملة مقاطعة البضائع الميركية التي خلفت خسائر غير قليلة‪.‬‬
‫وتعود قصة الرسوم الكاريكاتيرية «كما ينقل أحد مواقع النترنت»‬
‫إلى طلب مؤلف كتب أطفال دنماركي من رسام الكاريكاتير‬
‫المكلف بوضع صورة لغلف كتاب‪ ،‬على أن تكون الصورة رسماً‬
‫كاريكاتيريا ً للرسول محمد‪ ،‬وحين أبدى الرسام رفضه ذلك الطلب‪،‬‬
‫قام المؤلف بإعلن مسابقة لرسم الرسول في صحيفة « جيلندر‬
‫بوستن»‪.‬‬
‫وتفاعل مع المسابقة ‪ 12‬رساما ً وقدموا رسومهم المسيئة إلى‬
‫الرسول الكريم‪ ،‬في ‪ 26/8/1426‬هجرية‪ ،‬الموافق ‪ 30‬أيلول (سبتمبر)‬
‫وتصور الرسوم الرسول في أشكال مختلفة‪ ،‬من بينها رسم يظهره‬
‫مرتديا ً عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه‪ ،‬وانتقلت الصور إلى‬
‫شبكة النترنت في ما بعد‪ ،‬وتناقلها عدد من وكالت النباء العالمية‪.‬‬
‫وخلفت تلك الصور ردود فعل متفاوتة سواء من جانب المسلمين‬
‫في الدنمارك أو خارجها‪ ،‬وطالبت جهات رسمية عربية وإسلمية‬
‫عدة وضع حد لهذا التجاوز‪ ،‬وكانت الجامعة العربية على رأس‬
‫المطالبين ممثلة في أمينها العام عمرو موسى‪ ،‬وكذلك وزراء‬
‫خارجية الدول السلمية ومنظمة المؤتمر السلمي التي استنكرت‬
‫العمل في اجتماعها الخير في السعودية‪.‬‬
‫ولم تنص مطالب الجهات الرسمية على أي نوع من العقوبات على‬
‫الدنمارك سواء اقتصادية أو غيرها‪ ،‬وعلى خلف ذلك اتخذت أوساط‬
‫شعبية في العالم السلمي ردا ً أكثر صرامة بالدعوة إلى مقاطعة‬
‫البضائع الدنماركية وأيضا ً الدعوة إلى تقديم الصحيفة إلى المحاكمة‬
‫وعدم التذرع بـ «حرية التعبير والصحافة»‪.‬‬
‫ويذكر أن المتحدث الرسمي باسم «اللجنة العالمية لنصرة خاتم‬
‫النبياء» المهندس سليمان البطحي أعلن أنه «بالتنسيق مع الجالية‬

‫‪600‬‬
‫السلمية في الدنمارك‪ ،‬تم رفع دعوى قضائية ضد الصحيفة التي‬
‫نشرت الرسوم الكاريكاتيرية‪ ،‬وتم رفضها من جانب المحكمة بحجة‬
‫حرية الرأي‪ ،‬وسيتم استئناف القضية إلى أن تعتذر الصحيفة عن ما‬
‫قامت به»‪.‬‬
‫وأنكر عدد من المسلمين إضافة إلى مواطنين دانماركيين هذه‬
‫السخرية‪ ،‬ووجهوا رسائل إلى الحكومة وإلى الصحيفة مطالبين‬
‫بالعتذار عن هذا العمل‪ .‬وشهدت العاصمة الدانماركية «كوبنهاجن»‬
‫تظاهر أكثر من خمسة آلف مسلم ومتعاطف مع القضية ضد‬
‫الصحفية مطالبين بالعتذار‪.‬‬
‫ويظهر أن عدوى السخرية من الرسول الكريم انتقلت إلى النروج‬
‫وذلك بقيام صحيفة «مغازينت» بنشر صور ساخرة على الرسول‪،‬‬
‫ما دعا منظمة المؤتمر السلمي وأمانة مجلس التعاون الخليجي‬
‫إلى استنكار هذا الفعل والمطالبة بوضع حد له‪.‬‬
‫وفي وقت سابق اعتبرت ملكة الدنمارك مارغريت الثانية أنه من‬
‫الضروري «أخذ التحدي الذي يشكله السلم على محمل الجد‪،‬‬
‫سواء على الصعيد المحلي أو العالمي»‪ .‬وجاء ذلك في كتاب‬
‫مذكرات جديد‪.‬‬
‫وحذرت في الكتاب الذي حمل اسم «مارغريت» وكتبته الصحافية‬
‫انيليس بيستروب من انه «تحد نحن مرغمون على أخذه على‬
‫محمل الجد‪ ،‬لقد تركنا هذه المسألة قائمة لفترة طويلة جدا ً لننا‬
‫متسامحون ويسيطر علينا الخمول»‪.‬‬
‫وذكرت في كتابها أنه «يجب التصدي للسلم ويجب من حين لخر‬
‫أن نواجه مخاطر أن نوصف بأننا اقل مجاملة‪ ،‬لن هناك بعض‬
‫المور التي ل يمكن التسامح حيالها»‪.‬‬
‫ويضيف الكتاب «وحين نكون متسامحين يجب أن نعرف ما إذا كان‬
‫ذلك عن قناعة أو عن راحة»‪ .‬وتابعت الملكة «المر ل يتعلق فقط‬
‫بالتحدث أو فهم اللغة الدنماركية وإنما معرفة مصطلحات هذه اللغة‬
‫وعلينا مساعدتهم في ذلك»‪.‬والملكة هي رئيسة الكنيسة النجيلية‪-‬‬
‫اللوثرية التي يتبعها ‪ 85‬في المائة من سكان الدانمارك البالغ‬
‫عددهم ‪ 5.4‬مليون نسمة‪ ،‬وهناك نحو ثلثة في المائة من‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫تبادل تجاري مزدهر بين الدولتين‬

‫‪601‬‬
‫ويتخوف عدد من القتصاديين أن تؤثر دعوى المقاطعة في التبادل‬
‫التجاري بين السعودية والدانمارك‪ ،‬وبخاصة أن العلقات التجارية‬
‫بين البلدين سجلت نموا ً ثابتا ً على مدى العقد الخير‪ ،‬وشهد التبادل‬
‫التجاري بين الدولتين نموا ً في شكل سريع خلل السنوات الخيرة‪.‬‬
‫وتعتبر السعودية اليوم الشريك التجاري الكثر أهمية بالنسبة‬
‫للدانمارك في منطقة الخليج العربي وفي الشرق الوسط‪ ،‬ويذكر‬
‫أن المنتجات الغذائية والزراعية الواردة إلى السعودية من‬
‫الدانمارك تشكل أكثر من نصف صادراتها‪.‬‬
‫ويعرف الدانمارك كبلد زراعي‪ ،‬استطاع أن يؤسس لنفسه اسماً‬
‫على مدى أكثر من جيل كمنتج لصناف عالية الجودة مع الحفاظ‬
‫ل في سلمة الغذاء‪ ،‬ووجدت التجهيزات الخاصة‬ ‫على مستوى عا ٍ‬
‫بتصنيع الغذاء سوقا ً لها في السعودية وبخاصة في مزارع البقار‬
‫ومسالخ الدجاج‪ ،‬ويعرف المستهلك السعودي الكثير من العلمات‬
‫التجارية مثل زبدة لورباك وجبنة الموزاريل‪ ،‬وتتبوأ الدوات الصحية‬
‫والصيدلنية مكانة مرموقة وبارزة في العلقات التجارية بين‬
‫الدولتين‪.‬‬
‫وكانت دعوات مماثلة قد شهدتها السعودية‪ ،‬دعت إلى مقاطعة‬
‫البضائع الميركية ابان الحرب على افغانستان وكبدت تلك الدعوات‬
‫شركات ضخمة أموال ً طائلة لتوضيح عدم ارتباطها بالسوق‬
‫الميركية‪ ،‬فيما اضطرت شركات اخرى لتغيير اسمها بهدف البتعاد‬
‫ما امكن عن امركة اسمائها‪.‬‬
‫=========================‬
‫بعدما اختطفوا عقولنا يريدون خطف قرارنا‬
‫جمال أحمد خاشقجي*‬
‫صانعو الكوابيس هم قوم من بيننا‪ ،‬لديهم مصالح تتعارض مع‬
‫مصالحنا‪ ،‬يوظفون الحق من أجل باطلهم‪ ،‬يحركون عواطفنا‪،‬‬
‫ومكامن الحب واليمان في نفوسنا‪ ،‬وأسباب الغضب الكثيرة‬
‫المحيطة بنا لجرنا إلى أهدافهم التحتية‪ ،‬وللسف وجدوا في قلة‬
‫الحكمة عندنا‪ ،‬وفي سكوت العقلء الذين يخشون من غضبة الغوغاء‬
‫ساحة رحبة يسرحون ويمرحون فيها‪.‬‬
‫في ‪ 11‬سبتمبر اعتقدت القاعدة وحلفاؤها من صناع الكوابيس أن‬
‫فرصتهم قد حانت لجرنا إلى مواجهة مع الغرب‪ ،‬فباء عملهم‬

‫‪602‬‬
‫بالفشل‪ ،‬ذلك أن الجريمة كبيرة وصريحة فلم يستطيعوا إقناعنا‬
‫بنظريتهم الموغلة في الغلو والتطرف والخارجة على النظام‬
‫السلمي والدولي‪ ،‬فقاومناهم بما تبقى لدينا من فطرة وسماحة‬
‫إسلمية طيبة‪ ،‬فرفض غالبنا دعواهم إلى تقسيم العالم إلى‬
‫فسطاطين يصطرعان حتى أبد البدين‪ ،‬فانصرفوا إلى عوالمهم‬
‫التحتية يتحينون فرصة أخرى‪.‬‬
‫إنهم ل يريدون إحقاق حق‪ ،‬أو نصرة مظلوم‪ ،‬وإنما التكسب‬
‫بمظالمنا كي يبرروا وجودهم وما ينعمون به من مكاسب مادية‬
‫ومعنوية في مجتمع ما زال يسحر بكلمهم‪ ،‬وإل كانوا قد قبلوا الخذ‬
‫برأي الجماعة‪ ،‬وتغليب المصلحة العامة‪ .‬إنهم يريدون سلطة وليتها‬
‫من أجل البناء والرخاء والسعادة‪ ،‬وإنما سلطة على خراب‪ ،‬يسودها‬
‫صراع بين المم والشعوب‪ ،‬بل حتى في داخل المة نفسها‪ .‬إنهم‬
‫يريدون إقناعنا أن العالم كله ضدنا‪ ،‬يكرهنا‪ ،‬ويكره نبينا وديننا‪،‬‬
‫فوجدوا فرصتهم وقضيتهم الرابحة في رسوم كاريكاتيرية مقيتة‬
‫نشرت قبل أشهر عدة‪ ،‬من قبل صناع كوابيس مثلهم ولكنهم في‬
‫الضفة الخرى‪ ،‬فصناع الكوابيس ليسوا عندنا فقط وإنما هم‬
‫موجودون أيضا في الغرب‪ ،‬إنهم اليمين المحافظ المتحالف مع‬
‫الصهيونية العالمية‪ ،‬والمتداخل مع اليمين المسيحي وغلة العلمانية‪،‬‬
‫كارهو الجانب العنصريون والذين يتكسبون أيضا بصنع كوابيس‬
‫يخيفون بها الناخب الوروبي والمريكي من أجل البقاء في‬
‫مناصبهم‪ ،‬بل والتوسع في سلطاتهم‪ ،‬بكابوس الخطر السلمي‬
‫يفوزون في النتخابات‪ ،‬وبكابوس الخطر المسيحي واليهودي يتسلل‬
‫أصحابنا إلى مفاصل القرار في عالمنا الغافل‪.‬‬
‫بينما الحقيقة أن غالبنا يريد العيش مع العالم كله في سلم مع‬
‫احترام وعدل‪ ،‬وغالبهم أيضا كذلك‪ ،‬يحترمون ديننا ونبينا‪ ،‬أو في‬
‫الحد الدنى ل يهمهم ديننا ونبينا وربما ل يعرفون الكثير عنا وعن‬
‫ديننا ونبينا وحري بنا لو جعلنا مما يحصل من تدافع بين حضارتينا‬
‫فرصة للدعوة ونشر المعرفة بالسلم الحقيقي من خلل الكلمة‬
‫الطيبة وليس بدعوات الحرب والكراهية والمقاطعة وحرق العلم‬
‫والسفارات‪.‬‬
‫إن قضية الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول عليه الصلة‬
‫والسلم نموذج واضح لمعركتنا الداخلية مع صناع كوابيسنا‪ ،‬ونموذج‬
‫أيضا لفشل العقلء في صفوفنا واندحارهم أمام زحف الكراهية‬

‫‪603‬‬
‫التي يقودها هؤلء والذين من الحكمة أن نعترف بهزيمتنا أمامهم‪،‬‬
‫لقد انتصروا‪ ،‬واختطفوا عقل الشارع‪ ،‬ومن ثم فرضوا شروطهم‬
‫على الحكومات والعقلء‪ ،‬وجروهم إلى أجندتهم الخاصة‪ .‬الحكومات‬
‫التي كانت مشغولة بفتح السواق‪ ،‬وتوقيع اتفاقيات التجارة الحرة‪،‬‬
‫وجلب الستثمارات الجنبية وجدت أنفسها في حرب دبلوماسية من‬
‫أجل نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهل هناك شعار‬
‫أعظم من هذا‪ ،‬من ذا الذي ل يحب رسول الله ؟ والذي حبه جزء ل‬
‫يتجزأ من شروط اليمان‪ .‬الفقهاء والمفكرون العقلء إما سكتوا أو‬
‫انجروا إلى معركة لم يريدوها وهم المحبون للدعوة بالحكمة‬
‫والموعظة الحسنى والتفاعل مع الخر‪ ،‬بعدما مارس عليهم صناع‬
‫الكوابيس أسلوب محاكم التفتيش فنشروا قوائم المحبين لرسول‬
‫الله الذين غضبوا وخطبوا وبكوا على شاشات التلفزيون ومنابر‬
‫الجمعة‪ ،‬وأولئك الصامتون الغائبون عن نصرة الحبيب‪.‬‬
‫لقد كشفت المعركة الدنماركية التي تزال تضرم رحاها وتهددنا‬
‫بالشتعال في كل أوروبا والعالم‪ ،‬كما يتمنى ويبغي صناع الكوابيس‬
‫في المعسكرين ما لم يتدخل عاقل ويضع حدا لعبث هؤلء‪ ،‬لقد‬
‫كشفت عن جهلنا المزدوج‪ ،‬الول بقدرات صناع الكوابيس ونواياهم‪،‬‬
‫والثاني بأوروبا والعالم‪ ،‬إن حديث رئيس الوزراء الدنماركي ‪ -‬والذي‬
‫يتحمل بعضا من المسؤولية لرد فعله المتأخر والبارد ‪ -‬عن حرية‬
‫التعبير وأنه ل يستطيع التدخل ضد صحيفة حقيقي وصحيح‪ .‬لقد‬
‫تعرض نبي الله عيسى عليه السلم من كتاب وفنانين ومسرحين‬
‫غربيين لشيء من الساءة لم يتعرض له سيدنا محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ولم يستطع ل الفاتيكان ول أي زعيم سياسي غربي‬
‫وقف هؤلء عند حدهم من الساءة للمقدسات‪ ،‬ويكفي أن أذكر أن‬
‫فنانا عرض تمثال لسيدنا عيسى صنع من "‪ .....‬بشرية " في‬
‫المتحف القومي بنيويورك قبل أعوام‪ ،‬ما آثار ضجة كبرى‪ ،‬وقد‬
‫اخترت هذا النموذج البالغ في القبح للدللة على المدى الذي تنحدر‬
‫إليه "حرية التعبير" في الغرب‪ .‬إن رد فعلنا الغاضب طبيعي‬
‫ومطلوب ولكن يحتاج إلى قدر من الحكمة‪ ،‬بتغليب آدابنا السلمية‬
‫"ول تزر وازرة وزر أخرى" وقوله تعالى "ول تسبوا الذين يدعون‬
‫من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم"‪ .‬ولكن غابت الحكمة‪،‬‬
‫وغاب الوعي بالقرآن والسنة وكلنا نزعم أن غضبتنا من أجل رسول‬
‫الله بينما غابت عنا سيرته وحكمته ومقاصد دعوته‪.‬‬

‫‪604‬‬
‫لنتأمل ما الذي كسبناه وخسرناه من هذه المعركة‪ .‬هل أدبنا‬
‫سفيها ً ؟ أم زدنا من عدد السفهاء؟ هل أوقفنا نشر الرسوم‬
‫المسيئة للحبيب أم حرضنا على نشر المزيد منها؟ هل هدينا أحدا‬
‫إلى السلم وحببناه في حبيبنا أم قدمنا صورة مشوهة عن إسلمنا‬
‫وسيدنا محمد؟ سيعتذر الدنماركيون‪ ،‬ليس احتراما لنا وإنما حرصا‬
‫على مصالحهم القتصادية‪ ،‬فهم ليسوا قوما تصوغهم العاطفة‬
‫والغضب‪ ،‬فخرهم في الرخاء الذي يعيشونه‪ ،‬وأرقام الناتج القومي‬
‫المحلي القياسية التي تضعهم على خريطة العالم‪ ،‬وسنعود لشراء‬
‫منتجاتهم لننا عاجزون بفضل جرينا وراء صناع الكوابيس عن بناء‬
‫صناعة قوية‪ ،‬متنافسة‪ ،‬هل يستطيع أي من هؤلء أن يقدم لمرضى‬
‫السكر في بلدنا بديل عن النسولين الدنماركي‪ ،‬أم إن أمرا ً كهذا ل‬
‫يهمه أمام الجائزة الكبر بالنسبة لهدافه‪ ،‬وهي أن يضيف عدوا آخر‬
‫للمسلمين إلى قائمة العداء الذين صنعوهم‪.‬‬
‫تقول الرقام إن العالم السلمي هو الفقر في العالم‪ ،‬والحوج إلى‬
‫جلب مزيد من الستثمارات الجنبية ‪ -‬وكل ما سبق لغة ل تهم صناع‬
‫الكوابيس ‪ -‬وبالتأكيد فإن ما حصل خلل السابيع الخيرة سيزيد‬
‫رجال العمال القلقين في الغرب قلقا والمتوجسين توجسا‪ .‬وعندما‬
‫يكون الختيار للصناعي الوروبي أن يفتح مصنعا أو يشارك مستثمرا‬
‫في العالم السلمي أو في أحد القتصاديات الجديدة الناهضة كالهند‬
‫أو الصين أو حتى فيتنام‪ ،‬فإنه في ظل صيحات الكراهية ودخان‬
‫الحرائق في بلدنا فإن اختياره لحدى دول المجموعة السابقة‬
‫أدعى وأكثر أمنا وقبول أمام مساهميه وشركات التأمين التي ل‬
‫يتحرك بدون مشورتها‪ ،‬النتيجة أن العربي والمسلم سيزدادان فقرا‪،‬‬
‫ومع الفقر يأتي الجهل والجاهل يكون أطوع وأسهل انقيادا لصناع‬
‫الكوابيس‪.‬‬
‫هل هذا الذي نريد؟ هل نتركهم يستولون على قرارنا بعدما تركناهم‬
‫يختطفون عقولنا ؟‬
‫*كاتب ومستشار إعلمي سعودي‪.‬‬
‫بل اطردوا سفراء الزبدة‬
‫انشرت جريدة الوطن في ‪25/12/1426‬هـ‬
‫=========================‬
‫بل اطردوا سفراء الزبدة‬

‫‪605‬‬
‫علي سعد الموسى‬
‫هل يكفي مجرد المتناع عن أكل ‪ -‬زبدة ‪ -‬دنماركية لتكون هذه‬
‫الخطوة البليدة الباردة بمثابة انتصار لنبي وهادي هذه المة؟ أولً‪،‬‬
‫فالمسألة ليست انتصارا ً لنبي تعهد ربه أن يتم نوره‪ :‬نحن ننتصر‬
‫لنفسنا ولكرامتنا أما نبينا المصطفى فقد عاش وانتصر لنفسه‪.‬‬
‫لم تزده أحابيل وحيل قريش إل قوة ولم يمت عليه أفضل الصلة‬
‫والسلم إل برأس شامخ مرفوع ولم يغمض عينيه غمضتهما الخيرة‬
‫إل وقد رأى رسالته بشارة تضرب في أعماق الرض‪ .‬نحن ل ننتصر‬
‫له لننا أضعف بكثير من هذه الخطوة‪ .‬نحن ننتصر لنفسنا المهزومة‬
‫المكسورة‪ ،‬فالنبي في الصحف الدنماركية إشارة لنا ل إشارة عليه‬
‫أو له‪ .‬النبي في غنى تام عن نصرتنا له ولو كان بيننا لطلبنا النتصار‬
‫لنفسنا ل له‪.‬‬
‫المسألة ليست في حاجة إلى بيانات شجب‪ .‬إنها بحاجة إلى أجندة‬
‫عمل‪ .‬المسألة ليست بحاجة إلى بيانات منظمات وهيئات ل تخرج‬
‫توصيتها عن الورق‪ .‬المسألة بحاجة إلى قرارات دول‪ .‬يفترض أن‬
‫نضع هذه الزبدة على النار ل أن نحفظها في ثلجة‪ .‬أن تستدعي كل‬
‫دولة سفراء الزبدة المعتمدين لتبلغهم قرارا ً واحدا ً واضحا ً ل خيارات‬
‫فيه‪ :‬أن يوقفوا هذا العبث فوريا ً وخلل أسبوع وإذا لم يكن‬
‫باستطاعتهم أن يوقفوه فليركبوا الطائرات في نهاية ذات السبوع‬
‫وليعودوا إلى تلك ‪ -‬الكوبنهاجن ‪ -‬ليستمتعوا مع شعبهم هناك بقراءة‬
‫الصحف‪ .‬يفترض في القرار أل تنفرد به دولة واحدة من دول‬
‫الرابطة أو المؤتمر وأل تخذله أخرى تحت لغة دبلوماسية مغلفة‪ .‬إذا‬
‫لم تكن لدينا شيمة العتزاز بمبادئنا وعلى رأسها ديانتنا‪ ،‬فأين يكون‬
‫العتزاز‪ ،‬وإذا لم تظهر هذه الكرامة واضحة جلية ولو بطرد سفير‬
‫فإن أول من سيحتقرنا هم هؤلء السفراء الذين تصلهم نسخ‬
‫صحفهم إلى مكاتبهم عبر الحقائب الدبلوماسية‪ .‬إنهم يقرؤون إهانة‬
‫نبينا وإهاناتنا داخل سفاراتهم وتحت حصانة العرف الدبلوماسي‪.‬‬
‫أما أن تكون أغلى قراراتنا وزبدة احتجاجاتنا أن نقاطع زبدة‪ ،‬فهذا‬
‫قرار ضعف يستحق رسوما ً كاريكاتورية في ذات الصحف‪ .‬نريد‬
‫لقرارنا الجماعي أن يهز دولة ل أن يذهب إلى خراج بقرة‪ .‬نريد أن‬
‫نبلغ كل سفير أن المسألة أبلغ من اعتذار وأقوى من مساومة‪.‬‬

‫‪606‬‬
‫نريد أن نبلغهم أننا من بين كل ديانات الرض‪ ،‬وحدنا‪ ،‬نصلي على‬
‫موسى وعيسى ونعترف بكل النبياء ونقّر أننا أتباعهم وعلى‬
‫طريقتهم في الرسالة الخاتمة‪ .‬نريد منهم‪ ،‬ل معاملة بالمثل‪ ،‬بل أن‬
‫يوقفوا هذا العبث‪ .‬نريد لنفسنا أل نكون مجرد أمة امتنعت عن‬
‫زبدة ولو استمرأنا هذا الفعل لوجدنا أنفسنا غدا ً في صحف أخرى‬
‫وفي دول أخرى نقاطع لها الرز أو الكاكاو‪ .‬عندما نهان أو تدوس‬
‫العنصرية على كرامتنا ل أدري لماذا ل نفكر فورا ً في احتجاجات‬
‫المعدة وزبدة القولون ومشروب البطن‪ .‬ذلك أننا اليوم مع المم‬
‫مجرد بطن‪.‬‬
‫بل هو خير لكم خذ ‪ 20‬فائدة‪..‬‬
‫عبدالعزيز بن عبدالرحمن المقحم ‪ -‬الرياض‬
‫لن الكلم كثر جدا ً حول هذا الموضوع وهي كثرة حميدة ومشكورة‬
‫لكن لبد معها من الختصار بل الختصار الشديد جدا ً جدا ً من اجل‬
‫ذلك لن اجعل حديثي هنا مسهبا ً منشورا ً ‪,‬لكني سأجعله نقاطاً‬
‫محددة وان كانت كل نقطة منها كفيلة بحديث مستقل طويل وهي‬
‫عشرون نقطة بل عشرون فائدة لما اراد ان يكيدنا به سفهاء اليهود‬
‫والنصارى فقلبها الله لنا عليهم كما قال سبحانه (ام يريدون كيداً‬
‫فالذين كفروا هم المكيدون) وان أول ما بشر الله به نبيه صلى الله‬
‫عليه وسلم وعباده المؤمنين في حادثة الفك ان سماه افكا وثنى‬
‫بقوله (ل تحسبوه شرا ً لكم بل هو خير لكم)‪ ..‬وسنذكر هنا عشرين‬
‫فائدة في حادثة الفك الدنماركي نختصرها اختصارا ً والله قادر ان‬
‫يجعل فوائدها اكثر واكثر‪.‬‬
‫‪ -1‬ظهور منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند امته وبيان‬
‫عظم التعرض له بما يكره‪.‬‬
‫‪ -2‬ظهور هذا الحب الصادق ‪ -‬ان شاء الله‪ -‬لرسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم عند المسلمين حتى كأنه صلى الله عليه وسلم حي بين‬
‫اظهرنا‪.‬‬
‫‪ -3‬تآلف هذه المة بكل اطيافها وشعورهم انهم اتباع نبي واحد‬
‫ودين واحد وان عدو احدهم عدو لجميعهم‪.‬‬
‫‪ -4‬بروز العمل الشعبي وتقليص دور (وكلء آدم) المزعومين على‬
‫ذريته الذين يريدون ان يوكلهم الناس حتى في علقتهم مع‬
‫كنائسهم‪.‬‬

‫‪607‬‬
‫‪ -5‬العلم يقينا ً ان امة السلم (المة) قادرة على فعل الكثير‪.‬‬
‫‪ -6‬افتضاح ما يكنه اعداء محمد صلى الله عليه وسلم من الكفار‬
‫والمنافقين الناطقين والساكتين‪.‬‬
‫‪ -7‬التحسر الحقيقي على الثقة بهؤلء وصرف اموالنا لثرائهم‬
‫وتسويق منتجاتهم‪.‬‬
‫‪ -8‬اليقين بوجوب السعي الحثيث لستقلل المة اقتصاديا ً وان من‬
‫لم يسع لذلك عدو لها ولو كان من ابنائها‪.‬‬
‫‪ -9‬كفانا الله بذلك الرد على من يتهمنا بالقصاء وبغض الخر‬
‫ويحملنا قسرا ً على ما يسميه ثقافة العولمة والتسامح‪.‬‬
‫‪ -10‬ظهور منافع العلم الحر كالقنوات السلمية والمواقع‬
‫اللكترونية ولو كان المر لعلم السفاسف لسكت عن هذا وكم‬
‫حدث مثله فلم يثره وانما يثير اخبار مغنيهم وممثليهم ولعبيهم‬
‫ويشغل المة بها‪.‬‬
‫‪ -11‬عصرنا عصر العلم ول اعلم سوى الفضائيات فهل يعجز تجار‬
‫هذه المة عن مائة قناة فضائية؟ اين اولئك الذين ترتعد شفاهم‬
‫واصابعهم امام شاشات السهم؟ ام (تجارة تخشون كسادها أحب‬
‫اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله) واين تلك المليارات التي‬
‫وقفت لجل السلم؟ ايجهل نظارها اي المصارف انفع؟ وان قناة‬
‫فضائية واحدة اعظم مما هم فيه ولو كانت هذه الوقاف عند‬
‫النصارىلرأينا كيف يدعون بها لدينهم ويؤذون بها المسلمين وقد‬
‫فعلوا‪.‬‬
‫‪ -12‬يستطيع كل سفيه او حاقد في اوروبا وامريكا ان يفعل فعل‬
‫هؤلء ويعجز عنه منعه رئيس حكومته! فماذا لو فعلوا؟ هل عندنا‬
‫قدر من المواجهة يقلب مكرهم عليهم؟ ام غاية وسعنا ان نحول‬
‫اموالنا الغالية جدا ً من العدو رقم (‪ )20‬إلى العدو رقم (‪)1‬‬
‫كالمستجير من الرمضاء بالنار!!‬
‫‪( -13‬حوار الحضارات) برذعة مرقعة على (حمار الحضارات) ستزل‬
‫بركابه الذين (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون ال انفسهم‬
‫وما يشعرون) وقديما ً قيل‪:‬‬
‫ستعلم حين ينكشف الغبار‬
‫جواد تحت رجلك ام حمار؟!‬

‫‪608‬‬
‫‪ -14‬العاطفة مالم تقيد بالشرع عاصفة فمن نصر رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم على سفهاء اليهود والنصارى فلم ل ينصره صلى‬
‫الله عليه وسلم على شهواته وعادته وكسله حتى يصبح نشيطا ً في‬
‫اتباعه خفيفا ً إلى اجابة امره؟‬
‫‪ -15‬هناك قواسم مشتركة يبصرها العمى ويسمعها الصم بين ما‬
‫في صحافة الدنمارك وصحافة العرب من الثناء على بعض الروايات‬
‫وكتابها والتمجيد لهم والدعاية الصاخبة‪.‬‬
‫‪ -16‬قد تعتذر حكومة الدنمارك ل احتراما ً لنا ول وجل ً منا ولكن حباً‬
‫في اموالنا مع شديد العداوة لنا ولنبينا صلى الله عليه وسلم فلو‬
‫فعلت هل نعود لهم وكأن شيئا ً لم يكن مع يقيننا انهم كما قال‬
‫خالقهم سبحانه (يرضونكم بافواهم وتأبى قلوبهم) لئن كان ذلك‬
‫فبئس القوم نحن وبئس التباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫اذ كان كل ذلك الغضب الواسع العميق يرفعه عنهم كلمة او كلمتان‬
‫من طرف اللسان‪ .‬هكذا غضب الطفال ورضا الطفال يقول‬
‫الغزالي‪ :‬العالم السلمي مليء بالذكور اما الرجال فل!‬
‫‪ -17‬من لم يصرح بموقفه من اعداء نبينا صلى الله عليه وسلم فهو‬
‫منهم مهما كان موقعه ومهما لون اعذاره لنه اما راض بذلك او غير‬
‫مكترث او يراعي شيئا ً اهم عنده من رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وكفى بذلك اثما ً مبيناً‪.‬‬
‫‪ -18‬اليهود والنصارى ل يستكثر منهم ذلك ول اقبح منه ولو امكنهم‬
‫فوق ما فعلوا ما تلبثوا عن فعله حتى لو امكنهم ان يقتلوا رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كما قتلوا النبياء من قبله بل تطاولوا‬
‫على الله سبحانه وتعالى عما يقولون علوا ً كبيرا ً وكتبهم المحرفة‬
‫المسماة مقدسة مشحونة بذلك وهي احق بغضبتنا قديما ً لو كانت‬
‫عواطفنا اصح وانفع والله المستعان‪.‬‬
‫‪ -19‬ماذا لو كان النيل من اوطاننا او شيوخنا او زعمائنا في العالم‬
‫السلمي؟ ان هذا الفتراض يكشف مقدار ما نستطيعه من‬
‫المواجهة ويقطع اعذارنا في التقصير والذين يحاجون في الله‬
‫حجتهم داحضة‪.‬‬
‫ل ونفيس ليدرك الناس ما تقدم وغيره من منافع‬ ‫‪ 20‬لو بذلنا كل غا ٍ‬
‫هذا الفك الوروبي لكان قليل ً لكنه جاء بحمد الله من حيث لم نبذل‬
‫ولم نحتسب‪ .‬وصدق الله تعالى اذ يقول‪( :‬ل تحسبوه شرا ً لكم بل‬
‫هو خير لكم) واذ يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم (وقلبوا لك‬

‫‪609‬‬
‫المور) وهم قلبوها عليه لكن ربه سبحانه جعل عاقبتها له صلى الله‬
‫عليه وسلم واذ يقول سبحانه (انا كفيناك المستهزئين) فالحمد لله‬
‫الذي ل يحمد على مكروه سواه والصلة والسلم على رسوله‬
‫ومصطفاه‪.‬‬
‫==========================‬
‫بل هو خيٌر لكم‪..‬‬

‫بدرية العبد الرحمن ‪15/1/1427‬‬


‫‪14/02/2006‬‬
‫لم تكن الهجمة الشرسة التي تعرضت لها شخصية النبي ‪-‬عليه‬
‫الصلة والسلم‪ -‬في إحدى الصحف الدنمركية أمرا ً سيئا ً حينما‬
‫نضعه في ميزان الحقائق التي تفتقت عنها تلكم الحادثة الستثنائية‬
‫الغريبة والتي مازلنا نتألم منها ومن تداعياتها‪...‬‬
‫_لم نعد وحدنا المتعصبين!‬
‫لم تتعرض ديانة ما في العالم للدانة كما تعرض الدين السلمي‬
‫منذ حقبة السلم العالمي‪..‬ولم يكن هناك أفضل من المسلم ليكون‬
‫المتهم الول في أي حادث سيئ‪...‬‬
‫وتكفي القرائن التي تثبت عروبة أو إسلم شخص ما ليستحق‬
‫التفتيش والتهام والصراخ في وجهه بأنه إرهابي ومجرم (كما فعلت‬
‫جودي فوستر بالراكب الباكستاني في فيلم(‪ .)flight plan‬المسلم‬
‫دائما ً يرفض الخر ويتهمه بالكفر حتى إشعار آخر‪...‬وفي جوانب‬
‫وحينما يكون نفطيا ً ‪..‬فإنه متغطرس غني متأنق من جهة ومتخلف‬
‫ف‬‫من حيث هبطت عليه الثروة فجأة‪ ،‬ولم يكن أمامه وقت كا ٍ‬
‫ليتخلص من أوساخه الداخلية التي سببها له ارتباطه بالعروبة‬
‫والسلم‪..‬‬
‫حينما تحدث دعاة التسامح و"اللتعصب" من الغربيين عن أنه حان‬
‫مطة بعد حقبة‬ ‫الوقت لينتهي الحديث عن المسلم وفقا ً للصورة المن ّ‬
‫الحادي عشر من سبتمبر استبشرنا نحن المسلمين بموجة التثقيف‬
‫الغربية التي يتزعمها دعاة التسامح لمحاولة فهم العقل المسلم‬
‫أخيراً‪..‬‬

‫‪610‬‬
‫صب الديني ستنتهي إلى غير رجعة بإذن الله‪ ،‬وأن‬ ‫وأن حقبة التع ّ‬
‫زمنا ً قادما ً من التسامح والتفاهم بين الديان سيتكفل بأن تنتهي‬
‫نسبة كبيرة من الحروب‪ ،‬وأن نعيش رخاءً دينيا ً نسبيا ً في زمن‬
‫قادم‪...‬‬
‫خرت في اللحظة التي اختارت فيها‬ ‫كل هذه الحلم الجميلة تب ّ‬
‫الدنمرك أن تكون (صليبية) بمنتهى القسوة‪.‬‬
‫وأنا حينما أقول‪ :‬إنها صليبية فأنا أعني ما نبهنا إليه الكثيرون من أن‬
‫الدول السكندنافية مازالت تتخذ (الصليب) رمزا ً وطنيا ً لها في‬
‫أعلمها رغم ما يقال عن "لدينيّتها" (أو علمانيّتها)‪.‬‬
‫القوة‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬ ‫حين يكون ذلك الرمز حاضرا ً لدى الدنمركي بهذه‬
‫معالجة أي تصّرف بمعزل عن ذلكم الرمز الديني الوطني أمر‬
‫صعب على العقل المسلم‪...‬‬
‫وأصعب منه أن نتخيّل أن يتخذ أي هجوم أوروبي ضد السلم صبغة‬
‫دينية وأسوأ منها(صليبية)‪..‬‬
‫نحن لم ننس بعد كيف أثرت كلمة الرئيس المريكي بوش (الغلطة)‬
‫حين وصف حربه ضد الرهاب بالـ(صليبية)‪ ،‬وكيف استغربنا نحن‬
‫المسلمين أن يبدو الغربي متدينا ً لهذه الدرجة‪ ،‬وفي وضع سياسي‬
‫ل يحتمل الثرثرة بما هو ديني‪...‬‬
‫الن تفعل الدنمرك نفس الشيء‪ ،‬وتجعل من تصرف أرعن وإساءة‬
‫مقصودة للدين السلمي تعبيرا ً عن حرية التعبير‪ ،‬و"الل خوف" من‬
‫المسلم ومن إيذاء مشاعر الخر بمسوّغات عدة‪..‬‬
‫حين تكون خلفية تلكم الساءة دينية صليبية فالمر سيكون مروّعاً‬
‫ووخيما للغاية‪..‬‬
‫هذا ما سيحدث‪ ،‬وبهذا الشكل سيقرأ المسلمون الحادث ول أستبعد‬
‫أن نبدأ عهدا (صليبياً) جديداً‪ ..‬تتحارب فيه الديان كما لم تتحارب‬
‫من قبل‪..‬‬
‫صب الديني‪ -‬كيف يبدو المسلمون في‬ ‫أمر آخر ‪-‬بالحديث عن التع ّ‬
‫حميّتهم وغضبتهم للقضية الن؟!‬
‫وما هي منطلقاتهم؟‬
‫الن يبدو المسلمون وفي مظاهراتهم المحتجة وتنديداتهم الكلمية‬
‫ضرا وهدوءا وتعقّل ً من عاصوف (حرية‬ ‫ومطالباتهم بالعتذار أكثر تح ّ‬

‫‪611‬‬
‫الرأي والتعبير) الوروبية التي لم نسمع بها بهذه الطريقة والوقاحة‬
‫المنقطعة النظير!‬
‫الن يظهر الوجه المختفي من الليبرالي الغربي ذي الحيادية‬
‫صب‬ ‫مساس‪...‬ويبدو أكثر شناعة وعنادا ً من صليبي متع ّ‬ ‫والنزاهة والل ِ‬
‫صبه الديني الدموي الفظيع لقرون‬ ‫كان الليبرالي يتبرأ من تع ّ‬
‫طويلة‪..‬‬
‫‪-‬مرتبكون ‪...‬ول يعرفون ما يفعلون!‬
‫وجه آخر كشفته الحادثة ويمكننا أن نفرح به جدا ً لنعرف أننا لسنا‬
‫الوحيدين الموصومين بالحيرة والتخبّط في دفتر التاريخ المعاصر‪..‬‬
‫يبدو لنا الغربي الن مرتبكا ً ل يعرف ما يحترم‪...‬ما يقنن‬
‫تصرفاته‪..‬ما حدود حريته التي هي أكبر وأفضل ما لديه ليدافع عنه‬
‫الن‪..‬‬
‫الن تضع الساءة الوروبية والحدث الشنيع قيمة (الحرية) في‬
‫محاكمة عادلة يتضح فيها ارتباك البشريين أمام ما يفترض أن‬
‫يحترموه‪...‬وأمام الحد الذي يفصل بين الحترام وبين الخوف من‬
‫التعبير‪...‬‬
‫والحد الفاصل بين حرية التعبير والرأي وبين (قلة الدب)‬
‫والمسخرة‪..‬‬
‫والحد الفاصل بين الخوف على المصالح القتصادية‪...‬والخوف‬
‫الحقيقي على القيم الوروبية‪ ،‬واحترام الذات الوروبية لنفسها‬
‫وضميرها ومنطلقاتها‪..‬‬
‫تبدو أوروبا الن مرتبكة ومحتارة ول تدري ما تفعل‪..‬أمام‬
‫ضميرها‪...‬أمام شعوبها‪...‬أمام قيمها‪...‬أمام المسلمين‪..‬أمام علقاتها‬
‫الدولية واقتصادها‪..‬‬
‫كثير من الكتّاب ينبهون أيضا أن الكاتب النجليزي الذي شكك في‬
‫مذبحة الهولوكست الشهيرة يواجه حكما بالسجن لمدة ستة عشر‬
‫عاما لمجّرد تشكيك في أساسات (السامية) على الرغم من أن‬
‫منطلقاته كانت حوارية مدع ّمة بالكثير من الدلة والشواهد التاريخية‬
‫العلمية‪...‬ولم تكن دوافعه استفزازية أو دعوة للصراع بين الديان أو‬
‫احتقارها‪ ....‬كما يحصل في القضية الموصوفة بأنها تعبير عن حرية‬
‫الرأي‪ ،‬وعدم الخوف من الدين والديان‪..‬‬

‫‪612‬‬
‫هذه النتقائية المقززة التي تمارسها أوربا تجعلنا نشعر بالقرف‬
‫بقدر ما نشعر بالسف لحجم التخبط الذي تعيشه أوروبا‪ ،‬والذي‬
‫كشفه الحادث بشكل سافر وشنيع‪...‬‬
‫كون كثير من المسلمين حولوا المعركة الن إلى (أرمجيدون) دينية‬
‫صليبية إسلمية يمارس فيها الغربي فوقية لدينية‪ ،‬واستقواء ضد‬
‫الفئة المسلمة القليلة‪..‬ل يعني أنه ليس بإمكاننا أن نربح المعركة‬
‫بعد‪ ،‬وأن نحوّل التاريخ الذي كان ضدنا وضد صورتنا النزيهة‬
‫كمتسامحين مدانين حتى إشعار آخر‪..‬التاريخ الذي وقف ضدنا لمدة‬
‫خمس سنوات بعد الحادي عشر من سبتمبر يمكن أن نكسبه إلى‬
‫صفّنا أخيراً‪ ،‬ونبدو نحن العقل والكثر جدارة بالحترام‪...‬والكثر‬
‫ضرا ً وقدرة على شفاء العالم من حالة النبهار بالغربي الذي لم‬ ‫تح ّ‬
‫تستطع ناطحات سحابه ومؤسساته المستقلة أن تكون محترمة‬
‫كفاية‪ ...‬وأن توجد الن حل ً لمشكلة أساسها قلة الوعي‬
‫(التعبيري)‪...‬بدل ً من التحدي المرتبك جدا ً والمتمثل في إعادة نشر‬
‫الصور المسيئة بين اليوم والخر‪ ،‬وفي أكثر من جريدة أوروبية‪..‬‬
‫أخيراً‪..‬رغم كل الستياء الذي سببه الحادث المثير إل أنه حدث‬
‫(مفيد) وضروري لنا كمسلمين في حقبة العولمة أن نضع قوانيننا‬
‫أخيرا ً فيما يتعلق بالساءة للديان‪...‬وأن تبدأ حملة جيدة وقوية‬
‫وصارمة لتحدي المد اللديني الذي يريد انتزاع قدسية الديان‬
‫واحترامها من قلوب العالمين‪...‬‬
‫"اللديني" هو الخطر القادم الذي يتربص بأجيالنا القادمة‪ ،‬والذي‬
‫يمكنه أن يكوّن عالما ً فوضويا ً ل يحكمه إل قانون متحوّل ل يح ّ‬
‫ل‬
‫حللً‪ ،‬ول يحّرم حراماً‪...‬‬
‫حين ل يجد "اللديني" من يقف أمامه بمنتهى الصرامة ليوقف‬
‫سخريته بالديان عند حده‪ ،‬فسنجد أنفسنا ندخل غمار حرب طويلة‪،‬‬
‫وفي جبهات عدة يكون المتهم الول والخير فيها هو المتدين‬
‫والدين بإثارة النعرات‪ ،‬والفرقة والتي لم يبدأها إل "اللديني"‪ ،‬ولكنه‬
‫لم يجد وقفة صارمة وقانونا ً محددا ً وخطا ً أحمر عريضا ً ل يتجاوزه‪..‬‬
‫إنها دعوة لوقفة عالمية تتّحد فيها الديان ضد من يريد الساءة‬
‫إليها‪ ،‬وينتقص من قداستها بدعوى حرية التعبير‪...‬دعوة لتفكير‬
‫منطقي طويل وعادل في الحدود التي يمكن فيها وزن أي ممارسة‬
‫نقدية ضد الديان‪ ،‬وما هو الحد الذي يمكن اعتباره إساءة يتم‬

‫‪613‬‬
‫تجريمها‪...‬وما هو الحد الذي يمكن اعتباره حوارا ً مقبول ً وتعبيرا ً عن‬
‫الرأي محترماً‪..‬‬
‫كل هذا لم يكن ليحصل لو لم يحدث هذا الحدث الجلل والتجربة‬
‫العنيفة‪...‬التي تذكرنا جيدا ً جدا ً بحادثة الفك التي وإن كرهها‬
‫المسلمون وقت حصولها‪ ،‬إل أنها كان لبد منها ليتبين من كذب‬
‫ممن صدق‪ ،‬ومن كانت خبثت نيّته ممن صفت‪ ،‬ولم تتكلم إل بما هو‬
‫خير‪..‬‬
‫كانت تجربة قاسية عسى أن نخرج منها بفوائد في تاريخنا ونفسياتنا‬
‫ومستقبلنا القادم‪ ،‬وكيف ندير أزماتنا بمنتهى النزاهة والتجرد‬
‫للحق‪...‬‬
‫م‪!!)...‬‬ ‫خيٌْر لَك ُ ْ‬
‫ل هُوَ َ‬ ‫شّرا ً لَك ُ ْ‬
‫م بَ ْ‬ ‫سبُوه ُ َ‬
‫ح َ‬‫حقاً‪...( ...‬ل ت َ ْ‬
‫============================‬
‫بل هي حرب على السلم‬
‫د‪ .‬حمود ضاوي القثامي‬
‫اتحد العالم السلمي هذه المرة ضد من أساء إلى رسول الهدى‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬على القل سمع العالم صوت المسلمين في‬
‫كل مكان على اختلف لغاتهم وجنسياتهم وأوطانهم وهذه بادرة‬
‫جيدة تستحق الهتمام‪.‬‬
‫لقد تحركت الشعوب السلمية بالمظاهرات والتنديد والستنكار‬
‫ومقاطعة البضائع‪ ،‬والمطالبة بالستمرار في تجنيد كل الوسائل‬
‫الممكنة حتى يعرف العالم بان مثل هذه المور ل يمكن نسيانها مع‬
‫الزمن والقبول باعتذار هزيل‪ ،‬لن ما حصل يحصل للمرة الولى‪.‬‬
‫انها سابقة خطيرة قد تقود إلى ما هو اخطر في المستقبل‪ ،‬ولهذا‬
‫يجب علينا إعلن الحرب حتى النهاية وحتى ل تتكرر في المستقبل‪،‬‬
‫إذ كيف تكون الساءة للسلم مباحة ولليهود محرمة ومحظورة‬
‫ومن يقترب منها يا ويله ويا سواد ليله‪.‬‬
‫والمثل الشعبي يقول (من ل يعدّي عن حياضه شرعت) ومعنى‬
‫يُعّدي (يدافع) والحياض جمع حوض‪ ،‬وشرعت (شرب ما فيها)‬
‫والمعنى الكلي للمثل‪ :‬ان من ل يدافع عن نفسه وحقه وشرفه‪،‬‬
‫سوف يستهان به وبمكانته وقيمته ويضيع مع الضائعين‪.‬‬

‫‪614‬‬
‫انها الحرب على السلم وليست على الرهاب الذي زاد ولم‬
‫يتناقص‪ ،‬فقد ساهمت وسائل العلم الغربية في إشعال فتنة‬
‫الكراهية والحقد ضد السلم‪ ،‬حتى وصل المر إلى درجة الستهانة‬
‫بمشاعر المسلمين بهذه الطريقة غير المسئولة‪ ،‬وكأن المسلمين‬
‫ليست لهم مشاعرهم كغيرهم من البشر‪ .‬سجون ومعتقلت وقتل‬
‫وتدمير للمدن بالسلحة المحرمة دوليا وعذاب وتعذيب لم يشهد له‬
‫التاريخ البشري مثيلً‪ ،‬وتطاول على الرموز الدينية بهذه الطريقة‪،‬‬
‫والغريب ان ما يخص السلم يصنف على انه مجرد رأي شخصي‬
‫والرأي الشخصي يجب ان يحترم‪.‬‬
‫ولكن مثل هذا الرأي إذا كان يخص اليهود فانه يصنف على انه‬
‫جريمة نكراء بحق البشرية كلها تستنفر من اجلها وسائل العلم‬
‫العالمية!!! هذه الحرية الشخصية المزعومة ل يمكن تطبيقها على‬
‫اليهود‪.‬‬
‫والسبب ان اليهود هم من (يذود عن حياضه حتى ل تشرع) وبكل ما‬
‫يمتلكون من قوة وقدرة‪ ،‬ولهذا أصبح العالم يخشاهم ويبتعد عن‬
‫الساءة إليهم حتى ل يتعرض من يتعرض لهم للمحاكمة والسجن‬
‫والتعويض على الرغم من أقليتهم‪.‬‬
‫اما أكثر من مليار وربع المليار من المسلمين فان النظرة إليهم‬
‫تختلف وكأنهم يعيشون خارج الكرة الرضية‪ ،‬فالضغوط السياسية ل‬
‫تتوقف عن المطالبة بالتخلي عن كل ما هو إسلمي‪ ،‬ووسائل‬
‫العلم من جانبها تساهم في بث سمومها التي أفرزت تجمعات‬
‫شبابية أوربية تحارب السلم بشكل علني‪.‬‬
‫حيث ظهرت الكتب والفلم والرسوم المعادية للسلم والمسلمين‬
‫بشكل يخالف العراف والمبادئ النسانية‪ ،‬وهذا يعني ان الحرب‬
‫المزعومة على الرهاب لم تقتصر على ملحقة الرهابيين‪ ،‬وإنما‬
‫تجاوزت كل الحدود وأباحت هذه الحرب كل المحرمات‪ ،‬فكانت‬
‫فرصة سانحة وجد فيها كل من يريد إيذاء امة السلم ضالته ليفعل‬
‫ما يشاء‪ ،‬فارتكبت الجرائم وحصلت المضايقات والستهانة بالرموز‬
‫الدينية السلمية كمنع الحجاب في فرنسا‪.‬‬
‫لن العالم السلمي أصبح عاجزا عن الدفاع عن نفسه‪ ،‬واقل ما‬
‫يمكن هو إقامة الدعاوى ضد كل من يسئ للسلم من بعيد أو من‬
‫قريب لكي يفكر كل من يحاول الساءة للسلم عشرات المرات‬
‫قبل إقدامه على فعلته‪ ،‬مع المطالبة بمساواة المسلمين باليهود‬

‫‪615‬‬
‫المحميين عالميا في كل مكان‪ ،‬ومن هنا يأتي دور رجال القانون‬
‫وأصحاب رؤوس الموال‪ ،‬المهم ان تكون للمة السلمية قوتها‬
‫ومكانتها بين المم‪.‬‬
‫=========================‬
‫بيئة العنصرية وكراهية الخر ‪ ...‬هل نحن في مواجهة مع‬
‫الغرب؟‬

‫الكاتب‪ :‬عبد الحسين شعبان‬


‫اثار نشر صحيفة دنماركية صور مسيئة للرسول محمد (ص) استياء‬
‫مليين المسلمين في العالم‪ ،‬خصوصا ً انه عكس الجواء السلبية‬
‫المشحونة بالتوتر وبرائحة العنصرية التي سادت لدى بعض الوساط‬
‫في اوروبا واميركا والتي اتخذت اجراءات «قانونية» وغير قانونية‬
‫استهدف بعضها مباشرة الجاليات العربية والسلمية‪ ،‬حيث شكلت‬
‫مرتعا ً خصبا ً لنزعات الكراهية والعداء للخر وعدم التسامح‪ ،‬والتي‬
‫تعاظمت إثر تفجيرات ‪ 11‬ايلول (سبتمبر) الرهابية وراح ضحيتها‬
‫أكثر من ‪ 3‬ألف انسان بريء‪ ،‬وكذلك ما أعقبها من تفجيرات حصلت‬
‫في العديد من البلدان الوروبية‪.‬‬
‫ومعروف ان العنصرية بيئة مشجعة على الرهاب‪ ،‬لنها ل تتسم‬
‫بالعدل والمساواة والقرار بالحقوق واحترام التنوع والختلف‪ ،‬فهي‬
‫بيئة إلغائية استئصالية اقصائية‪ ،‬لتغذية العنف والعنف المضاد وردود‬
‫الفعال والنتقام‪ .‬واذا كان المتهم الساسي الذي أدين في مؤتمر‬
‫ديربن العالمي حول العنصرية ‪ ،2001‬هو «السياسة العنصرية» ومن‬
‫يقف وراءها‪ ،‬حيث كانت سياسة اسرائيل العنصرية والتنكر لحقوق‬
‫الشعب العربي الفلسطيني واعمال البادة والرهاب الرسمي هي‬
‫التي وقفت امام المساءلة وحظيت بحيز كبير من هذه الدانة‪ ،‬فإن‬
‫وجهة التهام تحولت الى «العرب والمسلمين»‪ ،‬حين ظهر إنتماء‬
‫من نفذوا العمليات الرهابية اليهم‪.‬‬
‫ولم يشفع لهم ادانتهم الشديدة لتلك العمال الرهابية وتعاونهم من‬
‫اجل استئصال شأفة الرهاب‪ ،‬كما لم يغفر لهم انهم كانوا ضحية‬
‫الرهاب على مدى يقارب عن ستة عقود من الزمان‪ ،‬سواء‬
‫الرهاب الموجه من الخارج ضدهم‪ ،‬او الرهاب الداخلي الذي اشتد‬
‫في الربع الخير من القرن الماضي على يد جماعات متطرفة‬
‫ومنغلقة وتدعي امتلك الحقيقة‪ ،‬فكانت تنتهج نهج الرهاب والعنف‬

‫‪616‬‬
‫واستخدام القوة وسيلة لملء ارادتها وفرض رأيها القائم على‬
‫تحريم الخر وتجريمه وتأثيمه‪ ،‬سواء كان هذا الخر داخليا ً ام‬
‫خارجياً‪ ،‬فل فرق لديها‪.‬‬
‫وهنا ل بد من الشارة الى ان بعض هذه الجماعات المتطرفة كانت‬
‫تحظى بتأييد ودعم من «الغرب» بصورة معلنة او مستترة‪ ،‬بل إن‬
‫بعضها جرت محاولت لتصنيعه‪ ،‬وتلك احدى مفارقات الصراع في‬
‫منطقتنا وعلى ضفافها اذا جاز التعبير‪ ،‬سواء شمال المتوسط أو‬
‫عبر القارات‪.‬‬
‫المعركة حاليا ً ل تدور بالجيوش وحدها‪ ،‬وسيلة للصراع‪ ،‬وليس‬
‫القتصاد واليديولوجيا وحدهما علمات أساسية لهذا الصراع‪ ،‬بل‬
‫امتد الصراع وشمل على نحو أوسع وأعمق تأثيرا ً الحقل الثقافي‪.‬‬
‫وليس عبثا ً أن يعبر الرئيس الفرنسي جاك شيراك في حفل افتتاح‬
‫مؤتمر اليونسكو الـ‪ 33‬في تشرين الول (اكتوبر) ‪ 2001‬عن ذلك‬
‫حين قال «ان القرن التاسع عشر شهد صراعات القوميات والقرن‬
‫العشرين شهد صراع اليديولوجيات‪ ،‬اما القرن الحادي والعشرين‬
‫فقد شهد صراع الثقافات»‪.‬‬
‫لقد جعلت «العولمة» العالم كله «قرية كونية» وان كنت من الذين‬
‫ينددون بالعولمة ويلحظون سلبياتها الكثيرة‪ ،‬ال ان للعولمة‬
‫ايجابياتها غير القليلة ايضاً‪ ،‬وعلى النخب الفكرية والثقافية العربية‬
‫والسلمية والعالمثالثية ومعها نخب أوروبية وغربية متنورة‪ ،‬ان‬
‫تسعى لعولمة حقوق النسان والمعرفة وثقافة التسامح والعدل‬
‫والستفادة من المنجز العلمي ‪ -‬التقني على المستوى العالمي لما‬
‫فيه خير البشرية وسلمها وتقدمها ورفاهها‪.‬‬
‫واذا كان رد الفعل شديدا ً وسريعا ً ازاء ما نشرته الصحيفة‬
‫الدنماركية وعدد من الصحف الوروبية‪ ،‬فإن ردود الفعل العربية‬
‫والسلمية ازاء ما صدر من قوانين لمكافحة الرهاب رغم انها كانت‬
‫مفصلة عليهم لم تكن بالمستوى المطلوب‪ .‬ان بعض التصرفات‬
‫العنصرية تثير العديد من التساؤلت القديمة الجديدة‪ :‬هل نحن في‬
‫مجابهة مع الغرب؟ وهل ثمة مواجهة بين الغرب والسلم؟ هل هي‬
‫مشكلة الحداثة او ما بعد الحداثة؟ هل في العلن عن دخول عالم‬
‫«ما بعد التاريخ» الذي دعا اليه فرانسيس فوكوياما بإقرار ظفر‬
‫الليبرالية على المستوى الدولي كنظام سياسي واقتصادي‪ ،‬يوصل‬
‫العالم الى شاطئ السلم؟ أم القرار بـ «صراع الحضارات» الذي‬

‫‪617‬‬
‫دعا اليه صموئيل هنتنغتون حين طلب شحذ جميع السلحة لمواجهة‬
‫الخطر الراهن؟ وقصد به السلم بعد انهيار الشيوعية على‬
‫المستوى الدولي‪.‬‬
‫اين هي حدود الوصل والفصل بين الدعوة الى التعددية واحترام‬
‫حقوق النسان وحرية السوق‪ ،‬ازاء محاولت فرض الستتباع‬
‫والهيمنة؟ وكيف السبيل الى اجراء اصلحات ضرورية في العالم‬
‫العربي والسلمي كتعبير عن استحقاق وحاجة ماسة داخلية أولً‬
‫وقبل كل شيء وليس ارضاء لحد أو استجابة لطلب خارجي!‬
‫ثمة وجهتا نظر مخطوءتان في رؤية كل من الغرب الى العرب‬
‫والمسلمين وفي رؤية العرب والمسلمين الى الغرب بشكل عام‪،‬‬
‫وان كنت ل أنفي التمايز في المواقف لكل الفريقين‪ ،‬ال انه السائد‬
‫بل اليومي الذي يحدد علقة السياسة بالثقافة احيانا ً وبالعكس‪.‬‬
‫وكمقدمة لهذه الفقرة اقول إن هناك نحو بليون وأربعمئة مليون‬
‫مسلم أو ما يقارب ذلك متوزعين على أكثر من ‪ 60‬بلدا ً بينهم ‪57‬‬
‫دولة اسلمية (عضو في المؤتمر السلمي) اضافة الى بلدان‬
‫يشكل المسلمون جزءا ً كبيرا ً من سكانها (اقلية عددية كبيرة) مثل‬
‫الهند واثيوبيا‪ ،‬وهناك ‪ 16‬مليون مسلم في روسيا وحدها‪ .‬ان سكان‬
‫العالم السلمي يؤلفون نحو خمس سكان العالم‪ ،‬كما تؤلف البلدان‬
‫السلمية نحو ثلث دول العالم البالغة ‪ 190‬دولة‪.‬‬
‫لقد ظل الفهم قاصرا ً في النظر الى المسلمين باعتبارهم «كتلة‬
‫واحدة»‪ .‬و»السلم شيء واحد»‪ .‬بل هناك ادغام وتشوش احياناً‬
‫بين الجماعات السلمية والسلم أو بين المسلمين والسلميين‬
‫والسلمويين‪ .‬وذلك في حمى الحديث عن «التهديد السلمي» و‬
‫«الخطر السلمي»‪ ،‬وبإستعادة لغة الحرب احيانا ً عند الحديث عن‬
‫السلم باعتباره «عدواً» وليس المكون الثقافي لمئات المليين من‬
‫البشر‪ ،‬وبذلك تكاد تكون غالبية المسلمين حسب وجهة النظر هذه‬
‫«مجبولة» على الرهاب وعلى «العدوانية» التي تدمغهم دون تمييز‬
‫او تمحيص او محاولة للفهم بأصول الدين وبالقانون والنظمة‬
‫السائدة وبالسياسة المتبعة وبالعلقات الدولية‪ ،‬ناهيكم عن التنوع‬
‫والختلف التي تمتاز به المجتمعات السلمية مثل غيرها من‬
‫المجتمعات‪.‬‬
‫فللسلميين وللمسلمين وبشكل عام آراء مختلفة في السياسة‬
‫والمجتمع والعلقات تبعا ً لختلف المصالح والهداف والتصورات‪.‬‬

‫‪618‬‬
‫والسلم ليس كله ول حتى المسلمين كلهم أو معظمهم او حتى‬
‫جزء مؤثر منهم يؤيدون تنظيم «القاعدة» أو رؤية حكومة‬
‫«طالبان» الفغانية أو نموذج اسامة بن لدن ولعلهم ل يرحبون‬
‫بقيام دولة دينية لما أفرزته التجربة المريرة في أفغانستان أو غيرها‬
‫من «النظمة السلمية»‪ ،‬بل ان قسما ً كبيرا ً وحاسما ً من‬
‫السلميين ناهيكم عن المسلمين لم يؤيدوا اجراءات حكومة‬
‫«طالبان» وتعصب تنظيم القاعدة والتوجهات الرهابية التي‬
‫اعتمدها‪ ،‬بما فيها تحطيم التماثيل البوذية في باميان باعتبارها «غير‬
‫اسلمية» وهو موقف فيه الكثير من انعدام الذوق والحس الجمالي‬
‫ناهيكم عن كونه تفريط بثروة تاريخية عالمية ذات قيمة ل تقدر‬
‫بثمن‪ ،‬وكذلك الموقف من المرأة و قضايا التقدم الجتماعي‬
‫والمجتمع المدني والتفاعل مع الحضارة النسانية‪.‬‬
‫المجتمعات العربية والسلمية مثل غيرها من المجتمعات النسانية‬
‫تمثل حضارة وتاريخا ً وقيما ً وتوجهات فكرية وقومية وثقافية‬
‫واختلفات سياسية ومدارس نظرية بخصوص التنمية والتطور‪ ،‬وهي‬
‫تتأثر بالعالم وبكل ما يجري حولها من تقدم وعلوم وتكنولوجيا‬
‫وافكار ومتغيرات‪ .‬ومع ان هويتها العامة هي السلم‪ ،‬فهو ليس دين‬
‫حسب‪ ،‬بل هو في نهاية المطاف حضارة لمم وشعوب وتكوينات‬
‫عرقية وأثنية ولغوية وأصول متنوعة‪ ،‬ساهم السلم في حياتها من‬
‫دون ان يضع حاجزا ً امام انخراطها في الركب الحضاري نحو‬
‫الحداثة والديموقراطية وحقوق النسان‪ ،‬وهو ما يتم التطلع نحوه‬
‫بشكل كبير وهو ما يجري الصراع حوله بشكل أكبر بين التيار‬
‫التقليدي والتيار الحداثوي‪.‬‬
‫واذا كانت نظرة «الغرب» الى السلم قاصرة وان كانت بالطبع‬
‫نظرة غير موحدة بحكم وجود تيارات وتوجهات فكرية وثقافية‬
‫مختلفة‪ ،‬إل أن هذه هي نظرة الغرب السياسي‪ ،‬وبخاصة ازاء‬
‫التيارات السلموية التي قد تنسحب احيانا الى السلم ككل‬
‫لسباب سياسية‪ ،‬فإن النظرة السائدة في العالم العربي والسلمي‬
‫الى «الغرب» هي الخرى نظرة «كلنية» او كلية‪ ،‬أي شمولية‬
‫مستندة الى التاريخ أحيانا ً بل تلجأ الى استحضاره بشأن الصراع‬
‫بين «الغرب» و»السلم» كلما وجدت حاجة الى دعم وجهات‬
‫نظرها الراهنة‪ ،‬فهو صراع تاريخي‪ ،‬حتمي منذ حروب الفرنجة» ول‬
‫أقول الحروب الصليبية» وقبلها في الفتوحات السلمية‪ ،‬بل انها‬
‫حرب «صليبية جديدة» كما يذهب البعض‪.‬‬

‫‪619‬‬
‫الصراع اذن حسب وجهة نظر بعض المتطرفين والمتعصبين في‬
‫العالمين العربي والسلمي هو صراع متوارث‪ ،‬قيمي وديني‬
‫وأخلقي‪ ،‬ل سبيل للتلقي أو التعايش معه‪ ،‬لن الحضارة الغربية‬
‫هي حضارة مسيحية ‪ -‬يهودية ‪ ،‬ويتم دمغها احيانا «بالكافرة»‬
‫وحسب هذا المفهوم فهو صراع تناحري ل سبيل الى حله سلما ً او‬
‫اعترافا ً بالخر‪ .‬وذلك من دون النظر الى المصالح المشتركة‬
‫والمنافع المتبادلة والمشتركات النسانية‪.‬‬
‫واذا كانت السياسة هي في المحصلة تعبير عن صراع واتفاق‬
‫المصالح وليس اختلفات عقائدية حسب‪ ،‬فإن الثقافة هي جسر‬
‫التواصل بين البشر والكيانات بحثا ً عن المشتركات النسانية وفي‬
‫اطار حقول المعرفة‪ .‬والثقافة في نهاية المطاف معرفة‪ ،‬والمعرفة‬
‫سلطة على حد تعبير الفيلسوف البريطاني فرانسيس بيكون‪،‬‬
‫وعلى العرب والمسلمين تنمية سلطتهم بالمعرفة‪ .‬وكان تقرير‬
‫التنمية البشرية لعام ‪ 2004‬الصادر عن المم المتحدة قد كشف‬
‫حجم النقص الفادح في المعرفة والحريات التي تعتبر من اهم‬
‫معوقات التنمية في البلدان العالمثالثية ومنها البلدان العربية‬
‫والسلمية‪ ،‬اضافة الى تهميش دور المرأة وعدم القرار بحقوق‬
‫القليات‪.‬‬
‫المداولة والشراكة والحوار وسيلة للتواصل الحضاري ولتعزيز‬
‫وتطوير جسر الثقافة‪ ،‬الذي يمكن استخدامه سلبا ً أو ايجاباً‪ ،‬فـ‬
‫«الغرب» ليس وحده مسؤول ً وإن كانت مسؤوليته اساسية ول‬
‫يمكن تخفيفها تحت أي مبرر كان‪ ،‬في الجابة عن بعض السئلة‬
‫التي تضعها تحديات العولمة في اطار الثقافة الكونية متعددة‬
‫المشارب والصول والتكوينات‪ ،‬ومن هنا يتعاظم القلق المشروع‬
‫لدى مئات المليين من المسلمين حين تنتشر وتستشري بعض‬
‫النزعات العنصرية في الغرب ليس على الصعيد السياسي فحسب‪،‬‬
‫بل على الصعيد الثقافي ايضا» تلك التي تستخف بمقدسات‬
‫الخرين‪.‬‬
‫باحث وكاتب عراقي‬
‫صحيفة الحياة اللندنية‬
‫==========================‬
‫بيان من أتباع دين السلم‪ ،‬أتباع النبي الخاتم محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‬

‫‪620‬‬
‫الكاتب‪ :‬اللجنة العالمية لنصرة خاتم النبياء‬
‫بتاريخ‪02/25/2003 :‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫من أتباع دين السلم‪ ،‬أتباع النبي الخاتم محمد صلى الله عليه‬
‫ن والنس‪.‬‬ ‫وسلم‪ ،‬إلى الثقلين من الج ّ‬
‫السلم على من اتّبع الهُدَى‪.‬‬
‫حدُّها بلد ٌ ول مكان‪ ،‬ول تنتمي‬ ‫ب أمةٍ ل يُمثِّلُها ول ي َ ُ‬ ‫أما بعد‪ :‬فهذا خطا ُ‬
‫ن أو لغة‪ ،‬ول تدعو إلى عقائد أو مفاهيم وضعها‬ ‫و ٍ‬‫ق أو ل َ ْ‬ ‫إلى عر ٍ‬
‫ط نفوذها من خلل حضارتها‬ ‫س َ‬ ‫علماؤها ومفكّروها‪ ،‬ول تُريد ُ ب َ ْ‬
‫صبْغ الناس بتصوّراتها المستمدّة من مذهبها أو تاريخها أو‬ ‫البشريّة ب ِ َ‬
‫تقاليدها الدميّة‪.‬‬
‫ب الخالق‬ ‫ة تدعو الناس بدعاية الله‪ ،‬وتُسمعهم خطا َ‬ ‫ولكنّها أم ٌ‬
‫ة للبشريّة جمعاء‪ :‬أسلموا تسلموا‪.‬‬ ‫سبحانه‪ ،‬قائل ً‬
‫جهه للبشريّة ‪ ،‬بل للثقلين ‪ ،‬ل يحقّ لحد ٍ أن‬ ‫إن هذا الخطاب الذي نو َّ‬
‫ه لحد ٍ من‬ ‫جهَ ُ‬ ‫يتصوّر أنه يجوز له أن يكتبه من تلقاء نفسه وأن يُو َّ‬
‫من‬‫ن ما ل يقدر عليه جميع البشر‪ ،‬إنه يتض ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ب يتض ّ‬ ‫خلْق ؛ لنه خطا ٌ‬ ‫ال َ‬
‫الوعد َ الكيد المتحقّقَ بالحياة الطيّبة السعيدة في الدنيا‪ ،‬وبالثواب‬
‫َ ُ‬
‫من ذ َكَرٍ أوْ أنثَى وَهُ َ‬
‫و‬ ‫صالِحا ً ِّ‬
‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل العظم في الخرة { َ‬ ‫الج ّ‬
‫ما كَانُواْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬‫جَرهُم بِأ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫جزِيَنَّهُ ْ‬ ‫حيَاةً طَيِّب َ ً‬
‫ة وَلَن َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫حيِيَن َّ ُ‬
‫ن فَلَن ُ ْ‬‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ُ‬
‫ن} [النحل‪.]97:‬‬ ‫ملو َ‬‫ُ‬ ‫يَعْ َ‬
‫جه مثل هذا الخطاب من‬ ‫ن أنه يحقّ له أن يُو َّ‬ ‫ولذلك فإن من ظ ِ ّ‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫م َ‬ ‫ح ُّ‬ ‫تلقاء نفسه إلى البشريّة‪ ،‬كائنا ً من كان‪ ،‬فهو إنّما ي ُ ِ‬
‫ل نفسه َ‬
‫الله الخالق‪ ،‬ويَدّعي بذلك ما ادّعاه فرعون ونمرود من اللوهيّة‪،‬‬
‫متعاليا ً على أبناء جنسه من البشر إلى هذا الحدِّ الخرق من‬
‫ل واحد ٍ منهم‪ ،‬أن يرفض النصياع‬ ‫ق البشر حينها‪ ،‬وك ُ ِّ‬ ‫التعالي‪ .‬ومن ح ِ ّ‬
‫لمثل هذا الخطاب من بشرٍ مثله‪ ،‬بل على البشر أن يرفضوا سماعَ‬
‫مثل هذا الخطاب‪ ،‬بل عليهم أل يسمحوا لحد ٍ من البشر أن يترفّع‬
‫عليهم وعلى جنسه البشري إلى هذه الدرجة الخرقاء من الترفّع؛‬
‫لن في مجّرد سماعهم لهذا الخطاب البشريّ إقرارا ً بعبوديّتهم‬
‫لبشرٍ مثلهم !!!‬

‫‪621‬‬
‫جهه إلى البشريّة‪ ،‬ل‬ ‫ولذلك (أخيراً) فإن مثل هذا الخطاب الذي نُو ّ‬
‫ة تنتمي إلى أي انتماء بشري‪ ،‬ول يجمعها ُّ‬
‫أي‬ ‫جهه على أننا أم ٌ‬ ‫نو ِّ‬
‫ف بينها أيُّ مطامعَ‬ ‫ي أو زماني أو حضاري‪ ،‬ول يؤل َ ُ‬ ‫اجتماع مكان ِ ّ‬
‫مة التي‬ ‫ب ال ّ‬‫اقتصادَية أو مطامح سياسيّة أو مصالح دنيويّة‪ .‬إنه خطا ُ‬
‫اتّبعت دين الخالق الواحد الحد‪ ،‬الذي ل إله إل هو وحده ل شريك‬
‫له‪.‬‬
‫نعم ‪ ..‬إننا أتباع دين السلم‪ ،‬الدين الذي رضيه الخالقُ للبشريّة‪،‬‬
‫ن يُصلح به شأن الثقلين‪ ،‬ويخرجهم من الظلمات إلى‬ ‫وجعله آخَر دي ٍ‬
‫النور‪ ،‬وتتحقَّق باليمان به والعمل بأحكامه سعادتُهم في الدنيا‬
‫ن الوحيد‬ ‫والخرة‪ ،‬ولن تتحقّق سعادتهم بغير هذا الدين؛ لنه الدي ُ‬
‫الذي يرضاه الله للبشريّة بعد بعثة خاتم الرسل محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فهو دين الخالق‪ ،‬والخالق وحده هو العالم بمصالح‬
‫َ‬
‫خلَقَ وَهُوَ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫م َ‬‫العباد وبما يحقّق لهم منافعهم في الدنيا {أَل يَعْل َ ُ‬ ‫َ‬
‫خبِيُر} [الملك‪ ،]14:‬والخالق وحده هو الذي يملك أمر‬ ‫الل ّطِي ُ‬
‫ف ال ْ َ‬
‫ل شيء‪ ،‬وهو على كل شيء‬ ‫الدنيا والخرة‪ ،‬ويُدبِّر شؤونهما‪ ،‬وبيده ك ُ ّ‬
‫قدير‪ .‬ثم هو وحده سبحانه الذي يُجازي المحسنين بالحسان‬
‫والمسيئين بالعقاب في اليوم الخر‪ ،‬فهو سبحانه وحده { مالك يوم‬
‫َ‬
‫حد ِ القهار} [غافر‪:‬‬ ‫م لِل ّهِ الْوَا ِ‬ ‫ك الْيَوْ َ‬ ‫مل ْ ُ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫الدين} [الفاتحة ‪ { ]4 :‬ل ِّ َ‬
‫م ِ‬
‫‪.]16‬‬
‫ة محضة‪ ،‬يجب أن يقّر بها كل العقلء‪ :‬وهي أن الدين الذي‬ ‫إنها حقيق ٌ‬
‫م لهم فيه ربُّهم جميعَ شؤون‬ ‫م الخالقُ المخلوقين به‪ ،‬والذي يُنظ ِّ ُ‬ ‫يُلز ُ‬
‫حياتهم‪ ،‬من علقتهم به سبحانه‪ ،‬وعلقتهم بالمخلوقين أمثالهم‪ ،‬على‬
‫ن لهم فيه طريقَ سعادتهم في‬ ‫اختلف أجناسهم وأحوالهم‪ ،‬ويبي ّ ُ‬
‫الدنيا والخرة=أنه سيكون حقا ً الوسيلة الوحيدة الحقّة لبلوغ تلك‬
‫ة لبلوغها إل هذه الوسيلة‪ ،‬وأنه‬ ‫السعادة‪ ،‬وأن البشريّة لن تجد وسيل ً‬
‫ل يحق لها أصل ً ول يجوز أن ترفض هذا الدين والنظام اللهي‬
‫لخالقها سبحانه‪.‬‬
‫م حقيقةٍ‬ ‫ل‪ ،‬بل هي أعظ ُ‬ ‫ة ل يشك فيها عاق ٌ‬ ‫ن وجود الخالق حقيق ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ل أيضا ً أن من أنكر هذه‬ ‫في الوجود على الطلق‪ .‬ول يشك عاق ٌ‬
‫الحقيقة بلسانه من البشر‪ ،‬أنه قد اعترف بها قلبُه ‪ ،‬بل قد أعلنها‬
‫ُ‬
‫هو بوجوده‪ ،‬وأعلنها معه الوجود كل ّه من حوله‪ .‬ولهذا سقطت‬
‫الشيوعيّة‪ ،‬مع أنها سقطت من يوم أن وُلدت؛ لنها صادمت أعظم‬

‫‪622‬‬
‫حقائق الوجود‪ ،‬وهي أن الوجود يدل على أنه ل بُد ّ له من خالق‬
‫عليم ٍ حكيم عظيم قادر‪.‬‬
‫وهذا الخالق العظيم سبحانه‪ ،‬الذي دلّت مخلوقاته على عظمته‬
‫وعلمه وحكمته‪ ،‬بما أوجده من هذه الفلك العظيمة‪ ،‬وما فيها من‬
‫جه الرض من‬ ‫النظام الدقيق المتناهي الدقّة‪ ،‬وما أوجده على وَ ْ‬
‫الحياء المختلفة في البر والبحر‪ ،‬والنباتات‪ ،‬والجمادات‪ ،‬وما بينها‬
‫من التناسق‪ ،‬وما فيها من عجيب الصنعة ولطيف التدبير‪ ،‬وغير ذلك‬
‫مما ل زال البشر يبحثون عن أسراره‪ ،‬ويسعون إلى اكتشافه=ل‬
‫خلْق عبثا ً بغير حكمة‪ ،‬ول أن يكون قد‬ ‫يُمكن أن يكون قد خلق ال َ‬
‫ص الثقلين بالعقل من سائر مخلوقاته على وجه الرض دون‬ ‫خ َّ‬
‫ض حكمته وعلمه وعظمته سبحانه التي‬ ‫سبب ؛ لن هذا العمل يعار ُ‬
‫َ‬
‫م‬
‫سبْت ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫دلّت عليها مخلوقاته (كما سبق)؛ ولذلك يقول تعالى { أفَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن } [المؤمنون‪.]115:‬‬ ‫م إِلَيْنَا َل تُْر َ‬
‫جعُو َ‬ ‫م ع َبَثا ً وَأنَّك ُ ْ‬‫خلَقْنَاك ُ ْ‬
‫ما َ‬ ‫أن َّ َ‬
‫خلْق‪ ،‬ول بُد َّ أن يكون‬ ‫خلْق ال َ‬
‫إذن فل بُد َّ أن تكون هناك غاية من َ‬
‫ميّزوا‬ ‫ة أنّهم قد ُ‬ ‫هناك غاية من خلق البشر الذين نحن منهم‪ ،‬خاص ً‬
‫ة من‬ ‫بنعمة العقل والتفكير‪ ،‬التي استطاعوا من خللها (وهي هب ٌ‬
‫خروا كثيرا ً من المخلوقات وأنظمةِ الكون من‬ ‫الخالق لهم) أن يُس ِّ‬
‫حولهم لتحقيق كثيرٍ من المنافع الدنيويّة لهم ‪.‬‬
‫ثم هل يحق للبشر أن يحدّدوا غاية إيجادهم والسبب في تخصيصهم‬
‫بنعمة العقل؟! بل هل يمكنهم أصل ً أن يعرفوا هذه الغاية ؟! ل شك‬
‫أنهم أعجز من ذلك‪ ،‬وأن هذا هو حقُّ خالقهم وحده‪ ،‬ول يحق لح ٍ‬
‫د‬
‫أن يدّعي له شيئا ً من الحق فيه غيره سبحانه وتعالى؛ لن المخلوق‬
‫ل يعلم ما في نفس المخلوق‪ ،‬فأنَّى له أن يعرف ما في نفس‬
‫الخالق؟!!‬
‫ة‬
‫ض حكم َ‬ ‫خلْقهم يُعار ُ‬ ‫ك البشريّة دون بيان الغاية من َ‬ ‫ولذلك فإن تَْر َ‬
‫ض عَدْلَه أيضاً؛ إذ فيه تكليف بما ل‬ ‫الخالق وعظمته وعلمه‪ ،‬ويُعار ُ‬
‫ض رحمته سبحانه بعباده‪ ،‬وهو الذي‬ ‫يدخل تحت قدرتهم‪ .‬ويعارِ ُ‬
‫وسعت رحمته كل شيء‪ ،‬بأن يتركهم همل ً بغير نظام ٍ يُبيِّن لهم فيه‬
‫أسباب سعادتهم ‪ ،‬التي خلقهم من أجلها‪.‬‬
‫ولذلك أرسل الله تعالى الرسل عليهم السلم‪ ،‬لبيان دينه‪ ،‬الذي هو‬
‫صلُح أمر الدنيا والخرة ‪ ،‬وبه يعرف‬ ‫نظام البشرية‪ ،‬الذي به ي َ ْ‬
‫خلْقه ‪ ،‬ويعرف طريق الوصول إلى تحقيق هذه‬ ‫ة من َ‬ ‫النسان الغاي َ‬
‫الغاية‪ .‬إذ بغير إرسال الرسل لن يكون بإمكان البشر أن يعرفوا‬

‫‪623‬‬
‫غاية خلقهم ول بطريق بلوغها‪ ،‬وبذلك ل يُمكن أن يُثاب من حقّق‬
‫سلً‬ ‫تلك الغاية وأن يُعاقب من لم يحقّقها‪ ،‬كما قال تعالى { ُّر ُ‬
‫ل وَكَا َ‬
‫ن‬ ‫س ِ‬ ‫ة بَعْد َ الُّر ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ح َّ‬‫س ع َلَى اللّهِ ُ‬ ‫ن لِئَل َّ يَكُو َ َ‬ ‫مب َ ّ ِ‬ ‫ُّ‬
‫ن لِلن ّا ِ‬ ‫منذِرِي َ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫شرِي َ‬
‫ن‬
‫ذّبِي َ‬‫معَ ِ‬ ‫ما كُنَّا ُ‬ ‫حكِيماً} [النساء‪ ،]165:‬وقال تعالى { َو َ‬ ‫ه ع َزِيزا ً َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫سول ً } [السراء‪.]15:‬‬ ‫ث َر ُ‬ ‫حتَّى نَبْعَ َ‬ ‫َ‬
‫وبذلك يتّضح أن إرسال الرسل هي الحقيقة الثانية الكبرى‪ ،‬التي‬
‫ة الولى‪ ،‬التي هي وجود الخالق سبحانه‪.‬‬ ‫ت باليمان بها الحقيق ُ‬ ‫ألزم ْ‬
‫ل على وجوب اليمان بإرسال الرسل‪ ،‬وهذا ما ل‬ ‫فوجود الخالق يد ّ‬
‫ل أن يُكابر في إنكاره‪.‬‬ ‫ح من عاق ٍ‬ ‫يص ّ‬
‫والرسل إنما جاؤوا لتبليغ دين الله تعالى‪ ،‬وسبق أن ذكرنا أن دين‬
‫الخالق وحده هو الذي يضمن للبشريّة السعادة الدنيوية والخرويّة‪،‬‬
‫ة كبرى‪ ،‬سبق‬ ‫ة ثالث ٌ‬ ‫ولذلك فإنه يلزم أن تتّبعه البشرية‪ .‬وهذه حقيق ٌ‬
‫إثباتها شرعا ً وعقل‪.‬‬
‫وكما أرسل الله تعالى إلى البشر ُرسل ً منهم لتبليغ دينه إلى الُمم‬
‫السابقة‪ ،‬مثل نوح (عليه السلم)‪ ،‬وإبراهيم (عليه السلم)‪ ،‬وموسى‬
‫(عليه السلم)‪ ،‬وعيسى بن مريم (عليه السلم) = فقد أرسل الله‬
‫تعالى إلى البشريّة محمدا ً (صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء‬
‫الله ورسله)‪ .‬فليست بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أمراً‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ت بِدْعا ً ِّ‬ ‫ما كُن ُ‬ ‫ل َ‬ ‫جديدا ً على البشَرية‪ ،‬كما قال تعالى { قُ ْ‬
‫ل } [ الحقاف ‪ .]9:‬فقد أرسل الله تعالى قبله رسل ً كثيرين‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫الُّر ُ‬
‫ك كَ َ‬ ‫َ‬
‫من‬‫ن ِ‬ ‫ح وَالنَّبِيِّي َ‬ ‫ٍ‬ ‫حيْنَا إِلَى نُو‬ ‫ما أوْ َ‬ ‫حيْنَا إِلَي ْ َ َ‬ ‫كما قال تعالى { إِنَّا أوْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ط‬
‫سبَا ِ‬ ‫ب وَال ْ‬ ‫حاقَ وَيَعْقُو َ‬ ‫س َ‬ ‫ل وَإ ِ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬‫س َ‬
‫م وَإ ِ ْ‬ ‫حيْنَا إِلَى إِبَْراهِي َ‬ ‫بَعْدِهِ وَأوْ َ‬
‫َ‬
‫سلً‬ ‫ن وَآتَيْنَا دَاوُود َ َزبُورا ً وَُر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫سلَي ْ‬ ‫ن وَ ُ‬ ‫س وَهَاُرو َ‬ ‫َ‬ ‫ب وَيُون ُ‬ ‫سى وَأيُّو َ‬ ‫عي َ‬ ‫وَ ِ‬
‫هّ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫ً َّ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫َ‬
‫م ع َلي ْ َ‬
‫م الل ُ‬ ‫م ع َلي ْك وَكل َ‬ ‫صهُ ْ‬ ‫ص ْ‬‫م ن َ ْق ُ‬ ‫سل ل ْ‬ ‫ل وَُر ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫صنَاهُ ْ‬ ‫ص ْ‬ ‫قَد ْ قَ َ‬
‫َ‬
‫س ع َلَى اللّهِ‬ ‫ن لِئَل ّ يَكُو َ َ‬
‫ن لِلن ّا ِ‬ ‫منذِرِي َ‬ ‫ن وَ ُ‬‫شري َ‬ ‫مب َ ّ ِ ِ‬ ‫سل ً ُّ‬ ‫سى تَكْلِيما ً ُّر ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫حكِيما } [النساء‪.]165-163:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ه ع َزِيزا َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل ُ‬ ‫ل وَكا َ‬ ‫َ‬ ‫س ِ‬ ‫ُ‬
‫ة بَعْد َ ال ّر ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫ي محمد صلى الله عليه وسلم لمجّرد أنه‬ ‫إذن فإنكار رسالة النب ّ‬
‫من يؤمن‬ ‫منْكُِر م ّ‬ ‫رسول الله‪ ،‬ل يُقبل من أحد؛ لنه إن كان هذا ال ُ‬
‫ل قبل النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وهو قد أقَّر بذلك عقيدةَ‬ ‫برسو ٍ‬
‫م يُنكر رسالة النبي صلى الله عليه وسلم؟! وإن‬ ‫سل‪ ،‬فل َ‬ ‫ل الُّر ُ‬ ‫إرسا ِ‬
‫منْكُِر ممن ل يؤمن برسول‪ ،‬فيلزمه أن ينكر وجود‬ ‫كان هذا ال ُ‬
‫الخالق‪ ،‬وأن ينكر وجوده هو نفسه؛ للترابط بين هذه الحقائق‬
‫الكبرى (كما سبق)‪ .‬وليس في الناس اليوم إل أحد هذين الفريقين‪،‬‬

‫‪624‬‬
‫فيلزم الناس كلّهم اليوم عدم إنكار نبّوة محمد صلى الله عليه‬
‫صفِه بالرسالة‪.‬‬ ‫وسلم‪ ،‬إذا كان إنكارهم لها مبنيّا ً على مجّرد إنكار وَ ْ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لدعوى أنه لم‬ ‫ما إن كان إنكار رسالة النب ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ئ من هذا المدّعي عن‬ ‫ما ناش ٌ‬‫نبوته‪ ،‬فهذا إ ّ‬ ‫ل على صدق ّ‬ ‫يقم دلي ٌ‬
‫ل وتقصير بالغ في البحث عن الحقيقة‪ ،‬أو ناشىءٌ عن عنادٍ‬ ‫جهْ ِ‬‫َ‬
‫واستكبار وإعراض عن الحقيقة الواضحة وضوح الشمس في رابعة‬
‫نبوته‬
‫ض دلئل ّ‬ ‫النهار‪ .‬وسنذكر – نحن– هنا في هذا الخطاب بع َ‬
‫صي للمنصفين الباحثين عن‬ ‫مة البحث والتق ِّ‬ ‫مه ّ‬‫باختصار‪ ،‬تاركين َ‬
‫ُ‬
‫الحقيقة الكبرى‪ ،‬التي بها يسعدون في دنياهم وأخراهم‪ ،‬وبالعراض‬
‫عنها يشقون في دنياهم وأخراهم‪ .‬وقبل أن نذكر هذه الدلئل‪ ،‬فإنا‬
‫نسأل أتباع الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم (كاليهود‬
‫والنصارى)‪ :‬ماذا لديكم من أدلّة صدق نبوّة موسى وعيسى عليهما‬
‫السلم؟ فإنهم لن يذكروا دليل ً إل ولدينا – نحن المسلمين – من‬
‫نبوة محمد صلى‬ ‫ة وأوضح برهانا ً على صدق ّ‬ ‫جنسه ما هو أعظم دلل ً‬
‫الله عليه وسلم ‪ .‬بل الغرب من ذلك‪ :‬أننا أقدر على إثبات نبوّة‬
‫موسى وعيسى (عليهما السلم) من أتباعهما‪ ،‬ولدينا من أدلّة صدق‬
‫نبوتهما (عليهما السلم) ما ليس عند أتباعهما !!! لكن تَميََّز نبيُّنا‬ ‫ّ‬
‫محمد ٌ صلى الله عليه وسلم بخلود بعض معجزاته‪ ،‬وعلى رأسها‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬كما يأتي بيانه‪.‬‬
‫وسنذكر دلئل من دلئل نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم باختصار‪،‬‬
‫صلتها وبيّنتها‪ ،‬وعلى الباحث عن سعادته في‬ ‫ب ومراجعُ ف ّ‬ ‫إذ هناك كت ٌ‬
‫ن فيما سنذكره في آخر‬ ‫الدنيا والخرة أن يبحث عنها ويدرسها‪ .‬مع أ ّ‬
‫ة (على وجازته) لمن أنصف وتخلى عن مألوفاته‬ ‫هذا الخطاب كفاي ً‬
‫السابقة الراسخة في نفسه بغير دليل‪ ،‬ولم يستكبر في العتراف‬
‫بالخطأ ولو كان خطأ ً كبيرا ً !!‬
‫إن هذة الدلئل المثبتة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم هي آخر‬
‫المطاف وآخر النتائج وآخر الحقائق الكبرى التي أردنا إعلنها‬
‫للثقلين‪ ،‬وهي أن محمدا ً صلى الله عليه وسلم رسول الله ‪ ،‬بعثه‬
‫الله بدين السلم‪ ،‬وأنزل عليه كلمه تعالى وهو القرآن الكريم‪ .‬كما‬
‫أرسل الرسل من قبله ‪ ،‬وبعثهم إلى أقوامهم بدينه سبحانه‪ ،‬وأنزل‬
‫عليهم كتباً‪ :‬التوراة إلى موسى (عليه السلم)‪ ،‬والنجيل إلى‬
‫عيسى(عليه السلم)‪.‬‬

‫‪625‬‬
‫ة تقُّرها العقول الصحيحة (كما سبق)‪،‬‬ ‫ن إرسال الرسل حقيق ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ويؤمن بها أكثر أهل الرض‪ .‬وإرسال الرسل إنما كان لتبليغ دين الله‬
‫خلْقَه‬ ‫مه الذي أرشد إليه َ‬ ‫ه ونظا ُ‬ ‫م ُ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫تعالى‪ ،‬ودين الله تعالى هو ُ‬
‫لتحقيق سعادتهم‪ ،‬التي ل تتحقق إل من خلل التزام دين الله تعالى‪،‬‬
‫خلْقَ لجلها‪ .‬فعبادة الخالق ل‬ ‫وهذه هي عبادة الله‪ ،‬التي خلق الله ال َ‬
‫شرعت‬ ‫ينتفع بها الخالق‪ ،‬وإنما ينتفع بها المخلوق‪ ،‬بل هي إنما ُ‬
‫لتحقيق غايةِ النفع له‪.‬‬
‫ومع أن الله تعالى قد أرسل الرسل بدينه‪ ،‬الذي هو هُداه ونوره‬
‫صدْقهم‪ ،‬إعذارا ً إلى البشر وإقام ً‬
‫ة‬ ‫للبشريّة‪ ،‬وأيّدهم بما يدل على ِ‬
‫جة عليهم=إل أن من الناس من أعرض عن هداية ربِّه‪ ،‬وعاند‬ ‫للح ّ‬
‫ة الباطل‪ ،‬وأن يعادي‬ ‫وأبى إل اتّباع الشيطان‪ ،‬وأصَّر إل أن يُقيم دول َ‬
‫ويحارب أتباع دين الله تعالى‪ ،‬وأن يصرف الناس عن اتّباع النبياء‬
‫والرسل ‪ ...‬إلى غير ذلك من أنواع الضللت الكثيرة‪ .‬فهل يُمكن أن‬
‫يدع الله تعالى هؤلء المعاندين لدينه‪ ،‬المقاتلين لنبيائه وأوليائه‪،‬‬
‫َ‬
‫جعَ ُ‬
‫ل‬ ‫الظالمين لنفسهم ولغيرهم‪ ،‬دون حساب وجزاء؟!!! { أفَن َ ْ‬
‫َ َّ‬
‫ن [ القلم ‪،]36-35 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫م كَي ْ َ‬
‫ف تَ ْ‬ ‫ما َلَك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫جرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن كَال ْ ُ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫م كالذِي َ‬
‫ن‬ ‫جعَلَهُ ْ‬ ‫ت أن ن َّ ْ‬ ‫سي ِّئَا ِ‬ ‫حوا ال َّ‬ ‫جتََر ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫ب ال ّذِي َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫وقال تعالى { أ ْ‬
‫ما‬‫ساء َ‬ ‫م َ‬ ‫ماتُهُ ْ‬ ‫م َ‬‫حيَاهُم َو َ‬ ‫م ْ‬ ‫سوَاء َّ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ملُوا ال َّ‬ ‫منُوا وَع َ ِ‬ ‫آ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫س بِ َ‬ ‫ل نَفْ ٍ‬ ‫جَزى ك ُ ّ‬ ‫ق وَلِت ُ ْ‬‫ح ِّ‬ ‫ض بِال ْ َ‬ ‫ت وَاْلْر َ‬ ‫ماوَا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال َّ‬ ‫خلَقَ الل ّ ُ‬ ‫مونَوَ َ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن [الجاثية‪.]22-21:‬‬ ‫مو َ‬ ‫م َل يُظْل َ ُ‬ ‫ت وَهُ ْ‬ ‫سب َ ْ‬‫كَ َ‬
‫ة الخالق وعدله سبحانه أن تكون هناك نهاية لهذه‬ ‫لقد اقتضت حكم ُ‬
‫ن وحياة ٌ أخرى‪،‬‬ ‫الحياة الدنيا ولهذا الوجود الول‪ ،‬ليعقبه وجود ٌ ثا ٍ‬
‫ن الله‬ ‫م دي َ‬ ‫تكون دارا ً للحساب والجزاء ‪ ،‬ليُثاب المحسن الذي التز َ‬
‫ن الله تعالى‬ ‫ب المسيء الذي خالف دي َ‬ ‫تعالى بالحسان‪ ،‬ويُعاق َ‬
‫بالساءة‪.‬‬
‫وهذا يعني أنه ل بُد ّ للدنيا من نهاية‪ ،‬وهذا مما ل يشك فيه عاقل‪.‬‬
‫ُ‬
‫ن هناك رسل ً وأديانا ً أرسلوا لهل هذه الدنيا الفانية‪ ،‬فلب ُ ّ‬
‫د‬ ‫م أ َّ‬ ‫وما دا َ‬
‫ل هو آخَرهم وسيكون الدين الذي بُعث به هو‬ ‫أن يكون منهم رسو ٌ‬
‫ن‬‫ل خاتم ٍ ودي ٍ‬ ‫آخَر الديان قبل فناء الدنيا‪ .‬وعليه فإن مبدأ وجود ِ رسو ٍ‬
‫ل عليه العقل‪ ،‬و ل غرابة فيه‪ .‬بل المر المستنكر‬ ‫أخير مبدأ ٌ يد ّ‬
‫ن‬‫ل وأديان بل نهاية ‪ ،‬في عالم ٍ فا ٍ‬ ‫س ٍ‬ ‫المرفوض عقل ً تصوُّر وجود ُر ُ‬
‫منْتهٍ!!!‬ ‫ُ‬

‫‪626‬‬
‫سله هو أن يكون محمداً‬ ‫ولقد كان اختيار الخالق سبحانه لخاتم ِ ُر ُ‬
‫ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وأن يكون دينه الذي أمر بتبليغه ( وهو‬
‫َ‬ ‫ما كَان مح َ َ‬ ‫السلم ) هو آخر الديان ‪ :‬قال الله تعالى { َّ‬
‫حدٍ‬ ‫مد ٌ أبَا أ َ‬ ‫َ َ ُ َ ّ‬ ‫َ َ‬
‫يءٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه بِك ُ ِّ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ن وَكَا َ‬ ‫م النَّبِيِّي َ‬ ‫ل الل ّهِ وَ َ‬
‫خات َ َ‬ ‫سو‬ ‫م وَلَكِن َّر ُ‬ ‫جالِك ُ ْ‬ ‫من ّرِ َ‬ ‫ِّ‬
‫عَلِيما [ الحزاب ‪ ، ]40 :‬وقال صلى الله عليه وسلم ((مثلي ومثل‬ ‫ً‬
‫مها وأكملها‪ ،‬إل موضع لبنة‪،‬‬ ‫ل بنى دارا ً فأت َّ‬ ‫النبياء قبلي‪ :‬كمثل رج ٍ‬
‫جبون منها‪ ،‬ويقولون‪ :‬لول موضع اللبنة‬ ‫فجعل الناس يدخلونها ويتع ّ‬
‫ت فختمت‬ ‫(قال صلى الله عليه وسلم)‪ :‬فأنا موضع اللبنة‪ ،‬جئ ُ‬
‫ت إلى الخلق كافّة ‪،‬‬ ‫ُ‬
‫النبياء))‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم (( أرسل ُ‬
‫ختِم بي النبيّون ))‪.‬‬ ‫و ُ‬
‫ولذلك فإننا – نحن المسلمين– وإن كُنّا نؤمن أن جميع الديان التي‬
‫حقٌّ من عند الله‪ ،‬وأنها تتفق في الصول‪ ،‬كالدعوة‬ ‫بُعث بها الرسل َ‬
‫إلى توحيد الله تعالى‪ :‬بأنه سبحانه هو وحده الخالق المالك القادر‬
‫على كل شيء‪ ،‬المدب ُِّر لهذا الكون‪ ،‬وأنه ل يحصل في الكون شيءٌ (‬
‫سبحانه‪ .‬وأنه هو تعالى‬ ‫صغُر أو كَبُر) إل بعلمه و إذنه وأمره وحدَه ُ‬ ‫َ‬
‫وحده المستحق للعبادة‪ ،‬فل معبود بحق إل الله وحده ل شريك له‪.‬‬
‫وأنه عز وجل وحده صاحب الكمال المطلق في أسمائه وصفاته‬
‫صيُر } [ الشورى ‪.]11 :‬‬ ‫ميعُ الب َ ِ‬ ‫يءٌ وَهُوَ ال َّ‬
‫س ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫مثْلِهِ َ‬ ‫س كَ ِ‬‫{ لَي ْ َ‬
‫ومن جملة الصول التي تتفق عليها الديان‪ :‬المر بمحاسن الخلق‪،‬‬
‫ْ‬
‫ه ل َ يَأ ُ‬
‫مُر‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ل إ ِ َّ‬ ‫والنهي عن الفواحش‪ ،‬قال الله تعالى {قُ ْ‬
‫ْ‬
‫ل‬‫مُر بِالْعَد ْ ِ‬ ‫ه يَأ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫شاء } [ العراف ‪ ،]28 :‬وقال تعالى { إ ِ َّ‬ ‫ح َ‬ ‫بِالْفَ ْ‬
‫ي‬‫منكَرِ وَالْبَغْ ِ‬ ‫شاء وَال ْ ُ‬ ‫ح َ‬‫ن الْفَ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن َوَإِيتَاء ذ ِ َي القُْربَى وَيَنْهَى ع َ ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وَال ِ ْ‬
‫ن [ النحل ‪.] 90:‬‬ ‫م لَعَل ّك ُ ْ‬
‫م تَذ َك ُّرو َ‬ ‫يَعِظُك ُ ْ‬
‫وهذا كُلّه هو أساس جميع الشرائع اللهيّة‪ ،‬التي بُعث بها ُرسل الله‪.‬‬
‫وإنّما تعدّد الرسل وتعدّدت الشرائع السابقة؛ لن أتباع النبياء‬
‫ل بعده تزيغُ‬ ‫سرعان ما تأتي أجيا ٌ‬ ‫السابقين كُلّما مات فيهم رسول ُ‬
‫ف كتاب الله الذي‬ ‫عن شرعه‪ ،‬وتخالف الدين الذي بُعث به‪ ،‬وتحّر ُ‬
‫أُنزل عليه‪ ،‬حتى ربّما خالفت الصل الذي بُعث به النبياء‪ ،‬وهو‬
‫التوحيد ‪ ،‬فادّعوا لله تعالى البناء والنداد والشركاء والشفعاء‪،‬‬
‫وعبدوهم مع الله‪ ،‬أو عبدوهم من دون الله تعالى‪ .‬فإذا فعل التباعُ‬
‫دّدا ً ما خفي عليهم‬ ‫ه رسول ً ليعيدهم إلى شرعه‪ ،‬مج ِ‬ ‫ذلك أرسل الل ُ‬
‫ححا ً ما حّرفوه من كتاب رب ِّهم‪ .‬وهذا ما فعله‬ ‫من معالم دينهم‪ ،‬ومص ِّ‬
‫موسى (عليه السلم) بعد يعقوب ويوسف (عليهما السلم)‪ ،‬وهذا‬

‫‪627‬‬
‫ما فعله عيسى (عليه السلم) بعد موسى (عليه السلم)‪ ،‬وهذا‬
‫مافعله (أخيراً) محمد ٌ صلى الله عليه وسلم بعد موسى وعيسى‬
‫وجميع أنبياءِ الله تعالى ورسله (عليهم وعلى نبيّنا أفضل الصلة‬
‫وأتم التسليم)‪.‬‬
‫ولذلك فإن اليمان بالرسول السابق وبجميع الرسل السابقين ل‬
‫ل جديد‪ ،‬ولبُد ّ لمن أدرك الرسول الخير‬ ‫يُغني شيئا ً بعد إرسال رسو ٍ‬
‫أن يؤمن به وأن يدين بالدين الذي جاء به‪ ،‬ولن ينفعه شيئا ً إيمانُه‬
‫بمن سبقه من الرسل واتّباع ُه الدين السابق؛ لن كل شريعةٍ جديدة‬
‫ما شرعها لتنسخ ما سبقها‪ ،‬ولن تكذيب آخر‬ ‫من الله تعالى إن ّ‬
‫ب للدين الذين يلزم من أدركه اليمان به واتّباع أحكامه‪.‬‬ ‫رسول تكذي ٌ‬
‫ولذلك فإن من لم يؤمن بموسى ممن أدركه من بني إسرائيل‬
‫سيكونون كفارا ً ل يستحقون النجاة من عقاب الله تعالى‪ ،‬ومن لم‬
‫يؤمن بعيسى من اليهود سيكونون كفارا ً ل يستحقون النجاة من‬
‫عقاب الله تعالى‪ ،‬ومن لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم من‬
‫اليهود والنصارى وجميع أمم الرض سيكونون كفارا ً ل يستحقون‬
‫النجاة من عقاب الله تعالى‪.‬‬
‫ن السلم آخَر‬ ‫م النبياء ودي ُ‬ ‫ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم خات َ‬
‫الديان لزم الثقلين أن يؤمنوا بهما‪ ،‬وأن يرضوا بالله ربّاً‪ ،‬وبالسلم‬
‫ديناً‪ ،‬و بمحمد صلى الله عليه وسلم رسول ً ونبيّاً‪ .‬ولذلك فقد أخذَ‬
‫الله العهد على جميع أنبيائه ورسله أن يؤمنوا بمحمد صلى الله‬
‫َ‬
‫عليه وسلم لو أدركوه ‪ ،‬فكيف بأتباعهم؟! يقول الله تعالى {وَإِذ ْ أ َ‬
‫خذَ‬
‫سو ٌ‬
‫ل‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاءك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مةٍ ث ُ َّ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫ب وَ ِ‬ ‫من كِتَا ٍ‬ ‫ما آتَيْتُكُم ِّ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫ميثَاقَ النَّبِيِّي ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫م ع َلَى‬ ‫خذ ْت ُ ْ‬ ‫م وَأ َ َ‬ ‫ن به ولَتنصرن َه قَا َ َ َ‬
‫ل أأقَْرْرت ُ ْ‬ ‫من ُ َّ ِ ِ َ َ ُ ُ ّ ُ‬ ‫م لَتُؤ ْ ِ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫ما َ‬‫دّقٌ ل ِّ َ‬‫ص ِ‬ ‫م َ‬‫ُّ‬
‫من ال َّ‬ ‫َ‬
‫شهَدُوا ْ وَأنَا ْ‬ ‫َ‬
‫صرِي قَالُوا ْ أقَْرْرنَا قَا َ‬
‫ن}‬‫شاهِدِي َ‬ ‫َ‬ ‫معَكُم ِّ‬ ‫َ‬ ‫ل فَا ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫مإ‬‫ْ‬ ‫ذَلِك ُ‬
‫ُ‬
‫حظ ّكم من‬ ‫[آل عمران ‪ ،]81 :‬وقال صلى الله عليه وسلم‪(( :‬أنا َ‬
‫َ‬
‫النبياء وأنتم حظ ّي من المم))‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫مه يهوديٌّ ول‬ ‫ُ‬
‫معُ بي من هذه ال ّ‬ ‫س َ‬‫((والذي نفس محمد بيده‪ ،‬ل ي َ ْ‬
‫ُ‬
‫ت به؛ إل كان من أصحاب‬ ‫سل ْ ُ‬ ‫ي‪ ،‬ثم يموت ولم يؤمن بالذي أْر ِ‬ ‫نصران ّ‬
‫ً‬
‫النار))‪ .‬ولذلك (أيضا) لن يقبل الله تعالى من الناس دينا غير دين‬ ‫ً‬
‫السلم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كما‬
‫ه وَهُوَ فِي‬ ‫من ْ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫سلَم ِ دِينا ً فَلَن يُقْب َ َ‬ ‫من يَبْتَِغ غَيَْر ال ِ ْ‬ ‫قال تعالى { وَ َ‬
‫ن} [آل عمران‪ .]85:‬ولذلك (أخيراً) كان القرآن‬ ‫سري َ‬ ‫خا ِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬ ‫خَرةِ ِ‬ ‫ال ِ‬
‫َ‬
‫الكريم ناسخا لجميع الكتب السابقة‪ ،‬حتى لو لم تُحّرف وتُبد ّل‪ ،‬كما‬ ‫ً‬

‫‪628‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ن يَدَيْهِ ِ‬
‫ما بَي ْ َ‬ ‫دّقا ً ل ِّ َ‬‫ص ِ‬ ‫م َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ب بِال ْ َ‬ ‫ك الْكِتَا َ‬ ‫قال تعالى { وَأَنَزلْنَا إِلَي ْ َ‬
‫َ‬ ‫ما أَنَز َ‬
‫ه وَل َ تَتَّبِعْ أهْوَاءهُ ْ‬
‫م‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫حكُم بَيْنَهُم ب ِ َ‬ ‫منا ً ع َلَيْهِ فَا ْ‬ ‫مهَي ْ ِ‬ ‫ب َو ُ‬ ‫الْكِتَا ِ‬
‫شاء الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫منْهَاجا ً وَلَوْ َ‬ ‫ة وَ ِ‬ ‫شْرع َ ً‬ ‫م ِ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫جعَلْنَا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قّ لِك ُ ٍّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاء َ‬ ‫ما َ‬‫ع َ َّ‬
‫ُ‬
‫ت‬‫خيَْرا ِ‬ ‫ستَبِقُوا ال َ‬ ‫ما آتَاكُم فَا ْ‬ ‫م فِي َ‬ ‫حدَة ً وَلَكِن ل ِّيَبْلُوَك ُ ْ‬ ‫ة وَا ِ‬ ‫م ً‬ ‫م أ َّ‬ ‫جعَلَك ُ ْ‬ ‫لَ َ‬
‫ن } [المائدة‪:‬‬ ‫ختَلِفُو َ‬ ‫م فِيهِ ت َ ْ‬ ‫ما كُنت ُ ْ‬ ‫ميعا ً فَيُنَب ِّئُكُم ب ِ َ‬ ‫ج ِ‬‫م َ‬ ‫جعُك ُ ْ‬ ‫مْر ِ‬ ‫إِلَى الله َ‬
‫‪.]48‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬‫منا بتوجيه هذا الخطاب إلى الثقلين‪ ،‬وأوج َ‬ ‫وهذا كُل ّه هو الذي ألَْز َ‬
‫مة العظمى والدعوة الكبرى والنداء الشمل‬ ‫م بهذه الَم َه ّ‬ ‫علينا القيا َ‬
‫م إلى الجنّة والناس أجمعين‪.‬‬ ‫والبلغ العا ّ‬
‫جهه إلى‬ ‫ولذلك أيضا ً فإن مثل هذا الخطاب ل يحق لحد ٍ أن يو ِّ‬
‫مة السلم‪ ،‬ممن‬ ‫البشريَّة (كما ذكرنا في فاتحة هذا الخطاب)‪ ،‬إل أ ّ‬
‫آمنوا بخاتم النبياء محمد صلى الله عليه وسلم؛ فهُم وحدهم‬
‫مه وأكمله ورضيه للناس‬ ‫المبلّغون عن الله تعالى دينَه الذي أت َّ‬
‫َ‬ ‫{ الْيو َ‬
‫ت لَك ُ ُ‬
‫م‬ ‫ضي ُ‬ ‫متِي وََر ِ‬ ‫م ن ِ ْع َ‬ ‫ت ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَأت ْ َ‬ ‫م دِينَك ُ ْ‬ ‫ت لَك ُ ْ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫م أك ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫م دِينا} [المائدة ‪.]30 :‬‬ ‫ً‬ ‫سل َ َ‬‫ال ِ ْ‬
‫مهمة توجيه هذا الخطاب‪ ،‬وسيلزم القيام بدعوته‬ ‫وسيجب القيام ب َ‬
‫ل من دخل‬ ‫من يخالفُه=ك ّ‬ ‫ن سواه م ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ص بذلك دون َ‬ ‫خت َ ُّ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫الكبرى‪ ،‬و َ‬
‫ن هذا‬ ‫في هذا الدين من جميع أمم الرض‪ ،‬في أيّ زمان ومكان؛ ل ّ‬
‫بأي انتماءٍ بشريّ (كما‬ ‫ّ‬ ‫الدين دين الله الخالق سبحانه‪ ،‬ل علقة له‬
‫تقدم)‪.‬‬

‫وحقٌّ على البشر كل ِّهم أن يسمعوا هذا الخطاب‪ ،‬وأن ل يُعرضوا‬


‫ق‬
‫ما يتعل ُ‬ ‫ثع ّ‬ ‫مه بدقّة‪ ،‬والتمعُّ ُ‬
‫ن فيه‪ ،‬والبح ُ‬ ‫عنه‪ .‬بل يجب عليهم فَ ْه ُ‬
‫ل الوقات في ذلك؛ حيث إِن القرار‬ ‫ل غايِة الجهد وطوي ْ‬ ‫به‪ ،‬وبَذ ْ ُ‬
‫قرار‬
‫ٍ‬ ‫الذي سيتّخذه من بلغه هذا الخطاب بعد سماعه هو أعظم‬
‫على الطلق‪ ،‬بل هو – في الفرق الشاسع بينه وبين جميع القرارات‬
‫سواه– في الحقيقة ينفرد بكونه القرار الوحيد!!!‬
‫خطا‬
‫إنه القرار الذي سيحدّد ُ به النسان مصيره‪ ،‬وسيرسم فيه ُ‬
‫ما سعادة الدنيا والخرة‪ ،‬أو شقاوة الدنيا والخرة!!!‬ ‫مستقبله‪ :‬إ ّ‬
‫َ‬
‫وحقٌّ للبشر كل ّهم أن ل يسمحوا لحدٍ‪ ،‬كائنا ً من كان‪ ،‬أن يمنعهم من‬
‫سماع هذا الخطاب‪ ،‬أو أن يحول بينهم وبين فهمه ودراسته؛ لنه‬
‫جْرم‪ ،‬ويتعدى‬ ‫بذلك يخونهم أعظم خيانة‪ ،‬ويرتكب في حقهم أقبح ُ‬

‫‪629‬‬
‫عليهم أشنع اعتداء=إذ إنه بذلك سيكون سببا ً في اتخاذهم قراراً‬
‫م أحوج أن يصيبوا فيه من أي قرارٍ آخر!!!‬ ‫خاطئاً‪ ،‬في قرار هُ ْ‬
‫وحقٌ على البشر كُل ِّهم‪ ،‬ممن بلغه هذا الخطاب‪ ،‬سواءً اتّخذ َ أحدُهم‬
‫فيه قرارا ً أو مازال في مجال اتّخاذ القرار=حقٌّ عليهم لبناء‬
‫جنسهم من البشر كُل ِّهم أن ل يستأثروا بهذا الخطاب وحدهم‪ ،‬بل‬
‫سعِهم؛‬ ‫سعَوا في ذلك قَدْر وُ ْ‬ ‫عليهم أن يُبلّغوه جميعَ البشر‪ ،‬وان ي َ ْ‬
‫ن لغيرهم من العقلء حقَّ اتّخاذ ِ قراره بنفسه‪ ،‬وأن يحدّد‬ ‫حيث إ ّ‬
‫معيرا ً عَقْلَه وتفكيره‬ ‫مصيره بمحض إرادته‪ ،‬ل أن يكون تبعا ً لغيره ُ‬
‫ة أنه قرار المستقبل والمصير‪ ،‬وأنه قرار القرارات‬ ‫للخرين‪ ،‬خاص ً‬
‫كلها!!!‬
‫ث الناس جميعا ً على التفكير‬ ‫وإننا إذ ندعو إلى تدبُّر خطابنا هذا‪ ،‬ونح ُّ‬
‫العميق في مضامينه‪ ،‬وعلى البحث والقراءة والسؤال والدراسة‬
‫الجادة الجاهدة بشأنه‪ ،‬من أجل الوصول إلى القرار الصحيح‬
‫ة‪ :‬بأن الحقّ المطلق هو ما‬ ‫ة واضح ً‬ ‫فيه=نكون قد أعلنّاها صريح ً‬
‫منه هذا الخطاب‪ ،‬من المر باتباع دين السلم الذي جاء به‬ ‫تض ّ‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم من عند ربّه الواحد الحد سبحانه؛ حيث‬
‫إن الذي يأمر بالقراءة والبحث والدراسة لتّخاذ قرارٍ عن اقتناع‬
‫حّريةٍ كاملة‪ ،‬ويبلغ به التحدِّي لمن يخالفه هذا الحد َّ من‬ ‫ص وفي ُ‬ ‫خا ّ‬
‫التحدِّي‪ ،‬بل يصل به إلى تحدّي الثقلين جميعاً=ل يكون عاقل ً إل وهو‬
‫صاحب الحق المحض والصواب الخالص‪.‬‬
‫ولقد كان بإمكاننا أن نُجامل‪ ،‬وأن نتلطّف في العبارة‪ ،‬وأن نعر َ‬
‫ض‬
‫خطابنا هذا على أنه خياٌر من ضمن خيارات متعدّدة يحق للناس أن‬
‫ينظروا فيها‪ ،‬ليتخيّروا منها ما شاؤوا‪ .‬كان يمكننا أن نفعل ذلك‪،‬‬
‫ونحن نعرف أن هذا هو الليق‪ ،‬لكن في غير هذا الخطاب!! لننا إنّما‬
‫ن الخالق سبحانه‪ ،‬وَفق أمر الله تعالى لنا بذلك‪ .‬ول نُبل ِّغُ‬ ‫نبلّغُ دي َ‬
‫أفكارنا أو تصوُّراتنا التي ابتدعتها عقولنا أو حضارتنا‪ ،‬لكي يحق لنا‬
‫حينها أن نعرضها بالسلوب الذي نختاره أو الذي يختاره المخاطَبون‪.‬‬
‫لقد جاء هذا الخطاب قياما ً ببعض الواجب علينا من ربَّنا في تبليغ‬
‫دين الله تعالى‪ ،‬وقياما ً ببعض حقّ رسولنا ورسول الثقلين كافّة‬
‫مه‬ ‫ن الله أحسن بلغ وأت َّ‬ ‫محمد ٍ صلى الله عليه وسلم‪ ،‬الذي بلّغَ دي َ‬
‫وأكمله‪ ،‬وجاهد في الله حق جهاده‪ ،‬حتى أتاه اليقين‪ ،‬وقياما ً بحقّ‬
‫البشريّة علينا (كما سبق)‪ ،‬لكي تتحمل مسؤوليّة نَفْسها أمام‬

‫‪630‬‬
‫ضبَه وعقابَه‪،‬‬ ‫ما رضى رب ِّها وثوابَه أو غ َ‬ ‫خالقها‪ ،‬ولكي تختار لنفسها‪ :‬إ ّ‬
‫وسعادتَها البديّة أو شقاءها البدي‪.‬‬
‫ولذلك فقد كان لِزاما ً علينا‪ ،‬قياما ً بتلك الحقوق‪ :‬لربّنا عز وجل‪ ،‬ثم‬
‫لرسولنا صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم للبشريّه جمعاء‪ :‬أن نُعّرف‬
‫البشريّة‪ ،‬بل الثقلين‪ ،‬بخاتم النبياء‪ ،‬الذي بُعث بآخر الديان؛ حيث‬
‫ن من آمن به رسول ً آمن بالدين الذي جاء به ديناً‪ ،‬ومن عاند وجحد‬ ‫إ ّ‬
‫رسالته كفر بالدين الذي جاء به من عند ربّه عز وجل‪ ،‬والذي ل‬
‫يقبل الله تعالى من الثقلين دينا ً سواه‪ ،‬والذي به يصلح شأنهم في‬
‫الداَرين‪ ،‬ولن يصلح إل به‪.‬‬
‫^‬
‫فمن هو خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم؟‬
‫هو عبدالله ورسوله‪ :‬محمد بن عبدالله بن عبد المطلب القرشي‬
‫الهاشمي‪ ،‬اختاره الله تعالى من أفضل بيوت العرب وأعّزها‬
‫وأشرفها‪ ،‬لما يتميّزون به من كرم النسب (فهم رأس المنتسبين‬
‫إلى الرسولين الكريمين إبراهيم وابنه إسماعيل (عليهما السلم))‪،‬‬
‫سن‬ ‫ح ْ‬ ‫ولما ع ُرِفوا به من كريم الصفات في رجاحة العقول و ُ‬
‫الخلق‪.‬‬
‫لقد وُلد محمد صلى الله عليه وسلم بمكّة‪ ،‬في يوم الثنين من شهر‬
‫ش الحبشة الذي‬ ‫ه تعالى فيه جي َ‬ ‫ربيع الول‪ ،‬في العام الذي أهلك الل ُ‬
‫كان عازما ً على هدم الكعبة المشّرفة‪ ،‬فأهلكه الله تعالى على‬
‫مشارف مكّة‪ ،‬قبل أن يحقق ما خرج لجله من أرض اليمن‪ .‬وكان‬
‫ذلك العام هو عام (‪570‬م)‪.‬‬
‫لقد وُلد صلى الله عليه وسلم يتيماً‪ ،‬حيث إن أباه كان قد تُوفّي وهو‬
‫ل فكفله جدّه عبد المطلب‪ ،‬الذي كان سيد ّ العرب‪.‬‬ ‫م ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ت سنين‪.‬‬ ‫مه آمنة بنت وهب توفِّيت أيضاً‪ ،‬وله من العمر س ّ‬ ‫ثم إن أ ُ َّ‬
‫مه أبو طالب‪ ،‬الذي كان‬ ‫وبعدها بقليل توفي جدّه أيضاً‪ ،‬ليكفله ع ُّ‬
‫عطوفا ً على ابن أخيه شديد َ المحبّة له‪.‬‬
‫مه أبي طالب‪ ،‬ورعى الغنم صغيراً‪ ،‬ثم عمل ل ّ‬
‫ما‬ ‫فنشأ في كنف ع َ ّ‬
‫مه في التجارة‪.‬‬ ‫ب مع ع ِّ‬ ‫ش َّ‬
‫ن الرجولة‬ ‫وكانت قد ظهرت له من حين مولده إلى حين بلوغه س َّ‬
‫ل على عناية ربّه عز وجل به‪ ،‬وعلى حياطته له‬ ‫ل كثيرة ٌ تد ّ‬ ‫دلئ ُ‬
‫حفْظه وتأديبه‪.‬‬ ‫و ِ‬

‫‪631‬‬
‫ة سامية‪ ،‬وعرفوه بعظيم‬ ‫واشتُهر بين قبيلته (قريش) وغيرها بمكان ٍ‬
‫بركته‪ ،‬وجميل صفاته‪ ،‬ومحاسن أخلقه‪ :‬من الصدق‪ ،‬والمانة‪،‬‬
‫والعَدْل‪ ،‬وكمال الرجولة‪ ،‬وسداد الرأي‪ ،‬ورجاحة العقل‪.‬‬
‫وقد حفظه الله تعالى قبل بعثته من أدناس الجاهليّة‪ ،‬ومن عبادة‬
‫مه بعد تبديلهم ملّة إبراهيم وإسماعيل‬ ‫الصنام‪ ،‬التي عبدها قو ُ‬
‫(عليهما السلم)‪ ،‬اللذين كانا قد بلّغاها أجداد َ قومه صلى الله عليه‬
‫ة على توحيد الله‬ ‫وسلم‪ ،‬وهي ملّة (كباقي الملل اللهيّة) قائم ٌ‬
‫تعالى‪ .‬ولكن هذه الملّة التوحيديّة قد بُدّلت وغُيّرت‪ ،‬كما وقع للديان‬
‫اللهية الخرى جميعاً‪ ،‬مثل اليهوديّة والنصرانيّة‪ ،‬التي بُدّلت أيضاً‪،‬‬
‫حّرفت كتب أنبيائها‪ .‬فأظلمت الرض لذلك بالشرك‪ ،‬وبأصناف‬ ‫و ُ‬
‫الظلم والضللت والفواحش‪.‬‬
‫م محمد صلى الله عليه وسلم أربعين عاما ً (أي سنة‬ ‫وبعد أن أت ّ‬
‫مل أعباء‬ ‫حيه إليه‪ ،‬ولتح ُّ‬ ‫‪610‬م)‪ ،‬ازداد َ تَهْيِيءُ ربِّه له لستقبال وَ ْ‬
‫ب إليه‬ ‫ة العُظْمى الرسالة الخاتمة‪ .‬ومن ذلك أنه كان قد ُ‬
‫حب ّ َ‬ ‫الرسال ِ‬
‫النعزال في إحدى المغارات البعيدة عن بيوت مكّة‪ ،‬وهو غار حراء‪،‬‬
‫ليتعبّد َ فيه خالقه الواحد الحد سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وفي إحدى الليالي من شهر رمضان من السنة المذكورة‪ ،‬وبينما‬
‫ملَك جبريل (عليه السلم)‬ ‫كان يتعبّد كعادته في غار حراء ‪ ،‬فاجأه ال َ‬
‫بالنبوّة من الله عز وجل‪ ،‬كما نُبّئ غَيُره ُ من الرسل قَبْلَه‪ .‬ولَقّنه‬
‫جبريل (عليه السلم) حينها بضع آيات من كلم الله تعالى‪ ،‬فكانت‬
‫مع الدنيا من كلم الله تعالى‪ ،‬المسمى‬ ‫س ْ‬
‫معَه و َ‬ ‫س ْ‬
‫أوّل ما يطرق َ‬
‫بالقرآن الكريم‪.‬‬
‫لقد كانت هذه الكلمات التي هي أول كلمات تتصل من السماء‬
‫بالرض‪ ،‬بعد رفْع عيسى (عليه السلم)‪ ،‬وهي قوله تعالى { اقْرأْ‬
‫ُ َ ْ َ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ َ‬
‫م الذِي‬ ‫ق اقَْرأ وََرب ّك الكَر ُ‬‫ن ع َل ٍ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫خلقَ الِن َ‬ ‫خلقَ َ‬ ‫ك ال ّذِي َ‬ ‫سم ِ َرب ِّ َ‬ ‫بِا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م } [ العلق ‪.]5-1:‬‬ ‫م يَعْل َ ْ‬
‫ما ل َ ْ‬‫ن َ‬ ‫سا َ‬‫م اْلِن َ‬ ‫م بِالْقَلَم ِ ع َل ّ َ‬ ‫ع َل ّ َ‬
‫وبذلك يُعلن هذا الدين من ساعة مولده ‪ ،‬ومن أُولى لحظات‬
‫ن العلم والثقافة والحضارة؛ حيث كانت أُولى كلماته‬ ‫وجوده‪ :‬أنه دي ُ‬
‫(اقرأ)‪ ،‬وكان في أولى آياته ذِكُْر (القلم)‪ ،‬الذي هو أداة الكتابة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫والقراءة والكتابة هما وسيلتا التعلّم والتعليم والبحث والكتشاف‬
‫والحضارة والتقدّم‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حتى‬ ‫ل النب َّ‬ ‫ث الجل َ ُ‬ ‫لقد أفزع هذا الحاد ُ‬
‫ما عرفته عنه من كريم‬ ‫طَ َ‬
‫ما رجع إليها‪ ،‬ل ِ َ‬ ‫ةل ّ‬ ‫جه خديج ُ‬ ‫ه زو ُ‬ ‫مأنت ْ ُ‬ ‫ْ‬

‫‪632‬‬
‫الصفات وشريف السجايا‪ ،‬التي ل يُمكن معها أن ل يحوطه خالقُه‬
‫ة بن نوفل‪ ،‬وهو رجل‬ ‫مأنه أيضا ً ورق ُ‬
‫عز وجل بالحفظ والعناية‪ .‬ثم ط َ ْ‬
‫من قومه‪ ،‬كان على علم ٍ بالديان اللهية السابقة‪ ،‬وما فيها من‬
‫البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ثم إن الوحي استمّر في النزول عليه بآيات أخرى من القرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وأُمر فيها بتبليغ دين الله تعالى‪ ،‬وأن يصبر على أذى الناس‬
‫ْ‬
‫سّراً‪ .‬فكان أسرعُ‬ ‫في سبيل ذلك‪ .‬فَأتمر لمر ربِّه‪ ،‬وابتدأ بالدعوة ِ‬
‫الناس إيمانا ً به أعرفَهم به‪ ،‬لما علموه فيه من الصدقّ والمانة‬
‫ورجاحة العقل وعظيم البركة‪ .‬وكان من هؤلء المؤمنين الوائل‪:‬‬
‫مه علي بن أبي‬ ‫زوجه خديجة بنت خويلد‪ ،‬وصديقه أبو بكر‪ ،‬وابن ع ِّ‬
‫طالب‪.‬‬
‫ة على‬ ‫ثم إنه ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬صدع بالدعوة‪ ،‬وأعلنها صريح ً‬
‫رؤوس الشهاد‪ .‬وأخذ يذهب إلى مجالس الناس ونواديهم‬
‫ومجامعهم وأسواقهم‪ ،‬يدعوهم إلى دين الله تعالى‪ ،‬ويقرأ عليهم‬
‫كلمه سبحانه (القرآن الكريم)‪ ،‬آمرا ً لهم بما في القرآن الكريم‪،‬‬
‫من اليمان بالله إلها ً وحدًا ل شريك له‪ ،‬وإفراده عز وجل بالعبادة‪،‬‬
‫ن ادّعى مع‬ ‫م ِ‬
‫ن عقائد َ‬ ‫مبيّنا ً لهم فساد الشرك الذي هم فيه‪ ،‬وبطل َ‬ ‫ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شفعاء المعبودين مع الله ظلما وضلل‪ .‬كما‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫الله أندادا كالبناء وال ّ‬
‫كان يأمرهم بمحاسن الخلق جميعها‪ ،‬وينهاهم عن مساوئ الخلق‬
‫جميعها‪.‬‬
‫فكان يأمرهم‪ :‬بالصدق‪ ،‬والحسان‪ ،‬والعدل‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والعفو عن‬
‫الساءة‪ ،‬والمانة‪ ،‬والوفاء بالوعد‪ ،‬والعِفّة‪ ،‬والحياء‪ ،‬والكرم‪ ،‬واليثار‪،‬‬
‫صرة المظلوم‪ ،‬وإعانة الضعفاء‪،‬‬ ‫وبّر الوالدين‪ ،‬وصلة الرحام‪ ،‬ون ُ ْ‬
‫والتصدّق على الفقراء والمحتاجين ‪ ..‬وغير ذلك من محاسن الخلق‬
‫والعمال‪ ،‬وكان ينهاهم عن أضدادها من مساوئ الخلق والعمال‪.‬‬
‫ومع أن المصدّقين له صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به كانوا‬
‫يزدادون يوما ً بعد يوم‪ ،‬إل أن المعاندين المستكبرين كانوا أيضاً‬
‫يزدادون عنادا ً واستكبارا ً وإصرارا ً على كفرهم وضللهم‪ .‬ولم يكتفوا‬
‫بذلك‪ ،‬بل قاموا بمعارضة دعوته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أشدَّ‬
‫خبْث‪.‬‬ ‫المعارضة‪ ،‬وحاربوها بكل ما أُوتوه من قوّة ومكر و ُ‬
‫ما رأى أولئك المعاندون أن أتباعه يزدادون‪ ،‬ولما خشوا من إقبال‬ ‫ول ّ‬
‫الناس على الدين الذي جاءهم به من خالقهم=أخذوا في صدِّ‬
‫الناس عن هذا الدين بالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬

‫‪633‬‬
‫صفه بأنه كذاب‪ ،‬أو ساحر‪ ،‬أو كاهن‪ ،‬أو شاعر‪ .‬وأخذوا في إيقاع‬ ‫وبوَ ْ‬
‫أشد ّ أنواع الذى بمن آمن به‪ ،‬فتفنّنوا في تعذيبهم بصنوف التعذيب‬
‫ض‬
‫ضطر بع ُ‬ ‫المختلفة‪ ،‬وبالقتل‪ .‬وبالغوا في القتل والتعذيب‪ ،‬حتّى ا ُّ‬
‫المسلمين‪ ،‬وبإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أن يُهاجروا‬
‫من بلدهم ووطنهم‪ ،‬بل أن يتركوا بلد العرب كلّها إلى الحبشة‪،‬‬
‫فرارا ً بدينهم‪ ،‬الذي أوذوا من أجله أشد ّ اليذاء‪.‬‬
‫بل بلغ من إيذاء المشركين أن فرضوا حصارا ً على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وعلى أتباعه ومن يناصره من قراباته‪ ،‬لقد كان حصاراً‬
‫اقتصاديّا ً واجتماعيّاً‪ ،‬بأل يُشترى منهم شيء ول يُباعوا شيئاً‪ ،‬وأن ل‬
‫صروا في أحد شعاب مكّة‪ .‬ودام هذا‬ ‫ح َ‬‫ج منهم ول يَُزوَّجوا‪ ،‬وأن ي ُ ْ‬ ‫يُتزوَّ َ‬
‫الحصار ثلث سنوات‪ ،‬أوذي فيه النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ُ‬
‫وأصحابه إيذاءً شديداً‪ ،‬حتى أكلوا أوراق الشجر والعظام البالية من‬
‫شدّة الجوع‪.‬‬
‫ومع هذا اليذاء الشديد من كفار مكة للنبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ب والفتراء عليه‪ ،‬والسخرية منه‬ ‫ومع إيذائهم له أيضا ً بالس ّ‬
‫والستهزاء به=فقد كان أشد ّ أنواع الذى وَقْعا ً على نَفْسه‪ ،‬وأعظمها‬
‫تأثيرا ً عليه‪ ،‬هو إصراُر هؤلء المعاندين على ضللهم‪ ،‬مع ما‬
‫يسمعونه من كلم الله تعالى المعجز ‪ ،‬ومع مايرونه من دلئل نبوّته‬
‫ف الله تعالى حاله في ذلك‪ ،‬بأنه‬ ‫ص َ‬‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬حتى َو َ‬
‫يكاد يُهلك نفسه حرصا ً على إيمانهم ونجاتهم من عذاب الله تعالى‪،‬‬
‫َّ‬ ‫فقال تعالى {فَلَعَل َّ َ‬
‫منُوا بِهَذ َا‬ ‫م يُؤ ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫م إِن ل‬ ‫ْ‬ ‫ك ع َلَى آثَارِه ِ‬ ‫س َ‬ ‫خعٌ نَّفْ َ‬ ‫ك بَا ِ‬
‫َ َ‬ ‫سفاً} [الكهف‪ ،]6:‬وقال تعالى {لَعَل َّ َ‬
‫ك أ َ ّل‬ ‫س‬‫خعٌ ن َّ ْف َ‬ ‫ك بَا ِ‬ ‫ثأ َ‬
‫َ‬
‫حدِي ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن له ربُّه عز وجل أن عدم‬ ‫منِين} [الشعراء ‪ .]3:‬وبي ّ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫يَكُونُوا ُ‬
‫إيمانهم به لم يكن لتقصيره صلى الله عليه وسلم في البلغ‪ ،‬ولم‬
‫نبوته ؛ ولذلك فإن عدم إيمانهم لم يكن لنهم‬ ‫ص في أدلّة ّ‬ ‫يكن لنق ٍ‬
‫يعتقدون كذبه حقيقة ‪ ،‬بل هم يعرفون صدقه ‪ ،‬ولكن العناد‬
‫والستكبار هو الذي يدعوهم إلى كل هذا الصرار على الباطل‪ .‬ثم‬
‫سنَّة الله تعالى في الكون‪ ،‬وهي سنة‬ ‫يُذكّره ربُّه بأن هذه هي ُ‬
‫الصراع بين الحق والباطل‪ ،‬وأن جميع النبياء والرسل قد قُوبلوا‬
‫َ َّ‬
‫حُزن ُك الذِي‬ ‫ه لَي َ ْ‬ ‫م إِن َّ ُ‬ ‫تعالى { قَد ْ نَعْل َ ُ‬ ‫بمثل هذا التكذيب واليذاء‪ .‬فقال‬
‫َ‬
‫ن وَلَقَدْ‬ ‫حدُو َ‬ ‫ج َ‬ ‫ت اللّهِ ي َ ْ‬ ‫ن بِآيَا ِ‬ ‫مي َ‬‫ن الظ ّال ِ ِ‬ ‫ك وَلَك ِ َّ‬ ‫م ل َ يُكَذِّبُون َ َ‬ ‫ن فَإِنَّهُ ْ‬ ‫يَقُولُو َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حتَّى أتَاهُ ْ‬
‫م‬ ‫ذّبُوا ْ وَأوذ ُوا ْ َ‬ ‫ما ك ُ ِ‬‫صبَُروا ْ ع َلَى َ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫من قَبْل ِ َ‬ ‫ل ِّ‬ ‫س ٌ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫كُ ِ‬
‫ذّب َ ْ‬
‫ن}‬ ‫سلِي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫من نَّبَإ ِ ال ْ ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاء َ‬ ‫ت اللّهِ وَلَقد ْ َ‬ ‫ما ِ‬‫ل لِكَل ِ َ‬ ‫مبَدِّ َ‬‫صُرنَا وَل َ ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫[النعام‪.]34-33:‬‬

‫‪634‬‬
‫مه شتّى الساليب أن يثنوه عن دعوته‪ ،‬بالذى (كما‬ ‫وقد حاول قو ُ‬
‫سبق)‪ ،‬وبالغراء بالمال والرياسة والنساء وغيرها من ملذ ّات الدنيا‪،‬‬
‫وبالجدل والمغالطات الكلمية‪ ،‬وبالمطالبة بالمعجزات والخوارق‪،‬‬
‫والتي وقع بعضها كما طلبوه‪ ،‬لكنهم صاروا يطالبونه بالمزيد منها‬
‫جه السخرية‪ ،‬كما أخبر الله عنهم في قوله تعالى { وَقَالُواْ‬ ‫على وَ ْ‬
‫جن َّ ٌ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫ة ِّ‬ ‫ك َ‬ ‫ض يَنبُوعا ً أوْ تَكُو َ‬ ‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬‫جَر لَنَا ِ‬ ‫حتَّى تَفْ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫م َ‬ ‫لَن نُّؤ ْ ِ‬
‫ق َ‬ ‫َ‬ ‫جَر الَن ْ َهاَر ِ‬
‫ما‬‫ماء ك َ َ‬ ‫س َ‬‫ط ال َّ‬ ‫س ِ‬ ‫جيرا ً أوْ ت ُ ْ‬ ‫خللَهَا تَفْ ِ‬ ‫ب فَتُفَ ِّ‬ ‫ٍ‬ ‫عن َ‬ ‫ل وَ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫خي‬ ‫ن َّ ِ‬
‫ن لَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫من‬ ‫ت ِّ‬ ‫ك بَي ْ ٌ‬ ‫ملئِكَةِ قَبِيل ً أوْ يَكُو َ‬ ‫ي بِاللّهِ وَال ْ َ‬ ‫سفا ً أوْ تَأت ِ َ‬ ‫ت ع َلَيْنَا ك ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫َزع َ ْ‬
‫ل ع َلَيْنَا كِتَاباً‬ ‫حتَّى تُنَّزِ َ‬ ‫َ‬
‫ك َ‬ ‫ن لُِرقِي ِّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ماء وَلَن نُّؤْ ِ‬ ‫س َ‬‫ف أوْ تَْرقَى فِي ال َّ‬ ‫خُر ٍ‬ ‫ُز ْ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نَّقَْرؤُه ُ قُ ْ‬
‫سولً[السراء‪،]93-90:‬‬ ‫شرا َّر ُ‬ ‫ت إل ّ ب َ َ‬ ‫ل كُن ُ‬ ‫ن َربِّي هَ ْ‬ ‫حا َ‬ ‫سب ْ َ‬
‫ل ُ‬
‫فما زاده صلى الله عليه وسلم ذلك كله إل صبرا ً على دعوته‪،‬‬
‫ضلّل‪ ،‬والعفو عن‬ ‫وإصرارا ً على تمام تبليغها‪ .‬مع رحمة هؤلء ال ُّ‬
‫إساءتهم‪ ،‬رجاء أن يخالط اليمان بشاشة قلوبهم‪ ،‬ولو بعد حين‪ .‬مع‬
‫مّرة أن يُنزل عليهم عذابه‪ ،‬فكان‬ ‫أن الله سبحانه قد خيّره غير ما َ‬
‫ة بهم وحرصا ً على نجاتهم‪.‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم يختار إمهالهم رأف ً‬
‫وفي أثناء الحصار الذي ضربه المشركون على النبي صلى الله عليه‬
‫مه أبو طالب‪ ،‬وكانا من‬ ‫جه خديجة وع ُّ‬ ‫وسلم ومن معه‪ ،‬ماتت زو ُ‬
‫أكثر الناس مناصرةً للنبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فزوجه خديجة‬
‫مه كان يدافع‬ ‫كانت أول من آمن به‪ ،‬وتعينُه برأيها السديد ومالها‪ ،‬وع ُّ‬
‫ة لبن أخيه‪ .‬فتأثر النبي صلى‬ ‫عنه بجاهه ومكانته في قريش حمي ّ ً‬
‫الله عليه وسلم لموتهما‪ ،‬واشتد ّ إيذاء المشركين له‪ .‬فأخذ النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب التي تَرِد ُ إلى‬
‫مكة داعيا ً لهم إلى دين الله تعالى‪ ،‬عسى أن يجد فيهم من يؤازره‬
‫مة القبائل‬ ‫منهم في الدعوة إلى الله وتبليغ شرعه‪ .‬فلم يجد عند عا ّ‬
‫مه من كفار‬ ‫ضدَّه التي كان قو ُ‬ ‫إل العراض‪ ،‬بسبب الدعاية القويّة ِ‬
‫مكّة يُذيعونها بين الناس والغرباء الواردين إلى مكة قبل لقائهم‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم على ذلك أكثر من عشر سنين‪،‬‬ ‫ومكث النب ّ‬
‫ليجد في قبائل العرب من يناصره‪ ،‬حتى التقى في موسم للحج‬
‫بوفد من الوس والخزرج‪ ،‬وهما قبيلتان عربيتان من سكان المدينة‬
‫ل شمالً‪ .‬فعرض‬ ‫النبويّة التي تبعد عن مكّة أكثر من أربع مئة كي ٍ‬
‫م عليهم‪ ،‬فأسلموا‪ ،‬وبايعوه على‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم السل َ‬
‫الدين الذي جاء به من الخالق سبحانه‪ .‬وعادوا بعد موسم الحج إلى‬
‫بلدهم المدينة‪ ،‬وبدؤوا هم أنفسهم بالدعوة إلى الدين الجديد الذي‬

‫‪635‬‬
‫ما كان العام القابل‪ ،‬وجاء‬ ‫ض أهاليهم‪ .‬ثم ل ّ‬
‫آمنوا به‪ ،‬فتابعهم بع ُ‬
‫موسم الحج‪ ،‬التقى عدد ٌ آخر وأكبر من العدد الول من الوس‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ودعاهم إلى السلم‪ ،‬فآمنوا‬ ‫والخزرج بالنب ّ‬
‫ما يمنعون منه أنفسهم‬ ‫به‪ ،‬وبايعوه على المناصرة له وأن يمنعوه م ّ‬
‫وأزواجهم وأبناءهم‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم من ربِّه عز وجل أن يأمر‬ ‫ُ‬
‫ثم إنه أذن للنب ّ‬
‫أصحابه بمكة‪ ،‬الذين بلغ بهم اليذاء أشد ّ ما يمكن أن يبلغه‪ ،‬في أن‬
‫يُهاجروا إلى المدينة؛ فرارا ً بدينهم‪ ،‬ونشرا ً لتعاليم السلم بين من‬
‫أسلم من أهلها في اللقائين السابقين بالنبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ودعوة ً إلى السلم بين من لم يُسلم منهم‪.‬‬
‫وهذه هي الهجرة الثالثة للمستضعفين من المسلمين بمكّة‪ ،‬حيث‬
‫سبقتها هجرتان إلى الحبشة‪ ،‬وهذه كانت بعد هاتين الهجرتين‪،‬‬
‫وكانت إلى المدينة ل إلى الحبشة‪.‬‬
‫ب بقاع الرض‬ ‫لقد خرج المسلمون من مكّة‪ ،‬وهي وطنهم وأح ّ‬
‫إليهم‪ ،‬تاركين وراءهم فيها بيوتهم وأموالهم وأهاليهم من الباء‬
‫والمهات والبناء والزوجات‪ ،‬تقديما ً لقامة دين الله تعالى على‬
‫الرض وزهدا ً في كل ما سواه من أمور الدنيا ومتاعها وملذ ّاتها‪ .‬وقد‬
‫ل ما يُذكر عن‬‫ص وأج ّ‬‫وقع لهم في سبيل ذلك أسمى ما يُقَ ُّ‬
‫استرخاص الدنيا كلّها؛ مقابل رضى ربهم ورجاء بلوغ جنته والنجاة‬
‫من عذابه في الخرة‪.‬‬
‫لقد هاجروا إلى المدينة مستخفين عن كفار مكّة‪ ،‬آحادا ً وجماعات‪،‬‬
‫حيث إن كفار مكّة كانوا يمنعونهم من ذلك أشد ّ المنع‪ ،‬لما يعلمونه‬
‫من أن ذلك سيكون بداية إنشاء دولة الحق في المدينة‪.‬‬
‫وبعد أن هاجر أكثر المسلمين من مكّة إلى المدينة‪ ،‬أُذن للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم أن يهاجر هو أيضا ً إليها‪ ،‬وذلك بعد أن كان قد أقام‬
‫بمكّة بعد بعثْته ثلثة عشر عاماً‪ ،‬يدعو الناس فيها إلى دين الله‬
‫تعالى وتوحيده بالعبادة ومحاسن الخلق والعمال‪.‬‬
‫منْعَه منها بكل‬ ‫وقد كان المشركون يخشون من هجرته‪ ،‬وقد حاولوا َ‬
‫ما يستطيعون من المكر وتدبير المكايد ومحاولة القتل والسجن‪.‬‬
‫ب أصحابه‬‫ن الله مكّنه من الخروج من مكّة‪ ،‬مصطحبا ً معه أح ّ‬ ‫لك ّ‬
‫صدّيق رضي الله عنه‪ .‬فخرج صلى الله عليه‬ ‫إليه‪ :‬وهو أبو بكر ال ِّ‬
‫وسلم هو وصاحبه مستخفيَيْن من مكة‪ ،‬قاصدين المدينة‪ ،‬في حادثة‬

‫‪636‬‬
‫تاريخية جليلة‪ ،‬مليئة بالعظات‪ ،‬ثريّةٍ بالمواقف اليمانية التي تلين لها‬
‫القلوب وتذرف منها العيون‪.‬‬
‫وقد واصل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبُه أبو بكر طريقهما‬
‫إلى المدينة‪ ،‬حتى بلغا مشارف بيوتها‪ ،‬وفي منطقة عند مدخلها‬
‫يُقال لها قُباء‪ ،‬خرج له المسلمون‪ :‬من المهاجرين‪ ،‬ومن الوس‬
‫والخزرج (الذين لُقِّبوا بالنصار)‪ ،‬فقد كانوا سمعوا بخروجه من مكّة‪،‬‬
‫وكانوا يترقّبون وصوله في غاية الشوق إلى لقائه صلى الله عليه‬
‫وسلم؛ فاحتفى به المسلمون من المهاجرين والنصار أشد ّ احتفاء‪،‬‬
‫مه أعظم الفرح‪ ،‬وكان يوما ً مشهودا ً جليلً‪ ،‬ل‬ ‫وفرحوا بَمقْد َ ِ‬
‫سب‪ ،‬ول للبشريّة كلّها وحدها‪ ،‬بل للحقّ وأهله من‬ ‫ح ْ‬‫للمسلمين فَ َ‬
‫مّر التاريخ‪ ،‬وإلى نهاية التاريخ في‬ ‫أهل السموات والرض على َ‬
‫الدنيا‪ ،‬وإلى ما بعد ذلك في الحياة البديّة في الخرة‪ .‬ولذلك اتّخذ‬
‫ث هجرة النبي صلى‬ ‫المسلمون هذا الحدث تاريخا ً لهم ‪ ،‬وهو َ‬
‫حد َ ُ‬
‫الله عليه وسلم من مكّة إلى المدينة‪.‬‬
‫صوله صلى الله عليه وسلم إلى قُباء يوم الثنين لثنتي‬ ‫وقد كان ُو ُ‬
‫ضحى‪ ،‬حين‬ ‫ة خلت من شهر ربيع الول‪ ،‬في وقت ال ُّ‬ ‫عشرة ليل ً‬
‫اشتدت الشمس وكادت تعتدل في كبد السماء‪ .‬وهو يوافق يوم‬
‫عشرين سبتمبر من سنة (‪622‬م)‪.‬‬
‫ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في قُباء (على مشارف بيوت‬
‫س فيها أول مسجد ٍ على وجه الرض‬ ‫س َ‬ ‫المدينة) أربع عشرة ليلة‪ ،‬أ َّ‬
‫يُبْنَى في السلم‪.‬‬
‫ثم إنه صلى الله عليه وسلم دخل المدينة‪ ،‬ليبني فيها مسجدها وبيته‬
‫بجواره‪ .‬آمرا ً أصحابه أل يتأنقوا في بناء المسجد والبيت‪ ،‬بل أن‬
‫يكون عريشا ً كعريش موسى (عليه السلم)‪ .‬وقد كان صلى الله‬
‫عليه وسلم يبني المسجد والبيت معهم بنفسه‪ ،‬وينقل لَبِناتِه ويضعها‬
‫معهم بنفسه ‪.‬‬
‫لقد تأسست دولة السلم (وهي دولة الحق) فعل ً في المدينة‪،‬‬
‫ن لول مرة في التاريخ من مسجدها بعد بنائه؛ ليكون‬ ‫ح بالذا ِ‬ ‫صد ِ َ‬
‫و ُ‬
‫هذا الذان إعلنا ً لقيام دولة الدين الذي رضيه الله تعالى للعالمين‪،‬‬
‫ن لذلك مرتبطا ً بأعظم شعائر هذا الدين بعد الشهادتين‬ ‫جعل الذا ُ‬ ‫و ُ‬
‫(شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله)‪ ،‬أل وهي الصلة‬
‫التي هي ثاني أركان دين السلم الخمسة‪ ،‬والتي هي‪ :‬الشهادتان‪،‬‬

‫‪637‬‬
‫والصلة‪ ،‬والزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج بيت الله الحرام لمن‬
‫استطاع إليه سبيلً‪.‬‬
‫وما إن استقَّر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة‪ ،‬وبدأ يدعو‬
‫الناس إلى دين الله عز وجل‪ ،‬حتى أسلم عامة أهل المدينة‪ ،‬إل‬
‫فئتين منهم‪ ،‬وهما‪ :‬المنافقون‪ ،‬والمستكبرون الحاسدون من أهل‬
‫الكتاب (كاليهود)‪.‬‬
‫ما المنافقون‪ ،‬وهم الذين أظهروا السلم وأبطنوا الكفر‪ ،‬والذين‬ ‫أ ّ‬
‫َ‬
‫ما أصبح للسلم وأهله شىءٌ من القوّة والمنعة ‪ :‬فقد‬ ‫ما ظهروا ل ّ‬ ‫إن ّ‬
‫خفِّيهم الدنيءِ هذا في صفوف‬ ‫كانوا (وما زالوا) من خلل ت َ َ‬
‫المسلمين‪ ،‬ل يألون جهدا ً في محاربة المسلمين بكل الوسائل‪ ،‬وهُ ْ‬
‫م‬
‫سوءَ أثرهم على المة السلمية‬ ‫ة من جهة العَدَد‪ ،‬لكن ُ‬ ‫وإن كانوا قِل ّ ً‬
‫مة من‬ ‫ُ‬ ‫كان (وما زال) عظيماً؛ لنهم كالداء الذي يَن ْ ُ‬
‫خُر في جسد ال ّ‬
‫س لعدائها الخارجيين‪.‬‬ ‫داخلها‪ ،‬ولنهم جواسي ُ‬
‫ض من قبائلهم‪ ،‬والذين‬ ‫ما اليهود الذين كان يقطن المدينه بع ٌ‬ ‫وأ ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم من حين أن َرأوْهُ‪ ،‬ولم يشك ّوا أنه‬ ‫عرفوا النب َّ‬
‫شَر به النبياءُ من قبل ووُصف في كُتُب‬ ‫هو الرسول الخاتم الذي ب َّ‬
‫الله السابقة=فقد عاند أكثرهم‪ ،‬وحسدوا بني إسماعيل عليه‬
‫السلم من العرب أن يكون خاتم الرسل منهم؛ فهم عند أنفسهم‬
‫ب الله المختار‪ ،‬وخير أمم الرض قاطبة‪ ،‬وكل الناس عبيدٌ‬ ‫شع ُ‬
‫ما جاء في كتبهم من صفة النبي صلى‬ ‫م بذلك متغافلون ع ّ‬ ‫لهم !! وهُ ْ‬
‫الله عليه وسلم واسمه ونسبه‪ ،‬ومتغافلون أن هذا الختيار حقٌ‬
‫للخالق ل لهم‪ ،‬ومتغافلون أن اختيار الله تعالى للنبي الخاتم من أيّ‬
‫ح لهم إل اليمان به واتّباع الدين الذي أُمر بتبليغه‬ ‫جنس كان ل يُبي ُ‬
‫ً‬
‫للناس كافّة‪ ،‬ومتغافلون (أخيرا) أنه ل علقة بين جنس هذا الرسول‬
‫الخاتم ورسالته العالميّة التي ل تُفرق بين أجناس الناس وبلدانهم‬
‫وألوانهم ولغاتهم في شيءٍ من تعاليمها من أوامر الله تعالى‬
‫ونواهيه وعبادته‪ .‬لقد تغافلوا عن هذه الحقائق كلّها‪ ،‬بعد أن أعماهم‬
‫ه قلوبُهم من العنصريّة والتعالي على‬ ‫شَّربَت ْ ُ‬
‫الحقد والحسد‪ ،‬لما ت َ َ‬
‫صروا على معاداة النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫البشر جميعهم‪ ،‬فأ ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ومحاربة دينه وأتباع الملةِ التي بُعِث بها أشد ّ المعاداة والمحاربة؛ إل‬
‫العدد القليل منهم‪ ،‬ممن فتحوا أعينهم وقلوبهم لتلك الحقائق‪،‬‬
‫وأنصفوا من أنفسهم‪ ،‬وأرادوا لها الخير في الدنيا والخرة‪.‬‬

‫‪638‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم لنواة الدولة‬ ‫وهذا يعني أن إنشاءَ النب َّ‬
‫بءِ دعوته صلى الله عليه‬ ‫ع ْ‬ ‫السلمية بالمدينة لم يُخفَّف شيئا ً من ِ‬
‫ن من عناء تبليغ دين الله تعالى الذي كان يعانيه بمكة‪.‬‬ ‫وسلم‪ ،‬ولهَوّ َ‬
‫بل ما زال أعداؤه الولون من مشركي مكة يحتالون بكل ما‬
‫يستطيعون من مكرٍ وقوّة أن يُوقعوا به وبأتباعه وأن يُطفئوا نور‬
‫جدُد من المنافقين‬ ‫الله الذي جاء به‪ ،‬ويُناصرهم في ذلك أعداؤه ال ُ‬
‫والحاسدين المعاندين من أهل الكتاب‪ .‬وفي المقابل‪ :‬فإن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ما زال حريصا ً على هداية هؤلء جميعا ً وعلى‬
‫نجاتهم من سخط الله تعالى وعذابه‪ ،‬سالكا ً في سبيل تحقيق ذلك‬
‫ق ورحمة وحكمة‪ ،‬ومن‬ ‫جهْد ووقت‪ ،‬ومن رف ٍ‬ ‫ل ما يستطيعه من ُ‬ ‫كُ ّ‬
‫ما علّمه ربُّه عز وجل وبيَّن له من الحجج والبراهين‪،‬‬ ‫علم واحتجاج م ّ‬
‫مؤيَّدا ً مع ذلك كلّه بالمعجزات والخوارق التي يراها ويسمعها الجميعُ‬ ‫ُ‬
‫مؤمنُهم وكافُرهم‪.‬‬
‫م تكالُب العداء وشراسة حربهم ضد َّ السلم ونبَّيه صلى الله‬ ‫وأما َ‬
‫ب النبي صلى الله عليه‬ ‫عليه وسلم وأتباعه‪ ،‬وبعد أن شعر أصحا ُ‬
‫وسلم من المهاجرين والنصار بأنّهم أصبحوا صفا ً واحدا ً في مواجهة‬
‫كانوا قبل الهجرة متفّرقين ليس لهم أيّ‬ ‫َ‬
‫أعدائهم‪ ،‬بعد أن‬
‫ن الله تعالى لهم بالدفاع عن دينهم وعن دولته‬ ‫منَّوْا أن لو أذ ِ َ‬ ‫قوّة=ت َ َ‬
‫الناشئة ولو بالقوة والقتال‪ ،‬حيث لم يكن مأذونا لهم بذلك في‬
‫مكة ‪ ،‬ولمدة ثلثة عشر عاما ً فيها‪ .‬فلقد علم المسلمون حينها من‬
‫خلل السنوات التي مرت عليهم بمكة‪ ،‬ومن خلل الواقع الحالي‬
‫لهم في المدينة‪ ،‬ومن خلل تاريخ الصراع الزلي بين الحق وأتباعه‬
‫ه=أنه لبد من حصول مواجهة ومواجهات قوية‬ ‫والباطل وأتباع ً‬
‫ة‬
‫وصارمة بينهم وبين أعداء دين الله تعالى وأتباع دينه‪ .‬إنها سن ٌ‬
‫سه في كل عصر وأوان‪ :‬فأتباع الباطل‬ ‫خ فيها ن َ ْف َ‬ ‫ة يكّرُر التاري ُ‬ ‫كوني ٌ‬
‫لن يكفُّوا عن محاولة طمس ضوءِ الحق واستئصال أنصاره‪ ،‬كما أن‬
‫على أنصار الحق أن يدافعوا عن أنفسهم‪ ،‬وأن يُبلّغوا الحق للناس‪،‬‬
‫ممن ل يحول بينهم وبين اليمان بالحقّ ومناصرته إل أنهم لم‬
‫يعرفوه ‪ ،‬فهم ليسوا كالمعاندين المستكبرين الذين يعرفون الحق‬
‫سه فهو منتصٌر منتصر؛ لنه دين‬ ‫ويصرون على الباطل‪ .‬أما الحقَّ ن َ ْف ُ‬
‫ل فَيَد ْمغُه‬
‫َ ُ َّ‬ ‫ق ع َلَى الْبَاط ِ ِ‬
‫ح ِّ‬‫ف بِال ْ َ‬
‫ل نَقْذ ِ ُ‬ ‫الله الحق سبحانه وتعالى{ ب َ ْ‬
‫ن لِيُطْفِؤ ُوا نُوَر اللهِ‬ ‫و َزاهِقٌ} [النبياء‪ ،]18:‬ويقول تعالى{يُرِيدُو َ‬ ‫فَ َإِذ َا هُ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سول َ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َر ُ‬‫س َ‬‫م نُورِهِ وَلَوْ كَرِه َ الْكَافُِرونَهُوَ ال ّذِي أْر َ‬ ‫مت ِ ُّ‬‫ه ُ‬‫م وَالل ّ ُ‬
‫بِأفْوَاهِهِ ْ‬

‫‪639‬‬
‫و كَرِهَ‬‫ن كُل ِّهِ وَل َ ْ‬ ‫ق لِيُظْهَِره ُ ع َلَى ال ِ‬
‫دّي ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ِّ‬ ‫ْ‬
‫بِالهُدَى وَدِي ِ‬
‫ن}[الصف‪.]9-8:‬‬ ‫شرِكُو َ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫ولقد كان المسلمون بعد إحساسهم بقوتهم‪ ،‬المستمدة من إيمانهم‬
‫ي أنهم هم وحدهم أنصار الحق‪ ،‬وأن الله تعالى‬ ‫الصادق اليقين ّ‬
‫حدَةَ‬ ‫مؤيدهم‪ ،‬وسيجعل العاقبة لهم ولو بعد حين‪ .‬وبعد أن رأوا وِ ْ‬
‫والخوة اليمانيّة القويّة والرحمة‬ ‫ّ‬ ‫ص ِّفهم‪ ،‬وما بينهم من الُلْفَةِ‬
‫شوّقُون لذلك اللقاء الحاسم بينهم‬ ‫والتعاون على الخير واليثار=يَت َ َ‬
‫ُ‬
‫ن أدنى شك أنهم من‬ ‫وبين أعداء دين الله تعالى‪ .‬مع أنهم ل يشك ّو َ‬
‫جهة الموازين المادّيّة أضعف من عدوهم‪ ،‬وأقل عَدَدَا ً وعُدَدَا ً بما ل‬
‫يمكن أن يوازن بينهما؛ فهم كسفينة في خضم محيط هائج مائج من‬
‫العداء في كل بقاع الرض‪ .‬لكن إيمانهم ويقينهم ورغبتهم في رضا‬
‫ربهم ونوال ثوابه جعلهم مستعدين لتقديم أعظم التضحيات‪ ،‬راغبين‬
‫في أن ينجحوا في اختبار إيمانهم وثباتهم عليه ولو بإراقة دمائهم‬
‫وبَذ ْل أموالهم ودنياهم كُل ِّها‪.‬‬
‫ومع أن هذه المواجهة الحاسمة بقيت غير مأذون بها بمكة لمدة‬
‫ثلثة عشر عاماً‪ ،‬إل أن الله تعالى بحكمته البالغة وعلمه بكل شيء‬
‫وعدله الكامل سبحانه وتعالى قد أذن بها بعد هجرة النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم إلى المدينة‪ .‬وقد جاء هذا الذن في كتاب الله تعالى‬
‫ن‬
‫م ُ‬ ‫القلوب‪ ،‬في بضع آيات‪ ،‬تتض ّ‬ ‫بأسلوب رائع معجز يأخذ بمجامع‬
‫ُّ‬
‫ن عدالةِ الذن بالقتال‪ ،‬وأنه بسبب الظلم الذي وقع ويقع على‬ ‫بيا َ‬
‫أنصار دينه سبحانه‪ ،‬ومع أنه لم يقع من أنصار دينه عز وجل شيءٌ‬
‫بالقوة‪ ،‬إل أنهم كانوا يقولون بأفواهم‪" :‬ربُّنا الله"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يقتضي مواجهتهم‬
‫ولم يقاتلوا ولم يحاولوا ذلك‪ ،‬مع أنهم أولى بذلك وأحق؛ لنّهم أهل‬
‫م ظُلْم ِ أعداءِ دين الله تعالى‪ ،‬ومقداُر‬ ‫عظ َ ُ‬‫الحق‪ .‬وبذلك يظهر ِ‬
‫شراسةِ حربهم ضد ّ السلم وأتباعه‪ ،‬وعدالة تشريع القتال والذن به‬
‫سنّة‬‫ة كونيّة‪ ،‬وهي ُ‬ ‫لمواجهتهم‪ .‬ثم يذكر الله تعالى أن هذه سن ّ ٌ‬
‫المدافعة بين الحق والباطل‪ ،‬وأن الذن بالقتال وتشريعه ليس خاصاً‬
‫بدين السلم‪ ،‬فقد كان مأذونا به لموسى ويوشع بن نون وداود‬
‫وسليمان وغيرهم من النبياء عليهم السلم‪ ،‬وهذا مما نؤمن به نحن‬
‫المسلمين ‪ ،‬ويؤمن به أيضا ً اليهود والنصارى (لنه موجود في‬
‫ن عز وجل أن‬ ‫التوراة وأسفار النبياء التي بين أيديهم اليوم)‪ .‬وبَي ّ َ‬
‫القتال لو لم يشرع لنصار دينه من أهل الحق‪ ،‬لطمس الباط ُ‬
‫ل‬
‫الحقَّ‪ ،‬ولما أبقى أتباع ُ الباطل من معالم دين الله من الكنائس‬
‫والمعابد والمساجد شيئاً؛ فهم لو تركناهم ما تركونا!! و ما فترةُ‬

‫‪640‬‬
‫عدم الذن بالقتال عن المسلمين ببعيد‪ ،‬بما فيها من القتل‬
‫ن الله عز وجل الغرض من الذن بالقتال‬ ‫م بي ّ َ‬ ‫والتعذيب!!! ث ُ ّ‬
‫للمؤمنين‪ ،‬وأنّه ليس لي غرض دنيويّ ‪ ،‬بل هو لغرض واحد فقط‪،‬‬
‫وهو إقامة دين الله على أرض الله وبين عباد الله عز وجل‪ .‬ثم ختم‬
‫الله تعالى الحديث عن هذا الموضوع ببيان أن مواجهة النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بالتكذيب ومناصبته العداء ليس أمرا ً خاصا ً به‪ ،‬بل‬
‫هي عادة ُ المعاندين المستكبرين من أقوام النبياء السابقين‪ ،‬وأن‬
‫مّرة لهل الحق‪ ،‬بعد إمهال أهل الباطل فترةً‬ ‫العاقبة كانت في كل َ‬
‫من الزمن ؛ لتقوم الحجة الكاملة عليهم‪ ،‬واستدراجا ً لهم‪.‬‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬
‫صرِه ِ ْ‬ ‫ه ع َلَى ن َ َ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫موا وَإ ِ ّ‬ ‫م ظُل ِ َُ‬ ‫ن بِأنَّهُ ْ‬ ‫ن يُقَاتَلُو َ‬ ‫ن لِل ّذِي َ‬ ‫يقول تعالى {أذ ِ َ‬
‫َ‬
‫ه وَلَوَْل‬ ‫َ‬ ‫ن أُ ْ‬
‫ق إ ِ ّل أن يَقُولُوا َربُّنَا الل ّ ُ‬ ‫ح ٍّ‬ ‫م بِغَيْرِ َ‬ ‫من دِيَارِه ِ َ ْ‬ ‫جوا ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫لَقَدِيٌر َال ّذِي َ‬
‫َ َّ‬
‫ت‬‫صلَوَا ٌ‬ ‫معُ َو َبِيَعٌ وَ َ‬ ‫صوَا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ل ّهُدِّ َ‬ ‫ضهُم بِبَعْ َ ٍ‬ ‫س بَعْ َ‬ ‫دَفْعُ الل ّهِ النَّا َ‬
‫ن الل َ‬
‫ه‬ ‫صُره ُ إ ِ ّ‬ ‫من يَن ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫صَر َّ‬ ‫ه كَثِيرا ً وَلَيَن ُ‬ ‫م الل ّ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫جد ُ يُذ ْكَُر فِيهَا ا ْ‬
‫َ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬ ‫َو َ‬
‫َ‬ ‫م فِي اْلَْر‬ ‫َ‬
‫صَلة َ وَآتَوُا الَّزكَاةَ‬ ‫موا ال َّ‬ ‫ض أقَا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫مك ّنَّاهُ‬ ‫ن إِن َّ‬ ‫َ‬ ‫لَقَوِيٌّ ع َزِيٌز ال ّذِي‬
‫ف ونَهوا ع َن ال ْمنكَر ولِلَّهِ ع َاقِب َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫مورِ وَإِن يُكَذِّبُو َ‬
‫ك‬ ‫ة اْل ُ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫معُْرو ِ َ َ ْ‬ ‫مُروا بِال ْ َ‬ ‫وَأ َ‬
‫م لُو ٍ‬
‫ط‬ ‫م وَقَوْ ُ‬ ‫م إِبَْراهِي َ‬ ‫مود ُ وَقَوْ ُ‬ ‫ح وَع َاد ٌ وَث َ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫م نُو‬ ‫م قَوْ ُ‬ ‫ت قَبْلَهُ ْ‬ ‫فَقَد ْ كَذَّب َ ْ‬
‫َ‬
‫م فَكَي ْ َ‬
‫ف‬ ‫خذ ْتُهُ ْ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫ت لِلْكَافِرِي َ‬ ‫ملَي ْ ُ‬ ‫سى فَأ ْ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ن وَكُذِّ َ‬ ‫مدْي َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬‫وَأ ْ‬
‫َ‬
‫ن نَكِيرِ [الحج‪.]44-39 :‬‬ ‫كَا َ‬
‫شرع فيها الجهاد في سبيل الله‬ ‫هذه هي الظروف والحوال التي ُ‬
‫تعالى‪ ،‬وهذه هي آية الذن به‪ .‬ومن هذين المرين يتضح غرض‬
‫الجهاد وهدفُه غاية الوضوح ‪ ،‬وهو ما كان واضحا ً عند المسلمين‬
‫شرع لمقاومة الباطل وَدفْع صولته‬ ‫أيضا ً غاية الوضوح‪ .‬فهو إنما ُ‬
‫على الحق‪ ،‬ولنشر الحق بين من لم يكن يحول بينه وبين اتّباعه إل‬
‫عدم رؤيته‪.‬‬
‫إذن فللجهاد سببان‪ ،‬ل ثالث لهما‪:‬‬
‫الول‪ :‬الدفاع عن الحقوق الشخصية‪ :‬كالدين‪ ،‬والعرض‪ ،‬والنفس‪،‬‬
‫والمال‪ ،‬والوطن‪ .‬وهذا حقٌ ل خلف في عدالة مشروعيتّه‪ ،‬إل عند‬
‫حّريتهم!‬ ‫من أراد استعباد غيره من البشر وأن يسلبهم ُ‬
‫صوْت الحق إلى الذان التي لم تطرقها إل ّ أبواقُ‬ ‫الثاني‪ :‬ليصال َ‬
‫منِعت‬ ‫جه‪ ،‬ولعَْرض دين الله تعالى على القلوب التي ُ‬ ‫الباطل وضجي ُ‬
‫م الكفر وظُلم الشرك‪ .‬فدولة الباطل‬ ‫من أن ل تعرف إل ظل َ‬
‫وسدنته وطواغيتُه‪ ،‬وعلى رأسهم الشيطان (عدوّ البشريّة الول‪،‬‬
‫الذي أخرج أبويهم من الجنّة)‪ ،‬وهم الذين امتنعوا عن الخضوع لدين‬

‫‪641‬‬
‫خالقهم‪ ،‬مع علمهم بأنه دين خالقهم‪ ،‬استكبارا ً وعنادا ً للخالق‬
‫سبحانه وتعالى=لن يروق لهم أن تنتصر دولة الحق‪ ،‬وأن ينتشر دين‬
‫الله تعالى بين الناس‪ .‬وهم يعلمون أنهم على الباطل‪ ،‬وأن ظلم‬
‫باطلهم ل يَقْوَى أمام ضياءِ الحق‪ ،‬وأن كثيرا ً من أتباع الباطل لو‬
‫ص ذلك الضياء ل نقادوا إليه‪ .‬ولذلك فمن الطبيعي أن‬ ‫جاءهم بصي ُ‬
‫يحرص أعوان الباطل وطواغيته أن يسدوا الذان ويحجبوا العين‬
‫لولئك التباع‪ ،‬وأن يبنوا السوار ويسدلوا الستور بينهم وبين الحق؛‬
‫لكي ل يفقدوا أولئك التباع‪ ،‬الذين لو تُركوا لسماع صوت الحق‬
‫جه السرة للقلوب‪ ،‬ولقبلوا عليه إقبال الظامئ إلى‬ ‫ج ِ‬‫ح َ‬‫لنقادوا ل ُ‬
‫الماء الزلل‪ .‬فل مناص حينها للحق من أن يواجه دول الباطل‬
‫بالقوة‪ ،‬وأن ل يقف مكتوف اليد أمام تلك الحجب التي ضربها‬
‫من لو تبدَّى له حاج ُ‬
‫ب‬ ‫الباطل على أعين وآذان وقلوب أتباعه‪ ،‬م ّ‬
‫من على‬ ‫م الباطل وانزاحت سدوله ِ‬ ‫مه ظل ُ‬‫شعَ أما َ‬‫شمس الحقّ ل َ نْقَ َ‬
‫قلبه‪ .‬فعلى أنصار الحق وعلى أتباع دين الله تعالى‪ :‬أن يكسروا‬
‫أسوار الباطل‪ ،‬وأن يهتكوا ستور أعوانه‪ ،‬بأن يحاربوا دولته التي‬
‫رفعت تلك السوار وأرخت تلك الستور بين الحق والظامئين له‬
‫الراغبين فيه‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ط لجبار الناس على تغيير أديانهم‬ ‫إذن فالفتوح السلمية لم تكن ق‬
‫بالقوة‪ ،‬ولم يعتقد المسلمون أنه يحقُّ لهم ذلك شرعا ً في يوم من‬
‫ح لهم أن يعتقدوا أنه يحق لهم شرعا ً أن يتركوا‬ ‫اليام‪ ،‬كما أنه ل يص ّ‬
‫دول الكفر تمنعُ الناس وتصدّهم عن دين الله تعالى‪.‬‬
‫إن دين السلم الذي هو دين الخالق لم يُبح للمسلمين أن يجبروا‬
‫الناس على تغيير أديانهم بالقوة‪ ،‬ل لن تلك الديان ليست باطلة‪،‬‬
‫ة كلّها إل دين السلم ؛ ولكن لن الخالق سبحانه (وهو‬ ‫بل هي باطل ٌ‬
‫الذي فطر البشر على ما هم عليه من الفطرة) يعلم أن النسان ل‬
‫بالقوة والجبار‪ ،‬وأن العقائد ل تتبدّل‬ ‫ّ‬ ‫يمكن أن يغير معتقداته‬
‫بالترغيب والترهيب وحدهما‪ ،‬وإنما تتبدّل بالقناعة الناتجة عن‬
‫ة‬
‫ة‪ :‬إذا كانت ناتج ً‬ ‫ة صحيح ً‬ ‫حّر‪ ،‬ثم القناعة قد تكون قناع ً‬ ‫الختيار ال ُ‬
‫عن دليل صحيح وبرهان حقيقي‪ ،‬وقد تكون قناعة غير صحيحة‪ :‬إذا‬
‫لم تكن ناتجة عن ذلك‪.‬‬
‫إذن فالفتوح السلمية إنما كانت حربا ً لدول الكفر التي منعت‬
‫شعوبها من سماع دعوة الحق‪ ،‬والتي صدت مواطنيها عن دين‬
‫خالقها الذي ل سعادة لها ول راحة ول اطمئنان بغير اليمان به‬

‫‪642‬‬
‫وتطبيق أحكامه‪ .‬ليكون الغرض من الجهاد حينها تمكين دولة الحق‬
‫من عرض دين الله العرض الصحيح الكامل‪ ،‬ل العرض المشوه‬
‫الناقص (كما يحصل قديما ً وحديثا ً من الباطل ودُوَلة وأنصاره)‪،‬‬
‫ك للناس بعد ذلك اختياُر الطريق الذي يريدون‪ ،‬دون تدخل أحدٍ‬ ‫وليُتَْر َ‬
‫خل ‪ -‬في سبيل اتخاذهم قرارهم بكل‬ ‫‪ -‬بأي نوع من أنواع التد ُّ‬
‫حّرية‪ ،‬وليكون عليهم بعد ذلك أن يتحملوا نتيجة قرارهم‬ ‫وضوح و ُ‬
‫ي ع َن بَيِّنَةٍ} [النفال‪.]42:‬‬ ‫ح َّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫حيَى َ‬ ‫ك ع َن بَيِّنَةٍ وَي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن هَل َ‬ ‫م ْ‬‫ك َ‬ ‫{ ل ِّيَهْل ِ َ‬
‫ة وَيَكُو َ‬
‫ن‬ ‫ن فِتْن َ ٌ‬ ‫حتَّى ل َ تَكُو َ‬ ‫م َ‬ ‫وهذا هو معنى قوله تعالى {وَقَاتِلُوهُ ْ‬
‫ُ‬
‫ه لِلّه} [النفال‪]39 :‬؛ حيث إن القاعدة الراسخة في دين‬ ‫ن كُل ّ ُ‬ ‫الدِّي ُ‬
‫السلم‪ ،‬وهي عدم الكراه في الدين‪ ،‬قد جاءت في كتاب الله‬
‫ن} [البقرة‪ ،]256 :‬وهذه القاعدة‬ ‫ة ناصعة { ل َ إِكَْراه َ فِي الدِّي ِ‬ ‫واضح ً‬
‫شبه تَعْليلها وبيان سبب تقعيدها‪ ،‬حيث قال‬ ‫جاءت مشفوعة بما ي ُ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ي فَ َ‬‫ن الْغَ ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫شد ُ ِ‬ ‫ن الُّر ْ‬ ‫ن قَد تَّبَي َّ َ‬ ‫الله تعالىَ فيها { ل َ إِكَْراه َ فِي الدِّي ِ‬
‫ى لَ‬ ‫وثْقَ َ‬ ‫ك بِالْعُْروَةِ ال ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬
‫ُ َ‬‫ْ‬ ‫ست َ‬‫من بِاللّهِ فَقَد ِ ا ْ‬ ‫ت وَيُؤْ ِ‬ ‫يَكْفُْر بِالط ّاغُو ِ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫جهُم ِّ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫منُوا ْ ي ُ ْ‬‫ن آ ََ‬ ‫ي ال ّذِي َ‬ ‫ه وَل ِ ّ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫مي َعٌ عَلِي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م ل َ َها وَالل ّ ُ‬ ‫صا َ‬ ‫ان ِف ُ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫جونَهُم ِّ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ت يُ ْ‬ ‫م الط ّاغُو ُ‬ ‫ن كَفَُروا ْ أوْلِيَآؤُهُ ُ‬ ‫ت إِلَى ُ النُّوُرِ وَال ّذِي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظ ّل ُ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن [البقرة‪:‬‬ ‫خالِدُو َ‬ ‫م فِيهَا َ‬ ‫ب النَّارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬‫كأ ْ‬ ‫ت أوْلَئ ِ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫النُّورِ إِلَى الظ ّل ُ َ‬
‫ن واتضح سبيل‬ ‫‪ ،]257 -256‬فعدم الكراه في الدين كان لنّه قد تّبي َ‬
‫ح في وجوب ترك‬ ‫الرشاد من سبيل الغواية‪ .‬وهذا كما أنه صري ٌ‬
‫الناس أحرارا ً في اختيارهم للدين الذي كانوا عليه أو للدين الحق‪،‬‬
‫حّر‪ ،‬وهو أن‬ ‫ح أيضا ً في وجوب تحقيق أسباب هذا الختيار ال ُ‬ ‫فهو صري ٌ‬
‫ما إذا لم يتبين الرشد من‬ ‫ي‪ ،‬وأ ّ‬ ‫يكون الرشد قد تبين وامتاَز عن الغ ّ‬
‫ي‪ :‬فكيف سيمكن أن يتحقق الختيار الحر؟! بل كيف سيتحقق‬ ‫الغ ّ‬
‫ل واحد ٌ فقط‪،‬‬ ‫الختيار أصل ً إذا لم يكن لديّ إل خياٌر واحد‪ ،‬بل سبي ٌ‬
‫ي المختلط بالرشاد‪ ،‬أو الرشاد المشوّه‬ ‫ي وحده (أو الغ ّ‬ ‫هو الغ ّ‬
‫ي أيضاً)؟!! إنني في هذه الحالة‪ ،‬حالة عدم‬ ‫الناقص‪ ،‬اللذان هما غ ٌّ‬
‫ي‪ ،‬سأكون أبعد ما أكون عن الختيار‪ ،‬بل أنا‬ ‫تبيّن الرشد من الغ ّ‬
‫ت أو لم أشعر!!!‬ ‫مكْرهٌ‪ ،‬شعر ُ‬ ‫حينها ُ‬
‫حّر‪ ،‬بتبيين‬ ‫ولذلك فقد جاءت الفتوح السلميّة تحقيقا ً للختيار ال ُ‬
‫ل الباطل شعوبَها من‬ ‫الرشد من الغي‪ ،‬وهو الختيار الذي منعت دو ُ‬
‫الوصول إليه أو أن يصل إليهم‪ ،‬بحصرهم ضمن اختيارٍ واحد ٍ فقط‪،‬‬
‫هو الغي!!!‬

‫‪643‬‬
‫إن الجهاد في سبيل الله‪ ،‬كاسمه‪ :‬جهاد في سبيل الله‪ ،‬فهو مشروع‬
‫لقامة دين الله تعالى‪ .‬وليس مشروعا استعبادا ً للبشر‪ ،‬ول طمعاً‬
‫في المكاسب المادية من الستئثار بالثروات واغتصاب الملك‬
‫سلّما ً لتحقيق المطامع المعنويّة من‬ ‫سلْب الموال‪ ،‬ول ليكون ُ‬ ‫و َ‬
‫سط النفوذ وفْرض السيطرة واستعراض القوّة‪ .‬وقد كان هذا‬ ‫بَ ْ‬
‫واضحا ً غاية الوضوح عند المسلمين‪ ،‬حتى قالها أصغر جندي مسلم‬
‫لعظم قائد فارسي في زمن الفتوح السلمية‪ " :‬جئنا لنخرج الناس‬
‫من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إلى سعة‬
‫الخرة"‪.‬‬
‫فلهذا الغرض الشريف والغاية السامية فُرض الجهاد في سبيل الله‬
‫تعالى بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة‪.‬‬
‫وبعد سنة ونصف تقريبا ً من وصوله صلى الله عليه وسلم وقع أوّل‬
‫لقاءٍ بين الحق والباطل‪ ،‬بين السلم والكفر‪ .‬لقد دارت رحى أوّل‬
‫معركة إسلميّة على أرض بَدْر‪ ،‬وهي موضع يبعد عن المدينة (‪155‬‬
‫كيلً) جنوباً‪ ،‬وذلك في ‪ 17‬رمضان في السنة الثانية من الهجرة‪،‬‬
‫الموافق‪ :‬فبراير من سنة ‪624‬م‪.‬‬
‫سي الصريح بين‬ ‫ح ِّ‬
‫صدام المادِّي ال ِ‬‫لقد كانت موقعة بَدْر مثال ً رائعا ً لل ِّ‬
‫م المعنويَّ البديَّ بينهما أوضح تجسيد‪،‬‬ ‫صدا َ‬‫سد َ ال ِّ‬ ‫الحق والباطل‪ ،‬ليج ِّ‬
‫مشاهَدا ً ماثل ً للعيان‪ ،‬ل مجّرد َ صراع‬ ‫جاعل ً له بهذا التجسيد صراعا ً ُ‬
‫ن بذلك على أن مثل هذه المواجهة‬ ‫م اليقي ُ‬ ‫فكريّ أو حضاريّ‪ ،‬لِيَعْظ ُ َ‬
‫خرت أحياناً‪ ،‬لكنّها‬ ‫ة‪ ،‬ولو تأ َّ‬
‫لبُد ّ أن تكون‪ .‬إن هذه المواجهة حقيقي ٌ‬
‫محتومة‪ ،‬لها أسبابها وأبعادها المعلومة‪ ،‬ونتيجتُها محسومة { وَكَا َ‬
‫ن‬
‫ن } [الروم‪.]47:‬‬ ‫منِي َ‬ ‫صُر ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫حقّا ً ع َلَيْنَا ن َ ْ‬ ‫َ‬
‫وكان سبب هذه الغزوة أن كفار قريش الذين كانوا قد استلذ ّوا‬
‫إيذاءَ المسلمين وتعذيبَهم وقَتْلَهم بمكّة‪ ،‬ولم يزدادوا مع امتداد‬
‫الوقت إل استمراءً لهذه اللذ ّة‪ ،‬مغتّرِين بقوتهم وبعدم قتال‬
‫عهم عن أنفسهم=قد أسكرهم الغرور‪ ،‬حتى‬ ‫المسلمين لهم ودفا ِ‬
‫ف المسلمين‪ ،‬وأن موقع المدينة في‬ ‫َ‬ ‫ص ّ‬ ‫حدت َ‬ ‫سوا أن الهجرة َ قد وَ ّ‬ ‫نَ ُ‬
‫شمال مكّة يقع على مقربة من قوافلهم التجارية المتّجهة إلى بلد‬
‫ض لها من قِبَل المسلمين أصبح أمرا ً مقدورا ً لهم‪،‬‬ ‫الشام‪ ،‬وأن التعُّر َ‬
‫ل لهم‪ ،‬بل هو ‪ -‬في الحقيقة ‪ -‬رد ٌّ على‬ ‫ل وعاد ٌ‬ ‫ب وسه ٌ‬ ‫ف قري ٌ‬ ‫وأنه هَد َ ٌ‬
‫شيءٍ قليل من الذى والتعذيب والقتل الذي كانوا ( وما زال‬
‫المستضعفون منهم بمكة ممن لم يهاجر) يُلقونه منهم‪ ،‬واستردادٌ‬

‫‪644‬‬
‫لشيءٍ من حقوقهم في بيوتهم وأموالهم وأملكهم التي استولى‬
‫عليها المشركون بعد هجرتهم‪.‬‬
‫لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ مواجهته الصريحة التي‬
‫منع كُفّار مكة من أحد‬ ‫ُ‬
‫ب ماليّة‪ ،‬ب َ ْ‬‫حْر ٍ‬‫أذن له بها بمواجهةٍ اقتصاديّة‪ ،‬و َ‬
‫طرق قوافلها التجاريّة‪ ،‬عسى أن يكون ذلك سببا ً لستفاقة كفار‬
‫مكة من سكرة غرورهم‪ ،‬وأن يعلموا أن الحقّ قد قامت له دولة‪،‬‬
‫وهي وإن كانت في بداية نشأتها‪ ،‬لكنها قادرة ٌ على أن تأخذ بعض‬
‫حقّها‪ .‬إذ لعل هذا ‪ ،‬لو تفطن له المشركون‪ ،‬يكون سببا ً لن يفيئوا‬
‫إلى الحق‪ ،‬أو أن يكفوا بعض غلوائهم في إيذاء المسلمين وتدبير‬
‫المكايد ضدّهم‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم مروُر قافلة تجارية‬ ‫ما بلغ النب َّ‬
‫ولذلك ل ّ‬
‫لقريش‪ ،‬عائدة من الشام‪ ،‬على مقربة من المدينة‪ ،‬أمر أصحابه‬
‫بالخروج لها‪ .‬لكن القافلة استطاعت أن تُفْلت من أيدي المسلمين‪،‬‬
‫حيث كان قد بلغ قائدها ما كان ينويه المسلمون‪ ،‬فغيَّر مسارها‪،‬‬
‫خفَّى بذلك‪ ،‬حتى ابتعد عن المسلمين ونجا بقافلته‪.‬‬ ‫وت َ َ‬
‫ش بمكّة‪ ،‬فإنه بلغها نَبَأ ُ احتمال وقوع قافلتها في أيدي‬ ‫ما قري ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫المسلمين‪ ،‬فاستشاطت غضباً‪ ،‬واعتبرت ذلك كسرا ً لنف كبريائها‪.‬‬
‫فخرجت مغرورة ً بعددها وعتادها‪ ،‬لنقاذ القافلة‪ .‬ثم إنّه بلغها نجاةُ‬
‫القافلة أيضاً‪ ،‬فلم ترجع إلى مكة‪ ،‬لنّها ترى أن مجّرد خروج‬
‫المسلمين عن سكوتهم الطويل على إيذائهم إلى بداية الدفاع عن‬
‫ة كبرى يستحقّون‬ ‫النفس والمطالبة ببعض الحق‪ ،‬أن ذلك إهان ٌ‬
‫حقَ لجلها‪ ،‬وأن يُبادوا عن بكرة أبيهم‪.‬‬ ‫ال َّ‬
‫س ْ‬
‫وعلم النبي صلى الله عليه وسلم بعد نجاة القافلة‪ ،‬بخروج قريش‪،‬‬
‫ة ل حرباً‬
‫وعلم أن الله تعالى شاء أن تكون أول مواجهةٍ صريح ٍ‬
‫اقتصاديّة‪ ،‬بل حربا ً عسكريَّة وقتال ً بين جند الرحمن وجند الشيطان‪.‬‬
‫فعسكر النبي صلى الله عليه وسلم في منطقة بدر (المشار إليها‬
‫آنفاً)‪ ،‬وهي أقرب إلى المدينة بنحو نصف المسافة منها عن مكّة‪.‬‬
‫خيَلئهم‪ ،‬وهم في غاية الكبر‬ ‫ما كفار قريش فخرجوا بخيلهم و ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ضرب الدفوف‪ ،‬ويشربون الخمور‪ .‬وكأنّهم‬ ‫والبطر‪ ،‬تغنِّيهم القيان‪ ،‬وت ُ ْ‬
‫مقبلون على فرح أو عيد‪ ،‬إمعانا ً في التعالي والغرور‪ ،‬إذ إنهم‬
‫يعلمون أنهم يزحفون بجيش يفوق عدد المسلمين بثلثة أضعاف‪،‬‬
‫وأنهم أكثر سلحا ً وأشد ّ عتاداً‪.‬‬

‫‪645‬‬
‫ما المسلمون فقد مكثوا ببدر‪ ،‬ينتظرون هذا اللقاء الحاسم‪،‬‬ ‫أ ّ‬
‫مستكينين لرب ِّهم عز وجل‪ ،‬يرجون رضاه عنهم ببذل أنفسهم في‬
‫سنيين ‪:‬‬ ‫ح ْ‬
‫سبيل دينه‪ ،‬ويتضّرعون إليه تعالى بأن يرزقهم إحدى ال ُ‬
‫النصر‪ ،‬أو الشهادة ‪ .‬معتمدين على تأييد ربِّهم لهم‪ ،‬ووعده بنصر‬
‫المؤمنين‪ ،‬من غير أن يُغفلوا ما استطاعوا عليه من السباب‬
‫الدنيويّة التي تعينهم على تحقيق النصر‪.‬‬
‫م الجيشان‪ ،‬ودارت رحى المعركة‪ ،‬على‬ ‫وأخيرا ً التقى الصفّان‪ ،‬والتح َ‬
‫أرض بَدْر‪.‬‬
‫ة الولى في تاريخ البشريّة الخير‪ ،‬تاريخ آخر‬ ‫لقد كانت بَدٌْر المعرك َ‬
‫خلْق‪ ،‬بين أنصار هذا الدين وقيادة خاتم الرسل‬ ‫دين يرضاه الخالق لل َ‬
‫صلى الله عليه وسلم وأنصار الكفر وقيادة فرعون هذه المة أبي‬
‫جهل‪.‬‬
‫صرهُ‪،‬‬‫لقد صدق المسلمون مع رب ِّهم‪ ،‬فصدقهم وَع ْده‪ ،‬وأنزل عليهم ن َ ْ‬
‫وهَوَت رؤوس الكُفْر على أرض بدر‪ ،‬فسقط سبعون منهم قتلى‪،‬‬
‫وسبعون أسرى‪ ،‬وَوَلّى بقيّتهم الدبار‪.‬‬
‫إنه أوّل يوم في تاريخ البشريّة الخير‪ ،‬ينتصف فيه الحق من‬
‫سنان‪ ،‬وإن‬ ‫الباطل‪ ،‬وأول يوم ينتصُر فيه السلم على الكفر باليد وال ِّ‬
‫مى الله تعالى هذا‬ ‫كان منتصرا ً دوما ً بالحجة والبرهان؛ ولذلك َ‬
‫س ّ‬
‫م ظهر فيه الحق على الباطل‪ ،‬وأسفر‬ ‫اليوم بيوم الفرقان؛ لنه يو ُ‬
‫ه الشّر بظُلمته‪.‬‬
‫ج ُ‬‫فيه وجه الخير بنوره‪ ،‬وتقنّعَ فيه وَ ْ‬
‫وفي هذا العام‪ ،‬وهو العام الثاني‪ :‬فُرض صوم رمضان‪ ،‬وفرضت‬
‫حوِّلت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة‬ ‫زكاة المال والفطر‪ ،‬و ُ‬
‫المشرفة‪.‬‬
‫ة واحدة حتى عاد مشركو قريش لغزو‬ ‫مَّر على غزوة بدر سن ٌ‬ ‫وما إن َ‬
‫المسلمين بالمدينة‪ ،‬انتقاما ً وثأرا ً لما وقع لهم ببدر‪ .‬وكانت هذه‬
‫الغزوة على مشارف المدينة‪ ،‬عند جبل أُحد‪ ،‬الذي ل يبعد عن وسط‬
‫ل فقط‪.‬‬ ‫ل ونصف كي ٍ‬ ‫المدينة إل خمسة أكيا ٍ‬
‫وبعد أن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خروج قريش لحربهم من‬
‫مكة جمع أصحابه من المهاجرين والنصار‪ ،‬واستشارهم في أمر‬
‫هذه المواجهة‪ :‬هل يخرج للقاء المشركين خارج المدينة‪ ،‬أم يبقى‬
‫في المدينة نفسها مستفيدا ً من تحصيناتها الطبيعيّة ومن حصونها‬
‫وأسوارها؟ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤيّد ُ الرأي الخير‪،‬‬

‫‪646‬‬
‫س بعض المسلمين كان سببا ً لتنازل النبي صلى الله عليه‬ ‫ن حما َ‬ ‫لك ّ‬
‫ُ‬
‫وسلم عن رأيه (الذي لم يكن قد أوحي إليه فيه شيء)‪ ،‬فاختار‬
‫المسلمون الخروج‪ ،‬وقَبِل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وهو له‬
‫كارهٌ‪ ،‬مرسيا ً بذلك مبدأ الشورى بين المسلمين على أنصع صوره‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أن عدد َ المشركين كبيٌر‪ ،‬وأنه‬ ‫لقد بلغ النب َّ‬
‫مرات‪ .‬فخرج من المدينة إلى جبل أحد‪،‬‬ ‫يفوق عدد المسلمين بثلث ّ‬
‫ليختار ساحة القتال بنفسه‪ ،‬وهو يعلم أن قريش لن تتردّد أن تأتيه‬
‫في أي مكان كان‪ ،‬فأحكَم صلى الله عليه وسلم خطّة القتال‪،‬‬
‫ة من جيشه أن‬ ‫واحتاط لكل الحتمالت‪ ،‬ومن ذلك أنه أمر كتيب ً‬
‫ل على ساحة القتال‪ ،‬وشدّد َ عليهم‬ ‫مط ِ ٍ‬‫تعسكر على جبل صغير ُ‬
‫المر بعدم مفارقة أماكنهم مهما كانت الظروف‪.‬‬
‫ب الثأر‬‫سهم طل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫فلما أقبل المشركون يؤُّزهم النتقام وي ُ َ‬
‫ح ِّ‬
‫حد بثبات المؤمنين‬ ‫ُ‬
‫لهزيمتهم السابقة ببدر‪ .‬واجههم المسلمون في أ ُ‬
‫الموقنين بالنصر المؤيد من الله تعالى‪ ،‬الراغبين في التضحية في‬
‫سبيل الدين‪.‬‬
‫ث للهجرة‪،‬‬ ‫سط شهر شوال من سنة ثل ٍ‬ ‫م اللقاء في وَ َ‬ ‫وقد ت ّ‬
‫الموافق لمارس من سنة (‪625‬م)‪.‬‬
‫ودارت رحى المعركة‪ ،‬فهوت ألوية الباطل‪ ،‬وبدأت فلول المشركين‬
‫بالفرار‪ ،‬وكادت المعركة تُنهي فصولها على نصر جديد للمسلمين‪.‬‬
‫غير أن الكتيبة التي أُمرت بالمرابطة على رأس ذلك الجبل‪ ،‬وأمرت‬
‫أن ل تبرح مكانها مهما كانت الظروف‪ ،‬ظنّت المعركة قد انتهت‪،‬‬
‫وأحبّت مشاركة بقية الكتائب المسلمة لذ ّة الظفر والنتصار‪،‬‬
‫ُ‬
‫ه لذلك قائد ُ إحدى‬ ‫فخالفت ما أمرت به‪ ،‬فهبطت عن الجبل‪ .‬وتنب َّ َ‬
‫ف بكتيبته‬ ‫كتائب المشركين‪ ،‬فاغتنم هذه الفرصة لنجاء قومه‪ ،‬فالْت َّ‬
‫َ‬
‫ث‬
‫حد َ َ‬ ‫خلْفِهم‪ ،‬الذين باغتهم ال َ‬ ‫من وراء الجبل‪ ،‬وفاجأ المسلمين من َ‬
‫ة‬ ‫بهَوْل المفاجأة وشراسةِ الحيرة في الوقات الحرجة‪ ،‬وتنب َّ َ‬
‫ه بقي ّ ُ‬
‫المشركين الذين كانوا أمامهم فاريّن أو على أهبة الفرار بما حدث‪،‬‬
‫ب البقاء إلى التجربة الخيرة‪ ،‬ليعودوا إلى‬ ‫فقادتهم غريزة ُ ح ِّ‬
‫المسلمين بروح جديدة أشد ّ شراسة‪ ،‬فوقع المسلمون بذلك بين‬
‫فكَّين‪ ،‬ووقع البتلء العظيم‪.‬‬
‫ة رائعة في التضحية‪،‬‬ ‫لقد ضرب المسلمون في تلك اللحظات أمثل ً‬
‫ب الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حيث أحاطوا‬ ‫وصدق اليمان‪ ،‬وح ِّ‬
‫به‪ ،‬وجعلوا من أجسادهم درعا ً له يحمونه بها‪ .‬ول يزداد المشركون‬

‫‪647‬‬
‫ل من كل الجانبين‪ ،‬حتى التقى الفكّان‬ ‫سرعة إقبا ٍ‬ ‫في هذه الثناء إل ُ‬
‫على قتلى المسلمين‪ ،‬وتراجع بقية المسلمين إلى جبل أحد‪،‬‬
‫حوصروا فيه‪،‬‬ ‫خلْف ظهورهم‪ ،‬خروجا ً من المأزق الذي ُ‬ ‫ليجعلوه َ‬
‫ة جيش‬ ‫ليقف العدوّ أمامهم‪ ،‬بعد أن التقى طرفا جيشه‪ ،‬ليرى بقي ّ َ‬
‫ن المفاجأة قد انتهت دَهْشتُها‪ ،‬وأنهم‬ ‫جا‪ ،‬وأ ْ‬ ‫المسلمين قد ن َ َ‬
‫يستعيدون أنفاسهم‪ .‬فأدرك المشركون أنه ل مطمع لهم في‬
‫ما وقع‪ ،‬وأنه ل بُد ّ من المبادرة إلى إنهاء فصول‬ ‫المسلمين أكثر م ّ‬
‫هذه المعركة عند هذا الحدّ‪ ،‬قبل أن يعود إليهم المسلمون بما‬
‫عرفوه عنهم من ‪ :‬صدق اللقاء‪ ،‬ومحبّة التضحية‪ .‬فأسرع‬
‫جُرؤوا‬ ‫المشركون في مغادرة ساحة القتال‪ ،‬عائدين إلى مكّة‪ ،‬ولم ي َ ْ‬
‫على أن يحاولوا الجهاَز على المسلمين‪ ،‬أو أن يدخلوا المدينة‪ ،‬التي‬
‫ة لهم تماماً‪ ،‬فهم بينها وبين المسلمين‪.‬‬ ‫أصبحت مكشوف ً‬
‫س جديد‪ ،‬كان‬ ‫لقد كانت غزوة أحد درسا ً قاسيا ً للمسلمين‪ ،‬لكنه در ٌ‬
‫ضِع الطبيب‪ ،‬الذي يجرح ليداوي‪ ،‬فالمجروح به‬ ‫مب ْ َ‬ ‫ل بُد ّ منه‪ .‬فهو ك َ ِ‬
‫ح وأقوى منه قبله‪.‬‬ ‫جرحه أص ّ‬‫بعد ُ‬
‫جته وبرهانه ل ينهزم‪ ،‬وهذا‬ ‫ح ّ‬
‫إن أتباع الحق قد ينهزمون‪ ،‬لكن الحق ب ُ‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هو سبب ثبات أتباعه حتى عند وقوعهم تحت ألم الهزيمة‪ .‬فالهزيم ُ‬
‫ف الماديّ ل يقلب‬ ‫ضع ُ‬ ‫ل تجعل الحق باطلً‪ ،‬ول الباطل حقاً!! وال ّ‬
‫الحقائق‪ ،‬ول يُغِّيُر الثوابت‪.‬‬
‫ه على يد قياصرة‬ ‫ة الضطهاد الشديد الذي لقَت ْ ُ‬ ‫أفتنسى النصراني ّ ُ‬
‫الروم الوثنيين في أوائل تاريخها؟! أفتنسى القتل والتعذيب‬
‫س‬‫والتشريد؟!! والذي لم يكن ليُعجَز أعداءهم أن يُلبسوه ُ لبا َ‬
‫العدالة‪ ،‬بإصدار تلك الحكام بالقتل والتعذيب من أروقة محاكمهم‬
‫التابعة لهم‪ .‬ولم يكن ليعجز أعداءهم أيضا ً أن يصفوا النصارى حينها‬
‫بأقبح الوصاف‪ ،‬وأن يُذيعوا هذه الوصاف بكل الوسائل العلميّة‬
‫المتاحة لهم في ذلك الوقت‪ ،‬ليؤكّدوا بذلك على عدالة أحكامهم‬
‫ب الحقائق‪ ،‬وإل‬ ‫أيضاً‪ .‬لم يكن ذلك كله (وقد وقع فعلً) كافيا ً لقَل ْ ِ‬
‫ن‬‫ل دي ُ‬ ‫فهل أصبح النصارى هم أهل الباطل فعل ً حينها؟! هل تحوَّ َ‬
‫الوثنيين ليكون هو الحقّ وأتباعه هم أهل الحق؟!! لمجّرد أن‬
‫الوثنيين كانوا هم أهل الحضارة والتقدم والقوّة والسلطان‪ ،‬ولمجّرد‬
‫سري!!!‬ ‫حق والذلل القَ ْ‬ ‫أنهم كانوا هم القادرين على ال َّ‬
‫س ْ‬
‫أم هل ينسى بنو إسرائيل ما لقوه من فراعنة مصر؟! أو من بخت‬
‫نصر في بابل؟!‬

‫‪648‬‬
‫مَّر بها من لحظات‬ ‫أم هل تنسى ك ُ ُّ‬
‫ل أمة كانت على الحق ما َ‬
‫الهزيمة والضعف المادّي؟!!‬
‫لقد عاد المسلمون بعد أحد بدروس قاسية‪ ،‬لكن على قدر قسوتها‬
‫كانت إفادتها‪.‬‬
‫وعاد المشركون الذين يقاتلون بغير مبدأ‪ ،‬لن مبدأهم هو الباطل‪،‬‬
‫سكْر النتصار‪ ،‬وإشباع شهوة النتقام‪ ،‬وانتهى‬ ‫بغير دروس؛ إل من ُ‬
‫َ‬
‫المر عندهم إلى هذا الحدّ‪ ،‬إل من هاجس الخوف المترقّب‪ ،‬من أن‬
‫ة الحق‪ ،‬حتى تغزوهم في عُقْر دارهم‪.‬‬ ‫تَقْوَى دول ُ‬
‫إن المسلمين وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن‬
‫ت إل لنشر دين الله تعالى‪ ،‬ولذلك فقد عادت وفود الدعاة‬ ‫لديهم وق ٌ‬
‫الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يُرسلهم إلى القبائل‬
‫بالنتشار‪ ،‬والتي لم تكن لتنجو تلك الوفود من الغَدْر والخيانة ومن‬
‫العداء المتربّصين بهم من كل جانب‪ ،‬كما حصل للقُراء في موقعة‬
‫حيان‪ ،‬وفي موقعة بئر معونة في نجد‪.‬‬ ‫الرجيع مع قبيلة ل ْ‬
‫ة‬‫وفي لحظات الضعف‪ ،‬كما في مثل أعقاب غزوة أحد‪ ،‬يظهر الخون ُ‬
‫الغادرون‪ ،‬بنقض العهود‪ ،‬ومحالفة العداء‪ ،‬وإعانتهم على محاولة‬
‫اليقاع بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه‪ .‬وهذا ما وقع من بني‬
‫النضير من اليهود‪ ،‬فحاصرهم المسلمون‪ ،‬حتى رضي اليهود بالجلء‬
‫عن المدينة‪ .‬كما جل بنو قينقاع من اليهود أيضا ً قبلهم‪ ،‬أعقاب غزوة‬
‫بدر‪ ،‬الذين أغاظهم انتصار المسلمين ببدر‪ ،‬فنقضوا العهد الذي بينهم‬
‫وبين المسلمين‪ ،‬وجاهروهم بالعداء؛ لشدّة ما تملّكهم من الحسد‬
‫على المسلمين‪.‬‬
‫وفي يوم الثنين لليليتين خلتا من شهر شعبان من سنة خمس‪،‬‬
‫الموافق ‪ 28‬ديسمبر من سنة (‪626‬م)‪ ،‬غزا رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم بني المصطلق‪ ،‬وهم من قبيلة خزاعة العربيّة‪ ،‬وكانوا‬
‫من أحلف كفار مكّة‪ ،‬وممن أعانوا الكفار يوم أحد‪ ،‬وهم فوق ذلك‬
‫ة صنم ٍ شهير عند العرب‪ ،‬وهو مناة‪ .‬وكان موقع هذه القبيلة‬ ‫سدن ُ‬
‫ما جدًّا‪ ،‬حيث كانوا بين مكّة والمدينة‪ ،‬ويبعدون عن مكّة نحو مائة‬ ‫مه ًّ‬
‫كيل شمالً‪ .‬وقد كانت نتيجة هذه الغزوة حاسمة حيث انتصر فيها‬
‫حد‪ ،‬وبعد أن طمع فيهم العرب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫المسلمون‪ ،‬وأعادوا هيبتهم بعد أ ُ‬
‫ومنهم بنوا المصطلق هؤلء‪ ،‬الذين كانوا عازمين على غزو‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أن يبدأهم قبل أن‬ ‫المسلمين‪ ،‬فرأى النب ّ‬

‫‪649‬‬
‫يبدؤوا هم به‪ .‬وكان ذلك قرارا ً حكيماً‪ ،‬حيث كان له الثر الكبير في‬
‫تحقيق نصر المسلمين‪.‬‬
‫ول شك أن هذا الخبر قد ساءَ قريشا ً كثيراً‪ ،‬وأشعرها بالقوّة التي‬
‫بلغها المسلمون وبالشجاعة التي أُوتوها‪ ،‬وتملّكهم الفزع من أن‬
‫سها‪ .‬ولذلك فقد‬ ‫ة نف َ‬‫يأتي اليوم الذي قد يقصد فيه المسلمون مك ّ َ‬
‫أعلن كفار مكّة الستنفار العام‪ ،‬وأرسلوا إلى أحلفهم من القبائل‪،‬‬
‫وإلى القبائل الكافرة القريبة من المدينة يعرضون عليها التحالف‬
‫على تكوين جيش واحد يقضي على السلم تماما ً ويستأصل شأف َ‬
‫ة‬
‫ب يهود ُ بني النضير وغيرهم‬ ‫المسلمين‪ .‬وقد أعانهم على هذا التحُّز ِ‬
‫من اليهود‪ ،‬الذين مل الحقد قلوبهم‪ ،‬خاصة بعد جلئهم من المدينة‪.‬‬
‫ب الكُفّار‬‫م لكفار مكّة تكوين الجيش الذي يريدون‪ ،‬وتحّز َ‬ ‫وقد ت ّ‬
‫ك وأهلُه في جيش كثيف‪ ،‬يفوق عدد جيشهم في‬ ‫بالفعل وأقبل الشر ُ‬
‫بَدْر بعشرة أضعاف‪ ،‬حيث كانوا عشرة آلف مقاتل‪.‬‬
‫س الذي أخرجهم في‬ ‫وفي هذه المَّرة عرف المسلمون أن الحما َ‬
‫حد ٍ من المدينة لن ينفعهم‪ ،‬وأنه لبد من الفادة من طبيعة أرض‬ ‫ُ‬
‫أ ُ‬
‫حرار‪ ،‬والتي ل يمكن معها أن يدخل‬ ‫صنةِ بالجبال وال ِ‬
‫المدينة‪ ،‬المح ّ‬
‫المشركون المدينة‪ ،‬إل من جهةٍ واحدة؛ ولذلك فقد قاموا بحفر‬
‫ميت هذه‬ ‫س ّ‬
‫خندق في تلك الجهة‪ ،‬ليمكنهم تحصين بلدهم‪ .‬ولذلك ُ‬
‫ب‬‫ميت أيضا ً بغزوة الحزاب؛ لتحُّز ِ‬ ‫س ّ‬
‫الغزوة بغزوة الخندق‪ ،‬كما ُ‬
‫أعداءِ السلم وأهله على أن يقضوا على السلم وأهله‪ .‬وقد وقعت‬
‫في شهر شوّال من سنة خمس للهجرة‪ ،‬الموافق ‪ 1‬فبراير من سنة‬
‫‪627‬م‪.‬‬
‫ب المدينة في هذا التاريخ بالفعل‪ ،‬وقد فاجأهم‬ ‫لقد وصل الحزا ُ‬
‫حفِر باشتراك جميع‬ ‫َ‬
‫حفر بسرعة غير متوقّعة؛ لنه ُ‬ ‫الخندق الذي ُ‬
‫المسلمين‪ ،‬حتى النبي صلى الله عليه وسلم كان يحفره معهم‪،‬‬
‫ويضرب بمعوله معهم‪.‬‬
‫ووقف المشركون أمام هذا الخندق حائرين‪ ،‬الذي إن حاولوا‬
‫اقتحامه‪ ،‬أمطرهم المسلمون بالسهام‪.‬‬
‫ولكن المشركين شدّدوا الحصار على المسلمين‪ ،‬الذي دام أربعة‬
‫وعشرين يوماً‪ ،‬كانت من أشد ّ ما تعّرض له المسلمون من البتلء‪.‬‬
‫ة هذا الجيش الكثيف من الحزاب الذي‬ ‫حيث اجتمع فيها مواجه ُ‬
‫ة المؤن‪ ،‬مع فشوّ خبر خيانة‬ ‫ينوي استئصالهم تماماً‪ ،‬والجوع ُ وقِل ُ‬
‫ّ‬
‫يهود بني قريظة الذين ينوون إدخال المشركين إلى المدينة من‬

‫‪650‬‬
‫جهتهم وأن يعاونوهم في حرب المسلمين‪ ،‬مع إشاعة المنافقين‬
‫سعْيهم إلى إثارة وساوس الشك في أصل الدين‪.‬‬ ‫لروح الهزيمة و َ‬
‫لقد كان امتحانا ً صعبا ً جدّاً‪ ،‬ذكره الله تعالى في كتابه‪ ،‬فقال تعالى‬
‫َ‬ ‫{إذ ْ جاءُوك ُم من فَوقك ُم وم َ‬
‫صاُر وَبَلَغَ ِ‬
‫ت‬ ‫ت اْلب ْ َ‬ ‫م وَإِذ ْ َزاغ َ ِ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سفَ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ ِ ْ ْ ِ ْ َ ِ َْ‬ ‫ِ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬‫منُو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ي ال ُ‬ ‫ك َابْتُل ِ َ‬ ‫ن بِاللهِ الظنُونَا هُنَال ِ َ‬ ‫جَر وَتَظن ّو َ‬ ‫حنَا ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫الْقُلُو ُ‬
‫ض‬‫مَر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ن فِي قُلُوبِهِ ْ‬ ‫ن وَال ّذِي َ‬ ‫منَافِقُو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫شدِيدا ً وَإِذ ْ يَقُو ُ‬
‫َ‬
‫وَُزلْزِلُوا زِلَْزال ً َ‬
‫َ‬
‫ه إ ِ ّل غُُرورا ً [الحزاب‪.]12-10:‬‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ما وَعَدَنَا الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫فالذين جاؤوهم من فوقهم‪ :‬هم الحزاب‪ ،‬والذين جاؤوهم من أسفل‬
‫منهم‪ :‬يهود بني قريظة الذين خانوا المسلمين في أحرج ظرف‪،‬‬
‫والمنافقون‪ :‬اغتنموا الفرصة التي ظنّوا أنها آخر ساعات السلم‬
‫وأهله‪.‬‬
‫أما المؤمنون (فكالعادة) ل يزيدهم البلء إل عافية‪ ،‬ول يخرجون من‬
‫ما َرأى‬ ‫ن إل أكثر ثباتا ً على الحق‪ ،‬كما قال تعالى { وَل َ َّ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صدَقَ الل ُ‬
‫ه‬ ‫ه وَ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ما وَعَدَنَا الل ّ ُ‬ ‫ب قَ َالُوا هَذ َا َ‬ ‫حَزا َ‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫منُو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ما‬ ‫صدَقُوا َ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ن رِ َ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬‫سلِيما ً ِ‬ ‫مانا ً وَت َ ْ‬ ‫م إ ِ ّل إِي َ‬ ‫ما َزادَهُ ْ‬ ‫ه وَ َ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وََر ُ‬
‫ما بَدَّلُوا‬ ‫ن يَنْتَظُِر َو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ه وَ ِ‬ ‫حب َ ُ‬‫ضى ن َ ْ‬ ‫ن قَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ه ع َلَيْهِ فَ ِ‬ ‫ع َاهَدُوا الل ّ َ‬
‫تَبْدِيل ً [الحزاب‪.]23 – 22:‬‬
‫لقد كانت خاتمة هذا الضيق العظيم والمحنة الكبرى غير متوقّعةٍ‬
‫ل المشركون النتظار‪ ،‬وابتلهم الله تعالى بريح شديدة‬ ‫أبداً‪ ،‬حيث م َّ‬
‫ما بقوا‪.‬‬ ‫ل البقاء في العراء أكثر م ّ‬ ‫م ِ‬ ‫البرودة‪ ،‬أضعفتهم عن تح ُّ‬
‫فتفّرقت أحلفهم‪ ،‬وابتدأوا بالرجوع إلى ديارهم شيئا ً فشيئا‪ ،‬حتى‬
‫ض الحزاب‪ ،‬وكان من آخرهم رجوعا ً كفار مكّة‪ .‬وانتهت هذه‬ ‫انف ّ‬
‫المحنة الكبرى‪ ،‬التي كانت في ظاهرها أعظم من كل المحن‬
‫َ َّ‬
‫ه‬‫قال تعالى {وََرد ّ الل ُ‬ ‫ة كأنه لم يكن لها بداية‪ ،‬كما‬ ‫السابقة‪ ،‬نهاي ً‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن القِتَا َ‬
‫ل‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫خيْرا وَكَفَى الل ُ‬ ‫م يَنَالوا َ‬ ‫مل ْ‬ ‫ن ك َ َفَُروا بِغَيْظِهِ ْ‬ ‫ال ّذِي َ‬
‫ه قَوِيّا ً ع َزِيزاً} [الحزاب‪.]25:‬‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫وَكَا َ‬
‫لقد انتهت هذه المعركة بانتصارٍ حقيقي للمسلمين‪ ،‬حيث كل ّ َ‬
‫ف‬
‫المشركين الكثير‪ ،‬ولم يكلف المسلمين إل القليل‪ .‬كما أنه قد أثبت‬
‫جَز مشركي مكة من استئصال شأفة المسلمين‪ ،‬وأنّه ل أمل لهم‬ ‫عَ ْ‬
‫في ذلك؛ لنّهم قد بذلوا غاية ما يستطيعون في هذه الغزوة لتحقيق‬
‫ل ما‬ ‫هذا المل الكبير لهم‪ ،‬ومع ذلك فقد رجعوا وقد فشلوا عن أق ّ‬
‫يأملون فيه‪.‬‬

‫‪651‬‬
‫ت المسلمون بعد هذا النصر إلى أعدائهم الملصقين لهم‪،‬‬ ‫وقد الْتَفَ َ‬
‫والذين ما فتئوا ينقضون العهود‪ ،‬وقد نقضوه هذه المّرة في أحرج‬
‫سها التي كانت عند مشركي مكَّة ‪،‬‬ ‫ة نَفْ َ‬
‫ظرف‪ ،‬وأبدَوْا بوضوح الرغب َ‬
‫ت المسلمون إلى‬ ‫ْ‬
‫وهي استئصال المسلمين عن آخرهم‪ .‬لقد التَفَ َ‬
‫اليهود المجاورين لهم‪ ،‬الذين كان ضررهم والخوف منهم (بسبب‬
‫المجاورة) أشد ّ من غيرهم‪ ،‬والذين لم يراعوا شيئا ً من العهود‬
‫والمواثيق التي كانت بينهم وبين المسلمين‪ .‬فحاصرهم المسلمون‬
‫خمسا ً وعشرين ليلة‪ ،‬إلى أن استسلموا على أن ي َ ْ‬
‫حك ُ َ‬
‫م في‬
‫ف‬‫جريمتهم أحد ُ حلفائهم من المسلمين‪ ،‬الذي ظنّوا أنه سيكون أْرأ َ‬
‫ن هذا الحليف (هو سعد بن معاذ رضي الله‬ ‫بخيانتهم من غيره‪ .‬لك ّ‬
‫حكْم الذي يستحقُّه كل من خان الخيانة‬ ‫م فيهم بال ُ‬ ‫عنه) قد حك َ‬
‫سه الذي كان اليهود قد أصدروه فعل ً ضدّ‬ ‫م نف ُ‬ ‫حك ْ ُ‬
‫العظمى‪ ،‬وهو ال ُ‬
‫ي إلى تنفيذه‪ ،‬وهو استئصال‬ ‫سعْ َ‬‫المسلمين‪ ،‬وأضافوا إلى إصداره ال َّ‬
‫ل الله تعالى لمؤامرتهم الكبرى في ذلك‪ .‬بل‬ ‫المسلمين‪ ،‬لول إفشا ُ‬
‫حكْمِ‬ ‫حكْم اليهود السابق لحكم المسلمين و ُ‬ ‫الفرق كبيٌر جدّا ً بين ُ‬
‫المسلمين‪ :‬حيث إن حكم اليهود كان نقضا ً للعهد‪ ،‬وكان خيانة‬
‫رم‬
‫ج ْ ٍ‬ ‫للمواثيق‪ ،‬التي كانت بينهم وبين المسلمين‪ ،‬وكان من غير ُ‬
‫ت حرج يستحقُّ فيه المسلمون‬ ‫ارتكبه المسلمون‪ ،‬وكان في وق ٍ‬
‫العانة على عدوِّهم الكافر المتحّزِب ضدّهم‪ ،‬وكان إصدار ذلك‬
‫ما‬‫الحكم من اليهود على حين ِغّرة وغفلة من المسلمين عنهم‪ .‬أ ّ‬
‫دّ من ذلك كُلّه‪ ،‬فهو جزاءٌ لنقض‬ ‫حكم المسلمين فهو على الض ِ‬
‫ض اختاره‬ ‫ي عادل من قا ٍ‬ ‫م قضائ ٌ‬ ‫العهود ولخيانة المواثيق‪ ،‬وهو حك ٌ‬
‫م بالمثل وجزاءٌ بالمثل‪ ..‬إلى غير ذلك من‬ ‫اليهود أنفسهم‪ ،‬وهو حك ٌ‬
‫ة حكم القاضي الذي رضيه اليهود‬ ‫ن عدال َ‬ ‫ما يُبي ّ ُ‬ ‫أضداد حكم اليهود‪ ،‬م ّ‬
‫م واعتداء حكم اليهود‪.‬‬ ‫وظُل ْ َ‬
‫م فيهم سعد ُ بن معاذ بقَتْل القادرين على القتال منهم‪ ،‬وأن‬ ‫حك َ َ‬‫لقد َ‬
‫يُسبى النساء والطفال‪ ،‬ونُفَّذ َ فيهم هذا الحكم‪ ،‬فقُتل نحو أربع مئة‬
‫سبي النساء والصغار‪.‬‬ ‫رجل‪ ،‬و ُ‬
‫ول نستغرب بالطبع أن يستنكر هذا الحكم اليهود‪ ،‬فما نكاد نعرف‬
‫مجرما ً رضي بعقوبة إجرامه‪ .‬ول نستغرب أيضا ً أن يستنكره أعداءُ‬
‫السلم‪ ،‬فهذا موقف كل عدوٍّ من عدوِّه‪.‬‬
‫مل‪،‬‬ ‫لكنّنا نستغرب انسياقَ المنصفين وراء هؤلء أو هؤلء دون تأ ُّ‬
‫ودون أن يستحضروا ما تذكره التوراة من معارك النبياء السابقين‪،‬‬

‫‪652‬‬
‫وعدد ما سقط فيها من القتلى( )‪ ،‬ودون أن يستحضروا التاريخ‬
‫سقَط فيه من الضحايا المدنيين ومن النساء‬ ‫م َ‬‫القريب المعاصر‪ ،‬وك َ ْ‬
‫والطفال!!! نحن إنما نخاطب المنصفين‪ ،‬ول نخاطب المتعالين‪،‬‬
‫الذين ينظرون إلى غيرهم أنهم ل وزن لهم ول قيمة‪ ،‬الذين يرون‬
‫الحقوق لهم وحدهم ول حق لغيرهم!!!‬
‫ثم أل يكفي أن يرضى عن هذا الحكم خاتم الرسل صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬بل يُخبر أنه هو حكم الله فيهم؟!!!‬
‫وبعد عام ٍ واحد من غزوة الحزاب ‪ ،‬أي في ذي القعدة من سنة (‬
‫‪6‬هـ)‪( ،‬الموافق مارس من عام ‪628‬م) خرج النبي صلى الله عليه‬
‫جهين إلى مكّة‪ ،‬بنيَّة العُمرة‪،‬‬ ‫ف وأربع مئة من أصحابه متو ِّ‬ ‫وسلم بأل ٍ‬
‫وأحرموا لذلك من ذي الحليفة‪.‬‬
‫ة بعد‬ ‫ة لهم‪ ،‬خاص ً‬ ‫ما بلغ كفار مكّة هذا الخبر‪ ،‬اعتبروا ذلك إهان ً‬ ‫ول ّ‬
‫فشلهم الذريع في العام الماضي في غزوة الحزاب‪ .‬كما أنّهم‬
‫يعلمون أنه ل حقّ لهم في أن يمنعوا أحدا ً جاء لتعظيم البيت الحرام‬
‫والطواف والسعي‪ ،‬وأن جميع العرب ل يقبلون ذلك منهم‪.‬‬
‫ولذلك ما إن بلغ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه منطقة‬
‫الحديبية‪ ،‬وهي موضع يبعد عن مكة اثنين وعشرين كيل ً فقط‪ ،‬حتى‬
‫منْعَ المسلمين من دخولها‪ ،‬وابتدؤا عَقْد َ مفاوضات‬ ‫أعلن كفاُر مكّة َ‬
‫ي‬‫ف ضمن ّ‬ ‫معهم بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬وفي هذا اعترا ٌ‬
‫مّرة‪ ،‬من مشركي مكّة‪ ،‬بالكيان السلمي‪ .‬إنه‬ ‫واضح‪ ،‬ولول َ‬
‫ن الرضوخ له أشد َّ الباء‪ ،‬فهاهم‬ ‫ْ‬
‫العتراف الذي كان المشركون يَأبَوْ َ‬
‫اليوم يسعون هم إليه ؛ بسبب موقفهم المحرج السابق ذكره‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم (وهو الرؤوف الرحيم) من‬ ‫وقد رضي النب ُّ‬
‫مشركي مكّة بهذا الرضوخ‪ ،‬واكتفى منهم (وهو العليم بكبريائهم)‬
‫بهذا الجرح العميق لكبريائهم‪ .‬ولذلك فقد رضي بشروط ظاهرها‬
‫أنها ليست في صالح المسلمين‪ ،‬مكتفيا ً بهذا النصر المعنوي الكبير‪،‬‬
‫سر غرور الكفر الذي‬ ‫صٌر دعوي كبير‪ ،‬لنه ك َ َ‬ ‫الذي هو في حقيقته ن َ ْ‬
‫كان يحجب الحق عن أصحابه‪ ،‬وفتح باب إعمال العقل في دعوته‬
‫ة بعد هذا‬ ‫من قِبل المشركين‪ .‬وهذا ماوقع بالفعل‪ ،‬حيث قذفت مك ّ ُ‬
‫الصلح بفلذات أكبادها‪ ،‬وبخيرة قوّادها‪ ،‬مسلمين طائعين بمحض‬
‫إرادتهم‪ ،‬دون أن يُجبروا على ذلك‪.‬‬
‫ل إبرامه‪ ،‬وصفه‬ ‫ض المسلمين أوّ َ‬ ‫ض عنه بع ُ‬ ‫وهذا الصلح الذي لم يَْر َ‬
‫مبِيناً‬
‫ك فَتْحا ً ُ‬‫حنَا ل َ َ‬
‫الله تعالى بأنه (فتح)‪ ،‬وذلك في قوله تعالى {إِنَّا فَت َ ْ‬

‫‪653‬‬
‫ه ع َلَي ْ َ‬ ‫ما تَأ َ َّ‬ ‫َ َ َّ‬
‫ك‬‫ك وَيَهْدِي َ َ‬ ‫مت َ ُ‬
‫م نِعْ َ‬‫خَر وَيُت ِ َّ‬ ‫ك َو َ‬ ‫ن ذ َنْب ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫م ِ‬ ‫ما تَقَد َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫فَر لك الل‬ ‫لِيَغْ ِ‬
‫َ‬
‫صرا ً ع َزِيزا ً [الفتح‪.]3-1:‬‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ك الل ّ ُ‬ ‫صَر َ‬ ‫ستَقِيما ً وَيَن ْ ُ‬ ‫م ْ‬‫صَراطا ً ُ‬ ‫ِ‬
‫لقد أتاحت هذه المعاهدة للنبي صلى الله عليه وسلم فرصة كان‬
‫ما ترجمه بمكاتبة ملوك الفاق‬ ‫ينتظرها‪ ،‬وهي توسيع نطاق دعوته‪ .‬م ّ‬
‫يدعوهم للسلم‪ ،‬فكاتب ملك الروم وملك الفرس وملك القباط‬
‫بمصر وغيرهم من الملوك والمراء يدعوهم للسلم‪.‬‬
‫ونص خطاب النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى هرقل ملك الروم‬
‫ص الصحيح الثابت‪:‬‬ ‫هو هذا الن ّ‬
‫(( بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫من محمدٍ عبد ِ الله ورسوله‪ ،‬إلى هرقل عظيم الروم‪.‬‬
‫السلم على من اتّبع الهُدَى‪.‬‬
‫ك الل ْ‬ ‫َ‬
‫جر َ‬
‫ك‬ ‫هأ َ‬ ‫ُ‬ ‫م‪ ،‬يُؤ ْت َ‬ ‫سل َ ْ‬
‫سلِم ت َ ْ‬ ‫أما بعد‪ :‬فإني أدعوك بدعاية السلم‪ ،‬أ ْ‬
‫َ‬
‫م الريسيين ( )‪.‬‬ ‫مرتين‪ ،‬فإن تول ّيت فإن عليك إث ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م أ َ ّل نَعْبُد َ إ ِ ّل‬‫ْ‬ ‫سوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَك ُ‬ ‫مةٍ َ‬ ‫َ‬ ‫ب تَعَالَوْا إِلَى كَل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل الْكِتَا‬ ‫ل يَا أَهْ َ‬
‫{ قُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّهِ فَإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ن دُو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضنَا بَعْضا ً أْربَابا ً ِ‬ ‫خذ َ بَعْ ُ‬ ‫شيْئا ً وَل يَت َّ ِ‬ ‫ك بِهِ َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫ه وَل ن ُ ْ‬ ‫الل ّ َ َ‬
‫َ‬
‫ن } ))‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شهَدُوا بِأنَّا ُ‬ ‫تَوَل ّوْا فَقُولُوا ا ْ‬
‫إن هذا الخطاب السلمي الدعوي النموذجي‪ ،‬يستحقّ منّا الوقوف‬
‫ي السلم صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫معه قليلً‪ ،‬في أثناء تعريفنا بنب ّ‬
‫ما نود ّ التنبيه عليه بشأنه ما يلي‪:‬‬ ‫فم ّ‬
‫أوّلً‪ :‬عالميّة دين السلم‪ ،‬وأنّه الدين الذي ل يرضى الله تعالى من‬
‫العالمين سواه بعد بعثة خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫ن السلم‪ ،‬دون بقيّة الديان السابقة‪ ،‬التي‬ ‫ص به دي ُ‬ ‫ما يخت ُّ‬ ‫به‪ .‬وهذا م ّ‬
‫كانت أديانا ً قوميّة (لعالميّة)‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬بيان السلوب الحضاريّ الراقي للدعوة إلى السلم‪ ،‬الذي هو‬
‫ف‬
‫أسلوب هذا الخطاب النبويّ‪ .‬حيث إن أسلوب الكتابة أسلوب لطي ٌ‬
‫في التعبير عن خطأ المخالِف‪ ،‬أكثر من أسلوب المشافهة‬
‫ب وصفا ً لهرقل بما يناسب‬ ‫من الخطا ُ‬ ‫والمجابهة بذلك‪ .‬ثم تض ّ‬
‫مكانتَه‪" :‬عظيم الروم"‪ .‬ثم البداية بالسلم على من اتّبع الهدى‪ ،‬وما‬
‫سن البَدْء وبراعة الستهلل‪ ،‬دون أيّ‬ ‫ح ْ‬ ‫في هذا الفتتاح بالدعاء من ُ‬
‫مخالفةٍ شرعيّة‪.‬‬

‫‪654‬‬
‫ن من كان على دين النصارى الصحيح غير المحَّرف‪،‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬بيان أ ّ‬
‫من ل يقولون بألوهيّة عيسى (عليه السلم)‪ ،‬بل إنه رسول الله‬ ‫م ّ‬
‫ن هذا ل يُنْجيهم عند الله تعالى بعد بعثة‬ ‫سل الله=أ ّ‬ ‫كغيره من ُر ُ‬
‫ي محمد صلى الله‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬إل إن آمنوا بالنب ّ‬
‫عليه وسلم‪ .‬فإن آمنوا فإنه يكون لهم أجران‪ :‬أجر إيمانهم بعيسى‬
‫ما‬‫نبيًّا ورسولً‪ ،‬وأجر إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم خات ً‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ص النب ُّ‬
‫خ ّ‬
‫للنبياء والمرسلين‪ .‬ولذلك َ‬
‫الريسيين بالذكر؛ لنهم كانوا من أهل التوحيد‪ ،‬وكان هرقل منهم‬
‫(ولو في باطن أمره)‪ .‬فإصراره على عدم اتّباع النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وكُفُْره ُ بذلك‪ ،‬سيكون سببا ً في إصرار هؤلء (الذين هم‬
‫أصحاب الدين الصحيح قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم)‬
‫ب هذا‬ ‫وسببا ً في كُفْرهم أيضاً‪ ،‬فيكون عليه إثمهم؛ لنه كان سب َ‬
‫صدِّهم عن آخر الديان (وهو السلم) الذي ل يقبل‬ ‫ب َ‬ ‫الثم‪ ،‬وسب َ‬
‫الله من العالمين سواه‪.‬‬
‫صة‪،‬‬ ‫ة حقيقة دعوة السلم للنصارى خا ّ‬ ‫رابعاً‪ :‬ثم تأتي الية مبين ً‬
‫ولغيرهم من المم‪ ،‬وأنّها دعوةٌ يستوي فيها المدعوُّ والداعي‪ :‬دعو ٌ‬
‫ة‬
‫م لله تعالى وحده‪ ،‬ل‬ ‫حك ْ ُ‬‫إلى توحيد الله تعالى بالعبادة‪ ،‬وأن يكون ال ُ‬
‫مقََّرب‪ .‬وهذا أحد أكبر الفوارق بين السلم‬ ‫ي مرسل‪ ،‬ول لملك ُ‬ ‫لنب ٍ ّ‬
‫حقَّ التحليل والتحريم‬ ‫والديان الخرى‪ ،‬تلك الديان التي تُعْطي َ‬
‫لرهبانها وأحبارها‪ ،‬مع أنه في السلم حقٌّ لله تعالى وحده‪ ،‬ليس‬
‫لحد ٍ فيه حقٌّ غيره سبحانه‪.‬‬
‫ة دعوة السلم أجملتها تلك السطر الرائعة!!!‬ ‫هذه هي حقيق ُ‬
‫ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحديبيّة‪ ،‬وفي أوائل سنة‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫جه النب ُّ‬‫سبع من الهجرة (يونيو سنة ‪628‬م)‪ ،‬تو ّ‬
‫ة تبعد عن المدينة (‪ 165‬كيلً) شمالً‪،‬‬ ‫وسلم لغزو خيبر‪ ،‬وهي قري ٌ‬
‫ومن أسباب ذلك ‪ :‬أن سكانها من اليهود كانوا ممن تمالؤوا على‬
‫حزاب المشركين في غزوة الخندق‪.‬‬ ‫المسلمين‪ ،‬وأعانوا أ ْ‬
‫فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم وحاصر حصونهم‪ ،‬وانتصر‬
‫صلْحاً‪ ،‬وسارع‬ ‫عليهم‪ ،‬فدخل بعض الحصون ع ُنْوَةً‪ ،‬ودخل بعضها ُ‬
‫ل أحداً‬ ‫ج ِ‬‫ه‪ ،‬ولم ي ُ ْ‬ ‫حك ْ ُ‬
‫م ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫صن ْ ٍ‬
‫آخرون إلى طلب المان‪ ،‬فكان لكل ِ‬
‫من دياره‪ ،‬إل أنه صالحهم على أن للمسلمين إجلءهم متى شاؤوا‪.‬‬
‫وفي ذي القعدة من هذه السنة (مارس من سنة ‪629‬م) قضى النب ُّ‬
‫ي‬
‫صلى الله عليه وسلم ع ُمرته هو وأصحابُه‪ ،‬وهي ع ُمرته التي كان قد‬

‫‪655‬‬
‫د‬
‫منِعَ من أدائها في عامه الماضي‪ .‬وكان هذا القضاءُ للعمرة أح َ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫شروط صلح الحديبية‪ ،‬الذي كان بينه وبين كفار مكة‪.‬‬
‫وفي جمادى الولى من عام ثمانية للهجرة (الموافق سبتمبر من‬
‫ه ثلثة آلف‬ ‫جهَّز النبي صلى الله عليه وسلم جيشا ً قوا ُ‬
‫م ُ‬ ‫سنة ‪629‬م) َ‬
‫مقاتل‪ ،‬لم يَقُدْهُ النبي صلى الله عليه وسلم وإنما جعل قيادته بيد‬
‫زيد بن حارثة‪ ،‬فإن قُتل‪ :‬فجعفر بن أبي طالب‪ ،‬فإن قتل‪ :‬فعبد الله‬
‫ب من حلفاء الروم‪ ،‬هم الغساسنة‪،‬‬ ‫بن رواحة‪ .‬وكانت وِجهته لعر ٍ‬
‫الذين أظهروا العداوة للمسلمين‪.‬‬
‫ولقد خرج المسلمون إلى بلد الشام‪ ،‬إلى (مؤتة)‪ ،‬جنوب غرب‬
‫ميت الغزوة لذلك بغزوة مؤتة‪ .‬لتَلْقَى هناك جموعاً‬ ‫الردن‪ ،‬فَ ُ‬
‫س ِّ‬
‫هائلة‪ ،‬بلغت مائتي ألف مقاتل‪ ،‬حيث إن الروم كانوا قد أمدُّوا‬
‫موا إلى الغساسنة وأحلفهم الخرين‬ ‫أحلفهم بمئة ألف مقاتل‪ ،‬انض ّ‬
‫من العرب‪.‬‬
‫إن هذا الفارق الشاسع بين عدد الجيشين (‪،)200000 >---< 3000‬‬
‫مع الفارق الكبير أيضا ً في العتاد‪ ،‬يظهر أن الحرب غير متكافئة بكل‬
‫م عزموا على‬ ‫المقاييس‪ .‬ولذلك تردّد المسلمون في المواجهة‪ ،‬ث ّ‬
‫القدام‪ .‬ولم يتردّدوا خوفاً‪ ،‬وإنّما مراعاة ً للمصلحة ونظرا ً في‬
‫ة الثم وأن يقعوا في‬ ‫الحكمة من المواجهة‪ ،‬ول أقدموا إل خشي َ‬
‫سخط الله بمخالفة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫لقد بدأت هذه المعركة بذلك الميزان الطائش غير المتكافئ‪ ،‬وأَبْلَى‬
‫ب‬‫المسلمون بلءً حسناً‪ ،‬وأثبتوا للدنيا كيف ومتى تكون الخرة ُ أح َّ‬
‫ط القوّاد ُ الثلثة شهداء في أرض‬ ‫سقَ َ‬
‫إلى المْرءِ من الدنيا‪ .‬و َ‬
‫معَل ِّمين العالمين درسا ً من الشجاعة ل‬ ‫المعركة‪ ،‬واحدا ً تِلْوَ الخر‪ُ ،‬‬
‫ما‬
‫سى‪ ،‬حتى إن جعفر بن أبي طالب الذي كان القائد الثاني‪ ،‬ل ّ‬ ‫يُن ْ َ‬
‫ما قُطِعت‬ ‫سراه‪ ،‬فل ّ‬‫مناه التي يرفع بها الرايّة‪ ،‬رفعها بي ُ ْ‬ ‫قُطعت ي ُ ْ‬
‫مها إليه‪ ،‬حتى استُشهد‪ ،‬ليتسلمها القائد الثالث بعده!!!‬ ‫يُسراه ض َّ‬
‫ثم رأى المسلمون‪ ،‬وهم في أرض المعركة‪ ،‬أن يُولّوا القيادة القائد‬
‫الفذ ّ خالد بن الوليد رضي الله عنه‪ ،‬الذي رأى أن استمرار القتال ل‬
‫مدَدٍ‬‫يعني إل الفناء المحقَّق‪ .‬فدبَّر مكيدةً يُوهم العدوَّ بمجيء َ‬
‫ب انسحاب مخادعةٍ لليقاع بهم‪،‬‬ ‫َ‬
‫مهُم أنه ينسح ُ‬ ‫للمسلمين‪ ،‬و أوْهَ َ‬
‫صل العدوُّ عنهم‪ ،‬ولم يُفكّر في تَعَقُّبهم‪ .‬واستطاع خالد ٌ بذلك أن‬ ‫فانْفَ َ‬
‫ينجو بجيش المسلمين من الهلك الكامل‪ ،‬وأن يعود بعدد قليل من‬

‫‪656‬‬
‫ة‬
‫الخسائر‪ ،‬ولذلك لم يُعتبر هذا الفعل من خالد ٍ هزيمة‪ ،‬بل اعتُبَر خط ً‬
‫عسكرية من نوع الكّر والفّر في ساح القتال‪.‬‬
‫ش عهدها مع النبي‬ ‫وفي هذا العام‪ ،‬وبعد معركة مؤتة نقضت قري ٌ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬الذي كانت قد أبرمته في الحديبية‪ ،‬حيث‬
‫ف للنبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬الذين‬ ‫أعانت أحلفا ً لها على أحل ٍ‬
‫قُتِل منهم عشرون رجلً‪.‬‬
‫خْرقا ً واضحا ً من قريش لعهدهم مع النبي صلى‬ ‫ث َ‬ ‫حد َ ُ‬
‫لقد كان هذا ال َ‬
‫الله عليه وسلم في الحديبية‪ ،‬ولم تُحاول المبادرة إلى العتذار وإلى‬
‫خراً‪ ،‬بعد أن بلغتها أخبار استعداد المسلمين‬ ‫تجديد العهد؛ إل مؤ ّ‬
‫لمواجهةٍ ما معهم‪.‬‬
‫خفَى‬‫ما النبي صلى الله عليه وسلم فقد استنفر المسلمين‪ ،‬وأ ْ‬ ‫أ ّ‬
‫م لم يعرفه المسلمون في جيوشهم‬ ‫خ ٌ‬
‫ض ْ‬‫صده‪ ،‬حتى اجتمع عدد ٌ َ‬ ‫مقْ َ‬ ‫َ‬
‫السابقة‪ ،‬وهو عشرة آلف مقاتل‪ .‬ومثل هذا العدد يُظهر مقدار‬
‫صلْح الحديبيّة‪ ،‬الذي كان فرصة دعوية كبرى‬ ‫انتشار السلم بعد ُ‬
‫للمسلمين‪.‬‬
‫وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين من المدينة قاصداً‬
‫مكّة‪ ،‬في ‪ 10‬رمضان من سنة ثمان‪ ،‬الموافق ‪ 1‬يناير من سنة‬
‫‪630‬م‪.‬‬
‫ما علم كفار مكّة بالخبر‪ ،‬حاولوا ‪ -‬بعد فوات الوان ‪ -‬تجديد العهد‪،‬‬ ‫ول ّ‬
‫ضهم يعلنون دخولهم في السلم‪.‬‬ ‫وجاء بع ُ‬
‫ما أقبل على مكّة أرسل إلى‬ ‫ما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ل ّ‬ ‫وأ ّ‬
‫ن من دخل داره فهو‬ ‫أهلها‪ ،‬أنه لن يُقاتل إل من واجهه بالقتال‪ ،‬وأ ّ‬
‫آمن‪ ،‬ومن دخل المسجد الحرام فهو أمن‪ ،‬ومن دخل دار أبي‬
‫سفيان (وهو سيّد قريش حينها بمكة) فهو آمن‪.‬‬
‫ولقد دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكّة في ‪ 19‬رمضان في سنة‬
‫ش المسلمين‬ ‫ه جي ُ‬‫ج ْ‬‫ثمان‪ ،‬الموافق ‪ 9‬يناير من سنة ‪630‬م‪ .‬ولم يُوا َ‬
‫ة يسيرة‪ ،‬من بعض جهات مكّة‪.‬‬ ‫إل بمقاوم ٍ‬
‫لقد فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكّة ودخلها ل دخول الجبابرة‬
‫المتكبرين‪ ،‬بعد هذا النتصار العظيم على أعداء دين الله تعالى‪ .‬بل‬
‫ضا شديدا ً وهو على ناقته‪ ،‬قارئاً‬ ‫خفْ َّ‬‫دخلها خاشعاً‪ ،‬خافضا ً رأسه َ‬
‫سورة الفتح‪.‬‬

‫‪657‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫صُر ذلك اليوم‪ ،‬حتى أعلن النب ُّ‬ ‫وما إن جاء ع َ ْ‬
‫ش‬
‫ف كل أعمال القتال‪ .‬ووقف عند الكعبة المشّرفة‪ ،‬وقري ٌ‬ ‫وَقْ َ‬
‫حوْلَه مجتمعين‪ ،‬يخشون انتقامه‬ ‫(أعداؤه لكثر من عشرين عاماً) َ‬
‫ل الذي سيكون في غاية الشدّة منهم‪ .‬فقال صلى الله عليه‬ ‫العاد َ‬
‫انكسار‬
‫ٍ‬ ‫ل بكم؟" فقالوا ‪-‬في‬ ‫وسلم مناديا ً فيهم‪" :‬ما تظنّون أني فاع ٌ‬
‫خ كريم‪ ،‬فقال صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬ ‫خ كريم وابن أ ٍ‬ ‫ووجل‪ :‬خيراً‪ ،‬أ ٌ‬
‫وبكل سهولة ‪" : -‬ل تثريب عليكم اليوم‪ ،‬يغفر الله لكم"‪.‬‬
‫ض منها‬ ‫هذه هي حروب النبياء‪ ،‬وهذه هي أخلق حروبهم!!! إن الغر َ‬
‫ترقيق القلوب لقبول دعوة الحق‪ ،‬ل تمزيقُ القلوب للستعباد‬
‫والنتقام والستحواذ على مزيد من الشهوات والملذ ّات‪.‬‬
‫ه‬
‫خيَّر الل ُ‬ ‫ل ول شك‪ ،‬ولذلك فقد َ‬ ‫ة بالمثل عَد ْ ٌ‬ ‫هذا مع أن المعاقب َ‬
‫تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم بين المعاقبة والعفو‪ ،‬في قوله‬
‫م لَهُ َ‬
‫و‬ ‫صبَْرت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م بِهِ وَلَئ ِ ْ‬ ‫ما ع ُوقِبْت ُ ْ‬‫ل َ‬‫مث ْ ِ‬‫م فَعَاقِبُوا ب ِ ِ‬‫ن ع َاقَبْت ُ ْ‬‫تعالى { وَإ ِ ْ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫ن} [النحل‪ .]126:‬فاختار النب ُّ‬ ‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬ ‫خيٌْر لِل َّ‬ ‫َ‬
‫خلُقُ خاتم النبياء‪ ،‬الذي ما‬ ‫الصبر قائلً‪" :‬نصبر ول نعاقب"‪ .‬إنه ُ‬
‫عرف النتقام لنفسه يوما ً من اليام‪ ،‬إنما يغضب وينتقم إذا انتُهكت‬
‫مه لله وحده‪.‬‬ ‫م الله‪ ،‬فغضبُه وانتقا ُ‬ ‫محارِ ُ‬
‫ل يعمله النبي صلى الله عليه وسلم عند دخوله مكّة‪،‬‬ ‫وكان أوّل عم ٍ‬
‫جلِهِ بُعِث‪ ،‬ومن‬ ‫َ‬
‫وعند دخوله المسجد الحرام‪ ،‬هو العمل الذي من أ ْ‬
‫جله قُوتل‪ ،‬ومن أجله قاتل‪ ،‬ومن أجله فتح مكّة‪ :‬إنه إقامة دين الله‬ ‫َ‬
‫أ ْ‬
‫تعالى بتوحيده‪ ،‬والقضاء على الشرك ورموزه‪ .‬ولذلك فقد دخل‬
‫المسجد الحرام ليُسقط الوثان التي كانت تُعبد من دون الله تعالى‪،‬‬
‫حقُّ وََزهَقَ‬ ‫جاءَ ال ْ َ‬‫ل َ‬ ‫ويَدْفعُها بقوسه‪ ،‬وهو يقرأ قول الله تعالى { وَقُ ْ‬
‫ن َزهُوقاً} [السراء‪.]81:‬‬ ‫ل كَا َ‬ ‫ن الْبَاط ِ َ‬ ‫ل إ ِ َّ‬‫الْبَاط ِ ُ‬
‫لقد طُهِّر المسجد الحرام من كل أدناس الجاهليَة وأُزيح عنه ظل ُ‬
‫م‬
‫جهِ الرض‪ ،‬ورمزا ً لوحدة‬ ‫شرك؛ ليكون قِبلة التوحيد على وَ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫المسلمين جميعهم في أي بُقْعةٍ منها‪.‬‬
‫وبعد فَتْح مكّة بخمسة عشر يوما ً فقط‪ ،‬خرج النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم بجيشه الذي أصبح قوامه اثني عشر ألفاً‪ ،‬للقاء إحدى أكبر‬
‫َ‬
‫القبائل بجوار مكّة‪ ،‬وهي قبيلة هوازن‪ ،‬التي أحبّت أن تتول ّى زعامة‬
‫الباطل‪ ،‬بعد أن انتهت زعامة قريش له‪ ،‬فأخذت في الستعداد‬
‫لقتال المسلمين‪.‬‬

‫‪658‬‬
‫م‬‫ولذلك‪ ،‬فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم للقاء هوازن‪ ،‬وليت ّ‬
‫حنَين (التي تبعد عن مكّة نحو عشرين كيلً‬ ‫هذا اللقاء في منطقة ُ‬
‫فقط)‪ ،‬وذلك في العاشر من شوال من سنة ثمان‪ ،‬الموافق فبراير‬
‫من سنة ‪630‬م‪.‬‬
‫جبون بكثرتهم‪،‬‬ ‫معْ َ‬ ‫والمسلمون ُ‬ ‫ن (وَلوّل مرة)‬ ‫م اللقاء‪ ،‬لك ْ‬ ‫لقد ت ّ‬
‫َ‬
‫فكان تأديب الله تعالى لهم سريعاً‪ ،‬حيث وَل ّوْا مدبرين‪ ،‬إل النب َّ‬
‫ي‬
‫صلى الله عليه وسلم ونفرا ً قليل ً حوله‪ .‬ثم فاء المؤمنون إلى‬
‫إيمانهم‪ ،‬وإلى عدم العتماد إل على نصر الله وتأييده‪ .‬فنزل النصر‬
‫من الله تعالى للمسلمين‪ ،‬وأنزل الهزيمة على الكافرين‪.‬‬
‫َ‬
‫ن إِذْ‬ ‫حنَي ْ ٍ‬ ‫م ُ‬‫ن كَثِيَرةٍ َويَوْ َ‬ ‫موَاط ِ َ‬ ‫ه فِي َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫صَرك ُ ُ‬ ‫كما قال تعالى { لَقَد ْ ن َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ض بِ َ‬ ‫م اْلْر ُ‬ ‫ت ع َلَيْك ُ ُ‬ ‫ضاقَ ْ‬ ‫شيْئا ً وَ َ‬ ‫م َ‬
‫ُ َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ع َنْك ُ‬ ‫ِ‬ ‫م تُغْ‬ ‫ْ‬ ‫م فَل َ‬ ‫ْ‬ ‫م كَثَْرتُك ُ‬
‫ُ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫جبَتْك ُ‬‫أع ْ َ‬
‫سولِهِ وَع َلَى‬ ‫ه ع َلَى َر ُ‬ ‫سك َِينَت َ ُ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫م أنَْز‬ ‫نث ّ‬ ‫مدْبِرِي َ‬ ‫م ُ‬ ‫م وَل ّيْت ُ ْ‬ ‫تث ّ‬ ‫حب َ ْ‬‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جَزاءُ‬ ‫ك َ‬ ‫ن كَفَُروا وَذَل ِ َ‬
‫َ‬ ‫ب ال ّذِي َ‬ ‫م تََروْهَا وَعَذ ّ َ‬ ‫ودا ً ل َ ْ‬
‫َ‬
‫جن ُ‬‫ل ُ‬ ‫ن وَأنَْز َ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ال ْ ُ‬
‫م‬
‫حي ٌ‬ ‫ه غَفُوٌر َر ِ‬ ‫شاءُ وَالل ّ ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ع َلَى َ‬ ‫ن بَعْد ِ ذَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫م يَتُو ُ‬ ‫ن ث ُ َّ‬ ‫الْكَافِرِي َ‬
‫[التوبة‪.]27-25:‬‬
‫ض من‬ ‫ة في البوادي‪ ،‬وفَّر قائدهم وبع ُ‬ ‫لقد فّرت قبيلة هوازن متفّرق ً‬
‫حنين‬ ‫كان معه إلى قبيلة ثقيف في مدينة الطائف‪ ،‬التي تبعد عن ُ‬
‫نحو (‪ 100‬كيل)‪ .‬فتعقّبه النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ليحاصر ثقيفاً‬
‫في حصنها بالطائف‪ ،‬نحوا ً من خمسة عشر يوماً‪ .‬ليعود ولم يفتحها‪،‬‬
‫َ‬
‫لكن ليُظهر قوّة المسلمين‪ ،‬لكي ل يطمع الكفاُر في أن يَتَوَل ّوْا‬
‫ة للباطل أمام المسلمين بعد ذلك‪.‬‬ ‫زعام ً‬
‫وعاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى مشارف مكّة‪ ،‬ليجد هوازن قد‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عليهم ما‬ ‫جاءت تعلن إسلمها؛ فأعاد َ النب ُّ‬
‫سباه منهم من النساء والذُّريّة‪ .‬وأعلن فيهم أنه سيُعيد إلى قائدهم‬
‫سلِماً‪ ،‬ففعل القائد ذلك‪ ،‬فأكرمه النبي صلى الله‬ ‫م ْ‬ ‫سبْيَه إذا جاءه ُ‬ ‫َ‬
‫سبْيَه‪.‬‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬وأعاد عليه َ‬
‫ة السلم في مقاطعة الحجاز من شبه جزيرة‬ ‫ت دول ُ‬ ‫وبذلك توطَد ْ‬
‫ه النبي صلى الله عليه وسلم‪ -‬بعد ذلك ‪ -‬إلى المدينة‪،‬‬ ‫ج َ‬‫العرب‪ ،‬ليتو َّ‬
‫لكن بعد أدائه العمرة من (جعرانة) التي أعاد عندها سبي هوازن‬
‫إليهم‪.‬‬
‫ووصل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في ‪ 24‬من ذي القعدة‬
‫سنة ثمان‪ ،‬الموافق مارس من سنة ‪630‬م‪.‬‬

‫‪659‬‬
‫ويفتتح المسلمون عام تسعة من الهجرة في ‪ 20‬إبريل من سنة‬
‫مي بعام الوفود؛ لقدوم وُفُود العرب من أقطار شبه‬ ‫س ِّ‬‫‪630‬م‪ ،‬الذي ُ‬
‫معْلِنين دخولَهم في دين‬ ‫سلِمين طائعين لله تعالى‪ُ ،‬‬ ‫م ْ‬ ‫جزيرة العرب ُ‬
‫الله سبحانه‪.‬‬
‫وفي منتصف هذا العام كانت غزوة تبوك‪ ،‬أي في رجب من سنة‬
‫تسع‪ ،‬أي الموافق أكتوبر من سنة ‪630‬م‪ .‬وتبوك مدينة تبعد نحو (‬
‫‪ 700‬كيل) شمال المدينة‪ ،‬على مشارف بلد الشام‪.‬‬
‫حيث خرج النبي صلى الله عليه وسلم في أكبر جيش نبويّ‪ ،‬بلغ‬
‫عدد الجيش نحوا ً من ثلثين ألفاً‪ .‬فبلغ تبوكاً‪ ،‬ومكث بها عشرين‬
‫ة للمسلمين توجهّت إلى دومة‬ ‫يوماً‪ ،‬ولم يَلْقَ قتالً‪ .‬إل أن سري ّ ً‬
‫الجندل‪ ،‬لتأسر أميرها‪ ،‬الذي صالح المسلمين على دَفْع الجزية‪ ،‬كما‬
‫صولح ملك أيلة (العقبة) على الجزية أيضاً‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ل يدفعه الكفار‬ ‫وهذا أوّل تشريع للجزية في السلم‪ ،‬والجزية هي ما ٌ‬
‫إذا لم يدخلوا في السلم‪ ،‬يُقدِّره الحاكم المسلم عليهم‪ ،‬بغير ظلم‬
‫حكْم السلم‪ .‬وهي تجب في السنة‬ ‫ول إضرار‪ ،‬إعلنا ً لدخولهم تحت ُ‬
‫مّرة‪ ،‬ول تؤخذ من الطفال ول النساء‪ ،‬ول الفقراء‪ ،‬ول تؤخذ من‬ ‫َ‬
‫مي ول‬ ‫كبار السن‪ ،‬ول المرضى الذين ل يُرجى شفاؤهم‪ ،‬ول العُ ْ‬
‫العاجزون ولو كانوا أغنياء‪ ،‬ول تؤخذ من الرهبان المنقطعين للعبادة‪،‬‬
‫ول تؤخذ من الفلحين الذين ل يُقاتلون‪ .‬وهي (أي الجزية) العَْرض‬
‫ض على غير المسلمين في حكم الله تعالى‪،‬‬ ‫الثاني الذي يُعَْر ُ‬
‫فالول‪ :‬هو الدخول في دين الله تعالى‪ ،‬والثاني‪ :‬دفع الجزية إقراراً‬
‫ة للباطل في أرض الله‬ ‫بالرضوخ لحكم الله تعالى‪ ،‬وأنه ل دول َ‬
‫ن بقي على دينه الباطل‪ ،‬فيُقَُّر عليه‪ ،‬لكن بغير دولة‬ ‫م ْ‬ ‫تعالى‪ ،‬مع َ‬
‫ُ‬
‫صغار الذي يستحقّه من أصًّر على الباطل)‪ ،‬والثالث‪:‬‬ ‫(وهذا هو ال َّ‬
‫ما من لم يرفع السلح ول أعان عليه‬ ‫ص بمن قاتل‪ ،‬أ ّ‬ ‫القتال‪ ،‬وهو خا ٌّ‬
‫صمت دماءُ شعوب الدول المفتوحة مع عدم‬ ‫فل يُقاتل‪ ،‬ولذلك ع ُ ِ‬
‫دخولهم في السلم‪ .‬فالجزية في حقيقتها رمُز لقيام دين الله‬
‫ودولته‪ ،‬ولسقوط الديان الباطلة ودولتها‪.‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم عاد إلى المدينة‪ ،‬ليكمل تبليغ‬ ‫ثم إن النب ّ‬
‫دعوته إلى دين الله تعالى‪ ،‬وليعلّم الناس ويزكيهم‪ .‬وتساَرع الناس‬
‫م السلم‪ ،‬حتى شمل جزيرة‬ ‫إلى الدخول في السلم‪ ،‬وتعاظ َ‬
‫العرب‪.‬‬

‫‪660‬‬
‫وفي عام عشرة من الهجرة‪ ،‬الموافق ‪632‬م‪ ،‬خرج النبي صلى الله‬
‫ن‬
‫جة الوداع؛ ل ّ‬ ‫ماة بح ّ‬ ‫عليه وسلم لداء فريضة الحج‪ ،‬وهي المس ّ‬
‫ة جليلة‪،‬‬ ‫خطب ً‬ ‫خطَب المسلمين فيها ُ‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم َ‬
‫منت خطبته هذه الوصيّة بأمور‬ ‫أشار فيها إلى دنوّ أجله‪ ،‬وقد تض ّ‬
‫ث فيها على‬ ‫عظيمة‪ ،‬منها بيان حرمة الدماء والعراض والموال‪ ،‬وح ّ‬
‫ة غير‬ ‫الحسان إلى النساء والزوجات وإعطائهن حقوقهن كامل ً‬
‫سن‬ ‫ح ْ‬ ‫منقوصة‪ ،‬وأن يُعاملن مع ما يليق بطبيعتهن من الرقّة و ُ‬
‫العشرة‪.‬‬
‫وفي يوم عرفة من هذه الحجة نزل قول الله تعالى { الْيو َ‬
‫ت‬‫مل ْ ُ‬‫م أك ْ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ّ‬
‫م دِيناً}‬ ‫َ‬
‫سل َ‬ ‫م اْل ِ ْ‬‫ت لَك ُ ُ‬ ‫ضي ُ‬
‫متِي وََر ِ‬ ‫م نِعْ َ‬‫ت ع َلَيْك ُ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬‫م وَأت ْ َ‬ ‫م دِينَك ُ ْ‬‫لَك ُ ْ‬
‫[المائدة‪.]3:‬‬
‫جه بثلثة أشهر‪،‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ما رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة‪ ،‬وبعد َ‬ ‫ول ّ‬
‫ض وفاته صلى الله عليه وسلم‪ .‬وذلك في ‪ 27‬صفر من عام (‬ ‫بدأ مر ُ‬
‫ضه عشرة أيام‪.‬‬ ‫‪11‬هـ)‪ ،‬الموافق لمايو من سنة (‪632‬م)‪ ،‬ودام مر ُ‬
‫فكان من آخر ما أوصى به صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته ‪:‬‬
‫ث على إقامة الصلة‪ ،‬وعلى الحسان إلى الرقيق والرفق بهم‪.‬‬ ‫الح ّ‬
‫ثم إنه صلى الله عليه وسلم توفي في يوم الثنين‪ ،‬الثاني عشر من‬
‫ربيع الول‪ ،‬من سنة إحدى عشرة‪ ،‬الموافق ‪ 9‬يونيو سنة ‪632‬م ‪،‬‬
‫ودُفن صلى الله عليه وسلم ببيته الذي بجوار مسجد مدينته طَيْبة‬
‫الطيّبة‪.‬‬
‫ة‬‫وبذلك يكون صلى الله عليه وسلم قد عاش ثلثا ً وستين سنة‪ ،‬ثلث ٌ‬
‫وعشرون عاما ً منها هي سنوات بعثتِه وتبليِغ دعوته إلى دين الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫ة والعشرون هذه منهجا ً للبشرية ل‬ ‫ولقد كانت سنوات بعثته الثلث ُ‬
‫مثيل له‪ ،‬في كل شؤون حياته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫جو الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ن يَْر ُ‬ ‫ن كَا َ‬ ‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬ ‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫ل الل ّهِ أ ْ‬
‫سوَة ٌ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫م فِي َر ُ‬ ‫ن لَك ُ ْ‬‫{ لَقَد ْ كَا َ‬
‫َ‬
‫ه كَثِيراً} [الحزاب‪.]21:‬‬ ‫خَر وَذ َكََر الل ّ َ‬ ‫م اْل ِ‬ ‫وَالْيَوْ َ‬
‫فهو صلى الله عليه وسلم‪ :‬سيد ولد آدم‪ ،‬وإمام النبياء‪ ،‬وخاتم‬
‫الرسل‪ .‬أُرسل إلى الثقلين من الجن والنس كافّة‪ ،‬يدعوهم إلى‬
‫توحيد الله تعالى‪ ،‬وأن ل يعبدوا إل الله تعالى‪ ،‬وأن ل يدّعوا لله‬
‫ح‬
‫صل ِ ُ‬
‫البناء والشركاء والشفعاء‪ ،‬وأن يُقيموا دين الله ونظامه الذي ي ُ ْ‬
‫أموَر الدنيا كلّها وأمور الخرة كلّها؛ لن السلم يَجعل من حياة‬

‫‪661‬‬
‫ل‬‫حك ّم فيها دين الله‪ ،‬الذي شملت أحكامه ك َّ‬ ‫المسلم كلّها عبادة‪ ،‬إذا ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ماتِي لِل ّهِ‬ ‫م َ‬ ‫حيَايَ َو َ‬ ‫م ْ‬ ‫سكِي وَ َ‬ ‫صلتِي وَن ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ل إ ِ َّ‬ ‫الحياة‪ ،‬كما قال تعالى { قُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن [النعام‪:‬‬ ‫مي َ‬‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ت وَأنَا أوَّ ُ‬ ‫مْر ُ‬ ‫كأ ِ‬ ‫ه وَبِذَل ِ َ‬ ‫ك لَ ُ‬
‫شرِي َ‬ ‫نل َ‬ ‫مي َ‬ ‫ب الْعَال َ ِ‬ ‫َر ِّ‬
‫‪.]163-162‬‬
‫^‬
‫نبوته صلى الله عليه وسلم‬ ‫من دلئل ّ‬
‫وأيد الله تعالى خاتم الرسل محمدا ً صلى الله عليه وسلم ‪ -‬كما أيَّدَ‬
‫س‬
‫نبوته‪ ،‬ومنها خوارقُ رآها النا ُ‬ ‫النبياء من قبله ‪ -‬باليات الدالّة على ّ‬
‫في زمنه‪.‬‬
‫صه الله تعالى بخلود معجزته الكبرى‪ ،‬وهو القرآن الكريم؛ لنه‬ ‫وخ ّ‬
‫جته على العالمين إلى قيام الساعة‪ ،‬إذ‬ ‫سبحانه أراد له أن يكون ح ّ‬
‫ب خاتم الرسل وآخر الديان‪.‬‬ ‫هو كتا ُ‬
‫إن القرآن الكريم هو كلم الخالق سبحانه‪ ،‬تعهّد الله تعالى بحفظه‬
‫ْ‬
‫ن} [الحجر‪ { .]9 :‬ل يَأتِيهِ‬ ‫حافِظُو َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن نََّزلْنَا الذِّكَْر وَإِنَّا ل َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫{ إِنَّا ن َ ْ‬
‫صلت‪:‬‬ ‫ميدٍ} [فُ ّ‬ ‫ح ِ‬‫حكِيم ٍ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫خلْفِهِ تَنْزِي ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يَدَيْهِ وَل ِ‬ ‫ن بَي ْ ِ‬ ‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫الْبَاط ِ ُ‬
‫‪ .]42‬وتحدَّى الله به العرب أن يأتوا بمثله‪ ،‬بل تحدّى به الثقلين‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن يَأتُوا‬ ‫ن ع َلَى أ ْ‬ ‫ج ُّ‬ ‫س وَال ْ ِ‬ ‫ت اْلِن ْ ُ‬ ‫معَ ِ‬ ‫جت َ َ‬‫نا ْ‬ ‫ل لئ ِ ِ‬
‫جميعاً‪ ،‬فقال تعالى { قُ ْ َ‬
‫ض ظَهِيراً}‬ ‫ْ‬
‫م لِبَعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ن بَعْ ُ‬ ‫مثْلِهِ وَلَوْ كَا َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ن ل يَأتُو َ‬ ‫ل هَذ َا الْقُْرآ ِ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫[السراء‪ ،]88:‬بل لقد تحدى الله تعالى أن يؤتى بسورة واحدة من‬
‫ما نََّزلْنَا ع َلَى ع َبْدِنَا‬ ‫م َّ‬‫ب ِ‬ ‫م فِي َري ْ ٍ‬ ‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫مثله‪ ،‬كما قال تعالى‪ { :‬وَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ إ ِ ْ‬ ‫ن دُو َِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫شهَدَاءَك ُ ْ‬ ‫مثْلِهِ وَادْع ُوا ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫سوَرةٍ ِّ‬ ‫فَأتُوا ب ِ ُ‬
‫س‬‫ن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّاَر ال ّتِي وَقُودُهَا النَّا ُ‬ ‫م تَفْعَلُوا وَل َ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫صادِقِي َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ن} [البقرة‪ .]24-23:‬فهو معجزة السلم‬ ‫ت لِلكَافِرِي َ‬ ‫عد ّ ْ‬ ‫جاَرة ُ أ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وَال ِ‬
‫نبوة محمد‬ ‫الباقية إلى اليوم‪ ،‬وإلى قيام الساعة‪ ،‬الدالّة على صدق ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم وعلى أنه خاتم الرسل لخر الديان‪.‬‬
‫ق نُبوّةِ محمد صلى الله عليه وسلم‬ ‫صد ْ ِ‬ ‫وللقرآن في دللته على ِ‬
‫ة نَظْمه‪ ،‬وعظم ُ‬
‫ة‬ ‫ه متعدّدة‪ ،‬منها‪ :‬بلغته‪ ،‬وجلل ُ‬ ‫وفي إعجازه أوج ٌ‬
‫ضعُ النفوس‪ ،‬وتُحيّر‬ ‫خ ِ‬ ‫ة خطابه‪ ،‬التي تأسر القلوب‪ ،‬وت ُ ْ‬ ‫أسلوبه‪ ،‬وروع ُ‬
‫جد ُ الجباه َ لله رب العالمين‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫العقول‪ ،‬وتسلب السماع‪ ،‬وت ُ ْ‬
‫دّىَ به العرب‪ ،‬وهم أفصح الناس لساناً‪ ،‬وأبلغهم بياناً‪ ،‬فعجزوا‬ ‫لقد تُح ِ‬
‫ن جاء بعدهم‪ ،‬وعجز‬ ‫م ْ‬ ‫أن يأتوا بسورة واحدةٍ من مثله‪ ،‬وعجز َ‬

‫‪662‬‬
‫الناس كلهم إلى هذا اليوم‪ ،‬بل لقد عجز الثقلن‪ ،‬وسيعجزون (ولو‬
‫أعان بعضهم بعضاً)‪ ،‬إلى قيام الساعة!!!‬
‫وها نحن اليوم (وبعد اليوم) نُنادي في البشرية‪ ،‬بل في الثقلين‪،‬‬
‫جه الرض بأن‬ ‫ن على وَ ْ‬
‫م ْ‬‫مبَل ِّغين لهم تحدي إلههم وخالقهم لكل َ‬ ‫ُ‬
‫يأتوا بمثل هذا القرآن‪.‬‬
‫إن هذا التحدِّي الصارخ‪ ،‬والذي له أكثر من ألف وأربع مئة سنة‪ ،‬وما‬
‫ما هو‬ ‫زال باقياً=دللتُه ونتيجتُه قاطع ٌ‬
‫ة‪ ،‬يلزم العاجز معه التراجع ع ّ‬
‫م‬
‫دّي‪ ،‬وهو أن القرآن الكريم كل ُ‬‫عليه‪ ،‬وأن يعترف بدللة ذلك التح ِ‬
‫سله محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫ل على خاتم ِ ُر ُ‬ ‫ق المنَّز ُ‬
‫الخال ِ‬

‫ض عن هذا التحدِّي‪ ،‬أو التظاهر بالعراض عنه‪ ،‬أو ادّعاؤه‪،‬‬ ‫ما العرا ُ‬ ‫أ ّ‬
‫من ل يؤمن بالقرآن الكريم وبدللته على صدق نبوّة محمد صلى‬ ‫م ّ‬
‫ي شيئاً‪ ،‬وهو في حقيقته اعترا ٌ‬
‫ف‬ ‫جد ِ‬‫الله عليه وسلم=فإنه ل ي ُ ْ‬
‫ف هذا المتظاهر بالعراض أنه‬ ‫بالعجز أمام هذا التحدِّي‪ ،‬وَلْيَعْرِ ْ‬
‫بتصّرفه هذا قد انهَزم أمام الناس وأمام نفسه‪ ،‬وأنه قد أصَّر‬
‫واستكبر على باطل‪ ،‬سيخسر معه دنياه وآخرته‪ ،‬حيث إن جميع‬
‫العقلء يعلمون أنه لو كان بإمكان أعداء السلم قديما ً وحديثا ً أن‬
‫يكسبوا هذا الّرهان‪ ،‬وأن يقوموا بهذا التحدّي‪ ،‬لَبَادُُروا إليه من حين‬
‫حْربهم للسلم‪:‬‬ ‫ما بذلوه ويبذلونه إلى اليوم في َ‬ ‫إعلنه‪ ،‬لنه أسهل م ّ‬
‫ج‪ ،‬ودَفْعِهم للحبّة من الباء والولد‬ ‫مه َ‬
‫من مخاطرتهم بالرواح وال ُ‬
‫والزواج إلى ساحات المعارك‪ ،‬ومن إنفاقهم للموال الكثيرة‪،‬‬
‫صْرفِهم الوقات والطاقات=وكل ذلك في حرب السلم‪ ،‬وكم قد‬ ‫و َ‬
‫خسروا من ذلك‪ ،‬وكم سيخسرون‪ .‬أوَ لم يكن أسهل عليهم أن‬
‫ت في‬ ‫يتعاونوا جميعا ً (وما أكثر أعداء السلم) على أن يقضوا سنوا ٍ‬
‫ن الكريم‪ ،‬لينتهي كل شيء؟!! فما بالهم‬ ‫ب يُضاهي القرآ َ‬ ‫إعداد ِ كتا ٍ‬
‫لم يفعلوا ذلك‪ ،‬وقد مضى على إنزال القرآن أكثر من أربعة عشر‬
‫قرناً؟!!! هذا هو العجز بعينه‪ ،‬وهذا هو العجاز الكبر‪ ،‬وهذه هي‬
‫جة الكبرى على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫ح ّ‬‫ال ُ‬
‫منا أمام رب ِّنا‬‫م ُ‬‫ونحن إذ نعلن هذا التحدِّي ونكّرُِر إعلنَه‪ ،‬لقد برئت ذ ِ َ‬
‫ب من بلغه أن يسعى لسماع القرآن كله‪ ،‬من‬ ‫بهذا البلغ‪ .‬إذ واج ُ‬
‫أوّله إلى آخره‪ ،‬وأن ل يرضى بأن يسمعه من الكافرين به‪ ،‬الذين‬
‫ب به‬ ‫هم بكفرهم به أعداءٌ له ول شك‪ ،‬مهما تظاهر لك هذا المكذِّ ُ‬

‫‪663‬‬
‫ك في‬ ‫كّ ُ‬
‫ن فيه؛ لن عداوته له تُش ِ‬ ‫ن الظ ِ ّ‬ ‫س َ‬
‫ح َ‬‫ت َ‬ ‫بالنصاف‪ ،‬ومهما كن َ‬
‫إنصافه (على أقل تقدير)‪.‬‬
‫ح لك أن ترضى من نفسك أن تحكم على شيء‪،‬‬ ‫كما أنه ل يص ّ‬
‫محدِّدة ً لمصيرك البدي‪ ،‬ثم ل تستكمل‬ ‫مك عليه ُ‬ ‫حك ْ ِ‬
‫ة ُ‬‫ستكون عاقب ُ‬
‫حكمك صائباً‪ ،‬ومن ذلك أن تتدبّره من‬ ‫جميع مامن شأنه أن يجعل ُ‬
‫أوّله إلى آخره بعلم ٍ وإنصاف‪.‬‬
‫ومن وجوه إعجازه‪ :‬إعجازه ُ التشريعي‪ ،‬الذي أذعن به كل من عرفه‬
‫حقّ معرفته‪ ،‬وأنصف‪ .‬فشموله لجميع مناحي الحياة‪ :‬للفرد‪،‬‬
‫والسرة‪ ،‬والمجتمع‪ ،‬والدولة‪ ،‬وشموله للعبادات‪ ،‬والمعاملت‪ ،‬سواء‬
‫أكانت اقتصاديّة‪ ،‬أو أحوال ً شخصيّة‪ ،‬أو سياسيّة‪ ،‬أو عسكرية‪ ،‬أو‬
‫مه لذلك جميعه أبدع تنظيم وأحسنه‪ ،‬بكل‬ ‫قضائيّة‪ ،‬أو آداباً‪ ،‬وتنظي ُ‬
‫حكْمة‪ ،‬ومعالجته للخطاء البشريّة في ذلك كُلّه على أت ّ‬
‫م‬ ‫دقّة و ِ‬
‫جهٍ=هذا أمٌر معجز‪ ،‬بل هو المر المعجز حقّاً!!‪ .‬ويبلغ العجاز‬ ‫وَ ْ‬
‫غايته بثبات تلك الحكام والتنظيمات الدقيقة‪ ،‬وأنها ل تحتاج إلى‬
‫مُر البشريّة إل‬ ‫تبديل أو تغيير في كل زمان ومكان‪ ،‬وأنه ل يصل ُ َ‬
‫حأ ْ‬‫َ ْ ُ‬
‫بها قديما ً وحديثا ً في أي بقعة من بقاع الرض‪ ،‬وعلى اختلف‬
‫العصار والقطار والعادات والتقاليد والحضارات‪ .‬إن مثل هذا‬
‫الثبات وذاك الشمول لمعجزة ٌ ل يملك معها من كان عنده قَدٌْر من‬
‫م الله!!!‬ ‫ن القرآن الكريم كل َ‬ ‫النصاف إل بأن يعترف بكو ِ‬
‫ومن وجوه إعجازه‪ :‬إخباره بمغيّبات لم تكن قد وقعت‪ ،‬ثم وقعت‬
‫كما في خبره‪ ،‬وبعضها ما زلنا ننتظر وقوعه مما أخبر أنه سيقع في‬
‫آخر الزمان‪ .‬فقد أخبر بأن الروم سينتصرون عقب هزيمتهم أمام‬
‫الفرس‪ ،‬وكانت هزيمتهم قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم‬
‫صرهم إل ّ في عام الحديبية وهو العام السادس من‬ ‫لم يتحقق ن َ ْ‬
‫ُ‬
‫الهجرة‪ .‬وأخبر بمصير أناس وأنهم من أهل النار‪ ،‬كأبي لهب وزوجه‬
‫وغيرهما‪ ،‬وكانوا أحياءً عند نزول القرآن بذلك‪ ،‬وعاشوا بعد ذلك‬
‫زمانا ً وقد علموا بخبر القرآن عنهم‪ ،‬فما دخلوا في السلم‪ ،‬ول‬
‫ادّعوا ذلك في الظاهر للتشكيك في خبره!!!‬
‫ومن وجوه إعجازه‪ :‬إعجازه العلمي‪ ،‬وهو أنه قد ورد في القرآن‬
‫الكريم ذِكُْر كثيرٍ من الحقائق الكونيّة المختلفة الفنون‪ :‬في علم‬
‫الطّب والنبات والحيوان والفلك وغيرها من المعارف النسانية‪.‬‬
‫خراً‪ ،‬عن‬ ‫وهي حقائق كثيرةٌ‪ ،‬وكثيٌر منها دقيق جداً‪ ،‬لم يُكتشف إل مؤ ّ‬
‫طريق الجهزة الحديثة‪ ،‬ومن خلل التِّقْنِيّة المتطوِّرة‪ ،‬ولول ذلك ما‬

‫‪664‬‬
‫صصون المعاصرون‪ .‬ومع ذلك فقد سبق القرآن‬ ‫عرفها العلماءُ المتخ ّ‬
‫إلى ذكرها‪ ،‬قبل أربعة عشر قرناً‪ ،‬يوم أن كانت هذه المعارف‬
‫ة تماما ً لدى النسانيّة جمعاء!!!‬ ‫مجهول ً‬
‫ي المعجُز كثيرا ً من‬ ‫ة وهذا السبقُ العلم ُّ‬ ‫لقد أدهشت هذه الحقيق ُ‬
‫صل‬ ‫من اطّلعَ عليه‪ ،‬بعد اعتقاده أن ما تو َّ‬ ‫علماء الغرب والشرق‪ ،‬م ّ‬
‫م الحديث لم يكن معلوما ً للبشريّة من قبل‪ .‬فآمن بع ُ‬
‫ض‬ ‫إليه العل ُ‬
‫هؤلء العلماء المتخصصين ودخلوا في السلم‪ ،‬وأعلن آخرون‬
‫م حيرتهم تجاه ذلك‪ ،‬وتركوا الجابة عن‬ ‫دَهْشتهم الكبرى وعظي َ‬
‫ح القائل‪ :‬هل يُمكن أل يكون هذا السبقُ إل دليل ً على‬ ‫مل ِ ِ ّ‬‫السؤال ال ُ‬
‫ق نبوّةِ محمد صلى الله عليه وسلم ؟!!!‬ ‫صد ْ ِ‬
‫ِ‬
‫م إليه‬ ‫قه العلمي‪ ،‬بل يض ُّ‬ ‫سب ْ ِ‬
‫ول يقتصُر إعجاُز القرآن العلمي على َ‬
‫أيضاً‪ :‬أنه على كثرة حديث القرآن الكريم عن أمورٍ كونيّة‪ ،‬وفي‬
‫ما لم يكن معروفا ً لدى أحد ٍ في زمن نزوله‪ ،‬أو كان‬ ‫شتّى العلوم‪ ،‬م ّ‬
‫ً‬
‫ة من علماء الحضارات القديمة‪ ،‬أو معروفا لكثر الناس‪..‬‬ ‫معروفا ً لقل ٍ‬
‫مي (ليقرأ ول يكتب) وهو محمد صلى الله‬ ‫كل ذلك يخبر به رج ٌ ُ‬
‫ل أ ِّ‬ ‫ُ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬الذي هو أيضا ً من أمةٍ (هم العرب) كانوا أبعد َ الناس‬
‫مل‬ ‫عن الحضارة والعلم القديم الذي كان قبل أربعة عشر قرناً=ث ّ‬
‫ف‬
‫يُوجد في جميع ما تعّرض له من أمور الكون جميعه ما يُخال ُ‬
‫الحقائق العلمية اليقينية الثبوت في العصر الحديث!!! هل تحقّق‬
‫ب من كُتُب أكبر علماء ذلك العصر من علماء‬ ‫ل ذلك في كتا ٍ‬ ‫مث ُ‬
‫ل ماأخبر به في شتى العلوم‬ ‫الحضارات الشهيرة حينها‪ :‬أن يكون ك ُّ‬
‫ُ‬
‫مي‬ ‫صوابا ً موافقا ً لحقائق العلم الحديث؟ فكيف تحقّق ذلك لل ّ‬
‫العربي محمد بن عبد الله؟!!! هل كان ذلك إل لنه رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم؟!!! أم وقع ذلك كله مصادفة‪ ،‬مع كثرة تلك‬
‫الحقائق وتنوّعها؟!!!‬
‫ن بين أيديكم‪،‬‬ ‫حدٍّ جديدٍ للبشريّة ‪ :‬هذا القرآ ُ‬ ‫وهنا‪ ..‬نعود إلى إعلن ت َ َ‬
‫ض للكثير جدا ً من حقائق الكون‪ ،‬أخرجوا لنا منه شيئا (م ّ‬
‫ما‬ ‫ً‬ ‫وقد تعّر َ‬
‫ن هنا‬ ‫ك في ثبوتها‪ .‬إنّنا لَنُعْل ِ ُ‬ ‫ة لش ّ‬ ‫ة علمي ّ ً‬ ‫ف حقيق ً‬ ‫ل) يُخال ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫دَقّ أو َ‬
‫م‬
‫ن الكريم كل ُ‬ ‫أيضاً‪ :‬أنهم لم يستطيعوا‪ ،‬ولن يستطيعوا؛ لن القرآ َ‬
‫الخالق لهذا الكون!!!‬
‫ومن هذه الوجوه لعجاز القرآن الكريم‪ ،‬ننتقل إلى بقيّة دلئل نبوة‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫‪665‬‬
‫جهِ دَللتهِ ما‬ ‫ه في وَ ْ‬ ‫نبوته صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهو يُشب ُ‬ ‫فمن دلئل ّ‬
‫سنَته‬ ‫سبق من القرآن الكريم‪ :‬أخباره صلى الله عليه وسلم في ُ‬
‫سبَقَ فيها العِل ْ َ‬
‫م‬ ‫وأقواله الثابتة‪ :‬بالمغيّبات‪ ،‬وبالحقائق الكونية التي َ‬
‫ث أيضا‪ً.‬‬ ‫َ‬
‫م الحدي ُ‬ ‫ه العل ُ‬ ‫ض ما أثْبَت ُ‬ ‫الحديث‪ ،‬والتي مع كثرتها لم تُناق ْ‬
‫ث به‪،‬‬ ‫نبوته صلى الله عليه وسلم‪ :‬قُوّةُ الدين الذي بُع ِ‬ ‫ومن دلئل ّ‬
‫م التي‬ ‫حفظُه من التغيير والتبديل‪ ،‬أو الزيادة والنقصان‪ ،‬والعلو ُ‬ ‫و ِ‬
‫ة ماأحدق‬ ‫نشأت وتطوّرت لخدمته‪ ،‬ومراحل تلك التطوّرات‪ ،‬ومواجه ُ‬
‫مّرت‬ ‫به من الخطار بكل صرامةٍ وحزمٍ‪ ،‬على مختلف الحوال التي َ‬
‫مة السلم‪ :‬من القوّة إلى الضعف‪ ،‬ومن العّزة إلى سيطرة‬ ‫بأ ّ‬
‫العداء عليها‪.‬‬
‫ومن دلئل نبّوته‪ :‬بشارة ُ النبياء به في كتبهم‪ ،‬وإخبارهم لقوامهم‬
‫بصفته واسمه وصفة أمته ومكان بعثته ونسبه‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬كما قال‬
‫ُ َ‬
‫ل الل ّهِ‬ ‫سو‬ ‫ل إِنِّي َر ُ‬ ‫سرائي َ‬ ‫م يَا بَنِي إ ِ ْ‬ ‫مْري َ َ‬‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ل ِ‬‫تعالى { وَإِذ ْ قَا َ‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ل يَأتِي ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫شرا ً بَِر ُ‬ ‫مب َ ّ ِ‬ ‫ن التَّوَْراةِ وَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَدَيَّ ِ‬ ‫ما بَي ْ َ‬ ‫دّقا ً ل ِ َ‬ ‫ص ِ‬
‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫إِلَيْك ُ ْ‬
‫بعدي اسم َ‬
‫ن}‬ ‫مبِي ٌ‬ ‫حٌر ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ت قَالُوا هَذ َا ِ‬ ‫م بِالْبَي ِّنَا ِ‬ ‫ْ‬ ‫جاءَهُ‬ ‫ما َ‬ ‫مد ُ فَل َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ح‬‫هأ ْ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫َْ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫م َّ‬
‫ي‬ ‫ي اْل ِّ‬ ‫ل النَّب ِ َّ‬ ‫سو َ‬ ‫ن الَّر ُ‬ ‫ن يَتَّبِعُو َ‬ ‫[الصف‪ ،]6:‬وكما قال تعالى {ال ّذِي َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫معُْرو ِ‬ ‫م بِال ْ َ‬ ‫مُرهُ ْ‬ ‫ل يَأ ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫م فِي الت ََّوَْراةِ وَاْلِن ْ ِ‬ ‫عنْدَهُ ْ‬ ‫مكْتُوبا ً ِ‬ ‫ه َ‬ ‫جدُون َ ُ‬ ‫ال ّذِي ي َ ِ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ح ُّ‬
‫ضعُ‬‫ث وَي َ َ‬ ‫خبَائ ِ َ‬ ‫م ع َلَيْهِ ُ‬ ‫حّرِ ُ‬
‫َ‬
‫ت َوي ُ َ‬ ‫م الط ّي ِّبَا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل لَه‬
‫َ‬
‫منْكَرِ َوي ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫م ع َن ال ْ‬
‫ِ‬ ‫وَيَن ْ َهاهُ ْ‬
‫َ‬
‫منُوا بِهِ وَعََّزُروهُ‬ ‫نآ َ‬ ‫م فَال ّذِي َ‬ ‫ت ع َلَيْهِ ْ‬ ‫ل َال ّتِي كَان َ ْ‬ ‫م وَاْلغْل َ‬ ‫صَرهُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ع َنْهُ ْ‬
‫ن}‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه أولئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫صُروه ُ وَات ّبَعُوا الن ّوَر الذِي أنْزِ َ‬ ‫َ‬
‫حو َ‬ ‫مفْل ِ ُ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫وَن َ َ‬
‫[العراف‪.]157:‬‬
‫ومع تحريف كثيرٍ من أحبار اليهود ورهبان النصارى لتلك البشارات‪،‬‬
‫وإخفائهم لبعضها‪ ،‬وتفسيرهم لبعضها الخر بغير تفسيرها الصحيح؛‬
‫جة عليهم‪ ،‬وعلى كل من‬ ‫ح ّ‬‫إل أنه قد بقي ما يكفي منها لقامة ال ُ‬
‫أنصف وبحث في الحقيقة‪.‬‬
‫وسنحيل هنا إلى بعض تلك البشارات في الكتاب الذي هم يؤمنون‬
‫به‪.‬‬
‫فانظروا يا أهل الرض في هذه الحالت ‪ :‬سفر التثنية من التوراة (‬
‫‪ ،)19-18/15( )33/1‬وسفر أشعياء (‪ ،)5-42/1‬وسفر حبقّوق (‪،)3/3‬‬
‫وسفر المزامير (‪ ،)19-72/1‬وإنجيل يوحنا (‪( )15/26( )26 ، 14/16‬‬
‫‪ )15-16/7‬ورسالة يوحنا الول (‪[ .)2/1‬الرقم الول يشير إلى‬
‫الصحاح والذي بعد الخط المائل إلى رقم المقطع]‪.‬‬

‫‪666‬‬
‫سيُْر حوادثها‪،‬‬ ‫خ دعوته‪ ،‬و َ‬ ‫نبوته صلى الله عليه وسلم‪ :‬تاري ُ‬ ‫ومن دلئل ّ‬
‫جهِ أصحابه‬ ‫ح أتباع ملّته من بعده‪ ،‬وتهاوي الدُّول في وَ ْ‬ ‫وفُتو ُ‬
‫الفاتحين‪ ،‬وسرعة انتشار السلم في أمم الرض‪.‬‬
‫نبوته صلى الله عليه وسلم‪ :‬حياتُه وسيرته‪ ،‬وشمائله‬ ‫ومن دلئل ّ‬
‫صيته وسلوكه‪.‬‬ ‫وأخلقه وصفاته‪ ،‬وكل ما يتعلّق بذاته وشخ ّ‬
‫ل الكمال‬ ‫مث ِّ ُ‬‫خلُقيّة ي ُ َ‬ ‫خلْقِية وال ُ‬ ‫فهو صلى الله عليه وسلم في صفاته ال َ‬
‫ة له شبيهاً‪ ،‬مما يقطع‬ ‫البشريّ‪ ،‬الذي لم تعرف ولن تعرف البشري ّ ُ‬
‫بنبوّته‪ ،‬بل أنه إمام النبياء وخاتم المرسلين‪.‬‬
‫فقد كان صلى الله عليه وسلم أجمل الناس‪ ،‬وأحسنهم صورة‪ ،‬أنيقاً‬
‫ب التطيب‪ ،‬ويلبس البياض‪ ،‬ويأمر بالنظافة‬ ‫في ملبسه‪ ،‬يح ّ‬
‫والطهارة‪ ،‬وسئل مرة عن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ً ونعله‬
‫ق رفيع في‬ ‫حسنا ً فقال‪" :‬إن الله جميل يحب الجمال"‪ .‬وكان ذا ذو ٍ‬
‫مأكله ومشربه‪ ،‬بغير شره ول إسراف‪ ،‬بل يقول صلى الله عليه‬
‫ُ‬
‫ي وعاءً شرا ً من بطن‪ ،‬بحسب ابن آدم أكيل ٍ‬
‫ت‬ ‫وسلم‪" :‬ما مل آدم ٌ‬
‫صلْبه‪ ،‬فإن كان ل محالة فثلث لطعامه‪ ،‬وثلث لشرابه‪ ،‬وثل ٌ‬
‫ث‬ ‫من ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫يُ ِ‬
‫لنفسه"‪ .‬وكان لبقا ً في حديثه وتعامله‪ ،‬كثيَر البتسام‪ ،‬ظاهَر البِشر‪،‬‬
‫سه‪ ،‬بل‬ ‫ه ومجل ُ‬ ‫ن والقلوب من حين تلقاه‪ ،‬ل ي ُم َّ‬ ‫تحبُّه العيو ُ‬
‫ل حديث ُ‬ ‫َ‬
‫سه الدنيا بأسرها إذا حظي بالجلوس عنده‪ ،‬مع المهابة‬ ‫ينسى جلي ُ‬
‫والجللة‪ ،‬ل من السطوة والجبروت (كالملوك والسلطين)‪ ،‬بل هي‬
‫ل العبوديّة لله عز وجل والخضوع‬ ‫ة كما ِ‬ ‫ة النبّوة والرسالة‪ ،‬وجلل ُ‬ ‫هيب ُ‬
‫له وحده سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ة‪ ،‬حتى قال تعالى {‬ ‫ومن أعظم صفاته صلى الله عليه وسلم الرحم َ‬
‫َ‬
‫ما‬‫ن } [النبياء‪ ،]107:‬وقال تعالى { فَب ِ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ة لِلْعَال َ ِ‬ ‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫ك إِل َر ْ‬ ‫سلْنَا َ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫َو َ‬
‫ب َلنْفَ ُّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ظ الْقَل ْ ِ‬ ‫ت فَظّا ً غَلِي َ‬ ‫و كُن ْ َ‬ ‫م وَل َ ْ‬ ‫ت لَهُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ لِن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫مةٍ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫َ‬
‫ت‬‫م َ‬‫مرِ فَإِذ َا عََز ْ‬ ‫م فِي اْل ْ‬ ‫شاوِْرهُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ستَغْفِْر لَهُ ْ‬ ‫م وَا ْ‬
‫َ‬ ‫ف عَ َنْهُ ْ‬ ‫ك فَاع ْ ُ‬ ‫حوْل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ن} [آل عمران‪ ،]159 :‬وقال‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فَتَوَك ْ‬
‫متَوَكِلِي َ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬
‫ن الل َ‬ ‫ل ع َلى اللهِ إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ص‬‫حرِي ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ما ع َنِت ُّ ْ‬
‫م ع َزِيٌز ع َلَيْهِ َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن أنْفُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫تعالى { لَقَد ْ َ‬
‫م} [التوبة‪ ،]128:‬وقال – صلى الله‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫ن َرؤ ُو ٌ‬ ‫منِي َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م بِال ْ ُ‬ ‫ع َلَيْك ُ ْ‬
‫مهْداة))‪.‬‬ ‫ة ُ‬ ‫عليه وسلم ‪ (( :-‬إنما أنا رحم ٌ‬
‫ومن رحمته صلى الله عليه وسلم‪ :‬حبه للمساكين‪ ،‬ومحبّتُه‬
‫لمؤاكلتهم ومجالستهم‪ ،‬وع َطْفُه على المرضى في عقولهم وقضاؤه‬
‫لحوائجهم‪ ،‬حتى ربما جاءته المرأة المريضة في عقلها‪ ،‬أو الطفلة‬
‫م جهدا ً كبيرا ً ووقتا ً طويلً‪،‬‬ ‫الصغيرة‪ ،‬تطلب منه الحاجة التي تستلز ُ‬

‫‪667‬‬
‫فل يتركها‪ ،‬بل يسعى معها في تحقيق رغبتها حتى تنقضي‪ ،‬أو ترضى‬
‫بغيرها‪ ،‬ول ينصرف عنها حتى تكون هي التي تنصرف عنه‪.‬‬
‫مه لليتامى‪ ،‬وإيصاؤه الشديدُ‬ ‫ومن رحمته صلى الله عليه وسلم‪ :‬إكرا ُ‬
‫ف عليهم‪ .‬وتودُّده إلى الطفال‪ ،‬فكان‬ ‫بهم‪ ،‬وحثُّه البالغُ بأن يُعْط َ‬
‫ه كيف أنه للطفال حقٌ في‬ ‫يحملهم‪ ،‬ويقّبلُهم‪ ،‬ويمازحهم‪ ،‬ويُعلّم أمت ّ َ‬
‫اللعب واللهو‪.‬‬
‫لقد تجاوزت رحمتُه بني آدم إلى غيرهم من المخلوقات على وجه‬
‫الرض‪ ،‬فكان يأمر بالرفق بالحيوانات‪ ،‬وينهى عن تعذيبها‪ ،‬حتى ما‬
‫حها‪ ،‬وأل نُطيل عذابها قبل أن تموت‪.‬‬ ‫حسن ذ َب ْ ُ‬ ‫يؤكل منها‪ :‬أمر بأن ي ُ ْ‬
‫مله بعمل شاقّ‪ ،‬ول يطعمه‬ ‫ج َ‬ ‫مّرةً‪ :‬أن أحدهم كان يكل ّ ُ‬
‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫وعل َ‬
‫مّرةً‪ :‬أن أمرأة ً دخلت النار‬ ‫الطعام الكافي‪ ،‬فزجره عن ذلك‪ ،‬وذكر َ‬
‫مّرةً‪ :‬أن‬‫بسبب هَِّرة‪ ،‬لنها حبستها‪ ،‬لم تطعمها‪ ،‬حتى ماتت‪ .‬وذكر َ‬
‫امرأة ً بغيّا ً سقت كلبا ً ظامئاً‪ ،‬فغفر الله لها‪ ،‬لرحمتها بالكلب‪ .‬وق َّ‬
‫ص‬
‫ت النمل بما‬ ‫ي من النبياء أن الله تعالى عاتبه لنه أحرق بي َ‬ ‫عن نب ٍ ّ‬
‫ة واحدة ً منهن قرصته‪ .‬حتى لقد سأله‬ ‫فيه من النمل الكثير‪ ،‬لن نمل ً‬
‫أصحابُه يوماً‪ :‬وإن لنا في البهائم أجراً؟! فقال صلى الله عليه وسلم‬
‫ي من‬ ‫((في كل كبد ٍ رطبة أجر))‪ ،‬أي في الحسان إلى كل ح ّ‬
‫المخلوقات أجر‪.‬‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم مع هذه الرحمة أشجع الناس‪ ،‬لكن‬
‫ة الواثق بوعد الله‬ ‫شجاعته ل كشجاعة الجبابرة‪ ،‬بل هي شجاع ُ‬
‫تعالى‪ ،‬القائم ِ بدين الله تعالى‪ ،‬الذي ل يفّرق بين الموت والحياة‪ ،‬بل‬
‫م الموت إذا كان فيه رضى رب ِّه عز وجل‪ .‬ولذلك كان في‬ ‫يقِّد ُ‬
‫ت‬‫ب الناس إلى أعدائه‪ ،‬يثب ُ‬ ‫ساحات المعارك‪ ،‬وإذا اشتد القتال=أقر َ‬
‫حين يفُّر الشجعان‪ ،‬ويلوذ به البطال وهو كأنه ليس في ساح‬
‫القتال‪.‬‬
‫جه أعدائه‪،‬‬ ‫صدْع ُه بالحق في وَ ْ‬ ‫ومن شجاعته صلى الله عليه وسلم َ‬
‫وإعلنُه بالدعوة إلى دين الله تعالى في مقابل خصومه‪ ،‬الذين كانوا‬
‫ف‪ ،‬ولم يتردّد‪ ،‬ولم‬ ‫خ ْ‬ ‫م أهل الرض في أوّل دعوته‪ .‬فلم ي َ َ‬ ‫هم عمو َ‬
‫يُداهن‪ ،‬ولم يتنازل عن شيءٍ من مبادئه بل واجه الدنيا بأسرها‪،‬‬
‫ووقف يأَمر بالمعروف وينهى عن المنكر أمام جميع أهل الرض‪.‬‬
‫من أساء إليه‪ ،‬ل‬ ‫وكان صلى الله عليه وسلم مع شجاعته عفوّا ً ع ّ‬
‫ب للنفس ول النتقام لها أبداً‪ .‬فكم من َ‬
‫مّرة‬ ‫يعرف الحقد ول الغض َ‬
‫ن إليه عند القدرة‬ ‫م إساءة‪ ،‬بل أحس َ‬ ‫من أساء إليه أعظ َ‬ ‫عفا ع ّ‬

‫‪668‬‬
‫الكاملة على النتقام منه‪ .‬يقبل العتذار وهو يعلم أن المعتذَر غيُر‬
‫س هو العذار لمن أخطأ عليه‪ ،‬ويتأوّ ُ‬
‫ل‬ ‫م ُ‬
‫ق في عُذ ْره‪ ،‬بل يتل ّ‬ ‫صاد ٍ‬
‫إساءته إحساناً‪ ،‬ويحمل خطأه على أحسن المحامل‪.‬‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم أجود َ الناس‪ ،‬يُنفق إنفاقَ من ل يخشى‬
‫َ‬
‫سئل شيئا ً قط فقال‪ :‬ل‪ .‬يُنفق ماله كل ّه للفقراء‬ ‫الفقر‪ ،‬حتى أنه ما ُ‬
‫والمحتاجين‪ ،‬بل كان يستدين ليتصدَّق‪ ،‬ويؤثر على نفسه وعلى أهل‬
‫م من‬ ‫بيته ضيوفَه والفقراءَ والسائلين‪ ،‬حتى إنه ربّما جاع أهلُه ليُطع َ‬
‫هو أحوج للطعام منهم‪ ،‬ولذلك كان غالب طعامه وطعام أهله التمر‬
‫والماء‪ ،‬ولربما مكثوا الشهر المتوالية ل يوقد في بيتهم ناٌر على‬
‫طعام لذلك‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد كان صلى الله عليه وسلم هو الزوج المثالي‪ :‬في‬
‫مله لخطائهن البشريّة‪ .‬ما‬ ‫تودّده لزواجه‪ ،‬وع َطْفه عليهن‪ ،‬وتح ُّ‬
‫ضرب واحدة ً منهن قط‪ ،‬ول شتم‪ ،‬ول رفع صوته صارخاً‪ .‬بل يعفو‬
‫ه ما لم يكن إثماً‪.‬‬ ‫حلُم‪ ،‬ويمازح ويُلعب‪ ،‬ويوافقهن فيما ي ُ ْ‬
‫حبِبْن َ ُ‬ ‫وي َ ْ‬
‫سه بنفسه‪ ،‬فيخيط ثَوْبَه إذا‬ ‫م نَفْ َ‬
‫ن في أعمال البيت‪ ،‬ويخد ُ‬ ‫ويعاونه ّ‬
‫انفتق‪ ،‬ويُصلح نَعْلَه بنفسه إذا انقطع‪ .‬ويُوصي بالنساء كثيراً‪ ،‬وينهى‬
‫عن ضربهن أو إهانتهن‪ ،‬ويقول ((خيركم خيركم لهله‪ ،‬وأنا خيركم‬
‫خطبته العظمى‪ ،‬في‬ ‫ة جامعة في ُ‬ ‫لهلي))‪ ،‬وأوصى بالنساء وصي ً‬
‫جة الوداع (كما سبق)‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم حسن المعشر حتى مع من يخدمه‪،‬‬
‫فكان صلى الله عليه وسلم يأمر بعدم تكليفهم بالعمال الشاقّة‬
‫سوا من لباسهم‪.‬‬ ‫موا من طعام أهل البيت‪ ،‬وأن يُلْب َ ُ‬ ‫عليهم‪ ،‬وأن يُطعَ ُ‬
‫ه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهو أنس بن مالك رضي‬ ‫م ُ‬ ‫بل يقول خاد ُ‬
‫ف قط‪ ،‬ول قال لي عن شيءٍ صنعتُه لم‬ ‫الله عنه‪ :‬ما قال لي أ ٍ ّ‬
‫ت هذا‬ ‫ت هذا هكذا؟! ول قال لي عن شيءٍ لم أصنعه‪ :‬أل صنع َ‬ ‫صنع َ‬
‫ك له قال صلى الله‬ ‫ب خادمه المملو َ‬ ‫هكذا؟! ولما رأى رجل ً يضر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه أقْدَُر عليك منك عليه))‪ ،‬فقال‬ ‫م يا فلن‪ :‬لَل ّ ُ‬ ‫عليه وسلم‪(( :‬اع ْل َ ْ‬
‫حٌّر‬‫ما سمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬هو ُ‬ ‫الرجل ل ّ‬
‫لوجه الله‪ ،‬فقال صلى الله عليه وسلم له‪(( :‬أما إنّك لو لم تفعل‬
‫لمستك النار))‪.‬‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم شديد َ الحياء أشد َّ حياءً من العذراء في‬
‫ظ بذيءٌ ق ّ‬
‫ط‪،‬‬ ‫ش القول‪ ،‬ول يجري على لسانه لف ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ب فُ ْ‬ ‫خدْرها‪ .‬ل يُح ُّ‬ ‫ِ‬

‫‪669‬‬
‫ف‪ .‬حتى كان يقول‪(( :‬الحيا ُء‬ ‫ول يتفوّه بعبارة تجرح الحياء والعفا َ‬
‫خيٌر كلَُه))‪ ،‬ويقول صلى الله عليه وسلم‪(( :‬الحياء ل يأتي إل بخير))‪.‬‬
‫م الناس تواضعاً‪ ،‬وهو القائل‪(( :‬ل‬ ‫وكان صلى الله عليه وسلم أعظ َ‬
‫يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذّرةٍ من كِبْر))‪ .‬فكان يجلس‬
‫على الرض‪ ،‬ويأكل على الرض‪ ،‬ول يُقَام له إذا دخل على أصحابه؛‬
‫لنه كان ينهاهم عن ذلك‪ ،‬مع شدّة محبتهم وتعظيمهم له‪ ،‬ولقد‬
‫ف‬
‫صَر ُ‬ ‫م له أجسادهم‪ .‬وإذا مشى لي ُ ْ‬ ‫قامت له قلوبُهم لئن لم تَقُ ْ‬
‫جته صلى‬ ‫ح ّ‬ ‫س عن طريقه‪ ،‬حتى عند شدّة الزحام‪ ،‬كما وقع في َ‬ ‫النا ُ‬
‫س عليه يسألونه حتى يبلغ به‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬وربما اجتمعَ النا ُ‬
‫سه عن أصحابه في مجلسه أو‬ ‫ميُز نَفْ َ‬ ‫ه‪ .‬ولم يكن ي ُ ِّ‬ ‫مبْلَغَ ُ‬
‫الجهاد ُ َ‬
‫س حيث ينتهي به المجلس‪.‬‬ ‫ملبسه أو مركبه‪ ،‬بل إنه يجل ُ‬
‫ض كوامل صفاته‪ ،‬وبعض عوالي أخلقه؛ فهي ل تُدرك بكلم‬ ‫هذه بع ُ‬
‫مختصر ول مطوَّل‪ .‬أثنى الله عز وجل على أخلقه‪ ،‬فقال تعالى‬
‫ق عَظِيم ٍ } [القلم‪.]4:‬‬ ‫ك لَعَلَى ُ ُ‬ ‫{ وَإِن َّ َ‬
‫خل ٍ‬
‫ل العبودية لله تعالى‪،‬‬ ‫م صلى الله عليه وسلم إلى ذلك كُلّه كما َ‬ ‫وض َّ‬
‫وكمال الخضوع والتضُّرع له عز وجل‪ .‬فهو صلى الله عليه وسلم‬
‫أعبد ُ الناس‪ ،‬وأخشعُ الناس‪ ،‬وأورع الناس‪ ،‬وأزهد الناس‪ ..‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫فهو ذاكٌر لله تعالى في كل أحيانه‪ ،‬ل يفتر لسانه عن التسبيح‬
‫والتحميد‪ ،‬والتكبير والتهليل وقراءة القرآن‪ ،‬كثير الستغفار‪ ،‬غزير‬
‫ل لحيته‪ ،‬وحتى يُسمع‬ ‫الستعبار‪ ،‬يبكي من الخشوع لربّه حتى يب ّ‬
‫م حتى يقال‬ ‫ت من النشيج كصوت غليان القِدْر‪ .‬يصو ُ‬ ‫لصدره صو ٌ‬
‫ل للصلة حتى تفطّرت قدماه‪،‬‬ ‫ليُفطر من كثرة الصوم‪ ،‬وقام اللي َ‬
‫خر؟!!‬ ‫فر لك ما تقدّم من ذنبك وماتأ ّ‬ ‫فقيل له‪ :‬لم تفعل ذلك وقد غ ُ ِ‬
‫فقال صلى الله عليه وسلم ‪(( :‬أفل أكون عبدا ً شكوراً))‪.‬‬
‫بل هو صلى الله عليه وسلم أعبد العابدين‪ ،‬وأذكر الذاكرين‪ ،‬وأحمد‬
‫الحامدين‪ ،‬وإمام النبياء والمرسلين‪.‬‬
‫وهو صلى الله عليه وسلم في جمعه للكمال البشري في شؤون‬
‫ة للعادات‪،‬‬ ‫دنياه مع الكمال البشري في شؤون أُخراه=معجزة ٌ خارق ٌ‬
‫ي‪ ،‬بل هي أخلقُ وسيرة ُ خاتم‬ ‫ت نب ّ‬ ‫ل وصفا ُ‬ ‫شمائ ُ‬‫وإنّها – تالله – ل َ َ‬
‫النبيين صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫^‬

‫‪670‬‬
‫الخاتمة‬
‫هذه السيرة ُ الشديدة ُ الختصار لخاتم الرسل صلى الله عليه وسلم‬
‫هي التي أردنا أن نخاطب بها العالمين‪ ،‬وأن تُبَلّغَ للناس أجمعين‪ .‬إذ‬
‫في هذه السيرة‪ ،‬وفي اليمان بصاحبها رسول ً ونبيّاً‪ ،‬وفي القتداء به‬
‫في جميع أقواله وأفعاله=خيُرهم وسعادتُهم في الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وبذلك تحصل نجاتهُم من عذاب الله تعالى‪.‬‬
‫ض من يقرأ هذا الخطاب من أنّه لم يعرف هذه‬ ‫وقد يستغرب بع ُ‬
‫المعلومات عن سيد ولد آدم وخاتم النبياء صلى الله عليه وسلم إل‬
‫من قراءاته له‪ ،‬وهذا قد يكون من تقصيرنا – نحن يا من عرفناه‬
‫حق معرفته – في البلغ والدعوة‪ ،‬ولكن السبب العظم لذلك هو‬
‫سعْيُهم بكل‬‫ب الباطل وأعوانه لهذه الحقائق عن الناس‪ ،‬و َ‬ ‫ج ُ‬
‫ح ْ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫صدِّ الناس عن سماعها‪ ،‬حتى ل ندري ‪ -‬نحن الن أيضا ‪-‬‬ ‫وسيلةٍ إلى َ‬
‫هل سيصل هذا الخطاب إلى كل الذان‪ ،‬أم سيمنع (كالعادة) عن‬
‫كثير من الناس!!!‬
‫ة‬‫ة بأن تقديس التقاليد والعادات‪ ،‬والعصبي ّ َ‬ ‫ول ننسى أن نُذ ِكَّر البشري ّ َ‬
‫للباء والجداد‪ ،‬وصعوبة العتراف بالخطأ الكبير=كل ذلك قد يحول‬
‫دون الستفادة من هذا الخطاب الفائدة َ التي لن يص َ‬
‫ل إليها إل من‬
‫َ‬
‫م تقاليدَه وموروثَه وآباءه وأجداده‬ ‫استطاع َ تجاوَز هذا كُل ّه‪ ،‬وحاك َ‬
‫سه بكل إنصاف وتعقُّل‪.‬‬ ‫ونف َ‬
‫كما ل ننسى أن اللهو واللعب‪ ،‬والشهوات والملذ ّات‪ ،‬والنشغال‬
‫بتحصيل ذلك كُلّه‪ ،‬قد يصرف النسان عن هذا الخطاب‪ .‬لكن ليذكر‬
‫ل في وجوده)‬ ‫هذا المنهمك في ملذ ّاته أن الخالق (الذي ل يشك عاق ٌ‬
‫لم يخلقه عبثاً‪ ،‬وأنه لن يدرك سعادته الحقيقية إل من خلل الدين‬
‫الخير الصالح لكل زمان ومكان إلى نهاية الدنيا‪ ،‬وهو السلم‪ ،‬الذي‬
‫جاء به خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم من الخالق‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫وأخيرا ً ل ننسى عدوّ البشريّة الوّل‪ ،‬وهو الشيطان وأعوانه من‬
‫ض عن هذا‬ ‫ن لبني آدم العرا َ‬ ‫شياطين الجن والنس‪ ،‬الذين سيَُزيّنو َ‬
‫صْرفَهم عن الحقائق الواردة فيه بأنواٍع شتّى‬ ‫الخطاب‪ ،‬وسيحاولون َ‬
‫شبَه‪.‬‬‫ُ‬ ‫من الحيل النفسيّة والباطيل وال ّ‬
‫فعلى من أراد السعادة الحقّة‪ ،‬والنجاة من التعاسة الحقّة‪ :‬أن يأخذَ‬
‫م التصميم الصادق‪ ،‬بأل يُهمل هذا‬ ‫م َ‬
‫على نفسه العهد‪ ،‬وأن يُص ِّ‬

‫‪671‬‬
‫منه‬‫ما تض َ‬ ‫سه حق دراسته‪ ،‬ويبحث ويقرأ ويسأل ع ّ‬ ‫الخطاب حتى يدر َ‬
‫من معلومات‪ ،‬إلى أن يصل إلى الحق‪.‬‬
‫ت كثيرةً‪ ،‬سبق ذكر بعضها آنفاً؛ لكن عليه‬ ‫سيُلقي عقبا ٍ‬ ‫وليعلم أنه َ‬
‫ث فيه هو‬ ‫ن ما يبح ُ‬ ‫أن يتجاوزها‪ ،‬مجتهدا ً في ذلك كل الجتهاد؛ ل ّ‬
‫ث فيه المخلوق‪ ،‬إنه يبحث عن‬ ‫ل شيءٍ ‪ -‬على الطلق ‪ -‬يبح ُ‬ ‫أج ّ‬
‫سبُه رضي خالقه عنه‪ ،‬ليحظى بتوفيقه‬ ‫ما يُك ْ ِ‬‫علقته بربّه عزوجل‪ ،‬وع ّ‬
‫وعنايته وحفظه وتأييده وطمأنينته في الدنيا‪ ،‬وبجنّةٍ فيها ما ل عين‬
‫رأت ول أذن سمعت ول خطر على قلب بشر من النعيم البدي‪.‬‬
‫ن أَوْلى هذا الخطاب ما يستحقّه من‬ ‫م ْ‬‫إننا على ثقةٍ تامة أنه َ‬
‫الدراسة‪ ،‬متجاوزا ً كل العقبات الحائلة بينه وبين دراسته له‪ ،‬مستعيناً‬
‫بالخالق الواحد الحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً‬
‫َ‬
‫أحد‪ ،‬على أن يدل ّه على الحقّ ويرزقه قبوله والخضوع له‪ ،‬مهما‬
‫كان=أنه سيصل إلى مطلوبه العظم‪ ،‬وستنكشف له الحقيقة‬
‫الكبرى!!!‬
‫وعندها سيكون هذا المسلم الجديد من أي بلد ٍ كان‪ ،‬ومن أيّ عرق‪،‬‬
‫جهوا هذا الخطاب أيضاً‬ ‫ومن أي لون‪ ،‬وفي أي زمان=أحد َ من وَ ّ‬
‫لغيره من البشريّة‪ ،‬ممن لم يسمعوا هذا الخطاب‪ ،‬أو سمعوه لكنهم‬
‫خسروا أنفسهم وظلموها بعدم التصميم الصادق في اتّخاذ القرار‬
‫الحكيم بشأنه‪.‬‬
‫حد ٌ وَلِيَذَّكََّر أُولُو‬ ‫و إِل َ ٌ‬
‫ه وَا ِ‬ ‫ما هُ َ‬
‫َ‬
‫موا أن َّ َ‬
‫س وَلِيُنْذَُروا بِهِ وَلِيَعْل َ ُ‬ ‫َ‬
‫{ َهَذ َا بَلغ ٌ لِلن ّا ِ‬
‫ب } [إبراهيم‪.]52:‬‬ ‫اللْبَا ِ‬

‫*****************************‬

‫الفهرس العام ‪:‬‬

‫الباب الحادي عشر – مقالت وخطب حول ردود فعل المسلمين‬


‫‪1‬‬
‫أتسخرون من الحبيب صلى الله عليه وسلم ؟!! ‪1‬‬
‫‪3‬‬ ‫أخطر عقائد القرن‬

‫‪672‬‬
‫أريد أن أقول ثورة الغضب السلمية ‪6‬‬
‫أسباب ودوافع دينية وثقافية ونفسية وراء ما حدث من سب للنبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪19‬‬
‫‪23‬‬ ‫أفل ينظرون إلى البل كيف خلقت‬
‫أل شاهت الوجوه وتبت اليادي ‪25‬‬
‫‪27‬‬ ‫أل شاهت وجوه العداء‬
‫‪32‬‬ ‫أهكذا نقف من إهانات أعدائنا لرسولنا؟!‬
‫أي حرية وأي ديمقراطية؟ ‪36‬‬
‫‪48‬‬ ‫أيّهما أولى بالمقاطعة ؟‬
‫‪50‬‬ ‫إدانة الحكومة الدنمارك على خلفية الرسوم الكاريكاتيرية‬
‫ت العُل ‪55‬‬ ‫م ُ‬
‫إذا ر ُ‬
‫إسرائيل وقضية الرسوم الكاريكاتورية ‪56‬‬
‫إل تنصروه فقد نصره الله ‪59‬‬
‫(إل محمد) ‪68‬‬
‫إن شانئك هو البتر ‪70‬‬
‫إنا كفيناك المستهزئين ‪72 ...‬‬
‫‪77‬‬ ‫إهانة نبي السلم تجدد السؤال من يكره من؟‬
‫الكاتب‪ :‬فهمي هويدي ‪77‬‬
‫ض وإنكاٌر على الساءة النرويجية نحو رسول الله محمد صلى‬ ‫اعترا ٌ‬
‫‪82‬‬ ‫الله عليه وسلم خالد بن عبدالرحمن بن حمد الشايع‬
‫الساقفة الشواذ يهاجمون رسول السلم! ‪89‬‬
‫‪95‬‬ ‫الساءة للرسول‪ ..‬بداية نصر جديد لو تعلمون‬
‫‪100‬‬ ‫السلم‪ ..‬والغرب‪ ..‬حرب مجددة؟!‬
‫السناد عند المحدثين الدللة التاريخ المنهج ‪115‬‬
‫‪155‬‬ ‫منهج المحدثين في توثيق السناد ونقده‪.‬‬
‫النتصار لرسول الله محمد أزكى البشرية ‪194‬‬
‫ي المختار صلى الله عليه وسلم ‪210‬‬ ‫النتصار للنب ِ ّ‬
‫التميز الداري في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ‪223‬‬
‫التنديد والستنكار ل يُغنيان عن التبصير والحوار ‪231‬‬
‫الجرائم الغربية ‪236‬‬
‫‪238‬‬ ‫الحرية الحقة‬
‫الحرية المطلقة ‪ ..‬كيف نفهمها ‪241‬‬
‫الحرية حين تكون سلوكا ً إرهابياً ‪246‬‬
‫‪256‬‬ ‫الحواُر الحضاريّ بعد أزمة الرسوم‬

‫‪673‬‬
‫الدعاة ونصرة النبي صلى الله عليه وسلم ‪263‬‬
‫‪268‬‬ ‫الدعوة للفصل بين الكنيسة والدولة أكذوبة تفندها الوقائع‬
‫الدفاع عن حبيب الله ‪271‬‬
‫الدنمارك والهجوم على الرسول ‪274‬‬
‫فسيكفيكهم الله ‪288‬‬
‫إنا كفيناك المستهزئين ‪290‬‬
‫ب عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪378‬‬ ‫الذ ّ‬
‫الرابحون والخاسرون من قضية الكاريكاتير ‪385‬‬
‫الرسوم الدنماركية المسيئة واستبداد العلم المتسلّط ‪388‬‬
‫الرسوم الكاريكاتيرية علمة على الجحاف العميق في أوربا الغربية‬
‫‪392‬‬
‫‪395‬‬ ‫الرسوم المسيئة جهل أم استفزاز؟‬
‫الرسوم المسيئة حملة مدبرة وليست رصاصة طائشة ‪397‬‬
‫سسة ‪402‬‬ ‫الرسوم المسيئة والرد عليها ‪ ...‬السلوكيات المؤ ِّ‬
‫الرسوم المسيئة ورقة في أيدي المتطرفين ‪405‬‬
‫سنة النبوية‪ :‬إضاءات ضروريّة ‪412‬‬ ‫ال ّ‬
‫‪419‬‬ ‫الصحف المتطاولة على الرسول خائنة لمانة القلم‬
‫الصفات الخلقية لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ‪420‬‬
‫‪440‬‬ ‫صراع الفكريّ بين السلم والغرب على القاّرة السوداء"‬ ‫ال ّ‬
‫‪445‬‬ ‫العلقة السرية بين الحكومة الدانماركية والبقر‬
‫ب السلم وحرمة الحديث عن الهولوكست ‪.‬‬ ‫الغرب بين حريّة س ّ‬
‫‪448‬‬
‫الفاتيكان رأس حربة للصهيونية ‪450‬‬
‫الفوائد الجنية من الهجرة النبوية ‪457‬‬
‫القدوة الحسنة ! ‪480‬‬
‫الكمالت و الخصائص التي انفرد بها رسول الله ‪486‬‬
‫ب سيد البشرية ‪510‬‬ ‫الليبرالية وراء س ّ‬
‫المؤتمر الول للنصرة ‪513‬‬
‫المصيبة العظمى‪ ..‬بموت الرسول صلى الله عليه وسلم ‪520‬‬
‫المقاطعة تستنفد طاقتنا الحيوية فيما ل ينفع !! ‪543‬‬
‫‪547‬‬ ‫المقاطعة والمعاملت التجارية مع العداء‬
‫‪549‬‬ ‫المقاطعة وسيلة لنصرة المجاهدين‬
‫ملْيار! ‪551‬‬
‫ة ال ِ‬ ‫ختار يا أ ُ َّ‬
‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ُ‬
‫‪553‬‬ ‫النبي العظيم بين حقد أعدائه وحب أبنائه‬

‫‪674‬‬
‫ي العظيم والرحمة المهداة بين وفاء المؤمنين وإيذاء المشركين‬ ‫النب ُّ‬
‫‪555‬‬
‫النفاق أم الغطرسة؟! ‪574‬‬
‫‪585‬‬ ‫الهجرة النبوية المباركة‬
‫الهجرة النبوية والدروس التربوية والدعوية ‪587‬‬
‫الوقاحة الدنماركية مع الذات النبوية ‪592‬‬
‫‪594‬‬ ‫أما لهذه الهجمة من رادع ؟!‬
‫‪605‬‬ ‫بأبي أنت وأمي يا رسول الله‬
‫بشارات ‪610‬‬
‫‪651‬‬ ‫بعد تكرار نشر صور ساخرة لخاتم النبياء‬
‫بعدما اختطفوا عقولنا يريدون خطف قرارنا ‪654‬‬
‫بل اطردوا سفراء الزبدة ‪657‬‬
‫بل هو خيٌر لكم‪662 ..‬‬
‫بل هي حرب على السلم ‪667‬‬
‫بيئة العنصرية وكراهية الخر ‪ ...‬هل نحن في مواجهة مع الغرب؟‬
‫‪668‬‬
‫بيان من أتباع دين السلم‪ ،‬أتباع النبي الخاتم محمد صلى الله عليه‬
‫‪674‬‬ ‫وسلم‬

‫‪675‬‬

You might also like