You are on page 1of 644

‫فضائل الرسول صلى ال عليه وسلم وحقوقه ((‪))9‬‬

‫تابع الباب الادي عشر – مقالت وخطب حول ردود فعل السلمي‬

‫بي الدفاع عن السامية والتطاول على رسول النسانية‬

‫نشرت جريدة الوطن ف ‪8/1/1427‬هـ‬


‫بي الدفاع عن السامية والتطاول على رسول النسانية‬
‫من الغريب جدا أن نسمع من يقول ما سبب سخرية الغرب واستهزائهم بشعائر السلمي‬
‫ومقدساتم‪ ،‬ولكن لننا أعرضنا عن كتاب ال واتباع سنة البيب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فحق لثلنا‬
‫أن يكون هذا التساؤل على لسانه دائما‪ ،‬وإذا أردنا نصرة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يب علينا‬
‫أن ننصره ف أنفسنا وف متمعاتنا‪ ،‬ومن الؤسف أننا نهل الكثي من سية الصطفى صلى ال عليه‬
‫وسلم حت ف الوساط الدينية‪ ،‬وعلى سبيل الثال ل الصر كما ذكر ذلك فضيلة الدكتور ممد‬
‫العريفي أنه ل تفلح شرية من الطلب الامعيي ف معرفة زوجات الصطفى صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫بل الطامة ف ذلك أن تذكر أمه (آمنة) وابنته (فاطمة) رضي ال عنهما من ضمن زوجاته صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬إننا نر على سيته العطرة مرور الكرام‪ ،‬وقد ل نتعب أنفسنا بقراءة كتاب من كتب‬
‫السية الباركة‪ ،‬وأذكر لكم ما قاله ل أحد الخوة وهو متدين منذ سنوات وبلغ الربعي من عمره‪،‬‬
‫فيقول‪" :‬وال إن ألبط بي أركان السلم وأركان اليان"‪ ،‬وهي من الصول الثلثة الواجب على‬
‫السلم معرفتها والعمل با‪ ،‬وهي مراتب الدين الت ثالثها الحسان‪.‬‬
‫إن ثقافة السلم الدينية ضعيفة ف أوجب الشياء عليه تاه دينه‪ ،‬ناهيك عن السنن والستحبات‪ ،‬ولذا‬
‫تنطبق علينا "ابدأ بنفسك أول"‪ ،‬لن الظل ل يستقيم والعود معوج‪ ،‬ولعل ما دفعن لكتابة هذا القال‬
‫ما لسته من الكثي من زملء العمل‪ ،‬حيث ل يكن بال من الحوال أن يفرط أحدهم ف ذكر‬
‫تفاصيل جيع الباريات‪ ،‬بل حت الشاكل الدارية لتلك الندية‪ ،‬ناهيك عن أساء اللعبي وهواياتم‪،‬‬
‫وعدد الهداف وف أي فريق‪ ،‬حت إنم يذكرون بطولت تلك الفرق مؤرخة باليوم والشهر والسنة‪،‬‬
‫وأيضا متابعة "استار أكاديي" الذي يذكرونه بالتفاصيل‪ ،‬بل يرشحون من سيفوز ف النهاية‪ ،‬ولعل‬
‫البعض منهم قد عد قطرات دموع الزن الت ذرفتها عيون ذلك الشاب أو تلك الفتاة بعد خروجهما‬
‫من السابقة‪ ،‬وند ف القابل من حدثناه عن القاطعة فقال أي مقاطعة؟ وهذا الشخص من التابع‬
‫للقنوات والصحف والجلت والبلوتوث‪ ،‬وربا يكتفي بقول "لناب الرسول رب يميه"‪.‬‬
‫إن المة يب أن تكون يدا واحدة وتت راية واحدة ف الذب عن عرض رسول البية صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬لنه نبينا جيعا‪ ،‬ول نريد كما قال العلماء والفكرون أن تكون ردود الفعال غي مرشدة‪،‬‬
‫وفردية متسرعة غي مدروسة‪ ،‬لنا إذا ل تكن على ذلك الال فسوف تكون ضد السلمي عاجل أم‬

‫‪1‬‬
‫آجل بل شك‪ ،‬كما أدعو جيع أفراد المة ف كل مكان أل يستهينوا بريال أو درهم أو دينار أو‬
‫جنيه يشترون به من بضائع تلك الدول‪ ،‬ث كيف يهنأ لك أن تأكل أو تشرب من منتجات بلد‬
‫استهان ببيبك صلى ال عليه وسلم وأنت تزعم حبه وتتمن نصرته‪ ،‬حت بعد العتذار الذي من‬
‫وجهة نظري أنه ل يكفي‪ ،‬بل ل أنتظره ول أرغب فيه‪ ،‬ول أرى أن نطالبهم به‪ ،‬بل نقاطعهم‬
‫وننبذهم‪ ،‬وبال عليكم أي دولة غربية سلم منها جسد هذه المة‪ ،‬فهناك العديد من الدول قد طعنت‬
‫هذا السد بنجر القد والستهتار واللمبالة‪ ،‬فمن أقل الواجبات علينا أن نقاطع تلك الدولة‪.‬‬
‫أنا لست سياسيا وأهل السياسة هم أدرى وأعلم با‪ ،‬ولكن ل تساؤل‪ ،‬لاذا الغرب ف شت هجماته‬
‫على السلمي يبر ببرات ساذجة باهتة مكشوفة للصغي قبل الكبي‪ ،‬والتناقضات ف تصرياتم‬
‫وأفعالم وقوانينهم كثية جدا‪ ،‬ونن نعلم ذلك‪ ،‬لاذا ل تكون ردودنا أقوى ما نسمع‪ ،‬لاذا ل‬
‫نكشف كذبم للعلم بطرحه ف النتديات العالية والحافل الدولية‪ ،‬وإذا كانت تلك الدول قوية‬
‫وتلك قوى مادية‪ ،‬فنحن نلك ما هو أكب منه (إن تنصروا ال ينصركم‪ ،‬ويثبت أقدامكم) إن ال‬
‫معنا‪ ،‬ولكن مت؟ عندما تزال الكراهية من بيننا‪ ،‬وتوحد صفوفنا تت راية واحدة‪ ،‬لعلء كلمة ل‬
‫إله إل ال ممد رسول ال‪ ..‬وبعد ذلك نصر ال قريب‪.‬‬
‫السامية الت أصدرت من أجلها القرارات والعقوبات على من تعدى على حرف من كلمتها‪ ،‬فما‬
‫بالك بن تثله من الكيانات الزائلة بإذن ال‪ ،‬الدفاع عن السامية باب استخدم للضغط على الدول‬
‫والتدخل ف شؤونا ‪ -‬مثل باب معي أم مع الرهاب ‪ ،-‬والعلم بدقائق أموره‪ ،‬ولو تثاءب مسلم ف‬
‫بلد ما ولم مآرب يريدون قضاءها من ذلك البلد لعد ذلك التثاؤب معاداة للسامية بزعمهم‪ ،‬فلماذا‬
‫يهان السلم ومقدساته ونبيه صلى ال عليه وسلم وكأن شيئا ل يكن‪ ،‬بل يطلب منا أن نتقبل‬
‫الهانة لترقق علينا غيها من الهانات‪ ،‬أما السامية فل!‪( ،‬حرام على بلبله الدوح‪ ..‬حلل على‬
‫الطي من كل جنس)‪ ،‬إنا مفارقة عجيبة أن يكون هناك حرية للرأي كما يزعمون ف الدنارك‪ ،‬وإن‬
‫كانوا جادين ف ذلك فليتعرض أحد الصحفيي أو إحدى الصحف للسامية أو لي رئيس أوروب أو‬
‫شيء من مقدساتم‪ ،‬لنرى كذب تلك الرية الزعومة‪.‬‬
‫إننا ماضون ف مقاطعتنا للبد وإذا كان لكم حرية الرأي وتتركون البل على الغارب لصحافتكم‬
‫وكتابكم فلنا حرية ف أن نتار ما نأكل ونشرب (بأب أنت وأمي ونفسي ومال يا رسول ال) ول‬
‫أظن أن هناك مسلما سيستسيغ أكلً أو شربا من استهزأ بنبيه‪ ،‬وإل علينا السلم‪ ،‬فلو سب أحد من‬
‫الناس آباءنا أو أمهاتنا لقمنا الدنيا وأقعدناها وقاطعناهم لسنوات عديدة وهم مسلمون يشهدون أن‬
‫ل إله إل ال ممد رسول ال‪ ،‬فكيف بن سبوا واستهزأوا بن نفديه بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا‪ ،‬أل‬
‫يستحق ذلك القاطعة البدية‪ ،‬ليكونوا لن خلفهم عبة وآية‪ ،‬ول ننسى بأن ال معنا‪.‬‬
‫مشبب عبدال الزهيي ‪ -‬الرياض‬
‫=====================‬
‫بي السنة والسية‬

‫‪2‬‬
‫سلمان بن فهد العودة‬
‫من المور الهمة ف مسألة الترجيح والتصحيح معرفة السية النبوية الكرية من خلل النقول‬
‫الصحيحة الثابتة ‪.‬‬
‫ففي كتاب ال تعال عرض لوانب كثية من هدي النب صلى ال عليه وسلم ف حربه وسلمه‪،‬‬
‫وإقامته وظعنه‪ ،‬ف أموره البيتية وغيها‪ ،‬وقد كتب أحد العاصرين كتابا ف السية النبوية من خلل‬
‫نصوص القرآن الكري ساه ( السية النبوية ‪ :‬صورة مقتبسة من القرآن الكري ) ‪.‬‬
‫وثة مصدر ثر مهم للسية يغفل عنه الكثي وهو كتب السنة النبوية كالصحيحي والسنن والسانيد‬
‫والعاجم و الوطئات وغيها ‪..‬‬
‫ففي هذه الكتب مرويات هائلة وموثقة عن حياة النب صلى ال عليه وسلم وحياة الجتمع السلم ف‬
‫عصره‪ ،‬قد ل توجد ف كتب السية الصلية ‪.‬‬
‫وهذه الرويات عن بعض العلماء بمعها‪ ،‬ومن أكثر من رأيت عناية با وجعها المام الافظ ابن‬
‫كثي ف جزء السية النبوية من البداية والنهاية والذي طبعه ( مصطفى عبد الواحد ) ف كتاب‬
‫مستقل ‪ ،‬والمام ابن القيم ف كتابه الفذ ( زاد العاد ف هدي خي العباد ) فضلً عن مصنفات‬
‫مسندة تعن بانب معي من السية كـ ( دلئل النبوة ) لب نعيم والبيهقي وغيها ‪.‬‬
‫وقد حاول عدد من الباحثي العاصرين تناول بعض أحداث السية على ضوء روايات كتب السنة‬
‫الوثوقة العتمدة وهو منهجٌ حيدٌ يسُن أن تقوم القسام العلمية ف الامعات بتوسيع دائرة البحث فيه‬
‫‪.‬‬
‫وبي يدي عدد من الكتب والرسائل الامعية‪ ،‬منها رسالة ( الجرة ) للدكتور سليمان بن علي‬
‫السعود من الامعة السلمية‪ ،‬ورسالة ( السية النبوية من الصحيحي مقارنة بسية ابن إسحاق )‬
‫للدكتور سليمان العودة من كلية اللغة العربية والعلوم الجتماعية بالرياض‪ ،‬ومموعة كبية من‬
‫الرسائل ف الامعة السلمية تتناول الغازي والعارك بصفة خاصة كـ ( مرويات غزوة بدر )‬
‫للعلمي ‪ ،‬و ( مرويات غزوة الديبية ) للشيخ الكمي‪ ،‬وغيها كثي‪ ،‬وقد حاولت تطبيق هذا النهج‬
‫ف كتاب ( الغرباء الولون ) ‪.‬‬
‫ليس مرادي سرد البحوث العلمية فهذا له ميدانه الاص ‪ ،‬ولكن أريد الن أن أؤكد أن الباحث قد‬
‫يهد ف كتب السية ؛ ليوثق حادثة ما فل يستطيع‪ ،‬لكنه يلك ذلك من خلل الرجوع إل كتب‬
‫السنة بكل يسر ‪.‬‬
‫حادثة حصار الشعب وصحيفة قريش الظالة الثة العلقة ف جوف الكعبة‪ ،‬تد الشارة الواضحة‬
‫إليها ف عدد من أحاديث الصحيحي‪ ،‬أذكر منها حديث أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم حي أراد قدوم مكة ‪ ( :‬منلنا غدا ـ إن شاء ال تعال ـ بيف بن كنانة‬
‫حيث تقاسوا على الكفر ) يعن بذلك الحصب ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫وذلك أن قريشا وكنانة تالفت على بن هاشم وبن الطلب أن ل يناكحوهم ول يبايعوهم حت‬
‫يسلموا إليهم النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وقريب منه رواية أسامة بن زيد بن حارثة التفق عليها ‪.‬‬
‫ل‪.‬‬‫وهذه الادثة قد ل تدها ف كتب السية مروية بإسناد كإسناد البخاري ومسلم مث ً‬
‫فأمثال هذه الرسالت تعل الباحث ف أي شأن من شؤون الياة يستبطن صورة ذلك (( الجتمع ))‬
‫بكاملها‪ ،‬إذا السية ليست سجلً لياة الرسول صلى ال عليه وسلم الاصة‪ ،‬كل ‪ .‬بل هي تدوين‬
‫أمي لياة الجتمع السلم بأكمله ‪ ،‬ورصد لتحركاته الجتماعية والسياسية وغيها ‪.‬‬

‫وهذا الدراك القوي لجريات الحداث ف الجتمع الول يدّ الفقيه والدارس بوسائل جديدة‬
‫للترجيح خاصة حي يقف أمام إشكالية تتمثل ف تعارض نصي خاصي ـ ظاهرا ـ وبالذات ف‬
‫القضايا العامة الت تقع على مرأى ومسمع من الناس‪ ،‬أو تكون حاجات ضرورية تم الميع خذ‬
‫قضية ‪ :‬الصلة ومواقيتها وهيئتها العامة وأحكامها الجالية ‪ ..‬قضية الذان والقامة ‪ ..‬الياه‬
‫وأقسامها وما يتنب منها ‪ ..‬الوضوء والغسل ‪ ..‬معاملة الشركي واليهود وغيهم ‪ ..‬إل مسائل‬
‫أخرى كثية ل يأت عليها الصر يكن التماس القول العتمد فيها من خلل النظر ف سية النب صلى‬
‫ال عليه وسلم وسية الجتمع الول ‪.‬‬
‫ل ‪:‬وجوب الغسل على الكافر إذا أسلم مطلقا حت لو ل ينب حال كفره ‪ ..‬مسألة فقهية خلفية‬ ‫مث ً‬
‫‪ ..‬نعم لكننا نعلم أن الذين كانوا مع النب صلى ال عليه وسلم كانوا كفارا فأسلموا وهم يعدون‬
‫بعشرات اللوف ‪ ..‬بل الذين حضروا معه حجة الوداع يزيدون على مائة ألف فهل من المكن أن‬
‫يكون هؤلء جيعا أمروا بالغسل ث ل ينقل إل أمره صلى ال عليه وسلم لقيس بن عاصم ؟‬
‫صحيح أنه عليه السلم أمر قيسا بذلك لكن هذه القضية العينية الاصة ل تدل على وجوبه على كل‬
‫كافر أسلم بل تفصيل ‪.‬‬
‫مسألة أخرى ‪ :‬دعوى أن الشرك نس العي يب التحفظ منه حت قال بعضهم‪ ( :‬من صافح الشرك‬
‫فليتوضأ ! ) هل يكن قبولا ف الوقت الذي ند فيه النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه يساكنون‬
‫قريشا الشركة ف مكة‪ ،‬ث اليهود ف الدينة ‪ ..‬وربا نزل الرسول صلى ال عليه وسلم ضيفا على‬
‫أحدهم أو أكل أو شرب ف آنيتهم … ومن هنا جاء اعتماد المام مالك على الشتهر من عمل أهل‬
‫الدينة لنه سنة عملية يتلقاها اللحقون عن السابقي ‪.‬‬
‫وعلى العموم فإن هذه الزئيات ل تعدوا أن تكون أمثلة فحسب‪،‬وإل فالعناية بصحيح السية يكن‬
‫أن يستخرج منها النهج العملي السلمي الذي يكم جيع شؤون الياة‪ ،‬سواء ف معاملة السلم‬
‫داخل بيته أو متمعه‪ ،‬أو ف علقة الاكم بالحكوم‪ ،‬أو ف علقة المة السلمة بغيها ف حال حربا‬
‫وسلمها ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫ولذا فإن من الضروري إخضاع مرويات السية لدراسة أخرى ـ غي الدراسة التوثيقية ـ تستهدف‬
‫رسم معال السياسات السلمية ف العلقات الدولية والجتماعية‪ ،‬خاصة والسلمون يعيشون مبادئ‬
‫صحوة تدعو إل تكيم السلم ف جيع مالت الياة ‪.‬‬
‫============================‬
‫بي ثقافت التسامح والكراهية‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬أحد عبد اللك‬


‫بلشك‪ ،‬فإن نشر الرسوم السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أغضبت مليارا وثلثائة مليون نسمة‬
‫ف العال‪ ،‬ومناصريهم أيضا من ل ييزون التطاول على الديان ورموزها أيا كانت تلك الديان‪.‬‬
‫ومن حق السلمي‪ ،‬الذين شعروا بالهانة والستخفاف بأكرم خلق ال‪ ،‬أن يعبّروا عن غضبهم‬
‫العارم‪ ،‬ويوصلوا صوتم إل العال حت ل تتكرر تلك الساءة الكبية‪ ،‬ويعرف الذين يتغنون‬
‫بالريات والباحيات بأن لكل حرية حدودا‪ ...‬وأن التجاوز على حريات الخرين ليس من الرية‪.‬‬
‫من هنا‪ ،‬فإن الدعوات العاقلة الت خرجت من بعض البلدان العربية لعالة الشكلة مع الدانرك‪ ،‬يب‬
‫أن تلقى التشجيع والتأييد‪ ،‬وحت ل تبدأ معارك جديدة تسهم ف صراع الضارات‪ ،‬ف الوقت الذي‬
‫تتنادى فيه الدول لتبن مشاريع فاعلة نو حوار الضارات‪.‬‬
‫نعم حصل هنالك خطأ‪ ،‬وقد يكون مقصودا ضد السلمي‪ ،‬وتوجد حالت يتوجب فيها العتذار‪.‬‬
‫ولو ل يتذرع أصحاب الصحيفة بالرية وقاموا بالعتذار عن الطأ الشي‪ ،‬لا حصل ما حصل‪ .‬لكن‬
‫إعادة نشر الصور السيئة مرة أخرى‪ ،‬وقيام صحف وتلفزيونات أوروبية وعربية بنشر تلك الصور‪،‬‬
‫بل وقيام وزير إيطال بارتداء قميص طبعت عليه تلك الصور‪ ،‬كل ذلك ل يندرج تت الرية‪ ،‬إن ل‬
‫نصنّفه على أنه تدٍ لشاعر السلمي‪ ،‬أو عبث سلوكي يُقصد به تأجيج الرب وتعقيد حوار‬
‫الضارات‪.‬‬
‫ولقد دخلت اليئات الوروبية على الط‪ ،‬وقام مثلو أبرز الجموعات السياسية ف البلان الوروب‬
‫بالدعوة إل ربط الرية بالسؤولية‪ ،‬منددين ف الوقت نفسه بالردود العنيفة الترتبة على نشر تلك‬
‫الرسوم‪ .‬لكن بعض مثلي اليئات الوروبية تاهل سبب الشكلة وركز على ردود الفعال‪ ،‬ومنهم‬
‫إمام الشرعي الوروبيي الذي أبدى إدانة واضحة وقاسية لا تعرّض له مكتب الفوضية ف غزة‬
‫والبعثات ف عدد من الدول‪ ،‬مشيا إل هدف هذه الؤسسات وهو تقدي النافع للناس! ولكنه ل‬
‫يشر إل ضرورة عدم القتراب من حريات الخرين ف أديانم ورموزهم الدينية‪ .‬لكن البيان بعدم‬
‫البالغة ف مارسة حرية التعبي بالتحريض على القد الدين أو بنشر تصريات عنصرية تدعو إل‬
‫كراهية الجانب‪.‬‬
‫أما دعوة رئيس الوزراء الدانركي بـ"تدئة الواطر" و"إعادة الوار مع العال السلمي إل الطريق‬
‫البناء"‪ ،‬فهي بلشك مل تقدير‪ ،‬وعلى السلمي التركيز على الوانب اليابية ف هذه القضية‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وإذا كانت العلقات بي أوروبا والعال السلمي ظلت وطيدة وقائمة على الشراكة منذ زمن طويل‪،‬‬
‫فإن استثمار دعوة سفي التاد الوروب لدى الملكة العربية السعودية‪ ،‬إل الحافظة على العلقات‬
‫والصال والصداقات الت تربط الطرفي‪ ،‬وتفادي الوضع الناتج عن نشر تلك الرسوم‪ ،‬نقول استثمار‬
‫تلك الواقف مكن‪ ،‬تاما مع الوقف الفرنسي الرسي‪ ،‬وموقف المثل العلى للسياسة الارجية ف‬
‫التاد الوروب خافيي سولنا‪ ،‬وكذلك آراء السلمي العتدلي الذين قبلوا اعتذار الصحيفة‪ ،‬ونعتقد‬
‫أن قيام منظمة الؤتر السلمي بصياغة مشروع قرار دول ينع الساءة إل الديان سيكون خي‬
‫علج للظاهرة‪.‬‬
‫لكن حرق السفارات والسيارات‪ ،‬ومضايقة الجانب‪ ،‬والقاطعة‪ ،‬والجوم العلمي على كل ما هو‬
‫غرب‪ ...‬نعتقده يأت من باب ردة الفعل العنيفة الت ل تقق شيئا إيابيا‪ ،‬إن ل تأخذ المور إل‬
‫التعقيد‪.‬‬
‫إن إرساء قيم التسامح والعدالة والعتراف بالخر‪ ،‬هي السبيل المثل نو تفاهم ثقاف بي المم‬
‫والفراد‪ .‬وإن كسب الؤيدين لذه الثقافة‪ ،‬ل يأت عب النع والكراهية وأصوات الغوغاء‪ .‬ونن ل‬
‫نتلف مع القائلي إن لكل شعب أو أمة تقاليدها وقيمها‪ ،‬وإن ما يأت ف باب الحرمات ‪-‬لدى‬
‫شعب من الشعوب‪ -‬ليس بالضرورة يدخل ف الباب نفسه لدى الشعوب الخرى‪ .‬ول يوز هنا‬
‫توير القاصد وإثارة الناس‪ ،‬بأن نشر الصور يدخل ضمن كراهية الوروبيي ضد السلمي‪ ،‬على‬
‫اعتبار صكوك تاريية إبان الملت الصليبية‪ ،‬ناهيك عن بعض من يدّعون الدفاع عن السلم‬
‫ويقومون باتاذ مواقف متعارضة‪ ،‬حيث يتحدث بعض من يقيم ف الدانرك من السلمي‪ ،‬بأنه ضد‬
‫القاطعة السلمية للدانرك‪ ،‬ث يتحدث من قناة عربية داعيا إل زيادة رقعة القاطعة!‬
‫هؤلء هم نط الندسي ف الصف السلمي والذين تتبناهم أوروبا وتوفر لم سبل العيش‪ ،‬لكنهم‬
‫‪-‬ف الوقت ذاته‪ -‬يقدون عليها‪ ،‬ويلعبون على عدة أوتار دون وازع من دين أو أخلق وهم أشدّ‬
‫على المة السلمية من مصوري ورسامي الكاريكاتي‪.‬‬
‫إن السلمي ماطون بدول وثقافات أجنبية‪ ،‬وليس بقدورهم بتر عالهم السلمي ونقله إل كوكب‬
‫آخر يعيشون فيه بسلم‪ ،‬فإن مقاطعة الخرين ليست من أسلحة العصر الديث‪ ،‬تاما كما هو حرق‬
‫السفارات والتعرّض للشخاص‪ .‬كما أن إشاعة البغضاء ‪-‬عب العلم‪ -‬وخلط الوراق‪ ،‬ل يصب ف‬
‫مصلحة المة السلمية!‬
‫لذا‪ ،‬فإن عقلنة العلم ف العال السلمي من الهام الضارية للدولة الديثة‪ ،‬ولبد من إياد لغة‬
‫تاطب حضارية مع الخر‪ ،‬وإن كنا ‪-‬كمسلمي‪ -‬نتأل من موقف الريدة الدانركية وغيها‪.‬‬
‫ويدخل ضمن تلك العقلنة تدريب الغوغاء على ثقافة العتراض‪ ،‬وعلى تنظيم الظاهرات السلمية الت‬
‫تقق أهدافها‪ .‬فما الدوى من تقاتل المهور الباكستان مع الشرطة‪ ،‬وسقوط ثلثة قتلى‪ ،‬وإتلف‬
‫الحال التجارية والسطو على البنوك على طريقة عصابات شيكاغو؟ هل هذه أساليب احتجاج على‬
‫ظلم‪ ،‬والقيام بظلم واضح على مؤسسات ليست لا يد فيما حصل؟ بل وهل يرضى الرسول الكري‬

‫‪6‬‬
‫بتلك الصادمات بي أبناء اللة وإزهاق الرواح؟ لعلنا نستذكر دخوله مكة فاتا وظافرا‪ ،‬حيث أطلق‬
‫أفضل قانون للتسامح ‪-‬مع من آذوه وعذبوه‪" -‬اذهبوا فأنتم الطلقاء"! هذه هي روح الرسول‬
‫وحكمته‪ ،‬فلم يقم بصلب من آذوه‪ ...‬أو حرقهم!‬
‫أعتقد أنا قضية أخذت بُعدا ثقافيا‪ ،‬ولبد من استغلل العلم "الضال" للحديث عن البعاد الثقافية‬
‫للخلف الاصل‪.‬‬
‫فالوار هو الذي يقرّب المم وليس التطاول والرق والتحطيم وبث الكراهية‪.‬‬
‫صحيفة التاد الماراتية‬
‫===========================‬
‫‪ ..‬بي مطم الصنام‪ ،‬والباكي عليها‪..‬‬

‫عبدال الناصر‬
‫(إسرائيل ابن البكر‪ ،‬هكذا يقول الرب) آية رقم ‪ 22‬من سفر الروج‪!!..‬‬
‫من يستطيع أن يعترض على هذا الكلم ويعتبه تريفا أسطوريا وهرطقة‪..‬؟ ل أحد يستطيع وبالذات‬
‫ف أوروبا‪ ،‬وأمريكا‪ ،‬الت تتحدث عن حرية الفكر‪ ،‬وحرية الرأي‪ ،‬وزمن العولة‪ .‬ل أحد يستطيع أن‬
‫يقول كيف لرب عظيم يصنع هذا الكون الائل العظيم‪ ..‬كيف له أن يتخذ ولدا اسه إسرائيل‪ ،‬وأن‬
‫بن إسرائيل من ذريته‪..‬؟ وأن أحفاده هم ابن غوريون‪ ،‬وغولدا مائي‪ ،‬وبيغن‪ ،‬وشارون‪!!..‬‬
‫? بعض مثقفينا «الحترمي»‪ !!..‬يرؤون على أن يقولوا كل شيء‪ ،‬ف كل شيء‪ ،‬وأن يادلوا‪،‬‬
‫وياوروا‪ ،‬ويَ ْكفُروا‪ ،‬ويُلحدوا‪ ،‬ويطعنوا ف دينهم‪ ..‬ولكنهم يقفون ربا بإجلل‪ ،‬أمام هذا النص‬
‫العبان القدس‪ ،‬وتونم هذه الرطقة‪!!..‬‬
‫لكن أن يشتم نب أمة كاملة فأمر أهون ف نظرهم من أن يناقش‪ ،‬أو يثار‪ ،‬لن السألة مسألة حرية‬
‫الرأي‪..‬‬
‫أنا لن أتدث هنا عن رأي الغرب فينا‪ ،‬ورأيه ف الرية‪ ،‬والديقراطية‪ ،‬ول الناهة‪ ،‬ول العدالة‪ ،‬فقد‬
‫عشت ف الغرب أكثر من عشرين عاما‪ ،‬وقرأت‪ ،‬وسعت‪ ،‬وحضرت ندوات‪ ،‬ومؤترات‪ ،‬ولست‬
‫متاجا إل من يقنعن‪ ،‬أو ياول تغيي موقفي من نظرة الغرب نونا‪ ،‬ولتاه قضايانا‪ ،‬ول من مفهومه‬
‫للعدالة‪ ،‬والديقراطية‪ ،‬الت تراد بنا‪ ،‬فالوقف بالنسبة إلّ واضح‪ ،‬ومسوم‪ ،‬وهذا ما كتبت‪ ،‬وأكتب‬
‫عنه بشكل مستدي‪ ،‬ل عن كراهية‪ ،‬أو بغضاء‪ ،‬ولكن عن تربة وخبة‪ ،‬فليس من طبيعة الر النيه‪،‬‬
‫أن يغلب عاطفة الكراهية على قول الق‪ ،‬ول نزعة الشر على نزعة الي‪ ،‬فأشهد أن ف الغرب من‬
‫اليابيات ما ل يعد‪ ،‬ول يصى‪ ،‬ولكن حينما يكون المر يصنا‪ ،‬ويعنينا‪ ،‬فإن المور والوازين‬
‫تتغي‪ .‬وها هو اليوم يعلنها صرية‪ ..‬يعلن عن تكتل أوروب ضد السلمي‪ ،‬وذلك بإعادة نشر الصور‬
‫ف معظم البلدان الغربية‪ ،‬ف موقف شبه موحد‪..‬‬

‫‪7‬‬
‫أقول لست أتدث عن هذا‪ ،‬ولكنن أناقش‪ ،‬وأنادي‪ ،‬وأسأل أصحاب البادئ‪ ،‬والعقول‪ ،‬والخلصي‬
‫من الثقفي‪ ،‬ومن أصحاب الرأي‪ ،‬والفكر‪ ،‬عن تلك الفئة الت تارس على فكرنا وصاية‪ ،‬وتكما‪ ،‬بل‬
‫وتارس اضطهادا قسريا علينا‪ ،‬وعلى أجيالنا‪ ،‬ف ماولة سجة للدفاع عن مواقف الغرب حول‬
‫قضايانا‪ ،‬وثقافتنا‪ ،‬ومعتقدنا‪..‬‬
‫أتدث عن أولئك الذين ضجوا‪ ،‬وناحوا‪ ،‬وصاحوا ف الصحافة‪ ،‬والذاعات‪ ،‬عندما ُحطّم صنم ف‬
‫أفغانستان‪ ،‬وطلبوا من الصغي‪ ،‬والكبي‪ ،‬أن يقف بضوع‪ ،‬واعتذار‪ ،‬وانناء‪ ،‬أمام تلك الادثة‪!!..‬‬
‫وعندما يهاجَم مُحطمُ الصنام الجرية‪ ،‬والبشرية‪ ،‬ومُخّلص النسان من الوثان‪ ،‬وعبادة الوثان‪،‬‬
‫الذي أخرج البدو من بيوت الشعر‪ ،‬ليعمروا الرض بالمال‪ ،‬والسلم‪ ..‬عندما يشتم نب أكثر من‬
‫مليار مسلم‪ ،‬نراهم يلوذون بالصمت‪ ،‬ويغلقون أفواههم‪ ،‬ويصمون آذانم‪ ،‬ويوارون أقلمهم‪ ،‬وهم‬
‫أكثر الناس حديثا عن الرية‪ ،‬وحقوق النسان‪ ،‬بل وحقوق اليوان‪ !!..‬ولو افترضنا جدلً‪ ،‬أن‬
‫هؤلء ل يؤمنون بحمد‪ ،‬ول بإله ممد‪ ،‬فل أقل من الدفاع عنه من منظور ثقاف‪ ،‬فهو رمز ثقافة هذه‬
‫المة‪ ،‬وهو معلمها الول‪..‬‬
‫أذكر أن معظم هؤلء رثوا الراهبة ماما «تريزا» وذرفوا عليها الدموع عند وفاتا‪ ،‬واعطوها من‬
‫التبجيل‪ ،‬والتقدير‪ ،‬والتهويل‪ ،‬والتعظيم‪ ،‬ما ل ينطبق على بشر‪ ،‬ول غضاضة ف بكائهم‪ ،‬غي أن ل‬
‫أعتقد أن ذلك كان عن قناعة بقدر ما كان إرضاءً لشهوة التمجيد لكل ما هو غرب‪..‬‬

‫لقد مدوا سلمان رشدي‪ ،‬ودافعوا عنه باسم حرية التعبي‪ ،‬متجاهلي ما أثاره ف قلوب مليي الناس‬
‫من حرقة‪ ،‬وأل‪ ،‬وكأن أولئك السلمي ل مشاعر لم‪ ،‬ول أحاسيس لم‪ ،‬بل وكأنم كائنات نسة‬
‫يب قمعها‪ ،‬وإذللا‪ ..‬ث هللوا له عندما استقبله البيت البيض مكافأة له على قهر هذه المة‬
‫وتكبيتها‪..‬‬
‫ورجوا الفكر‪ ،‬والفيلسوف روجيه جارودي بجارة القد‪ ،‬ورموه بكل أنواع السباب‪ ،‬والشتائم‪،‬‬
‫والصقوا به أوسخ التهم‪ ،‬ووقفوا إل جانب أولئك الذين حكموا عليه‪ ،‬وقادوه إل السجن‪ ،‬وهو ف‬
‫التسعي من عمره‪ ،‬لجرد أنه تساءل عن صحة رقم مرقة «الولوكوست»‪ ،‬مستندا إل وثائق‪،‬‬
‫وكتب‪ ،‬وجرائد‪ ،‬وملت رسية‪ ،‬وإحصائيات موثقة‪ ،‬إبان الرب الثانية‪ ،‬تشي إل أن عدد اليهود ف‬
‫أوروبا كلها كان ل يتجاوز الثلثة مليي‪ ..‬فكيف يكون عدد الحروقي ستة مليي‪..‬؟‬
‫بل لقد «زغرد» احدهم لفرنسا ف زاويته «التصهينة»‪ ،‬لنا منعت الرحوم الفكر السلم أحد‬
‫ديدات من دخولا‪ ..‬كل هؤلء ل يركوا بنت شفة عندما شتم رئيس وزراء ايطاليا السلم‪ ،‬ودعا‬
‫إل حرب صليبية تنور السلمي‪ ..‬بينما ل يندد أحد من أولئك بذابح شارون‪ ،‬ول بقتل ممد الدرة‪،‬‬
‫والشيخ أحد ياسي‪ ،‬ول الرنتيسي‪ ،‬أو ياسر عرفات‪ ..‬ل يكتب من أولئك واحد منددا بالعتقلت‬
‫المريكية ف غوانتانامو‪ ،‬ول ف أوروبا‪ ،‬أو أبو غريب‪..‬‬

‫‪8‬‬
‫ل يستنكر واحد منهم عملية حرق ومو الثقافة العربية‪ ،‬وتدميها‪ ،‬بكراهية‪ ،‬وحقد‪ ،‬على يد اليش‬
‫المريكي ف بغداد‪ .‬ورأيناهم ف بداية غزو العراق‪ ،‬يادلون بصفاقة حول استحالة سقوط طائرة‬
‫«اباتشي» أمريكية برصاصة بندقية «بينو» قدية‪ ،‬اطلقها فلح عراقي!! أو يتندرون ف مقالت‬
‫طويلة‪ ،‬عريضة‪ ،‬على كلمة «علوج»‪ ،‬الت استعملها الصحاف‪ ،‬بينما بغداد تعتلجها الطائرات‪،‬‬
‫والقنابل الهنمية اللعونة‪ ،‬وكانوا بذلك يارسون اتفه أنواع السفاهة‪ ،‬واحتقار عقل الثقف العرب‬
‫وكرامته‪ .‬بل ند أنم أمام تلك الشاهد‪ ،‬والرائم البشعة‪ ،‬يدعون إل الوار مع الخر‪ ،‬والتسامح‪،‬‬
‫ونبذ العنف ‪ -‬القاومة ‪ ، -‬بينما تاريخ الغرب يشهد أنه ما كان متساما معنا ولو للحظة واحدة‪.‬‬
‫فمنذ ما يقارب الائت عام ‪ -‬إذا تاوزنا ماكم التفتيش‪ ،‬والروب الصليبية ‪ -‬وأرضنا‪ ،‬وشعوبنا‪ ،‬ل‬
‫تنج يوما واحدا من احتلل‪ ،‬أو ذبح‪ ،‬ويكفي أن بلدا عربيا واحدا أبيد من شعبه قرابة الليون‬
‫ونصف الليون‪ ،‬ف سبيل ترير نفسه‪ .‬ول تزال طائرات الغرب‪ ،‬ودباباته‪ ،‬تصب حمها‪ ،‬ونيانا على‬
‫أطفالنا‪ ،‬وبيوتنا ف العراق‪ ،‬وفلسطي‪ ،‬ف الوقت الذي ل تزال طائرات الغرب‪ ،‬وسفنه‪ ،‬وسياراته‪،‬‬
‫وقطاراته‪ ،‬ومكائن كهربائه‪ ،‬ومدافئ بيوته‪ ،‬تعمل بالنفط العرب‪..‬‬
‫أعتقد أنه طفح الكيل‪ ،‬وآن الوان‪ ،‬لكي نواجه هذه الطغمة البذيئة الت تقف جنبا إل جنب‪ ،‬مع‬
‫أعداء هذه المة‪ ،‬كخصم لدود لطموحاتنا‪ ،‬وبناء أنفسنا‪ ،‬واستقللنا‪ ،‬بل نراها تتطاول مع التطاولي‬
‫على لغتنا‪ ،‬وقوميتنا‪ ،‬وهويتنا‪ ،‬وديننا‪ !..‬كل ذلك إرضاءً لنوة العشق‪ ،‬والظهر الشكلن للثقافة‬
‫المريكية‪ ،‬المبيالية‪ ،‬الشوفينية‪ ،‬ذات البعد الواحد‪..‬‬
‫ويح هذه المة ألف مرة‪ ،‬ليس من أعدائها ولكن من أبنائها أو من ينتمون إل ثقافتها وينسبون إل‬
‫جلدتا‪!!..‬‬
‫? وبعد‪ :‬فل بد لكل قارئ شريف‪ ،‬ومثقف شريف‪ ،‬أن يعي خطرهم‪ ،‬وأن يقف متوجسا‪ ،‬ومرتابا‪،‬‬
‫وحذرا‪ ،‬أمام كل طروحاتم الغلة‪ ،‬الكارهة‪ ..‬فوال إنه ليشفي صدورهم‪ ،‬أن تتحطم هذه المة‪،‬‬
‫وتترق هذه الوطان‪ ،‬وتنه ّد على رؤوس أهلها‪ ،‬حكاما‪ ،‬وشعوبا‪ !..‬فهل نن متنبهون‪..‬؟!‬
‫=======================‬
‫تبونم ول يبونكم‬
‫الكاتب‪ :‬ممد جلل القصاص‬
‫حادث سبّ النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ ف الصحف الوروبية ‪ ،‬ومن قبل امتهان أوراق القرآن‬
‫الكري ‪ ،‬والتعدي على الصحف ‪ ،‬وغي هذا ما يدث من ( أهل الكتاب ) ف واقعنا العاصر ‪ ،‬وما‬
‫حدث منهم على مر التاريخ ‪ ،‬حي دخلوا بيت القدس وسفكوا فيه دم مائة ألف من النساء‬
‫والطفال ومن وضعوا السلح حت صار الدم ِبرِ ٌك تسبح فيها اليل ‪ ،‬وما حدث ف البوسنة‬
‫والرسك ف العقد الاضي ‪ ،‬وما حدث ف العراق من قصف ملجئ المني وطوابي الُنسحبي‬
‫وحصارٍ دامَ لسني ‪ ،‬وما حدث ف الصومال من تويع وتريب ‪ ،‬وما حدث ف أفغانستان ‪ ...‬كل‬
‫هذا ـ وغيه ـ أمارات بينة على أن دعوى الحبة عند القوم كاذبة ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫يدعي النصارى أن النصرانية دين مبة ‪ ،‬ويرددون نصا من النيل ( حبوا أعدائكم ‪ ،‬باركوا لعنيكم‬
‫‪ ،‬صلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ) ‪.‬‬
‫ويتكلم النصارى أن قلوبم تفيض حبا وشفقة على الغي ‪ ،‬وأن السيح ما جاء إل للفداء ‪ ،‬وأنه جاء‬
‫ليلقي سلما على الرض ‪.‬‬
‫وكله كذب ‪.‬‬
‫أين هذا على أرض الواقع ؟ بل أين هذا ف كتابم ( القدس ) ؟‬
‫نن ل نتكلم عن مسابّة بي شخصي من عوام الناس ‪ ،‬بل تكم على أغلى ما عند السلمي ـ النب‬
‫والقرآن ــ ‪ ،‬وبأسلوب يُستقبح من السفهاء وعوام الناس فما بالك بالفكرين وأرباب العلم ؟‬
‫ونن ل نتكلم عن حادث فردي حدث مرة أو مرتي ‪ ،‬وإنا عادة للقوم تتكرر ف كل مكان وزمان‬
‫حي يكون لهل الصليب شوكة ‪.‬‬
‫الدث ليس فرديا ‪ ..‬فصحيفة نشرت ‪ . .‬وجهور قرأ ول ينكر ‪ . .‬ومثقفون ل يعتذروا أو يتبؤوا ‪.‬‬
‫‪ .‬و ( رجال دين ) سكتوا سكوت القر الراضي بالدث ‪ . .‬وحكومة سيق إليها كل عزيز كي‬
‫تعتذر ول تعتذر ‪ .‬ول تر ف المر شيئا ‪!! .‬‬
‫وقل مثل هذا على باقي الحداث الت تدث هنا وهناك ‪ ،‬والت حدثت بالمس ‪ ،‬والت تدث اليوم‬
‫‪.‬‬
‫فأين الحبة يا أدعياء الحبة ؟!‬
‫إن القيقة الت ل مراء فيها أن دين النصرانية دين ل يعرف أدبا مع الخالف ‪ . .‬أي أدب ‪ . ..‬وأن‬
‫دين النصارى دين إرهاب هذا ما تقوله نصوص كتابم القدس ف ( العهد الديد ) و( العهد القدي )‬
‫‪ ..‬وهذا ما يدث على أرض الواقع بتمامه ‪.‬وأنقل لك ــ أخي القارئ ــ بعض ما يقوله‬
‫كتابم لتعرف كيف يتطابق مع الواقع ‪ ،‬وأن القوم ف سفاهتهم وبطشهم ينطلقون من منطلق عقدي‬
‫دين وليس تصرفات فردية كما يدعون عوام الناس ‪.‬‬
‫جاء على لسان السيح ـ كما يزعمون ـ ( ل تظنوا أن جئت للقي سلما على الرض‪.‬ما جئت‬
‫للقي سلما بل سيفا ) ( مت ‪) 34 :10 :‬‬
‫وجاء ف سفر حزقيال [ ‪ 5 : 9‬ـ ‪] 7‬على لسان ( الرب ) ‪:‬‬
‫ف عُيُونُ ُكمْ وَ َل َت ْعفُوا‪َ .‬أهِْلكُوا الشّْي َخ وَالشّابّ وَاْلعَ ْذرَاءَ‬ ‫" اعُْبرُوا فِي الْمَدِيَنةِ َخ ْلفَ ُه وَا ْقتُلُوا‪َ .‬ل تََترَّأ ْ‬
‫وَال ّطفْ َل وَالنّسَاءَ‪ .‬وَلَكِنْ َل َتقْرَبُوا مِنْ َأيّ إِْنسَا ٍن عََلْيهِ السّ َمةُ‪ ،‬وَابَْتدِئُوا مِ ْن َقْ ِدسِي‪ .‬فَاْبتَدَأُوا ُيهْلِكُونَ‬
‫خ الْ َموْجُودِينَ َأمَامَ اْل َهيْكَلِ‪ .‬وَقَالَ َلهُمْ ‪ :‬نَجّسُوا اْلهَيْكَ َل وَا ْملَأُوا سَاحَاِتهِ بِاْلقَتْلَى‪ ،‬ثُمّ‬ ‫الرّجَا َل وَالشّيُو َ‬
‫ا ْخرُجُوا‪ .‬فَاْندََفعُوا إِلَى الْمَدِيَنةِ َو َش َرعُوا َيقُْتلُون "‬
‫أليس هذا ما حدث ف بيت القدس حي دخله الصليبيون أول مرة ؟؟!!‬
‫و( الكتاب القدس ) هو الكتاب الوحيد الذي يأمر بقتل الطفال ؟‬
‫جاء ف سفر العدد ( ‪1 :31‬ـ ‪) 18‬‬

‫‪10‬‬
‫ك ‪َ .‬فقَالَ‬ ‫ت وَتَْنضَمّ إِلَى َق ْومِ َ‬ ‫" وَقَالَ ال ّربّ لِمُوسَى ‪ :‬انَْتقِ ْم مِنَ الْ ِمدْيَانِّييَ لَِبنِي إِ ْسرَائِيلَ‪ ،‬وََبعْ َدهَا تَمُو ُ‬
‫جنّدِينَ ِلمُحَارََبةِ الْ ِمدْيَانِّييَ وَالْنِتقَامِ لِل ّربّ مِْنهُمْ ‪ .‬فَحَا َربُوا‬ ‫ش ْعبِ‪َ :‬ج ّهزُوا مِنْكُ ْم رِجَا ًل مُ َ‬ ‫مُوسَى لِل ّ‬
‫خمْسَةَ‪َ :‬أ ِويَ َورَاقِ َم َوصُو َر وَحُورَ‬ ‫اْلمِدْيَانِّييَ كَمَا َأ َمرَ ال ّربّ َوقَتَلُوا كُ ّل ذَ َكرٍ؛ وََقتَلُوا َم َعهُ ْم مُلُو َكهُمُ الْ َ‬
‫َورَابِعَ‪ ،‬كَمَا قَتَلُوا َب ْلعَامَ ْبنَ َبعُورَ بِحَدّ السّيْفِ‪ .‬وَأَ َسرَ َبنُو ِإ ْسرَائِيلَ ِنسَاءَ الْمِ ْديَاِنّييَ وَأَ ْطفَاَلهُمْ‪َ ،‬وغَنِمُوا‬
‫جَمِيعَ َبهَائِ ِمهِ ْم َو َموَاشِيهِ ْم وَسَاِئرَ َأمْلَ ِكهِمْ‪ ،‬وََأ ْحرَقُوا مُدَُنهُمْ ُكّلهَا بِمَسَاكِِنهَا وَ ُحصُوِنهَا ‪ ،‬وَا ْسَتوَْلوْا‬
‫ج مُوسَى وَأَِلعَازَا ُر وَكُلّ قَا َدةِ إِ ْسرَائِيلَ‬ ‫خرَ َ‬
‫س وَالْحََيوَانِ‪ . . . . ،‬فَ َ‬ ‫لبِ مِنَ النّا ِ‬ ‫عَلَى كُ ّل اْلغَنَائِ ِم وَا َلسْ َ‬
‫ف َو ُرؤَسَاءِ‬ ‫ش مِنْ ُرؤَسَاءِ الُلُو ِ‬ ‫لِ ْسِتقْبَاِلهِمْ إِلَى خَارِجِ الْمُخَيّمِ ‪ ،‬فََأبْدَى مُوسَى َسخَ َطهُ َعلَى قَا َدةِ الْجَْي ِ‬
‫حيَيُْتمُ النّسَاءَ؟ ِإّنهُنّ بِاتّبَا ِعهِ ّن َنصِيحَ َة بَ ْلعَامَ َأ ْغوَيْنَ‬‫ح ْربِ‪ ،‬وَقَا َل َلهُمْ‪ :‬لِمَاذَا اسْتَ ْ‬ ‫اْلمِئَاتِ اْلقَا ِد ِميَ مِنَ الْ َ‬
‫َبنِي إِ ْسرَائِيلَ ِل ِعبَا َدةِ َفغُورَ‪ ،‬وَكُ ّن سََببَ خِيَاَنةٍ لِل ّربّ‪ ،‬فََتفَشّى اْلوَبَأُ فِي جَمَاعَ ِة ال ّربّ‪ .‬فَالنَ اقْتُلُوا كُلّ‬
‫ذَ َكرٍ مِنَ الَ ْطفَالِ‪ ،‬وَاقُْتلُوا أَيْضا كُلّ ا ْمرََأ ٍة ضَا َج َعتْ َرجُلً‪ ،‬وَلَ ِكنِ ا ْستَحَْيوْا لَكُمْ كُ ّل عَ ْذرَاءَ لَ ْم ُتضَاجِعْ‬
‫ل ))‬‫رَجُ ً‬
‫وجاء ف سفر إشعيا [ ‪ ] 16 : 13‬يقول ( الرب)‬
‫(( وتطم أطفالم أمام عيونم وتنهب بيوتم وتفضح نساؤهم ))‬
‫أليس هذا بتمامه ما شاهدناه ف البوسنة والرسك ‪.‬‬
‫واسع إل إله الكتاب القدس وهو يأمر برب أبادية كاملة‬
‫ستَْبقُوا فِيهَا َنسَمَ ًة حَيّةً‪َ ،‬بلْ َد ّمرُوهَا َعنْ‬ ‫شعُوبِ الّتِي َيهَُبهَا ال ّربّ إَِلهُكُمْ َلكُ ْم مِيَاثا فَلَ تَ ْ‬ ‫" أما مُدُنُ ال ّ‬
‫ي وَالْيَبُوسِّييَ كَمَا َأ َمرَكُمُ ال ّربّ‬ ‫حوّّي َ‬
‫ي وَاْل ِف ِرزّّييَ وَالْ ِ‬ ‫ي وَا َلمُورِّييَ وَالْكَْنعَانِّي َ‬‫حثّّي َ‬
‫بِ ْك َرةِ أَبِيهَا‪ ،‬كَمُدُ ِن الْ ِ‬
‫" جاء ف سفر التثنية ( ‪ ) 16 : 20‬إِلكم "‬
‫وغي هذا كثي ‪ .‬أمسكت عنه لضيق القام وهو معروف مشهور للمتخصصي ‪ ،‬فمن شاء رجع إليه‬
‫‪.‬‬
‫والقصود أن هذا هو الوجه القيقي للنصرانية ‪ ،‬أنا ل تب أحدا ‪ ،‬وأنا ل تمل وقارا ( للخر ) ‪،‬‬
‫وليس عندها إل القتل والسفك إن قدرت ‪ .‬هذا ما يقوله التاريخ ‪ ،‬وما ينطق به الواقع ف ( أبو‬
‫ف وَإِن‬ ‫غريب ) و( جوانتنامو) و( قلعة حاجي ) ف أفغانستان وغيهم ‪ .‬وصدق ال العظيم " (كَيْ َ‬
‫يَ ْظ َهرُوا َعلَيْكُمْ َل َيرْقُبُوْا فِيكُمْ ِإلّ وَ َل ِذمّ ًة ُيرْضُونَكُم بِأَ ْفوَا ِههِمْ َوتَأْبَى ُقلُوُبهُ ْم وَأَكَْث ُرهُ ْم فَا ِسقُونَ)‬
‫(التوبة ‪. ) 8 :‬‬
‫وأين هذا من قول رسول ال صلى ال عليه وسلم ـ للجيش حي يغزوا (( انطلقوا باسْ ِم ال وَبال‬
‫ل وَل صَغيا وَل ا ْمرَأةً‪ ،‬وَل َتغُلّوا َوضُمّوا‬ ‫َوعَلَى مِّل ِة رَسُولِ ال‪ ،‬وَل َتقُْتلُوا َشيْخا فَانِيا وَلَ ِطفْ ً‬
‫سِنيَ )) [ زيادة الامع الصغي‪ -‬للمام السيوطي]‬ ‫حبّ الُحْ ِ‬ ‫غَنَائِمَكُم وَأصْلِحُوا وَأحْسِنُوا إنّ ال يُ ِ‬
‫وقوله عليه الصلة والسلم ‪ِ (( :‬سيُروا بِاسْمِ الِ‪ ،‬وَفِي سَبِيلِ الِ‪ .‬قَاتِلُوا مَنْ َك َفرَ بِالِ‪ .‬وَلَ تَ ْمثُلُوا‪،‬‬
‫وَلَ َتغْ ِدرُوا‪ ،‬وَ َل َتغُلّوا‪ ،‬وَلَ َتقْتُلُوا وَلِيدا )) ‪ [ .‬رواه ابن ماجه] ]‬

‫‪11‬‬
‫نعم عندنا الولء والباء ‪ ،‬ونعم " ( لَا تَجِدُ َقوْما ُي ْؤمِنُونَ بِالّل ِه وَاْلَي ْومِ الْآ ِخرِ ُيوَادّونَ مَ ْن حَادّ الّلهَ‬
‫َورَسُوَلهُ وََلوْ كَانُوا آبَاءهُمْ َأوْ أَبْنَاءهُمْ َأوْ إِ ْخوَاَنهُمْ َأ ْو عَشِ َيَتهُمْ ُأ ْولَِئكَ كََتبَ فِي قُلُوِبهِ ُم الِْإيَا َن وَأَيّ َدهُم‬
‫حِتهَا الَْأْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا َرضِيَ الّل ُه عَْنهُ ْم َو َرضُوا عَْنهُ ُأوْلَِئكَ‬ ‫جرِي مِن تَ ْ‬ ‫ح مّْنهُ َويُدْ ِخُلهُمْ جَنّاتٍ َت ْ‬ ‫ِبرُو ٍ‬
‫ِح ْزبُ الّلهِ أَلَا إِنّ ِح ْزبَ الّل ِه هُمُ الْ ُمفْلِحُونَ) (الجادلة ‪) 22 :‬‬
‫ولكن الكره والسيف عندنا لن حاد ال ورسوله ‪ ...‬لن كفر وحل الناس على الكفر ‪ ،‬لن ضل‬
‫وأضل وأب إل ذلك بعد بذل كل سبل السن له ‪.‬‬
‫السيف عندنا لن حل ف وجهنا السيف ‪ ،‬أما من وضعه وأغلق عليه باب داره فل حاجة لنا فيه ‪.‬‬
‫السيف عندنا بعيد كل البعد عن النساء والطفال ومن ليس من أهل القتال ‪.‬‬
‫ل نفعل بالنساء والطفال والضعاف ما فعله القوم ف بيت القدس وما فعلوه ف فلسطي والعراق‬
‫والشيشان والبوسنة والرسك وأفغانستان كما أمرهم كتابم ( القدس ) ‪ .‬بل عندنا ‪( :‬لَا َيْنهَاكُمُ الّلهُ‬
‫حبّ‬ ‫خرِجُوكُم مّن دِيَارِكُمْ أَن َتَبرّوهُمْ َوُتقْسِطُوا إَِلْيهِمْ إِنّ الّلهَ يُ ِ‬ ‫عَنِ الّذِينَ لَ ْم ُيقَاتِلُوكُ ْم فِي الدّي ِن وَلَ ْم يُ ْ‬
‫اْل ُمقْسِ ِطيَ) (المتحنة ‪. ) 8 :‬‬
‫وليس ف شرعنا ول ف تارينا ول ف واقعنا العاصر أننا سببنا نبيا أو رسول ‪ ،‬أو استهزءنا بعقيدة ما‬
‫وإن كنا نقر بأنا مرفه ‪.‬‬
‫فأينا الحب للخي ؟‬
‫وأينا الؤدب ؟‬
‫تت ستار حرية الرأي ‪..‬‬
‫نشرت ملة الدعوة ف ‪26/12/1426‬هـ‪:‬‬
‫‪000000000000000000000‬‬
‫قال تعال ‪ { :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آَمَنُوا لَا َتتّخِذُوا بِطَاَن ًة مِ ْن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُ ْم خَبَالًا َودّوا مَا عَِنتّمْ قَدْ‬
‫خفِي صُدُو ُرهُمْ أَكَْبرُ قَ ْد بَيّنّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ ُكنْتُمْ َت ْعقِلُو َن (‪)118‬‬ ‫بَ َدتِ الَْب ْغضَا ُء مِنْ أَ ْفوَا ِههِ ْم َومَا تُ ْ‬
‫حبّونَكُ ْم َوُت ْؤمِنُونَ بِالْ ِكتَابِ ُكّلهِ وَِإذَا َلقُوكُمْ قَالُوا َآمَنّا وَِإذَا خََلوْا َعضّوا‬ ‫حبّوَنهُ ْم وَلَا يُ ِ‬ ‫هَا أَْنتُمْ أُولَاءِ تُ ِ‬
‫سنَةٌ‬
‫سكُمْ حَ َ‬ ‫عََليْكُمُ الَْأنَامِ َل مِنَ اْلغَْيظِ قُ ْل مُوتُوا ِبغَيْظِكُمْ إِ ّن الّلهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصّدُورِ (‪ )119‬إِ ْن تَمْسَ ْ‬
‫س ْؤهُ ْم وَإِنْ ُتصِْبكُمْ سَيّئَ ٌة َي ْفرَحُوا ِبهَا وَإِنْ َتصِْبرُوا وََتّتقُوا لَا َيضُرّكُمْ كَْي ُدهُمْ شَْيئًا إِنّ الّلهَ بِمَا َيعْ َملُونَ‬ ‫تَ ُ‬
‫مُحِيطٌ (‪ )120‬سورة الائدة}‬
‫وف ظلل القرآن ‪( -‬ج ‪ / 1‬ص ‪)422‬‬
‫إنا صورة كاملة السمات ‪ ،‬ناطقة بدخائل النفوس ‪ ،‬وشواهد اللمح ‪ ،‬تسجل الشاعر الباطنة ‪،‬‬
‫والنفعالت الظاهرة ‪ ،‬والركة الذاهبة اليبة ‪ .‬وتسجل بذلك كله نوذجا بشريا مكرورا ف كل‬
‫زمان وف كل مكان ‪ .‬ونستعرضها اليوم وغدا فيمن حول الماعة السلمة من أعداء ‪ .‬يتظاهرون‬
‫للمسلمي ‪ -‬ف ساعة قوة السلمي وغلبتهم ‪ -‬بالودة ‪ .‬فتكذبم كل خالة وكل جارحة ‪ .‬وينخدع‬

‫‪12‬‬
‫السلمون بم فيمنحونم الود والثقة وهم ل يريدون للمسلمي إل الضطراب والبال ‪ ،‬ول يقصرون‬
‫ف إعنات السلمي ونثر الشوك ف طريقهم ‪ ،‬والكيد لم والدس ‪ ،‬ما واتتهم الفرصة ف ليل أو نار ‪.‬‬
‫وما من شك أن هذه الصورة الت رسها القرآن الكري هذا الرسم العجيب ‪ ،‬كانت تنطبق ابتداء على‬
‫أهل الكتاب الجاورين للمسلمي ف الدينة؛ وترسم صورة قوية للغيظ الكظيم الذي كانوا يضمرونه‬
‫للسلم والسلمي ‪ ،‬وللشر البيت ‪ ،‬وللنوايا السيئة الت تيش ف صدورهم؛ ف الوقت الذي كان‬
‫بعض السلمي ما يزال مدوعا ف أعداء ال هؤلء ‪ ،‬وما يزال يفضي إليهم بالودة ‪ ،‬وما يزال يأمنهم‬
‫على أسرار الماعة السلمة؛ ويتخذ منهم بطانة وأصحابا وأصدقاء ‪ ،‬ل يشى مغبة الفضاء إليهم‬
‫بدخائل السرار ‪.‬‬
‫‪ .‬فجاء هذا التنوير ‪ ،‬وهذا التحذير ‪ ،‬يبصر الماعة السلمة بقيقة المر ‪ ،‬ويوعيها لكيد أعدائها‬
‫الطبيعيي ‪ ،‬الذين ل يلصون لا أبدا ‪ ،‬ول تغسل أحقادهم مودة من السلمي وصحبة ‪ .‬ول ييء‬
‫هذا التنوير وهذا التحذير ليكون مقصورا على فترة تاريية معينة ‪ ،‬فهو حقيقة دائمة ‪ ،‬تواجه واقعا‬
‫دائما ‪ . .‬كما نرى مصداق هذا فيما بي أيدينا من حاضر مكشوف مشهود ‪. .‬‬
‫والسلمون ف غفلة عن أمر ربم ‪ :‬أل يتخذوا بطانة من دونم ‪ .‬بطانة من ناس هم دونم ف القيقة‬
‫والنهج والوسيلة ‪ .‬وأل يعلوهم موضع الثقة والسر والستشارة ‪ . .‬السلمون ف غفلة عن أمر ربم‬
‫هذا يتخذون من أمثال هؤلء مرجعا ف كل أمر ‪ ،‬وكل شأن ‪ ،‬وكل وضع ‪ ،‬وكل نظام ‪ ،‬وكل‬
‫تصور ‪ ،‬وكل منهج ‪ ،‬وكل طريق!‬
‫والسلمون ف غفلة من تذير ال لم ‪ ،‬يوادون من حاد ال ورسوله؛ ويفتحون لم صدورهم وقلوبم‬
‫‪ .‬وال سبحانه يقول للجماعة السلمة الول كما يقول للجماعة السلمة ف أي جيل ‪:‬‬
‫{ ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تفي صدورهم أكب } ‪. .‬‬
‫وال سبحانه يقول ‪:‬‬
‫{ ها أنتم أولء تبونم ول يبونكم ‪ ،‬وتؤمنون بالكتاب كله ‪ ،‬وإذا لقوكم قالوا ‪ :‬آمنا ‪ ،‬وإذا خلوا‬
‫عضوا عليكم النامل من الغيظ } ‪. .‬‬
‫وال سبحانه يقول ‪:‬‬
‫{ أن تسسكم حسنة تسؤهم ‪ ،‬وإن تصبكم سيئة يفرحوا با } ‪. .‬‬
‫ومرة بعد مرة تصفعنا التجارب الرة ‪ ،‬ولكننا ل نفيق ‪ . .‬ومرة بعد مرة نكشف عن الكيدة والؤامرة‬
‫تلبس أزياء متلفة ولكننا ل نعتب ‪ .‬ومرة بعد مرة تنفلت ألسنتهم فتنم عن أحقادهم الت ل يذهب با‬
‫ود يبذله السلمون ‪ ،‬ول تغلسها ساحة يعلمها لم الدين ‪ . .‬ومع ذلك نعود ‪ ،‬فنفتح لم قلوبنا‬
‫ونتخذ منهم رفقاء ف الياة والطريق! ‪ . .‬وتبلغ بنا الجاملة ‪ ،‬أو تبلغ بنا الزية الروحية أن ناملهم‬
‫ف عقيدتنا فنتحاشى ذكرها ‪ ،‬وف منهج حياتنا فل نقيمه على أساس السلم ‪ ،‬وف تزوير تارينا‬
‫وطمس معاله كي نتقي فيه ذكر أي صدام كان بي أسلفنا وهؤلء العداء التربصي! ومن ث يل‬

‫‪13‬‬
‫علينا جزاء الخالفي عن أمر ال ‪ .‬ومن هنا نذل ونضعف ونستخذي ‪ .‬ومن هنا نلقى العنت الذي‬
‫يوده أعداؤنا لنا ‪ ،‬ونلقى البال الذي يدسونه ف صفوفنا ‪. .‬‬
‫وها هو ذا كتاب ال يعلمنا ‪ -‬كما علم الماعة السلمة الول ‪ -‬كيف نتقي كيدهم ‪ ،‬وندفع أذاهم‬
‫‪ ،‬وننجو من الشر الذي تكنه صدورهم ‪ ،‬ويفلت على السنتهم منه شواظ ‪:‬‬
‫{ وإن تصبوا وتتقوا ل يضركم كيدهم شيئا ‪ .‬إن ال با يعملون ميط } ‪. .‬‬
‫فهو الصب والعزم والصمود أمام قوتم إن كانوا أقوياء؛ وأمام مكرهم وكيدهم إن سلكوا طريق‬
‫الوقيعة والداع ‪ .‬الصب والتماسك ل النيار والتخاذل؛ ول التنازل عن العقيدة كلها أو بعضها اتقاء‬
‫لشرهم التوقع أو كسبا لودهم الدخول ‪ . .‬ث هو التقوى ‪ :‬الوف من ال وحده ‪ .‬ومراقبته وحده ‪.‬‬
‫هو تقوى ال الت تربط القلوب بال ‪ ،‬فل تلتقي مع أحد إل ف منهجه ‪ ،‬ول تعتصم ببل إل حبله ‪.‬‬
‫‪ .‬وحي يتصل القلب بال فإنه سيحقر كل قوة غي قوته؛ وستشد هذه الرابطة من عزيته ‪ ،‬فل‬
‫يستسلم من قريب ‪ ،‬ول يواد من حاد ال ورسوله ‪ ،‬طلبا للنجاة أو كسبا للعزة!‬
‫هذا هو الطريق ‪ :‬الصب والتقوى ‪ . .‬التماسك والعتصام ببل ال ‪ .‬وما استمسك السلمون ف‬
‫تاريهم كله بعروة ال وحدها ‪ ،‬وحققوا منهج ال ف حياتم كلها ‪ . .‬إل عزوا وانتصروا ‪ ،‬ووقاهم‬
‫ال كيد أعدائهم ‪ ،‬وكانت كلمتهم هي العليا ‪ .‬وما استمسك السلمون ف تاريهم كله بعروة‬
‫أعدائهم الطبيعيي ‪ ،‬الذين ياربون عقيدتم ومنهجهم سرا وجهرا ‪ ،‬واستمعوا إل مشورتم ‪،‬‬
‫واتذوا منهم بطانة وأصدقاء وأعوانا وخباء ومستشارين ‪ . .‬إل كتب ال عليهم الزية ‪ ،‬ومكن‬
‫لعدائهم فيهم ‪ ،‬وأذل رقابم ‪ ،‬وأذاقهم وبال أمرهم ‪ . .‬والتاريخ كله شاهد على أن كلمة ال‬
‫خالدة؛ وأن سنة ال نافذة ‪ .‬فمن عمي عن سنة ال الشهودة ف الرض ‪ ،‬فلن ترى عيناه إل آيات‬
‫الذلة والنكسار والوان ‪. .‬‬
‫بذا ينتهي هذا الدرس ‪ ،‬وينتهي كذلك القطع الول ف السورة ‪ .‬وقد وصل السياق إل ذروة‬
‫العركة؛ وقمة الفاصلة الكاملة الشاملة ‪.‬‬
‫ويسن قبل أن ننهي هذا الدرس أن نقرر حقيقة أخرى ‪ ،‬عن ساحة السلم ف وجه كل هذا العداء‬
‫‪ .‬فهو يأمر السلمي أل يتخذوا بطانة من هؤلء ‪ .‬ولكنه ل يرضهم على مقابلة الغل والقد‬
‫والكراهية والدس والكر بثلها ‪ .‬إنا هي مرد الوقاية للجماعة السلمة وللصف السلم ‪ ،‬وللكينونة‬
‫السلمة ‪ . .‬مرد الوقاية ومرد التنبيه إل الطر الذي ييطها به الخرون ‪ . .‬أما السلم فبسماحة‬
‫السلم يتعامل مع الناس جيعا؛ وبنظافة السلم يعامل الناس جيعا؛ وبحبة الي الشامل يلقى الناس‬
‫جيعا؛ يتقي الكيد ولكنه ل يكيد ‪ ،‬ويذر القد ولكنه ل يقد ‪ .‬إل أن يارب ف دينه ‪ ،‬وأن يفت‬
‫ف عقيدته ‪ ،‬وأن يصد عن سبيل ال ومنهجه ‪ .‬فحينئذ هو مطالب أن يارب ‪ ،‬وأن ينع الفتنة ‪ ،‬وأن‬
‫يزيل العقبات الت تصد الناس عن سبيل ال ‪ ،‬وعن تقيق منهجه ف الياة ‪ .‬يارب جهادا ف سبيل‬
‫ال ل انتقاما لذاته ‪ .‬وحبا لي البشر ل حقدا على الذين آذوه ‪ .‬وتطيما للحواجز الائلة دون‬

‫‪14‬‬
‫إيصال هذا الي للناس ‪ .‬ل حبا للغلب والستعلء والستغلل ‪ . .‬وإقامة للنظام القوي الذي يستمتع‬
‫الميع ف ظله بالعدل والسلم ‪ .‬ل لتركيز راية قومية ول لبناء امباطورية!‬
‫هذه حقيقة تقررها النصوص الكثية من القرآن والسنة؛ ويترجها تاريخ الماعة السلمة الول ‪،‬‬
‫وهي تعمل ف الرض وفق هذه النصوص ‪.‬‬
‫إن هذا النهج خي ‪ .‬وما يصد البشرية عنه إل أعدى أعداء البشرية ‪ .‬الذين ينبغي لا أن تطاردهم ‪،‬‬
‫حت تقصيهم عن قيادتا ‪ . .‬وهذا هو الواجب الذي انتدبت له الماعة السلمة ‪ ،‬فأدته مرة خي ما‬
‫يكون الداء ‪ .‬وهي مدعوة دائما إل أدائه ‪ ،‬والهاد ماض إل يوم القيامة ‪ . .‬تت هذا اللواء ‪. .‬‬
‫=======================‬
‫تت ستار حرية الرأي ‪..‬‬

‫الصحافة الداناركية تتطاول على سيد الرسلي‬


‫* وزراء الارجية العرب ينتقدون موقف النظمات الوروبية العنية بقوق النسان‬
‫* النظمات السلمية ف أوروبا تعتزم ملحقة الجلت ف الحاكم البتدائية والعليا‬
‫* رئيس الوزراء الداناركي يعتب نشر الرسومات يدخل ف نطاق حرية الرأي؟!‬
‫تقيق ‪ -‬ممد الليل‪:‬‬
‫ل تقف أزمة الرسومات الكاريكاتورية الت نشرتا إحدى الصحف التطرفة الدنركية عند حدود‬
‫الدولة الوروبية فقط‪ ،‬بل تعدتا إل دول وبلدان مسلمة حول العال‪ ،‬بسبب ما أثارته هذه‬
‫الرسومات من تاوز لطوط حراء بالنسبة للمسلمي ف كل مكان‪.‬‬
‫وإن كانت الكومة الدنركية ل تتخذ حت الن موقفا رسيا وواضحا من التشويهات الت حاولت‬
‫الصحيفة الحلية إحداثها فيما يتعلق بشخص الرسول الكري (صلى ال عليه وسلم)‪ ،‬فإن العديد من‬
‫الكومات والقيادات السلمية والسياسية ف العال العرب والسلمي‪ ،‬قررت اتاذ مواقف حازمة‪،‬‬
‫أمام ما يكن أن تثّله هذه السابقة الطية‪ ،‬وما قد تؤسس له ف العقلية الغربية‪.‬‬
‫ففيما يفرض الدين السلمي على السلمي‪ ،‬مبدأ احترام النبياء والرسل السماويي‪ ،‬واحترام نب ال‬
‫موسى (عليه السلم) نب قوم بن إسرائيل‪ ،‬والسيح عيسى (عليه السلم) وأمه مري (عليها السلم)‪،‬‬
‫تتبارى بعض وسائل العلم التطرفة ف تضمي كتاباتا ورسوماتا ومواضيعها‪ ،‬ما يسيء إل الدين‬
‫السلمي‪ ،‬كدين ساوي‪ ،‬وإل شخصية الرسول العظم ممد (صلى ال عليه وسلم) كنب مرسل‬
‫من ال تبارك وتعال‪.‬‬
‫وف الدين السلمي هناك عقوبات وحدود تنع أي مسلم من الساءة إل أي من أنبياء ال ورسله‪،‬‬
‫بن فيهم أنبياء اليهود والنصارى‪ ،‬وف القابل‪ ،‬ند بعض الدول الغربية وقد رعت الساءة إل الدين‬
‫السلمي‪ ،‬وحرّضت على الساس بقداستهم وشرائعهم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ورغم أن الساءة الخية للمسلمي ل تكن الول‪ ،‬إل أن الساءة لقام الرسول ممد (صلى ال عليه‬
‫وسلم) تاوزت كل الطوط المراء‪.‬‬
‫بدايات الزمة‬
‫بداية الزمة الالية أشعلتها صحيفة (يولندز بوسطن) الدنركية الحلية‪ ،‬بنشرها مسابقة لختيار‬
‫أفضل رسم كاريكاتوري للنب ممد (صلى ال عليه وسلم) ادعت أنا تقع ضمن ما يسمى (بالرية‬
‫الفكرية)‪.‬‬
‫وبعد وصول أكثر من ‪ 30‬رسا‪ ،‬أعلنت الصحيفة أنا رشّحت ‪ 12‬رسا منها للفوز‪ ،‬وقامت بنشر‬
‫هذه الرسومات على صفحات جرائدها‪ ،‬ف أواخر سبتمب الاضي‪.‬‬
‫وشكّل نشر صور كاريكاتورية للنب ممد (صلى ال عليه وسلم) صدمة كبية ف نفوس السلمي ف‬
‫الدنراك‪ ،‬ما برحت أن انتقلت إل جيع السلمي ف العال‪.‬ما مهّد حلة كبية من قبل السلمي‪ ،‬لرد‬
‫العتبار‪ ،‬وإيقاف تلك الصحفية عند حدودها‪ ،‬وإجبارها على العتذار (كأقل ما يكن أن تقدمه‬
‫على هذه الساءة غي السبوقة)‪.‬‬
‫وف أول رد فعل شعب‪ ،‬خرجت مظاهرات منددة ضد الصحيفة التطرفة‪ ،‬ف الدنرك‪ ،‬شارك فيها نو‬
‫‪ 10‬آلف مسلم‪.‬بغية إيصال رسالة واضحة‪ ،‬إل أن ل أحد من السلمي يرضى بالتطاول على‬
‫شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ردود الفعال الرسية‬
‫رسيا‪ ،‬تثّلت بدايات ردود الفعال‪ ،‬بالتئام ‪ 11‬بعثة لدول عربية وإسلمية ف العاصمة الدنركية‬
‫(كوبنهاغن) سعت إل لقاء رئيس الكومة الدنركي‪ ،‬بعد أن نظّمت لقاء داخليا تدارسوا فيها ما‬
‫قامت به الصحيفة الدنركية‪ ،‬وطريقة الرد الت يب أن تتبناها الدول السلمية لواجهة ذلك‪.‬‬
‫إل أن طلب البعثة الدبلوماسية قوبل بالرفض من قبل رئيس الوزراء الدنركي أندرس فوغ راسوسن‪.‬‬
‫وجاء رده ليزيد من الحتقان لدى السلمي‪ ،‬حيث وصف ما فعلته الصحيفة الحلية بأنه (حرية‬
‫رأي)‪ ،‬قائلً ف رده على طلب الدول العربية والسلمية لقاءه‪( :‬إن الدانارك دولة ديقراطية وتترم‬
‫مبدأ حرية الرأي‪ ،‬وأن الرسومات تدخل ف نطاق حرية الرأي)!!‬
‫وجاء ف رسالته الت نشرتا الصحف (إن للصحافة مطلق الرية ف إبداء رأيها إزاء متلف القضايا‬
‫وأن ما حدث ل يرج عن نطاق حرية الرأي)‪ ،‬ومضى يقول (على التضرر أن يلجأ للقضاء)‪.‬‬
‫سفية مصر بكوبنهاغن أعربت عن استيائها البالغ من موقف الكومة الداناركية الذي وصفته‬
‫بالسلب‪.‬‬
‫وذكرت من عمر أن البعثات الدبلوماسية العربية والسلمية كانت اتفقت فيما بينها على تقدي‬
‫طلب رسي للقاء رئيس الوزراء‪ ،‬لشرح انعكاسات السخرية من النب صلى ال عليه وسلم ووقعها‬
‫السيئ على السلمي‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وأشارت إل أنه من الضروري أن تستوعب تلك الكومة أن التوجه العادي للسلم والسلمي‬
‫الذي يتبناه عدد من السياسيي والعلميي‪ ،‬من شأنه أن يقوّض جهود الكومة الت تدف إل فتح‬
‫قنوات حوار وتعاون مع الشرق الوسط‪.‬‬
‫ولعل رئيس الوزراء الدنركي قد فوّت على نفسه وعلى بلده فرصة تقليص الشكلة‪ ،‬الت أشعلتها‬
‫صحيفة (يولندز بوسطن)‪ ،‬وزاد هو من تأجيجها برفضه لقاء القيادات الدبلوماسية السلمية‪ ،‬ما‬
‫أدى إل ازدياد نقمة السلمي على رد الفعل الرسي‪.‬‬
‫وخلل اليام التالية‪ ،‬عقدت منظمة الؤتر السلمي قمة لا ف السابع والثامن من شهر ديسمب‬
‫الاضي‪ ،‬ف مكة الكرمة‪ ،‬تناولت قضية الرسوم الكاريكاتورية‪.‬‬
‫وقال القائم بالعمال الصري ف كوبنهاغن مهاب نصر مصطفى مهدي‪ ،‬نيابة عن السفي الصري‪:‬‬
‫(أبلغتنا وزارة خارجيتنا أن قضية الرسوم الكاريكاتورية أدرجت على جدول أعمال قمة منظمة الؤتر‬
‫السلمي الستثنائية)‪.‬‬
‫واستنكرت النظمة ما ذهبت إليه الصحيفة الدنركية من رسومات مسيئة لشخص الرسول الكري‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬مقررة اتاذ إجراءات عملية ضد هذه الساءة القصودة‪.‬‬
‫حيث قالت المانة العامة لنظمة الؤتر السلمي ف بيان صحاف عقب اجتماعاتا‪( :‬إنا قررت‬
‫مقاطعة تظاهرة ثقافية دناركية حول الشرق الوسط) وطلبت من أعضاء النظمة مقاطعتها‪.‬‬
‫وأضاف البيان أن المانة العامة للمنظمة بعثت مذكرة إل الركز الدنركي تشي فيها إل أن (نشر‬
‫تلك الصور أساء إل مئات الليي من السلمي عب العال كما أن تعامل السلطات الدنركية مع هذا‬
‫الدث زاد ف مشاعر السخط والغضب ف العال السلمي)‪.‬‬
‫وتابع إن (تعمد نشر تلك الصور عمل قصد به الس بشاعر السلمي واستثارتا ول يكن اعتباره‬
‫عملً بريئا يدخل ف نطاق حرية التعبي الت يؤمن با الميع)‪.‬‬
‫وأكد البيان أن النظمة (طلبت من جيع دولا العضاء ومؤسساتا الثقافية مقاطعة أنشطة الشروع‬
‫الثقاف الدنركي الذكور تعبيا عن احتجاجها على هذا التصرف غي اللئق)‪.‬‬
‫كما عبّر وزراء الارجية العرب خلل اجتماعهم الذي أعقب تأجيج الزمة بي السلمي والدنرك‪،‬‬
‫عن (دهشتهم واستنكارهم لرد فعل الكومة الدنركية الذي ل يكن على الستوى الطلوب رغم ما‬
‫يربطها من علقات اقتصادية وسياسية وثقافية مع العال السلمي)‪.‬‬
‫وشدد الوزراء على أن الرسوم الكاريكاتورية الت نشرتا صحيفة (جيلندز بوست) اليومية مسيئة‬
‫للدين السلمي‪.‬وفق ما جاء ف تصريح لوزراء الارجية‪.‬‬
‫وانتقد الوزراء أيضا موقف النظمات الوروبية العنية بالدفاع عن حقوق النسان‪ ،‬مشيين إل أنا ل‬
‫تتخذ موقفا واضحا ف هذه القضية الت أثارت غضب مليي السلمي‪.‬‬
‫وأدان بيان منفصل آخر‪ ،‬صدر عقب الجتماع بشدة هذه الساءة‪ ،‬مؤكدا أنا (تتناف مع احترام‬
‫وقدسية الديان والرسل ومع قيم السلم السامية)•‬

‫‪17‬‬
‫كما قرر الوزراء تكليف المي العام للجامعة العربية عمرو موسى والمي العام لنظمة الؤتر‬
‫السلمي أكمل الدين إحسان أوغلو بتابعة القضية‪.‬‬
‫تركات شعبية ورسية‬
‫أمام جود الوقف الرسي الدنركي‪ ،‬وتاهل الصحيفة الدنركية الزمة الت أشعلتها بي بلدها‬
‫والسلمي ف كل مكان‪ ،‬قررت العديد من الفعاليات الهلية والرسية السلمية‪ ،‬اتاذ مواقف أكثر‬
‫صرامة من التنديد والتهديد‪ ،‬وذلك برفع شكاوى قضائية ضد الصحيفة التطرفة‪.‬‬
‫وقد بدأت أول التحركات القضائية‪ ،‬بدعوة قدمتها ‪ 11‬مؤسسة إسلمية ف أكتوبر ‪2005‬م‪ ،‬إل‬
‫مكمة ملية بدينة (فيبورج)‪ ،‬كونا القرب لكان النظمات السلمية‪.‬إل أن هذه الطوة ل تلق‬
‫قبولً من قبل الدعي العام الحلي‪.‬الذي اعتب أن هذه الساءة ليست من اختصاص الحكمة‪ ،‬وأن‬
‫الدستور ل يرّم مثل هذه التصرفات!!‬
‫وقال بيتي يورنسون (الدعي العام بفيبورج)‪( :‬إن كل من نص وروح الادة الت ترم عدم احترام‬
‫القدسات بالقانون الدانركي ل يصلحان للستخدام ضد الصحيفة)‪.‬‬
‫ورغم أن هذه القضية كانت ستكون حديث الكومة والحاكم لو أنا وجّهت إل اليهود‪ ،‬إل أن‬
‫القلية السلمة ف الدنرك قررت مواصلة تركها‪ ،‬حيث قرر مثلو القلية هناك؛ رفع دعوى قضائية‬
‫أمام أعلى جهات الدعاء بالبلد ضد صحيفة (ييلندز بوست) لنشرها الرسوم الكاريكاتورية‪.‬‬
‫وكشف قادة القلية السلمة عن اعتزامهم تصعيد القضية على الستوى القاري أمام لنة حقوق‬
‫النسان بالتاد الوروب‪ ،‬إذا ل تؤت دعاواهم داخل الدانرك ثارها‪.‬‬
‫كما أكدت أساء عبد الميد (مثلة النظمات السلمية بالدنرك) اعتزام الؤسسات السلمية رفع‬
‫المر إل النائب العام لعموم الملكة‪ ،‬موضحة أنه (ربا يكون له رأي آخر ف القضية)‪.‬‬
‫ويتيح القانون الدانركي الشكوى للنائب العام بالملكة‪ ،‬كفرصة أخية لقبول القضية‪.‬‬
‫تركات عربية‬
‫ول تقف التحركات القضائية عند هذا الد‪ ،‬حيث أعلنت جهات دينية واقتصادية ف الملكة العربية‬
‫السعودية‪ ،‬بتاريخ ‪ 21‬يناير ‪2006‬م‪ ،‬عزمها مقاضاة الصحيفة الدنركية ف الحاكم الدولية‪.‬‬
‫حيث أعلن رجل العمال حسن آل مهدي (الالك والرئيس التنفيذي لجموعة آل مهدي القابضة)‪،‬‬
‫والهندس سليمان البطحي (التحدث الرسي باسم اللجنة العالية لنصرة خات النبياء) عن تشكيل لنة‬
‫مشتركة باسم (اللجنة العالية لنصرة خات النبياء) تشمل كافة الدول الوروبية‪ ،‬لتنسيق الهود‬
‫الشتركة‪ ،‬بدف البدء باتاذ إجراءات تنفيذية لقاضاة الصحيفة الدنركية الت نشرت رسوما‬
‫كاريكاتورية للنب ممد (صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫ومن القرر أن يعقد الانبان لقاءات قادمة‪ ،‬للبدء بالطوات التنفيذية لقاضاة الصحيفة الدناركية‪.‬‬
‫وقال رجل العمال السعودي حسن آل مهدي‪( :‬إنه سيقدم دعمه الادي غي الحدود‪ ،‬مساندة‬
‫للقضية الت باشر برفعها الهندس سليمان البطحي ضد الصحيفة الدناركية الت أساءت للنب)‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫وأضاف‪( :‬سيتم التنسيق بينه وبي البطحي لتابعة الجراءات والستمرار ف الدعوى القضائية)‪.‬‬
‫كما أعلن الزهر الشريف يوم السبت ‪ 10‬ديسمب الاضي‪ ،‬أنه سيتوجه إل المم التحدة ومنظمات‬
‫حقوق النسان لتصعيد قضية نشر صحيفة داناركية رسوما كاريكاتيية تسيء للرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬معتبا ذلك (ازدراء واضحا للمسلمي)‪.‬‬
‫وقال ممع البحوث السلمية ف بيان له‪( :‬إن الزهر يعتزم التوجه برفضه لا حدث من إساءة‬
‫للرسول إل اللجان الختصة بالمم التحدة وإل منظمات حقوق النسان ف كل مكان؛ دفاعا عن‬
‫حقوق الفراد والشعوب‪ ،‬وحاية للتعددية الثقافية وما تتطلبه من احترام ثقافة الخرين‪ ،‬والمتناع عن‬
‫الترويج لثقافة الكراهية والزدراء بأولئك الخرين)‪.‬‬
‫تعاقب ردود الفعال‬
‫رغم التحركات الخية الت قد تؤدي إل إدانة وتري الصحيفة الدناركية‪ ،‬إل أن العديد من‬
‫الفعاليات الدينية ف العال السلمي والعرب‪ ،‬حلت على عاتقها لواء الدفاع عن الرسول العظم‬
‫(صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫حيث أوضح الشيخ رائد خليل (رئيس لنة الدفاع عن النب صلى ال عليه وسلم ف الدنارك) أنه ت‬
‫تنظيم تمع يضم ‪ 40‬مؤسسة ومسجدا لصد الملت الستمرة ضد السلم والسلمي‪ ،‬وخاصة ما‬
‫نشرته الصحيفة الدناركية التطرفة‪.‬‬
‫كما كشف الدكتور ممد بشاري (رئيس اتاد النظمات السلمية ف أوروبا) عن توجه التاد‬
‫لطلب (فرض مقاطعة اقتصادية بل وجوية على الدول الت تصدر عنها تطاولت بجم التهجم على‬
‫سيد البشر)‪.‬‬
‫وطالب بشاري بتحري النهج الوروب والمريكي ف التعامل مع القضايا الكبى وفق إستراتيجية‬
‫أساسية تصل إل حد حظر دخول النتجات‪.‬‬
‫وبيّن بشاري أنه ف ضوء الفراغ القضائي الدناركي وف ظل (مزاعم حرية الفكر والصحافة)‬
‫انتشرت حلت التطاول على السلمي حت وصلت إل النب (صلى ال عليه وسلم) و (إزكاء الفت‬
‫ل يتجاوز‬ ‫بي الاليات السلمة والدول الوروبية)‪ ،‬المر الذي يستلزم‪ ،‬بسب بشاري‪( ،‬تركا فاع ً‬
‫أشكال الناشدة والطالبة‪ ،‬بل والدانة)‪.‬‬
‫جعية السنّة تستنكر الواقعة‬
‫ومن جهتها‪ ،‬أصدرت المعية العلمية السعودية للسنة وعلومها بتاريخ ‪ 21‬ذو القعدة ‪1426‬هـ‪،‬‬
‫بيانا قالت فيه‪( :‬إن المعية العلمية السعودية تستنكر غاية الستنكار وتأسف أشد السف لا صدر‬
‫ف بعض الصحف الدناركية والنرويية من الستخفاف بنبينا ممد صلى ال عليه وسلم ووضعه‬
‫موضع السخرية والستهزاء)‪.‬‬
‫ودعت المعية العقلء والنصفي ف أقطار العال إل وقف هذه المارسات الطية‪ ،‬واتاذ التدابي‬
‫الواقية حت ل يكون أنبياء ال ورسله عليهم الصلة والسلم ملً لثل هذه التجاوزات الطية‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫وأضاف البيان‪( :‬نذكر العال أجع بأن هذا النب بعثه ربه سبحانه وتعال رحة للعالي أجعي وشاهدا‬
‫ومبشرا ونذيرا وداعيا إل ال بإذنه وسراجا منيا‪ ،‬فبلغ ونصح وأدى‪ ،‬فبسط ال به العدل والمن‬
‫والحسان‪ ،‬وأقام به الق وأخرج به العباد من الظلمات إل النور‪ ،‬وختم برسالته رسالت إخوانه‬
‫النبياء والرسلي عليهم الصلة والسلم ومنهم أولو العزم من الرسل (نوح وإبراهيم وموسى‬
‫وعيسى)‪.‬‬
‫ومضى البيان إل القول‪ :‬إن المعية لتستنكر ذلك‪ ،‬أداء لواجب النصيحة ل ولرسوله وللمؤمني‪،‬‬
‫وقياما ببعض حقه صلى ال عليه وسلم على أمته وتعبيا عن مشاعر الساءة لدى كل مؤمن ومؤمنة‬
‫تاه هذه الرية النكرة ف حق نبيهم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الذي يبونه أشد من مبتهم لولدهم‬
‫ووالديهم والناس أجعي‪ ،‬بل أشد من مبتهم لنفسهم•‪.‬إذ إن السلمي ف أقطار الرض آذتم هذه‬
‫التصرفات والرسومات البشعة الت خالفت با هذه الصحف الواثيق والعهود الدولية الت ضمنت‬
‫احترام دين السلم وكتابه ونبيه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫كما دعت المعية السلمي‪ ،‬وف مقدمتهم ولة المر والعلماء والثقفون والعلميون والساسة‪ ،‬إل‬
‫الوقوف ضد هذه الهانة لنب المة صلى ال عليه وسلم با تبأ به الذمة أمام ال تعال‪ ،‬كل بسب‬
‫استطاعته وفق الصول الشرعية مع التزام العدل والكمة‪.‬‬
‫ودعت المعية كذلك الكومتي الداناركية والنرويية إل اتاذ الجراءات الت تكفل الحافظة على‬
‫ما تضمنته العهود والواثيق الدولية من احترام دين السلم‪ ،‬وكتابه ونبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإل‬
‫معاقبة من تسبب ف هذه الساءة لشناعتها‪ ،‬وخطورة تداعياتا والعتذار الصريح ف وسائل العلم‬
‫عما صدر ف حق النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫إل أين يكن أن تذهب الشكلة بالسلمي؟‬
‫أعلنت عدة مصادر رسية وأهلية من أن تساهم هذه الزمة الخية‪ ،‬ف إحداث انقسامات داخل‬
‫الجتمعات الوروبية‪ ،‬وتزيد من إحساس السلمي هناك وف بقية الدول‪ ،‬بالظلم والتحيّز الغرب‬
‫ضدهم‪.‬‬
‫وتساءلت عدة وسائل إعلم عربية وإسلمية (ماذا كان سيحدث لو أن صحيفة أوروبية نشرت‬
‫صورا مسيئة بذا القدر لليهودية)‪ ،‬مؤكدة أن الكومات الغربية كانت ستتدخّل بقوة‪ ،‬بجة ما يطلق‬
‫عليه اسم (معاداة السامية)‪.‬‬
‫واعتب الحللون أن الساس بالنب صلى ال عليه وسلم الذي ينله السلمون منلً عظيما ف نفوسهم‪،‬‬
‫ل يكن تفسيه على أنه حرية رأي‪( ،‬كيف يكن فهم أن تقوم الكومة الداناركية الساعية لبناء‬
‫حوار حضارات بينها وبي الدول السلمية بتحقي السلمي بالنيل من رسولم؟)‪.‬‬
‫وحذر الراقبون من أن الساس بالرسول الكري له انعكاسات سيئة من ناحيتي الول على الصعيد‬
‫الداخلي ف تقيق الندماج القيقي للمسلمي بالجتمع الداناركي‪ ،‬حيث تسعى الكومة إل إياد‬

‫‪20‬‬
‫أجواء تيئ لدمج السلمي للتخلص من العنف والتقليل من نسبة الرائم‪ ،‬ومن ناحية أخرى فهو‬
‫يمل إهانة لكل السلمي‪.‬‬
‫ويأمل السلمون ف الدانارك أن تصادق الكومة على قانون ينع الساءة إل الديان السماوية‬
‫والقدسات الدينية‪ ،‬أسوة بالقواني الت تنع الساءة إل السامية واللكة والدستور الداناركيي‪.‬‬
‫وأوضح الدكتور ممد فؤاد البازي (رئيس الرابطة السلمية بالدانارك) أن الالية السلمية سعت‬
‫عب وسائل سلمية للتعبي عن رفضها الساس بالقدسات السلمية‪ ،‬وذلك بتنظيم مظاهرة شارك فيها‬
‫نو عشرة آلف متظاهر يوم المعة الاضي‪.‬‬
‫===========================‬
‫تعليقا على الدراسة الت أدانت أداء الكومة الدانركية‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬الشريف حات بن عارف العون‬


‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫لقد اعتاد السلمون ف العال السلمي أن يصفهم الغربيّون ببعض الوصاف‪ ،‬واعتاد السلمون أن ل‬
‫يُصغي الغربُ إل دفاعهم عن أنفسهم‪ ،‬واعتادوا أخيا أن يرجوا من (حوار الصّمّ) هذا بقدار أكب‬
‫من الشعور بالكراهية لذا العال التغطرس‪ ،‬كما اعتاد الغرب أن يرج بقدار أكب من الشعور‬
‫بالستخفاف بذلك العال التخلّف‪.‬‬
‫ومن بي تلك الوصاف الت يكررها الغرب ف وصفه للمسلمي‪ :‬أنم أ ّمةٌ منغلقةٌ‪ ،‬ل قدرة لديها‬
‫على التواصل الضاري ‪ ،‬من خلل الوار والتبادل الثقاف والفكري والفن‪ ،‬وغيها من وسائل‬
‫التواصل النسانيّة ‪.‬‬
‫ولن أحاول الدفاع عن السلمي هذه الرّة‪ ،‬لكي ل أكرّر (حوار الصّمّ) الذي اعتدناه‪ ،‬ولن أقول إن‬
‫التبادل الثقاف والفكري‪( ..‬إل آخره) إنا يصل بي أمّتي تعترفان بأن لدى الخرى منهما ما ُيكْمِلُ‬
‫بناء حضارتا‪ ،‬أمّا أن يقع من أمّة ترى أنا مستغنية عن كل ما لدى المّة الخرى ‪ ،‬فهو لن يكون‬
‫ض قي ٍم وحضارة على قيمٍ‬ ‫تبادلً إل من جهة ٍ واحدةٍ ‪ ،‬وحينها ل يكون تبادلً‪ ،‬وإنّما يكون فر َ‬
‫وحضارة أخرى ‪.‬‬
‫سأترك هذا الطاب هذه الرّة جانبا ‪ ،‬ولن أعرّج عليه بغي هذه اللاحة؛ لن سأخطو خطوةً إل‬
‫المام ‪ ،‬وسآخذ بزمام البادرة ‪ ،‬منتظرا من عقلء الغرب أن يقدّروا هذه الطوة‪ ،‬ليتقدّموا إلينا‬
‫بطوة أخرى‪ ،‬عسى أن تتقارب وجهات النظر بيننا!‬
‫ذلك أنن سوف اعترف اعترافا جديدا‪ ،‬بصفت مسلما من السلمي‪ ،‬أُبّينُ فيه تقصيي ف فهم حقيقةِ‬
‫إحدى القيم الغربيّة بكامل أبعادها‪ ،‬وهي قيم ُة (حرية التعبي)‪ .‬ولشك أن هذا التقصي الذي أعترف‬
‫ص وعيبٌ فيمن أراد ماورة الغرب ؛ لنه‬ ‫به على نفسي ‪ ،‬وأحسبه يعمّ كثيا من السلمي غيي= نق ٌ‬

‫‪21‬‬
‫لن يستطيع فهم مُحَا ِو ِرهِ الفهمَ الكام َل مع نقص تصوّره عن قيمةٍ ربا كانت سبب الختلف بينهما‬
‫ف بعض الحيان‪.‬‬
‫وف أزمة الرسوم السيئة الت نشرتا صحيفة يولند بوسطن الدانركية‪ ،‬وآزرتا فيها الكومة‬
‫ت قصورا لديّ ف فهم قيمة (حرية التعبي) لدى الغرب‪ ،‬وهي القيمة الت ل أكن‬ ‫الدانركيّة‪ ،‬اكتشف ُ‬
‫غافلً تاما عن مكانتها ف الثقافة الغربيّة؛ لكن ل أكن أتصورّها بكل معانيها لديهم‪.‬‬
‫فقد فهمتُ من تلك الزمة أن حرية التعبي لدى الغرب تفوق ف قداستها قداسة المر الدين (أو‬
‫هكذا يقول بعضهم) ‪ ،‬وأنّهم مستعدّون لجل هذه القداسة أن يؤذوا مشاعر السلمي جيعهم؛ ليُثبتوا‬
‫للعال وللمسلمي مقدار قداسة حرية التعبي عندهم‪.‬‬
‫وبذلك ازداد فهمي وضوحا لقدار التفاوت الكبي لرؤية السلمي إل حرية التعبي ولرؤية الغربيي‬
‫إليها ‪ :‬حيث إن السلمي يعلون حرية التعبي قيم ًة مقدّسة (مكفولة للمسلم) ما ل َتعْتَدِ على القدّس‬
‫الدين؛ لنم يرون مفسدة التطاول على القدّس الدين‪ ،‬تفوق مصلحة حرية التعبي‪ .‬وأمّا الغرب‬
‫فيق ّدمُ حرية التعبي على القدّس الدين‪ ،‬ولكنه ل يقدّمها على مَصَاِلحِه الكبى وعلى ما يُخ ّل بأمنه‬
‫القومي ‪.‬‬
‫هاتان فائدتان استفدتما من أزمة الرسوم السيئة!!‬
‫كما أن خرجتُ من هذه الزمة بألٍ ل يُنسى وجُرح لن يبأ من التطاول على مقام أحبّ ملوق‬
‫لديّ وأعظم إنسان ف اعتقادي الازم ‪ :‬أل وهو حبيب رسول ال ممد بن عبد ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫فها هو اعتراف بذه القيقة ‪ ،‬بعد أزمة الرسوم السيئة‪.‬‬
‫وبعد أن صدرت الدراسة الرسيّة ف الدانرك ‪ ،‬الت أدانت الكومة الدانركية على سوء إدارتا‬
‫للزمة‪ ،‬وأنه " كان من واجب رئيس الوزراء أن يتحاور مع سفراء الدول السلميّة " كما جاء ف‬
‫سبُلِ التصال النسانية من‬ ‫نصّ الدراسة؛ نريد أن نعرف بعد ذلك‪ :‬من هو الذي كان منغلقا فاقدا ل ُ‬
‫الوار والتبادل والثقاف‪...‬؟!‬
‫أحسب أن العتراف التال يب أن يرج من الكومة الدانركية ‪ ،‬والت تثّلُ أكثر الكومات‬
‫الغربيّة‪ :‬فينبغي أن تعترف بأنا حكومةٌ منغلقة عن النفتاح على الثقافات والضارات الخرى‪ ،‬وإلّا‬
‫لا رفضت مرّد إجراء حوار عال الستوى مع سفراء الدول السلميّة‪ ،‬وهو المر الذي أخذته‬
‫الدراسة الرسيّة لذه الكومة نفسها على أداء الكومة ورئيس وزرائها كما سبق‪.‬‬
‫ف والعترافُ النتظر قد يعيُ على بداية انفتاح الذهان لسائل عديدة‪ ،‬منها مراجعة كثيٍ‬ ‫وهذا الوق ُ‬
‫من الوصاف الت اعتاد الغربيون وصفَ السلمي با‪ ،‬والت اعتادوا أن ل يُلقوا بالً لدفاع السلمي‬
‫عن أنفسهم حيالا‪ ،‬الت قدّمتُ با هذا القال؛ لن النغلق وعدم الوار وعدم قبول التبادل الثقاف‬
‫وعدم فهم الخر‪(...‬إل آخره) كانت ُتهَما و أوصافا ل تكاد تفارق تصوّر كثي من الغربيي عن‬
‫السلمي‪ ،‬فإذا بذه الزمة تُظهر عكس ذلك تاما!!‬

‫‪22‬‬
‫فهل نبدأ عهدا جديدا من ماسبة النفس‪ ،‬ومن ترك التعال الذي ينع من رؤية القيقة ؟!!‬
‫هذا مايرجوه كل من يتمنّى أن يسود التفاهم بي العال‪ ،‬بدلً من أن يتسلط القويّ على الضعيف‪ ،‬ث‬
‫ع ضميه الذي يؤنبه على تصرّفاته‬ ‫ل يفتأ أن يسوّغ لنفسه هذا التسلّط ‪ ،‬لكي يدّر مشاعره وياد َ‬
‫اللإنسانيّة ‪.‬‬
‫هذا رجا ٌء صادقٌ‪ ،‬أتن أن يكون موجودا لدى القادة و أصحاب القرار والفكر الغربيي !‬
‫تاريخ النشر ف الوقع‪ 28/06/1427 :‬هـ الوافق ‪ 07/24/2006‬م‬
‫===========================‬
‫تنبيه هام جدا‬

‫المد ل الذي منّ على من شاء من عباده بتوفيقه لنصرته ‪ ,‬وخذل من شاء منهم بركونه إل أعداء‬
‫ملته ‪ ,‬والصلة والسلم على من ل خي إل ف طاعته ول فلح إل ف النتصار لسنته ‪ ,‬وعلى آله‬
‫وصحابته ومن سار على هداه إل يوم يلقاه ‪ .‬أما بعد‬
‫فلقد آتت غرسة الغية أكلها واستوت على سوقها فأغاظ ال با الكافرين ول المد على ذلك كله‬
‫إذ هدانا لذا الي وما كنا لنهتدي لول أن هدانا ال ‪.‬‬
‫ث يا أيها الكارم ‪:‬‬
‫تعلمون أن الغرب الكافر إنا تالف بينه لنه يرانا الطر القيقي الذي يهدده ولذا فهو قد رسم‬
‫لنفسه خططا يتخلص فيها ما يتوقعه منا من هجمات ‪.‬‬
‫وتعلمون أن تلك المم الكافرة تعتب الادة هي الساس لكل شيء فلها ييون ولجلها يوتون ‪.‬‬
‫وتعلمون أيضا أنم يرون أن ما ف أيدينا من الي الذي جعله ال مزونا ف بلداننا والثروة الكنوزة ف‬
‫أراضينا حقا من حقوقهم وأننا هج رعاع ل نقدر على تصريف أمورنا وأننا أعراب يكفينا اليسي من‬
‫العيش وإل فهم سادته وقادته‪.‬‬
‫وأمور أخرى ليس هذا أوان حصرها ‪.‬‬
‫لكنه لفت نظري اليوم وأنا أتابع الحداث بلحظاتا وأرقب الوضع بتفاصيله أنه دخل علينا ف الط‬
‫دول تسمى زورا بالعظمى وهي أحقر من أن تذكر لتفاهة ما تعتقده من فكر منحط وسياسة‬
‫انتقائية‪.‬‬
‫نعم لقد دخلت دول كفرنسا الرية وغيها ولعل القصد من هذا ظاهر ل يكاد يفى على كل متابع‬
‫وهو تفريق كلمتنا وإضعاف نار الغية ف قلوبنا ولكي تكثر الظباء علينا فل ندري ما نصيد‪.‬‬
‫إن دخول فرنسا وغيها ف هذه اللعبة القذرة والعركة الاسرة بول ال وقوته يراد منه شيء خطي‬
‫وهو ‪:‬‬
‫أن السلم الغيور إذا طُلبت منه مقاطعة النتجات الدناركية والنرويية والفرنسية واللانية والولندية‬
‫وما سيقتحم الغمار بعد ذلك من الدول الوربية أو النصرانية الاقدة وربا التعاطفة معها كالدول‬

‫‪23‬‬
‫البوذية فل شك أنه ربا يضعف عنده الماس ويس بشيء من الرج والضيق ويصعب عليه‬
‫الستمرار كونه تكاثر عليه المر أو ربا ل يد بديل ف السواق فيكون الغرب الكافر بذا انتصر ف‬
‫العركة من عدة جوانب ‪:‬‬
‫‪ = 1‬أنه تقق له ما أراد من السخرية بدين السلمي ورسولم صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ = 2‬أنه حطم معنويات السلمي وأرغم أنوفهم وأجبهم على خياره هو ل خيارهم هم ‪.‬‬
‫‪ = 3‬أنه زرع ف الغيورين من السلمي أن خيار القاطعة والذي هو سلح الشعوب السلمة الفعال و‬
‫القوي والوحيد خيار فاشل ل يؤت ثاره بل لربا مارس علينا هذا السلوب مستقبل لذللنا‪.‬‬
‫ولذا فالذي أراه _ وقد أكون مطئا ف هذا _ أن تتظافر جهودنا ف مقاطعة من كان السبب ف هذه‬
‫الرية مع رصد كل ما يارسه الكفار ف الدول الخرى من استفزاز لشاعرنا ‪ ,‬وأن نقاطع وبقوة‬
‫‪,‬ونتواصى وبعزية على توحيد الصف وعدم التراخي مهما كلف المر وأن نتوحد ف سينا هذا تت‬
‫راية العلماء العاملي الذين لم دورهم الشكور والبارك بإذن ال لكي نصدر عن رأي واحد يكون‬
‫فيه إشعار لعدونا بديتنا وحزمنا وأن صفنا ل يكن أن يترقه كيدهم ومكرهم الكبّار ‪.‬‬
‫فإذا ذاقت الدنيمارك والنرويج نار الصار القتصادي وعلمت مغبة فعلها وفساد ما أقحمت نفسها‬
‫فيه واستسلمت لكل مطالب المة وشروطها التفتنا إل الونة الذين كانوا يريدون توهي عزيتنا‬
‫وتوين كرامتنا فعملنا معهم كما عملنا مع سابقيهم وهكذا ‪.‬‬
‫ولكن ( العزية العزية يا أمة السلم )‪.‬‬
‫وحذار حذار من التشرذم والضعف فوال ما أتانا العدو إل من تفرقنا ‪.‬‬
‫( واعتصموا ببل ال جيعا ول تفرقوا )‬
‫هذا ما رغبت التنويه له والتنبيه عليه ولعل ال أن يكلل الهود بالنجاح وصلى ال وسلم على نبينا‬
‫ممد وعلى آله وصحبه أجعي ‪.‬‬
‫كتبه الشيخ الداعية ‪/‬‬
‫سليمان بن أحد بن عبد العزيز الدويش‬
‫هاتف جوال ‪0505124106 :‬‬
‫‪mamal_m_s@hotmail.com‬‬
‫القال من الشيخ سليمان خاص بملة مليار مع ممد صلى ال عليه وسلم ‪...‬‬
‫===========================‬
‫ثورة طلبة الخوان دفاعًا عن الرسول القدوة [‪]1938‬صفحة من تاريخ الخوان‬

‫الكاتب‪ :‬عادل الحلوي‬

‫‪24‬‬
‫ف عام ‪ 1938‬قام طلبة الخوان السلمي بالامعة والزهر والعاهد والدارس بثورة عارمة؛ اعتراضًا‬
‫واحتجاجًا على تدريس كتب إنليزية بكلية الداب تتضمّن إساءةً صريةً لرسولنا الكري وديننا‬
‫السلمي‪.‬‬
‫وتقدم طلبة الخوان بذكرة للغاء تدريس هذين الكتابي‪ ،‬ورفض عميد الكلية د‪ .‬طه حسي ذلك‪،‬‬
‫فأعقب هذا الرفض حلةٌ ف صحافة الخوان‪ ،‬وإرسال برقيات ومذكرات إل ملك البلد وشيخ‬
‫الزهر وغيها من السئولي‪ ،‬وقامت الظاهرات والضرابات ف الدارس والعاهد‪ ،‬ث تطور المر إل‬
‫مناقشة الوضوع داخل ملس النواب‪ ،‬وانتهى بنع تدريس الكتابي‪.‬‬
‫هي صفحة تبز كيف كان الخوان السلمون‪ -‬مثّلي ف طلبتهم‪ -‬ف الصدارة دائمًا دفاعًا عن‬
‫السلم ورسوله ومقدسات السلمي‪ ،‬كما تبز الوقف التهافت دائمًا للعلمانيي ف بلدنا تاه قضايا‬
‫السلم والسلمي‪ ،‬كما يُبز الرهابَ الفكريّ الذي تارسُه إدارات الامعات والكليات تاه صحوة‬
‫الطلب وخصوصًا حي تستمد صحوتا وحركتها من العقيدة والدين‪.‬‬
‫يروي لنا الستاذ ممد عبد الميد أحد‪ -‬أبو الامعيي الخوان وأحد شهود العركة وأبطالا‪-‬‬
‫تفاصيلَ ما حدث فيقول‪:‬‬
‫وقد حدث ف هذا العام ‪ 1938‬حادث الثورة على الكتب القرّرة ف قسم اللغة النليزية وهو‬
‫كتاب "جان دارك" وكتاب "أحاديث خيالية" للكاتب اليرلندي الشهور "برنارد شو" تناول فيه‬
‫شخصيةَ الرسول عليه الصلة والسلم تناو ًل يتضمن الساءةَ والتجريح‪ ،‬وإن كانت هذه ف صورة‬
‫حوار بي اثني‪ ،‬ولكنّ القارئ لذا الوار يس روح الؤلف ف السخرية والستهزاء بالرسول‪ -‬عليه‬
‫الصلة والسلم‪ -‬وذلك لن التجريح ف هذا الوار ل يقابله من الطرف الخر‪ ،‬فتجلى التجريح‬
‫مسي ِطرًا على أسلوب الكاتب ف هذا الوار‪.‬‬
‫وهاك أيها القارئ الكري ناذجُ مترجةٌ ترجةً حرفيةً‪ ،‬ما هو مق ّررٌ ف قسم اللغة النليزية بالسنة‬
‫الثالثة؛ لنعرض على الكومة "السلمية" والرأي العام هذه السموم الفكرية الت تطّم ف شبابنا روحَ‬
‫الغية على الدين وتعوّده الذلة والنوع والستهتار بكرامته كمسلم مصري شرقي‪ ،‬وذلك تت ستار‬
‫العلم وحريته والامعة وآرائها التجديدية‪.‬‬
‫أولً‪ :‬نقلً عن كتاب "سان جون" ف ماورةٍ بي شخصي ص ‪ 157‬تامًا‪:‬‬
‫كوشون‪ :‬دعن أقل لك إن أمثال هذه الطابات الت ترسلها "جان دارك" إل اللوك والوزراء كانت‬
‫قديًا الوسيل َة الت كان يلجأ إليها ممد‪ -‬اللعون‪ -‬عدوّ السيح‪ ،‬وبذا اللاد تكّن ذلك العرب سائق‬
‫الِمال من مطاردة السيح وكنيسته القدسة (بيت القدس) واتذ طريقَه كالوَحْش الكاسر حت انتهى‬
‫رحله أخيًا إل البانس‪ ،‬وقد رحم ال فرنسا من هذا (الحيم)!! ولكن ماذا كان يفعل سائق الِمال‬
‫هذا إل ما تفعله راعية الغنم هذه؟!‬
‫يقول إن صوت ال يهبط عليه بواسطة اللك جبيل‪ ،‬وهي تقول إن صوت ال يهبط عليها عن طريق‬
‫القديسة كاترين ومارجريت وعن طريق ميكائيل القدس‪ ،‬ولقد ادعى أنه رسول ل وكتب باسم ال‬

‫‪25‬‬
‫إل ملوك الرض قاطبةً‪ ،‬وإذا نظرت وجدت خطابات تلك الفتاة كأنا السيل النهمر‪ ..‬ستكون دنيا‬
‫دماء ودنيا رعب ودنيا خراب وستعود ثانيًا إل الوحشية الول؛ لننا الن ند ممدًا ومن حوله من‬
‫المقى‪ ،‬وند جان دارك ومن حولا من الغرار‪ ،‬ولكن ماذا يكون مصي العال لو أن كل فتاة‬
‫اعتقدت نفسَها مثل جان دارك وكل رجل اعتقد نفسه مثل ممد"؟!‬
‫ض عليه ويُحرق فإنه ل ينفكّ أن‬ ‫وف خلله يصف وحي الرسول أنه عدوَى كالسرطان‪ ،‬إذا ل يُق َ‬
‫يقذف بالجتمع النسان ف الطيئة والفساد والضياع والراب!!‬
‫ويكمل الخ ممد عبد الميد قائلً‪ :‬وقد رأيت إزاءَ هذين الكاتبي أن أتقدم بطلب باسم طلب‬
‫الخوان السلمي وقسم اللغة النليزية ول يكن معنا ف الواقع إل شباب الخوان فقط من جيع‬
‫القسام‪ ،‬ولكننا تكلمنا باسم القسم كله لتعزيز طلبنا‪ ،‬وهذه بعض فقرات الحتجاج الرفوع إل‬
‫عميد الداب والذي أمضاه نو أربعي طالبًا يناصر أكثرهم مبادئ الخوان‪:‬‬
‫"حضرة صاحب العزة‪ -‬عميد كلية الداب‬
‫تيةً واحترامًا وبعد!!‬
‫فنرفع إل عزتكم هذه الذكرة‪ ،‬نت ّج فيها على تقرير رواية "سان جون" وهي تتضمن طعنًا صريًا ف‬
‫شخص الرسول‪ -‬عليه الصلة والسلم‪ -‬ف عباراتٍ فاحشةٍ ل تتحمل تأويلً ول جدالً‪ ..‬وإن كلية‬
‫الداب لوس ُع عقلً وأعمق فكرًا من أن تلط بي حرية الفكر وحرية الفحش والجرام ف أقدس‬
‫شخصية ف هذا العال عند السلمي‪ ،‬وإننا لننتظر من العميد الذي ينادي دائمًا بكرامة الامعة‬
‫واستقلل الامعة وحرية التفكي أن يعيننا فيما يدعو إليه من كرامة الامعة ف أقدس ما نعتز به‪،‬‬
‫فلسنا نريد أن ييا العلم على حساب الكرامة‪ ،‬ولكنا نريد أن تيا الكرامة ف ظلل العلم‪."..‬‬
‫فما كان من الستاذ العميد طه حسي إل أن تعجّب من هذه الثورة الت ل ملّ لا ف نظره‪ ،‬قائلً‪:‬‬
‫إن طريق الدفاع عن السلم ل يكون بالثورة وإنا يكون بالرأى والقناع‪ ،‬فأجبته قائلً‪ :‬إن القناع‬
‫بالرأي إنا يكون عند مقابلة الرأي بالرأي والفكرة بالفكرة‪ ،‬ولك ّن أسلوب السباب والشتائم ل يعالَج‬
‫بالرأي والفكر‪ ،‬وإنا يعالَج بالحتجاج والثورة‪ ،‬وهذا الذي قمنا به إزاءَ هذه الشتائم والهانات الت‬
‫تُثي الشاعر فهي كمن يصفع خصمَه بيده فهل يدفع الصفوع عن نفسه بكلمةٍ من الكلماتِ أو برأيٍ‬
‫من الراء؟ أم يدفع بصفعةٍ أقوى وأردع؟!‬
‫صحافة الخوان تتبنّى القضية‬
‫وشنّت ملة (النذير) حلةً صحفيةً موفقةً‪ ،‬نشرت فيها مقتطفاتٍ ما َحوَته تلك الكتب من الشتائم‬
‫والسباب‪ ،‬وعلّقت عليه بأسلوب حاسي ملتهب‪ ،‬وكان أول تلك القالت والذي أشعل شرارة‬
‫الثورة بعنوان "السلم يهان ف كلية الداب رسيّا"‪ ،‬وتضمن العناوين الرئيسة التالية‪ :‬رسولنا ممد‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" -‬يُلعن" ف منهج الدراسة "علنًا"‪ ..‬بي جدران الكلية وعلى مسمع من الطلبة‬
‫حرية الكفر واللاد تباح باسم حرية الفكر والراء‪ ،‬وقال فيه كاتبه‪:‬‬

‫‪26‬‬
‫"من العجيب أن كلية الداب‪ -‬الت هي مصدر الفكار الرة والراء الديثة ف متلف نواحي‬
‫الثقافة‪ -‬قد أصبحت تعان ف ظل هذه الفكار الرة والراء الديثة من سيطرة النفوذ الجنب‬
‫وخاص ًة النليزي؛ حيث القررات يليها هوى الجانب الذين نجوا ف دراستهم نجًا استعماريّا‬
‫رمَوا به إل قتل روح العزة والكرامة ف نفوس السلمي والصريي وإشباع فكرهم بالراء الباحية‬
‫واللادية‪ ،‬ولكن الشباب الامعي ف هذه اليام قد تيقّظ وعرَف كيف يَغضب لكرامته ويذود عن‬
‫شرفه‪ ،‬وما كرامته وشرفه إل دينُه الذي يدين به ورسولُه الذي يعتز به‪.‬‬
‫وعلق الكاتب على موقف عميد الكلية د‪ .‬طه حسي قائلً‪:‬‬
‫"وإذا كان هناك ملوقٌ‪ -‬مهما عل مركزه‪ -‬يتشدّق برية الفكر وحرية الامعة ف مثل هذا الجرام‪،‬‬
‫فإننا نتحداه أن يقرّ لسانه سبّ الذات اللكية باسم حرية الامعة وحرية الراء‪ ،‬أو أن يقرّ نشرَ الراء‬
‫الشيوعية الدامة باسم حرية الفكر والراء‪ ،‬فإذا آمن أن حرية الفكر غي حرية الباحية واللاد‪ ،‬وأن‬
‫العلم الثيم ليس إل الهل الثيم نفسه‪ ..‬فإننا سنرى أثرَ صيحتنا هذه الصادعة الدوية ف الكومة‬
‫وأول المر ف الامعة‪ ،‬لعلهم يضعون لذا السفاف العلمي حدّا‪ ،‬ول يكون السلم عندهم تقليدًا‬
‫باليًا كما يتوهم بعض اللحدين‪ ،‬وإنا يب أن ترتفع ف ظلله الراء الرة‪ ،‬وتنبعث من روحه ثرات‬
‫التجديد والتخليد‪ ،‬وإن كلية الداب الت تعرف جيدًا آداب بشار وأب نواس ما أولها إل أن تعرف‬
‫أيضًا آداب أب بكر وعمر"‪.‬‬
‫واهتمت الصحافة بذا الوضوع‪ ،‬فقد ذهب وفدٌ من طلب الخوان إل جريدة الصري‪ ،‬وقابلوا‬
‫الصحفي العروف الستاذ الغمراوي‪ ،‬الذي "استقبل وفد شباب الخوان أحسن استقبال ونشر‬
‫احتجاجَهم على تقرير هذين الكتابي بقسم اللغة النليزية تت عنوان‪ :‬تدريس الطعن ف النب‬
‫الكري ف كلية الداب‪ ،‬وهذا القال هو الذي أثار ثائرة الرأي العام ف مصر؛ وذلك لن جريدة‬
‫الصري كانت جريدةً وفديةً لا شعبيتُها الواسعة ف مصر‪ ،‬وكان الحرر "الغمراوي" موفقًا ف كلمته‬
‫الاصة تت هذا العنوان‪ ،‬فهو ل يكتف بنشر الحتجاج‪ ،‬وإنا كتب كلمةً مستفيضةً بأسلوبه‬
‫الصحفي المتاز يَعيب على السئولي بالامعة تقريرَهم مثلَ هذه الروايات لشبابنا الثقف"‪.‬‬
‫وتوجّهت إليه صحافة الخوان بالشكر على هذا الوقف النبيل‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫"وشكر ال لخواننا الذين أمضوا عن اقتناع وإيان‪ ،‬كما شكَر ال للستاذ الغمراوي الذي أحسن‬
‫لقاء طلبة الخوان‪ ،‬وعُن بوضوعهم وكتب عنه ف جريدة الصري كتابةَ مسلم يَغار على السلم‬
‫ويرتفع عن الجاملت والرسيات إل الدفاع عن الق للحق"‪.‬‬
‫وقامت جريدة الصري بأخذ رأي عميد الكلية ف الوضوع‪ ،‬فلم يرج عن سابق حديثه مع وفد‬
‫الطلب‪ ،‬فعلقت عليه الصحيفة أيضًا قائلةً‪:‬‬
‫"وأما تصريح الدكتور طه حسي لريدة الصري فلم يكن غريبًا كما يرى الستاذ الغمراوي‪ ،‬وإنا‬
‫كان رأيًا طبيعيّا للدكتور العميد الذي يذهب منطقُه إل ما ذهب إليه منطق زعيم من قبل (يقصد‬
‫مصطفى النحاس زعيم حزب الوفد) وهو أن السلم عال النبات ل يؤثر فيه الطعن ول الشتائم‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫وقد كفانا الستاذ الكب شيخ الزهر ومعال وزير العارف وغيها مئونةَ الرد على هذه الفكرة الت‬
‫ل ترتفع إل حد الشبهة ول تنهض إل مكانة البحث والرأي"‪.‬‬
‫ردود أفعال الزهر والعاهد والدارس ف أناء البلد‬
‫"كان لذه الركة الباركة صداها القوي ف الزهر الشريف‪ ،‬فقامت كلية أصول الدين عن بكرة‬
‫أبيها ف مظاهرة رائعة وإضراب عن الدرس غضبًا ل والرسول‪ ،‬وأرسلوا البقيات للجهات السئولة‪،‬‬
‫ويُحيّي فيهم شيخ الزهر هذه الغضبةَ الكريةَ وتلك النفرةَ القدسيةَ‪ ،‬فما أروعه من منظر يطرب‬
‫السلم ويق ّر عيَ رسول ال!! وقد انتقل صدى هذه الركة إل معهد السكندرية وأضرب طلبتُه‬
‫الكرام احتجاجًا على هذا الادث‪.‬‬
‫وقد بلغنا أخيًا تلك الركة الباهرة الرائعة الت قام با طلبة الدارس الثانوية وخاص ًة الفاروقية ومعهد‬
‫الزقازيق؛ حيث ألفوا مظاهر ًة ضمت آلف الشباب وهزوا مدينة الزقازيق هزّا‪ ،‬وتاوزت هتافاتم‬
‫عنا َن السماء‪ :‬الرسول زعيم العال‪ -‬نوت فداء الرسول‪ -‬كرامة الرسول فوق النقد والتجريح‪،‬‬
‫وأخذوا يتغنون بأناشيد العزة السلمية‪:‬‬
‫قد ما ال الضلل وبدا نور اليقي‬
‫فاهتفوا ف كل حال عاش دين السلمي‬
‫وطالع بعض الخوان بالدرسة الفاروقية ما تُرجم من كتاب سان جون ف عدد النذير السابق على‬
‫الخوان‪ ،‬فأثار شعورهم وخرجوا كتلةً واحدةً يهتفون بذه التافات الجلجلة ويعلنون غضبة السلم‬
‫ف حرارة وإيان‪ ،‬واقتحموا أبواب العهد الثانوي فانضموا اليهم وأصبحوا قوةً تزلزل اللاد وتقرّ‬
‫عي الؤمني‪ ،‬ث قصدوا جيعًا إل مدرسة الصنايع ث إل الدرسة الميية؛ حيث اصطدموا بقوة‬
‫البوليس ولكنه ل يشتبك معهم‪ ،‬وردّد طلبة الدرسة الميية هتافاتِ الخوان‪ ،‬ولك ّن الناظر طمأنَهم‬
‫بصادرة هذين الكتابي ول داعي للضراب والحتجاج‪.‬‬

‫وأخيًا توجهوا إل دار الخوان وأُرسلت البقيات التية‪:‬‬


‫أولً‪ :‬برقية إل جللة اللك‪ ،‬وثانيةً‪ :‬إل الستاذ الكب شيخ الزهر‪.‬‬
‫رد برنارد شو على ثورة طلبة الخوان‬
‫يقول الخ ممد عبد الميد‪" :‬طالعنا ف الصحف الصرية دهشة الؤلف برنارد شو من ثورة الطلب‬
‫على روايت "جان دارك" وقال إنن شخصيّا أحترم ممدًا رسول ال‪ ،‬وقد أشدت به ف كثي من‬
‫مقالت‪ ،‬وإن الشتائم الت ذكرتا ف روايت ل تكن رأيي الاص‪ ،‬وإنا هي على لسان شخصي ٍة أخرى‬
‫ف الوار تعبّر عن رأيها الاص ف هذا الرسول‪ ،‬وإن ل أحاسب الطلب على ثورتم على هذه‬
‫الرواية‪ ،‬وإنا أحاسب أساتذتم الذين عجزوا عن تفهيمهم مضمون هذه الرواية!! ث عقّب على هذا‬
‫بقوله الزيل التهافت‪ :‬ويكفي فخرًا لحمد ف روايت أن شبهته بالقديسة "جان دارك"‪ ،‬وهذا مبلغ‬
‫تعظيمِه لرسولنا العظيم كما يدّعي أنه يشبهه بان دارك‪ ..‬فيا للمهزلة ويا للسفاف"!!‬

‫‪28‬‬
‫وعلق على رد برنارد شو ف صحيفة الخوان فقال‪" :‬طالعنا أخيًا ف جريدة الصري رد برنارد شو‬
‫مؤلف الرواية يتهكّم فيه على الطلبة القائمي بذه الركة‪ ،‬ويصفهم بالمود والهل‪ ،‬وقد عدّ‬
‫مقارنته الرسولَ بان دارك شرفًا للرسول‪ ،‬وهذه تم ٌة أشن ُع ما اتّهم به الرسول من قبل‪ ،‬وسوف نرى‬
‫ردّ قادةِ الفكر ف الكلية على هذه التهمة الشنيعة؛ لعلهم يفطنون إل ما يركه لم هؤلء العداء‬
‫الضالون الخادعون"‪.‬‬
‫مناقشة القضية ف ملس النواب‬
‫وانتقلت القضية إل ملس النواب وتبنّاها بعض أعضائه ذوي النخوة والشهامة والغية على الدين‪،‬‬
‫وكانت جلس ًة تارييةً قالت عنها (النذير)‪:‬‬
‫"كانت جلس ًة حامي َة الوطيس حقّا‪ ،‬اشتدّ فيها الد ُل والصراع إل درجة اضطرب لا الاضرون‪،‬‬
‫ولقد كانت الشاد ُة عنيفةً قالت عنها (الهرام) إنا كادت تتطور إل تاسكٍ باليدي‪ ،‬وتدافُعٍ حول‬
‫النب‪ ،‬وتسابُقٍ بي الذراع واللسان‪.‬‬
‫قام النائب الريء الدكتور عبد الميد سعيد فتناول السياس َة الدينيةَ للجامعةِ الصرية‪ ،‬وعلى الخص‬
‫ف كلية الداب‪ ،‬فكان موفقًا كل التوفيق ف كلمته الامعة‪ ،‬موفقًا ف القارنة بي حرص المالك‬
‫السيحية على دينها وتعصبها لذا الدين‪ ،‬وسنها القواني للمحافظة عليه وحاية تقاليده مثل إنلترا‬
‫الت يقسم ملكُها على احترام دينها البوتستانت‪ ،‬رغم وجود متلف الديان والذاهب ف إمباطوريته‬
‫الواسعة‪ ،‬وألانيا الت وضعت قانونًا يرّم الكتاب َة والنشرَ ضد الذاهب السيحية‪ ،‬وأمريكا الت وضعت‬
‫أقصى العقوباتِ لن يبشّر بذهب النشوء والرتقاء الذي يالف عقيد َة دينِها‪ ،‬وفرنسا الت قصّر أحد‬
‫مدرسيها ف إعطاء (جان دارك) ما يب لا من تقديس واحترام‪ ،‬فكان جزاءَه أن طُرد من الدرسةِ‬
‫شرّ طرد‪ ،‬وهاج ضده الطلبةُ حت كادوا يُلقونه ف نر السي‪.‬‬
‫ولقد قام بعده نواب فضلء‪ ..‬نواب فهموا دينهم وعلموا أنه السبيلُ الوحد إل رُقي أمتهِم وسعادةِ‬
‫وطنهم فنادوا بدعوتم وأفادوا وسجّلوا دلي َل اليقظة ف صيحاتم الدوية‪.‬‬
‫وهذا الستاذ الليل الشيخ دراز يصي ما تناقله الناسُ عن النعات الطرة لحد الشرفي على‬
‫التعليم ف الامعة والقائمي فيها على تكوين عقائد الطلب وتكوين مذاهبهم الفكرية‪ ،‬هذه النعات‬
‫اليّالة إل اللاد باسم حرية الفكر الانة إل الدم والفساد والتشكيك باسم العلم‪ ..‬ث هو يتساءل‪:‬‬
‫إل أي هدف يُقصد بالطلبة أن ينساقوا إليه؟ وإل أي طريق تسي هذه الكلية الت يُنفق عليها من مال‬
‫الدولة السلمية؟!‬
‫ث ختم كلمته الرائعة مستشهدًا بقول النائب الكري الرحوم الستاذ عبد الالق عطية‪" :‬فعلى الذين‬
‫يريدون أن يرقوا بور اللاد أن يرقوه ف قلوبم لنم أحرارٌ ف عقائدهم‪ ،‬أو أن يرقوه ف منازلم‬
‫لنم أحرار ف بيئاتم الاصة‪ ..‬أما أن يطلقوه ف أجواء العلم ومنابر الامعة فهذا ما ل يكن أن‬
‫نفهمه بال من الحوال"‪.‬‬
‫صوت علمان صاخب ف ملس النواب‬

‫‪29‬‬
‫ولكن كان هناك علمان صميم ف ملس النواب تصدّى لملة النواب الدافعي عن القدسات‪ ،‬أل‬
‫وهو الكاتب العروف عباس ممود العقاد‪ ،‬فعلقت الصحيفة على موقفه قائلةً‪:‬‬
‫"وإن تعجب بعد ذلك فعجبٌ أن يعترض الستاذ العقاد هذه الصيحات الظاهرة القوية بنطقه‬
‫العروف فيأخذ على الدكتور عبد الميد سعيد ويأخذ على إخوانه الجاهدين ف الداية والرشاد‬
‫فيحتج باسم الدستور‪ ،‬وعلم يتج؟! يتج على النواب الحترمي؛ لنم يصادرون حرية التفكي ف‬
‫هذا البلد‪ ،‬وحرية العقائد مكفولةٌ باسم الدستور"‪.‬‬
‫"ومن عجب كذلك أن يعمد الستاذ العقاد إل الغالطة فيذكر كروية الرض‪ ،‬ويذكر أن الناس فيما‬
‫قبل كانوا يثورون على القائلي با‪ ،‬ويذكر التشريح وأن الناس كانوا يثورون على القائلي به‪ ،‬وجاء‬
‫زمنٌ آمن الناس بالكروية وآمنوا بالتشريح‪ ،‬فإذن على هذا النطق‪ -‬كما ردّ على الشيخ دراز‪ -‬ل‬
‫داعي لن نُحارب اللادَ والباحيةَ؛ لن ذلك إن كان ف نظرنا اليوم بغيضًا مرذولً فقد ييء يوم‬
‫يؤمن الناس باللادِ ويقرّر الناس الباحةَ‪ ..‬يا عجبًا كل العجب من هذا النطق"‪.‬‬
‫ناح ثورة الطلب وإلغاء تدريس الكتابي‬
‫يقول الخ ممد عبد الميد‪" :‬وقد نحت هذه الركةُ باجتماعِ ملسِ الكليةِ ومناقشتهم هذه الثورة‬
‫الامعية‪ ،‬وعلى الرغم من أنم اعتبوها ثورةً على غي أساسٍ؛ لن الؤلفَ ف نظرهم ل يقصد الهانة‬
‫للرسول وإنا هي مرد حوار يثّل روح العصر الصليب‪ ،‬إل أنم اضطّروا إل إلغاء تدريسها بقسم‬
‫اللغة النليزية خضوعًا للرأي العام وثورة الطلب الامة"‪.‬‬
‫===========================‬
‫"جهود العلماء ف مقاومة الوضع"‬

‫إعداد أحد ممد بوقرين‬


‫ماجستي أصول دين‬
‫بالامعة المريكية الفتوحة‬
‫" بسم ال الرحن الرحيم "‬
‫المد ل الذي أنزل القرآن وتكفل بفظه ورعايته فقال تعال ‪{ :‬إنا نن نزلنا الذكر وإنا له‬
‫لافظون} [‪ ]1‬والصلة والسلم على رسوله المي‪ ،‬ممد سيد الولي والخرين‪ ،‬أرسله ليبلغ‬
‫الناس هذا الذكر ويبينه للعالي‪ ،‬فقال سبحانه وتعال‪{ :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبي للناس ما نزل إليهم‬
‫ولعلهم يتفكرون} [‪ ]2‬فكان حفظ القرآن يتضمن حفظ سنة نبيه – صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫وحايتها من كيد الوضاعي الكاذبي‪.‬‬
‫اللهم إن أبرأ من الثقة إل بك و من المل إل فيك و من التسليم إل لك و من التفويض إل إليك و‬
‫من التوكل إل عليك و من الرضا إل عنك و من الطلب إل منك و من الذل إل ف طاعتك و من‬
‫الصب إل على بابك و من الرجاء إل ف يديك الكريتي و من الرهبة إل بللك العظيم‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫اللهم تتابع برك و اتصل خيك وكمل عطاؤك و عمت فواضلك و تت نوافلك وبر قسمك و صدق‬
‫وعدك و حق على أعدائك وعيدك ول يبقى ل حاجة من حوائج الدنيا هي لك فيها رضا و ل فيها‬
‫صلح إل قضيتها و أعنتن على قضائها يا أرحم الراحي‪.‬‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫فهذا بثي الفصلي لادة علوم الديث ‪ ،‬والذي أتناول فيه موضوع " جهود العلماء ف مقاومة الوضع‬
‫" ‪ ،‬حيث قسمت البحث إل بابي ‪ ،‬الباب الول يتناول التعريف بالديث الوضوع‪ ،‬وعن عبارات‬
‫العلماء ف التعريف به ‪ ،‬وعن مصادر الديث الوضوع ‪ ،‬وعن عقوبة الوضع ف الديث ‪ ،‬وعن توبة‬
‫الوضاعي ‪ ،‬وعن حكم رواية الديث الوضوع ‪ ،‬وعن أسباب الوضع ف الديث النبوي الشريف ‪،‬‬
‫وعن حكم العمل بالديث الوضوع‪،‬‬
‫ث الباب الثان وقد تدثت فيه عن جهود العلماء ف مقاومة الوضع ‪ ،‬وقد قسمت هذا الباب إل‬
‫خسة فصول‪ ،‬الفصل الول يتحدث عن جع الحاديث الثابتة ‪ ،‬والفصل الثان يتحدث عن الهتمام‬
‫بالسناد ‪ ،‬والفصل الثالث يتحدث عن مضاعفة النشاط العلمي ف قواعد الديث ‪ ،‬والفصل الرابع‬
‫يتحدث عن نقد الرواة وتتبع كذب الوضاعي‪ ،‬والفصل الامس يتحدث عن التأليف ف الوضاعي‪،‬‬
‫والفصل السادس يتحدث عن التأليف ف الوضوعات‪ ،‬ث ختمت بأهم ما ت التوصل إليه من خلل‬
‫هذا البحث‪ ،‬ونسأل ال التوفيق والتيسي ف هذا العمل‪ ،‬وأحب أن أنوه هنا أنن استفدت كثيا ف‬
‫بثي هذا ما كتبه الدكتور عبد ال بن ناصر الشقاري الستاذ بكلية الدعوة وأصول الدين بالرياض‬
‫ف بثه الذي ساه " الثار السيئة للوضع ف الديث النبوي وجهود العلماء ف مقاومته " ‪.‬‬
‫الباب الول ‪:‬‬
‫مباحث تتعلق بالديث الوضوع‬
‫الديث الضعيف لغة واصطلحا ‪:‬‬
‫أ‪ -‬لغة ‪ :‬اسم مفعول من وضع الشيء يضعه ‪ -‬بالفتح ‪ -‬وضعا‪ ،‬وتأت مادة (وضع) ف اللغة لعان‬
‫عدة منها‪ :‬السقاط‪ ،‬الترك‪ ،‬الفتراء واللصاق [‪.]3‬‬
‫ب‪ -‬أما ف اصطلح الحدثي‪ :‬فقد عرفه ابن الصلح بقوله ‪ :‬هو الختلق الصنوع [‪ ،]4‬وعرفه غيه‬
‫بأنه هو ‪ :‬ما نسب إل الرسول صلى ال عليه وسلم اختلقا وكذبا ما ل يقله أو يفعله أو يقره [‪.]5‬‬
‫التعريف بالديث الوضوع ‪:‬‬
‫ل ‪ ،‬وقد جعله العلماء آخر درجات الديث الضعيف‪،‬‬ ‫الوضوع شر الديث الضعيف جلة وتفصي ً‬
‫وإنا جعلوه من درجاته لجل التقسيم العرف وبسب إدعاء واضعه‪ ،‬وإل فهو ليس من أنواع‬
‫الديث أصلً‪.‬‬
‫عبارات العلماء ف التعريف بالديث الوضوع والشارة إليه ‪:‬‬
‫‪ -1‬التصريح بوضعه فيقولون ‪ :‬موضوع‪ ،‬باطل‪ ،‬كذب‪.‬‬
‫‪ -2‬قولم ف الديث ‪ :‬ل أصل له‪ ،‬ل أصل له بذا اللفظ‪ ،‬ليس له أصل‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -3‬قولم ف الديث ‪ :‬ل يصح‪ ،‬ل يثبت‪ ،‬ل يصح ف هذا الباب شيء‪.‬‬
‫مصادر الديث الوضوع ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬قد يترعه الواضع من نفسه ابتداءً‪ ،‬وينسبه إل الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وبعرف ذلك ‪ :‬إما‬
‫بإقراره أو ما ينل منلة القرار ‪ :‬كأن يدعو الديث إل مبدأ يدعو إليه الوضاع‪ ،‬أو تدل على ذلك‬
‫قرائن الحوال‪.‬‬
‫ب‪ -‬قد يأخذ الواضع كلم غيه فينسبه إل النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويكون الوضوع إما من‬
‫كلم الصحابة أو من كلم التابعي أو بعض قدماء الكماء‪ ..‬ونو ذلك [‪.]6‬‬
‫ج‪ -‬قد يهم الراوي فينسب كلم الغي إل النب صلى ال عليه وسلم عن غي قصد وتعمد للوضع‬
‫مثل "ومن كثرت صلته ف الليل حسن وجهه ف النهار" [‪ ،]7‬ولذا عده بعضهم ف حكم الدرج [‬
‫‪.]8‬‬
‫حكم الوضع ف الديث النبوي وعقوبة الوضاعي ف الخرة ‪:‬‬
‫قال النووي ف شرحه على صحيح مسلم ‪" :‬وقد أجع أهل الل والعقد على تري الكذب على‬
‫آحاد الناس‪ ،‬فكيف بن قوله شرع وكلمه وحي والكذب عليه كذب على ال تعال‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫{وما ينطق عن الوى إن هو إل وحي يوحى} [‪.]10[ " ]9‬‬
‫وقد بي النب صلى ال عليه وسلم حكم وضعه‪ ،‬وتوعد بالعقاب الشديد والعذاب الليم لن فعل‬
‫ذلك‪ ،‬حيث قال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬حدثوا عن ول حرج‪ ،‬بلغوا عن ولو آية‪ ،‬إن كذبا علي‬
‫ليس ككذب على أحد ‪ ،‬ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" [‪ ]11‬وقد حكي عن‬
‫بعض الفاظ أنه قال‪" :‬ل يعرف حديث اجتمع على روايته العشرة البشرون بالنة إل هذا‪ ،‬ول‬
‫حديث يروى عن أكثر من ستي صحابيا إل هذا" [‪.]12‬‬
‫عقوبة من روى الديث الوضوع ف الدنيا ‪:‬‬
‫أما عقوبة من روى الديث الوضوع ف الدنيا فقد أجاب ابن حجر اليتمي الكي على سؤال ورد‬
‫إليه ونصه كالتال ‪ :‬لنا إمام يروي أحاديث ل يبي مرجيها ول رواتا فما الذي يب عليه؟ فأجاب‪:‬‬
‫" من فعله وهو ليس من أهل العرفة بالديث‪ ،‬ول ينقلها عن عال بذلك‪ ،‬فل يل له ومن فعله عزر‬
‫عليه التعزيز الشديد‪ ..‬ويب على حكام بلد هذا الطيب منعه من ذلك إن ارتكبه " هذا فيمن روى‬
‫حديثا مهول الال فضلً عن أن يكون موضوعا‪ ،‬أما عن الوضوع بالذات ‪ :‬فقد كتب البخاري‬
‫على ظهر كتاب ورده فيه سؤال عن حديث مرفوع وهو موضوع‪ ،‬فكتب "من حدث بذا استوجب‬
‫الضرب الشديد والبس الطويل" ‪.‬‬
‫توبة الواضع وحكم روايته بعدها ‪:‬‬
‫ل خلف بي العلماء أن توبة الواضع مقبولة‪ ،‬فمن تاب تاب ال عليه {ومن تاب وآمن وعمل‬
‫صالا فإنه يتوب إل ال متابا} [‪ ]13‬ولكن مع قبول توبته هل تقبل روايته أم ل ؟ يرى المام أحد‬
‫وأبوبكر الميدي شيخ البخاري وغيهم أنه ل تقبل روايته أبدا‪ ،‬قال أبو بكر الصيف ‪" :‬كل من‬

‫‪32‬‬
‫أسقطنا خبه من أهل النقل بكذب وجدناه عليه ل نعد لقبوله بتوبة تظهر" [‪ ،]14‬واختار النووي‬
‫القطع بصحة توبته وقبول روايته كشهادته‪ ،‬وحاله كحال الكافر إذا أسلم [‪.]15‬‬
‫حكم رواية الديث الوضوع ‪:‬‬
‫اتفق العلماء على تري رواية الديث الوضوع‪ ،‬فل تل روايته لحد علم حاله وعرف أنه موضوع‪،‬‬
‫إل مبينا حاله ومصرحا بأنه موضوع‪ ،‬يقول المام مسلم ‪" :‬إن الواجب على كل أحد عرف التمييز‬
‫بي صحيح الروايات وسقيمها‪ ،‬وثقات الناقلي لا من التهمي‪ ،‬أن ل يروي منها إل ما عرف صحة‬
‫مارجه‪ ..‬وأن يتقي منها ما كان عن أهل التهم والعاندين من أهل البدع‪ ،‬والدليل على أن الذي قلناه‬
‫هو اللزم دون غيه‪ ،‬قول ال تعال‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا } [‪]16‬‬
‫وقوله‪{ :‬من ترضون من الشهداء} [‪ ]17‬فدل با ذكر من اليتي أن خب الفاسق ساقط غي مقبول‪،‬‬
‫وأن شهادة غي العدل مردودة " [‪.]18‬‬
‫أما من السنة فها هو صلى ال عليه وسلم يصرح بذلك ف حديثه الشهور ‪" :‬من حدث عن بديث‬
‫يرى أنه كذب فهو أحد الكذابي" [‪ ،]19‬وكفى بذا الوعيد الشديد ف حق من روى حديثا يظن‬
‫أنه كذب‪ ،‬فضلً عن أن يروي ما يعلم كذبه ول يبينه‪.‬‬
‫ولشك أن من روى حديثا موضوعا فل يلو من أحد أمور ثلثة ‪ :‬إما أن يهل أنه موضوع‪ ،‬وإما‬
‫أن يعلم بوضعه بواحد من طرق العلم به‪ ،‬وهذا إما أن يقرن مع روايته تبيان حاله‪ ،‬وإما أن يرويه من‬
‫غي بيان لا‪.‬‬
‫فأما الول‪ :‬وهو من يهل أنه موضوع‪ ،‬فل إث عليه إن شاء ال [‪ ،]20‬وإن كنا نعتقد أنه مقصر ف‬
‫البحث عنه‪ ،‬لكن ل يؤمن عليه العقاب ف تركه البحث عن حال ما يدث به‪ ،‬لسيما وقد قال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪" :‬كفى بالرء إنا أن يدث بكل ما سع" [‪.]21‬‬
‫وأما الثان‪ :‬وهو من يعلم وضعه ويبي حاله فلشيء عليه‪ ،‬إذ قد أمن ما كان يشى منه وهو علوقه‬
‫ف الذهان منسوبا إل الرسول صلى ال عليه وسلم أما إذا كانت روايته له قاصدا با إبانة حاله‪،‬‬
‫فهذا مأجور لنفيه الدخيل عن الديث الشريف وتنبيه الناس عليه‪ ،‬فهو من عدول خلف المة ومن‬
‫خيارها الذين امتازوا عمن سواهم بأنم ينفون عن حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم تريف‬
‫الغالي وانتحال البطلي وتأويل الاهلي‪.‬‬
‫وأما الثالث‪ :‬وهو من رواه من غي بيان لاله مع علمه بأنه موضوع فهو مأزور وآث‪ ،‬سواء ذكر‬
‫إسناد الوضوع أم ل‪ ،‬إذ ل يكتفى بإيراد السناد ف هذا الزمان‪ ،‬بل لبد من التصريح بأنه موضوع‬
‫وكذب على الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فذكر السناد وعدمه سواء‪ ،‬يقول السخاوي ‪" :‬ول تبأ‬
‫العهدة ف هذه العصار بالقتصار على إيراد إسناده ‪ -‬أي الوضوع ‪ -‬لعدم المن من الحذور به‪،‬‬
‫وإن كان صنعة أكثر الحدثي ف العصار الاضية" [‪ ]22‬وهذا ف عصر السخاوي ف القرن التاسع‬
‫فما بالك بعصرنا الاضر ؟! فقد كانت طريقة الكتفاء بالسناد معروفة لدى القدماء‪ ،‬لن علماء‬

‫‪33‬‬
‫عصرهم يعرفون السناد‪ ،‬فتبأ ذمتهم من العهدة بذكر السند‪ ،‬أما عصرنا هذا فقد سرت العدوى فيه‬
‫من إضاعة السناد إل إضاعة التون‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال‪.‬‬
‫حكم العمل بالديث الوضوع ‪:‬‬
‫العمل بالديث الوضوع حرام بالجاع‪ ،‬لنه ابتداع ف الدين با ل يأذن به ال‪ ،‬يقول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪" :‬وشر المور مدثاتا‪ ،‬وكل بدعة ضللة" [‪ ]23‬ويقول‪ " :‬من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس‬
‫منه فهو رد" [‪ ]24‬هذا ف المور الدينية التعبدية‪ ،‬أما ف المور الدنيوية ‪ :‬فالعمل به على أنه عن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم حرام أيضا‪ ،‬أما على غي ذلك فحكمه يتلف باختلف تلك العمال‪،‬‬
‫وتنطبق عليه الحكام الشرعية والقواعد الرعية‪.‬‬
‫أسباب الوضع ف الديث النبوي ‪:‬‬
‫‪ – 1‬اللفات السياسية ‪ ،‬وقد كانت الشرارة الول لذه اللفات بعد مقتل عثمان [‪]25‬رضي ال‬
‫عنه ث انتشرت اللفات السياسية ‪ ،‬وانتشر معها الكذب نُصرة لطائفة أو خليفة ونو ذلك ‪.‬‬
‫‪ – 2‬اللفات الذهبية ‪ ،‬فقد أدّت اللفات الذهبية إل وضع الحاديث ‪ ،‬حت أن رجلً كان من‬
‫أهل الهواء ث تاب فقال ‪ :‬كنا إذا اجتمعنا فاستحسنا شيئا جعلناه حديثا‪]26[.‬‬
‫‪ – 3‬الزندقة والطعن ف السلم ‪ ،‬فقد أدرك الزنادقة وأعداء السلم أن قوة السلم ل تُقاوم ‪،‬‬
‫فلجئوا إل وضع الحاديث الت تُنفّر الناس من السلم ‪ ،‬وتُشكك السلمي بدينهم ‪.‬‬
‫‪ – 4‬القصص والوعظ ‪ ،‬فقد كان لديهم حرصا شديدا على ترغيب الناس أو ترهيبهم ‪ ،‬فما يدون‬
‫من يتحرّك إل إذا وضعوا لم الحاديث ف ذلك ‪.‬‬
‫‪ – 5‬الوعظ والتذكي ‪ ،‬فقد وضع أحد الوضاعي – وهو ميسرة بن عبد ربه – حديثا ف فضائل‬
‫سور القرآن ‪ ،‬ولا سُئل عن ذلك قال ‪ :‬رأيت الناس انصرفوا عن القرآن ‪ ،‬فوضعتها أرغّب الناس فيها‬
‫!‬
‫‪ – 6‬التكسّب وطلب الال ‪ ،‬فيضع الوضّاع الديث الغريب الذي ل يسمعه الناس ‪ ،‬ليُعطوه من‬
‫أموالم ‪.‬‬
‫حدّث جعفر الطيالسي فقال ‪ :‬صلى أحد ابن حنبل ويي بن معي ف مسجد الرصافة ‪ ،‬فقام قاصّ‬
‫فقال ‪ :‬حدثنا أحد بن حنبل ويي بن معي قال حدثنا عبد الرزاق أخبنا معمر عن قتادة عن أنس‬
‫قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬من قال ل اله إل ال خلق ال من كلمة منها طيا‬
‫منقاره من ذهب وريشه من مرجان‪ -‬وأخذ ف قصة نو عشرين ورقة ‪ -‬فجعل أحد ينظر إل يي‬
‫ويي ينظر إليه وها يقولن ‪ :‬ما سعنا بذا إل الساعة ! فسكتا حت فرغ من قصصه وأخذ قطعة‬
‫دراهم ث قعد ينتظر ‪ ،‬فأشار إليه يي فجاء ‪ ،‬فقال يي ‪ :‬من حدثك بذا الديث ؟ فقال الكذّاب ‪:‬‬
‫أحد وابن معي ! فقال ‪ :‬أنا يي وهذا أحد ! ما سعنا بذا قط ‪ ،‬فإن كان ول ُبدّ من الكذب فعلى‬
‫غينا !! فقال ‪ :‬أنت يي بن معي ؟!! قال ‪ :‬نعم ‪ .‬قال ‪ :‬ل أزل أسع أن يي بن معي أحق !!!‬
‫وما علمت إل الساعة !! كأنه ليس ف الدنيا يي بن معي وأحد بن حنبل غيكما ؟!! كتبت عن‬

‫‪34‬‬
‫سبعة عشر أحد بن حنبل ويي بن معي !! قال ‪ :‬فوضع أحد كمّه على وجهه ‪ ،‬وقال ‪ :‬دعه يقوم‬
‫‪ .‬فقام كالستهزئ بما !!‬
‫‪ – 7‬العصبية للجنس والقبيلة أو اللغة والوطن ‪ ،‬فقد ُوضِعت الحاديث ف فضل العرب ‪ ،‬وف فضل‬
‫بعض البلدان أو ذمّهم ‪ ،‬ونو ذلك ‪.‬‬
‫‪ – 8‬التقرب للحكام والسلطي ! با يوافق أهوائهم ‪ ،‬كما فعل غياث بن إبراهيم النخعي الكذاب ‪،‬‬
‫فقد وضع حديثا ف فضل اللعب بالَمَام !‬
‫وذلك أنه دخل على الهدي ‪ ،‬وكان الهدي يُحب اللعب بالَمَام ‪ ،‬فقيل لِغياث هذا حدّث أمي‬
‫الؤمني ‪ .‬فجاء بديث ‪ :‬ل سبق إل ف نصل أو خفّ أو حافر – ث زاد فيه – أو جناح !‬
‫فأمر له الهدي بصرّة ‪ ،‬فلما قام من عند الهدي قال الهدي ‪ :‬أشهد أن قفاك قفا كذّاب ! فلما خرج‬
‫لمَام !‬
‫أمر الهدي بذبح ا َ‬
‫‪ – 9‬الصال الشخصية أو قصد النتقام من شخص أو فئة مُعيّنة ‪ ،‬فقد جاء ابنٌ لسعد بن طريف‬
‫السكاف يبكي ‪ ،‬فسأله عن سبب بكاءه ‪ ،‬فقال ‪ :‬ضربن العلّم ‪ .‬فقال سعد ‪ :‬أما وال لخزينهم !‬
‫ث وضع حديثا قال فيه ‪ :‬معلموا صبيانكم شراركم ‪...‬‬
‫‪ – 10‬قصد الشهرة ‪ ،‬والتميّز على القران ‪ ،‬وهذا ما يفعله الذين يُريدون أن يُذكروا بعل ّو السناد ‪،‬‬
‫أو كثرة الشيوخ ونو ذلك ‪ ،‬فيُركّبون بعض الحاديث ويضعونا لجل ذلك ‪.‬‬
‫الباب الثان ‪:‬‬
‫جهود العلماء ف مقاومة الوضع‬
‫إن من ينظر إل الكم الكبي من الحاديث الوضوعة البثوثة ف بطون الكتب‪ ،‬وتتداولا ألسن الناس‬
‫اليوم‪ ،‬قد يتساءل ماذا كان موقف العلماء تاه هذه الحاديث الوضوعة ‪ ،‬وقد اختلطت بالحاديث‬
‫الصحيحة ؟! وهو تساؤل ف مله ‪،‬فقد عُرضَ على المام عبد ال بن البارك فقيل له ‪ :‬هذه‬
‫الحاديث الوضوعة ؟؟ فقال‪ :‬تعيش لا الهابذة [‪{ ]27‬إنا نن نزلنا الذكر وإنا له لافظن} [‪]28‬‬
‫وصدق ال العظيم فقد قيض لذه المة رجالً أمناء ملصي‪ ،‬قاوموا الوضع والوضاعي وتتبعوهم‪،‬‬
‫وميزوا بي الصحيح والسقيم‪ ،‬وبذلوا جهودا جبارة ف سبيل حفظ الشريعة وأصولا‪.‬‬
‫ونستعرض هنا جزءا ما بذله علماءنا الجلء ف مقاومة الوضع والتصدي للوضاعي‪:‬‬
‫الفصل الول‪ :‬جع الحاديث الثابتة‬
‫كانت الحاديث الثابتة مدونة ف صدور الرجال ومسطرة ف بطون الكتب‪ ،‬وكانت تلك الحاديث‬
‫وأولئك الرجال منتشرين ف أناء العال السلمي‪ ،‬وحي برز قرن الفتنة وظهرت معها طلئع‬
‫الوضوعات ث انتشرت وتكاثرت‪ ،‬خاف الغيورون على السنة من علماء السلم‪ ،‬فأسرعوا إل‬
‫الصحابة يسمعون عنهم ويستفتونم‪ ،‬كما سارعوا إل بطون صحفهم يستظهرونا‪.‬‬
‫وحي زاد تيار الوضع وطغى‪ ،‬وأخذت الزنادقة ومن لف لفهم يكتبون الوضوعات ويدسونا ف‬
‫الصحاح‪ ،‬ظهرت فكرة جع الديث ف طبقة المام الزهري ومن بعدها كابن جريج وسفيان الثوري‬

‫‪35‬‬
‫ومالك [‪ ،]29‬فدونوا الديث على اليئة الت وجدوه عليها‪ ،‬ث بثوا عن أحوال الرواة‪ ،‬فأسقطوا ما‬
‫يعرفون أنه موضوع‪ ،‬فقد كانوا ‪ -‬كما قال أبو داود ‪ -‬يتهدون غاية الجتهاد فل يتمكنون من‬
‫الديث الرفوع التصل إل من دون ألف حديث [‪.]30‬‬
‫ومن أشهر تلك الكتب وأولا موطأ المام مالك الذي يقول عنه الشافعي ‪" :‬ما على أدي الرض بعد‬
‫كتاب ال ‪ -‬كتاب أصح من موطأ مالك" [‪.]31‬‬
‫ث جاءت من بعدهم طبقة أخرى انتهجت جع الحاديث النبوية على طريقة السانيد‪ ،‬فجمعت ما‬
‫يروى عن الصحاب ف باب واحد رغم تعدد الوضوع‪ ،‬ونقت الديث من أقوال الصحابة وفتاوى‬
‫التابعي ‪ -‬بلف الطبقة السابقة ‪ -‬ومن هؤلء ‪ :‬بقي بن ملد وإسحاق بن راهوية‪ ،‬وأحد بن حنبل‬
‫الذي انتقى مسنده الشهور ‪ -‬كما يقول ‪ -‬من ‪ 750‬ألف حديث [‪ ،]32‬ومن هذا يتبي لنا ما‬
‫كانوا يكابدونه من جهد ف جع الحاديث‪ ،‬لكنهم ف طريقتهم يزجون الصحيح بغيه من حسن‬
‫وضعيف‪.‬‬
‫فجاء من بعدهم من قام بالعبء العظيم وأفرد الصحيح ف كتاب مستقل‪ ،‬وها المامان الليلن‬
‫البخاري ومسلم‪ ،‬فقد كان البخاري يفظ مائة ألف حديث صحيح ومائت ألف حديث غي صحيح‬
‫[‪ ،]33‬وكذلك مسلم‪ ،‬فقد صنف صحيحه من ثلثائة ألف حديث مسموعة [‪ ،]34‬وبعد‬
‫أصحاب السانيد والصحاح تتابعت عقود السنن تترى من أب داود والنسائي والترمذي‪ ..‬وغيهم‪،‬‬
‫وبذا ت جع الديث وتطهيه من دنس الوضع وملفاته‪.‬‬
‫الفصل الثان‪ :‬الهتمام بالسناد‬
‫أحس علماءنا الجلء بالطر الداهم الذي نشأ مع الوضع‪ ،‬فانتدبوا للمحافظة على السنة واجتهدوا‬
‫ف ذلك‪ ،‬فعنوا بالسناد واهتموا به‪ ،‬وفحصوا أحوال الرواة بعد أن كانوا يرجحون توثيق من‬
‫حدثهم‪ ،‬وطلبوا السانيد منهم قبل التون‪ ،‬لن السند للخب كالنسب للبشر‪ ،‬ويبنا المام ممد بن‬
‫سيين عن ذلك فيقول‪ " :‬ل يكونوا يسألون عن السناد‪ ،‬فلما وقعت الفتنة‪ ،‬قالوا‪ :‬سوا لنا رجالكم‪،‬‬
‫فينظر إل أهل السنة فيؤخذ حديثهم‪ ،‬وينظر إل أهل البدع فل يؤخذ حديثهم" [‪ ]35‬ولذا ندهم‬
‫يتواصون بالهتمام بالسناد والسؤال عنه‪ ،‬يقول هشام بن عروة‪" :‬إذا حدثك رجل بديث‪ ،‬فقل‪:‬‬
‫عمن هذا؟" [‪ ]36‬لنه إذا أخب عن الراوي بلسان القال‪ ،‬فكأنه أخب عن حال الروي بلسان الال‪،‬‬
‫وبالضافة إل ما تقدم‪ ،‬فقد حثوا العامة على الحتياط ف حل الديث‪ ،‬وأل يأخذوا إل حديث من‬
‫يوثق به علما ودينا‪ ،‬فهذا ممد بن سيين يقول‪" :‬إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" [‬
‫‪ ]37‬وقد شاعت كلمته وغيها ف الناس‪ ،‬فأصبح السناد أمرا بديهيا حت عند العامة [‪.]38‬‬
‫ولشدة اهتمام المة بالسناد عده علماؤها من فروض الكفاية‪ ،‬قال الافظ ابن حجر‪" :‬ولكون‬
‫السناد يعلم به الوضوع من غيه‪ ،‬كانت معرفته من فروض الكفاية" [‪.]39‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬مضاعفة النشاط العلمي ف قواعد الديث‬
‫حي ظهر الوضع ف الديث ضاعف العلماء نشاطهم ف الرواية والدراية على حد سواء‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫ففي الرواية ‪:‬‬
‫هرعوا إل من بقي من الصحابة رضي ال عنهم يسألونم عما يسمعون من الحاديث وهل قالا النب‬
‫صلى ال عليه وسلم أم هي كذب مصنوع‪ ،‬ولكمة يعلمها ال مد ف أعمار بعض الصحابة كعبد‬
‫ال بن عباس وعائشة وجابر وأنس وعامر بن الطفيل‪ ،‬فساعدوا ف حفظ السنة من الضياع‪ ،‬وكذلك‬
‫فعل التباع مع التابعي‪ ،‬يقول الوزاعي ‪" :‬كنا نسمع الديث فنعرضه على أصحابنا كما يعرض‬
‫الدرهم الزائف على الصيارفة‪ ،‬فما عرفوا منه أخذنا‪ ،‬وما تركوا تركنا" [‪.]40‬‬
‫وف علم الرواية أيضا‪ :‬نشأ ما يسمى بـ"الرحلت" فقد قطع الرواة الفياف والقفار‪ ،‬للتأكد من‬
‫حديث سعوه‪ ،‬خشية خطأ الراوي أو تعمده ف الزيادة‪ .‬فهذا جابر بن عبد ال رضي ال عنه يسي‬
‫شهرا إل الشام ليسأل عبد ال بن أنيس رضي ال عنه حديثا سعه عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم [‪ ،]41‬وهذا سعيد ابن السيب يقول‪" :‬إن كنت لسي الليال واليام ف طلب الديث الواحد‬
‫[‪ "]42‬ويقول أبو العالية‪" :‬كنا نسمع بالرواية عن أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فما‬
‫نرضى حت أتيناهم فسمعنا منهم" [‪.]43‬‬
‫أما علم الديث دراية ‪:‬‬
‫فقد وضع العلماء قواني مصوصة يتميز با الغث من السمي‪ ،‬وجعلوها قائمة على أصول أسسوها‬
‫ليبنوا عليها أحكامهم‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ - 1‬فن التواريخ‪ ،‬ليعلم منه تاريخ الراوي ووفاته‪ ،‬يقول سفيان الثوري‪" :‬لا استعمل الرواة الكذب‪،‬‬
‫استعملنا لم التاريخ" [‪.]44‬‬
‫‪ - 2‬فن الرح والتعديل‪ ،‬وبه استطاعوا معرفة أحوال الرواة‪ ،‬فانكشف لم الوضاعون‪.‬‬
‫‪ - 3‬النظر ف كيفية التحمل وأخذ الرواة بعضهم عن بعض‪ ،‬وعن طريقه عرف العلماء اتصال‬
‫الروايات من انقطاعها‪ ..‬إل غي ذلك من القواعد الت وضعوها لدراية الديث‪ ،‬وبا حققوا أقصى ما‬
‫ف الوسع النسان‪ ،‬احتياطا لدينهم‪ ،‬وأرسوا أصح القواعد للثبات التاريي وأعلها وأرقاها‪ ،‬وقد‬
‫قلدهم فيها علماء الفنون الخرى من لغة وأدب وتاريخ ونوها‪ ،‬فابن قتيبة الذي يعد من أوائل نقاد‬
‫الدباء‪ ،‬استمد ذلك من معارفه الديثية‪ ،‬وكذلك فعل ابن خلدون ف تييزه الزائف من أخبار‬
‫الؤرخي‪ ،‬فمقاييسه الت طبقها هي بعينها المثلة الت وضعها مسلم لعرفة النكر من الديث [‪.]45‬‬
‫يقول السباعي رحه ال تعال‪" :‬وقد ألف أحد علماء التاريخ ف العصر الاضر كتابا ف أصول‬
‫الرواية التاريية‪ ،‬اعتمد فيها على قواعد مصطلح الديث‪ ،‬واعترف بأنا أصح طريقة علمية حديثة‬
‫لتصحيح الخبار والروايات" [‪ ]46‬ويقصد السباعي " أسد رستم "أستاذ التاريخ ف الامعة‬
‫المريكية ف بيوت سابقا‪ ،‬والكتاب هو "مصطلح التاريخ"‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬نقد الرواة وتتبع الكذبة‬
‫فأما نقد الرواة‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫فقد أبلوا فيه بلء حسنا‪ ،‬وتتبعوا الرواة ودرسوا حياتم وتاريهم وسيهم وما ظهر من أمرهم وما‬
‫بطن‪ ،‬ول يشوا أحدا‪ ،‬ول تأخذهم ف ال لومة لئم‪ ،‬ول منعهم من تريح الرواة والتشهي بم ورع‬
‫ول حرج‪ ،‬فكان شعبة يقول‪ " :‬تعالوا حت نغتاب ف ال عز وجل" [‪ ]47‬وسئل أن يكف عن بيان‬
‫‪ -‬أحد الكذابي ‪ -‬فقال‪" :‬ل يل الكف عنه‪ ،‬لن المر دين" [‪ ]48‬يقول المام النووي‪" :‬اعلم أن‬
‫جرح الرواة جائز بل واجب بالتفاق‪ ،‬للضرورة الداعية إليه‪ ،‬لصيانة الشريعة الكرمة‪ ،‬وليس هو من‬
‫الغيبة الحرمة‪ ،‬بل هو من النصيحة ل تعال ولرسوله والسلمي" [‪ ]49‬لذا نشط العلماء ف هذا‬
‫الباب حت أصبح علما قائما بذاته وهو "علم الرح والتعديل" وهو ميزان للرواة يعرف به الثقة من‬
‫الوضاع‪ ،‬ويتص بسند الديث‪ ،‬وصرح بعضهم بأنه نصف العلم [‪.]50‬‬
‫وأما تتبع الكذبة‪:‬‬
‫فهو تطبيق عملي لا نتج عنه نقد الرواة‪ ،‬وهو جهد عظيم يضاف إل جهود العلماء ف مقاومة‬
‫الوضع‪ ،‬فكما أنم قاوموهم بسلح الفكر‪ ،‬كذلك قاوموهم بسلح اليد واللسان‪ ،‬فقد كان بعضهم‬
‫يارب القصاص والكذابي وينعهم من التحديث‪ ،‬فهذا عبد ال ابن عمر رضي ال عنهما حي دخل‬
‫السجد فوجد قاصا يقص‪ ،‬فوجه إل صاحب الشرطة أن أخرجه فأخرجه [‪ ،]51‬وكذلك فعل أبوه‬
‫عمر من قبله‪ ،‬ومن أشهر من عرف بتصديه لؤلء من التابعي ‪ :‬عامر الشعب‪ ،‬سفيان الثوري‪ ،‬عبد‬
‫الرحن بن الهدي وغيهم‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك توارى كثي من الكذابي‪ ،‬وأصبح عند العامة وعي جيد‪ ،‬ييزون به بي الحدثي‬
‫والكذابي‪.‬‬
‫الفصل الامس‪ :‬التأليف ف الوضاعي‬
‫جهد آخر يضاف إل الهود العظيمة الت بذلا العلماء من أجل حفظ الديث وتليصه من الوضع‪،‬‬
‫متمثل هذا الهد ف تلك الثروة العلمية الضخمة من كتب الوضوعات والوضاعي‪ ،‬فقد سجلوا‬
‫العلماء أولئك الوضاعي ف الصحف‪ ،‬كي يعرفهم من بعدهم فيجتنب أحاديثهم‪ ،‬واستلوهم من رواة‬
‫الديث كما تستل الشعرة من العجي‪ ،‬فطهروا منهم السنة الشريفة تطهيا‪.‬‬
‫فوضع كثي من العلماء مؤلفات خصصوها للضعفاء والتروكي من رواة الديث‪ ،‬وأدرجوا فيها أساء‬
‫الوضاعي وأوصافهم وأقوال العلماء ف نقدهم وتريهم‪ ،‬وذلك ككتب "الضعفاء" للمام البخاري‬
‫والنسائي وأب حات ابن حبان‪ ،‬ث جاء من بعدهم عبد ال بن عدي الرجان‪ ،‬فألف كتابه "الكامل "‬
‫ذكر فيه كل من تكلم فيه ولو كان من رجال الصحيحي‪.‬‬
‫وكذلك أدرجوا الوضاعي ف كتب التاريخ الت صنفت ف أساء الرجال وأخبارهم ومنها "تاريخ‬
‫البخاري" الكبي والوسط والصغي‪ ،‬وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي‪ ،‬وتاريخ أصبهان لب نعيم‬
‫الصبهان‪ ،‬وتاريخ جرجان للسهمي وتاريخ دمشق لبن عساكر و"النتظم" لبن الوزي [‪]52‬‬
‫وبعد هؤلء جاء الافظ الذهب فوضع كتابه "ميزان العتدال ف نقد الرجال" وقد احتوى هذا‬
‫الكتاب الطبوع ف أربعة ملدات ضخمة على ذكر الكذابي والوضاعي‪ ،‬ث على التهمي بالوضع‪،‬‬

‫‪38‬‬
‫وقد فات الذهب جاعة ذيلهم عليه الافظ العراقي‪ ،‬وقد عقب عليه أيضا الافظ ابن حجر ف كتابه‬
‫"لسان اليزان"‪.‬‬
‫الفصل السادس‪ :‬التأليف ف الوضوعات‬
‫ل يكتف علماؤنا الجلء بتسجيل أساء هؤلء الكذابي ف الكتب‪ ،‬بل جعوا أكاذيبهم ودونوها‬
‫ليس بقصد أن يقرأها ويطلع عليها الناس من باب الثقافة وزيادة العلومات‪ ،‬بل لكي يتنبوها وينبهوا‬
‫على أضرارها وآفاتا‪.‬‬
‫من أجل هذا فقد جع كثي من العلماء ما تناثر ف كتب من سبقهم من الوضوعات‪ ،‬فأودعوها‬
‫أسفارا أشهروها بي الناس‪ ،‬وفيها ما هو خاص بالحاديث الوضوعة وتبلغ أربعي مؤلفا تقريبا [‬
‫‪ ،]53‬ومن أهها الكتب التية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تذكرة الوضوعات‪ :‬لب الفضل ممد بن طاهر القدسي‪ ،‬توف سنة ‪ 507‬ورتبه على حروف‬
‫العجم‪ ،‬وفيه يذكر الديث ومن جرح راويه من الئمة‪ ،‬طبع بصر سنة ‪1323‬ه‪ .‬وقد أعيدت‬
‫طباعته عدة مرات‪.‬‬
‫‪ – 2‬الوضوعات من الحاديث الرفوعات ‪ :‬ويقال له "الباطيل" لب عبد ال السي ابن إبراهيم‬
‫الورقان التوف سنة ‪ 543‬وقد أكثر فيه من الكم بالوضع بجرد مالفته السنة الصرية‪،]54[ .‬‬
‫وقد طبع هذا الكتاب تت اسم ( الباطيل والناكي ) بتحقيق وتعليق الدكتور عبد الرحن الفريوائي‬
‫سنة ‪1403‬ه بالطبعة السلفية ف الند‪.‬‬
‫‪ – 3‬الوضوعات ‪ :‬لب الفرج عبد الرحن بن علي بن الوزي توف سنة ‪597‬ه وهو أكب كتب‬
‫الوضوعات وأشهرها‪ ،‬تناول فيه ما ورد من الحاديث الت يعتقد أنا موضوعة ف "الكامل" لبن‬
‫عدي‪ ،‬وكتب الضعفاء لبن حبان والعقيلي والزدي‪ ،‬ومعاجم الطبان الثلثة‪.‬‬
‫‪ - 4‬الغن عن الفظ والكتاب بقولم ل يصح شيء ف هذا الباب‪ :‬للحافظ أب حفص عمر بن بدر‬
‫الوصلي التوف سنة ‪ ،623‬اكتفى فيه بذكر البواب الت ل يصح فيها شيء‪.‬‬
‫‪ - 5‬الدرر اللتقط ف تنبيه الغلط ‪ :‬للعلمة رضي الدين حسن بن ممد العمري العروف بـ‬
‫(الصغان ) التوف سنة ‪.650‬‬
‫‪ -6‬موضوعات الصغان ‪ :‬رضي الدين السن بن ممد العمري‪ ،‬جع فيها بعضا من الحاديث‬
‫الوضوعة وأدرج فيها كثيا من الحاديث الت ل تبلغ درجة الوضع [‪.]55‬‬
‫‪ -7‬الحاديث الوضوعة الت يرويها العامة والقصاص‪ :‬وهي رسالة لعبد السلم بن عبد ال‪ ..‬ابن‬
‫تيميه‪ ،‬جد شيخ السلم توف سنة ‪652‬ه‪.‬‬
‫‪ -8‬الللئ الصنوعة ف الحاديث الوضوعة‪ :‬للمام السيوطي التوف سنة ‪ ،911‬اختصر فيه كتاب‬
‫الوضوعات لبن الوزي‪ ،‬وحرر فيه تعقباته وانتقاداته عليه‪ ،‬وزاد فيه موضوعات أخرى ل يذكرها‬
‫ابن الوزي‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪ -9‬الذيل على الللئ الصنوعة ف الحاديث الوضوعة للمام السيوطي‪ ،‬وقد ذكر فيه عددا آخر‬
‫من الحاديث الوضوعة ل يذكرها ف الصل ويسمى أيضا (الذيل على الوضوعات) وله كتاب ف‬
‫التعقيب على الوضوعات أساه (النكت البديعات على الوضوعات) ث اختصره ف كتاب آخر ساه‬
‫(التعقبات على الوضوعات) وعدد الحاديث الت تعقبه فيها ثلثائة ونيف [‪.]56‬‬
‫‪ -10‬الفوائد الجموعة ف بيان الحاديث الوضوعة‪ :‬لشمس الدين ممد بن يوسف بن علي الشامي‬
‫الصالي‪ ،‬صاحب السية توف سنة ‪ 942‬وقد أشار إل هذا الكتاب ف سيته‪.‬‬
‫‪ - 11‬تنيه الشريعة الرفوعة عن الخبار الشنيعة الوضوعة‪ :‬لب السن علي بن ممد بن عراق‬
‫الكنان التوف سنة ‪ ،963‬لص فيه ما ف موضوعات ابن الوزي واللل للسيوطي‪.‬‬
‫‪ -12‬تذكرة الوضوعات ‪ :‬لرئيس مدثي الند جال الدين ممد بن طاهر الفتن التوف سنة ‪976‬ه‬
‫وله أيضا "قانون الخبار الوضوعة والرجال الضعفاء"‪.‬‬
‫‪ -13‬السرار الرفوعة ف الخبار الوضوعة‪ :‬ويسمى "تذكرة الوضوعات" للشيخ‪ :‬الل علي القاري‬
‫الروي التوف سنة ‪.1014‬‬
‫‪ -14‬الصنوع ف معرفة الديث الوضوع ‪ :‬للمل علي القاري‪ ،‬وقد رتبه على حروف الجاء‪ ،‬وقد‬
‫بلغت أحاديثه حسب تعداد الحقق ‪ 417‬حديثا [‪.]57‬‬
‫‪ -15‬الفوائد الوضوعة ف الحاديث الوضوعة‪ :‬للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي التوف سنة‬
‫‪1033‬ه وقد نشره الستاذ الصباغ مققا ف العدد السادس من ملة "أضواء الشريعة" سنة ‪1395‬ه‪.‬‬
‫ث طبع هذا الكتاب منفردا بتحقيق الستاذ الصباغ ف بيوت‪ ،‬الدار العربية سنة ‪1395‬ه‪.‬‬
‫‪ -16‬الكشف اللي عن شديد الضعف والواهي‪ :‬لحمد بن ممد السين السندروسي التوف سنة‬
‫‪1177‬ه جع فيه الحاديث الشديدة الضعف والواهية والوضوعة‪.‬‬
‫‪ -17‬الدرر الصنوعات ف الحاديث الوضوعات ‪ :‬للشيخ ممد بن أحد السفارين التوف سنة‬
‫‪1188‬ه‪ ،‬وقد اختصر فيه كتاب "الوضوعات" ف ملد ضخم [‪.]58‬‬
‫‪ -18‬الفوائد الجموعة ف الحاديث الوضوعة ‪ :‬للقاضي ممد بن علي الشوكان التوف سنة‬
‫‪1250‬ه‪.‬‬
‫‪ -19‬الثار الرفوعة ف الخبار الوضوعة‪ :‬للعلمة عبد الي بن عبد الليم اللكنوي التوف سنة‬
‫‪1304‬ه وقد أعيدت طباعة هذا الكتاب بتحقيق الشيخ ممد السعيد ابن بسيون زغلول ونشرته دار‬
‫الكتب العلمية ف بيوت سنة ‪1405‬ه‪.‬‬
‫‪ -20‬اللؤلؤ الرصوع فيما قيل ل أصل له أو بأصله موضوع ‪ :‬للشيخ ممد بن خليل القاوقجي‬
‫التوف سنة ‪1305‬ه‪ -21 .‬تذير السلمي من الحاديث الوضوعة على سيد الرسلي لحمد البشي‬
‫ظافر التوف سنة ‪1325‬ه ذكر فيه الحاديث الوضوعة الشتهرة على اللسنة‪.‬‬
‫‪ -22‬الد الثيث ف بيان ما ليس بديث ‪ :‬للشيخ أحد بن عبد الكري العامري الغزي‪ ،‬وقد طبع‬
‫هذا الكتاب ف طبعته الثانية بقراءة وتصحيح الشيخ بكر بن عبد ال أبو زيد سنة ‪1413‬ه‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -23‬سلسلة الحاديث الضعيفة والوضوعة ‪ :‬للشيخ ممد ناصر الدين اللبان‪ ،‬وهي سلسلة‬
‫مقالت نشرها ف ملة "التمدن السلمي" ث رأى طبعها تباعا ف أجزاء متسلسلة‪ ،‬وكل جزء ‪100‬‬
‫حديث‪ ،‬وكل خسة أجزاء ف ملد [‪.]59‬‬
‫وبالضافة إل ما تقدم من الكتب الؤلفة ف الوضوعات خاصة‪ ،‬فقد تلقف العلماء رحهم ال‪ ،‬ما‬
‫يدور على ألسنة العامة من الحاديث النسوبة إل الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬واختبوها فعرفوا‬
‫صحيحها من زائفها ونشروا ذلك ف مؤلفات بي الناس‪ ،‬من أهها‪:‬‬
‫‪ -1‬التذكرة ف الحاديث الشتهرة‪ :‬لبدر الدين الزركشي التوف سنة ‪ 794‬ه‪ .‬وطبع هذا الكتاب‬
‫بتحقيق الشيخ مصطفى عبد القادر عطا‪.‬‬
‫‪ -2‬اللل النثورة ف الحاديث الشهورة‪ ،‬ما ألفه الطبع وليس له أصل ف الشرع‪ :‬للحافظ شهاب‬
‫الدين ابن حجر العسقلن التوف سنة ‪852‬ه [‪.]60‬‬
‫‪ -3‬القاصد السنة ف بيان كثي من الحاديث الشتهرة على اللسنة‪ :‬للحافظ شس الدين ممد بن‬
‫عبد الرحن السخاوي التوف سنة ‪902‬ه‪.‬‬
‫‪ -4‬الدرر النتثرة ف الحاديث الشتهرة ‪ :‬للل الدين السيوطي لصه من "التذكرة" للزركشي وزاد‬
‫عليه‪ ،‬وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق الشيخ خليل مي الدين اليس‪.‬‬
‫‪ -5‬الوسائل السنية من القاصد السخاوية والامع والزوائد السيوطية ‪ :‬لعلي بن ممد النوف التوف‬
‫سنة ‪. 939‬‬
‫‪ -6‬تييز الطيب من البيث فيما يدور على ألسنة الناس من الديث لعبد الرحن بن علي بن الديبع‬
‫التوف سنة ‪ 944‬لص فيه "القاصد" وبي ما هو صحيح وموضوع‪.‬‬
‫‪ -7‬البدر الني ف غريب أحاديث البشي النذير‪ :‬لعبد الوهاب بن أحد الشعران التوف سنة ‪973‬‬
‫انتخبها ما تقدم من الكتب وكذلك من كتاب "الغماز على اللماز" للل الدين السمهودي‪ ،‬وقد‬
‫طبع هذا الكتاب قديا بالقاهرة سنة ‪1277‬ه‪.‬‬
‫‪ -8‬تسهيل السبيل إل كشف اللتباس عما دار من الحاديث بي الناس‪ :‬لحمد بن أحد القادري‬
‫التوف سنة ‪1075‬ه‪.‬‬
‫خاتة‬
‫المد ل الذي بنعمته تتم الصالات‪ ،‬وعليه يصلح أمر الدنيا والخرة‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده‬
‫ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪ ،‬خات النبيي وصفوة اللق أجعي‪ ،‬صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وصحبه والتابعي‪ ،‬وسلم تسليما كثيا‪.‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فهذه خاتة بثي هذا " جهود العلماء ف مقاومة الوضع " ‪ ،‬حيث مهدت للموضوع بباب تهيدي‬
‫تدثت فيه عن تعريف الديث الوضوع‪ ،‬وعن عبارات العلماء ف التعريف به‪ ،‬وعن مصادر الديث‬
‫الوضوع‪ ،‬وعن عقوبة الوضع ف الديث‪ ،‬وعن توبة الوضاعي‪ ،‬وعن حكم رواية الديث الوضوع‪،‬‬

‫‪41‬‬
‫وعن أسباب الوضع ف الديث النبوي الشريف‪ ،‬وعن حكم العمل بالديث الوضوع‪ ،‬ث دخلت إل‬
‫الباب الثان والذي يعتب هو موضوعي الرئيس من هذا البحث‪ ،‬وقد تدثت فيه عن جهود العلماء ف‬
‫مقاومة الوضع‪ ،‬وقد قسمت هذا الباب إل خسة فصول‪ ،‬الفصل الول يتحدث عن جع الحاديث‬
‫الثابتة ‪ ،‬والفصل الثان يتحدث عن الهتمام بالسناد ‪ ،‬والفصل الثالث يتحدث عن مضاعفة النشاط‬
‫العلمي ف قواعد الديث‪ ،‬والفصل الرابع يتحدث عن نقد الرواة وتتبع الكذبة‪ ،‬والفصل الامس‬
‫يتحدث عن التأليف ف الوضاعي‪ ،‬والفصل السادس يتحدث عن التأليف ف الوضوعات‪ ،‬والن‬
‫أختم بثي هذا الذي حاولت أن أظهر مدى العمل الليل والهد الكبي الذي أوله علماءنا الجلء‬
‫ف مقاومة الوضع ف أحاديث الصطفى صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهذا ما أردت بيانه ف هذا القام فإن‬
‫أصبت فمن توفيق ال وحده‪ ،‬وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان ول حول ول قوة إل بال العلي‬
‫العظيم‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي وصلى ال وسلم على أشرف النبياء وسيد الرسلي‪ ،‬نبينا‬
‫ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫فهرس البحث‬
‫[‪ ]1‬سورة الجر آية ‪.9‬‬
‫[‪ ]2‬سورة النحل آية ‪.44‬‬
‫[‪ ]3‬القاموس الحيط‪ ،‬مادة (وضع) ‪.695 ،694‬‬
‫[‪ ]4‬علوم الديث ‪ :‬لبن الصلح ص ‪.89‬‬
‫[‪ ]5‬توضيح الفكار‪ :‬للصنعان (الاشية) ج‪ 2‬ص ‪.68‬‬
‫[‪ ]6‬الفوائد الوضوعة‪ :‬للكرمي ص‪ ،101‬السرار الرفوعة‪ :‬للقاري ص ‪ ،179‬الصنوع ص ‪.138‬‬
‫[‪ ]7‬أورده ابن الوزي ف الوضوعات ج ‪ 2‬ص ‪.111 – 109‬‬
‫[‪ ]8‬توضيح الفكار ‪ :‬للصنعان ج ‪ 2‬ص ‪.89-88‬‬
‫[‪ ]9‬سورة النجم اليتان ‪. 4 ،3‬‬
‫[‪ ]10‬صحيح مسلم بشرح النووي ج‪ 1‬ص ‪.70‬‬
‫[‪ ]11‬هذا الديث رواه البخاري ف صحيحه كتاب العلم باب إث من كذب على النب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫[‪ ]12‬علوم الديث ‪ :‬لبن الصلح ص ‪.243-242‬‬
‫[‪ ]13‬سورة الفرقان آية ‪.7‬‬
‫[‪ ]14‬صحيح مسلم بشرح النووي ج‪ 1‬ص ‪.69‬‬
‫[‪ ]15‬صحيح مسلم بشرح النووي ج‪ 1‬ص‪.70‬‬
‫[‪ ]16‬سورة الجرات آية ‪.6‬‬

‫‪42‬‬
‫[‪ ]17‬سورة البقرة آية ‪.282‬‬
‫[‪ ]18‬صحيح مسلم شرح النووي ج‪ 1‬ص ‪.61-60‬‬
‫[‪ ]19‬رواه مسلم ف صحيحه ف القدمة باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابي (‪.)1/9‬‬
‫[‪ ]20‬توضيح الفكار ‪( :‬الاشية) ج‪ 2‬ص ‪ ، 73‬الصباح ‪ :‬للندجان ص ‪.96‬‬
‫[‪ ]21‬رواه مسلم ف صحيحه ف القدمة باب النهي عن الديث بكل ما سع (‪.)1/10‬‬
‫[‪ ]22‬فتح الغيث‪ ..‬للسخاوي ‪.1/175‬‬
‫[‪ ]23‬الفتاوى الديثية ‪ :‬لبن حجر ص ‪.32‬‬
‫[‪ ]24‬الباطيل والناكي ج‪ 1‬ص‪.20-19‬‬
‫[‪ ]25‬تيسي الكري النان ف سية عثمان بن عفان للدكتور علي الصلب‪.‬‬
‫[‪ ]26‬تيسي الكري النان ف سية عثمان بن عفان للدكتور الصلب‪.‬‬
‫[‪ ]27‬تدريب الراوي ‪ :‬للسيوطي ص ‪.184‬‬
‫[‪ ]28‬سورة الجر آية ‪.9‬‬
‫[‪ ]29‬تقييد العلم‪ :‬للخطيب البغدادي ص ‪ 105‬وما بعدها‪.‬‬
‫[‪ ]30‬حجة ال البالغة ج‪ 1‬ص ‪ 148‬عن رسالة أب داود لهل مكة‪.‬‬
‫[‪ ]31‬سي أعلم النبلء ج‪ 8‬ص ‪.111‬‬
‫[‪ ]32‬السي ج ‪ 11‬ص ‪.329‬‬
‫[‪ ]33‬تذكرة الفاظ‪ :‬للذهب ج ‪ 2‬ص ‪.556‬‬
‫[‪ ]34‬تذكرة الفاظ ‪ :‬للذهب ج ‪ 2‬ص ‪. 589‬‬
‫[‪ ]35‬صحيح مسلم (القدمة) ج‪ 1‬ص‪.15‬‬
‫[‪ ]36‬الرح والتعديل ج ‪ 2‬ص ‪.34‬‬
‫[‪ ]37‬صحيح مسلم (القدمة) ج‪ 1‬ص‪.14‬‬
‫[‪ ]38‬أصول الديث ‪ :‬للخطيب ص ‪.428‬‬
‫[‪ ]39‬قواعد التحديث ‪ :‬للقاسي ص ‪.174‬‬
‫[‪ ]40‬الوضوعات ‪ :‬لبن الوزي ح‪ 1‬ص ‪.103‬‬
‫[‪ ]41‬علوم الديث ‪ :‬لبن الصلح ص ‪.8‬‬
‫[‪ ]42‬الرحلة ف طلب الديث ص‪.127‬‬
‫[‪ ]43‬الرحلة ف طلب الديث ص‪.93‬‬
‫[‪ ]44‬الكفاية ف علم الرواية ص ‪.147‬‬
‫[‪ ]45‬ملة الزهر ‪ :‬ملد ‪ 38‬سنة ‪ 1386‬ص ‪.454‬‬
‫[‪ ]46‬السنة ومكانتها ف التشريع السلمي ص ‪.126‬‬
‫[‪ ]47‬الوضوعات ‪ :‬القدمة ج‪ 1‬ص ‪.50‬‬

‫‪43‬‬
‫[‪ ]48‬الوضوعات ‪ :‬القدمة ج‪ 1‬ص ‪.50‬‬
‫[‪ ]49‬شرح صحيح مسلم للنووي ج‪ 1‬ص ‪.60‬‬
‫[‪ ]50‬مقدمة تفة الحوذي ‪ :‬للمباركفوري ص ‪.152‬‬
‫[‪ ]51‬تذير الواص ‪ :‬للسيوطي ص ‪.214‬‬
‫[‪ ]52‬توضيح الفكار ‪ :‬للصنعان ح‪ 1‬ص ‪.46،47‬‬
‫[‪ ]53‬أصول الديث ‪ :‬للخطيب ص ‪.435‬‬
‫[‪ ]54‬الرسالة الستطرفة ‪ :‬للكتان ص ‪.149‬‬
‫[‪ ]55‬الرسالة الستطرفة ص ‪.152‬‬
‫[‪ ]56‬الرسالة الستطرفة ص ‪.150‬‬
‫[‪ ]57‬الصنوع ص ‪..177‬‬
‫[‪ ]58‬الرسالة الستطرفة ص ‪.150‬‬
‫[‪ ]59‬سلسلة الحاديث الضعيفة‪ ..‬القدمة ص ‪.4‬‬
‫[‪ ]60‬السنة قبل التدوين ص ‪.290‬‬
‫===========================‬
‫حادثة وحديث حول نصرة النب صلى ال عليه وسلم‬

‫عبيد بن عساف الطوياوي(*)‬


‫لقد غضب السلمون غضبا شديدا ما أصابم ف نبيهم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حيث ترأ بعض‬
‫السفهاء على النيل منه‪ ،‬والستهزاء به‪ ،‬ويق لم أن يغضبوا‪ ،‬يقول المام مالك ‪-‬رحه ال‪( :‬ماذا‬
‫يبقى للمة بعد سب نبيها صلى ال عليه وسلم؟!‪ .).‬فهي وصمة عار ف جبي المة‪ ،‬أنْ يُستهزأ‬
‫بنبيها صلى ال عليه وسلم برسوم ساخرة‪ ،‬وأن يُرمى رسولا بتهم باطلة‪ ،‬وعلى يد طغمة حقية‬
‫خبيثة حاقدة‪.‬‬
‫وما ل شك فيه أن ذلك من منهج الجرمي ومسلك الشياطي من الن والنس الذين أخب عنهم‬
‫ربنا عز وجل‪ ،‬فما من نب إل وله أعداء يالفونه ويعاندونه ويعادونه‪ ،‬يقول تبارك وتعال‪{ :‬وَكَذَِلكَ‬
‫ض زُ ْخرُفَ اْل َقوْلِ ُغرُورًا وََلوْ شَاء‬ ‫ضهُمْ ِإلَى َبعْ ٍ‬
‫َجعَ ْلنَا لِكُ ّل نِبِ ّي عَ ُدوّا شَيَا ِطيَ الِنسِ وَالْجِ ّن يُوحِي َب ْع ُ‬
‫ك مَا َفعَلُوهُ فَ َذ ْرهُ ْم َومَا َيفَْترُونَ }‪ ،‬ويقول عز وجل‪َ { :‬وكَذَِلكَ َجعَلْنَا لِكُلّ َنبِ ّي عَ ُدوّا مّنَ‬ ‫رَّب َ‬
‫ك هَادِيًا وََنصِيًا}ولكن مهما فعل الغرضون‪ ،‬وعمل الاقدون‪ ،‬فإنّ للنب ‪-‬‬ ‫ي وَ َكفَى ِبرَّب َ‬ ‫ج ِرمِ َ‬
‫اْلمُ ْ‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬منلة عظيمة‪ ،‬ومكانة سامية‪ ،‬ودرجة رفيعة عالية عند ال عز وجل وعند‬
‫عباده الؤمني‪ ،‬فهو أكرم البشر‪ ،‬وأعظمهم جاها ومقاما‪ ،‬زكاه ال عز وجل من فوق سبع ساواته‪،‬‬
‫زكى عقله فقال‪{ :‬مَا ضَ ّل صَا ِحبُكُ ْم َومَا َغوَى}وزكى لسانه وقال‪َ { :‬ومَا يَن ِط ُق عَنِ اْل َهوَى}وزكى‬
‫كلمه وقال‪{ :‬إِنْ ُهوَ إِلّا وَحْيٌ يُوحَى} وزكى فؤاده وقال‪{ :‬مَا كَ َذبَ اْل ُفؤَا ُد مَا رَأَى}وزكى بصره‬

‫‪44‬‬
‫ص ُر َومَا َطغَى} وزكى خلقه وقال‪{ :‬وَِإّنكَ َلعَلى ُخلُ ٍق عَظِيمٍ}بل زكاه كله وقال‪:‬‬ ‫غ الَْب َ‬
‫وقال‪{ :‬مَا زَا َ‬
‫{ َومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّا َرحْمَةً لّ ْلعَالَ ِميَ } فاخسئوا معشر الجرمي وابشروا بلعنة رب العالي ف الدنيا‬
‫والخرة والعذاب الهي }فقد قال تعال‪{ :‬إِ ّن الّذِينَ ُي ْؤذُونَ الّلهَ َورَسُوَلهُ َلعََنهُمُ الّلهُ فِي الدّْنيَا وَالْآ ِخ َرةِ‬
‫وََأعَدّ َلهُ ْم عَذَابًا ّمهِينًا}‬
‫إن الغضب من أجل النب صلى ال عليه وسلم هو أقل ما يكن أن يفعله السلم‪ ،‬أما الدفاع عنه‪،‬‬
‫والذب عن عرضه‪ ،‬فهو من أوجب الواجبات‪ ،‬ولن يبلغ العبد درجة كمال اليان إل إذا كان يب‬
‫النب ‪-‬صلى ال عيله وسلم‪ -‬أكثر من حبه لنفسه‪ ،‬ففي الديث قال عمر ‪-‬رضي ال عنه‪( :‬يا رسول‬
‫ال‪ ،‬لنت أحب إلّ من كل شيء إل نفسي)‪ .‬فقال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ( :-‬والذي نفسي بيده‬
‫ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من نفسه) فقال رضي ال عنه‪ ( :‬فأنت الن وال أحب إلّ‬
‫من نفسي)‪ .‬فقال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪( :-‬الن يا عمر)‪.‬‬
‫إنّ الساءة إل النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬هي إساءة للدين ولكل مسلم من السلمي‪ ،‬ولكن‬
‫ينبغي للمسلم أن يتصرف بكمة‪ ،‬وينصر نبيه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بالطرق الشروعة‪ ،‬وقد‬
‫قامت الدولة ‪ -‬وفقها ال ‪ -‬باستنكار ذلك النكر العظيم‪ ،‬ومن الوفاء شكر ولة أمرنا والدعاء لم‪،‬‬
‫ول ننسى بعض تارنا الذين غضبوا لنبيهم ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فقاطعوا منتجات تلك الدولة‪،‬‬
‫أسأل ال ‪-‬عز وجل‪ -‬أن يلف عليهم خيا‪ ،‬كما أسأله سبحانه أن يرينا بأعدائنا وأعداء نبينا‬
‫عجائب قدرته‪ ،‬وفجاءة نقمته‪ ،‬وأليم عذابه إنه على كل شيء قدير وبالجابة جدير‪.‬‬
‫(*)حائل ‪ -‬ص‪ .‬ب‪3998 :‬‬
‫حت يتفرق دمه ف القبائل ‪...‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬ناصر بن سليمان العمر ‪... ...‬‬
‫ل يكن يتصور الرء أن مؤامرة كفار قريش لقتل النب _صلى ال عليه وسلم_ تعود مرة أخرى بذه‬
‫السرعة وبالنوال نفسه وعلى أيدي الغربيي أعداء العرب والسلمي‪ ،‬حذو القذة بالقذة‪ ،‬والنعل‬
‫بالنعل‪.‬‬
‫صوْا ِبهِ بَ ْل هُ ْم َق ْومٌ طَاغُونَ" (الذريات‪.)53:‬‬ ‫يتلف الدث والزمان والكان وتتفق القائق "أََتوَا َ‬
‫لقد ابتدر أبو جهل تلك الفكرة الثة الت ل يبتدرها إبليس ول يلك إلّ أن يصفق لا قائلً‪" :‬هذا هو‬
‫الرأي"‪ ،‬فتآمروا قديا على قتله ‪-‬بأب وأمي هو‪ -‬وطلبوا من كل قبيلة أن تأت برجل منهم حت‬
‫يتفرق دمه ف القبائل –زعموا‪.-‬‬
‫ب النب _صلى ال عليه وسلم_‪ ،‬وكانت الوقفة الشرفة من‬ ‫واليوم وعندما تمّلت الدنارك كب س ّ‬
‫المة ضد هذه الرية النكراء‪ ،‬وعندما بدأت تلك الدولة تترنح تت وطأة آثار تلك الملة‪ ،‬وبالذات‬
‫القاطعة القتصادية الشجاعة من لدن السلمي‪ ،‬ف دولة يعد ثدي البقرة أعظم من بئر نفط لدى‬
‫مالك النفط ‪ ،‬هنا هبّ الغرب ف وقفة آثة مع هذه الدولة الباغية من أجل تفتيت تلك القاطعة‪،‬‬

‫‪45‬‬
‫(حت يتفرق أثرها ف تلك الدول بدل دولة واحدة)‪ ،‬وهنا يقول بعض السلمي‪ :‬ل طاقة لنا بحاربة‬
‫هؤلء القوم جيعا؛ لسباب ل تفى على ذي عيني وعقل وأذني‪.‬‬
‫ولذا كان ل بد من التيقظ والزم وعدم الستسلم لتلك الؤامرة‪ ،‬وهذا يقتضي أن تصر القاطعة ف‬
‫الدولة الت أيقظت الفتنة وهي نائمة "لعن ال من أيقظها" مع الستمرار ف القاطعة وتفعيلها؛ لنا‬
‫بدأت تؤت أكلها بإذن ربا‪ ،‬يقول رئيس ترير تلك الصحيفة الثة‪" :‬علي أن أقول وأنا أشعر بالعار‪:‬‬
‫إنم انتصروا"‪ ،‬فحذار من إتاحة الفرصة لتفتيت هذه الوقفة الشجاعة بالتعجل بالدعوة لقاطعة هذه‬
‫الدول كلها‪ ،‬وهذا ما يريد أن يرنا إليه الغرب الاقد؛ لنه يعلم أن من يقاتل فردا ليس كمن يقاتل‬
‫عشرة‪ ،‬ويدرك أنه بالدعوة إل مقاطعة تلك الدول سينبي أناس من بن جلدتنا ضد هذه القاطعات؛‬
‫لنا ستمس مصالهم مباشرة‪ ،‬وهنا يدب اللف ويكثر الناع‪ ،‬وتتحول العركة ضد العدو إل‬
‫معركة داخلية‪ ،‬والنتيجة هي الفشل _ل سح ال_ "وَل َتنَا َزعُوا َفَتفْشَلُوا َوتَ ْذ َهبَ رِيُكُمْ" [النفال‪:‬‬
‫من الية‪.]46‬‬
‫ول يعن هذا براءة تلك الدول‪ ،‬أو عدم استحقاقها للعقاب‪ ،‬كلّ‪ ،‬ولكن السياسة الشرعية تقتضي‬
‫التعامل بكمة مع الدث‪ ،‬وعدم تفتيت الهود‪ ،‬أو الندفاع العاطفي غي مسوب النتائج‪ ،‬أو‬
‫الدخول ف معركة ل نلك أدواتا‪.‬‬
‫وعندما نصر الرب ف الدولة البادئة فلنا هي الت تولت كب الدث والبادي أظلم‪ ،‬وهي الت‬
‫سنت تلك السنة السيئة‪ ،‬فعليها وزرها ووزر من عمل با‪ ،‬وعلى نفسها جنت براقش‪ ،‬فاجعلوها‬
‫خ ِربُونَ بُيُوَتهُ ْم بِأَيْدِيهِمْ وََأيْدِي الْ ُم ْؤمِِنيَ فَاعَْتِبرُوا يَا أُولِي‬
‫عبة لعتب‪ ،‬تصديقا لقوله _سبحانه_‪" :‬يُ ْ‬
‫ش ّردْ ِبهِ ْم مَنْ خَ ْل َفهُمْ" [النفال‪ :‬من‬ ‫الَْأْبصَارِ" [الشر‪ :‬من الية‪ ،]2‬وتقيقا لقول الباري _تعال_‪" :‬فَ َ‬
‫الية‪ ،]57‬وسبيل النجاة يكمن ف قوله _جل وعل_‪" :‬وَاعَْتصِمُوا بِحَبْ ِل الّلهِ جَمِيعا وَل َت َفرّقُوا" [آل‬
‫عمران‪ :‬من الية‪.]103‬‬
‫صِبرُوا َوصَاِبرُوا َورَابِطُوا وَاّتقُوا الّلهَ َلعَلّكُمْ ُتفْلِحُونَ" [آل عمران‪:‬‬ ‫وختاما "يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا ا ْ‬
‫‪.]200‬‬
‫==========================‬
‫حدود حرية التعبي‬

‫يوسف القبلن‬
‫«كما دعت اللجنة إل اتاذ اجراءات حازمة لظر القيام بنشر الفكار والواد القائمة على‬
‫العنصرية»‪.‬‬
‫أما اللجنة فهي لنة حقوق النسان حي أشارت ف دورتا الادية والستي إل ما يلحق القليات‬
‫والطوائف السلمة ف بعض البلدان غي السلمية‪ ،‬وإل التصوير السيئ للسلم ف وسائل العلم‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫أما التحدث فهو الدكتور ممد البيب بن الوجه المي العام لجمع الفقه السلمي وكان ف‬
‫حديثه يستهجن ويستغرب ما أثارته صحف داناركية ونرويية من إساءة للمسلمي بانتهاكها البادئ‬
‫الساسية للصحافة تت غطاء حرية التعبي‪.‬‬
‫وأشار د‪.‬البيب ف حديثه إل أن القمة السلمية الستثنائية الثالثة الت عقدت بكة الكرمة ف ناية‬
‫ديسمب ‪ 2005‬أكدت على مسؤولية جيع الكومات عن ضمان الحترام الكامل لميع الديان‬
‫والرموز الدينية‪ ،‬وعدم جواز استغلل حرية التعبي ذريعة للساءة إل الديان‪ ،‬ونن نتفق مع ما ذهب‬
‫إليه المي العام ونتساءل عن دور النظمات السلمية مثل منظمة الؤتر السلمي‪ ،‬ورابطة العال‬
‫السلمي‪ ،‬والزهر الشريف وغيها‪ ،‬وهل يكن مقارنة مواقفها ف الذود عن السلم والسلمي با‬
‫تقوم به منظمات حقوق النسان‪.‬‬
‫وإذا كنا نطالب باتاذ إجراءات حازمة فما الذي ت ف هذا الشأن وهل هناك تنسيق فعلي بي‬
‫النظمات السلمية وهل يقتصر دور هذه النظمات على كشف سقطات بعض الصحف التطرفة أم‬
‫أن القضية أكب وأشل وتتاج إل استراتيجية طويلة الدى لتوضيح صورة السلم القيقية الميلة‬
‫الت شوهها الرهابيون التطرفون وما هذه الملت البغيضة ضد السلم إل نتيجة لعمال الرهاب‬
‫النسوبة إل السلمي‪ ،‬فالرهابيون ل يكتفوا بقتل البرياء بل شجعوا التطرفي ف الانب الخر على‬
‫التمادي فيما يسمونه حرية التعبي‪ ،‬ولو اتهت الموال الت تول الرهاب إل بناء الساجد والراكز‬
‫الثقافية والكتبات والمعيات النسانية لكان ف ذلك أكب خدمة للسلم والسلمي‪.‬‬
‫ليس الطلوب الن من النظمات السلمية الكتفاء بإصدار بيانات الستنكار والستهجان ول‬
‫بيانات الناشدة‪ ،‬ولكن الطلوب وضع برنامج عمل مستمر ليس فقط من أجل الرد على ما تكتبه‬
‫الصحافة التطرفة ولكن من أجل وضع سياسة وبرنامج عمل منظم يأخذان ف العتبار أحوال‬
‫السلمي ف كل مكان ويقدمان الدمات النسانية للنسان مهما كانت ديانته أو جنسيته أو لونه‬
‫انطلقا من مبادئ الدين السلمي الت تث على التكافل واحترام الديان‪ ،‬والتآلف‪ ،‬والتسامح‬
‫وغيها من القيم السلمية العظيمة الت أساء إليها الرهابيون‪ ،‬وتقع على النظمات السلمية‬
‫مسؤولية أبرازها كسلوك إسلمي‪.‬‬
‫أما قضية حرية التعبي الت يستند إليها الذين يهاجون السلم ويسخرون من تعالسيمه بل ويتمادون‬
‫ف حريتهم بالسخرية من الرسول ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإنا حرية مرفوضة‪ ،‬وهي حرية ل‬
‫يوز الدخول فيها أو مارستها من قبل منسوب كافة الديان‪ ،‬وعلينا نن أيضا كمسلمي أن نري‬
‫عملية تقييم ذاتية صادقة وشفافة لكل مفردات خطابنا الدين‪ ،‬ومن الول أن يكون السلم قدوة‬
‫لغيه ف القيم النسانية النبيلة الت تترم كرامة النسان وتترم أديانه‪.‬‬
‫‪yalgoblan@alriyadh.com‬‬
‫‪ 3‬تعليقات‬
‫‪1‬‬

‫‪47‬‬
‫ايهما اعظم من نشر صور ام من صور فيلم‬
‫دار عرض أمريكية تعرض فيلما إباحيا بعنوان'الياة النسية للنب ممد'‪.‬‬
‫الساءة فوبيا غربية قدية‬
‫ول تقتصر الساءة للرسول صلى ال عليه وسلم على ذلك فقط ولكنها امتدت لتشمل إساءات أشد‬
‫مثل ما نشرته صحيفة هيوست برس المريكية السبوعية ف ولية تكساس من إعلن عن دار عرض‬
‫أمريكية تعرض فيلما إباحيا بعنوان'الياة النسية للنب ممد'‪.‬‬
‫ورغم الحتجاجات الت تلقتها دار السينما من مسلمي ولية تكساس إل أنا رفضت إيقاف عرض‬
‫الفيلم واستعانت بالشرطة لصد التظاهرين‪ .‬وبالطبع ل يتم اتاذ أي إجراء لنع عرض الفيلم من قبل‬
‫السئولي‪.‬‬
‫سال الصقيه‬
‫‪ 06:52‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫‪2‬‬
‫اتفق معكِ أخي يوسف‪ ..‬ولكن‪ .‬اختلف معك أيضا‬
‫أو ًل ‪ /‬أستاذ‪ /‬يوسف‪ ..‬شكر ال لك تصديك ودفعاك عن البيب صلى ال عليه وسلم‪ ...‬وهذا أقل‬
‫ما يفعله أحدنا‪...‬‬
‫ثانيا‪ /‬إنن أتفق معك‪ ...‬ف كثي ما تطرقت إليه‪ ..‬وأخالفك ف البعض‪ ...‬ولعلك والخوة القراء‬
‫يتفقون معي أن اختلف وجهات النظر ل يفسد للود قضية‪ ...‬فإن كان الق معك‪ ..‬وضحه ل ف‬
‫مداخلة‪ ..‬أو ف مقال آخر‪ ..‬وإن كان الق فيما ذكرته أنا‪ ..‬فالول بالسلم قبول الق كما قال‬
‫حبيبك وحبيب صلى ال عليه وسلم [الكمة ضالة الؤمن]‬
‫أخي الكري يوسف‪..‬‬
‫ثالثا‪ /‬أما قولك (وإذا كنا نطالب باتاذ إجراءات حازمة فما الذي ت ف هذا الشأن وهل هناك تنسيق‬
‫فعلي بي النظمات السلمية وهل يقتصر دور هذه النظمات على كشف سقطات بعض الصحف‬
‫التطرفة أم أن القضية أكب وأشل وتتاج إل استراتيجية طويلة الدى لتوضيح صورة السلم القيقية‬
‫الميلة الت شوهها الرهابيون التطرفون)‬
‫فأتفق معك جلة وتفصلً‪..‬‬
‫بل وأضيف ~إليه‪ ..‬إن ما قامت به الصفتي الدنركية والنرويية‪ ..‬عي التطرف‪ ...‬والرهاب‪ ..‬فإن‬
‫ينتقمون‪ ...‬من شعب أفغانستان‪ ..‬وشعب العراق‪ ..‬ويقصفون النساء والطفال والعزل‪.‬‬
‫واليوانات‪( ..‬ليتمهم ف نظر أمريكا سواء لكان تدخلت جعية حقوق اليوان) بسبب تفجي برجي‬
‫التجارة العالية ف أمريكا‪ ...‬سواء ثبت أن القائم به مسلمون‪ ..‬أم أن التهمة علقة على أناس متوفي‬
‫قبل الدث بسني وأكثر‪ ..‬كما اتضح لنا فيما بعد!!!‬
‫‪ ..‬تابع التتمة من فضلك‬

‫‪48‬‬
‫أخوكم‪ /‬أبوعاصم‬
‫‪abo-aseem@maktoob.com‬‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 07:37‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫‪3‬‬
‫تتمة اتفاقي‪ ..‬معك‪ ..‬ووجهات اختلف‬
‫فإذا كان العتدي ابن لدن أو فلن‪ ..‬وفلن‪ ..‬أليست أمريكا بأجهزة استخباراتا والوساد‬
‫معها‪...‬و‪ , ...‬قادرة أن تقتنصه لوحدة كما اقتنصت (تلميذتا ) إسرائيل (أحد ياسي)‬
‫و)وعبدالعزيز الرنتيسي) ! وغيهم كثي‪ ..‬هل ما فعلته أمريكا بامتهان الصحف ف قوانتامو وما فعلته‬
‫ف العتقلت العراقية‪..‬و قصفها لشعب أفغانستان وشعب العراق وما فعلته الصحف الدنركية من‬
‫الديقراطية والعدل؟‬
‫كما أننا ومن خلل تعاليم السلم‪ ..‬نقت ونذر من العليات الرهابية والنتقامية‪ ..‬خصوصا ف‬
‫البلد المنة الستقرة‪ ..‬الت ل حرب فيها‪ ..‬كقتل العاهدين والستأمني ومن دخلوا بلدنا بإذن من‬
‫ولة المر فقد قال صلى ال لعيه وسلم [من قتل معاهدا ل يرح رائحة النة] فأي جهاد‪ ..‬يزعمونه‬
‫ل يدخلك النة؟؟‬
‫وإذا ل يدخل هؤلء التفجييي والتكفييي‪ ..‬النة فأين مصيهم؟؟ والعياذ بال !!‬
‫إل أن ثتَ تطرف آخر‪ ...‬ف القابل‪ ..‬أل وهو التغريب‪ ..‬وزعم ترير الرأة وقيادة الرأة‪ ..‬فهذا‬
‫وذاك سواء‪ ..‬التكفييي يفجرون البان ويقتلون‪ ..‬البرياء‪ ..‬والتغريبيي‪ ..‬يفجرون الشاعر‪..‬‬
‫ويثيون العداوات‪ ..‬ويقتلون البان والقيم وياولون قتل العقائد‪ ..‬ولن يستطيع التكفييي ول‬
‫التغريبيي إدراك مأربم‪ .‬ومقاصدهم‪{ .‬إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم} طالا وقفنا صفا‬
‫واحدا خلف ولة أمرنا (المراء والعلماء) قال تعال {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول‬
‫وأول المر منكم}‬
‫أما قولك (وما هذه الملت البغيضة ضد السلم إل نتيجة لعمال الرهاب النسوبة إل السلمي‪،‬‬
‫فالرهابيون ل يكتفوا بقتل البرياء)‬
‫فهذا غي صحيح‪ ...‬فعداوة اليهود والنصارى أزلية منذ عهد النبوة واللفاء والراشدين‪ ،‬ولن نصل‬
‫معهم لئتفلف فإن ال تعال يقول {ولن ترضى عنك اليهود ول النصارى حت تتبع ملتهم} فهل‬
‫يقبل مسلم أن يبع ملتهم؟؟؟‬
‫ولو فعل لصبح كالفارقة السود ف أمريكا‪ ..‬وما يعانونه من اضطهاد!‬
‫قبل تيات ودعوت حبيب يوسف‪ ..‬واختلف وجهات النظر ل تفسد للود قضية‪ ،‬أسأل ال أن يظهر‬
‫الق على يديك وعلى لسانك ومن خلل قلما‪ ،‬وأن يمعن بك مع البيب صلى ال عليه وسلم‬
‫عند حضه وف الفردوس العلى‪ .‬وصلى ال وسلم على البيب‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫أخوكم‪ /‬أبوعاصم‬
‫‪abo-aseem@maktoob.com‬‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 07:40‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫========================‬
‫حديث عن الصطفى الختار‬

‫عبد الرحن السديس إمام الرم‬


‫مكة الكرمة‬
‫‪6/3/1426‬‬
‫السجد الرام‬
‫ملخص الطبة‬
‫‪ -1‬سبب عز المة وتكينها‪ -2 .‬سبب ذل المة وانزامها‪ -3 .‬الديث عن الصطفى ‪-4 .‬‬
‫وجوب مبة النب ‪ -5 .‬حقيقة مبة النب ‪ -6 .‬فضائل النب وشائله‪ -7 .‬ومضات من سية النب ‪.‬‬
‫‪ -8‬جد النب واجتهاده‪ -9 .‬حقد العداء على النب ‪ -10 .‬ضرورة الستفادة من السية النبوية‪.‬‬
‫‪ -11‬الب الصادق والب الكاذب‪ -12 .‬مبة آل البيت وأزواج النب والصحابة الكرام‪.‬‬
‫الطبة الول‬
‫أمّا بعد‪ :‬فإنّ خيَ ما تُفتَتح به الوصايا وتُختَتَم ويُستجلَب به الي ويُستَتَ ّم الثّ على تقوى اللهِ‬
‫وخشيته ف السرّ والعلن؛ فمن جعل التقوَى مرمَى بصرِه أفلح ونَا‪ ،‬وفازَ با أمّل ورجا‪ ،‬وصدَر عن‬
‫بج ٍة وانشراح روح‪ ،‬ونفسٍ راضية مرضية ف رياضِ السّعادة تغدو وتَروح‪.‬‬
‫أيّها الؤمنون‪ ،‬لسنا ف نوًى عن القول‪ :‬إنّ أمّتَنا السلميّة العتيدة إنا شدّت ركابا شطرَ الجد‬
‫والعلياء وتسنّمت قِمَم السؤ َددِ والباء وساقت النسانّيةَ إل مرابِع الضارة والدنيّة والناء وأفياءِ‬
‫المن والرّخاء والعدل والخاء ساع َة استعصَمَت بالوحيَي الشريفي‪ ،‬واستمسَكت بالديَي النيّرين‪،‬‬
‫وكانت مِلءَ سعها وبصرها‪ ،‬ومُفعَم روحِها ومُستَولَى مشاعرها‪ ،‬سّنةُ نبيّها الغرّاء وسيتُه وشائِله‬
‫الفيحاء‪.‬‬
‫ف النبات وشائ ٌل علويّة أصفى من الاء الفرات‬ ‫ُخلُقٌ كما خطَر النّسيم فهزّ أعطا َ‬
‫ويومَ أن شطّ با الزار عن ذلك الديِ التللئ الِدرار فاءت المّةُ إل يَبابِ التبعيّة والذيليّة والوهَن‪،‬‬
‫وصارت والتناُفرَ والتناثرَ ف َقرَنٍ‪ ،‬والْتأ َمتْ مع السَى ال ِمضّ أمّةُ القتداء والوحيِ والقتفاء على‬
‫دعاوًى منَ البّ مسطّح ٍة زَيفاء‪ ،‬تكاد عند الحاَققَة ل تبارِح اللسنة والشّفاه‪ ،‬وذلك من مكامنِ‬
‫دائها العُياء‪ ،‬فَدَاءُ المّة فيها‪ ،‬ولو أنا اعتصَمَت بالكتاب والسنّة ما استفحَل داؤها ولتحقّق دواؤها‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫إخوةَ اليان‪ ،‬ولئن ازدَانَت الغَباء فَبُدّلت وضّاءةً خضراء منذ ما يربُو على أربعةَ عشر قرنًا من الزّمان‬
‫ببعثة سيّد النبياء وعطّرت سيته الونِقة القطارَ والرجاء‬
‫فالكَونُ أشرَقَ والفَضاءُ تع ّطرَا والُفْق ظلّله السرور فهل تَرى‬
‫با تضمّنته من حقائق الهابةِ والمال والشية واللل ومس ّددِ الِكمةِ ف القوالِ والفِعال‪ ،‬فإ ّن تلكم‬
‫السيةَ الشرقة البي التللِئة ا ُلحَيّا ل تزال تُهيب ب ُورّادها مناشِ َدةً‪ :‬إلّ إلّ‪ ،‬وحّيهَلً عل ّي عليّ‪ ،‬نلً‬
‫وفهمًا‪ ،‬واقتِباسًا ورِيّا‪.‬‬
‫معاشر الحبي‪ ،‬إ ّن الديثَ عن البيب الصطَفى والرسول الجتب والات القَتفَى صلواتُ ال عليه‬
‫ث عَذبُ الذاق‪ ،‬مُجرٍ لدموع الآق‪ ،‬بَلسَم لفوة القلوب ولقَسوَتا تِرياق‪ ،‬كيف‬ ‫وآلِه وسلّم لو حدي ٌ‬
‫ل وهو رسول اللِك العلم وحامِل ألوية العد ِل والسّلم ومُخرج البشريّة بإذن ربّها من دياجي‬
‫ط والوثنية والظلم ووِهاد الرجاس والثام إل أنوار التوحيدِ واليان والوئام؟! صلوات ال‬ ‫النطا ِ‬
‫لجُزات‪ ،‬أمَنّ‬ ‫وسلمه عليه ما ذرّ شارق‪ ،‬وحنّ إل إِلفِه الفارق‪ ،‬نبّ العجِزات‪ ،‬وآخذُنا عن النار با ُ‬
‫حبّة الوادِقة والطاعة الصادقة‪ ،‬صا ِحبُ القامِ‬ ‫النّاس على كلّ مسلم ومسلمة‪ ،‬وأحقّهم نَقلً وعقلً بال َ‬
‫الحمود واللّواء العقود والَوض الورود‪.‬‬
‫تود بالدّمع عين حي أذكرُه أمّا الفؤاد فلِلحوض العظيم ظَمِي‬
‫ل يتمّ دينُ الرءِ إ ّل بإجلله والنقيادِ له وحبّه‪ ،‬ومن صعّر خدّه هدم دينَه واّتهِم ف لُبّه‪ ،‬يقول عليه‬
‫الصلة والسلم فيما أخرجه الشيخان‪(( :‬ل يؤمِن أحدكم حت أكونَ أحبّ إليه من نفسه وولده‬
‫ووالدِه والناس أجعي))[‪.]1‬‬
‫تِلكم هي الحبّ ُة الصادقة الت أفضَت إل أصلِ الطّاعة والتسليم الذي دلّ عليه قول القّ تبارك‬
‫سهِمْ َحرَجًا مّمّا‬ ‫جرَ بَْيَنهُمْ ثُمّ َل يَجِدُوا فِي أَنفُ ِ‬
‫ل َورَّبكَ لَ ُي ْؤمِنُونَ حَتّى يُحَكّمُو َك فِيمَا شَ َ‬ ‫وتعال‪ :‬فَ َ‬
‫سلّمُوا تَسْلِيمًا [النساء‪ .]65:‬أحبّه موله واجتبَاه‪ ،‬وميّزه على سائر الليقة واصطفاه‪.‬‬ ‫ت وَيُ َ‬‫َقضَْي َ‬
‫فكم حَبَاه ربّه وفضّله وخصّه سبحانه وخوّله‬
‫أب ال إ ّل رَفعه وعُُلوّه وليس لا يُعلِيه ذو العرش واضعُ‬
‫بأب هو وأمي عليه الصلة والسلم‪ .‬أظهرُ الليقَة بِشرًا وأُنسًا‪ ،‬وأطيبُهم َنفَسًا ونفْسًا‪ ،‬وأجلُهم‬
‫شرُ عنوان‬ ‫ش َرهُ‪ ،‬وحاشاه أن يشاِفهَ أحدًا با يكره‪ ،‬والِب ْ‬ ‫شرٍ ِب ْ‬
‫وصفًا‪ ،‬وأظهرهم لُطفًا‪ ،‬ل يطوي عَن بَ َ‬
‫البشي‪ ،‬صلّى ال عليه ما هَى رُكام وما هَت غَمام‪ ،‬كان ذا رأف ٍة عامّة وش َفقَة سابغة تامّة‪ ،‬أج ُل الناسِ‬
‫ودّا‪ ،‬وأحسنُهم وفاءً وعهدًا‪ ،‬تواضَ َع للناس وهمُ التباع‪ ،‬وخفض جناحه لم وهو التبوع الطَاع‪،‬‬
‫كان شديدَ الوف والعبادة‪ ،‬وافرَ الطاعة والقنوت والفادة‪ ،‬له شجاعةٌ وندة وبسالة ف القّ وشِدّة‪،‬‬
‫ح عن مُعتَفٍ‬ ‫يبذُل الرّغائب‪ ،‬ويعي على الصروفِ والنوائب‪ ،‬ما سئِل عن شيء فقال‪ :‬ل‪ ،‬وما أشا َ‬
‫ب ُنزّه عن الثالب‬ ‫ول قَلَى‪ .‬فيا لِ‪ ،‬هل ف طوقِ البِينَاء من غَطارِفة البيان أن يتفرّدوا بوصفِ ن ّ‬
‫والنقائص و ُكرّم ببديع الشمائل والصائص؟! كل لعَمرو القّ كلّ‪.‬‬
‫مَلَكت سَجايَاه القلوبَ مبّةً إنّ الرسول إل القلوبِ حَبيبُ‬

‫‪51‬‬
‫نبّ تقيّ‪ ،‬ورسول نقيّ‪ ،‬زكّى الباري لسانه فقال‪َ :‬ومَا يَن ِط ُق عَنِ ا َلوَى [النجم‪ ،]3:‬وزكّى بصره‬
‫شرَحْ َلكَ صَ ْدرَكَ [الشرح‪:‬‬ ‫صرُ َومَا َطغَى [النجم‪ ،]17:‬وزكّى صدره فقال‪ :‬أَلَمْ َن ْ‬ ‫فقال‪ :‬مَا زَاغَ الَب َ‬
‫‪ ،]1‬وزكّى فؤادَه فقال‪ :‬مَا كَ َذبَ ال ُفؤَا ُد مَا رَأَى [النجم‪ ،]11:‬وزكّى جليسَه فقال‪ :‬عَلّ َمهُ شَدِيدُ‬
‫ال ُقوَى [النجم‪ ،]5:‬وزكّاه كلّه فجاءت الشهادة الكبى الت شرُف با الوجود وان َزوَت لا كلّ‬
‫الدود‪ ،‬إذ يقول الَب ّر الودود‪ :‬وَِإّنكَ َلعَلَى ُخلُ ٍق عَظِي ٍم [القلم‪.]4:‬‬
‫ُخلُق عظي ٌم اشُتقّ من عظمة هذه الرسال ِة العالية النسانية‪ ،‬خُلُق ل يؤوده بلغ الرحة والعدل‬
‫حبّ دائمًا يعلو‪:‬‬‫والفضيلة والقوّة والعزة والرفق والكمة‪ ،‬وشعار ال ِ‬
‫خيالُك ف ذهن وذِكراك ف فمي ومَثواك ف قلب فأين تغيب؟!‬
‫إخوةَ اليان‪ ،‬ولسيةِ النبّ الختار هَديرُها ورِواؤها ف سُويداءِ النفوس الت أحبّته وأجلّته والفئدةِ‬
‫الوَّلهَة العمي َدةِ بصالِه‪ ،‬وإبللً لذلك الصّيهَج من البّ الطهور نُزجِي للعالَم ومضاتٍ ولُ َمعًا من‬
‫شرَة بالرحة والنان‪ ،‬وهيهات أن يبلُغَ الرام بنان‪.‬‬ ‫سيتِه النَ ّ‬
‫فيومَ أن اشت ّد أذى قومِه له‪ ،‬فانطلَ َق وهو مهمومٌ على وجهه عليه الصلة والسلم‪ ،‬فلم يستفِق إلّ‬
‫وهو بقرنِ الثعالب‪ ،‬فناداه ملك البال وقال‪ :‬يا ممّد‪ ،‬إن شِئتَ أن أطبقَ عليهم الخشبي‪ ،‬فقال‬
‫وهو الرؤوف الرحيم‪(( :‬بل أرجو أن يرِجَ ال من أصلبم من يعبدُه وحدَه ل يشرك به شيئًا))‬
‫أخرجه الشيخان[‪.]2‬‬
‫حلَهم العفوَ والغفران‪ ،‬وصدق ال‪:‬‬ ‫فسبحان ال عبا َد ال‪ ،‬انظروا كيفَ قابلوه بالّتهَجّم والنكران‪ ،‬فن َ‬
‫َومَا َأ ْرسَلْنَاكَ إِ ّل رَحْ َمةً لّ ْلعَالَ ِميَ [النبياء‪ ،]107:‬وقال عليه الصلة والسلم‪(( :‬إنّما أنا رحةٌ‬
‫مهداة)) خرّجه البخاري[‪.]3‬‬
‫هو رح ٌة للناس مهداة فيا وَي َل العانِدِ إنّه ل يُرحَم‬
‫وصرخ ُة مَفؤودٍ متوجّع ولَوع ُة مصدورٍ متفجّع مّن يقتّلون النفس العصومةَ البيئة‪ ،‬ل يتلذّذون إل‬
‫بإراقةِ الدماء وتناثُر الشلء‪ ،‬ف جهالتٍ تتلوها حاقاتٌ‪ ،‬فيا لا من ِقحَة جريئة وقلوب قاسيَة قبيحة‪،‬‬
‫معاذَ ال ث معاذَ ال أن يكونَ الفساد والدمار والرهابُ والبوار من هديِ النبوّة وشائلها ف وردٍ أو‬
‫صدر‪.‬‬
‫وف فتحِ مكّةَ حي اشت ّد الفزعُ الالِع بشركي قريش وظنّوا كلّ الظنّ أنّ شأفتَهم مستأصلة وقف‬
‫منهم الرسو ُل الشاكر الرحيم الانّ الليم وقال‪(( :‬ما تظنّون أنّي فاعل بكم؟)) قالوا‪ :‬خيًا؛ أخٌ كري‬
‫وابن أخٍ كري‪ ،‬قال‪(( :‬اللّهمّ اغفر لقومي فإنم ل يعلمون‪ ،‬اذهَبوا فأنتم الطلقاء))[‪.]4‬‬
‫ب ما أعظَمَه‪ ،‬ومِن رسولٍ ما أكرمه‪.‬‬ ‫ال أكب‪ ،‬يا له من ن ّ‬
‫لَه الصلة والسلم تترَى ما شرى برقٌ على طيبَةَ أو أمّ القرى‬
‫إنّه الثل العلى للنسانيّة؛ انَتصَر فرحِم وعفا‪ ،‬وقدَر فصفَح وما جفا‪.‬‬
‫لوْزا جَوازًا وحُسْ ٌن قد َحوَى الُسْن وجازَا‬ ‫مَعالٍ جازَت ا َ‬

‫‪52‬‬
‫ف ـ يا أول اللباب ـ مّا يسهّدكم تفصيلُه ويؤلكم قليله ما مُنِي به بعضُ العُلَة حيَ‬ ‫وغيُ خا ٍ‬
‫ف وعنجهيّة كلّ الواثيق والقوق‪ ،‬فأينَ‬ ‫استب ّد العتاة‪ ،‬فأهدَروا إنسانيّ َة النسان‪ ،‬وحطّموا ف صلَ ٍ‬
‫الَضيض من السّماك العزل؟! وشتّان شتّان بي الهتداء الني والدّعاء البي‪.‬‬
‫ونظيُ ذلك ما ينتَظِم ف أسلك الصّف ِح والنّبل والشهامة من نبّ الرحة والكرامة ما كان منه إزا َء ثامَة‬
‫وهِندٍ والثلثة‪ ،‬ويكفي من القل َدةِ ما أحاط بالعنق‪.‬‬
‫وصفوةُ القول‪َ :‬لقَدْ كَا َن لَكُمْ فِي رَسُو ِل الّلهِ ُأ ْس َوةٌ َحسََنةٌ [الحزاب‪ ،]21:‬أسو ٌة ف جيع ضروب‬
‫خلُ ُق مَا‬‫جعَلُ رِسَالََتهُ [النعام‪َ ،]124:‬ورَّبكَ يَ ْ‬ ‫الياة وتصاريف المور والعاملتِ‪ ،‬الّلهُ َأ ْعلَمُ حَْيثُ َي ْ‬
‫يَشَاءُ وََيخْتَارُ [القصص‪.]68:‬‬
‫إنّها النفس الت عاَنقَت السماء‪ ،‬وعاشَت على الثّرى داني ًة من الناس‪ ،‬مِلؤُها الحسان الدِيد والعقلُ‬
‫السديد والرأي الرّشيد والقول اللطيف الوئيد‪ ،‬ف أقصى آما ِل الِرص والخلص والصّدق والمانة‪.‬‬
‫فعن حبّه حدّث عن البحر إنّه لبحرٌ ولكن بالعان انسيابُه‬
‫معاشرَ السلمي‪ ،‬ثلث ٌة وعشرون عامًا بل ُد ّرةٌ مِن الدعوة والصب والتعليم والهاد تقِف شامةً على‬
‫قمّة الزمنِ والضارة والتأريخ‪ ،‬ل تِد فيها ساعةً أو خطوَة توصَف بالضياع أو الهدارِ‪.‬‬
‫يا ربّنا فاجَعنا معًا بنبيّنا فِي جّنةٍ تثنِي عيونَ الْحُسّد‬
‫ف جنّ ِة الفردوس فاكتبها لنا يا ذا الللِ وذا العل والسّؤدَد‬
‫أمّةَ السلم‪ ،‬أحباب سيّ ِد النام‪ ،‬ومع ك ّل هذا اللء ف سيةِ خي الورَى والبهاء ل يزالُ أحلسُ‬
‫النّفاق وشُذّاذ الفاق ومَردَة الكُفرِ والستشراق ومُسوخ العولة والتغريب ينشرون أباطيلَهم وحقدَهم‬
‫الرعن ع َب المَلت والشبكات حِيالَ الناب الحم ّديّ الطهر والديِ الصطفويّ الزهَر‪ ،‬فيا‬
‫وَيهم‪ ،‬يا ويهم يَرمون من أرسلَه ال رح ًة للعالي بالقَسوة والفاء والرهابِ والغِلظة والشناءَة‪ ،‬ف‬
‫رسومٍ ساخِرة ودِعايات سافِرة وحلت ماكِرة‪ ،‬فال حسبنا وحسيبُهم‪.‬‬
‫وهَل أنكروا إلّ فضائ َل جّةً؟! وهل يبصِر الفّاش والنورُ ساطِع؟!‬
‫وما عُدّتم إ ّل الفتراء والزور‪ ،‬ينفثُها صدرُ كلّ مأفونٍ موتور‪ ،‬تشكيكًا ف النب ّوةِ والرّسالة‪ ،‬فوي ٌل لم‬
‫من وَصفِهم أشرفَ الورى با اختَلقوا مِن عندهم والّت َزعّمِ‪ .‬وقد علِموا يقينًا قاطعًا أنّ النبّ المّيّ‬
‫الاشيّ القرشيّ صلوات رب وسلمُه عليه قد جاء للبشريّة بأسى القائِق الكونية وأزكى الداب‬
‫سهُمْ‬ ‫الُلقُية وأرقى النّظُم الجتماعيّة وأجلى الشرائع التعبديّة‪ ،‬ولكن وَجَحَدُوا ِبهَا وَاسْتَْي َقنَْتهَا أَنفُ ُ‬
‫ظُلْمًا َو ُعُلوّا [النمل‪ .]14:‬ال أكب‪ ،‬إِ ّن شَاِنَئكَ ُهوَ الَبَْت ُر [الكوثر‪ ،]3:‬ول درّ حسّا َن رضي ال عنه‪:‬‬
‫هجوتَ مباركًا برّا حنيفًا أميَ ال شِيمتُه الوفاءُ‬
‫فإ ّن أب ووالدَه وعِرضي لعِرضِ م ّمدٍ منكم وقاء‬
‫غ وعادٍ فإنّه‬ ‫أمّةَ السلم ف كلّ مكان‪ ،‬وإذا كانَت الآسي تلفَح وجوهَنا ف كلّ ش ٍب وواد من ك ّل با ٍ‬
‫لِزامًا على المّة وقد رضِيَت بالركون إل هذه الدنيا والخلد و َرثّ حب ُل صِلَتِها بذِه السّيةِ الادِية‬
‫أو كاد وغدَت سيةُ البيب بعد الدّة والشراق أشبهَ بالخلط أن تَنَثنِي إل السية النبوية ف شولٍ‬

‫‪53‬‬
‫وعُمق وجِ ّد وصِدق‪ ،‬وأن تكو َن أشدّ تعّلقًا بنبيّها وسيتِه عليه الصلة والسلم تأسّيًا وفهمًا وسلوكًا‬
‫واستبصارًا واعتبارًا؛ لتنتشلَ نفسَها من كلكل العج ِز والتمزّق والفِت والندار الت مُنِيت با ف هذهِ‬
‫الونةِ العصيبة‪ ،‬ولْتعلِنها مدوّيَة خفّاقةً و َشجًى ف اللّهواتِ الغرِضة الفّاكة أ ّن السية النبويّ َة والناقب‬
‫الحمّديّة على صاحبها أزكَى سلمٍ وأفضل تيّة هي مناط ال ِعزّ والنصر وأجلَى لُغاتِ العصر الت تعرُج‬
‫بالمة إل مداراتِ السّؤدَد والتمكي‪ ،‬وهي الت تقضِي على جدلٍ ك ّل عنيد وخداع كلّ ماكر وَنزَق‬
‫ك ّل دعِيّ‪ ،‬وهي الجّة القاطعة لدحرِ التقحّمي على أصولِ الشريعة والحكام مِن قليلِي البصية‬
‫و ُسفَهاء الحلم‪.‬‬
‫والسيةُ النبويّة ـ يا رعاكم ال ـ هي الشمسُ الساطعة الت تربّى عليها الجيالُ بنهج الو َسطِ‬
‫والعتدال بعدَ أن تل ّقفَتهم جحافِل الغرائز والشهوات ف راِئيَات وفضائيّات‪ ،‬وطوّقتهم فيالِ ُق الشّبهات‬
‫ف شبكاتٍ ومنتدَيَات‪ ،‬وغزَتم كتائبُ النزاميّة والفرقة والشّتات‪ ،‬حت جفّت ف قلوبم ينابي ُع البّ‬
‫الورِقِ لنبيّهم وشائِلِه وصَحبهِ إ ّل مَن رحم ال‪ .‬ومنهج الحبّ الصادِق‪:‬‬
‫ب ليس فيه تلّق أمله دينٌ ليس فيه تكلّف‬ ‫ل فيك ح ّ‬
‫يا أمّة البيب الصطفى ‪ ،‬ولن يتحقّق البّ النبويّ الكي ف أكملِ معانيه وأحك ِم مبانيه إلّ إذا‬
‫كانت لُحمتُه التّباعَ والقتداء‪ ،‬وسُداه الئتِساءَ والعمل والهتداء‪.‬‬
‫إنّي أرى حبّ النبّ عبادةً ينجو با يومَ الساب السلم‬
‫لكن إذا سلَك الحبّ سبيلَه متأسّيًا ولِهديِه يترسّم‬
‫ث آمالا ومُنتَهى آلمها‪ .‬يا َلضَيع ِة السنّة السنيّة أن تكونَ من قبيل الغلوّ‬ ‫واضَيعتاه لمّةٍ ضيّعت مبعَ َ‬
‫والطراءِ وإنشادِ القصائدِ الوليّات وسَردِ القصَصِ والرّوايات والترانيم والدائِحِ الت ل تغادِر الشّفاه‬
‫ف ليلةٍ مصوصَةٍ أو شه ٍر معيّن‪ ،‬من فئاتٍ رامت الجللَ فوقعت ف الخللِ‪ ،‬فهم أقربُ ما يكونون‬
‫ب العافيَة والبُعد عن ميدان الدّعوة والصابَرة وتمّ ِل الّتبِعات‪ ،‬والبّ الصادِق‪:‬‬ ‫إل طل ِ‬
‫ب مدَى اليّام يُنشَر ذكرُه ويُذاع ف كلّ البقاع وينقَلُ‬ ‫ح ّ‬
‫إنّ السيةَ الفَيحَاء لي أعذبُ الوارد وأجَلّ من أن تؤسّنَها بِدَع الوالِد‪ ،‬ومن للسنّة أ َحبّ نافَح عنها‬
‫ك عِن َد الّل ِه هُمُ الكَاذِبُونَ‬
‫شهَدَاءِ فَُأوْلَِئ َ‬‫ق الشهداء‪ ،‬فَِإذْ لَ ْم يَأْتُوا بِال ّ‬
‫وذبّ‪ ،‬فمن ادّعى الحبّة أُلزِم صِد َ‬
‫[النور‪.]13:‬‬
‫فإن كنتَ ف دَعوى الحّبةِ صادقًا ففِي شرعِنا برهان دعوَى الحّبةِ‬
‫وفِي شرعِنا أنّ الْمَحبّة طاعة وس ٌي على منهاج خ ِي البيّة‬
‫حبّ ف كلّ مشرِق ومغرب‪ِ ،‬خفّوا للتحلّي بشمائل نبيّكم وأخلقِه‪ ،‬وتزيّنوا بناقبِه‬ ‫فيا أيّها اليل ال ِ‬
‫وآدابِه‪ ،‬وتثّلوا هديَه‪ ،‬وترسّموا سنّتَه‪ ،‬و َعضّوا عليها بالنواجذ‪ ،‬تغنَموا وتنعَموا وتسودوا وتقودوا‪.‬‬
‫يا مسلمون لسنّة الادي ارجِعوا واسترشِدوا بدروسها وتعلّموا‬
‫وَالّلهُ غَاِلبٌ َعلَى َأ ْمرِ ِه وَلَكِنّ أَ ْكَثرَ النّاسِ لَ َيعْلَمُونَ [يوسف‪.]21:‬‬

‫‪54‬‬
‫حبِبْكُ ُم الّلهُ وََي ْغ ِفرْ لَكُ ْم ذُنُوبَكُ ْم‬
‫حبّونَ الّلهَ فَاتِّبعُونِي يُ ْ‬ ‫أعوذ بال من الشيطان الرجيم‪ ،‬قُلْ إِن كُنتُمْ تُ ِ‬
‫ب الكَاِفرِي َن [آل عمران‪،31:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫وَالّلهُ َغفُورٌ رّحِيمٌ ُقلْ أَطِيعُوا الّل َه وَالرّسُو َل فَإِن َتوَّلوْا فَإِ ّن الّلهَ لَ يُ ِ‬
‫‪.]32‬‬
‫بارك ال ل ولكم ف الوَحيي‪ ،‬ونفعن وإيّاكم بدي سيّد الثقلي‪ ،‬أقول قول هذا‪ ،‬وأستغفر ال‬
‫العظيم الليل ل ولكم ولسائرِ السلمي من ك ّل ذنبٍ‪ ،‬فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه كان توّابًا‪.‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫[‪ ]1‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب اليان (‪ ،)15‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اليان (‪ )44‬عن أنس رضي ال‬
‫عنه‪ ،‬ليس فيه قوله‪(( :‬من نفسه))‪.‬‬
‫[‪ ]2‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب بدء اللق (‪ ،)3231‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب الهاد (‪ )1795‬عن‬
‫عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه ابن سعد (‪ ،)1/192‬وابن أب شيبة (‪ ،)6/325‬والدارمي ف القدمة (‪ ،)15‬والبيهقي‬
‫ف الشعب (‪ )2/144‬عن أب صال مرسل‪ ،‬ووصله الطبان ف الوسط (‪ )2981‬والصغي (‬
‫‪ ،)264‬وابن عدي ف الكامل (‪ ،)4/230‬والقضاعي (‪ ،)1161 ،1160‬والرامهرمزي ف المثال‬
‫(‪ )13‬عن أب هريرة رضي ال عنه‪ ،‬وصححه الاكم (‪ ،)100‬ووافقه الذهب‪ ،‬وهو ف السلسلة‬
‫الصحيحة (‪ .)490‬وف الباب عن أنس وجبي بن مطعم وابن عمر رضي ال عنهم‪.‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه ابن إسحاق كما ف السية النبوية (‪ )4/412‬فقال‪" :‬حدثن بعض أهل العلم أن رسول‬
‫ال قام على باب الكعبة فقال‪ "...:‬فذكره ف حديث طويل‪ ،‬وهذا سند معضل‪ ،‬وروي عن قتادة‬
‫السدوسي مرسلً‪ ،‬أخرجه الطبي ف تاريه (‪ )2/161‬من طريق ابن إسحاق‪ ،‬وليس فيهما قوله‪:‬‬
‫((اللهم اغفر لقومي فإنم ل يعلمون))‪.‬‬
‫الطبة الثانية‬
‫المد ل الذي جعَلنا من خيِ أمّة أخرِجت للناس‪ ،‬سبحانه وبمدِه خصّنا بشريعةٍ ل يعروهَا ِعوَج‬
‫ول التباس‪ ،‬وأشهد أن ل إلهَ إل ال وحده ل شريك له هو الجي من ِفتَن الدّنيا والرماد‪ ،‬وأشهد أن‬
‫نبينا ممدًا عبد ال ورسوله أفضل من قادَ وساس‪ ،‬وخيُ من سقانا بسيتِه السنيّة أروى كاس‪ ،‬وعلى‬
‫آلِه وصحبه الصّفوةِ من كل الل والناس‪ ،‬ومن تبعهم بإحسان إل يومِ الدين‪.‬‬
‫أمّا بعد‪ :‬فاتقوا ال عباد ال‪ ،‬واعلَموا أ ّن من مقتضَى مبّة رسول ال مبّةَ آله الطهار وصَحبه الخيار‬
‫الهاجرين منهم والنصار‪ ،‬و ُودّ أهل بيته الطيّبي الطاهرين وزَوجاته الطاهرات أمّهات الؤمني‬
‫وصحابَتِه الغرّ اليامي‪ ،‬فلَيس ف المّة كالصحابة ف الفض ِل والعروف والصابة؛ أبرّ الناس إيانًا‪،‬‬
‫ل جنوبًا‪ ،‬انَتهَوا ف مبّتِهم لي البيّة إل تفديَتِه بالباء والمّهات‪ ،‬وإل‬ ‫وأهدَاهم قلوبًا‪ ،‬وأجفَاهم ِ‬
‫أعال الدّرجات وسامي الغايات الت تتنِع إ ّل على النفوسِ الشرقة باليقي‪.‬‬
‫ربّيتَ جيلً أبيّا مؤمنًا ي ِقظًا حَسَوا شريعتَك الغرّاء ف نَمِ‬
‫فمَ ْن أبو بكر قبل الوحي مَنْ عُمرُ؟! ومَ ْن عَِل ّي ومَنْ عثما ُن ذو الرحم؟!‬

‫‪55‬‬
‫فمن أحبّهم وأثن عليهم برِئ من النّفاق وكان له من منازل اليان على قدرِ مبّتِه لم والئتِساء بم‪،‬‬
‫ج َرةِ [الفتح‪.]18:‬‬ ‫حتَ الشّ َ‬ ‫يقول سبحانه‪َ :‬لقَدْ َرضِيَ الّل ُه عَنِ ا ُل ْؤمِِنيَ ِإذْ ُيبَاِيعُوَنكَ َت ْ‬
‫إذا ال أثنَى بالذي هو أهلُه عليهم فما مقدار ما يدح الورى؟!‬
‫وف صحي ِح البَر عن سيّد البشَر ف بيان حقّهم وعظي ِم قدرِهم‪(( :‬ل يبّهم إل مؤمِن‪ ،‬ول يبغِضهم‬
‫إلّ منافق‪ ،‬ومن أحبّهم أحبّه ال‪ ،‬ومن أبغضَهم أبغضه ال))[‪.]1‬‬
‫أولئك أَحبابِي وصَحبِي ومَعشَري وقومي وإخوان وأعلمُ أمّت‬
‫فمَن تطاول عليهم وافترى فقد ظلَم واجترى وجاء بأعظ ِم الفِرى‪ ،‬فهم ـ وا ُي ال ـ ل يذ َكرُون إلّ‬
‫بالميل‪ ،‬ومَن ذكرهم بغي الميل فهو على غي السّبيل‪.‬‬
‫وختامًا‪ ،‬فلتعلَموا ـ يا رعاكم ال ـ أنّ من أحبّ شيئًا أجراه دومًا على لسانه ومكّنه من سويداء‬
‫جنانه‪.‬‬
‫أل فأكثِروا ـ رحكم ال ـ من الصلة والسلمِ على البيب رسو ِل ال كما أمركم بذلك ربّكم‬
‫جلّ ف عله‪ ،‬فقال تعال قولً كريًا‪ :‬إِنّ الّل َه َومَلئِكََتهُ ُيصَلّو َن عَلَى النّبِيّ يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا صَلّوا‬
‫عََلْيهِ وَ َسلّمُوا َتسْلِيمًا [الحزاب‪ ،]56:‬وقال عليه الصلة والسلم فيما أخرجه مسلم ف صحيحه‪:‬‬
‫((مَن صلّى عليّ صلة واحدة صلّى ال عليه با عشرًا))‪.‬‬
‫ب صلّ على النبّ الصطفى ما غ ّردَت ف اليكِ سا ِجعَة الرّب‬ ‫يا ر ّ‬
‫صلّوا على من تدخلون بِهديِه دارَ السلمة تبلغون الْمطَلبَا‬
‫يا أيّها الراجون خيَ شفاع ٍة من أحدٍ صلّوا عليه وسلّموا‬
‫حرِم‬‫صلّى وسلّم ذو اللل عليه ما لبّى مَلبّ أو تَحلّل مُ ْ‬
‫اللّهمّ فاجز عنّا نبيّنا ممّدًا خيَ الزاء وأوفاه‪ ،‬وأكمله وأسناه‪ ،‬وأتّه وأباه‪ ،‬وصلّ عليه صلةً تكون له‬
‫رِضاءً‪ ،‬ولقّه أداءً‪ ،‬ولفضلِه كِفاء‪ ،‬ولعظمته لِقاء‪ ،‬يا خيَ مسؤول وأكرمَ مأمول‪.‬‬
‫اللّهمّ إنّا نسألك حبّك‪ ،‬وحبّ رسولك ممّد ‪ ،‬وحبّ العملِ الذي يقرّبنا إل حبّك‪ .‬اللهم اجعل‬
‫حبّك وحبّ رسولك أحبّ إلينا من أنفسنا ووالدينا والناس أجعي‪.‬‬
‫اللهم أعزّ السلم والسلمي‪...‬‬
‫‪---------------------------‬‬
‫[‪ ]1‬صحيح البخاري‪ :‬كتاب الناقب (‪ ،)3783‬صحيح مسلم‪ :‬كتاب اليان (‪ )75‬عن الباء‬
‫رضي ال عنه‪ ،‬قاله ف النصار رضي ال عنهم‪.‬‬
‫=====================================================‬
‫نشرت جريدة الدينة ف ‪26/1/1427‬هـ‬
‫صال آل طالب ‪ :‬صفاء القلوب وحسن الظن بالخرين من كمال اليان‬
‫علي العميي ‪ -‬مكة الكرمة‬

‫‪56‬‬
‫أوصى إمام وخطيب السجد الرام فضيلة الشيخ الدكتور صال بن ممد آل طالب السلمي بتقوى‬
‫ال عز وجل والعمل على طاعته والبعد عن السد والبغض والكراهية‪ .‬داعيا إل صفاء القلوب ومبة‬
‫الناس وحسن الظن بالخرين لنا من كمال اليان‪ .‬وقال فضيلته ف خطبة المعة يوم أمس‬
‫بالسجد الرام ان القلوب اصدق العواطف ومرك الخلق وموجه التصرفات وإذا صلحت صلحت‬
‫كل الخلق والعمال‪ .‬وان تزكية النفوس هي الغايات الت بعث من اجلها الرسل وكثي ما تكون‬
‫اليات البينات من القرآن الكري تصب معانيها عن القلب فذلك ان الشجاعة والكرم والب‬
‫والعطف والشفقة والحسان والب والتقوى واليثار والنس بال واللذه بناجاته واليان واليقي وكل‬
‫أنواع الي ل يكن ان توجد ال بالقلوب الطاهرة الزكية ول يكن ان تسكن ف قلب ملوث بالسد‬
‫والنانية والثرة وسوء الظن بالخرين‪.‬‬
‫ونوه فضيلته ان الخيار من الناس يرصون على ان تكون قلوبم صالة يتفقدونا ويصونونا ما‬
‫يعكرها ويفسدها‪.‬‬
‫ولقد علق ال فلح البعد على زكاء نفسه فقال سبحانه بعد ان اقسم احد عشر قسما قد افلح من‬
‫زكاها وقد خاب من دساها واضاف ان القلوب السليمة والزكية هي الت امتلت بالتقوى واليان‬
‫ففاضت بالي والحسان وانطبع صاحبها بكل خلق جيل وانطوت سريرته على الصفاء والنقاء‬
‫وحب الي للخرين‪ .‬وبي فضيلته ان صاحب القلب البيث واللق الذميم فالناس منه ف بلء وهو‬
‫من نفسه ف عناء وان السلم ل يمل ف نفسه على اخوانه حسدا أو ضغينة ول تطيب السية ال‬
‫بصفاء السريره واصحاب الخلق الميده هم أقرب ملسا من رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫واخلقهم وقلوبم الصادقة توصلهم إل الدرجات العليا من النة الت لن يبلغوها بنوافل العبادات‬
‫الخرى‪ .‬فسلمة الصدور من كمال اليان وحسن السلم‪ .‬مشيا انه ل يصلح لسكن النة من‬
‫تلوث قلبه بالدران حت يصفى القلب حيث قال سبحانه وتعال ف أهل النة (ونزعنا ما ف‬
‫صدورهم من غل)‪ .‬ويقول صلى ال عليه وسلم (يدخل النة اقوام افئدتم مثل افئدة الطي) وقد‬
‫امتدح ال النصار بانم ل يدون ف صدورهم حاجة ما أوت غيهم لحسدا ول غية ول غل‪.‬‬
‫========================‬
‫حرية التعبي أم كل القوق لكل الناس‬

‫الكاتب‪ :‬هيثم مناع‬


‫جاءت حادثة الرسوم السيئة للرسول الكري لتعيد فتح النقاش واسعا حول مفهوم الريات الساسية‬
‫والقوق على الصعيد العالي‪ ،‬ل لن هناك قوى خفية ترك النار تت الشيم وحسب‪ ،‬أو لن‬
‫سيطرة منطق يين متطرف على الكم ف أكثر من بلد شال جعلت من العداء للخر أيديولوجية‬
‫رسية غي معلنة‪ ،‬بل‪ ،‬أيضا وربا أول‪ ،‬لن لكل حادثة معان ودللت تتعدى مرد القاربة التآمرية‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫فل يكن صناعة قضية من العدم‪ ،‬وحت عندما يدث ذلك‪ ،‬ل بد من متابعة السباب والليات الت‬
‫حولتها إل قضية‪.‬‬
‫أما أن نتوقف عند سفاهات وزيرة الارجية الميكية الت تعتقد بقدرة السلطات البعثية السورية على‬
‫حشد مظاهرات ف إندونيسيا‪ ،‬فإن ذلك يزجنا طوعا أو كرها ف منطق مغلق الفكر ومغلق النهج‪،‬‬
‫يسعى لتوظيف كل شيء ف مقاربات سياسية سطحية وآنية تثي الشفقة على مصدّريها أكثر ما‬
‫تبعث على الضحك‪.‬‬
‫هل هي الغية على حرية التعبي؟ أين كانت هذه الغية عندما أغلق تلفزيون أكراد تركيا أو مطة‬
‫النار؟ أين منّا تلك الغية الت تصمت بشكل مجل عن اعتقال صحفيي أبرياء كسامي الاج ف‬
‫غوانتانامو وتيسي علون ف مدريد؟ غية ل تعطي ف الصحافة الوروبية والميكية حيزا يذكر‬
‫لكارثة اغتيال واختطاف الصحفيي العراقيي من كل الطراف الشاركة ف الصراع على العراق‪.‬‬
‫أمام قراءة الزايدات اللفظية ف حرية التعبي ل يكن إل استحضار جلة الصديق منصف الرزوقي حي‬
‫يقول "ييل إليك وأنت تقرأ من يلعب ورقة هذه الجة أنم يسخرون من ذكائك ‪ ...‬أو من‬
‫اطلعك على جلة البادئ الت أسست لرية تؤطرها قواني تنع الثلب والتحقي والفتراء وتعاقب‬
‫عليها‪ .‬فل وجود ف أي من البلدان الديقراطية لبدأ حق ف الطلق وحرية غي مشروطة"‪.‬‬
‫جعت قضية الصور السيئة ما يسميه الثل العراقي "الكشكول البهائي" من صحيفة ف أزمة مالية‪،‬‬
‫وأخرى ف أزمة هوية‪ ،‬وثالثة تعيش من الثارة ف غياب أية قضية‪ ،‬إل وزير بل وزارة شال وأنظمة‬
‫حكم بدون شرعية جنوبا‪ ،‬مع جاهي مرومة من الدور والفعل والقوق الدنيا للبشر‪.‬‬
‫ليس كل من يوض الصراع يستحق الحترام‪ ،‬ول كل من يسعى للحوار بريئا‪ ..‬فهذه القضية تفتح‬
‫العي على حشد ضخم من التراجع والحباط والدع الت جعلت الشك يتحول إل قيمة سلبية‬
‫عامة ف عال أصبح التدخل فيه عدوانا على الق ف الختيار‪ ،‬والق ف التكوين الذات للشخصية‪،‬‬
‫والق ف تقرير الصي الفردي والماعي‪ ،‬والق ف استعمال التقنيات الديثة من دون رقيب يتابعنا‬
‫حت ف السيارة الاصة الت كان الرادار يكتفي بتسجيل رقمها فصار يصور من فيها‪ ،‬وأخيا وليس‬
‫آخرا‪ ،‬الق ف الشاركة ف صنع العال‪.‬‬
‫هذه القوق ضربا مفهوم متزل وفوقي للتدخل يسمح لنفسه بإعادة رسم ثقافة الخر ومكانه من‬
‫خارجه ومن فوق رأسه‪ ،‬وفوق كل هذا يتكر فيه امتياز "القدرة" على تقدير الشياء وتديد الواقف‬
‫ورسم معال ومعايي الي والشر‪.‬‬
‫وهو بذلك يلق ل مالة إحساسا متصاعدا بالحباط والريبة بل الوف من الخر‪ ،‬خوف يتلط فيه‬
‫العقلن بالنفعال لتضيع الدود بي مرد الذر ومشاعر القد‪.‬‬
‫حققت ثورة التصالت تواصل العال مع العال بل حدود‪ ،‬وف أكثر الناطق مافظة واحتشاما يكن‬
‫لراهق أن يتابع على الفضائيات أفلما جنسية خليعة‪ ،‬وف أكثر الناطق علمانية يكن متابعة البامج‬

‫‪58‬‬
‫الدينية الكثر مافظة دون الروج من النل‪ .‬العال يكتشف ف كل يوم نقاط تشابه واختلفه‪،‬‬
‫بشكل فوضوي وعشوائي‪ ،‬دون ضوابط ونواظم‪ ،‬قانونية أو أخلقية‪.‬‬
‫وف هذه الفوضى ومنها‪ ،‬يشعر كل مشارك بأنه طرف كامل العضوية ف الفعل الثوري الشهدي‬
‫‪ . l’acte révolutionnaire du spectacle‬وبالتال يشعر أنه قادر على استعماله‬
‫وتوظيفه‪ ،‬إن ل يكن كمالك لوسيلة العلم‪ ،‬ففي الد الدن كموضوع لا‪.‬‬
‫عال جعلنا حت أمس القريب نعيش مع عقدة اسها الرقابة‪ ،‬باتت ف أعماق كل مفكر حر أقوى من‬
‫عقدة أوديب‪ ،‬ومع نظم رأي الخر وموقفه ف ثنائية الفضل والسوأ‪ ،‬الي والشر‪ ،‬الديقراطية‬
‫والرهاب‪ ،‬الثورة والثورة الضادة‪ ،‬ال‪ ..‬ثنائيات جعلت العدو شرطا من شروط الدينامكية الثقافية‬
‫والسياسية والقتصادية بالعن السوأ للدينامكية‪ .‬هذا العال يعلنا نضطرب اليوم ف هذا التشابك‬
‫الاد بالسلح البيض والسود بي أزمة الضارة وطموحات من هم خارجها‪ ،‬بدف إعادة صياغة‬
‫العلقة بي الضارات والثقافات‪ .‬ل يكن لذا العال أن يقدم لنا خيات ثورته العرفية بباءة الطفال‬
‫ومثالية ثوريي أصبحوا جزءا من رومانسية التاريخ‪ .‬لذا ت توظيف ثورة التصالت لدمة منظومة‬
‫اقتصادية سائدة ومنظومة معرفية مهيمنة‪ ،‬كما أصبح الدفاع الثقاف الذات يمل معال مقاومة اليمنة‬
‫الثقافية والقتصادية ورفض الضوع لصورة نطية للعال تفرض على الميع‪.‬‬
‫ف كتاب "الروح الطارق" ‪ l’esprit frappeur‬يذكّر الشاعر الصري السريال جورج حني‬
‫بأوربة البائسة مرتي‪ .‬يعنينا هنا أن نتوقف عند الرة الول‪ ،‬عندما كافحت أوروبا هذا الشرق وهو‬
‫يثل فرصة سانة للعظمة‪.‬‬
‫يدوّن مؤرخو الديان أن أوروبا الت فضلت قرونا الوسطى على حضارة العرب‪ ،‬كانت تقّدم رسول‬
‫السلم ف صورت نب العنف ونب الشهوة‪.‬‬
‫هل بالصدفة أن تتكرر هذه الصورة ف مسابقة تنظمها صحيفة لقرائها من أجل رسم تعبيي عن‬
‫شخصية الرسول الكري؟ هل هي الوعكة العاصرة للحضارة الغربية الت بدأت بالرغبة الامة لعالية‬
‫قيمها ‪ l’universabilité de ses valeurs‬وتكاد تعد نعشها بانتكاس مصادر إلامها إل‬
‫الصورة السلبية التعالية ف التعاطي مع الخر؟ الخر ليس‪ ،‬ول يكن أن يكون حت ف أحسن‬
‫أحواله‪ ،‬كتلة بشرية متجانسة ومتماسكة تعب عن الوحدة السطورية للمم‪ .‬نن أمام صهاريج ثقافية‬
‫هائلة‪ .‬وهي إن كانت تمل عناصر مشتركة ومتلفة عن النسق التقليدي الذي تسي فيه العولة‬
‫الثقافية‪ ،‬فل شك بأنا تضم كل عناصر الضوع والثورة‪ ،‬التلقيح والعقم‪ ،‬التأثي والتأثر‪ ،‬التعبئة‬
‫والنفجار العشوائي‪ ،‬القوة والضعف‪ .‬أليس من الثي للتساؤل أن تكون الناطق الكثر تأزما بالعن‬
‫اليوسياسي هي الناطق الكثر عنفا ف رد فعلها وتعاملها مع أزمة الصور السيئة؟‬
‫لكن كيف يكن أن ندخل ف منطق مواجهة رمزية بي الكل السلمي والكل الوروب‪ ،‬ف فترة ل‬
‫يكن لعاقل أن يبصر فيها مرجا من اليمنة أحادية القطب للعال بدونما؟ هل يكن أن نسمح‬

‫‪59‬‬
‫لنفسنا بذا الترف ف حقبة دخول العال ف منطق "تسونامي" غي طبيعي وغي إسلمي؟ تسونامي‬
‫من نوع خاص‪ ،‬اسه عولة حالة الطوارئ وهيمنة القواني الستثنائية‪.‬‬
‫أي بتعبي آخر‪ ،‬تراجع منظومة حقوق النسان على الصعيد العالي والستهتار بالقانون الدول‬
‫والقواعد الخلقية من قبل الطرف الكثر قدرة على الفعل العسكري والقتصادي ف العال اليوم‪.‬‬
‫ف مواجهة المع بي عنجهية القوة ومدودية الطاب السياسي للدارة الميكية‪ ،‬ثة شعور قوي‬
‫بأن هذا العال يقبع ف قارب متل التوازن‪ ،‬ليس الربان فيه العنصر الكثر حكمة وحنكة وخبة‪.‬‬
‫كما أن تراجع القوى عن القيم الت أوصلته لواقعه‪ ،‬يلق حالة خوف عامة عند أصحاب كل القيم‬
‫على اختلفها وغناها وتنوعها‪.‬‬
‫فعندما تتز نقاط الرتكاز يعود كل مشارك ف اللعبة العالية إل دائرته الضيقة‪ ،‬باعتبارها النواة الصلبة‬
‫القادرة على بث روح الطمأنينة النسانية الولية ف وجه غياب المن بالعن العام‪ .‬كنا ف‬
‫التسعينيات نناضل لصلح المم التحدة‪ ،‬أما اليوم فنناضل للمحافظة على مكاسب ولدتا‪ .‬كنا‬
‫نطمح لنسبية الدولة وعالية القوق‪ ،‬وبتنا نشى على مكتسبات الدولة الجتماعية ‪l’Etat‬‬
‫‪ providentiel‬وحلم دولة الرفاه‪ .‬كنا نبحث عن الشترك العالي‪ ،‬فصار الوف من أمركة‬
‫العالي يزج الناس ف خصوصياتم‪ .‬من اللحظ أنه بالرغم من العتداء على القرآن الكري ف‬
‫غوانتانامو والتعرض للمساجد ف العراق‪ ،‬بقي العلم الميكي خارج نطاق الرق ف أزمة الصور‬
‫السيئة‪.‬‬
‫فهل ذلك لن مقاطعة الوليات التحدة أصعب من مقاطعة بلد عدد سكانه أقل من ‪ 6‬مليي نسمة؟‬
‫أم أن غباء وتطرف رئيس الكومة الداناركية سبب كاف لن يتحول بلد صغي إل رمز سلب بكل‬
‫معن الكلمة؟ وهل مهمة البلان الوروب دخول منطق "انصر أخاك ظالا أو مظلوما"؟‬
‫العارك الت تبدو ف الظاهر سهلة هي أحيانا الصعب ف العمق‪ .‬فأوروبا "العجوز" تديدا‪ ،‬هي‬
‫القادرة اليوم‪ ،‬بؤازرة العال السلمي‪ ،‬على لعب دور صمام المان الستراتيجي والثقاف والسياسي‬
‫على الصعيد العالي‪ ،‬صمام أمان أمام سياسة أميكية متهورة‪ ،‬واستقالة صينية متعمدة‪ ،‬وإعادة رسم‬
‫للخارطة ف أميكا اللتينية‪.‬‬
‫فما معن خلق شرخ أوروب إسلمي ف هذا الوضع بالذات؟ ولدمة من استمرار الزمة وزيادة‬
‫الحتقان والتوتر والعنف بي الشعوب؟‬
‫الزيرة‪.‬نت‬
‫=============================‬
‫حرية التعبي بي القانون الدول والعايي الغربية الزدوجة‬

‫الكاتب‪ :‬خالد أحد عثمان‬

‫‪60‬‬
‫ل جدل أن حرية التعبي عن الرأي تعتب من القوق الساسية للنسان الت حرصت دساتي وقواني‬
‫كثي من الدول على تأكيدها ووضعت الضوابط اللزمة لمارستها‪ .‬ونظرا لا للصحافة من أهية‬
‫وتأثي كبي ف تكوين الرأي العام‪ ،‬فقد حظي تنظيمها باهتمام خاص من قبل الشرعي‪ ،‬فهي ف ظل‬
‫النظم الستبدادية مكبلة بقيود شديدة‪ ،‬وهي ف ظل النظم الديقراطية تتمتع برية واسعة ف إطار‬
‫ضوابط عادلة لداب التعبي وضمان عدم التعدي على حقوق الغي‪ .‬ولقد كانت حرية التعبي الجة‬
‫الت تذرعت با الريدة الدناركية "يولندز بوست" لتبير نشرها رسوما كاريكاتورية تتطاول على‬
‫خات النبياء والرسلي سيدنا ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتزدري بالدين السلمي على نو بشع‬
‫وكريه‪ .‬وهي الجة الت تذرع با أيضا أندريز فوج راسوسن رئيس وزراء الدنارك عندما رفض ف‬
‫بداية الزمة الجتماع مع مموعة من سفراء الدول السلمية الذين كانوا يسعون إل التعبي عن‬
‫استنكارهم وقلقهم إزاء هذه الرسوم السيئة‪ .‬وسبق لنا تفنيد هذه الجة ودحضها ف مقال سابق‬
‫بعنوان "للذود عن السلم والرسول" نشر ف جريدة "القتصادية" ف العدد الصادر يوم الميس ‪3‬‬
‫الحرم ‪1427‬هـ الوافق ‪ 2‬شباط (فباير) ‪ .2006‬واستكمال لا قلناه ف مقالنا السابق‪ ،‬نود هنا‬
‫أن نسلط بعض الضوء على حرية التعبي عن الرأي ف إطار القواعد الستقرة ف القانون الدول العام‪،‬‬
‫وف ضوء المارسات الغربية‪ ،‬فنقول ما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬ف الدورة الول الت عقدتا المعية العامة للمم التحدة سنة ‪ ،1946‬قررت أن حرية العلم‬
‫حق أساسي من حقوق النسان‪ ،‬ومك لميع الريات الت نذرت المم التحدة لا نفسها‪ ،‬وبناء‬
‫على ذلك طلبت من الجلس القتصادي والجتماعي مناقشة هذا الوضوع ووضع اتفاقيات دولية‬
‫منظمة بشأنه‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ف ‪ 10‬كانون الول (ديسمب) ‪ ،1948‬أصدرت المعية العامة للمم التحدة قرارها رقم‬
‫‪ ،217‬الذي اعتمدت بوجبه العلن العالي لقوق النسان‪ ،‬وقد نصت الادة ‪ 19‬من هذا العلن‬
‫على ما يلي‪:‬‬
‫(لكل إنسان الق ف حرية الرأي والتعبي‪ ،‬ويشمل هذا الق حريته ف اعتناق الراء دون مضايقة‪،‬‬
‫وف التماس النباء والفكار وتلقيها ونقلها إل الخرين بأي وسيلة دون اعتبار للحدود)‪.‬‬
‫ويبدو واضحا من قراءة هذا النص أنه جاء كمبدأ عام يهدف إل التأكيد على حرية الرأي وحق‬
‫التعبي عنه‪ ،‬ولكنه ل يضع الضوابط الحددة لكيفية مارسة هذا الق‪ ،‬ولذلك جاءت هذه الضوابط‬
‫ف وثائق دولية لحقة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ف ‪ 16‬كانون الول (ديسمب) ‪ 1966‬أصدرت المعية العامة للمم التحدة قرارها رقم‬
‫‪ 200‬باعتماد اتفاقية أطلق عليها اسم "العهد الدول الاص بالقوق الدنية والسياسية"‪ ،‬وقد أصبح‬
‫هذا العهد نافذا اعتبارا من ‪ 23‬آذار (مارس) ‪ ،1976‬وقد نظمت الادة ‪ 19‬من هذه التفاقية الق‬
‫ف حرية الرأي والتعبي‪ ،‬حيث نصت على ما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬لكل إنسان الق ف اعتناق آراء دون مضايقة‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ – 2‬لكل إنسان الق ف حرية التعبي‪ .‬ويشمل هذا الق حريته ف التماس متلف ضروب العلومات‬
‫والفكار وتلقيها ونقلها إل آخرين دونا اعتبار للحدود‪ ،‬سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو ف‬
‫قالب فن أو بأية وسيلة أخرى يتارها‪.‬‬
‫‪ – 3‬تستتبع مارسة القوق النصوص عليها ف الفقرة ‪ 2‬من هذه الادة واجبات ومسؤوليات خاصة‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬يوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون مددة بنص القانون‪ ،‬وأن تكون‬
‫ضرورية‪:‬‬
‫أ – لحترام حقوق الخرين أو سعتهم‪.‬‬
‫ب – لماية المن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الداب العامة‪.‬‬
‫ث وضعت الادة ‪ 20‬من هذه التفاقية حظرا على حق التعبي عن الرأي ف حالت مددة تضر‬
‫بالجتمع الدول‪ ،‬فنصت على ما يلي‪:‬‬
‫‪ – 1‬تظر بالقانون أية دعاية للحرب‪.‬‬
‫‪ – 2‬تظر بالقانون أية دعوة إل الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تريضا على التمييز‬
‫أو العداوة أو العنف‪.‬‬
‫ويرى بعض فقهاء القانون أن حظر الدعاية من أجل الرب يقتصر فقط على الرب العدوانية ول‬
‫يشمل الرب من أجل الدفاع عن النفس أو لخراج العدو من القاليم الحتلة‪ ،‬فهذه الرب جائزة‬
‫بكم ميثاق المم التحدة الذي حظر الرب العدوانية‪ ،‬ولكنه أجاز الرب الدفاعية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬ف ‪ 16‬كانون الول (ديسمب) ‪ ،1952‬أصدرت المعية العامة للمم التحدة قرارها رقم‬
‫‪ 630‬باعتماد التفاقية الاصة بالق الدول ف التصحيح‪ ،‬وقد أصبحت هذه التفاقية نافذة اعتبارا‬
‫من ‪ 24‬آب (أغسطس) ‪ ،1962‬وقد وضعت هذه التفاقية القواعد الاصة بق تصحيح العلومات‬
‫الكاذبة والحرفة الت تنشرها وسائل العلم ووجوب تفادي نشر هذه العلومات ومسؤولية من يقوم‬
‫بنشرها‪.‬‬
‫نلص من جيع ما سبق إل أن الواثيق الدولية وإن أكدت على حرية الرأي وحق التعبي عنه‪ ،‬إل أنا‬
‫ل تعله حقا مطلقا من أي ضوابط‪ .‬وأن من أهم ضوابط مارسة هذا الق احترام حقوق وسعة‬
‫الخرين وعدم التحريض على الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية‪ .‬والواقع أن الرسوم الدناركية‬
‫هي تريض صريح على كراهية السلمي‪ ،‬ول تتوافق البتة مع مبدأ حرية التعبي‪.‬‬
‫وطالا أن الدنارك عضو ف التاد الوروب‪ ،‬فمن الناسب أن نذكر بالكم الذي أصدرته الحكمة‬
‫الوروبية لقوق النسان ف ‪ 21‬كانون الثان (يناير) ‪ ،1999‬التضمن أن حرية الصحافة ل تعن‬
‫عدم مساءلة تاوزات حرية التعبي مت كانت تندرج تت الفعال الجرمة ف قانون العقوبات‪ .‬وهنا‬
‫تدر الشارة إل أنه توجد مادة ف القانون النائي الدناركي تعاقب من يسب علنا دينا تعترف به‬
‫الدولة‪ .‬والسلم هو أحد الديان العترف با ف الدنارك‪ .‬ومع ذلك قضى النائب العام الدناركي‬
‫بعدم قبول شكوى تقدمت با ‪ 11‬منظمة إسلمية ضد الريدة الت أقدمت على نشر الرسوم السيئة‬

‫‪62‬‬
‫للرسول الكري ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد استند النائب العام الدناركي ف موقفه إل مبدأ حرية‬
‫التعبي عن الرأي‪.‬‬
‫وقد أيدت بعض الوساط السياسية والعلمية الوروبية الوقف الدناركي استنادا إل حجة حرية‬
‫التعبي‪ ،‬وهي حجة داحضة ف ضوء القواعد الدولية سالفة الذكر‪ ،‬كما أن التذرع بذه الجة لتبير‬
‫هذا الوقف يدل على ازدواجية العايي الغربية والكيل بكيالي ف هذا الشأن‪ .‬وهو نج دأب عليه‬
‫الغرب وأصبح ديدنه‪ ،‬وندلل على ذلك بالسوابق التالية‪:‬‬
‫‪ – 1‬ف أواخر عقد الثمانينيات من القرن الاضي أصدرت إحدى الامعات الفرنسية قرارا ل سابقة‬
‫له‪ ،‬يقضي بسحب درجة الدكتوراة من أحد الباحثي‪ ،‬الذي شكك ف رسالته للدكتوراة ف أعداد‬
‫ضحايا الحرقة النازية من اليهود ف أوروبا أثناء الرب العالية الثانية‪ .‬وبالرغم من أن موضوع‬
‫الرسالة كان من الوضوعات العلمية ف مال التاريخ‪ ،‬وبالرغم من أن الباحث حصل على الدكتوراة‬
‫بعد إجازة رسالته طبقا للصول العلمية الرعية‪ ،‬إل أن الضغط الصهيون الشديد استطاع أن يرغم‬
‫الامعة على أن تدر مبدأ حرية التعبي عن الرأي وترد الباحث من الدرجة العلمية الت استحقها عن‬
‫جدارة‪ .‬كما أحيل الفكر الفرنسي السلم روجيه جارودي إل إحدى الحاكم الفرنسية بتهمة معاداة‬
‫السامية‪ ،‬لنه ألّف كتابا تناول فيه بالنقد العلمي معظم الدعاءات والزاعم اليهودية الت استندت إليها‬
‫الركة الصهيونية ف إقامة دولة إسرائيل‪ ،‬ومنها الدعاء أن عدد ضحايا اليهود ف مارق النازية بلغ‬
‫ستة مليي‪ ،‬وأثبت أن هذا الرقم مبالغ فيه‪ ،‬وأنه استخدم لبتزاز التعويضات والساعدات من الدول‬
‫الوروبية‪ ،‬وقد أصدرت الحكمة الفرنسية حكما يقضي بعاقبة الفكر جارودي بزاءات مالية‬
‫وجزاءات سالبة للحرية "البس"‪ .‬وأصبح هذا الكم سيفا مسلطا على رقبة كل من ياول أن يوجه‬
‫نقدا للحركة الصهيونية والسياسة السرائيلية‪.‬‬
‫‪ – 2‬ف سنة ‪ ،2003‬اضطرت المارات العربية التحدة إل إغلق مركز زايد الثقاف بسبب‬
‫الضغوط المريكية الشديدة واتامها الركز بأنه يروج للفكر العادي للوليات التحدة المريكية‬
‫والعادي أيضا للسامية‪ .‬وكان أكثر ما أخذ على الركز أنه استضاف الكاتب الفرنسي تيي ميسون‪،‬‬
‫الذي شكك ف أحد كتبه ف أحداث ‪ 11‬أيلول (سبتمب) ‪ 2001‬واعتبها أكذوبة‪ .‬وهكذا خسر‬
‫العال العرب أحد الراكز البحثية الرموقة بسبب عدم استطاعة الغرب تمل الرأي الخالف‪ .‬علما أنه‬
‫يوجد ف الوليات التحدة العديد من مراكز الباث التخصصة ف نشر (الدراسات) الت ل تتسم‬
‫بالوضوعية وتنطوي على الساءة إل العرب والسلمي وبث الكراهية ضدهم‪.‬‬
‫‪ – 3‬أقامت وسائل العلم البيطانية والغربية الدنيا ول نقعدها حي نشر الدكتور غازي القصيب‪،‬‬
‫عندما كان سفيا للسعودية ف بريطانيا‪ ،‬قصيدته الت أشاد فيها بالفدائية الفلسطينية الشهيدة وفاء‬
‫إدريس‪ ،‬واعتبتا وسائل العلم الغربية قصيدة ترض على العمال النتحارية ضد إسرائيل‪ ،‬وتاهل‬
‫العلم الغرب أن هذه القصيدة كانت ردة فعل مواطن عرب لواقع احتلل إسرائيل الراضي العربية‬
‫ومارستها أبشع أنواع القمع والرهاب وجرائم الرب ضد الشعب الفلسطين‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫‪ – 4‬ف سنة ‪ 2004‬صرح ألن مينارغ مدير الخبار ف إذاعة فرنسا الدولية‪ ،‬بأن إسرائيل دولة‬
‫عنصرية‪ ،‬فشنت النظمات الصهيونية ضده حلة شعواء أدت إل استقالته من منصبه ول يسعفه مبدأ‬
‫حرية الرأي والتعبي ف مواجهة تلك الملة‪.‬‬
‫‪ – 5‬ف ‪ 18/11/2005‬اعتقلت السلطات النمساوية الؤرخ البيطان الشهي ديفيد إيرفينج بتهمة‬
‫معاداة السامية‪ ،‬لنه نفى وجود أفران الغاز والحرقة النازية لليهود‪ ،‬ول ينقذه مبدأ حرية الرأي‬
‫والتعبي من العتقال‪.‬‬
‫‪ – 6‬عندما نشر الكاتب البيطان‪ ،‬الندي الصل‪ ،‬سلمان رشدي روايته السماة "آيات شيطانية"‪،‬‬
‫والت تتضمن إهانة بالغة للسلم والسلمي‪ ،‬وصدرت ف إيران فتوى بدر دم الؤلف الذكور‪ ،‬ثارت‬
‫بعض الدول الوروبية وطالبت حكومة إيران بإلغاء هذه الفتوى بجة حرية الرأي والتعبي‪ ،‬بينما‬
‫داست هذه الدول على حرية الرأي والتعبي‪ ،‬عندما أصدرت قواني منحت بوجبها اليهود والركة‬
‫الصهيونية الصانة التاريية الطلقة الت تظر مناقشة مزاعمها وأساطيها‪ ،‬وتعاقب كل من يالف‬
‫هذا الظر بالبس والغرامة الالية‪.‬‬
‫‪ – 7‬قامت حكومة النمسا بتقدي اعتذار علن وصريح عقب رسم بعض الفناني لوحة تضم صورا‬
‫شاذة لكل من ملكة بريطانيا إليزابيث والرئيس المريكي جورج بوش والرئيس الفرنسي جاك‬
‫شياك‪ .‬ول يقل أحد إنه ما كان ينبغي على حكومة النمسا العتذار استنادا إل حرية التعبي‪.‬‬
‫هذا غيض من فيض لعايي الغرب الزدوجة‪ .‬ومن الغرائب الت قيلت بشأن هذه الرسوم الشنيعة‪،‬‬
‫تصريح دان فرايد مساعد وزيرة الارجية المريكية لشؤون أوروبا‪ ،‬حيث قال إن رد فعل الوليات‬
‫التحدة وأوروبا تاه الدل بشأن هذه الرسوم ينبغي أن يكون بتكثيف الهود من أجل الصلح ف‬
‫الشرق الوسط‪ .‬وكأن السؤول المريكي يريد أن يقول إنه إذا استطاعت أمريكا وأوروبا "إصلح"‬
‫الشرق الوسط وفقا للمفاهيم الغربية‪ ،‬فإن العرب والسلمي لن ينتفضوا غضبا إذا ما مست‬
‫مقدساتم وعقيدتم بأي إساءة أو إهانة‪ ،‬لن الصلح الغرب سيجعلهم يتقبلون أي إهانة بقبول‬
‫(ديقراطي) حسن‪ .‬ولو راجع هذا السؤول كتب التاريخ لوجد أن العدوان على أمة ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬أيا كان نوعه ومهما كان عاتيا‪ ،‬ل ييتها وإنا يبعث فيها روح القاومة ويدد قدرتا‬
‫على التصدي للمعتدين‪ ،‬وما ردة الفعل لدى السلمي حيال إساءة الريدة الدناركية إل رسولم‬
‫الكري إل دليل واضح على ذلك‪.‬‬
‫صحيفة القتصادية السعودية‬
‫=============================‬
‫حرية الرأي‬

‫الكاتب‪ :‬هان بن عبد ال جبي‬

‫‪64‬‬
‫(كفل السلم حريّة الرأي والتعبي بفهومها السلميّ‪ ،‬وحرية الرأي والتعبي تعن ‪ :‬تتع النسان‬
‫بكامل حريته ف الهر بالق‪ ،‬وإسداء النصيحة ف كل أمور الدين والدنيا‪ ،‬فيما يقق نفع السلمي‪،‬‬
‫ويصون مصال كل من الفرد والجتمع‪ ،‬ويفظ النظام العام‪ ،‬وذلك ف إطار المر بالعروف والنهي‬
‫عن النكر ‪.‬‬
‫ومع اهتمام السلم برية الرأي والتعبي إ ّل أنّه حرص على عدم تريرها من القيود والضوابط الكفيلة‬
‫بسن استخدامها‪ ،‬وتوجيهها إل ما ينفع الناس ويرضي الالق جل وعل‪ ،‬فهناك حدود ل ينبغي‬
‫الجتراء عليها وإل كانت النتيجة هي الوض فيما يُغضب ال‪ ،‬أو يُلحق الضرر بالفرد والجتمع على‬
‫السواء‪ ،‬ويُخل بالنظام العام وحسن الداب) (‪.)1‬‬
‫ولذا الق الكفول طرق ووسائل توصّل إليه‪ ،‬منها ما نص الشارع على عينه بإباحة أو تري‪ ،‬ومنها‬
‫ما سكت عنها فلم ينص على اعتبارها ول عدم اعتبارها‪ ،‬كوسائل العلم الديثة ‪.‬‬
‫ع كبي لتناول الطروحات‪ ،‬وتبادل الراء‪ ،‬وتعاطي الوارات‪ ،‬كما‬ ‫ويرى كل متابع ما يصل من تدا ٍ‬
‫يشاهد ما يسلكه كل ذي رأي من وسائل للتعبي عمّا ف نفسه ليستشعر أنه بذل شيئا ما تبأ به‬
‫الذّمة مهما كان حال هذه الوسيلة‪.‬‬
‫والباحث الشرعي إذ يدرس أي نازلة أو يبحث ف أي فكرة؛ فهمّه تنيل الحكام على الوقائع‪،‬‬
‫ورائده تطلّب الق والبحث عن الدليل وإعمال الضوابط بعد استطلع الواقع ونشدانه ‪.‬‬
‫وف هذه الوراق القليلة نظرات عاجلة تبيّن ضوابط ف هذا الوضوع؛ علّها تكون مقدمة لدراسات‬
‫أكثر جدا وتوسعا ‪.‬‬
‫* أولً ‪ :‬قواعد ومقدمات ‪:‬‬
‫تتاج كل حادثة إل معرفة أُصول وقواعد يتفرع عن معرفتها وتقريرها بيان الكم الشرعي لا‪،‬‬
‫وسأتناول هنا مقدمات أصول أربعة ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬مالت إبداء الرأي ‪.‬‬
‫كل أمر جاء الشرع بكمه بدليل من الدلة‪ ،‬سواء كان متعلقا بالعبادات أو العاملت أو العقوبات‬
‫أو العلقات الشخصِيّة‪ ،‬فهذا ليس للنسان فيه إل أن يعملبمقتضى الدليل ويتفقّه فيه‪" ،‬وَمَا كَانَ‬
‫لَي َرةُ مِنْ َأ ْم ِرهِمْ" [الحزاب‪.]36 :‬‬ ‫لِ ُم ْؤمِ ٍن وَلَ ُم ْؤمَِنةٍ ِإذَا َقضَى الّل ُه َورَسُوُلهُ َأمْرا أَن يَكُونَ َلهُمُ ا ِ‬
‫وهذا أظهر من أن يُستدل له ؛ إذ العبوديّة ل تقتضي المتثال لمره ‪ .‬ومعن الرضا بال ربا‬
‫وبالسلم دينا و بحمد صلى ال عليه وسلم نبيا ؛ هو التحاكم إل منهاج ال تعال ورد المر إليه‪،‬‬
‫ل َورَّبكَ لَ ُي ْؤمِنُونَ حَتّى يُحَكّمُو َك فِيمَا‬
‫ولذا نفى ال تعال اليان عمن ل يستكمل هذا فقال‪" :‬فَ َ‬
‫سلّمُوا َتسْلِيما" [النساء‪.]65 :‬‬ ‫ت وَيُ َ‬
‫سهِ ْم َحرَجّا مّمّا َقضَْي َ‬‫جرَ َبيَْنهُمْ ُثمّ لَ يَجِدُوا فِي أَنفُ ِ‬ ‫شَ َ‬
‫وهذا أصل عظيم من أصول اليان‪ ،‬وهو معن السلم‪ ،‬فإن حقيقة السلم هي الستسلم ل‬
‫والنقياد له‪ ،‬ومن ل يرد إليه المر ل ينقد له ‪ .‬ودين السلمي مبن على إتباع كتاب ال وسنة رسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم وإجاع المة‪ ،‬وهي الصول العصومة الت ل يوز تاوزها أو الروج عنها (‬

‫‪65‬‬
‫‪ .)2‬وعلى أساسها توزن جيع الراء والقوال والعمال (‪ .)3‬قال تعال ‪" :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا َل‬
‫ُتقَ ّدمُوا َبيْنَ يَ َديِ الّلهِ َورَسُولِه" [الجرات‪ ،]1:‬قال الافظ ابن كثي ف معن الية‪[ :‬أي ل تُسرعوا ف‬
‫الشياء بي يديه‪ ،‬أي قبله‪ ،‬بل كونوا تبعا له ف جيع المور‪ ،‬حت يدخل ف عموم هذا الدب‬
‫الشرعي حديث معاذ ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬حيث قال له النب صلى ال عليه وسلم حي بعثه إل اليمن‪:‬‬
‫ب تكم ؟ قال‪ :‬بكتاب ال تعال ‪ .‬قال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬فإن ل تد ؟ قال ‪ :‬بسنة رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ .‬قال ‪ :‬فإن ل تد ؟ قال‪ :‬أجتهد رأيي‪ .‬فضرب ف صدره وقال ‪ :‬المد ل‬
‫الذي وفق رسول رسول ال" (‪ .)4‬فالغرض منه أنه أخّر رأيه ونظره واجتهاده إل ما بعد الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬ولو قدّمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقدي بي يدي ال ورسوله ‪ .‬قال علي بن أب‬
‫طلحة عن ابن عباس – رضي ال عنهما ‪" ( : -‬لَ ُتقَ ّدمُوا بَيْ َن يَ َديِ الّل ِه َورَسُولِه"‪ :‬ل تقولوا خلف‬
‫الكتاب والسنة"‪ .‬وقال ماهد‪" :‬ل تفتاتوا على رسول ال صلى ال عليه وسلم حت يقضي ال تعال‬
‫على لسانه") (‪.)5‬‬
‫وعلى هذا الدي ف الرد إل الكتاب والسنة وعدم مالفتهما مهما ظهر بالرأي والفكر مالفتهما‬
‫للمصال ؛ سار سلف هذه المة ‪.‬‬
‫قال أبو الزناد ‪ -‬رحه ال ‪" : -‬إن السنن ل تُخاصَم‪ ،‬ول ينبغي لا أن تُتبع بالرأي والتفكي‪ ،‬ولو فعل‬
‫الناس ذلك ل يض يوم إل انتقلوا من دين إل دين ‪ ،‬ولكنه ينبغي للسنن أن تُلزم ويُتمسك با على ما‬
‫وافق الرأي أو خالفه" (‪.)6‬‬
‫ولذا كان مال الرأي ف السلم مالً مكوما بالكتاب والسنة والجاع ‪ ،‬فما قرر فيها فهو أصل‬
‫معصوم ل يُخرج عنه ‪.‬‬
‫وإذا أعمل النسان رأيه وقرر نتائج بناها على مقتضى الصال أو غيها وهي معارضة لكتاب ال‬
‫وسنة رسوله ؛ فقد راغم الشرع ول يقابله بالرضى والتسليم (‪.)7‬‬
‫عن أب هريرة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداها الخرى بجر‬
‫فقتلتها وما ف بطنها‪ ،‬فاختصموا إل النب صلى ال عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو‬
‫وليدة‪ ،‬وقضى بدية الرأة على عاقلتها‪ ،‬وورّثها ولدها ومن معهم‪ ،‬فقام َحمَل بن النابغة الذل فقال ‪:‬‬
‫يا رسول ال ! كيف أغرم من ل شرب ول أكل‪ ،‬ول نطق ول استهل؛ فمثل ذلك يُطَل ؟ (‪ )8‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إنا هو من إخوان الكهان من أجل سجعه الذي سجع" (‪.)9‬‬
‫قال العلماء إنا ذم سجعه لنّه عارض حكم الشرع ورام إبطاله‪ ،‬ولذا شبهه بالكهان الذين يروّجون‬
‫أقاويلهم الباطلة بأسجاع تروق السامعي (‪.)10‬‬
‫وأما ما ل يبي حكمه والوقف منه بعينه ف الشرع ؛ فإن للمسلم أن يتخذ فيه رأيا يبديه ل يتعارض‬
‫مع الضوابط العامّة لبداء الرأي ‪ .‬وذلك كطريقة تنفيذ ما أمر ال به وسكت عن طريقة تنفيذه‪ ،‬أو‬
‫ما ل يرد به نص مكم ‪ .‬ولذا كان من القواعد القررة عند أهل العلم أن (ل اجتهاد ف موارد‬
‫النص ) (‪ ، )11‬وأن ما عارضالنص فاسد العتبار (‪.)12‬‬

‫‪66‬‬
‫الثانية ‪ :‬صاحب الرأي ‪.‬‬
‫ذمّ ال تعال من يقول بل علم‪ ،‬فقال ‪" :‬وَلَ َتقُولُوا لِمَا َتصِفُ َألْسَِنتُكُمُ الكَ ِذبَ هَذَا حَل ٌل َوهَذَا‬
‫َحرَامٌ لَّتفَْترُوا عَلَى الّلهِ الكَ ِذبَ إِنّ الّذِينَ َيفَْترُو َن عَلَى الّلهِ الكَ ِذبَ لَُيفِْلحُونَ" [النحل‪. ]116:‬‬
‫قال الشاطب ‪" :‬الجتهاد ف الشريعة ضربان ‪ :‬أحدها العتب شرعا ‪ ...‬والثان غي العتب‪ ،‬وهو‬
‫الصادر عمن ليس بعارف با يفتقر الجتهاد إليه ؛ لن حقيقته أنه رأي بجرد التشهي والغراض ‪.‬‬
‫وخبط ف عماية‪ ،‬واتباع للهوى‪ ،‬فكل رأي صدر على هذا الوجه فل مرية ف عدم اعتباره ؛ لنه ضد‬
‫الق الذي أنزل ال‪ ،‬كما قال تعال ‪" :‬وَأَنِ احْكُم بَْيَنهُم بِمَا أَنزَلَ الّلهُ وَلَ َتتّبِعْ َأ ْهوَا َءهُم" [الائدة‪:‬‬
‫‪.)13( ]49‬‬
‫وهذا كما يكون ف أحكام الشرع فهو ف كل علم‪ ،‬فليس لحدٍ أن يتناوله بغي إتقان له ‪.‬‬
‫وقد ذم ال تعال من يتبع الظن‪َ " :‬ومَا يَتّبِعُ َأكَْث ُرهُمْ إِلّ ظَناّ إِ ّن الظّنّ َل ُيغْنِي مِنَ الَ ّق شَيْئا" [يونس‪:‬‬
‫‪ .]36‬وجعل طاعة من يتبع الظن ضللً‪" :‬وَإِن تُطِعْ أَكَْث َر مَن فِي ا َل ْرضِ ُيضِلّو َك عَن َسبِي ِل الّلهِ إِن‬
‫خ ُرصُونَ" [النعام‪.]116:‬‬ ‫َيتِّبعُونَ ِإلّ الظّنّ وَإِ ْن هُمْ إِ ّل يَ ْ‬
‫فل بُدّ أن يكون صاحب الرأي من أهل البة والختصاص فيما يتكلّم عنه ‪ ،‬وكلم النسان فيما‬
‫يهله غي مفيد ‪.‬‬
‫وال تعال أمر بسؤال أهل الذكر دون غيهم ‪" :‬فَاسَْألُوا َأهْلَ الذّ ْكرِ إِن كُنتُمْ َل َتعْلَمُونَ" [النحل‪:‬‬
‫‪ ،]43‬وهذا دليل على أن ما يقوله غي العال ل عبة به ‪.‬‬
‫ولذا لا وصف أهل العلم رجال الشورة جعلوا من صفاتم العلم فيما يُسْتشارون فيه‪ ،‬قال ابن خويز‬
‫منداد ‪ ( :‬واجب على الولة مشاورة العلماء فيما ل يعلمون‪ ،‬وفيما أشكل عليهم من أمور الدين‪،‬‬
‫ووجوه اليش فيما يتعلّق بالرب ‪ ،‬ووجوه الناس فيما يت َعلّق بالصال‪ ،‬ووجوه الكتاب والوزراء‬
‫والعمال فيما يتعلّق بصال البلد وعمارتا ) (‪.)14‬‬
‫ل يُسْتشار فيما هو متص به ‪.‬‬ ‫فجعل ك ً‬
‫وكذا إبداء الرأي ل يسوغ لن ل يكن متصا ف فن أن يتكلم فيه‪ ،‬ولذا ذكر الفقهاء أنه يُشرع‬
‫لجْر على التطبب الاهل (‪ ، )15‬فكذلك غي الطب يُمنع مَنْ ل يكن مؤهلً من إبداء رأيه ؛ إذ ل‬ ‫اَ‬
‫يوثق برأيه ‪.‬‬
‫فالعال بالشرع يبي أحكام الشرع وضوابطه ف كل أمر وتصرّف‪ ،‬لكن ليس له أن يصف العلج‬
‫الركّب للمرضى إل إذا كان مع ذلك طبيبا ‪.‬‬
‫والهندس له أن يتناول أمورا هندسيّة بالرأي لكن الفتوى إنا تناط بالعال بالشرع فقط ‪ ..‬وهكذا ‪.‬‬
‫والسبب ف هذا أن الرأي العتب هو البن على العلم والتثبت‪ ،‬وأما ما ل يُب عليهما فهو مض ظن ل‬
‫يغن عن الق شيئا‪ ،‬ومعلوم أن للخيالت والوهام روادا ل يعبأ بم ف مال الفكر‪ ،‬ومن هنا كان‬
‫أهل العلم ل يعتبون بكل خلف حت قيل ‪:‬‬
‫وليس كل خلف جاء معتبا إل خلف له حظ من النظر‬

‫‪67‬‬
‫وإذا أريد قياس الرأي ومعرفة مكانته استند الناظر إل ما استمد منه ؛ هل هو العلم والتثبت‪ ،‬أو بن‬
‫على الصال الشخصية والعصبيات الاهلية ومض الوى ؟‬
‫وقد قرر أهل العلم أدلة يُبن عليها الكم الشرعي‪ ،‬وطرقا للستدلل والترجيح فيها توصّل‬
‫للمطلوب‪ ،‬وإذا راعى أهل العلم ذلك ف الحكام الشرعية ؛ فهو تنبيه على اعتبار النهج نفسه ف‬
‫سائر معمولت الذهن‪ ،‬فل بد أن تُبن على دليل معتب‪ ،‬ول بد من مراعاة طرق الترجيح بي الراء ‪.‬‬
‫وكما يُشترط لبداء الرأي ‪ :‬القدرة على ذلك‪ ،‬والتأهل له‪ ،‬واستناده على ما يعضده ؛ فإنه يُشترط‬
‫فيه أيضا ‪ :‬إرادة الق والي‪ ،‬وهذا من معن الخلص وحسن الرادة الت هي مناط خييّة العمل‬
‫وصلحه وقبوله ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ » :‬وسبب الفرق بي أهل العلم وأهل الهواء مع وجود الختلف ف‬
‫قول كل منهما ‪ :‬أن العال قد فعل ما أمر به من حسن القصد والجتهاد ‪ ..‬بلف أصحاب الهواء‬
‫فإنم ‪" :‬إِن يَتِّبعُونَ إِ ّل الظّ ّن َومَا َت ْهوَى الَن ُفسُ" [النجم‪ ،]23:‬ويزمون با يقولون بالظن والوى‪،‬‬
‫فلم يصدر عنهم من الجتهاد والقصد ما يقتضي مغفرة ما ل يعلموه‪ ،‬وكانوا ظالي كالغضوب‬
‫عليهم‪ ،‬وجاهلي كالضالي ‪.‬‬
‫فالجتهد الجتهاد العلمي الحض ليس له غرض سوى الق وقد سلك طريقه ‪ ،‬وأما متبع الوى‬
‫الحض فهو من يعلم الق ويعاند عنه‪ ،‬وثَمّ قسم آخر وهو غالب الناس‪ ،‬وهو أن يكون له هوى‪ ،‬وله‬
‫ف المر الذي قصد إليه شبهة ‪ ،‬فتجتمع الشهوة والشبهة ‪.‬‬
‫فالجتهد الحض مغفور له أو مأجور‪ ،‬وصاحب الوى الحض مستوجب للعذاب‪ ،‬وأما الجتهد‬
‫الجتهاد الركب على شبهة وهوى فهو مسيء‪ ،‬وهم ف ذلك على درجات بسب ما يغلب « (‬
‫‪.)16‬‬
‫الثالثة ‪ :‬مراعاة مآل الرأي ‪.‬‬
‫إنّ إبداء الرأي الذي يستند لصل ول يالف الشريعة‪ ،‬وإن كان ف أصله مباحا‪ ،‬قد ثبت الذن‬
‫بإبدائه بسب الصل‪ ،‬غي أنه ف بعض الحوال قد ينجر عنه ف مآله من الضرار والفاسد ما يناف‬
‫مقصد الشرع ف الصلحة والعدل ‪ ،‬فتكون الراء الباحة أو الشروعة مؤدية إل خلف مقاصدها ‪.‬‬
‫ويدث ذلك بسبب عدم التبصّر بآلت التصرّفات والراء والقوال‪ ،‬أو سبب الباعث السيئ عند‬
‫متعاطيها ‪ .‬وسواء كان الباعث فاسدا أو صالا فإن مرد مفسدة الآل‪ ،‬والنتيجة السلبيّة للرأي ؛‬
‫يعل الرأي رأيا مذموما واجب الكتمان ‪.‬‬
‫فهذا معيار توزن به الراء والجتهادات‪ ،‬وهو مدى كون آثارها مقّقة لقاصد الشرع أو مناقضة له‪،‬‬
‫قال الشاطب ‪ » :‬لا ثبت أن الحكام شُرعت لصال العباد كانت العمال معتبة بذلك ؛ لنه‬
‫مقصود الشارع فيها‪ ،‬فإذا كان المر ف ظاهره وباطنه على أصل الشروعية فل إشكال‪ ،‬وإن كان‬
‫الظاهر موافقا والصلحة مالفة فالفعل غي صحيح وغي مشروع ؛ لن العمال الشرعية ليست‬

‫‪68‬‬
‫مقصودة لنفسها وإنا قصد با أمور أخر هي معانيها‪ ،‬وهي الصال الت شُرعت لجلها‪ ،‬فالذي‬
‫عمل من ذلك على غي هذا الوضع فليس على وضع الشروعات « (‪.)17‬‬
‫ومن هنا نشأت قاعدة ‪ ( :‬سد الذرائع الفضية للفساد )‪ ،‬ومقتضاها تري أمر مباح لا يفضي إليه من‬
‫مفسدة ‪.‬‬
‫وامتناع النب صلى ال عليه وسلم عن قتل النافقي دفعا لفسدة تدّث الناس بأن ممدا يقتل أصحابه‬
‫؛ فرد من أمثلة هذه القاعدة ‪.‬‬
‫وعليه ؛ فإنه ل يسوغ لصاحب رأي ول لفت أو مفكر أن يقرر رأيا مهما كان صوابا إذا ترتب‬
‫على ذلك مفسدة أعظم‪ ،‬أو كان مثيا لفتنة ‪.‬‬
‫فالذي ينتقد بعض كتب علماء أهل السنة‪ ،‬ويقرر أن فيها تقريرات غي معصومة ؛ فهو وإن قرر حقا‬
‫إن أظهر رأيه ف زمن تشرئب فيه الفت وتظهر البدع فقد ناقض هذا الصل ‪ .‬وإذا حوّل إنسان دين‬
‫ال تعال ليكون وجهة نظر تُعرض إل جانب وجهة نظر أخرى مالفة ؛ فإنه‪ ،‬وإن تذرّع باستمالة‬
‫العارضي للسلم‪ ،‬قد أعطى مُعارِض الشريعة شرعية وقدم مساواة مع السلم (‪.)18‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ » :‬على الفت أن يتنع عن الفتوى فيما يضر بالسلمي ويثي الفت بينهم‪،‬‬
‫وله أن يتنع عن الفتوى إن كان قصد الستفت كائنا من كان نصرة هواه بالفتوى وليس قصده معرفة‬
‫الق واتباعه « (‪.)19‬‬
‫ومراعاة مآل الرأي يتضمن ملحظة الوقت الذي يُبدي فيه الرأي‪ ،‬ومدى تعلّق أهل الفساد به‪ ،‬وهل‬
‫يفهمه من خوطب به على وجهه أم ل ‪.‬‬
‫وف أخبار الصحابة وقائع تؤكد استشعار الصّحابة ‪ -‬رضي ال عنهم – لذا الصل‪ ،‬فعن عبد‬
‫ل أتى عمر بن الطاب ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬فقال ‪ » :‬إن‬ ‫الرحن بن عوف ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن رج ً‬
‫فلنا يقول لو قد مات عمر بايعتُ فلنا ‪.‬‬
‫فقال عمر ‪ :‬إن قائمٌ العشيّة ف الناس فمحذرهم هؤلء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم ‪.‬‬
‫قال عبد الرحن ‪ :‬فقلت ‪ :‬يا أمي الؤمني‪ ،‬ل تفعل‪ ،‬فإن الوسم يمع رعاع الناس وغوغاءهم‪ ،‬وإنم‬
‫الذين يغلبون على ملسك إذا قمت ف الناس ؛ فأخشى أن تقول مقال ًة يطي با أولئك فل يعوها‪ ،‬ول‬
‫يضعوها على‬
‫مواضعها‪ ،‬ولكن حت تقدم الدينة فإنا دار الجرة والسّنة‪ ،‬وتلص بعلماء الناس وأشرافهم‪ ،‬فتقول ما‬
‫قلت متمكنا‪ ،‬فيعون مقالتك ويضعونا مواضعها ‪ .‬فقال عمر ‪:‬‬
‫لئن قدمت الدينة صالا لكلمن با الناس ف أول مقام أقومه ‪ .‬فلما قدم الدينة قام على النب فكان‬
‫ما قال ‪ :‬فإن قائل مقالةً من وعاها وعقلها فليحدث با حيث انتهت به راحلته‪ ،‬ومَنْ ل يعها فل‬
‫أحل له أن يكذب عل ّي « ‪ .‬ث ذكر قصة بيعة أب بكر (‪.)20‬‬
‫الرابعة ‪ :‬ل يسوغ اللزام با هو من موارد اللف ‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫السائل ف شريعة السلم منها ما هو قطعي مكم ؛ فهذا ثابت الكم ل يتغيّر بتغي الزمان والكان‪،‬‬
‫ومنها مسائل الجتهاد وموارد اللف الت ل يسمها نص قاطع‪ ،‬ول يثبتها دليل ظاهر ؛ فليس فيها‬
‫نص شرعي ول إجاع قطعي ‪ ،‬فهذه يكمها اجتهاد الجتهدين الؤهلي‪ ،‬فيختار الجتهد منها‬
‫أظهرها عنده ‪.‬‬
‫فأما القسم الول ‪ :‬فإن الناس ملزمون بالسي على وفقها التزاما للشرع ‪ ،‬واتباعا له‪ ،‬ول يسوغ‬
‫مالفته كما سبق ‪.‬‬
‫ل فيتكلم فيها بالبينات والجج العلمية‪ ،‬لكنها‬‫وأما الثان ‪ :‬فهي منوطة باجتهاد التكلم مت كان أه ً‬
‫ليست موردا للنكار ول ملً للمفاصلة ‪.‬‬
‫وقد سئل شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحه ال تعال ‪ -‬عمن قلد بعض العلماء ف مسائل الجتهاد ؛‬
‫هل ينكر عليه أو يهجر ؟ فأجاب ‪ » :‬مسائل الجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء ل يُنكر‬
‫عليه ول يُهجر‪ ،‬ومن عمل بأحد القولي ل يُنكر عليه‪ ،‬فإن كان النسان يظهر له رجحان أحد‬
‫القولي عمل به وإل َقلّد بعض العلماء الذين يُعتمد عليهم ف بيان أرجح القولي « (‪.)21‬‬
‫ومن هنا فإن كل رأي ل يستند بقاطع ف الشريعة ؛ فإنه ل يسوغ لقائله أن يستبد به ويتكر‬
‫الصواب‪ ،‬بل ما دام قولً لغي معصوم فالطأ عليه وارد واللف سائغ والنكار منوع ‪.‬‬
‫صدر عن منظمة الؤتر السلمي ف اجتماعها بالقاهرة ف ‪1411 /14/1‬هـ البيان السلمي‬
‫العالي لقوق السلم‪ ،‬وتضمنت الادة الثانية والعشرون منه ‪( :‬لكل إنسان الق ف التعبي بريّة عن‬
‫رأيه بشكل ل يتعارض مع البادئ الشرعية‪ ،‬ولكل إنسان الق ف الدعوة إل الي و المر بالعروف‬
‫والنهي عن النكر وفقا لضوابط الشريعة السلمية) ‪.‬‬
‫اللهم ألمنا رشدنا‪ ،‬وقنا شر أنفسنا‪ ،‬وهب لنا من لدنك رحة إنك أنت الوهاب ‪.‬‬
‫‪--------------------------------------------------------‬‬
‫‪------------------------‬‬
‫(*) القاضي بالحكمة الشرعية بكة الكرمة‪.‬‬
‫(‪ )1‬تضمي من كتاب حقوق النسان ف السلم‪ ،‬د ‪ /‬سليمان القيل‪ ،‬ص ‪. 54‬‬
‫(‪ )2‬انظر ‪ :‬مموع فتاوى ابن تيمية‪. 20/164 ،‬‬
‫(‪ )3‬مموع الفتاوى‪. )3/157( ،‬‬
‫(‪ )4‬سنن أب داود (‪ ،)3592‬سنن الترمذي (‪ ،)1327‬مسند أحد (‪ ،)236 /5‬مسند الطيالسي‬
‫(‪ ،)559‬قال ابن حجر ف التلخيص (‪( : )4/182‬إسناده ضعيف)‪ ،‬وصححه الطيب البغدادي ف‬
‫الفقيه والتفقه‪. )1/189( ،‬‬
‫(‪ )5‬تفسي القرآن العظيم‪. )4/206( ،‬‬
‫(‪ )6‬الفقيه والتفقه‪ ،‬للخطيب البغدادي‪. )1/392( ،‬‬
‫(‪ )7‬انظر ‪ :‬بيان الدليل على تري التحليل‪ ،‬ص ‪. 250‬‬

‫‪70‬‬
‫(‪ )8‬يُطَل ‪ :‬يعن يلغى ويهدر ‪.‬‬
‫(‪ )9‬صحيح البخاري‪ ،‬رقم (‪ ،)5758‬صحيح مسلم‪ ،‬رقم (‪. )1681‬‬
‫(‪ )10‬إحكام الحكام‪ ،‬لبن دقيق العيد‪ ،‬مع حاشيته العدة‪. )4/332( ،‬‬
‫(‪ )11‬الادة الرابعة عشرة من قواعد الجلّة‪ ،‬وانظر ‪ :‬شرح القواعد الفقهيّة‪ ،‬للزرقا‪ ،‬ص ‪. 147‬‬
‫(‪ )12‬آداب البحث‪ ،‬للشيخ ممد المي الشنقيطي‪. )2/129( ،‬‬
‫(‪ )13‬الوافقات‪. )4/167( ،‬‬
‫(‪ )14‬تفسي القرطب‪. )4/250( ،‬‬
‫(‪ )15‬القواعد النورانية الفقهية‪ ،‬ص ‪. 152 ،151‬‬
‫(‪ )16‬العناية شرح الداية‪ ،‬للبابون (‪ ،)8/186‬ونقل التفاق عليه ‪.‬‬
‫(‪ )17‬الوافقات‪. )2/385( ،‬‬
‫(‪ )18‬انظر ‪ :‬كلما للستاذ ممد قطب حول (مؤتر السلميي والعلمانيي) ف كتاب رؤية‬
‫إسلمية لحوال العال العاصر‪ ،‬ص ‪ ،246‬ونظيه ف كتاب كيف ندعو الناس‪ ،‬ص ‪72 ،43‬‬
‫(‪ )19‬مموع الفتاوى‪. )28/198( ،‬‬
‫(‪ )20‬مسند أحد رقم ‪ ،391‬وهو متصر ف صحيح البخاري‪ ،‬رقم ‪ ،)3445(.‬صحيح مسلم‪،‬‬
‫رقم (‪. )1691‬‬
‫(‪ )21‬مموع الفتاوى‪ . )20/257( ،‬السلم اليوم‬
‫===========================‬
‫حقائق كشفها الزور‬

‫المد ل الذي أعز من شاء بطاعته وأذل من شاء بعصيته ‪ ,‬والصلة والسلم على من ل خي إل ف‬
‫اتباع هديه ول فلح إل بسلوك طريقته ‪ ,‬ول كرامة بغي التأسي به وأن الهانة بالبعد عن سبيله‬
‫( ومن يهن ال فماله من مكرم )‬
‫وعلى آله وصحبه ومن سلك طريقته إل يوم يبعثون أما بعد‬
‫فقد جاءت هذه الزمة بلف ما ظنه من افتعلها بل وعلى خلف ما تصورناه جيعا فالمدل على‬
‫كل حال وله الشكر فهو ذو النعام والفضال وسبحانه وهو الصادق حيث قال‬
‫( وعسى أن تكرهوا شيئا ويعل ال فيه خيا كثيا )‬
‫وقديا قيل ‪ :‬قد ينعم ال بالبلوى وإن عظمت ***ويبتلي ال بعض اللق بالنعم‬
‫وقيل ‪ :‬وربا صحت البدان بالعلل‪.‬‬
‫أيها الفضلء‬
‫إن تلك الملت السعورة السمومة الت يطلقها الغرب الكافر ل تكن بدعا من المر ولن تقف إل‬
‫هذا الد فهم يكيدون لنا منذ أن بزغ نور الرسالة وسطع شعاعها‬

‫‪71‬‬
‫ولن يزال كيدهم متواصل حت يقضي ال أمرا كان مفعول ‪ ,‬فهم من قال ال عنهم ( ولن ترضى‬
‫عنك اليهود ول النصارى حت تتبع ملتهم ) وقال عنهم سبحانه ( ودوا لو تكفرون كما كفروا‬
‫فتكونون سواء ) وقال ( ودّ الذين كفروا من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيانكم كفارا حسدا‬
‫من عند أنفسهم ) ومن هنا يتضح أن عداوتم متغلغلة ول يكن أن تزول وأنا مهما خبت أو اختفت‬
‫لفترة من الفترات فإنا هي لتكتيك يارسونه وليس لقناعة بأنم على غي هدى‪.‬‬
‫وما عملته صحيفة النرويج أو المثل الولندي أو صحيفة الدينمارك ل يكن اجتهادا عفويا ول نتاج‬
‫حرية عابرة بل هو أمر مقصود انطلقوا لفعله من عقيدة يؤمنون با ويتنادون بينهم على الثبات عليها‬
‫ونشرها وتبشي الناس با ـ زعموا ـ ‪ ,‬وهذه الفعال الت صدرت منهم جاءت لتكشف حقيقتهم‬
‫لن كان منخدعا بم و ليعلم أنم وإن تشدقوا بالريات واحترام العتقدات فإنا هم كَذَبة فجرة‬
‫يكيلون بكيالي غي متوازني ‪ ,‬كما أن هذه الزمة ول المد قد كشفت لنا أمورا هامة على‬
‫الصعيد الداخلي والارجي ولعلي أن أوجز بعضا منها ف هذا البيان باختصار فأقول مستعينا بال‬
‫وهو خي معي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬لعلكم تذكرون ما مارسه الغرب الكافر بقيادة أم الكفر ورأسه ضد إخواننا ف أفغانستان‬
‫وغيها من بلد السلمي وما يرفعونه من شعارات ويلوحون به من استنكارات من أننا نن السلمي‬
‫لنترم الديان ول نعرف حقها وما طالبوا به من وأد منهج الولء والباء وكل ماله علقة به بل‬
‫وتدخلوا بالضغط على جهات قيادية عليا لعزل كثي من الطباء والدعاة لنم يدعون على النصارى‬
‫واليهود ‪ ,‬وما يارسونه ف العال كله ضد من ياول الساس باليهود أو يكذب مارقهم الزعومة ‪.‬‬
‫فأين حرية الرأي الت يترمون ؟ وأين هي الديقراطية الت يتشدقون با؟أم هي ديقراطية وحرية‬
‫الكافر وحده‬
‫حرام على بلبلنا الدوح ==== حلل للطي من كل جنسِ‬
‫ثانيا ‪ :‬أن الشعوب السلمة قادرة على التأثي والتغيي ول المد والنة وأنا إن اتدت أنزت ما قد‬
‫تعجز عن إنازه كثي من القنوات السياسية الخرى وهذا ظاهر ف مسألة القاطعة الت تبنتها‬
‫الشعوب السلمة والت حركت مسار القضية وأشعلت فتيل الواجهة الكشوفة الواضحة ف حي‬
‫كانت السارات السياسية تقابل بالرفض وعدم الكتراث إل ما ندر‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أن المة السلمة فيها خي كثي ولكنها تعيش فترة من التخدير والمول ساعد ف تفاقم هذا‬
‫الوضع الزري مؤامرات العداء الستمرة ووجود آذان للعدو بي السلمي تاول جرهم إل‬
‫مالينفعهم ف دينهم ودنياهم من لو ومون ‪.‬‬
‫وأن هذه المة إن وجدت من ينفض عنها غبار الهانة ويزيح ستار الغفلة ويبطل أثر ذلك التخدير‬
‫فإنا تتحرك كالبكان وهذا ما رأيناه ول المد من دموع السلمي تت أعواد النابر وف مالس‬
‫أهل العلم وما لحظناه من تسابقهم ف الساهة وبذل الال وما أقدموا عليه من التنافس على معرفة‬

‫‪72‬‬
‫منتج الكافر للتحذير منه وما نسمعه من أخبار تثلج الصدر من استنفار المة كلها الصغار والكبار‪,‬‬
‫والرجال والنساء‪ ,‬العجزة وذوي القدرة ‪.‬‬
‫وما رأيناه من مشاركات وأفكار وطروحات كان لا أثر كبي ف كشف بعض الكانة الت يب أن‬
‫يعرفها عدونا لمتنا‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أن المة السلمة تعيش أزمة حقيقية لتقل عن أزمتها مع الكفار وهي الزمة مع العلم الذي‬
‫تسنم ظهره من ينتسب زورا لمتنا ف غالب الحوال ‪.‬‬
‫وإن أزمتنا الت نن نتلظى بنارها كشفت أن إعلمنا ل يثلنا بال فهو إعلمُ كَذب ونفاق ومادعة‬
‫وتزوير للحقائق ‪.‬‬
‫كنا نعتقد أن حدثا كهذا سيتسابق له رجال الصحافة والقنوات ليكشفوا من خلله الطر الذي‬
‫يتهدد المة من أعدائها وإذا بنا نراهم العداء القيقيي للمة حي انشغلوا بتابعة الكرة وماقيل من‬
‫النكات عن حاس وما يثار عن تبن بوش لولد غي شرعي وغي هذا من القضايا الت تظهر باليدع‬
‫مال للشك أن العلم صوت للعدو أكثر منه للصديق ‪.‬‬
‫من كان يظن أن قناة من القنوات تستضيف ف وقت كهذا سفلة الجتمع ليتحدثوا عن قضية كقيادة‬
‫السيارة أو حرية الرأة‪ .‬ومن كان يظن أن صحيفة من صحفنا وهي تعيش ف قلب الدث تأت‬
‫لتعاكس التيار وتتلق للعدو العذار وكأنا تقول إن كل المة على باطل وزور وأن تلك الشركة أو‬
‫الصحيفة على حق فاقبلوا به حت ولو سخروا من دينكم وشتموا قدوتكم‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬أن دعوى مبة النب صلى ال عليه وسلم وآل بيته وحدها لتكفي فليس اليان بالتحلي ول‬
‫بالتمن ولكن ماوقر ف القلب وصدقه العمل ‪ ,‬وأن مبة النب وآله ل تكون بإحياء الوالد وضرب‬
‫الصدور والنياحة ف حي أنه إذا انتقص شخصه واهي عرضه وأسيء إل سنته دسسنا رؤوسنا ف‬
‫التراب ‪.‬‬
‫إن الذين كانوا يشنعون علينا لنكارنا بدعة الولد لنا ل ترد عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ولعن أحد من أصحابه ‪ ,‬والذين كانوا يرموننا ببغض النب صلى ال عليه وآله وسلم لنعنا وإنكارنا‬
‫ترديد البدة للبوصيي وغيها ما حوى عبارات شركية لتليق إل بال العظيم سبحانه ل نرهم اليوم‬
‫يشنعون على الكفار ماعملوه من إساءة بالغة لنابه عليه الصلة والسلم ول نرهم يتكلمون عن من‬
‫يتهم عرضه الشريف بالفاحشة عياذا بال ‪ ,‬بل الؤسف جدا أنك تراهم بدؤا بالتقارب معهم ومد‬
‫جسور التقارب فسبحان ال أين هي دعوى مبة النب صلى ال عليه وسلم ؟ وأين هي الغية على‬
‫سنته ؟ أم هي البدعة الت يرعاها إبليس ويزينها ف قلوبم فيجعلها من الدين والدين منها براء؟‪.‬‬
‫وأين أؤلئك الذين قطعوا أجسامهم بالسلسل وأثاروا غبار الرض بوقع حوافرهم بكاء على أب‬
‫عبدال السي رضي ال عنه وأرضاه ونادوه واستغاثوا به من دون ال عياذا بال ‪,‬أين هم من الثأر‬
‫لده بأب هو وأمي صلى ال عليه وسلم والسي رضي ال عنه إنا لقه الشرف من النب صلى ال‬

‫‪73‬‬
‫عليه وسلم ‪ ,‬فهل السي عندهم أعظم من جده ممد صلى ال عليه وسلم والد الزهراء رضي ال‬
‫عنها؟‬
‫مابالم غضبوا من أساء إل رموزهم النحرفة الضالة وأهدروا دمه ف حي أخرست ألسنتهم عن من‬
‫أساء إل خي البية وأزكى البشرية صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫إننا لنريد ضربا بالسلسل ول عويل ول بكاء ول حسينيات ول مآت ولمظاهرات بل نريد منهم‬
‫ماهو أقل من ذلك بكثي نريد منهم أن يكفوا ألسنتهم ليس غي‪.‬‬
‫نعم أقول لؤلء الدعي حب النب صلى ال عليه وآله وسلم زورا وبتانا ‪ :‬أرأيتم من هو الحب‬
‫الصادق ف مبته؟ أعرفتم الفرق بي القيقة والدعوى؟ وأقول لم كما قال النب صلى ال عليه وسلم‬
‫لا أخب عن سبب صيام اليهود ليوم عاشوراء ( نن أحق بوسى منهم ) نعم فنحن أحق بحمد صلى‬
‫ال عليه وسلم وآله من غيهم من حظه من مبته الدائح والهازيج والوالد والسينيات وحي تتر‬
‫الرمضاء يسكن إل الظل والاء والنساء‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬أن الال قد يكون نعمة على صاحبه وقد يكون نقمة ولذا أثن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫على الال ف حال فقال ( نعم الال الصال ف يد الرجل الصال ) وأن الوفق من التجار من سخر ماله‬
‫لرضاة ربه والنتصار لدينه ولذا فقد حظي من بادر إل النصرة بالجر بإذن ال تعال وبالذكر‬
‫السن ف حي خسر هذا الفضل من آثر الفانية على الباقية ول يتحرك عنده شعور الغية بعدُ‪.‬‬
‫وهذه مناسبة عظيمة أستغلها بتذكي أرباب الموال بأن يعرفوا أنم مهما بذلوا فهو خي لم عند ربم‬
‫وهم النتفعون به قبل غيهم ‪ ,‬فالال مال ال وال تعال يقول ( وآتوهم من مال ال الذي آتاكم )‬
‫ومن تصدق بصدقة يبتغي با وجه ال ربّاها ال له وأخلفه خيا منها وهو خي الرازقي سبحانه ‪.‬‬
‫كما يب أن نعلم أن الال باب من أبواب الهاد العظيمة والهاد فيه على ضربي ‪:‬‬
‫‪ =1‬جهاد بدفعه وذلك متقرر معلوم ‪.‬‬
‫‪ =2‬جهاد بنعه وهذا يتمثل بالقاطعة الت تنع وصول الال والنتفاع به من عدو الدين وهذا داخل‬
‫ف قوله سبحانه‬
‫( ول يطئون موطئا يغيظ الكفار ول ينالون من عدو نيل إل كتب لم به عمل صال إن ال ليضيع‬
‫أجر الحسني)‪.‬‬
‫ناهيك أن الشعوب السلمة اليوم ترى الظلم الواقع على إخوتنا ف كل بلد الدنيا فمن حقهم علينا‬
‫أن نضعف اليد الت امتدت إليهم بالذى بقاطعة منتجاتا ما أمكن والصب على ماقد نلقاه من الرج‬
‫ف بعض المور فمن ترك شيئا ل عوضه ال خيا منه‪.‬‬
‫ومن هنا أيضا أشكر ال سبحانه أول أن جعل ف أمتنا من يبذل ماله أو بعضه ل ونصرة لدينه ومن‬
‫ث أشكر هؤلء التجار وأدعو ال لم أن يبارك ف أموالم وأولدهم وأنفسهم وأن يعوضهم خيا ‪.‬‬
‫سابعا ‪ :‬أن ال يزع بالسلطان ماليزع بالقرآن وأن السلطان إذا انتصر لدينه وغضب لرمات ال فقد‬
‫فتح على نفسه وأمته من أبواب الي والفضيلة مال يطر له على بال ‪ .‬وما نشاهده من تظافر الهود‬

‫‪74‬‬
‫والبدء بطط علمية وعملية لطباعة الكتب ونشر الطويات الترجة وترجة مايكن ترجته من الكتب‬
‫الت تعرف بالدين السلمي وفتح الجالت أمام الفرص الثمرة للتأليف والكتابة عن سية قائدنا‬
‫العظيم صلى ال عليه وسلم جاء متزامنا مع الوقف الرسي الرافض لسياسة العتداء على الدين من‬
‫قبل تلك الدول الكافرة الارقة‪ ,‬فهنيئا لن أمر بذلك ولن أشار فقد كان قرارا حكيما وموقفا شجاعا‬
‫نتمن أن يتبعه موقف ليقل عنه حكمة ولشجاعة يتمثل بطرد سفيهم من بلدنا ليعلموا أننا قد‬
‫نقبل الساومة والبتزاز ف الال والتكنلوجيا وغي ذلك من عرض الدنيا الزائل ولكننا ليكن بال أن‬
‫نقبل البتزاز ف ثوابتنا ولف رموزنا الت دونا الهج فداء ‪.‬‬
‫كم هو مفرح للقلب ذلك الوقف وكم هو مفز لكثي من السلمي حي يرى أنه يقف ف الصف‬
‫نصرة ل ولرسوله ومعه العال والاكم والصغي والكبي والذكر والنثى‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬أن زمن الديعة ل يطول مهما كانت ولذا فمن العيب أن يدعنا بعض النكرات حي يساوم‬
‫على بعض المور فإذا كان الحك والعترك وجدته كاللح ف الاء الار ‪.‬‬
‫ما أجل أن يدافع النسان عن وطنه السلم ويبه لن فيه السلم ولكنه قبيح جدا أن يعل الوطن‬
‫أغلى عليه من السلم والوطن إنا شرف بالدين ليس غي‪.‬‬
‫إن الوطنية حقا هي أن تنتصر للدين الذي انبثق من هذا الوطن وللنب الذي بعث ف هذا الوطن‬
‫وللكتاب الذي أنزل ف هذا الوطن أما أن تنتصر لتراب وحجارة وتقدسها وتعل من نفسك الامي‬
‫لا والكفيل عليها والوكيل وتون من شئت تت مسمى عداء الوطن وتقرب من شئت تت شعار‬
‫الوطنية وأنت أبعد الناس وأقلهم دفاعا عن دين الوطن وكتابه وشريعته ورسوله فقد كذبت وخدعت‬
‫وأنّى لذه الديعة أن تطول‪.‬‬
‫لقد تدثوا كثيا أن ( الوطن أول ) وهاهو دستور الوطن ونبيه وقدوته وهاهو منهاج الوطن يهان‬
‫وهم يتباحثون ف قضايا يهدمون با ول يبنون ويفسدون وليصلحون ث يرجون من تت أنقاض‬
‫ماهدموه ليقولوا لن أراد الصلح وترميم ما أفسدوه ( الوطن أول )‪.‬‬
‫لقد آن الوان لتعرف الموع من هم أعداء الوطن ودين الوطن ودستور الوطن وقيادة الوطن ‪.‬‬
‫إن من ل تشغله هذه الزمة ول يرفع با رأسا أو كان ينظر إل غيه ليى هل ترك أم لزال على‬
‫حاله فليعلم أنه خسارة على الوطن وليس ربا ‪ ,‬وأن وجوده فيه مهانة له وذل ‪.‬‬
‫على هؤلء الذين لكوا ألسن العلماء والدعاة والفكرين ردحا من الزمن تت مظلة الغية والمية‬
‫لذا الدين وجناب العقيدة والتوحيد أنم قد أفلسوا وخسروا وأن سعيهم كسعي من يلحق السراب‬
‫ف قيعة ‪ ,‬وهيهات أن يد ف السراب ماء‪.‬‬
‫أين تلك الواقف الثائرة والمواج الادرة والطب الرنانة والمل الطنانة وأين عبارات التفسيق‬
‫والتبديع والتضليل والتجهيل الت أزكمت النوف ؟ ما بالا اختفت عن العدو الكافر الذي ليتاج‬
‫قوله وفعله إل توير وتأويل وتعليل وتدليل؟‬

‫‪75‬‬
‫أين هجومهم على الموات والحياء من العلماء والدعاة ؟ أتُرى أؤلئك العلماء والدعاة أشد خطرا‬
‫من سب القرآن وسخر بالنب صلى ال عليه وسلم؟ أم هو الوى والزيغ عياذا بال من الذلن‪.‬‬
‫تاسعا ‪ :‬أن العلم ل يكن أن ينفع صاحبه ول أن يرفعه حت يقوم بزكاته ‪ ,‬وزكاة العلم هي ببذله‬
‫ونشره بي الناس وأن يكون العال رأسا للمة ف أزماتا وموجها لا وحالّ لشكالياتا ‪ ,‬فإذا تلف‬
‫العال عن هذا الركب وسار الناس وتركوه فقد جن على أمته وعلى نفسه ‪ ,‬وهذا ورب من الكتمان‬
‫الذي نى ال عنه وحذر منه ( وإذْ أخذ ال ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولتكتمونه‬
‫فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثنا قليل فبئس مايشترون ) وما نشاهده اليوم من خذلن كثي من‬
‫العلماء للمة وتقاعسهم عن القيام بواجب إدارتا وتوجيهها إل علمة حرمان وانتكاسة والعياذبال‪.‬‬
‫إن العالِم إن ل يقل كلمة الق ويصدع با فسيتخلى الناس عنه وربا اتذوا رؤوسا جهال فسألوهم‬
‫فأفتوهم بالعلم لم به فأضلوهم وضلوا وكان للعلماء وزرهؤلء وأؤلئك جيعا‪.‬‬
‫إن العلماء ورثة النبياء ‪ ,‬والنبياء ل يورثوا مال ول متاعا وهانن نرى امتهان النبياء وتاذل الورثة‬
‫إل مارحم ال فمن ياترى ينتفض لنتزاع الياث إن تركه أهله؟‬
‫أين مواقف العلماء الناصرة للدين؟ أين تلك البيانات النارية والستنكارات الشديدة لواقف بعض‬
‫الندفعي من شباب السلمي؟‬
‫ياعلماء السلم‬
‫إنه السلم ‪ ,‬نعم هو السلم ورسوله ‪.‬‬
‫هو دين ال وهو الياث الذي به رفعكم ال بي الناس وبوأكم هذه الكانة ‪.‬‬
‫إنه رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي حلكم أمانة كنه‪.‬‬
‫إن ل تغاروا على الدين ونب ال فمت ستغارون وعلى من ستغارون؟‬
‫وبارك ال فيمن سعى من العلماء ونافح وجاهد وصدق وصابر وصب وأجرى دمعه وأسال حب قلمه‬
‫غية ل ونصرة لدينه ورسوله صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فصرخة ف وجوه هؤلء أقول ‪ :‬أتريدون أن تذادوا عن حوضه يوم يقال ( إنك لتدري ما أحدثوا‬
‫بعدك)؟‬
‫أم تريدون أن تتضاعف مهانة المة فل يبقى فيها عرق نوة ينبض ول غيور لغبارها ينفض؟‬
‫وبارك ال فيمن جعل وقته ل وجهده وكل ماحباه ال وكأن لسان حاله يقول ( اللهم خذ من حت‬
‫ترضى ) ويقول‬
‫( اللهم اشهد أننا لنرضى فاجعلها لنا عندك يوم نرد على حوضه فلنذاد )‬
‫عاشرا‪ :‬أن التعاون والتكاتف سلح أقوى ف التأثي من كثي من السلحة الخرى ولذا فقد رأينا‬
‫كيف كان وقع تلك الطابات والكاتبات والتحركات على كل الستويات ولكي يؤت هذا العمل‬
‫ثاره فعلينا أن نتحرى العدل فيما نقول ونفعل خشية أن نقع ف ظلم أحد فيحبط ماصنعنا وتذهب‬
‫بركته ‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫ولذا فمن الواجب التثبت من النتج أو الهة قبل نشرها حت ليتضرر مسلم بشيءل ذنب له فيه ‪,‬‬
‫ومن شك ف شيء وخفي عليه علمه فليدعه وليقحم نفسه فيه ‪.‬‬
‫الادي عشر ‪ :‬أن العمل النافع يتاج إل ماهدة وصب ولذا قال ال تعال‬
‫( والعصر إن النسان لفي خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصلحات وتواصوا بالق وتواصوا بالصب )‬
‫ومن سلك هذا الطريق فيحتاج إل توطي نفسه إل أنه لن يد الطريق أمامه معبدا بل قد يواجه فيه‬
‫من الصعوبات مايتاج معها إل الستعانة بال العظيم والصب والصابرة‪.‬‬
‫سيجد السلم ف طريقه من يذله أو يوّفه أو يقّّره وربا وجد من يتكلم بلسان العدو وكأنه هو‬
‫العدو ذاته‪ ,‬فعليه أن يصب على أذى هؤلء كلهم لينعم بالوعد الصادق من ال‬
‫( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن ال لع الحسني )‪.‬‬
‫ت ف عضده بثل قولم‬ ‫لقد حاول النافقون ف عهدرسول ال صلى ال عليه وسلم تذيله والف ّ‬
‫(الذين قالوا لخوانم وقعدوا لو أطاعونا ماقتلوا )‬
‫وقولم ( وقالوا لتنفروا ف الر ) وغي ذلك من عبارات التخذيل ولكن ال تعال قال لنبيه‬
‫( يا أيها النب اتق ال ولتطع الكافرين والنافقي )‬
‫فكان النصر لرسول ال واليبة والسران للمخذلي وأعداء الدين‪.‬‬
‫وإن صور التخذيل اليوم ظاهرة جلية وربا جاءت باسم الوف من ال وكأن ما يقوم به السلم‬
‫الغيور من مقاطعة سلع الكفارحد من حدود ال قد انتهك وأنه ل ينتهك من حدود ال إل هذا ؟‬
‫أرأيتم من يقول إن مقاطعة السلع لتوز إل بأمر من ول المر؟من أين أتى بذا القول؟‬
‫ومادليله؟وهل من قاطع منتجات الكفار من تلقاء نفسه يعتب آثا مفتاتا على ول أمره؟ أم هو‬
‫التخذيل للمة وتشتيت مواقفها من عدوها؟‪.‬‬
‫وكذلك من يقول إن القاطعة لتضر الكافر بل تضر التاجر السلم وغي ذلك من صور التخذيل‬
‫الكشوفة ‪.‬‬
‫إننا نتمن من ال أن يوفق الكومة لنع بيع تلك النتجات ومنع دخولا نكاية بأعداء اللة العتدين ‪.‬‬
‫ومثل تلك الواقف ف التخذيل موقف بعضهم من ماولة نشر مواضيع وقضايا وطرحها للنقاش وهي‬
‫أبعد ماتكون عن صلب اهتمام السلمي لشغلهم ببنيات الطريق عن قضيتهم الهم ‪.‬‬
‫ومثله ماولة التفريق بي من يسب ال ويسخر من دينه من كفرة الشرق أو الغرب وأن القضية يب‬
‫أن تنحصر ف الدنيمارك والنرويج وهولندا وهذا من اللط العجيب والفهم الغريب فنحن ندافع عن‬
‫ديننا ونبينا والدين هو السلم والنب هو ممدصلى ال عليه وسلم ومن اعتدى على الدين والنب فهو‬
‫قضيتنا مهما كانت جنسيته ولونه ‪.‬‬
‫الثان عشر ‪ :‬أن قيامنا لنصرة هذا الدين يب أن يكون من دافع حية له ل من دافع الكاثرة‬
‫والفاخرة حيث بدأت تلوح ف الفق شعارات التفاخر بي الطياف والنسيات وإن كانت ف‬
‫بدايتها قد تأخذ طابع التحميس لكنها قد تنتهي بأهلها إل منحى خطي وهذا ما يُضيع أجر العمل‬

‫‪77‬‬
‫ويفسده ولذا لا سئل النب صلى ال عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حية فأي ذلك ف‬
‫سبيل ال ؟ قال ‪:‬‬
‫(من قاتل لتكون كلمة ال هي العليا فهو ف سبيل ال ) وعلينا أن نعلم أن نصرة ال كرامة منه‬
‫سبحانه وهي تتاج منا إل مزيد شكر واعتراف بفضل مسديها وهو ال سبحانه ‪.‬‬
‫الثالث عشر ‪ :‬أن العداء قد يرجعون عن بعض إصرارهم ويذعنوا لقولنا رعاية لصالهم ولذا فيجب‬
‫علينا أن نستمر ف الضغط عليهم ليكون ذلك أبلغ ف التنكيل وأعظم للردع والزجر ولنه يفيد ف‬
‫تصيل أكب قدر من الكاسب والتنازلت من قبلهم ‪ ,‬ولذا فالوصية عدم التراخي حت وإن اعتذروا‬
‫عاجل ولكي يفهم من وراءهم أننا ل نرضى بالدون‪.‬‬
‫الرابع عشر ‪ :‬أن منهج الشكر للمحسن والتنبيه للمسيء منهج مثمر ولذا فقد أثرت سياسة تشجيع‬
‫القاطعي ونشر خطاباتم ثرة نافعة بفضل ال حيث تسارعت الشركات لذلك ورفعت لفتات أمام‬
‫واجهات ملتا تظهر القاطعة ‪.‬ولذا فعلينا التواصل مع من نعرفه ومن لنعرفه والتواصي وشكر‬
‫الحسن وتنبيه الخطىء وإرسال الدعوات عب الفاكس والوال وغيها لن وقف نصرة لدينه من‬
‫أصحاب الحلت التجارية أو الواقع اللكترونية أو القنوات والوسائل العلمية وباصة من كان له‬
‫دور إياب ملحوظ ف هذه الزمة‪.‬‬
‫كما إن علينا إرسال رسائل الستنكار والتنديد والتوبيخ للوسائل العلمية وغيها والت ل تقف‬
‫موقف الحايد فحسب بل ربا تبنت موقف الضد عياذا بال حت تسمع وتعلم أننا ل نقبل الساومة‬
‫على ديننا ومن ث التلويح بجرانا ومقاطعتها إن ل تكف أذيتها عنا‪.‬‬
‫الامس عشر ‪ :‬أن المر بالعروف والنهي عن النكر هو حصن المة وسياجها ولذا فلو تكاتف‬
‫الناس فيما بينهم ف مستقبل أيامهم ضد من يريد خرق سفينة المة كما يتكاتفون اليوم لرتعدت‬
‫فرائص أهل الزيغ كما ارتعدت فرائص الكومة النرويية ‪.‬‬
‫هذا ماجال ف خاطري وأنا أشاهد الركة الباركة الت أتن أن تكون صحوة بل انقطاع وأن يتبعها‬
‫مزيد من حركات الي الباركة التعقلة نصرة لدين ال وذودا عن حياضه ‪.‬‬
‫سائل ال العلي القدير أن يكلل الهود بالنجاح وأن ينصر الدين وأهله وأن يذل الكافرين والنافقي‬
‫وأعداء الدين أجعي ‪.‬‬
‫وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي ‪.‬‬
‫كتبه الشيخ الداعية ‪/‬‬
‫سليمان بن أحد بن عبد العزيز الدويش‬
‫هاتف جوال ‪0505124106 :‬‬
‫‪mamal_m_s@hotmail.com‬‬
‫القال من الشيخ سليمان خاص بملة مليار مع ممد صلى ال عليه وسلم ‪...‬‬
‫=========================‬

‫‪78‬‬
‫حقا‪ ..‬إنّ شانئك هو البتر!‬

‫الكاتب‪ :‬بدرية العبدالرحن‬


‫أعلم كم أرهقْتُكم بالكتابة حول الزمة السلمية الدنركية‪ ..‬وأعلم بالقابل أنا حديث الساعة‬
‫الذي ليكاد يلو مطبوعة ول منتدى إنترنت منه‪..‬لدرجة قد (ملّ) الغلب من الديث عنها‬
‫وحولا‪ ..‬أنا شخصيا ل أريد الديث عن شيء آخر غي البيب صلى ال عليه وعلى آله وسلم‪...‬‬
‫ليس فقط لنه موضوع جاهز للكسال أمثال‪..‬ولكن أيضا لنه حدث (متواصل) قد فتح شهيت‬
‫للثرثرة والتعليق والتفكي‪ ،‬كما ل ل تكن مفتوحة من قبل‪ ..‬البارحة فقط كنت أقرأ خبا مفرحا‬
‫ومبهجا نشره موقع (إسلم أون لين) حول موجة استنكار لهانة البيب عليه أفضل الصلة‬
‫والسلم ‪..‬ل تبدأ هذه الرة من دولنا السلمية‪ ،‬وإنا من مثلي الكنائس السيحية على اختلفها ف‬
‫العال أجع‪...‬ليقولوا‪ :‬إن ماحصل ضد السلم ل يكن إل وصمة عار ف جبي الشانئي والتعصبي‪..‬‬
‫فقد أصدر الجلس الوروب لزعماء الديان بيانا (رسيا) عبّر فيه عن استيائه ما حصل جاء فيه‪:‬‬
‫"ونشجب إساءة استخدام حرية التعبي لسبّ كل ما هو مقدس لدى الؤمني‪ ..‬إن سلسلة الرسومات‬
‫الجومية على النب ممد هي إهانة بالغة لوال (‪ )1.3‬مليار مسلم‪ ..‬نن نسلم بق حرية التعبي‬
‫كركيزة أساسية للديوقراطية‪ ،‬وحقوق النسان دون مثل هذه الساءات"‪ .‬وأبلغ منه ما نقله الوقع‬
‫عن نائب بطريرك الكاثوليك ف مصر (يوحنا قلته) قوله‪" :‬إن مسيحيي الشرق يعرفون جيدًا حجم‬
‫ومكانة الرسول الكري"‪ .‬وأكد على أن الرسومات السيئة للرسول هي إهانة وُجّهت للمسيحيي ف‬
‫العال وليس للمسلمي فقط‪ ،‬مشيًا إل وجود تيار إلادي ف الغرب "يدعو إل قيام حضارته بسقوط‬
‫القدسات وإهانة الديان"‪ .‬إضافة إل عاصفة من الحتجاجات والبيانات وقّع عليها رجال الدين‬
‫السيحي ف نابلس وتركيا‪ ..‬تثي ليس فقط إعجابنا وحاسنا للروح النيهة والشريفة الت دفعتهم لثل‬
‫هذا الوقف النبيل‪ ...‬ولكن تثي مزيدا من التساؤلت حول توقّف كثي من (ربعنا) السلمي عند مثل‬
‫هذه الادثة وحديثهم عنها بأنا واقعة يب ألّ تُعطى أكب من حجمها‪ ،‬وأ ّل يتعامل معها السلمون‬
‫بذه الساسية!! السألة حي ترى (مسلما) يتعامل مع حادثة استفزاز للحميّة الدينية بذا القدر من‬
‫اللمبالة فإنك تدرك وجود خلل مؤسف ف تصوّر بعض السلمي لقيم الرية وقيم العال الديد‪..‬‬
‫لست باجة لتكرار ما تدّثت عنه ف مقالت سابقة من أن اللدينيّة هي ما يكن أن يفسد علينا‬
‫صفو عالنا القادم‪ ..‬وأن البهتان الذي تقوم به حي تتعدى على القدّسات أمر سيجر ويلت لطاقة‬
‫لنا با‪ ..‬اللدينية حي تتوشح رداء عربيا كما ف بعض سخافات القوم هنا وهناك‪ ،‬وحي تريد أن‬
‫تستحيل إل حركة سياسية تستبعد الدين من أجندتا‪ ،‬وتريد أن تتحرر من الدين ومن تلّفه وويلته‬
‫الت جرها على الشعوب (زعمت)‪ ..‬حي تفعل اللدينية ذلك فإنا تصبح أمرا يستدر السخرية‬
‫بشكل ليُطاق‪ ..‬ليس فقط لن الشعوب العربية والسلمية شعوب متدينة بالفطرة‪ ،‬وليكن تيّلها‬
‫بعزل عن دين ال تعال الذي ارتضاه لا‪...‬ولكن أيضا لن وجود اللدينيي ف الغلب مرتبط‬

‫‪79‬‬
‫ببنامج كوميدي متكوّن من التهكّم والجوم على القدّسات والتشكيك اللواعي ف جذور القدّس‬
‫ف العقل السلم‪ ...‬أي إنه موقف حاقد‪...‬أو مهووس يريد الظهور والتمرّد بطريقة مفلسة‪..‬والفلس‬
‫بذا الشكل موقف يستدر الشفقة‪...‬ليس موقفا فكريا معتد ًل يستحق الحترام‪ ..‬إن هذه الوقفة الت‬
‫يقفها السيحيون معنا هي الت لبد أن يفقه اللدينيون منها أن اللفية الدينية ف عقل كل الشعوب‬
‫(والسلمية منها خاصة) أمر ليكن تاهله‪..‬وأن فطرة ال الت فطر الناس عليها ليست جينا وراثيا‬
‫يكن تعديله ف متب علمي ملحد‪ !!..‬أمر آخر يكننا قراءته وهو كيف أمكن للخر السيحي الذي‬
‫طالا ارتبط تعصّبه (الدين الصريح) ف عقل السلم بليي الضحايا بامتداد تارينا السلمي كان‬
‫آخرها ف حرب البلقان الطويلة ‪..‬كيف أمكنه أن يكون نزيها ومتساما ف النهاية ليعلن موقفا فكريا‬
‫استثنائيا جدا وواضحا؟! ل يكن المر صعبا هذه الرة أن يعلنوا مبدأهم حول الحترام وحول‬
‫التعايش‪...‬للدرجة الت تضمن إحدى البيانات التعبي عن النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بأنه (نب‬
‫السلم)‪ ..‬جاء ف البيان الذي أصدره مثلو ست كنائس رئيسة ف تركيا‪" :‬كأبناء النب إبراهيم‪،‬‬
‫نشجب عدم احترام ممد نب السلم الذي نبه ونتعاون معه‪ ،‬ونن نصلي مع إخواننا السلمي‬
‫ليحكم الب اللي الرض"‪ .‬هل ستكون حلة البيانات النيهة هذه الرة بداية لعهد جديد يبدؤه‬
‫السلمون مع السيحيي‪ ،‬وموقفا جديدا تاما هو نفسه موقف‪( :‬قل ياأهل الكتاب تعالوا إل كلمة‬
‫سواء بيننا وبينكم ألّ نعبد إلّ ال ولنشرك به شيئا وليتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال‪[)...‬آل‬
‫عمران‪]64:‬؟ هل سيبدأ السلم والوار الدين‪..‬يبدؤه‬
‫السلمون من داخلهم ف طوائفهم التعددة ‪...‬يبدؤونه مع الخرين لتكون كلمة ال هي العليا‪..‬؟ هل‬
‫ستبدأ حلة للسلم والتحاور الدين أخيا من أزمة أثارها الشانئ البتر (اللدين) ليؤدي إل آخر‬
‫ماكان يتمناه؟ وهو حوار دين متسامح؟ بأب أنت وأمي يارسول ال‪...‬أرادوا أن ينتقصوك ويزدروا‬
‫دينك وإيانك‪ ،‬فلم يزد ذلك أمتك إل رشدا‪ !..‬السلم اليوم‬
‫=============================‬
‫حلة للفاتيكان شعارها مليون ضد ممد‬

‫عبدالي شاهي‬
‫بدت حلت التّشويه الت تقودها منظمات الفاتيكان ضد السلم والسلمي خلل العقود الخية‬
‫أكثر قوة وشراسة‪ ،‬متّخذة ف ذلك أساليب وطرقًا شتّى‪ ،‬فمن الجوم على السلم كدين وتعاليم‬
‫ربانية إل الجوم على معتنقي هذا الدين و َوصْفهم بالتخلّف والببريّة‪ ..‬واصلت جعيات التنصي‬
‫السيحية حلتا الشرسة لتنال من رسول ال ممد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬ول يظننّ أحدٌ أن‬
‫الجوم على الرسول والسلم حديث؛ بل إنه كان متدا منذ عقود طويلة تنوعت خللا طرق‬
‫الساءة وتباينت‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫الن بعد مرور قرون عديدة على بزوغ فجر السلم‪ ،‬تُنظّم حلة كبى من المعيات التّنصيية‪،‬‬
‫حُشد لا مليون منصّر بدعم من الفاتيكان للحدّ من انتشار السلم ف العال‪ ،‬والعودة بالبشريّة إل‬
‫السيحيّة‪ ،‬ونشرت صحيفة (فليت إم زونتاج) اللانية ف ‪ 30‬يونيو الاضي تقريرا عن منظمة رابطة‬
‫الرهبان لتنصي الشعوب سلطت فيه الضوء على جهود النظمة ف نشر الدين السيحي ومعتقداته‬
‫حول العال‪.‬‬
‫وكشفت الصحيفة ف ثنايا تقريرها وهي تشيد بالنظمة التنصيية أن النظمة وهي (الؤسسة الوحيدة‬
‫ف العال الت تتصدى بفاعلية للصراع بي السيحية والسلم ) بسب وصف الصّحيفة‪ ،‬تعمل بيش‬
‫يضم أكثر من مليون منصّر للحدّ من انتشار السلم ف العال وعلى تشويه صورة النب ممد ‪-‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،-‬كما تسعى الرابطة أيضا لعادة البشر ف كل أناء العال للمسيحيّة‪.‬‬
‫ونقلت الصحيفة أيضا ف تقريرها أن الصراع الذي تقوده رابطة الرهبان ل يلو من العنصر‬
‫العسكري‪ ،‬واستدلت ف ذلك بأن الكاردينال (كريشنسيو زييه) رئيس الرابطة دائما ما يصف‬
‫الَُنصّرين العاملي معه بـ( ُقوّات)‪ ،‬وهذا كما يؤكد التقرير ليس من قبيل الصدفة؛ فقادة الرابطة‬
‫يعتبون أنفسهم ف حرب معلنة‪ ،‬إذ ل بد أن يكون هناك قادة وقوات كثية العدد‪ ،‬وهذا العدد‬
‫عنصر مهمّ ف هذه الرب حول "العقيدة"‪ .‬ورابطة الرهبان وحدها كما يوضح التقرير موجودة ف‬
‫‪ %40‬من أراضي العال السيحي‪ ،‬ومعترف با من ‪ 1081‬أسقفية‪ ،‬ولرابطة ‪0‬الرابطة أكثر من‬
‫مليون مدرس تعليم مسيحيّ ترجوا ف القسم الحارب للرابطة‪ ،‬وهم يوبون كل مكان ف العال من‬
‫قرية لقرية؛ لقناع الترددين ف اليان بالعقيدة السيحية ولناح هذه الهداف يتم تأمي مبالغ مالية‬
‫ضخمة تصل إل ‪ 500‬مليون دولر سنويّا‪.‬‬
‫وبسب الصحيفة اللانية فإنّ الرابطة السيحية وخلفها الكنيسة الكاثوليكية ل تنجحا ف ماولتما‬
‫الدّؤوبة ف خلق معاملة بالثل فيما يتص بتأمي مارسة الشعائر للمسيحيي ف السعودية‪ ،‬إذ إنه‬
‫بالرغم من أنه سُمح للمملكة العربية السعودية ببناء مسجد ضخم ف روما؛ فقد حُظر على الساجي‬
‫السيحيي ف السعودية قراءة النيل والحتفال بالصلة مع أحد القساوسة الكاثوليك‪.‬‬
‫وتقول الصحيفة‪ :‬إن الصراع السيحي السلمي ازداد شراسة حول العال بعد أحداث‪ 11‬سبتمب‪،‬‬
‫ورأت أنه أصبح هناك صراع على كل شخص مؤمن‪ ،‬وبات هناك مبدأ ف الفاتيكان أل يسافر رجال‬
‫الكنيسة إل أي دولة ل يتم فيها إظهار الصليب علنية حت الكاردينال (زيبه) رئيس رابطة الرهبان‬
‫الذي قام بتخبئة صليبه قبل وصوله لطار قطر ف الليج‪ .‬وأشارت الصحيفة إل أنه بدعم من الكنيسة‬
‫الكاثولوكية؛ فإنه يتم ف هذه الدرسة التدريس لـ ‪ 400‬طالب أقل من ثلثهم مسيحيون‪.‬‬
‫وتزعم رابطة الرهبان أنه ف الدارس السيحية الت يدرس با مسلمون تكون هناك أفكارا أقل سوءا‬
‫عن السيحيي ويكون هناك تسامح‪ ،‬وتسعى الكنيسة الكاثولوكية ف كل مكان بقارة آسيا بذه‬
‫الطة لكي تنع بقدر المكان نشر السلم على حساب السيحية !! وأن تقلل من انتشاره ف كل‬
‫منل وف كل شارع‪ ،‬لذلك تول الكنيسة الكاثولوكية ف الند الت يقل فيها عدد الكاثوليك عن‬

‫‪81‬‬
‫‪ ،%2‬حيث يتم توجيه أكثر من ‪ %28‬من النفقات الجتماعية للمحتاجي وللمستشفيات‬
‫والدارس‪.‬‬
‫الفاتيكان والنظمات الت تعمل تت لوائه تتخذ من الد من انتشار السلم والساءة للرسول‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هدفًا لا؛ تكرس من أجله كل إمكانياتا الادية والعنوية‪ .‬وف ظل الريات‬
‫الت تبشر با الوليات التحدة العال بدأت تتكشف بوضوح العايي الزدوجة الت يُعمل با؛ ففي‬
‫الوقت الذي يضيق فيه الناق على الؤسسات السلمية اليية ‪-‬مع مدودية إمكانياتا‪ -‬يسمح فيه‬
‫لمعيات التنصي ذات القدرات الكبية بالعمل برية ف كافة أناء العال‪.‬‬
‫اللجنة العالية لنصرة خات النبياء ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف السعودية أصدرت بيانا عقب إطلق‬
‫حلة (مليون ضد ممد) الت ترعاها رابطة الرهبان نددت فيه بذه الملة وأطلقت حلة مضادة‬
‫شعارها(الليار مع الرسول ممد)‪ ،‬أهابت فيه بميع السلمي ببذل قصارى جهدهم لتوضيح القائق‬
‫وتعريف العال بشخصية النب ممد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬الفذة‪ ،‬ودعتهم إل الستمرار ف الدعوة‬
‫إل ال وتبليغ رسالة السلم لميع البشر‪ ،‬وتساءلت اللجنة ف بيانا (يا أيها الليار هل أنتم مع نبيكم‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم؟)‪.‬‬
‫حوار الضارات أين هي حدود الق والباطل؟‬
‫الكاتب‪ :‬الصادق الهدي‬
‫ثقافات العال تتجاوز عشرة آلف‪ .‬الثقافة الكاتبة الاسبة المتدة عب حواضر تصي حضارة‪.‬‬
‫حضارات العال تزيد على العشرين بقي منها حيا دون العشر‪.‬‬
‫نعم للحضارة هوية دينية‪ ،‬ولغوية‪ ،‬وفنية غالبة ولكنها هوية فضفاضة ل تضم كيانا سياسيا واحدا‬
‫ومصلحة اقتصادية واحدة‪ ،‬ول أيديولوجية واحدة‪ .‬لذلك ل يرد ف أمرها حوار أو خصام‪ .‬إن الذي‬
‫أفرز الديث عن الضارات كأنا قابلة لذلك عوامل موضوعية أذكر منها‪:‬‬
‫مفكرون غربيون يهود ـ أمثال برنارد لويس ـ يسعون لياد قاسم مشترك بينهم وبي ملة الغرب‬
‫الغالبة (السيحية) ويدون البر لصطفاف غرب ضد العرب والسلمي‪.‬‬
‫مفكرون غربيون اعتبوا أن ناية الرب الباردة ترد الوليات التحدة ما حظيت به من ولء غرب‬
‫أثناء الرب الباردة‪ ..‬حديثهم عن حضارة غربية ذات دولة مركزية هي الوليات التحدة‪ ،‬وعن‬
‫حضارات أخرى مناوئة كالسلمية والصينية يد الوليات بسبب لشرعية قيادتا للغرب وبعدو‬
‫مشترك‪.‬‬
‫الوفاق والشقاق وبالتال الوار والصام يدور حول سبعة ماور هي‪:‬‬
‫الول‪ :‬الدين‪ :‬فالديان غالبا تقوم على نفي الخر وكلها شهدت انتعاشا منذ ثانينات القرن العشرين‬
‫ما يزكي الصدام ويوجب الوار‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫الثان‪ :‬اليديولوجية‪ :‬اليديولوجيات أديان وضعية وحولا يدور الصراع أو التعايش‪ ،‬ومع أنا منذ‬
‫أواخر القرن الاضي انسرت‪ ،‬فالتباين مستمر بي الرأسالية والشتراكية‪ ،‬وبي الديوقراطية‬
‫والشمولية‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الجتمعات التقليدية تقوم على ولء وراثي لطائفة أو عشية‪ ،‬هذه الكيانات التقليدية ترفض‬
‫الداثة الت تقوم على الشاركة والؤسسية‪ .‬ههنا جدلية قابلة للمفارقة والوافقة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬العولة وهي إدماج رأس الال والتقنية والعلومات با يتعدى الدود الوطنية ويلق سوقا كونية‬
‫واحدة‪ .‬هذا هو وجه العولة الوضوعي‪ ،‬ولكن ف ظروف العال اليوم والسيطرة المريكية على‬
‫القتصاد وعلى السلح وعلى العلم فإن العولة تلبس وجها أمريكيا‪ .‬العولة بوجهها الوضوعي‬
‫والمريكي تواجهها ف كل مكان الصوصيات الثقافية فينشأ بينهما التوتر‪.‬‬
‫الامس‪ :‬شال الكرة الرضية غن ومع أن سكانه ‪ % 20‬من سكان الرض فإنه ينال ‪ % 80‬من‬
‫الدخل الادي فيها‪ ،‬هذا يلق مال واسعا للصدام أو الوار من أجل العدالة‪.‬‬
‫السادس‪ :‬منذ ناية الرب الباردة برزت القطبية الواحدة الت تقودها الوليات التحدة تنازعها عوامل‬
‫التعددية الدولية النطلقة لتوازن جديد ف السياسة الدولية‪.‬‬
‫السابع‪ :‬هنالك بؤر التهاب منشورة ف العال هي‪ :‬فلسطي‪ ،‬كشمي‪ ،‬تايوان‪ ،‬الشيشان‪ ،‬جنوب‬
‫السودان وغيها‪ ،‬تلق استقطابا أو وفاقا‪.‬‬
‫الصراع أو الوار يدور حول هذه الحاور السبعة‪ .‬العال كله متجه صعودا نو‪:‬‬
‫* تطور ف الوعي الدين يشبع الاجة الروحية وينفي الهل والرافة‪.‬‬
‫* تدد عقلن‪.‬‬
‫* تول إل الرية‪.‬‬
‫*احتكام للعدالة‪.‬‬
‫* تطلع للتنمية الادية وتسخي الطبيعة للحاجات النسانية‪ ،‬وترير الماليات كلغة عالية للبشر من‬
‫علئق الهالة والرافة‪.‬‬
‫لكي يكون الوار بي أطرافه مثمرا فإن عليه أن يكون كذلك متناغما مع حركة التاريخ‪ .‬نن ف‬
‫الغالب نقبع خارج التاريخ‪ ،‬يكرس بقاءنا هناك‪:‬‬
‫الفقه الصوري الذي أدى إل قفل باب الجتهاد بجة أن السلف قد استنبطوا من النصوص كل‬
‫الحكام فما علينا ال اتباعهم‪ ،‬وبجة أن آية السيف قد حددت علقتنا بالخر الحلي والدول على‬
‫أساس اتباع ملتنا أو أداء جزيتنا أو السيف‪.‬‬
‫الستبداد الذي قفل باب الجتهاد السياسي وتكم قبل الستعمار وتكم بعد رحيله‪ ،‬وعلى حد‬
‫تعبي أمل دنقل‪:‬‬
‫ل تلموا بعال سعيد‬
‫فخلف كل قيصر يوت قيصر جديد‬

‫‪83‬‬
‫التنمية العاجزة عن توفي الضروريات أو تلك الت تغذي الظلم الجتماعي داخليا والتبعية خارجيا‪.‬‬
‫نن باجة لشروع نضوي يرجنا من التخلف والستبداد والتبعية وما ل نققه فل جدوى من‬
‫الوار مع الخر‪ ،‬لن نضتنا تبدأ بصحوة ذاتية‪.‬‬
‫الدول الغربية كذلك غارقة ف مستنقعات أهها‪:‬‬
‫* السيحية واليهودية ل تعترفان ببعضهما ول تعترفان بالخر الحلي‪.‬‬
‫* تفوقهم الادي أورثهم استعلء الغالب وجعلهم يكمّشون عطاء الخرين‪.‬‬
‫* سياساتم هي الت صنعت بؤر التوتر ول يعترفون بذا الدور وواجب العمل على إزالتها‪.‬‬
‫* هيمنة سياسات الحافظي الدد على السياسة المريكية وهيمنة السياسة المريكية على السياسة‬
‫العالية‪.‬‬
‫* سياسة هؤلء هي أقوى مبر لسياسة الغلة عندنا‪ .‬قال السفي البيطان ليطاليا‪« :‬أكفأ‬
‫«شاويش» تنيد للقاعدة هو بوش نفسه ل غي»‪.‬‬
‫سياسات غربية تهض بشائر الصلح عندنا ـ مثل ـ الوقف المريكي العادي للديقراطية الثالثة‬
‫ف السودان ـ عدم العتراف بالختيار الفلسطين الر لنه أتى بماس ـ التحفز لقصف قناة‬
‫الزيرة مع أنا تثل تديثا إعلميا ـ منع صفقة شركة موانئ دب العالية مع أنا تثل خيارا عربيا‬
‫مستصحبا للعولة‪.‬‬
‫قال توماس فريدمان «نبغى أل نشك بعد اليوم أن ‪ 11/9‬قد صينا أغبياء»!‪.‬‬
‫النكفئون والغلة ف الشمال مزودون باستعلئهم وتفوقهم التكنلوجي وأسلحة الدمار الشامل‪ .‬وهم‬
‫ف النوب مزودون بغضباتم وأسلحة الضرار الشامل‪.‬‬
‫العال اليوم ف كف عفريت بي وعد العقلء من الطرفي أن يصالوا أنفسهم مع تيار التاريخ الصاعد‬
‫ويرون حوارا مثمرا عب اللفات السبعة يبن مستقبل أعدل وأفضل‪ ،‬ووعيد فيه يضع الغلة‬
‫والنكفئون من الطرفي أجندة الستقبل فيجرفون مسية التاريخ نو مصي ظلمي‪:‬‬
‫أمامك فاختر أي نجيك تنهجُ‬
‫طريقان شت مستقيمٌ وأعوجُ‬
‫صحيفة الشرق الوسط اللندنية‬
‫=============================‬
‫حول الرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫نسب النب صلى ال عليه وسلم‬


‫الذور الول للنسب الفاضل ‪:‬‬
‫لقد اختار ال تعال ممدا صلى ال عليه وسلم ليكون النب الات الذي بشر به النبياء السابقون‬
‫عليهم السلم ‪ .‬فقد كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ذا نسب شريف ف قومه ‪ ،‬إذ إنه كان من‬

‫‪84‬‬
‫أعرق قبيلة عربية وهي قريش ومن أشرف بيت ف تلك القبيلة ‪ ،‬وهو بيت بن هاشم ‪ ،‬كما قال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪( :‬إن ال اصطفى كنانة من بن آدم ‪ ،‬واصطفى قريشا من كنانة ‪ ،‬واصطفى بن‬
‫هاشم من قريش ‪ ،‬واصطفان من بن هاشم ‪ ،‬فأنا خيار من خيار ) وكان لذا الصطفاء أهية ‪ ،‬إذ‬
‫كانت النظار تيط ببيت النب صلى ال عليه وسلم والتمثل ف هاشم الد العلى للنب صلى ال‬
‫عليه وسلم لذا حفظت سية ذلك البيت وأحداثه التاريية منذ أن انتقلت الزعامة إل هاشم حيث‬
‫تول سقاية الاج ورفادتم ‪ ،‬فأصبح قبلة وفخر قريش ‪.‬‬
‫بعد وفاة هاشم تتبع الناس بأبصارهم وولئهم انتقال الزعامة إل أخيه الطلب ‪ ،‬الذي كان رجلً‬
‫عظيما مطاعا ذا فضل ف قومه ‪ .‬وكان لخيه هاشم زوجة بالدينة من بن النجار ‪ ،‬ولا من هاشم‬
‫طفل وضعته بعد موته وسته عبد الطلب ‪ ،‬فلما شب الطفل ذهب إليه عمه الطلب فأخذه من يثرب‬
‫إل مكة حيث ترب با ‪ .‬ث إن الطلب مات بردمان بأرض اليمن ‪ ،‬فول الزعامة بعده ابن أخيه عبد‬
‫الطلب ‪ ،‬فأقام لقومه ما كان يقيمه آباؤه من السقاية والرفادة وولية شئون الناس ‪ ،‬فشرف ف قومه‬
‫شرفا ل يبلغه أحد من آبائه ‪ ،‬وكان أعظم ما حدث له أنه رأى ف النام آمرا يأمره بفر بئر زمزم ‪،‬‬
‫وتكررت له هذه الرؤيا ثلث ليال ‪ ،‬فعرف أن المر حق ‪ ،‬ففعل كما أمر ‪ ،‬إذ حفر بئر زمزم الت ل‬
‫يزال ماؤها ينضح حت اليوم ‪.‬‬
‫ث إن عبد الطلب ولد له عشرة من البني ‪ ،‬منهم عبد ال ‪ ،‬وهو أحب أبنائه إليه ‪ ،‬وكان لعبد ال‬
‫هذا واقعة مهمة مع أبيه جذبت أنظار قريش إليه ‪ ،‬ذلك أن عبد الطلب كان نذر أن يذبح أحد أبنائه‬
‫قربانا ل تعال إن رزقه عشرا من البني ‪ ،‬فلما بلغوا عشرا أقرع بينهم ‪ ،‬فوقع السهم على عبد ال ‪،‬‬
‫فأعاد ذلك فخرج عليه مرة أخرى ‪ ،‬فذهب به إل الكعبة ليذبه وفاءً نذره ‪ ،‬فمنعته قريش من ذلك‬
‫لا كان لا من حب لعبد ال ‪ ،‬ث إن عبد الطلب لأ إل عرافة لترى له مرجا من نذره ‪ ،‬فأخبته أن‬
‫يقرع مرة أخرى فإذا خرج السهم على عبد ال جعل مله عشرة من البل ‪،‬ث يعيد ذلك كلما خرج‬
‫السهم على عبد ال ‪،‬ول يرج السهم على البل حت بلغت الائة عندئذ خرج عليها ‪ ،‬فنحرها عبد‬
‫الطلب جيعا فداء لبنه ‪،‬ففرحت قريش بذلك‪.‬‬
‫وقد كانت هذه الواقعة تقديرا من ال تعال ‪ ،‬إذ إن عبد ال هذا هو والد النب ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم وقد أشار صلى ال عليه وسلم لذلك بقوله ‪{ :‬أنا ابن الذبيحي }يشي بذلك إل قصة جده‬
‫إبراهيم الليل عليه السلم حيث أمره ال تعال بذبح ابنه ف رؤيا رآها‪ ،‬وقصة جده عبد الطلب هذه‬
‫مع أبيه عبد ال ‪.‬‬
‫بذه النبذة اليسية يتبي أن مكانة أسرة النب صلى ال عليه وسلم جعلت أحداثها تظى بالهتمام‬
‫والتابعة ‪ ،‬ما جعل أهم تفاصيلها معلومة بدقة تامة ‪ ،‬حت زواج عبد ال من آمنة بنت وهب بن عبد‬
‫مناف ابن زهرة بن كلب ‪ ،‬ووفاة عبد ال بعد هذا الزواج الذي خلف لعبد ال ابنه الوحيد من آمنة‬
‫والذي ولد بعد وفاته بقليل وكان هذا الولود هو ممد بن عبد ال بن عبد الطلب ‪،‬رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫نسب النب صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫لقد اشتهرت العرب بالهتمام بالنساب ومعرفتها متصلة متسلسلة بدقة تامة ‪ ،‬لذا حفظ التاريخ‬
‫كثيا من التراث النسب ف مؤلفات كثية تذكر أنساب القبائل وفروعها ‪ ،‬وما حفظته الصادر ‪،‬‬
‫نسب النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬إذ اتفقت جيع الصادر على سلسلة نسببه صلى ال عليه وسلم بل‬
‫خلف يذكر رواية وكتابة ‪ ،‬فنسبه صلى ال عليه وسلم هو ‪ :‬ممد بن عبد ال بن عبد الطلب بن‬
‫هشام بن عبد مناف بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر – وهو اللقب‬
‫بقريش ‪ ،‬وإليه تنسب القبيلة – ابن مالك بن النضر بن كنانة بن خزية بن مدركة بن إلياس بن مضر‬
‫بن نزار بن معد ابن عدنان ‪.‬‬
‫الطفولة والصبا‬
‫لقد سجلت الراجع التاريية الروية بأسانيد متصلة إل جيع الصادر الثابتة منذ عهد النب صلى ال‬
‫عليه وسلم وأصحابه رضى ال عنهم – تفاصيل نشأة النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وما مر با من‬
‫أحداث خلل فترة الطفولة والصبا ‪ ،‬فذكرت تلك الصادر أنه صلى ال عليه وسلم بعد ولته تولت‬
‫إرضاعه حليمة السعدية ‪ ،‬حيث كانت عادة العرب أن تدفع بأطفالا إل نساء البوادي ليقيمن‬
‫بإرضاع الطفال ف البادية حت ينشأوا على الفصاحة ‪ ،‬والفطرة السليمة ‪ ،‬والقوة البدنية ‪.‬‬
‫وقد روت الصادر الرهاصات الت حدثت لليمة وزوجها منذ أن حل بم الطفل الديد – ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم – إذ تول حالما من العسر إل اليسر ‪ ،‬فقد أصبحت شاتم العجفاء دارة‬
‫للب ‪ ،‬وحت حليمة ذاتا أصبح ثديها مدرارا للب لنا رضيع النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وغي ذلك‬
‫ما روته حليمة فيما ذكرته الصادر ‪.‬‬
‫وقد بقى الصب مع حليمة حت بلغ الامسة من عمره ‪ ،‬وما أعادته إل أنا خافت عليه من واقعة‬
‫حدثت له‪،‬وهي حادثه شق الصدر ‪ .‬ذلك أن ملكي جاءاه صلى ال عليه وسلم وهو بي صبية‬
‫يلعبون فأخذاه وشقا صدره وأخرجا قلبه وغسله ف طست ث أعاداه موضعه فالتام الرح كأن شيئا‬
‫ل يكن ‪ ،‬فلما حكى الصبية وفيهم صلى ال عليه وسلم هذه الادثة لليمة وزوجها خافا عليه خوفا‬
‫شديدا فقررا إعادته إل ذويه بكة ‪ ،‬ولكن ما بلغ الصب السادسة من عمره حت توفيت أمه آمنة ‪،‬‬
‫فتول تربيته جده عبد الطلب فلما بلغ الصب ثان سني وشهرين وعشرة أيام توف جده عبد الطلب‬
‫فانتقلت رعايته إل عمه أب طالب ‪ ،‬فبقى بكنفه حت بلغ أربعي سنة ‪ .‬وكان صلى ال عليه وسلم‬
‫ف أول شبابه عمل ف رعي أغنام قريش على دراهم يعطونا إياه على ما هي عليه سنة النبياء من‬
‫قبله ‪.‬‬
‫الزواج والرجولة‬
‫كان صلى ال عليه وسلم ميزا ف شبابه كما هو ميز ف طفولته وصباه ‪ ،‬فقد برزت فيه أسى‬
‫الصفات اللقية حت إن قريش لقبته بالمي ‪ ،‬وكانت تضع عنده أماناتا ‪ ،‬فلما كانت هذه حاله ف‬
‫قومه فقد جذبت هذه الصال إليه سيدة قريش وصاحبة التجارة والال فيهم خدية بنت خويلد‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫فأوكلت إليه التار ف مالا فكان نعم التاجر المي فجرى على يديه لتجارتا نو كبي ‪ ،‬فلما رأت‬
‫هته وصدقه وأمانته وخصاله السنة عرضت عليه الزواج من نفسها وهي بنت الربعي وهو ابن‬
‫الامسة والعشرين فأجابا وت الزواج ‪ ،‬وبقى معها زوجا وفيا حت بلغ الربعي من العمر ‪.‬‬
‫وكان أعظم ما مر به مع قريش قبل النبوة ‪ ،‬أن قريشا أرادت أن تعيد بناء الكعبة بعد أن تدم جزء‬
‫منها ففعلت حت إذا بلغت موضع الجر السود ‪ ،‬وهو حجر معظم فيها اختلفت قريش فيمن يكون‬
‫له شرف وضع ذلك الجر ف موضعه واشتد خلفهم حت أوشكوا أن يفتتنوا ‪ ،‬إل أنم رضوا برأي‬
‫من أشار عليهم بتحكيم أول ما ّر بم ‪ ،‬فكان أول من م ّر بم هو ممد بن عبد ال بن عبد الطلب ‪،‬‬
‫فلما رأوه هللوا جيعا فرحا ‪ :‬رضينا بالمي حكما ‪ .‬فعرضوا عيه المر ‪ ،‬فطلب منهم ثوبا وضع‬
‫عليه الجر السود وطلب من كل فريق أن يرشح واحدا منهم ‪،‬فرشحت كل قبيلة واحدا منها ‪،‬‬
‫وطلب منهم أن يأتوا فيفعوه جيعا ‪ ،‬حت إذا بلغوا به موضعه من الكعبة أخذه هو –صلى ال عليه‬
‫وسلم – فوضعه ف مكانه ‪ ،‬فازداد بذا الدث ذكره عند قريش وغيهم ‪.‬‬
‫الوحي والنبوة‬
‫ما يدر ذكره قبل التعرض للوحي والنبوة ‪،‬واقعة مهمة حدثت ف حياة ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫ذلك أنه لا بلغ العاشرة – أو يزيد قليلً – خرج به عمه أبو طالب ف رحلته التجارية إل الشام ‪،‬‬
‫حت بلغوا بصرى ‪ ،‬وهي بلدة ف الطريق إل الشام ‪ ،‬التقوا فيها براهب يدعى بيا ‪ ،‬واسه‬
‫جرجيس ‪ ،‬نزل عنده الركب ‪ ،‬فأكرمهم وأحسن ضيافتهم ‪ ،‬ث إنه رأى معهم الصب ممد بن عبد‬
‫ال ‪،‬فعرفه بوصفه الذكور ف كتبهم ‪ ،‬فقال وهو آخذّ بيد الصب ‪ :‬هذا سيد العالي ‪ ،‬هذا يبعثه ال‬
‫رحة للعالي ‪ ،‬ث سأل عن أبيه‪ ،‬فقال أبو طالب أنا أبوه ‪ ،‬فقال بيا ‪ :‬ل ينبغي أن يكون أبوه حيا ‪.‬‬
‫فأخبه أبو طالب بقصته فقال له بيا ‪ :‬هذا هو النب الذي بشر به عيسى ‪ ،‬وأنا ند صفته ف كتبنا ‪،‬‬
‫ث قال‪ :‬احذره من يهود‪ .‬وقد شب صلى ال عليه وسلم بكة حت بلغ الربعي متميزا بصاله الت‬
‫برت من حوله ‪ ،‬فقد كان قوي الفطنة ‪ ،‬طيب العشر ‪ ،‬جيل السية‪ ،‬سليم السريرة ‪ ،‬كامل اللق‬
‫واللق ‪ ،‬تام الروءة ‪ ،‬عال المة طويل الصمت ف التأمل والتفكي ‪ ،‬مبا للخلوة معتزلً للهو والعبث‬
‫‪ ،‬هاجرا للوثان ‪ ،‬مطمئن القلب ‪ ،‬سامي النفس ‪ ،‬حت إذا كان قريب عهد من النبوة حببّ إليه‬
‫اللء ‪ .‬فكان يلو بنفسه الليال ذوات العدد يلد فيهن إل غار حراء يتحنث فيه ‪ ،‬متأملً متدبرا ‪.‬‬
‫ث توالت آثار النبوة تلوح عليه ‪ ،‬وكان أعظم ذلك الرؤيا الصادقة ‪ ،‬فكان ل يرى شيئا ف منامه إل‬
‫كان مثل فلق الصباح ف تققه حت مضى على ذلك ستة أشهر ‪ ،‬ث نزل عليه الوحي بالقرآن الكري‬
‫وهو متحنث ف غار حراء‪،‬وذلك شهر رمضان ف السابع والعشرين منه – على الرجح – وقد ذكر‬
‫النب صلى ال عليه وسلم فيما روته عنه عائشة زوجه رضى ال عنها قالت ‪ { :‬أول ما بدئ به‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم من الوحي ‪ ،‬الرؤيا الصادقة ف النوم‪ ،‬فكان ل يرى شيئا إل جاء مثل‬
‫فلق الصبح ‪ .‬ث حبّب إليه اللء ‪ ،‬فكان يلو بغار حراء يتحنث فيه – أي يتعبد فيه‪ -‬الليال ذوات‬
‫العدد قبل أن ينع إل أهله ويتزود لذلك ‪ ،‬ث يرجع إل خدية –زوجه – فيتزود لثلها ‪ ،‬حت جاءه‬

‫‪87‬‬
‫الق وهو ف غار حراء ‪ ،‬فجاءه اللك فقال ‪ :‬اقرأ ‪ .‬قال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬فقلت ‪ :‬ما أنا بقارئ‬
‫فأخذن فغطن حت بلغ من الهد ث أرسلن فقال ‪:‬اقرأ فقلت ‪ :‬ما أنا بقارئ ‪.‬فأخذن فغطن الثانية‬
‫حت بلغ من الهد ‪،‬ث أرسلن فقال ‪(( :‬اقرأ باسم ربك الذي خلق ‪ .‬خلق النسان من علق ‪.‬اقرأ‬
‫وربك الكرم ‪ .‬الذي علم بالقلم ‪ .‬علم النسان ما ل يعلم )) فرجع با رسول ال يرجف فؤاده ‪،‬‬
‫فدخل على خدية بنت خويلد ‪ ،‬فقال زمّلون زملونّي ‪ ،‬فزمّلوه حت ذهب عنه الرّوع ‪ ،‬فقال لدية‬
‫وأخبها الب ‪ :‬لقد خشيت على نفسي ‪ ،‬فقالت خدية ‪ :‬كل وال ‪ ،‬ما يزيك ال أبدا ‪ ،‬إنك‬
‫لتصل الرحم وتمل الكّل وتكسب العدوم ‪ ،‬وتقرى الضيف وتعي على نوائب الدهر ‪.‬‬
‫فانطلقت به خدية إل ورقة بن نوفل بن عبد العزّى‪، -‬ابن عم خدية – وكان امرءً تنصر ف‬
‫الاهلية ‪ ،‬وكان يكتب الكتاب العبان ‪ ،‬فيكتب من النيل بالعبانية ما شاء ال أن يكتب ‪ ،‬وكان‬
‫شيخا كبيا قد عمى –فقالت له خدية ‪ :‬يا ابن عم ‪ ،‬اسع من ابن أخيك ‪ ،‬فقال له ورقة ‪ :‬يا ابن‬
‫أخي ماذا ترى ؟ فأخبه رسول ال صلى ال عليه وسلم خب ما رأى ‪ .‬فقال له ورقة ‪ :‬هذا الناموس‬
‫الذي أنزل على موسى – عليه السلم – يا ليتن جذعا ‪ ،‬ليتن أكون حيا إذ يرجك قومك ‪ .‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أو مرجي هم ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬ل يأت رجل قط بثل ما جئت به إل‬
‫عودي وإن يدركن يومك أنصرك نصرا مؤزرا ‪ .‬ث ل ينشب ورقة أن توف ‪،‬وفتر الوحي }‬
‫بعد هذه الواقعة استمر نزول الوحي بالقرآن الكري على رسول ال صلى ال عليه وسلم بكة ثلثة‬
‫عشر سنة ‪ ،‬ث بالدينة النبوية بعد الجرة عشر سني ‪ ،‬حت اكتمل نزول القرآن‪ ،‬فكان هو الكتاب‬
‫التضمن لعجزة النب صلى ال عليه وسلم ف لغته ومضمونه ومعانيه ‪ ،‬با حواه من أخبار وآيات ف‬
‫الفاق والنفس ‪ ،‬وحقائق علمية معجزة بانب كونه الكتاب التضمن لشرائع السلم وأحكام به‪.‬‬
‫وقد قضى النب صلى ال عليه وسلم سني بعثته الول وهي ثلث عشر سنة بكة الت أضطهده فيها‬
‫أهلها وأخرجوه منها مهاجرا إل الدينة النورة الت أنشأ فيها دولة السلم وتكاملت با تشريعات‬
‫السلم وتوسعت دائرته إل خارج الزيرة العربية حت توفاه ال تعال ف السنة العاشرة للهجرة‪.‬‬
‫==================================‬
‫خصوصيات الر سول صلى ال عليه وسلم‬

‫ف الوقت الذي يظ ّن فيه البعض أن أسباب النصر مقتصرة على من ملك القوّة والعتاد‪ ،‬ف السلحة‬
‫والرجال ‪ ،‬وغيها من السباب السّية ‪ ،‬تأت السنّة لتكشف عن جانب آخر من أسباب النصر ‪ ،‬أل‬
‫وهو النصر بالمور العنوية كالرعب واليبة ‪ ،‬وهي إحدى الصوصيّات الت منحها ال لنبيّه – صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ، -‬وأسهمت بشكلٍ فعّال ف نشر الدعوة ‪ ،‬والدفاع عن اللّة ‪ ،‬وقذف الرعب ف‬
‫قلوب العداء ‪.‬‬
‫فقد روى المام البخاري عن جابر بن عبد ال رضي ال عنه أن النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قال‬
‫‪ ( :‬أعطيت خسا ل يعطه ّن أحد قبلي ‪ :‬نصرت بالرعب مسية شهر‪. ) ...‬‬

‫‪88‬‬
‫ويظهر أثر هذه اليبة بلء على الصعيدين الفردي والماعي ‪ ،‬فأما الفردي فقد كان فيها عصم ٌة‬
‫للنب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬من الناس ‪ ،‬ووقايةٌ له من مكائدهم ‪ ،‬تقيقا لقوله تعال ‪ { :‬وال‬
‫يعصمك من الناس } ( الائدة ‪. ) 67 :‬‬
‫ولو استعرضنا سيته عليه الصلة والسلم لوجدنا عددا من الوادث الت تؤكّد هذه القضيّة على‬
‫الستوى الشخصي ‪ ،‬فعلى الرغم من صولة قريشٍ وجبوتا ‪ ،‬وقسوتا وطغيانا ‪ ،‬إل أن ذلك ل يكن‬
‫ليقف أمام شخصيّة النب – صلى ال عليه وسلم – الهيبة‪ ،‬والت كان وقعها على أهل الكفر والعناد‬
‫أشدّ من وقع السنّة والرماح ‪ ،‬فقد اجتمعت قريش تسخر من رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫وتستهزيء به ‪ ،‬فقال لم ‪ ( :‬تسمعون يا معشر قريش ‪ :‬أما والذي نفس ممد بيده ‪ ،‬لقد جئتكم‬
‫بالذبح ) فبلغ بم الرعب مبلغا عظيما ‪ ،‬ووقعت هذه الكلمة ف قلوبم وكأ ّن على رؤوسهم الطي ‪،‬‬
‫حت أن أشدّهم جرأة عليه ياول أن يسترضيه بأحسن ما يده من القول ‪ ،‬فيقول له " انصرف يا أبا‬
‫القاسم راشدا ؛ فوال ما كنت جهو ًل " رواه أحد ‪.‬‬
‫ولّا سع عتبة بن ربيعة النبّ ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬يقرأ قوله تعال ‪ { :‬فإن أعرضوا فقل أنذرتكم‬
‫صاعقة مثل صاعقة عاد وثود} ( فصلت ‪ ) 13 :‬أصابه الرعب وقال ‪ :‬حسبك حسبك ‪.‬‬
‫وف غزوة ذات الرقاع ‪ ،‬نزل جيش النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – ف وا ٍد كثي الشجر ‪ ،‬وتفرّق‬
‫الناس يبحثون عن الظلّ ‪ ،‬وانفرد عليه الصلة والسلم بشجرة ليتاح تتها ‪ ،‬فعلّق با سيفه وافترش‬
‫الرض ‪ ،‬وبينما هو نائم جاءه أعرابّ يريد قتله ‪ ،‬فأخذ السيف العلّق وقال للنب ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ : -‬من ينعك من ؟ فأجابه بقوله ‪ ( :‬ال ) ‪ ،‬فارتعد الرجل وسقط السيف من يده ‪،‬‬
‫وسرعان ما توّل الستكبار والتهديد إل توسّل ورجاء حي أخذ النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم –‬
‫السيف وقال له ‪ ( :‬من ينعك من ؟ ) ‪ ،‬والقصّة ف صحيح البخاري ‪.‬‬
‫وحي دار الوار الشهور بي هرقل وبي أب سفيان ‪ ،‬عن النب – صلى ال عليه وسلم – ودعوته ‪،‬‬
‫قال هرقل ‪ " :‬ليبلغنّ ملكه ما تت قدميّ " ‪ ،‬فلما سع ذلك أبو سفيان قال لصحابه بعد خروجهم‬
‫‪ " :‬إنه ليخافه ملك بن الصفر " ‪.‬‬
‫وأما على الصعيد الماعي ‪ ،‬فقد انتصر النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – ف غزوة بدر بعد أن قذف‬
‫ال الرعب ف قلوب أعدائه ‪ ،‬كما قال ال تعال ‪ { :‬إذ يوحي ربك إل اللئكة أن معكم فثبتوا‬
‫الذين آمنوا سألقي ف قلوب الذين كفروا الرعب } ( النفال ‪. ) 12 :‬‬
‫ولا انتهت غزوة أحد ‪ ،‬وتوجّه الشركون إل مكّة ‪ ،‬ندموا حي ل يقضوا على السلمي قضاءً تامّا ‪،‬‬
‫وتلوموا فيما بينهم ‪ ،‬فلما عزموا على العودة ألقى ال ف قلوبم الرعب ‪ ،‬ونزل ف ذلك قوله تعال ‪:‬‬
‫{ سنلقي ف قلوب الذين كفروا الرعب } ( آل عمران ‪ ) 151 :‬أخرجه ابن أب حات ‪.‬‬
‫وتدّث القرآن الكري ف سورة كاملة ‪ ،‬عن الزية الكبى الت لقت بيهود بن النضي‪ ،‬عندما‬
‫أجلهم النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬عن أراضيهم ‪ ،‬فكانت الدائرة عليهم وتريب بيوتم بسبب‬

‫‪89‬‬
‫ما أصابم من الرعب ‪ ،‬كما قال ال عنهم ‪ { :‬فأتاهم ال من حيث ل يتسبوا وقذف ف قلوبم‬
‫الرعب يربون بيوتم بأيديهم وأيدي الؤمني } ( الشر ‪. ) 2 :‬‬
‫ولا ضرب الؤمنون الصار على بن قريظة ‪ ،‬سارع أهلها بالستسلم ‪ ،‬وفتحوا أبواب حصونم ‪،‬‬
‫ونزلوا على حكم رسول ال – صلى ال عليه وسلم – فيهم ‪ ،‬بعد أن انارت معنويّاتم وقذف ال‬
‫الرعب ف قلوبم ‪ ،‬قال سبحانه ‪ { :‬وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف ف‬
‫قلوبم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا ‪ ،‬وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالم وأرضا ل تطئوها‬
‫وكان ال على كل شيء قديرا } ( الحزاب ‪. ) 27 – 26 :‬‬
‫وف غزوة تبوك تسامع أهل الروم ومن معهم من القبائل العربية الوالية بقدوم النب ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬لقتالم ‪ ،‬فتفرّقوا من بعد اجتماعهم ‪ ،‬وآثروا السلمة ف نفوسهم وأموالم وأراضيهم ‪ ،‬ما‬
‫دفعهم إل مصالة النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ودفع الزية ‪ ،‬على الرغم من تفوّقهم العددي‬
‫والرب ‪ ،‬وهو جز ٌء من الرعب اللذي يقذفه ال ف قلوب أعدائه ‪.‬‬
‫ول يكن هذا المر هو الوحيد من خصوصيّاته ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – الربيّة ‪ ،‬فقد كانت له‬
‫خصوصيّاتٌ أخرى تتعلّق بذا الانب ‪ ،‬منها ‪ :‬إحلل الغنائم له دون من سبقه من المم ‪ ،‬فقد كان‬
‫الناس ف السابق يعتبون الغنائم كسبا خبيثا لنا أُخذت من العدو‪ ،‬وكان مصيها أن تُجمع ث تنل‬
‫نارٌ من السماء فتحرقها ‪ ،‬كما ف قصة نب ال يوشع عليه السلم الت رواها البخاري ‪.‬‬
‫أما المة الحمّدية ‪ ،‬فقد أباح ال لا الغنائم رحة با ‪ ،‬وتفيفا عنها ‪ ،‬وكرام ًة لنبيّها ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم – ‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم ‪ ... ( :‬ذلك بأن ال تبارك وتعال رأى ضعفنا وعجزنا فطيّبها‬
‫لنا ) رواه مسلم ‪.‬‬
‫ومن خصوصيّاته ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – الربية ‪ ،‬أن ال تعال أحلّ له مكة ساع ًة من نار ‪،‬‬
‫وذلك يوم الفتح ‪ ،‬فأباح له القتال فيها ‪ ،‬ول يبح ذلك لحد قبله ول لحدٍ بعده ‪ ،‬فقد حرّم ال هذا‬
‫البلد يوم خلق السماوات والرض ‪ ،‬فهو حرام برمة ال إل يوم القيامة‪ ،‬كما ف حديث البخاري ‪.‬‬
‫وبذلك يتّضح كيف كان لصوصيّاته عليه الصلة والسلم أثرٌ بالغٌ ف تكي الؤمني ونصرتم من‬
‫جهة ‪ ،‬وهيبة جانبهم من جهة أخرى ‪.‬‬
‫=============================‬
‫خطوات عملية للنتصار لي البشرية‬

‫د‪.‬ممد موسى الشريف‪.‬‬


‫إن الرية العظمى الت أقدم عليها رئيس وزراء الدانرك وحكومته ل ينبغي أن تر دون ماسبة‪.‬‬
‫وإنا قلت رئيس وزراء الدانرك وحكومته لنه هو السؤول الول عما يري ف بلده ‪ ،‬ولنه تاون‬
‫ف هذه السألة تاونا أدى به إل رفض مقابلة وفد مسلمي الدانرك ‪ ،‬ولنه كاذب فيما يدعيه من‬
‫حرية التعبي لنه لو سُب السيح عليه الصلة والسلم هذا السب أو سُب البابا هذا السب لا قبل‬

‫‪90‬‬
‫العال كله منه هذا العذر الريض ‪ ،‬ولنتفض النصارى وغيهم وحصل له ما ل يمد عقباه لكن‬
‫السلمي ل بواكي لم‪.‬‬
‫والذي ينبغي عمله ف هذه النازلة الطية عدة أمور ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬عمل الكومات السلمية ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬طرد السفي الدنركي وإغلق السفارة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬قطع العلقات السياسية مع الدنرك‪.‬‬
‫ج‪ -‬إيقاف استياد البضائع الدنركية ‪ ،‬والمتناع من تصدير أي سلعة إسلمية إليها‪.‬‬
‫وأنا أكتب هذا الكلم وأعلم أن غالب الدول السلمية سيقف موقف التخاذل لنا عودتنا على‬
‫ذلك من قبل ‪ ،‬لكن أقول للحكومات مذرا ‪ ،‬إن الكومة الت تتخاذل ف نصرة خي البية إنا‬
‫تعرض نفسها لنتقام ال تعال ‪ ،‬لن سيدنا ممدا صلى ال عليه وسلم هو خليل الرحن ‪ ،‬وال تعال‬
‫يغار على انتهاك حرمته ول شك‪ ،‬وأخشى أن ال تعال سيصب غضبه على من تاذل ف نصرة حبيبه‬
‫وخليله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وبادرة الملكة ف سحب سفيها من الدنرك خطوة أول مهمة أرجو أن تتبعها خطوات أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬عمل الشعوب واليئات الشعبية ‪:‬‬
‫إن من فضل ال تعال على الشعوب أنا تستطيع عمل الكثي ف مقاومة هذه الجمة ‪ ،‬وعدد السلمي‬
‫مليار وثلث الليار ‪ ،‬وهذا عدد عظيم يستطيع لو اجتمع عشرة بالائة منه على عمل شيء أن يغيوا‬
‫عددا من الوازين بإذن ال تعال ‪ ،‬وما يستطيع عموم السلمي عمله هو الت ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬القاطعة التامة لكل منتجات الدنرك ‪ ،‬خاصة منتجات الليب مثل زبدة لورباك ‪ ،‬وعدة أصناف‬
‫من الليب الجفف والسائل ‪ ،‬والب الدنركي النتشر ف البلد العربية ‪ ،‬وغي ذلك ‪ ،‬وقد صدرت‬
‫عدة إعلنات من بعض الشركات ف الملكة العربية السعودية أنا تقاطع النتجات الدنركية وأرسلت‬
‫رسائل للسفارة ‪ ،‬وهذه بادرة جيدة‪.‬‬
‫والقاطعة فعالة جدا ‪ ،‬وقد صدرت جلة من الفتاوى الحرمة للتعامل مع المريكان والبيطانيي ‪،‬‬
‫وأحسب أن جرم الدنرك الخي ل يقل جرما عن المريكان والبيطانيي‪ .‬وليس للشعوب السلمية‬
‫عذر ف شراء النتجات الدنركية حيث يوجد لا بدائل كثية ف السواق‪.‬‬
‫ب ‪ -‬إرسال رسائل الستنكار الكثية إل السفارات الدنركية حول العال السلمي وإل الكومة‬
‫نفسها ‪ ،‬وهذه الرسائل إن بلغت حدا من الكثرة كبيا فإنه يؤثر ‪ ،‬لن الغرب يهتمون بذه الرسائل‬
‫الت تعب عن الرأي العام‪.‬‬
‫ج‪ -‬إقامة الحاضرات والدروس ف نصرة خي البية ‪ ،‬ولعلم العوام بنلته الرفيعة عند ال وعند‬
‫الناس‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫د‪ -‬مشاركة القنوات ف الذب عن مقامه الرفيع صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وذلك عن طريق إقامة البامج‬
‫الخصوصة ‪ ،‬وتصيص يوم كامل لستقبال ملحظات الناس ومناقشاتم ‪ ،‬ومن أجل مشاركة‬
‫العلماء والشايخ ف الرد‪.‬‬
‫هـ‪ -‬إقامة حلة تبعات كبية من خلل وسائل العلم وغيها ‪ ،‬من أجل توفي مبلغ مال كبي‬
‫يصص من أجل إقامة وقف عالي كبي للدفاع عن خي البية صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬عمل الشايخ والعلماء ‪:‬‬
‫وهؤلء عليهم واجب كبي جدا ف تمل عبء هذه القضية ‪ ،‬وللسف فإننا إل الن ل ند ذلك‬
‫الرد اليد ‪ ،‬ومن أضعف الردود رد شيخ الزهر الذي قال ‪ :‬إنه ل يصح الكلم ف الموات !!!‬
‫وغضب عدد كبي من الناس من رده التهافت هذا كتهافت أكثر كلمه وفتاواه ‪ ،‬ول نسمع من‬
‫مشايخ كثيين ما ينبغي أن نسمعه ف هذا الوقف الليل‪.‬‬
‫لذا ينبغي أن يكون لؤلء الشايخ والعلماء وقفة كبية وصادقة عن طريق مشاركاتم الفردية وعن‬
‫طريق مؤسساتم الت يشاركون فيها خاصة مؤسسات الفتاء وكليات الشريعة وأصول الدين ‪ ،‬وهذا‬
‫ينبغي إل يُتردد فيه ول يتوان فيه‪.‬‬
‫‪ -4‬عمل الدعاة ‪:‬‬
‫وهؤلء عليهم واجب عظيم ف التعريف بنلته صلى ال عليه وسلم ف العال كافة‪ ،‬وعمل البامج‬
‫والطب والحاضرات ف نصرته صلى ال عليه وسلم ف وسائل العلم كافة ‪ ،‬وف الساجد‬
‫والراكز‪.‬‬
‫‪ -5‬عمل القليات السلمة ف الغرب ‪:‬‬
‫وهؤلء عليهم واجب كبي ف البحث عن القواني الغربية الت ترفض مثل هذه الهانات ‪ ،‬وإن ل‬
‫يوجد يسعى مفكرو وعلماء هذه القليات إل تأسيس مثل هذه القواني الت تمي السلمي وعلى‬
‫رأسهم سيدهم صلى ال عليه وسلم من الهانات التكررة ‪ ،‬وماطبة التاد الوروب وغيه بذا حت‬
‫تصان حقوق السلمي ف الستقبل إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫وكذلك من واجب القليات السلمة أن يقيموا سلسلة من البامج والحاضرات للتعريف بالسلم‬
‫وبنب السلم عليه أفضل الصلوات والسلم ‪ ،‬وأن يتهدوا ف إيصال ذلك إل الناس كافة ف بلدانم‬
‫وبلغاتم‪.‬‬
‫وختاما أقول ‪:‬‬
‫إننا إن ل نتحرك التحرك الكاف لواجهة هذه الرية فسنهون على العال أجع ‪ ،‬وسيسهل على كل‬
‫من يريد الجوم على السلمي بعد ذلك أن يقدم على ذلك بدون النظر ف العواقب‪.‬‬
‫وأنا واثق من أننا إن قمنا بذه الطوات فسيخضع الغرورون ف الدنرك وغيها ‪ ،‬وسيهرولون طلبا‬
‫للعتذار ‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫ال زاد ممدا تكريا*** وحباه فضلً من لدنه عظيما‬

‫‪92‬‬
‫واصطفاه ف الرسلي كريا*** ذا رأفة بالؤمني رحيما‬
‫صلوا عليه وسلموا تسليما‬
‫ما الطلوب من الدنرك ؟‬
‫الطلوب من الدنرك ما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬العتذار الواضح من قبل حكومة الدنرك على هذه الساءة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تقدي من قام بكب الستهزاء إل الحكمة الدنركية لتنظر ف شأن العقوبة الناسبة الرادعة له‬
‫ولمثاله‪.‬‬
‫ج‪ -‬وضع القواني ‪ -‬الكفيلة بعدم تكرار ما حدث ‪ -‬ف صلب القواني الدنركية‪.‬‬
‫فإن حدث هذا أو شيء يقاربه أو شيء بديل عنه فإنه ساعتئذ يراجع السلمون شأن العلقة مع‬
‫الدنرك وكيف تعود الياه إل ماريها‪.‬‬
‫هذا وال أعلم وأحكم ‪ ،‬وصلى اللهم وسلم على سيد اللق ممد وآله وصحبه أجعي ‪ ،‬والمد ل‬
‫رب العالي‪.‬‬
‫==============================‬
‫خطيب العال‬

‫الكاتب‪ :‬د‪.‬سلمان بن فهد العودة‬


‫صعِدَ النّبِيّ‬‫شيََتكَ الَْأ ْقرَِبيَ}‪َ ،‬‬ ‫ف الصحيح عَ ْن ابْ ِن عَبّاسٍ َرضِيَ الّل ُه عَْنهُمَا قَالَ لَمّا َنزََلتْ‪{ :‬وَأَنْ ِذ ْر عَ ِ‬
‫جعَلَ يُنَادِي‪ :‬يَا بَنِي ِف ْهرٍ‪ ,‬يَا بَنِي عَدِي‪ ,‬لِبُطُونِ ُق َرْيشٍ َحتّى‬ ‫صفَا؛ َف َ‬ ‫صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم عَلَى ال ّ‬
‫خرُجَ َأ ْرسَ َل رَسُولًا ِليَنْ ُظ َر مَا ُهوَ‪َ ,‬فجَاءَ َأبُو َل َهبٍ وَُق َرْيشٌ‪,‬‬‫ستَطِعْ أَنْ يَ ْ‬ ‫جعَلَ الرّجُلُ ِإذَا لَ ْم يَ ْ‬
‫اجْتَ َمعُوا‪ ,‬فَ َ‬
‫َفقَالَ‪َ( :‬أرَأَيْتَكُمْ‪َ ,‬لوْ أَ ْخَبرْتُكُمْ أَنّ َخيْلًا بِاْلوَادِي ُترِيدُ أَ ْن ُتغِيَ َعلَيْكُمْ أَ ُكنْتُ ْم ُمصَدّقِيّ؟)‪.‬‬
‫قَالُوا‪َ :‬نعَمْ‪ ,‬مَا َجرّْبنَا عََلْيكَ ِإلّا صِدْقًا‪.‬‬
‫قَالَ‪( :‬فَِإنّي نَذِيرٌ َلكُمْ بَْينَ يَ َديْ عَذَابٍ شَدِيدٍ!)‪.‬‬
‫ب مَا َأ ْغنَى عَْن ُه مَاُلهُ‬
‫ب وََت ّ‬‫َفقَالَ َأبُو َل َهبٍ‪ :‬تَبّا َلكَ سَاِئرَ الَْي ْومِ‪ ,‬أَِلهَذَا جَ َمعَْتنَا؟ فََنزََلتْ {تَّبتْ يَدَا أَبِي َل َه ٍ‬
‫سبَ}‪.‬‬ ‫َومَا َك َ‬
‫وقال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ف هذه الطبة أيضا‪( :‬يَا بَنِي َك ْعبِ بْنِ ُلؤَي‪ ,‬أَْنقِذُوا‬
‫أَْنفُسَكُ ْم مِ ْن النّارِ‪ ,‬يَا بَنِي ُم ّرةَ بنِ َك ْعبٍ‪ ,‬أَْنقِذُوا َأْنفُسَكُ ْم مِنْ النّارِ‪ ,‬يَا َبنِي عَبْدِ شَ ْمسٍ أَْنقِذُوا َأْنفُسَكُمْ‬
‫سكُ ْم مِنْ النّارِ‪ ,‬يَا بَنِي‬‫مِنْ النّارِ‪ ,‬يَا بَنِي عَبْ ِد مَنَافٍ أَْنقِذُوا أَْنفُسَكُ ْم مِنْ النّارِ‪ ,‬يَا َبنِي هَاشِمٍ َأْنقِذُوا أَْنفُ َ‬
‫ك مِنْ النّارِ؛ فَإِنّي لَا َأمِْلكُ لَكُ ْم مِنْ الّلهِ‬ ‫س ِ‬
‫عَبْ ِد الْمُطِّلبِ َأْنقِذُوا أَْنفُسَكُ ْم مِ ْن النّارِ‪ ,‬يَا فَاطِمَةُ َأْنقِذِي َنفْ َ‬
‫شَْيئًا غَْيرَ أَنّ لَكُ ْم َرحِمًا سَأَُبّلهَا ِببَلَاِلهَا)‪ .‬رواه مسلم هكذا كانت أشهر خطب النب صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وبا انتقلت الدعوة من السر إل العلن‪ ،‬كانت تبليغا وإنذارا وتبشيا بكلمات قلئل‪ ،‬ووقت‬
‫يسي‪ ،‬ول تأخذ هذه الطبة وقتا طويلً ولشرحا ملً‪ ،‬ول سجعا متكلفا ما تنوء به بعض الطب‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫بذه الطبة أوجز النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كلمه‪ ،‬وأوت ف كل حديثه جوامع الكلم‪,‬‬
‫واختصر له الكلم اختصارا‪ ,‬ومع أهية هذه الطبة وتارييتها ودورها ف فجر هذا الدين السلمي؛‬
‫فإنا ل تتشعب ف التفاصيل‪ ,‬ول تسهب ف الشرح‪ ،‬فهي خطبة عظيمة لعظم العن الذي تمله‪،‬‬
‫واللفاظ الت عبّرت عن هذا العن‪ ،‬وجزالة الرف‪ ،‬وصدق اللهجة‪ ,‬وشرف الوقف‪.‬‬
‫ومثل ذلك كانت خطبه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولقد تعجبت يوم اطلعت على كتب السنة العروفة؛‬
‫كالصحيحي‪ ,‬والسنن وغيها‪ ,‬فلم أجد تلك الطب الطويلة‪ ،‬والحاديث السهبة‪ ،‬وما يكن وصفه‬
‫بالطول تد أن له متعلقا بقصة أو معركة‪ ،‬فخطبته ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كلمات معدودة‪ ،‬لكنها‬
‫تتاز بصائص نوذجية عالية مثل (الشمولية) ف العالة للموضوعات الختلفة ف شت شؤون الياة‬
‫والعلم والدعوة‪ ,‬والسياسة والفقه‪ ,‬والعسكرية واليان؛ فهي ليست وعظا مضا مردا‪ ،‬بل يتزج‬
‫فيها الترغيب بالترهيب‪ ،‬والقصة بالعبة‪ ،‬والدث بالتحليل‪ ،‬والاضي بالاضر بالستقبل‪ ،‬وقضايا‬
‫اليان واليقي بسائل التشريع والتوجيه والتربية‪.‬‬
‫ف لغة سهلة قريبة يفهمها الميع‪ ،‬ول تكن خطابا خاصا موجها للنخبة أو العلية‪ ،‬ول لشرية معينة؛‬
‫فالصغار والبسطاء والعامة ماطبون بشكل مباشر‪ ,‬ولم أهيتهم وقدرهم ف خطاب ل تستهلكه‬
‫الحداث عن التوجيه والتربية العامة‪ ،‬كما ل يغيب عنها طرفة عي‪ ،‬كيف؟ وهو الصانع الرئيس‬
‫لهم الحداث عليه السلم‪ ،‬والشارك الساس للناس ف هومهم ومعايشة أدق التفاصيل ف حياتم‪.‬‬
‫ومن أعمق اللحظات ف وصف خطبه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬القول بأنا لغة (حوارية)؛ متلئة‬
‫بكل أشكال تفاعل الناس والتفاعل معهم‪ ،‬والكثي الكثي من خطبه تد أن أحدا يقوم فيسأل‪ ,‬وآخر‬
‫يقوم فيستشكل‪ ،‬وثالث يشكو‪ ,‬ورابع يكي‪..‬‬
‫وف الصحيحي ‪ -‬فقط ‪ -‬من ذلك شيء عجيب‪ ,‬مثل حديث أنس‪ ,‬حينما كان صلى ال عليه‬
‫وسلم يطب‪ ,‬فدخل رجل فقال‪ :‬يا رسول ال أل تستسقي لنا؟!‬
‫فاستسقى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فسقاهم ال‪ ,‬ث ف المعة القادمة دخل رجل؛ فقال‪ :‬يا‬
‫رسول ال‪ :‬ادع ال أن يسكه عنا (أي‪ :‬الطر)‪.‬‬
‫ففعل صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأمسكه ال‪.‬‬
‫وف خطبة عيد الضحى‪ ,‬قام أبو برزة فقال‪ :‬يا رسول ال إن ذبت عناقا‪ ..‬إل وما أكثر الذين‬
‫يقومون أو يدخلون من باب مسجده؛ فيسألونه وهو يطب‪.‬‬
‫سيْنُ ‪-‬‬ ‫ومن ألطف هذا التفاعل نزوله ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬من منبه وقد أَقَْبلَ اْلحَسَ ُن وَالْحُ َ‬
‫رضي ال عنهما ‪َ -‬علَْيهِمَا قَمِيصَانِ أَحْ َمرَا ِن َيعُْثرَا ِن وََيقُومَانِ‪ ,‬فََنزَلَ فََأخَ َذهُمَا‪َ ,‬فصَعِدَ ِبهِمَا الْ ِمنَْبرَ ثُمّ‬
‫قَالَ‪( :‬صَدَقَ الّلهُ {ِإنّمَا َأ ْموَاُلكُ ْم وََأوْ َلدُكُمْ فِتَْنةٌ} رََأْيتُ هَ َذيْنِ َفلَمْ َأصِْبرْ)‪ .‬ث أكمل خطبته‪ .‬كما عند‬
‫أهل السنن وأحد‪.‬‬
‫وهو صلى ال عليه وسلم بدوره كان يسأل ويوجّه‪ ,‬ويقيّم الذين ل يؤدوا تية السجد‪ ،‬ليعلم الناس‬
‫أن هذه الطب النبوية الشريفة تعايش واقع الناس‪ ,‬وتفهمه‪ ,‬وتوجهه إل أرشد سبيل وأقوم نج‪,‬‬

‫‪94‬‬
‫بأسلوب علمي وعملي‪ ,‬دون أن تلحقه آفات التجريد والتنظي الت شغل با بعض العاصرين‪ ،‬أو‬
‫سيئات التحزب والتصعيد الت فت با آخرون‪ ,‬وطريق العتدال هو بي الغياب عن هوم الناس‬
‫وأحداثهم وبي أن تستهلكه مموعة من الحداث الت تفقده توازنه وتاسكه‪.‬‬
‫وأذكر لّا دخل النظام البعثي الكويت صليت المعة مع أحد الطباء‪ ،‬وكان الناس ينتظرون توجيهه‬
‫حول الدث والتعليق عليه‪ ،‬لكن فوجئت وفوجئ الستمعون بأنه كان يتحدث عن عذاب القب‪ ,‬ول‬
‫أحد يقلل من قيمة الديث عن ذلك‪ ,‬ولكن الوقف كان يستدعي نوعا من الكلم الختلف‪ ،‬يتطلب‬
‫شيئا من التوعية والضاءة للناس‪ ،‬فلو تكلم عن اليان أو التوكل أو الصب أو أي شيء قريب من‬
‫ذلك يكن ربطه بالدث؛ لكان أقرب إل عقول الناس وحديثهم‪.‬‬
‫إن على من يريد توجيه الناس وإصلحهم وبث الوعي الياب ودعوتم للسلم أن يطالب نفسه‬
‫باستخدام لجة يفهمها الناس ويعرفونا‪ ،‬واستعمال أسلوب يتعاطى مع حسهم قبل أن يصف الناس‬
‫بقلة الفهم وانطاط الوعي والدراك‪ ،‬وقبل أن يصفهم بالبعد عن الدين والعلم‪ .‬إن اللغة السهلة‬
‫القريبة الرقيقة هي جسر التواصل بي الطباء والناس؛ فتأهيل الطيب بفقه عام لحوال الناس ولغتهم‬
‫ُبنْي ٌة أساسية لتحقيق فهم الناس للخطبة أولً‪ ،‬وتفاعلهم واستجابتهم لا ثانيا‪ ،‬وهذا التأهيل أو قريب‬
‫منه هو الذي اعترف به قوم صال لنبيهم صال عليه السلم‪ ،‬حي قالوا عنه‪{ :‬يَا صَاِلحُ قَدْ كُنتَ فِينَا‬
‫َمرْ ُجوّا َقبْ َل هَذَا} (سورة هود‪ ،)62:‬لقد كان (مَرْ ُجوّا) لنم يعرفونه‪ ,‬وعاش معهم لظات الوجود‬
‫أولً بأول‪ ،‬فكان خطابه مرجا للجميع؛ لنه جاء بالق والدين واليان ف واقع يعرفه جيدا‪ ,‬ولناس‬
‫هم قومه الذين عرفهم وعرفوه فكان ( َمرْ ُجوّا) فيهم‪.‬‬
‫ورسولنا ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬خي من أثبت ف خطبته معن الهتمام بخاطبة الناس‪ ,‬حت إنه‬
‫كان يفرق صلى ال عليه وسلم بي فئات الجتمع‪ ,‬ويدرك الفروق‪ ،‬وف الصحيحي قصة خطبته‬
‫للنساء‪ ,‬ووعظه لن‪ ,‬وتفاعل النساء وأسئلتهن له صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فالنساء تقوم‪ ,‬فتسأل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتستفسر وتستوضح ف جو من التفاهم بديع‪.‬‬
‫وحت منبه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كان أرفع من الناس قليلً‪ ,‬ليكون أقرب لشد انتباه الناس‪,‬‬
‫واسترعاء اهتمامهم‪.‬‬
‫وكذا صوته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلم يكن على وتية واحدة‪ ،‬فالطريقة الواحدة تبعث اللل‪ ،‬فكان‬
‫يرفع صوته ويفضه‪ ،‬ولذا كانت خطبة المعة خطبتي‪ ,‬بينهما جلسة قصدا لتيسي فهم الطبة‪,‬‬
‫والستجابة لا‪.‬‬
‫ويقول جابر‪ :‬كان رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إذا خطب يرفع صوته ويفضه‪ ,‬ويمر‬
‫وجهه‪ ,‬وتنتفخ أوداجه؛ كأنه منذر جيش يقول‪ :‬صبّحكم ومسّاكم‪ .‬رواه مسلم وابن ماجه وغيها‪.‬‬
‫وبالطبع فهذه ليست كل أحواله ف خطبه‪ ،‬فهي تتلف ف احتياجها لثل هذا الشعور‪ ،‬فالوضوع‬
‫والدث يفرض أحيانا نوعا من الهتمام يتلف عن موضوع وحدث آخر‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫لكن؛ بذه الوصاف جيعا تدرك دقة التابعة‪ ,‬ورقي الحساس النبوي ف الطبة‪ ،‬وترى ف الوقت‬
‫ذاته غفلة بعض الطباء عن هذه العان والوصاف‪ ،‬وترى بُعدهم عن الدي النبوي‪ ,‬فتشاهد إما‬
‫طو ًل مفرطا‪ ,‬أو لغة رديئة‪ ،‬أو بعدا عن هوم الناس ومشاعرهم‪ ،‬أو ركاكة ف التعبي‪ ،‬أو انفعالً‬
‫يبتعد عن سبيل العتدال الذي هو سة هذه المة حي تُخاطب الناس‪ ,‬لتكون شهيدة عليهم‪ ,‬ومبلغة‬
‫لرسالة الدين والق‪ ,‬على خطى نبيها ممد صلى ال عليه وسلم‪{ :‬وَ َكذَِلكَ َجعَلْنَاكُمْ ُأمّ ًة وَسَطًا‬
‫س وَيَكُو َن الرّسُو ُل عََليْكُمْ َشهِيدًا} (سورة البقرة‪.)143 :‬‬
‫لَّتكُونُواْ ُشهَدَاء َعلَى النّا ِ‬
‫صحيفة الزيرة السعودية‬
‫د مازن مطبقان هذه حقيقة الفاتيكان‬
‫حوار ‪ :‬عبد ال بن ممد الرشيد‬
‫(مثل هذه الملة ليست مستغربة إطلقا ول جديدة على الفاتيكان) هكذا يكشف ضيفنا حقيقة‬
‫الفاتيكان الذي يقوم بملة شعارها (مليون ضد ممد) ‪ ،‬مؤكّدا أنّ ذلك ينبع من القد التأصّل ف‬
‫نفوس النّصارى ضد السلمي ‪ ،‬مشيا إل ألعيب السياسة وراء هذه الملة الت تتعاون مع دول‬
‫الرهاب للحرب على الرهاب ‪ ،‬ويرى الدكتور مازن مطبقان أ ّن هذه الملة ليست موجّهة‬
‫للنّصارى فقط ‪ ،‬بل هي لميع شعوب العال ومنها الشعوب السلميّة ‪ ،‬مؤكّدا أنّ الدّ الستشراقي‬
‫يلعب دورا مهما ف تريك مثل هذه الَجَمات ‪.‬‬
‫ويقول الدكتور مازن ف ختام حديثه‪" :‬إنّه ل ينبغي أنْ نعوّل كثيا على دور الكومات العربيّة؛ فهي‬
‫مشغولة بتثبيت حكمها‪ ،‬وتقيق أدن قبول شعب لا ‪ ،‬وكيف نعوّل عليها وهي الت تفتح أراضيها‬
‫لرساليّات التنصي؟!‬
‫ويعزو الدكتور "ضعف التفاعل الشعبّ العامّ" مع هذه القضية إل وسائل العلم العربيّة الت ما فتئت‬
‫تارب ما يسمّى " بالصوليّة السلميّة "‪ ،‬وتروّج لفكار النلل والنراف ‪.‬‬
‫والدكتور مازن صلح مطبقان أستاذ مشارك بعمادة البحث العلمي بامعة المام ممد بن سعود‬
‫السلمية‪ ،‬حصل على درجة الدكتوراه ف الدّراسات السلميّة من قسم الستشراق بكلية الدّعوة‬
‫بالدينة النورة عام ‪1415‬هـ‪ ،‬وحصل قبلها على الاجستي ف التاريخ الديث من قسم التاريخ‬
‫بامعة اللك عبد العزيز بدة عام ‪1406‬هـ‪ .‬ويشرف حاليا على موقع ف النترنت حول‬
‫الستشراق هو مركز الدينة النوّرة للدّراسات وبوث الستشراق وعنوانه هو‪www.mazen- :‬‬
‫‪center.8m.com‬‬
‫وله عدد من الؤلفات ف دراسة الستشراق والتنصي منها ‪ :‬الستشراق العاصر ف منظور السلم ‪،‬‬
‫و الستشراق والتاهات الفكريّة ف التاريخ السلمي ‪ ،‬و أصول التنصي ف الليج العرب( ترجة‬
‫عن النليزية)‬

‫‪96‬‬
‫وحضر عددا من الؤترات الدوليّة منها ‪ :‬الؤتر الدول حول الستشراق والدراسات السلميّة ‪ ،‬ف‬
‫تطوان بالغرب عام ‪1997‬م ‪ ،‬و الؤتر الدول حول الستشراق‪ :‬الطاب والقراءة بامعة وهران‬
‫عام ‪2001‬م وغيها ‪.‬‬
‫نشرت صحيفة "فليت إم زونتاج" اللانيّة ف عددها الصادر بتاريخ ‪ 30‬مايو من عام ‪ 2004‬م‪،‬‬
‫مقال بعنوان (مليون ضد ممد) ذكرت فيه أنّ للفاتيكان منظم ًة اسها "رابطة الرهبان لتنصي‬
‫الشعوب" هي من أقدم منظمات الفاتيكان وأكثرها نفوذا وأقلّها شهرة‪ ،‬إنّها تعمل ف كل مناطق‬
‫العال با ف ذلك الناطق الت يسمّونا مناطق "الصّمت"؛ كالسعوديّة واليمن والصي وفيتنام‬
‫ن ضد الصطفى صلى ال‬ ‫وكمبوديا ‪ .‬بداية نودّ أنْ نعرف مدى المتداد التاريي لذا الجوم العل ّ‬
‫عليه وسلم من قبل رؤوس الدّيانة السيحيّة؟ و باذا تفسر تبن الفاتيكان لا وهي الرجعيّة الدينيّة‬
‫الول لنصارى اليوم ؟وهل هذه العمليّة مستغربة وجديدة ف تاريخ الفاتيكان كمؤسسة؟‬
‫يب أل يغيب عن بالنا لظ ًة ما ورد ف القرآن الكري حول موقف النصارى من السلم والسلمي‪،‬‬
‫ومن ذلك قول ال عز وجل( ولن ترضى عنك اليهود ول النصارى حت تتبعَ ملتهم) [البقرة‪]120:‬‬
‫وقوله تعال ( يُرضُونكم بأفواههم وتأب قلوبُهم)[التوبة‪( ]8:‬قد بدت البغضا ُء من أفواههم وما تُخفي‬
‫صدورُهم أكب) [آل عمران‪]118:‬‬
‫إ ّن جهود التنصي ف ماربة السلم وأهله قدية‪ ،‬وقد اتذت عدة أشكال منها‪ :‬العسكري‪،‬و‬
‫الفكري‪ ،‬والثقاف‪ ،‬والجتماعي‪ .‬أمّا الفكري والثقاف فقد بدأ منذ وقت مبكر حي ظهر" يوحنا‬
‫الدمشقي" يناظر السلمي ويطعن ف السلم ومعتقداته‪ .‬واستمر النصارى يكتبون الكثي حول‬
‫السلم‪ ،‬حت إ ّن النتاج الفكريّ ف العصور الوسطى(الوروبية) كثرت فيها هذه الكتابات‪ ،‬وكانت‬
‫على درجة من السوء والتحيّز والتعصّب حت كتب ف ذلك "ريتشارد سوذرن" كتابه الشهور عن‬
‫صورة السلم ف القرون الوسطى‪ ،‬ث جاء بعده "نورمان دانيال" ف كتابه (السلم والغرب) وفيه‬
‫نقد قويّ لا كتبه النصارى حول السلم ف تلك الفترة‪.‬‬
‫وظهرت ترجات لعان القرآن الكري قام با قساوسة وباحثون أوروبيّون كانت ناذج للحقد‬
‫والكراهيّة‪ .‬وقد صرّح الكثيون منهم أنّهم بثوا عن أسوأ الوصاف والنعوت وأطلقوها على الرّسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬ومن ناذجهم القريبة القس البلجيكي‪ -‬الذي عاش ف لبنان‪" -‬هنرى لمانس"‬
‫الذي نعت الرّسول صلّى ال عليه وسلم بشت النّعوت البذيئة الت ل يليق بعال أنْ يتلفظ با ل أنْ‬
‫يكتبها‪.‬‬
‫واستمرّت الجمة على السلم والسلمي وعلى شخصيّة الرّسول الكري صلى ال عليه وسلم حت‬
‫عصرنا الاضر الذي تنشط فيه الكنائس الغربيّة ومؤسسات التنصي الختلفة‪ ،‬حت إنّ بابا الفاتيكان‬
‫الال قام بولة ف عدد من دول أفريقيا لتشجيع البعثات التنصييّة على العمل وحدّد لم الدف بأنْ‬
‫يعملوا على جعل أفريقيا قارة نصرانيّة بلول العام ‪2000‬م‪ ،‬ولكن خاب ظنّه وتطيطه‪ .‬وقد مرّت‬
‫ثلث سنوات ونصف على هذا التاريخ ومازال السلم قويا ف أفريقيا‪ ،‬ويزداد القبال عليه‪ .‬ولعلهم‬

‫‪97‬‬
‫أدركوا استحالة تقيق هذا الدف‪ ،‬فغاظهم فقرروا خُطة جديدة لعلها تكون هذه الُطّة الت نتحدث‬
‫عنها الن‪.‬‬
‫ومثل هذه الملة ليست مستغربة إطلقا ول جديدة على الفاتيكان الذي حرّض النصارى ف القدي‬
‫لمَلت الصليبيّة‪ ،‬والذي تعاون مع قوى الحتلل حديثا‪ ،‬فل يستغرب منه مطلقا أن‬ ‫على القيام با َ‬
‫يشنّ الملة تلو الملة ضد السلم والسلمي‪.‬‬
‫بكم تصصكم‪ ،‬ما هي دوافع هذه الملة ض ّد النبّ صلى ال عليه وسلم ؟ وهل تنطلق من منطلق‬
‫ن بت ؟ أم أ ّن هناك دواف َع سياسيةً ف الوضوع؟‬ ‫دي ّ‬
‫دوافع هذه الملة وما قبلها من حلت هو القد التأصل ف نفوس النصارى ضد السلم ورسوله‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬ومع الدّوافع العقديّة من حقد دفي على السلم فهناك الدوافع السياسيّة‬
‫والقتصاديّة والثقافيّة‪ .‬فإن كان الوروبيون يزعمون أن جذور الفكر الغرب هي الذور اليهودية‪-‬‬
‫النصرانية فإن ما يقف ويقاوم هذه الذور الفكريّة وينال القبول ف أناء العال هو السلم؛ لذلك ل‬
‫لمَلت الحمومة الت نن بصددها وما سيتلوها‪ ،‬والت ل ترج أهدافها عن السّعي إل هدم‬ ‫بد من ا َ‬
‫السلم والقضاء عليه‪ ،‬وذلك من خلل تشويه هذا الدين ومعتقداته وشريعته‪ ،‬وتشويه صورة نبيّه‬
‫عليه الصلة والسلم‪ .‬وهذه الملت تتوجه بالطاب ليس للنصارى فحسب‪ ،‬ولكن لكل شعوب‬
‫العال ومنها الشعوب السلميّة‪.‬‬
‫أما عن الدوافع السياسيّة لذه الملة فأمر مؤكد ذلك؛ لن الرتباط بي التنصي والستعمار قدي ف‬
‫حلت الكنائس وارتباطها بالكومات الغربية‪ .‬فأوروبا تؤكد على علمانيّتها ف الداخل ولكنها‬
‫تدعم كل نشاط تنصييّ بالارج؛ وباصة ف بلد السلمي‪ .‬وما زلت أذكر الكتاب الذي وفقن‬
‫ال عز وجل لترجته حول البعثة "العربية" التنصيية الت كانت بقيادة صموئيل زوير وزملئه الربعة‬
‫الت وصلت إل الزيرة العربية عام ‪1317‬هـ (‪1889‬م) واستمرت حت عام ‪1394‬هـ(‬
‫‪ .)1974‬وكانت هذه البعثة تعمل تت حاية بريطانيا وأمريكا‪ ،‬حت إنّ أحد مسؤول الارجيّة‬
‫المريكيّة خاطب أحد رؤساء الدول ف الليج العربّ بفظاظة وقسوة لعدم السماح للبعثات التنصييّة‬
‫بالعمل ف بلده!!‬
‫ي ؟ أم أنا تسبب تريبا له بسبب نفرة السلمي من‬ ‫وهل هذه الملة تدم وتدعم الخطط التنصي ّ‬
‫يتهجّم على نبيّهم ؟‬
‫ل بد أنّهم درسوا هذه الملة دراسة عميقة ودقيقة قبل أن تنطلق‪ ،‬فل شك أنا ستخدم أهدافهم‬
‫وتقّق لم ما يريدونه؛ لن العلم العربّ السلم ّي منشغل باللهو والترفيه والتسلية ف غالبه‪ .‬ففي‬
‫الوقت الذي تتعدّد القنوات الفضائيّة التنصييّة ومطات الذاعة ند أن العلم السلميّ منحصر ف‬
‫عدد مدود من القنوات الفضائيّة وما يتبقى من خُطّة برامج الحطات الرسيّة العربيّة والسلميّة‪.‬‬
‫فالقنوات الفضائيّة العربيّة التجاريّة تصبّ جامّ غضبها على السلم والدعاة السلمي؛ لنا تسي ف‬
‫رِكاب العلم الغربّ ف ماربته للسلم‪ ،‬ول ّن هذا العلم ارتبط السلم عنده بـ" التطرّف" و‬

‫‪98‬‬
‫"العُنف" و "الُصوليّة" مع أن الدّعاة السلمي والركات السلميّة "ف غالبيتها العظمى" تدعو إل‬
‫العودة الصحيحة إل السلم وتطبيقه ف شؤون الياة كلها‪ :‬العقديّة والتشريعيّة والسياسيّة‬
‫والقتصاديّة والجتماعيّة والثقافيّة‪.‬‬
‫أمّا أن الملة سوف تسبّب تريبا للمخطّط التنصيي لن السلمي ينفرون من يتهجّم على نبيهم‬
‫فأمر يكن أن يدث لو كان السلمون يدركون هذه الملت ويعرفونا‪ ،‬ولو أنّ العلم السلميّ‬
‫يفضح ما يقولونه بالتفصيل‪ .‬وإنْ حدث تريب للمخطط التنصيي؛ فلنّ هذا الدين مفوظ بفظ‬
‫ال له؛ ولنّ ال عز وجل وعد بانتصاره (يريدون ليطفئوا نور ال بأفواههم وال متمّ نوره ولو كره‬
‫الكافرون) [الصف‪]8:‬‬
‫توقيت هذه الملة برأيك هل يمل دِللت معينة ؟ وهل لا علقة بالرب على ما يسمى‬
‫"بالرهاب" بيث تكون هذه الملة جانبا من جوانب هذه الرب ؟‬
‫يب أن ندرك أنّ الغربيي –عموما‪ -‬ل ينطلقون ف أي عمل من أعمالم إل بعد دراسة وتنسيق‪،‬‬
‫والتنسيق موجود بي الفاتيكان وقادة الدول الغربيّة‪ ،‬ولعلّ من آخر رؤساء الدول الغربية لقاءً للبابا‬
‫هو الرئيس المريكي (بوش)‪ .‬وربْط السلم بالرهاب أمر اتفق الغربيّون وبعض التغرّبي عليه‪ .‬ولو‬
‫عدنا إل الملة الت انطلقت بعد الادي عشر من سبتمب لتأكّد لنا هذا المر‪ ،‬ولكنّهم وجدوا أنّ‬
‫القبال على معرفة السلم وحت الدخول فيه قد ازداد بعد هذه الَمَلت؛ لذلك فكّروا ف حلة‬
‫جديدة للهجوم على شخصيّة الرّسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬وقد بدأها قساوسة ورؤساء كنائس ف‬
‫لمَلت‪.‬‬ ‫الوليات التحدة المريكيّة‪ .‬وها هو الفاتيكان يشاركهم ف هذه ا َ‬
‫هل يكننا أنْ نقول‪ :‬إ ّن هذا التحامل على النب صلى ال عليه وسلم متركز أكثر ف الذهب‬
‫الكاثوليكيّ ؟ أم أنّه متأصل لدى الذاهب السيحيّة الخرى ؟‬
‫إنّ دارسي الستشراق وباصة الفرنسي منه يؤكدون على أنّ الستشراق الفرنسيّ الكاثوليكي هو‬
‫أشد الدارس الستشراقية قسوة وتطرّفا وعنفا ف الجوم على السلم وعلى نبيه صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ .‬ولو رجعنا إل الواجهات بي العلماء السلمي والستشرقي الكاثوليك ف الدول الت كانت‬
‫خاضعة للحتلل الفرنسي لدركنا حجم الُبث الكاثوليكي الستشراقي ف هجمته على السلم‪.‬‬
‫ويكفي مراجعة صحف وملت جعية العلماء السلمي الزائريي ف أثناء الحتلل الفرنسي‬
‫للجزائر‪.‬‬
‫لقد وصل المر بالحتلي الفرنسيي أو ما كان يُطلق عليهم (العمّرين) أنّهم كانوا يطلقون على‬
‫الادمة اسم (فاطمة) فمن أراد أ ْن يبحث عن خادمة يقول‪ :‬إنّه يبحث عن (فاطمة)‪.‬‬
‫والمر ل يتلف بالنسبة للمذاهب النصرانيّة الخرى فيكفي الرجوع إل كتابات "مارتن لوثر"‬
‫مؤسس البوتستانت لنعرف حجم القد والكراهيّة للسلم والسلمي والرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ .‬ومّا يؤكد على العداء البوتستانت هو ما نشاهده من بوث ودراسات تقوم با مؤسسات‬
‫بروتستانتيّة ومراكز بوث وأقسام علمية ف هذه الؤسّسات لدراسة أوضاع السلمي ف أوروبا‬

‫‪99‬‬
‫وأمريكا‪ .‬فهناك دراسات واسعة قام با مدير مركز العلقات النّصرانيّة السلميّة بامعة "بيمنجهام"‬
‫ببيطانيا حول السلمي ف أوروبا‪ .‬وكذلك ما قامت به جامعة نيويورك من عقد دورات لدراسة‬
‫السلمي ف أوروبا‪ .‬وقد عقد معهد دراسة الديان بامعة "ليدن" بولندا مؤتره السنويّ بعنوان‬
‫(التغيات الدينيّة ف سياق متعدد) تركزت العديد من بوثه حول السلمي ف أوروبا‪.‬‬
‫كيف ترى هذه الفارقة ‪ :‬منظمة يعمل تت لوائها ‪ 85‬ألف قسيس ‪ ،‬و ‪ 450‬ألف جعية دينية ‪،‬‬
‫وأكثر من مليون مدرس يوبون العال كله‪ ،‬قرية قرية‪ ،‬ومدينة مدينة‪ ،‬وهي تلك ‪ 42‬ألف مدرسة‪ ،‬و‬
‫‪ 1600‬مستشفى‪ ،‬و ‪ 6000‬مؤسسة لساعدة الحتاجي‪ ،‬و‪ 780‬ملجأ لرضى السرطان‪ ،‬و‪12‬‬
‫مؤسسة خيية واجتماعية حول العال ‪ .‬وتيّش أكثر من مليون شخص لسابا بريّة مطلقة ف حي‬
‫أن الؤسسات الدعويّة و الغاثيّة السلميّة ‪ ،‬تاسب حسابًا عسيا ويضيّق عليها؟‬
‫نعم إنّها لفارقة كبية ومزنة ما نشاهده من ضخامة الهد التنصييّ وسكوت العال عنه‪ ،‬بينما تقوم‬
‫الدنيا ول تقعد لقيام بضع مؤسسات إسلميّة إغاثيّة‪ .‬نعم الرقام التنصييّة ضخمة‪ ،‬ول يكن‬
‫مقارنتها با يقوم به السلمون‪ ،‬ومع ذلك فإ ّن الغربيي وباصة أمريكا –زعيمة من يزعم ماربة‬
‫الرهاب‪ -‬ل تتوقف عن ماربة المعيّات والؤسسات السلميّة‪ .‬ولكنْ يب أل يغيب عن بالنا‬
‫الدّعم الذي تلقاه النظمات التنصييةّ من الكومات الغربيّة بينما يندر هذا التأييد من الدول‬
‫السلميّة للمنظمات السلمية الغاثية والدعويّة‪ .‬ومع كل ذلك علينا أن نتذكر أنّهم ينفقون هذه‬
‫الموال الت ستكون عليهم حسرة‪ ،‬ث يُغلبون كما جاء ف الية الكرية ( فسينفقونا ث تكون عليهم‬
‫حسرة ث يغلبون‪[ )..‬النفال‪]36:‬‬
‫هل للمد الستشراقي دور ف إذكاء هذه الحاولت لتشويه صورة النب صلى ال عليه وسلم ؟ وهل‬
‫مازال الفاتيكان يستفيد من الستشراق ؟ وما قولك فيمن يرى أن الستشراق والديث عنه أصبح‬
‫جزءا من فترة تارييّة ماضية ؟‬
‫نعم للمدّ الستشراقي دور ف هذه الملت فالستشراق –ف الغالب‪ -‬والتنصي وجهان لعمله‬
‫واحدة؛ فالَُنصّر عندما يعمل ف البلد السلميّة ل بد أن يكون مستشرقا‪ :‬عارفا بالسلم واللغات‬
‫الت يتكلمها السلمون‪ ،‬عارفا بتاريهم وعقيدتم وثقافتهم‪ .‬وقد انطلق الستشراق ف أصله ونشأته‬
‫وجذوره من الكنيسة فمنها بدأ وإليها يعود‪.‬‬
‫ول شك أنّ الستشراق اليطال وعناية الفاتيكان به كبية‪ .‬وهو مال مازال باجة إل دراسة عميقة‬
‫لعرفة ما يدور ف الوساط الستشراقية اليطاليّة‪ .‬وحبذا لو قام السلمون اليطاليّون بثل هذه‬
‫الدراسات‪.‬‬
‫أما القول بأن الستشراق والديث عنه أصبح جزءا من فترة تاريية ماضية فل يقول ذلك إلّ‬
‫شخصٌ ل يعرف الستشراق‪ ،‬ول يدري ما الستشراق‪ .‬يكفي الطّلع على مواقع أقسام دراسات‬
‫الشرق الوسط‪ ،‬والعاهد للدراسات السلميّة ف الغرب ليدرك عمق الرتباط بي الستشراق القدي‬
‫التمثل ف كبار الستشرقي" ك جولدزيهر" و"مارغليوث" و"شاخت" و"كولسون" ليدرك أنّ‬

‫‪100‬‬
‫الستشراق قائم ومستمر‪ .‬ولو بثنا ف الراجع والكتب الت يستقي منها خباء الشرق الوسط‬
‫العاصرين لدركنا أنّ الستشراق ل يت وإنْ تّ إدخال بعض التعديلت على أشكال الهتمام‬
‫وطريقة تناول قضايا العال السلمي‪.‬‬
‫ولقد وجد الستشرقون ف بعض أبناء البلد العربيّة السلميّة من يقوم بالهمة نيابة عنهم ف الجوم‬
‫على السلم وتاريه وقيمه وأخلقه‪.‬‬
‫بعد هذه الملة الت تزعّمها الفاتيكان ضد النبّ صلّى ال عليه وسلم ‪ ،‬ما رسالتك إل من يعتقد‬
‫بدوى حِوار الديان ؟‬
‫حِوار الديان أمر يتزعّمه الغرب ف الوقت الاضر‪ ،‬يزعمون به الرّغبة ف التعرّف إل العقائد الخرى‬
‫والتقريب بي الديان‪ ،‬ولكنّ الصل ف الِوار هو أنّنا أصحاب الدعوة ال ّق وعلينا أنْ ننطلق بدعوتنا‬
‫إل عُقر دارهم عملً بقول ال تعال (قل هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية أنا ومن‬
‫اتبعن)[يوسف‪ ]108:‬وقول الرسول صلى ال عليه وسلم ( بلّغوا عنّي ولو آية) وقوله صلى ال عليه‬
‫وسلم (نضّر ال امرأً سع مقالت فبلّغها إل مَن ل يسمعها‪ ،‬فربّ مبلّغٍ أوعى من سامع‪ ،‬أو رب حامل‬
‫فقه إل من هو أفقه منه)‪.‬‬
‫نن نلك الداية والرحة والي للبشرية؛ فعلينا أل نترك فرصة للحوار وباصة أنّ ال عز وجل يعلم‬
‫أنّهم سيطلبون الِوار والدال فأمرنا أل نادلم إلّ بالت هي أحسن( ول تادلوا أهل الكتاب إلّ‬
‫بالت هي أحسن) [العنكبوت‪ ]46:‬وقوله تعال ( ادعُ إل سبيل ربك بالكمة والوعظة السنة‬
‫وجادلم بالت هي أحسن) [النحل‪]125:‬‬
‫أما حِوار الديان ف شكله الال فل يدم أهداف السلمي؛ لنّه يُعقد ف سريّة و نادرا ما يضره‬
‫علماء مسلمون أقوياء‪ ،‬وهو ل ينطلق من أسس ثابتة مثل اعتراف النصارى أو التحاورين النصارى‬
‫برسالة الرسول صلى ال عليه وسلم؛ ل ّن الِوار القيقيّ الذي ينطلق بي أنداد‪ ،‬فإذا كانوا ل‬
‫يعترفون برسالة الرسول صلى ال عليه وسلم فأيّ حوار يكن أن يكون معهم؟‬
‫ولذلك ل ينبغي أنْ يكون الِوار إلّ من قبل مسلمي أقوياء ف عقيدتم عارفي بعقائد النصارى‪ ،‬وأن‬
‫يكون الِوار علنيا‪ ،‬فقد علمت أنم يرصون على ِسرّية هذه الِوارات ما ل يتيح للمسلمي إظهار‬
‫ما عندهم من ال ّق الذي يعرفه النصارى كما يعرفون أبناءهم كما جاء ف قوله تعال ( الذين آتيناهم‬
‫الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)[البقرة‪ ]146:‬وأكدّه أحد الخوة الذين أسلموا ف أمريكا‪،‬‬
‫وكان يدرس اللهوت وهو "روبرت كرين" (عبد الق الفاروق) الذي كان مستشارا للرئيس‬
‫المريكي "ريتشارد نيكسون" حيث عرف زملؤه إقباله على السلم فاجتمعوا به ليستنكروا توجّهه‬
‫إل السلم‪ ،‬وليقولوا له‪ " :‬إنّ لديك مشكلة ونن نريد حلّها" فقال لم ‪ ":‬أنتم تعرفون أنّه ليس‬
‫لديّ مشكلة‪ ،‬وإنّما أنا أتّبع الق الذي تعرفون‪ "..‬فما كان منهم إل أنْ رضخوا للحقّ‪ ،‬واعترفوا معه‬
‫أنّه على الق وأن السلم هو الدّين الق‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫كيف تقيّم موقف الكومات السلميّة من هذا الجوم الذي تبناه الفاتيكان ؟ وهل تتفق من أنّه جزء‬
‫من الملة بسبب دعمه للرساليّات التنصييّة ؟ و ما رأيك ف البلد الت فتحت أراضيها لوفودهم ؟‬
‫يب أل نتوقع الكثي من الكومات السلميّة فهي منشغلة بتثبت أنظمتها‪ ،‬وتقيق الد الدن من‬
‫القبول من شعوبا‪ .‬فكيف تتوقع منها أن تقوم بعمل حقيقي لوقف الجمات التنصيية‪ .‬ولو كان‬
‫الجوم التنصيي على شخصيّة أحد الزعماء العرب السلمي لكان المر متلفا‪ ً،‬لُنّدت الطاقات‬
‫العلميّة المكنة وغي المكنة للذب عن عِرض هذا الزعيم‪.‬‬
‫نعم كثي من الكومات السلميّة فتحت أبواب بلدها للتنصي وأساليبه البيثة الاكرة‪ ،‬وعرفت‬
‫ارتباط هذه البعثات التنصييّة بالدول الغربية‪ ،‬وغضّت الطّرف عن ذلك‪ .‬فل حول ول قوة إل بال‪.‬‬
‫ما واجب المّة السلمة أفرادا ومؤسساتٍ تاه نبيّها ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وإل ماذا تعزو‬
‫ب معينة؟‬
‫خ ٍ‬
‫الضّعف الشعبّ العام تاه هذه القضيّة وانسار التفاعل معها ف أوساط نُ َ‬
‫واجب المّة السلميّة كبي أولً على الستوى الؤسّسات‪ ،‬فهذه الؤسّسات يب أن تسعى إل‬
‫تريك الفراد للعمل ضدّ هذه الَمَلت بكتابة الطابات والعرائض إل الفاتيكان نفسه‪ ،‬وإل‬
‫الكومات الغربيّة تستنكر وتندّد بكل مَنْ ياول تشويه صورة الصطفى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ولنذكّرهم بالصورة العظيمة الت يقدّمها القرآن الكري والسنّة الطهّرة لعيسى السيح عليه السلم‬
‫ولمّه‪.‬‬
‫كما يب على العلم العربّ السلميّ أن يتصدى لذه الملت فيوضّح تفاصيلها ومنطلقاتا‬
‫والقائمي عليها‪ ،‬وأنْ يقدّم للمسلمي القائق عن الديانة النصرانيّة وما مرت به من تريفات‪ .‬لاذا‬
‫يستخدم النصّرون العلم بصورة قويّة؟ أمّا الدعوة السلميّة فما زالت باجة إل استخدام هذه‬
‫الوسيلة أولً ف الدعوة إل الي وإل الداية والرّشاد‪ ،‬ث الذبّ عن رسالة السلم وعن الرّسول صلى‬
‫ال عليه وسلم‪.‬‬
‫أما على الستوى الفرديّ فإ ّن على السلم أنْ يتذكر قولة الصدّيق رضي ال عنه‪" :‬ال ال أنْ يُؤتى‬
‫السلم وأنا حيّ" فجعل نفسه مسؤولً عن السلم كله‪ ...‬فأين نن من تمّل السؤولية؟! وإنّها‬
‫لسؤوليّة يب أ ْن يتحمّلها العلماء وباصة القادرين على الكتابة باللغات الجنبيّة من فرنسيّة وإنليزيّة‬
‫وألانيّة وإيطاليّة ليبعثوا إل الصحف ووسائل العلم الختلفة‪ ،‬وليسلوا الرسائل إل الواقع التنصييّة‬
‫الت تطعن ف السلم وف رسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ب العام تاه هذه القضيّة فذلك لن وسائل إعلمنا انشغلت بلء وقتنا بالتّفاهات‬ ‫أما الضّعف الشع ّ‬
‫والتّسلية والتّرفيه‪ ،‬فكيف بربك نتم بالقضايا الكبى ول شغل للعلم الفضائيّ سوى الفناني‬
‫والفنّانات والهتمام با يزعمونه "البداع ف الغناء والرّقص والتّمثيل"؟! أين العناية بالبداع ف‬
‫الكتابة والتأليف والدّفاع عن السلم وأهله؟!‬
‫===============================‬
‫درس ف النصرة من سلمة بن الكوع رضي ال عنه‬

‫‪102‬‬
‫الكاتب‪ :‬د‪.‬عبدالوهاب بن ناصر الطريري‬
‫أوت سلمة بن الكوع ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬بسطة ف السم فكان أيدًا شديدًا ربا أغار على اليش‬
‫فهزمه وحده‪ ،‬وكان عدّاء ل يُسبق شدًا فهو متوافر القوة‪ ،‬متناسق السم واسع الطو‪.‬‬
‫وكان له خب عاجبٌ يوم الديبية حينما كانت الرسل تتلف بي رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫وأهل مكة تيئ للصلح الذي أزمع النب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬أن يعقده معهم‪ ،‬فلما كانت قائلة‬
‫النهار ذهب سلمة إل شجرة يستظل بظلها فكسح شوكها والتقط ما تناثر منها وهيأ لنفسه مقيلً‬
‫اضطجع فيه عند أصلها‪ ،‬فجاء أربعة من الشركي من أهل مكة فعلقوا سلحهم على الشجرة‬
‫وجلسوا يتحدثون ويقعون ف رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬ولقد كان أهون على سلمة أن‬
‫يسمع سب أبيه وأمه من أن يسمعهم يقعون ف رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬فآذاه ذلك غاية‬
‫الذى فترك الشجرة لم وتول إل شجرة أخرى ليبعد مسامعه عن وقيعة أولئك الشركي ف رسول‬
‫ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬فبينما هو كذلك إذ سع صارخًا ينادي يا للمهاجرين‪ ..‬قُتل اب ُن زنيم‬
‫فظن سلمة أن الشركي نقضوا مسعى الصلح فاخترط سيفه ث شدّ على أولئك الربعة وهم رقود‬
‫فأخذ أسلحتهم فجمعها ف يده ث قال لم‪ :‬والذي أكرم وجه ممدٍ ل يرفع أحدٌ منكم رأسه إل‬
‫ضربته بالسيف‪ ،‬ث جاء بم يسوقهم إل رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬ث جاء عمه عامر بتسعي‬
‫من الشركي حاولوا مناوشة السلمي يسوقهم إل رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬فنظر إليهم‬
‫رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬ث قال‪( :‬دعوهم يكون لم بدء الفجور وثناه) أي‪ :‬يكون لم أول‬
‫الغدر وآخره‪ ..‬ث عفا عنهم رسول ال –صلى ا ل عليه وسلم‪ -‬وصرفهم‪ .‬صحيح مسلم (‪.)1807‬‬
‫إن ف هذه القصة دللت مهمة منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ل نعلم أحدًا أشد حبًا لرسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬من أصحابه الذين آمنوا به‪،‬‬
‫واستنارت أعينهم برؤية مياه‪ ،‬وتعطرت أساعهم بسماع حديثه‪ ،‬وصحبوه ف أحوال حياته وتقلبات‬
‫أموره‪ ،‬فاستكن حبه شغاف قلوبم وخالط لمهم ودمهم وعصبهم فيال لسلمة –رضي ال عنه‪-‬‬
‫ط من الشركي يشاركونه ظل الشجرة‬ ‫وهو يسمع مسبّة رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬من ره ٍ‬
‫الت يقيل تتها‪ ،‬فكم قاسى حينئذٍ من الل النفسي‪ ،‬وكم تدفقت ف دمائه زخات النق والغضب مّا‬
‫سع‪ ،‬ولكنه كظم غيظه وسيطر على عواطفه ول يفرط منه أي تصرفٍ انفعال‪ ،‬مع أنه كان ف‬
‫عنفوان شبابه‪ ،‬وف العشرين من عمره‪ ،‬لقد ترك لم الظل الذي هيأه لنفسه وتنحى عنهم بعيدًا ليكون‬
‫بنأى عن هذا اليذاء الذي ل يستطيع احتماله‪ ،‬ول ينعه أن يُنفذ غضبه ويشفي غيظ قلبه ضعف ول‬
‫ط كامل‪،‬‬ ‫ع قلبًا‪ ،‬القوي بدنًا‪ ،‬السريع عَ ْدوًا‪ ،‬ولكنه تعامل مع مشاعره بانضبا ٍ‬
‫عجز فقد كان الشجا َ‬
‫بعيدًا عن أي تصرفٍ يكن أن يتداعى إل تطوراتٍ غي مسوبة‪ ،‬وتمل الل النفسي باصطبارٍ جيل‬
‫وبصية نافذة‪ ،‬وحت عندما سع الصارخ ينادي با يدل على غدرٍ أو مقتلة ل يُبادر إل قتل هؤلء مع‬

‫‪103‬‬
‫أن الفرصة كانت له مواتية‪ ،‬فقد علقوا أسلحتهم فهم عزل‪ ،‬ورقدوا بغي تيئ أو احتراز‪ ،‬ولكنه‬
‫اكتفى بسوقهم إل النب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬ليكون التصرف من الرجعية العامة للمسلمي‪.‬‬
‫إن سلمة يُقدم للمة من خلل هذا الوقف درسًا بليغًا ف النضباط وقيادة العواطف والسيطرة على‬
‫مشاعر النفعال‪ .‬وعدم الندفاع لردة فعلٍ غي مسوبة أو تصرف غي رشيد رغم قوة الؤثر وشدة‬
‫الستثارة‪.‬‬
‫‪ -2‬كما يلفتنا التعال الخلقي الذي تعامل به النب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬مع هؤلء الذين وقعوا‬
‫فيه بالسبة والتنقص‪ ،‬ومع التسعي الذين جيء بم إليه وهم ياولون مناوشة السلمي‪ ،‬ومع ذلك‬
‫عفى عن الميع وتركهم يبوؤن بأول الغدر وآخره‪ ،‬وكان عفوًا نبويًا كريًا حيث ل يصدر منه –‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ -‬لؤلء توبيخٌ أو ملومة وإنا هو اللق العظيم والصفح الميل‪.‬‬
‫لقد كان أمام النب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬هدفٌ كبي واضح‪ ،‬وهو أن يتم الصلح بينه وبي أهل‬
‫مكة‪ ،‬ولذلك ل يسمح لذه الستفزازات التكررة من رعاع الشركي أن تعرقل مساعيه أو ترف‬
‫وجهته عن هدفه‪ ،‬فكان أقوى من هذه الستثارة‪ ،‬فحجمها بجمها الطبيعي ضمن الدث الذي‬
‫يعايشه‪ ،‬والدف الذي يصمد إليه‪ ،‬ولذا انتهى المر إل ما أراد رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫فتم الصلح وكُتبت الصحيفة‪ ،‬وحصل بذلك الفتح البي وعاد –صلى ال عليه وسلم‪ -‬إل الدينة‬
‫وآيات ال تتنل عليه "إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا"‪.‬‬
‫إن عدم وضوح الهداف وفقدان الطة للعمل يعل المة مرتنة بردّات الفعل التذبذبة‪ .‬وإن‬
‫الستجابات الفردية غي الدروسة يكن أن تعرقل مسية منطلقة‪ ،‬وتدر فرصًا ضخمة‪ ،‬وتهض‬
‫أهدافًا كبية‪.‬‬
‫فصلوات ال وسلمه على من أنزل ال عليه الكتاب وآتاه الكمة "ومن يؤت الكمة فقد أوت خيًا‬
‫كثيًا"‪.‬‬
‫======================‬
‫دروس الرسوم الدناركية‬

‫الكاتب‪ :‬رضي السماك‬


‫مع أفول الشهر الفائت فباير بدأ تدرييا انسار الحتجاجات العنيفة والصاخبة الت اندلعت ف‬
‫معظم البلدان العربية والسلمية ضد الرسوم الدناركية البذيئة السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫الت نشرتا صحيفة «بولند بوست» الدناركية وأعادت نشرها صحف غربية وعربية عديدة‪ ،‬على‬
‫أن ثة دروسا بالغة الهية من هذه العركة ينبغي الستفادة منها واستلهامها من قبل متلف الطراف‬
‫العنية‪:‬‬
‫‪ - 1‬رغم ما تبينه مظاهر الحتجاجات الواسعة من عمق الحاسيس والشاعر الدينية لعامة السلمي‬
‫وقوة غيتا على دينها‪ ،‬با يؤشر على أهية السلح الدين إذا ما أحسن توظيفه عقلنيا ف توحيد‬

‫‪104‬‬
‫الشعوب السلمية ضد أعدائها والتفافها حول قضاياها الصيية إل أنه تبي ف ذات الوقت التغييب‬
‫اللحوظ لذا السلح للدفاع عن قضية السلمي الركزية ‪ -‬القضية الفلسطينية ‪ -‬حيث بيت القدس‬
‫والقدس أول القبلتي وثالث الرمي‪.‬‬
‫أكثر من ذلك وما يثي الدهشة والعجب معا أن تاريا طويلً من مزون المارسات السرائيلية‬
‫واليهودية العنصرية السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم والسلمي‪ ،‬هو من البذاءة والجم التراكم‬
‫با ل يقارن البتة با ظهر من مارسات دناركية‪ ،‬ومع ذلك ل يفعل هذا السلح ول ند كل أشكال‬
‫تلك الحتجاجات ضد الرسوم الدناركية ول بقوتا‪ ،‬يكفي أن نشي إل ما ظهر منها خلل العركة‬
‫الخية بإعادة صحف إسرائىلية عمدا نشر هذه الرسوم‪ ،‬وقبلها بأشهر وتديدا ف أغسطس‬
‫‪ 2005‬عثر على رأس خنير وضعت عليه كوفية كتب عليها اسم نبينا ممد صلى ال عليه وسلم ف‬
‫مسجد حسن بك ف يافا‪ ،‬وقبل ذلك ف يونيو من نفس العام قام حراس صهاينة ف مسجد مدو ف‬
‫فلسطي بتدنيس القرآن الكري‪ ،‬أما الالت الماثلة منذ ظهور الدولة العبية على مدى نصف قرن‬
‫ونيف فهي أكثر ما يصى‪.‬‬
‫‪ - 2‬بقدر ما تظهر معركة الحتجاجات شوليتها العام السلمي فإنا تظهر بنفس القدر غياب‬
‫التنسيق لتفعيل هذا السلح الدين على نو عقلن‪ ،‬وذلك كما تلى ليس ف أعمال الرق‬
‫والعتداءات الت طاولت العلم ومقار وهيئات دبلوماسية واقتصادية للدنارك وبلدانا غربية بل وف‬
‫أخذ البىء منها بريرة الذنب‪ ،‬ذلك أن ثة شركات دناركية عديدة ليست فقط لذنب لا ف هذه‬
‫القضية‪ ،‬الت تتضرر منها هي فحسب بل وقطاعات واسعة من العاملي الدناركيي من بينهم‬
‫مسلمون وعاملون عرب‪ ،‬ل بل إن الدنارك هي أكثر الدول الت آوت واستضافت الطاردين‪،‬‬
‫لسيما من الماعات السلمية‪ ،‬كما أن العارضة الديقراطية الدناركية هي من أكثر من تصدى‬
‫للرسوم السيئة‪ ،‬ناهيك عن الفاتيكان والجلس الوروب ورموز وقوى ديقراطية عالية عديدة ف‬
‫أوروبا والغرب ما يعن أنه من الطأ البالغ وضع الدنارك أو الغرب برمته ف سلة واحدة‪.‬‬
‫‪ - 3‬بيّنت العركة بلء أن بعض الطراف والهات التجارية والنظمة السياسية الشمولية لتتورع‬
‫عن توظيف الدين توظيفا انتهازيا فجا لدمة مصالها‪ ،‬الول لدغدغة مشاعر زبائنها رغم تورطها‬
‫ف أعمال الغش والغلء الفاحش الت تتناف مع السلم‪ ،‬والثانية لصرف أنظار شعوبا عن قضايا‬
‫الصلح النية اللحة (طهران ودمشق وليبيا نوذجا)‪.‬‬
‫‪ - 4‬رغم وجاهة ومشروعية الحتجاجات ضد الساءة إل الرسول صلى ال عليه وسلم إل أن هذه‬
‫الحتجاجات تكشف تدن الوعي الدين بطورة ول أخلقية الساءة إل القيم والبادئ الدينية‬
‫السلمية الخرى كحرمة حياة النسان‪ ،‬وذلك كما تلى ابان الزمة ف غرق العبارة الصرية‪،‬‬
‫ناهيك عن الذابح الماعية العراقية اليومية بق الدنيي البرياء على أيدي من يدعون السلم نفسه‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫‪ - 5‬شاءت القادير أن تكشف الحتجاجات ازدواجية العايي لدى قطاع كبي من السلمي‪ ،‬ففي‬
‫الوقت الذي يدينون فيه الغرب «الصليب» لتدنيس أو الساءة إل معتقداتم فإنم ليتورعون عن‬
‫مارسة هذه الوبقات تاه مقدساتم الدينية ف العراق بتفجي القبة وحرق الساجد‪.‬‬
‫‪ - 6‬مع أن السلم أكثر ديانات العال ف قيم التسامح فإن استمرار انفجار مزون الغضب الذي‬
‫ولدته الرسوم أظهرنا وكأننا نرفض العتذارات مهما تكررت ومهما كانت واضحة وحازمة‪.‬‬
‫‪ - 7‬غاب الدل العقلن حول مرامي الصحف العربية والعالية الت أعادت نشر الرسوم‪ ،‬فمنها من‬
‫ابتغى ذلك استفزازا ومنها من أراد إطلع الرأي العام العرب أو العالي على حقيقتها‪ ..‬فالسؤال‪:‬‬
‫أليس من حق الرأي العام العرب والسلمي الطلع عليها ولو من باب الحاطة قبل أن يتفجر‬
‫غضبا من التسليم مقدما ببذاءتا؟‬
‫صحيفة الشرق القطرية‬
‫========================‬
‫دفاعا عن نب الرحة‬

‫نداء الق والعدالة‪ ...‬عن لسان مُستشرق مُنصف!‬


‫د‪ .‬زيد الحيميد*‬
‫ردا على ما نُشر ف الصحيفتي (يلندز بوسطن) الدنركية و(ماغازينت) النرويية‪ ،‬من رسوم مسيئة‬
‫لنب السلم ممد صلى ال عليه وسلم‪ ...‬تسدت بعض العان ف خاطري دفاعا عن نب الرحة وقد‬
‫ارتسمت تلك العان على لسان مستشرق منصف يقول‪ :‬أيها الدعوون‪( ....‬رسامو الكاريكاتي) ف‬
‫الصحيفتي‪ ،‬لقد آلنا أشد الل وبعث ف أنفسنا نن الباحثي من الستشرقي الشرفاء أشد الرارة لا‬
‫بدر منكم‪ ،‬ومن أقلمكم (البيئة) منكم كباءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب عليه السلم‪،‬‬
‫فتصرفكم أرعن شاذ كشذوذ عقولكم وما اقترفته أيديكم من رسم شيطان لرجل نعتبه من أعظم‬
‫عظماء التاريخ‪ ،‬ول يد الدهر بثله أبدا‪ ،‬والدين الذي جاء به أوف الديان وأتها وأكملها‪ ،‬فلقد‬
‫استطاع توحيد العرب بعد شتاتم‪ ،‬وأنشأ فيهم أمة موحّدة فتحت العال العروف يومئذ‪ ،‬وجاء لا‬
‫بأعظم ديانة حفظت للناس حقوقهم وواجباتم وأصول تعاملهم‪ ،‬على أسس ومعايي دستورية تعد من‬
‫أرقى دساتي العال وأكملها‪ ،‬والكلم الذي سقناه ليس منقولً من العرب‪ ،‬بل من كافة النصفي‪،‬‬
‫وإن أردت كلما دقيقا فأرعوا سعكم لا قاله (مايكل هارت) ف كتابه (مائة رجل ف التاريخ)‪ ،‬حيث‬
‫قال‪( :‬إن اختياري ممدا‪ ،‬ليكون الول ف أهم وأعظم رجال التاريخ‪ ،‬قد يدهش القراء‪ ،‬ولكنه‬
‫الرجل الوحيد ف التاريخ كله الذي نح أعلى ناح على الستويي‪ :‬الدين والدنيوي)‪ ،‬وف نفس‬
‫العن يقول (سنرست السوجي) أستاذ اللغات السامية‪ ،‬ف كتابه (تاريخ حياة ممد)‪( :‬إننا ل ننصف‬
‫ممدا إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحيد الزايا‪ ،‬فلقد خاض مم ٌد معركة الياة‬
‫صرّا على مبدئه‪ ،‬وما زال يارب الطغاة حت انتهى به الطاف‬ ‫الصحيحة ف وجه الهل والمجية‪ ،‬مُ ِ‬

‫‪106‬‬
‫إل النصر البي‪ ،‬فأصبحت شريعته أكمل الشرائع‪ ،‬وهو فوق عظماء التاريخ‪ )...‬ويقول الفكر‬
‫الفرنسي العاصر (بوازار) ف كتابه (إنسانية السلم)‪( :‬تسهم شخصية النب صلى ال عليه وسلم‬
‫وأفعاله وتصرفاته وأقواله ف صياغة (الروح السلمية)‪ .‬فليس ف البشرية كلها اسم أكثر شعبية‬
‫وشيوعا من اسم ممد أو معادله (أحد) أو (ممود)‪ .‬وهناك عاطفة إجلل شعب تكاد تتخذ صورة‬
‫التفان والوفاء الشخصي‪ ،‬تشكّل عنصرا من أكثر العناصر حفزا ف حياة الماهي السلمية‬
‫وتفكيها‪ ،‬مساهة ف الفاظ على نوع من التماثل الوهري ف الجتمع)‪ ،‬وف هذا السياق يقول‬
‫الستشرق اللان (برتلي سانت هيلر) ف كتابه (الشرقيون وعقائدهم)‪( :‬كان ممد رئيسا للدولة‬
‫وساهرا على حياة الشعب وحريته‪ ،‬وكان يعاقب الشخاص الذين يترحون النايات حسب أحوال‬
‫ب بي ظهرانيها‪ ،‬فكان النبّ داعيا إل ديانة‬
‫زمانه وأحوال تلك الماعات الوحشية الت كان يعيش الن ّ‬
‫الله الواحد‪ ،‬وكان ف دعوته هذه لطيفا ورحيما‪ ،‬حت مع أعدائه‪ .‬وإن ف شخصيته صفتي ها من‬
‫أج ّل الصفات الت تملها النفس البشرية‪ ،‬وها‪( :‬العدالة والرحة)‪ ،‬من أجل هذا كله نطالبكم أن‬
‫تعتذروا لتباع ممد عما بدر منكم ل سيما أننا ندرك من عظيم أخلق ممد أنه يقبل العتذار‬
‫ويصفح عن الطأ والرية‪ ،‬ومن ذلك اعتذار عبد ال بن الزبعري‪ ،‬الذي كان يؤذي ممدا بالبذيء‬
‫من الكلم فلما أسلم قال شعرا‪:‬‬
‫يا رسول الليك إن لسان‬
‫راتق ما فتقت إذ أنا بور‬
‫إذ أباري الشيطان ف سنن الغي‬
‫ومن مال ميله مثبور‬
‫آمن اللحم والعظام لرب‬
‫ث قلب الشهيد أنت النذير‬
‫ونن نقول لكم (رسامو الكاركاتي) إن منفذ أقلمكم الضيق انطلق ما احتشد به من أفكار شيطانية‬
‫ف عقولكم الريضة‪ ،‬فبادروا بالعتذار لرجل عظيم مات قبل ‪ 1400‬سنة‪ ،‬وأقول لكم ما قاله أحد‬
‫أصحاب ممد عندما قال‪:‬‬
‫هجوت ممدا‪ ،‬فأجبت عنه‬
‫وعند ال ف ذلك الزاء‬
‫أتجوه ولست له بكفء‬
‫فشركما ليكما الفداء‬
‫فإن أب ووالده وعرضي‬
‫لعرض ممد منكم وقاء‬
‫وعلى هذا النوال لنا ف سية ممد خي برهان‪ ،‬فقد عفا عن قريش العدو اللد له‪ ،‬ومن تواضعه لربه‬
‫أنه دخل مكة وهو متطامن حت إن ليته لتمس رحل ناقته تواضعا ل وخشوعا‪ ،‬فلم يدخل وهو‬

‫‪107‬‬
‫الظافر النتصر دخول الظّلمة البارين السفاكي الدماء البطاشي بالبرياء والضعفاء‪ ،‬لذا فالسلمون‬
‫على امتداد التاريخ ل يكونوا قط أمة تب إراقة الدماء وترغب ف الستلب والتدمي‪ ،‬بل كانوا على‬
‫الضد من ذلك‪ ،‬أمة موهوبة‪ ،‬جليل الخلق والسجايا‪ ،‬تواقة إل ارتشاف العلوم‪ ،‬مسنة ف اعتبار‬
‫نعم التهذيب‪ ،‬تلك النعم الت انتهت إليها من الضارات السابقة‪ .‬ويقول ‪( Zaborouriski‬إن‬
‫النس العرب ممع عليه بأنه من أشرف الجناس البشريه‪ ،‬ونن معجبون كغينا من الباحثي‪،‬‬
‫بعظمته وسو استعداده‪ ،‬كعزة النفس وغيها)‪.‬‬
‫(رسامو الكاريكاتي) يتعيّن عليكم أن تتذكّروا أن السلمي قد احترموا مشاعر غي السلمي منذ‬
‫عصور الزدهار والنهضة السلمية إل يومنا هذا‪ ،‬عصر ضعفهم وعجزهم‪ ،‬ول يشوّهوا نبيا من‬
‫النبياء ول يتقروا أحدا من الناس‪ ،‬وأنتم أيها الضعفاء تفعلون ذلك! أل تافون عقوبة ولعنة ربانية‪،‬‬
‫تنل عليكم وعلى من سار على نجكم؟! ويقول أحد علماء السلمي السابقي (ابن تيمية) ف تليل‬
‫تاريي دقيق‪( :‬إنّ ال منتقمٌ لرسوله من طعن عليه وسَبّه‪ ،‬ومُ ْظهِرٌ لِدِيِنهِ وِلكَ ِذبِ الكاذب إذا ل يُكّن‬
‫الناس أن يقيموا عليه الد‪ ،‬ونظي هذا ما حَدّثَنَا به أعدادٌ من السلمي العُدُول‪ ،‬أهل الفقه والبة‪،‬‬
‫عمّا جربوه مراتٍ متعددةٍ ف َحصْارِ الصون والدائن الت بالسواحل الشامية‪ ،‬لّا حاصر السلمون‬
‫لصْنَ أو الدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو‬ ‫صرُ ا ِ‬
‫فيها بن الصفر ف زماننا‪ ،‬قالوا‪ :‬كنا نن نَحا ِ‬
‫سبّ رسولِ ال والوقيع ِة ف عرضِه َتعَجّلنا فتحه‬ ‫متن ٌع علينا حت نكاد نيأس منه‪ ،‬حت إذا تعرض أهُلهُ لِ َ‬
‫وتَيسّر‪ ،‬ول يكد يتأخر إل يوما أو يومي أو نو ذلك‪ ،‬ث يفتح الكان عنوة‪ ،‬ويكون فيهم ملحمة‬
‫عظيمة‪ ،‬قالوا‪ :‬حت إن كنا َلنََتبَا َشرُ بتعجيل الفتح إذا سعناهم يقعون فيه‪ ،‬مع امتلء القلوب غيظا‬
‫عليهم با قالوا فيه)‪.‬‬
‫ث إنكم (رسامو الكاريكاتي) ل تنتبهوا إل مسألة مهمة قد يلحقكم من جرائها خسائر فادحة بسبب‬
‫القاطعة الحتملة لبضائعكم من قبل العرب والسلمي‪ ،‬ذلك بأنم يغارون على نبيهم أكثر من غيتم‬
‫على أنفسهم‪ ...‬فإن ل يكن ثة خلق يردع فليس أقل من عقل يعي ويسمع! وأخيا أقول لكم‪ ،‬بق‬
‫هذه المانة‪ ،‬أمانة (القلم) الذي م ّن ال به علينا وجعلنا من أهله لنسهم به ف كل ميدان إصلح‬
‫وتنوير‪ ...‬وأعرض عليكم (رسامو الكاريكاتي) أن تنتهوا عن أفعالكم الشينة‪ ،‬فما يفعل فعلتكم إل‬
‫ساذج أو أحق‪ .‬فبادروا بالعتذار‪ ....‬ث نن قد كتبنا ما كتبنا ميبي لنداء الق والعدالة‪ ،‬ومنصفي‬
‫ل متحيزين‪ ..‬متطلعي لغد أكثر إشراقا وحوار حضاري أكثر ترسخا وأطيب أثرا‪...‬‬
‫* أكاديي سعودي‬
‫‪zeidlolo@hotmail. com‬‬
‫===========================‬
‫دور الرأة وفقه السنّة‪ ..‬قبل الدفاع عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫ليلى الحدب*‬

‫‪108‬‬
‫كنت من أوائل الذين كتبوا ف صفحات الرأي منبهي إل الطأ الذي ارتكبه رئيس الوزراء‬
‫الدناركي بعدم إدانته للسخرية من رسول ال عليه الصلة والسلم والت قام با بعض رسامي‬
‫الكاريكاتي الدناركيي‪ ،‬ويعود فضل السبق الذي أحرزتُه ‪ -‬بعد ال سبحانه ‪ -‬إل صحيفة الوطن‬
‫لنا أول من نشر الب بالتفصيل منذ شهرين تقريبا ما دعان إل كتابة مقال "لاذا الجوم على‬
‫السلم ورسوله؟" والذي نشر بتاريخ ‪5/12/2005‬؛ ومع أن "الوطن" تابعت تداعيات الب‬
‫وتتابعت معها مقالت بعض الكتاب والكاتبات حول نفس الوضوع‪ ،‬فإن بعض الذين استلّوا‬
‫أقلمهم للدفاع عن الرسول عليه الصلة والسلم ما زالوا يهاجون "الوطن" ويتهمونا بأنا تغريبية‬
‫وأن أغلب كتابا علمانيون أو طابور خامس؛ ولكن الجوم على "الوطن" وكتابا يهون إذا ما قورن‬
‫با تفوّه به هؤلء على رموز الوطن نفسه؛ ومع أن بعضهم حاول التلطيف من أسلوبه لغاية ف نفس‬
‫يعقوب فإنه ل يفوّت الفرصة ليعلن أن وجود النساء ف وفود خارجية قد يؤذي مشاعر بعض‬
‫الشباب "التحمس" لدرجة قد يقوم با ببعض ردود الفعل غي الرغوبة‪ ،‬ويكن بسهولة لن يقرأ بعض‬
‫ما كتب ف مواقع النترنت الصولية أن يعلم مدى تربص هؤلء ليبروا العمال الرهابية الت تضرّ‬
‫الوطن ويبأ منها الدين‪.‬‬
‫دعونا ف البداية نناقش اعتراضاتم لنرى مدى شرعيتها وخاصة أنم من يتجلببون بعباءات الشرع‪،‬‬
‫وبالطبع هذا النقاش ليس ليقتنعوا به‪ ،‬فهم قد آلوا على أنفسهم أل يقتنعوا إل بأفكارهم ما دام الدين‬
‫‪ -‬حسب رأيهم‪ -‬حكرا عليهم ول يعلمه إل الراسخون ف العلم من أمثالم‪ ،‬لكن غاية النقاش أن‬
‫يعلم بعض تلمذتم مدى ضعف حججهم وضخامة غوغائيتهم؛ وتتمثل هذه العتراضات ف تواجد‬
‫النساء ف بعض الوفود الارجية وهو ما يعن اختلطهن بالرجال وف كشف وجوههن وف سفرهن‬
‫من غي مرم؛ وإذا بدأنا باصطحاب النساء ف السفر فهي سنة الصطفى عليه الصلة والسلم‪ ،‬سواء‬
‫كن أمهات الؤمني أو غيهن‪ ،‬ومن العلوم أن بعض الصحابيات كن يتطاولن لنيل ذلك الشرف‬
‫خاصة ف الغزوات ومنها تلك الت حدثت بعد فرض الجاب كغزوة خيب وحني‪ ،‬وإذا كان الهاد‬
‫ف العهد النبوي تثّل بعد استقرار الدولة السلمة والتمكي لا ف الدينة النورة بالهاد القتال فإن‬
‫أحد أهم أركان هذا الهاد هو إعداد القوة الادية‪ ،‬وهو الركن الفروض على المة سواء كان‬
‫التمكي لا أم لغيها‪ ،‬أي سواء كان الهاد القتال مفروضا عليها أم ل؛ وف حال غياب هذا‬
‫التمكي ‪ -‬كما هو حال السلمي اليوم‪ -‬فإن قوة اليان وحدها ل تكفي ول بد من التماس القوة‬
‫الادية سواء على الصعيد الداخلي بإعلء قيم تاسك الجتمع أو على الصعيد الارجي بفتح البواب‬
‫الوصدة أمام السلمي وهو ما يدخل ف إطار السياسة الشرعية الت تصبّ ف الصلحة العامة‪،‬‬
‫وبالتأكيد فإن مصلحة السلمي عامة ‪ -‬وليس مصلحة السعوديي فحسب‪ -‬تكمن ف تقدي نوذج‬
‫مشرق لسلم وسطي معتدل يعطي الرأة حقوقها ف السرة والجتمع‪ ،‬ول يفى على عاقل أن‬
‫وجود النساء ف تلك الوفود البارك يتضمن إشارةً واضحةً لسياسة الملكة الصلحية ف تسّكها‬
‫بالصالة دون أن تعن تلفا عن ركب العاصرة‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫أما مشاركة النساء للرجال ف بناء الجتمع فهي أصل موجود ف القرآن الكري وف السنة الطهرة‪،‬‬
‫فالولية بي الؤمني والؤمنات الت تد ّل عليها الية الكرية‪( :‬والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء‬
‫بعض يأمرون بالعروف وينهون عن النكر) ل يكن أن تتحقق بدون هذا اللتقاء‪ ،‬ومن العلوم أن ثة‬
‫ضوابط تكم هذه الشاركة ومنها التزام الرأة باللباس الشرعي الكوّن من المار الساتر للشعر‬
‫والنحر‪ ،‬والثوب السابغ للجسد‪ ،‬وذلك لن السلم يقوم على دعامتي‪ :‬دعامة من الخلق الفردية‬
‫كالغض من البصر‪ ،‬ودعامة من الخلق الجتماعية كالتزام النساء بالحتشام والعفة؛ وقد ذكرت ف‬
‫مقالت عديدة أن وجه الرأة ليس فيه فتنة إل إذا نظر الرجل بشهوة‪ ،‬والمر بالغض من البصر قد‬
‫ورد ف القرآن للرجال والنساء‪ ،‬أما إذا غطت الرأة وجهها وكفيها وتسربلت بالسواد العريض من‬
‫قمة رأسها إل أخص قدميها‪ ،‬لا‪ ،‬فعمّ يغض الرجل بصره؟ يب أن نقول للمصرّين على هذا الفهم‬
‫الاطئ والذين يشون على أنفسهم حت من سواد الثياب‪ :‬القصود بالبصر هو الاسة الت ملّها‬
‫العي‪ ،‬وليس تيلت الرجل وأوهامه وهواجسه بشأن ما غطّته الثياب السابغة‪ ،‬وذلك لن اليالت‬
‫قد تعنو للمريض النفسي فيتخيل امرأة داخل ثياب معروضة ف واجهة مل للزياء‪ ،‬فهل ننع عرض‬
‫الزياء ف الحلت با فيها العباءات السوداء؟ حاشا القرآن أن يقول كلمةً ل داعي لا‪ ،‬وحاشا‬
‫القرآن أن يطئ لنه إذا كان القصود تغطية الوجه ف عبارة (وليضربن على جيوبن)‪ ،‬لوجب أن‬
‫تستبدل بعبارة (وليضربن على وجوههن) كما قال المام ابن حزم‪ ،‬ويكفي بالديث الروي ف‬
‫البخاري‪(:‬ل تنتقب الرأة ول تلبس القفازين) دللة على عدم اعتبار الوجه والكفي عورة داخل‬
‫الحرام حت يكون ذلك عورة خارجه‪ ،‬ولن قال بالسدال فهو مرد خيار لن اعتادت ف قبيلتها أو‬
‫قومها ستر الوجه وليس فرضا على جيع السلمات‪.‬‬
‫وأما الدليل على جواز سفر الرأة من غي مرم عند المن ووجود الثقات؛ فهو ما رواه البخاري ف‬
‫صحيحه أن عمر رضي ال عنه أذن لزواج النب ف آخر حجة حجّها فبعث معهن عثمان بن عفان‬
‫وعبد الرحن بن عوف‪ ،‬فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحن ونساء النب على ذلك‪ ،‬ول ينكر غيهم‬
‫من الصحابة عليهن ف ذلك‪ ،‬وهذا يعتب إجاعا؛ وكذلك ما رواه الشيخان من حديث عدي بن‬
‫حات فقد حدثه النب عليه الصلة والسلم عن مستقبل السلم وانتشاره‪ ،‬وارتفاع منارة ف الرض‬
‫فكان ما قال‪(:‬فوالذي نفسي بيده ليتمن ال هذا المر حت ترج الظعينة من الية حت تطوف‬
‫بالبيت ف غي جوار أحد‪ )..‬ويضيف الدكتور يوسف القرضاوي قاعدتي جليلتي‪ :‬الول‪ :‬إن‬
‫الصل ف أحكام العاملت هو اللتفات إل العان والقاصد بلف أحكام العبادات فإن الصل فيها‬
‫هو التعبد والمتثال‪ ،‬دون اللتفات إل العان والقاصد‪ ،‬كما قرر ذلك المام الشاطب ووضحه‬
‫واستدل له؛ والثانية‪ :‬إن ما ُحرّم لذاته ل يباح إل للضرورة‪ ،‬أما ما حُرم لسد الذريعة فيباح للحاجة‪،‬‬
‫ول ريب أن سفر الرأة بغي مرم ما حُرم سدا للذريعة؛ إضافة إل أن السفر ف عصرنا ل يعد‬
‫كالسفر ف الزمنة الاضية مفوفا بالخاطر لا فيه من اجتياز الفلوات والتعرض للصوص وقطاع‬
‫الطرق وغيهم؛ بل أصبح السفر بواسطة وسائل نقل تمع العدد الكثي من الناس ف العادة‪،‬‬

‫‪110‬‬
‫كالبواخر والطائرات والسيارات الكبية أو الصغية الت ترج ف قوافل‪ ،‬وهذا يعل الثقة موفورة‬
‫ويطرد من النفس الوف على الرأة‪ ،‬لنا لن تكون وحدها ف موطن من الواطن‪.‬‬
‫الغريب ف المر أن بعض هؤلء الخوة العترضي صفقوا للدكتورة ري الطويرقي الت ظهرت ف‬
‫فرنسا بنقابا‪ ،‬ولكنهم تغاضوا عن كشفها ليديها‪ ،‬فما السبب؟ وعلى أي نص استندوا بأن الوجه له‬
‫حكم غي حكم اليدين؟ بالطبع ل يكن أن ند جوابا لديهم خاصة أن التذبذب ف أمر الجاب‬
‫موجود لديهم ولدى غيهم‪ ،‬على سبيل الثال أبدى أحد الكتاب وجهة نظره باقتناعه بأن الوجه‬
‫والكفي ليسا بعورة ف إحدى مقالته‪ ،‬لكن لا ظهرت صورة الطويرقي قارنا‪ -‬ف مقالة أخرى ‪-‬‬
‫مع الالسة إل جانبها فاعتب الطويرقي رافعة رأسها شامة ف حي أن من بانبها منكوسة الرأس‪،‬‬
‫علما بأن الت بانبها التزمت بالجاب الذي كان يدعو له ف القالة الول؛ وربا غاب عنه وعن‬
‫غيه أن هذه السيدة ليست سوى الدكتورة سهي يوسف القرضاوي‪.‬‬
‫هذا التذبذب أو هذا الهل ‪ -‬سَمّه ما شئت ‪ -‬هو أحد أسباب تلفنا ولكن السبب الرئيسي الذي‬
‫ل يعلنا نرتقي لدرجة شرف الدفاع عن أكرم اللق هو أننا تركنا سنته ف حسن الظن بالؤمني‬
‫والبتعاد عن التنابذ والتفرق والتبديع والتفسيق والتكفي فوصفنا الختلفي معنا بالارقي عن الدين أو‬
‫الرويبضة أو منكوسي الرؤوس‪ ،‬واعتب كل منا جاعته أو طائفته أو فرقته هي الماعة السنية والفرقة‬
‫الناجية والطائفة النصورة‪ ،‬مع أن حديث اختلف المة إل بضع وسبعي فرقة حديث فيه كلم؛‬
‫ومع أن ال أمر النب عليه الصلة والسلم أن يبأ من فرقوا دينهم شيعا فقال ج ّل من قائل‪ (:‬إِنّ‬
‫ت مِْنهُمْ فِي َش ْيءٍ ِإنّمَآ َأ ْم ُرهُمْ ِإلَى الّلهِ ثُمّ ُينَبُّئهُم بِمَا كَانُواْ‬
‫س َ‬
‫الّذِينَ َفرّقُوْا دِيَنهُ ْم وَكَانُواْ ِشيَعا لّ ْ‬
‫َي ْفعَلُونَ)‪.‬‬
‫*طبيبة وكاتبة ومستشارة اجتماعية‬
‫============================‬
‫ذكر النب الات ووصف أمته ومكان دعوته ما زال بي سطور التوراة‬

‫الكاتب‪ :‬الدكتور ممد عبد الالق شريبة‬


‫قال ال تعال‪ (:‬الّذِينَ َيتِّبعُونَ الرّسُو َل النّبِ ّي ا ُلمّيّ الّذِي يَجِدُوَنهُ مَكْتُوبًا عِن َدهُمْ فِي الّت ْورَا ِة وَالِْنجِيلِ‬
‫ح ّرمُ َعلَْيهِمُ الْخَبَآِئثَ َوَيضَعُ َعْنهُمْ‬‫يَ ْأ ُم ُرهُم بِالْ َم ْعرُوفِ َويَْنهَاهُ ْم عَ ِن الْمُن َك ِر وَُيحِلّ َلهُمُ الطّيّبَاتِ َويُ َ‬
‫صرُوهُ وَاتَّبعُوْا النّورَ الّ ِذيَ أُنزِلَ َم َعهُ‬
‫ص َرهُمْ وَا َلغْلَلَ الّتِي كَاَنتْ َعلَْيهِمْ فَالّذِي َن آمَنُوْا ِبهِ َو َع ّزرُو ُه وََن َ‬
‫ِإ ْ‬
‫ك هُمُ الْ ُمفْلِحُونَ)[سورة العراف‪.]157 :‬‬ ‫ُأوْلَِئ َ‬
‫ف نسخ التوراة الالية ف سفر أشعياء الصحاح ‪ ، 63 - 59‬تكي لنا التوراة عن صفات الرض‬
‫الديدة الت ستكون موطنا لليان على الرض ويستفيض النص ف شرح صفات هذه الرض‬
‫ووصف النب الات الذي سيبعث فيها ووصف أمته ‪ ..‬وهذه الصفات قاطعة أنا خاصة بالنب صلى‬
‫ال عليه وسلم وموطن دعوته ووصف أمته ‪..‬وبالرغم من بعض اللفاظ الواضح إقحامها على النص‬

‫‪111‬‬
‫إقحاما ؛ فإنه ما زال يشتمل على الصفات الت ل يكن حلها إل على مكة وعلى النب صلى ال عليه‬
‫وسلم وعلى أمته ‪ ..‬والنص يبدأ بإيضاح أن الظلم قد انتشر ف الرض ‪ ،‬وأن الراب قد عم‬
‫ربوعها ‪ ،‬ول يبق با إل الشر والفساد ‪ ،‬وأن ال قد غضب على الناس وعلى بن إسرائيل الذين‬
‫حادوا عن الق ‪ ،‬واتكلوا على الباطل والث ‪ ،‬وكذبوا على ال ‪ ..‬ولذلك كان لبد من ظهور شس‬
‫أخرى ‪ ،‬وبزوغ فجر جديد لعلء الق ف الرض‪ ..‬وف وسط ذلك الو العام من السخط اللي‬
‫والغضب على شعب إسرائيل وعلى ما صار إليه حال المم ند إقحاما غريبا يفيد بأن ال راض‬
‫عليهم وعلى نسلهم من بعدهم للبد‪..‬هكذا بدون مقدمات!!‪،‬ث يبدأ النص ف الديث عن الرض‬
‫الت سيأت نورها ويشرق عليها مد ال بينما الظلم الدامس يغطي باقي الرض‪ ..‬ويستفيض النص با‬
‫ل يدع مال للشك أن الكلم عن مكة ‪ ،‬وفجأة أيضا بدون مقدمات تد إقحاما غريبا للفظ ابنة‬
‫صهيون أو أورشليم!!‪ ..‬والنص كله يظهر بوضوح أنه يتحدث عن الرض الديدة الت ستصبح‬
‫معقل لليان والصلح على الرض بعد خرابا وما حل عليها من ظلم وفساد وبعد عن طريق ال ‪،‬‬
‫وعن الشعب الذي سيث الرض ‪ ،‬وعن نب آخر الزمان الذي سيسله ال ليصلح الرض بعد‬
‫فسادها وليبشر الساكي ويرج الناس من الظبلمات إل النور ‪ ،‬ولكي ينتقم به ال من أعدائه ويكون‬
‫وسيلته للتعبي عن سخطه وغضبه على المم الت اتبعت الباطل والث وزاغت عن طريق الق ‪..‬‬
‫‪ 1: 59‬ها ان يد الرب ل تقصر عن ان تلص و ل تثقل اذنه عن ان تسمع‬
‫‪ 2 : 59‬بل اثامكم صارت فاصلة بينكم و بي الكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حت ل يسمع‬
‫‪ 3 : 59‬لن ايديكم قد تنجست بالدم و اصابعكم بالث شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج‬
‫بالشر‬
‫‪ 4 : 59‬ليس من يدعو بالعدل وليس من ياكم بالق يتكلون على الباطل ويتكلمون بالكذب قد‬
‫حبلوا بتعب وولدوا اثا‬
‫‪ 5 : 59‬فقسوا بيض افعى و نسجوا خيوط العنكبوت الكل من بيضهم يوت والت تكسر ترج‬
‫افعى‬
‫‪ 6 : 59‬خيوطهم ل تصي ثوبا و ل يكتسون باعمالم اعمالم اعمال اث و فعل الظلم ف ايديهم‬
‫‪ 7 : 59‬ارجلهم إل الشر تري و تسرع إل سفك الدم الزكي افكارهم افكار اث ف طرقهم‬
‫اغتصاب وسحق‬
‫‪ 8 : 59‬طريق السلم ل يعرفوه و ليس ف مسالكهم عدل جعلوا لنفسهم سبل معوجة كل من‬
‫يسي فيها ل يعرف سلما‬
‫‪ 9 : 59‬من اجل ذلك ابتعد الق عنا و ل يدركنا العدل ننتظر نورا فاذا ظلم ضياء فنسي ف ظلم‬
‫دامس‬
‫‪ 10 : 59‬نتلمس الائط كعمي و كالذي بل اعي نتجسس قد عثرنا ف الظهر كما ف العتمة ف‬
‫الضباب كموتى‬

‫‪112‬‬
‫‪11 : 59‬نزار كلنا كدبة و كحمام هدرا ندر ننتظر عدل و ليس هو وخلصا فيبتعد عنا‬
‫‪ 12 : 59‬لن معاصينا كثرت امامك و خطايانا تشهد علينا لن معاصينا معنا واثامنا نعرفها‬
‫‪ 13 : 59‬تعدينا وكذبنا على الرب وحدنا من وراء النا تكلمنا بالظلم والعصية حبلنا و لجنا من‬
‫القلب بكلم الكذب‬
‫‪ 14 : 59‬وقد ارتد الق ال الوراء و العدل يقف بعيدا لن الصدق سقط ف الشارع والستقامة ل‬
‫تستطيع الدخول‬
‫‪ 15 : 59‬وصار الصدق معدوما والائد عن الشر يسلب فراى الرب وساء ف عينيه انه ليس عدل‬
‫‪ 16 : 59‬فراى انه ليس انسان و تي من انه ليس شفيع فخلصت ذراعه لنفسه و بره هو عضده‬
‫‪ 17 : 59‬فلبس الب كدرع و خوذة اللص على راسه و لبس ثياب النتقام كلباس واكتسى‬
‫بالغية كرداء‬
‫‪ 18 : 59‬حسب العمال هكذا يازي مبغضيه سخطا واعداءه عقابا جزاء يازي الزائر‬
‫‪ 19 : 59‬فيخافون من الغرب اسم الرب و من مشرق الشمس مده عندما يات العدو كنهر فنفخة‬
‫الرب تدفعه‬
‫‪ 20 : 59‬و يات الفادي ال صهيون و ال التائبي عن العصية ف يعقوب يقول الرب(!!!)‬
‫‪ 21 : 59‬اما انا فهذا عهدي معهم قال الرب روحي الذي عليك و كلمي الذي وضعته ف فمك‬
‫ل يزول من فمك و ل من فم نسلك و ل من فم نسل نسلك قال الرب من الن و ال البد‬
‫‪ 1 : 60‬قومي استنيي لنه قد جاء نورك و مد الرب اشرق عليك ‪ 2 : 60‬لنه ها هي الظلمة‬
‫تغطي الرض و الظلم الدامس المم اما عليك فيشرق الرب ومده عليك يرى‬
‫‪ 3 : 60‬فتسي المم ف نورك و اللوك ف ضياء اشراقك‬
‫‪ 4 : 60‬ارفعى عينيك حواليك و انظري قد اجتمعوا كلهم جاءوا اليك يات بنوك من بعيد و تمل‬
‫بناتك على اليدي‬
‫‪ 5 : 60‬حينئذ تنظرين و تنيين و يفق قلبك و يتسع لنه تتحول اليك ثروة البحر و يات اليك غن‬
‫المم‬
‫‪ 6 : 60‬تغطيك كثرة المال بكران مديان و عيفة كلها تات من شبا تمل ذهبا ولبانا وتبشر‬
‫بتسابيح الرب‬
‫‪ 7 : 60‬كل غنم قيدار تتمع اليك كباش نبايوت تدمك تصعد مقبولة على مذبي و ازين بيت‬
‫جال‬
‫‪ 8 : 60‬من هؤلء الطائرون كسحاب وكالمام ال بيوتا‬
‫‪ 9 : 60‬ان الزائر تنتظرن وسفن ترشيش ف الول لتات ببنيك من بعيد و فضتهم و ذهبهم معهم‬
‫لسم الرب الك‬
‫‪ 10 : 60‬وبنو الغريب يبنون اسوارك وملوكهم يدمونك لن بغضب ضربتك وبرضوان رحتك‬

‫‪113‬‬
‫‪ 11 : 60‬و تنفتح ابوابك دائما نارا وليل ل تغلق ليؤتى اليك بغن المم وتقاد ملوكهم‬
‫‪ 12 : 60‬لن المة و الملكة الت ل تدمك تبيد و خرابا ترب المم‬
‫‪ 13 : 60‬مد لبنان اليك يات السرو والسنديان و الشربي معا لزينة مكان مقدسي و امد موضع‬
‫رجلي‬
‫‪ 14 : 60‬و بنو الذين قهروك يسيون اليك خاضعي و كل الذين اهانوك يسجدون لدى باطن‬
‫قدميك و يدعونك مدينة الرب صهيون قدوس اسرائيل(!!!)‬
‫‪ 15 : 60‬عوضا عن كونك مهجورة ومبغضة بل عابر بك اجعلك فخرا ابديا فرح دور فدور‬
‫‪ 16 : 60‬و ترضعي لب المم و ترضعي ثدي ملوك و تعرفي ان انا الرب ملصك ووليك عزيز‬
‫يعقوب(!!!)‬
‫‪ 17 : 60‬عوضا عن النحاس ات بالذهب و عوضا عن الديد ات بالفضة و عوضا عن الشب‬
‫بالنحاس و عوضا عن الجارة بالديد و اجعل وكلءك سلما وولتك برا‬
‫‪ 18 : 60‬ل يسمع بعد ظلم ف ارضك و ل خراب او سحق ف تومك بل تسمي اسوارك خلصا‬
‫وابوابك تسبيحا‬
‫‪ 19 : 60‬ل تكون لك بعد الشمس نورا ف النهار ول القمر يني لك مضيئا بل الرب يكون لك‬
‫نورا ابديا والك زينتك‬
‫‪ 20 : 60‬ل تغيب بعد شسك و قمرك ل ينقص لن الرب يكون لك نورا ابديا و تكمل ايام‬
‫وحك‬
‫‪ 21 : 60‬و شعبك كلهم ابرار ال البد يرثون الرض غصن غرسي عمل يدي سأتجد‬
‫‪ 22 : 60‬الصغي يصي الفا والقي امة قوية انا الرب ف وقته اسرع به‬
‫‪ 1 : 61‬روح السيد الرب علي لن الرب مسحن لبشر الساكي ارسلن لعصب منكسري القلب‬
‫لنادي للمسبيي بالعتق و للماسورين بالطلق‬
‫‪ 2 : 61‬لنادي بسنة مقبولة للرب و بيوم انتقام للنا لعزي كل النائحي‬
‫‪ 3 : 61‬لجعل لنائحي صهيون لعطيهم جال عوضا عن الرماد و دهن فرح عوضا عن النوح‬
‫ورداء تسبيح عوضا عن الروح اليائسة فيدعون اشجار الب غرس الرب للتمجيد‬
‫‪ 4 : 61‬و يبنون الرب القدية يقيمون الوحشات الول ويددون الدن الربة موحشات دور‬
‫فدور‬
‫‪ 5 : 61‬و يقف الجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم‬
‫‪ 6 : 61‬اما انتم فتدعون كهنة الرب تسمون خدام النا تاكلون ثروة المم وعلى مدهم تتامرون‬
‫‪ 7 : 61‬عوضا عن خزيكم ضعفان و عوضا عن الجل يبتهجون بنصيبهم لذلك يرثون ف ارضهم‬
‫ضعفي بجة ابدية تكون لم‬

‫‪114‬‬
‫‪ 8 : 61‬لن انا الرب مب العدل مبغض الختلس بالظلم و اجعل اجرتم امينة و اقطع لم عهدا‬
‫ابديا‬
‫‪ 9 : 61‬و يعرف بي المم نسلهم و ذريتهم ف وسط الشعوب كل الذين يرونم يعرفونم انم‬
‫نسل باركه الرب‬
‫‪ 10 : 61‬فرحا افرح بالرب تبتهج نفسي بالي لنه قد البسن ثياب اللص كسان رداء الب مثل‬
‫عريس يتزين بعمامة و مثل عروس تتزين بليها‬
‫‪ 11 : 61‬لنه كما ان الرض ترج نباتا وكما ان النة تنبت مزروعاتا هكذا السيد الرب ينبت‬
‫برا و تسبيحا امام كل المم‬
‫‪ 1 : 62‬من اجل صهيون ل اسكت و من اجل اورشليم ل اهدا (!!!)حت يرج برها كضياء‬
‫وخلصها كمصباح يتقد‬
‫‪ 2 : 62‬فترى المم برك و كل اللوك مدك و تسمي باسم جديد يعينه فم الرب ‪3 : 62‬‬
‫وتكوني اكليل جال بيد الرب و تاجا ملكيا بكف الك‬
‫‪ 4 : 62‬ل يقال بعد لك مهجورة و ل يقال بعد لرضك موحشة بل تدعي حفصيبة وارضك‬
‫تدعى بعولة لن الرب يسر بك وارضك تصي ذات بعل‬
‫‪ 5 : 62‬لنه كما يتزوج الشاب عذراء يتزوجك بنوك وكفرح العريس بالعروس يفرح بك الك‬
‫‪ 6 : 62‬على اسوارك يا اورشليم(!!!)اقمت حراسا ل يسكتون كل النهار وكل الليل على الدوام يا‬
‫ذاكري الرب ل تسكتوا‬
‫‪ 7 : 62‬ول تدعوه يسكت حت يثبت و يعل اورشليم تسبيحة ف الرض‬
‫‪ 8 : 62‬حلف الرب بيمينه و بذراع عزته قائل ان ل ادفع بعد قمحك ماكل لعدائك ول يشرب‬
‫بنو الغرباء خرك الت تعبت فيها‬
‫‪ 9 : 62‬بل ياكله الذين جنوه و يسبحون الرب و يشربه جامعوه ف ديار قدسي‬
‫‪ 10 : 62‬اعبوا اعبوا بالبواب هيئوا طريق الشعب اعدوا اعدوا السبيل نقوه من الجارة ارفعوا‬
‫الراية للشعب‬
‫‪ 11 : 62‬هوذا الرب قد اخب ال اقصى الرض قولوا لبنة صهيون هوذا ملصك ات ها اجرته معه‬
‫و جزاؤه امامه‬
‫‪12 : 62‬و يسمونم شعبا مقدسا مفديي الرب وانت تسمي الطلوبة الدينة غي الهجورة‬
‫‪ 1 : 63‬من ذا الت من ادوم بثياب حر من بصرة هذا البهي بلبسه التعظم بكثرة قوته انا التكلم‬
‫بالب العظيم للخلص‪..‬‬
‫‪ 2 : 63‬ما بال لباسك ممر وثيابك كدائس العصرة ‪ 3 : 63‬قد دست العصرة وحدي ومن‬
‫الشعوب ل يكن معي احد فدستهم بغضب ووطئتهم بغيظي فرش عصيهم على ثياب فلطخت كل‬
‫ملبسي‬

‫‪115‬‬
‫‪ 4 : 63‬لن يوم النقمة ف قلب وسنة مفديي قد اتت‬
‫‪ 5 : 63‬فنظرت ول يكن معي و تيت اذ ل يكن عاضد فخلصت ل ذراعي و غيظي عضدن‬
‫‪ 6 : 63‬فدست شعوبا بغضب واسكرتم بغيظي و اجريت على الرض عصيهم‬
‫والنص كله كما ترون يتكلم عن مدينة ال الديدة ‪ ،‬وعن نب آخر الزمان الذي سيبعثه ال ليث‬
‫الرض هو وأمته ويقيم الق فيها بعد انتشار الظلم والفساد ‪ ..‬ويرج الناس من الظلمات إل النور‬
‫‪ ..‬وينتقم به ال من أعدائه ‪..‬‬
‫والنص يستفيض ف شرح الحوال والظروف الت كانت تسود الرض والت سبقت بعثة النب –‬
‫صلى ال عليه وسلم – ( آثامكم صارت فاصلة بينكم وبي إلكم‪ ..‬أيديكم تنجست بالدم‪..‬حبلوا‬
‫بتعب وولدوا إثا‪..‬فقسوا بيض أفعى‪..‬أعمالم أعمال إث وفعل الظلم ف أيديهم ‪..‬ليس من يدعو‬
‫بالعدل وياكم بالق‪..‬أرجلهم إل الشر تري وتسرع إل سفك الدم الزكي‪..‬طريق السلم ل‬
‫يعرفوه‪..‬تعدينا وكذبنا على الرب‪..‬ارتد الق إل الوراء‪ ..‬وصار الصدق معدوما‪..‬معاصينا كثرت‬
‫أمامك وخطايانا تشهد علينا‪..‬ننتظر نورا فإذا ظلم ضياء فإذا ظلم دامس‪ ..‬فرأى أنه ليس إنسان‬
‫وتي من أنه ليس شفيع… ) وتلك الحوال والظروف ل تتمع كلها معا ‪ ،‬ول تكن بذا السوء إل‬
‫قبل بعثة النب‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬الذي جاء بعد فترة من إنقطاع الرسل على الرض ‪ ،‬وهذه‬
‫الظروف ل تكن هكذا قبل بعثة السيح عليه السلم ‪ ،‬كما أن قوله (فرأى أنه ليس إنسان) متوافق مع‬
‫حال البشرية قبل بعثة الرسول‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ، -‬ول يتوافق مع حالا قبل بعثة السيح ؛‬
‫فالرض ل تكن تلو من الصالي والؤمني الذين يدعون إل الي ‪ ،‬بل إن السيح قد بعث ف‬
‫وجود يوحنا العمدان (يي بن زكريا) عليهما السلم‪.‬‬
‫وف النص إشارة واضحة لا قام به علماء بن إسرائيل من تريف الكتاب والكذب على ال ‪: 59‬‬
‫‪(13‬تعدينا وكذبنا على الرب وحدنا من وراء إلنا تكلمنا بالظلم والعصية حبلنا ولجنا من القلب‬
‫بكلم الكذب)‪..‬‬
‫وف النص إشارة إل النور الذي سيشرق على الميي ف هذه الرض ‪ ( 3 : 60‬فتسي المم ف‬
‫نورك ) والمم هنا ليست ترجة لكلمة ‪ nations‬كما هو متوقع ولكن ترجة لكلمة ‪gentiles‬‬
‫وتترجم بالعربية إل الميي وهم المم من غي أهل الكتاب ‪..‬ويقول قاموس الكتاب القدس عن هذا‬
‫اللفظ أن اليهود يستخدمونه على المم الخرى من غيهم ‪ ،‬فهم يعتبون أنفسهم حلة الرسالت‬
‫وشعب ال الختار ‪ ،‬ويقول أيضا أن اليهود يستخدمونه كمصطلح لحتقار المم الخرى من غي‬
‫اليهود باعتبارها أمم وثنية ‪ ..‬وبالطبع يرفض النصارى هذا التقسيم باعتبارهم أيضا من أهل الكتاب ‪،‬‬
‫وهذا هو الق عند السلمي وهو أن هذا اللفظ كان يستخدم لوصف المم من غي أهل الكتاب قبل‬
‫ظهور السلم كما يبنا القرآن الكري ‪:‬‬
‫(وقل للذين أوتوا الكتاب والميي أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا)‪ .‬آل عمران ‪( ..20‬ومن أهل‬
‫الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار ل يؤده إليك إل ما دمت عليه‬

‫‪116‬‬
‫قائما ذلك بأنم قالوا ليس علينا ف الميي سبيل) آل عمران ‪.. 75 :‬وهم الذين بعث فيهم النب –‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ( -‬هو الذي بعث ف الميي رسول منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم‬
‫الكتاب والكمة ) المعة ‪(.. 2‬الذين يتبعون النب المي الذي يدونه مكتوبا عندهم ف التوراة‬
‫والنيل) ‪..‬العراف ‪( ..157‬فآمنوا بال ورسوله النب المي الذي يؤمن بال وكلماته واتبعوه‬
‫لعلكم تتدون) العراف ‪.. 158‬‬
‫وند ف النص إشارة واضحة إل قوافل البل الت كانت تأت من جنوب الزيرة العربية والشار إليها‬
‫بملكة سبأ ‪ ( 6 : 60‬تغطيك كثرة المال بكران مديان وعيفة كلها تأت من شبا ) وهذه النبؤة ل‬
‫تتحقق للقدس ‪ ،‬بل تققت لكة ‪ ،‬ولبد لذه النبؤة أن تكون قد حدثت بالفعل ف الاضي ؛ فقد‬
‫انتهى عصر البل وعصر القوافل‪..‬‬
‫وكذلك ند ف نص أشعياء السابق إشارة واضحة إل نر الذبائح (كل غنم قيدار تب إليك ‪،‬كباش‬
‫نبايوت تدمك ‪ ،‬تصعد مقبولة على مذبي)‪.‬‬
‫وذلك يؤكد أن الكلم عن مكة وليس بيت القدس ؛ لن القدس ليس لا علقة بغنم قيدار بن‬
‫إساعيل الذي تنسب إليه قبائل مكة ‪ ،‬والذي يبنا الكتاب القدس أنه قد سكن ف بلد العرب‬
‫( وحي من جهة بلد العرب…يفن كل مد قيدار )‪ ..‬كما أنه ل يفى على أحد أن نر الذبائح‬
‫هو أحد مناسك الج ف السلم ‪.‬‬
‫وف النص السابق ند إشارة واضحة إل الطرق الت يسلكها الجاج لداء فريضة الج ‪:‬‬
‫‪ 6 :60‬تغطيك كثرة المال بكران مديان وعيفة كلها تأتى من شبا تمل ذهبا ولبانا وتبشر‬
‫بتسابيح الرب‪.‬‬
‫‪ 8 :60‬من هؤلء الطائرون كسحاب وكالمام إل بيوتا‪.‬‬
‫‪ 9 :60‬إن الزائر تنتظرن و سفن ترشيش ف الول لتأت ببنيك من بعيد و فضتهم و ذهبهم معهم‬
‫لسم الرب إلك‪.‬‬
‫فالول تتحدث عن المال ‪ ،‬والثانية يتعجب التحدث من هؤلء الطائرين كسحاب أو حام ول‬
‫يعرف ما هم وهو إشارة واضحة إل الطائرات ‪ ،‬والثالثة تشي إل السفن‪ ..‬و(ترشيش) ل يدد‬
‫قاموس الكتاب القدس ما القصود با فقال أن هذا السم كان مشهورا أيام سليمان عليه السلم ‪،‬‬
‫وقال أيضا أنه اسم كان يطلق على مكان ف أسبانيا أثناء حكم العرب ‪ ،‬ورجح ف النهاية أنه لفظ‬
‫يطلق على كل السفن الضخمة ‪.‬‬
‫وف النص أيضا إشارة لصفة الصحابة رضي ال عنهم ‪ (9 : 61‬و يعرف بي المم نسلهم و ذريتهم‬
‫ف وسط الشعوب كل الذين يرونم يعرفونم انم نسل باركه الرب ) ‪ ( 11 : 61‬لنه كما أن‬
‫الرض ترج نباتا وكما أن النة تنبت مزروعاتا هكذا السيد الرب ينبت برا و تسبيحا أمام كل‬
‫المم)وهي الصفة الت ذكرها القرآن ف سورة الفتح ‪( :‬ممد رسول ال ‪ ،‬والذين معه أشداء على‬
‫الكفار رحاء بينهم ‪ ،‬تراهم ركعا سجدا يبتغون فضل من ال ورضوانا ‪ ،‬سيماهم ف وجوههم من‬

‫‪117‬‬
‫أثر السجود ‪ ،‬ذلك مثلهم ف التوراة ومثلهم ف النيل ‪ ،‬كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ‬
‫فاستوى على سوقه ) ‪..‬‬
‫وند ف النص إشارة إل حدوث النصر والفتح على يد آبائنا الوائل من السلمي ‪ ،‬وإل ما فعلهوه‬
‫من تطهي الرض وتنقيتها من الجارة والصنام ‪(10 : 62‬اعبوا اعبوا بالبواب هيئوا طريق‬
‫الشعب أعدوا أعدوا السبيل نقوه من الجارة ارفعوا الراية للشعب)‪..‬‬
‫وند ف النص إشارة إل غي العرب الذين يبنون أسوار مكة ‪ ( 10: 60‬وبنو الغريب يبنون أسوارك‬
‫) ‪ ،‬وكم من اليدي العاملة الن وذوي البات من متلف القطار يعملون فيها ‪ ،‬ويشيدون قلعها‬
‫تت الرض وفوق الرض ‪..‬‬
‫وند إشارة واضحة إل كثرة الثروات والكنوز الت سيمن ال با على هذه الرض‪ ( 5 : 60‬تتحول‬
‫إليك ثروة البحر ويؤتى إليك غن المم ) ‪ ،‬والثروات والكنوز ل تكن للقدس أبدا ‪ ،‬وإنا لكة الت‬
‫تعد من أغن بقاع الرض‪ )1(..‬ل أرى تفسيا لملة ( تتحول إليك ثروة البحر ) إل تلك الكنوز‬
‫البترولية الضخمة النائمة ف قاع البحر الحر والليج العرب والت حولت الزيرة العربية من صحراء‬
‫قاحلة إل بقعة تعج بالموال والثروات ‪.‬‬
‫وف النص السابق أيضا إشارة إل انتشار دولة السلم وتولا من الضعف والقلة إل القوة والكثرة ؛‬
‫فالمة الت بدأت برجل ضعيف يدعو إل ربه سرا متخفيا من أعدائه قد صار أمة قوية وملك الرض‬
‫من مشرقها إل مغربا‪ ..‬وبشر الساكي وأخرج من البس الأسورين ‪ ..‬وأخرج الناس جيعا من‬
‫ظلمات الكفر والشرك إل عبادة ال الق ‪ ..‬وانتقم به ال من أعدائه وعزى به كل النائحي ‪60 ..‬‬
‫‪ ( 22 :‬الصغي يصي ألفا والقي أمة قوية أنا الرب ف وقته أسرع به ‪ ،‬روح السيد الرب علي لن‬
‫الرب مسحن لبشر الساكي أرسلن لعصب منكسري القلب لنادي السبيي بالعتق والأسورين‬
‫بالطلق لنادي بسنة مقبولة للرب و بيوم انتقام للنا لعزي كل النائحي)‪..‬‬
‫وليخبنا أهل الكتاب عن نب اجتمعت فيه صفات التحول إل القوة والكثرة بعد الضعف والقلة‬
‫وجع بي تبشي الساكي وتعزية النائحي وبي النتقام من أعداء ال غي نبينا الكري صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪..‬‬
‫وند إشارة إل مياث أمة السلم للمم الخرى‪( 6 : 61‬اما انتم فتدعون كهنة الرب تسمون‬
‫خدام النا تاكلون ثروة المم وعلى مدهم تتآمرون) ‪ ..‬وليس أدل على مياث أمة السلم للمم‬
‫الخرى من أن أرض الشرق الت تشمل بلد الشام والبلد العربية وبلد فارس ؛ تلك الرض الت‬
‫كانت معقل لنشأة وانتشار الرسالت السابقة ‪ ،‬وتكاد تلو الرض الن من عبادة ال إل منها ‪،‬‬
‫وتكاد تغطي الرض نزعات اللاد والادية والطبيعية فيما سواها ‪ ،‬والت يكاد ينحصر كلم الكتاب‬
‫القدس نفسه بعهديه القدي والديد عليها وعلى تاريخ المم والنبياء با‪..‬قد صارت كلها إسلمية!(‬
‫وال غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون )!!‬

‫‪118‬‬
‫وف النص أيضا إشارة واضحة إل أن الناس سوف يقصدون هذه الرض ويطلبون زيارتا ‪ ،‬وأنا‬
‫ستكون الرض العمورة !! ‪(12 : 62‬وأنت تسمي الطلوبة الدينة غي الهجورة)‬
‫وليخبنا الذين يملون النبوءة على القدس ‪ :‬مت تققت تلك الصفات للقدس ف يوم من اليام ؟!!‬
‫وهذه الصفات ل بد أن تكون قد تققت بالفعل كما أوضحنا ‪ ..‬ول معن لا يدعيه اليهود من أن‬
‫هذه النبؤة ل تتحقق بعد ‪ ،‬وأن هذا الخلص الذي سوف ينتصر لم ‪ ،‬ويدوس العال بقدمه ‪ ،‬ويلطخ‬
‫بعصي الناس من غي اليهود ملبسه ل يأت بعد!!‪..‬وما زالوا منتظرين!!‬
‫ويبنا معجم الطرق القدية ( إنشنت تراد روتس ) أن إدوم بدأت من النهاية النوبية للبحر اليت‬
‫إل مساحات من الصحراء العربية ‪ ،‬وأنا امتدت من هذا الط لتشمل كل الراضي على الساحل‬
‫الشرقي للبحر الحر ‪..‬‬
‫وتمع كتب الديث على أن النب – صلى ال عليه وسلم – كان يلبس حلة حراء ل ير أجل منه‬
‫ول أبى منه أحد قط ‪ ،‬بل ل ير أجل منه شيء قط!!‪..‬فقد روي عن الباء رضي ال عنه أنه قال ف‬
‫صفة رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪( : -‬لقد رأيته ف حلة حراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه)‬
‫متفق عليه‪..‬‬
‫ول يتلف أحد من الولي والخرين ف أن النب – صلى ال عليه وسلم – كان يرج ف غزواته‬
‫بنفسه وحوله قوته من الصحب الكرام رضي ال عنهم‪..‬‬
‫وتبنا كتب السي أن مدينة بصرى بالشام (بصرة كما ورد ف النص ) وهي تنطق بضم الباء وهي‬
‫مكتوبة ف النسخة النليزية هكذا ‪:‬‬
‫(‪) BUZRA‬‬
‫تبنا كتب السي أنا كانت مركز تاري هام يصل منه أهل مكة على اللبس والبضائع وذلك عن‬
‫طريق القوافل التجارية‪..‬‬
‫وأعود الن لطرح نفس التساؤل عن ذلك النب الذي سيبعثه ال ويأت آخر الزمان لكي يقيم الق‬
‫ف الرض ‪ ،‬ويستمر مده ومد مدينته إل قيام الساعة ‪ ،‬وأكرر نفس السؤال الذي ورد ف النص‪:‬‬
‫من ذا الت من ادوم بثياب حر من بصرة ؟ من هذا البهي بلبسه التعظم بكثرة قوته؟‬
‫هل يكون ذاك النب هو موسى عليه السلم ؟!‬
‫بالطبع ل‪ ..‬فموسى ل يأت من إدوم ‪ ،‬كما أن النص يشي لنب يأت بعد أن يعم الراب ف الرض ‪،‬‬
‫وينتشر الفساد ف ربوعها ؛ فيبعثه ال لصلحها ‪ ،‬ويب النص أيضا أن مده ومد أمته يستمر إل‬
‫البد ‪ ،‬ول يدع أحد أن موسى كان آخر النبياء ‪ ،‬ما يعل حل النص على موسى غي وارد على‬
‫الطلق ‪..‬‬
‫هل يكون السيح عليه السلم ؟!‬
‫بالطبع ل أيضا ‪ ..‬فالسيح ل يأت من إدوم ‪ ،‬ول يكن عليه السلم يرتدي ملبس مستوردة من‬
‫بصرى ! ول يكن له أيضا قوة عظيمة يرج فيها‪..‬كما أن تلك الصفات ل يتحقق منها شيء على‬

‫‪119‬‬
‫القدس بعد بعثة السيح عليه السلم ؛ فلم تأت إليها البل من جنوب الزيرة العربية!!! ول تتمع‬
‫إليها أغنام قبائل مكة!!! ول يل با أمن أو أمان ‪ ،‬بل إن أول ما حدث بعد رحيل السيح عليه‬
‫السلم هو اضطهاد تلميذه وفررارهم ف ربوع الرض! ‪ ،‬وتاريخ القدس على مر العصور خي شاهد‬
‫على الظلم والدمار وسفك الدماء ‪ ،‬ول زالت القدس حت الن تعان الراح ‪ ،‬وتشتكي اللم ‪،‬‬
‫ولزال شعارها الرفوع دائما هو الرض ( مقابل السلم!!) ‪..‬كما ل يزعم أحد من الولي أو‬
‫الخرين أن ال قد بعث السيح عليه السلم لكي ينتقم به من أعدائه أو ليدوس الشعوب التمردة‬
‫على ربا بقدمه ويرش عصيهم على ثيابه ويلطخ كل ملبسه !! ‪ ،‬وبذلك فل يكن حل النص أيضا‬
‫على السيح عليه السلم‪..‬‬
‫إذن فمن يكون ذلك الخي الذي بعثه ال لصلح الرض بعد إفسادها ؟!!‬
‫من يكون ذاك الذي أيده ال بالقوة الروحية فبشر الساكي وعصب منكسري القلب ونادى السبيي‬
‫بالعتق والأسورين بالطلق وعزى النائحي ‪ ،‬وأيده بالقوة الادية فانتقم من أعداء ال وداس‬
‫الشعوب التمردة على ربا بقدمه ورش عصيهم على ثيابه ولطخ كل ملبسه ؟!!!‬
‫من يكون ذلك البهي التعظم ف كثرة قوته ؟!!‬
‫من يكون إذن يا ترى ؟!!!!‬
‫ويعود النص ليؤكد أن المن والسلم ها شعار هذه الرض ؛ فيخب أن أبوابا تفتح ول تغلق ‪ ،‬وأنا‬
‫ل يظلم فيها أحد بعد اليوم ول يل با خراب ‪:‬‬
‫‪ 11 :60‬وتنفتح أبوابك دائما نارا وليل ل تغلق ليؤتى إليك بغن المم وتقاد ملوكهم‪.‬‬
‫‪ 18 :60‬ل يسمع بعد ظلم ف أرضك و ل خراب أو سحق ف تومك بل تسمي أسوارك خلصا‬
‫وأبوابك تسبيحا ‪.‬‬
‫وهذا الكلم ل ينطبق أبدا علي القدس كما قلنا‪ ..‬أليست القدس هي أرض الظلم ‪ ،‬وأرض الراب ‪،‬‬
‫وأرض الروب والناعات إل اليوم؟!!‬
‫أليست تدم البيوت بالدبابات ‪ ،‬ويقتل الغلمان بالرشاشات ‪ ،‬ول تكاد تسمع فيها سوى صوت‬
‫النفجارات ؟!!‬
‫ث إن أبوابا تغلق أكثر ما تفتح !!‪.‬‬
‫هل يصر الن عاقل أن هذا النص يتحدث عن القدس؟!!‬
‫إذا أصر على رأيه فإن عليه أن يقتل التاريخ ‪ ،‬وإن ل يستطع أن يقتل التاريخ فليقتل حت آرييل‬
‫شارون!!!‬
‫أما مكة فهي الرض الطمئنة ‪ ،‬والبلد العمورة ‪ ،‬الت ل تقام فيها الروب ‪ ،‬ول تسفك فيها الدماء ‪،‬‬
‫ول تغلق أبدا أبوابا ‪ ،‬ولن تغلق أبدا ؛ لنا الرض الت وطأتا خي قدم ‪ ،‬واستظل بسمائها أكرم‬
‫بشر ‪ ،‬وعاش عليها النب الحمد ‪ ،‬الذي رفع ال قدره ‪ ،‬وأعلى شأنه ‪ ..‬حت قبل أن يبعثه ‪..‬حت قبل‬
‫أن يلقه ‪..‬حت قبل أن يلق العال ‪..‬‬

‫‪120‬‬
‫‪EDOM‬‬
‫‪e’-dom‬‬
‫‪GEOGRAPHY‬‬
‫‪The country of Edom began at a line from the south end of the‬‬
‫‪Dead Sea stretched to the Arabian desert areas to the east. From‬‬
‫‪this line, Edom claimed all the land south to the Red Sea, and‬‬
‫‪farther along the east coast of the Red Sea. How far south‬‬
‫‪depended on daily politics, since it is nothing but desert for the‬‬
‫‪most part. However,it included part of the Incense Route which‬‬
‫‪.extends farther south to Sheba the Yemen area today‬‬
‫نسخة ما ذكره معجم الطرق القدية عن ملكة إدوم‬
‫‪http://www.ancientroute.com/empire/edom.htm‬‬
‫وترجته بالعربية ‪((:‬إدوم بدأت من النهاية النوبية للبحر اليت إل مساحات من الصحراء العربية إل‬
‫الشرق ‪ ،‬ومن هذا الط امتدت إدوم لتشمل كل الراضى جنوب البحر الحر والراضي على طول‬
‫الساحل الشرقى للبحر الحر‪..‬والزء النوب من إدوم كان عبارة عن أرض صحراوية متدة‬
‫واشتملت إدوم على جزء من طريق البخور يتد جنوبا إل شيبا والت تثل منطقة اليمن حاليا)) ‪.‬‬
‫لراسلة مؤلف القال‪:‬‬
‫‪Doctor_abdelkhalek@yahoo.com‬‬
‫جيع حقوق الوقع مفوظة‬
‫لوسوعة العجاز العلمي ف القرآن والسنة‬
‫==========================‬
‫رؤية النب صلى ال عليه وسلم ف النام‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬جال السين أبوفرحة‬


‫روى البخاري ف صحيحه عن النب – صلى ال عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪" :‬من رآن ف النام فقد رآن‬
‫فإن الشيطان ل يتمثل ب"‪ . .‬وقال ‪" :‬من رآن فقد رأى الق فإن الشيطان ل يتكونن"‪.‬‬
‫وقد أساء بعض الناس – ف رأيي ‪ -‬فهم هذين الديثي وأمثالما من الحاديث الشريفة الت تتحدث‬
‫عن رؤيته – صلى ال عليه وسلم – ف النام‪ ،‬فضلوا وأضلوا؛ فظنوا أن كل من رأى ف النام أنه رآه‬
‫فقد رآه حقيقة‪ ،‬وظنهم باطل؛ بدليل أن الرائي قد يراه مرات على صور متلفة‪ ،‬ويراه الرائي على‬
‫صفة‪ ،‬وغيه على صفة أخرى‪ ،‬ول يوز أن تتلف صور النب – صلى ال عليه وسلم – ول صفاته‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫وإنا معن الديث – ف رأيي – أن من رآن على صورت الت خلقت عليها فقد رآن؛ إذ ل يتمثل‬
‫الشيطان ب؛ فلم يقل‪ :‬من رأى أنه رآن‪ ،‬وإنا قال‪ ":‬من رآن ف النام فقد رآن"‪ .‬وأنّى لذا الذي‬
‫رأى أنه رآه ف منامه أنه رآه على صورته القيقية؟‪ .‬ما ل يكن الرائي صحابيًا قد رأى النب – صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬قبل موته‪.‬‬
‫فحت صفته – صلى ال عليه وسلم– الروية ف كتب الديث والسي فهي من العموم الذي ل ينع‬
‫الشتراك فيها معه‪ ،‬وليست كرؤية العي حت يزم الرائي برؤيته له – صلى ال عليه وسلم‪. -‬‬
‫ومن هنا فإن رؤيته – صلى ال عليه وسلم – ف النام آمرًا‪ ،‬أو ناهيًا‪ ،‬أو مظهرًا لبه أو كرهه لشيء؛‬
‫ل يترتب عليها أي حكم شرعي‪ :‬من وجوب‪ ،‬أو استحباب‪ ،‬أو إباحة‪ ،‬أو كراهة‪ ،‬أو تري‪ ،‬أو‬
‫ولء‪ ،‬أو براء – كما ظن بعض الناس؛ فضلوا وأضلوا – وإنا يعرض ما يكون من ذلك على القرآن‬
‫والسنة؛ فإن وافقهما فبها ونعمت‪ ،‬وتكون الجة هي الشريعة‪ ،‬أما الرؤيا فللتأنيس فقط ؛ وإن ل‬
‫يوافق ذلك الشريعة رفض ول شك؛ فإن ال تعال ل يقبض إليه رسوله‪ -‬صلى ال عليه وسلم – إل‬
‫بعد أن أكمل الدين‪ ،‬وأت النعمة‪ ،‬وترك المة على الحجّة البيضاء‪ ،‬ليلها كنهارها‪ ،‬ل يزيغ عنها إل‬
‫هالك‪.‬‬
‫د‪ .‬جال السين أبوفرحة‬
‫أستاذ الدراسات السلمية الساعد بامعة طيبة بالدينة النورة‬
‫‪gamalabufarha@yahoo.com‬‬
‫======================‬
‫رب ضارة ناجعة‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬عبدال الربيعي‬


‫الفعل الذي ارتكبه دانركي احق تثل بنشر رسوم ل تليق برسول البشرية صلى ال عليه وسلم اقول‬
‫هذا الفعل جوبه برد فعل من السلمي بدأ بسلمي الدانرك ومرورا بشارق الرض ومغاربا‪ ،‬معبين‬
‫عن سخطهم‪ ،‬لن الساس برسول البشرية عليه السلم اعلن حرب على القيم والخلق والرية‬
‫باعتبارها عند الغرب «اعمل ما شئت شريطة ان لتؤذي الخرين»‪ .‬ولعلي اجل القول عن اشكالية‬
‫العلقة بي الشرق والغرب منذ تنصر الرومان مرورا بالعصور الوسطى ال عصرنا الراهن‪:‬‬
‫م‪ -‬ف عام ‪313‬م اعترف المباطور الرومان البيزنطي قسطنطي الكبي بالنصرانية دينا ضمن‬
‫ديانات المباطورية وتنصرت امة هيلنة واكتشفت الصليب القيقي الذي صلب عليه شبه السيح‬
‫عليه السلم‪ ،‬المر الذي جعل المباطورية البيزنطية تقوم على اساس عقدي نصران‪ ،‬غي ان‬
‫الؤرخي الغربيي رددوا مقولة‪« :‬ل يتنصر الرومان بل ترومت النصرانية» بعن ان الغربيي اعتنقوا‬
‫دينا شرقيا صاحبه ناصري من فلسطي‪ ،‬ولكن بأسلوب اوروب فابتدعوا الذهب الكاثوليكي الفصل‬
‫مليا‪ ،‬وصوروا السيح وامه عليهما السلم بلمح اوروبية استنكافا منهم ان يعبدوا رموزا شرقية‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫ح‪ -‬عندما غلب الفرس الروم ف عهد هرقل (‪641-610‬م) عام ‪614‬م واحتلوا سوريا وفلسطي‬
‫ونبوا القدس بتواطؤ يهودي استهزأ كفار مكة من الرسول صلى ال عليه وسلم قائلي ان اصحابنا‬
‫(الجوس) هزموا اصحابكم (اهل الكتاب) فنلت سورة «الروم» تبشر بقرب انتصار النصارى على‬
‫الجوس‪ ،‬وهذا يدل دللة جلية على ان السلم ما جاء ليصفي اهل الكتاب بل جاء بوار حضاري‬
‫معهم لعلهم يهتدون وارون كتابا مقدسا احتفل بانتصار الخر مثل ما احتفل السلم بظفر الروم؟!‬
‫م‪ -‬عندما استعاد صلح الدين القدس من الستعمرين الفرنج عام ‪583‬ه‪1187-‬م ارسل البطريرك‬
‫الكاثوليكي من عكا فريقا دعائيا يوب اوروبا رافعا صورة فيها رجل عرب يرمز ال ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم يضرب السيح عليه السلم‪ ،‬والدماء تنف من السيح‪ ،‬كما ارسل الركيز مونفيا صورة‬
‫لكنيسة القيامة‪ ،‬وبدأ فيها فارس مسلم يبول فرسه على قب السيح‪ ،‬هذه الصور بثت ف اوروبا‪،‬‬
‫واثارت النفوس واقبل الناس على جع التبعات للقيام بملة صليبية ثالثة‪ ،‬وفرضوا ضريبة سيت‬
‫ب«عشر صلح الدين» وهكذا تركت اليوش الرارة بقيادة اعت قادة اوروبا فريدريك بربروسا‬
‫اللان وريتشارد قلب السد النليزي وفيليب اوغست الفرنسي وغيهم من الدواق والكونتات‬
‫والمراء ولحظوا كيف كان رد الفعل الغرب جراء صور رسوها هم ل السلمون‪ ،‬ولكم ان تقدروا‬
‫حجم الكارثة لو فعل ذلك رسامون مسلمون؟‬
‫د‪ -‬ف عام ‪1215‬م اعلن الباب انوسنت الثالث عزمه على قيادة حلة صليبية خامسة ضد السلمي‬
‫ف الشام وفلسطي وبث دعايات مضللة قائلً‪« :‬ان السلمي ينتهكون حرمة كنيسة القيامة‪،‬‬
‫ويسخرون من الصليب» وقرر الجلس البابوي مقاطعة السلمي بتحري التار معهم بناءً على اقاويل‬
‫ولكم ان تتصوروا المر لو حدث مثل ذلك فعلً من بعض السلمي علما بأن اليان بحمد صلى‬
‫ال عليه وسلم يستلزم اليان بميع النبياء والرسل الوارد ذكرهم ف القرآن الجيد وف السنة النبوية‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫ر‪ -‬تعامل الخر الغرب مع الفاهيم السلمية بأسلوب تريفي متعمد‪ ،‬وست بعض قواميسه «ممد»‬
‫«‪ »Mohamet‬وتعن الشيطان‪ ،‬واطلق رجال الدين الغربيون علينا «عبيد سارة» وترجوا معان‬
‫القرآن الجيد حسب اهوائهم وانتشر ف كتبهم ف القرن السابع عشر روح الكراهية لرسول البشرية‬
‫ووصفوه بالزيف والشهوان الحتال‪ ،‬واثر هذا العداء استعمارا اوروبيا لبلد السلمي‪.‬‬
‫س‪ -‬وف القرن العشرين شجعت مؤسسات ثقافية اوروبية عددا من السلمي والسلمات على‬
‫الروج عن ثوابتهم‪ ،‬فظهرت روايات تس شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم واعتب ذلك ابداعا‬
‫تميه النظم الديقراطية الت تقدس الرية‪ ،‬ولكن عندما الف رجاء جارودي كتابه عن دولة اسرائيل‬
‫حوكم وصودرت كتبه ول ينعم بالرية الزعومة!‬
‫ل‪ -‬ولا دعي ال عقد لقاءات «حوار الديان» ابدى علماؤنا تفهما لذا التقارب من اجل التفاق‬
‫على قرارات تنفع البشرية مثل حاية النسان ف نفسه وعرضه وماله ودينه وماربة الخدرات‬
‫ومقاومة الجاعات والمراض‪ .‬ولكن ظلت هذه المور امان وكأن الخر ينتظر تنازلً من جهة‬

‫‪123‬‬
‫السلمي عن ثوابتهم كشرط للتفاوض اننا باجة ال مواصلة حوار الديان من اجل خي النسان‪،‬‬
‫وان نتفق على احترام الديان ونضع قواني دولية تضمن ذلك تاما كما اتفقنا على ماربة الرهاب‬
‫وتارة الخدرات وتبييض الموال والرائم الدولية‪.‬‬
‫أ‪ -‬ف الوت الذي ابتهجنا فيه باتاد السلمي ضد هذا التطاول فإننا ندعو ال استراتيجية بعيدة الدى‬
‫لبناء مصطلحات فكرية تتفق مضامينها مع اصول السلم موجهة نو الخر فمصطلح «الرب»‬
‫و«النب» متلف عندنا وعندهم فهم ينظرون ال مصطلحاتنا بلفياتم العقدية عنا‪ .‬وعلى مراكز‬
‫البحوث السلمية با فيها العربية ان تتفق على كلمة سواء لواجهة هذا التباين ف الفاهيم ليتمكن‬
‫غي السلم من ادراك الصطلح السلمي كما هو ف الواقع‪.‬‬
‫ل‪ -‬القضية ليست اعتذارا من هنا او هناك وليست «حب اخشوم» القضية اكب من ذلك وعلى‬
‫القانون ان يدخل ف القضية باعتبار ما حدث تعديا على رمز دين عالي‪ ،‬وعلى الجرم ان ياكم‬
‫ليتعظ غيه‪ ،‬كما ان على الشعب الدانركي ان يمي مصاله‪ ،‬وينظر ال من تول كب ذلك كعدو‬
‫لصال الدانرك العليا‪ ،‬لن من حق السلمي ان يقاطعوا بضاعة قدمت من دولة سحت لفئة قليلة‬
‫منها ان تسيء ال رسولنا العظيم والقاطعة عقاب عام وعلى التضررين ان يتلمسوا مصلحتهم‬
‫ليجدوها ف ازالة السبب ومعاقبة التسبب ووضع التدابي اللزمة لعدم تكرار هذه الهزلة‪.‬‬
‫ل‪ -‬من الكمة ان نصر القضية ف جهتها الصلية ولننساق نو تعميمها وهذا ما ارادته «فرانس»‬
‫‪ -‬سوار» لن الذنب مسؤول عن اصل عمله وما ترتب عليه من آثار ومنها النسخ والتصوير‬
‫والنتشار‪ .‬كما ارجو من السلمي التزام النظام ف تظاهراتم وعدم تدنيس العلم الت تمل رموزا‬
‫دينية لن ديننا ينهانا عن سب الديان وحت نصر المر ف مصدره ولنعممه‪.‬‬
‫ه‪ -‬ف فقرة (ه) وهو الرف الخي من عبارة «ممد رسول ال» اود الشادة بالروح السلمية تاه‬
‫رسولنا العظيم رغم تعدد مذاهبنا ومشاربنا واتن ان تنمى هذه الروح من اجل مزيد من احاطة‬
‫رسولنا بالطار الذي اطره به ربه‪ ،‬وان يشمل هذا الب كل جوانب هذه الشخصية الاصة والعامة‪،‬‬
‫وان يتجاوز هذا الب اللحظة العاطفية ال اتاذه قدوة لنا ف كل شيء ومقتضيات هذا الب ان‬
‫نلتزم بأوامر مبوبنا ونتنب نواهيه‪ ،‬ولعل وزراء التربية والتعليم السلمي ومنهم العرب ان يقرروا‬
‫مادة «السلوك» للمراحل البتدائية والتوسطة والثانوية مستقاة من السية النبوية وهي مادة تطبيقية‬
‫يتعلم فيها الفت اسلوب التعامل الضاري مع السرة والجتمع والخر كما طبقه رسول البشرية‬
‫ممد بن عبدال صلى ال عليه وسلم وعلى آله وأهل بيته الطاهرين وصحابته اجعي واتباعه على‬
‫الق والقيقة ال يوم الدين‪.‬‬
‫* استاذ العلقات الضارية ‪ -‬استاذ الدراسات العليا‬
‫كلية العلوم الجتماعية‪ ،‬قسم التاريخ والضارة‬
‫==========================‬
‫ربيع التطرفي‬

‫‪124‬‬
‫نشرت جريدة الوطن ف ‪10/1/1427‬هـ‬
‫حزة قبلن الزين*‬
‫من القائق الت ياول إخفاءها الستفيدون من أزمة الرسوم الستهزئة بالرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫الت نشرتا صحيفة يولند بوسطن الدناركية أن هذا التطاول ل يثل إل الحطة الخية ف مسار‬
‫طويل من الصراع "الثقاف" بي التطرفي من الهاجرين العرب والسلمي من جهة والتطرفي من‬
‫الوروبيي من جهة أخرى‪ .‬فيصور هؤلء هذا الادث كأنه جاء من فراغ وأنه ل أسباب له إل‬
‫العداء التأصل للعرب والسلمي الذي يتصف به الوروبيون جيعا‪ .‬والغرض من إخفاء هذه القيقة‬
‫تصعيد ردود الفعل ضد هذا الفعل الغرِق ف عدوانيته واستهتاره بشاعر السلمي‪.‬‬
‫أما الواقع فهو أن هذا الادث سبقته حوادث كثية تشهد بوجود هذا الصراع الذي يكن وصفه بـ‬
‫"صدام الهالت" بتعبي إدوارد سعيد‪ .‬أما مسؤولية هذا الصدام فتقع على الفريقي كليهما‪.‬‬
‫وأحد منابع هذا الصدام الرئيسة ما أسهمت به نظرة التطرفي الوروبيي السلبية للمسلمي بسبب‬
‫اختلفهم عنهم ف اللون واللباس والأكل والدين والعادات والتقاليد الخرى وللخوف ا َلرَضي من‬
‫الغريب عموما‪.‬‬
‫وما رسّخ هذه النظرة أن كثيا من العرب والسلمي ل ينجحوا ف الندماج ف هذه الجتمعات‬
‫الديدة وظلوا على هامش الياة اليومية‪ .‬وزاد المر حدة حي سعى التطرفون من العرب والسلمي‬
‫إل تأكيد هويتهم بشكل ل يراد منه تأكيد الوية بقدر ما كان مبعثه الرغبة ف التمايز عن الواطني‬
‫الصليي ف الوطن الديد‪.‬‬
‫وما يدل على هوية هذا الو الصراعي أن أكثر الفاعلي فيه من الانب الوروب ينتمون إل التيارات‬
‫اليمينية أو من غلة العلمانيي الذين يبالغون ف تأكيد علمانيتهم نكاية بالهاجرين الدد وإيذاء لم‪.‬‬
‫فمن التصرفات المقاء لؤلء تبنيهم لبعض السلمي الذين يعلنون عداءهم للعادات والتقاليد‬
‫السلمية؛ ومنهم النائبة الولندية من أصل صومال الت استحوذت على اهتمام التيارات اليمينية‬
‫والعلمانية الوروبية حي تنقصت من بعض الظاهر الثقافية الدينية للوافدين الديد‪.‬‬
‫وزادت أحداث الادي عشر من سبتمب هذا العداء تأجيجا حت وصل إل مستويات غي معقولة‪.‬‬
‫وقد كشفت صحيفة الوبزيرفر البيطانية ف عددها الصادر ف ‪5/2/2006‬م‪ ،‬عن أوجه كثية لذا‬
‫الصراع التأجج منذ زمن حت وصل إل حدود غي معقولة‪.‬‬
‫فمن شواهده صدور ما سي بقانون "اختبار السلم" الذي شرّعه الزب الديقراطي السيحي الاكم‬
‫ف إحدى الوليات اللانية ليطبق على السلمي الذين يتقدمون للحصول على النسية اللانية‬
‫ويقضي بسؤال هؤلء عن آرائهم ف أحداث الادي عشر من سبتمب والعلقات الثلية وعما إن‬
‫كانوا يسمحون لبناتم الراهقات بالنراط ف دروس لتعليم السباحة‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫ومنها ف الدنارك وصف بعض العلقي "الثقافة السلمية" بأنا تتناقض مع ثقافة الدنارك التنويرية‬
‫ذات الصول الوروبية اليهودية السيحية وهو ما يعل اندماج السلمي فيها مستحيل‪.‬‬
‫كما صدرت مؤخرا سلسلة من القواني الديدة الت تتعلق بالزواج والنسية وإلزام السلمي بدراسة‬
‫اللغة الدناركية وتتبّع الئمة وماصرة نشاطاتم‪.‬‬
‫وف مقابل هذه الظواهر التمييزية قام بعض التطرفي من السلمي با زاد هذه الوضاع سوءا‪ .‬ومن‬
‫ذلك قتل أحد التطرفي السلمي للمخرج الولندي ثيو فان جوخ الذي أخرج فيلما يصور فيه ما‬
‫يرى أنه معاملة "سيئة" للمرأة ف الثقافة السلمية‪.‬‬
‫ومنها أن اللية الت خططت لجوم الادي عشر من سبتمب كانت تتخذ من إحدى الدن اللانية‬
‫مقرا لا‪ .‬يضاف إل ذلك ما شهدته بريطانيا من سطوة التيارات السلمية التشددة طوال السني‬
‫الاضية بقيادة متطرفي أمثال أبو حزة الصري وأبو قتادة وغيها‪.‬‬
‫وأشاعت هذه التيارات التطرفة جوا من الوف ف هذه الدول‪ ،‬ويصور هذا ما يقوله مرر الشؤون‬
‫الارجية ف صحيفة يولند بوسطن من أنه "عُرض ف الوسم السرحي (الدناركي) خلل الريف‬
‫الاضي ثلثة عروض تضمنت نقد الرئيس المريكي جورج بوش أو السخرية منه‪ ،‬ومع هذا فقد خل‬
‫(الوسم) من أي عرض عن بن لدن" بسبب الوف من ردود فعل التطرفي من السلمي هناك‪.‬‬
‫هذه هي إذن الجواء الشحونة بالعداء بي التطرفي من الانبي الت حدث ف سياقها نشر الرسوم‬
‫السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬ففي هذه الجواء السمومة‪ ،‬كما تروي صحيفة الارديان‬
‫البيطانية‪ ،‬كان الكاتب الدناركي كي بلوتي يبحث عن رسام يساعده ف رسم بعض الشاهد ف‬
‫كتاب للطفال ألفه عن حياة النب صلى ال عليه وسلم‪ .‬لكنه ل يد أحدا يقوم بذه الهمة خوفا من‬
‫غضب السلمي‪ .‬وقد اعتذر أحد الرسامي خوفا من النتهاء إل مصي الخرج الولندي ثيو فان‬
‫جوخ‪ .‬كما اعتذر رسامان آخران عن القيام بذا العمل‪ .‬إل أن رساما آخر ل يعلن عن اسه قام‬
‫بذلك ف ناية المر‪.‬‬
‫وقادت مشكلة بلوتي إل إثارة النقاش ف عدد من الصحف الدناركية (ومنها صحيفة يولند‬
‫بوسطن) عن الدى الذي يكن أن تصل إليه الصحافة الدناركية ف الرقابة الذاتية الت تفرضها على‬
‫نفسها ف تناولا لبعض القضايا السلمية‪ ،‬وما مصي حرية التعبي الت يتهددها هذا الوف من ردود‬
‫فعل السلمي؟‬
‫ومن أجل التجريب لقياس رد فعل السلمي طلب من اثن عشر رساما أن يرسوا رسوما ساخرة للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬وأجاز رئيس ترير الصحيفة‪ ،‬كورتي جوست‪ ،‬نشر هذه الرسوم الت تعمد‬
‫رساموها السخرية بالنب صلى ال عليه وسلم ف عددها الصادر ف الثلثي من سبتمب العام الاضي‪.‬‬
‫ول يكن رد الفعل الول على نشر هذه الرسوم قويا إذ اقتصر على بعض الرسائل الغاضبة الت‬
‫أرسلها بعض القراء للجريدة‪ .‬لكنه ف منتصف أكتوبر تلقى اثنان من الرسامي تديدات بالقتل وهو‬
‫ما أثار نقاشا غاضبا ف البامج التلفازية الدناركية‪.‬‬

‫‪126‬‬
‫وكان عدم كفاءة القيادات السلمية ف الدنارك ف معالة هذه الشكلة بالساليب القانونية وراء‬
‫استفحالا‪ .‬ويدل على ذلك فشلهم ف رفع قضية ف الحاكم الدناركية‪ ،‬وهو ما دعاهم لرسال وفد‬
‫يمل بعض تلك الرسوم إل بعض البلد العربية استنجادا با‪ .‬ول يقتصر هؤلء على ما نشرته‬
‫الصحيفة من رسوم بل إن ثلثة من أقذع الرسوم الت جاء با هؤلء ل تنشرها الصحيفة‪.‬‬
‫ويكن أن نلحظ من خلل البامج الوارية التلفازية أن بعض القيادات السلمية الدناركية تؤكد أن‬
‫بعض الزعامات السلمية ذهبت بأمر هذه الرسوم إل حد يفوق ما هو لزم‪ .‬ومن ذلك ما كرره‬
‫المام عبدالواحد الذي ظهر ف عدد من هذه الوارات (ويبدو أنه من أصول دناركية)؛ فقد أكد ف‬
‫حوار شارك فيه مع رئيس وزراء الدنارك أن ما سعه من اعتذار رئيس الوزراء كاف‪ ،‬وأن الحكمة‬
‫العليا قبلت أخيا النظر ف القضية الت رفعها بعض السلمي ضد الصحيفة‪ .‬وكرر المام عبدالواحد‬
‫هذا ف برنامج "الدث" ف إحدى القنوات اللبنانية‪ ،‬وأشار إل أن اعتذار صحيفة يولند بوسطن‬
‫كاف واعتذار رئيس الوزراء‪ ،‬على ضعفه‪ ،‬كاف كذلك‪ .‬كما اشتكى من أن التطرفي اختطفوا هذه‬
‫القضية وذهبوا با إل حدود غي معقولة‪.‬‬
‫ومن اللحظ أن التطرفي ف العال السلمي على متلف انتماءاتم وجدوا ف أزمة الرسوم السيئة‬
‫للرسول ال صلى ال عليه وسلم فرصة ثينة لتأجيج العواطف الدينية والوطنية واستغلل حب‬
‫السلمي لنبيهم إل حد صار ل يسمح للصوات الت تدعو إل التعقل ف حل هذه الزمة بالتعبي عن‬
‫نفسها‪.‬‬
‫فقد سخروا من التذكي بتسامح الرسول صلى ال عليه وسلم مع من أساء إليه من أجل أخذ العبة‬
‫ف معالة هذه الزمة ووصموا من يرى معالتها بالطرق السلمية والكيمة بأبشع الوصاف واتموه‬
‫بيانة المة وعدم مبته لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬كما سخروا من اقتراح عدم تعميم الدانة‬
‫على الدناركيي وعدم إلاق الضرر عن طريق القاطعة القتصادية بن ليس له يد ف هذه الرية‪.‬‬
‫ووصل تطرف هؤلء إل أن يؤكدوا ف منتدياتم النترنتية أنه ل يكن قبول اعتذار الدنارك مهما‬
‫كان‪ ،‬وأصدر بعضهم فتاوى بقتل الرسامي‪ ،‬أو جلبهم للمحاكمة ف البلدان السلمية‪ .‬ويشاركهم‬
‫ف ذلك السفية الصرية السابقة ف الدنارك الت كانت تشى أن يعتذر رئيس وزراء الدنارك عن‬
‫إساءة الصحيفة!‬
‫وتوفر هذه الجواء الساخنة جوا طالا حلم التطرفون بلقه وسعوا إل إياده‪ ،‬وهو الذي يستطيعون‬
‫فيه تنفيذ برامهم للسيطرة على الجال العام؛ فهو ربيعهم!‬
‫وقد رأينا ما آلت إليه المور ف الظاهرات الت اجتاحت السفارتي الدناركيتي ف دمشق وبيوت‬
‫والتدمي الذي لق بما واستنكره حت الذين قادوا تلك الظاهرات‪.‬‬
‫ومن نتائج التطرف ف معالة هذه الزمة أن صار السلمون الن ف موقف الدفاع بعد أن كانوا ف‬
‫موقف قوة‪ .‬وأصبحوا يعتذرون للدنارك بدل من اعتذارها لم‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫وتوجب هذه الادثة وردود الفعل الغاضبة عليها أن يقف العقلء من الغربيي ومن العال السلمي‬
‫صفا واحدا لنتزاع زمام البادرة من أيدي التطرفي من الانبي الذين يريدون أن يقودوا العال إل‬
‫"حرب جهالت" ساخنة ل تبقي ول تذر‪ ،‬وأن يرسوا خططا مكمة بعيدة الدى للتصدي‬
‫للمشكلت الت صارت ف الوقت الاضر أسبابا يكن أن تشعل حرائق مدمرة ف كل مكان‪.‬‬
‫*كاتب وأكاديي سعودي‬
‫========================‬
‫ردع التطاول على النب‪ ..‬أسبقية عقدية ودبلوماسية وإعلمية‬

‫الكاتب‪ :‬زين العابدين الركاب‬


‫بتاريخ‪01/23/2006 :‬‬
‫هذه تية من (نوع متلف)‪ :‬تية معجونة بالقد والكراهية وانتهاك (حقوق الخر) ـ الذي هو‬
‫مسلمو العال ـ أي تية هذه؟‪..‬‬
‫لقد نشرت ملة (مسيحية) نرويية رسا هازل ساخرا هازئا (كاريكاتي) لنب السلم ـ صلى ال‬
‫عليه وسلم ـ ومت؟‬
‫أول أيام عيد الضحى‪ .‬بالضبط يوم الثلثاء ‪ 10‬ذي الجة (‪ 10‬يناير ايضا)‪ ،‬أي ف ذات اللحظات‬
‫الت بدا فيها مسلمو العال يبتسمون لشراقة باكورة أيام عيدهم‪ .‬وكأنّ هذه الجلة ومن وراءها‪ ،‬قد‬
‫تعمدوا تنئة السلمي بتوجيه الهانة ال نبيهم الحبوب‪ ..‬وكانت صحيفة داناركية قد مارست‬
‫الفعل ذاته من قبل‪ ،‬بل ان الفعل الثان (ماكاة) للفعل الول‪ :‬وف كل شهر‪.‬‬
‫ولو كنا (كافرين) بالسيح عيسى ابن مري‪ ،‬لطالبنا رسامي الكاريكاتي ف العال العرب السلمي‬
‫برسومات تستهزئ به‪ ،‬بناء على قاعدة (العاملة بالثل)‪ .‬ولكن هذا الطلب متنع أبدا من حيث انه‬
‫(كفران) مبي بالنب ممد نفسه‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ .‬فالتفريق بي النبياء ف اليان بم‪ ،‬بعن‬
‫اليان بنب والكفر بآخر‪ ،‬انا هو كفر حقيقي وصريح بم جيعا‪« :‬إن الذين يكفرون بال ورسله‬
‫ويريدون ان يفرقوا بي ال ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض أولئك هم الكافرون حقا‬
‫واعتدنا للكافرين عذابا مهينا»‪ ..‬يُضم ال هذا الفيصل اليان‪ :‬موجب عدل‪ ..‬وموجب اخلقي‪ .‬اما‬
‫الوجب العدل فهو ان السيح ـ صلى ال عليه وسلم ـ بريء من التهجم على أخيه ممد‪ .‬وكيف‬
‫يتهجم عليه وهو الذي بشر بجيئه‪« :‬وإذ قال عيسى ابن مري يا بن اسرائيل إن رسول ال إليكم‬
‫مصدقا لا بي يدي من التوراة ومبشرا برسول يأت من بعدي اسه أحد»‪ ..‬وأكابر اهل الكتاب‬
‫كانوا يعلمون هذه القيقة ويهرون با‪ .‬فعندما سع النجاشي القرآن النازل ف حق عيسى وأمه مري‪،‬‬
‫من الوفد السلم الهاجر اليه قال‪« :‬اشهد انه رسول ال وانه الذي ند ف النيل وانه الذي بشر به‬
‫عيسى ابن مري»‪ ..‬وحي سع هرقل ملك الروم‪ ،‬وصف النب من أب سفيان بن حرب‪ ،‬قال هرقل‪:‬‬
‫«ان يكن ما تقول فيه حقا‪ ،‬انه لنب‪ ،‬وقد كنت اعلم انه خارج»‪ ..‬والنيل هو مصدر علم هرقل‪..‬‬

‫‪128‬‬
‫ومن هنا‪ :‬ليس من العدل‪ :‬ان يمّل السيح مسؤولية ما ل يفعل‪ ،‬وما ل يرض‪ ..‬واما الوجب‬
‫الخلقي فهو‪ :‬ان السلمي يملون (مسؤولية اخلقية) مطلقة ودائمة تاه النبياء والرسلي‪..‬‬
‫مسؤولية اخلقية تتمثل ف الدفاع عن مقامهم وجللم وكرامتهم وسعتهم وحقوقهم الت تنبغي لم‪.‬‬
‫ولذا فإن قاعدة (العاملة بالثل) ف هذا القام‪ :‬معطلة أبدا‪ ،‬بل ملغاة بإطلق‪ ،‬فل يل لسلم‪ :‬رسّام او‬
‫كاتب او غي ذلك‪ :‬ان يهزأ بنب ال عيسى ابن مري‪ ،‬ول بأي نب آخر‪.‬‬
‫بيد ان استحالة (العاملة بالثل) ـ للسباب العقدية والخلقية الت ذكرت ـ ل تعن الصمت‬
‫وابتلع الهانة‪ .‬فالتطاول السفيه على مقام خات النبياء والرسلي‪ ،‬ليس مسألة يكن الغضاء عنها‪،‬‬
‫ول التساهل فيها‪ .‬ذلك انا (قضية عقدية مبدئية كبى) تنتظم منظومة من القضايا الت تُعد كل‬
‫واحدة منها‪ :‬أسبقية فكرية وثقافية ودبلوماسية وحضارية‪.‬‬
‫‪ 1‬ـ قضية‪ :‬ان عدم وجود (ردع) فكري ودبلوماسي واعلمي يشجع على ارتكاب الزيد من‬
‫السفاهات ضد نب السلم‪.‬‬
‫فبالمس تطاول سفهاء ف الدانارك‪ .‬واليوم يتطاول سفهاء ف النرويج‪ ..‬ومن الحتمل ان يتبعهم‬
‫غيهم‪ :‬ما ل يصل (ردع) فكري ودبلوماسي واعلمي‪ ،‬يشعر السفهاء ودولم‪ :‬انم يدفعون ثنا‬
‫باهظا بسبب هذا التطاول‪« :‬ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض لفسدت الرض»‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ قضية (حق الشعوب السلمة) ف ان يمي حكامها وقادتا عقائدها ومقدساتا من العدوان‪،‬‬
‫ليس برب تقليدية‪ ،‬ول برب نووية‪ .‬فهذا أمر غي وارد‪ ،‬ل من حيث المكان‪ ،‬ول من حيث‬
‫الاجة اليه‪ .‬وانا يتعي على قادة الشعوب السلمة‪ :‬ان يموا عقائدها ومقام نبيها بـ(الطرق‬
‫السلمية) الستطاعة‪ :‬بالردع العلمي البمج‪ ..‬وبالركة الدبلوماسية الادة النشطة‪ ،‬با ف ذلك‪:‬‬
‫التصالت الكثفة والحتجاج بالبيانات الواضحة الازمة عن طريق السفراء‪ ،‬او وزراء الارجية‪،‬‬
‫بالتحرك الماعي او الفردي‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ قضية (الستفادة) من اليهود ف مواقفهم من كل ما يس مقدساتم ومعظماتم‪ ..‬نعم‪ .‬على‬
‫السلمي ان يتعلموا من اليهود ف هذا الجال‪ :‬ان يتعلموا منهم (يقظة الذاكرة)‪ ،‬ورهافة الس‪،‬‬
‫وسرعة البادأة‪ .‬طبعا مع إسقاط (الزوائد الباطلة) مثل الدس والبالغة والفتراء والبتزاز والنتقال من‬
‫(حق الدفاع عن النفس) ال (باطل ظلم الخرين)‪.‬‬
‫ثة ما يشبه (الصانة) لكل ما هو يهودي ف عالنا هذا‪ ..‬وبلوغ هذا الستوى من التقدير لكل ما هو‬
‫يهودي‪ ،‬ل يأت بل جهد‪ ..‬وانا تقق بـ‪:‬‬
‫أ ـ وضوح الدف‪.‬‬
‫ب ـ اليان الراسخ بالقضية‪.‬‬
‫جـ ـ النشاط التدفق الوثاب‪.‬‬
‫د ـ التناغم ف حركة الفريق‪ :‬جيئة وذهوبا‪ ،‬دفاعا وهجوما‪ ،‬تركيزا لهد الذات‪ ،‬او تشتيتا لهد‬
‫الفريق القابل النازل‪ ..‬وبديه ان اليهود ل تؤيدهم اللئكة‪ ،‬وليس معهم جن سليمان‪ ،‬ول يعملون‬

‫‪129‬‬
‫بـ (خوارق العادات)‪ .‬ولكنهم قوم آمنوا بقضيتهم‪ ،‬وبذلوا اقصى نشاطهم ف خدمتها‪ ..‬وهذا‬
‫(نوذج حي) وماثل‪ ،‬يكن ان (ينشّط) السلمي‪ :‬حكاما وشعوبا‪ ،‬وان يريهم‪ :‬كيف يكون الدفاع‬
‫التصل عن القضايا‪ ،‬مع حذفه مضامي الفتراء والظلم كما قلنا‪ ..‬وهذا (نوع من الكمة العملية)‬
‫النسانية الت يتوجب على السلمي‪ :‬النفتاح عليها بثقة‪ ،‬ورؤيتها بوضوح‪ ،‬والتقاطها بذكاء‬
‫واستثمارها برص‪ ..‬وف الديث النبوي الصحيح‪« :‬احرص على ما ينفعك واستعن بال ول‬
‫تعجز»‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ قضية ان الدفاع عن النبياء والرسلي‪ :‬مضمون كل اساس‪ ،‬ومقصد رئيسي من مضامي‬
‫القرآن ومقاصده‪ :‬ومن ذلك‪ :‬كف الذى والستهزاء عن النبياء والرسلي‪ ..‬مثال ذلك‪:‬‬
‫أ ـ «وكم أرسلنا من نب ف الولي‪ .‬وما يأتيهم من نب إل كانوا به يستهزئون‪ .‬فأهلكنا أشد منهم‬
‫بطشا ومضى مثل الولي»‪.‬‬
‫ب ـ «يا أيها الذين آمنوا ل تكونوا كالذين آذوا موسى فبأه ال ما قالوا وكان عند ال وجيها»‪.‬‬
‫جـ «والذين يؤذون رسول ال لم عذاب أليم»‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ قضية‪ :‬انه ل قيمة ول كرامة لي انسان‪ :‬اذا أهي النبياء والرسلون‪ .‬ذلك ان النبيي هم (قمة‬
‫النوع النسان) وخلصة رصيد النفس والعلى والنبل ف الطهر النفسي‪ ،‬والسمو الخلقي‪،‬‬
‫والتحقق بـ (النسانية الكاملة) او الكمال النسان‪ .‬ومن هنا‪ ،‬فأيا إهانة توجه اليهم ـ ولو ف‬
‫صورة واحد منهم ـ انا هي اهانة تشمل الناس كافة‪ .‬فالتطاول على مكانة (العلى) انسانيا‬
‫واخلقيا‪ .‬يسهل عليه ـ بداهة ـ انتهاك كرامة من هو ادن من النبياء ف هذا الجال‪ ..‬ومن دون‬
‫انتقاص من مقامات النبيي‪ ،‬فإن الناس قد تعارفوا على ان اهانة رأس الدولة تعن اهانة الشعب او‬
‫المة كلها‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ قضية (تقويض) أسس (حوار الديان) او حوار الضارات‪ .‬فكيف ياور السلمون اقواما‬
‫يسخرون من كان سببا ف وجودهم العنوي والادي‪ ،‬وسببا لسعادتم ف الدنيا والخرة وهو‪ :‬نب ال‬
‫ممد صلى ال عليه وآله وسلم؟!‪ ..‬ويتعي ان يتفطن لذه القيقة النهجية (دراويش) الوار ف‬
‫الطرف السلمي لئل يمّلوا وجه من يهدم اسس الوار بالتطاول على خات النبياء والرسلي‪ ..‬وقد‬
‫يقال‪ :‬ليسوا جيعا يفعلون ذلك‪ ..‬والرد ف القضية القادمة رقم (‪.)7‬‬
‫‪ 7‬ـ قضية‪ :‬سكوت الكنائس ورجالا‪ ..‬حقيقة‪ :‬لاذا هذا السكوت؟‪ ..‬ان أسباب السكوت‬
‫الطويل‪ :‬اما عدم العلم بالتطاول على نب السلم‪ ..‬وهذا احتمال مستبعد‪ ..‬واما حسبان هذا‬
‫التطاول امرا ثانويا هامشيا ل يستحق الكتراث‪ .‬وهذا موقف ل يقفه رجال دين‪ :‬الفترض فيهم‬
‫تعظيم النبياء‪ ،‬او احترامهم على القل‪ ..‬واما ان يكون السبب هو الرضى والتواطؤ‪ ..‬ومن هنا ننفذ‬
‫ال القضية الثامنة‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ قضية‪ :‬ان الرضى بذا السلوك السفيه‪ :‬يرفع معدلت (التوتر الدين‪ /‬ف العال‪ ،‬وهو توتر يؤجج‬
‫التطرف‪ ،‬ويضرب السلم العالي ف مقتل‪ ..‬نعم‪ .‬فالسلم العالي ل تدده ترسانات السلح النووي‬

‫‪130‬‬
‫فحسب‪ ،‬بل تدده (الغام دينية) شديدة النفجار‪ ،‬تتكون (عبواتا) من التوترات الدينية الت تستمد‬
‫خيتا من الغضب العاصف على ما يس القدسات ورموزها العليا‪ ..‬ف النمسا نصبت لوحات عليها‬
‫رسومات تدش شخصيات اوروبية منها اليزابيث‪ :‬ملكة بريطانيا‪ ،‬وجاك شياك رئيس المهورية‬
‫الفرنسية‪ ،‬ول تكد اللوحات تظهر حت ماجت بريطانيا وفرنسا واوروبا كلها بالغضب‪ ..‬وف‬
‫ساعات قليلة أزيلت اللوحات السيئة‪ ..‬فهل يتصور عاقل‪ :‬ان غضب السلمي لنبيهم أقل من غضب‬
‫النليز والفرنسيي للوكهم ورؤسائهم!‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ قضية‪ :‬نقض (الدروشة) ف رفع الشعار الستهلك‪ :‬شعار (الخر)‪ .‬فقد اندفع أناس من‬
‫السلمي يرفعون هذا الشعار رفعا جلدوا به المة العربية السلمية بسبانا هي (الرافض) العظم‬
‫للخر‪ .‬ولسنا ننفي ان بيننا غلة يفعلون ذلك‪ .‬لكن جلد المة كلها بسبب هذه التهمة‪ ،‬سلوك فيه‬
‫من الفتراء والبهتان والور ما فيه‪ ،‬بدليل ان هذا الخر الذي يتباكون عليه لنه منبوذ وغي معترف‬
‫به‪ ..‬هذا الخر نفسه يارس ضد السلمي‪ :‬النبذ‪ ...‬والقصاء‪ ..‬والكراهية‪ ..‬والقد‪ ..‬والعداوة‪،‬‬
‫والتطاول على نبيهم‪ ..‬والغريب العجيب الريب‪ :‬ان الذين رفعوا أصواتم عالية جدا‪ :‬دفاعا عن (حق‬
‫الخر)‪ :‬التزموا الصمت الطبق تاه هذا (الخر)‪ :‬الكاره‪ ،‬النابذ‪ ،‬القصي‪ ،‬العتدي!!!‬
‫=========================‬
‫رسول ا ُلمّيّي‬

‫الكاتب‪ :‬د‪.‬سلمان بن فهد العودة‬


‫يا رسو َل ال‪..‬‬
‫حبّك ف مهجت كالدر ف الصدفِ‬
‫والشذى ف الروضة النفِ‬
‫والفرات العذب ف الدّيِ‬
‫ليس كالختار ف البشرِ‪..‬‬
‫فهو كل السمع والبصرِ‪..‬‬
‫واحد التاريخ والسيِ‪..‬‬
‫وإمام الرسل والممِ‬
‫لقد قرأت سي الصلحي‪ ,‬والعظماء والزعماء‪ ,‬وأئمة الذاهب الكبار‪ ,‬حت إن قد أشعر حي أقرأ عن‬
‫أحدهم أن أمام جبل وعر صعب الرتقى؛ لنم أخذوا أنفسهم بشيء من الد الذي يصيب الرء‬
‫بالعجز عن إدراكه‪ ,‬وصعوبة القتداء به‪ ،‬وربا استحالته‪ ,‬أما إمام هؤلء جيعا وسيدهم قاطبة ممد‬
‫صلّى ال عليه وسلم؛ فتشعر وأنت تقرأ سيته بالسهولة والقابلية للتطبيق‪ ,‬والقرب من النفس البشرية‬
‫وطباع الناس‪ ،‬وهذا سر بديع من أسرار إعجاز الشخصية النبوية‪.‬‬
‫وهو صلّى ال عليه وسلم قائد الركب‪ ,‬وسيد ولد آدم‪:‬‬

‫‪131‬‬
‫وَكّلهُ ْم مِ ْن رَسُولِ الِ ُملْتَ ِم ٌ‬
‫س‬
‫حرِ َأ ْو رَشْفا مِ َن الدَّيمِ‬
‫َغرْفا مِنَ اْلبَ ْ‬
‫وهذا العن ‪-‬وال أعلم‪ -‬هو سر بشريته‪ ,‬وعظمته ف آن‪.‬‬
‫* لَأَخَ ْذنَا مِْنهُ بِالَْي ِميِ * ثُمّ َلقَ َطعْنَا ِمْنهُ اْلوَِتيَ* فَمَا مِنْكُ ْم مِنْ أَحَ ٍد َعْنهُ حَا ِجزِينَ}(الاقة‪،)47-44:‬‬
‫أمام الؤمن والشرك‪ ,‬والوثنيون ياربونه‪ ,‬ويشنّون عليه حلت إعلمية وكلمية‪ ,‬باحثي عن أيّة ثغرة‬
‫ينفذون منها للطعن ف مصداقية الدعوة والداعية‪ ،‬فلم يكن ذلك يثنيه عن التبليغ بكل شيء‪ ,‬ولو كان‬
‫هذا الشيء معاتبة له من ال عز وجل‪.‬‬
‫وف الدينة‪ :‬يتربص يهودها ومنافقوها بذا الدين الدوائر‪ ،‬ويرجعون البصر كرة وكرتي ف حقيقة‬
‫الرسالة‪:‬‬
‫هل يرون من فطور؟‬
‫* أَنْ جَا َءهُ الَْأعْمَى}(عبس‪ ،)2:‬وكان يعلّمها أصحابه‪ ,‬ويؤمهم با ف الصلة‪ ،‬وأصحاب رسول ال‬
‫صلّى ال عليه وسلم يكتبون كل كلمة وحرف‪ ,‬ويدوّنون كل هسة ولسة تصدر منه صلّى ال عليه‬
‫وسلم؛ فسيته سجل مفتوح للناس كلّهم أجعي‪ ,‬ومدوّنة واضحة دقيقة ف كل شيء يصه عليه‬
‫أفضل الصلة والسلم‪.‬‬
‫وبكل هذا اللء ف سيته دون استثناء كان أمثل خلق {وَِإّنكَ َل َعلَى خُُل ٍق عَظِيمٍ }(القلم‪)4:‬؛‬
‫وأصدق لسان{ َومَا َينْطِ ُق عَ ِن اْل َهوَى}(النجم‪ ،)3:‬وأبي حجة {بِِلسَا ٍن َعرَبِي مُِبيٍ} (الشعراء‪:‬‬
‫‪ ،)195‬وهو ف كل ذلك (إنسان) له صفات النسان؛ ليكون أيسر ف التباع‪ ,‬وأسهل ف القتداء‪،‬‬
‫ولكي يعلم التباع الؤمنون ‪-‬ولو بعد عدة قرون‪ -‬أن مشاعر النب صلّى ال عليه وسلم وأحاسيسه‬
‫ليست بدعا من الشاعر‪ ،‬وأن ما يلحق الناس من أذى ومضايقة من الشركي وغيهم‪ ,‬أو فرح‬
‫وسرور ينال النب صلّى ال عليه وسلم منه أوفر الظ والنصيب‪ ،‬فغدت هذه اليام الت يداولا ال‬
‫سوّ أرومته‪ ،‬وطريقة تعامله مع الحداث‬ ‫على الناس تبيينا لعدن رسول ال صلّى ال عليه وسلم و ُ‬
‫س عَلَى الّلهِ حُجّ ٌة َبعْدَ الرّسُلِ}( النساء‪.)165:‬‬ ‫الختلفة والظروف العادية والستثنائية{لَِئلّا يَكُونَ لِلنّا ِ‬
‫وسيد الرسل هو ممد صلّى ال عليه وسلم‪ ,‬الذي كان كالشمس للدنيا‪ ,‬وكالعافية للناس فهل لما‬
‫من بديل أو عنهما من عوض؟‬
‫ول شك أن النب صلّى ال عليه وسلم أكمل صورة بشرية جاء للناس من أنفسهم فلم ينل من‬
‫ل وَلََلبَسْنَا َعلَْيهِ ْم مَا َيلْبِسُونَ}( النعام‪،)9:‬‬ ‫جعَ ْلنَاهُ َرجُ ً‬
‫السماء‪ ،‬ول يكن مَلكا { َوَلوْ َجعَلْنَا ُه مَلَكا لَ َ‬
‫ص عََليْكُمْ بِالْ ُم ْؤمِِنيَ‬
‫بل كان بشرا رسولً {َلقَدْ جَاءَكُ ْم رَسُو ٌل مِنْ أَْنفُسِكُ ْم َعزِي ٌز عََلْيهِ مَا عَِنتّمْ َحرِي ٌ‬
‫َرؤُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة‪ ,)128:‬لقد كانوا يعرفونه عليه السلم‪ ,‬ويعاملونه‪ ,‬ويصفونه بالصادق‬
‫المي‪ ،‬ول يزل صلّى ال عليه وسلم يترقّى ف مدارج ومعارج الكمال حت ُقبِض على أكمل ما‬
‫يكون صلّى ال عليه وسلم‪ ،‬قُبِض وهو متلبّس بالعبادة والدعوة‪ ,‬والتوجيه والرشاد‪ ,‬والمر والنهي‪,‬‬

‫‪132‬‬
‫والوصية حت ف اللحظة الت انتقل فيها من هذه الدنيا‪-‬بأب هو وأمّي عليه السلم‪ -‬عملً بقوله‬
‫تعال‪{ :‬وَا ْعبُ ْد رَّبكَ حَتّى يَأِْتَيكَ الَْي ِقيُ}(الجر‪.)99:‬‬
‫* َووَ َجدَ َك ضَالً َفهَدَى* َووَجَدَ َك عَائِلً فََأغْنَى}(الضحى‪.)8-6:‬‬
‫(مرسلٌ) قد صاغه خالقه‬
‫من معان الرسل بدءا وختاما‬
‫قد سعى والطرق نا ٌر ودمٌ‬
‫يعب السهل ويتاز الكاما‬
‫نزل الرض فأضحت جنةً‬
‫وساءً تمل البدر التماما‬
‫وأتى الدنيا فقيا فأتت‬
‫نوه الدنيا وأعطته الزماما‬
‫ورعى الغنام بالعدل إل‬
‫أن رعى ف مرتع الق الناما‬
‫ب مدّن الصحرا كما‬ ‫عر ّ‬
‫علّم الناس إل الشر النظاما‬
‫يا رسول الق خلدت الدى‬
‫وتركت الظلم والبغي حطاما‬
‫وإذا جاءت كل أمة بعظيمها ومتبوعها‪ ،‬وقدمت زعيمها أتيناهم بحمد صلّى ال عليه وسلم فظهر‬
‫الق وبطل ما كانوا يعملون‪ ،‬ذلكم أن شخصيته عظيمة بكل القاييس‪ ،‬صال ٌة لكل العصور والبيئات‬
‫والستويات والجتمعات والضارات‪ ،‬وبا تلّ مشكلت المم والعال وهو يتسي قهوة الصباح!‬
‫فرسولنا صلّى ال عليه وسلم نفسه معجزة ف شخصيته‪ ,‬وأخلقه‪ ,‬وهديه‪ ,‬وعبادته‪ ,‬وقيادته‪ ,‬تضاف‬
‫إل معجزاته الصلية العروفة كمعجزة القرآن الكري العظمى‪ ،‬ومعجزة السراء والعراج‪{ ،‬سُبْحَانَ‬
‫حرَامِ إِلَى الْمَسْجِ ِد الَ ْقصَى الّذِي بَارَكْنَا َحوَْلهُ ِلُنرَِيهُ مِنْ آيَاتِنَا‬
‫سجِدِ اْل َ‬
‫الّذِي أَ ْسرَى ِبعَبْ ِدهِ لَْيلً مّ َن الْمَ ْ‬
‫إِّن ُه ُهوَ السّمِيعُ الَبصِي}(سورة السراء‪.)1 :‬‬
‫شقّ اْلقَ َمرُ}(سورة القمر‪ ،)1:‬ولّا كان القرآن العظيم‬ ‫ومعجزة انشقاق القمر‪{ ،‬اقَْترََبتِ السّاعَ ُة وَان َ‬
‫معجزة‪ ،‬كان صلّى ال عليه وسلم خلقه القرآن ‪-‬كما وصفته عائشة (رضي ال عنها)‪ -‬عند مسلم‬
‫وأب داود‪ -‬فخلقه معجزة‪ ،‬ف صبه وكفاحه‪ ,‬وبلئه وترده وإنسانيته‪.‬‬

‫فله صلّى ال عليه وسلم كل خصائص النسان؛ كما أن له ‪-‬أيضا‪ -‬كل صفات العظمة البشرية‬
‫متمعة‪..‬‬
‫صلّى عليك ال يا علم الدى‬

‫‪133‬‬
‫ما ناح طي أو ترنّم حادي‬
‫اللهم صلّ على ممد‪ ,‬وعلى آل ممد‪ ,‬كما صلّيت على إبراهيم‪ ,‬وعلى آل إبراهيم‪ ,‬إنك حيد ميد‪،‬‬
‫وبارك على ممد‪ ,‬وعلى آل ممد‪ ,‬كما باركت على إبراهيم‪ ,‬وعلى آل إبراهيم إنك حيد ميد‪.‬‬
‫صحيفة الزيرة السعودية‬
‫============================‬
‫رسومات شيطانية ‪...‬‬

‫أول كتاب يطرح أزمة الساءة إل الرسول الكري‬


‫صدر منذ مؤخرا أول كتاب عن أزمة الرسوم السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم‪ .‬وياول الكتاب‬
‫الذي أصدرته دار "ميديا هب انترناشيونال" للنشر ف دب وضع أزمة الرسوم ف سياقها الصحيح ف‬
‫ظل تشابك العلقات وتباين الواقف على مستوى متلف أطراف الزمة‪ .‬وعلى مدى سبعة فصول‬
‫يرصد الؤلفان الدكتور عبد الرحيم عبد الواحد ومصطفى ممد تفاصيل الزمة وأبعادها الختلفة‬
‫مقدمي رؤية تليلية معمقة بشأن موقعها من العلقات بي العال السلمي والغرب‪.‬‬
‫ويشي الؤلفان إل أنما حاول رغم الطبيعة الشائكة الت تتسم با الزمة خاصة لهة مساسها‬
‫بالرسوم الكري أن يلتزما أكب قدر من الوضوعية ف تناول الوضوع بالشكل الذي يكنهما من تقدي‬
‫رؤية متكاملة للقارئ تعينه على فهم واستيعاب ما جرى ف ضوء ما يشيا إليه من مورية الزمة ف‬
‫تاريخ العلقات بي العال السلمي والغرب‪ .‬وهنا يؤكدان على أنما إذا كانا حاول تاوز حالة‬
‫الغضب الت اجتاحت الشارع العرب والسلمي وتولت إل غليان أدى إل انقلب ف الوضاع لغي‬
‫صال السلم والسلمي بيث تول الان إل ضحية والعكس‪ ،‬فإنما ف الوقت ذاته ياولن أن‬
‫تاوز حالة التفريط الت بدا عليها البعض حت خرج من بي السلمي من يلوم من خرجوا للتعبي عن‬
‫الغضب على ما وقع من إساءة للرسول‪.‬‬
‫وياول الكتاب التأكيد على نقطة أساسية هي أن المعان ف الزمة بأبعادها الختلفة يكشف عن أن‬
‫الكل شاب موقفه قدر من الطأ‪ ..‬وإن اختلف مقدار هذا الطأ‪ ،‬وأنه بقدر ما كانت الساءة بالغة‬
‫ل تغتفر‪ ،‬فإن بعض ردود الفعل اتسمت هي الخرى بالساءة من زاوية ثانية‪ .‬غي أنما يذران هنا‬
‫من النرار وراء ما ياوله البعض من تويل القضية من كونا إساءة ال النب ال كونا بثا ف طبيعة‬
‫السلمي وردودهم النفعالية‪ ،‬رغم أهية هذه الرؤية ف تعامل السلمي مع أنفسهم‪ ،‬غي أنا ل تثل‬
‫القضية الهم وإن كانت تأت ف مرتبة ثانية‪ ،‬حت ل يكون تناول القضية بذلك كمن يقدم العربة‬
‫على الصان‪.‬‬
‫وتت عنوان "الزمة‪ ...‬السباب والسببات" يبدأ الؤلفان ف رصد البدايات الول لفكرة إعداد‬
‫الرسوم الكاريكاتورية السيئة ف سبتمب ‪ 2005‬ث تطور نشرها تت زعم مساندة حرية الرأي‬
‫والتعبي وتضامنا مع الصحيفة الدناركية ف موقفها تاه الرافضي للنشر ف العال السلمي‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫ويقدم الفصل الثان قراءة ف ردود الفعال الختلفة تاه الزمة مشيا ال أنا تراوحت بي التأييد‬
‫والؤازرة لوقف الصحيفة الدناركية والتوجهات الغربية القائمة على مزاعم حاية حرية الرأي‬
‫والتعبي‪.‬‬
‫ويشي الكتاب ال أن ردود الفعال الرسية على كافة الستويات سواء الوروبية أم العربية والسلمية‬
‫شابا قدر من التناقض ما كان يعكس عمق الزمة فيما حاولت المم التحدة على لسان أمينها العام‬
‫كوف عنان‪ ،‬المساك بالعصا من النتصف‪ ،‬حيث إنه ف الوقت الذي أدان فيه نشر الرسوم إرضاءً‬
‫للعالي العرب والسلمي‪ ،‬دافع بشدة عن الساحة الفروضة لرية التعبي والرأي مناديا بضرورة‬
‫احترام حرية الصحافة‪ .‬ث يعرض الكتاب ف إطار هذا الزء للبدايات الول للحتجاجات على نشر‬
‫الرسوم‪.‬‬
‫ويتناول الكتاب بعد ذلك ف الفصل الثالث التداعيات السياسية الختلفة للزمة مشيا ال أنه ف ظل‬
‫أجواء الغضب الشعب والحتقان والتوتر اللذين عما العالي العرب والسلمي‪ ،‬صبت بعض الصحف‬
‫الوروبية والعربية الزيت على النار‪ ،‬عب اعادة نشرها لتلك الرسوم‪ ،‬ما زاد من حدة الغضب‬
‫الماهيي والرسي وأدى بالتال ال تصاعد حدة التظاهرات الت صاحبتها اعمال العنف ف أماكن‬
‫متلفة من العال‬
‫ويعرض الكتاب ف هذا الفصل لتفاصيل تطورات حلة القاطعة الشعبية العربية والسلمية للمنتجات‬
‫الداناركية وأثر تلك القاطعة على مسار أزمة الرسوم‪ ،‬ف ضوء القرار بشرعيتها وتأثيها القوي على‬
‫عملية صنع القرار ف الدول الغربية‪ ،‬وهو المر الذي بدت إرهاصاته ف التحول الزئي ف موقف‬
‫الكومة الدناركية‪ .‬ويعرض الكتاب ف الفصل الرابع للجهود العربية السلمية لحتواء الزمة مشيا‬
‫ال البادرات العديدة الت قامت با هيئات وشخصيات قيادية مسلمة من شت أناء لعال للدفاع عن‬
‫صورة السلم‪.‬‬
‫ث يتطرق الؤلفان بعد ذلك ف الفصل الامس ال ناذج معاصرة من الساءة للسلم مشيين إل أنه‬
‫إذا كانت الزمة الالية التعلقة بالرسوم قد أخذت كل هذه البعاد التعددة العقدة والتشابكة‬
‫وأثارت كل هذه التداعيات با يعلها مرحلة فاصلة جديدة ف علقات العال السلمي مع الغرب‪،‬‬
‫فمما قد يكون من نافلة القول الشارة ال أنا ل تعد الول ف مال الساءة ال السلم أو ال‬
‫الرسول ‪ ،‬وأن الختلف يتمثل ف طبيعة الفترة الت نياها با يعل من حقيقة تول العال ال قرية‬
‫صغية حقيقة ل مراء فيها‪ .‬وهنا يشيان ال حقيقة أن الزمة ل يكن لا أن تأخذ البعاد الت أخذتا‬
‫لول تكنولوجيا التصالت التطورة الت أذاعت الصور عب العال‪.‬‬
‫ويتبن الكتاب ف معرض الديث ف هذا الانب فرضيت الهل والتعمد ف الساءة ال الرسول‬
‫والسلم بشكل عام‪ .‬فال جانب التفسي الذي يعتمد وجود مساع للساءة ال السلم ف الغرب ل‬
‫يستبعد الؤلفان مبدأ الهل وكونه يسيطر على قطاع كبي ف الغرب بشأن السلم والسلمي ما قد‬

‫‪135‬‬
‫يكون سببا ف بعض الحيان ف عمليات الساءة لم سواء كأفراد أو مموعات‪ ،‬المر الذي يعن من‬
‫ناحية أخرى سهولة ترير الصور النمطية السلبية ال ذهن الواطن الغرب‪.‬‬
‫وضمن تليل للزمة ف إطارها الشامل يشي الكتاب ال تشابها مع أزمت الروائي البيطان سلمان‬
‫رشدي على خلفية روايته آيات شيطانية والكاتبة البنغالية تسليمة نسرين وروايتها "العار" باعتبار أن‬
‫القاسم الشترك بي هذه القضايا أو الزمات الثلث دعوى حرية التعبي الت يرفع لواءها الغرب ف‬
‫مواجهة الكثي من القضايا الت تثل مال للحتكاك مع العال السلمي او العرب‪.‬‬
‫ث يتطرق الكتاب ف الفصل السادس ال القضية الرئيسية الت تعد جوهر الزمة من وجهة نظر‬
‫الؤلفي وهي قضية حرية التعبي ‪ ،‬ويشيان ال أن مفهوم حرية التعبي كان الضحية الرئيسية الت‬
‫جرى العتداء السافر عليها ضمن تداعيات الزمة ما أعاد ال الذهن ناذج أخرى من تشويه الفاهيم‬
‫ف السياقات الغربية‪ ،‬والتوظيف السياسي لا على غرار مفهوم الرهاب ونشر الديقراطية‪ ،‬وثقافة‬
‫السلم‪.‬‬
‫ورغم ذلك يشي الؤلفان ال أن الفهم الكامل لبعاد الوقف الغرب ل يكن أن يتم إل مع الخذ ف‬
‫العتبار الختلف الثقاف والضاري هناك عنه ف العال السلمي‪ .‬فلقد وصل الغرب ال مرحلة‬
‫تاريية تاوز خللا القدسات الدينية ونزع عنها كل صفات التقديس‪ ،‬بغض النظر عن إنشائه‬
‫لقدسات أخرى غي دينية على رأسها مرقة اليهود أو غيها‪ .‬وف ظل هذه الجواء فإن الديان أو‬
‫النبياء ليس لم نفس الكانة الت يظون با ف العال السلمي‪ ،‬حيث أنه ليس ل أو النبياء أو‬
‫الشعائر الدينية ف ثقافة الوروبيي والميكيي الهابة نفسها الت يقوم عليها المر ف ثقافة السلم‪.‬‬
‫غي أن الؤلفي يشيان ال أن ذلك ل يعن بأي حال من الحوال أن هذا الال يعن حرية الساءة‬
‫للديان‪ ،‬المر الذي يعزز ف النهاية فرضية أن نشر الرسوم على هذا النحو يتجاوز مقولت الهل‬
‫وحرية التعبي وها قائمتان ف أي الحوال‪ ،‬ال جوانب أخرى تثل ف أساسها حلة ثقافية سياسية‬
‫هدفها الساءة للعرب والسلمي‪.‬‬
‫ويتبن الكتاب الرأي الذي يقر بعدم وجود حرية تعبي مطلقة مهما كان ثنها ومتواها‪ ،‬وعلى ذلك‬
‫يؤكد الؤلفان ضرورة أن يسود الوعي عربيا وإسلميا بأن قسطا كبيا من السياسات والمارسات‬
‫الغربية ل يكن تفسيه بالجج والذرائع العلنة‪ ،‬رغم أهيتها‪ ،‬وأن ذلك ل ينطبق على قضية الرسوم‬
‫فقط وإنا على الكثي من القضايا الت تعد مثار نزاع ف السياسات الدولية والت تأت الدول العربية‬
‫والسلمية ف القلب منها‪.‬‬
‫ويؤكد الكتاب ف هذا الانب ضرورة اللتزام بالرية النضبطة‪ ،‬مشيا ال أنه على قدر ما بدا من ل‬
‫مبالة غربية بنشر الرسوم تت دعوى حرية التعبي‪ ،‬كانت ردة الفعل ف العال العرب والسلمي‬
‫تنطلق من رؤية تلتزم مموعة من الضوابط الواجب اللتزام با عند أي حديث عن حرية التعبي سواء‬
‫انطلقا من الطار السلمي أم من الطار النسان الذي تكمه وتنظمه قواعد وقواني دولية‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫وعلى ذلك فقد تحورت النقطة الساسية للمعبين عن الرؤية السلمية حول ضرورة التفرقة بي‬
‫حرية التعبي الت تعن أن يكون النسان قادرا على إبداء رأيه ف السائل الت تتباين فيها الواقف وبي‬
‫الدود الت ل يكون المر فيها متعلقا برأي وتكون تاوزا لكل العراف اللقية والضارية‪.‬‬
‫ويصص الؤلفان ف هذا الفصل جزءا لتفنيد دعوى حرية التعبي مؤكدين على الزدواجية الغربية ف‬
‫التعامل مع الفهوم ‪ ..‬فالرؤية التأنية لواقف الكومات الغربية وسياساتا تكشف عن لوئها ف‬
‫أحيان كثية ال عدم التقيد بإلزامية البادئ والثوابت الكونية الت ترفعها عندما تتعارض مع مصالها‬
‫واختياراتا الستراتيجية‪.‬‬
‫وضمن تفنيد دعوى حرية التعبي يقدم الكتاب جزءا ف هذا الفصل للحديث عن مزاعم الحرقة‬
‫اليهودية مشيا ال مفارقة أنه فيما ييز الغرب أن تكون العقائد مل للجدل والستهزاء تت مثل‬
‫هذه الدعوى ند أن هذه الرية مصادرة بشأن قضية مرقة اليهود وتزداد الدهشة ف ضوء معرفة أن‬
‫قواني صدرت ترم التشكيك ف الرواية التاريية بشأن الحرقة با جعل منها قضية مقدسة ل تقبل‬
‫الدال‪.‬كما يتطرق الكتاب إل قضية طالبان مع تاثيل بوذا ف أفغانستان مشيا إل أنا تعد نوذجا‬
‫آخر على الزدواجية الغربية ف الواقف بشأن الرموز الدينية وكذلك بشأن وجود موقف مسبق تاه‬
‫قضايا السلم‪.‬‬
‫وف فصل ختامي وتت عنوان حصاد الزمة ومستقبل العلقات مع الغرب يشي الؤلفان إل أنا تعب‬
‫عن أزمة أشل وأعمق هي أزمة ثقة تكم إطار العلقات بي العال السلمي والغرب وهي أزمة‪،‬‬
‫حسبما يشي الؤلفان‪ ،‬تضرب بعمقها ف التاريخ إل الد الذي يعود با البعض إل ظهور السلم ‪.‬‬
‫وجوهر الزمة حسبما يقرر الكتاب إنا يكمن ف عدم التفهم الصحيح من قبل الغرب للمسلمي‬
‫والسلم والكم عليهم من خلل أحكام نطية مسبقة ل ير تحيصها بدقة‪ .‬فلقد تعاظمت الصور‬
‫النمطية الت تشكلت ف العقلية الغربية ف العقد الخي حت أصبح مرد ذكر كلمة مسلم يستدعي‬
‫الرهاب والتخلف ورفض الخر!‬
‫ويرجع الؤلفان أسباب تصاعد الزمة ف العلقات بي العال السلمي والغرب إل الزمات الحورية‬
‫الت كان لا ومازال تأثيها السلب على هذه العلقات ومن بي هذه الزمات أحداث سبتمب وما‬
‫تركته من صور ذهنية سلبية ف الوعيي الغرب والسلمي‪ ،‬وعلى ذلك ففي ظل أجواء معبأة بالة‬
‫التحفز ف الغرب وحالة الشعور بالستهداف ف العال السلمي جاءت الرسوم لتعكس الجواء‬
‫السلبية الونة بالتوتر وبرائحة العنصرية الت سادت لدى بعض الوساط ف أوروبا وأميكا والت‬
‫اتذت إجراءات قانونية وغي قانونية استهدف بعضها مباشرة الاليات العربية والسلمية حيث‬
‫شكلت مرتعا خصبا لنعات الكراهية والعداء للخر وعدم التسامح والت تعاظمت إثر تفجيات ‪11‬‬
‫سبتمب‪.‬‬
‫وقد انعكس تصاعد هذا القلق وانعكس ف انتشار مفهوم "السلموفوبيا" والذي يثل أبلغ دللة على‬
‫الوقف العام ف الغرب تاه العرب والسلمي حيث يعكس بشكل عام انتشار نزعة العداء للمسلمي‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫وعلى نفس النوال يشي الؤلفان إل أنه إذا كانت أحداث سبتمب أحيت نظرية صدام الضارات الت‬
‫طرحها صموئيل هنتنجتون ف إطار البحث عن الجابة السهلة بشأن كراهية السلمي للغرب فإن‬
‫قضية الرسوم أعادت إل الياة مرة أخرى نفس النظرية الت رأى البعض أنا يكن أن تفسر ما يدث‬
‫من أفعال وردود أفعال من قبل طرف الزمة خاصة ف ضوء نظرة البعض لا أنا تعب عن نوع من‬
‫الصراع يشبه أو يثل تكرارا لتاريخ الرب الباردة‪ ..‬وعلى ذلك فقد ساد توجه عام يعب عن قدر من‬
‫القيقة يشي إل أن الحداث تعد مرحلة جديدة ف العركة التاريية بي السلم والغرب رغم‬
‫النتقاد الذي يلقاه هذا التفسي من تصويره لوجود معركة مستمرة يتم توصيف أي حدث انطلقا‬
‫منها‪.‬‬
‫ف ماولة لتحديد حصاد الزمة يشي الكتاب إل أنا كشفت عن استمرار الصورة الذهنية النمطية‬
‫عن السلم والسلمي ف العقلية الغربية‪ ،‬بل وأضافت إليها ما يراكم من صعوبة تغييها‪ ،‬بعن أن‬
‫بعض فصول الحداث عزز هذه الصورة النمطية بسبب بعض النرافات الت آلت إليها‬
‫الحتجاجات ف بعض البلدان السلمية‪ ،‬وهو ما يعن ضرورة تاوز ردود أفعال السلمي إزاء‬
‫استهدافهم واستهداف دينهم وحضارتم الطار الذي يتسم بالعشوائية على النحو الذي اتصفت به‬
‫مواقفهم ف الزمة الخية‪ ،‬وهو ما يعن ضرورة البتعاد عن الساليب السطحية الت استخدمت ف‬
‫السابق وأدت إل تأثيات سلبية‪.‬‬
‫وهنا يدعو الكتاب إل ضرورة أن تكون الزمة فرصة للهتمام بالعلقات الثقافية بي المم والبحث‬
‫عن الوسيلة الت تنب تكرار مثل هذه الرية من خلل سن قانون دول ينع الس بالديان على غرار‬
‫إقدام العال الغرب على سن قانون معاداة السامية‪.‬‬
‫وف ظل توقع أن تدث إساءات جديدة سواء بشأن السلم والسلمي أو الدين عموما ف ظل ثقافة‬
‫معولة تنحو ال توجهات أكثر علمانية فإن الؤلفي يطرحان سؤال جوهريا حول ‪:‬كيف يكن أن‬
‫يتعامل السلم مع مثل هذا المر؟ فهل يب ترك الساءة تر دون الوقوف عندها وحت ل يساهم‬
‫رفضها ف شهرة من تصدر عنه‪ ،‬أم أنه يب الوقوف أمام كل إساءة وماولة رد صاحبها عن فعلته؟‬
‫يؤكد الؤلفان على أهية البحث عن إجابة واضحة لذا السؤال ل تعتمد التفريط أو التشدد وإنا تقوم‬
‫على التأن والستفادة من دروس أزمة الرسوم‪ .‬ويضيف الؤلفان أنه إذا ت إقرار رؤية البعض والت‬
‫تقوم على أسس منطقية مفادها صعوبة التغاضي عن الساءة إل الدين‪ ..‬فإن السؤال يتحول ليصبح‪:‬‬
‫كيف يكن لنا أن نعب عن احتجاجنا بطريقة حضارية تليق بديننا وقيمنا؟ وتعب عنه أفضل التعبي؟‬
‫هنا يشي الؤلفان إل تارب الرفض الشعب للغزو الميكي البيطان للعراق والذي ت من قبل‬
‫شعوب هذه الدول بشكل ل يسئ إل الماهي الت خرجت تندد بعملية الغزو وهو ما يتطلب‬
‫حسبما يشيان نوع من الراجعة النقدية الذاتية وأن تكون الزمة فرصة لعادة النظر ف موقفنا وف‬
‫علقتنا مع الخر وبشكل خاص الغرب‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫وأما على صعيد مسؤولية الغرب ذاته يشي الكتاب إل أنه إذا أراد علقات صحية وسليمة مع العال‬
‫السلمي فإن عليه أن يعي أن تاهل مشاعر الخرين ذوي اللفيات العرقية والثقافية الختلفة ل يعد‬
‫مكنا كما كان سابقا وذلك لعدة أسباب أهها أن نسبة القليات الت تعيش اليوم ف الغرب كبية‬
‫ولكي يافظ على أمنه الحلي وتانسه فهو ملزم بإياد الوسائل الفضل لدماج هذه القليات‬
‫واحترام ثقافاتا وخلفياتا وقيمها الت تؤمن با‪.‬‬
‫الؤلف ف سطور‪:‬‬
‫مؤلف الكتاب فهو الدكتور عبد الرحيم عبد الواحد‪ ،‬فلسطين من مواليد غزة عام ‪ 1953‬حاصل‬
‫على ليسانس القوق عام ‪1987‬ودكتوراه ف الصحافة عام ‪ ،1998‬ويارس العمل الصحاف منذ‬
‫عام ‪ 1981‬ف دولة المارات العربية التحدة‪ ،‬وله العديد من الؤلفات أبرزها‪ :‬البحث عن فلسطي‪،‬‬
‫نقاط فوق الروف‪ ،‬أمريكا مرت من هنا‪ ،‬دب مدينة الحلم‪ ،‬المارات تفة العمار‪ .‬كما عضو ف‬
‫جعية الصحافيي ف المارات‪ ،‬عضو نقابة الصحافيي العرب والفلسطينيي وأخيا عضو المعية‬
‫الكندية للصحافيي‪.‬‬
‫==========================‬
‫سب النب صلى ال عليه وسلم فرصة لريدي الي‬

‫الكاتب‪ :‬ممد جلل القصاص‬


‫سبّ النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ ليس حدثا عابرا قامت به صحيفة سيئة الخلق نفثت به عن‬
‫حقدها ف عدد من أعدادها ‪ ،‬وليس هو ه ّم حفنه من أراذل الكفار مُلئت قلوبم غيظا وحنقا على‬
‫شخص البيب ـ صلى ال عليه وسلم ـ فقاموا يثلون وينكتون ويسخرون ‪.‬بل لو كان المر‬
‫كذلك لكان ما يسعه الصدر ـ على عظمه ـ إذ أن ماراة السفهاء أمر يترفع عنه العقلء ‪. .‬‬
‫‪.‬ولكن ‪ ..‬المر أعمق من هذا كله ‪.‬‬
‫خفِي‬
‫هذه المور ليست إل كما يقول ال عز وجل ‪ . . . ( :‬قَدْ بَ َدتِ اْلَب ْغضَاء مِنْ أَ ْفوَا ِههِ ْم َومَا تُ ْ‬
‫صُدُو ُرهُمْ أَ ْكَبرُ قَدْ َبيّنّا لَ ُكمُ اليَاتِ إِن كُنتُ ْم َتعْقِلُو َن ) (آل عمران ‪ :‬من الية ‪ . ) 118‬وهاأنذا‬
‫أنادي العقلء ‪ .‬فهل يسمعون ؟ ‪ . . .‬وهل ييبون ؟ ‪ . . .‬وليت أول العزم من العقلء مَن يلبون ؟‬
‫من قبل كان النصارى ف حلتم ( التبشيية ) يتكلمون عن النصرانية ‪ ...‬يبترون ويكذبون ويبدون‬
‫قليل ويفون كثيا كي يُظهروا دينهم الحرف ف صورة يتقبلها الخر ‪ .‬واتذوا ما يسمى بوار‬
‫الديان ‪ ...‬هذا الوار الذي يرى مع علماء الدين الرسيي وسيلة ليقولوا لن ياطبونم من ضعاف‬
‫السلمي ف أدغال أفريقيا وجنوب شرق أسيا أن السلم يعترف بنا ول يتنكر لنا فكله خي ـ‬
‫بزعمهم ـ ‪.‬‬
‫وكانت حلتهم على السلم حلة على شعائره ‪ ...‬يتكلمون عن التعدد وعن الطلق وعن الدود‬
‫وعن الهاد وعن الياث وعن ناسخ القرآن ومنسوخة ‪ ،‬ث ف الفترة الخية وخاصة بعد انتشار‬

‫‪139‬‬
‫الفضائيات ودخولا كل البيوت تقريبا ‪ ،‬وكذا بعد ظهور تقنية النترنت عموما والبالتوك خصوصا ‪،‬‬
‫أخذ القوم منحى آخر وهو التركيز على شخص البيب ـ صلى ال عليه وسلم ـ ‪.‬قاموا ينقضون‬
‫السلم بتشويه سورة النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ ‪.‬‬
‫ودعك من كلم الراذل ‪ ،‬هناك طرحٌ ُيلِْبسُه دعاة الكفر ثوب العلمية ويدّعون أنه القيقة الت ل‬
‫مراء فيها ياطبون بذا الراء قومهم ومن يتوجهون إليهم بالتنصي ‪ ...‬هذا توجه عام داخل حلت‬
‫التنصي اليوم ‪ .‬والمر بيّن لن له أدن متابعة لا يتكلم به القوم ‪ .‬وما حدث ف الصحيفة الوربية هو‬
‫طفح لا يُخاطب به القوم ف الكنائس وغرف البالتوك عن نب السلم ـ صلى ال عليه وسلم ـ ‪.‬‬
‫فهم ياضرون ويؤلفون عن ( أخلق نب السلم ) ‪ ،‬يتكلمون عن زواجه بتسع من النساء ـ وقد‬
‫اجتمع عند سليمان عليه السلم تسعمائة من النساء وهذا ف كتابم ـ ‪ ،‬وعن زواجه من عائشة‬
‫ومن زينب ومن صفية ـ رضي ال عنهن ‪ ،‬وعن غزواته ـ صلى ال عليه وسلم ـ ؛ وبطريقة البتر‬
‫للنصوص واعتماد الضعيف والشاذ والنكر من الديث يرجون بكلمهم الذي يشوهون به صورة‬
‫البيب ـ صلى ال عليه وسلم ـ ‪ .‬ولكنه ف الخي يبدو للمستمع أن هذا كلم ( بن كثي ) و‬
‫( الطبي ) و( بن سعد ) علماء السلم ‪ .‬فيظن الخاطبون أنا القيقة الت يفيها ( علماء ) السلم‬
‫‪.‬‬
‫دعاة النصرانية يغرفون من وعاء الشيعة الكدر النجس حي يتكلمون عن أمهات الؤمني وعن‬
‫صحابة النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ بل وف كلمهم عن النب ـ صلى ال عليه وسلم ـ‬
‫أحيانا ‪ ،‬ويغرفون من وعاء ( القرآنيون ) الذين يتركون السنة تشكيكا ف ثبوتا أو ف عصمة البيب‬
‫ـ صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫والطلوب هو قراءة جيدة لا يدث ‪ ،‬والتصدي له على أرض الواقع ‪ .‬ل نريد ثورة كلمية ‪ ،‬وغضبة‬
‫ل يفهم منها ( الخر ) إل أنا نفرة التعصب ‪ ،‬نريد قطع الطريق على هؤلء وإحباط كيدهم ‪،‬‬
‫وإنقاذ الناس من الكفر بربم ‪.‬‬
‫مطلوب خطاب أكاديي يفف منابع النصرين ‪ ،‬أعن ما يقوله القرآنيون والشيعة ‪ .‬وما يفتريه‬
‫النصارى بالبتر للنص واعتماد الكذوب والشاذ والضعيف من الديث ‪.‬ومعنٌ بذا طلبة درجات‬
‫التخصص العليا ف الكليات الشرعية ‪ .‬وإن أخذ المر وقتا ولكنه سيثمر بإذن ال يوما ما ‪.‬‬
‫ومطلوب خطاب لعامة الناس يبي لم كيف كان نبيهم ـ صلى ال عليه وسلم ـ بعيدا كل البعد‬
‫عما يقولوه النصارى ‪ ،‬وأن ما يقال مض كذب ‪ ،‬وأن النب صلى ال عليه وسلم ـ كان كل‬
‫الكمال وجلة المال ـ صلى ال عليه وسلم ـ ‪.‬‬
‫تال ما حلت أنثى ول وضعت * * * مثل النب رسول المة الادي ‪.‬‬
‫وأيضا ل ينفك عن هذا أبدا بيان عقيدة النصارى ‪ ...‬ما يعتقدونه ف ربم وما يعتقدونه ف أنبيائهم‬
‫وما يعتقدونه ف أحبارهم ورهبانم ‪...‬من يعبد النصارى؟ ‪ .‬وهل النصرانية دين يتبع ؟!!‬
‫ل نسكت عنهم وهم يرموننا بكل ما ف جعبتهم ؟!‬

‫‪140‬‬
‫أسياسة ؟ ‪ . . .‬أم جب وخور ؟ ‪ . . .‬أم غفلة ؟!‬
‫إن ما ابتلي به مسلمو اليوم هو التآلف مع النوازل بعد قليل من نزولا ‪ ،‬فقط نثور قليل ث نسكت‬
‫ول نتكلم وكأن شيئا ل يدث ‪ ،‬وهذا المر فهمه عدونا ‪ ،‬فلم يعد يبال بعجعتنا الت تتجاوز‬
‫الكلم ‪ ،‬وهو يستفيد من هذا الكلم ‪ .‬فليتنا نكون على قدر السئولية ونبدأ ف تصعيد مستمر‬
‫وتبصي للناس ‪ ،‬بقيقة من يتكلمون عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وحقيقة دينهم ‪ ،‬وحقيقة ديننا‬
‫ونبينا صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فهل من ميب ؟!‬
‫فديتك نفسي يا رسول ال ‪ . . .‬فديتك نفسي يا رسول ال ‪ . .‬فديتك نفسي يا رسول ال ‪.‬‬
‫‪mgalkassas@hotmail.com‬‬
‫==============================‬
‫سلح القاطعة وأثره ف نصرة السلمي‬

‫تاريخ الجابة ‪05/02/2006‬‬


‫موضوع الفتوى السياسة الشرعية‬
‫نص السؤال ما حكم مقاطعة البضائع والسلع المريكية والسرائلية وباصة ف هذا الوقت الذي بلغ‬
‫اعتداؤهم وتطاولم على السلمي ومقدساتم مداه ف كل مكان؟‬
‫اسم الفت الدكتور الشيخ يوسف عبد ال القرضاوي‬
‫نص الجابة‬
‫بسم ال‪ ،‬والمد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فسلح القاطعة من أنح السلحة وأشدها فتكا بالعداء ف هذا الوقت‪ ،‬وهذا واجب الفراد‬
‫واليئات والكومات سواء بسواء ‪ ،‬كل يقوم بواجبه وبقدر ما يستطيع وعلينا أن نركز على البضائع‬
‫الصهيونيةالصنع أو المريكية الالصة الت ل يدخل ف شراكتها أحد من السلمي ول يترتب عليها‬
‫ضرر أكب للمسلمي وعلى الشاركي لليهود والمريكان أن يقاطعوهم أيضا ول يقف المر عند هذا‬
‫الد بل الواجب علينا مقاطعتهم ثقافيا وتربويا واجتماعيا ونعود لويتنا السلمية وتقاليدنا الصلية‬
‫حت نتخلص من قيد هذا الحتلل‪.‬‬
‫يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي‬
‫فمما ثبت بالكتاب والسنة وإجاع المة‪ :‬أن الهاد لتحرير أرض السلم من يغزوها ويتلها من‬
‫أعداء السلم واجب متم وفريضة مقدسة‪ ،‬على أهل البلد الغزوة أولً‪ ،‬ث على السلمي من حولم‬
‫إذا عجزوا عن مقاومتهم‪ ،‬حت يشمل السلمي كافة‪.‬‬
‫فكيف إذا كانت هذه الرض السلمية الغزوة هي القبلة الول للمسلمي‪ .‬وأرض السراء والعراج‪،‬‬
‫وبلد السجد القصى الذي بارك ال حوله؟ وكيف إذا كان غزاتا هم أشد الناس عداوة للذين‬

‫‪141‬‬
‫آمنوا؟ وكيف إذا كانت تساندها أقوى دول الرض اليوم‪ ،‬وهي الوليات التحدة المريكية‪ ،‬كما‬
‫يساندها اليهود ف أناء العال؟‬
‫إن الهاد اليوم لؤلء الذين اغتصبوا أرضنا القدسة‪ ،‬وشردوا أهلها من ديارهم‪ ،‬وسفكوا الدماء‪،‬‬
‫وانتهكوا الرمات‪ ،‬ودمروا البيوت‪ ،‬وأحرقوا الزارع‪ ،‬وعاثوا ف الرض فسادا‪ ..‬هذا الهاد هو‬
‫فريضة الفرائض‪ ،‬وأول الواجبات على المة السلمة ف الشرق والغرب‪ .‬فالسلمون يسعى بذمتهم‬
‫أدناهم‪ ،‬وهم يد على من سواهم‪ ،‬وهم أمة واحدة‪ ،‬جعتهم وحدة العقيدة‪ ،‬ووحدة الشريعة‪ ،‬ووحدة‬
‫القبلة‪ ،‬ووحدة اللم والمال كما قال تعال‪( :‬إن هذه أمتكم أمة واحدة) (إنا الؤمنون إخوة) وف‬
‫الديث الشريف‪ " :‬السلم أخو السلم ل يظلمه ول يسلمه ول يذله"‪.‬‬
‫وهانن نرى اليوم إخواننا وأبناءنا ف القدس الشريف‪ ،‬وف أرض فلسطي الباركة‪ ،‬يبذلون الدماء‬
‫بسخاء‪ ،‬ويقدمون الرواح بأنفس طيبة‪ ،‬ول يبالون با أصابم ف سبيل ال‪ ،‬فعلينا ـ نن السلمي‬
‫ف كل مكان ـ أن نعاونم بكل ما نستطيع من قوة (وإن استنصروكم ف الدين فعليكم النصر)‬
‫(وتعاونوا على الب والتقوى)‪.‬‬
‫لا أسلم ثامة بن أثال النفي رضي ال عنه‪ ،‬ث خرج معتمرًا‪ ،‬فلما قدم مكة‪ ،‬قالوا‪ :‬أصبوت يا ثامة؟‬
‫فقال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن اتبعت خي الدين‪ ،‬دين ممد‪ ،‬ول وال ل تصل إليكم حبة من اليمامة حت يأذن‬
‫فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬ث خرج إل اليمامة‪ ،‬فمنعهم أن يملوا إل مكة شيئا‪ ،‬فكتبوا‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنك تأمر بصلة الرحم‪ ،‬وإنك قد قطعت أرحامنا‪ ،‬وقد قتلت‬
‫الباء بالسيف‪ ،‬والبناء بالوع‪ ،‬فكتب رسول ال صلى ال عليه وسلم إليه أن يلي بينهم وبي‬
‫المل ‪.‬‬
‫والبضائع المريكية مثل البضائع السرائيلية ف حرمة شرائها والترويج لا‪ .‬فأمريكا اليوم هي إسرائيل‬
‫الثانية‪ .‬ولول التأييد الطلق‪ ،‬والنياز الكامل للكيان الصهيون الغاصب ما استمرت إسرائيل تارس‬
‫عدوانا على أهل النطقة‪ ،‬ولكنها تصول وتعربد ما شاءت بالال المريكي‪ ،‬والسلح المريكي‪،‬‬
‫والفيتو المريكي‪.‬‬
‫وأمريكا تفعل ذلك منذ عقود من السني‪ ،‬ول تر أيّ أثر لوقفها هذا‪ ،‬ول أي عقوبة من العال‬
‫السلمي‪.‬‬
‫وقد آن الوان لمتنا السلمية أن تقول‪ :‬ل لمريكا‪ .‬ولبضائعها الت غزت أسواقنا‪ ،‬حت أصبحنا‬
‫نأكل ونشرب ونلبس ونركب ما تصنع أمريكا‪.‬‬
‫إن المة السلمية الت تبلغ اليوم مليارًا وثلث الليار من السلمي ف أناء العال يستطيعون أن يوجعوا‬
‫أمريكا وشركائها بقاطعتها‪ .‬وهذا ما يفرضه عليهم دينهم وشرع ربم‪.‬‬
‫فكل من اشترى البضائع السرائيلية والمريكية من السلمي‪ ،‬فقد ارتكب حرامًا‪ ،‬واقترف إثًا مبينًا‪،‬‬
‫وباء بالوزر عند ال‪ ،‬والزي عند الناس‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫إن القاطعة سلح فعال من أسلحة الرب قديًا وحديثًا‪ ،‬وقد استخدمه الشركون ف ماربة النب‬
‫صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬فآذاهم إيذاءً بليغًا‪ ..‬وهو سلح ف أيدي الشعوب والماهي‬
‫وحدها‪ ،‬ل تستطيع الكومات أن تفرض على الناس أن يشتروا بضاعة من مصدر معي‪.‬‬
‫فلنستخدم هذا السلح لقاومة أعداء ديننا وأمتنا‪ ،‬حت يشعروا بأننا أحياء‪ ،‬وأن هذه المة ل تت‪،‬‬
‫ولن توت بإذن ال‪.‬‬
‫على أن ف القاطعة معان أخرى غي العن القتصادي‪ :‬أنا تربية للمة من جديد على التحرر من‬
‫العبودية لدوات الخرين الذين علموها الدمان لشياء ل تنفعها‪ ،‬بل كثيا ما تضرها…‪ .‬وهي‬
‫إعلن عن أخوة السلم‪ ،‬ووحدة أمته‪ ،‬وأننا لن نون إخواننا الذين يقدمون الضحايا كل يوم‪،‬‬
‫بالسهام ف إرباح أعدائهم‪ .‬وهي لون من القاومة السلبية‪ ،‬يضاف إل رصيد القاومة اليابية‪ ،‬الت‬
‫يقوم با الخوة ف أرض النبوات‪ ،‬أرض الرباط والهاد‪.‬‬
‫وإذا كان كل يهودي يعتب نفسه مندًا لنصرة إسرائيل بكل ما يقدر عليه‪ .‬فإن كل مسلم ف أناء‬
‫الرض مند لتحرير القصى‪ ،‬ومساعدة أهله بكل ما يكنه من نفس ومال‪ .‬وأدناه مقاطعة بضائع‬
‫العداء‪ .‬وقد قال تعال‪( :‬والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إل تفعلوه تكن فتنة ف الرض وفساد‬
‫كبي)‪.‬‬
‫وإذا كان شراء الستهلك للبضائع اليهودية والمريكية حرامًا وإثًًا‪ ،‬فإن شراء التجار لا ليبوا من‬
‫ورائها‪ ،‬وأخذهم توكيلت شركائهم أشد حرمة وأعظم إثًا‪ ،‬وإن تفت تت أساء يعلمون أنا‬
‫مزورة‪ ،‬وأنا إسرائيلية الصنع يقينًا‪.‬‬
‫(فل تنوا وتدعو إل السلم وأنتم العلون وال معكم ولن يتركم أعمالكم)‪.‬‬
‫===============================‬
‫سلح حضاري لنصرة البيب صلى ال عليه وسلم‬

‫مبارك بن عبيد الرب ‪ /‬إمام وخطيب جامع عمر بن الطاب بالرج‬


‫مليي من البشر يغضبون‪ ،‬وأمثالم يستنكرون‪ ،‬وقريب منهم يتظاهرون ف مسيات حاشدة‪،‬‬
‫وتمعات غاضبة لسان حالم (إل رسول ال صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫إنا الغضبة السلمية الميدة للدفاع عن سيد البشرية صلى ال عليه وسلم‪ .‬إنا البة اليانية العظيمة‬
‫للذب عن صفوة اللق صلى ال عليه وسلم فحق لذه الليي من السلمي أن تغضب وحق لمة‬
‫الليار وربع الليار أن تستنكر وتشجب بل حق لا أن تقول بصوت مسموع‪ ،‬وأن تنكر بلغة واضحة‬
‫وأن تندد بق هذه الساءات بفعل شرعي يتد أثره ليعرف أولئك الدناركيون حجم فعلهم‪ ،‬وشناعة‬
‫صنيعهم‪ ،‬وقبح تصرفهم‪ ،‬وهنيئا لكل من غضب لبيبه صلى ال عليه وسلم وانتصر لرسوله عليه‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وهنيئا لن كان له دور ومشاركة وإسهام ومؤازرة للدفاع عن صفوة اللق ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم علنا أن نكون بذه البة‪ ،‬وتلك النصرة أيها الخوة من إخوانه صلى ال عليه‬

‫‪143‬‬
‫وسلم الذين ود رؤيتهم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد جاء ف صحيح مسلم عن أب هريرة رضي ال عنه‬
‫أن رسول ال (أتى القبة فقال‪ :‬السلم عليكم دار قوم مؤمني‪ ،‬وإنا إن شاء ال بكم لحقون‪،‬‬
‫وددت أنا رأينا إخواننا‪ .‬قالوا‪ :‬أو لسنا إخوانك يا رسول ال؟‬
‫قال‪ :‬أنتم أصحاب وإخواننا الذين ل يأتوا بعد‪ .‬فقالوا‪ :‬كيف تعرف من ل يأت بعد من أمتك يا‬
‫رسول ال؟ فقال‪ :‬رأيت لو أن رجلً له خيل غي مجلة بي ظهري خيل دهم بم‪ ،‬أل يعرف خيله؟‬
‫قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال‪ .‬قال‪ :‬فإنه يأتون غرا مجلي من الوضوء وأنا فرطهم على الوض‪..‬‬
‫الديث)‪.‬‬
‫إن الدفاع عن رسول ال صلى ال عليه وسلم واجب متحتم على كل من يؤمن بال وبالسلم دينا‬
‫وبحمد صلى ال عليه وسلم نبيا ورسولً‪.‬‬
‫إذ كيف يتأخر السلم عن نصرة حبيبه صلى ال عليه وسلم وكيف يتردد الؤمن عن الذب عن الرحة‬
‫الهداة‪ ،‬والنعمة السداة ممد بن عبدال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مثل هذا ل يتصور من مسلم ول يظن‬
‫بؤمن إذ إن القلوب الؤمنة مبولة على مبته صلى ال عليه وسلم والنفس السلمة تواقة لنصرته عليه‬
‫الصلة والسلم‪.‬‬
‫والقلوب الحبة له مشتاقة لبيان شوقها وحبها واقعا ملموسا مشاهدا‪.‬‬
‫وإننا إزاء هذه الحداث وأمام تلك الساءات ومع فرحنا بتلك الواقف السلمية الرائعة الرسية‬
‫والشعبية‪ ،‬ومع ابتهاجنا بتلك البة اليانية للمة الحمدية تاه تلك الساءات‪ ،‬إل أنه يدر بنا أن‬
‫نقف وقفات سريعة ومهمة مع هذه القضية‪.‬‬
‫الوقفة الول‪:‬‬
‫ثرة اتاد موقف المة الرسي والشعب تاه هذه الساءات وأثر هذا التاد ف الوقف ليس على‬
‫الدولة السيئة (الدنارك) بل على الدول الغربية جيعا‪ ،‬ولعل ردود الفعال الغربية الرسية تؤكد مدى‬
‫ما نتج عن هذا الوقف السلمي الوحد‪ ،‬من آثار لعل من أهها إحساس الجتمع الغرب بثقل هذه‬
‫المة‪ ،‬وأهية احترامها واحترام معتقداتا ومقدساتا‪ ،‬وهذا ما نادى به بعض زعمائهم وساستهم‬
‫الذين يدركون أبعاد هذا الوقف‪ .‬فليت المة السلمية تدرك أن قوتا ف وحدتا‪ ،‬وأن تأثيها ف‬
‫اجتماع كلمتها‪ ،‬وأن ساع صوتا مرهون بدى تضامنها دائما واتاد هدفها وأن هذه المة السلمة‬
‫ليست صفرا يسار الرقم بل هي رقم صحيح سليم تستطيع من خلله أن تفعل شيئا بل أشياء عديدة‬
‫ل مت ما وجدت الرادة الصادقة‪ ،‬والتخطيط السليم‪ ،‬والتفكي‬ ‫كبية‪ ،‬وأن يكون فعلها مؤثرا وفاع ً‬
‫التعقل‪ ،‬والعمل الدروس‪ ،‬والتعاون والتكاتف ‪ ،‬بعيدا عن الجتهادات الفردية‪ ،‬والتحركات‬
‫الرتالية‪ ،‬والتشنيج والنفعال الذي ربا قاد إل عكس ما سعينا له وطلبناه‪ ،‬ومت استمر هذا الوقف‬
‫السلم التضامن والتحد فستكشف اليام للدناركيي وللغرب أجع من هم السلمون؟!‬
‫والمل بال عز وجل كبي ف هذه المة السلمة أن تكون هذه الساءات الت حصلت قائدة إل قيام‬
‫العمل السلمي الؤسسي الوحد ف أشكال متلفة للتصدي لثل هذه القضايا بدلً من أن تستمر‬

‫‪144‬‬
‫ردود أفعالنا فردية أو وقتية‪ ،‬وقد عودتنا الحداث‪ ،‬أن هذه المة هي أقوى المم ف رد الفعل‬
‫الفردي ولكنا مازلنا القل ف رد الفعل الؤسسات‪ ،‬ول شك أن الرد الفردي وإن كانت له ماسن فله‬
‫من السلبيات والعيوب الشيء الكثي يكفي من أهها سرعة التلشي لردة الفعل‪ ،‬أو ردة الفعل غي‬
‫السؤولة‪ ،‬أما ردود الفعال الؤسسية فهي ف غالبها ردود أفعال منضبطة ومتزنة‪ ،‬وذات أبعاد‬
‫مدروسة ومسؤولة‪ ،‬وهي أيضا ف ذات الوقت مدخل للعمل مع مؤسسات عالية يكن من خللا أن‬
‫نطرح آراءنا ومطالبنا‪ ،‬وأن نقق أهدافنا السامية النبيلة‪.‬‬
‫ولعل النظمات السياسية وعلى رأسها المم التحدة‪ ،‬الت فيها كثي من النظمة والقواني الت يكن‬
‫توظيفها للعمل على وقف أي تشويه أو إساءة للديان والعتقدات ولعل منها ذلك القرار الذي يدعو‬
‫إل مناهضة تشويه الديان ف العال‪.‬‬
‫وتفعيل مثل هذا القرار وغيه من القرارات‪ ،‬أو السعي الؤسسي مع مثل هذه اليئات لستصدار‬
‫قرارات مشابة‪ ،‬يعلنا ف منأى إل حد ما عن كل شائنة يقذف با ديننا ونبينا وقيمنا بي الفينة‬
‫والخرى‪.‬‬
‫ولعله ل يفوتن أن أذكر ف هذا القام أهية أن تستفيد الكومات والؤسسات السلمية من هذه‬
‫البة الشعبية الغاضبة لتكون وسيلة من وسائل الضغط على الؤسسات والكومات الغربية لتحقيق‬
‫مزيد من القوق للمسلمي وأل تر ثورة الشعوب السلمية على الكومات والؤسسات السلمية‬
‫مرور الكرام‪.‬‬
‫بل تستثمر هذه الزمة لستصدار القرارات والنظمة والواثيق الت تمي من العتداءات على الديان‬
‫والقدسات وتستثمر كذلك ببامج عملية مؤسسية تُعرف الغرب بالسلم ونب السلم وآداب‬
‫السلم‪.‬‬
‫الوقفة الثانية‪:‬‬
‫العاطفة أمر ف غاية الهية‪ ،‬وهي الروح الت تسري ف الجساد‪ ،‬والدماء الت تسيل ف العروق‪ ،‬وهي‬
‫الحرك لكثي من العمال والفعال‪ ،‬ولكن الهم أن تكون العاطفة الت قادتنا لنصرة البيب صلى ال‬
‫عليه وسلم عاطفة متزنة حكيمة غي متهورة‪ ،‬راشدة ل طائشة‪ ،‬تسب لعماله وتطط لهدافها‪،‬‬
‫ولذا كان من الهية بكان توجيه هذه العواطف التوجيه المثل‪ ،‬وإرشادها نو العمل الصحيح‬
‫وعلينا أن ننأى بأنفسنا عن كل ردة فعل غي مسؤولة‪ ،‬وأن تكون غيتنا لرسولنا صلى ال عليه وسلم‬
‫منضبطة بضابط الشرع‪ ،‬ملتزمة النهج الحمدي‪ ،‬والدي النبوي‪ ،‬سائرة ف ركاب العلماء‪ ،‬آخذة‬
‫بتوجيهات الكماء والصلحاء‪ ،‬ما يعكس سو هذا الدين‪ ،‬وسو هذه الرسالة‪ ،‬ورقي اتباع هذا النب‬
‫العظيم صلوات رب وسلمه عليه الذي أوذي عليه الصلة والسلم كثيا من أعدائه اليهود‬
‫والشركي والنافقي‪ ،‬فكانت ردود أفعاله صلى ال عليه وسلم سببا ف إسلم كثي منهم‪ ،‬لذا فمن‬
‫الجدر بأتباعه عليه الصلة والسلم وهم يواجهون هذه الحنة أن تكون ردود أفعالم ردودا تتفق‬
‫مع النهج الحمدي‪ ،‬الذي يثل الطابع الضاري ف التعامل مع مثل هذه الحداث فل إحراق‬

‫‪145‬‬
‫السفارات‪ ،‬ول العتداءات على الشخاص‪ ،‬ول تريب المتلكات من الدي الحمدي ف شيء‪ ،‬بل‬
‫إن هذه العمال تسيء إل قيمنا السلمية‪ ،‬وتبعثر جهودنا وتعكس صورا غي حيدة عن السلمي‬
‫لدى الجتمع الغرب والشرقي على حد سواء الذين بدأوا ينظرون للمسلمي ويتساءلون ما سر هذه‬
‫الغضبة؟! ومن هذا الرجل الذي غضب لجله السلمون؟! وماذا يثل لدى السلمي؟! إل غي ذلك‬
‫من التساؤلت الراقبة لجريات الحداث‪ ،‬وردود الفعال‪ ،‬فيجب أن تكون عواطفنا لنصرة نبينا‬
‫صلى ال عليه وسلم سببا من أسباب نشر شريعته‪ ،‬وبث مبادئه والتعريف با نن عليه من قيم‬
‫وآداب‪ ،‬تعل الراقب والتأمل بعقل وعدل وإنصاف ينقاد إل هذا الدين واليان بذا الرسول العظيم‬
‫بكل سلسة ويسر‪.‬‬
‫الوقفة الثالثة‪:‬‬
‫الرية لا إطار معي ونظام تدور ف فلكه‪ ،‬حت يتم حفظ المن بميع أنواعه‪ ،‬وحت ل تستغل حرية‬
‫الرأي ف العتداء على حقوق الخرين‪ ،‬فتعم الفوضى‪ ،‬وينعدم النظام‪ ،‬وتضيع القيم والمم‪ ،‬وديننا‬
‫السلمي هو من كفل حرية الرأي وأيا كان الق ف مارستها‪ ،‬فل بد أن تكون هناك خطوط‬
‫حراء‪ ،‬ونقاط تستوجب الوقوف والتروي وإمعان النظر قبل اجتيازها وإل ساد العال شيء من‬
‫الفوضى العارمة‪ ،‬ونكون ابتعدنا عن الجتمع النسان التحضر‪ ،‬وانتقلنا إل عال الغاب وعال العداء‬
‫والببرية؛ لذا كان من الهم معرفة معن حرية الرأي ومعرفة آلية مارسة هذه الرية‪ ،‬وحدود‬
‫مارستها‪ ،‬وإل صارت الرية تعديا على الغي وانتهاكا لقوقه الدينية والجتماعية‪ ،‬والثقافية والفكرية‬
‫والدبية والنفسية‪.‬‬
‫فأي حرية رأي تلك الت يتحدث عنها الغربيون اليوم‪.‬‬
‫أهي حرية الصفاقة والتطاول على العتقدات الدينية والتجرؤ على النبياء والرسل؟!‬
‫أم هي حرية السب والشتائم؟!‪.‬‬
‫أم هي حرية التهكم والزدراء؟!‪.‬‬
‫أي حرية تلك الت تترق أقدس القدسات وأعز ما ينطوي عليه الوجدان‪ ،‬وهو اليان بال وبرسوله‬
‫وإذا ل يكن ف هذه الدساتي الغربية العرجاء الشوهاء‪ ،‬ما يفظ للمسلم حريته ف العتقد ومارسة‬
‫شعائره وعباداته‪ ،‬فما هي إذا حدود هذه الرية ومعالها وهويتها؟!‬
‫أين هي حرية الرأي لديهم يوم أن أرغم القائمون على النتدى القتصادي العالي (دافوس) لتقدي‬
‫اعتذارهم الشديد لجرد أن ملة النتدى نشرت مقالً طالب فيه كاتبه بقاطعة إسرائيل إل أن تنتهي‬
‫من إساءة معاملة الفلسطينيي؟! فأين هي حرية النشر وحرية الرأي ف ثقافتهم؟!‬
‫أين هي حرية الرأي لديهم‪ ،‬يوم كانت الصحافة الغربية تتحدث عن قضية تاريية ليست مقدسة‬
‫وهي مرقة (الولوكست اليهودية) فصدر قرار رسي بنع الديث عنها احتراما لشاعر بضعة مليي‬
‫من اليهود فلم تعد ترؤ صحيفة أو صحفي للحديث عنها؟!‬

‫‪146‬‬
‫أم أن هذه الرية ل تأخذ مداها الواسع إل ف شتم نب السلم وأمة السلم ث ل يعتقدون أنا‬
‫توجب العتذار إل ألف مليون مسلم‪ ،‬بينما يتم العتذار لشاعر ‪ 10‬مليي يهودي؟! لتأذيهم من‬
‫إنكار الحرقة؟!‬
‫إن هذا يظهر بلء ويبيّن بوضوح ازدواجية العايي لديهم‪ ،‬وتناقض البادئ عندهم‪ ،‬والهم ف المر‬
‫أن ل ننخدع بالعبارات ول ننجرف وراء التصريات‪ .‬وأن نعلم أن ما أحدثته هذه الصحيفة‬
‫الدناركية وغيها من الصحف الغربية من حلة تشويه متعمد لشخص رسولنا الكري صلوات رب‬
‫وسلمه عليه‪،‬‬
‫إنا هو ف حقيقته فجور إعلمي منسلخ من ضوابط الرية العلمية فهي تطاول على العتقدات‪،‬‬
‫وتطاول على مقدس دين من أعظم القدسات الدينية‪ ،‬وهو ف ذات الوقت تصعيد للتوتر العرقي‬
‫وتعزيز لبادئ الفرقة والكراهية‪ ،‬وتنمية للصراع العنصري‪ ،‬ولو أن مثل هذا خرج من صحيفة مسلمة‬
‫أو رئيس دولة مسلمة ضد أمر غرب لطالب العال الغرب بساءلة وماكمة تلك الصحيفة بل ربا‬
‫طولب بساءلة الكومة والدولة‪ ،‬ولعل تصريات الرئيس اليران (أحدي ناد) تاه إسرائيل خي‬
‫شاهد على هذا التلون ف الجتمع الغرب تاه حرية الرأي ما يؤكد لنا أن هذا الصطلح شاعة‬
‫يرفعونا لمتصاص حاس البسطاء من السلمي والسذج من أهل السلم الذين يقولون إنكم ل‬
‫تفهمون حرية الرأي لدى الغرب؟! فيا ليت هؤلء يتطوعون ليتحدثوا عن مرقة الولوكست اليهودية‬
‫لنرى هل ستنشر مقالتم ف الصحف الغربية أم ماذا سيقال لم؟!‬
‫الوقفة الرابعة‪:‬‬
‫علينا أن ندرك أن للعلم دوره‪ ،‬وتأثيه وباصة ف عالنا اليوم‪ ،‬لذا كان من الهية بكان أن يُعن‬
‫السلمون بالعلم ووسائله العاصرة القروءة والسموعة والرئية‪ ،‬وأن ندرك مدى تأثي هذه الوسائل‬
‫ف الرأي العام العالي‪ ،‬ومدى تأثيها ف إيصال رسالتنا للعال‪ ،‬فحري بأبناء المة السلمة الهتمام‬
‫بذه الوسائل والعناية با لتكون هي الناقل لصوتنا‪ ،‬العب لرأينا‪ ،‬الناشر لفكرنا وقيمنا السلمية‬
‫الصيلة‪ ،‬وكم هو مؤل أن تكون هذه الادثة الليمة ث تر دون أن ييها العلم السلمي لبيان ما‬
‫هية السلم‪ ،‬وشخصية رسول السلم وآداب السلم وأخلق أهله وحلته‪ ،‬مؤل حقا أن تد ثقافة‬
‫الغرب الت تتدعي التحضر والرقي وسائل إعلم تقدمها للعال بصورة جيلة‪ ،‬تغطي القبيح من‬
‫أخلقهم وتسكت عن التلون ف مبادئهم والنتقائية ف توجهاتم ث ل يد هذا الدين العظيم‪ ،‬وهذا‬
‫النب الكري صلوات رب وسلمه عليه‪ ،‬إعلما يقدم للعال سو رسالته وعلو مقاصده ونبل أهدافه وأنه‬
‫النب الات الذي أرسله ربه رحة للعالي‪.‬‬
‫بينما يعج العلم بثقافة أولئك الغربيي‪ ،‬النسلة من عصور الغابات‪ ،‬وقطيع البقار‪ ،‬وفلسفات‬
‫الجاني‪ ،‬وتنظي اللحدين‪.‬‬
‫فهل ندرك أبعاد العلم‪ ،‬وهل يدرك أبناء المة السلمة الثرياء دور العلم ف نصرة دين السلم‬
‫ونب السلم‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫هل يستيقظ إعلميو العال العرب والسلمي من سباتم العميق‪ ،‬وتوجههم الغرق ف التقليد والتبعية‪،‬‬
‫وينفضوا عنهم غبار الادة ويتركوا اللهث وراء الفسق والجون والفن الرخيص‪.‬‬
‫ليقوموا بواجبهم تاه نصرة حبيبهم صلى ال عليه وسلم‪ ،‬عار وال أن تكون هناك قنوات فضائية‬
‫عربية وإسلمية رسية وتارية‪ ،‬ث ل نشاهد فيها إل الساقط والنحل‪ ،‬والرخيص والسف إل ما رحم‬
‫ربك منها وكأن المر ل يعنيهم‪ ،‬والصيبة ل تطرق مسامعهم‪ ،‬والقضية ل تثل لم شيئا‪ ،‬عار على‬
‫تلك القنوات الفضائية أن ينتسب ملكها وأهل القرار فيها إل أمة هذا النب الكري العظيم صلى ال‬
‫عليه وسلم ث ل يقدمون شيئا لنصرته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الوقفة الامسة‪:‬‬
‫كم هو مفرح للقلوب تلك الواقف السلمية الت قامت لنصرة حبيبنا صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكم‬
‫هو مبهج للنفس تلك الواقف اليانية العظيمة الت انطلقت دفاعا عن نب الرحة واللحمة صلوات‬
‫رب وسلمه عليه‪.‬‬
‫فرأينا القالت الصحفية‪ ،‬ورأينا القصائد الشعرية‪ ،‬ورأينا الطب النبية والواقف الرسية لبعض الدول‬
‫العربية والسلمية‪ ،‬والواقف الشعبية للمة السلمية ولعل القاطعة القتصادية للبضائع (الدناركية)‬
‫كانت هي الشاهد الكب لذه النصرة‪ ،‬ول شك ول ريب أن سلح القاطعة ذلك السلح الضاري‬
‫هو سلح مضاء ذو فاعلية عظيمة تعل (الدنارك) الت تعتز بثروتا اليوانية البقرية رقما خاسرا‪ ،‬ول‬
‫شك أيضا أن هذه القاطعة ‪ -‬بإذن ال ‪ -‬ستجعل حكومة (الدنارك) تتذكر بأل كيف ل تستطع‬
‫حاية مصالها القتصادية‪ ،‬يوم أن سحت لتوجه عنصري أن يسيء لنب السلم صلى ال عليه وسلم‬
‫غي آبة بشاعر السلمي‪.‬‬
‫إن هذه القاطعة القتصادية ستجعل (الدنارك) ف حصار ضيق مهلك وستؤثر هذه القاطعة على‬
‫الياة العامة عندهم‪ ،‬وستكون هذه القاطعة بإذن ال إذا استمرت درسا ل يُنسى ليس للدنارك‬
‫وحدها بل لكل من يفكر بواجهة أمة السلم بأية صورة تسيء لذا الدين‪ ،‬سواء عب رواية أو فيلم‬
‫أو رسم كاريكاتوري أو مقال صحفي‪.‬‬
‫ل وقتيا سريعا‪ ،‬ول عملً يتلشى خلل أيام أو أسابيع‪ ،‬بل‬ ‫والهم ف هذه القاطعة أن ل تكون فع ً‬
‫لبد أن يتد لشهر وسني‪ ،‬وأن يكون سلوكا للمسلم ينتهجه ف نفسه ويرب عليه أبناءه وأهل بيته‬
‫نصرة للحبيب صلى ال عليه وسلم وحينها (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)‪.‬‬
‫======================‬
‫سليمان البطحي نبذل ما نستطيع وأي عمل يتاج إل دعم‬

‫حوار‪ :‬السلم اليوم‬


‫ف إطار تعاون موقع السلم اليوم مع اللجنة العالية لنصرة خات النبياء صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ف‬
‫حلتها الوجهة ضد ما يتعرض له الصطفى صلى ال عليه وسلم من حلة تشويه يقوم با الفاتيكان‪،‬‬

‫‪148‬‬
‫كان لنا هذا اللقاء مع الشرف على موقع اللجنة العالية لنصرة خات النبياء م‪ /‬سليمان بن حد‬
‫البطحي‪..‬‬
‫ما هي الدّوافع وراء تزايد الملة ض ّد الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف العلم الغربّي بعد حادثة "‬
‫‪ 11‬سبتمب"؟‪.‬‬
‫إ ّن ما يدث الن هو من قبيل اقتناص الفرص‪ ،‬وهي تدف إل تشويه صورة السلم ونب السلم‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف قلوب جيع البشر غي السلمي‪.‬‬
‫باعتقادك هل تقوم منظمات العال السلمي بهد كافٍ لصدّ الجوم عن السلم ورسوله؟‬
‫بكل أسف ل؛ فالكل منشغل بإبعاد تمة الرهاب وتويل الرهاب عن نفسه‪ ،‬وبالتال أصبح ذلك‬
‫المر ليس من الولويات‪ ،‬أضف إل ذلك أنّ كل منظمة تعمل بعزل عن الخرى‪ ،‬ول يوجد أي‬
‫مستوى من التنسيق؛ فالهود مبعثرة ف الوقت الذي نن باجة إل جهد تكاملي يقوي الميع‪.‬‬
‫تقومون بهد كبي ف اللجنة العالية لنصرة خات النبياء ممد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ...-‬لاذا تّ‬
‫تأسيس هذه اللجنة ف هذا الوقت بالذات؟ وهل هناك إيابيات تققت على يد هذه اللجنة؟‬
‫إنّ أي عمل يتاج إل تويل ماديّ‪ ،‬والال ف هذه اليام شحيح فالكل (حكاما ومكومي) أصبحوا‬
‫يافون من تمة "الرهاب"‪.‬‬
‫على كل حال نن ف اللجنة نبذل ما نستطيع‪ ،‬وقد قمنا بتنفيذ عددٍ من البامج العمليّة منذ تأسست‬
‫اللجنة من عقد للمؤترات إل طباعة الكتب و الطويّات والردّ على الشكّكي وغيه ما يكنكم‬
‫الطّلع عليه على موقع اللجنة (‪ ، )www.icsip.com‬ولكن يبقى ما تقق هو أدن من‬
‫مستوى الطموح‪ ،‬فلدينا برامج كثية جاهزة للتنفيذ‪ ،‬ولكنها تفتقر فقط إل التمويل الادي‪.‬‬
‫هل تعتقد فعلً أنّ الفاتيكان هو من يقود الملة الت سيت بـ (مليون ضد ممد ) ف العال الغرب؟‬
‫ولاذا ف هذا الوقت ؟!‬
‫منظمة "رابطة الرّهبان لتنصي الشعوب" والت أسّسها البابا "بيوس" بي عامي ‪1572-1566‬م‪،‬‬
‫هي منبثقة عن "رابطة الرهبان" التابعة للفاتيكان وهي تاول منذ إنشائها نشر العتقدات السيحيّة‬
‫حول العال‪ ،‬وأعتقد أنه بسبب إحساسهم بضعف الدعوة السلميّة ف هذه الرحلة الت تر با ف ظل‬
‫أحداث ما بعد ‪ 11‬سبتمب وتداعياته؛ أطلقت هذه النظمة هذه الملة‪.‬‬
‫هل هناك آليّات و ُخطُوات متّخذة لدى الفاتيكان لترويج هذه الملة؟ وهل تقف وراءها قوى‬
‫سياسيّة؟‬
‫الطّلع على ما يري الن ف الساحة الدوليّة يرى أنه ل فصل بي الدين والسياسة‪ ،‬فجميع الملت‬
‫التنصييّة تدعمها ف الغالب – مباشرة أو بصورة غي مباشرة‪ -‬القوى السياسيّة بطريقة أو بأخرى‪.‬‬
‫تبدو العلقة عكسيّة بي تدّد العمل التنصيي‪ ،‬وماولت تقييد العمل السلمي ف العال‪ ...‬علقة‬
‫يعتريها الكثي من التناقضات‪ ..‬ماذا تقول ف ذلك ؟!‬

‫‪149‬‬
‫هذا واقع نراه الن‪ ،‬ول تناقض فيه؛ ففي الوقت الذي تدعم الكومات الغربية هذا ال ّد التنصيي‪،‬‬
‫وتقدم له جيع التسهيلت؛ ندها ف نفس الوقت تضغط على الكومات العربية السلمية وخاصة‬
‫الملكة العربية السعودية (مهبط الوحي) ليقاف أي أنشطة دعويّة تدف إل " نشر الكراهية وعدم‬
‫التسامح" تت حجة "ماربة الرهاب"‪.‬‬
‫هل ترى أ ّن العمل السلمي يستطيع خلل الرحلة القادمة أن يعاود نشاطه بنفس القوة‪ ..‬؟‬
‫هذا ما أتناه وأرجوه‪ ،‬ورغم أن لست متفائلً على الدى القريب‪ ،‬لكنّي أرى أنه إذا قام كل مسلم‬
‫بدوره تاه هذا الدين بتقدي زكاة إسلمية كما قال رسولنا الكري ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ " :-‬بلغوا‬
‫عن ولو آية" فسنستطيع ‪-‬بإذن ال‪ -‬أن نتجاوز ذلك كله‪ ،‬ولن يستطيع أحد أن يوقف انتشار هذا‬
‫الدين مهما بذل هؤلء من جهد ومال وعداء ( فسينفقونا ث تكون عليهم حسرة ‪[ )...‬النفال‪:‬‬
‫‪.]36‬‬
‫=======================‬
‫سنة النبياء‬

‫الكاتب‪ :‬د‪.‬سلمان بن فهد العودة‬


‫أذكر أن قابلتُ أحد الشباب ف الرم الكي أيام رمضان‪ ,‬وكان يعتمر ويعتجر عمامة بيضاء‪ ،‬وشعره‬
‫يضرب إل منكبيه‪ ،‬ويلبس ثوبا قصيا ربا إل نصف ساقيه‪ ,‬وفوق هذا الثوب قميص أسود شبيه‬
‫بالرداء‪ ..‬ف مشهد لفت للنظر‪ ,‬ومثي للنتباه؛ فكل من نظر إليه صعّد النظر فيه وصوّبه‪..‬‬
‫جلس معي‪ ,‬وسألته عن هيئته! فردّ بأنه يتبع سنة الرسول صلى ال عليه وسلم ف لباسه وشعره‪،‬‬
‫فأجبته بأن الصحيح أن مسألة العمامة ليست سنة‪ ,‬وإنا هي من عادات العرب ف الاهلية‪ ,‬وأما لبس‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم لا فهو من باب العادة‪ ,‬فل نقول‪ :‬إنا مأمور با ول منهي عنها؛ بعن‬
‫أنا أمر متروك لعادات الناس وأعرافهم‪ ،‬ول يصح ف العمامة حديث‪ ,‬هذه واحدة‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬أن الراجح ف الشّعر أنه من العادات؛ فطول شَعره صلى ال عليه وسلم ليس سنة وإنا عادة‪،‬‬
‫ومن كان له شعر فليكرمه‪ ،‬والمر فيه يسي‪.‬‬
‫أما المر الثالث‪ :‬فهو أنك معتمر‪ ,‬والسنة الت ل خلف عليها هو حلق الرأس للمعتمر‪ ,‬وقد دعا‬
‫حّلقِيَ)‪ ,‬ث قال ف‬‫صلى ال عليه وسلم‪( :‬الّلهُمّ ا ْغ ِفرْ لِلْ ُمحَّل ِقيَ‪ ،‬الّلهُمّ ا ْغ ِفرْ ِللْمُحَّل ِقيَ‪ ،‬الّلهُ ّم ا ْغ ِفرْ ِللْمُ َ‬
‫الثالثة‪( :‬وَلِلْ ُم َقصّرِينَ)‪ ،‬فلماذا تركت هذه السنة الواضحة الثابتة؟!‬
‫ل من جهة لفت النظر والتميز‪ ,‬وأن تعمل‬ ‫أما رابعا وأخيا‪ :‬فانتبه إل حظوظ النفس‪ ,‬أن تد مدخ ً‬
‫ببعض الظواهر الختلف فيها لسترعاء اهتمام الناس‪ ،‬وما ف ذلك من كيد الشيطان الفي‪ ،‬ونسيت‬
‫أن صاحب السنة صلى ال عليه وسلم نى عن لباس الشهرة‪ ،‬وهذا ما ل يذكره صاحب هذا القتداء‬
‫النقوص‪.‬‬

‫‪150‬‬
‫إن هذا نوذج للوعي السلب بالهتمام بالتفاصيل العادية غي الؤثرة‪ ,‬وف القابل خرم القواعد الكبار‪,‬‬
‫تت عباءة السنة النبوية وهدي الصطفى صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فليست السنة امتحان الناس ف‬
‫تفاصيل التفاصيل‪ ,‬ول تميل الناس ما ل يطيقون من جزئيات وفرعيات وافتراضات؛ يتورعون فيها‬
‫عن خفايا ودقائق ل ترد على البال إل بتكلف وتعسّف‪ ,‬ث ينتهكون الرمات التفق عليها من‬
‫أعراض الناس وحقوقهم‪ ,‬وواجبات التعامل الخلقي معهم‪ ,‬ورعايتهم والهتمام بم‪ ,‬وجعهم على‬
‫سبيل الوحدة واليان‪.‬‬
‫إن السنة النبوية العظيمة ليست حصرا ف دقائق العبادات مع اليان بدخول ذلك ف معن السنة‪ ،‬إنا‬
‫أعم من ذلك وأشل وأعظم؛ إنا معانٍ شريفة ف تقيق مقاصد النبوة والرسالة‪ ،‬ووسائل صالة نافعة‬
‫لداء هذه القاصد الت خلق ال جنس النسان من أجل تقيقها‪َ { :‬ومَا خََل ْقتُ اْلجِ ّن وَالْإِنسَ ِإلّا‬
‫لَِيعُْبدُونِ} الذاريات‪ ,)56 :‬ولقيام الناس بعن اليان والسعي للخي‪ ,‬ومكارم الخلق وأصولا‪,‬‬
‫وأركان السلم من الشهادتي‪ ,‬والصلة‪ ,‬والزكاة‪ ,‬والصيام‪ ,‬والج؛ ولذا لّا أخب ال عن النبياء ف‬
‫السورة الت حلت اسم (النبياء) ذكر السنن العظام للنبياء‪{ :‬وَ َجعَ ْلنَاهُمْ أَئِمّةً َيهْدُونَ بَِأ ْمرِنَا وََأوْ َحيْنَا‬
‫ت وَإِقَامَ الصّلَاةِ وَإِيتَاء الزّكَاةِ وَكَانُوا َلنَا عَابِدِينَ} النبياء‪ .)73 :‬فاليات ركن‬ ‫خْيرَا ِ‬
‫إِلَْيهِ ْم ِفعْلَ الْ َ‬
‫عظيم وسنة كبية من سنن الرسلي‪ ،‬وإقام الصلة وإيتاء الزكاة وعبادة ال‪.‬‬
‫جبْنَا َل ُه َو َوهَبْنَا َلهُ يَحْيَى وََأصَْلحْنَا َل ُه َزوْ َجهُ ِإّنهُمْ‬
‫وحي ذكر ال قصص أنبياء آخرين قال‪{ :‬فَاسْتَ َ‬
‫ت وَيَ ْدعُوَننَا َرغَبًا َو َرهَبًا وَكَانُوا َلنَا خَا ِشعِي}النبياء‪ ,)90 :‬وختم قصص‬ ‫كَانُوا يُسَا ِرعُونَ فِي اْلخَْيرَا ِ‬
‫النبياء ف السورة بقوله تعال‪{ :‬إِ ّن هَ ِذهِ ُأمّتُكُمْ ُأمّ ًة وَاحِ َدةً وََأنَا رَبّكُ ْم فَاعْبُدُونِ} النبياء‪ ،)92 :‬ث‬
‫ي * قُلْ إِنّمَا يُوحَى ِإلَيّ أَنّمَا ِإَلهُكُمْ إَِلهٌ‬ ‫خاطب رسول هذه المة‪َ { :‬ومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّا رَحْمَةً لّ ْلعَالَ ِم َ‬
‫وَاحِ ٌد َفهَلْ أَنتُم مّسْلِمُونَ}النبياء‪.)108 -107 :‬‬
‫هذه هي مقاصد النبياء‪ ,‬ومعان الرسل والرسالة‪ ،‬والقواعد الساسية للسنة النبوية الت حكاها ال ف‬
‫كتابه الكري‪ ،‬وأمر با رسوله صلى ال عليه وسلم ف أحاديثه‪ ,‬كما ف حديث جبيل الطويل عن‬
‫أصول السلم واليان والحسان؛ من فعل اليات‪ ,‬وإقامة أركان الدين العملية‪ ,‬وتقيق اليان‪,‬‬
‫واليقي‪ ,‬والشوع‪ ,‬والعبادات القلبية‪ ,‬وتذيب السلوك والنفس‪ ,‬وتوحيد المة على عبادة ال‪ ،‬وعدم‬
‫شرُوا وَلَا‬‫السعي ف تشتيتها أوزاعا وأحزابا تقتات من بعضها‪ ،‬وتطبيع معن الرحة والتبشي‪( :‬بَ ّ‬
‫ُتَنفّرُوا) رحة للعالي أجع‪.‬‬
‫هذه هي أهم السنن‪ ،‬فهل ترى سنة النب صلى ال عليه وسلم مالفةً لصول الخلق‪ ,‬أو مافي ًة لعن‬
‫الرحة الت جعلها ال مقصدا للرسالة‪ ،‬أم هل ترى فيها سعيا لبث الضيق والتنفي بدل السعة‬
‫والتبشي؟!‬
‫وهؤلء هم أحباب ممد صلى ال عليه وسلم ف العال السلمي‪ ,‬بل العال أجع يهبّون لنصرته‬
‫بالدعوات‪ ,‬والؤترات‪ ,‬واللقاءات‪ ,‬والقاطعات‪ ,‬بل واللصقات‪ ،‬فال ال أن يكونوا على أثر ممد‬

‫‪151‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ف تقيق مقاصده؛ مقاصده ف جع الكلمة‪ ,‬ونبذ الفرقة‪ ،‬وف تقيق اليان‬
‫والدعوة إليه‪ ،‬وف مواقفه النبيلة عليه السلم‪ ..‬ولنا ف كل ذلك سنة واقتداء ولو كره البطلون‪.‬‬
‫وأظن أنه ل ير بالسلمي عصرٌ يتاجون فيه إل إحياء سنته صلى ال عليه وسلم العلمية والعملية‬
‫ومقاصده مثلما يتاجون ف هذا العصر‪ ،‬هنا وهناك انقسامات مذهبية حاضرة لتقدي شخصيات‬
‫إسلمية إما نظريا أو عمليا فوق مستوى النب صلى ال عليه وسلم أو إل مستواه‪ ،‬وانقسامات فكرية‬
‫داخل متمعات السلمي‪ ,‬قد تكون بسبب مؤثرات داخلية أو خارجية سواء كانت أفكارا شرقيةً أو‬
‫غربية‪ ،‬ولّدت أشكالً من التفرق‪ ،‬وانقسامات حركية ف الماعات السلمية الختلفة حت ربا‬
‫أعطي زعيم الماعة ‪-‬أحيانا‪ -‬نوعا من الكانة والالة عند بعض التباع ما يرفضه التبوع نفسه‬
‫بسبب الرتباط العاطفي التضخم‪ ,‬والولء الفكري الراسخ‪.‬‬
‫ونن ف حاجة إل سنته عليه السلم ف صبه ويقينه‪ ،‬وعلى سبيل الثال‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم‬
‫يتدرج ف الدعوة إبان الفترة الكية‪ ،‬وتدرّجه نوعٌ من الصب الذي وصف ال به النبياء‪َ { :‬و َجعَلْنَا‬
‫صَبرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} السجدة‪ ،)24 :‬ومن هذه الية قال‬ ‫مِْنهُمْ أَئِمّةً َيهْدُونَ بَِأ ْمرِنَا لَمّا َ‬
‫سفيان كلمته الشهية‪( :‬بالصب واليقي تُنال المامة ف الدين)‪.‬‬
‫ولّا هاجر إل الدينة صلى ال عليه وسلم كان يشي بطوات ثابتة ومواقف مدروسة‪ ،‬ول يكن يغريه‬
‫أن يقفز قفزات غي مناسبة‪ ,‬أو يرق الراحل‪ ،‬وحت ما يعدّه الناس تراجعاً أو فشلً كان ينظر إليه‬
‫وفق خطة عامة ذكية على أنه ناح كبي‪ ,‬مثل صلح الديبية‪ ,‬فمع أن بعض الصحابة صنّفوه على أنه‬
‫حنَا‬
‫نوع من التنازل عدّه صلى ال عليه وسلم ناحا كبيا‪ ،‬بل سّاه ال فتحا‪ ,‬كما قال تعال‪{ :‬إِنّا فَتَ ْ‬
‫صرَاطًا‬
‫َلكَ فَْتحًا مّبِينًا * لَِي ْغ ِفرَ َلكَ الّل ُه مَا َتقَ ّدمَ مِن ذَنِبكَ َومَا تَأَ ّخ َر وَُيتِمّ ِنعْمََت ُه عََلْيكَ َوَيهْدَِيكَ ِ‬
‫مّسَْتقِيمًا}الفتح‪ ،)2-1 :‬فإن اليات ف صلح الديبية على قول أغلب الفسرين‪.‬‬
‫ولّا رجع الناس من غزوة مؤتة ‪-‬كما عند البيهقي ف الدلئل وسية ابن إسحاق‪ -‬كان بعض مَن‬
‫ب وََيقُولُونَ‪ :‬يَا ُفرّارُ! أََف َررْتُمْ فِي سَبِيلِ الّلهِ؟‬ ‫حثُونَ فِي وُجُو ِههِمُ الّترَا َ‬ ‫استقبل السلمي ف الدينة يَ ْ‬
‫َفَيقُولُ رَسُو ُل الّل ِه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪( :‬لَيْسُوا ِب ُفرّارٍ‪ ,‬وَلَ ِكّنهُمْ ُكرّارٌ إنْ شَاءَ الّلهُ)؛ لنه صلى ال‬
‫عليه وسلم ينظر للمر من مبدأ عام‪ ,‬ويشي بطوات ثابتة حت وصل صلى ال عليه وسلم إل‬
‫الستوى والتأثي العروف‪.‬‬
‫وإن من سنة النب صلى ال عليه وسلم فهمه لنفسيات الناس‪ ,‬وإدراكه لطريقة التعامل معهم‪ ,‬وحسن‬
‫أخلقه‪ ,‬ولطفه‪ ,‬وترّده من أدواء النفس وخفاياها وأوضارها‪ ،‬وربا وجدت داعية إل سنته صلى ال‬
‫عليه وسلم يبتعد مع اليام ف قضاياه عن الدعوة؛ لكي يقترب من نفسه‪ ،‬فيتبط بوقفه الاص أكثر‪,‬‬
‫ويغريه اهتمام الناس بذلك وحديثهم عنه‪ ,‬فتدور نقاشاته حول ذاته‪ ،‬وحت حزنه على مَن رد دعوته‬
‫هو ف حقيقته ليس لفوات الي عن الناس ورحته لم‪ ،‬بل لحساسه بالتعرض لنوعٍ من الهانة‬
‫والبتذال‪ ،‬لتنتهي حقيقة الدعوة عند هذا وتبدأ حظوظ النفس ومشكلت القلوب‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫ومن سنة النب صلى ال عليه وسلم الت يقفزها الكثي من أتباعه مساعدته للناس على قبول دعوته‪،‬‬
‫ولقد بلغ ف هذا إل قدر عظيم‪ ,‬حت بن جسرا للعدو الارب‪ ,‬وفتح خطا للرجعة لن رفض القبول‪،‬‬
‫ول يكن صلى ال عليه وسلم يذكّرهم ويعيّرهم بالاضي الذي قد يؤذيهم أو يبعدهم من هذه‬
‫الدعوة‪ ,‬بل ساعدهم على النسيان حت عفا عمن أخطؤوا عليه عام الفتح‪ ,‬وقال‪( :‬ا ْذهَبُوا فََأنْتُمُ‬
‫الطَّلقَاءُ) كما ف السية النبوية وسنن البيهقي وتاريخ الطبي‪ .‬ونى عن سب الشركي الموات حت‬
‫ل يؤذوا الحياء‪.‬‬
‫وقد تد من الصلحي اليوم من يشرف بنفسه على صنع الصومة‪ ,‬ويضع العقبات لن يظهر منه‬
‫استجابة‪ ،‬من حيث يشعر أو ل يشعر‪ ،‬ويفتح بابا طويلً عريضا للمحاسبة ف أخطاء الاضي‬
‫وللشروط ف قبول الدعوة كأنه يسعى لتأجيل استجابة الناس وتأخي وصولم إل بر المان‪.‬‬
‫يعمل كل هذا ف غفلةٍ عن أن الداعية مبلّغ رشيد؛ يردم ما فسد من عوادي الزمن والمم‪ ،‬ويفف‬
‫أجواء الشر والفتنة‪ ,‬بدل أن يترق معها أو يتطب لا أو يضيف إليها وقودا جديدا ف سبيل ما يظن‬
‫أنا دعوة للسنة النبوية‪ .‬فهذه هي السنة النبوية‪ ،‬وهذه سنن الرسلي ل ترى فيها عوجا ول أمتا‪ ،‬فهم‬
‫ل يسألون الناس أجرا‪ ,‬بل هم هدًى للعالي وصدق ال‪ُ{ :‬أوْلَِئكَ الّذِي َن هَدَى الّلهُ فَِبهُدَاهُمُ ا ْقتَ ِدهْ قُل‬
‫لّ أَسْأَُلكُ ْم عَلَْيهِ أَ ْجرًا إِنْ ُهوَ إِ ّل ذِ ْكرَى ِل ْلعَالَ ِميَ}النعام‪.)90 :‬والمد ل رب العالي‪ ،‬وصلى ال‬
‫على خي الرسلي وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫صحيفة الزيرة السعودية‬
‫===========================‬
‫شواهد ربانية تلهم التغيي‬

‫الكاتب‪ . :‬باسم عبد ال عالِم‬


‫ل يكن بالستغرب ول بالستهجن أن تتكالب المم علينا كما تتكالب الكلة على قصعتها‪.‬‬
‫واختلق العذار ليذاء السلمي وماصرة السلم هو من أبديات الصراع القائم حت قيام الساعة‪.‬‬
‫وأن يد الغرب مدخلً من صنيعته وييطه بإياءات تظهر وكأنه من أرباب العدالة أمرمتاحا لنه‬
‫وببساطة يلك العلومة والاكينة العلمية وأدوات الضغط السياسية والقتصادية والعسكرية الت من‬
‫شأنا أن تب الباقون على النضمام على جوقة الشرف بقيادة الغرب على وجه العموم والوليات‬
‫التحدة المريكية على وجه الصوص‪.‬‬
‫وإن كنت من أسهم ف تنفيذ الدعاءات الغربية فإنن إنا أقوم بذلك لفضح النوايا وتبيان القائق كي‬
‫ل يغتر به الغتر أو يسي ف ركابم وهو يظن أنه يسن صنعا‪ .‬أما الوليات التحدة المريكية ومن‬
‫دار ف فلكها عن دراية وقناعة وإيان‪ ،‬فهم جيعا قد اختاروا لنفسهم أن يكونوا ف فسطاط هه‬
‫الكب ماربة ال ورسوله والنيل من هذا الدين وأهله‪ .‬ول بأس ف ذلك فوجود فسطاطي هو من‬

‫‪153‬‬
‫صميم الختبار الربان للمة وناموس من نواميس الكون الباقية إل يوم القيامة ولكل أن يتحمل تبعية‬
‫اختياره ف الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وانتفاخ الباطل وصولته وظهوره و استعلوه أمر دائم التكرار بل لعله من التطلبات الهيئة والمهدة‬
‫ل وأمعن عقوبة من التعثر على قارعة‬
‫لكي يكون انياره انيارا مدويا‪ .‬فالسقوط من علٍِ أبلغ مث ً‬
‫الطريق‪ .‬وعندما أقول بأن ما يدث اليوم أمرا طبيعي إنا أجعل ذلك ف إطار السنن ل ف إطار‬
‫القبول والضوع له وشتان بي المرين‪.‬‬
‫والؤل أشد اليلم هو أن نرى تاذل وخضوع مراكز القوى السلمة إفراطا ف حاية مصالها‬
‫وتفريطا ف حق المة‪ ،‬بينما الباطل يتهد ف إعلء باطلة‪ .‬بالرغم من تفوقه الادي‪ .‬وقد راقبت ردود‬
‫الفعل العربية والسلمية على اتامات الغرب للمة بأنا موئل الرهاب ومصدره فما كان من مراكز‬
‫القوى إل أن تسارعت ميممة نو أعتاب الغرب كل ياول أن يبهن على براءته من هذه التهمة‬
‫وأدى ذلك إل الزيد من التدخل الغرب زاد مراكز القوى عناءً ورهقا فلم يعد يكفي إعلن الباءة‬
‫ول يعد يكفي إعلن الولء‪ .‬لقد وجد الغرب ثغرة من خلل ضعف نفوسنا فزاد من مطالبه ماولً‬
‫الملء علينا ما يب أن نقوله ومن يب أن نتبع له وكيف يب أن نعلم أبناءنا ومن يب أن‬
‫نناصر ومن يب أن نناوئ ومن يب أن نسال ومن يب أن نعادي وجراء ذلك كله توقفت‬
‫العانات والتبعات وكل أعمال الي ف سرعة عجيبة وكأنا وافقت هوى ف النفس عند البعض‬
‫وظهر الضعف الذي جعلنا غثاء كغثاء السيل ومن تبقى منهم يغالب نفسه ويقدم النر اليسي على‬
‫استحياء مشترطا تارة ومرتيا تارة أخرى أن يظهر اسه وأن ل يذهب الال إل أولئك الذين ل‬
‫ترضى عنهم أمريكا ول يرضى عنهم الغرب‪ .‬ويتلفت أحدنا من حوله فيجد صورة بائسة لطلل‬
‫كانت يوما ما مصدر إشعاع للخي‪ ،‬فالساجد والدارس والمعيات اليية والؤسسات التعليمية‬
‫والئمة والدعاة وهيئات الغاثة ودور الرعاية للعجزة أو الرامل أو اللقطاء والستشفيات اليدانية‬
‫ن دون معن‪ ،‬أصبحت كمن يلفظ أنفاسه الخية على فراش الوت‪.‬‬ ‫كلها أصبحت اليوم رسا ومب ً‬
‫وما أن يستصرخنا مسلم ويهيب بنا بنداء وا ٍه قائلً (وا إسلماه) حت تتفاعل النفوس ف لظة من‬
‫لظات الصحوة‪ ،‬ولكنها ف مواجهة ما حدث‪ ،‬ل تد ما يمل هها من تلك الؤسسات واليئات‬
‫بعد أن أدى توفها وتقاعسها فيما سبق إل أن توت الرواحل والراكب عطشا وجوعا‪ .‬وعلى‬
‫النقيض من ذلك تتيه المعيات الغربية الغاثية واليية وتتفاخر بأنا أول من أغاث النكوبي وبأنا‬
‫وصلت إل الحتاجي من السلمي قبل أن يصل إليهم أخوانم من بن جنسهم ودينهم إن ذلك‬
‫لعمري من السخريات الت ساهنا ف صناعتها وتقيقها على أرض الواقع وكأننا مثلون على مسرح‬
‫ساخر هدفه التحكم والنيل من السلم والسلمي درينا أم ل ندر‪.‬‬
‫واليوم ونن ف غاية الوجل والوف بدأنا نلحظ مواقف كنا نظنها من الستحيلت‪ .‬فالواقف‬
‫المريكية والغربية السابقة ل تكن لتنبئ بأنما يستران خوفا وجزعا عميقي من السلم وأهله‪،‬‬
‫فاليوم ند الغرب بكل طغيانه وجبوته يساوم حاس وهي على ضعفها وقلة حيلتها وابتعاد مراكز‬

‫‪154‬‬
‫القوى عنها ململمة أطراف أثوابا كي ل يتلطخ ثوبا بالدم التطاير لا يعتقدونه من دنو أجل حاس‬
‫على أيدي أمريكا والعدو الصهيون‪ .‬ولكن ظهور حاس معتدة ببادئها عزيزة ف مواقفها تتعامل مع‬
‫العدو بالعزة والندية أربك العدو وأربك الغرب وأظهر عوار اليمنة الغربية ومواطن ضعفها‪ ،‬فالغرب‬
‫ل يهيمن أو يسيطر إل من حيث يد فينا خورا أو ضعفا ول يتبجح ويصول وينتفخ إل عندما‬
‫نتوارى ونبتعد ونذل ونكسر كبيائنا وننهزم ف داخلنا فيخلو له المر إذ ل يد ما يهزمه فينا وقد‬
‫كفيناه الؤونة ف ذلك‪ .‬وما ينطبق على حاس ينطبق على غيه من الكيانات السلمة أو ذات التوجه‬
‫السلمي رسية كانت أو غي رسية دولية كانت أو ملية‪.‬‬
‫واليوم أتسائل‪ ،‬ماذا لو أن رجال العمال قرروا متمعي أن يضربوا بعرض الائط ماوفهم ويعلنوا‬
‫على قلب رجل واحد نصرتم لقضايا السلم والسلمي وتبعهم الباشر دعما لخوانم وأخواتم ف‬
‫كل موطن من مواطن الحتياج سواء كان ذلك ف فلسطي أو العراق أو أفغانستان؟ وماذا لو أن‬
‫الكومات العربية والسلمية قررت متمعة أن ترفض الطالب المريكية بتجميد السابات وحجز‬
‫الموال؟ وماذا لو قررت الصارف العربية والسلمية حاية عملئها وسريتهم‪ ،‬فرفضت مراقبة‬
‫حساباتم أو الكشف عنها؟ وماذا لو ت تنيد القوى القتصادية والقوى الشرائية ف سبيل إملء‬
‫شروطنا ومطالبنا المنية والسياسية لنخفف عن أسرانا ف السجون المريكية والوروبية؟ ترى ماذا‬
‫سيقول الغرب وكيف يصنع ف مواجهة هذه الواقف؟ لقد من ال علينا ليينا ما قدّر أن يكشفه‬
‫ويظهره من إمكانيات كامنة فينا من جهة وضعف وهلع مستتر ف الغرب من جهة أخرى‪ .‬ولعلنا‬
‫اليوم نشي إل الالة الماسية عنوانا لواقف حاس وردود الفعل الغربية التحولة والتغية بسب‬
‫صرامة رد فعل الشارع السلم وقدرته ف التأثي‪ .‬إن هاتي الالتي خي مثال وخي مؤشر وخي‬
‫مرشد‪.‬‬
‫ولطالا بثت المة عن تلكم الطليعة الت تقدم نفسها فداء للمة‪ ،‬فقدر ال أن ينيط هذا الشرف‬
‫بأخوة لنا ف فلسطي يتمثلون ف حركت حاس والهاد وف كل من آمن بقه ف الذود عن مقدساته‬
‫ومقاومة العدوان والحتلل بكل الوسائل الشروعة الت أقرها ال سبحانه وتعال القائل‪( :‬أذن للذين‬
‫يقاتلون بأنم ظلموا وإن ال على نصرهم لقدير)‪ .‬أما ف ميط المة وهيمنة الكومات ومراكز‬
‫القوى فيها فقد أظهرت لنا الحداث أن هذه الكومات اندهشت من الوقف التراخي للغرب أمام‬
‫صمود حاس وصمود الشعوب السلمية ف الالة الدناركية فمنهم من سارع أن يلملم ما تبعثر‬
‫ويضمد الراح وكأنه يقول لماس ولشعبه على استحياء (إنه ل يكن يقصد القيطعة أو الطرد ول‬
‫يكن يقصد التسلط والتجب) ماولً البحث عن ثوب جديد يناسب الالة الديدة بعد أن اضطرت‬
‫أمريكا نفسها‪ ،‬والغرب من ورائها‪ ،‬أن يدوا لنفسهم ثيابا وأزياء تنكرية جديدة تناسب الالة‪.‬‬
‫وهناك آخرون استيقنوا أن الذعان للغرب ومراده ل يكن ف مله وأصبح غي مبر‪ ،‬وعندما ضربت‬
‫حاس مثالً استيقظوا من سباتم وأصبحت مواقفهم أكثر ملءمة وألصق برغبات شعوبم ومواقفها‪.‬‬
‫إننا اليوم أمام مفترق طرق حقيقي ينبئ بصعود مؤشر الرفض السلمي واستقللية القرار والخذ‬

‫‪155‬‬
‫بزمام البادرة مرورا بالتأثي ث الغلبة وانتهاء إن شاء ال بالتمكي ولكن كل ذلك لن يكون ما ل‬
‫نعمل بسية الولي ف إطار العطيات الراهنة كل حسب إمكانياته ولنا ف حاس من جهة وباقي‬
‫الشعوب السلمية من جهة أخرى قدوة ومثال على إنزال متطلباتنا منل التفعيل ف كل زمان‬
‫ومكان‪ .‬إنن أدعو وبكل صدق أن يعيد كل منا النظر ف ذاته وف مواقفه وف ماوفه ومصاله واضعا‬
‫الولويات الت من شأنا ف خاتة الطاف أن تافظ على هذه الصال ومصال الجيال القادمة مهما‬
‫ظهرت من خسائر أولية‪ .‬إنا دعوة إل كل إنسان مسلم من خلل إمكانياته سواء كان تاجرا أو‬
‫مصرفيا أو إعلميا أو سياسيا أو مستهلكا لسلعة أو مربيا ف مدرسة أو خطيبا ف مسجد أو صاحب‬
‫مهنة حرة أو فنانا مبدعا أو صاحب حرفة يدوية أو حاكما أو مسؤولً لن نعيد صياغة الواقف‬
‫والفاهيم وننفض غبار الذل والضوع متحدين بذلك كل من أراد أن يفرض علينا رؤيته أو يبنا أن‬
‫نشاركه ظلم إخواننا وبن ديننا‪ .‬يكننا اليوم‪ ,‬لا نراه من شواهد‪ ,‬أن نقول (ل) وأن نعمل بقتضاها‪.‬‬
‫وال من وراء القصد‪,‬‬
‫‪E-mail: alim@alimlaw.com‬‬
‫نشرت بالعدد (‪ )15647‬من جريدة الدينة‪ ،‬يوم المعة بتاريخ ‪25‬مرم ‪1427‬ه الوافق ‪ 24‬فباير‬
‫‪2006‬م‪،‬‬
‫===========================‬
‫شيء من عبق الرسول‬

‫منصور النقيدان‬
‫بقيت أوصاف الرسول الَلقية والُلقية‪ ،‬الت حكاها أصحابه وتناقلتها كتب السي والشمائل ملهمة‬
‫لتباعه يتطلعون للقتداء به‪ ،‬ويسعدون حي تقارب سحنة أحدهم وصفا يقاربه أو حالً يتفق مع‬
‫شيء من أحواله‬
‫يذكر سي غريب رئيس قسم التنسيق الضاري بوزارة الثقافة الصرية أن أحد أباطرة الصي طلب‬
‫من بعض فنان السلمي عمل صور للرسول ممد عليه الصلة والسلم بعد وفاته بئت عام‪ ،‬فقاموا ف‬
‫البدء بمع أوصافه من كتب السلمي‪ ،‬مثل السية النبوية وكتب الشمائل الحمدية‪ ،‬وبعدها قدمت‬
‫له صورته وفق ما توفر لديهم‪ ،‬وهذه القصة تشابه قصة مموعة المال وهي إحدى وأربعون لوحة‬
‫قام بعملها مموعة من الفناني اللان‪ ،‬تلبية لرغبة ملك بافاريا اللك لودفيغ‪ ،‬تتصر جال نساء‬
‫الكون ف تلك الحدى والربعي فتاة اللوات استغرق البحث عنهن مايقارب خسة وعشرين عاما‪.‬‬
‫وكان بعض سلطي العثمانيي وملوك الفرس يتفظون ف قصورهم بداريات تضمنت رسوما‬
‫للرسول‪ ،‬وحسب معلومات فإنه من ضمن ‪ 600‬قطعة يتفظ با متحف (المانة القدسة) ف‬
‫إستانبول بعض من هذه الداريات الت ل يتاح معظمها للزوار‪ ،‬والت كانت ضمن مقتنيات الباب‬
‫العال‪ ،‬وف بازارات مدينت مشهد وقم اليرانيتي تباع منسوجات عليها صورة ل(حضرت ممد)‪،‬‬

‫‪156‬‬
‫ف فترة صباه شابا يافعا يرتدي رداءً‪ ،‬مفلوج السنان‪ ،‬حيث ييز عدد من مراجع الذهب الشيعي‬
‫تصوير الرسول إذا كان ذلك ف إطار الصورة التخيلة للجمال والبهاء النبوي‪ .‬لكن بعض ملمه‪،‬‬
‫مثل حاجبيه الفروقي وأنفه‪ ،‬لتتطابق مع ماتناقلته مرويات أهل السنة عن أوصاف الرسول بعد‬
‫النبوة‪ ،‬من أنه كان أقرن الاجبي أشم النف‪.‬‬
‫بعد وفاة الرسول بفترة وجيزة كان الصحابة والتابعون يتقفرون بقايا صورته ف بعض أهل بيته‬
‫والدني من عشيته‪ ،‬آثارا من أوصافه تذكرهم به وبسيته وحياته‪ ،‬وكان قثم بن العباس ابن عم‬
‫الرسول أشبههم به‪ ،‬ولذا كان مظيا من والده العباس وله مكانة خاصة وكان العباس يرقصه وهو‬
‫طفل صغي ويلعبه وينشد‪ :‬حب قثم ? حب قثم ? شبيه ذي النف الشم ? رسول رب ذي النعم‬
‫وكان جعفر بن أب طالب هو أكثرهم شبها بالرسول‪ ،‬ولكن جعفرا توف ف غزوة مؤتة والرسول‬
‫بي ظهران الؤمني ‪.‬‬
‫بقيت أوصاف الرسول الَلقية والُلقية‪ ،‬الت حكاها أصحابه وتناقلتها كتب السي والشمائل ملهمة‬
‫لتباعه يتطلعون للقتداء به‪ ،‬ويسعدون حي تقارب سحنة أحدهم وصفا يقاربه أو حالً يتفق مع‬
‫شيء من أحواله‪ ،‬طريقته ف التبسم‪ ،‬وهيئته حينما يلتفت‪ ،‬ونجه العظم ف التعامل مع الطفال‬
‫والنساء‪ ،‬وأسلوبه ف الديث والطابة‪ ،‬وحياؤه الشديد وخجله حينما يبدو على وجهه الغضب‬
‫كحبات الرمان‪ ،‬أوحينما يغضي حياء عن الساءة‪.‬‬
‫وحيث إن السلمي ل يلكون أي صور أو رسوم للرسول عليه السلم ألبتة‪ ،‬ل ف حياته ول بعد‬
‫وفاته مع إمكان ذلك واقعا‪ ،‬ل بي ظهران عرب الجاز ول عند غيهم من هم مظنة ذلك‪ ،‬كما ف‬
‫القصة الشهية للتقاء الرسول ببحيا الراهب ف الشام قبل النبوة‪ ،‬حيث كان الخي مهتما به‪،‬‬
‫مندهشا حسب ما يكى من علمات رآها وآيات تعزز اعتقاده بأن ممدا سيكون نب العرب‬
‫القادم‪ ،‬فقد عوض السلمون عن ذلك وسدوا النقص بكاية أدق الشياء عنه‪ :‬عدد الشعرات البيضاء‬
‫ف ليته‪ ،‬وف رأسه واختلف أحوال شعر رأسه حسب الناخ‪ ،‬من لة إل وفرة‪ ،‬إل جة‪ ،‬وبياض‬
‫أسنانه ولون بشرته‪ ،‬وشعر جسده‪ ،‬وشكل فمه‪ ،‬وطوله وعرضه‪ ،‬ولذا ارتبطت مصداقية رؤيا الؤمن‬
‫للنب ف النام بدى مطابقتها للوصاف الت ذكرت له واستوفتها كتب السنة والسية وأفردت ف‬
‫كتب عرفت باسم الصائص الحمدية أو باسم الشمائل‪.‬‬
‫روى البخاري أن الرسول قال‪« :‬من رآن ف النام فقد رآن‪ ،‬فإن الشيطان ل يتمثل ب»‪ ،‬ولذا‬
‫طفحت كتب السلف والصوفية والنساك بقصص الشخاص الذين رأوه ف النام‪ ،‬وكانت رؤيتهم له‬
‫انقلبا ومنعطفا كبيا ف حياتم‪ ،‬إما لنه أفضى إليهم بأشياء تص روابطهم السرية والجتماعية‪،‬‬
‫أوذات علقة مباشرة بصلتهم بال ومدى تسكهم بشعائر الدين‪ ،‬أو لن لقاءهم به حل بشرى‬
‫ووعدا لم بالنجاح ويسر المور وتاوز الحن‪ ،‬أو كانت الرؤيا سببا ف حل إشكال عقدي ومسألة‬
‫فقهية مستعصية‪ ،‬لكن أحدا من علماء السنة قطعا ل يقل بواز أن يستلهم من تلك الخيلة والنامات‬

‫‪157‬‬
‫الت يتم اعتبارها رؤى حقيقية و(وحيا من ال)‪ -‬حيث الرؤيا الصادقة جزء من النبوة‪ ،‬ومن‬
‫البشرات‪ -‬صورا تسده أو تقارب خياله ف رؤى الصالي من عباده‪.‬‬
‫وأحد مبرات التحري لدى الانعي أنه ليكن مهما حاول بنو النسان أن يقاربوا صورته وخياله‬
‫الشريف أن يطابقوا الواقع أو أن يقاربوه‪ ،‬ولكننا ند ف السية النبوية قصصا تكى عن أشخاص ل‬
‫يلتقوا بالرسول من قبل‪ ،‬تكنوا من معرفته وتييزه بي أصحابه وهو ساكن ل حراك له‪ ،‬وحواريوه‬
‫ييطون به كالعقد‪ ،‬ولول الوصاف الت نقلت عنه ومقاربة الخرين لخيلة ف أذهانم لشكله لا‬
‫عرفوه‪ ،‬وهذا شيء بديهي‪ ،‬وف سورة النعام يقول القرآن الكري‪{ :‬ولو جعلناه ملكا لعلناه رجلً‬
‫وللبسنا عليهم مايلبسون}‪ .‬ولو كان الرسول شيئا متعاليا عن الشبيه لا كان لية‪{ :‬ليس كمثله‬
‫شيء وهو السميع البصي} أي خصوصية بال كما يعتقد السلمون‪.‬‬
‫كما يذكر آخرون أن سبب التحري هو أن ماولة تصويره إساءة له بد ذاتا‪ ،‬وأنا أترك التعليق على‬
‫هذه النقطة‪.‬‬
‫وثالثها حرمة التصوير ف السلم‪ ،‬وتشتد حرمته حسب الانعي له إذا تعلق بالرسول الات‪ ،‬فيكون‬
‫تريا مضاعفا‪ ،‬مثل مقارفة الكبية ف الرم‪ ،‬وتبيب زوجة الار‪ ،‬وزنا الحارم‪.‬‬
‫يذكر الفكر السلمي التونسي يوسف الصديق أن مسألة تصوير الرسول عليه السلم تليلً أو تريا‬
‫بقيت مسألة مسكوتا عنها لربعة أو خسة قرون من وفاته‪ ،‬مستدلً بأن القرآن خال تاما من أي‬
‫ذكر لا‪ .‬كان الرسول كثيا ما يضرب المثلة لصحابه ويستخدم الرسوم لتوضيح مراده كما ف‬
‫وصفه لصراط ال الستقيم وللسبل الت تتناوحه وتتطف السلم وتضله عن سبيل ال‪ ،‬حيث قام‬
‫برسم خط مستقيم وحوله خطوط‪ ،‬وعند السلمي أن اللئكة ف مرتبة تضاهي مرتبة النبياء‪ ،‬ومنهم‬
‫رسل مثل جبيل صديق الرسول ومبلغ الوحي المي‪ ،‬وأحاديث السنة تطابقت على أنه كان يأت إل‬
‫الرسول بصورة تتطابق مع صورة دحية الكلب‪ ،‬الذي يقال إن الشيطان جاء مرة على هيئته أيضا ف‬
‫إحدى غزوات الرسول مرجفا بينهم يبث الشائعات لحداث فتنة بي السلمي والتشبيه عليهم‪.‬‬
‫لا دخل الرسول صلى ال عليه وسلم الكعبة عام الفتح لتطهيها من الصنام وبقايا الاهلية وجد‬
‫رسوما على جدرانا تصور إبراهيم وإساعيل وها يستقسمان بالزلم‪ ،‬فأنكر ذلك واستعظمه‬
‫وبرأها‪ ،‬وقام فبلل رداءه بالاء ومسح تلك الصور‪ ،‬وكانت تلك الادثة مع أخريات غيها من وقائع‬
‫ووصايا للرسول تدد موقف السلم من التصوير والرسوم عامة‪ ،‬ومن صور تسيء إل النبياء خاصة‬
‫وتصورهم بغي القيقة القرآنية‪.‬‬
‫ويذكر ابن القيم النبلي ف كتاب زاد العاد أن عليا بن أب طالب دخل إحدى الكنائس فوقف‬
‫طويلً يتأمل ويتعجب من رسوم تصور السيح وأمه العذراء‪.‬‬
‫يذكر أحد الصحابة أنه رأى الرسول عليه السلم ذات مرة ورأى القمر ليلة البدر‪ ،‬فل يدري أيهما‬
‫أجل‪ ،‬الرسول أما البدر‪ ،‬ويقول أنس بن مالك خادمه إنه ل يس يدا ألي وأنعم من القطن مثل كف‬
‫الرسول‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫تذكر عائشة زوج النب أنا ذكرت للرسول أحد النافقي وجعلت تاكي مشيته وتسخر منه‪ ،‬فكره‬
‫الرسول ذلك منها وقال‪« :‬ياعائشة ما أحب أنك فعلت ذلك»‪.‬كان هذا الوقف الخلقي العظيم‬
‫لنب مؤيد من السماء‪ ،‬ف حديث خاص بينه وبي أحب نسائه على قلبه ‪ ,‬وأكثرهن حظوة عنده‪،‬‬
‫إنسانة بلغ من ثقتها ببه لا‪ ،‬أن قالت لبيها والرسول يسمعها بعد تبئتها من قصة الفك الؤلة‪:‬‬
‫«وال ل أقوم له‪ ،‬ول أحد إل ال»‪ ،‬ف إشارة منها إل عتبها على الرسول وحزنا ما نالا‪ ،‬منعه نبل‬
‫أخلقه من أن تزأ زوجته بأحد أعدائه وتاكيه وتصور له مشيته ليسمعهما إل ال‪ ،‬نب بلغ من‬
‫تعظيم معظم علماء أمته له أن منعوا أي تصاوير له مهما كانت دوافع أصحابا‪ ،‬ومهما أظهرت تلك‬
‫الصور ف قالب الجلل والتعظيم والفتتان بماله الروحي والسدي‪ ،‬فإن على أولئك الذين‬
‫يعترفون بقرارات ألسنتهم ‪ -‬كما ف لقاء راديو ال«ب‪ .‬ب‪ .‬سي» مع مرر القسم الثقاف ف صحيفة‬
‫لندز بوست الدينماركية ‪ -‬أنم ليعرفون إل القليل جدا عن السلم والرسول ممد‪ ،‬أن يتوقعوا‬
‫ردة الفعل الصاعقة من السلمي ف أناء العمورة‪ ،‬حينما يصورون نبيهم وحبيبهم ومن هو أعز‬
‫عليهم وأغلى لديهم من أبنائهم وأموالم بصور مهينة تط من قدره وتسخر به‪ ،‬إنه لمر مثي للقرف‬
‫أن تبر الصحيفة تلك الهانة التعمدة بأنا نشرت قبل سنتي رسوما ليسوع السيح وهو مصلوب‬
‫وبيده قنان المر‪ ،‬فلم السلمون غاضبون؟!‬
‫وتبلغ الصفاقة مداها حينما تعتقد الصحيفة بأن نشر تلك الرسوم ستخلق جوا من الوار الضاري‪.‬‬
‫حت أولئك الذين ليعتقدون بالسلم‪ ،‬وليؤمنون بحمد نبيا ورسولً‪ ،‬عليهم أن ينكروا ماحدث‪،‬‬
‫ل ورحة وإنسانية وتضرا‪ ،‬وأنه لو ل‬ ‫لن ممدا كان ول يزل من أعظم من عرفته البشرية عدلً ونب ً‬
‫يكن شيء من ذلك أساسا فإن إنسانا يتبع ديانته ربع أهل الرض لليق بالكماء والعقلء أن‬
‫يسبوا لكلمة نابية بقه أو صورة تنال من مقامه ألف حساب‪ ،‬وعليهم حينما يشطحون أن ل‬
‫ينتظروا سلما أو طمأنينة‪.‬‬
‫‪ 4‬تعليقات‬
‫‪1‬‬
‫رسول رب العالي‬
‫جزاك ا ل خيا يامنصور‪...‬‬
‫وهداك ال الطريق الق والستقامة‪.‬آمي‬
‫‪Falcon eyes‬‬
‫‪ 07:42‬صباحا ‪2006/02/10‬‬
‫‪2‬‬
‫اللهم صل و سلم على ممد‬
‫(لن ممدا كان ول يزل من أعظم من عرفته البشرية)‬
‫بل هو هو أعظم البشر على الطلق و هو سيد ولد آدم صلى ال عليه و سلم‪.‬‬

‫‪159‬‬
‫بارك ال فيك يا منصور و كثر من الصلة عليه خاصة يوم المعة و أنت الكسبان‬
‫عبدال السلم‬
‫‪ 01:59‬مسا ًء ‪2006/02/10‬‬
‫‪3‬‬
‫اهل بك يامنصور‬
‫نشتاق لقلمك العاقل النطقي‪ .‬ونتمن ان تستمر‪.‬‬
‫بصوص تلك الرسوم السخيفة‪ .‬اكرر رائيي الشخصي انا اظهرة ضفنا وليس قوتنا للسف‪.‬‬
‫ومبري ان سفهاء العال ليسوا قلة يكن ان نربطهم‪ .‬بل كثرة من ان نعدهم‪ .‬ول استبعد ان يتم‬
‫استفزازنا مرات عديده من طالب الشهرة والال‪.‬‬
‫سلمان رشدي كاتب فاشل‪ .‬شهرناه بالضجيج‪ .‬واصبح كاتب يبيع الليي من النسخ من فكره‬
‫السخيف‪ .‬ولو ت تاهلة لقبع ف مكانه الصحيح‪ .‬ومن هذا النطلق سنجد كثيون يكن ان يدوا‬
‫حدوه من رسامي او صحففي مغمورين او حت صحف علي حافة الفلس او مرج افلم مغمور‪.‬‬
‫الفروض ان يتناول هذا المر العقلء وليس العامه‪ .‬العقلء يلكون مفاتيح اللول والعامه يلكون‬
‫الغوغاء‪.‬‬
‫خوف وقلقي ان تلك السخافات تتكرر من الكارهي او الغمورين‪ .‬وسؤال ماذا نن فاعلون‪.‬‬
‫الوضوع الن الاسر الكب منه التجار العرب او السلمي الذين تت مقاطعتهم والبضائع اغلبها‬
‫غذائيه لا تاريخ مدد‪ .‬الدناركيون خسروا البيعات الستقبليه ولكنهم ل يسروا قطعة زبدة واحده‬
‫ف مستودعاتم‪ .‬الفروض انه ت التنسيق مع الغرف التجاريه لمهال التجار فترة معينه لتصريف‬
‫بضائعهم ومن ث يتم تذيرهم بعدم الستياد‪ .‬وبعدها تعلن القاطعه‪.‬‬
‫ولكن للسف الاسرون هم تارنا السلمون‪ .‬لن من تبن هذا المر ل يكن يشي علي اموال‬
‫السلمي بقدر ماكان له اجندة متلفة ليس الدفاع عن نبينا عليه السلم فيها‪ .‬بل استعداء العال‬
‫السلمي لاهو غرب نتيجة لوقفه من ايران‪.‬‬
‫الشاوي‬
‫‪ 02:33‬مسا ًء ‪2006/02/10‬‬
‫‪4‬‬
‫؟!‬
‫اقتباس ‪:‬‬
‫" وعليهم حينما يشطحون أن ل ينتظروا سلما أو طمأنينة "‪.‬‬
‫كنا ننتظر منك أن ل تزيد فتيل الغضب الارف‪! ...‬‬
‫ولاذا ل ينتظرون سلما ؟ !‬
‫أل يكن الرسول الكري يتعرض للسب والشتم والذى ف حياته‪! ...‬‬

‫‪160‬‬
‫هلّ قلت لنا كيف كان يواجه الرسول الكري تلك الساءات ؟ !‬
‫بالغضب ؟ بالرب ؟ بالقاطعة وعدم الدعوة ؟ باذا ؟ !‬
‫كلنا يعلم أن الرسول الكري كان يواجه تلك الساءات بالصب والكمة والوعظة والدعوة السنة !‬
‫أغلب من يقاسي آثار القاطعة هم أناس ل ناقة لم ول جل ف الوضوع !‬
‫علي ممد‬
‫‪ 02:58‬مسا ًء ‪2006/02/10‬‬
‫=======================‬
‫صب النب عليه الصلة والسلم على الدعوة‬

‫الكاتب‪ :‬د‪.‬عبدالوهاب بن ناصر الطريري‬


‫أيها الخوة والخوات والبناء والبنات حياكم ال مع لقاء يتجدد نرحل به مع قلوبنا أرواحنا‬
‫وجداننا‪ ،‬نرحل به إل هناك مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مع رسول ال ف دعوته‪ ،‬هذه‬
‫الدعوة الت كان مقام رسول ال صلى ال عليه وسلم فيها ملحمة ف الصب‪ ،‬دأب وطول المل‬
‫واليقي والثبات‪ ،‬هذه العان ليست معان مردة نذكرها سردا وعدا لكنها حقائق تشرق من حال‬
‫النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫عندما نتقفى هذه السية نفوسنا ظمئة يرويها أن ترد معي السية ومعي حال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم فتتروى من هديه وهداه‪ ،‬نن أحوج ما نكون إل أن نورد قلوبنا الكدودة معي سية رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فتجد هناك مستراحها وأنسها‪ ،‬ولذلك استنهض نفوسكم أيها الخوة‬
‫والخوات والبناء والبنات أن نذهب إل هناك‪ ،‬نرحل مع خب تقصه علينا أمنا عائشة‪.‬‬
‫أمنا تستنطق به رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتستروي خبه فيخبها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وهي تستقرئه وتسترويه مسيته مع دعوته‪ ،‬تستروي رسول ال صلى ال عليه وسلم ما ل‬
‫تضره من أحواله وقصته مع الدعوة‪ ،‬تفتح وعي أمنا عائشة رضي ال عنها مع الرسول والرسالة على‬
‫حوادث وافتها لداثة سنها وصغر عمرها‪ ،‬أحداث أخر ولذلك كان أشد ما لقيه النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ما أدركه وعي عائشة يوم أحد وإذا با تسأل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ما قبل يوم‬
‫احد‪ ،‬فتقول له ‪ :‬يا رسول ال هل مر عليك يوم هو أشد عليك من يوم أحد؟ سؤال من أمنا عائشة‬
‫وكانت صغية السن لكنها عبقرية ذكية ولاحة‪ ،‬هي تعلم ماذا لقيه النب صلى ال عليه وسلم ف يوم‬
‫أحد‪ ،‬ف يوم أحد شج جبي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬كسرت رباعيته‪ ،‬غاصت حلقتان من‬
‫حلقات الغفر ف وجنتيه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫صرع أصحابه حوله‪ ،‬وقف على جثمان عمه حزة أحب الناس إليه وخية أهل بيته‪ ،‬وقف رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم على جثمانه وقد بقر بطنه‪ ،‬واستخرجت أحشائه‪ ،‬ومثل به‪ ،‬فوقف صلى ال‬

‫‪161‬‬
‫عليه وسلم كاسفا حزينا على هذا الثمان الطاهر وهو يقول‪ :‬لن أصاب بعد اليوم بثل مصيبت‬
‫فيك‪.‬‬
‫كل هذا أصاب النب صلى ال عليه وسلم ف أحد‪ ،‬فهل أصاب النب صلى ال عليه وسلم ما هو أشد‬
‫من ذلك؟ يا رسول ال هل أصابك ما هو أشد عليك ما أصابك يوم أحد‪ ،‬سؤال أمنا عائشة فما‬
‫كان الواب‪ ،‬ماذا كان جواب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬كانت تسأل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وكأنا تنكأ جراحا غائرة ف نفس رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫لقد لقيت من قومك أذا شديدا كأنا كان سؤال عائشة يسترجع ذكريات مضى عليها زمن طمرتا‬
‫السني‪ ،‬فإذا بعائشة تستثيها وإذا بالنب صلى ال عليه وسلم ييب وكأنا عادت هذه الشاهد حية‬
‫أمام ناظريه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لقد لقيت من قومك أذا كثيا يعن نعم‪ ،‬مر عليّ ما هو أشد من‬
‫يوم أحد فما الذي كان أشد من يوم أحد‪ ،‬ما الذي كان أشد من جرح ف البي وكسر السن وأن‬
‫تغار حلقتان من حلق الغفر ف وجنته‪ ،‬وأن يرى أصحابه يصرعون حوله وأن يقف على جثمان عمه‬
‫حزة مشوها مثلً به‪ ،‬ما هو أشد من ذلك أشد من ذلك ما سيويه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وكان أشد من ذلك يوم عرضت دعوت على ابن عبد ياليل ابن عبد كلل‪ ،‬ما هو خب هذه الدعوة‬
‫وخب هذا العرض‪ ،‬نتاج أن نذكر ما ل يذكر ونظهر الضمر‪ ،‬فنقول إن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قضى أزيد من عشر سني قبل الجرة وهو يدعو قريشا ويصب لا ويصابرها عشر سني ف دعوة‬
‫وثبات وصب على الذى‪ ،‬حت جرأ سفهاء قريش وملؤها على أنواع من أذى النب صلى ال عليه‬
‫وسلم خصوصا بعد موت عمه أب طالب‪ ،‬جرؤوا عليه جراءة شديدة فإذا برسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم بعد طول الصدود وكثرة الحود‪ ،‬إذا به يبحث عن تربة يلقي فيها بذرة دعوته لعله يستنبت‬
‫هذه الدعوة ف أرض أخرى فتنمو فيها وتورق‪.‬‬
‫خرج من مكة إل الطائف عله أن يد ف الطائف أذانا صاغية تستجيب لدعوته وتتبع رسالته وتمل‬
‫هديه وهداه ودينه‪ ،‬خرج من مكة ماشيا إل الطائف يقطع طريقا يزيد الن على مائة كيلو من‬
‫الطريق العروف الن بطريق السيل‪ ،‬وكان يسمى أول وادي نلة‪ ،‬طريق وادي نلة الذي هو طريق‬
‫السيل الن ووادي نلة هو الذي يسمى الن الزية‪ ،‬قطعه النب صلى ال عليه وسلم ومعه موله زيد‬
‫ابن حارثة مشيا على القدام ف وقت الصيف القائض‪ ،‬حت وصل إل الطائف وبقي هناك عشرة أيام‬
‫يعرض فيها دينه ويبلغ رسالته‪ ،‬يغشاهم ف نواديهم ويغشاهم ف متمعاتم يقرأ عليهم القرآن حت قال‬
‫بعض أهل الطائف سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الطائف يقرأ والسماء والطارق فحفظتها‬
‫وأنا مشرك وقرأتا وأنا مسلم‪.‬‬
‫عشرة أيام قضاها النب صلى ال عليه وسلم ل يواجه إل بالصدود والعراض فلما خشي مل أهل‬
‫الطائف من رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يستميل الناس إليه أغروا به سفهائهم فردوا عليه أقبح‬
‫الرد‪ ،‬حت قال له بعضهم أما وجد ال غيك رسولً فيسله إلينا‪ ،‬فلما أغروا به سفهائهم فواجهوه‬
‫بأقبح الرد إذا به صلى ال عليه وسلم وهو يواجه بذا الصدود وهذا العراض يرجع حزينا مكلوم‬

‫‪162‬‬
‫الفؤاد مغموم النفس‪ ،‬وهو الذي خرج من مكة بعد أن جحده قوم أهل الل فيها وجرؤوا عليه‬
‫بالذى أملً أن يد ف الطائف مستنبتاً لدعوته فيصد بذا الصدود ويقابل بذا الحود‪ ،‬فإذا به صلى‬
‫ال عليه وسلم وهو الامل لم رسالته يغتم لذلك أشد الغم‪ ،‬ويزن لذلك أشد الزن‪ ،‬وتتراكب‬
‫الموم على القلب الكري الطيب فل يتنفس ول ينفس عن ذلك إل بدعوات يصدع با السماء "اللهم‬
‫أشكو إليك ضعف قوت وقلة حيلت وهوان على الناس أنت رب الستضعفي وأنت رب إل من‬
‫تكلن إل بعيد يتجهمن أم إل قريب ملكته أمري‪ ،‬إن ل يكن بك غضب عل ّي فل أبال غي أن‬
‫عافيتك أوسع ل‪ ،‬أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات‪ ،‬وصلح عليه أمر الدنيا والخرة‪ ،‬أن‬
‫ينل ب غضبك أو يل ب سخطك‪ ،‬لك العتبة حت ترضى ول حول ول قوة إل بك"‪.‬‬
‫دعاء مكروب مغموم يصدع السماء‪ ،‬ث ينقلب النب صلى ال عليه وسلم بعد عشر ليال طوال قضاها‬
‫ف الدعوة والصابرة يرجع إل مكة لكن كيف كان الرجوع‪ ،‬ويسي ف الطريق ولكن كيف كان‬
‫السي‪ ،‬كيف قطع الطريق من الطائف عائدا إل مكة‪ ،‬مكة الت خرج منها وبرأى وبسمع من أهلها‬
‫يرونه ويعلمون إل أين سيذهب وما هي قضيته وما هو هدفه ف ذهابه إل الطائف‪ ،‬وسيجع إليهم‬
‫وقد سبقته إليهم أخبار أهل الطائف معه‪ ،‬فكيف سيدخل إل بلد وكيف سيلقى قومه وهم الذين‬
‫كانوا جرؤوا عليه فكيف سيكون حاله بعد أن يرجع إليهم‪ ،‬ولذلك عاد مكروبا مغموما فإل أي‬
‫درجة بلغ غمه وعلى أي حال كان حزنه‪.‬‬
‫يصف ذلك فيقول "فلم استفق إل وأنا ف قرن الثعالب"‪ ،‬قرن الثعالب هو السيل الكبي يبعد عن‬
‫الطائف ستة وأربعي كيلو قطعها رسول ال صلى ال عليه وسلم مشيا‪ ،‬ولكنه كان ف حال من‬
‫الستغراق مع غمه وهه وحزنه لجل دعوته بيث أنه ل يستفق ول يشعر با حوله إل وهو ف قرن‪.‬‬
‫برنامج (كلمة مضيئة) ـ قناة الجد‬
‫=======================‬
‫صراع الكاريكاتورات أم صراع الصطلحات؟‬

‫الكاتب‪ :‬أحد أبو لب‬


‫يشاع الن أن الشعب الدنركي يواجه أحرج ظروفه منذ الرب العالية الثانية أو منذ عام ‪،1938‬‬
‫والانب الياب هنا أن هذا الشعب الطيب وهذا الجتمع البدع قد خرج من حالة الركود الرتيبة‬
‫ومن وضع النعزال عن العال‪ ،‬وهو منهمك ف الوار مع نفسه باحثا عن الجابة لسؤالي مهمي‪:‬‬
‫ما الطأ الذي وقع؟‬
‫ولاذا يفور السلمون بالغضب؟‬
‫ويأت هذا بعد أحداث ‪ 30‬سبتمب تاما كما سأل المريكيون أنفسهم بعد ‪ 11‬سبتمب ما الطأ‬
‫الذي وقع؟ ولاذا يكرهوننا؟ ‪ ...‬والفارق هذه الرة أن السلمي ل يكرهون الدنرك ‪ ،‬بل هناك طرف‬

‫‪163‬‬
‫أو أكثر أدى بسوء تصرفه وخطأ حساباته إل هذه التعقيدات الت توهم الدنركيي بأنم مكروهي‬
‫ويأت على رأس مهماتنا تديد هوية الخطأ وربا تميله السئولية بكل أوزارها!‬
‫لقد طالت الدندنة حول فكرة حوار الضارات حت دغدغت العواطف وداعبت أحلم البائسي‬
‫ويبدو أن فكرة الوار قد تشمت ف مطحنة الواجهات الربية والناعات الدموية لضمان الصال‬
‫الادية‪ ،‬كما يبدو أن نتائج الؤترات الدولية العدودة قد احتجبت تت ستار الجاملت بي الوفود‬
‫الحتشدة ف قاعات الفنادق الفاخرة وعلى موائد الضيافة الشهية‪ ،‬دون أن تصل أصداؤها إل القواعد‬
‫الشعبية وذلك يبنا على العودة إل الذور والبداية من السس حت تتضح الصورة من وجهة نظر‬
‫السلمي الدنركيي‪ ،‬وبعبارة أخرى نن نواجه صراع من الصطلحات قبل أن يكون صراع‬
‫الكاريكاتورات‪.‬‬
‫أول‪ :‬يصنف علماء الجتماع والسياسة ما تواجهه المم والضارات من حوادث إل ثلث مراحل‬
‫متصاعدة‪:‬‬
‫(‪ )1‬الشكلة‪ ،‬ث (‪ )2‬الزمة‪ ،‬وأخيَا (‪ )3‬الكارثة‪.‬‬
‫فدعونا من مناورات السياسيي وبلغتهم ومن تويل الصحفيي ومبالغاتم ولنستخدم الصطلح‬
‫الناسب لوصف حالتنا الراهنة وهو أننا نر بـ"مشكلة" وبنتهى البساطة هي مشكلة وأصولا‪:‬‬
‫(‪ )1‬أن الدنرك عضو ف المم التحدة واستقبلت اللجئي التزاما باليثاق الذي وقعته عند تأسيس‬
‫المم التحدة كما وقعت ما تله من اتفاقيات جنيف عام ‪1952‬م‪ ،‬وينبغي أن تتعامل مع الوافدين‬
‫بقتضى معايي حقوق النسان الت أكدها وأعاد صياغتها التاد الوروب‪.‬‬
‫(‪ )2‬أن الدنرك استسلمت إعلميا وسياسيا لستييا الوف من الجانب فبينما كانت الجهزة‬
‫الرسية تقدم لم الدمات بشكل قانون وإنسان‪ ،‬انساق الطاب العلن مشهرا بالالية السلمة إل‬
‫مدى مزعج ل يليق بالتحضرين لن قدرات القلية السلمة الحدودة لن تتيح لا فرصة للدفاع عن‬
‫نفسها بشكل منصف‪.‬‬
‫(‪ )3‬أن صناع القرار ف برلان وحكومة الدنرك أقاموا ف عقلهم الباطن حاجزا منعهم من رؤية‬
‫السلم كدين يض على القيم الخلقية الراقية ويدعو إل التسامح‪ ،‬وظلت نفوسهم تغلي بالشكوك‬
‫والتساؤلت حول نوايا ومواقف السلمي اللتزمي وهل هم عنصر استقرار يفضل التعامل معهم أم‬
‫مصدر خطر وإزعاج يتحتم عزلم وإبعادهم؟‬
‫ثانيا‪ :‬أنفلونزا الطيور وباء دقت له إنذارات الطر واستنفرت له الدول والختص به هو الجهزة‬
‫الطبية‪ ،‬وإعصار كاترينا واحد من العاصي الوسية والقائم على تتبعه ومراقبته هم علماء الرصاد‬
‫الوية‪ ،‬فيا ترى هل لوباء العنصرية (‪)Racisme‬فيوس يكن اكتشافه وهل لعاصي التمييز (‬
‫‪ )Discrimination‬علمات يكن رؤيتها والذر منها؟‬

‫‪164‬‬
‫من مراصد الؤرخي وسجلتم ومن ذخائر علم الجتماع وحقائقه‪ ،‬نرى أتباع كل ثقافة معتزين‬
‫بثقافتهم وتتحدد مواقفهم تاه أصحاب الثقافات الخرى ف أربعة مواقف تعب عنها الصطلحات‬
‫التالية‪:‬‬
‫(‪ )1‬التجاهلو(‪ )2‬الساسيةو(‪ )3‬التحامل و(‪ )4‬التعال والغرور‪.‬‬
‫‪Disinterestedness .1‬‬
‫‪Allergy .2‬‬
‫‪Prejudice .3‬‬
‫‪Arrogance .4‬‬
‫وعند بث الالة الدنركية وعلقتها بالسلم المثل بالالية الغتربة فمن الفضل والقرب إل النطق‬
‫استخدام مصطلح الساسية‪ ،‬ولتفسي معن الساسية نضرب بعض المثلة‪ .‬فعندما يتفجر العنف ف‬
‫مظاهرات السويديي ضد العولة ف جوتنبج منذ سنتي ل ند حساسية ف أوروبا لتقبل نتائج هذا‬
‫العنف بشكل عادي وإذا شاب بعض العنف مظاهرة ديقراطية ف بلد مسلم ثارت الدنيا ول تقعد‪،‬‬
‫وعندما يطلب زائرك الوروب طعام نبات (فيجيتار) فذلك أمر طبيعي وعندما يطلب التلميذ السلم‬
‫طعاما حللً ف مدرسته تظهر الساسية لتصفه بأنه أصول متخلف‪ ،‬وعندما تقدم صحيفة اليولندس‬
‫بوسطن على نشر رسوم عن رجل هو النب الذي بلّغ دين السلم عليه الصلة والسلم‪ ،‬نرى‬
‫مموعة من السياسيي متعضي لكثرة الكلم عن الدين!‬
‫لقد أشعلت الرسومات فتيل الغضب لنا جاءت كتعبي عن مصطلح الساسية‪ ،‬فينما يق لكل‬
‫مواطن دنركي مسلم أو غي مسلم أن يغضب لرق العلم ف غزة وبيوت ودمشق‪ ،‬ل يق للمسلم‬
‫أن يبدى اعتراضه حول أمر يس جوهر إيانه ول أن يفصح عن أله لا يعتبه إهانة لنبيه‪ ،‬ويبدو أنه قد‬
‫أخطأ بتصوره أن حقوقه مفوظة ف بلد الديوقراطية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬عندما بادرت وزارة الارجية باستضافة الداعية المريكي حزة يوسف ل تكن تدري أنا قد‬
‫حققت أهم أهداف لنة النصرة وهو النفتاح على العال السلمي فقد سبق لسلمي الدنرك تقدي‬
‫مقترحات فكرية وثقافية إل جامعات الدنرك يشارك فيها أساتذة الامعات السلمون‪ ،‬فهل قصد‬
‫وزارة الارجية بزيارة حزة يوسف إجراء جراحة سريعة وسطحية لتجميل وجه الدنرك؟ أم أنا‬
‫تقصد إجراء جراحة عميقة حقيقية لستئصال غدد الساسية تاه السلم والسلمي الت تضخمت‬
‫وتورمت؟‬
‫وآن لنا أن نسأل من هم الدنركيون الدد ذوو اللفية السلمية؟ لدينا أيضا أربعة مصطلحات‪ ،‬هل‬
‫هم‪:‬‬
‫(‪ )1‬ضيوف وسائحون أم(‪ )2‬غزاة ومقتحمون أم(‪ )3‬شركاء [ف شئون التجارة والصناعة] أم(‪)4‬‬
‫مواطنون‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫فإذا كانت إجابتنا هي الخية أي أنم مواطنون متساوون ف القوق والواجبات‪ ،‬فلماذا تعال وزارة‬
‫الارجية الطأ بطأ آخر؟ ولاذا تتهرب من التعامل مع الواطني السلمي وتفضل التحاور مع‬
‫السلمي السائحي؟ نن نطرح السئلة ونترك الجابة ليتحمل كل عاقل ومنصف ف هذا البلد‬
‫مسئولية الشاركة ف صياغتها‪ ،‬لننا أمام مشكلة ل يليق أن ندعها تتضخم إل أزمة ث تستفحل إل‬
‫كارثة والعياذ بال‪ ،‬وليس هدف الالية تويل الدنرك إل متمع متعدد الثقافات ماكاة لنموذج‬
‫الوليات التحدة المريكية‪ ،‬بل أقصى ما تطمح إليه أن تتعامل مع ثقافة دنركية موحدة تكون‬
‫الديقراطية فيها ذات مكيال واحد وليست ذات مكيالي‪.‬‬
‫ليس لنا أن نرى الشكلة ‪ -‬بعي التفاؤل واليابية‪ -‬إل كحادثة مرور فيها دخان وغبار وسينقشع‬
‫الدخان ويترسب الغبار وعندما تدأ النفوس وتمد النفعالت من مفاجأة الصدمة ستظهر الصورة‬
‫واضحة من عدسات القمار الصناعية‪:‬‬
‫(‪ )1‬إن الدنرك هي دولة جزء من هذا العال‪.‬‬
‫و(‪ )2‬إن الشعب الدنركي ل يب أن يوصف إل بأنه شعب طيب متسامح‪.‬‬
‫و(‪ )3‬أن السلم هو جزء من تاريخ البشرية ومن واقع العال ومن تراث الضارات الراقية ل يصح‬
‫تاهله‪.‬‬
‫و(‪ )4‬أن الدنركيون الدد هم مواطنون صالون جنسيتهم دنركية وعقيدتم إسلمية ل أكثر ول‬
‫أقل‪.‬‬
‫اللجنة الوروبية لنصرة خي البية‬
‫=================================‬
‫صرخةٌ دوّت فضجَت منها مسامعي ‪...‬‬

‫وأفجعتْ قلب ‪ ..‬ففزعتُ من نومي وتلشت ك ُل الحلم ِِ‪..‬‬


‫وأخذتُ أُقَلبُ رأسي‪ ..‬وأنظرُ من ذا الذي بصرا ِخهِ أفجعن والناسُ نيام ‪..‬‬
‫إنه يصيح ويبكي كاليتام ِ ‪..‬‬
‫ت أنصتُ لنحيبهِ ‪..‬من أي َن مصدرُه يا ترى ؟!‬ ‫أطرق ُ‬
‫فإذا بصرخةٍ أُخرى تز ُ تلك َ الدراج ِ ‪ ..‬وتُرجِفُ ف بيت كلَ الركان ِ ‪..‬‬
‫فبادرتُ إليها مسرعا ‪ ..‬وفتحتُها ‪ ..‬فإذا بدفاتري وأوراقي مضطربة وكأن با زلزا ٌل ‪ ..‬بل بُركان ‪..‬‬
‫ض ‪ ..‬من تتِها حبٌ يسيلُ سيل َن دموع ِ الحزان ِ ‪...‬‬ ‫بعضُها فوقَ بع ِ‬
‫وإذا بصوت ِ الني ِ يزيد ُ ‪!..‬؟‬
‫ف جسمي ‪ ..‬ما الذي يري ‪!..‬؟‬ ‫َفهُلِع قلب ‪َ ..‬و ُذهِل عقلي ‪ ..‬وأرت َ‬
‫أيعقل ُ تت َ الورق ِ مصدرُ البكاء ِ ‪!..‬؟‬
‫كيف َ ذلك وكل َ ما ف أدراجي جاد ف جاد ‪!!.‬‬

‫‪166‬‬
‫تالكتُ نفسي ‪ ..‬وكتمت ُ أنفاسي ‪ ..‬ورفعت ُ أوراقي ‪...‬فزاد َ البكاء ُ ‪!...‬‬
‫فيال ‪ ...‬يا ال ‪ ..‬يا ال ‪ ..‬أيعقل ُ !! إنه قلمي هو البكّاء ُ ‪..‬؟‬
‫يا ال هذا الماد ُ ما أبكا ُه ‪..‬؟‬
‫وهذا الب ُ ما أجراهُ‪..‬؟‬
‫فرفعتُه وضممتُه بي كفي أواسيه وأرعاه ؟‬
‫ت من حبِه تتساقطُ على أوراقي‪...‬؟‬ ‫وحبه يسيلُ على يدي ‪ ..‬وقطرا ٌ‬
‫فلمّا هدأ‬
‫سألتُه ‪:‬‬
‫يا قلمي قل ل بالذي خلق القلم ما الذي أبكاكَ‪..‬؟‬
‫يا قلمي ما الذي بعث فيك الحزانُ ؟‬
‫يا قلمي ما الذي حرك فيك الشجا ُن ؟‬
‫قال القلم ‪:‬‬
‫ضمَن بيدك ‪ ..‬فقد أعيان الصمت ُ فيك‪..‬‬
‫ضمن وأسكبْ الب َ على الورق ِ ‪...‬‬
‫ودعْ الروف َ تط ُ الهات ِ الت فين ‪..‬‬
‫ودعْ كلمات تنطقُ با يُبكين ‪...‬‬
‫ودع عبارات تبوح با يكوين ‪..‬‬
‫قد هالن أمره ‪ ..‬وأفزعن حسه ‪ ..‬وأحزنن دمعه ‪..‬‬
‫فأدنيت ُ من الورق ‪ ..‬وأمسكت بقلمي الذي من هول ما فيه أحترق ‪..‬‬
‫فقلت له متعجبا ‪:‬‬
‫حسّ كما يسّ العباد ُ ‪!..‬؟‬ ‫عجبا لك يا جادُ ‪ !..‬كيف لك أن ُت ِ‬
‫فقال ‪:‬‬
‫آآه ث آآه وكيف َ ل أُحسّ ‪ ..‬وكيف َ ل أبكي ‪ ..‬وكيفَ ل أحزن ‪ ..‬وكيفَ ل أغاااا ُر يا أمة َ‬
‫الليارِ‬
‫ب من وإن كنت ُ جادا‪!..‬‬ ‫ل َتعْج ْ‬
‫ض ‪ ..‬والشجا ُر ‪ ..‬والدوابُ‪..‬‬ ‫فأنا أبكي حبيب َا تركت من أجله الر ُ‬
‫ع منبهِ حنينا لفراقِه وما سكت َ وما استكان َ حت ضمّه واعتنقًه‬ ‫أبكي حبيبا من أجله بكى جذ ُ‬
‫س جادا !؟‬‫‪..‬أولي َ‬
‫س جادا !؟‬ ‫أبكي حبيبا ف ك ِفهِ الطاهرِ سبّ َح الصى ‪..‬أولي َ‬
‫أبكي حبيبا أمامَه نطقَ الذراع ُ خوفاَ عليه وقال إن مسمومٌ فل تأكلن‪..‬أوليس الطعامُ جادا !؟‬
‫أبكي حبيبا من أجله نطقَ الجرُ والشجرُ يُلقونَ عليه السلم َ‪...‬أوليسوا جادا !؟‬

‫‪167‬‬
‫ت من أجلِه كلمات‬ ‫هل يكفي هذا ؟ أم أزي ُد يا كاتب ‪ ..‬لتعرفَ من لجِلهِ تركَ إحساسي ‪ ..‬ونطق ْ‬
‫‪...‬‬
‫وصرخت ُ أنثرُ أحباري ‪ ..‬يا أيها الراقدُ ف النام ِ‪..‬؟‬
‫فقلت له ‪:‬‬
‫وكيف ل أعرُفهُ وأنا من هدِيهِ أرتوي ‪..‬‬
‫ومن سنتِه أقتفي ‪..‬‬
‫ومن سيتِه أستقي ‪..‬‬
‫إنه البيب ُ ‪ ..‬إنه الختا ُر ‪ ..‬إنه الصطفى ‪ ...‬إنه ممد عليه أفضل ُ صلةٍ وأت ُ تسليم ٍ ‪...‬‬
‫رسولُنا الذي زوى ال له الرضَ حت رأى مشرقَها ومغربَها بعضَها فوق بعضٍ‪...‬‬
‫هو قدوتُنا وأسوتُنا ومعلمُنا ومرشدُنا وقائدُنا وأستاذُنا لقد أبكيتن يا قل ُم ‪..‬وزدتن شوقا إليه‪..‬‬
‫فإذا به ينظر إل برقةٍ‬
‫فسألته ‪:‬‬
‫هل من خطبٍ جديدٍ؟‬
‫فعادَ يكتبُ ويقول‪:‬‬
‫أوما سعتَ يا كاتب عن الذين منه يسخرون ‪!.‬؟‬
‫أوما سعتَ عن الذين من دينه يستهزؤون‪!..‬؟‬
‫أوما علمتَ عن الذين بأقبح ِ الوصاف ِ له يرسون ‪..‬؟‬
‫قاطعته وقلت ‪:‬‬
‫بلى بلى يا قلمي‬
‫قرأت ُ وسعت ُ عن البقر ِ ‪ !..‬عفوا عن رعاة ِ البقر ِ وهم أضلُ من البقر ِ‪!..‬؟‬
‫فقال ل متهجما ‪:‬‬
‫أوماااااااااااااااااااا تغارررررررر يا واحدا من الليار ‪ ...‬وتثأر لبيبك من هؤلءِ الكفار‪..‬؟‬
‫أوما سعتَ أن شيخا يقول ُ بأنه رأى البيب َ الصطفى ف النام ِ غضبانٌ على من سكت َ وما غارَ‬
‫وما ثا َر ؟‬
‫وأنه تبسم لن ناصرَه وآزرَه‪..‬؟‬
‫ت ‪...‬‬ ‫ن دمعا ٌ‬ ‫طأطأت ُ رأسي حينها‪...‬وسالت من عي ّ‬
‫ت ‪...‬‬ ‫وخرجت من نفسي آهاتٌ وزفرا ٌ‬
‫ونظرتُ إليه بِطرْف ِ عين ث نطقت ُ‬
‫أقول‪:..‬‬
‫آآآهِ يا قلمي ‪...‬ث آآه‪...‬على تلك القلم ِ‪...‬‬
‫إن وال ِ لشدّ غضبا من هؤلء ِ القزام ِ‪...‬‬

‫‪168‬‬
‫ولكن أنت يا قلمي الُلم ‪...‬‬
‫أوما سعتَ عن الذين سبُوا اللهَ قبلَ رسولِنا ‪ ...‬ونالوا من شرعِنا ف ما مضى من اليام ِ‪..‬؟‬
‫أو ما قرأتَ حروفَهم ‪ ..‬أوما سِعت َ كلمهم‪ ..‬أوما رأيت نعيقَهم ‪ ..‬عبَ وسائل ِ العلم ِ‪.‬؟‬
‫سخِروا من الباري‬
‫واستهزؤوا برسولِنا الادي‬
‫وضحكوا من دين الغال‬
‫ومزقوا قرأن‬
‫حت قال أحدهم ‪ ((..‬ال والشيطان وجهان لعملة واحدة )) ‪...‬‬
‫أين أنت من بن علمان ؟ ‪ ...‬أين أنت من يلبس ُ لباسَ السلمِ وهم فيهم يطعنون ليلَ نار‪..‬؟‬
‫أين أنت من أؤلئك الذين‬
‫بكفرِ صحابة ِ رسولنا يُصرَحون‬
‫وبالشرك يصدعون ‪..‬‬
‫وبالسخرية والستهزاء من السنة ِ يصدحون ‪..‬؟‬
‫وف أمهات ِ الؤمني يطعنون ؟‬
‫فجأة نظرتُ إليه بدةٍ‬
‫وقلتُ‪:‬‬
‫ما بك يا قلم اِكتب ‪ ..‬تكلم ‪ ..‬لَ السكوت ُيا صاحبَ الغية ؟‬
‫فقال ‪:‬‬
‫ماذا عساي أن أقول ‪ ..‬لقد أفحمتن ‪ ..‬وأحييت ف قلب الراح ‪..‬‬
‫ب وصوب ٍ‬ ‫وأصابن اليأس من تكالب العداء من كل ِ حد ٍ‬
‫ل وبصوت الواثق‬ ‫قاطعته مرت ً‬
‫وقلت ‪:‬‬
‫صرُنَا َفنُجّ َي مَن نّشَاء وَلَ ُي َردّ بَ ْأسُنَا عَنِ‬
‫{ َحتّى ِإذَا اسَْتيَْأسَ الرّ ُسلُ وَ َظنّواْ أَّنهُ ْم قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ َن ْ‬
‫ج ِرمِيَ } (‪ )110‬سورة يوسف‬ ‫اْل َق ْومِ الْ ُم ْ‬
‫وقلت له ل تيأسْ يا قلم ما دام فينا أميٌ يستدعي‬
‫وعالٌ يفت ‪..‬‬
‫وداعيةٌيوجه ‪..‬‬
‫وخطيبٌ ينادي ‪..‬‬
‫وشاعرٌ ينظم ‪..‬‬
‫وتاج ٌر يقاطع ‪..‬‬
‫ومنشدٌ يشدو‪..‬‬

‫‪169‬‬
‫وامرأةٌ ترب ‪..‬‬
‫وإعلم ُ م ٍد للمجد ِ يرنو ويرقى‪..‬‬
‫ول تزن فالي ف أمتنا باقٍ وإن َغفَل َ الكث ُي ‪ ..‬وقام لنصرته القليل ُ ‪..‬‬
‫فضمن يا قلمي بقوة ٍ ‪ ..‬وشُدّ من أزري كما شددت ُ عليك كفي ‪...‬‬
‫واكتب للناس ِ أجعي إننا للعزة ِقادمون ‪ ..‬وللنصر ِ متهيئون ‪..‬‬
‫وأبشَرك يا قلمي ‪ ..‬أنا ومن معي من الدعاة ِ لن نسكت َ على رعاة ِ البقار‬
‫لن ننسى ما يططه بنو علمان والنافقون الفجار‬
‫ولن تستكي نبضات قلوبنا حت نرى ذلة الكفار ‪...‬‬
‫وستطلق نبضات قلوبنا الت هتفت بب ال ورسوله حلة شعارها‬
‫‪ ((...‬الليار مع ممد ))‪...‬‬
‫من موقع نبض الوفاء‬
‫ضد َحلة ِ الليون الت أطلقوها ‪ ...‬لتشويه صورة أشرف اللق ممد صلى ال وعليه وسلم‬
‫وبذلوا لا الغال والنفيس ليصدوا عن سبيل ال‬
‫س َرةً ثُمّ‬
‫{إِ ّن الّذِينَ َك َفرُوْا يُن ِفقُونَ َأ ْموَاَلهُمْ ِلَيصُدّوْا عَن َسبِي ِل الّلهِ َفسَيُن ِفقُوَنهَا ثُ ّم تَكُو ُن عَلَْيهِ ْم حَ ْ‬
‫شرُونَ} (‪ )36‬سورة النفال‬ ‫ُيغَْلبُونَ وَالّذِينَ َك َفرُواْ ِإلَى َجهَنّ َم يُحْ َ‬
‫فكما حشدوا مليون منصّر ٍ لتشويه صورةِ رسولنا ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫سنحشد بإذن ال مليارَ داعية ٍ ‪ ..‬يتبعون ملة مم ٍد ‪ ..‬ويتخلقون بلق ِ ممد ٍ ‪..‬‬
‫ويعيشون حياة َ ممد ٍ‪..‬‬
‫وياهدون جهاد َ ممد ٍ ‪ ...‬ويأخذون سنةَ ممد ٍ‪ ...‬ويتشبهون بشكل ِ ممد ٍ ‪ ..‬وينصرون‬
‫ممدا‪..‬‬
‫وما حادثة ُ الدنارك إل واحدةً ما يططون له ‪ ..‬ولكنها أيقظت العملقَ ف نفوسِنا ‪..‬‬
‫ولعلها تكون ُ بداية َ النطلقة ِ ‪...‬‬
‫فامل الب يا قل ُم ‪ ...‬وأستعد للتصدي لكل ناعق ٍ ‪ ...‬وكن للخي سابقا ‪...‬‬
‫وللشر ساحقا ‪..‬‬
‫لعلك تكون ُ سببا ف رضى الرحن ِ ‪ ..‬فيدخلن النان ‪..‬‬
‫كتبه أخوكم الحب ‪ /‬أبو زيد‬
‫مدير عام نبض الوفاء‬
‫‪1426\12\29‬هـ ‪...‬‬
‫==========================‬
‫صفة مزاح النب صلى ال عليه وسلم‬

‫‪170‬‬
‫إن السلم دين واقعى ل يلق ف أجواء اليال والثالية الواهة‪ ،‬ولكنه يقف مع النسان على أرض‬
‫القيقة والواقع ‪ ..‬ول يعامل الناس كأنم ملئكة‪ ،‬ولكنه يعاملهم كبشر يأكلون الطعام ويشون ف‬
‫السواق‪.‬‬
‫لذلك ل يفرض السلم على الناس أن يكون كل كلمهم ذكرا‪ ،‬وكل ساعهم قرانا‪ ،‬وكل فراغهم‬
‫ف السجد‪ ،‬وإنا اعترف بم وبفطرتم وغرائزهم الت خلقهم ال عليها‪ ،‬وقد خلقهم – سبحانه –‬
‫يفرحون ويرحون ويضحكون ويلعبون‪ ،‬ولقد كانت حياة النب صلى ال عليه وسلم مثا ًل رائعا‬
‫للحياة النسانية التكاملة‪ ،‬فهو ف خلوته يصلى ويطيل الشوع والبكاء‪ ،‬ويقوم حت تتورم قدماه‪،‬‬
‫وهو ف الق ل يبال بأحد ف جنب ال‪ ،‬ولكنه مع الياة والناس بشر سوى‪ ،‬يب الطيبات ويبش‬
‫ويبتسم ويداعب ويزح ول يقول إل حقا‬
‫ولذا فل عجب أنه صلى ال عليه وسلم كان يتفكه حينا ويطرف للفكاهة والزاح – الذى ل يمل‬
‫إثا – أحيانا‪ ،‬فلم يكن النب صلى ال عليه وسلم ف حياته جافا ول قاسيا ول فظا ول غليظا‪ ،‬وإننا‬
‫عند استعراض سيته وحياته صلى ال عليه وسلم ندها قد تللها نوع من الدعابة والزاح‪.‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يزح ول يقول إل حقا‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يزح ول يقول ف مزاحه إل الق‪ ،‬ووردت لنا أحاديث كثية‬
‫ف ذلك منها‪:‬‬
‫‪ -1‬ما جاء عن أب هريرة – رضى ال عنه – قال‪ :‬قالوا (أى الصحابة)‪" :‬يا رسول ال إنك‬
‫تداعبنا ! قال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل أقول إل حقا"‪ ،‬وف رواية‪" :‬إن وإن داعبتكم فل أقول إل‬
‫حقا"‪.‬‬
‫وف رواية ابن عمر – رضى ال عنهما – قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن لمزح ول‬
‫أقول إل حقا"‪.‬‬
‫ويطيب لنا أن نذكر بعض آراء علماء السلمي ف هذه السألة‪ :‬فنجد أن المام الغزال – رحة ال –‬
‫قد تكلم ف هذه السألة‪ ،‬وهى صفة مزاحه صلى ال عليه وسلم ويشرحها بقوله‪" :‬فإن قلت‪ :‬قد نقل‬
‫الزاح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬فكيف ينهى عنه؟ فأقول‪ :‬إن قدرت على ما‬
‫قدر عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬وهو أن تزح ول تقول إل حقا‪ ،‬ول تؤذى قلبا‪،‬‬
‫ول تفرط فيه‪ ،‬وتقتصر أحيانا على الندور فل حرج عليك‪ ،‬ولكن من الغلط العظيم أن يتخذ النسان‬
‫الزاح حرفة يواظب عليه ويفرط فيه‪ ،‬ث يتمسك بفعل الرسول صلى ال عليه وسلم فل ينبغى أن‬
‫يغفل عن هذا ‪."...‬‬
‫وقال المام ابن حجر اليثمى‪" :‬إن الداعبة ل تناف الكمال؛ بل هى من توابعه ومتمماته إذا كانت‬
‫جارية على القانون الشرعى‪ ،‬بأن تكون على وفق الصدق والق‪ ،‬ويقصد – با – تأليف قلوب‬
‫الضعفاء وجبهم‪ ،‬وإدخال السرور عليهم والرفق بم‪ ،‬ومزاحه صلى ال عليه وسلم سال من جيع‬

‫‪171‬‬
‫هذه المور‪ ،‬يقع على جهة الندرة لصلحة تامة‪ ،‬من مؤانسة بعض أصحابه‪ ،‬فهو بذا القصد سنة‪،‬‬
‫وما قيل‪ :‬إن الظهر أنه مباح ل غي فضعيف‪ ،‬إذ الصل من أفعاله صلى ال عليه وسلم وجوب أو‬
‫ندب للتأسى به فيها إل لدليل ينع من ذلك ول دليل هنا ينع منه‪ ،‬فتعي الندب كما هو مقتضى‬
‫كلم الفقهاء والصوليي"‪.‬‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم يعرف بذلك ويقر به ويبيح الزاح بضرته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن‬
‫ذلك أنه كان عائشة – رضى ال عنها – تزح‪ ،‬والنب صلى ال عليه وسلم جالس ول ينكر ما‬
‫تقوله‪ ،‬بل كان يوافقها‪.‬‬
‫فعن ابن أب مليكة قال‪" :‬مزحت عائشة – رضى ال عنها – عند رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فقالت أمها‪ :‬يا رسول ال! بعض دعابات هذا الى من كنانة"‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬بل‬
‫بعض مزاحنا هذا الى"‪.‬‬
‫صور من مزاح النب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -1‬مزاحه صلى ال عليه وسلم بالفعال‪:‬‬
‫كان النب صلى ال عليه وسلم يازح صحابته بأفعاله وأقواله‪ ،‬فمن ناذج مزاحه بأفعاله‪:‬‬
‫مزاح النب صلى ال عليه وسلم وزاهر بن حرام – رضى ال عنه ‪:-‬‬
‫تكى كتب السنة لنا ما دار بي النب صلى ال عليه وسلم وزاهر بن حرام‪ ،‬وكان من الصحابة الذين‬
‫يبعثون الدايا للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ولندع أنسا – رضى ال عنه – يروى لنا هذه الدعابة‪:‬‬
‫عن أنس – رضى ال عنه ‪" : -‬أن رجلً من أهل البادية كان اسه زاهر بن حرام وكان يهدى للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم الدية من البادية‪ ،‬وكان النب صلى ال عليه وسلم يبه وكان دميما فأتاه النب‬
‫صلى ال عليه وسلم يوما وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو ل يبصره‪ ،‬فقال‪ :‬أرسلن من هذا؟‬
‫فالتفت‪ ،‬فعرف النب صلى ال عليه وسلم فجعل ل يألو ما ألزق ظهره بصدر النب صلى ال عليه‬
‫وسلم حي عرفه‪ ،‬وجعل النب صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬من يشترى العبد؟ فقال‪ :‬يا رسول ال إذا‬
‫وال تدن كاسدا‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم لكن عند ال لست بكاسد أنت غال‪ ،‬وف رواية‪:‬‬
‫أنت عند ال رابح"‪.‬‬
‫مع عائشة – رضى ال عنها ‪: -‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يقطع ملل الياة الزوجية ببعض الزاح لترفيه عن أهله‪ ،‬فقد ورد أنه صلى‬
‫ال عليه وسلم كان يسابق بعض زوجاته‪:‬‬
‫فعن عائشة – رضى ال عنها ‪" : -‬أنا كانت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف سفر‪ ،‬وهى‬
‫جارية‪ ،‬فقال لصحابه‪ :‬تقدموا‪ ،‬ث قال‪ :‬تعال أسابقك‪ ،‬فسابقته‪ ،‬فسبقته على رجلى‪ ،‬فلما كان بعد‪،‬‬
‫خرجت معه ف سفر‪ ،‬فقال لصحابه‪ :‬تقدموا‪ ،‬ث قال‪ :‬تعال أسابقك‪ ،‬ونسيت الذى كان وقد حلت‬
‫اللحم‪ ،‬فقلت‪ :‬كيف أسابقك يا رسول ال‪ ،‬وأنا على هذه الال؟ فقال‪ :‬لتفعلن‪ ،‬فسابقته فسبقن‪،‬‬
‫فقال‪ :‬هذه بتلك السبقة"‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫مع الطفال‪:‬‬
‫حت الطفال كان صلى ال عليه وسلم يازحهم ويشاركهم لعبهم‪:‬‬
‫فروى عن عبد ال بن الارث قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يصف عبدال وعبيد ال‬
‫وكثي بن العباس ث يقول‪" :‬من سبق إل فله كذا وكذا‪ ،‬قال‪ :‬فيستبقون إليه فيقعون على ظهره‬
‫وصدره فيقبلهم ويلتزمهم"‪.‬‬
‫مع رجل من النصار‪:‬‬
‫كان النصار – رضى ال عنهم – يتمازحون ويتضاحكون‪ ،‬ويكى لنا أسيد بن حضي ما حدث‬
‫بي النب صلى ال عليه وسلم ورجل منهم‪:‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‬
‫سلمان بن فهد العودة‬
‫ل يكتب لحدٍ من البشر من الثر واللود والعظمة ما كتب لصاحب النسب الشريف ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم‪. -‬‬
‫ولقد دونت ف سيته الكتب ‪ ،‬ودبت ف مديه القصائد‪ ،‬وعمرت بذكره الجالس ‪ ،‬وبقيت عظمته‬
‫قمة سامقة لتطالا الظنون ‪.‬‬
‫تقلبت به صروف الياة من قوة وضعف ‪ ،‬وغن وفقر ‪ ،‬وكثرة وقلة ‪ ،‬ونصر وهزية ‪ ،‬وظعن‬
‫وإقامة ‪ ،‬وجوع وشبع ‪ ،‬وحزن وسرور ‪ ،‬فكان قدوة ف ذلك كله‪ ،‬وحقق عبودية الوقف لربه كما‬
‫ينبغي له ‪.‬‬
‫ظل ف مكة ثلث عشرة سنة ‪ ،‬وما آمن معه إل قليل ‪ ،‬فما تذمّر ول ضجر ‪ ،‬وجاءه أصحابه‬
‫يشتكون إليه ويسألونه الدعاء والستنصار فحلف على نصر الدين وتام المر ‪ ،‬وأنكر عليهم أنم‬
‫يستعجلون ‪ ،‬فكان المر كما وعد ‪ ،‬علما من أعلم نبوته ‪ ،‬ونصرا لمر ال ‪ ،‬ل للشخاص ‪.‬‬
‫وكان من نصره أن تأتيه وفود العرب من كل ناحية مبايعة على السلم والطاعة فما تغي ول تكبّر ‪،‬‬
‫ول انتصر لنفسه من قوم حاربوه وآذوه وعاندوا دينه ‪.‬‬
‫كما كان يقول أبو سفيان بن الارث ‪:‬‬
‫لعمرك إن يوم أحل راية ‪... ...‬‬
‫لتغلب خيل اللت خيل ممدِ‬
‫لكالدل اليان أظلم ليله ‪... ...‬‬
‫فهذا أوان حي أهدى وأهتدي‬
‫هدان هادٍ غي نفسي ودلن ‪... ...‬‬
‫على ال من طردته كل مطرد‬
‫وما حلت من ناقة فوق ظهرها ‪... ...‬‬
‫أبر وأوف ذمة من ممد‬

‫‪173‬‬
‫فاستل العداوات ‪ ،‬وما السخائم ‪ ،‬وألّف القلوب ‪ ،‬وأعاد اللّحمة ‪ ،‬وعرف عدوّه قبل صديقه أنا‬
‫النبوة ‪ ،‬وأنه ل يكن صاحب طموح شخصي ول بان مد ذات ‪ ،‬وإن كان الطموح والجد لبعض‬
‫جنوده ‪.‬‬
‫تعجب من عفويته وقلة تكلفه ف سائر أمره ‪ ،‬واحتفاظ شخصيته بدوئها وطبيعتها وتوازنا مهما‬
‫تقلبت عليها الحوال‪ ،‬واختلفت عليها الطرائق ‪.‬‬
‫قل إنسان إل وله طبعه الاص الذي يبي ف بعض الال ويستتر ف بعض ‪ ،‬ويترتب عليه استرواح‬
‫لقوم دون آخرين ‪ ،‬ويكم العديد من مواقفه وتصرفاته حاشاه ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪. -‬‬
‫فهو ُيقْبِل بوجهه على كل جليس ‪ ،‬وياطب كل قوم بلغتهم ‪ ،‬ويدثهم با يعرفون ‪ ،‬ويعاملهم بغاية‬
‫اللطف والرحة والشفاق ‪ ،‬إل أن يكونوا ماربي حلوا السلح ف وجه الق ‪ ،‬وأجلبوا لطفاء نوره‬
‫وحجب ضيائه ‪.‬‬
‫كل طعام تيسر من اللل فهو طعامه ‪ ،‬وكل فراش أتيح فهو وطاؤه ‪ ،‬وكل فرد أقبل فهو جليسه ‪.‬‬
‫ما تكلف مفقودا ‪ ،‬ول رد موجودا ‪ ،‬ول عاب طعاما ‪ ،‬ول تنب شيئا قط لطيبه ‪ ،‬ل طعاما ول‬
‫شرابا ول فراشا ول كساءً‪ ،‬بل كان يب الطيب‪ ،‬ولكن ل يتكلفه ‪.‬‬
‫سيته صفحة مكشوفة يعرفها مبوه وشانئوه ‪ ،‬ولقد نقل لنا الرواة دقيق وصف بدنه ‪ ،‬وقسمات‬
‫وجهه ‪ ،‬وصفة شعره ‪ ،‬وكم شيبة ف رأسه وليته ‪ ،‬وطريقة حديثه ‪ ،‬وحركة يده ‪ ،‬كما نقلوا‬
‫تفصيل شأنه ف مأكله ‪ ،‬ومشربه ‪ ،‬ومركبه ‪ ،‬وسفره ‪ ،‬وإقامته ‪ ،‬وعبادته ‪ ،‬ورضاه ‪ ،‬وغضبه ‪ ،‬حت‬
‫دخلوا ف ذكر حاله مع أزواجه أمهات الؤمني ف العاشرة ‪ ،‬والغسل ‪ ،‬والقسم ‪ ،‬والنفقة ‪،‬‬
‫والداعبة ‪ ،‬والغاضبة ‪ ،‬والد‪ ،‬والزاح ‪ ،‬وفصلوا ف خصوصيات الياة وضروراتا ‪.‬‬
‫ولعمر ال إن القارئ لسيته اليوم ليعرف من تفصيل أمره ما ل يعرفه الناس عن متبوعيهم من الحياء‬
‫‪ ،‬ومال يعرفه الصديق عن صديقه ‪ ،‬ول الزوج عن زوجه ‪ ،‬ول كان أهل الكتاب يعرفونه شيئا‬
‫يقاربه أو يدانيه عن أنبيائهم وهم أحياء ؛ وذلك لتكون سيته موضع القدوة والسوة ف كل الحوال‬
‫‪ ،‬ولكل الناس‪.‬‬
‫فالرئيس والدير والعال والتاجر والزوج والب والعلم والغن والفقي ‪...‬‬
‫كلهم يدون ف سيته الداية التامة على تنوع أحوالم وتفاوت طرائقهم ‪.‬‬
‫والفرد الواحد ل يرج عن مل القدوة به ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬مهما تقلبت به الال ‪ ،‬ومهما‬
‫ركب من الطوار‪ ،‬فهو القدوة والسوة ف ذلك كله‪.‬‬
‫وإنك لتقرأ سية علم من العلم فتندهش من جوانب العظمة ف شخصيته فإذا تأملت صلحيتها‬
‫للسوة علمت أنا تصلح لذا العلم ف صفته وطبعه وتكوينه ‪ ،‬ولكنها قد ل تصلح لغيه ‪.‬‬
‫ولقد يرى النسان ف أحوال السالفي من اللد على العبادة ‪ ،‬أو على العلم ‪ ،‬أو على الزهد ما يشعر‬
‫أنه أبعد ما يكون عن تقيقه حت يقول لنفسه ‪:‬‬
‫ل تعرضن لذكرنا مع ذكرهم ‪... ...‬‬

‫‪174‬‬
‫ليس الصحيح إذا مشى كالقع ِد‬
‫فإذا قرأ سية رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬أحس بقرب التناول وسهولة الأخذ ‪ ،‬وواقعية‬
‫التباع ‪.‬‬
‫حت لقد وقع من بعض أصحابه ما وقع فقال لم ‪ " :‬أنا أخشاكم ل ‪ ،‬وأتقاكم له‪ ،‬وأعلمكم با‬
‫أتقي"‪.‬‬
‫وقال ‪ ":‬اكلفوا من العمل ما تطيقون " ‪.‬‬
‫وقال ‪ " :‬إن هذا الدين يسر ‪ ،‬ولن يشادّ الدينَ أح ٌد إل غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا ‪ ،‬واستعينوا‬
‫بالغدوة والروحة وشيء من الدلة ‪ ،‬والقصدَ القصدَ تبلغوا "‪.‬‬
‫ولذا كان خي ما يرب عليه السالكون مدارسة سيته وهديه وتقليب النظر فيها وإدمان مطالعتها‬
‫واستحضار معناها وسرها ‪ ،‬وأخذها بكليتها دون اجتزاء أو اعتساف ‪.‬‬
‫إن ال ‪-‬عز وتعال‪ -‬ل يعل لحد وراء رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هذا النصب الشريف ‪:‬‬
‫منصب القدوة والسوة ؛ لنه جع هدى السابقي الذين أمر أن يقتدي بم " فبهداهم اقتده " إل ما‬
‫خصه ال ‪-‬تعال‪ -‬وخيّره به من صفات الكمال ونعوت المال ‪ ،‬ولذا قال ‪-‬سبحانه‪ " : -‬لقد‬
‫كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر وذكر ال كثيا "‪.‬‬
‫إن حياته ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وحياة خلفائه الراشدين هي الذكرة التفسيية والترجة العلمية‬
‫لنصوص الشريعة ‪.‬‬
‫ومن الي أن تظل هذه السية بواقعيتها وصدقها مفوظة من تزيد الرواة ‪ ،‬ومبالغات النقلة الت ربا‬
‫حولتها إل ملحمة أسطورية تعتمد على الوارق والعجزات ‪ ،‬وبذا يتخفف الناس من مقاربتها‬
‫واتباعها ليكتفوا بقراءتا مع هزّ الرؤوس وسكب الدموع وقشعريرة البدن ‪.‬‬
‫إن اليات الت تأت مع النبياء حق ‪ ،‬لكنها الستثناء الذي يؤكد القاعدة ‪ ،‬والقاعدة هي الريان مع‬
‫السنن الكونية كما هي ‪.‬‬
‫وكثيون من السلمي ‪ ،‬وربا من خاصتهم يستهويهم التأسي بالحوال العملية الظاهرة ف السلوك‬
‫والعبادة وغيها ‪ ،‬فيقتدون به ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف صلته " صلوا كما رأيتمون أصلي "‬
‫وحجّه " خذوا عن مناسككم " وسنن اللباس والدخول والروج …‬
‫وهذا جزء من التباع الشروع ‪ ،‬بيد أنه ليس كله ‪ ،‬ول أهم ما فيه ‪ ،‬فإن اتباع الدي النبوي ف‬
‫العاملة مع ال تعال ‪ ،‬والتجرد والخلص ‪ ،‬ومراقبة النفس ‪ ،‬وتقيق العان الشروعة من الب‬
‫والوف والرجاء أول بالعناية وأحق بالرعاية ‪ ،‬وإن كان ميدان التنافس ف هذا ضعيفا ؛ لن الناس‬
‫يتنافسون –عادة‪ -‬فيما يكون مكسبة للحمد والثناء من المور الظاهرة الت يراها الناس ‪ ،‬ول يدون‬
‫الشيء ذاته ف المور الفية الت ل يطلع عليها إل ال ‪ ،‬وربا ترى امرؤ صفة نبوية ف عبادة أو‬
‫عمل واعتن با وتكلف تثلها فوق الشروع ‪ ،‬دون أن يكلف نفسه عناء التأمل ف سر هذه الصفة‬
‫وحكمتها وأثرها ف النفس ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫وهذه السائل ‪ ،‬حت التعبدية منها ؛ ما شرعت إل لنافع الناس ومصالهم العاجلة والجلة ‪ ،‬وليست‬
‫قيمتها ف ذاتا فحسب ‪ ،‬بل ف الثر الذي ينتج عنها فياه صاحبه ويراه الخرون ‪.‬‬
‫وإنه لليق بكل مسلم أن يعل له وردا من سية الصطفى ‪-‬عليه السلم‪ ، -‬إن كان ناشئا فمثل‬
‫( بطل البطال ) لعزام‪ ،‬وإن كان شابا فمثل ( الشمائل الحمدية ) لبن كثي أو الترمذي ‪ ،‬و‬
‫( الفصول ) لبن كثي ‪ ،‬أو ( متصر السية ) أو ( الرحيق الختوم ) أو ( تذيب سية ابن هشام )‬
‫وإن كان شيخا فمثل ( سية ابن هشام ) أو ( ابن كثي ) وإن كان متضلعا بالطولت فمثل ( سبل‬
‫الدى والرشاد ) وكتاب ( نضرة النعيم ) ‪.‬‬
‫رزقنا ال حب نبيه وحسن اتباعه ظاهرا وباطنا وحشرنا ف زمرته مع الذين أنعم عليهم من النبيي‬
‫والصديقي والشهداء والصالي وحسن أولئك رفيقا‬
‫===============================‬
‫صمت القبور على أفعال الفاتيكان!‬

‫د‪ .‬ممد يي‬


‫ف هدوء شديد‪ ،‬وبدون أن ترؤ أجهزة العلم العربية على نشر أي تلميح عنه ولو من بعيد؛ نشر‬
‫الفاتيكان بيانًا موجهًا إل السيدات أو النساء الكاثوليكيات يذرهن من الزواج بالسلمي لنن‬
‫بذلك يعرضن أنفسهن لطورة انتهاك حقوقهن النسانية والضطهاد‪ ،‬لسيما إذا انتقلن للعيش مع‬
‫أزواجهن ف البلد السلمية‪ ،‬ول ينس البيان أن يدعو السلمي إل إدخال مبادئ الساواة بي‬
‫الرجال والنساء‪ ..‬جاء هذا الب منذ أسابيع ف مطة (الزيرة) الفضائية ول ترؤ الصحف العربية‬
‫على نشره كما قلنا‪ .‬الفاتيكان مق فيما يفعله من تهم على السلمي وعلى سلوكياتم لنه يعرف‬
‫مسبقًا أن أحدًا لن يرؤ على الرد عليه وأن الرؤساء العنيي للمؤسسات العربية السلمية هنا وهناك‬
‫سوف تكمم أفواههم عن الرد على الفاتيكان العظم‪ ،‬هذا إذا أرادوا أصلً أن يردوا ول يكونوا ييلون‬
‫إل رأي الفاتيكان الذي أصبحت له عندهم قدسية طاغية ومرجعية عليا‪ ،‬والفاتيكان يعلم أن هؤلء‬
‫مشغولون الن بالديث حول الوار مع الخر وليس بالدفاع عن دينهم وعقيدتم‪ ،‬والفاتيكان مقّ‬
‫كذلك ف طلب المتناع عن زواج الكاثوليكيات من السلمي؛ لن الفاتيكان يعيش الن ف حالة‬
‫عدم الستقرار ووضع صعب يتحتم معه الجوم والروج بأي قضية مظهرية للفت النظار وكسب‬
‫الدعاية‪ ،‬والفاتيكان تسهم ف طول الدنيا وعرضها بالتستر على فضائح جنسية تقوم با قطاعات من‬
‫كهنته وف مناصب عليا بالتحرش والعتداء على الطفال‪ ،‬والفاتيكان مطارد ومتهم ف دول الكتلة‬
‫الشرقية السابقة بأنه ياول نشر الذهب الكاثوليكي وسط أهل تلك البلد الذين يفترض أنم يدينون‬
‫بالذهب الرثوذكسي‪ ..‬فالفاتيكان يريد تسي وضعه ف أوروبا بركوب موجة العداء للسلم ونبيه‬
‫–صلى ال عليه وسلم‪-‬؛ ليكسب وضعًا جيدًا مع الكومات الغربية‪ ،‬ويضمن بذلك وضع النص ف‬
‫الدستور الوروب الوحد على أن السيحية هي الوية الثقافية والتراث النسان للشعوب الوروبية‪،‬‬

‫‪176‬‬
‫ولكن إذا كان الفاتيكان يسعى إل كل هذه الكاسب وأبرزها تويل النظار عن فضائح كهنته‬
‫النسية؛ فلماذا يكون ذلك على حساب الكذب على السلم وتشويه صورة نب السلم؟ وإذا كان‬
‫الفاتيكان يفعل ما يلو له؛ فإن اللوم يب أن يوجه إل أولئك الذين ملوا الدنيا با يسمونه الوار‬
‫الدين مع الفاتيكان بالذات‪ ،‬وأقاموا لذلك اليئات والدارات والكاتب وجعلوها هي الاكمة على‬
‫الؤسسة الدينية‪ ،‬وجعلوا من رؤساء هذه الكاتب من الفندية الغامضي سلطات تفوق سلطة رؤساء‬
‫هذه الؤسسات ف الشايخ (السابقي)‪.‬‬
‫لقد سكت هؤلء سكوت القبور على بيان الفاتيكان ومعهم حق؛ فلم تصدر لم الوامر بذلك‪ ،‬بل‬
‫الوامر تصدر فقط بإصدار بيانات السب والشتم للمسلمي (التطرفي طبعًا) وبيانات الديح‬
‫والتفخيم ف فلن وعلن وعلى رأسهم الفاتيكان العظم‪ ،‬ويكف هؤلء عارًا أن رأسهم العلى بابا‬
‫روما أصدر بيانات يشجب فيها منع الجاب ف فرنسا بينما بارك بعضهم هذه الطوة العظيمة‬
‫وأضافوا إل ما قاله وزير داخلية فرنسا بأن يغادرالسلمون فرنسا إذا ل يعجبهم قرار منع الجاب!‬
‫ويبقى أن الفاتيكان غي مق ف دعوة السلمي إل تقيق الساواة بي الرجال والنساء؛ فهناك مساواة‬
‫بالفعل بينهم ف العال السلمي ف الظلم والقهر وتكميم الفواه والستعباد!‬
‫========================‬
‫طبت حيا وميتا‬

‫نايف بن ممد اليحي (*)‬


‫لا أشرق نور نبوة حبيبنا ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ف هذا الكون‪ ،‬أضاء بأنواره وحقيقته معال‬
‫الياة‪ ،‬وأزال بصفائه ونقائه ظلمات الشرك وخرافات الهل والضلل‪ ،‬وطمست بيناته الساطعة‬
‫وبراهينه الصادقة كل لون من ألوان النراف العقدي أو التخلف البشري‪ ،‬فمبعثُه عليه الصلة‬
‫والسلم نور ورحة للبشرية أضاءها حِسا قبل أن يُضيئها معن‪ ..‬فعند ولدته ووضع أمه له رأت نورا‬
‫خرج منها فأضاء مدائن بصرى والشام حت أبصره أهل تلك الدن‪،،‬‬
‫إن الرسول لنور يستضاء بهِ‬
‫وصارم من سيوف ال مسلولُ‬
‫بل إن المادات واليوانات استبشرت وسعدت بنبوته‪ ..‬فهذا حجر يسلم عليه‪ ،‬وذا طعام يسبح بي‬
‫يديه‪ ،‬وذاك جذع ين إليه‪ ،‬وتلك ناقة تشكو صاحبها لقسوته‪ ،‬وذاك ذئب يبشر بنبوته‪ ،‬وتلكم إبل‬
‫تتسابق لينحرها بيده‪ ،‬وكل هذه المثلة وردت ونقلت ف أحاديث صحيحة‪.‬‬
‫ولذا كان لزاما على أهل اليان أن يعلموا أن حب ال ليس دعوى باللسان‪ ،‬ول هياما بالوجدان‪،‬‬
‫إل أن يصاحبه التباع لرسول ال‪ ،‬والسي على هداه‪ ،‬وتقيق منهجه ف الياة‪ ..‬وإن اليان ليس‬
‫فقط كلمات تقال‪ ،‬ول عبارات تردد‪ ،‬ول مشاعر تيش‪ ،‬ول شعائر تقام‪ ،‬ولكنه طاعة ل والرسول‪،‬‬
‫وعمل بنهج ال الذي يمله الرسول‪.‬ولذا يقول المام ابن كثي ‪ -‬رحه ال ‪ -‬تعليقا على قوله‬

‫‪177‬‬
‫سبحانه‪{:‬قُلْ إِن كُنتُ ْم تُحِبّو َن الّلهَ فَاتِّبعُونِي يُحِْببْكُمُ الّلهُ}(‪ )31‬سورة آل عمران‪ :‬هذه الية الكرية‬
‫حاكمة على كل من ادعى مبة ال وليس هو على الطريقة الحمدية‪ ،‬فإنه كاذب ف نفس المر حت‬
‫يتبع الشرع الحمدي والدين النبوي ف جيع أقواله وأعماله‪ .‬كما ثبت ف الصحيح (من عمل عملً‬
‫ليس عليه أمرنا فهو رد)‪.‬‬
‫وكما قال بعض الكماء‪ :‬ليس الشأن أن تب وإنا الشأن أن تب‪ ،‬وقال السن‪ :‬زعم قوم مبة ال‬
‫فابتلهم ال بذه الية‪.‬‬
‫وقال ابن القيم ‪ -‬رحه ال ‪ -‬ف كتابه زاد العاد‪( :‬ومن تأمل ف السي والخبار الثابتة من شهادة‬
‫كثي من أهل الكتاب والشركي له ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بالرسالة وأنه صادق‪ ،‬فلم تدخلهم‬
‫هذه الشهادة ف السلم‪ ..‬علم أن السلم أمر وراء ذلك‪ ،‬وأنه ليس مرد العرفة فقط‪ ..‬ول العرفة‬
‫والقرار فقط‪ ..‬بل العرفة والقرار والنقياد والتزام طاعته ودينه ظاهرا وباطنا‪.‬‬
‫(*) بريدة‬
‫نشرت جريدة الزيرة ف ‪11/1/1427‬هـ‬
‫الجرم الذي يسخر من الرسول الكري‬
‫عبدالكري بن عبدال الشيقح (*)‬
‫من ضروب الغباء والسخافة حينما ياول القزام أن يرحوا مشاعر السلمي من منطلق عداوتم‪.‬‬
‫نشرت صحيفة (جلند ربوست) الدنركية يوم ‪ 8-26‬عام ‪1426‬هـ عددا من الرسومات ذات‬
‫الصور الكاريكاتيية الساخرة لسيد الولي والخرين وخات النبيي وإمامهم وقدوتم وخية ال من‬
‫خلقه ممد بن عبدال عليه أفضل الصلة وأت التسليم‪.‬‬
‫رسم الكاتب الجرم ف إحدى هذه الصور شلت يداه ما معناه أن ممدا مرم حرب‪.‬‬
‫ظنا منه قبحه ال وأخزاه أن عمله سوف يهدد بالنقصان من مقام ومكانة الرسول الكري صاحب‬
‫القام الحمود والوض الورود‪.‬‬
‫وبعد ذلك ف يوم عيد الضحى البارك تكالبت أعوانه من النصارى ف تعميق جذور العداوة‬
‫الساخرة من السلم ومن جيع السلمي وقد أدلت بدلوها جريدة (ماجزينت النرويية) لتساهم ف‬
‫جرية نشر الصور‪ .‬قال ال تعال ف سورة البقرة {كَذَِلكَ قَالَ الّذِي َن مِن َقبِْلهِم مّثْ َل َقوِْلهِمْ تَشَاَب َهتْ‬
‫ُقلُوُبهُمْ}ولعل من الدواعي لشن هذه الغارة الصحفية الرعناء ف سب أشرف عباد ال وأحبهم إليه‬
‫وهذه الدنارك منذ عدة أشهر كما علمنا تسلط عب صحفها ووسائل إعلمها حلة شرسة بسبب أن‬
‫بعض أبناء شعبها أقبلوا جديا على اعتناق الدين السلمي كغيهم من شعوب العال‪ ،‬وبذلك أغواهم‬
‫الشيطان رسول لم ماولة التطاول على الرسول الكري العصوم وتشويه سيته ورسالته ودعوته الت‬
‫جعلها ال رحة للعالي‪ ،‬ويظنون خطأ أنم سوف يوقفون هذا الزحف السلمي الجيد‪ ،‬ولكن بإذن‬
‫ال سيدخل الناس ف دين ال طائعي متارين على رغم أنوفهم والسحب ل يضرها نبح الكلب‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫ولقد لسنا والمد ل فيضا من تذمر الشعوب السلمية الت أثار غضبها ما نشرته هاتان الصحيفتان؛‬
‫لذلك السبب اتذت الدول السلمية مموعة من الجراءات اليابية الشكورة وهي القاطعة‬
‫التجارية والسياسية والعمالة وغي ذلك‪.‬‬
‫وقد سارع لتاذها صاحب البادرات البناءة العروفة خادم الرمي اللك عبدال بن عبدالعزيز حفظه‬
‫ال ووفقه وأدام عزه‪.‬‬
‫وبناء عليه قدمت الدولتان الدنركية والنرويية اعتذارها بعد الضغط عليهما بالقاطعة ونن نقول إن‬
‫العتذار ل يكفي أبدا ل يكفي‪ .‬نن نطالب باستمرار القاطعة الت تعتب العقوبة الرادعة ولو استطعنا‬
‫أكثر من ذلك لفعلنا‪.‬‬
‫فقد ذكر العلمة أحد بن تيمية رحه ال ف كتابه (الصارم السلول) على شات الرسول ذكر أنه يب‬
‫قتله مسلما كان أو كافرا؛ لن مبة الرسول الكري صلى ال عليه وسلم واجبة علينا فهو أحب من‬
‫أنفسنا وأولدنا ووالدينا والناس أجعي‪.‬‬
‫(*) بريدة‬
‫عدوان على الذاكرة‪ ...‬الط الول ف الدفاع عن الوية‬
‫نشرت جريدة الوطن ف ‪9/1/1427‬هـ‬
‫=======================‬
‫عدوان على الذاكرة‪ ...‬الط الول ف الدفاع عن الوية‬

‫يوسف مكي*‬
‫ف حديث سابق أشرت إل أن الرب الت تتعرض لا المة حاليا ل تستهدف احتلل الرض ونب‬
‫الثروة فقط‪ ،‬بل إل التعدي على الذاكرة‪ ،‬لسبب بدهي ومنطقي هو أن الذاكرة هي خط الدفاع‬
‫الول عن الوية‪.‬‬
‫لاذا نعتب الذاكرة الط الول ف الدفاع عن الوية؟‪ .‬الواب بداهة يكمن ف رؤيتنا لا باعتبارها‬
‫الاضن لا تتزنه المة ف وجدانا من مواريث تراكمت وترسخت عب عقب تاريية متدة‪ .‬هذه‬
‫الواريث هي الت تشكل الوية‪ .‬وحي نشي إل الواريث فإن القصود با مموع الصائص الدينية‬
‫والتاريية واللغوية والنفسية الت تؤدي إل الفصل بشكل حاسم بي جاعة من الناس وأخرى‪ ،‬والت‬
‫تشكل متمعة شخصية المة‪ .‬وتنتج هذه الصائص عن عاملي رئيسيي‪ :‬الول‪ ،‬داخلي يتمثل ف‬
‫تقاليد ومواريث‪ .‬والثان‪ ،‬يعكس تفاعل المة مع وضع عالي فوار متغي‪ ،‬مفرزا موجات ثقافية‬
‫متعددة وناذج حضارية متلفة‪ ،‬ينتج عنها ردود أفعال ذاتية تفرض التعامل بصوصية مع تلك‬
‫التقاليد‪ ،‬مانة إياها هوية جديدة‪.‬‬
‫وإذن فالذاكرة‪ ،‬ف جانب مهم منها هي وعي الذات‪ .‬وهذا الوعي شرط أساسي وضروري للصمود‬
‫والتماهي مع إرادة البقاء‪ ،‬وهو أيضا شرط ل مفر منه للتهيؤ للمستقبل‪ .‬ول نبالغ إذا قلنا إن المة‬

‫‪179‬‬
‫العربية ف مواجهتها للمحتل‪ ،‬قد استندت كثيا على ذاكرتا‪ ،‬واستمدت منها النعة والقوة لتحقيق‬
‫النصر‪ ،‬من خلل استنهاضها لرثها ومزونا الضاري وكان السلم هو أهم أركان ذلك الخزون‪.‬‬
‫ومع أن وجود العربية سابق للسلم‪ ،‬إل أن العرب ل يؤسسوا كيانا مركزيا قبله‪ .‬وقد شهد صدر‬
‫الدعوة السلمية قفزات حضارية بالنسبة للعرب‪ .‬وكان السلم أول من أدخل فكرة المة لديهم‪،‬‬
‫تربطها العقيدة‪ ،‬ووضع الرسول الكرم عليه أفضل الصلة والسلم أسسها وتنظيمها‪ .،،‬بقي مفهوم‬
‫المة راسخا‪ ،‬واستمر مور الفكر والتعامل ف دار السلم‪ ،‬ولكن قوة المة سياسيا ل تتحقق إل ف‬
‫فترة قوة العرب‪.‬‬
‫كانت العلقة بي العرب والسلم قوية وعصية على النفصام‪ ،‬وقد شاء العلي القدير أن تكون‬
‫كذلك باستمرار‪ ،‬عب حقب التاريخ‪ .‬لقد نزل القرآن الكري باللسان العرب البي‪ ،‬وحل العرب راية‬
‫السلم ف الراحل الول لبزوغ فجره‪ ،‬واقترنت أماده وانتصاراته بم‪ .‬ووضعت أصول الشريعة‬
‫والفقه بثقافتهم ولغتهم‪ ،‬وكان جل علمائه ومفكريه ف صبح تأسيسه منهم‪ .‬وقد أعطى ذلك دورا‬
‫مركزيا وميزا ف مسية السلم عب العصور‪ .‬وبالثل‪ ،‬توحد العرب بالسلم‪ ،‬لول مرة ف تاريهم‪،‬‬
‫وبه كونوا أول دولة ضمتهم جيعا‪ ،‬هي دولة اللفة‪ ،‬استمرت فترة تاوزت القرني‪ ،‬قبل أن يبز‬
‫فيها تأثي الجناس غي العربية‪.‬‬
‫هكذا أصبحت العلقة عضوية بي الدين السلمي النيف وبي أبناء هذه المة‪ ،‬لدرجة جعلت من‬
‫الصعب على الرء الفصل بي العدوان على الدين والعدوان على المة‪ .‬وكان الحتلون يدركون بقوة‬
‫هذه القيقة‪ .‬ولذلك كانوا ل يفصلون بي العدوان على الرض والعرض وبي العدوان على‬
‫القدسات السلمية‪.‬‬
‫رأينا على سبيل الثال‪ ،‬الستعمار الفرنسي ف الزائر يقوم بالسطو على الرض والمتلكات‪ ،‬ويارس‬
‫امتهانا للعقيدة السلمية‪ ،‬وينع السكان من التحدث بالعربية‪ ،‬مرضا على البتعاد عن الطقوس‬
‫والعبادات الدينية‪ .‬وكان يعتب ذلك جزءا من وسائل تريب الثقافة القومية للشعب الزائري‪ ،‬وتدمي‬
‫مقوماته‪ .‬فكان لبد والال هذه أن يكون اتاه القاومة الوطنية ورد الفعل ضد عدوان الستعمر‬
‫تداخل العان والضامي الدينية مع معان ومضامي الكفاح الوطن من أجل الستقلل‪.‬‬
‫وحي وصل النرال اللينب أثناء الرب العالية الول‪ ،‬واحتل فلسطي‪ ،‬ل تغب عن ذاكرته الروب‬
‫الصليبية‪ ،‬رغم أن الثورة العربية كانت حليفة لبلده‪ .‬وعند وصوله إل قب البطل الجاهد صلح‬
‫الدين اليوب‪ ،‬بطل موقعة حطي‪ ،‬قال ماطبا له "ها نن عدنا يا صلح الدين"‪.‬‬
‫وضمن هذا التحليل‪ ،‬يكننا فهم لاذا تدمر بيوت ال عند أي غزو استعماري صليب‪ .‬فهذه الساجد‬
‫هي جزء من قوة الشعب الؤمن‪ ،‬وجزء من موروثه الضاري‪ ،‬وعنصر هام من عناصر مقاومته للبغي‬
‫والعدوان‪ .‬ومن هنا نفهم لاذا حرص مرم الرب‪ ،‬أرييل شارون على تدنيس السجد القصى‪ ،‬ولاذا‬
‫تعرض أول القبلتي وثالث الرمي‪ ،‬لعدة ماولت تريبية منذ احتلل القدس ف حرب يونيو عام‬
‫‪ .1967‬إن شارون يريد أن يركع الفلسطينيي ويقهر إرادتم‪ ،‬من خلل التعرض لعتقداتم‪ .‬ويأت‬

‫‪180‬‬
‫التعرض لماكن العبادة‪ ،‬ف الغالب متزامنا مع اعتداءات أخرى على العرض والرض والكرامة‪ ،‬ظنا‬
‫من الغزاة أنم بذلك سيتمكنون من إضعاف مقاومة الشعب الحتل لم‪.‬‬
‫ف واقعنا العرب‪ ،‬شهدنا من جهة قوة مقاومة الشعب الحتل للغزاة‪ ،‬والتمكن من انتزاع الستقلل‬
‫والنصر ف معظم البلدان العربية‪ .‬لكن ذلك‪ ،‬للسف‪ ،‬ل يعزز بفعل ماثل بعد الصول على‬
‫الستقلل‪ .‬لقد غاب عن النظام العرب الرسي‪ ،‬منذ ناية الرب العالية الثانية وحت يومنا هذا أي‬
‫متصور استراتيجي للتعامل مع الصراع العرب‪ -‬الصهيون‪ ،‬وانعدم معها أيضا أي تطيط عملي‬
‫وعلمي لصناعة الستقبل‪.‬‬
‫عجز النظام العرب عن التعامل بدية مع قرار تقسيم فلسطي عام ‪1947‬م‪ ،‬وعجز عن تقيق‬
‫التضامن ف مواجهة الحلف والشاريع الجنبية الشبوهة‪ .‬وعجز عن الرد على عدوان الصهاينة ف‬
‫عام ‪1967‬م‪ ،‬ووقف العرب جيعا متفرجي وهم يسمعون استغاثات أطفال فلسطي‪ ،‬ويسمعون‬
‫أدق التفاصيل عن مزرة صبا وشاتيل ف لبنان‪ .‬ووقفوا صامتي أيضا أمام تدمي أمريكي منهجي‬
‫لبغداد عاصمة العباسيي وقتل الطفال ف ملجأ العامرية‪ .‬وعجزوا عن إسناد أطفال الجارة ف‬
‫انتفاضتهم الباسلة بفلسطي‪ ،‬وشاركوا بالصمت العاجز ف احتلل العراق‪ ..‬وعجزوا وعجزوا رغم‬
‫وعود سخية قدموها بالهاد وبالدفاع عن الرض والثوابت والتمسك بالعاهدات والواثيق‪ ..‬ووضح‬
‫للجميع أن تلك الوعود قد انتهكت جيعا قبل أن يف الب السكوب ف صياغتها‪.‬‬
‫وبدل من تقيق الد الدن من التضامن العرب‪ ،‬من أجل البناء والتنمية ومواجهة العدوان استمرت‬
‫عقلية داحس والغباء هي السائدة فيما بينهم‪ .‬ولنم ما زالوا يعيشون روح القبيلة تسكوا‪ ،‬تاه‬
‫بعضهم‪ ،‬بوصية كليب لخيه الهلهل "ل تصال"‪ ،‬وبقوا مافظي عليها‪ ،‬وحي عزموا على الدخول‬
‫ف العصر الديد تباروا إل تزيق نسخ من تلك الوصية ولكن ليس مع بعضهم البعض‪ ،‬بل ف كامب‬
‫ديفيد ووادي عربة وأوسلوا‪.‬‬
‫كان الشعب ف كل مرة تواجه المة فيها تديا مصييا‪ ،‬يهب إل الشوارع‪ ،‬بأشكال عفوية‪ ،‬معبا‬
‫عن سخطه وغضبه ف دورات ما تلبث أن تنقطع‪ ،‬شأنا ف ذلك شأن العواصف والعاصي ف‬
‫الكون‪ ،‬قانونا الطبيعي أن تأت بشكل دراماتيكي ومفاجئ‪ ،‬ث ما تلبث أن تسكن وتمد‪ ،‬ليعود‬
‫بعدها الناس إل حياتم العتادة‪ ...‬يتركون الشوارع حاملي معهم يافطاتم وقتلهم وجرحاهم‪ ،‬ول‬
‫يبقى بعد ذلك من أثر لتلك النطلقات العفوية إل ما تدونه السفار والراجع والكتب‪.‬‬
‫الن يدث من جديد عدوان خطي على ذاكرة المة من خلل التعرض لشخصية نب المة ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬فبعد أن نشرت إحدى الصحف الدناركية رسوما كاريكاتورية ف سبتمب‬
‫الاضي تتعرض للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قامت الاليات السلمية بث الكومة لتاذ موقف‬
‫يراعي مشاعر السلمي‪ ،‬لكن رئيس الوزراء الدناركي رفض ذلك مؤكدا على أن تلك الرية تأت‬
‫ف سياق حرية الرأي الت تكفلها أنظمة الجتمع ف ذلك البلد‪ .‬والغريب أن عددا من الدول‬
‫الوروبية قد سارع للتعاطف مع تلك الرية‪ ,‬وأصبح التحدي واضحا حي قامت أعداد من‬

‫‪181‬‬
‫الجلت والصحف الوروبية ف النمسا وفرنسا بإعادة نشر تلك الرسومات‪ .‬وبدأت العركة تتخذ‬
‫أبعادا سياسية كبية إثر تصريح الرئيس المريكي‪ ،‬جورج بوش أن حكومته تقف‪ ،‬ف هذه القضية‪،‬‬
‫إل جانب حلفائها الوروبيي بكل قوة‪ ،‬وأنا لن تتردد عن نصرتم‪.‬‬
‫حت الن ل يسمع الواطن العرب أي رد فعل واضح من السؤولي العرب‪ ،‬على الستهجان الوروب‬
‫والمريكي بالقدسات والعتقدات السلمية‪ .‬فهل تكن العتدون من اغتيال الذاكرة ومصادرة‬
‫الوية‪ ..‬وإذا ما تقق ذلك‪ ،‬ل سح ال‪ ،‬فما ذا يتبقى لنا كي ندافع عنه؟!‬
‫*كاتب أكاديي سعودي متخصص ف السياسة القارنة‬
‫============================‬
‫عذرا ‪ ...‬بأب أنت وأمي يا رسول ال‬
‫الكاتب‪-- :‬‬
‫المد ل القائل ف مكم التنيل ‪":‬ل يألونكم خبالً ودوا ما عنتم‪ ،‬قد بدت البغضاء من أفواههم وما‬
‫تفي صدورهم أكب‪ ،‬قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون"‬
‫أيها السلمون‪:‬‬
‫أما وصل أساعكم ردود حكام السلمي الزلزل َة على هذه الساءات؟ أما سعتم قولَ شيخِ الزهر‬
‫الذي فاق ف ردهِ الخيفِ كلّ التصورات؟!‬
‫فهؤلء حكام السعودية حاة البيت العتيق‪ ،‬يدعون لقاطعة النتجات الدناركية‪ ،‬ول يتوقف المر عند‬
‫هذا الد بل طلبوا السفي الدنركي وأبلغوه الستنكار والشديد اللهجة‪،‬وحاكم مصر يذر الغرب‬
‫ناصحا لم من الدخول ف منطقة خطرة‪ ،‬أما شيخ الزهر فيقول بعد أن التقى السفي‬
‫الدنركي ‪ ":‬إن الساءة إل الموات بصفة عامة تتناف مع البادئ النسانية الكرية‪ ،‬سواء كانت هذه‬
‫الساءة إل الموات من النبياء أو الصالي أو السياسيي وغيهم من فارقوا الياة" وأضاف أنه‬
‫يرفض الساءة إل الرسول _صلى ال عليه وسلم_ ؛لنه فارق الياة‪ ،‬مؤكدا أن‬
‫المم العاقلة الرشيدة تترم الذين انتهت آجالم وماتوا!‬
‫فالرسول صلى ال عليه وسلم ف نظره كغيه من الناس‪ ،‬والشكلة ف كونه ميتا!‬
‫فل نقول إل سحقا وبعدا لن ارتضى لنفسه الذلة والهانة‪ ،‬ورضي بأن يكون للكافر عميلً وناصحا‬
‫أمينا‪ ،‬أو عال سلطان باع دينه بدنيا غيه‪.‬‬
‫فأين كان هؤلء عندما مزقت أمريكا الصحف؟‬
‫أين كانوا عندنا اغتصبت أمريكا النساء ؟‬
‫أين كانوا عندما تطاولوا على السلم وعلى ال عز وجل؟‬
‫فهل طلبوا السفي المريكي وقاطعوا النتجات المريكية ؟!‬
‫وهل جرؤوا على طلب سفي بريطانيا أو فرنسا؟‬
‫وهل سيقاطعون كل هذه الدول الت اعتدت على السلم والسلمي؟‬

‫‪182‬‬
‫أم أن السألة لعبة يلعبونا ل أكثر‪ ،‬فييدون أن يبينوا للمسلمي حرصهم على رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم الذي هو بريء منهم وما يصنعون‪.‬‬
‫وهل لنا أن ننسى مواقفهم الزيلة أمام الغرب الكافر؟‬
‫كل وال ‪ ...‬كل وال و عذرا إليك رسول ال‪ ...‬عذرا إليك بأب أنت وأمي‪ ،‬فالكام سكرى ف‬
‫ظلماتم يعمهون‪ ،‬متسلطون علينا أقزام عملء لعدائنا فكيف تراهم يتحركون!‬
‫فلو كان للسلم دولة وكيان يا رسول ال ‪ ...‬لا كان ما كان‪.‬‬
‫ففرنسا التبجحة على السلمي بنع الجاب وبريتها العفنة اليوم‪ ،‬أرادت عرض مسرحية تسيء‬
‫إليك يا خي خلق ال‪ ،‬فما كان من خليفة السلمي العثمان إل أن هددها باجتياحها إن عرضت‬
‫السرحية ومنعها بالقوة‪ ،‬قوة جيش اللفة‪ ،‬فخنعت واستكانت لتهديد خليفة السلمي ف أواخر‬
‫عهد الدولة العثمانية‪ ،‬عندما كانت تسمى بالرجل الريض‪ .‬وهل كان هذا سيحدث لو أنم وجدوا‬
‫صبيان السلمي كما كانوا أيام عمر الفاورق رضي ال عنه يا رسول ال ؟!‬
‫وإن كنا كذلك فهل تكفي مقاطعة البضائع الدنركية والفرنسية؟‬
‫وهل تكفي مقاطعة البضائع المريكية والبيطانية واللانية والسويسرية؟‬
‫ف لعاقبة من فعل هذا برسول ال؟‬‫هل هذا كا ٍ‬
‫سهُم العتداء على السلم أو القرآن أو‬ ‫فوال ل يشفي الغليل إل قطع رؤوس من سولت لم أنف ُ‬
‫خي النام‪.‬‬
‫وهذا ل يكون إل بإعلن الرب الفعلية على هؤلء ول يكون ذلك إل بالعمل الاد الخلص لقامة‬
‫كيان السلمي الذي يثلهم ويذب عن أعراضهم ويمي حاهم فل يدوس المى أحدٌ بعد ذلك‬
‫أبدا‪.‬‬
‫فهذه الدول الحاربة فعلً للسلم والسلمي يب قطع العلقات معها وإعلن الرب عليها حت‬
‫ننسيهم وساوس الرأسالية والرية الشيطانية‪ ،‬حت يدركوا حينها من يتحدون ولن يسيئون‪ ،‬وعلى‬
‫من ينفثون سومهم ويتجرؤون‪.‬‬
‫فإل العمل مع العاملي لقامة اللفة الت فيها عزكم وعز هذا الدين أيها السلمون‪.‬‬
‫أيشتم " أحد " يوما وأنتم على قيد الياة بكم دماءُ‬
‫ويسخر حاقد منكم‪...‬وفيكم رجال للمنية‪.. ...‬ل نساءُ‬
‫وأنتم ألف مليون‪....‬أبوكم يهان فل يغاث ول ياءُ‬
‫بيش ليهاب غمار حرب تدين له البسيطة والفضاء‬
‫أل اهتزت لذاك الطب أرض وخضبت الكف له الدماء‬
‫وهلّ غضبة ‪..‬ل‪ ..‬عظمى تساوى الوت فيها والبقاءُ‬
‫فل طابت لر‪ ..‬ذات يوم حياة بعده‪ ........‬فيها يساءُ‬
‫لعرضِ ممد ولنا‪ ...‬مقام على أرض‪ ..‬تظللها السماءُ‬

‫‪183‬‬
‫أيزن" أحد" كل ورب لجل " ممد" طاب الفناءُ‬
‫"فإن أب ووالدت وعرضي لعرض "ممد" منهم فداءُ"‬
‫وإن داع لكم فأمنوا يرحكم ال ‪.‬‬
‫اللهم إنتقم من أساء لنبيك‪ ،‬اللهم انتقم من أساء لنبيك‪ ،‬اللهم انتقم من أساء لنبيك‪ ،‬ال اخذل من‬
‫خذله وانصر من نصره وقو من يريد الثأر له بقوة من عندك‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك بللك وعظمتك أن تستخدمنا ف طاعتك وأن تعل لنا سهما ف إقامة دولتك‪،‬‬
‫وأن تراق دماؤنا ف سبيل إعلء دينك‪.‬‬
‫اللهم استخلفنا ف أرضك‪ ،‬ومكنن لنا ديننا الذي ارتضيت لنا واجعلنا من الذين إن مكنتهم ف‬
‫الرض أقاموا الصلة وآتوا الزكاة وأمروا بالعروف ونوا عن النكر‪ ،‬وجاهدوا ف ال حق جهاده‪.‬‬
‫اللهم يا أرحم الراحي‪ ،‬اجع على الق كلمة السلمي‪ ،‬وألف بي قلوب عبادك الؤمني‪ ..‬اللهم‬
‫أصلح ذات بينهم‪ ،‬وانزع الغل والسد والبغضاء من قلوبم‪ ...‬اللهم واحقن دماءهم وآمن روعاتم‬
‫ومكنا من الثأر من ظلمهم وبغى عليهم‪ .‬اللهم عليك بأعدائك أعداء السلم من النليز واليهود‬
‫والمريكان‪ ،‬ومن لف لفهم‪ ،‬اللهم عليك بم وبن حالفهم وناصرهمن حكام العرب والسلمي‪.‬‬
‫اللهم وحد بلد السلمي ف دولة واحدة‪ ،‬وراياتم ف راية واحدة‪ ،‬واجعل جيشهم واحدا وحاكمهم‬
‫واحدا يطبق فينا شرعك وتن عليه بنصرك‪.‬‬
‫اللهم إنا مغلوبون فانتصر لنا يا أرحم الراحي‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪.‬‬
‫================================‬
‫عذرا‪ ..‬يا رسول ال‬

‫د‪ .‬ممد بن عثمان الركبان‬


‫ل تشهد البشرية أكرم منه‪ ،‬ول عرفت النسان أعظم منه‪..‬‬
‫فهو هداية ال للبشرية‪ ،‬ونعمته على النسانية‪ ،‬ومنته على المة السلمية‪{ :‬لقد من ال على الؤمني‬
‫إذ بعث فيهم رسولً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والكمة وإن كانوا من‬
‫قبل لفي ضلل مبي}‪.‬‬
‫أخرجنا من الظلمات إل النور‪ ،‬ومن الغواية إل الداية‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إل سعة الدنيا والخرة‪:‬‬
‫{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالؤمني رؤوف رحيم}‪.‬‬
‫ل يدع خيا إل دلنا عليه ول شرا إل حذرنا منه‪ ،‬ول أمرا يهم المة ف حاضر أمرها ومستقبلها إل‬
‫كان له صلى ال عليه وسلم خبا عنه‪.‬‬
‫تركنا على البيضاء‪ ،‬ليلها كنهارها‪ ،‬ل يزيغ عنها إل هالك‪ ،‬صلى ال عليه‪ ،‬وعلى آله وصحبه وذريته‬
‫وأزواجه وآل بيته‪ ،‬وحشرنا تت لوائه يوم القيامة‪ ،‬وأدخلنا ف شفاعته‪ ،‬وجعنا به ف النة‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫ل يكن حزنه لدنياه‪ ،‬ول لضيق عيشة‪ ،‬ول لقلة ذات يده‪ ،‬فقد بسطت له الدنيا‪ ،‬وأعطي مفاتيحها‪،‬‬
‫واختار أن يوع يوما ويشبع يوما؛ لكن حزنه وتكدره وضيق صدره لعراضنا عن رسالته‪ ،‬وحيادنا‬
‫عن منهجه‪ ،‬وبعدنا عن سنته‪ ،‬وحرصنا منه علينا‪ ،‬وطمعا ف هدايتنا‪ ،‬ورغبة ف منفعتنا‪ ..‬قال سبحانه‬
‫وتعال عنه‪{ :‬ولقد نعلم أنك يضيق صدرك با يقولون‪ ،‬فسبح بمد ربك وكن من الساجدين‪،‬‬
‫واعبد ربك حت يأتيك اليقي} وقال عنه سبحانه‪{ :‬لعلك باخع نفسك أل يكونوا مؤمني} ‪ -‬أي‬
‫مهلكها ‪ -‬وقال عنه سبحانه‪{ :‬وإن كان كب عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا ف‬
‫الرض أو سلما ف السماء فتأتيهم بآية ولو شاء ال لمعهم على الدى فل تكونن من الاهلي‪ ،‬إنا‬
‫يستجيب الذين يسمعون والوتى يبعثهم ال ث إليه يرجعون}‪.‬‬
‫فاللهم صل وسلم عليه‪ ،‬وأرفع ف عليي منلته‪ ،‬وآته الوسيلة والدرجة الرفيعة من النة‪ ،‬والقام‬
‫الحمود الذي وعدته‪.‬‬
‫كان لكل نب دعوة مستجابة‪ ،‬دعا با على أمته‪ ،‬وأهلك ال با قومه‪ ،‬لعصيانم وفجورهم وبعدهم‬
‫عن منهج ربم وأذيتهم له‪ ،‬لكن نبينا عليه الصلة والسلم الرؤوف بأمته‪ ،‬الليم على قومه‪ ،‬الصبور‬
‫على أذيته‪ ،‬ادخر تلك الدعوة الستجابة ليوم القيامة‪ ..‬يوم تشتد الكروب‪ ،‬وتعظم الطوب‪ ،‬ويطول‬
‫على الناس الوقف‪ ،‬ويأذن البار جل جلله له بالشفاعة العظمى ف موقف القيامة لفصل الطاب‪،‬‬
‫فيكون أول هه‪ ،‬ومنتهى اهتمامه‪ ..‬مصي أمته‪ ،‬ل يذكر ناة نفسه‪ ،‬ول ذريته وأهل بيته‪ ،‬وإنا‬
‫«أمت‪ ،‬أمت»‪.‬‬
‫فصلوات رب عليك يا رسول ال ما ذكرك الذاكرون‪ ،‬وما غفل عن ذكرك الغافلون‪ ،‬وما تعدى على‬
‫جنابك العتدون‪.‬‬
‫إن منلتك ف نفوسنا عظيمة‪ ،‬وقدرك ف قلوبنا كبي‪ ،‬نفديك بأرواحنا ودماؤنا وأموالنا وأهلينا‪.‬‬
‫فنحورنا دون نرك يا رسول ال‪ ،‬ودمائنا نقدمها رخيصة للذب عنك يا نب ال‪.‬‬
‫لقد وصلت المة ف هذا الزمان إل ضحضاح من الهانة تطاول فيه الدن على العلى‪ ،‬وترأ فيه‬
‫السفيه على العقلء‪ ،‬وتدث فيه من ل يفقه فيما ل علم له به ول قدر له على الثبات عليه‪.‬‬
‫ل يسلم من جراءتم مقام الربوبية‪ ،‬ومنلة اللوهية‪ ،‬فنسبوا ل تعال الصاحبة والولد‪ ،‬ونعتوه سبحانه‬
‫بأرذل الوصاف وأقل النازل‪ ،‬أوصاف وكلم تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الرض وتر‬
‫البال هدا‪.‬‬
‫وها هم اليوم أقزام العال‪ ،‬وأراذل البشرية يتطاولون على مقام النبوة‪ ،‬وحوزة الرسالة‪ ،‬ويطعنون ف‬
‫شخص الصطفى الكري صلى ال عليه وسلم النه عن كل نقيصة ف حدود بشريته وخلق ال تعال‬
‫له‪.‬‬
‫صحيح أن تطاول القزام على الكبار ل يقلل من شأنم‪ ،‬وتعدي القيين على مقام العظام ل ينال‬
‫من شرفهم‪ ،‬لكنه ابتلء ال تعال للمة لعرفة منلة نبيهم عندهم‪ ،‬وامتحان من ال تعال للمؤمني ف‬
‫الدفاع عن دينهم‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫إنه ما كان لتلك الشرذمة أن تنال من مكانة سيدنا‪ ،‬ومقام إمامنا‪ ،‬ومنلة قدوتنا‪ ،‬عليه الصلة‬
‫والسلم إل حي قصرنا ف تعظيمه وإنزاله قدره‪ ،‬وتكاسلنا عن اتباع منهجه‪ ،‬واستحيينا من امتثال‬
‫سنته‪ ،‬وما كان لم أن يصلوا إل هذا الد من الراءة لو ل سباق معرفتهم بضعف اتباعه‪ ،‬وخور‬
‫الدافعي عنه‪ .‬فلو كان العتداء على ملك أو رئيس أو قائد لدولة لقامت قائمة أهل تلك الديار‪،‬‬
‫وثارت ثائرتم‪ ،‬وحق لم ذلك‪ ،‬لكن رسولنا أول أن تسفك من أجله الدماء‪ ،‬وتقطع من أجله‬
‫العلقات‪ ،‬وتقاطع من أجله النتجات‪ ،‬فمحبته عليه الصلة والسلم ليست حصرا على اللتحي‪ ،‬ول‬
‫حجرا على اللتزمي‪ ،‬بل هي واجبة على كل من شهد له بالرسالة‪ ،‬وآمن بدين السلم‪ ،‬وأحب ال‬
‫تعال‪{ :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم}‪.‬‬
‫فيا عقلء العال‪ ..‬أوقفوا هذه الهازل‪ ،‬قبل أن تنتج ردود أفعال ل يمد عقباها‪ ،‬وتدث حوادث‬
‫يبكي العال من لوائها‪ ،‬وكوارث تضج البشرية من مداها‪.‬‬
‫ويا قادة العال السلمي‪ ،‬ويا علماءه‪ ،‬ويا تار السلمي‪ ،‬ويا كل مسلم‪ ..‬اليست البادرة للدفاع عن‬
‫سيد الولي والخرين من أول أولوياتنا؟ أليست الحبة له ونصرته والذب عنه من أعظم الوازين‬
‫عندنا؟ فال ال ف القيام بواجب النصرة كما ينبغي‪ ،‬بالكمة والبصية‪ ،‬فهو الذي علمنا‪{ :‬قل هذه‬
‫سبيلي أدعو ال على بصية أنا ومن اتبعن}‪ ،‬وال ال بالتمسك بسنته‪ ،‬وتطبيق شرعه‪ ،‬والرجوع‬
‫لنهجه‪ ..‬وليكن نتاج كيدهم مزيدا من الحبة والتباع له‪ ،‬وحرصا على الرجوع إليه‪ ،‬وتعظيما‬
‫لشأنه وأمره بيننا‪.‬‬
‫وعذرا يا رسول ال‪ ..‬عذرا من تكاسل التكاسلي‪ ،‬وغفلة الغافلي‪ ،‬وتبعية النافقي‪ ،‬وضعف أمتك‪،‬‬
‫وقلة حيلتها‪ ،‬وهوانا على الناس‪ ،‬وحرصها على دنياها‪ ،‬وايثارها لنفسها‪ ،‬وعجزها عن القيام لماية‬
‫جنابك وقتال أعدائك‪ ..‬وال حسبنا ونعم الوكيل‪.‬‬
‫? عضو هيئة التدريس بكلية الطب ‪ -‬جامعة اللك سعود‬
‫‪ 3‬تعليقات‬
‫‪1‬‬
‫أي دنيا تيا‬
‫شكري الزيل ل الذي أكرمنا بأناس لم قدرة القلم ليكتبوا ويدافعوا وياهدوا به فمرحبا بن دافع‬
‫وجاهد وهذا أقل ما يب‪.‬وحبذ لو كل واحد له قدرة ونعمة الترجة بأي لغة يترجم كل موضوع‬
‫وينشره عب النت والنتديات لتصل ال أعداء رسولنا وكل عام وأمة رسول ال بي‬
‫مري عبد الكري باري‬
‫‪ 05:48‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫‪2‬‬
‫اللهم صلي على حبيب ممد وسلم‬

‫‪186‬‬
‫اللهم اهلك من صور حبيبنا الصطفى ممد وشل يديه وعينيه اللهم حارب اليهود والكفار انك قدير‬
‫عزيز وانصر نبيك والسلم يارب واحفظ امة ممد عليه افضل الصلة والتسليم فالرسول منه عما‬
‫يفعله تلك الجرموون فل حول ول قوة ال بال العلي العضيم‬
‫‪meme‬‬
‫‪ 07:08‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫‪3‬‬
‫بورك ف أخي الكري‬
‫وأعظمه من شرف أسأل أن يشفعه فيك وف والديك‪.‬‬
‫آمل أن تستمر ف العطاء فهذه الوهبة نعمة من ال‪ .‬ومن حق النعم الشكر {وإذ تأذن ربكم لئن‬
‫شكرت} لزيدنكم} وأعظم الشكر استعمال هذه الوهبة وهذا القلب وهذا السلوب الرائع ف نشر‬
‫السلم وعظمة السلم‪ ..‬وتعاليم السلم‪ ،‬ونشر سية اليب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ف الصحف‬
‫السعودية‪ ،‬والجنبية وف منتديات النترنت الغربية بتقل مقالت ينشرها موقع الشيخ ممد صال‬
‫النجد لنتدياتم ف[لئن يهيد ال بك رجل واحدا خ ٌي لك من حر النعم] كما آمل الذب عن‬
‫عرضه بالت هي أحسن‪ ,‬فأل ال ف هذا الثغر العظيم‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 08:07‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫عرض نبينا ينتهك ؟!!‪.‬‬
‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬لطف ال بن مل عبد العظيم خوجه‬
‫حلت إلينا النباء خبا سيئا‪..‬؟!!‪.‬‬
‫خبا ف صورة ‪..‬‬
‫عرض نبينا‪ ،‬وسيدنا‪ ،‬وقدوتنا‪ ،‬وإمامنا‪ ،‬وحبيبنا فيها‪ :‬ينتقص‪ ،‬وينتهك ؟؟!!‪.‬‬
‫صحف دناركية تعبث بقامه‪!!..‬‬
‫ومقامه مقام اللة؛ فهو أحب اللق إل ال تعال ‪..‬فيا ويلهم من ال تعال‪ ،‬حيث قال‪:‬‬
‫‪( -‬من عادى ل وليا فقد آذنته بالرب)‪.‬‬
‫وأكب الولياء وسيدهم‪ :‬ممد بن عبد ال صلى ال عليه وسلم‪..‬فال تعال قد آذنم بالرب‪:‬‬
‫ج َزوْ َن مَا كُنُتمْ َتعْمَلُونَ }‪.‬‬
‫صَل ْوهَا فَاصِْبرُوا َأوْ لَا َتصِْبرُوا َسوَاء عََليْكُمْ إِنّمَا تُ ْ‬
‫‪{ -‬ا ْ‬
‫السلمون نوّم ‪..‬؟!!‪.‬‬
‫لو مال تلف‪ ،‬أو بيت تدم‪ ،‬أو وطن سلب‪..‬‬
‫لسمعت صياحا ووَْلوَلَة‪ ،‬وإقساما‪ :‬لنثأرن قاتله ال ما أكفره‪.!!..‬‬
‫فأين هم أهل الصولة والزمرة ؟!!‪.‬‬
‫أين هم ل نسمع لم حسا‪ ،‬ول نر قلما يدفع ظالا ما أفجره ؟!‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫إل قليل‪ ،‬احتسبوا‪ ،‬وغضبوا‪..‬‬
‫فكتبوا‪ ،‬واستنكروا‪..‬‬
‫وعن المة عذابا‪ ،‬كاد ييق با‪ ،‬دفعوا‪..‬‬
‫فالذب عنه فريضة‪ ،‬ول يل للمة ترك الفريضة‪.‬‬
‫ومن موجبات العقوبة‪ ،‬الجتماع على ترك الفريضة‪.‬‬
‫***‬
‫من حقوق النب صلى ال عليه وسلم على أمته‪ :‬نصرته‪.‬‬
‫وهو واجب على جيع السلمي‪ :‬ذكورا وإناثا‪ ،‬علماء وولة أمر وعوام‪ ،‬قول وفعل‪ ،‬كل بسب‬
‫قدرته واستطاعته‪ ،‬أدناها بالقلب‪ ،‬ث باللسان‪ ،‬ث باليد‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫‪( -‬من رأى منكم منكرا فليغيه بيده‪ ،‬فإن ل يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن ل يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف‬
‫اليان)‪.‬‬
‫وأي منكر أعظم من العدوان على مقام رسول ال صلى ال عليه وسلم؟!‪.‬‬
‫فهو فرض على الكفاية‪ ،‬إذا قام به بعض السلمي سقط على الخرين‪ ،‬مع وجوب إنكار القلب ف‬
‫حال‪ ،‬سواء تعي الذب والنصرة أو ل يتعي على آحاد الؤمني‪ ،‬لن النكار القلب علمة اليان‪.‬‬
‫***‬
‫والدليل على وجوب نصرته‪ ،‬قوله تعال‪:‬‬
‫ك هُمُ الْ ُم ْفلِحُونَ }‪ .‬فعلق‬
‫صرُوهُ وَاتَّبعُوْا النّو َر الّ ِذيَ أُنزِ َل مَ َعهُ ُأوْلَِئ َ‬
‫‪{ -‬فَالّذِينَ آمَنُوْا ِبهِ َو َع ّزرُوهُ وََن َ‬
‫الفلح بالنصرة‪ ،‬فمن ل ينصره فليس من الفلحي‪.‬‬
‫صرُ‪ ،}..‬فنصرة الؤمني واجبة‪ ،‬والنب أوجب‪.‬‬ ‫‪َ { -‬إِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدّينِ َفعََليْكُمُ الّن ْ‬
‫صرْكُ ْم وَيَُثّبتْ َأقْدَامَكُ ْم }‪ .‬ونصرة النب من نصرة ال تعال‪.‬‬ ‫صرُوا الّلهَ يَن ُ‬ ‫‪{ -‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا إِن تَن ُ‬
‫‪ -‬وقوله صلى ال عليه وسلم‪( :‬انصر أخاك ظالا أو مظلوما)‪ ،‬فهذا ف حق الؤمني‪ ،‬وف النب أعظم‪.‬‬
‫***‬
‫ووقت النصرة‪ :‬وجود الظلم والعدوان على مقام النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ف ذاته‪ ،‬أو أخلقه‪ ،‬أو‬
‫دينه‪.‬‬
‫فمت وجد هذا النوع من الظلم والعدوان‪ :‬وجب على الؤمني الذب عنه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ول يل لم أن يسكتوا أو يضعوا ويرضوا‪.!!..‬‬
‫فإن فعلوا كذلك دل على خلل ف إيانم‪ ،‬وضعف ف ولئهم ل ورسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فل‬
‫يرضى بالطعن ف النب صلى ال عليه وسلم إل منافق أو كافر‪ ،‬أما الؤمن فيغضب ويتمعر وجهه‬
‫لدن من ذلك‪ ،‬لذى يلقاه عوام السلمي‪ ،‬لا بينه وبينهم من أخوة اليان‪ ،‬فأي عدوان على رأس‬
‫الؤمني وقائدهم ومقدمهم فهو عليه أشد وأنكى ؟‪.‬‬
‫بل حاله كحال خبيب بن عدي لا أخرجه أهل مكة من الرم ليقتلوه فقال له أبو سفيان‪:‬‬

‫‪188‬‬
‫" أنشدك ال يا خبيب! أتب أن ممدا الن عندنا مكانك يضرب عنقه‪ ،‬وأنك ف أهلك"؟‪.‬‬
‫فقال خبيب‪" :‬وال ما أحب أن ممدا الن ف مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة‪ ،‬وإن جالس ف‬
‫أهلي"‪.‬‬
‫فقال أبوسفيان‪ " :‬ما رأيت من الناس أحدا يب أحدا كحب أصحاب ممد ممدا"‪.‬‬
‫***‬
‫وسبب وجوب نصرة النب صلى ال عليه وسلم أمران‪:‬‬
‫‪ -‬الول‪ :‬منّته على أمته‪.‬‬
‫إذ هداهم ال تعال به‪ ،‬فأخرجهم من الظلمات إل النور‪ ،‬ولول فضل ال عليهم به‪ ،‬لكان الناس ف‬
‫ضللة وعمى‪ ،‬ولصابم من عذاب الخرة‪..‬‬
‫وإذا كان النسان يفظ جيل صنعه إنسان إليه‪ :‬بتفرج كربة‪ ،‬أو وقاية من فتنة‪ ،‬أو منة‪ ،‬أو منع‬
‫مصيبة‪ .‬يبقى عمره ل ينسى جيله‪ ..‬يترصد‪ ،‬ويترقب مت يقدر على الكافأة والجازاة بالثل‪ ،‬وهذا‬
‫كله ف أمور الدنيا‪ ،‬بل ف بعضها‪ ،‬وجزء منها‪ ،‬فكيف بن كان له الميل على الناس ف‪:‬‬
‫‪ -‬فتح أبواب السعادة لم ف الدنيا والخرة‪.‬‬
‫‪ -‬وتفريج كرباتم وهومهم باليان‪.‬‬
‫‪ -‬وبيان مواطن الرحة والي والقرب من ال تعال‪.،‬‬
‫‪ -‬وإزالة ما بينهم من العداوة والشحناء والتباغض‪ ،‬وزرع اللفة بي قلوبم‪ ،‬وعطف بعضهم على‬
‫بعض‪.‬‬
‫‪ -‬وإرشادهم إل أحسن الدساتي والقواني الت با يسيون شئونم الدنيوية‪.‬‬
‫‪ -‬وإقرار العدل‪ ،‬ونفي الظلم ومنع أسبابه‪.‬‬
‫‪ -‬وزادهم أن كان سببا ف نيلهم عظيم الثواب وجزيل الجر ف الخرة‪ ،‬فما مؤمن يدخل النة‪،‬‬
‫لينعم فيها النعيم الذي ل ينتهي‪ ،‬إل وللنب صلى ال عليه وسلم منة عليه ف ذلك‪.‬‬
‫فهل أحد من البشر أعظم منه منّة على العالي؟!!‪.‬‬
‫ولذا قال تعال متنا على عباده بذا النب‪:‬‬
‫سهِ ْم يَْتلُو َعلَْيهِمْ آيَاِتهِ وَُيزَكّيهِمْ َوُيعَلّ ُمهُمُ‬
‫‪َ { -‬لقَ ْد مَنّ الّلهُ َعلَى الْمُؤمِِنيَ ِإذْ َب َعثَ فِيهِ ْم رَسُو ًل مّنْ أَنفُ ِ‬
‫ب وَاْلحِكْمَ َة وَإِن كَانُوْا مِن َقبْلُ َلفِي ضَل ٍل مِّبيٍ }‪.‬‬ ‫اْلكِتَا َ‬
‫‪ -‬وقال النب صلى ال عليه وسلم للنصار‪( :‬أل آتكم ضلل فهداكم ال ب؟‪ ،‬وعالة فأغناكم ال‪،‬‬
‫وأعداء فألف ال بي قلوبكم؟‪ ،‬قال‪ :‬بلى‪ ،‬ال ورسوله أمن)‪.‬‬
‫‪ -‬الثان‪ :‬أن الطعن ف صاحب الشريعة طعن ف الشريعة ذاتا‪:‬‬
‫والذب عن الشريعة واجب على كل مسلم با يستطيع‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫فهذا الذي يطعن ف النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ل يكن ليطعن فيه لول الشريعة الت حلها وبلغها من‬
‫عند ال تعال‪ ،‬فلو كان شخصا كسائر الناس ل يتوجه إليه بالطعن‪ ،‬فما طعن فيه إل كاره وباغض‬
‫لذا الدين‪ ،‬فنصرته إذن من نصرة ال تعال ونصرة دينه‪ ،‬ليس نصرة لذاته‪ ،‬قال تعال‪:‬‬
‫‪{ -‬وَإِن نّ َكثُواْ َأيْمَاَنهُم مّن َبعْ ِد َعهْ ِدهِ ْم وَ َطعَنُواْ فِي دِينِكُ ْم َفقَاتِلُواْ أَئِمّةَ الْ ُك ْفرِ إِّنهُمْ لَ َأيْمَانَ َلهُمْ‬
‫ج الرّسُو ِل َوهُم بَ َدؤُوكُمْ َأوّ َل َم ّرةٍ‬ ‫َلعَّلهُمْ يَنَتهُونَ * أَلَ ُتقَاِتلُونَ َقوْما نّ َكثُواْ أَيْمَاَنهُ ْم َوهَمّواْ بِِإ ْخرَا ِ‬
‫صرْكُمْ‬
‫خ ِزهِ ْم وَيَن ُ‬ ‫ي * قَاِتلُوهُمْ ُيعَذّْبهُ ُم الّلهُ بَِأيْدِيكُ ْم َويُ ْ‬‫ش ْوهُ إِن كُنتُم ّمؤُمِِن َ‬ ‫شوَْنهُمْ فَالّلهُ أَحَقّ أَن تَخْ َ‬ ‫خَ‬‫أَتَ ْ‬
‫ب غَْيظَ قُلُوِبهِمْ َويَتُوبُ الّلهُ َعلَى مَن يَشَا ُء وَالّلهُ َعلِيمٌ‬ ‫ف صُدُورَ َق ْومٍ ّم ْؤمِِنيَ * وَيُ ْذ ِه ْ‬ ‫عََلْيهِمْ َويَشْ ِ‬
‫حَكِيمٌ }‪.‬‬
‫***‬
‫الاجة إل نصرة النب صلى ال عليه وسلم ف هذا الوقت‪:‬‬
‫الاجة متجددة‪ ،‬لتجدد الطعونات‪ ،‬فانتقاص النب صلى ال عليه وسلم أمر قدي قدم السلم‪ ،‬اضطلع‬
‫به فريقان ها‪ :‬الكافرون‪ ،‬والنافقون‪.‬‬
‫اتفقا على العداوة والطعن؛ لن دعوة السلم تقضي على أحلمهم وطموحهم ف العلو ف الرض‬
‫بغي الق‪ ،‬والفساد واتباع الوى وعبادة الذات والصال الشخصية‪ ،‬فالسلم يريد أن تكون الكلمة‬
‫العليا ف الرض ل تعال‪ ،‬والناس سواسية‪ ،‬ل يفضلون إل بالتقوى‪ ،‬مهما تباينت أجناسهم وألوانم‬
‫ومراتبهم‪ ،‬والكل يب أن يضع لكم ال تعال‪ ،‬ل فرق بي شريف أو وضيع‪.‬‬
‫وهذه المور ل تعجب ذلك الفريقي‪ ،‬فلذا يعادون السلم‪ ،‬والرسول الذي جاء به وبلغه‪.‬‬
‫فأما الكافرون فعداوتم ظاهرة‪ ،‬وعداوة النافقي مبطنة‪ ،‬تظهر ف مواقف‪{ :‬وَلََت ْعرِفَّنهُ ْم فِي لَحْنِ‬
‫اْل َقوْلِ}‪.‬‬
‫الكافرون قالوا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬شاعر‪ ،‬منون‪ ،‬كاهن‪ ،‬ساحر‪ ،‬يعلمه بشر‪ ،‬قال‬
‫تعال‪:‬‬
‫‪َ{ -‬فذَ ّكرْ فَمَا أَنتَ ِبِنعْ َمتِ رَّبكَ ِبكَاهِ ٍن وَلَا مَجْنُونٍ * َأمْ َيقُولُونَ شَا ِعرٌ نَّترَبّصُ ِب ِه رَْيبَ الْ َمنُونِ}‪.‬‬
‫جنُونٌ }‪.‬‬ ‫ك مَا أَتَى الّذِي َن مِن قَْبِلهِم مّن رّسُولٍ ِإلّا قَالُوا سَا ِحرٌ َأ ْو مَ ْ‬ ‫‪ { -‬كَذَِل َ‬
‫‪ { -‬وََلقَدْ َنعْلَمُ َأّنهُمْ َيقُولُونَ إِنّمَا ُيعَلّ ُمهُ }‪.‬‬
‫أما النافقون فقالوا ف رسول ال صلى ال عليه وسلم أقبح القول‪ ،‬كقول مقدمهم عبد ال بن أب بن‬
‫سلول‪ ،‬كما جاء ف القرآن الكري‪ ،‬سورة النافقون‪:‬‬
‫خرِجَنّ الَْأ َع ّز مِْنهَا الَْأذَلّ }‪.‬‬ ‫‪َ{ -‬يقُولُونَ َلئِن رّ َجعْنَا إِلَى الْمَدِيَنةِ لَُي ْ‬
‫هذان الصنفان موجودان ف كل زمان‪ ،‬وأهدافهم هي الهداف نفسها‪ ،‬ودوافعهم هي الدوافع‬
‫نفسها‪ ،‬فكلما شعروا بطر السلم على طموحاتم ف العلو والفساد أظهروا الطعن والسب والشتم‬
‫بالشريعة وصاحبها‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫فالعدو الكافر الحارب اليوم يثله الصهاينة أو الصولية النيلية‪ ،‬الت تقود العال إل خططها الهلكة‪،‬‬
‫فهي الت خططت لقيام دولة إسرائيل ف فلسطي‪ ،‬بزعم أن السيح عيسى عليه السلم لن يعود إل‬
‫بعد اجتماع اليهود ف فلسطي‪ ،‬وقيام دولة إسرائيل‪ ،‬وبناء هيكل سليمان‪ ،‬ولذا هم ماضون ف هذه‬
‫الهمة‪ ،‬وهم الذين يريدون حكم العال‪ ،‬تت دعوى العولة‪ ،‬وحرب الرهاب والارجي عن القانون‬
‫الدول‪.!..‬‬
‫وليس ثة أحد يقف ف طريقهم ف تنفيذ كل ذلك الطط الجرامية‪ ،‬إل حلة السلم وأتباع ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن هنا سبب حنقهم وطعنهم ف هذا النب الكري صلوات ال وسلمه عليه‪،‬‬
‫بقصد تشويه صورة السلم؛ لضعافه والتنفي منه‪ ،‬فهم يرددون اليوم ما قاله أجدادهم الستشرقون‬
‫من قبل من أنه‪:‬‬
‫‪ -‬سفاك للدماء‪ ،‬إرهاب‪ ،‬ل ينتشر دينه إل بالقتل والسيف‪ ..‬شهوان‪ ،‬هه النساء‪..‬ل يعترف‬
‫بالخر‪..‬‬
‫وغي ذلك‪ ،‬وغي مستغرب أن يقولوا ذلك وأكثر من ذلك‪ ،‬فقد كفروا وباعوا أنفسهم للشيطان‪.‬‬
‫***‬
‫وسائل النصرة‪:‬‬
‫وف هذا الال واجب على المة أن يهبوا لنصرة النب صلى ال عليه وسلم ودينه‪ ،‬كل بسب قدرته‬
‫واستطاعته‪ ،‬ووسائل النصرة تكون من طريقي‪:‬‬
‫‪ -‬الول‪ :‬بعرض سيته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -‬الثان‪ :‬بدفع الشبهات والطعونات حوله‪.‬‬
‫الول‪ :‬عرض سيته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وذلك من خلل كل الوسائل التاحة‪ ،‬بالقالة‪ ،‬والطوية‪ ،‬والنشرة‪ ،‬والكتاب الصغي‪ ،‬والكبي‪،‬‬
‫والبامج الرئية والسموعة‪ ،‬ومن خلل الدارس‪ ،‬والساجد‪ ،‬والبيوت‪ ،‬والحافل‪.‬‬
‫وعلى وسائل العلم السلمية‪ :‬أن تعن بذه القضية‪ ،‬فتعطيها قدرا يتلءم مع كونا إسلمية‪ ،‬ول‬
‫يليق با أن تمل حقوق النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ونصرته ف وقت ينتقص فيه من مقامه‪.!!..‬‬
‫وأضعف اليان أن تصص له صلى ال عليه وسلم من البامج وقتا كسائر البامج الخرى‪ ،‬حت‬
‫يقف الصغي والكبي على تفاصيل سيته وسنته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فهذا الرجل أعظم رجل ف‬
‫التاريخ‪ ،‬وهو منا‪ ،‬ونن منه‪ ،‬وقد فزنا به‪ ،‬وشرفنا بالنسبة إليه‪ ،‬فل يليق بنا أن نهل تاريه وسيته‪،‬‬
‫فل نعرف منها إل القليل‪ ،‬ث يب التركيز حي عرض سيته على الانب الهم‪ ،‬وهو حقيقة دعوته‪:‬‬
‫‪ -1‬أنا جاءت رحة للبشرية‪{ :‬وما أرسلناك إل رحة للعالي}‪.‬‬
‫‪ -2‬أنا جاءت للسلم والمن‪ { :‬يا أيها الذين آمنوا ادخلوا ف السلم كافة}‪.‬‬
‫‪ -3‬أنا جاءت لسعاد البشرية‪ ،‬ل لشقائها‪ ،‬كما يروج لذلك الكافرون والنافقون‪{ :‬من عمل‬
‫صالا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}‪.‬‬

‫‪191‬‬
‫‪ -4‬جاءت لخراج الناس من ظلمات البغي والظلم إل نور العدل والحسان‪ِ { :‬كتَابٌ أَنزَْلنَاهُ ِإلَْيكَ‬
‫س مِنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ بِِإذْ ِن رَّبهِمْ إِلَى صِرَاطِ اْل َعزِيزِ الْحَمِيدِ }‪ ،‬وكما قال ربعي ابن‬ ‫خرِجَ النّا َ‬ ‫لُِت ْ‬
‫عامر لرستم قائد الفرس‪ ،‬لا سأله عن سبب ميئهم‪" :‬إن ال ابتعثنا لخراج العباد‪ ،‬من عبادة العباد إل‬
‫عبادة رب العباد‪ ،‬ومن جور الديان إل عدل السلم‪ ،‬ومن ضيق الدنيا إل سعة الدنيا والخرة"‪.‬‬
‫فقد جاء النب صلى ال عليه وسلم بذا السلم لتحصيل كل خي‪ ،‬ولنع كل شر‪.‬‬
‫ويدل على صدق هذا‪ :‬دخول الناس ف السلم أفواجا‪ ،‬وكثي منهم بدون قتال‪ ،‬بل بالدعوة‬
‫وحدها‪ ،‬فلول صدق تلك البادئ ل ينتشر السلم‪ ،‬ول يدخل الناس فيه أفواجا‪ ،‬بل لو صح ادعاء‬
‫أعداء السلم لا بقي للسلم قائمة‪ ،‬ولرفضه حت أهله‪ ،‬لكن المر عكس ذلك‪ ،‬فكل يوم يدخل‬
‫الناس ف هذا الدين عن رضى‪.‬‬
‫***‬
‫الثان‪ :‬دفع الشبهات والطعونات حول النب صلى ال عليه سلم‪.‬‬
‫كافة ما يثار حوله صلى ال عليه وسلم هي قدية‪ ،‬وكل السباب والشتائم والطعونات قد أجيب عنها‬
‫إجابات شافية‪ ،‬لا طرحها الستشرقون‪.‬‬
‫والطلوب إعادة صياغتها بأساليب ملئمة ميسرة‪ ،‬لفظ عوام السلمي من النراف خلف تلك‬
‫الشبهات‪.‬‬
‫ث إن ما ينبغي التنبه له ف هذا القام‪:‬‬
‫أن بعض ما يطرحه هؤلء الطاعنون قاصدين تشويه صورة السلم‪ ،‬والنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬هي‬
‫ف عرف وحكم الشريعة‪ :‬حق‪ ،‬وصدق‪ ،‬وعدل‪.‬؟‪.‬‬
‫كقولم عن السلم‪:‬‬
‫‪ -‬أنه دين ل يصحح الديان الخرى‪ ،‬ويتعال عليها‪ ،‬فل يعترف بالساواة بينها وبي السلم‪.‬‬
‫وهذا عندهم من الطعونات‪ ،‬وهو عند السلمي من القائق‪ ،‬وما دله عليه كلم ربم سبحانه وتعال‪:‬‬
‫لمُ }‪.‬‬ ‫‪{ -‬إِ ّن الدّي َن عِندَ الّلهِ الِسْ َ‬
‫لمِ دِينا فَلَن ُيقْبَ َل مِْنهُ َو ُهوَ فِي ال ِخ َر ِة مِنَ الْخَا ِسرِينَ }‪.‬‬
‫‪َ { -‬ومَن يَْبتَ ِغ غَْيرَ ا ِلسْ َ‬
‫حزَنُوا وَأَنُتمُ ا َلعَْلوْنَ إِن كُنتُم ّم ْؤمِِنيَ }‪.‬‬ ‫‪{ -‬وَلَ َت ِهنُوا وَلَ تَ ْ‬
‫‪ -‬وقال صلى ال عليه وسلم‪ ( :‬السلم يعلو ول يعلى عليه )‪.‬‬
‫نعم من أصول السلم‪ ،‬أنه يعلو ول يعلى عليه‪..‬‬
‫فهو الدين الذي ارتضاه ال تعال لعباده‪ ،‬ول يرتض لم غيه‪..‬‬
‫وهو الذي يقبله ول يقبل غيه‪ ،‬حت لو كانت اليهودية والنصرانية‪..،‬‬
‫فهو شامل خات باق إل قيام الساعة‪..‬‬
‫فلو كان ثة شريعة من الشرائع السابقة صحيحة باقية دون تريف إل اليوم لكان السلم أحسن‬
‫منها‪ ،‬وعلى أتباعها تركها واتباع السلم‪ ،‬لنه الناسخ لميع الشرائع السابقة‪..‬‬

‫‪192‬‬
‫فكيف الال إذا كانت مرفة مبدلة‪ ،‬قد تبأ ال منها‪ ،‬وحكم بضلل أتباعها؟‪.‬‬
‫فالسلم هو الدين الصحيح‪ ،‬ول دين صحيح غيه‪ ،‬فاليهودية مرفة والنصرانية كذلك‪ ،‬دع عنك ما‬
‫سواها‪ ،‬والسلم خات لميع ما سبق‪ ،‬للناس كافة‪ ،‬فل دين غيه يقبل ال به‪.‬‬
‫وعلى السلمي أن يعلموا هذا ويتمسكوا به‪ ،‬وليس لم خيار غيه‪ ،‬إن أرادوا البقاء مسلمي‪.‬‬
‫فإذا جاءهم من يعل هذا الاصية للسلم طعنا وذما‪ ،‬فهذا دينه هو‪.!!..‬‬
‫وليس لنا أن ندفع تمة‪ ،‬بإلغاء أصل من أصول السلم‪ ،‬كما يفعل البعض‪ ،‬حينما يزعم أن النصرانية‬
‫واليهودية والسلم ف مرتبة سواء‪ ،‬ل فرق بينها‪ ،‬يريد أن يذب عن السلم‪ ،‬فهذا من أبطل الباطل‪،‬‬
‫فالدفاع عن الق ل يكون بإحقاق الباطل‪ ،‬بل بإبطاله‪ ،‬ودفاعنا عن النب صلى ال عليه وسلم إنا‬
‫يكون بتقرير الدين كما جاء به‪ ،‬دون تريف‪ ،‬ل بتحريف ما جاء به‪ ،‬فذلك ليس دفاعا‪ ،‬بل خدمة‬
‫تقدم للطاعني فيه‪ ،‬وليس شيء أفرح لقلوبم‪ :‬من أن يقر لم السلمون بصحة دينهم الباطل بب ال‬
‫تعال‪.‬‬
‫==========================‬
‫على من يقع اللوم؟‬

‫الكاتب‪ :‬خليل علي حيدر‬


‫عُقدت بي السادس والثامن من مارس ‪ 2006‬ف الكويت‪ ،‬ندوة لتشجيع العتدال والتعددية‬
‫والتسامح الدين‪ ،‬بعنوان "نن والخر"‪ ،‬تت إشراف وزارة الوقاف والشؤون السلمية‪ .‬دعت‬
‫الوزارة فعاليات دينية وفكرية متعددة‪ ،‬ملية وخليجية وعربية وخارجية للمشاركة‪ ،‬وكان أبرز‬
‫ضيوف الندوة فضيلة شيخ الزهر الشريف‪ ،‬د‪ .‬ممد الطنطاوي‪ .‬لقد تدثت عن أعمال هذه الندوة‬
‫ف مكان آخر‪ ،‬وأود هنا أن أشي إل بعض النقاط الهمة الثارة ف أي حوار ف ندواتنا عن "الخر"‪،‬‬
‫ما ل تعد تتحمل التأجيل‪.‬‬
‫إن أول ما نلحظه ف هذا القام تضارب كتب الحزاب السلمية‪ ،‬وهي الت‪-‬للسف‪ -‬أشد تأثيا‬
‫ف الشارع والعامة‪ ،‬ف وضع "أهل الكتاب"‪ .‬فمن مؤلفي هذه الكتب من يتحدث عنهم برص‬
‫ولي‪ ،‬ويقول إن لم "منلة خاصة"‪ ،‬كما يفعل د‪ .‬القرضاوي ف بعض مؤلفاته‪ ،‬ومنهم من يعتبهم‬
‫أعداء وياطبهم ككفار‪ .‬فل توجد ف الواقع رؤية إسلمية واحدة لذا "الخر" الذي تنعقد الندوات‬
‫لكسب ثقته! إذ تتفاوت الدعوات بن داع من تيار "الخوان السلمي" إل اعتبارهم مواطني من‬
‫الدرجة الول كالسلمي‪ ،‬ف مصر مثلً‪ ،‬ودعاة من نفس الزب ف الكويت مثلً‪ ،‬إل إغلق‬
‫الكنائس وربا إخراج النصارى من دول الليج والزيرة‪.‬‬
‫والشاهد والسموع أن عددا ل يستهان به‪ ،‬حت من رجال الدين العتدلي‪ ،‬يستخدمون مصطلح‬
‫"كفار" للشارة إل السيحيي واليهود‪ ،‬ما يثي هنا ملحظة ثانية‪ :‬هل الوار مع الخر "حوار‬

‫‪193‬‬
‫سياسي"‪ ،‬ف القوق والواجبات الوطنية بي أطراف ينبغي أن تكون متساوية‪ ،‬أم أن مرجعية هذا‬
‫الوار "دينية"‪ ،‬بي مسلمي على حق وآخرين من النصارى على ضلل؟‬
‫وإذا كانت النظرة ل تزال بذا الضيق والضطراب والتضاد نو أتباع "الديان السماوية"‪ ،‬فكيف‬
‫نستطيع نقل الوار إل أتباع الديانات السيوية مثلً‪ ،‬كالبوذية والكونفوشية والندوسية‪ ،‬وباصة إن‬
‫صعد نما الند والصي‪ ،‬ووجدنا أنفسنا مضطرين إل التفاهم الثقاف والدين معهما؟‬
‫وما يضعف الجهودات ف هذا الجال أن التيار العاقل و"التسامح" و"الوسطي"‪ ،‬مقارنة بالتطرفي‬
‫الخرين‪ ،‬ل بقاييس إعلن حقوق النسان‪ ،‬غي قادر على أن يوجه جهور العال السلمي داخل‬
‫العال السلمي أو ف أوروبا‪ .‬فالفكار التشددة والرؤى التطرفة ل تزال واسعة الرواج ف ثقافة‬
‫"السلم السياسي" ف آسيا وشال أفريقيا وأوروبا‪ ،‬كما أن استمرار الرهاب ف العراق‬
‫و"العجاب" بابن لدن وناح تنيد الشباب ف العمليات النتحارية العادية‪ ،‬ليسا سوى بعض‬
‫ملمح "ناح" قوى التشدد‪ .‬ومن الؤسف أن الماعات السلمية الت تصف نفسها بالعتدال‪ ،‬ل‬
‫ل والسلفية الهادية عموما‪ ،‬وجاعة "طالبان"‬ ‫تزال مترددة ف التصدي بزم للتيار التكفيي مث ً‬
‫وتنظيم "القاعدة" والرهاب الدموي ف العراق على وجه الصوص‪ .‬بل كثيا ما نرى الكتاب‬
‫السلميي‪ ،‬بعد أن يقولوا كلمة أو كلمتي ف ذم التطرفي وابن لدن والزرقاوي‪ ،‬يكرسون معظم‬
‫كلمهم للهجوم على العلمانيي والليباليي وسياسة الوليات التحدة والتحلل الخلقي والكثي من‬
‫الشياء الخرى‪ ،‬الت تشفع ف ناية القال لهل التطرف تطرفهم‪ ،‬ولهل الرهاب إرهابم‪ ،‬إل أن‬
‫تُحل مشاكل الفقر ف العال السلمي‪ ،‬أو تنتهي ظاهرة البطالة ف مصر والزائر وباكستان‬
‫وبنغلدش‪ ،‬أو تتغي السياسة الميكية ف العال!‬
‫وهذا للسف الشديد جوهر كتابات "الثقفي" العرب‪ ،‬ومواعظ "السلميي"‪ ،‬وملتقى خيوط‬
‫"السلم السياسي"‪ ،‬و"التيار القومي" ف تالفهما الديد غي القدس!‬
‫وكثيا ما يتمع هؤلء خلل الندوات ف الولولة على الوية العربية‪ -‬السلمية للمة‪ ،‬وف التحذير‬
‫من فرض النموذج الضاري الغرب على العرب والسلمي‪ ،‬ولكن إل أي حد بذل هذان التياران‬
‫مساعيهما ف مال إياد نوذج عصري إسلمي عرب ناجح؟ ولاذا تؤدي مثل هذه الحاولة دائما إل‬
‫عزل القليات غي السلمة وغي العربية وربا غي "السنية"؟ بل أساسا‪ ،‬هل هناك نوذج حضاري غي‬
‫صناعي غي رأسال ناجح؟‬
‫ونن نتحدث دائما عن النتقال من "السلم التشدد" أو "السلم السياسي" إل "السلم‬
‫ل الفلسفة والفنون‬ ‫الضاري"‪ ،‬ولكن هل نن ممعون على ماهية هذا السلم؟ أل يعادِ الفقهاء مث ً‬
‫والنفتاح الجتماعي والنشاط النسائي العلن‪ ،‬بل حت تعليم الناث‪ ،‬والسماح بالطباعة؟ وعارضوا‬
‫تعليم اللغات الجنبية والنظريات العلمية ودخول التكنولوجيا؟ أل يعا ِد الفقهاء مفكري السلمي‬
‫ويرقوا كتب ابن رشد وقادوا حلة شاملة‪ ،‬ول يزالون‪ ،‬لتصفية أي فهم غي دين سلفي للحياة‬
‫والجتمع؟ فماذا هو هذا "السلم الضاري" الذي نريده‪ ،‬وما تعريفه؟ وما تضاريسه؟‬

‫‪194‬‬
‫وإذا كنا نريد "عقلنة" السلميي التشددين ف بلدنا‪ ،‬أما من دور مهم يلعبه السلمون الوروبيون‬
‫والميكان والستراليون والكنديون ف هذا الجال؟‬
‫وأين دور السلمي الذين يعيشون هناك‪ ،‬ف ظل حرية العقيدة وف ظل الديقراطية والداثة والقوق‬
‫التساوية للمرأة والرجل‪ ،‬من أن يلعبوا دورا رئيسيا ف انتشال العال العرب والسلمي؟ ولاذا ل‬
‫يفتح أحد من قادة وزعماء ومفكري النشاط السلمي ف أوروبا وأميكا فمه إل بالتهجم على‬
‫الغرب والبكاء من شدة الضطهاد والصياح واغوثاه‪ ..‬واغوثاه؟!‬
‫أين دور هؤلء ف مال توعية العال السلمي بجالت ناح "حضارة الخر" والريات الت يعطيها‬
‫هذا الخر لـ"الخر السلم والبوذي والندوسي"‪ ،‬وبزايا العقلنية والتسامح؟‬
‫ولاذا ل تزال تمعات السلمي ف أوروبا وكندا وأستراليا وغيها تفرخ الرهابيي وتبعث بالقاتلي‬
‫الشداء إل قرى العراق أو تندهم لتفجي قطارات لندن ومدريد وباريس؟‬
‫ث إن من أخطر مشاكل السلميي ف مال أزمتنا بي "النا والخر"‪ ..‬ازدواجية الطاب!‬
‫فلكل مقام عندهم مقال!‬
‫يقولون ف العال السلمي شيئا‪ ،‬وف أوروبا وأميكا شيئا آخر‪.‬‬
‫ويقولون بي السلمي وأتباع تياراتم شيئا وبي السيحيي وباصة التسامي منهم شيئا آخر‪.‬‬
‫يدافعون عن الليبالية والعلمانية وحرية بناء مراكز العبادة وإنشاء المعيات والبنوك وإصدار الصحف‬
‫السلمية بكل حاس وقوة‪ ..‬ف أوروبا وأميكا‪ .‬وف بلدان العرب والسلمي والشرق يتحولون إل‬
‫مذرين من انلل الغرب وماطر عزل السياسة عن الدين ومن الرأة ومن أعداء السلمي‪ ،‬بل‬
‫ومطالبي بـ"تطبيق الشريعة"!‬
‫ومن الغريب حقا أن يكون الدور السلب والشي للمتطرفي من "الهاديي" والتشددين عموما‬
‫السبب الرئيس ف معاداة الكثي من الغربيي للسلم والسلمي‪ ،‬بينما تاجم كل الندوات والقالت‬
‫ف بلداننا الغربيي وأجهزة العلم الجنبية والتأثي الصليب والصهيون!‬
‫لقد أمضيت شخصيا سنوات متدة أتابع كتب وكتيبات بل ومقالت السلميي‪ ،‬من إخوان وسلف‬
‫وجهاد وترير وسنة وشيعة‪ ،‬ول تر عل ّي حت الن أي دراسة "إسلمية" عن دور السلميي‬
‫التشددين وغلة السلفيي ف تشويه صورة السلم ف أوروبا وأميكا‪ ،‬بينما ظهرت عندنا أطنان من‬
‫مثل هذه الكتب والدبيات‪ ،‬عن دور الوروبيي والنصارى والكفار واليهود والصهاينة والصليبيي‬
‫واليمي الوروب والسيحية الديدة ف أميكا‪ ...‬إل‪ .‬ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إن السوأ‪ ،‬أن‬
‫السلميي خاصة وعامة السلمي عموما يتهمون الغربيي بأنم "ل يفهمون السلم"! تصوروا يا‬
‫إخوت‪ ،‬كل هذه الدراسات والترجات‪ ،‬والبحوث والقالت‪ ،‬والتابعة العلمية والتقارير الدورية‪،‬‬
‫والحتكاك اليومي ومعايشة السلمي ف أوروبا وأميكا وكل مكان‪ ،‬والنترنت والفضائيات‪..‬‬
‫والناس هناك إل الن ل تفهم السلم! من شوّه وجه الدين وغيّر ملمه؟ هل السلم إذن منهج‬
‫دين منفصل‪ ..‬أم لغز من اللغاز؟‬

‫‪195‬‬
‫الطباء والحاضرون ف مثل هذه الندوات عن "نن والخر"‪ ،‬يقولون إن السلمي أنفسهم كذلك ل‬
‫يفهمون "السلم الصحيح" و"الشريعة القة"!‬
‫على من يقع اللوم؟‬
‫صحيفة التاد الماراتية‬
‫====================‬
‫عودة ال قضايا اسلمية‬

‫العسكر لـ «الرياض»‪:‬‬
‫كتّاب غربيون يوضحون حقيقة السلم ونبيه صلى ال عليه وسلم والداناركيون يسيئون‬
‫كتب ‪ -‬مندوب «الرياض»‪:‬‬
‫قال الستاذ عبدالعزيز بن علي العسكر‪ :‬نشرت صحيفة (جلندز بوست) الدناركية اثن عشر رسا‬
‫ساخرا‪ ..‬السخرية بن يا ترى؟!‬
‫إنم يسخرون بأعظم رجل وطأت قدماه الثرى‪ ،‬بإمام النبيي وقائد الغر الحجلي صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬صور آثة أظهرت أل ثة عدالة عند تلك الصحيفة ومسؤوليها‪ ،‬وكشفت لنا جهل الغربيي‬
‫الساكي بالسلم ‪ -‬وال مساكي) تصوروا أن السلم هو التفجي والتدمي وقتل البرياء‪ ..‬أظهروا‬
‫البيب صلى ال عليه وسلم ف إحدى هذه الرسومات عليه عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه!!‬
‫وكأنم يريدون أن يقولوا إنه مرم حرب (أل ساء ما يزرون)!؟ ومع أسفنا وألنا‪ ..‬فإننا ل نلومهم‬
‫بقدر ما نلوم أنفسنا فنحن ‪ -‬دعاة وكتّابا ‪ -‬قصرنا ف توضيح الصورة القيقية للسلم‪ ،‬وقصرنا ف‬
‫نشر سية البيب العطرة‪ .‬فداه نفسي وأولدي وأمي وأب ومن ولدها ومن ولدا‪..‬‬
‫وإمعانا ف غيها طلبت الصحيفة الدناركية من الرسامي التقدم بثل تلك الرسوم لنشرها على‬
‫صفحاتا‪ .‬ث ف هذه اليام وف يوم عيد الضحى بالتحديد ‪ -‬إمعانا ف العداء ‪ -‬تأت جريدة‬
‫(ماجزينت) النرويية لتنكأ الراح وتشن الغارة من جديد‪ ،‬فتعيد نشر الرسوم الوقحة الت نُشرت ف‬
‫الصحيفة الدناركية قبل! {أتواصوا به بل هم قوم طاغون}؟‬
‫إن النتظر منكم‪ ،‬ومن أمثالكم الشيء الكثي الكثي‪ ..‬ومنه على سبيل الثال وإل فلديكم أفكار أكثر‬
‫وأفضل‪ ،‬ما اقترحه‪:‬‬
‫? إن كنا حريصي فيما مضى على تعلم السنة‪ ،‬فيلزمنا من الن فصاعدا أن نكون عاملي با‪،‬‬
‫متمسكي با‪ ،‬عاملي با نعلم منها‪ ،‬فالعمل بالعلم يورث العلم‪ ،‬أما العلم بل عمل فسريعا ما‬
‫يضمحل‪ ،‬كما علينا أن ننشر السنة الشريفة على كافة الصعدة والستويات‪ ،‬حت تكون لنا وللجيال‬
‫القادمة كالواء الذي نتنفسه! صلى ال عليه وسلم على البيب‪ .‬ونث أبناءنا وقراءنا على التأسي‬
‫بالبيب ف كل شؤونم‪.‬‬

‫‪196‬‬
‫? ينبغي أن يتحلى كل مسلم منا باليقظة والوعي لا يتعرض له السلم والسلمون من تديدات‬
‫وماطر‪ ،‬وأن ل نستجيب لستفزازات التعصبي‪ ،‬ولتكن مواقفنا مسوبة‪ ،‬مع حسن تقدير العواقب‪.‬‬
‫? ينبغي علينا جيعا التآزر والتعاون مع العلماء وولة المر ف التصدي لذه الملت الغرضة‬
‫الائرة‪ ،‬وأن يبذل كل منا جهده ف إيصال تأل السلمي ف بلد التوحيد ودولة التوحيد وقبلة‬
‫السلمي لا ينال أعز وأشرف اللق كلهم‪ ،‬فداه نفسي وأولدي ووالدي ووالده وأمي ووالدها وما‬
‫ولد‪ .‬فنبي للمسؤولي حزن السلمي عموما والسعوديي خصوصا الشديد لذلك‪.‬‬
‫? أمنية لو يستثمر كُتاب صحفنا الحلية هذه الفرصة الذهبية ‪ -‬بذلك نستطيع أن نول الحن إل‬
‫منح! والصائب إل فرص‪ ..‬فالغرب يتطلع لعرفة الزيد (الصحيح) عن السلم‪ .‬ومن ذلك‪:‬‬
‫أولً‪ :‬يقول (مهاتا غاندي) ف حديث لريدة «ينج إنديا»‪« :‬أردت أن أعرف صفات الرجل الذي‬
‫يلك بدون نزاع قلوب مليي البشر‪ ..‬لقد أصبحت مقتنعا كل القتناع أن السيف ل يكن الوسيلة‬
‫الت من خللا اكتسب السلم مكانته‪ ،‬بل كان ذلك من خلل بساطة الرسول‪ ،‬مع دقته وصدقه ف‬
‫الوعود‪ ،‬وتفانيه وإخلصه لصدقائه وأتباعه‪ ،‬وشجاعته مع ثقته الطلقة ف ربه وف رسالته‪ .‬هذه‬
‫الصفات هي الت مهدت الطريق‪ ،‬وتطت الصاعب وليس السيف‪ .‬بعد انتهائي من قراءة الزء الثان‬
‫من حياة الرسول وجدت نفسي آسفا لعدم وجود الزيد للتعرف على حياته العظيمة‪ .‬أ‪-‬ه»‬
‫ثانيا‪ :‬ويقول الستشرق الكندي الدكتور (زوير) ف كتابه «الشرق وعاداته»‪« :‬إن ممدا كان ول‬
‫شك من أعظم القواد السلمي الدينيي‪ ،‬ويصدق عليه القول أيضا بأنه كان مصلحا قديرا وبليغا‬
‫فصيحا وجريئا مغوارا‪ ،‬ومفكرا عظيما‪ ،‬ول يوز أن ننسب إليه ما يناف هذه الصفات‪ ،‬وهذا قرآنه‬
‫الذي جاء به وتاريه يشهدان بصحة هذا الدعاء‪ .‬أ‪.‬ه»‬
‫ثالثا‪ :‬يقول النليزي (برنارد شو) ف كتابه «ممد»‪ ،‬والذي أحرقته السلطة البيطانية‪ :‬إن العال‬
‫أحوج ما يكون إل رجل ف تفكي ممد‪ .‬هذا النب الذي وضع دينه دائما موضع الحترام‬
‫والجلل‪ .‬فإنه أقوى دين على هضم جيع الدنيات‪ ،‬خالدا خلود البد‪ ،‬وإن أرى كثيا من بن‬
‫قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة‪ ،‬وسيجد هذا الدين ماله الفسيح ف هذه القارة ‪ -‬يعن أوروبا ‪-‬‬
‫إن رجال الدين ف القرون الوسطى‪ ،‬ونتيجة للجهل أو التعصب‪ ،‬قد رسوا لدين ممد صورة قاتة‪،‬‬
‫لقد كانوا يعتبونه عدوا للمسيحية!‬
‫لكنن اطلعت على أمر هذا الرجل‪ ،‬فوجدته اعجوبة خارقة‪ ،‬وتوصلت إل أنه ل يكن عدوا‬
‫للمسيحية‪ ،‬بل يب أن يسمى منقذ البشرية‪ .‬وف رأيي أنه لو تول أمر العال اليوم‪ ،‬لوفق ف حل‬
‫مشكلتنا‪ ،‬با يؤمن السلم والسعادة الت يرنو البشر إليها‪ .‬أ‪.‬ه‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬يقول (سنرست السوجي) أستاذ اللغات السامية‪ ،‬ف كتابه «تاريخ حياة ممد»‪ :‬إننا ل‬
‫ننصف ممدا إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحيد الزايا‪.‬‬

‫‪197‬‬
‫فلقد خاض ممد معركة الياة الصحيحة ف وجه الهل والمجية‪ ،‬مصرا على مبدئه‪ ،‬وما زال‬
‫يارب الطغاة حت انتهى به الطاف إل النصر البي‪ ،‬فأصبحت شريعته أكمل الشرائع‪ ،‬وهو فوق‬
‫عظماء التاريخ‪ .‬أ‪-‬ه‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬يقول الديب العالي (ليف تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب ف التراث النسان‬
‫قاطبة عن النفس البشرية‪ :‬يكفي ممدا فخرا أنه خلص أمة ذليلة دموية من مالب شياطي العادات‬
‫الذميمة‪ ،‬وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم‪ ،‬وأن شريعة ممد‪ ،‬ستسود العال لنسجامها مع‬
‫العقل والكمة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬يقول الستشرق المريكي (سنكس) ف كتابه «ديانة العرب»‪ :‬ظهر ممد بعد السيح‬
‫بمسمائة وسبعي سنة‪ ،‬وكانت وظيفته ترقية عقول البشر‪ ،‬بإشرابا الصول الولية للخلق‬
‫الفاضلة‪ ،‬وبإرجاعها إل العتقاد بإله واحد‪ ،‬وبياة بعد هذه الياة‪.‬‬
‫هذا غيض من فيض‪ ..‬فهذه وتلك‪ ..‬وغيها الكثي الكثي‪ ..‬شهادات حق بأقلم بعض علماء الغرب‬
‫ومثقفيه النصفي‪ .‬وإنن على ثقة أنكم ستنشرون هذه الشهادات للغربيي الذين ضللوا عن القيقة‪..‬‬
‫=======================‬
‫فتوى فضيلة الشيخ عبد الرحن بن ناصر بن سعدي عن القاطعة القتصادية‬

‫بيان ف فضل الهاد ف سبيل ال وأن القاطعة القتصادية ركن من أركان الهاد‬
‫لفضيلة الشيخ عبدالرحن بن ناصر بن سعدي ‪ -‬رحه ال‬
‫فضل الهاد ف سبيل ال أخب ال ف كتابه أن الهاد سبب الفلح وطريق العز والرفعة والنجاح ‪،‬‬
‫وأنه أفضل التجارات الرابة ‪ ،‬وأن أهله أرفع اللق درجات ف الدنيا والخرة ‪ ..‬وأخب النب صلى‬
‫ال عليه وسلم أن بالهاد تتم النعم الباطنة والظاهرة ‪ .‬وهو ذروة سنام الدين وأحب العمال إل‬
‫رب العالي‪ ،‬وأن الروحة والغدوة واليوم والليلة ف الهاد ومصابرة العداء خي من الدنيا وما‬
‫عليها ‪ ،‬وأنه خي من استيعاب الليل والنهار بالصيام والقيام وأنواع التعبد ‪ ،‬وأن الجاهد الصابر إذا‬
‫مات وَ َجَبتْ له النة وأجري له عمله الذي كان يعمله ف الدنيا إل يوم القيامة ‪ ،‬وأمن من فت القب‬
‫وعذابه ‪ ،‬وأن ذنوبه صغارها وكبارها يغفرها ال ما عدا ديون العباد ‪ ،‬وأن ف النة مائة درجة ما بي‬
‫كل درجتي كما بي السماء والرض أعدها ال للمجاهدين ف سبيله ‪ ،‬وما اغبت قدما عبد ف‬
‫سبيل ال فتمسه النار ‪.‬‬
‫ومن مات ل يغزُ ول يدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق ‪ ..‬أي ومن غزا ف سبيل ال أو‬
‫استعد للغزو عند الاجة إليه فقد كمل إيانه وبرئ من النفاق ‪.‬‬
‫وفضائل الهاد ل تعد ول تصى ‪ ،‬وثراته العاجلة والجلة ل تد ول تستقصى‪ ،‬وكيف ل يكون‬
‫الهاد ف سبيل ال يتوي على هذه الفضائل الليلة وفيه عز الدنيا وسعادتا وفيه سعادة الخرة‬
‫وكرامتها ما ل عي رأت ول أذن سعت ول خطر على قلب بشر ‪ .‬كيف ل يكون بذه الثابة وفيه‬

‫‪198‬‬
‫عز السلم والسلمي ‪ ،‬وفيه إقامة شعائر وشرائع الدين ‪ ،‬وفيه قمع الطاغي والعتدين ‪ ..‬فالجاهد‬
‫قد استعد وتصدى أن يكون من أنصار ال الذابي عن دين ال ‪ ،‬والجاهد قد سلك كل سبيل يوصله‬
‫إل ال ‪ ،‬والجاهد قد شارك الصلي ف صلتم والتعبدين ف عباداتم والعاملي ف كل خي ف‬
‫أعمالم لنه ل سبيل لقيام هذه المور إل بالهاد والذب عن الوطان والديان ‪ ،‬فلول الجاهدون‬
‫لدمت مواضع العبادات ‪ ،‬ولول دفع ال بم لتصدع شل الدين واستولت العداء من الكافرين‬
‫الطاغي ‪ ..‬فالهاد سور الدين وحصنه ‪ ،‬وبه يتم قيامه وأمنه‪ ،‬ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض‬
‫لدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم ال كثيا ولينصرن ال من ينصره إن ال‬
‫لقوي عزيز ‪.‬‬
‫فيا أنصار الدين ‪ ..‬ويا حاة السلمي ‪ ..‬ويا خية الجاهدين ‪..‬‬
‫هذه أيامكم قد حضرت ‪ ،‬وهذه أمم الكفر والطغيان قد تمعت على حربكم وتزبت ‪ ،‬فقد أتوكم‬
‫ف عقر داركم ‪ ..‬غرضهم القضاء التام على دينكم وأقطاركم ‪ ،‬فانفروا لهادهم خفافا وثقال‬
‫وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ف سبيل ال ذلك خي لكم إن كنتم تعلمون ‪..‬‬
‫{يا أيها الذين هل أدلكم على تارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بال ورسوله وتاهدون ف‬
‫سبيل ال بأموالكم وأنفسكم ذلكم خي لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات‬
‫تري من تتها النار ومساكن طيبة ف جنات عدن ذلك الفوز العظيم * وأخرى تبونا نصر من‬
‫ال وفتح قريب وبشر الؤمني } ‪.‬‬
‫أل تروا كيف جعل ال الهاد أربح التجارات‪ ،‬وطريقا إل الساكن الطيبة ف جنات النعيم ‪،‬‬
‫ووعدهم بالنصر منه وفتح قريب ‪ ،‬وال تعال ل يلف اليعاد ‪.‬‬
‫{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا ال ينصركم ويثبت أقدامكم }‬
‫قوموا بالهاد ملصي ل قاصدين أن تكون كلمة ال هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ‪..‬‬
‫حافظوا على الوحدة الدينية ‪ ،‬والخوة اليانية ‪ ،‬والماية العربية ‪ ..‬ولتكن كلمتكم واحدة‬
‫وأغراضكم متحدة ومقاصدكم متفقة وسعيكم نوها واحد ‪ ،‬فإن الجتماع أساس القوة العنوية ‪،‬‬
‫ومت اجتمع السلمون واتفقوا وصابروا أعداءهم وثبتوا على جهادهم ول يتفرقوا وعملوا السباب‬
‫النافعة واستعانوا بربم ‪ ..‬مت كانوا على هذا الوصف فليبشروا بالعز والرفعة والكرامة ‪.‬‬
‫{يا أيها الذين آمنوا اصبوا وصابروا ورابطوا واتقوا ال لعلكم تفلحون } ‪.‬‬
‫{يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا ال كثيا لعلكم تفلحون * ول تنازعوا فتفشلوا‬
‫وتذهب ريكم إن ال مع الصابرين } ‪.‬‬
‫إخوان ‪:‬‬
‫اعلموا أن الهاد يتطور بتطور الحوال ‪ ،‬وكل سعي وكل عمل فيه صلح السلمي وفيه نفعهم وفيه‬
‫عزهم فهو من الهاد ‪ ،‬وكل سعي وعمل فيه دفع لضرر على السلمي وإيقاع الضرر بالعداء‬
‫الكافرين فهو من الهاد‪ ،‬وكل مساعدة للمجاهدين ماليا فإنا من الهاد ‪ ..‬فمن جهز غازيا فقد‬

‫‪199‬‬
‫غزى‪ ،‬ومن خلفه ف أهله بي فقد غزى‪ ،‬وإن ال يدخل بالسهم الواحد ثلثة النة ‪ :‬صانعه يتسب‬
‫فيه الجر ‪ ،‬والذي يساعد به الجاهدين ‪ ،‬والذي يباشر به الهاد ‪.‬‬
‫ومن أعظم الهاد وأنفعه السعي ف تسهيل اقتصاديات السلمي والتوسعة عليهم ف غذائياتم‬
‫الضرورية والكمالية ‪ ،‬وتوسيع مكاسبهم وتاراتم وأعمالم وعمالم ‪ ،‬كما أن من أنفع الهاد‬
‫وأعظمه مقاطعة العداء ف الصادرات والواردات فل يسمح لوارداتم وتاراتم ‪ ،‬ول تفتح لا‬
‫أسواق السلمي ول يكنون من جلبها على بلد السلمي ‪ ..‬بل يستغن السلمون با عندهم من‬
‫منتوج بلدهم‪ ،‬ويوردون ما يتاجونه من البلد السالة ‪ .‬وكذلك ل تصدر لم منتوجات بلد‬
‫السلمي ول بضائعهم وخصوصا ما فيه تقوية للعداء ‪ :‬كالبترول ‪ ،‬فإنه يتعي منع تصديره إليهم ‪..‬‬
‫وكيف يصدر لم من بلد السلمي ما به يستعينون على قتالم ؟؟! فإن تصديره إل العتدين ضرر‬
‫كبي ‪ ،‬ومنعه من أكب الهاد ونفعه عظيم ‪.‬‬
‫فجهاد العداء بالقاطعة التامة لم من أعظم الهاد ف هذه الوقات ‪ ،‬وللوك السلمي ورؤسائهم –‬
‫ول المد – من هذا الظ الوفر والنصيب الكمل ‪ ،‬وقد نفع ال بذه القاطعة لم نفعا كبيا ‪..‬‬
‫وأضرت العداء وأجحفت باقتصادياتم ‪ ،‬وصاروا من هذه الهة مصورين مضطرين إل إعطاء‬
‫السلمي كثيا من القوق الت لول هذه القاطعة لنعوها ‪ ،‬وحفظ ال بذلك ما حفظ من عز‬
‫السلمي وكرامتهم ‪.‬‬
‫ومن أعظم اليانات وأبلغ العاداة للمسلمي تريب أول الشع والطمع الذين ل يهمهم الدين ول‬
‫عز السلمي ول تقوية العداء نقود البلد أو بضائعها أو منتوجاتا إل بلد العداء ‪ !..‬وهذا من‬
‫أكب النايات وأفظع اليانات ‪ ،‬وصاحب هذا العمل ليس له عند ال نصيب ول خلق ‪.‬‬
‫فواجب الولة الضرب على أيدي هؤلء الونة ‪ ،‬والتنكيل بم ‪ ،‬فإنم ساعدوا أعداء السلم‬
‫مساعدة ظاهرة ‪ ،‬وسعوا ف ضرار السلمي ونفع أعدائهم الكافرين ‪ ..‬فهؤلء مفسدون ف الرض‬
‫يستحقون أن ينل بم أعظم العقوبات ‪.‬‬
‫والقصود أن مقاطعة العداء بالقتصاديات والتجارات والعمال وغيها ركن عظيم من أركان‬
‫الهاد وله النفع الكب وهو جهاد سلمي وجهاد حرب ‪.‬‬
‫وفق ال السلمي لكل خي وجع كلمتهم وألف بي قلوبم وجعلهم إخوانا متحابي ومتناصرين ‪،‬‬
‫وأيدهم بعونه وتوفيقه ‪ ،‬وساعدهم بدده وتسديده إنه جواد كري رؤوف رحيم ‪..‬‬
‫و صلى ال على ممد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫قال ذلك وكتبه ‪:‬‬
‫عبدالرحن بن ناصر بن سعدي ‪ -‬رحه ال ‪.‬‬
‫الصدر ‪:‬‬
‫‪http://www.islamgold.com/view.php?gid=10&rid=123‬‬
‫=======================‬

‫‪200‬‬
‫فخر لذه المة وقفتها الشريفة‬

‫عادل بن عبدالرحن العاودة ‪ /‬النائب الثان لرئيس ملس النواب بملكة البحرين‬
‫المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن واله‪ .‬قال تعال‪{ :‬قُلْ إِن كَانَ‬
‫شوْنَ كَسَا َدهَا‬ ‫شيَتُكُ ْم وََأ ْموَا ٌل اقَْت َرفْتُمُوهَا وَتِجَا َرةٌ تَخْ َ‬
‫آبَاؤُكُ ْم وَأَْبنَآؤُكُ ْم وَإِ ْخوَانُكُ ْم وََأ ْزوَاجُكُ ْم َوعَ ِ‬
‫ضوَْنهَا أَ َحبّ إَِليْكُم مّنَ الّلهِ َورَسُوِل ِه وَ ِجهَادٍ فِي سَبِيِلهِ فََترَّبصُوْا حَتّى يَ ْأتِيَ الّلهُ بَِأ ْم ِرهِ وَالّلهُ‬ ‫َومَسَاكِنُ َت ْر َ‬
‫لَ َيهْدِي اْل َق ْومَ اْلفَا ِس ِقيَ}(‪ )24‬سورة التوبة‪ ،‬فل شيء يب أن يكون أحب للنسان السلم بعد ال‬
‫سبحانه وتعال من رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬وقد قال ‪ -‬بأب هو وأمي ‪( :-‬ثلث‬
‫من كن فيه وجد بن حلوة اليان‪ :‬أولن أن يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها‪ )..‬فيجب أن‬
‫ننسى الوقت وننسى العمال وننسى التجارة وننسى الخذلي الذين ياولون أن يذلوا الؤمني‪،‬‬
‫الحاولون أن يذلوا المة ف هذه النازلة الت نسأل ال سبحانه وتعال أن يقلبها إل خي لذه المة‪.‬‬
‫اليان ل يتم عند النسان حت يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها‪ .‬ويقول صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫(ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجعي)‪ .‬ونن هنا لسنا لندافع عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فإن ال عز وجل هو الذي يدافع عنه‪ ،‬حاه ف حياته صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم ويميه بعد ماته صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬ول يصله إيذاء الؤذين‪ .‬ال قال له‪:‬‬
‫ك ُهوَ الَْأبَْترُ(‪ )3‬سورة‬ ‫{وَالّلهُ َي ْعصِ ُمكَ مِنَ النّاسِ} (‪ )67‬سورة الائدة‪ .‬وقال سبحانه‪{ :‬نّإ شَانَِئ َ‬
‫الكوثر‪ .‬هو الذليل‪ ،‬هو الخذول الذي يبغض النب صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬أما من يتطاول‬
‫على الناب الشريف فنقول له‪:‬‬
‫هجوت ممدا فأجبت عنهُ‬
‫وعند ال ف ذاك الزاءُ‬
‫أتجوه ولست له بكفءٍ‬
‫فشركما ليكما فداءُ‬
‫هجوت مباركا برا حنيفا‬
‫رسول ال شيمته الوفاءُ‬
‫فإن أب ووالدت وعرضي‬
‫لعرض ممد منكم وقاءُ‬
‫المة قالت بصوت واحد ‪ -‬والمد ل ‪ -‬من الشرق إل الغرب‪ :‬فداك يا رسول ال‪ ،‬فداك يا نب‬
‫ال‪ ،‬فداك يا خليل ال‪ .‬ولتخرس اللسن النحطة التخاذلة الت تأب على المة حت أن تعب عن حبها‬
‫ووفائها‪ ،‬وتعامل المة بنواياها وبستها وبدناءتا الت ل تتعدى لعاعة الدنيا‪ .‬إننا ما امتطينا صهوة‬
‫هذا الكان إل لندافع عن دين نبينا صلى ال عليه وعلى آله وسلم ‪ ،‬وليس طمعا ف الدنيا‪ ،‬فإذا مس‬
‫الناب الشريف فوال لن يهدأ لنا بال ولن يقر لنا قرار حت ننتقم لرسول ال صلى ال عليه وسلم‬

‫‪201‬‬
‫ونوقف الناس عند حدهم‪ .‬أما هؤلء الخذلون الذين يريدون أن يذلوا المة نقول لم‪ :‬ل‪ .‬يب أن‬
‫تعرف المة أن سب رسول ال صلى ال عليه وسلم ل ينع الد على من سبه حت لو تاب وأناب‬
‫وعاد إل ال عز وجل ‪ .‬قال العلماء إن سب النب أو أي نب من أنبياء ال عز وجل حده القتل وإن‬
‫تاب‪ ،‬حت ل يس جناب النبياء‪ .‬أيريدون أن نسكت؟! ل وال لن نسكت؛ لنم قد تاوزوا الد‪.‬‬
‫وقد أظهرت المة‪ ،‬لنعب عما ف نفوسنا وعما ف نفوس السلمي‪ ،‬إل رسول ال‪ ،‬تسب الكومات‪،‬‬
‫يسب المراء‪ ،‬يسب اللوك‪ ،‬يسب الناس‪ ،‬القاصي والدان إل رسول ال صلى ال عليه وعلى آله‬
‫وسلم ‪ ،‬وإنه لفخر لذه المة أن تقف هذه الوقفة الشريفة‪ ،‬وأما من انتقص من عقد هذه اللسة فهو‬
‫الخذول‪ ،‬فهو البتر كما قال ال سبحانه وتعال ‪ ،‬إذا ل يقف هذا الجلس ليدافع عن رسول ال‬
‫وعن عرض رسول ال فل خي فيه‪ ،‬ل خي فينا إن ل ندافع‪ ،‬إن ل نستغل هذه النابر وهذا النب‪.‬‬
‫اليوم ننعقد ليس لنخاطب أهل البحرين فهم أغي منا على رسول ال صلى ال عليه وعلى آله وسلم‬
‫ولكن لنتكلم بأمانة بأصواتم الت أعطونا إياها لننقلها بإجاع نواب الشعب إل العال كله‪ ،‬هذه هي‬
‫البحرين‪ ،‬هذا هو شعب البحرين‪ .‬إننا نطالب كشعب كامل وكبلد كامل أن تفظ كرامة رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم على حكام السلمي‪ ،‬ويب أن نوجه خطابا من الجلس إل الكام‪ ،‬يب أن‬
‫يشرع قانون ف المم التحدة‪ ،‬كيف أن اليهود يشرع لم قانون و(بوش) وقع على هذا القانون ف‬
‫‪2004‬م للمعاداة ضد السامية‪ ،‬الذي يتكلم عن السامية ومن يكذب الرافة‪ ،‬خرافة الحرقة‪ ،‬فإنه‬
‫يتعرض إل العقاب والتجري‪ .‬الكذب يب أن نصدقه‪ ،‬كيف استطاع الثالة أحفاد القردة والنازير‬
‫أن يصدروا هذا القانون‪ ،‬وأمة الليار ل تستطيع أن تصدر قانونا يمي جناب النب صلى ال عليه‬
‫وعلى آله وسلم والقرآن؟! ولذلك من مطالبنا اليوم كممثلي للشعب إل حكامنا وإل حكام‬
‫السلمي أن يعملوا على سن قانون ينع ويرم التعدي والتطاول على رسول ال وعلى القرآن وعلى‬
‫دين السلم‪ ،‬ول يكون اليهود أفضل منا‪ ،‬وحاشانا أن يكون اليهود أفضل منا‪ .‬ث إننا ل نستخف‬
‫بوقف الناس ف القاطعة وف غيه‪ ،‬وليس هذا ماله لكن الجال نقول‪ :‬إن السلم ورسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬وهو بالؤمني رؤوف رحيم‪ ،‬وهو رحة للعالي‪ ،‬ولكن إذا جاء سبه فقد قتل كعب‬
‫بي الشرف رأس اليهود ف مكانه لنه كان يسب الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وغارت الوس‬
‫على الزرج أنم قتلوا مبغض النب صلى ال عليه وسلم فقتلوا سلم بن أب القيق ف داره بي أهله‪،‬‬
‫لاذا؟ لنه كان يؤذي النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولو كان الظهور للسلم لا جاز إل قتل هؤلء‬
‫حدا؛ انتقاما‪ ،‬لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولكن ونن ف هذا الضعف ‪ -‬ولكننا لسا ضعفاء‬
‫بال عز وجل ‪ -‬يب أن تقف المة وقفة واحدة‪.‬‬
‫======================‬
‫فداك أب وأمي يا رسول ال‬

‫كان من الفترض أن أكمل حديثي عن '' نشوز الرأة (‪ '' )3‬ولكن رأيتُ الكلمَ فيما تناقلته وسائل‬

‫‪202‬‬
‫العلم الختلفة عن بعض الصحف الدناركية والنرويية من استهزاء بالنب ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫أول وأحق ‪ ،‬ولست ف مقام نقل ردود الفعال الت صاحبتِ الدثَ ‪ ،‬أو التحدث عن الكم‬
‫الشرعي ف السألة فحكمها ظاهر سواء كان الستهزاء من مسلم أو كافر ويُرجع فيه إل أفضل‬
‫ُمؤَلّف '' الصارم السلول على شات الرسول صلى ال عليه وسلم '' لشيخ السلم ابن تيمية للراغب‬
‫ف تفاصيلها ‪.‬‬
‫وبا أن عمودي مصص لـ '' شقائق الرجال '' فأسطري هذه موجهة إليهن ‪ ،‬فل بد لن من دورٍ‬
‫سبُوهُ َشرّا لّكُم بَ ْل ُهوَ خَْيرٌ لّكُ ْم '' ‪ ،‬وفداء النب صلى ال عليه‬ ‫تاه هذه الحنة وأن فيها منحا '' لَا تَحْ َ‬
‫وسلم يستوي فيه الذكر والنثى ‪ .‬هذه أم الؤمني عائشة رضي ال عنها ضربت مثا ًل رائعا ف‬
‫الدفاع عن النب صلى ال عليه وسلم بلسانا عَ ْن عَاِئشَ َة َرضِيَ الّلهُ َعْنهَا َزوْجَ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ‬
‫ط مِنْ اْلَيهُو ِد عَلَى َرسُولِ الّلهِ صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم َفقَالُوا ‪ '' :‬السّا ُم عََليْكُ ْم ''‬
‫ت ‪ :‬دَ َخلَ َر ْه ٌ‬‫وَسَلّ َم قَاَل ْ‬
‫شةُ َف َفهِمُْتهَا َفقُ ْلتُ ‪َ '' :‬و َعلَيْكُ ْم السّا ُم وَالّلعَْن ُة '' ‪ ...‬الديث ‪ .‬فالرأةُ السلمةُ مطالبةٌ‬ ‫ت عَائِ َ‬
‫‪ ،‬قَاَل ْ‬
‫بنصرة النب صلى ال عليه وسلم ف بيتها ‪ ،‬ف مدرستها ‪ ،‬ف عملها ‪ ،‬ف أواسط أخواتا السلمات‬
‫‪ ...‬تسطيعُ أن تستخدمَ أحد اللساني ‪ ...‬الارحة أو القلم ‪ ،‬وك ّل واحد منهما له تأثيه ول شك ‪.‬‬
‫ولنأخذ بعض الطوات العملية ف تفعيل دور الرأة للذب عن سيد ولد آدم صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الرأة مطالبة بالتحدث ف أواسط النساء عن حقد الكفار على هذا الدين وأهله ‪ ،‬وأنم لن‬
‫يرضوا عنا أبدا مهما تنازلنا لم ‪ ،‬وحثهن على النتصار للنب صلى ال عليه وسلم إما بالكتابة ف‬
‫الصحف أو الجلت أو الواقع على الشبكة لن لا قلم مؤثر منهن ‪ ،‬أو بالتصال على أصحاب‬
‫القرار ‪ ،‬وإظهار الغضب والستنكار ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الرأةُ تستغ ُل هذا الدث اللل ف بيتها بالتعريف بكانة النب صلى ال عليه وسلم ف حياتنا ‪،‬‬
‫وأننا نفديه بكلّ وأعز ما نلك ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تفعيل دور القاطعة لبضائع البلد الت نالت من النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأنه أقل القليل ف‬
‫ح ّق الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأن الرب القتصادية لتلك البلد هي الت ستجعلها تركع‬
‫وتعتذر ‪ ،‬فهم عبدة الدرهم والدينار ‪ ،‬والقاطعة القتصادية سلح قوي وفعال ‪ ...‬فالزوجة والخت‬
‫والم والبنت تث أهل بيتها على عدم الشراء أو إدخال بضائع البلد الت سخرت من نبينا صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وهناك شركات بديلة ‪.‬‬
‫‪ - 4‬الكاتبةُ السلمةُ ف الريدةِ أو الجلةِ أو الشبكةِ ( النت ) مطالبةٌ أن تُسَخِر قلمها ف الذب عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وما يثلج الصدر أنه ظهرت ف اليام الاضية بعض القالت الرائعة ف‬
‫الصحف بأقلم نسوية تذب عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فشكرا لن ولقلمهن وجزاهن ال‬
‫ت على أهها ‪.‬‬ ‫خيا ‪ .‬والدوار كثية ‪ ،‬ولكن أتي ُ‬
‫عبد ال بن ممد ُزقَيْل‬
‫=====================‬

‫‪203‬‬
‫فداك نفسي وأمي بل فــداك أب‬

‫وجدت هذه القصيدة ف موقع الزيرة‪ -‬نت‬


‫قصيدة للشاعرعبد ال باشراحيل ردا على الصحيفة الداناركية‬
‫تلقت الزيرة نت قصيدة للشاعر السعودي الدكتور عبد ال ممد باشراحيل يرد فيها على ما قامت‬
‫به الصحيفة الداناركية من نشر للرسوم السيئة إل النب الكري صلى ال عليه وسلم الت أثارت‬
‫غضب السلمي ف جيع أناء العال‪.‬‬
‫وقد تناول الشاعر العروف صاحب جائزة باشراحيل للبداع الثقاف ف القصيدة جانبا مضيئا من‬
‫شخصية النب ممد صلى ال عليه وسلم مدافعا عن الرسالة الالدة الت جاء با‪.‬‬
‫وهذه هي القصيدة‪:‬‬
‫فداك نفسي وأمي بل فــداك أب يا سيد الناس فوق الناس أنت نب‬
‫أشرقت ف حلكة اليام وانتشرت سحائب النور أنداء لـــكل أب‬
‫وطاف حولك ريان الـدى ألقا بالوحي يصدع من قراننا العرب‬
‫ل تنثن وعقول الهل ســادرة تذود عن شرعة السلم كل غب‬
‫فكنت أعظم ما ف اللق منلة وقد تاوزت فوق الشأو والرتب‬
‫يا صاحب اللق السن مواهبه يا أيها الطـاهر الزدان بالدب‬
‫مانال مدك إنسان ول بلغـت سو قدرك أقدار من النجــب‬
‫ولن تطاولك الغيار ف شرف فأنت أشرف باليان والنسـب‬
‫لنت يا سيدي دين لمتنــا ودينك الق يلو ظلمة الريب‬
‫وأنت بالب شس ف ضمائرنا أضأت أفئــدة ف ليلها الكئب‬
‫ذمّ الدمـيم دليل أن شرعـتنا حقيقة الق رغم الكيد والرهب‬
‫هذا (ممد) نور الق مشعـله ما ض ّرهُ من رمى بالزيف والكذب‬
‫هو الذي ما غشى الدنيا إل ترف ولو أراد لقلنا للقلوب ‪ .....‬هِبِي‬
‫لكنه جاء بالدين الذي ارتفعت به الحامد وازدادت من القرَب‬
‫تطاول القزم والسلم يقره وكعبة ال نادت كل منتسب‬
‫من طغمة الكفر أوغاد تناوئنا وسوف نلهبها من وقدة الغضب‬
‫يا ألف مليون نفس ف مواطننا الدين قد ناله وغـد للف أب‬
‫ذودوا عن الصادق الصدوق وانتصروا على الطغام فل عـهد لحتـرب‬
‫سيألون با قالوا وما زعمـوا ويصطلون من الهوال واللهب‬
‫يا سيد الناس كل الناس راضية أرضاك ربك بالرضوان والغلب‬
‫لنت ف دارة الدنيا نسائمـها وأنت ف العي بي الفن والدب‬

‫‪204‬‬
‫صـلى عليك حبيبَ ال خالـقنا يا أحد الصطفى الادي إل الرب‬
‫========================‬
‫فداك أب وأمي يا أعز الناس ‪ [ -‬كيف تنصر نبيك فعل ؟]‬

‫سفالة وانطاط وكراهية طاغية‬


‫هذا هو العنوان المثل لا يدث الن تاه السلمي ‪...‬‬
‫نن ف هذا اللقاء لن نقوم بالرد على هذه الريدة الدانركية‪ ,‬فهي أقل من ذلك كما أن نبينا ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم أرفع من ذلك ولكن سنلقي الضوء على السباب الت أدت بنا إل هذا الستوى‬
‫من الذلة والهانة الستوى الذي جعل أعداءنا يرسون النب صلى ال عليه وسلم وف عمامته قنبلة‬
‫وكأنه إرهاب الستوى الذي جعلهم يرسون مسلما يسجد وكلب يفعل به الفاحشة والعياذ بال‬
‫وكأن السجود يفعله السلمون لذا السبب الوضيع‪.‬‬
‫من هذه السباب أيها الحبة ‪:‬‬
‫‪ -1‬الضعف الشديد الذي عليه السلمون الن ‪:‬‬
‫وهذا الضعف بسبب بعدنا عن كتاب ال عز وجل وعن سنة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وانغماسنا ف الدنيا والشهوات واللذات فأغلب السلمون الن إل من رحم ال يعلون الدين ف‬
‫الرتبة الثانية بعد العمل والزوجة والولد فتجد الب يثور ويغضب إذا حصل ولده على درجات‬
‫منخفضة ف أحد الواد‪ ,‬وعندما يعلم أن ابنه ل يصلي العصر على سبيل الثال كل ما يفعله هو أن‬
‫يوبه قليل‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم احترام السلمي للرسول صلى ال عليه وسلم بالصورة الكافية‪:‬‬
‫فإذا كنا نن السلمي ل نترم سنة النب صلى ال عليه وسلم فكيف سيحترمها أعداء السلم ‪.....‬‬
‫وهذه حقيقة مؤلة أيها الحبة ‪.....‬‬
‫الكثي من السلمي ل يترمون سنة النب صلى ال عليه وسلم فمفهوم السنة الن معناه الترك وليس‬
‫الفعل فعندما يقال للشخص أن هذا المر سنة عن النب صلى ال عليه وسلم يكون رد فعله الفوري‬
‫أنه إذا ل يفعله لن يكون عليه إث وبالتال لن يفعله وعندما يرج من بي السلمي أنفسهم من ينكر‬
‫السنة النبوية ويدعي أن كل الحاديث الت عندنا إما ضعيفة أو موضوعة ويبدأ ف الطعن ف الصحابة‬
‫رضوان ال عليهم عندها أيها البيب ماذا تتوقع من أعداء الدين الذين يتربصون به ؟؟؟؟‬
‫والسؤال الن ما الذي يب علينا فعله الن تاه النب صلى ال عليه وسلم ؟؟؟‬
‫أول ‪ :‬مقاطعة جيع البضائع الدانركية‬
‫ثانيا ‪ :‬إرسال الحتجاجات على هذه الرسوم إل من نستطيع‬
‫وقد قامت الفكرة بتسهيل هذا المر على السلمي فكل ما عليك هو أن تتبع هذا الرابط وتدخل‬
‫بياناتك ونن سنتول إرسال الحتجاج إل أكثر من ‪ 25‬هيئة دانركية‪.‬‬

‫‪205‬‬
‫أخيا أيها الحبة الل الذري لذه الشكلة ومثيلتا‬
‫هو العودة إل كتاب ال عز وجل وسنة النب صلى ال عليه وسلم وإعادة بناء النموذج السلمي‬
‫الصحيح الواقعي الذي يعيد لذه المة مدها وللوصول إل هذا النموذج الثال الواقعي للمجتمع‬
‫السلم‪ ,‬والذي هو الطوة الول والساسية ف سبيل إقامة دولة السلم الكاملة‪ ,‬لبد من العمل على‬
‫إصلح ثلثة منظومات‪ ,‬يشكل اللل الذي وقع فيها معال النراف الذي وقع ف أمة السلم‪:‬‬
‫أولً‪:‬إحياء منظومة اليانيات‪:‬‬
‫فالمة ف حاجة ماسة إل إعادة بناء الصلة مع ال عز وجل من جديد بإحياء اليان ف القلوب‬
‫وتديد ما اندرس من معاله ف نفوس السلمي‪{ .‬كُنتُ ْم خَْيرَ ُأمّةٍ أُ ْخرِ َجتْ لِلنّاسِ } [‪ ]110‬سورة‬
‫آل عمران‬
‫ثانيًا‪ :‬إصلح منظومة القيم والخلقيات‪:‬‬
‫فما أبعد السلمي اليوم عن أخلقيات السلم وقيمه الرفيعة الت كانت تعل الناس يدخلون ف دين‬
‫ال أفواجًا لجرد رؤيتها ف سلوك السلمي؛ [[إنا بعثت لتم صال الخلق]][[‪.]]1‬‬
‫ثالثًا‪ :‬إصلح منظومة النتاج والفاعلية‪:‬‬
‫فإن النموذج النسان السائد ف أمتنا اليوم هو نوذج العاجز الكسلن الذي كان النب صلى ال عليه‬
‫وسلم يستعيذ منه صباحًا ومساءً‪[[ ,‬وأعوذ بك من العجز والكسل]][[‪.]]2‬‬
‫فنجد السلم غالبًا ما يكون فاشلً ف حياته قليل النتاج عاجزًا عن صناعة الياة‪ ،‬ومثل هذا النموذج‬
‫ل يستطيع أن يبن أمة كلفها ال عز وجل بقيادة البشرية {وَكَذَِلكَ َجعَ ْلنَاكُمْ ُأمّ ًة وَسَطًا } [‪]143‬‬
‫سورة البقرة‬
‫إننا نريد صناعة الؤمن الفعال الذي يستطيع أن يصنع الضارة‪ ,‬ويبن التقدم على أكتاف دولة‬
‫السلم الكاملة‪ ,‬الت تنتشل المة بأسرها من حضيض التخلف والهل‪ ,‬إل ذروة الضارة والعلم‪,‬‬
‫تامًا كما كانت أول مرة‪ ,‬يوم كانت مستمسكة بشرع ال تعال تام الستمساك فإذا نحنا ف‬
‫إصلح هذه النظومات الثلث‪:‬‬
‫[ اليان ــ القيم ــ الفاعلية ]‬
‫فتلك هي الطوة الستراتيجية الول والقيقية‪ ,‬نو إقامة دولة السلم الكاملة‪ ,‬الت تلتزم التزامًا‬
‫كاملً بالسلم كعقيدة‪ ,‬وشريعة‪ ,‬ومنهج حياة وتلك هي النصرة القيقية للنب صلى ال عليه وسلم‬
‫نصرة تستمر ليوم الدين‬
‫‪----------------‬‬
‫[[‪ ]]1‬وف رواية‪[[ :‬مكارم الخلق]]‪ ،‬صححه اللبان ف السلسلة الصحيحة [‪ ،]1/112‬الديث‬
‫رقم ‪.45‬‬
‫[[‪ ]]2‬صححه اللبان ف صحيح سنن أب داوود [‪ ،]2/90‬الديث رقم ‪-.1540‬‬
‫حب نبيك كهؤلء‬

‫‪206‬‬
‫‪ :‬من أجل أن يعلم السلمون مكانة نبيهم صلى ال عليه وسلم ‪...........‬‬
‫ومن أجل أن يعلم السلمون كيف يكون الب القيقي لذا الرسول العظيم ‪..........‬‬
‫كانت هذه الواقف‪......‬‬
‫أبو بكر رضي ال عنه‬
‫واليك هذ الشاعر الت يصيغها قلب سيدنا أبو بكر ف كلمات تقرأ‪ ،‬يقول سيدنا أبو بكر‪ :‬كنا ف‬
‫الجرة وأنا عطش عطش [ عطشان جدا ‪ ،‬فجئت بذقة لب فناولتها للرسول صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫وقلت له‪:‬اشرب يا رسول ال‪ ،‬يقول أبو بكر‪ :‬فشرب النب صلى ال عليه وسلم حت ارتويت!!‬
‫ل تكذّب عينيك!! فالكلمة صحيحة ومقصودة‪ ،‬فهكذا قالا أبو بكر الصديق ‪ ..‬هل ذقت جال هذا‬
‫الب؟انه حب من نوع خاص‪!!..‬أين نن من هذا الب!؟واليك هذه ول تتعجب‪ ،‬انه الب‪ ..‬حب‬
‫النب أكثر من النفس‪..‬‬
‫يوم فتح مكة أسلم أبو قحافة [ أبو سيدنا أبر بكر]‪ ،‬وكان اسلمه متأخرا جدا وكان قد عمي‪،‬‬
‫فأخذه سيدنا أبو بكر وذهب به ال النب صلى ال عليه وسلم ليعلن اسلمه ويبايع النب صلى ال عليه‬
‫وسلم فقال النب صلى ال عليه وسلم' يا أبا بكر هل تركت الشيخ ف بيته‪ ،‬فذهبنا نن اليه' فقال أبو‬
‫بكر‪ :‬لنت أحق أن يؤتى اليك يا رسول ال‪ ..‬وأسلم ابو قحافة‪ ..‬فبكى سيدنا أبو بكر الصديق‪،‬‬
‫فقالوا له‪ :‬هذا يوم فرحة‪ ،‬فأبوك أسلم ونا من النار فما الذي يبكيك؟تيّل‪ ..‬ماذا قال أبو‬
‫بكر‪..‬؟قال‪ :‬لن كنت أحب أن الذي بايع النب الن ليس أب ولكن أبو طالب‪ ،‬لن ذلك كان‬
‫سيسعد النب أكثر‬
‫سبحان ال ‪ ،‬فرحته لفرح النب أكب من فرحته لبيه أين نن من هذا؟‬
‫عمر رضي ال عنه‬
‫كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو آخذ بيد عمر بن الطاب‪ ،‬فقال‪ :‬و ال لنت يا رسول‬
‫ال أحب إل من كل شيء إل من نفسي فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪' :‬ل يؤمن أحدكم‬
‫حت أكون أحب إليه من نفسه'‪ .‬فقال عمر‪ :‬فأنت الن و ال أحب إل من نفسي‪ .‬فقال رسول ال ‪:‬‬
‫'الن يا عمر' ‪.‬‬
‫لن يشعر بذه الكلمات من يقرأها فقط‪ ..‬انا وال أحاسيس تتاج لقلب يب النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ليتلقاها كما هي‪ ..‬غضة طريّة‬
‫ثوبان رضي ال عنه‬
‫غاب النب صلى ال عليه وسلم طوال اليوم عن سيدنا ثوبان خادمه وحينما جاء قال له ثوبان‪:‬‬
‫أوحشتن يا رسول ال وبكى‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم‪ ' :‬اهذا يبكيك ؟ ' قال ثوبان‪ :‬ل يا‬
‫رسول ال ولكن تذكرت مكانك ف النة ومكان فذكرت الوحشة فنل قول ال تعال { َومَن يُطِعِ‬
‫حيَ َوحَسُنَ‬‫شهَدَاء وَالصّالِ ِ‬‫ك مَعَ الّذِينَ أَْنعَمَ الّلهُ َعلَْيهِم مّنَ النِّبّييَ وَالصّدّي ِقيَ وَال ّ‬‫الّلهَ وَالرّسُولَ فَُأ ْولَِئ َ‬
‫ك رَفِيقًا} [ ‪ ]69‬سورة النساء‬ ‫أُولَِئ َ‬

‫‪207‬‬
‫سواد رضي ال عنه‬
‫سواد بن عزيّة يوم غزوة أحد واقف ف وسط اليش فقال النب صلى ال عليه وسلم للجيش‪':‬‬
‫استوو‪ ..‬استقيموا'‪ .‬فينظر النب فيى سوادا ل ينضبط فقال النب صلى ال عليه وسلم‪ ' :‬استو يا‬
‫سواد' فقال سواد‪ :‬نعم يا رسول ال ووقف ولكنه ل ينضبط‪ ،‬فجاء النب صلى ال عليه وسلم‬
‫بسواكه ونغز سوادا ف بطنه قال‪ ' :‬استو يا سواد '‪ ،‬فقال سواد‪ :‬أوجعتن يا رسول ال‪ ،‬وقد بعثك‬
‫ال بالق فأقدن!فكشف النب عن بطنه الشريفة وقال‪ ':‬اقتص يا سواد'‪ .‬فانكب سواد على بطن النب‬
‫يقبلها‪.‬يقول‪ :‬هذا ما أردت وقال‪ :‬يا رسول ال أظن أن هذا اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر‬
‫العهد بك أن تس جلدي جلدك‪.‬ما رأيك ف هذا الب؟‬
‫وأخيا ل تكن أقل من الذع ‪....‬‬
‫كان النب صلى ال عليه وسلم يطب ف مسجده قبل أن يقام النب بوار جذع الشجرة حت يراه‬
‫الصحابة‪ ..‬فيقف النب صلى ال عليه وسلم يسك الذع‪ ،‬فلما بنوا له النب ترك الذع وذهب إل‬
‫النب 'فسمعنا للجذع أنينا لفراق النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فوجدنا النب صلى ال عليه وسلم ينل‬
‫عن النب ويعود للجذع ويسح عليه ويقول له النب صلى ال عليه وسلم‪ ':‬أل ترضى أن تدفن هاهنا‬
‫وتكون معي ف النة؟'‪ .‬فسكن الذع‪..‬‬
‫للواجب العملي طالع القالة التالية‪ :‬فداك أب وأمي يا أعز الناس ‪ [ -‬كيف تنصر نبيك فعل؟]‬
‫===================‬
‫فدتك نفسي يا رسول ال ‪...‬‬

‫‪18/12/1426‬‬
‫ممد جلل القصاص‬
‫سبّ النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ليس حدثا عابرا قامت به صحيفة سيئة الخلق نفست به عن‬
‫حقدها ف عدد من أعدادها‪ ،‬وليس هو همّ حفنة من أراذل الكفار مُلئت قلوبم غيظا وحنقا على‬
‫شخص البيب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فقاموا يثلون وينكتون ويسخرون‪ ،‬بل لو كان المر‬
‫كذلك لكان ما يسعه الصدر ‪ -‬على عِظَمه ‪ -‬إذ إن ماراة السفهاء أمر يترفع عنه العقلء‪...‬ولكن‪..‬‬
‫المر أعمق من هذا كله ‪.‬‬
‫خفِي‬
‫هذه المور ليست إل كما يقول ال عز وجل‪ ..." :‬قَدْ بَ َدتِ الَْب ْغضَاء مِنْ أَ ْفوَا ِههِمْ َومَا ُت ْ‬
‫صُدُو ُرهُمْ أَ ْكَبرُ قَدْ َبيّنّا لَ ُكمُ اليَاتِ إِن كُنتُ ْم َتعْقِلُونَ" (آل عمران‪ :‬من الية ‪ .)118‬وهاأنذا أنادي‬
‫العقلء‪ ،‬فهل يسمعون؟‪ ...‬وهل ييبون؟ ‪ ...‬وليت أول العزم من العقلء مَن يلبون؟‬
‫من قبل كان النصارى ف حلتم (التبشيية) يتكلمون عن النصرانية‪ ...‬يبترون ويكذبون ويبدون‬
‫ل ويفون كثيا كي يُظهروا دينهم ف صورة يتقبلها الخر‪ .‬واتذوا ما يسمى بوار الديان ‪-‬‬ ‫قلي ً‬
‫هذا الوار الذي يرى مع رجال لبسوا البة والعمامة فظهروا وكأنم علماء ‪ -‬وسيلة ليقولوا لن‬

‫‪208‬‬
‫ياطبوهم من ضعاف السلمي ف أدغال أفريقيا وجنوب شرق آسيا إن السلم يعترف بنا ول يتنكر‬
‫لنا فكله خي ‪ -‬بزعمهم ‪.-‬‬
‫وكانت حلتهم على السلم حلة على شعائره‪ ...‬يتكلمون عن التعدد وعن الطلق وعن الدود‬
‫وعن الهاد وعن الياث وعن ناسخ القرآن ومنسوخة‪ ،‬ث ف الفترة الخية وخاصة بعد انتشار‬
‫الفضائيات ودخولا كل البيوت تقريبا‪ ،‬وكذا بعد ظهور تقنية النترنت عموما والبالتوك خصوصا‪،‬‬
‫أخذ القوم منحى آخر وهو التركيز على شخص البيب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬قاموا ينقضون‬
‫السلم بتشويه صورة النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪.-‬‬
‫ح يُلِْبسُه دعاة الكفر ثوب العلمية ويدّعون أنه القيقة الت ل مراء‬
‫و َدعْك من كلم الراذل‪ ،‬هناك طر ٌ‬
‫فيها ياطبون بذا الراء قومهم ومن يتوجهون إليهم بالتنصي‪ ...‬هذا توجه عام داخل حلت التنصي‬
‫اليوم‪ ،‬والمر بيّن لن له أدن متابعة لا يتكلم به القوم‪ ،‬وما حدث ف الصحيفة الوربية هو طفح لا‬
‫يُخاطب به القوم ف الكنائس وغرف البالتوك عن نب السلم ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪.-‬‬
‫فهم ياضرون ويؤلفون عن (أخلق نب السلم)‪ ،‬يتكلمون عن زواجه بتسع من النساء ‪ -‬وقد‬
‫اجتمع عند سليمان ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬تسعمائة من النساء وهذا ف كتابم ‪ ،-‬وعن زواجه من عائشة‬
‫ومن زينب ومن صفية ‪ -‬رضي ال عنهن‪ ،-‬وعن غزواته ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬؛ وبطريقة البتر‬
‫للنصوص واعتماد الضعيف والشاذ والنكر من الديث يرجون بكلمهم الذي يشوهون به صورة‬
‫البيب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،-‬ولكنه ف الخي يبدو للمستمع أن هذا كلم (ابن كثي)‪،‬‬
‫و(الطبي)‪ ،‬و(ابن سعد) علماء السلم‪ ،‬فيظن الخاطبون أنا القيقة الت يفيها (علماء) السلم‪.‬‬
‫دعاة النصرانية يغرفون من وعاء الشيعة حي يتكلمون عن أمهات الؤمني وعن صحابة النب ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ -‬بل وف كلمهم عن النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أحيانا‪ ،‬ويغرفون من وعاء‬
‫(القرآنيون) الذين يتركون السنة تشكيكا ف ثبوتا أو ف عصمة البيب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪.-‬‬
‫والطلوب هو قراءة جيدة لا يدث‪ ،‬والتصدي له على أرض الواقع‪ .‬ل نريد ثورة كلمية‪ ،‬وغضبة ل‬
‫يفهم منها (الخر) إل أنا نفرة التعصب‪ ،‬نريد قطع الطريق على هؤلء وإحباط كيدهم‪ ،‬وإنقاذ‬
‫الناس من الكفر بربم‪.‬‬
‫مطلوب خطاب أكاديي يفف منابع النصرين‪ ،‬أعن ما يقوله القرآنيون والشيعة‪ ،‬وما يفتريه‬
‫النصارى بالبتر للنص واعتماد الكذوب والشاذ والضعيف من الديث‪ ،‬ومعنّ بذا طلبة درجات‬
‫التخصص العليا ف الكليات الشرعية‪ ،‬وإن أخذ المر وقتا‪ ،‬ولكنه سيثمر بإذن ال يوما ما‪.‬‬
‫ومطلوب خطاب لعامة الناس يبي لم كيف كان نبيهم ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بعيدا كل البعد‬
‫عما يقولوه النصارى‪ ،‬وأن ما يقال مض كذب‪ ،‬وأن النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كان كل‬
‫الكمال وجلة المال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪.-‬‬
‫تال ما حلت أنثى ول وضعت ‪... ...‬‬
‫مثل النب رسول المة الادي ‪...‬‬

‫‪209‬‬
‫وأيضا ل ينفك عن هذا أبدا بيان عقيدة النصارى‪ ...‬ما يعتقدونه ف ربم وما يعتقدونه ف أنبيائهم‬
‫وما يعتقدونه ف أحبارهم ورهبانم‪...‬من يعبد النصارى؟ وهل النصرانية دين يتبع؟!!‬
‫لِمَ نسكت عنهم وهم يرموننا بكل ما ف جعبتهم؟!‬
‫أسياسة؟‪ ...‬أم جب وخور؟‪ ...‬أم غفلة؟!‬
‫إن ما ابتلي به مسلمو اليوم هو التآلف مع النوازل بعد قليل من نزولا‪ ،‬فقط نثور قليلً ث نسكت ول‬
‫نتكلم وكأن شيئا ل يدث‪ ،‬وهذا المر فهمه عدونا‪ ،‬فلم يعد يبال بعجعتنا الت ل تتجاوز الكلم‪،‬‬
‫وهو يستفيد من هذا الكلم‪ ،‬فليتنا نكون على قدر السؤولية ونبدأ ف تصعيد مستمر وتبصي للناس‬
‫بقيقة من يتكلمون عن النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬وحقيقة دينهم‪ ،‬وحقيقة ديننا ونبينا ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم‪.-‬‬
‫فهل من ميب؟!‬
‫فديتك نفسي يا رسول ال‪ ...‬فديتك نفسي يا رسول ال‪ ..‬فديتك نفسي يا رسول ال‪.‬‬
‫=======================‬
‫فضل اتباع السنة‬

‫بقلم ممد عمر بازمول‬


‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده ال‬
‫فل مضل له ومن يضلل فل هادي له وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن ممدا‬
‫عبده ورسوله‪.‬‬
‫سلِمُونَ[ [آل عمران‪.]102:‬‬ ‫] يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ اّتقُوْا الّلهَ َحقّ ُتقَاِت ِه وَلَ تَمُوتُنّ ِإلّ وََأنْتُ ْم مّ ْ‬
‫ث مِْنهُمَا رِجَالً‬ ‫س وَا ِح َدةٍ وَ َخلَ َق مِْنهَا َزوْ َجهَا وََب ّ‬ ‫] يَآ أَّيهَا النّاسُ اّت ُقوْا رَبّكُمُ الّ ِذيْ َخَلقَكُ ْم مِنْ َنفْ ٍ‬
‫كَِثيْرا وَنِسَآءً وَاّت ُقوْا الّلهَ الّ ِذيْ َتسَآءَلُونَ ِبهِ وَا َلرْحَامَ إِنّ الّلهَ كَانَ َعلَيْ ُكمْ َرقِيْبا[ [النساء‪]1:‬‬
‫] يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ اّتقُوْا الّلهَ وَقُولُواْ َقوْلً سَدِيدا ‪ُ .‬يصِْلحْ لَكُمْ َأعْمَالَكُ ْم وََي ْغ ِفرْ لَكُ ْم ُذنُوبَكُ ْم َومَن‬
‫يُطِ ِع الّلهَ َورَسُوَلهُ َفقَدْ فَازَ َفوْزا عَظِيماً[ [ الحزاب‪.]70،71:‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن أصدق الكلم كلم ال وخي الدي هدي ممد ‪ e‬وشر المور مدثاتا وكل مدثة‬
‫بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف النار‪.‬‬
‫أمّا بعد‪:‬‬
‫فهذه ماضرة بعنوان فضل اتباع السنة أدرتا على العناصر التالية‪- :‬‬
‫‪-‬تعريف السنة ‪.‬‬
‫‪-‬أقسام السنة وأنواعها ‪.‬‬
‫‪-‬ثرات إتباع السنة وهي التالية ‪-:‬‬
‫‪ .1‬أنا سبيل النجاة من الختلف ‪.‬‬

‫‪210‬‬
‫‪ .2‬أنا سبيل الفكاك من الفتراق ‪.‬‬
‫‪ .3‬أنا سبيل الداية من الضلل ‪.‬‬
‫‪ .4‬أن النسبة إليها فيها شرف النسبة إل الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ .5‬أننا باتباعها ننفك من سبل الشيطان ‪.‬‬
‫‪ .6‬أننا باتباعها يرفع السلمون عن أنفسهم سة الذل والوان ‪.‬‬
‫‪ .7‬أن فيها تشخيص الداء والدواء ‪.‬‬
‫‪ .8‬أن فيها تصيل الشرع جيعه ‪.‬‬
‫‪ .9‬أن با يكون تام صال ومكارم الخلق ‪.‬‬
‫‪ .10‬أن با ينجو السلم من العذاب الليم من النيان ‪.‬‬
‫‪ .11‬أن با ينال السلم دخول النة ‪.‬‬
‫‪ .12‬أن با يكون إحياء السنة ‪.‬‬
‫ذاك هو ممل هذه الحاضرة وإليكم البيان ‪.‬‬
‫العنصر الول ف الحاضرة وهو تعريف السنة ‪:‬‬
‫السنة ف اللغة‪ :‬السية والطريقة‪ ,‬تقول فلن على سنة فلن أي‪ :‬على طريقة فلن أي على سية فلن‬
‫هذا هو العن ف اللغة ‪.‬‬
‫السنة ف الشرع‪ :‬إتباع ما جاء عن الرسول صلى ال عليه وسلم من الوامر وترك ما نى عنه صلى‬
‫ال عليه وسلم فهي تشمل ف الشرع كل ما جاء عن الرسول صلى ال عليه وسلم من أمور واجبة‬
‫وأمور مستحبة وترك المور الحرمة وترك المور الكروهة ‪ .‬ث بعد ذلك أصبح للسنة اصطلح عند‬
‫العلماء ‪-:‬‬
‫فالسنة عند الحدثي ‪ -:‬ما أضيف للرسول صلى ال عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة‬
‫خلقية أو خلقية ‪.‬‬
‫فأما ما أضيف إل الرسول صلى ال عليه وسلم من قول يعن حديث فيه قول للرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم كما ف حديث عمر بن الطاب رضي ال عنه قال سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يقول (( إنا العمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما نوى…)) ‪ .‬الديث‪ ,‬هذه سنة قولية‪.‬‬
‫وأمّا الفعل فهو السنة الفعلية‪ :‬أن ينقل إلينا أن الرسول صلى ال عليه وسلم كان يفعل كذا وكان‬
‫يترك كذا مثل قول أنس رضي ال عنه كان رسول ال يب الدباء هذا أمر من فعل الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫وأيضا من السنة الفعلية ما ورد عن الرسول صلى ال عليه وسلم من أفعال ف الصلة أو أفعال ف‬
‫الزكاة أو أفعال ف الصوم أو أفعال ف الج هذه كلها تدخل تت السنة الفعلية ‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫وأمّا التقرير فهذه السنة التقريرية‪:‬وهي أن يدث الفعل أمام الرسول صلى ال عليه وسلم أو ف زمنه‬
‫والوحي ينل ويقر الرسول صلى ال عليه وسلم ذلك ويقر الوحي ذلك فل ينكر ول يغي فتكون‬
‫بذلك تقرير شرعي للفعل! ودللة السنة التقريرية بجردها على الستحباب ضعيفة!‬

‫للُقية ‪ :‬فهي ما نقل إلينا من أخلق النب صلى ال عليه وسلم كيف كانت وسئلت‬ ‫وأما الصفة ا ُ‬
‫عائشة رضي ال عنها عن خلق الرسول صلى ال عليه وسلم فقالت‪" :‬كان خلقه القرآن"‪.‬‬
‫وأما الصفة اللقية فما ينقل لنا عن هيئته صلى ال عليه وسلم كما يأت ف بعض الحاديث كان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ربعة ل بالطويل ول بالقصي إذا وقف بي الطوال طالم وكان صلى‬
‫ال عليه وسلم أبيض الوجه وجهه كأنه فلقة القمر كان رسول ال صلى ال عليه وسلم كذا ‪ ...‬إل‬
‫أخر ما يذكر ف صفات خلقه صلى ال عليه وسلم!‬
‫إذا السنة عند الحدثي ما أضيف إل الرسول صلى ال عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة‬
‫خلقية أو خلقية ‪.‬‬
‫والسنة عند الصوليي والفقهاء ‪:‬‬
‫ما أضيف إل الرسول صلى ال عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير‪.‬‬
‫لن الفقيه والصول إنا ينظر ف السنة من جهة أنا دليل شرعي وبالتال ل يكتسب عنده سة الدليل‬
‫إل هذه المور الثلثة وهي ‪ :‬القول و الفعل والتقرير‪.‬‬
‫والفقهاء حينما يذكرون السنة ويريدون با هذا العن ينبهون أن لم اصطلحا آخر يطلقون فيه‬
‫كلمة السنة بعن الستحب والندوب ويعلونا مرتبة من مراتب الكم الشرعي التكليفي فيقولون ‪:‬‬
‫الحكام الشرعية‪ :‬خسة الواجب والحرم والكروه والباح والستحب ‪.‬‬
‫وهذا الستحب يعبون عنه بالندوب ويعبون عنه بالسنة ‪.‬‬
‫وشاع عند بعض الناس أن السنة هي فقط الستحب الذي ثرته أنه يثاب فاعله ول يعاقب تاركه‬
‫والواقع أن هذا الصطلح اصطلح حادث جرى عليه أهل الصول وأهل الفقه ف بيان مرتبة من‬
‫مراتب الكم الشرعي التكليفي لكن ل يصح لنا أن نفسر كلمة سنة إذا جاءت ف حديث الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم أو ف كلم الصحابة أو ف كلم التابعي أو الئمة الكبار بعن الستحب فالسنة‬
‫عندهم أعم من ذلك تشمل الستحب والواجب بل تشمل ما يكفر مالفه‪ ،‬ولذلك أئمة السلف‬
‫والئمة الكبار ف القرون الثلثة الفاضلة الذين ألفوا وصنفوا لم كتب اسها كتب السنة تشتمل على‬
‫أمور العتقاد والت يكفر مالفها ككتاب السنة لبن أب عاصم وكتاب السنة لعبد ال بن أحد بن‬
‫حنبل وكتاب السنة للمروزي وغيهم ‪.‬‬
‫إذا ينبغي أل يهجم الرء على تفسي كلمة السنة إذا وردت ف كلم الصحابة أو ف كلم الئمة‬
‫التابعي أو الئمة الكبار بأنا بعن الستحب فقط لن هذا اصطلح حادث ل ينبغي أن يفسر عليه‬
‫كلم أولئك القوم‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫إذا اتضح هذا ننتقل إل العنصر التال ‪:‬‬
‫ما هي أقسام السنة‪:‬‬
‫السنة عند النظر تنقسم إل قسمي ‪:‬‬
‫سنة صرية‪ :‬إضافتها إل الرسول صلى ال عليه وسلم صرية وظاهرة ‪.‬‬
‫يأتيك ف الديث قال رسول ال فعل رسول ال كان رسول ال كذا أو حصل كذا مع رسول ال‬
‫فالضافة إل الرسول صلى ال عليه وسلم تأت صرية فهذه سنة صرية ‪.‬‬
‫السنة الضمنية‪ :‬وهي سنة تغيب عن أذهان بعض الناس‪ .‬و هي الت ل يأت فيها صريا ذكر الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم لكن حكمها حكم السنة الرفوعة الصرية‪... .‬‬
‫ما هي هذه السنة ‪:‬‬
‫أقوال الصحابة الت ل مال للرأي والجتهاد فيها لنا ما دامت ل مال للرأي والجتهاد فيها فمن‬
‫أين مصدرها ومن أين أخذوها ؟ أخذوها من الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬قول الصحاب الذي ل مالف له فيه هذا أيضا حكمه حكم السنة الرفوعة‪ ،‬وبعض أهل العلم‬
‫يقول هذا إجاع سكوت إذ أن الصحاب حينما يقول القول ويسكت عن النكار الصحابة الخرون‬
‫فإن هذا دليلٌ أن قول هذا الصحاب سنة إما أنه سنة صرية بذه الوافقة أو أنه حصل على درجة‬
‫الجة بوافقة الصحابة فصار حكمه حكم الجاع السكوت ‪.‬‬
‫‪ -‬قول الصحاب ف أسباب النول‪ ،‬ف أسباب نزول القرآن الكري هذا أيضا حكمه حكم السنة‬
‫الرفوعة إذا كانت الصيغة الت عب فيها عن سبب النول صيغة صرية كقوله حدث كذا فأنزل ال‬
‫كذا فإن هذا صريح ف أن هذه الواقعة حصلت ف زمن الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -‬قول الصحاب ف تفسي مرويه فإن الصحاب حينما سع الديث من الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫علم بالقرائن الت حفت هذا الديث فتفسيه لا يرويه عن الرسول صلى ال عليه وسلم مقدم على‬
‫كلم غيه بل لعل الصل فيه أن يكون هذا الفهم أو العن الذي فسر فيه الديث يغلب على الظن‬
‫أنه استفاده من الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫هذه أنواع تندرج تت السنة الضمنية تغيب عن أذهان بعض الناس ولكن أهل الديث من أكثر‬
‫الناس تنبها لا لذلك تراهم إذا ألفوا الجزاء الديثية يوردون الحاديث الرفوعة والثار الوقوفة لنا‬
‫ل تلوا من أن تتضمن الدللة أو الشارة إل سنة من السنن‪ .‬ولذا على طالب العلم أن يشمر عن‬
‫ساعده للعتناء بالوارد عن الصحابة ف مسائل العلم‪ ،‬وهذا الانب يقع فيه قصور من جهات‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن الغالب عدم العتناء ببيان الصحيح من الضعيف من الثار‪ .‬الثان‪ :‬عدم ترير قول‬
‫الصحاب ف السألة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الجوم على نسبة القول إل الصحاب‪ ،‬قبل ترير إن كان آخر القولي له أوْ ل‪.‬‬
‫بعد ما عرفنا تعريف السنة وأقسام السنة نذكر لكم الن فضل إتباع السنة والثمرات الت ينيها‬
‫السلم إذا أتبع سنة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪213‬‬
‫فأقول كمقدمة لذه الثمرات ‪:‬‬
‫الديث عن فضل اتباع السنة النبوية هو الديث عن السلم بتشريعاته وحكمه البالغة وآدابه إذ‬
‫لمِ دِينا َفلَنْ ُيقَْبلَ ِمْنهُ َو ُهوَ فِي ال ِخ َرةِ مِنَ‬
‫السنة هي الدين كله قال تعال ] َومَنْ يَْبتَ ِغ غَْيرَ ا ِلسْ َ‬
‫ت وَالّلهُ‬
‫اْلخَا ِسرِينَ‪َ .‬كيْفَ َيهْدِي الّلهُ َقوْما َك َفرُواْ َبعْدَ ِإيَاِنهِ ْم وَ َشهِدُواْ أَ ّن الرّسُولَ َحقّ َوجَآ َءهُمُ الَْبيّنَا ُ‬
‫لَ َيهْدِي اْل َق ْومَ الظّالِ ِميَ‪ .‬أُولَِئكَ َجزَآ ُؤهُمْ أَ ّن َعلَْيهِمْ َلعَْنةَ الّل ِه وَالْمَلئِ َك ِة وَالنّاسِ أَجْ َم ِعيَ‪ .‬خَاِلدِينَ فِيهَا‬
‫ك وََأصْلَحُوْا فَإِنّ ال َغفُورٌ َرحِيمٌ‬ ‫ب وَلَ هُ ْم يُن َظرُونَ‪ .‬إِلّ الّذِينَ تَابُوا مِن َبعْ ِد ذَِل َ‬ ‫ف عَْنهُ ُم اْلعَذَا ُ‬
‫خفّ ُ‬ ‫لَ يُ َ‬
‫[[آل عمران ‪. ]88-85:‬‬
‫فالدين هو السلم والسلم هو السنة فالدين هو السنة وف هذه الحاضرة سأحاول أن ألقي الضوء‬
‫على أهم ثرات إتباع السنة والدخول فيها جعلنا ال وإياكم من أهلها فأقول مستعينا بال ‪:‬‬
‫من أهم ثرات ونتائج إتباع السنة ما يلي‪:‬‬
‫الثمرة الول‬
‫أن ف اتباع السنة أخذ بالعصمة من الوقوع ف الختلف‬
‫الذموم والبعد عن الدين‬
‫الختلف الذموم الذي هو سة الضعف ول يسلم الرء منه إل بطاعة ال وطاعة الرسول قال تعال‪]:‬‬
‫ب رِيُكُ ْم وَاصِْب ُروَاْ إِ ّن الّل َه مَعَ الصّاِبرِينَ[ [النفال ‪:‬‬ ‫وَأَطِيعُواْ الّل َه َورَسُوَلهُ وَ َل تَنَا َزعُوْا فََتفْشَلُوْا وَتَ ْذ َه َ‬
‫‪ .]46‬ففي إتباع السنة والخذ با طاعة ل ورسوله صلى ال عليه وسلم وذلك سبيل النجاة من‬
‫الختلف الذموم‪.‬‬
‫أخرج الترمذي ف سننه ف كتاب العلم باب ما جاء ف الخذ بالسنة واجتناب البدع وأبو داود ف‬
‫كتاب السنة من سننه باب ما جاء ف لزوم السنة عن العرباض بن سارية قال "وعظنا رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يوما بعد صلة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال‬
‫رجل إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول ال قال‪ :‬أوصيكم بتقوى ال والسمع والطاعة‬
‫وإن عبدٌ حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلفا كثيا وإياكم ومدثات المور فإنا ضللة فمن‬
‫أدرك ذلك منكم فعليه بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي عضوا عليها بالنواجذ"‪.‬‬
‫وف لفظ ابن ماجه قال‪ :‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬قد تركتكم على البيضاء ليلها‬
‫كنهارها ل يزيغ عنها بعدي إل هالك من يعش منكم فسيى اختلفا كثيا فعليكم ما عرفتم من‬
‫سنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنا‬
‫الؤمنون كالمل النف حيثما قيد انقاد"‪.‬‬
‫هذه الوصية من الرسول صلى ال عليه وسلم من جوامع الكلم ل يرج عنها شيء وهي أصل عظيم‬
‫من أصول الدين‪ .‬وذلك أن حياة الناس توطها العلقات؛ فهي إمّا علقة للعبد مع ربه‪ .‬وإما علقة‬
‫للعبد مع متمعه‪ .‬وإمّا علقة مع نفسه‪.‬‬
‫وبيّن الديث أمر العلقة مع ال ف قوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬أُوصِيكُمْ بَِت ْقوَى اللّه"‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫ش مِنْكُمْ َيرَى ا ْختِلَافًا‬ ‫وأمر العلقة مع الجتمع ف قوله‪" :‬وَالسّمْ ِع وَالطّا َع ِة وَإِنْ َعبْدٌ حََبشِيّ فَِإّنهُ مَ ْن َيعِ ْ‬
‫كَثِيًا وَإِيّاكُ ْم َومُحْ َدثَاتِ الُْأمُورِ فَإِّنهَا ضَلَالَ ٌة فَمَنْ َأ ْدرَ َك ذَِلكَ مِنْكُ ْم َفعَلَْيهِ ِبسُنّتِي وَسُنّةِ اْلخَُلفَاءِ‬
‫الرّاشِدِينَ الْ َمهْ ِدّييَ َعضّوا عََلْيهَا بِالّنوَاجِذِ"‪.‬‬
‫وأمر العلقة مع النفس بينه ف الوصية بالتقوى والتمسك بالسنة‪ .‬تدلنا هذه‬
‫الوصية على فضل وثرة من ثرات اتباع سنة الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫الديث حديث أب نيح العرباض بن سارية فيه إخبار عن أمر سيكون ‪ ،‬ما هو هذا المر؟!‬
‫أخب أنه سيكون اختلف كثي بي السلمي عما كان عليه الال ف زمنه صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫"ومن يعش منكم فسيى اختلفا كثيا "!‬
‫ما النجاة ما الفكاك كيف اللص ؟‬
‫قال‪ " :‬فعليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي من بعدي عضوا عليها بالنواجذ " ‪.‬‬
‫إذا أول ثرة وأول فضل لتباع السنة أنك تعصم نفسك به على ما كان عليه الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم وما كان عليه أصحابه‪ ،‬تعصم نفسك عن الختلف الذموم ‪ ،‬تعصم نفسك عن الدخول ف‬
‫أمور الختلف والفرقة الت ذمها السلم بأن تتمسك بالسنة وهذا معيار من الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم نعلمه ونلقنه للناس نقول لم إذا جاءكم أمر من المور والتبست عليكم المور وما عرفتم هل‬
‫هذا المر يوز أو ل يوز؛ فانظروا هل كان عليه حال الرسول صلى ال عليه وسلم وأصحابه هذا‬
‫ضابط علمنا إياه صلى ال عليه وسلم فقال‪" :‬ومن يعش منكم فسيى اختلفا كثيا ‪."...‬‬
‫وقوله ف الديث‪( :‬فعليه بسنت) أي فليلزم سنت (وسنة اللفاء الراشدين الهديي) فإنم ل يعملوا إل‬
‫بسنت فالضافة إليهم إما لعملهم با أو لستنباطهم واختيارهم إياها وقد كانت طريقتهم هي نفس‬
‫طريقته‪ ،‬فإنم أشد الناس حرصا عليها وعمل با ف كل شيء‪ .‬وعلى كل حال كانوا يتوقون مالفته‬
‫ف أصغر المور فضل عن أكبها‪ .‬وكانوا إذا أعوزهم الدليل من كتاب ال وسنة رسوله صلى ال‬
‫عليه وسلم عملوا با يظهر لم من الرأي بعد الفحص والبحث والتشاور والتدبر‪ ،‬وهذا الرأي منهم‬
‫أول من رأي غيهم عند عدم الدليل ‪.‬‬
‫قال أبو حات ابن حبان رحه ال‪" :‬ف قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬فعليكم بسنت" عند ذكره‬
‫الختلف الذي يكون ف أمته بيان واضح أن من واظب على السنن قال با ول يعرج على غيها من‬
‫الراء من الفرق الناجية ف القيامة جعلنا ال منهم بنه ‪.‬‬
‫ث بوّب ف ذكر الخبار عما يب على الرء من لزوم سنن الصطفى صلى ال عليه وسلم وحفظه‬
‫نفسه عن كل من يأباها من أهل البدع وإن حسنوا ذلك ف عينه وزينوه"اهـ(‪.)1‬‬
‫الثمرة الثانية‬
‫أن ف اتباع السنة ولزومها النجاة من الفرقة الت توعد أهلها بالنار‬
‫هناك الختلف وقد ل يصل إل حد الفرقة لكن قد يصل الختلف إل حد فتكون هناك فرق‬
‫وجاعات وانتماءات ذمها الرسول صلى ال عليه وسلم أخرج ابن ماجة عن أنس ابن مالك قال‪:‬‬

‫‪215‬‬
‫قال‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم "إن بن إسرائيل افترقت على إحدى وسبعي فرقة وإن أمت‬
‫ستفترق على اثني وسبعي فرقة كلها ف النار إل واحدة وهي الماعة " ‪.‬‬
‫وأخرج الترمذي عن عبد ال بن عمر قال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ليأتي على أمت ما أتى على بن‬
‫إسرائيل حذو النعل بالنعل وإن بن إسرائيل تفرقت على اثنتي وسبعي ملة وتفترق أمت على ثلث‬
‫وسبعي ملة كلهم ف النار إل واحدة إل ملة واحدة قالوا من هي يا رسول ال قال ‪ :‬ما أنا عليه‬
‫وأصحاب " ‪.‬‬
‫وعن معاوية بن أب سفيان قال‪ :‬قام فينا رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ " :‬أل إن من قبلكم من‬
‫أهل الكتاب افترقوا على اثنتي وسبعي ملة وإن هذه اللة ستفترق على ثلث وسبعي ملة ثنتان‬
‫وسبعي ف النار وواحدة ف النة وهي الماعة "(‪. )1‬‬
‫ففي هذا الديث بيان أن ف لزوم سنته صلى ال عليه وسلم السلمة من الفرقة الذمومة الت توعد‬
‫أهلها بالنار ‪.‬‬
‫هناك ف الثمرة الول ذكر الختلف وقد يدث الختلف ول يصل إل فرقة فاتباعك للسنة‬
‫يسلمك من الختلف ‪.‬‬
‫هنا ف الثمرة الثانية ذكر فرق وهذا خب من الرسول صلى ال عليه وسلم فيه إعجاز وتصديق لنبوته‬
‫صلى ال عليه وسلم إذ المر حصل كما قال عليه الصلة والسلم وحصلت فرق‪ ،‬هناك الوارج‬
‫وهناك العتزلة وهناك الرجئة وهناك الهمية وهناك الرافضة فرق كثية حصلت ‪ ،‬أخب الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم أن هذه الفرق ستبلغ إل ثلث وسبعي فرقة كلها ف النار إل واحدة ما هي ؟ هي‬
‫الت تكون ما عليه أنا وأصحاب ‪.‬‬
‫إذا هذا فيه تعظيم لمر إتباع السنة أليس كذلك؟‬
‫فيه بيان لثمرة من ثرات إتباع السنة أليس كذلك؟‬
‫نقول بلى ‪ :‬فيه تعظيم لتباع السنة وحث للمسلمي أن يتبعوا السنة فعليهم إذا أرادوا النجاة أن‬
‫يكونوا على ما كان عليه الرسول صلى ال عليه وسلم وأصحابه فهذه ثرة من ثرات إتباع السنة ‪.‬‬
‫ومن الهم هنا التنبيه على أن قوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬كلها ف النار إل واحدة " من باب نصوص‬
‫الوعيد‪ ،‬فالفرق التوعدة بالنار‪ ،‬ف قوله صلى ال عليه وسلم‪ " :‬كلها ف النار إل واحدة " هذا عذابا‬
‫شرَكَ ِب ِه وََي ْغ ِفرُ مَا دُونَ‬
‫إن شاء ال عذبا وإن شاء غفر لا‪ ،‬كما قال تعال‪{ :‬إِ ّن الّلهَ لَ َي ْغ ِفرُ أَن يُ ْ‬
‫ذِلكَ لِمَن يَشَآءُ } [النساء‪[،]48:‬مموع الفتاوى (‪.])218-7/217‬‬
‫قال الجري ممد بن السي (ت‪360‬هـ) رحه ال ‪ " :‬فالؤمن العاقل يتهد أن يكون من هذه‬
‫اللة الناجية باتباعه لكتاب ال عزوجل وسنن رسوله صلى ال عليه وسلم وسنن أصحابه رحةُ ال‬
‫عليهم ‪ ،‬وسنن التابعي بعدهم بإحسان‪ ،‬وقول أئمة السلمي من ل يستوحش من ذكرهم مثل سفيان‬
‫الثوري والوزاعي ومالك بن أنس والشافعي وأحد بن حنبل وأب عبيد القاسم بن سلم ومن كان‬
‫على طريقهم من الشيوخ فما أنكروه أنكرناه وما قبلوه وقالوا به قبلناه وقلنا به‪ ،‬ونبذنا ما سوى‬

‫‪216‬‬
‫ذلك"اهـ [كتاب الربعي حديثا للجري‪ ،‬تقيق أخينا الفاضل بدر البدر‪ ،‬أضواء السلف‪،‬‬
‫‪1420‬هـ]‪.‬‬
‫الثمرة الثالثة‬
‫أن ف لزوم السنة تصيل الداية والسلمة من الضلل‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن قد تركت فيكم شيئي‬
‫لن تضلوا بعدها كتاب ال وسنت ولن يتفرقا حت يرد عليّ الوض" (‪.)1‬‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما‪ " :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم خطب الناس ف حجة الوداع‬
‫فقال ‪ " :‬يا أيها الناس إن قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب ال وسنة نبيه‬
‫" (‪. )2‬‬
‫وعن كثي بن عبد ال بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال رسول ال صلىال عليه وسلم‪" :‬‬
‫تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تسكتم بما كتاب ال وسنة نبيه صلى ال عليه وسلم" (‪.)3‬‬
‫وعن أب أمامه قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ما ضل قو ٌم بعد هدىً كانوا عليه إل‬
‫أتوا الدل ث تل رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫ضرَبُوهُ َلكَ إِ ّل جَدَلَ بَ ْل هُ ْم َق ْومٌ َخصِمُونَ[" (‪.)1‬‬
‫] مَا َ‬
‫والكتاب والسنة قد هُدِي من تسك بما‪.‬‬
‫هذه الحاديث تفيد أن ف اتباع السنة النبوية سلمة من الضلل‪" :‬تركت فيكم شيئي لن تضلوا ما‬
‫تسكتم بما كتاب ال وسنت ولن يتفرقا حت يردا على الوض"‪ .‬إذا هذا الديث فيه بشارة لن اتبع‬
‫سنة الرسول صلى ال عليه وسلم وتسك با وأنا ستكون داعية وهادية ف عرصات يوم القيامة إل‬
‫الوض الورود حوض النب صلى ال عليه وسلم وهذه ثرة عظيمة من ثرات التمسك والتباع لسنة‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫قال ابن تيمية رحه ال‪" :‬كان أئمة السلمي مثل مالك وحاد بن زيد والثوري ونوهم إنا تكلموا‬
‫با جاءت به الرسالة وفيه الدى والشفاء فمن ل يكن له علم بطريق السلمي يعتاض عنه با عند‬
‫هؤلء وهذا سبب ظهور البدع ف كل أمة وهو خفاء سنن الرسلي فيهم وبذلك يقع اللك‪ ،‬ولذا‬
‫كانوا يقولون‪ :‬العتصام بالسنة ناة"‪.‬‬
‫قال مالك رحه ال‪" :‬السنة مثل سفينة نوح من ركبها نا ومن تلف عنها هلك"‪.‬‬
‫وهذا حق فإن سفينة نوح إنا ركبها من صدق الرسلي واتبعهم وأن من ل يركبها فقد كذب‬
‫الرسلي ‪ .‬واتباع السنة هو اتباع الرسالة الت جاءت من عند ال فتابعها بنلة من ركب مع نوح‬
‫السفينة باطنا وظاهرا والتخلف عن اتباع الرسالة بنلة التخلف عن اتباع نوح عليه السلم وركوب‬
‫السفينة معه‪.‬‬
‫وهكذا إذا تدبر الؤمن سائر مقالت الفلسفة وغيهم من المم الت فيها ضلل وكفر وجد القرآن‬
‫والسنة كاشفان لحوالم مبينان لقهم ميزان بي حق ذلك وباطله والصحابة كانوا أعلم اللق‬

‫‪217‬‬
‫بذلك كما كانوا أقوم اللق بهاد الكفار والنافقي كما قال فيهم عبدال بن مسعود‪ :‬من كان منكم‬
‫مستنا فليست بن قد مات فإن الي ل تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب ممد كانوا أبر هذه المة‬
‫قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم ال لصحبة نبيه وإقامة دينه‪ ،‬فاعرفوا لم حقهم‪،‬‬
‫وتسكوا بديهم فإنم كانوا على الدي الستقيم"(‪)1‬اهـ‪.‬‬
‫الثمرة الرابعة‬
‫أن ف السنة دخولً تت اسم النب صلى ال عليه وسلم‬
‫وف تركها خروجًا عن اسم الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫الرسول عليه الصلة والسلم يقول ‪" :‬من رغب عن سنت فليس من" وله قصة أخرج الشيخان‬
‫واللفظ للبخاري عن أنس بن مالك رضي ال عنه يقول ‪ :‬جاء ثلثة رهط إل بيوت أزواج النب‬
‫صلى ال عليه وسلم يسألون عن عبادة النب صلى ال عليه وسلم فلما أخبوا كأنم تقالوها ‪ ،‬فقالوا‬
‫أين نن من النب صلى ال عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ‪ ،‬قال أحدهم ‪ :‬أما أنا‬
‫فإن أصلي الليل أبدا وقال آخر ‪ :‬أنا أصوم الدهر ول أفطر ‪ ،‬وقال آخر ‪ :‬أنا أعتزل النساء فل أتزوج‬
‫أبدا ‪ .‬فجاء رسول ال صلى ال عليه وسلم إليهم فقال ‪ :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما وال إن‬
‫لخشاكم ل واتقاكم له لكن أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنت فليس‬
‫من "‪.‬‬
‫وترك سنة الرسول صلى ال عليه وسلم هو رغبة عنه‪ ،‬تركها بعد علمها هو رغبة عنه والرغبة عن‬
‫سنة الرسول صلى ال عليه وسلم على درجتي ‪ :‬قد تكون ف درجة العصية وقد تكون ف درجة‬
‫الكفر والعياذ بال ‪.‬‬
‫إذا تركتها إعراضا عنها وإنكارا لا وانتقاصا لا فأنت انتقصت الدين وانتقاص الدين نوع من الكفر‬
‫والعراض عن الدين نوع من أنواع الكفر والعياذ بال‪.‬‬
‫أما إذا تركت السنة تاونا وكسلً ل عن اعتقاد القصور فيها واعتقاد النقص فيها‪ ،‬فأنت بسب هذه‬
‫السنة الت تركتها إن تركت واجبا فأنت عليك إث الواجب وإن تركت مستحبا فأنت قد فاتك فضل‬
‫الستحب وإذا أدمنت وداومت على ترك الستحب فإن أهل العلم ف الذاهب الربعة يسقطون‬
‫عدالتك ويفسقونك بترك السنة بعن الدمان على تركها‪ .‬من ذلك ما ورد عن المام أحد بن حنبل‬
‫رضي ال عنه‪ :‬أنه سئل عمن يترك صلة الوتر وصلة الوتر عنده مستحبة ليست بواجبة فقال‪ :‬لا‬
‫سئل عمن ترك أو أدمن ترك صلة الوتر ل يصلي الوتر قال ‪ :‬ذاك رجل فاسق ترد شهادته‪ .‬وهو‬
‫يترك سنة ولذلك نن ننبه الناس نقول ‪ :‬ل تفهموا من قول العلماء إن السنة يثاب فاعلها ول يعاقب‬
‫تاركها هذا العن الذي تصلون به إل التهاون بالسنة نقول ‪ :‬ل ‪ ،‬العلماء ما أرادوا هذا إنا أرادوا‬
‫بيان السنة والواجب والحرم والكروه‪ ،‬أرادوا ما تصح به العبادة وما تفسد به العبادة‪ ،‬أرادوا بيان‬
‫أدن الحوال الت يصل با النسان إل حد العدالة عموما ل على الدوام وهم يفرقون مع قولم إن‬
‫السنة يثاب فاعلها ول يعاقب تاركها يفرقون بي من أدمن على ترك السنن وبي من كان يتركها‬

‫‪218‬‬
‫أحيانا ولذلك المام أحد بن حنبل وغيه من أئمة الق قالوا‪ :‬ما بلغنا حديث عن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم إل عملنا به ولو مرة واحدة‪.‬‬
‫لاذا يصفون هذا؟ لاذا يقولون هذا ؟‬
‫حت يعدوا من أصحاب هذه السنة ‪ ،‬يعدوا من أصحاب هذا الديث لذلك من ثرات العمل بالسنة‬
‫وفضل العمل بالسنة أن من يعمل با يعد من أهلها ‪.‬‬
‫الثمرة الامسة‬
‫أن ف فضل السنة واتباعها الفكاك من سبل الشيطان‬
‫عن ابن مسعود رضي ال عنه قال ‪ ":‬خط لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم خطا فقال ‪ :‬هذا سبيل‬
‫ال ث خط خطوطا عن شاله وعن يينه ث خط خطوطا صغية عن شال هذا الط وعن يينه ث قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬هذا سبيلي أشار إل الط الطويل وقال ‪ :‬هذا سبيلي وهذه سبل‬
‫سَتقِيما فَاتِّبعُو ُه وَلَ تَّتِبعُوا السّبُلَ‬
‫صرَاطِي مُ ْ‬
‫على كل سبيل منها شيطان يدعوا إليه ث تل { وَأَ ّن هَذَا ِ‬
‫َفَتفَرّقَ ِبكُ ْم عَن سَبِيِل ِه ذَلِكُ ْم َوصّاكُمْ ِبهِ َلعَلّكُ ْم تَّتقُونَ } "‪ .‬فمن اتبع سنة الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم اتبع الصراط الستقيم وسلم من سبل الشياطي ‪ ،‬وخط الرسول صلى ال عليه وسلم الذي‬
‫صنعه ومثله بالثال ليقربه إل أذهان الناس فخط خطا وخط على جانبه خطوطا تصويرا لقيقة هذه‬
‫السنة‪ ،‬فالسنة طريق طويل ليست طريقا قصيا ولذلك الذين يتعجلون نتائج الدعوة يتعجلون نتائج‬
‫اتباع السنة وتطبيق السنة يقولون‪ :‬يا أخي نن لنا مدة على طلب الديث ونطبق الديث والعمل‬
‫بالسنة ولكن ما يوجد أثر لذا؛ الجتمعات ماتغيت!!‬
‫فأقول لك‪ :‬يا أخي ل ضي ف ذلك أما ترى أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا مثل لسنته‬
‫وصراطه مثله صراطا طويلً ولا مثل السبل الخرى مثلها سبل قصية على جانبيه فل تغتر ول تظنن‬
‫أن اتباعك لتلك السبل الت هي على خلف السنة يوصلك إل النتيجة! فبعض الناس قد يظن أنه بذا‬
‫السلوب الذي يالف سنة الرسول يصل مباشرة إل مقصود الدعوة!‬
‫فنقول‪ :‬هذه كلها اغواءات من الشيطان يغويك يفتح لك البواب ويغرر بك يوهك أن هذا السبيل‬
‫نتيجته سريعة طريقه قصي أما طريق السنة يا أخي فإنه طريق طويل مفوف بالكاره‪ ،‬ولكنه صراط‬
‫مستقيم يؤدي بسالكه إل النة‪ ،‬وينجو به من النيان!‬
‫هذا سبيل الرسول صلى ال عليه وسلم إن أردته ألزمه وهو طريق طويل عليك إن تصب وعليك أن‬
‫تتابع السبيل ولذلك كان من الوصايا العامة لميع الؤمني ما ذكره ال سبحانه وتعال ف قوله‬
‫صوْاْ‬
‫صوْاْ بِاْلحَ ّق وََتوَا َ‬
‫ت وََتوَا َ‬
‫س ٍر ‪.‬إِلّ الّذِي َن آمَنُوْا َوعَمِلُوْا الصّالِحَا ِ‬
‫صرِ ‪ .‬إِنّ الِنسَا َن َلفِى خُ ْ‬
‫{ وَاْلعَ ْ‬
‫بِالصّبْر}‬
‫لبد من الصب ف أمر الدعوة!‬

‫‪219‬‬
‫وسبيل الرسول صلى ال عليه وسلم ف الدعوة ومنهج النبياء ف الدعوة ليس بنهج سريع تستعجل‬
‫فيه ثرته‪ ،‬ليس بنهج بي يوم وليلة بي سنة وسنتي‪ ،‬بل هو سبيل طويل‪ ،‬وصراط مستقيم‪ ،‬أمّا سبيل‬
‫الشياطي فإنا كلها قصية يغرر بك بقصرها فتتوهم أنا تؤدي إل النتيجة سريعا!‬
‫فسبيل السنة سبيل طويل عليك أن تتبعه وأن تسلكه وأن تتواصى فيه مع إخوانك بالق وأن تتواصى‬
‫فيه مع إخوانك بالصب ‪.‬‬
‫إذا ف اتباعك للسنة أمان لك وفكاك لك من سبل الشياطي ‪.‬‬
‫قال ناصر الدين أحد بن ممد العروف بابن الني (ت‪683‬هـ) رحه ال‪" :‬من القوق الواجبة‬
‫نشرها (يعن‪ :‬السنة) على الناس قاطبة يملها الخذ إل الغالب‪ ،‬ويبلغها الشاهد إل الغائب‪ ،‬وقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬نضر ال امرءا سع مقالت فوعاها ث أدّاها كما سعها فرب مبلغ‬
‫أوعى من سامع" فوظيفة الامل الاهل ف هذه المانة أن يؤديها إل أهلها بالوفاء والتسليم ووظيفة‬
‫الامل الاذق أيضا أن يؤديها إل من عساه أحذق منه ف الفهم والتفهيم‪.‬‬
‫وليحذر أن يجب عن الزيد باعتقاد أنه ذلك العظيم ففوق كل ذي علم عليم‪ ،‬ومهما ظن أنه ليس‬
‫وراء قدره مرمى ‪ ،‬فقد حرم بركة قوله عزوجل‪{ :‬وقل رب زدن علما} [طه‪ ]114:‬وقد كان‬
‫العلماء الربانيون من هذه المة على ما وهبوه من القوة ف غاية الزع واللع يتدرعون العجز الذي‬
‫يأباه اليوم لكع بن لكع‪ ،‬حت كان مالك رحه ال وهو الذي ل يقري أحد كما يقري أهون ما عليه‬
‫أن يقول فيما ل يدري أنه ل يدري‪ ،‬ويشي با إل الفاضل والماثل ويقول‪ :‬جنة العال ل أدري فإذا‬
‫أخطأها أصيبت منه القاتل"اهـ‪)1(.‬‬
‫قال ابن تيمية رحه ال‪" :‬وعامة هذه الضللت إنا تطرق من ل يعتصم بالكتاب والسنة كما كان‬
‫الزهري يقول‪ :‬كان علماؤنا يقولون العتصام بالسنة هو النجاة‪.‬‬
‫وقال مالك‪ :‬السنة سفينة نوح من ركبها نا ومن تلف عنها غرق ؛ وذلك أن السنة والشريعة‬
‫والنهاج هو الصراط الستقيم الذي يوصل العباد إل ال والرسول هو الدليل الادي الريت ف هذا‬
‫الصراط كما قال تعال‪ { :‬إِنّآ َأ ْرسَلْنَاكَ شَاهِدا َومُبَشّرا وََنذِيرا ‪َ .‬ودَاعِيا ِإلَى الّلهِ بِِإذِْن ِه وَ ِسرَاجا‬
‫مّنِيا }‪.‬‬
‫ط الّلهِ الّذِي َل ُه مَا فِي السّموَات َومَا فِي ال ْرضِ‬ ‫صرَا ِ‬ ‫ط مُسْتَقيم ‪ِ .‬‬ ‫وقال تعال‪ { :‬وإنّك لتهدي إل صرا ٍ‬
‫أَلَ إِلَى الّلهِ َتصِيُ ا ُلمُورُ}‪.‬‬
‫صرَاطِي مُسَْتقِيما فَاّتِبعُوهُ وَلَ َتتِّبعُوا السُّبلَ فََت َفرّقَ بِكُ ْم عَن سَبِيِل ِه ذَلِكُمْ‬
‫وقال تعال‪ { :‬وَأَ ّن هَذَا ِ‬
‫َوصّاكُمْ ِبهِ َلعَلّكُمْ َتّتقُونَ }‪.‬‬
‫وقال عبدال بن مسعود‪ :‬خط رسول ال صلى ال عليه وسلم خطا وخط خطوطا عن يينه وشاله ث‬
‫قال هذا سبيل ال وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ث قرأ‪ { :‬وَأَ ّن هَذَا صِرَاطِي‬
‫مُسَْتقِيما فَاّتِبعُوهُ وَلَ َتتِّبعُوا السُّبلَ فََت َفرّقَ بِكُ ْم عَن سَبِيِل ِه ذَلِكُ ْم َوصّاكُمْ ِبهِ َلعَلّكُمْ َتّتقُونَ }[النعام ‪:‬‬
‫‪.]153‬‬

‫‪220‬‬
‫وإذا تأمل العاقل الذي يرجو لقاء ال هذا الثال وتأمل سائر الطوائف من الوارج ث العتزلة ث‬
‫الهمية والرافضة ومن أقرب منهم إل السنة من أهل الكلم مثل الكرامية والكلبية والشعرية‬
‫وغيهم(‪ )1‬وأن كل منهم له سبيل يرج به عما عليه الصحابة وأهل الديث ويدعى أن سبيله هو‬
‫الصواب وجدت أنم الراد بذا الثال الذي ضربه العصوم الذي ل يتكلم عن الوى إن هو إل وحي‬
‫يوحى" [ مموع الفتاوى (‪4/56‬ـ‪.])57‬‬
‫الثمرة السادسة‬
‫ف اتباع السنة تصل الشرع والدين‬
‫وذلك أن الدين معناه أن ل تعبد إل ال ول تعبد ال إل با شرع ول طريق لنا ف معرفة الشرع بغي‬
‫القرآن العظيم والسنة النبوية‪ ،‬ولذا كانت العبادات توقيفية ول غرو قالت عائشة رضي ال عنها‪" :‬‬
‫كان خلقه القرآن " وسنته صلى ال عليه وسلم شاملة لكل الدين ‪ .‬فهي البينة للقرآن العظيم قال ال‬
‫س مَا ُنزّلَ إَِلْيهِ ْم وََلعَّلهُمْ َيَتفَ ّكرُونَ} وقال تعال‪َ { :‬ومَآ‬
‫تبارك وتعال‪ { :‬وَأَْنزَلْنَا إِلَْيكَ الذّ ْكرَ لُِتبَيّنَ لِلنّا ِ‬
‫أَْنزَْلنَا عََلْيكَ الْكِتَابَ إِ ّل لِتَُبيّنَ َلهُمُ الّذِي اخَْتَلفُواْ فِيهِ َوهُدًى َورَ ْحمَةً ّل َق ْومٍ ُي ْؤمِنُونَ} [النحل‪.]64 :‬‬
‫توضأ رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال ‪ " :‬هذا وضوئي ووضوء النبياء من قبلي‪ ،‬فمن زاد أو‬
‫أنقص فقد أساء وظلم" ‪.‬‬
‫وصلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو الذي قال‪" :‬صلوا كما رأيتمون أصلي"!‬
‫وهو الذي قال‪" :‬إنا بعثت لتم مكارم الخلق" وهو الذي قال‪ " :‬أفشوا السلم بينكم وأطعموا‬
‫الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا جنة ربكم بسلم " ‪.‬‬
‫وقال ابن تيمية رحه ال ‪ " :‬ولذا قال الفقهاء العبادات مبناها على التوقيف كما ف الصحيحي عن‬
‫عمر بن الطاب رضي ال عنه أنه قبل الجر السود وقال‪ :‬وال إن لعلم أنك حجر ل تضر ول‬
‫تنفع ولول أن رأيت رسول ال ‪ r‬يقبلك لا قبلتك ‪.‬‬
‫وال سبحانه وتعال أمرنا باتباع الرسول وطاعته وموالته ومبته وأن يكون ال ورسوله أحب إلينا ما‬
‫سواها وضمن لنا بطاعته ومبته مبة ال وكرامته فقال تعال { قل إن كنتم تبون ال فاتبعون‬
‫يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم} وقال تعال { وإن تطيعوه تتدوا } وقال تعال { ومن يطع ال‬
‫ورسوله يدخله جنات تري من تتها النار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم } ‪.‬‬
‫وأمثال ذلك ف القرآن كثي ول ينبغي لحد أن يرج ف هذا عما وضحت به السنة وجاءت به‬
‫الشريعة ودل عليه الكتاب والسنة وكان عليه سلف المة وما علمه قال به وما ل يعلمه أمسك عنه‬
‫ول يقفُ ما ليس به علم ول يقول على ال ما ل يعلم فإن ال تبارك وتعال قد حرم ذلك كله انتهى‬
‫كلمه رحه ال " ‪.‬‬
‫فمن ثرا ت اتباع السنة أنك باتباعها تصل الدين جيعه ‪.‬‬
‫إن شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول عبده ورسوله تتضمن أمرين‪:‬‬
‫أن ل نعبد إل ال وأن ل نعبده إل با شرع ‪.‬‬

‫‪221‬‬
‫إن هذين المرين ها اللذان يقوم عليهما الدين ‪.‬‬
‫أما نقول ذلك ؟ إذا التباع أن ل نعبد ال إل با شرع‪ ،‬وتقيق هذا الصل ل يكون إل باتباع‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم وهو معن الزء الثان من الشهادة وأشهد أن ممدا رسول ال فل‬
‫طريق لك إل معرفة عبادة ال إل عن طريق اتباع رسول ال واتباع الرسول يكون بأخذ سنته صلى‬
‫ل ليس عليه أمرنا فهو رد"‪.‬‬ ‫ال عليه وسلم ولذلك يقول الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬من عمل عم ً‬
‫يعن تتقرب إل ال بأمر انظر هذا المر هل هو من المور الت تقرب با الرسول عليه الصلة‬
‫والسلم أم ل ‪ .‬فإذا وجدتا من ذلك فهي مقبولة إن شاء ال إذا توفرت شروط القبول وإذا ل يكن‬
‫المر كذلك فهو مردود عليك ولذلك حكم أهل العلم إن الذين يتقربون إل ال بأمور مدثة يعن‬
‫ببدع ل تقبل منهم عبادتم لاذا ؟ لن الرسول عليه الصلة والسلم قال‪" :‬من عمل عملً ليس عليه‬
‫أمرنا فهو رد" إذا ف اتباع سنة الرسول عليه الصلة والسلم وتقفيها أخذ بالدين كله‪ .‬والرسول‬
‫عليه الصلة والسلم علمنا كيف نتوضأ وكيف نصلي وعلمنا الداب والخلق وكان يعلمنا لا‬
‫دخل الدينة قال‪" :‬أفشوا السلم وأطعموا الطعام وصلوا والناس نيام تدخلوا النة بسلم" ويعلمنا‬
‫يقول ‪" :‬إنا بعثت لتم مكارم الخلق" علمنا الصيام وعلمنا الزكاة وعلمنا أمور الدين ‪ .‬فاتباعك‬
‫لسنة الرسول أخذ بأمور الدين جيعها‪.‬‬
‫قال ابن عبد الب (ت‪463‬هـ)‪":‬هذا حديث مدن صحيح ويدخل ف هذا العن الصلح والي كله‬
‫والدين والفضل والروءة والحسان والعدل فبذلك بعث ليتممه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد قال العلماء إن أجع آية للب والفضل ومكارم الخلق قوله عز وجل‪{ :‬إِ َن الّلهَ يَ ْأ ُمرُ بِاْلعَدْلِ‬
‫حشَاءِ وَالْمُْن َكرِ وَالَْبغْيِ َيعِظُ ُكمْ َلعَلّكُمْ َتذَ ّكرُونَ} [النحل‪:‬‬
‫وَال ْحسَا ِن وَإِيتَآءِ ذِي اْل ُقرْبَى وََيْنهَى عَنِ اْلفَ ْ‬
‫‪.]90‬‬
‫وروينا عن عائشة ذكره ابن وهب وغيه أنا قالت‪" :‬مكارم الخلق صدق الديث وصدق الناس‬
‫وإعطاء السائل والكافأة وحفظ المانة وصلة الرحم والتدمم للصاحب وقرى الضيف والياء‬
‫رأسها"‪.‬‬
‫قالت‪" :‬وقد تكون مكارم الخلق ف الرجل ول تكون ف ابنه وتكون ف ابنه ول تكون فيه وقد‬
‫تكون ف العبد ول تكون ف سيده يقسمها ال لن أحب"اهـ [التمهيد (‪.])24/334‬‬
‫قلت‪ :‬وسنة الرسول هي الدين كما تقدم‪ ،‬وهي البينة لا ف القرآن العظيم‪ ،‬وقد كان خلقه صلى ال‬
‫عليه وسلم القرآن كما قالت أم الؤمني عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫وقد قال ابن تيمية‪" :‬ولذا قال الفقهاء‪ :‬العبادات مبناها على التوقيف كما ف الصحيحي عن عمر بن‬
‫الطاب أنه قبل الجر السود وقال‪" :‬وال إن لعلم أنك حجر ل تضر ول تنفع ولول أن رأيت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يقبلك لا قبلتك" وال سبحانه أمرنا باتباع الرسول وطاعته وموالته‬
‫ومبته وأن يكون ال ورسوله أحب إلينا ما سواها وضمن لنا بطاعته ومبته مبة ال وكرامته فقال‬
‫تعال‪{ :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم}‪ ،‬وقال تعال ‪{ :‬وإن تطيعوه‬

‫‪222‬‬
‫تتدوا}‪ ،‬وقال تعال‪{ :‬ومن يطع ال ورسوله يدخله جنات ترى من تتها النار خالدين فيها‬
‫وذلك الفوز العظيم}‪ ،‬وأمثال ذلك ف القرآن كثي‪.‬‬
‫ول ينبغي لحد أن يرج ف هذا عما مضت به السنة وجاءت به الشريعة ودل عليه الكتاب والسنة‬
‫وكان عليه سلف المة وما علمه قال به وما ل يعلمه أمسك عنه ول يقفو ما ليس له به علم ول‬
‫يقول على ال ما ل يعلم فان ال تعال قد حرم ذلك كله"اهـ[قاعدة جليلة ف التوسل والوسيلة ص‬
‫‪270‬ـ‪.]271‬‬
‫الثمرة السابعة‬
‫أن ف اتباعك لا رفع لسمة الذل والوان عن المة‬
‫وذلك لن السنة هي الدين وترك الدين سبب للذل والوان‪.‬‬
‫أخرج أحد ف السند وأبو داود ف سننه عن ابن عمر قال ‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يقول ‪ " :‬إذا تبايعتم بالعينة وأخذت أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الهاد سلط ال عليكم ذلً‬
‫ل ينعه حت ترجعوا إل دينكم" والعودة إل السنة عودة إل الدين ‪.‬‬
‫وف حديث جبيل الطويل الذي هو أم السنة بعد أن ذكر أركان اليان والسلم والحسان قال‪:‬‬
‫"هذا جبيل أتاكم يعلمكم أمور دينكم"!‬
‫الرسول عليه الصلة والسلم أخب بأمر سيكون وأخب بالنتيجة وذلك على سبيل اللص قال ‪" :‬إذا‬
‫تبايعتم بالعينة" والعينة نوع من أنواع البيوع تباع فيها السلعة ويبقى عينها عند بائعها ويشتريها البائع‬
‫من اشتراها منه‪ ،‬كأن يذهب إنسان إل صاحب سيارات وهو متاج فلوس فيقول لصاحب‬
‫السيارات‪ :‬بعن هذه السيارة بالتقسيط بعشرين ألف‪ ،‬فيبيعه بعشرين ألف‪ ،‬وصاحب السيارة عارف‬
‫أنه ما يريد السيارة يريد الفلوس فيقول له‪ :‬أنا اشتري منك هذه السيارة نقدا بمسة عشر ألفا فيصي‬
‫ف القيقة أنه أخذ خسة عشر ألفا حاله بعشرين ألف مؤجلة أل يصل هذا ‪.‬‬
‫هذا هو بيع العينة‪ ،‬سي عينة لن عي السلعة الباعة ل تنتقل من حرز مالكها‪.‬‬
‫والرسول عليه الصلة والسلم عنون ببيع العينة من باب الشارة إل تفشي أنواع البيوع الحرمة لنه‬
‫ل يوجد عندنا ف العاملت ف البيع والشراء إل بيع وربا فعنوان البيوع الحرمة الربا ومنه بيع العينة‪.‬‬
‫قال ‪" :‬إذا تبايعتم بالعينة واتبعتم أذناب البقر" كانوا ف السابق وليزال إل الن ف بعض البلد‬
‫الحراث يره بقر وثور فيأت الزارع يشي خلف البقر ويسك الحراث ويغرزه ف الرض حت‬
‫يقلبها فالرسول صلى ال عليه وسلم عب عن الركون إل الدنيا والرض باتباع أذناب البقر يعن‬
‫تصيوا أهل زرع وأهل دنيا وأهل مال فتجلسوا ف الرض وتتركوا الهاد ‪ .‬قال ‪" :‬إذا تبايعتم‬
‫بالعينة واتبعتم أذناب البقر وتركتم الهاد " تضمن ثلثة أمور‪:‬‬
‫• ‪1‬ـ إذا تبايعتم بالعينة! قلنا‪ :‬هذا عنوان البيوع الحرمة الربوية ‪.‬‬
‫• ‪2‬ـ واتبعتم أذناب البقر! معناه الركون إل الدنيا ‪.‬‬
‫• ‪3‬ـ وتركتم الهاد‬

‫‪223‬‬
‫ما هي نتيجة هذه المور إذا وجدت ف متمع من الجتمعات‪" :‬سلط ال عليكم ذلً ل يرفعه عنكم‬
‫حت تعودوا إل دينكم " ‪.‬‬
‫إذا اتباع السنة عودة إل الدين والعودة إل الدين سبب ف رفع الذل عنا‪.‬‬
‫إذا اتباع السنة سبب ف رفع الذل عن أمة السلمي‪.‬‬
‫أخذ سنة الرسول صلى ال عليه وسلم والسي عليها والتمشي با والرص والتمسك با جاء عنه‬
‫صلى ال عليه وسلم سبب لرفع الذل عن السلمي وهذا ثرة من ثرات اتباع السنة أخبنا با الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ف هذا الديث ‪.‬‬
‫ف حديث جبيل الطويل ذكر اليان والسلم والحسان وقال‪" :‬هذا جبيل أتاكم يعلمكم أمور‬
‫دينكم"؛ إذا الذل ل يرفع إل بالعودة إل الدين والدين هو معرفة أركان اليان والسلم والحسان‬
‫أليس كذلك؟!‪.‬‬
‫فمن أراد أن يعود إل الدين فعليه أن يتعلم أحكام هذه الذكورات ف حديث جبيل‪ .‬فهل بعد هذا‬
‫يلم أهل الديث أنم يشتغلون بتعليم الناس أحكام الطهارة وأحكام الصوم وأحكام الزكاة وأحكام‬
‫اليان واليان بال وباللئكة والكتب ويتركوا الكلم ف الشياء الت ل فائدة فيها؟!‬
‫يتحدث أهل الديث ف هذه المور يعلمون الناس الدين‪ ،‬هل يقال عنهم بعد ذلك أنتم علماء حيض‬
‫ونفاس ولستم بعلماء واقع ولستم بعلماء دعوة؟‬
‫العال الذي يعلم الناس هذه المور يعلم الناس الدين يعلمهم السبيل الذي يرجون به عن الذل‬
‫والوان يعلمهم السبيل الذي أرشدهم الرسول صلى ال عليه وسلم إليه ‪ .‬إذا أرادوا اللص والنجاة‬
‫ف الخرة!‬
‫فمن ترك تعلم هذه المور وجعل كلمه كله عن العلمانية وعن الشيوعية وعن الدول الكبى وعن‬
‫كذا‪ ،‬وترك تعليم نفسه ما يتاجه من أمر دينه‪ ،‬بله تعليم الناس هذه الشياء‪ ،‬هل علم الدين؟ هل‬
‫تقق فيه الرجوع إل الدين‪ ،‬الذي أراده صلى ال عليه وسلم ف قوله‪" :‬حت ترجعوا إل دينكم" وف‬
‫حديث جبيل ذكر اليان وأركانه والسلم وأركانه والحسان‪" :‬وقال‪ :‬هذا جبيل أتاكم يعلمكم‬
‫أمور دينكم"؟‬
‫فهل نتعلم الدين بدون أن نتعلم كيف نصلي ؟!‬
‫هل نتعلم الدين من غي أن نتعلم الطهارة الت هي مفتاح الصلة؟!‬
‫هل نتعلم الدين من غي أن نعلم نساءنا وبناتنا وحرينا أحكام اليض وأحكام النفاس وهي أمور تر‬
‫عليهم دائما؟‬
‫هل نكون تعلمنا الدين بغي ذلك؟‬
‫هل نتعلم الدين ونن ل نعرف نعبد ال على الطريقة الت تقول‪ :‬إن صلت أنا كما صلها الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حجي أنا كما حج الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬صومي أنا كما صام الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم؟‬

‫‪224‬‬
‫هل عرفنا الدين؟!‬
‫إذا من ثرات اتباع السنة ومن فضل اتباع السنة أن فيها رفع سة الذل والوان عن السلمي ‪.‬‬
‫سر يا أخي على الادة اتبع سنة الرسول صلى ال عليه وسلم أحرص على أن تقيم عبادة ال وتققها‬
‫وثق أنك إذا ما مشيت على هذا فصلحت نفسك وأصلحت أهلك وأسرتك وصلح النفس صلح‬
‫السرة ‪.‬‬
‫وصلح السرة صلح الجتمع ‪.‬‬
‫وصلح الجتمع صلح الدينة ‪.‬‬
‫وصلح الدينة صلح الدولة ‪.‬‬
‫وصلح الدولة صلح المة ‪.‬‬
‫وصلح المة صلح الكون جيعه بإذن ال؛ فأحرص وأبدا بنفسك ث أدناك فأدناك‪.‬‬
‫الثمرة الثامنة‬
‫أن فيها وصف الداء الذي اعترى المة السلمية ووصف الدواء‬
‫أخرج أحد وأبو داود عن ثوبان قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬يوشك المم أن‬
‫تتداعى عليكم كما تداعى الكلة على قصعتها فقال قائل ‪ :‬ومن قلة نن يومئذٍ قال ‪ :‬بل أنتم يومئذٍ‬
‫كثي ولكنكم غثاءٍ كغثاء السيل ولينعن ال من صدور عدوكم الهابة لكم و ليقذفن ال ف قلوبكم‬
‫الوهن فقال قائل ‪ :‬يا رسول ال وما الوهن قال ‪ :‬حب الدنيا وكراهية الوت " ‪.‬‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم وصف داءنا وحالنا ‪" :‬يوشك أن تداعى عليكم المم كما يتداعى‬
‫الكلة على قصعتها "‪.‬‬
‫أما حصل هذا؟! وال حصل تداعت دول الستعمار على البلد السلمية الت حباها ال سبحانه‬
‫وتعال باليات رزقها ال باليات أنار وزراعة وبترول وأمور متلفة تداعوا عليها كما يتداعى‬
‫الكلة على قصعتها!‬
‫"قالوا‪ :‬أمن قلة نن يا رسول ال؟" هل نن قليل حت تيء دول وتتكاثر علينا؟!‬
‫"قال‪ :‬ل بل كثي ولكنكم غثاء كغثاء السيل"‪ .‬فما السبب ف ضعفنا ؟‬
‫"قال‪ :‬ولينعن ال من صدورهم الهابة لكم وليقذفن ال ف قلوبكم الوهن قالوا يا رسول ال ما‬
‫الوهن قال حب الدنيا وكراهية الوت" ‪.‬‬
‫إذا ف السنة وصف الداء ووصف الدواء تريد تعال نفسك تريد تشي ف طريقك تريد تقق الي‬
‫لك؛ احرص على اتباع السنة وعال نفسك من أمر حب الدنيا وكراهية الوت تنظر ف السنة تد‬
‫فيها حديثا يقول‪ " :‬أكثروا من زيارة القبور فإنا تذكركم بالخرة " تنظر ف السنة تد فيها حديثا‬
‫يقول‪" :‬من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو ليصمت"‪ ،‬تذكرك بالخرة بالوت كل ما‬
‫قرأت واطلعت ف السنة وطبقتها‪ ،‬يضعف ف نفسك حب الدنيا وخوف الوت شيئا فشيئا!‬
‫تسمع ف السنة عن الدنيا‪" :‬الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر ال وما واله أو عال أو متعلم" ‪.‬‬

‫‪225‬‬
‫تقرأ ف القرآن العظيم‪ ] :‬زين للناس حب الشهوات من النساء والبني والقناطي القنطرة من الذهب‬
‫والفضة واليل السومة والنعام ‪...‬إل آخره[‬
‫وتستمر ف تعلم القرآن والسنة فتتوضح لك القائق وتتكشف لك الدنيا!‬
‫فتقوم وقد عرفت ما هي الدنيا! عرفت ما هي المور الت حولك! فسلمت من الوهن وسلمتك من‬
‫الوهن خروج لك من حالة الغثائية ‪.‬‬
‫الثمرة التاسعة‬
‫أن ف سنته صلى ال عليه وسلم تصيل تام الخلق وجيلها ومكارمها‬
‫أخرج أحد عَنْ أَبِي ُهرَْي َرةَ قَالَ قَا َل رَسُو ُل الّل ِه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ‪" :‬إِنّمَا ُبعِْثتُ لُِأتَمّ َم صَالِح‬
‫الَْأخْلَاقِ "(‪.)1‬‬
‫قال ابن عبدالب (ت‪463‬هـ)‪":‬هذا حديث مدن صحيح ويدخل ف هذا العن الصلح والي كله‬
‫والدين والفضل والروءة والحسان والعدل فبذلك بعث ليتممه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقد قال العلماء إن أجع آية للب والفضل ومكارم الخلق قوله عز وجل‪{ :‬إِ َن الّلهَ يَ ْأ ُمرُ بِاْلعَدْلِ‬
‫حشَاءِ وَالْمُْن َكرِ وَالَْبغْيِ َيعِظُ ُكمْ َلعَلّكُمْ َتذَ ّكرُونَ} [النحل‪:‬‬ ‫وَال ْحسَا ِن وَإِيتَآءِ ذِي اْل ُقرْبَى وََيْنهَى عَنِ اْلفَ ْ‬
‫‪.]90‬‬
‫وروينا عن عائشة ذكره ابن وهب وغيه أنا قالت‪" :‬مكارم الخلق صدق الديث وصدق الناس‬
‫وإعطاء السائل والكافأة وحفظ المانة وصلة الرحم والتدمم للصاحب وقرى الضيف والياء‬
‫رأسها"‪.‬‬
‫قالت‪" :‬وقد تكون مكارم الخلق ف الرجل ول تكون ف ابنه وتكون ف ابنه ول تكون فيه وقد‬
‫تكون ف العبد ول تكون ف سيده يقسمها ال لن أحب"اهـ (‪.)1‬‬
‫قلت‪ :‬وسنة الرسول هي الدين كما تقدم‪ ،‬وهي البينة لا ف القرآن العظيم‪ ،‬وقد كان خلقه صلى ال‬
‫عليه وسلم القرآن كما قالت أم الؤمني عائشة رضي ال عنها‪.‬‬
‫الثمرة العاشرة‬
‫أن ف لزوم السنة النجاة من الفتنة والعذاب الليم‬
‫قال ال تبارك وتعال {ل تعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم ال الذين‬
‫يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}‪.‬‬
‫كل من خالف السنة! كل من خالف أمر الرسول! عليه أن يذر {فليحذر الذين يالفون عن أمره‬
‫أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }تصيبهم فتنة فيدخل الكفر ف قلوبم أو النفاق ف قلوبم أو‬
‫يدخلوا ف البدع فيلحقهم بذلك عذاب أليم!‬
‫فمن فضل اتباع سنة الرسول أنا تفظك من الفتنة ‪.‬‬
‫جاء رجل إل المام مالك قال‪ :‬يا إمام أريد العمرة! قال‪ :‬اعتمر! قال‪ :‬أريد أن أحرم لا من الدينة‬
‫من السجد! قال‪ :‬يا بن اعتمر رسول ال صلى ال عليه وسلم من ذي الليفة واعتمارك من السجد‬

‫‪226‬‬
‫خلف السنة وإن أخشى عليك الفتنة إذا أنت فعلت هذا ث تل { فليحذر الذين يالفون عن أمره‬
‫أن تصيبهم فتنة أو يصبهم عذاب أليم }‪.‬‬
‫الثمرة الادية عشر‬
‫أن ف اتباع السنة ولزومها تقيق اليان وحصول السعادة ف‬
‫الدارين والسلمة من النيان‬
‫قال تعال‪ { :‬ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونشره يوم القيامة أعمى }‪ ،‬فمن اتبع‬
‫سنة الرسول صلى ال عليه وسلم ولزمها فإنه ل يعرض عن الدين ول عن ذكر ال بل أقبل فهذا ل‬
‫يكون حاله كمن أعرض وقد قال تعال { قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم‬
‫ذنوبكم } وقال تعال { وإن تطيعوه تتدوا } وقال تعال { ومن يطع ال ورسوله يدخله جنات‬
‫تري من تتها النار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم } ‪.‬‬
‫وبالقابل جاءت آيات ف حال من يعصي ال ورسوله قال تبارك وتعال‪{ :‬ومن يعص ال ورسوله‬
‫ويتعدى حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهي}‪ ،‬بل نفى اليان عمن ل يقق التباع له‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قال ال تعال‪{ :‬فل وربك ل يؤمنون لك حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل‬
‫يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما}‪ ،‬وقال تبارك وتعال‪{ :‬ما كان لؤمن ول‬
‫مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لم الية من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل‬
‫ضللً مبينا}‪ ،‬وقال تعال‪{ :‬ومن يعص ال ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا}‪.‬‬
‫إذا اتباع سنة الرسول عليه الصلة والسلم تقيق لليان‪{ :‬فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما‬
‫شجر بينهم} {وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن يكون لم الية من‬
‫أمرهم}‪.‬‬
‫الثمرة الثانية عشر‬
‫من ثرات اتباع السنة أن ف اتباعك للسنة وعملك با إحيا ًء لا‬
‫وإحياؤك لا إظهارا لا ودعوة للناس إليها‪ ،‬فمن عمل بالسنة‪ ،‬نتيجة عملك با أجر وأجر من عمل‬
‫با إل يوم القيامة‪ .‬أخرج مسلم ف صحيحه عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪:‬‬
‫" من دعى إل هدى كان له من الجر مثل أجور من تبعه ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن‬
‫دعى إل ضللة كان له من الث مثل آثام من تبعه ول ينقص ذلك من آثامهم شيئا"‪.‬‬
‫وأخرج مسلم أيضا عن جرير بن عبد ال قال جاء ناس من العراب إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم عليهم الصوف فرأى سوء حالم قد أصابتهم حاجة فحث الناس على الصدقة فابطئوا عنه حت‬
‫رؤي ذلك ف وجهه قال ‪ :‬ث أن رجلً من النصار جاء بصرة من ورق ث جاء آخر ث تتابعوا حت‬
‫عرف السرور ف وجهه صلى ال عليه وسلم فقال عليه الصلة والسلم ‪ " :‬من سن ف السلم سنة‬
‫حسنة فعمل با بعده كتب له مثل أجر من عمل با ول ينقص من أجورهم شيء ومن سن ف‬
‫السلم سنة سيئة وعمل با بعده كتب له مثل وزر من عمل با ل ينقص من أوزارهم شيئا "‬

‫‪227‬‬
‫إذا من عمل بالسنة وأظهرها دعى الناس إليها بجرد أنه أظهرها‪ .‬فإذا عمل إنسان بذه السنة كان‬
‫لن أظهرها أو ًل أجر من عمل با إل يوم القيامة!‬
‫قد يقول قائل‪ :‬يا شيخ الرسول صلى ال عليه وسلم قال من سن سنة حسنة يعن إنسان يعمل عمل‬
‫ولو ما جاء ف الشرع ولو ما جاء عن الرسول!‬
‫أقول لك‪ :‬ل ‪،‬ليس هذا معن الديث لن أهل العلم يقولون إنا يعرف التحسي والتقبيح للشياء من‬
‫الشرع فمن أين لك هذا العمل حسن إذا ل يأت من الشرع فمصدرنا أن هذا حسن أو قبيح هو‬
‫الشرع‪ ،‬يصي معن الديث‪" :‬من سن سنة حسنة " أي‪ :‬من أحيا سنة من الشرع ولذلك الديث‬
‫ورد ف الصدقة أن رجلً جاء وقدم صدقة فجاء الناس بعده وتصدقوا‪.‬‬
‫دخل رجل السجد ولقي فقيا فخرّج من ماله شيئا وأعطاه! فلما رأوه الناس بادروا اقتداء به إل‬
‫إعطاء هذا الفقي ومساعدته! كل من عمل إقتداءً به يكون له أجر‪.‬فهل الصدقة وإخراجها من السنة‬
‫الت ثبتت عن الرسول صلى ال عليه وسلم أم سنة مدثة؟ إنا سنة ثابتة عنه صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ليس ف الديث أن النسان يعمل سنة من عند نفسه‪ ،‬لن حسن السنن إنا يعرف من الشرع وليكن‬
‫ل ليس عليه أمرنا فهو رد " ‪.‬‬ ‫على ذكر منكم قوله صلى ال عليه وسلم " من عمل عم ً‬
‫قال ابن حبان رحه ال ‪ ":‬إن ف لزوم سنته صلى ال عليه وسلم تام السلمة وجاع الكرامة ل‬
‫تطفئ سرجها ول تدحض حججها من لزمها عصم ومن خالفها يذم إذ هي الصن الصي والركن‬
‫الركي ال بان فضله ومت حبله من تسك به ساد ومن رام خلفه باد فالتعلقون به أهل السعادة ف‬
‫الجل والغيوطون بي النام ف العامل" ‪.‬انتهى كلمه ‪.‬‬
‫وبذا تتم هذه الحاضرة والمد ل الذي بنعمته تتم الصالات ‪ .‬وسبحانك اللهم أشهد أن ل إله إل‬
‫أنت استغفرك وأتوب إليك وصلى ال على ممد وعلى آل ممد كما صليت على إبراهيم وعلى آل‬
‫إبراهيم إنك حيد ميد وبارك على ممد وعلى آل ممد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم‬
‫إنك حيد ميد‪.‬‬
‫_‬
‫(‪ )1‬صحيح ابن حبان (‪)180 / 1‬‬
‫(‪ )2‬حديث صحيح‪ ،‬لغيه‪ .‬وأشار بعضهم إل احتمال تواتره‪.‬‬
‫أخرجه أحد ف السند (‪ ،)4/102‬و أبو داود ف كتاب السنة‪ ،‬باب شرح السنة‪ ،‬حديث رقم (‬
‫‪ ،)4597‬والجري ف الشريعة (الطبعة الحققة) (‪ ،1/132‬تت رقم ‪.)31‬وصحح إسناده مقق‬
‫جامع الصول (‪ ،)10/32‬واللبان ف سلسلة الحاديث الصحيحة حديث رقم (‪ ،)204‬وذكر‬
‫جلة من الحاديث تشهد له‪ .‬وانظر نظم التناثر ص‪.34-32‬‬
‫فائدة ‪ :‬قال ابن تيمية رحة ال عليه‪ ،‬ف مموع الفتاوى (‪ ،)347-3/346‬ف معرض كلم له على‬
‫حديث الفتراق‪" :‬وأمّا تعيي هذه الفرق فقد صنف الناس فيهم مصنفات‪ ،‬وذكروهم ف كتب‬
‫القالت‪ ،‬لكن الزم بأن هذه الفرقة الوصوفة هي إحدى الثنتي والسبعي ل بد له من دليل؛ فإن ال‬

‫‪228‬‬
‫حرّم القول بل علم عموما‪ ،‬وحرّم القول عليه بل علم خصوصا‪ ،‬فقال تعال‪{ :‬قل إنا حرّم رب‬
‫الفواحش ما ظهر منها وما بطن والث والبغي بغي الق وأن تشركوا بال مال ينل به سلطانا‪ ،‬وأن‬
‫تقولوا على ال ما لتعلمون} [العراف‪ ،]33:‬وقال تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا ما ف الرض‬
‫حل ًل طيبا ولتتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبي إنا يأمركم بالسؤ والفحشاء وأن تقولوا‬
‫على ال ما لتعلمون} [البقرة‪ ،]169:‬وقال تعال‪{ :‬ولتقف ما ليس لك به علم} [السراء‪.]36:‬‬
‫وأيضا فكثي من الناس يب عن هذه الفرق بكم الظن والوى‪ ،‬فيجعل طائفته والنتسبة إل متبوعه‬
‫الوالية له هم أهل السنة والماعة‪ ،‬ويعل من خالفها أهل البدع‪ ،‬وهذا ضلل مبي‪ .‬فإن أهل الق‬
‫والسنة ل يكون متبوعهم إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الذي {لينطق عن الوى إن هو إل‬
‫وحي يوحى}‪ ،‬فهو الذي يب تصديقه ف كل ما أخب‪ ،‬وطاعته ف كل ما أمر‪ ،‬وليست هذه النلة‬
‫لغيه من الئمة‪ ،‬بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فمن جعل شخصا من الشخاص غي رسول ال صلى ال عليه وسلم من أحبه ووافقه كان من أهل‬
‫السنة والماعة‪ ،‬ومن خالفه كان من أهل البدعة والفرقة ‪ -‬كما يوجد ذلك ف الطوائف من اتباع‬
‫أئمة ف الكلم ف الدين وغي ذلك ‪ -‬كان من أهل البدع والضلل والتفرق"اهـ‬
‫(‪ )2‬أخرجه الاكم والدار قطن والبيهقي‬
‫(‪ )3‬أخرجه البيهقي ‪.‬‬
‫(‪ )4‬أخرجه ابن عبد الب ف التمهيد مسندا‪.‬‬
‫(‪ )5‬أخرجه ابن عبد الب أيضا ف التمهيد وأخرجه الترمذي‬
‫(‪ )6‬مموع الفتاوى (‪.)4/137‬‬
‫(‪ )7‬التواري على تراجم أبواب البخاري ص‪34‬ـ‪.35‬‬
‫(‪ )8‬وكذا فرق الختلف إل يومنا هذا ‍‪.‬‬
‫(‪ )9‬السند (الرسالة) ‪. 14/513‬‬
‫(‪ )10‬التمهيد‪. 24/334‬‬
‫==========================‬
‫فل تلوموهم ولوموا أنفسكم‬

‫عبد العزيز بن ممد الروضان‪ /‬بريدة‬


‫عادة عندما أريد أن أكتب مقالً أي مقالٍ فإن ل أكتب عنه حت يكون العقل بيده زمام القلم بعن‬
‫أصح ل أكتب مقالً حت تعود العاطفة إل رشدها كي ل ينجرف قلمي إل مهاوٍ سحيقة‪.‬‬
‫فإن امتطاء صهوة العاطفة هو بعن ارتكاب الطأ ف كل لظة ول شك‪ .‬وإن هنا أريد أن أدل‬
‫بدلوي حول تلك النتهاكات الت طالت ذات الرسول صلى ال عليه وسلم الذي هو فوق كل‬
‫نقد‪ ..‬ولكن العال السلمي من طنجة إل جاكرتا تعاملوا مع ذلك الطأ بعاطفة طوحت بم بعيدا‬

‫‪229‬‬
‫عن السلك الصواب فلم ترز تلك القلم واللسن قدم سبق ف معالة تلك القضية وإنا هي ردود‬
‫أفعال ل ترفع رأسا ول ترد ضالً‪ ،‬وكل العرب والسلمي حينما يريدون أن يصنعوا حلولً لشاكلهم‬
‫فإنم يسلكون مثل هذا السلك ف اتاذ قراراتم ول يعلون العقل هو الهيمن‪.‬‬
‫ل أشك لظة واحدة ول أقل من ذلك أن تلك الصحيفة قد ارتكبت خطأً جسيما ف حق الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ول يوجد عُرف أو قانون يسوغ لتلك الصحيفة هذا السلك بل هي مطئة حت‬
‫النخاع‪ ..‬فالرية مهما كانت مساحتها ل تكون على حساب حرية الشخص الخر‪ ..‬فحرية‬
‫الشخص تقف عندما تبدأ حرية الشخص الخر‪ .‬وما أود أن أنفذ إليه هو‪ :‬إن الذي جعل غي‬
‫السلمي يتطاولون على الدين السلمي ورموزه هو تقصي بالدرجة الول من السلمي أنفسهم‪،‬‬
‫فالسلم ل يقدم للغرب ول للشرق بصورته القيقية! و إل لو قُدم الدين السلمي بصورة متينة‬
‫لجله الغرب وقدره الشرق‪ ،‬ولكن ما يؤسف له أن الدين السلمي ل يسوّق للعال تسويقا يليق‬
‫بلله‪ .‬وإن حينما أتوجه باللوم على رجال الدين وعلمائه بصفة خاصة لن أرى مهمتهم حيال هذا‬
‫الدين تقتصر على حفظ النصوص ليس‪..‬إل فماهم إل حالة نصوص فهم من هذا النطلق مقصرون‬
‫بكل ما تمله هذه الكلمة من معن‪.‬‬
‫إذا كانت هذه هي الهمة النوطة بم ول تتجاوز غي ذلك فجزاكم ال خيا اجلسوا ف بلدانكم‬
‫وأشرطة الكاسيت تقوم بهمتكم‪ .‬إن الدين السلمي باجة ماسة وملحة لشخاص يلجون ف فنائه‬
‫بعمق ويفهمون معانيه ومضامينه النية‪ .‬إن الغرب اليوم يأت إليهم الدين السلمي مسوقا عب‬
‫اجتهادات تفسيية ساذجة مسطحة ل تقدم للسلم شيئا بل إن تلك الهود من قِبل هؤلء أساءت‬
‫إل مقاصده الليلة‪ .‬وإن ما وصل إل أروقة الغرب عب هؤلء الشخاص ما هي إل تعاليم مهلهلة‬
‫الثياب عرجاء من هذا وذاك احتقر الغرب هذا الدين وطوحوا به بعيدا‪ ،‬لنم رأوه عب تلك التعاليم‬
‫النفة الذكر ل يرفع رأسا‪.‬‬
‫إن العال السلمي اليوم يعيش أزمة فكرية نو بغية ماهية هذا الدين؟ وما هي مقاصده السامية؟ وما‬
‫هي أحكامه السامقة‪ .‬فالغرب حيال هذه الزمة من باب أول وإن السبب الوهري ف هذه النظرة‬
‫القاصرة حيال الدين السلمي وتعاليمه متأتيا من السلمي أنفسهم‪.‬‬
‫إن الشخص الغرب إذا نظر إلينا ونن ندعو إل السلم عب وسائل ل يوقع عليها الدين السلمي فل‬
‫شك أنه سوف يجم عن القبال على موائده‪ ..‬إن الدين السلمي ينظر الغرب إليه على أنه أسد‬
‫ضار ف مفازة وهذا كله بسبب تقدي السلم على أنه دين ل يعرف الرحة ول الشفقة وإنا يعرف‬
‫الغلظة ومصادرة الغي واستقصائه‪ .‬إن الدين السلمي هو غي ذلك‪ ..‬هو دين الريات على متلف‬
‫مناشطها‪ ،‬ولكن ان بعض أهل الدين السلمي مع السف الشديد يرون أن اعتناق هذا الدين لبد‬
‫أن يأت عب القهر إذا تعذر القبول اليسر‪.‬‬
‫وهذا التصور منبثق من أن الهاد ف صدر السلم ما أتى إل لنشر السلم عبه ويستدلون على‬
‫ذلك بغزوات الرسول وسراياه وما بعدها من فتوحات إسلمية‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫إن هذا الفهم الاطئ فهم خر عليه السقف من فوقه‪..‬‬
‫فالدين السلمي ترك مساحة كبية من الرية لن يريد أن يعتنقه‪ .‬وإن الدعوة إل السلم عب‬
‫وسائل شرعية كمقارعة الجة بالجة والجادلة السنة والفكر الني هي كفيلة بدخول الناس إل‬
‫حظية هذا الدين‪..‬‬
‫ل السايفة هي الكفيلة بذلك‪ ،‬وبالناسبة فإن سوف أذكر شيئا ف حواشي هذا الوضوع ذكره هنا‬
‫يكفين مؤونة مقال آخر وهو أن جيع سرايا وغزوات الرسول صلى ال عليه وسلم ما هي إل قتال‬
‫اضطرار ل قتال اختيار‪..‬‬
‫ولو استقرأنا التاريخ السلمي بنظرة فاحصة لوجدنا المر كذلك لن العتداء السبق ف نظر الدين‬
‫حبّ الْ ُمعْتَدِينَ} (‬ ‫السلمي مرفوض لن ال تعال يقول ف الوحي الطاهر {وَلَ َتعَْتدُواْ إِنّ الّلهَ لَ يُ ِ‬
‫‪ )190‬سورة البقرة‪ ،‬إن فهمي هذا لغزوات الرسول على أنا ظروف تضطرهم إل ذلك سوف يمر‬
‫عيونا ويضيّق صدورا‪ .‬لن بعض الناس له فهم آخر حيال هذه القضية‪..‬‬
‫وأنا أقول لم على رسلكم يا قوم إن تصوركم هذا وفهمكم خاطئ وحذلقة وتديف ف السلم‪.‬‬
‫لن ال تعال يعطي النسان مطلق الرية ف اعتناق الديان السماوية والنصوص كثية يضيق با‬
‫الكان والزمان‪ .‬ولكن سوف ات بنصوص شرعية لبد من ذكرها‪:‬‬
‫ض وَالْجِبَالِ فَأََبيْنَ أَن َيحْمِ ْلَنهَا‬
‫ت وَالَْأ ْر ِ‬
‫* النص الول قوله تعال{ِإنّا َع َرضْنَا الَْأمَانَ َة َعلَى السّمَاوَا ِ‬
‫وَأَ ْش َفقْنَ مِْنهَا َوحَمََلهَا الْإِنسَانُ إِّنهُ كَانَ ظَلُومًا َجهُولًا} (‪ )72‬سورة الحزاب‪.‬‬
‫من هذه الية يتبي لنا جليا أن ال أعطى النسان الرية ومطلق الختيار‪.‬‬
‫* النص الثان قوله تعال {لَ إِ ْكرَاهَ فِي الدّي ِن قَد تَّبيّنَ الرّشْ ُد مِنَ اْلغَيّ‪} ...............‬الية (‪)256‬‬
‫سورة البقرة‪.‬‬
‫* ويقول ال تعال حيال هذا الوضوع {وََلوْ شَاء رَّبكَ لمَ َن مَن فِي ا َل ْرضِ كُّلهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ‬
‫تُ ْك ِرهُ النّاسَ َحتّى يَكُونُوْا ُمؤْمِِنيَ} (‪ )99‬سورة يونس‪.‬‬
‫إذا ال تعال ف هذه النصوص الكرية التعاضدة أعطى النسان حرية الختيار وأن النسان يعتنق‬
‫الدين عب الختيار ل عب القهر‪ .‬وبالناسبة هناك نص شرعي وهو حديث شريف أقض مضجعي‬
‫لسني طويلة ومازلت‪ ،‬وهذا النص خرجاه البخاري ومسلم ف صحيحهما وهو قول الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال‪ ..‬الديث‪.‬‬
‫إن هنا أرى أن هذا الديث فيه معارضة جلية واضحة لتلك اليات النفة الذكر‪ ،‬فهذا الديث‬
‫يعارض منطوقها ومفهومها وإن هنا أضع هذا التساؤل على طاولة الفقهاء لن ل أحب الوض ف‬
‫ذلك الوضوع أكثر من ذلك فقد يقول عن الناس صمت دهرا ونطق كفرا‪ ..‬وعودة على بدءٍ إن‬
‫تعاليم الدين السلمي تصلح أن تكون منهاج حياة زمانا ومكانا فلن يد البشر أحسن من هذه‬
‫التعاليم متانة وسوا ودعون أصارحكم القول‪ .‬إن علماء الدين السلمي اليوم ل ينفذوا إل هذه‬
‫التعاليم السامية حت الن على عكس ما هو موجود ف صدر السلم الول‪ ،‬حيث كان السلف‬

‫‪231‬‬
‫الصال يسنون الستنباط‪ ،‬فما من نازلة إل ويدون حكمها ف الدين السلمي دون أن تتصبب‬
‫جباههم عرقا‪ ،‬ولكننا اليوم نعيش ف هاجرة فكرية وهذا كله بسبب أننا نوم حول النصوص‬
‫الشرعية ول نلج ف فنائها‪.‬‬
‫إن الدين السلمي مؤطر ومؤصل لو طُبق كما يريده ال ورسوله لا عاش العال السلمي أزمات‬
‫اجتماعية واقتصادية‪ .....‬إل‪.‬‬
‫وهذا الكلم ل أتوجه به إل العال السلمي فقط بل إل العال بأسره‪ ،‬فالدين السلمي هو الل‬
‫الناجع والوصفة الشافية من كل مرض عضال‪ ..‬إن الدين السلمي هو أحد الديانات السماوية‬
‫الثلث العاصرة فالديانة اليهودية كانت تتسم بطابع التشديد الذي استهوته اليهود فشددوا فشدد ال‬
‫عليهم ف الوامر والنواهي‪ ،‬والديانة السيحية الت تتسم بطابع التيسي الفرط فتمرد اليهود والنصارى‬
‫عن ديانتهم ول يبق من هذه الديانات إل اسها فأتى ال بالدين السلمي الذي كان يتسم بطابع‬
‫الوسطية كي يعلمنا ال تعال أن البشرية ل يصلح معها الشدة كما ل يصلح معها التيسي الفرط‪،‬‬
‫وإن الذي يناسب البشرية جعاء هو الوسطية‪ .‬إذا كانت الديان ف حالة تطور وترقي حت نضج‬
‫البشر وعلموا بالتجربة ما يناسبهم‪ .‬فالدين السلمي هو ذلك الدين الذي تصلح به الغرائز البشرية‬
‫العتدلة السوية‪ ،‬إل أنه مع السف الشديد ل ترتق البشرية إل مصاف هذه الديانة‪ ،‬لذا فإننا اليوم‬
‫باجة إل علماء ذوي أفكار خلقة يسمون بالعال إل درجات العل من النضج الفكري والفطنة‬
‫الوثابة‪.‬‬
‫إذا لو قدم الدين السلمي من قِبل أهله تقديا يليق بلله لنقاذ العال له بسلك من حرير‪ ،‬فإن أرى‬
‫أن هناك طوقا من السؤولية ف عنق علماء الدين السلمي‪.‬‬
‫وأخيا أران ف هذا القال تتجاذبن الفكار ينة ويسرة وأكاد ل أرى معال ما يسطره قلمي فإن‬
‫أرى أن استدرار الفكار قد تُعصى علي وأن أمواج هذا الوضوع قد هزت ريشة قلمي فأرجو من‬
‫ال تعال أن يكون ما سطرته أرضية تنطلق منها أقلم هي أطول من قلمي وأرض أرسى من أرضي‪.‬‬
‫=======================‬
‫فليسقط من سبّ سيد البشر‬

‫نشرت جريدة الرياض ف ‪30/12/1426‬هـ‬


‫فليسقط من (سبّ) سيد البشر‬
‫احد خليفة ‪ -‬موسكو‬
‫قل لؤلء العاجزين هكذا هو منطق الضعفاء‪ ،‬يكفي ممدا صلى ال عليه وسلم قول ال تبارك‬
‫وتعال‪{ :‬وانك لعلى خلق عظيم} قل حت لن ل يؤمن بالقرآن انه كلم ال‪ ،‬قل لم حقيقة بسيطة‬
‫هي‪ :‬من ترأ حت الن من بي البشر ان ينسب لنفسه او لغيه القرآن؟ فإن من آمن بذه القيقة‬
‫البسيطة ف طرحها‪ ،‬العظيمة ف معناها‪ ،‬او ل يؤمن يكفي نب ال‪ ،‬ثناء ال عليه ومدحه‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫قل لؤلء النهزمي اسألوا علماءكم ومستشرقيكم الذين صنفوه اول اعظم مائة ف تاريخ البشرية هل‬
‫فقدوا صوابم حي صنفوه؟ ام هو منطق الق البائن الذي ل حياد عنه ول فرار‪ .‬قل لؤلء‬
‫النكسرين يكفي نب ال انه ما سب يوما او شتم‪ .‬قل لم حت انه ل يسب اعداءه وهم يشتمونه‪،‬‬
‫يعيبونه‪ ،‬يكذبونه‪ ،‬يقاطعونه‪ ،‬يوعونه‪ ،‬ينفونه‪ ،‬يقاتلونه‪ ،‬وها أنتم حثالة التاريخ تسيئون لن ل يسئ‬
‫لكم يوما‪ .‬وبفعلكم هذا فقد خالفتم قواعد الدب والخلق التعارف عليها بي البشر‪.‬‬
‫قل لؤلء الهلء انكم جاهلون ‪ -‬جاهلون وانكم ل تعلمون ‪ -‬لتعلمون ان ال قد تول الرد على‬
‫الذين اساءوا اليه على مدى التاريخ‪ .‬قل لم انه رد على الذي قال ابتر ب‪{ :‬إن شانئك هو البتر}‬
‫وعلى الذي تب ب‪{ :‬تبت يدا اب لب وتب} وعلى الذي قال اعجمي ب{لسان الذي يلحدون‬
‫ل ما‬
‫اليه اعجمي وهذا لسان عرب مبي} وعلى الذي قال شاعر ب{وماهو بقول شاعر قلي ً‬
‫تذكرون} وكثي‪ ،‬كثي من التساقطي‪ ،‬مثل الفراش يتساقط على النار فتحرقه‪ ،‬قل لم بشراكم‬
‫بالسقوط‪ ..‬سقوطكم ف نظر كل شريف يترم العظماء ويقدرهم‪ ..‬سقوطكم ف نظر الشاهدين‬
‫بالق والقائمي عليه‪ ..‬سقوطكم ف نظر ملياري مسلم‪ ..‬سقوطكم ف مل الناس وفوق ذلك‬
‫سقوطكم ف الل العلى‪ .‬وقل لم انتظروا رد ال عليكم كما رد على اب لب وغيه من‬
‫التساقطي‪ ،‬انتظروا انا معكم من النتظرين‪.‬‬
‫قل لذاك السؤول الذي قال اننا نؤمن برية الرأي‪ .‬قل له انك ل تدرك حرية الرأي‪ .‬ولتفهم معن‬
‫الديوقراطية‪ ،‬قل له ان مفهوم الرية ومغزى الديوقراطية هو النقد البناء وقرع الجة بالجة‪،‬‬
‫ومداولة الرأي بالرأي‪ ،‬وليس هو الساءة للعظماء امثال ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫قل لؤلء التخاذلي ان ممدا صلى ال عليه وسلم وصحبه هؤلء الذين منهم تسخرون‪ ،‬قل لم هم‬
‫الذين علموكم معن التحرر‪ ،‬ومفهوم البحث والتجريب والعلوم والفلك والغرافيا والب والقانون‬
‫والكيمياء‪ ،‬اسألوا الخطوطات الوجودة ف اسبانيا وف مكتباتكم وجامعاتكم وحت ف ادراجكم او‬
‫بالحرى تلك الت سرقتموها وزعمتهم لنفسكم حق التأليف‪ ،‬أسألوها تقل لكم‪ ،‬اسألوها تبكم‪،‬‬
‫اسألوها تبكم ‪ -‬من ممد وصحبه وجنده وتابعيه؟ اسألوها تدون ابن النفيس‪ ،‬تدون جابر بن‬
‫حيان‪ ،‬تدون ابن سينا‪ ،‬تدون الفاراب‪ ،‬تدون الكندي‪ ،‬تدون الغزال‪ ،‬تدون ابن اليثم‪ ،‬تدون‬
‫الدريسي‪ ،‬تدون الوارزمي‪ ،‬تدون ابو بكر الرازي‪ ،‬تدون ابو القاسم الزهراوي‪ ،‬تدون ابن‬
‫البيطار‪ ،‬هؤلء هم حزب ممد وهؤلء جند ممد‪ ،‬هؤلء هم الذين منهم تسخرون وترسونم‬
‫كاراكاتييا ورؤوسهم قنابل يطوفون بالبيت‪.‬‬
‫قل لذا السؤول الذي يزعم انه ديوقراطي‪ :‬كان واجبا عليك ان تنتصر لو للحظة مع ضميك وتقف‬
‫ضد جنود (ماسون) الذين يلون عليك خبثهم وانت واجم مطيع‪ ..‬قل له قد خبت وخسرت‪ ..‬قل‬
‫له انتصرت نعم ولكن بفوزك بكراهية الناس وانت تبيح ان يثل كاراكاتييا بحمد صلى ال عليه‬
‫وسلم وهوف مبدئه صلى ال عليه وسلم ينهى اصلً عن التصوير والتمثيل‪ ،‬وهذه دعوة لكل شريف‪،‬‬
‫لكل كري‪ ،‬لكل غيور مب لحمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مب لدينه‪ ،‬لعقيدته‪ ،‬لسلمه السمح الذي‬

‫‪233‬‬
‫يترم الخرين‪ ،‬مب لنبيه الذي ما سب يوما او شتم‪ ..‬هذه دعوة ان يقاطع هؤلء التهافتي ان‬
‫لنبيعهم نفطنا ولنشتري منهم بضائعهم ول منتجاتم فإن كانوا ينتجون الب واللب‪ ،‬فالدول‬
‫غيهم كثية والدول السلمية اول ان يشترى منها‪ ،‬فإن تشتري من يسن اليك احب ‪ -‬ورب‬
‫ممد‪ ،‬من يسيء اليك‪ .‬وان كانوا ينتجون اللكترونيات والجهزة التقنية فغيها يكفينا امثال الصي‬
‫واليابان‪ .‬او مالنا لنضع نن ونستغن عن التهتكي‪.‬‬
‫واختم قول بأن ممدا صلى ال عليه وسلم عنوان الي وعلمه شئتم ام ابيتم‪ .‬وان ممدا صلى ال‬
‫عليه وسلم اعظم الناس على الطلق‪ ،‬وجيله اعظم اليل‪ ،‬على الطلق وهو صلى ال عليه وسلم‬
‫اعظم قائد‪ ،‬واجل صاحب‪ ،‬واعدل حاكم‪ ،‬وارحم انسان‪ ،‬واوف الناس ذمة وعهدا‪ ،‬واصدقهم‬
‫حديثا‪ ،‬واوفاهم امانة‪ ،‬وانقاهم عريكة‪ ،‬واشرفهم مكانة‪ ،‬والينهم جانبا‪ ،‬وألف الناس للناس‪ ،‬واعدل‬
‫الناس ف الكم على الناس‪ .‬ويكفيه وصف ال له {وانك لعلى خلق عظيم}‪ .‬فليسقط‪ ..‬فليسقط‪..‬‬
‫فليسقط كل من يسب ممد نب ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬والسوء كل السوء لن يسيء لحمد صلى‬
‫ال عليه وسلم‪.‬‬
‫تعليقان‬
‫‪1‬‬
‫ممدرسول ال‬
‫موضوع جيل صادر من العماق ووصل للعماق‪.‬فهنيئا لن دافع عنك يا خليل ال‬
‫ياسيدالبشر‪...‬ممد رسول ال ولو كره الكافرون الاهلون القيون الاقدون ومن ضحك كثيا‬
‫بكي اخيا العبة بواتيمها ول تنسوا حبيبكم وتارية هجرته غدا وكل عام وا السلمي والسلمات‬
‫بي ياأمة رسول ال‬
‫مري عبد الكري باري‬
‫‪ 05:35‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫‪2‬‬
‫هنيئا لك أخي أحد أنك ف موسكو‬
‫حبيب أحد السلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫شكر ال لك دفاعك عن البيب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وما أعظمه من شرف أسأل أن يشفعه فيك‬
‫وف والديك‪ .‬وأن يعلك مباركا حيثما كنت‪..‬‬
‫آمل أن تستمر ف العطاء فهذه الوهبة نعمة من ال‪ .‬ومن حق النعم الشكر {وإذ تأذن ربكم لئن‬
‫شكرت} لزيدنكم} وأعظم الشكر استعمال هذه الوهبة وهذا القلب وهذا السلوب الرائع ف نشر‬
‫السلم وعظمة السلم‪ ..‬وتعاليم السلم‪ ،‬ونشر سية اليب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ف الصحف‬
‫السعودية‪ ،‬والجنبية ‪ -‬وخصوصا أن ف موسكو‪ ..‬وفالسؤولية عليك أكب ف[الدال على الي‬
‫كفاعله] كما صح عن البيب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقال فداه أب وأمي ونفسي‪ ،‬وأولدي[من دعا‬

‫‪234‬‬
‫إل هدى كان له من الجور مثل أجور من تبعه] فال ف الدعوة إل ال وإل نشر السنة الصحيح‬
‫الثابتة عن البيب صلى ال عليه وسلم ف منتديات النترنت الغربية بتقل مقالت ينشرها موقع‬
‫الشيخ ممد صال النجد لنتدياتم ف[لئن يهيد ال بك رجل واحدا خ ٌي لك من حر النعم] كما‬
‫آمل الذب عن عرضه بالت هي أحسن‪ ,‬فأل ال ف هذا الثغر العظيم‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 08:12‬صباحا ‪2006/01/30‬‬
‫=========================‬
‫ف ُخلُق النب صلى ال عليه وسلم‬

‫كان خلقه القرآن‬


‫وصف ال لخلق النب صلى ال عليه وسلم‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم يعتق من أرادوا قتله‬
‫دفع السيئة بالسنة‬
‫ل يكن فاحشًا ول متفحشًا‬
‫كان أحسن الناس خلقًا‬
‫كان الرسول صلى ال عليه وسلم يدعو بسن اللق‬
‫من مكارم أخلقه صلى ال عليه وسلم ف الصافحة والحادثة والجالسة‬
‫خلقه صلى ال عليه وسلم مع الدم‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يستعيذ من سوء الخلق وينهى عن اللعن‬
‫ملعبته ومفاكهته لهله‬
‫خلقه صلى ال عليه وسلم مع أهله‬
‫ما انتقم لنفسه وما ضرب خادمًا ول أمره‬
‫حلم النب صلى ال عليه وسلم‬
‫رحة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫تواضع النب صلى ال عليه وسلم‬
‫حياء النب صلى ال عليه وسلم‬
‫تيسي النب صلى ال عليه وسلم ورفقه‬
‫حثه صلى ال عليه وسلم على صلة الرحام‬
‫الوصية بالار‬
‫وصف ال لخلق النب صلى ال عليه وسلم‬

‫‪235‬‬
‫قال تعال وَإِّنكَ َلعَلى خُلُ ٍق عَظِيمٍ عن عطاء رضي ال عنه قال قلت لعبد ال بن عمرو أخبن عن‬
‫صفة رسول ال صلى ال عليه وسلم ف التوراة قال أجل وال إنه لوصوف ف التوراة بصفته ف‬
‫القرآن يَا أَّيهَا النّبِيّ إِنّا َأرْسَ ْلنَاكَ شَاهِدا َومُبَشّرا َونَذِيرا وحرزًا للميي‪ ،‬أنت عبدي ورسول‪ ،‬سيتك‬
‫التوكل‪ ،‬ل فظ ول غليظ ول صخاب ف السواق ول يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر‪ ،‬ولن‬
‫يقبضه ال حت يقيم به اللة العوجاء‪ ،‬بأن يقولوا ل إله إل ال‪ ،‬ويفتح با أعينًا عميًا وآذانًا صمًا‬
‫وقلوبًا غلفًا ‪ -‬رواه البخاري‬
‫كان خلقه القرآن‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت كان خلق رسول ال صلى ال عليه وسلم القرآن ‪ -‬رواه أحد‬
‫ومسلم وأبو داود‪ ،‬وزاد مسلم يغضب لغضبه ويرضى لرضاه‬
‫دفع السيئة بالسنة‬
‫لا أراد ال هدي زيد بن سعية‪ ،‬قال زيد ل يبق شيء من علمات النبوة إل وقد عرفتها ف وجه ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم إل اثنتي يسبق حلمه جهله‪ ،‬ول يزيده شدة الهل عليه إل حلمًا‬
‫قال زيد فقلت يا ممد‪ ،‬هل لك أن تبيعن ثرًا_ معلومًا ل _ فباعن فأعطيته ثاني مثقا ًل من ذهب‪،‬‬
‫فلما حل الجل أتيته فأخذت بجامع قميصه وردائه وهو ف جنازة مع أصحابه ونظرت إليه بوجه‬
‫غليظ وقلت له يا ممد أل تقضين حقي؟ فوال ما علمتكم بن عبد الطلب إل مطلً‬
‫ونظرت إل عمر وعيناه تدوران ف وجهه ث رمان ببصره فقال يا عدو ال أتقول لرسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ما أسع وتصنع به ما أرى؟ فلول ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك‬
‫ورسول ال صلى ال عليه وسلم ينظر إل عمر ف سكون وتؤدة‪ ،‬وقال أنا وهو كنا أحوج إل غي‬
‫ذلك منك يا عمر‪ ،‬أن تأمرن بسن الداء وتأمره بسن التباعة‪ ،‬اذهب به يا عمر فاقضه حقه وزد‬
‫عشرين صاعًا من تر مكان ما روعته‬
‫فذهب ب عمر فأعطان حقي وزادن عشرين صاعًا‪ ،‬وقال ل ما دعاك إل أن فعلت ما فعلت وقلت‬
‫ما قلت؟‬
‫قلت يا عمر ل يكن من علمات النبوة شيء إل عرفته ف وجه النب صلى ال عليه وسلم حي نظرت‬
‫إليه إل اثنتي ل أخبها منه يسبق حلمه جهله‪ ،‬ول يزيده شدة الهل عليه إل حلمًا‪ ،‬وقد خبتما‪،‬‬
‫فأشهدك يا عمر أن قد رضيت بال ربًا وبالسلم دينًا وبحمد نبيًا‪ ،‬وأشهدك أن شطر مال صدقة‬
‫على أمة ممد‬
‫ث توف ف غزوة تبوك مقبلً غي مدبرًا ‪ -‬رواه الطبان ف (الكبي) ورجاله ثقات‪ ،‬ورواه أيضًا ابن‬
‫حبان والاكم والبيهقي ورواه أبو نعيم ف الدلئل‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم يعتق من أرادوا قتله‬
‫عن أنس رضي ال عنه قال إن ثاني نزلوا على النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه من جبل التنعيم‬
‫عند صلة الصبح‪ ،‬يريدون أن يقتلوه‪ ،‬فأخذوا فأعتقهم النب صلى ال عليه وسلم فأنزل ال تعال َو ُهوَ‬

‫‪236‬‬
‫الّذِي كَفّ أَيْ ِدَيهُ ْم عَنكُ ْم وََأيْدِيَكُ ْم َعْنهُم بِبَ ْطنِ مَكّ َة مِن َبعْدِ أَنْ أَ ْظ َفرَكُمْ َعلَْيهِ ْم وَكَانَ الّلهُ بِمَا َتعْمَلُونَ‬
‫َبصِيا سورة الفتح آية ‪ -24‬رواه مسلم والترمذي وأبو داود‬
‫كان أحسن الناس خلقًا‬
‫عن أنس رضي ال عنه قال كان النب صلى ال عليه وسلم أحسن الناس خلقًا ‪ -‬الديث رواه‬
‫الشيخان وأبو داود والترمذي‬
‫وعن صفية بنت حيي رضي ال عنها قالت ما رأيت أحسن خلقًا من رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪ -‬رواه الطبان ف الوسط بإسناد حسن‬
‫ل يكن فاحشًا ول متفحشًا‬
‫عن عبد ال بن عمرو قال ل يكن النب صلى ال عليه وسلم فاحشًا ول متفحشًا ‪ -‬رواه البخاري‬
‫من مكارم أخلقه صلى ال عليه وسلم ف الصافحة والحادثة والجالسة‬
‫عن أنس رضي ال عنه قال كان النب صلى ال عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه ل ينع يده‬
‫من يده حت يكون الرجل ينع يده‪ ،‬ول يصرف وجهه من وجهه حت يكون الرجل هو يصرفه‪ ،‬ول‬
‫ير مقدمًا ركبتيه بي يدي جليس له ‪ -‬رواه أبو داود والترمذي بلفظه‬
‫وعن عمرو بن العاص رضي ال عنه قال كان صلى ال عليه وسلم يقبل بوجهه وحديثه على أشر‬
‫القوم يتألفهم بذلك ‪ -‬رواه الطبان والترمذي‬
‫وروى مسلم وما سئل رسول ال صلى ال عليه وسلم قط فقال ل‬
‫كان الرسول صلى ال عليه وسلم يدعو بسن اللق‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت كان صلى ال عليه وسلم يقول اللهم كما أحسنت خلقي فأحسن‬
‫خلقي ‪ -‬رواه أحد ورواته ثقات‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم إن من خياركم أحسنكم أخلقًا ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وروي عن عائشة رضي ال عنها أن رجلً استأذن على النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فلما رآه قال‬
‫بئس أخو العشية وبئس ابن العشية‪ ،‬فلما جلس تطلق النب صلى ال عليه وسلم ف وجهه وانبسط‬
‫إليه‪ ،‬فلما انطلق الرجل قالت له عائشة يا رسول ال‪ ،‬حي رأيت الرجل قلت له كذا وكذا‪ ،‬ث‬
‫تطلقت ف وجهه وانبسط إليه‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم يا عائشة مت عهدتن فحاشًا‪،‬‬
‫إن شر الناس عند ال منلة يوم القيامة من تركه الناس‪ -‬أو ودعه الناس‪ -‬اتقاء شره ‪ -‬رواه البخاري‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يستعيذ من سوء الخلق وينهى عن اللعن‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال كان صلى ال عليه وسلم يدعو فيقول اللهم إن أعوذ بك من‬
‫الشقاق والنفاق وسوء الخلق ‪ -‬رواه أبو داود والنسائي‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ل ينبغي لصديق أن يكون لعانًا ‪ -‬رواه مسلم‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ل يكون اللعانون شفعاء ول شهداء يوم القيامة ‪ -‬رواه مسلم‬

‫‪237‬‬
‫وعندما قيل له ادع على الشركي قال صلى ال عليه وسلم إن ل أبعث لعانًا‪ ،‬وإنا بعثت رحة ‪-‬‬
‫رواه مسلم‬
‫أما من لعنه الرسول صلى ال عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه‪ ،‬وليس هو أهلً لذلك‪ ،‬كان ذلك له‬
‫زكاة وأجرًا ورحة؛ لن الرسول صلى ال عليه وسلم شارط ربه على ذلك كما ف الديث اللهم‬
‫إنا أنا بشر‪ ،‬فأي السلمي لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرًا رواه مسلم‬
‫خلقه صلى ال عليه وسلم مع الدم‬
‫عن أنس رضي ال عنه قال خدمت النب صلى ال عليه وسلم عشر سني‪ ،‬وال ما قال أف قط‪ ،‬ول‬
‫قال لشيء ل فعلت كذا وهل فعلت كذا ‪ -‬رواه الشيخان وأبو داود والترمذي‬
‫وعنه قال كان النب صلى ال عليه وسلم من احسن الناس خلقًا‪ ،‬فأرسلن يومًا لاجة‪ ،‬فقلت له وال‬
‫ل أذهب وف نفسي أن أذهب لا أمرن به صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فخرجت حت أمر على صبيان وهم‬
‫يلعبون ف السوق‪ ،‬فإذا النب صلى ال عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي‪ ،‬فنظرت إليه وهو‬
‫يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك؟‬
‫قلت نعم‪ ،‬أنا أذهب يا رسول ال ‪ -‬فذهبت رواه مسلم وأبو داود‬
‫خلقه صلى ال عليه وسلم مع أهله‬
‫قال صلى ال عليه وسلم خيكم خيكم لهله‪ ،‬وأنا خيكم لهلي‪ ،‬وما أكرم النساء إل كري ول‬
‫أهانن إل لئيم ‪ -‬رواه ابن عساكر عن علي‪ ،‬والترمذي عن عائشة‪ ،‬وابن ماجة عن ابن عباس‬
‫ومن دلئل شدة احترامه وحبه لزوجته خدية رضي ال عنها‪ ،‬إن كان ليذبح الشاة ث يهديها إل‬
‫خلئلها (صديقاتا)‪ ،‬وذلك بعد ماتا وقد أقرت عائشة رضي ال عنها بأنا كانت تغي من هذا‬
‫السلك منه ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها قالت كان صلى ال عليه وسلم إذا خل بنسائه ألي الناس وأكرم الناس‬
‫ضحاكًا بسامًا ‪ -‬رواه ابن عساكر بسند ضعيف‬
‫وروى مسلم أن عائشة رضي ال عنها كانت إذا شربت من الناء‪ ،‬أخذه صلى ال عليه وسلم فوضع‬
‫فمه على موضع فمها وشرب‪ ،‬وإذا تعرقت عرقًا وهو العظم الذي عليه اللحم أخذه فوضع فمه على‬
‫موضع فمها‬
‫وقد روي أنه صلى ال عليه وسلم وضع ركبته لتضع عليها زوجه صفية رضي ال عنها رجلها حت‬
‫تركب على بعيها ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وأوصى صلى ال عليه وسلم بالرأة الزوجة‪ ،‬فقال استوصوا بالنساء خيًا‪ ،‬فإن الرأة خلقت من ضلع‪،‬‬
‫وإن أعوج ما ف الضلع أعله‪ ،‬فإن ذهبت تقيمه كسرته‪ ،‬وإن تركته ل يزل أعوج‪ ،‬فاستوصوا بالنساء‬
‫خيًا ‪ -‬رواه الشيخان‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ب يضرب أحدكم امرأته ضرب الفحل ث لعله يعانقها وف رواية جلد‬
‫العبد ‪ -‬رواه البخاري‬

‫‪238‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم أكمل الؤمني إيانًا أحسنهم خلقًا‪ ،‬وخياركم خياركم لنسائهم أخرجه‬
‫أحد بإسناد حسن‪ ،‬والترمذي وقال حديث حسن صحيح‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم إن من أعظم المور أجرًا النفقة على الهل ‪ -‬رواه مسلم‬
‫ملعبته ومفاكهته لهله‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت خرجت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف بعض أسفاره‪ ،‬وأنا‬
‫جارية ل أحل اللحم ول أبدن‪ ،‬فقال للناس اقدموا فتقدموا‪ ،‬ث قال ل تعال حت أسابقك فسبقته‪،‬‬
‫فسكت عن حت إذا حلت اللحم وبدنت خرجت معه ف بعض أسفاره‪ ،‬فقال للناس تقدموا‬
‫فتقدموا‪ ،‬ث قال ل تعال أسابقك فسبقن‪ ،‬فجعل يضحك وهو يقول هذا بتلك ‪ -‬رواه أحد‬
‫حلم النب صلى ال عليه وسلم‬
‫كان ما يبه صلى ال عليه وسلم من الصفات صفتا اللم والناة وقد قال صلى ال عليه وسلم‬
‫لشج عبد القيس إن فيك خصلتي يبهما ال ورسوله اللم والناة ‪ -‬أخرجه مسلم‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال كنت أمشي مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وعليه برد نران غليظ‬
‫الاشية‪ ،‬فأدركه أعراب فجذبه بردائه جذبة شديدة‪ ،‬فنظرت إل صفحة عنق النب‪ ،‬وقد أثر با حاشية‬
‫الرداء من شدة جذبته‪ ،‬ث قال يا ممد مر ل من مال ال الذي عندك‪،‬فالتفت إليه فضحك ث أمر له‬
‫بعطاء‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه قال كان النب صلى ال عليه وسلم يلس معنا ف السجد يدثنا‪ ،‬فإذا‬
‫قام قمن قيامًا حت نراه قد دخل بعض بيوت أزواجه‪ ،‬فحدثنا يومًا فقمنا حي قام‪ ،‬فنظرنا إل أعراب‬
‫قد أدركه‪ ،‬فجبذه بردائه فحمر رقبته‪ ،‬وكان رداؤه خشنًا‪ ،‬فالتفت إليه‪ ،‬فقال له العراب احلن على‬
‫بعيي هذين‪ ،‬فإنك ل تملن من مالك ول مال أبيك‬
‫فقال صلى ال عليه وسلم ل وأستغفر ال‪ ،‬ل وأستغفر ال‪ ،‬ل أحلك حت تقيدن من جذبتك الت‬
‫جبذتن‪ ،‬وبعد ذلك يقول له العراب وال ل أقيد لا فذكر الديث‪ ،‬ث دعا رجلً فقال له احل له‬
‫على بعييه هذين‪ ،‬على بعي شعيًا‪ ،‬وعلى الخر ترًا‪ ،‬ث التفت إلينا فقال انصرفوا على بركة ال ‪-‬‬
‫رواه أبو داود والنسائي‬
‫ما انتقم لنفسه وما ضرب خادمًا ول أمره‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت ما خي رسول ال صلى ال عليه وسلم بي أمرين قط إل أخذ‬
‫أيسرها ما ل يكن إثًا‪ ،‬فإن كان إثًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى ال عليه وسلم لنفسه قط‬
‫إل أن تنتهك حرمة ال فينتقم‬
‫وف رواية ما ضرب رسول ال شيئًا قط بيده ول امرأة ول خادمًا إل أن ياهد ف سبيل ال ‪ -‬رواه‬
‫مالك والشيخان وأبو داود‬
‫تواضع النب صلى ال عليه وسلم‬
‫من أقواله صلى ال عليه وسلم ف الثناء على التواضع وذم الستكبار‬

‫‪239‬‬
‫أل أخبكم بأهل النة؟ كل ضعيف متضاعف لو أقسم على ال لبره‪ ،‬أل أخبكم بأهل النار؟ كل‬
‫عتل جواظ مستكب رواه البخاري‬
‫‪- ...‬‬
‫ما نقصت صدقة من مال‪ ،‬وما زاد ال عبدًا بعفو إل عزًا‪ ،‬وما تواضع أحد ل إل رفعه ال رواه مسلم‬
‫وظاهر الديث يعن الرفعة ف الدنيا والخرة‬
‫‪- ...‬‬
‫عن أنس رضي ال عنه قال إن كانت المة من إماء الدينة لتأخذ بيد رسول ال فتنطلق به حيث‬
‫شاءت ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وعنه أن امرأة كان ف عقلها شيء‪ ،‬فقالت يا رسول ال‪ ،‬إن ل إليك حاجة فقال يا أم فلن انظري‬
‫أي السكك شئت حت أقضي لك حاجتك‪ ،‬فخل معها ف بعض الطرق حت فرغت من حاجتها ‪-‬‬
‫رواه مسلم‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ل تطرون كما أطرت النصارى ابن مري‪ ،‬إنا أنا عبد‪ ،‬فقولوا‬
‫عبد ال ورسوله ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم لو دعيت إل ذراع أو كراع لجبت‪ ،‬ولو أهدي إل ذراع أو كراع‬
‫لقبلت ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وعن ابن أب أوف أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان ل يأنف ول يستكب أن يشي مع الرملة‬
‫والسكي والعبد حت يقضي له حاجته ‪ -‬رواه النسائي والاكم وقال على شرطهما وأقره الذهب‪،‬‬
‫ورواه الترمذي ف العلل عنه‪ ،‬وذكر أنه سأل عنه البخاري فقال هو حديث تفرد به السي بن واقد‬
‫وعن انس رضي ال عنه قال كان صلى ال عليه وسلم ير بالصبيان فيسلم عليهم ‪ -‬رواه البخاري‬
‫واللفظ له ومسلم‬
‫وعن سهل بن حنيف قال كان صلى ال عليه وسلم يأت ضعفاء السلمي ويزورهم ويعود مرضاهم‬
‫ويشهد جنائزهم ‪ -‬رواه أبو يعلى والطبان والاكم يسند ضعيف‬
‫وذكر الحب الطبي أنه صلى ال عليه وسلم كان ف سفر وأمر أصحابه بإصلح شاة‪ ،‬فقال رجل يا‬
‫رسول ال‪ ،‬علي ذبها‬
‫وقال آخر يا رسول ال‪ ،‬علي سلخها‬
‫وقال آخر يا رسول ال‪ ،‬علي طبخها‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم وعلي جع الطب‬
‫فقالوا يا رسول ال‪ ،‬نكفيك العمل‬
‫فقال صلى ال عليه وسلم قد علمت أنكم تكفونن‪ ،‬ولكن أكره أن أتيز عليكم‬
‫وعن أب أمامة الباهلي قال خرج علينا رسول ال صلى ال عليه وسلم متوكئًا على عصا‪ ،‬فقمنا إليه‪،‬‬
‫فقال ل تقوموا كما يقوم العاجم يعظم بعضهم بعضًا ‪ -‬رواه أبو داود أبن ماجة وإسناده حسن‬

‫‪240‬‬
‫من مظاهر تواضعه صلى ال عليه و سلم‬
‫أو ًل ‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم ف مهنة أهله‬
‫عن السود قال سألت عائشة ما كان النب صلى ال عليه وسلم يصنع ف بيته؟ قال كان يكون ف‬
‫مهنة أهله‪ ،‬فإذا حضرت الصلة يتوضأ ويرج إل الصلة ‪ -‬رواه مسلم والترمذي‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها قالت كان ييط ثوبه ويصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال ف بيوتم ‪-‬‬
‫رواه أحد‬
‫ثانيا ‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم يركب المار‬
‫عن انس رضي ال عنه قال كان صلى ال عليه وسلم يعود الريض ويشهد النازة ويأت دعوة‬
‫الملوك ويركب المار‪ ،‬ولقد رأيته يومًا على حار خطامه ليف ‪ -‬رواه أبو داود والطيالسي ونوه‬
‫عند الترمذي وابن ماجة‬
‫وعن حزة بن عبد ال بن عتبة قال كان صلى ال عليه وسلم يركب المار عريانًا ليس عليه شيء ‪-‬‬
‫ل بسند ضعيف‬ ‫رواه ابن سعد مرس ً‬
‫ثالثا ‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم ييب الدعوة ولو إل خبز الشعي‬
‫عن انس رضي ال عنه قال كان صلى ال عليه وسلم يدعى إل خبز الشعي والهالة السنخة فيجيب‬
‫‪ -‬رواه الترمذي ف الشمائل‬
‫الهالة السنخة أي الدهن الامد التغي الريح من طوال الكث‬
‫رابعا ‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم ل يدفع عنه الناس‬
‫عن ابن عباس رضي ال عنهما قال كان صلى ال عليه وسلم ل يدفع عنه الناس ول يضربوا عنه ‪-‬‬
‫رواه الطبان ف الكبي وحسنه السيوطي وذلك لشدة تواضعه صلى ال عليه وسلم وبرأته من الكب‬
‫والتعاظم‬
‫وعن السن قال وال ما كانت تغلق دونه البواب‪ ،‬ول تقوم دونه الجاب‪ ،‬ول يغدى عليه‬
‫بالفان‪ ،‬ول يراح عليه با‪ ،‬ولكنه كان باروزًا‪ ،‬من أراد أن يلقى نب ال لقيه‬
‫رحة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قال تعال َومَا َأ ْرسَ ْلنَاكَ إِلّا رَحْ َمةً لّ ْلعَالَ ِميَ وقال تعال فَبِمَا رَحْ َم ٍة مّنَ الّلهِ لِنتَ َلهُ ْم وََلوْ كُنتَ فَظّا‬
‫ف عَْنهُ ْم وَا ْسَت ْغفِرْ َلهُ ْم وَشَا ِو ْرهُمْ فِي ا َل ْمرِ فَِإذَا َع َزمْتَ َفَتوَكّلْ‬
‫غَلِيظَ اْلقَ ْلبِ لَن َفضّواْ مِ ْن َحوِْلكَ فَاعْ ُ‬
‫حبّ الْمَُتوَكِّليَ وقال صلى ال عليه وسلم عن نفسه إنا أنا رحة مهداه ‪ -‬رواه ابن‬ ‫عَلَى الّلهِ إِنّ الّلهَ يُ ِ‬
‫سعد ف الطبقات‪ ،‬والكم ف النوادر عن أب صال مرسلً‪ ،‬والاكم عن أب هريرة وقال على‬
‫شرطهما وأقره الذهب وقال صلى ال عليه وسلم إنا بعثت رحة ول أبعث عذابًا ‪ -‬رواه البخاري ف‬
‫التاريخ عن أب هريرة‬
‫ناذج من رحته صلى ال عليه وسلم‬
‫أو ًل ‪ :‬رحته صلى ال عليه وسلم بالطفال‬

‫‪241‬‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت كان يؤتى بالصبيان فيبك عليهم وينكهم ويدعو لم رواه الشيخان‬
‫وأبو داود‬
‫يبك عليهم أي يدعو لم ويسح عليهم‬
‫ينكهم التحنيك أن يضغ التمر أو نوه ث يدلك به حنك الصغي‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال ما رأيت أحدًا أرحم بالعيال من النب صلى ال عليه وسلم الديث رواه‬
‫الربعة‬
‫وعنه أن النب صلى ال عليه وسلم أخذ ولده إبراهيم فقبله وشه ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وجعل الرسول صلى ال عليه وسلم النة لن يوت وله ثلثة من الولد ل يبلغوا النث‪ ،‬بفضل رحته‬
‫إياه ‪ -‬رواه البخاري‬
‫النث أي الث‪ ،‬والعن أنم ماتوا قبل أن يبلغوا‬
‫وكانت تفيض عيناه لوتم‪ ،‬وقد سأله مرة سعد بن عبادة يا رسول ال ما هذا؟ فقال صلى ال عليه‬
‫وسلم هذه رحة جعلها ال ف قلوب عباده‪ ،‬وإنا يرحم ال من عباده الرحاء ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وخرج على الصحابة رضي ال عنهم وأمامة بنت الربيع‪ ،‬ابنة زينب‪ ،‬على عاتقه‪ ،‬فصلى‪ ،‬فإذا ركع‬
‫وضعها وإذا رفع رفعها ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وقبل السن بن علي وعنده القرع بن حابس‪ ،‬فقال القرع إن ل عشرة من الولد ما قبلت منهم‬
‫أحدًا‪ ،‬فنظر إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم ث قال من ل يرحم ل يرحم رواه البخاري‬
‫وجاءه أعراب فقال تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم أو أملك لك أن نزع‬
‫ال من قلبك الرحة ‪ -‬رواه البخاري‬
‫ثانيا ‪ :‬رحته صلى ال عليه وسلم بالناث‬
‫شبه الرسول صلى ال عليه وسلم النساء بالقوارير‪ ،‬إشارة إل ما فيهن من الصفاء والنعومة والرقة‪،‬‬
‫وإل ضعفهن وقلة تملهن؛ ولذا فإنن يتجن إل الرفق وله توجيهات كثية ومواقف عملية ف هذا‬
‫الجال‪ ،‬ومن أبرز المثلة على ذلك‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ف بعض أسفاره وكانت معه نساء منهن أم سليم‪ ،‬وغلم أسود‬
‫يقال له أنشة يدو‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم يا أنشة رويدك‪ ،‬سوقًا بالقوارير رواه‬
‫البخاري ‪...‬‬
‫وقد عثرت ناقته ذات مرة‪ ،‬ومعه عليها زوجته صفية‪ ،‬فطرحا على الرض‪ ،‬فلحق بما أبو طلحة‬
‫رضي ال عنه ‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم عليك بالرأة رواه البخاري ‪...‬‬
‫وروى أنس رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال من عال جاريتي حت تبلغا‪ ،‬جاء يوم‬
‫القيامة أنا وهو‪ ،‬وضم أصابعه رواه مسلم ‪...‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن‪ ،‬كن له سترًا من النار رواه‬
‫الشيخان ‪...‬‬

‫‪242‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم أفضل الصدقة إعالتك ابنتك الفقية الت رفضها زوجها‪ ،‬وليس لا غيك‬
‫رواه البخاري وابن ماجة ‪...‬‬
‫=============================‬
‫ف عيشه صلى ال عليه وسلم ف الأكل والشرب و الياة‬

‫ضيق عيشه صلى ال عليه وسلم كان باختياره‬


‫ضيق عيشه صلى ال عليه وسلم‬
‫صفة مأكله ومشربه صلى ال عليه وسلم‬
‫عدم ذكره عيب الطعام واستحباب مدحه‬
‫فراش النب صلى ال عليه وسلم‬
‫لباس النب صلى ال عليه وسلم‬
‫خوف النب صلى ال عليه وسلم‬
‫عظمة النب صلى ال عليه وسلم ف القلوب‬
‫جاع النب صلى ال عليه وسلم‬
‫اكتحال النب صلى ال عليه وسلم‬
‫ضحك النب صلى ال عليه وسلم‬
‫نوم النب صلى ال عليه وسلم‬
‫مزاح النب صلى ال عليه وسلم‬
‫سرور النب صلى ال عليه وسلم‬
‫كلم النب صلى ال عليه وسلم‬
‫بكاء النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قوة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫شجاعة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫الذر من الغضب‬
‫مشية النب صلى ال عليه وسلم‬
‫ضيق عيشه صلى ال عليه وسلم‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬ما شبع آل ممد صلى ال عليه وسلم من طعام ثلثة أيام تباعًا حت‬
‫قبض وف رواية‪ :‬والذي نفس أب هريرة بيده ما شبع نب ال صلى ال عليه وسلم ثلثة أيام تباعًا من‬
‫خبز حنطة حت فارق الدنيا ‪ -‬رواه الشيخان‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يبيت الليال التتابعة طاويًا‬
‫هو وأهله‪ ،‬ل يدون عشاء‪ ،‬وكان أكثر خبزهم خبز شعي ‪ -‬رواه أحد والترمذي وابن ماجة‬

‫‪243‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬ما شبع آل ممد من خبز الشعي يومي متتابعي حت قبض رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪ -‬رواه الشيخان‬
‫وف رواية لسلم‪ :‬قالت‪ :‬لقد مات رسول ال صلى ال عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت ف يوم‬
‫واحد مرتي‬
‫وف رواية للترمذي عن عائشة‪ :‬وال ما شبع من خبز ولم مرتي ف اليوم‬
‫وف رواية للبيهقي قالت‪ :‬ما شبع رسول ال صلى ال عليه وسلم ثلثة أيام متوالية ولو شئنا لشبعنا‬
‫ولكنه كان يؤثر على نفسه‪.‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬إن فاطمة رضي ال عنها ناولت النب صلى ال عليه وسلم كسرة من‬
‫خبز شعي‬
‫فقال لا‪ :‬هذا أول طعام أكله أبوك منذ ثلثة أيام ‪ -‬رواه أحد والطبان‪ ،‬وزاد‪ :‬فقال‪ :‬ما هذه؟‬
‫فقالت‪ :‬قرص خبزته فلم تطب نفسي حت أتيتك بذه الكسرة ‪ -‬ورواتا ثقات‬
‫وعنه قال‪ :‬قال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ولقد أتت علي ثلثون من يوم وليلة‪ ،‬وما ل ولبلل طعام‬
‫يأكله ذو كبد إل شيء يواريه إبط بلل ‪ -‬رواه أحد الترمذي وابن حبان‪ ،‬وقال الترمذي‪ :‬حسن‬
‫صحيح‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم بطعام سخن فأكل‪ ،‬فلما فرغ‬
‫قال‪ :‬المد ل‪ ،‬ما دخل بطن طعام سخن منذ كذا وكذا ‪ -‬رواه ابن ماجة بإسناد حسن‪ ،‬والبيهقي‬
‫بإسناد صحيح‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬إن النب صلى ال عليه وسلم ل يتمع عنده غداء ول عشاء من خبز‬
‫ولم إل على ضفف ‪ -‬أخرجه الترمذي ف الشمائل‬
‫ومعن على ضفف‪ :‬أي عندما ينل عليه الضيوف‪ ،‬فيشبع حينئذ لضرورة اليناس والجاملة‬
‫وعن النعمان بن بشي قال‪ :‬ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا‪ ،‬فقال‪ :‬لقد رأيت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يظل اليوم يلتوي‪ ،‬ما يد من الدقل ما يل بطنه ‪ -‬رواه مسلم‬
‫الدقل‪ :‬التمر الرديء‬
‫وعن عروة عن عائشة رضي ال عنها أنا كانت تقول‪ :‬وال يا ابن أخي‪ ،‬إنا كنا لننظر إل اللل ث‬
‫اللل ث اللل ثلثة أهلة ف شهرين‪ ،‬وما أوقد ف أبيات رسول ال صلى ال عليه وسلم نار‬
‫قلت يا خالة‪ :‬فما كان عيشكم؟‬
‫قالت‪ :‬السودان‪ ،‬التمر والاء‪ ،‬إل أنه قد كان لرسول ال صلى ال عليه وسلم جيان وكانت لم‬
‫منائح‪ ،‬فكانوا يرسلون إل رسول ال صلى ال عليه وسلم من ألبانا فيسقيناه‬
‫وعن أب طلحة قال‪ :‬شكونا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم الوع ورفعنا ثيابنا عن حجر على‬
‫بطوننا‪ ،‬فرفع رسول ال صلى ال عليه وسلم عن حجرين ‪ -‬رواه الترمذي‬
‫ضيق عيشه صلى ال عليه وسلم كان باختياره‬

‫‪244‬‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال صلى ال عليه وسلم‪ :‬اللهم اجعل رزق آل ممد قوتًا‪ ،‬وف‬
‫رواية‪ :‬كفافًا ‪ -‬رواه الشيخان والترمذي وابن ماجة‬
‫الكفاف‪ :‬ما ل يفضل عن الشيء ويكون بقدر الاجة‬
‫القوت‪ :‬ما يسد به الريق سي قوتًا لصول القوة به‬
‫وعن أب أمامة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬عرض علي رب ليجعل ل بطحاء مكة ذهبًا‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ل يا رب‪ ،‬ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا‪ ،‬فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك‪ ،‬وإذا شبعت‬
‫حدتك وشكرتك ‪ -‬رواه أحد والترمذي بسند ضعيف‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ذات يوم وجبيل عليه‬
‫السلم على الصفا‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا جبيل‪ ،‬والذي بعثك بالق ما أمسى‬
‫لل ممد سفة من دقيق ول كف من سويق‪ ،‬فلك يكن كلمه بأسرع من أن سع هدة من السماء‬
‫أفزعته‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أمر ال القيامة أن تقوم؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن أمر إسرافيل فنل إليك حي سع كلمك‬
‫فأتاه إسرافيل فقال‪ :‬إن ال سع ما ذكرت فبعثن إليك بفاتيح خزائن الرض‪ ،‬وأمرن أن أعرض‬
‫عليك أن أسي معك جبال تامة زمردًا وياقوتًا وذهبًا وفضة‪ ،‬فإن شئت نبيًا ملكًا‪ ،‬وإن شئت نبيًا عبدًا‬
‫فأومأ إليه جبيل أن تواضع‪ ،‬فقال‪ :‬بل نبيًا عبدًا ‪ . .‬ثلثًا ‪ -‬رواه الطبان بإسناد حسن والبيهقي‬
‫وغيها‬
‫عدم ذكره عيب الطعام واستحباب مدحه‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬ما عاب رسول ال صلى ال عليه وسلم طعامًا قط‪ ،‬إن اشتهاه‬
‫أكله‪ ،‬وإن كرهه تركه ‪ -‬رواه البخاري‬
‫وعن جابر رضي ال عنه‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم سأل أهله إدامًا‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما عندنا إل خل‪،‬‬
‫فدعا به‪ ،‬فجعل يأكل ويقول‪ :‬نعم الدم الل‪ ،‬نعم الدم الل ‪ -‬رواه مسلم‬
‫صفة مأكله ومشربه صلى ال عليه وسلم‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يأكل بأصابعه الثلثة ث يلعقها‬
‫روى الترمذي‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم كان يأكل بأصابعه الثلث‪ ،‬وكان يلعق أصابعه إذا فرغ ثلثًا‬
‫روى مسلم‪ :‬أنه كان يلعقها قبل أن يسحها‬
‫وقال كعب بن عجرة‪ :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يأكل بأصابعه الثلث‪ ،‬بالبام والت‬
‫تليها والوسطى‪ ،‬وأكل صلى ال عليه وسلم أيضًا بمسة‬
‫كان صلى ال عليه وسلم ل يأكل متكئًا‬
‫روى البخاري أنه صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬ل آكل متكئًا‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬قال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن آكل كما يأكل العبد‪ ،‬وأشرب كما‬
‫يشرب العبد ‪ -‬رواه ابن عدي والديلمي وابن أب شيبة بإسناد ضعيف‬

‫‪245‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يشرب ثلثًا‬
‫روى السبعة‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم كان إذا شرب تنفس ثلثًا‪ ،‬ويقول‪ :‬هو أهنأ وأمرأ وأبرأ‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم كان يشرب ف ثلثة أنفاس‪ ،‬إذا أدن الناء‬
‫إل فيه سى ال تعال‪ ،‬فإذا أخره حد ال‪ ،‬يفعل ذلك ثلثًا ‪ -‬رواه الطبان‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم كان إذا شرب تنفس مرتي ‪ -‬رواه‬
‫الترمذي وابن ماجة بسند ضعيف‬
‫قال الناوي‪ :‬أي تنفس ف أثناء الشرب مرتي‪ ،‬فيكون قد شرب ثلث مرات‪ ،‬وسكت عن التنفس‬
‫الخي لكونه من ضرورة الواقع‪ ،‬فل تعارض بينه وبي ما قبله من الثلث‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يشرب قاعدًا‬
‫روى مسلم‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم كان يشرب قاعدًا‪ ،‬وكان ذلك عادته صلى ال عليه وسلم‬
‫وروى مسلم أيضًا‪ :‬أنه صلى ال عليه وسلم نى عن الشرب قائمًا‬
‫وعن علي رضي ال عنه‪ :‬أنه شرب قائمًا‪ ،‬وقال‪ :‬إن رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫كما رأيتمون فعلت ‪ -‬رواه البخاري وأبو داود والنسائي‬
‫فشربه صلى ال عليه وسلم كان لبيان الواز‬
‫لباس النب صلى ال عليه وسلم‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يلبس من الثياب ما وجد من إزار أو رداء أو قميص أو جبة أو غيها‬
‫عن عائشة رضي ال عنها‪ :‬أنا أخرجت إزارًا ما يصنع باليمن وكساء من هذه اللبدة‪ ،‬فقالت‪ :‬ف‬
‫هذا قبض النب صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أخرجه الشيخان‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال‪ :‬كنت أمشي مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وعليه رداء نران‬
‫غليظ الاشية ‪ -‬أخرجه الشيخان‬
‫وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يلبس قميصًا قصي اليدين‬
‫والطول ‪ -‬أخرجه ابن ماجة بسند ضعيف‬
‫وعنه قال‪ :‬كان النب صلى ال عليه وسلم يلبس قميصًا فوق الكعبي مستوي الكمي بأطراف أصابعه‬
‫‪ -‬أخرجه ابن ماجة وابن عساكر والاكم وابن حبان وصححاه‬
‫وقال دحية الكلب‪ :‬أهدى لرسول ال صلى ال عليه وسلم جبة من الشام ‪ -‬أخرجه أبو الشيخ وابن‬
‫حبان‬
‫وقال الغية بن شعبة‪ :‬لبس النب صلى ال عليه وسلم جبة رومية ضيقة الكمي ‪ -‬أخرجه الشيخان‬
‫وقال عبد ال مول أساء بنت أب بكر الصديق رضي ال عنهما‪ :‬أخرجت إلينا أساء جبة طيالسة‬
‫كسروانية‪ ،‬لا لينة ديباج‪ ،‬وفرجاها مكفوفان بالديباج‪ ،‬فقالت‪ :‬هذه كانت عند عائشة حت قبضت‬
‫فلما قبضت قبضتها‪ ،‬وكان النب صلى ال عليه وسلم يلبسها فنحن نغسلها للمرضى نستشفي با ‪-‬‬
‫أخرجه مسلم والنسائي وابن سعد‬

‫‪246‬‬
‫وعن سهل بن سعد قال‪ :‬توف رسول ال صلى ال عليه وسلم وله جبة صوف ف الياكة ‪ -‬أخرجه‬
‫أبو داود والطيالسي‬
‫وقال أنس رضي ال عنه‪ :‬أهدى ملك الروم إل رسول ال صلى ال عليه وسلم مستقة من سندس‬
‫فلبسها‬
‫قال أنس‪ :‬فكأن أنظر إل يديه تذبذان من طولما‪ ،‬فجعل القوم يقولون‪ :‬يا رسول ال أنزلت عليك‬
‫من السماء؟‬
‫فقال‪ :‬وما تعجبون منها؟! والذي نفسي بيده إن منديلً من مناديل سعد بن معاذ ف النة خي منها‬
‫ث بعث با إل جعفر بن أب طالب فلبسها فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬إن ل أعطكها‬
‫لتلبسها‬
‫قال‪ :‬فما أصنع با؟‬
‫قال‪ :‬ابعث با إل أخيك النجاشي ‪ -‬أخرجه ابن سعد وأحد وأبو داود متصرًا‬
‫وعن ابن داود‪ :‬أن قيصرًا أهدى لرسول ال صلى ال عليه وسلم جبة من سندس‪ ،‬فاستشار أبا بكر‬
‫وعمر‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬نرى أن تلبسها‪ ،‬يكبت ال با عدوك ويسر السلمون‪ ،‬فلبسها وصعد‬
‫ل يتلل وجهه فيها‪ ،‬ث نزل فخلعها‪ ،‬فلما قدم عليه جعفر وهبها له ‪-‬‬‫النب فخطب‪ ،‬وكان جي ً‬
‫أخرجه قانع بن قانع‬
‫وإنا لبس النب صلى ال عليه وسلم الستقة أو البة من سندس قبل تري الرير‪ ،‬ث نزعها بعد‬
‫التحري‬
‫وف رواية لسلم والنسائي أن النب قال حي نزعه‪ :‬نان عنه جبيل‬
‫وأمر النب صلى ال عليه وسلم جعفر بإهداء الستقة للك البشة لينتفع با بطريق حلل بأن يكسوها‬
‫النساء‬
‫ويتمل أن النب صلى ال عليه وسلم لبس الستقة بعد تري الرير؛ لكونا مكفوفة بالسندس‪ ،‬وليس‬
‫جيعها حريرًا خالصًا لن نفس الفروة ل تكون سندسًا‪ ،‬ومع ذلك ترك لبسها بعد ورعًا‬
‫ولبس النب صلى ال عليه وسلم البة‪ ،‬وهي كعنبه نوع من البود اليمنية‪ ،‬وكانت من أحب الثياب‬
‫إليه‪ ،‬ولبس القباء والفروج‪ ،‬وهو القباء الذي شق من خلفه‬
‫وقال الواقدي‪ :‬كان رداؤه وبرده طول ستة أذرع ف ثلثة وشب‪ ،‬وإزاره من نسج عمان طول أربعة‬
‫أذرع وشب ف عرض ذراعي وشب‪ ،‬ولبس حلة حراء‪ .‬واللة‪ :‬إزار ورداء‪ ،‬ول تكون اللة إل اسًا‬
‫للثوبي معًا‬
‫وغلط من ظن أنا كانت حراء بتة ل يالطها غيها؛ إنا اللة المراء بردان ينيان منسوجان‬
‫بطوط حر مع السود كسائر البود اليمنية‪ ،‬وهي معروفة بذا السم باعتبار ما فيها من الطوط‬
‫المر‪ ،‬فالحر البحت منهي عنه أشد النهي‬

‫‪247‬‬
‫ولبس صلى ال عليه وسلم الميصة العلمة والساذجة‪ ،‬ولبس ثوبًا أسود‪ ،‬ولبس الفروة الكفوفة‬
‫بالسندس‬
‫وكان صلى ال عليه وسلم يلبس العمامة وتتها قلنسوة‪ ،‬وكان يلبسها بل قلنسوة‪ ،‬وكان إذا اعتم‬
‫أرخى عمامته بي كتفيه‪ ،‬وكان يتلحى بالعمامة تت النك‬
‫عن أب سعيد الدري رضي ال عنه‪ :‬أن النب كان إذا استجد ثوبًا ساه باسه عمامة أو قميصًا أو‬
‫رداء ث يقول‪ :‬اللهم لك المد أنت كسوتنيه‪ ،‬أسألك خيه وخي ما صنع له‪ ،‬وأعوذ بك من شره‬
‫وشر ما صنع له ‪ -‬أخرجه أحد والاكم والثلثة وحسنه الترمذي‪ ،‬وصححه النووي‬
‫وكان النب صلى ال عليه وسلم إذا لبس ثوبًا أو غيه بدأ بيمناه‪ ،‬وإذا لبس شيئًا من الثياب بدأ‬
‫بالين‪ ،‬وإذا نزع بدأ باليسر‬
‫وقال أنس رضي ال عنه‪ :‬كان صلى ال عليه وسلم إذا ارتدى أو ترجل أو انتعل بدأ بيمينه وإذا خلع‬
‫بدأ بيساره ‪ -‬أخرجه أبو الشيخ وابن حبان وسنده ضعيف‬
‫فراش النب صلى ال عليه وسلم‬
‫عن ابن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬دخلت على النب صلى ال عليه وسلم وهو نائم على حصي قد‬
‫أثر ف جنبه فبكيت‬
‫فقال‪ :‬ما يبكيك؟‬
‫قلت‪ :‬كسرى وقيصر على الز والديباج‪ ،‬وأنت نائم على هذا الصي‬
‫فقال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما ل وللدنيا‪ ،‬ما أنا ف الدنيا إل كراكب استظل تت شجرة ث راح‬
‫وتركها ‪ -‬رواه أحد‪ ،‬وابن ماجة بإسناد صحيح عن عمر بن الطاب بلفظ آخر والترمذي وقال‪:‬‬
‫حسن صحيح‪ ،‬والاكم والطبان‪ ،‬وقال الاكم على شرط البخاري وأقره الذهب‪ ،‬وقال اليثمي‪:‬‬
‫ورجال أحد رجال صحيح غي هلل بن حيان وهو ثقة‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬إنا كان فراش رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي ينام عليه أدمًا‬
‫حشوه ليف‬
‫وف رواية‪ :‬كان وساد رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي يتكئ عليه من أدم حشوه ليف ‪ -‬رواه‬
‫أحد والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجة‬
‫وعن حفصة رضي ال عنها قالت‪ :‬كان فراشه صلى ال عليه وسلم مسحًا يثنيه ثنيتي فينام عليه‪،‬‬
‫فلما كان ذات ليلة قلت‪ :‬لو ثنيته أربع ثنيات لكلن أوطأ‪ ،‬فثنيناه بأربع ثنيات فلما أصبح قال‪ :‬ما‬
‫فرشتموه الليلة؟‬
‫قلنا‪ :‬هو فراشك إل أنا ثنيناه بأربع ثنيات‪ ،‬قلنا هو أوطأ لك‬
‫قال‪ :‬ردوه لاله الول؛ فإنه منعن وطاؤه صلت الليلة ‪ -‬رواه الترمذي‬
‫عظمة النب صلى ال عليه وسلم ف القلوب‬

‫‪248‬‬
‫عن عبد ال بن عمرو بن العاص قال‪ :‬صحبت رسول ال صلى ال عليه وسلم ما ملت عين منه قط‬
‫حياء منه وتعظيمًا له‪ ،‬ولو قيل ل صفه لا قدرت ‪ -‬رواه مسلم‬
‫ولا رأته صلى ال عليه وسلم قيلة بنت مرمة ف السجد وهو قاعد القرفصاء أرعدت من الفرق‪ ،‬أي‬
‫الوف ‪ -‬رواه أبو داود‬
‫وجاء رجل إليه صلى ال عليه وسلم فقام بي يديه‪ ،‬فأخذته رعدة شديدة ومهابة فقال له‪ :‬هون‬
‫عليك فإن لست بلك ول جبار‪ ،‬إنا أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بكة‪ ،‬فنطق الرجل‬
‫باجته‬
‫خوف النب صلى ال عليه وسلم‬
‫روى البخاري‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬إن لعلمكم بال وأشدكم له خشية‬
‫وروى أيضًا أنه صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلً ولبكيتم كثيًا‬
‫وعن عبد ال بن الشخي قال‪ :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم يصلي وف صدره أزيز كأزيز‬
‫الرجل من البكاء ‪ -‬رواه أحد وأبو داود واللفظ له‪ ،‬والنسائي بسند حسن‪ ،‬والترمذي وصححه‪،‬‬
‫وابن حبان وابن خزية‬
‫اكتحال النب صلى ال‬
‫فيا عمي البصائر والعيونا‬
‫الكاتب‪ :‬أبو ملك النصاري‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫السلم عليكم ورحه ال وبركاته‪ .‬من العراق نطق صوت الق للرد على من تجم على شخص سيد‬
‫اللق (ممد) صلى ال عليه وسلم ما لعت شس ف الفق وما ل تلمع وتشقق‪ .......‬أما بعد فأنا‬
‫شاب من العراق أحل إليكم هذه الكلمات متأسفا على تأخي الرد ولكن ال أذن بذلك وأقول لقان‬
‫أحد أحبه البيب ممد وحلن إليكم كلم وبه أوجز كلمي ولزامي وختامي وإن شاء ال يصل إل‬
‫كل الرض وال كل من تعاون على بثه على العال أجع وثوابكم على ال والسلم عليكم ورحه ال‬
‫وبركاته‬
‫==============================‬
‫فيا عمي البصائر والعيونا‬

‫فيا عمي البصائر والعيونا على شخص الرسول أتعتدونا‬


‫فهل لكم بصائر مبصرات وهل لكم عيونا ناظرينا‬
‫وهل لكم با للخلق سعا وهل لكم آذانا سامعينا‬
‫فهل عندكم إدراك وعي وهل لكم عقول العاقيلينا‬
‫شعاع الشمس ف الفاق يضوي فل يجبه ثوب العتمينا‬

‫‪249‬‬
‫فل تبصر عيون العمي نورا ولو سطع الضياء على البينا‬
‫أينقص من له قد شق بـ لرفعته أقر الشركونا‬
‫ومن أن الماد له دليل فجذع النخل حن له حنينا‬
‫لقد جار البعي ولذ فيه ولذ الضب فيـ‪،،‬ـه مستعينا‬
‫وكلمه الذراع السم فيه فأخبه بغدر الغادرينا‬
‫وضرع الشاة در له بلب بجرته إل نو الدينا‬
‫فل عتب على قوم أضلوا وظلوا ف الضللة غارقينـ‪،‬ــا‬
‫عسى القهار يزلزل أرض قوم علينا بالوقاحة يعتدونا‬
‫ترأت وطاولتم وعبتم نب ال إمام الرسلينا‬
‫أينقص من عليه الرب أثنا وخصه رحة للعالينا‬
‫لقد زاح الضللة ف هداه وأرشدنا إل السلم دينا‬
‫ودلنا إل الرحن داع وأهدانا طريقا مستبينا‬
‫بوحي من اله الكون يهدى عليه تنل جبيل المينا‬
‫تنل ف كتاب ال يقرى فقال اقرأ كتاب الق فينا‬
‫كتاب ال قرآن ووحي من القيوم يتلى كل حينا‬
‫به حكم وأحكام وعدل خطابا فصل ف أزل السنينا‬
‫وقول ما به زلل وزيغ خليل ال أشار له أبينا‬
‫وتوراة ابن عمران أشارت وإنيل وزبور شاهدينا‬
‫تلى قول رب ف عله تنه عن مقال الشاهدينا‬
‫وأهدي ف التام صلة رب على خي الورى الادي المينا‬
‫على من جاهه ف الشر يرجى لكل اللق ف القيامة يوم دينا‬
‫وأصحاب وأصهار وآل وأتباع وتابع تابعينا‬
‫نظمت هذه القصيدة ف يوم المعة ‪2006 / 1 / 27‬‬
‫الناظم عبد الحسن ذنون آل رجب الرفاعي‬
‫العراق ‪ /‬النبار ‪ /‬قضاء عنه‬
‫أخوكم بال‬
‫أبو ملك النصاري‬
‫=========================‬
‫قاطعوهم‪ ..‬يرتدعوا صاغرين‬
‫مصطفى ممد كتوعة‬

‫‪250‬‬
‫يوج العال السلمي بالغضب العارم من البذاءة والتطاول الذي نشرته إحدى الصحف الدناركية‪،‬‬
‫وأعادت نشره صحيفة نرويية‪ ،‬وقد سارعت الملكة باستدعاء السفي السعودي ف الدانارك‬
‫احتجاجا على هذه الرية الت أقدمت عليها تلك الصحيفة بتعليقاتا القبيحة ورسوماتا الوقحة الت‬
‫زعم صاحبها أنا تثل الرسول الكري صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد طالب ساحة الفت العام ف بيانه‬
‫حكومة الدنارك بحاسبة الصحيفة وإلزامها بالعتذار عن جريتها النكراء‪ ،‬وتوقيع الزاء الرادع على‬
‫من شارك ف إثارة هذا الوضوع‪ .‬مستنكرا ساحته هذا البهتان العظيم الوجه لنب السلم وخات‬
‫النبيي عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫لقد بلغ السيل الزب‪ ،‬وطفح الكيل ما يتعرض له السلم النيف من تطاول وإساءات الاقدين ف‬
‫العال الغرب من الذين يتخذون العنصرية الدينية والوس المجوج ضد السلمي والدين السمح وقد‬
‫شعر كل مسلم ف العال بالصدمة البالغة من تلك البذاءات الت أقدمت عليها تلك الصحف تت‬
‫مسمى حرية الرأي‪ ،‬وهي ف حقيقتها جرية رأي يب أن يعاقب عليها فاعلها وناشرها‪ ،‬والمة‬
‫السلمية اليوم وقد أساءها ويسيؤها هذا التطرف البغيض ف الكراهية ضدها هي اليوم أمام اختبار‬
‫صعب يدعوها لوقفة جادة وحازمة ضد هؤلء الوتورين‪.‬‬
‫إن قمة مكة الكرمة الت جعت زعماء العال السلمي ل تكن ببعيد عن هذه القضية‪ ،‬فقد طالبت‬
‫بوقف أي حلت إساءة للسلم أو للرسول الكري وماسبة من يفعل ذلك‪ ،‬وها هي أمام مسؤولياتا‬
‫بضرورة اتاذ ما يلزم تاه تلك الرائم النكراء‪ ،‬وعلى الشعوب السلمية‪ ،‬بل على كل مسلم أن‬
‫يؤكد غضبه‪ ،‬وأقل ما يكن فعله هنا هو القاطعة القتصادية لنتجات تلكما الدولتي طالا رفض‬
‫السؤولون فيها العتذار وماسبة فاعلي وناشري تلك الوقاحات ضد نب الرحة الهداة وسيد اللق‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وأشرفهم‪ ،‬فهؤلء ل يعرفون إل لغة الال والصال‪ ،‬وطالا كان السلم فردا‬
‫أو اسرة وعلى كل الستويات واعيا بأهية القاطعة القتصادية لسارع هؤلء إل العتذار وردع كل‬
‫من تسول له نفسه الساس بالسلم العظيم الذي ل يكتمل أساسا ف يقي الفرد وإيانه إل باليان‬
‫بال ورسله وكتبه وتوقي جيع النبياء‪.‬‬
‫فإذا كان السلم ل يق له ول يرؤ على الساس بأي نب من أنبياء ال‪ ،‬فعلى المة أن تبلغ رسالتها‬
‫القوية إل هؤلء العابثي بالكلمة تت زعم حرية الرأي‪ ،‬وذلك عندما ينال الضرر القتصادي بلدهم‬
‫واقتصادهم‪ ،‬لذا فكل مسلم يلك القرار‪ ،‬وعليه أن يثبت صدق موقفه بعدم شراء منتجات تلك‬
‫الدول وهي معروفة وتل أسواقنا‪ ،‬وإذا حدث هذا ستصل الرسالة للحاقدين قوية ليكونوا عبة‬
‫لمثالم‪ ،‬ويدركوا أن هذه المة ل تت وإن ضعفت‪ ،‬وأن غيتا على دينها والرسول العظم صلى‬
‫ال عليه وسلم ل ولن تضعف أو تن مهما تكالب القد العمى والتآمرون على هذا الدين العظيم‪،‬‬
‫ونن مؤمنون بأن ال ناصر دينه وكتابه الكري ورسالة نبيه صلى ال عليه وسلم‪ .‬قال تعال‪{ :‬وَالّذِينَ‬
‫سَت ْهزِِئيَ}‪ ،‬وقال تعال‪{ :‬إِنّ‬
‫ُي ْؤذُونَ َرسُولَ الّلهِ َلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}‪ ،‬وقال سبحانه‪{ :‬إِنّا َكفَْينَا َك الْمُ ْ‬
‫الّذِينَ ُي ْؤذُونَ الّل َه َورَسُوَلهُ َلعََنهُ ُم الّلهُ فِي الدّنْيَا وَالْآ ِخ َر ِة وََأعَدّ َلهُ ْم عَذَابًا ّمهِينًا}‪.‬‬

‫‪251‬‬
‫وف لظة كهذه على شعب الملكة العربية السعودية خاصة وشعوب المة السلمية عامة أن يكونوا‬
‫على مستوى السؤولية والثقة التامة بأن قرار الفرد السلم والسرة إنا يؤثر بالغ التأثي ف تلك الدول‪،‬‬
‫ول يب أن يستهي السلم بدوره ف قرار القاطعة‪ ،‬فالشعوب بإمكانا أن تفعل الكثي ف مساندة أي‬
‫موقف رسي تاه تلك الساءات‪ ،‬ولكن يظل على الدول السلمية وعلى منظمة الؤتر السلمي‬
‫ورابطة العال السلمي وكافة الهود النظمة اتاذ مواقف مؤثرة وإجراءات قانونية حت يتم ماسبة‬
‫هؤلء الوتورين البثاء الذين ترأوا على خات النبياء ورسول البشرية صلى ال عليه وسلم والعلم‬
‫السلمي مطالب اليوم بإيصال رسالة هذه المة إل تلك الدول ولكن دولة يعشعش فيها القد‬
‫العمى ضد السلم والسلمي‪ ،‬وإذا بلغتهم الرسالة قوية‪ ،‬فإنم سيعتذرون صاغرين ويدركون أن‬
‫لدى أمة السلم خطوطا حراء إذا تعلق المر بالدين وبالرسول الكري صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهنا‬
‫تكون كل المة فداء لدينها ونبيها صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهذا ما يب أن يفهمه من سال لعابم على‬
‫التطاول ظنا منهم ف ضعف المة سبيل لغراضهم الدنيئة وساء ما فعلوا‪..‬‬
‫وال نسأل أن يرد كيد الكائدين ف نورهم‪.‬‬
‫وأن يعز السلم والسلمي‪.‬‬
‫وأن يذل أعداء الدين‪.‬‬
‫حكمة‪:‬‬
‫ص َرهُ الّلهُ ِإذْ أَ ْخرَ َجهُ الّذِينَ َك َفرُواْ ثَانِيَ اثْنَْينِ ِإذْ هُمَا فِي اْلغَارِ ِإذْ َيقُولُ‬
‫قال تعال‪{ :‬إِلّ تَنصُرُوهُ َفقَدْ َن َ‬
‫حزَنْ إِ ّن الّلهَ َمعَنَا}‪.‬‬
‫ِلصَاحِِبهِ لَ َت ْ‬
‫========================‬
‫قوائم القاطعة ضوابط وأحكام‬
‫تاريخ الجابة ‪05/02/2006‬‬
‫موضوع الفتوى الهاد‬
‫بلد الفتوى ‪ -‬مصر‬
‫نص السؤال هل أعددت دراسة حول الشياء الت تؤثر مقاطعتها بصورة فعالة ف اقتصاد العدو‪ ،‬وهل‬
‫هناك قائمة ت درجها بعناية توي النتجات الت يتم مقاطعتها؛ لن القوائم الوجودة يوجد با‬
‫تضارب ويبدو أنا ل تتم عن دراسة؟ وجزاكم ال خيا‪.‬‬
‫اسم الفت الستاذ الدكتور حسي شحاته‬
‫نص الجابة‬
‫بسم ال‪ ،‬والمد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال وبعد‪:‬‬
‫القاطعة هي المتناع عن دعم اقتصاد العدو ‪ ،‬لصال القتصاد السلمي ‪ ،‬وقد طبقه الرسول – صلى‬
‫ال عليه وسلم – ويب أن تكون هذه القوائم منضبطة صحيحة ‪ ،‬ويب أن نتأكد من مصدر‬
‫العلومات حت ل نصيب قوما بهالة ‪ ،‬ويكن ذلك من خلل الغرف التجارية‪ ،‬ومن مصلحة‬

‫‪252‬‬
‫الشركات‪ ،‬وهيئة سوق الال‪ ،‬ولان القاطعة كما ف جامعة الدول العربية والنقابات الهنية ولنة‬
‫القاطعة بامعة الزهر ‪.‬‬
‫يقول الستاذ الدكتور حسي شحاته الستاذ بامعة الزهر ‪:‬‬
‫القاطعة تعن المتناع عن دعم اقتصاد العداء‪ ،‬أي إضعاف اقتصاد العداء‪ ،‬وتقوية اقتصاد المة‬
‫السلمية‪ ،‬وقد طبق رسول ال صلى ال عليه وسلم منهج القاطعة عندما أرسل عليًا إل أب بكر‬
‫الصديق ليخبه بأن ال سبحانه وتعال أوحى إليه بأن الشركي نس‪ ،‬فل يقربوا السجد الرام بعد‬
‫عامهم هذا‪ ،‬وقد حزن تار السلمي من هذا المر اللي خشية الفقر والعوز والسارة‪ ،‬فرد ال‬
‫عليهم بقوله‪" :‬وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم ال من فضله"‪ ،‬وكان هذا نوذجا قرآنيا لوجوب‬
‫مقاطعة الشركي والكافرين والعتدين والظالي‪ .‬فالقاطعة ليست بدعة‪ ،‬وليست أمرا مستحدثا‪،‬‬
‫ولكن هي سنة من سنن ال عز وجل‪ ،‬وسلح يوجه ضد العداء‪.‬‬
‫ويب على السلم أن يدرس السلع والدمات الت ينتجها العدو‪ ،‬وتعرض ف السواق ويتنع عن‬
‫شرائها‪ ،‬و يب عليه التيقن من أنا سلعة مقدمة من دولة معتدية ظالة‪ ،‬وهذا ف زماننا ميسر‪ ،‬حيث‬
‫لكل سلعة دولة للمنشأ‪ ،‬أين صنعت هذه السلعة‪ ،‬وإن كان يدث ف بعض الحيان تايل‪ ،‬ولكن‬
‫نسبته قليلة‪ ،‬ويوجد ف الدول العربية والسلمية مراكز معلومات نستطيع أن نعرف منها الدولة الت‬
‫تنتج السلعة أو تقدم الدمة‪ ،‬وأساء الساهي ف الشركات وجنسياتم‪ ،‬ومعلومات كثية عنهم‪.‬‬
‫من ذلك نستطيع أن نعرف هل هذه السلعة تقاطع أم ل‪ ،‬وف مصر على سبيل الثال تكنا من معرفة‬
‫السلع والدمات الت تأت من العدو الصهيون‪ ،‬ومن أمريكا الت تدعمه‪ ،‬من خلل الغرف التجارية‪،‬‬
‫ومن مصلحة الشركات‪ ،‬وهيئة سوق الال‪ ،‬وجهات أخرى كثية‪.‬‬
‫ولقد قامت لان القاطعة القتصادية ف جامعة الدول العربية‪ ،‬وف الدول العربية والسلمية‪ ،‬وف‬
‫النقابات الهنية‪ ،‬وف الامعات‪ ،‬ومراكز البحوث بإعداد قوائم تتضمن السلع والدمات الواجب‬
‫مقاطعتها؛ لنا تنتمي إل دولة أمريكا وإسرائيل‪ .‬وتراجع هذه القوائم عدة مرات من أهل‬
‫الختصاص والبة‪.‬‬
‫ومع ذلك يب أن يكون هناك تنسيق وتعاون وتنظيم بي جيع لان القاطعة القتصادية على‬
‫مستوى القطر العرب والسلمي‪ ،‬وعلى مستوى جامعة الدول العربية‪ ،‬وعلى مستوى منظمة الؤتر‬
‫السلمي‪ ،‬حت تكون قوائم القاطعة دقيقة‪ ،‬وسليمة‪ ،‬وموضع ثقة‪ ،‬وأن يعاد النظر فيها على فترات‬
‫للتيقن من سلمتها‪.‬‬
‫ويب أل تكون قوائم القاطعة عشوائية‪ ،‬حت ل نصيب قومًا بهالة‪ ،‬بل يب أن تكون هادفة‪،‬‬
‫ومططة‪ ،‬ومنظمة‪ ،‬وموجهة‪ ،‬حت تكون أكثر فعالية‪ ،‬تقق أكب خسارة مكنة لقتصاد العدو‪،‬‬
‫وتفيف السائر من على الوطن‪ ،‬سواء كان عربيا أو إسلميًا‪.‬‬

‫‪253‬‬
‫ونن ف جامعة الزهر يوجد با لنة مقاطعة تتعاون مع لنة القاطعة ف جامعة الدول العربية‪ ،‬ومع‬
‫لان القاطعة ف الامعات الصرية‪ ،‬وف النقابات الهنية‪ ،‬وف الؤسسات اليية‪ ،‬بيث تراجع قوائم‬
‫القاطعة حت تكون موضع ثقة من الميع‪.‬‬
‫والقاطعة ل يُنظر إليها با تققه من خسائر مادية للعدو‪ ،‬ولكن يُنظر إليها على أنا موقف مع النفس‪،‬‬
‫وموقف مع ال‪ ،‬وموقف لؤازرة إخواننا‪ ،‬فقيمتها العنوية ل تُقوّم بال‪.‬‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫=========================‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم‬ ‫قَبَسَا ٌ‬
‫(‪)1‬‬
‫ممد قطب‬
‫مقدمة الطبعة الشرعية الامسة‬
‫تصدر هذه الطبعة (عام ‪ 1398‬ه) ونن على مقربة من ناية القرن الرابع عشر الجري وبداية القرن‬
‫الامس عشر‪..‬‬
‫وما أحوجنا ‪ -‬ف هذه الفترة الدقيقة من حياتنا ‪ -‬أن نراجع مسيتنا خلل تلك القرون‪ ،‬على ضوء‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬اللذين أخرجا من قبل " خي أمة أخرجت للناس " واللذين ها معيار خيية هذه‬
‫المة‪ .‬فعلى قدر استقامتها عليهما تتحقق خييتها‪ ،‬وعلى قدر انرافها عنهما تظل تنحدر حت تصي‬
‫إل ذلك الغثاء الذي تدث عنه الرسول صلى ال عليه وسلم وهو يرى تلك الفترة العصيبة بنور‬
‫الوحي‪ " :‬يوشك أن تداعى عليكم المم كما تداعى الكلة إل قصعتها‪ .‬قالوا‪ :‬أمن قلة نن يومئذ يا‬
‫رسول ال؟ قال‪ :‬ل! إنكم كثي‪ ،‬ولكنكم غثاء كغثاء السيل‪" ..‬‬
‫واليوم تقوم ‪ -‬على هدي الكتاب والسنة كذلك ‪ -‬حركات بعث إسلمي ف كل أرجاء العال‬
‫السلمي‪ ،‬يرجى أن تنقذ هذا الغثاء من وهدته‪ ،‬وتعيده ( َخْيرَ ُأمّةٍ ُأ ْخرِ َجتْ لِلنّاسِ)‪.‬‬
‫فما أحوجنا أن نتعرف على كتاب ربنا الكري‪ ،‬وما أحوجنا كذلك أن نقبس "قبسات من الرسول"‬
‫صلى ال عليه وسلم نقوّم با ما أعوج ف حياتنا من خطوات‪..‬‬
‫وما زلت أرجو أن يصدر مزيد من الكتب والدراسات الت يتناول فيها الكتاب سية الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم وأحاديثه بالطريقة الت تقربا لذا اليل‪ ،‬وتقرب هذا اليل كذلك من السلم‪.‬‬
‫وال الوفق إل ما فيه الي‪.‬‬
‫ممد قطب‪.‬‬
‫مقدمة الكتاب‬
‫ل أحسب أحداُ من البشر نال من الب والعجاب ما ناله ممد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫فإن أتباعه الؤمني ل ينعهم من تقديسه شيء إل ني ال لم أن يتوجهوا بالعبادة والتقديس لحد‬
‫سواه‪ .‬ومع ذلك فإن درجة الب الت يتوجهون با إل الرسول ‪ r‬تكاد تفلت أحياناُ ف قلوب بعض‬

‫‪254‬‬
‫السلمي فل يسكها هذا النهي إل بهد جهيد! وإن بعضهم لتصيبه حالت من الوجد ف حب‬
‫الرسول حت لينسى نفسه‪ ،‬وتتلج مشاعره وقسمات وجهه‪ ،‬وتنهمر عيناه بالدموع‪ ،‬ث ل يفيق من‬
‫قريب! حت بي " أجف " السلمي قلباُ‪ ،‬وأغلظهم مشاعر (إن صح أنم مسلمون مع ذلك!)‪ ،‬لن‬
‫تد منهم من ل يتوجه للرسول صلى ال عليه وسلم بالب والتعظيم‪ ،‬ولو كان يعبد ال على حرف‪،‬‬
‫ول يقيم كثياُ من قواعد الدين!‬
‫أما غي أتباعه فقد هاجه كثي منهم‪ ،‬ومع ذلك فإن أغلبية عظيمة من هؤلء ل تلك نفسها من‬
‫العجاب بشخصه‪ ،‬بصرف النظر عن دينه‪ ،‬فقالوا عنه إنه رجل عظيم‪ ،‬وقالوا إنه يلك الصفات الت‬
‫تبب إليه الناس‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬ل أحسب أحدا من البشر نال من الب والعجاب ما ناله ممد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن أحسب أن كثيا من السلمي‪ ،‬وخاصة ف هذه العصر الديثة‪ ،‬ل يقدرون الرسول‬
‫حق قدره‪ ،‬حت وهم يتوجهون إليه بالب‪ ،‬بل حت وهم ينحرفون بذا الب إل لون من التقديس!‬
‫ذلك أنه حب سلب ل صدى له ف واقع الياة!‬
‫وإن صورة الرسول صلى ال عليه وسلم ف قلوب هؤلء السلمي لتعان عزلة وجدانية عميقة‪.‬‬
‫إنه هنالك ف أعمق أعماقهم‪ .‬إنه روح نورانية شفيفة‪ ،‬إنه سنَى مشرق‪ ،‬إنه ومضات من النور الرائق‬
‫والشعاع التألق‪ .‬إنه روح سارية ف حنايا القلب وف أناء الكون‪ ..‬ومع ذلك فهو ليس حقيقة واقعة!‬
‫إنه حقيقة " صوفية " منعزلة ف الوجدان‪ ،‬واصلة إل آخر أعماقه‪ ،‬ولكنه ليس صورة حية متحركة ف‬
‫واقع الياة‪ ،‬شاخصة بلحمها ودمها‪ ،‬وأفكارها ومشاعرها‪ ،‬وتنظيماتا وتوجيهاتا‪ ،‬وهدمها وبنائها‪،‬‬
‫ومادياتا وروحانياتا سواء!‬
‫ول شك أن لذه العزلة أسبابا تاريية‪...‬‬
‫ففي عهد أب بكر وعمر رضي ال عنهما ل يكن الرسول صلى ال عليه وسلم منعزلً ف وجدان‬
‫السلمي‪.‬‬
‫كان السلمون قريب العهد به‪ ،‬ما زالوا يعيشون مع ذكراه الية ف نفوسهم‪ ،‬وصوره الشاخصة ف‬
‫ميلتهم‪ ،‬ف غدوه ورواحه‪ ،‬وحربه وسلمه‪ ،‬وعبادته وعمله‪ .‬صورة متكاملة تشمل الياة كلها ف‬
‫أعماق الضمي وف واقع الجتمع على السواء‪.‬‬
‫ولكن قرب العهد ل يكن وحده السبب ف إحساس السلمي به حيا ف نفوسهم‪ ،‬متكاملً ف‬
‫مشاعرهم‪ .‬وإنا كان إل جانب ذلك سبب على أعظم جانب من الهية‪ ،‬هو امتداد تعاليم الرسول‬
‫ومنهجه التربوي ف تصرفات أب بكر وعمر وطريقة سياستهما لمور السلمي‪.‬‬
‫لقد أحس السلمون أن الرسول صلى ال عليه وسلم حي بتعاليمه ومنهجه‪ ،‬حت وإن غابت ذاته‬
‫الرفيعة عنهم ف عال الس‪.‬‬
‫وما عال الس من واقع النفس؟‬

‫‪255‬‬
‫إن الشياء ل تقاس بوجودها أو عدم وجودها ف عال الس‪ .‬وإنا تقاس بقدار ما توجد ف عال‬
‫النفس‪ ،‬وبالساحة الت تشغلها من الشاعر والفكار والسلوك‪.‬‬
‫ول شك أن الرسول صلى ال عليه وسلم كان " موجودا " ف نفوس السلمي على عهد أب بكر‬
‫وعمر‪ ،‬وعلى مدار الجيال الت ل تره بعد ذلك‪ ،‬أضعاف أضعاف ما كان موجودا ف نفس أب‬
‫جهل أو غيه من الشركي‪ ،‬من رأوه رأي العي‪ ،‬وجالدهم وجالدوه‪ ،‬ولكنهم ل يؤمنوا به‪ ،‬ول‬
‫يقووا على حبه فأبغضوه‪.‬‬
‫وعلى هذا الساس وحده نقيس وجود الرسول صلى ال عليه وسلم ف نفوس الؤمني وغي الؤمني‪.‬‬
‫وعلى عهد الشيخي كانت الياة كلها مكومة بتعاليم السلم وروحه‪ ،‬وكان الشيخان على قمة‬
‫البشرية بعد ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬يتطلع الناس إليهما ف تصرفاتما‪ ،‬وسلوكهما‪ ،‬ومشاعرها‪،‬‬
‫وأفكارها فيدركون القبس الالد الذي يقبسان منه‪ ،‬ويرون الرسول صلى ال عليه وسلم رأي الواقع‬
‫ف قلبيهما الكبيين‪ ،‬فيعيشون ف ظلهما مع الرسول فوق ما يعيشون معه ف ذكرياتم الاصة‪،‬‬
‫ووجداناتم الت كانت بدورها قد شحنت بتلك القبسات الشرقة من قبسات الرسول‪.‬‬
‫وجاء عثمان رضي ال عنه فسار ف أول عهده على هدي الشيخي ما استطاع‪ ،‬ولكن رويدا رويدا‬
‫أخذ نفوذ مروان بن الكم ومنهجه يغلبان على الكم‪ ،‬وعثمان رضي ال عنه تثقله السن‪ .‬وبدأ‬
‫السلمون يسون بافتراق الطريق‪ .‬وبدأت الصورة التكاملة للرسول صلى ال عليه وسلم تنحسر شيئا‬
‫فشيئا إل داخل النفوس‪ ،‬بعد أن كانت ملء النفوس وملء الياة معا وعلى نسق واحد‪.‬‬
‫وكلما انفرجت الشقة بي الواقع الشهود وبي تعاليم الرسول صلى ال عليه وسلم وتوجيهاته‪ ،‬زادت‬
‫صورته انسارا ف نفوس السلمي‪ ،‬حت ينتهي المر إل أن تصبح " مثا ًل " متألقا ف أعماق‬
‫الوجدان‪ ،‬ل صورة حية ف العيان‪ ،‬مثالً منعزلً عن واقع الياة‪ ،‬ل يكمها ول يرسم منهجها‪ ،‬ول‬
‫يتجه الشعور إليه لتسيي دفتها!‬
‫ولكن أجيالً متطاولة مضت قبل أن تتم العزلة ف صورتا العنيفة الت تقوم اليوم ف قلوب السلمي‪.‬‬
‫كان الكم ف البلد السلمية ‪ -‬رغم بعده التدريي عن روح السلم ‪ -‬يقوم باسم السلم!‬
‫وكان الجتمع إسلميا رغم فساد الكام!‬
‫نعم‪ .‬لقد ظل الجتمع ف الريف والدن البعيدة عن العواصم إسلميا قرابة ألف سنة‪ ،‬ل يتأثر بفساد‬
‫الكم‪ ،‬ول تصل إليه العدوى من العاصمة النحلة الت فيها القصور الاجنة‪ ،‬وصور الياة الدنسة‪.‬‬
‫وكان الرسول صلى ال عليه وسلم ل يكم ف العاصمة‪ ،‬ول يرسم سياسة الال‪ ،‬ولكنه كان يُحكِم‬
‫الروابط بي قلوب السلمي ف الريف والدن البعيدة‪ ،‬فتقوم بينها مبة السلم وتكافل السلم‬
‫وتراحم السلم‪ ،‬ف الوقت الذي كانت " البيئة الزراعية " الماثلة ف أوربا تقوم على علقة السادة‬
‫والعبيد‪ :‬سادة لم المر كله واللك كله‪ ،‬وعبيد ليس لم من المر شيء سوى العبودية الطلقة‬
‫والنعدام الذليل‪.‬‬

‫‪256‬‬
‫ف تلك الثناء كانت بقية من صورته صلى ال عليه وسلم ل تنعزل بعد ف وجدان السلمي‪ .‬ورغم‬
‫أن الذاهب " الصوفية " كانت نشيطة ف الجتمع السلمي كله ف ذلك الوقت‪ ،‬والصوفية تنح إل‬
‫العزلة عن الياة والبعد عن مالدتا‪ ،‬إل أن هذه الذاهب قد أدت دورا تارييا ف منع الجتمع‬
‫السلمي من التفكك‪ ،‬والبقاء عليه مترابطا " بأخوة " الصوفية كما أنا ف غي قليل من الحيان‬
‫كانت تدخل معترك السياسة ولو من وراء ستار‪..‬‬
‫أما العزلة الكاملة الوحشة الرهوبة‪ ،‬فقد تت وأحكمت حلقاتا حي َبعُدَ الكم والجتمع كلها‬
‫عن السلم‪ :‬اسه وروحه‪ ،‬وصار الغرب هو الذي يكم السياسة والجتمع‪ :‬باسه الصريح حينا‪،‬‬
‫وعلى يد صنائعه النافرين من السلم حينا آخر‪ .‬وصار الجتمع السلمي صورة متحللة فاسدة من‬
‫الفكار الغريبة عن الياة‪ .‬ل هي إسلمية كما كانت‪ ،‬ول هي نسيج واحد متميز‪ ،‬ول تلك حت‬
‫القوة الادية الت يلكها الغرب‪ ،‬وإنا هي مسخ مشوه ل وحدة له ول كيان‪.‬‬
‫عندئذ ل يعد الرسول صلى ال عليه وسلم " موجودا " أصلً ف واقع الياة‪ .‬ل يعد كيانا حيا‬
‫شاخصا بلحمه ودمه‪ ،‬وأفكاره ومشاعره‪ ،‬وتنظيماته وتوجيهاته‪ ،‬ومادياته وروحانياته‪ ..‬وانصر‬
‫وجوده ف مشاعر الناس السلبية‪ ،‬ف أعمق أعماقها‪ ..‬ف حالت الوجد واليام‪ ..‬أصبح صورة‪ ..‬مرد‬
‫صورة مثالية‪ .‬ل يسكها إل الب العنيف أن تكون أسطورة ملقة ف اليال!‬
‫يا حسرة على العباد!‬
‫كيف جاز لم أن يصنعوا ذلك؟ كيف جاز لم أن يبددوا أكب طاقة بشرية كونية ف هذا الوجود‪،‬‬
‫فينحسروا با ف عزلة عن الياة؟! وهل رسول ال ممد صلى ال عليه وسلم هو الذي يصنع معه‬
‫هذا الصنيع؟ الرسول الذي كان طاقة حية متحركة فعالة هادمة بناءة ل تكف لظة عن النشاط؟‬
‫الرجل الذي كان كله حياة ف واقع الرض‪ ،‬يصبح معزو ًل عن واقع الرض؟! ومن! من أتباعه‬
‫ومبيه!‬
‫لو عاش صلى ال عليه وسلم ف صومعته‪..‬‬
‫لو كان " فيلسوفا " من ينشئون الفكار ويعجزون عن التنفيذ‪..‬‬
‫لو كان من يدثون عن " الحلم " الميلة و " الثل " الرفيعة ول يبي لم ف واقع الرض كيف‬
‫تكون الطريق‪.‬‬
‫لو أنه كان " شاعرا " أو " كاهنا "‪...‬‬
‫لو أنه كان شيئا من هذا كله لاز للناس أن يعزلوه ف وجدانم‪ ،‬فيمنحوه الب "النظري "‬
‫والعجاب الجرد‪ ،‬ث‪ ..‬ل يلتفتوا إليه وهم يواجهون عال الواقع ويضربون ف مناكب الرض‪.‬‬
‫أما وهو الذي بي لم كيف يضربون ف مناكب الرض‪ ..‬أما وهو الذي أمسك العول بيده فهدم‬
‫الباطل أمام أعينهم وبن بدله صرح الق‪ ..‬أما وهو الذي حارب معهم وأقام السلم‪ ..‬وشيد بناء‬
‫الدولة لم لبنة لبنة حت قام شاهقا ل يطاوله بناء على الرض‪ ..‬وأكل معهم وشرب‪ ،‬وصحبهم‬
‫وصحبوه‪ ،‬وعاش أمامهم كل لظة من لظات الياة‪ ،‬وكل وجدان من وجداناتا وكل سلوك‪،‬‬

‫‪257‬‬
‫ورأوه " يتصرف " ف كل شأن من الشئون كبيها وصغيها‪ ،‬ليكون تصرفه سنة تتذى‪ ،‬ويكون فيه‬
‫أسوة حسنة للناس‪..‬‬
‫أما وهو هذا كله فأي جرم ف تبديد هذه الطاقة البشرية الكونية الكبى‪ ،‬وحصرها ف داخل‬
‫الوجدان؟!‬
‫وهل جاء ممد صلى ال عليه وسلم لينعزل ف الوجدان‪ ،‬والدين الذي جاء به هو الدين الذي يأب‬
‫النعزال ف الوجدان؟!‬
‫إن أبرز سة ف هذا الدين أنه دين الظاهر والباطن على حد سواء‪ .‬ل يرضى أن يكون الظاهر نظيفا‬
‫والباطن غي نظيف‪ ،‬فيصبح رئاء الناس‪ .‬ول يرضى أن يكون الباطن نظيفا ول صدى له ف الظاهر‬
‫فيفقد مهمته ومعناه‪ .‬إنه الدين الذي يعل العمل عبادة‪ ..‬ورسوله صلى ال عليه وسلم هو الرسول‬
‫الذي ظل حياته كلها يتعبد بالعمل‪ ..‬العمل الثمر النافع الظاهر للعيان‪.‬‬
‫فكيف جاز بعد هذا كله أن يتحول ف قلوب السلمي إل مثال منعزل‪ ،‬ولو كان أرفع مثال على‬
‫الرض وأنبل مثال؟!‬
‫***‬
‫ولقد كان إحساسي بالرسول الكري دائما هو إحساسي بالواقع الجسم‪ ،‬ل باليال الحلق ف‬
‫الفضاء‪.‬‬
‫وكانت تز وجدان هزا عنيفا هذه الصورة العروفة ف كتب السية كلما قرأتا‪ " :‬كان يشي وكأنه‬
‫يتقلع من الرض‪ " ...‬وترتسم ف خيال صورة رائعة‪ ،‬حية شاخصة‪ ،‬متلئة باليوية‪ ،‬متوفزة النشاط‪..‬‬
‫عظيمة ف هذا كله عظمة ل تد‪ .‬وانظر إل الصورة الت تسمت ف خيال فأرى النور الرائق الصاف‬
‫يشع من أعماق روحه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وينفذ إل أعماق نفسي‪ ،‬ويغلبن الوجدان وأنا أنظر إل‬
‫هذه الروح الصافية العميقة الشفافة الشعة‪ ،‬ومع ذلك فل تلبث صورته أن تتحرك‪ ..‬وأراه صلى ال‬
‫عليه وسلم يشي وكأنه يتقلع من الرض‪ .‬أراه‪ ..‬بقدار ما تطيق روحي أن تصل إليه‪ ..‬متحركا‬
‫يضرب ف مناكب الرض‪ ،‬ويشق طريقه ف قوة وثبات وتكن‪ ،‬ويقيم البناء كله لبنة لبنة‪ ..‬وأراه ف‬
‫مواقفه النفسية الدقيقة العميقة‪ ،‬فأكاد ألس النفس الياشة التحركة الدافقة‪ .‬وأراه ف لظات تعبده‪،‬‬
‫والنور يتألق من روحه ومن طلعته‪ ،‬فأحس كأن هذا النور يتحرك‪ ..‬يتحرك متدا حت يشمل الفضاء‪.‬‬
‫الركة الية التوفزة هي ف نفسي صورة الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ومن ث ل أحس با منعزلة ف الوجدان‪..‬‬
‫ث أرى العزلة الت تعانيها صورته ف وجدان السلمي‪ ،‬فأعجب للناس كيف يبونه كل هذا الب‪ ،‬ث‬
‫ل يتدبرون حياته للقدوة والسوة كما قال لم ربم ف كتابه البي؟!‬
‫***‬
‫وليس هذا كتابا ف سية الرسول صلى ال عليه وسلم!‬

‫‪258‬‬
‫وإنا هو جهد متواضع كل هي منه أن أحاول إخراج صورة الرسول من عزلتها الوحشة ف قلوب‬
‫السلمي‪.‬‬
‫هدف أن أقول للناس تدبروا بعض أقوال الرسول ‪ ، r‬وانظروا كيف كانت كل كلمة يقولا منهج‬
‫تربية ومنهج سلوك ومنهج تفكي ومنهج حياة‪..‬‬
‫إنا متارات متفرقة من الحاديث‪ ،‬أو " قبسات من الرسول " كما أسيتها‪ ،‬كل منها يصلح أن‬
‫يكون أحد " مفاهيم " السلم‪ ،‬مفاهيمه الواقعية الضاربة ف مناكب الرض‪ ،‬التلبسة بصميم الياة‪.‬‬
‫وليست هذه الختارات استقصاء لكل الفاهيم‪ ،‬ول استقصاء لكل ما قيل ف أي من هذه الفاهيم‪.‬‬
‫وإنا هي مرد متارات كتبتها كما خطرت ببال‪ ،‬وحسب منها أن تفتح الطريق‪.‬‬
‫اللهم وفقن‪ ..‬وأوزعن أن اشكر نعمتك الت أنعمت عليّ‪ ..‬إن لا أنزلت إلّ من خي فقي‪..‬‬
‫قبسات من الرسول صلى ال عليه وسلم فليغرسها‬
‫"إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة‪ ،‬فاستطاع أل تقوم حت يغرسها‪ ،‬فليغرسها فله بذلك أجر"[‬
‫‪.]1‬‬
‫ولعل آخر ما كان يدور ف ذهن السامعي أن يقول لم الرسول صلى ال عليه وسلم ذلك الديث!‬
‫ولعلهم توقعوا أن يقول لم الرسول الذي جاء ليذكر الناس بالخرة‪ ،‬ويثهم على العمل لا‪،‬‬
‫ويدعوهم إل تنظيف ضمائرهم وسلوكهم من أجل اليوم الكب‪ :‬يوم الساب الذي تدان فيه‬
‫النفوس‪ ..‬لعلهم توقعوا أن يقول لم‪ :‬فليسرع كل منكم فليستغفر ربه عما قدمت يداه‪ ،‬وليتوجه ل‬
‫بدعوة خالصة أن ييته على اليان ويقبل توبته ويبعثه على الدى‪ ..‬ولعلهم توقعوا أن يقول لم‪:‬‬
‫أسرعوا فانفضوا أيديكم من تراب الرض‪ ..‬وتطهروا‪ .‬اتركوا كل أمور الدنيا وتوجهوا بقلوبكم إل‬
‫الخرة‪ .‬انقطعوا عن كل ما يربطكم بالرض‪ .‬اذكروا ال وحده‪ .‬توجهوا إليه خالصي من كل رغبة‬
‫ف الياة‪ ،‬حت إذا ذهبتم إل ربكم‪ ،‬ذهبتم وقد خلصت نفوسكم إليه‪ ،‬فيقبل أوبتكم ويظلكم بظله‪،‬‬
‫حيث ل ظل إل ظله‪.‬‬
‫ولو قال لم ذلك فهل من عجب فيه؟!‬
‫أليس الطبيعي وقد تيقن الناس من القيامة أن ينصرفوا للحظة الرهوبة؟‬
‫أليس الطبيعي والول الهول على البواب أن ينسلخ الناس من كل وشيجة تربطهم بالرض‪،‬‬
‫ويتطلعوا ف رهبة الائف وذهول الرتف إل قيام اليوم الذي تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت‬
‫وتضع كل ذات حل حلها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى‪ ،‬ولكن عذاب ال شديد؟!‬
‫فإذا قال لم الرسول صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل تقفوا مذهولي مرجوفي مرعوبي‪ ،‬ولكن توجهوا إل‬
‫ال أن ينقذكم من هذا الكرب العظيم‪ ،‬أخلصوا له الدعاء فهو قريب ييب دعوة الداعي إذا دعاه‪.‬‬
‫(ول تيأسوا من روح ال إنه ل ييأس من روح ال إل القوم الكافرون)‪ .‬هلموا تطهروا‪ ،‬وصلوا إل ال‬
‫خاشعي‪..‬‬

‫‪259‬‬
‫إذا قال لم الرسول ذلك وضع البلسم الشاف على الرواح الكلومة‪ .‬وقد وضع يده الانية يربت با‬
‫على النفوس الهتزة الزلزلة الراجفة فتطمئن‪ .‬وقد فتح الكوة الت يطل منها على القلوب الكفهرة‬
‫الذعورة بصيص المل والمن والرجاء‪..‬‬
‫ولكن رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يقل شيئا من ذلك كله الذي توقعه السامعون‪.‬‬
‫بل قال لم أغرب ما يكن أن يطر على قلب بشر!‬
‫قال لم‪" :‬إن كان بيد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها قبل أن تقوم الساعة فليغرسها‪ ..‬فله بذلك‬
‫أجر"!‬
‫يا أل! يغرسها؟! وما هي؟ فسيلة النخل الت ل تثمر إل بعد سني؟ والقيامة ف طريقها إل أن تقوم؟‬
‫وعن يقي؟!‬
‫يا ال! لن يقول هذا إل نب السلم خات النبيي!‬
‫السلم وحده هو الذي يكن أن يوجه القلوب هذا التوجيه‪ ،‬ونب السلم وحده هو الذي يكن أن‬
‫يهتدي هذا الدي‪ ،‬ويهدي به الخرين!‬
‫وهذا تاريخ الرض كلها‪ ..‬ليس فيه مثل هذه القبسة من قبسات الرسول!‬
‫***‬
‫وهي كلمة بسيطة ل غموض فيها‪ ،‬ول صنعة‪ ،‬ول " تفنن "‪ .‬كلمة ‪ -‬رغم غرابتها لول وهلة‪،‬‬
‫وبدهها للفكر على غرة ‪ -‬ترج بسيطة كبساطة الفطرة‪ ،‬عميقة كعمق الفطرة‪ ،‬شاملة واسعة‬
‫فسيحة‪ ،‬تضم بي دفتيها منهج حياة‪ ..‬منهج الياة السلمية‪.‬‬
‫كم من معن تستخلصه النفس من الكلمات البسيطة العميقة ف آن‪.‬‬
‫أول ما يطر على البال هو هذه العجيبة الت يتميز با السلم‪ :‬أن طريق الخرة هو طريق الدنيا بل‬
‫اختلف ول افتراق!‬
‫إنما ليسا طريقي منفصلي‪ :‬أحدها للدنيا والخر للخرة!!‬
‫وإنا هو طريق واحد يشمل هذه وتلك‪ ،‬ويربط ما بي هذه وتلك‪.‬‬
‫ليس هناك طريق للخرة اسه العبادة‪ .‬وطريق للدنيا اسه العمل!‬
‫وإنا هو طريق واحد أوله ف الدنيا وآخره ف الخرة‪ .‬وهو طريق ل يفترق فيه العمل عن العبادة ول‬
‫العبادة عن العمل‪ .‬كلها شيء واحد ف نظر السلم‪ .‬وكلها يسي جنبا إل جنب ف هذا الطريق‬
‫الواحد الذي ل طريق سواه!‬
‫العمل إل آخر لظة من لظات العمر‪ .‬إل آخر خطوة من خطوات الياة! يغرسها والقيامة تقوم‬
‫تقوم هذه اللحظة‪ .‬عن يقي!‬
‫وتوكيد قيمة العمل‪ ،‬وإبرازه والض عليه‪ ،‬فكرة واضحة شديدة الوضوح ف مفهوم السلم‪ .‬ولكن‬
‫الذي يلفت النظر هنا ليس تقدير قيمة العمل فحسب‪ ،‬وإنا هو إبرازه على أنه الطريق إل الخرة‬
‫الذي ل طريق سواه‪.‬‬

‫‪260‬‬
‫وقد مرت على البشرية فترات طويلة ف الاضي والاضر‪ ،‬كانت تس فيها بالفرقة بي الطريقي‪.‬‬
‫كانت تعتقد أن العمل للخرة يقتضي النقطاع عن الدنيا‪ ،‬والعمل للدنيا يزحم وقت الخرة!‬
‫وكانت هذه الفرقة بي الدنيا والخرة عميقة الذور ف نفس البشرية‪ ،‬ل تقف عند هذا الظهر‬
‫وحده‪ ،‬وإنا تتعداه إل مفاهيم أخرى تتصل بالكيان البشري ف مموعه‪.‬‬
‫فالدنيا والخرة مفترقتان‪.‬‬
‫والسم والروح مفترقان‪.‬‬
‫والادي يفترق عن " اللمادي "‪.‬‬
‫والفيزيقا ‪ -‬بلغة الفلسفة ‪ -‬تفترق عن اليتافيزيقا‪.‬‬
‫والياة العملية تفترق عن الياة الثالية أو عن مفاهيم الخلق‪ .‬إل آخر هذه التفرقات الت تنبع كلها‬
‫من نقطة واحدة‪ ،‬هي التفرقة بي الدنيا والخرة‪ ،‬أو بي الرض والسماء‪ .‬وحي تعيش البشرية على‬
‫هذه الفكرة الفرقة الوزعة‪ ،‬تعيش ول جرم ف صراع دائم مي مضلل‪ .‬تعيش موزعة النفس منهوبة‬
‫الشاعر‪ .‬ل تس بوحدة تمع كيانا‪ ،‬أو رابط يربط أشتاتا‪ .‬فل تعرف الراحة ول تعرف السلم‪.‬‬
‫والفرقة بي الهداف التعارضة شقوة قدية وقعت فيها البشرية وما تزال واقعة‪.‬‬
‫وقد كانت تؤدي ف القدي إل عزلة بعض الناس وتنسكهم‪ ،‬وتكالب آخرين على الياة يعلونا‬
‫ههم الوحد‪ ،‬ينتهبون ما فيها من متعة قبل وقت الفوات‪ ،‬فتملكهم شهواتم ول يلكون نفسهم‬
‫منها‪ ،‬وتقتلهم ف ناية المر‪ ..‬يستوي أن توردهم موارد التف‪ ،‬أو تشقيهم بالتعلق الدائم الذي ل‬
‫يهنأ ول يستقر‪.‬‬
‫وما تزال هذه الفرقة تؤدي إل نتائجها تلك ف العال الديث‪ .‬ولكنها تزيد ف " مدنيتنا " الاضرة‬
‫حت تبلغ مبلغ النون! وحالت الستريا‪ ،‬وضغط الدم واضطراب العصاب‪ ،‬والنون الكامل‪،‬‬
‫والنتحار‪ ..‬تتزايد ف ظل الضارة الديثة إل درجة خطرة تؤذن بتدمي الطاقة البشرية وتفتيتها‪،‬‬
‫وهي صدى لتلك الفرقة الت توزع النفس الواحدة ف وجهات شت ث ل تربط بينها برباط [‪.]2‬‬
‫والكيان النفسي بكم فطرته الت فطره ال عليها‪ ..‬وحدة‪.‬‬
‫وحدة تشمل السم والعقل والروح‪ .‬تشمل " الادة " و " اللمادة " تشمل شهوات السد ورغبات‬
‫النفس وتأملت العقل وسبحات الروح‪ .‬تشمل نزوات الس الغليظة وتأملت الفكر الطليقة‬
‫ورفرفات الروح الطائرة‪.‬‬
‫ول شك أن جزئيات هذا الكيان متعارضة‪ ،‬وأن كلً منها جانح ف اتاه‪..‬‬
‫ذلك إذا تركت وشأنا‪ ،‬ينبت كل نابت منها على هواه!‬
‫ولكن العجيبة ف هذا الكيان البشري‪ ،‬عجيبة الفطرة الت فطره ال عليها‪ ،‬أن هذا الشتات النافر‬
‫النتثر‪ ،‬يكن أن يتمع‪ ،‬يكن أن يتوحد‪ ،‬يكن أن يترابط‪ ،‬ث يصبح ‪ -‬من عجب ‪ -‬ف وحدته تلك‬
‫وترابطه‪ ،‬أكب قوة على الرض! ذلك حي تقبس الذرة الفانية من حقيقة الزل الالدة‪ ،‬فتشتعل‬
‫وتتوهج‪ ،‬وتصبح طليقة‪ ،‬كالنور‪ ..‬تتزج فيها الادة واللمادة فهما سواء!‬

‫‪261‬‬
‫والطريق الكب لتوحيد هذا الشتات النافر النتثر‪ ،‬وربطه كله ف كيان‪ ،‬هو توحيد الدنيا والخرة ف‬
‫طريق!‬
‫عندئذ ل تتوزع الياة عملً وعبادة منفصلي‪ .‬ول تتوزع النفس جسما وروحا منفصلي‪ .‬ول تتوزع‬
‫الهداف عملية ونظرية‪ ،‬أو واقعية ومثالية ل تلتقيان!‬
‫حي يلتقي طريق الدنيا بطريق الخرة‪ ،‬وينطبقان فهما شيء واحد‪ ،‬يدث مثل هذا ف داخل النفس‪،‬‬
‫فتقترب الهداف التعارضة‪ .‬ويلتقي الشتات التناثر‪ ،‬ث ينطبق الميع فهو شيء واحد‪ .‬وتلتقي النفس‬
‫الفردة ‪ -‬بكيانا الوحد ‪ -‬تلتقي بكيان الياة الكب‪ ،‬وقد توحدت أهدافه وارتبط شتاته‪ ،‬فتتلقى‬
‫معه‪ ،‬وتستريح إليه‪ ،‬وتنسجم ف إطاره‪ ،‬وتسبح ف فضائه كما يسبح الكوكب الفرد ف فضاء الكون‬
‫ل يصطدم بغيه من الفلك‪ ،‬وإنا يربطها جيعا قانون واحد شامل فسيح‪.‬‬
‫والسلم يصنع هذه العجيبة!‬
‫ويصنعها ف سهولة ويسر!‬
‫يصنعها بتوحيد الدنيا والخرة ف نظام‪.‬‬
‫ك مِنَ الدّنْيَا) [‪.]3‬‬ ‫(وَابَْتغِ فِيمَا آتَاكَ الّلهُ الدّارَ الْآ ِخ َرةَ وَل َتْنسَ َنصِيَب َ‬
‫حيَاةِ الدّنْيَا‬
‫ت مِنَ ال ّرزْقِ ُقلْ ِهيَ لِلّذِي َن آمَنُوا فِي الْ َ‬
‫(قُ ْل مَنْ َح ّرمَ زِينَ َة الّلهِ الّتِي َأ ْخرَجَ ِلعِبَا ِد ِه وَالطّيّبَا ِ‬
‫صةً َي ْومَ اْلقِيَامَةِ) [‪.]4‬‬ ‫خَاِل َ‬
‫وقد كان الرسول صلى ال عليه وسلم الترجة الكاملة الصادقة للحقيقة السلمية‪ .‬ومن ث كانت‬
‫الدنيا والخرة ف نفسه طريقا واحدا ونجا واحدا و " حسبة " واحدة‪.‬‬
‫أي عمل من أعماله صلى ال عليه وسلم ل يكن مقصودا به وجه ال والخرة؟‬
‫وأي لظة كف صلى ال عليه وسلم عن العمل ف الدنيا‪ ،‬والعمل لصلح الرض؟‬
‫حت الصلة‪ ..‬أل يكن صلوات ال وسلمه عليه يستعي فيها ال أن يكنه من أداء رسالته على الوجه‬
‫الكمل‪ ،‬ورسالته هي هداية الناس ف الرض‪ ،‬ليعرفوا ال واليوم الخر؟!‬
‫حلقة واحدة ل تنقطع‪ :‬العمل والعبادة‪ ،‬والدنيا والخرة‪ ،‬والرض والساء!‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم هو القدوة والسوة السنة‪ ،‬وهو واضع النهاج العملي لتحقيق‬
‫السلم ف عال الواقع‪ .‬والرسول صلى ال عليه وسلم ل يعتزل الناس ليتطهر لربه ف معزل‪ .‬فعباداته‬
‫يقضيها أمامهم ومعهم وهم ف صحبة منه‪ .‬فإذا كان يلو إل ربه ف جنح الليل يتعبد‪ ،‬فكل نفس‬
‫بشرية تفو إل اللوة حينا من الوقت‪ ،‬وكل نفس تلك أن تصفو ف هذه اللوة فوق ما تصفو ف‬
‫حضرة الخرين‪ .‬ولكن الهم أنه ف أعمق خلواته وأصفاها ل ينسى أنه رسول ال‪ ،‬الكلف بأداء‬
‫رسالة ال‪.‬‬
‫والرسول يارب ف سبيل ال‪ .‬ويسال ف سبيل ال‪ .‬ويدعو الناس إل سبيل ال‪ .‬ويأكل باسم ال‪.‬‬
‫ويتزوج على سنة ال‪ .‬ويهدم ويبن‪ ،‬ويطم وينشئ‪ ،‬ويهاجر ويتوطن‪ ..‬كل ذلك ف سبيل ال‪،‬‬

‫‪262‬‬
‫واليوم الخر‪ ،‬يوم يلقى ال‪ .‬فكل عمله إذن عبادة يتوجه با إل ال‪ .‬والطريق أمامه طريق واحد‪..‬‬
‫هو الطريق إل ال‪...‬‬
‫وهو يسي ف هذا الطريق الوحد الذي ل طريق غيه‪ ،‬يسي قدما ل يتلفت ول يتحول‪ ..‬ول يكف‬
‫عن السي‪..‬‬
‫إل آخر لظة من حياته صلى ال عليه وسلم كان يسي ف الطريق‪.‬‬
‫كان يعمل ف الدنيا وهو يبغي الخرة‪ ،‬ويعمل للخرة بالعمل ف الرض‪.‬‬
‫ت عََليْكُمْ ِنعْمَتِي َو َرضِيتُ لَكُ ُم الْأِسْل َم دِينا)‬
‫حت حي نزلت الية‪( :‬اْلَي ْومَ أَكْ َم ْلتُ لَكُ ْم دِينَكُ ْم وَأَتْمَ ْم ُ‬
‫وأحس عمر رضي ال عنه أنا النهاية فدمعت عيناه‪ ..‬حت ف مرض الوت‪ ..‬حت ف اللحظة الخية‬
‫ل يزايله انشغاله بأمور الدنيا‪ ..‬بأمور الناس‪ ..‬بإصلح الرض‪ ..‬بداية البشرية‪ ..‬برسم النهج الذي‬
‫يسيون عليه‪ ..‬بتوطيد أركان الدين وتوثيق عراه‪..‬‬
‫وكان يقول والوجع يشتد عليه صلى ال عليه وسلم‪ " :‬إيتون بكتاب أكتب لكم كتابا ل تضلوا‬
‫بعده أبدا‪." ..‬‬
‫كانت ف يده الفسيلة وكان يغرسها‪..‬‬
‫ول يدع يديه منها صلى ال عليه وسلم حت فاضت روحه الكرية الطاهرة إل موله‪..‬‬
‫***‬
‫وإن ف ذلك لدرسا يقتدي فيه السلمون بنبيهم‪ ،‬ويهدون به البشرية الضالة إل سواء السبيل‪.‬‬
‫يتعلمون أن يربطوا طريق الدنيا بطريق الخرة‪.‬‬
‫يتعلمون أن الدين ليس عزلة عن الياة‪ ،‬وإنا هو صميم الياة‪ .‬ليس عزلة عن تيار الياة الصاخب‬
‫الضطرب فل يركبون فيه مركبهم مع الراكبي‪.‬‬
‫وأنم ل يرضون ربم ول يدمون دينهم إذا أحسوا أنه ينبغي عليهم أن ينسوا ال والدين إذا دخلوا‬
‫معترك الياة وعملوا لصلح الرض‪.‬‬
‫لن يرضوا ال ولن يدموا الدين إذا دخلوا الدرسة أو الامعة أو العمل أو الصنع أو التجر وف‬
‫حسابم أنم الن يعملون للرض ويعملون للدنيا‪ ،‬وأنم ف لظة أخرى حي يفرغون من عمل‬
‫الرض سيعودون ‪ -‬إذا عادوا ‪ -‬إل ال‪ ،‬فيعبدونه ويتوجهون إليه!‬
‫كل! ليس ذلك من السلم!‬
‫إنا السلم أن يأكلوا باسم ال‪ ،‬ويتزوجوا باسم ال‪ ،‬ويتعلموا باسم ال وف سبيل ال‪ ،‬ويعملوا‬
‫وينتجوا ويتقووا ويستعدوا‪ ..‬ف سبيل ال‪ .‬ل تشغلهم الدنيا عن الخرة‪ ،‬ول الخرة عن الدنيا‪،‬‬
‫لنما طريق واحد ل يفترقان‪.‬‬
‫وحي يتعلم السلمون ذلك‪ :‬حي يتعلمون أنم إذا درسوا الطاقة الذرية واستخدامها ف السلم‬
‫والرب يكن أن يكونوا متصلي بال وف سبيل ال‪ .‬حي يتعلمون أنم وهم يدرسون النظم‬
‫السياسية والقتصادية والصلح الجتماعي‪ ،‬أو يطبقونا على الناس وهم يسوسون أمورهم‪ ،‬يكن‬

‫‪263‬‬
‫أن يكونوا متصلي بال وف سبيل ال‪ .‬حي يتعلمون أنم وهم ف خلوتم مع أزواجهم يققون هدف‬
‫الياة الكب‪ ،‬يكن أن يذكروا اسم ال ويكونوا ف سبيل ال‪..‬‬
‫ل واحدا من أعمال الرض الكثية التفرقة ل يكن أن يرج عن الطريق إل‬ ‫حي يتعلمون أن عم ً‬
‫الخرة إذا أقدم عليه النسان وهو مسلم مؤمن بال متوجه إل ال‪..‬‬
‫بل حي يتعلمون أنه ل يكنهم أن يدموا الخرة إل بإصلح الدنيا‪ ،‬ول يصلوا للخرة إل عن طريق‬
‫الرض‪ ،‬وأن عليهم أن يظلوا إل آخر لظة من حياتم يعمرون الرض ويغرسون فسائلها‪ ،‬وإل فلن‬
‫يصلوا إل رضوان ال‪..‬‬
‫حي ذلك يكونون مسلمي حقا‪..‬‬
‫وحي ذلك يكونون قدوة للمم كلها على سطح الرض‪ ،‬كما كان الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫هو قدوتم‪.‬‬
‫(لِيَكُونَ الرّسُولُ َشهِيدا عََليْكُ ْم وَتَكُونُوا ُشهَدَا َء عَلَى النّاسِ)‪.‬‬
‫عندئذ يكون لديهم ما يعلمونه للعال كله‪ ،‬وللغرب الفتون خاصة‪ .‬الغرب الذي أصابه النون فقام‬
‫بربي متواليتي ف ربع قرن‪ ،‬وهو اليوم يستعد لتدمي الرض!‬
‫يستطيعون أن يقولوا للناس ف كل الرض‪ :‬لقد ألغيتم " ال " من حسابكم لنكم ظننتم أنه يعوّقكم‬
‫عن تعمي الرض‪ ،‬وعن تعلم العلم‪ ،‬وعن استغلل طاقة الرض‪ ،‬وعن الستمتاع بالياة!‬
‫ولكنه ف الواقع ليس كذلك!‬
‫إنه يدعو إل كل هذا الذي تفون إليه‪( :‬قُ ْل مَنْ َح ّر َم زِيَنةَ الّلهِ الّتِي أَ ْخرَجَ ِلعِبَا ِدهِ وَالطّيّبَاتِ مِنَ‬
‫ال ّرزْقِ) وإنا يريد فقط أن توحدوا طريقكم‪ ،‬فل تعلوا طريقا للدنيا وطريقا للخرة منفصلتي‪ ،‬وإنا‬
‫طريق واحدة للدنيا والخرة‪ ،‬هي الطريق إل ال‪.‬‬
‫***‬
‫وليس هذا هو الدرس الوحيد الذي نتعلمه من هذا الديث العجيب‪.‬‬
‫فل يأس مع الياة!‬
‫والعمل ف الرض ل ينبغي أن ينقطع لظة واحدة بسبب اليأس من النتيجة!‬
‫فحت حي تكون القيامة بعد لظة‪ ،‬حي تنقطع الياة الدنيا كلها‪ ،‬حي ل تكون هناك ثرة من‬
‫العمل‪ ..‬حت عندئذ ل يكف الناس عن العمل وعن التطلع للمستقبل‪ ،‬ومن كان ف يده فسيلة‬
‫فليغرسها!‬
‫إنا دفعة عجيبة للعمل والستمرار فيه والصرار عليه!‬
‫ل شيء على الطلق يكن أن ينع من العمل!‬
‫كل العوقات‪ ..‬كل اليئسات‪ ..‬كل " الستحيلت "‪ ..‬كلها ل وزن لا ول حساب‪ ..‬ول تنع عن‬
‫العمل‪.‬‬
‫وبثل هذه الروح البارة تعمر الرض حقا وتشيد فيها الدنيات والضارات‪.‬‬

‫‪264‬‬
‫كل ما ف المر أن السلم وهو يدعو لتعمي الرض‪ ،‬والعمل ف سبيلها‪ ،‬ل ينحرف بالفكار‬
‫والشاعر عن طريق ال وطريق الخرة‪ ،‬لنه ل يفصل بي الدنيا والخرة‪ ،‬ول بي الياة العملية و"‬
‫الخلق "‪ .‬إنه ل يقول ‪ -‬كما يقول الغرب النحرف ‪ -‬فلعمر الرض‪ ،‬ول يعنين أن ترتفع‬
‫أخلق الناس أو تبط‪ ،‬فللعمل مقاييس وللخلق مقاييس! ل تمن أخلق الرجل ما دام " إنتاجه "‬
‫يعجبن! فهذه النظرة البتسرة الابطة ل تلبث أن تدمر ف لظة ما بنته ف أجيال‪ .‬وأن تيل العمار‬
‫كله إل خراب! بل إن هذه النظرة البتسرة الابطة لتوزع النفوس والفكار بي الي والشر‪ ،‬وبي‬
‫الواقع والثال‪ ،‬فتكون النتيجة القريبة هي المراض العصبية والنون والنتحار‪ ،‬وذلك وحده تدمي‬
‫للنفوس وتبديد للطاقة‪ ،‬ولو ل يدث الدمار الشامل والراب الرهيب‪.‬‬
‫وقد كان السلمون وهم يؤمنون بدينهم ويعملون به يبنون أروع حضارات الرض وينشئون أرفع‬
‫مفاهيمها‪ ..‬ول ينحرفون عن طريق ال‪.‬‬
‫كانت طاقة " العمل " تدفعهم للنشاء والتعمي‪ ،‬والفتح والنسياح ف الرض‪ ،‬فبلغوا ف لحة خاطفة‬
‫ل للعدالة النسانية كانت ‪ -‬وما تزال‬‫من الزمن ما ل يبلغه غيهم ف قرون‪ ،‬وأقاموا ف كل مكان مث ً‬
‫‪ -‬غريبة على البشرية‪ ،‬ينظرون إليها كما ينظرون للحلم والساطي‪.‬‬
‫حي أعاد أبو عبيدة الزية لهل الشام يوم علم باحتشاد جيش الروم وخشي أل يقدر على حايتهم‪،‬‬
‫وقال لم‪ " :‬إنا رددنا عليكم أموالكم لنه بلغنا ما جع لنا من الموع‪ .‬وإنكم قد اشترطتم علينا أن‬
‫ننعكم‪ ،‬وإنا ل نقدر على ذلك‪ .‬وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم ونن لكم على الشرط وما كتبنا‬
‫بيننا وبينكم إن نصرنا ال عليهم "‪.‬‬
‫حي صنع ذلك كان يقوم بإحدى العجزات الت أنشأها السلم على وجه الرض‪ .‬يعمل‪ .‬ويتهد‬
‫ف عمله إل أقصى الغاية‪ ،‬ويضرب ف مناكب الرض‪ .‬ويارب ويغزو‪ .‬ول ينسى ال لظة واحدة‬
‫ف ذلك كله ول يفترق طريقه ف الدنيا عن طريقه إل الخرة‪ ،‬لنه يعمل ذلك كله ف سبيل ال‪.‬‬
‫وحي ت النصر لصلح الدين ف الروب الصليبية وأمكنه ال من أعداء دينه الذين غدروا من قبل‬
‫بعهد ال‪ ،‬وذبوا السلمي داخل البيت القدس‪ ،‬واعتدوا بغلظة ووحشية على كل حرمات البشرية‪..‬‬
‫ل يثأر لنفسه‪ ،‬ول يثل بم‪ ،‬ول يعمل ف رقابم السيف ‪ -‬وهو مأذون بذلك من كل شرائع السماء‬
‫والرض معاملةً بالثل ‪ -‬بل صفح وعفا‪ ،‬وارتفع على نفسه وعلى النفس " البشرية " كلها‪..‬‬
‫حي ذلك كان يقوم بعجزة أخرى من معجزات السلم‪ ..‬يعمل ويعمل‪ ..‬ول ينسى ال‪ ،‬ول يفترق‬
‫طريقه ف الرض عن طريقه إل الخرة‪.‬‬
‫وبذلك كان السلم فذا ف التاريخ‪..‬‬
‫وكان البناء الذي بناه السلم فريدا بالرغم ما أصابه من ضربات من الداخل ومن الارج على‬
‫السواء‪.‬‬
‫لقد كان السلمون يقتدون برسولم وهو يثهم على العمل لتعمي الرض‪ ،‬وغرس ما ف أيديهم من‬
‫فسائل تثمر حي يشاء لا ال‪ ،‬وإنا عليهم فقط أن يغرسوها‪ ،‬ويضوا إل غيها يغرسون ف مكان‬

‫‪265‬‬
‫جديد! ويقتدون به فيغرسون به ما يغرسون من نبتات الي ف كل مكان‪ ،‬وهم يتجهون إل ال‬
‫وحده وإل الخرة‪ .‬ل تدفعهم مطامع الرض النبتة عن طريق ال‪ ،‬ول شهوات النفس النبتة عن‬
‫تقوى ال‪.‬‬
‫وبذلك تيزوا وسادوا‪ ،‬وكانوا النور الشرق ف ظلمات الرض‪ ،‬والقدوة ف كل سوك وكل عمل‬
‫وكل علم وكل نظام‪ .‬وأوربا ف ظلمة الاهلية تأكلها الفرقة والروب والتأخر والنطاط‪ ..‬حت‬
‫قبست قبسات من السلم ف الروب الصليبية‪ ،‬فأفاقت من غفوتا وبدأت " تنهض "‪ ..‬ولكن على‬
‫غي طريق ال وطريق الخرة‪ ..‬ومن ث ل تقوم إل كمن يتخبطه الشيطان من الس‪ ..‬تنطلق‬
‫كالجنون والوة ف آخر الطريق‪.‬‬
‫وإن أمام السلمي الكسال اليوم قدوة ف رسول ال تنفعهم إذا فتحوا لا بصائرهم وتدبروا معانيها‪.‬‬
‫إن عليهم أن يعملوا دائما ول يكلّوا‪ ..‬يعملوا جهد طاقتهم‪ ،‬وفوق الطاقة ليعوضوا القعود الطويل‪.‬‬
‫يعملوا ف كل ميدان من ميادين العمل‪ :‬ف ميدان العلم وميدان الصناعة وميدان التجارة وميدان‬
‫القتصاد وميدان السياسة وميدان الفن وميدان الفكر‪..‬‬
‫يعملوا ول يقولوا‪ :‬ما قيمة العمل؟ وماذا يكن أن نصل إليه؟‬
‫يغرسوا الفسيلة ولو كانت القيامة تقوم اللحظة‪ .‬فإنا عليهم أن يعملوا‪ ،‬وعلى ال تام النجاح!‬
‫***‬
‫والدعاة خاصة لم ف هذا الديث درس أي درس!‬
‫فالدعاة هم أشد الناس تعرضا لنوبات اليأس‪ ،‬وأشدهم حاجة إل الثبات!‬
‫قد ييأس التاجر من الكسب‪ ،‬ولكن دفعة الال ل تلبث أن تدفعه مرة أخرى إل السي ف الطريق‪.‬‬
‫قد ييأس السياسي من النصر‪ ،‬ولكن تقلبات السياسة ل تلبث أن تفتح له منفذا فيستغله لصاله‪.‬‬
‫قد ييأس العال من الوصول إل النتيجة‪ ..‬ولكن الثابرة على البحث والتدقيق كفيلة أن توصله إل‬
‫النهاية‪.‬‬
‫كل ألوان البشر الحترفي حرفة معرضون لليأس‪ ،‬وهم ف حاجة إل التشجيع الدائم والث الطويل‪،‬‬
‫ولكنهم مع ذلك ليسوا كالدعاة ف هذا الشأن‪ ،‬فأهدافهم غالبا ما تكون قريبة‪ ،‬وعوائقهم غالبا ما‬
‫تكون قابلة للتذليل‪.‬‬
‫وليس كذلك الصلحون‪.‬‬
‫إنم ل يتعاملون مع الادة ولكن مع " النفوس " والنفوس أعصى من الادة‪ ،‬وأقدر على القاومة وعلى‬
‫الزيغ والنراف‪.‬‬
‫والسم الذي يأكل قلوب الدعاة هو انصراف الناس عن دعوتم‪ ،‬وعدم اليان با فيها من الق‪ ،‬بل‬
‫مقاومتها ف كثي من الحيان بقدر ما فيها من الق‪ ،‬وعصيانا بقدر ما فيها من الصلح!‬
‫عندئذ ييأس الدعاة‪ ..‬ويتهاوون ف الطريق‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫إل من قبست روحه قبسة من الفق العلى الشرق الطليق‪ .‬إل من أطاقت روحه أن يغرس الفسيلة‬
‫ولو كانت القيامة تقوم اللحظة عن يقي!‬
‫***‬
‫الدعاة أحوج الناس إل هذا الدرس‪ .‬أحوج الناس أن يتعلموا عن الرسول صلى ال عليه وسلم هذا‬
‫التوجيه العجيب الذي تتضمنه تلك الكلمات القليلة البسيطة الالية من الزخرف والتنسيق‪.‬‬
‫هم أحوج الناس أن يقبسوا من قبسات الرسول هذه اللمحة الضيئة الكاشفة الدافعة الوحية‪ ،‬فتني ف‬
‫قلوبم ظلمة اليأس‪ ،‬وتغرس ف نفوسهم نبتة المل‪ ،‬كما تغرس الفسيلة ف الرض لتثمر بعد حي‪.‬‬
‫إنه يقول لم‪ :‬ليس عليكم ثرة الهد‪ ،‬ولكن عليكم الهد وحده‪ ،‬ابذلوه ول تتطلعوا إل نتائجه!‬
‫ابذلوه بإيان كامل أن هذا واجبكم وهذه مهمتكم‪ ،‬وأن واجبكم ومهمتكم ينتهيان بكم هناك‪ ،‬عند‬
‫غرس الفسيلة ف الرض‪ ،‬ل ف التقاط الثمار!‬
‫وهو إذ يقول لم ذلك ل يغرر بم ول يضحك عليهم! إنا يقول لم الشيء الواحد الصواب!‬
‫فحي تسأل نفسك‪ :‬مت تثمر الفسيلة وكيف تثمر‪ ،‬وحولا الرياح والعاصي والشر من كل جانب؟‬
‫وحي يصل بك التفكي إل أن تطرح الفسيلة جانبا وتنفض منها يديك‪ ..‬حينئذ كيف تثمر؟ وأنّى لا‬
‫أن تعيش؟‬
‫أما قتلتها أنت حي أفلتّها من يديك؟‬
‫ولكنك حي تغرسها ف الرض وترفع يديك ل بالدعاء‪ ..‬حينئذ تكون أودعتها مكانا الق‪،‬‬
‫وعهدت با إل الق الذي يرعاها ويرعاك‪.‬‬
‫ول يشغلك أن تسأل‪ :‬مت تكون الثمار؟! ليس هذا من عملك أنت‪ .‬لست مهيمنا على القدار‪.‬‬
‫وليس لك علم الغيب‪ .‬و ل ف طوقك ‪ -‬لو علمته ‪ -‬أن تسك نفسك من الدوار!‬
‫ومن تكون أنت ف ملك ال الواسع الفسيح الذي ل حد له ول انتهاء؟!‬
‫وإنا أنت أنت‪ :‬ملوق حي متحرك له كيان وله وزن وقوة ومكان ف تاريخ الرض‪ ،‬حي تقبس‬
‫روحك قبسة من صانع الرض وصانع الكون‪ ،‬وصانعك أنت من بي هذا الكون الكبي‪.‬‬
‫أفل تدع له إذن مصيك مطمئنا إليه؟ أو ل تدع له كذلك هذه الفسيلة الت غرستها يرعاها لك‬
‫ويطلع لا الثمار؟! أو ل تكتفي بدورك الطلوب منك ف اللكوت الائل الفسيح‪ ،‬وتمد ال أن ل‬
‫يمّلك سوى دورك هذا الحدود اليسور؟!‬
‫وحي تصنع ذلك تطلع الثمار!‬
‫ل عجب ف ذلك ول سحر!‬
‫وإنا أنت تؤدي دورك وتضي‪ ،‬فيجيء غيك فيعجب بك وما صنعت‪ ،‬فيحبك‪ ،‬فيذهب يتعهد‬
‫فسيلتك الت غرست‪ ،‬فتنمو‪ ،‬وتطلع الثمار‪.‬‬
‫وقد تكون " سعيدا " بقاييس الرض‪ ،‬فترى الثمرة وأنت حي ف عمرك الحدود‪.‬‬
‫وقد تضي قبل أن ترى الثمار‪..‬‬

‫‪267‬‬
‫ولكن أين تضي؟ هل تضي لحد غي ال‪ ،‬إل جوار غي جوار ال؟‬
‫فماذا إذن عليك حي تصل إل هناك‪ ،‬أن تكون قد رأيت الثمرة هنا‪ ،‬أو تراها وأنت هناك؟ كل!‬
‫إنما ف النهاية سيان‪.‬‬
‫وإنا ترضى وأنت ف جوار ربك أنك غرست الفسيلة ف الرض ول تدعها من يدك يقتلها اليأس‬
‫والهال‪.‬‬
‫***‬
‫ليست إذن دعوة ف اليال حي يقول الرسول صلى ال عليه وسلم للناس‪" :‬إن كان ف يد أحدكم‬
‫فسيلة فليغرسها"‪.‬‬
‫وإنا هي صميم دعوة الق‪ .‬الق الواقع ف الرض‪ ،‬الشهود على مدار التاريخ‪.‬‬
‫والدعاة ف كل الرض أحوج الناس إليها حي تضيق بم السبل ويصل إل قلوبم سم اليأس القتال‪.‬‬
‫وهم أول الناس أن يتدبروا سية الرسول نفسه‪.‬‬
‫لقد كان يغرس الفسيلة وهو ما يدري ما يكون بعد لظات!‬
‫قد تأتر به قريش فتقتله‪.‬‬
‫قد يهلك جوعا ف الشعب هو ومن معه من الؤمني‪.‬‬
‫قد يلحق به الكفار وهو ف طريقه إل الغار فل يكون ثة غد‪ ..‬أو تكون القيامة بعد لظة‪ ..‬ومع‬
‫ذلك يغرس الفسيلة‪ ،‬ويتعهدها بالرعاية حت يؤذن ال بالثمار‪ ،‬وهو مطمئن دائما إل ال ما دام يؤدي‬
‫الواجب الطلوب‪.‬‬
‫ذلك هو الثل الذي يتاج الدعاة إل أن يقتدوا به حي يدعون إل الصلح‪.‬‬
‫من كان ف يده فسيلة فليغرسها!‬
‫ول يسأل نفسه‪ :‬كيف تنمو وحولا الرياح والعاصي والشر من كل جانب؟‬
‫ل يسأل نفسه‪ ،‬فليس ذلك شأنه‪..‬‬
‫فليدع ذلك ل‬
‫ولتطلب نفسه أنه أودعها مكانا الق‪ ،‬وعهد با إل الق الذي يرعاها ويرعاه‪.‬‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]1‬ذكره علي بن العزيز ف النتخب بإسناد حسن عن أنس رضي ال عنه‪ " .‬عمدة القارئ ف شرح‬
‫صحيح البخاري لبدر الدين العين‪ ،‬باب الرث والزراعة "‪.‬‬
‫[‪ ]2‬جاء ف إحصاء طب أن عشرة ف الائة من المريكيي مصابون بالصداع الدائم كمرض‪ ،‬أي أنه‬
‫ليس الصداع الطارئ الذي تشفيه السكنات‪ ،‬وإنا هو صداع دائم ل يشفى! ث قال التقرير إن هذه‬
‫النسبة آخذة ف الرتفاع‪.‬‬
‫[‪ ]3‬سورة القصص [ ‪.] 77‬‬
‫[‪ ]4‬سورة العراف [ ‪.] 32‬‬

‫‪268‬‬
‫=====================‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ 2‬طلب العلم فريضة‬
‫قَبَسَا ٌ‬

‫" طلب العلم فريضة على كل مسلم " [‪.]5‬‬


‫العلم‪ ..‬هذا النور الذي يهدي ال به ف مسالك الرض‪ ،‬ويني لم السبيل‪ " :‬إن مثل العلماء ف‬
‫الرض كمثل النجوم يهتدى با ف ظلمات الب والبحر‪ ،‬فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل‬
‫الداة" [‪.]6‬‬
‫العلم‪ ..‬تلك النافذة الضخمة الفتوحة على " الجهول " والشعاع النافذ إل الظلمات‪.‬‬
‫العلم‪ ..‬تلك الطاقة الائلة الت يد با النسان حياته‪ ،‬ويوسع كيانه‪ ،‬فل ينحصر ف ذات نفسه‪ ،‬ول‬
‫ينحصر ف واقعه الضيق القريب‪ ،‬ول ينحصر ف جيله الذي يعيش فيه‪ .‬بل ل ينحصر ف ميط‬
‫الرض‪ .‬وإنا يشمل هذا كله ويزيد عليه‪ ،‬فينفذ إل الاضي‪ ،‬وياول أن يفهم الستقبل على ضوء‬
‫الاضر‪ ،‬ويرقب الكون على اتساعه من خلل مناظيه ونظرياته‪ ..‬وينطلق‪ ..‬كما تنفلت " الادة "‬
‫الحسوسة من نطاقها الضيق وتصبح شعاعا يدور ف الفاق‪ " ..‬النيس ف الوحشة‪ ،‬والصاحب ف‬
‫الغربة‪ ،‬والحدث ف اللوة‪ ،‬والدليل على السراء والضراء‪ ،‬والسلح على العداء‪..‬‬
‫وبه يعرف اللل من الرام‪ .‬وهو إمام العمل والعمل تابعه‪.]7[ " ..‬‬
‫العلم‪ ..‬تلك النحة الربانية العجيبة الت منحها ال للنسان‪ ،‬وكرّمه با وفضّله‪ .‬وهي إحدى معجزات‬
‫اللق‪ .‬نر با غافلي لننا تعودناها!‬
‫ول نفتح أفواهنا من العجب‪ ،‬ول تفق قلوبنا من البهر إل حي يقع العلم على سر هائل من أسرار‬
‫الكون‪ ،‬أو يفتح بابا جديدا على الجهول‪ ..‬مع أن العجزة ف الصغي والكبي سواء! كشأن " الياة‬
‫" تُعجز ف اللية الفردة كما تعجز ف أعقاد الحياء!‬
‫هذا العلم‪ ..‬لقد كان السلم حريا أن يتفل به ويعظمه‪ ،‬وهو الذي يتفل بطاقات الياة كلها‬
‫ويعظمها‪ ،‬وهو الذي يوجه القلوب لكل منحة منحها ال‪ ،‬وكل آية من آيات ال‪..‬‬
‫ولقد كان الرسول صلى ال عليه وسلم حريا أن يث على العلم ويرفع منلته‪ ،‬وهو الذي نزل عليه‬
‫الوحي فعلمه‪( :‬ا ْقرَْأ َورَّبكَ الْأَ ْك َرمُ الّذِي عَلّ َم بِاْلقَلَ ِم َعلّمَ الْإنْسَا َن مَا لَ ْم َيعْلَمْ) فذاق حلوة العلم‪،‬‬
‫وتفتحت له به الفاق‪ .‬ث هو الذي يتلو من هذا الوحي‪:‬‬
‫(إِنّمَا َيخْشَى الّل َه مِ ْن عِبَا ِدهِ اْلعُلَمَاءُ)! [‪.]8‬‬
‫ولكن التعبي الذي استخدمه الرسول صلى ال عليه وسلم وهو يث على العلم‪ ،‬يظل عجيبا مع هذا‬
‫كله‪ ،‬وتظل له دللته الاصة وإياءاته الاصة‪ ،‬وتوجيهاته الت ل تصدر إل عن رسول‪ ،‬وصول بال‪،‬‬
‫واصل إل حاه!‬
‫طلب العلم " فريضة "!‬
‫هذه الكلمة الفردة تشع وحدها أمواجا من النور‪ ،‬وتفتح وحدها آفاقا من الياة‪.‬‬

‫‪269‬‬
‫فريضة‪ ..‬فلننظر ما تعن الفريضة ف قلوب الؤمني‪.‬‬
‫إنا أول ً‪ :‬واجب مفروض على النسان أن يؤديه‪ .‬ل يوز أن تشغله عنه الشاغل‪ .‬ول أن تقعده‬
‫العقبات‪.‬‬
‫وهي ثانيا‪ :‬واجب يؤديه النسان إل ال ويتعبد به إليه‪ ،‬ومن ث فهو يؤديه بأمانة‪ .‬ويؤديه بنظافة‪.‬‬
‫ويؤديه بإخلص‪.‬‬
‫وهي ثالثا‪ :‬عمل يقرب العبد إل الرب‪ ،‬فكلما قام النسان بذه الفريضة‪ ،‬أو بذه العبادة‪ ،‬أحس أنه‬
‫يقترب من ال‪ .‬فيزداد به إيانا وتعلقا‪ ،‬ويزداد له خشية وحبا‪ ،‬ويزداد إحساسا بالرضا ف رحابه‪،‬‬
‫والشكر على عطاياه‪.‬‬
‫تلك بعض معان " الفريضة " ف القلب الؤمن‪ .‬وتلك كانت معان " العلم " ف نفوس السلمي!‬
‫***‬
‫ل يشعر السلمون قط أن الدنيا تنفصل ف إحساسهم عن الخرة أو أن الدين ينفصل عن الياة‪.‬‬
‫وبذه الروح الشاملة الواصلة ‪ -‬الت وجههم لا ال ورباهم عليها رسوله ‪ -‬كانوا يأخذون شئون‬
‫الياة كلها‪ ،‬من عمل وعبادة‪ ،‬وأفكار ومشاعر‪ ،‬وشريعة ونظام‪..‬‬
‫وبذه الروح الشاملة الواصلة ذاتا كانوا يأخذون العلم‪ ..‬على أنه " فريضة " تصل الرض بالسماء‪،‬‬
‫وتصل العمل بالعقيدة‪ ،‬وتصل " العرفة "‪ ..‬بال‪.‬‬
‫كان للعلم ف " عقولم " هذا الدلول الشامل‪ ..‬فهو ليس علم الرض وحدها‪ .‬وليس علم السماء‬
‫وحدها‪ .‬وليس علم النظريات وحدها أو علم التطبيقات‪ .‬ولكنه ذلك كله‪ ،‬مشمو ًل بالعقيدة ومرتبطا‬
‫بال‪.‬‬
‫ومن ث امتدت " العلوم " ف نظرهم حت شلت العرفة كلها‪ .‬فمنها علوم الدين من فقه وشريعة‬
‫وتوحيد وكلم‪ .‬ومنها علوم اللغة‪ .‬وعلوم الفلك والطبيعة والكيمياء والرياضيات‪ ..‬إل آخر ما كان‬
‫معروفا يومئذ من العلوم‪.‬‬
‫ول يكن العرب ‪ -‬قبل السلم ‪ -‬أمة علم‪ ،‬ول يكن تراثهم يمل شيئا ذا قيمة من العرفة‪ .‬إنا كان‬
‫ههم الشعر والباعة اللغوية‪ ..‬ولكن الزة البارة الت أحدثها السلم ف نفوسهم‪ ،‬والطاقة العجيبة‬
‫الت جعها ف كيانم‪ ،‬وأطلقها ‪ -‬من بعد ‪ -‬ف فجاج الرض‪ ،‬قد حولتهم إل قوة هائلة تضرب ف‬
‫كل ميدان‪ .‬ف ميدان العقيدة‪ .‬وميدان الرب‪ .‬وميدان السياسة‪ .‬وميدان العرفة كذلك‪.‬‬
‫لقد أحسوا بالرغبة الشديدة ف العرفة تتأجج ف كيانم‪ :‬العرفة من كل لون‪ .‬وف كل ميدان‪ .‬فشرقوا‬
‫وغربوا يطلبون العلم‪ ،‬ويستحوذون على كل ما يدون منه ف الطريق‪ .‬ويتفتحون لذلك كله‪،‬‬
‫ويهضمونه ويثلونه ويصبغونه بصبغتهم السلمية الت تربط الياة كلها برباط العقيدة‪ .‬ث يضفون إليه‬
‫جديدا قيما يشهد لم بالد والعزية‪ ،‬كما يشهد بالباعة والقدرة‪ ،‬والقوة والنماء‪.‬‬
‫كانت العرفة ف وقتهم مزدهرة ف اليونان من ناحية‪ ،‬وف الند وفارس من ناحية‪ .‬كما كانت الصي‬
‫كذلك زاخرة بالعلوم‪ .‬وف الكمة القائلة‪ " :‬أطلبوا العلم ولو ف الصي " ما يشي إل هذه القيقة‪،‬‬

‫‪270‬‬
‫وكان توجيه الرسول صلى ال عليه وسلم للمسلمي أن يبذلوا أقصى الطاقة ف سبيل العلم‪ ،‬فنشطوا‬
‫ف سبيل ذلك ل يبالون الصعاب‪.‬‬
‫وف سرعة خاطفة أل السلم بذا كله‪ ،‬وتفقه السلمون ف معارف الرض العروفة ف ذلك الي‪،‬‬
‫ث أخذوا ف البناء والضافة‪ ،‬وظهر من بينهم حشد هائل من العباقرة ف كل جانب‪ .‬عبقريات ف‬
‫الفقه ‪ -‬والفقه يشمل السس النظرية للحياة كلها با فيها من اقتصاد وسياسة وحرب وسلم وتنظيم‬
‫اجتماعي ‪ -‬وعبقريات ف العلوم النظرية وف العلوم العملية‪ :‬ف الرياضة والفلك والطبيعة والكيمياء‬
‫والطب‪ ،‬يفظ منهم التاريخ أساء خالدة‪ ،‬دفعت بالعرفة البشرية خطوات جبارة إل المام‪ .‬وظل‬
‫بعضهم ‪ -‬كالسن بن اليثم ‪ -‬أستاذا ف مادته وكشوفه العلمية حت القرن التاسع عشر‪ ،‬يتتلمذ عليه‬
‫الوربيون‪.‬‬
‫ولكن الهم ف ذلك كله هو " الروح " الت شلت العلم ف العال السلمي‪ ..‬روح " الفريضة "‪.‬‬
‫كانت التعاليم الت استقوها من ال والرسول هي الت تظلل حياتم وتسيطر على مشاعرهم‪ .‬وكانت‬
‫العرفة ف وجدانم فريضة يؤدونا‪ ،‬بدافع الفريضة وف صورة الفريضة‪.‬‬
‫كان للعلم ف نفوس الناس قداسة كقداسة العقيدة‪ .‬قداسة تشمل العلم كما تشمل الطلب‪ .‬كلها‬
‫يس بالرهبة‪ ،‬ويس بالتقوى‪ ،‬ويس بالنظافة‪ ،‬ويس بالراحة والفرحة ف رحاب ال‪.‬‬
‫إنه واجب مقدس‪ ،‬يؤدى " من الداخل "‪ .‬يؤدى من العماق‪.‬‬
‫الستاذ يصّل العلم لنه فريضة‪ .‬ويؤديه إل الناس لن أداءه فريضة كذلك‪.‬‬
‫والطلب يسعون إل طلبه‪ ،‬كما يسعون إل السجد للصلة‪.‬‬
‫كلها ملص وكلها نظيف‪.‬‬
‫والحصول العلمي الذي خلفه أولئك السلمون ‪ -‬سواء أعجبنا اليوم ونن ننظر إليه بعقلية العارف‬
‫الديثة أم ل " نتفضل " عليه بالعجاب ‪ -‬مصول يشهد بالهد الصادق العنيف الذي بذل فيه‪..‬‬
‫ل يكن واحد يؤلف ليكسب! يكسب الشهرة أو يكسب النقود! وإنا يؤلف لنه بث وجد‬
‫واستنبط‪ ،‬فوصل إل " شيء " فأذاعه على الناس‪.‬‬
‫و " النقطاع " للعلم كان وحده دليلً على هذا الصدق الذي ل تفسده الغراض‪.‬‬
‫ول يكن الصدق والخلص ها السمة الوحيدة ف " علم " السلمي‪ .‬فذلك ل يستنفد كل معان "‬
‫الفريضة "!‬
‫وإنا كانت هناك مزيتان أخريان‪ ،‬تركتا طابعا أصيلً ف الياة السلمية ما يقرب من ألف عام‪.‬‬
‫الزية الول أن العلم ‪ -‬وهو " فريضة " ‪ -‬كان يقرب القلوب إل ال‪ ..‬ول يبعدها عن هداه‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬ل تدث ف السلم تلك الفرقة البغيضة بي العلم والدين!‬
‫وكيف تدث والعلم فريضة يتقرب با النسان إل ال؟ كيف يتقرب إليه بالبعد عنه والنفور منه؟!‬
‫كل! إن العلم نور ال‪ .‬موهبته العجزة الت وهبها للنسان‪ .‬وهي أول بالشكر ل بالكفران!‬

‫‪271‬‬
‫وكذلك أحس السلمون‪ .‬أحسوا أن ف رقابم‪ ،‬دينا ل يؤدونه‪ .‬فهو قد وهب لم " الكمة " و "‬
‫العرفة "‪ .‬وهب لم العقل الذي يفكر ويكتشف ويستنبط‪ .‬وهب لم القدرة على الستفادة من‬
‫التجربة‪ .‬وهب لم ذلك الشعاع العلوي الذي ل يكن ليوجد لول أن ال نفخ ف النسان من‬
‫روحه‪ ..‬فعليهم لقاء ذلك دين‪ .‬هو الشكر‪ .‬الشكر ل النعم الوهاب‪.‬‬
‫ومن ث كان العلم يزيدهم إيانا‪ .‬ويزيدهم تعلقا بال‪:‬‬
‫ف اللّيْ ِل وَالّنهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الَْألْبَابِ الّذِي َن يَذْ ُكرُونَ الّلهَ‬ ‫ت وَالَْأ ْرضِ وَاخْتِل ِ‬ ‫(إِنّ فِي َخلْقِ السّمَاوَا ِ‬
‫ِقيَاما َوُقعُودا َو َعلَى ُجنُوِبهِ ْم وَيََتفَ ّكرُونَ فِي َخلْ ِق السّمَاوَاتِ وَالَْأ ْرضِ َربّنَا مَا َخَل ْقتَ هَذَا بَاطِلً‬
‫سُْبحَاَنكَ َفقِنَا عَذَابَ النّارِ) [‪.]9‬‬
‫تلك روح الؤمن الذي " يتعلم "‪ .‬الذي يتفكر ف خلق السماوات والرض‪ .‬ويصل من تفكره ذلك‬
‫إل قواني ونظريات وحقائق وتطبيقات‪ ،‬تزيد " معلوماته " وتفيده ف تعميه الرض وهو يشي ف‬
‫مناكبها ويأكل من رزق ال [‪ ]10‬فيدعوه ذلك كله إل معرفة ال‪ .‬ومعرفة " القصد " ف خلق‬
‫السماوات والرض‪ .‬القصد " الق "‪( :‬مَا َخَل ْقتَ هَذَا بَاطِلً) فيسبح ال‪ .‬ويتقرب إليه‪ .‬ويتوقى النار‬
‫ويطلب تقيق وعد ال بالنعيم‪( :‬رَبّنَا ِإنّنَا َس ِمعْنَا مُنَادِيا يُنَادِي لِلِْإيَانِ أَ ْن آمِنُوا ِب َربّكُمْ فَآمَنّا رَبّنَا فَا ْغ ِفرْ‬
‫خزِنَا َي ْومَ اْلقِيَامَةِ‬
‫لَنَا ُذنُوبَنَا وَ َك ّف ْر عَنّا َسيّئَاتِنَا َوَتوَفّنَا مَعَ الْأَْبرَا ِر رَبّنَا وَآتِنَا مَا َوعَدَْتنَا عَلَى رُ ُسِلكَ وَل تُ ْ‬
‫خلِفُ الْمِيعَادَ) [ ‪.]11‬‬ ‫إِّنكَ ل تُ ْ‬
‫ول يدث ف التاريخ السلمي أن عالا يبحث ف الطب أو يبحث ف الفلك أو يبحث ف الطبيعة أو‬
‫يبحث ف الكيمياء‪ ..‬وجد نفسه معزولً عن العقيدة‪ ،‬أو وجد أن العقيدة تعطله عن البحث العلمي‬
‫الدقيق! ول تقم الرب والصومة ف قلب مسلم بي العلم والعقيدة أو بي العلم والدين‪ .‬وإنا عاش‬
‫العلم ف ظلل العقيدة يتقدم وينشط‪ ،‬ويصل إل كشوف علمية هائلة‪ ،‬أقر با التعنتون أنفسهم من‬
‫علماء أوروبا‪ ،‬دون أن يفترق الطريق لظة أو يدث الشقاق‪.‬‬
‫ذلك أن العلم كان " فريضة " إل ال‪ ،‬تؤدى كما تؤدى الصلة والصيام والزكاة!‬
‫***‬
‫والزية الثانية ف علوم السلمي ‪ -‬الناشئة كذلك من كون العلم فريضة ‪ -‬أنا ل تستخدم قط ف‬
‫الشر أو اليذاء!‬
‫وكيف يستخدم العلم ف الشر وهو فريضة وعبادة؟‬
‫" تعلموا العلم‪ ،‬فإن تعلمه ل خشية‪ ،‬وطلبه عبادة‪ ،‬ومذاكرته تسبيح‪ ،‬والبحث عنه جهاد‪ ،‬وتعليمه لن‬
‫ل يعلمه صدقة‪ ،‬وبذله لهله قربة " [‪.]12‬‬
‫فأين ينبغ الشر ف هذا الطريق الذي تفه خشية ال‪ ،‬وعبادته‪ ،‬وتسبيحه‪ ،‬والتقرب إليه؟‬
‫ولقد يطر على البال أن علوم السلمي ل تستخدم ف الشر لنا كانت بدائية بسيطة ل تصلح للشر‪،‬‬
‫إذا قيست بطاقة الذرة وعلوم " التدمي " ف القرن العشرين!‬

‫‪272‬‬
‫والواقع ليس كذلك! فإن علوما أدن من علوم السلمي وأبسط ‪ -‬ف مصر الفرعونية وبابل ‪ -‬كانت‬
‫تقدر على الشر وتستخدم فيه!‬
‫فقد استخدم الكهنة ف مصر القدية ‪ -‬وكانوا ف الغلب هم العلماء ‪ -‬استخدموا معارف الكيمياء‬
‫والطب والنجوم ف السحر‪ ،‬والستحواذ على الموال بالباطل‪ ،‬والتوصل إل السلطان الطلق على‬
‫القلوب والرواح والجسام والعقول‪ ،‬والتحكم ف كل أمور الناس بالعبودية والذلل‪.‬‬
‫وكانوا يستأثرون بذا العلم ل يبيحونه للناس‪ ،‬إيثارا لنفسهم بالنفع‪ ،‬واستحواذا على السلطان‬
‫الكافر الذي يذلون به العبيد‪ ..‬عبيد فرعون وعبيد الكهان‪ ،‬وهم " الشعب " كله بل تفريق‪.‬‬
‫ولو أراد السلمون أن يستخدموا العلم للشر فلم تكن لتمنعهم بساطة علومهم‪ ،‬ول تعجزهم عن‬
‫عمل السوء‪..‬‬
‫أقرب الشر أن يصرفوا به القلوب عن ال‪.‬‬
‫وأن يضحكوا به على السذج والهلء فينالوا الال التدفق وينالوا السلطان‪.‬‬
‫وأن يبسوه عن العامة‪..‬‬
‫وأن يتزلفوا به إل اللوك والسلطي‪..‬‬
‫وأن يلتووا به ليبروا مظال السلطان‪.‬‬
‫وهذا هو التاريخ‪ ..‬صفحة رائقة مشرقة مضيئة‪ ..‬تشهد أن العلم السلمي ل يسع للشر ول يستخدم‬
‫للشر‪ .‬بل أراد دائما وجه ال وتوجه إل الي‪ .‬ووقف ف مرات كثية أمام السلطان الائر يطالبه بق‬
‫ال وحق الكادحي‪..‬‬
‫ذلك أنه كان فريضة إل ال‪ ،‬يتقرب با العلماء إل حاه‪.‬‬
‫***‬
‫والن نطوي تلك الصفحة الشرقة الضيئة لنطلع على صفحة أخرى‪ ..‬صفحة الغرب‪.‬‬
‫أوربا هي وريثة المباطورية الرومانية والثقافة الغريقية‪ .‬وما تزال حضارتا الادية وتياراتا الفكرية‬
‫تستمد من هذين النبعي‪ ،‬بشعور من الوربيي أوبغي شعور‪.‬‬
‫وقد ورثت أوربا ‪ -‬فيما ورثته من تاريها البكر ‪ -‬طريقة إحساسها بال واعتقادها ف الدين‪.‬‬
‫وينبغي أن نعرف أن أوربا ل تكن نصرانية حقة ف يوم من اليام! على الرغم من انتشار السيحية‬
‫فيها‪ ،‬وتعصب الوربيي لا ف الروب الصليبية وماكم التفتيش‪ .‬وعلى الرغم ما ل يزال يرد على‬
‫بعض اللسنة الغربية حي تتحدث عن " الضارة السيحية "!‬
‫كل! ل تكن تطبق الدين الق ف يوم من اليام‪ .‬وإنا كان قصارى السيحية عندهم أن تلي لا‬
‫قلوبم ف العبد‪ ،‬وتتأثر أرواحهم بأنغامها السجية وسبحاتا الروحية الرفرفة‪ ،‬ولكنها ل تكم الياة‬
‫العامة‪ ،‬ول تكم ف أمر هذه الرض‪ .‬فإذا خرج الناس من صلتم ف العبد ارتدت عنهم روح‬
‫الدين‪ ،‬وعادوا إل الوثنية الرومانية الغريقية القدية‪ ،‬يستمدون منها أفكارهم ومشاعرهم‪،‬‬
‫وتشريعاتم وتنظيماتم وكل حضارتم الادية العريقة‪!..‬‬

‫‪273‬‬
‫وأيا ما كان المر فقد ظلت ف ل شعور الوربيي ‪ -‬تت القشرة السيحية الرقيقة ‪ -‬تلك النظرة‬
‫الغريقية إل ال‪ ،‬تؤثر ف وجدانم نوه‪ ،‬وتطبع إحساسهم الدين ف العماق‪.‬‬
‫فكيف كانت السطورة الغريقية تصور ال‪ ..‬أو اللة؟‬
‫لن نستعرض هنا الساطي كلها‪ ،‬ول الصورة الزرية الت كانت تعرض با اللة‪ ،‬فتصورهم ‪ -‬على‬
‫أحسن تقدير ‪ -‬بشرا فائقي القوة‪ ،‬ولكن نفوسهم مشحونة بالنوات الطائشة والنرافات النقة الت‬
‫يتورع عنها البشر العاديون‪ ..‬وإنا نستعرض أسطورة واحدة ذات دللة ف موضوع " العلم " هي‬
‫برومثيوس سارق النار القدسة!‬
‫هذه السطورة تصور العلقة بي البشر واللة علقة صراع دائم وضغينة وأحقاد‪ .‬علقة ل ترف‬
‫فيها مشاعر الرحة أو العطف أو الودة‪ ..‬ول يهدأ أوراها حت يشتعل من جديد‪.‬‬
‫والعركة قائمة على النار القدسة‪ :‬نار " العرفة "! البشر يريدون أن يستولوا على هذه النار القدسة‪،‬‬
‫ليعرفوا أسرار الكون كلها‪ ،‬ويصبحوا آلة! واللة تردهم عنها ف وحشية وعنف‪ ،‬لتنفرد وحدها‬
‫بالقوة‪ ،‬وتتفرد دونم بالسلطان!‬
‫تلك إذن هي طبيعة العلقة بي البشر وال! العلقة الت اندست ف أوهام الوروبيي‪ ،‬وصارت‬
‫تصرف أفكارهم ومشاعرهم بغي وعي‪ .‬العجز وحده هو الذي يضعهم لشيئة ال! وهم غي راضي‬
‫عن هذا العجز ول ساكتي عنه‪ .‬فهم ف ماولة دائمة يطلبون " القوة " ويطلبون " العرفة "‪ .‬ياولون‬
‫دائما أن يقهروا هذا العجز‪ .‬أو يقهروا ‪ -‬بلغتهم ‪ -‬قوة الطبيعة‪ .‬أو ‪ -‬بلغتهم اللشعورية أيضا ‪" -‬‬
‫ينتزعون " السرار! ينتزعونا من الله الوثن القدي الذي كانوا ياولون أن ينتزعوا منه ناره القدسة!‬
‫وبذا الدافع الفي الطبوع ف أعماق النفس الغربية ‪ -‬ف أعماق الل شعور ‪ -‬يس الغربيون أن كل‬
‫خطوة يطوها " العلم " ترفع النسان فوق نفسه درجة‪ ،‬وتنل الله من عليائه بنفس القدر!‬
‫وتظل " العركة " هكذا دائرة‪ :‬كل فتح جديد من فتوحات العلم يفض الله ويرفع النسان‪ ،‬حت‬
‫تأت اللحظة الرقوبة الت يتحلب لا ريق الغرب ويتلهف إليها‪ ،‬اللحظة الت " يلق " فيها النسان‬
‫الياة‪ ،‬ويصبح هو ال!‬
‫وليس هذا التعبي من عندنا نصور به أفكار القوم‪ .‬فهو نص تعبيهم‪ ،‬قاله جوليان هكسلي ف كتابه "‬
‫النسان ف العال الديث "‪ .‬كما قاله غيه من العلماء الوروبيي وهم ينددون بفكرة ال وفكرة‬
‫الدين!‬
‫***‬
‫هذا الدافع الفي الطبوع ف أعماق النفس الغربية كان خانسا ل شك تت القشرة السيحية الت‬
‫ظلت تطبع النفوس الوربية بضعة قرون‪ .‬وما كادت القشرة تتفتت بفعل الصراع العنيف الذي قام‬
‫بي الكنيسة ودارون‪ ،‬أو بي الدين بفهومه الرسي وبي العلم‪ ،‬حت برز على السطح ما كان متواريا‬
‫من قبل‪ ،‬وصار " العلماء " يهرون بالعداوة السافرة‪ ،‬ويتعمدون البعد عن الدين والعقيدة‪ ،‬وينشرون‬
‫هذه الراء الكافرة الت تقول إن النسان هو الذي خلق ال‪ ،‬وليس ال هو الذي خلق النسان!!‬

‫‪274‬‬
‫ومن أجل هذه الروح الوثنية ف حقيقتها ‪ -‬ولو تدينت ف ظاهرها ‪ -‬من أجل هذه الروح النافرة من‬
‫العقيدة‪ ،‬الستكبة على العبادة‪ ،‬ند هذه الفارقة العجيبة بي السن بن اليثم ف السلم ودارون ف‬
‫أوربا‪ .‬فبينما السن بن اليثم وهو يكتب ف البصريات ‪ -‬ف موضوع علمي بت جاف ل ترفرف‬
‫حوله نداوة الشاعر ول أنوار العقيدة ‪ -‬يبدأ حديثه باسم ال‪ ،‬ويمده ويطلب منه التوفيق‪ ،‬ند‬
‫دارون ‪ -‬وهو يكتب عن " الياة " و " الحياء " و " التطور "‪ ،‬عن موضوع يشهد بعجزة اللق‬
‫ويكشف عن يد الالق البدعة ف كل خطوة‪ ،‬ويستجيش الوجدان بالشوع والعبادة ‪ -‬نده ينفر‬
‫من ذكر ال‪ ،‬ويروح يستتر ف " الطبيعة " الت يقول عنها " إنا تلق كل شيء ول حد لقدرتا! "‬
‫سبحان ال! وما ال إذن إن كانت هذه هي الطبيعة؟ وكيف تقسو القلوب حت تنع نفسها منعا من‬
‫ذكر ال بصريح لفظه وصفته ف هذا القام؟! ول يكتفي بذلك ‪ -‬وهو واضح الدللة ‪ -‬فتعمى‬
‫بصيته عن القصد والتدبي ف خلق الالق الدبر‪ ،‬فيوح يصف إله الديد الذي يسجد له ‪ -‬الطبيعة‬
‫‪ -‬بأنه يبط خبط عشواء! لغي شيء سوى أنه ‪ -‬وهو البشر الحدود الطاقة الضئيل العلم ‪ -‬ل‬
‫يستطع أن يدرك كل أسرار الياة!‬
‫وما نريد أن نظلمهم‪ ..‬أولئك العلماء!‬
‫فربا كانت ظروفهم الحلية ف أوربا هي الت كفرتم من الدين! وربا كانت الوحشية البشعة الت‬
‫كانت الكنيسة الوربية تعامل با العلماء من أمثال كوبرنيكوس وجاليليو‪ ،‬فتعذبم وترقهم من أجل‬
‫نظرياتم العلمية الت تالف العلومات " القدسة " الت تتشبث با الكنيسة‪ ..‬ربا كانت هذه الوحشية‬
‫هي الت أوجدت الصومة والبغضاء بي " العلماء " والدين!‬
‫ولكننا نتبع فقط حوادث التاريخ‪..‬‬
‫فمنذ حدثت هذه الفرقة العنيفة بي الدين والعلم ف أوربا‪ ..‬منذ سار كل منهما ف طريق يالف‬
‫الخر ويناصبه العداء‪ ..‬شلت الغرب كله فلسفة مادية ملحدة كافرة‪ ،‬ل تؤمن بال‪ ،‬ول تكّمه ف‬
‫أمر من أمور الياة‪ ،‬وف أمر العلم خاصة من بي كل أمور الياة!‬
‫ومضت الوجة الت أطلقها دارون تأخذ آخر مداها‪ ..‬فتجرف من طريق العلم كل التراث النسان‬
‫الالد من عقيدة وأخلق وتقاليد‪..‬‬
‫وطلع إل الوجود من بعد دارون فرويد وماركس يلوثان العقيدة ويصوران النفس النسانية صورة‬
‫بشعة مليئة بالقذار‪ ..‬أقذار النس عند فرويد‪ ،‬وأحقاد الصراع الطبقي عند ماركس‪.‬‬
‫وطلع علماء كثيون‪ ..‬ف الطبيعة والكيمياء والفلك والرياضة والطب‪ ..‬يشتملون على عبقريات‬
‫جبارة‪ ،‬ويفتحون آفاقا جبارة ف هذه العلوم‪ ..‬ولكنهم ‪ -‬مع السف ‪ -‬يرفضون السي ف طريق‬
‫العقيدة ويتنكبون ‪ -‬عن عمد ‪ -‬هداية ال!‬
‫لقد وعت أوربا جانبا من الدرس‪ ،‬حي اختلطت بالسلمي ف الندلس‪ ،‬ونقلت عنهم العارف‬
‫وطريقة الدراسة‪.‬‬
‫أخذت عنهم الد والقصد والعزية‪ ..‬والصب واللد والكفاح‪.‬‬

‫‪275‬‬
‫أخذت عنهم احترام العلم والتوفر على البحث والخلص ف الدراسة‪.‬‬
‫ولكنها أبت أن تأخذ ال‪ ،‬وتأخذ العقيدة‪.‬‬
‫ولقد وقعت الشعلة القدسة ‪ -‬شعلة العرفة ‪ -‬من أيدي السلمي حي شغلتهم الفت واللذائذ عن‬
‫الضي ف الطريق‪ ..‬فتلقفتها أوربا‪ .‬وسارت با قدما‪ ..‬خطوات جبارة ف كل ميدان‪ .‬حت فجرت‬
‫الذرة وأطلقت طاقتها ف الفضاء‪..‬‬
‫ولكنها ل تكن تسي ف طريق ال‪ .‬ل تكن تأخذ العلم فريضة كما وصفه الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ .‬فريضة تؤدى إل ال‪ ،‬ويتقرب با النسان من حاه‪.‬‬
‫وإذا تلى العلم عن ال فقد تلقفه الشيطان‪ ..‬وسار به ف طريق الشر‪ ،‬وأبعد ف طريق الضلل‪.‬‬
‫أول الشر أن العلم ‪ -‬منحة ال إل النسان ‪ -‬يصبح أداة الكفر‪ ،‬ويبعد النسان عن ال!‬
‫والعلم ‪ -‬النور الذي يهدي النسان إل الق ‪ -‬يصبح ذريعة الناس إل الباطل‪ ،‬ف كل منحى من‬
‫مناحي الياة! ف البحوث الجتماعية والقتصادية والسياسية والدبية والفكرية والروحية‪ ،‬وكل بث‬
‫من البحوث!‬
‫والعلم ‪ -‬الذي " يعرف به اللل والرام " ‪ -‬يصبح أداة الفسق والروج على الخلق‪ ،‬بنظريات "‬
‫علمية " تؤيد الفساد!‬
‫والعلم ‪ -‬طريق النسان إل الي البشري ‪ -‬يصبح أداة التحطيم لذه البشرية‪ ،‬يهددها بالوت الرعب‬
‫كأبشع ما شهده النسان‪ ..‬وما تزال تربته " الصغية " ف هيوشيما ونازاكي ماثلة ف الذهان!‬
‫ذلك لنه ل يعد " فريضة "‪ ..‬وإنا مطية من مطايا الشهوات!‬
‫***‬
‫والسلمون اليوم ف حاجة إل حكمة رسولم يتدبرونا‪ ،‬ويتشربونا إل العماق‪.‬‬
‫ف حاجة لن يُرجعوا إل العلم قداسته واحترامه‪ .‬وقد صاروا يتلهون به ف عبث فاضح ل يليق‬
‫بالبشر العاديي فضلً عن السلمي‪.‬‬
‫إنم يأخذونه ف استخفاف العابث‪ ..‬إن كانوا طلبة ف الدارس والعاهد‪ ،‬أو " أساتذة " يدرسون‬
‫للطلب! غايته الوظيفة أو الكسب أو الشهرة من أقرب طريق‪ .‬ووسيلته الغش والداع والتلفيق!‬
‫إنم ل يعطونه من الد والعناية والحترام حت ما تعطيه أوربا الكافرة ؛ وهم أول من الوربيي‬
‫بالتقاليد العلمية العريقة الت سار عليها جدودهم حي كانوا يعيشون ف ظل السلم‪ ،‬ويستمدون من‬
‫روح السلم‪.‬‬
‫لذلك هم ف حاجة لدي الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬يردهم إل احترام العلم وتقديره‪ ،‬ويعيدهم‬
‫لروح الد والخلص‪.‬‬
‫وهم ف حاجة إليه كذلك ليعيدوا السلم للقلب البشري المزق بي الدين والعلم‪ ،‬والدين والياة‪،‬‬
‫الغارق من جراء ذلك ف تيار الشر والضلل‪ ،‬وهم ‪ -‬وحدهم‪ ،‬حي يؤمنون بال ويؤمنون بأنفسهم‬

‫‪276‬‬
‫‪ -‬الذين يستطيعون عقد السلم ف ذلك القلب‪ ،‬بعقيدتم الفريدة الت توحد طريق الدين وطريق‬
‫العلم‪ ..‬بل توحد السماء والرض‪ ،‬وتصل العمل بالعبادة والدنيا بالخرة‪ :‬وتصل العرفة بطريق ال‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]5‬رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫[‪ ]6‬رواه أحد عن أنس بن مالك‪.‬‬
‫[‪ ]7‬من حديث رواه ابن عبد الب عن معاذ بن جبل رضي ال عنه‪.‬‬
‫[‪ ]8‬سورة فاطر [ ‪.] 28‬‬
‫[‪ ]9‬سورة آل عمران [ ‪.] 191 - 190‬‬
‫[‪ ..." ]10‬فَامْشُوا فِي مَنَا ِكِبهَا وَكُلُوا مِ ْن ِرزِْق ِه " سورة اللك [ ‪.] 15‬‬
‫[‪ ]11‬سورة آل عمران [ ‪.] 194 - 193‬‬
‫[‪ ]12‬رواه ابن عبد الب عن معاذ‪ :‬الترغيب والترهيب ج ‪ 1‬ص ‪ 58‬رقم ‪.8‬‬
‫===============‬
‫قَبَسَاتٌ مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )3‬قبل أن تدعوا فل أجيب‬

‫عن عائشة رضي ال عنها قالت‪ :‬دخل عل ّي النب صلى ال عليه وسلم فعرفت ف وجهه أن قد حضره‬
‫شيء‪ ،‬فتوضأ وما كلم أحدا‪ ،‬فلصقت بالجرة أستمع ما يقول‪ ،‬فقعد على النب‪ ،‬فحمد ال وأثن‬
‫عليه‪ ،‬وقال‪ " :‬يا أيها الناس‪ .‬إن ال يقول لكم‪ :‬مروا بالعروف وانوا عن النكر قبل أن تدعوا فل‬
‫أجيب لكم‪ ،‬وتسألون فل أعطيكم‪ ،‬وتستنصرون فل أنصركم "‪ .‬فما زاد عليهن حت نزل‪ .‬رواخ‬
‫ابن ماجه وابن حبان ف صحيحه [‪.]13‬‬
‫***‬
‫يا ال! أو حقا يدعو الناس فل يستجيب ال لم؟ ال الذي يقول‪ :‬وسعت رحت كل شيء؟ ال‬
‫الذي يقول‪( :‬وإذا سألك عبادي عن فإن قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)؟‬
‫هل يكن أن يدث ذلك؟‬
‫صدق ال‪ .‬وصدق رسوله‪ .‬وما يكن أن يكون ذلك إل حقا!‬
‫وإنه لق ترتف له النفس فرقا ويقشعر الوجدان رعبا‪.‬‬
‫وماذا يبقى للناس إذن؟ ماذا يبقى لم إذا أوصدت من دونم رحة ال؟ ولن يلجئون ف هذا الكون‬
‫العريض كله وقد أوصد الباب الكب الذي توصد بعده جيع البواب‪ ..‬ويبقى النسان ف العراء‪.‬‬
‫العراء الكامل الذي ل يستره شيء‪ ،‬ول يميه شيء من لفحة الاجرة وقسوة الزمهرير؟‬
‫أل إنه الول البشع الذي يتحامى اليال ذاته أن يتخيله‪ ..‬لنه أفظع من أن يطيقه اليال‪.‬‬
‫اليط الذي يسكه بالقدرة القاهرة القادرة قد انقطع‪ ..‬فراح يهوي‪ .‬يهوي إل حيث ل يعلم أحد‬
‫ول يلحقه خيال‪ .‬يهوي ف الظلمات‪ .‬يتقلب على الدوام‪ .‬يصطدم ف كل شيء‪ .‬يتحطم‪ ..‬تتمزق‬

‫‪277‬‬
‫أوصاله‪ ..‬يتناثر ف كل اتاه‪ ..‬وكل " جزء " من نفسه يذوق من اللم ما ل يطيق‪( :‬فَكَأَنّمَا َخ ّر مِنَ‬
‫السّمَاءِ فََتخْ َط ُفهُ الطّْيرُ َأوْ َت ْهوِي ِبهِ الرّي ُح فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) [‪.]14‬‬
‫ذلك هو الخلوق البائس الذي يدعو ال فل ييبه‪ ،‬ويسأله فل يعطيه‪ ،‬ويستنصره فل ينصره‪.‬‬
‫فهل كتب ال ذلك الول البشع على عباده ‪ -‬السلمي ‪ -‬الذين يدعونه ويسألونه ويستنصرونه؟!‬
‫نعم‪ ..‬حي يكفون عن المر بالعروف والنهي عن النكر‪ ..‬ولو بأضعف اليان‪.‬‬
‫***‬
‫لقد اقتضت إرادة ال أن يكون النسان خليفة ف الرض‪.‬‬
‫واقتضت إرادته كذلك أن يكون النسان ‪ -‬الذي يستمد قوته من ال ‪ -‬هو القوة الفعالة ف هذا‬
‫الوجود‪.‬‬
‫خرَ لَكُ ْم مَا فِي السّمَاوَاتِ َومَا فِي الَْأ ْرضِ) [‪.]15‬‬ ‫(وَسَ ّ‬
‫النسان هو الذي يعمل‪ .‬والنسان هو الذي ينتج‪ .‬والنسان هو الذي غي الواقع‪ ،‬والنسان هو الذي‬
‫ينشئ النظم ويقيم الوضاع‪.‬‬
‫النسان هو القوة اليابية ف الرض‪ ،‬ف ذات اللحظة الت يسلم كيانه كله ل‪ .‬بل من هذا السلم‬
‫ت َومَا فِي‬‫خرَ لَكُ ْم مَا فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫الكامل ل‪ ،‬يستمد النسان طاقته اليابية كلها على الرض! (وَسَ ّ‬
‫الَْأ ْرضِ جَمِيعا مِْنهُ) [‪.]16‬‬
‫لقد اختار ال أن يكون النسان هو أداته العاملة ف الرض‪ُ ( .‬سبْحَاَنهُ ِإذَا َقضَى َأمْرا فَإِنّمَا َيقُولُ َلهُ‬
‫كُنْ َفيَكُونُ) وعلى ذلك جرت سنته منذ خلق الرض والنسان‪.‬‬
‫وال سبحانه وتعال ليس " مقيدا " بسنته على النحو الذي يتصوره العقل الغرب الاحد الضيق الغلق‬
‫البصية‪ ،‬وهو يتحدث عن " القواني الطبيعية " وحتميتها الت ل يكن أن تتغي‪ ..‬ومن ث ينكر‬
‫العجزات!‬
‫كل! ليس ال مقيدا بسنته ول مكوما با‪ ،‬سبحانه وتعال عن ذلك علوا كبيا‪ .‬والدليل أنه يصنع‬
‫الوارق والعجزات حي يريد‪ ،‬وفق حكمته الت يعلمها وحده ول يطلع عليها أحدا من خلقه‪.‬‬
‫ولكن مشيئته سبحانه هي الت اقتضت أن تسي المور على هذه السنة‪ ،‬حت يعرف الناس النتائج‬
‫حي يعرفون السباب‪ ،‬فيسيوا ف الرض على بصية‪ ،‬حت وهم ل يعلمون الغيب الحجب عن‬
‫البصار‪.‬‬
‫وكان ذلك رحة بالناس وهدى لبصائرهم‪.‬‬
‫فعلى أساس هذه السنة الثابتة ‪ -‬الت شاءت إرادة ال الرة القادرة أن تكون ثابتة ‪ -‬يستطيع الناس‬
‫تفهم الكون من حولم‪ ،‬والتعرف على أسراره‪ ،‬والتوفيق بي أنفسهم وبي الكون والياة‪.‬‬
‫وكل " العلم " الذي علمه الناس منذ البدء حت اليوم‪ ،‬وكل الخترعات الت اخترعوها‪ ،‬وكل الفوائد‬
‫الت جنوها‪ ،‬والدمات الت حصلوا عليها ل تكن لتوجد لول ثبوت السنة واطرادها وعدم تلفها‪.‬‬

‫‪278‬‬
‫وكذلك الياة النسانية ف ميطها الشامل‪ ..‬فكل النظم القائمة على تارب البشرية‪ :‬النظم السياسية‬
‫والقتصادية والجتماعية والعمرانية‪ ..‬ل تكن لتقوم لول ثبوت هذه السنة واطرادها‪ .‬فهذا وحده هو‬
‫الذي يعل للتجربة قيمة‪ ،‬ويعلها مالً للفائدة وملً للعتبار‪.‬‬
‫وإل فما قيمة التجارب ‪ -‬علمية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية ‪ -‬إذا كانت كل تربة منقطعة عن‬
‫غيها‪ ،‬قائمة بذاتا‪ ،‬ل تتصل بشيء ول تنتهي إل شيء؟ وكيف يتعلم الناس أن هذا ضار وهذا نافع‪،‬‬
‫فيعرضوا عن الول ويقبلوا على الخي؟‬
‫هي رحة ال إذن بالناس أن يعل لم سنة ثابتة‪ ،‬ويعلها واضحة‪ ،‬ويعلها ملً للعبة‪ ،‬ويوجه إليها‬
‫الضمائر‪ ،‬ويوقظ لا القلوب‪( :‬قَدْ َخَلتْ مِنْ َقبْلِكُ ْم سُنَ ٌن فَسِيُوا فِي الَْأ ْرضِ فَانْ ُظرُوا َكيْفَ كَا َن عَاِقبَةُ‬
‫س َوهُدىً َو َم ْوعِظَةٌ ِللْمُّت ِقيَ) [‪.]17‬‬ ‫ي هَذَا بَيَانٌ لِلنّا ِ‬ ‫اْلمُكَذِّب َ‬
‫***‬
‫وقد اقتضت هذه السنة ‪ -‬كما قلنا ‪ -‬أن يكون البشر هم أدوات العمل ف الرض وهم كذلك‬
‫أدوات التغيي‪:‬‬
‫سهِمْ) [‪.]18‬‬
‫(إِنّ الّلهَ ل ُي َغّيرُ مَا ِب َق ْومٍ حَتّى ُيغَّيرُوا مَا بِأَْنفُ ِ‬
‫ولن يعجز ال سبحانه أن يغي ما بالقوم دون أن يغيوا ما بأنفسهم‪ .‬فالسماوات والرض ومن فيهن‬
‫ملكه‪ .‬وهو القاهر فوق عباده‪ .‬وهو التصرف وحده ف الميع با يشاء وكيفما يشاء‪.‬‬
‫ولكنه هكذا شاء‪ ..‬أن يكون النسان عنصرا إيابيا ف الياة‪ .‬وأن يكون التغيي ‪ -‬وهو إرادة ال ‪-‬‬
‫مرتبطا بإرادة النسان‪ ،‬مقضيا عن طريقه‪ ،‬نافذا من خلله‪ ،‬متزجا بكيانه كله من عمل وفكر‬
‫وشعور‪.‬‬
‫والمد ل من النسان أن جعل له كل هذه القيمة ف الرض‪ ..‬وإل فما هو ف ذاته لول هذا العطف‬
‫الربان عليه؟ لول تلك النفخة اللية الت جعلت منه ما هو عليه‪ .‬أليس هو من طي هذه الرض‪،‬‬
‫يستوي ف ذلك مع الصرصار القي والوحش الكاسر واليوان البهيم؟‬
‫ولكن لذا التكري تبعاته ومقتضياته‪..‬‬
‫تبعاته أن يكون النسان قوة إيابية حقا‪ ،‬وأن يعمل بقتضى ذلك ف واقع الياة‪.‬‬
‫تبعاته أن يعمل‪ ،‬وأن يكافح‪ ،‬وأن يصارع‪ ،‬ول يسلّم‪ ،‬ول ينخذل‪ ،‬ول يستكي‪.‬‬
‫تبعاته أن يأمر بالعروف وينهى عن النكر ويؤمن بال‪( :‬كُنْتُ ْم خَْيرَ ُأمّةٍ أُ ْخرِ َجتْ لِلنّاسِ تَ ْأ ُمرُونَ‬
‫ف وَتَْن َهوْ َن عَنِ الْمُنْ َك ِر وَُت ْؤمِنُونَ بِالّلهِ) [‪.]19‬‬
‫بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫تبعاته إذا رأى النكر أن يغيه‪ ..‬بيده‪ ،‬فإن ل يستطع فبلسانه‪ ..‬فإن ل يستطع فبقلبه‪ ..‬وهو أضعف‬
‫اليان‪.‬‬
‫***‬
‫وليس العروف أو النكر شيئا مدودا ف هذه الرض‪ ،‬أو ميدانا دون ميدان‪.‬‬

‫‪279‬‬
‫كل شأن من شئون الناس‪ ،‬كب أو صغر‪ ،‬يكن أن يري بالعروف ويكن أن يري بالنكر‪ .‬وتبعات‬
‫النسان تستلزم ملحقته لذه الشئون كلها‪ ،‬والرقابة عليها‪ ،‬والتأكد من جريها بالعروف وبعدها عن‬
‫النكر! وإل‪ ..‬فالنتيجة هي الفساد!‬
‫تلك أيضا هي سنة ال‪ .‬فقد اقتضت سنته أن يراقب الناس شئون الرض‪ ،‬ويدفع بعضهم بعضا إل‬
‫ض وَلَكِنّ‬ ‫ضهُمْ بَِب ْعضٍ َلفَسَ َدتِ الَْأ ْر ُ‬‫س َبعْ َ‬‫الصلح والرشد‪ ،‬وإل فسدت الرض‪( :‬وََلوْل دَفْ ُع الّلهِ النّا َ‬
‫الّلهَ ذُو َفضْ ٍل عَلَى اْلعَالَ ِميَ) [‪.]20‬‬
‫وإنا لتبعة ثقيلة تنوء بملها الكتاف‪ ..‬ولكنها كذلك هي السبيل الوحد لنتظام المور‪ ،‬فحي‬
‫يؤدي كل إنسان واجبه من المر بالعروف والنهي عن النكر ‪ -‬مع اليان بال ‪ -‬ل يرؤ الباطل أن‬
‫يعيش‪ ،‬ول يرؤ النكر أن يستأسد‪ .‬ويظل الق هو القوة الغالبة الفعالة الت تسيطر على المور‪.‬‬
‫أما حي ينام عن هذا الواجب القدس فالشر يغري‪ ،‬والشر يهيج‪ ،‬والشر يسيطر على الياة‪.‬‬
‫وقد جرت سنة ال بذلك ف التاريخ‪..‬‬
‫أيا أمة حية متيقظة‪ ،‬ترقب شئونا بنفسها‪ ،‬وترص على أداء كل واجب‪ ،‬وتنفر من كل تقصي‪ ،‬فهي‬
‫المة الناجحة‪ ،‬وهي الت تلك السلطان‪.‬‬
‫وأيا أمة تراخت وأهلت‪ ،‬وتركت الباطل يسيطر على شئون الناس فلم تنصره‪ ،‬فهي المة الفاشلة‪،‬‬
‫وهي المة الت حل با الدمار‪.‬‬
‫وقوة الجتمع وضعفه رهي بذا وذاك‪.‬‬
‫فالجتمع الذي يتناصح الناس فيه بالي ويتناهون عن النكر‪ ،‬هو الجتمع الترابط التساند القوي‪،‬‬
‫الذي يتقدم إل المام حثيثا‪ ،‬وينتقل من خي إل خي‪ ،‬بكم تضافر الطاقة وتوجهها إل الصلح‪.‬‬
‫والجتمع الذي يأت النكر فيه كل إنسان على مزاجه‪ ،‬ويتركه الخرون لا يفعل‪ ،‬هو الجتمع الفكك‬
‫النحل‪ ،‬الذي يضي إل الوراء حتما‪ ،‬وينتقل من ضعف إل ضعف‪ ،‬بكم تبدد الطاقة وانصرافها إل‬
‫الشر‪.‬‬
‫صوْا وَكَانُوا َيعْتَدُونَ‬‫(ُلعِنَ الّذِينَ َك َفرُوا مِ ْن بَنِي إِسْرائي َل عَلَى ِلسَا ِن دَا ُو َد َوعِيسَى ابْ ِن َمرْيَ َم ذَِلكَ بِمَا َع َ‬
‫كَانُوا ل يََتنَا َهوْ َن عَ ْن مُنْ َكرٍ َفعَلُوهُ لَِبْئسَ مَا كَانُوا َي ْفعَلُونَ) [‪.]21‬‬
‫وكذلك لعن الغرب ف التاريخ الديث‪.‬‬
‫أما السلمون الوائل‪ ،‬الذين كانوا خي أمة أخرجت للناس‪ ،‬والذين كانوا يأمرون بالعروف وينهون‬
‫عن النكر ويؤمنون بال‪ ،‬فقد كانوا أمة قوية قاهرة غلبة‪ .‬أمة متينة البناء وثيقة الساس‪ .‬أمة‬
‫استطاعت أن تكافح كل قوى الشر وتعيش‪ .‬تكافح الكومات الظالة من داخلها‪ ،‬والغزاة البابرة من‬
‫خارجها‪ ،‬من التتار مرة والصليبيي مرة‪ ..‬وتصمد لذا الشر كله وتتغلب عليه‪.‬‬
‫فلما كفوا‪ ..‬لا تعبوا من المر بالعروف والنهي عن النكر‪ ..‬لا عادوا ل يتناهون عن منكر فعلوه‪..‬‬
‫جرت عليهم السنة البدية الالدة الت بينها لم ال وحذرهم منها‪ ..‬فصاروا فتاتا متهاويا تلتقمه‬
‫قوى الشر من الداخل والارج على السواء‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫ولقد يبدو لول وهلة أن العال السلمي قد ضعف وهان واستُعمر لنه غرق ف الهالة والتأخر‬
‫والنطاط والمود‪ .‬ولنه انقسم على بعضه فتنازعته الحقاد‪ .‬ولن حكامه الطغاة كانوا مشغولي‬
‫بلذائذهم عن أن يلتفتوا لصلح الشعب‪ .‬ولن الظال الجتماعية والقتصادية قسمت الناس إل‬
‫طغمة ظالة من اللك تلك كل شيء‪ ،‬وعبيد من الشعب ل يلكون شيئا غي الذل والفقر والوان‪.‬‬
‫ولن القوة الربية والنتاجية للعال السلمي تضاءلت وانسرت بينما كانت أوربا تصعد ف كل‬
‫ميدان‪..‬‬
‫وإنه لكذلك حقا وصدقا‪ ..‬ولكن ما ذاك؟ ما هو ف حساب القائق إل السكوت عن النكر وعدم‬
‫المر بالعروف؟!‬
‫أل يأمر ال بالعدل‪( :‬وَِإذَا حَكَمْتُ ْم بَيْ َن النّاسِ أَ ْن تَحْكُمُوا بِاْلعَدْلِ) [‪.]22‬‬
‫سهِ ْم قَالُوا فِيمَ ُكنْتُ ْم قَالُوا ُكنّا‬‫وعدم السكوت للظلم‪( :‬إِنّ الّذِينَ َتوَفّاهُمُ الْمَلئِكَةُ ظَالِمِي أَْنفُ ِ‬
‫ك مَ ْأوَاهُمْ َج َهنّ ُم وَسَا َءتْ‬
‫ض َعفِيَ فِي الَْأ ْرضِ قَالُوا أَلَمْ تَ ُكنْ َأ ْرضُ الّل ِه وَا ِسعَةً فَُتهَا ِجرُوا فِيهَا فَأُولَِئ َ‬ ‫مُسَْت ْ‬
‫مَصِيا) [‪ ،]23‬ولكنهم تركوا حكامهم يظلمونم واستكانوا لم فلم يغيوا عليهم؟‬
‫أل يأمر ال بإعداد العدة واستحضار القوة‪( :‬وََأعِدّوا َلهُمْ مَا اسَْت َطعْتُ ْم مِنْ ُق ّوةٍ) [‪ ،]24‬ولكنهم‬
‫سكتوا عن الستعداد وضعفوا واستكانوا‪ ،‬ول يطالبوا بالهاد ف سبيل ال ول يتجهوا إليه؟‬
‫أل يكرم ال العلم‪( :‬ا ْقرَْأ َورَّبكَ الْأَ ْك َرمُ الّذِي َعلّمَ بِاْلقَلَ ِم عَلّ َم الْأِْنسَا َن مَا لَمْ َيعْلَمْ) [‪ ،]25‬وحض‬
‫عليه رسوله‪ " :‬طلب العلم فريضة " [‪ ،]26‬فلم يسعوا إل العلم وغرقوا ف الهالة؟‬
‫أل يأمر ال بأل يكون الال (دُولَ ًة بَيْ َن الَْأغِْنيَاءِ ِمنْكُمْ) [‪ ،]27‬فتركوه دولة بي القطاعيي ول يثوروا‬
‫عليهم إحقاقا لكلمة ال ف الرض‪ ،‬وإحقاقا للعدل الذي أمر به ال؟‬
‫أل يأمر ال الرجال أن يعاشروا النساء بالعروف ( َوعَا ِشرُوهُنّ بِالْ َم ْعرُوفِ) [‪ ،]28‬فعاشروهن بالظلم‬
‫وأجحفوا بقوقهن‪ ،‬وتركوهن طعمة للجهل وانزواء الشخصية وضآلة الكيان ‪ -‬وهن صانعات‬
‫الطفولة ‪ -‬فخرجت من بي أيديهم أجيال من البشر هابطة النفس مدودة الفاق ضئيلة النسانية؟‬
‫فأي معروف أمروا به وأي منكر نوا عنه‪ ،‬وأي إيان بال؟‬
‫عندئذ جرت عليهم سنة ال‪ ..‬وغضب عليهم ال‪ ..‬فاستعبدوا وهم العلون لو كانوا مؤمني‪( :‬وَل‬
‫حزَنُوا وَأَنْتُ ُم الَْأعَْلوْنَ إِنْ ُكنْتُ ْم ُم ْؤمِِنيَ) [‪.]29‬‬ ‫َتهِنُوا وَل تَ ْ‬
‫***‬
‫تلك سنة ال‪ ..‬يأمرون بالعروف وينهون عن النكر‪ ..‬أو يدعونه فل يستجيب لم‪ ،‬ويسألونه فل‬
‫يعطيهم‪ ،‬ويستنصرونه فل ينصرهم‪..‬‬
‫لنم ‪ -‬شاءت حكمته ذلك ‪ -‬هم أدوات ال ف الرض‪ .‬وعن طريقهم ينفذ ال أمره‪ .‬كذلك‬
‫سهِمْ) ل عجزا من ال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬عن‬ ‫اقتضت سنته‪( :‬إِ ّن الّلهَ ل ُيغَّي ُر مَا ِب َق ْومٍ حَتّى ُي َغّيرُوا مَا بِأَْنفُ ِ‬
‫التغيي بغي تلك الدوات‪ ،‬أو بغي أدوات على الطلق‪ ،‬ولكن تكريا لذا الليفة ف الرض‪ ،‬ومنحَه‬
‫حرية التصرف وحرية السلوك‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫وحي نفهم هذه السنة نفهم ذلك الديث الذي نطق به الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فإذا كانت الدوات جاهزة للعمل‪ ،‬متوجهة إليه‪ ،‬متوفرة له‪ ..‬فإن السنة تضي‪ ،‬والعمل ينفذ‪،‬‬
‫والصلح يتم‪.‬‬
‫وإذا كانت الدوات معطلة أو فاسدة‪ ..‬فإن السنة تضي كذلك ف طريقها‪ .‬تضي بالبقاء على‬
‫الفساد‪ ،‬والزيادة فيه‪ ،‬وعدم التغبي عليه‪ ،‬وعدم الصلح فيه‪.‬‬
‫وعندما يدعو الناس وهم قاعدون عن العمل‪ ،‬وحي يسألون وهم كسال‪ ،‬وحي يستنصرون وهم ل‬
‫يعدون عدة النصر‪ ..‬فعند ذلك ل يستجيب ال لم ول يعطيهم ول ينصرهم‪..‬‬
‫لنم ل يستحقون النصر‪..‬‬
‫وكيف يستحقون وهم قاعدون؟!‬
‫وكيف يثبتون عليه لو منحهم ال إياه؟!‬
‫هب أن ال غي سنته ‪ -‬سبحانه ‪ -‬فأنزل عليهم النصر وهم قاعدون‪َ .‬أوَ يفظونه؟ أيدوم لم؟ وكيف‬
‫يفظونه وهم فاسدون مفسدون‪ ،‬متهالكون متهاوون‪ ،‬ل قدرة لم ول عزية ول دراية بأمر من‬
‫المور؟‬
‫سهُ ْم يَظْلِمُونَ) [‪.]30‬‬
‫من أجل ذلك ل ينصرهم‪َ ( .‬ومَا كَانَ الّلهُ لِيَ ْظلِ َمهُ ْم وَلَكِنْ كَانُوا أَْنفُ َ‬
‫إن طريق النصر والسستنصار واضحة‪ .‬إن ال قد اختار أن يكون النسان هو أداته النفذة ف‬
‫الرض‪ ،‬حي يستقيم إل ال‪ ،‬ويهتدي إليه‪ ،‬ويعمل من أجله‪ ،‬ويبه ويشاه‪.‬‬
‫فمن أراد النصر‪ ،‬من أراد أن يدعو ال فيجيبه‪ ،‬ويسأله فيعطيه فليكن حيث يريده ال‪ ،‬وحيث يُْنزِل‬
‫عليه نصره وعطاءه فينفع النصر‪ ،‬وينفع العطاء‪.‬‬
‫وطريق ال واضحة‪ .‬والنصر والعطاء من هذا الطريق وحده‪ .‬فمن أراد النصر فليسر ف الطريق‬
‫وليمض قدما‪ .‬فإنه ملق وعد ال الق‪ .‬ول يلف ال وعده‪ .‬أما إن هجر الطريق الوحد‪ ،‬وراح‬
‫يتسكع ف كل طريق غيه‪ ،‬فمن أين يصيبه النصر‪ ،‬وهو منصرف عنه وموليه الدبار؟‬
‫***‬
‫ولقد وعت أوربا جانبا من سنة ال ف الرض ‪ -‬الانب الذي نسيه السلمون اليوم‪ .‬ونسيت منها‬
‫جانبا آخر ‪ -‬الانب الذي وعاه السلمون!‬
‫ولقد وعت أوربا أن النسان هو القوة الفعالة ف الرض‪ .‬وأن الطاقة البشرية هي أداة الصلح‪ .‬من‬
‫أجل ذلك اتهت هتهم لتجنيد هذه الطاقة‪ ،‬وتوجيهها إل العمل النتج ف واقع الياة‪.‬‬
‫ووصلوا ف ذلك إل درجة معجِبة من النشاط والتنظيم والدأب النتج العجيب‪.‬‬
‫ذلك ما نسيه السلمون اليوم وهم يتواكلون ويتقاعسون‪ ،‬وينتظرون وهم قاعدون‪.‬‬
‫ولكن أوربا نسيت ال!‬
‫نسيت أن تعمل ف سبيله‪ ،‬وتعيش ف سبيله‪ ،‬وتنتج ف سبيله‪.‬‬
‫ومضت بطاقتها النتاجية الضخمة ف سبيل الشيطان‪.‬‬

‫‪282‬‬
‫ومن ث قام هذا الصراع الرهيب الذي يوشك أن يدمر وجه الرض‪.‬‬
‫والسلمون يعرفون ال‪.‬‬
‫ولكنهم يعرفونه ف ظاهر قلوبم ول يفظونه‪ " :‬احفظ ال يفظك [‪." ]31‬‬
‫يعرفونه ول يأترون بأمره ول ينتهون بنهيه ول يعملون ف سبيله‪ ،‬ويشركون به كثيا من قوى‬
‫الرض الادية أو البشرية سواء‪َ ( .‬ومَا قَ َدرُوا الّلهَ َحقّ قَ ْد ِرهِ) وما عبدوه حق عبادته‪ .‬ومن ث فهم ل‬
‫يسيون بعد على الطريق‪.‬‬
‫وقد اقتضت سنة ال أن من يعمل ويتهد يصل إل شيء‪ ..‬وإن كانت سنته قد اقتضت كذلك أنه‬
‫يضيع هذا الشيء ف النهاية ما ل يسر ف الطريق الذي رسه ال‪ .‬وهو ما يوشك أن يدث ف الغرب‬
‫اليوم‪.‬‬
‫ولكن من ل يعمل ل يد على الطلق‪ ..‬ولو كان ‪ -‬نظريا ‪ -‬يعرف ال ويدعوه ويسأله العطاء!‬
‫والسلمون هم الكلفون أن يهدوا البشرية الضالة إل الطريق‪( :‬وَكَذَِلكَ َجعَ ْلنَاكُمْ ُأمّ ًة وَسَطا لَِتكُونُوا‬
‫س وَيَكُونَ الرّسُولُ َعلَيْ ُكمْ َشهِيدا [‪.)]32‬‬
‫ُشهَدَا َء عَلَى النّا ِ‬
‫ولن يهدوا الناس حت يهتدوا هم أولً إل ال ويسيوا على الطريق‪ .‬والطريق معروف كما رسه ال‪:‬‬
‫" إن ال يقول لكم‪ :‬مروا بالعروف وانوا عن النكر قبل أن تدعوا فل أجيب‪."..‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]13‬الترغيب والترهيب‪ .‬ج ‪ 4‬ص ‪ 12‬رقم ‪.29‬‬
‫[‪ ]14‬سورة الج [ ‪.] 31‬‬
‫[‪ ]15‬سورة الاثية [ ‪.] 13‬‬
‫[‪ ]16‬انظر " السلبية واليابية " ف فصل " خطوات متقابلة ف النفس البشرية " من كتاب " منهج‬
‫التربية السلمية "‪.‬‬
‫[‪ ]17‬سورة آل عمران [ ‪.] 138 - 137‬‬
‫[‪ ]18‬سورة الرعد [ ‪.] 11‬‬
‫[‪ ]19‬سورة آل عمران [ ‪.] 110‬‬
‫[‪ ]20‬سورة البقرة [ ‪.] 251‬‬
‫[‪ ]21‬سورة الائدة [ ‪.] 79 - 78‬‬
‫[‪ ]22‬سورة النساء [ ‪.] 58‬‬
‫[‪ ]23‬سورة النساء [ ‪.] 97‬‬
‫[‪ ]24‬سورة النفال [ ‪.] 60‬‬
‫[‪ ]25‬سورة العلق [ ‪.] 5 - 3‬‬
‫[‪ ]26‬انظر الفصل السابق بذا العنوان‪.‬‬
‫[‪ ]27‬سورة الشر [ ‪.] 7‬‬

‫‪283‬‬
‫[‪ ]28‬سورة النساء [ ‪.] 19‬‬
‫[‪ ]29‬سورة آل عمران [ ‪.] 139‬‬
‫[‪ ]30‬سورة العنكبوت [ ‪.] 40‬‬
‫[‪ ]31‬حديث رواه الترمذي‪.‬‬
‫[‪ ]32‬سورة البقرة [ ‪.] 143‬‬
‫==========================‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )4‬ل تفكروا ف ذات ال‬
‫قَبَسَا ٌ‬

‫سبحانه‪ ،‬وهل يطيق بشر أن يفكر ف ذاته؟‬


‫هل تطيق الذرة الائمة التائهة الفانية الحدودة أن تيط بقيقة الزل والبد‪ ،‬الت ل آخر لا ول‬
‫حدود؟!‬
‫وإن اهتدت‪ ..‬إن وصلت واتصلت بال‪ ..‬فما حاجتها إل " التفكي " ف ذات ال وهي واصلة إل‬
‫حاه؟!‬
‫وهل فرغ النسان من تدبر أسرار الكون‪ ،‬ليفكر ف ذات الالق سبحانه‪ ،‬ليس كمثله شيء؟‬
‫هل وصل ف " علمه " إل حقيقة جوهرية واحدة من حقائق الكون؟ أم إنه ما يزال ف ميط "‬
‫الظواهر " ل يرؤ على الدخول ف العماق؟‬
‫لقد دفعه القدام مرة فتقدم فحطم الذرة وكاد يصل إل الجهول‪ ..‬ولكنه فجأة تراجع‪ ..‬من هول‬
‫النفجار!‬
‫ل يكن تفجر الذرة وانطلق طاقتها الائلة الروعة هو الذي أصابه بالذعر وأصابه بالذهول! وإنا‬
‫كان " الكشف " الديد الذي وصل إليه‪ ،‬فأعاده إل حيث كان من أسرار الوجود‪.‬‬
‫لقد اكتشف أنه ليس ثة " مادة "‪ ،‬وإنا هناك " طاقة "‪ ،‬وأن هذه الطاقة هي " الجهول " الذي بث‬
‫عنه ألوفا من السني أو مليي‪ ،‬ث عاد من حيث بدأ‪ ،‬ل يزد علما إل بظواهر الشياء‪.‬‬
‫الشياء الوجودة ف الكون ل يعرف النسان " ذاتا "‪ .‬ل يعرف جوهرها‪ .‬وإنا يعرف من صفاتا‬
‫ومظاهرها‪.‬‬
‫فأي قفزة ف الفضاء منونة تلك الت تدفعه إل أن يترك الشياء الخلوقة الحدودة الصغية‪ ،‬الت يعجز‬
‫عن معرفة ذاتا‪ ،‬فيحاول أن ييط بالذات اللية‪ ،‬ويصل إل " حقيقتها "؟!‬
‫خبل ليستقيم مع التفكي السليم‪.‬‬
‫فأبسط قواعد " النطق " أنك إذا عجزت عن الصغي فأنت أعجز عن الكبي‪ .‬وإذا عجزت عن أن‬
‫تسي ميلً فستهلكك مئات الميال فضلً عن اللوف والليي‪.‬‬
‫والكون أمام النسان واسع هائل عريض‪..‬‬
‫فهل فرغ من أمره؟ هل وصل إل آخر أبعاده؟ هل أحاط به علما‪ ،‬بل تصورا وخيالً؟‬

‫‪284‬‬
‫فلنسمع هنا كلم العلم الرسي فإنه وحده يبهر اليال ويذهل الرءوس!‬
‫" إن أقرب نم إلينا يبعد عن الشمس فوق الربع من السنوات الضوئية‪ .‬أي أن النور‪ ،‬وسرعته‬
‫‪ 186000‬ميل ف الثانية‪ ،‬يقطع السافة من الشمس إل أقرب نم ف نو أربع سنوات‪ .‬إنه على‬
‫مسافة تبلغ نوا من ‪ 26 ???000 ???000 ???000 ???000‬ميل‪ .‬إنك لو مثلت الشمس‬
‫بنقطة أخرى تبعد عن النقطة الول بنحو ‪ 4‬أميال " [‪.]34‬‬
‫" الجرة قرص عظيم‪ .‬وهي قرص مفرطح‪ ،‬كالرغيف‪ ...‬وقطر القرص نو من ‪ 100 ???000‬سنة‬
‫ضوئية‪ .‬والسنة الضوئية مسافة مقدارها ‪ 6‬مليون مليون ميل‪ .‬فقطر هذا القرص نو من ‪ 600‬ألف‬
‫مليون مليون ميل‪ .‬وارتفاعه نو عشر ذلك " [‪.]35‬‬
‫وهناك مرات أخرى كثية ف الكون غي الجرة الت تتبعها مموعتنا الشمسية‪.‬‬
‫" هذه الدنييات‪ ،‬الت تشبه مرتنا‪ ..‬كم عددها؟ مائة؟ ألف؟ ألفان؟ ل‪ .‬إنا مائة مليون من الجرات‪.‬‬
‫مائة مليون جزيرة ف فضاء هذا الكون الواسع وقد تزيد "!! [‪.]36‬‬
‫هذا ف " الحيط الارجي " للكون‪ .‬وهو مظهر واحد يعجز عن حله اليال وتعجز العقول‪.‬‬
‫فلننظر ف الرض وحدها‪ .‬تلك الذرة الائمة ف الفضاء‪ .‬هباءة منثورة ف ميط الكون‪ ،‬ل تسكها إل‬
‫القدرة القادرة الالقة البدعة‪.‬‬
‫كم جبلً با وكم نرا وكم برا وكم بية؟! كم كهفا ف جبالا وكم حفرة ف أراضيها؟ كم‬
‫نقطة من الطر تبط إليها وكم ذرة من البخار تصعد منها آناء الليل وأطراف النهار؟‬
‫وكم با من أنواح الياة؟ الياة النباتية واليوانية والنسانية؟‬
‫كم ألفا من صنوف النبات على وجه الرض؟ وأي دقائق تفرق بي نبات ونبات متلف ألوانه "‬
‫يسقى من ماء واحد ونفضل بعضها على بعض ف الكل "؟‬
‫وكم ألفا من صنوف اليوان والطي والشرات ف السهول والفياف والقفار والوديان والغابات؟‬
‫وكم مليونا من البشر من متلف اللوان واللغات والعقائد والفكار؟‬
‫بل النبات الواحد واليوان الواحد والنسان الواحد‪ ..‬كم فيه من معجزات اللق؟‬
‫الزهرة الواحدة البديعة التناسق العجزة التلوين‪ .‬هل يفرغ النسان من تأملها؟‬
‫إن أمهر الصورين وأقدر الرسامي ليعجز عن الحاطة " بالفن " الذي تثله زهرة واحدة من تلك‬
‫الزهور‪.‬‬
‫فإن ما فيها من تعداد اللوان‪ ،‬وتدرجها‪ ،‬وتناسقها‪ ،‬وما فيها من جاذبية للعي والس‪ ،‬زائدا كله عن‬
‫عنصر الضرورة الذي يستلزم أعضاء التذكي وأعضاء التأنيث ول زيادة‪ ..‬إن هذا كله لية تبهر‬
‫النفوس‪.‬‬
‫و " التخصص " الذي ييز عضوا من عضو ف كيان النبات الذر والساق والوراق والزهور‪..‬‬
‫وكلها من حبة واحدة تبدو للعي شيئا واحدا ل تصص فيه ول تييز!‬
‫وعملية التمثيل الضوئي الت تول " طاقة " الشمس إل " مادة "!‬

‫‪285‬‬
‫وتوزع النبات على سطح الرض بسب توزيع الرارة والبودة والفاف والرطوبة‪ ..‬بل بسب‬
‫توزيع النور والظلم! فقد أثبت العلم أن " اختلف الليل والنهار " بعن انتظام دورتما الت يلف‬
‫فيها أحدها الخر‪ ،‬وبعن اختلف طولما كذلك‪ ..‬هو الذي يوزع النبات على سطح الرض!‬
‫فلكل نبات زهرة‪ .‬والزهرة تتكون ف فترة الظلم ل ف فترة النهار! وكل زهرة تتاج إل فترة معينة‬
‫من الظلم حت تطلع! ومن ث تتوزع أنواع النبات على أطوال الليل والنهار بسب حاجة كل زهرة‬
‫إل الظلم! وإذا أخذت نباتا يتاج إل ظلمة اثنت عشرة ساعة لكي يزهر‪ ،‬وزرعته ف مكان ليله ل‬
‫يزيد عن عشر ساعات‪ ،‬فإنه قد ينبت‪ ،‬ولكنه ل يزهر‪ ،‬ومن ث ل يصل إل الثار!‬
‫واليوان الواحد كم فيه من موافقات عجيبة ومعجزات؟!‬
‫الواس وحدها معجزة‪ .‬واللد والشعر معجزة‪ .‬والنياب والظافر معجزة‪ .‬وجهاز الضم والتنفس‬
‫والنسال كلها معجزات‪.‬‬
‫كل عضو مصص لوظيفة‪ .‬وهي كلها ف الصل بويضة واحدة أو حيوان منوي ‪ -‬ف رأي العي ‪-‬‬
‫غي ميز الجزاء‪.‬‬
‫والنسان‪ ..‬قمة الياة على سطح الرض وسيد الخلوقات فيها‪ ..‬كم معجزة ف خلقه؟‬
‫ودعك من خواصه " اليوانية " كلها‪ ،‬وإن كان ف كل منها ما يي العقل ويذهل الفكر‪ ،‬من شدة‬
‫الدقة وعجيب التناسق وعظمة القدرة الت تيئ لكل خلق ما يصلح له وما يعينه على أداء وظيفته‪.‬‬
‫ودعك من أن هذه الصائص الت يشترك فيها مع اليوان قد ارتفعت ف النسان وصارت أروع‬
‫وأعجب وأدق وأكمل‪.‬‬
‫وانظر ف خصائصه الت تفرد با وتيز على كل اللق‪ .‬انظر إل عقله وانظر إل روحه‪ .‬أي إعجاز‪.‬‬
‫أي إعجاز!‬
‫ما العقل؟ كيف يفكر؟ كيف يصل إل القائق؟ كيف يرتب بعضها على بعض ويستنبط بعضها من‬
‫بعض؟‬
‫وما التفكي؟ كهرباء هو أم مادة؟ أم طاقة؟ وكيف تيزت عن الطاقات الخرى كلها وتفردت عنها؟‬
‫وما الروح؟ ذلك الجهول؟‬
‫كيف يتسن للنسان الضعيف القوة‪ ،‬الحدود الطاقة‪ ،‬الحدود مدى الواس‪ ،‬أن يتصل بالجهول‬
‫العظم ويقبس منه قبسات؟‬
‫كيف يدث التليباثي (التخاطر من بعد) كما حدث لعمر بن الطاب حي صاح يا سارية البل!‬
‫وسعه سارية على بعد ألوف الميال؟‬
‫كيف يدث اللم التنبئي الذي يكشف جانبا من الجهول الذي ل يدث بعد ف ميط الواس؟‬
‫بل كيف يدث " العلوم " من حب وكره‪ ،‬ونسيان وتذكر‪ ،‬وخصام وألفة‪ ،‬ونثر وشعر‪ ،‬وعمل‬
‫وتفكي؟‬
‫***‬

‫‪286‬‬
‫بل نرجع إل الوراء خطوة لنسأل‪:‬‬
‫ما تلك القوة العجيبة الكامنة ف البذرة‪ ،‬فإذا هي تنمو‪ ،‬وإذا هي ترج شطئا ينفذ من باطن الرض‬
‫بقوة ليظهر على السطح‪ ،‬ث يطول ويورق ويزهر ويثمر ث يوت؟‬
‫وما تلك القوة العجيبة الكامنة ف البويضة واليوان النوي‪ ،‬فإذا لقاؤها العجزة الكبى الت تنشئ‬
‫الياة؟‬
‫بل ما تلك القوة الكامنة ف اللية الية‪ .‬اللية الفردة الواحدة الت بدأت الياة منها على سطح‬
‫الرض؟‬
‫بل ما تلك القوة العجيبة الكامنة ف اللية الامدة أو الت تال جامدة ف " الذرة " الجسمة ف الادة‪،‬‬
‫أو النطلقة ف الشعاع‪.‬‬
‫هل يعرف النسان ما تلك القوة أو يلك أن يصل إل السرار؟‬
‫***‬
‫ذلك مبلغ النسان من " العلم " ومبلغه من " القيقة "‪.‬‬
‫ومع ذلك ل يعرف قدر نفسه‪ ،‬ويروح يشطح ف الفاق‪.‬‬
‫يريد أن يعرف " القيقة " الكبى‪ .‬يريد أن ييط بذات ال‪ .‬فهل يقدر؟‬
‫هب أن أحدا ل ينعه ول ينهه من التفكي‪ ..‬فكيف يصل؟ بأية أداة وأية وسيلة؟‬
‫العقل؟‬
‫أو ليس العقل ذاته هو الذي قال للنسان‪ :‬إن الحدود ل ييط بغي الحدود‪ ،‬والفان ل ييط بكن‬
‫ل يدركه الفناء‪.‬‬
‫فيم إذن تسخي العقل فيما يقول العقل ذاته إنه مستحيل؟‬
‫وهل وصل الناس إل شيء حي سخروا عقولم لذلك البحث الستحيل؟‬
‫هل وصلت " الفلسفة " ف جيع أطوارها وجيع ماولتا إل حقيقة واحدة مستقرة تكشف للناس‬
‫عن الجهول؟ أم باءت كلها بالفشل الازم والعجز الحتوم!‬
‫وهل هذه التخبطات الت كتبها الفلسفة ف شأن ال حقيقة بأن ينظر إليها عاقل ويوليها شيئا من‬
‫اهتمامه؟‬
‫وفيم هذا العناء كله؟! ما وراء النطح ف الصخرة الت تطم الرءوس؟!‬
‫أيريد أن " يصل " إل ال؟ سبحان ال! فما له ل يصل عن الطريق العبد الفتوح؟ ما له يلف ويدور‪،‬‬
‫ويعود " كالخووت " الذي ركبه البال!‬
‫يريد أن يصل إل ال؟ أما يس ف أعماق نفسه السبيل؟ أما يترك العنان للفطرة وهي تصل به إل‬
‫هناك؟ أما يدع روحه تلق وحدها‪ ،‬عارفة طريقها إل النور الذي قبست منه وهي كائنة ف علم ال‬
‫منذ الزال والباد‪..‬؟‬
‫الطريق هو اليان!‬

‫‪287‬‬
‫والفطرة تعرف الطريق!‬
‫وما يتاج النسان إل إل أن يدع فطرته على سجيتها‪ .‬ل يكبلها بقيود مصطنعة من فلسفة منحرفة‬
‫أو علم فطي‪ .‬ول يغشيها بركام الشهوات الغليظة والنوات الابطة الت تجب شفافيتها وتنع عنها‬
‫النور‪.‬‬
‫وهي وحدها تديه إل ال‪ ..‬لن ال فطرها على الدى إليه!‬
‫وإن أراد عونا للفطرة وهي ف الطريق إل ال‪ ..‬فليكن ذلك العون الكب هو تدبر آيات اللق‪،‬‬
‫والبحث عن آيات القدرة ف صفحة الكون الافلة بالعجزات‪.‬‬
‫فذلك هو الذي يطيقه‪ .‬وذلك هو الذي يعينه على السبيل‪.‬‬
‫ف اللّيْ ِل وَالّنهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الَْألْبَابِ الّذِي َن يَذْ ُكرُونَ الّلهَ‬ ‫ت وَالَْأ ْرضِ وَاخْتِل ِ‬ ‫(إِنّ فِي َخلْقِ السّمَاوَا ِ‬
‫ِقيَاما َوُقعُودا َو َعلَى ُجنُوِبهِ ْم وَيََتفَ ّكرُونَ فِي َخلْ ِق السّمَاوَاتِ وَالَْأ ْرضِ َربّنَا مَا َخَل ْقتَ هَذَا بَاطِلً‬
‫سُْبحَاَنكَ َفقِنَا عَذَابَ النّارِ) [‪.]37‬‬
‫وآيات ال ف الكون عميقة الغور جدا‪ ،‬وهي ف الوقت ذاته معروضة ف وضوح ويسر لكل عي‬
‫متفتحة وكل قلب طليق‪.‬‬
‫(وَُيرِيكُمْ آيَاِتهِ فََأيّ آيَاتِ الّلهِ تُنْ ِكرُونَ) [‪.]38‬‬
‫إن الكون كله آية ال‪ .‬وف كل شيء منه آية لن أراد التذكر أو ألقى السمع وهو شهيد‪.‬‬
‫الليل والنهار‪ .‬الشمس والقمر والفلك‪ .‬السحاب والطر‪ .‬النبتة الية الارجة من البة اليتة (ف‬
‫ظاهر العي) والطام اليت الذي ينتهي إليه النبات الي‪ .‬الرض " اليتة " الت ترج الياة والياة‬
‫الت تفضي ف الحياء جيعا إل الوت‪ .‬النسان الذي صوره ال فأحسن تصويره‪ .‬الرض الت بث‬
‫فيها من كل دابة‪ .‬التوافق بي الياة والحياء يبدو ف الشعة الكونية الت يرسلها الفضاء للرض فل‬
‫تقوم بدونا الياة‪ ،‬كما يبدو ف النسب الضبوطة من البحر واليابس‪ ،‬والكسجي واليدروجي‬
‫والنتروجي‪ ..‬ومدى صلبة القشرة الرضية‪ ،‬ومدى تأثر الرض بالاذبية‪ ،‬ومدى بعدها عن الشمس‬
‫ومدى سرعتها أمامها‪ ..‬إل آخر هذه الوافقات‪.‬‬
‫والرسول الكري صلى ال عليه وسلم يدعو الناس إل تدبر آيات ال ف اللق‪ .‬والقرآن الكري يفصل‬
‫هذه اليات تفصيلً‪ ،‬ل تكاد سورة واحدة تلو من ذكر آية منها أو آيات‪..‬‬
‫ت مِنَ الْحَ ّي ذَِلكُمُ الّلهُ فَأَنّى‬ ‫خرِجُ اْلمَّي ِ‬ ‫ت َومُ ْ‬ ‫حيّ مِ َن الْمَّي ِ‬ ‫ج الْ َ‬
‫خرِ ُ‬
‫ب وَالّنوَى يُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫(إِنّ الّلهَ فَالِقُ الْ َ‬
‫سبَانا ذَِلكَ َتقْدِيرُ اْل َعزِيزِ اْلعَلِي ِم َو ُهوَ‬‫س وَاْلقَ َمرَ حُ ْ‬ ‫ح وَ َجعَلَ اللّيْ َل سَكَنا وَالشّ ْم َ‬ ‫ُتؤَْفكُونَ فَالِ ُق الِْإصْبَا ِ‬
‫حرِ قَدْ َفصّ ْلنَا الْآياتِ ِل َق ْومٍ َيعْلَمُو َن َو ُهوَ الّذِي‬ ‫الّذِي َجعَلَ لَ ُكمُ النّجُومَ لَِتهْتَدُوا ِبهَا فِي ُظلُمَاتِ اْلَب ّر وَاْلبَ ْ‬
‫سَتقَ ّر َومُسَْت ْودَعٌ قَ ْد َفصّلْنَا الْآياتِ ِل َق ْومٍ َي ْف َقهُو َن َو ُهوَ الّذِي أَْنزَ َل مِنَ‬
‫س وَاحِ َدةٍ فَمُ ْ‬‫أَْنشَأَكُ ْم مِنْ َنفْ ٍ‬
‫ج مِْنهُ َحبّا مَُترَاكِبا َومِنَ النّخْ ِل مِنْ‬ ‫خرِ ُ‬‫السّمَا ِء مَاءً فََأ ْخرَجْنَا ِبهِ نَبَاتَ كُلّ شَ ْيءٍ فََأ ْخرَجْنَا مِْنهُ َخضِرا ُن ْ‬
‫ب وَالزّْيتُو َن وَال ّرمّا َن مُشْتَبِها َو َغْيرَ مَُتشَاِبهٍ انْ ُظرُوا إِلَى ثَ َم ِرهِ ِإذَا َأثْ َمرَ‬
‫ت مِنْ َأعْنَا ٍ‬ ‫طَ ْل ِعهَا ِقْنوَا ٌن دَانِيَ ٌة َوجَنّا ٍ‬
‫وَيَْن ِعهِ إِنّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ ِل َق ْومٍ ُي ْؤمِنُونَ) [‪.]39‬‬

‫‪288‬‬
‫حرِ بِمَا يَْنفَ ُع‬‫جرِي فِي اْلبَ ْ‬ ‫ف اللّيْ ِل وَالّنهَا ِر وَاْلفُ ْلكِ الّتِي تَ ْ‬ ‫ت وَالَْأ ْرضِ وَاخْتِل ِ‬ ‫(إِنّ فِي َخلْقِ السّمَاوَا ِ‬
‫صرِيفِ‬ ‫س َومَا َأْنزَلَ الّلهُ مِ َن السّمَاءِ مِ ْن مَاءٍ فَأَحْيَا ِبهِ الَْأ ْرضَ َبعْ َد َموِْتهَا وََبثّ فِيهَا مِنْ كُ ّل دَابّ ٍة وََت ْ‬ ‫النّا َ‬
‫خرِ َبيْنَ السّمَا ِء وَالَْأ ْرضِ لَآياتٍ ِل َقوْمٍ َي ْعقِلُونَ) [‪.]40‬‬ ‫ح وَالسّحَابِ الْمُسَ ّ‬ ‫الرّيَا ِ‬
‫س ُقطُ مِ ْن َورََقةٍ إِلّا َي ْعلَ ُمهَا وَل‬ ‫ح ِر َومَا تَ ْ‬ ‫( َوعِنْ َدهُ َمفَاتِ ُح اْلغَْيبِ ل َيعْلَ ُمهَا ِإلّا ُهوَ َوَيعْلَ ُم مَا فِي الَْب ّر وَالْبَ ْ‬
‫ب مُِبيٍ) [‪.]41‬‬ ‫ض وَل رَ ْطبٍ وَل يَاِبسٍ إِلّا فِي كِتَا ٍ‬ ‫حَبّةٍ فِي ُظلُمَاتِ الَْأ ْر ِ‬
‫شرُو َن َومِنْ آيَاِتهِ أَ ْن خَلَ َق لَكُ ْم مِنْ أَْنفُسِكُمْ‬ ‫شرٌ تَْنتَ ِ‬
‫(وَمِنْ آيَاِتهِ أَنْ َخَلقَكُ ْم مِنْ ُترَابٍ ثُمّ ِإذَا َأنْتُ ْم بَ َ‬
‫سكُنُوا ِإلَْيهَا وَ َجعَلَ َبيْنَكُ ْم َم َو ّدةً َورَحْ َمةً إِنّ فِي ذَِلكَ لَآياتٍ ِل َقوْمٍ يََتفَ ّكرُو َن َومِنْ آيَاِتهِ خَلْقُ‬ ‫َأ ْزوَاجا لِتَ ْ‬
‫ي َومِنْ آيَاِت ِه مَنَامُكُمْ‬ ‫ت وَالَْأ ْرضِ وَاخْتِلفُ أَْلسَِنتِكُ ْم وَأَْلوَانِكُمْ إِنّ فِي ذَِلكَ لَآياتٍ لِ ْلعَالِ ِم َ‬ ‫السّمَاوَا ِ‬
‫بِاللّْي ِل وَالّنهَارِ وَابِْتغَاؤُكُ ْم مِنْ َفضِْلهِ إِنّ فِي ذَِلكَ لَآياتٍ ِل َق ْومٍ َيسْ َمعُونَ َومِنْ آيَاِتهِ ُيرِيكُمُ اْلَبرْقَ َخوْفا‬
‫وَطَمَعا َويَُنزّ ُل مِنَ السّمَاءِ مَاءً َفيُحْيِي ِبهِ الَْأ ْرضَ َبعْ َد َموِْتهَا إِنّ فِي ذَِلكَ لَآياتٍ ِل َق ْومٍ َي ْعقِلُو َن َومِنْ آيَاِتهِ‬
‫خرُجُو َن وََل ُه مَنْ فِي‬ ‫أَنْ َتقُومَ السّمَاءُ وَالَْأ ْرضُ بَِأ ْمرِهِ ثُمّ ِإذَا َدعَاكُ ْم َد ْع َوةً مِ َن الَْأ ْرضِ ِإذَا أَْنتُمْ تَ ْ‬
‫ت وَالَْأ ْرضِ كُ ّل َلهُ قَانِتُو َن َو ُهوَ الّذِي َيبْدأُ الْخَ ْلقَ ثُمّ ُيعِي ُد ُه َو ُهوَ َأ ْهوَنُ َعلَْي ِه وََلهُ الْ َمثَلُ الَْأ ْعلَى‬ ‫السّمَاوَا ِ‬
‫حكِيمُ) [‪.]42‬‬ ‫ض َو ُهوَ اْل َعزِيزُ الْ َ‬‫فِي السّمَاوَاتِ وَالَْأ ْر ِ‬
‫ت مِنْ نَخِيلٍ‬ ‫(وَآَيةٌ َلهُمُ الَْأ ْرضُ الْمَْيتَةُ أَ ْحيَْينَاهَا وَأَ ْخرَ ْجنَا مِْنهَا حَبّا فَمِْنهُ يَأْ ُكلُو َن وَ َجعَلْنَا فِيهَا جَنّا ٍ‬
‫جرْنَا فِيهَا مِنَ اْلعُيُونِ لِيَأْ ُكلُوا مِنْ ثَ َم ِر ِه َومَا عَ ِملَْتهُ أَيْدِيهِمْ أَفَل َيشْ ُكرُونَ سُبْحَانَ الّذِي َخلَقَ‬ ‫ب وَفَ ّ‬‫وََأعْنَا ٍ‬
‫سلَ ُخ مِْنهُ الّنهَارَ فَِإذَا هُمْ‬ ‫سهِ ْم َومِمّا ل َيعَْلمُونَ وَآَيةٌ َلهُمُ اللّيْ ُل نَ ْ‬ ‫الَْأ ْزوَاجَ كُّلهَا مِمّا تُنِْبتُ الَْأ ْرضُ َومِنْ أَْنفُ ِ‬
‫جرِي لِ ُمسَْت َقرّ َلهَا ذَِلكَ َتقْدِيرُ اْل َعزِيزِ اْلعَلِي ِم وَاْلقَ َمرَ قَ ّدرْنَا ُه مَنَازِلَ َحتّى عَادَ‬ ‫مُظْلِمُو َن وَالشّ ْمسُ تَ ْ‬
‫كَاْل ُعرْجُونِ اْلقَدِيِ ل الشّ ْمسُ َينَْبغِي َلهَا أَنْ تُ ْدرِ َك اْلقَ َمرَ وَل اللّيْلُ سَابِ ُق الّنهَا ِر وَكُلّ فِي فََلكٍ َيسْبَحُونَ‬
‫شحُونِ َوخََلقْنَا َلهُمْ مِ ْن مِْثِلهِ مَا َيرْ َكبُونَ وَإِ ْن نَشَأْ ُن ْغرِ ْقهُمْ فَل‬ ‫وَآيَةٌ َلهُمْ َأنّا حَ َملْنَا ُذرّيَّتهُ ْم فِي اْلفُ ْلكِ الْمَ ْ‬
‫صرِيخَ َلهُ ْم وَل هُمْ يُْنقَذُونَ إِلّا َرحْمَ ًة مِنّا َومَتَاعا ِإلَى ِحيٍ) [‪.]43‬‬ ‫َ‬
‫وهكذا‪ ,‬وهكذا ل تلو سورة من إشارة عابرة أو مفصلة ليات القدرة القادرة البدعة العجزة الدبرة‬
‫الريدة‪.‬‬
‫وال هو فاطر هذه النفس البشرية العال بدروبا ومنسرباتا‪ ،‬وبا يصلحها وما يصلح لا‪ .‬وقد اقتضت‬
‫حكمته أن تكون الفطرة ذاتا مهتدية إل ال‪ ،‬بالطريقة الفية الت هدى با كل شيء إليه‪َ( :‬أعْطَى‬
‫كُلّ شَ ْيءٍ َخ ْلقَهُ ثُ ّم هَدَى) [‪ ]44‬دونا كد ول جهد ول عناء ف الهتداء إليه‪ ،‬كما يسي الكهرب‬
‫ف الذرة ف مساره الرسوم‪ ،‬وتسي الذرة ف مادتا ف مسارها الرسوم‪ ،‬وتسي الرض والكواكب‬
‫والفلك ف مسارها الرسوم‪ ،‬ل تمل عناء السي‪ ،‬ول تشق نفسها ف استكناهه‪ ،‬وإنا تسلم نفسها‬
‫ل العزيز العليم‪..‬‬
‫كما اقتضت حكمته ‪ -‬وقد خلق للنسان عقلً ميزه به من سائر اللق الذي نعرفه ‪ -‬أن يكون دور‬
‫العقل الواعي ف الهتداء إل ال مساندة الفطرة الفية السارب‪ ،‬و " توعية " مسارها (أي جعله‬

‫‪289‬‬
‫واعيا واضحا مفهوما)؛ ورسم لذلك منهجا واضحا وطريقا مستقيما‪ ..‬هو تدبر آيات ال ف‬
‫الكون‪.‬‬
‫وحقا إنه لكذلك‪ ..‬فما يتدبر النسان هذه اليات بوعي يقظ وقلب متفتح إل هدته من فورها إل‬
‫ال‪ ،‬خالق الكون والياة‪.‬‬
‫ول يكلف ال نفسا إل وسعها‪ ..‬إن ال ل يكلف الناس أن يبحثوا ف ذاته سبحانه‪ .‬ل يكلفهم الهد‬
‫الذي يعلم ‪ -‬سبحانه ‪ -‬أنم لن يقدروا عليه قط‪ ،‬وأن قصارى ما يدث لم حي ياولون أن تنفجر‬
‫طاقتهم وتتبدد‪ ،‬كما تنفجر طاقة الذرة الت انرفت عن مسارها‪ ،‬فتتحطم وتطم ما تلقاه ف الطريق!‬
‫وحي نى الرسول الكري أتباعه عن أن يفكروا ف ذات ال كيل يهلكوا‪ ،‬ل يكن صلى ال عليه‬
‫وسلم يجر على تفكيهم أو يضع عليهم القيود‪.‬‬
‫كل! إنا كان يوفر جهدهم للنافع من العمال‪ .‬كان يصون هذا الهد أن يتبدد سدى‪ ،‬ويؤدي إل‬
‫الضلل‪ .‬كان يريد للناس أن ينفقوا طاقتهم ‪ -‬بعد أن يقضوا حظهم من تدبر آيات ال ف الكون‬
‫والهتداء إليه ‪ -‬ف تعمي الرض وزيادة " النتاج "‪ .‬النتاج بعناه الواسع الشامل العميق‪ .‬النتاج‬
‫الروحي والفكري والادي‪ .‬ف ميدان العقيدة وميدان الهاد وميدان العمل بعناه الصطلحي‬
‫الفهوم‪.‬‬
‫ولقد حدث ذلك بالفعل‪...‬‬
‫حي صان السلمون طاقتهم أن تتبدد وتنفجر وتتناثر ف أودية الضلل‪ ..‬كان لم إنتاج ضخم‪ ،‬هو‬
‫أكب إنتاج ف التاريخ حي يقاس بقياس الزمن ومقياس الرقعة ومقياس القيم ومقياس الضارة الادية‬
‫ومقياس العلم‪ ..‬وكل مقياس يصلح للقياس‪.‬‬
‫ففي فترة قصية ل مثيل لا ف التاريخ امتد العال السلمي من الحيط إل الحيط‪ ،‬وامتدت معه‬
‫مبادئ السلم الشاملة للسماء والرض و العمل والعبادة والدنيا والخرة‪ .‬وقامت " نظم " للحكم‬
‫والسياسة والال والقتصاد غي مسبوقة من قبل‪ ،‬تمل ف أطوائها العدالة الجتماعية‪ ،‬وتنشئ متمعا‬
‫مترابطا متكافلً متحابا متوادا ظل ألف سنة على ترابطه وتكافله حت بعد أن فسدت الكومات‬
‫وابتعدت عن روح الدين‪ .‬وامتص السلم كل ما وجده نافعا من الضارات الادية السابقة له‬
‫والعاصرة له‪ ،‬ث أعطاها الياة‪ ..‬فانطلقت تعمل ف تعمي الرض وقد اصطبغت بصبغة السلم‬
‫وتشربت روحه‪ ،‬فصارت تعمل ف الرض وهي تتجه إل السماء‪ .‬وتبن السلم كل ما وجده من‬
‫العلم لدى الغريق والنود ‪ -‬من طب وفلك ورياضة وطبيعة وكيمياء‪ ..‬إل‪ ،‬ث أضاف إليه إضافات‬
‫شت بيويته وقوته الدافقة الدافعة إل المام‪..‬‬
‫ول يكن " الفكر " السلمي عاطلً ول مجورا عليه‪ .‬وإنا كان ‪ -‬فيما عدا القلة الشاذة الت‬
‫انرفت بتأثي الفلسفة الغريقية بعض النراف (ل كله) ‪ -‬يتجه إل خي الناس ف الرض‪ ،‬ويسعى‬
‫إل سعادتم بكل وسائل السعي‪ .‬ويرى أنه حي يبحث ف العلوم ‪ -‬البحتة أو التطبيقية ‪ -‬وحي‬
‫يتعمق ف الفقه الذي يشمل سياسة الكم وسياسة القتصاد وموقف الفرد وموقف الدولة وموقف‬

‫‪290‬‬
‫الجتمع وعلقات بعضهم ببعض ف كل صغية وكبية من شئون الياة اليومية والياة العامة‪ ،‬كما‬
‫يشمل العبادات بكل تفريعاتا‪ ،‬وحي يعمل ف ميدان المال الفن ف صوره الت كانت ميسرة لم‬
‫من رسم وزخرفة وعمارة وشعر ونثر‪ ..‬إل يكون قد قام بواجبه المثل وحقق وجوده الكامل‪ .‬وأنه‬
‫ترجم التدبر ف آيات ال إل فكر نافع وعمل نافع وقيم حية متحركة ف واقع الرض‪ ،‬ل ف البراج‬
‫العاجية‪ ،‬ول ف عال الثاليات‪.‬‬
‫وكان ناجحا ف رسالته الت استمدها من كتاب ال وسنة رسوله‪.‬‬
‫***‬
‫ولكننا نقلب صفحة أخرى لقوم ل ينتصحوا بنصيحة ال والرسول‪..‬‬
‫قوم ف أوربا راحوا ينفقون طاقة علمائهم ومفكريهم ف البحث ف ذات ال وما أشبه ذلك من‬
‫المور‪.‬‬
‫ونعرض لنتاجهم الفكري ف هذا الباب عرضا " موضوعيًا " فنجد ل شيء!‬
‫ومن كان ف شك من ذلك فليقرأ كل ما كتبته الفلسفة ف هذا الوضوع‪ ،‬ث ليسأل نفسه‪ :‬هل زاد‬
‫معرفة بال عن هذا الطريق؟ هل " وضحت " له العال؟ هل " وصل " إل شيء ل يكن يصل إليه‬
‫وهو يتدبر آيات ال ف الكون ويفتح بصيته على القدرة العجزة ف كل اتاه؟‬
‫أم العكس هو الصحيح؟ اختلطت ف ذهنه الشيات واللمح‪ ،‬والتصورات والفكار؟ وتاه ف ميط من‬
‫الدل التناقض الذي ل يركن إل قرار؟!‬
‫صورة ف ذهن تتمثل لعمل أولئك الفلسفة! تلك مرآة لمعة يبصر فيها النسان وجهه بكل دقائقه‪،‬‬
‫ولكن فيها قطعة " مغبشة " هنا أو قطعة مطموسة هناك‪ ،‬فيوح هذا " الفيلسوف " ياول أن "‬
‫يلوها " فيمسح بأصابعه وجه الرآة‪ ،‬فإذا القذر من أصابعه قد غبش الصفحة كلها‪ ،‬وإذا الصورة الت‬
‫كانت واضحة ل تعد تبي!‬
‫ودعك من القيمة الوضوعية لذه الفكار‪ ،‬وانظر كيف كانت النتيجة‪ ..‬كيف كان عاقبة الذين أبوا‬
‫أن ينتصحوا بأمر ال ويهتدوا بسنة رسوله‪.‬‬
‫لقد " حلق " الفكرون والفلسفة ف أبراجهم العاجية وتركوا الناس ف الرض‪ ..‬تركوا الناس‬
‫يأكلهم الظلم والقطاع والهل والمود والتفكك‪ .‬فهذه الظال ترتكب كل يوم‪ ،‬والكادحون‬
‫تُمتص دماؤهم وهم صاغرون مغلوبون على أمرهم‪ ..‬بينما السادة الفكرون ف جدل أخرق ل هو‬
‫يهتدي إل نتيجة‪ ،‬ول هو ينل إل الرض ليى آلم الناس وياول أن يبحث لم عن علج‪..‬‬
‫وكفر الناس‪ ..‬وحق لم أن يكفروا‪..‬‬
‫كفروا بالفلسفة " الثالية " الت تلق ف عال اليال وعال الثل‪ ،‬وتترك واقع الرض النت ينغل فيه‬
‫الدود‪..‬‬
‫وقاموا يطمون هذه " الثالية " التعفنة الت ل قلب لا ول ضمي‪.‬‬
‫ومع الثالية الاوية حطموا ‪ -‬مع السف ‪ -‬فكرة ال والعقيدة‪.‬‬

‫‪291‬‬
‫حطموها‪ ،‬لن هذه الثالية كانت تدور حول فكرة ال‪ ،‬وتزعم أنا تصل إل " جوهر " العقيدة‪.‬‬
‫وعلى أنقاض فكرة ال والعقيدة‪ ،‬وأنقاض الفلسفة الثالية الاوية قامت فلسفة مادية جاحدة ل تعرف‬
‫ال ول تؤمن بالعقيدة‪.‬‬
‫وتشعبت تلك الفلسفة حت شلت كل جوانب الياة‪..‬‬
‫دارون‪ ،‬وماركس‪ ،‬وفرويد‪ ،‬والتجريبيون والسلوكيون‪ ..‬التفسي الادي والتفسي القتصادي‬
‫للتاريخ‪ ..‬والوجودية والنللية واللدينية والل خلقية والل‪ ..‬إنسانية!‬
‫ومضت أوربا ف طريقها الجنون الذي ل ينتج إل الدماء ف ناية الطريق‪.‬‬
‫إن أوربا ل تتقدم ف ميدان العلم والعمل إل حي أخذت بشق من نصيحة الرسول الكري‪ ،‬فانتبذت‬
‫التفكي ف ذات ال‪ ،‬ووجهت طاقتها لتعمي الرض ف واقع الياة‪ ..‬وخطت خطوات جبارة ف هذا‬
‫السبيل‪.‬‬
‫ولكنها ‪ -‬مع السف ‪ -‬ل تأخذ نصيحة الرسول كاملة‪ ،‬ول تتد بديه السليم‪ .‬ل تأخذ منها عبادة‬
‫ال‪ ،‬والتوجه إل ال‪.‬‬
‫ومن ث انطلقت ‪ -‬بقوتا الادية الائلة النامية التزايدة ‪ -‬انطلقت تعبد الشيطان‪.‬‬
‫سبُونَ َأّنهُ ْم ُمهْتَدُونَ)!‬
‫(وَيَحْ َ‬
‫حنُ ُمصْلِحُونَ)!‬
‫(وَإِذَا قِي َل َلهُمْ ل ُتفْسِدُوا فِي الَْأ ْرضِ قَالُوا ِإنّمَا نَ ْ‬
‫وكانت النتيجة هي القوة الادية الائلة الت تتمتع با أوربا‪ ،‬والضلل البي الذي تغرق فيه‪.‬‬
‫الرأسالية هنا والشيوعية هناك‪..‬‬
‫كلها انراف عن استقامة البشرية‪ ،‬وكلها قائم على أسس مادية خالصة ل تؤمن بال اليان‬
‫الق‪ .‬ول تكمه ف أمر من أمور البشرية‪.‬‬
‫القيقة عندهم هي ما تستطيع الواس أن تدركه‪ .‬وكل ما ل تستطيع الواس إدراكه فهو ساقط من‬
‫الساب‪.‬‬
‫وأمور العقيدة ف عال الغرب الرأسال أمور " تستعمل من الظاهر " وليس لا ف واقع الياة نصيب‪.‬‬
‫ل ف التوزيع القتصادي العادل الذي يرضي ال ورسوله‪ ،‬والذي ل يكون فيه الال " دولة بي‬
‫الغنياء منكم " ول ف الخلق الت ترفع النسان عن مقاذر الشهوة وحيوانية الغريزة‪.‬‬
‫وأمور العقيدة ف الشرق الشيوعي مصادرة بأمر الدولة‪ ،‬حت يكون الولء كله " للدولة "‪ .‬وحي‬
‫رفع الظر هناك عن الدين والعقيدة ‪ -‬لسباب سياسية‪ ،‬للدعاية ف الشرق السلمي خاصة ‪ -‬فقد‬
‫رفع بعد أن صار اللاد يدرس رسيا ف الدارس‪ ،‬وتدعو له الكتب والصحافة والسينما والذاعة‬
‫وكل وسائل الدعاية‪ ،‬وصار الشباب الذي ترب ف ظل الذهب مصنا ضد " جرثومة " الدين!‬
‫والنتيجة الخية هي هذا الصراع الدمر الرهيب بي الشرق والغرب‪ ،‬وبي كل قوى الرض‪.‬‬
‫حربان ف ربع قرن‪ ..‬والثالثة على البواب!‬

‫‪292‬‬
‫ما أحوج الناس إل حكمة الرسول الكري صلى ال عليه وسلم‪( ..‬وََلوْ أَنّ َأهْ َل اْل ُقرَى آمَنُوا وَاّت َقوْا‬
‫حنَا عََلْيهِمْ َبرَكَاتٍ مِ َن السّمَاءِ وَالَْأ ْرضِ)‪.‬‬
‫َلفَتَ ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫* عن ابن عباس رضي ال عنهما " تفكروا ف خلق ال ول تفكروا ف ال "‪.‬‬
‫[‪ ]34‬عن كتاب " مع ال ف السماء " تأليف الدكتور أحد زكي‪.‬‬
‫[‪ ]35‬عن كتاب " مع ال ف السماء " تأليف الدكتور أحد زكي‪.‬‬
‫[‪ ]36‬الرجع السابق‪.‬‬
‫[‪ ]37‬سورة آل عمران [ ‪.] 191 - 190‬‬
‫[‪ ]38‬سورة غافر [ ‪.] 81‬‬
‫[‪ ]39‬سورة النعام [ ‪.] 99 - 95‬‬
‫[‪ ]40‬سورة البقرة [ ‪.] 164‬‬
‫[‪ ]41‬سورة النعام [ ‪.] 59‬‬
‫[‪ ]42‬سورة الروم [ ‪.] 27 - 20‬‬
‫[‪ ]43‬سورة يس [ ‪.] 44 - 33‬‬
‫[‪ ]44‬سورة طه [ ‪.] 50‬‬
‫===========================‬
‫قَبَسَاتٌ مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )5‬تعبد ال كأنك تراه‬

‫"‪ ..‬قال‪ :‬فأخبن عن الحسان‪ .‬قال أن تعبد ال كأنك تراه‪ ،‬فإن ل تكن تراه فإنه يراك " [‪.]45‬‬
‫***‬
‫الحسان‪ ..‬أن تسن الشيء فتجعله حسنا‪.‬‬
‫والحسان‪ :‬أن تعبد ال كأنك تراه!‬
‫كان السؤال قبل ذلك عن السلم‪ ،‬ث عن اليان‪ .‬السلم درجة واليان بعد ذلك درجة‪ ،‬وهذه‬
‫هي درجة الحسان‪ .‬لكي يكون إسلمك حسنا وإيانك كذلك‪.‬‬
‫تعبد ال كأنك تراه‪..‬‬
‫تعبي عجيب يمل ف بساطته حقيقة هائلة‪.‬‬
‫وأروع ما يروعن ‪ -‬وقد يكون هذا تأثرا ‪ -‬أنه يفاجئك وأنت تقلب وجهك ف الفاق‪ ،‬باحثا عن‬
‫الجابة‪ ،‬يفاجئك بالقبلة الت ينبغي أن تتجه إليها! فإذا أنت ‪ -‬على غي توقّع منك ‪ -‬ترى النور‪..‬‬
‫النور الذي يبهر العي والقلب ويبهر الروح‪.‬‬
‫ترى ال‪...‬‬

‫‪293‬‬
‫(الّلهُ نُو ُر السّمَاوَاتِ وَالَْأ ْرضِ‪ ...‬نُورٌ َعلَى نُورٍ َيهْدِي الّلهُ ِلنُو ِرهِ مَنْ َيشَاءُ َوَيضْ ِربُ الّلهُ الَْأمْثَا َل لِلنّاسِ‬
‫وَالّلهُ بِكُلّ شَ ْي ٍء عَلِيمٌ)‪.‬‬
‫***‬
‫القاعدة الكبى الت يقيم عليها السلم بناءه كله‪ :‬هي أن تعبد ال كأنك تراه‪.‬‬
‫يقيم عليها نظمه جيعا‪ ،‬وتشريعاته وتوجيهاته جيعا‪..‬‬
‫نظام السياسة‪ .‬نظام القتصاد‪ .‬نظام الجتمع‪ .‬موقف الفرد من الدولة وموقف الدولة من الفرد‪ .‬نظام‬
‫السرة‪ .‬معاملت الفراد‪ ،‬معاملت الدول ف السلم وف الرب‪ ..‬كل شيء ف هذه الياة!‬
‫ولقد يطر للنسان ‪ -‬أول ما يطر ‪ -‬أن هذه عبادة! أليست هي‪ :‬أن " تعبد ال "؟!‬
‫بل قد يطر للنسان أنا العبادة القصوى‪ ،‬الت ينقطع فيها النسان عن كل شيء ف الياة‪ ،‬ليخلو إل‬
‫ربه‪ ،‬يلو له بوجدانه وحسه وقلبه‪ ..‬هنالك ف عزلة عن الخرين!‬
‫وإنا لعبادة حقا‪ ،‬ما ف ذلك شك‪ ،‬وإنا لقصى العبادة كذلك‪.‬‬
‫ولكنها ‪ -‬وهي أقصى عبادة العبد للرب ‪ -‬لتعود من عزلتها وخلوتا‪ ،‬فتتسع وتتسع حت تشمل كل‬
‫ميط النسانية!‬
‫بل إنا ‪ -‬منذ لظتها الول‪ ،‬وف خلوتا ‪ -‬لي النور الساطع الذي يضيء جنبات الياة‪ ،‬ف ذات‬
‫اللحظة الت يضيء فيها جنبات النفوس‪.‬‬
‫حقيقة واحدة ظاهرة وباطنة‪ ،‬تشمل الفرد وحده وتشمله ف ميط الماعة‪ ،‬فإذا هي شعور وسلوك‪،‬‬
‫وعبادة وعمل ف آن!!‬
‫السلم كله هذه القيقة‪.‬‬
‫ل والعمل عبادة‪ ،‬والذي يربط النفس والسم‪،‬‬ ‫السلم ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذي يعل العبادة عم ً‬
‫والسماء والرض‪ ،‬والدنيا والخرة كلها ف نظام‪.‬‬
‫***‬
‫تعبد ال كأنك تراه‪..‬‬
‫إنه عال واسع يفيض بالب‪ ،‬ويفيض بالتقوى‪ ،‬ويفيض بالمل‪ ،‬ويفيض بالرهبة‪ ،‬ويفيض بالنور‪.‬‬
‫النسان ف مواجهة موله‪ .‬ف مواجهة الذات العظمى الالقة القاهرة الستعلية الشرفة على جيع‬
‫الكائنات‪ .‬والنور ‪ -‬نور السماوات والرض ‪ -‬يغمره من كل جانب‪ ،‬وينفذ إل أعماقه‪ ،‬فيضيء ثنايا‬
‫قلبه‪ ،‬ويستقر فيه‪.‬‬
‫النسان ف مواجهة موله‪ ...‬بنفسه جيعا‪ .‬بكل جوارحها وكل خلجاتا‪ .‬بظاهرها وباطنها‪،‬‬
‫بدقائقها ولطائفها‪ ،‬بأسرارها وما هو أخفى من السرار‪..‬‬
‫وكلها مكشوفة ل‪ " ..‬فإن ل تكن تراه فإنه يراك "!‬
‫يا ال! إنا الرهبة والقشعريرة تل النفوس‪.‬‬

‫‪294‬‬
‫عي ال البصية النافذة إل كل شيء ف هذا الوجود‪ ،‬إل كل نأمة وكل خاطرة وكل فكرة وكل‬
‫شعور‪ ..‬إنا تراك وترقبك‪ .‬سواء كنت متيقظا لذه الراقبة أم غافلً عنها‪ .‬وسواء أعددت نفسك لا‬
‫أم كنت من العرضي‪.‬‬
‫وإنه لي لك أن ترى ال كما يراك‪ ..‬خي لك أن تتوجه إل حيث ترقبك العي البصية النافذة‪.‬‬
‫فتأمن الفاجأة!‬
‫إنا الرهبة ف الالي‪ ..‬الرهبة ف حضرة الول العزيز العليم القوي البار‪ ..‬ولكنها الرهبة والمل هنا‪،‬‬
‫والرهبة والذعر هناك!‬
‫الرهبة والمل وأنت متوجه إل ال‪ ،‬ملص له قلبك‪ ،‬عامل على رضاه‪..‬‬
‫والرهبة والذعر حي تتوجه بعيدا عنه وهو من ورائك ميط! فخي لك إذن أن تعبد ال كأنك تراه!‬
‫وحي تتوجه إليه بنفسك جيعا‪ ،‬ظاهرها وباطنها‪ ،‬وسرها ونواها‪ ..‬وحي تتوجه إليه وف نفسك‬
‫شعور التقوى الاشعة والرهبة العميقة‪ ..‬فل شك أنك ستنظف نفسك وترص على نظافتها‪.‬‬
‫ل واحدا ل‬ ‫إن ال ل تفى عليه خافية‪ .‬فكيف تستتر منه وأنت مقبل عليه؟ كيف يكن أن تعمل عم ً‬
‫يراه؟‬
‫سهُ َونَحْنُ َأ ْقرَبُ إَِلْيهِ مِنْ َحبْلِ اْل َورِيدِ) [‪َ( ]46‬يعْلَمُ خَائَِنةَ الَْأعْيُ ِن َومَا تُ ْ‬
‫خفِي‬ ‫(وََنعْلَ ُم مَا ُتوَ ْس ِوسُ ِبهِ َنفْ ُ‬
‫خفَى ِمنْكُمْ خَافَِيةٌ) [‪.]49‬‬ ‫سرّ وََأ ْخفَى) [‪َ( ]48‬ي ْومَئِذٍ ُت ْع َرضُونَ ل َت ْ‬ ‫الصّدُورُ) [‪َ( ]47‬ي ْعلَمُ ال ّ‬

‫يا ال! حت خائنة العي! الائنة الت يظن النسان أنه وحده الذي يسها ويعرفها‪ ،‬وأل أحد ف‬
‫الوجود كله يراها أو يفهمها؟‬
‫حت الوسوسة الت ل يطلع عليها أحد‪ ،‬وصاحبها نفسه قد ينساق معها دون أن يتيقظ لا؟‬
‫حت السر‪ .‬بل ما هو أخفى من السر‪ .‬الطرات التائهة ف مسارب النفس‪ ،‬ل تصل إل ظاهر الفكر‪،‬‬
‫ول يتحرك با اللسان للتعبي!‬
‫يا ال! إنه ل ستر إذن ول استخفاء‪.‬‬
‫كل نفسك مكشوفة وأنت مقبل عليه‪ .‬أفل تنظف نفسك إذن قبل التاه‪ .‬أل تزكيها؟‬
‫ب مَ ْن دَسّاهَا)‪.‬‬ ‫س َومَا َسوّاهَا فََأْلهَ َمهَا فُجُو َرهَا وََت ْقوَاهَا قَدْ َأفَْل َح مَنْ زَكّاهَا َوقَدْ خَا َ‬
‫(وََنفْ ٍ‬
‫فأما إن كنت معرضا عنه غي متوجه إليه‪ .‬إن كنت ل تنظف له نفسك ول تزكيها‪ .‬فلن يغي ذلك‬
‫شيئا من المر!‬
‫إنه يراك! يراك بكل ما تصنع بنفسك من " تدسية " ومن سوء‪ .‬يراك ببائثك وأوضارك‪ .‬يعلم خائنة‬
‫العي وما تفي الصدور‪.‬‬
‫يراك‪ .‬فما الفائدة ف التستر والختفاء؟ بل ما الفائدة من العراض والنصراف؟ اللك غي ملك ال‬
‫سبَ الّذِينَ َيعْمَلُو َن السّيّئَاتِ أَنْ‬
‫تذهب؟ و " ِبيَ ِدهِ مََلكُوتُ كُ ّل شَ ْيءٍ وَإَِلْيهِ ُترْ َجعُونَ "؟! " َأمْ حَ ِ‬
‫سِبقُونَا سَا َء مَا يَحْ ُكمُونَ "‪ .‬أم حسبوا أنم معجزون ف الرض؟ أم حسبوا أن يفلتوا من العقاب؟‬ ‫يَ ْ‬

‫‪295‬‬
‫كل! ما شيء من ذلك بستطاع‪ .‬فخي لك أن تراه وهو يراك!‬
‫وإنه ل يكلفك من أمرك رهقا!‬
‫( ُهوَ اجَْتبَاكُ ْم َومَا َجعَ َل عَلَْيكُمْ فِي الدّي ِن مِنْ َحرَجٍ) [‪( .]50‬ل ُيكَلّفُ الّلهُ َنفْسا ِإلّا وُ ْس َعهَا) [‪.]51‬‬
‫(فَاّتقُوا الّل َه مَا اسْتَ َطعْتُمْ‪.]52[ )..‬‬
‫إن رحة ال واسعة‪ .‬وإنه ليعلم ضعف النسان وما ركب ف طبيعته من حب الشهوات‪( :‬زُيّنَ لِلنّاسِ‬
‫س ّومَ ِة وَالْأَْنعَامِ‬
‫ب وَاْل ِفضّ ِة وَالْخَيْ ِل الْمُ َ‬
‫ش َهوَاتِ مِ َن النّسَاءِ وَالَْبِنيَ وَاْلقَنَاطِ ِي الْ ُمقَنْ َط َر ِة مِنَ ال ّذ َه ِ‬ ‫ُحبّ ال ّ‬
‫حرْثِ‪ .]53[ )..‬ويعلم أن الهد شاق والسفر طويل‪.‬‬ ‫وَاْل َ‬
‫لذلك يقول‪ " :‬فَاّتقُوا الّل َه مَا ا ْستَ َطعْتُ ْم "‪..‬‬
‫جبْ لَكُ ْم "‪ .‬ادعون لكل شيء! وادعون ‪ -‬فيما تدعونن إليه ‪ -‬لعينكم على‬ ‫ويقول‪ " :‬ا ْدعُونِي َأسْتَ ِ‬
‫تنظيف أنفسكم من وعثاء الطريق!‬
‫هل جربت أن تستعينه ف هذا المر؟‬
‫صدق ال وصدق وعده الق‪.‬‬
‫ما يتوجه له إنسان يستعينه على نظافة النفس وطهارة القلب‪ ،‬إل استجاب له وأعانه على ما يريد!‬
‫وما هو بسحر ساحر! ولكن هكذا يدث حي يتجه القلب إل ال ويلص ف دعواه‪ .‬إنه يد المر‬
‫عليه هينا‪ ،‬ويد نفسه أكب من الغريات وأقوى من العوقات‪ .‬ويس ‪ -‬إحساسا ملموسا مسما ‪-‬‬
‫أن ال هو الذي يعينه وييسر له السبيل!‬
‫ومع ذلك كله فقد تضعف ف الطريق وتور قواك‪ .‬فهل يلفظك من رحته ويل غضبه عليك؟‬
‫كل! ما دمت ل تنكص على عقبيك ول تتنكب الطريق‪.‬‬
‫إنه يغفر‪ .‬يغفر الذنوب جيعا‪ ،‬وسعت رحته كل شيء‪.‬‬
‫سهُمْ ذَ َكرُوا الّلهَ فَاسَْت ْغ َفرُوا لِذُنُوِبهِمْ‬ ‫حسِِنيَ وَالّذِينَ ِإذَا َفعَلُوا فَاحِشَةً َأوْ َظلَمُوا َأْنفُ َ‬ ‫حبّ الْمُ ْ‬‫(وَالّلهُ ُي ِ‬
‫صرّوا عَلَى مَا َفعَلُوا َوهُمْ َيعْلَمُونَ أُولَِئكَ َجزَا ُؤهُمْ َم ْغ ِفرٌَة مِ ْن رَّبهِمْ‬ ‫َومَنْ َي ْغفِرُ الذّنُوبَ ِإلّا الّل ُه وَلَمْ ُي ِ‬
‫حِتهَا الَْأْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَِنعْمَ أَ ْجرُ اْلعَامِِليَ) [‪]54‬‬ ‫جرِي مِنْ تَ ْ‬ ‫وَجَنّاتٌ َت ْ‬
‫ت وَكَانَ الّل ُه َغفُورا رَحِيما)‬ ‫ل صَالِحا فَأُولَِئكَ يَُبدّلُ الّلهُ سَيّئَاِتهِمْ َحسَنَا ٍ‬ ‫ب وَآمَ َن َوعَمِ َل عَمَ ً‬ ‫(إِلّا مَنْ تَا َ‬
‫[‪.]55‬‬
‫سهِمْ ل َتقَْنطُوا مِ ْن رَحْمَ ِة الّلهِ إِ ّن الّلهَ َي ْغ ِفرُ الذّنُوبَ جَمِيعا) [‬ ‫(قُلْ يَا ِعبَا ِديَ الّذِينَ َأ ْسرَفُوا َعلَى أَْنفُ ِ‬
‫‪]56‬‬
‫كل! لن يلفظك من رحته ما دمت باقيا على الطريق‪ .‬وما عليك إل أن تقوم من عثرتك وتنفض‬
‫ثوبك وتتجه إليه من جديد‪...‬‬
‫***‬

‫‪296‬‬
‫وحي تتوجه إليه‪ .‬حي ترقبه كأنك تراه‪ .‬حي تنظف نفسك وترص على أل تتلوث ف الطريق‪.‬‬
‫حي تاسب نفسك على كل صغية وكبية خشية أن تكون قد حدت‪ .‬حي تراجع كل عمل عملته‬
‫وكل كلمة قلتها وكل خاطرة وسوست با نفسك وكل حركة تركتها جارحة من جوارحك‪..‬‬
‫حينئذ يستقيم المر كله ف هذه الياة‪.‬‬
‫أمر الاكم والحكوم‪ .‬والفرد والجتمع‪ .‬والرأة والرجل‪ .‬والوالد والولد‪ .‬والمة والمم على أوسع‬
‫نطاق‪.‬‬
‫كيف يظلم الاكم حي يرقب ال كأنه يراه؟ كيف تتجه نفسه إل الشر والبطش وال يقول‪( :‬اعْ ِدلُوا‬
‫ُهوَ َأ ْق َربُ لِلّت ْقوَى) [‪( ]57‬وَِإذَا حَكَ ْمتُمْ بَْينَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِاْلعَدْلِ) [‪ ]58‬وكيف يضع ف‬
‫مكان العدل الذي يطلبه ال نزواته هو وهواه؟‬
‫والعدل بالنسبة للحاكم ميدان واسع فسيح‪ ،‬يشمل كل سياسة الكم‪ ،‬وسياسة الال‪ ،‬وكل معاملته‬
‫" الرسية " ومعاملته " الشخصية "‪ .‬وهو مأمور ف كل منها أن يرقب ال‪ ،‬ويعبده كأنه يراه‪.‬‬
‫ل يكن حينئذ أن يتعدى حدود ال أو يعتدي على حرمات ال‪.‬‬
‫فل يكن مثلً أن يعلن الرب أو يبم السلم إل ف سبيل ال و ف حدود ما بيّن ال‪ .‬وال يقول‪( :‬وَل‬
‫ح َزنُوا وَأَْنتُمُ الَْأ ْعَلوْنَ إِنْ كُنُْتمْ ُم ْؤمِِنيَ)‪.‬‬
‫حبّ الْ ُمعَْتدِينَ)‪ .‬ويقول‪( :‬وَل َت ِهنُوا وَل تَ ْ‬ ‫َتعْتَدُوا إِنّ الّلهَ ل يُ ِ‬
‫ويقول‪( :‬وََأعِدّوا َلهُ ْم مَا اسْتَ َطعْتُ ْم مِنْ ُق ّوةٍ)‪.‬‬
‫ول يركن إل أعداء ال ول يتخذ بطانة منهم فال يقول‪( :‬ل يَتّخِ ِذ الْ ُم ْؤمِنُونَ الْكَاِفرِينَ َأوْلِيَا َء مِ ْن دُونِ‬
‫س مِنَ الّلهِ فِي شَ ْيءٍ إِلّا أَ ْن تَّتقُوا مِْنهُمْ ُتقَاةً)‪ .‬ويقول‪( :‬يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا‬ ‫اْل ُم ْؤمِِنيَ َومَنْ َي ْفعَلْ ذَِلكَ َفلَْي َ‬
‫خفِي‬ ‫ل َتتّخِذُوا بِطَاَن ًة مِنْ دُوِنكُمْ ل يَأْلُونَكُمْ خَبَا ًل َودّوا مَا َعنِتّمْ قَ ْد بَ َدتِ اْلَبغْضَا ُء مِنْ َأ ْفوَا ِههِ ْم َومَا تُ ْ‬
‫صُدُو ُرهُمْ أَ ْكَبرُ قَدْ َبيّنّا لَ ُكمُ الْآياتِ إِنْ كُنُْتمْ َت ْعقِلُونَ)‪.‬‬
‫وهكذا وهكذا حت يشمل ذلك سلوكه كله‪ ،‬وتصرفاته كلها‪ ،‬منذ يتسلم المانة حت يسلمها إل ال‬
‫أو إل الناس‪ .‬ل يفلت عمل واحد ول فكرة ول رغبة من رقابة ال ورقابة الضمي‪.‬‬
‫***‬
‫والعبود كذلك حي يعبد ال كأنه يراه‪.‬‬
‫فعليه عمله يؤديه بالمانة اللزمة والجتهاد الواجب‪ .‬ل يدع ول يغش ول يتكاسل ول يتشاغل‪.‬‬
‫ول " يسدد الانات " دون إنتاج حقيقي‪ .‬ول يعمل على الضرر وهو عال به‪ .‬ول يبغي الفتنة ول‬
‫الفساد ف الرض‪ .‬ول يستغل مال الدولة‪ .‬ول يطمع فيما ليس له‪.‬‬
‫ول يقبل الظلم كذلك! فهو مكلف أن يذود الظلم عن نفسه وعن غيه‪ ،‬وإل فما هو بؤمن بال‪،‬‬
‫سهِمْ قَالُوا فِيمَ كُْنتُمْ قَالُوا كُنّا‬ ‫ول هو يعبده كأنه يراه! (إِنّ الّذِي َن َتوَفّاهُ ُم الْمَلِئكَةُ ظَالِمِي أَْنفُ ِ‬
‫ك مَ ْأوَاهُمْ َج َهنّ ُم وَسَا َءتْ‬ ‫ض َعفِيَ فِي الَْأ ْرضِ قَالُوا أَلَمْ تَ ُكنْ َأ ْرضُ الّل ِه وَا ِسعَةً فَُتهَا ِجرُوا فِيهَا فَأُولَِئ َ‬ ‫مُسَْت ْ‬
‫مَصِيا)‪.‬‬

‫‪297‬‬
‫والزوج الذي يرعى ال ف زوجته‪ .‬والزوجة الت ترعى ال ف زوجها‪ .‬والوالد والولد‪ .‬والار‬
‫والصديق‪ .‬والندي والقائد‪ .‬والصغي والكبي‪...‬‬
‫إن الجتمع كله كله‪ ...‬ل شيء فيه البتة يرج من هذه الكلمة الصغية الت تشمل كل شيء‪ :‬تعبد‬
‫ال كأنك تراه!‬
‫***‬
‫وحي كان السلمون الوائل يعبدون ال كأنم يرونه كانت تلك المة العجيبة الفريدة ف التاريخ!‬
‫ف وَتَْن َهوْ َن عَنِ الْمُنْ َك ِر وَُت ْؤمِنُونَ بِالّلهِ)‪.‬‬
‫(كُنْتُ ْم خَْيرَ ُأمّةٍ أُ ْخرِ َجتْ لِلنّاسِ تَ ْأ ُمرُونَ بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫كان الاكم يقول‪ " :‬اسعوا وأطيعوا ما أطعت ال فيكم‪ .‬فإن عصيت ال ورسوله فل طاعة ل‬
‫عليكم "‪.‬‬
‫وكان يقول‪ " :‬إن أحسنت فأعينون‪ ،‬وإن أسأت فقومون "‬
‫وكان وهو يارب كسرى وقيصر‪ ،‬ويواجه أكب إمباطوريتي ف التاريخ‪ ،‬ل يضيق بالتقوي الذي‬
‫طلبه من الناس بنفسه‪ .‬فيقبل من رجل من السلمي أن يقول له‪ :‬ل سع لك علينا اليوم ول طاعة‬
‫حت تبي لنا كذا وكذا‪ .‬فل يغضب‪ ،‬بل ييبه ف الال إل طلبه ويبي له‪.‬‬
‫وكان يقول‪ :‬لو أن بغلة بصنعاء عثرت لرأيتن مسئولً عنها!‬
‫وكان يعمل على توطيد العدالة الجتماعية ف الجتمع حت أمكنه ‪ -‬لول مرة ف التاريخ ‪ -‬أن يلغي‬
‫الفقر من الجتمع‪ ،‬كما حدث أيام عمر بن عبد العزيز! وكان الندي يقول‪ :‬أليس بين وبي النة‬
‫إل أن أقتل هذا الرجل أو يقتلن؟ ث يقتحم العركة ليصيب إحدى السنيي!‬
‫وكان القائد يُعزل ف زهوة النصر فل يضطغن ول يتمرد ول يترك ميدان القتال‪ .‬وإنا يستمر ياهد‬
‫ف سبيل ال جنديا ل إمارة له ول سلطان‪.‬‬
‫وكان البائع يستحي من ال أن يكسب ما ليس له بق‪ ،‬فيد نقودا أخذها صبيه دون علم منه من‬
‫أحد الشترين‪ .‬ويصر على ردها إليه حت والشتري يلف بال أنه دفعها راضيا وأن البضاعة ف نظره‬
‫تستحق‪ .‬وكان الزوج يعاشر زوجته بالعروف‪ ،‬والزوجة تصون عرض زوجها ف غيبته‪ .‬فيذهب إل‬
‫ميدان القتال ويغيب بالشهور وهو مطمئن إل بيته وعرضه وماله‪ .‬ل يقربا السوء!‬
‫وكان الجتمع نظيفا‪...‬‬
‫ل تقوم علقات الناس على الغش ف البيع والشراء‪ .‬ل يعهد النسان إل العامل أو الصانع بالعمل‬
‫وهو متوجس منه خيفة أن يغشه أو يدلس عليه أو يسرق المانة ويذهب إل غي رجوع!‬
‫ل يتحدث الرجل إل الرجل وهو يعلم أنه يكذب عليه ويدعه‪ .‬ويبادله ف الوقت ذاته الكذب‬
‫والداع!‬
‫ل يكذب الوالد على أبنائه فيعلمهم الكذب بالقدوة السيئة‪ .‬ول يكذب البن على الوالد‪ ،‬لنه ل‬
‫يتعامل معه‪ ،‬وإنا يتعامل مع ال!‬

‫‪298‬‬
‫ول يسرق الشاب عرض امرأة متزوجة أو فتاة غريرة‪ .‬ول ترج الفتاة متبجة ف سوق الفتنة تاول‬
‫أن توقع الشباب!‬
‫ل يكن الناس ملئكة! كانوا بشرا ما يزالون! ولكنهم بشر مستقيمو الفطرة ل ِعوَج ف نفوسهم ول‬
‫التواء‪ .‬متحابون إل ال‪ .‬متعاونون على الب والتقوى ل متعاونون على الث والعدوان‪.‬‬
‫وكانت هناك جرية‪ ..‬فإن وجه الرض ل يل من الرية ف وقت من الوقات‪ .‬ولكنها كانت‬
‫الشذوذ الذي يثبت القاعدة‪ .‬ول تكن القاعدة هي الشذوذ!!‬
‫***‬
‫ومن ث انطلقت هذه المة تنشئ تاريا ل يسبق ف التاريخ!‬
‫ليس الفتح وحده هو الذي يلفت النظر‪ ،‬وإن كان حقيقا بالتسجيل ف سرعته الاطفة الت ل مثيل لا‬
‫من قبل ول من بعد ف التاريخ‪ .‬ففي خسي عاما كان العال السلمي الذي بدأ من ل شيء قد امتد‬
‫من الحيط للمحيط‪ .‬وكان كله ‪ -‬أو معظمه ‪ -‬قد اعتنق العقيدة الديدة‪ ،‬وانقلب ماربا ف سبيلها‬
‫ل يهدأ حت يراها قد بلغت إل أفق جديد!‬
‫وإنا الذي يلفت النظر هو تلك القمم العالية الت بلغها ف كل اتاه‪ .‬قمم العدالة الشامة والعظمات‬
‫النفسية والروحية الت تتكاثر وتتواكب ف هذه القبة الصغية من التاريخ‪.‬‬
‫واتساع الوانب وتعدد الفاق‪ .‬ف الرب والسلم‪ .‬ف السياسة والجتماع‪ .‬ف الضارات الختلفة‬
‫ل رائعا فامتص ما فيها من خي‪ ،‬وألقى بالزبد إل الفناء‪.‬‬ ‫الت استوعبها السلم‪ ،‬ومثلها تثي ً‬
‫ف الروابط القوية التينة الت شلت العال السلمي كله‪ ،‬وفاضت منه إل غي السلمي حت وهم‬
‫يكيدون للدين‪ .‬وحت وهم ياربونه أبشع حرب وأدنسها ف أيام الصليبيي‪.‬‬
‫هذه الروابط التينة الت صنعت معجزة ل تتكرر ف غي السلم‪ .‬إذ فسدت الكومة ‪ -‬مبكرا‪ ،‬على‬
‫أيدي المويي والعباسيي ‪ -‬ولكن الجتمع ظل إسلميا‪ ،‬متماسكا‪ ،‬متكافلً‪ ،‬تربطه روح الخوة‬
‫والودة ما يقرب من ألف من السني!!‬
‫***‬
‫ذلك كله كان أثر العبادة القة‪ ،‬الت تعبد ال كأنا تراه!‬
‫ولقد كان القدوة الكبى ف ذلك دون شك هو الرسول العظم‪ ،‬منشئ هذه المة ومرب قادتا‬
‫وجنودها على هدي ال وهدي السلم‪.‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يرى ال كل لظة من لظات حياته الطويلة العريضة الشاملة الفسيحة‪.‬‬
‫كان يراه وهو يتلقى الوحي عنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬فتطيقه نفسه وتستوعبه إل العماق‪.‬‬
‫وكان يراه وهو ينطلق ف مناكب الرض يدعو الناس إل هذا الوحي لكي يهتدوا به إل ال‪.‬‬
‫وكان يراه وهو ف بيته زوجا وأبًا ورب أسرة‪.‬‬
‫ويراه وهو مع الناس وقريبا ومعلما وهاديا إل سواء السبيل‪.‬‬
‫ويراه وهو يقاتل ف سبيل ال‪ ،‬وهو يعقد السلم ويرجع من جهاد إل جهاد‪.‬‬

‫‪299‬‬
‫ول نتحدث عن العبادة ف اللوة فهي ف غي حاجة إل حديث‪.‬‬
‫يراه‪ .‬ويعيش معه كل لظات حياته‪ ،‬وكل مشاعر نفسه‪ ،‬وكل خلجاتا وكل سرها ونواها‪.‬‬
‫ول تضعف نفسه عن التلقي‪ ،‬ول يضعف قلبه عن استيعاب النور الذي يغمره كلما رآه‪.‬‬
‫هكذا كان رسول ال صلى ال عليه وسلم وخات النبيي وسيد الرسلي‬
‫***‬
‫ث كان أصحابه الذين صنعهم على عينيه‪ ،‬ورباهم تربية خبي عليم‪.‬‬
‫كانوا يرون ال بقدر ما تطيق نفوسهم وبقدر ما تصطب على الفق العلى الشرق الضيء الذي ل‬
‫تتمله النفوس‪ ،‬إل أن تقبس قبسات من فيض ال الغامر‪ ،‬وقبسات من الرسول‪.‬‬
‫ث كانت نفوس على مدار الزمن تتفرق أحيانا‪ ،‬وتتمع أحيانا‪ ،‬تعيش على حب ال والعمل ف‬
‫سبيله‪ ،‬وعبادته كأنا تراه‪.‬‬
‫وما تزال هذه النفوس حيثما لقيها النسان‪ ،‬يس ف الال بالفارق الاسم بينها وبي الذين ل‬
‫يعبدون ال‪ ،‬أو الذين يعبدونه على حرف فإن أصابم خي اطمأنوا به وإن أصابم شر انقلبوا على‬
‫أعقابم‪ ..‬خسروا الدنيا والخرة‪.‬‬
‫تس على الفور حي تلقى أحدا منهم أنك أمام " إنسان "‪ .‬إنسان بذا العن الذي كرمه خالقه‬
‫وفضله على كثي من خلق‪ .‬إنسان تأنس إليه وتستريح عنده‪ ،‬تستريح ف تعاملك معه وف علقاتك‪.‬‬
‫تستريح إل الستقامة النظيفة الت ل عوج فيها ول التواء‪.‬‬
‫وتبه‪..‬‬
‫ل تلك إل أن تبه ولو خالفك ف أفكارك وأعمالك ومشاعرك واتاهاتك‪.‬‬
‫تبه لن فيه قبسة من نور ال‪ ...‬وتاول ‪ -‬إن استطعت ‪ -‬أن تقفو خطاه‪..‬‬
‫ومن ث كان حرص السلم ونب السلم‪ ،‬وهو يعلّم الناس دينهم‪ .‬أن يبي لم الحسان‪ .‬ويصفه لم‬
‫ف أخصر لفظ وأجله‪ " .‬تعبد ال كأنك تراه "‪ .‬ويوقظ قلوبم بوجدان التقوى وخشية ال‪ " :‬فإن ل‬
‫تكن تراه فإنه يراك "‪.‬‬
‫ومن ث كذلك كان حرص السلم ونب السلم‪ ،‬على أل يقف الناس عند أول مراتب السلم ول‬
‫أول مراتب اليان‪ .‬إنا ياولون بلوغ الحسان‪ ،‬وياولون على الدوام!‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]45‬رواه مسلم‪ .‬من حديث طويل عن عمر بن الطاب رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ " :‬بينما نن جلوس‬
‫عند رسول ال صلى ال عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد‬
‫الشعر ل يرى عليه أثر السفر ول يعرفه منا أحد حت جلس إل النب صلى ال عليه وسلم فأسند‬
‫ركبتيه ووضع كفيه على فخديه وقال‪ :‬يا ممد أخبن عن السلم‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ :‬السلم أن تشهد أل إله إل ال وأن ممدا رسول ال وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم‬
‫رمضان وتج البيت إن استطعت إليه سبيلً‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪ .‬فعجبنا له يسأله ويصدقه‪ .‬قال‪ :‬فأخبن‬

‫‪300‬‬
‫عن اليان‪ .‬قال‪ :‬أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وتؤمن بالقدر خيه وشره‪ .‬قال‪:‬‬
‫صدقت‪ .‬قال‪ :‬فأخبن عن الحسان‪ .‬قال‪ :‬أن تعبد ال كأنك تراه‪ ،‬فإن ل تكن تراه فإنه يراك‪." ..‬‬
‫[‪ ]46‬سورة ق [ ‪.] 16‬‬
‫[‪ ]47‬سورة غافر [ ‪.] 19‬‬
‫[‪ ]48‬سورة طه [ ‪.] 7‬‬
‫[‪ ]49‬سورة الاقة [ ‪.] 18‬‬
‫[‪ ]50‬سورة الج [ ‪.] 78‬‬
‫[‪ ]51‬سورة البقرة [ ‪.] 286‬‬
‫[‪ ]52‬سورة التغابن [ ‪.] 16‬‬
‫[‪ ]53‬سورة آل عمران [ ‪.] 14‬‬
‫[‪ ]54‬سورة آل عمران [ ‪.] 136 - 134‬‬
‫[‪ ]55‬سورة الفرقان [ ‪.] 70‬‬
‫[‪ ]56‬سورة الزمر [ ‪.] 53‬‬
‫[‪ ]57‬سورة الائدة [ ‪.] 8‬‬
‫[‪ ]58‬سورة النساء [ ‪.] 58‬‬
‫[‪ ]59‬رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه‪.‬‬
‫==============================‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )6‬وليح ذبيحته‬ ‫قَبَسَا ٌ‬
‫" إن ال كتب الحسان على كل شيء ؛ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة‪ ،‬وإذا ذبتم فأحسنوا الذبة‪،‬‬
‫وليحد أحدكم شفرته‪ ،‬وليح ذبيحته " [‪.]59‬‬
‫***‬
‫يا ال! يا رحة نبيه‪!..‬‬
‫" وليح ذبيحته "‪ ..‬ومت؟ وهو مقدم على ذبها!!‬
‫أل إنا رحة أنبياء‪ .‬أل إنا روح ال‪.‬‬
‫إنه مرتقى للمشاعر البشرية يبلغ القمة الت ليس وراءها شيء‪ .‬إل ذلك النور العظم الذي يني الكون‬
‫كله وينفذ إل قلوب الكائنات‪.‬‬
‫إنا الرحة الت ل تقف عند الناسى من اللق‪ ،‬ول يكمها انياز النسان لنفسه واعتداده بنسه‪.‬‬
‫وإنا تتعداها إل الجال الواسع الفسيح الذي يشمل كل الحياء ف الكون‪.‬‬
‫ث ل تقف عند هذا الدى ‪ -‬وهو ف ذاته قمة عالية ‪ -‬وإنا ترتقي درجة أخرى!‬
‫فالرحة بالحياء درجة " مفهومة " على أي حال‪ ،‬سواء وفق إليها القلب البشري أم انرف عنها‬
‫وشذ‪.‬‬

‫‪301‬‬
‫مفهوم أن تقول ل‪ :‬ل تقتل هذا العصفور‪ .‬فإنه ضعيف مسكي‪ .‬وهو جيل لطيف ل يستحق القتل‪.‬‬
‫ومفهوم أن تقول ل‪ :‬ل تقتل هذه الفراشة الطائرة القافزة الرشيقة‪ ،‬فإنك لن تستفيد شيئا من قتلها‪،‬‬
‫وهي ف رشاقتها اللطيفة جال يسن أن تتع به حسك وروحك‪.‬‬
‫بل مفهوم أن تقول ل‪ :‬ل تقتل هذه الزهرة الميلة ‪ -‬حت إن كانت ل تتأل للقتل ‪ -‬فهي على‬
‫غصنها هكذا جيلة‪ ..‬أجل منها ف يدك أو ف عروة ثيابك‪.‬‬
‫كل ذلك مفهوم‪ .‬والقلب البشري الطيب يكن أن يوجه إليه ف يسر‪ ،‬فيعتاده فيصبح من طباعه‪.‬‬
‫ولكنها درجة ‪ -‬وراء هذا الفهوم ‪ -‬أعلى وأشف ‪ -‬أن أقول لك‪ :‬هذه الذبيحة الت ستذبها‪ ،‬والت‬
‫لن تكون حية بعد لظات‪ ..‬أ ْحسِنْ ذبتها ول تطل آلمها ول " تتها موتات " كما ذكر البخاري‬
‫ف حديث قريب من هذا الديث [‪.]60‬‬
‫وليح ذبيحته!‬
‫إنا كلمة تز الوجدان هزا وهي تذبح‪ .‬وهي تساق إل العدم‪ .‬إل الفناء‪ .‬إل حيث ل توجد ول‬
‫تشعر‪.‬‬
‫ما القيمة " العملية " لراحة الذبيحة هذه الثوان العدودة الت تنتقل فيها من عال الوجود إل عال‬
‫الفناء؟ بل ما قيمة إراحتها وأنت مقبل على إيلمها أشد أل يكن أن تتعرض له وهو الذبح؟‬
‫ف الظاهر‪ ..‬ل شيء!‬
‫وف الباطن‪ ..‬كل شيء!‬
‫إن الذبيحة ميتة ميتة‪ .‬أرحتها أم ل ترحها‪ .‬وهي متألة متألة‪ ،‬سواء قطر قلبك رحة با أم كنت‬
‫تذبها مرد القلب من الشاعر متلبد الوجدان‪ .‬وهي لن تلقاك بعد اليوم فتشكو إليك عنفك معها‪،‬‬
‫إن كنت من يفهمون عن هذه اللئق‪ ،‬وياوبون ما يصدر عنها من الحاسيس‪ .‬ولن يضيها كثيا‬
‫‪ -‬وهي مسوقة إل الفناء الكامل الوشيك ‪ -‬إنا ذاقت ‪ -‬قبل ذلك بلحظة ‪ -‬شيئا من الغلظة أو شيئا‬
‫من الفاء!‬
‫إذن فما القيمة العملية بالنسبة للذبيحة‪ ..‬ل شيء!‬
‫ولكن القيمة " العملية " لك أنت‪ ..‬كل شيء!‬
‫وهل ثة شيء أكب من أن يكون لك قلب إنسان؟!‬
‫***‬
‫وكذلك الشأن ف أمر القتل‪..‬‬
‫" فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة "‪.‬‬
‫والسلم ‪ -‬الخاطب بذا القول من جانب الرسول صلى ال عليه وسلم ل يقتل إل بالق‪( :‬وَل‬
‫حقّ) [‪َ ( ]61‬وعِبَادُ الرّحْ َمنِ الّذِينَ يَ ْمشُونَ َعلَى الَْأ ْرضِ َهوْنا وَِإذَا‬ ‫َتقُْتلُوا الّن ْفسَ الّتِي َح ّرمَ الّلهُ إِلّا بِالْ َ‬
‫خَا َطَبهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلما‪ ..‬وَالّذِينَ ل يَ ْدعُو َن مَعَ الّلهِ إِلَها آ َخ َر وَل َيقُْتلُونَ الّنفْسَ الّتِي َح ّرمَ الّلهُ‬

‫‪302‬‬
‫س جَمِيعا) [‪" ]63‬‬‫إِلّا بِالْحَقّ) [ ‪( ]62‬مَنْ َقتَلَ َنفْسا ِبغَْيرِ َنفْسٍ َأوْ فَسَادٍ فِي الَْأ ْرضِ َفكَأَنّمَا قَتَ َل النّا َ‬
‫كل السلم على السلم حرام‪ :‬دمه وعرضه وماله " [‪.]64‬‬
‫ل شبهة إذن ف أن الشخص الذي يقتله السلم مستحق للقتل‪ .‬مستحق لنه كافر‪ ،‬أو مرتد‪ ،‬أو قاتل‪،‬‬
‫أو زان مصن‪ ،‬أو مفسد ف الرض‪ ،‬مثي للفتنة‪ ،‬خارج على السلطان القائم على شريعة ال‪.‬‬
‫ول شبهة ف أن هذا القتل يتم بإذن من ال‪ .‬بل بأمر منه وتريض‪( :‬وَ َح ّرضِ الْ ُم ْؤمِِنيَ) [‪]65‬‬
‫ومع ذلك فالرسول صلى ال عليه وسلم يأمر بإحسان القتل!‬
‫ونعود إل قصة الذبيحة فنراها تنطبق مرة أخرى على القتيل‪.‬‬
‫إن القتيل لن يستفيد شيئا من أن تسن قتلته‪ .‬فهو مفارق الدنيا‪ .‬والل واقع به ما له عنه من ميص‪.‬‬
‫فيستوي أن تسن أو ل تسن أو أن الفارق ف القيقة ضئيل‪.‬‬
‫فما القيمة العملية من إحسان القتل بالنسبة للقتيل؟ ل شيء بطبيعة الال!‬
‫ولكن القيمة الكبى ‪ -‬مرة أخرى ‪ -‬هي لك أنت‪ .‬هي أن يكون لك قلب إنسان!‬
‫***‬
‫ولكن حديث الرسول الكري ل يقف عند هذين المرين‪ :‬الذبة والقتلة‪ ،‬وإنا يسوقهما فقط على‬
‫سبيل الثال‪.‬‬
‫وبسبب هذين الثالي قد يغلب على الظن أن الرحة وحدها هي القصود من الديث‪.‬‬
‫ولكن المر ليس كذلك‪ .‬فالقصود هو " الحسان "‪ .‬والرحة صورة من صور الحسان‪.‬‬
‫" إن ال كتب الحسان على كل شيء " والحسان ‪ -‬هنا‪ ،‬كما ف الديث السابق ‪ -‬هو الداء‬
‫السن‪ .‬الداء الكامل‪ .‬الداء التقن‪ .‬الداء الميل‪.‬‬
‫والثالن الذكوران ها الشي الذي يبي التاه‪ .‬التاه إل " النسانية "‪.‬‬
‫إن اللصة الستفادة من الثالي‪ :‬أن النسان ل ينبغي أن يندفع مع دوافعه الطبيعية ويترك لا العنان‪.‬‬
‫إنا ينبغي وهو يأخذ ف التنفيذ أن يهذب الوسائل وينظف الداء‪ ،‬ليكون جديرا بتكري ال له‬
‫واللفة ف هذه الرض‪.‬‬
‫ومن ث فالديث واسع شامل يشمل كل عمل وكل فكرة وكل شعور‪.‬‬
‫إنه بنص اللفظ يشمل " كل شيء "‪ .‬هكذا على التساع‪ .‬وهو يعب عن فكرة إسلمية أصيلة‪ ،‬أو‬
‫فكرتي تلتقيان عند هدف واحد‪.‬‬
‫أن السلم ل يكتفي بأداء العمال ‪ -‬كل العمال ‪ -‬على أية صورة‪ ،‬وإنا يتطلب " الحسان " ف‬
‫الداء‪.‬‬
‫وإنه ل يقنع من الناس أن يؤدوا ضروراتم بل زيادة‪ ،‬بجة أنا ضرورة‪ ،‬وإنا يتطلب الحسان ف‬
‫التنفيذ‪.‬‬
‫العن الول واضح ف قول الرسول صلى ال عليه وسلم‪ " :‬إن ال يب إذا عمل أحدكم عملً أن‬
‫يتقنه " [‪ ]66‬وواضح كذلك ف أمر الذبة والقتلة‪.‬‬

‫‪303‬‬
‫فالطلوب هو التقان الذي تصحبه مشاعر النسانية‪ .‬ويصحبه الحساس بال ف قرارة الضمي‪،‬‬
‫والعمل من أجل خشيته ومن أجل مثوبته ورضاه‪ " .‬تعبد ال كأنك تراه "‪.‬‬
‫والعن الثان واضح ف سية الرسول وأحاديثه الكثية الت تدف إل تذيب النفس‪ ،‬خاصة وهي‬
‫تؤدي ضروراتا الغليظة الت ليس عنها ميص‪.‬‬
‫ونضرب مثالي من أدق المثلة وأدلا على ما نريد‪ :‬قضاء " الضرورة " وشئون النس‪.‬‬
‫" عن أب سعيد الدري رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬ل يتناجى اثنان على‬
‫غائطهما‪ ،‬ينظر كل واحد منهما إل عورة صاحبه‪ ،‬فإن ال يقت ذلك " رواه أبو داود وابن ماجه‪.‬‬
‫" عن جابر رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬اتقوا اللعن الثلث‪ :‬الباز ف الوارد‪،‬‬
‫وقارعة الطريق والظل " رواه أبو داود وابن ماجه‬
‫وعن أب أيوب‪ " :‬إذا أتى أحدكم الغائط فل يستقبل القبلة ول يولا ظهره‪ .‬شرقوا أو غربوا " رواه‬
‫البخاري‪.‬‬
‫" وعن أب هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من ل يستقبل القبلة ول يستدبرها ف‬
‫الغائط كتب له حسنة ومُحي عنه سيئة " رواه الطبان‪.‬‬
‫والحاديث ف هذا الوضوع كثية من أن تورد كلها‪ .‬وهدفها كلها واحد‪ .‬هو تذيب القيام بذه‬
‫الضرورة‪ ،‬وإحاطتها بآداب معينة تلطف غلظتها وتفف من معن " الضرورة " فيها‪ .‬إذ تعلها‬
‫سلوكا وأدبا فيه " اختيار " وترفع‪.‬‬
‫وقد ل تبدو لنا اليوم ‪ -‬الدللة الكاملة لذه التوجيهات‪ .‬إذ صار لقضاء الضرورة أدوات نظيفة‬
‫ووسائل مهذبة‪ .‬ومع ذلك فما زال ف الدينة ‪ -‬وف العاصمة ذاتا ‪ -‬قوم يقضون حاجاتم على‬
‫قارعة الطريق وأمام الناس‪ .‬أما الريف‪!...‬‬
‫ولكن الدللة النفسية ل ينبغي أن تفوتنا على أي حال‪ .‬فالتهذيب فيها واضح‪ .‬وواضح كذلك ماولة‬
‫رفع " النسان " عن مستوى اليوان‪ ،‬حت وهو يقضي ضرورته الت يشترك فيها مع اليوان‪.‬‬
‫أما النس فأمره أعجب وأوضح دللة‪.‬‬
‫ليس ف الرض شريعة ول نظام يعترف بالنس نظيفا كريا كالسلم‪.‬‬
‫يكفي أن نذكر فقط أن السلم وهو يأت زوجه يذكر اسم ال الكري‪ .‬وليس ف السلم أقدس من‬
‫ذكر ال‪ ،‬ول أنظف ما يقرأ اسم ال عليه‪.‬‬
‫والباحة فيه ‪ -‬ف حدوده الشرعية‪ ،‬أي الزواج ‪ -‬أوضح من أن تتاج إل دليل‪.‬‬
‫(نِسَاؤُكُمْ َح ْرثٌ لَكُ ْم فَأْتُوا َحرْثَكُمْ أَنّى شِْئتُمْ) [‪]67‬‬
‫" إن ف بضع أحدكم لجرا‪ .‬قالوا يا رسول ال إن أحدنا ليأت شهوته ث يكون له فيها أجر؟ قال‪:‬‬
‫أرأيتم لو وضعها ف حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها ف اللل كان له أجر " [‪.]68‬‬
‫وغيها وغيها كثي‪...‬‬

‫‪304‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم قد أخذ من هذا الباح بقسط كامل ل شبهة فيه‪ ،‬واستمتع منه بكل ما‬
‫يل لسلم أن يستمتع به ف هذه الياة‪.‬‬
‫ومع ذلك فلينظر كيف كان المر‪...‬‬
‫تروي السية أنه صلى ال عليه وسلم كان يغطي وجه زوجته حي يضاجعها ف الفراش‪ ..‬وروى‬
‫الطيب من حديث أم سلمة أن الرسول صلى ال عليه وسلم كان يغطي رأسه ويغض صوته ويقول‬
‫لمرأته‪" :‬عليك بالسكينة"‪.‬‬
‫***‬
‫الياء والترفع إل هذا الد!‬
‫ليس النس شهوة اليوان الائع الذي ل يلك نفسه أن يندفع هائجًا إل التنفيذ‪.‬‬
‫وليس غلظة الشبق الت تتلمظ على متاع لذيذ‪.‬‬
‫وليس نزوة السد الفائر الت تتنق ف بارها عاطفة القلب وإشراقة الروح‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن دعوة الرسول للناس أن يهذبوا العمل النسي ل تكن دعوة إل الزهادة أو إطفاء التعة‬
‫أو تبيد حرارتا‪.‬‬
‫كل! على العكس من ذلك‪ .‬لقد كان يدعوهم إل التاع ويببهم فيه بل كان ف الواقع يوسع‬
‫مساحته ف النفس‪ ،‬ويزيد من متعته‪ ،‬حي يرفعه من لفة السد الالصة إل " عواطف " " ومشاعر "‬
‫" ومودة "‪.‬‬
‫فقد كان ينهى عن الواقعة دون رسول يسبقها ويهد لا من مداعبة وعواطف جياشة‪.‬‬
‫وليست هذه دعوة الذي يريد أن يرم الناس من التاع أو يفسده عليهم‪ .‬بل دعوة من يريد تذيبهم‬
‫ورفعهم من مستوى اليوان إل مستوى النسان‪ ،‬مع " إحسان " تلذذهم بذا التاع‪ ،‬حت يصبح‬
‫متاعا " جيلً " تدخل فيه كل عناصر النفس‪ ،‬ويدخل فيه " الفن " بتعبيه الميل‪.‬‬
‫والقرآن يصف الصلة بي الرجل والرأة على أنا " سكن " و " مودة "‪َ ( :‬ومِنْ آيَاِتهِ أَ ْن خَلَ َق لَكُ ْم مِنْ‬
‫أَْنفُسِكُمْ َأ ْزوَاجا ِلتَسْ ُكنُوا إَِلْيهَا وَ َجعَلَ بَْينَكُ ْم َم َودّ ًة َورَحْمَةً) [ ‪ .]69‬وهو تعبي جيل أخاذ يشمل كل‬
‫صلت النس‪ ،‬ولكنه يشملها ف مستواها الرفع‪ .‬ف مستوى " النسان "‪.‬‬
‫***‬
‫ذلك هو الحسان ف شئون النس‪ .‬وهو أمر واضح الدللة على نظرة السلم لذه المور‪.‬‬
‫الضرورة تُقضى‪ .‬نعم‪ .‬ل كبت ول حجران‪ .‬ول استقذار للدوافع الفطرية ف ذاتا‪ .‬ول الحساس‬
‫بالذنب عند التيان‪ .‬ولكنه التنظيف رغم ذلك وتذيب الوجدان‪.‬‬
‫والنس ‪ -‬من كثرة ما أبدى ف شأنه فرويد وأعاد ‪ -‬مظنة أن تكون الديان تستقذره وتنفّر منه‪.‬‬
‫والسلم باصة ل ينح لظة واحدة لذا الستقذار‪ .‬لكنه ‪ -‬وهو يض على الحسان ف كل شيء‬
‫‪ -‬يض كذلك عليه ف شئون النس‪ ،‬حت وإن كان يشترك ف الضرورة مع اليوان‪.‬‬

‫‪305‬‬
‫والدليل القاطع على أن هذه قاعدة عامة ف السلم ل يتص با النس وحده‪ ،‬وإنا تشمل كل‬
‫تصرفات النسان وضروراته‪ ،‬الدليل على ذلك هو آداب الطعام‪.‬‬
‫فليس ثت شك ف أن الطعام طاهر نظيف مباح‪ .‬بل مأمور به (وَكُلُوا وَا ْشرَبُوا) [‪.]70‬‬
‫ومع ذلك فله آداب‪ .‬آداب تذب تناوله‪ ،‬وتكسر شراهته‪ ،‬وترتفع به عن ميط اليوان إل ميط‬
‫النسان‪.‬‬
‫" عن ابن عباس رضي ال عنهما أن النب صلى ال عليه وسلم نى أن يُتنفس ف الناء أو ينفخ فيه "‬
‫رواه أو داود والترمذي‪.‬‬
‫" عن أب جحيفة رضي ال عنه قال‪ :‬أكلت ثريدة من خبز ولم ث أتيت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم فجعلت أتشأ‪ ،‬فقال‪" :‬يا هذا كف عنا من جشائك! فإن أكثر الناس شبعا ف الدنيا أكثرهم‬
‫جوعا يوم القيامة "! رواه الاكم وقال صحيح السناد‪.‬‬
‫فهو الحسان إذن‪ .‬وليس النع والجران‪.‬‬
‫***‬
‫ونن ‪ -‬ف القرن العشرين ‪ -‬أحوج ما نكون إل هذه الكمة من الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫إننا نعيش ف قرن يؤمن بالحسان ف العمل بعن الخلص والتقان‪ .‬وإن كنا نن مع السف ‪ -‬ف‬
‫العال السلمي الذي تلقى عن نبيه هذا التوجيه ‪ -‬ما نزال بعيدين عن هذه الروح‪.‬‬
‫ونن نعيش كذلك ف قرن يؤمن بالتهذيب ف كثي من أمور الدنيا‪ :‬ف تناول الطعام‪ ،‬وقضاء‬
‫الضرورة‪ ،‬والوقوف ف الصف أثناء شراء تذاكر السينما‪ ،‬والعتذار الؤدب عن أقهل هفوة‪ ،‬وإزجاء‬
‫الشكر على أبسط الدمات‪.‬‬
‫ولكنه مع ذلك ل يؤمن بالتهذيب ف شئون النس‪ .‬ويقول عنه إنه نفاق!‬
‫ول نقصد بالتهذيب ما كان يصنع الرسول ف فراشه‪ .‬فذلك مرتقى رفيع ل يطيقه الكثيون‪.‬‬
‫ول نقصد كذلك ما أوصاهم به ف فراشهم من تويل النس إل مشاعر ومودة وأخذ وعطاء‪..‬‬
‫فذلك شأنم غن أرادوا أن يستفيدوا بنصيحة الرسول فلنفسهم الفائدة‪ ،‬وهم الذين سيزدادون متعة‬
‫وهم يوسعون مساحة النس ف نفوسهم‪ ،‬فل تقف عند متعة السد‪ ،‬بل تصبح علقة جسد وعلقة‬
‫قلب وعلقة روح كلها ف آن‪.‬‬
‫وإنا نقصد مستوى أدن من ذلك وألصق بياة الماعة كلها ل بياة الفراد‪.‬‬
‫تلك هي " الفضيلة " بعناها الجتماعي‪ .‬أن يكون النس ف حدوده الشروعة ول يكون نبا مباحا‬
‫للجساد الظامئة على قارعة الطريق‪..‬‬
‫ذلك هو الذي يسمونه نفاقا ف القرن العشرين!‬
‫ولاذا هو نفاق؟ لن النس " ضرورة " بيولوجية‪ ،‬فل شأن له بالخلق!‬
‫وي!؟ والطعام ليس ضرورة؟ واللبس ليس ضرورة؟‬

‫‪306‬‬
‫فلماذا تتفلون كل هذا الحتفال " بآداب " الائدة و " أصول " اللبس ول تكتفون فيهما بقضاء‬
‫الضرورات؟‬
‫***‬
‫ونن نتحدث هنا عن " الحسان " ول نتحدث عن الخلق!‬
‫نريد أن نرتفع عن مستوى الضرورة‪ .‬نريد أن نتذوق الفاق العليا الت يرفعنا إليها السلم‪.‬‬
‫نريد أن نتذوق طعم " النسانية " فإنه وال طعم جيل حي تتوجه له النفس‪ ،‬وحي يؤمن النسان أنه‬
‫إنسان!‬
‫المال فطرة " الطبيعة "‪ .‬فطرة الياة الت خلقها ال‪.‬‬
‫والياة ل تكتفي بقضاء الضرورة‪ ،‬ولكنها تدف دائما إل الحسان ف الداء‪.‬‬
‫أرأيت هذه الزهرة الميلة الفياحة الشذى التناسقة اللوان؟‬
‫أتظن أن ذلك " ضرورة "؟‬
‫قالوا‪ :‬لتجتذب إليها النحل فينتج منها العسل غذاء وشفاء للناس! وتساعد كذلك ف تلقيح النبات!‬
‫فهل تظن ذلك؟ هل من " الضرورة " بالقياس إل النحل أن يكون ف الزهرة كل هذا المال؟‬
‫كل وال! فالنحل خَلْق متواضع! وإنه ليحط على الزهرة الرائعة التناسق كما يط على الزهرة العادية‬
‫المال‬
‫فليس جال الزهرة إذن ضرورة! وكل الهداف " البيولوجية " يكن أن تتم ف أبسط زهرة كما تتم‬
‫ف أجل الزهار‪.‬‬
‫ورأيت هذه " الطبيعة "؟‬
‫رأيت حرة الشفق البدعة ورأيت جال الصبح الوليد؟‬
‫رأيت روعة البال تبهر النفاس وتز الوجدان؟‬
‫والبحر المتد إل غي ناية منسرب الوج‪ ،‬تراه ف الليل الساكن كأنا تعمره الطياف‪ ..‬أو الشباح؟‬
‫والليلة القمراء‪ ..‬هل " ذقتها "؟ و " ذقت " طعم السحر ف ضوئها‪ ،‬وظلها‪ ،‬وأطيافها الساربة‬
‫وحديثها الهموس؟‬
‫هل تظن ذلك ضرورة؟‬
‫وأين هي الضرورة ف ذلك كله‪ ،‬والياة مكنة ومستطاعة بغي هذا المال؟‬
‫ورأيت هذا الوجه الرائع؟‬
‫هاتان العينان الالتان اللتان يطل منهما عال عميق الغوار‪ ..‬تلك التقاطيع النسقة‪ ..‬هذا العن‬
‫العب‪ ..‬تلك " الروح " الت تطل من وراء القسمات؟‬
‫تظن ذلك ضرورة؟ وما الضرورة؟‬
‫أليست كل العمليات " البيولوجية " من طعام وشراب وتنفس تتم ف أقبح وجه وأجل وجه على‬
‫السواء؟‬

‫‪307‬‬
‫بل‪ ..‬نداء النس ذاته‪ .‬أل يتحقق ف كل أنثى وكل ذكر بصرف النظر عن ذلك المال؟‬
‫كل‪ .‬إنه ليس " ضرورة "‪ ..‬وإنا هو " جال "‪.‬‬
‫هو " إحسان " ف الداء ل مرد الداء!‬
‫تلك فطرة الياة كما خلقها ال‪ ..‬فطرة " الطبيعة "‪.‬‬
‫والسلم دين الفطرة‪..‬‬
‫يلتقي مع ناموس الياة الكب‪ .‬لنه منل من عند ال خالق الياة‪ ،‬وخالق الفطرة الت يسي عليها‬
‫الكون والياة‪.‬‬
‫لذلك ل يكتفي السلم من النسان بجرد أداء الضرورة‪ .‬لنه حينئذ يكون متخلفا عن الياة‪،‬‬
‫ناشزا عن فطرتا‪ ،‬متأخرا إل الوراء‪.‬‬
‫وهو الياة ف أعلى آفاقها ‪ -‬يريد أن يكون النسان واصلً إل الياة‪ ،‬منسجما معها‪ ،‬مساوقا لا‪،‬‬
‫ملتقيا معها ف كل اتاه‪.‬‬
‫لذلك يعمد إل تذيب النفوس‪ .‬يدخل ف أعماقها‪ ،‬ويسكن ف أطوائها‪ ،‬ويوجهها من باطنها‪.‬‬
‫يوجهها إل المال‪ .‬إل الحسان‪ .‬الحسان ف كل شيء‪ .‬الحسان ف العمال والحسان ف‬
‫الفكار والحسان ف الشاعر‪.‬‬
‫" إن ال كتب الحسان على كل شيء "‪..‬‬
‫وحي تتجه النفس إل الحسان‪ .‬حي تتهذب الشاعر وينظف السلوك‪ .‬حي ترج الضرورة عن‬
‫قهرها القاهر فتصبح سلوكا مهذبا " تتاره " النفوس‪ ،‬وتتفاضل ف أدائه‪..‬‬
‫حينئذ يلتقي النسان مع الكون والياة‪..‬‬
‫يلتقي معهما ف نظرة واحدة شاملة رفيعة‪ .‬اسها الحسان‪ .‬أو اسها المال‪.‬‬
‫وال جيل يب المال‪.‬‬
‫ــــــــــــ‬
‫[‪ " ]60‬أتريد أن تيتها موتات؟ هل أحددت شفرتك قبل أن تضجعها؟ "‪.‬‬
‫[‪ ]61‬سورة السراء [ ‪.] 33‬‬
‫[‪ ]62‬سورة الفرقان [ ‪.] 68 - 63‬‬
‫[‪ ]63‬سورة الائدة [ ‪.] 32‬‬
‫[‪ ]64‬رواه الشيخان‪.‬‬
‫[‪ ]65‬سورة النساء [ ‪.] 84‬‬
‫[‪ ]66‬رواه البيهقي‪.‬‬
‫[‪ ]67‬سورة البقرة [ ‪.] 223‬‬
‫[‪ ]68‬رواه مسلم‪.‬‬
‫[‪ ]69‬سورة الروم [ ‪.] 21‬‬

‫‪308‬‬
‫[‪ ]70‬سورة العراف [ ‪.] 31‬‬
‫==========================‬
‫قَبَسَاتٌ مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )7‬وتبسمك ف وجه أخيك صدقة‬

‫عن أب ذر رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪" :‬ليس من نفس ابن آدم إل عليها‬
‫صدقة ف كل يوم طلعت فيه الشمس"‪ .‬قيل‪ :‬يا رسول ال من أين لنا صدقة نتصدق با؟ فقال‪" :‬إن‬
‫أبواب الي لكثية‪ :‬التسبيح والتحميد والتكبي والتهليل والمر بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬وتيط‬
‫الذى عن الطريق وتسمع الصم وتدي العمى وتدل الستدل عن حاجته‪ .‬وتسعى بشدة ساقيك‬
‫مع اللهفان الستغيث‪ ،‬وتمل بشدة ذراعيك مع الضعيف‪ .‬فهذا كله صدقة منك على نفسك"‪ .‬رواه‬
‫ابن حبان ف صحيحه والبيهقي متصرا‪ .‬وزاد ف رواية‪" :‬وتبسمك ف وجه أخيك صدقة‪ ،‬وإماطتك‬
‫الجر والشوكة والعظم من طريق الناس صدقة‪ ،‬وهديك الرجل ف أرض الضالة لك صدقة " [‪.]71‬‬
‫***‬
‫هذا الديث العجيب ل يلك النسان أن ير به دون أن يقف عنده لظات يتدبر بعض معانيه‪.‬‬
‫وإن له لياءات شت‪ ،‬يدق بعضها ويلطف‪ ،‬حت يصل إل أعماق النفس‪ ،‬إل قرار الوجدان‪ ،‬فيهزها‬
‫هزا‪ ،‬ويوقع على أوتار القلب لنا صافيا مشرقا جيلً يأخذ باللباب‪.‬‬
‫وسنختار هنا من العان الكثية الت يوحي با الديث معنيي رئيسيي‪ :‬أولما تفجي منابع الي ف‬
‫النفس البشرية‪ ،‬وثانيهما‪ :‬ربط الجتمع برباط الب والودة والخاء‪ .‬وقد نلم ببعض العان الخرى‬
‫ف أثناء الديث‪.‬‬
‫***‬
‫الصدقة ف مفهومها التقليدي نقود وأشياء مسوسة يساعد با الغن الفقي‪ ،‬وينحها القوي للضعيف‪.‬‬
‫وهي بذا العن ضيقة الفهوم جدا‪ ،‬وأثرها ف حياة الجتمع مدود‪ .‬ولو أنا ظلت قرونا طويلة‬
‫مظهرا من مظاهر التكافل الجتماعي‪ ،‬ورباطا من روابط الجتمع‪ ،‬وأداة لتطهي الغنياء من الشح‪،‬‬
‫وإعانة الفقراء على الياة‪..‬‬
‫وبصرف النظر عن هدف السلم الصيل ف أن يكتفي الناس بعملهم الاص فل يتاجون للصدقات‬
‫‪ -‬ذلك الدف الذي تقق ف عهد عمر بن عبد العزيز إذ يقول يي بن سعيد‪ " :‬بعثن عمر بن عبد‬
‫العزيز على صدقات إفريقية‪ ،‬فاقتضيتها‪ ،‬وطلبت فقراء نعطيها لم‪ ،‬فلم ند با فقيا‪ ،‬ول ند من‬
‫يأخذها منا‪ ،‬فقد أغن عمر بن عبد العزيز الناس‪" ..‬‬

‫‪309‬‬
‫بصرف النظر عن هذا الدف النهائي‪ ،‬فقد كانت الصدقات وسيلة احتياطية ف الجتمع‪ ،‬طالا أن‬
‫الفقر موجود‪ ،‬وإل أن تتمكن الدولة ‪ -‬كما تكنت ف عهد عمر بن عبد العزيز ‪ -‬من إغناء الناس‬
‫عن غي هذا الطريق‪.‬‬
‫ولكن الديث النبوي يرج بالصدقة من معناها التقليدي الضيق‪ .‬من معناها السي‪ ،‬إل معناها‬
‫النفسي‪ .‬وهنا تنفتح على عال رحيب ليست له حدود‪.‬‬
‫كل خي صدقة‪ ..‬وعلى كل امرئ صدقة‪..‬‬
‫هكذا ف شول واسع ل يترك شيئا ول يضيق عن شيء!‬
‫كل خي صدقة‪ .‬أو ليس ذلك حقا؟!‬
‫ومن أين تنبع الصدقة التقليدية بعناها السي الضيق الدود؟‬
‫أو ليست تنبع من معي الي ف النفس البشرية؟ بلى! إن هذا هو معينها الوحيد‪ .‬وإل فهي رياء‬
‫كاذب‪ ،‬وهي دنس ل يصدر عن نفس نظيفة‪ .‬وليس ذلك بطبيعة الال هو القصود‪.‬‬
‫فإذا كانت الصدقة تنبع من معي الي‪ ،‬فإن حديث الرسول الكري ل يزيد على أن يرجع مباشرة إل‬
‫هذا العي‪ ،‬يستجيشه ويستدره‪ ،‬ليتفتح ويفيض‪ ،‬ويتدفق ف كل اتاه‪.‬‬
‫الي هو معي الصدقة‪ .‬فليكن كل خي صدقة! كل ما ينبجس من هذا العي‪ .‬كل ما يرج من هذا‬
‫النبع الطاهر النظيف‪ ،‬هادفا إل الي مققا له ف واقع الياة‪.‬‬
‫والصدقة ما هي؟ أليست " إعطاء "؟‬
‫بلى‪ ،‬إنا كذلك فليكن إذن كل إعطاء صدقة! حت تبسمك ف وجه أخيك‪ ..‬صدقة!‬
‫إنه ذات النبع ؛ وهي عملية نفسية واحدة ف جيع الحوال!‬
‫إن " الركة " النفسية الت تدث ف داخل النفس وأنت تم بإعطاء القرش للرجل الحتاج‪ ،‬أو تعي‬
‫عاجزا على اجتياز الطريق‪ ،‬أو تساعد إنسانا على رفع حل‪ ..‬إنا هي ذاتا الت تدث ف نفسك‬
‫وأنت ترفع حجرا من الطريق حت ل يعثر فيه الناس‪ ،‬وهي ذاتا الت تدفع البتسامة إل وجهك حي‬
‫ترى وجه أخيك‪..‬‬
‫إنك لو جسّمت مشاعر النفوس‪ ،‬فتخيلتها جسوما متحركة‪ ..‬لرأيت صورة واحدة ف كل مرة‪:‬‬
‫صورة " النفس " وهي ترك يدها من الداخل حركة العطاء!‬
‫خذ! خذ هذا القرش‪ .‬أو خذ هذه العونة‪ ..‬أو خذ هذا الشعور!‬
‫منبع واحد‪ .‬وحركة واحدة ف جيع الحوال‪.‬‬
‫ودافع واحد‪..‬‬
‫فالذي يدفعك إل إعطاء الصدقة للمحتاج هو شعور " إنسان "‪ .‬وقد يكون من الصعب أن تدد‬
‫معن لذا اللفظ الدقيق‪ .‬فهو ف بساطته وشوله معجز كالنسانية!‬
‫قد يكون شعورك واضحا‪ :‬هذا أخوك ف النسانية‪ .‬تس بينك وبينه هذه الصرة الت تربط أفراد‬
‫النس الواحد‪ ،‬وتقرب بينهم‪ ،‬وتدعوهم إل التعاون الوثيق‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫وقد يكون شعورك مبهما‪ .‬وجدان غامض‪ .‬خيوط خفية تنبع من قلبك حت تصل إل قلبه‪ ،‬فتربط‬
‫بينهما برباط دقيق‪ .‬أو هزات كالزات الغناطيسية أو الكهربائية الت تنتشر ف الو‪ ،‬حت " يلتقطها "‬
‫الستقبل من بعيد‪.‬‬
‫هذا الشعور النسان ‪ -‬الواضح أو البهم ‪ -‬الذي يدفعك إل إعطاء الصدقة للمحتاج‪ ،‬أليس هو ذاته‬
‫الذي ينيك على الجر فتلتقطه بعيدا عن أقدام الارة؟ أو ليس هو كذلك الذي يشيع البسمة ف‬
‫وجهك حي تلقى الناس؟!‬
‫هي عملية واحدة ف داخل النفس‪ ..‬ولكننا ل ندركها دائما على حقيقتها‪.‬‬
‫والرسول الكري يلفتنا ف حديثه إليها‪ .‬يلفتنا إل هذه القيقة النفسية الواحدة الت تكمن وراء كل‬
‫عمل من أعمال الي‪ .‬لنعرف أنه الي ف منبعه وإن تعددت صوره وزواياه‪.‬‬
‫ولكن الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ل يريدنا أن " نعرف " فحسب!‬
‫فالعرفة الت ل تنتهي إل شيء ليست هدفا من أهداف السلم ول من أهداف الياة العملية!‬
‫كل شيء ينبغي أن تكون له غاية‪ .‬وغاية الغايات ف الرض أن يكون الي هو السيطر على حياة‬
‫البشرية‪ .‬فالي هو كلمة ال‪ .‬وكلمة ال هي العليا‪.‬‬
‫ومن هنا تلتقي الرض والسماء‪ ،‬والدنيا والخرة ف رصيد السلم‪.‬‬
‫والرسول الكري يريد أن " يعودنا " على الي‪ ،‬ل أن " يعرفنا " إياه فحسب‪.‬‬
‫" وعلى كل امرئ صدقة‪." ..‬‬
‫ل منا أن تتحرك نفسه بالي‪ .‬يريد أن يستثي تلك الركة الداخلية الت تد يدها بالعطاء‪.‬‬ ‫إنه يريد ك ً‬
‫والياة عادة‪ .‬والعادة تعدى من نفس إل نفس‪ .‬بل تعدى من شعور إل شعور ف باطن النفس!‬
‫حي تتعود النفس أن تستيقظ‪ ،‬أن تنهض من سباتا وتتحرك‪ ،‬وتد يدها من الداخل بعمل أو شعور‪.‬‬
‫حي يدث هذا مرة‪ ،‬فسوف يدث مرة بعد مرة‪ .‬وستتعدد صور العطاء حت تشمل من النفس‬
‫أوسع نطاق‪ ..‬حت تشمل ف الواقع كل تصرف وكل شعور‪.‬‬
‫وتبدو حكمة الرسول ف توسيع مدى الي‪ ،‬وتعديد صوره وأشكاله‪ ،‬وتبسيطها كذلك حت تصبح‬
‫ف متناول كل إنسان!‬
‫فلو كانت " الصدقة " أو الي قاصرا على الحسوسات والموال‪ ،‬فسيعجز عنها كثي من أفراد‬
‫البشرية‪ ،‬وتبقى ينابيع ثرة ف باطن النفوس‪ ،‬ل يستثمرها أحد‪ ،‬ول يستنبط من معينها الغزير‪.‬‬
‫ولكن اليد الكيمة الاهرة تعرف كيف تسيل الي من هذه النفوس‪ .‬لسات رفيقة حانية من هنا ومن‬
‫هناك تفتح الغلق وتبعث الكنون‪.‬‬
‫والرسول الكري يلطف ف معاملة البشرية كالب النون يلطف مع أولده‪ ،‬وهو يطو معهم خطوة‬
‫خطوة ف الطريق‪ .‬إنه ييسر لم المر‪ .‬ويوحي إليهم أنه ف مقدورهم بل تعب ول مشقة‪ .‬وحينئذ‬
‫يصنعونه ولو كان فيه مشقة!!‬
‫تلك أفضل وسائل التربية وأحبها إل النفوس‪.‬‬

‫‪311‬‬
‫وهي ليست ضحكا على الناس ول استدراجا لم! حاش ل!‬
‫إنا كلها حقيقة‪ .‬فالي نبع واحد داخل النفس‪ .‬وكل صوره صورة واحدة‪.‬‬
‫ولقد نظن‪ ،‬لول وهلة‪ ،‬أن بعض هذه " الصدقات " أهون من أن تكون صدقة‪ .‬وأنا ل يوز أن‬
‫تدرج مع غيها ف سلك يشمل الميع‪.‬‬
‫وقد يكون أقرب شيء إل هذا الظن قول الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬وتبسمك ف وجه أخيك‬
‫صدقة‪ .‬وإفراغك من دلوك ف دلو أخيك صدقة"‪.‬‬
‫ومع ذلك فجربا إذا أردت‪ .‬أو تتبعها ف ميط الناس‪..‬‬
‫إن تبسمك ف وجه أخيك‪ ،‬الذي يبدو لك هينا حت ما يصح أن يوضع ف الصدقات‪ ..‬لو أشق‬
‫شيء على النفس الت ل تتعود الي ول تتجه إليه!‬
‫هناك أناس ل يتبسمون أبدا‪ ،‬ول تنفرج أساريرهم وهم يلقون غيهم من الناس!‬
‫إنم شريرون أو ف نفوسهم مرض‪ .‬وينابيع الي مغلقة ف نفوسهم وعليها القفال‪.‬‬
‫وهناك ناس يبخلون عليك بقطرة من ماء! الاء القيقي ل على سبيل الجاز!‬
‫إن السألة ليست البسمة ول نقطة الاء‪ .‬إنا العطاء‪ .‬إنا الركة الت تتم ف داخل النفس‪ .‬إنا فتح‬
‫القفل الغلق‪ .‬أو ترك اليد النفسية وانبساطها إل المام‪..‬‬
‫عملية واحدة ف جيع الالت‪ ..‬إما أن توجد‪ ،‬فتقدر النفس على الي‪ .‬تقدر على العطاء والودة‪.‬‬
‫وإما أل توجد‪ ،‬فيستوي الي والعظيم‪ ،‬وتغلق النفس عن جيع الصدقات‪.‬‬
‫***‬
‫والرسول الرب ل يريد أن يعرفنا بنابع الي فحسب‪ ،‬ول أن يعودنا على الي فحسب‪ .‬ولكن ألح‬
‫من وراء تعديد الصدقات‪ ،‬وتبسيطها حت تصبح ف متناول الميع‪ ،‬معن آخر‪..‬‬
‫العطاء حركة إيابية‪ .‬ولذلك قيمة كبى ف تربية النفوس‪.‬‬
‫فالنفس الت تتعود الشعور باليابية نفس حية متحركة فاعلة‪ .‬بعكس النفس الت تتعود السلبية فهي‬
‫نفس منكمشة منحسرة ضئيلة‪.‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم يريد للمسلم أن يكون قوة إيابية فاعلة‪ ،‬ويكره له أن يكون قوة سلبية‬
‫حسية‪.‬‬
‫والشعور والسلوك صنوان ف عال النفس‪ ،‬كلها يكمل الخر ويزيد ف قوته‪.‬‬
‫ومن هنا حرص الرسول صلى ال عليه وسلم على أن يصف حت العمال الصغية والينة بأنا‬
‫صدقة‪ .‬بأنا إعطاء‪.‬‬
‫مرة أخرى كالب مع أبنائه‪..‬‬
‫فأنت حي توحي لطفلك أن الدور الذي قام به ف العمل دور هام ومثمر‪ ،‬وقد أدى إل نتيجة‪ ،‬فإنك‬
‫تشجعه على مزيد من العمل ومزيد من النتاج‪ .‬أما إذا رحت تصغر من شأنه‪ ،‬وتشعره أن أعماله‬

‫‪312‬‬
‫تافهة بالقياس إل الطلوب منه‪ ،‬فإنك تشجعه على النسار داخل نفسه‪ ،‬والنصراف عن كل عمل‬
‫يتاج إل مهود‪.‬‬
‫والرسول يشجع الناس على الحساس بإيابيتهم‪ ،‬حت ف العمال الت قد تبدو صغية ف ظاهرها‪،‬‬
‫ليحسوا أن كيانم يتحقق ف عال الواقع‪ ،‬ف عال السلوك‪ .‬فيزيدهم ذلك إقبا ًل على العمل ف ميدان‬
‫الي‪ ،‬ويشجعهم على الصعود باستمرار‪.‬‬
‫وف تسمية هذه العمال " بالصدقات " أمر آخر من وراء التعبي‪.‬‬
‫فالصدقات بعناها السي الضيق‪ ،‬تقسم الناس آخذين ف جانب ومعطي ف جانب‪ .‬وقد توحي إل‬
‫الخذين الشعور بالضآلة والضعف‪ ،‬وتغري العطي باليلء والغرور‪.‬‬
‫وذلك تقسيم للمجتمع سيئ غاية السوء‪.‬‬
‫ولكن توسيع نطاق الصدقات حت تشمل كل شيء وكل عمل متجه إل الي‪ ،‬يلغي التقسيم الول‪،‬‬
‫ويتيح لكل إنسان ‪ -‬بصرف النظر عن فقره وغناه ‪ -‬أن يكون معطيا واهبا للخرين‪ .‬ومن ث يعل‬
‫الناس كلهم ‪ -‬بركة واحدة ‪ -‬آخذين ومعطي على قدم الساواة‪ ،‬وشركاء ف ميدان واسع فسيح!‬
‫وذلك ول شك منهج بارع ف تربية النفوس‪ ،‬فوق أنه يقرر مفهوما آخر من مفاهيم السلم‬
‫الصيلة‪ :‬أن القيم الت تكم الياة ليست هي القيم الادية وحدها‪ .‬أو القتصادية وحدها‪ .‬وإنا القيم‬
‫الشعورية والوجدانية كذلك‪ .‬بل هذه الخية هي الصل الذي تقوم عليه علقات البشرية!‬
‫***‬
‫وقد افتت الناس دائما بالقيم الادية وحسبوها قوام الياة‪ .‬القدماء ف ذلك والحدثون سواء‪ .‬وحي‬
‫تنطمس بصائر الناس عن منابع الي القيقية‪ ،‬وتنحسر نفوسهم عن حقيقة الكون الواسعة‪ ،‬فإنم ل‬
‫يرون إل القيم الادية‪ ،‬ول يدركون إل ما تدركه الواس‪ .‬ولكن السلم حرص على توسيع الياة‬
‫وتليتها ف صورتا القيقية‪ .‬ل يهمل عال الادة‪ ،‬ول يهمل ضرورات الياة‪ .‬بل أعطاها عنايته‬
‫الكاملة كما يتضح ف التفصيلت الدقيقة الت يشملها الشرع‪ ،‬والضافات الدائمة الت أضافها الفقه‬
‫السلمي على مدى القرون ولكنه ل يقف عند هذه المور وحدها‪ ،‬لن الياة ف واقعها ل تقف‬
‫هناك‪ .‬وإنا تتعداها إل آفاق أوسع وأرحب‪ ،‬وإل مستويات أكب وأعلى‪.‬‬
‫والسلم دين الياة الكامل‪ ،‬ومن ث يشمل الياة كلها ف جيع الفاق وجيع الستويات‪ ،‬على نظافة‬
‫ف الداء ونظافة ف السلوك‪.‬‬
‫إنه كصاحب الرض الصبة ل يزرع منها جانبا ويهمل الانب الخر‪ ،‬أو يدعه تنبت فيه حشائش‬
‫السموم‪ .‬إنه يس بالقيمة الكبى لتلك الرض الثمينة‪ ،‬ويس بالسارة الت تنشأ من تعطيلها أو‬
‫إهال بعضها‪ ،‬ومن أجل ذلك ينقب ف كل مكان ف النفس حت يكن أن تنبت فيه نبتة الي‪،‬‬
‫فيزرعها وين من زرعها الثمار‪.‬‬
‫وحي يرص السلم على أن يظل ينبوع الي ف النفس النسانية ثرّا يفيض بالي ول ينضب‪ ،‬فإنه‬
‫يضمن أن تقوم بي البشر روابط أمت بكثي وأوثق من تلك الت يكن أن يقيمها القتصاد أو تقيمها‬

‫‪313‬‬
‫العلقات الادية‪ .‬بل يضمن أن تكون رابطة حية وخية‪ ،‬ل يأكلها القد‪ ،‬ول تسري إل القلوب مع‬
‫" تنظيماتا " الصلدة والفاف‪.‬‬
‫***‬
‫وأي رابطة يكن أن تربط القلوب أقوى من الودة والب؟‬
‫ت مَا فِي الَْأ ْرضِ جَمِيعا مَا أَّل ْفتَ بَيْ َن قُلُوِبهِ ْم وََلكِنّ الّلهَ َألّفَ بَْيَنهُمْ) [‬
‫(‪ ....‬وَأَلّفَ بَْينَ قُلُوِبهِمْ َلوْ أَْن َفقْ َ‬
‫‪.]72‬‬
‫إنا هبة ال‪..‬‬
‫والنعم الادية أو القتصادية كذلك هبة ال‪.‬‬
‫ولكن الية تضع كلً ف مكانه ف ميزان القلوب وميزان الياة!‬
‫ل يكفي الال وحده لتأليف القلوب‪ .‬ول تكفي التنظيمات القتصادية والوضاع الادية‪.‬‬
‫ل بد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف الستمد من روح ال‪ .‬أل وهو الب‪.‬‬
‫الب الذي يطلق البسمة من القلب فينشرح لا الصدر وتنفرج القسمات‪ ..‬فيلقى النسان أخاه‬
‫بوجه طليق‪.‬‬
‫ذلك الب هو الذي يصنع العجزات‪ .‬هو الذي يؤلف القلوب‪ .‬هو الذي يقيم البناء الذي ل يهدمه‬
‫شيء ول يصل إليه شيء‪.‬‬
‫" جاء إل النب صلى ال عليه وسلم أعراب يوما يطلب منه شيئا فأعطاه‪ ،‬ث قال له‪ :‬أحسنت إليك؟‬
‫قال‪ :‬ل ول أجلت! فغضب السلمون وقاموا إليه‪ ،‬فأشار إليهم أن كفوا‪ .‬ث دخل منله فأرسل إل‬
‫العراب وزاده شيئا‪ .‬ث قال‪ .‬أحسنت إليك؟ قال نعم‪ .‬فجزاك ال من أهل ومن عشية خيا‪ .‬فقال‬
‫له النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬إنك قلت ما قلت وف نفس أصحاب شيء من ذلك‪ ،‬فإذا جئت فقل‬
‫بي أيديهم ما قلت بي يدي‪ ،‬حت يذهب من صدورهم ما فيها عليك"‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬فلما كان الغداة‬
‫جاء‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن هذا العراب قال ما قال‪ ،‬فزدناه‪ ،‬فزعم أنه رضي‪.‬‬
‫أكذلك؟ فقال العراب‪ :‬نعم‪ .‬فجزاك ال من أهل وعشية خيا‪ .‬فقال صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن‬
‫مثلي ومثل هذا العراب كمثل رجل له ناقة وشردت عليه‪ ،‬فتبعها الناس‪ ،‬فلم يزيدوها إل نفورا‪،‬‬
‫فناداهم صاحب الناقة‪ :‬خلوا بين وبي ناقت‪ ،‬فإن أرفق با وأعلم‪ .‬فتوجه لا صاحب الناقة بي‬
‫يديها‪ ،‬فأخذ لا من قمام الرض‪ ،‬فردها هونا هونا‪ ،‬حت جاءت واستناخت‪ ،‬وشد عليها رحلها‪،‬‬
‫واستوى عليها‪ .‬وإن تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار"!‬
‫هذا الدرس العجيب من حياة الرسول صلى ال عليه وسلم من سلوكه العملي ‪ -‬يشرح لنا القيم الت‬
‫أودعها أحاديثه الروية ف هذا التاه‪.‬‬
‫قد يكون الال الزائد هو الذي أرضى العراب ‪ -‬ف ظاهر المر ‪ -‬بعد ما كان ساخطا على العطاء‬
‫القليل‪.‬‬
‫ولنفرض جدلً أنه كذلك‪.‬‬

‫‪314‬‬
‫ولكن فلننظر إل المر من جانب النب صلى ال عليه وسلم من جانب العطي ‪ -‬أكان يزيد ف عطاء‬
‫الرجل لو ل يكن هذا العي الفياض بالرحة والودة والب؟‬
‫ولننظر إل المر خاصة بعد أن قال العراب قولته النكرة الاحدة‪ ..‬أوَ قد كان غي هذا القلب الكبي‬
‫وهذا الروح الشفيف يكن أن يقبل القولة الارحة ويرد عليها بعطاء جديد؟‬
‫إن الصدقة " الادية " الزائدة ليست هي حقيقة الوقف! إنا مرد التعبي الادي الجسم للشعور‬
‫السامق النبيل‪ .‬إنا ترجة للصل وليست هي الصل! إنا الصدى والقلب هو القيقة!‬
‫هذا القلب هو الذي يربيه الرسول الكري هذه التربية البدعة ليقيم عليه رباط البشرية‪.‬‬
‫وما نريد أن ندخل حقائق " العلم " ف أمر روابط البشرية! ولكنا ‪ -‬برغمنا! ل ند ميصا من‬
‫الشارة إل هذه القائق الت غيت كل الفاهيم " الادية " الت سادت تفكي البشر ف القرون‬
‫الخية‪ .‬فقد أثبت العلم أنه ليست هناك " مادة "! إنا الياة كلها " قوى " و " روابط "!‬
‫الذرة الت كان يظن من قبل أنا مادة راسية مستقرة ملموسة ظهر أنا كهارب! أنا طاقة كهربائية‬
‫سالبة وموجبة‪ .‬وأن الرباط الذي يشد بعضها إل بعض هو الاذبية‪..‬‬
‫وذلك هو كل بناء الكون!‬
‫ل جرم يكون كذلك هو بناء البشرية!‬
‫ليس " الادة "‪ .‬وليس " القتصاد "! ليس شيئا ما تقف عنده الواس وتظنه القيقة! وإنا هو شيء‬
‫أعمق وألطف وأدق‪..‬‬
‫الب رباط البشرية‪ .‬والقلوب هي طاقتها‪.‬‬
‫وكما تصطدم الطاقات ف الذرة فتضطرب وتتناثر حي تفقد رباطها القوي يشدها بعضها إل بعض‪،‬‬
‫حي تفقد رباط الاذبية‪ ،‬كذلك تصطدم القلوب ف الياة البشرية فتتنافر وتتناثر حي تفقد رباطها‬
‫القوي الذي يشدها بعضها إل بعض‪ ..‬حي تفقد الحبة‪.‬‬
‫والسلم دين ال‪.‬‬
‫ال الذي خلق اللق وهو أعلم بن خلق‪.‬‬
‫وهو دين الفطرة‪ .‬الدين الذي يساير الفطرة أجل مسايرة‪ ،‬ويصل من ذلك إل أجل النتائج‪.‬‬
‫والسلم هو الذي يعل رباط الحبة هو الرباط الول والوثق ف حياة البشرية‪ ،‬ويقيم الوشائج كلها‬
‫‪ -‬من مادية واقتصادية واجتماعية وفكرية وروحية ‪ -‬على هذا الساس التي‪.‬‬
‫حبْلِ الّلهِ جَمِيعا وَل َت َفرّقُوا وَاذْ ُكرُوا ِنعْ َمتَ الّلهِ عََليْكُمْ ِإذْ كُْنتُمْ‬
‫(وَأَلّفَ بَيْ َن قُلُوِبهِمْ)‪( .‬وَا ْعَتصِمُوا بِ َ‬
‫حتُمْ ِبِنعْمَِتهِ ِإ ْخوَانا) [ ‪.]73‬‬
‫ف بَيْ َن قُلُوِبكُمْ فََأصْبَ ْ‬
‫َأعْدَاءً فَأَلّ َ‬
‫ورسول السلم ‪ -‬وهو الية البشرية الكونية الكبى ‪ -‬يدرك بفطرته اللتقية مع فطرة الكون‬
‫العظم‪ ،‬وبا أدبه ربه فأحسن تأديبه‪ ،‬أن الرحة والودة والخاء هي وحدها الت يكن أن يقوم عليها‬
‫البناء الي القوي التماسك‪ ،‬فيدعو إل الب‪ " :‬ل يؤمن أحدكم حت يب لخيه ما يب لنفسه " [‬
‫‪ ]74‬ويلو القلوب لتفيض بالب‪ ،‬ويعلمها الوسيلة لكي ِتبّ وتَب‪ :‬أن تلقى أخاك بوجه طليق!‬

‫‪315‬‬
‫وإن هذه البتسامة على الوجه الطلق لتعمل عمل السحر!‬
‫جربا!‬
‫جرب أن تلقى الناس بوجه طلق وعلى فمك ابتسامة مشرقة‪ .‬ولن تندم على التجربة قط!‬
‫إنا لتستطيع ‪ -‬وحدها ‪ -‬أن تفتح مغالق النفوس وتنفذ إل العماق‪ .‬تنفذ إل القلب! إل الطاقة‬
‫الكنونة ف الكيان البشري‪ ،‬فتربط بينها وبينك برباط الاذبية!‬
‫حينئذ تصي قطعة من الكون العظم‪ ،‬دائرة معه ف فلكه الفسيح‪ ،‬لنك تلتقي بفطرتك الصحيحة مع‬
‫فطرته القة‪ ،‬فتلتقيان ف الناموس الكبي!‬
‫وحينئذ ترى ال!‬
‫فهذا هو الطريق!‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]71‬الترغيب والترهيب ج ‪ 4‬ص ‪ 396‬رقم ‪.7‬‬
‫[‪ ]72‬سورة النفال [ ‪.] 63‬‬
‫[‪ ]73‬سورة آل عمران [ ‪.] 103‬‬
‫[‪ ]74‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫======================‬
‫قَبَسَاتٌ مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )8‬ما أسكر كثيه فقليله حرام‬

‫" ما أسكر كثيه فقليله حرام " [‪.]75‬‬


‫لعل ظاهر اللفظ يوحي بأن المر وحدها هي القصودة بالديث‪.‬‬
‫ولكن ألح أنه قاعدة تشريعية شاملة‪ ،‬تنطبق على المنوع كله والرام كله‪ ،‬وتنطبق على المر‬
‫والربا‪ ،‬والسرقة والغصب‪ ،‬والغمز واللمز‪ ،‬والغيبة والنميمة‪ ،‬والكذب والنفاق‪ ..‬وعلى الرية اللقية‬
‫خاصة!‬
‫وقليل المر ل يسكر‪ .‬وقليل كل شيء ل ضرر فيه‪..‬‬
‫ل والفراح؟!‬‫ما شربة خر؟ ما كأس بي الي والخر؟ ف الفلت مث ً‬
‫وما كذبة بي الي والي بيضاء أو غي بيضاء؟‬
‫وما القروش القليلة يتلسها من مبلغ ضخم ل يكن أن تؤثر فيه؟‬
‫وما الضرر ف قليل من النفاق تسي به المور و " تشحم " عجلة الياة فل يقع فيها احتكاك ول‬
‫صدام؟‬
‫وما نظرة عابرة إل فتاة؟‬
‫أو ابتسامة؟‬
‫أو كلمات؟‬

‫‪316‬‬
‫أو شيء قليل من الداعبة ل يبلغ حد الرية‪ ..‬قبلة أو ضمة أو ما أشبه؟‬
‫فلتكن الرية!‬
‫جرية عابرة‪ ..‬تتم ف الظلم‪ ،‬خلسة‪ ،‬ل يعلم با أحد‪ ،‬ول تؤثر ف خط سي الياة‪ ..‬هل تنهد الدنيا‬
‫إذا حدث ذلك أو تنهار الخلق؟‬
‫كذلك تبدو المور للوهلة الول‪ ..‬سهلة هينة ل تستلزم التشديد ول توجب الهتمام!‬
‫ومع ذلك فهي حكمة بالغة تلك الت نطق با الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ودراية عميقة بالنفس‬
‫البشرية‪ ،‬ونظر بعيد ل يقف عند الزئية الصغية‪ ،‬ول عند الفرد الواحد‪ ،‬ول اليل الواحد من‬
‫الجيال!‬
‫إنا النظرة الفاحصة الشاملة الت تأخذ ف حسابا الفرد والجتمع‪ ،‬والنسان كله على امتداد حياته ف‬
‫تلك الرض‪.‬‬
‫نظرة القلب الدرك البصي الذي ينفذ إل صميم السلم فيستلهم روحه العميقة الدقيقة‪ ،‬وتنفتح له‬
‫مغاليق الكمة وغوامض السرار‪.‬‬
‫ومن غي رسول ال صلى ال عليه وسلم أجدر بأن يدرك روح السلم النقية الصافية‪ ،‬ويترجم عنها‪،‬‬
‫وهو نب ال وصفيه‪ ،‬الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه‪ ،‬وشرح صدره‪ ..‬شرح صدره للسلم‪ ،‬وللحق‬
‫الاثل ف الكون الكبي‪ ،‬فكان هو النموذج الكامل للسلم‪ ،‬والقمة البشرية؟!‬
‫***‬
‫الدمان أول شيء يطر على البال حي تذكر المر‪ ،‬ويذكر القليل فيها والكثي‬
‫والدمان ‪ -‬كما تثبت التجربة العلمية ‪ -‬خطر ماثل أمام البشرية حي تبيح لنفسها المر‪ ،‬وحي‬
‫تبيح لنفسها أي أداء من أدواء الجتمع الكثية التعددة‪.‬‬
‫وهو ف المر يرتكز على أساس عصب ‪ -‬جسمان ‪ -‬وعلى أساس نفسي كذلك [‪.]76‬‬
‫كل شراب ‪ -‬بل كل دواء ‪ -‬ذي تأثي معي على العصاب‪ ،‬منبه أو مسكن أو مثي أو ملطف‪ ،‬يفقد‬
‫أثره على العصاب بعد قليل‪ ،‬لنا تتحصن ضده وتتبلد عليه‪ .‬ويتاج النسان ‪ -‬ل مالة ‪ -‬إل‬
‫زيادة الرعة أو تغيي " الصنف " لكي يس له بفعول‪.‬‬
‫هذا من الوجهة العصبية‪ .‬أما من الوجهة النفسية فهناك العادة‪ .‬والنفس تستريح لا تتعود عليه ‪-‬‬
‫كذلك فطرها ال لكمة هو عالها ‪ -‬وتشتاق لا تعتاده من الركات والفعال والفكار والشاعر‪،‬‬
‫فيلتقي تأثر العصاب ومتعة النفس على المر الواحد ف اللحظة الواحدة‪ ،‬فيتجاوبان‪ ،‬ويدفع كل‬
‫منهما الخر ويقويه!‬
‫وهذا أمر ينطبق على كل شيء! حت لقمة البز وجرعة الاء‪ ،‬وضجعة السرير وجلسة القعد‪،‬‬
‫وحديث النسان إل نفسه أو حديثه إل الناس‪ ،‬ورؤية فلن أو صحبة مكان أو ألف شيء من‬
‫الشياء!‬

‫‪317‬‬
‫ولكن بعض هذه المور تداوي نفسها بنفسها فتكون بنجاة من الدمان ‪ -‬بعن السراف الضر ‪-‬‬
‫كما أن بعضها ل يصل إل حد الطر ولو وصل إل الدمان!‬
‫الطعام والشراب عادة يتعودها السم وتتعودها النفس‪ ،‬من حيث الكم والنواع والواعيد‪ .‬ولكنها ‪-‬‬
‫ف الالة السوية ‪ -‬تد الفرامل الضابطة ف إحساس الشبع وامتلء الفراغ الحدود‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد تنحرف إل َش َرهٍ َنهِ ٍم مسعور!‬
‫ولكنها ضرورة! ل تقوم الياة إل با ف حالتها العقولة السوية‪.‬‬
‫سرِفُوا) [‪ ]77‬ول يعل‬ ‫ومن ث أبيح القول العقول‪ ،‬وحرم الزائد عن العقول‪( :‬وَكُلُوا وَا ْشرَبُوا وَل ُت ْ‬
‫التحري بتشريع لن ذلك مستحيل‪ .‬وإنا ترك أمره للتوجيه والتهذيب وخشية ال وتقواه‪.‬‬
‫والنوم والراحة عادة من حيث الواعيد والقدار والطريقة والوسيلة ‪ -‬مترفة أو غي مترفة ‪ -‬ولكنها ‪-‬‬
‫ف الالة السوية ‪ -‬تد فراملها الضابطة ف النشاط الذي تدثه‪ ،‬والرغبة الذاتية ف تصريف هذا‬
‫النشاط‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد تنحرف إل كسل وتراخ وفتور‪.‬‬
‫ومن ث أبيح القدر العقول ‪ -‬إن لبدنك عليك حقا ‪ -‬وحرم الترف والتكاسل والقعود‪.‬‬
‫ورؤية الناس ومالطتهم عادة‪ .‬ولكن لا ضوابطها الذاتية الت تنع السراف فيها ‪ -‬ف الالة السوية ‪-‬‬
‫وهي رغبة النسان ف التقلب بي نزعته الفردية ونزعته الماعية ليضي هذه وتلك‪.‬‬
‫وإلف المكنة والشياء عادة‪ ..‬ول ضرر ف الدمان عليها ‪ -‬ما دامت ف ذاتا نظيفة ‪ -‬ومع ذلك‬
‫فاللل‪ ،‬وهو عنصر بشري أصيل‪ ،‬يد بطريقة طبيعية من الدمان عليها والسراف فيها‪..‬‬
‫ولكن المر وغيها من الدواء ليس كذلك!‬
‫حي يدث الدمان فليست له ضوابط‪ .‬وكل شارب عرضة للدمان‪ .‬لن العصاب ليست لا‬
‫حصانة من تأثي السموم!‬
‫ومع ذلك فسنفترض أن أغلبية من الناس تستطيع أن تشرب دون أن تبلغ حد الدمان ‪ -‬وهو قول‬
‫غي صحيح ف واقع المر ‪ -‬فمع ذلك ليس هذا بيت القصيد!‬
‫بيت القصيد هو الجيال القادمة‪...‬‬
‫ف مسألة المر بالذات‪ ،‬يقول الطب إن أبناء السكارى يولدون وفيهم استعداد موروث لشرب‬
‫المر‪ ،‬ينتقل إليهم عن طريق النطفة قبل أن يلكوا لنفسهم القياد! ومن ث يصبحون ف الكب‬
‫مدمني!‬
‫ويقول علم النفس إن أبناء السكي يصابون باضطرابات نفسية وعصبية عنيفة تؤثر ف مستقبل‬
‫حياتم‪ .‬فالولد ينظر إل شخصية والده على أنه الثل العلى الكامل الذي يتلبس به وياول أن‬
‫ل فإن ذلك يدث ف داخل نفسه انقساما بي شخصي كانا من قبل‬ ‫يتذيه‪ .‬فإذا رأى ف سلوكه خل ً‬
‫مؤتلفي بل متلبسي‪ ،‬ها شخصيته وشخصية والده‪ .‬ومن ث يدث نزاع داخلي عنيف‪ ،‬ينتهي إما‬

‫‪318‬‬
‫بانطواء الولد على نفسه واعتزاله الياة الية التحركة‪ ،‬إما ببوزه ف هيئة مرم صغي‪ ،‬يطم كل‬
‫مقدس‪ ،‬ويلوث كل نظيف‪.‬‬
‫أما الفتاة فيصيبها صراع من نوع آخر ينتهي با إل كراهية الرجال جيعا‪ ،‬والنفور ف الستقبل من‬
‫الزواج‪ ،‬وما يصاحب ذلك من عقد جنسية متلفة‪ ،‬أو ينتهي إل انرافها اللقي ووقوعها ف مهاوي‬
‫الرذيلة‪.‬‬
‫وسنفترض مرة أخرى أن ذلك كله لن يقع ‪ -‬وهو أمر غي صحيح!‬
‫سنفترض أن النطفة ل تنقل إل الني عدوى المر وهو واغل ف الظلمات الثلث [‪.]78‬‬
‫وسنفرض أن الوالد ل يطع أولده على سوء منه‪ ،‬فلم يعلموا أنه يشرب المر ول يدث ف نفسهم‬
‫الضطراب‪.‬‬
‫يبقى بعد ذلك كله شيء ل تستطع اتقاءه الجيال!‬
‫ما موقف الب الذي يعاقر المر حي يعلم أن أبناءه قد وقعوا فيما وقع هو فيه من قبل؟‬
‫أيزجرهم؟ أم يرخي لم العنان؟‬
‫ولاذا يا ترى يزجرهم وهو ‪ -‬بينه وبي نفسه ‪ -‬ل يؤمن بأن هناك ضررا ف المر؟ بل إنه ليؤمن أن‬
‫تربته الشخصية خي شاهد على ما يقول! ها هو ذا يشرب‪ .‬فماذا حدث له؟ ل يبلغ حد الدمان‪ .‬ل‬
‫يفصل من عمله نتيجة التأخر ف الصباح أو الهال وشرود البال‪ .‬ل يؤثر الشرب ف مركزه‬
‫الجتماعي‪ .‬ل تتلف أعصابه ول تفسد قدرته على التفكي‪ .‬وإنا كلها كأس بي الي والخر‪ ..‬ف‬
‫الفلت وف الفراح!! فما الضي على الولد إذا ساروا ف نفس الطريق‪ ،‬وعند كبهم " يعقلون "‬
‫وتسي المور‪...‬؟!‬
‫هنا موطن الطر ل يدركه الشارب ف أول جيل!‬
‫إنه ينسى! ينسى أنه هو شخصيا قد نشأ ف بيئة مافظة تستنكر المر وَتنْفر منها وتَنفّر منها‪ ،‬وأنه‬
‫نشأ وف عقله الباطن فرامل قوية ‪ -‬مستمدة من هذه البيئة الحافظة ‪ -‬هي الت حالت بينه ‪ -‬دون أن‬
‫يشعر ‪ -‬وبي السراف والدمان‪ .‬ف أعماق نفسه شخص معنوي أو شخص مسم‪ ،‬يسك له العصا‬
‫ويذره‪ ،‬وينهال عليه ضربا إذا تاوز الدود ‪ -‬ف صورة تقريع الضمي‪.‬‬
‫وصحيح أن هذا الشخص ل يبلغ من القوة ف نفسه أن ينعه البتة‪ ،‬ول يستطع أن يقفل عليه الطريق‬
‫ولكنه مع ذلك موجود ل شك ف وجوده‪ .‬وله الفضل كله ف الوقوف به عند درجة معينة ل تصل‬
‫إل الدمان البغيض‪.‬‬
‫أما البناء فأين هذا الشخص ف نفوسهم؟ من غرسه ف أخلدهم وهم صغار؟‬
‫أبوهم؟ أو الجتمع الذي يسرح فيه آباء كأبيهم؟‬
‫كل! لقد وجدت القدوة السيئة وانتهى المر‪ ،‬ث ل توجد الزواجر الت منعت اليل الول من‬
‫السراف!‬
‫أو قد توجد‪ ،‬ولكنها أضعف من الزواجر ف أول جيل‪..‬‬

‫‪319‬‬
‫ومن ث يشرب البناء فيسرفون عن ذي قبل‪ ،‬لن الشخص الذي ف نفوسهم‪ ،‬والعصا الت ف يده لينة‬
‫ل تترك أثرا ف الضمي‪.‬‬
‫وينشأ بعد ذلك جيل ث أجيال‪ ..‬ويتفي رويدا رويدا ذلك الشخص من الضمي‪ .‬ويندفع الناس بل‬
‫حاجز‪ ،‬ويسرفون بل حدود‪.‬‬
‫تلك قصة المر على مدار الجيال‪..‬‬
‫جيل متقيظ ف أول المر‪ ،‬عيونه على الرية‪.‬‬
‫ث أفراد يتسللون خفية من وراء الستار‪...‬‬
‫فإذا ظلوا ف استتارهم‪ ،‬ل يتبجحون بالث ول يسمح لم الجتمع بذلك‪ ،‬فثم أمل بقاء الجتمع ‪ -‬ف‬
‫عمومه ‪ -‬نظيفا من الرية فترة طويلة من الزمان‪ .‬أما إذا َأمِنوا زجر الجتمع‪ ،‬فخرجوا من خفيتهم‪،‬‬
‫وقعدوا على قارعة الطريق‪ ،‬فهنا ينشأ أول جيل منحرف‪ .‬وهو انراف بسيط ف أول المر ل ينذر‬
‫بالطر ول يبدو فيه النكي‪ .‬ولكن النراف البسيط يتد‪ ،‬كما يتد ذراعا الزاوية من نقطة الصفر ‪-‬‬
‫نقطة البتداء ‪ -‬حت تنفرج الشقة ويبعد الذراعان‪..‬‬
‫والاوية الحتومة ف ناية الطريق!‬
‫***‬
‫وهي قصة كل جرية من جرائم الخلق‪..‬‬
‫قصة الكذب والداع والنفاق والغش والتدليس‪.‬‬
‫قصة الغيبة والنميمة ونش العراض وكشف العورات‪.‬‬
‫قصة الرشوة والظلم والفساد‪.‬‬
‫قصة القعود عن نصرة الق والهاد ف سبيله‪.‬‬
‫قصة الترف والسرف والفجور والجون‪.‬‬
‫وهي على الخص قصة " التقاليد فيما يتص بالرجل والرأة والختلط والرية‪...‬‬
‫يبدأ الجتمع " نظيفا " متحفظا ل يسمح بالختلط ول يتهاون ف الرية‪.‬‬
‫ول نقصد " بالنظافة " أنه متمع من اللئكة الطهار قد خل من الرية‪ .‬فهذا شيء ل يدث ف‬
‫التاريخ!‬
‫ولكنا نقصدها بثل العن الذي يستخدم ف الشئون الصحية‪ .‬فحي تقول اليئات الطبية إن الدينة "‬
‫نظيفة " تقصد أنا نظيفة من الوبئة الطرة‪ ،‬ول تقصد أنا خالية من حالت فردية من هذه‬
‫المراض‪.‬‬
‫ف هذا الجتمع النظيف توجد حالت فردية غي نظيفة‪ .‬ولكنها قليلة ومستترة وعدواها مدودة‪.‬‬
‫وذلك نتيجة الرص الدائم الذي يبذله الجتمع ف عملية التنظيف‪.‬‬
‫ولكنه ف وقت من الوقات يتراخى‪...‬‬
‫عندئذ يأخذ الوباء ف النتشار التدريي البطيء‪.‬‬

‫‪320‬‬
‫وف حالة الوبئة السمية ينتشر الرض بسرعة وبطريقة ملموسة ميتة‪.‬‬
‫ومن هنا يهب الناس للوقاية والكفاح ف أسرع وقت ويتساندون ويتكاتفون لوقف الوباء‪.‬‬
‫ولكن الوبئة النفسية ذات طبيعة أخرى‪.‬‬
‫فالنفس بطبيعتها استجابة من السم‪ .‬والناعة النفسية اللشعورية ‪ -‬حي توجد ‪ -‬تستطيع أن تقاوم‬
‫الرض أو على القل تفف حدته القاتلة مدى أجيال‪.‬‬
‫ولذلك فالفساد اللقي بطيء الفعول جدا‪ .‬وقد تر أجيال كاملة على متمع منحل الخلق قبل أن‬
‫ينهار‪ .‬بل إن النلل قد يستشري ف جيل من الجيال الخية إل حد يعييك فيه البحث عن جاعة‬
‫واحدة فاضلة‪ .‬ومع ذلك فقد ل تقع الكارثة ف هذا اليل بالذات‪ .‬ومن ث يغرى الناس بالظن أن‬
‫كل النذر خرافة‪ ،‬وأنم مستمتعون بكل ما يشتهون‪ ،‬ث ناجون ما كانوا يذرون!‬
‫ولكن سنة ال ف النهاية تتحقق! ل تتخلف مرة واحدة ف التاريخ!‬
‫ل يدث أن استمتع الناس بشهواتم الزائدة إل غي حد‪ ،‬ث استمروا إل البد أقوياء متماسكي‬
‫قادرين على الياة!‬
‫وهذه صفحة التاريخ مفتوحة لن يريد‪.‬‬
‫صفحة اليونان القدية وروما القدية وفارس القدية‪ ،‬والعال السلمي حي غرق ف الشهوات‪ ،‬ث‬
‫صفحة الغرب ف جاهليته العاصرة‪.‬‬
‫تبدأ الرية بسيطة خفيفة لطيفة‪..‬‬
‫اختلط بريء تت لشراف الباء أو غيهم من الشرفي‪..‬‬
‫ونزهات لطيفة أو نواد ظريفة‪ ،‬ول بأس فيها من إتاحة شيء من اللوة " البيئة " بي شاب وفتاة‪.‬‬
‫وما الذي يكن أن يدث ف خلوة كهذه بريئة وعي الرقيب على بعد خطوات‪ ..‬أو حجرات؟!‬
‫ابتسامة من هنا وكلمة إعجاب من هناك؟‬
‫وضمة خاطفة ف غفلة من الرقيب؟ وقبلة طائرة تطفئ الغلة أو تشعل اللهيب؟‬
‫" يا سيدي "!‬
‫ث يدث ما يدث ف المر‪..‬‬
‫الدمان‪..‬‬
‫الكأس الول تصبح بعد حي تافهة ضئيلة الفعول‪ .‬ل بد من كأس ثانية‪.‬‬
‫والقبلة الول تغري دائما بالزيد‪ ،‬ل يكن أن تتوقف‪ ،‬ليس ذلك من طبائع الشياء‪.‬‬
‫ولكن اليل الول مع ذلك ل يسرف ف الرية‪ ،‬ول يصل إل الدمان الجنون‪.‬‬
‫هنالك الشخص الواقف ف داخل النفس بالرصاد‪ ،‬ومعه العصا ينذر ويذر ويهدد بعظائم المور‪.‬‬
‫وهنالك التقاليد الت تربط الجتمع ول يسهل الروج عليها دفعة واحدة‪ .‬ومن ث ل تدث الرية‬
‫كاملة ف أول جيل‪ ،‬وإنا " يتبحبح " الناس قليلً ويفكون القيود‪.‬‬
‫ويضي الجتمع ف طريقه منتشيا ل يس بالطر‪ ،‬ول خطر ‪ -‬حت الن ‪ -‬هناك‪.‬‬

‫‪321‬‬
‫ويظن الجتمع ‪ -‬نظريا ‪ -‬أنه قادر على ذلك إل غي ناية‪ .‬قادر على أن يفك القيود ومع ذلك ل‬
‫يقع ف الرية أو ل يصل إل السراف العيب‪.‬‬
‫وهو ملص ف عقيدته تلك الضالة لنه يقيس على نفسه ويغفل حقيقة المور‪.‬‬
‫يغفل الضوابط الفية الت أنشأها ف أعماق نفسه اليل السابق التحفظ‪ .‬والت لن يلفها هو للجيل‬
‫القبل لنه غي مؤمن با‪ ،‬يظنها تشددا بل ضرورة ول لزوم!‬
‫ينسى الرجل أنه قد رأى أمه متحفظة ل تتلط بالرجال‪ ،‬ورآها مكتسية ل يتعرى من جسمها شيء‪،‬‬
‫ومن ث تقاومه هذه الصورة على غي وعي منه وهو يدعو فتاة غريبة إل الختلط به‪ ،‬ويدعوها إل‬
‫تعرية نفسها أو جسدها ليستمتع به‪.‬‬
‫نعم تقاومه حت وهو مندفع الشهوة‪ ،‬فل يسرف‪ ،‬ول يتبجح بالث‪.‬‬
‫والفتاة الت رأت أمها متحشمة وزرعت ف نفسها النفور من العري ‪ -‬النفسي والسدي ‪ -‬تتحفظ‬
‫كذلك ‪ -‬بوعي منها و بغي وعي ‪ -‬حت وهي تم بالنزلق‪ ،‬فل تسرف ول تتبجح بالث‪.‬‬
‫ث يتراجع هذا اليل‪..‬‬
‫وييء جيل جديد تربية الم الت ذاقت ف شبابا " متعة " التحلل البسيط من القيود‪ ،‬والب كذلك‪.‬‬
‫الم والب اللذان ذاقا شيئا من التعة ول يسقطا السقوط الكامل ‪ -‬والم خاصة ‪ -‬لن ينظرا إل‬
‫التقاليد " التزمتة " بعي الحترام‪.‬‬
‫ل " ول‬‫علم التشدد؟ أل ينفلتا ها من هذا التشدد ول يدث شيء؟ " فليتبحبح " الولد " قلي ً‬
‫ضي!‬
‫ومن ث ينشأ اليل الديد وقد ضعف الشخص الواقف ف داخل النفس بالرصاد‪ ،‬ولنت العصا فلم‬
‫تعد تترك أثرا ف الضمي‪ ،‬وتفككت التقاليد فلم تعد تنع الحظور‪.‬‬
‫ويتراجع هذا اليل‪..‬‬
‫ويأت جيل يرى أمة قد تعرت‪ ،‬من شيء من الثياب وشيء ماثل من الفضيلة (والسم والنفس صنوان‬
‫ف هذه المور!)‬
‫الولد الذي يرى أمه عارية ل تثور ف نفسه نوة الرجولة والرص على العراض‪ ،‬فقد زالت ف نفسه‬
‫حرمة السد‪ ،‬وصار نبا يباح للعيون‪ ،‬وبعد ذلك لا هو أكثر من العيون‪.‬‬
‫والبنت الت ترى أمها عارية ل تؤمن بالقيد‪.‬‬
‫ويلتقي هؤلء الولد والبنات‪ ،‬يلتقون على شهوة السد الفائرة‪ ،‬ويلتقون بل ضابط ول حدود‪،‬‬
‫وتتم الدورة الحتومة‪ ،‬والاوية ف آخر الطريق‪.‬‬
‫***‬
‫ل ما تتذكر‪ ،‬وقليلً ما تتدبر عبة التاريخ!‬‫والبشرية ‪ -‬حي تترك وشأنا ‪ -‬قلي ً‬
‫كل جيل يدفعه الغرور من ناحية‪ ،‬والنشوة الفائرة من ناحية أخرى‪ ،‬فيظن أن تربته جديدة ل تر‬
‫على أحد من قبل‪ ،‬وأنه ليس مقيدا بسنة التاريخ‪.‬‬

‫‪322‬‬
‫ما أسهل ما يقول لنفسه‪ :‬إن المة الفلنية قد انارت لكذا‪ ،‬أو الشخص الفلن قد تطم لكيت‪ .‬أما‬
‫أنا فلن أقع ف غلطته ولن يدث ل ما حدث هناك‪ .‬لن يفلت من الزمام‪ .‬لن أدع شيئا يغلبن‪.‬‬
‫سأصحو قبل أن أبلغ الاوية‪ .‬أنا شيء آخر غي الناس من قبل‪.‬‬
‫وييء " العلم " ف القرن العشرين فينفخ ف الناس نفخة كاذبة‪ .‬ييّل لم أنم خلق غي ما مر من‬
‫الجيال ف التاريخ كله‪ .‬خلق ل تنطبق عليه سنة ول يضع لسابقة‪ .‬إنه عصر الذرة وعصر‬
‫الصاروخ‪ .‬عصر يكتب تاريه بنفسه‪ ،‬ينشئه على مزاجه‪ ،‬يلق جديدا كل يوم؛ يفتح آفاقا ل تتفتح‬
‫من قبل؛ " يقهر " الطبيعة ويسخرها بعد أن كانت هي الت تقهره وتسيه مرغما ف طريق ل يتره‬
‫لنفسه ول يد له ف تكييفه!‬
‫كذلك ينفخ " العلم " ف نفوس الناس‪ .‬أو ينفخ فيهم شيطان الغرور‪:‬‬
‫(أَلَمْ َأ ْعهَدْ إِلَيْكُ ْم يَا َبنِي آدَمَ أَنْ ل َتعْبُدُوا الشّيْطَانَ ِإّنهُ لَكُ ْم عَ ُدوّ ُمِبيٌ وَأَنِ ا ْعبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ‬
‫مُسَْتقِي ٌم وََلقَدْ َأضَ ّل مِنْكُمْ ِجبِلّا َكثِيا أَفََلمْ تَكُونُوا َت ْعقِلُونَ) [‪.]79‬‬
‫ولقد أضل الشيطان هذا اليل من البشرية كما ل يضل أحدا من البشر‪ ،‬لنه أعرض بانبه ونأى عن‬
‫ال‪ .‬وقال‪( :‬إِنّمَا أُوتِيُت ُه عَلَى ِعلْمٍ)! (ثُمّ ِإذَا َخوّلْنَاهُ ِنعْ َم ًة مِنّا قَالَ ِإنّمَا أُوتِيُت ُه عَلَى ِعلْمٍ بَ ْل هِ َي فِتَْنةٌ‬
‫وَلَكِنّ أَ ْكَث َرهُمْ ل َيعْلَمُونَ) [‪.]80‬‬
‫وهذا اليل من البشرية ييل له أن ناج من سنة ال الت خلت من قبل‪ .‬وناج من حتمية النتائج حي‬
‫توجد السباب‪ .‬وناج من الاوية الت تفغر فاها ف ناية الطريق!‬
‫هذا وهو يرى بعينيه أن العال كله مهدد بالدمار والراب الرهيب!‬
‫أي غفلة تصيب الناس حي ينأون عن طريق ال وحي يغترون ويستكبون؟!‬
‫(‪ ..‬قَالَ ِإنّمَا أُوتِيُتهُ َعلَى عِلْ ٍم بَ ْل هِيَ ِفتَْنةٌ َولَكِنّ أَكَْث َرهُمْ ل َي ْعلَمُونَ قَدْ قَاَلهَا الّذِي َن مِنْ َقبِْلهِمْ فَمَا َأغْنَى‬
‫ت مَا‬ ‫سبُوا وَالّذِينَ َظلَمُوا مِ ْن َهؤُلءِ َسُيصِيُبهُمْ َسيّئَا ُ‬ ‫ت مَا كَ َ‬ ‫سبُونَ فََأصَاَبهُمْ َسيّئَا ُ‬ ‫عَْنهُ ْم مَا كَانُوا يَكْ ِ‬
‫جزِينَ) [‪.]81‬‬ ‫سبُوا َومَا هُ ْم بِ ُمعْ ِ‬
‫كَ َ‬
‫***‬
‫ل ما تتدبر عبة التاريخ‪.‬‬ ‫نعم‪ .‬حي تترك البشرية وشأنا فقليلً ما تتذكر‪ ،‬وقلي ً‬
‫إنم ل يرون ‪ -‬ول يريدون أن يصدقوا ‪ -‬أن هذا الطوفان الائل من الفساد قد بدأ من نقطة الصفر!‬
‫من النقطة الت ينفرج فيها ذراعا الزاوية‪ ،‬فرجة بسيطة للغاية ف مبدأ المر‪ ،‬ث تتسع الشقة كلما‬
‫مضى الزمن وتتابعت الجيال‪.‬‬
‫ل يرون ‪ -‬ول يريدون أن يصدقوا ‪ -‬أن الكأس الول تتبعها الثانية‪ .‬والقبلة الول تفتح الطريق‬
‫للجرية‪.‬‬
‫ل يرون ‪ -‬ول يريدون أن يصدقوا ‪ -‬أن البشرية ل تقف يوما عند القليل الذي ل يضر‪ ،‬ما دامت‬
‫تبيحه على أنه أمر واقع‪ ،‬وأنه ل يضر! وإنا تاوزته حتما إل الكثي الذي يغرق كالطوفان‪.‬‬

‫‪323‬‬
‫ل يرون ‪ -‬ول يريدون أن يصدقوا ‪ -‬أن الجتمع ‪ -‬وهو النهر الذي يشرب منه الميع ‪ -‬ل يكن‬
‫أن يظل بنأى عن التلوث بينما القذار تلقى على الدوام فيه‪ ،‬ول يكن أن يظل الشاربون على‬
‫سلمتهم وهم يشربون القذار‪.‬‬
‫ولكن السلم يصدق هذا لنه يراه‪.‬‬
‫السلم كلمة ال ف الرض‪ .‬وال هو الذي خلق اللق وهو أدرى با فطرهم عليه‪:‬‬
‫(أَل َيعْلَ ُم مَنْ َخلَ َق َو ُهوَ اللّطِيفُ الْخَبِيُ) [‪.]82‬‬
‫وقد حرص السلم حرصا شديدا على هذا المر‪ ،‬لنه يرى ‪ -‬بالعي البصية النافذة ‪ -‬تسلسل‬
‫البشرية وتعاقب الجيال وتاثل النتيجة عند تاثل السباب‪.‬‬
‫يرى الزاوية الت تبدأ من نقطة الصفر‪ .‬ث تبعد الشقة بي ذراعيها ُبعْدَ ما بي البيض والسود‪،‬‬
‫واللل والرام‪.‬‬
‫يرى الكأس الول تتبعها الثانية‪ ،‬والقبلة الول تؤدي إل الرية‪ .‬ومن ث يقف ف يقظة دائمة لكل‬
‫كأس عابرة وكل قبلة حرام‪ .‬ول يقبل ف ذلك حجج الستهترين كلهم وما يتمسحون به من‬
‫التعللت‪.‬‬
‫ل يقبل قول الذي يقول‪ :‬اسح ل بذه واطمئن أنن لن أسرف فيها‪ ،‬ولن أتاوزها إل جديد!‬
‫ل يقبله لنه ليس له رصيد من الواقع‪ ،‬وكله أوهام!‬
‫وقد كان الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهو الذي يشرح بأعماله وأقواله الصورة الفصلة للسلم‪،‬‬
‫ويلوها ف عال الواقع‪ ..‬كان الرسول على ذكر دائم وبصية كاملة بذا التسلسل الذي يربط أجيال‬
‫البشرية‪ ،‬والوحدة الت تشملها أفرادا وجاعات‪ ،‬وأجيالً إثر أجيال‪.‬‬
‫كان على بصية من انتقال العدوى من شخص إل شخص ومن جيل إل جيل‪ .‬بل بانتقال العدوى‬
‫ف النفس الواحدة من فكرة إل فكرة ومن شعور إل شعور!‬
‫وكان الدائم التنبيه لذا المر‪:‬‬
‫" اللل بيّن‪ ،‬والرام بيّن‪ .‬وبينهما أمور متشابات‪ ،‬فمن اتقى الشبهات فقد استبأ لدينه‪ ،‬ومن حام‬
‫حول المى أوشك أن يقع فيه! " [‪.]83‬‬
‫" إن أول ما دخل النقص على بن إسرائيل أن كان الرجل يلقى الرجل فيقول‪ :‬يا هذا اتق ال ودع‬
‫ما تصنع‪ ،‬فإنه ل يل لك‪ .‬ث يلقاه من الغد وهو على حاله‪ ،‬فل ينعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه‬
‫وقعيده‪ ،‬فلما فعلوا ذلك ضرب ال قلوب بعضهم ببعض " [‪.]84‬‬
‫من أجل ذلك قال‪" :‬ما أسكر كثيه فقليله حرام"‪.‬‬
‫وأخذ عنه السلمون هذه القاعدة التشريعية الشاملة فقال فقهاؤهم إن وسيلة الحرم مرمة لنا تؤدي‬
‫إليه‪ .‬فالفاحشة حرام‪ ،‬والنظرة إل الجنبية حرام لنا تؤدي إل الفاحشة‪.‬‬

‫‪324‬‬
‫وسرت هذه القاعدة ف كل التشريع‪ ..‬وسرت كذلك إل صميم الجتمع‪ .‬فكان كل فرد دائم اليقظة‬
‫إل الناس يذر أن توجد الكأس الول الت تؤدي إل الطوفان‪ " .‬أنت على ثغرة من ثغر السلم فل‬
‫يؤتي من قبلك "!‬
‫***‬
‫والسلم يعلم أنه مهما صنع فلن يبطل الرية ولن يلغي الفاحشة من البشرية!‬
‫نعم‪ .‬يعلم ذلك على اليقي‪ .‬ول يدفن رأسه كالنعامة ف الرمل ويقول‪ :‬ما دمت ل أراه فهو غي‬
‫موجود!‬
‫ولكنه ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬ل يعترف بالرية كأمر واقع‪ ،‬ول يقبلها على هذا الوضع!‬
‫موقف بالضبط كموقف الطبيب الشرف على وقاية الناس من المراض‪.‬‬
‫إنه يعلم أنه مهما صنع فلن ينع الرض من الوجود‪ ،‬ولن يصبح الناس كلهم مصني!‬
‫ومع ذلك فل ينهزم أمام الرض ول يتركه يتفشى فيتحول إل وباء‪.‬‬
‫مهمته الدائمة هي العراك مع المراض‪.‬‬
‫ويعلم علم اليقي أنه ستظل هناك حالت فردية ل تنفع فيها الوقاية‪ ،‬وقد ل ينفع كذلك العلج‪.‬‬
‫ولكنه يصر على القاومة‪ ،‬ول يلجأ إل الزية‪ ،‬ويقول ‪ -‬وهو صادق ‪ -‬إن الدينة " نظيفة " ما دامت‬
‫خالية من الوباء‪.‬‬
‫وكذلك يصنع السلم ف وقاية البشرية‪.‬‬
‫يقف لكل جرية مفردة ليحاول منعها من النتشار‪ ،‬ول يستهي با مهما تكن من الضآلة ف مبدأ‬
‫المر‪ .‬فجرثومة الكوليا الواحدة الفردة تقتل ف النهاية مئات اللوف ومئات الليي‪ .‬وجرثومة‬
‫الفساد الواحدة تقتل شعبا بأكمله‪.‬‬
‫وهو يقف للجرية بكل وسائل الوقوف‪.‬‬
‫يقف لا داخل الضمي‪ .‬فالناعة تنبت من داخل النفس‪.‬‬
‫ينظف هذا الضمي ويهذبه ويربطه بال‪ " :‬تعبد ال كأنك تراه "‪.‬‬
‫ويقف لا ف الجتمع بإقامة التقاليد الت تعل الفضيلة عادة وتعل الرية منكرة مرهوبة‪.‬‬
‫ث يقف لا بالتشريع الذي يعاقب على الرية‪.‬‬
‫وحي تقع الرية ف هذا الو‪ ،‬فهي كحالة الرض الفردة الت قد ل تنفع فيها الوقاية ول ينفع فيها‬
‫العلج‪ .‬ولكن الوقاية والعلج يفلحان ف منع انتشارها وتولا ف النهاية إل وباء‪.‬‬
‫وقد أمر ال بنع الفاحشة ووضع لذلك الدود‪.‬‬
‫ث جاء الرسول صلى ال عليه وسلم يضع ‪ -‬الشرح الفصل للحدود حي قال‪ " :‬ما أسكر كثيه‬
‫فقليله حرام "‪.‬‬
‫ول يكن صلى ال عليه وسلم متشددا‪ ،‬متزمتا بل ضرورة‪.‬‬
‫إنا كانت الكمة الالصة الت فتح لا قلبَه اللطيف البي‪.‬‬

‫‪325‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]75‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]76‬انظر فصل " النفس والسم " من كتاب " ف النفس والجتمع "‪.‬‬
‫[‪ ]77‬سورة العراف [ ‪.] 31‬‬
‫[‪َ " ]78‬يخُْلقُكُمْ فِي بُطُونِ ُأ ّمهَاتِكُمْ َخلْقا مِنْ َبعْدِ خَلْ ٍق فِي ظُلُمَاتٍ ثَلثٍ " سورة الزمر [ ‪.] 6‬‬
‫[‪ ]79‬سورة يس [ ‪.] 62 - 60‬‬
‫[‪ ]80‬سورة الزمر [ ‪.] 49‬‬
‫[‪ ]81‬سورة الزمر [ ‪.] 51 - 49‬‬
‫[‪ ]82‬سورة اللك [ ‪.] 14‬‬
‫[‪ ]83‬رواه البخاري‪.‬‬
‫[‪ ]84‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫=======================‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪)9‬ادرءوا الدود بالشبهات‬ ‫قَبَسَا ٌ‬

‫" ادرءوا الدود بالشبهات " [‪.]85‬‬


‫" ادرءوا الدود عن السلمي ما استطعتم‪ ،‬فمن كان له ملجأ فخلوا سبيله‪ ،‬فإن المام إن يطئ ف‬
‫العفو خي من أن يطئ ف العقوبة " [‪.]86‬‬
‫***‬
‫" الشك يفسر ف صال التهم "‪.‬‬
‫تلك هي القمة النسانية الت بلغتها أوربا بعد السلم بأكثر من ألف عام!‬
‫ومع ذلك فهي ل تصل إليها ف سهولة ويسر‪ ،‬ول تصدر فيها عن مشاعر إنسانية خالصة‪ ،‬تس‬
‫بقيمة " النسان " ف ذاته‪ ،‬وتقدر حرمته وكرامته وحقوقه‪ ،‬وتعطف عليه حت وهو يطئ ف حق‬
‫الماعة‪ ،‬ويهبط عن الستوى اللئق بالنسان‪ ..‬وإنا جاء ذلك بعد صراع مستمر عنيف‪ ،‬جرت فيه‬
‫أنار من الدماء وطاحت فيه كثي من الرءوس!‬
‫كان الوضع الذي استقر ف أوربا فترة طويلة من الزمان‪ ،‬يقسم الناس إل سادة ف جانب وعبيد ف‬
‫جانب‪ .‬سادة من " الشراف " يري ف عروقهم دم مقدس! من لون غي دماء البشر العاديي! سادة‬
‫هم الذين يلكون ويكمون ويشرعون‪ .‬وعبيد ل يلكون شيئًا‪ ،‬ول يشرعون شيئا‪ ،‬وكان ما لم هو‬
‫الذل والوان القيم‪.‬‬
‫وحت القانون الرومان الشهور بعدالته " الثالية! " والذي يعتب الصل الذي تستمد منه القواني‬
‫الوربية الديثة ف كثي من السائل‪ ،‬حت هذا كان قانونا " للرومان فقط "! الذين يلكون حقوق‬
‫الواطن الرومان‪ .‬وقليل ما هم! أما بقية الشعب ف إيطاليا نفسها‪ ،‬ودع عنك الستعمرات واللحقات‬

‫‪326‬‬
‫والبلد الغلوبة‪ ،‬فلم تكن تستمتع بذا العدل الرومان‪ ،‬ول تكن لا حصانة من العسف والضطهاد‪.‬‬
‫والفرق الائل بي عدد الحرار وعدد العبيد يرينا إل أي حد كانت القلة القليلة تستمتع على حساب‬
‫الكثرة الغلوبة‪ .‬فقد كان الحرار ف روما سنة ‪ 204‬ق‪ .‬م‪ 214 .‬ألفا‪ ،‬وكان العبيد ‪ 20‬مليونا‬
‫من البشر ف إيطاليا‪ ،‬غي بقية الستعمرات!‬
‫ووجدت ف بقاع الرض ‪ -‬ف أوربا وفارس والند وسواها ‪ -‬قواني صرية تفرق بي الشريف‬
‫والعبد ف طريقة العاملة أمام القضاء‪ .‬وتنص على اختلف العقوبة على العمل الواحد‪ .‬فالعبد السراق‬
‫يقتل‪ ،‬والشريف السارق يكتفي برد ما لديه! والعتدي على الشريف ‪ -‬إن كان شريفا مثله ‪ -‬فالعي‬
‫بالعي والسن بالسن‪ .‬أما العتدي على العبد فجزاؤه الغرامة! والغرامة ل تؤدى إليه إنا تؤدى للسيد‬
‫الذي يلك العبد‪ ،‬تعويضا له عن " إتلف " بعض متلكاته! أما السيد ذاته فله على عبده حق القتل‬
‫والبادة والتعذيب! وحت حي كانت القواني تجل من هذه الصراحة فالتطبيق كان يأخذ نفس‬
‫الروح‪ :‬فالشريف ل يؤخذ بالظنة‪ ،‬ول ياكم إل حي تثبت عليه التهمة‪ ،‬ويكم عليه بأخف‬
‫العقاب‪ .‬والعبد ‪ -‬أي الشعب‪ ..‬يسام التنكيل لقل شبهة‪ ،‬ويعذب بوحشية ليعترف‪ ،‬ث يوقع عليه‬
‫العقاب البشع الذي ل يتناسب مع الرم ول يتناسب مع " النسانية "!‬
‫ولكن استمرار الال على هذه الصورة البشعة ل يكن من الستطاع‪ ،‬فل بد أن يثور العبيد لكرامتهم‬
‫مهما طال عليهم المد وطال منهم السكوت‪..‬‬
‫وقامت الثورات بالفعل مزلزلة مدمرة وأطاحت بالرءوس‪ ..‬رءوس اللوك واللكات والشراف‬
‫والنبلء‪ ..‬وتقررت ‪ -‬نظريا على القل ‪ -‬بعض حقوق النسان‪ .‬تقررت له حرماته وحقوقه‬
‫وضماناته‪ .‬وكان من هذه الضمانات‪ :‬ضمانة الياة فل يوت جوعا‪ .‬وضمانة الياة فل يعتدى عليه‬
‫بغي الق‪ .‬وضمانة العيش فل يوت جوعا‪ .‬وضمانة الريات‪ :‬حرية القول والجتماع والسفر‬
‫واختيار العمل‪ .‬وضمانة العدالة ف القضاء فل يؤخذ التهم بالشبهة‪ ،‬ول يؤثر عليه ف التحقيق‬
‫بالوعيد ول بالوعد‪ ..‬ويفسر الشك ف صال التهم‪ ،‬فل يكم عليه بالعقوبة الكاملة إل حي تثبت‬
‫التهمة بالدليل القاطع الذي ل شبهة فيه‪.‬‬
‫ث كانت الثورة الصناعية ف إنلترا‪ ،‬وتلتها الركة الرأسالية ف بلد أوربا‪..‬‬
‫وللشيوعية رأي ف الرأسالية‪ :‬أنا استعباد من رءوس الموال للكادحي‪ ،‬وامتصاص لهدهم الذي‬
‫يبذلون فيه العرق والدماء والدموع ليتحول إل ثراء فاجر ف يد الرأساليي العتاة‪..‬‬
‫وإنا لكذلك‪..‬‬
‫ولكن التاريخ قد وعى ‪ -‬رغم ذلك ‪ -‬حركة هائلة من التحرر ف فترة الرأسالية‪ ،‬نقلت الشعب من‬
‫مقام العبودية الطلقة والوان الكامل‪ ،‬إل وضع أقل ما يقال عنه إنه يمل من الضمانات السياسية‬
‫والجتماعية والقانونية ما يعترف بكرامة الفرد ويرد اعتباره إليه‪..‬‬
‫إنه يمل من الضمانات السياسية والجتماعية والقانونية ما يعترف بكرامة الفرد ويرد اعتباره إليه‪..‬‬

‫‪327‬‬
‫ل من " السادة " الكام واللك والشرعي‪ .‬ول كان إحساسا منهم بالي‬ ‫ول يكن ذلك تفض ً‬
‫ل عنيفا اصطدمت فيه القوى‬ ‫الفياض ف نفوسهم‪ ،‬والتقدير " الر " لكرامة النسان كان صراعا طوي ً‬
‫من الانبي كما حدث من قبل ف صراع العبيد ضد القطاع‪ ..‬وإن كانت ل تصحبه الثورات‬
‫الدموية من الشعوب ضد الكام‪ ،‬لن الثورة الفرنسية كانت قد قررت لم البادئ ول يبق سوى‬
‫التنفيذ‪ ،‬ولن العمال كانوا يلكون السلح الذي يواجهون به الرأسالية وهو سلح الضراب!‬
‫***‬
‫كل! ل تصل أوربا إل العدالة عن تقدير صادق للكرامة النسانية‪ ،‬وشعور صادق بقيمة النسان!‬
‫وإنا كانت خطوة خطوة يتراجعها السادة الاكمون ليكسبها الشعب الاقد الغضبان!‬
‫وحت ف العصر الديث حي استقرت المور ‪ -‬بعض الشيء ‪ -‬وزال عنها شيء من شعور القد‪،‬‬
‫وأصبحت العدالة من أمور الياة العادية البديهية القررة‪ ..‬وصار القبض على شخص واحد ف إنلترا‬
‫مثلً بدون تمة‪ ،‬أو اعتقاله يوما بدون تقيق‪ ،‬يثي البلد كلها‪ ،‬ويقيمها ويقعدها‪ ،‬وتستجوب عنه‬
‫الكومة أمام الشعب‪ ..‬حت عندئذ ل يصطبغ القانون الورب أو الغرب عامة بالصبغة " النسانية "‪.‬‬
‫فما تزال فيه السمة الرومانية البغيضة الت كانت تقصر العدالة من قبل على الواطن الرومان‪ ،‬وهي‬
‫اليوم تقصرها على الرجل البيض‪ ،‬الذي يستمتع وحده بالقوق النسانية ويرم منها بقية بن‬
‫النسان‪ .‬والشواهد البشعة على ذلك ف كل مكان على ظهر الرض وطئه الرجل البيض وما زال‬
‫مسيطرا عليه‪ ،‬ف أفريقيا وآسيا وأمريكا‪ ..‬وبي البيض واللوني ف كل مكان!‬
‫أما السلم فلم يكن ف حاجة إل الثورة الزلزلة الت ترق الدماء وتقطع الرءوس!‬
‫بل ل يكن ف حاجة إل مرد الطالبة بالقوق!‬
‫بل لقد كان هو الذي ينح الناس الكرامة النسانية‪ ،‬ويرضهم على التشبث با‪ ،‬والحافظة عليها‪،‬‬
‫والكفاح من أجلها ف وجوه الطغاة والظالي!‬
‫ينحها متفضلً‪ ..‬ككل حق منحه للناس قبل أن يطلبوه‪ ،‬ورباهم على اعتناقه ف ظل العقيدة‪ ،‬كجزء‬
‫من العقيدة‪ ،‬وطالبهم بإقامته ‪ -‬ف ظل العقيدة ‪ -‬كفرض من الفروض!‬
‫ول عجب ف ذلك‪ .‬فالسلم كلمة ال‪ .‬وال هو الانح‪ ،‬والتفضل على البشر بكل نعمة من نعم‬
‫الياة!‬
‫وقد قضى ال أن يكون الق والعدل قوام الياة‪...‬‬
‫ت وَالَْأ ْرضَ بِالْحَقّ)‬ ‫الق الذي هو صنعة ال‪ .‬والذي خلق ال به السماوات والرض‪َ ( :‬خلَقَ السّمَاوَا ِ‬
‫ت هَذَا بَاطِلً سُْبحَاَنكَ) [‪( ]88‬أََفحَسِْبتُمْ أَنّمَا خََلقْنَاكُ ْم عَبَثا وَأَنّكُمْ إَِليْنَا ل‬
‫[‪( ]87‬رَبّنَا مَا خََل ْق َ‬
‫ُترْ َجعُونَ فََتعَالَى الّلهُ الْ َمِلكُ الْحَقّ ل ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ َربّ اْل َع ْرشِ الْ َكرِيِ) [‪ .]89‬الق الذي هو صفة كل‬
‫شيء صدر عن إرادة ال‪ ،‬والذي ينبغي للبشر خلفائه ف الرض ‪ -‬أن يكموا به كذلك‪( :‬إِنّ الّلهَ‬
‫ج ِرمَنّكُمْ َشنَآنُ َق ْومٍ‬ ‫يَ ْأ ُمرُ بِاْلعَدْلِ) [‪( ]90‬وَِإذَا َحكَمْتُمْ َبيْنَ النّاسِ أَنْ َتحْكُمُوا بِاْلعَدْلِ) [‪( .]91‬وَل يَ ْ‬
‫عَلَى َألّا َتعْدِلُوا اعْدِلُوا ُهوَ أَ ْق َربُ لِلّت ْقوَى) [‪( ]92‬فَاعْدِلُوا وََلوْ كَا َن ذَا ُقرْبَى) [‪.]93‬‬

‫‪328‬‬
‫وقد اقتضى الق والعدل أن يتساوى الناس كلهم أمام القانون‪ ،‬لن الناس كلهم متساوون ف‬
‫صدورهم عن إرادة ال‪ ،‬وصدورهم عن نفس واحدة خلقها ال‪ ،‬ومتساوون أخيا ف مصيهم إل‬
‫ث مِْنهُمَا رِجَالً‬ ‫ال‪( :‬يَا َأّيهَا النّاسُ اّتقُوا َربّكُمُ الّذِي َخَلقَكُ ْم مِنْ َن ْفسٍ وَاحِ َدةٍ َوخَلَ َق مِْنهَا َزوْ َجهَا وََب ّ‬
‫كَثِيا وَنِسَاءً) [‪( ]94‬يَا أَّيهَا النّاسُ إِنّا خََلقْنَاكُ ْم مِنْ ذَ َك ٍر وَأُْنثَى وَ َجعَ ْلنَاكُمْ ُشعُوبا وََقبَاِئلَ لَِتعَارَفُوا إِنّ‬
‫ضرُونَ) [‪ " ]96‬أنتم بنو آدم‪ .‬وآدم‬ ‫حَ‬ ‫أَ ْك َرمَكُمْ ِعنْدَ الّلهِ أَْتقَاكُمْ) [ ‪( ]95‬وَإِنْ كُلّ لَمّا جَمِيعٌ َلدَيْنَا مُ ْ‬
‫من تراب " [‪.]97‬‬
‫من هذه الساواة الطلقة ف النشأ والصي قامت الساواة كاملة ف السلم أمام الشريعة‪ .‬ل فرق بي‬
‫سيد وعبد‪ ،‬ول بي شريف وحقي‪.‬‬
‫يقول الرسول الكري‪ " :‬إنا أهلك الذين من قبلكم أنم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه‪ ،‬وإذا‬
‫سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الد‪ .‬وأي ال لو أن فاطمة بنت ممد سرقت لقطعت يدها"‪]98[ .‬‬
‫فيضع بذلك حدا للمظال الت كانت قائمة ف الرض ‪ -‬والت ظلت قائمة ف غي السلم ‪ -‬بعد‬
‫ذلك بألف عام! ويضع حدا للخرافة البغيضة الت تفرق بي الناس ف اللقة‪ ،‬وتفرق بينهم بعد ذلك‬
‫ف القوق‪ .‬ول يكن ذلك القول خطبة حاسية جيلة لسترضاء الشعوب‪ ،‬ول مبدأ مثاليا جيلً‬
‫معلقا ف الفضاء‪ .‬وإنا كان حقيقة واقعة شهدها التطبيق العملي ف حياة السلمي‪ .‬فقد كان الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم يقيد من نفسه‪ ،‬أي يدعو الناس للقصاص منه إذا كان أحدهم يظن أنه قد ظلمه‬
‫أو اعتدى عليه!! وكان عمر يلد ابن عمر لنه شرب المر‪ ،‬وهو ابنه وهو شريف من قريش!‬
‫أما العبيد الرقاء بالفعل‪ ،‬فقد عمل السلم على تريرهم‪ ،‬وسلك إل ذلك مسالك شت‪ .‬وإن كانت‬
‫قد بقيت منه بقية ف نطاق ضيق فذلك لن المر كان يرتبط ارتباطا أساسيا بأسرى الرب‪،‬‬
‫والعاملة فيهم بالثل‪ ،‬وكان الرق هو مصي أسرى الرب ف معظم الحوال [‪.]99‬‬
‫ولكن الهم ‪ -‬ونن بصدد التطبيق القانون ‪ -‬أن السلم ‪ -‬وهو يعترف بالرق كضرورة مؤقتة يعمل‬
‫دائما على اللص منها ‪ -‬ل يبح " للسادة " أن ييزوا أنفسهم على عبيدهم‪ ،‬ول يبح لم التصرف "‬
‫الر " ف هؤلء العبيد‪ " :‬من قتل عبده قتلناه‪ ،‬ومن جدع عبده جدعناه‪ ،‬ومن أخصى عبده أخصيناه‬
‫" [‪.]100‬‬
‫ول يكن ذلك أيضا كلمة تقال ف الواء‪ ،‬ول مبدا مثاليا معلقا ف الفضاء‪ .‬وإنا كان حقيقة واقعة‬
‫شهدها التطبيق العملي ف حياة السلمي‪ .‬فقد أمر الرسول صلى ال عليه وسلم بالقصاص من رجل‬
‫جبّ عبده‪ .‬وقصة عمر مع الشريف الذي لطم عبدا لنه داس عفوا على ذيله أثناء الطواف ف الج‬
‫معروفة‪ ،‬فقد أصر عمر على القصاص‪ ..‬على أن يلطم العبد ذلك الشريف‪ ..‬وظل الشريف يرجو‬
‫ويشفع وعمر يصر‪ ..‬حت فر الرجل أخيا وارتد عن السلم!‬
‫أما البلد الفتوحة‪ ،‬فقصة القبطي الذي جاء يشكو ابن عمرو بن العاص لنه ضرب ابنه بغي حق‪،‬‬
‫فأمر عمر بأن يضرب القبطي اب َن عمرو ويقتص منه‪ ..‬هذه القصة وحدها تمل الدليل!‬
‫***‬

‫‪329‬‬
‫تلك أول مراحل العدالة ف السلم! الساواة بي الناس كلهم أمام الشريعة‪..‬‬
‫ولكنها درجة واحدة وبعدها درجات‪..‬‬
‫فالسلم ل يكتفي بأن تكون العاملة للجميع واحدة‪ ..‬ولكنه يعطي إل جانب ذلك شريعة هي ف‬
‫ذاتا عادلة فل يظلم ول ييف‪ .‬فالشرع ل يعرف قول القائلي‪ :‬الساواة ف الظلم عدل! وإنا هو‬
‫العدل‪ ،‬والساواة ف العدل!‬
‫وليس هنا مال التفصيل ف عدالة الشرع السلمي‪ ..‬فقد عرضنا ذلك التفصيل ف فصل " الرية‬
‫والعقاب " ف كتاب " النسان بي الادية والسلم " ولكنا نقول هنا ‪ -‬بغاية ما نستطيع من إياز ‪-‬‬
‫إن الشرع السلمي يبلغ قمة العدالة حي ينظر إل الفرد والجتمع ف آن واحد‪ ،‬ليتأكد من أن كلً‬
‫منهما يأخذ حظه من القوق‪ ،‬ويؤدي نصيبه من الواجبات‪ .‬وأن أيا منهما ل يظلم لساب الخر‪،‬‬
‫أو يفتات على أخيه‪.‬‬
‫فبينما كانت القواني ف الدول القدية ‪ -‬وما زالت ف الدول الماعية ف الوقت الاضر ‪ -‬تشتط ف‬
‫عقاب الجرم‪ ،‬لنه وهو فرد ضائع ل كيان له‪ ،‬يعتدي على الكيان القدس‪ ،‬كيان الماعة ؛ ويُتخذ‬
‫ذلك ستارا للتنكيل بكل فرد تدثه نفسه بالروج على السادة ذوي القداسة والسلطان‪..‬‬
‫وبينما تبالغ الدول الغربية الرأسالية ف إباحة الرية للفرد‪ ،‬على أساس أنه هو الكائن القدس ول‬
‫قداسة للجماعة ول كيان‪ ،‬وينشأ من ذلك تفيف العقوبة على الجرم وتلمس العذار له‪ ..‬ند‬
‫السلم يسك اليزان من منتصفه‪ ،‬فل ييل ف جانب الفرد ول جانب الماعة‪ ،‬لنه ل يراها فردا‬
‫وجاعة منفصلي‪ ،‬ول يعتبها معسكرين متقابلي تقوم بينهما العداوة والبغضاء‪ ،‬ويرغب كل منهما‬
‫ف تطيم الخر والقضاء عليه‪ ..‬بل ينظر إل الفرد والماعة على أنما ك ّل متجاوب موحد الغاية‬
‫متعاون ف الداء‪ ..‬فإذا شذ فإنه يُق ّومُ لكي يرد إل السبيل ؛ وسواء جاء الشذوذ من الفرد بفرده أو‬
‫جاء من الماعة‪ ..‬فكلها مطئ وكلها ينبغي أن يرد إل الصواب!‬
‫وهو إذ ينظر مرة بعي الماعة‪ ،‬فيى حقها ف الطمأنينة على نفسها‪ ،‬والحافظة على حقوقها‪ ،‬فيمنع‬
‫العدوان عليها‪ ،‬ويعاقب العتدين‪ ..‬فإنه ينظر ف ذات الوقت إل الفرد‪ ،‬فيى دوافعه إل الرية‪ ،‬سواء‬
‫كانت منبعثة من داخل النفس‪ ،‬من نزوة الغريزة‪ ،‬ودفعة الشهوات‪ ،‬أو من الظروف الارجية‪،‬‬
‫الجتماعية والقتصادية‪ ،‬فيقدر هذه الدوافع‪ ،‬وينظر إليها بعي العتبار‪ ..‬ويعمل على إزالتها بكل‬
‫طريقة مكنة قبل أن يوقع العقوبة‪ :‬بالتشريع الذي يكفل الضرورات مرة‪ ،‬والتشريع الذي يصون‬
‫الرمات مرة‪ ،‬والتربية الت تذب النفس وتنظف مساربا‪ ،‬وتعل روح الب والتعاون والتكافل هي‬
‫الروح السائدة ف الماعة‪ ..‬أولً وأخيا بالعقيدة الت تربط القلب بال‪ ،‬وتوجهه لشيته والعمل على‬
‫رضاه‪ ..‬فإذا عجز ول المر عن إزالة الدوافع لي سبب من السباب‪ ،‬أو ساورته ف ذلك شبهة‪،‬‬
‫فعند ذلك يدرأ الدود بالشبهات!!‬
‫أي عدالة يكن أن تبلغ هذه العدالة؟!‬

‫‪330‬‬
‫" روي أن غلمانا لبن حاطب بن أب بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة‪ ،‬فأتى بم عمر‪ ،‬فأقروا‪ ،‬فأمر‬
‫كثي بن الصلت بقطع أيديهم‪ ،‬فلما ول رده‪ .‬ث قال‪ :‬أما وال لول أن أعلم أنكم تستعملونم‬
‫وتيعونم حت إن أحدهم لو أكل ما حرم ال عليه لل له‪ ،‬لقطعت أيديهم‪ .‬ث وجه القول لبن‬
‫حاطب بن أب بلتعة فقال‪ :‬واين وال إذ ل أفعل ذلك لغرمنك غرامة توجعك! ث قال‪ :‬يا مزن‪،‬‬
‫بكم أريدت منك ناقتك؟ قال‪ :‬بأربعمائة‪ .‬قال عمر لبن حاطب‪ :‬اذهب فأعطه ثانائة "!‬
‫فهذه حادثة واضحة الدللة على أن " الجرم " ل يؤخذ بذنبه حت ينظر الاكم أولً ف دوافع‬
‫الرية‪ ،‬فيزنا بيزان الق والعدل‪ ،‬ويبحث عن السئول القيقي فيها‪ ،‬فيوقع العقوبة عليه‪ .‬وقد كان‬
‫السئول ف هذا الادث هو " السيد " الذي يثل اللك! بينما أعفى " الجرم " من العقاب‪ ،‬لنه‬
‫اعتبه واقعا تت ضغط الضرورة الت تغلب النسان على نفسه وتدفعه إل النراف‪ .‬وهي كذلك‬
‫تطبيق عملي لديث الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬ادرءوا الدود بالشبهات"‪.‬‬
‫وإن الدول " الرة " الت تعطف اليوم على الجرم‪ ،‬وتتلمس له العاذير‪ ،‬وتف عنه العقوبة أو ترفعها‬
‫عنه ‪ -‬بعد أن كانت تشتد عليه وتقسو ‪ -‬هذه الدول تصنع ذلك بروح أخرى غي روح السلم!‬
‫فعلم النفس التحليلي‪ ،‬وغيه من الدراسات النفسية والجتماعية‪ ،‬يبر الرية اليوم على أساس سلبية‬
‫النسان إزاء الدوافع الداخلية أو الارجية‪ ،‬وانعدام " الرادة " الت تقوم عليها " السئولية "‪ .‬ولكن‬
‫السلم ل يهبط إل هذا الستوى ف نظرته إل النسان‪ .‬إنه ل يلغي كيانه الياب الفاعل الريد‪ .‬ول‬
‫يسقط عنه مسئوليته كإنسان‪ .‬وإنا هو ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬يعطف عليه ف لظة الضعف‪ ،‬ويدرأ عنه‬
‫الدود بالشبهات‪ ..‬فهو ف الواقع عطف مضاعف ‪ -‬بالنسبة للمستوى الرفيع الذي يطالب به‬
‫النسان ‪ -‬وهو عطف أكرم ول شك من ذلك الذي تارسه الدول " الرة " على كائن ل إرادة له‬
‫ف نظرها ول كيان!‬
‫أما الدول الماعية الت تكفل للناس حاجاتم‪ ،‬وتعل الدولة مسئولة عنها‪ ،‬وتغن الناس ‪ -‬فيما تقول‬
‫‪ -‬عن الرية‪ ،‬فإنا تأخذ ثن ذلك دكتاتورية بشعة‪ ،‬وتكما ف كل صغية وكبية‪ ،‬واستعبادا‬
‫للدولة‪ .‬بينما كان عمر ‪ -‬الذي طبق هذا البدأ‪ ،‬مبدأ مسئولية الماعة ومسئولية الدولة عن حاجة‬
‫الفراد [‪ - ]101‬هو الذي يقول‪ " :‬إن أحسنت فأعينون‪ ،‬وإن وجدت ف اعوجاجا لقومناه بد‬
‫السيف! " فل يغضب‪ ،‬بل يقول ف هدوء وطمأنينة‪:‬‬
‫" المد ل الذي جعل ف رعية عمر من يقومه بد سيفه! "‪.‬‬
‫***‬
‫الشريعة عادلة ف ذاتا‪ ،‬ومطبقة بالساواة على الميع‪.‬‬
‫ولكن هذا وذاك ل يستنفدان كل معان العدالة ف شريعة السلم‪.‬‬
‫ما زالت هناك " الضمانات " الختلفة للفرد الذي يوجه له التام‪ :‬ضمانة الصدق ف التام ذاته‪.‬‬
‫وضمانة حسن التحري‪ .‬وضمانة التحقيق وضمانة التنفيذ‪.‬‬

‫‪331‬‬
‫جهَاَلةٍ فَُتصِْبحُوا عَلَى مَا َفعَلْتُمْ‬
‫(يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بَِنبَأٍ َفتَبَيّنُوا أَ ْن ُتصِيبُوا َقوْما بِ َ‬
‫نَا ِد ِميَ) [‪.]102‬‬
‫فهذه الضمانة الول‪ ..‬ل يؤخذ أحد بالظنة‪ .‬ول بد أن يوزن التام ذاته ليى مبلغه من الصدق‬
‫ومبلغه من الد‪ ،‬فللناس حرماتم الصونة وكراماتم الت ل يوز أن تس‪ ..‬إل بالق‪.‬‬
‫(وَل تَجَسّسُوا) [‪]103‬‬
‫فهذه هي الضمانة الثانية‪ ..‬ل تكون الاسوسية من وسائل الثبات!‬
‫وقد روي أن عمر مر ببيت رابته منه أصوات‪ ..‬فتسور الدار فوجد قوما يشربون ويغنون فأراد أن‬
‫يعاقبهم‪ ..‬فقام له صاحب االدار فقال عمر‪ :‬وما ذاك؟ قال‪ :‬إن ال تعال يقول‪( :‬وَل تَجَسّسُوا) وأنت‬
‫ت مِنْ َأْبوَاِبهَا) وأنت تسورت علينا! فلم يد عمر أمامه إل أن‬ ‫تسست علينا‪ .‬ويقول‪( :‬وَأْتُوا اْلبُيُو َ‬
‫يستتيبه!‬
‫ث ضمانات التحقيق‪ ..‬وهنا يرتفع السلم إل القمة الت ل تبلغها النسانية ف غي السلم إل منذ‬
‫فترة قريبة‪ ،‬وبدافع الصراع الدموي الطويل الذي فصلناه من قبل‪ ،‬ل بدافع النسانية الطليقة الت تكرم‬
‫" النسان " حت ف لظة البوط!‬
‫إن الحقق ليست مهمته اليقاع بالجرم وتضييق الناق عليه ف التحقيق! ول يوز له أن يستخدم‬
‫وسيلة من وسائل الرهاب تنتهي بالعتراف‪.‬‬
‫جاء ف سنن أب داود (ج ‪ 4‬ص ‪ " :)191‬حدثنا عبد الوهاب بن بدة‪ ..‬أن قوما من الكلعيي‬
‫سرق لم متاع‪ .‬فاتموا أناسا من الاكة‪ ،‬فأتوا النعمان بن بشي صاحب النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فحبسهم أياما ث خلى سبيلهم‪ .‬فأتوا النعمان فقالوا‪ :‬خليت سبيلهم بغي ضرب ول امتحان؟ فقال‬
‫النعمان‪ :‬ما شئتم! إن شئتم أن أضربم‪ ..‬فإن خرج متاعكم فذاك‪ ،‬وإل أخذت من ظهوركم مثل ما‬
‫أخذت من ظهورهم! فقالوا‪ :‬هذا حكمك؟ فقال‪ :‬هذا حكم ال وحكم رسوله صلى ال عليه وسلم‬
‫" [‪.]104‬‬
‫أما الذي يعترف بنفسه‪ ..‬فالقمة الت وصل إليها السلم بشأنه عجب عاجب ف التاريخ!‬
‫" حدثنا موسى بن إساعيل‪ ..‬أن النب صلى ال عليه وسلم ُأتِيَ بلص قد اعترف اعترافا ول يوجد‬
‫معه متاع‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬ما إخالك سرقت؟! " قال‪ :‬بلى! فأعاد عليه‬
‫مرتي أو ثلثا‪ ،‬ث أمر فأقيم عليه الد " [‪.]105‬‬
‫أما قصة ماعز بن مالك الذي اعترف على نفسه بالزنا فهي قصة مشهورة‪ .‬فقد ظل ييء إل الرسول‬
‫مرة بعد مرة يعترف لديه والرسول صلى ال عليه وسلم يرده‪ ،‬حت اعترف أربع مرات‪ ،‬فعاد الرسول‬
‫يسأله ويستوضحه وينفي له التهمة أو يفتح له طريق اللص! فيقول له‪ " :‬لعلك قبّلت‪ ،‬أو غمزت‪،‬‬
‫أو نظرت "‪.‬‬

‫‪332‬‬
‫وماعز يصر ويقول ل! فقال له‪ " :‬أزنيت؟ " قال‪ :‬نعم! قال‪ " :‬فهل تدري ما الزنا؟ " [‪ .]106‬فما‬
‫أقام عليه الد حت اطمأن اطمئنانا كاملً أنه يصر على العتراف ول يريد أن يدرأ عن نفسه‬
‫العذاب!‬
‫فإذا كان هذا هو جو التحقيق فل مال بطبيعة الال لشيء من الوسائل البشعة الت تتخذ ف غي‬
‫السلم‪.‬‬
‫أما التنفيذ بعد كل هذه الضمانات‪ ..‬التنفيذ ف مرم تثبت عليه التهمة من غي إكراه‪ ،‬ووقعت عليه‬
‫عقوبة ف ذاتا عادلة‪ ،‬ووقعت لنه ل شبهة ف الرية تدفع عنه الد‪ ..‬التنفيذ بعد ذلك كله يمل‬
‫ضماناته!‬
‫حدثنا أبو كامل‪ ..‬عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪ " :‬إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه‬
‫" [‪.]107‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬ل تعذبوا بعذاب ال " [‪( ]108‬أي النار)‪.‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة " [‪.]109‬‬
‫ولكن هذا ليس كل ما هناك‪...‬‬
‫لقد بلغنا العدالة ول نبلغ بعد قمة السلم!‬
‫إن الجرم إذا وقعت عليه العقوبة بعد هذا الحتياط كله‪ ..‬الجرم الذي ل شبهة ف جريته‪ ..‬الجرم‬
‫الذي ل عذر له ف ارتكابا‪ ..‬وإنا هي نزوة من نزوات النفس الشريرة‪ ،‬ودفعة من دفعات البوط‪..‬‬
‫ذلك الجرم ل يرج بعد من دائرة النسانية‪ ،‬بل ل يرج من دائرة الماعة السلمية! إنه ل ينبذ ول‬
‫يضطهد‪ ..‬ول يعيّر بريته‪ ..‬ول يذّكر با‪ ..‬ول يول شيء قط بينه وبي أن يعود إل الماعة ‪ -‬ف‬
‫لظته ‪ -‬تائبا منيبا إل ال‪ ،‬فيقبل فيها وتفتح له القلوب‪.‬‬
‫" حدثنا قتيبة بن سعيد‪ ..‬عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أتى برجل قد شرب‪،‬‬
‫فقال‪ " :‬اضربوه "‪ .‬قال أبو هريرة‪ ،‬فمنا الضارب بيده‪ ،‬والضارب بنعله‪ ،‬والضارب بثوبه‪ .‬فلما‬
‫انصرف قال بعض القوم‪ :‬أخزاك ال! فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬ل تقولوا هكذا‪ .‬ل‬
‫تعينوا عليه الشيطان " [‪.]110‬‬
‫وف حادث السارق الذي مر ذكره‪ ،‬والذي أمر الرسول بإقامة الد عليه‪ ،‬قال له الرسول‪ " :‬استغفر‬
‫ال وتب إليه " فقال‪ :‬استغفر ال وأتوب إليه‪ ،‬فقال‪ " :‬اللهم تب عليه اللهم تب عليه " ثلث مرات[‬
‫‪.]111‬‬
‫نعم إن السلم ل يب أن يفقد نفسا واحدة يكن أن تتوب إل ال وتتدي إليه‪ .‬إنه ل يصر على‬
‫لظة الضعف الت تصيب فردا من البشر‪ ،‬ول يُعِنُتهُ من أجلها‪ .‬وإنا يفتح له بابه لكي يعود‪ ..‬يعود‬
‫إل ال ويعود إل الماعة‪ ،‬فينطلق فيما هي منطلقة من الي‪ ،‬ويأخذ لنفسه من ذلك الي بنصيب‪.‬‬
‫ول تقف الرية العابرة حاجزا ف حياته‪ ،‬ول تسمم أحاسيسه وأفكاره‪ ،‬ول توصد أمامه البواب‬

‫‪333‬‬
‫فيصبح مرما مصرا على الجرام بعد أن كان مرما بغي قصد‪ .‬وذلك معن قول الرسول الكري‪ " :‬ل‬
‫تعينوا عليه الشيطان "‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن تكري الرسول الكري للبشرية‪ " ..‬للنسان " الذي خلقه ال ف أحسن تقوي‪ ..‬حت‬
‫وهو يرتد ف لظة لسفل سافلي‪ ..‬تكريه له ما دام ل يصر على الث ول يرد عليه‪ ،‬ول يقف عند‬
‫الحياء الذين يرجوهم للجماعة‪ ،‬ويستبقيهم لي يكن أن يصنعوه ف الرض‪ ،‬أو ليتقي شراّ يكن أن‬
‫يصدر عنهم ‪ -‬أي لهداف " عملية " واقعية! ‪ -‬وإنا يتجاوز ذلك إل آفاق أخرى‪ ،‬رفافة شفيفة‪،‬‬
‫نسيجها الرحة الالصة‪ ،‬والتكري الالص‪ ..‬لوجه ال!‬
‫جاء ف قصة ماعز بن مالك‪ .." :‬فأمر به فرجم‪ ،‬فسمع النب صلى ال عليه وسلم رجلي من أصحابه‬
‫يقول أحدها لصاحبه‪ :‬انظر إل هذا الذي ستر ال عليه فلم تدعه نفسه حت رجم رجم الكلب‪.‬‬
‫فسكت عنهما‪ ،‬ث سار ساعة حت مر بيفة حار شائل برجليه‪ ،‬فقال‪ " :‬أين فلن وفلن؟ " فقال‪:‬‬
‫نن ذان يا رسول ال‪ .‬قال‪ " :‬انزل فكل من جيفة هذا المار "‪ .‬فقال‪ :‬يا نب ال‪ ،‬من يأكل من‬
‫هذا؟ قال‪ " :‬فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أك ٍل منه‪ .‬والذي نفسي بيده إنه الن لفي‬
‫أنار النة ينغمس فيها "‪.‬‬
‫يا ال‪ ..‬ويا نب ال‪.‬‬
‫أل إنا آفاق ما بعدها آفاق‪ ..‬أل إنه النور الذي يشع من هذا القلب الكون الذي يتصل بال‪ ،‬ث‬
‫يفيض بالرحة والدى على عباد ال‪..‬‬
‫وذلك كله قبل أن يقول قولته علم الجتماع وعلم القتصاد‪ ،‬وعلم النفس التحليلي وعلم الرية‪،‬‬
‫قبل أن يتفلسف التفلسفون ف هذا اليدان بأكثر من ألف عام‪.‬‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]85‬رواه عبد ال بن عباس (ورد ف كتاب الكامل لبن عدي وف مسند أب حنيفة للحارثي)‪.‬‬
‫[‪ ]86‬ذكره صاحب مصابيح السنة ف الصحاح‪.‬‬
‫[‪ ]87‬سورة الزمر [ ‪.] 5‬‬
‫[‪ ]88‬سورة آل عمران [ ‪.] 191‬‬
‫[‪ ]89‬سورة الؤمنون [ ‪.] 116 - 115‬‬
‫[‪ ]90‬سورة النحل [ ‪.] 90‬‬
‫[‪ ]91‬سورة النساء [ ‪.] 58‬‬
‫[‪ ]92‬سورة الائدة [ ‪.] 8‬‬
‫[‪ ]93‬سورة النعام [ ‪.] 152‬‬
‫[‪ ]94‬سورة النساء [ ‪.] 1‬‬
‫[‪ ]95‬سورة الجرات [ ‪.] 13‬‬
‫[‪ ]96‬سورة يس [ ‪.] 32‬‬

‫‪334‬‬
‫[‪ ]97‬مسلم وأبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]98‬رواه الستة‪.‬‬
‫[‪ ]99‬انظر بالتفصيل فصل " السلم والرق " ف كتاب " شبهات حول السلم "‪.‬‬
‫[‪ ]100‬الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي‪.‬‬
‫[‪ ]101‬مبدأ كفالة الدولة للفراد ومسئوليتها عن جيع أمورهم مبدأ صريح ف السلم‪ ،‬وقد كان‬
‫عمر رضي ال عنه يقول‪ :‬لو أن بغلة عثرت بصنعاء لكنت مسئولً عنها لِمَ لَم أسوّ لا الطريق!‬
‫ويقول ابن حزم ف صراحة إن (الماعة) مسئولة عن كل فرد فيها‪ ،‬وإن للنسان أن يقاتل من ف يده‬
‫طعامه أو شرابه (إذا منعه عنه) فإن قتل لهله الدية‪ ،‬وإن قتل تدفع ل يقام عليه الد!‬
‫=========================‬
‫قَبَسَاتٌ مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪)10‬سفينة الجتمع‬

‫" مثل القائم ف حدود ال والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة‪ ،‬فصار بعضهم أعلها‬
‫وبعضهم أسفلها‪ ،‬فكان الذين ف أسفلها إذا استقوا من الاء مروا على من فوقهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬لو أنّا خرقنا‬
‫ف نصيبنا خرقا‪ ،‬ول نؤذ من فوقنا! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جيعا‪ ،‬وإن أخذوا على أيديهم‬
‫نوا‪ ،‬ونوا جيعا " [‪.]112‬‬
‫***‬
‫صورة عجيبة تلك الت تتمثل ف النفس من قراءة هذا الديث‪ ..‬صورة حية شاخصة موحية معبة‪.‬‬
‫وإن هناك لمالً بديعا ف هذا التشبيه بالسفينة‪ .‬فالياة كلها هذه السفينة الاخرة ف العباب‪ ،‬ل تكاد‬
‫تسكن لظة حت تضطرب من جديد‪ .‬ولن يكتب لا السلمة والستواء فوق الوج الضطرب حت‬
‫يكون كل شخص فيها على حذر ما يفعل‪ ،‬ويقظة لا يريد‪.‬‬
‫والجتمع كله هذه السفينة‪ ..‬يركب على ظهرها الب والفاجر‪ ،‬والتيقظ والغفلن‪ ،‬وهي تملهم جيعا‬
‫لوجهتهم‪ ..‬ولكنها ‪ -‬وهي مكومة بالوج الضطرب والرياح من جانب‪ ،‬وما يريده لا الربان من‬
‫جانب ‪ -‬لتتأثر بكل حركة تقع فيها‪ ،‬فتهتز مرة ذات اليمي وتتز مرة ذات الشمال‪ ،‬وقد تستقيم‬
‫على الفق أحيانا أو ترسب أحيانا إل العماق‪!..‬‬
‫وإن كثيا من الناس لينسى ‪ -‬ف غمرته ‪ -‬هذه القيقة‪ .‬ينسى سفينة الجتمع أو سفينة الياة‪.‬‬
‫ينسى‪ .‬فيخيل إليه أنه ثابت على الب‪ ،‬راكز راسخ ل يضطرب ول يزول‪.‬‬
‫ومن أجل ذلك يفجر أو يطغى‪..‬‬
‫ولو تذكر من استكب وطغى أنه ليس راكزا على الب ؛ ليس دائما ف مكانه‪ ،‬ول خالدا ف سطوته‪،‬‬
‫وإنا هي رحلة قصية على سفينة الياة‪ ..‬لو تذكر ذلك ما استكب ول طغى‪ ،‬ول اغتر بقوته الزائلة‬
‫عن القيقة الالدة‪ ،‬ولعاد لصدر القوة القيقية ف هذا الكون‪ ،‬يستلهم منه الدى‪ ،‬ويطلب منه‬
‫الرشاد‪ ،‬ويسي على النهج الذي أمر به وارتضاه للناس‪.‬‬

‫‪335‬‬
‫ولو تذكر من يفجر وينحرف أنه ليس راكزا على الب‪ ،‬وإنا هو منطلق على العباب‪ ..‬وأن كل‬
‫حركة يأتيها تتأثر با السفينة فتهتز‪ ..‬لو تذكر ذلك لا ترك نفسه لشهواته ولنرافاته‪ ،‬ولعمل حسابا‬
‫لكل خطوة يطوها وكل حركة يتحركها حرصا على ناته هو وناة الخرين‪..‬‬
‫ولكنها الغفلة السادرة الت تيم على البشرية‪ ..‬إل من آمن واتقى وعرف ربه واهتدى إليه‪.‬‬
‫والرسول الكري صلى ال عليه وسلم يدرك هذه الغفلة الت ترين على قلوب الناس‪ ،‬فيحذرهم منها‪،‬‬
‫ويصورها لم ف صور شت‪ ،‬من أعجبها أبلغها هذه الصورة الت يرسها هذا الديث‪ ،‬صورة السفينة‬
‫الاخرة ف العباب‪..‬‬
‫***‬
‫حي قال القطاعيون لنفسهم‪ :‬نلك الرض وكل من عليها عبيد‪..‬‬
‫وحي قال الرأساليون لنفسهم‪ :‬نلك الصانع والعمال فيها عبيد‪..‬‬
‫وحي قال الباطرة القدسون‪ :‬نلك اللك والرعايا عبيد‪..‬‬
‫وحي قال غيهم وغيهم من الظالي مثل قولتهم‪ ،‬ل تكن غي نتيجة واحدة ف كل مرة‪ ،‬غرقت‬
‫السفينة الخروقة‪ ،‬وغرق من عليها من سادة ومن عبيد!‬
‫وانظر ف ثورات الرض الزلزلة الت أطارت الرءوس وأجرت الدماء‪ ،‬وانظر إل الروب الدمرة الت‬
‫تأكل الخضر واليابس وتسمم الياة‪ ،‬ل تكن غي ناية طبيعية للخرق الخروق ف السفينة‪ ،‬تتدفق‬
‫عن طريقه الياه‪..‬‬
‫***‬
‫ج عليّ فيما أصنع؟ أفعل ما بدا ل‪،‬‬‫ويقوم شاب مفتون ينجرف ف تيار الشهوات‪ ،‬يقول‪ :‬من يرّ ُ‬
‫وليس لحد عليّ سلطان‪.‬‬
‫ويتركه الناس!‬
‫يتركونه يفسق ويفجر‪ ،‬وينشر الفاحشة ف الجتمع‪.‬‬
‫يتركونه خوفا وطمعا إن كان من زمرة السادة الثرياء‪ .‬أو يتركونه استصغارا لشأنه واستهتارا‬
‫بعواقب المور‪.‬‬
‫وقد يقول ف نفسه يبر فجوره‪ :‬وهل يكن أن أؤثر ف الجتمع وأنا شخص واحد مفرد الكيان؟ هل‬
‫أنا إل قطرة ف الضم؟ فلتكن قطرة سم! فكيف تفسد الضم؟! هل قبلة ف الواء‪ ،‬أو ضمة متلسة‬
‫ف الظلم‪ ،‬أو ساعة متعة ف خلوة‪ ،‬هل هذه يكن أن تؤثر ف الجتمع وتدم الخلق؟!‬
‫وإنه لينسى‪ ..‬والساكتون عليه ينسون‪..‬‬
‫إنه يتصور نفسه شخصا واحدا ف الجتمع ‪ -‬قطرة واحدة ف الضم ‪ -‬وينسى والناس ينسون أن‬
‫كل واحد يقول ذلك وهو يلقى القطرة السامة ف الضم‪ ..‬ول بد أن تتجمع ف النهاية السموم‪.‬‬
‫بل قد يتبجح الفت زيادة فيحدث نفسه أو يدث الناس‪ :‬وهل أنا وحدي الذي سأصلح الجتمع‬
‫الفاسد؟ لقد فسد وانتهى المر‪ .‬فهب أنن امتنعت وحدي عن الرية واحتملت وحدي اضطراب‬

‫‪336‬‬
‫النفس واحتراق العصاب‪ ..‬فأي جدوى من ذلك وأي نتيجة؟ أحترق ف النهاية وحدي ويستمتع‬
‫الخرون‪!..‬‬

‫وقد يكون ذلك حقا!‬


‫ولكنه ل يكن كذلك حي فجر أول فاجر وتركه الناس! حي خرق أول مفتون مكانه ف السفينة‬
‫فلم يأخذوا على يديه‪ .‬حي ظن أول خارج على الجتمع والخلق والتقاليد أنه لن يضر الناس‬
‫شيئا‪ ،‬وأنه يرق مكانه وهو حر فيه‪..‬‬
‫وحي يصبح حقا ما يقوله الفت‪ ..‬حي يكون الجتمع فاسدا إل الدى الذي ل يصلحه امتناع فرد‪،‬‬
‫ول تؤثر فيه نظافة ضمي‪ ..‬حي ذلك تصدق سنة ال وتصدق كلمة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪..‬‬
‫ينهار الجتمع كله‪ ،‬وتغرق السفينة الطافحة بالياه‪.‬‬
‫***‬
‫وتقوم فتاة مستهترة‪ ،‬تتقصع ف مشيتها‪ ،‬وتتكسر ف حديثها‪ ،‬وتعري ما يلو لا من جسدها‪،‬‬
‫وتتعرض للشباب تثي فتنة النس ونوازع اليوان‪ ..‬تقول‪ :‬من يرج عل ّي فيما أصنع؟ أفعل ما بدا ل‪،‬‬
‫وليس لحد عليّ سلطان‪.‬‬
‫ويتركها الناس!‬
‫وقد تقول لنفسها أو تقول للناس تبر جريتها‪ :‬وأي شيء أصنع؟ هل أقتل نفسي كبتا وأترهب؟ أريد‬
‫أن أنطلق‪ .‬أريد أن أستمتع بالياة‪ .‬هذا حقي! كيف أناله؟ كيف أناله نظيفا إذا أردت؟ أما ترون‬
‫كل شيء حول فسد واشتد به الفساد؟ فإن تطهرت فكيف أعيش؟ كيف أحصل على نصيب‬
‫الشروع من متعة القلب ومتعة السد ومتعة الياة؟ وهل أنا الت أفسدت هؤلء الشبان أم إنم هم‬
‫الفاسدون؟ إنم حيوانات‪ .‬إنم ذئاب! إنم هم يسعون إل الصيد ويوقعون بكل غرة ل تعرف‬
‫وسائل الذئاب‪ .‬فلست بدعا ف الجتمع‪ .‬ولن أصده أنا عن التيار!‬
‫وقد يكون ف كلمها شيء من القيقة‪.‬‬
‫ولكنه ل يكن حقيقة يوم فجرت أول فتاة فتركها الناس‪ .‬حي خرجت أول فتاة مستهترة عابثة تطم‬
‫التقاليد وتزأ بالخلق‪ ..‬يوم خرقت مكانا ف السفينة وقالت هو مكان ولن يضر غيي من الناس‪.‬‬
‫وحي يصبح ما تقول الفتاة حقا‪ ..‬حي يفسد الجتمع إل الدى الذي تس الفتاة النظيفة أنا ل تد‬
‫نصيبها الشروع من متعة الياة‪ ..‬حينئذ تتحقق سنة ال‪ ،‬ويؤذن الجتمع كله بالنيار‪.‬‬
‫***‬
‫ويقوم كاتب يزين الفاحشة ويسنها للناس‪ ،‬يقول‪ :‬أنا حر فيما أكتب‪ .‬أين حرية الرأي؟ أكتب ما‬
‫بدا ل‪ .‬وليس لحد عل ّي سلطان‪.‬‬
‫ويتركه الناس‪.‬‬

‫‪337‬‬
‫يتركونه يعيث ف الرض فسادا‪ ،‬وينشر السموم ف النفوس‪ .‬يستهترون بأمره‪ ،‬أو يشغلون عنه ف‬
‫زحة الياة‪ .‬ويهزون أكتافهم يقولون‪ :‬هل نن به مكلفون؟‬
‫ويستفيد ذلك الكاتب‪ ..‬يستفيد شهرة وثراء‪ ،‬ونفوذا ف بعض الوساط‪ .‬ول عجب ف ذلك فتجار‬
‫الخدرات وتار العراض يصلون إل الشهرة وإل الثراء‪.‬‬
‫ويغري النجاح غيه من الكتاب فينغمسون ف تيار الرية‪ ،‬ويقولون إنم تقدميون‪ .‬يقومون برسالة‬
‫مقدسة‪ ،‬رسالة القضاء على التقاليد " البالية " والتحضي لجتمع جديد‪.‬‬
‫وقد يتبجح كاتب أو صاحب صحيفة يبر الرية لنفسه‪ ،‬أو يبرها للناس‪ ..‬يقول‪ :‬ماذا أصنع؟ لقد‬
‫تسمم الو كله وصار القراء ل يقبلون على الدب " البيض " والكلم النظيف‪ .‬لقد تعودوا على‬
‫الصحف العارية والقصص العارية‪ ،‬والفكار العارية‪ .‬ول يعد يؤثر فيهم غي هذا اللون من النتاج‪.‬‬
‫هب أنن أصدرت صحيفة نظيفة فكيف تعيش؟ من يقرؤها؟ كيف تغطى نفقاتا؟ أل يكون ذلك‬
‫انتحارا؟ أو غفلة؟ أو جنونا ل يقدم عليه عاقل؟ وماذا يصنع كاتب واحد أو صحيفة واحدة ف التيار‬
‫السموم؟ هل يصنع إل أن يفشل ويثي بفشله شاتة الشامتي؟!‬
‫وقد يكون هذا حقا!‬
‫ولكنه ل يكن كذلك حي خرج أول كاتب يدعو إل الفاحشة وتركه الناس‪ .‬يوم هزوا أكتافهم‬
‫وقالوا‪ :‬هل نن به مكلفون؟‬
‫وحي تصل المور إل هذا الد‪ ..‬يوم يصبح الكاتب النظيف ل يد المهور الذي يقرؤه أو‬
‫الصحيفة الت تنشر له‪ ..‬يوم ل تستطيع الصحيفة النظيفة أن تعيش‪ ..‬يومئذ تكون السفينة قد أثقلت‬
‫با فيها من الاء‪ ،‬واضطربت ما فيها من الروق‪ ..‬وتتحقق سنة ال ف الرض‪ ،‬ويؤذن الجتمع كله‬
‫بالنيار‪.‬‬
‫ويقوم والد ضعيف الشخصية تكمه امرأته‪ ،‬أو يكمه الترف والسترخاء‪ ..‬يترك أولده يعيثون بل‬
‫رقابة‪ ،‬يقول‪ :‬هم أولدي وأنا حر فيهم! أفعل ما بدا ل‪ ،‬وليس لحد عل ّي سلطان‪.‬‬
‫ويتركه الناس‪ ..‬يتركونه تلقا‪ ،‬أو يتركونه استخفافا‪ ،‬يقولون‪ :‬هو ف النهاية الاسر‪ ،‬وما لنا عليه من‬
‫سبيل‪.‬‬
‫ويستمتع الولد‪ ..‬يستمتعون بالتحلل من الضوابط والنفلت من القيود‪.‬‬
‫ويستمتعون بلذة البوط!‬
‫وهي ل شك متعة للمزاج النحرف والكيان القلوب! فمن الثابت أن الكيان الناقص ‪ -‬حي ل‬
‫يكمّل بالطريق الصال‪ ،‬ول يوجه التوجيه السليم ‪ -‬ينح إل التكملة من طريق هابط‪ ،‬ويس "‬
‫بالنضوج " " والتميز " " والتعة " من هذا الطريق!‬
‫وهذه التعة تغري غيهم من الولد فينجرفون ف الطريق‪ ..‬يدون اللذة النشودة‪ ،‬والنضوج‬
‫النحرف‪ ،‬والتميز بي القران‪ ..‬ويروحون يتمردون على أهليهم وينفلتون من القيود‪.‬‬

‫‪338‬‬
‫ويقول الولد لبيه‪ :‬أنت رجعي‪ .‬أنت متأخر‪ .‬أنت تتجاوز حدودك‪ .‬من تظنن أمامك‪ .‬لست طفلً‪.‬‬
‫أنا رجل مثلك‪ .‬أنا أتمل مسئولية نفسي‪ .‬تريد أن تستعبدن با تنفق عليّ؟ كل! إنك ملزم بالنفاق‪.‬‬
‫ولكنك ل تلك التدخل ف شئون‪ .‬أنا أدرى با يضر وما ينفع‪ .‬أنا أعيش بعقلية جديدة متحررة‬
‫متطورة‪ .‬أنا أفهم ما يدور ف الجتمع وأتطلع إل الستقبل‪ ..‬إل المام‪ ..‬فليس لك عليّ سلطان!‬
‫وتقول الفتاة لبيها وأمها‪ :‬أين تعيشون! إنكم تعيشون بعقلية اليل الغابر‪ ..‬التأخر‪ ..‬الرجعي‪ ..‬أما‬
‫أنا فأعيش بعقلية متحررة‪ .‬ماذا تريدون من؟ هل تظنون أنكم أنتم الرقباء عليّ إن أردت أن أفسد؟‬
‫وأن وصايتكم عليّ تمين من السقوط؟ أنا القيّم على نفسي‪ .‬وأنا الرقيبة على أخلقي! وليست‬
‫الخلق هي اللبس أو هي العزلة عن الجتمع! ما الذي سيحدث حي أكشف ذراعيّ أو ساقيّ؟ أو‬
‫أكشف جزءا من صدري؟ هل ستنقص من قطعة؟ وماذا سيصنع ل الشبان حي ينظرون إلّ أو‬
‫يكلمونن ف الطريق؟ هل ستخرب الرض؟ إنكم تتصورون المور بعقلية جامدة ل تفهم " التطور "‬
‫ول تفهم الياة! وعلى أي حال فذلك شأن وحدي‪ .‬وليس لحد عل ّي سلطان!‬
‫ويشكو الباء! يشكون أن أبناءهم تردوا عليهم‪ ،‬ول يعد ف مقدورهم أن يردوهم إل السبيل!‬
‫ويقولون إن الجتمع فاسد يفسد عليهم الولد!‬
‫وقد يكون ذلك حقا!‬
‫ولكنه ل يكن كذلك يوم فسد أول جيل من البناء فتركوهم يفسدون!‬
‫وحي يدث ذلك‪ ..‬حي ينفلت الولد بل ضابط‪ ،‬ل يكمهم أهلوهم‪ ،‬ول يكمهم مدرسوهم ف‬
‫الدرسة‪ ،‬لن الوالد قد أفسد على الدرس مهمة التوجيه‪ ..‬حينذاك تتحقق السنة الاضية‪ ،‬وتغرق‬
‫السفينة وكلها خروق!‬
‫***‬
‫ويقوم طالب يغش ف المتحان‪ ،‬يقول‪ :‬أصنع ما بدا ل‪ .‬وليس لحد عل ّي سلطان‪.‬‬
‫ويتركه الناس‪.‬‬
‫يتركونه " إشفاقا على مستقبله "! أو يتركونه استخفافا بالرية‪.‬‬
‫وينجح الطالب‪ ،‬ويستمتع بذا النجاح اليسر البسيط التكاليف‪..‬‬
‫ويغري النجاح غيه‪ ..‬فيوحون يعبثون العام كله‪ ،‬يتسكعون ف الطرقات‪ ،‬ويرون كالكلب‬
‫الشاردة وراء الفتيات‪ ..‬ث يسهرون السبوع الخي يضّرون " البشام " من أجل المتحان‪.‬‬
‫ويس الخرون من الشرفاء أنم مظلومون! هم يسهرون العام كله ف العمل‪ ،‬ث ل يبلغون ‪ -‬بالد‬
‫والمانة ‪ -‬ما يبلغه الغشاش بغشه‪ ،‬وقد ينجح وهم يرسبون! وقد يصل إل " الوظيفة " وهم‬
‫قاعدون!‬
‫ل جرم ينصرف أغلبهم عن النشاط العلمي الصادق‪ ،‬وينقلبون إل مادعي غشاشي!‬
‫ول جرم تد بعد ذلك الوظف الذي يذهب ف الوعد وينصرف ف الوعد ‪ -‬إن شدد عليه ف‬
‫الضور والنصراف ‪ -‬ول يعمل عمل طيلة وقت " الديوان "!‬

‫‪339‬‬
‫ول جرم تد الهندس الذي ل يوافق على " مواصفات " البناء أو " الواصفات الصحية " وأنت‬
‫تؤديها على وجهها الكمل‪ ،‬ث يوافق على أقل منها كثيا إن دسست ف يده " العلوم "!‬
‫ول جرم تد الطبيب الذي ل يعطيك العلج الكامل الذي يشفيك من أول مرة‪ ،‬ويروح يطيل‬
‫العلج ويطلبك تر عليه مرة بعد مرة ليزداد منك كسبا‪ ،‬وتكسب معه معامل الدوية الت " يتعامل "‬
‫معها أو يكسب الوردون!‬
‫كلهم غشاشون!‬
‫كلهم ذلك الطالب الول الذي تركه الناس غافلي‪.‬‬
‫وحي يصبح الغش هو " العملة " السارية ف الجتمع‪ ،‬فل جرم يذهب الجتمع أسفل سافلي!‬
‫ويقوم موظف يرتشي‪ ..‬يقول‪ :‬من يرّج عل ّي فيما أصنع؟ أفعل ما بدا ل‪ ،‬وليس لحد عليّ سلطان‪.‬‬
‫ويتركه الناس!‬
‫يتركونه بدافع الاجة إل ما ف يده من الصال‪ ،‬أو بدافع الوف إن كان من ذوي النفوذ‪.‬‬
‫ويستفيد ذلك الرتشي‪ ..‬يستفيد ثروة سهلة الأخذ مضمونة الورود‪.‬‬
‫ويغري الثراء غيه من الوظفي‪ ،‬فيندفعون ف تيار الشهوة ينهلون من هذا النهل الدنس‪ ،‬ويلغون ف‬
‫دماء الحتاجي‪.‬‬
‫وتأخذ الوجة مداها‪ ..‬حت تصبح المور كلها بالرشوة‪ ،‬ومن غيها توصد البواب ف وجه أصحاب‬
‫القوق‪.‬‬
‫وقد يتبجح موظف يبر الرية لنفسه أو يبرها للناس‪ ،‬يقول‪ :‬هل أنا وحدي الذي أرتشي؟ هل أنا‬
‫وحدي الذي أشيع الفساد‪ ..‬فهل تنتظم مصال الناس كلها‪ ،‬وتفتح لم البواب؟ كل ما يدث أنن‬
‫أحرم نفسي من العي التاح‪ ،‬وأظل فقيا وأنا رب أسرة وصاحب عيال‪.‬‬
‫وقد يكون هذا حقا‪..‬‬
‫ولكنه ل يكن كذلك حي بدأت الرشوة أول مرة وسكت عنها الناس‪ ،‬أو شجعوها وأغروا با‬
‫الرتشي‪.‬‬
‫وحي تصل المور إل هذا الد‪ ..‬حي تصبح الرشوة هي الصل والنظافة هي الشذوذ‪ ..‬حينذاك تقع‬
‫الزة الت تزلزل الجتمع كله من القواعد‪ ،‬فل يلبث أن يتهاوى إل القرار‪..‬‬
‫***‬
‫صدق رسول ال‪ .‬وصدقت حكمته‪:‬‬
‫"ما أسكر كثيه فقليله حرام"‪..‬‬
‫"مروا بالعروف وأنوا عن النكر قبل أن تدعو فل أجيب"‪..‬‬
‫إن حديث السفينة يمع ما ف الديثي السابقي‪ ،‬ولكنه يضيف إليهما معان أخرى جديرة بالتدبر‬
‫والتفكي‪..‬‬

‫‪340‬‬
‫وإن أول ما يستلفت النظر ف الديث أن الرسول الكري ل يقسّم ركاب السفينة بسب أماكنهم‬
‫الظاهرية ف الجتمع‪ ،‬علوا وسفل‪ ،‬وثراء وفقرا‪ ،‬وبروزا وتواضعا‪ ..‬ل يعل " السادة " هم العلون‬
‫و " الشعب " هو السفل‪ .‬كل‪ .‬فما كانت هذه القيم هي الت تقسم الناس عند رسول ينطق بكمة‬
‫ال ويبلغ رسالة ال‪.‬‬
‫إن العلى ف تقدير ال ورسوله " هو القائم ف حدود ال "‪ .‬هو النفذ لشريعة ال‪ .‬هو الهتدي بدي‬
‫ال‪ .‬أياّ كان مكانه الظاهري ف الجتمع‪ .‬فالقوة القيقية ل تستمد من عرض الرض‪ ،‬ول من القيم‬
‫الرضية النقطعة عن ال‪ .‬إنا تستمد من ال‪ .‬من اليان به والعتزاز بذا اليان‪( .‬وَل َتهِنُوا وَل‬
‫ح َزنُوا وَأَْنتُمُ الَْأ ْعَلوْنَ إِنْ كُنْتُ ْم ُم ْؤمِِنيَ) فاليان هو القوة القة‪ ،‬وهو مصدر " العلو " ومصدر‬
‫تَ ْ‬
‫التوجيه‪ .‬وكل قيمة سواه زائفة ل تلبث أن تضيع‪.‬‬
‫أما " الواقع فيها " فهم العصاة النحرفون ف كل جانب من جوانب العصيان والنراف‪ ،‬بصرف‬
‫النظر عن مركزهم " الظاهري " ف الجتمع‪ .‬فهذا الركز ل يساوي شيئا‪ ،‬ول يقي من ال شيئا حي‬
‫يؤدي إل اليل عن الطريق‪ .‬بل إنه ل يساوي شيئا ف واقع الرض‪ ،‬ول يقي من النتيجة الحتومة‬
‫حي يأذن ال بتحقيق السنة ف أوانا العلوم! فحي تغرق السفينة من شدة الفساد ل يقول السادة‬
‫للشعب‪ :‬اغرقوا أنتم وحدكم ونن ناجون من اللك!‬
‫وحي يطلب الرسول من القائمي ف حدود ال أن يأخذوا على يد الواقعي فيها ل يدد مهمتهم‬
‫براكزهم الظاهرية ف الجتمع‪ ،‬وإنا بأماكنهم القة ف سفينة الجتمع وسفينة الياة‪ ،‬فما داموا‬
‫مؤمني فهم القوة القة‪ .‬القوة الوجهة‪ .‬القوة الخذة على أيدي العابثي‪ .‬وهذه مهمتهم‪ ،‬عليهم أن‬
‫يعرفوها بصرف النظر عن ثرائهم أو فققرهم‪ ،‬ورئاستهم أو مرءوسيتهم‪ ..‬فما بذا توزن المور‪..‬‬
‫***‬
‫والمر الثان هو وحدة الصلحة ف الجتمع‪ ،‬وإن بدت الصال ظاهرة اللف!‬
‫إن كل المثلة الت أوردناها حول مور واحد‪ ،‬مستمد من معن حديث الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ .‬فهؤلء قوم لم " مصال قريبة " يستنفعون منها على حساب الخرين‪ .‬ولو تركهم الجتمع‬
‫حقبة من الزمن فسوف يستفيدون حتما من هذا السكون‪ .‬يستفيدون توفي الهد‪ ،‬وتوفي مغالبة‬
‫الشهوات‪ .‬ويأتيهم رزقهم قريبا سهل ميسرا ل يتعبون فيه‪.‬‬
‫ولكن حقبة من الزمن تضي ‪ -‬طويلة أو قصية ‪ -‬ث يأخذ الفساد ف النتشار وتبدأ السفينة ف ناية‬
‫الطاف‪ ..‬تغرق وتأخذ معها الظالي والظلومي على السواء! ومن ث فالصال النهائية واحدة‪.‬‬
‫والخطار النهائية واحدة‪ ..‬ليست هناك مصلحة لفرد هي مصلحته وحده وشأنه بفرده‪ .‬كل مصلحة‬
‫هي مصلحتهم جيعا وكل ضرر يصيبهم جيعا‪ ..‬ول يستطيع أحد أن يتخلى عن مسئوليته ف هذا‬
‫السبيل‪.‬‬

‫‪341‬‬
‫وهنا تبز بعض الية إزاء الية الكرية‪( :‬يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا َعلَيْ ُكمْ أَْنفُسَكُمْ ل َيضُرّكُ ْم مَ ْن ضَلّ ِإذَا‬
‫ا ْهتَدَيُْتمْ) [‪ .]113‬وهي حية وقع فيها السلمون الوائل أنفسهم فقام أبو بكر رضي ال عنه ينبههم‬
‫إل طريق الصواب‪.‬‬
‫قال‪ :‬يأيها الناس إنكم تقرءون هذه الية‪ ..‬وإن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬إن‬
‫الناس إذا رأوا الظال فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم ال بعقاب من عنده" (رواه أبو داود‬
‫والترمذي)‪.‬‬
‫نعم " عليكم أنفسكم " عليكم الجتمع الذي تعيشون فيه‪ .‬وليس عليكم غيكم من الجتمعات أو‬
‫الفراد غي السلمي‪ .‬فهؤلء ل يضرونكم مت اهتديتم وعملتم با يريده ال‪ .‬أما العمال الت يقوم‬
‫با السلمون ف الجتمع السلم فليس حكمها كذلك‪ .‬إنا مسألة حياة أو موت بالنسبة لذا الجتمع‪.‬‬
‫فإما أن يس بوحدة الصلحة فيأخذ على يد الظال ‪ -‬من أي نوع كان ظلمه ؛ لنفسه أو للخرين ‪-‬‬
‫فينجو الجتمع كله‪ ،‬وإما أن يترك المر خوفا وطمعا أو استهتارا وتاونا‪ ..‬فتحدث الطامة الت تغرق‬
‫الميع‪.‬‬
‫***‬
‫ومن وحدة الصلحة ينشأ الترابط بي أفراد الجتمع ترابطا ل يتخلخل ول تنقطع عراه‪ .‬إنم ركاب‬
‫سفينة واحدة‪ ،‬ناجية أو غارقة‪ ،‬فكيف يكن أن ينفصل بعضهم عن بعض أو يتجاهل بعضهم وجود‬
‫بعض؟‬
‫وإنه ‪ -‬وهو ترابط الصلحة الواحدة الت يلتقي عندها الميع ‪ -‬لو ف الوقت ذاته ترابط المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر واليان بال‪ .‬ترابط التعاون على الب والتقوى وليس ترابط التعاون على‬
‫الث والعدوان‪.‬‬
‫***‬
‫ترابط ل يقول فيه إنسان‪ :‬ما شأن أنا بفلن‪ ،‬فليصنع ما يشاء ولن أتدخل ف أمره!‬
‫ول يقول فيه إنسان لخر‪ :‬ما شأنك ب! سأصنع ما أشاء ول تتدخل ف أمري!‬
‫كل! إن أمور الجتمع ل يكن أن تستقيم كذلك‪ ..‬ل بد من يقظة كل فرد لعمال أخيه‪ ،‬ول بد‬
‫من رده عن الطأ والسراف فيه‪.‬‬
‫وليس معن ذلك أن يتحول الجتمع إل منازعات ومشاحنات!‬
‫كل! فليس هذا هو الطريق!‬
‫سنَ ُة وَل‬
‫سَتوِي الْحَ َ‬ ‫ي وَل تَ ْ‬
‫سلِ ِم َ‬
‫(وَمَنْ أَ ْحسَنُ َقوْ ًل مِمّ ْن َدعَا إِلَى الّل ِه َوعَمِ َل صَالِحا وَقَالَ إِنّنِي مِنَ الْمُ ْ‬
‫ك وَبَْيَنهُ عَدَا َوةٌ كََأّنهُ وَِليّ حَمِيمٌ) [‪( ]114‬ادْعُ إِلَى َسبِيلِ‬ ‫السّيّئَةُ ا ْدفَعْ بِالّتِي هِيَ أَ ْحسَنُ فَِإذَا الّذِي َبيَْن َ‬
‫حسََنةِ) [‪.]115‬‬ ‫رَّبكَ بِاْلحِكْمَ ِة وَالْ َم ْوعِظَ ِة الْ َ‬
‫هذا هو الطريق‪..‬‬
‫إن الترابط هو ترابط الب‪ .‬ل البغضاء‪.‬‬

‫‪342‬‬
‫وإن النصيحة لتصدر من هذا النبع العذب‪ .‬أنا أنصح أخي لنن أحبه‪ .‬لنن أريد له الي‪ .‬لنن أريد‬
‫أن آخذ بجزه أن يقع ف النار! وهو يتقبل من النصيحة على هذا الوضع‪ ..‬لنه يبن ويثق ف نظافة‬
‫النصح والتوجيه‪.‬‬
‫أما " الخذ على اليد " با تمله من معن الزجر أو العنف فليست أول الطريق!‬
‫إنا هي النهاية حي تفشل الوسائل كلها ول يتبقى غي هذا الطريق!‬
‫***‬
‫ورب قائل أن يقول ‪ -‬عن إخلص نية ‪ -‬مقالة الفت الستهتر أو الفتاة الوجاء‪:‬‬
‫وهل أنا وحدي سأصلح الجتمع‪ .‬هل أنا ‪ -‬حي أومن وأعمل صالا ‪ -‬سأنقذ السفينة الاوية إل‬
‫القرار!‬
‫كل!‬
‫فحي توجد ف متمع يوشك أن يتحطم‪ ،‬ف سفينة توشك على اللك‪ ،‬فلن تقفها وحدك عن النهاية‬
‫الحتومة‪ ،‬ولن تنقذها وحدك من اللك‪.‬‬
‫نعم‪ .‬ولكنك تنقذ نفسك!‬
‫فحت حي تتحقق السنة الت ل تتخلف‪ ..‬حت حي ينفذ الوعد الق وتتحطم السفينة‪.‬‬
‫حت حينئذ‪ ..‬فشتان بي غريق وغريق!‬
‫غريق ف جهنم لنه فاجر‪.‬‬
‫وغريق ف النة لنه شهيد‪.‬‬
‫فمن ذا الذي يبيع الخرة بالدنيا‪ ،‬ويسعى إل النار ‪ -‬وهو يغرق ‪ -‬ف حي يلك ‪ -‬حت وهو يغرق‬
‫‪ -‬أن يسعى إل النعيم؟!‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]102‬سورة الجرات [ ‪.] 6‬‬
‫[‪ ]103‬سورة الجرات [ ‪.] 12‬‬
‫[‪ ]104‬رواه أبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]105‬أبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]106‬أبو داود من روايات متعددة‪.‬‬
‫[‪ ]107‬أبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]108‬أبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]109‬انظر فصل " وليح ذبيحته "‪.‬‬
‫[‪ ]110‬أبود داود‪.‬‬
‫[‪ ]111‬أبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]112‬رواه البخاري والترمذي‪.‬‬

‫‪343‬‬
‫[‪ ]113‬سورة الائدة [ ‪.] 105‬‬
‫[‪ ]114‬سورة فصلت [ ‪.] 34 - 33‬‬
‫[‪ ]115‬سورة النحل [ ‪.] 125‬‬
‫=================================‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪)11‬أنتم أعلم بأمور دنياكم‬
‫قَبَسَا ٌ‬

‫قصة هذا الديث معروفة‪..‬‬


‫فقد مر الرسول صلى ال عليه وسلم ف الدينة على قوم يؤبرون النخل ‪ -‬أي يلقحونه ‪ -‬فقال‪ " :‬لو‬
‫ل يفعلوا لصلح له " فامتنع القوم عن تلقيح النخل ف ذلك العام ظنا منهم أن ذلك من أمر الوحي‪،‬‬
‫فلم ينتج النخل إل شيصا (أي بلحا غي ملقح‪ ،‬وهو مر ل يؤكل) فلما رآه النب صلى ال عليه وسلم‬
‫على هذه الصورة سأل عما حدث له فقالوا‪ " :‬قلت كذا وكذا‪ " ..‬قال‪ " :‬أنتم أعلم بأمور دنياكم "‬
‫عن عائشة وعن ثابت وعن أنس)‪ :‬وف صحيح مسلم عن موسى بن طلحة عن أبيه أن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم قال‪ " :‬ما أظن يغن ذلك شيئا "‪ ..‬ث قال‪ " :‬إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه‪ .‬فإن إنا‬
‫ظننت ظنا فل تؤاخذون بالظن‪ .‬ولكن إذا حدثتكم عن ال شيئا فخذوا به "‪.‬‬
‫***‬
‫تلك قصة الديث‪..‬‬
‫وهي واضحة الدللة فيما تركه الرسول صلى ال عليه وسلم للناس من أمور يتصرفون فيها بعرفتهم‪،‬‬
‫لنم أعلم با وأخب بدقائقها‪ .‬إنا السائل " العلمية الفنية التطبيقية " الت تتناولا خبة الناس ف‬
‫الرض‪ ،‬منقطعة عن كل عقيدة أو تنظيم سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي‪ .‬وهي ف الوقت ذاته‬
‫تصلح للتطبيق مع كل عقيدة وكل تنظيم‪ ،‬لنا ليست جزءا من أي عقيدة أو أي تنظيم‪ ..‬بل إنا‬
‫حقائق علمية مردة عن وجود النسان ذاته بكل عقائده وكل تنظيماته‪ .‬كحقيقة اتاد الكسجي‬
‫واليدروجي لتكوين الاء‪ ،‬وحقيقة انصهار الديد ف درجة كذا مئوية‪ .‬هي حقائق ليسن ناشئة عن‬
‫وجود النسان‪ .‬وإنا هي سابقة له‪ ،‬موجودة منذ وجدت هذه العناصر ف الكون‪ .‬وقصارى " تدخل‬
‫" النسان فيها أن يكتشفها ويعرفها‪ ،‬ث يستغلها لصاله‪ ،‬ويطبقها ف حياته العملية‪.‬‬
‫وقصة النخل ل ترج عن كونا حقيقة علمية اكتشفها النسان فطبقها ف حياته العملية‪ :‬حقيقة‬
‫التلقيح والخصاب ف عال النبات‪ .‬وهي عملية ل يتم بدونا تكون الثمرة ونضجها على النحو‬
‫العروف‪ .‬والرسول صلى ال عليه وسلم ل يقطع فيها برأي ‪ -‬كما هو ظاهر من الديث ‪ -‬وإنا‬
‫قال‪ " :‬إنا ظننت ظنا "‪ .‬ولعل الشك الذي ساوره صلى ال عليه وسلم قد جاء من اعتقاده بأن ال‬
‫ل بد أن يكون قد أودع فطرة الياة ما تتم به عملياتا " البيولوجية " دون حاجة إل تدخل‬
‫النسان‪ !..‬وطالا خطر ف نفسي أنا هذا السؤال‪ :‬من كان يلقح النخيل‪ ،‬وينقل فسائل النباتات الت‬
‫ل تنمو بغي التنقيل‪ ،‬قبل أن يوجد النسان على ظهر الرض‪ ،‬والنباتات كلها سابقة للنسان ف‬

‫‪344‬‬
‫الليقة؟! ول شك أن علماء النبات لديهم لذا السؤال جواب‪ .‬ولكن أقول فقط‪ :‬إنا خاطرة جديرة‬
‫بأن تطر على قلب إنسان!‬
‫هي إذن السائل " التكنيكية " البحتة بتعبينا العلمي الديث‪ .‬السائل الت يتحصل عليها الؤمنون‬
‫والكفار سواء‪ .‬ول تؤثر بذاتا ف عقيدة القلب أو اتاه الشعور‪.‬‬
‫ومع ذلك فإن فريقا من الناس يريدون أن يفهموا منها غي ما قصده الرسول وحدده‪ .‬يريدون أن‬
‫يبسطوها حت تشمل الياة الدنيا كلها‪ ،‬بتشريعاتا وتطبيقاتا‪ ،‬باقتصادياتا واجتماعياتا‪ ،‬بسياساتا‬
‫وتنظيماتا‪ .‬فل يدعون لدين ال ولرسول ال مهمة غي " تنظيف القلب البشري وهدايته " بالعن‬
‫الروحي الالص‪ ،‬الذي ل شأن له بواقع الياة اليومي‪ ،‬ول شأن له بتنظيم الجتمع وسياسة المور‬
‫فيه‪ .‬ث يسندون هذا اللون من التفكي للرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويعلونه ‪ -‬هو ‪ -‬شاهدا عليه!!‬
‫وما أريد أن أبادر بسوء الظن! فقد يكون هذا الفريق من الناس ملصا ف تفكيه مطمئنا إليه! وقد‬
‫يكون ذلك بالنسبة إليه مهربا " ل شعوريا " من ضغط الفاهيم الوربية ‪ -‬الغربية أو الشرقية ‪ -‬عن‬
‫الدين من جانب‪ ،‬و" العلوم " القتصادية والجتماعية النقطعة عن الدين من جانب آخر‪ .‬مهربا يلجأ‬
‫إليه العاجزون الغلوبون‪ ،‬ليحتفظوا بعقيدتم الشخصية ف ال‪ ،‬ث يكونوا بعد ذلك تقدميي أو‬
‫ترريي!!‬
‫ولكن قليلً من النظر كان جديرا أن يردهم إل التفكي الصائب والتقدير الصحيح‪ ،‬ويرفع عنهم هذه‬
‫الذلة الفكرية الت يعانونا إزاء الغرب‪ ،‬فتلوي أفكارهم ‪ -‬بوعي أو بغي وعي ‪ -‬وتفسد مشاعرهم‬
‫فينحرفون عن السبيل‪.‬‬
‫لو كان السلم رسالة " روحية " بالعن الفهوم لذا اللفظ ‪ -‬العن الوجدان الالص الذي ل شأن‬
‫له بواقع الياة اليومي ‪ -‬ففيم إذن كان هذا الشد الائل من التشريعات والتوجيهات ف القرآن‬
‫والديث؟‬
‫وفيم إذن يقول ال سبحانه وتعال‪( :‬وَمَا آتَاكُ ُم الرّسُولُ َفخُذُوهُ َومَا َنهَاكُ ْم َعْنهُ فَانَْتهُوا)! ث يعقب ف‬
‫نفس الية بالتهديد للمخالفي‪( :‬وَاّتقُوا الّلهَ إِنّ الّلهَ شَدِي ُد اْل ِعقَابِ) [‪]116‬؟!‬
‫فيم هذا كله إذا كانت السألة هي " تنظيف القلب " ليس غي؟!‬
‫***‬
‫وإن تنظيف القلب البشري لهمة ضخمة دون شك‪ ..‬مهمة تتاج إل رسول!‬
‫وإنا ‪ -‬حي تنجح ‪ -‬لي الضمان الول لسلمة الياة كلها واستقامتها ونظافتها‪ .‬فإن أخفقت‪ ..‬فل‬
‫ضمان!‬
‫والسلم يوجه لذا القلب أكب عناية يكن أن يوجهها إليه نظام أو دين‪ .‬فهو يربطه دائمًا بال‪،‬‬
‫ويوجهه دائما لشيته وتقواه والعمل على رضاه‪ .‬ث هو يتتبع هذا القلب ف كل نزعة من نزعاته‪،‬‬
‫وكل ميل من ميوله‪ ..‬ف العمال الظاهرة والشاعر الستترة‪ ..‬ف السر الذي يفى على الناس ول‬
‫يفى على ال‪ ،‬بل فيما هو أخفى من السر‪ ،‬من الشاعر الساربة ف حنايا الضمي [‪ ..]117‬يتتبعه ف‬

‫‪345‬‬
‫كل ذلك‪ ،‬عملً عملً وخاطرا خاطرا وفكرة فكرة‪ ..‬فينظفها بشية ال‪ ،‬والياء من رقابته الدائمة‬
‫الت ل يغيب عنها شيء ف الرض ول ف السماء‪ ..‬ويوجهه إل صفحة الكون الواسعة‪ ،‬وما فيها من‬
‫آيات القدرة العجزة‪ ،‬ليمسح عنه الغلظة الت تجر الشاعر‪ ،‬والغبش الذي يجب عنه النور‪ ..‬ويطلقه‬
‫من إسار الشهوات والضرورات الت تثقله وتشده إل الرض‪ ،‬لينطلق خفيفًا صافيًا شفيفًا يسبح ال‬
‫ويفرح بداه‪..‬‬
‫نعم‪ ..‬يبذل السلم ذلك الهد الضخم كله " لتنظيف القلب "‪.‬‬
‫ولكن السلم دين الفطرة‪ ..‬الدين الذي يعرف أسرار الفطرة فيقدم لا ما يلصح لا وما يصلحها‪.‬‬
‫الدين الذي يعال الفطرة على أحسن وجه وأنسب طريقة‪ ،‬ليخرج منها بأقصى ما تستطيع أن تنحه‬
‫من الي‪ .‬الدين الذي يتلبس بالفطرة فيملؤها كلها ول يترك فراغا واحدا ل ينفذ إليه‪ .‬الدين الذي‬
‫يأخذ الفطرة كما هي كلّ واحدا ل يتجزأ‪ ،‬كلً يشمل السم والعقل والروح‪ ،‬فيعالها العلج‬
‫الشامل الذي يأخذ ف حسابه الوانب كلها‪ .‬ويأخذها مرتبطا بعضها ببعض ف نظام وثيق‪..‬‬
‫ومن ث ل يأخذ شعور النسان ويترك سلوكه‪ .‬ل يأخذ " مبادئه " ويترك " تطبيقه "‪ .‬ل يأخذ آخرته‬
‫ويدع دنياه‪ ..‬وإنا يعمل حساب ذلك كله ف توجيهاته وتشريعاته سواء‪.‬‬
‫***‬
‫السلم يتناول الياة كلها‪ ،‬بكل ما تشتمل عليه من تنظيمات‪ .‬ويرسم للبشر صورة كاملة لا ينبغي‬
‫أن تكون عليه حياتم ف هذه الرض‪.‬‬
‫إنه يتناول النسان من يقظته ف الصباح الباكر حت يسلم جنبه للنوم ف آخر الساء‪ .‬يعلمه ويلقنه‬
‫ماذا يصنع وماذا يقول أول ما يفتح عينيه‪ ،‬ث حي يقوم‪ ،‬ث حي يقضي ضرورته‪ ،‬ث حي يؤدي‬
‫صلته‪ ،‬ث حي يضرب ف مناكب الرض باحثا عن رزقه‪ :‬زارعا أو صانعا أو عاملً أو بائعا أو‬
‫شاريا‪ ..‬ث حي يتناول طعامه‪ ،‬ث حي يستريح من القيلولة‪ ،‬ث حي يعود ف آخر اليوم‪ ،‬ث حي يلقى‬
‫زوجه وأطفاله‪ ،‬ث حي يضع جنبه‪ ،‬ث حي يأخذ ف النوم‪ ..‬بل إذا صحا كذلك ف وسط النوم فزعا‬
‫أو غي مفزّع!‬
‫وكما تناول النسان فردا ف جيع أحواله‪ ،‬فقد تناوله كذلك وهو يعيش ف الجتمع مع غيه من‬
‫الفراد‪ .‬فعلم الجتمع ولقنه كيف تكون الصلت بي أفراده‪ ،‬وكيف تكون العلقات‪ .‬وكيف ينشئ‬
‫تقاليده على الودة والخاء والب‪ ،‬والتكافل والتعاون‪ .‬وكيف يشتري وكيف يبيع‪ .‬وكيف يزرع‬
‫وكيف ين‪ .‬وكيف يلك وكيف يوزع الثروة بي الفراد‪.‬‬
‫وكما تناول الفرد والجتمع تناول كذلك " الدولة " مثلة الجتمع‪ .‬فأعطى ول المر حقوقا وأوجب‬
‫عليه واجبات‪ .‬وعلمه ولقنه كيف يكم الناس‪ ،‬وكيف يقيم بينهم العدل‪ ،‬وكيف يوزع الال بينهم‪،‬‬
‫بأي نسب وعلى أي الفئات ومن أي الوارد‪ .‬وكيف يعلن الرب وكيف يقيم السلم‪ ،‬وكيف يتعامل‬
‫مع الدول والماعات والفراد‪..‬‬

‫‪346‬‬
‫الياة كلها بميع دقائقها وتفصيلتا‪ .‬الياة الادية والفكرية والروحية‪ .‬الياة الفردية والجتماعية‪.‬‬
‫الياة بكل ما تشمله من مفاهيم‪ .‬وكانت تلك هي طريقة السلم الفذة ف " تنظيف القلب "!‬
‫أوَ يعجب الناس من هذا القول؟! أيقولون ما للقلب والروح بواقع الرض؟ بالقتصاد والسياسة‬
‫والجتماع؟!‬
‫ويح الناس!‬
‫أليسوا هم الذين " اكتشفوا " ف القرن التاسع عشر والقرن العشرين أن " مشاعر " الناس مرتبطة‬
‫بوضعهم القتصادي وبعلقات النتاج؟!‬
‫فيم العجب إذن إن قيل لم إن السلم وهو " ينظف القلب " يضع ف حسابه إقامة نظام اقتصادي‬
‫عادل‪ ،‬ونظام اجتماعي متوازن‪ ،‬ونظام سياسي راشد مكم الرباط؟‬
‫أم هم يُدِلّون على ال بعلمهم؟ ويسبون أنم وحدهم الذين أدركوا هذه القيقة‪ ،‬بينما ال الذي‬
‫خلق اللق وهو أدرى به‪ ،‬قد فاته إدراكها؟! سبحانه وتعال عما يصفونه علوا كبيا‪..‬‬
‫كل! إن السلم قد تناول هذه القائق كلها قبل أن يصحو لا الناس‪ .‬وبيّن أن الياة السليمة النظيفة‬
‫التكاملة ل يكن أن تتم ف داخل القلب معزولة عن واقع الياة‪ .‬ل يكن أن تتم ف الوجدان‬
‫والشاعر إن ل يكن لا رصيد مواز لا من العمل والسلوك‪ .‬ومن ث ل يعل الدين " عقيدة " كامنة‬
‫ف الضمي‪ .‬وإنا جعلها نظاما قائما على عقيدة‪ ،‬ومتمعا قائما على هذا النظام‪.‬‬
‫صحيح أنه ل ينل ف ذلك إل مهاوي الادية الابطة والذاهب القتصادية النحرفة‪ .‬ل يعل الادة هي‬
‫الصل‪ ،‬والنسان هو التابع الذليل الذي ل يلك نفسه إزاء التطورات التمية للقتصاد والنتاج‪..‬‬
‫وإنا جعل النسان هو الصل‪ .‬جعل القلب البشري هو الصدر الذي تصدر عنه الطاقة ويصدر عنه‬
‫الشعاع‪ .‬ولكنه ف الوقت ذاته ل يشأ أن يعله معلقا ف البج العاجي‪ ،‬يطلق شحنته الائلة ف‬
‫الفضاء ف قفزات اليال وسبحات الروح‪ .‬وإنا أراد لذه الطاقة الضخمة أن تنتج ف واقع الرض‪،‬‬
‫وأن تنشئ متمعها ونظامها بوحي من العقيدة وهدي من ال‪ ،‬فيتوازن بذلك الشعور والعمل‪،‬‬
‫والوجدان والسلوك‪ ،‬ويتوازن بذلك " النسان "‪.‬‬
‫وكان هذا هو المر الطبيعي ما دام السلم " دين الفطرة "‪.‬‬
‫إن الشاعر الرفرفة والوجدان الشرق والفكار الميلة ل قيمة لا إذا ل تتحول إل قوة بانية ف عال‬
‫الواقع‪ ،‬إذا ل تتحول إل حقيقة ظاهرة ملموسة يس با الناس‪.‬‬
‫والعمال " العظيمة " والنتاج الباهر والركة الفاعلة ل قيمة لا إذا ل تستند إل شعور عميق‬
‫بالي‪ ،‬وإحساس حي بروابط الخوة النسانية واللتقاء إل ال‪.‬‬
‫بل ها ‪ -‬بدون هذا التزاوج ‪ -‬ينقلبان إل شر مدمر للبشرية‪:‬‬
‫الول تنقلب إل زهادة وعزلة تتوقف با الياة‪.‬‬
‫والثانية تنقلب إل طغيان كافر يدمر الياة على وجه الرض‪.‬‬
‫ول بد منهما معا لتستقيم الياة‪ ،‬مرتبطي متمازجي‪ ،‬ل انفصال بينهما ول افتراق!‬

‫‪347‬‬
‫تلك هي " الفطرة " البشرية‪.‬‬
‫والسلم دين الفطرة وكلمة ال‪.‬‬
‫ومن ث ل يكن بد ‪ -‬وهو " ينظف القلب البشري " ‪ -‬أن يعل ف حسابه الباطن والظاهر‪ ،‬والشعور‬
‫والعمل‪ ،‬والوجدان والسلوك‪.‬‬
‫وهو بذلك واقعي إل أقصى حدود الواقعية‪...‬‬
‫إنه يعن أشد العناية بعال الروح ونظافة الضمي‪ .‬وإنه يثق ف أن القلب البشري مصدر الطاقة ومصدر‬
‫الشعاع‪ .‬ولكنه ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬ل يفترض ف الناس كلهم أنم من أول العزم! ل يفترض فيهم أنم‬
‫يستطيعون دائما أن يعيشوا بقلوب نظيفة ف متمع غي نظيف‪ ،‬أو يارسوا العدالة ف متمع غي‬
‫عادل‪ ،‬أو يرصوا على الفضائل ف متمع يرص على النكرات‪.‬‬
‫ففي " الفطرة " البشرية ضعف يتاج إل سند ويتاج إل معونة‪( :‬وَ ُخلِقَ الْإِنْسَا ُن ضَعِيفا)‪.‬‬
‫هناك ثقلة الضرورة ودفعة الشهوات‪.‬‬
‫وهي " واقع " ل مصلحة ف تاهله‪ ،‬ول سبيل إل نكرانه‪.‬‬
‫ول بد من تنظيمه‪ ..‬ل بد من تنظيمه ليستطيع النسان أن يفرغ من ضغطه على العصاب والشاعر‪.‬‬
‫وينطلق حيث يشاء‪ ،‬حيث يليق بليفة ال أن يكون‪.‬‬
‫من أجل ذلك يرص السلم على واقع الجتمع أن يكون نظيفا ليعاون الفرد على نظافة الضمي‪.‬‬
‫ولن تكون نظافة الجتمع إل بنظام اقتصادي عادل‪ ،‬ونظام اجتماعي متوازن‪ ،‬ونظام سياسي راشد‬
‫مكم الرباط بالعقيدة الصحيحة واليان الصحيح‪.‬‬
‫***‬
‫من صميم مهمة الدين إذن ف تنظيف القلب كانت هذه التشريعات وهذه التوجيهات الت تتناول‬
‫السرة والجتمع‪ ،‬وسياسة الكم‪ ،‬وسياسة الال‪ .‬يستوي ف ذلك التشريع القتصادي‪ ،‬والتشريع‬
‫السياسي‪ ،‬والتشريع النائي‪ ،‬والتشريع الدن‪ ،‬والتشريع الدول‪ ..‬والتوجيهات العديدة التعلقة بكل‬
‫هذه الشئون‪.‬‬
‫ول يكن السلم ‪ -‬وهو جاد ف تناول النسان والياة البشرية بالتنظيم والتنظيف ‪ -‬ليغفل هذه‬
‫الشئون الواقعية كلها‪ ،‬وينصرف إل تذيب الضمي ف عال الثل والحلم‪ .‬ول يكن رسول السلم‬
‫صلى ال عليه وسلم ليتخلى عن مهمته الائلة ف ذلك الشأن‪ ،‬وينفض يديه منها‪ ،‬ويقول للناس‪" :‬‬
‫أنتم أعلم بأمور دنياكم " أي تصرفوا أنتم ف تشريعاتكم وتنظيماتكم‪ ،‬ف سياسة الال وف سياسة‬
‫الكم‪ ،‬ف علقات الجتمع‪ ،‬وف القواني الت تنظم الياة‪..‬‬
‫كل! ل يكن ليفعل ذلك‪ .‬ولو فعل فما أدى إذن رسالة ال‪ .‬وال هو الذي يقول له ف مال‬
‫التكليف‪( :‬ثُ ّم َجعَلْنَا َك عَلَى َشرِيعَ ٍة مِنَ الَْأ ْمرِ فَاتِّب ْعهَا وَل تَتّبِعْ َأ ْهوَاءَ الّذِينَ ل َيعْلَمُونَ) [‪.]118‬‬
‫***‬

‫‪348‬‬
‫ولكن هذا الفريق من الناس الذي ذكرناه آنفًا‪ ،‬أو فريقا غيه يقول‪ :‬إن الياة تتطور‪ .‬فكيف إذن‬
‫يكن أن يشرع ال أو يشرع رسوله للجيال التالية لعصر القرآن؟ إن ما كان يصلح منذ ألف‬
‫وأربعمائة عام ل يصلح اليوم‪ .‬وما كان حركة تقدمية ثورية ف ذلك التاريخ يصبح اليوم أمرا رجعيا‬
‫عتيقا متجمدا ل ياري التطور ول يصلح للحياة‪ ..‬ومن ث قال الرسول صلى ال عليه وسلم هذه‬
‫الكلمة ليفتح الباب للتطور‪ ،‬ول يقف بالناس عند تشريعات وتنظيمات قد اقتضتها بيئة معينة‬
‫وظروف معينة‪ ،‬وإنا يتركهم يشرعون وينظمون فيما هم أدرى به من المور‪.‬‬

‫" التطور "‪ ..‬ويح الناس من التطور!‬


‫إنه هوس يصيب هذا القرن العشرين! هوس ييّل إليهم أن الياة كلها بل قواعد‪ ،‬والكون كله بل‬
‫ناموس!‬
‫لقد كانت فكرة التطور اكتشافا جديدا بالنسبة لوربا ف تاريها الديث‪ ،‬بعد أن غرقت فترة طويلة‬
‫ف ظلم العصور الوسطى‪ ،‬ل تعلم شيئا ول تساير ركب الياة‪ .‬وف القرن التاسع عشر امتلت‬
‫رءوس الفكرين والعلماء بفكرة التطور‪ ،‬ف العلم والسياسة والقتصاد والجتماع‪ ،‬ث تلقفتها الماهي‬
‫ف ناية القرن الفائت وف خلل هذا القرن‪ ..‬تلقفتها با يشبه اللوثة‪ ..‬تفسر با كل شيء وتفسد با‬
‫كل شيء!‬
‫بينما العال السلمي ل يكن غريبا عن فكرة التطور وآثاره ف حياة الماعة‪ .‬فقد فطن إليها ابن‬
‫خلدون ف مقدمته وعالها علجا " علميا " وافيا يشهد له بالباعة والتدقيق‪ .‬ولقد فطن إليها عمر‬
‫بن عبد العزيز ف صدر السلم إذ يقول " ي ّد للناس من القضية بقدر ما يد لم من القضايا "‬
‫وفطن إليها الفقه السلمي كله‪ ،‬وهو يضع التفريعات الدائمة ف كل شئون الياة النامية التجددة‬
‫جيلً بعد جيل‪.‬‬
‫ولكن الفكر السلمي ل يرج عن صوابه وهو يس بالتطور ويساوق خطاه‪ .‬فلم يفهم من التطور‬
‫أن الياة بل قواعد‪ ،‬والكون بل ناموس! ل يفهم منه أن ينفصل عن الصول الثابتة وينطلق بل دليل!‬
‫وجاء " العلم " ف القرون الخية يؤيد الفهم السلمي للتطور‪ ،‬ول يؤيد اللوثة الت أصابت الماهي‬
‫ف أوربا‪ ،‬وأشباه العلماء هناك‪ ،‬وانتقلت عن طريقهم إل الشرق ف عصرنا الخي‪.‬‬
‫***‬
‫الياة البشرية تتطور‪ ،‬والكون كله يتطور‪ ..‬نعم! ولكن هذا ل ينفي وجود قواعد ثابتة ف هذا الكون‬
‫وف الياة البشرية‪ ..‬أولا وأبسطها‪ ،‬وأقربا إل البديهة‪ ،‬صدور الكون كله عن إرادة ال الالق‬
‫الدبر‪ ،‬وانتظام سننه ونواميسه انتظاما دقيقا معجزا ل يل ثانية ول ثالثة‪ ،‬ول قيد شعرة ف هذا‬
‫الفضاء الائل الرهيب!‬

‫‪349‬‬
‫السدم تتطور إل نوم‪ ..‬والنجوم تتطور وهو تدور‪ ،‬فتسخن وتبد‪ ،‬وتتكور وتنبعج‪ .‬وتسرع‬
‫وتبطئ‪ ..‬ولكن شيئا واحدا من ذلك ل يدث بل قانون‪ ،‬وشيئا واحدا من ذلك ل يدث مالفا‬
‫للناموس الناموس الذي يكشف العلم طرفا منه كلما تيسرت له الوسائل وأتيحت له الدوات‪.‬‬
‫ومموعتنا الشمسية الصغية الت نن جزء منها‪ ،‬تتبع نواميس الكون وهي تتطور‪ ،‬وتسي على النهج‬
‫الذي أراده لا ال منذ الزل‪ ،‬ل تنحرف عنه لظة إل يي أو شال‪.‬‬
‫والرض الت نعيش عليها تكمها ‪ -‬ف تطورها ‪ -‬النواميس الزلية الت تكم الكون‪ ،‬فيسي كل‬
‫شيء على سطحها كما أراده ال وفق قانونه الذي ارتضاه‪.‬‬
‫الكسجي هو الكسجي‪ ..‬واليدروجي هو اليدروجي‪ .‬ف الرض والشمس وجيع النجوم‬
‫سواء‪ .‬والاء قدر من الكسجي وقدران من اليدروجي (أيد‪ )2‬ل تتغي هذه النسبة سواء ركب الاء‬
‫ف العمل أم هطل من السماء‪ ..‬والطر هو الطر‪ ..‬بار يصعد من البحر‪ ،‬فينطلق إل الو‪ ،‬فيتكاثف‪،‬‬
‫فيتركز ويثقل‪ ،‬فينل إل الرض‪ ..‬سواء حدث ذلك " طبيعيا " أم أنزل صناعيا من السماء‪ ..‬ل يتغي‬
‫قانون واحد من قوانينه‪ ،‬ول يتل ف مساره عن الناموس‪.‬‬
‫والياة على الرض كذلك‪ ..‬تطورت‪ ..‬ل نعلم علم اليقي كيف‪ ،‬وإن كنا ناول أن نصل إل‬
‫اليقي‪ ..‬ولكنا ند من أباث العلم ما يؤكد لنا تأكيدا قاطعا أن الياة ل تنشأ على الرض مصادفة‪،‬‬
‫ول يكن استمرارها مئات اللوف من السني كذلك بالصادفة‪ .‬وإنا هو نتيجة النظام الحدد القرر‬
‫الذي بنيت به الجموعة الشمسية وأخذت به مسارها ف الفضاء‪ .‬بيث لو اختلت نسبة واحدة من‬
‫النسب لنعدمت بذلك الياة‪ ..‬فهي إذن إرادة الالق‪ ،‬وتدبيه الدقيق العجز‪ .‬ولوله ل تقم حياة[‬
‫‪.]119‬‬
‫والنسان بعد ذلك‪ ..‬النسان الذي مله غرور العلم‪ ..‬وأصابته لوثة التطور‪ ..‬ذلك النسان يتطور‪.‬‬
‫تتغي حياته يوما بعد يوم‪ ،‬ويستحدث جديدا كل يوم‪ .‬ولكنه مع ذلك خاضع للنواميس‪ .‬النواميس‬
‫الت تدخل التطور ف حسابا‪ ،‬فإذا التطور ذاته جزء من القانون الثابت الذي يكم الكون ويكم‬
‫الياة!‬
‫***‬
‫يتطور الكون‪ ..‬فهل تغيت طبيعته؟ هل تغي تكوّنه من طاقة أو مموعة من الطاقات؟‬
‫كل! ل يقل بذلك أحد من العلماء! وإنا تتغي " صوره " و" حالته " ويظل جوهره ثابتا على ما‬
‫هو عليه‪.‬‬
‫ث‪ ..‬هل تغيت القيقة السابقة على ذلك‪ ..‬حقيقة الزل والبد وهي صدور الوجود عن إرادة ال؟‬
‫كل! ل يقول بذلك أحد من العقلء! فالكون ف وجوده‪ ،‬كالكون ف تطوره‪ .‬كالكون ف فنائه حي‬
‫يقدر له الفناء‪ ،‬صادر عن إرادة ال‪ ،‬مرتبط دائما بإرادة ال‪.‬‬
‫والنسان كذلك يتطور‪ ..‬فهل تتغي طبيعته؟ أم تتغي صوره وحالته ويثبت الوهر الذي فيه؟‬
‫هل تتغي القائق الزلية ف تكوينه‪:‬‬

‫‪350‬‬
‫أنه صدر عن إرادة رَّبكَ‪( :‬وَِإذْ قَا َل َرّبكَ ِللْمَلِئكَةِ ِإنّي جَاعِ ٌل فِي الَْأ ْرضِ َخلِيفَةً) [‪.]120‬‬
‫س وَاحِ َدةٍ) [‬ ‫وأن البشر جيعا من نفس واحدة‪( :‬يَا أَّيهَا النّاسُ اّتقُوا رَبّكُمُ الّذِي َخَلقَكُمْ مِ ْن َنفْ ٍ‬
‫‪.]121‬‬
‫وأن من هذه النفس ‪ -‬أي من جنسها ‪ -‬قد خلق " الزوج " الذي يكملها ويلتقي با ويوائمها‪:‬‬
‫(خََلقَكُ ْم مِنْ َن ْفسٍ وَاحِ َد ٍة وَخَلَ َق مِْنهَا َزوْ َجهَا) [‪َ ( ]122‬ومِنْ آيَاِتهِ أَنْ خََلقَ لَكُ ْم مِنْ أَْنفُسِكُمْ َأ ْزوَاجا‬
‫لَِتسْكُنُوا إِلَْيهَا وَ َجعَ َل بَيَْنكُ ْم َموَ ّدةً َورَ ْحمَةً) [‪.]123‬‬
‫وأن من هذه النفس وزوجها انبث اللق كلهم والقبائل والشعوب (خََلقَكُ ْم مِنْ َن ْفسٍ وَاحِ َد ٍة وَخََلقَ‬
‫مِْنهَا َزوْ َجهَا وََبثّ ِمْنهُمَا رِجَالً كَثِيا وَِنسَاءً) [‪( .]124‬وَ َجعَلْنَاكُمْ ُشعُوبا وََقبَائِلَ ِلَتعَارَفُوا إِنّ‬
‫أَ ْك َرمَكُمْ ِعنْدَ الّلهِ أَْتقَاكُمْ) [‪.]125‬‬
‫وأن النسان قبضة من طي الرض ونفخة من روح ال‪ .‬قبضى من طي الرض تتمثل فيها عناصر‬
‫الرض الادية من حديد وناس وكلسيوم وفوسفور وأكسجي وإيدروجي‪ ،‬وتتمثل فيها شهوات‬
‫الرض ودوافع الرض‪ .‬ونفخة من روح ال تتمثل فيها روح النسان الشفيفة القادرة على السمو‬
‫والرفعة‪ ،‬كما تتمثل فيها الرادة الضابطة والقدرة على الختيار‪( :‬وََلقَدْ خََلقْنَا الْأِْنسَا َن مِنْ سُلَل ٍة مِنْ‬
‫ختُ فِيهِ مِ ْن رُوحِي َفقَعُوا َلهُ سَاجِدِينَ) [‪( ]127‬وََن ْفسٍ َومَا َسوّاهَا‬ ‫ِطيٍ) [‪َ( ]126‬فِإذَا َسوّْيُتهُ وََنفَ ْ‬
‫ب مَنْ دَسّاهَا) [‪.]128‬‬ ‫فَأَْلهَ َمهَا فُجُو َرهَا وََت ْقوَاهَا قَدْ َأفَْلحَ مَ ْن زَكّاهَا َوقَدْ خَا َ‬
‫هل تتغي هذه القائق الزلية مهما تغيت " مظاهر " الياة؟ أم تتغي الظاهر والصل ف ثبوته ل‬
‫يزال؟‬
‫وهل النسان ف ذلك إل بضعة من الناموس الكب الذي يكم الكون ويكم الياة؟ بضعة مكومة‬
‫بذلك الناموس‪ ،‬خاضعة لرادة ال؟‪.‬‬
‫كل ما ف المر أن ال قد ميز هذا الخلوق وكرمه حي نفخ فيه من روحه؟ فجعله " واعيا " لعملية‬
‫الثبوت وعملية التطور‪ .‬وجعل له الرادة الت يتار با طريقه‪ :‬مع الط الواصل الهتدي إل ال‪ ،‬أو‬
‫مع الط الضال النقطع عن ال‪ .‬وجعل هذا الزدواج ف طبيعته هو الناموس الثابت بالنسبة لدوره ف‬
‫الياة‪ ،‬الذي يترتب عليه الزاء ف أخراه‪( :‬قَدْ أَ ْفلَ َح مَ ْن زَكّاهَا وَقَدْ خَابَ مَ ْن دَسّاهَا)‪.‬‬
‫***‬
‫ف النسان إذن عنصر ثابت ل يتغي مهما تغيت ظروفه‪ ،‬ومهما تطورت حياته على الرض‪ .‬لنه‬
‫يتصل بقائق أزلية ل يدركها التغيي‪.‬‬
‫وفيه إل جانب ذلك عنصر متغي‪ .‬أو قل‪ " :‬صور " متغية من الوهر الثابت‪ ،‬و " حالت " متطورة‬
‫للكيان الدائم‪ .‬ولكنها ف تغيها وتطورها ل ترج بالنسان عن كونه النسان‪ .‬ول تنفصل ف لظة‬
‫واحدة عن كيانه الدائم‪ ،‬بكم ترابط النفس النسانية وشولا لكل ما يشتمل عليه النسان‪.‬‬

‫‪351‬‬
‫ومن هذا الثبوت وهذا التطور ف فطرة البشر ‪ -‬وهي كذلك فطرة الكون ‪ -‬نشأت ف حياة النسان‬
‫قواعد ثابتة وبانبها أحوال متغية‪ ،‬ولكنها ف تغيها ‪ -‬كما أسلفنا ‪ -‬ل تنفصل عن القواعد الثابتة‬
‫ف الياة‪.‬‬
‫فقد ترتب على القائق الزلية الالدة حقائق أخرى‪ ،‬فصارت مثلها خالدة دائمة ل تتغي‪.‬‬
‫ترتب عليها أن يس اللق ‪ -‬بفطرتم ما دامت سليمة ‪ -‬يسوا بعظمة ال بالقياس إل ضآلتهم‪،‬‬
‫فيعبدوه‪ ،‬ويستمدوا منه العون ف الياة‪.‬‬
‫وترتب عليها أن يس الزوجان ‪ -‬اللذان خلقهما ال من نفس واحدة بني والتصاق بعضهما‬
‫ببعض‪ ،‬وأن وجودها ل يتكامل إل متحدين متوادين متراحي‪.‬‬
‫وترتب عليها أن يس الناس ‪ -‬حي تصفو سريرتم وتنظف نفوسهم ‪ -‬بالخوة ف النسانية‪ ،‬إذ هم‬
‫جيعا من نفس واحدة ذات رحم مع الميع‪ ،‬فيتعاونوا ويتشاركوا ف الي‪..‬‬
‫تلك عناصر دائمة لنا ترتكز على أسس دائمة‪.‬‬
‫وثة عناصر أخرى تدّ كل يوم‪ ،‬نتيجة تطور العلومات البشرية‪ ،‬والتفاعل الدائم بي العقل والكون‪،‬‬
‫ياول أن يتعرف أسراره‪ ،‬ويستكنه كنهه‪ ،‬ويستخرج كنوزه‪ ،‬ويسخرها لنفعته‪ ،‬فتقوم أوضاع‬
‫جديدة‪ ،‬وينتقل الناس من بداوة إل حضارة‪ ،‬ومن زرع إل صناعة‪ ،‬ومن صناعة إل‪...‬؟‬
‫والسلم دين الفطرة ياري البشرية ف جانبيها جيعا‪ ،‬با يناسبهما جيعا‪.‬‬
‫الانب الول يعطيه شرائع ثابتة‪ .‬والانب الخر يعطيه أسسا ثابتة‪ ،‬ث يترك له مال التطور الدائم ف‬
‫إطار هذه السس الثابتة‪ ،‬متمشيا ف ذلك مع فطرة الكون وفطرة الياة‪.‬‬
‫الانب الول يعطيه العقيدة‪..‬‬
‫والعقيدة ليست ثابتة ف السلم وحده‪ ،‬بل ثابتة ف جيع الديانات منذ أرسل ال الرسل للناس‬
‫يربونم‪ ،‬ويعلمونم حقيقة أزلية واحدة‪ :‬أن ال واحد‪ .‬وأن اللق كله خلقه‪ .‬وأن حق اللوهية على‬
‫العباد أن يعبدوه ويلصوا له الدين‪.‬‬
‫وتلك العقيدة الواحدة ل تتغي‪ ،‬لن الساس الذي تقوم عليه ثابت ل يتغي‪ .‬وقد عن القرآن ببيان‬
‫هذه القيقة‪ ،‬وخاصة ف السور الت تستعرض رسالة الرسل الواحدة الكررة على مر الزمان كسورة‬
‫هود وسورة العراف‪.‬‬
‫وإل جانب العقيدة يعطيه كذلك تشريعات الزواج والطلق‪ ،‬والدود‪ .‬وتشريعات مدنية متلفة‪.‬‬
‫الزواج والطلق ‪ -‬أو العلقة بي الرجل والرأة عامة ‪ -‬عنصر ثابت له تشريع ثابت‪ ،‬لنه يرتكز على‬
‫أسس ل تتغي‪ .‬هي الرجل من جهة والرأة من جهة‪ ،‬والعلقة الشديدة الت تذب كلً منهما للخر‬
‫وتشده إليه‪.‬‬
‫والياة تتغي ظروفها‪ :‬الجتمع يتغي‪ .‬والقتصاد يتغي‪ .‬ونظم التعليم تتغي‪ .‬والسياسة تتغي‪ .‬ولكن‬
‫ذلك ل يغي شيئا من القيقة الت تكمها الفطرة بوظائفها وعملياتا اليوية‪ ،‬وغددها وكيماوياتا‪،‬‬
‫وهي أن الرجل رجل والرأة امرأة‪ ،‬ول غن لحدها عن الخر‪ ،‬ول انفصال ول استقلل! [‪.]129‬‬

‫‪352‬‬
‫والدود ‪ -‬أي العقوبات الفروضة على الرائم ‪ -‬عنصر ثابت كذلك‪ ،‬لنه يرتكز على شيء ثابت‪:‬‬
‫هو علقة النسان بأخيه النسان ‪ -‬أو علقة الفرد بالجتمع ‪ -‬وحرمة كل إنسان الت ل يوز أن‬
‫يعتدي عليها الخرون‪.‬‬
‫والياة تتغي ظروفها‪ :‬ارتباطات العمل تتغي‪ .‬وعلقات النتاج تتغي‪ .‬وعلقات النسان " باللة "‬
‫تتغي‪ .‬والنظم السياسية تتغي‪ .‬ولكن ذلك ل يغي شيئا من القيقة الثابتة الت تكمها وقائع التاريخ‬
‫البشري‪ .‬وهي أن الناس كلهم من نفس واحدة‪ ،‬وعلقة الرحم تربط الميع [‪.]130‬‬
‫وكذلك بعض التشريعات الدنية لا صفة الثبوت كالبيع واليارة والرهن والدين والوكالة‪ ..‬إل‬
‫فكانت لا تشريعات ثابتة‪ .‬وما يلفت النظر ف هذا الشأن أن التشريع الفرنسي الديث ف السائل‬
‫الدنية قد أخذ كثيا عن فقه مالك‪ ،‬إذ كان أقرب الفقهاء ‪ -‬جغرافيا ‪ -‬إل فرنسا بسسب انتشار‬
‫مذهبه ف الشمال الفريقي! كما أن الفقه الورب كله قد أخذ عن الفقه السلمي حي أعطى الرأة‬
‫أخيا جدا حق اللك والتعامل والتصرف الر ف الشئون الدنية [‪.]131‬‬
‫أما الانب التطور من الياة البشرية‪ ،‬وهو ف الوقت ذاته متصل بالانب الثابت‪ ،‬فهو سياسة الكم‬
‫وسياسة الال‪ ،‬و " شكل " الجتمع أو شكل البيئة‪ ،‬من بدوية إل زراعية إل تارية إل صناعية‪...‬‬
‫إل‪.‬‬
‫وتلك أمور كما قلنا تتطور بتطور العقل البشري وتفاعله مع الكون‪ ،‬ولكنها ف تطورها ل تنفصل‬
‫عن الصل الثابت‪ ،‬ول يكن أن تنفصل‪ ،‬بكم وحدة النسان وترابطه‪ ،‬واستحالة تزئته وتقطيعه‬
‫وفصل بعضه عن بعض‪.‬‬
‫وف هذه المور كان السلم حكيما غاية الكمة‪ ،‬مساوقا للفطرة‪ ،‬ملبيا لاجاتا‪ ،‬فوضع الطوط‬
‫العريضة ول يضع التفصيلت‪ .‬أو وضع " الطار " الذي يريد للبشرية أن تتطور ف حدوده‪ ،‬وترك‬
‫لكل جيل من الجيال التعاقبة أن يضع " الصورة " ف داخل الطار‪ .‬الصورة الت تناسبه‪ ،‬وتتفق مع‬
‫ظروفه الادية ومبلغ من العلم والنتاج‪ .‬بشرط واحد‪ :‬هو أن تكون الصورة على قدر الطار‪ ،‬ل أكب‬
‫منه فيتحطم‪ ،‬ول أصغر منه فيبدو حولا الفراغ‪.‬‬
‫ف سياسة الكم وضع أساسي‪ :‬العدل والشورى‪:‬‬
‫(وَإِذَا حَكَمْتُ ْم بَيْ َن النّاسِ أَ ْن تَحْكُمُوا بِاْلعَدْلِ) [‪]132‬‬
‫(وَأَ ْم ُرهُمْ شُورَى َبيَْنهُمْ) [‪.]133‬‬
‫ث ل يدد طريق الشورى‪ .‬وهل يكون ملس واحد أو ملسان‪ .‬وهل ينتخب الجلس أو يعي‪ .‬وهل‬
‫يكون التمثيل شخصيا أو مهنيا‪ ..‬إل‪ ..‬إل وترك ذلك للتجارب البشرية واجتهادها ف التطبيق‪.‬‬
‫وف سياسة الال وضع مموعة من السس ذات طابع واحد يمعها ف النهاية‪ .‬هو ضرورة اشتراك‬
‫الناس ف الي‪ ،‬بيث ل يكون هناك مروم‪.‬‬
‫قرر القرآن أن الال ف الصل مال ال‪ ،‬وهو أعطاه للجماعة‪( :‬آمِنُوا بِالّلهِ َورَسُوِلهِ وَأَْن ِفقُوا مِمّا‬
‫خَلفِيَ فِيهِ) [‪( ]134‬وَآتُوهُ ْم مِ ْن مَالِ الّلهِ الّذِي آتَاكُمْ) [‪.]135‬‬ ‫ستَ ْ‬ ‫َجعَلَكُ ْم مُ ْ‬

‫‪353‬‬
‫وقرر أن الماعة هي صاحبة الق الول فيه‪ ،‬وأن الفرد " موظف " فيه‪ ،‬يستحقه بسن قيامه عليه‪،‬‬
‫س َفهَاءَ َأ ْموَالَكُمُ الّتِي َجعَلَ‬
‫فإذا ل يسن القيام عليه عاد حق التصرف فيه إل الماعة‪( :‬وَل ُتؤْتُوا ال ّ‬
‫الّلهُ لَكُمْ ِقيَاما) [‪.]136‬‬
‫وقرر أن ال يكره حبسه ف يد فئة قليلة من الناس تتداوله فيما بينها ويرم منه مموع المة (كَيْ ل‬
‫يَكُو َن دُولَ ًة بَيْ َن الَْأغِْنيَاءِ مِْنكُمْ) [‪]137‬‬
‫وقرر فريضة الزكاة على الموال حقا معلوما للفقراء‪ ،‬تأخذه لم الدولة وتعطيه لم من بيت الال‪:‬‬
‫(إِنّمَا الصّ َدقَاتُ لِ ْل ُف َقرَاءِ وَالْمَسَا ِكيِ وَاْلعَامِِليَ َعلَْيهَا‪]138[ )..‬‬
‫والرسول صلى ال عليه وسلم يقول‪ " :‬الناس شركاء ف ثلث‪ :‬الاء والكل والنار " [‪]139‬‬
‫ويقول‪ :‬لن ينح أحدكم أخاه (أرضه) خي له من أن يأخذ خرجا معلوما " [‪]140‬‬
‫وعمر بن الطاب رضي ال عنه يقول‪ " :‬لول آخر السلمي ما فتحت قرية إل قسمتها بي أهليها‪.‬‬
‫كما قسم النب صلى ال عليه وسلم خيب " [‪.]141‬‬
‫ث ل يدد طريقة اشتراك الناس ف مال ال الذي أعطاه للجماعة وهل تكون بتأميم الرافق العامة‪ .‬أم‬
‫تكون بإشراك العمال ف رأس الال‪ ،‬أم تكون بإعطائهم الجور الت تكفل حاجاتم الضرورية الت‬
‫ل وليس له منل فليتخذ منلً أو‬ ‫بينها الرسول صلى ال عليه وسلم على حديثه‪ " :‬من ول لنا عم ً‬
‫ليست له زوجة فليتخذ زوجة‪ ،‬أو ليس له خادم فليتخذ خادما‪ ،‬أو ليست له دابة فليتخذ دابة"[‬
‫‪.]142‬‬
‫ل يدد صورة معينة من هذه الصور‪ ،‬وترك الجيال التعاقبة تفكر لنفسها ف الصورة الت تناسبها‪،‬‬
‫وتتلءم مع إمكانياتا‪ .‬ول يضع ‪ -‬ف سياسة الال أو سياسة الكم ‪ -‬تفصيلت ثابتة جامدة‪ ،‬لكي‬
‫ل تصطدم بالنمو الطرد ف أحوال الماعة‪ ،‬والتطور الستمر فيها‪ .‬ولكنه مع ذلك ل يدع هذه‬
‫المور تفلت من الصول الثابتة‪ .‬ول يدعها للناس يتصرفون فيها بل دليل‪ ،‬بجة أنم أعلم بأمور "‬
‫دنياهم "! فقد كان هذا التصرف الر ‪ -‬ف أوربا‪ ،‬وف خارج الطار السلمي عامة ‪ -‬شناعة بشعة‬
‫يندى لا جبي النسانية " التطورة "! كان القطاع ف أوربا ث كانت الرأسالية بكل ما فيها من‬
‫مظال غنية عن الوصف‪ .‬وكلها حرام ف نظر السلم‪ ،‬فهما يعلن الال ‪ -‬سواء ف صورة أرض‬
‫أو رأس مال ‪ -‬دولة بي الغنياء وحدهم‪ ،‬ويرم منه بقية الناس‪ .‬ث كان اللص منهما هو الشيوعية‬
‫‪ -‬أي العبودية الطلقة للدولة‪ ،‬الدكتاتورية الطلقة على الفراد!‬
‫والسلم ‪ -‬كلمة ال لميع البشر على الرض ولميع الجيال ‪ -‬ل يكن ليترك الناس لثل هذا "‬
‫التطور " الذي يرسفون فيه ف الغلل‪ ،‬وإنا يأخذ بيدهم دائما ويرشدهم‪ ،‬حت وهو يترك لم حرية‬
‫النمو وحرية التكيف مع ما ي ّد من الوضاع‪ ،‬لكيل يشردوا عن الطريق‪ ،‬ولكي يتفظوا بتحررهم‬
‫الوجدان الدائم ف جيع الوضاع وجيع الحوال‪.‬‬
‫***‬

‫‪354‬‬
‫تلك قصة التطور الت جُنّ با الناس ف القرن العشرين! تطور ف أشكال الياة الظاهرة‪ ،‬وثبات ‪ -‬مع‬
‫ذلك ‪ -‬ف الصول‪ ..‬فالسلم ل يغفل ذلك التطور من حسابه‪ .‬ل يقف ف سبيله‪ .‬وف الوقت ذاته‬
‫ل ينحسر عنه ويترك الناس بل دليل‪ .‬إنه يساوق التطور على الدوام ويفظه من التعثر والنراف‪.‬‬
‫يفظه برده إل القواعد الثابتة ف الياة البشرية‪ .‬إل ال والعقيدة‪ .‬والطار الدائم الذي يرسم العلقة‬
‫الت ينبغي أن تكون بي أفراد النس الواحد‪ ،‬الذين انبثقوا من نفس واحدة‪ ،‬وما تزال تصل بينهم‬
‫الرحام‪.‬‬
‫وبذلك يكون السلم دين الفطرة‪.‬‬
‫وهو كذلك منهج الياة [‪.]143‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫[‪ ]116‬سورة الشر [ ‪.] 7‬‬
‫س ّر وَأَ ْخفَى " سورة طه [ ‪ ] 7‬انظر فصل‪ " :‬تعبد ال كأنك تراه "‪.‬‬
‫[‪َ " ]117‬يعْلَمُ ال ّ‬
‫[‪ ]118‬سورة الاثية [ ‪.] 18‬‬
‫[‪ ]119‬انظر بالتفصيل ف هذا الشأن كتاب " العلم يدعو لليان " تأليف أ‪ .‬كريسي موريسون‬
‫وترجة ممد صال الفلكي وكتاب " مع ال ف السماء " تأليف الدكتور أحد زكي‪.‬‬
‫[‪ ]120‬سورة البقرة [ ‪.] 30‬‬
‫[‪ ]121‬سورة النساء [ ‪.] 1‬‬
‫[‪ ]122‬سورة النساء [ ‪.] 1‬‬
‫[‪ ]123‬سورة الروم [ ‪.] 21‬‬
‫[‪ ]124‬سورة النساء [ ‪.] 1‬‬
‫[‪ ]125‬سورة الجرات [ ‪.] 13‬‬
‫[‪ ]126‬سورة الؤمنون [ ‪.] 12‬‬
‫[‪ ]127‬سورة الجر [ ‪.] 29‬‬
‫[‪ ]128‬سورة الشمس [ ‪.] 10 - 7‬‬
‫[‪ ]129‬ف كتاب " شبهات حول السلم " ف فصل‪ :‬السلم والرأة‪ ،‬بث تفصيلي لعلقة الرجل‬
‫والرأة وطبيعتها ف السلم‪ ،‬وقد بينت هناك كيف عال السلم المر ف عدالة كاملة‪ ،‬وكيف أن "‬
‫التطور " الزعوم ل يضيف شيئا لذه العدالة أما التطور بعن الفساد اللقي أو بعن الساواة اللية‬
‫بي الرأة والرجل‪ ،‬فقد كانت له ظروف ملية ف أوربا ‪ -‬شرحتها هناك ‪ -‬وليس " قيمة " حقيقية‬
‫من القيم النسانية‪.‬‬
‫[‪ ]130‬ف كتاب " النسان بي الادية والسلم " بث مفصل ف نظرة السلم للفرد والجتمع‪،‬‬
‫والرية والعقاب‪ .‬وف هذا الكتاب فصل عنوانه " ادرءوا الدود بالشبهات " يعرض العان النسانية‬
‫الرفيعة ف تشريع الدود السلمي‪.‬‬

‫‪355‬‬
‫[‪ ]131‬تقول الشيوعية إن هذه العلقات كلها ل وجود لا إل حيث توجد اللكية الفردية‪ .‬وحيث‬
‫تلغى اللكية الفردية تزول هذه التشريعات‪ .‬وهذا حق‪ .‬ولكن الشيوعية ذاتا قد بدأت تبيح اللكية‬
‫الفردية من جديد‪ .‬والبقية تأت!‬
‫[‪ ]132‬سورة النساء [ ‪.] 58‬‬
‫[‪ ]133‬سورة الشورى [ ‪.] 38‬‬
‫[‪ ]134‬سورة الديد [ ‪.] 7‬‬
‫[‪ ]135‬سورة النور [ ‪.] 33‬‬
‫[‪ ]136‬سورة النساء [ ‪.] 5‬‬
‫[‪ ]137‬سورة الشر [ ‪.] 7‬‬
‫[‪ ]138‬سورة التوبة [ ‪.] 60‬‬
‫[‪ ]139‬ذكره صاحب مصابيح السنة ف السان‪.‬‬
‫[‪ ]140‬رواه البخاري‪.‬‬
‫[‪ ]141‬رواه البخاري‪.‬‬
‫[‪ ]142‬رواه أحد وأبو داود‪.‬‬
‫[‪ ]143‬انظر ‪ -‬إن شئت ‪ -‬كتاب " التطور والثبات ف حياة البشرية "‪.‬‬
‫===============================‬
‫{قُلْ َكفَى بِال ّلهِ َشهِيدًا بَيْنِي َوبَيْنَ ُك ْم َومَنْ عِن َدهُ ِع ْلمُ الْ ِكتَابِ}‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬جال السين أبوفرحة‬


‫لقد تنوعت وتباينت أساليب التبشي بنب السلم ف أسفار أهل الكتاب وتطرقت إل كثي من‬
‫التفصيلت‪ ،‬وهو موضوع ل يليه مقال ول تكفيه دراسة‪ ،‬وإنا يتاج إل ما هو أكثر من ذلك‬
‫بكثي‪.‬‬
‫وقد كان من جلة البشارات بالرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف أسفار أهل الكتاب‪ :‬الشارة إل‬
‫مكان بعثته ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬ولغة قومه‪ ،‬وما سيكون عليه اسهم بعد إيانم‪.‬‬
‫فبداية نفت أسفار أهل الكتاب أن يكون موضع بعثة النب النتظر بعد السيح ‪-‬عليه السلم‪ -‬ف مدينة‬
‫"أورشليم"‪ -‬أي‪ :‬القدس الشريف‪ -‬كما يتوقع اليهود دائمًا‪ ،‬كما نفت أن يكون ف جبل "جرزّي"‬
‫كما يتوقع السامرة من اليهود‪ ،‬وأوضحت أنه سيكون ف مكان جديد؛ فعندما قالت الرأة السامرية‬
‫للمسيح ‪-‬عليه السلم‪ -‬كما يكي إنيل يوحنا‪" :‬يا سيد أرى أنك نب‪ ،‬آباؤنا سجدوا ف هذا البل‬
‫[جبل جرزي] وأنتم تقولون‪ :‬إن ف أورشليم الوضع الذي ينبغي أن يسجد فيه‪ .‬قال لا يسوع[ أي‬
‫السيح]‪ :‬يا امرأة صدقين‪ ،‬إنه تأت ساعة ل ف هذا البل ول ف أورشليم تسجدون"؛ وهو ما يؤكد‬
‫عليه سفر "إرميا" عندما يقول على لسان الرب لبن إسرائيل‪" :‬هأنذا أنساكم نسيانا وأرفضكم من‬

‫‪356‬‬
‫أمام وجهي أنتم والدينة الت أعطيتكم وآباءكم إياها وأجعل عليكم عارًا أبديًا وخزيًا أبديًا ل‬
‫ينسى"‪.‬‬
‫ث تبدأ أسفار أهل الكتاب ف وصف موضع نزول الرسالة الاتة النتظرة‪ ،‬فيصفه سفر "الرؤيا" بأن به‬
‫"مسكن ال مع الناس"‪ ،‬ول شك أن الشارة ف ذلك إل بيت ال الرام واردة؛ وتصفه "الكتب‬
‫السينية"‪ -‬من مطوطات قمران‪ -‬بأن به "اليكل ‪ -‬أي البناء الكبي‪ -‬الذي سيبن ف ناية الزمنة‬
‫كما هو مكتوب ف وصية موسى"‪ ،‬ث تصف ذلك اليكل بأنه "البيت الذي لن يدخله الكافر أو‬
‫جسٌ فَلَ َي ْقرَبُواْ‬
‫شرِكُونَ نَ َ‬
‫النجس إل البد"‪ ،‬والشارة واضحة ف ذلك إل قوله تعال {إِنّمَا الْ ُم ْ‬
‫حرَامَ َبعْ َد عَا ِمهِ ْم هَذَا} التوبة‪ ،28 :‬ونفس هذا العن نده ف سفر إشعياء‪" :‬وتكون هناك‬ ‫اْلمَسْجِ َد الْ َ‬
‫سكة وطريق يقال لا الطريق القدسة ل يعب فيها نس بل هي لم"‪ ،‬وهي صفات ل تعرف لكان‬
‫على وجه الرض بقدر ما عرفت لكة الكرمة‪ ،‬والدينة النورة‪.‬‬
‫ث يزيد سفر إشعياء المر وضوحًا عندما يدد مكان بعثته ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬بقوله "وحي من‬
‫جهة بلد العرب"‪ ،‬وهذه هي ترجة جعية الكتاب القدس ف الشرق الدن‪ ،‬وتشهد لا الترجة‬
‫العالية الديدة الصادرة عن جعية الكتاب القدس العالية ‪New International Version‬‬
‫حيث تقول‪ An Oracle Concerning Arabia :‬أي‪ :‬وحي‪ ،‬أو مبلغ الوحي‪ ،‬أو مكان‬
‫مهبط الوحي متعلق ببلد العرب‪.‬‬
‫ويؤكد سفر إشعياء على ذلك التحديد الكان عندما يقول ف معرض حديثه عن النب النتظر‪":‬لتهتف‬
‫الصحراء ومدنا وديار قيدار الأهولة‪ ،‬ليتغن بفرح أهل سالع‪ ،‬وليهتفوا من قمم البال‪ ،‬وليمجدوا‬
‫الرب ويذيعوا حده"؛ وقيدار هو البن الثان لساعيل عليه السلم وهو أب لشهر القبائل العربية‪،‬‬
‫وقد نزل الوحي على النب ممد – صلى ال عليه وسلم‪ -‬ف أهم مدن يسكنها أبناء قيدار‪ :‬مكة‬
‫والدينة‪.‬‬
‫أما قوله‪ ":‬ليتغن بفرح أهل سالع ‪......‬ال"‪ :‬فهو تعيي لقام ذلك النب النتظر وأنه بالدينة النورة؛‬
‫فـ "سلع" اسم لبل ف مدخل الدينة النورة‪ ،‬ول شك أن أهل الدينة وقفوا عليه كثيًا ف انتظار‬
‫وصول الرسول – صلى ال عليه وسلم‪ -‬من هجرته‪ ،‬ول شك أنه كذلك جبل ارتفعت أصوات‬
‫النصار متغنية بفرح مجدة ل تعال حامدة له عند وصوله – صلى ال عليه وسلم‪ -‬كما تقول‬
‫البشارة عن أهل "سالع‪ ،‬أو سلع"؛ ول فرق؛ فالعبانيون ل تكن لديهم حروف تعادل الروف‬
‫التحركة حت القرن السادس اليلدي ول يفرقوا بي كلمة كـ "سلع" وكلمة كـ "سالع" إل بعد‬
‫هذا التاريخ على يد علماء لغويي كثيًا ما أخطئوا وكثيًا ما اختلفوا؛ وخاصة مع عدم توافر الفظ‬
‫ف الصدور لي من نصوصهم القدسة‪ ،‬ومن الطريف أن أغنية النصار الت استقبلوا با النب – صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬ف الدينة النورة احتوت على حد ل تعال "وجب الشكر علينا ما دعا ل داع"‬
‫تامًا كما تنص البشارة‪.‬‬

‫‪357‬‬
‫أما سفر التثنية فيعي ف أي بلد العرب سيكون مهبط الوحي على النب النتظر – صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ -‬وذلك عندما يعل "فاران" موضع رسالة منتظرة‪ ،‬حي يقول‪" :‬هذه هي البكة الت بارك با‬
‫موسى رجل ال بن إسرائيل قبل موته؛ فقال‪ :‬أقبل الرب من سيناء وأشرق عليهم من سعي وتألق ف‬
‫جبل فاران"‪ ،‬وميء الرب من سيناء يشي إل رسالة موسى عليه السلم حيث ناداه ال وهو على‬
‫أرضها؛ وإشراق الرب من سعي‪ ،‬يشي إل رسالة عيسى عليه السلم؛ فجبل سعي يتد جنوب البحر‬
‫اليت شرق فلسطي حيث اعتزل السيح عليه السلم فترة مع بن العيص أو السينيي؛ وأما تألق‬
‫الرب من فاران فهو إشارة إل رسالة ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬الذي جاء من ذرية إساعيل ‪-‬‬
‫عليه السلم‪ -‬والذي يبنا سفر التكوين بأنه سكن هو وذريته بفاران عند البئر [بئر زمزم] الت منّ‬
‫ال على هاجر وابنها با إنقاذًا لما من الوت؛ ومن هنا نفهم أن فاران هي مكة الكرمة الت بعث‬
‫منها الصطفى – صلى ال عليه وسلم‪ -‬؛ ومن اللفت للنظر أن كلمة فاران باللغة العبية تعن صيغة‬
‫البالغة من كلمة "حد"؛ ومن ثة فل نعدو القيقة إن قلنا‪ :‬إن اسم برية فاران والت هي موضع رسالة‬
‫منتظرة ف التوراة يعن برية "ممد"– صلى ال عليه وسلم‪. -‬‬
‫فشبه موسى عليه السلم ‪ -‬حسبما يروي العهد القدي‪ -‬ميء التوراة بطلوع الفجر‪ ،‬ونزول النيل‬
‫بإشراق الشمس‪ ،‬ونزول السلم بتألق الشمس ف كبد السماء وعلوها وذلك إيذانًا بأنه خات الديان‬
‫وأن ليس بعد كماله كمال‪.‬‬
‫ث تتحدث أسفار أهل الكتاب بعد ذلك عن لغة النب النتظر ولغة قومه‪ ،‬فيصفهم سفر إشعياء بأنم‬
‫يتحدثون لغة أعجمية غريبة عن اليهود وذلك حي يقول‪" :‬سيخاطب الرب هذا الشعب بلسان‬
‫غريب أعجمي"‪ ،‬أي غريب عن اليهود وأعجمي بالنسبة لم‪ ،‬وهو ما ل يكن للمسيح عليه السلم‬
‫ل يهوديًا وكذا كان جلّ أتباعه ف حياته‪ ،‬وإنا كان ذلك‬ ‫وأتباعه؛ فقد كان السيح عليه السلم رج ً‬
‫للنب العرب ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪.-‬‬
‫كما تدثت أسفار أهل الكتاب عن ما سيكون عليه اسم الؤمني بالنب النتظر‪ ،‬فوصفهم سفر إشعياء‬
‫بأن سيكون لم اسم آخر غي الذي كان لليهود‪ ،‬يقول سفر إشعياء على لسان الرب لبن إسرائيل‬
‫"وتلفون اسكم لعنة على شفاه متاري وييتكم الرب ويطلق على عبيده اسًا آخر"‪ ،‬وهو ما ل يكن‬
‫للمسيحيي وكان للمسلمي؛ لن هذا السم "مسيحيّون" ل يعرف إل متأخرًا ف أنطاكية ‪ -‬كما‬
‫يصرح سفر أعمال الرسل من الكتاب القدس‪ -‬وكان السيحيون يعتبون ف أول المر‪ ،‬وطيلة حياة‬
‫السيح عليه السلم على الرض‪ -‬فريقا من اليهود‪ ،‬فالسلمون هم الذين كان لم اسم آخر غي ما‬
‫كان لبن إسرائيل‪ ،‬وهذا السم الخر يصرح به سفر إشعياء عندما يصف النب النتظر بأنه (رئيس‬
‫السلم) أو السلم‪ ،‬فكل من السلم والسلم بالعبية‪( :‬شالوم)؛ فصدق ال العظيم القائل ف كتابه‬
‫الكري‪ُ { :‬هوَ سَمّاكُمُ الْ ُمسْلِمي من قبل وف هذا } الج‪.78:‬‬
‫هذا قليل من كثي ل يتسع القام إل للتمثيل له‪ ،‬وهو ما جعل "باول شفارتزيناو" ‪ -‬أستاذ الثيولوجي‬
‫البوتستانتية وعلوم الديان بامعة "دور توند" بألانيا‪ -‬يصرح قائلً‪" :‬إن العتراف بنبوة ممد الذي‬

‫‪358‬‬
‫أطالب به موجود ف جذور السيحية"‪ ،‬كما جعل "كانون ماكس وارن" سكرتي جعية التبشي‬
‫الكنسية‪ ،‬ف بثه القدم إل الؤتر التبشيي الثالث لطائفة النيليي الذي عقد ف كندا عام‬
‫‪1963‬م‪ -‬يقول‪" :‬لقد تلى ال بطرق متلفة ومن الواجب أن تكون لدينا الشجاعة الكافية لنصر‬
‫على القول بأن ال كان يتكلم ف ذلك الغار الذي يقع ف تلك التلل خارج مكة"‪ ،‬يقصد بذلك‬
‫الوحي إل النب ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬حي بدأ ف غار حراء‪.‬‬
‫فصدق ال العظيم القائل ف كتابه الكري {َأوَلَ ْم يَكُن ّلهُمْ آَيةً أَن َيعْلَ َم ُه عُلَمَاء َبنِي إِ ْسرَائِيلَ} الشعراء‪:‬‬
‫‪197‬‬
‫د‪ .‬جال السين أبوفرحة‬
‫أستاذ الدراسات السلمية الساعد بامعة طيبة بالدينة النورة‬
‫‪gamalabufarha@yahoo.com‬‬
‫============================‬
‫وف ظلل القرآن ‪( -‬ج ‪ / 4‬ص ‪)374‬‬
‫ومن اللمحات البارزة ف التوجيه الربان لرسول ال صلى ال عليه وسلم أن يهر ف مواجهة‬
‫العراض والتكذيب والتحدي وبطء الستجابة ووعورة الطريق بالق الذي معه كاملً؛ وهو أنه ل‬
‫إله إل ال ‪ ،‬ول رب إل ال ‪ ،‬ول معبود إل ال ‪ ،‬وأن ال هو الواحد القهار ‪ ،‬وأن الناس مردودون‬
‫إليه فإما إل جنة وإما إل نار ‪ . .‬وهي مموعة القائق الت كان ينكرها الشركون ويتحدونه فيها ‪.‬‬
‫‪ .‬وأل يتبع أهواءهم فيصانعها ويترضاها بكتمان شيء من هذا الق أو تأجيل إعلنه! مع تديده با‬
‫ينتظره من ال لو اتبع أهواءهم ف شيء من هذا من بعد ما جاءه من العلم! ‪. .‬‬
‫وهذه اللمحة البارزة تكشف لصحاب الدعوة إل ال عن طبيعة منهج هذه الدعوة الت ل يوز لم‬
‫الجتهاد فيها! وهي أن عليهم أن يهروا بالقائق الساسية ف هذا الدين ‪ ،‬وأل يفوا منها شيئا ‪،‬‬
‫وأل يؤجلوا منها شيئا ‪ . .‬وف مقدمة هذه القائق ‪ :‬أنه ل ألوهية ول ربوبية إل ل ‪ .‬ومن ث فل‬
‫دينونة ول طاعة ول خضوع ول اتباع إل ل ‪ . .‬فهذه القيقة الساسية يب أن تعلن أيا كانت‬
‫العارضة والتحدي؛ وأيا كان العراض من الكذبي والتول؛ وأيا كانت وعورة الطريق وأخطارها‬
‫كذلك ‪ . .‬وليس من « الكمة والوعظة السنة » إخفاء جانب من هذه القيقة أو تأجليه ‪ ،‬لن‬
‫الطواغيت ف الرض يكرهونه أو يؤذون الذين يعلنونه! أو يعرضون بسببه عن هذا الدين ‪ ،‬أو‬
‫يكيدون له وللدعاة إليه! فهذا كله ل يوز أن يعل الدعاة إل هذا الدين يكتمون شيئا من حقائقه‬
‫الساسية أو يؤجلونه؛ ول أن يبدأوا مثلً من الشعائر والخلق والسلوك والتهذيب الروحي ‪،‬‬
‫متجنبي غضب طواغيت الرض لو بدأوا من إعلن وحدانية اللوهية والربوبية ‪ ،‬ومن ث توحيد‬
‫الدينونة والطاعة والضوع والتباع ل وحده!‬
‫إن هذا لو منهج الركة بذه العقيدة كما أراده ال سبحانه؛ ومنهج الدعوة إل ال كما سار با‬
‫سيدنا ممد صلى ال عليه وسلم بتوجيه من ربه ‪.‬‬

‫‪359‬‬
‫فليس لداع إل ال أن يتنكب هذا الطريق؛ وليس له أن ينهج غي ذلك النهج ‪ . .‬وال بعد ذلك‬
‫متكفل بدينه ‪ ،‬وهو حسب الدعاة إل هذا الدين وكافيهم شر الطواغيت!‬
‫والنهج القرآن ف الدعوة يمع بي الديث عن كتاب ال التلوّ وهو هذا القرآن وبي كتاب الكون‬
‫الفتوح؛ ويعل الكون بملته مصدر إياء للكينونة البشرية؛ با فيه من دلئل شاهدة بسلطان ال‬
‫وتقديره وتدبيه ‪ .‬كما يضم إل هذين الكتابي سجل التاريخ البشري ‪ ،‬وما يفظه من دلئل ناطقة‬
‫بالسلطان والتقدير والتدبي أيضا ‪ .‬ويواجه الكينونة البشرية بذا كله ويأخذ عليها أقطارها جيعا؛‬
‫وهو ياطب حسها وقلبها وعقلها جيعا!‬
‫إن حياة الناس ل تصلح إل بأن يتول قيادتا البصرون أولو اللباب الذين يعلمون أن ما أنزل إل‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم هو الق ‪ .‬ومن ث يوفون بعهد ال على الفطرة ‪ ،‬وبعهد ال على آدم‬
‫وذريته ‪ ،‬أن يعبدوه وحده ‪ ،‬فيدينوا له وحده ‪ ،‬ول يتلقوا عن غيه ‪ ،‬ول يتبعوا إل أمره ونيه ‪ .‬ومن‬
‫ث يصلون ما أمر ال به أن يوصل ‪ ،‬ويشون ربم فيخافون أن يقع منهم ما نى عنه وما يغضبه؛‬
‫ويافون سوء الساب ‪ ،‬فيجعلون الخرة ف حسابم ف كل حركة؛ ويصبون على الستقامة على‬
‫عهد ال ذاك بكل تكاليف الستقامة؛ ويقيمون الصلة؛ وينفقون ما رزقهم ال سرا وعلنية؛‬
‫ويدفعون السوء والفساد ف الرض بالصلح والحسان ‪. .‬‬
‫إن حياة الناس ف الرض ل تصلح إل بثل هذه القيادة البصرة؛ الت تسي على هدى ال وحده؛ والت‬
‫تصوغ الياة كلها وفق منهجه وهديه ‪ . .‬إنا ل تصلح بالقيادات الضالة العمياء ‪ ،‬الت ل تعلم أن ما‬
‫أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم هو الق وحده؛ والت تتبع من ث مناهج أخرى غي منهج ال‬
‫الذي ارتضاه للصالي من عباده ‪ . .‬إنا ل تصلح بالقطاع والرأسالية ‪ ،‬كما أنا ل تصلح‬
‫بالشيوعية والشتراكية العلمية! ‪. .‬‬
‫إنا كلها من مناهج العُمْي الذين ل يعلمون أن ما أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم هو وحده‬
‫الق ‪ ،‬الذي ل يوز العدول عنه ‪ ،‬ول التعديل فيه ‪ . .‬إنا ل تصلح بالثيوقراطية كما أنا ل تصلح‬
‫بالديكتاتورية أو الديقراطية! فكلها سواء ف كونا من مناهج العُمي ‪ ،‬الذين يقيمون من أنفسهم‬
‫أربابا من دون ال ‪ ،‬تضع هي مناهج الكم ومناهج الياة ‪ ،‬وتشرع للناس ما ل يأذن به ال؛‬
‫وتعبدهم لا تشرع ‪ ،‬فتجعل دينونتهم لغي ال ‪.‬‬
‫وآية هذا الذي نقوله استمدادا من النص القرآن هو هذا الفساد الطامي الذي يعم وجه الرض اليوم‬
‫ف جاهلية القرن العشرين ‪ .‬وهو هذه الشقوة النكدة الت تعانيها البشرية ف مشارق الرض ومغاربا‬
‫‪ . .‬سواء ف ذلك أوضاع القطاع والرأسالية ‪ ،‬وأوضاع الشيوعية والشتراكية العلمية! ‪ . .‬وسواء‬
‫ف ذلك أشكال الديكتاتورية ف الكم أو الديقراطية! إنا كلها سواء فيما تلقاه البشرية من خللا‬
‫من فساد ومن تلل ومن شقاء ومن قلق ‪ . .‬لنا كلها سواء من صنع العُمي الذين ل يعلمون أن ما‬
‫أنزل على ممد من ربه هو الق وحده؛ ول تلتزم من ث بعهد ال وشرعه؛ ول تستقيم ف حياتا على‬
‫منهجه وهديه ‪.‬‬

‫‪360‬‬
‫إن السلم يرفض بكم إيانه بال وعلمه بأن ما أنزل على ممد هو الق كل منهج للحياة غي منهج‬
‫ال؛ وكل مذهب اجتماعي أو اقتصادي؛ وكل وضع كذلك سياسي؛ غي النهج الوحيد ‪ ،‬والذهب‬
‫الوحيد ‪ ،‬والشرع الوحيد الذي سنه ال وارتضاه للصالي من عباده ‪.‬‬
‫ومرد العتراف بشرعية منهج أو وضع أو حكم من صنع غي ال ‪ ،‬هو بذاته خروج من دائرة‬
‫السلم ل؛ فالسلم ل هو توحيد الدينونة له دون سواه ‪.‬‬
‫إن هذا العتراف فوق أنه يالف بالضرورة مفهوم السلم الساسي ‪ ،‬فهو ف الوقت ذاته يسلم‬
‫اللفة ف هذه الرض للعُمي الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ‪ ،‬ويقطعون ما أمر ال به أن‬
‫يوصل ويفسدون ف الرض ‪ . .‬فهذا الفساد ف الرض مرتبط كل الرتباط بقيادة العُمي! ‪. .‬‬
‫ولقد شقيت البشرية ف تاريها كله؛ وهي تتخبط بي شت الناهج وشت الوضاع وشت الشرائع‬
‫بقيادة أولئك العُمي ‪ ،‬الذين يلبسون أردية الفلسفة والفكرين والشرعي والسياسيي على مدار‬
‫القرون ‪ .‬فلم تسعد قط؛ ول ترتفع « إنسانيتها » قط ‪ ،‬ول تكن ف مستوى اللفة عن ال ف‬
‫الرض قط ‪ ،‬إل ف ظلل النهج الربان ف الفترات الت فاءت فيها إل ذلك النهج القوي ‪.‬‬
‫==============================‬
‫كفر سابّ ال ورسوله –صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫الجيب د‪.‬سعيد بن ناصر الغامدي‬
‫عضو هيئة التدريس بامعة اللك خالد‬
‫التاريخ ‪29/2/1423‬‬
‫السؤال‬
‫ما رأي فضيلتكم فيمن يقول‪ :‬إن من سب ال –عز وجل‪ -‬ورسوله الكري ليس بكافر إل إذا استحل‬
‫ذلك‪ ،‬مع انتفاء شروط الوانع من العلم‪ ،‬والكراه‪ ،‬والتأول‪ ،‬والطأ‪ ،‬استدللً با وقع لوسى –عليه‬
‫السلم‪ -‬لا ألقى اللواح‪ ،‬نرجو الواب بشيء من التفصيل‪.‬‬
‫الواب‬
‫سبّ ال –تعال وتقدس‪ -‬وسبّ رسوله –صلى ال عليه وسلم‪ -‬من أكب أنواع الكفر‪ ،‬بل هو أعظم‬
‫من مرد الردة عن السلم‪ ،‬ومن فعل ذلك وجب قتله‪ ،‬وهذا مذهب عامة أهل العلم‪" ،‬إن الذين‬
‫يؤذون ال ورسوله لعنهم ال ف الدنيا والخرة وأعد لم عذابا مهينا" [الحزاب‪ ]57:‬وقد قال‬
‫المام إسحاق بن راهوية –رحه ال‪" :-‬أجع السلمون على أن من سبّ ال ورسوله –صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،-‬أو دفع شيئا ما أنزل ال –عز وجل‪ ،-‬أو قتل نبيا من أنبياء ال –عز وجل‪ -‬أنه كافر‬
‫بذلك‪ ،‬وإن كان مقرا بكل ما أنزل ال"‪.‬‬
‫وسبّ ال أو سبّ الرسول –صلى ال عليه وسلم‪ -‬كفر ظاهر؛ لريان السب على لسان صاحبه‪،‬‬
‫وكفر باطن؛ لنه يدل على استهانته بال –عز وجل‪ -‬وبرسوله –صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬وانعدام‬

‫‪361‬‬
‫خشيته من ال ‪-‬عز وجل‪ -‬وعدم تعظيم ال من قلبه‪ ،‬وذهاب توقي النب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬من‬
‫نفسه‪.‬‬
‫أما القول بأن السّاب ل يكفر إل إذا استحل ذلك‪ ،‬ومع انتفاء الوانع من إكراه‪ ،‬وتأول‪ ،‬وخطأ‪،‬‬
‫وحصول شرط العلم استدللً لا وقع لوسى –عليه السلم‪ -‬لا ألقى اللواح فهذا القول يتضمن عدة‬
‫أمور‪ ،‬الواب عنها بعدة أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬القول بأن السّاب ل –تعال‪ -‬ولرسوله –صلى ال عليه وسلم‪ -‬ل يكفر إل إذا استحل‬
‫ذلك‪ ،‬هذا اشتراط غي صحيح‪ ،‬بل إن أقوال أهل العلم تنص على أن من قال أو فعل ما هو كفر‬
‫صريح كفر بدون تقييد ذلك بالستحلل‪ ،‬والستحلل وصف آخر يوجب الكفر‪ ،‬فلو استحل‬
‫السّب ول يقله كفر‪ ،‬وال –تعال‪ -‬وصف الستهترين بالنب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬وأصحابه‬
‫بالكفر‪ ،‬فقال‪" :‬يذر النافقون أن تنل عليهم سورة تنبئهم با ف قلوبم قل استهزئوا إن ال مرج ما‬
‫تذرون ولئن سألتهم ليقولن إنا كنا نوض ونلعب قل أبال وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ل‬
‫تعتذروا قد كفرت بعد إيانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنم كانوا مرمي" [التوبة‪:‬‬
‫‪.]66-65-64‬‬
‫وعندما جاء الذين نزلت فيهم هذه الية يعتذرون إل النب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬ل يعذرهم‪،‬‬
‫وكان يردد عليهم هذه الية‪ ،‬ولو كان الستحلل يصح أن يرفع به حكم الكفر عنهم لسألم النب‬
‫–صلى ال عليه وسلم‪: -‬هل كنتم تستحلون هذا الستهزاء أم ل؟‬
‫قال القاضي عياض –رحه ال‪" :-‬ل خلف أن ساب ال –تعال‪ -‬من السلمي كافر حلل الدم"‪.‬‬
‫وقال ابن عبد الب –رحه ال‪" :-‬ومن شتم ال –تبارك وتعال‪ ،-‬أو شتم رسوله –صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،-‬أو شتم نبيا من أنبياء ال ‪-‬صلوات ال عليهم‪ُ -‬قتِل إذا كان مظهرا للسلم بل استتابة"‪.‬‬
‫الثان‪ :‬اشتراط وجود شروط الكفر وانتفاء موانعه فيمن سبّ ال –تعال‪ ،-‬أو سب الرسول –صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،-‬وذكر السائل من الشروط العلم ومن الوانع الكراه‪ ،‬والتأول‪ ،‬والطأ‪ ،‬فأما‬
‫(الكراه) فل شك أنه مانع من موانع إطلق الكفر على السّاب‪ ،‬وذلك لقول ال –تعال‪" :-‬من‬
‫كفر بال من بعد إيانه إلّ من أكره وقلبه مطمئن باليان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم‬
‫غضب من ال ولم عذاب عظيم" (النحل‪.)106‬‬
‫وف مستدرك الاكم وغيه عن أب عبيدة بن ممد بن عمار بن ياسر عن أبيه‪ ،‬قال‪" :‬أخذ الشركون‬
‫عمار بن ياسر فلم يتركوه حت سب النب –صلى ال عليه وسلم‪ -‬وذكر آلتم بي ث تركوه‪ ،‬فلما‬
‫أتى رسول ال –صلى ال عليه وسلم‪ -‬قال‪ :‬ما وراءك؟ قال‪ :‬شرٌ يا رسول ال‪ ،‬ما تركت حت نلت‬
‫منك وذكرت آلتم بي‪ ،‬قال‪ :‬كيف تد قلبك؟ قال مطمئن باليان قال‪" :‬إن عادوا فعد" (هذا‬
‫حديث صحيح على شرط الشيخي ول يرجاه)‪.‬‬
‫ب ال أو سبّ رسوله فهو معذور وليس بكافر‪.‬‬ ‫فمن أكره على س ّ‬
‫الثالث‪ :‬أما اشتراط العلم‪ ،‬فياد بالعلم أمران‪:‬‬

‫‪362‬‬
‫‪-1‬أن يعلم أن هذا اللفظ فيه س ّ‬
‫ب ل أو لرسوله‪.‬‬
‫‪-2‬أن يعلم أن السّب ل ولرسوله كفر وخروج من اللة‪.‬‬
‫فإن ادعى أنه ل يعلم أن هذا اللفظ فيه سبّ ل ورسوله فينظر ف اللفظ الذي تلفظ به هل هو ما‬
‫يعده الناس شتما‪ ،‬أو سبا‪ ،‬أو تنقصا‪ ،‬فإن كان كذلك فهو كافر بذلك؛ وإنا قيل هذا؛ لن الكلمة‬
‫الواحدة تكون ف حال سب وف حال ليست بسب‪ ،‬فعلم أن هذا يتلف باختلف القوال‬
‫والحوال‪ ،‬إذا ل يأت للسب حد معروف ف اللغة ول ف الشرع‪ ،‬فالرجع فيه إل عرف الناس‪ ،‬هذا‬
‫ما ذكر شيخ السلم ف (الصارم السلول)‪.‬‬
‫ب ال –تعال‪ -‬والرسول –صلى ال عليه وسلم‪ -‬كفر مرج من اللة‬ ‫وإن ادعى أنه ل يعلم أن س ّ‬
‫فينظر ف الكان الذي هو فيه‪ ،‬وحالة الشخص من التمكن من العلم وعدمه‪.‬‬
‫فإن كان الساب مسلما ناشئا ف بلد السلم فل يعذر؛ لن مسألة تعظيم ال وتوقي رسوله –صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ -‬من السائل العظيمة وليست من السائل الفية‪ ،‬والناشئ ف بلد السلمي متمكن‬
‫من العلم بذه السألة الت هي من الصول الظاهرة‪ ،‬فل عذر له بذلك‪ ،‬وهو كافر بذا السب‪ ،‬سواء‬
‫كان هازلً أو لعبا أو كاتبا للرواية أو الشعر أو غي ذلك‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أما الستدلل بقصة إلقاء موسى –عليه السلم‪ -‬لللواح‪ ،‬فهو استدلل غي صحيح‪ ،‬وذلك‬
‫لمور‪:‬‬
‫‪-1‬أن السب ل –تعال‪ -‬ولرسوله –صلى ال عليه وسلم‪ -‬من باب‪ ،‬وفعل موسى من باب آخر‪.‬‬
‫‪-2‬أن فعل موسى –عليه السلم‪ -‬ل يتضمن سخرية ول استهانة ول استنقاصا ل –تعال‪ ،-‬بل‬
‫الذي حله على إلقاء اللواح هو شدة تعظيمه ل ‪-‬تعال‪ ،-‬وشدة عنايته بتوحيد ال‪ ،‬لا رأى قومه‬
‫قد أشركوا وعبدوا العجل‪.‬‬
‫‪-3‬أن موسى –عليه السلم‪ -‬كان ف حالة غضب شديد وحزن بسبب عبادة قومه للعجل‪ ،‬وبقاء‬
‫هارون –عليه السلم‪ -‬عندهم وعدم لاقه بوسى –عليه السلم‪.-‬‬
‫أما السّاب ل –تعال‪ -‬ولرسوله –صلى ال عليه وسلم‪ -‬فيغلب على حاله السخرية والستهزاء‬
‫واللعب أو العمد والقصد‪ ،‬فإن كان ف حالة من الغضب الشديد بيث ل يدري ما يقول‪ ،‬وتكلم‬
‫بكلم ل يستحضره ول يعرفه فإن هذا الكلم ل حكم له‪ ،‬ول يكم على صاحبه بالردة؛ لنه كلم‬
‫حصل عن غي إرادة وقصد‪ .‬نعوذ بال من موجبات غضبه‪ ،‬ونسأله أن يتم لنا باليان‪ ،‬وصلى ال‬
‫وسلم على نبينا ممد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫=============================‬
‫كيف ننصر الرسول عليه الصلة والسلم‬

‫المد ل وحده والصلة والسلم على من ل نب بعده أما بعد‪:‬‬

‫‪363‬‬
‫فلقد تأكد با ل يدع مال للشك زيف ما يسمى بوار الضارات‪،‬وسقوط دعوى التسامح وحوار‬
‫الديان الت يرددها الغرب السيحي‪،‬فمنذ الروب الصليبية الت شنها الغرب السيحي على القدسات‬
‫السلمية وهم يواصلون حلتهم البيثة على معتقداتنا وديننا النيف‪،‬فبعد ناحهم ف زرع هذا‬
‫السرطان السمى بدولة إسرائيل ف جسد المة العربية والسلمية من خلل وعد بلفور وتكالب‬
‫قوى الشر شرقا وغربا ف العتراف با ومن دعوة إل تدمي الكعبة الشريفة‪ ،‬وأخيا وليس بآخر‬
‫التهجم على أشرف اللق وأفضلهم سيد ولد آدم سيدنا ونبينا ممد عليه وعلى آله أفضل الصلة‬
‫وأت التسليم‪.‬‬
‫وهذه التصرفات والفعال البيثة من قبلهم تعكس مدى القد الصليب على السلم وكل ما يت له‬
‫بصلة وهو موقف جيع النتسبي للغرب السيحي شعوبا وحكومات أفرادا وجاعات‪ ،‬فمنذ صدور‬
‫التهجم على الصطفى عليه أفضل الصلة وأت التسليم‪،‬ف الصحف الدناركية ل نسمع منهم أي‬
‫تنديد أو استنكار أو عقوبات رادعة ضد من سولت له نفسه بذلك ف حي ند عندما عب بعض‬
‫الزعماء والفكرين السلمي عن رأيهم بقيقة ما تعرض له اليهود من مزاعم تعذيب وحرق أو حديث‬
‫عن خطورة الد اليهودي تنادى الغرب السيحي بالستنكار والتهديد بالويل والثبور وعظائم المور‬
‫إن ل يتراجع هؤلء ويعتذروا علنية عما قالوا‪،‬وأيضا ل يكتفوا بذلك بل عملوا على احتضان كل‬
‫مسلم مرتد يتطاول على كتاب ال وسنة رسوله عليه الصلة والسلم مثل الدعو سليمان رشدي‬
‫مؤلف كتاب''آيات شيطانية''‪.‬‬
‫وف واقع المر فإن هذا العداء الستحكم من الغرب السيحي ضد السلم وأهله ليس بالمر‬
‫الستغرب إنا الستغرب هو موقف النبهرين بالغرب وبضارته من أبناء السلمي الذين استكانوا لم‬
‫وشربوا من فكرهم وتأثروا بم وربطوا أنفسهم بتلك الضارة الزائفة‪.‬‬
‫يقول ال عز وجل''ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد ال ورسوله ولو كانوا‬
‫آباءهم أو أبناءهم أو عشيتم''‪.‬‬
‫ويقول''قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم''‪.‬‬
‫ولذا وف ضوء ما حصل من تجم وسب وشتم للمصطفى عليه الصلة والسلم فإن نصرته عليه‬
‫الصلة والسلم تكون من خلل الت‪:‬‬
‫‪ -‬اتباع الرسول صلى ال عليه وسلم فيما أمر واجتناب ما نى عنه وزجر وأن يكون أحب إلينا من‬
‫أنفسنا ووالدينا قول وعمل‪.‬‬
‫‪ -‬تعليم أبنائنا مبة رسول ال عليه الصلة والسلم ومن ذلك بيان ما تعرض له الصطفى عليه الصلة‬
‫والسلم من تجم وأذى من قبل الغرب السيحي ودعوتم أي البناء إل مقاطعة منتجات الغرب‬
‫الحببة إل نفوس أبنائنا‪.‬‬

‫‪364‬‬
‫‪ -‬استخدام أهم سلح نلكه وهو سلح القاطعة لكل ما هم منتج غرب بصفة عامة ومنتجات‬
‫الدنارك والنرويج على وجه الصوص ومن هنا تبز أهية دور الغرف التجارية الحلية والعربية‬
‫والسلمية وضرورة التنسيق فيما بينها لتحقيق هذا المر‪.‬‬
‫‪ -‬سحب جيع سفراء الدول السلمية من الدنارك ويتم ذلك من خلل عمل جاعي تدعو إليه‬
‫منظمة الؤتر السلمي‪.‬‬
‫‪ -‬لعل ف هذه الصيبة فوائد لمتنا السلمية مثلة بضرورة التكاتف والتكتل ف جيع الجالت‬
‫فالغرب السيحي لن يرؤ على التطاول والتعرض للمسلمي أو لرموز السلم أو الدول السلمية‬
‫طالا كانت الكلمة واحدة والصف واحد‪.‬‬
‫‪ -‬تقوية العلقة مع الصي فهي الارد القادم‪،‬ويلمس الزائر لذه الدولة رغبتها الادة ف التعاون مع‬
‫السلمي وكرهها للغرب السيحي ويأت ف القدمة اليمي الصهيون التطرف‪.‬‬
‫فهل نن فاعلون أرجو ذلك فالوضع ل يتمل أي تبير أو سكوت وإن ل نفعل فإن عقوبة ال‬
‫ستحل علينا جيعا‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي وصلى ال على سيدنا ونبينا ممد وعلى آله وصحبه أفضل‬
‫الصلة وأت التسليم‪.‬‬
‫* وكيل جامعة أم القرى للدراسات العليا والبحث العلمي‬
‫كيف نوقف خطر أعضاء "نوادي الوت"؟‬
‫الكاتب‪ :‬د‪.‬أحد عبداللك‬
‫خلل العركة الامية الت حدثت بيننا وبي الغرب ‪-‬والدانرك خصوصا‪ -‬إثر نشر الرسوم السيئة‬
‫لرسولنا الكري عليه الصلة والسلم‪ ،‬وقعت حادثتان كبيتان ف النطقة العربية‪ ،‬الول‪ :‬تفجي الراقد‬
‫القدسة لدى إخواننا الشيعة ف سامراء‪ ،‬والثانية‪ :‬الجوم على منشأة نفطية ف شرق السعودية!‬
‫والادثتان من صنع عرب وإسلمي‪ ،‬والذين ياولون أن يقذفوا بُرم التفجيات ف الراقد بسامراء‬
‫على "الجانب"‪ ،‬إنا ياولون اليغال ف تبادل التامات و"تيي" الرأي العام‪ ،‬وتشتيته عن لُب‬
‫القضية الساسية ف العراق‪ ،‬وهي الناع السن‪-‬الشيعي حول تقاسم "كعكة" العراق‪ ،‬بعد تبدّل‬
‫الوضاع منذ دخول القوات الميكية ف ذاك البلد‪ ،‬وإسقاط نظام صدام حسي‪.‬‬
‫الادثتان ل تأتيا من فراغ‪ ،‬ول تكونا أبدا "ترفا" عقائديا! بل إنما من النوع الُخطط له جيدا‪،‬‬
‫والؤمَن به جيدا‪ ،‬لذلك فلبد من العتراف بأن الجتمع العرب يعيش حالة جديدة من الصراع‬
‫الحلي‪ ،‬ل دخل للستعمار‪ ،‬أو القوى الجنبية فيها‪ .‬وهذا يتطلب رؤية تليلية لواقع النسان العرب‬
‫ف منطقة الليج‪ ،‬وهومه وآماله‪ .‬ول نتاج ف هذا الوقت بالذات إل مقالت تجيد "بطولة" هذا‬
‫الطرف أو ذاك‪ ،‬أو الشارات العنيفة الت ل يكن إل أن تصبّ الزيت على النار الت وصلت إل تت‬
‫أنوف بعض الذين اعتقدوا بأنم آمنون!‬

‫‪365‬‬
‫فنحن ل نكد نصل على اعتذار من الهات الدانركية حول "الغوغائية" وسوء استخدام الرية ف‬
‫قضية الكاريكاتي‪ ،‬وتطوّع علماؤنا الفاضل بنشر مبادئ الدين السلمي وقيم الي والتسامح‬
‫والحافظة على المن وحرية الديانات والعتقدات‪ ،‬حت ظهرت الادثتان‪ ،‬لتقلبا الطاولة‪ ،‬وتناقضا‬
‫كل ما قيل من رسائل لذب التأييد العالي للمسلمي والعرب ف قضية الرسوم السيئة لنا ولعقيدتنا‪.‬‬
‫بالنسبة للحادثة الول‪( ..‬تفجي الراقد ف سامراء)‪ ،‬فإنا تمل دللت الكراهية والقد الدفي بي‬
‫الطرفي التقاتلي حول الراقد القدسة‪ .‬وهو نزاع أسطوري قدي‪ ،‬ل يكن إصلحه أو إياد حل له‪،‬‬
‫حيث ل ياول أي فريق التخلي عن مواقفه ومبادئه تاه اللف السطوري الذي مضى عليه ما‬
‫يقارب ‪ 15‬قرنا‪.‬‬
‫ول يظهر هذا اللف بصورته الالية إبّان حكم صدام حسي الديكتاتوري! وهي حالة مُبرة‪ .‬أما‬
‫لاذا يظهر اليوم‪ ،‬وقد يستمر طويلً‪ ،‬فلن بعض الحتقانات ف العراق ل تعود إل حكم صدام فقط‪،‬‬
‫ول إل اللكية‪ ،‬بل إل عمق التاريخ! يظهر اليوم هذا الناع الدموي‪ ،‬لسببي‪ :‬الول‪ :‬النتقام‪ ..‬انتقام‬
‫كل طرف الناع من الخر ف مناخ تداعي أسوار المن‪ .‬الثان‪ :‬زيادة أعضاء نوادي الوت‪..‬‬
‫واستعدادهم للقيام بأية عملية تساند وجهة نظرهم وإن كانت إبادة أرواحهم وأرواح البرياء حولم‪.‬‬
‫أما لاذا تظهر الادثة الثانية ف شرق السعودية‪ ،‬بعد سنوات طويلة من المن والطمأنينة ف ذلك‬
‫البلد؟ فذلك راجع إل التنسيق بي أعضاء نوادي الوت ف أكثر من بلد من بلدان النطقة‪ .‬وهو أمر‬
‫تساهم فيه النترنت بشكل كبي‪ .‬أما السبب الثان‪ ،‬فهو الرؤية السوداوية للفراد اليائسي ‪-‬الذين‬
‫يناصبون الدولة العداء‪ -‬لربا بدف "إفشال" الشروع الصلحي ف النطقة‪ ،‬وزعزعة المن‪ ،‬وهو‬
‫اتاه يلتقي با يقوم به أعضاء نوادي الوت ف العراق‪ ،‬والدف ل شيء!‬
‫فمن الناحية الستراتيجية والدولية لن تقوم "دولة اللفة"‪ ،‬ل ف بغداد ول ف غيها‪ ،‬لن العال اليوم‬
‫مكوم بـ"نواميس" مددة وواضحة ل تسمح باهتزازات تعيد البشر إل ثقافة "النكوص" أو تبعات‬
‫"الروج" الت ساندتا بعض الدول‪ ،‬ث اكتشفت خطأ ما قامت به‪.‬‬
‫ومن الناحية الجتماعية ‪-‬وإن كانت هناك اختلفات حول مارسة السلطة ف بعض الدول‪ -‬فإن‬
‫معظم شعوب النطقة ل يؤمنون بلغة العنف ول يارسوها سابقا‪ ،‬ول يريدون الرجوع إل الوراء بعد‬
‫أن حققوا نوعا من مكتسبات التحضر‪ .‬وأن ما يري يُفشّل جهود الليباليي ‪-‬الؤمني بتحضّر‬
‫متمعاتم‪ -‬بعد أن "لَنتْ" بعض النظمة وخطت خطوات ‪-‬لنقل عنها إنا مقبولة‪ -‬تاه الديقراطية‪،‬‬
‫وحرية الرأي‪ ،‬وإقامة مؤسسات الجتمع الدن‪.‬‬
‫ومن الناحية القتصادية‪ ،‬فإن تفجي منشآت نفطية هنا أو هناك‪ ،‬لن يلزم الكومات بتوصيل أنابيب‬
‫النقود إل البيوت‪ ،‬أو فتح خزائن الدول لـ"يعبّ" منها هؤلء‪ ،‬تت دعاوى "عدالة توزيع الثروة"‪.‬‬
‫ونن لسنا ضد مطلب عدالة توزيع الثروة‪ ،‬لكننا نتلف مع وسيلة الُطالبة! فالشعوب‪ ،‬ل يكن ‪-‬ف‬
‫ليلة واحدة‪ -‬أن تقق "الدينة الفاضلة"‪ ،‬حت وإن كان جيع أفراد الشعب من الفلطونيي‪ ،‬وهم‬
‫حتما ليسوا كذلك! لكن استعجال بعض أعضاء نوادي الوت‪ ،‬وغوغائية البعض الخر‪ ،‬هو الذي‬

‫‪366‬‬
‫يُفشل جهود الليباليي ف إقناع الكومات بالتغيي‪ ،‬وإنشاء مؤسسات الجتمع الدن‪ ،‬ودعم‬
‫الريات‪ ،‬وتبديل النظرة تاه الخر! بل وماسبة الكومات إن كان أداؤها ل يناسب الرحلة الالية‪.‬‬
‫إن تفجي النشآت النفطية يؤثر أولً على الستقرار ف النطقة‪ ،‬ولذلك تبعات كثية‪ ،‬لعل أبسطها‪:‬‬
‫طرح فكرة إحلل قوات دولية لماية النشآت النفطية‪ ،‬وهذا يُدخل النطقة ف (متواليات) احتقانية‬
‫لن تتلف عن الشهد ف العراق‪ .‬إذ قد تنشط خليا نوادي الوت وتارس النتقام ضد بعضها بعضا‪.‬‬
‫كما أن مثل تلك التفجيات تضعف مكانة النطقة لدى الستثمرين الارجيي‪ ،‬وبذلك تسر النطقة‬
‫الكثي‪ ،‬ناهيك عن السارة الادية الباشرة ف مداخيل النفط‪ ،‬لو طال التفجي آبار البترول‪.‬‬
‫ومن الناحية العلمية‪ ،‬خصوصا الرأي العام العالي‪ ،‬فلم تكد صورة صدام حسي تفت بعد أن قام‬
‫بتفجي آبار نفط الكويت خلل احتلل الخية‪ ،‬وقبل انسحابه "الذليل" منها عام ‪ ،1991‬فإن‬
‫الرأي العام العالي سيزيد قتامة تلك الصورة‪ ،‬من أن النفط ‪-‬وهو عصب حياة العال‪ -‬بيد من ل‬
‫يتورع البعض عندهم عن حرقه واللعب به‪ ،‬دونا وازع من ضمي أو قانون‪ .‬وهذا يزيد ف الصورة‬
‫النمطية للعرب ف ميال الرأي العام العالي‪ ،‬وفنانيه وصحافييه‪ ،‬ول نستبعد أن تظهر صور‬
‫كاريكاتورية تُظهر العرب ف مواقع مشينة‪ ،‬لن تستطيع الدول العربية الدفاع عنها لنا ستكون وقتئذ‬
‫صحيحة وماثلة‪ ،‬ول يكن أن تُصنّف ضمن قائمة معاداة العرب! لن أعضاء نوادي الوت ل يهتمون‬
‫ل بصورة العرب‪ ،‬ول بسمعة السلم‪ .‬لكن المر يثل خسارة للطرف العرب‪.‬‬
‫نن مع الذين يتوقعون احتمال أن تنتشر التفجيات –ل سح ال‪ -‬إل مواقع أخرى ف الليج‪،‬‬
‫ونعتقد أن تشديد الماية المنية ليس الطريقة الوحيدة ف معالة القضية‪ .‬لبد للعال العرب أن يبدأ‬
‫تاريا‪ ،‬جديدا‪ ،‬ولبد أن ينسى أبناؤه بعض تاريهم الزيّف!‬
‫صحيفة التاد الماراتية‬
‫==========================‬
‫كيف يستطيع السلم أن ينمّي داخله مبة النب صلى ال عليه وسلم‬

‫من موقع السلم سؤال وجواب‪:‬‬


‫السؤال‪:‬‬
‫كيف يستطيع السلم أن ينمّي داخله مبة النب صلى ال عليه وسلم أكثر من أي شيء آخر ف‬
‫الدنيا ؟‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫المد ل‬
‫مبة الرسول صلى ال عليه وسلم تكون قوتا تبعا ليان السلم فإن زاد إيانه زادت مبته له ‪ ،‬فحبه‬
‫صلى ال عليه وسلم طاعة وقربة ‪ ،‬وقد جعل الشرع مبة النب صلى ال عليه وسلم من الواجبات ‪.‬‬

‫‪367‬‬
‫عن أنس قال ‪ :‬قال النب صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من والده‬
‫وولده والناس أجعي " ‪ .‬رواه البخاري ( ‪ ) 15‬ومسلم ( ‪. ) 44‬‬
‫ويكن أن تتأتى مبة الرسول صلى ال عليه و سلم بعرفة ما يلي ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬أنه مرسل من ربه اختاره واصطفاه على العالي ليبلغ دين ال للناس وأن ال اختاره لبه له‬
‫ورضاه عنه ‪ ،‬ولول أن ال رضي عنه لا اختاره ول اصطفاه ‪ ،‬وعلينا أن نب من أحب ال وأن‬
‫نرضى بن رضي ال عنه ‪ ،‬وأن نعلم أنه خليل ال واللة مرتبةٌ عُليا وهي أعلى درجات الحبة ‪.‬‬
‫عن جندب قال ‪ :‬سعت النب صلى ال عليه وسلم قبل أن يوت بمس وهو يقول ‪ " :‬إن أبرأ إل‬
‫ال أن يكون ل منكم خليل فإن ال تعال قد اتذن خليلً كما اتذ إبراهيم خليل ولو كنت متخذا‬
‫ل " ‪ .‬رواه مسلم ( ‪. ) 532‬‬ ‫من أمت خليلً لتذت أبا بكر خلي ً‬
‫ثانياُ ‪ :‬أن نعلم منلته الت اجتباه ال با ‪ ،‬وأنه أفضل البشر صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫عن أب هريرة قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ " :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من‬
‫ينشق عنه القب وأول شافع وأول مشفع " ‪ .‬رواه مسلم ( ‪. ) 2278‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أن نعلم أنه لقي الحن والشقة من أجل أن يصلنا الدين وقد كان ذلك ـ والمد ل ـ‬
‫ويب أن نعلم أن الرسول صلى ال عليه وسلم أوذي وضرب وشتم و ُسبّ وتبأ منه أقرب الناس إليه‬
‫ورموه بالنون والكذب والسحر وأنه قاتل الناس ليحمي الدين من أجل أن يصل إلينا فقاتلوه‬
‫وأخرجوه من أهله وماله ودياره وحشدوا له اليوش ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬القتداء والتأسي بأصحابه ف شدة مبتهم له ‪ ،‬فقد كانوا يبونه أكثر من الال و الولد بل‬
‫وأكثر من أنفسهم وإليك بعض النماذج ‪:‬‬
‫عن أنس قال ‪ " :‬لقد رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم واللق يلقه وأطاف به أصحابه فما‬
‫يريدون أن تقع شعرة إل ف يد رجل " ‪ .‬رواه مسلم ( ‪. ) 2325‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال ‪ " :‬لا كان يوم أحد انزم الناس عن النب صلى ال عليه وسلم وأبو‬
‫جفَة له وكان أبو طلحة رجل راميا‬ ‫جوّب به عليه بَ َ‬‫طلحة بي يدي النب صلى ال عليه وسلم مُ َ‬
‫شديد القِد يكسر يومئذ قوسي أو ثلثا وكان الرجل ير معه العبة من النبل فيقول انشرها لب‬
‫طلحة فأشرف النب صلى ال عليه وسلم ينظر إل القوم فيقول أبو طلحة يا نب ال بأب أنت وأمي ل‬
‫تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نري دون نرك‪. . .‬‬
‫رواه البخاري ( ‪ ) 3600‬ومسلم ( ‪. ) 1811‬‬
‫( الجفة ) هي الدرع ‪ ،‬ويقال لا ‪ :‬جوبة ‪ ،‬والعن أن أبا طلحة معه درع يمي با النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫( شديد القد ) القد هو وتر القوس ‪ ،‬والعن أنه شديد الرمي‬
‫خامسا ‪ :‬أن تُتبع سنته من قول أو عمل وأن تكون سنته منهجا لك تتبعه ف حياتك كلها وأن تقدم‬
‫قوله على كل قول وتقدم أمره على كل أمر ث تتبع عقيدة أصحابه الكرام ث عقيدة من تبعهم من‬

‫‪368‬‬
‫التابعي ث عقيدة من تبع نجهم إل يومنا هذا من أهل السنة والماعة غي متبع بدعة ولسيما‬
‫الروافض فإن قلوبم غليظة على رسول ال صلى ال عليه وسلم وإنم يقدمون أئمتهم عليه ويبونم‬
‫أكثر ما يبونه ‪.‬‬
‫نسأل ال أن يرزقنا مبة رسوله صلى ال عليه وسلم وأن يعله أحب إلينا من أولدنا وآبائنا وأهلينا‬
‫ونفوسنا ‪.‬‬
‫وال أعلم ‪.‬‬
‫السلم سؤال وجواب (‪)www.islam-qa.com‬‬
‫===========================‬
‫كيفية الستفادة من كتب الديث الستة‬
‫لفضيلة الشيخ‪:‬‬
‫عبد الحسن بن حد العباد البدر‬
‫(حفظه ال تعال)‬
‫الدرس ف كلية الشريعة بالامعة السلمية سابقا‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المد ل نمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال‬
‫فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إلّ ال وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫أرسله بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله‪ ،‬فبلغ الرسالة‪ ،‬وأدّى المانة‪ ،‬ونصح المة‪ ،‬اللهم‬
‫صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا ممد وعلى آله وأصحابه‪ ،‬ومن سلك سبيله واهتدى‬
‫بداه إل يوم الدّين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذه لحات يسية ف الستفادة من كتب الديث الستة وهي‪ ،‬صحيح البخاري‪ ،‬وصحيح مسلم‪،‬‬
‫وسنن أب داود‪ ،‬وسنن النسائي‪ ،‬وجامع الترمذي وسنن ابن ماجة‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬إن أعظم نعمة أنعم ال تعال با على أمة ممد صلى ال عليه وسلم أن بعث فيها رسوله‬
‫الكري ممدا عليه أفضل الصلة وأت التسليم‪ ،‬ليُخرجهم به من الظلمات إل النور‪ ،‬فقام بذه الهمة‬
‫خي قيام‪ ،‬وأدّى ما أرسله ال تعال به على التمام والكمال‪ ،‬فما ترك خيا إلّ د ّل المة عليه ورغبها‬
‫فيه‪ ،‬وما ترك شرا إ ّل حذّرها منه وناها عنه‪ ،‬صلوات ال وسلمه وبركاته عليه‪.‬‬
‫وكان التوفيق حليف صحابته الكرام رضي ال تعال عنهم وأرضاهم‪ ،‬إذ اختارهم ال تعال لصحبته‪،‬‬
‫وشرّف أبصارهم ف الياة الدنيا بالنّظر إل طلعته‪ ،‬ومتّع أساعهم بسماع حديثه الشريف من فمه‬
‫الشريف صلوات ال وسلمه عليه‪ ،‬فتلقّوا عنه القرآن‪ ،‬وكل ما صدر عنه صلى ال عليه وسلم من‬
‫قول أو فعل أو تقرير‪ ،‬وأدّوه إل من بعدهم على التمام والكمال‪ ،‬فصاروا بذلك أسبق الناس إل كل‬
‫خي‪ ،‬وأفضل هذه المة الت هي خي المم‪ .‬ث بعد أن انقرض عصر الصحابة بدأ تدوين الديث‬

‫‪369‬‬
‫وجعه بأسانيده إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتتابع التأليف ف تدوين السنة حت جاءت الائة‬
‫الثالثة الت ازدهر فيها التأليف‪ ،‬وكان من أهم الؤلفات الت أُلّفت ف السنة على الطلق‪ ،‬صحيح‬
‫المام أب عبد ال ممد ابن إساعيل البخاري رحه ال‪ ،‬الولود سنة (‪ 194‬هـ) والتوف سنة (‬
‫‪256‬هـ)‪ ،‬وصحيح المام أب السي مسلم بن الجاج النيسابوري‪ ،‬الولود سنة (‪204‬هـ)‪-‬‬
‫وهي السنة الت توف فيها المام الشافعي رحه ال‪ -‬والتوف سنة (‪261‬هـ)‪ ،‬ث سنن الئمة الربعة‪:‬‬
‫أب داود سليمان بن الشعث السجستان التوف سنة (‪275‬هـ)‪ ،‬وأب عبد الرحن أحد بن شعيب‬
‫النسائي التوف سنة (‪303‬هـ)‪ ،‬وأب عيسى ممد بن عيسى الترمذي التوف سنة(‪279‬هـ)‪ ،‬وأب‬
‫عبد ال ممد بن يزيد بن ماجة القزوين التوف سنة (‪273‬هـ)‪.‬‬
‫وأول هذه الكتب‪ :‬صحيح المام أب عبد ال البخاري رحه ال‪ ،‬وهو أص ّح الكتب الؤلفة ف‬
‫الديث على الطلق‪ ،‬ويليه ف الصحة صحيح المام مسلم رحه ال‪ ،‬وهذان الكتابان لقيا عناية‬
‫فائقة‪ ،‬وذلك لعناية مؤلفيهما بمع كثي ما صح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول يستوعبا‬
‫كل صحيح‪ ،‬ول يلتزما ذلك‪ ،‬بل يوجد خارج الصحيحي أحاديث كثية صحيحة‪ ،‬ولكن الذي ف‬
‫الصحيحي جلة كبية من الديث الصحيح الثابت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وما اتفق عليه الشيخان البخاري ومسلم‪-‬رحهما ال‪ -‬هو أعلى درجة ما انفرد به أحدها‪ ،‬وعلى‬
‫ذلك فإن درجات الصحيح بالنسبة لا رواه البخاري ومسلم أو ل يروياه سبع درجات‪:‬‬
‫• الول‪ :‬ما اتفق عليه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫• والثانية‪ :‬ما انفرد به البخاري‪.‬‬
‫• والثالثة‪ :‬ما انفرد به مسلم‪.‬‬
‫• والرابعة‪ :‬ما كان على شرط البخاري ومسلم ول يرجاه‪.‬‬
‫• والامسة‪ :‬ما كان على شرط البخاري ول يرجه‪.‬‬
‫• والسادسة‪ :‬ما كان على شرط مسلم ول يرجه‪.‬‬
‫• والسابعة‪ :‬ما ل يكن ف الصحيحي وليس على شرطهما وهو صحيح‪.‬‬
‫فهذه درجات سبع للحديث الصحيح‪ ،‬وأعلها كما تقدم ما اتفق عليه البخاري ومسلم‪ ،‬وأحسن‬
‫كتاب أُلّف ف ذلك كتاب "اللؤلؤ والرجان فيما اتفق عليه الشيخان" للشيخ ممد فؤاد عبد الباقي‬
‫التوف سنة (‪1388‬هـ) وقد رتبه وفقا لترتيب المام مسلم‪ ،‬وما النص الذي يثبته فمن صحيح‬
‫البخاري‪ ،‬حيث يتار أقرب لفظ ف صحيح البخاري يوافق ما ف صحيح مسلم فيثبته‪ ،‬وإنا أتى به‬
‫على ترتيب مسلم‪ ،‬لن المام مسلما رحه ال يمع الحاديث التعلقة بوضوع واحد ف مكان‬
‫واحد فيسردها‪ ،‬ويذكر حديثا يعتبه أصل ث يأت بالطرق الخرى والسانيد ويذكر الضافات‬
‫والنقص والفروق الت بينها وبي الديث الذي اعتبه أصل‪ ،‬فيثبت الشيخ ممد فؤاد عبد الباقي لفظ‬
‫الديث عند البخاري ف موضعه من صحيح مسلم ث يقول‪ :‬أخرجه البخاري ف كتاب كذا‪ ،‬باب‬
‫كذا‪ ،‬ويذكر رقم الكتاب ورقم الباب‪ ،‬وإنّما ل يثبته على ترتيب البخاري‪ ،‬لن البخاري يقطع‬

‫‪370‬‬
‫الحاديث ويفرقها ف أبواب متعددة للستدلل با على ما يترجم به من السائل‪ ،‬لنه أراد أن يكون‬
‫كتابه كتاب رواية ودراية‪ ،‬وقد بلغ مموع الحاديث ف كتاب "اللؤلؤ والرجان" (‪)1906‬‬
‫حديث‪.‬‬
‫ويقول العلماء عند العزو لا كان ف الصحيحي‪ :‬رواه البخاري ومسلم‪ ،‬أو أخرجه الشيخان‪ ،‬أو‬
‫متفق عليه‪ ،‬وعبارة "متفق عليه" ف الصطلح الراد با اتفاق البخاري ومسلم‪ ،‬إ ّل عند مد ابن تيميّة‬
‫ج ّد شيخ السلم ابن تيميّة صاحب "منتقى الخبار" الذي شرحه الشوكان ف "نيل الوطار" فإنه‬
‫يريد "بتفق عليه" بالضافة إل البخاري ومسلم‪ ،‬المام أحد ف السند‪ ،‬فإذا قال‪ :‬متفق عليه‪ ،‬فانه‬
‫يعن الثلثة‪.‬‬
‫‪ -1‬صحيح البخاري‪:‬‬
‫صحيح المام البخاري أصح كتب السنة‪ ،‬وموضوعه الحاديث السندة الرفوعة إل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وقد أراد البخاري أن يكون كتابه كتاب دراية‪ ،‬بالضافة إل كونه كتاب رواية‪،‬‬
‫كتاب حديث وفقه‪ ،‬من أجل ذلك اتّبع طريقة تيّز با عن المام مسلم ف صحيحه وذلك بتقطيع‬
‫الحاديث وتفريقها وإيرادها تت أبواب‪ ،‬من أجل الستدلل با على ما يترجم به‪ ،‬ومع تكرار‬
‫الحاديث ف مواضع متعددة ل يلي القام من فائدة إسنادية أو متنية‪ .‬وذلك أنه إذا أورد الديث‬
‫مكررا يورده عن شيخ آخر‪ ،‬فيستفاد من ذلك تعدد طرق الديث‪ ،‬والحاديث الت كررها إسنادا‬
‫ومتنا قليلة جدا تزيد على العشرين قليلً‪ ،‬كما أشار إل ذلك الافظ ف الفتح (‪ )11/340‬وكما ف‬
‫كتاب كشف الظنون (‪ .)1/363‬وقد ذكرت مواضع تلك الحاديث ف الفائدة (‪ )254‬من كتاب‬
‫"الفوائد النتقاة من فتح الباري وكتب أخرى"‪.‬‬
‫وهذه الطريقة الت اتبعها البخاري ف تفريقه الحاديث على البواب ترتب عليها وجود بعض‬
‫الحاديث ف غي مظنتها‪ ،‬فظن بعض العلماء خلو الكتاب منها كما حصل للحاكم رحه ال ف‬
‫الستدرك حيث استدرك على البخاري أحاديث‪ ،‬وقال إنه ل يرجها مع وجودها ف صحيح‬
‫البخاري‪ ،‬ومن أمثلة ذلك الديث الذي رواه البخاري (‪ )2284‬ف كتاب الجارة ف النهي عن‬
‫عسب الفحل‪ ،‬فقد استدركه الاكم على البخاري فوهم‪ ،‬قال الافظ ف شرح الديث‪" :‬وقد وهم‬
‫ف استدراكه‪ ،‬وهو ف البخاري كما ترى‪ ،‬وكأنه لا ل يره ف كتاب البيوع توهم أن البخاري ل‬
‫يرجه"‪.‬‬
‫وأما فقه البخاري فهو واضح من تراجه الت وصفها الافظ ابن حجر ف مقدمة الفتح بكونا حيت‬
‫الفكار وأدهشت العقول والبصار‪ ،‬وبكونا بعيدة النال منيعة الثال‪ ،‬انفرد بتدقيقه فيها عن نظرائه‪،‬‬
‫واشتهر بتحقيقه لا عن قرنائه‪ .‬ومن أمثلة دقته ف تراجه قوله ف كتاب الجارة‪" :‬باب إذا استأجر‬
‫أجيا ليعمل له بعد ثلثة أيام أو بعد شهر أو بعد سنة جاز وها على شرطهما الذي اشترطاه إذا جاء‬
‫الجل" والقصود من هذه الترجة أن مدة الجارة ل يشترط فيها أن تكون تالية لوقت إبرام العقد‪،‬‬
‫وأورد تت هذه الترجة حديث عائشة رضي ال عنها (‪ )2264‬ف استئجار النب صلى ال عليه‬

‫‪371‬‬
‫وسلم وأب بكر رضي ال عنه رجل من بن الدّيل هاديا خرّيتا ودفعا إليه راحلتيهما‪ ،‬ووعداه غار ثور‬
‫بعد ثلث ليال‪.‬‬
‫ومن منهج البخاري ف صحيحه أنه قد يروي الديث ف موضع واحد بإسنادين عن شيخي فيجعل‬
‫الت للشيخ الثان منهما‪ ،‬أشار إل ذلك الافظ ابن حجر ف الفتح (‪ )1/436‬وقال‪" :‬وقد ظهر‬
‫بالستقراء من صنيع البخاري أنه إذا أورد الديث عن غي واحد فان اللفظ يكون للخي‪ ،‬وال‬
‫أعلم"‪.‬‬
‫ومن منهج البخاري أيضا ف صحيحه انه إذا مرت به لفظة غريبة توافق كلمة ف القران أتى بتفسي‬
‫تلك الكلمة الت من القران‪ ،‬فيكون بذلك جع بي تفسي غريب القران والديث‪ ،‬أشار إل ذلك‬
‫الافظ ف الفتح ف مواضع متعددة انظر على سبيل الثال (‪ .)196 ،324 ،3/343‬والافظ ابن‬
‫حجر‪-‬عليه رحة ال‪ -‬تكن من معرفة اصطلحات البخاري ومنهجه ف صحيحه‪ ،‬وقد ذكرت ف‬
‫كتاب "الفوائد النتقاة من فتح الباري وكتب أخرى" جلة كبية من الفوائد التعلقة بذلك من الفائدة‬
‫(‪ )226‬إل (‪.)284‬‬
‫ولهية صحيح البخاري لقي عناية من العلماء ف متلف العصور‪ ،‬وكان على رأس الذين وفّقوا‬
‫للعناية بذا الكتاب الافظ ابن حجر العسقلن التوف سنة (‪852‬هـ)‪ ،‬فقد شرحه شرحا نفيسا‬
‫واسعا جع فيه ما اقتبسه من غيه من تقدمه‪ ،‬وما وفقه ل لفهمه واستنباطه من ذلك الكتاب العظيم‪،‬‬
‫وذلك ف كتابه "فتح الباري" الذي يعتب حدا فاصل بي من سبقه ومن لقه‪ ،‬فالذين تقدموه جع ما‬
‫عندهم‪ ،‬والذين تأخروا عنه صار كتابه مرجعا لم‪ ،‬وقد طبع كتاب "فتح الباري" ف الطبعة السلفية‬
‫ف مصر‪ ،‬واشتملت الجزاء الثلثة الول منه على تعليقات نفيسة لشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز‬
‫رحه ال‪ ،‬وقد أُثبت ف هذه الطبعة ترقيم أحاديث الكتاب الت وضعها الشيخ ممد فؤاد عبد الباقي‪.‬‬
‫وطريقته ف الترقيم أنه يثبت ف أول موضع يرد فيه ذكر الديث أرقامه ف الواضع الخرى الت تأت‬
‫بعد ذلك‪ ،‬وعند ورود الديث ف تلك الواضع ل يشي إل الوضع الول الذي ذكرت فيه الرقام‪،‬‬
‫ويكن الهتداء إل الوضع الول بالنظر ف شرح الافظ ابن حجر للحديث‪ ،‬فقد يشي فيه إل‬
‫الواضع التقدمة‪ ،‬ويكن ذلك أيضا بالرجوع إل "فهارس البخاري" لرضوان ممد رضوان‪ ،‬فانه‬
‫عندما يأت للموضع الت تكرر فيها ذكر الديث يقول‪ :‬انظر كذا رقم كذا‪ ،‬مشيا إل الكتاب الذي‬
‫ورد فيه ذكر الديث أول مرة ورقمه‪.‬‬
‫وعدد كتب صحيح البخاري سبعة وتسعون كتابا‪ ،‬وعدد أحاديثه بالتكرار كما ف ترقيم الشيخ ممد‬
‫فؤاد عبد الباقي (‪ )7563‬حديث‪ ،‬وف صحيح البخاري اثنان وعشرون حديثا ثلثيا‪.‬‬
‫‪ -2‬صحيح مسلم‪:‬‬
‫وصحيح مسلم للمام مسلم يلي صحيح البخاري ف الصحة‪ ،‬وقد اعتن مسلم –رحه ال‪ -‬بترتيبه‪،‬‬
‫فقام بمع الحاديث التعلقة بوضوع واحد فأثبتها ف موضع واحد‪ ،‬ول يكرر شيئا منها ف مواضع‬

‫‪372‬‬
‫أخرى إل ف أحاديث قليلة بالنسبة لجم الكتاب‪ ،‬ول يضع لكتابه أبوابا‪ ،‬وهو ف حكم البوب‪،‬‬
‫لمعه الحاديث ف الوضوع الواحد ف موضع واحد‪.‬‬
‫وما ييز به صحيح المام مسلم إثبات الحاديث بأسانيدها ومتونا كما هي من غي تقطيع أو رواية‬
‫بعن‪ ،‬مع الحافظة على ألفاظ الرواة‪ ،‬وبيان من يكون له اللفظ منهم‪ ،‬ومن عب منهم بلفظ حدثنا‪،‬‬
‫وبلفظ أخبنا‪ ،‬وقد أثن الافظ ابن حجر ف ترجة المام مسلم ف كتابه "تذيب التهذيب" على‬
‫حسن عنايته ف وضع صحيحه‪ ،‬فقال‪ (( :‬قلت‪ :‬حصل لسلم ف كتابه حظ عظيم مفرط ل يصل‬
‫لحد مثله‪ ،‬بيث أن بعض الناس كان يفضله على صحيح ممد بن إساعيل‪ ،‬وذلك لا اختص به من‬
‫جع الطرق وجودة السياق والحافظة على أداء اللفاظ كما هي‪ ،‬من غي تقطيع ول رواية بعن‪،‬‬
‫وقد نج على منواله خلق من النيسابوريي فلم يبلغوا شأنَه‪ ،‬وحفظت منهم أكثر من عشرين إماما‬
‫من صنف الستخرج على مسلم‪ ،‬فسبحان العطي الوهاب))‪.‬‬
‫وقد قام الشيخ ممد فؤاد عبد الباقي رحه ال بالعناية بإخراج صحيح مسلم ووضع فهارس له‬
‫متعددة مفصلة‪ ،‬وطبع الكتاب بعمله هذا ف أربعة ملدات أثبت فيها تراجم البواب الت وضعها‬
‫المام النووي‪-‬رحه ال‪ -‬وهي ليست من عمل مسلم‪ ،‬كما قام بترقيم الحاديث الصلية فيه فبلغت‬
‫(‪ )3033‬حديث‪ ،‬وبلغ مموع كتب صحيح مسلم أربعة وخسي كتابا‪ ،‬ووضع الشيخ ممد فؤاد‬
‫ل على الفهارس التنوعة الفصلة لصحيح مسلم رحه ال‪ ،‬وأعلى‬ ‫عبد الباقي ملدا خامسا مشتم ً‬
‫السانيد ف صحيح مسلم الرباعيات‪.‬‬
‫‪ -3‬سنن أب داود‪:‬‬
‫كتاب السنن لب داود كتاب ذو شأن عظيم‪ ،‬عن فيه مؤلفه بمع أحاديث الحكام وترتيبها‬
‫وإيرادها تت تراجم أبواب تدل على فقهه وتكنه ف الرواية والدراية‪ ،‬قال فيه أبو سليمان الطاب ف‬
‫أول كتاب "معال السنن"‪(( :‬وقد جع أبو داود ف كتابه هذا من الديث ف أصول العلم وأمهات‬
‫السنن وأحكام الفقه ما ل نعلم متقدما سبقه إليه ول متأخرا لقه فيه))‪.‬‬
‫وللحافظ النذري تذيب لسنن أب داود وللمام ابن القيم تعليقات على هذا التهذيب‪ ،‬وقد وصف‬
‫ابن القيم‪-‬رحه ال‪" -‬سنن أب داود" و "تذيب النذري" وما علقه عليه فقال‪(( :‬ولا كان كتاب‬
‫السنن لب داود سليمان بن الشعث السجستان –رحه ال‪ -‬من السلم بالوضع الذي خصه ال‬
‫به‪ ،‬بيث صار حكما بي أهل السلم‪ ،‬وفصلً ف موارد الناع والصام‪ ،‬فإليه يتحاكم النصفون‪،‬‬
‫وبكمه يرضى الحققون‪ ،‬فانه جع شل أحاديث الحكام‪ ،‬ورتبها أحسن ترتيب‪ ،‬ونظمها أحسن‬
‫نظام‪ ،‬مع انتقائها أحسن انتقاء‪ ،‬وإطراحه منها أحاديث الجروحي والضعفاء‪ ،‬وكان المام العلمة‬
‫الافظ زكي الدين أبو ممد عبد العظيم النذري –رحه ال‪ -‬قد أحسن ف اختصاره وتذيبه‪ ،‬وعزو‬
‫أحاديثه وإيضاح علله وتقريبه‪ ،‬فأحسن حت ل يكد يدع للحسان موضعا‪ ،‬وسبق حت جاء من‬
‫خلفه له تبعا‪ :‬جعلت كتابه من أفضل الزاد‪ ،‬واتذته ذخية ليوم العاد‪ .‬فهذبته نو ما هذب هو به‬
‫الصل‪ ،‬وزدت عليه من الكرم على علل سكت عنها أو ل يكملها‪ ،‬والتعرض إل تصحيح أحاديث‬

‫‪373‬‬
‫ل يصححها‪ ،‬والكلم على متون مشكلة ل يفتح مقفلها‪ ،‬وزيادة أحاديث صالة ف الباب ل يشر‬
‫إليها‪ ،‬وبسطت الكلم على مواضع جليلة‪ ،‬لعل الناظر الجتهد ل يدها ف كتاب سواه))‪.‬‬
‫وكتاب سنن أب داود مقدم على غيه من كتب السنن الخرى‪ ،‬وقد بلغ مموع كتبه خسة وثلثي‬
‫كتابا‪ ،‬وبلغ مموع أحاديثه (‪ )5274‬حديث‪ .‬وأعلى السانيد ف سنن أب داود الرباعيات وهي الت‬
‫يكون بينه وبي رسول ال صلى ال عليه وسلم فيها أربعة أشخاص‪ .‬ولسنن أب داود عدة شروح من‬
‫أشهرها "عون العبود" لب الطيب شس الق العظيم آبادي‪.‬‬
‫‪ -4‬سنن النسائي‪:‬‬
‫صنف المام النسائي‪-‬رحه ال‪ -‬ف السنن كتابي ها‪ ،‬السنن الكبى‪ ،‬والصغرى الت اختصرها منها‪،‬‬
‫ويقال لا الجتب أي‪ :‬الختارة من الكبى‪ ،‬والسنن الصغرى هي الت لقيت عناية خاصة من العلماء‪،‬‬
‫وهي الت اعتبت أحد الكتب الديثيه الستة‪ ،‬وهو كتاب عظيم القدر‪ ،‬كثي البواب‪ ،‬وتراجم أبوابه‬
‫تدل على فقه مؤلفه‪ ،‬بل أن منها ما تظهر فيه دقة المام النسائي ف الستنباط‪ ،‬ومن أمثلة ذلك‪ :‬قوله‬
‫ف أوائل كتاب الطهارة‪ " :‬الرخصة ف السواك بالعشي للصائم" وهي مسألة للعلماء فيها قولن‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬منع الستياك بعد الزوال قالوا‪ :‬لنه يذهب اللوف الوارد ف قوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫«للوف فم الصائم أطيب عند ال من ريح السك»‪.‬‬
‫والقول الثان‪ :‬الواز لدخوله تت عموم قوله صلى ال عليه وسلم‪« :‬لول أن أشق على أمت لمرتم‬
‫بالسواك عند كل صلة» وقد أورد النسائي هذا الديث تت هذه الترجة وهو أرجح القولي ف‬
‫السالة لدللة الديث على ذلك‪ ،‬قال السندي ف حاشيته على السنن منوّها بدقة المام النسائي قال‪:‬‬
‫((ومنه يؤخذ ما ذكره الصنف من الترجة‪ ،‬ول يفى أن هذا من الصنف استنباط دقيق وتيقظ‬
‫عجيب‪ ،‬فلله دره ما أدق وأحد فهمه))‪.‬‬
‫وأعلى السانيد ف سنن النسائي الرباعيات‪ ،‬وقد بلغ مموع كتبه واحدا وخسي كتابا وبلغت‬
‫أحاديثه (‪ )5774‬حديث‪ ،‬وأحسن طبعات هذا الكتاب الطبعة الت حققها ورقمها ووضع فهارسها‬
‫مكتب تقيق التراث السلمي‪ -‬دار العرفة بيوت‪ ،‬فانه عند كل حديث يذكر رقمه‪ ،‬وأرقام‬
‫مواضعه الخرى عند النسائي‪ ،‬ويذكر تريج بقية أصحاب الكتب الستة‪ ،‬وأرقام الديث عندهم‪،‬‬
‫ورقمه ف تفة الشراف‪.‬‬
‫‪ -5‬سنن الترمذي‪:‬‬
‫سنن الترمذي ويقال له الامع‪ ،‬من أهم كتب الديث وأكثرها فوائد‪ ،‬اعتن فيه مؤلفه بمع‬
‫الحاديث وترتيبها‪ ،‬وبيان فقهها‪ ،‬وذكر أقوال الصحابة والتابعي وغيهم ف السائل الفقهية‪ ،‬ومن ل‬
‫يذكر أحاديثهم من الصحابة أشار إليها بقوله‪ :‬وف الباب عن فلن وفلن‪ ،‬واعتن ببيان درجة‬
‫الحاديث من الصحة والسن والضعف‪ ،‬وفيه أحاديث رباعية كثية‪ ،‬وفيه حديث ثلثي واحد‬
‫أخرجه الترمذي ف كتاب الفت ـ(‪ )2260‬فقال‪" :‬حدثنا عمر بن شاكر‪ ،‬عن أنس بن مالك رضي‬
‫ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪«:‬يأت على الناس زمان الصابر فيهم على دينه‬

‫‪374‬‬
‫كالقابض على المر»‪ .‬وقال‪ :‬هذا حديث غريب من هذا الوجه‪ .‬وف إسناده عمر بن شاكر وهو‬
‫ضعيف‪ ،‬لكن الديث صحيح بالشواهد‪ ،‬انظر "السلسلة الصحيحة" رقم (‪.)957‬‬
‫وعدد كتب جامع الترمذي خسون كتابا‪ ،‬وعدد أحاديثه (‪ )3956‬حديث‪ ،‬وأحسن شروح جامع‬
‫الترمذي كتاب "تفة الحوذي" للشيخ عبد الرحن الباركفوري التوف (‪1353‬هـ)‪.‬‬
‫‪ -6‬سنن ابن ماجه‪:‬‬
‫سنن ابن ماجه سادس الكتب الستة على القول الشهور وهو أقلها درجة‪ ،‬قال الافظ ابن حجر ف‬
‫ترجة ابن ماجه ف تذيب التهذيب‪(( :‬كتابه ف السنن جامع جيد كثي البواب والغرائب وفيه‬
‫أحاديث ضعيفة جدا‪ ،‬حت بلغن أن السري كان يقول‪ :‬مهما انفرد بب فيه فهو ضعيف غالبا‪ ،‬وليس‬
‫المر ف ذلك على إطلقه باستقرائي‪ ،‬وف الملة ففيه أحاديث كثية منكرة‪ ،‬وال الستعان))‪.‬‬
‫وإنا اعتب سادس الكتب الستة لكثرة زوائده على الكتب المسة‪ ،‬وقيل سادسها الوطأ لعلو إسناده‪،‬‬
‫وقيل السادس سنن الدار مي‪.‬‬
‫وأحسن طبعاته الطبعة الت أخرجت بعناية الشيخ ممد فؤاد عبد الباقي الت رقم فيها الحاديث‬
‫فبلغت (‪ )4341‬حديث‪ ،‬وبلغت كتبه سبعة وثلثي كتابا‪ ،‬وذكر الشيخ ممد فؤاد عبد الباقي ف‬
‫كلم له ف آخر السنن أن أحاديثه الزائدة على الكتب المسة بلغت (‪ )1339‬حديث‪.‬‬
‫وف سنن ابن ماجه خسة أحاديث ثلثيات السناد‪ ،‬كلها من طريق جبارة بن الغلس‪ ،‬عن كثي ابن‬
‫سليم‪ ،‬عن أنس رضي ال عنه‪ ،‬ثلثة منها ف كتاب الطعمة (‪ ،)3310( ،)3357( )3356‬وف‬
‫كتاب الزهد واحد (‪ ،)4292‬وواحد ف كتاب الطب (‪ ،)3479‬وجبارة وكثي انفرد ابن ماجه‬
‫عن بقية أصحاب الكتب الستة بإخراج حديثهما‪ ،‬وقال عنها الافظ ابن حجر ف تقريب التهذيب‬
‫أنما ضعيفان‪ ،‬وهذه الحاديث المسة من زوائد سنن ابن ماجة على الكتب المسة‪.‬‬
‫وقد ألف الشيخ أحد ين أب بكر البوصيي التوف سنة (‪840‬هـ) كتاب "مصباح الزجاجة" ف‬
‫زوائد ابن ماجة‪ ،‬وبلغت أحاديثه ف بعض طبعاته (‪ )1552‬حديث‪.‬‬
‫وهذه الكتب الستة لقيت من العلماء عناية ف أطرافها ورجالا‪ ،‬وأحسن ما ألّف ف أطرافها كتاب‬
‫أب الجاج الزي "تفة الشراف بعرفة الطراف" وقد رتبه على أساء الصحابة رضي ال عنهم‪،‬‬
‫وعند كل صحاب يذكر السانيد من الئمة أصحاب الكتب الستة إل التابعي‪ ،‬وهذا الكتاب العظيم‬
‫يعتب بالنسبة للسانيد بثابة نسخ أخرى لتلك الكتب الستة‪.‬‬
‫وأحسن ما ألف ف رجالا بل ف رجال مؤلفات أصحابا كتاب "تذيب الكمال ف أساء الرجال"‬
‫لب الجاج الزي‪ ،‬فإنه مشتمل على أساء رجال الكتب الستة ورجال مؤلفات أخرى لصحاب‬
‫الكتب الستة مثل رجال الدب الفرد‪ ،‬وجزء القراءة خلف المام‪ ،‬وخلق أفعال العباد للبخاري‬
‫وغيها‪.‬‬
‫وأما الكتاب القتصر على رجال الكتب الستة فهو "كتاب الكاشف" للذهب‪.‬‬

‫‪375‬‬
‫وقد اعتن الافظ أبو الجاج الزي عند ترجة كل را ٍو بذكر شيوخه وتلميذه مرتبي على ترتيب‬
‫حروف الجاء‪ ،‬ث يذكر ما قيل ف صاحب الترجة من جرح وتعديل‪ ،‬ويتم الترجة بذكر أساء‬
‫الذين خرجوا أحاديثه من الئمة الستة ف كتبهم وف أول الترجة يثبت الرموز لم‪.‬‬
‫وقد هذب كتابه هذا الافظ ابن حجر ف كتابه "تذيب التهذيب"‪ ،‬فيذكر عند كل ترجة بعض‬
‫شيوخ الراوي وتلميذه وما ذكره الزي ما قيل فيه‪ ،‬ث يتم الترجة بذكر إضافات أخرى مبدوءة‬
‫بقوله‪ :‬ـ( قلت )‪ ،‬وعندما ينظر طالب العلم ف ترجة الراوي ف تذيب التهذيب وما اشتملت عليه‬
‫من جرح وتعديل يتساءل! ما هي النتيجة الت انتهى إليها الافظ ابن حجر ف الكم على الراوي؟‬
‫والواب على هذا التساؤل موجود عند الافظ ابن حجر ف كتابه تقريب التهذيب‪ ،‬فيقول عنه ثقة‬
‫أو صدوق أو ضعيف أو غي ذلك‪ .‬وكتاب الزي تذيب الكمال هذبه أيضا الذهب ف كتابه‬
‫"تذهيب تذيب الكمال"‪ ،‬ولصه الزرجي ف "خلصة تذهيب تذيب الكمال"‪ .‬والفرق بي ما ف‬
‫التقريب واللصة أن الافظ ابن حجر ف التقريب يثبت رأيه ف الراوي ويذكر طبقته‪ ،‬وأما‬
‫الزرجي ف اللصة فانه يذكر بعض شيوخ الراوي وبعض تلميذه ويذكر بعض ما قيل ف الكم‬
‫عليه جرحا أو تعديل‪ ،‬وعند ذكر الصحاب يذكر عدد الحاديث الت له ف الكتب الستة‪ ،‬وعدد ما‬
‫اتفق عليه البخاري ومسلم منها‪ ،‬وعدد ما انفرد به كل واحد منهما عن الخر‪.‬‬
‫وف كتاب "تذيب الكمال" للمزي وما تفرع عنه من الكتب ذكر رواة ليس لم رواية عند أصحاب‬
‫الكتب الستة‪ ،‬ذكروا لتمييزهم عن رواة مذكورين قبلهم لم رواية عند أصحاب الكتاب الستة‪،‬‬
‫والرمز لم ف هذه الكتب بكلمة (تييز) عند الترجة‪ .‬فمثلً‪ :‬كثي بن أب كثي جاء ف هذه الترجة‬
‫خسة رواة‪ ،‬الول روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ف التفسي‪ ،‬والثان روى له‬
‫البخاري ف الدب الفرد‪ ،‬والثلثة الباقون ليس لم رواية وإنا ذكروا لتمييزهم عن الثني قبلهم‪.‬‬
‫وقد جع أبو نصر الكلباذي رجال صحيح البخاري ف مؤلف خاص‪ ،‬وجع أبو بكر بن منجويه‬
‫الصبهان رجال صحيح مسلم ف مؤلف خاص‪ ،‬وجع بي الكتابي الافظ أبو الفضل ممد بن‬
‫طاهر القدسي العروف بابن القيسران‪ ،‬واسم كتابه "المع بي رجال الصحيحي" وكلها مطبوعة‪،‬‬
‫وكتاب ابن القيسران متصر‪ ،‬وطريقته فيه أنه عندما يذكر التراجم الت تت اسم واحد كأحد مثلً‪:‬‬
‫يذكر من اسه أحد عند البخاري ومسلم‪ ،‬ث من اسه أحد عند البخاري ث من اسه أحد عند‬
‫مسلم‪ ،‬ومن أجل فوائده أن الراوي إذا كان قليل الرواية‪ ،‬فإنه يذكر مواضع أحاديثه ف الصحيحي أو‬
‫أحدها‪ ،‬وذلك بذكر الكتاب الذي ورد فيه الديث‪.‬‬
‫وقد ألف الشيخ يي بن أب بكر العامري اليمن ف الصحابة الذين لم رواية ف الصحيحي أو‬
‫أحدها كتابا ساه "الرياض الستطابة ف جلة من روى ف الصحيحي من الصحابة"‪ ،‬وهو كتاب‬
‫عظيم الفائدة‪.‬‬

‫‪376‬‬
‫ومن الناسب ذكره هنا أن للحافظ الذهب كتابا اسه "ميزان العتدال ف نقد الرجال" اشتمل على‬
‫تراجم لرجال ورد ذكرهم ف تذيب الكمال وما تفرع عنه‪ ,‬وعلى تراجم لرجال غيهم‪ ,‬وفيه ثقات‬
‫ذكرهم ل لنقدهم وإنا للدفاع عنهم؛ مثل علي بن الدين‪ ,‬وعبد الرحن بن أب حات‪.‬‬

‫وللحافظ ابن حجر كتاب كبي ساه "لسان اليزان" بناه على كتاب اليزان للذهب مع زيادات كثيه‬
‫عليه‪ ,‬وقد قصره على تراجم رجال ل ذكر لم ف كتاب تذيب الكمال وما تفرع عنه‪ ,‬وهو يعتب‬
‫إضافة رجال آخرين إل رجال أصحاب الكتب الستة‪.‬‬
‫وقد جع متون الكتب الستة وسادسها الوطأ أبو السعادات ابن الثي ف كتابه "جامع الصول" ‪,‬‬
‫وهو مطبوع متداول‪ ،‬وقد هذب به كتاب رزين العبدري "التجريد والسنن"‪ ,‬ويرمز عند كل حديث‬
‫للذين خرجوه من الئمة الستة و وفيه أحاديث زائدة على ما ف الكتب الستة وهذه الزيادات لرزين‬
‫‪ ,‬وعلمتها ف جامع الصول خلوها من الرموز أمامها‪ .‬وابن الثي رتب كتابه "جامع الصول" على‬
‫كتب مرتبة على حروف الجاء‪ ,‬فيذكر ف كل كتاب ما يتعلق بوضوعه‪.‬‬
‫وإذا أراد طالب العلم الوقوف على حديث ف الكتب الستة وهو يعرف متنه فيمكنه ذلك بالبحث‬
‫عنه ف مظنته من الكتب الت اشتملت عليها الكتب الستة؛ فإذا كان الديث يتعلق باليان مثل بث‬
‫عنه ف كتاب اليان من الصحيحي والسنن‪ ,‬وإذا كان يعرف اسم الصحاب راوي الديث رجع إل‬
‫" تفة الشراف " للحافظ الزي‪ ,‬فإنه يذكر أماكن وجود الديث ف الكتب الستة‪ ،‬أو رجع إل‬
‫كتاب "ذخائر الواريث ف الدللة على مواضيع الديث" للشيخ عبد الغن النابلسي فإنه يذكر طرف‬
‫الديث‪ ,‬ويذكر من خرجه من أصحاب الكتب الستة بالضافة إل المام مالك ف الوطأ‪ ,‬مع ذكر‬
‫شيخ الؤلف فيه‪ .‬ويكن الهتداء إل موضع الكلمات ف الديث العي فيجع إل كتاب "العجم‬
‫الفهرس للفاظ الديث النبوي" الذي بن على الكتب الستة والوطأ وسنن الدارمي ومسند المام‬
‫أحد‪ ,‬فيبحث عن الكلمة‪ ,‬فإذا الدللة على موضعه منها‪ ,‬وذلك بذكر اسم الكتاب ورقم الباب‪ ,‬إل‬
‫ف صحيح مسلم وموطأ المام مالك فإنه يكون بذكر اسم الكتاب ورقم الباب‪ ,‬وإل ف مسند المام‬
‫أحد فإن الشارة فيه إل الزء والصفحة من الطبعة ذات الستة أجزاء‪.‬‬
‫ف التام أسأل ال عز وجل أن يوفقنا جيعا لا فيه رضاه‪ ,‬وان يوفقنا لتحصيل العلم النافع والعمل به‪,‬‬
‫إنه سبحانه وتعال جواد كري‪ ,‬وصلى ال وسلم وبارك على عبده ورسوله ممد‪ ,‬وعلى آله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫ل أعتقد ذلك يا ولدي‬
‫نشرت جريدة الوطن ف ‪25/12/1426‬هـ‬
‫============================‬
‫ل أعتقد ذلك يا ولدي‬

‫‪377‬‬
‫صال الشيحي‬
‫قبل أربع سنوات أصدر ممود درويش وأدونيس وإدوارد سعيد وإلياس خوري‪ ،‬وعشرة آخرون‪،‬‬
‫بيانا تعاطفوا فيه بشكل علن مع اليهود‪ ،‬عندما نادوا بنع مؤتر سيعقد ف إحدى الدول العربية‬
‫يتحدث عن أسطورة الولوكوست‪ ..‬وقامت حكومة ذلك البلد العرب بإلغاء الؤتر‪.‬‬
‫الفارقة أن أغلب الؤترين الذين كانوا سيشاركون ف ذلك الؤتر‪ ،‬كانوا من النسية الوروبية‬
‫والمريكية!‬
‫ـ الولوكوست‪ ..‬السطورة اليهودية‪ ..‬لبد أن تقبل با‪ ..‬لبد أن تصدق أن ‪ 6‬مليي يهودي‬
‫أبادهم "الفوهرر اللان" جاعيا ف غرف الغاز‪ ..‬يب أن تصدق‪ ..‬وإن ل تفعل يب أن تلتزم‬
‫الصمت‪ ..‬أما إن " ركبت رأسك " فستجد ذات الصي الذي وجده السيد "روجيه جارودي"‪.‬‬
‫ـ أنت ف النهاية تتحدث عن أهم السلحة الت يبتز با الصهاينة العال‪ ..‬هكذا ‪ :‬لبد أن تسيطر‬
‫عقدة الذنب على الغرب‪ ،‬ولبد أن يُقدّم تبعا لذلك الزيد‪ ،‬الزيد‪ ،‬من الدعم السياسي والقتصادي‬
‫والعسكري‪ ..‬كما قدّم لم ‪ ،‬من قبل ‪ ،‬فلسطي وطنا آمنا‪.‬‬
‫ـ اليوم وبعد أكثر من نصف قرن‪ ،‬ل أحد يرؤ ف الصحافة الغربية كلها‪ ،‬على التشكيك ف‬
‫الولوكوست‪ ..‬ل أحد يأمن العقاب‪ ..‬لكنهم يستطيعون أن يسخروا ما سواها‪ ،‬حت وإن وصل‬
‫المر للسخرية من الرئيس‪ ،‬وما (مايكل مور) عنا ببعيد‪.‬‬
‫ـ وبعد‪ ،‬فل أظن تلك الصحيفة الداناركية الت أعلنت عن مسابقتها الكاريكاتورية لن يستطيع‬
‫تقدي رسم ساخر لنبينا (ممد) عليه أفضل الصلة والسلم ـ ل تكن لتفعل لول أنا أمنت العقاب‪..‬‬
‫تاما كما أمنته تسليمة نسرين‪ ،‬ومن قبل الميع‪" :‬سلمان رشدي"‪ ،‬هذا الذي يعيش اليوم حرا طليقا‬
‫ف شوارع نيويورك‪ ،‬وغيه الكثي‪..‬‬
‫ـ ستخرج أكثر من صحيفة‪ ،‬وأكثر من سلمان رشدي‪ ،‬طالا وقفت الكومات السلمية موقف‬
‫الطالب البليد‪ ،‬الذي ل ييد حت مسح السبورة‪.‬‬
‫ـ يسألن ابن ذو الثمانية أعوام ‪ " :‬لو كانت تلك الرسومات الـ ‪ 12‬الت سخرت من نبينا عليه‬
‫أفضل الصلة والسلم ـ سخرت من ‪ 12‬رئيسا عربيا هل ستكون ردة فعل الكومات العربية كما‬
‫هي الن؟"‬
‫ـ ل أعتقد ذلك يا ولدي‪...‬‬
‫=============================‬
‫ل تسبوه شرا لكم بل هو خي لكم ‪...‬‬

‫‪6/2/1427‬‬
‫عبد الجيد بن ثنيان الثنيان‬
‫‪... Maliks999@hotmail.com‬‬

‫‪378‬‬
‫لقد تكالب العداء من اليهود والنصارى والنافقي على هذا الدين فهم "ُيرِيدُونَ لُِي ْطفِئُوا نُورَ الّل ِه‬
‫بَِأ ْفوَا ِههِ ْم وَالّلهُ مُتِ ّم نُو ِرهِ وََلوْ َك ِرهَ الْكَاِفرُونَ" (الصف‪ ،)8:‬فهم يريدون إطفاءه بشتّى الوسائل‪ ،‬ولو‬
‫رجعنا إل الوراء قليلً ومنذ بزوغ شس هذا الدين ودعوة نبينا _عليه الصلة والسلم_ إل عبادة ال‬
‫ونبذ الشرك بدأ العداء يرجون لصد الناس عن هذا الدين وسب نبيهم بل إنم تآمروا على قتله‬
‫ولكن ال قد حفظ نبيه _عليه الصلة والسلم_ وعندما هاجر إل الدينة بدأ اليهود والنافقون وعلى‬
‫رأسهم عبد ال بن أب بن سلول – عليه لعنة ال – الذي آذى ممد _صلى ال عليه وسلم_ ف‬
‫عرضه الشريف واتم أم الؤمني بالزنا – والعياذ بال – وبدأ ينشر الب الكاذب عن الطاهرة عائشة‬
‫رضي ال عنها‪.‬‬
‫وضاق صدره عليه الصلة والسلم وتأخر نزول الوحي وذلك لكمة يريدها ال _عز وجل_ فهو‬
‫يريد أن ييّز البيث من الطيب والنافق من الؤمن‪ ،‬ونزل قول ال _عز وجل_‪" :‬إِنّ الّذِينَ جَاءُوا‬
‫بِا ِل ْفكِ ُعصَْب ٌة مِنْكُمْ ل َتحْسَبُوهُ َشرّا لَكُمْ بَ ْل ُهوَ َخْيرٌ لَكُمْ" (النور‪ :‬من الية‪ )11‬ولذا فإن أقول‬
‫للمسلمي ل تسبوا أن هذا الدث " السخرية والستهزاء بالنب _صلى ال عليه وسلم_ " شرا لكم‬
‫بل هو خي لكم‪ ،‬ولعلي أذكر بعض الفوائد السنة من هذه الادثة الت ضاق منها مليار مسلم‪،‬‬
‫وهذه الفوائد إنا هي تسلية وفرح لكل مسلم ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬ظهور هذا الدين بصورة ل يسب لا العداء أي حساب‪ ،‬فحي سخروا من نب هذه المة؛‬
‫غضب مليار مسلم وبدأ عوام النصارى وغيهم بقراءة سية هذا النب والطلع على دينه‪.‬‬
‫‪ -2‬بدأ الناس يكثرون من قراءة سيته _عليه الصلة والسلم_ والطلع على سننه وتطبيقها ف‬
‫مال حياتم‪.‬‬
‫‪ -3‬كثرة طباعة الكتب الت تتحدث عن سيته _عليه الصلة والسلم_ حت أنه طبع بلغات شت –‬
‫ول المد–‪.‬‬
‫‪ -4‬معرفة أن مسبة النب _صلى ال عليه وسلم_ ليست كمسبة غيه‪ ،‬بل إن مسبته توجب قتل‬
‫الساب‪.‬‬
‫‪ -5‬فضح أهل البدع وذلك عند ظهور سننه _عليه الصلة والسلم_ ومعرفتها‪ ،‬حيث إنه ما ظهرت‬
‫بدعة إل وخفيت سنه وعند ظهور سننه تفت البدع – ول المد–‪.‬‬
‫‪ -6‬عظم مبة النب _صلى ال عليه وسلم_ ف قلوب السلمي‪ ،‬بل إن مبته مقدمة على مبة النفس‬
‫والال والولد روى البخاري عن أب هريرة – رضي ال عنه – أن النب _صلى ال عليه وسلم_ قال‪:‬‬
‫"ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجعي" وف الصحيح عن عبد ال‬
‫بن هشام‪ :‬كنا مع النب وهو آخذ بيد عمر‪ ،‬فقال عمر‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬لنت أحب إل من كل شيء‬
‫إل من نفسي‪ ،‬فقال‪" :‬ل والذي نفسي بيده‪ ،‬حت أكون أحب إليك من نفسك" قال عمر‪ :‬فإنه الن‬
‫لنت أحب إل من نفسي‪ ،‬فقال‪" :‬الن يا عمر"‪.‬‬

‫‪379‬‬
‫‪ -7‬مقاطعة السلمي للكفار‪ ،‬ول ريب أنّ هذا يضرّهم اقتصاديا‪ ،‬وقد كان شيء من ذلك قد حدث‬
‫ل قبل ند‬ ‫ف عصر النبوّة‪ ،‬فعن أب هريرة – رضي ال عنه – أن النب صلى ال عليه وسلم بعث خي ً‬
‫فجاءت برجل من بن حنيفة يقال له ثامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري السجد فخرج إليه‬
‫النب صلى ال عليه وسلم فقال‪" :‬ما عندك يا ثامة" فقال‪ :‬عندي خي يا ممد إن تقتلن تقتل ذا دم‪،‬‬
‫وإن تنعم تنعم على شاكر‪ ،‬وإن كنت تريد الال‪ ،‬فسل منه ما شئت فتركه حت كان الغد‪ ،‬فقال "ما‬
‫عندك يا ثامة" فقال‪ :‬ما قلت لك‪ ،‬إن تنعم تنعم على شاكر‪ ،‬فتركه حت كان من الغد فقال‪" :‬ما‬
‫عندك يا ثامة" فقال‪ :‬عندي ما قلت لك‪ ،‬فقال‪ :‬أطلقوا ثامة فانطلق إل نل قريب من السجد‪،‬‬
‫فاغتسل ث دخل السجد‪ ،‬فقال‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأن ممدا رسول ال‪ ،‬يا ممد وال ما كان‬
‫على الرض وجه أبغض إل من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إل‪ ،‬وال ما كان من دين‬
‫أبغض إل من دينك فأصبح دينك أحب دين إل‪ ،‬وال ما كان من بلد أبغض إل من بلدك فأصبح‬
‫بلدك أحب البلد إل وإن خيلك أخذتن وأنا أريد العمرة‪ ،‬فماذا ترى؟ فبشره رسول ال _صلى ال‬
‫عليه وسلم_ وأمره أن يعتمر‪ ،‬فلما قدم مكة قال له قائل‪ :‬صبوت قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن أسلمت مع ممد‬
‫_صلى ال عليه وسلم_ ول وال ل يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حت يأذن فيها النب _صلى ال‬
‫عليه وسلم_" رواه البخاري وف رواية (أنه بلغ بقريش ما بلغ من الهد فناشدوا رسول ال والرحم‬
‫أن يأذن لثمامة ببيع النطة لقريش فأذن رسول ال _صلى ال عليه وسلم_ لثمامة)‪.‬‬
‫وف هذا الديث دللة على أنّ الكفار يتضررون من القاطعة لقتصادهم ومنتجاتم‪ ،‬ولقد قالا‬
‫الدناركيون عندما بدأ السلمون بالقاطعة القتصادية‪( :‬ما بنيناه ف أربعي سنه خسرناه ف أسبوع‬
‫واحد)‪ ،‬ول ريب أ ّن هذا ما يفرح السلمي‪ ،‬وأمّا النافقون والعلمانيون فهم يقولون‪( :‬وماذا تفيد‬
‫ك عندي أ ّن هؤلء يريدون إحباط معنويات‬ ‫هذه القاطعة إنا ل تدي ول تأت بنتيجة) ول ش ّ‬
‫السلمي‪ ،‬فجاهد هؤلء ـ أخي ـ بالك وقاطعهم لعل السارة تل بم عاجلً غي آجل‪.‬‬
‫‪ -8‬تقيق الولء والباء وإحياء هذه الشعية الت قد أميتت (الولء للمؤمني والباءة من الكفار)‬
‫فلبد من الباءة من هؤلء الكفار الذين يسبون نبينا ممد _صلى ال عليه وسلم_ وقبل ذلك رب‬
‫العزة – جل جلله – وأهانوا كتاب ال ودنسوه‪.‬‬
‫سَت ْهزِئيَ" (الجر‪ ،)95:‬وإنّ من استهزأ بنب من النبياء‬‫‪ – 9‬يقول ال _تعال_‪" :‬إِنّا َك َفيْنَا َك الْمُ ْ‬
‫وخصوصا نب هذه المة وسيد ولد آدم _عليه من ال أفضل الصلة وأزكى التسليم_ فإن العقاب‬
‫سوف يل به ل مالة‪ ،‬انظر على سبيل الثال كسرى عندما مزق كتاب رسول ال واستهزأ به دعا‬
‫عليه رسول ال _صلى ال عليه وسلم_ أن يزق ملكه فما لبث أن مزق ال ملكه‪ ،‬وذكر شيخ‬
‫السلم ابن تيمية – رحه ال – ف الصارم السلول "أن رجلً نصرانيا أسلم وقرأ البقرة وآل عمران‬
‫وكان يكتب للنب _صلى ال عليه وسلم_ فعاد نصرانيا‪ ،‬وكان يقول‪ :‬ل يدري ممد إل ما كتبت‬
‫له فأماته ال فدفنوه فأصبحوا وقد لفظته الرض‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذا فعل ممد وأصحابه لا هرب منهم‬

‫‪380‬‬
‫نبشوا عن صاحبنا فألقوه‪ ،‬فحفروا له فأعمقوا له ف الرض ما استطاعوا فأصبحوا وقد لفظته الرض‬
‫فعلموا أنه ليس من الناس فألقوه"‪.‬‬
‫وقال كذلك _رحه ال_‪" :‬وقد ذكرنا ما جربه السلمون من تعجيل النتقام من الكفار إذا تعرضوا‬
‫لسب رسول ال _صلى ال عليه وسلم_‪ ،‬وبلغنا مثل ذلك ف وقائع متعددة‪ ،‬وهذا باب واسع ل‬
‫ياط به‪ ،‬ول نقصد قصده هنا وإنا قصدنا بيان الكم الشرعي‪ ،‬ونظي هذا ما حدثناه أعداد من‬
‫السلمي العدول أهل الفقه والبة عما جربوه مرات متعددة ف حصر الصون والدائن الت‬
‫بالسواحل الشامية‪ ،‬لا حصر السلمون فيها بن الصفر ف زماننا‪ ،‬قالوا‪ :‬كنا نن نصر الصن أو‬
‫الدينة الشهر أو أكثر من الشهر وهو متنع علينا حت نكاد نيأس منه حت إذا تعرض أهله لسب‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم والوقيعة ف عرضه تعجلنا فتحه وتيسر ول يكد يتأخر إل يوما أو‬
‫يومي أو نو ذلك‪ ،‬ث يفتح الكان عنوة‪ ،‬ويكون فيهم ملحمة عظيمة‪ ،‬قالوا‪ :‬حت إن كنا لنتباشر‬
‫بتعجيل الفتح إذا سعناهم يقعون فيه مع امتلء القلوب غيظا عليهم با قالوه فيه وهكذا حدثن بعض‬
‫أصحابنا الثقات أن السلمي من أهل الغرب حالم مع النصارى كذلك ومن سنة ال أن يعذب‬
‫أعداءه تارة بعذاب من عنده وتارة بأيدي عبادة الؤمني"‪.‬‬
‫‪ – 10‬عداوة اليهود والنصارى للمسلمي‪ ،‬بل يزيد حنقهم إذا ارتفع السلم وظهر يقول ال _عز‬
‫خفِي صُدُو ُرهُمْ أَكَْبرُ قَ ْد بَيّنّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ ُكنْتُمْ‬
‫وجل_ عنهم‪" :‬قَدْ بَ َدتِ الَْب ْغضَا ُء مِنْ أَ ْفوَا ِههِ ْم َومَا تُ ْ‬
‫َت ْعقِلُونَ" (آل عمران‪ :‬من الية‪ ،)118‬ويقول _جل وعل_‪َ" :‬لتُْبَلوُنّ فِي َأ ْموَالِكُ ْم وََأْنفُسِكُمْ‬
‫وَلََتسْ َمعُنّ مِ َن الّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ َقبْلِكُ ْم َومِنَ الّذِينَ َأ ْشرَكُوا أَذىً َكثِيا وَإِنْ َتصِْبرُوا َوتَّتقُوا َفإِنّ‬
‫ذَِلكَ مِ ْن َع ْزمِ الُْأمُورِ" (آل عمران‪.)186:‬‬
‫هذا وأسأل ال _عز وجل_ أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته إنه ول ذلك والقادر عليه‪ ،‬وصلى ال‬
‫وسلم على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪.‬‬
‫==============================‬
‫ل تلومونا على حب النب صلى ال عليه وسلم‬

‫د‪ .‬خالد الطراول**‬


‫‪19/02/2006‬‬
‫يعجب الرء من تطاول اللسنة على نب السلم ونسج القلم التطرفة ليوطها حول السلم كدين‬
‫وحضارة‪ ،‬باسم حرية البداع والرأي‪.‬‬
‫وعزاؤنا الوحيد أن من افترى واستهزأ كان غالبا ف ضفة الهلة بذا الدين؛ من استرعى سرطان‬
‫الكراهية والعداوة عقله وعاطفته‪ ،‬وران ذلك على قلبه فلم يعد يسمع ول يرى‪.‬‬

‫‪381‬‬
‫ول يقترب أحد بوضوعية وحلم واعتدال من هذا الرجل‪ ،‬وهم كثي ف الضفة الخرى‪ ،‬إل أعطاه‬
‫حقه أو قارب ذلك؛ فمنهم من جعله أحد كبار الصلحي‪ ،‬ومنهم من رأى فيه أحد الثائرين العظام‪،‬‬
‫وقائمة القسطي تطول‪.‬‬
‫عزاؤنا أنه من عدل وأنصف كان غالبا أقرب إل ثقافة العقول من ثقافة البطون‪ ،‬كانوا أفرادا ف‬
‫مابرهم أو جامعاتم‪ ،‬هّهم نفع ذواتم وأوطانم والنسانية جعاء‪.‬‬
‫لسنا ضد النقد والستفسار والدراسة‪ ،‬فهذه موائد الكرام الت ندعو إليها بكل حب وشره وثبات‪،‬‬
‫غي أن الرفوض فكرا وذوقا هو السقوط ف التعريض والتشويه الظاهر والبطن الذي يستسقي ينبوعه‬
‫من حسابات سياسية ضيقة‪ ،‬أو دينية وضيعة‪ ،‬أو جهل مدقع!‪.‬‬
‫الفاضل‪ ..‬ل يتاج دفاعا‬
‫وبعد‪ ،‬هل يتاج رسول ال إل الدفاع عنه؟ لست أدري لاذا اغرورقت عيناي بالدموع وأنا أكتب‬
‫هذه الملة؟ وها أنا أسجلها! هل يتاج إل دليل وحجة ومام‪ ،‬من كرس كل حياته إل رسالة هداية‬
‫ل يعلها خاصة بقومه أو بقبيلته أو بنسه؛ بل أرادها رحة للعاقل ولغي العاقل‪ ،‬بَشَرا وحيوانا وجادا‬
‫{وما أرسلناك إل رحة للعالي}؟‪.‬‬
‫ل يفقه الكثي من حولنا هذه العلقة الفريدة الت تربط هذه المة بصاحب قيادتا‪ ،‬ل يفهم ول‬
‫يستوعب أقوام من غي ضفتنا هذا اللقاء الي والدائم وهذا الب التبادل والسترسل بي جوع‬
‫حاكمة ومكومة‪ ،‬وبي هذا المي الغائب الاضر ف كل آونة وحي‪.‬‬
‫وحت تنجلي الغشاوة‪ ،‬وتنقشع سحب قلة الزاد‪ ،‬يطيب ل مرافقة من اقتطع تذكرة هذه الصافحة‬
‫بدون مي أو مواربة‪ ،‬ومن ركب دون إذن مسبق‪ ،‬ف هذه الرحلة القصية‪ ،‬ف مشاهد عابرة‪ ...‬حت‬
‫ل نلم مددا على حب النب!‪.‬‬
‫فمشاهد الب والرحة مع أمته ل تقاس ول تنتهي‪ .‬ل نغب يوما عن ذاكرته‪ ،‬ول عن يومه وليله‪،‬‬
‫حت ف أعز المكنة‪ ،‬وأفضل الحوال الت ينسى فيها الرء ذاته‪ .‬لا وقف أمام ربه يقول‪ :‬ل أسألك‬
‫عن فاطمة ول عن السن ول عن السي‪ ،‬أسألك عن أمت‪ ..‬أمت!‪.‬‬
‫ل تلومونا على حب النب‪ ..‬فرفعة منلته ل تقلل من تواضعه وبساطته‪ ،‬وقف أمامه ذات مرة أحد‬
‫العراب‪ ،‬فاستشعر عظمته ووقاره وتواضعه‪ ،‬فارتف واضطرب هيبة من الرسول الكري‪ ،‬فهدّأ من‬
‫روعه قائل له‪ :‬هوّن عليك‪ ،‬فما أنا بلك ول سلطان‪ ،‬إنا أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل‬
‫القديد!‪.‬‬
‫زاهد‪ ..‬عاش لغيه‬
‫ل تلومونا على حب النب‪ ..‬كان معاشه ل يرتقي حت ضعاف رعيته‪ ،‬وصفت زوجته عائشة حاله‬
‫وهو يلك الضر والضر‪" :‬ما شبع آل ممد صلى ال عليه وسلم من خبز الشعي يومي متتابعي حت‬
‫قبض رسول ال صلى ال عليه وسلم" (أخرجه الترمذي)‪" .‬إنا كنا لننظر إل اللل ث اللل ث‬
‫اللل‪ ،‬ثلثة أهلة ف شهرين وما أوقد ف أبيات رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬نار"‪.‬‬

‫‪382‬‬
‫ل تلومونا على حب النب‪ ..‬كان ينام على الصي حت ترك له بصمات على جنبيه‪ .‬فعن ابن عباس‬
‫أن رسول ال ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬دخل عليه عمر وهو على حصي قد أثر ف جنبه فقال‪ :‬يا نب‬
‫ال‪ ،‬لو اتذت فراشا أوثر من هذا؟ فقال‪ :‬ما ل وللدنيا؟! ما مثلي ومثل الدنيا إل كراكب سار ف‬
‫يوم صائف فاستظل تت شجرة ساعة من نار ث راح وتركها (أورده اللبان ف السلسلة‬
‫الصحيحة)‪.‬‬
‫ل تلومونا على حب النب‪ ..‬بعدما أخرجه قومه ودفعوا به إل الصحراء وحرموه البلد والهل والحبة‬
‫وذكريات صب يتيم‪ ،‬ونظر إل رمالا وشعابا وبنيانا وهو يودعها وداع مظلوم ومبتلى‪ ،‬نظرة حزن‬
‫وحية‪ ،‬نظرة الواطن الذي حرم وطنه ظلما وعدوانا‪ :‬إنك أحب أرض ال إلّ! ولول قومك‬
‫أخرجون لا خرجت‪ .‬وبعد سني من البعاد والنفي واللجوء والكائد والروب عاد مظفرا ليقل لم‪:‬‬
‫ماذا ترون أن فاعل بكم‪ ..‬ل تثريب عليكم اليوم‪ ..‬اذهبوا فأنتم الطلقاء!‪.‬‬
‫ل تلومونا على حب النب‪ ..‬كان نبيا ف وحيه‪ ،‬رسول ف تبليغ رسالته‪ ،‬وإنسانا ف بيته ومع زوجه‬
‫وأحفاده‪ .‬كان يعل ظهره مطية للحسن والسي‪ ،‬حت ف أثناء الصلة‪ ،‬فأطال على الناس ذات مرة‬
‫السجود‪ ،‬فظنوا به الظنون‪ .‬فلما فرغ سألوه عن سبب إطالته‪ ،‬فقال إن ابن ارتلن (ركبن) فكرهت‬
‫أن أعجله‪ .‬ويسابق زوجه‪ ،‬فتسبقه مرة ويسبقها مرة؛ فيقول لا مداعبا‪ :‬هذه بتلك‪.‬‬
‫ل تلومونا على حب النب‪ ..‬كان ملزما أمته وهومها‪ ،‬يعيش فرحها ويعيش أزماتا‪ .‬لا كان الناس‬
‫يفرون الندق حول الدينة اتقاء من هجوم قريش وحلفائها‪ ،‬كان الرسول معهم بفأسه‪ .‬وكان‬
‫الناس ف ضنك شديد‪ ،‬فالتقى عليهم الوع والعطش والتعب والنصب لقلة ذات اليد ولدقة الوقف‪،‬‬
‫فكان الناس يضعون حجرا على بطونم حت تلتصق بأجسادهم فل توجعهم ول تزق أحشاءهم‪،‬‬
‫واشتكى القوم من هول الوقف ومن الوع الضن ورفعوا عن بطونم لُيرُوا رسولم الحجار الت‬
‫وضعوها‪.‬‬
‫ورفع النب عن بطنه الشريفة فكان حجران! ل لوم‪ ،‬ل اعتذار‪ ،‬وإنا قدوة ونوذج‪ ،‬وصب وتواضع‬
‫وصحبة‪ .‬وتوقف الزمن‪ ،‬وجثا التاريخ على ركبتيه يبحث عن رفيق!‪.‬‬
‫ل تلومونا على حب النب‪ ...‬كان قوّاما صوّاما‪ ،‬يقوم ليله عابدا مسبحا متضرعا باكيا حت تتفطر‬
‫قدماه الشريفتان وتبتل ليته‪ ،‬فتتعجب زوجه وتقول له وكلها شفقة عليه‪ " :‬أتصنع هذا وقد غفر لك‬
‫ال ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ "‪ ..‬وكأن لسان حالا يقول‪ :‬فلماذا هذا البار ف القيام والذكر‬
‫والتذلل؟ فيجيبها بكل براءة الحب العاشق لربه والصادق مع نفسه‪" :‬يا عائشة‪ ،‬أفل أكون عبدا‬
‫شكورا؟"‪.‬‬
‫هذه ومضات من حياة النب‪ ،‬وأنا مقصر ل مالة‪ .‬والقلم عاجز عن التعبي با يعجّ ف أعماقنا وذواتنا‬
‫من حب واحترام واتباع لحمد‪ .‬ويبقى حب أمة لنبيها ملذا حي العواصف‪ ،‬ودافعا حي الشدائد‪،‬‬
‫ومغيثا حي الزائم‪ ،‬وأمل حي اليأس والحباط‪ ،‬وتواضعا حي النتصار‪ .‬ويبقى ممد‪ ..‬فل تلومونا‬
‫على حب النب صلى ال عليه وآله وسلم‪.‬‬

‫‪383‬‬
‫===============================‬
‫ل تولوهم الدبار‬

‫‪6/1/1427‬‬
‫ممد جلل القصاص‬
‫‪mgalkassas@hotmail.com‬‬
‫يوم الديبية جلس سهيل بن عمرو وهو يفاوض رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬يرمقُ أصحابَ‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بعينيه وعاد يدث قومه‪( :‬أي قوم وال‪ ،‬لقد وفدت على‬
‫اللوك‪ ...‬على كسرى وقيصر والنجاشي‪ ،‬وال ما رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب‬
‫ممد ممدا‪ ،‬وال إن تنخم نامة إل وقعت ف كف رجل منهم ف َدلّك با وجهه وجِلده‪ ،‬وإذا أمرهم‬
‫ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتم عنده وما يدون إليه‬
‫النظر تعظيما له)‬
‫ول يكن هذا حال الصحابة مع الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ف كل حي‪ ،‬ما كانوا يقتتلون‬
‫على وضوءه ـ صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ول يترقبون نامته ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كي يدلكوا با‬
‫وجوههم‪ ،‬بل ف ذات اليوم حي وَقّعَ رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬الصلح تباطئوا ف التنفيذ‪.‬‬
‫ولكن كان إظهار الحبة أمام العدو مقصودا ليعلم كم هي الصفوف ملتفة خلف نبيها وكم هي ل‬
‫تفرط ف أي شيء يتعلق بنبيها حت نامته وماء وضوئه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪.-‬‬
‫وسع ميصة بن مسعود قول رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪" :-‬من ظفرت به من رجال يهود‬
‫فاقتلوه" فوثب على رجل من تار يهود وقتله فجعل حويصة ‪ -‬أخوه ‪( -‬يضربه ويقول‪ :‬أي عدو ال‬
‫أقتلته؟!‪ ،‬أما وال لربّ شحم ف بطنك من ماله‪ .‬قال ميصة‪ :‬فقلت‪ :‬وال لقد أمرن بقتله من لو‬
‫أمرن بقتلك لضربت عنقك‪ ...،‬قال‪ :‬أ وال لو أمرك ممد بقتلي لقتلتن؟ قال‪ :‬نعم وال لو أمرن‬
‫بضرب عنقك لضربتها‪ ،‬قال‪ :‬وال إن دينا بلغ بك هذا لعجب‪ .‬فأسلم حويصة)‪.‬‬
‫ب النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪.-‬‬‫وكان هذا من بركة إظهار ح ّ‬
‫وإن كلّ من حل لقبا أو دُعي له من صحابة رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كأب بكر‬
‫الصديق‪ ،‬وعمر الفاروق‪ ،‬وسيف ال خالد بن الوليد‪ ،‬وعثمان بن عفان وغيهم استحق هذا اللقب‬
‫بوقفه ف وقت شدة قلّ من يقف فيها‪ ،‬فالصديق أظهر تصديقه حي تبجح الشركون وحارت عقول‬
‫بعض السلمي ف خب الذهاب إل بيت القدس وصعود السماء العلى ث العودة ف ذات الليلة‪ ،‬وعمر‬
‫صدع بالق ف وقت الضعف والشدة‪ ،‬وخالد قاد اليش إل فتحٍ يوم مؤتة بعد أن قُتل القادة الثلث‬
‫وتكالبت الروم وأقبلت كالبحر اللجاج‪ ،‬و(ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم) قيلت يوم العسرة‪ .‬وهو‬
‫ينثر دناني الذهب أكواما ف حجر رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كي يهز اليش لقتال‬
‫الروم‪.‬‬

‫‪384‬‬
‫بل "‪ ...‬لَا َيسَْتوِي مِنكُم مّنْ أَنفَقَ مِن قَبْ ِل اْلفَتْ ِح وَقَاتَلَ ُأوَْلِئكَ َأعْ َظمُ َدرَ َج ًة مّنَ الّذِينَ أَن َفقُوا مِن َبعْدُ‬
‫حسْنَى وَالّلهُ بِمَا َتعْمَلُونَ خَِبيٌ " (الديد‪)10 :‬‬ ‫وَقَاتَلُوا وَ ُكلّا َوعَدَ الّلهُ الْ ُ‬
‫سرِيّةٍ من أراذل الكفار انفردت عن الصفوف وأقبلت‬ ‫ويصور ل اليال ما يدث اليوم ف الدنارك ك َ‬
‫تشن الغارة على أعز ما لدينا‪ ،‬وأحب حبيب إل قلب كل مسلم‪.‬‬
‫وإن من الطأ أن يظن إخواننا أن سب الرسول ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬مقصور على هؤلء‬
‫الراذل من الناس‪ ،‬أو على هذه الفترة من الزمن فهو َه َوسٌ قدي حديث مستمر عند أهل الكفر جيعا‬
‫منذ جاء ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بالنور والدى‪ ،‬والديد ف المر فقط هو هذا السلوب‬
‫الوقح‪ ،‬وهذا الصرار والعناد والستخفاف بليار مسلم‪.‬‬
‫إن كل من يتدبر حال الكفار يد أن القوم ليسوا سواء‪ ،‬فهناك عوام من الناس ‪ -‬ف الدنارك وغي‬
‫الدنارك ‪ -‬ل يعرفون السلم على حقيقته‪ ،‬بيننا وبينهم ثلة من (الل) رست صورة مشوهة للسلم‬
‫ف أعينهم جعلتهم يبغضون السلم وهم ل يعرفونه على حقيقته‪.‬‬
‫ومن يدري علّهم إن اتضحت لم القائق يتأسوا بسحرة فرعون ويقولون قولتهم‪" :‬قَالُوا لَن ّنؤِْثرَكَ‬
‫ض مَا أَنتَ قَاضٍ إِنّمَا َتقْضِي هَ ِذهِ اْلحَيَاةَ الدّنْيَا" (طه‪:‬‬ ‫ت وَالّذِي فَ َطرَنَا فَاقْ ِ‬ ‫عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الَْبيّنَا ِ‬
‫‪)72‬‬
‫فإظهار حب النب ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وتعريف عوام الكفار ‪ -‬ف الدنارك وغي الدنارك ‪-‬‬
‫بشخص نبينا ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬والثبات ف وجهة هذه الثلة الارقة الكاذبة الت تضل‬
‫قومها وتفتري الكذب على ال ورسوله هو واجب الرحلة اليوم‪ ،‬ول ينبغي أن يلسنا العتذار دون‬
‫تقيقة‪.‬‬
‫هي معركة إعلمية واقتصادية‪ ،‬وقد حرم ال التول يوم الزحف‪ ،‬والرب على أرضنا ‪ -‬الفكرية ‪-‬‬
‫ول شروط للجهاد إن نزل العدو بأرض السلمي‪ ،‬فكلٌ مكلفٌ اليوم بالدفاع عن دينه‪ ،‬وكل مكلف‬
‫اليوم بالدعوة للسلم‪ .‬والفرصة سانة‪.‬‬
‫إن العتذار وحده ل يكفي فمقام نبينا ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أعز وأرفع من ذلك‪.‬‬
‫وإن أسى أهدافنا الت ينبغي أن ل نكف الديث عنها هو أن يسمع العال بالقيقة الت يفيها من‬
‫ضلوا وأضلوا من الحبار والرهبان‪ ...‬حقيقة نبينا الُلقية والِلقيّة‪ ،‬وحقيقة دين ال السلم‪ ،‬يب أن‬
‫تستنفر المم لذلك‪ ،‬والضد يظهر حسنه الضد‪ ،‬فل مانع من التعريج على دين القوم وإظهار ما فيه‬
‫ب (للرب)‪ ،‬ولنبياء ال‪ ،‬ومن كلم أشبه بكايات القاهي وأحاديث الصبية‪.‬‬ ‫من س ّ‬
‫وأهس ف أذن كل من آله فراق السلمي وتشتت كلمتهم أقول‪:‬‬
‫أمتنا بي‪ ...‬ول الشمل أمر يسي إن ملك الزمام أهله‪ ...‬بالمس كانوا ف من بلباس واحد يدعون‬
‫ربا واحدا‪ ،‬ويطوفون حول بيت واحد‪ ،‬واليوم ها هم أولء صفا واحدا خلف نبيهم ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.-‬‬

‫‪385‬‬
‫ووال لو وجدوا مشاريع صادقة تسن التعبي عن نفسها لقبلوا ف صعيد واحد على قلب رجل‬
‫واحد‪ ،‬فما تفرقوا ف الوديان إل حي مل الادي‪ ،‬وغشهم الدليل‪.‬‬
‫==========================‬
‫لاذا أساؤوا إلينا‪..‬؟‬
‫نشرت جريدة الوطن ف ‪11/1/1427‬هـ‬
‫شتيوي الغيثي*‬
‫ل تزال قضية الساءة لنب السلم ورمزه الدين الول ممد صلى ال عليه وسلم هي القضية البرز‬
‫ف الراك الدول والراك الشعب منذ ظهور الرسومات الكاريكاتورية ف الصحيفة الدناركية‬
‫(اليولند بوسطن)‪ ،‬ومع العتذارات الت قدمتها كل من الكومة الدناركية والصحيفة الت نشرت‬
‫هذه الرسومات‪ ،‬إل أن الوضع السلمي ل يزال يغلي من الداخل‪ ،‬وما يزال الشعور السلمي على‬
‫أشده‪ ،‬لحساسه أن العتذار قد جاء متأخرا كثيا‪ ،‬ولحساسه أيضا أن هذا العتذار كان مقتضبا‬
‫وغي واضح العال ما يوحي باضطرار الكومة ومعها الصحيفة إل هذا العتذار دون توجه حقيقي‬
‫من قبلهما يشفي غليل الشاعر السلمية الت أساؤوا إليها ف رمزها الدين العظم‪.‬‬
‫ولقد نحت نسبيا القاطعة الشعبية القتصادية الت انتهجتها بعض الشعوب العربية والسلمية كردٍ‬
‫سلمي وردٍ حضاري تاه إساءات الصحيفة وتاه تواطؤ الكومة الدناركية‪ ،‬ما أعاد العتبار لنا‬
‫كمسلمي بي أكثر الدول الوروبية والغربية بشكل عام‪ ،‬وهذا ف رأيي تطور عام ف الذهنية العربية‪،‬‬
‫كونا تنتهج السلمية ف موازناتا الدولية وصراعاتا الدينية مع من تعتبهم داخلي ف منظومة الصراع‬
‫الدين كما تاول بعض اليديولوجيات قول ذلك وفرضه كجدلية دينية ف الراك السياسي‪.‬‬
‫ولقد أكدتُ ف القال السابق على ضرورة عدم القيام بعمليات العنف تاه الخر بسبب أنه يضر‬
‫بالقضية الت ياول بعض السؤولي وغي السؤولي من السلمي التعامل معها بكمة واتزان‬
‫حضاري‪ ،‬وبالعتماد على القواني الدولية ف مثل هذه الواضيع‪ ،‬ويبدو أن ما كنا نشاه وما حذرنا‬
‫منه قد حصل ف بعض الطراف‪ ،‬ففي لبنان مثلً قد ت اقتحام مبن السفارة الدناركية وإحراقها‪،‬‬
‫بل‪ ..‬وت كسر أحد الصلبان فيها‪ ،‬وأخشى ما أخشاه أن يتفجر الوضع ف لبنان فضلً عن غيها‪ ،‬ما‬
‫يعل حربا طائفية تلوح ف الفق لو ل يتعقل اللبنانيون السيحيون‪ ،‬وهنا يكون الطرف السلمي‬
‫الغاضب قد خلق له العداء من الداخل والذي كان يتعايش معه تعايشا يوميا فما بالك بالارج‬
‫والغرب السيحي عامة‪ ،‬والذين نن باجة إل جلبهم إل منطقة حقوقنا القانونية ف القضية‪،‬‬
‫وخصوصا بعد أن صرح بعض رجالت الدين السيحي هناك بقنا فيها وتعاطفهم معنا‪( ،‬والق كما‬
‫يقولون هو ما شهدت به العداء)‪ ،‬وأفعال العنف التمثلة بإحراق مبن السفارة قد تضر بالقضية إن ل‬
‫تكن قد أضرت بالفعل إل أن يكون العقل السيحي ف لبنان والعال أكثر تفهما‪ ،‬وعلى ذلك فكل‬
‫الحاولت الت تنتهجها بعض الطراف السلمية معتمدةً على أدبيات القواني أو العراف الدولية‬
‫ف جلب الخر الغرب خاصة إل صف القضية السلمية قد تذهب مع الريح‪.‬‬

‫‪386‬‬
‫ف العال كله تتصاعد الصوليات التطرفة مستغلةً جيع الوضاع لصالها‪ ،‬جاعلةً من الدث فرص ًة‬
‫لتصعيد أصوليتها ورفع صوتا النشاز‪ ،‬واستخدام جيع حروبا اليديولوجية الفكرية مع الخر الذي‬
‫ل يتقاطع معها ف الرؤية أو التوجه أو الدين‪ ،‬ولذلك فهي تسعى إل إشعال فتيل التطرف والرهاب‬
‫ل بدأ اليمي التطرف بحاولة إعادة رسوم كاريكاتورية‬ ‫الفكري والقصاء الدين‪ .‬ففي السويد مث ً‬
‫جديدةً ف مسابقةٍ مصصةٍ لذا الدف لتعبث بصورة الرسول الكري صلى ال عليه وسلم الميلة ف‬
‫أذهان غينا‪ ،‬وكإهان ٍة مقصودةٍ لموع السلمي‪ ،‬بكل ما تراه نظرتا التطرفة‪ ،‬وبكل ما تلي عليها‬
‫أيديولوجيتها الصولية الت نن متأكدون أن الكثي من مسيحيي العال ل يشاركونا هذا التوجه‪،‬‬
‫وهذه الصوليات ل تعترف بكل القواني الدولية ف عدم الساءة لديان‪ ،‬واحترام مشاعر معتنقيها‪.‬‬
‫وف عالنا السلمي‪ ،‬كطرف آخر ومعنّ ف القضية‪ ،‬فإننا ل نستطيع التغافل عن كل ما تفعله‬
‫الصوليات السلمية التطرفة هنا وهناك‪ ،‬حت بعد قضية الساءة‪ ،‬وكأنا فقط هي المثلة الوحيدة‬
‫للسلم‪ ،‬فاستغلل هذا الدث لتبير تصرفاتم الرقاء تاه كل ما هو غرب جعل الخر السيحي ف‬
‫دائرة التام الطلق كونه مالفا ف العتقد والديانة‪ ،‬وهذا واضح ف بعض الرسائل الت يتداولا البعض‬
‫أحيانا عشوائية أو غي عشوائية على الاتف الوال‪ ،‬وف هذه الرسائل من مقومات الطاب الضمر‬
‫والامشي وكل أدواته ما يعلنا نقرها ف هذا التحليل‪.‬‬

‫لقد أساءت هذه الصوليات الرهابية للسلم قبل أن تسيء إل غيه باعتمادها كل آليات العنف‬
‫النظم وغي النظم‪ ،‬وباعتمادها التكفي العقدي تاه السلم الخالف‪ ،‬وجز العناق لغي السلمي‬
‫أحيانا وذبهم كالراف بصمت وبدماءٍ باردةٍ‪ ،‬والسوأ من ذلك‪ ،‬هذا العتماد الكبي على النص‬
‫الدين بتأويله من قبلهم وتييه لصالهم للتدليل على صحة أعمالم؛ وبا أنم الصوت العلى ف‬
‫معركة الشد والرخاء ف العلقة مع الخر‪ ،‬وهي علقة تبحث عن التأزم قبل التواصل‪ ،‬فقد أصبحت‬
‫الصورة النمطية للسلم ف التصور الغرب هي ما يتعامل به الرهاب من آليات تُلصق بالسلم‬
‫تعسفا‪ ،‬وهنا تصبح القضية بالنسبة لبعض التطرفي ف الغرب صراع أيديولوجيات‪ ،‬تاما كما هو‬
‫التفكي عند التطرف السلمي ف الهة الخرى‪ ،‬ولذلك سوف يسمح بعض التطرفي الغربيي‬
‫لنفسهم بالتطاول على الرمز السلمي الول ممد صلى ال عليه وسلم بأي طريقة كانت كما‬
‫حصل ف الرسومات الكاريكاتورية ف الصحيفة الدناركية‪ ،‬وهنا يكون البادئ أظلم بالنسبة لوجهة‬
‫نظر التطرف السيحي الغرب‪.‬‬
‫والتأخر الاصل من الطراف السلمية الستنية بكل أطيافها السلمية والليبالية‪ ،‬بسبب من‬
‫خفوت صوتا العقلن ف التأثي على أكثر الواقع السلمية حساسية‪ ،‬يعل من القضية خاسرة‬
‫حضاريا قبل أن تسر دينيا أو سياسيا‪ ،‬والذي نرجوه منها هو التسارع لتصحيح صورة السلم عند‬
‫الخر باللغة الت يفهمونا كلغة التعايش والتحاور السلمي‪ ،‬وبالثقافة الت يتداولونا كثقافة الصورة‪،‬‬

‫‪387‬‬
‫وبالعقل الذي يترمونه كالعقل العلمي والفلسفي‪ ،‬وإل فإن الهود ضائعة فيما ليس من صالنا‬
‫كمسلمي نبحث عن من يترمنا من الديان الخرى‪.‬‬
‫الوسائل سهلة وميسرة لو اقتنع با السلمون‪ ،‬فما الانع لو استُخدِمتْ التقنية السينمائية مثل لتصحيح‬
‫صورة السلم تاه الخر كما استخدمها الخرج العالي مصطفى العقاد رحه ال ف فيلمه العظيم‬
‫(الرسالة)‪ ،‬أو كما حصل ف الفيلم الكثر من رائع (ملكة السماء)‪..‬؟! وهو بالناسبة فيلم غرب‬
‫ومصنوع بالطريقة الغربية الوليودية‪ ،‬لكن الخرج كان منصفا ف تعامله مع السلمي مع أنه يهودي‬
‫الديانة‪.‬‬
‫نن كمسلمي نتاج أن تصبح قضيتنا عادلةً حضاريا كون العال أجع ينظر بعي الحترام للطرف‬
‫الرقى حضاريا‪ ،‬كالحترام الذي حظيت به الدولة الاليزية ف العال الغرب حاليا‪ ،‬ول يكن أن‬
‫تصبح قضيتنا عادلةً من غي أن ينتهج السلمون رؤيةً حضاري ًة جديدةً ف التعامل مع الذات السلمية‬
‫قبل الخر الغرب أو الشرقي‪.‬‬
‫*كاتب سعودي‬
‫لاذا الرسول صلى ال عليه وسلم؟‬
‫الكاتب‪ :‬حسونة حاد‬
‫إ ّن ما حدث مؤخرًا ف الدنارك وبعض الدول الغربية من نشرِ بعضِ صحف هذه الدول الرسوم‬
‫الكاريكاتيية السيئة للرسول‪ -‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬تت زعم حريةِ الرأي والتعبي ما هو إل‬
‫"موجةٌ ف برِ مرضِ كراهيةِ السلم" إن صح التعبي‪ ..‬ما هو إل طلق ٌة ف حربٍ طويل ٍة ومستمرةٍ‬
‫ضد السلمِ‪.‬‬
‫هذه الوجة حوّلت مرضَ كراهيةِ السلم إل وباءٍ انتشر بي معظم الغربيي من غي السلمي‪.‬‬
‫ولك ّن السؤالَ هنا‪ :‬لاذا يوجّه الغرب الساءةَ لشخص الرسول‪ -‬صلى ال عليه وسلم؟ أو بعن آخر‪:‬‬
‫لاذا الرسول صلى ال عليه وسلم بالذات؟!‬
‫(إخوان أون لين) أرادت أن تُجيب عن هذا السؤال فيما يلي‪:‬‬
‫ولء للقائد‬
‫يقول د‪ .‬رشاد البيومي‪ -‬أستاذ اليولوجيا بكلية العلوم‪ ،‬وعضو مكتب إرشاد جاعة الخوان‬
‫السلمي‪" :-‬إن الغرب وجّه الساءةَ للرسول‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬ويوجهونا‬
‫له دائمًا؛ لنم يستشعرون مدى ولء السلمي لقائدهم وقدسيته ف نفوسهم‪ ،‬فهم عندما يريدون أن‬
‫يسيئوا للمسلمي ويستفزوا مشاعرَهم ل يدون سوى الرسول‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪ -‬ولك ْن ُربّ ضارةٍ نافعةٍ؛ فهم تيلوا أن السلمي أصبحوا هباءً منثورًا‪ ،‬وظنوا أنم سيسيئون‬
‫إل مقدسات السلمي دون أن يتحرك أحدٌ منهم لذلك‪ ،‬فكان الردّ كما نراه الن من انتفاضةٍ لكل‬
‫الشعوب العربية والسلمية‪ ،‬وإن كنت أتن أن يكون ذلك على مستوى الكومات العربية‬
‫والسلمية أيضًا باتاذ موقفٍ موحّدٍ تاه هذا الوضوع"‪.‬‬

‫‪388‬‬
‫ض الجراءات‬ ‫وأكد بيومي أن الغرب لن ينتهي عن ذلك إل إذا أدرك السلمون خطورتَه واتذوا بع َ‬
‫الفعلية والعملية تاه ذلك‪ ،‬مثل القاطعة وتوضيح صورة السلم السنة ف الغرب‪ ،‬إضاف ًة إل وجود‬
‫واقعٍ إسلمي صحيح ف الدول السلمية من خلل تطبيق مبادئ وتعاليمِ السلم الصحيحةِ ف‬
‫أنفسنا وعلى أراضينا؛ حت يقتديَ به غيُنا من غي السلمي‪.‬‬
‫ويرى أن استخدام الوقاحةِ تت زعم حري ِة الرأي والتعبيِ ما هو إل نوعٌ من البوط من قِيمة النسانِ‬
‫والعِلمِ وكلّ شيءٍ‪.‬‬
‫هجومٌ على السلم‬
‫ويرى د‪ .‬أحد عبد الرحن‪ -‬أستاذ علم الخلق‪ -‬أن ذلك ليس هجومًا على شخص الرسول‪-‬‬
‫صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬فقط؛ وإنا هو هجومٌ على السلم بصفة عامةٍ‪ ،‬ووجّهوا‬
‫الساءة للرسول‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬بالذات؛ لنه هو مثلُ السلم‪ ،‬وهو‬
‫الذي جاء بالرسالةِ وقاد السلمي‪ ،‬ووسّع رقع َة الدولةِ السلمي ِة الت وصلت بعده إل الندلس ف أقلّ‬
‫من قرنٍ هجري‪ ،‬وهذا دائمًا يترك أثرًا ف نفوسهم تاه السلم والسلمي‪ ،‬ولذلك ل بد من وجود‬
‫سياسات تربوية وفنية وعلمية وإعلمية تكشف ذلك وتوضحه للمسلمي؛ حت ينتبهوا‪ ،‬وأكد أنه‬
‫طالا ظل الصحف موجودًا ف نفوس وقلوب السلمي فلن يصِل هؤلء إل هدفهم وهو موُ السلم‬
‫من الوجود‪ ،‬وأكد أن هذا العدوان أنتج صحوةً عظيم ًة للمسلمي‪ ،‬وأعتقد أنه لن تستطيع أية صحيفة‬
‫ف العال أن تتجرّأ أو تقومَ بثل هذا العمل مرةً أخرى‪.‬‬
‫تشويه للرمز‬
‫ويقول د‪ .‬طلعت عفيفي‪ -‬أستاذ الدعوة السلمية بامعة الزهر وعميد كلية الدعوة سابقًا‪" :-‬إن‬
‫الجوم على النب‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪-‬؛ لنم يعتبونه الرمزَ الذي ينتسب إليه‬
‫السلمون‪ ،‬فإذا نح هؤلء ف تشويهِ صورة الرسول‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬فإنم‬
‫بذلك ينجحون ف ضرب السلم ككل‪.‬‬
‫وأكد أن ما حدث ل يُقصد به الرسولُ‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬فقط؛ ولكن ُقصِد‬
‫به دعوته‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪.-‬‬
‫ويرى أن الجوم على السلم لن ينتهي؛ لن التدافعَ بي الق والباطل قائمٌ‪ ،‬وأن الغرب يأخذ بقولةِ‬
‫أن "عدوك هو عدو دينك"‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إن رد الفعل الذي حدث من قِبَل السلمي تاه ذلك شيءٌ طيبٌ‪ ،‬ولكن يب تفعيلُه أكثر من‬
‫ذلك‪ ،‬واستخدام الوسائل الدبلوماسية للضغط على الغرب‪ ،‬وينبغي على قادة الدول العربية‬
‫والسلمية أن يكون لم موقفٌ إياب رسي يُرضِي شعوبَهم؛ حت يتراجع الغرب عن إهانة السلمي‬
‫وسب مقدساتم‪.‬‬
‫وأكد أن من أسباب الجوم على السلم هو ضعفُ السلمي‪ ،‬وحرصُهم على الدنيا‪ ،‬وعدم‬
‫استعدادِهم للتضحيةِ‪ ،‬ويب أن ينتبه السلمون لقول ال تعال‪? :‬إِّنهُمْ إِنْ َي ْظ َهرُوا َعلَيْ ُكمْ َيرْجُمُوكُمْ‬

‫‪389‬‬
‫َأوْ ُيعِيدُوكُمْ فِي مِلِّتهِ ْم وَلَ ْن ُتفْلِحُوا ِإذًا أَبَدًا (‪( ?)20‬الكهف)‪ ،‬ويظهروا عليكم‪ ..‬أي ترتفع منلتُهم‬
‫فوق منل ِة السلمي‪ ،‬فإذا وصلوا إل هذا المر فل بد أن يدبروا للسلم‪ ،‬علمًا بأن طبيعةَ الكفر هي‬
‫الغ ّل والقدُ واليل والكر‪.‬‬
‫حربٌ معلنة‬
‫ويقول د‪ .‬مني جعة‪ -‬مدرس بآداب النوفية‪" :-‬إن الغربَ من غيِ السلمي لديهم اعتقادٌ ف أمور‬
‫معينة‪ ،‬وهي أن القرآن من عند ممدٍ‪ ،‬وأن ممدًا ليس نبيّا‪ ،‬ولكن مدعيّا للنبوة‪ ،‬ولكي يصلوا إل‬
‫هذين النقطتي ل بد أن يشوّهوا صورةَ الرسول‪ -‬صلى ال عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ -‬والقرآنَ‬
‫ع الديان انتشارًا ف العال‪،‬‬ ‫الكريَ‪ ،‬وتشويه صورة السلم بصفة عامة؛ لنم لحظوا أن السلم أسر ُ‬
‫وهذا يُحدِث عندهم ذعرًا وخوفًا شديدًا جدّا‪ ،‬وخاصة بعد أحداث ‪ 11‬سبتمب ودخول الكثي من‬
‫الغرب ف السلم‪.‬‬
‫ومثل هذه المور تعلهم يتصرفون على جيع الستويات‪ ،‬ويوزعون الدوا َر عليهم باسم الرية للعمل‬
‫على الدّ من انتشار السلم‪.‬‬
‫واعتب جعةُ أن هذه حربٌ معلنة وليست خفي ًة على أحد‪ ،‬وإن كان بعضها باردًا وبعضها ساخنًا‪،‬‬
‫بعضها بالصواريخ وبعضها بالتشويش التعمّد‪ ،‬وما يدث ف جوانتانامو والعراق وأفغانستان وسوريا‬
‫ولبنان‪ ..‬إل أك ُب دليلٍ على ذلك‪ ،‬وكله ماولة لتصريف الغيظ والقد تاه السلم السلمي‪.‬‬
‫وأكد أن الساءةَ للسلمِ والسلمي ل تنتهي مصداقًا لقوله تعال‪? :‬وَل َيزَالُونَ ُيقَاِتلُونَكُ ْم حَتّى‬
‫َي ُردّوكُ ْم عَ ْن دِينِكُمْ إِ ْن ا ْستَطَاعُوا? (البقرة‪ :‬من الية ‪ )217‬وقوله تعال‪? :‬وََأعِدّوا َلهُ ْم مَا ا ْستَ َطعْتُمْ‬
‫مِنْ ُق ّوةٍ َومِ ْن رِبَاطِ اْلخَيْ ِل ُت ْرهِبُونَ ِبهِ عَ ُد ّو الّل ِه َوعَ ُدوّكُمْ? (النفال‪ :‬من الية ‪ .)60‬وترهبون‪ ..‬أي‬
‫تنعوهم من التعدي على السلم والسلمي‪ ،‬وليس للعتداء عليهم؛ لنّ العدة ف السلم تكون‬
‫ل مسلمّا فاهًا لسلمه فهمًا شاملً‪،‬‬ ‫لردع العداء وليس العتدا َء عليهم‪ ،‬ولذلك يب أن نربّيَ جي ً‬
‫ول يقتصر على ردود فعل مؤقتة فقط‪.‬‬
‫ونقول للغرب شكرًا على أنكم أيقظتم فينا شيئًا من حب السلم ومقدساته‪ ،‬ولو أن دعاةَ السلمي‬
‫ظ عُشرِ ما فعله الغربُ جرّاء هذه‬ ‫أنفقوا أضعاف ما أنفقوه الن على الدعو ِة ما كانوا يستطيعون إيقا َ‬
‫الملة الشرسة على السلم‪.‬‬
‫لاذا ل توجد أي صورة للنب ممد صلى ال عليه وسلم ف أي مكان ف العال ؟‪.‬‬
‫من موقع السلم سؤال وجواب‪: :‬‬
‫======================‬
‫لاذا ل توجد أي صورة للنب ممد صلى ال عليه وسلم ف أي مكان ف العال ؟‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫المد ل‬

‫‪390‬‬
‫جاءت الشريعة بسدّ كلّ باب يُوصِل إل الشّرك بال ‪ ،‬ومن هذه الوسائل التصوير فقد جاءت‬
‫شةَ ُأمّ‬ ‫الشريعة بتحري الصورة ‪ ،‬ولعن من يفعل ذلك بل جاء الوعيد الشديد لن فعل ذلك ‪ ،‬فعَ ْن عَائِ َ‬
‫صلّى الّلهُ‬ ‫اْل ُم ْؤمِِنيَ أَنّ ُأمّ حَبِيَب َة وَُأمّ َسلَ َمةَ ذَ َكرَتَا كَنِيسَ ًة رََأيَْنهَا بِالْحََبشَ ِة فِيهَا َتصَاوِيرُ فَ َذ َكرَتَا لِلنِّبيّ َ‬
‫ص ّورُوا‬‫سجِدًا َو َ‬ ‫عََلْيهِ وَ َسلّمَ َفقَا َل ‪ ( :‬إِنّ أُوَلِئكَ ِإذَا كَانَ فِيهِ ْم الرّجُ ُل الصّالِ ُح فَمَاتَ بََنوْا عَلَى َقْب ِرهِ مَ ْ‬
‫خلْ ِق عِنْ َد الّلهِ َي ْومَ اْلقِيَامَ ِة ) رواه البخاري( الصلة‪ ، )409/‬وعن‬ ‫ص َورَ فَأُولَِئكَ ِشرَارُ الْ َ‬ ‫فِيهِ ِت ْلكَ ال ّ‬
‫عَاِئشَ َة َرضِيَ الّلهُ َعْنهَا قالت قَ ِد َم رَسُو ُل الّل ِه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم مِنْ َس َفرٍ َوقَدْ سََت ْرتُ ِب ِقرَامٍ لِي عَلَى‬
‫س عَذَابًا َي ْومَ‬
‫َس ْه َوةٍ لِي فِيهَا تَمَاثِيلُ ‪ ،‬فََلمّا رَآ ُه رَسُولُ الّل ِه صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّ َم هَتَ َك ُه وَقَالَ أَ َشدّ النّا ِ‬
‫جعَ ْلنَاهُ ِوسَا َدةً َأ ْو وِسَا َدتَيْ ِن ) رواه البخاري ( اللباس‪5498/‬‬ ‫اْل ِقيَامَةِ الّذِي َن ُيضَاهُونَ ِبخَلْ ِق الّلهِ قَاَلتْ فَ َ‬
‫س عَذَابًا‬ ‫) ‪ ،‬وعن عبد ال بن مسعود قَا َل ‪ :‬سَ ِم ْعتُ النّبِ ّي صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ َيقُو ُل ‪ ( :‬إِنّ أَشَ ّد النّا ِ‬
‫عِنْ َد الّلهِ َي ْومَ اْلقِيَامَةِ اْل ُمصَ ّورُو َن ) رواه البخاري ( اللباس‪ ) 5494/‬فكيف يأذن بعمل صورة له ‪،‬‬
‫ولذلك ل يرؤ أحد من الصحابة على رسم صورة له لنم يعلمون الكم بالتحري ‪.‬‬
‫وحذر ال عز وجل من الغلو فقال ‪ ( :‬يا أهل الكتاب ل تغلو ف دينكم ) النساء ‪ ، 171/‬وقد حذّر‬
‫النب صلى ال عليه وسلم من أيّ ِفعْلٍ يكون فيه غُُلوّ ف حقه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬ل‬
‫تُ ْطرُونِي كما أَ ْط َرتِ النصارى ابن مري ‪ ،‬إنّما أنا َعبْ ٌد ‪ ،‬فقولوا عبد ال ورسوله ) ‪ ،‬رواه البخاري‬
‫(أحاديث النبياء‪ ، )3189/‬وقد َب ّوبَ المام ممد بن عبد الوهاب باب ‪ :‬ما جاء أنّ سَبَب ُكفْر بن‬
‫آدم هو الغلو ف الصالي ‪ ...‬قال ‪ " :‬وف الصحيح عن ابن عباس رضي ال عنهما ف قول ال تعال‬
‫‪ ( :‬وقالوا ل تَ َذرُ ّن آلَتَكُمْ ول تَ َذرُ ّن َودّا ول ُسوَاعا ول َيغُوثَ وَيعُوقَ ونَسْرا ) نوح‪ ، 23/‬قال ‪:‬‬
‫هذه أساء رجال صالي من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إل قومهم أن انصبوا إل مالسهم‬
‫الت كانوا يلسون فيها أنصابا وسوها بأسائهم ‪ .‬ففعلوا ول تعبد ‪ ،‬حت إذا هلك أولئك ونسي العلم‬
‫عبدت " ‪ ،‬قال ابن القيم ‪ " :‬قال غي واحد من السلف ‪ :‬لا ماتوا عكفوا على قبورهم ث صوروا لم‬
‫التماثيل ث طال عليهم المد فعبدوهم " فتح الجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحن بن حسن ص‪/‬‬
‫‪. 219‬‬
‫ولذلك ل توجد صورة للنب صلى ال عليه وسلم لنه جاء بالتحذير منها لنا أدت إل الشرك ‪.‬‬
‫ومقتضى شهادة أن ممدا رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬أن نؤمن به وبا جاء به ‪ ،‬ولو ل توجد‬
‫له أي صورة ‪ ،‬والؤمنون ل يتاجون إل صورة له حت يتّبعوه ‪ ،‬ث إن وصفه الثابت ف الروايات‬
‫الصحيحة يغن عن صورته ومن أوصافه صلى ال عليه وسلم الواردة ‪:‬‬
‫‪ -1‬كان عليه الصلة والسلم أحسن الناس وجها‬
‫‪ -2‬كان عريض ما بي النكبي‬
‫‪ -3‬ليس بالطويل ول بالقصي‬
‫‪ -4‬مستدير الوجه ووجهه مشرب بمرة ‪.‬‬
‫‪ -5‬أدعج العي وهو ‪ :‬الشّدِي ُد َسوَادِ اْلعَْينِ ‪.‬‬

‫‪391‬‬
‫‪َ -6‬أهْ َدبُ الَ ْشفَا ِر ‪ :‬ال ّطوِي ُل‬
‫‪َ -7‬و ُهوَ خَاتَ ُم النّبِّييَ أَ ْج َودُ النّاسِ َكفّا وََأ ْشرَ ُحهُ ْم صَ ْدرًا وََأصْدَقُ النّاسِ َلهْجَ ًة وَأَْليَُنهُ ْم َعرِي َكةً‬
‫ش َر ًة مَنْ رَآهُ بَدِي َه ًة هَاَب ُه َومَنْ خَالَ َط ُه مَ ْعرَِفةً أَحَّبهُ َيقُولُ نَا ِعُتهُ لَمْ َأرَ قَْبَلهُ وَل َبعْ َد ُه مِثَْلهُ‬ ‫وَأَ ْك َرمُهُ ْم عِ ْ‬
‫يراجع سنن الترمذي ( الناقب‪ )3571/‬وغيه من كتب السنة ف وصفه عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫ول شك أن الؤمني يتمنون لقاء النب صلى ال عليه وسلم ولذلك جاء ف الديث عَنْ أَبِي ُه َرْي َرةَ أَنّ‬
‫س يَكُونُونَ َبعْدِي َي َودّ َأحَ ُدهُمْ َلوْ‬ ‫رَسُولَ الّل ِه صَلّى الّل ُه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ قَا َل ‪ ( :‬مِنْ أَشَدّ ُأمّتِي لِي ُحبّا نَا ٌ‬
‫رَآنِي بَِأهِْل ِه َومَاِلهِ ) رواه مسلم (النة وصفة نعيمها‪ )5060/‬ول شك أن مبته صلى ال عليه وسلم‬
‫واتباعه سبب للجتماع به ف النة ‪ ،‬ومن مبته عليه الصلة والسلم رؤيته ف النام ‪ ،‬وتكون رؤيته‬
‫على صفته الصحيحة فقد ثبت من حديث أب ُهرَْي َرةَ قَا َل ‪ :‬سَ ِم ْعتُ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ عََلْيهِ َوسَلّمَ َيقُولُ‬
‫‪ ( :‬مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ َفسََيرَانِي فِي الَْيقَ َظ ِة وَل يَتَ َمثّلُ الشّْيطَانُ بِي ) قَالَ َأبُو عَبْد الّلهِ قَا َل ابْ ُن سِيِينَ‬
‫ِإذَا رَآهُ فِي صُورَِتهِ رواه البخاري ( التعبي‪ . )6478 /‬وال الوفق وصلى ال على نبينا ممد ‪.‬‬
‫السلم سؤال وجواب‬
‫الشيخ ممد صال النجد (‪)www.islam-qa.com‬‬
‫=======================‬
‫لاذا يب علينا أن نب رسولنا ممّدا صلى ال عليه وسلم؟‬
‫السؤال‪:‬‬
‫لاذا يب علينا أن نب ونطيع ونتبع ونترم رسولنا ممّدا صلى ال عليه وسلم إل أقصى درجة؟‬
‫( أو أكثر من أي شخص آخر) ‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫المد ل‬
‫‪ -1‬أوجب ال تعال علينا طاعة النبّ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال ال تعال ‪ ( :‬وَأَطِيعُوا الّل َه وَأَطِيعُوا‬
‫الرّسُولَ وَاحْ َذرُوا فَإِنْ َتوَلّيْتُ ْم فَاعْلَمُوا أَنّمَا َعلَى رَسُولِنَا اْلبَلغُ الْ ُمِبيُ ) الائدة‪. 92/‬‬
‫‪ -2‬وأخب ال تعال أن طاعة النب صلى ال عليه وسلم هي طاعة ل تعال ‪ ،‬قال ال تعال ‪ ( :‬مَنْ‬
‫ع الّلهَ َومَنْ َتوَلّى فَمَا َأرْ َسلْنَا َك َعلَْيهِمْ َحفِيظا ) النساء‪80/‬‬ ‫يُطِ ِع الرّسُولَ َفقَدْ أَطَا َ‬
‫‪ -3‬وحذّر ال عز وجل من التول عن طاعته ‪ ،‬وأن هذا قد يصيب السلم بالفتنة وهي فتنة الشرك ‪،‬‬
‫جعَلُوا ُدعَاءَ الرّسُولِ َبيْنَ ُكمْ كَ ُدعَاءِ َبعْضِكُمْ َبعْضا قَ ْد َيعْلَمُ الّلهُ الّذِينَ‬ ‫قال ال عز وجل ‪ ( :‬ل َت ْ‬
‫َيتَسَلّلُو َن مِنْكُمْ ِلوَاذا َفلْيَحْ َذ ِر الّذِينَ يُخَاِلفُونَ عَنْ َأ ْم ِرهِ أَ ْن ُتصِيَبهُمْ ِفتَْنةٌ َأوْ ُيصِيَبهُ ْم عَذَابٌ أَلِي ٌم ) النور‪/‬‬
‫‪ 63‬وأخب ال تعال أن مقام النبوة الذي أعطاه لنبيه صلى ال عليه وسلم يستوجب من الؤمني‬
‫شرًا وَنَذِيرًا *‬ ‫احترام النب صلى ال عليه وسلم وتوقيه ‪ ،‬قال ال تعال ‪ ( :‬إناَأرْ َسلْنَاكَ شَاهِدًا َومُبَ ّ‬
‫سبّحُوهُ بُ ْك َرةً وََأصِيل ) الفتح‪9-8 /‬‬ ‫لُِت ْؤمِنُوا بِالّلهِ َورَسُوِل ِه وَُت َع ّزرُوهُ وَُتوَّقرُو ُه وَتُ َ‬

‫‪392‬‬
‫‪ -4‬ول يتم إيان السلم حت يبّ النبّ صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬بل حت يكون النبّ صلى ال عليه‬
‫وسلم أحبّ إليه من والده وولده ونفسه والناس أجعي ‪ .‬عن أنس قال ‪ :‬قال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ( :‬ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجعي ) رواه البخاري (‬
‫‪ ) 15‬ومسلم ( ‪. ) 44‬‬
‫وعن عبد ال بن هشام قال ‪ :‬كنا مع النب صلى ال عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الطاب ‪،‬‬
‫فقال له عمر‪ :‬يا رسول ال ‪ ،‬لنت أحب إل من كل شيء ‪ ،‬إل من نفسي ‪ .‬فقال النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ( :‬ل والذي نفسي بيده حت أكون أحب إليك من نفسك ) فقال له عمر ‪ :‬فإنه الن‬
‫وال لنت أحب إل من نفسي ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬الن يا عمر ) رواه البخاري (‬
‫‪. ) 6257‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ‪ :‬وأما السبب ف وجوب مبته صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّمَ وتعظيمه‬
‫أكثر من أي شخص فلن أعظم الي ف الدنيا والخرة ل يصل لنا إل على يد النب صَلّى الّلهُ َعلَْيهِ‬
‫وَسَلّ َم باليان به واتباعه ‪ ،‬وذلك أنه ل ناة لحد من عذاب ال ‪ ،‬ول وصول له إل رحة ال إل‬
‫بواسطة الرسول ؛ باليان به ومبته وموالته واتباعه ‪ ،‬وهو الذى ينجيه ال به من عذاب الدنيا‬
‫والخرة ‪ ،‬وهو الذى يوصله إل خي الدنيا والخرة ‪ .‬فأعظم النعم وأنفعها نعمة اليان ‪ ،‬ول تصل‬
‫إل به وهو أنصح وأنفع لكل أحد من نفسه وماله ؛ فإنه الذى يرج ال به من الظلمات إل النور ‪،‬‬
‫ل طريق له إل هو ‪ ،‬وأما نفسه وأهله فل يغنون عنه من ال شيئا ‪ )..‬اهـ مموع الفتاوى‬
‫‪27/246‬‬
‫وقال بعض أهل العلم ‪ِ :‬إذَا تََأمّل العب ُد الّنفْع الْحَاصِل َل ُه مِنْ ِجهَة الرّسُول صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ الّذِي‬
‫أَ ْخرَ َجهُ ال به مِنْ ُظلُمَات الْ ُكفْر إِلَى نُور الِْإيَان ‪َ ،‬علِمَ أَّنهُ سَبَب َبقَاء َنفْسه اْلَبقَاء الَبَ ِديّ فِي الّنعِيم‬
‫حقّ لِذَِلكَ أَنْ يَكُون َحظّه‬ ‫ي ‪َ ,‬وعَِلمَ أَنّ َنفْعه بِذَِلكَ َأعْظَم مِنْ جَمِيع وُجُوه الْنِتفَاعَات ‪ ,‬فَاسْتَ َ‬ ‫س ْرمَدِ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ك وَاْلغَفْلَة عَْن ُه ‪،‬‬
‫حضَار ذَِل َ‬ ‫سبِ اِ ْستِ ْ‬ ‫حبّته َأوْفَر مِنْ َغيْره ‪ ,‬وَلَكِ ّن النّاس يََتفَاوَتُونَ فِي ذَِلكَ ِبحَ َ‬ ‫مِنْ مَ َ‬
‫خلُو عَ ْن وِجْدَان شَيْء مِنْ ِت ْلكَ الْ َمحَبّة‬ ‫وك ّل مَنْ آمَنَ بِالنِّب ّي صَلّى اللّه عَلَْي ِه وَ َسلّمَ ِإيَانًا صَحِيحًا ل يَ ْ‬
‫حظّ ا َلوْفَى ‪َ ,‬ومِْنهُ ْم مَنْ َأخَذَ‬ ‫الرّاجِحَة ‪َ ,‬غيْر َأّنهُ ْم مَُتفَاوِتُونَ ‪ .‬فَ ِمْنهُ ْم مَنْ أَخَ َذ مِنْ ِت ْلكَ الْ َمرَْتبَة بِالْ َ‬
‫ش َهوَات مَحْجُوبًا فِي اْلغَفَلت فِي أَ ْكثَر ا َلوْقَات ‪,‬‬ ‫سَتغْرِقًا فِي ال ّ‬ ‫حظّ الَْأدْنَى ‪ ,‬كَمَنْ كَا َن مُ ْ‬ ‫مِْنهَا بِالْ َ‬
‫لَكِ ّن الْ َكثِي مِْنهُمْ ِإذَا ذُ ِكرَ النّبِ ّي صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ ِاشْتَاقَ ِإلَى ُرؤْيَته ‪ ,‬بِحَْيثُ ُي ْؤثِرهَا َعلَى َأهْله‬
‫َووَلَده َومَاله َووَالِده ‪َ ،‬غيْر أَنّ ذَِلكَ َسرِيع ال ّزوَال بَِتوَالِي اْل َغفَلَات ‪ ,‬وَاَللّه الْ ُمسَْتعَان ‪ .‬انظر فتح الباري‬
‫‪. 1/59‬‬
‫سهِمْ ) الحزاب‪. 6/‬‬ ‫وإل هذا العن يشي قول ال عز وجل ‪ ( :‬النِّبيّ َأوْلَى بِالْ ُم ْؤمِِنيَ مِنْ أَْنفُ ِ‬
‫قال ابن كثي رحه ال ‪:‬‬
‫( قد علم شفقة رسوله صلى ال عليه وسلم على أمته ‪ ،‬ونصحه لم ‪ ،‬فجعله أول بم من أنفسهم ‪،‬‬
‫وحكمه فيهم مقدما على اختيارهم ) ‪. 6/380‬‬

‫‪393‬‬
‫وقال الشيخ ابن سعدي رحه ال ‪:‬‬
‫( يب تعال الؤمني خبا يعرفون به حالة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ومرتبته ؛ فيعاملونه بقتضى‬
‫سهِ ْم ) ‪ :‬أقرب ما للنسان ‪ ،‬وأول ما له نفسه ‪،‬‬ ‫ي مِنْ أَْنفُ ِ‬‫تلك الالة ‪ ،‬فقال ‪ ( :‬النّبِيّ َأوْلَى بِالْ ُم ْؤمِِن َ‬
‫فالرسول أول به من نفسه ‪ ،‬لنه عليه الصلة والسلم ‪ ،‬بذل لم من النصح والشفقة والرأفة ‪ ،‬ما‬
‫كان به أرحم اللق وأرأفهم ‪ ،‬فرسول ال أعظم اللق منة عليهم من كل أحد ‪ ،‬فإنه ل يصل إليهم‬
‫مثقال ذرة من خي ‪ ،‬ول اندفع عنهم مثقال ذرة من الشر إل على يديه وبسببه ‪ .‬فلذلك وجب عليه‬
‫أنه إذا تعارض مراد النفس ‪ ،‬أو مراد أحد من الناس مع مراد الرسول أن يقدم مرا الرسول ‪ ،‬وأن ل‬
‫يعارض قول الرسول بقول أحد كائنا من كان ‪ ،‬وأن يفدوه بأنفسهم وأموالم وأولدهم ‪ ،‬ويقدموا‬
‫مبته على مبة اللق كلهم ‪ ،‬وأل يقولوا حت يقول ‪ ،‬ول يقدموا بي يديه ) ‪ .‬اهـ‬
‫وحاصل ما ذكره أهل العلم ف بيان ذلك أن غضب ال والنار ها أعظم مرهوب للعبد ؛ ول ناة‬
‫منها إل على يد الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ورضى ال والنة ها أعظم مطلوبه ‪ ،‬ول فوز بما‬
‫إل على يد الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫جعَلَ‬ ‫وإل المر الول يشي النب صلى ال عليه وسلم بقوله ‪ ( :‬مَثَلِي َومَثَلُكُمْ كَ َمثَ ِل رَجُلٍ َأوْقَ َد نَارًا فَ َ‬
‫جزِكُ ْم عَنْ النّا ِر وَأَْنتُمْ َتفَلّتُونَ مِ ْن يَدِي )‬ ‫ب وَاْل َفرَاشُ َي َقعْنَ فِيهَا َو ُهوَ يَ ُذّبهُ ّن عَْنهَا وَأَنَا آخِ ٌذ بِحُ َ‬‫اْلجَنَا ِد ُ‬
‫مسلم ‪ 2285‬من حديث جابر ‪ ،‬ونوه ف البخاري ‪ 3427‬من حديث أب هريرة ‪.‬‬
‫{ ( الفَراش ) َقَالَ الْخَلِيل ‪ُ :‬هوَ الّذِي يَطِيُ كَاْلَبعُوضِ‬
‫جرَاد ‪.‬‬ ‫شِبهُ الْ َ‬
‫صرَار الّذِي يُ ْ‬‫وََأمّا ( الْجَنَادِب ) فَجَمْع ُجنْدُب ‪ ,‬وَالْجَنَادِب هَذَا ال ّ‬
‫َأمّا ( الّتقَحّم ) َف ُهوَ ا ِلقْدَا ُم وَاْل ُوقُوعُ فِي ا ُلمُور الشّاقّة مِ ْن غَيْر تََثبّت ‪.‬‬
‫سرَاوِيل ‪.‬‬ ‫جزَة َوهِ َي مَ ْعقِد ا ِلزَار وَال ّ‬ ‫وَ ( الْحُجَز ) جَمْع حُ ْ‬
‫َومَ ْقصُود الْحَدِيث َأّنهُ صَلّى اللّه عََلْيهِ َوسَلّمَ َشّبهَ تَسَاقُط الْجَا ِهِليَ وَالْمُخَاِل ِفيَ بِ َمعَاصِيهِ ْم وَ َش َهوَاتمْ‬
‫فِي نَار ال ِخرَة ‪َ ,‬و ِحرْصه ْم عَلَى اْلوُقُوع فِي ذَِلكَ ‪ ,‬مَعَ مَنْعه إِيّاهُ ْم ‪ ,‬وَقَبْضه َعلَى َموَاضِع الْ َمنْع مِْنهُمْ‬
‫ص عَلَى َهلَاكِ َنفْسه ‪ ,‬سَاعٍ‬ ‫‪ ,‬بِتَسَاُقطِ اْل ِفرَاش فِي نَار الدّنْيَا ‪ِ ,‬ل َهوَا ُه َوضَعْف تَ ْميِيزه ‪ ,‬وَكِلهُمَا َحرِي ٌ‬
‫ج ْهِلهِ ‪ } ) .‬شرح مسلم ‪ ،‬للنووي‬ ‫فِي ذَِلكَ لِ َ‬
‫وأما الثان فيشي إليه قوله صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم ‪ُ ( :‬كلّ ُأمّتِي يَ ْدخُلُونَ الْجَنّةَ إِل مَنْ أَبَى قَالُوا يَا‬
‫جنّ َة َومَ ْن َعصَانِي َفقَدْ أَبَى ) البخاري ‪ 7280‬من‬ ‫رَسُولَ الّل ِه َومَنْ يَأْبَى قَا َل مَنْ أَطَاعَنِي دَخَ َل الْ َ‬
‫حديث أب هريرة‬
‫وال الوفق ‪.‬‬
‫السلم سؤال وجواب (‪)www.islam-qa.com‬‬
‫===========================‬
‫لن نرضى بأقل من العتذار ومعاقبة السيئي للرسول صلى ال عليه وسلم‬

‫‪394‬‬
‫عبد السلم البلوي ـ الرياض‬
‫دعا الفت العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والفتاء عبد العزيز آل‬
‫الشيخ‪ ,‬السؤولي ف حكومة الدنارك إل ماسبة الصحيفة الت نشرت صورا وقحة وتعليقات قبيحة‬
‫مصاحبة لا زعم ناشروها أنا تثل الرسول الكري ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫كما طالب ساحته ف بيان أصدره أمس بإلزام الصحيفة بالعتذار عن جريتها النكراء وتوقيع الزاء‬
‫الرادع على من شارك ف إثارة هذا الوضوع ‪ ,‬مؤكدا ساحته أن هذا أقل ما يطالب به السلمون‬
‫نظرا لا أثاره هذا الجوم الوقح على نب السلم عليه أفضل الصلة وأت التسليم من أل واستياء‬
‫وأذى لميع السلمي ف مشارق الرض ومغاربا ‪..‬وفيما يلي نص البيان‪ :‬المد ل رب العالي‪,‬‬
‫والعاقبة للمتقي‪ ,‬ول عدوان إل على الظالي والصلة والسلم على خي اللق أجعي نبينا ورسولنا‬
‫ممد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بداه إل يوم الدين‪ ,‬أما بعد ‪ :‬فقد بعث ال نبيه ممدا صلى ال‬
‫عليه وسلم على فترة الرسل‪ ,‬بشيا ونذيرا ‪ ,‬وداعيا إل ال بإذنه وسراجا منيا ‪ ,‬بعثه للناس كافة‬
‫عربم وعجمهم ‪ ,‬أبيضهم وأسودهم ‪ ,‬كما قال سبحانه '' يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالق‬
‫من ربكم'' وقال تعال( قل يا أيها الناس إن رسول ال إليكم جيعا) وقال( وما أرسلناك إل كافة‬
‫للناس بشيا ونذيرا)‪.‬‬
‫وأنزل عليه خي كتبه ‪ ,‬القران الكري ‪ ,‬الذي هو معجزته الالدة‪ ,‬كما قال تعال ( قل لئن اجتمعت‬
‫النس والن على أن يأتوا بثل هذا القرآن ل يأتون بثله ولو كان لبعض ظهيا) وتعهد ال بفظه‬
‫من أن تسه يد التغيي والتبديل ‪ ,‬حيث يقول( إنا نن نزلنا الذكر وإنا له لافظون)ليبقى مشعلً‬
‫مضيئا ‪ ,‬تستهدي به البشرية ف مسيتا الدائمة ‪ ,‬إل أن يرث ال الرض ومن عليها‪ ,‬قال سبحانه(‬
‫وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ول اليان ولكن جعلناه نورا ندي‬
‫به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إل صراط مستقيم) وجعل أتباع نبيه ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫والتمسك بسنته موجبا لحبته سبحانه ‪ ,‬قال تعال( قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر‬
‫لكم ذنوبكم) ‪.‬‬
‫وقرن طاعته بطاعته ف الكثي من اليات كقوله سبحانه( من يطع الرسول فقد أطاع ال) وقوله(‬
‫ومن يطع ال ورسوله يدخله جنات تري من تتها النار) وقوله( ومن يطع ال والرسول فأولئك‬
‫مع الذين أنعم ال عليهم) وغيها من اليات ‪.‬‬
‫و أوجب مبته على اللق كما قال تعال( قل إن كان اباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم‬
‫وعشيتكم ‪ -‬إل قوله ‪ -‬أحب إليكم من ال ورسوله فتربصوا) وكما ف الديث الصحيح من قول‬
‫عمر رضي ال عنه ‪:‬‬

‫‪395‬‬
‫( رسول ال لنت أحب إل من كل شيء إل من نفسي ‪ ,‬فقال‪ :‬ل يا عمر ‪ ,‬حت أكون أحب إليك‬
‫من نفسك ‪ ,‬قال ‪ :‬فأنت وال يا رسول ال أحب إل من نفسي ‪ ,‬قال ‪ :‬الن يا عمر) وقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫( ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجعي) متفق عليه ‪.‬‬
‫وبناسبة ما تناقلته وسائل العلم الختلفة عن إقدام بعض الاقدين على السلم ونب السلم عليه‬
‫الصلة والسلم على نشر صور وقحة‪ ,‬وتعليقات قبيحة مصاحبة لا ف إحدى الصحف الصادرة ف‬
‫كوبنهاجن عاصمة الدانارك زعم ناشروها أنا تثل الرسول الكري ممدا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وهي‬
‫صور وتعليقات ل توجد إل ف ميلة مروجيها من أكل القد والكراهية للسلم ونب السلم قلوب‬
‫دعاتا ‪ .‬ومعلوم أن أنبياء ال ورسله هم خي البشر‪ ,‬وهم الذين أختارهم ال لمل رسالته ‪,‬‬
‫وإبلغها لعامة اللق ‪ ,‬فواجب اللق تاههم اليان بم ‪ ,‬ونصرتم ‪ ,‬وتعزيزهم ‪ ,‬وتوقيهم ‪ ,‬وقبول‬
‫ما جاءوا به من عند ال ‪ ,‬قال تعال( آمن الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال‬
‫وملئكته وكتبه ورسله ل نفرق بي أحد من رسله ) ‪ .‬وقد أخب سبحانه أن رسله منصورون بنصره‬
‫فقال( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا ف الياة الدنيا ويوم يقوم الشهاد)‪.‬‬
‫وإننا إذ نستنكر هذا البهتان العظيم الوجه لنب السلم وخات النبيي عليه الصلة والسلم لعلى يقي‬
‫بأن ال سبحانه ناصر لنبيه‪ ,‬وخاذل ل عدائه‪ ,‬كما قال سبحانه(إل تنصروه فقد نصره ال إذ أخرجه‬
‫الذين كفروا ثان اثني إذ ها ف الغار إذ يقول لصاحبه ل تزن إن ال معنا) وقال تعال( والذين‬
‫يؤذون رسول ال لم عذاب أليم) وقال سبحانه(إنا كفيناك الستهزئي)وقال ) إن الذين يؤذون ال‬
‫ورسوله لعنهم ال ف الدنيا والخرة وأعد لم عذابا مهينا) وقال سبحانه( وال يعصمك من الناس )‬
‫وقال ( إن شائنك هو البتر) ووعده ال سبحانه حق‪ ,‬وقوله صدق ‪ .‬ومعلوم أن سب الرسول‬
‫والستهزاء به‪ ,‬انتهاك لرمته‪ ,‬وتنقيص لقدره‪ ,‬وإيذاء ل ولرسوله ولعباده الؤمني‪ ,‬وتشجيع للنفوس‬
‫الكافرة والنافقة على اصطلم أمر السلم‪ ,‬وطلب إذلل النفوس الؤمنة‪ ,‬وإزالة عز الدين ‪ ,‬وإسفال‬
‫كلمة ال ‪ ,‬وأذاهم من أبلغ السعي فسادا ‪.‬‬
‫وقد أخبنا ال سبحانه أن أعداءه سيواصلون شرهم وأذاهم‪ ,‬وأمرنا بالصب والصابرة فقال تعال‬
‫(لتبلون ف أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قلبكم ومن الذين أشركوا أذى‬
‫كثيا وإن تصبوا وتتقوا فإن ذلك من عزم المور) ويب على كل مسلم نصرة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وتعزيزه وتوقيه ‪ ,‬كما قال تعال(لتؤمنوا بال ورسوله وتعزروه وتوقروه) وتعزيزه ‪:‬‬
‫يشمل نصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه ‪ ,‬والتوقي ‪ :‬اسم جامع لكل مافيه سكينة وطمأنينة من‬
‫الجلل والكرام‪ ,‬وأن يعامل من التشريف والتكري والتعظيم با يصونه عن كل ما يرجه عن حد‬
‫الوقار‪ .‬ونظرا لا أثاره هذا الجوم الوقح على نب السلم عليه أفضل الصلة وأت التسليم ‪ ,‬من أل‬
‫واستياء وأذى لميع السلمي ف مشارق الرض ومغاربا‪ ,‬فإنن أدعو السئولي ف حكومة الدانارك‬
‫بأن تاسب الصحيفة الت نشرت هذه الرسوم‪ ,‬وتلزمها بالعتذار عن جريتها النكراء‪ ,‬وتوقع الزاء‬

‫‪396‬‬
‫الرادع على من شارك ف إثارة هذا الوضوع ‪ ,‬فهذا أقل ما يطالب به السلمون ‪ .‬نسأل ال جلت‬
‫قدرته أن يفظ نبيه ورسوله من كيد الكائدين‪ ,‬وعدوان العتدين‪ ,‬وظلم الظالي ‪ ,‬كما نسأله‬
‫سبحانه أن ينصر دينه ‪,‬ويعلي كلمته ‪ ,‬إنه على كل شيء قدير‪ ,‬وحسبنا ال ونعم الوكيل ‪ ,‬ولحول‬
‫ول قوة إل بال العلي العظيم ‪.‬‬
‫=========================‬
‫لن نوت إذا خلت موائدنا من خيات البقرات الدناركية‬
‫حي تترم نفسك يترمك الناس‪ ..‬وحي تترم العقيدة الت تملها يترمك العال‪ ،‬هذه ببساطة هي‬
‫القواني والعراف الت يتكم إليها كل البشر‪ ،‬من يتخلّ عن عقيدته ومبادئه يصبح ف نظر العال‬
‫إنسانا بل هوية‪ ،‬وبالتال هو إنسان مسلوب الق ف العتراض على أي إهانة يتعرض لا‪ ،‬وحت لو‬
‫رفض الهانة فلن يغي ذلك من المر شيئا‪ ،‬حسنا هل يترم السلمون عقيدتم بشكل جيد حي‬
‫يسافرون إل الغرب؟ وهل هم سفراء حقيقيون لبادئهم وقيمهم الرفيعة والعالية حي يثلون بلدانم ف‬
‫الحافل الدولية؟ وقبل ذلك هل لم مواقف معروفة ف التصدي لن يهي مقدساتم أو رموزهم ف‬
‫الداخل والارج؟‪ ،‬وحي تكون الجابة على تلك السئلة مرضية ومقبولة فسنستطيع النتصار على‬
‫من أهان نبينا الكري صلى ال عليه وسلم ف الدنارك وف غيها‪ ،‬لكن ما يدث اليوم هو حى‬
‫رسائل جوال فقط‪ ،‬شعوب تعب عن ردة فعل وقتية ل تصنع مواقف واضحة أو ثابتة‪ ،‬بعد أن فشلت‬
‫أغلب حكومات الدول السلمية ف تبن موقف حازم يلغي هذا العبث الذي طال وسيطول‪ ..‬يستمر‬
‫النكرات ف التسلق على أكتاف هذا الدين ورسوله الكري صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بجة حرية الرأي‬
‫والتعبي‪ ،‬وتتم حايتهم والغداق عليهم غربيا‪ ،‬وكل ما نلكه ماضرة ورسالة جوال‪ ،‬وتديد ووعيد‬
‫بقاطعة الرز والزبدة‪ ،‬فعادة ل تتعدى مقاطعتنا التنفيس والشاركة الوجدانية‪ ،‬وتذكروا هنا ‪ -‬إن كان‬
‫لكم ذاكرة ‪ -‬مصاحف جوانتانامو الت رميت ف الراحيض ودورات الياه‪ ،‬ف القابل تتواصل‬
‫مسرحية (الولوكوست) ف السيطرة على عقل العال برغم زيفها لنا وجدت من يدعمها وينفخ‬
‫فيها ليل نار‪ ،‬بالال والقلم والعقل‪ ،‬إنن أحسد اليهود حي يستطيعون ترير كذبة وتويلها إل‬
‫أسطورة‪ ،‬ف حي أفشل أنا السلم ف تعريف العال (فقط بالقيقة) إن التخطيط السليم يوصلك‬
‫للهدف‪ ،‬وهو ما فشلنا ونفشل فيه دائما كعرب ومسلمي‪ ،‬أسبوع كامل وأنا أتابع وسائل العلم‬
‫السلمية ول أجد أي عمل منظم أو موقف جاعي‪ ،‬وشعرت بالذل ول أرفع رأسي إل حي‬
‫استدعت حكومة بلدي سفينا من كوبنهاجن‪ ،‬إنه موقف رائع ونن نطالب بالزيد‪ ،‬أما بقية الدول‬
‫(فالنوم سلطان) أكثر من مليار من السلمي يتألون اليوم‪ ،‬وحكوماتم تنام ف العسل وتغمس ف‬
‫الزبدة الدناركية‪ ،‬إنن مع القاطعة بشرط أن تستمر وأل تكون (زوبعة ف فنجان)‪ ،‬لنتعلم من اليهود‬
‫ف هذه السألة على القل‪ ،‬ففي النهاية لن نوت إذا خلت الائدة من خيات بقرات الدنارك‪ ،‬وما دام‬
‫لديهم حرية تعبي‪ ،‬فلدينا أيضا حرية ف الشراء والختيار‪ ،‬وتبعا لواقفهم تاهنا يب أن تكون العاملة‬

‫‪397‬‬
‫والشراء والشاركة القتصادية‪ ،‬عذرا يا حبيب يا رسول ال‪ :‬فأمتك اليوم مقطعة الوصال والواقف‬
‫مشغولة‪ ،‬إل أن ييء الصباح ويستيقظ شهريار‪ ،‬وسيستيقظ ل مالة‪.‬‬
‫ممد علي البيدي ‪ -‬رجال ألع‬
‫============================‬
‫لنتحاور مع أنفسنا‪ ..‬ث نتحاور مع الخرين‬

‫الكاتب‪ :‬عبد الباقي صلي‬


‫الرب على السلم وعلى السلمي ليست وليدة الساعة‪ ،‬كما أنا ليست بالديدة أو بالمر الغريب‬
‫الستهجن‪ ،‬فالتاريخ حافل بكل صنوف التآمر والعتداء على السلم سواء ما تعلق منه بتشويه‬
‫صورته‪ ،‬والطعن ف تعاليمه السمحة‪ ،‬والط من قيمة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أو بتمزيق‬
‫أوصال المة السلمة‪ ،‬باحتلل أراضيها عنوة تارة‪ ،‬وبكسر إجاعها ونقض غزلا عن طريق إحياء‬
‫القدي من عصبيات الاهلية الول تارة أخرى‪.‬‬
‫ولتزال الشواهد كثية على أن الستعمار الصليب الاقد‪ ،‬هو نفسه ل يغي نط تفكيه التوسعي‬
‫الظال‪ ،‬ول يغي من خططه واستراتيجيته قيد أنلة‪ ،‬ف تعامله مع السلم وأمته المتدة على طول خط‬
‫طنجة ‪ -‬جاكرتا‪ ،‬وإن أخذ لنفسه صورة عصرية‪ ،‬مستعملً لغة فيها الكثي من الفردات الميلة‬
‫الحببة للنفس‪ ،‬كحقوق النسان والديقراطية وحرية التفكي وحرية التعبي وحرية تقرير الصي‬
‫وحوار الضارات وتقارب الديان وتواصل الثقافات‪ ،‬وشت الصطلحات الثخنة برني العصرنة الت‬
‫يويها القاموس الستعماري‪.‬‬
‫لكن رغم كل ما يتميز به هذا الستعمار الصليب الاقد‪ ،‬ورغم معرفة هذه المة بكل تركاته‬
‫وأطماعه‪ ،‬فإنه ليزال يتغلغل للسف الشديد ف رقعتها الغرافية‪ ،‬وليزال مافظا على موقعه‬
‫الستغلل‪ ،‬مستحوذا على نفس المتيازات الت كان يتلكها‪ ،‬عندما كان هو المر والناهي على‬
‫معظم الراضي العربية والسلمية‪.‬‬
‫ومن السذاجة بكان أن نقول إن الستعمار الصليب قد رحل من غي رجعة‪ ،‬ول يعد له وجود أو أثر‬
‫على الراضي العربية والسلمية الت كانت تت طائلته‪ ،‬وإن غيابه الفعلي اليدان يعن عدم حضوره‬
‫ف كل كبية وصغية من حياة العرب والسلمي‪ ،‬ومن يريد أن يتأكد من ذلك فلينظر إل حال‬
‫العرب والسلمي‪ ،‬ويستحكم عقله ف كل ما يري داخل الدول العربية من جود وخنوع واعتماد‬
‫شبه مطلق على سواعد نفس الستعمار الصليب‪ ،‬وما تود به هذه السواعد من منتجات غذائىة‪،‬‬
‫وأشياء أخرى تستعمل كلية ف معاش هذه الشعوب العربية والسلمية‪ ،‬وقد قالا صرية ومن دون‬
‫مواربة السفي الدناركي ف الزائر‪ ،‬على خلفية مقاطعة السلمي للمنتجات الدناركية‪ ،‬ولو من باب‬
‫الزاح ‪ -‬وهذا جزء يسي من مكنونم القيقي تاهنا ‪ -‬إن العرب والسلمي إذا قاطعوا منتجاتنا‬
‫فماذا سيأكلون؟ وقد كان السفي مقا ف ما يقول‪ ،‬بل منصفا كونه نبّه العرب والسلمي‪ ،‬وحاول‬

‫‪398‬‬
‫إيقاظهم من سباتم الطويل‪ ،‬وإن كانت لفظته مرد زلة لسان‪ ،‬تعب عن فكر رجل يدرك مغزى‬
‫ومعان ما ينطق به من كلمات‪.‬‬
‫وتضرن مقولة قالا الشيخ ممد الغزال رحه ال ف ماضرة له‪ ،‬إن نفس الستعمار الصليب لو أخذ‬
‫منا منتجاته‪ ،‬بالملة والفرق‪ ،‬لوجدنا أنفسنا نن العرب والسلمي جياعا وعراة حفاة‪ ،‬لننا ببساطة‬
‫شديدة ل نزرع ما نأكل ول ننتج ما نلبس‪.‬‬
‫هذه هي القيقة الت ينبغي التسليم با‪ ،‬واحترام كل من يواجهنا با‪ ،‬أو ينبهنا إليها‪ ،‬سواء كان‬
‫صديقا أو عدوا‪ ،‬كما يتوجب علينا أن نقر بأن المة العربية والسلمية تعيش عالة على غيها‪،‬‬
‫ولتزال مقيدة بأغلل التكالية‪ ،‬وأغلل فكرة تغليب الستهلك على النتاج‪ ،‬وعدم التفكي ف‬
‫الستقبل‪ ،‬وإن كانت هي الت لتزال تد استعمار المس بكل متطلبات النتاج والواد الام‪.‬‬
‫ولقد أتيحت للمة السلمية على خلفية الرسوم السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الفرصة كي‬
‫تراجع نفسها‪ ،‬وتعرف قيمتها‪ ،‬بأن تنظر إل ما تسنه‪ ،‬ول تعتمد على ما يأتيها عب بارها وأجوائها‪،‬‬
‫كما أتيحت لا الفرصة بأن تستجمع قواها الهدرة ف ما ل فائدة منه‪ ،‬وتتقارب فكريا ومفاهيميا ما‬
‫دامت العاطفة السلمية استطاعت أن توحد الميع من الشرق إل الغرب‪ ،‬ومن الشمال إل‬
‫النوب‪.‬‬
‫السلمون على تعدادهم الكبي قادرون اليوم أن يقلبوا الكفة لصالهم‪ ،‬ويققوا الطوة العجزة نو‬
‫الستقبل غي القيد با يود به الستعمار الصليب من سلع تكاد تقترب من النفايات‪ ،‬وبتكنولوجيا‬
‫تلب فقط النهم الستهلكي‪ ..‬وبا أن الجاع حاصل على مقاطعة كل منتجات الدنارك الت ل‬
‫تقبل أن تتنازل عن كبيائها مثقال ذرة‪ ،‬كي تعترف بريتها النكراء‪ ،‬وتعتذر للمسلمي على ما بدر‬
‫منها من تلك الرسوم السيئة للرسول ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإن مواصلة حلة القاطعة تصبح ف‬
‫حكم الفرض الشرعي‪ ،‬وليوز لي كان أن يشق هذا الجاع مهما كانت صفته‪ ،‬ومهما بلغ‬
‫مقامه‪.‬‬
‫وقد كنا نأمل من الدكتور طارق سويدان‪ ،‬الذي كان أكثر حزما ف مؤتر كوبنهاجن عندما طالب‬
‫برية التعبي حول الحرقة اليهودية الولوكوست ومعاداة السامية‪ ،‬أل يستدرج للحوار مع الدنارك‬
‫قبل أن يكتمل الوار مع بقية علماء المة القادرين على استنباط الكم ف مثل هذه السائل‬
‫الساسة‪ ،‬ما دامت الماهي السلمة لتزال تعيش حالة من الراك والديناميكية‪ ،‬ولتزال على أهبة‬
‫الستعداد لن تقبل بأي توجيه يؤدب الستهترين من الدناركيي ومن حالفهم على مسلكهم‬
‫الوضيع‪ ،‬لن هذا الراك الماهيي السلمي العريض ف واقع المر والال يعتب ظاهرة صحية‪،‬‬
‫يكشف واقع هذه المة الترامية الطراف‪ ،‬بأنا أمة وإن كانت مريضة لكنها ليست أبدا أمة ميتة‪.‬‬
‫فالسلمون أثبتوا من خلل مقاطعة النتجات الدناركية ‪ -‬والقيقة ليست الدنارك منذ خلت فقط‬
‫على خط نار الواجهة العلنية‪ ،‬فلقد نسينا على سبيل الثال إسبانيا وألانيا ونيوزلندا والنرويج‪ ،‬وهذه‬
‫الدول معظمها ل تتعرض منتجاتا للمقاطعة كما تعرضت منتجات الدنارك ‪ -‬إنم يتلكون القدرة‬

‫‪399‬‬
‫الفعلية على خلخلة الوازين‪ ،‬وزعزعة اقتصاديات الدول متمعة بدلً من دولة واحدة‪ ،‬وهذه تعتب‬
‫الطوة الول ف طريق العتماد على النفس‪.‬‬
‫وإذا ما سحنا لنفسنا وعاتبنا الذين زاروا الدنارك‪ ،‬فذلك من باب الرص على عدم تشتيت جهود‬
‫الماهي السلمة العريضة الت عبت بعفوية شديدة عما تشعر به‪ ،‬وتتحسسه من عاطفة دينية متقدة‪،‬‬
‫وكذا الدخول ف متاهات الدل العقيم الذي ل يدم أحدا من المة العربية والسلمية ف هذا‬
‫الوقت الساس والعصيب‪ ،‬ولكن يدم الستعمار الصليب الاقد‪ ،‬ومططاته الهنمية‪ ،‬لكي يبقى‬
‫على نفس اليقاع الحتلل الذي تعود عليه منذ عدة قرون‪.‬‬
‫مؤتر كوبنهاجن كان من الحرى له أل يكون‪ ،‬لسبب واحد ووحيد‪ ،‬كونه جاء ف وسط قمة ردود‬
‫فعل السلمي على ما تسببته الرسوم السيئة للرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬اضافة ال ضبابية الرؤية‬
‫حول مغزى الدناركيي ‪ -‬الذين كانوا ف موقفهم أعزاء‪ ،‬ورحاء ف ما بينهم‪ ،‬ل يقبلوا حت‬
‫بالعتذار ولو نفاقا أو دبلوماسية ‪ -‬من هذا الؤتر ولو أنه كان من الوهلة الول يهدف إل زعزعة‬
‫الصف السلمي‪ ،‬وتفريق الهود السلمية من جديد‪ ،‬بعد أن استطاعت الساءة للرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم من قبل رعاع الصحافة الدناركية‪ ،‬أن تمعها على قلب رجل واحد‪ ،‬وترك شيبها‬
‫وشبابا‪ ،‬ونساءها‪ ،‬وأطفالا من الحيط إل الليج‪.‬‬
‫وليست هذه الرة الول الذي ياول فيها الستعمار صرف الحداث عن مسارها الطبيعي عندما‬
‫يشعر بالطر يداهه‪ ،‬أل يدوسوا على الصحف الشريف بنعالم‪ ،‬أل يستبيحوا حرمات هذه المة‬
‫وليزالون ف العراق وفلسطي‪ ،‬أل ترفع بريطانيا العظمى‪ ،‬من شأن ومقام صاحب آيات شيطانية‬
‫سلمان رشدي‪ ،‬وهو الخربش الذي ل يكن له اسم يذكر ف سجل الكتاب الفاشلي فضلً عن‬
‫وجوده ضمن الكتاب الرموقي‪ ،‬كل هذه الحداث تكن الستعمار من إخراجها عن مسارها‪،‬‬
‫وبقيت بعد ذلك مرد ذكرى مأساوية!!‬
‫الوار الذي تنينا أن يكون قبل مؤتر كوبنهاجن‪ ،‬هو ذلك الوار الذي يكون بي كل القوى العاملة‬
‫ف القل السلمي‪ ،‬الت تؤمن بأن التغيي القيقي ينطلق من مثل هذه الحداث‪ ،‬كما يعب على ذلك‬
‫الكاتب الكبي ممد حسني هيكل «ربا كان الول أن نبدأ حوارا مع النفس نعرف فيه بالضبط من‬
‫نن‪ ،‬وأين نن؟ وماذا نريد»؟‬
‫فكان أول أن نتفق ومن غي تدخل طرف آخر‪ ،‬دناركي أو غيه‪ ،‬على جلة منطلقات نأخذ با ف‬
‫هذه الرحلة الرجة الت تعيش فصولا المة العربية والسلمية‪ ،‬لنعرف الطوات الكفيلة اتاذها ف‬
‫الستقبل‪ ،‬ومتلف اليكانزمات اللئمة لذلك‪ ،‬وحت ليتكرر سيناريو المار الذي كان يضرب على‬
‫بطنه فكان يقول إنن أسع صوت طبل قريبا من‪ ،‬ولا جاءته الضربة على أم رأسه نّق وقال‪ :‬ل أكن‬
‫أعلم أن صوت الطبل انتقل إل رأسي‪.‬‬
‫لن الستعمار الصليب الاقد هو نفسه ل يتغي‪ ،‬كما ليزال على حقده التاريي الصليب الدفي‪،‬‬
‫ومن الصعب جدا معرفة خططه الاكرة بذه البساطة الت يدعو لا بعض من تبوءوا منب الدعاة‪ ،‬ول‬

‫‪400‬‬
‫أجد صراحة تعبيا بليغا قيل ف الستعمار كالذي قاله الفكر الزائري مالك بن نب «ف الواقع عند‬
‫الستعمار معلومات عنا‪ ،‬أكثر بكثي ما عندنا‪ ،‬إنه يكيف بكل بساطة موسيقاه وفقا لنفعالتنا‪،‬‬
‫ولعقدنا‪ ،‬ولنفسيتنا‪ ،‬إنه يعرف مثلً أننا تاهه ل نفعل‪ ،‬وإنا ننفعل‪ ،‬وهو عندما يكون قد دخل مرحلة‬
‫التفكي ف مشاكل الغد‪ ،‬ف الفر الوحلة‪ ،‬الت يريد أن يوقعنا فيها‪ ،‬نكون نن لنزال نفكر ف‬
‫مشاكل المس‪ ،‬ف التخلص‪ ،‬من الفر الوحلة الت أوقعنا فيها فعلً‪.‬‬
‫ف ضوء كل ما سبق كان الجدر أل يس الدار السلمي بأي زعزعة سببه اللف والختلف‪،‬‬
‫حت ل يد الطرف الخر الفرصة مواتية لدمه نائىا بعد ذلك‪ ،‬كما كان الجدر بالذين زاروا‬
‫كوبنهاجن حت لو أحسنوا الكلم والدفاع عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أن يقبلوا حوار النفس‬
‫والذات أولً‪ ،‬قبل أن يطالبوا بالوار مع الخر‪ ،‬خاصة أن الخر وجه استعماري معلومة مطامه‬
‫ومطامعه‪ ،‬حت لو كان دولة الدنارك الت ل يذكرها التاريخ بكثي من السوء‪ ،‬ف علقتها مع العرب‬
‫والسلمي‪.‬‬
‫والستعمار ليس فقط من عرف بالوحشية‪ ،‬واستبعاد الشعوب‪ ،‬واستغلل خياتا ف الاضي‪ ،‬بل‬
‫الستعمار هو كل سياسة ماكرة تطبق على الشعوب عنوة‪ ،‬وترمهم من النهوض ليتملصوا من كل‬
‫أشكال التواكل والتبعية‪ ،‬لكن هل يرؤ هذا الستعمار على التوسع والسيطرة لو ل تكن هذه‬
‫الشعوب تسكنها وجدانيا القابلية للستعمار بتعبي الفكر الزائري مالك بن نب؟؟؟‬
‫صحيفة الشرق القطرية‬
‫===========================‬
‫ليس فقط نبينا صلى ال عليه وسلم‬
‫الكاتب‪ :‬السيد بن عبد الميد العزازي‬
‫المد ل علي نعمة السلم وكفي با نعمة ‪ .‬المد ل العلي القدير ‪ .‬والصلة والسلم علي البعوث‬
‫رحة للعالي خي اللق والرسلي ممد بن عبد ال عليه أفضل الصلة وأت التسليم ‪.‬‬
‫أعداء السلم من أهل الكتاب بعد أن أذهلهم القران ببيانه وأحكامه ‪ ،‬ول يستطيعوا أن ينالوا منه‬
‫شيئا راحوا يرمون بسهامهم السمومة على البيب صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ويار العقل حي يفكر ف هذا السلوب الرخيص ‪ ،‬وهذه البذاءة الت ل تليق بعامة الناس فضل عن‬
‫الكتاب والثقفي ناهيك عن رجال الدين و ( البشرين ) ‪ .‬وما يسلي الرء أن هذا دأب القوم مع كل‬
‫أنبياء ال وليس مع البيب ـ صلى ال عليه وسلم ـ وحده فما سلم منهم أحد من أنبياء ال ‪.‬‬
‫ل تعجب ‪ ...‬ول تعجل ‪ .‬نعم هذا دأبم مع كل أنبياء ال ‪.‬‬
‫وها أنذا أعرض عليك أيها القارئ الكري ما يقول القوم ف أنبياء ال وكيف أن قلة أدبم طالت‬
‫الميع لتعلم أن اللل ف هذه النفوس الت تعتنق دين النصرانية ‪ . . .‬لتعلموا أن الشكلة أخلقية‬
‫وليست مشكلة حق يراد بيانه ول باطل يريد دحضه ‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫نسب اليهود و من بعدهم النصارى لنبياء ال أعمالً تقشعر منها اللود و تشمئز منها النفوس ؛ بل‬
‫ل نبالغ إن قلنا أن ف سي النبياء عندهم ما يفوق فعلة قوم لوط و فرعون و ثود ‪ ،‬فالنبياء عندهم‬
‫ل حرمة لم و ل تنيه عن فاحشة أو رذيلة ‪! .‬‬
‫وهذا مدون ف كتبهم بنصوص صرية ل تتمل التأويل ول ينكرها القوم بل ( يتعبدون ) ال با ‪.‬‬
‫ــ نب ال هارون عندهم هو الذي صنع العجل وعبده مع بن إسرائيل ( سفر الروج ‪) 1 :32 :‬‬
‫ــ وعندهم أن خليل ال إبراهيم ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلة والتسليم ــ قَ َدمَ امرأته سارة‬
‫إل فرعون حت ينال متاعا بسببها ‪ .‬فقد نزعوا من أب النبياء ـ عليه السلم ـ الروءة والغية على‬
‫العرض ‪ .‬ث ــ وتعجب ‪ .‬وحق لك ـــ يترفع فرعون عن مواقعه سارة بدافع الروءة والنخوة‬
‫ويدعها لبراهيم ويوبه أن قدم زوجته له ‪( .‬سفر التكوين ‪))14:12‬‬
‫ــ وعندهم أن نوحا عليه السلم ــ شرب المر وتعرى وضاجع بنتاه ( سفر التكوين ‪: 9 :‬‬
‫‪ 20‬وما بعدها ) ‪.‬‬
‫ـــ ويفترون على نب ال لوط ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلة والسلم ـــ أن ابنتاه سقتاه‬
‫المر فشرب حت ذهب عقله ‪ ،‬ث قام فزن بإحداها ليلة كاملة ‪ ،‬وف الليلة الثانية تكررت الفعلة مع‬
‫البنت الثانية ‪ .‬قطع ال لسانم ‪ ( .‬راجع سفر التكوين الصحاح التاسع من العدد ‪ 30‬وما بعدها ) ‪.‬‬
‫وإن تعجب فمن قول كبي الضالي ف مصر ـــ شنودة ــ حي راح يبر هذه الفعلة بقولة ‪( :‬‬
‫ل مؤمنا ) ‪.‬‬
‫أن إبنت لوط قد فعلتا ذلك لتنجبا منه نس ً‬
‫أغفل عن الكمة نب ال لوط وفطن إليها شنودة ؟ !!‬
‫وهل ينتشر عضوا لن سكر حت الثمالة ؟!‬
‫أبدا ‪.‬كله كذب ‪.‬‬
‫ـ وعندهم أن نب ال سليمان ـ عليه السلم ــ ولدُ زن أنبه داود حي زن بزوجة أمي اليش‬
‫اوريا الثي ‪ ،‬وأنه ــ سليمان عليه السلم ــ ارتد ف أخر عمره و عبد الصنام و بن لم العابد‬
‫‪ ،‬وذلك حي غوته النساء ‪ ( .‬سفر اللوك ‪ )1:11‬وراجع أيضا ( سفر صموئيل الثان اصحاح ‪) 11‬‬
‫‪.‬‬
‫ــ وعندهم أن نب ال يعقوب ـ عليه السلم ــ سرق مواشي حيه و خرج بأهله خلسة دون‬
‫أن يعلمه ( تكوين ‪)17:31‬‬
‫وكذا أن راوبي زن بزوجة أبيه يعقوب و علم يعقوب بذلك الفعل القبيح و سكت عنه ‪.‬‬
‫بل ل يسلم منهم السيح ــ عليه السلم ــ فعندهم أن السيح عيسي بن مري ــ عليه السلم‬
‫ــ ‪:‬‬
‫ـــ من نسل الزن ‪ .‬وذلك طبقا لا ورد ف إنيل مت (‪ ( )10-1‬أن عيسى بن سليمان بن‬
‫داوود و جدهم الكب فارض الذي هو من الزنا من يهوذا بن يعقوب ) ‪.‬‬

‫‪402‬‬
‫ــــ وأنه كان عاقا لمه ‪ ...‬ل يناديها مرة بلفظ أمي ف أي موضع من الناجيل ‪ ،‬وكان يهينها‬
‫ل ( يا امرأة ) بذات الصيغة الت كان ياطب با الرأة‬ ‫و يعاملها باستحقار أمام الناس و ياطبها قائ ً‬
‫ل ‪ (( :‬مال ولك يا إمرأة ! ))‬ ‫الزانية أو (الكلبة) الكنعانية ‪ .‬إذ كان يناديها ف وسط الضور قائ ً‬
‫يوحنا [ ‪. ( 4 : 2‬‬
‫ـــ و أن السيح شهد بأن كل النبياء الذين قاموا ف بن إسرائيل لصوص (يوحنا‪. )7:10‬‬
‫ــ وأن السيح كان يتعرى أمام تلميذه و يتعامل معهم بشكل مثي للريبة فكان يتعرى ‪.‬واسع‬
‫(( قام عن العشاء وخلع ثيابه واخذ منشفة واتّزر با‪ .‬ث صبّ ماء ف مغسل وابتدأ يغسل أرجل‬
‫التلميذ ويسحها بالنشفة الت كان متزرا با‪ ( .‬يوحنا‪. ) 4:13‬‬
‫ل لم ‪ (( :‬يا أولد الفاعي ))‬ ‫وعندهم أن السيح كان سبابا شتّاما ‪ ،‬فقد سبّ معلمو الشريعة قائ ً‬
‫مت [ ‪] 7 : 3‬‬
‫ل لم ‪ (( :‬أيها الهال العميان )) مت [ ‪] 17 : 23‬‬ ‫وسبهم ف موضع آخر قائ ً‬
‫_ وقد شتم تلميذه ‪ ،‬إذ قال لبطرس كبي الواريي ‪ (( :‬يا شيطان )) مت [ ‪] 23 : 16‬‬
‫_ وشتم آخرين منهم بقوله ‪ (( :‬أيها الغبيان والبطيئا القلوب ف اليان ! )) لوقا [ ‪] 25 : 24‬‬
‫مع انه هو نفسه الذي قال لم قد اعطى لكم أن تفهموا اسرار ملكوت ال !! لوقا [ ‪] 10 : 8‬‬
‫_ بل إن السيح شتم أحد الذين استضافوه ليتغدى عنده ‪ ،‬شتمه ف بيته جاء ف إنيل لوقا [ ‪: 11‬‬
‫‪] 39‬ما نصه ‪ ( :‬سأله فريسي أن يتغذى عنده ‪ .‬فدخل يسوع واتكأ ‪ .‬وأما الفريسي فلما رأى ذلك‬
‫تعجب أنه ل يغتسل أولً قبل الغداء فقال له الرب ‪ :‬أنتم الن أيها الفريسيون تنقون خارج الكأس‬
‫وأما باطنكم فمملوء اختطافا وخبثا يا أغبياء ! ويل لكم أيها الفريسيون ! ‪ . . .‬فأجاب واحد من‬
‫النامسيي وقال له ‪ :‬يا معلم ‪ ،‬حي تقول هذا تشتمنا نن أيضا ‪ .‬فقال ‪ :‬وويل لكم أنتم أيها‬
‫الناموسيون ! ))‬
‫و هذا قطعا ليس من خلق النبياء ‪ .‬فما كان الرفق ف شيء إل زانه و ما رفع من شيء إل شانه كما‬
‫علمنا البيب صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫هكذا يتكلم النصارى على أنبياء ال جيعهم ‪ .‬فلم يسلم منهم أحد ‪.‬‬
‫والسؤال من يقدس النصارى ؟‬
‫إنم ل يعتقدون الناهة والعصمة إل ف الحبار والرهبان ‪ ،‬فسية ( كيلس ) و ( بطرس ) و‬
‫( جرجس ) و ( شنودة ) عندهم أطهر من سية رُسل ال ‪.‬‬
‫الباباوات ل يطئون ‪ . . .‬معصومون ‪ . . .‬لم ( القداسة ) ‪ .‬يغفرون ‪ ...‬ويلون ‪ . . .‬ويرمون ‪.‬‬
‫‪ . .‬وصدق ال العظيم " (اتّخَذُواْ أَحْبَا َرهُمْ َو ُرهْبَاَنهُمْ َأرْبَابا مّن دُونِ الّل ِه وَالْ َمسِي َح ابْ َن َمرْيَ َم َومَا‬
‫شرِكُونَ) (التوبة ‪) 31 :‬‬ ‫ُأ ِمرُواْ إِلّ لَِيعْبُدُواْ إِلَها وَاحِدا لّ إَِلهَ إِ ّل ُهوَ سُْبحَاَن ُه عَمّا ُي ْ‬
‫فالمد ل على نعمة السلم ‪ ،‬والمد ل الذي جعلنا من أمة ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬الذي ما‬
‫عرفت البشرية خيا منه ‪.‬‬

‫‪403‬‬
‫عدوك مذموم بكل لسان * * * ولو كان من أعدائك القمران‬
‫ول سر ف علك وإنا * * * كلم العدا ضرب من الزيان‬
‫===========================‬
‫مؤتر الدانارك‪ ..‬فشل متوقع‬

‫الكاتب‪ :‬د ‪ .‬نورة خالد السعد‬


‫فوجئتُ مثل العديدين غيي من عقد عمرو خالد منذ اسبوعي لؤتر صحفي غيّر فيه لغة حواره مع‬
‫الشباب وتدث عن الدانارك السالة الت تتعرض لذه القاطعة ونادى بضرورة (الوار) مع‬
‫الداناركيي وكان واضحا ف ذلك الؤتر الرتالية وعدم التنسيق مع بقية التادات السلمية كي‬
‫نوحد صفوفنا على القل ف هذه القضية الصيية‪ ..‬ولوحظ ان معظم الشباب الذين حضروا اللقاء ‪-‬‬
‫لن شاهده ‪ -‬عب القنوات الت بثته أنم ف حية من لغة خطاب الداعية عمرو خالد الديدة‪..‬‬
‫وحاوروه فيها!!‪.‬‬
‫ونشر منذ يومي عزمه على الذهاب للدانارك للمشاركة ف مؤتر تستضيفه الكومة الدناركية الت‬
‫رفضت ول تزال ترفض العتذار ول تزال تعلى من قدسية (حرية التعبي)!! وتول هذا الؤتر شركة‬
‫لرا!! ووزارة الارجية الدناركية وسيشرف على تنظيمه العهد الداناركي للدراسات الدولية الذي‬
‫يتبع جزئيا الكومة الداناركية!!‪.‬‬
‫وهكذا استطاعت زيارات خافيي سولنا أن تؤت ثارها لرق وحدة جهودنا بصفتنا مسلمي وكان‬
‫مفروضا أن ل يتم عقد هذا الؤتر وفق أجندة الدانارك الت ترفض العتذار رسيا وترى ف‬
‫مظاهرات الحتجاج على هذه الرسوم السيئة تصرفا غي مبر بل ويردد أول أو هلر أولسن النسق‬
‫العام لذا الؤتر (أن هذا الؤتر سيحاول نقل رسالة إل العال السلمي مفادها أن موجة الغضب‬
‫العارمة حان الوقت لا لكي تتوقف)!!‪.‬‬
‫لحظوا لغة المر!! بل ويرى ف دعوة الشيخ يوسف القرضاوي يفظه ال وهو رئيس اتاد علماء‬
‫السلمي ومطالبته الكومة الداناركية والتاد الوروب بالعتذار أول على نشر هذه الرسوم‪ ..‬يراها‬
‫ل تثل وجهات نظر السلمي بقوله‪( :‬هناك ‪ 1,4‬مليار مسلم ف العال والعديد من وجهات النظر‬
‫تناولت أسلوب علج الزمة) ول يذكر ما هي هذه الساليب؟! اذا كانت رسالة هذا الؤتر الذي‬
‫استدرجوا عمرو خالد اليه للسف (مفادها ان موجة الغضب العارمة حان الوقت لا كي تتوقف)!!‬
‫فهل سيذهب عمرو خالد إل الدانارك للقيام بذا الدور؟! وما يلفت النظر ف هذا الؤتر ان من‬
‫ينظمه ل يوجه الدعوة إل أي من القيادات السلمية داخل الدانارك!! بل ت تاهلهم ول يتصل بم‬
‫ايضا عمرو خالد!! فكما وضح الستاذ تنوير أحد التحدث باسم جعية (الشبكة السلمية) الت‬
‫تضم العديد من الكادييي والطلب السلمي ف الدانارك انه ل تتم دعوتم للمشاركة وأكد أن‬
‫الوار شيء جيد عندما يكون مفتوحا للجميع وليس (انتقائيا) ومددا بفئة معينة!! وبالثل ل تتم‬

‫‪404‬‬
‫دعوة مموعة (مسلمون ف حوار) وجعية (الشباب السلم ف الدانارك) بل إن الستاذ الامعي يورن‬
‫بيك سيمنسون وهو مؤلف للعديد من الكتب عن السلم والسلمي ف الدانارك استغرب شخصيا‬
‫من هذه النتقائية بقوله‪( :‬ليس من الذكاء ان ل تدعى هذه الؤسسات للمؤتر الذي يهدف أساسا‬
‫لتجميل صورة الدانارك السيئة ف العال السلمي)‪ ..‬وقال أيضا‪( :‬اذا حضر عمرو خالد إل هنا‬
‫دون ان يلتقي قادة السلمي فإنم سيشعرون بأنم مهمّشون) رغم أنه هو شخصيا دعي ال هذا‬
‫الؤتر ولكنه استهجن هذه التصرفات من الهة النظمة لذا الؤتر الذي تتضح أهدافه؛ إل لعمرو‬
‫خالد الذي شق صف التوحد والهود السلمية لعالة هذه القضية بشكل جذري قبل اللجوء ال‬
‫الوار فقط‪ ..‬فكما قال الشيخ يوسف القرضاوي أطال ال ف عمره‪( :‬ان علماء المة ومشايها من‬
‫خلل منابرهم وخطبهم وأحاديثهم وبياناتم أرادوا أن تعب المة السلمية من أقصاها إل اقصاها‬
‫عن استنكارها لذه الرسومات الكاريكاتيية الداناركية السيئة لات النبياء والرسلي وقد كان هذا‬
‫الستنكار من جيع السلمي حت غي التديني من المة)‪ ..‬هذه القوة الروحية ينبغي استثمارها‬
‫لصال القضية وليس الروج عنها كما فعل عمرو خالد وشاركه ف ذلك د‪ .‬طارق السويدان!!‪.‬‬
‫وعودة إل ما ذكره الشيخ يوسف القرضاوي ونشر ف الشرق الوسط يوم المعة ‪/3‬صفر حيث‬
‫قال‪( :‬ان الكومة الداناركية ارسلت ل وفدا لبحث قضية تداعيات الرسوم ولكن رفضت مقابلة‬
‫هذا الوفد لنن ل أريد العمل على قطع الطريق على المة السلمية لصال الدانارك فنحن نريد أن‬
‫نكون مع الؤسسات السلمية ف التعبي عن استنكارنا لتلك الرسومات‪.‬‬
‫‪ ..‬ان إصرار عمرو خالد على هذا الؤتر بل وإضافة أساء بعض الشايخ دون موافقتهم وأيضا دون‬
‫الرجوع إل التادات العالية السلمية والتنسيق مع القيادات السلمية ف الدانارك الت تواجه‬
‫بغضبة من قبل الكومة الداناركية لدعائها بأنم سبب الزمة لنم نقلوا هذه القضية إل خارج‬
‫الدانارك!! بل هددتم وزيرة الندماج الداناركية ربيكة فلس ف بداية الشهر الاضي بان الكومة‬
‫ستقطع الوار معهم وقد تنتزع النسية عنهم نظرا لا سببت جولتهم من إثارة مشاعر العداء‬
‫للدانارك من العال السلمي!!‪ .‬إصرار عمرو خالد سيضر به كداعية كان له موقع متميز ف شرية‬
‫الشباب على القل‪ ،‬كما أنه يضع نفسه ف موقف العلماء وهو داعية متهد فقط هداه ال‪ ..‬خصوصا‬
‫أنم نصحوه عندما اتصل بم ليدعوهم إل مؤتر يدم حكومة الدانارك!!‪.‬‬
‫‪ ..‬ف القابل هناك مؤتر سيعقد إن شاء ال ف البحرين بعد حوال اسبوعي ينظمه اتاد العلماء‬
‫السلمي برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي والندوة العالية للشباب السلمي ومؤسسة السلم اليوم‬
‫واللجنة العالية لنصرة خات النبياء والملة العالية لقاومة العدوان من خلل لنتها القتصادئة وأيضا‬
‫جعية الصالة ف البحرين وستتم دعوة ماذة وخسي من العلماء والفكرين ورؤساء المعيات‬
‫والتادات ف اوروبا وامريكا والعال العرب والسلمي وهدفه الروج برؤى وآليات مستمرة لنصرة‬
‫خات النبياء وتديد الوسائل العملية وكما ذكر الدكتور خالد العجيمي التحدث الرسي باسم الؤتر‬
‫العالي لنصرة النب (صلى ال عليه وسلم) ان الوار بؤتر البحرين سيكون جزءا من منظومة كاملة‬

‫‪405‬‬
‫من العلماء والحامي والقتصاديي والقانونيي لنصرة النب (صلى ال عليه وسلم) عب وسائل متلفة‬
‫من بينها حث الغرب على اصدار قواني وتشريعات ترّم الساءة للديان ورموزها كافة‪ ..‬وذكر ان‬
‫مؤتر البحرين سيؤسس لراك شعب مؤصل ومدروس وعاقل ومستمر كنخب ف كتلة واحدة من‬
‫خلل مموعات أو مؤسسات لمن خلل أفراد‪ ،‬ووضح ان الوار مع الدانارك والغرب لبد أن‬
‫يكون عب مرجعية تستند إل شكل مؤسسي ل فردي وأن تستثمره الرجعية ف حوار مع الميع ل‬
‫مع الدانارك فقط‪.‬‬
‫‪ ..‬هذا هو الوقف السليم وليس الرتال الذي انساق اليه عمرو خالد ف تلبيته لدعوة حكومة‬
‫الدانارك!! الت هي الصم!! والت ل تزال إل اللحظة تأنف من اي اعتذار!!‪.‬‬
‫بل يردد مثلوها من سفراء اننا دول ل ننتج فكيف سنقاطع؟؟ فليت الستاذ عمرو خالد يراجع‬
‫خطواته ويعقلن قراراته كي يافظ على مكانته ف نفوس من كان متابعا له ول يرج عن سياق‬
‫الجموعة فكما قال الدكتور احد ابولب أشهر الدعاة السلمي ف الدانارك‪ :‬ان مؤتر الدانارك الزمع‬
‫عقده يهدف إل اصدار شهادة حسن سية وسلوك لا بينما تبقى حرية التعبي سيفا مشهورا على‬
‫كرامة سيد البشرية وربا يعاد استخدامه ف أول فرصة بعد انتهاء الزيارة القصية لوفد الدعاة!!‪.‬‬
‫صحيفة الرياض السعودية‬
‫========================‬
‫ما هي أُسس الوار مع الغرب؟!‬

‫حوار مع مَن‪ ،‬ولي غاية‪ ،‬أو غرض إذا كان الوروبيون يريدون فتح نقاش يطفئون به حرائق ما بعد‬
‫الساءة للرسول العظم؟‪..‬‬
‫الكل مع الغايات الشريفة إذا كانت طريقا هادفا لفتح كل اللفات ف صراع الغرب مع العال‬
‫السلمي‪ ،‬وأولا ما جرى ف التاريخ القدي والديث واعتبار حرياتم مقدمة‪ ،‬لكن أن ينجح رجل‬
‫دين إسلمي ف فوز انتخاب‪ ،‬أو يقف خطيب ينادي بالقاومة الشروعة لحتل‪ ،‬أو تنشر صحيفة‪،‬‬
‫مستشهد ًة بكتاب غرب‪ ،‬عن عدم صحة الحرقة‪ ،‬أو يرج فيلم عرب أو إسلمي يسفّه ببعض الفكار‬
‫أو النيازللصهيونية‪ ،‬فإن ذلك يقع ف خانة بث الكراهية ‪ ..‬فهل التعريض بنب مقدس يأت من باب‬
‫الرية‪ ،‬وليس من بث الكراهية؟‪..‬‬
‫التصعيد الراهن بي السلمي والغرب ل يدم الطرفي‪ ،‬لنه من الغباء التضامن العلمي الغرب كحق‬
‫يرونه مشروعا‪ ،‬ويرفضون الحتجاج الذي وصل إل درجة العنف الرفوض عربيا‪ ،‬وإسلميا‪،‬‬
‫كإحراق السفارات أو العتداء على الشخاص‪ ،‬أو رشق الكنائس‪ ،‬لن ذلك يدخل ف تصفية‬
‫السابات الت ل نؤيدها أو نقرها‪..‬‬
‫الوار أمرضروري باسم قداسة الديان‪ ،‬أو حوار الضارات‪ ،‬أو التقاء الصال والعتراف بريات‬
‫شعوب العال كلها‪ ،‬لكن أن يكون الوار مرد شكل ما يعال قضية آنية‪ ،‬ول يرتقي إل تديد‬

‫‪406‬‬
‫أسباب الصراع التنامي بميع ساته وأشكاله‪ ،‬فإن ذلك ل يرتفع لسقف العالات الصحيحة وعلى‬
‫رأسها السلم ف النطقة‪ ،‬ورفض مبدأ ترير الشعوب بغزوها كما حدث ف العراق‪ ،‬ول إلاب‬
‫الشاعر كوسيلة قهر لشاعة رد الفعل الكب‪ ،‬دون مراعاة السابات بالناقص ونتائجها‪ ،‬على‬
‫الميع‪..‬‬
‫لسنا مع القهر بأشكاله التعددة الذي تارسه معظم سلطات العال السلمي‪ ،‬بنفس الوقت ل نقبل‬
‫بوصاية ف العراق‪ ،‬وحفلت موت تقيمها إسرائيل على الرض الفلسطينية‪ ،‬ول حروب تويع تنال‬
‫شعوبا إسلمية وعربية‪..‬‬
‫وإذا كان الوار يريد التكافؤ ف نسب الطرح وقبولا‪ ،‬فإن على أوروبا بالذات‪ ،‬أن تفهم أن جزءا‬
‫من أمنها مرتبط بالنطقة‪ ،‬وأن اقتصادها ل يستطيع قطع علقاته معها‪ ،‬وأن الدين السلمي‪ ،‬هو‬
‫القوة فيها‪ ،‬وأن تباينات ثقافية واجتماعية ل تلتقي ف كل الظروف بي الطرفي‪ ،‬وحت أمريكا الت‬
‫تد نفسها منغمسة ف شؤون النطقة وف سياسات الرب‪ ،‬واعتبارها مركزا لتعليم الشعوب كيف‬
‫تدير حياتا‪ ،‬عليها أن تدرك أن اللفات ل تل بالقوة وقد شهدت فشلها ف مواقع كثية‪ ،‬والوار‪،‬‬
‫ل غيه‪ ،‬هو الوسيط ف حل متلف التناقضات‪.‬‬
‫‪ 12‬تعليق‬
‫‪1‬‬
‫ل شلت يينك‬
‫ل استطيع أن أقول حيال ماقرأت وما طرح بكل شجاعة إل ( لشلت يينك ) يامن خطت أناملك‬
‫هذا وأسأل ال أن يطلع عليه العقلء منهم وهذا بد ذته مكسب‪.‬‬
‫أبو ممد‬
‫‪ 06:37‬صباحا ‪2006/02/08‬‬
‫‪2‬‬
‫وقاحات راسوسن‪ ..‬إذا ل تستح فاصنع ما شئت‪..‬‬
‫أشكر جريدتنا على هذه الكلمات النطقية الطيبة‪..‬‬
‫‪ )1‬الساءة للرسول صلى ال عليه وسلم من قِبل الصحيفة الدانركية ليست سوى القشة الت‬
‫قصمت ظهر البعي‪ ..‬إن الساءة للسلم أصبحت ف الغرب عموما والدانرك خصوصا عبارة عن‬
‫ثقافة متمع وترسخت ف مذكرات ملكتهم وحال تربّع حكومة راسوسن التطرفة على رئاسة‬
‫الدانرك‪.‬‬
‫‪ )2‬الصحيفة الدانركية تدّعي العتذار ث يعلن رئيس تريرها بأنه غي نادم وأن القضاء الدانركي‬
‫يسمح له برّية التعبي‪ ،‬ورئيس الدانرك راسوسن يصرّ على ما يدعيه (نترم الديان ونسمح برية‬
‫التعبي) وأي احترام للديان هذا؟ إن راسوسن يسمح بالرأي الذي يشمل سب السلم والطعن ف‬
‫رسوله ول يسمح بالرأي الذي يقلل ‪-‬فقط‪ -‬من أعداد ضحايا الحرقة النازية (هولوكست)‪.‬‬

‫‪407‬‬
‫‪ )3‬يدعو راسوسن الكومة التركية ال التوسط بي العال السلمي والغرب لل هذه الزمة!! رغم‬
‫أنا بي السلمي والدانرك فقط ولكنه يريد توسيعها لكسر الطوق عنه؛ وبدلً من أن يطفيء نار‬
‫العداوة الت أشعلها نراه الن يوقد نار ما يسمى صراع الضارات‪.‬‬
‫‪ )4‬تبجّح راسوسن بدعوة العال السلمي ال تفهّم حرية التعبي لدى حكومته الديقراطية؛ وها هو‬
‫الن يتواقح با يدّعيه ب(دعوة السلمي ال الحترام التبادل والوار)‪ ..‬ومن حيث البدأ نوافقه على‬
‫طلبه ونن نترم النصارى دون التشدّق بالعبارات الرنّانة (ول تسبوا الذين يدعون من دون ال‬
‫فيسبوا ال عدوا بغي علم) النعام (قل يا أهل الكتاب تعالوا ال كلمة سواء بيننا وبينكم‪ )..‬آل‬
‫عمران‪ ،‬ولكن يب أن يكون لدينا أرضية مشتركة للحوار؛ راسوسن ل يقصد الوار للتفاهم وإنا‬
‫يقصد دعوة السلمي ال استماع تفاهاته نو حق العلم الدانركي ف سب السلم ‪-‬فقط‪..-‬‬
‫نن نوافق على الوار الذي يقق التعايش السلمي ويطبق الحترام القيقي للسلم ذلك الوار‬
‫الذي يقوم على تصحيح الطأ والعتذار عنه وليس الوار البجح الذي يبّر الفحش وسب السلم‪.‬‬
‫‪ )5‬يقول راسوسن بأن هناك متطرفي يسعون ال إزدياد الشُقة ف هذا اللف‪ ..‬أقول له صدقت‬
‫وأنت كذوب لنك على رأس هؤلء التطرفي التزمتي‪.‬‬
‫ملحظة‪ :‬ل يوجد لدينا ما يسمى "رجل دين إسلمي" ولكن لدينا ‪-‬ول المد‪ -‬علماء إسلم‪ ،‬كما‬
‫أن فوز حاس ف النتخابات الفلسطينية يعد تأييدا لطريق القاومة البنية على أسس شرعية‪.‬‬
‫ودمتم بي‪،،،‬‬
‫‪4‬‬
‫الغرب يقتنع ببدأ القوة‬
‫هذا إن تركوا هم مالً للحوار‪ ،‬رغم قناعت أن الغرب ل ينفع معهم أسلوب الوار فهم يقتنعون‬
‫ببدأ القوة ومبدأ القرش الكبي يلتهم الصغي بدليل لوئهم إل التكتلت ليس ذلك حبا ف بعضهم‬
‫ولكنه حفاظا على أرواحهم ومتلكاتم‪ .‬من وجهة رأيي أرى أن الوار البناء لل التناقضات يكن‬
‫أن يكون ذا أثر عند تساوي الطرفي التحاورين من حيث القوة على أقل تقدير‪ .‬أما أمريكا الت تتبن‬
‫سياسة فرق تسد فقد أشعلت الفتيل لن مصلحتها أن يصتطدم الطرفان وأن ل يتحقق وجود دولة‬
‫عظمى ف أي مكان ف العال تشاطرها اليمنة والسيادة بعد انيار التاد السوفيت‪.‬‬
‫فهد بن عبدال الحدي‬
‫‪ 10:05‬صباحا ‪2006/02/08‬‬
‫‪5‬‬
‫اْل ِفتْنَةُ َأشَ ّد مِنَ اْلقَتْل‬
‫بارك ال فيكم مقال رائع وحكيم‪ .‬الحداث الخية لرق السفارات والعتداء وتريب المتلكات‬
‫والكنائس كشفت ارواق سياسية خبيثة لفتنة تعم العال العرب والسلمي باسم الدفاع عن الرسول‬
‫النسانية واللعنف ممد(صلى ال عليه وسلم) وأقلها ماولة لتدمي لبنان ولثورة الرز‪ .‬السلوب‬

‫‪408‬‬
‫اللعنف والكيم الذي اتبعته حكومة خادم الرمي الشريفي لدليل على الكمة والتعقل ويب ان‬
‫يقتدى به‪.‬‬
‫د‪ .‬هشام النشوات‬
‫‪ 10:27‬صباحا ‪2006/02/08‬‬
‫‪6‬‬
‫نن من يرفض الوار‬
‫اي حوار نرجوه‪ .‬ونن ندق طبول الرب بجرد ان مريض نفسي او طالب للشهره نشر رسوم‬
‫افضل وصف لا انا سامة سخيفه‪.‬‬
‫الواقع ان تلك الثوره لنصر ةالنب ممد عليه الصلة والسلم‪.‬اصبحت وسيلة للضغط علينا او‬
‫استفزازنا كمسلمي‪ .‬لقد اظهرنا للعال بكل بساطة نقطة ضعفنا‪ .‬بل مددنا للعال الصبع الصغي ف‬
‫يدنا ليتم عسره ف كل مناسبة من طرف من يريد ان يستفزنا كملسلمي‪.‬‬
‫وما نن فاعلون ياسيدي عندما تتوال علينا الستفزازات وتتراكم السخافات‪ .‬قل ماذ نفعل‪ .‬هل‬
‫نلطم وجوهنا ام نقاطع الدواء والغذاء والركبه والكساء والكهرباء والاتف‪ .‬ام نقبع باكي مرجفي‬
‫كما يريد لنا القرضاوي واحزابه الالكه‪.‬‬
‫الصحافة العربيه جانبت التعقل‪ .‬وعالت الوضوع علي طريقة ما يطلبه الستمعون‪.‬او المهور غايز‬
‫كده‪.‬‬
‫الصحافه والعلم العرب اشهر نقطة ضعفنا وبؤسنا واجاد وصفنا باننا فريسة سهله لن يريد‬
‫استفزازنا‪.‬‬
‫العلم العرب السلمي وضعنا ف حرب مع الواء‪ .‬وجعل عدونا البشريه كاملة‪ .‬اي سفية مغمور ف‬
‫اقاصي الرض سوف لن يتردد بتكرار تلك السخافات ربا ليس بغضنا فينا بقدر ما هو حب للشهره‬
‫والال‪.‬‬
‫ان الحتجاجات علي تلك السخافة البذيئه خرجت من مسارها النطقي‪ .‬بل ت القفز عليها من‬
‫اطراف ذو مصال معروفه‪.‬‬
‫ان تلك الملة للمقاطعه ل تقتصر علي القاطعه وهو اسلوب حضاري نؤيده‪ .‬بل ت تويرها ال ان‬
‫الشكلة يب ان ترج من يد الكومات لتكون ف يد الرعاع والنتهازيي‪.‬‬
‫الصحافة العربيه مشكورة باركت تلك التوجهات الت نصت بشكل واضح ان ماتقوم به الكومة‬
‫السعوديه من سحب لسفيها ومعالة المر من خلل القنوات الدبلوماسيه امر مرفوض وغي كاف‪.‬‬
‫بل ان العتذار الذي نشرته الصحيفة غي مقبول‪ .‬والعتذار الغي مباشر من رئيس وزراء الدنارك غي‬
‫كاف حت لو اعتذر بشكل مباشر‪.‬‬
‫الوضوع ليس دفاع عن النب‪.‬بل اصبح قفزا علي واقع الكومات وتديدها مباشرة بالخلل بالمن‬
‫والرائق‪.‬‬

‫‪409‬‬
‫ال نفهم حت الن لاذا ت احراق السفارت ف دمشق وبيوت‪ .‬وماولة لعمائنا يتم ماولة اخري ف‬
‫طهران ولكنها ل تنجح‪.‬‬
‫ان تلك المور يتم معالتها بالطرق الدبلوماسيه والظغوط الدوليه وليس بالرعاع‪ .‬ولكنها رسالة لن‬
‫ليعلم باننا قادرون علي تريك شارعكم واحراقكم ف بلدكم اذا ل تكونوا معنا ؟؟؟‬
‫الشاوي‬
‫‪ 11:02‬صباحا ‪2006/02/08‬‬
‫‪7‬‬
‫هذا مايريد الغرب واذنابم‬
‫أستطيع أن أقول وجهة نظري فيما جاء ف كلمة الرياض الشاملة ذات الس العلمي اللم بالعبة‬
‫السياسية‬
‫فعلً الغرب وأذناب الغرب أيضا يريدون ضبط النفس عندما‬
‫يقومون بجمات منظمة تاه العال السلمي والعرب‬
‫وضبط النفس ف قاموسهم أن يكون التوتر ليتجاوز تلك‬
‫الدول لن من أهداف الجمة الشرسة تييد أصحاب النظرة‬
‫الثاقبة بزعمهم الت تطالب بعدم ردة الفعل وهي تعلم يقينا‬
‫أن عدم ردة الفعل يكون ضرره أكثر من ردة الفعل والبعض‬
‫الخر يرددون مايردده رئيس وزاء الدنارك بقوله (إن التشددين‬
‫يستغلون هذا الدث وهذا فيه سخرية بالدافعي عن سيد البشرية ممد صلى ال عليه وسلم لننا لو‬
‫سلمنا فيما يقولون لقلنا أن من يقومون بالعمال الرهابية يشهدون أن لإله‬
‫إل ال وأن ممد رسول ال وعلينا أن ل نردد مايقولون لنثبت أننا لسنا منهم أو لو خرج أحد‬
‫الرهابيي ببيان حول الحداث وقال أكثر ما قيل من دفاع عن ممد صلى ال عليه وسلم هل بعد‬
‫ذلك نتوقف كي لنتهم بالرهاب هؤلء الذين يقيسون بذه القاسات عليهم أن يدركوا أن أزمة‬
‫الرهائن عندما ت احتجازهم بطهران ايام الثورة اليرانية أبان حكم الرئيس كارتر ماذا حدث ف‬
‫امريكا من افرازات تلك الزمة استمرملحقة اصحاب البشرة السمراء ويتم التهجم عليهم والضرب‬
‫والبعض عندما يتم السؤال عن جنسيته ينتسب ال جنسية الكسيك خوفا وهلعا ما قد يصيبه نتيجة‬
‫ردة الفعل فهذا درس لن يعتقدون ان شعوب العال ليس لديها ردود أفعال وهي سنة باقية ولكن‬
‫بتفاوت وكلما كان الطرح العلمي يقف مع الق ويدافع عن أمته كلما قتل أصحاب الجمات‬
‫الدسوسة من الغرب وأذنابم وضيع عليهم الفرصة وأزال الحتقان عن شعبه‪.‬‬
‫‪saas444@hotmail.com‬‬
‫طارق بن ممد‬
‫‪ 03:13‬مسا ًء ‪2006/02/08‬‬

‫‪410‬‬
‫‪8‬‬
‫ل تتمنوا لقاء العدو ولكن إذا لقيتم فاثبتوا‬
‫الداعون إل التعقل والواقعية عليهم أن يتفظوا بنصائحهم لنفسهم‪ .‬من استغضب و ل يغضب فهو‬
‫حار‪ .‬نعم نن ضعفاء ول نستطيع ماربة الغرب ( ماديا ) لكن دعوا الغرب يعلم أننا يكن أن‬
‫نغضب يوما حت ولو جاملته قنواتنا الرسية‪ .‬دعونا نستمر ف مقاطعة الدنارك مشعلة العداوة و أول‬
‫الستهزئي و نستفرد با حت تكره هي أصدقاءها و من يدعون نصرتا ز أفهموهم أننا ل نستطيع أن‬
‫نبتسم ف وجه من سب نبينا و ل يكننا استعمال بضائعه‪ .‬دعوهم يفهموا و لو مرة واحدة أننا أمة لا‬
‫كرامة‪ .‬اللهم صل وسلم على سيدنا ممد و على آله و صحبه و سلم صلة دائمة مستمرة بدوامك‬
‫يا من ليس كمثله شيئ و هو السميع البصي‬
‫السري القرشي‬
‫‪ 03:25‬مسا ًء ‪2006/02/08‬‬
‫‪9‬‬
‫الغرب والساء‬
‫ال يرون مثل الشيعة يضرب نفسة حت يدمي جسده وذلك من اجل عقيدته‪.‬‬
‫اللهم ضربة بالدم ول لكلمة السم ‪,‬والساءة للكري فهي كلمة مسمومة‬
‫خليل بوقب‬
‫‪ 04:38‬مسا ًء ‪2006/02/08‬‬
‫‪10‬‬
‫السلمون‪ ..‬قوة الغد الؤثرة‪.‬‬
‫على الرغم من بعض الغالة‪ ،‬أظهر الشارع السلمي ومن وراءه بعض الكومات العربية والسلمية‬
‫قدرة على الوقوف صفا واحدا ف قضية مشتركة‪ .‬استخدام ورقة التمثيل الدبلوماسي من قبل‬
‫الكومات والقاطعة القتصادية من قبل الشعوب والتظاهر السلمي كلها ردود افعال ل يكن أن‬
‫يعترض عليها أحد‪ .‬جاءت ردة الفعل هذه لتزيد من ثقة السلمي بأنفسهم وبقدرتم على التاثي‬
‫بجريات الحداث على نو إياب ف قضية حقة‪.‬‬
‫لكن هذا ليس سوى بداية ف سعي مطلوب نو تآلف وروابط أكثر تمع بي الشعوب والدول‬
‫السلمية وجعلهم مصدر قوة عالية مؤثرة ف عال القرن الواحد والعشرين‪ .‬بيد أن صورة السلمي‬
‫لدى وسائل العلم العالية ليست ف صال قضاياهم العادلة وربا سبب ذلك يعود إل فقر وجهل‬
‫معظم السلمي لذا يتعي على الكومات السلمية التعاون أكثر فيما بينها لرفع الستوى التعليمي‬
‫والعيشي للمواطن السلم‪ ،‬وهو حق له‪ .‬ث أن جوع الثقفي من السلمي يب أن يأخذوا دورا فعالً‬
‫لم ف وسائل العلم العالية لتغيي صورة السلم والنسان السلم الت انطبعت ول تزال تنطبع ف‬
‫أذهان دول العال والغرب خاصة‪.‬‬

‫‪411‬‬
‫السلمون باجة إل مراجعة فكرية ونفسية لفهوم السلم لديهم وهذا المر ينطبق قبلً على معظم‬
‫علماء السلمي الذين هم باجة إل تفعيل العقل والفطرة بعيدأ عن السلمات الكتسبة التوارثة‪.‬‬
‫فهيم منذر‬
‫‪ 06:32‬مسا ًء ‪2006/02/08‬‬
‫‪11‬‬
‫تعنوا ف تعليق الشاوي‬
‫لقد اعجبن ما طرحه الشاوي ف تعليقه على الوضوع وان كنت ل اتفق معه ف بعض طرحه حول‬
‫التقليل من مدى تأثي القاطعة الشعبية القتصادية لنتجات دولة ما ولكنن اضيف على ما ذكره بأن‬
‫تلك المور يتم معالتها أيضا ومنع تكرار حدوثها بل وتسخي الدوات لصالنا مستقبل بالت ‪:‬‬
‫‪ )1‬بالثقل الديبلوماسي والضغط الدول من قبل الكومات‬
‫‪ )2‬بالوسائل الثقافية والعرفية ومدى قوة نشر ثقافتنا لديهم‬
‫‪ )3‬بوسائل العلم الختلفة الناطقة بلغتهم وف عقر دارهم وباسلوبم الذي سيكون ذو تاثي قوي‬
‫للوصول ال عقولم وأذهانم وشدهم للتعرف على ثقافتنا وديننا‬
‫‪ )4‬بالثقل القتصادي ‪ ,‬ول أعن بذلك القاطعة القتصادية ‪ ,‬وأركز على هذا الانب لن الال ف‬
‫هذا الوقت اصبح هو الؤثر الول والكب ف لعبة المم ‪ ,‬ولذا كان من الجدى قيام اصحاب‬
‫البليي من السلمي والعرب ومنذ عقود بتسخي ثرواتم ف مشاريع إقتصادية وإعلمية كبى ف‬
‫ممل الدول الوربية وأمريكا لعلها رؤوس الموال هذه ذات تأثي إقتصادي وسياسي ف آن واحد‬
‫ليتمكنوا من التحكم بتحريك خيوط الدمي ف هذه الدول وفقا لصال دولم وعالهم السلمي ‪ ,‬ل‬
‫ان يشيحوا بوجوههم عندما يقوم غيهم بتحرك هذه الدمى على غي أهوائهم او مبادئهم أو‬
‫معتقدهم‪.‬‬
‫عجبا ‪ -:‬بضعة أشخاص يهود من أصحاب البليي هم من يتحكمون بتحريك خيوط الدمى‬
‫العلمية والسياسية ف العال الغرب والشرقي ف القريب العاجل ‪ ,‬مع أنن أجزم أن أصحاب البليي‬
‫ف الليج العرب لوحده هم أكثر عددا وأضخم رؤوسا للموال‪.‬‬
‫لقد اسعت لو ناديت حيا ‪ ,‬ولكن ل حياة لن تنادي‬
‫مدير الزمة‬
‫‪ 07:59‬مسا ًء ‪2006/02/08‬‬
‫‪12‬‬
‫الغضب والنفعال والشتم سلح الضعفاء‬
‫قال صلى ال عليه وسلم" ليس الشديد بالصرعة‪ ,‬ولكن الشديد الذي يلك نفسه عند الغضب" ومن‬
‫وصاياه صلى ال عليه وسلم قال‪ " :‬ل تغضب لتغضب لتغضب"‪ ,,‬ث يرج من بيننا من يرج عن‬
‫سنة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ويسن سننه وشرعه لعالة ومواجهة قضايا تص نبينا ممد‬

‫‪412‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬بل ويستعلى بماقته وجاهليته ورعونته وانفعالته على سنة ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫الغضب والنفعال والشتم اخلق منهي عنها ف السلم‪,‬‬
‫وهي بعيدة كل البعد عن اليان وعن العلم واللم‪,‬‬
‫بل ان استخدام الخلق النهي عنه كالغضب والكذب وأمثالا دليل جهل بالق وضعف ف اليان‬
‫وعجز عن حسن التفكي والتصرف وتكون نتائجهامدمرة علينا ومن الانب الخر فهو ل يعال‬
‫الشكلة ول يساعد ف ذلك بل يزيد المر سوء وتعقيدا‪.‬‬
‫وعن العزة والكرامة قال تعال" إن العزة ل ولرسوله وللمؤمني"‬
‫ث قال سبحانه وتعال "ولكن النافقي ل يعلمون" ‪ ,‬فالكفار والنافقي ل يعلمون ويهلون معان‬
‫العزة والكرامة‪.‬‬
‫حارث الاجد‬
‫‪ 10:08‬مسا ًء ‪2006/02/08‬‬
‫=======================‬
‫مائة وسيلة لنصرة الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫الكاتب‪ :‬اللجنة العالية لنصرة خات النبياء‬
‫بتاريخ‪07/26/2003 :‬‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على أشرف النبياء والرسلي ‪ ،‬نبينا ممد وعلى آله وصحبه‬
‫أجعي ‪ ،‬وبعد‪ :‬إن أول ركن من أركان السلم العظيمة‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول‬
‫ال ‪ .‬وتقيق الشطر من الشهادتي وهو شهادة أن ممدا رسول ال تتم من خلل المور التالية ‪:‬‬
‫للحفظ‪:‬‬
‫أو ًل ‪ :‬تصديق النب صلى ال عليه وسلم ف كل ما أخب به ‪ ،‬وأوله ‪ :‬أنه رسول ال ومبعوثه إل الن‬
‫والنس كافة لتبليغ وحيه تعال بالقرآن والسنة التضمني لدين السلم الذي ل يقبل ال تعال دينا‬
‫سواه ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬طاعته والرضى بكمه ‪ ،‬والتسليم له التسليم الكامل ‪ ،‬والنقياد لسنته والقتداء با ‪ ،‬ونبذ ما‬
‫سواها ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مبته صلى ال عليه وسلم فوق مبة الوالد والولد والنفس ‪،‬ما يترتب عليه تعظيمه ‪ ،‬وإجلله ‪،‬‬
‫وتوقيه ‪ ،‬ونصرته ‪ ،‬والدفاع عنه ‪ ،‬والتقيد با جاء عنه ‪.‬‬
‫فعلى كل مسلم ؛ أن يسعى لتحقيق هذا العن ‪ ،‬ليصح إيانه ‪ ،‬وليحقق الشطر الثان من كلمة‬
‫التوحيد ‪ ،‬ولتقبل شهادته بأن ممدا رسول ال ‪ ،‬فإن النافقي قالوا ‪ { :‬نشهد إنك لرسولُ ال وال‬
‫يعل ُم إنك لرسوُلهُ والُ يشهدُ إ ّن النافقي لكاذبون} {النافقون ‪ ،} :‬فلن تنفعهم شهادتم ‪ ،‬لنم ل‬
‫يققوا معناها ‪.‬‬

‫‪413‬‬
‫وإليك بعض المور الت يكننا من خللا العمل بقتضى تلك الحبة ‪ ،‬وواجب القيام بذلك الق للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم تاه هذه الجمة الشرسة عليه أن نفديه بأولدنا ووالدينا وأنفسنا وأموالنا ‪ ،‬كل‬
‫على قدر إمكانياته ‪ ،‬فالكل يتحمل مسؤوليته ومن خلل موقعه‪:‬‬
‫على مستوى الفرد ‪:‬‬
‫‪ -1‬التفكي ف دلئل نبوته صلى ال عليه وسلم القاطعة بأنه رسول رب العالي ‪ ،‬وأصلها القرآن‬
‫الكري ‪ ،‬وما تضمنه من دلئل على صدق نبوته صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -2‬تعلم الدلة من القرآن والسنة والجاع الدالة على وجوب طاعة النب صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫والمر باتباعه ‪ ،‬والقتداء به صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬العلم والعرفة بفظ ال لسنة نبيه صلى ال عليه وسلم ‪ ,‬وذلك من خلل الهود العظيمة الت‬
‫قام با أهل العلم على مر العصور الختلفة ‪ ,‬فبينوا صحيحها من سقيمها ‪ ،‬وجعوها على أدق‬
‫الصول الت انفردت با هذه المة عن غيها من المم السالفة ‪.‬‬
‫‪ -4‬استشعار مبته صلى ال عليه وسلم ف القلوب بتذكر كري صفته الَلقية والُلقية ‪ ،‬وقراءة شائله‬
‫وسجاياه الشريفة ‪ ،‬وأنه قد اجتمع فيه الكمال البشري ف صورته وف أخلقه صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -5‬استحضار عظيم فضله وإحسانه صلى ال عليه وسلم على كل واحد منا ‪ ،‬إذ أنه هو الذي بلغنا‬
‫دين ال تعال أحسن بلغ وأته وأكمله ‪ ،‬فقد بلغ صلى ال عليه وسلم الرسالة وأدى المانة ونصح‬
‫المة‪ ،‬ورسولً عن قومه‪.‬‬
‫‪ -6‬عزو كل خي دنيوي وأخروي نوفق إليه ونتنعم به إليه صلى ال عليه وسلم بعد فضل ال تعال‬
‫ومنته ‪ ،‬إذ كان هو صلى ال عليه وسلم سبيلنا وهادينا إليه ‪ ،‬فجزاه ال عنا خي ما جزى نبيا عن‬
‫أمته‪.‬‬
‫‪ -7‬استحضار أنه صلى ال عليه وسلم أرأف وأرحم وأحرص على أمته ‪.‬قال تعال ‪ { :‬النب أول‬
‫بالؤمني من أنفسهم } {الحزاب ‪.} :‬‬
‫‪ -8‬التعرف على اليات والحاديث الدالة على عظيم منلته صلى ال عليه وسلم عند ربه ‪ ،‬ورفع‬
‫قدره عند خالقه ‪ ،‬ومبة ال عز وجل له ‪ ،‬وتكري الالق سبحانه له غاية التكري‪.‬‬
‫‪ -9‬اللتزام بأمر ال تعال لنا ببه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬بل تقدي مبته صلى ال عليه وسلم على‬
‫النفس ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬لن يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من نفسه وولده‬
‫ووالده والناس أجعي) ‪.‬‬
‫‪ -10‬اللتزام بأمر ال تعال لنا بالتأدب معه صلى ال عليه وسلم ومع سنته لقوله تعال ‪ { :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت النب ول تهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تبط‬
‫أعمالكم وأنتم ل تشعرون } {الجرات ‪ } :‬وقوله تعال { إن الذين يغضون أصواتم عند رسول‬
‫ال أولئك الذين امتحن ال قلوبم للتقوى لم مغفرة وأجر عظيم } {الجرات ‪ } :‬وقال تعال ‪{ :‬‬
‫ل تعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا } {النور ‪.} :‬‬

‫‪414‬‬
‫‪ -11‬النقياد لمر ال تعال بالدفاع عن النب صلى ال عليه وسلم ومناصرته وحايته من كل أذى‬
‫يراد به ‪ ،‬أو نقص ينسب إليه ‪ ،‬كما قال تعال ‪ ( :‬لتؤمنوا بال ورسوله وتعزروه وتوقروه) ‪.‬‬
‫‪ -12‬استحضار النية الصادقة واستدامتها لنصرته ‪ ،‬والذب عنه صلى ال عليه و سلم ‪.‬‬
‫‪ -13‬استحضار الثواب الزيل ف الخرة لن حقق مبة النب صلى ال عليه وسلم على الوجه‬
‫الصحيح ‪ ،‬بأن يكون رفيق الصطفى صلى ال عليه وسلم ف النة ‪ ،‬لقوله صلى ال عليه وسلم لن‬
‫قال إن أحب ال ورسوله ‪ ( :‬أنت مع من أحببت )‪.‬‬
‫‪ -14‬الرص على الصلة على النب صلى ال عليه وسلم كلما ذكر ‪ ،‬وبعد الذان ‪ ،‬وف يوم المعة‬
‫‪ ،‬وف كل وقت ‪ ،‬لعظيم الجر الترتب على ذلك ‪ ،‬ولعظيم حقه صلى ال عليه وسلم علينا ‪.‬‬
‫‪ -15‬قراءة سية النب صلى ال عليه وسلم الصحيحة ‪ ،‬مع الوقوف على حوادثها موقف الستفيد‬
‫من حكمها وعبها ‪ ،‬والستفادة من الفوائد الستخلصة من كل حادث منها ‪ ،‬وماولة ربطها بياتنا‬
‫وواقعنا ‪.‬‬
‫‪ -16‬تعلم سنته صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬بقراءة ما صححه أهل العلم من الحاديث الروية عنه صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬مع ماولة فهم تلك الحاديث ‪ ،‬واستحضار ما تضمنته تلك التعاليم النبوية من‬
‫الكم الليلة والخلق الرفيعة والتعبد الكامل ل تعال ‪ ،‬والضوع التام للخالق وحده ‪.‬‬
‫‪ -17‬اتباع سنته صلى ال عليه وسلم كلها ‪ ،‬مع تقدي الوجب على غيه ‪.‬‬
‫‪ -18‬الرص على القتداء به صلى ال عليه وسلم ف الستحبات ‪ ،‬ولو أن نفعل ذلك الستحب مرة‬
‫واحدة ف عمرنا ‪ ،‬حرصا على القتداء به ف كل شيء ‪.‬‬
‫‪ -19‬الذر والبعد عن الستهزاء بشيء من سنته صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -20‬الفرح بظهور سنته صلى ال عليه وسلم بي الناس‪.‬‬
‫‪ -21‬الزن لختفاء بعض سنته صلى ال عليه وسلم بي البعض من الناس ‪.‬‬
‫‪ -22‬بغض أي منتقد للنب صلى ال عليه وسلم أو سنته ‪.‬‬
‫‪ -23‬مبة آل بيته صلى ال عليه وسلم من أزواجه وذريته ‪ ،‬والتقرب إل ال تعال بحبتهم لقرابتهم‬
‫من النب صلى ال عليه وسلم ولسلمهم ‪ ،‬ومن كان عاصيا منهم أن نرص على هدايته لن هدايته‬
‫أحب إل رسول ال صلى ال عليه وسلم من هداية غيه ‪ ،‬كما قال عمر بن الطاب رضي ال عنه‬
‫للعباس عم رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪( :‬مهلً يا عباس لسلمك يوم أسلمت كان أحب ل‬
‫من إسلم الطاب ‪ ،‬ومال إل أن قد عرفت أن إسلمك كان أحب إل رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم من إسلم الطاب) ‪.‬‬
‫‪ -24‬العمل بوصية النب صلى ال عليه وسلم ف آل بيته ‪ ،‬عندما قال ‪ ( :‬أذكركم ال ف أهل بيت )‬
‫ثلثا ‪.‬‬
‫‪ -25‬مبة أصحاب النب صلى ال عليه وسلم وتوقيهم واعتقاد فضلهم على من جاء بعدهم ف‬
‫العلم والعمل والكانة عند ال تعال ‪.‬‬

‫‪415‬‬
‫‪ -26‬مبة العلماء وتقديرهم ‪ ،‬لكانتهم وصلتهم بياث النبوة فالعلماء هم ورثة النبياء ‪ ،‬فلهم حق‬
‫الحبة والجلل ‪ ،‬وهو من حق النب صلى ال عليه وسلم على أمته ‪.‬‬
‫على مستوى السرة والجتمع ‪:‬‬
‫‪ -1‬تربية البناء على مبة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -2‬تربية البناء على القتداء بالرسول صلى ال عليه وسلم ف جيع أحواله ‪.‬‬
‫‪ -3‬اقتناء الكتب عن سيته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -4‬اقتناء الشرطة عن سيته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -5‬انتقاء الفلم الكرتونية ذات النهج الواضح ف التربية‪.‬‬
‫‪ -6‬تصيص درس أو أكثر ف السبوع عن السية تتمع عليه السرة‪.‬‬
‫‪ -7‬اقتداء الزوج ف معاملة أهل بيته بالرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -8‬تشجيع البناء على حفظ الذكار النبوية وتطبيق ذلك‪.‬‬
‫‪ -9‬تشجيع البناء على اقتطاع جزء من مصروفهم اليومي من أجل التطبيق العملي لبعض‬
‫الحاديث ‪ ،‬مثل ‪ :‬كفالة اليتيم ‪ ,‬إطعام الطعام ‪ ,‬مساعدة الحتاج‪.‬‬
‫‪ -10‬تعويد البناء عل استخدام المثال النبوية ف الديث مثل الؤمن كيس فطن ‪ ,‬ل يلدغ الؤمن‬
‫من جحر مرتي ‪ ,‬يسروا ول تعسروا ‪.‬‬
‫‪ -11‬وضع مسابقات أسرية عن سية الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -12‬تعريف السرة السلمة بياة الرسول صلى ال عليه وسلم من خلل تطبيق مشروع ( يوم ف‬
‫بيت الرسول )‪.‬‬
‫على مستوى قطاع التعليم والعاملي فيه ‪:‬‬
‫‪ -1‬زرع مبة الرسول صلى ال عليه وسلم ف نفوس الطلبة والطالبات من خلل إبراز حقه صلى ال‬
‫عليه وسلم على أمته ‪.‬‬
‫‪ -2‬الكثار من عقد الحاضرات الت تغطي جوانب من حياة الرسول شخصيته صلى ال عليه وسلم‬
‫‪.‬‬
‫‪ -3‬حث مسئول قطاعات التعليم إل إضافة مادة السية النبوية إل مناهج التعليم والدراسات‬
‫السلمية ف التخصصات النسانية ‪.‬‬
‫‪ -4‬العمل على تويل وضع كراسي لدراسات السية النبوية ف الامعات الغربية الشهورة‪.‬‬
‫‪ -5‬تشجيع البحث العلمي ف السية النبوية وحث الباحثيي على تصنيف كتب السنة بتصانيف عدة‬
‫مثل الغازي والشمائل ‪.‬‬
‫‪ -6‬العمل على إقامة العارض الدرسية والامعية الت تعرف بالرسول صلى ال عليه وسلم مع مراعاة‬
‫التمثيل الغراف لنشأة السلم ‪.‬‬

‫‪416‬‬
‫‪ -7‬تصيص أركان خاصة ف الكتبات توي كل ماله علقة بالرسول صلى ال عليه وسلم وسيته‬
‫والهتمام به وجعلها ف مكان بارز‪.‬‬
‫‪ -8‬العمل على إعداد أعمال موسوعية أكاديية غنية ف السية النبوية تصلح كأعمال مرجعية‬
‫وترجتها إل اللغات العالية‪.‬‬
‫‪ -9‬إقامة مسابقة سنوية للطلبة والطالبات لفضل بث ف السية النبوية وتصيص جوائز قيمة لا‪.‬‬
‫‪ -10‬إقامة ميمات شبابية تتضمن أنشطة تزرع مبة الرسول صلى ال عليه وسلم والتعلق بسنته‪.‬‬
‫‪ -11‬إقامة دورات تدريبية متخصصة لعداد القادة بالقتداء بالصطفي صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫على مستوى الئمة و الدعاة وطلبة العلم ‪:‬‬
‫‪ -1‬بيان خصائص دعوته ورسالته صلى ال عليه وسلم وانه بعث بالنيفية السمحة وأن الصل ف‬
‫دعوته هو حرصه على هداية الناس كافة إل إفراد العبادة لرب الناس‪.‬‬
‫‪ -2‬العمل على دعوة الناس وهدايتهم إل هذا الدين ؛ بميع أجناسهم وقبائلهم‪.‬‬
‫‪ -3‬بيان صفاته صلى ال عليه وسلم اللقية والُلقية قبل وبعد الرسالة ‪.‬‬
‫‪ -4‬بيان فضائل الرسول صلى ال عليه وسلم وخصائص أمته بأسلوب متع ‪.‬‬
‫‪ -5‬بيان مواقفه صلى ال عليه وسلم مع أهله وجيانه وأصحابة رضوان ال عليهم‪.‬‬
‫‪ -6‬بيان كيفية تعامله صلى ال عليه وسلم مع أعدائه من أهل الكتاب والشركي والنافقي‪.‬‬
‫‪ -7‬بيان منهجه صلى ال عليه وسلم ف حياته اليومية ‪.‬‬
‫‪ -8‬تصيص الطبة الثانية لبعض المع للتذكي بشاهد من سية الصطفى صلى ال عليه وسلم‬
‫فضلً عن تصيص خطب كاملة عنه من وقت إل آخر‪.‬‬
‫‪-9‬التعليق على اليات الت تتكلم عن الرسول صلى ال عليه وسلم عند قراءتا ف الصلة ولدة‬
‫ثلث إل خس دقائق ‪.‬‬
‫‪ -10‬إضافة حلقات لتحفيظ السنة النبوية إل جوار حلقات تفيظ القرآن الكري ف الساجد‪.‬‬
‫‪ -11‬تصحيح الفاهيم الاطئة لدى عامة الناس حول سنة الصطفى صلى ال عليه وسلم والدعوة إل‬
‫التمسك با صح عنه صلى ال عليه وسلم بأسلوب بسيط واضح‪.‬‬
‫‪ -12‬ذكر فتاوى علماء المة الت تبي حكم من تعرض لرسول المة صلى ال عليه وسلم بشيء من‬
‫النتقاص ووجوب بغض من فعل ذلك والباءة منه ‪.‬‬
‫‪ -13‬العمل على رد الناس إل دينهم من خلل عرض مبسط لواقف الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫الدعوية ‪.‬‬
‫‪ -14‬التحذير ف الوسائل الرئية والسموعة والقروءة من الغلو فيه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وبيان‬
‫اليات الت تنهي عن الغلو كقوله ( ل تغلو ف دينكم ) ‪ -15 .‬والحاديث الاصة ف ذلك كما ف‬
‫قوله صلى ال عليه وسلم ( ل تطرون كما أطرت النصارى ابن مري ) ‪ ،‬وبيان أن الحبة الصادقة‬
‫هي ف اتباعه صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪417‬‬
‫‪ -16‬حث الناس على قراءة سية الرسول صلى ال عليه وسلم من مصادرها الصلية وتبيي ذلك‬
‫لم‪.‬‬
‫‪ -17‬دحض وتفنيد الشبهات والباطيل الت تثار حول الرسول صلى ال عليه وسلم وسيته‪.‬‬
‫على مستوى الثقفي والفكرين والعلميي والصحفيي ‪:‬‬
‫‪ -1‬إبراز شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم وخصائص أمته من خلل نشر ذلك والتحدث عنه‬
‫ف الناسبات العلمية والثقافية‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم نشر أي موضوع ينتقص فيها من سنته صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬التصدي للعلم الغرب واليهودي الضاد والرد على ما يثيونه من شبهات وأباطيل عن ديننا‬
‫ونبينا ممد صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬عقد اللقاءات الصحفية والعلمية والثقافية مع النصفي من غي السلمي والتحدث عن النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ورسالته‪.‬‬
‫‪ -5‬نشر ما ذكره النصفون من غي السلمي بشأنه صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -6‬عقد الندوات والنتديات الثقافية لبراز منهجه وسيته وبيان مناسبة منهجه صلى ال عليه وسلم‬
‫لكل زمان وكان ‪.‬‬
‫‪ -7‬إعداد السابقات العلمية عن سية الرسول صلى ال عليه وسلم وتصيص الوائز القيمة لا‪.‬‬
‫‪ -8‬كتابة القالت والقصص والكتيبات الت تتحدث عن الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -9‬القتراح على رؤساء ترير الصحف والجلت لتخصيص زاوية يبي فيها اليات والحاديث الت‬
‫تدل على وجوب مبته صلى ال عليه وسلم وأن مبته مقدمة ‪ -10‬على الولد والوالد والناس أجعي‬
‫بل ومقدمة على النفس وأن هذه الحبة تقتضي تعظيمه وتوقيه وإتباعه وتقدي قوله على قول كل‬
‫أحد من اللق ‪.‬‬
‫‪ -11‬القتراح على مدراء القنوات الفضائية لعداد برامج خاصة ف سية الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم وكيفية تعامله مع زوجاته وأبناءه وأصحابه وأعدائه وغي ذلك من صفاته اللقية واللقية‪.‬‬
‫‪ -12‬حث مؤسسات النتاج العلمي على القيام بإنتاج أشرطة فيديو تعرض سية الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم بطريقة احترافية شيقة‪.‬‬
‫‪ -13‬حث الحطات التلفزيونية الرضية والقنوات الفضائية على إنتاج وبث أفلم كرتونية للناشئة‬
‫تكي شائل الرسول صلى ال عليه وسلم وبعض القصص من السنة النبوية‪.‬‬
‫على مستوى الؤسسات اليية والدعوية ‪:‬‬
‫‪ -1‬إنشاء لان أو أقسام تمل لواء نصرة الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬تصيص أماكن ف العارض والؤترات الحلية والدولية الت تشارك با الؤسسات لعرض الكتب‬
‫والشرطة الرئية والسموعة الت تبز خصائص الرسالة الحمدية‪.‬‬

‫‪418‬‬
‫‪ -3‬تصيص أماكن دائمة لتوزيع الشرطة والكتب والطويات الت تتحدث عن الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -4‬تصيص جائزة قيمة بعايي متفق عليها سلفا لفضل من خدم السنة والسية النبوية وإقامة حفل‬
‫تكري سنوي يدعى له كبار الشخصيات‪.‬‬
‫‪ -5‬تبن طباعة كتب السية النبوية باللغات الجنبية وتوزيعها على مراكز الستشراق والكتبات‬
‫العامة والامعية حول العال ‪.‬‬
‫‪ -6‬إصدار ملة أو نشرة دورية تتم بالسية النبوية الطهرة وتعاليم الدين السلمي وتبز صفات‬
‫هذة المة وماسن هذا الدين الذي جاء به نبينا ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -7‬تصيص صناديق تبع لتمويل حلت نصرة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬والتأليف ف السية‬
‫والترجة وإنشاء الواقع على الشبكة العالية ‪.‬‬
‫على مستوى العاملي ف الشبكة العنكبوتية وأصحاب الواقع ‪:‬‬
‫‪ -1‬تكوين مموعات تتول إبراز ماسن هذا الدين ونظرة السلم لميع النبياء بنفس الدرجة من‬
‫الحبة وغيه من الوضوعات ذات العلقة‪.‬‬
‫‪ -2‬إنشاء مواقع أو منتديات أو تصيص نوافذ ف الواقع القائمة تتم بسية الصطفى صلى ال عليه‬
‫وسلم وتبز رسالته العالية‪.‬‬
‫‪ -3‬الشاركة ف حوارات هادئة مع غي السلمي ودعوتةم لدراسة شخصية الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم والدين الذي جاء به‪.‬‬
‫‪ -4‬تضمي أو تذييل الرسائل اللكترونية الت ترسل إل القوائم البيدية الاصة ببعض الحاديث‬
‫والواعظ النبوية‪.‬‬
‫‪ -5‬إعداد نشره إلكترونية ‪ -‬من حي إل آخر‪ -‬عن شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم ودعوته‬
‫وخاصة ف الناسبات والحداث الطارئة‪.‬‬
‫‪ -6‬العلن ف مركات البحث الشهورة عن بعض الكتب أو الحاضرات الت تتحدث عن الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫على مستوى الغنياء والكومات السلمية ‪:‬‬
‫‪ -1‬دعم النشاطات الدعوية التعلقة بالسية النبوية الشريفة ‪.‬‬
‫‪ -2‬طباعة اللصقات الت تمل بعض الحاديث والواعظ النبوية ‪.‬‬
‫‪ -3‬الساهة ف إنشاء القنوات الفضائية والذاعات والجلت الت تتحدث عن السلم ونب السلم‬
‫صلى ال عليه وسلم باللغات الختلفة وبالخص اللغة النليزية‪.‬‬
‫‪ -4‬استئجار دقائق ف القنوات أو الذاعات الجنبية لعرض أطروحات عن السلم ونب السلم‬
‫صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -5‬إنشاء مراكز متخصصة لبحوث ودراسات السية النبوية والترجة إل اللغات العالية‪.‬‬

‫‪419‬‬
‫‪ -6‬إنشاء متاحف ومكتبات متخصصة ف بالسية والتراث النبوي الشريف ‪.‬‬
‫‪ -7‬إنشاء مواقع على النترنت متخصصة ف السية والسنة النبوية الشريفة‪.‬‬
‫‪ -8‬طباعة ونشر الكتب والشرطة والبامج العلمية الت تبز ماسن الدين الذي جاء به النب صلى‬
‫ال عليه وسلم وأخلقه وشائله بعدة لغات وخاصة اللغة النليزية‪.‬‬
‫‪ -9‬الساهة ف دعم السابقات الدعوية الت تتم بالسية النبوية ورصد مبالغ تشجيعية لا‪.‬‬
‫‪ -10‬الرقم نتركة لك لتكمله وتبعث به إلينا على عنوان اللجنة‪.‬‬
‫أخي السلم أخت السلمه ‪ ..‬إن الواجب علينا جيعا ‪ -‬كلٌ حسب إستطاعته ‪ -‬أن ننصر نبينا‬
‫وأمامنا وحبيبنا ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولذلك أعددنا هذة الذكرة خت ل يبقى لحد منا‬
‫عذر ‪ ،‬فلنعمل جيعا على نشرها وتوزيعها ‪ ،‬ودعوة الهل وعموم الناس من خلل الجالس العائلية ‪،‬‬
‫والكالات الاتفية‪ ،‬ورسائل الوال ‪ ،‬على نصرة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫============================‬
‫ماذا فعلت للدفاع عن السلم ؟‬

‫الكاتب‪ :‬نايف بن مدوح ال سعود‬


‫بتاريخ‪01/21/2003 :‬‬
‫بقلم‪ :‬نايف بن مدوح ال سعود‬
‫هذا هو نب السلم أيها الغربيون‬
‫المد ل رب العالي وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممد الذي بعثه ال بالق هدى ورحة‬
‫للعالي وعلى آله وصحبه الطيبي الطاهرين وجيع من آمن به واتبع سنته إل يوم الدين وبعد‪:‬‬
‫ل يفى على الطلع على تلك الملة الشرسة الت تتعرض لا أمة السلم ف هذه الوقات الرجة‪,‬‬
‫والوضاع الدولية الراهنة بصفة عامة‪ ,‬وأوضاع السلمي الؤسفة فيما بينهم بصفة خاصة‪ ,‬من تفكك‬
‫وتناحر وبعد عن التمسك بالشريعة السلمية والتحاكم إليها وبعد مجل عنها وجهل لكثي من‬
‫السلمي بعقيدتم‪ ,‬حت صار الكثي منا – إل من رحم رب – فيه من الهل بدينه ما يعله يعجز عن‬
‫الدفاع عن أغلي شئ ف حياته‪ :‬دين ال‪ ,‬ونب السلم صلى ال عليه وسلم‬
‫وما حادثة إفك ذاك ( القس ) المريكي الكاذب ( جيي فولويل ) عنا ببعيد حيث قال ف حديث‬
‫له بث مساء الحد ‪ 6‬أكتوبر ‪2002‬م ف برنامج ‪ 60‬دقيقة‪ ,‬اتم النب صلى ال عليه وسلم‬
‫الرهاب‪ ,‬وقال ما نصه" أنا أعتقد أن ممدآ كان إرهابيآ‪ ,‬ولقد قرأت ما يكفي من السلمي وغي‬
‫السلمي أنه كان رجل عنف‪ ,‬ورجل حروب"‬
‫وما فاه ذاك القس الفاك الثيم ( بات روبرتسون ) ف هجومه على النب صلى ال عليه وسلم من‬
‫خلل برنامج هانين آند كولز ف قناة ( فوكس نيوز ‪ 9‬الخبارية قال‪ ":‬كل ما عليك هو فقط إن‬
‫تقراء ما كتبه ممد ف القرآن‪ :‬أنه يدعو قومه إل قتل الشركي إنه رجل متعصب إل أقصى درجة‪..‬‬

‫‪420‬‬
‫أنه كان لصآ وقاطع طريق‪ .‬وأضاف إنا يدعو إليه هذا الرجل ( ممد ) ف رأيي الشخصي ليس إل‬
‫خديعة وحيلة ضخمة‪ .‬ويقول أيضآ إن ‪ %80‬من القرآن نقل من النصوص النصرانية واليهودية ولقد‬
‫ذكر موسي أكثر من ‪ 500‬مرة ف القرآن‪ .‬وقال أيضآ‪ :‬إن هذا القرآن ماهو إل سرقة من العتقدات‬
‫اليهودية ‪ ...‬وث استدار ممد بعد ذلك ليقتل اليهود والنصارى ف الدينة‪ .‬وقال‪ :‬إنا أقصد ‪ ..‬أن هذا‬
‫الرجل ( ممد ) كان قاتل سفاكآ للدماء"‬
‫وما ا فتراه الكاذب الثالث القس ( فرانكلي جراهم ) ف تصرياته العلمية الت ذكر فيها‪ "..‬أن‬
‫الرهاب جزء من التيار العام للسلم‪ ,‬وان القرآن يض على العنف‪ ,‬وكرر خلل برنامج ( هانت‬
‫آند كولز ) الذاع علي قناة ( فوكس نيوز ) المريكية ف الامس من أغسطس رفضه لدانة‬
‫تصريات أدل با بعد أحداث ‪ 11‬سبتمب ‪ 2001‬وصف السلم بأنه دين شرير‪ ,‬وف كتاب جديد‬
‫له بعنوان" السم" يتوى على نصوص مسيئة للدين السلمي منها مايلي‪ :‬ف الصفحة ‪ 70‬يذكر‬
‫الكتاب" السلم‪ ..‬اسس بواسطة فرد بشري‪ ,‬مقاتل يسمي ممد‪ ,‬وف تعاليمه تر ى تكتيك نشر‬
‫السلم من خلل التوسع العسكري ومن خلل العنف إذا كان ضروريآ‪ ,‬ومن الواضح إن هدف‬
‫السلم النهائي هو السيطرة علي العال"‪ .‬وف الصفحة رقم ‪ 72‬يذكر الكتاب‪ ":‬يتوي القرآن على‬
‫قصص أخذت وحرفت عن العهدين القدي والديد ‪ ..‬ل يكن للقرآن التأثي الواسع على الثقافتي‬
‫الغربية والتحضرة الذي كان للنيل‪ .‬الختلف رقم واحد بي السلم والسيحية أن آله السلم‬
‫ليس آله الديانة السيحية"‬
‫وما افتراه الكاذب الرابع القس ‪ 0‬جيي فاين ) على الرسول صلى ال عليه وسلم وأتمه‪ ,‬ونعوذ بال‬
‫ما اتمه به حيث قال‪ ":‬إنه شاذ ييل للطفال ويتملكه الشيطان‪ ,‬وتزوج من ‪ 12‬زوجة آخرهن‬
‫طفلة عمرها ‪ 9‬سنوات‪ .‬وأضاف فاين أن ال الذي يؤمن به السلمون ليس الرب الذي يؤمن به‬
‫النصارى"‪)1(.‬‬
‫فقد ترأوا ونالوا من نبينا وسيدنا وإمامنا وقدوتنا ممد صلى ال عليه وسلم وشتموه واستهزؤا به‬
‫وطعنوا ف نبوته ورسالته واتموه بالكذب والفتراء‪ ,‬وعلى الرغم من ذلك ل نرا أو نسمع من‬
‫السلمي من حرك ساكنآ إل القليل‪ .‬أين أنتم أيها السلمون‪!.‬؟ أين أنتم أيها الؤمنون‪!.‬؟ كيف يشتم‬
‫نبينا صلى ال عليه وسلم وننأ بعدها ويغمض لنا جفن‪!.‬؟ وتدأ نفس ويطيب عيش‪!.‬؟ كيف الال‬
‫لو كان ذاك الشتوم هو أب أو أبوك أو أمي أو أمك أو عرضي أو عرضك أو وطن أو وطنك‪!.‬؟‬
‫أتوقع لكان الوضع ‪ -‬للسف – متلفآ تامآ‪ ,‬وتعجب من تعصب الكثي من الناس وتمقهم ف‬
‫تشجيع الفرق والندية الرياضية ال حد أشبه بالنون!‬
‫ومن تتبع أخبارهم ف الصحف الرياضية ورأى سكرتم ف تشجيعهم لنديتهم وتصرياتم ف الدفاع‬
‫والذب عنها‪ ,‬ليتمن أن مثل هذا الهد يكون ف الدفاع عن النب صلى ال عليه وسلم وعرضه‬
‫ورسالته‪.‬‬

‫‪421‬‬
‫وكيف الال يا ترى لو أن ذاك الشتوم هو احد ملك صحيفة من الصحف أو قناة من القنوات‬
‫الفضائية‪!.‬؟ إل ترون أن جيع المكانيات والهود ستجند للدفاع والذب عن مالك تلك الصحيفة‬
‫أو القناة‪!.‬؟ فأين انتم أيها السلمون‪!.‬؟‬
‫ل أريد من كلمي هذا التعسف أو الساءة أو الرهاب للمعاهدين الذين تربطهم بالسلمي مواثيق‬
‫وعهود يب أن تترم وتراعى من كل الطرفي‪ ,‬ولكن القصود أن يند السلمون ف إرجاء الدنيا‬
‫أنفسهم وأن يقفوا صفآ واحدآ ويدعوا اختلفاتم ويعتصموا بكتاب ال تعال وسنة رسوله صلى ال‬
‫عليه وسلم وهدى السلف الصال وان توجه جهودهم وطاقاتم ضد هذه الرب العلمية السافرة‬
‫القذرة الت تنال من عرض نبينا بأب هو وأ مي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فأين أنتم يا علماء السلمي ف إرجاء العمورة كافة!؟ وأين أنتم أيها الدعاة والدباء والكتاب‬
‫والصحفيون!؟ وأين من يسمونم بالفكرين السلميي‪!.‬؟ إذا ل تنطلق اللسن فما قيمتها‪ ,‬وإذا ل‬
‫نستميت ف الذب بأقلمنا عن عرض خي النام ال فلتكسر القلم‪ ,‬ول نلوم وقتها أعداء ديننا أكثر‬
‫من لومنا أنفسنا( أولا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أن هذا قل هو من عند أنفسكم إن ال‬
‫على كل شئ قدير ) ال عمران ‪ ,‬فوال لو أنشئت صحيفة أو قناة ول تنشاء إل من اجل الدفاع عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم والذب عن عرضه ودينه والنور الذي جاء به‪ ,‬ل يكن ذلك ف حقه كثيآ‬
‫بل أنه من اقل ما ينبغي علينا تاهه‪.‬‬
‫فأين انتم يا أصحاب القنوات الفضائية والصحف والجلت‪!.‬؟ وأن على ضعفي وقلة كفاءت‬
‫وقدرت العلمية شرعت بمد ال بتأليف سفر على هؤلء الفترين الكذبة ومن نا نوهم‪ ,‬وقد أسيته‬
‫" هذا هو نب السلم أيها الغربيون" وهو عبارة عن تعريف بالنب صلى ال عليه وسلم كما ورد ف‬
‫التوراة والنيل والقرآن‪ ,‬وماصح عن من طيب سيته وطهارة عرضه الشريف وسريرته‪ ,‬ومواقف‬
‫من كري أخلقه‪ ,‬وهو مدخل لدعوة النصارى واليهود وغيهم إل السلم‪ ,‬وذلك ما يعل هؤلء‬
‫الكذبة الفترين يندمون على طعنهم ف النب صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ما فتح ل ولغيي من السلمي بابآ‬
‫إل دعواتم وقومهم غلي السلم‪ .‬وملحق بذيل الكتاب رد مستقل على هؤلء وأمثالم من ألقوا‬
‫بالسلم وبالنب الباطيل والكاذيب واسيته" الصارم السلول ف الرد على القساوسة الكذبة شاتي‬
‫الرسول" واطمئن هؤلء النحرفي وغيهم ما نح ا نوهم من الذين يلصقون بالسلمي تمة الرهاب‬
‫بأن ردي سيكون‪ -‬بأذن ال‪ -‬بعيدآ عن ذلك و بل سيمتاز بالدقة والوضوعية العلمية والنقاش الادئ‬
‫الادف الذي يرجهم من الظلمات غلي النور‪ ,‬كما قال تعال‪ (..‬يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا‬
‫يبي لكم كثي ما كنتم تفون من الكتاب ويعفو عن كثي قد جاءكم من ال نور وكتاب مبي‬
‫يهدى به ال من أتبع رضوانه سبل السلم ويرجهم من الظلمات إل النور بإذنه ويهديهم إل صراط‬
‫مستقيم) الائدة‬
‫وسيترجم هذا الرد – بإذن ال – إل عدة لغات‪ ,‬فهذه القالة ول المد وما تبعها قد ترجت أيضآ‬
‫إل النليزية والفرنسية‪ ,‬رجاء أن يعم با النفع ويقوى با الدفع‪ ,‬خاصة باللغة الت نيل من نبينا ممد‬

‫‪422‬‬
‫صلى ال عليه وسلم با" النليزية" وإن ف ختام افتتاحية هذا الرد لرجوا من علماء السلم ف كل‬
‫مكان والدعاة والدباء والعلميي أن يواجهوا تلك الملة الشرسة بلغة القوم الت يفهمونا وذلك‬
‫بأن تترجم تلك الردود وأن يظهر من ييد تلك اللغات من العلماء والدعاة ف وسائل العلم‬
‫الختلفة للذب عن عرض النب صلى ال عليه وسلم‪ ,‬أقول بلغة القوم إذا ماطبة الذات ل تدفع ضررآ‬
‫ول تنكأ عدونا‪ ,‬فالسلمون خواصهم وعوامهم يعرفون نبيهم صلى ال عليه وسلم‪ ,‬والاجة إنا هي‬
‫ف دفع الصائل التطاول علي عرض النب صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وهذه وصايا أذكرها تأكيدا لهيتها‬
‫وتذكيا با‪:‬‬
‫‪ -1‬قيام علماء العال السلمي ف كل مكان بالدور الطلوب منهم تاه هذه الملة الشرسة ضد‬
‫السلم ونبيه الكري صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وقد قام بعض العلماء بهود مباركة ف ذلك ومازلنا‬
‫باجة للمزيد من الهود‪ ,‬وأن تكون الواجهة لذه الفرية العظيمة با يناسبها لن دفع المور يكون‬
‫وفق قدرها وحجمها ول أر دفعآ يناسب هذا الرم العظيم والطب اللل‪.‬‬
‫‪ -2‬أستنفار الكتاب السلمي والدعاة إل ال ف إرجاء العمورة للدفاع عن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ف خطبهم وماضراتم ومقالتم مع التأكيد على الماهي مستمعيهم أن هذه الملة إنا ترد‬
‫وتدفع بالعلم والتعلم والكمة والتعقل وبث الدعوة السلمية ف صفوف أولئك الخدوعي لذا‬
‫الكاذب وغيه من خلل تبي ماسن الدين السلمي وكري أخلق وعظيم خصال نبيه صلى ال‬
‫عليه وسلم بالوار والناقشة والدعوة بالكمة والوعظة السنة على منهج القرآن خاصة مع‬
‫الخادعي‪ ,‬كما قال ال تعال( أدع إل سبيل ربك بالكمة والوعظة السنة وجادلم بالت هي‬
‫أحسن إن ربك هو أعلم بن ضل عن سبيله وهو أعلم بالهتدين) ‪125‬‬
‫وقوله تعال ( ول تادلوا أهل الكتاب إل بالت هي أحسن إل الذين ظلموا منهم وقالوا آمنا بالذي‬
‫أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلنا وإلكم واحد ونن له مسلمون) ‪ 46‬العنكبوت‬
‫وخاصة مع الستغفلي من الذين غشوهم وخدعوهم وغرروا بم (هؤلء الكذبة الضللي ) وأسلفهم‬
‫‪ -3‬أن يقوم أرباب الفضائيات والصحف والذاعات بإعداد حلة إعلمية متواصلة دفاعآ عن جناب‬
‫النب الصطفي صلى ال عليه وسلم‪ ,‬والدين الذي أرسل به والتعريف بالدين السلمي الصحيح الذي‬
‫ل غلو فيه ول جفاء مع التركيز والتأكيد على مسالة مهمة قد تم الغرب وغيهم أن لدى السلمي‬
‫الذين يقفون ضد إرهاب المني والعاهدين من الحبة والتعظيم للنب صلى ال عليه وسلم ما تصنع‬
‫من الرجل السال العاقل إرهابيآ ول فخر‪.‬‬
‫فليحذر أولئك العابثون بأغلى ما يلكه السلمون بعد توحيدهم لربم أل وهي مبتهم لنبيهم صلى ال‬
‫عليه وسلم بل ل يثبت توحيدهم إل با ‪ ,‬كيف ل وهي شق شهادة التوحيد ( واشهد أن ممدآ عبد‬
‫ال ورسوله) كيف ل ول يصح أيان الؤمن إل بذلك قال الرسل من عند ربه بالق صلى ال عليه‬
‫وسلم ( ل يؤمن أحدكم حت أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجعي) متفق عليه‬

‫‪423‬‬
‫فحذارى يا ( جيى فاين ) ومن معك من الفترين أن ترضوا مليار وثلثائة مليون مسلم وتولوهم‬
‫إل الرهاب كما تسمونه‪.‬‬
‫( قل يا أهل الكتاب تعالوا إل كلمة سواء بيننا وبينكم إل نعبد إل ال ول نشرك به شيئا ول يتخذ‬
‫بعضنا بعض أرباب من دون ال فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) ‪ 64‬ال عمران‬
‫وابشر الؤمني كما أبشر غي الؤمني با حدث به الصادق الصدوق صلى ال عليه وسلم بأن‬
‫السلم سينتشر وأن البقاء له بعز عزيز أو بذل ذليل كما قال صلى ال عليه وسلم( ليبلغن هذا المر‬
‫ما بلغ الليل والنهار ول ترك ال بيت مدر ول وبر إل أدخله ال هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل‬
‫عزآ يعز ال به السلم وذل يذل به الكفر) رواه ابن حبان ف صحيحه وصححه اللبان‬
‫وختامآ أشكر ال سبحانه با من ويسر وأعانن وشرفن للدفاع عن عرض نبيه صلى ال عليه وسلم‬
‫والتصدي لؤلء النكرات وأمثالم سائل رب جل وعل أن ينصر كتابه وسنة نبيه ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم وان يعز دينه واولياءه وان يذل أعداء ملته وان يعل عملي هذا خالصآ صال حآ متقبل نافعآ‬
‫لن شاء من عباده ‪ ,‬وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي والمد ل رب‬
‫العالي وصلى ال وسلم وبارك على سيد ولد آدم البعوث بالق من رب العالي ‪.‬‬
‫ماذا فعلت للدفاع عن السلم؟‬
‫===========================‬
‫مثيو الكراهية‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬علي الطراح‬


‫ليس فينا من العقلء من يرى ف نشر أفكار الدمار والتخريب وسيلة ليصال رأيه‪ .‬فكما لدينا حقى‬
‫ل يؤمنون بالوار والعقل كأداة للتفاهم ف حالة الختلف‪ ،‬فلدينا كذلك أعداد مضاعفة من العقلء‬
‫من يرفضون السلوك الحق ول يرون فيه إل أداة لغرس أفكار الكراهية بي الشعوب‪ .‬المقى ليسوا‬
‫فقط من أبناء جلدتنا وإنا ندهم ف جيع العتقدات ومن الطأ لوم السلمي لتصرفات الهلء‬
‫منهم‪ ،‬فالسلم أكب من ذلك وروحه ل تتلقى مع ما ف أذهان المقى‪.‬‬
‫إنن شخصيا وإن كنت ل ألتقي مع أطروحات البعض من الخوة ف الركات السياسية السلمية‪،‬‬
‫إل أن ذلك ل يعن بال من الحوال الوافقة على استباحة الدين السلمي وتعريضه للتجريح‪ ،‬فما‬
‫بالك عندما يصل المر إل الستهزاء بنب ال ممد بن عبدال صلوات ال عليه وسلمه‪ .‬فالوقف‬
‫بكل تأكيد يتلف ويتطلب منا إظهار رفض لي استغلل سياسي لتطلبات الدفاع عن رسول المة‪،‬‬
‫وإنه ليس من العقل أن نفتش ف الدفاتر القدية وأن نبحث ف الواقف الت تفرقنا بقدر ما نن‬
‫ملزمون بسؤولية أخلقية ف إظهار عدم الرضا عمن يسيء لدين السلم الذي يعتنقه مئات الليي‬
‫من البشر ف أرجاء العال‪.‬‬

‫‪424‬‬
‫لدينا الكثي من الوسائل الضارية الت علينا أن نفكر ف استخدامها للتعبي عن استيائنا ما نشر ف‬
‫الصحافة الجنبية‪ .‬فعلى سبيل الثال لو قام بعض من السلمي بإرسال برقيات احتجاج للصحف الت‬
‫أساءت إل نب ال ممد صلة ال عليه وسلمه‪ ،‬لدرك الكثيون من القائمي على هذه الصحف أن‬
‫لذا الدين أنصاره ف كل أركان العال‪ .‬قد تكون القاطعة للبضائع الدانركية مقبولة وجائزة‪ ،‬إل أن‬
‫ضمان الستمرارية ف ذلك الوقف أمر مشكوك فيه‪ ،‬حيث اعتدنا على اتاذ القرارات السريعة‬
‫والعاطفية ما يعلنا عرضه للهتزاز أمام الخرين‪.‬‬
‫الدول السلمية تتلف ف سياساتا وليس هناك انسجام ف السياسات بينها ما عرضها ويعرضها‬
‫للتفكك ول أعتقد أنا تلك مقومات الخاطبة الضارية ف توصيل رسائلها للعال‪ .‬الزمة الت نعان‬
‫منها تتجسد ف تأسيس وسائل ماطبة حضارية ف كسب الرأي العام العالي لصال قضايانا‪ .‬فالعجز‬
‫فينا عن تدبي أمورنا مع العال ول يكننا أن نصحح أفكار الخرين إذا ل نبادر إل فهم ميكانيكية‬
‫التواصل مع الخرين‪.‬‬
‫العلم الغرب وخصوصا صناعة السينما مازالت حبيسة النمطية التقليدية ضد العرب والسلمي‬
‫ومازالت تنتج البامج والفلم الحرضة ضد الشخصية العربية أو السلمة‪ .‬فالفيلم الخي الذي بث‬
‫ف أميكا "سريانا" يعب عن النمطية البغيضة الت مازالت تبثها وسائل العلم الغربية ضد السلمي‬
‫والعرب‪" .‬سريانا" مثله مثل غيه من الفلم الكثية الت تظهر الشخصية العربية السلمية اللمبالية؛‬
‫الشخصية الت ل هم لا سوى تبذير الموال والري وراء النساء!‬
‫ل أرى أن اللوم يب أن يوجه للعرب أو للمسلمي وحدهم بقدر ما يب أن يوجه أيضا لباقي‬
‫الطراف ف خلق عقلية التحريض والكراهية ضد الخر‪ .‬فكما لدينا شخصية بن لدن‪ ،‬الشخصية‬
‫الت أساءت للسلم وباعدت بيننا وبي الخر‪ ،‬فكذلك للغرب أيضا شخصيات مريضة ل ترى العال‬
‫إل من زاوية غربية متعصبة‪ .‬العنصرية وعدم التسامح بدآ يستفحلن ف أوروبا بعد انتهاء الرب‬
‫الباردة‪ ،‬وبدأت النظار تتجه للمهاجرين وخصوصا السلمي منهم باعتبارهم قنابل موقوتة قد تنفجر‬
‫ف عقر أوروبا‪ .‬فالسلمون يتنامون ف أوروبا ويتوقع أن يصل عددهم ف العقدين القادمي إل ما‬
‫يقرب من ‪ 65‬مليون نسمة ما يدعو الوروبيي إل التفكي جديا ف كيفية إدماجهم وليس عزلم‬
‫وتميشهم‪.‬‬
‫صحيفة التاد الماراتية‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ف الكتب السماوية العهد القدي‬
‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬ممد بن عبد ال السحيم‬
‫بتاريخ‪08/05/2005 :‬‬
‫المد ل وكفى والصلة والسلم على عبده الصطفى ‪ ..‬أما بعد‬
‫فقد طلب من الخوة الفضلء القائمون على موقع (شبكة مشكاة السلمية) أن أذكر لم شيئا ما‬
‫كُتب عن نبوة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم ف كتب أهل الكتاب فنقلت لم بعض ما أوردته ف‬

‫‪425‬‬
‫كتاب‪( :‬مسلمو أهل الكتاب وأثرهم ف الدفاع عن القضايا القرآنية) وهذه البشارات نقلتها من‬
‫مسلمي أهل الكتاب بعن أنن ل أدون أي نص أو بشارة إل ما شهد عليه مسلم من أهل الكتاب أنه‬
‫وجد هذا النص ف كتابه‪ .‬وقد أشرت ف ناية كل بشارة إل اسم الهتدي الذي نقلتها منه ورقم‬
‫الصفحة من كتابه ث طابقتها على الطبعات الحدثة من ما يسمى "بالكتاب القدس" ونتيجته لن‬
‫بعض هؤلء الهتدين ينقلون لنا من نسخ قدية جدا كالطبي الذي كان معاصرا للمتوكل ولن‬
‫اليهود والنصارى يقومون بعمل تصحيح لكتابم بي آونة وأخرى ويضيفون ويذفون من العبارات‬
‫ما يشاؤون فقد يد الباحث صعوبة القارنة بي النص الذي أورده الهتدي والنص الوجود ف‬
‫الطبعات الديثة للكتاب القدس الزعوم لكن العبة بشهادة هؤلء الهتدين ونقلهم لذه النصوص‪.‬‬
‫وليعلم القارئ أن هذه البشارات موجودة ف كتب كثية سواء ف بعض دواوين السية أو ف‬
‫مصنفات الدل مع أهل الكتاب مثل كتاب الواب الصحيح لبن تيمية وهداية اليارى لبن القيم ‪.‬‬
‫وإظهار الق لرحة ال الندي والفارق بي الخلوق والالق لعبدالرحن باجه جي أو كتاب أحد‬
‫السقا البشارة بنب السلم وكذلك مصنفات الهتدين من أهل الكتاب مثل كتاب‪:‬‬
‫‪ .1‬الدين والدولة لعلي بن ربّن الطبي‪.‬‬
‫‪ .2‬تفة الريب ف الرد على أهل الصليب لعبد ال الترجان‪.‬‬
‫‪ .3‬النصيحة اليانية ف فضيحة اللة النصرانية للمتطبب‪.‬‬
‫‪ .4‬إفحام اليهود للمسئول بن يي الغرب‪.‬‬
‫‪ .5‬مسالك النظر ف نبوة سيد البشر لسعيد بن السن السكندران‪.‬‬
‫‪ .6‬ممد صلى ال عليه وسلم ف الكتاب القدس لعبد الحد داود‪.‬‬
‫‪ .7‬ممد نب الق لجدي مرجان‪.‬‬
‫‪ .8‬ممد صلى ال عليه وسلم ف التوراة والنيل والقرآن لبراهيم خليل أحد‪.‬‬
‫وغيها كثي‪ .‬وقد جعت جيع الدلة والبشارات الت استدل با هؤلء وغيهم وضمنتها كتاب‬
‫السابق ذكره‪.‬‬
‫كما أن هناك من صنف مصنفات خاصة ببشارات أصحاب الديان السابقة بذا النب الات صلى ال‬
‫عليه وسلم وكذا صنفت مصنفات خاصة تمل بي دفتيها شهادات الكتاب العاصرين العتبين نبينا‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ككتاب ‪ :‬إل الدين الفطري البدي‪ ..‬تأليف مبشر الطرازي السين من‬
‫علماء تركستان‪ .‬وهو من منشورات مكتبة الاني – القاهرة‪.‬‬
‫=======================‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ف الكتب السماوية العهد الديد‬

‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬ممد بن عبد ال السحيم‬


‫بتاريخ‪08/05/2005 :‬‬

‫‪426‬‬
‫بشارات العهد الديد‪:‬‬
‫بشارات مت‪:‬‬
‫البشارة الول‪ :‬قال مت ف الصحاح الثالث مبا عن يوحنا العمدان – يي عليه السلم – أنه قال‪:‬‬
‫(أنا أعمدكم بالاء – وذلك للتوبة وغفران الطايا – ولكن هناك شخص قادم بعدي وهو أقوى‬
‫من‪ ،‬لدرجة أنن ل أستحق حل سيور حذائه‪ ،‬وسيعمدكم بالروح والنار)‪ .‬هذه البشارة أوردها كل‬
‫من الهتدي عبد الحد داود والنجار‪ ،‬وأضاف إليها النجار بعض العبارات الت تذكر صفة هذا القادم‬
‫النتظر‪ ،‬وهو قوله‪( :‬الذي رفشه بيده‪ ،‬وينقي بيدره‪ ،‬ويمع قمحه إل الخزن‪ ،‬وأما التب فيحرقه بنار‬
‫ل تطفأ) وأوضح هذه العبارات فقال‪( :‬قوله‪ :‬الذي رفشه بيده‪ .‬ونسخة الباء العيسويي‪( :‬الذي بيده‬
‫الذري)‪ .‬إشارة إل ما قام من حروب وجهاد مع الكفار لنصرة دين ال وإعلء كلمته‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫(وينقي بيدره) بعن يطهر موطنه من الصنام ومن عبدتا الشركي‪ .‬وقوله‪( :‬ويمع قمحه إل‬
‫الخزن) أي يمع صحابته والؤمني به عند بيت ال الرام‪( .‬أما التب فيحرقه بنار ل تطفأ)‪ .‬أي‬
‫يقضي على عناصر الشر والفساد ف العال‪ ،‬ويناهض أهل الشرك والضللة وعبادة الصنام)‪.‬‬
‫أما عبد الحد داود فقد اكتفى بذا النص الذي أوردته‪ ،‬وأشار على هذه الزيادة ف ثنايا الشرح‬
‫والتحليل‪ .‬كما أنه أطال النفس ف استنطاق هذه النبوة من جانبي‪ :‬الانب الول‪ :‬نفى فيه أن يكون‬
‫النب الذي تنبأ به يوحنا هو عيسى عليه السلم‪ .‬وف الانب الثان‪ :‬أثبت أن هذا النب البشر هو ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وقد قدم ف الانب الول الباهي التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن نفس كلمة "بعد" تستبعد عيسى بكل وضوح من أن يكون هو النب البشر به‪ ،‬لن عيسى‬
‫ويوحنا ولدا ف سنة واحدة وعاصر أحدها الخر‪ ،‬وكلمة "بعد" هذه تدل على مستقبل غي معلوم‬
‫بعده‪.‬‬
‫‪ .2‬أن يوحنا قدم السيح عليه السلم إل قومه وطلب منهم طاعته واتباعه‪ ،‬إل أنه أخبهم بوضوح‬
‫أن ثة كوكبا آخر عظيما هو الخي الات المجد عند ال‪.‬‬
‫‪ .3‬ل يكن عيسى هو القصود عند يوحنا‪ ،‬لنه لو كان المر كذلك لتبع عيسى وخضع له‪ ،‬ولكنا‬
‫نده على العكس من ذلك إذ نده يعظ ويعمد ويستقبل التباع ف حياة السيح عليهما السلم‪.‬‬
‫‪ .4‬مع اعتقاد الكنائس النصرانية بأن السيح إله أو ابن إله‪ ،‬إل أن كونه معمدا على يد يوحنا‬
‫العمدان يثبت أن المر بالعكس تاما‪ ،‬فلو كان عيسى هو الشخص الذي تنبأ به يوحنا على أنه أقوى‬
‫منه‪ ،‬وأنه سيعمد بالروح وبالنار – لا كان هناك ضرورة أو معن لتعميده ف النهر على يد يوحنا‬
‫وهو الشخص القل منه ‪.‬‬
‫‪ .5‬تضاربت الناجيل ف موقف يوحنا من عيسى‪ :‬فهو ف أحدها يرسل التلميذ يسألونه‪ :‬هل أنت‬
‫النب الذي سيأت أم ننتظر واحدا آخر؟ أما يوحنا كاتب النيل فقد أثبت أن يوحنا لا رأى عيسى‬
‫قال‪ :‬انظروا حل ال‪ .‬ففي النص الول‪ :‬يتبي أن يوحنا ل يكن يعرف حقيقة السيح‪ ،‬وف النص‪:‬‬
‫ذكر وصفا مغايرا للنب البشر به‪.‬‬

‫‪427‬‬
‫‪ .6‬ل يكن أن يكون يوحنا هو سلف عيسى البشر به بالعن الذي تفسر فيه الكنائس بعثته‪ ،‬لن من‬
‫مهام هذا الرسول البشر به أنه يهد الطريق‪ ،‬وأنه يأت فجأة إل هيكله ويقيم السلم‪ .‬فإذا اعتب أن‬
‫هذه الهام قد أسندت إل يوحنا – فنستطيع أن نؤكد أنه فشل ف تقيقها فشلً ذريعا‪ ،‬لن كل‬
‫الذي قام به يوحنا تاه عيسى عليهما السلم أنه استقبله على نر الردن وعمده فيه – كما زعموا‬
‫‪.-‬‬
‫أما الباهيم أو الدلة الت قدمها هذا الهتدي على أن يوحنا قد بشر بحمد صلى ال عليه وسلم‬
‫فهي‪:‬‬
‫‪ .1‬يتأكد من هذه النبوة شيء واحد وهو أن النب الذي تت البشارة بقدومه معروف لدى كافة‬
‫الرسل والنبياء‪ ،‬وإل لا اعترف شخص معصوم هذا العتراف التواضع‪.‬‬
‫‪ .2‬أن إنكار الرسالة الحمدية هو إنكار أساسي لكل الوحي اللي‪ ،‬وكافة الرسل الذين بشروا به‪،‬‬
‫لن جيع النبياء معا ل ينجزوا العمل الائل الذي أنزه ممد صلى ال عليه وسلم وحده ف فترة‬
‫قصية ل تتجاوز ثلثة وعشرين عاما‪.‬‬
‫‪ .3‬اعتراف يوحنا بأن "ممدا" صلى ال عليه وسلم أعلى منه وأسى قدرا‪ ،‬يتضح ذلك من قوله "هو‬
‫أقوى من" وبقارنة ما كان عليه يوحنا با كان عليه ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ند أن الواقع يشهد‬
‫أن ممدا ص كان هو القوى الذي بشر به يوحنا‪ ،‬يتضح ذلك من خلل الصورة الأساوية الت‬
‫ترسها الناجيل لنهاية يوحنا حيث يسجن ث يقطع رأسه ويقدم على طبق‪ ،‬بينما نرى ممدا صلى‬
‫ال عليه وسلم يدخل مكة دخول الفاتح العظيم‪ ،‬ويدمر الصنام‪ ،‬ويطهر الكعبة‪ ،‬والكفار مستسلمون‬
‫له ينتظرون حكمه فيهم‪.‬‬
‫‪ .4‬أخب يوحنا عن الغضب القادم أو العذاب القادم على اليهود والكفار العاندين للرسل‪ .‬وهذا‬
‫العذاب الذي تنبأ عنه‪ ،‬منه ما تقق بعد ثلثي سنة ف بن إسرائيل‪ ،‬ومنه ما أعلنه هو وأخوه السيح‬
‫عليهما السلم عن قدوم رسول ال الذي سوف ينتزع جيع المتيازات من اليهود‪ ،‬ول يتحقق هذا‬
‫إل على يد ممد صلى ال عليه وسلم الذي دمر حصونم‪ ،‬وطردهم من ديارهم‪ ،‬ولقد أنذرهم يوحنا‬
‫من هذا العذاب الت إذا ل يؤمنوا برسل ال الصادقي وعلى رأسهم ممد صلى ال عليه وسلم –‬
‫بقوله‪( :‬من الذي أخبكم أن تربوا من الغضب الت)‪.‬‬
‫‪ .5‬أن هدف ممد صلى ال عليه وسلم هو‪ :‬إقامة دين السلم على الرض‪ ،‬فقد اختفت الوثان‬
‫والصنام من أمامه‪ ،‬وانارت المباطوريات أمام سيفه‪ ،‬وأصبح السلمون ف ملته متساوين‪،‬‬
‫وتكونت منهم الماعة الؤمنة‪ ،‬وتققت بينهم الساواة إذ ل كهنوت ول طقوس‪ ،‬وليس هناك مسلم‬
‫مرتفع‪ ،‬ول مسلم منخفض‪ ،‬ول توجد طبقية أو تايز يقوم على العنصر والرتبة‪ ،‬فالسلم هو الدين‬
‫الوحيد الذي ل يعترف بأي كائن مهما عظم‪ ،‬ومهما كان مقدسا – كوسيط مطلق بي ال والبشر‪.‬‬
‫‪ .6‬أن أتباع يوحنا كانوا يعرفون كل العرفة أن عيسى عليه السلم ل يكن هو الشخص القصود‪،‬‬
‫وقد اعتنقوا السلم عندما جاء ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪428‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قال مت ف الصحاح الامس مبا عن السيح أنه قال‪( :‬الق أقول لكم إل أن تزول‬
‫السماء والرض‪ ،‬ول يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حت يكون الكل) قال الهتدي‬
‫الاشي موضحا هذه البشارة‪( :‬الكل هنا – كما سبقت إليه الشارة هو القرآن الكري الذي فيه نبأ‬
‫السلف‪ ،‬وأخبار اللف‪ ،‬فيه قصص من سبق من النبياء وابتلؤهم على أيدي أقوامهم‪ ،‬فيه هدى‬
‫للمتقي‪ ،‬ووعيد للكافرين‪ ،‬وتنظيم للحياتي الدنيا والخرة‪ ،‬روح من رب العالي نزل على قلب بشر‬
‫ل يؤت من قبل فنون الكلم)‪.‬‬
‫وف هذا النص إشارة إل وجوب العمل بالتوراة والنيل إل غاية مدودة وهي ميء الكل‪ ،‬فإذا جاء‬
‫الكل – وهو القرآن الكري – بطل العمل با‪ ،‬وحان نسخهما‪ ،‬وأذن ال بزوالما‪ .‬والراد بالزوال هنا‬
‫زوال الكم ل زوال الوجود‪.‬‬
‫ولعل مقصود عيسى عليه السلم من قوله "الصغر" أي الصغر سنا‪ .‬هذا على فرض صحة نسبة هذا‬
‫النص إل عيسى عليه السلم‪.‬‬
‫البشارة الثالثة‪ :‬قال مت ف الصحاح الادي عشر‪( :‬وإن أردت أن تقبلوا فهذا هو إيلياء الزمع أن‬
‫يأت)‪ .‬قال الهتدي النجار بعد هذه النبوة‪( :‬أي إن أردت أن تتبعوا فاتبعوا أحد الذي سيبعث‪ ،‬وشدد‬
‫عليهم ف التمسك بذه الوصية والحافظة عليها فقال‪" :‬من له أذنان للسمع فليسمع"‪ .‬وهذه البشارة‬
‫ماثلة وشاهدة ومصدقة لنبوة ملخي‪ ،‬وقد سبق إيرادها ف هذا البحث تت عنوان‪ :‬البشارة الثانية‬
‫من بشارات ملخي‪.‬‬
‫البشارة الرابعة‪ :‬روى مت ف الصحاح السابع عشر ذلك الوار الذي دار بي السيح عليه السلم‬
‫وتلمذته وهو‪( :‬قولم‪ :‬لاذا يقول الكتبة‪ :‬إن إيلياء ينبغي أن يأت أول؟‪ .‬فأجاب وقال لم‪ :‬إن إيلياء‬
‫يأت أول‪ ،‬ويرد كل شيء) وأردف الهتدي النجار هذه البشارة بقوله‪( :‬وند الحرفي يشيون بأن‬
‫هذا الكلم على يوحنا – أي سيدي يي – مع أن سيدنا يي ليس له شرع ول كتاب)‪.‬‬
‫البشارة الامسة‪ :‬قال مت ف الصحاح العشرين مبا عن السيح أنه قال‪( :‬أما قرأت قط ف الكتب‪:‬‬
‫أن الجر الذي رذله البناؤون‪ ،‬هذا صار رأسا للزاوية‪ ،‬من قبل الرب كانت هذه‪ ،‬وهي عجيبة ف‬
‫أعيننا‪ ،‬من أجل هذا أقول لكم‪ :‬إن ملكوت ال تنع منكم‪ ،‬وتعطي لخرين‪ ،‬لمة يصنعون ثرتا‪،‬‬
‫ومن سقط على هذا الجر يترضض‪ ،‬ومن يسقط عليه يطحنه)‪.‬‬
‫أجدن مضطرا أمام هذه البشارة إل تقسيم الكلم عنها إل قسمي حسب ما ورد عن هؤلء‬
‫الهتدين‪:‬‬
‫القسم الول‪ :‬يتص بالكلم عن الجر الذي رفضه البناؤون‪ ،‬وهذا الجر الشار إليه هو ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬فهو الجر التمم للبناء الذي ابتدأه النبياء من آدم حت السيح‪ ،‬وبي السيح عليه‬
‫السلم ما خص به ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬من النصر والتأييد بقوله‪( :‬ومن سقط على هذا‬
‫الجر يترضض ومن يسقط عليه يطحنه)‪ .‬وإل هذا ذهب كل من الهتدي الشيخ زيادة والنجار‬

‫‪429‬‬
‫والاشي‪ .‬بينما يرى الهتدي إبراهيم خليل‪ :‬أن الجر الشار إليه هو إساعيل عليه السلم الذي رفضه‬
‫قومه‪ .‬ولكن الذي رفضه قومه‪ ،‬ورفضه اليهود والنصارى هو ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫قوله‪( :‬من قبل الرب)‪ :‬أي مرسل من قبل ال حقا وصدقا‪.‬‬
‫قوله‪( :‬عجيب ف أعيننا)‪ .‬هذا القول يطابق قول إشعياء‪ :‬إن اسه عجيب‪ .‬أو أن تكون بعن عجيب‪،‬‬
‫لنه كري ف طبعه عرب غريب من غي بن إسرائيل‪.‬‬
‫وإن قيل إن السيح عن نفسه بذا الثل فيقال‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه قال‪( :‬ف أعيننا) ول يقل ف أعينكم‪.‬‬
‫‪ .2‬أن خاتة البشارة وهي قوله‪( :‬من سقط على هذا الجر يترضض)‪ .‬تفيد جليا أن هذه العبارة‬
‫واردة ف حق شخص آخر غي السيح عليه السلم‪ ،‬لن عيسى عليه السلم ل يرض غيه‪ ،‬ول‬
‫يسحق من سقط عليه‪.‬‬
‫‪ .3‬ل يوز عند علماء اللغة أن يعود اسم الشارة على التكلم وهو عيسى‪ ،‬إذا فلبد أن يعود على‬
‫شخص أشار إليه عيسى وهو ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وف هذه البشارة تاثل قوله صلى ال عليه وسلم عن نفسه‪( :‬إن مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثل‬
‫رجل بن بيتا فأحسنه وأجله إل موضع لبنة من زاوية‪ ،‬فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له‬
‫ويقولون‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة؟ فأنا اللبنة‪ ،‬وأنا خات النبيي)‪.‬‬
‫وهذا القول منه صلى ال عليه وسلم معجزة وأي معجزة‪ ،‬فمن أخبه صلى ال عليه وسلم بوصفهم‬
‫له بأنه حجر الزاوية ؟ وهو المي الذي ل يقرأ ول يكتب‪ ،‬ول يتتلمذ على يد معلم أو راهب!!‬
‫ولكنه الوحي الذي ل يأتيه الباطل من بي يديه ول من خلفه‪ ،‬والق الذي ل يتلف ف كل عصر‬
‫ومصر‪ ،‬فل عجب أن تاثلت أقوالم‪ ،‬واتفقت أمثالم‪ ،‬أليس الميع يرج من مشكاة واحدة ؟؟!!‪.‬‬
‫القسم الثان‪ :‬يتص بالكلم عن نزع ملكوت ال من بن إسرائيل‪ ،‬ووضعه ف أمة أخرى‪:‬‬
‫والديث عن ملكوت ال يتطلب الديث عن حقيقته‪ ،‬وصفات أتباعه‪ ،‬وملكوت ال ف تفسي‬
‫الكنائس‪ ،‬وبيان أن النصرانية ليست ضمن ملكوت ال‪ ،‬وأن اللكوت نزع من بن إسرائيل وأعطي‬
‫لمة أخرى‪ ،‬وهذه المة هي المة السلمية‪.‬‬
‫بشارات يوحنا‪:‬‬
‫البشارة الول‪ :‬لا ابتدأ يوحنا يعمد الناس ف نر الردن‪ ،‬وكان ذلك ف زمن السيح عليه السلم‪،‬‬
‫تصدى له اليهود – الكتوب عندهم ف التوراة أن السيح آت وسيأت بعده نب – وسألوه سؤال كما‬
‫جاء ف الصحاح الول‪( :‬هل أنت السيح ؟ هل أنت إيلياء ؟‪ ،‬هل أنت النب؟ وعندما أجابم بالنفي‬
‫قالوا إذا ل تكن السيح ول إيلياء ول ذلك النب النتظر‪ ،‬إذا فلماذا تعمد ؟؟) قال الهتدي الاشي بعد‬
‫هذه البشارة‪( :‬من سؤال اليهود ليوحنا نستطيع أن نستنتج أن هناك نبيا بشرت به كتبهم‪ ،‬حيث أن‬
‫السؤال كان ف عهد السيد السيح‪ ،‬وأن إيلياء كان نبيا من أنبياء بن إسرائيل جاء بعد موسى وقبل‬
‫السيح)‪ .‬ويطرح الهتدي عبد الحد داود عدة تساؤلت ملزمة حول هذا النص وهي‪:‬‬

‫‪430‬‬
‫من يعن أولئك الحبار اليهود واللويون بقولم‪ :‬ذلك النب؟ وإذا كنتم تدعون معرفتكم مقصد‬
‫رجال الدين العبانيي‪ ،‬فهل يعرف باباواتكم وبطارقتكم من هو ذلك النب؟ وإذا كانوا ل يعرفون‬
‫فما الفائدة الدنيوية من هذه الناجيل الشكوك ف صحتها؟ وإذا كان المر على العكس‪ ،‬وكنتم‬
‫تعرفون من هو ذلك النب فلماذا تبقون صامتي ؟؟!‪.‬‬
‫ويستنتج الهتدي الشيخ زيادة من هذه البشارة‪ :‬أن اليهود منذ زمن موسى إل زمن ميء السيح‬
‫عليهما السلم كان يتداول بينهم – نقل عن آبائهم وأجدادهم – أن ال يرسل نبيا‪ .‬وهم بانتظار‬
‫ثلثة أفراد عظام هم‪ :‬إيلياء والسيح والنب فحيث جاء إيلياء والسيح ل يبق إل "النب" الذي‬
‫ينتظرونه‪ ،‬وقد ورد ف هذا النص بعد السيح فتعي أن هذا النب هو ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬لنه‬
‫قد جاء بعد السيح عليهما الصلة والسلم‪.‬‬
‫وهذه البشارة تفند ادعاء اليهود أن بشارة موسى عن نب يقيمه ال لم‪ .‬دالة على يوشع بن نون‪ ،‬لنه‬
‫لو كان القصود لا ظل اليهود إل زمن السيح يسألونه عن ذلك النب‪ .‬وتفند – أيضا – ادعاء‬
‫النصارى بأن بشارة موسى السابقة مقولة على السيح عليهما السلم‪ ،‬لن علماء اليهود قالوا ليوحنا‪:‬‬
‫(إن كنت لست السيح ول إيلياء ول النب وهذا يدل على أن هذا النب غي السيح عليه السلم‪.‬‬
‫البشارة الثانية‪ :‬قال يوحنا ف الفصل الامس عشر من إنيله إن السيح عليه السلم قال‪( :‬إن‬
‫الفارقليط الذي يرسله أب باسي يعلمكم كل شيء) وقال – أيضا – ف الفصل السادس عشر‪( :‬إن‬
‫الفارقليط لن ييئكم مال أذهب‪ ،‬فإذا جاء وبخ العال على الطيئة‪ ،‬ول يقول من تلقاء نفسه شيئا‪،‬‬
‫لكنه يسوسكم بالق كله‪ ،‬ويبكم بالوادث والغيوب) وقال – أيضا – ‪( :‬إن سائل أب أن يرسل‬
‫إليكم فارقليطا آخر يكون معكم إل البد) ويرى الهتدي عبد الحد داود أن النص الخي ل يتضح‬
‫العن الراد منه إل بإعادة الكلمات السروقة أو الحرفة فتكون الصيغة الصحيحة كالتال‪( :‬وسوف‬
‫أذهب إل الب‪ ،‬وسيسل لكم رسو ًل سيكون اسه "البقليطوس"‪ ،‬لكي يبقى معكم إل البد)‬
‫والكلمات الت أضافها هي ما تتها خط‪.‬‬
‫هذه البشارة تكاد أن تكون مل إجاع من هؤلء الهتدين‪ ،‬وسيكون الديث عنها من جانبي‪:‬‬
‫الانب الول‪ :‬بشارة السيح عليه السلم بات الرسل ممد صلى ال عليه وسلم وذلك من خلل‬
‫النقاط التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬أن هذا النب الذي بشر به السيح عليه السلم علّم الناس مال يعلموه من قبل‪ ،‬ول يكن ف تلميذ‬
‫السيح ومن بعدهم من علّم الناس شيئا غي الذي كان علمهم السيح‪.‬‬
‫‪ .2‬تضمن النص أن هذا الشخص البشر به ل يتكلم من تلقاء نفسه‪ ،‬وأنه يب بالوادث والغيوب‪،‬‬
‫ولقد كان ممد صلى ال عليه وسلم ل ينطق عن الوى إن هو إل وحي يوحى‪ ،‬وقد تواتر عنه‬
‫إخباره بالوادث القبلة والغيوب الت تققت ف حياته وبعد ماته‪ .‬وتتفق هذه البشارة مع بشارة‬
‫موسى عن هذا النب النتظر عندما أخب أن ال قال‪( :‬وأجعل كلمي ف فيه)‪ .‬وقد سبق الديث عن‬
‫هذه البشارة ضمن بشارات العهد القدي‪.‬‬

‫‪431‬‬
‫‪ .3‬أن هذا النب النتظر بكت العال على الطيئة‪ ،‬ول خطيئة أعظم من الشرك‪ ،‬ول يقتصر عمل ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم على اقتلع الشرك من جزيرة العرب‪ ،‬وبعث رسله وكتبه إل ما جاوره من‬
‫الدول والمباطوريات يدعوهم إل عبادة ال وحده‪ ،‬بل لا ل تقبل دعوته استل سيفه مؤذنا بإعلن‬
‫الرب على الشرك مهما كان موقعه‪.‬‬
‫‪ .4‬أن الشخص البشر به يؤنب العال‪ .‬ولقد اعتقد اليهود أنم صلبوا السيح عليه السلم وقتلوه‪.‬‬
‫واعتقد النصارى أن السيح قد صلب وأنه ال أو ابن ال‪ .‬ول يزل العال يعتقد هذا العتقاد حت جاء‬
‫ممد بن عبد ال صلوات ال وسلمه عليه وجلّى كل القيقة عن السيح من أنه عبد ال ورسوله‪،‬‬
‫وأنه ل يصلب ول يقتل‪ ،‬بل رفع إل السماء‪.‬‬
‫‪ .5‬ف هذا النص صرح السيح عليه السلم أن الشخص البشر به هو "روح القيقة" وممد صلى ال‬
‫عليه وسلم هو الذي أظهر كل القيقة عن ال وعن وحدانيته ورسله وكتبه ودينه‪ ،‬وصحح كثيا من‬
‫الفتراءات والكاذيب الت كانت مدونة ومعتقدا با‪ ،‬فهو الذي وبخ النصارى على اعتقادهم ف‬
‫الثالوث‪ ،‬وادعائهم أن السيح هو ابن ال‪ ،‬وكشف مفتريات اليهود والنصارى ضد أنبياء ال ورسله‪،‬‬
‫وطهر ساحتهم من الدنس والعيب الذي ألقه بم اليهود‪.‬‬
‫‪ .6‬ذكر الهتدي الترجان ف سبب إسلمه أن أحبار النصارى كان لم ملس يتمعون فيه‪،‬‬
‫ويتذاكرون فيه أناطا من السائل‪ ،‬فاختلفوا يوما حول النب الذي يأت بعد السيح والسمى ف النيل‬
‫"البارقليط" وانفض الجلس ف ذلك اليوم ول يصلوا إل حقيقة هذا اللفظ‪ ،‬وقد تلف عنهم ف ذلك‬
‫اليوم أكب علمائهم‪ ،‬فلما رجع الترجان إليه أخبه الب‪ ،‬وطلب الترجان من هذا العال أن يبي له‬
‫القيقة فأخبه‪ :‬أن "البارقليط" هو اسم من أساء نب السلمي ممد بن عبد ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .7‬قال الهتدي الاشي‪( :‬إنه جاء ف النيل الكتوب باللغة القبطية الذي كتبه أحد البطاركة ف سنة‬
‫‪506‬م ما معناه‪ :‬الت بعدي يسمى‪ :‬الفارقليط بندكراطور‪ .‬أي الروح النشق اسه من اسم المد‪،‬‬
‫سيبعث الياة ف أمه ليست لا من الياة نصيب إل الضلل ف برية فاران كجحاش التن‪ .‬وذكر أن‬
‫هذا النيل منوع الغلف‪ ،‬وذكر كاتبه ف ديباجته أنه نقله من أصول النيل القيقي‪.‬‬
‫‪ .8‬استخرج هؤلء الهتدون تطابق كلمة "البارقليط" مع اسم ممد صلى ال عليه وسلم وصفته‬
‫وبيان هذا التطابق كما يلي‪:‬‬
‫أ ) هذا السم "بارقليط" يونان‪ .‬وتفسيه باللغة العربية أحد أو ممد أو ممود‪ .‬وقال الهتدي عبد‬
‫الحد داود‪ :‬ومن الدهش أن السم الفريد الذي ل يعط لحد من قبل كان مجوزا بصورة معجزة‬
‫لشهر رسل ال وأجدرهم بالثناء‪ ،‬ونن ل ند أبدا أي يونان كان يمل اسم "برقليطس" ول أي‬
‫عرب كان يمل اسم أحد‪.‬‬
‫ب) قال الهتدي عبد الحد داود موضحا هذا التطابق‪( :‬إن التنيل القرآن القائل بأن عيسى ابن‬
‫مري أعلن لبن إسرائيل أنه كان "مبشرا برسول يأت من بعدي اسه أحد" – واحد من أقوى الباهي‬
‫على أن ممدا كان حقيقة نبيا‪ ،‬وأن القرآن تنيل إلي فعلً‪ ،‬إذ ل يكن ف وسعه أبدا أن يعرف أن‬

‫‪432‬‬
‫كلمة البارقليط كانت تعن أحد إل من خلل الوحي والتنيل اللي‪ ،‬وحجة القرآن قاطعة ونائية‪،‬‬
‫لن الدللة الرفية للسم اليونان تعادل بالدقة ودون شك كلمت "أحد" و "ممد" صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ج ) أن اسم البارقليط لفظة يونانية يتمع من معانيها ف القواميس العزي‪ ،‬والناصر‪ ،‬والنذر‪،‬‬
‫والداعي‪ .‬وإذا ترجت حرفا برف إل اللغة العربية صارت بعن "الداعي" وهو من أسائه صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وقد وصف ف القرآن الكري بثل ذلك ف قوله تعال‪( :‬يا أيها النب إنا أرسلناك شاهدا‬
‫ومبشرا ونذيرا‪ .‬وداعيا إل ال بإذنه) وقد فهم أوائل النصارى أن هذه اللفظة إنا تعن الرسول ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫البشارة الثالثة‪ :‬قال يوحنا ف إنيله الصحاح السادس عشر مبا أن السيح قال‪( :‬إن أمورا كثية‬
‫أيضا لقول لكم‪ ،‬ولكن ل تستطيعون أن تتملوا الن‪ ،‬وأما أمت جاء ذاك روح الق فهو سيشدكم‬
‫إل جيع الق‪ ،‬لنه ل يتكلم من نفسه‪ ،‬بل كل ما يسمع يتكلم به‪ ،‬ويبكم بأمور آتية‪ ،‬ذاك‬
‫يجدن)‪ .‬قال الهتدي النجار‪( :‬وهذه البشارة ف معن قوله تعال‪( :‬وما ينطق عن الوى‪ .‬إن هو إل‬
‫وحي يوحى)‪ .‬وقال الهتدي الاشي معلقا على هذه البشارة‪( :‬والسيح يبصر أمته بأن لديه أمورا‬
‫كثية تفوق طاقة احتمالم‪ ،‬وأنه سيأت الوقت الناسب لجيء الرسول الذي يعنيه بالروح الق‪.‬‬
‫فتكون العقول قد تفتحت‪ ،‬والقلوب قد ذهب عنها رينها‪ ،‬والنفوس قد ألمت بعد فجورها تقواها‪،‬‬
‫ف هذه اللحظة – فقد – يكون الناس قد استعدت إفهامهم‪ ،‬واتسعت مداركهم‪ ،‬لحتمال كل ما‬
‫يلقى إليهم على لسان هذا النب الذي ل يتكلم من نفسه‪ ،‬وإنا من وحي يوحى إليه من ربه بالقرآن)‪.‬‬
‫ويذكر السيح عليه السلم بعض أوصاف هذا الرسول الات الت تساعد على تييز شخصيته منها‬
‫قوله‪( :‬ذاك يجدن)‪ .‬فمن صفات هذا الرسول أنه يجد السيح‪ ،‬ول يأت أحد بعد السيح وينحه من‬
‫التمجيد والثناء ما يستحقه‪ ،‬ويرفع عنه وعن أمه افتراءات اليهود‪ ،‬ويضعه ف النلة الت وضعه ال فيها‬
‫– وهي العبودية والرسالة – سوى ممد صلى ال عليه وسلم‪ .‬ومن صفات هذا الرسول أنه سيشد‬
‫اللق إل أمور وحقائق ل يبلغها السيح‪ ،‬وذلك ف قوله‪( :‬ويبكم بأمور آتية)‪.‬‬
‫بشارة سفر أعمال الرسل‪:‬‬
‫قال الهتدي الطبي أنه جاء ف كتاب فراكسيس قول رئيس الواريي‪( :‬إنه قد حان أن يبتدأ من‬
‫بيت ال) قال الهتدي الطبي‪( :‬وتفسي ذلك أن بيت ال الذي ذكره الواري هو مكة‪ ،‬وفيها كان‬
‫ابتداء الكم الديد ل من غيها‪ .‬فإن قال قائل‪ :‬إنه عن به حكم اليهود‪ .‬فقد كان أخبهم السيح‬
‫أنه ل يترك ف بيت القدس حجر على حجر حت ينسف ويبقى على الراب إل يوم القيامة‪ ،‬فقد‬
‫وضح أن الكم الديد الذي ذكره الواري هو دين السلم وحكمه)‪.‬‬
‫بشارة بولس ف رسالته إل أهل غلطية‪:‬‬
‫قال فولس ف رسالته إل أهل غلطية‪( :‬إنه كان لبراهيم ابنان أحدها من أمة والخر من حرة‪ ،‬وقد‬
‫كان مولد ابنه الذي من المة كمولد سائر البشر‪ ،‬فأما مولد الذي من الرة فإنه ولد بالعدة من ال‪.‬‬

‫‪433‬‬
‫فهما مثالن مشبهان بالفرضي والناموسي‪ ،‬فأما هاجر فإنا تشبه ببل سينا الذي ف بلد أرابيا الذي‬
‫هو نظي أوراشلم هذه‪ ،‬فأما أوراشلم الت ف السماء فهي نظي امرأته الرة) قال الهتدي الطبي‪:‬‬
‫(فقد ثبت فولس ف قوله هذا معان جة‪:‬‬
‫أولما‪ :‬أن إساعيل وهاجر قد كانا استوطنا بلد العرب‪ ،‬وهي الت ساها بلد أرابيا‪.‬‬
‫الثان‪ :‬أن جبل سيناء الذي بالشام يتصل ببلد البوادي بقوله‪ :‬إن هاجر تشبه بطور سينا الذي ببلد‬
‫أرابيا‪ .‬وسينا هو الذي ذكرته التوارة ف صدر هذه النبوات ف قولا‪( :‬إن الرب جاء من سينا‪ ،‬وطلع‬
‫لا من ساعي‪ ،‬وظهر من جبل فاران)‪ .‬فشهد فولس هذا بأن الذي قالت عنه التوراة‪ :‬إنه جاء من‬
‫سينا‪ :‬هو النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وهو الذي ظهر ف بلد أرابيا‪ .‬وأين يكون من البانة واليضاح‬
‫أكثر من تسمية بلد أرابيا الت عن با بلد العرب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن بيت القدس هو نظي مكة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن هذا الناموس الثان والفريضة الثانية وهي "الشريعة السلمية" ساوية ل شك فيها‪ ،‬فقد‬
‫ساها باسم واحد‪ ،‬ول يفرق بينهما بعن من العان‪.‬‬
‫فأما تقديه الرة‪ ،‬وقوله‪( :‬ابن المة ل يولد بالعدة) فذلك منه بالعصبية واليل‪ ،‬وفيما استشهدت به‬
‫من قوارع التوراة على إساعيل ما فيه كفاية وبرهان على أنه – أيضا – ولد ليس بعده واحدة بل‬
‫بعدات كثية‪.‬‬
‫الاتة‪:‬‬
‫ليست هذه البشارات الت أوردتا هي كل ما ف التوراة والنيل‪ ،‬وليست – أيضا – هي كل ما‬
‫استطاع هؤلء الهتدون استنباطه منهما‪ ،‬لنم أوردوا أمثالً وصورا منها للتدليل على نبوته صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ويؤكد ذلك قول الهتدي الترجان‪( :‬ولو ذكرت جيع ما ف كتب النبياء التقدمي من‬
‫ذلك –أي البشارات‪ -‬لطال الكتاب‪ ،‬وأنا أرجو أن أجع لبشارات جيع النبياء به كتابا مردا‬
‫لذلك)‪ .‬وقال الهتدي النجار بعد ذكره لعدد من البشارات‪( :‬وهذا قليل من كثي)‪.‬‬
‫وقد استخلص الهتدي إبراهيم خليل خلصة هذه البشارات بنبينا ممد صلى ال عليه وسلم فوجد‬
‫أنا تؤكد جانبي ها‪:‬‬
‫‪ .1‬أنه الرسول الات ول نب بعده‪.‬‬
‫‪ .2‬أنه رسول ال للعالي كافة‪ .‬وأيد هذين الانبي أو الوصفي بعشرين سببا استخرجها من‬
‫نصوص العهد القدي والديد‪.‬‬
‫وقال الهتدي الطبي بعد فراغه من الستدلل بالبشارات‪( :‬ولقد صرح عدة منهم – أي من أنبياء‬
‫بن إسرائيل – باسم النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ووصفوه أيضا وسيافيه ورماته‪ ،‬وسي النايا وسباع‬
‫الطي أمام عساكره ‪ ...‬فهذه – أي البشارات – كلها مققة لدينه‪ ،‬ومفخمة لشأنه‪ ،‬ومصدقة لا‬
‫أدت دعاته عنه)‪.‬‬

‫‪434‬‬
‫هذه البشارات الت استعرضت جانبا منها تبي اتفاق كثي منها ف ذكر اسه صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وصفته‪ ،‬وصفة جهاده وجنوده‪ ،‬وبلده وأمته ولغته ‪ ...‬فماذا يعن هذا التوافق والتعاضد ؟ إن هذا‬
‫التعاضد يعن أمورا كثية لعل من أبرزها ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬أن هذه الرسالت كلها من عند ال‪ ،‬وهذه التحريف الذي طرأ عليها وأثبته القرآن‪ ،‬ول ننفيه‬
‫عنها – ل يستطع أن يفي العن الذي ورد أصل ف اللفظ النل‪.‬‬
‫‪ .2‬أن كتب ال ورسله يصدق بعضها بعضا‪ ،‬ويؤمن بعضها ببعض‪ ،‬فالسابق يبشر باللحق‪،‬‬
‫واللحق يؤمن بالسابق‪ ،‬فإبراهيم آمن بن سبقه من رسل‪ ،‬وسأل ال أن يبعث ف ذريته رسولً‬
‫يزكيهم يعلمهم الكتاب والكمة‪ ،‬وموسى آمن بإبراهيم وبن سبقه وبشر بعيسى وممد عليهم‬
‫الصلة والسلم‪ ،‬وعيسى آمن بن سبقه وبشر بحمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .3‬أن ما ورد من الق فل يرج عن الصدق‪ ،‬ول يناقض بعضه بعضا‪ ،‬وأن ما ورد من الباطل فل‬
‫يكون حقا أبدا‪.‬‬
‫‪ .4‬يتأكد من هذه النبوات شيء واحد‪ ،‬وهو أن هذا النب الذي بشرت به النبياء معروف لديهم‬
‫كافة‪.‬‬
‫‪ .5‬أن ظهور الرسالة الحمدية واللة السلمية على يد خات الرسل يعتب آية لنبوتم‪ ،‬إذ تقق صدق‬
‫ما أخبوا به‪ ،‬وظهور ما بشروا به‪ ،‬ولو ل يظهر لبطلت النبوات فيه وف إساعيل عليهما السلم‪.‬‬
‫‪ .6‬توافق هذه النبوات ف حق ممد صلى ال عليه وسلم يدل على فضيلته وانفراده بذا الشرف‬
‫الرفيع بي سائر النبياء صلوات عليهم وسلمه‪.‬‬
‫‪ .7‬توافق هذه النصوص مؤيد لا أخب به صلى ال عليه وسلم ف القرآن والسنة من أنه مذكور ف‬
‫الكتب التقدمة‪.‬‬
‫‪ .8‬نستنتج من هذا التوافق عناية ال بذه المة‪ ،‬ورعايته لا‪ ،‬وحفظه لدينها‪ ،‬فمن حفظه لدينها حفظ‬
‫هذه الدلة الدالة عليه والبشرة – ل لاجة هذا الدين إليها‪ ،‬وإنا لقامة الجة على أهلها‪.‬‬
‫‪ .9‬أن البشر على عتوهم وتردهم لوحي الشيطان ف ماولة طمس نور ال وإضلل عباده – ل‬
‫يستطيعون أن يطفئوا نور ال‪ ،‬يقول الق تبارك وتعال بعد ذكره بشارة السيح عليه السلم بذا‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪( :‬يريدون ليطفئوا نور ال بأفواههم وال متم نوره ولو كره‬
‫الكافرون)‪.‬‬
‫‪ .10‬رأينا ف البشارات السابقة كيف أثبت هؤلء الهتدون اسم النب ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وصفته ف التوراة والنيل‪ ،‬ورأينا كذلك كيف استبدلت هذه الساء وغيت الوصاف ف الطبعات‬
‫الديثة‪ ،‬كفرا وحسدا وحقدا‪.‬‬
‫================================‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ف الكتب السماوية القرآن والسنة‬

‫‪435‬‬
‫الكاتب‪ :‬عبد الرحن بن عبد ال السحيم‬
‫بتاريخ‪08/05/2005 :‬‬
‫القدمة‬
‫المد ل الذي كرّم النسان باليان ‪ ،‬ومَيّزه بالعقل ‪ ،‬ول يَجعله كسائر الخلوقات ‪ ،‬تعيش بل‬
‫هدف ‪ ،‬أو تعيش لغيها ‪ ،‬بل َجعَله مُفكّرا ‪ ،‬يَسمو بِفكره ‪ ،‬ويُعمِل عقله ‪.‬‬
‫ح ِر َو َرزَقْنَاهُ ْم مِنَ الطّيّبَاتِ‬ ‫ومن هنا قال ال تعال ‪َ ( :‬وَلقَدْ َك ّرمْنَا بَنِي َآ َدمَ وَحَ َملْنَاهُ ْم فِي الَْب ّر وَاْلبَ ْ‬
‫وََفضّلْنَاهُ ْم عَلَى َكثِ ٍي مِمّنْ خََلقْنَا َت ْفضِيلً ) [السراء‪. ]70:‬‬
‫هذا التكري الربان هو ف الصل للصل ‪ ،‬أي لِجنس النوع النسان ‪ ،‬إل أن النسان بِنفسه يسمو‬
‫باليان ‪ ،‬أو يَنحطّ بانعدامه ‪.‬‬
‫ل ‪ ،‬وأوضح له السّبيل ‪ ،‬وأبَان له الطريق (إِنّا خََلقْنَا الِْنسَانَ‬ ‫وقد َجعَل ال له اختيارا ‪ ،‬وأعطاه عق ً‬
‫جعَلْنَاهُ سَمِيعًا َبصِيًا (‪ِ )2‬إنّا هَدَْينَاهُ السّبِيلَ ِإمّا شَا ِكرًا وَِإمّا َكفُورًا) [النسان‪:‬‬ ‫مِنْ نُ ْطفَةٍ َأمْشَاجٍ نَْبتَلِيهِ فَ َ‬
‫‪. ]3 ، 2‬‬
‫جعَلْ َل ُه عَْينَيْ ِن (‪ )8‬وَِلسَانًا وَ َش َفتَيْ ِن (‪َ )9‬وهَدَْينَاهُ‬ ‫وقال رب العزة سبحانه عن هذا النسان ‪( :‬أَلَمْ نَ ْ‬
‫النّجْ َديْ ِن ) [البلد‪. ]10-8:‬‬
‫ومِن عدل ال وحِكمته أن أرسل الرّسُل ‪ ،‬وأْنزَل الكُتب ‪ ،‬وأقام البيّنات ‪ ،‬وَنصَب الدلّة على‬
‫وحدانيته ‪.‬‬
‫فأيّد رُسُله بالعجزات واليات الباهرات ‪ ،‬فلم َيبْق أمام أعداء الرّسُل – بل وأعداء ال َعقْل – إل‬
‫الكابَرة والعانَدة ‪.‬‬
‫فإن إنكار الوحدانية ل دَفْع بِالصّدْر ‪ ،‬وضَرب بالوجْه ‪.‬‬
‫فإن النفوس شاهدة بأن ال ليس له شريك ‪.‬‬
‫بل الوجود أجع شاهد بذلك ‪.‬‬
‫وقد ضرب ال المثلة على ذلك ‪ ،‬فمن ذلك قوله تعال ‪َ( :‬لوْ كَانَ فِيهِمَا آَِل َهةٌ إِلّ الّلهُ َلفَسَدَتَا)‬
‫ت السماوات والرض ‪ ،‬فالعقل‬ ‫[النبياء‪ ]22:‬أي لو كان ف الرض والسماء آلة مُتعددة َلفَسَد ِ‬
‫والنطق يقول ‪ :‬إما أن يتغلّب إله على إله على آخر ‪ ،‬فيكون الغالِب هو التفرّد ‪ ،‬وإما أن يَذهب كل‬
‫إل ٍه با له من مُلك ومكان وخَلْق ‪ ،‬وهنا يَفسد أمر السماوات والرض ‪ ،‬ولذا قال رب العزة سبحانه‬
‫ضهُمْ َعلَى َبعْضٍ‬ ‫‪( :‬مَا اتّخَذَ الّلهُ مِ ْن وَلَ ٍد َومَا كَا َن َمعَ ُه مِنْ إَِلهٍ ِإذًا لَ َذ َهبَ كُلّ إَِلهٍ بِمَا َخلَ َق وََلعَل َب ْع ُ‬
‫صفُونَ) [الؤمنون‪]91:‬‬ ‫سُْبحَانَ الّل ِه عَمّا َي ِ‬
‫ومِن هنا فإننا ندعو كل إنسان مُنصف عاقل أن يتأمل ف هذا العن ‪ ،‬وأن يَعلم أن دعوة رسول ال‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ل تَخرج عن دعوات النبياء السابقي ‪ ،‬بل هي مُنتظمة ف سِلكهم ‪،‬‬
‫سائرة ف طريقهم ‪ ،‬مُقتفية آثارهم ‪ ،‬ومن هنا قال رب العزة سبحانه ‪( :‬قُ ْل مَا ُكْنتُ بِ ْدعًا مِنَ الرّسُلِ)‬
‫[الحقاف‪. ]9:‬‬

‫‪436‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أنا أول الناس بابن مري ‪ ،‬والنبياء أولد علت ‪ ،‬ليس بين‬
‫وبينه نب ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وف رواية لسلم ‪ :‬أنا أول الناس بعيسى ابن مري ف الول والخرة ‪ .‬قالوا ‪ :‬كيف يا رسول ال ؟‬
‫قال ‪ :‬النبياء إخوة من علت ‪ ،‬وأمهاتم شت ‪ ،‬ودينهم واحد ‪ ،‬فليس بيننا نب ‪.‬‬
‫ودعوة رسول ال صلى ال عليه وسلم استجابة لدعوة أب النبياء إبراهيم الليل عليه الصلة والسلم‬
‫ب وَالْحِكْ َمةَ َوُيزَكّيهِمْ‬ ‫ك وَُيعَلّ ُمهُمُ الْكِتَا َ‬
‫‪ ،‬حينما قال ‪( :‬رَبّنَا وَاْب َعثْ فِيهِ ْم رَسُو ًل مِْنهُمْ يَْتلُو عََلْيهِمْ آَيَاِت َ‬
‫إِّنكَ أَْنتَ اْل َعزِيزُ الْحَكِيمُ) [البقرة‪. ]129 :‬‬
‫هي بِشارة نب ال عيسى ابن مري عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫قال ال تبارك وتعال ‪( :‬وَإِذْ قَا َل عِيسَى ابْ ُن َمرْيَ َم يَا بَنِي إِ ْسرَائِيلَ ِإنّي رَسُولُ الّلهِ إِلَيْ ُكمْ ُمصَدّقًا لِمَا‬
‫حرٌ‬‫شرًا ِبرَسُو ٍل يَأْتِي مِنْ َبعْدِي اسْ ُمهُ أَحْمَ ُد فَلَمّا جَا َءهُمْ بِاْلبَيّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِ ْ‬ ‫ي مِنَ الّت ْورَاةِ َومَُب ّ‬
‫َبيْنَ يَ َد ّ‬
‫مُِبيٌ) [الصف‪. ]6:‬‬
‫ونن إذ نَضع بي يدي القارئ هذا الوضوع لنرجو ال وندعوه أن يَفتح به أعينا عُميا ‪ ،‬وآذانا‬
‫صُمّا ‪ ،‬وقلوبا ُغلْفا‪.‬‬
‫ونضع بي يدي القارئ أعظم إنسان ف العال [ ممد صلى ال عليه وسلم ] لِيَقف بنفسه على بعض‬
‫البشارات الت َورَدتْ ف الكُتب التقدمة من كُتُب أهل الكتابات ‪ ،‬والت كانت سببا ف إسلم‬
‫الكثيين من أهل الكتاب ‪.‬‬
‫كما نضع بي يديه إشارات إل البشارات من خلل واقع مُعاصِريه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬سواء من‬
‫آمن به أو من ل يؤمن به ‪ ،‬وإن كان أضمر ذلك ف نفسه ‪ ،‬وأقرّ به ف قرارة نفسه ‪.‬‬
‫كما نُشي إل طريقة القرآن ف إثبات نبوة ممد صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وأشرنا إل الدلّة العقلية الت تقتضي صِدق نبوة ممد صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وأن دعوته ليست بِدعا من الدعوات ‪ ،‬وهو ل يُخالِف الرّسل والنبياء ف أصل الدعوة إل وحدانية‬
‫ال وإفراده بالعبودية ‪.‬‬
‫بل هذا أمر اتّفقت عليه الرسالت ‪ ،‬وتتابع عليه النبياء ‪ ،‬وأقر به الوحّدون على مرّ الزمان ‪ ،‬حت‬
‫ت مَبعثه صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬ ‫كان ذلك القرار ف فترات خَلتْ من الرّسُل ‪ ،‬كتلك الفترة الت سَبَق ْ‬
‫فقد وُجِد فيها من أفراد الناس من يُوحّد ال ‪ ،‬ول يأكل ما ذُبِح لغي ال ‪ ،‬وكان هؤلء يُنكرون‬
‫عِبادة غي ال ‪.‬‬
‫وقد آن أن نترك القارئ مع ماور هذا الوضوع ‪ ،‬وهي كالتال ‪:‬‬
‫‪ -1‬أعظم إنسان ف العال ف القرآن والسنه‪.‬‬
‫‪ -2‬أعظم إنسان ف العال ف كتب أهل الكتاب‪.‬‬
‫‪--------------------‬‬
‫( أعظم إنسان ف العال ف القرآن والسنة )‬

‫‪437‬‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ف القرآن والسنة‬
‫لقد قرر ال ف كتابه الْمُبِي نبوة نبيّه ممد صلى ال عليه وسلم بِطُرق كثية مُتنوّعة ‪ " ،‬يُعرَف با‬
‫كمال صِدقه صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأخْبَر أنه صدّق الرسلي ‪ ،‬ودَعا إل ما دَعوا إليه ‪ ،‬وأن جيع‬
‫الحاسن الت ف النبياء فهي ف ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وما ُنزّهوا عنه من النواقص والعيوب‬
‫فمحمدٌ أولهم وأحقّهم بذا التْنزِيه ‪ ،‬وأن شريعته مُهيمنة على جيع الشرائع ‪ ،‬وكتابه مُهيمن على‬
‫كل الكُتُب ‪ ،‬فجميع ماسن الديان والكُتُب قد جَمعها هذا الكتاب وهذا الدّين ‪ ،‬وفَاق عليها‬
‫بِمحاسِن وأوصاف لو تُوجَد ف غيه ‪ ،‬وقرّره نبوته بأنه أميّ ل يَكتب ول يَقرأ ‪ ،‬ول جَالَس أحدا‬
‫من أهل العلم بال ُكتُب السابقة ‪ ،‬بل ل يُفجأ الناس حت جاءهم بذا الكتاب الذي لو اجتمعت النس‬
‫والن على أن يأتوا بثله ما أتوا ‪ ،‬ول قَدَروا ‪ ،‬ول ُهوَ ف استطاعتهم ‪ ،‬ولو كان بعضهم لبعض‬
‫ظهيا ‪ ،‬وأنه مُحال مع هذا أن يكون من تلقاء نفسه ‪ ،‬أو مُتقوّل ‪ ،‬أو متوهّم فيما جاء به ‪ .‬وأعاد ف‬
‫القرآن وأبدى ف هذا النوع ‪ ،‬وقرّر ذلك بأنه يُخبِر بقصص النبياء السابقي مُطوّلة على الوجه الواقع‬
‫الذي ل يستريب فيه أحد ‪ ،‬ث يُخب تعال أنه ليس له طريق ول وصول إل هذا إل با آتاه ال من‬
‫الوحي ‪ ،‬كمثل قوله تعال لا ذَكَر قصة موسى مُطوّلة ‪( :‬وَمَا كُْنتَ ِبجَاِنبِ الطّورِ ِإ ْذ نَادَيْنَا وََلكِنْ‬
‫رَحْمَ ًة مِ ْن رَّبكَ) ‪َ ( ،‬ومَا ُكْنتَ بِجَاِنبِ اْل َغرْبِيّ ِإذْ َقضَيْنَا إِلَى مُوسَى ا َل ْمرَ) ‪ ،‬وكما ف قوله ‪َ ( :‬ومَا‬
‫كُْنتَ لَ َدْيهِمْ ِإ ْذ يُ ْلقُونَ أَقْل َمهُمْ أَّيهُمْ يَ ْكفُ ُل َمرْيَ َم َومَا كُْنتَ لَدَْيهِمْ ِإذْ َيخَْتصِمُونَ) ‪ ،‬ولا ذَكَر قصة‬
‫يوسف وإخوته مُطوّلة قال ‪( :‬وَمَا كُْنتَ لَ َدْيهِمْ ِإذْ َأجْ َمعُوا َأ ْم َرهُمْ َوهُمْ يَمْ ُكرُونَ) ‪.‬‬
‫فهذه المور وال ْخبَارات الفصّلة الت يُفصّلها تفصيل ل يتمكّن أهل الكتاب الذين ف وقته ول من‬
‫بعدهم على تكذيبه فيها ول مُعارَضته – من أكب الدلة على أنه رسول ال حقّا ‪.‬‬
‫صرِه على أعدائه ‪ ،‬وتكينه‬ ‫وتارة يُقرّر نبوته بِكمال حكمة ال وتام قُدرته ‪ ،‬وأن تأييده لرسوله ‪ ،‬وَن ْ‬
‫ف الرض موافق غاية الوافقة لِحكمة ال ‪ ،‬وان مَن قَدَح ف رسالته فقد قَدَح ف ِحكْمَة ال وف‬
‫قُ ْدرَته ‪.‬‬
‫وكذلك َنصْره وتأييده الباهر على المم الذين هم أقوى أهل الرض من آيات رسالته ‪ ،‬وأدلة‬
‫توحيده ‪ ،‬كما هو ظاهر للمتأمّلي ‪.‬‬
‫وتارة يُقرّر نبوته ورسالته با حازَه من أوصاف الكمال ‪ ،‬وما هو عليه من الخلق الميلة ‪ ،‬وأن‬
‫كل ُخلُق عال سامٍ َفِلرَسول ال صلى ال عليه وسلم منه أعله وأكمله ؛ فَمَن عظُمت صِفته وفاَقتْ‬
‫ُنعُوته جيع اْلخَلْق الت أعلها الصّدق ‪ .‬أليس هذا أكب الدلة على أنه رسول رب العالي ‪،‬‬
‫والصطفى الختار من الْخَلْق أجعي ؟‬
‫وتارة يُقرّرها با هو موجود ف ُكتُب الولي ‪ ،‬وبشارات النبياء والرسلي ‪ ،‬إما باسه اْلعَلَم ‪ ،‬أو‬
‫بأوصافه الليلة ‪ ،‬وأوصاف أمّته ‪ ،‬وأوصاف دِينه ‪.‬‬

‫‪438‬‬
‫وتارة يُقرّر رسالته با أخبَر به من الغيوب الاضية ‪ ،‬والغيوب الستقبَلة ‪ ،‬الت وَقَعتْ ف زمانه ‪ ،‬والت‬
‫ل تزال َتقَع ف كل وقت ‪ ،‬فلول الوحي ما وصل إليه شيء من هذا ‪ ،‬ول له ول لِغيه طريق إل‬
‫العلم به ‪.‬‬
‫وتارة يُقرّرها بِحفظه إياه ‪ ،‬وعِصمته له من الْخَلْق ‪ ،‬مع تكالب العداء وضغطهم ‪ ،‬وجدّهم التام ف‬
‫اليقاع به بكل ما ف وسعهم ‪ ،‬وال يَعصِمه ‪ ،‬وينعه ‪ ،‬وينصره ! وما ذاك إل لنه رسوله حقا ‪،‬‬
‫وأمِينه على وحيه ‪.‬‬
‫وتارة يُقرّر رسالته بِذِكْر عظمة ما جاء به ‪ ،‬وهو القرآن الذي ( ل يَأْتِيهِ اْلبَاطِ ُل مِنْ بَْينِ يَدَْي ِه وَل مِنْ‬
‫َخ ْلفِهِ َتْنزِي ٌل مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) وتدّى أعداءه ومَنْ َكفَر به أن يأتوا بثله ‪ ،‬أو بِعشر سور مثله ‪ ،‬أو‬
‫بِسورة واحدة ‪ ،‬فعجزوا ‪ ،‬ونكصوا ‪ ،‬وباؤوا باليبة والفَشَل ! وهذا القرآن أكب أدلّة رسالته ‪،‬‬
‫وأجلّها ‪ ،‬وأعمّها ‪.‬‬
‫وتارة يُقرّر رسالته با أظهر على يديه من العجزات ‪ ،‬وما أجرى له من الوارق والكرامات الدالّة –‬
‫كل واحد بِمف َردِه منها ‪ ،‬فكيف إذا اجتمعت – على أنه رسول ال الصادق الصدوق ‪ ،‬الذي ل‬
‫يَنطق عن الوى ‪ ،‬إن هو إل وحي يُوحى ‪.‬‬
‫خلْق ‪ ،‬وحُنوّه الكامل على أمّته ‪ ،‬وانه بالؤمني رؤوف رحيم ‪،‬‬ ‫وتارة يُقرّرها بِعظيم شفقته على الْ َ‬
‫خلْق أعظم شفقة وبِرا وإحسانا إل اللق منه ‪ ،‬وآثار ذلك‬ ‫وانه ل يُوجد ‪ ،‬ولن يُوجَد أحد من الْ َ‬
‫ظاهرة للناظرين ‪.‬‬
‫فهذه المور وال ّطرُق قد أكثر ال من ذِكرها ف كتابه ‪ ،‬وقرّرها بِعبارات مُتنوّعة ‪ ،‬ومعان مفصّلة ‪،‬‬
‫وأساليب عجيبة ‪ ،‬وأمثلتها تَفوق العد والحصاء " [ بطوله من القاعدة السابعة من ‪ " :‬القواعد‬
‫السان التعلقة بتفسي القرآن " للشيخ السعدي رحه ال ] ‪.‬‬
‫فهذه المور الت قرّرها الشيخ وبسطها هي من ألدلة العقلية التّفقة مع الدلة النقلية ‪ ،‬فال تبارك‬
‫وتعال خاطَب العقول ‪ ،‬ولذا نَعى على العرب أنم ل يُعمِلون عقولم ف رسالة ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وفيما جاء به رسول ال عليه الصلة والسلم ‪ ،‬فمن ذلك ‪:‬‬
‫ق الْ ِكتَابِ أَنْ ل َيقُولُوا عَلَى الّلهِ إِ ّل الْحَ ّق َو َدرَسُوا مَا فِيهِ وَالدّارُ‬ ‫قوله تعال ‪ ( :‬أََلمْ ُيؤْخَ ْذ عََلْيهِ ْم مِيثَا ُ‬
‫ا َل ِخ َرةُ َخْيرٌ لِلّذِينَ َيّتقُونَ َأفَل َت ْعقِلُو َن ) [العراف‪. ]169:‬‬
‫وقوله تعال ‪ُ ( :‬قلْ َلوْ شَاءَ الّلهُ مَا َتَلوُْت ُه عَلَْيكُ ْم وَل َأ ْدرَاكُمْ ِبهِ َفقَدْ لَِبْثتُ فِيكُ ْم عُ ُمرًا مِنْ قَْبِلهِ َأفَل‬
‫َت ْعقِلُو َن ) [يونس‪. ]16:‬‬
‫وقوله سبحانه وتعال ‪ ( :‬إِنّا أَْنزَلْنَاهُ ُقرْآَنًا َع َربِيّا َلعَلّكُمْ َت ْعقِلُو َن ) [يوسف‪. ]2:‬‬
‫وقوله عز وجل ‪َ ( :‬لقَدْ َأْنزَلْنَا ِإلَيْكُمْ ِكتَابًا فِي ِه ذِ ْكرُكُمْ َأفَل َت ْعقِلُو َن ) [النبياء‪. ]10:‬‬
‫إل غي ذلك من اليات الت خاطَبتْ عقول الناس ‪ ،‬أفل ترون إل هذا النب الذي أُرسل إليكم ‪ ،‬ل‬
‫ب وَل تَخُ ّطهُ ِبيَمِيِنكَ ِإذًا لرْتَابَ‬ ‫يكن قبل اليوم يتلو من كتاب ( َومَا ُكْنتَ تَتْلُو مِنْ َقبِْل ِه مِنْ كِتَا ٍ‬
‫اْلمُبْ ِطلُونَ ) [العنكبوت‪ ]48:‬؟‬

‫‪439‬‬
‫كما أن هذا النب الذي أُرسِل إليكم لبِث فيكم سني عددا قبل بعثته ‪ ،‬فأنتم تعرفون ُخُلقَه ‪ ،‬وتعرفون‬
‫أمانته ‪ ،‬وهو ذو نسب فيكم ‪ ،‬بل هو من أشرافكم ‪.‬‬
‫هذا خطاب للعقول السليمة أن تتفكّر وتتأمّل قبل أن تُكذّب هذا الرسول الذي يأتيهم بأنباء الغيب ‪،‬‬
‫والت ل يَجِدوا لا مَ ْدفَع ‪ ،‬إل أن يُدفَع ف الصّدْر ‪ ،‬ويُقال عن الشمس ف رابعة النهار ليس دونا غيم‬
‫‪ :‬هذا ليل !‬
‫فمن ذلك أنه أخب بنبأ َغلَبة الرّوم – النصارى – فيما بعد ‪ ،‬وذلك ف َأمَدٍ قريب ‪:‬‬
‫ض َوهُمْ مِ ْن َبعْدِ َغلَِبهِمْ َسَيغْلِبُو َن (‪ )3‬فِي ِبضْعِ سِِنيَ ِلّلهِ ا َل ْمرُ مِنْ‬ ‫( ُغلَِبتِ الرّو ُم (‪ )2‬فِي َأدْنَى ا َل ْر ِ‬
‫صرُ مَنْ َيشَاءُ َو ُهوَ اْلعَزِي ُز الرّحِي ُم (‪َ )5‬وعْدَ الّلهِ‬ ‫صرِ الّلهِ َيْن ُ‬
‫َقبْ ُل َومِنْ َبعْدُ َوَي ْومَئِذٍ َي ْفرَحُ الْ ُم ْؤمِنُو َن (‪ )4‬بَِن ْ‬
‫خلِفُ الّلهُ َوعْ َد ُه وَلَكِنّ أَ ْكَثرَ النّاسِ ل َيعْلَمُونَ ) [الروم‪. ]6-2:‬‬ ‫ل يُ ْ‬
‫وقد وَقَع هذا خلل الزمن الذي جاء به الوحي ‪ ،‬والذي ُحدّد بـ (ِبضْعِ ِسِنيَ) من الثلث إل التسع‬
‫سنوات ‪.‬‬
‫ودارت اليام ‪ ،‬ودَاَلتْ الرّوم على فارس ‪ ،‬وانتصرتْ الروم من بعد َغلَبِهم ‪.‬‬
‫هذه آيات باهرات ‪ ،‬ومعجزات ظاهرات ‪ ،‬ل يستطيعوا دَفعها ول ردّها ف حقيقة المر ‪ ،‬وإنا‬
‫ردّوها ظلما وعُلوّا ‪ ،‬كما قال تعال عن آل فرعون مع موسى عليه الصلة والسلم ‪ ( :‬فَلَمّا جَاءَْتهُمْ‬
‫سهُمْ ظُلْمًا َوعُُلوّا فَانْ ُظرْ كَيْفَ‬ ‫ح ٌر مُِبيٌ (‪ )13‬وَ َجحَدُوا ِبهَا وَاسَْتْيقَنَْتهَا َأْنفُ ُ‬ ‫صرَةً قَالُوا هَذَا سِ ْ‬ ‫آَيَاُتنَا مُْب ِ‬
‫كَا َن عَاِقبَ ُة الْ ُمفْسِدِي َن ) [النمل‪. ]14 ،13:‬‬
‫ث يُذكّرهم مع جحودهم ‪ ،‬بأن هذا النب لو كان كاذبا ل يُمكّن له ف الرض ‪ ،‬ول َنصَره ال على‬
‫ل مَا ُت ْؤمِنُو َن (‪ )41‬وَل‬ ‫أعدائه ‪ ،‬فقال تعال ‪ ( :‬إِّنهُ َل َقوْلُ رَسُولٍ َكرِ ٍي (‪َ )40‬ومَا ُهوَ ِب َقوْلِ شَا ِعرٍ قَلِي ً‬
‫ل مَا َتذَ ّكرُونَ (‪َ )42‬تْنزِي ٌل مِ ْن َربّ اْلعَالَ ِميَ (‪ )43‬وََلوْ َت َقوّ َل عََليْنَا َبعْضَ ا َلقَاوِي ِل (‬ ‫ِب َقوْلِ كَاهِنٍ َقلِي ً‬
‫ي (‪ )45‬ثُمّ َلقَ َطعْنَا مِْنهُ اْلوَِتيَ ) [الاقة‪. ]46-40:‬‬ ‫‪َ )44‬لخَذْنَا مِْنهُ بِالْيَ ِم ِ‬
‫وهذه أدلة عقلية تُخاطِب العقول إن كانت َتعِي !‬
‫كيف يُمكّن ال لن كَذَب عليه ؟‬
‫وكيف يَنصر ال من زَعم أن ال أرسله ؟‬
‫( أي ‪ :‬لو كان كاذبا على ال َل َقصَمه ول يُمكّن له ول يَنصره )‬
‫فإن سُنّة ال أنه يأخذ الظال أخذ عزيز مُقتَدر ‪ ،‬وأنه يُملي للظالِم فإذا أخذه ل يُفلِتْه وال ل يُحب‬
‫صلِ ُح عَمَلَ‬‫الظالي ‪ ،‬ول يُحب الكاذِبي ‪ ،‬ول يُصلِح أعمال الفسِدِين ‪ ،‬قال تعال ‪( :‬إِنّ الّلهَ ل ُي ْ‬
‫اْل ُمفْسِدِينَ) [يونس‪. ]81:‬‬
‫وقد نصر ال نبيّه مُحمدا صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأظهر صدقه ‪ ،‬وأيّده على أعدائه ‪ ،‬وَنصَره عليهم ‪،‬‬
‫حت طأطأت أمامه رؤوس البابرة ‪ ،‬وخضعت له صناديد قريش ‪ ،‬وبَلَغتْ دعوته الشارق والغارِب ‪،‬‬
‫واعترف بِصدقه القريب والبعيد ‪ ،‬والعدو الْمُحارِب ‪.‬‬
‫وقد صدّقه أهل الكتاب ‪ ،‬وعرفوه بصفاته الذكورة ف كُتبهم ‪.‬‬

‫‪440‬‬
‫روى البخاري من طريق عطاء بن يسار قال ‪ :‬لَقيت عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما‬
‫قلت ‪ :‬أخبن عن صفة رسول ال صلى ال عليه وسلم ف التوراة ‪ .‬قال ‪ :‬أجل وال إنه لوصوف ف‬
‫التوراة ببعض صِفته ف القرآن ‪ :‬يا أيها النب إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحِرزا للميي ‪ ،‬أنت‬
‫عبدي ورسول ‪ ،‬سَمّيتُك التوكل ‪ ،‬ليس بفظ ول غليظ ول سَخّاب ف السواق ‪ ،‬ول يَدفع بالسيئة‬
‫السيئة ولكن يعفو ويغفر ‪ ،‬ولن يقبضه ال حت يُقيم به اللة العوجاء بأن يقولوا ل إله إل ال ‪ ،‬ويفتح‬
‫با أعينا عُميا ‪ ،‬وآذانا صُما ‪ ،‬وقلوبا غُلفا ‪.‬‬
‫ومِن هنا فإننا نُخاطِب العقول الت َتعِي أن تتأمل ف حياة ذلك الرجل العظيم ‪ ،‬الذي شهِد بنبوته كل‬
‫مُنصِف من أهل الكتاب ‪ ،‬كعبد ال بن سلم الذي كان يَهوديا فأسلَم لا رأى وجه النب ممد صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم فجئتُ ف الناس لنظر إليه ‪ ،‬فلما‬
‫استثبتّ وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم َعرَ ْفتُ أن وجهه ليس بوجه كذّاب ‪ .‬رواه المام أحد‬
‫والترمذي وابن ماجه ‪.‬‬
‫وهو الذي قال ال ف شأنه ‪ ( :‬وَ َشهِ َد شَاهِ ٌد مِنْ بَنِي ِإ ْسرَائِي َل عَلَى مِْثِلهِ فَ َآمَ َن وَا ْستَكَْب ْرتُ ْم ) ولذا‬
‫ذهب غي واحد من الفسّرين إل أن القصود بالية هو عبد ال بن سلم رضي ال عنه ‪.‬‬
‫فهو قد شهد شهادة الق ‪ ،‬وأخب أن صفة النب صلى ال عليه وسلم ف التوراة ‪.‬‬
‫وقصة إسلمه ف صحيح البخاري ‪.‬‬
‫وشهِد كذلك هرقل ( رئيس النصارى ف زمانه ) بصدق نبوة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫فإنه لا جاء كتاب نبينا ممد صلى ال عليه وسلم إل هرقل – عظيم الرّوم – ل َيقُل ‪ :‬هذه رسالة‬
‫خاصة بالعرب ‪ ،‬ول بالعراب ‪ ،‬كما ل َيقُل ‪ :‬هذا غي صادق ‪ ،‬وإنا قال لب سفيان – وكان أبو‬
‫سفيان آنذاك مُشرِكا – ‪ :‬فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتي ‪ ،‬وقد كنت أعلم أنه‬
‫خارج ل أكن أظن أنه منكم ‪ ،‬فلو أن أعلم أن أخلص إليه لتجشّمتُ لقاءه ‪ ،‬ولو ُكْنتُ عنده‬
‫َلغَسَ ْلتُ عن َق َدمِه ‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫وآمن به ملِك البشة ( النجاشي ) ‪ ،‬وقال عن القرآن – وقد َسمِع آيات من سورة مري – فبكى‬
‫حت أخضل ليته ‪ ،‬وَب َكتْ أساقفته حت أخضلوا مصاحفهم حي سعوا ما ُتلْ َي عليهم ‪ ،‬ث قال‬
‫النجاشي ‪ :‬إن هذا وال والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة ‪ .‬رواه المام أحد ‪.‬‬
‫كما شهِد بنبوة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم غي واحد من اليهود ‪ ،‬مع أنم ل يُؤمِنوا به إل أنم‬
‫اعترفوا أنه هو الذي ذُكِر و ُوصِف ف التوراة ‪.‬‬
‫يهود يشهدون بنبوة نبينا صلى ال عليه وسلم‬
‫شهِدت اليهود بصدق نبوة نبينا ممد صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫سَتفْتِحُونَ‬
‫قال ال عز وجل ‪ ( :‬وَلَمّا جَاءهُمْ ِكتَابٌ مّ ْن عِندِ الّلهِ ُمصَدّقٌ لّمَا َم َعهُمْ وَكَانُوْا مِن قَْبلُ يَ ْ‬
‫عَلَى الّذِينَ َك َفرُوْا فَلَمّا جَاءهُم مّا َعرَفُواْ َكفَرُوْا ِبهِ فََلعَْنةُ اللّه َعلَى الْكَاِفرِي َن ) ‪.‬‬

‫‪441‬‬
‫وعن أنس رضي ال عنه قال ‪ :‬كان غلم يهودي يدم النب صلى ال عليه وسلم فمرض ‪ ،‬فأتاه النب‬
‫صلى ال عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له ‪ :‬أسلم ‪ .‬فنظر إل أبيه وهو عنده ‪ ،‬فقال له ‪:‬‬
‫أطع أبا القاسم صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فأ ْسلَ َم ‪ ،‬فخرج النب صلى ال عليه وسلم وهو يقول ‪ :‬المد‬
‫ل الذي أنقذه من النار ‪ .‬رواه البخاري‬
‫فهذا اليهودي أمر ابنه أن يُطيع أبا القاسم ‪ ،‬ما يد ّل على أنه يعلم ف قرارة نفسه بصدق نبوة النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وحدّث سلمة بن سلمة بن وقش ‪ -‬وكان من أصحاب بدر ‪ -‬قال ‪ :‬كان لنا جار من يهود ف بن‬
‫عبد الشهل قال ‪ :‬فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث النب صلى ال عليه وسلم بيسي فوقف على‬
‫ملس عبد الشهل ‪ .‬قال سلمة ‪ :‬وأنا يومئذ أحْدَث من فيه سِنا على بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي‬
‫فذكر البعث والقيامة والساب واليزان والنة والنار ‪ ،‬فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان ل‬
‫يرون أنّ بعثا كائن بعد الوت ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬ويك يا فلن ترى هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتم‬
‫إل دار فيها جنة ونار ‪ ،‬يُجزون فيها بأعمالم ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬والذي يلف به لودّ أن له بظه من‬
‫تلك النار أعظم تنور ف الدنيا يمونه ث يدخلونه إياه فيطبق به عليه ‪ ،‬وأن ينجو من تلك النار غدا ‪.‬‬
‫قالوا له ‪ :‬ويك وما آية ذلك ؟ قال ‪ :‬نب يُبعث من نو هذه البلد ‪ ،‬وأشار بيده نو مكة واليمن ‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬ومت تراه ؟ قال ‪ :‬فنظر إلّ وأنا من أحدثهم سنا ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن يستنفد هذا الغلم عمره يدركه‬
‫‪ .‬قال سلمة ‪ :‬فو ال ما ذهب الليل والنهار حت بعث ال تعال رسوله صلى ال عليه وسلم وهو حي‬
‫بي أظهرنا ‪ ،‬فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا ‪ ،‬فقلنا ‪ :‬ويلك يا فلن ! ألست بالذي قلت لنا فيه ما‬
‫قلت ؟ قال ‪ :‬بلى ‪ ،‬وليس به !‬
‫وحدّثت صفية – رضي ال عنها – فقالت ‪ :‬كنت أحبّ ولد أب إليه وإل عمي أب ياسر ‪ ،‬ل‬
‫ألقهما قط مع ولدٍ لما إل أخذان دونه ‪ .‬قالت ‪ :‬فلما قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم الدينة‬
‫ونزل قباء ف بن عمرو بن عوف غدا عليه أب حُيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسي ‪،‬‬
‫فلم يرجعا حت كانا مع غروب الشمس ‪ ،‬فأتيا كالّيْن كسلني ساقطي يشيان الوينا ‪ .‬قالت ‪:‬‬
‫ل واحد منهما مع ما بما من الغ ّم ‪ .‬قالت ‪:‬‬ ‫فهششت إليهما كما كنت أصنع ‪ ،‬فوال ما التفت إ ّ‬
‫وسعت عمي أبا ‪.‬‬
‫ياسر وهو يقول لب حُيي بن أخطب ‪ :‬أهو هو ؟ قال ‪ :‬نعم وال ! قال ‪ :‬أتعرفه وتثبته ؟ قال ‪ :‬نعم‬
‫‪ .‬قال ‪ :‬فما ف نفسك منه ؟ قال ‪ :‬عداوته وال ‍! رواه ابن إسحاق ف السية فيما ذكره ابن هشام ‪.‬‬
‫ها هم اليهود يشهدون بنبوة سيد ولد آدم عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ومع ذلك جحدوا با‬
‫( فَلَمّا جَاءهُم مّا َعرَفُواْ َك َفرُوْا ِبهِ َفَلعَْنةُ اللّه َعلَى اْلكَاِفرِينَ ) ‪.‬‬
‫ولذا قال عليه الصلة والسلم ‪ :‬لو آمن ب عشرة من اليهود ‪ ،‬لمن ب اليهود ‪ .‬رواه البخاري‬
‫ومسلم ‪.‬‬
‫وف رواية لسلم ‪ :‬لو تابعن عشرة من اليهود ‪ ،‬ل يبق على ظهرها يهودي إل أسلم‬

‫‪442‬‬
‫اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ممد وعلى آله وأصحابه أجعي ‪.‬‬
‫التواضع والبَسَاطَة ف حياة سيّد السّادة‬
‫لقد تواضع رسول ال صلى ال عليه وسلم حت ل يدَع لتواضِع قولً ‪ ،‬ول يترك لِمُتَ َكبّر حجة ‪.‬‬
‫فهو عليه الصلة والسلم الؤيّد بالوحي ‪ ،‬وهو خليل الرحن ‪ ،‬وهو من أُسري به من السجد الرام‬
‫إل السجد القصى ‪ ،‬ث ُعرِج به إل السماوات العُلى ‪ ،‬وهو عليه الصلة والسلم سيد ولد آدم ‪ ،‬بل‬
‫هو أفضل اللق عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ومع ذلك كان يتواضع ل َفرَفَعه ال عز وجل ‪.‬‬
‫كان يأكل الطعام ويشي ف السواق‬
‫فقد كان النب صلى ال عليه وسلم يأت السوق ‪ ،‬ويُمازحُ أصحابه ‪ ،‬وكان رجل من أهل البادية اسه‬
‫زاهر ‪ ،‬كان يهدي للنب صلى ال عليه وسلم الدية من البادية ‪ ،‬فيجهزَه رسو ُل ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إذا أراد أن يرج ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬إن زاهرا باديتنا ونن حاضرته ‪ ،‬وكان‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يبه ‪ ،‬وكان رجل دميما ‪ ،‬فأتاه النب صلى ال عليه وسلم وهو يبيع متاعه‬
‫ب صلى ال عليه وسلم فجعل‬ ‫فاحتضنه من خلفه ‪ ،‬فقال له ‪ :‬من هذا ؟ أرسلن ‪ ،‬والتفت ‪ ،‬فعرف الن ّ‬
‫النبّ صلى ال عليه وسلم يقول ‪ :‬من يشتري من هذا العبد ؟ وجعل هو يلصق ظهره بصدر النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ويقول ‪ :‬إذا تدن كاسدا ‪ ،‬فقال له النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬لكنك عند ال‬
‫لست بكاسد ‪ .‬رواه المام أحد وغيه وهو حديث صحيح ‪.‬‬
‫ويُمازِح أصحابه ‪ ،‬وينام معهم‬
‫روى المام مسلم عن القداد رضي ال عنه قال ‪ :‬أقبلت أنا وصاحبان ل ‪ ،‬وقد ذهبت أساعنا‬
‫جهْد ‪ ،‬فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فليس أحد‬ ‫وأبصارنا من الْ َ‬
‫منهم يقبلنا ‪ ،‬فأتينا النب صلى ال عليه وسلم فانطلق بنا إل أهله فإذا ثلثة أعن ‪ ،‬فقال النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ :‬احتلبوا هذا اللب بيننا ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فكنا نتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه ‪ ،‬ونرفع للنب صلى ال عليه وسلم نصيبه ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فيجيء من الليل فيسلم تسليما ل يُوقظ نائما ويُسمع اليقظان ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ث يأت السجد فيُصلي ‪ ،‬ث يأت شرابه فيشرب ‪ ،‬فأتان الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيب ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬ممد يأت النصار فيتحفونه ‪ ،‬ويصيب عندهم ما به حاجة إل هذه الرعة ! فأتيتها فشربتها‬
‫فلما أن وَغلت ف بطن وعلمت أنه ليس إليها سبيل ‪ ،‬ندمن الشيطان ! فقال ‪ :‬ويك ما صنعت ؟‬
‫أشربت شراب ممد ؟ فيجيء فل يده فيدعو عليك فتهلك ‪ ،‬فتذهب دنياك وأخرتك ‪ ،‬وعَلَيّ شلة‬
‫إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي ‪ ،‬وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي ‪ ،‬وجعل ل ييئن‬
‫النوم ‪ ،‬وأما صاحباي فناما ول يصنعا ما صنعت ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فجاء النب صلى ال عليه وسلم فسلّم كما كان يسلم ‪ ،‬ث أتى السجد فصلى ‪ ،‬ث أتى شرابه‬
‫فكشف عنه فلم يد فيه شيئا ‪ ،‬فرفع رأسه إل السماء ‪ ،‬فقلت ‪ :‬الن يدعو عَلَ ّي فأهلك ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫اللهم أطعم من أطعمن وأسق من أسقان ‪.‬‬

‫‪443‬‬
‫قال ‪ :‬فعمدت إل الشملة فشددتا عليّ ‪ ،‬وأخذت الشفرة فانطلقت إل العن أيها أسن فأذبها‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فإذا هي حافلة وإذا هن حُفل كلهن ‪ ،‬فعمدت إل إناء لل ممد‬
‫صلى ال عليه وسلم ما كانوا يطمعون أن يتلبوا فيه ‪ ،‬قال ‪ :‬فحلبت فيه حت عَلَته رغوة ‪ ،‬فجئت‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬أشربتم شرابكم الليلة ؟‬
‫قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال اشرب ‪ ،‬فشرِب ‪ ،‬ث ناولن فقلت‪ :‬يا رسول ال اشرب ‪ ،‬فشرِب ‪ ،‬ث‬
‫ناولن فلما عرفت أن النب صلى ال عليه وسلم قد روى وأصبت دعوته ضَحِ ْكتُ حت ألقيت إل‬
‫الرض ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬إحدى سوآتك يا مقداد !‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول ال كان من أمري كذا وكذا ‪ ،‬وفعلت كذا ‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ما‬
‫هذه إل رحة من ال ‪ ،‬أفل كنت آذنتن فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها ؟‬
‫قال ‪ :‬فقلت ‪ :‬والذي بعثك بالق ما أبال إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابا من الناس ‪.‬‬
‫فأي تواضع تكتنفه عَظَمة هذا النب المي صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫يُغضي حياءً ويُغضى من َمهَابتِه *** فل يُكلّم إل حي يبتسمُ‬
‫النب صلى ال عليه وسلم يبيت مع أصحابه وهو قائد المة ‪ ،‬بل ويقتسمون اللب بينهم بالسّوية !‬
‫واليوم نرى من ينتسب إل العلم أو إل الناصب الدنيوية ل يُكلّمون الناس إل من أطراف أنوفهم!‬
‫وربا ل يردّون السلم خشية أن تذهب اليبة !‬
‫نب ال يُسابِق أصحابه رضي ال عنهم‬
‫روى البخاري ومسلم عن عبد ال بن عمر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سابَقَ بي اليل الت‬
‫أُضمرت من الفياء ‪ ،‬وأمدها ثنية الوداع ‪ ،‬وسابَقَ بي اليل الت ل تُضمر من الثنية إل مسجد بن‬
‫زريق ‪.‬‬
‫وروى البخاري عن أنس قال ‪ :‬كانت ناقة لرسول ال صلى ال عليه وسلم تُسمى العضباء وكانت‬
‫ل تسبق ‪ ،‬فجاء أعراب على قعود له فسبقها ‪ ،‬فاشتدّ ذلك على السلمي ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬سُِبقَت العضباء ‪،‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬إن حقا على ال أن ل يرفع شيئا من الدنيا إل وضعه ‪.‬‬
‫سيّد ولد آدم يُدخل السرور على أهله ‪ ،‬فيُسابِق زوجته‬
‫قالت عائشة رضي ال عنها ‪ :‬خرجت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم وأنا خفيفة اللحم فنلنا‬
‫منل ‪ ،‬فقال لصحابه ‪ :‬تقدموا ‪ ،‬ث قال ل ‪ :‬تعال حت أسابقك ‪ ،‬فسابقن فسبقته ‪ ،‬ث خرجت معه‬
‫ف سفر آخر ‪ ،‬وقد حلت اللحم ‪ ،‬فنلنا منل ‪ ،‬فقال لصحابه ‪ :‬تقدموا ‪ ،‬ث قال ل ‪ :‬تعال‬
‫أسابقك ‪ ،‬فسابقن فسبقن ‪ ،‬فضرب بيده كتفي وقال ‪ :‬هذه بتلك ‪ .‬رواه أحد وأبو داود والنسائي‬
‫ف الكبى ‪ ،‬وغيهم ‪ ،‬وهو حديث صحيح ‪.‬‬
‫نب ال صلى ال عليه وسلم يُجيب الدعوة ولو كانت على يسي الطعام‬

‫‪444‬‬
‫ت رَسُولَ الّلهِ صلى ال‬ ‫روى البخاري ومسلم عَنْ أََنسِ بْ ِن مَاِلكٍ رضي ال عنه أَنّ َجدَّتهُ ُملَيْ َك َة َدعَ ْ‬
‫لصَلّ َلكُ ْم ‪.‬‬ ‫عليه وسلم لِ َطعَا ٍم صََنعَْتهُ له ‪ ,‬فَأَكَ َل مِْن ُه ‪ ,‬ثُمّ قَالَ ‪ :‬قُومُوا فَ ُ‬
‫س ‪ ,‬فََنضَحُْتهُ بِمَاءٍ ‪َ ,‬فقَامَ َعلَْي ِه رَسُولُ اللّه‬ ‫قَالَ َأَنسٌ ‪َ :‬فقُ ْمتُ إلَى َحصِيٍ َلنَا قَ ْد ا ْس َودّ مِنْ طُو ِل مَا لُِب َ‬
‫صلى ال عليه وسلم َوصَ َف ْفتُ َأنَا وَاْليَتِيمُ َورَاءَ ُه ‪ ,‬وَاْلعَجُوزُ مِ ْن َورَائِنَا ‪َ .‬فصَلّى لَنَا رَ ْكعََتيْ ِن ‪ ,‬ثُمّ‬
‫ف‪.‬‬
‫اْنصَرَ َ‬
‫ويُجيب الدعوة ولو كانت من رجل فقي‬
‫ففي الصحيحي عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال ‪ :‬إن خياطا دعا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لطعام صنعه ‪ .‬قال أنس ‪ :‬فذهبت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم إل ذلك الطعام ‪ ،‬فقرّب‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم خبزا ومرقا فيه دباء وقديد ‪ ،‬فرأيت النب صلى ال عليه وسلم‬
‫يتتبع الدباء من حوال القصعة ‪.‬‬
‫وعند المام أحد ‪ :‬أن خياطا دعا النب صلى ال عليه وسلم إل طعام فأتاه بطعام وقد جعله بإهالة‬
‫سنخة وقرع ‪.‬‬
‫والهالة ‪ :‬ما أذيب من الشحم ‪ ،‬وقيل ‪ :‬الهالة الشحم والزيت ‪ ،‬وقيل كل دُهنٍ أُوتُ ِدمَ به ‪ .‬ذكره‬
‫العين ‪.‬‬
‫والسّنِخَة ‪ :‬أي التغية الرّيح ‪ .‬قاله ابن حجر ‪.‬‬
‫بل يُجيب الدعوة ولو كانت من يهودي أو يهودية !‬
‫فقد أجاب صلى ال عليه وسلم دعوة امرأة يهودية حينما دعته إل الطعام ‪.‬‬
‫روى الشيخان عن أنس أن امرأة يهودية أتت رسول ال صلى ال عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل‬
‫منها ‪ ،‬فجيء با إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فسألا عن ذلك ‪ ،‬فقالت ‪ :‬أردت لقتلك ‪ .‬قال‬
‫‪ :‬ما كان ال ليسلّطك على ذاك‪.‬‬
‫وقال مُؤكّدا على هذا العن ‪:‬‬
‫ت ‪ .‬رواه البخاري ‪.‬‬ ‫لو دُعيت إل ذراع أو كراع لجبتُ ‪ ،‬ولو أهدي إل ذراع أو كراع لقَبِ ْل ُ‬
‫سيد ولد آدم يلس بي أصحابه فيأت الرجل الغريب فل يُميّزه من بينهم حت يسأل عنه !‬
‫فعن أب هريرة قال ‪ :‬بينا النب صلى ال عليه وسلم مع أصحابه جاءهم رجل من أهل البادية فقال ‪:‬‬
‫أيكم ابن عبد الطلب ؟‬
‫قالوا ‪ :‬هذا المغر الرتفق ‪.‬‬
‫قال حزة – أحد رواة الديث – ‪ :‬المغر البيض الشرب حرة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬إن سائلك فَمُشْت ّد عليك ف السألة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬سل عمّا بدا لك ‪.‬‬
‫ب من قبلك ورب من بعدك آل أرسلك ؟‬ ‫قال ‪ :‬أنشدك بر ّ‬
‫قال ‪ :‬اللهم نعم ‪.‬‬

‫‪445‬‬
‫قال ‪ :‬وأنشدك به آل أمرك أن نصلي خس صلوات ف كل يوم وليلة ؟‬
‫قال ‪ :‬اللهم نعم ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وأنشدك به آل أمرك أن تأخذ من أموال الغنياء فتردّه على فقرائنا ؟‬
‫قال ‪ :‬اللهم نعم ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وأنشدك به آل أمرك أن تصوم هذا الشهر من اثن عشر شهرا ؟‬
‫قال ‪ :‬اللهم نعم ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬وأنشدك به آل أمرك أن َنحُجّ هذا البيت من استطاع إليه سبيل ؟‬
‫قال ‪ :‬اللهم نعم ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فإن آمنت وصدّقت ‪ ،‬وأنا ضمام بن ثعلبة ‪ .‬رواه المام أحد وأبو داود والنسائي ‪.‬‬
‫وعن أب جري جابر بن سليم قال ‪ :‬رأيت رجل يصدر الناس عن رأيه ل يقول شيئا إل ص َدرُوا عنه‬
‫‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬من هذا ؟‬
‫قالوا ‪ :‬هذا رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬عليك السلم يا رسول ال مرتي ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ل تقل عليك السلم ‪ ،‬فإن عليك السلم تية اليت قل ‪ :‬السلم عليك ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬قلت ‪ :‬أنت رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫قال ‪ :‬أنا رسول ال الذي إذا أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك ‪ ،‬وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها‬
‫ضلّت راحلتك فدعوته ردّها عليك ‪.‬‬ ‫لك ‪ ،‬وإذا كنت بأرض قفراء أو فلة َف َ‬
‫ل‪.‬‬‫قلت ‪ :‬اعهد إ ّ‬
‫قال ‪ :‬ل تسب أحدا ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬فما سببت بعده ُحرّا ول عبدا ول بعيا ول شاة ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬ول تقرن شيئا من العروف ‪ ،‬وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من‬
‫العروف ‪ ،‬وارفع إزارك إل نصف الساق ‪ ،‬فإن أبيت فإل الكعبي ‪ ،‬وإياك وإسبال الزار فإنا من‬
‫الخيلة ‪ ،‬وإن ال ل يب الخيلة ‪ ،‬وإن امرؤ شتمك وعيك با يعلم فيك فل تعيه با تعلم فيه ‪ ،‬فإنا‬
‫وبال ذلك عليه ‪ .‬رواه المام أحد وأبو داود ‪.‬‬
‫من أجل ذلك لأ أصحابه إل تييزه‬
‫فعن أب ذر وأب هريرة قال ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يلس بي ظهري أصحابه فيجيء‬
‫الغريب فل يدري أيهم هو حت يسأل ‪ ،‬فطلبنا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم أن نعل له ملسا‬
‫يَعرفه الغريب إذا أتاه ‪ .‬قال ‪ :‬فبنينا له دُكانا من طي فجلس عليه ‪ ،‬وكنا نلس بنبتيه ‪ .‬رواه أبو‬
‫داود والنسائي ‪.‬‬
‫قال ابن الثي ‪ :‬الدكان الدّكة البنية للجلوس عليها ‪.‬‬

‫‪446‬‬
‫نب ال صلى ال عليه وسلم يستمع لمرأة ف عقلها شيء ‪.‬‬
‫روى المام مسلم عن أنس أن امرأة كان ف عقلها شيء ‪ ،‬فقالت ‪ :‬يا رسول ال إن ل إليك‬
‫حاجة ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أم فلن ! انظري أي السكك شئت حت أقضي لك حاجتك ‪ ،‬فخل معها ف‬
‫بعض الطرق حت فرغت من حاجتها ‪.‬‬
‫اسْتَمَعَ صلى ال عليه وسلم إل ما تريد أن تقوله فلم يضع ذلك من قدره بل رفع ال منلته صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يأنف أن يشي مع الرملة والسكي فيقضي لم حوائجهم‬
‫فعن عبد ال بن أب أوف قال ‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يُكثر الذكر ‪ ،‬ويُقلّ اللغو ‪،‬‬
‫ويُطيل الصلة ويقصر الطبة ‪ ،‬ول يأنف أن يشي مع الرملة والسكي فيقضي له حاجته ‪ .‬رواه‬
‫النسائي ‪.‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يلس مع أصحابه ف بستان ويُدلّي رجليه مع أرجلهم ف البئر‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حائط بالدينة على قُفّ البئر مُدلّيا رجليه ‪ ،‬فَدَقّ الباب أبو‬
‫بكر ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم لب موسى ‪ :‬ائذن له وبشّره بالنة ‪ ،‬ففعل فدخل أبو‬
‫بكر فَ َدلّى رجليه ‪ ،‬ث دقّ الباب عمر ‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ائذن له وبشّره‬
‫بالنة ‪ ،‬ففعل ‪ ،‬ث دقّ عثمان الباب ‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬ائذن له وبشّره‬
‫بالنة ‪ ،‬وسيلقى بلء ‪ .‬رواه المام أحد ‪.‬‬
‫ارتعد منه رجل فقال له ‪ :‬هوّن عليك ! فإن لست بلك إنا أنا بن امرأة تأكل القديد !‬
‫طأطأت أمامه رقاب أعدائه ‪ ،‬فطأطأ رأسه تواضعا ل‬
‫دَخَل رسول ال صلى ال عليه وسلم مكة فاتا مُتواضعا حت إن ذقنه ليمس رَ ْحلَه ‪.‬‬
‫كان عليه الصلة والسلم يركب المار‪ ،‬ويُجيب دعوة الملوك‪ ،‬ويأكل على الرض‪ ،‬ويعتقِل الشاة‪.‬‬
‫وكان يُردِف بعض أصحابه َخ ْلفَه‬
‫فقد أردف ابن عمّه ابن عباس رضي ال عنهما‬
‫وأردف معاذ بن جبل رضي ال عنه‬
‫وهذا ل يفعله أرباب الناصب ول أصحاب الموال !‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يرقع ثوبه ‪ ،‬ويصف نعله‬
‫كان ف بيته يكون ف مهنة أهله ‪ ،‬يعن ف خدمتهم‬
‫سُئلت عائشة رضي ال عنها ‪ :‬ما كان النب صلى ال عليه وسلم يصنع ف بيته ؟ قالت ‪ :‬كان يكون‬
‫ف مهنة أهله ‪ -‬تعن خدمة أهله ‪ -‬فإذا حضرت الصلة خرج إل الصلة‬
‫وقيل لعائشة رضي ال عنها ‪ :‬ما كان النب صلى ال عليه وسلم يصنع ف بيته ؟ قالت ‪ :‬كما يصنع‬
‫أحدكم ‪ :‬يصف نعله ‪ ،‬ويرقع ثوبه ‪ .‬رواه المام أحد ‪.‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم ينام على الصي حت أثّر ف جنبه‬

‫‪447‬‬
‫قال عمر رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬وإنه لعلى حصي ما بينه وبينه شيء ‪،‬‬
‫وتت رأسه وسادة من أدَم حشوها ليف ‪ ،‬وإن عند رجليه قرظا مصبوبا ‪ ،‬وعند رأسه ُأهُب معلقة ‪،‬‬
‫فرأيت أثر الصي ف جنبه فبكيت ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما يبكيك ؟ فقلت ‪ :‬يا رسول ال إن كسرى وقيصر‬
‫فيما ها فيه ‪ ،‬وأنت رسول ال ! فقال ‪ :‬أما ترضى أن تكون لم الدنيا ولنا الخرة ؟ رواه البخاري‬
‫ومسلم ‪.‬‬
‫وسجد على الرض من غي حائل بينه وبينها ‪ ،‬حت سجد ف ماء وطي من أثر الطر‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الواخر ‪ ،‬وقد ُأرِيت‬
‫هذه الليلة ث أنسيتها ‪ ،‬وقد رأيتن أسجد ف ماء وطي من صبيحتها ‪ ،‬فالتمسوها ف العشر الواخر ‪،‬‬
‫والتمسوها ف كل وتر ‪ ،‬فمطرت السماء تلك الليلة ‪ ،‬وكان السجد على عريش َفوَكَف السجد‬
‫فبصرت عيناي رسول ال صلى ال عليه وسلم على جبهته أثر الاء والطي من صبح إحدى وعشرين‬
‫‪ .‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يُقبّل الصبيان ويُلعبهم‬
‫وكان يَ ُمرّ بم فيُسلّم عليهم‬
‫لو شاء رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تسي معه البال ذهبا لكان ‪ ،‬ذلك أنه ُخيّر بي أن يكون‬
‫عبدا نبيا وبي أن يكون نبيّا ملِكا ‪ ،‬فاختار أن يكون نبيّا عبدا ‪.‬‬
‫قال السيح عليه الصلة والسلم ‪ :‬طوب للمتواضعي ف الدنيا ‪ ،‬هم أصحاب النابر يوم القيامة ‪.‬‬
‫طوب للمُصلِحي بي الناس ف الدنيا ‪ ،‬هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة‬
‫===========================‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم هو أفضل الرسل عليهم السلم‬

‫من موقع السلم سؤال وجواب‪:‬‬


‫السؤال‪:‬‬
‫أعتقد موقنا بأن رسول ال ممد صلى ال عليه وسلم هو أفضل الرسل عليهم السلم ‪ .‬فهل ورد ف‬
‫القرآن أو السنة ما يؤيد ذلك ؟ لقد ورد ف آية قوله تعال " ل نفرق بي أحد من رسله ‪ "...‬وشكرا‬
‫لك‪.‬‬
‫الواب‪:‬‬
‫المد ل‬
‫أول ‪ :‬قول ال تعال ‪ ( :‬ل ُن َفرّق بَيْن أحدٍ من ُرسُلِه ) البقرة‪ ، 285/‬قال ابن كثي ف تفسيها ‪:‬‬
‫الؤمنون يصدّقون بميع النبياء والرسل ‪ ،‬والكتب ا ُلَنزّلة من السماء ‪ ،‬على عباد ال الرسلي‬
‫والنبياء ل ُي َفرّقون بي أحدٍ منهم ‪َ ،‬فُي ْؤمِنُون بَِبعْضٍ وَي ْكفُرون ببعض ‪ ،‬بل الميع عندهم صادقون‬

‫‪448‬‬
‫بَارّون راشدون َمهْدِيّون هادون إل سبيل الي ‪ ،‬وإنْ كان بعضهم َينْسَخ شريعة بعض ‪ ،‬حت نُسِخَ‬
‫الميع بشرع ممدٍ خَاتَم النبياء والر َسلِي ‪ ،‬الذي َتقُومُ الساعة على شريعَِتهِ ‪ .‬تفسي ابن كثي‬
‫‪1/736‬‬
‫أما تفاضل النبياء بعضهم على بعض فإن ال عز وجل أخبنا بذلك فقال ‪ ( :‬تِ ْلكَ الرّسل فضّلنا‬
‫بعضهم على بعضٍ منهم من كَلّم ال ورَفَ َع بعضهم َدرَجَاتٍ ) البقرة‪ ، 253/‬فأخبنا ال أن بعضهم‬
‫فوق بعض درجات ولذلك كان الصطفى من الرسل هم ألو العزم قال تعال ‪ ( :‬وإذ أخذنا من‬
‫النّبييَ ميثاَقهُ ْم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مري وأخذنا منهم ميثاقا غليظا )‬
‫الحزاب‪. 7/‬‬
‫وممد صلى ال عليه وسلم أفضلهم ويَ َدلّ لذلك أنه إمامهم ليلة العراج ‪ ،‬ول يقدم إل الفضل وما‬
‫يدل على أنه أفضلهم ما جاء عن أَبُي ُهرَْي َرةَ قَا َل ‪ :‬قَا َل رَسُولُ الّل ِه صَلّى الّل ُه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪ " :‬أَنَا سَيّدُ‬
‫شفّ ٍع " رواه مسلم ( الفضائل‪/‬‬ ‫شقّ َعْنهُ اْلقَْب ُر وََأوّلُ شَافِ ٍع وََأوّلُ مُ َ‬
‫وَلَ ِد آدَمَ َي ْومَ اْلقِيَامَ ِة وََأوّلُ مَ ْن يَنْ َ‬
‫‪)4223‬‬
‫قال النووي ف شرحه لصحيح مسلم َقوْله صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّ َم ‪ ( :‬أَنَا سَيّد وَلَد آدَم َيوْم اْلقِيَامَة ‪,‬‬
‫شفّع ) قَالَ اْل َهرَ ِويّ ‪ :‬السّيّد ُه َو الّذِي َيفُوقُ َقوْمه فِي‬ ‫ش ّق عَْنهُ اْلقَبْر ‪ ,‬وََأوّل شَافِع وََأوّل مُ َ‬ ‫وََأوّل مَنْ يَنْ َ‬
‫اْلخَيْر ‪َ ,‬وقَا َل غَيْره ‪ُ :‬هوَ الّذِي ُي ْفزَعُ إَِلْيهِ فِي الّنوَائِب وَالشّدَائِد ‪ ,‬فََيقُومُ بَِأ ْم ِرهِمْ ‪ ,‬وَيََتحَمّ ُل عَْنهُمْ‬
‫صلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ ‪َ ( :‬يوْم اْلقِيَامَة ) مَعَ أَّنهُ سَيّده ْم فِي‬ ‫مَكَارِههمْ ‪ ,‬وَيَ ْدَف ُعهَا عَْنهُ ْم ‪ .‬وََأمّا َقوْله َ‬
‫الدّنْيَا وَال ِخرَة ‪ ,‬فَسََببُ الّتقْيِيد أَنّ فِي َيوْم اْلقِيَامَة َي ْظ َهرُ ُس ْؤدُده لِكُلّ أَحَ ٍد ‪ ,‬وَل يَْبقَى مُنَازِع ‪ ,‬وَل‬
‫ي ‪ .‬قَالَ اْلعُلَمَاء‬ ‫شرِ ِك َ‬
‫ف الدّْنيَا َفقَدْ نَا َزعَ ُه ذَِلكَ فِيهَا مُلُو ُك الْ ُكفّار َو ُزعَمَاء الْمُ ْ‬ ‫ُمعَانِد ‪ ,‬وََنحْوه ‪ ,‬بِخِل ِ‬
‫صرّحَ بَِنفْ ِي اْلفَخْر فِي غَيْر‬ ‫خرًا ‪ ,‬بَ ْل َ‬ ‫‪ :‬وََقوْله صَلّى اللّه عََلْيهِ َوسَلّ َم ‪َ ( :‬أنَا سَيّد وَلَد آدَم ) لَ ْم َيقُ ْلهُ فَ ْ‬
‫خ َر ) وَِإنّمَا قَاَلهُ ِل َو ْجهَيْ ِن ‪ :‬أَحَدهَا ِامْتِثَال َقوْله‬ ‫شهُور ‪َ ( :‬أنَا َسيّد وَلَد آدَم وَل فَ ْ‬ ‫مُسْلِم فِي اْلحَدِيث الْمَ ْ‬
‫جبُ َعلَْيهِ تَْبلِيغه إِلَى ُأمّته لَِي ْعرِفُو ُه ‪,‬‬ ‫ح ّدثْ ) وَالثّانِي َأّنهُ مِ ْن الَْبيَان الّذِي َي ِ‬ ‫َتعَالَى ‪ ( :‬وََأمّا ِبِنعْمَ ِة رَبّك فَ َ‬
‫وََيعَْتقِدُوهُ ‪ ,‬وََيعْمَلُوا بِ ُمقَْتضَا ُه ‪ ,‬وَُي َوّقرُو ُه صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ بِمَا َتقَْتضِي مَرَْتبَُتهُ كَمَا َأ َم َرهُمْ اللّه‬
‫خلْقِ ُكّلهِمْ ; لَ ّن مَ ْذهَب َأهْل السّنّة‬ ‫َتعَالَى ‪َ .‬وهَذَا الْحَدِيث دَلِيل لَِت ْفضِيِل ِه صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّ َم عَلَى الْ َ‬
‫أَنّ ال َدمِّييَ أي أهل الطاعة والتقى أفضل مِنْ الْمَلئِكَة ‪َ ,‬و ُهوَ صَلّى اللّه َعلَْي ِه وَسَلّمَ َأ ْفضَل ال َدمِّييَ‬
‫جوَابه مِنْ خَمْسَة َأوْجُه ‪ :‬أَحَدهَا َأّنهُ‬ ‫َوغَيْره ْم ‪ .‬وََأمّا اْلحَدِيث الخَر ‪ " :‬ل ُت َفضّلُوا َبيْن ا َلنِْبيَاء " فَ َ‬
‫صَلّى اللّه عََلْيهِ وَ َسلّمَ قَاَلهُ َقبْل أَنْ َي ْعلَمَ أَّنهُ سَيّد وَلَد آدَم ‪َ ,‬فلَمّا عَلِمَ َأخَْبرَ ِب ِه ‪ .‬وَالثّانِي قَاَلهُ َأدَبًا‬
‫ضعًا ‪ .‬وَالثّالِث أَ ّن الّنهْيَ ِإنّمَا ُه َو عَنْ َت ْفضِيلٍ ُي َؤدّي ِإلَى تَْنقِيص الْ َمفْضُول ‪ .‬وَالرّابِع إِنّمَا َنهْ ٌي عَنْ‬ ‫وََتوَا ُ‬
‫شهُور فِي سَبَب الْحَدِيث ‪ .‬وَالْخَامِس أَنّ الّنهْيَ‬ ‫خصُومَة وَاْلفِتْنَة كَمَا ُهوَ الْ َم ْ‬ ‫َت ْفضِيلٍ ُي َؤدّي ِإلَى اْل ُ‬
‫خصَاِئصِ َوَفضَائِل أُ ْخرَى وَل‬ ‫ص بِالّتفْضِي ِل فِي َنفْس النُّبوّة ‪ ,‬فَل َتفَاضُلَ فِيهَا ‪ ,‬وَإِنّمَا الّتفَاضُل بِالْ َ‬ ‫مُخْتَ ّ‬
‫ض ) وَاَللّه َأعْلَم‬ ‫ضهُ ْم عَلَى َبعْ ٍ‬ ‫بُ ّد مِنْ ِا ْعِتقَادِ الّت ْفضِيل ‪َ ,‬فقَدْ قَا َل اللّه َتعَالَى ‪ِ ( :‬ت ْلكَ الرّسُ ُل َفضّلْنَا َبعْ َ‬
‫‪.‬أهـ‬

‫‪449‬‬
‫وخصائص النب صلى ال عليه وسلم الت تؤكد أفضليته على باقي الرسل كثية نذكر بعضا منها ما‬
‫جاء ف الكتاب والسنة ‪:‬‬
‫أن ال عز وجل خصّ القرآن الكري ا ُلَنزّل عليه بالفظ دون غيه من الكتب ‪ ،‬قال تعال ‪ ( :‬إنّا نن‬
‫نزّلنا الذّكر وإنّا له لافظون ) الجر‪ ، 9/‬أما الكتب الخرى فقد وَكَ َل ال أ ْمرَ حفظها إل أهلها قال‬
‫حكُم با النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربّانِيّون‬‫تعال ‪ ( :‬إنا أنزلنا التوراة فيها هدىً ونور يَ ْ‬
‫حفِظوا من كتاب ال وكانوا عليه شهداء ) الائدة‪. 44/‬‬ ‫والحبار با ا ْستُ ْ‬
‫أنه خات النبياء والرسلي قال تعال ‪ ( :‬ما كان ممد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول ال وخات‬
‫النبيي ) الحزاب‪. 40/‬‬
‫اختصاصه بأنه أرسل إل الناس عامة قال تعال ‪ ( :‬تَبَارَ َك الذي َنزّل الفرقان على عبده ليكون للعالي‬
‫نذيرا ) الفرقان‪. 1/‬‬
‫ومن خصائصه صلى ال عليه وسلم ف الخرة ‪:‬‬
‫أنه صاحب القام الحمود يوم القيامة قال تعال ‪ ( :‬ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يَْبعََثكَ‬
‫ربك مقاما ممودا ) السراء‪ ، 79/‬قال ابن جرير ‪ :‬قال أكثر أهل التأويل ‪ :‬ذلك القام الذي يقومه‬
‫صلى ال عليه وسلم للشفاعة يوم القيامة للناس ‪ ،‬لُِيرِيهم ربم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك‬
‫اليوم ‪ .‬تفسي ابن كثي ‪5/103‬‬
‫أنه سيد اللق يوم القيامة ‪ ،‬وتقدم ذكر الديث فيه ‪.‬‬
‫أنه أول من يَجُوزُ الصّراط بأمته يوم القيامة أخرج البخاري ف ذلك حديث أب هريرة الطويل ‪ ،‬وفيه‬
‫…‪ "..‬فأكون أول من يَجُو ُز من الرسل بأمته " (الذان‪ . )764/‬ومن الدلة الواضحة على أنه‬
‫أفضل النبياء أنم كلهم ل يشفعون ‪ ،‬وييل الواحد منهم الناس على الخر ‪ ،‬حت ييلهم عيسى‬
‫على ممد صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أنا ‪ ،‬ثّ يتقدم فيشفع للجميع ‪ ،‬فيحمده على ذلك الولون‬
‫والخرون ‪ ،‬والنبياء وسائر اللق ‪.‬‬
‫وخصائصه عليه الصلة والسلم الت وردت اليات والحاديث الصحيحة أكثر من أن نذكرها ف‬
‫مقام مُوجَز ‪ ،‬فقد أُّل َفتْ فيها الكتب ‪.‬‬
‫انظر كتاب خصائص الصطفى صلى ال عيه وسلم بي الغلو والفاء للصادق بن ممد ‪79-33‬‬
‫واللصة ‪ :‬أننا نفضل نبينا ممدا صلى ال عليه وسلم عن سائر النبياء والناس ‪ ،‬للدلة الواردة ف‬
‫ذلك ‪ ،‬مع حفظنا لقوق جيع النبياء والرسلي واليان بم وتوقيهم ‪ .‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫السلم سؤال وجواب‬
‫الشيخ ممد صال النجد (‪)www.islam-qa.com‬‬
‫مدخل لفهم السية‬
‫د‪ .‬يي إبراهيم اليحي‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫‪450‬‬
‫القدمة‪:‬‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على من بعث رحة للعالي وعلى آله وصحبه أجعي‪ ،‬ومن‬
‫است بسنته واهتدى بديه واقتفى أثره وسار على نجه إل يوم الدين‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم هو الصورة العملية التطبيقية لذا الدين‪ ،‬ويتنع أن تعرف دين‬
‫السلم ويصح لك إسلمك بدون معرفة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكيف كان هديه وعمله‬
‫وأمره ونيه‪.‬‬
‫لقد سال وحارب‪ ،‬وأقام وسافر‪ ،‬وباع واشترى‪ ،‬وأخذ وأعطى‪ ،‬وما عاش صلى ال عليه وسلم‬
‫وحده‪ ،‬ول غاب عن الناس يوما واحدا‪ ،‬ول سافر وحده‪.‬‬
‫وقد لقى أنواع الذى‪ ،‬وقاسى أشد أنواع الظلم‪ ،‬وكانت العاقبة والنصر له‪.‬‬
‫بعث على فترة من الرسل‪ ،‬وضلل من البشر‪ ،‬وانراف ف الفطر‪ ،‬وواجه ركاما هائلً من الضلل‬
‫والنراف والبعد عن ال‪ ،‬والغراق ف الوثنية‪ .‬فاستطاع بعون ال أن يرجهم من الظلم إل النور‬
‫ومن الضلل إل الدى ومن الشقاء إل السعادة‪ .‬فأحبوه وفدوه بأنفسهم وأهليهم وأموالم‪ ،‬واقتدوا‬
‫به ف كل صغية وكبية وجعلوه نباسًا لم يستضيئون بنوره ويهتدون بديه فأصبحوا أئمة الدى‬
‫وقادة البشرية‪.‬‬
‫هل تطلبون من الختار معجزة ‪ ...‬يكفيه شعب من الجداث أحياه‬
‫من وحد ال ُعرْب حت كان واترهم ‪ ...‬إذا رأى ولد الوتور آخاه‬
‫وما أصيب السلمون إل بسبب الخلل بانب القتداء به صلى ال عليه وسلّم‪ ،‬والخذ بديه‪،‬‬
‫واتباع سنته‪ ،‬وقد قال ال تعال‪َ{ :‬لقَدْ كَا َن لَكُمْ فِي رَسُو ِل الِ أُ ْس َوةٌ َحسَنَةٌ}‪.‬‬
‫حت اكتفى بعض السلمي من سيته صلى ال عليه وسلّم بقراءتا ف النتديات والحتفالت ول‬
‫يتجاوز ذلك إل موضع الهتداء والتطبيق‪ ....‬وبعضهم بقراءتا للبكة أو للطلع على أحداثها‬
‫ووقائعها أو حفظ غزواته وأيامه وبعوثه وسراياه‪.‬‬
‫وهذا راجع إما لهل بأصل مبدأ التباع والهتداء والقتداء وعدم الدراك بأن هذا من لوازم الحبة‬
‫له صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وإما لعدم إدراك مواضع القتداء من سيته صلى ال عليه وسلم نظرا‬
‫لضعف اللكة ف الستنباط أو لقلة العلم والطلع على كتب أهل العلم‪.‬‬
‫وهنا تأت أهية استخراج الدروس واستنباط الفوائد والعظات واستخلص العب من سيته صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫ولا كانت عامة التآليف ف السية ف جع الروايات ما بي مطيل ومتصر وناظم وناثر لا ومفصل‬
‫وممل‪.‬‬
‫رأيت أن أجع متصرا ف السية معتمدا على صحيح الروايات إل رواية ل يب عليها مسألة ف‬
‫العقيدة أو حكم شرعي فإن قد تساهلت ف ذلك‪ ،‬مستنبطا منها الدروس والعب والفوائد والعظات‪،‬‬
‫على هيئة سلسلة تت عنوان (دروس وعب من سية خي البشر) تصدر تباعا إن شاء ال تعال‪.‬‬

‫‪451‬‬
‫وهذا هو الكتاب الول (مدخل لفهم السية)‪ ،‬وهو مهمّ لكل من أراد دراسة السية النبوية الشريفة‪،‬‬
‫ليدرك من خلله معان السية وخصائصها وميزاتا‪ ،‬وحالة البشرية قبل البعثة من الضلل والنراف‪،‬‬
‫وعجزها عن إدراك مصالها إل برحة ال لا بأن أرسل إليها رسولً يرجها من الظلمات إل النور‪.‬‬
‫وبإدراكه حجم النراف الذي وصلت إليه البشرية يعرف ذلك الهد الذي بذله رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم لخراج الناس من ذلك التيه الذي عاشوا فيه قرونا طويلةً حت استمرؤوا الذل والوان‪،‬‬
‫ول يعودوا يفكرون ف اللص ونبذ ذلك الركام الذي غطى على قلوبم وطمس فطرهم‪.‬‬
‫ما هي السية؟‬
‫السَي الذهاب والسم منه السِية‪ ،‬والسِية الضرب من السَي‪ ،‬والسِية السنة‪ ،‬والسِية الطريقة‪ .‬يقال‪:‬‬
‫سار بم سِية حسنة‪ ،‬والسِية‪ :‬اليئة‪ ،‬وف التنيل‪َ { :‬سُنعِي ُدهَا سِ َيَتهَا ا ُلوْلَى} (طه‪ ،)21 :‬وسَيّر‬
‫سِية‪ :‬حدّث أحاديث الوائل [‪.]1‬‬
‫السية قسم من الديث النبوي باعتبارين‪ :‬الول‪ :‬نسبتها إل رسول ال صلى ال عليه وسلم الشرع‪،‬‬
‫الثان‪ :‬روايتها بالسانيد‪ ،‬ولذا أفرد علماء الديث كتبا وأبوابا ف مصنفاتم ف مغازي رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وأيامه‪ ،‬وشائله ودلئل نبوته‪.‬‬
‫والسية جزء من التاريخ باعتبار أحداثها ووقائعها إذ التاريخ هو‪ :‬تعريف الوقت مطلقا‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫أرخت الكتاب تأريا وورخته توريا‪.‬‬
‫قال ف مفتاح السعادة‪« :‬موضوعه‪ :‬أحوال الشخاص الاضية من النبياء‪ ،‬والولياء‪ ،‬والعلماء‪،‬‬
‫والكماء‪ ،‬والشعراء‪ ،‬واللوك والسلطي وغيهم» [‪.]2‬‬
‫الغرض من دراسة السية‪:‬‬
‫® إن السية النبوية ل تدرس من أجل التعة ف التنقل بي أحداثها أو قصصها‪ ،‬ول من أجل العرفة‬
‫التاريية لقبة زمنية من التاريخ مضت‪ ،‬ول مبة وعشقا ف دراسة سي العظماء والبطال‪ ،‬ذلك‬
‫النوع من الدراسة السطحية إن أصبح مقصدا لغي السلم من دراسة السية‪ ،‬فإن للمسلم مقاصد شت‬
‫من دراستها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أن الرسول صلى ال عليه وسلم هو مل القدوة والسوة‪ ،‬وهو الشرع الواجب طاعته واتباعه‬
‫ل وَالَي ْومَ ال ِخرَ َوذَ َكرَ الَ‬
‫قال تعال‪َ{ :‬لقَدْ كَانَ لَكُ ْم فِي رَسُولِ الِ أُ ْس َوةٌ حَسََنةٌ لِمَنْ كَانَ َيرْجٌو ا َ‬
‫كَثِيا} (الحزاب‪ ،)21 :‬وقال تعال‪{ :‬وَإِنْ ُتطِيعُوهُ َتهْتَدُوا} (النور‪ ،)54 :‬وقال‪َ { :‬منْ يُطِعِ‬
‫الرّسُولَ َفقَدْ أَطَاعَ ال} (النساء‪ ،)80 :‬وقال‪{ :‬قُلْ إِنْ ُكنْتُ ْم تُحِبّونَ الَ فَاتِّبعُونِي ُيحِْببْكُمُ الُ} (آل‬
‫عمران‪.)31 :‬‬
‫فهو التجسيد العملي والصورة التطيبقية للسلم‪ ،‬وبدونا ل نعرف كيف نطيع ال تعال ونعبده‪.‬‬
‫® فسيته صلى ال عليه وسلم يستقي منها الدعاة أساليب الدعوة ومراحلها‪ ،‬ويتعرفون على ذلك‬
‫الهد الكبي الذي بذله رسول ال صلى ال عليه وسلم من أجل إعلء كلمة ال‪ ،‬وكيف التصرف‬
‫أمام العقبات والصعوبات والوقف الصحيح أمام الشدائد والفت‪.‬‬

‫‪452‬‬
‫® ويستقي منها الربّون طرق التربية ووسائلها‪.‬‬
‫® ويستقي منها القادة نظام القيادة ومنهجها‪.‬‬
‫® ويستقي منها الزهّاد معن الزهد ومقاصده‪.‬‬
‫® ويستقي منها التجّار مقاصد التجارة وأنظمتها وطرقها‪.‬‬
‫® ويستقي منها البتلون أسى درجات الصب والثبات وتقوى عزائمهم على السي على منهجه والثقة‬
‫التامة بال عز وجل بأن العاقبة للمتقي‪.‬‬
‫® ويستقي منها العلماء ما يعينهم على فهم كتاب ال تعال‪ ،‬ويصلون فيها على العارف الصحيحة‬
‫ف علوم السلم الختلفة‪ ،‬وبا يدركون الناسخ والنسوخ وأسباب النول وغيها وغيها من‬
‫العارف والعلوم‪.‬‬
‫® وتستقي منها المة جيعا الداب والخلق والشمائل الميدة‪.‬‬
‫ولذا قال ابن كثي‪« :‬وهذا الفن ما ينبغي العتناء به‪ ،‬والعتبار بأمره‪ ،‬والتهيؤ له‪ ،‬كما رواه ممد بن‬
‫عمر الواقدي عن عبد ال بن عمر بن علي عن أبيه سعت علي بن السي يقول‪ :‬كنا نعلم مغازي‬
‫النب صلى ال عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن‪ .‬قال الواقدي‪ :‬وسعت ممد بن عبد ال‬
‫يقول‪ :‬سعت عمي الزهري يقول‪ :‬ف علم الغازي علم الخرة والدنيا» [‪.]3‬‬
‫وقال إساعيل بن ممد بن سعد بن أب وقاص‪« :‬كان أب يعلمنا مغازي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ويعدها علينا‪ ،‬ويقول‪ :‬هذه مآثر آبائكم فل تضيعوا ذكرها» [‪.]4‬‬
‫وقال علي بن السي‪« :‬كنا نعلم مغازي رسول ال صلى ال عليه وسلم كما نعلم السورة من‬
‫القرآن» [‪.]5‬‬
‫® لقد خلف التاريخ عظماء وملوكا وُقوّادا‪ ،‬وشعراء‪ ،‬وفلسفة‪ ،‬فمن منهم ترك سية وأسوة‬
‫يؤتسى با ف العالي؟ لقد طوى التاريخ ذكرهم فلم يبق منه شيء وإن بقيت بعض أسائهم‪.‬‬
‫® لقد أصبحت سي كثي من العظماء أضحوكة للبشر على مدار التاريخ كله‪.‬‬
‫فأين نرود الذي قال لبراهيم‪{ :‬أَنَا ُأحْيِي وَُأمِيتُ}؟! (البقرة‪ )258 :‬وأين مقالة فرعون وشأنه الذي‬
‫قال‪َ{ :‬أنَا رَبّكُ ُم ا َلعْلَى} (النازعات‪ ،)24 :‬وقال‪{ :‬مَا عَلِ ْمتُ لَ ُكمْ مِنْ ِإَلهٍ غَْيرِي}؟! (القصص‪:‬‬
‫‪.)38‬‬
‫إن هؤلء العظماء ف زمانم يسخر منهم اليوم الصغي والكبي والعال والاهل‪ ،‬فإن كانوا دلسوا على‬
‫أقوامهم ف زمنهم واستخفوا بم فأطاعوهم؛ فقد افتضح أمرهم بعد هلكهم‪ ،‬وأصبحوا مل السخرية‬
‫على مدار الزمان‪.‬‬
‫® إن سية الرسول صلى ال عليه وسلم جاءت بإخراج الناس من ظلمات الشرك والخلق وفساد‬
‫العبادة والعمل إل نور التوحيد واليان والعمل الصال‪{ :‬يَا َأّيهَا النّبِيّ ِإنّا َأرْ َسلْنَا َك شَاهِدا َومُبَشِرا‬
‫ل بِِإذِْن ِه وَ ِسرَاجا مُنِيا} (الحزاب‪.]6[ )46-45:‬‬ ‫وَنَذِيرا َودَاعِيا ِإلَى ا ِ‬

‫‪453‬‬
‫ثانيا‪ :‬ندرس السية ليزداد إياننا ويقيننا بصدقه‪ ،‬فالوقوف على معجزاته ودلئل نبوته ما يزيد ف‬
‫اليان واليقي ف صدقه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فدراسة سيته العطرة وما سطرته كتب السية من‬
‫مواقف عظيمة‪ ،‬وحياة كاملة كرية‪ ،‬تدل على كماله ورفعته وصدقه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ولينغرس ف قلوبنا حبه‪ ،‬فما حلته سيته من أخلق فاضلة‪ ،‬ومعاملة كرية‪ ،‬وحرصه العظيم‬
‫على هداية الناس وصلحهم وجلب الي لم‪ ،‬وبذل نفسه وماله ف سبيل إخراج الناس من الظلمات‬
‫إل النور‪ ،‬ومن الشقاء إل السعادة‪ ،‬وما كان من حرصه صلى ال عليه وسلم على أمته ف إبعادها‬
‫شةَ قَاَلتْ‪« :‬دَخَ َل عَلَ ّي النّبِيّ صلى ال عليه وسلم َيوْما َفقَالَ‪َ :‬لقَدْ‬ ‫عما يشق عليها ويعنتها‪ ،‬عَ ْن عَائِ َ‬
‫ق فَل‬ ‫صََن ْعتُ الَْي ْومَ شَيْئا َو ِددْتُ أَنّي لَمْ أَ ْفعَ ْلهُ‪ ،‬دَ َخ ْلتُ اْلبَْيتَ فَأَ ْخشَى أَنْ َيجِيءَ الرّجُ ُل مِنْ أُُفقٍ مِ َن الفَا ِ‬
‫سهِ مِْنهُ شَ ْيءٌ»( [‪.)]7‬‬ ‫ستَطِيعُ ُدخُوَلهُ فََيرْجِ ُع وَفِي َنفْ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ول أعظم من وصف ال جلّ وعل له ف قوله‪َ{ :‬لقَدْ جَاءَكُ ْم رَسُو ٌل مِنْ َأْنفُسِكُ ْم َعزِي ٌز عََلْيهِ مَا عَِنتّمْ‬
‫ف رَحِيمٌ} (الحزاب‪ ،)128 :‬وقال سبحانه وتعال واصفا نبيه صلى‬ ‫ص عَلَْيكُمْ بِا ُل ْؤمِِنيَ َرؤُو ٌ‬ ‫َحرِي ٌ‬
‫ال عليه وسلم‪{ :‬وَِإّنكَ َل َعلَى ُخلُ ٍق عَظِيمٍ} (القلم‪ ،)4:‬وأنه ل ينتقم لنفسه قط‪ ،‬ول فرح أو حزن‪،‬‬
‫أو ضحك أو غضب من أجل نفسه ومصاله الشخصية قط‪ ،‬أو انتصر لنفسه مرة واحدة‪ ،‬بل كل‬
‫ذلك كان من أجل ال تعال‪.‬‬
‫ل َومَلئِكََتهُ ُيصَلّو َن َعلَى‬ ‫رابعا‪ :‬لنعبد ال تعال بذكره والصلة والسلم عليه قال ال تعال‪{ :‬إِ ّن ا َ‬
‫سلِيما} (الحزاب‪ ،)56:‬وروى مسلم ف صحيحه عَنْ‬ ‫النّبِ ّي يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُوا صَلّوا عََلْيهِ وَ َسلّمُوا تَ ْ‬
‫صلّى عَلَ ّي وَاحِ َد ًة صَلّى الّلهُ‬ ‫أَبِي ُهرَْي َر َة رضي ال عنه أَ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪« :‬مَنْ َ‬
‫شرًا» [‪.]8‬‬ ‫عََلْيهِ عَ ْ‬
‫ميزات السية النبوية وخصائصها‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أنا معلومة ومسجلة ول يف منها شيء‪ ،‬فما ترك علماء السلم على مر التاريخ بابا من‬
‫أبواب السية إل وقد ألفوا فيه مؤلفا مستقلً‪ ،‬شل ذلك دقائقها وجزئياتا حت أصبح السلم عند‬
‫قراءته لسية النب صلى ال عليه وسلم كأنه يعايشه ويشاهده تاما لوضوحها وشولا‪.‬‬
‫وسيأت بيان ذلك ف الديث عن مصادر السية النبوية‪ ،‬ويكفي أن تعلم أن عدد ما ألف ف السية‬
‫النبوية ف اللغة الوردية ‪-‬وهي لغة حديثة‪ -‬ما يزيد على ألف كتاب‪ ،‬وعدد ما ألف ف اللغات‬
‫الوربية ف القرن نفسه ما يزيد على ألف وثلثائة كتاب‪ ،‬هذا ف القرن الثالث عشر [‪.]9‬‬
‫ثانيا‪ :‬ما تيزت به من الصدق والمانة ف نقلها‪ ،‬فقد حظيت ضمن ما حظيه الديث من التمحيص‬
‫والتحقيق والقارنة والتثبت من النقلة ومعرفة الصحيح منها من الضعيف‪ ،‬فأصبحت أصح سية نقلت‬
‫إلينا عن نب أو عظيم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن رسالته صلى ال عليه وسلم عامة لميع اللق مع خلودها‪.‬‬
‫فسيته قدوة وأسوة لكل البشر قد ساوت بي اللوك والسوقة‪ ،‬سية ينتفع با صغار الناس وكبارهم‪،‬‬
‫فهم ف دين ال سواء قد رفع من شأن الميع‪.‬‬

‫‪454‬‬
‫ول شك أنه ما من خي وصلح وسعادة ف الدنيا والخرة إل وهو مستقى منها‪ ،‬وما من شر وفساد‬
‫وشقاء وظلم وجور إل بسبب الهل با والبعد عن القتداء بسية صاحبها صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫لقد أنزل على رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وهو بعد ف مكة وماصر فيها‪ -‬قوله تعال‪َ { :‬ومَا‬
‫َأرْسَ ْلنَاكَ إِ ّل رَحْ َمةً لِلعَالَ ِميَ} (النبياء‪ ،)107:‬فهو الرحة الهداة والنعمة السداة للبشرية جيعا‪،‬‬
‫رحة لم ومنقذهم من الشقاء والضلل والظلم والفساد والضياع والنطاط‪ ،‬إل السعادة والداية‬
‫س بَشِيا وَنَذِيرا}‬
‫والعدل والصلح والرفعة والعلو والكرامة قال تعال‪َ { :‬ومَا َأرْسَ ْلنَاكَ إِلّ كَافَةً لِلنّا ِ‬
‫(سبأ‪ ،)28:‬وقال جل وعل‪{ :‬تَبَارَ َك الّذِي َنزّلَ ال ُفرْقَانَ َعلَى عَبْ ِدهِ ِليَكُونَ لِلعَاَل ِميَ َنذِيرا} (الفرقان‪:‬‬
‫‪.)1‬‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم‪« :‬وَكَانَ النّبِ ّي يُْب َعثُ ِإلَى َق ْو ِمهِ خَاصّ ًة وَُبعِْثتُ إِلَى النّاسِ كَافّةً» [‪.]10‬‬
‫® إن النسانية كلها تتطلع إل مثل أعلى تقتدي به‪ ،‬ولن تد سية ‪-‬لعظيم أو نب‪ -‬معلومة كاملة‬
‫شاملة غي سية النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫® إن أي دين ل يقوم على ركيزتي‪ :‬حقوق ال‪ ،‬وحقوق البشر ل يكن أن ينقذ البشرية ويقودها‬
‫إل الصلح والنجاة والسعادة والكمال‪.‬‬
‫والديانات الن على قسمي‪ :‬منها ما ليس فيه ذكر ل البتة مثل البوذية والديانات الصينية‪ ،‬ومنها من‬
‫تؤمن بوجود ال تعال‪ ،‬لكن ل يعرف النسان فيها كيف يعتقد بربه؟ وبأي صفة يصفه؟ وبأي شكل‬
‫تتجلى العقيدة ف ال عز وجل؟‬
‫أما حقوق البشر فابث ف جيع الديان هل تد تفصيلً للحياة السرية والعلقات الجتماعية‪ ،‬فضلً‬
‫عن الياة السياسية والعلقات الدولية‪ ،‬والشئون القتصادية‪ ،‬تفحص ف سي جيع النبياء والعظماء‬
‫هل تد إجابة على هاتي الركيزتي‪ ،‬ومن الؤكد أنك لن تصل إل نتيجة إل ف دين السلم وسية‬
‫النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫اسأل البوذيي ماذا يعرفون عن بوذا وما أخلقه؟ وما علقاته مع أسرته فقط؟ فلن تد جوابا‪.‬‬
‫واسأل النصارى عن عيسى عليه السلم‪ ،‬ماذا يعرفون عنه قبل النبوة؟ والت يددونا بثلثي عاما‬
‫وبعد النبوة ثلثة أعوام‪ ،‬وكيف العلقة بينه وبي أمه‪ ،‬أو بينه وبي ربه الذي يزعمون بنوته له؟ تعال‬
‫ال عما يقول الظالون علوا كبيا‪ ،‬فلن تد عند جيع هؤلء أي جواب‪ ،‬بل ستجد الدهشة بادية‬
‫على وجوه جيع من تسأله من عال [‪.]11‬‬
‫رابعا‪ :‬كمالا بل عيب أو نقص أو ضعف أو خلل‪ ،‬قلّب بصرك وعقلك ف ثنايا السية النبوية‬
‫الشريفة هل ثت شيء تنتقده‪ ،‬أو عيب تده‪.‬‬
‫® إن الرسول صلى ال عليه وسلم ل يقض وقته بي أحبابه وأصحابه‪ ،‬بل قضى أغلب عمره بي ألد‬
‫أعدائه وهم الشركون‪ ،‬وف آخر عمره كان ياوره اليهود والنافقون‪ ،‬فلم يستطيعوا أن يرموه بنقيصة‬
‫ف أخلقه وشائله وصدقه‪ ،‬على الرغم من حرصهم الشديد بالبحث والتنقيب عنها‪ ،‬فقد رماه أهل‬
‫مكة باللقاب السيئة وعيّروه بالساء القبيحة‪ ،‬إل أنم ل يستطيعوا أن يقدحوا ف شيء من أخلقه‪،‬‬

‫‪455‬‬
‫أو يدنسوا عرضه الطاهر رغم إنفاقهم أموالم وإزهاقهم أرواحهم ف عدائه‪ ،‬قال تعال‪{ :‬قَدْ َنعَْلمُ إِّنهُ‬
‫حزُُنكَ الّذِي َيقُولُونَ فَِإّنهُمْ ل يُكَذّبُوَنكَ وََلكِنّ الظّالِ ِميَ بِآيَاتِ الِ َيجْحَدُونَ} (النعام‪.)33 :‬‬ ‫لََي ْ‬
‫وقد أخرج البخاري عن ابن عباس ف صعود النب صلى ال عليه وسلم الصفا لتبليغ الناس حيث قال‪:‬‬
‫«َأرَأَيَْتكُمْ َلوْ أَخَْب ْرتُكُمْ أَنّ خَْيلً بِاْلوَادِي ُترِيدُ أَ ْن ُتغِيَ َعلَيْ ُكمْ أَكُنُْتمْ ُمصَدّقِيّ؟ قَالُوا‪َ :‬نعَمْ‪ ،‬مَا َجرّبْنَا‬
‫عََلْيكَ إِ ّل صِدْقا» [‪.]12‬‬
‫وعن الغية بن شعبة رضي ال عنه قال‪« :‬إن أول يوم عرفت فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم أن‬
‫أمشي أنا وأبو جهل بن هشام ف بعض أزقة مكة‪ ،‬إذ لقينا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لب جهل‪« :‬يا أبا الكم هلمّ إل ال ورسوله‪ ،‬إن أدعوك إل ال»‬
‫فقال أبو جهل‪ :‬يا ممد‪ ،‬هل أنت منته عن سب آلتنا؟ هل تريد إل أن نشهد أن قد بلغت؟ فوال لو‬
‫أن أعلم أن ما تقول حق ما تبعتك! فانصرف رسول ال صلى ال عليه وسلم وأقبل عليّ فقال‪ :‬وال‬
‫إن لعلم أن ما يقول حق‪ ،‬ولكن بن قصي قالوا‪ :‬فينا الجابة‪ ،‬فقلنا‪ :‬نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬فينا الندوة‪ ،‬قلنا‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬فينا اللواء‪ ،‬قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬فينا السقاية‪ ،‬قلنا‪ :‬نعم‪ ،‬ث أطعموا‪ ،‬وأطعمنا‪ ،‬حت إذا تاكّت‬
‫الرّكَب قالوا‪ :‬منا نب! فل وال ل أفعل» [‪.]13‬‬
‫وقصة الوليد بن الغية لا اجتمعت قريش ف الوسم للتفاق على كلمة واحدة يتلقونا ف شأن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ‪-‬كما سيأت‪ -‬دليل صريح على حرصهم على الوقيعة ف رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والبحث والتنقي عن أي نقيصة أو عيب ولكن أن لم ذلك‪ ،‬فراحوا يتلقون‬
‫عليه من عند أنفسهم دون حياء‪.‬‬
‫® جل العظماء حالتهم مع الناس غي حالتهم مع أهلهم وف بيوتم‪ ،‬ول يرضون لزوجاتم أن تب‬
‫عن أحوالم‪ ،‬بل تعتب حياتم الاصة سرا من السرار يعاقب على إفشائها‪ ،‬وكل الناس كذلك ل‬
‫يرضون أبدا أن يطلع أحد على كثي من حياتم السرية الاصة‪.‬‬
‫ما عدا رسول ال صلى ال عليه وسلم فهو ل يرض فقط بل أمر أن ينقل عنه كل شيء‪ ،‬فبلغ عنه‬
‫أزواجه كل ما رأوه منه‪ ،‬حت إنا لتبلغ عنه ما كان تت اللحاف فيما بينه وبينها‪ ،‬وعن غسلها معه‬
‫من النابة‪ ،‬حت إن الرجل ليعرف عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أكثر ما يعرفه عن أبيه اللصق‬
‫له والساكن معه!‬
‫خامسا‪ :‬شولا لميع نواحي الياة مع الوضوح التام فيها‪.‬‬
‫لقد عاش النب صلى ال عليه وسلم بي صحابته وتزوج بتسع نسوة‪ ،‬وأمر أن يبلغ الشاهد منهم‬
‫الغائب‪ ،‬وقال‪« :‬بلغوا عن ولو آية» [‪ ]14‬وقال‪« :‬نضر ال امرءا سع منا شيئا فبلغه كما سعه‪،‬‬
‫فرب مبلغ أوعى من سامع» [‪ ]15‬وما سافر وحده قط‪ ،‬ول اعتزل الناس ف يوم من اليام أبدا‪،‬‬
‫وقد تضافر الصحابة على نقل كل شيء عنه‪ ،‬بل تفرغ عدد منهم للرواية والتابعة له كأهل الصفة‪.‬‬
‫لقد وصفوه ف قيامه وجلوسه‪ ،‬وكيف ينام‪ ،‬وهيئته ف ضحكه وابتسامته‪ ،‬وكيف اغتساله ووضوؤه‪،‬‬
‫وكيف يشرب ويأكل وما يعجبه من الطعام‪ ،‬ووصفوا جسده الطاهر كأنك تراه‪ ،‬حت ذكروا عدد‬

‫‪456‬‬
‫الشعرات البيض ف رأسه وليته‪ ،‬ولحة ف كتاب من كتب السية والشمائل تد العجب من هذا‬
‫الشمول وهذه الدقة ف الوصف والنقل( [‪.)]16‬‬
‫سادسا‪ :‬أنا بعمومها ل تتعد القدرة البشرية‪ ،‬أي أنا ل تتكئ على الوارق‪ ،‬أو قامت فصولا على‬
‫معجزة من العجزات خارجة عن قدرات البشر‪.‬‬
‫بل إنه من السهل التعرف عليها وتطبيقها‪ ،‬والقتداء با‪ ،‬فليست مثالية التطبيق‪.‬‬
‫مصادر السية النبوية‪:‬‬
‫تعتمد مصادر السية النبوية على مصادر متنوعة منها أصلية ومنها تكميلية‪.‬‬
‫فمن الصادر الصلية‪ :‬القرآن الكري‪ ،‬والديث الشريف‪ ،‬وكتب السية‪ ،‬والغازي‪ ،‬والدلئل‪،‬‬
‫والشمائل‪ ،‬والصائص وكتب التاريخ الخرى‪.‬‬
‫ومن التكميلية‪ :‬كتب الفقه‪ ،‬وكتب الدب‪ ،‬ودواوين الشعر‪ ،‬وكتب النساب‪ ،‬وتراجم الرجال‪،‬‬
‫وكتب الغرافيا‪.‬‬
‫الصادر الصلية‪:‬‬
‫‪ -1‬القرآن الكري‪ :‬ويتضمن بيان العقيدة والشريعة‪ ،‬وتوضيح الناحية الجتماعية والقتصادية‬
‫والسياسية للمة السلمة‪ ،‬كما ترد فيه الشارة إل العارك والغزوات ومواقف الناس منها مثل موقف‬
‫النافقي‪ ،‬إضافة إل بيان مواقف اليهود والشركي من الدعوة‪ ،‬وتعتب كتب التفسي موضحة وشارحة‬
‫ومبينة لليات القرآنية( [‪.)]17‬‬
‫‪ -2‬كتب الديث‪ :‬وهي من أهم الصادر ف السية النبوية‪ ،‬حيث نقلت لنا بأصح السانيد كثيا من‬
‫حوادث السية ومغازي النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ووصفا دقيقا لياته الشخصية وسيته مع‬
‫أصحابه‪ ،‬إضافة إل بيان كثي من الوانب الجتماعية والسياسية والقتصادية‪.‬‬
‫‪ -3‬كتب الدلئل‪ :‬وتتناول العجزات والدلئل على صدق النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ومن أقدم من‬
‫كتب فيها الفرياب (ت ‪212‬هـ) ف كتابه «دلئل النبوة»‪ ،‬ث الدائن (ت ‪225‬هـ) ف كتابه‬
‫«آيات النب صلى ال عليه وسلم‪ »...‬ال‪.‬‬
‫‪ -4‬كتب الشمائل‪ :‬وهي الت تبي أخلق النب صلى ال عليه وسلم وصفاته اللقية واللقية‪ ،‬وأقدم‬
‫من ألف فيها أبو البختري وهب بن وهب السدي (ت ‪200‬هـ) ف مؤلفه «صفة النب صلى ال‬
‫عليه وسلم»‪ ،‬ومن أشهر كتب الشمائل «الشمائل الحمدية» للترمذي‪.‬‬
‫‪ -5‬كتب السية‪ :‬وقد اعتن السلمون بالسية النبوية ف وقت مبكر ما يضفي عليها التكامل ف‬
‫التسجيل والثقة ف الرواية والنقل‪ ،‬وقد اشتهر عدد من الصحابة باهتمامهم بالسية‪ ،‬منهم‪ :‬ابن‬
‫عباس‪ ،‬وعبد ال بن عمرو بن العاص‪ ،‬والباء بن عازب رضي ال عنهم أجعي‪.‬‬
‫وكتبت بعض أحداث السية على يد التابعي والصحابة متوافرون مقرون لم بذلك ومن هؤلء‪ :‬أبان‬
‫بن عثمان (ت ‪105-101‬هـ) وعروة بن الزبي (ت ‪94‬هـ)‪ ،‬والشعب (ت ‪103‬هـ)‪.‬‬

‫‪457‬‬
‫ومن اهتم بالسية الزهري (ت ‪124‬هـ) فقد تلقاها عن جع من صحابة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وعن كبار التابعي‪.‬‬
‫ومن أوثق كتب الغازي كتاب موسى بن عقبة (ت ‪140‬هـ)‪ ،‬وقد قال ابن معي «كتاب موسى‬
‫ابن عقبة عن الزهري من أصح هذه الكتب»‪ ،‬وقال المام الشافعي‪« :‬ليس ف الغازي أصح من‬
‫كتاب موسى بن عقبة مع صغره وخلوه من أكثر ما يذكر ف كتب غيه»‪.‬‬
‫ومّن ألف ف السية أبو العتمر سليمان بن طرخان التيمي (ت ‪143‬هـ) وهو من العباد الثقات‪،‬‬
‫وقد رواها عنه ابنه معتمر‪ ،‬وقد ذكر هذه السية أبو بكر بن خي الشبيلي ف «فهرسته» (ص‪:‬‬
‫‪ ،)231‬ونقل عنها ابن سيد الناس‪ ،‬والسهيلي‪ ،‬وابن كثي‪ ،‬وابن حجر وغيهم‪.‬‬
‫ومن عل صِيته واشتهر ف السية النبوية حت نسبت إليه‪ :‬ممد بن إسحاق (ت ‪151‬هـ) وهو من‬
‫تلميذ الزهري‪ ،‬وهو إمام هذا الشأن‪ ،‬وقد اختصرها ابن هشام (ت ‪218‬هـ) وهي الت بقيت ف‬
‫أيدينا الن‪ ،‬حيث حذف منها ما ل تعلق له ف السية‪ ،‬وحذف منها تاريخ النبياء‪ ،‬وما ل يصح من‬
‫الشعر‪ ،‬كما ذكر ذلك ف مقدمته‪ ،‬ث شرحها السهيلي (ت ‪518‬هـ)‪.‬‬
‫ومن ُكتّاب السية الواقدي (ت ‪207‬هـ) وهو من أئمة هذا الشأن‪ ،‬فقد اهتم بالوقائع والغازي‬
‫وسأل عنها أبناء النصار‪ ،‬وحاول أن يقف على كثي منها‪ ،‬وهو مع سعة علمه وشهرته واطلعه‬
‫وتصصه ف السية إل أنه متروك من حيث الرواية ف الديث‪.‬‬
‫ومن كتب السية‪« :‬عيون الثر ف فنون الغازي والسي» لبن سيد الناس (ت ‪734‬هـ) و«السية‬
‫النبوية» للذهب (ت ‪748‬هـ)‪ ،‬ومنها‪«:‬البداية والنهاية» لبن كثي (ت ‪774‬هـ)‪.‬‬
‫ومن مصادر السية‪ :‬كتب فقه السية‪ ،‬وأقدم من كتب ف فقه السية هو أبو نعيم أحد بن عبد ال‬
‫الصبهان (ت ‪430‬هـ) ف كتابه «الدي النبوي»‪ ،‬وجعفر بن ممد الستغفري (ت ‪432‬هـ) ف‬
‫كتابه «الدي النبوي»( [‪ ،)]18‬و«زاد العاد ف هدي خي العباد» لبن قيم الوزية (ت‬
‫‪751‬هـ)‪.‬‬
‫وكما اهتم العلماء ف التأليف ف السية جلة‪ ،‬فإن هناك من اهتم بالكتابة ف جزئيات السية مثل‪:‬‬
‫«تركة النب صلى ال عليه وسلم والسبل الت وجهها فيها» لماد بن إسحاق بن إساعيل (ت‬
‫‪267‬هـ)‪ ،‬بتحقيق الدكتور أكرم ضياء العمري‪ ،‬الطبعة الول (عام ‪1404‬هـ)‪ ،‬و«الصباح‬
‫الضيء ف كتاب النب المي ورسله إل ملوك الرض من عرب وعجمي» لحمد بن علي بن أحد‬
‫بن حديدة النصاري (ت ‪783‬هـ)‪ ،‬الطبعة الول (عام ‪1396‬هـ)‪ ،‬وكتاب «الفخر التوال‬
‫فيمن انتسب للنب صلى ال عليه وسلم من الدم والوال» لحمد بن عبد الرحن السخاوي (ت‬
‫‪902‬هـ) بتحقيق مشهور حسن‪ ،‬الطبعة الول (عام ‪1407‬هـ)‪.‬‬
‫الوسوعات ف السية‪:‬‬
‫وأقدم كتاب فيما أعلم هو «سبل الدى والرشاد ف سية خي العباد» لحمد بن يوسف الدمشقي‬
‫الشامي (ت ‪942‬هـ) انتخبها من ‪ 300‬كتاب‪.‬‬

‫‪458‬‬
‫ومن الكتب العاصرة‪ :‬كتاب «الامع ف السية النبوية» تأليف سية الزايد‪ ،‬وقد جعت الؤلفة من‬
‫كتب السية وكتب السنة وكتب التراجم‪ ،‬وقد جعلت لا منهجا وهو اعتماد رواية ابن هشام‬
‫وتريج الروايات كلها عليها‪ ،‬إل إذا ل تد له ف الوضوع رواية‪ ،‬ول تتم بالكم على الدلة وتتبع‬
‫تريها‪.‬‬
‫النّظم ف السية‪ :‬قام العلماء بنظم أحداث السية ووقائعها حت يسهل على الطالب حفظها ومن‬
‫اعتن بنظم السية الافظ عبد الرحيم العراقي (ت ‪806‬هـ) وقد طبع الكتاب مع شرحه «العجالة‬
‫السنية على ألفية السية النبوية» لعبد الرؤوف الناوي (ت ‪1031‬هـ)‪.‬‬
‫أوضح الناظم رحه ال أن كتب السية النبوية احتوت ما كان إسناده معتبا وما كان غي معتب‪،‬‬
‫وجرى ف نظمه على طريقتهم ف عدم اعتبار السناد؛ لكن إن وردت رواية صحيحة نبه عليها‪.‬‬
‫وقد نظم السية على الترتيب التاريي‪ ،‬إل أنه بعد ذكر الجرة ووصول الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫إل خيمة أم معبد شرع ف ذكر شائله وخصائصه ث رجع إل ذكر مغازيه‪ ،‬وختمها بذكر أقاربه‬
‫وأزواجه ومواليه وحراسه وخدمه‪.‬‬
‫وقد اعتمد ف ألفيته على كتب السنة والسية‪.‬‬
‫تيز الكتاب بسهولة العبارة ووضوحها واشتمال النظم على أحداث السية جلة‪ ،‬مع إشارته إل‬
‫بعض الروايات الصحيحة أحيانا‪.‬‬
‫أما الصادر غي الصلية أو التكميلية فتأت بعد تلك الصادر ف الهية ومنها‪ :‬كتب الفقه وهي مل‬
‫استنباط الحكام من الكتاب والسنة‪ ،‬ولذا تد روايات وأحداثا ف كثي من أبوابا وباصة الكتب‬
‫التقدمة‪.‬‬
‫وكتب الرجال والتراجم‪ :‬وباصة تراجم الصحابة مثل كتاب الستيعاب لبن عبد الب‪ ،‬وأسد الغابة‬
‫لبن الثي‪ ،‬والصابة لبن حجر‪ ،‬فإن هذه الكتب وغيها غنية جدا بروايات السية وأحداثها وذكر‬
‫مواقف الصحابة ف الغازي والسرايا والبعوث‪.‬‬
‫وكتب الدب لا تتويه من وصف للحياة الجتماعية والعلمية‪.‬‬
‫وكتب البلدان ف وصفها للمدن والطرق وذكرها للمسافات والبعاد‪ ،‬وقد تشي أحيانا إل ما حدث‬
‫فيها من أحداث‪ ...‬ال‪.‬‬
‫ونلص إل أن التأليف ف السية شل النواع التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬كتب السية الشاملة‪... .‬‬
‫‪ -2‬كتب الغازي‪.‬‬
‫‪ -3‬الدلئل والعجزات‪... ... .‬‬
‫‪ -4‬الشمائل‪.‬‬
‫‪ -5‬الصائص‪... ... .‬‬
‫‪ -6‬البشارات‪.‬‬

‫‪459‬‬
‫‪ -7‬الوسوعات ف السية‪... .‬‬
‫‪ -8‬جزئيات السية‪.‬‬
‫‪ -8‬فقه السية‪... ... .‬‬
‫‪ -9‬متصرات ف السية‪.‬‬
‫‪ -10‬النظم ف السية‪.‬‬
‫لحات عن الاهلية‪:‬‬
‫لكي تتعرف على الهد الذي بذله النب صلى ال عليه وسلم ف هداية الناس‪ ،‬وعلى الشدة والشقة‬
‫الت لقاها من معاصريه‪ ،‬وعلى ناحه وقدرته ف إخراج الناس من الظلمات إل النور‪ ،‬وكيف وجه‬
‫طاقات العرب بدلً من العصبية الاهلية إل خدمة السلم النيف‪ ،‬ولكي تعرف حاجة البشرية إل‬
‫السلم‪ ،‬وفضل السلم على سائر أهل الرض‪.‬‬
‫وأمر آخر وهو فقه النصوص الشرعية والكمة من تشريع الحكام والعلة ف النع أو الباحة‪،‬‬
‫والتدرج ف الحكام‪ ،‬والتأكيد على التوحيد‪.‬‬
‫لكي تتعرف على كل هذا ل بد لك من أن تلم بشيء ما كانت عليه البشرية إبان بعثته عليه السلم‬
‫ف حالتها الدينية والجتماعية والخلقية والقتصادية والسياسية‪.‬‬
‫وهذا موضوع طويل ومتشعب وله كتبه ومراجعه‪ ،‬ويكفي أن تعلم أن لفظ الاهلية ورد ف الكتب‬
‫التسعة فقط قرابة خسمائة مرة‪ ،‬ولكن نذكر لحات من ذلك‪ ،‬وهي عبارة عن معال من حياة تلك‬
‫الرحلة وتاريها‪:‬‬
‫تعريف الاهلية‪:‬‬
‫ل واستخف به‪ ،‬والهل السفه والغضب والنق‪،‬‬ ‫نسبة إل الهل‪ :‬نقيض العلم‪ ،‬واستجهله عده جاه ً‬
‫وف معلقة عمرو بن كلثوم‪:‬‬
‫أل ل يهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الاهلينا‬
‫أي يتسافه أحد علينا أو يطيش أو يظلم( [‪.)]19‬‬
‫والاهلية قد تكون اسا للحال وهو الغالب ف الكتاب والسنة كقول النب صلى ال عليه وسلم لب‬
‫ذر‪« :‬إنك امرؤ فيك جاهلية»( [‪.)]20‬‬
‫وقول عمر رضي ال عنه‪« :‬إن نذرت نذرا ف الاهلية»( [‪.)]21‬‬
‫وقول عائشة رضي ال عنها‪« :‬كان النكاح ف الاهلية»( [‪.)]22‬‬
‫فإن الاهلية وإن كانت ف الصل صفة ولكن غلب عليها الستعمال حت صارت اسا ومعناها‬
‫قريب من معن الصدر‪ ،‬وقد تكون الاهلية اسا لذي الال فتقول‪ :‬طائفة جاهلية‪ ،‬وشاعر جاهلي‪،‬‬
‫نسبة إل الهل وهو عدم العلم أو عدم اتباع العلم‪.‬‬
‫فإن من ل يعلم الق جاهل جهلً بسيطا‪ ،‬فإن اعتقد خلفه فهو جاهل جهلً مركبا‪ ،‬فإن قال خلف‬
‫الق عالا بالق أو غي عال فهو جاهل أيضا كما قال ال تعال‪{ :‬وَِإذَا خَا َطَبهُمُ الَا ِهلُونَ قَالُوا‬

‫‪460‬‬
‫سَلما} (الفرقان‪ ،)63:‬وكذلك من عمل بلف الق فهو جاهل وإن علم أنه مالف للحق كما‬
‫جهَاَلةٍ ثُ ّم يَتُوبُو َن مِنْ َقرِيبٍ}‬
‫ل لِلّذِينَ َيعْمَلُو َن السّوءَ بِ َ‬
‫قال سبحانه وتعال‪{ :‬إِنّمَا الّت ْوبَ ُة َعلَى ا ِ‬
‫(النساء‪ )17:‬قال الصحابة‪« :‬كل من عمل سوءا فهو جاهل وإن علم أنه مالف للحق»‪.‬‬
‫وسبب ذلك أن العلم القيقي الراسخ ف القلب يتنع أن يصدر معه ما يالفه من قول أو فعل‪ ،‬فمت‬
‫صدر خلفه فل بد من غفلة القلب عنه أو ضعفه ف القلب بقاومة ما يعارضه‪ ،‬وتلك أحوال تناقض‬
‫حقيقة العلم فتصي جهلً بذا العتبار‪ ،‬ومن هنا تعرف أن دخول العمال ف مسمى اليان حقيقة ل‬
‫ماز‪.‬‬
‫فإذا تبي ذلك فالناس قبل مبعث النب صلى ال عليه وسلم ف حال جاهلية جهلً منسوبا إل الاهل‪،‬‬
‫فإن ما كانوا عليه من القوال والعمال إنا أحدثه لم جاهل وإنا يفعله جاهل‪ ،‬وتلك كانت الاهلية‬
‫العامة‪ ،‬وأما بعد البعثة فمطلق الاهلية قد يكون ف مصر دون مصر‪ ،‬وقد تكون ف شخص دون‬
‫س مِنْ ُأمّتِي ظَا ِهرِينَ‬‫آخر‪ ،‬ول تكون الاهلية مطلقة لقول النب صلى ال عليه وسلم‪« :‬ل َيزَالُ نَا ٌ‬
‫حَتّى يَأِْتَيهُمْ َأ ْمرُ الّل ِه َوهُمْ ظَا ِهرُونَ»( [‪.)]23‬‬
‫الالة الدينية قبيل البعثة‪:‬‬
‫كان الناس ف جاهلية جهلء وضللة عمياء‪ ،‬فقد تعرضت الديانات السماوية لنتحال البطلي‬
‫وتريف الغالي‪ ،‬وأصبحت فريسة للعابثي والتلعبي‪ ،‬استبدلت عقيدة التوحيد الصافية بالوثنية‬
‫الغارقة‪ ،‬والجتراء على ال تعال والقول عليه بغي حق‪ ،‬والتطاول على الذات اللهية‪ ،‬وارتفع الفرق‬
‫بي أهل الكتاب وبي أهل الوثان والصنام ف عباداتم وحياتم فاختفى نور التوحيد وسط هذا‬
‫الركام الائل من الوثنية‪ ،‬والتغيي والتبديل ف كلم ال عز وجل قال ال تعال‪{ :‬اتّخَذُوا َأحْبَا َرهُمْ‬
‫ل وَالَسِي َح ابْ َن َمرْيَمَ} (التوبة‪ ،)31:‬وقال سبحانه ف وصف حياتم‬ ‫َو ُرهْبَاَنهُمْ َأرْبَابا مِ ْن دُونِ ا ِ‬
‫ح ّرمُونَ مَا َح ّرمَ الُ‬ ‫وتعديهم على حرمات ال‪{ :‬قَاتِلُوا الّذِينَ ل ُي ْؤمِنُونَ بِالِ وَل بِالَي ْومِ ال ِخ ِر وَل يُ َ‬
‫لزْيَ َة عَ ْن يَ ٍد َوهُ ْم صَا ِغرُونَ}‬
‫َورَسُوُلهُ وَل يَدِينُو َن دِينَ الَ ّق مِنَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ َحتّى ُيعْطُوا ا ِ‬
‫(التوبة‪ ،)29:‬وقال سبحانه ف بيان تريفهم لكلم ال واستبداله مقابل الدنيا‪{ :‬ا ْشَت َروْا بِآيَاتِ الِ‬
‫وَأَيْمَاِنهِمْ ثَمَنا قَلِيلً َفصَدّوا عَ ْن سَبِيلِ الِ} (التوبة‪ ،)9:‬ووصف ال شرك أهل الكتاب وكفرهم‬
‫بقوله‪َ { :‬وقَاَلتِ الَيهُودُ ُعزَْيرُ ابْنُ الِ َوقَاَلتِ الّنصَارَى الَسِي ُح ابْ ُن الِ} (التوبة‪.)30:‬‬
‫وأما الجوسية فقد عرفت من القدي بعبادة النار وبناء العابد عليها‪ ،‬لا يجون‪ ،‬وعندها ينذرون‪ ،‬هي‬
‫معبودهم من دون ال عز وجل‪ ،‬ث آمنوا بإلي أحدها النور والخر الظلمة‪.‬‬
‫وقل مثل ذلك ف البوذية النتشرة ف الند وآسيا الوسطى‪ ،‬والبهية دين الند الصلي‪.‬‬
‫لقد بلغت الوثنية ف قرن البعثة أوجها حت قيل إن عدد العبودات واللة يصل إل (‪ )330‬مليون‪.‬‬
‫وأطبقت ظلمة الوثنية على الرض من الحيط إل الحيط‪.‬‬

‫‪461‬‬
‫روى المام أحد عن الْ ِمقْدَادِ بْنِ ا َل ْس َودِ رضي ال عنه قال‪« :‬وَالّلهِ َلقَدْ َب َعثَ الّلهُ النّبِيّ صلى ال عليه‬
‫ث عَلَْيهَا نَبِ ّي مِنَ الَنِْبيَاءِ فِي َفْت َرةٍ وَجَاهِلِيّةٍ‪ ،‬مَا َي َروْنَ أَ ّن دِينا أَ ْفضَ ُل مِ ْن عِبَا َدةِ‬
‫وسلم َعلَى أَشَ ّد حَالٍ ُب ِع َ‬
‫ا َل ْوثَانِ‪ ،‬فَجَاءَ ِب ُفرْقَانٍ َفرَقَ ِبهِ َبيْنَ الْحَ ّق والْبَاطِلِ‪ ،‬وََفرّقَ َبيْنَ اْلوَالِ ِد َووَلَ ِدهِ»( [‪.)]24‬‬
‫الالة الجتماعية والسياسية‪:‬‬
‫تبعا للنراف العقدي وتريف الديان ضلت البشرية ف جيع حياتا وانتشر الظلم والفساد بي جيع‬
‫طبقاتا على اختلف حضاراتا وأديانا وبلدانا‪ ،‬وسأذكر ناذج ومقتطفات تصف ذلك النراف‬
‫والفساد»‪.‬‬
‫أولً‪ :‬الدولة الرومانية‪:‬‬
‫لقد ازدادت فيها التاوات والضرائب الت أثقلت كواهل الشعب‪ ،‬بينما تعيش الطبقة الاكمة ومن‬
‫يتابعها حياة الترف والتخمة الزائدة‪ ،‬وتضييع الموال‪ ،‬والرص على كل نوع من أنواع اللهو‬
‫واللعب والطرب‪ ،‬وانشغلوا بالسليات واللعاب عن مصال البلد والعباد‪ ،‬وفتحوا ميادين الرياضة‬
‫العنيفة كمصارعات الرجال والسباع وغيها‪.‬‬
‫وكانت ولياتا مثل مصر والشام عبارة عن شعوب كادحة للطبقة الستعمرة‪ ،‬حياتا عرضة‬
‫للضطهاد والبؤس والشقاء‪ ،‬تسلب خياتم وتساء معاملتهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الفرس‪:‬‬
‫فإنه لا ظهر مزدك ف القرن الامس دعا إل الباحية ف جيع نواحي الياة وأن الناس شركاء ف كل‬
‫شيء‪ ،‬فظهر الفساد وهتكت العراض وانتشرت السرقة والسطو على الموال والمتلكات‪ ،‬ونشأ‬
‫جيل ل خلق له ول مروءة‪ ،‬اتذ السطو وسيلة للب الال والتسلط على الناس‪ ،‬واستولوا على‬
‫الملك والعقارات حت أقفرت الزارع وخربت الدور وتشتت الناس‪.‬‬
‫وقد كان اللوك يعتبون من نسل آخر مغاير لبن البشر‪ ،‬ففيهم يري دم اللة‪ ،‬فكانوا ياطبون الناس‬
‫من علو وأنم آلة لم يتصرفون فيهم كيف شاؤوا‪.‬‬
‫وتعتب موارد الدولة كلها ملكا للكاسرة إل ما جاد با كسرى للشعب تفضلً منه وكرما وإنعاما‪،‬‬
‫وقد تفننوا ف اكتناز الموال والتحف الثمينة‪ ،‬والسابقة ف مظاهر الغن والعظمة إل حد اليال‪.‬‬
‫بينما عامة الناس يعيشون حياة الفقر والبؤس والوع‪ ،‬حياة العبودية والكدح لللة‪ ،‬يتعبون ف‬
‫تصيل ما يسد رمقهم‪ ،‬ويستر عوراتم‪ ،‬جيع إنتاجهم تقضي عليها الضرائب والتاوات‪ ،‬إضافة إل‬
‫أنم وقود لكل حرب هجية طاحنة يثيها اللك‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الند‪:‬‬
‫فهي أتعس بلد يعيش تفاوتا فاحشا بي طبقات الجتمع مدعما بالدين والعقيدة‪ ،‬فقد قسم سكان‬
‫الند إل أربع طبقات‪ ،‬هي‪:‬‬
‫‪ -1‬طبقة الكهنة ورجال الدين وهم (الباهة)‪.‬‬
‫‪ -2‬رجال الرب والندية وهم (شتري)‪.‬‬

‫‪462‬‬
‫‪ -3‬رجال الفلحة والتجارة (ويش)‪.‬‬
‫‪ -4‬رجال الدمة وهم (شودر) وهم أحط الطبقات وليس لم إل خدمة الطبقات الثلث‪ ،‬وليس لم‬
‫أن يدخروا مالً‪ ،‬أو يالسوا برهيا‪ ،‬أو يسوه بأيديهم‪ ،‬أو يتعلموا الكتاب القدس‪.‬‬
‫وقد أضفيت القداسة على الطبقة الول‪ ،‬وهو مغفور له ولو أباد الطبقات الثلث‪.‬‬
‫وكانت الند مزقة تكمها حكومات تعد بالئات‪ ،‬وتسيطر الفوضى على جيع أركانا‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أوربا‪:‬‬
‫التوغلة ف الشمال والغرب فكانت تعيش حياة المجية‪ ،‬وترزح تت ظلم الهل والمية والروب‬
‫الدامية‪ ،‬وكانت متخلفة عن طريق الضارة والعلم والداب‪ ،‬وكأنم يعيشون ف كوكب آخر ل‬
‫شأن لم بالعال‪.‬‬
‫يزهدون ف النظافة‪ ،‬تعشعش الوام فوق رؤوسهم‪ ،‬أجسامهم قذرة‪ ،‬يغال رهبانم ف تعذيب‬
‫أجسامهم‪ ،‬يتقرون الرأة ويبحثون عن أصلها هل هي من اليوان أم من النسان‪.‬‬
‫وعموم تلك الشعوب قد ألفت حياة الذلة والنوع‪ ،‬واعتادت على ماراة الوضاع ومسايرة الزمان‪،‬‬
‫ل يهيجهم ظلم‪ ،‬ول تستحوذ عليهم فكرة ودعوة يسترخصون با حياتم ويازفون ف سبيلها‬
‫بأنفسهم‪.‬‬
‫قد ألفوا التهجي والتدجي ومصادرة الرأي والريات‪ ،‬فل يصلح لم أن يعرفوا شيئا‪ ،‬لنم ليسوا‬
‫على مستوى العرفة والدراك عند حكامهم‪ ،‬فل يستحق الشعب السؤال عن شيء فضلً عن إبداء‬
‫الرأي فيه‪.‬‬
‫وعلى العموم فكانت البشرية ف القرن السادس اليلدي ف أحط أدوارها‪ ،‬وأقبح فترات تاريها‪ ،‬قد‬
‫تطمت فيها جيع مقومات البقاء والياة‪ ،‬فأصبحت تتضر قد أيس منها الصلحون وهم على قلتهم‬
‫وندرتم قد هربوا ف الفياف والقفار فرارا ويأسا منها كما يدل على ذلك قصة سلمان الفارسي‬
‫رضي ال عنه‪ ،‬فقد كان ينتقل من عال إل آخر كل عال إذا احتضر أوصى به إل من يعرفه من بقايا‬
‫العلماء ف متلف الناطق والديار حت انتهى إل الخي منه فقال له‪ :‬ل أعرف الن أحدا ف هذه‬
‫الرض إلّ أنه حان مبعث نب داره ف كذا وكذا فوصف له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فانطلق‬
‫سلمان إل الدينة ينتظر مبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد ما أقفرت الرض كلها من عال‬
‫أو مصلح( [‪.)]25‬‬
‫خامسا‪ :‬العرب‪:‬‬
‫أما العرب فقد تركوا دين أبيهم إساعيل وابتعدوا عن النيفية دين أبيهم إبراهيم‪ ،‬وانتشرت بينهم‬
‫عبادة الصنام والوثان‪ ،‬وغلوا فيها إل حد يثي السخرية حيث كان الواحد منهم ف سفره يمع‬
‫أربعة أحجار ثلثة لقدره وواحدا يعبده‪ ،‬وإن ل يد حلب الشاة على كوم من تراب ث عبده‪.‬‬
‫جرَ‪ ،‬فَِإذَا وَجَ ْدنَا حَجَرا ُهوَ‬ ‫روى البخاري عن أب رَجَاءٍ اْلعُطَا ِر ِديّ رضي ال عنه قال‪« :‬كُنّا َنعْبُدُ اْلحَ َ‬
‫حلَبْنَاهُ‬
‫أَ ْخَيرُ مِْنهُ أَْلقَْينَاهُ وََأخَذْنَا ال َخرَ‪ ،‬فَِإذَا َلمْ نَجِدْ َحجَرا جَ َمعْنَا جُْث َو ًة مِنْ ُترَابٍ ثُ ّم جِئْنَا بِالشّاةِ فَ َ‬

‫‪463‬‬
‫ع ُرمْحا فِيهِ حَدِي َدٌة وَل َسهْما فِيهِ‬ ‫عََلْيهِ ُثمّ ُط ْفنَا ِبهِ‪ ،‬فَِإذَا دَخَلَ َش ْه ُر رَ َجبٍ ُقلْنَا‪ :‬مَُنصّلُ الَ ِسنّ ِة فَل نَدَ ُ‬
‫حَدِي َدةٌ إِ ّل َن َزعْنَا ُه وَأَْلقَيْنَاهُ َش ْهرَ رَ َجبٍ‪َ ،‬وسَ ِمعْتُ أَبَا َرجَاءٍ َيقُولُ‪ :‬كُْنتُ َي ْومَ ُب ِعثَ النّبِيّ صلى ال عليه‬
‫خرُو ِجهِ َف َررْنَا إِلَى النّارِ إِلَى مُسَْيلِمَ َة الْكَذّابِ»( [‬ ‫وسلم غُلما َأ ْرعَى الِبِ َل َعلَى َأهْلِي‪َ ،‬فلَمّا سَ ِمعْنَا بِ ُ‬
‫‪.)]26‬‬
‫وكان أول من أدخل الشرك إل العرب عمرو بن لي الزاعي‪.‬‬
‫ت وَل‬ ‫ب رضي ال عنه قَالَ‪« :‬الْبَحِ َي ُة الّتِي يُمْنَ ُع َد ّرهَا لِل ّطوَاغِي ِ‬ ‫روى البخاري عن َسعِيدَ ْبنَ الْ ُمسَّي ِ‬
‫سيّبُوَنهَا لِلهَِتهِمْ فَل يُحْمَ ُل عََلْيهَا شَ ْيءٌ قَالَ‪ :‬وَقَالَ أَبُو‬ ‫حلُُبهَا َأحَ ٌد مِنَ النّاسِ‪ ،‬وَالسّائِبَ ُة الّتِي كَانُوا يُ َ‬ ‫يَ ْ‬
‫جرّ‬‫خزَاعِ ّي يَ ُ‬ ‫ُهرَْي َرةَ رضي ال عنه‪ :‬قَالَ النّبِ ّي صلى ال عليه وسلم‪« :‬رَأَْيتُ عَ ْمرَو ْبنَ عَامِرِ بْ ِن لُحَيّ الْ ُ‬
‫سوَاِئبَ»( [‪.)]27‬‬ ‫ُقصَْبهُ فِي النّارِ‪ ،‬وَكَانَ َأوّ َل مَنْ سَّيبَ ال ّ‬
‫روى مسلم عَ ِن ابْ ِن ِشهَابٍ قَالَ سَ ِم ْعتُ َسعِيدَ ْبنَ الْ ُمسَّيبِ َيقُولُ إِنّ اْلبَحِ َيةَ الّتِي ُيمْنَ ُع َد ّرهَا‬
‫س وََأمّا السّائَِبةُ الّتِي كَانُوا ُيسَيّبُوَنهَا لِآِل َهِتهِمْ فَلَا يُحْمَ ُل َعلَْيهَا َش ْيءٌ‪.‬‬ ‫لِل ّطوَاغِيتِ َفلَا َيحْلُُبهَا َأحَ ٌد مِنَ النّا ِ‬
‫ت عَ ْمرَو بْ َن عَا ِمرٍ‬ ‫سّيبِ‪ :‬قَالَ أَبُو ُهرَْي َرةَ‪ :‬قَا َل رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪« :‬رَأَْي ُ‬ ‫وَقَا َل ابْ ُن الْمُ َ‬
‫جرّ ُقصَْبهُ فِي النّا ِر وَكَانَ َأوّ َل مَنْ سَّيبَ السّيُوبَ»( [‪.)]28‬‬ ‫خزَاعِيّ َي ُ‬ ‫اْل ُ‬
‫ورواه أحد ف «السند» أيضا عن ابن مسعود رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال‪:‬‬
‫«أول من سيب السوائب وعبد الصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر‪ ،‬وإن رأيته ير أمعاءه ف النار»( [‬
‫‪.)]29‬‬
‫وف رواية أخرى عنه ول يذكر‪« :‬وعبد الصنام»( [‪.)]30‬‬
‫® وقد عبد قبائل من العرب الشمس والقمر‪ ،‬واللئكة والن‪ ،‬والكواكب‪ ،‬وبعضهم عبد أضرحة‬
‫ت وَال ُعزّى}‬ ‫من ينسب إليهم الصلح‪ ،‬قال ابن عباس رضي ال عنهما ف قوله تعال‪{ :‬أََفرََأيْتُ ُم الّل َ‬
‫(النجم‪ )19:‬قال‪« :‬كان رجلً صالا يلت السويق للحاج‪ ،‬فلما مات عكفوا على قبه»( [‪.)]31‬‬
‫® وكانت العرب تقصد بعبادة الصنام عبادة ال والتقرب إليه عن طريقها‪ ،‬أو بواسطتها‪ ،‬وهم على‬
‫طرق متلفة‪ :‬فبعضهم يقول‪ :‬ليس لنا أهلية لعبادة ال تعال بل واسطة لعظمته‪ ،‬فاتذناها لتقربنا إل‬
‫ال‪ ،‬وفرقة قالت‪ :‬إن للملئكة عند ال جاها ومنلة فاتذنا أصناما على هيئة اللئكة لتقربنا إل ال‪،‬‬
‫وبعضهم جعلوا الصنام قبلة ف عبادة ال مثل الكعبة قبلة ف عبادته‪ ،‬وفرقة أخرى اعتقدت أن على‬
‫كل صنم شيطانا موكلً بأمر ال‪ ،‬فمن عبد الصنم حق عبادته قضى الشيطان حاجته بأمر ال‪ ،‬ومنهم‬
‫من يقصدون بذلك شفاعتهم عند ال زلفى قال تعال‪{ :‬وَالّذِينَ اتّخَذُوا مِ ْن دُوِنهِ َأ ْولِيَا َء مَا َنعْبُ ُدهُمْ إِل‬
‫لُِي َقرّبُونَا إِل الِ ُزْلفَى} (الزمر‪ ،)3 :‬وقال تعال عنهم‪{ :‬وََيقُولُو َن َهؤُلءِ ُش َفعَاؤُنَا عِنْ َد الِ} (يونس‪:‬‬
‫‪.)18‬‬
‫® ول تكن العرب تعتقد ف أصنامها النفع أو الضر‪.‬‬
‫روى الترمذي عَ ْن عِ ْمرَانَ ْبنِ ُحصَيْنٍ رضي ال عنه قَالَ‪ :‬قال النّبِيّ صلى ال عليه وسلم لب الصي‪:‬‬
‫ض َووَاحِدا فِي السّمَاءِ‪ .‬قَالَ‪ :‬فََأّيهُمْ َتعُدّ ِل َرغَْبِتكَ‬ ‫«كم َتعْبُ ُد الَْي ْومَ إِلَها؟ قَالَ َأبِي‪ :‬سَْبعَةً‪ِ ،‬ستّ ًة فِي ال ْر ِ‬

‫‪464‬‬
‫ت عَلّمُْتكَ َكلِمََتيْنِ تَْن َفعَاِنكَ قَالَ‪:‬‬ ‫َو َرهْبَِتكَ؟ قَالَ‪ :‬الّذِي فِي السّمَاءِ‪ .‬قَالَ‪ :‬يَا ُحصَيْنُ َأمَا إِّنكَ َلوْ أَ ْسلَ ْم َ‬
‫َفلَمّا أَ ْسلَمَ ُحصَيْ ٌن قَالَ‪ :‬يَا رَسُولَ الّل ِه عَلّ ْمنِيَ اْلكَلِ َمتَيْ ِن اللّتَيْ ِن َوعَ ْدتَنِي َفقَالَ‪ُ :‬قلِ‪ :‬الّلهُمّ أَْلهِ ْمنِي رُشْدِي‬
‫وََأعِذْنِي مِنْ َشرّ َنفْسِي»( [‪.)]32‬‬
‫بل كانوا عند الشدائد ينسون آلتهم ويتخلون عنها كما قال تعال‪{ :‬فَِإذَا رَكِبُوا فِي ال ُف ْلكِ َد َعوُ الَ‬
‫شرِكُونَ} (العنكبوت‪.)65:‬‬ ‫صيَ َلهُ الدّي َن فَلَمّا نَجّاهُمْ إِل الَبرّ ِإذَا هُ ْم يُ ْ‬ ‫مُخِْل ِ‬
‫وكانت أعظم شبه العرب هي‪ :‬إنكار البعث‪ ،‬وجحد إرسال الرسل من البشر( [‪.)]33‬‬
‫وكانوا على حال سيئة من المية والهل والغراق ف المور والقمار‪ ،‬والعصبية القبلية القيتة الت‬
‫يلغي معها عقله أحيانا على حد قول الشاعر‪:‬‬
‫وهل أنا إل من غزية إن غوت ‪ ...‬غويت وإن ترشد غزية أرشد‬
‫وقول الخر‪:‬‬
‫ل يسألون أخاهم حي يندبم ‪ ...‬ف النائبات على ما قال برهانا‬
‫وكانوا بعيدين كل البعد عن اجتماع الكلمة ووحدة الصف‪ ،‬فكانت تقوم بينهم الروب والنازعات‬
‫لتفه وأحقر السباب كما دلت عليها أيامهم مثل‪ :‬حرب البسوس الت دامت أربعي عاما بسبب‬
‫اعتداء على جل امرأة‪ ،‬وداحس والغباء كذلك بسبب اعتداء على فرس‪ ،‬وغيها كثي‪.‬‬
‫وكانوا على عادات سيئة مثل‪ :‬وأد البنات‪ ،‬وعمل اليسر‪ ،‬والستقسام بالزلم‪ ،‬والنسيء‪ ،‬والبحية‬
‫والسائبة‪ ،‬والتطي والفأل بالطي والمادات( [‪ ...)]34‬والمع بي الختي‪ ،‬ونكاح زوجة الب‬
‫وهذا كان مقوتا عند بعضهم حت سوه نكاح القت‪ ،‬ومنها الضارة ف الطلق‪ ،‬والعضل ف النكاح‪،‬‬
‫وكانوا يرثون النساء( [‪.)]35‬‬
‫تلك الياة الاهلية بكل صورها وف جيع أماكنها وبقاعها قد صورها الصطفى صلى ال عليه وسلم‬
‫ف الديث العظيم الذي رواه مسلم عَ ْن عِيَاضِ بْنِ حِمَا ٍر الْمُجَا ِشعِيّ أَ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه‬
‫وسلم قَا َل ذَاتَ َي ْومٍ فِي خُطَْبِتهِ‪« :‬أَل إِ ّن رَبّي َأ َمرَنِي أَنْ ُأعَلّ َمكُ ْم مَا َجهِلُْتمْ مِمّا َعلّمَنِي َي ْومِي هَذَا‪ُ :‬كلّ‬
‫حلُْت ُه عَبْدا حَللٌ‪ ،‬وَإِنّي َخَل ْقتُ ِعبَادِي ُحَنفَاءَ ُكّلهُمْ وَِإّنهُمْ أَتَْتهُ ُم الشّيَا ِطيُ فَا ْجتَاَلْتهُمْ َعنْ دِيِنهِمْ‬ ‫مَالٍ نَ َ‬
‫شرِكُوا بِي مَا لَمْ ُأْنزِلْ ِبهِ سُ ْلطَانا‪ ،‬وَإِنّ الّلهَ نَ َظرَ إِلَى َأهْلِ‬ ‫ت عََلْيهِ ْم مَا َأحَْل ْلتُ َلهُمْ وََأ َمرَْتهُمْ أَنْ ُي ْ‬
‫وَ َح ّرمَ ْ‬
‫ا َل ْرضِ فَ َمقََتهُ ْم َعرََبهُ ْم َوعَجَ َمهُمْ إِل َبقَايَا مِنْ َأهْلِ الْكِتَابِ‪َ ،‬وقَالَ‪ :‬إِنّمَا َبعَثُْتكَ لَْبتَِلَيكَ وَأَْبتَِليَ ِبكَ‬
‫ق ُقرَيْشا‪َ .‬فقُ ْلتُ‪:‬‬ ‫ت عَلَْيكَ ِكتَابا ل َيغْسُِلهُ الْمَاءُ َتقْ َر ُؤهُ نَائِما وََيقْظَانَ‪ ،‬وَإِ ّن الّلهَ َأ َمرَنِي أَنْ أُ َحرّ َ‬ ‫وَأَْنزَْل ُ‬
‫خرَجُوكَ‪ ،‬وَا ْغ ُزهُمْ ُن ْغزِكَ‪ ،‬وَأَْنفِقْ‬ ‫خرِ ْجهُمْ كَمَا اسَْت ْ‬ ‫َربّ إِذا يَْثَلغُوا رَأْسِي َفيَ َدعُوهُ خُْب َزةً‪ .‬قَالَ‪ :‬ا ْستَ ْ‬
‫سةً ِمثَْلهُ‪ ،‬وَقَاتِلْ ِبمَنْ أَطَا َعكَ مَ ْن َعصَاكَ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وََأهْلُ اْلجَنّةِ‬ ‫سنُْنفِ َق عََلْيكَ‪ ،‬وَاْب َعثْ َجيْشُا نَْب َعثْ خَمْ َ‬ ‫فَ َ‬
‫ق ُموَفّقٌ‪َ ،‬ورَجُ ٌل رَحِي ٌم َرقِي ُق اْلقَ ْلبِ لِكُ ّل ذِي ُقرْبَى َومُسْلِمٍ‪َ ،‬و َعفِيفٌ‬ ‫سطٌ مَُتصَدّ ٌ‬ ‫ثَلثَةٌ‪ :‬ذُو ُسلْطَا ٍن ُمقْ ِ‬
‫ضعِيفُ الّذِي ل زَْبرَ َلهُ الّذِي َن هُمْ فِيكُمْ َتبَعا ل يَْبَتغُونَ‬ ‫مَُت َعفّفٌ ذُو ِعيَالٍ‪ ،‬قَالَ‪ :‬وََأهْلُ النّارِ خَ ْمسَةٌ‪ :‬ال ّ‬
‫خفَى َلهُ طَمَ ٌع وَإِ ْن دَقّ إِل خَاَنهُ‪َ ،‬ورَجُلٌ ل ُيصْبِ ُح وَل يُمْسِي إِل‬ ‫ل وَل مَالً‪ ،‬وَالْخَاِئنُ الّذِي ل يَ ْ‬ ‫َأهْ ً‬

‫‪465‬‬
‫َو ُهوَ يُخَا ِد ُعكَ عَنْ َأ ْهِلكَ َومَاِلكَ‪َ ،‬وذَ َكرَ الْبُخْلَ َأ ِو الْكَ ِذبَ‪ ،‬وَالشّنْظِيُ اْلفَحّاشُ» ‪-‬وَلَ ْم يَذْ ُكرْ َأبُو‬
‫غَسّانَ فِي حَدِيِثهِ‪« -‬وََأْنفِقْ فَسَُنْنفِ َق عَلَْيكَ»( [‪.)]36‬‬
‫فالديث يشي إل النراف عن الشريعة ونبذها وراءهم ظهريا واختراع أنظمة وقواني من عند‬
‫أنفسهم‪ ،‬فحرموا اللل وأحلوا الرام ف قوله‪« :‬كل مال نلته عبدا حلل‪ ...‬وحرمت عليهم ما‬
‫أحللت لم» وهذا رد على ما شرعوه من السوائب والوصيلة والام والبحية‪ ،‬ما يدعونه للتهم‪،‬‬
‫بينما ال شرع أن كل مال رزقه عبدا من عباده فهو حلل له‪.‬‬
‫كما يوضح النراف عن التوحيد والردة الكاملة عن الدين «وإنم أتتهم الشياطي فاجتالتهم عن‬
‫دينهم‪ ...‬وأمرتم أن يشركوا ب ما ل أنزل به سلطانا»‪.‬‬
‫كما يشي إل الفساد العظيم الذي غطى وجه الرض ما استحقوا فيه مقت ال لم جيعا إل بقايا من‬
‫أهل الكتاب‪.‬‬
‫بقايا سنن إبراهيم عليه السلم عند العرب‪:‬‬
‫وقد بقيت عند بعض العرب بقايا من سنن إبراهيم عليه السلم وشريعته بنسب متفاوتة بي القبائل‬
‫ومن ذلك‪ :‬خصال الفطرة الت ابتلي با إبراهيم عليه السلم وهي خس ف الرأس وخس ف السد‪:‬‬
‫الضمضة‪ ،‬والستنشاق‪ ،‬وقص الشارب‪ ،‬والفرق‪ ،‬والسواك وهذه ف الرأس‪ ،‬وأما الت ف السد فهي‪:‬‬
‫الستنجاء‪ ،‬وتقليم الظافر‪ ،‬ونتف البط وحلق العانة‪ ،‬والتان‪.‬‬
‫وكانوا يغتسلون للجنابة ويغسلون موتاهم ويكفنونم‪ ،‬وكانوا يصومون يوم عاشوراء‪ ،‬ويطوفون‬
‫بالبيت ويسعون بي الصفا والروة‪ ،‬ويسحون الجر ويلبون إل أنم يشركون ف تلبيتهم يقولون‪:‬‬
‫«لبيك ل شريك لك إل شريكا هو لك تلكه وما ملك»‪ ،‬ويقفون الواقف كلها‪ ،‬ويعظمون الشهر‬
‫الرم‪.‬‬
‫وكانوا يكمون بالدية مائة من البل‪ ،‬ويوقعون الطلق إذا كان ثلثا وبالرجعة ف الول والثانية‪،‬‬
‫والقصاص ف الروح‪ ،‬واتباع الكم ف البال ف النثى‪ ،‬وكانوا يرمون نكاح الحارم‪ ،‬وعملوا‬
‫بالقسامة‪ ،‬واجتنب بعضهم المر ف الاهلية‪ ،‬وكانوا يغلظون على النساء أشد التغليظ ف شرب‬
‫المر( [‪.)]37‬‬
‫وكانوا على شيء من العبادة كالج والصدقة‪ ،‬وهم على اعترافهم بال وبعظمته وبتدبيه للمور‪،‬‬
‫وأنه الرازق الالق الحيي الميت‪ ،‬وأن جيع اللق تت قهره وتصرفه‪ ،‬إل أنم اتذوا من دون ال‬
‫وسائط يزعمون أنا تقربم إل ال زلفى قال تعال‪{ :‬قُ ْل مَنْ َي ْرزُقُكُ ْم مِنَ السّمَا َء وَا َل ْرضِ َأمّنْ يَ ْمِلكُ‬
‫ت مِنَ الَ ّي َومَنْ يُ َدّبرُ ا َل ْمرَ فَسََيقُولُونَ الَ‬
‫خرِجُ الَّي َ‬ ‫ت وَُي ْ‬
‫ج الَ ّي مِنَ الَّي ِ‬
‫خرِ ُ‬
‫السّمْ َع وَا َلْبصَارَ َومَنْ يُ ْ‬
‫َفقُلْ أَفَل تَّتقُونَ} (يونس‪ ،)31:‬وقال تعال‪{ :‬قُلْ لِمَ ِن ا َل ْرضُ َومَنْ فِيهَا إِنْ كٌنُْتمْ َتعْلَمُونَ‪ ،‬سََيقُولُونَ‬
‫لِ قُلْ َأفَل تَذَ ّكرُونَ‪ ،‬قُ ْل مَ ْن َربّ السّ َموَاتِ السّبْ ِع َو َربّ ال َعرْشِ العَظِيمِ‪ ،‬سََيقُولُونَ لِ قُلْ َأفَل َتّتقُونَ‪،‬‬
‫قُ ْل مَنْ ِبيَ ِد ِه مَلَكُوتُ ُكلّ شَيءٍ َو ُهوَ ُيجِ ُي وَل يُجَا ُر عََلْيهِ إِنْ ُكنْتُ ْم َتعْلَمُونَ‪ ،‬سََيقُولُونَ لِ قُ ْل فَأَنّى‬
‫حرُونَ} (الؤمنون‪.)89-84:‬‬ ‫سَ‬ ‫تُ ْ‬

‫‪466‬‬
‫فهم بذلك يشهدون أن ال هو الالق الرازق وحده ل شريك له‪ ،‬وأنه ل يرزق إل هو‪ ،‬ول ييي إل‬
‫هو‪ ،‬ول ييت إل هو‪ ،‬ول يدبر المر إل هو‪ ،‬وأن جيع السماوات ومن فيهن والرضي ومن فيها‬
‫عبيده وتت تصرفه وقهره‪ ،‬ومع ذلك يشركون به ويدعون معه غيه‪ ،‬بل كانت الكعبة وهي بيت‬
‫ال العظم عندهم ييط به ثلثائة وستون صنما‪.‬‬
‫® وكانت فيهم سات كثية تؤهلهم لمل راية السلم وهي وإن صعب توجيهها إل الوجهة‬
‫السليمة إل أنا من أكب الصال العينة على تقبلهم السلم وحلهم لرايته فيما بعد‪ ،‬ومن تلك‬
‫الصال‪:‬‬
‫‪ -1‬الذكاء والفطنة‪ :‬فقد كانت ألواح قلوبم صافية ل تكتب فيها تلك الفلسفات والساطي‬
‫والغلوطات الت يصعب موها كما ف المم العاصرة لم‪ ،‬فكأنم يعدونا لمل أبى علم وأعظمه‬
‫وهو السلم‪ ،‬ولذا كانوا أحفظ شعب عرف ف ذلك الزمن وقد وجه السلم قرية الفظ والذكاء‬
‫إل حفظ الدين وحايته‪ ،‬فكانت قواهم الفكرية‪ ،‬ومواهبهم الفطرية مذخورة فيهم‪ ،‬ل تستهلك ف‬
‫فلسفات خيالية‪ ،‬وجدال بيزنطي عقيم‪ ،‬ومذاهب كلمية معقدة( [‪.)]38‬‬
‫وكانت المية غالبة عليهم يعتمدون ف أحوالم وأيامهم على الفظ‪ ،‬فكان الواحد منهم مثلً يفظ‬
‫من القصائد ما يفوت الحصاء والصر‪ ،‬فهذا الصمعي من التأخرين يقول‪« :‬ما بلغت اللم حت‬
‫رويت اثن عشر ألف أرجوزة للعراب»‪.‬‬
‫واتساع لغتهم دليل على قوة حفظهم وذاكرتم فإذا كان للعسل ثانون اسا وللثعلب مائتان وللسد‬
‫خسمائة‪ ،‬فإن للجمل ألفا‪ ،‬وكذا السيف‪ ،‬وللداهية نو أربعة آلف اسم‪ ،‬ول شك أن استعياب هذه‬
‫الساء يتاج إل ذاكرة قوية حاضرة وقادة( [‪.)]39‬‬
‫وقد بلغ بم الذكاء والفطنة إل الفهم بالشارة فضلً عن العبارة‪ ،‬والمثلة على ذلك كثية ونكتفي‬
‫بقصتي للدللة على ذلك‪:‬‬
‫فقد عزمت حنظلة على الغارة على إحدى القبائل العربية‪ ،‬فمر بم راكب فأخذوا عليه اليثاق أن ل‬
‫ينذرهم أو يكلمهم‪ ،‬فلما مر بم الرجل علّق على شجرة عندهم وطبا من لب‪ ،‬ووضع ف بعض‬
‫أغصانا حنظلة‪ ،‬ووضع صرة من تراب وصرة من شوك‪ ،‬ث ارتل راحلته وغادرهم فلم يكلمهم‪،‬‬
‫ففهم القوم من صرة التراب بأنه أتاهم عدد كثي‪ ،‬وأن النظلة رمز لقبيلة حنظلة‪ ،‬وأما الشوك‬
‫فيخبهم بأن لم شوكة‪ ،‬وأما اللب فهو دليل على قرب القوم وبعدهم‪ ،‬فإن كان حلوا حليبا فقد‬
‫أتت اليل‪ ،‬وإن كان ل حلوا ول حامضا فعلى قدر ذلك‪ ،‬وإن كان قارصا فعلى قدر ذلك‪ ،‬وإن‬
‫كان خاثرا فلهم مهلة من الرأي‪ ،‬وإنا ترك الرجل كلمهم لنه قد أخذت عليه العهود وقد أنذرهم‬
‫فأعدوا عدتم وارتلوا عن عدوهم( [‪.)]40‬‬
‫وقد بلغ بم الذكاء إل الفهم بقرع العصا كما ف قصة سعد بن مالك من قيس بن ثعلبة حي قرع‬
‫العصا لخيه عمرو بن مالك‪ ،‬وذلك أن النعمان أرسل عمروا يرتاد له الكل‪ ،‬فأبطأ عليه فأقسم لئن‬
‫جاء حامدا للكل أو ذاما ليقتلنه‪.‬‬

‫‪467‬‬
‫فلما قدم قال سعد للنعمان‪ :‬أتأذن ل أن أكلمه؟ قال‪ :‬إن كلمته قطعت لسانك‪ ،‬قال‪ :‬فأشي إليه؟‬
‫قال‪ :‬إن أشرت إليه قطعت يدك‪ ،‬قال‪ :‬فأومئ إليه؟ قال‪ :‬إذن أنزع حدقتيك‪ ،‬قال‪ :‬فأقرع له العصا؟‬
‫قال‪ :‬اقرع‪.‬‬
‫فتناول عصا من بعض جلسائه فوضعها بي يديه وأخذ عصاه الت كانت معه وأخوه قائم‪ ،‬فقرع‬
‫بعصاه العصا الخرى قرعة واحدة فنظر إليه أخوه ث أومأ بالعصا نوه فعرف أنه يقول‪ :‬مكانك‪ ،‬ث‬
‫قرع العصا قرعة واحدة ث رفعها إل السماء ث مسح عصاه بالخرى فعرف أنه يقول قل له‪ :‬ل أجد‬
‫جدبا‪ ،‬ث قرع العصا مرارا بطرف عصاه ث رفعها شيئا فعرف أنه يقول‪ :‬ول نباتا‪ ،‬ث قرع العصا‬
‫قرعة وأقبل با نو النعمان فعرف أنه يقول‪ :‬كلمه‪.‬‬
‫فأقبل عمرو بن مالك حت وقف بي يدي النعمان‪ ،‬فقال له النعمان‪ :‬هل حدت خصبا‪ ،‬أو ذمت‬
‫جدبا؟ فقال عمرو‪ :‬ل أذمم جدبا‪ ،‬ول أحد بقلً‪ ،‬الرض مشكلة ل خصبها يعرف‪ ،‬ول جدبا‬
‫يوصف‪ ،‬رائدها واقف‪ ،‬ومنكرها عارف‪ ،‬وآمنها خائف‪ ،‬فقال النعمان‪ :‬أول لك‪ ،‬بذلك نوت‪.‬‬
‫ولا كان العرب بذه الثابة من الفطنة والذكاء كان معجزتم القرآن‪ ،‬فإن لكل قوم معجزة بسب‬
‫أفهامهم وقدر عقولم( [‪.)]41‬‬
‫‪ -2‬أهل كرم وسخاء يسترخصون أموالم الت تعبوا ف جعها والصول عليها ف سبيل ذلك‪ ،‬ما‬
‫سهل عليهم بعد ذلك بذل أموالم ف سبيل ال‪.‬‬
‫وهذا ل يتاج إل بيان‪ ،‬ول يعوزه إقامة دليل ول برهان فقد شهد لم بذلك القاصي والدان‪،‬‬
‫واشتهر به الاضر منهم والبادي‪ ،‬وقد نطقت بذلك أشعارهم وأقاصيصهم الت ل تعد ول تصى‪،‬‬
‫وسأذكر بعضا من ذلك‪:‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ومستنب ِح قال الصدى مثل قوله ‪ ...‬حضأت له نارا لا حطب جزل‬
‫فقمت إليه مسرعا فغنمته ‪ ...‬مافة قومي أن يفوزوا به قبل‬
‫فأوسعن حدا وأوسعته قرىَ ‪ ...‬وأرخص بمد كان كاسبه الكل‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫تركت ضأن تود الذئب راعيها ‪ ...‬وأنا ل تران آخر البد‬
‫الذئب يطرقها ف الدهر واحدة ‪ ...‬وكلَ يوم تران مدية بيدي‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫وما يك فّ من عيب فإن ‪ ...‬جبان الكلب مهزول الفصيل‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫لعمرك ما ضاقت بلد بأهلها ‪ ...‬ولكن أخلق الرجال تضيق‬

‫‪468‬‬
‫® وكان من كرمهم ينلون بالرواب والماكن العالية وفوق البال حت يراهم الضيف‪ ،‬وكانوا‬
‫يوقدون النيان بالليل ليهتدي إليهم الضياف‪ ،‬وربا أوقدوها بالندل الرطب وهو عطر ينسب إل‬
‫مندل وهي بلدة من بلد الند ليهتدي إليها العميان‪:‬‬
‫وإن لدعو الضيف بالضوء بعدما ‪ ...‬كسى الرض نضاح الليد وجامده‬
‫ومن كرماء العرب حات الطائي وهو من اشتهر ول يف أمره على أحد وهو القائل‬
‫لغلمه‪:‬‬
‫أوقد فإن الليل ليل ق ُر ‪ ...‬والريح يا واق ُد ريح صر‬
‫علّ يرى نارك من يرُ ‪ ...‬إن جلبت ضيفا فأنت حر‬
‫وهو القائل ف قصيدته الطويلة ياطب زوجته ماوية‪:‬‬
‫أماوي ل يغن الثراء عن الفت ‪ ...‬إذا حشرجت يوما وضاق با الصدر‬
‫أماوي إن الال مال بذلته ‪ ...‬فأوله شكر وآخره ذكر‬
‫ومن كرماء العرب هرم بن سنان الذي قال فيه الشاعر‪:‬‬
‫ل ‪ ...‬كأنك تعطيه الذي أنت سائله‬ ‫تراه إذا ما جئته متهل ً‬
‫ومن كرمائهم عبد ال بن جدعان التيمي وكان له جفان عظيمة ف مكة يأكل منها القائم والراكب‬
‫على البعي‪:‬‬
‫له داعي بكة مشمعل ‪ ...‬وآخر فوق دارته ينادي‬
‫إل رُدح من الشيزي ملء ‪ ...‬لُباب الب يلبك بالشهاد‬
‫ومن كرمهم أنم كانوا يكرهون أن يطعموا أضيافهم البائت من اللحم‪ ،‬حدث قيس بن سعد رضي‬
‫ال عنه‪« :‬أنه نزل على رجل هو وصاحب له‪ ،‬فنحر لم جزورا فأكلوا منه‪ ،‬فلما كان من الغد نر‬
‫لم آخر فقال‪ :‬شأنكم به‪ ،‬فقلنا‪ :‬ما أكلنا من الول إل اليسي‪ ،‬فقال‪ :‬إن ل أطعم أضياف الغاب‪،‬‬
‫فأقمنا عنده أياما وهو يفعل‬
‫ذلك‪.)]42[ (»...‬‬
‫® وكانت قريش تقوم بأمر من يرد إل مكة من الاج بالغا ما بلغ من طعامهم وشرابم‪ ،‬وكان‬
‫هاشم وهو أحد أجداد الرسول صلى ال عليه وسلم إذا حضر الج قام ف قريش فقال‪ :‬يا معشر‬
‫قريش إنكم جيان ال وأهل بيته وهم ضيف ال وأحق الضيف بالكرامة ضيفه فاجعوا لم ما‬
‫تصنعون لم به طعاما أيامهم هذه الت ل بد لم من القامة فيها‪ ،‬فإنه وال لو كان ل مال يسع لذلك‬
‫ما كلفتكموه فيخرجون لذلك خرجا من أموالم كل امرئ على حسب قدرته واستطاعته‪ ،‬فيصنع به‬
‫طعاما للحاج حت يصدروا وهذه هي الرفادة الت سنها قصي‪ ،‬وهاشم هو الذي هشم الثريد بكة( [‬
‫‪.)]43‬‬
‫قال النعمان بن النذر لكسرى ف مدح العرب‪« :‬وأما سخاؤها فإن أدناهم رجلً الذي تكون عنده‬
‫البكرة والناب عليها بلغه ف حوله وشبعه وريه فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة‪ ،‬ويتزي‬

‫‪469‬‬
‫بالشربة فيعقرها له ويرضى أن يرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الحدوثة وطيب الذكر»( [‬
‫‪.)]44‬‬
‫‪ -3‬وكانوا أصحاب صراحة ووضوح بعيدين عن اللتواءات والتعقيد‪ ،‬الصدق سجيتهم‪ ،‬والكذب‬
‫ليس مطية لم بل يأنفون منه ويعيبونه‪ ،‬أهل وفاء‪ ،‬ولذا كانت الشهادة باللسان كافية للدخول ف‬
‫السلم‪.‬‬
‫وقصة أب سفيان مع هرقل لا سأله عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وكانت الروب بينهم قائمة‬
‫قال‪« :‬لول أن يأثروا عليّ كذبا لكذبت عليه»( [‪ )]45‬دليل على أنم كانوا يستقبحون الكذب‪.‬‬
‫أما وفاؤهم فقد قال النعمان بن النذر لكسرى ف وفاء العرب‪« :‬وإن أحدهم يلحظ اللحظة ويومئ‬
‫الياء فهي ولَث وعقدة ل يلها إل خروج نفسه‪ ،‬وإن أحدهم يرفع عودا من الرض فيكن رهنا‬
‫بدينه فل يغلق رهنه ول تفر ذمته‪ ،‬وإن أحدهم ليبلغه أن رجلً استجار به وعسى أن يكون نائيا عن‬
‫داره‪ ،‬فيصاب فل يرضى حت يفن تلك القبيلة الت أصابته أو تفن قبيلته لا أخفر من جواره‪ ،‬وأنه‬
‫ليلجأ إليهم الجرم الحدث من غي معرفة ول قرابة فتكون أنفسهم دون نفسه وأموالم دون ماله»(‬
‫[‪.)]46‬‬
‫فالوفاء خلق متأصل بالعرب فجاء السلم ووجه الوجهة السليمة فغلظ على من آوى مدثا مهما‬
‫كانت منلته وقرابته قال صلى ال عليه وسلم‪« :‬لعن ال من آوى مدثا»( [‪.)]47‬‬
‫ومن القصص الدالة على وفائهم‪ :‬قصة حنظلة بن عفراء مع النذر بن ماء السماء حي قدم عليه ف‬
‫يوم بؤسه وأراد قتله فطلب منه التأجيل سنة‪ ،‬وكذلك وفاء السموأل بأدرع امرئ القيس( [‪.)]48‬‬
‫ومن أروع القصص‪« :‬أن الارث بن عباد قاد قبائل بكر لقتال تغلب وقائدهم الهلهل الذي قتل ولد‬
‫الارث وقال‪( :‬بؤ بشسع نعل كليب) ف حرب البسوس‪ ،‬فأسر الارث مهلهلً وهو ل يعرفه فقال‬
‫له‪ :‬دلن على مهلهل بن ربيعة وأخلي عنك فقال له‪ :‬عليك العهد بذلك إن دللتك عليه‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫قال‪ :‬فأنا هو‪ ،‬فجز ناصيته وتركه» وهذا وفاء نادر ورجولة تستحق الكبار( [‪.)]49‬‬
‫ومن وفاءهم‪« :‬أن النعمان بن النذر خاف على نفسه من كسرى لا منعه من تزويج ابنته فأودع‬
‫أسلحته وحرمه إل هانئ بن مسعود الشيبان‪ ،‬ورحل إل كسرى فبطش به‪ ،‬ث أرسل إل هانئ يطلب‬
‫منه ودائع النعمان فأب‪ ،‬فسي إليه كسرى جيشا لقتاله فجمع هانئ قومه آل بكر وخطب فيهم فقال‪:‬‬
‫«يا معشر بكر‪ ،‬هالك معذور‪ ،‬خي من ناج فرور‪ ،‬إن الذر ل ينجي من القدر‪ ،‬وإن الصب من‬
‫أسباب الظفر‪ ،‬النية ول الدنية‪ ،‬استقبال الوت خي من استدباره‪ ،‬الطعن ف ثغر النحور‪ ،‬أكرم منه ف‬
‫العجاز والظهور‪ ،‬يا آل بكر قاتلوا فما للمنايا من بد»( [‪ ،)]50‬وانتصر على الفرس ف موقعة ذي‬
‫قار‪ ،‬فهذا الرجل احتقر حياة الذل والستكانة‪ ،‬ورأى الوت شرفا ف ساحة العز‪.‬‬
‫‪ -4‬كانوا أصحاب شجاعة‪ ،‬ومغاوير حرب‪ ،‬وأحلس خيل‪ ،‬وأصحاب جلدة وكانت الفروسية من‬
‫أبرز أخلقهم‪.‬‬

‫‪470‬‬
‫حت كانوا يتمادحون بالوت قتلً‪ ،‬ويتهاجون بالوت على الفراش قال أحدهم لا بلغه قتل أخيه‪ :‬إن‬
‫يقتل فقد قتل أبوه وأخوه وعمه‪ ،‬إنا وال ل نوت حتفا‪ ،‬ولكن قطعا بأطراف الرماح‪ ،‬وموتا تت‬
‫ظلل السيوف‪.‬‬
‫وما مات منا سيد حتف أنفه ‪ ...‬ول ُطلّ منا حيث كان قتيل‬
‫تسيل على حد الظُباة نفوسنا ‪ ...‬وليست على غي الظباة تسيل‬
‫وحيث كان العرب ل يقدمون شيئا على العز وصيانة العرض‪ ،‬وحاية الري‪ ،‬استرخصوا ف سبيل‬
‫ذلك نفوسهم‪.‬‬
‫قال عنترة‪:‬‬
‫بكرت توفن التوف كأنن ‪ ...‬أصبحت عن غرض التوف بعزل‬
‫فأجبتها إن النية منهل ‪ ...‬ل بد أن أسقى بكأس النهل‬
‫فاقن حياءك ل أبا لك واعلمي ‪ ...‬أن امرؤ سأموت إن ل أقتل( [‪)]51‬‬
‫وكانوا يتارون الوت على الذلة‪ ،‬قال حصي بن حام الري‪:‬‬
‫فلست ببتاع الياة بذلة ‪ ...‬ول مرتق من خشية الوت سلما‬
‫وقال عدي بن رعلء الغسان‪:‬‬
‫ليس من مات فاستراح بيت ‪ ...‬إنا اليت ميت الحياء‬
‫ل ‪ ...‬سيئا باله قليل الرجاء‬
‫إنا اليت من يعيش ذلي ً‬
‫فهو يصف من تركته الرب معاف ف ثياب الذل فموته ف هذه الال أفضل( [‪.)]52‬‬
‫وقال عنترة‪:‬‬
‫ل تسقن ماء الياة بذلة ‪ ...‬بل فاسقن بالعز كأس النظل‬
‫ماء الياة بذلة كجهنم ‪ ...‬وجهنم بالعز أطيب منل‬
‫‪ -5‬كانوا بعزل عن الدواء الدنية والترف الذي يول دون التحمس للعقيدة والتفان ف سبيلها‪،‬‬
‫فكانوا يقلون من الكل ويقولون البطنة تذهب الفطنة ويعيبون الرجل الكول الشع‪:‬‬
‫إذا مدت اليد إل الزاد ل أكن ‪ ...‬باعجلهم إذ أجشع القوم أعجل( [‪)]53‬‬
‫‪ -6‬وكانوا أمة نشأت على الرية والساواة‪ ،‬ل تضع لكومة أجنبية ول تألف الرق والعبودية‬
‫واستعباد النسان للنسان مثل المم العاصرة لم‪ ،‬الذين حرموا من إبداء الرأي فضلً عن النقد‬
‫وإبداء اللحظة‪ ،‬يأنفون من الذل ويأبون الضيم والستصغار والحتقار‪.‬‬
‫جلس عمرو بن هند ملك الية لندمائه وسألم‪ :‬هل تعلمون أحدا من العرب تأنف أمه خدمة أمي؟‬
‫قالوا‪ :‬نعم أم عمرو بن كلثوم الشاعر الصعلوك‪.‬‬
‫فدعا اللك عمرو بن كلثوم لزيارته‪ ،‬ودعا أمه لتزور أمه‪ ،‬وقد اتفق اللك مع أمه أن تقول لم عمرو‬
‫كلثوم بعد الطعام‪ :‬ناولين الطبق الذي بانبك‪ ،‬فلما جاءت قالت لا ذلك فقالت‪ :‬لتقم صاحبة‬

‫‪471‬‬
‫الاجة إل حاجتها‪ ،‬فأعادت عليها الكرة وألت‪ ،‬فصاحت ليلى أم عمرو بن كلثوم‪ :‬وا ذله يا‬
‫لتغلب‪...‬‬
‫فسمعها ابنها فاشتد به الغضب فرأى سيفا للملك معلقا بالرواق فتناوله وضرب به رأس اللك عمرو‬
‫بن هند‪ ،‬ونادى ف بن تغلب وانتهبوا ما ف الرواق‪ ،‬ونظم قصيدة ياطب با اللك قائلً‪:‬‬
‫بأي مشيئة عمرو بن هند ‪ ...‬نكون ِلقِيلكم فيها قطينا‬
‫بأي مشيئة عمرو بن هند ‪ ...‬تطيع بنا الوشاة وتزدرينا‬
‫تددنا وت ْوعِدنا رويدا ‪ ...‬مت كنا لمك مَقْتَوينا‬
‫إل أن يقول ف آخر معلقته‪... :‬‬
‫إذا ما الَلْك سام الناس خسفا ‪ ...‬أبينا أن نقر الذل فينا‬
‫القيل هو اللك دون اللك العظم‪ ،‬والقطي هم الدم‪ ،‬والقتو خدمة اللوك( [‪.)]54‬‬
‫أنساب العرب‪:‬‬
‫ينقسم العرب إل قسمي‪ :‬عرب النوب وهم قحطان‪.‬‬
‫وعرب الشمال وهم من ولد نزار بن معد بن عدنان وهم قسمان‪:‬‬
‫ربيعة بن نزار وقد نزل هذا الفرع وسكن شرقا‪ ،‬حيث أقامت عبد القيس ف البحرين‪ ،‬وحنيفة ف‬
‫اليمامة‪ ،‬وبنو بكر بن وائل سكنت ما بي البحرين واليمامة‪ ،‬وعبت تغلب الفرات فأقامت ف أرض‬
‫الزيرة بي دجلة والفرات‪ ،‬وسكنت تيم ف بادية البصرة‪.‬‬
‫وأما فرع مضر‪ :‬فقد نزلت سليم بالقرب من الدينة‪ ،‬وأقامت ثقيف ف الطائف‪ ،‬واستوطنت سائر‬
‫هوازن شرقي مكة‪ ،‬وسكنت أسد شرقي تيماء إل غرب الكوفة‪ ،‬وسكنت ذبيان بالقرب من تيماء‬
‫إل حوران( [‪.)]55‬‬
‫وولد الرسول صلى ال عليه وسلم من مضر‪ ،‬وقد أخرج البخاري عن كليب بن وائل قال‪ :‬حدثتن‬
‫ربيبة النب صلى ال عليه وسلم زينب بنت أب سلمة قال‪« :‬قلت لا‪ :‬أرأيت النب صلى ال عليه‬
‫وسلم أكان من مضر؟ قالت‪ :‬فممن كان إل من مضر؟ من بن النضر بن كنانة»( [‪.)]56‬‬
‫مهبط الوحي مكة الكرمة‪:‬‬
‫مكة واد غي ذي زرع عند بيت ال الحرم‪ ،‬تشرف عليها جبال جرد وهي جبل (أبو قبيس) وهو‬
‫الذي كانت تسكنه قريش إل زمن قصي‪ ،‬و(قعيقعان) وهذان البلن هو الخشبان اللذان ورد‬
‫ذكرها ف الديث الخرج ف الصحيحي عن عائشة رضي ال عنها «إِ ْن شِْئتَ أَنْ أُطْبِ َق َعلَْيهِمُ‬
‫الخشبي»( [‪ )]57‬كما سيأت ف قصة الطائف‪.‬‬
‫ولا قدمت خزاعة من اليمن أخرجت جرهم من مكة وتولت ولية البيت‪ ،‬وكان سيدهم عمرو بن‬
‫لي أول من نصب الوثان وأدخل عبادة الصنام إل العرب وغي دين التوحيد‪.‬‬
‫قريش‪:‬‬

‫‪472‬‬
‫تنسب قريش إل فهر بن مالك بن النضر بن كنانة‪ ،‬فقريش من فهر‪ ،‬وما قبله ليس من قريش‪ ،‬وقد‬
‫انقسمت قريش إل قسمي‪ :‬قريش الظواهر وهم البادية الذين نزلوا البال ظاهر مكة وقريش البطاح‬
‫وهم الذين نزلوا بطاح مكة‪.‬‬
‫وبعد أن تغلب قصي بن كلب على خزاعة ف ولية البيت‪ ،‬جع قومه من الشعاب والودية والبال‬
‫وأنزلم إل مكة‪ ،‬فسمي ممعا‪ ،‬وقسم مكة أرباعا بي قومه‪ ،‬فسكنوا فيها بعد أن قطع قصي‬
‫الشجار بيده‪ ،‬وكانت قريش تاب ذلك‪ ،‬فلما رأته يفعل ذلك أعانوه‪ ،‬وقد تيمنت به فكانت ل‬
‫تعقد أمرا‪ ،‬ول تبم عقدا إل ف داره‪.‬‬
‫أبونا قصي كان يدعى ممعا ‪ ...‬به جع ال القبائل من فهر‬
‫وقد اشتهرت قريش بالتجارة‪ ،‬وامتاز رجالتا بالدهاء والذق والذكاء ف التعامل مع الناس‪ ،‬ومع‬
‫القبائل والكومات القائمة فقد تألفت الناس وتألفها الناس من أجل ذلك‪ ،‬وقد استفادت قريش من‬
‫أمن البيت وتعظيم العرب له ف ناح تاراتا وانتشار السواق المنة فيها‪ ،‬ما حل الناس على جلب‬
‫بضائعهم إليها‪ ،‬والمتيار منها‪ ،‬كما استفادت منه ف رحلتا إل اليمن وإل الشام‪ ،‬حيث كان الناس‬
‫يترمونم لنم أهل الرم‪ ،‬فقد كانت العرب تنعت قريش بـ (آل ال) و(جيان ال) و(سكان حرم‬
‫ال) و(أهل ال)‪ ،‬لذا كان أهل مكة ييلون إل السلم ول يركنون إل الرب والغزو إل دفاعا عن‬
‫النفس‪ ،‬وهذا الذي أبقى سادتا وعظماءها الذين أصبحوا عقبة كؤدا أمام الدعوة‪ ،‬بعكس أهل الدينة‬
‫الذين أفنت الرب ملهم وكباءهم‪.‬‬
‫سكان مكة من غي قريش‪:‬‬
‫بنو كنانة وقريش من بن كنانة إل أنا ميزت نفسها عنهم‪ ،‬وخزاعة‪ ،‬وبنو بكر بن عبد مناة بن‬
‫كنانة‪ ،‬والحابيش وهم حلفاء قريش من بعض قبائل العرب ومن غيهم مثل عضل وبن الارث‬
‫وبن الصطلق‪ ،‬وغيهم‪ ،‬سوا بذلك حي اجتمعوا بذنب حبشي ‪ -‬وهو جبل بأسفل مكة ‪ -‬فتحالفوا‬
‫بال إنا ليد على غينا ما سجا ليل وأوضح نار‪ ،‬وما أرسى حبشي مكانه‪ ،‬وقيل غي ذلك أقوال‬
‫كثية‪.‬‬
‫وكان من ساداتم (ابن الدغنة) و(الليس بن يزيد)‪.‬‬
‫وقد كان الحابيش من غي العرب وفدوا إل مكة من البشة وما جاورها وبعضهم قد تأثر‬
‫بالنصرانية يشهد لذلك قصة الديبية‪« :‬إن هذا من قوم يتألون»‪ ،‬وقد امتزج هؤلء بالعرب وحالفوا‬
‫تلك القبائل فغلبت عليهم تلك التسمية‪ ،‬بسبب تالفهم مع هؤلء الحابيش‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫دار الندوة‪:‬‬
‫وكانت دار الندوة دار مل مكة‪ ،‬وملس سادتا ووجوهها وأشرافها وأول المر فيها‪ ،‬فلم تكن بكة‬
‫حكومة مهيمنة على الناس وإنا المر للمل والشراف فيها من شت بطون قريش‪.‬‬

‫‪473‬‬
‫وقد خلف قصي جلة من الولد هم‪ :‬عبد العزى وعبد الدار وعبد مناف‪ ،‬وعبد بن قصي‪ ،‬وجعل‬
‫لبنه عبد الدار دار الندوة والجابة واللواء والسقاية والرفادة‪ ،‬وبعد ذلك نافسهم بنو عبد مناف‬
‫وتالفوا ضدهم ف حلف سي حلف الطيبي فاقتطعوا منهم السقاية والرفادة‪.‬‬
‫وكان زعماء قريش يافظون على تراث الباء ول يبغون به بديلً‪{ :‬إنّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى ُأمّ ٍة وَِإنّا‬
‫عَلَى آثَا ِرهِ ْم ُمقْتَدُونَ} (الزخرف‪.)23:‬‬
‫فهذا قانونم ودستورهم ومرجعهم‪ ،‬وف هذا حفاظ على زعامتهم ومصالهم الاصة‪ ،‬ولذا ل‬
‫يلتفتوا إل نداء الق‪{ :‬قَالَ َأوَ َل ْو جِئُْتكُمْ بَِأهْدَى مِمّا وَجَ ْدتّ ْم عََلْيهِ آبَاءَكَمْ قَالُوا ِإنّا بِمَا ُأ ْرسِلُْتمْ ِبهِ‬
‫كَاِفرُونَ} (الزخرف‪ ،)24:‬فل يريدون الروج على العادة والعرف الذي تعارف عليه الناس مهما‬
‫كان يتصف به ذلك العرف من باطل وضلل وانراف وشر‪{ :‬وَِإذَا قِيلَ َلهُ ُم اتِّبعُوا مَا َأْنزَلَ الُ قَالُوا‬
‫بَ ْل نَتِّبعُ مَا َأْلفَيْنَا َعلَْيهِ آبَاءَنَا َأوَ َلوْ كَانَ آبَا ُؤهُمْ ل َي ْعقِلُونَ شَيئا وَل َيهْتَدُونَ} (البقرة‪[ ()170:‬‬
‫‪.)]58‬‬
‫الصطفاء‪:‬‬
‫قال ال تعال‪{ :‬وَِإذَا جَآءَْتهُمْ آيَ ٌة قَالُوْا لَن ّن ْؤمِنَ حَّتىَ ُنؤْتَ َى مِثْ َل مَآ أُوِت َي رُسُلُ الّلهِ الّلهُ َأ ْعلَمُ َحْيثُ‬
‫جعَ ُل رِسَالََتهُ} (النعام‪.)124:‬‬ ‫يَ ْ‬
‫أي هو أعلم حيث يضع رسالته ومن يصلح لا من خلقه‪ ،‬كقوله تعال‪َ { :‬وقَالُوا َلوْل ُنزّ َل هَذَا ال ُقرْآنُ‬
‫ت رَّبكَ} (الزخرف‪ ،)32-31:‬يعنون‪ :‬لول نزل‬ ‫عَلَى رَ ُجلٍ مِ َن ال َقرْيََتيْ ِن عَظِيمٌ‪َ ،‬أهُمْ َيقْسِمُو َن رَحْ َم َ‬
‫هذا القرآن على رجل عظيم كبي جليل مبجل ف أعينهم {مِ َن ال َقرْيََتيْنِ} أي من مكة والطائف‪،‬‬
‫وذلك أنم قبحهم ال كانوا يزدرون الرسول صلوات ال وسلمه عليه بغيا وحسدا‪ ،‬وعنادا‬
‫ل رَسُولً} (‬ ‫واستكبارا كقوله تعال مبا عنه‪{ :‬وَِإذَا رََأوْكَ إِنْ َيتّخِذُوَنكَ إِل ُهزْوا َأهَذَا الّذِي َب َعثَ ا ُ‬
‫الفرقان‪ ،) 41 :‬وقال تعال‪{ :‬وَِإذَا رَآكَ الّذِينَ َكفَرُوا إِ ْن يَتّخِذُوَنكَ إِل ُهزْوا َأهَذَا الّذِي َيذْ ُكرُ‬
‫آِلهَتَكُ ْم َوهُمْ بِذِ ْكرِ الرّحْمَ ِن هُمْ كَاِفرُونَ} (النبياء‪ ،)36:‬وقال تعال‪{ :‬وََلقَدْ اسُْت ْه ِزئَ ِبرُسُ ٍل مِنْ‬
‫خرُوا ِمْنهُمْ مَا كَانُوا ِبهِ َيسَْت ْهزِئُونَ} (النبياء‪ ،)41:‬هذا وهم معترفون بفضله‬ ‫َقبِْلكَ فَحَاقَ بِالّذِينَ سَ ِ‬
‫وشرفه ونسبه‪ ،‬وطهارة بيته ومرباه‪ ،‬ومنشئه صلى ال وملئكته والؤمنون عليه‪ ،‬حت إنم كانوا‬
‫يسمونه بينهم قبل أن يوحى إليه «المي»‪ ،‬وقد اعترف بذلك رئيس الكفار أبو سفيان حي سأله‬
‫هرقل ملك الروم‪ :‬وكيف نسبه فيكم؟ قال‪ :‬هو فينا ذو نسب قال‪ :‬هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل‬
‫أن يقول ما قال؟ قال‪ :‬ل‪ ...‬الديث بطوله‪ ،‬الذي استدل ملك الروم بطهارة صفاته عليه السلم‬
‫على صدق نبوته وصحة ما جاء به‪.‬‬
‫ض مَا‬ ‫روى المام أحد َعنِ الْمُطِّلبِ بْنِ َأبِي َودَاعَةَ قَالَ‪ :‬قَالَ اْلعَبّاسُ‪« :‬بََل َغهُ صلى ال عليه وسلم َبعْ ُ‬
‫ت رَسُولُ الّلهِ‪َ ،‬فقَالَ‪« :‬أَنَا مُحَمّدُ بْ ُن عَبْ ِد الّلهِ‬ ‫صعِدَ اْلمِنَْبرَ َفقَالَ‪ :‬مَنْ أَنَا؟ قَالُوا‪ :‬أَْن َ‬
‫َيقُولُ النّاسُ قَالَ‪َ :‬ف َ‬
‫جعَلَنِي فِي َخْيرِ ِفرْقَةٍ‪،‬‬ ‫جعََلنِي فِي خَْيرِ َخ ْلقِهِ‪ ،‬وَ َج َعَلهُمْ ِفرْقََتيْنِ َف َ‬ ‫بْ ِن َعبْدِ الْ ُمطِّلبِ‪ ،‬إِ ّن الّلهَ َخلَقَ الْخَ ْلقَ فَ َ‬

‫‪474‬‬
‫جعََلنِي فِي َخْي ِرهِمْ بَْيتًا‪ ،‬فَأَنَا خَْيرُكُمْ َبيْتًا‬‫جعَلَنِي فِي َخْيرِ قَبِيلَةٍ‪ ،‬وَ َجعََلهُ ْم بُيُوتًا فَ َ‬‫وَخََلقَ اْلقَبَائِلَ َف َ‬
‫وَخَْيرُكُ ْم َنفْسًا»( [‪ )]59‬صدق صلوات ال وسلمه عليه( [‪.)]60‬‬
‫ب مُحَمّدٍ‬ ‫سعُودٍ قَالَ‪« :‬إِ ّن الّلهَ نَ َظ َر فِي ُقلُوبِ اْلعِبَادِ َفوَجَ َد قَ ْل َ‬ ‫وروى المام أحد عَ ْن َعبْدِ الّلهِ بْ ِن مَ ْ‬
‫سهِ فَاْبَتعََثهُ ِبرِسَالَِتهِ‪ ،‬ثُمّ َن َظرَ فِي ُقلُوبِ اْلعِبَادِ َبعْدَ‬
‫صلى ال عليه وسلم خَْيرَ ُقلُوبِ اْلعِبَادِ فَاصْ َطفَاهُ ِلَنفْ ِ‬
‫جعََلهُ ْم ُو َزرَاءَ َنبِّيهِ ُيقَاِتلُونَ َعلَى دِيِنهِ‪ ،‬فَمَا رَأَى‬ ‫َق ْلبِ مُحَمّ ٍد َفوَجَدَ ُقلُوبَ َأصْحَاِبهِ خَْيرَ ُقلُوبِ اْلعِبَادِ فَ َ‬
‫اْلمُسْلِمُو َن حَسَنًا َف ُهوَ ِعنْدَ الّلهِ حَسَنٌ‪َ ،‬ومَا رََأوْا سَيّئًا َف ُه َو عِنْ َد الّلهِ َسيّئٌ»( [‪.)]61‬‬
‫وف صحيح مسلم عَنْ أَبِي عَمّارٍ شَدّادٍ أَّنهُ سَمِ َع وَاِثلَةَ ْبنَ الَ ْسقَعِ َيقُول‪ :‬سَ ِم ْعتُ رَسُو َل الّلهِ صلى ال‬
‫عليه وسلم َيقُولُ‪« :‬إِ ّن الّلهَ اصْ َطفَى كِنَاَنةَ مِ ْن وَلَدِ ِإسْمَاعِيلَ‪ ،‬وَاصْ َطفَى ُقرَْيشًا مِنْ كِنَانَةَ‪ ،‬وَاصْ َطفَى‬
‫مِنْ ُقرَْيشٍ بَنِي هَاشِمٍ‪ ،‬وَاصْ َطفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»( [‪.)]62‬‬
‫ت مِنْ خَْيرِ‬ ‫روى البخاري عَنْ أَبِي ُهرَْي َر َة رضي ال عنه أَ ّن رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪ُ« :‬بعِْث ُ‬
‫ُقرُونِ بَنِي آ َدمَ َقرْنا َفقَرْنا حَتّى ُكْنتُ مِ َن اْل َقرْنِ الّذِي كُْنتُ فِيهِ»( [‪.)]63‬‬
‫نسبه الشريف صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫هو‪ :‬مُحَمّدُ ْبنُ َعبْدِ الّلهِ بْ ِن عَبْ ِد الُطِّلبِ بْ ِن هَاشِمِ بْ ِن َعبْ ِد مَنَافِ بْ ِن ُقصَيّ ابْنِ كِلبِ ْب ِن مُ ّرةَ بْنِ‬
‫س بْنِ‬
‫ضرِ ْبنِ كِنَانَةَ ْبنِ ُخزَيْ َمةَ بْ ِن مُ ْدرِكَةَ ْبنِ إِلْيَا َ‬ ‫كَعبِ ْبنِ ل َؤيّ ْبنِ غاِلبِ بْنِ ِف ْهرِ بْ ِن مَاِلكِ ْبنِ الّن ْ‬
‫ضرَ بْ ِن ِنزَارِ بْ ِن َمعَدّ بْ ِن عَدْنَانَ( [‪.)]64‬‬ ‫مُ َ‬
‫وقال ابن حجر‪« :‬إن نسبه صلى ال عليه وسلم إل عدنان متفق عليه‪ ،‬يعن عند جيع العلماء»( [‬
‫‪.)]65‬‬
‫وقالت عائشة رضي ال عنها كما أخرجه الطبان بسند جيد‪« :‬استقام نسب الناس إل معد بن‬
‫عدنان»( [‪.)]66‬‬
‫وقد أقر أبو سفيان بعلو نسبه صلى ال عليه وسلم حي سأله هرقل‪« :‬كيف نسبه فيكم؟ فأجاب‪:‬‬
‫هو فينا ذو نسب‪ ،‬فقال هرقل‪ :‬فكذلك الرسل تبعث ف نسب قومها»( [‪.)]67‬‬
‫أساؤه صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ف الصحيحي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬ل خسة أساء‪ :‬أنا ممد‪ ،‬وأنا أحد‪ ،‬وأنا‬
‫الاحي الذي يحو ال ب الكفر‪ ،‬وأنا الاشر الذي يشر الناس على قدمي‪ ،‬وأنا العاقب»( [‪.)]68‬‬
‫وعن أب موسى قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يسمي لنا نفسه أساء فقال‪« :‬أنا ممد‪،‬‬
‫وأحد‪ ،‬وا ُل َقفّي‪ ،‬والاشر‪ ،‬ونب التوبة‪ ،‬ونب الرحة»( [‪.)]69‬‬
‫وف البخاري عن أب هريرة رضي ال عنه‪ :‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬أل تعجبون‬
‫كيف يصرف ال عن شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون مذما‪ ،‬ويلعنون مذما‪ ،‬وأنا ممد»( [‪.)]70‬‬
‫شق له من اسه ليجله ‪ ...‬فذو العرش ممود وهذا ممد‬
‫قوله‪« :‬العاقب» ف الترمذي‪« :‬الذي ليس بعده نب»( [‪.)]71‬‬

‫‪475‬‬
‫قال ابن حجر‪« :‬والذي يظهر أنه أراد أن ل خسة أساء أختص با ل يسم با أحد قبلي‪ ،‬أو معظمة‬
‫أو مشهورة ف المم الاضية‪ ،‬ل أنه أراد الصر فيها»‪ ،‬وقد ذكر السهيلي أنه ل يتسم أحد قبل النب‬
‫صلى ال عليه وسلم بحمد إل ثلثة‪ ،‬إل أن ابن حجر ذكر أنه ألف كتابا ف أسائه صلى ال عليه‬
‫وسلم فأوصل من تسمى قبله إل خسة عشر( [‪.)]72‬‬
‫وقد ألفت عدة كتب ف أسائه وأوصلها بعضهم إل أكثر من ثلثائة اسم‪ ،‬لكن كثيا منها ل يثبت‪،‬‬
‫وبعضها من أوصافه‪ ،‬وبعضها ل يرد على سبيل التسمية مثل من عد من أسائه اللبنة للحديث‬
‫الذكور الذي أخرجه البخاري ف باب خات النبيي عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪« :‬إن مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثل رجل بن بيتا فأحسنه وأجله‪ ،‬إل موضع لبنة من زاوية‪،‬‬
‫فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة؟ قال‪ :‬فأنا اللبنة‪ ،‬وأنا خات‬
‫النبيي»( [‪.)]73‬‬
‫أما كنيته صلى ال عليه وسلم فهو‪ :‬أبو القاسم‪ ،‬كما ورد ذلك ف الصحيحي عن أنس قال‪ :‬كان‬
‫النب صلى ال عليه وسلم ف السوق‪ ،‬فقال رجل‪ :‬يا أبا القاسم‪ ،‬فالتفت النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فقال‪« :‬سوا باسي‪ ،‬ول تكتنوا بكنيت»( [‪.)]74‬‬
‫ولدته ونشأته صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ولد يوم الثني كما ورد ذلك ف صحيح مسلم لا سئل عن صيام يوم الثني قال‪« :‬ذاك يوم ولدت‬
‫فيه»( [‪.)]75‬‬
‫ف عام الفيل وهو أرجح القوال بل قال خليفة بن خياط‪ :‬إنه الجمع عليه‪ ،‬وقد ذكر ابن إسحاق‬
‫بدون إسناد أن ولدته ف الثان عشر من ربيع الول( [‪.)]76‬‬
‫وتتفق رواية مسلم مع ابن إسحاق ف كون والده مات وهو حل ف بطن أمه( [‪.)]77‬‬
‫وف الصحيحي أن ثويبة مولة أب لب قامت بإرضاعه صلى ال عليه وسلم فعن أم حبيبة أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬أرضعتن وأبا سلمة ثويبة»( [‪.)]78‬‬
‫كما أرضعته مولته أم أين وقد أعتقها عليه الصلة والسلم بعدما كب‪.‬‬
‫روى مسلم ف صحيحه قال ابْ ُن ِشهَابٍ‪« :‬وَكَا َن مِنْ شَأْنِ ُأمّ َأيْمَنَ ُأمّ أُسَامَ َة بْ ِن زَيْدٍ أَّنهَا كَاَنتْ‬
‫ت آمَِن ُة رَسُولَ الّلهِ صلى ال عليه‬ ‫حبَشَةِ‪َ ،‬فلَمّا وَلَ َد ْ‬‫َوصِيفَةً ِلعَبْ ِد الّلهِ بْ ِن َعبْدِ الْ ُمطِّلبِ‪ ،‬وَكَاَنتْ مِ َن الْ َ‬
‫حضُُنهُ َحتّى كَِب َر رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم فََأعَْت َقهَا‪،‬‬ ‫وسلم َبعْ َدمَا ُتوُفّيَ َأبُوهُ‪ ،‬فَكَاَنتْ ُأمّ َأيْمَنَ تَ ْ‬
‫سةِ أَ ْش ُهرٍ»( [‬‫حهَا زَيْ َد بْنَ حَارَِثةَ ثُ ّم ُتوُفَّيتْ َبعْ َدمَا ُت ُوفّ َي رَسُولُ الّلهِ صلى ال عليه وسلم بِخَمْ َ‬ ‫ثُمّ َأنْكَ َ‬
‫‪.)]79‬‬
‫أما رضاعه من حليمة السعدية ف بن سعد فهذا ما استفاض واشتهر‪ ،‬وقد أخرج ذلك ابن إسحاق‬
‫بسنده وفيه الهم بن أب الهم قال عنه الذهب‪« :‬مهول»‪.‬‬

‫‪476‬‬
‫لكن القصة رواها أبو يعلى‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬والطبان وقال اليثمي‪ :‬رجالما ثقات يعن رجال أب يعلى‬
‫والطبان‪ ،‬وقال ابن كثي‪« :‬وهذا الديث قد روي من طرق أخر‪ ،‬وهو من الحاديث الشهورة‬
‫التداولة بي أهل السي والغازي»( [‪.)]80‬‬
‫وقد ورد استرضاعه ف بن سعد بسند جيد من طريق ابن إسحاق‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫«واسترضعت ف بن سعد ابن بكر»( [‪.)]81‬‬
‫وماتت أمه وعمره ست سنوات‪ ،‬فكفله جده عبد الطلب ث مات بعد سنتي فأوصى به إل عمه أب‬
‫طالب فكفله عمه وحن عليه ورعاه‪.‬‬
‫وقد شب مع عمه أب طالب تت رعاية ال وحفظه له من أمور الاهلية وعاداتا السيئة «فكان‬
‫أفضل قومه مروءة‪ ،‬وأحسنهم خلقا‪ ،‬وأكرمهم مالطة‪ ،‬وأحسنهم جوارا‪ ،‬وأعظهم حلما وأمانة‪،‬‬
‫وأصدقهم حديثا‪ ،‬وأبعدهم من الفحش والذى‪ ،‬ما رؤي ملحيا ول ماريا أحدا‪ ،‬حت ساه قومه‬
‫المي‪ ،‬لا جع ال فيه من المور الصالة»( [‪.)]82‬‬
‫وخالف جاهلية قريش ف أبرز خصائصها كمناسك الج حيث كانوا يسمون المس‪ ،‬ويقفون ف‬
‫الزدلفة‪ ،‬ول يرجون من الرم زاعمي أن أهل الرم ل ينبغي لم أن يعظم من الل كما يعظم من‬
‫الرم‪.‬‬
‫وأما رسول ال صلى ال عليه وسلم فقد وقف بعرفة مع الناس وخالف طريقة قومه كما روى ذلك‬
‫البخاري ومسلم عن جبي بن مطعم حي أضل بعيا له فذهب يطلبه ف عرفة فرأى النب صلى ال‬
‫عليه وسلم واقفا فيها مع الناس فقال‪« :‬هذا وال من المس فما شأنه ها هنا؟»( [‪.)]83‬‬

‫حلف الفضول‪:‬‬
‫ول يشهد صلى ال عليه وسلم أي حلف لقريش إل حلف الفضول أو حلف الطيبي حيث تعاقدوا‬
‫فيه على نصرة الظلوم فعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ما‬
‫شهدت حلفا لقريش إل حلف الطيبي‪ ،‬وما أحب أن ل حر النعم وأن كنت نقضته»( [‪.)]84‬‬
‫وحلف الطيبي كان بي بن هاشم وبن أمية وبن زهرة وبن مزوم وقد جرى هذا اللف قديا بعد‬
‫وفاة قصي وتنازع بن عبد مناف وبن عبد الدار‪ ،‬وسي حلف الفضول بالطيبي لن العشائر الت‬
‫حضرتا هي الت حضرت اللف السابق( [‪.)]85‬‬
‫وأخرج الميدي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬لقد شهدت ف دار عبد ال بن جُدعان‬
‫حلفا لو دعيت به ف السلم لجبت‪ ،‬تالفوا أن يردوا الفضول على أهلها وأل يعز ظال مظلوما»(‬
‫[‪.)]86‬‬
‫رعي الغنم‪:‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم ف شبابه يرعى الغنم لقريش وقال‪« :‬مَا َب َعثَ الّلهُ نَِبيّا إِ ّل َرعَى اْلغََنمَ‪َ ،‬فقَالَ‬
‫َأصْحَاُبهُ‪ :‬وََأْنتَ؟ َفقَالَ‪َ :‬نعَمْ‪ ،‬كُْنتُ َأ ْرعَاهَا عَلَى َقرَارِيطَ َلهْ ِل مَكّةَ»( [‪.)]87‬‬

‫‪477‬‬
‫دروس وعب‪:‬‬
‫ورعي الغنم يتيح لصاحبه عدة خصال تربوية منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الصب‪ :‬على الرعي من طلوع الشمس إل غروبا‪ ،‬نظرا لبطء الغنم ف الكل‪ ،‬فيحتاج راعيها إل‬
‫الصب والتحمل‪ ،‬وكذا سياسة البشر‪.‬‬
‫‪ -2‬اللم‪ :‬فبعضها يتقدم وبعضها يتأخر وبعضها يذهب شا ًل وبعضها جنوبا‪ ،‬فإن كان الراعي‬
‫غضوبا جعها بعد شتاتا بصورة مرعبة فتبقى متمعة خائفة ل تأكل تشى من عصا الراعي‪.‬‬
‫‪ -3‬الناة والقدرة‪ :‬على جع شتاتا بعد رعيها بدون أذى يلحق با‪ ،‬أو نقص ف غذاء يصيبها‪.‬‬
‫‪ -4‬الرأفة والعناية بالضعيف‪ :‬ففيها الصغي والضعيف والرم‪ ،‬فيحتاج منه إل لي ورأفة با حت‬
‫تلحق بصواحبها وترعى مثلهن‪ ،‬وكذا سياسة البشر‪.‬‬
‫‪ -5‬ارتياد أماكن الصب‪ :‬والبحث عنها ونصحها ف ذلك وتنيبها مواطن الدب واللكة‪ ،‬وكذا‬
‫سياسة البشر تتاج إل بذل الهد والنصح لم ف توريدهم مواطن الي وتنيبهم مواطن اللكة‪،‬‬
‫وتسي معاشهم وما يتاجونه من رزق حلل‪ ،‬وتنيبهم الرزاق الحرمة الت تسبب لم الويلت‬
‫والفساد‪ ،‬وتوزيع الثروة عليهم كل على حسبه وقدرته وجهده‪.‬‬
‫‪ -6‬التواضع‪ :‬ف رعي الغنم وهو أمر ظاهر وقد ورد ف صحيح مسلم أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قال‪« :‬ل يدخل النة من كان ف قلبه مثقال حبة من خردل من كب» فقال رجل‪ :‬يا رسول‬
‫ال الرجل يب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا؟ فقال‪« :‬إن ال جيل يب المال‪ ،‬الكب بطر الق‬
‫وغمط الناس»( [‪.)]88‬‬
‫‪ -7‬ورعي الغنم من أعظم الفرص ف اللوة بال تعال والتفكر ف خلق السموات والرض حيث‬
‫السماء بنجومها‪ ،‬والرض ببالا وأشجارها وأنعامها‪...‬‬
‫‪ -8‬إن ال تعال قادر على أن يغن ممدا صلى ال عليه وسلم عن رعي الغنم‪ ،‬ولكن هذه تربية له‬
‫ولمته للكل من كسب اليد‪.‬‬
‫‪ -9‬ورعي الغنم نوع من أنواع الكسب باليد وصاحب الدعوة يب أن يستغن عن ما ف أيدي‬
‫الناس ول يعتمد بدعوته عليهم‪ ،‬فبذلك تبقى قيمته وترتفع منلته‪ ،‬ويبتعد عن الشبه والتشكيك فيه‪،‬‬
‫ويتجرد ف إخلص العمل ل تعال‪ ،‬ويرد شبه الطغاة والظلمة الذي يصورون للناس أن النبياء أرادوا‬
‫الدنيا بدعوتم‪َ { :‬وتَكُونَ لَكُمَا ال ِكْبرِيَاءُ فِي ا َل ْرضِ} (يونس‪ )78:‬هكذا يقول فرعون لوسى‪ ،‬ونظرا‬
‫لسيطرة حب الدنيا وحطامها على عقولم يظنون أن أي تفكي وأي حركة مراد به الدنيا‪ ،‬ولذا‬
‫قالت النبياء عليهم السلم لقوامهم مبينة استغنائها عنهم‪{ :‬قُ ْل مَا سَأَْلتُكُ ْم مِنْ أَ ْجرٍ َف ُهوَ لَكُمْ}‬
‫(سبأ‪{ ،)47:‬وَيَا َق ْومِ ل َأسْأَلُكُ ْم َعلَْيهِ مَالً إِنْ َأ ْجرِيَ إِل عَلَى الِ} (هود‪.)29:‬‬
‫روى البخاري عَنِ الْ ِمقْدَامِ رضي ال عنه عَ ْن َرسُولِ الّلهِ صلى ال عليه وسلم قَالَ‪« :‬مَا أَكَلَ َأحَدٌ‬
‫َطعَاما َقطّ َخيْرا مِنْ أَنْ يَأْ ُكلَ مِ ْن عَمَ ِل يَ ِدهِ‪ ،‬وَإِنّ َنبِيّ الّل ِه دَا ُودَ َعلَْيهِ السّلم كَانَ يَأْكُ ُل مِ ْن عَمَلِ‬
‫يَ ِدهِ»( [‪.)]89‬‬

‫‪478‬‬
‫ولشك أن العتماد على الكسب الر تكسب النسان الرية التامة والقدرة على قول كلمة الق‬
‫والصدع با‪.‬‬
‫وكان أصحاب رسول ال يتاجرون ويعملون بأيديهم ول يعتب غضاضة ف حقهم‪ ،‬فهذا عمر يشغله‬
‫الصفق بالسواق عن حضور بعض مالس رسول ال صلى ال عليه وسلم كما ف حديث أب موسى‬
‫صفْقُ بِالَ ْسوَاقِ‬ ‫ف الستئذان «أَ َخفِ َي هَذَا عَلَ ّي مِنْ َأ ْمرِ رَسُو ِل الّلهِ صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أَْلهَانِي ال ّ‬
‫خرُوجَ إِلَى تِجَا َرةٍ»( [‪.)]90‬‬ ‫َيعْنِي الْ ُ‬
‫وف البخاري عن قتادة‪« :‬كان القوم يتبايعون ويتجرون‪ ،‬ولكنهم إذا نابم حق من حقوق ال ل‬
‫تلههم تارة ول بيع عن ذكر ال حت يؤدوه إل ال»( [‪.)]91‬‬
‫وتقول عائشة رضي ال عنها‪« :‬كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم عمال أنفسهم»( [‬
‫‪.)]92‬‬
‫زواجه صلى ال عليه وسلم بدية‪:‬‬
‫ذكر ابن إسحاق قصة ف زواجه صلى ال عليه وسلم بدية وخروجه ف تارتا بغي إسناد ول يثبت‬
‫أحد من الئمة هذه القصة‪ ،‬وأما الزواج من حيث هو فهو ثابت قطعا كما ف الصحيحي وغيها‪،‬‬
‫واختلف ف عمرها حي تزوجها‪ ،‬فبينما يرى ابن إسحاق‪ :‬أن عمرها ثان وعشرون‪ ،‬يرى الواقدي‬
‫أن عمرها أربعون‪ ،‬بينما تتجه الروايات إل أن عمره صلى ال عليه وسلم كان خسا وعشرين سنة‬
‫حي تزوجها( [‪.)]93‬‬
‫تكيمه ف وضع الجر‪:‬‬
‫وما يدل على صيانته ومكانته عند الناس رضاهم بكمه حي حكموه ف الجر السود بعد أن‬
‫تنافسوا ف رفعه‪َ« :‬فقَالُوا‪ :‬ا ْجعَلُوا بَْينَكُمْ حَكَما قَالُوا‪َ :‬أوّ َل رَجُ ٍل يَطْلُ ُع مِ َن اْلفَجّ فَجَاءَ النّبِيّ صلى ال‬
‫ضعَهُ فِي َث ْوبٍ ُثمّ َدعَا بُطُوَنهُمْ فََأخَذُوا ِبَنوَاحِيهِ َم َعهُ‬
‫عليه وسلم َفقَالُوا‪َ :‬أتَاكُمُ ا َل ِميُ َفقَالُوا َلهُ‪َ ،‬ف َو َ‬
‫ضعَ ُه ُهوَ صلى ال عليه وسلم»( [‪.)]94‬‬ ‫َف َو َ‬
‫الصادر والراجع‪:‬‬
‫‪ -1‬العلن بالتوبيخ لن ذمّ التاريخ ‪ -‬للحافظ السخاوي ‪ /‬تعريب‪ :‬صال أحد العلي‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -2‬الدب الفرد ‪ -‬للمام البخاري ‪ /‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -3‬البداية والنهاية ‪ -‬للحافظ ابن كثي ‪ /‬الطبعة الثانية‪ ،‬عام ‪1977‬م‪ ،‬مكتبة العارف‪ ،‬بيوت‪،‬‬
‫لبنان‪.‬‬
‫‪ -4‬بلوغ الرب ف معرفة أحوال العرب ‪ -‬ممود شكري اللوسي ‪ /‬تقيق ممد بجة الثري‪ ،‬دار‬
‫الكتب العلمية‪ ،‬بيوت‪ ،‬الطبعة الثانية‪.‬‬
‫‪ -5‬تاريخ المم واللوك ‪ -‬لب جعفر الطبي ‪ /‬تقيق ممد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار‬
‫سويدان‪ ،‬عام ‪1387‬هـ‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬

‫‪479‬‬
‫تاريخ الطبي = تاريخ المم واللوك‪.‬‬
‫‪ -6‬تريج أحاديث فقه السية للغزال ‪ -‬للشيخ ممد ناصر الدين اللبان ‪ /‬الطبعة السابعة‪ ،‬عام‬
‫‪1976‬هـ‪ ،‬دار الكتب الديثة‪.‬‬
‫‪ -7‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪ -‬للخطيب البغدادي ‪ /‬تقيق ممود الطحان‪ ،‬طبعة عام‬
‫‪1403‬هـ‪ ،‬مكتبة العارف‪ ،‬الرياض‪.‬‬
‫‪ -8‬دلئل النبوة ومعرفة أحوال الشريعة ‪ -‬للبيهقي ‪ /‬تقيق‪ :‬عبد العطي القلعجي‪ ،‬الطبعة الول‪،‬‬
‫عام ‪1405‬هـ‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -9‬ديوان عنترة بن شداد ‪ /‬تقيق ممد سعيد مولوي‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الكتب السلمي‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪ -10‬الرسالة الحمدية ‪ -‬لسليمان الندوي ‪ /‬الطبعة الثالثة‪ ،‬عام ‪1401‬هـ‪ ،‬مكتبة دار الفتح‪،‬‬
‫دمشق‪.‬‬
‫‪ -11‬السنن ‪ -‬للمام أب داود سليمان بن الشعث السجستان ‪ /‬تقيق ممد مي الدين عبد‬
‫الميد‪ ،‬دار إحياء السنة النبوية‪.‬‬
‫‪ -12‬السنن ‪ -‬للمام عبد ال بن عبد الرحن الدارمي ‪ /‬طبعة دار إحياء السنة النبوية‪.‬‬
‫‪ -13‬السنن ‪ -‬للمام ممد بن عيسى الترمذي ‪ /‬تقيق أحد شاكر وآخرين‪ ،‬طبعة الكتبة‬
‫السلمية‪.‬‬
‫‪ -14‬السنن ‪ -‬للمام ممد بن يزيد بن ماجه‪ /‬تقيق ممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬طبعة عام ‪1395‬هـ‪،‬‬
‫دار إحياء التراث العرب‪.‬‬
‫‪ -15‬السية النبوية ‪ -‬للحافظ ابن كثي ‪ /‬تقيق مصطفى عبد الواحد‪ ،‬طبعة عام ‪1403‬هـ‪ ،‬دار‬
‫العرفة‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -16‬السية النبوية ‪ -‬لب السن الندوي ‪ /‬الطبعة الول‪ ،‬عام ‪1397‬هـ‪ ،‬دار الشروق‪ ،‬جدة‪.‬‬
‫‪ -17‬السية النبوية ‪ -‬لبن هشام ‪ /‬تقيق مصطفى السقا وآخرين‪ ،‬طبعة دار إحياء التراث العرب‪،‬‬
‫بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -18‬حياة الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬صور مقتبسة من القرآن الكري وتليلت ودراسات قرآنية‬
‫‪ -‬لحمد عزة دروزة ‪ /‬الطبعة الثانية‪ ،‬عام ‪1384‬هـ مطبعة مصطفى الباب اللب وشركاه‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ -19‬السية النبوية الصحيحة ‪ -‬لكرم ضياء العمري ‪ /‬طبعة عام ‪1412‬هـ‪ ،‬مكتبة العلوم‬
‫والكم‪ ،‬الدينة النورة‪.‬‬
‫‪ -20‬السية النبوية ف الصحيحي عند ابن إسحاق‪ ،‬دراسة مقارنة ف العهد الكي ‪ -‬للدكتور‬
‫سليمان بن حد العودة ‪ /‬رسالة دكتوراه مكتوبة على اللة الكاتبة‪.‬‬
‫‪ -21‬شرح العلقات السبع ‪ -‬للزوزان السي بن أحد ‪ /‬دار مكتبة الياة‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪ -22‬صبح العشى ف صناعة النشاء ‪ -‬للقلقشندي ‪ /‬طبعة مؤسسة قرطبة‪.‬‬

‫‪480‬‬
‫‪ -23‬صحيح المام ممد بن إساعيل البخاري ‪ /‬الطبوعة مع فتح الباري‪ ،‬تقيق مب الدين‬
‫الطيب‪ ،‬الكتبة السلفية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -24‬صحيح المام مسلم بن الجاج النيسابوري ‪ /‬تقيق ممد فؤاد عبد الباقي‪ ،‬الطبعة الول‪ ،‬عام‬
‫‪1374‬هـ‪ ،‬دار إحياء التراث العرب‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -25‬الطريق إل الدائن ‪ -‬لحد عادل كمال‪ /‬الطبعة السادسة‪ ،‬عام ‪1406‬هـ‪ ،‬دار النفائس‪،‬‬
‫بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -26‬الغرباء الولون ‪ -‬لسلمان بن فهد العودة ‪ /‬الطبعة الول‪ ،‬عام ‪1410‬هـ‪ ،‬دار ابن الوزي‪،‬‬
‫الدمام‪.‬‬
‫‪ -27‬فتح الباري بشرح صحيح البخاري ‪ -‬لبن حجر العسقلن ‪ /‬تقيق مب الدين الطيب‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬عام ‪1400‬هـ‪ ،‬الكتبة السلفية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -28‬القاموس الحيط ‪ -‬للفيوزآبادي ‪ /‬تقيق مكتب تقيق التراث ف مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‬
‫الثانية‪ ،‬عام ‪1407‬هـ‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -29‬لسان العرب ‪ -‬لبن منظور ‪ /‬الطبعة الول‪ ،‬عام ‪1300‬هـ‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -30‬ملة البيان ‪ /‬العدد الثان ‪ -‬سنة ‪1407‬هـ شهر صفر ‪ -‬تصدر عن النتدى السلمي بلندن‪.‬‬
‫‪ -31‬ممع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ -‬للهيثمي‪ /‬الطبعة الثالثة‪ ،‬عام ‪1402‬هـ‪ ،‬دار الكتاب العرب‪،‬‬
‫بيوت‪.‬‬
‫‪ -32‬الستدرك على الصحيحي ‪ -‬للحاكم ‪ /‬دار الكتاب العرب‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫‪ -33‬السند ‪ -‬للمام أحد ‪ /‬الطبعة الثانية‪ ،‬عام ‪1398‬هـ‪ ،‬الكتب السلمي‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪.‬‬
‫‪ -34‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة ‪ -‬لطاش كبي زادة ‪ /‬تقيق كامل كامل بكري وعبد‬
‫الوهاب أبو النور‪ ،‬مطبعة الستقلل الكبى ودار الكتب الديثة‪ ،‬القاهرة‪.‬‬
‫‪ -35‬الفصل ف تاريخ العرب قبل السلم ‪ -‬لواد علي ‪ /‬الطبعة الثانية‪ ،‬عام ‪1976‬م‪ ،‬دار العلم‬
‫للمليي‪ ،‬بيوت‪ ،‬ومكتبة النهضة‪ ،‬بغداد‪.‬‬
‫‪ -36‬ميزان العتدال ف نقد الرجال ‪ -‬للمام الذهب ‪ /‬تقيق علي ممد البجاوي‪ ،‬الطبعة‬
‫الول‪ ،‬عام ‪1382‬هـ‪ ،‬دار العرفة‪ ،‬بيوت‪.‬‬
‫________________________________________‬
‫( [‪ )]1‬لسان العرب (‪.)4/389‬‬
‫( [‪.)1/251( )]2‬‬
‫( [‪ )]3‬البداية (‪ ،)3/242‬وانظر الامع لخلق الراوي وآداب السامع (‪.)2/195‬‬
‫( [‪ ... )]4‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع (‪.)2/195‬‬
‫( [‪ ... )]5‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع (‪.)2/195‬‬
‫( [‪ )]6‬انظر‪ :‬الرسالة الحمدية‪ ،‬الحاضرة الول‪.‬‬

‫‪481‬‬
‫( [‪ )]7‬مسند أحد (ح ‪.)24671‬‬
‫( [‪ )]8‬صحيح مسلم (ح ‪.)408‬‬
‫( [‪ )]9‬انظر‪ :‬الحاضرة الثالثة من الرسالة الحمدية‪.‬‬
‫( [‪ )]10‬رواه البخاري (ح ‪- )438‬واللفظ له‪ ،-‬ومسلم (ح ‪.)521‬‬
‫( [‪ )]11‬انظر‪ :‬الحاضرة الثانية من الرسالة الحمدية‪.‬‬
‫(‪ )1‬رواه البخاري انظر فتح الباري (‪.)360\8‬‬
‫( [‪ )]13‬رواه يونس بن بكي ف زوائده على السي والغازي لبن إسحاق (ص‪ ،)210:‬والبيهقي ف‬
‫دلئل النبوة‬
‫(‪ ،)2/207‬وقال ف الغرباء (ص‪ (( :)93:‬إسناده حسن ))‪.‬‬
‫( [‪ )]14‬صحيح البخاري (ح ‪.)3461‬‬
‫( [‪ )]15‬رواه الترمذي (ح ‪ ،)2657‬وأبو داود (ح ‪ ،)3660‬وابن ماجة (ح ‪،231 ،230‬‬
‫‪ ،)3056 ،236 232‬وأحد (ح ‪ ،)62937 ،4146‬والدارمي (ح ‪.)228‬‬
‫( [‪ )]16‬انظر‪ :‬الرسالة الحمدية‪ ،‬الحاضرة الرابعة لسليمان الندوي‪.‬‬
‫( [‪ )]17‬راجع فهرس السية النبوية صور مقتبسة من القرآن الكري لحمد عزة دروزة‪.‬‬
‫( [‪ )]18‬ذكرها السخاوي ف كتابه (( العلن بالتوبيخ )) (ص‪.)527:‬‬
‫( [‪ )]19‬انظر‪ :‬لسان العرب (‪ ،)11/129‬والقاموس الحيط (ص‪.)1267:‬‬
‫( [‪ )]20‬رواه البخاري ف اليان ‪ -‬باب العاصي من أمر الاهلية (ح ‪ ،)30‬ومسلم ف اليان (ح‬
‫‪.)1661‬‬
‫( [‪ )]21‬رواه البخاري ف العتكاف (ح ‪ ،)2033‬ومسلم (ح ‪.)1656‬‬
‫( [‪ )]22‬رواه البخاري ف النكاح (ح ‪.)5521‬‬
‫( [‪ )]23‬رواه البخاري (ح ‪ ،)3640‬ومسلم (ح ‪ .)1920‬انظر‪ :‬بلوغ الرب (‪.)17 -1/15‬‬
‫( [‪ )]24‬انظر‪ :‬السند (ح ‪.)23298‬‬
‫( [‪ )]25‬انظر‪ :‬السية للندوي من أولا إل (ص‪.)25:‬‬
‫( [‪ )]26‬صحيح البخاري (ح ‪.)4027‬‬
‫( [‪ )]27‬صحيح مسلم (ح ‪.)3265‬‬
‫( [‪ )]28‬صحيح مسلم (ح ‪.)2856‬‬
‫( [‪ )]29‬السند (‪.)2/275،316‬‬
‫( [‪ )]30‬السند (‪ )1/466‬وف سنده عمرو بن ممع وهو ضعيف‪ ،‬وإبراهيم الجري وهو لي‬
‫الديث‪.‬‬
‫( [‪ )]31‬انظر صحيح البخاري (ح ‪.)4859‬‬
‫( [‪ )]32‬صحيح مسلم (‪.)3483‬‬

‫‪482‬‬
‫( [‪ )]33‬انظر‪ :‬بلوغ الرب (‪.)244-2/194‬‬
‫( [‪ )]34‬بلوغ الرب (‪.)73-3/36‬‬
‫( [‪ )]35‬انظر‪ :‬بلوغ الرب (‪.)76-3/3( ،)369-2/301( ،)55-2/52‬‬
‫( [‪ )]36‬صحيح مسلم (ح ‪.)2865‬‬
‫( [‪ )]37‬بلوغ الرب (‪.)300-2/286‬‬
‫( [‪ )]38‬السية للندوي (ص‪.)12:‬‬
‫( [‪ )]39‬بلوغ الرب (‪.)40-1/39‬‬
‫( [‪ )]40‬بلوغ الرب (‪.)1/37‬‬
‫( [‪ )]41‬بلوغ الرب (‪.)1/33‬‬
‫( [‪ )]42‬انظر عن كرم العرب‪ :‬بلوغ الرب (‪.)98-1/46‬‬
‫( [‪ )]43‬بلوغ الرب (‪.)1/377‬‬
‫( [‪ )]44‬بلوغ الرب (‪.)1/149‬‬
‫( [‪ )]45‬صحيح البخاري (ح ‪.)7‬‬
‫( [‪ )]46‬بلوغ الرب (‪.)1/150‬‬
‫( [‪ )]47‬رواه مسلم (ح ‪.)1978‬‬
‫( [‪ )]48‬انظر عن وفاء العرب‪ :‬بلوغ الرب (‪.)140-1/122‬‬
‫( [‪ )]49‬ملة البيان‪ ،‬العدد الثان‪.‬‬
‫( [‪ )]50‬انظر عن يوم ذي قار‪ :‬تاريخ الطبي (‪ ،)2/207‬صبح العشى (‪.)1/393‬‬
‫( [‪ )]51‬ديوان عنترة (ص ‪.)252‬‬
‫( [‪ )]52‬انظر عن شجاعة العرب بلوغ الرب (‪.)120-1/103‬‬
‫( [‪ )]53‬بلوغ الرب (‪.)1/377‬‬
‫( [‪ )]54‬انظر‪ :‬شرح العلقات (ص‪)213 -194:‬‬
‫( [‪ )]55‬انظر‪ :‬الطريق إل الدائن (ص‪.)40:‬‬
‫( [‪ )]56‬فتح الباري (‪.)6/607‬‬
‫( [‪ )]57‬رواه البخاري (ح ‪ ،)3231‬ومسلم (ح ‪.)1771‬‬
‫( [‪ )]58‬انظر الفصل ف تاريخ العرب قبل السلم (‪.)76-4/5‬‬
‫( [‪ ... )]59‬السند (ح ‪.)1791‬‬
‫( [‪ ... )]60‬تفسي ابن كثي (‪.)332\3‬‬
‫( [‪ )]61‬السند (‪.)397\1‬‬
‫( [‪ )]62‬صحيح مسلم (ح ‪.)2276‬‬
‫( [‪ )]63‬صحيح البخاري (ح ‪.)3293‬‬

‫‪483‬‬
‫( [‪ )]64‬أخرجه البخاري ف مناقب النصار ‪ -‬باب مبعث النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬الفتح (‬
‫‪ )7/199‬بدون إسناد‪.‬‬
‫( [‪ )]65‬فتح الباري (‪.)6/611‬‬
‫( [‪ )]66‬فتح الباري (‪.)6/116‬‬
‫( [‪ )]67‬أخرجه البخاري ف بدء الوحي (ح ‪.)7‬‬
‫( [‪ )]68‬فتح الباري (‪ ،)6/641‬وصحيح مسلم (‪.)4/1828‬‬
‫( [‪ )]69‬رواه مسلم (‪.)4/1828‬‬
‫( [‪ )]70‬صحيح البخاري (ح ‪.)3533‬‬
‫( [‪ )]71‬فتح الباري (‪.)6/644‬‬
‫( [‪ )]72‬فتح الباري (‪.)6/642‬‬
‫( [‪ )]73‬فتح الباري (‪.)645-6/644‬‬
‫( [‪ )]74‬رواه البخاري (ح ‪ ،)110‬ومسلم (‪ ،)2110‬الفتح (‪.)6/647‬‬
‫( [‪ )]75‬صحيح مسلم (‪.)2/819‬‬
‫( [‪ )]76‬السية الصحيحة (‪.)1/96‬‬
‫( [‪ )]77‬رواه مسلم (‪.)3/1392‬‬
‫( [‪ )]78‬أخرجه مسلم (‪.)2/1072‬‬
‫( [‪ )]79‬صحيح مسلم (‪.)3/1392‬‬
‫( [‪ )]80‬انظر‪ :‬السي لبن هشام (‪ ،)1/171‬وميزان العتدال (‪ ،)1/426‬وممع الزوائد (‬
‫‪ )8/221‬والسية لبن كثي (‪ ،)1/228‬السية النبوية ف الصحيحي (ص‪ ،)119-118:‬والسية‬
‫الصحيحة (ص‪.)102-98:‬‬
‫( [‪ )]81‬سية ابن هشام (‪ ،)1/175‬وسية ابن كثي (‪.)1/299‬‬
‫( [‪ )]82‬سية ابن كثي (‪.)1/249‬‬
‫( [‪ )]83‬صحيح البخاري (ح ‪ ،)1664‬وصحيح مسلم (ح ‪ )1220‬انظر إل كتاب مسائل‬
‫الاهلية الت خالفهم فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫( [‪ )]84‬رواه أحد (‪ ،)193-1/190‬والبخاري ف الفرد (ح ‪ ،)570‬والاكم ووافقه الذهب (‬
‫‪ ،)2/219‬وصححه اللبان ف فقه السية (ص‪.)75:‬‬
‫( [‪ )]85‬السية الصحيحة (ص‪.)112:‬‬
‫( [‪ )]86‬السية ابن كثي (‪.)1/258‬‬
‫( [‪ )]87‬رواه البخاري (ح ‪.)2262‬‬
‫( [‪( )]88‬ح ‪.)91‬‬
‫( [‪( )]89‬ح ‪.)2072‬‬

‫‪484‬‬
‫( [‪ )]90‬رواه البخاري (ح ‪ ،)2062‬ومسلم (‪.)2153‬‬
‫( [‪ )]91‬كتاب البيوع ‪ -‬باب التجارة ف البز (ح ‪.)2062‬‬
‫( [‪ )]92‬رواه البخاري (ح ‪.)2071‬‬
‫( [‪ )]93‬السية لبن كثي (‪ ،)1/265‬والسية الصحيحة (ص‪.)112:‬‬
‫( [‪ )]94‬رواه المام أحد (‪ ،)3/425‬والاكم (‪ ،)3/458‬وصححه ووافقه الذهب‪ ،‬وانظر‪ :‬سية‬
‫ابن هشام (‪.)1/209‬‬
‫========================‬
‫مدير مركز التنوير لبد من وقف الوار مع الفاتيكان‬

‫حوار‪:‬عبد الرحن أبو عوف‬


‫‪ -‬الختراق الصهيون للهيئات السيحية وراء الملة الائرة ضد نبينا عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫‪ -‬الملة أعادت العلقة مع الغرب إل الربع صفر وعرقلت ماولت التقارب والوار‪.‬‬
‫‪ -‬إنشاء كليات للسنة النبوية وتفعيل دور الراكز ضرورة حتمية‪.‬‬
‫‪ -‬رموز التغريب ف العال السلمي أكب خطر على السنة الطهرة‪.‬‬
‫ف حوار مثي أكد الكاتب الصحفي أبو إسلم أحد عبد ال مدير مركز التنوير السلمي أن أمتنا‬
‫السلمية مطالبة كلها بالتصدي للحملة الظالة الت تشنها جهات كنسيّة غربيّة على رسولنا الكري‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وأن يكون تصدينا لذه الملة بأسلوب مؤسسي منسق تشترك فيه جيع‬
‫اليئات السلمية الرسية‪ ،‬وأن تنسق هذه الهات فيما بينها حلة تب هذه التامات الظالة عن‬
‫النب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬عب ندوات ومؤترات يشترك فيها علماء السلمي مع رجال الدين‬
‫السيحيي لظهار تافت هذه التامات‪ ،‬وكذلك التصدي لحاولت الساءة الداخلية لرسولنا‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وسنته الت يقوم با التاه العلمان‪ ،‬وأن نواجه حلة (مليون ضد ممد)‬
‫تمله مواجهة مليار مسلم مع الرسول‬
‫وشدد أبو إسلم على ضرورة مقاطعة حوار الديان الذي يتم حاليّا بي جهات إسلمية مع الفاتيكان‬
‫وملس الكنائس العالي كأقل موقف نواجه به الملت الظالة ضد نبينا عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫وقضايا مثية وعديدة نناقشها مع أب إسلم ف السطور التالية‪..‬‬
‫تشن جهات كنسية حلة ظالة ضد نبينا الكري‪ ..‬كيف تنظر إل هذه الملت الغرضة؟‬
‫هذه ليست أول ماولة يقوم با قساوسة غربيون ينتمون بصورة غي مباشرة للفاتيكان ضد الرسول‬
‫‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬؛ فالكنيسة الغربية ومنها الفاتيكان ل تعترف بنب السلم‪ ،‬ونظرتم إليه‬
‫تقتصر إل كونه مصلحًا وليس نبيّا مُرسلً‪.‬‬

‫‪485‬‬
‫وهذه الملة تأت كحلقة ف مسلسل العداء للنب؛ فتارة يتهمونه بأنه مزواج ويعشق النساء‪ ،‬وأخرى‬
‫بالمود والتطرف‪ ،‬وثالثة بأنه إرهاب نشر دعوته بالسيف وليس بالقناع والوار‪ ،‬وأنه اعتمد على‬
‫مموعة من القتلة وسفاكي الدماء لنشر هذه الدعوة؛ علوة على حلتهم الشديدة على زوجاته‬
‫‪-‬رضي ال عنهن‪ -‬واتامهن بأفظع التامات‪ ،‬والملت الظالة الت تعد سابقة خطية للفاتيكان‬
‫الذي ل نتعود منه هذا التهور وموقفه من الرسول كان ل يتعدى عدم العتراف بنبوته‪ ،‬ولكن ل‬
‫نعهد منه الساءة الباشرة إل الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬وتشويه صورته‪.‬‬
‫مواجهة الفاتيكان‬
‫إذًا ما دام الفاتيكان وقساوسته قد تورطوا ف هذه الوّة السحيقة؛ فكيف نواجهها؟‬
‫أول خطوة نواجه با هذه الملة الظالة على الرسول ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬هي‪ :‬وقف حالت‬
‫الوار الت تريها العديد من اليئات السلمية مع الفاتيكان‪ ،‬وعلى رأسها الزهر الشريف ورابطة‬
‫العال السلمي والجلس السلمي العالي للدعوة والغاثة؛ حيث يستغل الفاتيكان هذه الولت‬
‫من الوار لتحسي صورته وإظهاره بأنه مؤسسة للمودة والتسامح مع الخر‪.‬‬
‫وثان خطوة هي‪ :‬دحض هذه الؤامرات‪ ،‬وشن حلة إعلمية كبية لواجهتها عب إظهار زيفها وعقد‬
‫الندوات والؤترات الت تظهر الوجه القيقي للنب ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ ،-‬وإظهار ساحته وأخلقه‬
‫العالية وإحسانه إل الخر؛ خصوصًا النصارى واليهود‪ ،‬وطبع كتب بختلف اللغات ترسم الصورة‬
‫القيقية للنب؛ فأوروبا رغم تقدمها العلمي والتكنولوجي تهل أبسط العلومات عن السلم و نبينا‬
‫الكري؛ لذا يفضل أن نوجه حلتنا لناصرة نبينا العظيم إليهم بلغتهم‪ ،‬والتأكيد لم أن العداء للنب‬
‫مالف لبسط القواعد السيحية الت تنادي بالتسامح وقبول الخر‪ ,‬وأن احترام النبياء والرسل من‬
‫أبسط تعاليم السيح والسيحية‪.‬‬
‫اختراق صهيون‬
‫برأيك هل تقف جهات صهيونية وراء هذه الملة؟‬
‫هناك اختراق صهيون للمؤسسات السيحية وعلى رأسها الفاتيكان منذ مدة طويلة‪ ،‬ول أستبعد أن‬
‫تقف هذه الهات الشبوهة وراء الملة على نبينا العظيم لتشويه صورة ديننا النيف‪ ،‬ويكن أن‬
‫يكون خلفها التيار الصهيون السيحي الذي يرى أن نصرة اليهود وهيمنتهم على أمتنا السلمية تأت‬
‫تنفيذًا لتعليمات السيح‪ ،‬وهذا من أسوأ صور التطرف‪ .‬وما يزيد من يقين بتورط جهات خارجية ف‬
‫هذه الملة أن الفاتيكان طوال تاريه ل يُقدِم على خطوة كهذه‪ ،‬وهي ما تعد سقطة مزرية للفاتيكان‬
‫تؤثر كثيًا على مصداقيته؛ فالملة على ممد ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬تعيد العلقة بي العال‬
‫السلمي والسيحية إل الربع صفر‪ ،‬وتعيدنا عمومًا إل أجواء الرب الصليبية الت شنتها القوات‬
‫الصليبية بدعم من الكنيسة‪ ،‬كما أنه يتسبب ف وأد ماولت التقارب وجولت الوار الت جرت بي‬
‫الؤسسات السلمية والسيحية ف السنوات الاضية‪.‬‬
‫جهد قاصر‬

‫‪486‬‬
‫ولكن كيف نستطيع كمسلمي مواجهة مثل هذه الملت؛ خصوصا أن هناك حلت علمانية‬
‫مغرضة ف الداخل تستهدف النب وسنته؟‬
‫الرد على حلة كهذه يتطلب جهدًا مؤسسيّا وليس شخصيّا‪ ،‬وأن تقوم به جهات كبى كالزهر‬
‫ورابطة العال السلمي ومنظمة الؤتر السلمي وغيها من الراكز العلمية الرصينة‪ ،‬وأن يتم التنسيق‬
‫بي هذه الهات للتصدي لذه الملت الشبوهة‪ ،‬وهذا يتطلب جهدًا كبيًا‪ ،‬وأن يركز هذا الهد‬
‫على وقف الملت الداخلية الت تشن هجومًا شديدًا على الرسول وسنته من يطلق عليهم اسم‬
‫"القرآنيي" الذين يسيئون إل السلم عمومًا ورسوله ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪ -‬خصوصًا‪ ،‬وأن تكون‬
‫أفعال النب وأقواله نباسًا لنا ف حياتنا‪ ،‬أي تصبح أسلوب حياة‪ .‬ومن السف حاليّا أن الدعاة إل‬
‫السلم ل يركزون ف دعوتم على الدي الظاهر ول يركزون على سنن النب وأفعاله؛ بل يبتعدون‬
‫عنها حت ل يتهمهم أحد بالغلو والتطرف‪.‬‬
‫وكذلك ضرورة التصدي للتاه العلمان الذي يعمل على تشويه صورة نبينا كلما سنحت له‬
‫الفرصة‪ ،‬علينا أن نقف ونتصدى لذه اليئات وما يؤسف عليه أن هناك جهات عديدة مهمتها‬
‫الدفاع عن النب وسنته ومنها مراكز دراسات السّنّة الوجودة ف العديد من الدول العربية والسلمية‬
‫وهذه الراكز رغم تعددها ونشاطها إل أن جهدها قاصر‪ ،‬ول تقق الهداف الت أنشئت من أجلها‬
‫للدفاع عن الرسول وسنته‪ ،‬واكتفت بعقد الؤترات والندوات الت يتحدث فيها علماء مسلمون‬
‫لعلماء مسلمي‪ ،‬ول تعمل على إعطاء جهدها طابعًا خارجيّا يتصدى للمؤترات الغربية على رسولنا‬
‫عب مشاركة مفكرين وعلماء ومفكرين غربيي؛ فنحن نظل نتحاور مع أنفسنا ول نوجه حديثنا‬
‫للغرب‪ ،‬وهذا خطأ كبي!‪.‬‬
‫أما الوساط الشعبية والسلمية؛ فعليها واجب كبي لنصرة الرسول واستغلل التقدم التكنولوجي‬
‫لفضح مؤامرات الغرب ضد رسولنا وديننا‪ ،‬وبذل جهد للظهور بظهر الناصر لنبينا ‪-‬صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،-‬وعدم إعطاء الفرصة لتيار انزامي ينتشر بي المة يدّعي أن تاهل هذه الملت يطفئها‪،‬‬
‫وهذا خطأ فظيع؛ فالغرب إذا وجدنا نتهاون مع كرامة نبينا فسيستمر ف غيه!‬
‫السم ف العسل‬
‫تدثتَ كثيًا عن الختراق الغرب لؤسساتنا السلمية خصوصًا الرسية‪ ..‬كيف ذلك؟‬
‫فعلً هناك اختراق مسيحي للمؤسسات الرسية؛ فعلماء هذه الؤسسات ياولون استرضاء الؤسسات‬
‫الدينية الغربية ويظهرون إعجابم بالنمط الغرب وياولون تسويق النمط الغرب إلينا على طريقة السم‬
‫ف العسل لدرجة أن العديد من شيوخ السلم يتحدثون أن الغرب أصبح الوصي على السلم‪ ،‬وأن‬
‫الستفادة منه أفضل لنا‪ ،‬وأن الواجهة لن تكون ف مصلحتنا‪ ،‬وأحسب أن هذه الظاهرة بدأت‬
‫تتكرس بشدة ف اليام الخية؛ حيث أصبح بعض علماء السلطان يعملون وكلء للغرب‪ ،‬ويسعون‬
‫ليكونوا رموزًا للتغريب ف حياتنا‪ ،‬بل إنم أصبحوا يتندرون على فكرنا الصيل ويصمون ثوابت‬

‫‪487‬‬
‫إسلمية بالتخلف والمود‪ ،‬وهذه كارثة إذا ل ناول التصدي لا ووأدها حاليًا فسوف نعان المرين‬
‫منها ف الستقبل!‪.‬‬
‫مزيدا من التفاعل للدفاع عن رسولنا صلى ال عليه وسلم‬
‫نشرت جريدة الرياض ف ‪29/12/1426‬هـ‬
‫ربيع الرف‬
‫مزيدا من التفاعل للدفاع عن رسولنا صلى ال عليه وسلم‬
‫د‪ .‬نورة خالد السعد‬
‫منذ يوم المعة ‪ 26‬شعبان ‪1426‬ه الوافق ‪ 30‬سبتمب ‪2005‬م والرسوم الساخرة برسولنا الكري‬
‫صلى ال عليه وسلم منشورة ف الصحيفة الداناركية (جيلندز بوسطن) والدفاع عن نشرها بدعوى‬
‫حرية الرأي!!‬
‫ويدعم هذا الرأي ملكة الدانارك ورئيس الوزراء الداناركي بل ان الكومة الداناركية كما نشر ف‬
‫موقع السلم دين ف يوم الربعاء ‪ 25‬ذي الجة على لسان رئيس وزرائها تاشت الرد على النقد‬
‫القدم إليها من المم التحدة وقد كانت ‪ 57‬دولة إسلمية تقدمت باحتجاج إل هيئة المم التحدة‬
‫بصوص الرسومات السيئة لسيد البشرية حبيبنا ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وأكد مبعوث المم التحدة (دور ديان) ف لقاء له مع جريدة اليولندبوست ان على الكومة‬
‫الداناركية ان تتخذ موقفا من هذا الوضوع‪ ،‬ولكن هذا الطلب رفض من قبل رئيس الوزراء‬
‫الداناركي وقال ف تصريه يوم الثلثاء ‪ 24/12‬الوافق ‪24/1/2006‬م بأنه من الطأ ان تقوم‬
‫حكومة ديوقراطية بتقييم عمل الصحافة ويرى ان الكومة لن تضع نفسها ف موقع الكم لن هذا‬
‫يتطلب تفرغا تاما لا تقدمه الصحافة اليومية!! وف الوقت نفسه أكد هذا الرئيس الداناركي ان‬
‫حكومته مرتاحة لطريقة تعاطيها مع هذه القضية!! وانا ل تشعر بأنا أساءت لقوق النسان ف هذا‬
‫الجال!! ويقول‪ :‬لقد قمنا بتقدي شرح واضح ومفصل عن كيفية تعاملنا وحايتنا لقوق النسان‬
‫والقليات مؤكدا ان هذا الشرح يتماشى مع التطلعات الت ينشدها مسؤول لنة حقوق النسان‬
‫التابع للمم التحدة!!‬
‫‪ ..‬انظروا كيف هو التعامل اللمبال والمعن ف الساءة والهانة لنا بصفتنا مسلمي!؟ لقد خلع ال‬
‫الهابة من قلوب أعدائنا عندما تاونا ف أمور ديننا ورضينا تدنيس القرآن الكري ف معتقلت‬
‫جوانتانامو بل وإحراقه ورسم الصليب عليه‪ ..‬واليوم يساء إل رسولنا صلى ال عليه وسلم ويكابرون‬
‫ويرفضون العتذار!! بينما ياكم مفكرون لجرد انم شككوا ف الولوكوست!! ويُسأل سفي‬
‫خليجي ف بريطانيا منذ أعوام لجرد انه نشر قصيدة شعر ف أم استشهادي فلسطين!! وكيف يتحرك‬
‫كوف عنان ويشجب ومع جوقة الطبلي ف المم التحدة لن الرئيس اليران قال لم اجعلوا دولة‬
‫إسرائيل لديكم ف أرضكم!!‬

‫‪488‬‬
‫والقائمة طويلة جدا وإعادة كتابتها لن تغي من المر شيئا لن هؤلء ل يتحركون إل عندما يتأذى‬
‫اقتصادهم إذا ما استمرت القاطعة لنتجاتم ليس ف الملكة هنا فقط بل ف كل الجتمعات‬
‫السلمية‪ ..‬فل يهنأ أي منا بالتلذذ بالب والزبدة من بلد يتقر رسولنا ويستهزئ به ول يلقي بالً‬
‫إل جيع هذه الحتجاجات من اليئات السلمية العالية‪..‬‬
‫?? يدعون أن هذا (حرية رأي)!! ونن هنا نناقش الوار مع الخر واحترام الخر‪ ..‬وهذا هو الخر‬
‫يتمثل ف تصرف دولتي أوروبيتي كانتا مسالتي!!‬
‫ومن رسائل وجهت لوزير الارجية الداناركي الدكتور بيستج مولر من قبل العديد من الغيورين‬
‫جاء فيها (ان ادعاء الصحيفة برية التعبي ف نشرها تلك الرسوم ادعاء غي مقنع لن جيع دساتي‬
‫العال ومنظماته تؤكد على احترام الرسل‪ ،‬وعلى احترام الشرائع السماوية‪ ،‬واحترام الخرين وعدم‬
‫الطعن فيه علنية‪ .‬وقد جاء ف ميثاق شرف الجلس العالي للفيدرالية الدولية للصحفيي ما نصه‪:‬‬
‫‪ -‬على الصحفي التنبه للمخاطر الت قد تنجم عن التمييز والتفرقة اللذين قد يدعو إليهما العلم‬
‫وسيبذل كل ما بوسعه لتجنب القيام بتسهيل مثل هذه الدعوات الت قد تكون مبنية على أساس‬
‫عنصري أو النس أو اللغة أو الدين أو العتقدات السياسية وغيها من العتقدات‪.‬‬
‫‪ -‬سيقوم الصحفي باعتبار ما سيأت على ذكره على انه تاوز مهن خطي‪ :‬النتحال‪ ،‬التفسي بنية‬
‫السوء‪ ،‬الفتراء الطعن‪ ،‬القذف‪ ،‬التام على غي أساس‪ ،‬قبول الرشوة سواء من أجل النشر أو لخفاء‬
‫العلومات‪.‬‬
‫‪ -‬على الصحافيي الديرين بصنعتهم هذه ان يؤمنوا أن من واجبهم الراعاة المينة للمبادئ الت ت‬
‫ذكرها ومن خلل الطار العام للقانون ف كل دولة‪.‬‬
‫وجاء فيها أيضا‪( :‬اننا حي نطالب الصحيفة والكومة الداناركية بالعتذار ومنع تلك الساءات‬
‫لحقا فإننا نعتمد على اليثاق الصحفي الذي جاء فيه (سيقوم الصحاف ببذل أقصى طاقته لتصحيح‬
‫وتعديل معلومات نشرت ووجد انا غي دقيقة على نو مسيء)‪.‬‬
‫‪ ..‬هذا اليثاق مهم ولن سيفع دعوى قضائية على هذه الصحيفة العتماد عليه وأل يطالب باعتذار‬
‫فقط بل لبد من إغلق تلك الصحيفة‪ ..‬فالذي أُسيء له ليس حاكما أو زعيما بل هو سيد البشرية‬
‫صلى ال عليه وسلم ومن خاطبه الالق‪ :‬إنا ارسلناك رحة للعالي‪..‬‬
‫ولبد من تفعيل رسي من قبل التادات والنظمات السلمية ف كل موقع والطالبة بتفعيل القرار‬
‫الذي تبنته لنة حقوق النسان التابعة للمم التحدة بتاريخ ‪2/3/1426‬ه الوافق ‪12/4/2005‬م‬
‫الداعي إل ماربة تشويه الديان لسيما السلم الذي زادت وتية تشويهه ف العوام الخية ويقابل‬
‫هذا صمت رسي من معظم حكومات الدول السلمية ما عدا الملكة العربية السعودية الت سحبت‬
‫سفيها من الدانارك منذ أيام ول المد‪ ..‬ولبد أن تذو حذوها جيع الدول السلمية ولبد من‬
‫إبعاد سفراء الدانارك والنرويج أيضا لن صحيفتيهما أعادتا نشر الرسوم السيئة‪..‬‬

‫‪489‬‬
‫?? نمد ال على التجاوب الشريف من بعض التجار ليقاف بيع النتجات الداناركية ومقاطعتها‬
‫فهذا سلح آخر لبد أن يستمر وأن تكون هناك آلية مستمرة للتصدي لمثال هذه التصرفات وأن‬
‫يشارك جيع الثقفي والعلماء والكتّاب والكاتبات للتصدي لذه الساءات فالقلم أمانة‪ ..‬وكما‬
‫يتفاعلون مع (قضايا الخر)!! لبد أن يتفاعلوا مع قضايا تس (رسولنا صلى ال عليه وسلم عندما‬
‫يسخر منه هذا الخر)!!‬
‫?? تية تقدير لقناة الجد لتفاعلها التميز وتسخيها العلم لداء المانة والدفاع عن رسولنا صلى‬
‫ال عليه وسلم على مدى اليام الاضية‪...‬‬
‫‪ 19‬تعليق‬
‫‪1‬‬
‫شكر‬
‫جزاك ال خيا ولحرمك الجر وحاك ال من كل مكروه‬
‫علي الاج‬
‫‪ 05:13‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪2‬‬
‫لنريد العتذار‬
‫كالعادة يا دكتوره مواقفك مثل مواقف قناة الجد مشرفة وهذا ادراك جيل لعن المانة الصحفية‬
‫الت افتقد لا الكثي للسف‪.‬‬
‫تية لكل مسلم غيور دافع وأنكر ما تقوم به هذه الدول الفاسدة الت ل ترى ف حرية التعبي ال على‬
‫حساب السلمي‪ .‬وال ان هذا لن يزيدنا ال تسكا وحبا بسيد اللق‪ .‬واذا كانوا اتمونا بالرهاب‪،‬‬
‫فهذا هو الرهاب الفكري والستفزاز‪ .‬ان العتذار ليكفي فقد يكون ضعيف مثل ذر الرماد ف‬
‫العيون‪.‬‬
‫أتن من الهات الرسية ان يكون العتذار على شكل صفحة كاملة ف هذه الصحف تعطى‬
‫للمسلمي ليكتبوا عن دينهم ونبيهم ويدافعوا عن هذه الشبهات‪ .‬صدقون لو ت ذلك فلن ترأ‬
‫صحيفة على العتداء لنا ستعرف انا مطالبة بعد ذلك بتخصيص مساحة معينة ف صفحاتا للرد‬
‫على الشبهات وعرض السلمي لدينهم بالشكل الصحيح‪.‬‬
‫ألف شكر للدكتور العزيزة وقناة الجد وجيع الخلصي‪.‬‬
‫أبو فيصل‬
‫‪ 08:14‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪3‬‬
‫تية شكر لقلمك الشريف‬

‫‪490‬‬
‫فأنت من أوائل من جرد قلمه للتصدي لملة التشويه الت قصد با الساس بالناب النبوي‪ ،‬وهكذا‬
‫نريد من كتابنا‪ ،‬وهذا ما ننتظره منهم‪.‬‬
‫والعجب ل ينقضي من هذا الصرار الزعج من صحيفة ((بولند بوست)) وحكومة الدنارك من‬
‫ورائها؛ فالكومة وعلى رأسها اللكة ((مارجريت الثانية)) ورئيس الوزراء ووزير الارجية يصرون‬
‫على عدم العتذار‪ ،‬وصحيفة بولند بوست الدناركية نشرت أمس بيانا للمواطني السعوديي ف‬
‫صفحتها الول تصر فيه على أنا حرية الرأي والتعبي‪ ،‬ووضعت رابطا لبيان ف آخر بيانا أمس لبيان‬
‫سبق أن نشرته‪ ،‬وفيه‪ :‬أنا لن تعتذر‪ ،‬ولن تزيل الرسومات من العداد الت نشرت فيها‪.‬‬
‫أما خوفنا فهو من بعض الخذلي من أبناء جلدتنا الذين ينطقون بألسنتنا‪ ،‬وأخذوا ف نشر تصريات‪،‬‬
‫وتدبيج مقالت ف بعض وسائل العلم يدعون فيها إل عدم القاطعة‪ ،‬ويهونون من الرم الشنيع‬
‫الذي وقعت فيه صحيفة ((بولند بوسطن الداناركية)) وملة ((ماغازينت)) النرويية‪.‬‬
‫هؤلء نشى من تذيلهم‪ ،‬ومن فتهم ف عضد هذه الملة الت أثلجت صدورنا حي وحدت بي‬
‫الصفوف‪ ،‬وحركت المم‪ ،‬ونفضت الغبار عن كثي من أحوالنا‪ .‬وال الوفق‪.‬‬
‫أحد بن عبد العزيز السليمان‬
‫‪ 08:17‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪4‬‬
‫فمن يهجو رسول ال منكم ويدحه وينصره سواء!‬
‫الدكتورة نوره السعد‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاته‬
‫تية وشكر لا يطه يراعك‪ ،‬وأسأل ال لكِ دوام شرف الدفاع والذب عن ساحة رسولنا صلى ال‬
‫عليه وسلم‪..‬‬
‫صدقتِ (القلم أمانة)‪ ..‬أين من سخّر قلمه للدفاع عن الطربة فلنة؟! وعن المثل فلن؟! وأين من‬
‫سخّر قلمه لتمجيد الراذل والثالة؟!‪..‬‬
‫أل يستحق سيد ولد آدم لن يهب نوة ودفاعا عن شرفه؟؟ بل وعن شرف مليار ومائة مليون‬
‫مسلم؟؟‪.‬‬
‫يقول الرسول صلى ال عليه وسلم (هجاهم حسان فشفى واشتفى)‪..‬‬
‫قال حسان بن ثابت رضي ال عنه‪:‬‬
‫هجوت ممدا برا تقيا * رسول ال شيمته الوفاء‪،‬‬
‫فإن أب ووالده وعرضي * لعرض ممد منكم وقاء‪،‬‬
‫فمن يهجو رسول ال منكم * ويدحه وينصره سواء‪،‬‬
‫أكرر شكري وتقديري لستاذتنا نوره‪ ،‬مع التحية‪..‬‬
‫خالد بن راشد الجي‬

‫‪491‬‬
‫‪ 08:30‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪5‬‬
‫كلمه الشعوب‬
‫يب على الشعوب ان يكون لا دور كبي وان ل يعتمد على ماتقوم به الكومات فقط وان تستمر‬
‫المله ضد الدنارك والقاطعه على جيع الستويات حت يكون درس لميع الدول وتبقى للتاريخ‬
‫عبدال الابر‬
‫‪ 08:49‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪6‬‬
‫اختلف معك‬
‫افهموا الرأي الخر‪..‬وماسبق ان طرحه احد العقبي عن الوضوع‪ .‬لاذا القاطعة؟ لاذا القاطعة؟ ان‬
‫القاطعة لن تل الشكلة بل هذا ما سيثبت فكرة الغرب بكوننا شعب متخلف و ل نيد الوار‪.‬‬
‫لنعطي فرصة للحوار‪.‬وهو ما قاله الخ عبدالليم وعلينا ان ننتبه لواقعنا وانفسنا ول نكون اميي اكثر‬
‫من اللزم‪.‬نن هنا وطننا‪ .‬واذكر تعليق عضو ملس الشورى ف جريدة شس إن "مقاطعة النتجات‬
‫الدناركية أسلوب عاطفي‪ ،‬لذا ينبغي على السلمي أن يسعوا إل إيصال صورتم بلمها القيقية‪ ،‬ل‬
‫كما يصورهم الطاب السلمي التطرف"‪.‬‬
‫لى‬
‫‪ 09:15‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪7‬‬
‫ليست مسؤليتكم وحدكم‬
‫السلم عليكم ورحة ال وبركاتة‬
‫جزاك ال خي د‪/‬نوره‬
‫نعم هي ليست مسؤليتكم وحدكم ككتاب ومثقفي وايضا تار هي مسؤلية كل مسلم ان يدافع عن‬
‫دينه وانا ف القيقة استغرب من الدول السلمية الت ل تبادر بسحب سفرائها بعد الذي حدث !!!‬
‫أليسو مسلمي؟‬
‫مع العلم أن سحب السفراء اقل شيء يب أن يعمل به‪.‬‬
‫قبل التام يب ان نشيد بشبابنا البواسل ( الاكرز ) الذين بدأو ف اقتحام مواقع الصحف على‬
‫النترنت الت شنت الجوم على سيد اللق ممد بن عبدال صلى ال عليه وسلم ووضعوا راية‬
‫التوحيد على واجهات الواقع‪...‬‬
‫الوليد السليمان‬
‫‪ 09:22‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪8‬‬

‫‪492‬‬
‫مشكورة‬
‫ال يعطيك العافية ويعل هذا القال يشهد لك يوم القيامة‪ ,‬بارك ال فيك‪.‬‬
‫بدر عبدال‬
‫‪ 09:29‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪9‬‬
‫حلت جادة‬
‫اتن ان يكون هناك حلة توعوية تقوم وبشكل جدي بتوعية اصحاب الحلت و توضيح الوقف‬
‫بشكل اكب لنعهم من بيع منتجات بلد كهذة وبيان واجبهم كمسلمي تاه هذا الدين‪ .‬و نشكر‬
‫ملكتنا البيبه على سحب سفبها من الدنارك‬
‫هناء الوران‬
‫‪ 09:40‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪10‬‬
‫شكر‬
‫جزاك ال خيا و صلى ال على سيد اللق‬
‫ابو العبد التميمي‬
‫‪ 10:27‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪11‬‬
‫أنت عينة من النود البواسل‬
‫ف الروب السابقة كان النتصار والقوة لن هو القوى‪...‬‬
‫العصر الديث تاض الروب بسلح العقل والفكر والال والقتصاد‪..‬‬
‫وجنوده هم العلماء والفكرين والكتاب الخلصي‪...‬‬
‫دكتورة نورة عجبا من دولة كالدنارك كما قلت ف مقالة ل سابقة تعتب من القزام مقارنة مع‬
‫الدول الخرى ومع ذلك عندها الشجاعة أن ترح ‪ 1 000 000 000‬شخص مسلم!!!‬
‫هذا يدلنا ويبهن لنا أن العلة لتكمن ف هؤلء الناس فهم أحلوا الشذوذ والخدرات وعبدوا‬
‫الشيطان وقطعوا الرحام‪.‬وأكثر مانعرفه جيعنا ولكن العلة والصيبة فينا نن السلمي‪...‬والمل بال‬
‫كبي فما تزيد هذه الصايب السلمي ال وقودا للنطلق نو قيادة الستقبل بإذن ال‪...‬‬
‫ووال إن المة متاجة لاكذا ملصي من أمثالك وأمثال القائمي على قناة الجد وكل الخلصي ل‬
‫أولً ث لدينهم ونبيهم‪...‬‬
‫ووال كما ذكرت أن أنح علج لؤلء الرضى هو سلح القتصاد‪.‬‬

‫‪493‬‬
‫ولننقل العركة من أن تكون لدينا إل عقر دارهم عندما ينقلب القتصاد ال بطالة وخسائر‬
‫ومظاهرات وينقلب رجال العمال عليهم وإن ال سييهم سوء أ‘مالم إن نن صدقنا ال ماوعدناه‬
‫وكنا مواطني صالي نعي مايطلب منا على أكمل وجه وبذكاء‪...‬‬
‫فهل نعجز نن السلمي عن الستغناء عن منتجات عدوة ال ورسوله الدنارك وهي منتجات لا‬
‫بديل من صناعاتنا الحلية أم نفشل لننا أناس عاطفييون ف هذا الختبار كما فشلنا مع النتجات‬
‫المريكية‪.‬هذا إختبار لنا إختبار للرادتنا وحبنا لطيب الثرى ممد صلى ال عليه وسلم‪...‬‬
‫أخت الدكتورة نورة وال على أن منشغل جدا ولكن مادام السألة تس النب صلى ال عليه وسلم‬
‫فالوضوع متلف وسوف أدافع بقلمي وبال وبهدي وبعقلي وبدعائي والكل على قدر إستطاعته‪...‬‬
‫وإل أفعل ذلك فما فائدة عيشي !‬
‫‪Falcon eyes‬‬
‫‪ 10:47‬صباحا ‪2006/01/29‬‬
‫‪12‬‬
‫ل تتزلوا الساءة ف أصبع زبدة‬
‫رائع هذا القال د‪ .‬نورة و إضافة للقلم الرة الغيورة الت انبت لذا السفاف و التفاهة الت جاءت‬
‫ف صحف الدنارك و النرويج‪ .‬و العجيب أنّ هذه الدول من الدول ( الناعمة )‪ ،‬الطرية مثل الزبدة‪،‬‬
‫و لست أدري من أين طلعت لا هذه النياب و الخالب الت ل تد إلّ أفضل و أكمل البشر‬
‫للستهزاء به‪ .‬و العجب أن نرى بعض السلمي الذى تعودوا على الستكانة و الذل يطالبون‬
‫بالنناء و الوار مع هؤلء السفلة‪ .‬يا ترى ما الذى سيقوله السلم الحاور ؟ الوضوع ليس مسألة‬
‫سياسية متلف عليها بي الدول‪ ،‬بل طعنٌ ف عقيدة مليار و ثلثائة مليون مسلم و إهانةٌ لنبيّهم‬
‫العصوم ‪ -‬عليه أفضل الصلة و أتّ التسليم‪.‬‬
‫أرجو أن تكون قرارات قادة السلمي على مستوى هذا الغليان الذى يتاح وجدان كل مسلم على‬
‫وجه الرض‪ ،‬وأن تكون مقاطعة منتوجات هذه الدول أول الغيث و أهون العقوبات‪.‬‬
‫قال حرية التعبي قال !!! عجب‪.‬‬
‫أنور على‬
‫‪ 12:37‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫‪13‬‬
‫بورك فيك وف قلمك‪ ..‬ومهما قلنا وكتبنا ‪,‬ز‪ ..‬نأمل الزيد من التفاعل‬
‫شكر ال لك هذا القال والقالت الت قبله‪ ..‬وال أسأل أن يعلك من يشفع لم البيب صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ووالديك‪ ..‬والخوة القراء‪...‬‬
‫مؤل حقا أل يكون هناك تفاعل من قِبل صحفنا السعودية ‪ ,,,‬إل النر القيلي‪ ..‬من الخوة الخوات‬
‫الكتاب!!!‬

‫‪494‬‬
‫بينما ف الكويت والدول الخوى‪ ...‬تركت سياسيا بعد ترك حكومتنا ‪ -‬وفقها ال ‪ -‬بينما سبقتنا‬
‫إعلميا‪ ..‬براحل ! فما السبب ؟‬
‫فشكر ال سعي إخواتنا وإخواننا الكتاب الذين تفاعلوا مع الديث‪ ...‬ومن ل يتفاعل مع نب الرحة‬
‫وما يسخر به‪ ..‬فل حاجة لنا به ول بكتاباته‪.‬‬
‫لو سع أحدهم قصة متلقة عن رجل توقعوا أنه من هيئة الر بالعروف والنهي عن النكر‪ ...‬لملوا‬
‫الدنيا ول يقعدوها‪ ...‬والن وكأن المر ل يعينهم!!!‬
‫وأخيا قال تعال {فمن يعمل مثقال ذرة خيا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}‬
‫وفق ال الميع لا يب ويرضاه‪ ،‬وأخذ بيدينا جيعا للب والتقوى‪ ،‬والسلم عليكم ورحة ال‬
‫وبركاته‪...‬‬
‫عبدالعزيز بن علي العسكر‬
‫‪ 01:11‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫‪14‬‬
‫بارك ال ف الهود‬
‫الخت الدكتوره نوره بارك ال ف جهودك وحقك علينا الدعاء بأن يبارك ال لك ف علمك وقلمك‬
‫وجرئتك ف الدفاع عن قضايا المة فأنت أحد فرسان الساحة وامالنا معقودة بعد ال على جهودك‬
‫والخلصي من امثالك‪،‬وما وصلنا ال هذه الرحلة من الضعف والوان ال بالبعد عن الدين‪.‬‬
‫ابوعبدالعزيز‬
‫‪ 02:18‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫‪15‬‬
‫ال يوفق ف الدنيا والخره‬
‫ال الدكتوره نوره السعد وفقك ال وارجوا منك ان تدعي الكاتبات والصحفيات ال تبن القضيه‬
‫وتصعيدها على كل الستويات وف كل الحافل الدوليه والحليه وف الذاعات وعب وسائل العلم‬
‫الختلفه وبارك ال ف جهودك وف قلمك‬
‫ابو ياسر‬
‫‪ 03:08‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫‪16‬‬
‫نعم قاطعوهم ث قاقطعوهم‬
‫الخت الفاضله الدكتوره نور السعد ‪0‬‬
‫وفقك ال على هذا البيان الميل وجزاك ال خي الزاء على ما اورت به من كلم صادق وبيان‬
‫حول النية البيته للحكومة الدنركية وحثالت صحافتها حول موضوع سب النب والعتداء عليه‬

‫‪495‬‬
‫صلى ال عليه وسلم والوقف السلب للكة الدنرك ورءيس وزراءها يزيدنا تسكا وحرصا على نصرة‬
‫نبينا صلى ال علية وسلم ‪0‬‬
‫ل تعليق طويل حول ماكتبته الكاتبه (لى) وقمت بإنزاله ف إحدى النتديات‬
‫تركي الرب‬
‫‪ 03:24‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫‪17‬‬
‫فلتسي القافلة‪.‬‬
‫آمل الضي ف الدفاع عن البيب صلى ال عليه وسلم‪..‬بدات القافلة تسي بعزم نو هدف واحد‬
‫الكبي والصغي الراة والرجل الوزير والقي الطيع والعاصي كل من ف قلبه من ذرة ايان‪ .‬ان التحرك‬
‫يزلزل قلوب مريضة‪..‬بتت با ت‪ ،‬يارون الن‪..‬كيف يصرفوا النتباه عن هذه القضية‪ ،‬لذا أوصي‬
‫الخ الرب بعدم اشغال قلمه بن يثي ضجيج حول القافلة‪.‬فهذا أنت يا وطن شامخ بدينك‪ ،‬وهذه‬
‫انت يا أمت عاليه بمتك‪ .‬ومن ل يعجبه فليشرب من البحر‪.‬‬
‫لي السعيد‬
‫‪ 05:01‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫‪18‬‬
‫شكر‬
‫أثابك ال وجعل ما تكتبي ف ميزان حسناتك‪ ،‬وخالص لوجهه الكري‪.‬‬
‫أم لي‬
‫‪ 05:06‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫‪19‬‬
‫بس هذا ال تقدرون عليها‬
‫لو ان واحد متكلم على حاكم دوله او رئيسى او وزير ال اخرى ماذ فعلوا‬
‫اقاموا الدنيا واقعدوه وما بالك ف رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫اقسم بال لو انه متكلم على حاكم دوله اسحبو السفي والعلم جالس يسب ف الدوله وهذا يسبو‬
‫رسول صلى ال عليه وسلم‬
‫حسب ال ونعم الوكيل‬
‫عاقل‬
‫‪ 05:54‬مسا ًء ‪2006/01/29‬‬
‫==========================‬
‫مسلمو الدنارك وأزمة الرسوم السيئة‬

‫‪496‬‬
‫الكاتب‪ :‬د‪.‬رائد حليحل‬
‫أيها الخوة الحباب‪ ،‬أتيت مع إخوان ل من الدانرك نثل بي أيديكم الغالبية العظمى من مسلمي‬
‫الدانرك حت نرفع لكم شكايتنا عما حصل ف تلك الديار‪...‬‬
‫أيها الخوة الحباب‪ ،‬ل بد ل أن أجعل كلمي على مورين اثني‪....‬‬
‫الحور الول ‪ :‬هو الكلم عن الفاجعة أو الكارثة الت وقعت ف ديارنا ف بلد الدانرك‪ ،‬والحور‬
‫الثان هو الكلم عن كيفية تعاطي السلمي مع هذه الزمة‪.‬‬
‫لبد أن نعي بداية أن صحيفة (يولند بوسطن) لا ميول واضحة‪ ،‬فكل من يتابع العلم الدانركي‬
‫يعرفها تاما‪ ،‬هي يينية متطرفة با تعن الكلمة‪ ،‬إن عندها من عدم الحبة إن ل أقل عداء بينا للجالية‬
‫عموما والسلمي منهم تديدا‪ .‬ول ترتدع يوما عن التطاول على السلم والسلمي ولكنه طبعا ل‬
‫يبلغ ح ّد نشر الرسوم السيئة‪ ،‬إنا كان على صورة النقد للمسلمي باستغلل بعض الثغرات عندهم‬
‫وبعض الواقف الت تظهر ضعفهم الت كانت تبزها دون أن تبز غيها‪ ،‬ولقد كللت هذه العمال‬
‫بتلك الفاجعة الخية عندما انبت ظنا منها وإيهاما للمجتمع الدانركي على أنا راعية القوق وأنا‬
‫حريصة على حرية الرأي والتعبي‪ ،‬وأنا حامية لمى الديقراطية ف تلك الديار‪ ،‬وبالتال أنا الت تقف‬
‫أمام زحف إسلمي ميف ف ديار الغرب عموما وف الدانرك تديدا‪.‬‬
‫الذي هيج الريدة أن كاتبا كتب كتابا عن السلم‪ ،‬للسف لقد نزل إل السواق منذ مدة قريبة‬
‫وعنوان الكتاب (القرآن وحياة ممد)‪ ،‬وهذا الكتاب فيه من الكاذيب والشبهات وإثارة كل ما‬
‫يكن استغلله ليقدح ف مقام النبوة‪ ،‬ما ل يعلم به إل ال‪ .‬هذا الكاتب أراد أن يسوق لكتابه برسم‬
‫يوضع على غلف الكتاب يعكس مضامي الكتاب‪ ،‬أي رسومات ساخرة تعب ف أول صفحة عما‬
‫ف داخل الكتاب‪ ،‬لقد أب أكثر الفناني بل امتنعوا‪ ،‬فلما علمت الريدة بذلك حكمت أن هذه‬
‫مبادرة خطية‪ ،‬أيكن أن ناف نن ف ديارنا من السلمي‪ ،‬أيكن أن نراعي مشاعر السلمي عوضا‬
‫عن أن يراعوا هم مشاعرنا وقيمنا ومبادئنا وغي ذلك‪ ،‬فأرسلت هي بدورها إل ثلة من الفناني ومن‬
‫الرسامي تطالبهم بل تثهم وتوههم أن العركة ل بد منها‪ ،‬وأنا العركة الفاصلة الت لو انزم هؤلء‬
‫أمامها فإن بناء الديقراطية حقيقة سيشكل عليه هذا الضغطُ السلمي خطرا كبيا ‪ ،‬فحثتهم على‬
‫هذا الفعل‪ ،‬فاستجاب اثن عشر وامتنع بقية الربعي‪ ،‬وجاءت الرسومات قاصمة لظهر كل عاقل‬
‫فضل عن كل مسلم‪.‬‬
‫لقد جاءتنا الفاجعة صبيحة يوم المعة‪ ،‬ولعل اختيار يوم المعة له دللته ـ لنفس اليوم ـ ولن‬
‫الريدة ستكون بي يدي الذين عندهم الجازة السبوعية يتمتعون بالنظر إل تلك الرسومات‬
‫الساخرة طيلة ثلثة أيام وكان ذلك ف يوم ‪ 30‬من شهر ‪ 9‬من العام اليلدي ‪2005‬م ‪ ،‬فما كان‬
‫من السلمي إل أن تنادو لعقد لقاء هادئ هادف بعيد عن النفعالت‪ ،‬وإنا أردنا أن نتشاور ف ما‬
‫بيننا وأن نتذاكر كيف يكن أن نواجه مثل هذه القضية‪ ،‬ول أفشي سرا إن قلت لكم أن هناك رأيا‬

‫‪497‬‬
‫كان مطروحا ف هذه اللسة أنه علينا أن نتجاهل تلك الرسومات ولكن الرأي الغلب كان ‪ :‬ل بد‬
‫أن نتصدى لا والذي رجح الرأي الخر أننا وجدنا من الصحيفة إصرارا على عملها ‪ ،‬ولعلمكم فإن‬
‫أول ردّ نزل لنا على الرسومات كان بعد أسبوع‪ ،‬وطيلة هذا السبوع كانت ف كل يوم تتحفنا‬
‫الصحيفة بتكرار صورة أو مقال يؤكد هذا العن‪.‬‬
‫الصور كانت مسيئة‪ ،‬والشكال فيها كبي ولكن الشكال ف ما قاله الحرر مرافقا لذه الصور كان‬
‫أكب‪ ،‬عندما أراد منا أن نتهيأ نفسيا لذا المر وأن نرضى ونرضخ لي إهانة مهما عظمت ومهما‬
‫كان حجمها لن هذا كان من متطلبات الياة الديقراطية‪ ،‬وهنا تكمن الطورة ‪ ،‬لن الرسومات ل‬
‫تكن رصاصة طائشة ول تكن عمل حقيقة غي هادف إنا كانت عمل مدروسا‪ ،‬وقد افتضح هؤلء‬
‫أرباب تلك الصحيفة عندما قال خبي ف الديانات ف الدانرك " لقد اسُتشِرت ف هذه الرسومات‪،‬‬
‫فقلت لم حذار حذار من نشرها‪ ،‬لنا ستحدث انتفاضة"‪ .‬ولكن إصرارهم على نشرها إل جانب‬
‫سكوتنا أسبوعا كامل‪ ،‬طبعا سكوتنا إعلميا‪ ،‬ولكن كنا ف داخلنا وف متمعاتنا ومنتدياتنا ف حالة‬
‫تشاور حول ما هو العمل النسب وكيف سنواجه القضية‪ .‬وأنا ل بد أن أذكر هذا الكلم‪ ،‬ليس‬
‫دفاعا عن أنفسنا وليس تزكية لا‪ ،‬إنا بيانا للحقيقة‪ ،‬لننا سعنا كثيا من التوجيهات والنصائح‬
‫الكرية وشيئا من نقد‪ ،‬كنت أتأل منه أنا وإخوان ف الدانرك‪ .‬هذا النقد كان يقول أن السلمي ف‬
‫الدانرك هم الذين يتحملون مسؤولية الساءة وهم الذين يتحملون أسبابا‪ ،‬وهذه الكلمة فيها من‬
‫الجحاف لق مسلمي الدانرك ما ل يعلم به إل ال‪.‬‬
‫ليكن معلوما لديكم جيعا‪ ،‬إن كان ل بد من تميل السلمي لذه السؤولية فليكن التحمل من‬
‫السلمي عامة‪ ،‬ف العال كله‪ ،‬لننا اليوم نعيش ف عال كأنه قرية واحدة‪ .‬هؤلء نظرتم على‬
‫السلم‪ ،‬ليست من أجل الشيخ رائد ‪ ،‬إنا نظرة على كل عمل ولو كان ف أقاصي الدنيا وماولة‬
‫نقده بذه الطريقة أو بغيها‪ .‬فأقول لكم ل تعفوا أنفسكم من السؤولية‪ ،‬بل بيننا شراكة كاملة كلنا‬
‫نتحمل السؤولية إذا كان ل بد من تملها‪ ،‬ولكن حت ل نظلم أيضا لننا قصرنا ف التعريف برسول‬
‫ال وقصرنا بالدعوة إل ال ولو أننا قمنا بواجبنا لا عمل بذا العمل‪ ،‬ول أدري‪ ،‬أكل تكم بدين ال‬
‫سببه السلمون؟ وبالتال‪ ،‬أيعقل أن نمل السلمي السؤولية ف الدنيا والخرة بأن نطالب أن يقام‬
‫الد عليهم اليوم أو نطالب بأن يعاقبهم ال يوم القيامة لنم متسببون ف هذه الساءة؟ أقول‪ ،‬كفانا‬
‫جلدا لذواتنا‪ ،‬ل ينبغي أن نلد أنفسنا لذا الستوى والد‪ .‬نعم‪ ،‬أنا مع النقد الذات‪ ،‬ولو ل أكن معه‬
‫لا نقدت إخوانا ل ف ال‪ ،‬أحبهم‪ ،‬أحترمهم ولكن الصلحة العليا أهم عندي من أن أنتقدهم أو غي‬
‫ذلك‪.‬‬
‫إذا‪ ،‬رأينا أيها الخوة بعد إصرار الصحيفة أنه ل بد من القيام بعمل‪ ،‬ولكن تيلوا ما العمل الذي‬
‫أديناه‪ .‬كان عمل حقيقة كما يقال ف الغرب تت مظلة الديقراطية! ل نقارف عمل واحدا والقضية‬
‫اليوم عمرها خسة أشهر‪ ،‬ل نقارف عمل واحدا يكن أن يسجل على السلمي أنم أخطأوا بق‬
‫رسالتهم ودينهم وحضارتم ف الجتمعات الغربية‪.‬‬

‫‪498‬‬
‫لعلمكم‪ ،‬السيات الت خرجت ف العال السلمي هي الت وقع فيها التخريب‪ ،‬أما عندنا‪ ،‬حت‬
‫السيات ل ترج‪ ،‬لننا كنا نشى لو أننا أطلقنا دعوة للخروج إل السيات‪ ،‬ونن نعلم أن النفوس‬
‫ملتهبة‪ ،‬أنه قد يشى أن يدث شيء‪ ،‬ولذلك من حنكتنا وحكمتنا رفضنا أن تكون هناك مسيات‬
‫ف الدانرك‪.‬‬
‫ما الذي عملناه؟ جعنا توقيعات حقيقة بلغت حوال عشرين ألف توقيع من أجل أن نوصل رسالة‬
‫للصحيفة وأرباب السياسة أن هذا عمل ل يكن أن نرضى عنه‪ .‬استشرنا مامي من أجل أن نرفع‬
‫قضية ف القضاء الدانركي لنحل تلك القضية‪ .‬كتبنا رسالة احتجاج مؤدبة ف قمة الدب إل تلك‬
‫الصحيفة وقلنا لم " إن كنتم ف علمانيتكم ل تقيمون للرموز قداسة‪ ،‬فإن نبينا ما زال له ف قلوبنا‬
‫وسيبقى بإذن ال رمزية عظيمة وقدسية كبية‪ ،‬ل بد لكم‪ ،‬إن أردت أن نترم قيمكم‪ ،‬إذا أردت أن‬
‫نترم متمعكم ل بد أن تترمونا‪ ،‬ل بد أن يكون احتراما متبادل وأما احترام من طرف واحد يعتب‬
‫ظلما ومهانة"‪ .‬ث أكثر من ذلك‪ ،‬كتبنا رسالة دبلوماسية إل وزير الثقافة ول يصلنا الواب إل من‬
‫أيام قليلة بعد أن التهب الشرق الوسط بالة الحتجاج‪ .‬إذا‪ ،‬كل هذا الكلم يدل على أننا ل نشأ‬
‫أن نعل من الدانرك ساحة حرب ‪ ،‬وهذا للسف من باب التضليل العلمي ف الدانرك‪ ،‬صوّر‬
‫للمجتمع الدانركي أن اعتراض السلمي ليس إل نوع من أنواع إعلن الرب على حرية الرأي‬
‫والتعبي وقلنا لم مرارا‪ ،‬نن أول وأول من نادى برية الرأي والتعبي‪ .‬هل هناك أعظم من أن يكون‬
‫ف ديننا إذن للبشرية أن يكون منهم مؤمن ومنهم كافر؟ أي حرية أعظم من ذلك! أي حرية أعظم‬
‫من قول ال‪ ،‬ل إكراه ف الدين! ولكن للسف أيها الخوة‪ ،‬هناك أمر أرجو من الميع أن يتنبه له‬
‫تاما ‪ ،‬وهو أن صورتنا تشوه دائما ف الدانرك ‪ ،‬وول ليس بتقصي منا ول نعفي أنفسنا من السؤولية‬
‫‪ ،‬ولكن أنا وغيي من الدعاة الذين هم معي الن جزاهم ال خيا! يتكلم أحدنا ساعة ل يأخذ‬
‫العلم منه إل كلمة وتوظف ف غي ملها ‪ ،‬وتبتر وتوضع ف غي سياقها ليتوهم القارئ والسامع أن‬
‫هؤلء حقيقة أسود ضارية ل بد أن تافوا منهم‪.‬‬
‫لقد عشنا ف الدانرك بسلم ول زلنا مسالي ولا قمنا من أجل أن نوقف هذه الهزلة كان سبب‬
‫ذلك أننا نشى أن يدث ف الدانرك ما حدث ف هولندا‪ .‬ل نريد أن نفتح الجال أما عواطف‬
‫غوغائية غي منضبطة لتنتقم لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬أردنا منهم أن ياطبونا بالعقل‬
‫لنخاطبهم بالعقل‪ ،‬أن نل القضية بالعقل وأنا أطمئنكم أيضا لننا ف مرحلة ل نتعرض با للحكومة‬
‫الدانركية بكلمة واحدة‪ ،‬ل نريد أن نظهر أمامها أننا أناس نريد أن نشاغب مع الكومة‪ .‬كل كلمنا‬
‫كان منصبا على الريدة وما زال حت اليوم ‪ ،‬ول نطلب من الكومة موقفا منصفا لنا إل عندما‬
‫أخطأت الكومة بأعمال أظهرت من خللا أنا داعمة أو متغاضية عن عمل الصحيفة ‪ ،‬ولعل‬
‫بعضكم اليوم اطلع على نشرة الخبار على أن الرئيس الدانركي أصر أن يقحم أنفه ف هذه العضلة‬
‫ليعترض اعتراضا كبيا ويدين بشدة عمل شركة (آرل) الت قالت لنا نن الؤترين هنا‪ ،‬أرجوكم أنا‬
‫أحترمكم‪ ،‬أنا أدين عمل الصحيفة‪ ،‬ل تأخذون بريتها!‬

‫‪499‬‬
‫مرد هذه الكلمة العاقلة الت كنا نتمن من الجتمع الدانركي برمته أن ينبي ليقولا وإن كان ل بد‬
‫لنا أن ننصف لنقول‪ :‬نعم‪ ،‬هناك أصوات جيلة ف الدانرك‪ .‬خباء ف الدستور قالوا كلمتهم الطيبة‪،‬‬
‫خباء ف السياسة قالوا كلمتهم الطيبة‪ .‬عشرون دبلوماسيا كبيا اعترضوا‪ .‬ستي ألف توقيع من أناس‬
‫جامعيي ومدرسي وطلب قدموها للدولة أنك ل بد أن تكفي عن هذه الهزلة‪.‬‬
‫إذا نن كنا وما زلنا وسنبقى نقول مشكلتنا مع الصحيفة وديننا علمنا أن ل نأخذ الصال بريرة‬
‫الطال‪ ،‬أن ل تزر وازرة وزر أخرى‪ ،‬وإن كان ل بد من كلمة أعلم أن الكثي يسأل عنها‪ ،‬وهي‬
‫قضية القاطعة‪ .‬فأنتم أعلم منا أننا مسلمو الدانرك ل نطالب بالقاطعة ولن نث عليها ول نطالب‬
‫الناس با ولكنها وقعت ردة فعل من الشعوب السلمية وإن دلت على شيء فتدل على أن قلوبم قد‬
‫غلت بالهانة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وإن كان ل بد اليوم من موقف فإن إخوانكم من‬
‫اللجنة الت أتت من الدانرك تلتمس منكم أن تقدروا الظرف الال الذي تعيشه هذه الرحلة ف‬
‫الدانرك مسلمون وغيهم وأننا ل بد أن نثمن عاليا موقفا ليس فقط شركة(آرل)‪ ،‬إنا أي جهة من‬
‫الدانرك تتبأ من عمل الصحيفة‪ ،‬فل بد أن نرسل لا رسالة إيابية لنبي لم عدلنا نن كمسلمي‪،‬‬
‫وأننا ل يكن أن نظلم أحدا‪ ،‬لكن أخيا أقول لكم أيها الخوة الحباب ‪ ،‬إن كان لكم شرف نصرة‬
‫النب والتمتع بذه النصرة فنحن لنا شرف التعرض لذه الذية لنصرة النب الكري صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫أنا واحد من كثر قد أتتهم التهديدات لننا انتصرنا لرسول ال سواءً كان واقعيا أو غي واقعي‪ ،‬ال‬
‫أعلم به‪ ،‬ولكن الطر ل يهمنا أن يأت من مصادر مهولة‪ .‬الذي يزعجنا أن يتلفظ مسؤولون ف‬
‫الكومة الدانركية‪ ،‬عندما يهدأ العال السلمي‪ ،‬ل بد أن نصفي حساباتنا مع الئمة والدعاة وكأنم‬
‫اقترفوا جرية لنم انتصروا لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نقولا بصراحة‪ ،‬حياكم ال على جهودكم‪ ،‬بارك ال بكم على هذه الستضافة الكرية ونسأل ال أن‬
‫ل يرج هذا المع إل با يرضي ال أول وما يقر عي رسول ال صلى عليه وسلم ثانيا‪ ،‬وما يعيد‬
‫العزة لمتنا ثالثا وما يكون رسالة حضارية إنسانية طيبة هادئة هادفة نسلمها للغرب أننا إذا كنتم كما‬
‫تقولون حريصون على السلم فنحن دين السلم وأحرص من كل العال على هذا السلم ولكن ل‬
‫سلم مع العتداءات والهانة‪ ،‬فنقول للمجتمع الدانركي سامون‪ ،‬لنن ل بد أن أوجه الطاب‬
‫ولعلم بعضكم هناك أكثر من جهة إعلمية دانركية‪ ،‬أتت لتسمع كلمي وكلمكم ونن ليس عندنا‬
‫شيء ف الفاء‪ ،‬ما نقوله ف خطبة المعة أو للصحافة أو حت ف لقاءاتنا الاصة كلم واحد‪ .‬لقد‬
‫ساءتنا الرسومات! ل يكن أن نرضى عنها! ل بد من العتذار والتراجع والعتذار عندهم صعب‬
‫لنم يعلنون أنم إن اعتذروا‪ ،‬فمجرد العتذار إقرار بعدم التكرار وهذا ما ل يريدونه‪.‬‬
‫فاتقوا ال أيها السلمون واعلموا أن المة تنظر إليكم لتخرجوا بقرارات متوازنة تكفل أول وهذا هنا‬
‫نن مسلمو الدانرك‪ ،‬تكفلوا لنا حاية ديننا ورموزنا ومقدساتنا ولكن ل يعن ذلك أن ل تكون‬
‫منسجمة مع الواقع أو واعية لا يري‪.‬‬

‫‪500‬‬
‫بارك ال فيكم! عندي الكثي‪ ،‬لكن وقتكم أثن‪ .‬جازاكم ال خيا والسلم عليكم ورحة ال‪.‬‬
‫ـ كلمة ألقيت خلل الؤتر العالي لنصرة النب عليه الصلة والسلم الذي عقد ف البحرين‬
‫ـ الشرف العام على اللجنة الوروبية لنصرة خي البية‬
‫===========================‬
‫مشكلت الوار الثقاف بي الغرب والسلم‬

‫الكاتب‪ :‬مصطفى عاشور‬


‫أثارت الحاضرة الت ألقاها الفكر والؤرخ الصري طارق البشري ف معهد الدراسات العربية‬
‫بالقاهرة تت عنوان "مشاكل الوار الثقاف بي الشرق والغرب" الكثي من التفاعل والعجاب من‬
‫الضور؛ نظرا لهية القضية الت طرحتها‪ ،‬والفكار الت عرضها‪ .‬وقد أكد البشري ‪-‬ف تلك‬
‫الحاضرة‪ -‬أن الغرب يسعى لستر صراعه السياسي مع الشرق ف كونه صراعا ثقافيا‪ ،‬رغم أن‬
‫الصراع سياسي ف الصل‪ ،‬ورأى أنه إذا كان العدوان سياسيا فل داعي أن نشغل أنفسنا بالوار‬
‫الثقاف‪ ،‬وأل نعبأ برأي الغرب فينا‪ ،‬وأن يكون جدلنا القيقي مع أنفسنا وقوانا الداخلية‪.‬‬
‫ورأى أن الغرب ف العقود الخية ياول أن يعل مشكل السلمي ذاتيا‪ ،‬وليس مشكل معه‪ ،‬فمنذ‬
‫عام ‪ 1980‬كانت أغلب صراعات النطقة ذاتية‪ ،‬بل ظهرت مشكلت ثقافية داخلية ف العال‬
‫العرب؛ فقد كانت القوق تفهم ف السابق على أساس أنا حقوق المة ف تقرير مصيها‪ ،‬ولكنها‬
‫حاليا تفهم على أساس أنا حق الرأة تاه الرجل مثل‪ ،‬ومن ث انزوت فكرة القوق الماعية‬
‫وظهرت حقوق الفرد‪.‬‬
‫ودعا البشري إل أن نارس ثقافتنا كما فهمناها باعتبارها الوعاء الذي يمعنا للمقاومة‪ ،‬وأنه ليس‬
‫مطلوبا منا أن نبر أنفسنا للخرين‪ ،‬وأن نارس مفاهيمنا الت تشحذ عزائمنا‪ ،‬وأل نتورط ف حديث‬
‫أكثر من اللزم عن صراع الضارات‪.‬‬
‫الوار بي السياسي والثقاف‬
‫ف بداية الحاضرة أشار البشري إل قضايا من الفترض أن تكم الطار العام عند الديث عن أي‬
‫حوار ثقاف بي السلم والغرب‪ ،‬ف مقدمتها‪:‬‬
‫اللتباس بي الدين والسياسي‪ :‬فالعروف أن أي نظام سياسي يتاج إل جامعة ما بي الاكم‬
‫والحكومي‪ ،‬وبغياب هذه الرابطة تصبح تكلفة البقاء عالية‪ ،‬وهذا ما يظهر واضحا ف الوقف من‬
‫الاكم الجنب الذي ل ينتمي إل الماعة السياسية‪ ،‬فالحتلل – مثل‪ -‬مشكلة ثقافية وسياسية‬
‫معا‪.‬‬
‫ماولة ستر العدوان السياسي وراء أسباب ثقافية‪ :‬فدائما ياول العتدي أن يصور الصراع السياسي‬
‫على أنه صراع ثقاف‪ ،‬فنظرية "صراع الضارات" الت جرى تصويرها على أنا صراع ثقاف هي ف‬
‫الساس صراع سياسي‪.‬‬

‫‪501‬‬
‫وتناول قضية الستشراق‪ ،‬معتبا أن الستشراق أعطانا مناهج علمية‪ ،‬لكن ف الفترة الخية‬
‫الستشراق يكّم الفكر الغرب ف الفكر التعلق بالسلمي‪ ،‬ويشرح الوقائع التاريية بالنهج الذي يفهم‬
‫به هو وقائع تاريه رغم الختلف بي التجربتي‪.‬‬
‫فالستشراف ينظر للسلم من منطق إما مسيحي وإما لدين‪ ،‬وياكم النظم الاصة بالسلم من‬
‫معاييه هو‪ ،‬ومثال ذلك تقسيم السلطات ف الدولة‪ ،‬فالغرب يقسم السلطات إل‪ :‬قضائية وتشريعية‬
‫وتنفيذية‪ ،‬وعندما ينظر إل الضارة السلمية وتاربا يتساءل‪ :‬هل هذا التقسيم موجود أم غي‬
‫موجود؟ وعندما يرى أنه غي موجود ‪-‬وفقا للمنظور الذي يرى به‪ -‬يطلق على النظم السلمية أنا‬
‫نظم شولية‪ ،‬معتبا أن المام (الاكم) تتجمع ف يديه جيع السلطات‪.‬‬
‫وتساءل البشري‪ :‬هل غابت السلطة التشريعية عن النظام السلمي؟‬
‫وأشار إل أن الستقر ف الجتمع أن السلطة التشريعية مأخوذة من الكتاب والسنة؛ فالفقهاء كانوا‬
‫يدرسون للطلب‪ ،‬وهؤلء كانوا موجودين بشكل أهلي ف الساجد يعلمون الناس‪ ،‬وكانت قواني‬
‫الكتاب والسنة هي قواني درجة أول‪ ،‬ث تأت اجتهادات الفقهاء كقواني درجة ثانية‪ ،‬وكان القاضي‬
‫يتصل بالشريعة مباشرة‪ ،‬ومن ث فمن خلل فهم النظام السلمي ندرك أن السلطات الثلث كانت‬
‫موجودة‪.‬‬
‫ومن السئلة الت تؤكد ذلك‪ :‬هل يوز للمام أن يعي القاضي ويفرض عليه رأيا معينا؟ الراجح عند‬
‫الفقهاء مقولة "صح التعيي وبطل الشرط"‪ ،‬وبالتال ووفقا للمقاييس الغربية فالسلطة التشريعية‬
‫منفصلة عن السلطة القضائية النفصلة عن السلطة التنفيذية‪ .‬هذا المر ل يكن الستشرق يستطيع أن‬
‫يتوصل إليه‪.‬‬
‫انتقاء الدراك‬
‫وأشار البشري إل أن الفكر الغرب اهتم من التراث السلمي بأمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬اهتم بالصوفية لقترابا من السيحية ف بعض الوانب‪.‬‬
‫الثان‪ :‬اهتم بالفلسفة نظرا لن الفلسفة تبحث عن الشرعية ف تنظيم الجتمع‪.‬‬
‫ول يهتم الستشرقون بالفقه رغم أن التكوين الساسي للجمهور العرب السلمي جاء من الفقه أكثر‬
‫منه من الفلسفة‪ ،‬فمثل اهتم الغرب بـ"السهروردي" ف حي ل يهتم بـ"الشافعي"‪ ،‬كما أنه اهتم‬
‫بالصوفية ف جانبها العقلي ول يهتم با ف جانبها الجتماعي‪ ،‬والتكوينات الجتماعية الت أنشأتا‪.‬‬
‫وأنه عندما قرأ كتاب "عادات الصريي الحدثي" لـ "إدور وليم لي" للمرة الول انبهر به لدقته‬
‫وقدرته على الوصف والياد‪ ،‬وعندما أعاد قراءته بعد ثلث سنوات اكتشف أن الرجل ل يستطع أن‬
‫يدرك العمق الروحي للمصريي‪ ،‬حت بدت له مادة الكتاب وكأنا جثة منطة بدون روح؛ فمثل‬
‫أورد حكاية طريفة عن شيخ كان يركب حارا ث وقع من على ظهره وابتعدت عنه العمة (غطاء‬
‫الرأس) فهرع الناس إل العمة وتركوا الشيخ؛ فالناس اعتبوا العمة رمزا ولذا انصرفوا إل الرمز‬
‫وتركوا الشخص‪.‬‬

‫‪502‬‬
‫هذا الشكل يتعلق بنظرة الفكر الغرب لنا ولتراثنا‪ ،‬فهو ل يستطيع أن يدرك كنهه مهما كان متفهما‬
‫له‪ ،‬ومهما كان متعاطفا مع قضاياه‪ ،‬ويؤكد ذلك مالك بن نب عندما قال‪" :‬الثقف النسان الغرب‬
‫يستطيع أن يفهم مشاكلنا نن الشرقيي‪ ،‬ويستطيع أن يقف معنا ف مشاكلنا القتصادية والسياسية‬
‫بدافع من النسانية‪ ،‬لكن لن يفهمك من الناحية الثقافية؛ لنه مستغرق ف ثقافته هو" فمثل لن يفهم‬
‫الهاد‪ ،‬ولكنه يفهم حركات القاومة‪.‬‬
‫وأكد البشري أن كتابات الستشرقي قد ند فيها أمانة‪ ،‬ودقة‪ ،‬وفيها قدرة على جع معلومات‬
‫جيدة‪ ،‬لكنها خاضعة لعايي احتكام ليست مستخلصة من الثقافة السلمية وتاريها‪ ،‬فالستشرق‬
‫يتكم إل معايي مستخلصة من خبته التاريية وثقافته‪.‬‬
‫أما علم النثروبولوجيا الذي يتعلق بدراسة الجتمعات وعاداتا وتقاليدها‪ ،‬فإن هذا العلم نظر إل‬
‫العلقة مع تلك الجتمعات ف الشرق على أنا علقة باحث ومبحوث‪ ،‬بي طرف مدرك‪ ،‬ومادة‬
‫مبحوثة مدركة‪ ،‬ول ينظر إل العلقة على أنا بي إدراكي؛ ولذلك ند فروقا ف الوهر؛ فمثل ل‬
‫يقبل العقل الغرب بتعدد الزوجات‪ ،‬ف حي أنه يقبل بوجود علقات متعددة خارج إطار الزواج‪.‬‬
‫المر الخر يتعلق بأنه ف كثي من الوسوعات ستجد أنا تركز على أن العنصر الادي هو الحرك‬
‫والساس للحداث‪ ،‬فمثل البارود كانت بداية اكتشافه ف الصي لكنه ل يستخدم ف القتل؛ إذ كان‬
‫هناك تفاعل بي الفكر والثقافة والتكوين النفسي وبي التطور الادي‪.‬‬
‫العاصرة‪ ..‬غربية‬
‫وفيما يتعلق بوضوع العاصرة أشار البشري إل ماولة الغرب دائما ‪-‬بكم التطور الادي‪ -‬جعل‬
‫موضوع العاصرة هو الساس ف التعامل مع الخر‪ ،‬فهو يقيس معاصرتنا على أساس بعدنا أو قربنا‬
‫منه‪ .‬وللسف الشديد وقع السلمون ف هذا الوهم خاصة بعد استقلل الدول العربية‪.‬‬
‫ففي أثناء الستعمار كانت الواجهة مع الغرب مواجهة سياسية‪ ،‬وهذه الواجهة جعلت الواطني أكثر‬
‫صلبة ثقافيا‪ ،‬وعندما نحت حركات التحرير ف تقيق الستقلل‪ ،‬ونظرت إل الستقبل وجدت أنا‬
‫تريد أن تنشئ متمعاتنا على غرار الغرب‪ ،‬ولذا نظر إلينا الغرب على أننا متمعات ودول نامية‪،‬‬
‫ودخلنا ف نفس النفق الذي يريد الغرب منا أن نسي فيه‪ ،‬فأصبح الغرب هو العيار واليزان‪ ،‬ول‬
‫تستطع حركاتنا الوطنية أن تستمر مددا طويلة ف هذا الشأن‪.‬‬
‫ونلحظ أن أي فكر إذا دخلت ف إطار تربته التاريية والتطبيقية يصبح نافعا أو غي نافع‪ ،‬فمثل‬
‫الديقراطية عندما وظفت ف إطار الركة الوطنية لتحقيق الستقلل نحت الركة الوطنية‪،‬‬
‫والشتراكية أنتجت عندما ارتبطت بفكرة الستقلل الوطن‪ ،‬وعندما وظفها الشيوعيون والقوميون‬
‫ل تنتج‪.‬‬
‫ومن ث فالسألة ل تتعلق بطلق الخذ من الغرب‪ ،‬ولكن با نأخذه‪ ،‬كما أن العيار الواجب الحتكام‬
‫إليه ل بد أن يكون من داخل الماعة وليس من خارجها‪.‬‬
‫وأشار البشري إل أننا نتاج الفكر الغرب ف أمرين مهمي‪:‬‬

‫‪503‬‬
‫علوم الصناعة وفنونا‪.‬‬
‫وعلوم الدارة‪ :‬لن الغرب ل ينجح بعلوم الصناعة وحدها وإنا أيضا با استخلصه من نظم لدارة‬
‫الجتمع والدولة‪ ،‬وهي جهود خطت بالضارة النسانية للمام‪ .‬وأكد أن الغرب أسي مصطلحاته‬
‫الاصة‪ ،‬وأن الضارة السلمية أكثر انفتاحا من الغرب قديا وحديثا‪ ،‬فالغرب متمركز حول ذاته‬
‫وحول تربته الثقافية‪ ،‬معتبا أن تربته هي التجربة الوحيدة ف العال‪ ،‬وما دون ذلك هو دون ذلك‪.‬‬
‫هل يفهموننا؟‬
‫كانت الداخلت والتعليقات على ماضرة البشري كثية‪ ،‬ومنها مداخلة الدكتور أحد يوسف رئيس‬
‫معهد البحوث والدراسات العربية الذي تناول إشكالية‪ :‬هل هم يفهموننا أم أنم ل يريدون أن‬
‫يفهموننا؟‪.‬‬
‫وأشار أن كلتا الالتي موجودتان ف الغرب‪ ،‬وأن عدم فهم الغرب للبعد العنوي قد يصل إل مركز‬
‫صنع القرار ف العال الغرب فيفعل فعله‪ ،‬وأشار أن صانع القرار قد يعرض عليه شيء لكنه يسعى‬
‫لتحقيق هدف معي‪ ،‬ومن ث فاستخدام الثقافة ف الصراع السياسي تقوى ف مرحلة اليمنة‪ ،‬وهو ما‬
‫يفرض استدعاء هويتنا‪.‬‬
‫وتساءل‪ :‬هل من المكن أن يتجوا علينا بنفس الجة الت نتج با عليهم؟ بعن أننا نفهم الغرب ف‬
‫إطار سياقنا الثقاف والتاريي‪ ،‬وأن السلمي ياولون أن يطبقوا عليه معاييهم الاصة على الغرب‪.‬‬
‫وحل الدكتور أحد يوسف السلمي جزءا من مسئولية ما جرى‪ ،‬وتساءل عن الهد الذي بذله‬
‫السلمون حت يوضحوا جوهر الدين وحقيقته‪ ،‬أو بعن آخر‪ :‬أين السئولية السلمية ف عدم فهم‬
‫الخر لنا؟‪.‬‬
‫أما الدكتور سيف الدين عبد الفتاح فطالب بإعطاء أهية للتحليل الثقاف ف تليل الظاهرة السياسية‪،‬‬
‫وأشار إل أن أي حوار حضاري ل بد أن يقوم على ثلثة أسس مهمة وهي‪ :‬العرفة‪ ،‬والعتراف‪،‬‬
‫والعروف؛ وهو ما يؤكد أن الوار ل بد أن يقود إل شيء‪.‬‬
‫إسلم أون لين‬
‫======================‬
‫مصطلح الديث ف سؤال وجواب‬

‫الشيخ مصطفى العدوي‬


‫مقدمة‬
‫المد ل رب العالي ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال ‪ ،‬ول التقي ‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده ورسوله‪ ،‬خات‬
‫النبيي ‪ ،‬عليه أفضل صلة ‪ ،‬وأت تسليم ‪ ،‬وآله وصحبه ‪ ،‬ومن دعا بدعوته إل يوم الدين ‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬

‫‪504‬‬
‫فهذا مبحث يتعلق بصطلح الديث وعلله أعددته ؛ تيسيًا على الدارسي والباحثي ف هذا العلم –‬
‫علم الديث – وسائلً ال أن ينفعن وإخوان به ‪ ،‬وقد قدمته بأسئلة وأجوبة ف مصطلح الديث ‪،‬‬
‫وكانت قد طُبعت ف رسالة من قبلُ عدة طبعات ‪ ،‬فأودعتها ثانية ف هذا الكتاب ‪ ،‬كتقدمة لدراسة‬
‫العلل‪ ،‬ومناقشة السانيد ‪ ،‬وأسأل ال أن يفقهن وإخوان السلمي ف الدين ‪ ،‬وصلّ اللهم على نبينا‬
‫ممد وعلى آله وصحبه وسلم ‪.‬‬
‫كتبه‬
‫أبو عبد ال ‪ /‬مصطفى بن العدوي شلباية‬
‫مصر – الدقهلية – منية سنود‬
‫س ‪ :1‬اذكر طرفا من أهية علم الديث؟‬
‫ج ‪ :1‬علم الديث من أجلّ العلوم الشرعية‪ ،‬إن ل يكن أجلها‪ ،‬فعليه وبه تقوم سائر العلوم الشرعية‪،‬‬
‫ومن ل يكن عنده إلام به أخطأ‪ ،‬وأوقع غيَه ف الطأ‪ ،‬وانرف عن النهج السديد من حيث يشعر‪،‬‬
‫ومن حيث ل يشعر‪ ،‬سواء كان مفسرا أو فقيهًا أو أصوليا أو واعظا أو مؤرخا ‪.‬‬
‫* فقد تد مفسرا من الفسرين يفسر آيات من كتاب ال‪ ،‬ويتهد ف تفسيها غاية الجتهاد‪ ،‬إل أنه‬
‫جانَب الصواب بعد الجتهاد كله؛ وذلك لنه بن تفسيه لليات على أحاديث ضعيفة‪ ،‬أو‬
‫موضوعة‪ ،‬أو أثر ل يثبت عن قائله‪.‬‬
‫* وقد تد فقيها يصول ويول ف مسألة فقهية لتحريرها ‪ ،‬وياول‪ -‬قدر جهده‪ -‬الوصول إل‬
‫الصواب فيها‪ ،‬ولكنه ل يُوفق ؛ لنه بن رأيه فيها على حديث ضعيف‪ ،‬وهو ل يشعر‪.‬‬
‫* وكذلك بالنسبة لهل الصول‪ ،‬تد فيهم ـ مثلً ـ أصوليا ُي َؤصّل قاعدة من القواعد الت تبن‬
‫عليها الحكام‪ ،‬وُتؤَسس عليها مسائل من الدين‪ ،‬يؤصلها على حديث ضعيف‪ ،‬فتأتى القاعدة وما‬
‫رُ ّكبَ عليها بضرر على الدين أكثر من النفع الذي رجاه مؤسسها ومؤصلها‪.‬‬
‫* وما أكثر هذا ف الوعاظ ‪ ،‬الذين يزعمون أنم يقربون الناس إل ربم‪ ،‬ول يشعرون أنم يكذبون‬
‫على رسول ال ( صلى ال عليه وسلم)‪ ،‬ويََت ّقوّلُون عليه ما ل يقل‪ ،‬بل ويكذبون على ال عز وجل؛‬
‫إذ ينسبون إليه ما ل يصى ما ل يقله‪ -‬سبحانه‪ -‬من الحاديث القدسية [‪ ،]1‬بعضها فيه الطأ‬
‫صرَاح الذي ُيضَادّ قواعدَ أهل السنة والماعة‪ ،‬وأصول الدين من الكتاب الكيم والسنة النبوية‬ ‫ال ُ‬
‫الطهرة‪ ،‬فضلً عما فيه من وصف الرب سبحانه با ل يصف به نفسه‪ ،‬فل يبتعدون بأفعالم هذه عن‬
‫الوقوع تت طائلة قوله تعال‪َ{ :‬فمَنْ أَظْلَ ُم مِمّ ِن افَْترَى عَلَى الّلهِ كَذِبا لُِيضِلّ النّاسَ ِبغَْي ِر عِ ْلمٍ إِنّ الّلهَ‬
‫ل َيهْدِي اْل َق ْومَ الظّالِ ِميَ} النعام ‪.] 144 :‬‬
‫* أما الؤرخون‪ ،‬فحدث ول حرج‪ ،‬فقد قل فيهم الصالون‪ ،‬وفشا فيه الكذب‪ ،‬فزوروا التاريخ‪،‬‬
‫وزيفوا القائق‪ ،‬وشوهوا جال سية النب صلى ال عليه وسلم با اختلقوه فيها ونسبوه إليها‪ ،‬فكان‬
‫لكَمَ ف ذلك كله‪ ،‬فجزى ال أهله خي الزاء؛ إذ نافحوا عن سنة نبيهم صلى ال عليه‬ ‫عل ُم الديث ا َ‬

‫‪505‬‬
‫وسلم‪ ،‬وصحّحوا مسارات العلوم الشرعية‪ ،‬ونظّفوا سُقياها من كل شائبة ودخيلة‪ ،‬فعظم ال أجرهم‪،‬‬
‫وغفر زلتم‪ ،‬ورفع درجاتم‪ ،‬وأسكنهم فسيح النان‪.‬‬
‫* هذا طرف من أهية علم الديث ومصطلحه‪ ،‬ولو كان الجال هنا ماله لوردنا ما ل يتسع القام‬
‫هنا لبيانه‪ ،‬ولكن ف ذلك ذكرى لن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد‪.‬‬
‫س ‪ :2‬ما معن الطريق (أو السند) ؟ وما معن الت؟ مَثّل لا تقول؟‬
‫ج ‪ :2‬الطريق ‪ :‬هو سلسلة الرجال الوصلة للمت‪.‬‬
‫والت‪ :‬هو ما ينتهي إليه السند من الكلم ‪.‬‬
‫وكمثال لذلك ‪ :‬ما أخرج البخاري‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وأبو داود (واللفظ لب داود)‪:‬‬
‫حدثنا سليمان بن حرب‪ ،‬حدثنا حاد‪ ،‬عن أيوب‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪" :‬ل تنعوا إماء ال مساجد ال" ‪.‬‬
‫فقوله ‪ ( :‬حدثنا سليمان بن حرب‪ ،‬حدثنا حاد‪ ،‬عن أيوب‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر) هو السند‪،‬‬
‫وقوله‪" :‬ل تنعوا إماء ال مساجد ال" هو الت‪.‬‬
‫س ‪ :3‬إل كم قسم ينقسم الديث من ناحية عدد الطرق؟‬
‫ج ‪ :3‬ينقسم الديث من ناحية تعدد الطرق إل قسمي‪:‬‬
‫‪ -1‬متواتر‪.‬‬
‫‪ -2‬آحاد ‪.‬‬
‫س ‪ :4‬ما هو الديث التواتر؟‬
‫ج ‪ :4‬هو الديث الذي يأت عن عدد كبي من الرواة ( وذلك ف كل طبقة من طبقات السند)‬
‫يستحيل تواطؤهم على الكذب‪ ،‬ويستندون إل أمرٍ مسوس‪.‬‬
‫* توضيحات وتنبيهات على التعريف‪:‬‬
‫‪ -1‬حدد بعض أهل العلم عدد طرق التواتر بالربعة‪ ،‬وبعضهم عيّنه بالمسة ‪ ،‬وبعضهم عيّنه‬
‫بالعشرة‪ ،‬وبعضهم بالربعي ‪ ،‬وبعضهم بالسبعي‪ ،‬إل غي ذلك‪ ،‬والذي عليه الكثر هو العدد الذي‬
‫يصل به اليقي‪ .‬عزي هذا القول إل جهرة أهل العلم‪ [ .‬راجع‪ ":‬توضيح الفكار" ص ‪. ] 2/403‬‬
‫‪ -2‬معن يستندون إل أمر مسوس كقولم‪ :‬حدثنا‪ ،‬أو سعنا‪ ،‬أو لسنا‪.‬‬
‫س ‪ :5‬إل كم قسم ينقسم التواتر؟ عرف كل قسم؟‬
‫ج ‪ :5‬ينقسم التواتر إل قسمي‪:‬‬
‫‪ -1‬متواتر لفظي‪ ،‬وهو‪ :‬ما تواتر لفظه‪.‬‬
‫‪ -2‬متواتر معنوي‪.‬‬
‫قال السيوطي ف" تدريب الراوي" (‪ :)2/180‬وهو أن ينقل جاعة يستحيل تواطؤهم على الكذب‬
‫وقائع متلفة‪ ،‬وتشترك ف أمرٍ يتواتر ذلك القدر الشترك‪ ،‬كما إذا نقل رجل عن حاتٍ مثلً أنه أعطى‬

‫‪506‬‬
‫جلً‪ ،‬وآخر أنه أعطى فرسا‪ ،‬وآخر أنه أعطى دينارا‪ ،‬وهلم جرا‪ ،‬فيتواتر القدر الشترك بي إخبارهم‪،‬‬
‫وهو العطاء؛ لن وجوده مشترك من جيع هذه القضايا‪.‬‬
‫س ‪ :6‬مثل للحاديث التواترة اللفظية بأمثلة‪ ،‬وللمتواتر العنوي بثال‪.‬‬
‫ج ‪ :6‬مثال لتواتر اللفظي حديث‪" :‬من كذب عل ّي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" ‪ ،‬وحديث ‪:‬‬
‫"نضّر ال امرأً سع مقالت فوعاها‪ ،‬ث أداها كما سعها" ‪ ،‬وحديث‪ " :‬من بن ل مسجدا بن ال له‬
‫بيتا ف النة" ‪.‬‬
‫ومثال التواتر العنوي أحاديث" رفع اليدين ف الدعاء "‪.‬‬
‫س ‪ :7‬ما الكتب الؤلفة ف الحاديث التواترة؟‬
‫ج ‪ :7‬وقفنا منها على ‪:‬‬
‫‪" -1‬الزهار التناثرة ف الخبار التواترة" للسيوطي‪.‬‬
‫‪" -2‬نظم التناثر ف الديث التواتر" للكتان‪.‬‬
‫س ‪ :8‬ما هو خب الحاد ؟‬
‫ج ‪ :8‬الحاد ما ليس بتواتر‪.‬‬
‫س ‪ :9‬إل كم قسم ينقسم خب الحاد؟ وما هي هذه القسام؟‬
‫ج ‪ :9‬ينقسم خب الحاد إل ثلثة أقسام وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الشهور‪.‬‬
‫‪ -2‬العزيز‪.‬‬
‫‪ -3‬الغريب (الفرد)‪.‬‬
‫س ‪ :10‬ما الديث الشهور(عند الحدثي)؟‬
‫ج ‪ :10‬هو‪ :‬ما رواه ف كل طبقة ثلثة فأكثر من غي أن ينتهي إل التواتر‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه يكفي أن‬
‫يكون الراوي ف الطبقة الول "وهم الصحابة" أقل من ثلثة‪.‬‬
‫س ‪ :11‬ما الديث العزيز؟‬
‫ج ‪ :11‬هو‪ :‬ما رواه ف كل طبقة اثنان‪ ،‬وقد يكون الديث عزيزا عن أحد الرواة‪ ،‬وذلك إذا رواه‬
‫عنه راويان‪.‬‬
‫س ‪ :12‬ما الديث الغريب ( الفرد)؟ اذكر مثالً له؟‬
‫ج ‪ :12‬هو‪ :‬ما انفرد براويته را ٍو واحد‪.‬‬
‫ومثاله‪ :‬حديث "إنا العمال بالنيات " تفرد به عن رسول ال صلى ال عليه وسلم عمر بن الطاب‪،‬‬
‫ورواه عن عمر علقمة بن وقاص الليثي‪ ،‬ورواه عن علقمة بن وقاص الليثي ممد بن إبراهيم التيمي‪،‬‬
‫ورواه عن ممد بن إبراهيم التيمي يي بن سعيد النصاري ‪.‬‬
‫س ‪ :13‬ما الفرق بي حديث الحاد‪ ،‬والديث التواتر‪ ،‬من ناحية القبول أو الرد (أو الصحة‬
‫والضعف)؟‬

‫‪507‬‬
‫ج ‪ :13‬الديث التواتر مقطوع بصحته‪ ،‬أي مقبول قطعا‪ ،‬أما حديث الحاد فمنه الصحيح القبول‪،‬‬
‫ومنه الضعيف الردود‪.‬‬
‫س ‪ :14‬إل كم قسم ينقسم الديث من ناحية الصحة والضعف؟‬
‫ج ‪ :14‬الذي استقر عليه العمل‪ ،‬أن الديث ينقسم إل ثلثة أقسام وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الصحيح ‪.‬‬
‫‪ -2‬السن‪.‬‬
‫‪ -3‬الضعيف‪.‬‬
‫وقد كان أكثر التقدمي على تقسيم الديث إل قسمي فقط‪ .‬وها‪ :‬الصحيح والضعيف‪ ،‬والذي‬
‫أدخل اصطلح السن هو الترمذي ـ رحه ال ـ وكان قبله قليلً ما يُطلق‪.‬‬
‫س ‪ :15‬عرف الديث الصحيح لذاته؟‬
‫ج ‪ :15‬هو‪ :‬الديث السند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إل منتهاه‪،‬‬
‫ل‪.‬‬‫ول يكون شاذا ول معل ً‬
‫س ‪ :16‬وضح التعريف السابق؟‬
‫ج ‪ :16‬التصل ‪ :‬ما سلم إسناده من سقوط فيه‪ ،‬بيث يكون كل رجاله سع ذلك الروي من الذي‬
‫رواه عنه‪.‬‬
‫* العدل‪ :‬من له مَلَكَة تمله على ملزمة التقوى والروءة‪.‬‬
‫* الضبط ‪ :‬ينقسم إل قسمي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ضبط صدرٍ‪ :‬وهو أن يُثبت ما سعه بيث يتمكن من استحضاره مت شاء‪.‬‬
‫‪ -2‬ضبط كتاب‪ :‬هو أن يفظ كتابه من ورّاقِي السوء‪.‬‬
‫* الشاذ‪ :‬هو مالفة الثقة لن هو أوثق منه‪ ،‬هذا الذي استقر عليه العمل الن‪.‬‬
‫* العلل‪ :‬هو ما به علة قادحة‪ ،‬وتنقسم العلة إل قسمي‪:‬‬
‫‪ -1‬علة قادحة [‪ ]2‬وكمثال لا‪ :‬إسقاط ضعيف بي ثقتي‪ ،‬قد سع أحدها من الخر‪.‬‬
‫‪ -2‬علة غي قادحة وكمثال لا‪ :‬إبدال ثقة بثقة‪.‬‬
‫وكما هو واضح أن العلة القادحة ُتضَعّف الديث وغي القادحة ل تؤثر على صحته‪.‬‬
‫س ‪ :17‬باذا ُي ْرمَز للعدل الضابط؟‬
‫ج ‪ :17‬يرمز للعدل الضابط برموز منها ‪ :‬أوثق الناس‪ -‬ثقة ثبت‪ -‬ثقة متقن‪-‬ثقة حجة‪-‬ثقة فقيه –‬
‫ثقة ثقة ـ ثقة ـ حجة‪.‬‬
‫س ‪ :18‬ماذا يعن قول ابن معي ف الرجل‪" :‬ل بأس به"؟‬
‫ج ‪ :18‬قول ابن معي ف الرجل‪" :‬ل بأس به"‪ ،‬يعن أنه ثقة‪.‬‬
‫ضعّفَ بسبب عدم ضبط الكتاب؟‬ ‫س ‪ :19‬من الحدث الذي ُ‬
‫ضعّفَ بسببه‪.‬‬
‫ج ‪ :19‬هو سفيان بن وكيع‪ ،‬كان له ورّاق سوء يُدْخِل ف كتبه ما ليس منها ف ُ‬

‫‪508‬‬
‫س ‪ :20‬ما فائدة أصح السانيد؟‬
‫ج ‪ :20‬لا فوائد منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬الطمئنان على صحة الديث‪.‬‬
‫‪ -2‬تكون أحد الرجّحات عند الختلف‪.‬‬
‫س ‪ :21‬ما أصح السانيد عند‪:‬‬
‫‪ -1‬أحد بن حنبل‪ -2.‬البخاري‪.‬‬
‫ج ‪ :21‬أصح السانيد عند أحد‪ :‬الزهري‪ ،‬عن سال‪ ،‬عن أبيه ‪ ،‬وأصحها عند البخاري‪ :‬مالك‪ ،‬عن‬
‫نافع‪ ،‬عن ابن عمر‪.‬‬
‫س ‪ :22‬ما أصح السانيد عن أب بكر رضى ال عنه ؟‬
‫ج ‪ :22‬أصح السانيد عن أب بكر رضى ال عنه هو‪ :‬إساعيل بن أب خالد‪ ،‬عن قيس بن أب حازم‪،‬‬
‫عن أب بكر‪.‬‬
‫س ‪ :23‬ما أوهى السانيد عن الصديق‪ ،‬وعن علي رضى ال عنهما ؟‬
‫ج ‪ :23‬أضعف السانيد عن الصديق‪ :‬صدقة الدقيقي‪ ،‬عن فرقد السبخي‪ ،‬عن مرة الطيب‪ ،‬عنه‪.‬‬
‫[انظر تدريب الراوي ج ‪ ] 1/180‬وأضعف السانيد عن علي ‪ :‬عمرو بن شر‪ ،‬عن جابر العفي‪،‬‬
‫عن الارث العور‪ ،‬عن علي‪.‬‬
‫س ‪ :24‬أي هذه الصطلحات أعلى رتبة‪ :‬حديث صحيح – حديث صحيح السناد‪-‬حديث‬
‫رجاله ثقات؟‬
‫ج ‪ :24‬أصحها الول‪ ،‬أي‪:‬‬
‫حديث صحيح؛ وذلك لنه قد يكون الديث رجاله ثقات‪ ،‬لكن فيه من ل يسمع من فوقه‪ ،‬فيكون‬
‫منقطعا‪ ،‬وقد يكون الديث إسناده صحيحا‪ ،‬إل أنه شاذ أو معلل‪.‬‬
‫س ‪ :25‬من أول من اعتن بمع الصحيح ؟‬
‫ج ‪ :25‬أول من اعتن بمع الصحيح‪ :‬أبو عبد ال ممد بن إساعيل البخاري‪ ،‬وتله صاحبه وتلميذه‬
‫مسلم بن الجاج النيسابوري ‪.‬‬
‫س ‪ :26‬ما شرط كل من البخاري ومسلم لخراج الديث ف صحيحه؟‬
‫ج ‪ :26‬شرط البخاري ا ُلعَاصَرَة‪ ،‬والّلقْيَا‪ ،‬أي‪ :‬يكون الراوي عاصر شيخه‪ ،‬وثبت عنده ساعه منه‪،‬‬
‫وشرط مسلم العاصرة [زاد بعضهم مع إمكان اللقيا]‪.‬‬
‫س ‪ :27‬ما رأيكم فيمن يقتصر على الصحيحي دون غيها من كتب السنة‪ ،‬وهل البخاري ومسلم‬
‫اشترطا إخراج كل صحيح؟‬
‫ج ‪ :27‬ل شك أنه مُجَانب للصواب‪ ،‬بل وواقع ف الضلل لرده سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫الت ثبتت ف غي البخاري ومسلم‪ ،‬فلم يشترط البخاري ومسلم إخراج كل صحيح ‪ ،‬فقد نقل أهل‬
‫العلم عن البخاري قوله‪ :‬أحفظ مائة ألف حديث صحيح‪ ،‬ونقلوا عنه أيضا‪ :‬وتركت من الصحاح‬

‫‪509‬‬
‫مافة الطول‪ ،‬وقد صحّح البخاري نفسه أحاديث ليست ف صحيحه‪ ،‬وذلك يتضح بصورةٍ كبية ف‬
‫سؤالت الترمذي له‪ ،‬كما ف سنن الترمذي‪ ،‬والعلل الكبي له ‪.‬‬
‫ونقل أهل العلم عن مسلم كذلك‪ :‬ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا‪.‬‬
‫فل شك إذن ف ضلل من اقتصر على الصحيحي ورد ما سواها‪.‬‬
‫س ‪ :28‬ما رأيكم فيمن يقتصر على الصحيحي دون غيها من كتب السنة‪ ،‬وهل البخاري ومسلم‬
‫اشترطا إخراج كل صحيح؟‬
‫ج ‪ :28‬ل شك أنه مُجَانب للصواب‪ ،‬بل وواقع ف الضلل لرده سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫الت ثبتت ف غي البخاري ومسلم‪ ،‬فلم يشترط البخاري ومسلم إخراج كل صحيح ‪ ،‬فقد نقل أهل‬
‫العلم عن البخاري قوله‪ :‬أحفظ مائة ألف حديث صحيح‪ ،‬ونقلوا عنه أيضا‪ :‬وتركت من الصحاح‬
‫مافة الطول‪ ،‬وقد صحّح البخاري نفسه أحاديث ليست ف صحيحه‪ ،‬وذلك يتضح بصورةٍ كبية ف‬
‫سؤالت الترمذي له‪ ،‬كما ف سنن الترمذي‪ ،‬والعلل الكبي له ‪.‬‬
‫ونقل أهل العلم عن مسلم كذلك‪ :‬ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا‪.‬‬
‫فل شك إذن ف ضلل من اقتصر على الصحيحي ورد ما سواها‪.‬‬
‫س ‪ :29‬على أي شيءِ يُحْمَل قول الشافعي ‪":‬ل أعلم كتابا ف العلم أكثر صوابا من كتاب مالك"؟‬
‫ج ‪ :29‬هذا قاله قبل أن يؤلف البخاري ومسلم كتابيهما‪.‬‬
‫س ‪ :30‬ما موضوع الستخرج؟‬
‫ج ‪ :30‬هو أن يعمد الصنف إل الكتاب فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غي طريق صاحب‬
‫الكتاب‪ ،‬فيجتمع معه ف شيخه‪ ،‬أو من فوقه‪ ،‬وشرطه‪ :‬أن ل يصل إل شيخ أبعد حت يفقد سندا‬
‫يوصله إل القرب إل لعذر من علو أو زيادةٍ مهمة‪ ،‬أو تصريح بتحديث أو تسمية من ل ينسب أو‬
‫غي ذلك‪.‬‬
‫س ‪ :31‬ما موضوع الستدرك؟‬
‫ج ‪ :31‬هو أن يعمد مصنفه إل شرط صاحب كتاب‪ ،‬ويسحب هذا الشرط على أحاديث ليست ف‬
‫الكتاب‪ ،‬فإذا انطبقت أدرجها ف كتاب‪ ،‬وهذا يسمى مستدرك‪ .‬كما فعل الاكم مع البخاري‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫س ‪ :32‬ما الوقف من مستدرك الاكم؟‬
‫ج ‪ :32‬ل شك أن فيه ما هو صحيح‪ ،‬ولكن فيه أيضا ما هو حسن وضعيف‪ ،‬بل وموضوع‪ ،‬وينبغي‬
‫التيقظ التام لكل ما تفرد به الاكم‪ ،‬ول يغرنك قول الاكم‪ :‬حديث صحيح السناد‪ ،‬وموافقة‬
‫الذهب له‪ ،‬فالاكم متساهل جدا ف القضاء بالصحة‪ ،‬ول ينقح كتابه‪ ،‬والذهب كذلك متساهل ف‬
‫هذا الباب‪ ،‬فكم من رجل يتكلم فيه الذهب ف اليزان‪ ،‬ويصحح حديثه ف تعليقه على الستدرك‪.‬‬
‫س ‪ :33‬اذكر بعض الخطاء الت يقع فيها الاكم عند قوله ‪ :‬صحيح على شرط الشيخي ول‬
‫يرجاه؟‬

‫‪510‬‬
‫ج ‪ :33‬يعمد الاكم‪ -‬رحه ال‪ -‬مثلً إل سند فيه هشيم عن الزهري‪ ،‬فيقول فيه ‪ :‬صحيح على‬
‫شرط الشيخي ول يرجاه‪ ،‬وذلك منه بناءً على أن هشيمًا والزهري من رجال الشيخي‪ ،‬وكونما‬
‫من رجال الشيخي صحيح كما ذكر الاكم ـ رحه ال ـ لكن هنا نقطة وقع الاكم بسببها ف‬
‫الوهم‪ ،‬أل وهي‪ :‬أن هشيما ضعيف ف الزهري خاصة‪ ،‬فلم يُخرج البخاري ول مسلم لشيم عن‬
‫الزهري وإنا أخرجا لشيم عن غي الزهري‪ ،‬وأخرجا للزهري من رواية غي هشيم عنه؛ وذلك لن‬
‫هشيما كان قد دخل على الزهري فأخذ عنه عشرين حديثا‪ ،‬فلقيه صاحب له وهو راجع‪ ،‬فسأله‬
‫رؤيتها‪ ،‬وكان ثَ ّم ريحٌ شديدة‪ ،‬فذهبت بالوراق من يد الرجل‪ ،‬فصار هشيم يدث با علق منها‬
‫بذهنه‪ ،‬ول يكن أتقن حفظها‪ ،‬فوهم ف أشياء منها‪ ،‬ضعف ف الزهري بسببها‪.‬‬
‫وكذلك القول ف ساك عن عكرمة فهو سند ملفق من رجال الشيخي‪ ،‬فسماك من رجال مسلم‪،‬‬
‫وعكرمة من رجال البخاري‪ ،‬فقوله‪ :‬ساك عن عكرمة ل من شرط البخاري‪ ،‬ول من شرط مسلم‪،‬‬
‫ورواية ساك عن عكرمة مضطربة‪ ،‬فيقول الاكم ف إسناد كسماك عن عكرمة ‪ :‬إنه على شرط‬
‫الشيخي‪ ،‬فيظهر وهه ف ذلك‪.‬‬
‫فينبغي أن يُحكم على كل حديث با يستحق بعد النظر ف طريقه‪ ،‬وف سنده ورواته‪.‬‬
‫س ‪ :34‬ما مراتب الديث الصحيح‪ ،‬وباذا اْنُتقِدَت؟‬
‫ج ‪ :34‬قال جع من أهل العلم‪ :‬أعلها مرتبة ما اتفق عليه الشيخان‪ ،‬ث ما أخرجه البخاري‪ ،‬ث ما‬
‫أخرجه مسلم‪ ،‬ث ما كان على شرطهما ول يرجاه‪ ،‬ث ما كان على شرط البخاري‪ ،‬ث ما كان على‬
‫شرط مسلم‪ ،‬ث ما أخرجه الذين اشترطوا ف كتبهم الصحة‪ ،‬وانتقد هذا الترتيب بأن التواتر أعلها‬
‫صحة‪ ،‬ودُفِع هذا النتقاد بأن التواتر ليس من مباحث السناد‪ ،‬فهو خارج من البحث‪ ،‬فهو صحيح‬
‫بل بث ‪ .‬وانتقدت أيضا بأن ما رواه الماعة أعلى صحة ما أخرجه الشيخان‪ ،‬ودفع بأن من ل‬
‫يشترط الصحة لخراج الديث ل يزيد إخراجه للحديث صحة‪ ،‬ولكن يظهر أن ما أخرجه الماعة‬
‫ينبغي أن يكون أعلى رتبة من التفق عليه‪ ،‬فالبخاري ومسلم داخلن ف الماعة‪.‬‬
‫س ‪ :35‬ماذا تعرف عن (ممع الزوائد)؟‬
‫ج ‪ :35‬هو كتاب جع زوائد ستة كتب وهي‪ :‬مسند أحد‪ ،‬وأب يعلى‪ ،‬والبزار‪ ،‬ومعاجم الطبان‬
‫الثلثة‪( :‬الكبي والوسط والصغي) على الكتب الستة (المهات)‪.‬‬
‫س ‪ :36‬ما سنن النسائي العدودة ف الكتب الستة؟‬
‫ج ‪ :36‬هي السنن الصغرى (الجتب)‪.‬‬
‫س ‪ :37‬لاذا انتقى النسائي السنن الصغرى من السنن الكبى؟‬
‫ج ‪ :37‬بناء على طلب أمي الرملة منه بانتقاء الصحيح من السنن الكبى ‪.‬‬
‫س ‪ :38‬ما شرط النسائي ف كتابه؟‬
‫ج ‪ :38‬ل يترك راويا إل إذا اجتمع الميع على ترك حديثه‪ ،‬وفسر ابن حجر المع بطبقت‬
‫التشددين والتوسطي‪ ،‬فقال‪ :‬إنا أراد بذلك إجاعا خاصا‪ ،‬ث ذكر الذي فحواه ما تقدم‪.‬‬

‫‪511‬‬
‫س ‪ :39‬اذكر بعض التشددين والتوسطي؟‬
‫ج ‪ :39‬أمثلة للمتشددين‪:‬شعبة‪-‬يي القطان‪ -‬يي بن معي‪-‬أبو حات‪.‬‬
‫التوسطي‪ :‬سفيان الثوري‪ -‬عبد الرحن بن مهدى‪ -‬أحد بن حنبل‪ -‬البخاري‪.‬‬
‫س ‪ :40‬ما شرط الترمذي؟‬
‫ج ‪ :40‬قال الترمذي‪ -‬كما ُنقِلَ عنه ف شروط الئمة المسة للحازمي ص ‪ :-56‬ما أخرجت ف‬
‫كتاب إل حديثا عمل به الفقهاء‪.‬‬
‫س ‪ :41‬اذكر مقاصد الئمة المسة ف تريهم للحديث؟‬
‫ج ‪ :41‬ف شروط الئمة المسة قال‪ :‬وأما فرق ما بي الئمة المسة من القصد‪:‬‬
‫* فغرض البخاري تريج الحاديث الصحيحة التصلة واستنباط الفقه والسية والتفسي‪ ،‬فذكر عرضا‬
‫الوقوف والعلق‪ ،‬وفتاوى الصحابة والتابعي وآراء الرجال‪ ،‬فتقطعت عليه متون الحاديث وطرقها ف‬
‫أبواب كتابه‪.‬‬
‫* وقصد مسلم تريد الصحاح بدون تعرض للستنباط‪ ،‬فجمع أجود ترتيب‪ ،‬ول تتقطع عليه‬
‫الحاديث‪.‬‬
‫* وهة أب داود جع الحاديث الت استدل با فقهاء المصار‪ ،‬وبنوا عليها الحكام‪ ،‬فصنّف سننه‪،‬‬
‫وجع فيها الصحيح والسن واللي والصال للعمل‪ ،‬وهو يقول ‪ :‬ما ذكرت ف كتاب حديثا أجع‬
‫الناس على تركه‪ .‬وما كان منها ضعيفا صرح بضعفه‪ ،‬وما كان فيه علة بينها‪ ،‬وترجم على كل‬
‫حديث با قد استنبط منه عال ‪ ،‬وذهب إليه ذاهب‪ ،‬وما سكت عنه فهو صال عنده‪ ،‬وأحوج ما‬
‫يكون الفقيه إل كتابه‪.‬‬
‫* وملمح الترمذي المع بي الطريقتي كأنه استحسن طريقة الشيخي حيث َبيّنَا وما أبما ‪.‬‬
‫وطريقة أب داود حيث جع كل ما ذهب إليه ذاهب‪ ،‬فجمع كلتا الطريقتي‪ ،‬وزاد عليهما بيان‬
‫مذاهب الصحابة والتابعي‪ ،‬وفقهاء المصار‪ ،‬واختصر طرق الديث‪ ،‬فذكر واحدا وأومأ إل ما‬
‫عداه‪ ،‬وبيّن أمر كل حديث من أنه صحيح أو حسن أو منكر‪ ،‬وبيّن وجه الضعف‪ ،‬أو أنه مستفيض‬
‫أو غريب‪.‬‬
‫قال الترمذي ‪ :‬ما أخرجت ف كتاب هذا إل حديثا عمل به بعض الفقهاء‪ ،‬سوى حديث "فإن شرب‬
‫ف الرابعة فاقتلوه"‪ ،‬وحديث ‪" :‬جع بي الظهر والعصر بالدينة من غي خوف ول سفر"‪.‬‬
‫س ‪ :42‬اذكر طرفا من طريقة عمل الترمذي ف سننه ؟‬
‫ج ‪ :42‬ربا أنه يسلك مسلك المام مسلم ف بعض الحيان‪ ،‬فقد نص مسلم على أنه ربا أخرج‬
‫الديث ف صحيحه من طريق ضعيف؛ لعلوه‪ ،‬والديث معروف عند أئمة هذا الشأن من طريق‬
‫العدول‪ ،‬ولكن بإسناد نازل ‪.‬‬
‫وف شرح مسلم أنه أنكر أبو زرعة عليه‪ -‬أي على مسلم‪ -‬روايته ف صحيحه عن أسباط بن نصر‪،‬‬
‫وقطن بن نسي‪ ،‬وأحد بن عيسى الصري‪ ،‬فقال مسلم‪ :‬إنا أدخلت من حديث أسباط وقطن وأحد‬

‫‪512‬‬
‫ما قد روى الثقات عن شيوخهم‪ -‬إل أنه ربا وقع إلّ عنهم بارتفاع‪ ،‬ويكون عندي برواية أوثق‬
‫منهم بنول‪ ،‬فأقتصر على ذلك‪ ،‬وأصل الديث معروف من رواية الثقات‪ .‬انتهي [توضيح الفكار‬
‫‪]1/171‬‬
‫س ‪ :43‬هل نسخ الترمذي كلها واحدة؟ برّهن على قولك ؟‬
‫ج ‪ :43‬ليست كلها واحدة‪ ،‬ففي بعضها حسن‪ ،‬وف بعضها حسن صحيح ف الديث الواحد‪ ،‬مثال‬
‫ذلك حديث‪" :‬الصلح جائز بي السلمي "‪ ،‬قال الصنعان ف توضيح الفكار‪ :‬ل يُتْبِعه الترمذي‬
‫بتصحيح ول تسي‪ ،‬وف كثي من النسخ ‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫س ‪ :44‬ماذا قال ابن حزم ف الترمذي ؟ وباذا رد عليه العلماء؟‬
‫ج ‪ :44‬ذكر الذهب‪ :‬أن ابن حزم ف كتابه " اليصال" قال ف الترمذي‪ :‬إنه مهول‪ ،‬وكذا ذكر ابن‬
‫حجر‪ ،‬ورد العلماء على ابن حزم قوله‪ ،‬فقال ابن حجر ‪ :‬أما ابن حزم‪ ،‬فنادى على نفسه بعدم‬
‫الطلع‪ ،‬وذلك لا وصف به ابن حزم الترمذي_ رحه ال _ حينما وصفه بالهالة ‪.‬‬
‫وقد أشار أحد شاكر ف مقدمته للترمذى إل أن الذهب قد يكون وهم‪ ،‬وتبعه ابن حجرٍ ف نسبته‬
‫هذا القول إل الترمذي؛ فإن ابن حزم أخرج للترمذي حديثا ف "الحلى" (‪ )9/297‬ول يذكر فيه‬
‫جرحا ول تضعيفا‪.‬‬
‫س ‪ :45‬ماذا يعن البيهقي والبغوي بقولما‪ :‬أخرجه البخاري؟‬
‫ج ‪ :45‬يعنيان أن البخاري أخرج أصل الديث‪.‬‬
‫س ‪ :46‬عرف الجهول؟‬
‫ج ‪ :46‬تنقسم الهالة إل نوعي‪ :‬جهالة عيٍ ‪ -‬جهالة حالٍ‪.‬‬
‫مهول العي ‪ :‬هو من روى عنه راوٍ واحد ول يوثقه معتب‪.‬‬
‫مهول الال (أو الوصف)‪ :‬هو من روى عنه راويان فأكثر‪ ،‬ول يوثقه معتب‪.‬‬
‫ومهول العي ف الغالب ل يصلح ف الشواهد‪ ،‬ول ف التابعات‪ ،‬بينما مهول الال يصلح ف‬
‫الشواهد والتابعات ‪.‬‬
‫وقد تساهل بعض أهل العلم ف جهالة التابعي‪ ،‬ورقوا أحاديث بعض من جهلت حاله من التابعي إل‬
‫السن‪ ،‬بل وإل الصحة‪ ،‬برهانم ف ذلك قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬خي الناس قرن‪ ،‬ث‬
‫الذين يلونم ‪."..‬‬
‫س ‪ :47‬ما حكم حديث الختلط الثقة؟‬
‫ج ‪ :47‬يبحث عن الرواة عنه قبل الختلط‪ ،‬والرواة بعد الختلط‪ ،‬ويصحح حديث من روى عنه‬
‫قبل الختلط‪ ،‬ويتوقف ف حديث من روى عنه بعد الختلط‪.‬‬
‫س ‪ :48‬ما رتبة ابن حبان والعجلي ف توثيق الجاهيل؟‬
‫ج ‪ :48‬ابن حبان والعجلي متساهلن ف توثيق الجاهيل‪.‬‬

‫‪513‬‬
‫س ‪ :49‬ما مراتب توثيق ابن حبان كما ذكرها العلمي ف كتابه "التنكيل لا ورد ف تأنيب الكوثري‬
‫من الباطيل " ؟وهل ُتعُقّبَت بشيء؟‬
‫ج ‪ :49‬قال العلمي ‪ -‬رحه ال ‪ -‬ف ( التنكيل ‪ : )1/450‬والتحقيق أن توثيقه (يعن توثيق ابن‬
‫حبان ) على درجات‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يصرح به كأن يقول‪" :‬كان متقنا" أو " مستقيم الديث" أو نو ذلك‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبهم‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬أن يكون من العروفي بكثرة الديث‪ ،‬بيث يُعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثية‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬أن يظهر من سياق كلمه أنه قد عرف ذلك الرجل معرفة جيدة‪.‬‬
‫الامسة‪ :‬ما دون ذلك‪.‬‬
‫فالول ل تقل عن توثيق غيه من الئمة‪ ،‬بل لعلها أثبت من توثيق كثي منهم‪ ،‬الثانية قريب منها‪،‬‬
‫والثالثة مقبولة‪ ،‬والرابعة صالة ‪ ،‬والامسة ل يؤمن فيها اللل‪ ،‬وال أعلم‪ .‬انتهي كلمه رحه ال‪.‬‬
‫هذا وقد علق الشيخ ناصر الدين اللبان‪ -‬رحه ال –على هذا الكلم بقوله‪:‬‬
‫قلت‪ :‬هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة الؤلف _ رحه ال تعال _ وتكنه من علم الرح والتعديل‪،‬‬
‫وهو ما ل أره لغيه فجزاه ال خيا غي أنه قد ثبت لدى بالمارسة أن من كان منهم من الدرجة‬
‫لفّاظ كالذهب والعسقلن وغيها‬ ‫الامسة‪ ،‬فهو على الغالب مهول ل يُعرف‪ ،‬يشهد لذلك صنيع ا ُ‬
‫من الحققي‪ ،‬فإنم نادرا ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده من كان ف هذه الدرجة والت‬
‫قبلها أحيانا‪ ،‬ولقد أجريت لطلب الامعة السلمية ف الدينة النورة يوم كنت أستاذا للحديث فيها‬
‫(سنة ‪1382‬هـ) تربة عملية ف هذا الشأن ف بعض الدروس (السانيد) فقلت لم‪ :‬لنفتح على أي‬
‫راو ٍف كتاب خلصة تذهيب الكمال تفرد بتوثيقه ابن حبان‪ ،‬ث لنفتح عليه ف اليزان (للذهب)‬
‫والتقريب (للعسقلن) ‪ ،‬فسنجدها يقولن فيه‪( :‬مهول)‪ ،‬أو ( ل يعرف)‪ ،‬وقد يقول العسقلن فيه‪:‬‬
‫(مقبول) يعن لي الديث‪ ،‬ففتحنا على بضعة من الرواة تفرد بتوثيقهم ابن حبان فوجدناهم عندها‬
‫كما قلت‪ ،‬إما مهول‪ ،‬أو ل يعرف‪ ،‬أو مقبول‪.‬‬
‫هذا وقد ُت ُعقّبَ عداب المش ف رسالته (رواة الديث الذين سكت عليهم أئمة الرح والتعديل بي‬
‫التوثيق والتجهيل ص ‪ )69‬بقوله‪ :‬إن هذا الكلم على إطلقه من الشيخي فيه نظر؟!‪.‬‬
‫فالرواة الترجون ف كتاب الثقات قسمان‪ :‬قسم انفرد ابن حبان بالترجة له ‪ ،‬أو كان اعتماد مَن‬
‫ترجه بعده عليه‪ ،‬وهؤلء يزيد عددهم على ألفي ترجة ف الكتاب‪ ،‬والقسم الثان‪ :‬الرواة الذين‬
‫اشترك مع غيهم ف الترجة لم‪ ،‬وهؤلء صنفان‪:‬‬
‫الصنف الول‪ :‬الرواة الذين أطلق عليهم ألفاظ الرح والتعديل‪ ،‬وهؤلء يقرب عددهم من ثلثة‬
‫آلف راوٍ‪.‬‬
‫وقد تعددت ألفاظ النقد وتباينت دللتا كما قدمت بعض ذلك فبينما تده يصف الرجل بالفظ‬
‫والتقان أو الوثاقة أو الصدق أو استقامة الديث‪ ،‬إذا بك تده يصف الرجل بأنه قد يطيء أو‬

‫‪514‬‬
‫يطيء أحيانا‪ ،‬أو يطيء كثيا‪ ،‬أو يطىء ويالف‪ ،‬أو يطىء وُيغْرب‪ ،‬ويدلس ويالف‪ .‬والراوة‬
‫الذين يصرح فيهم بالتوثيق ليسوا على درجة واحدة ف نفس المر ف كل مصطلحات التوثيق‪.‬‬
‫ل بالتقان بيد أنن ل أجد لغيه كلما ف ثانية منهم‪ ،‬والذين‬ ‫فقد وجدته وصف خسة وخسي رج ً‬
‫وجدت لم تراجم كانوا جيعا من الفاظ أو الثقات‪.‬‬
‫أما لفظ (مستقيم الديث) وما دار ف فلكه فقد أطلقه ابن حبان على ست ٍة وخسي راويا ومائت‬
‫راوٍ‪ ،‬وقد جاءت ألفاظه الدالة على الستقامة متعددة‪ ،‬فتارة يصف الراوي بأنه مستقيم الديث جدا‪،‬‬
‫وتارة يصفه بأنه مستقيم المر ف الديث‪ ،‬وتارة يقيد الستقامة بشروط فيقول مثلً‪ :‬مستقيم‬
‫الديث إذا روى عن الثقات‪ ،‬أو إذا روى عنه الثقات‪ ،‬وتارة يقول‪ :‬روى أحاديث مستقيمة‪ ،‬وأنه‬
‫مستقيم الديث يغرب‪ ،‬ومستقيم الديث ربا أخطأ‪.‬‬
‫كما أطلق عبارات أوضحت لنا مقصوده من الستقامة‪ ،‬ولكنه أكثر ما أطلق هذا الصطلح بلفظ‬
‫(مستقيم الديث) مردا‪ ،‬وله ألفاظ أخرى مشابة‪ ،‬ولكنها قليلة‪ .‬وقد وجدت فيمن وصفه ابن حبان‬
‫بأنه (مستقيم الديث) الافظ والثقة والصدوق‪ ،‬ووجدت فيهم الجروح والضعف والجهول حسب‬
‫اصطلح التأخرين‪ ،‬وقد كانت ألفاظ النقد الت أطلقها ابن حبان ف كتابيه (الثقات والجروحي)‬
‫تسعة عشر لفظا ومائت لفظ درستها جيعا دراسة نقدية ف رسالت سالفة الذكر‪ ،‬وأعددت لا‬
‫ملحق خاصة بألفاظها‪ ،‬ولذلك فإنن أرى أن هذه الطلقات من فضيلة الشيخ اليمان ‪ -‬رحه ال‬
‫‪ -‬عامة وعائمة‪.‬‬
‫وما ذكره فضيلة الشيخ اللبان من أن كلم الشيخ العلمي (تفصيل دقيق)‪ ،‬غي دقيق ول مفيد ف‬
‫التحقيق العلمي شيئا ‪ .‬انتهي الراد من كلم عداب المش‪.‬‬
‫س ‪ :50‬ما درجة الترمذي ف التصحيح؟‬
‫ج ‪ :50‬الترمذي معروف بالتساهل ف التصحيح‪ ،‬فينبغي أن تتتبع الحاديث الوجودة فيه‪ ،‬ويكم‬
‫عليها با تستحق‪ ،‬وقد شرع ف هذا الشيخ أحد بن شاكر ‪ -‬رحه ال ‪ -‬ولكن أعجلته النية‪.‬‬
‫س ‪ :51‬ما هو الفرق بي السانيد‪ ،‬وكتب السنن‪ ،‬والعاجم أيهما أصح؟‬
‫ج ‪ :51‬السانيد فيها كل صحاب ومروياته‪ ،‬وكذلك العاجم إل أن فيها الصحابة مرتبون على‬
‫حروف العجم باستثناء العشرة البشرين بالنة [‪ ]3‬فهم ُمقَدّمون ‪ ،‬أما كتب السنة فهي مرتبة على‬
‫البواب الفقهية فيذكرون الترجة للباب‪ ،‬ث يذكرون ما وقع لم ف هذه الترجة من حديث أي‬
‫صحاب كان‪.‬‬
‫وينبغي أن يعلم أن السانيد والعاجم كتب سنة أيضا‪ ،‬من ناحية احتوائها على أحاديث رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أما من ناحية الصحة ففي الغالب أن كتب السنة ‪-‬الرتبة على البواب‬
‫الفقهية‪ -‬أكثر صحة إذ إن مؤلفيها يتحرون ما يشهد لتراجهم‪ ،‬ولكن ل يعن هذا أن كل حديث ف‬
‫كتب السنة(الرتبة فقهيا) أصح من كل حديث ف السانيد والعاجم‪ ،‬ولكن المر نسب أغلب‪ ،‬وال‬
‫أعلم‪.‬‬

‫‪515‬‬
‫س ‪ :52‬اذكر بعض الشروح للكتب التية‪ :‬صحيح البخاري‪ -‬صحيح مسلم‪ .‬سنن أب داود‪ -‬سنن‬
‫الترمذي ‪ .‬سنن النسائي – موطأ مالك ‪ .‬مسند أحد‪.‬‬
‫ج ‪ :52‬شرحه الكتاب فتح الباري‪ -‬عمدة القاري صحيح البخاري النووي‪ -‬الفهم على شرح‬
‫مسلم للقرطب صحيح مسلم عون العبود‪ -‬بذل الجهود سنن أب داود زهر الرّبَى سنن النسائي تفة‬
‫الحوذي سنن الترمذي التمهيد – الستذكار موطأ مالك الفتح الربان مسند أحد‬
‫س ‪ :53‬ما الشواهد الت تشي إل أن الب موضوع؟‬
‫ج ‪ :53‬على ذلك شواهد منها‪:‬‬
‫‪ -1‬إقرار واضعه بالوضع‪ ،‬كما أقر نوح بن أب مري واللقب بنوح الامع‪ ،‬أنه وضع على ابن عباس‬
‫أحاديث ف فضائل القرآن سورة سورة ‪.‬‬
‫‪ -2‬ما ينل منلة القرار كأن يدث عن شيخ بديث ل يُعرف إل عنده‪ ،‬ث يُسأل عن مولده‪،‬‬
‫فيذكر تاريا معينًا‪ ،‬ث يتبي من مقارنة تاريخ ولدة الراوي بتاريخ وفاة الشيخ الروى عنه أن الراوي‬
‫ولد بعد وفاة الشيخ‪ ،‬أو نو ذلك‪ ،‬كما ادعى مأمون بن أحد الروي أنه سع من هشام ابن عمار‬
‫فسأله الافظ ابن حبان‪ :‬مت دخلت الشام؟ قال‪ :‬سنة خسي ومائتي‪ ،‬فقال له‪ :‬فإن هشاما الذي‬
‫تروي عنه مات سنة ‪ 245‬فقال‪ :‬هذا هشام بن عمار آخر‪.‬‬
‫‪ -3‬قرائن ف الراوي أو الروي‪ ،‬أو فيهما معا كالنفي الذي يروي حديثا ف ذم الشافعي‪ ،‬والثناء‬
‫على أب حنيفة [يكون ف أمت رجل يقال له ممد بن إدريس أضر على أمت من إبليس‪ . . .‬وأبو‬
‫حنيفة سراج أمت ‪ ] ...‬أو غي ذلك ‪ ،‬راجع تعليق الشيخ أحد بن شاكر على الباعث الثيث‪.‬‬
‫‪ -4‬ركاكة اللفظ وفساد العن والجازفة الفاحشة‪.‬‬
‫‪ -5‬مالفة صرية لا ورد ف الكتاب والسنة الصحيحة‪ ،‬فإذا وجد شيء من ذلك وجب البحث وراء‬
‫الديث بدقة حت نقف على حقيقته‪.‬‬
‫س ‪ :55‬هل توز رواية الديث الوضوع ؟‬
‫ج ‪ :55‬ل توز رواية الديث الوضوع إل للتحذير منه والتنبيه عليه ‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪" :‬من حدث عن بديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبي" رواه مسلم‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم‪" :‬الدين النصيحة‪ .‬قلنا‪ :‬لن؟ قال‪ :‬ل ولكتابه ولرسوله ‪. " . .‬‬
‫س ‪ :56‬اذكر بعض أقسام الوضاعي؟‬
‫ج ‪ :56‬منهم زنادقة أظهروا السلم وأبطنوا الكفر‪ ،‬ومنهم أهل البدع والهواء‪ ،‬كالرافضة‪،‬‬
‫والطابية‪ ،‬يضعون أحاديث تعزز مذاهبهم الباطلة‪ ،‬ومنهم النتسبون إل الزهد يضعون أحاديث‬
‫يرغبون با الناس‪ ،‬ويرهبونم بزعمهم‪ ،‬ومنهم القصاص‪ ،‬ومنهم علماء السلطي الذين يضعون‬
‫الحاديث إرضاءً لكامهم‪.‬‬
‫س ‪ :57‬اذكر بعض الكتب الؤلفة للحاديث الوضوعة؟‬

‫‪516‬‬
‫ج ‪ :57‬منها‪ :‬الباطيل للجوزقان‪ ،‬والوضوعات لبن الوزي ‪ ،‬والللئ الصنوعة‪ ،‬وكراسة الرغب‬
‫الصنعان اللغوي‪ ،‬والفوائد الجموعة للشوكان‪ ،‬وسلسلة الحاديث الضعيفة والوضوعة للشيخ ناصر‬
‫اللبان‪ ،‬وكذلك الكتب الؤلفة ف الضعفاء‪.‬‬
‫س ‪ :58‬ما مدى تثبت ابن الوزي ف كتابه الوضوعات؟‬
‫ج ‪ :58‬ابن الوزي متسرع ف الكم على الديث بالوضع ‪ ،‬وقد حكم على حديث أب هريرة‬
‫مرفوعًا‪" :‬إن طالت بك مدة أوشك أن ترى قوما يغدون ف سخط ال‪ ،‬ويروحون ف لعنته‪ ،‬ف‬
‫أيديهم مثل أذناب البقر"‪ .‬والديث ف صحيح مسلم‪ ،‬وانظر السؤال التال وإجابته‪.‬‬
‫س ‪ :59‬ماذا تعرف عن كتاب (القول السدد ف الذب عن مسند أحد)؟‬
‫ج ‪ :59‬هو كتاب ألفه الافظ ابن حجر‪ ،‬ذكر فيه أربعة وعشرين حديثا من مسند أحد ذكرها ابن‬
‫الوزي ف الوضوعات‪ ،‬وحكم عليها بذلك‪ ،‬ورد عليه ابن حجر ودفع قوله‪.‬‬
‫س ‪ :60‬اذكر بعض أساء الوضاعي ؟‬
‫ج ‪ :60‬منهم نوح بن أب مري اللقب بنوح الامع‪ ،‬ومقاتل بن سليمان البلخي العال بالتفسي‪،‬‬
‫وغياث بن إبراهيم النخعي‪ ،‬وممد بن سعيد الصلوب‪.‬‬
‫س ‪ :61‬هل تبأ الذمة بذكر سند الديث الضعيف مع عدم التنبيه على ذلك؟‬
‫ج ‪ :61‬ل تبأ الذمة إل إذا كان ذلك بي أهل العلم بالسانيد ‪ ،‬أما العوام فل يوز التلبيس عليهم‪،‬‬
‫وقد كنت يوما أصلى المعة ف بعض الساجد الكبى ‪ ،‬والسجد على أشده ف موسم الج‪ ،‬وإذا‬
‫بالطيب يطب ف خطبته قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬جنبوا مساجدكم صبيانكم‬
‫ومانينكم"‪ .‬فحدثته بعد هذه الطبة وأوضحت له أن الديث ل يثبت عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فقال ل ‪ :‬وهل قلت ‪ :‬إنه صحيح؟! انظر كيف يهرب من البشر‪ ،‬ويظن أنه نا‪ ،‬وال من‬
‫ورائه ميط‪.‬‬
‫س ‪ :62‬من هم مظنة الحاديث الضعيفة والوضوعة ف هذا الزمان؟‬
‫ج ‪ :62‬أغلبهم الصوفية‪ ،‬وبعض الماعات والفرق النبثقة عنهم والت تدعو ف ناية أمرها إل‬
‫التصوف الصريح‪ ،‬وقد أكثرت هذه الطوائف من الكذب على رسول ال صلى ال عليه وسلم من‬
‫حيث ل يشعرون ‪ ،‬ولبست على السلمي أمر دينهم ‪ ،‬بل ونصبوا العداء لن أراد أن يتفقه ف الدين‪،‬‬
‫ومن جلتهم أيضا جاعة الوعاظ‪ ،‬الذين ل يبال أغلبهم بصحة الديث من ضعفه ‪ ،‬وجزى ال‬
‫الشيخ عبد الميد كشك على ما قدم من خي للسلم‪ ،‬وعلى ما هدى ال على يديه من شباب‪،‬‬
‫ونسأل ال أن يعفو عنه لتحديثه بالحاديث الضعيفة الت ل تثبت عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فقد أكثر منها‪ ،‬نسأل ال أن يعيننا وإياه على تري الصدق والدفاع عن سنة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ،‬وتنقيتها ما ليس منها‪ ،‬ونيب بكل أئمة الساجد وجهور الوعاظ والقصاصي أل‬
‫يتحدثوا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم إل با صح عنه‪.‬‬
‫س ‪ :63‬عرف الديث السن وهل يُحْتَج به؟‬

‫‪517‬‬
‫ج ‪ :63‬هو نفس تعريف الصحيح‪ ،‬إل أنه ف رجاله من هو خفيف الضبط‪ ،‬ويُحتج به‪.‬‬
‫س ‪ :64‬باذا يرمز لفيف الضبط ف التقريب ( تقريب التهذيب) ؟‬
‫ج ‪ :64‬يرمز لفيف الضبط برمز‪ :‬صدوق – ل بأس به‪ -‬صدوق َيهِم‪.‬‬
‫س ‪ :65‬من الذي أدخل اصطلح السن ؟‬
‫ج ‪ :65‬هو الترمذي [‪.]4‬‬
‫س ‪ :66‬ما شروط الترمذي للحسن؟‬
‫ج ‪ :66‬شروط الترمذي للحكم بالسن هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ل يكون ف إسناده متهم بالكذب‪.‬‬
‫‪ -2‬أن ل يكون شاذا‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يروي من غي وجه‪.‬‬
‫س ‪ :68‬ما معن قول الترمذي‪ :‬حسن صحيح؟‬
‫ج ‪ :68‬اعلم أو ًل أنه اختلف العلماء ف هذا التعريف والذي اختاره الافظ ف نبة الفكر أن لذلك‬
‫حالتي‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن يأت من طريق واحد فيكون ف الطريق رجل ا ُختِلَف ف تصحيح حديثه وف تسينه‬
‫فيكون صحيحا باعتبار مَن صحّح حديثه‪ ،‬وحسنا باعتبار مَن حسّن حديثه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يأت من طريقي فيكون حسنا من إحداها صحيحا من الخرى ‪.‬‬
‫س ‪ :69‬ما حكم حديث من قيل فيه ف التقريب‪ :‬صدوق يطئ؟‬
‫ج ‪ :69‬ينبغي أن تراجع ترجة مثل هذا بتوسع ‪ ،‬فإن كان الديث الذي بي يديك من الحاديث‬
‫الت أخطأ فيها تتوقف ف الديث ‪ .‬وإن ل يكن من الحاديث الت أخطأ فيها يُحَسّن حديثه‪.‬‬
‫س ‪ :70‬ما معن قول أب داود" وما ل أذكر فيه شيئا فهو صال"؟‬
‫ج ‪ :70‬حلها بعض أهل العلم على السن ‪ ،‬أي ما سكت عنه فهو حسن‪ ،‬ومنهم ابن الصلح‬
‫وحلها بعضهم على أنه صال للحتجاج‪ .‬وحلها آخرون على ما هو أعم من ذلك ‪.‬‬
‫س ‪ :71‬هل كل ما سكت عنه أبو داود فهو حسن؟‬
‫ج ‪ :71‬ليس المر كذلك ‪ ،‬بل فيه الصحيح والسن والضعيف ‪ ،‬وقد سئل أبو داود – سأله‬
‫الجري‪ -‬عن أحاديث سكت عنها ف سننه فحكم بضعفها ‪ .‬وينبغي أن تتبع أسانيد الحاديث من‬
‫سنن أب داود ويكم عليها با تستحق‪.‬‬
‫س ‪ :72‬ما هو اصطلح البغوي ف الصابيح؟ وما مدى صحته؟‬
‫ج ‪ :72‬قال ما مضمونه ‪ :‬إن ما أخرجه البخاري ومسلم أو أحدها صحيح‪ ،‬وإن السن ما رواه أبو‬
‫داود والترمذي وأشباههما ول شك أنه اصطلح خاطيء وهو اصطلح خاص به‪.‬‬
‫س ‪ :73‬عرف الديث الضعيف ؟‬
‫ج ‪ :73‬هو ما ل تتوافر فيه شروط الصحة أو الُسن ‪.‬‬

‫‪518‬‬
‫س ‪ :74‬عرف الديث النقطع؟‬
‫ج ‪ :74‬هو ما سقط من وسط إسناده رجل‪ ،‬وقد يكون النقطاع ف موضع واحد‪ ،‬وقد يكون ف‬
‫أكثر من موضع‪.‬‬
‫س ‪ :75‬عرف القطوع؟‬
‫ج ‪ :75‬هو الوقوف على التابعي قولً أو فعلً‪.‬‬
‫س ‪ :76‬عرف الديث الرسل؟‬
‫ج ‪ :76‬هو حديث التابعي إذا قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم أو كلمة نوها‪ ،‬وخصّه‬
‫بعض أهل العلم بكبار التابعي ‪ ،‬واختصاصه بكبار التابعي هي الصورة الت ل خلف فيها‪ ،‬وأطلق‬
‫بعض أهل العلم الرسل على ما سقط من إسناده رجل من أي موضع كان‪.‬‬
‫س ‪ :77‬من أي أقسام الديث يكون الديث الرسل؟‬
‫ج ‪ :77‬الرسل من أقسام الضعيف‪.‬‬
‫س ‪ :78‬ما حكم مراسيل الصحابة – مثل لا ؟‬
‫ج ‪ :78‬مراسيل الصحابة مقبولة معمول با عند أهل العلم وكمثال لذلك قول عائشة رضى ال‬
‫عنها‪ ..." :‬أول ما بُدئ به رسول ال صلى ال عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالة‪ "..‬؛ فعائشة ل‬
‫تدرك القصة ‪ ،‬هذا وننبه على أن أكثر أهل العلم يعلون أحاديث الصحاب الذي ل ييز على عهد‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم كحكم مراسيل كبار التابعي‪.‬‬
‫ل كقول قائل ‪ . .‬عن سعيد عن رجل من أصحاب‬ ‫س ‪ :79‬هل يضر عدم ذكر اسم الصحاب؟ مث ً‬
‫النب عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟‬
‫ج ‪ :79‬ل يضر ذلك لكون الصحابة رضى ال عنهم كلهم عدول‪.‬‬
‫س ‪ :80‬ما هو تفصيل الشافعي بالنسبة لقبول الراسيل؟‬
‫ج ‪ :80‬الشافعي يقبل مراسيل كبار التابعي بشروط وهي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تأتى من وجه آخر ولو مرسلة‪.‬‬
‫‪ -2‬أو أن تعتضد بقول صحاب أو أكثر العلماء‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان الرسل لو سى ل يسمي إل ثقة فحينئذ يكون مرسله حجة‪ ،‬ول ينهض إل رتبة التصل‪،‬‬
‫وكبار التابعي كسعيد بن السيب‪ ،‬وعبيد ال بن عدى بن اليار‪.‬‬
‫وإن كان بعض أهل العلم يعد عبيد ال ف الصحابة اللذين ولدوا على عهد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ول ييزوا‬
‫س ‪ :81‬مثل لن تعد مراسليهم من أضعف الراسيل؟‬
‫ج ‪ :81‬مثل السن البصري‪ -‬الزهري‪ -‬يي ابن أب كثي‪.‬‬
‫س ‪ :82‬مثل للمقلوب ف الت؟‬
‫ج ‪" :82‬إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا وإذا أذن بلل فل تأكلوا ول تشربوا"‪.‬‬

‫‪519‬‬
‫الصواب‪ " :‬إن بللً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حت يؤذن ابن أم مكتوم "‪.‬‬
‫س ‪ :83‬مثل للمقلوب ف السند؟‬
‫ج ‪ :83‬قد يكون القلب ف السناد ف اسم راوٍ أو نسبه‪ ،‬يقول‪" :‬كعب بن مرة" بدل"مرة بن‬
‫كعب"‬
‫س ‪ :84‬هل يوز العمل بالديث الضعيف ف فضائل العمال؟‬
‫ج ‪ :84‬نرى أنه ل يوز العمل بالضعيف‪ ،‬ومن ادعى التفرقة فعليه البهان ‪.‬‬
‫س ‪ :85‬على أي شيء يُحمل قول أحد وابن مهدي وابن البارك ‪":‬إذا روينا ف اللل والرام‬
‫شدّدنا‪ ،‬وإذا روينا ف الفضائل ونوها تساهلنا"؟‬
‫ج ‪ :85‬حله بعض أهل العلم على الديث السن الذي ل يصل إل درجة الصحة‪ ،‬فإن التفريق بي‬
‫الصحيح والسن ل يكن ف عصرهم‪ ،‬بل كان أكثر التقدمي ل يصف الديث إل بالصحة أو‬
‫الضعف فقط ‪.‬‬
‫س ‪ :86‬ما شروط العمل بالديث الضعيف عند من يعمل به؟‬
‫ج ‪ :86‬لذلك شروط وضعوها ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون الديث ف القصص أو الواعظ أو فضائل العمال‪.‬‬
‫‪ -2‬أن يكون الضعف غي شديد‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يندرج تت أصل معمول به‪.‬‬
‫‪ -4‬أن ل يعتقد عند العمل به ثبوته‪ ،‬بل يعتقد الحتياط ‪.‬‬
‫س ‪ :87‬ما معن حديث ل أصل له ؟‬
‫ج ‪ :87‬معناه‪ :‬ل إسناد له‪ ،‬قاله ابن تيمية رحه ال‪.‬‬
‫س ‪ :88‬كيف يعرف ضبط الراوي؟‬
‫ج ‪ :88‬يعرف بوافقة الفاظ التقني الضابطي إذا اعتب حديثه بديثهم‪ ،‬فإن كانت أغلب أحاديثه‬
‫موافقة لحاديثهم عرف ضبطه‪ ،‬وإن كثرت مالفاته اختل ضبطه‪.‬‬
‫س ‪ :89‬ما الديث التروك؟‬
‫ج ‪ :89‬هو الذي يرويه من يتهم بالكذب‪ ،‬ول يعرف ذلك الديث إل من جهته‪ ،‬ويكون مالفا‬
‫للقواعد العامة‪.‬‬
‫س ‪ :90‬عرف الديث العلق؟‬
‫ج ‪ :90‬هو ما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر ولو إل آخر السناد‪.‬‬
‫س ‪ :91‬إل كم قسم تنقسم العلقات وما هي؟ مثل لا تقول ؟‬
‫ج ‪ :91‬تنقسم إل قسمي‪:‬‬
‫‪ -1‬معلقات بصيغة الزم نو‪ :‬قال‪-‬ذكر‪ -‬وروى‪.‬‬
‫‪ -2‬معلقات بصيغة التمريض نو‪ :‬يُذْكر‪ -‬يقال‪ُ -‬ي ْروَى‪.‬‬

‫‪520‬‬
‫س ‪ :92‬هل العلق ضعيف أو صحيح؟‬
‫ج ‪ :92‬بصورة أولية فالعلق من قسم الضعيف إل أن نقف على الرجال الحذوفي‪ ،‬ومن ثَمّ نكم‬
‫عليه با يستحق‪.‬‬
‫س ‪ :93‬هل العلقات الت ف صحيح البخاري على شرطه؟‬
‫ج ‪ :93‬ليست العلقات الت ف صحيح البخاري كلها على شرطه؛ لنه قد وسم كتابه ( بالامع‬
‫السند الصحيح الختصر ف أمور رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وسننه وأيامه)‪.‬‬
‫س ‪ :94‬تكلم باختصار سريع عن العلقات الت ف صحيح البخاري؟‬
‫ج ‪ :94‬منها‪ :‬ما أورده البخاري معلقا ف موضع ووصله ف موضع آخر من صحيحه‪ ،‬ومنها‪ :‬ما ل‬
‫يوجد إل معلقا ‪ ،‬وهذا الخي على صورتي‪:‬‬
‫الول‪ :‬العلق بصيغة الزم‪ ،‬ويستفاد منها الصحة إل من علق عنه‪ ،‬لكن يبقى النظر فيمن أُْب ِرزَ من‬
‫رجال ذلك الديث‪ ،‬فمنه ما يلتحق بشرطه ومنه ما ل يلتحق ‪( ...‬قاله الافظ) [‪.]5‬‬
‫فمثال لا يلتحق بشرطه قوله ف كتاب الوكالة‪ :‬قال عثمان بن اليثم‪ :‬حدثنا عوف‪ ،‬حدثنا ممد ابن‬
‫سيين عن أب هريرة رضى ال عنه‪ " ،‬وكلن رسول ال صلى ال عليه وسلم بزكاة رمضان ‪." . .‬‬
‫وأما ما ل يلتحق بشرطه فقد يكون صحيحا على شرط غيه‪ ،‬وقد يكون حسنا صالا للحجة‪ ،‬وقد‬
‫يكون ضعيفا ل من جهة قدح ف رجاله بل من جهة انقطاع يسي ف إسناده‪.‬‬
‫فمثال ما هو صحيح على شرط غيه‪ :‬قوله ف الطهارة‪ :‬وقالت عائشة‪" :‬كان النب صلى ال عليه‬
‫وسلم يذكر ال على كل أحيانه" وهو حديث صحيح على شرط مسلم‪ ،‬وقد أخرجه مسلم ف‬
‫صحيحه‪.‬‬
‫ومثال لا هو حسن صال للحجة‪ :‬قوله‪ :‬وقال بز بن حكيم عن أبيه عن جده‪" :‬ال أحق أن يستحيا‬
‫منه من الناس "‪ ،‬وهو حديث حسن مشهور عن بز أخرجه أصحاب السنن‪.‬‬
‫جبَر بأمر آخر‪ :‬قوله ف كتاب الزكاة‪ :‬وقال طاوس‪:‬‬ ‫ومثال لا هو ضعيف بسبب النقطاع لكنه مُنْ َ‬
‫قال معاذ بن جبل لهل اليمن‪ :‬ائتون بعض ثياب خيص‪ ،‬أو لبيس ف الصدقة مكان الشعي والذرة‬
‫أهون عليكم وخي لصحاب ممد صلى ال عليه وسلم ‪ .‬فإسناده صحيح إل طاوس‪ ،‬إل أن طاوسا‬
‫ل يسمع من معاذ‪.‬‬
‫الصيغة الثانية‪ :‬وهي صيغة التمريض ل تستفاد منها الصحة إل من علق عنه‪ ،‬ول تنافيها أيضا‪ ،‬لكن‬
‫فيه ما هو صحيح وما ليس بصحيح‪.‬‬
‫أما الصحيح‪ ،‬فمنه ما هو على شرطه‪ ،‬ويورده بالعن ف موضوع آخر من صحيحه كقوله ف الطب‪:‬‬
‫ويذكر عن ابن عباس عن النب صلى ال عليه وسلم ف الرقى بفاتة الكتاب‪ ،‬فإنه أسنده ف موضع‬
‫آخر طريق عبيد ال بن الخنس‪ ،‬عن ابن أب مليكة‪ ،‬عن ابن عباس رضى ال عنهما "أن نفرا من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم مروا بي فيهم لديغ‪ - "..‬فذكر الديث ف رقيتهم للرجل بفاتة‬
‫الكتاب‪ ،‬وفيه قول النب صلى ال عليه وسلم لا أخبوه بذلك‪" :‬إن أحق ما أخذت عليه أجرا كتاب‬

‫‪521‬‬
‫ال" وهذا أورده بالعن ل يزم به؛ إذ ليس ف الوصول أنه صلى ال عليه وسلم ذكر الرقية بفاتة‬
‫الكتاب‪ ،‬إنا فيه أنه ل ينههم عن فعلهم‪ ،‬فاستفيد ذلك من تقريره‪.‬‬
‫وأما ما ل يورده بالعن ف موضع آخر ما أورده بذه الصيغة‪ ،‬فمنه ما هو صحيح إل أنه ليس على‬
‫شرطه‪ ،‬ومنه ما هو حسن‪ ،‬ومنه ما هو ضعيف فرد إل أن العمل على موافقته‪ ،‬ومنه ما هو ضعيف‬
‫فرد ل جابر له ‪.‬‬
‫فمثال لا هو صحيح ليس على شرطه‪ :‬أنه قال ف الصلة‪ :‬ويذكر عن عبد ال بن السائب قال‪ :‬قرأ‬
‫النب صلى ال عليه وسلم الؤمنون ف صلة الصبح‪ ،‬حت إذا جاء ذكر موسى وهارون‪ ،‬أو ذكر‬
‫عيسى أخذته سعلة فركع‪ ،‬وهو حديث صحيح على شرط مسلم‪ ،‬أخرجه ف صحيحه ‪ ،‬إل أن‬
‫البخاري ل يُخرج لبعض رواته‪.‬‬
‫ومثال الثان (وهو السن)‪ :‬قوله ف البيوع‪ :‬ويذكر عن عثمان بن عفان رضى ال عنه أن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم قال له‪" :‬إذا بعت فكل‪ ،‬وإذا ابتعت فاكتل" وهذا الديث قد رواه الدارقطن من‬
‫طريق عبد ال بن الغية‪ ،‬وهو صدوق عن منقذ مول عثمان وُثّقَ عن عثمان به‪ ،‬وتابعه عليه سعيد‬
‫بن السيب‪ ،‬ومن طريقه أخرجه أحد ف السند إل أن ف إسناده ابن ليعة‪ ،‬ورواه ابن أب شيبة ف‬
‫مصنفه من حديث عطاء عن عثمان‪ ،‬وفيه انقطاع‪ ،‬فالديث حسن لا عضده من ذلك‪.‬‬
‫ومثال الثالث‪ :‬وهو الضعيف الذي ل عاضد له إل أنه على وفق العمل‪ ،‬قوله ف الوصايا‪ :‬ويذكر عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أنه قضى بالدين قبل الوصية‪ ،‬وقد رواه الترمذي موصولً من حديث أب‬
‫إسحاق السبيعي‪ ،‬عن الارث العور‪ ،‬عن علي‪ ،‬والارث ضعيف ‪ ،‬وقد استغربه الترمذي‪ ،‬ث حكى‬
‫إجاع أهل العلم على العمل به‪.‬‬
‫ومثال رابع‪ :‬وهو الضعيف الذي ل عاضد له‪ ،‬وهو ف الكتاب قليل جدا‪ ،‬وحيث يقع ذلك فيه‬
‫يتعقبه الصنف بالتضعيف بلف ما قبله‪ ،‬فمن أمثلته قوله ف كتاب الصلة‪ :‬ويذكر عن أب هريرة‬
‫رفعه "ل يتطوع المام ف مكانه"‪ ،‬ول يصح‪ .‬وهو حديث أخرجه أبو داود من طريق ليث بن أب‬
‫سليم‪ ،‬عن الجاج بن عبيد‪ ،‬عن إبراهيم بن إساعيل عن أب هريرة رضى ال عنه‪ ،‬وليث بن أب سليم‬
‫ضعيف‪ ،‬وشيخ شيخه ل يعرف‪ ،‬وقد اختُلِف عليه فيه‪ .‬انتهي بتصريف من مقدمة الفتح ‪.‬‬
‫س ‪ :95‬ما حكم الوقوفات العلقة ف صحيح البخاري؟‬
‫ج ‪ :95‬يزم البخاري منها با صح عنده‪ ،‬ولو ل يكن على شرطه‪ ،‬ول يزم با كان ف إسناده‬
‫ضعيف أو انقطاع‪ ،‬إل حيث يكون منجبا‪ ،‬إما بجيئه من وجه آخر‪ ،‬وإما بشهرته عمن قاله ‪ .‬أفاده‬
‫الافظ‪.‬‬
‫س ‪ :96‬تكلم عن العلقات الت ف صحيح مسلم ؟‬
‫ج ‪ :96‬العلقات ف صحيح مسلم قليلة جدا ‪ ،‬وقد ذكر ابن الصلح ف كتابه" صيانة صحيح مسلم‬
‫من الخلل والغلط" نقلً عن الافظ أب علي الغسان أن مسلما وقع النقطاع فيما رواه ف كتابه‬

‫‪522‬‬
‫ف أربعة عشر موضعا‪(.‬قلت‪:‬يريد بالنقطع هنا العلق‪ ،‬وذلك بعد تتبعها) ث ذكر هذه الواضع‪ .‬وأشار‬
‫إل ذلك أيضا العراقي ف التقييد واليضاح‪.‬‬
‫ث إن هذه الواضع الربعة عشر قد ُوصِلَت ف مسلم نفسه‪ ،‬وقال الافظ العراقى ف التقييد‪. . . :‬‬
‫فعلى هذا ليس ف كتاب مسلم بعد القدمة حديث معلق ل يوصله إل حديث أب الهم‪ ،‬قلت‪:‬وهو‬
‫"أقبل رسول ال صلى ال عليه وسلم نو بئر جل" [‪ ]6‬الديث ‪ ،‬قال فيه مسلم ‪ :‬وروى الليث بن‬
‫سعد حدثن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحن هرمز العرج عن عمي مول ابن عباس أنه سعه يقول‪:‬‬
‫أقبلت أنا وعبد ال ابن يسار مول ميمونة زوج النب صلى ال عليه وسلم حت دخلنا على أب الهم‬
‫بن الارث بن الصامت النصاري فقال أبو الهم‪" :‬أقبل رسول ال صلى ال عليه وسلم نو بئر‬
‫جل‪ )...‬الديث ‪.‬‬
‫س ‪ :97‬ماذا تعرف عن حديث"ليكونن من أمت أقوام يستحلون الر والرير والمر والعازف" ؟‬
‫ج ‪ :97‬هذا الديث أخرجه البخاري معلقا ف كتاب الشربة من صحيحه‪ ،‬قال فيه‪ :‬وقال هشام‬
‫ابن عمار‪ ،‬ث ساق السند‪.‬‬
‫وضعّفه ابن حزم وزعم أنه معلق‪ ،‬ومن ث قرّر مذهبه الفاسد ف إباحة اللهي‪ ،‬لكن الديث رواه‬
‫أحد ف مسنده‪ ،‬وأبو داود ف سننه‪ ،‬والبقان ف صحيحه‪ ،‬والطبان والبيهقي مسندا متصلً إل‬
‫هشام بن عمار وغيه‪ ،‬فصح الديث والمد ل ‪.‬‬
‫واندفع ما قرّره ابن حزم ‪ -‬رحه ال وعفا عنه‪ -‬وقد أجاب ابن الصلح بثلثة أوجه‪ ،‬وذلك ف‬
‫"صيانة صحيح مسلم من الخلل والغلط" ‪ ،‬الوجه الول والثالث نرى فيه تعسفا ‪ ،‬والصواب الوجه‬
‫الثان وقد أثبتناه‪.‬‬
‫س ‪ :98‬ماذا تعرف عن كتاب تغليق التعليق؟‬
‫ج ‪ :98‬هو كتاب قيم للحافظ ابن حجر ‪-‬رحه ال‪ -‬ألفه لوصل ما ذكر معلقا ف صحيح‬
‫البخاري‪.‬‬
‫س ‪ :99‬هل تدخل العلقات فيما انتقده الدارقطن على البخاري ومسلم ؟‬
‫ج ‪ :99‬ل تدخل العلقات فيما انتقده الدارقطن على البخاري ومسلم‬
‫س ‪ :100‬كم حديثا انتقده الدارقطن على البخاري ومسلم؟‬
‫ج ‪ :100‬ف الملة نوٌ من مائت حديث‪ ،‬انتقد على البخاري مائة وعشرة أحاديث ‪ ،‬شاركه مسلم‬
‫ف إخراج اثني وثلثي منها‪ ،‬وانتقد على مسلم خسة وتسعي حديثا (با فيها الت شاركه البخاري‬
‫فيها)‪ ،‬راجع مقدمة فتح الباري‪ ،‬ورسالة بي المامي والدارقطن لربيع بن هادي‪ ،‬ورسالة اللزامات‬
‫والتتبع لقبل بن هادي‪.‬‬
‫س ‪ :101‬هل ت للدارقطن النتقاد ف كل الحوال؟‬
‫ج ‪ :101‬ل يتم له النتقاد ف كل الحوال‪ ،‬فقد أصاب ف بعضها‪ ،‬وأخطأ ف الخر‪ .‬وأحيانا‪-‬بل‬
‫كثيا‪ -‬ما ينتقد سند الديث دون متنه‪.‬‬

‫‪523‬‬
‫س ‪ :102‬عرف الديث السند؟‬
‫ج ‪ :102‬فيه أقوال‪:‬‬
‫‪ -1‬قول الاكم‪ :‬هو ما اتصل إسناده إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -2‬قول الطيب‪ :‬هو ما اتصل إل منتهاه‪.‬‬
‫‪ -3‬قول ابن عبد الب‪ :‬هو الروي عن رسول ال صلى ال عليه وسلم سواء كان متصلً أو منقطعا‪.‬‬
‫س ‪ :103‬عرف التصل؟‬
‫ج ‪ :103‬هو الناف للرسال والنقطاع‪ ،‬ويشمل الرفوع إل النب صلى ال عليه وسلم والوقوف‬
‫على الصحاب‪ ،‬فعليه يكون التصل هو الذي سعه كل راوٍ من الذي قبله‪ ،‬ويشمل الرفوعَ إل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والوقوفَ على الصحاب‪.‬‬
‫س ‪ :104‬عرف الرفوع ؟‬
‫ل عنه‪ ،‬سواء كان متصلً أو منقطعا‬ ‫ج ‪ :104‬هو ما أضيف إل النب صلى ال عليه وسلم قولً أو فع ً‬
‫أو مرسلً ‪ ،‬هذا قول الكثر‪.‬‬
‫س ‪ :105‬عرف الوقوف؟‬
‫ج ‪ :105‬هو الوقوف على الصحاب قولً أو فعلً‪.‬‬
‫س ‪ :106‬هل الوقوف حجة؟وما الدليل؟‬
‫ج ‪ :106‬ليس الوقوف حجة ‪ .‬قال ال تعال‪:‬‬
‫ل مَا تَذَ ّكرُونَ) (العراف‪. )3:‬‬ ‫(اتِّبعُوا مَا ُأْنزِلَ إِلَْيكُ ْم مِنْ َربّكُ ْم وَل تَتِّبعُوا مِنْ دُوِنهِ َأوِْليَاءَ قَلِي ً‬
‫وقال سبحانه‪( :‬وَمَا آتَاكُ ْم الرّسُولُ َفخُذُوهُ َومَا َنهَاكُ ْم َعْنهُ فَاْنَتهُوا( (الشر‪. )7:‬‬
‫وقال تعال‪َ ( :‬ومَا ا ْختََلفْتُ ْم فِي ِه مِنْ شَ ْيءٍ فَحُكْ ُمهُ إِلَى الّل ِه ( (الشورى‪. )10:‬‬
‫وقال سبحانه‪( :‬فَإِنْ َتنَا َزعْتُ ْم فِي شَ ْيءٍ َف ُردّوهُ إِلَى الّلهِ وَالرّسُولِ إِنْ كُنتُمْ ُت ْؤمِنُونَ بِالّل ِه وَاْلَي ْومِ ال ِخرِ)‬
‫(النساء‪. )59:‬‬
‫وقال سبحانه‪( :‬وَأَطِيعُوا الّلهَ َورَسُوَلهُ وَل َتنَا َزعُوا َفَتفْشَلُوا ( (النفال‪. )46:‬‬
‫أما ما ورد من حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم "عليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي‬
‫من بعدى َعضّوا عليها بالنواجذ" فواضح من قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬عليها" أنا سنة واحدة‪،‬‬
‫وهي الت وافق فيها اللفاءُ رسولَ ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ث إننا نلفت النظر إل أن الصحابة رضوان ال عليهم ل تكتب لم العصمة‪ ،‬بل كلّ منهم يصيب‬
‫ويطئ ‪ ،‬وما قال ال ف حق أحد منهم ( َومَا يَن ِطقُ َعنِ اْل َهوَى([ النجم ‪ ] 3:‬ول قال أحد من‬
‫الصحابة لصحاب آخر‪ :‬إنن حجة فاتبعن‪ ،‬فهذا عمران بن حصي رضى ال عنه يالف أمي الؤمني‬
‫عمر ف مسألة التمتع ف الج‪ ،‬ومع عمر الصواب‪ ،‬قال عمران( كما ف الصحيح ‪ :)451‬أنزلت آية‬
‫التعة ف كتاب ال ففعلناها مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول ينل قرآن يرمه‪ ،‬ول ينه عنها‬
‫حت مات‪ ،‬قال رجل برأيه ما شاء [‪.]7‬‬

‫‪524‬‬
‫وهذا علي رضى ال عنه يالف عثمان ف نفس السألة‪ ،‬فلم يَدّعِ عمر ول عثمان أنم حجة‪ ،‬فليتق‬
‫ال أقوام بدّلوا القائب فأعطوا أنبياء ال صلوات ال وسلمه عليهم حق ال سبحانه وتعال ف َد َعوْهم‬
‫من دون ال‪ ،‬ونزّلوا صحابة رسول ال منلة رسول ال‪ ،‬فلرسول ال منلة ينبغي أن ل ُتعْطى لغيه‪،‬‬
‫ولصحابه منلة ل يشاركهم فيها من بعدهم‪ .‬فليتق ال أقوام جعلوا حقوق ال لنبيه وحقوق نبيه‬
‫لصحابه رضي ال عنهم‪ ،‬فلكل حق‪ ،‬ل حق ينبغي أن ل يشاركه فيه أحد‪ ،‬فلنب ال حق ومنلة‬
‫فوق منلة الصحابة‪ ،‬فل ينبغي أن يُ ْدعَى نب ال من دون ال‪ ،‬ول ينبغي أن نعل كلم الصحاب ف‬
‫منلة كلم رسول ال‪.‬‬
‫س ‪ :107‬هل تفسي الصحاب له حكم الرفع؟‬
‫ج ‪ :107‬تفسي الصحاب ليس له حكم الرفع‬
‫س ‪ :108‬هل ذِكْر الصحاب سبب نزول الية له حكم الرفع؟‬
‫ج ‪ :108‬ذكر جع من أهل العلم ذلك‪.‬‬
‫س ‪ :109‬هل قول الصحاب" أمرنا بكذا" و "نينا عن كذا" له حكم الرفع؟‬
‫ج ‪ :109‬هذا له حكم الرفع‪ ،‬فالمر والنهي هو ما جاء به ال على لسان نبيه ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫س ‪ :110‬هل قول الصحاب‪ " :‬كنا نفعل كذا على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم" له حكم‬
‫الرفع؟‬
‫ج ‪ :110‬أكثر أهل العلم على أن ذلك له حكم الرفع‪.‬‬
‫س ‪ :111‬ما الفرق بي الصيغتي التيتي‪:‬‬
‫‪ -1‬عن عروة عن عائشة أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪ -2 . . . :‬عن عروة أن عائشة قالت ‪:‬يا‬
‫رسول ال ‪.....‬؟‬
‫ج ‪ :111‬الثانية َيعُدّها بعض أهل العلم مرسلة؛ لن عروة ل يدرك القصة‪ ،‬بينما الول متصلة‪.‬‬
‫س ‪ :112‬عرف تدليس السناد؟‬
‫ج ‪ :112‬هو أن يروي عن مَن لقيه ما ل يسمعه منه موهِما أنه سعه منه‪ ،‬أو بتعبي آخر‪ :‬هو أن‬
‫يُسقط الحدث شيخَه‪ ،‬ويُحدث عن شيخ شيخه بلفظ متمل السماع‪ ،‬مثل عن – أن‪ -‬قال‪ ،‬ويكون‬
‫قد سع من شيخ شيخه بعض الحاديث‪ .‬أما هذا بعينه فسمعه منه بواسطة‪.‬‬
‫س ‪ :113‬هل يقبل حديث الدلس إذا كان ثقة؟‬
‫ج ‪ :113‬ل يُقبل إل إذا صرّح با يفيد السماع نو‪ :‬أخبن‪ -‬سعت‪ -‬قال ل‪.‬‬
‫س ‪ :114‬عرف تدليس التسوية؟‬
‫ج ‪ :114‬هو إسقاط ضعيف بي ثقتي‪ ،‬قد سع أحدها من الخر (أي قد عرف أن أحدها سع عن‬
‫الخر عدة أحاديث‪ ،‬لكن ف هذا الديث بعينه كان بينهما واسطة‪ ،‬والواسطة ضعيف فأسقط)‪.‬‬
‫س ‪ :115‬هل يقبل حديث مدلس تدليس التسوية إذا كان ثقة؟‬

‫‪525‬‬
‫ج ‪ :115‬ل يقبل إل إذا صرّح ف السند بالتحديث من مدلس تدليس التسوية إل ناية السند‪.‬‬
‫س ‪ :116‬مَثّل لن اشتهر بتدليس التسوية؟‬
‫ج ‪ :116‬كمثال لم‪ :‬الوليد بن مسلم‪ ،‬وبقية بن الوليد‬
‫س ‪ :117‬عرف تدليس الشيوخ؟‬
‫ج ‪ :117‬هو التيان باسم الشيخ أو كُنْيته على خلف الشهور به ؛ تعمية لمره وتوعيا للوقوف‬
‫على حاله‪.‬‬
‫س ‪ :118‬مثل لتدليس الشيوخ؟ ومن الذي اشتهر به؟‬
‫ج ‪ :118‬اشتهر به الطيب البغدادي‪ ،‬وأبو بكر بن ماهد القرئ وابن الوزي ‪.‬‬
‫أما المثلة‪ :‬يروي الطيب ف كتبه عن أب القاسم الزهري‪ ،‬وعن عبيد ال بن أب الفتح الفارسي‪،‬‬
‫وعن عبيد ال بن أحد بن عثمان الصيف‪ ،‬والميع شخص واحد من مشايه‪.‬‬
‫وكذلك يروي عن السن بن ممد اللل‪،‬وعن السن بن أب طالب‪ ،‬وعن أب ممد اللل‪،‬‬
‫والميع عبارة عن واحد‪.‬‬
‫س ‪ :119‬عرف تدليس العطف؟‬
‫ج ‪ :119‬كأن يقول ‪ :‬حدثنا فلن وفلن‪ ،‬وهو ل يسمع من الثان العطوف‪ ،‬كما ذُكر عن هشيم‬
‫أنه خرج على أصحابه فقال‪ :‬حدثن حصي ومغية‪ ،‬ث استمر ف حديثه‪ ،‬ث قال لتلميذه‪ :‬هل دلست‬
‫عليكم اليوم؟ قالوا‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬بل قد فعلتُ‪ ،‬أما حصي فقد حدثن‪ ،‬وأما مغية فحدثن فلن عنه‪.‬‬
‫س ‪ :120‬هل هناك أنواع أخرى للتدليس؟‬
‫ج ‪ :120‬نعم هناك تدليس حذف الداة‪ ،‬وتدليس السكوت‪ ،‬وتدليس البلد‪ ،‬أما تدليس حذف‬
‫الداة فيحذف الداة مطلقا‪ ،‬وتدليس السكوت كأن يقول ‪ :‬حدثنا أو سعت‪ ،‬ث يسكت‪ ،‬ث يقول‪:‬‬
‫"هشام بن عروة" موها أنه سع منه وليس كذلك ‪.‬‬
‫وتدليس البلد كأن يقول حدثن فلن بالقاهرة‪ ،‬وهو يقصد قرية أخرى‪.‬‬
‫س ‪ :121‬ما حكم عنعنة العمش وقتادة وأب إسحاق السبيعي؟‬
‫ج ‪ :121‬يلزم أن يصرّح كل منهم بالتحديث ‪ ،‬فإنم مدلسون‪ ،‬لكن إذا روى عنهم شعبة فل تضر‬
‫عَْنعََنُتهُم‪ ،‬فإنه قال‪ :‬كفيتكم تدليس ثلثة‪ ،‬ث ذكرهم ‪.‬‬
‫وقد قال الافظ ابن حجر ف عدة مواضع من فتح الباري‪ :‬إن رواية شعبة عن أيّ مدلس تب عنعنة‬
‫ذلك الدلس ( هذا مضمون كلمه)‪.‬‬
‫س ‪ :122‬ما حكم عنعنة أب الزبي؟‬
‫ج ‪ :122‬إذا روى عنه الليث‪ ،‬وكان هو يروي عن جابر ل تضر عنعنته‪ ،‬أما غي ذلك فإن عنعنة أب‬
‫الزبي ل ُتقْبل ف الغالب‪.‬‬
‫س ‪ :123‬ما قولكم ف عنعنات العمش عن أب وائل‪ ،‬وأب صال‪ ،‬وإبراهيم النخعي؟‬

‫‪526‬‬
‫ج ‪ :123‬عدد من العلماء يقبلون مثل هذه العنعنات‪ ،‬ويصححون حديث العمش عنهم وإن عَْنعَنَ‪،‬‬
‫إل إذا وجد هناك ما يشعر بتدليس‪ ،‬فحينئذ يتوقف حت ينظر ف تصريح للعمش بالتحديث‪.‬‬
‫س ‪ :124‬من الذي اشتهر أنه ل يدلس إل عن ثقة؟‬
‫ج ‪ :124‬هو سفيان بن عيينة‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬قد يقول الحدث‪ :‬خطبنا فلن‪ ،‬ويقصد أنه خطب أهل بلده‪ ،‬وقد أشار إل ذلك السخاوي ف‬
‫فتح الغيث فقال ‪ ...:‬كقول السن البصرى‪ :‬خطبنا ابن عباس ‪ ،‬وخطبنا عتبة بن غزوان‪ ،‬وأراد أهل‬
‫البصرة بلده‪ ،‬فإنه ل يكن با حي خطبتهما‪ ،‬ونوه ف قوله‪ :‬حدثنا أبو هريرة‪ ،‬وقول طاوس‪ :‬قدم‬
‫علينا معاذ اليمن‪ ،‬وأراد أهل بلده؛ فإنه ل يدركه‪.‬‬
‫س ‪ :125‬ماذا قال القطب اللب بشأن العنعنات الت ف الصحيحي؟‬
‫ج ‪ :125‬قال‪ :‬أكثر العلماء على أن ا ُلعَْنعَنَات الت ف الصحيحي مَُنزّلَة مَْنزِلَة السماع؛ إما لجيئها‬
‫من وجه آخر بالتصريح بالسماع‪ ،‬أو لكون العنعن ل يدلس إل عن ثقة أو لوقوعها من جهة بعض‬
‫النقاد الحققي ساع العنعن لا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أما ابن الصلح والنووي فذهبا إل أنا ممولة على ثبوت السماع فيما عندهم‪ ،‬من جهة‬
‫أخرى إذا كان ف أحاديث الصول ل التابعات ؛ تسينا للظن بصنفيهما ‪ ،‬يعن ولو ل نقف نن‬
‫على ذلك ل ف الستخرجات الت هي مظنة لكثي منه‪ ،‬ول ف غيها‪ ،‬وأشار ابن دقيق العيد إل‬
‫التوقف ف ذلك‪.‬‬
‫س ‪ :126‬ما الُدْرج؟‬
‫ج ‪ :126‬هو أن ُتزَاد لفظة ف الديث من كلم الراوي‪ ،‬فيحسبها من يسمعها مرفوعة ف الديث؛‬
‫فيويها كذلك‪ ،‬وقد يكون الدراج ف السند أو ف الت‪.‬‬
‫س ‪ :127‬مثل للمدرج ف أول الديث ؟‬
‫ج ‪ :127‬حديث أب هريرة رضى ال عنه مرفوعا ‪ ( :‬أسبغوا الوضوء‪ ،‬ويل للعقاب من النار) فلفظ‬
‫‪ " :‬أسبغوا الوضوء" هنا من قول أب هريرة ‪ ،‬وقد جاء ت صرية فقال أبو هريرة‪ :‬أسبغوا الوضوء ‪،‬‬
‫فإن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ " :‬ويل للعقاب من النار " فتبي أن لفظة‪ :‬أسبغوا‬
‫الوضوء من قول أب هريرة ‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬ورد " أسبغوا الوضوء" مرفوعا من حديث عبد ال بن عمرو رضى ال عنه‪.‬‬
‫س ‪ :128‬مثل للمدرج ف وسط الديث؟‬
‫ج ‪ :128‬مثاله‪ :‬حديث من مس ذكره أو أنثييه أو رَ ْفغَيه فليتوضأ‪ ،‬فلفظة "أو أنثييه أو رفغيه" من‬
‫قول عروة‪.‬‬
‫س ‪ :129‬مثل للمدرج ف آخر الديث؟‬

‫‪527‬‬
‫ج ‪ :129‬حديث أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم‪ " :‬للعبد الملوك أجران‪،‬‬
‫والذي نفسي بيده لول الهاد والج وبر أمي لحببت أن أموت وأنا ملوك " فلفظ‪" :‬والذي نفسي‬
‫بيده" إل آخر الديث من قول أب هريرة لستحالة كون النب صلى ال عليه وسلم يقول ذلك‪.‬‬
‫س ‪ :130‬مثل للمدرج ف السناد؟‬
‫ج ‪ :130‬مثاله‪ :‬ما رواه الترمذي من طريق ابن مهدي‪ ،‬عن الثوري‪ ،‬عن واصل الحدب‪ ،‬ومنصور‪،‬‬
‫والعمش‪ ،‬عن أب وائل‪ ،‬عن عمرو بن شرحبيل‪ ،‬عن ابن مسعود قال‪ :‬قلت‪" :‬يا رسول ال! أي‬
‫الذنب أعظم‪."..‬‬
‫فإن رواية واصل هذه مدرجة على رواية منصور والعمش‪ ،‬فإن واصلً يرويه عن أب وائل عن ابن‬
‫مسعود مباشرة ‪،‬ل يذكر فيه عمرو بن شرحبيل‪.‬‬
‫س ‪ :131‬كيف يُعرف الدرج؟‬
‫ج ‪ :131‬يُعرف الدرج بأمور منها‪:‬‬
‫‪ -1‬جع طرق الديث‪.‬‬
‫‪ -2‬ميئه مفصلً من وجه آخر‪.‬‬
‫‪ -3‬استحالة كون النب صلى ال عليه وسلم يقول ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬النص على ذلك من الراوي‪.‬‬
‫س ‪ :132‬هل حدّث أحد من الصحابة عن التابعي؟‬
‫ج ‪ :132‬ثبت ذلك من عدة طرق ذكرها العراقي ف" التقييد واليضاح" ص ‪.76‬‬
‫س ‪ :133‬ما هو الديث العضل ؟‬
‫ج ‪ :133‬هو ما سقط من وسط إسناده اثنان فأكثر على التوال‪.‬‬
‫س ‪ :134‬مت يكم على الديث بالضطراب؟‬
‫ج ‪ :134‬إذا توفرت شروط ثلثة‪:‬‬
‫‪ -1‬الخالفة‪.‬‬
‫‪ -2‬تكافؤ الطرق‪ ،‬معن تكافؤ الطرق أن يكون‪:‬هذا صحيح‪ ،‬وهذا صحيح مثله‪ ،‬وهذا حسن وهذا‬
‫حسن مثله‪ ،‬أما معن عدم تكافؤ الطرق أن يكون هذا حسنًا ‪ ،‬وهذا أحسن ‪ ،‬أو هذا صحيحًا‪ ،‬وهذا‬
‫أصح ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم إمكان المع ‪ ،‬وقد يكون الضطراب ف السند أو ف الت‪.‬‬
‫س ‪:135‬باذا مثل أهل العلم للمضطرب ف الت؟‬
‫ج ‪ :135‬مثلوا بتحديد الصلة الت حدث فيها الشك ف قصة ذي اليدين‪.‬‬
‫س ‪ :136‬باذا مثلوا للمضطرب ف السند؟‬

‫‪528‬‬
‫ج ‪ :136‬مثلوا بديث ماهد عن الكم بن سفيان مرفوعا ف نضح الفرج بعد الوضوء‪ ،‬فقد اختُلف‬
‫عنه على عشرة أقوال فقيل‪ :‬عن ماهد عن الكم عن أبيه‪ ،‬وقيل ‪:‬عن ماهد عن الكم أو ابن الكم‬
‫عن أبيه‪ ،‬وقيل‪ :‬عن ماهد عن رجل من ثقيف عن أبيه ‪...‬‬
‫س ‪ :137‬اذكر تعريفات العلماء للحديث الشاذ؟‬
‫ج ‪ :137‬تعريف الشافعي‪ :‬فرد ثقة خالف ‪.‬‬
‫الاكم‪ :‬فرد ثقة ‪.‬‬
‫الليلي‪ :‬فرد ‪.‬‬
‫ابن الصلح ‪ :‬الول‪ :‬تعريف الشافعي ‪.‬‬
‫الثان‪ :‬فرد ضعيف ‪ ،‬أي تفرد الضعيف أي أن الشافعي يشترط أن يكون راويه ثقة خالف فيه غيه‪.‬‬
‫بينما الاكم يشترط أن يكون راويه ثقة خالف أو ل يالف‪ ،‬بينما الليلي يشترط مرد التفرد ‪ ،‬وابن‬
‫الصلح له تعريفان‪:‬‬
‫الول‪ :‬تعريف الشافعي ‪.‬‬
‫والثان‪ :‬أن يكون راويه ضعيفًا تفرد به‪.‬‬
‫والذي عليه العمل هو تعريف الشافعي رحه ال‪.‬‬
‫س ‪ :138‬ما هو الديث النكر؟‬
‫ج ‪ :138‬هو ما خالف فيه الضعيف غيه ‪ .‬أي أنه إذا كان هناك ثقة خالف من هو أوثق منه‬
‫فحديث الثقة يسمى شاذا‪ ،‬وحديث الثقات يسمى مفوظا‪ ،‬وإذا كان ضعيفا وخالف من هو أرجح‬
‫منه فحديث الضعيف يسمى منكرا ‪ ،‬والرجح يسمى معروفا ‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬بعض التقدمي يطلقون على الديث إنه منكر ويقصدون مرد تفرد الراوي‪.‬‬
‫راجح ترجة ممد بن إبراهيم التميمي ف مقدمة الفتح‪،‬وانظر أيضا حديث الستخارة ف البخاري‪،‬‬
‫وكلم الافظ ابن حجر الذي ذكره عليه ‪ ،‬وما نقله ابن حجر عن المام أحد ف ذلك (فتح الباري)‬
‫وإذا قال البخاري ف راوٍ‪ :‬إنه منكر الديث فهي من أردأ عبارات التخريج عنده‪.‬‬
‫س ‪ :139‬اذكر بعض الكتب الؤلفة ف العلل؟‬
‫ج ‪ :139‬منها العلل لبن الدين‪ -‬العلل للمام أحد بن حنبل‪ -‬العلل لبن أب حات‪ -‬العلل‬
‫للدارقطن‪ -‬العلل للترمذي‪ -‬التَّتّبعَات للدارقطن‪.‬ث كتب للسنن تعتب كتب علل ‪ ،‬ويستفاد منها‬
‫كثيا ف جانب العلل ككتاب السنن للنسائي والسنن الكبى للبيهقي‪.‬‬
‫س ‪ :141‬ما حكم زيادة الثقة؟‬
‫ج ‪ :141‬بعضهم قبلها مطلقا وبعضهم ردّها مطلقا‪ .‬وبعضهم فصّل ف السألة فقال‪ :‬إن اتد ملس‬
‫السماع ل تُقبل‪ ،‬وإن تعدد قُبلت‪ ،‬وهناك أقوال أخرى‪ .‬والذي نراه صوابا أنه ل يكم فيها بكم‬
‫مطرّد بل ينظر إل قرائن تيط با نو ثقة مَن زاد أو ضعفه‪ -‬كثرتم أو قلتهم – مالفاتم أو‬
‫موافقتهم و‪ ...‬وكذلك الكم ف الوصل والرسال‪ ،‬وف الرفع والوقف فيحكم للرجح‪.‬‬

‫‪529‬‬
‫س ‪ :142‬مثل زيادة الثقة؟‬
‫ج ‪ :142‬مثل بعض أهل العلم بديث "جعلت ل الرض مسجدا وطهورا" تفرد أبو مالك‬
‫الشجعي بزيادة "وتربتها طهورا"‪.‬‬
‫س ‪ :143‬باذا استدل بعض أهل العلم لتوقفهم ف قبول زيادة الثقة؟‬
‫ج ‪ :143‬استدلوا بقصة ذي اليدين مع رسول ال ‪ ،‬وذلك ف حديث ‪ " :‬أقصرت الصلة أم نسيت‬
‫يا رسول ال ؟ فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم سأل أصحابه عن مدى صحة قول ذي اليدين مع‬
‫كون ذي اليدين صحاب ‪ ،‬والصحابة عدول ‪.‬‬
‫س ‪ :144‬عرف العلة القادحة للحديث؟‬
‫ج ‪ :144‬هي سبب غامض خفي قادح ف الديث مع أن الظاهر السلمة منه ‪.‬‬
‫س ‪ :145‬عرف الديث العلول؟‬
‫ج ‪ :145‬هو الديث الذي اطلع فيه على علة تقدح ف صحته مع أن الظاهر سلمته منها‪ ،‬ويتطرق‬
‫ذلك إل السناد الذي ‪ :‬رجاله ثقات ‪ ،‬الامع شروط الصحة من حيث الظاهر ‪.‬‬
‫س ‪ :146‬اذكر بعض أنواع العلل؟‬
‫ج ‪ :146‬قد تكون العلة بالرسال ف الوصول أو الوقف ف الرفوع ‪ ،‬وإسقاط ضعيف بي ثقتي قد‬
‫سع أحدها من الخر أو الختلف على رجل ف تسمية شيخه أو تهيله أو غي ذلك‪.‬‬
‫س ‪ :147‬ما معن طريق الادة؟‬
‫ج ‪ :147‬هي الطريق العروفة مثل مالك عن نافع عن ابن عمر‪ ،‬ويي بن أب كثي عن أب سلمة عن‬
‫أب هريرة‪ ،‬وسهيل بن أب صال عن أبيه عن أب هريرة ‪.‬‬
‫س ‪ :148‬ماذا نفعل إذا تعارضت (أو اختلفت) طريق الادة مع غي الادة ؟‬
‫ج ‪ :148‬يقدم أهل العلم غي الادة ؛ وذلك لنا دليل على حفظ الراوي لا ‪ ،‬فإن فيها ما يلفت‬
‫نظر الراوي لفظها‪.‬‬
‫س ‪ :149‬اذكر بعض أوجه ترجيح رواية على أخرى؟‬
‫ج ‪ :149‬منها كثرة اللزمة وطول الصحبة – كون الراوي ثقة‪ -‬كون الرواة أكثر‪ -‬حال الرواة‬
‫عند التحديث و‪. ....‬‬
‫س ‪ :150‬إل كم قسم ينقسم التفرد؟‬
‫ج ‪ :150‬ينقسم إل قسمي ‪:‬‬
‫‪ -1‬فرد مطلق ‪.‬‬
‫‪ -2‬فرد نسب‪.‬‬
‫س ‪ :151‬عرف كل نوع ؟‬

‫‪530‬‬
‫ج ‪ :151‬الفرد الطلق‪ :‬هو أن ينفرد الراوي الواحد عن كل أحد من الثقات وغيهم‪ ،‬كحديث ‪" :‬‬
‫إنا العمال بالنيات" تفرد به عمر عن النب صلى ال عليه وسلم وتفرد به علقمة عن عمر ‪ ،‬وتفرد به‬
‫ممد بن إبراهيم عن علقمة ‪ ،‬وتفرد به يي بن سعيد عن ممد بن إبراهيم ‪.‬‬
‫والفرد النسب‪ :‬إما أن يكون تفرّد ثقةٍ أي ل يروه ثقة إل فلن ‪ ،‬وإما أن يكون َت َف َرّدَ به أهل بلده‪،‬‬
‫وإما أن يكون تفرد شخص بالنسبة لشخص أي ل يروه عن فلن إل فلن‪.‬‬
‫وقد مثل أهل العلم للنوع الول بديث قراءة النب صلى ال عليه وسلم ف الضحى والفطر بقاف‬
‫واقتربت الساعة ل يروه ثقة إل ضمية بن سعيد انفرد به عن عبيد ال عن أب واقد الليثي ‪.‬‬
‫والنوع الثان ‪ :‬حديث ‪" :‬القضاة ثلثة"‪ ،‬تفرد به أهل مروٍ عن عبد ال بن بريدة عن أبيه‪.‬‬
‫ومثال النوع الثالث‪ :‬حديث أنس أن النب صلى ال عليه وسلم أول على صفية بسويق وتر ‪ ،‬ل يروه‬
‫عن بكر إل وائل‪.‬‬
‫س ‪ :152‬ما معن كل من الصطلحات التية‪ -1 :‬العتبارات ‪ -2‬التابعات ‪ -3‬الشواهد؟‬
‫ج ‪ :152‬العتبارات‪ :‬هي عملية البحث عن أطراف الديث وطرقه وألفاظه ‪.‬‬
‫التابعات ‪ :‬تنقسم إل قسمي ‪:‬‬
‫‪ -1‬متابعة تامة وضابطها ‪ :‬أن يشترك الراويان ف الشيخ‪.‬‬
‫‪ -2‬متابعة قاصرة وضابطها ‪ :‬أن يشترك الراويان ف شيخ الشيخ أو مَن بعده ‪.‬‬
‫الشواهد‪ :‬هي أن يكون معن الديث موجودا ف حديث آخر ‪ ،‬والمهور يشترطون أن يتلف‬
‫الصحاب ‪.‬‬
‫س ‪ :153‬ما فائدة الشواهد والتابعات؟‬
‫ل سند فيه رجل صدوق وتابعه صدوق آخر فيتقي‬ ‫ج ‪ :153‬ينجب با ضعف الضعيف‪ ،‬فمث ً‬
‫الديث إل الصحة‪.‬‬
‫وسند فيه رجل مقبول (ومعن مقبول عند ابن حجر أنه مقبول إذا تُوبِعَ وإل فلي) تابَعه مقبول آخر‬
‫فيتقي حديثه إل السن لغيه‪ ،‬وإذا تابع القبول صدوق فيتقي الديث إل الصحة‪.‬‬
‫وأيضا إذا تابع مقبول ضعيف فيتقي إل السن‪.‬‬
‫وإذا كانت كل الطرق با ضعف (لكنه يسي) فينجب هذا الضعف بالتابعات والشواهد‪.‬‬
‫س ‪ :154‬هل هناك من أهل العلم من ل يعمل بالشواهد والتابعات؟‬
‫ج ‪ :154‬هناك من أهل العلم من ينظر إل السانيد استقللً ويكم على كل إسناد با يستحق‪ ،‬فإن‬
‫كانت هناك جلة من السانيد ف كل منها ضعيف ‪ ،‬فيحكم بضعفها ول يقويها ببعضها‪ ،‬ومن‬
‫هؤلء‪ :‬أبو ممد بن حزم‪ ،‬وهو وارد أيضا ف بعض تصرفات المام أحد بن حنبل رحه ال ‪ .‬إل أن‬
‫الكثي من أهل العلم يعملون بالشواهد والتابعات فُيرَقّون الديث إل غاية الصحة إذا كثرت طرقه‪-‬‬
‫وإن كان فيها ضعف‪ -‬إذا ل يشتد سبب الضعف‪ ،‬وال تعال أعلم‪.‬‬

‫‪531‬‬
‫س ‪ :155‬ما درجة الشيخي الفاضلي أحد شاكر وناصر اللبان ف تصحيح الحاديث من ناحية‬
‫التساهل أو التشدد؟‬
‫ج ‪ :155‬أما الشيخ الفاضل أحد شاكر رحه ال فيجنح إل التساهل ف الكم على الديث‬
‫بالصحة‪ ،‬ومنشأ ذلك أنه عمد إل رجال دارت عليهم جلة هائلة من أحاديث رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم فوثّقهم ‪ ،‬ومن ثَم صحّح أحاديثهم‪ ،‬من هؤلء ابن ليعة وشهر بن حوشب وعبد ال‬
‫(مكب السم) بن عمر العمري ‪ ،‬وليث بن أب سليم ‪ ،‬وعبد ال بن صال كاتب الليث ‪ ،‬ويزيد بن‬
‫أب زياد‪ ،‬وهؤلء الراجح من أمرهم أنم أقرب إل الضعف‪.‬‬
‫أما الشيخ ناصر اللبان حفظه ال فهو أحسن حالً ف هذا الانب إل أن عمله ل يلو من شيء من‬
‫ذلك ‪ ،‬ووجه ذلك أنه يصحح الديث ف كثي من الحيان بناء على صحة السناد فقط ‪ ،‬ول ينظر‬
‫إل أوجه إعلله ‪ ،‬وأحيانًا يصحح الديث بجموع الطرق وكثرتا مع شدة ضعفها ‪ ،‬وال تعال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :156‬ما حكم حديث كل من قيل فيه‪ :‬شيخ ‪ -‬صال ‪ -‬يعتب بديثه ‪ -‬يكتب حديثه ‪ -‬لي‬
‫الديث ‪ -‬مستور –مهول الال مقارب الديث؟‬
‫ج ‪ :156‬كل هؤلء حديثهم يصلح ف الشواهد والتابعات‪.‬‬
‫س ‪ :157‬هل هؤلء الذين يأت ذكرهم يصلحون ف الشواهد أو التابعات‪ :‬كذاب‪ -‬ضعيف جدا –‬
‫متروك – وَاهٍ ‪ -‬وضّاع‪ -‬متهم بالوضع؟‬
‫ج ‪ :157‬ل يصلح حديث هؤلء شاهدا لغيه ول متابعا‪.‬‬
‫س ‪ :158‬كيف يكن التمييز بي الرواة ف حالة تشابه أسائهم؟‬
‫ج ‪ :158‬يكن ذلك بأمور منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الرمز الرموز به بوار كل منهم ف كتاب كتقريب التهذيب مثلً‪.‬‬
‫‪ -2‬الطبقات‪.‬‬
‫‪ -3‬الشايخ والتلميذ‪.‬‬
‫‪ -4‬جع طرق الديث‪.‬‬
‫‪ -5‬البلدان‪.‬‬
‫‪ -6‬الختصاص‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا كانا ثقتي فل يضر‪.‬‬
‫‪ -8‬إذا كانا ضعيفي فل يضر‪.‬‬
‫‪ -9‬إذا كان أحدها ثقة والخر ضعيفا فنتوقف‪.‬‬
‫س ‪ :159‬هل هناك ما نيز به بي بعض الرواة كسفيان الثورى مثلً وسفيان بن عيينة ‪ ،‬ومن اسهم‬
‫هشام أو عمرو أو علقمة أو نو ذلك؟‬

‫‪532‬‬
‫ج ‪ :159‬نعم هناك ما نيز به بي ذلك‪ ،‬ومن أنفع الوسائل لذلك معرفة الختصاص‪ ،‬فهناك رواة‬
‫متصون بالرواية عن مشائخ معيني‪ ،‬فمثلً‪:‬‬
‫* علي بن الدين وقتيبة بن سعيد ‪ ،‬ومسدد ‪ ،‬وممد بن سلم البيكندي ‪ ،‬والميدي (عبد ال بن‬
‫الزبي) كل هؤلء إذا َر َووْا عن سفيان فهو سفيان بن عيينة‪.‬‬
‫* وممد يوسف الفرياب ووكيع بن الراح وممد بن كثي العبدي وعبد ال بن البارك وعبد الرحن‬
‫ابن مهدي وقبيصة بن عقبة كل هؤلء إذا َر َووْا عن سفيان فهو سفيان الثوري ‪.‬‬
‫* وكذلك إذا قيل سفيان عن أبيه فهو سفيان الثوري ‪.‬‬
‫* أما لتمييز من اسه هشام من الرواة مثلً‪:‬‬
‫فإذا كان هشام يروي عن قتادة فهو ‪ :‬هشام الدستوائي ‪.‬‬
‫وإذا كان هشام يروي عن أنس فهو ‪ :‬هشام بن زيد بن أنس حفيد أنس رضي ال عنه ‪ .‬وإذا كان‬
‫هشام يروي عن معمر وابن جريج فهو‪ :‬هشام بن يوسف الصنعان ‪.‬‬
‫وإذا كان هشام يروي عن ابن سيين فهو ‪ :‬هشام بن حسان ‪.‬‬
‫أما هشام الذي يروي عنه البخاري فهو هشام بن عبد اللك الطيالسي‪.‬‬
‫وهشام الذي يروي عن أبيه هو هشام بن عروة بن الزبي‪.‬‬
‫كذلك هشام الذي يروي عن يي بن أب كثي هو هشام الدستوائي ‪.‬‬
‫* أما بالنسبة لعمرو‪:‬‬
‫فعمرو الذي يروي عنه شعبة هو عمرو بن مرة ‪.‬‬
‫وعمرو الذي يروي عنه العمش هو عمرو بن مرة أيضا ‪.‬‬
‫وعمرو الذي يروي عنه سفيان بن عيينة هو عمرو بن دينار ‪.‬‬
‫وعمرو الذي يروي عنه ابن وهب هو عمرو بن الارث ‪.‬‬
‫* أما علقمة‪:‬‬
‫فعلقمة الذي يروي عن عمر بن الطاب هو علقمة بن وقاص الليثي ‪.‬‬
‫وعلقمة الذي يروي عن ابن مسعود هو علقمة بن قيس النخعى ‪.‬‬
‫وف هذا الباب جلة من الفوائد منها‪:‬‬
‫سال إذا روى عن أبيه فهو سال بن عبد ال بن عمر ‪.‬‬
‫سال إذا روى عن جابر فهو سال بن أب العد ‪.‬‬
‫* إساعيل عن قيس إساعيل هو ابن أب خالد ‪.‬‬
‫وقيس هو قيس ابن أب حازم‪.‬‬
‫شعيب عن أنس هو شعيب بن البحاب‪.‬‬
‫* أبو اليمان عن شعيب فهو شعيب بن أب حزة‪.‬‬
‫* حيد عن أنس هو – ف الغالب‪ -‬حيد بن أب حيد الطويل‪.‬‬

‫‪533‬‬
‫* حيد عن أب هريرة هو حيد بن عبد الرحن بن عوف‪.‬‬
‫* إذا جاء السند مكيا وصحابيه اسه عبد ال فهو عبد ال بن عباس‪.‬‬
‫إذا جاء السند مدنيا وصحابيه اسه عبد ال فهو عبد ال بن عمر‪.‬‬
‫إذا جاء السند كوفيا وصحابيه اسه عبد ال فهو عبد ال بن مسعود ‪.‬‬
‫إذا جاء السند مصريا وصحابيه اسه عبد ال فهو عبد ال بن عمرو بن العاص ‪.‬‬
‫إذا روى أبو بردة عن عبد ال فعبد ال هو عبد ال بن قيس أبو موسى الشعري ‪.‬‬
‫إذا روى علقمة عن عبد ال فهو ابن مسعود‪.‬‬
‫وهذا ف غالب الحوال‪ .‬وال تعال أعلم‪.‬‬
‫س ‪ :160‬ما معن قول الافظ ابن حجر رحه ال ف كتابه تقريب التهذيب (من العاشرة أو ف‬
‫الادية عشرة أو من الامسة ‪ ...‬ونو ذلك) ف تراجه للراوة ؟‬
‫ج ‪ :160‬مراده من ذلك أن هذا الراوي من الطبقة العاشرة أو من الطبقة الادية عشرة أو من الطبقة‬
‫الامسة‪ ،‬وكتفصيل لذلك نقول‪ :‬إن بي رسول ال صلى ال عليه وسلم وبي أصحاب كتب السنن‬
‫تقريبا من ‪ 250-200‬سنة ‪ ،‬فهذه الدة الزمنية بي رسول ال صلى ال عليه وسلم وبي أصحاب‬
‫الكتب قسمت تقريبا إل عشر طبقات‪:‬‬
‫* فالطبقة الول‪ :‬هم الصحابة‪.‬‬
‫* الطبقة الثانية‪ :‬طبقة كبار التابعي كابن السيب‪ ،‬والخضرمي كذلك ‪ ،‬والخضرم هو من أدرك‬
‫ل أسلم على‬ ‫الاهلية والسلم ولكنه ل ير النب صلى ال عليه وسلم مؤمنا به‪ ،‬فمن ذلك مثلً رج ً‬
‫عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ولكنه ل يلتق برسول ال صلى ال عليه وسلم لُبعْد مسافة عنه‬
‫أو لعذر آخر‪.‬‬
‫أو رجل كان معاصرا لرسول ال صلى ال عليه وسلم ولكنه ل يسلم إل بعد وفاة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫* الطبقة الثالثة‪ :‬هي الطبقة الوسطى من التابعي كالسن وابن سيين وهم طبقة روت عن عدد من‬
‫أصحاب النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫* الطبقة الرابعة‪ :‬صغار التابعي ‪ :‬وهم طبقة تلي الطبقة التقدمة ‪ ،‬جُل روايتهم عن كبار التابعي‬
‫كالزهري وقتادة‪.‬‬
‫* الطبقة الامسة‪ :‬طبقة صغرى من التابعي ( هم أصغر من التقدمي) وهم تابعون رأوا صحابيا أو‬
‫صحابيي‪ ،‬ومن هؤلء موسى بن عقبة والعمش‪.‬‬
‫* الطبقة السادسة‪ :‬طبقة عاصروا الامسة لكن ل يثبت لم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج ‪.‬‬
‫* الطبقة السابعة‪ :‬طبقة كبار أتباع التابعي كمالك والثوري‪.‬‬
‫* الطبقة الثامنة‪ :‬هي الوسطى من أتباع التابعي كابن عيينة وابن علية‪.‬‬

‫‪534‬‬
‫* الطبقة التاسعة‪ :‬هي الطبقة الصغرى من أتباع التابعي كيزيد بن هارون والشافعي وأب داود‬
‫الطيالسي وعبد الرازق‪.‬‬
‫* الطبقة العاشرة ‪ :‬كبار الخذين عن تبع التابعي من ل يلق التابعي كأحد بن حنبل‪.‬‬
‫* الطبقة الادية عشرة‪ :‬الطبقة الوسطى من ذلك كالذهلي والبخاري‪.‬‬
‫* الطبقة الثانية عشرة‪ :‬صغار الخذين عن تبع التباع كالترمذي وباقى شيوخ الئمة الستة الذين‬
‫تأخرت وفاتم قليلً كبعض شيوخ النسائي‪.‬‬
‫وكرسم تفصيلى لذلك‪:‬‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ 1‬الصحابة ‪ 2‬كبار التابعي والخضرمي ‪ 3‬الوسطى من التابعي ‪4‬‬
‫صغار التابعي ‪ 5‬تابعون ل يلتقوا إل صحابيا أو اثني ‪ 6‬تابعون ل يثبت لم لقاء أحد من الصحابة‬
‫‪ 7‬كبار أتباع التابعي ‪ 8‬الوسطى من أتباع التابعي ‪ 9‬صغار أتباع التابعي ‪ 10‬كبار الخذين عن‬
‫تبع التباع ‪ 11‬الوسطى من الخذين عن أتباع التابعي ‪ 12‬صغار الخذين عن تبع التباع‬
‫س ‪ :161‬اذكر عددا من رجال الطبي ف تفسيه الذين دارت عليهم جلة من السانيد مع بيان‬
‫أحوالم باختصار؟‬
‫ج ‪ :161‬أخرج الطبي رحه ال ف تفسيه عن عدد من الرواة وأكثر عنهم وف حديث كثي منهم‬
‫ضعف‪ ،‬فأخرج لحمد بن حيد الرازي ( ويقول فيه حدثنا ابن حيد) وهو ضعيف‪ ،‬وأخرج لسفيان‬
‫ضعّفَ بسبب ورّاق‬ ‫ابن وكيع (ويقول فيه حدثنا ابن وكيع أو حدثنا سفيان) وسفيان بن وكيع قد ُ‬
‫السوء الذي كان عنده ‪.‬‬
‫وأخرج رحه ال للمثن بن إبراهيم الملي ‪ ،‬وللن ل نقف للمثن هذا على ترجة ‪.‬‬
‫وف أسانيد الطبي أيضا(وبكثرة) أبو صال وهو عبد ال بن صال كاتب الليث ‪ ،‬والراجح ضعفه‪.‬‬
‫وفيها أيضا ممد بن أب ممد وهو مهول‪.‬‬
‫وأخرج أيضا بعض السانيد التالفة كما يقول‪ :‬حدثن ممد بن سعد قال ‪ :‬حدثن أب قال ‪ :‬حدثن‬
‫عمي قال ‪ :‬حدثن أب عن أبيه عن ابن عباس ‪ ،‬فمحمد بن سعد هو ممد بن سعد بن ممد بن‬
‫السن بن عطية بن سعد بن جنادة العوف وهذا إسناد مسلسل بالضعفاء‪.‬‬
‫س ‪ :162‬وجدت لبن معي ف راو واحد قولي متلفي فعلى أي شيء يمل الختلف؟‬
‫ل ضعيفا حينما يسأل عنه بالنسبة لراوٍ آخر أو‬
‫ج ‪ :162‬إما أن يكون تغّيرَ اجتهادُه أو يكون هذا مث ً‬
‫العكس‪ ،‬كأن يُسأل عن رجلي أحدها ثبت والخر أدن منه فيقول‪ :‬هذا ثبت وذاك ضعيف (أي‬
‫بالنسبة للول)‪.‬‬
‫س ‪ :163‬عرف الزيد ف متصل السانيد والرسل الفي؟‬
‫ج ‪ :163‬قد ييء الواحد بإسناد واحد من طريقي ولكن ف أحدها زيادة راوٍ‪ .‬وهذا يشتبه على‬
‫كثي من أهل الديث ول يدركه إل النقاد‪ ،‬فتارة تكون الزيادة راجحة بكثرة الراوين لا وتارة يكم‬
‫بأن راوي الزيادة وهم فيها تبعا للترجيح والنقد‪.‬‬

‫‪535‬‬
‫فإذا رجحت الزيادة كان النقص من نوع "الرسال الفي" وإذا رجح النقص كان الزائد من "الزيد‬
‫ف متصل السانيد" ‪.‬‬
‫مثال الول‪ :‬حديث عبد الرازق عن الثوري عن أب إسحاق عن زيد بن ُيثَيْع بضم الياء التحتية الثناة‬
‫وفتح الثاء الثلثة وإسكان الياء التحتية الثناة ‪ ،‬وآخره عي مهملة عن حذيفة مرفوعا "إن وليتموها أبا‬
‫بكر فقوي أمي" فهو منقطع ف موضعي؛ لنه روي عن عبد الرازق قال‪ :‬حدثن النعمان بن أب‬
‫شيبة عن الثوري ‪ ،‬وروي أيضا عن الثوري عن شريك عن أب إسحاق‪.‬‬
‫مثال الثان‪ :‬حديث ابن البارك قال‪ :‬حدثنا سفيان عن عبد الرحن بن يزيد حدثن بسر بن عبدال‬
‫قال‪:‬‬
‫سعت أبا إدريس الولن قال‪ :‬سعت واثلة يقول‪:‬‬
‫سعت أبا مرثد يقول‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ " :‬ل تلسوا على القبور ول‬
‫تصلوا إليها" فزيادة" سفيان" و "أب إدريس" وهم‪ ،‬فالوهم ف زيادة " سفيان" من الراوي عن ابن‬
‫البارك‪ ،‬فقد رواه ثقات عن ابن البارك عن عبد الرحن بن يزيد بغي واسطة مع تصريح بعضهم‬
‫بالسماع‪ .‬والوهم ف زيادة أب إدريس من ابن البارك فقد رواه ثقات عن عبد الرحن بن يزيد عن‬
‫بُسْر بغي واسطة مع تصريح بعضهم بالسماع‪.‬‬
‫س ‪ :164‬باذا يعرف الرسال الفي؟‬
‫ج ‪ :164‬يعرف بأمور منها عدم لقاء الراوي شيخه ‪ ،‬وإن عاصره أو بعدم ساعه منه أصلً أو بعدم‬
‫ساعه الب الذي رواه وإن كان سع منه غيه‪.‬‬
‫س ‪ :165‬ما حكم رواية أهل البدع؟‬
‫ج ‪ :165‬يقبل منهم ما ل يوافق بدعتهم (ما داموا صادقي اللهجة) أما ما يوافق بدعهم فيتوقف فيه‪.‬‬
‫س ‪ :166‬اذكر مرتبة هذه اللفاظ عند البخاري‪" :‬سكتوا عنه" و"فيه نظر" و"منكر الديث"؟‬
‫ج ‪ :166‬هذه أدن النازل عند البخاري وأردؤها‪.‬‬
‫س ‪ :167‬ما هي أنواع تمل الديث ؟‬
‫ج ‪ :167‬أنواع تمل الديث هي‪:‬‬
‫‪ -1‬السماع‪.‬‬
‫‪ -2‬القراءة على الشيخ‪.‬‬
‫‪ -3‬الجازة‪.‬‬
‫‪ -4‬الناولة‪.‬‬
‫‪ -5‬الكاتبة‪.‬‬
‫‪ -6‬العلم‪.‬‬
‫‪ -7‬الوصية‪.‬‬
‫‪ -8‬الوجادة (وهي أن يد حديثا بط شخص بإسناده)‪.‬‬

‫‪536‬‬
‫س ‪ :168‬ما معن السناد العال والنازل؟‬
‫ج ‪ :168‬السناد العال هو القريب من رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬والنازل هو البعيد‪ .‬ث إن‬
‫العلو والنول أقسام‪ .‬راجع الباعث الثيث‪.‬‬
‫س ‪ :169‬مت يُصار إل الكم بالنسخ؟‬
‫ج ‪ :169‬ل بد أن تتوافر شروط ثلثة وهي ‪:‬‬
‫الخالفة‪ -‬عدم إمكان المع‪ -‬معرفة التاريخ‪.‬‬
‫س ‪ :170‬من هو الخضرم؟‬
‫ج ‪ :170‬هو الذي أدرك الاهلية والسلم ول يلق رسول ال صلى ال عليه وسلم مؤمنا به‪.‬‬
‫س ‪ :171‬من هو التابعي؟‬
‫ج ‪ :171‬هو من صحب الصحاب‪.‬‬
‫س ‪ :172‬من هو الصحاب؟‬
‫ج ‪ :172‬هو من لقي رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حال إسلم الراوي ‪ ،‬وإن ل تطل صحبته‬
‫وإن ل يرو عنه شيئا‪.‬‬
‫س ‪ :173‬من هم العبادلة من الصحابة؟‬
‫ج ‪ :173‬هم عبد ال بن الزبي ‪ ،‬وابن عباس ‪ ،‬وابن عمر ‪ ،‬وابن عمرو بن العاص ‪.‬‬
‫س ‪ :174‬عرف الؤتلف والختلف؟‬
‫ج ‪ :174‬هو ما تتفق ف الط صورته وتتلف ف اللفظ صورته مثال سلم وسلم‪ ،‬عباس وعياش‪،‬‬
‫غنام وعثام ‪.‬‬
‫تنبيه ‪ :‬إذا أردنا الوقوف على رجال الاكم‪ -‬والدارقطن‪ -‬والطبان ‪ ،‬وهؤلء التأخرين فعلينا بكتب‬
‫من الت يأت ذ ْكرُها‪:‬‬
‫‪ -1‬العب ف أخبار من غب‪.‬‬
‫‪ -2‬شذرات الذهب ف أخبار من ذهب‪.‬‬
‫‪ -3‬تاريخ بغداد‪.‬‬
‫‪ -4‬كتب التواريخ بصفة عامة‪.‬‬
‫‪ -5‬سي أعلم النبلء‪.‬‬
‫س ‪ :175‬اذكر باختصار بعض الكتب الساسية الت تلزم طالب علم الديث ؟‬
‫ج ‪ :175‬يلزمه الت‪:‬‬
‫كتب السنن وهي (باختصار للهم)‪:‬‬
‫• فتح البارى شرح صحيح البخاري "ترتيب ممد فؤاد عبد الباقي" ‪.‬‬
‫• صحيح مسلم "ترتيب ممد فؤاد"‬
‫• صحيح مسلم شرح النووي‬

‫‪537‬‬
‫• سنن أب داود تقيق عزت عبيد الدعاس‬
‫• عون العبود شرح سنن الترمذي‬
‫• تفة الحوذى شرح سنن الترمذي‬
‫• سنن الترمذي تقيق أحد شاكر‬
‫• سنن ابن ماجه ترتيب ممد فؤاد‬
‫• سنن النسائي‬
‫• موطأ مالك ترتيب ممد فؤاد‬
‫• التمهيد لبن عبد الب‬
‫• مسند أحد بن حنبل مع فهرست الشيخ ناصر اللبان‬
‫• سنن الدارمي‬
‫• مسند الطيالسي‬
‫• النتخب لعبد بن حيد‬
‫• مسند الشافعي‬
‫• مستخرج أب عوانة‬
‫• النتقى لبن الارود‬
‫وإذا كان موسرا فعليه شراء أي كتاب ف السنة من الكتب ذوات السانيد ‪.‬‬
‫كتب الرجال‬
‫• تقريب التهذيب‪.‬‬
‫• تذيب التهذيب‪.‬‬
‫• تعجيل النفعة لبن حجر‬
‫• تذيب الكمال‪.‬‬
‫• لسان اليزان‪.‬‬
‫• الكامل ف الضعفاء لبن عدي‬
‫• الضعفاء للعقيلي‬
‫• ميزان العتدال‪.‬‬
‫• التاريخ الكبي للبخاري‬
‫• الرح والتعديل لبن أب حات‬
‫• العب ف أخبار من غب الذهب‬
‫• تذكرة الفاظ‪.‬‬
‫• سي أعمال النبلء‬
‫• الثقات لبن حبان‬

‫‪538‬‬
‫• تاريخ بغداد‪.‬‬
‫وكذلك باقي كتب الرجال والتواريخ إن كان موسرا‪.‬‬
‫كتب البحث والصطلح (وستأت كتب الصطلح ف مراجع البحث)‪.‬‬
‫• تفة الشراف‪.‬‬
‫• العجم الفهرس للفاظ الديث ( وللفاظ القرآن)‪.‬‬
‫• ذخائر الواريث ‪.‬‬
‫• مفتاح كنوز السنة‪.‬‬
‫• جامع الصول‪(.‬وهو من كتب السنة)‪.‬‬
‫• مفتاح الصحيحي‪.‬‬
‫• موسوعة أطراف الديث‪.‬‬
‫• لبانة القارئ فهرست لصحيح البخاري‪.‬‬
‫• فهرست مسند أحد بن حنبل (على الروف الجائية) لبسيون زغلول‪.‬‬
‫• وكتب الشيخ ناصر الدين اللبان‪ :‬بملتها ففيها خي كثي وبركة ف شت النواحي‪.‬‬
‫التفاسي‬
‫• تفسي ابن جرير الطبي‬
‫• تفسي القرطب‬
‫• تفسي ابن أب حات‬
‫• تفسي ابن كثي‬
‫• تفسي عبد الرازق‬
‫• التفسي الكبي للرازي‬
‫• الدر النثور للسيوطي‬
‫وباقي كتب تفاسي أهل السنة ف حالة الستطاعة‪.‬‬
‫كتب الفقه‬
‫• نيل الوطار‪.‬‬
‫• سبل السلم‪.‬‬
‫• الغن‪.‬‬
‫• الجموع شرح الهذب‪.‬‬
‫• الحلى‪.‬‬
‫• البسوط‪.‬‬
‫كتب اللغة‬
‫• تاج العروس‪.‬‬

‫‪539‬‬
‫• لسان العرب‪.‬‬
‫كتب النحو‬
‫• التحفة السنية‬
‫• قطر الندى‬
‫• اللفية‬
‫• مغن اللبيب‬
‫كتب علل الديث‬
‫• العلل لبن أب حات‪.‬‬
‫• العلل لحد بن حنبل‪.‬‬
‫• العلل لعلى بن الدين‪.‬‬
‫• العلل للترمذي‪.‬‬
‫• العلل للدارقطن‪.‬‬
‫• كتب الضعفاء والتروكي‬
‫هذه أشياء أساسية متصرة تلزم طالب علم الديث ويلزمه قبلها أن يلص العمل لوجه ال ‪.‬‬
‫انتهت السئلة‬
‫والمد ل رب العالي‬
‫_______________‬
‫[‪ ]1‬انظر كتاب "ضعيف الحاديث القدسية" لخينا أحد العيسوي حفظه ال‪.‬‬
‫[‪ ]2‬والعلة القادحة‪ :‬هي سبب قادح مؤثر ف الديث مع أن ظاهر الديث السلمة‪.‬‬
‫[‪ ]3‬البشرون بالنة من أ صحاب النب كثي‪ ،‬ولكن ا لرا د بالعشرة هم الذين جعهم حديث واحد‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهم أبو بكر‪ -‬عمر‪ -‬عثمان‪ -‬علي‪ -‬طلحة‪ -‬الزبي‪ -‬سعد بن أ ب‬
‫وقاص‪ -‬وعبد الرحن بن عوف – وأبو عبيدة‪ -‬وسعيد ابن زيد‪.‬‬
‫[‪ ]4‬وقد سبق الترمذي البخاري وأبو حات الرازي إل هذا الصطلح وغيها‪ ،‬ولكنه انتشر و‬
‫اشتهر ف كتب الترمذي ‪.‬‬
‫[‪ ]5‬أحيانا ل يتحقق هذا‪ ،‬بعن أن الديث العلق بصيغة الزم قد يكون ضعيفا إل من علق عنه‬
‫أيضًا‪.‬‬
‫[‪ ]6‬ولفظه ف البخاري من حديث أب الهيم (‪ )337‬أ قبل النب صلى ا ل عليه وسلم من نو بئر‬
‫جل فلقيه رجل فسلم عليه‪ ،‬فلم يرد عليه النب صلى ال عليه وسلم حت أقبل على الدار فمسح‬
‫بوجهه ويديه ث رد عليه السلم‪.‬‬
‫[‪ ]7‬يعن عمران بن حصي رضي ال عنه أن عمر رضي ال عنه فعلها ‪ ( .‬كما ف طرق‬
‫الحاديث)‪.‬‬

‫‪540‬‬
‫=======================‬
‫مفاهيم أساسية لدراسة السية النبوية‬

‫ممد جلل القصاص‬


‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫القدمة وتشمل بيان‪:‬‬
‫أهية وضع ضوابط لقراءة السية النبوية‬
‫(السية النبوية ـ على صاحبها الصلة والسلم ـ هي ف القيقة عبارة عن الرسالة الت حلها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الجتمع البشرى قولًا وفعلًا‪ ،‬وتوجيها وسلوكًا‪ ،‬وَقَلبَ با موازين‬
‫الياة‪ ،‬فبدّل مكان السيئة السنة‪ ،‬وأخرج با الناس من الظلمات إل النور‪ ،‬ومن عبادة العباد إل‬
‫عبادة ال)‬
‫أي أنا ـ بلغة القوم ـ حركة من حركات الصلح الت عرفتها البشرية‪.‬‬
‫واليوم يتنادى كثيون للصلح الدين والجتماعي والقتصادي والسياسي‪ ...‬ال‪ .‬وكثي من هؤلء‬
‫يدعي النتساب للدين وأنه ينطلق من ثوابت الدين الكلية ويستوقد من سية البيب صلى ال عليه‬
‫وسلم شعلة يستضيء با ف رحلة(الصلح) الت يقوم با‪.‬‬
‫والقيقة أن الكل يذهب للسية بلفية فكرية مسبقة فيَبتُر ويتزئ وينقل ما يريد ما يقق له أهدافه‪،‬‬
‫وقد رأينا أن العلمانيي ومن بذروا بذور العلمانية ف عالنا السلمي كـ(طه حسي) و(ورفاعة‬
‫الطهطاوي) قد كتبوا ف السية النبوية‪.‬‬
‫ولكنها طريقة أهل الهواء والبدع الذين يعتقدون ث يستدلون‪ ،‬أو الذين يذهبون إل النصوص ليأتوا‬
‫با على هواهم‪.‬‬
‫لذا كان لبد من وضع ضوابط لدراسة السية النبوية‪.‬‬
‫ولا كانت اللفية الفكرية للكاتب أو التحدث تنعكس على أفكاره الكتوبة أو القروءة ول بد‪ ،‬رأينا‬
‫ـ من يتكلمون ف السية من دعاة الصحوة السلمية الباركة ـ من ل يرى ف السية إل السيف‬
‫والهاد‪ ،‬ومنهم من ل يرى إل الشخاص‪ ،‬وياول أن يصور المر على أنه بطولت شخصية‪،‬‬
‫وتنحصر رؤيته ف عبقرية الشخص وتوصيف الدث دون ربطه بغيه أو النظر إل فقه الدث وما‬
‫فيه من التشريعات‪.‬‬
‫فغالب الطرح الوجود للسية النبوية يغلب عليه إثبات الوقائع ووصف تطور الحداث وذكر‬
‫النتائج‪.‬وهو أمر جيد إن كان الطاب موجه فقط للعوام من الناس‪.‬‬
‫وقد حاولت ف هذه الرسالة أن أضع بعض الصول لدراسة السية النبوية‪ .‬ول تقع عين على دراسة‬
‫مشابه لشيوخنا الكرام‪ ،‬لذا بذلت ما استطعت من الهد وأعترف بأن المر مازال يتاج إل مزيد‬
‫من الدراسة‪ ،‬وال أسأل أن يبارك ل ف كلمات وأن ينفع با‪.‬‬

‫‪541‬‬
‫أول‪ :‬أهية دراسة السية النبوية‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ُحبّ رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ عبادة‪ ،‬قال تعال‪ (:‬النّبِيّ َأ ْولَى بِاْل ُم ْؤمِِنيَ مِنْ‬
‫سهِمْ)‪[.‬الحزاب‪ :‬الية ‪]6‬‬ ‫أَنفُ ِ‬
‫وف الديث " َف َو الّذِي َنفْسِي ِبيَ ِدهِ لَا ُي ْؤمِنُ أَحَدُكُ ْم حَتّى أَكُونَ أَ َحبّ إَِلْيهِ مِ ْن وَالِ ِدهِ َووَلَ ِدهِ"‬
‫وف البخاري عن عَبْدَ الّلهِ بْ َن هِشَامٍ قَالَ‪ُ :‬كنّا مَعَ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم َو ُهوَ آخِذٌ ِبيَ ِد عُ َمرَ بْنِ‬
‫اْلخَطّابِ َفقَالَ َل ُه عُ َمرُ‪ :‬يَا َرسُولَ الّلهِ لَأَْنتَ أَ َحبّ إِلَ ّي مِنْ كُلّ شَ ْيءٍ إِلّا مِنْ َنفْسِي َفقَالَ النِّب ّي صَلّى‬
‫ك " َفقَالَ َلهُ عُ َم ُر فَإِّنهُ الْآنَ‬ ‫س َ‬ ‫الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ " :‬لَا وَالّذِي َنفْسِي بِيَ ِدهِ َحتّى أَكُونَ أَ َحبّ إَِلْيكَ مِنْ َنفْ ِ‬
‫وَالّلهِ لَأَْنتَ أَ َحبّ إِلَ ّي مِنْ َنفْسِي َفقَالَ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ‪ " :‬الْآ َن يَا عُ َمرُ " وجاء رجل إل‬
‫النب صلى ال فسأله َعنْ السّاعَةِ َفقَا َل ‪ :‬مَتَى السّا َعةُ قَالَ ـ صلى ال عليه وسلم ـ‪َ :‬ومَاذَا َأعْ َد ْدتَ‬
‫ت مَ َع مَنْ َأحَْبْبتَ‪ :‬قَالَ‬ ‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ َفقَالَ‪ " :‬أَْن َ‬‫َلهَا؟ قَالَ ‪ :‬لَا َش ْيءَ إِلّا أَنّي ُأ ِحبّ الّل َه َورَسُوَلهُ َ‬
‫أََنسٌ فَمَا َفرِحْنَا بِشَ ْيءٍ َفرَ َحنَا ِب َقوْلِ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّمَ َأْنتَ مَ َع مَنْ أَ ْحبَْبتَ قَالَ َأَنسٌ فَأَنَا ُأ ِحبّ‬
‫حبّي إِيّاهُ ْم وَإِنْ لَمْ َأعْ َملْ بِمِْثلِ‬ ‫صلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم وََأبَا بَ ْك ٍر َوعُ َم َر وََأرْجُو أَنْ َأكُونَ َم َعهُمْ بِ ُ‬
‫النّبِ ّي َ‬
‫َأعْمَاِلهِمْ‪.‬‬
‫والقتداء به ـ صلى ال عليه وسلم ـ هو أحد ركن السلم الذي قام عليهما(الخلص والتابعة)‪،‬‬
‫قال تعال (لقد كان لكم ف رسول ال أسوة لن كان يرجوا ال واليوم الخر وذكر ال كثيًا)‬
‫[ الحزاب‪ .] 21:‬وهو أيضا الترجة القيقية للمحبة قال ال تعال‪( :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون‬
‫يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم)[ آل عمران‪] 31 :‬‬
‫ومن أمل الحال أن يب الرء من يهل أوصافه وأحواله‪ ،‬ومن أمل الحال أن يقتدي الرء بن ل‬
‫يعرف شيئًا عن سيته وهديه‪ ،‬من هنا تأت أهية شرح السية النبوية لتوضيح صفاته وأحواله صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ليعرفها من جهل فيحب ويتبع‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ وتعلّم السية النبوية عبادة فقد جاء عن علي بن السي رضي ال عنهما أنه قال‪ " :‬كنا نُعلّم‬
‫مغازي النب صلى ال عليه وسلم كما نعلم السورة من القرآن"‪.‬‬
‫وقال إساعيل بن ممد بن سعد بن أب وقاص‪« :‬كان أب يعلمنا مغازي رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ويعدها علينا‪ ،‬ويقول‪ :‬هذه مآثر آبائكم فل تضيعوا ذكرها»(‪.)1‬‬
‫‪ 3‬ـ وإذا أعملنا قاعدة " الوسائل لا أحكام القاصد " ـ وهو مكن هنا ـ وجدنا أن السية النبوية‬
‫إحدى وسائل التعبد‪ ،‬تأخذ حكم الغاية الت تصل إليها‪ .‬وبعض الغايات عبادات واجبة‪ ،‬وبعض‬
‫الغايات دفاع عن البيب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وف السية توضيح لكثي من معان القرآن الكري‪ ،‬كتلك اليات الت تتكلم عن الغزوات ف‬
‫سورة آل عمران‪ ،‬والتوبة والحزاب والفتح والشر‪ ،...‬كما أن ف دراسة السية النبوية بيان لكثي‬
‫من أسباب النول‪ .‬فهناك سور بأكملها تتكلم عن غزوة مثل سورة النفال الت تتكلم عن غزوة‬
‫بدر‪ ،‬وسورة التوبة الت تتكلم عن غزوة تبوك‪ ،‬وسورة الشر الت تتكلم عن جلء بن النضي‪ ،‬وهناك‬

‫‪542‬‬
‫آيات كثية ف سورة آل عمران تتحدث عن غزوة أحد‪ ،‬وحت تفهم هذه اليات جيدًا ل بد من‬
‫دراسة السية النبوية‪.‬‬
‫‪5‬ـ ولا كانت القدوة لبد منها ف حياة الناشئة كان ل بد من تعلم السية النبوية‪ ،‬لعطاء الجيال‬
‫ناذج طيبة طاهرة‪ ،‬من الصحابة والتابعي‪ ،‬وطرد النماذج الاهلية أو اليالية الت تعطى للطفال فيما‬
‫يعرض على الشاشات الرئية أو ف القصص الكتوبة ما عمت به البلوى هذه اليام‪ .‬ففي السية ناذج‬
‫حية للقادة العظماء وعلى رأسهم النب ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وف السية ناذج حيّة للزهاد‬
‫وعلى رأسهم النب ممد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وف السية ناذج للتجار الناجحون الخلصون التقياء‪ .‬وف السية أفضل النماذج للمربي وعلى‬
‫رأسهم النب ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وف السية أسى ناذج الصب والثبات والد ف الصول على‬
‫الراد‪.‬‬
‫ول بد من عقد القارنة بي هذه النماذج اليالية الكذوبة الت ل يستفيد منها القارئ وخاصة الناشئة‬
‫شيء‪ ،‬وبي ناذج البطولة الية الوجودة ف السية النبوية‪.‬‬
‫بل ل بد من عقد القارنة بي عظماء التاريخ السلمي وعلى رأسهم النب ممد صلى ال عليه وسلم‬
‫وباقي البابرة الذين استخفوا قومهم فأطاعوهم‪ ،‬والذين ملكوا على الناس بالسيف‪ ،‬ول يتركوا أثرا‬
‫لم يُحي ذكرهم بالي بي الناس كما كان حال من رباهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ واليوم دار الزمان دورة أخرى‪ ،‬وصار الكفر هو القوة العظمى الوحيدة على وجه الرض‬
‫ففرض علينا ما هو مرفوض ف ديننا‪ ،‬وتبعه كثي من قومنا رغبة ورهبة‪ ،‬ول بد من التصدي لذه‬
‫الالة والوقوف بوجهها‪ ،‬لذا كان ل بد من معرفة كيف عال رسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ‬
‫المر من قبل‪ .‬وتُعرض السية النبوية كنموذج للصلح ورد الناس إل دين ال‪.‬‬
‫وأحاول ـ بول ال وقوته ـ عرض بعض الفاهيم الت ل بد منها ـ من وجهة نظري ـ لن يريد‬
‫دراسة السية النبوية أو عرضها على الناس‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬السية النبوية وصحة الصادر‪:‬‬
‫يعان النصارى واليهود من الشك الكبي ف تراثهم الدين‪ ...‬كل تراثهم الدين؛ بل ف أقدس ما‬
‫لديهم وهو ما يسمونه(الكتاب القدس)‪ ،‬فهم متلفون أو قل يهلون الكثي عن الشخصيات الت‬
‫كتبت(العهد القدي) وكذا من كتبوا الناجيل (القانونية منها وغي القانونية)‪ ،‬والكلم ف التشكيك‬
‫فيمن كتبوا الناجيل مشهور ومعلوم‪ ،‬والعلومات عن الصول الت تت الترجة منها تكاد تكون‬
‫معدومة‪ ،‬والديث عن ما يسمونم بـ(الباء الولون) حديث مُحتكر بي طائفة معينة‪ ،‬ومن يدخل‬
‫منهم السلم يتكلم بأنه كله كذب ولول ذلك لرج للعوام‪ ،‬فهم إذا ف شك كبي من كتابم‬
‫وتراثهم الفكري والتاريي‪ ،‬وهو مصداق قول ال تعال‪(:‬وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي‬
‫شك منه مريب) ويستر عيبهم أن الدين حكر على الحبار والرهبان‪ ،‬وأن العوام ليس لم من الدين‬

‫‪543‬‬
‫سوى بعض القضايا الذهنية الت يعتقدونا كقضية الفداء والصلب مثل عند النصارى‪ ،‬وبعض الشعائر‬
‫التعبدية الت يلتزم با القليل‪ .‬ول يلم عليها الباقي‪.‬‬
‫هذا حال أقرب الديانات لنا ـ النصرانية ـ والمر أسوء ف اليهودية والبوذية وغيها من الديانات‬
‫الخرى‪.‬‬
‫أما نن السلمي فنعرف عن نبينا صلى ال عليه وسلم وصحابته الكرام رضوان ال عليهم كل‬
‫شيء‪ ...‬نعرف عنه صلى ال عليه وسلم مأكله ومشربه وملبسه ومشيته وجلسته‪ ،‬وكيف كان ينام‪،‬‬
‫وكيف كان يضحك‪ ،‬وما كان يب من الشياء‪ ،‬ومن كان يب ويكره من الشخاص‪ ،‬ونعرف‬
‫صلته وغزواته‪ ،‬وحاله ف بيته مع نسائه وأطفاله وأحفاده‪ ،‬ونعرف عن نبينا ما ل يعرفه أحدنا عن‬
‫أبيه‪.‬‬
‫وهذه مِنّة من ال عظيمة يب التنبيه عليها لن يعرض السية النبوية على الناس‪ ،‬فنحن حي نعرض‬
‫السية النبوية نتكلم عن ِعلْم مدون‪ ،‬وليس عن قصص مفترى‪ .‬ونتكلم عن حقائق وأشخاص معروفة‬
‫ومعلومة وليس عن أشخاص وهية‪.‬‬
‫ويعرف أهية هذا من يناظر النصارى ويتلط بم‪.‬‬
‫وأمرًا آخر يب التنبيه عليه وهو أن الكتب الت تأخذ منها السية النبوية ومنها كتب التفسي تثبت‬
‫الروايات الضعيفة والكذوبة للرد عليها وتضعيفها‪ .‬فل يعن أبدًا وجود هذه الروايات ف كتب السي‬
‫أنا صحيحة فل بد من اللتفات إل التعليق الذي يذكره الؤلف على القصة أو الرواية‪.‬‬
‫مثل قصة الغرانيق العل الت أوردها الفسرون ف سورة النجم ول يقل أحد منهم أن القصة صحيحة‪،‬‬
‫بعن أنه نزل ف القرآن آيات تقول عن(اللت) و(العزى) " أنم هم الغرانيق العل وإن شفاعتهم‬
‫لترتى" فلم تكن هذه أبدًا يومًا من اليام آيات من كتاب ال وت نسخها أو حذفها‪ .‬ول يذكرها‬
‫الفسرون من باب التأيد‪ ،‬وإنا من باب التكذيب والرد على من يقول با‪.‬‬
‫ومثال ذلك أيضا ما يقال عن المار(يعفور) الذي كلم النب صلى ال عليه وسلم يوم خيب‪ ،‬وما‬
‫يقال من أن رسول ال صلى ال عليه وسلم رأى زينب ف ثياب شفافة فأعجبته وسعى ف طلقها من‬
‫زيد ليتزوجها هو صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫هذه الروايات ومثلها ترد ف كتب السي وكتب التفسي أيضًا لتكذبيها والرد عليها‪.‬‬
‫وليس مرد وجودها هو إثبات لا كما يفتري أهل الكتاب‪ .‬فالواجب على من يعرض السية أن ينبه‬
‫على هذا المر‪.‬‬
‫وقد يبدو للقارئ أن هذا المر بسيطًا ل يستحق الوقوف عنده والتنبيه عليه‪ ،‬إل أنك حي تعلم أن‬
‫دعاة الكفر ينقلون هذه الشياء لن يسمعونم من السلمي والنصارى ويقولون لم ها نن ننقل لكم‬
‫من كتب أئمتهم الكبار(بن كثي) و(القرطب) و(الللي)‪ ...‬ال يتبي لك مدى أهية التنبيه على هذا‬
‫المر‪ ،‬وعلى هذا السلك الفاسد الذي هو ف حقيقة أمره كذب ليس إل‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬شخصية الرسول صلى ال عليه وسلم الفترى عليها‪:‬‬

‫‪544‬‬
‫ما يدث اليوم من سبّ للحبيب صلى ال عليه وسلم ليس حدثًا عابرًا قامت به صحيفة سيئة‬
‫الخلق نفثت به عن حقدها ف عدد من أعدادها‪ ،‬وليس هو همّ حفنه من أراذل الكفار مُلئت‬
‫قلوبم غيظًا وحنقًا على شخص البيب صلى ال عليه وسلم فقاموا يثلون وينكتون ويسخرون‪ .‬بل‬
‫لو كان المر كذلك لكان ما يسعه الصدر على عظمه إذ أن ماراة السفهاء أمر يترفع عنه العقلء‪...‬‬
‫ولكن‪..‬المر أعمق من هذا كله‪.‬‬
‫خفِي‬
‫ت الَْب ْغضَاء مِنْ أَ ْفوَا ِههِمْ َومَا ُت ْ‬
‫هذه المور ليست إل كما يقول ال عز وجل‪ ...(:‬قَدْ بَ َد ِ‬
‫صُدُو ُرهُمْ أَ ْكَبرُ قَدْ َبيّنّا لَ ُكمُ اليَاتِ إِن كُنتُ ْم َتعْقِلُونَ)(آل عمران‪ :‬من الية ‪ .)118‬وهاأنذا أنادي‬
‫العقلء‪ .‬فهل يسمعون؟‪ ...‬وهل ييبون؟‪ ...‬وليت أول العزم من العقلء مَن يلبون؟‬
‫من قبل كان النصارى ف حلتم(التبشيية) يتكلمون عن النصرانية‪ ...‬يبترون ويكذبون ويبدون‬
‫ل ويفون كثيًا كي يُظهروا دينهم الحرف ف صورة يتقبلها الخر‪ .‬واتذوا ما يسمى بوار‬ ‫قلي ً‬
‫الديان‪ ...‬هذا الوار الذي يرى مع علماء الدين(الرسيي) وسيلة ليقولوا لن ياطبونم من ضعاف‬
‫السلمي ف أدغال أفريقيا وجنوب شرق أسيا أن السلم يعترف بنا ول يتنكر لنا فكله خي ـ‬
‫بزعمهم وهم كاذبون آثون ـ‪.‬‬
‫وكانت حلتهم على السلم حلة على شعائره‪ ...‬يتكلمون عن(التعدد) وعن(الطلق) وعن(الدود)‬
‫وعن(الهاد) وعن(الياث) وعن ناسخ القرآن ومنسوخه‪ ،‬ث ف الفترة الخية وخاصة بعد انتشار‬
‫الفضائيات ودخولا كل البيوت تقريبًا‪ ،‬وكذا بعد ظهور تقنية النترنت عمومًا والبالتوك خصوصًا‪،‬‬
‫أخذ القوم منحى آخر وهو التركيز على شخص البيب صلى ال عليه وسلم‪ .‬قاموا ينقضون السلم‬
‫بتشويه صورة النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ح يُلِْبسُه دعاة الكفر ثوب العِلمية ويدّعون أنه القيقة الت ل مراء‬ ‫ودعك من كلم الراذل‪ ،‬هناك طر ٌ‬
‫فيها‪ ،‬ياطبون بذا الراء قومهم ومن يتوجهون إليهم بالتنصي!!‬
‫هذا توجه عام داخل حلت التنصي اليوم‪.‬‬
‫والمر بيّن لن له أدن متابعة لا يتكلم به القوم‪ .‬وما حدث ف الصحف الوربية هو طفح لا يُخاطب‬
‫به القوم ف الكنائس وغرف البالتوك وبعض الفضائيات عن نب السلم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فهم ياضرون ويؤلفون عن(أخلق نب السلم)‪ ،‬يتكلمون عن زواجه بتسع من النساء ـ وقد‬
‫اجتمع عند سليمان عليه السلم سبعمائة من النساء وهذا ف كتابم ـ‪ ،‬وعن زواجه من عائشة ومن‬
‫زينب ومن صفية ـ رضي ال عنهن‪ ،‬وعن غزواته صلى ال عليه وسلم؛ وبطريقة البتر للنصوص‬
‫واعتماد الضعيف والشاذ والنكر من الديث يرجون بكلمهم الذي يشوهون به صورة البيب‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ .‬ولكنه ف الخي يبدو للمستمع أن هذا كلم(بن كثي) و(الطبي) و(بن سعد)‬
‫علماء السلم‪ .‬فيظن الخاطبون أنا القيقة الت يفيها(علماء) السلم!!‬

‫‪545‬‬
‫دعاة النصرانية يغرفون من وعاء الشيعة الكدر النجس حي يتكلمون عن أمهات الؤمني وعن‬
‫صحابة النب صلى ال عليه وسلم بل وف كلمهم عن النب صلى ال عليه وسلم أحيانا‪ ،‬ويغرفون من‬
‫وعاء(القرآنيون) الذين يتركون السنة تشكيكًا ف ثبوتا أو ف عصمة البيب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫والطلوب هو قراءة جيدة لا يدث‪ ،‬والتصدي له على أرض الواقع‪ .‬ل نريد ثورة كلمية‪ ،‬وغضبة ل‬
‫يفهم منها(الخر) إل أنا نفرة التعصب‪ ،‬نريد قطع الطريق على هؤلء وإحباط كيدهم‪ ،‬وإنقاذ الناس‬
‫من الكفر بربم‪.‬‬
‫مطلوب خطاب أكاديي يفف منابع النصرين‪ ،‬أعن ما يقوله القرآنيون والشيعة على شخص البيب‬
‫صلى ال عليه وسلم ونسائه أمهات الؤمني رضي ال عنهن‪ .‬وما يفتريه النصارى بالبتر للنص‬
‫واعتماد الكذوب والشاذ والضعيف من الديث‪.‬‬
‫ن بذا طلبة درجات التخصص العليا ف الكليات الشرعية‪ .‬وإن أخذ المر وقتا ولكنه سيثمر‬ ‫ومع ٌ‬
‫بإذن ال يومًا ما‪.‬‬
‫ومطلوب خطاب لعامة الناس يبي لم كيف كان نبيهم صلى ال عليه وسلم بعيدًا كل البعد عما‬
‫يقولوه النصارى‪ ،‬وأن ما يقال مض كذب‪ ،‬وأن النب صلى ال عليه وسلم كان كل الكمال وجلة‬
‫المال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويأخذ شخص البيب صلى ال عليه وسلم اهتمامًا أكب من يعرضون‬
‫السية النبوية على الناس‪.‬‬
‫تال ما حلت أنثى ول وضعت * * * مثل النب رسول المة الادي‪.‬‬
‫وأعرض الن واحدة من الشبهات الت يتكلم با النصارى على رسول ال صلى ال عليه وسلم والرد‬
‫عليها‪ ،‬ليعرف قومنا كيف أنا ُمهْمَلة ف ما يُعرض من السية النبوية‪ ،‬وخاصة السموعة الت تصل إل‬
‫العوام‪ ،‬وهم من يستهدفهم النصّرون‪.‬‬
‫يتكلمون بأن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان شهوانيًا ل همّ له إل النساء‪ ،‬مستندين ف ذلك‬
‫على أن النب صلى ال عليه وسلم تزوج بتسعة من النساء‪ ،‬وزواجه من عائشة رضي ال عنها وهي‬
‫ف التاسعة من عمرها‪ ،‬وزواجه زينب زوجة زيد بن حارثة ابنه بالتبن‪ ،‬وكذا زواجه من بعض‬
‫السبايا‪ .‬ويسمون هذه الساء بغي‬
‫وما يهله الكثيون هو أن التعدد ل يأت به السلم ابتداءً وإنا هو العمول به ف المم من قبل‪...‬‬
‫كذا كان إبراهيم عليه السلم‪ ،‬وكذا كان يعقوب عليه السلم‪ ،‬وكان داود عليه السلم كذلك‪،‬‬
‫وكان لسليمان عليه السلم من الزوجات والواري سبعمائة كما يقول كتاب النصارى(القدس)‪.‬‬
‫وكان تعدد الزوجات منتشرًا عند الفراعنة‪ ،‬وعند العرب قبل السلم‪ ،‬وعند شعوب وسط وشرق‬
‫وجنوب شرق أسيا‪ ،‬وعند الشعوب الوثنية ف إفريقيا‪ ،‬بل ظلت الكنيسة حت القرن السابع عشر‬
‫تعترف بالتعدد‪ ،‬ول يوجد نص صريح ف العهد الديد(النيل) ينع التعدد‪ ،‬أما العهد القدي(التوراة‬
‫والزامي ورسائل بعض النبياء) ففيها نصوص كثية صرية تبي شرعية التعدد‪.‬‬

‫‪546‬‬
‫فنبينا ممد صلى ال عليه وسلم ل يكن بدعًا من الرسل‪ .‬والسلم ف إباحته للتعدد ل يأت بدي ٍد‬
‫مُنكر بل أتى با هو معروف معمول به بي جيع الناس‪ ،‬والنكر شرعًا وعقلً وواقعًا هو عدم إباحة‬
‫التعدد‪.‬‬
‫ث لو افترضنا جدلً أن النب صلى ال عليه وسلم كان كما يقول النصارى ـ وحاشاه صلى ال عليه‬
‫وسلم ـ فهذا ليس بعيب عند النصارى أنفسهم‪.‬‬
‫فعندهم أن نوحًا عليه السلم شرب المر وتعرى وضاجع بنتاه‪ ،‬ويفترون على نب ال لوط عليه‬
‫وعلى نبينا أفضل الصلة والسلم أن ابنتاه سقتاه المر فشرب حت ذهب عقله‪ ،‬ث قام فزن بإحداها‬
‫ليلة كاملة‪ ،‬وف الليلة الثانية تكررت الفعلة مع البنت الثانية‪ .‬قطع ال لسانم‪ .‬وإن تعجب فمن قول‬
‫كبي الضالي ف مصر(شنودة) حي راح يبر هذه الفعلة بقولة‪(:‬أن ابنت لوط قد فعلتا ذلك لتنجبا منه‬
‫نسلً مؤمنا)‪ .‬أغفل عن الكمة نب ال لوط وفطن إليها شنودة؟!! وهل ينتشر عضوًا مَن سكر حت‬
‫الثمالة؟!‬
‫أبدًا كله كذب‪.‬‬
‫وعندهم أن نب ال سليمان عليه السلم ولدُ زن أنبه داود حي زن بزوجة أمي اليش أوريا الثي‪،‬‬
‫وأنه ـ سليمان عليه السلم ـ ارتد ف أخر عمره و عبد الصنام و بن لم العابد‪ ،‬وذلك حي غوته‬
‫النساء‪.‬‬
‫وعندهم أن نب ال يعقوب ـ عليه السلم ـ سرق مواشي حيه وخرج بأهله خلسة دون أن يعلمه‪.‬‬
‫وكذا أن راوبي زن بزوجة أبيه يعقوب وعلم يعقوب بذلك الفعل القبيح و سكت عنه‪.‬‬
‫بل ل يسلم منهم السيح ـ عليه السلم ـ فعندهم أن السيح عيسي بن مري ـ عليه السلم ـ من‬
‫نسل الزن‪ .‬وذلك طبقا لا ورد ف إنيل مت(‪( )10-1‬أن عيسى بن سليمان بن داوود و جدهم‬
‫الكب فارض الذي هو من الزنا من يهوذا بن يعقوب)‪.‬‬
‫فلو حاكمناهم إل كتابم لا وجدنا ما يقولونه عيبًا‪ .‬وإنا أردت من هذا العرض أن يعلم القارئ أن‬
‫القوم ل يقدسون أحدًا إل الحبار والرهبان‪ ،‬الذين يعتقدون فيهم العصمة‪ ،‬وأنم لو تاكموا لكتابم‬
‫ما عابوا شيئًا على ممد صلى ال عليه وسلم ما يفترونه عليه‪.‬‬
‫ث ل يكن البيب صلى ال عليه وسلم هذا الشخص الذي تأخذه النظرة‪ ،‬ويري وراء النساء هنا‬
‫وهناك‪ ،‬كما يفترون‪ ،‬وسيته شاهد على ذلك‪ .‬فقد تزوج رسول ال صلى ال عليه وسلم خدية‬
‫بنت خويلد وهو ابن أربعةٍ وعشرين عامًا وهي بنت أربعي عامًا‪ .‬وكانت متزوجة ً من رجلي قبله‪.‬‬
‫وظل معها خسةً وعشرين عامًا‪ ...‬إل أن تُوفيت رضي ال عنها‪،‬أي حت بلغ عمره المسي‪،‬‬
‫وكانت هي ف الامسة والستي‪ .‬أي أنه قضى معها فترة الشباب‪ ،‬ول يكن يومها دينٌ ينع‪ ،‬بل‬
‫كانت هناك الرايات المر تنصب على البيوت‪ ،‬وهي رايات البغايا تنادي الرجال‪ ،‬ول ُيسمع أن‬
‫ممدًا صلى ال عليه وسلم كانت له نزوات الشباب الت ل تكن مرمة ف ذلك اليوم‪ .‬بل كان‬
‫الداعي إليها ل يَمَ ّل النداء‪ .‬ث ماتت خدية رضي ال عنه وبقي رسول ال صلى ال عليه وسلم وفيّا‬

‫‪547‬‬
‫لا بعد وفاتا يذكرها بي‪ ،‬حت قالت أم الؤمني عائش ُة رضي ال عنها‪ :‬كان رسول ال ‪-‬صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم‪ -‬ل يكاد يرج من البيت حت يذكر خدية‪ ،‬فيحسن الثناء عليها‪ ،‬فذكرها يومًا من‬
‫اليام‪ ،‬فأخذتن الغية فقلت‪ :‬هل كانت إل عجوزًا قد أبدلك ال خيًا منها‪ ،‬فغضب ث قال‪" :‬ل‬
‫وال ما أبدلن ال خيا منها‪ ،‬آمنت إذ كفر الناس‪ ،‬وصدقتن إذ كذبن الناس‪ ،‬وواستن بالا إذ‬
‫حرمن الناس‪ ،‬ورزقن منها ال الولد دون غيها من النساء"‪ .‬وكان يقول صلى ال عليه وآله وسلم‪:‬‬
‫"خي نسائها خدية بنت خويلد‪ ،‬وخي نسائها مري بنت عمران"‪.‬‬
‫ت عَلَى َأحَ ٍد مِنْ نِسَاءِ النِّب ّي صَلّى الّل ُه عَلَْيهِ‬ ‫ت مَا ِغرْ ُ‬ ‫ش َة َرضِيَ الّلهُ عَْنهَا قَاَل ْ‬
‫وف البخاري عَ ْن عَائِ َ‬
‫وَسَلّ َم مَا ِغ ْرتُ َعلَى خَدِ َي َة َومَا رََأيُْتهَا وَلَكِنْ كَانَ النّبِ ّي صَلّى الّلهُ َعلَْي ِه وَسَلّ َم يُكِْث ُر ذِ ْك َرهَا َو ُربّمَا ذَبَحَ‬
‫الشّاةَ ثُمّ ُيقَ ّط ُعهَا َأ ْعضَاءً ثُمّ يَْبعَُثهَا فِي صَدَائِقِ خَدِ َيةَ َفرُبّمَا قُ ْلتُ َلهُ كَأَّنهُ لَمْ يَ ُكنْ فِي الدّْنيَا ا ْمرََأةٌ ِإلّا‬
‫خَدِ َيةُ فََيقُولُ‪ :‬إِّنهَا كَاَنتْ وَكَاَنتْ وَكَا َن لِي مِْنهَا وَلَدٌ‬
‫أتسائل‪ :‬أهذا حال من يبحث عن الشهوة؟‬
‫كم كان عمر خدية يوم ماتت؟‬
‫خس وستون عامًا‪.‬‬
‫فعلم يبكى رسول ال صلى ال عليه وسلم؟‬
‫أعلى شهوة كان يقضيها معها؟‬
‫وما يُشتهى ف امرأة قاربت السبعي من عمرها‪.‬‬
‫بل وال على ألفة وعشرة‪ .‬وتلك شيم الرجال‪..‬‬
‫أخو النا‪ ...‬ل يقر له قرار‪ ،‬ول يعرف اللفة والعشرة‪ ،‬وإنا يوم هنا ويوم هناك‪.‬‬
‫ماتت خدية وتركت للنب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ستةً من البناء‪ ...‬أربعة بنات منهن من قارب سن‬
‫الزواج‪ ،‬وولدان صغيان‪....‬‬
‫ول يفكر صلى ال عليه وسلم من تلقاء نفسه ف الزواج‪ ،‬بل ظل فترة من الزمن بل زواج حت جاءته‬
‫خولة بنت حكيم رضي ال عنها زوجة عثمان بن مظعون وعرضت على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم الزواج من ثيب عجوز‪ ...‬هي سودة بنت َز ْمعَة رضي ال عنها‪ ،‬وأرضاها لتكون أمًا لولده‪،‬‬
‫وعرضت عليه صلى ال عليه وسلم الزواج من عائشة رضي ال عنها لتوطد العلقة بينه وين صاحبه‬
‫أب بكر رضي ال عنه‪ .‬فتزوج بعد ذلك بسودة رضي ال عنها وكانت امرأة ضخمة ثبطة(بطيئة‬
‫الركة) مُصبية(ذات أولد) ل حاجة لا ف الرجال‪ .‬هكذا يصفونا‪ .‬وليس هذا حال من يبحث عن‬
‫شهوته‪ ،‬وإنا حال من يبحث عن أم لولده الست الذين تركتهم له خدية رضي ال عنها‪.‬‬
‫وتزوج من عائشة رضي ال عنها‪ ،‬ول يكن الزواج ف هذا السن(التاسعة) عيب‪ ،‬فقد كان تكلم‬
‫لطبة عائشة رضي ال عنها جبي بن الطعم بن عدي قبل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان‬
‫هذا المر ـ زواج الكبي من الصغية ـ أمر عادي ف هذه اليام فقد تزوج عبد الطلب مع ابنه‬

‫‪548‬‬
‫عبد ال ببنت عم آمنة بنت وهب الت ف نفس سنها ف ليلة واحدة‪ ،‬وكان يومها قد تاوز الائة عام‪.‬‬
‫وتزوج عمرو بن العاص وأنب وهو بن اثنا عشر عامًا‪.‬‬
‫ولو كان ف هذا المر عيب ل تكن قريش واليهود ليتركونه لرسول ال صلى ال عليه وسلم وهم‬
‫الذين كانوا يفتعلون الكاذيب للنيل منه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ومري العذراء أنبت السيح عليه السلم وهي ف الثانية عشر من عمرها‪ ،‬كما تقول الوسوعة‬
‫الكاثوليكية‪ ،‬أي أنا حلت وهي ف الادية عشر‪ ،‬وكانت مطوبة قبل ذلك‪ ،‬وكان يوسف النجار‬
‫خطيبها قد تاوز الثماني من عمره‪.‬‬
‫ث ل يكن رسول ال صلى ال عليه وسلم هذا الكهل مُحْدَودب الظهر الذي ل يقوم من ملسه إل‬
‫بغيه‪ ،‬بل كان صلى ال عليه وسلم فتيّا من أشد الرجال‪ُ ،‬يجَامِع حت يكسل‪ ،‬ويركب اليل ويلبس‬
‫الديد‪ ،‬ويثبت حي يفر البطال‪ ...‬وسِيمًا‪ ...‬قسيمًا‪ ...‬أسود الشعر واللحية‪ .‬بأب هو وأمي صلى‬
‫ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ولو أن عائشة رضي ال عنها زفت إليه مكرهه لا أحبته هذا الب‪ .‬ول تكن السيدة عائشة هذه‬
‫الطفلة الغافلة الت ل تفقه شيئًا‪ ،‬رمى با أبوها وأمها إل رجل عجوز كما يرسم لكم اليال‪ ..‬بل‬
‫كانت من أعقل النساء‪ ،‬وهذا أمر معروف مشهور‪.‬‬
‫ليس القام مقام تفصيل ف الرد على شبهات النصارى وإنا أضرب مثالً لا أقترحه على من يعرض‬
‫السية النبوية‪ .‬فهذا أمر مُستجد ويتاج إل معالة خاصة‪ ،‬وقد شرحت نوذجا لبيان قول‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ل بد من الوقوف مع هذه القضية وبيان أن النب صلى ال عليه وسلم كان بشرًا يعتريه ما‬
‫يعتري البشر من حب النساء والولد‪ ،‬ومن الاجة إل الطعام والشراب‪ ،‬وما إل ذلك‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬البعثة الحمدية(السية النبوية) حلقة من حلقات الدعوة إل التوحيد‪:‬‬
‫ج ّن وَالْإِنسَ إِلّا لَِيعْبُدُونِ) فكان آدم‬ ‫خلق ال عز وجل الناس لعبادته وحده ل شريك له( َومَا خََل ْقتُ الْ ِ‬
‫ل ‪ ،‬ث كانت ذريته من بعده على التوحيد ألف عام حت ظهر الشرك‪.‬‬ ‫عليه السلم نبيًا مرس ً‬
‫وأرسل نوح عليه السلم يدعو الناس إل التوحيد‪ ،‬ومن يومها وموكب الدعوة إل ال يسي‪.‬‬
‫دعوة الكل با فيها دعوة ممد صلى ال عليه وسلم هي السلم بفهومه العام‪ ،‬الستسلم ل‪...‬‬
‫إخلص العبادة ل عز وجل بشقيها الطاعة والنسك‪ ،‬أو الشرائع والشعائر‪.‬‬
‫وموجز دعوتم ـ عليهم الصلة والسلم ـ أنا دعوة واحدة إل منهج "التوحيد" بكل فروعه‬
‫وأنواعه وموالة أهله‪ ،‬وما يستلزمه ذلك من نبذ الشرك بكل صورة وألوانه‪ ،‬ومعاداة أهله‪.‬‬
‫وف القرآن جاء التعبي عن الرسالت جيعا بأنا كتاب واحد قال تعال‪(:‬كَانَ النّاسُ ُأمّ ًة وَاحِ َدةً فََب َعثَ‬
‫حكُمَ بَْينَ النّاسِ فِيمَا ا ْختََلفُوْا فِي ِه َومَا‬‫حقّ لِيَ ْ‬‫شرِي َن َومُن ِذرِي َن وَأَنزَ َل َم َعهُمُ الْ ِكتَابَ بِالْ َ‬‫ي مُبَ ّ‬
‫الّلهُ النّبِّي َ‬
‫ف فِيهِ إِلّ الّذِينَ أُوتُو ُه مِن َبعْ ِد مَا جَاءْتهُمُ الْبَيّنَاتُ َبغْيا بَيَْنهُ ْم َفهَدَى الّلهُ الّذِي َن آمَنُواْ لِمَا ا ْختََلفُواْ‬ ‫اخْتَلَ َ‬
‫سَتقِيمٍ)‪ .‬وقال تعال(َلقَدْ َأ ْرسَ ْلنَا رُسَُلنَا بِالْبَيّنَاتِ‬ ‫ط مّ ْ‬‫صرَا ٍ‬ ‫فِيهِ مِنَ الْحَقّ بِِإ ْذِنهِ وَالّلهُ َيهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى ِ‬
‫سطِ وَأَنزَْلنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَ ْأسٌ شَدِي ٌد َومَنَافِ ُع لِلنّاسِ‬ ‫ب وَالْمِيزَانَ ِلَيقُومَ النّاسُ بِاْلقِ ْ‬ ‫وَأَنزَلْنَا مَ َعهُمُ اْلكِتَا َ‬

‫‪549‬‬
‫ي َعزِيزٌ)‪ .‬وقال تعال‪(:‬الّلهُ الّذِي أَنزَ َل الْكِتَابَ بِالْحَ ّق‬ ‫صرُ ُه َورُسَُلهُ بِاْلغَْيبِ إِ ّن الّلهَ َق ِو ّ‬
‫وَلَِيعْلَ َم الّلهُ مَن يَن ُ‬
‫وَالْمِيزَا َن َومَا يُ ْدرِيكَ َلعَلّ السّا َعةَ َقرِيبٌ)‪ ،‬وجُمْل ًة (إِنّ الّذِينَ يَ ْك ُفرُونَ بِالّلهِ َورُ ُسِلهِ َوُيرِيدُونَ أَن ُي َفرّقُواْ‬
‫ك هُمُ‬ ‫ض وَُيرِيدُونَ أَن َيتّخِذُوْا بَيْ َن ذَِلكَ سَبِيلً‪ُ .‬أوْلَِئ َ‬ ‫ض وَنَ ْك ُفرُ ِبَبعْ ٍ‬ ‫َبيْنَ الّلهِ َورُ ُسِلهِ وَيقُولُونَ ُن ْؤمِنُ بَِبعْ ٍ‬
‫اْلكَاِفرُونَ َحقّا وََأعْتَ ْدنَا لِ ْلكَاِفرِي َن عَذَابا ّمهِينا)‪..‬‬
‫لمُ َومَا اخَْتلَفَ الّذِينَ ُأوْتُواْ الْ ِكتَابَ إِ ّل مِن َبعْ ِد مَا‬ ‫فالدين عند ال واحد(إِنّ الدّي َن عِن َد الّلهِ ا ِلسْ َ‬
‫جَاءهُمُ اْل ِعلْمُ َبغْيا بَيَْنهُ ْم َومَن يَ ْك ُفرْ بِآيَاتِ الّلهِ فَإِنّ الّلهِ َسرِي ُع الْحِسَابِ) وليس هناك تعدد أديان وإنا‬
‫تعدد رسالت‪ .‬ولذلك من الطأ العتقاد بتعدد الديان‪.‬‬
‫وتدبر قول ال تعال(كَذَّبتْ َق ْومُ نُوحٍ الْ ُم ْرسَِليَ)‪ ،‬ومعرف أن قوم نوح ل يكذبوا إل نبيهم نوحًا‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ،‬وإنا لا كانت الدعوات واحدة‪ ،‬أعتب تكذيب قوم نوح لرسولم نوح عليه‬
‫السلم تكذيب للرسل جيعًا‪.‬‬
‫ل ِم دِينا فَلَن ُيقْبَ َل مِْن ُه َو ُهوَ فِي‬‫فالدين عند ال السلم ول يقبل من الناس غيه(وَمَن َيبْتَ ِغ غَْي َر الِسْ َ‬
‫ال ِخ َرةِ مِنَ الْخَا ِسرِينَ) هو دين إبراهيم عليه السلم قال تعال‪(:‬وَِإذْ َيرْفَعُ إِْبرَاهِيمُ اْل َقوَاعِدَ مِ َن الَْبْيتِ‬
‫ك َومِن ُذرّيّتِنَا ُأمّ ًة مّسْلِ َمةً ّلكَ‬ ‫وَإِسْمَاعِي ُل رَبّنَا َتقَبّ ْل مِنّا ِإّنكَ أَنتَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ‪.‬رَبّنَا وَا ْجعَ ْلنَا مُسِْلمَيْنِ َل َ‬
‫ب عََليْنَا ِإّنكَ أَنتَ الّتوّابُ الرّحِيمُ) وقال تعال‪ِ(:‬إذْ قَالَ َل ُه رَّبهُ أَسِْلمْ قَالَ َأسْلَ ْمتُ‬ ‫وََأرِنَا مَنَاسِكَنَا وَُت ْ‬
‫ِل َربّ اْلعَالَ ِميَ)‬
‫وهو دين يعقوب عليه السلم وبنيه من بعده قال ال ( َو َوصّى ِبهَا إِْبرَاهِيمُ بَنِيهِ َوَيعْقُوبُ يَا َبنِيّ إِنّ الّلهَ‬
‫ضرَ َي ْعقُوبَ الْ َم ْوتُ ِإذْ قَالَ‬ ‫اصْ َطفَى لَكُ ُم الدّينَ فَلَ تَمُوتُنّ إَ ّل وَأَنتُم مّسْلِمُونَ‪(.‬أَمْ كُنتُمْ ُشهَدَاء ِإذْ َح َ‬
‫لَِبنِي ِه مَا َتعْبُدُو َن مِن َبعْدِي قَالُوْا َنعْبُدُ إَِل َهكَ وَِإَلهَ آبَاِئكَ ِإْبرَاهِي َم وَِإسْمَاعِي َل وَِإسْحَاقَ إِلَها وَاحِدا َونَحْنُ‬
‫ت رَبّنَا لَمّا جَاءْتنَا‬ ‫سلِمُونَ) وجاء على لسان قوم موسى عليه السلم ( َومَا تَنقِ ُم مِنّا إِلّ أَ ْن آمَنّا بِآيَا ِ‬ ‫َلهُ مُ ْ‬
‫سلِ ِميَ)‪(،‬وَقَا َل مُوسَى يَا َق ْومِ إِن كُنتُ ْم آمَنتُم بِالّلهِ َفعََلْيهِ َتوَكّلُواْ إِن كُنتُم‬ ‫غ عََليْنَا صَبْرا َوَتوَفّنَا مُ ْ‬‫رَبّنَا أَ ْفرِ ْ‬
‫مّسْلِ ِميَ) وجاء على لسان نوح عليه السلم (فَإِن َتوَلّيْتُ ْم فَمَا سَأَْلتُكُم مّنْ أَ ْجرٍ إِنْ أَ ْج ِريَ إِ ّل عَلَى الّلهِ‬
‫سلِ ِميَ)‬ ‫وَُأ ِمرْتُ أَنْ أَكُو َن مِنَ الْمُ ْ‬
‫وجاء على لسان يوسف عليه السلم (رب قد آتيتن من اللك وعلمتن من تأويل الحاديث فاطر‬
‫السموات والرض أنت ول ف الدنيا والخرة توفن مسلما وألقن بالصالي) [ يوسف‪] 101 :‬‬
‫وجاء على لسان الواريي (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إل ال قال الواريون‬
‫نن أنصار ال آمنا بال واشهد بأنا مسلمون) [ آل عمران‪.] 52 :‬‬
‫وف آية أخرى (وإذ أوحيت إل الواريي أن آمنوا ب وبرسول قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون)‬
‫[ الائدة‪] 111 :‬‬
‫سمِ الّلهِ الرّحْمَ ِن الرّحِيمِ‪.‬‬ ‫وجاء ف خطاب سليمان عليه السلم إل أهل اليمن (إِّن ُه مِن سَُليْمَا َن وَإِّنهُ بِ ْ‬
‫سلِ ِميَ)‪(،‬فَلَمّا جَاءتْ قِيلَ َأهَكَذَا َعرْ ُشكِ قَاَلتْ كََأّنهُ ُه َو وَأُوتِينَا اْلعِلْ َم مِن َقبِْلهَا‬ ‫أَلّا َتعْلُوا عََليّ وَْأتُونِي مُ ْ‬
‫سلِ ِميَ)‪ ،‬وجاء على لسان اللئكة وهم يتكلمون عن قوم لوط عليه السلم‪(:‬فَأَ ْخرَ ْجنَا مَن‬ ‫وَكُنّا مُ ْ‬

‫‪550‬‬
‫ت مّنَ الْ ُمسْلِ ِميَ)‪ ،‬فالدين واحد وإن تعدد الرسالت‪.‬‬ ‫كَانَ فِيهَا مِنَ الْ ُم ْؤمِنِي‪ .‬فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا َغْيرَ بَْي ٍ‬
‫وف الديث "أَنَا َأوْلَى النّاسِ ِبعِيسَى ابْ ِن َمرْيَمَ فِي الدّْنيَا وَالْآ ِخ َرةِ وَالْأَْنبِيَاءُ إِ ْخ َوةٌ ِلعَلّاتٍ ُأ ّمهَاُتهُمْ َشتّى‬
‫َودِيُنهُ ْم وَاحِدٌ"‬
‫وند ف السية النبوية ربط بي الشخاص الت عاصرت رسول ال صلى ال عليه وسلم وبي من‬
‫سبقوا‪ .‬يُشبه أبو بكر رضي ال عنه بؤمن آل فرعون‪ ،‬وعروة بن مسعود الثقفي بالرجل الذي جاء‬
‫من أقصى الدينة يسعى‪ ،‬وعقبة بن معيط بقاتل ناقة صال عليه السلم‪ .‬وأبو جهل بفرعون‪ ،‬وأمية بن‬
‫أب الصلت بالذي آته ال آياته فانسلخ منها‪ ...‬وقريب من هذا " إِنّ لِكُلّ َنبِيّ َحوَارِيّا وَ َحوَا ِريّ الزّبَْيرُ‬
‫جرّاحِ"‪.‬‬ ‫ي هَ ِذهِ الُْأمّةِ َأبُو ُعبَيْ َدةَ بْ ُن الْ َ‬
‫ي وََأمِ ُ‬
‫" و"لِكُلّ ُأمّةٍ َأ ِم ٌ‬
‫وحي عرض السية النبوية على الناس ل بد من الرص على تبي هذا البل المدود بي عباد ال‬
‫وعباد الشيطان على مر العصور‪ ،‬والقرآن الكري يستخدم مع الكذبي للرسالة ف كل العصور نفس‬
‫الوصف فهم الل‪ ...‬الذين استكبوا‪ .‬وجاء التعبي عن رفض دعوة الرسل ـ كل الرسل ـ بأنه‬
‫عبادة للشيطان قال تعال(أَلَمْ َأ ْعهَدْ ِإلَيْكُ ْم يَا َبنِي آ َدمَ أَن لّا َتعْبُدُوا الشّيْطَانَ إِّنهُ لَكُ ْم عَ ُد ّو مِّبيٌ)‬
‫والطلوب هو توضيح هذا الربط بي عباد ال ف كل زمان ومكان‪ ،‬وبي عباد الشيطان ف كل زمان‬
‫ومكان من خلل دراسة السية النبوية‪ .‬وبيان أن السية النبوية ما هي إل حلقة من حلقات الدعوة‬
‫إل ال عب التاريخ‪ ،‬هي رسالة ال إل البشرية بعد أن انرفوا لردهم إل الدين الق‪ .‬وهذا الربط أيضًا‬
‫يدث نوع من النس بي مسلمي اليوم ومسلمي المس‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬ل يبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم للعرب فقط‪:‬‬
‫بعض من يشرحون السية النبوية‪ ،‬يصرون أحداث السية ف العهد الكي بي الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم والسلمي وبي قريش‪ ،‬ما يفهم منه أن الدعوة كانت ملية‪ ،‬علما بأن الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم خرج إل الطائف‪ ،‬وكان يعرض نفسه على القبائل ف الج‪ ،‬وجاءه الن واستمعوا إليه‪،‬‬
‫وجاءه فريق من نصارى البشة والشام حي سعوا به صلى ال عليه وسلم فتلى عليهم القرآن‬
‫وأسلموا‪ .‬وفيهم نزل قول ال تعال‪.‬ف سورة القصص‪(:‬وََلقَدْ َوصّ ْلنَا َلهُمُ اْل َقوْلَ َلعَّلهُمْ يَتَ َذ ّكرُون‪.‬‬
‫ب مِن َقبِْل ِه هُم ِبهِ ُي ْؤمِنُونَ‪ .‬وَِإذَا يُْتلَى عَلَْيهِ ْم قَالُوا آمَنّا ِبهِ ِإّنهُ الْحَ ّق مِن رّبّنَا إِنّا ُكنّا‬ ‫الّذِينَ آتَْينَاهُمُ الْكِتَا َ‬
‫حسََنةِ السّيّئَ َة َومِمّا َرزَقْنَاهُمْ‬
‫سلِ ِميَ‪ُ .‬أوَْلِئكَ ُيؤَْتوْنَ أَ ْج َرهُم ّمرّتَيْنِ بِمَا صََبرُوا وَيَ ْد َرؤُونَ بِالْ َ‬ ‫مِن قَْبِلهِ مُ ْ‬
‫يُنفِقُونَ‪ .‬وَِإذَا سَ ِمعُوا الّل ْغوَ َأ ْع َرضُوا عَْن ُه وَقَالُوا لَنَا َأعْمَالُنَا َولَكُمْ َأعْمَالُكُ ْم سَلَا ٌم عََليْكُمْ لَا نَْبَتغِي‬
‫اْلجَاهِِليَ)‪.‬‬
‫وأرسل رسول ال صلى ال عليه وسلم بعض أصحابه إل البشة لتكوين نواة أخرى احتياطية للدعوة‬
‫السلمية‪ ،‬ول يكن سبب الجرة هو الروب من التعذيب كما تتكلم بعض الصادر‪ ،‬وإنا أصح من‬
‫ذلك أن يقال أنا كانت لتكوين نواة احتياطية للدعوة السلمية‪ ،‬يدل على ذلك كون من هاجروا‬
‫إل البشة من لم شوكة ف مكة مثل جعفر بن أب طالب وعثمان بن عفان‪...‬‬

‫‪551‬‬
‫وكونم ل يرجعوا بعد الجرة مباشرة بل بعد سبع سنيي من الجرة حي استقرت الدولة السلمية‬
‫بوضوح‪.‬‬
‫وبعد ذلك كاتب رسول ال صلى ال عليه وسلم اللوك يدعوهم إل السلم‪ ،‬فقد كانت الدعوة‬
‫عالية من يومها الول وف كل مراحلها‪.‬‬
‫أضف إل ذلك البشارات الت كان يتكلم با الرسول صلى ال عليه وسلم من فتح فارس والشام‪.‬‬
‫وجاء ف الديث " ُتفَْتحُ اْليَمَنُ َفيَأْتِي َق ْومٌ يُبِسّونَ َفيََتحَمّلُونَ بَِأ ْهِلهِ ْم َومَنْ أَطَا َعهُ ْم وَالْمَدِينَةُ َخْيرٌ َلهُمْ‬
‫َلوْ كَانُوا َيعْلَمُو َن وَُتفَْتحُ الشام فَيَ ْأتِي َق ْومٌ يُِبسّونَ فََيتَحَمّلُونَ بَِأهْلِيهِمْ َومَنْ أَطَا َعهُ ْم وَالْمَدِينَةُ َخْيرٌ َلهُمْ َلوْ‬
‫ق فَيَ ْأتِي َق ْومٌ يُِبسّونَ فََيتَحَمّلُو َن بَِأهْلِيهِ ْم َومَنْ أَطَا َعهُ ْم وَاْلمَدِيَنةُ َخْيرٌ َلهُمْ َلوْ‬ ‫كَانُوا َيعْلَمُو َن وَُتفَْتحُ اْل ِعرَا ُ‬
‫كَانُوا َيعْلَمُونَ"‬
‫صرَ َبعْ َدهُ وَالّذِي َنفْسِي ِبيَ ِدهِ‬ ‫صرُ فَلَا قَْي َ‬
‫سرَى َبعْ َدهُ وَِإذَا َهَلكَ قَْي َ‬ ‫سرَى َفلَا كِ ْ‬ ‫وف الديث "ِإذَا َهَلكَ ِك ْ‬
‫لَُتْن َفقَنّ ُكنُو ُزهُمَا فِي َسبِي ِل الّل ِه "‬
‫حهَا الّلهُ‬ ‫حهَا الّلهُ ثُمّ َت ْغزُونَ الرّومَ فََيفْتَ ُ‬‫حهَا الّلهُ ثُ ّم فَا ِرسَ فََيفَْت ُ‬
‫وف الديث " َت ْغزُونَ َجزِي َرةَ اْل َع َربِ فََيفْتَ ُ‬
‫حهُ الّلهُ"‪.‬‬ ‫ثُ ّم َتغْزُونَ الدّجّا َل فََيفْتَ ُ‬
‫فالدعوة كانت عالية من يومها الول‪ ،‬ومن الهم جدًا التنبيه على هذا المر‪ .‬فهناك من يردد أن‬
‫الدعوة كانت ملية عربية‪ ،‬قرشية‪ .‬ث تت أطماع استعمارية أصبحت عالية‪ .‬هذا حديث نفر غي‬
‫قليل من(العقلنيي)‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬حال البشرية قبل البعثة الحمدية‪:‬‬
‫هذه الفقرة متممة لا قبلها‪.‬‬
‫كثي من يتناول دراسة السية النبوية يتناول فقط حال الاهلية ف الزيرة العربية فقط‪ ،‬بل يتزل‬
‫البعض المر أكثر من ذلك فل يتكلم إل عن حال قريش‪ ،‬وكأنه صلى ال عليه وسلم ل يبعث إل‬
‫إل العرب!‪.‬‬
‫ومن فضلة القول أن الرسول صلى ال عليه وسلم بعث للناس كافة‪ ،‬وأن نور السلم أضاء جنبات‬
‫العمورة كلها بعد قرن من وفاته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫إخوان الكرام!‬
‫ل يكن حال البشرية خارج الزيرة العربية خي من حالا ف الزيرة العربية‪ ،‬ل ف الناحية الدينية ول‬
‫ف الناحية الجتماعية‪ ،‬ول ف الناحية القتصادية‪ .‬ل تكن البشرية قبل ممد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫تعرف أيا من أنواع الرقي الادي أو التكري للنسان‪.‬‬
‫ف الفرس‪:‬‬
‫كانت الحرمات النسبية الت تعارف على حرمتها أهل القاليم التواضعة موضع خلف ونقاش‬
‫عندهم‪ ،‬حت أن يزدجر الثان الذي حكم ف أواسط القرن الامس اليلدي تزوج بنته‪ ،‬ث قتلها‪،‬‬
‫وبرام جوبي الذي تلك ف القرن السادس اليلدي كان متزوجًا أخته‪.‬‬

‫‪552‬‬
‫ول يكن هذا معصية بل كان قربة يتقربون به إل ال‪!!.‬‬
‫وفيهم ظهرت دعوة (مان) الت تدعو إل العزوبية وترك الزواج استعجالً لفناء البشرية‪ ،‬ومع أن‬
‫صاحب هذه الدعوة قتل إل أن دعوته ظل لا أنصار إل ما بعد الفتح السلمي‪.‬‬
‫وفيهم ظهرت دعوة (مزدك) الت دعت إل أن يكون الناس سواء ف كل شيء‪ ،‬ف الموال وف‬
‫النساء‪ ،‬ولقت هذه الدعوى رواجًا كبيًا‪ ،‬حت صاروا ل يعرف الرجل ولده ول الولود أباه‪.‬‬
‫وكان الكاسرة يدعون أنم تري ف عروقهم دم إلي‪ ،‬وكان الناس ينظرون إليهم كآلة ويعتقدون‬
‫أن ف طبيعتهم شيئًا علويًا مقدسًا‪ ،‬فل يري اسهم على لسانم‪ ،‬ول يلسون ف مالسهم‪ ،‬وليس‬
‫لحد حق عليهم‪ ،‬وأن ما يعطونه لحد إنا هو صدقه وتكرم من غي استحقاق‪ ،‬وليس للناس قبلهم‬
‫إل السمع والطاعة‪.‬‬
‫ودون ذلك كان الجتمع قائمًا على الطبقية الؤسسة على اعتبار الرفة والنسب‪ ،‬وكان من قواعد‬
‫السياسة أن يقنع كل واحد بركزه الذي منحه نسبه‪ ،‬ول يكن يسمح لحد أن يتخذ حرفة غي‬
‫الرفة الت خلقها ال لا‪ ،‬ول يكن اللوك يولون وضيعا وظيفة من وظائفهم‪.‬‬
‫ث هم جيعهم أهل فارس كانوا ينظرون إل المم الخرى نظرة ازدراء وامتهان‪ ،‬ويلقبونا بألقاب‬
‫فيها احتقار وسخرية‪ ،‬ويرون أن بم ما ليس ف غيهم من أسباب الرفعة والعلو‪ ،‬وأن ال قد خصهم‬
‫بواهب ومنح ل يشرك فيها معهم أحدًا‪.‬‬
‫وف ناحية الشعائر التعبدية‪ ،‬كانت الديانة عندهم هي عبادة النار‪ ،‬والنار ل توحي لعبادها بشريعة ول‬
‫ترسل رسولً ول تتدخل ف شئون حياتم‪ ،‬لذا أصبحت الديانة عند الجوس عبارة عن طقوس‬
‫يؤدونا ف أماكن خاصة وأوقات خاصة‪ ،‬أما ف أمورهم فكانوا أحرارا يسيون على أهوائهم‪ ،‬أو ما‬
‫يؤدي إليه تفكيهم‪ ،‬أو ما توحي به مصالهم ومنافعهم‪.‬‬
‫وف الند والصي كانت البوذية‪ ،‬وهي ديانة أرضية تدعو إل قمع شهوات النفس وترك الدنيا وما‬
‫فيها ث تولت إل الوثنية بعد أن عبدت بوذا‪ ،‬وتسرب إل مناهج العبادة السحر والوهام‪ .‬وكانت‬
‫اللة متعددة حت أصحبت العادن كالذهب والفضة آلة‪ ،‬واليوانات آلة والجرام الفلكية آلة‪،‬‬
‫وبعض الشخاص التاريية آلة‪ ...‬ال‪.‬‬
‫وكانت ذات الطبقية موجودة أيضًا‪.‬‬
‫أما اليهودية فلم تكن تصلح لمل مشعل الضارة للبشرية‪ ،‬فقد تولت لديانة مرتبطة بالنس‪ ،‬ل‬
‫ترى عليها ف المم الخرى من سبيل‪ ،‬فلم تكن لدى اليهود نية لداية البشرية وإنا للنيل منها‪،‬‬
‫وتقيق أطماعهم على حساب الخرين‪.‬‬
‫والسيحية ديانة ل تعرف التطبيق ف أرض الواقع‪ ،‬فلم تكن السيحية ف عهدها الول من التفصيل‬
‫والوضوح ومعالة مسائل النسان‪ ،‬بيث تقوم عليها حضارة أو تسي ف ضوئها دولة‪ ،‬ث‬
‫جاءها(شاؤول اليهودي) العروف بـ(بولس الرسول) فطمس نورها وطعمها برافات الاهلية الت‬
‫انتقل منها والوثنية الرومية الت نشأ عليها‪ ،‬وقضى قسطنطي على البقية الباقية‪ ،‬حت أصبحت‬

‫‪553‬‬
‫النصرانية مزيًا من الرافات اليونانية‪ ،‬والوثنية الرومية‪ ،‬والفلطونية الصرية والرهبانية‪ ،‬كما يقول‬
‫صاحب كتاب (ماذا خسر العال بانطاط السلمي)‪.‬‬
‫وأصبحت بعد زيادات الحرفي وتأويل الاهلي‪ ،‬تول بي النسان والعلم والفكر‪ ،‬وأصبحت على‬
‫مَر العصور ديانة وثنية يقدس أهلها القديسي والصور العلقة ف الكنائس‪ .‬حت أن أصحابا الوائل لو‬
‫بعثوا لا استطاعوا التعرف على شي من ديانتهم‪.‬‬
‫وحدث أن انقسم النصارى إل ما يعرف اليوم بالكاثوليك و(الرثوذكس) تبعًا لختلفهم ف طبيعة‬
‫السيح عليه السلم‪ ،‬وكان مذهب الدولة هو الذهب الكاثوليكي‪ .‬وقاموا باضطهاد من خالفهم‬
‫الذهب‪ ،‬فرجال كانوا يعذبون ث يقتلون غرقًا‪ ،‬ورجال كانوا يشعلون فيهم النار وهم أحياء موثقون‪،‬‬
‫و غي ذلك من الفظائع‪.‬‬
‫وكانت ذات الطبقية الوجودة ف غيهم‪ ،‬فكانت بعض المالك تزرع وتصد‪ ،‬وتمل زرعها على‬
‫دوابا وأكتافها لزينة الدولة‪.‬‬
‫وانشر ت الرشوة والفساد الداري ف الدولة‪ ،‬والفساد اللقي بي عوام الناس‪.‬‬
‫وباقي الشعوب الوثنية ف أفريقيا كانت تعيش عيشة أقرب للبهيمية منها للنسانية‪.‬‬
‫هذا هو حال البشرية قبل البعثة الحمدية على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬ومن الهم ونن ندرس السية أو نعرضها على الناس أن نوضح حال البشرية قبل البعثة‬
‫الحمدية‪ ،‬وذلك لن فريقا من عبّاد الصليب اليوم يقولون بأن البشرية كانت ف أوج حضارتا ث‬
‫جاء العرب ـ يعنون السلمي ـ وهدموا هذه الضارة‪ .‬فكان ل بد من التعريج على حال البشرية‬
‫قبل البعثة الحمدية لبيان أي حضارة كانت وهدمها السلم‪ .‬وبيان أي حضارة أقامها السلم‪،‬‬
‫وبيان كيف أن السلم كان نور ورحة من ال للبشرية لن آمن منها ولن كفر‪.‬‬
‫وهناك فريق آخر أخبث من هذا الفريق‪ ،‬يتكلم بأنا كانت حركة سياسية كغيها من الركات‬
‫ويعرض السية النبوية من هذا القبيل‪ ،‬وأن الفتوحات ما هي إل أحد أشكال الحتلل‪ ،‬وأنه هبت‬
‫ثورات فيما بعد لقاومة هذا الحتلل ورفع الظلم عن الناس‪ .‬ويذهب يقرأ السية النبوية بذه‬
‫الطريقة‪.‬‬
‫ونتاج إل طرح للسية النبوية يبي أن الدعوة ما كانت أبدًا قرشية أو عربية‪ ،‬ول تكن الركات الت‬
‫ظهرت ف التاريخ السلمي وخاصة الفرق الت ظهرت ف القرون الول حركات شعوبية ـ‬
‫باستثناء حركة الزنوج والت ل تستمر ول تترك أي أثر فكري أو منهجي ف حياة الناس ـ ضد‬
‫العرب بل كانت حركات عقدية منحرفة‪ ،‬وكان رؤوسها عرب وسبب نشأتا خلفات دينية‪.‬‬
‫وهذا الطرح ل بد أن يعمل على ربط العقيدة الصحيحة‪ ...‬وأهداف الدعوة الكلية الت هي تعبيد‬
‫الناس ل بأحداث السية النبوية‪.‬‬
‫وهذا يستلزم قراء جديدة للسية النبوية‪ ،‬ولعل فيما يأت مزيد بيان‬
‫سابعا‪ :‬طبيعة الطاب الدعوي ف مكة وحدة الهداف والنطلقات‪:‬‬

‫‪554‬‬
‫ف الاهلية الول كان الال دولة بي الغنياء‪ِ ...‬قلّة غنية وكَثرة بالكاد تد قوت يومها‪.‬‬
‫وف الاهلية الول كانت الروب تأكل الرجال على ناقة أو لن فرسًا سبقت أختها‪ !.‬وف الاهلية‬
‫الول كان الزنا وكانت المر وكان وأد البنات وبيع الحرار‪ .‬وف الاهلية الول كان الشرك‬
‫الكب(شرك النسك وشرك الطاعة)‪ ...‬تُدعى الصنام من دون ال ويُنذر لا ويُذبح عندها‪ ،‬وكان‬
‫شرّع الل ويتبع العوام‪ .‬ول تل الاهلية من الصلحي‪ ،‬الذين يسعون ف إصلح‬ ‫شرك الطاعة‪ُ ...‬ي َ‬
‫ذات البي وحقن الدماء ورفع الظلم عن الضعفاء‪.‬‬
‫وحي بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يضع يده ف يد أحد من هؤلء ألبته‪ .‬بكلمات أخر‪:‬‬
‫رُغم أن الدعوة السلمية كانت تدعوا لثل ما كان يدعو إليه كثي من الصلحي من مكارم الخلق‬
‫إل أنا ل تضع يدها ف يد أحد من هؤلء‪.‬‬
‫ذلك لنه وإن اتدت الهداف فإن النطلقات متغايرة‪ .‬فهؤلء دوافعهم شت‪ ..‬تدفعهم الروءة‬
‫ويدفعهم الثناء السن ويدفعهم عرف الباء‪ ،‬أما السلمون فيدفعهم طاعة ال ورسوله ول ينبغي أن‬
‫يكون لم دافع غي ذلك‪.‬‬
‫وهؤلء تقف أهدافهم عند إصلح الدنيا؛ والسلمون يصلحون الدنيا للخرة‪.‬‬
‫وشتان‪.‬‬
‫ومن يتدبر أحداث السية النبوية وما كان َيتََنزَلُ ف بداية البعثة يد أن الدعوة السلمية بدأت‬
‫بتعريف الناس بربم‪ ..‬بأسائه وصفاته وآثار ذلك ف ملوقاته‪ ..‬كيف أنه الي القيوم الرحيم الرحن‬
‫ذي اللل والكرام مالك اللك القريب الجيب‪ ..‬ال‪ ،‬ث بترسيخ نظرية الثواب والعقاب وذلك‬
‫ص عليهم خب من سبقوا‪ ،‬مَن أطاعوا منهم‬ ‫بتعريفهم بالنة(دار الثواب) وبالنار(دار العقاب)‪ ،‬وقُ ّ‬
‫كيف كانت عاقبتهم ومن عصوا منهم ماذا فعل ال بم‪ .‬واقرءوا ما نزل من القرآن ف مكة‪.‬‬
‫ث جاءت التشريعات باسم ال الذي عرفوه بأسائه وصفاته وبَْينَ يدي الثواب والعقاب‪.‬‬
‫فمثلً قيل لم‪ :‬ال ـ الذي عرفوه ـ يأمركم بالصلة‪ ،‬ومن فعل فله النة ـ الت عرفوها ـ ومن‬
‫عصى فله النار ـ الت عرفوها ـ‪.‬‬
‫وال الذي عرفتموه يأمركم بالزكاة ومن أطاع فثوابه النة الت عرفتموها‪ ،‬ومن عصى فله النار الت‬
‫عرفتموها‪.‬‬
‫لذا استقامت النفوس مبه ورهبة ل وخوفًا من النار وطمعا ف النة‪.‬‬
‫وبذا يتضح منطلق الدعوة السلمية وهدفها‪ ،‬وهو تعبيد الناس ل‪ ...‬تعريفهم بربم ليعظموه‬
‫ل ـ‪ ،‬ث الفوز بالنة‪.‬‬ ‫ويوقروه ويسبحوه‪ ،‬وإصلح الدنيا ـ ييء تبعًا وليس أص ً‬
‫ولذا ل يرتد من أسلم‪ ،‬ول يتلكأ ف سيه إل ال‪.‬‬
‫وعلى من يعرض السية النبوية على الناس ـ أو يقرؤها ـ عليه أن يلتفت لذا‪ .‬وأن ينتبه إل أن‬
‫الطاب الدعوي كان ف الساس أخروي تنطلق منه باقي شئون الياة‪.‬‬
‫وف بيعة العقبة الثانية وغيها من أحداث العهد الكي دليل على ذلك‪.‬‬

‫‪555‬‬
‫وأزيد المر بيانًا فأقول‪:‬‬
‫نعم‪ .‬ف العهد الكي كانت الدعوة السلمية ف خطابا الوجه للجاهلية يومها‪ ،‬كانت مصرة على أن‬
‫تبدأ من اليوم الخر ترغيبا وترهيبا‪.‬‬
‫تاول أن تعل القلوب معلقة با عند ربا ترجوا رحته وتشى عقابه‪ .‬ويكون كل سعيها دفعا‬
‫للعقاب وطلبًا للثواب فتكون الدنيا بملتها مطية للخرة‪.‬‬
‫على هذا ترب الصحابة رضوان ال عليهم‪.‬بل ورسول ال ـ صلى ال عليه وسلم ـ هو أيضا ترب‬
‫على هذا العن ‪ ،‬فقد كان يتنل عليه بأب هو وأمي وأهلي صلى ال عليه وسلم (وَِإمّا ُنرِيَّنكَ َبعْضَ‬
‫الّذِي َنعِ ُدهُمْ َأوْ َنَتوَفَّيّنكَ فَإَِليْنَا َمرْ ِج ُعهُمْ ثُمّ الّلهُ َشهِي ٌد َعلَى مَا َي ْفعَلُونَ) [يونس‪( ]40 :‬وَإِنْ مَا ُن ِريَّنكَ‬
‫غ َوعَلَْينَا الْحِسَابُ)‪.‬‬ ‫ض الّذِي َنعِ ُدهُمْ َأوْ نََتوَفّيَّنكَ فَِإنّمَا عََلْيكَ اْلبَل ُ‬ ‫َبعْ َ‬
‫ولذا استقامت النفوس تبذل قصارى جهدها ف أمر الدنيا ترجوا به ما عند ال فكان حالم كما‬
‫ضوَانا سِيمَاهُمْ فِي وُجُو ِههِم مّنْ َأَثرِ‬ ‫وصف ربم (َترَاهُ ْم رُكّعا سُجّدا َيبَْتغُونَ َفضْلً مّ َن الّل ِه َو ِر ْ‬
‫السّجُودِ)‬
‫ضوَانا)‪ ،‬والسياق يوحي‬ ‫فهذا وصف للظاهر(رُكّعا سُجّدا) ووصف للباطن(َيبَْتغُونَ َفضْلً مّ َن الّل ِه َو ِر ْ‬
‫بأن هذه هي هيئتهم اللزمة لم الت يراهم الرائي عليها حيثما يراهم‪ .‬كما يقول صاحب الظلل‬
‫رحه ال‪.‬‬
‫واقرأ آيات الحكام ف كتاب ال لتطالع هذا الصرار من النص القرآن على وضع صورة الخرة‬
‫عند كل أمر وني ضمن السياق بواحدة من دللت اللفظ‪ ،‬الباشرة منها أو غي الباشر(دللة‬
‫الشارة أو التضمن أو القتضاء أو مفهوم الخالفة‪ ..‬ال)‪.‬‬
‫سَتوْفُونَ‪ .‬وَِإذَا كَالُوهُمْ أَو‬ ‫فمثل يقول ال تعال‪( :‬ويْلٌ لّلْمُ َط ّف ِفيَ‪ .‬الّذِينَ ِإذَا اكْتَالُوْا عَلَى النّاسِ يَ ْ‬
‫سرُونَ‪ .‬أَلَا َيظُنّ أُولَِئكَ أَّنهُم مّْبعُوثُونَ‪ .‬لَِي ْو ٍم عَظِيمٍ‪َ .‬ي ْومَ َيقُومُ النّاسُ ِل َربّ اْلعَالَ ِميَ)‬ ‫خِ‬ ‫ّوزَنُوهُمْ يُ ْ‬
‫فتدبر كيف يأت المر بعدم تطفيف الكيل حي الشراء وبسه حي البيع؟ ومثله قول ال تعال ( ُهوَ‬
‫ض ذَلُولً فَامْشُوا فِي مَنَا ِكِبهَا وَكُلُوا مِن ّرزِْق ِه وَإِلَْيهِ النّشُورُ)‬ ‫الّذِي َجعَلَ لَ ُكمُ الَْأ ْر َ‬
‫فهنا أمر بالسعي على الرزق‪ ،‬وتذكي بأن هناك نشور ووقوف بي يدي ال عز وجل‪ ،‬فيسأل الرء‬
‫عن كسبه من أين أتى وإل أين ذهب؟‬
‫بل واقرأ عن اليات الت تتحدث عن الطلق ف سورة البقرة تد أنا تتم باسم أو اسي من أساء‬
‫ال عز وجل "‪ ...‬فَإِنّ الّلهَ سَمِي ٌع عَلِي ٌم " "‪ ...‬وَا ْعلَمُوا أَ ّن الّلهَ ِبكُلّ شَ ْي ٍء عَلِيمٌ " "‪ ...‬وَالّلهُ بِمَا‬
‫َتعْمَلُونَ َخبِ ٌي " "‪ ...‬وَاعْلَمُوا أَنّ الّلهَ بِمَا َتعْ َملُونَ َبصِيٌ " "‪ ....‬إِنّ الّلهَ بِمَا َتعْمَلُونَ َبصِ ٌي "‬
‫وهذا ل شك استحضار للثواب والعقاب‪.‬‬
‫ومثله اليات الت تأمر بالجاب تُختم بـ(إن ذلكم كان عند ال عظيمًا) و(‪ ..‬وكان ال غفورًا‬
‫رحيمًا)‪.‬‬

‫‪556‬‬
‫نعم كان هذا أسلوب القرآن العظيم ف عرض قضايا الشريعة كلها وهذه بعض اليات والحاديث ف‬
‫هذا الشأن تزيد المر وضوحًا‪:‬‬
‫ف الظّهار انظر كيف يربط ال تعال أداء الكفارة باليان به وبرسوله ‪(:‬فَمَن لّ ْم يَجِدْ َفصِيَامُ َش ْهرَيْنِ‬
‫ي مِسْكِينا ذَِلكَ ِلُت ْؤمِنُوا بِالّل ِه َورَسُوِلهِ َوتِ ْلكَ‬ ‫مُتَتَاِبعَيْ ِن مِن َقبْلِ أَن يََتمَاسّا فَمَن لّمْ َيسْتَطِ ْع فَإِ ْطعَامُ سِّت َ‬
‫حُدُودُ الّلهِ وَِللْكَاِفرِي َن عَذَابٌ أَلِيمٌ)‬
‫ل َورَّبكَ لَ ُي ْؤمِنُونَ حَتّىَ يُحَكّمُو َك فِيمَا‬ ‫وانظر كيف جعل ال تعال تكيم شرعة شرط لليان به ‪(:‬فَ َ‬
‫سلّمُواْ َتسْلِيما)‬ ‫ت وَيُ َ‬
‫سهِ ْم َحرَجا مّمّا َقضَْي َ‬ ‫جرَ َبيَْنهُمْ ُثمّ لَ يَجِدُواْ فِي أَنفُ ِ‬ ‫شَ َ‬
‫سهِ " [البخاري كتاب اليان الديث‬ ‫حبّ ِلَنفْ ِ‬ ‫حبّ لِأَخِي ِه مَا يُ ِ‬ ‫وف الديث‪ " :‬لَا ُي ْؤمِنُ أَحَدُكُ ْم حَتّى يُ ِ‬
‫رقم ‪ 13‬ترقيم العالية]‪.‬‬
‫وف البخاري أيضا الديث ‪ 14‬كتاب اليان " َفوَ الّذِي َنفْسِي بِيَ ِدهِ لَا ُي ْؤمِنُ َأحَدُكُمْ حَتّى أَكُونَ‬
‫أَ َحبّ إِلَْي ِه مِ ْن وَالِ ِد ِه َووَلَ ِد ِه "‬
‫وف البخاري حديث رقم ‪ 6135‬كتاب الدب‪ " :‬مَنْ كَا َن ُي ْؤمِنُ بِالّلهِ وَالَْي ْومِ الْآ ِخرِ فَ ْليُ ْك ِرمْ‬
‫ضَْي َفهُ‪ ...‬الديث"‪.‬‬
‫ومثل هذا كثي ف كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫هذا ما ترب عليه الصحابة رضوان ال عليهم‪ ،‬وإنا ند ف كتاب ربنا أننا ملزمون بالسي على دربم‬
‫واقتفاء آثارهم قال ال تعال‪َ (:‬ومَن يُشَاقِ ِق الرّسُو َل مِن َبعْ ِد مَا تََبيّنَ َلهُ اْلهُدَى وَيَتّبِ ْع غَْيرَ سَبِيلِ‬
‫اْل ُم ْؤمِِنيَ ُنوَّل ِه مَا َتوَلّى َوُنصِْلهِ َج َهنّ َم وَسَاءتْ َمصِيا)‬
‫ق فَسََي ْكفِي َكهُمُ‬ ‫وقال ال تعال‪(:‬فَإِ ْن آمَنُواْ بِ ِمثْ ِل مَا آمَنتُم ِبهِ َفقَدِ ا ْهتَدَوْا وّإِن َتوَّل ْواْ فَِإنّمَا هُمْ فِي ِشقَا ٍ‬
‫الّلهُ َو ُهوَ السّمِيعُ اْلعَلِيمُ)‬
‫أقول‪ :‬ملزمون إذا بالتعريج على التوحيد وتصحيح الفاهيم فيه لخواننا وأخواتنا‪ ،‬وبناتنا ونسائنا‬
‫وكل عزيز علينا‪ ،‬ليكون حالم مع المر والنهي‪ ...‬كل المر والنهي كحال من سبقوا؟!‬
‫وحينها‪ ...‬حي يتعرفون على ربم جيدًا‪ ،‬حي يعرفون مصيهم بعد الوت‪ ،‬لن تد كثي مشاغبة ف‬
‫المتثال للمر‪.‬‬
‫دعن أوسع المر أكثر من هذا وأقول‪:‬‬
‫ل ل نبدأ ماطبة(الخر) بالتوحيد نقول لم‪ :‬آمنوا بربكم الذي خلقكم ورزقكم وأحياكم وييتكم ث‬
‫ياسبكم؟‬
‫ل ل ننادي فيهم‪ :‬أسلموا قبل أن تكونوا من جثي جهنم الت وصفها كذا وكذا؟‬
‫أسلموا كي ل ترموا جنة فيها وفيها‪...‬؟‬
‫ويدور الوار حول دلئل صدق الب ومَطَْلبْ الخب‪.‬‬
‫أسذاجة؟‬
‫ل ورب‪.‬فهكذا نشأت خي أمّة أخرجت للناس‪.‬‬

‫‪557‬‬
‫وعلى من يشرح السية النبوية للناس عليه أن يوضح ذلك لم‪ ،‬من خلل مواقف الدعوة ف العهد‬
‫الكي والعهد الدن‪ ،‬ومنهج رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الدعوة‪ ،‬وبا كان ياطب الناس‪،‬‬
‫وكيف كان يعلمهم التوحيد ويربم عليه‪.‬‬
‫نعم‪ .‬نن باجة إل قراءة جديدة للسية النبوية نبي فيها للناس أهداف الدعوة السلمية‬
‫ومنطلقاتا‪ ...‬نتاج هذا الطرح الفكري اليوم أكثر من أي يوم مضى‪.‬‬
‫فاليوم قامت بعض الفصائل السلمية بالتحالف مع الحزاب ذات التوجهات اليسارية‪ ،‬وتوجهت‬
‫إل الماهي بطاب دنيوي بت ونادت بشرع ال من باب الفضلية‪ ...‬لنه خي من غيه‪ ،‬أو لنه‬
‫هو النسب لصلح الدنيا‪ ،‬فيُقبل من يُقبل وليس عنده هدف سوى ما فهمه من هذا الطاب‬
‫الدعوي النقوص‪.‬‬
‫واليوم رفعت بعض الفصائل الجاهدة الشعارات الوطنية وراحت تثن على الزعامات العلمانية‬
‫بدعوى لّ شل أبناء الوطن الواحد‪ ،‬وهؤلء وأولئك نسن الظن بم ولكن خطاب كهذا تضيع به‬
‫الهداف القيقية للدعوة السلمية أو تتميع ف أحسن الحوال‪ ،‬ولست اغمز أحدًا ـ معاذ ال ـ‬
‫وإنا أنصح با أراه صحيحًا‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ل بد من الفاصلة الفكرية الت يتميز با سبيل الؤمني من سبيل الكافرين والنافقي‪ .‬وتعرف‬
‫العامة أين هي وتضي بوضوح ف طريق ال الستقيم‪ .‬كما بدأت الدعوة ف مكة بي ظهران قريش‬
‫على يد البيب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬أساس اللف بي الرسالة والاهلية‪.‬‬
‫أقول ـ مستعينا بال ـ‪ :‬كل رسالة واجهت متمعًا مستمسكًا بجموعة من القيم والعراف‬
‫والتقاليد الاطئة الت تصفها الرسالة بأنا كفر بال‪ ،‬جُملةُ هذه التقاليد تقوم على نوعي من الطأ‪:‬‬
‫أولما‪ :‬التقرب والتوجه إل غي ال بالنسك‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬الطاعة والتشريع والتباع من دون ال‪.‬‬
‫ويتحرك هذا الجتمع بإرادة واعية أو غي واعية للمحافظة على وجوده ضد دعوات الرسل‪ ،‬وف‬
‫ض َومَا نَحْنُ لَكُمَا‬ ‫التنيل (قَالُواْ َأجِئَْتنَا ِلتَ ْلفَِتنَا عَمّا وَجَدْنَا َعلَْيهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ َلكُمَا الْكِْبرِيَاء فِي ا َل ْر ِ‬
‫بِ ُم ْؤمِِنيَ)‪،‬‬
‫ت مِنَ‬‫وف التنيل‪(:‬قَالُواْ أَ ِجئْتَنَا لَِنعْبُ َد الّلهَ وَحْ َد ُه وَنَ َذ َر مَا كَانَ َيعُْبدُ آبَاؤُنَا فَ ْأتِنَا بِمَا َتعِدُنَا إِن كُن َ‬
‫ع رَّبهُ إِنّي أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُمْ َأوْ‬ ‫الصّادِِقيَ)‪ ،‬وف التنيل "(وَقَالَ ِف ْر َعوْنُ َذرُونِي َأقْتُ ْل مُوسَى وَْليَدْ ُ‬
‫أَن يُ ْظ ِهرَ فِي الَْأ ْرضِ اْلفَسَادَ)‬
‫ومن يتدبر يد أن شرك الطاعة هو أساس شرك النسك‪ ،‬فلول طاعة عمرو بن لي مثل لا عُبدت‬
‫الصنام ف جزيرة العرب‪.‬‬
‫ولول طاعة كل قوم لكبائهم لا ضل مًن ضل(وَقَالُوا رَبّنَا إِنّا أَ َط ْعنَا سَادََتنَا وَكَُبرَاءنَا فََأضَلّونَا السّبِيلَا)‬
‫وند ف القرآن الكري والسنة النبوية الطهرة حصر لفهوم العبادة ف الطاعة‪.‬‬

‫‪558‬‬
‫قال تعال (أَلَمْ َأ ْعهَدْ إِلَيْ ُكمْ يَا َبنِي آدَمَ أَن لّا َتعْبُدُوا الشّْيطَانَ إِّنهُ لَكُ ْم عَ ُد ّو مِّبيٌ)‬
‫وعبادة الشيطان هي طاعته‪.‬‬
‫خذُواْ أَ ْحبَا َرهُ ْم َو ُرهْبَاَنهُمْ َأرْبَابا مّن دُونِ الّل ِه وَالْمَسِيحَ ابْ َن َمرْيَمَ َومَا ُأ ِمرُواْ إِلّ ِلَيعْبُدُواْ‬ ‫وقال تعال(اتّ َ‬
‫شرِكُونَ)‬ ‫إِلَها وَاحِدا لّ ِإَلهَ إِ ّل ُهوَ ُسبْحَاَن ُه عَمّا ُي ْ‬
‫سع عدي بن حات الطائي رضي ال عنه هذه الية من رسول ال صلى ال عليه وسلم فاعترض‬
‫قائل‪(:‬إِّنهُ ْم لَمْ َيعْبُدُوهُ ْم ) َفقَالَ صلى ال عليه وسلم‪َ( :‬بلَى إِّنهُمْ َح ّرمُوا َعلَْيهِمْ الْحَلَال وَأَحَلّوا َلهُمْ‬
‫ك عِبَادَتمْ إِيّاهُمْ) يقول بن كثي‪ :‬قَا َل حُذَْيفَة بْن اْليَمَان َوعَبْد اللّه بْن َعبّاس‬ ‫حرَام فَاتَّبعُوهُمْ فَذَِل َ‬ ‫اْل َ‬
‫خذُوا أَ ْحبَاره ْم َو ُرهْبَانمْ َأرْبَابًا مِنْ دُون اللّه " إّنهُمْ اِتَّبعُوهُمْ فِيمَا حَلّلُوا وَ َح ّرمُوا‬ ‫َوغَيْرهَا فِي َتفْسِي "اِتّ َ‬
‫وَقَا َل السّ ّديّ ِاسْتَْنصَحُوا الرّجَال وَنَبَذُوا كِتَاب اللّه َورَاء ُظهُوره ْم وَِلهَذَا قَالَ َتعَالَى " َومَا ُأمِرُوا ِإلّا‬
‫حلَال َومَا َش َر َعهُ اُتّبِعَ‪.‬‬‫حرَام َومَا حَلَّلهُ َف ُهوَ الْ َ‬ ‫لَِيعُْبدُوا إَِلهًا وَاحِدًا" َأيْ الّذِي ِإذَا َح ّرمَ الشّيْء َف ُهوَ الْ َ‬
‫فسمّ ال ورسوله التباع ف التحليل والتحري عبادة‪ ،‬كما سى الحللون والحرمون ـ الشرعون آلة‬
‫ـ‪.‬‬
‫ومثل هذا قول ال تعال‪" :‬قُ ْل يَا َأهْلَ الْكِتَابِ َتعَاَلوْا إِلَى َكلِمَةٍ َسوَاءٍ بَْينَنَا وََبيْنَكُمْ َألّا َنعْبُدَ ِإلّا الّلهَ وَلَا‬
‫سلِمُو َن [ آل‬ ‫شرِ َك ِبهِ شَيْئًا َولَا يَتّخِذَ َب ْعضُنَا َب ْعضًا َأرْبَابًا مِنْ دُونِ الّلهِ فَإِ ْن َتوَّلوْا َفقُولُوا ا ْشهَدُوا بِأَنّا مُ ْ‬‫نُ ْ‬
‫عمران‪] 64 :‬‬
‫وهذا العن هو الذي فهمه الصحابة رضوان ال عليهم‪ ،‬فهذا ربعي بن عامر رضي ال عنه ياطب‬
‫رستم " ال ابتعثنا‪ ،‬وال جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إل عبادة رب العباد‪ ،‬ومن جور‬
‫الديان إل عدل السلم " ث ل تكن الدعوة قرشية أو عربية‪ ،‬ول تكن الركات الت ظهرت ف‬
‫التاريخ السلمي وخاصة الفرق الت ظهرت ف القرون الول حركات شعوبية ـ باستثناء حركة‬
‫الزنوج ـ ضد العرب بل كانت حركات عقدية منحرفة‪ ،‬وكان رؤوسها عرب وسبب نشأتا‬
‫خلفات دينية‪.‬‬
‫وهذا الطرح ل بد أن يعمل على ربط العقيدة الصحيحة‪ ...‬وأهداف الدعوة الكلية الت هي تعبيد‬
‫الناس ل‪ ،‬بأحداث السية‪.‬‬
‫ت من أجله هذه الفقرة هو أن كثيًا من الكتاب والطباء الذين يكتبون‬ ‫واللل اللحوظ الذي كتب ُ‬
‫السية النبوية أو يلقون فيها دروسًا‪ ،‬يصرون قضية اللف بي الاهلية والدعوة ف عبادة الصنام‬
‫وبعض القضايا الخلقية مثل تري الزنا وشرب المر ووأد البنات‪ ،‬وأن الغزوات كانت لعالة‬
‫مشاكل الوار ولمور اقتصادية ونو ذلك وهو من البتر الذي ل يُقبل بال‪.‬‬
‫والراد‪ :‬أنه حي دراسة السية النبوية أو عرضها على الناس ل يفهم أبدًا أن اللف بي الدعوة‬
‫والاهلية القائمة كان ف بعض العادات الاهلية السيئة مثل وأد البنات والزنا وشرب المر ورفع‬
‫الظلم عن الضعفاء‪ ،‬وبعض مظاهر شرك النسك من عبادة الصنام والستقسام بالزلم‪ ...‬ال‪.‬‬

‫‪559‬‬
‫وإنا كانت ول زالت القضية الكبى الت انبثقت منها باقي القضايا هي قضية الطاعة لن‪ ،‬أو‬
‫السلطان يكون لن؟ أو بتعبي آخر من تعبد؟ ال ف صورة شرعة؟ أم الشيطان ف صورة الناهج‬
‫الرضية الت زينها لوليائه؟‬
‫فمن عبد الصنام إنا عبدها طاعة للولياء الشيطان‪ ،‬ومن اعتقد التثليث وكفر بحمد صلى ال عليه‬
‫وسلم إنا فعل ذلك طاعة لولياء الشيطان‪ ،‬قصد أم ل يقصد‪.‬‬
‫تاسعا‪ :‬الل ودورهم البارز ف التصدي للدعوة‪:‬‬
‫الل هم‪ :‬أَشْرافُ القوم ووجُوهُهم ورؤَساؤهم و ُمقَ ّدمُوهم‪ ،‬الذي ُيرْجَع إِل قولم‪ .‬وف الديث‪ :‬هَلْ‬
‫ل ا َلعْلى؟‬
‫تَ ْدرِي فِي َم يَخَْتصِمُ ال ُ‬
‫والل من الكفار لم دور بارز ف تسي الحداث‪ ،‬ول بد من الوقوف على دورهم وإبرازه للناس‪ .‬إذ‬
‫هم موجودون مع الباطل ف كل مكان وزمان‪.‬‬
‫ومن خلل قراءت للسية النبوية وما استمعت إليه من شبهات من الضالي من أهل الكتاب‪ ،‬يكنن‬
‫القول أن الدعوة ل تواجه شبهات حقيقية وإنا تواجه مموعة من الناس ـ هم الل ـ يعرفون‬
‫الدعوة تاما‪ ،‬وهم يكذبون على قومهم ويرهبونم تارة ويرغبونم تارة من أجل صدهم عن سبيل‬
‫ال‪.‬‬
‫والن اذكر بعض الشاهد من السية النبوية ومن أحوال المم السابقة أوضح با قول‪.‬‬
‫الوليد بن الغية يلس بي قومه يصف القرآن بعدما سعه‪ :‬إن له للوة‪ ،‬وإن عليه لطلوة‪ ،‬وإن‬
‫أعله لثمر‪ ،‬وإن أسفله لغدق‪ ،‬وإنه يعلو ول يُعلى عليه‪ ،‬فيصيح القوم‪ :‬صبأ الوليد‪ ،‬ويقوم إليه‬
‫شيطانم أبو جهل ويهمس ف أذنيه بكلمات ث يعود ثانية إل ملسه‪ .‬وأقبل الوليد على القوم بوجهه‪،‬‬
‫وظن القوم أن الوليد سيقف موقف الداعي لذا الدين الديد؛ فالمر ليس ببعيد؛ فمِن قَبْله عَدَا عمر‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ليقتله‪ ،‬وعاد من عنده مسلما‪ ،‬ولكن الوليد خيّب ظنهم فلم يكن‬
‫إقباله عليهم إقبال الخلص الداعي لذا الدين الديد بل كان الخلص الداعي لدينهم‪ .‬ويتكلم‬
‫الوليد‪ ..‬يصيح فيهم بأن قولوا ف الرجل قولةً واحدةً‪ ..‬ول تتلفوا حت ل يظهر كذبكم‪ .‬ويعرض‬
‫القوم آراءهم‪ :‬نقول ساحر‪ ..‬نقول شاعر‪ ..‬نقول كاهن‪ ..‬نقول كاذب‪ ..‬والوليد ل يد الوصف‬
‫مناسبا فيدّه‪ .‬ويُسند إليه المر‪ :‬قُل أنت يا أبا عمارة نسمع‪ .‬ويصمت الوليد‪ ..‬يولُ بفكره‪ ..‬ياول‬
‫أن يد نقيصة ف الرجل أو ف منهجه [إِّنهُ فَ ّك َر وَقَ ّدرَ * َفقُِتلَ كَيْفَ قَ ّدرَ * ثُ ّم قُتِلَ َكيْفَ قَ ّد َر * ثُمّ‬
‫سرَ * ثُمّ َأ ْدَبرَ وَاسْتَ ْكَبرَ](الدثر‪ .)23-18 :‬ياول الوليدُ وياول‪ ..‬ولكن أنّى له؟!‬ ‫س وَبَ َ‬‫نَ َظرَ * ثُ ّم عََب َ‬
‫فالرجل هو الصادق المي‪ ،‬ومنهجه هو هو الذي وصفه من قبل بأن له حلوة وعليه طلوة‪ .‬ويعجز‬
‫الوليد‪ ،‬ويعود إل بعض آرائهم الت قالوها هُم وردها هو من قبل‪ ،‬يقول‪ :‬قولوا ساحر‪ ،‬ث يُدَلل على‬
‫حرٌ ُي ْؤَثرُ *‬
‫قوله وما أكذبه‪ :‬أل ترون أنه يفرق بي الرجل وزوجته‪ ،‬والبن وأبيه [َفقَالَ إِ ْن هَذَا إِلّ سِ ْ‬
‫شرِ ](الدثر‪ .)25-24 :‬ويصيح القوم فرحا بذا!! قاتلك ال يا وليد! ما حلك‬ ‫إِ ْن هَذَا إِ ّل َقوْلُ البَ َ‬
‫على أل تفعل ما فعل عمر‪ ،‬وقد وصفت القرآن با هو حق‪ ،‬ونفيت عن رسول ال صلى ال عليه‬

‫‪560‬‬
‫وسلم ما ليس بق؟! كأن بقريش وقد أقسم الل منهم أن ما يأت به ممد صلى ال عليه وسلم هو‬
‫من عند هذا الغلم السود الذي يعتكف بواره ف غار حراء‪ ،‬كأن بم وقد كلمت وجوههم وهم‬
‫شرٌ لّسَا ُن الّذِي يُ ْلحِدُونَ إِلَْيهِ‬ ‫يرون هذا الغلم ل يتكلم العربية [وََلقَدْ َنعْلَمُ َأّنهُمْ َيقُولُونَ ِإنّمَا ُي َعلّ ُمهُ بَ َ‬
‫َأعْجَمِ ّي َوهَذَا لِسَا ٌن َعرَبِ ّي مِّبيٌ](النحل‪ .)103 :‬كأن برسلهم تعدو ف الصحراء تقصد اليهود‬
‫يسألونم عن خب هذا النب‪ ،‬ويعطيهم اليهود المارة‪ :‬سلوه عن فتية ذهبوا ف الدهر الول ما كان‬
‫أمرهم؟ سلوه عن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الرض ومغاربا ما كان نبؤه؟ سلوه عن الروح ما‬
‫هي؟ ويُعطونم صفة الجابة‪ ،‬وتعود الرسل‪ ،‬ويشر الل القوم منادين فيهم‪ :‬جئنا بالقول الفصل بيننا‬
‫وبي ممد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويعطيهم الصادق المي المارة تامة‪ .‬ث‪ ..‬ماذا حدث؟ الوقف ل‬
‫يتغي ول يتبدل‪ ،‬يظهر الق ويستيقن فريق من الناس‪ ،‬ث يعاندون‪ .‬وما كانت قريش بدعا؛ فقد كان‬
‫لم سلف فيمن مضوا قوم نوح [قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكَْث ْرتَ جِدَالَنَا فَأِْتنَا بِمَا َتعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ‬
‫الصّادِِقيَ](هود‪ )32 :‬جُودِلوا ودحضت حجتهم؛ فالطبيعي بعد هذا هو اليان‪ ،‬ولكن انظر إل‬
‫ت مِنَ الصّادِِقيَ](هود‪ .)32 :‬وقوم‬ ‫كلمهم ما أعجبه [جَادَلْتَنَا فَأَكَْث ْرتَ جِدَالَنَا فَأِْتنَا بِمَا َتعِدُنَا إِن كُن َ‬
‫عاد ينادون نبيهم هودا ‪ -‬عليه السلم ‪[ :-‬قَالُوا أَجِْئتَنَا لَِنعْبُ َد الّل َه وَحْ َد ُه وَنَ َذ َر مَا كَانَ َيعْبُدُ آبَا ُؤنَا‬
‫فَ ْأتِنَا ِبمَا َتعِدُنَا إِن كُنتَ مِ َن الصّادِِقيَ](العراف‪ )70 :‬فهم إذن يفهمون الرجل‪ ،‬ول يكون ذلك إل‬
‫بإظهار الجج والباهي‪ ،‬ث انظر إل موقفهم بعد هذا البيان‪ ،‬وكيف أنه يطابق موقف من كان‬
‫قبلهم‪ .‬وقوم ثود يطلبون الية فتأتيهم‪ ،‬ث ماذا؟ هل آمنوا؟ أبدا ل بل عقروا الناقة وقالوا قولة من‬
‫قبلهم [َف َع َقرُوا النّاَق َة َوعََتوْا عَنْ َأ ْمرِ َرّبهِمْ َوقَالُوا يَا صَالِ ُح اْئتِنَا ِبمَا َتعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ ا ُلرْ َسِليَ ]‬
‫(العراف‪ .)77 :‬وقوم لوط [ َومَا كَانَ َجوَابَ َق ْو ِمهِ إِلّ أَن قَالُوا أَ ْخرِجُوهُم مّن َقرَْيتِكُمْ إِّنهُمْ ُأنَاسٌ‬
‫َيتَ َط ّهرُونَ](العراف‪ )82 :‬لِمَ يا قوم؟ [إِّنهُمْ ُأنَاسٌ يََت َط ّهرُونَ](العراف‪ )82 :‬ألذا؟!! وقوم خليل ال‬
‫إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪[ :-‬فَمَا كَانَ َجوَابَ َق ْومِهِ إِلّ أَن قَالُوا اقُْتلُوهُ َأوْ َحرّقُوهُ فَأَنَاهُ الّلهُ مِنَ النّارِ إِنّ‬
‫فِي ذَِلكَ ليَاتٍ ّل َق ْومٍ ُي ْؤمِنُونَ](العنكبوت‪ .)24 :‬وإن تعجب فمن أهل مدين قوم شعيب ‪ -‬عليه‬
‫السلم ‪ -‬نب ال؛ إذ يبلّغ رسالة ربه فيؤمن البعض‪ ،‬ويكفر البعض الخر‪ ،‬ويأخذ الرجل ببدأ‬
‫السالة‪[ :‬وَإِن كَانَ طَاِئفَ ٌة مّنكُ ْم آمَنُوا بِالّذِي ُأرْ ِس ْلتُ ِبهِ وَطَاِئفَةٌ لّ ْم ُي ْؤمِنُوا فَاصِْبرُوا حَتّى‬
‫حكُمَ الّلهُ بَْينَنَا َو ُهوَ خَْيرُ الَاكِ ِميَ](العراف‪ ،)87 :‬أف هذا عيْب؟ ولكن انظر ما ردّ الل [ قَالَ‬ ‫يَ ْ‬
‫ك مِن َقرَْيتِنَا َأوْ َلَتعُودُنّ فِي مِلّتِنَا ]‬ ‫ب وَالّذِي َن آمَنُوا َمعَ َ‬ ‫خرِ َجّنكَ يَا ُشعَْي ُ‬ ‫الَلُ الّذِي َن ا ْستَكَْبرُوا مِن َق ْو ِمهِ لَنُ ْ‬
‫(العراف‪ .)88 :‬الوقف من الدعوة ورجالا هو هو‪ ،‬النطق نفسه يتكرر‪ ،‬ول يكاد يتغي‪ ،‬يعرفون‬
‫الق ويستيقنون منه تاما ث ل يتبعونه‪ ،‬وليت المر بقي على هذا فالبلية به خفيفة‪ ،‬بل يعلنون أنه ل‬
‫هوادة‪ ،‬ول مقام مع الق وأهله‪ .‬وانظر إل هذه اليات من سورة إبراهيم كيف أنا تكلمت‬
‫بألسنتهم متمعي على تفرقهم زمانا ومكانا ‪ -‬كأنم فر ٌد واحد ‪ -‬قال ‪ -‬تعال ‪( :-‬أَلَ ْم يَأْتِكُ ْم نَبَأُ‬
‫ح َوعَادٍ وَثَمُو َد وَالّذِي َن مِنْ َبعْ ِدهِمْ لَ َي ْعلَ ُمهُمْ إِلّ الّلهُ جَاءَْتهُ ْم رُسُُلهُم بِالَْبيّنَاتِ‬ ‫الّذِي َن مِن َقبْلِكُ ْم َق ْومِ نُو ٍ‬
‫ب*‬ ‫َف َردّوا أَيْ ِدَيهُمْ فِي َأ ْفوَا ِههِ ْم وَقَالُوا إِنّا َك َفرْنَا بِمَا ُأرْ ِسلْتُم ِب ِه وَإِنّا َلفِي َشكّ مّمّا تَ ْدعُونَنَا ِإلَْي ِه مُرِي ٍ‬

‫‪561‬‬
‫قَاَلتْ رُ ُسُلهُمْ أَفِي الّلهِ َشكّ فَا ِط ِر السّ َموَاتِ وَا َل ْرضِ يَ ْدعُوكُمْ لَِي ْغ ِفرَ َلكُم مّن ُذنُوبِكُ ْم وَُيؤَ ّخرَكُمْ ِإلَى‬
‫ش ٌر مّثُْلنَا ُترِيدُونَ أَن َتصُدّونَا عَمّا كَانَ َي ْعبُدُ آبَاؤُنَا فَ ْأتُونَا بِسُ ْلطَا ٍن مِّبيٍ‬ ‫أَجَ ٍل مّسَمّى قَالُوا إِنْ أَنتُمْ ِإلّ بَ َ‬
‫ش ٌر مّثْلُ ُكمْ َولَكِنّ الّلهَ يَمُ ّن َعلَى مَن يَشَا ُء مِ ْن عِبَا ِدهِ َومَا كَانَ َلنَا أَن‬ ‫* قَاَلتْ َلهُ ْم رُ ُسُلهُمْ إِن نّحْنُ إِ ّل بَ َ‬
‫نّ ْأتِيَكُم بِسُ ْلطَانٍ إِلّ بِِإذْنِ الّل ِه َوعَلَى الّلهِ َفلَْيَتوَكّلِ ا ُل ْؤمِنُونَ * َومَا لَنَا أَلّ نََتوَكّلَ َعلَى الّل ِه وَقَ ْد هَدَانَا‬
‫سُُبلَنَا َولََنصِْبرَ ّن عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا َو َعلَى الّلهِ فَ ْليََتوَكّ ِل الَُتوَكّلُو َن * وَقَا َل الّذِينَ َك َفرُوا ِلرُسُِلهِمْ‬
‫خرِجَنّكُم مّنْ َأ ْرضِنَا َأوْ َلَتعُودُنّ فِي مِلّتِنَا ](إبراهيم‪ .)13-9 :‬فانظر كيف أن اليار بي أمرين ل‬ ‫لَُن ْ‬
‫خرِ َجنّكُم مّنْ َأ ْرضِنَا َأوْ لََتعُودُنّ فِي مِلّتِنَا](إبراهيم‪ ،)13 :‬وكيف أن هذا هو كلم‬ ‫ثالث لما‪[ :‬لَنُ ْ‬
‫ح َوعَا ٍد وَثَمُودَ وَالّذِي َن مِنْ َبعْ ِدهِمْ](إبراهيم‪.)9 :‬‬ ‫الكفار جيعهم ف متلف أزمنتهم [َق ْومِ نُو ٍ‬
‫وما أريده هو أن أسلط الضوء على هذا النوع الجرم من الناس‪ .‬الذي ل يريد الق أبدًا‪ ...‬يكره‬
‫الق وهو يعرفه‪ ،‬ويعرف ما فيه من الي‪ .‬يلبس الق على عوام الناس‪ ...‬ياول أن يضلهم‪.‬‬
‫هذا النوع من الناس موجود ف كل زمان ومكان‪ ،‬وهو الذي يتلق التشابه ف القرآن‪ .‬هو الذي‬
‫يفتعل التشابه كذبًا وبتانا كي يلبس على الناس دينهم‪.‬‬
‫وإن تدبرت وجدت أن الهاد ف الشريعة يستهدف هؤلء الناس‪ .‬وبجرد القضاء عليهم يدخل الناس‬
‫ف دين ال أفواجًا‪.‬‬
‫والطلوب حي عرض السية النبوية أن تكون هناك تليلت لواقف الل الذين استكبوا من الدعوة‬
‫النبوية‪ ،‬وكيف أنم كانوا يعرفون الق ويعاندونه‪ ...‬كيف أنم كانوا ياربون الق وهم يعلمون ما‬
‫فيه من الي‪.‬‬
‫عاشرًا‪ :‬الدعوة السلمية والصوصية ف الفاهيم والتصورات‪.‬‬
‫للشريعة السلمية خصوصية ف الستعمالت اللغوية لللفاظ ولا خصوصية ف الفاهيم والتصورات‪.‬‬
‫أول‪ :‬خصوصية الشريعة السلمية ف الستعمالت اللغوية لللفاظ‪.‬‬
‫مثل كلمة(الذان) ف اللغة‪:‬العلم‪ ..‬مطلق العلم‪.‬‬
‫ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫آذنتنا بِبَينِها أساء رب ثاوٍ يَمَلّ منه الثّواء‬
‫وخصص الشرع العن فجعله إعلم مصوص عن شيء مصوص ـ الصلة الفروضة ـ بصيغة‬
‫مصوصة ـ صيغة الذان الالية‪.‬‬
‫وكذا الصوم‪ .‬مطلق المساك ف اللغة‪ ،‬ومنه قولِ ال تعال على لسان مريَ عليها السلم(فَكُلِي‬
‫صوْما َفلَنْ أُكَلّمَ اْلَي ْومَ‬ ‫شرِ أَحَدا َفقُولِي ِإنّي نَ َذ ْرتُ لِلرّحْ َم ِن َ‬ ‫وَا ْش َربِي وََقرّي عَيْنا فَِإمّا َترَيِ ّن مِنَ اْلبَ َ‬
‫إِنسِيّا)‪ .‬وف الشرع‪ :‬إمساك مصوص(عن الطعام والشراب والشهوة) ف وقت مصوص (من الفجر‬
‫حت غروب الشمس)‪ .‬بنية مصوصة‪ ،‬وهي نية القرب من ال تعال بأداء ما افترضه علينا أو ما انتدبنا‬
‫إليه‪.‬‬
‫وكذا التيمم ف اللغة القصد‪ ...‬مطلق القصد‪.‬‬

‫‪562‬‬
‫ومنه قول الشاعر ‪:‬‬
‫تيممتُ مصر أطلب الاه والغن *** فنلتهما ف ظل عيش مُمنّع‬
‫وزرت ملوك النيل ارتاد نيلهم * * * فأحد مرتادي وأخصب مربعي‬
‫فكلمة تيممت هنا تعن قصدت‪.‬‬
‫وف الشرع تستخدم كلمة التيمم للدللة على أمر مصوص‪ ،‬وهو بديل الوضوء عند فقده حقيقة أو‬
‫حكمًا‪ ،‬وهو مشروح تفصيله ف كتب الفقه‪.‬‬
‫وكلمة اليان ف اللغة التصديق الازم ومنه قوله تعال(‪َ ...‬ومَا أَنتَ بِ ُم ْؤمِنٍ لّنَا وََلوْ كُنّا صَادِِقيَ) قولةُ‬
‫إخوةُ يوسف لبيهم‪ ،‬استعمل فيها اليان بعناه اللغوي أي(بصدق لنا)‪.‬‬
‫ولكن إذا أطلقت لفظة اليان ف الشرع فإنا تدل على تصديق مصوص‪ .‬وهو التصديق با جاء به‬
‫النب صلى ال عليه وسلم الستلزم للذعان بالوارح‪.‬‬
‫أو قل‪ :‬معرفةٌ بالقلب والت يسميها علماء العقيدة " قول القلب " تولد هذه العرفة يقينا ف القلب‬
‫وهو ما يسمى عند علماء العقيدة بعمل القلب تنضبط بوجبه به الوارح‪ .‬قوة وضعفا‪ ...‬وجودًا‬
‫وعدمًا‪.‬‬
‫هذا هو دللة لفظ اليان حي يستخدمه الشرع (على تفصيل ل يناسبه القام)‬
‫وأحيانا يستعمل الشرع اللفاظ بذات الدللة اللغوية لا‪ ،‬فمثل كلمة الذان الت تكلمنا عليها‪،‬‬
‫جاءت بعناها اللغوي ف القرآن الكري " فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء‪ ،‬وإن أدري أقريب أم بعيد‬
‫ما توعدون" [ النبياء‪ .]109 :‬فآذنتكم هنا بعن أعلمتكم‪ ،‬استخدمت بعناها اللغوي‪.‬‬
‫وقول ال تعال " فأذنوا برب من ال " أي كونوا على علم‪ .‬أو‪ :‬أعلموا كل من ل يترك الربا برب‬
‫من ال ورسوله‪.‬‬
‫وكذا كلمة التيمم جاءت ف سورة البقرة‪( ،‬يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ أَن ِفقُوْا مِن طَيّبَاتِ مَا َكسَبْتُ ْم َومِمّا‬
‫ستُم بِآخِذِيهِ إِلّ أَن ُتغْ ِمضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ‬‫ث مِْنهُ تُن ِفقُونَ وَلَ ْ‬ ‫خبِي َ‬
‫ض وَلَ َتيَمّمُوْا الْ َ‬
‫أَ ْخرَ ْجنَا لَكُم مّنَ ا َل ْر ِ‬
‫أَنّ الّلهَ َغنِيّ حَمِيدٌ) [البقرة‪ ] 267 :‬أي ول تقصدوا البيث وتنفقوا منه‪.،‬‬
‫وكلمة الصلة "إن ال وملئكته يصلون على النب‪ .‬يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "‬
‫قال بن كثر ف تفسي هذه الية‪ ،‬قال البخاري ‪ :‬قال أبو العالية‪ :‬صلة ال تعال ثنائه عليه ـ أي‬
‫على النب صلى ال عليه وسلم ـ‪ ،‬وصلة اللئكة الدعاء‪.‬‬
‫والعن يتضح من دِللة السياق‪.‬‬
‫والقصود ما تقدم أن الشرع وإن كان قد استخدم اللغة العربية لبيان مراد ال من عباده على لسان‬
‫رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬إل أنه ل يستخدمها بذات العان‪ ،‬وإنا كانت له خصوصية ف‬
‫استعمالا‪ .‬فدللته اللغوية غي دللته الشرعية‪ ،‬وإن تقاطعت العان وتطابقت أحيانا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬خصوصية الشريعة السلمية ف الفاهيم والتصورات‪.‬‬

‫‪563‬‬
‫للشريعة السلمية أيضا خصوصية ف الفاهيم والتصورات‪ ،‬ول تكاد تد مفهوم من الفاهيم الت‬
‫تعارف عليها الناس إل وللشريعة السلمية خصوصية فيه‪.‬‬
‫مثل‪ :‬مفهوم الرزق‪ ...‬تصيل الرزق‪ .‬أعن تصيل الرزق على مستوى الفرد وعلى مستوى المة ـ‬
‫ما يقولون عنه الرقي الادي ـ‪ ،‬الناس لم أسباب مادية يسلكونا ف تصيل رزقهم‪.‬‬
‫والشرع له خصوصية ف هذا المر‪ ،‬فهو يتكلم عن أسباب أخرى مضافة إل معالة السباب الادية‬
‫قال تعال‪:‬‬
‫"ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والرض ولكن كذبوا فأخذناهم‬
‫با كانوا يكسبون" [ العراف‪]96 :‬‬
‫سهِ ْم وَأَنّ الّلهَ‬
‫ك ُمغَيّرا ّنعْمَةً َأْنعَ َمهَا َعلَى َق ْومٍ َحتّى ُيغَّيرُوْا مَا بِأَنفُ ِ‬
‫وقال تعال ‪(:‬ذَِلكَ بِأَنّ الّلهَ لَمْ َي ُ‬
‫سَمِي ٌع عَلِيمٌ)(النفال‪)53 :‬‬
‫وقال تعال‪" :‬ولو أنم أقاموا التوراة والنيل وما أنزل إليهم من ربم لكلوا من فوقهم ومن تت‬
‫أرجلهم" [ الائدة‪] 66 :‬‬
‫مثال آخر‪ :‬من أين يأت البلء؟‬
‫الناس يقولون كلمًا كثيًا‪ ..‬نعرف منه وننكر‪.‬‬
‫والشرع يعطي مفهوما آخر‪" :‬وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثي"‬
‫[ الشورى‪.]30 :‬‬
‫"أو لا أصابتكم مصيبة قلت أن هذا قل هو من عند أنفسكم" [ آل عمران‪]165 :‬‬
‫ص ُرهُ إِ ّن الّلهَ َل َق ِويّ َعزِيزٌ)(الج من‬ ‫والنصر والتمكي كيف الوصول إليه؟‪ ....( :‬وَلَيَنصُرَنّ الّل ُه مَن يَن ُ‬
‫الية‪)40 :‬‬
‫خلَفَ الّذِي َن مِن‬ ‫خِلفَّنهُم فِي الَْأ ْرضِ كَمَا اسْتَ ْ‬ ‫( َوعَدَ الّلهُ الّذِي َن آمَنُوا مِنكُ ْم َوعَ ِملُوا الصّالِحَاتِ لََيسْتَ ْ‬
‫شرِكُونَ بِي‬ ‫َقبِْلهِ ْم وَلَيُ َمكّنَنّ َلهُ ْم دِيَنهُمُ الّذِي ا ْرَتضَى َلهُمْ وََليُبَدّلَّنهُم مّن َبعْدِ َخوِْفهِمْ َأمْنا َيعْبُدُوَننِي لَا ُي ْ‬
‫شَيْئا َومَن َك َفرَ َبعْ َد ذَِلكَ فَُأوَْلِئكَ هُ ُم اْلفَا ِسقُونَ)(النور‪)55 :‬‬
‫والمر أوسع من هذا فهناك خصوصية ف كل الفاهيم تقريبا‪ .‬الكب‪ ..‬الب‪ ..‬وف مفهوم العركة من‬
‫حيث أسباب النصر فيها ومن حيث جنودها الذين يضرون القتال‪ ..‬ال‪.‬‬
‫وإنا أردت هنا لفت النظر فقط‪.‬‬
‫لاذا الكلم ف الصوصية؟‬
‫لمور أركز على اثني منها‪.‬‬
‫أولما‪ :‬فيه نقض لستدللت أصحاب الفرق الضالة‪.‬‬
‫باستقراء مناهج الفرق الضالة وخصوصا الت تكلمت ف اليان‪ ،‬أهلَ الرجاء والعتزال والتصوف‬
‫والتفلسفة‪ ،‬تد أن خطأ هؤلء الرئيسي يكون ف الهل بأن للشريعة السلمية خصوصية ف‬

‫‪564‬‬
‫استعمال اللفاظ وف الفاهيم والتصورات‪ ،‬وبالتال تده يستعمل اللفاظ بعناها اللغوي ما يؤدي إل‬
‫الروج بنتائج مغلوطة‪.‬‬
‫وهذا بي جدًا ف حالة الرجاء‪ ،‬وله أمثلة كثية ف ضللت النصارى الت يسمونا أدلة على إلوهية‬
‫السيح ف القرآن الكري ‪ ،‬وكذا ف أطروحات العصرانيي‪.‬‬
‫وحيث أن القصود هنا هو بيان القاعدة وليس مناقشة أدلة هؤلء فإن أكتفي بثال أبي فيه قول‪،‬‬
‫ولعل ال أن ييسر مناقشة هؤلء على ضوء هذه القاعدة لحقا‪.‬‬
‫أهلُ الرجاء ـ مثل ـ فسروا (اليان) بعناه اللغوي‪ ،‬مدعي بأن القرآن نزل بلسان عرب‬
‫مبي‪.‬استخدموا القدمات النطقية العقلية لثبات باطلهم‪ ،‬فقالوا القرآن نزل بلسان عرب مبي‪.‬‬
‫أليس كذلك؟‬
‫بالطبع هو كذلك‪ .‬ل أحد ينكر هذا‪.‬‬
‫ث استمروا على هذه القدمات الغلوطة‪ ،‬فقالوا العرب تُعرّف لفظ اليان بالتصديق البي أو ما‬
‫يقولون عنه العرفة‪.‬إذا اليان هو التصديق أو العرفة‪ ،‬وذهبوا إل النصوص وحَمَلوها حل على القول‬
‫بباطلهم‪ ،‬والنصوص من كلم العرب الذي ترد فيه الحتمالت ويدخله التأويل بأدن الجج‪ ،‬ومن‬
‫شأنا أنا َطيّعة تسي على هوى من يملها طائعة أو مكره‪.‬‬
‫ونعم الشرع استعمل اللغة العربية ف بيان مراد ال من عبادة ولكنه خصص وأضاف‪ ،‬ول بد من‬
‫الوقوف عند العن الشرعي وعدم تاوزه‪.‬‬
‫والشرع ل يستخدم لفظة(اليان) بذات الدللة اللغوية‪ ،‬وإنا بدللة أخرى كما قدمنا‪ .‬وهذا أيضا‬
‫فيه رد على مرجئة الفقهاء الذين قالوا بأن العمل وإن كان ل بد منه إل أنه ل يدخل ف مسمى‬
‫اليان ذلك لنم اعتمدوا تفسي لفظ اليان بعناه اللغوي‪ ،‬ونن نقول هناك فرق بي استعمال‬
‫الشرع للفظة اليان واستعمال اللغة لا ول بد من استعماله بعناه الشرعي‪.‬‬
‫ولست هنا معنيا بناقشة مذهب الرجئة وإنا أريد أن أنبه على أنه ل بد من الرجوع للمعن الشرعي‬
‫ف تفسي معان الكلمات‪ ،‬وليس الكتفاء فقط بالعن اللغوي أو العرف‪.‬‬
‫وأهلُ الكلم‪ ...‬أهل التحريف والتعطيل ف الساء والصفات‪ ،‬ركب الشيطان رأسهم من باب‬
‫التنيه‪ ،‬حيث قاموا ينهون ربم عن خلقه وعبيده ـ كما زعموا ـ فتصوروا أن التنيه ل يكون إل‬
‫عن طريق نفي الماثلة بالكلية‪ ،‬ومن هناك راحوا يعطلون ويرفون‪.‬‬
‫ولو أنم عادوا إل الشرع‪ ،‬وعلموا كيف أن له خصوصية تامة ف تصورات النسان عن خالقه‬
‫ومعبوده ـ سبحانه وتعال ـ لا كان شيء من هذا‪.‬‬
‫والمثلة على هذه القاعدة عند العصرانيي‪ ،‬وعباد الصليب أكثر وأوضح‪ ،‬وف النية استخراج بث ف‬
‫هذا الشأن وال الستعان‪.‬‬
‫ثانيهما‪ :‬الناعة الفكرية‪.‬‬

‫‪565‬‬
‫اليان بأن للشريعة السلمية خصوصية ف الفاهيم والتصورات‪ ،‬والستعمالت اللغوية لللفاظ‪ ،‬وأنه‬
‫ل بد من الوقوف عليها ومراجعتها قبل التكلم ف أي موضوع‪ ،‬وكذا اليان بأن الدين كامل " اليوم‬
‫أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمت ورضيت لكم السلم دينًا "‪ .‬وليس فقط بل اليان بأن‬
‫الحكام الشرعية ف غاية الكمة‪ ،‬وذلك لنا من ال العليم البي الذي يعلم من خلق وهو اللطيف‬
‫البي‪ .‬وأنه يب رد كل ما أشكل على الرء إل الكتاب والسنة‪ ،‬وأن ل يضي ف اتاذ أحكام أو‬
‫رسم تصورات قبل مراجعة أهل العلم من العلماء الربانيي كما أمر ربنا‪.‬‬
‫خوْفِ َأذَاعُواْ ِب ِه وََل ْو َردّوهُ إِلَى الرّسُو ِل وَإِلَى ُأوْلِي ا َل ْمرِ مِْنهُمْ َل َعلِ َمهُ‬ ‫(وَإِذَا جَاءهُمْ َأ ْم ٌر مّنَ ا َلمْنِ َأوِ اْل َ‬
‫الّذِينَ َيسْتَنبِطُوَن ُه مِْنهُ ْم وََلوْلَ َفضْلُ الّل ِه عَلَْيكُ ْم َورَحْمَُتهُ لَتَّبعْتُمُ الشّيْطَانَ ِإلّ قَلِيلً)(النساء‪)83 :‬‬
‫(يَا أَّيهَا الّذِي َن آمَنُواْ أَطِيعُواْ الّل َه وَأَطِيعُواْ الرّسُو َل وَُأوْلِي ا َل ْم ِر مِنكُمْ فَإِن تَنَا َز ْعتُمْ فِي َش ْيءٍ َف ُردّوهُ إِلَى‬
‫سنُ تَ ْأوِيلً)(النساء‪)59 :‬‬ ‫الّلهِ وَالرّسُولِ إِن كُنتُمْ ُت ْؤمِنُونَ بِالّل ِه وَاْلَي ْومِ ال ِخ ِر ذَِلكَ خَْي ٌر وَأَحْ َ‬
‫فهنا جعل الرد ل والرسول شرط لصحة اليان‪ " ...‬فردوه إل ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال‬
‫واليوم الخر"‪.‬‬
‫ولحظ أن الرد ليس مقتصرا على المور العظام بل على كل شيء‪ .‬فانظر كيف أتى التعبي بكلمة‬
‫شيء الت هي نكره‪ ،‬وف سياق الشرط لتفيد العموم‪ .‬فكل شيء يب أن يرد إل الكتاب والسنة‪،‬‬
‫ومن ل يعرف يسأل‪.‬‬
‫حي يعرف السلم هذا المر تتكون عنده مناعة فكرية‪ ،‬فل يقبل كل ما يسمع بل يكون عنده‬
‫خاصية النتقاء‪ ...‬القبول والرد‪.‬‬
‫ودعن أضرب المثال ليتضح القال‪.‬‬
‫ند أن كثيًا من السلمي يردد كثيًا من الكلمات وهي بعان مستحدثة ل نعرفها‪ .‬بل ننكرها‪.‬‬
‫مثل كلمة(الرية) و كلمة(الساواة)‪ ،‬تردد على لسان كثي من أبناء المة السلمية‪ ،‬وهي كلمات‬
‫غربية بدللت غي إسلمية‪ .‬هذا أقل ما يكن أن يقال فيها‪ .‬فـ(الرية) تعن حرية الرأة ف التبج‬
‫والسفور بل والعري‪ ،‬ومالطة الرجال ف أماكن العمل وف أماكن اللهو با ل يفى‪ ،‬والرية عندهم‬
‫تشمل حرية الكلمة وإن كانت سبًا ل ورسوله وطعنا ف الدين‪ ،‬أو غمزا لعباد ال الوحدين‪.‬‬
‫ضوَانِ الّلهِ‬ ‫وعندنا "(مَا يَ ْل ِفظُ مِن َقوْلٍ إِلّا لَ َدْيهِ رَقِيبٌ َعتِيدٌ)(قـ‪" )18 :‬إِنّ اْلعَبْدَ لََيتَكَلّ ُم بِالْ َكلِمَ ِة مِ ْن ِر ْ‬
‫خطِ الّلهِ لَا يُ ْلقِي َلهَا بَالًا َي ْهوِي‬ ‫لَا ُي ْلقِي َلهَا بَالًا َيرَْف ُعهُ الّلهُ ِبهَا َدرَجَاتٍ وَإِ ّن اْلعَبْدَ َليَتَ َكلّمُ بِالْكَلِ َم ِة مِنْ سَ َ‬
‫ِبهَا فِي َجهَنّمَ"‬
‫و(الساواة) عندهم تشمل تسوية الرجل بالرأة ف كل شيء‪ .‬وعندنا للمرأة ما ليس للرجل‪ ،‬وللرجل‬
‫ما ليس للمرأة‪ ،‬وعلى كلٍ من القوق ما ليس على الخر‪ ،‬تبعا للختلفات السمية والنفسية‪...(.‬‬
‫وليس الذكر كالنثى‪ ).....‬حِكْمة العليم الكيم الذي يعلم من خلق وهو اللطيف البي‪ ،‬والساواة‬
‫عندهم تعن أيضا مساواة أهل الكفر بأهل اليان‪ ،‬وعندنا " أفنجعل السلمي كالجرمي‪ .‬مالكم‬
‫كيف تكمون‪ .‬أم لكم كتاب فيه تدرسون "؟؟!!‪.".‬‬

‫‪566‬‬
‫فبينهما فرق‪ :‬بي معان اللفاظ الديثة فيما هي مستعملة اليوم فيه‪ ،‬ومعناها ف الشرع‪ ،‬فرق يب‬
‫الوقوف عليه‪ ،‬ول يردد هكذا دون تدبر‪.‬‬
‫فلو علموا أن هناك خصوصية للشريعة السلمية ف الفاهيم والتصورات‪ ،‬ما رددوا هكذا بدون وعي‬
‫ولرجعوا إل الشريعة السلمية يستنطقونا ماذا تقول ف كل ما يعرض عليهم‪.‬‬
‫والطلوب من يعرض السية النبوية على الناس أو يقرأها هو أن يبي هذه الصوصية ف الفاهيم‬
‫والتصورات ومعان اللفاظ وهو يعرض الغزوات مثل‪ ،‬وهو يشرح بعض مواقف النب صلى ال عليه‬
‫وسلم مع أصحابه أو أعدائه‪ .‬لتتكون مناعة فكرية عند من يسمع نن ف أمس الاجة إليها اليوم ف‬
‫هذه اليام‪.‬‬
‫حادي عشر‪:‬الدعوة السلمية دعوة عملية وليست مفاهيم نظرية‪.‬‬
‫من يتدبر حال النصرانية مثل يد أنا تولت إل مموعة من الفاهيم النظرية الت يكفي مرد التصديق‬
‫با للنتساب إليها‪ ،‬وإذا انضم إل هذه الفاهيم مارسة بعض الشعائر التعبدية فإن الشخص يعتب من‬
‫التديني‪!.‬‬
‫حت أنك حي تستمع إل دعوة النصرانية مثلً تد أنا دعوة إل التصديق بأمور نظرية‪ ،‬مثل قضية‬
‫التثليث‪ ،‬وقضية الصلب والفداء‪ ،‬وقداسة الباباوات‪ .‬وبعض الشعائر التعبدية‪ ،‬والياة بعد ذلك تضع‬
‫لا يليه عليهم الواقع‪ ،‬أو ما يلو لحبارهم ورهبانم وأرباب الرأي فيهم‪.‬‬
‫وكذا أصبحت البوذية واليهودية‪ ،‬وكاد الرجاء أن يفعلها بالدعوة السلمية لول أن ال قيض لذا‬
‫الدين رجا ًل أحيا بم السنة وأمات بم البدعة‪.‬‬
‫وأعرض بعض الشاهد من السية النبوية‪ ،‬لبي با أن الدين ل يكن يوما ما نظرية مردة ول مادلة‬
‫فكرية يكتفي بجرد القتناع فيها‪...‬‬
‫تروي لنا كتب السي أن مسلمة جلست ف سوق بن قينقاع ف الدينة عند صائغ يهودي فراودها‬
‫عن كشف وجهها فأبت عليه‪ ،‬فعقد طرف ثوبا إل ظهرها على حي غفلة منها‪ ،‬فلما قامت‬
‫انكشفت سوأتا‪ ،‬فضحكوا با‪ ،‬فصاحت‪ .‬فوثب رجل من السلمي على الصائغ اليهودي فقتله‪،‬‬
‫وشدت اليهود على السلم فقتلوه‪.‬‬
‫هذا مشهد من الشاهد ترويه لنا كتب السية‪ ،‬والشهد التال له مباشرة ف كتب السية هو حصار‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لبن قينقاع وإصراره على ذبهم لول وقاحة بن سلول ف شفاعته‬
‫لم‪ .‬وسقط من كل الروايات ما بي الشهدين ما حدث ف السوق والصار من الحداث‪ ،‬كأن‬
‫الدثي متلصقي‪.‬‬
‫فلم تروِ لنا كتب السي أن أحدًا تكلم بأن مَن فعل الفعلة قُتل فكفّوا أيديكم يكفي؛ ول تروي لنا‬
‫كتب السي أن أحدًا تكلم بأن المر ل يتجاوز كشف جزء من العورة لفترة وجيزة‪ ،‬ول تروي لنا‬
‫كتب السي أن أحدًا تكلم بأن لبن قينقاع إخوة ف الدين واللة ف ذات الدينة‪ ،‬هم بنو قريظة وبنو‬
‫النضي وورائهم ف خيب عدد وعتاد ولم حلفاء من غطفان‪ ،‬وغطفان يومها غطفان‪ .‬بل ل يتكلم‬

‫‪567‬‬
‫أحد مطلقًا‪ ..‬ل تروي كتب السية سوى فعل‪ ،‬وهو حصار رسول ال صلى ال عليه وسلم لم حت‬
‫أجلهم‪.‬‬
‫وتروي لنا كتب السية أن الرسول صلى ال عليه وسلم ذهب ف عشرة من أصحابه لبن النضي‬
‫يطلب منهم وفاء ما عاهدوه عليه‪ ،‬فغدروا وهّوا بقتله صلى ال عليه وسلم وحي علم بغدرهم وهو‬
‫جالس تت جدار بيت من بيوتم قام ول يتكلم‪ ،‬وأعد اليش ول يتمهل‪ ،‬وحاصرهم حت خربت‬
‫بيوتم بأيديهم وأيدي الؤمني‪ ،‬وخرجوا منها أذلء صاغرين‪.‬‬
‫وتروي لنا كتب السي أن الخبار أتت رسول ال صلى ال عليه وسلم بأن خالد بن سفيان الُذل‬
‫يُجَمّع العرب ف بطن ُعرْنَة عند سفح عرفة على بعد خسمائة كيلو متر من الدينة‪،‬فأرسل له‬
‫ل من‬ ‫رجلً(عبد ال بن أُنيس) من الدينة يسعى على قدميه فأخد الفتنة‪ .‬ول نسمع كثيًا ول قلي ً‬
‫الكلم‪.‬‬
‫وغدرت قريش بعهدها مع النب صلى ال عليه وسلم وراحت وجاءت وقالت وأكثرت‪ ،‬وما كان‬
‫من البيب صلى ال عليه وسلم إل أن رد عليهم بفعل ل بقول‪ ...‬استنفر أصحابه وجََّع جيشه وفتح‬
‫مكة‪.‬‬
‫وغدرت قريظة فذبت‪ ،‬وقتلت غسان رسولَ رسو ِل ال صلى ال عليه وسلم فتحرك جيش مؤتة‪،‬‬
‫جهُز فوجدوا اليل صباحا تشرب من مائهم‪.‬‬ ‫وبنو الصطلق هّوا بالتّ َ‬
‫هكذا‪ ...‬نعم هكذا‪.‬‬
‫ل يكن رسول ال صلى ال عليه وسلم يتكلم كثيًا‪.‬‬
‫ول يكن الباعث على هذا(التصرف الفعلي) من الرسول صلى ال عليه وسلم هو كثرة العدد ووفرة‬
‫العتاد‪ ،‬فقد كانت الال حال‪ ...‬هو منهج الدعوة من يومها الول " أنظر كيف بدأت‪ " ،‬يا أيها‬
‫ل "‪.‬‬
‫الدثر قم فأنذر" "إن لك ف النهار سبحًا طوي ً‬
‫فلم تكن فقط عملية وجادة مع الخالف وإنا أيضا ف تربية الماعة الؤمنة‪ ،‬كانت الدروس كلها‬
‫عملية‪.‬‬
‫يذبح سبعي من الصحابة يوم أحد منهم المزة بن عبد الطلب ليتعلم القوم درسا من جلة واحدة "‬
‫قلتم أن هذا قل هو من عند أنفسكم (وَمَا َأصَابَكُم مّن ّمصِيَبةٍ فَبِمَا كَسََبتْ أَْيدِيكُ ْم وََي ْعفُو عَن كَثِيٍ)‬
‫ويستمر حادث الفك شهرا ليتعلم القوم درسا عمليا(َلوْلَا ِإذْ َس ِمعْتُمُوهُ ظَ ّن الْ ُم ْؤمِنُو َن وَالْ ُم ْؤمِنَاتُ‬
‫ك مِّبيٌ) (ِإذْ تََل ّقوَْنهُ بِأَْلسِنَِتكُ ْم وََتقُولُونَ بِأَ ْفوَاهِكُم مّا لَْيسَ لَكُم ِب ِه عِلْمٌ‬
‫سهِمْ خَيْرا َوقَالُوا هَذَا إِ ْف ٌ‬
‫بِأَنفُ ِ‬
‫حسَبُوَن ُه هَيّنا َو ُهوَ عِن َد الّلهِ عَظِيمٌ)(النور‪)15 :‬‬ ‫وَتَ ْ‬
‫وياصر الخلفي عن غزوة تبوك خسي يوما حت ضاقت عليهم الرض با رحبت وضاقت عليهم‬
‫أنفسهم‪ ،‬ليتلقوا درسًا عمليًا هم ومن يشاهدونم ومن يسمع بم كي ل يتخلفوا ثانية عن رسول ال‬
‫ول يرغبوا بأنفسهم عن نفسه‪.‬‬

‫‪568‬‬
‫هذا حاله صلى ال عليه وسلم ف التعامل مع عدوه ومع أتباعه‪ ...‬هذا هو النهج الربان الذي ترك‬
‫به النب صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وإن من أوضح المور لن يتدبر نشأت الماعة الؤمنة على يد الرسول صلى ال عليه وسلم وكيف‬
‫نت وتطورت وكيف عالت مشاكلها الداخلية بي أفرادها والارجية مع أعدائها‪ ،‬أن نج الشرع‬
‫كان عمليا‪ ،‬ول يكن يومًا ما نظريًا‪.‬‬
‫ل يتقدم رسول ال صلى ال عليه وسلم بأجندة عمل لن يالفونه يشرح فيها وجهات نظره‪ ،‬ورؤيته‬
‫للمستقبل‪ ،‬وإنا كان هادئًا كثي الصمت يعمل ول يتكلم‪.‬‬
‫ومن الواضح جدًا أيضًا أن الفراد ميزتم الواقف ول يتميزوا بالعرفة الذهنية‪ ،‬ول بأصوات العامة‬
‫لم‪.‬‬
‫واليوم‪ :‬العقيدة دروس علمية‪ ..‬نظرية‪ ،‬ل تكاد تعرف (الخ ) إل من كلمه‪ ،‬قليل من تتعرف عليهم‬
‫من وجوههم وفعالم‪.‬‬
‫واليوم شعارات نرفعها وننام تتها مكتفي بجرد النتساب للعمل السلمي‪.‬‬
‫واليوم شعارات نرفعها ونتعصب لا‪.‬‬
‫والطلوب حي عرض السية النبوية على الناس أن ينبه على هذا المر‪ ،‬وأن نقف مع الحداث نبي‬
‫كيف كانت الدعوة جادة‪ ،‬ول تكن يومًا ما مفاهيم نظرية‪.‬‬
‫وأن الفاهيم السلمية ما جاءت إل لتنشئ واقعًا‪ ...‬إل لتترجم على أرض الواقع‪.‬‬
‫وال أسال أن يبارك ل ف كلمات وأن ينفع با من كتب ومن نشر ومن قرأ‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‪.‬‬
‫======================‬
‫مقاطعة البضائع المريكية واليهودية‬

‫تاريخ الجابة ‪01/04/2002‬‬


‫موضوع الفتوى العاملت‬
‫بلد الفتوى ‪ -‬أمريكا‬
‫نص السؤال كيف يكن مقاطعة البضائع المريكية واليهودية إذا كنا نعيش ف أمريكاأم هل يعن ذك‬
‫أن يرم علينا شراء البضائع اليهوديةخاصة؟‬
‫اسم الفت لنة ترير الفتوى بالوقع‬
‫نص الجابة‬
‫المد ل رب العالي والصلة والسلم على البعوث رحة للعالي سيدنا ممد وعلى آله وصحبه‬
‫أجعي‪ ،‬وبعد‪ ،‬فإن مقاطعة البضائع أو السلع الت تنتجها إسرائيل وأعوانا إنا يطالب به من لديه‬

‫‪569‬‬
‫بدائل عن هذه السلع‪ ،‬وأما بالنسبة للمقيم ف إسرائيل أو ف بلد تعاون إسرائيل إذا ل تكن أمامها‬
‫سلع من بلد آخر مستوردة فإنا تكون مضطرة إل أن تشتري مثل هذه السلع السرائيلية أو‬
‫المريكية مثلً‪ ،‬والضرورة تبيح ما هو مظور‪ ،‬ولكن إذا كان هناك ف أمريكا سلع واردة من الدول‬
‫ل فإن الواجب ف هذه الالة شراء هذه السلع بديلً عن‬ ‫العربية أو من الدول الت ل تناصر إسرائيل مث ً‬
‫السلع السرائيلية أو المريكية؛ لن مقاطعة هذه البضائع عند وجود البديل أمر واجب شرعا؛ لنه‬
‫من قبيل الهاد ف سبيل ال سبحانه وتعال بأضعف الوسائل‪ ،‬وهذا هو واجب من ل يتمكن من‬
‫السلمي من الهاد بنفسه أو ماله‪.‬‬
‫هذا ما قاله فضيلة الشيخ الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه القارن بكلية الشريعة جامعة الزهر‬
‫ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي‬
‫هذا السؤال يسال عن التعامل مع طائفتي من أهل الكتاب‪ :‬اليهود والنصارى‪.‬‬
‫أما عن الطرف الول‪ :‬اليهود ؛ فل يوز التعامل معهم بأي حال من الحوال‪ ،‬لنم جيعًا‬
‫عسكريون ماربون للسلم وأهله‪ ،‬احتلوا أرضنا‪ ،‬وداسوا مقدساتنا‪ ،‬واعتدوا على حرماتنا‪ ،‬ول زالوا‬
‫يارسون اعتداءهم ليل نار‪ ،‬وف شأنم قال تعال‪{:‬إنا ينهاكم ال عن الذين قاتلوكم ف الدين‬
‫وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولم فأولئك هم الظالون}‬
‫المتحنة‪ .9:‬ويقول صلى ال عليه وسلم‪ ":‬قاتلوا الكفار بأيديكم وأموالكم وألسنتكم" ونن ل نلك‬
‫الهاد بالسلم الن‪ ،‬خاصة أننا يال بيننا وبينه‪ ،‬فلم يبق معنا أي سلح إل القاطعة‪ ،‬فوجب على‬
‫السلمي مقاطعة اليهود اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا‪ ،‬وكذلك الحاربي من أهل الكتاب كالصرب‬
‫والمريكان العتدين‪ ،‬والندوس وكل من حارب السلم أو أعان على حربة‬
‫إل من اضطر من أهل فلسطي الحتلة ‪.‬‬
‫أما الطرف الثان وهم النصارى‪ :‬فإن كانوا ماربي كالصرب وغيهم كما قلنا فهؤلء يقاطعون‪،‬‬
‫وأما من كانوا مسالي غي ماربي‪ ،‬فل شيء ف الستياد منهم والتصدير لم‪ ،‬بشرط أن تكون‬
‫التجارة فيما أحل ال ل ما حرم‪ ،‬وذلك مصداقًا لقوله تعال‪ {:‬ل ينهاكم ال عن الذين ل يقاتلوكم‬
‫ف الدين ول يرجوكم من دياركم أن تبوهم وتقسطوا إليهم إن ال يب القسطي} المتحنة‪.8:‬‬
‫والنب صلى ال عليه وسلم كان يتعامل مع الكفار بالبيع والشراء ما داموا غي ماربي له ولدينه‪.‬‬
‫أما الدكتور عبد العز حريز فيضع ضوابط لذه القاطعة فيقول ‪:‬‬
‫أما بالنسبة للمقاطعة فيمكن النظر إليها من عدة جوانب‬
‫الانب الول‪ :‬نوع البضاعة الشتراة‪ ،‬ومدى حاجتنا إليها‬
‫الانب الثان‪ :‬مدى توفر السلعة نفسها‪ ،‬وفق تقنياتا وقدراتا وقوتا ف الستخدام‬
‫الانب الثالث‪ :‬سعر السلعة ومدى تناسبه مع خدمتها‪..‬‬
‫وعليه فإن مثل أجهزة الكمبيوتر وغيها من الجهزة والتقنيات العلمية والطبية الت يفتقر إليها‬
‫السلمون –وهم عالة على الغرب فيها‪ -‬من الهية بكان؛ بيث يب أن ننظر إل موضوع‬

‫‪570‬‬
‫مقاطعتها وفق العتبارات السابقة وغيها من العتبارات الاصة؛ ولذا كله فإن أجيز شراء مثل هذه‬
‫الجهزة العلمية بقصد الطاعة‪ ،‬وأن نستخدم فارق السعر ف قضايا تعود علينا بالنفع‪ ،‬وذلك إن‬
‫كانت الجهزة المريكية ليس لا بديل مناسب ‪.‬‬
‫وهناك بعض الدول السلمية مثل ماليزيا وغيها من الدول تقوم بتصنيع مثل هذه الجهزة فإن‬
‫أمكن استخدام مثل هذه الجهزة فهو أول‪ ،‬أما إن رأيت شراء الجهزة اليابانية مع هذا الفارق‬
‫فجائز إن كانت هذه الجهزة فيها من الدمات ما يعلها أفضل من الجهزة الخرى‪ ،‬ويكون هذا‬
‫التصرف داخلً تت التبذير والسراف إن كان بقصد الباهاة أو دون فائدة مرجوة‪ ..‬وإل فل‪.‬‬
‫ويقول يقول الشخ ابن جبين من علماء السعودية ‪:‬‬
‫يب على السلمي عمومًا التعاون على الب والتقوى ومساعدة السلمي ف كل مكان با يكفل لم‬
‫ظهورهم وتكنهم ف البلد وإظهارهم شعائر الدين وعملهم بتعاليم السلم وتطبيقه للحكام الدينية‬
‫وإقامة الدود والعمل بتعاليم الدين‪ ،‬وبا يكون سببًا ف نصرهم على القوم الكافرين من اليهود‬
‫والنصارى ‪ ،‬فيبذل جهده ف جهاد أعداء ال بكل مايستطيع‪ ،‬فقد ورد ف الديث ‪( :‬جاهدوا‬
‫الشركي بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)‪.‬‬
‫فيجب على السلمي مساعدة الجاهدين بكل مايستطيعونه ‪،‬وبذل كل المكانات الت يكون فيها‬
‫تقوية للسلم والسلمي ‪،‬كما يب عليهم جهاد الكفار با يستطيعونه من القدرة‪ ،‬وعليهم أيضًا أن‬
‫يفعلوا كل مافيه إضعاف للكفار أعداء الدين‪ ,‬فل يستعملونم كعمال للجرة كتابًا او حسابًا أو‬
‫مهندسي أو خدامًا بأي نوع من الدمة الت فيها إقرار وتكي لم بيث يكتسحون أموال الؤمني‪،‬‬
‫ويعادون با السلمي ‪.‬‬
‫وعلى السلمي أيضًا أن يقاطعوا جيع الكفار بترك التعامل معهم ‪،‬وبترك شراء منتجاتم سواء كانت‬
‫نافعة كالسيارات واللبس وغيها ‪،‬أو ضارًا كالدخان بنية العداء للكفار وإضعاف قوتم وترك‬
‫ترويج بضائعهم ‪،‬ففي ذلك إضعاف لقتصادهم ما يكون سببًا ف ذلم وإهانتهم ‪.‬‬
‫وال أعلم‬
‫===============‬
‫مقاطعة السلع الجنبية‪ :‬رؤية فقهية‬

‫تاريخ الجابة ‪08/03/2005‬‬


‫بلد الفتوى ‪ -‬السعودية‬
‫نص السؤال يتحدث كثي من الناس الن عن سلح القاطعة ودوره ف نصرة السلمي الظلومي ف‬
‫فلسطي وغيها فما الكم الشرعي لستخدام هذا السلح ؟ وأيهما أول بالقاطعة ؟‬
‫اسم الفت مموعة من الفتي‬
‫نص الجابة‬

‫‪571‬‬
‫بسم ال‪ ،‬والمد ل‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال وبعد‪:‬‬
‫يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ‪:‬‬
‫هذا السؤال يسأل عن التعامل مع طائفتي من أهل الكتاب‪ :‬اليهود والنصارى‪.‬‬
‫أما عن الطرف الول‪ :‬اليهود ؛ فل يوز التعامل معهم بأي حال من الحوال‪ ،‬لنم جيعًا‬
‫عسكريون ماربون للسلم وأهله‪ ،‬احتلوا أرضنا‪ ،‬وداسوا مقدساتنا‪ ،‬واعتدوا على حرماتنا‪ ،‬ول زالوا‬
‫يارسون اعتداءهم ليل نار‪ ،‬وف شأنم قال تعال‪{:‬إنا ينهاكم ال عن الذين قاتلوكم ف الدين‬
‫وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولم فأولئك هم الظالون}‬
‫المتحنة‪ .9:‬ويقول صلى ال عليه وسلم‪ ":‬قاتلوا الكفار بأيديكم وأموالكم وألسنتكم" ونن ل نلك‬
‫الهاد بالسلح الن‪ ،‬خاصة أننا يال بيننا وبينه‪ ،‬فلم يبق معنا أي سلح إل القاطعة‪ ،‬فوجب على‬
‫السلمي مقاطعة اليهود اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا‪ ،‬وكذلك الحاربي من أهل الكتاب كالصرب‬
‫والمريكان العتدين‪ ،‬والندوس وكل من حارب السلم أو أعان على حربه إل من اضطر من أهل‬
‫فلسطي الحتلة ‪.‬‬
‫أما الطرف الثان وهم النصارى‪ :‬فإن كانوا ماربي كالصرب وغيهم كما قلنا فهؤلء يقاطعون‪،‬‬
‫وأما من كانوا مسالي غي ماربي‪ ،‬فل شيء ف الستياد منهم والتصدير لم‪ ،‬بشرط أن تكون‬
‫التجارة فيما أحل ال ل فيما حرم‪ ،‬وذلك مصداقًا لقوله تعال‪ {:‬ل ينهاكم ال عن الذين ل‬
‫يقاتلوكم ف الدين ول يرجوكم من دياركم أن تبوهم وتقسطوا إليهم إن ال يب القسطي}‬
‫المتحنة‪ .8:‬والنب صلى ال عليه وسلم كان يتعامل مع الكفار بالبيع والشراء ما داموا غي ماربي له‬
‫ولدينه‪.‬‬
‫ويقول فضيلة الشيخ فؤاد ميمر من علماء الزهر‪ ،‬رئيس المعية الشرعية بصر ـ رحه ال ـ‬
‫إن اليدي التوضئة والعقول الت تفكر ف الصناعة ل شك أنا أيدٍ مباركة‪ ،‬وإن حدث قصور بيننا‬
‫نن السلمي‪ ،‬فليس معن ذلك أننا متأخرون‪ ،‬ولكن يب على كل مسلم أن يود صناعته وأن يتقن‬
‫عمله‪ ،‬من أجل ترويج القتصاد وازدهاره‬
‫وعندما تتال بعض الدول الصناعية على بلدنا بأن تبعث إلينا قطع التصنيع والامات اللزمة لتصنيع‬
‫السيارات أو ما يتصل بالكهربائيات وما تتاجه البلد والعباد من أدوات صناعية وعسكرية وغيها‪،‬‬
‫ث يدخلون علينا التغرير بأن تعمل اليدي الوطنية ف هذا التصنيع‪ ،‬فهذه خطة مرسومة؛ ذلك لن‬
‫العمالة عندنا ف بلدنا ل تكلفهم شيئًا بلف ما هم عليه ف مصانعهم ف بلدهم‪ ،‬ث يغرقون‬
‫السواق بذه الصناعات زاعمي أنا صنعت ف مصر أو ف أي بلد إسلمي آخر‪ ،‬وبذه الطة تمع‬
‫أموال السلمي الت تُشترى با هذه السلع وتول إل هذه البلد وهي مكتظة بالموال؛ فيوج‬
‫اقتصادهم وينهار اقتصاد المة السلمية‪ ،‬وتسحب الموال من مصارفنا لتضاف إل مصارف‬
‫الغرب‪ ،‬وهذا أمر يعقد الياة القتصادية والجتماعية ويضعف الشئون العسكرية؛ ذلك لن السيولة‬
‫بالبلد السلمية تنخفض ويرتفع مستواها ف بلد العال الخر‬

‫‪572‬‬
‫لذا أقول‪ :‬يب على كل مسلم ومسلمة أن يكونوا يقظي‪ ،‬وأن يقبلوا على النتجات الحلية‬
‫والسلمية الت صنعت بامات وبأيدي السلمي؛ لتعود الموال لزينة السلمي ف أي بلد كان‪،‬‬
‫عندئذ ند الغرب يتأخر والسلمي يتقدمون ويرتفع مستوى العيشة عندهم‬
‫وما يب أن نؤكد عليه أن الرب العاصرة حرب اقتصادية أكثر منها عسكرية؛ لن القتصاد هو‬
‫عصب البلد والعباد‪ ،‬فبضعفه تضعف المة وينتشر الفقر وتتفشى المراض؛ فيجب أن نصن أنفسنا‬
‫من هذا الوباء‪ ،‬وأل نسمع وننفذ مططات أعدائنا؛ لن الظالي بعضهم أولياء بعض وال ول التقي‬
‫وعندما يلتزم السلمون بذلك فعلى الدولة أن توفر عملً مناسبًا لليدي العاملة الت كانت تعمل ف‬
‫تلك الصانع‪ ،‬وأن السلم عندما ينخفض دخله يكون ذلك بثابة جهاد منه‪ ،‬فالباقي يتسبه عند ال‬
‫رفعة لدينه ولوطنه‪.‬‬
‫ويقول الستاذ الدكتور السيد نوح من علماء الزهر وأستاذ علوم الديث بالكويت‬
‫مصال الناس تدور بي الضروريات يعن الت إذا انقطعت مات النسان‪ ،‬وبي الاجيات الت تضر‬
‫النسان نوعًا ما فيكون عنده ثوبان بدل من ثوب واحد‪ ،‬وسيارة تمله بدلً من أن يشي على‬
‫قدميه‪ ،‬وبي التكميليات والتحسينيات وهذه ل يترتب عليها إل مزيد من الترف يؤدي بالرء إل‬
‫السترخاء‪ ،‬وربا يسلك الرء بسببها والعياذ بال ف سلك البذرين إخوان الشياطي‪..‬‬
‫وعليه فإنه إذا كانت البضاعة من قبيل المور التكميلية والتحسينية فإنه من الول للمرء أل يشتريها‬
‫سواء كانت أمريكية أو أوروبية أو حت ملية‪ ،‬فإن ألت عليه نفسه لضعف بشري ليشتريها‪ ،‬فل‬
‫يشتر من يؤازر العدو اليهودي الصهيون الذي يتل بلد السلمي بدءا بفلسطي‪ ،‬ويقتل النفوس‪،‬‬
‫ويهدم البيوت‪ ،‬ويسلب الموال‪ ،‬ويعتدي على العراض‪ ،‬ويدوس الرمات والقدسات انطلقًا‬
‫للقضاء على الشروع الضاري للمة من أوله لخره‪ ،‬ومعلوم أن أمريكا أول من يؤازر هؤلء‪.‬‬
‫ولذلك يرم بشكل قطعي شراء هذه البضائع‪ ،‬وف غيها من الحلي أو السلع الوروبية الت وإن‬
‫ساندت إسرائيل ل تساندها بشكل مباشر علن فيها الكفاية‪ ،‬وبذا يصي السلم بعيدًا عن حديث‬
‫"من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي ال مكتوبًا بي عينيه آيس من رحة ال"؛ لنه ل‬
‫يساند هؤلء الذين يساندون إسرائيل ف قتل السلمي‪ ،‬ول نقول ما قيمة المتناع عن شراء سلعة أو‬
‫سلعتي من هذه البلدان‪ :‬هل هذا سيؤثر ف اقتصاد هؤلء؟ نقول‪ :‬إن الهم البدأ‪ ،‬وهو أننا ل نتعامل‬
‫مع من يعي على قتل السلمي‪ ،‬والعبث برماتم ومقدساتم‪ ،‬على أن ذلك يؤثر‪ ،‬فمصر البلد الفقي‬
‫أدت واجبها ف مقاطعة بعض هذه السلع والبضائع إل حد أنا أفلست فأغلقت مؤسساتا ورحلت‬
‫إل غي رجعة‪..‬‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫=====================‬
‫مقاطعة السلع والصنوعات الجنبية‬

‫‪573‬‬
‫تاريخ الجابة ‪22/10/2000‬‬
‫موضوع الفتوى العاملت‬
‫نص السؤال كيف نستطيع مقاطعة الشركات الجنبية الت تعمل ف الدول العربية وتساعد ف تشغيل‬
‫العمالة الحلية ؟وكذلك الشركات الوطنية الت تعمل بوجب توكيل من شركات أجنبية ؟‬
‫نص الجابة‬
‫إن اليدي التوضئة والعقول الت تفكر ف الصناعة ل شك أنا أيدٍ مباركة‪ ،‬وإن حدث قصور بيننا‬
‫نن السلمي‪ ،‬فليس معن ذلك أننا متأخرون‪ ،‬ولكن يب على كل مسلم أن يود صناعته وأن يتقن‬
‫عمله‪ ،‬من أجل ترويج القتصاد وازدهاره‬
‫وعندما تتال بعض الدول الصناعية على بلدنا بأن تبعث إلينا قطع التصنيع والامات اللزمة لتصنيع‬
‫السيارات أو ما يتصل بالكهربائيات وما تتاجه البلد والعباد من أدوات صناعية وعسكرية وغيها‪،‬‬
‫ث يدخلون علينا التغرير بأن تعمل اليدي الوطنية ف هذا التصنيع‪ ،‬فهذه خطة مرسومة؛ ذلك لن‬
‫العمالة عندنا ف بلدنا ل تكلفهم شيئًا بلف ما هم عليه ف مصانعهم ف بلدهم‪ ،‬ث يغرقون‬
‫السواق بذه الصناعات زاعمي أنا صنعت ف مصر أو ف أي بلد إسلمي آخر‪ ،‬وبذه الطة تمع‬
‫أموال السلمي الت تُشترى با هذه السلع وتول إل هذه البلد وهي مكتظة بالموال؛ فيوج‬
‫اقتصادهم وينهار اقتصاد المة السلمية‪ ،‬وتسحب الموال من مصارفنا لتضاف إل مصارف‬
‫الغرب‪ ،‬وهذا أمر يعقد الياة القتصادية والجتماعية ويضعف الشئون العسكرية؛ ذلك لن السيولة‬
‫بالبلد السلمية تنخفض ويرتفع مستواها ف بلد العال الخر‬
‫لذا أقول‪ ،‬يب على كل مسلم ومسلمة أن يكونوا يقظي‪ ،‬وأن يقبلوا على النتجات الحلية‬
‫والسلمية الت صنعت بامات وبأيدي السلمي؛ لتعود الموال لزينة السلمي ف أي بلد كان‪،‬‬
‫عندئذ ند الغرب يتأخر والسلمي يتقدمون ويرتفع مستوى العيشة عندهم‬
‫وما يب أن نؤكد عليه أن الرب العاصرة حرب اقتصادية أكثر منها عسكرية؛ لن القتصاد هو‬
‫عصب البلد والعباد‪ ،‬فبضعفه تضعف المة وينتشر الفقر وتتفشى المراض؛ فيجب أن نصن أنفسنا‬
‫من هذا الوباء‪ ،‬وأل نسمع وننفذ مططات أعدائنا؛ لن الظالي بعضهم أولياء بعض وال ول التقي‬
‫وعندما يلتزم السلمون بذلك‪ ،‬فعلى الدولة أن توفر عملً مناسبًا لليدي العاملة الت كانت تعمل ف‬
‫تلك الصانع‪ ،‬وأن السلم عندما ينخفض دخله يكون ذلك بثابة جهاد منه‪ ،‬فالباقي يتسبه عند ال‬
‫رفعة لدينه ولوطنه‬
‫=====================‬
‫مقاطعة النتجات الصينية لضطهادهم السلمي‬

‫موضوع الفتوى العاملت‬

‫‪574‬‬
‫نص السؤال دولة كالصي مثل تستول حاليا على إقليم إسلمي هو (تركستان الشرقية) أو ما تسميه‬
‫هي (سنكيانج)‪ ،‬وهو إقليم إسلمي ف الساس وكان دولة إسلمية‪ ،‬وربا ل يعلم عنه السلمون‬
‫كثيا؛ نظرا لا تارسه الصي من تعتيم إعلمي‪ ،‬وهي تارس فيه وسائل القمع والرهاب ضد سكانه‬
‫من السلمي‪ ،‬وآخر ما سعناه هو أنا طلبت من أمريكا معاونتها ف القضاء على (الرهاب) الزعوم‬
‫ف هذا القليم ف مقابل مساعدة الصي لمريكا ضد أفغانستان‪.‬‬
‫سؤال هو‪ :‬هل يكننا القول بأنه يب مقاطعة النتجات الصينية على هذا الساس؛ قياسا على مقاطعة‬
‫النتجات اليهودية الت تب مقاطعتها؟ مع الخذ بالعتبار أن النتجات الصينية قد غزت السواق‬
‫وتوجد بعض النتجات قد يكون من الصعب العثور عليها من أي دولة أخرى‪ ،‬وربا تد النتج‬
‫الصين ذا جودة عالية وثن رخيص جدا ف مقابل النتجات الخرى ذات السعر العلى‪.‬‬
‫أرجو بيان الكم ف هذه القضية‪ ،‬بيانا حاسا بعبارات مددة‪ ،‬وأرجو أل تكون الجابة من قبيل (من‬
‫الفضل كذا‪ ،‬أو ل يستحسن كذا)‪ ،‬وإنا لو كان الكم موضحا بصورة أدق‪ ،‬هل هو حلل‪،‬‬
‫حرام‪ ...‬إل لكان هذا أشفى وأفضل‪ .‬جزاكم ال خيا على جهودكم وبارك فيكم ومعذرة على‬
‫الطالة‪.‬‬
‫اسم الفت الشيخ جعفر أحد الطلحاوي‬
‫نص الجابة‬
‫بسم ال‪ ،‬والصلة والسلم على رسول ال‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫إذا صح ما تقول وثبت يقينا فإنه يتوجب سلوك نفس السبيل كائنة ما كانت النتائج‪ ،‬وعلى السلمي‬
‫أن يسعوا إل توفي البدائل وتقيق الكتفاء الذات حت ل نظل عالة على العداء كالعبد الذي هو‬
‫كل على موله‪.‬‬
‫أما ما ذكرت من أنه ل يعلم السلمون شيئا عن إخوانم السلمي ف هذه القاطعات فهذا التعميم‬
‫منك مانب للصواب‪ ،‬لكننا ف عصر أحوج ما تكون فيه إل أن تارس الشعوب السلمية الضغوط‬
‫الختلفة والتعددة لدفع حكوماتا إل أن تقف وقفة ل تعال‪ " :‬قل إنا أعظكم بواحدة أن تقوموا ل‬
‫مثن وفرادى ث تتفكروا" الية‪.‬‬
‫وتدف هذه القاومة ومارسة هذه الضغوط لوضع النقاط على الروف وتديد الراد بالصطلحات‬
‫حت نعلم جيعا ما القصود بالرهاب‪ ،‬وحت ل تلتبس الفهام وتتلط الوراق ويلط الق بالباطل‪،‬‬
‫فليست مقاومة الحتل والعتدي إرهابا‪ ،‬وليس الدفاع عن النفس إرهابا‪ ،‬وإنا هي حقوق مشروعة ف‬
‫الكتاب والسنة والعقل‪ ،‬وما يلكه كل مسلم هو الدعاء‪ ،‬فهو أمضى أنواع السلحة‪ ،‬ول يرد القضاء‬
‫إل الدعاء‪.‬‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫====================‬
‫مقاطعة بضائع الكفار نظرة شرعية‬

‫‪575‬‬
‫للشيخ الدكتور ‪ :‬هان بن عبد ال بن ممد بن جبي‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬
‫المد ل وحده ‪ ،‬وبعد ‪:‬‬
‫فقد ( فوجئ العال السلمي ف هذا العصر بتفوق عدوه عليه ف ميادين شت ‪ ،‬ولو أن هذا التفوق‬
‫كان ف مال السيف والرمح والكر والفر ‪ ،‬فلربا كنا نستطيع أن ندفع عن أنفسنا شره ونول دون‬
‫انتصاره علينا ‪ ،‬بل قد نزمه فنسترد ما ضاع منا ‪ .‬ولكنه كان ول يزال تفوقا غي متكافئ ؛ فالعدو‬
‫على اختلف توجهاته يلك من وسائل القوة ما يضمن له التحكم والقهر ‪ ،‬وبسط النفوذ وإملء‬
‫الرادة ف الوقت الذي أصبحنا فيه عالة عليه ف كل شيء ‪ ،‬ما يعلنا نصنّف أنفسنا قبل أن يصنفنا‬
‫غينا بأننا متخلفون ‪ .‬ونتيجة لذلك فنحن ( عال التبعيّة ) الواقع تت التأثيات الارجية وقانون‬
‫التوازن الدول ‪.‬‬
‫إن الصدمات العنيفة الت كان من الفروض أن تولّد فينا ردود أفعال مناسبة ل تتوقف هزاتا وتدياتا‬
‫‪ ،‬ولقد بقينا مدة طويلة دون أن تكون مواجهاتنا لا ف الستوى الطلوب ) [‪. ]1‬‬
‫ويبقى الفراد الغيورون يلتفتون صوب كل اتاه بثا عن سبيل مواجهة أو طريق ناة أو وسيلة إنقاذ‬
‫إيانا منهم بأنه ل بد من أن يستنفد الرء كل طاقته ول يدّخر منها شيئا لتبأ ذمته ويستحق وعد ال‬
‫ضرّاءُ‬
‫لنّ َة وَلَمّا يَأِْتكُم مّثَلُ الّذِينَ َخَلوْا مِن َقبْلِكُم مّسّْتهُمُ البَأْسَا ُء وَال ّ‬
‫سبْتُمْ أَن تَدْ ُخلُوا ا َ‬
‫تعال ‪َ ( :‬أمْ حَ ِ‬
‫ب ) (البقرة ‪)214 :‬‬ ‫صرَ الّلهِ َقرِي ٌ‬
‫صرُ الّلهِ أَلَ إِنّ َن ْ‬
‫َوزُْلزِلُوا َحتّى َيقُولَ الرّسُولُ وَالّذِي َن آمَنُوا مَ َعهُ مَتَى َن ْ‬
‫ولا كان القتصاد ف هذا الزمن ذا تأثي كبي وفعال على مواقف الدول واتاهاتا ؛ فقد بدأت‬
‫الدعوة إل ( مقاطعة ) البضائع والنتجات الت تصدرها الدول الت تارب السلمي أو تقف معها ؛‬
‫لتكون وسيلة ضغط عليها لتوقف ( أو تفف ) من موقفها العادي للمسلمي ‪.‬‬
‫وكان لذا النداء تاوبا كبيا من الشعوب السلمة الت ل حول لا ول قوّة ‪ ،‬ول تعرف كيف‬
‫تعمل ‪ ،‬ول كيف تنتصر ‪.‬‬
‫حت قال بعضهم إن ( سلح القاطعة ) هو السلح الوحيد الؤثر ف سجل الواجهة مع إسرائيل ف‬
‫وقتنا الاضر [‪. ]2‬‬
‫وف القيقة إن التابع لجريات الحداث يلمس لذه القاطعة آثارا كبية تدفع بعض الشركات إل‬
‫التبّؤ من دعم الدولة اليهودية ‪ ،‬أو إل تعهدها بدفع تبعات لهات فلسطينية ‪ ،‬إل غي ذلك ‪.‬‬
‫وقد انتشرت ف الساحة العلمية عدة فتاوى تقول ‪ :‬إن « كل من اشترى البضائع السرائيلية‬
‫والمريكية ‪ ،‬من السلمي فقد ارتكب حراما ‪ ،‬واقترف إثا مبينا ‪ ،‬وباء بالوزر عند ال والزي عند‬
‫الناس » [‪. ]3‬‬
‫وحقيقة أن الغية السلمية تشتعل ف النفس إذا رأت ما يل بالسلمي وما يدبر لم على أيدي‬
‫أعداء ال ‪.‬‬

‫‪576‬‬
‫سنَتُ ُكمُ الكَ ِذبَ‬
‫إل أن موقف الوقّع عن رب العالي وهو يتلو قوله تعال ‪ ( :‬وَ َل َتقُولُوا لِمَا َتصِفُ أَلْ ِ‬
‫هَذَا حَل ٌل َوهَذَا َحرَامٌ لَّتفَْترُوا عَلَى الّلهِ الكَ ِذبَ إِنّ الّذِينَ َيفَْترُو َن عَلَى الّلهِ الكَ ِذبَ لَ ُيفِْلحُونَ )‬
‫( النحل ‪. ) 116 :‬‬
‫موقفٌ ل تؤثر فيه العواطف ول يغلبه الماس عن تأمل نصوص الوحيي ‪ ،‬وإعمال قواعد الشرع‬
‫وأدلته ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحه ال ‪ « : -‬كما أن ال نى نبيّه أن يصيبه حزن أو ضيق من ل‬
‫يدخل ف السلم ف أول المر فكذلك ف آخره ؛ فالؤمن منهي أن يزن عليهم أو يكون ف ضيق‬
‫من مكرهم ‪ .‬وكثي من الناس إذا رأى النكر ‪ ،‬أو تغي كثي من أحوال السلم ‪ :‬جزع وك ّل وناح‬
‫كما ينوح أهل الصائب وهو منهي عن هذا بل هو مأمور بالصب والتوكل والثبات على دين السلم‬
‫‪ ،‬وأن يؤمن بأن ال مع الذين اتقوا والذين هم مسنون ‪ ،‬وأن العاقبة للتقوى ‪ ،‬وأن ما يصيبه فهو‬
‫بذنوبه ‪ ،‬فليصب إن وعد ال حق ‪ ،‬ويستغفر لذنبه ‪ ،‬وليسبح بمد ربه بالعشي والبكار » [‪. ]4‬‬
‫وف هذه الورقات القليلت نظرات شرعية عاجلة لوضوع ( القاطعة ) ‪ ،‬حاولت فيها الوصول لكم‬
‫شرعي فقهي فيها ‪.‬‬
‫* أولً ‪ :‬تعريف القاطعة القتصادية ‪:‬‬
‫القاطعة مفاعلة من القطع ‪ .‬يقال ‪ :‬قطعه يقطعه قطعا ‪.‬‬
‫ل [‪. ]5‬‬ ‫والقطع ‪ :‬إبانة بعض أجزاء الرم من بعضٍ فص ً‬
‫والقطع والقطيعة ‪ :‬الجران ضد الوصل [‪. ]6‬‬
‫والبضاعة ‪ :‬السلعة ‪ ،‬وأصلها القطعة من الال الذي يتجر فيه ‪ ،‬وقيل جزء من أجزاء الال تبعثه‬
‫للتجارة [‪. ]7‬‬
‫والسلعة ‪ :‬ما تُجر به والتاع ‪ ،‬وجعها ‪ :‬سِلَع [‪. ]8‬‬
‫قال ف النجد البدي ‪ ( :‬القاطعة ‪ :‬عدم التعامل مع شخصٍ أو شركة أو مؤسسة أو دولة ‪ ،‬ومنه‬
‫مقاطعة بلد لنتجات وحاصلت بل ٍد آخر ) [‪. ]9‬‬
‫وقال ف العجم الوسيط ‪ ( :‬القاطعة ‪ :‬المتناع عن معاملة الخرين اقتصاديا أو اجتماعيا وفق نظام‬
‫جاعي مرسوم ) [‪. ]10‬‬
‫وشاع استعمال القاطعة ف المتناع عن شراء منتجات من يارب السلمي أو يعينهم دون المتناع‬
‫عن البيع ؛ وذلك لن أهل السلم صاروا مستهلكي ‪ ،‬وقل النتاج فيهم ‪.‬‬
‫* ثانيا ‪ :‬قواعد ومقدمات ‪:‬‬
‫وهي سبع أسردها تباعا ‪..‬‬
‫الول ‪ :‬جواز معاملة الكفار ‪.‬‬
‫الصل أنه يوز معاملة الكفار بالبيع والشراء سواء كانوا أهل ذمّة أو عهد أو حرب [‪ ]11‬إذا وقع‬
‫العقد على ما يل ‪ ،‬ول يكون ذلك من موالتم [‪. ]12‬‬

‫‪577‬‬
‫عن عبد الرحن بن أب بكر ‪ -‬رضي ال عنهما ‪ -‬قال ‪ :‬كنا مع النب صلى ال عليه وسلم ث جاء‬
‫رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها ‪ .‬فقال النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أبيعا أم عطيّة ؟ أو قال ‪:‬‬
‫أم هبة ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ،‬بل بيع ‪ .‬فاشترى منه شا ًة [‪. ]13‬‬
‫وقد بوّب البخاري على هذا الديث ف صحيحه ‪ :‬باب البيع والشراء مع الشركي وأهل الرب ‪.‬‬
‫وقد أمر النب صلى ال عليه وسلم سلمان الفارسي بأن يكاتب ‪ ،‬والكاتبة أن يشتري العبد نفسه من‬
‫سيده ‪ ،‬وكان سيده يهوديا [‪. ]14‬‬
‫وعن ابن عباس ‪ -‬رضي ال عنهما ‪ -‬قال ‪ :‬قُبض رسول ال صلى ال عليه وسلم وإن درعه مرهونة‬
‫عند رجل من يهود على ثلثي صاعا من شعي أخذها رزقا لعياله [‪. ]15‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها أن النب صلى ال عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إل أجل [‪. ]16‬‬
‫وسواء ف ذلك أن يسافر السلم لبلد الكفار وديار الرب أو ييء الكافر لبلد السلم ليبيع أو‬
‫يشتري ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ « :‬وإذا سافر الرّجل إل دار الرب ليشتري منها جاز عندنا كما دل‬
‫عليه حديث تارة أب بكر ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬ف حياة رسول ال صلى ال عليه وسلم إل أرض‬
‫الشام ‪ ،‬وهي حينذاك دار حرب ‪ ،‬وغي ذلك من الحاديث » [‪. ]17‬‬
‫عن السن قال ‪ :‬كتب أبو موسى إل عمر بن الطاب ‪ -‬رضي ال عنهما ‪ : -‬أن تار السلمي إذا‬
‫دخلوا دار الرب أخذوا منهم العُشر ‪ .‬قال فكتب إليه عمر ‪ :‬خذ منهم إذا دخلوا إلينا مثل ذلك ‪:‬‬
‫العشر [‪. ]18‬‬
‫قال الافظ ابن حجر ‪ « :‬توز معاملة الكفار فيما ل يتحقق تري على التعامَل فيه ‪ ،‬وعدم العتبار‬
‫بفساد معتقدهم ومعاملتم فيما بينهم » [‪. ]19‬‬
‫هذا هو الصل العام ف معاملة الكفار ‪.‬‬
‫يستثن من هذا الصل مسائل ؛ منها ‪:‬‬
‫أنه ل يوز أن يبيع السلم للكفار ما يستعينون به على قتال السلمي ‪ .‬لقوله تعال ‪ ( :‬وََتعَاوَنُوا عَلَى‬
‫الِب ّر وَالّت ْقوَى وَ َل َتعَاوَنُوا عَلَى ا ِلثْ ِم وَاْلعُ ْدوَان ) ( الائدة ‪.) 2 :‬‬
‫قال ابن بطال ‪ « :‬معاملة الكفار جائزة ‪ ،‬إل بيع ما يستعي به أهل الرب على السلمي » [‪. ]20‬‬
‫وسئل شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحه ال ‪ -‬عن معاملة التتار ‪ ،‬فأجاب ‪ ( :‬يوز فيها ما يوز ف‬
‫معاملة أمثالم ‪ ،‬ويرم فيها ما يرم ف معاملة أمثالم ‪ ...‬فأما إن باعهم أو باع غيهم ما يعينهم به‬
‫على الحرمات كبيع اليل والسلح لن يقاتل به قتالً مرما فهذا ل يوز ‪ ..‬ف السنن عن النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ « :‬لعن ف المر عشرة ‪ :‬لعن المر ‪ ،‬وعاصرها ‪ ،‬ومعتصرها ‪ ،‬وحاملها ‪،‬‬
‫والحمولة إليه ‪ ،‬وبائعها ‪ ،‬ومبتاعها ‪ ،‬وساقيها ‪ ،‬وشاربا ‪ ،‬وآكل ثنها » [‪ . ]21‬فقد لعن العاصر‬
‫وهو إنا يعصر عنبا يصي عصيا ‪ ،‬والعصي حلل ‪ :‬يكن أن يتخذ خلً ودبسا وغي ذلك ) [‪]22‬‬
‫‪.‬‬

‫‪578‬‬
‫وسواء كان ذلك وقت الرب بي السلمي والكفار أو وقت الوادعة والدنة بينهم ‪.‬‬
‫قال السرخسي ‪ :‬ول ينع التجار من حل التجارات إليهم إل الكراع [‪ ]23‬والسلح والديد ؛‬
‫لنم أهل حرب ‪ ،‬وإن كانوا موادعي ؛ أل ترى أنم بعد مضي الدة يعودون حربا للمسلمي ‪ ،‬ول‬
‫ينع التجار من دخول دار الرب بالتجارات ما خل الكراع والسلح ؛ فإنم يتقوون بذلك على‬
‫قتال السلمي فيمنعون من حله إليهم ‪ ،‬وكذلك الديد ؛ فإنه أصل السلح ‪ .‬قال ال تعال ‪:‬‬
‫( وَأَنزَلْنَا الَدِي َد فِيهِ بَ ْأسٌ شَدِيدٌ ) ( الديد ‪. ]24[ ) 25 :‬‬
‫وهذه السألة من معمولت سد الذرائع الفضية إل الفاسد ‪ ،‬ومن أمثلة قاعدة الوسائل لا أحكام‬
‫القاصد ‪.‬‬
‫الثانية ‪ :‬وسائل التعامل مع الكفار ‪.‬‬
‫شراء بضائع الكفار يتخذ ف هذا العصر صورا متعددة ‪ ،‬وله وسائل ل بد من معرفتها ليتم الكم‬
‫عليها من خللا ‪ .‬ولعله يكن حصرها ف الصور التية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الشراء الباشر من الكافر الذي يبيع أو يصنع أو ينتج السلعة ‪ ،‬وهذا آكد ما يشمله حديثنا ‪.‬‬
‫‪ - 2‬الشراء من خلل وسيط ( سسار ) ؛ حيث يكون لديه علم بعدد من الصانع والشركات‬
‫النتجة ‪ ،‬فيقوم بالتنسيق والتقريب بي الشتري وبي النتج أو الصنع ‪ ،‬ويتول كتابة وثيقة البيع بي‬
‫الطرفي ‪ ،‬وكل ذلك مقابل نسبة يستلمها الوسيط من الشركة أو الصنع الصدّر [‪. ]25‬‬
‫وهنا تكون الموال مدفوعة للبائع الصلي فهو كالشراء الباشر ف الستفادة من الشراء والتضرر‬
‫بالقاطعة ‪.‬‬
‫‪ - 3‬الشراء من ( وكيل بالعمولة ) إذ يستورد البضائع باسه ولسابه هو ‪ ،‬وتري معاملته باسه أو‬
‫بعنوان شركة ما ‪ ،‬ث ينقل القوق واللتزامات إل موكله تنفيذا لعقد الوكالة البم بينهما مقابل‬
‫أجرة تسمى ‪ ( :‬عمولة ) [‪. ]26‬‬
‫والفرق بينه وبي الذي قبله أن هذا يستورد البضائع ويبقيها لديه معروضة ليبيعها باسه هو ‪ ،‬ويتم‬
‫التعاقد معه أو مع شركته ‪ ،‬ث بعد ذلك يسلم للمنتج أو الصنع قيمة البيع ويطالبه باللتزامات ‪ .‬أما‬
‫الول فإنه وسيط فقط يربط بي الطرفي ‪ ،‬ث تنتهي مهمته ‪ .‬وف هذه الالة تكون الموال أيضا‬
‫مدفوعة للبائع الصلي ؛ فهو كالشراء الباشر ف الستفادة من الشراء والتضرر بالقاطعة ‪ ،‬إل أن‬
‫القاطعة تضر بذا الوكيل أيضا لتحمله تزين وعرض البضائع ‪.‬‬
‫‪ - 4‬شراء بضائع أصلها من صنع الكفار ‪ ،‬وجرى تصنيعها داخل بلد السلمي على يد شركة‬
‫مسلمة تأخذ امتياز تصنيعها من الشركة الصلية مقابل مبلغ مال يدفعه صاحب امتياز التصنيع‬
‫للشركة الصلية بشكل دوريّ ‪ .‬وهنا يستفيد أولً من البيع ‪ :‬الشركة السلمة وتتضرر هي أولً من‬
‫القاطعة ‪ .‬أما الكافر فيكون ضرره غي مباشر من خلل ما قد يعرض لصاحب امتياز التصنيع من‬
‫الستغناء عن حق المتياز الذكور فيتوقف عن مواصلة دفع ما يقابله ‪.‬‬

‫‪579‬‬
‫‪ - 5‬الشراء من مسلم اشترى بضائع صنعها الكفار أو أنتجوها ؛ فهنا التضرر من القاطعة أو ًل‬
‫السلم الذي اشترى البضاعة ‪ .‬مع أن القاطعة تضر الكافر إذا امتنع التاجر السلم من شراء منتجاته‬
‫مرة أخرى لعدم رواجها ‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬أنواع بضائع الكفار ‪.‬‬
‫البضائع عموما سواء باعها كفار أو مسلمون ‪ ،‬إما أن تكون ضرورية أو حاجيّة أو تسينية [‪. ]27‬‬
‫ول شك أن بينها فرقا كبيا ؛ فالشرع جاء بالتفريق بي الضروري وغيه ‪ ،‬وأباح الحرم عند‬
‫ض ُط ِررْتُمْ إِلَْي ِه ) ( النعام ‪. ) 119 :‬‬
‫الضطرار قال تعال ‪ ( :‬وََقدْ َفصّلَ لَكُم مّا َح ّرمَ َعلَيْكُمْ ِإلّ مَا ا ْ‬
‫وقعّد أهل العلم قاعدة ‪ « :‬ل مرم مع اضطرار » [‪ . ]28‬مستندين لنصوص متوافرة من أدلة الشرع‬
‫تقررها ‪ .‬ومعلوم أن الاجة تنل منلة الضرورة إذا كانت عامّة [‪. ]29‬‬
‫ل ‪ ،‬أو حاجيّة عامة كبعض‬ ‫وعليه فإننا ل بد أن نفرّق بي بضاعة ضروريّة ل غن عنها كالدقيق مث ً‬
‫الراكب وبي التحسينيات من أنواع اللبسة والكماليات ونوها ‪.‬‬
‫ومن شواهد ذلك ف موضوعنا ما جاء عن عمر بن الطاب ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أنّه كان يأخذ من‬
‫النبط من القِطْنيّة ( وهي البوب الت تطبخ ) العُشْر ‪ ،‬ومن النطة والزيت نصف العشر ؛ ليكثر‬
‫الَمْل إل الدينة [‪ . ]30‬فقد خفف عمر رضي ال عنه ما يأخذه منهم للمصلحة ف ذلك ؛ فإن ف‬
‫النطة معاش الناس ‪.‬‬
‫ومن هذا نقول ‪ :‬إنّه يفف ف أمور الضرورات والاجيات العامة ويراعى فيها ما ل يراعى ف غيها‪.‬‬
‫قال الشاطب ‪ « :‬المور الضرورية إذا اكتنفها من خارج أمور ل تُرضى شرعا فإن القدام على‬
‫جلب الصال صحيح على شرط التحفظ بسب الستطاعة من غي حرج » [‪. ]31‬‬
‫الرابعة ‪ :‬سد الذرائع ‪.‬‬
‫سد الذرائع من الدلة الستعملة عند أهل العلم ‪ .‬والراد با منع الائز لئل يتوصّل به إل المنوع [‬
‫‪. ]32‬‬
‫ونتيجة إعمالا ‪ :‬تري أمرٍ مباح لا يفضي إليه من مفسدة ‪.‬‬
‫وأداء الوسيلة إل الفسدة ‪ :‬إما أن يكون قطعيا أو ظنيّا أو نادرا ‪.‬‬
‫فإن كان قطعيا ‪ :‬فقد اتفق العلماء على سدّه والنع منه سواء سُمّي سَدّ ذريعة أو ل [‪. ]33‬‬
‫وإن كان نادرا فقد اتفق العلماء أيضا على عدم النع منه ‪ ،‬وأنّه على أصل الشروعيّة ‪.‬‬
‫وأما إن كان ظنيا فقد اختلف أهل العلم فيه هل ينع أو ل ؟ [‪. ]34‬‬
‫وقد أطال العلمة ابن القيم ف الستدلل على صحة قاعدة سد الذرائع ‪ ،‬واستشهد عليها بتسعة‬
‫ل [‪. ]35‬‬ ‫وتسعي دلي ً‬
‫ولعل الصحيح ف هذا القسم الخي أنه يُنظر فيه إل الصلحة والفسدة ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ « :‬ث هذه الذرائع إذا كانت تفضي إل الحرم غالبا فإن الشرع يرمها‬
‫مطلقا ‪ .‬وكذلك إذا كانت تفضي وقد ل تُفضي ‪ ،‬لكن الطبع متقاضٍ لفضائها ‪ .‬وأما إن كانت إنا‬

‫‪580‬‬
‫تفضي أحيانا ؛ فإن ل يكم فيها مصلحة راجحة على هذا الفضاء القليل وإل حرمها أيضا » [‪]36‬‬
‫‪ .‬وسيأت لذا مزيد بيان ‪.‬‬
‫والقصود أن الشرع راعى الوسائل والطرق الت يسلك منها إل الشيء وتتوقف الحكام عليها ؛‬
‫فطرق الرام والكروهات تابعة لا ‪.‬‬
‫وإذا نى الشرع عن شيء فنهيه يستلزم النهي عن كل ما يفضي إليه ويوصل إليه [‪. ]37‬‬
‫ولذا فقد نبه أهل العلم على أنه يب على الفت والجتهد أن ل يكم على فعل من الفعال الصادرة‬
‫عن الكلفي إل بعد نظره إل ما يؤول إليه ذلك الفعل من مصلحة أو مفسدة تنشأ عنه ‪ .‬فل يأذن‬
‫بفعل ولو كان فيه جلب مصلحة إل أن ينظر ف مآله لئل يكون استجلب الصلحة فيه مؤديا إل‬
‫مفسدة تساوي الصلحة أو تزيد عليها [‪. ]38‬‬
‫قال ابن كثي ‪ « :‬الشريعة شاهدة بأن كل حرام فالوسيلة إليه مثله ؛ لن ما أفضى إل الرام حرام ‪،‬‬
‫كما أن ما ل يتم الواجب إل به فهو واجب » [‪. ]39‬‬
‫الامسة ‪ :‬قاعدة الصال والفاسد ‪.‬‬
‫ل شك « أن الشريعة جاءت بتحصيل الصال وتكميلها ‪ ،‬وتعطيل الفاسد وتقليلها ‪ ،‬وأنا ترجح‬
‫خي اليين وتصّل أعظم الصلحتي بتفويت أدناها ‪ ،‬وتدفع أعظم الفسدتي باحتمال أدناها » [‬
‫‪. ]40‬‬
‫ونظرنا ف الصال والفاسد ينحصر ف ملحظي ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن الفعل إذا كان يفضي إل مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة ‪ ،‬فإنه ُينْهى عنه ؛ وذلك لن‬
‫الشريعة مبنيّة على الحتياط والخذ بالزم ‪ ،‬والتحرز ما عسى أن يكون طريقا إل مفسدة ؛ ولذا‬
‫سدّت ذرائع مفضية إل الضرار والفساد ف شواهد كثية من الكتاب والسنة [‪. ]41‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ « :‬الفعل إذا كان يفضي إل مفسدة وليس فيه مصلحة راجحة ُينْهى عنه‬
‫كما نُهي عن الصلة ف الوقات الثلثة لا ف ذلك من الفسدة الراجحة وهو التشبه بالشركي الذي‬
‫يفضي إل الشرك ‪ ،‬وليس ف قصد الصلة ف تلك الوقات مصلحة راجحة لمكان التطوّع ف غي‬
‫ذلك من الوقات ‪.‬‬
‫ولذا تنازع العلماء ف ذوات السباب ؛ فسوّغها كثي منهم ف هذه الوقات ‪ ،‬وهو أظهر قول‬
‫العلماء ؛ لن النهي إذا كان لسدّ الذريعة أبيح للمصلحة الراجحة وفعل ذوات السباب يتاج إليه ف‬
‫هذه الوقات ويفوت إذا ل يفعل فيها ‪ ،‬فتفوت مصلحتها ‪ ،‬فأبيحت لا فيها من الصلحة الراجحة‬
‫بلف ما ل سبب له ؛ فإنّه يكن فعله ف غي هذا الوقت ‪ ،‬فل تفوت بالنهي عنه مصلحة راجحة ‪،‬‬
‫وفيه مفسدة توجب النهي عنه » [‪. ]42‬‬
‫وف القابل فقد تكون وسيلة الحرم غي مرمة إذا أفضت إل مصلحة راجحة كالتوسل إل فداء‬
‫السارى بدفع الال للكفار الذي هو مرم عليهم النتفاع به ‪ ،‬وكدفع مال لرجل يأكله حراما حت‬

‫‪581‬‬
‫ل يقع القتل بينه وبي صاحب الال ‪ .‬فهذه صور جائزة لرجحان ما يصل من الصلحة على هذه‬
‫الفسدة [‪. ]43‬‬
‫الثان ‪ :‬أن الصال والفاسد يكفي فيها الظن الغالب ؛ وذلك أن الصال والفاسد ل يعرف مقدارها‬
‫إل بالتقريب ؛ أما تديدها بدقة فغي مكن غالبا ‪.‬‬
‫قال العز بن عبد السلم ‪ « :‬أكثر الصال والفاسد ل وقوف على مقاديرها وتديدها ‪ ،‬وإنا تُعرف‬
‫تقريبا لعزّة الوقوف على تديدها » [‪ . ]44‬ولذا يقوم الظن الغالب فيها مقام العلم ‪.‬‬
‫قال الشاطب ‪ « :‬وإذا كان الضرر والفسدة تلحق ظنّا ‪ ،‬فهل يري الظن مرى العلم ‪ ..‬أم ل ‪ ..‬؟‬
‫اعتبار الظن هو الرجح لمور ‪ :‬أحدها ‪ :‬أن الظن ف أبواب العمليات جار مرى العلم ؛ فالظاهر‬
‫جريانه هنا ‪ .‬والثان ‪ :‬أن النصوص عليه من سد الذرائع داخل ف هذا القسم كقوله تعال ‪ ( :‬وَلَ‬
‫سبّوا الّذِينَ يَ ْدعُو َن مِن دُونِ الّلهِ فََيسُبّوا الّلهَ عَدْوا ِبغَْي ِر عِلْ ٍم ) ( النعام ‪ . ) 108 :‬فإنم قالوا ‪:‬‬
‫تَ ُ‬
‫لتكفن عن سب آلتنا أو لنسب إلك ‪ ..‬والثالث ‪ :‬أنه داخل ف التعاون على الث والعدوان النهي‬
‫عنه » [‪. ]45‬‬
‫السادسة ‪ :‬الضرار القتصادي طريق من طرق الهاد الشروع ‪.‬‬
‫وقد استعمل النب صلى ال عليه وسلم التضييق والضغط القتصادي بتلك السرايا والبعوث الت‬
‫سيّرها لهاجة قوافل قريش التجارية ؛ فقد بعث النب صلى ال عليه وسلم سعد بن أب وقاص فقال ‪:‬‬
‫« اخرج يا سعد حت تبلغ الرّار ؛ فإن عيا لقريش ستمر بك » [‪. ]46‬‬
‫وخرج النب صلى ال عليه وسلم ف مائتي من أصحابه يعترض عيا لقريش ف غزوة بواط [‪. ]47‬‬
‫كما خرج لغزوة العشية لعتراض قافلة لقريش ف طريقها إل الشام ‪ ،‬ولا عادت خرج يريدها [‬
‫‪ . ]48‬وغزوة بدر إنا كان سببها طلبه عي أب سفيان [‪. ]49‬‬
‫وعن ابن عباس ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬لا سع رسول ال صلى ال عليه وسلم بأب سفيان مقبلً‬
‫من الشام ندب السلمي إليهم ‪ ،‬وقال ‪ « :‬هذه عي قريش فيها أموالم ؛ فاخرجوا إليها لعل ال‬
‫ينفلكموها » فانتدب الناس [‪ . ]50‬إل غي ذلك من شواهد كثية ‪ ،‬وكما استعمل النب صلى ال‬
‫عليه وسلم هذا السلوب فقد استعمله أبو بصي لا خرج إل سيف البحر ولق به أبو جندل بعد‬
‫صلح الديبية ‪ ،‬واجتمع إليهما عصابة من أسلم من قريش ل يسمعون بعي خرجت لقريش إل الشام‬
‫إل اعترضوا لا ‪ ،‬فقتلوهم وأخذوا أموالم [‪ . ]51‬بل وأبلغ من ذلك أن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫دعا على قريش أن تضيق عليهم معيشتهم ‪.‬‬
‫عن ابن مسعود ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا دعا قريشا كذبوه‬
‫واستعصوا عليه ‪ ،‬فقال ‪ « :‬اللهم أعن عليهم بسبعٍ كسبع يوسف » فأصابتهم سنة حصّت كل شيء‬
‫لهْد‬
‫حت كانوا يأكلون اليتة ‪ ،‬وكان يقوم أحدهم فكان يرى بينه وبي السماء مثل الدخان من ا َ‬
‫والوع ‪ ،‬فأتاه أبو سفيان فقال ‪ :‬أيْ ممد ! إن قومك هلكوا ؛ فادع ال أن يكشف عنهم [‪. ]52‬‬
‫السابعة ‪ :‬ارتباط القاطعة بإذن ول المر ‪.‬‬

‫‪582‬‬
‫ل شك أن من الصول القررة عند أهل السنة والماعة وجوب السمع والطاعة لولة أمور السلمي‬
‫ف العروف ‪.‬‬
‫وأعمال الرعيّة منها ما يشترط لفعله إذن المام ‪ ،‬ومنها ما ل يشترط له إذنه ‪.‬‬
‫والقاطعة بشكلها العاصر ما ل يظهر ل ارتباطه بإذن ول المر ؛ بدليل حديث ثامة الت نصّه ‪:‬‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال ‪ « :‬بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم خيلً قَِبلَ ند ‪ ،‬فجاءت‬
‫برجل من بن حنيفة يقال له ثامة بن أُثال سيّد أهل اليمامة ‪ ،‬فربطوه بسارية من سواري السجد ‪،‬‬
‫فخرج إليه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬ماذا عندك يا ثامة ؟ فقال عندي خي ‪ :‬إن تقتل‬
‫تقتل ذا دم ‪ ،‬وإن تنعم تنعم على شاكر ‪ ،‬وإن كنت تريد الال فسل تعط منه ما شئت ‪ .‬فتركه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم حت كان بعد الغد فقال ‪ :‬ما عندك يا ثامة ؟ فأعاد عليه مقالته ؛‬
‫حت كان من الغد أعاد عليه مقالته ‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أطلقوا ثامة ‪.‬‬
‫فانطلق إل نل قريب من السجد فاغتسل ‪ ،‬ث دخل السجد ‪ ،‬فقال ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد‬
‫ل من وجهك ؛ فقد أصبح‬ ‫أن ممدا رسول ال ‪ .‬يا ممد ! وال ما كان على الرض وجه أبغض إ ّ‬
‫وجهك أحب الوجوه كلها إلّ ‪ ،‬وال ما كان من دين أبغضَ إلّ من دينك ‪ ،‬فأصبح دينك أحب‬
‫الدين كله إلّ ‪ ،‬وإن خيلك أخذتن وأنا أريد العمرة ؛ فماذا ترى ؟ فبشره رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وأمره أن يعتمر ‪ ،‬فلما قدم مكة قال له قائل ‪ :‬أصبوت ؟ فقال ‪ :‬ل ‪ ،‬ولكن أسلمت مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ول وال ل يأتيكم من اليمامة حبّة حنطة حت يأذن فيها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم » [‪.]53‬‬
‫زاد ابن هشام ‪ « :‬فانصرف إل بلده ومنع المل إل مكة حت جهدت قريش ‪ ،‬فكتبوا إل رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إل ثامة يُخَلّي إليهم حل الطعام ففعل » [‬
‫‪. ]54‬‬
‫والشاهد من الديث أن ثامة منع المل إل مكة وهو نوع من القاطعة القتصادية لم مع أنه ل‬
‫يتقدمه إذن نبوي بذلك ‪ ،‬وإنا قاله حيّة ل ورسوله لا قالوا له ‪ :‬صبوت ‪ ،‬كما هو ظاهر الديث ‪.‬‬
‫* ثالثا ‪ :‬حكم القاطعة القتصادية ‪:‬‬
‫ل شك أن التعامل التجاري والقتصادي الاصل ف هذا الزمن يباين التعاملت التجارية ف الزمان‬
‫السابقة ؛ فهو الن أوسع وأشل وأيسر ‪ ،‬ول شك أن ارتباط القتصاد بالسياسة وتأثيه على‬
‫التوجهات السياسية والناعات الزبيّة صار أكب وأقوى ‪.‬‬
‫ولذا فإن بث هذه السألة بالتوسع ف النظر فيها هو من خصائص هذا العصر ‪.‬‬
‫والذي يظهر أن حكم القاطعة يتلف باختلف الحوال ‪ ،‬وإليك التفصيل ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬إذا أمر با المام ‪:‬‬
‫إذا أمر المام بقاطعة سلعة معينة أو بضائع دولة من دول الكفر فإنه يب على رعيته امتثال أمره ؛‬
‫قال تعال ‪ ( :‬يَا َأّيهَا الّذِي َن آمَنُوا أَطِيعُوا الّلهَ وَأَطِيعُوا الرّسُو َل وَُأوْلِي ا َل ْمرِ مِنكُ ْم ) ( النساء ‪. ) 59 :‬‬

‫‪583‬‬
‫وعن أنس بن مالك ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ « :‬اسعوا‬
‫وأطيعوا إن استعمل عليكم عب ٌد حبشي كأن رأسه زبيبة » [‪. ]55‬‬
‫وليس للمام أن يأمر بذلك إل أن يرى ف ذلك مصلحة عامّة ل تقابلها مفسدة أو ضرر أرجح منه ؛‬
‫وذلك أن الصل ف تصرّفات الولة النافذة على الرعية اللزمة لا ف حقوقها العامة والاصّة أن تبن‬
‫على مصلحة الماعة ‪ ،‬وأن تدف إل خيها ‪ .‬وتصرّف الولة على خلف هذه الصلحة غي جائز‬
‫[‪. ]56‬‬
‫ولذا قعّد أهل العلم قاعدة ‪ :‬تصرّف المام على الرعية منوط بالصلحة [‪. ]57‬‬
‫ولعلّ ف قصة كعب بن مالك ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬إذ نى رسول ال صلى ال عليه وسلم السلمي‬
‫عن كلمه وصاحبيه [‪ ]58‬شاهدا لمر المام بالقاطعة ‪.‬‬
‫الثان ‪ :‬إذا ل يأمر با المام ‪:‬‬
‫إذا ل يأمر المام بالقاطعة فل يلو الال من أمرين ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن يعلم السلم أ ّن قيمة ما يشتريه يعي الكفار على قتل السلمي أو إقامة الكفر ‪ .‬فهنا يرم‬
‫عليه أن يشتري منهم ؛ وذلك لن الشراء منهم والال ما ذكر مشمول بالنهي عن التعاون على الث‬
‫والعدوان ‪ ،‬ومشمول بقاعدة سد الذرائع الفضية إل الرام ‪ .‬وإذا علم السلم أن أهل العلم حرّموا‬
‫بيع العنب لن يتخذه خرا ‪ ،‬وبيع السلح لهل الرب أو وقت الفتنة خشية استعماله لقتل‬
‫السلمي ‪ ،‬و َحرّموا إقراض من يغلب على الظن أنه يصرف ماله ف مرم [‪ ]59‬؛ فكيف إذا كان‬
‫عي الثمن الذي يشتري به يُقتل به مسلم أو يعان به على كفر ؟!‬
‫سئل ابن القاسم عن النصران يوصي بشيء يباع من ملكه للكنيسة هل يوز لسلم شراؤه فقال ‪ :‬ل‬
‫يل ذلك له لنه تعظيم لشعائرهم وشرائعهم ‪ .‬وسئل ف أرض لكنيسة يبيع السقف منها شيئا ف‬
‫إصلحها ؟ فقال ‪ :‬ل يوز للمسلمي أن يشتروها من وجه العون على تعظيم الكنيسة [‪. ]60‬‬
‫وسئل المام أحد عن نصارى وقفوا ضيعة للبيعة أيستأجرها الرجل السلم منهم ؟ قال ‪ :‬ل يأخذها‬
‫بشيء ل يعينهم على ما هم فيه [‪. ]61‬‬
‫وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحن بن حسن [‪ « : ]62‬الكافر الرب ل يُمَكّن ما يعينه على‬
‫حرب أهل السلم ولو بالية والال ‪ ،‬ونوه ‪ ،‬والدواب والرواحل ‪ ،‬حت قال بعضهم بتحريق ما ل‬
‫يتمكن السلمون من نقله ف دار الرب من أثاثهم وأمتعتهم ‪ ،‬ومنعهم من النتفاع به » [‪. ]63‬‬
‫وعلى ك ٍل فالنهي عن التعاون عن الث والعدوان يشمل هذه الصورة وغيها وهي آية مكمة ‪.‬‬
‫هذا حكم ما لو علم ذلك يقينا سواء باطلع مباشر ‪ ،‬أو خب موثوق به ‪ ،‬أو غي ذلك ‪ .‬وغلبة الظن‬
‫تري مرى العلم كما سبق ‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن ل يتيقن أن عي ما يشتري به منهم يستعان به على حرام من قتال السلمي أو إقامة الكفر ؛‬
‫فهذا باق على الصل العام وهو جواز البيع والشراء وسائر العاملت ‪.‬‬

‫‪584‬‬
‫فإن الصل ف البيوع الباحة سواء منها ما كان مع السلمي أو الكفار ‪ .‬كما سبق ‪ .‬وحيث ل‬
‫يوجد ناقل عن هذا الصل فل يتغي الكم ولكن يرتبط به الالة التية ‪:‬‬
‫‪ - 3‬أن ل يتيقن أن عي ما يشتري به منهم يستعان به على حرام ؛ لكن ف مقاطعتهم مصلحة ‪،‬‬
‫ولعل هذه الالة هي أكثر ما يكون الديث عنه ‪.‬‬
‫ولبيان حكم هذه الالة فإن أحتاج لتقسيمها إل قسمي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن يتم الشراء من الكافر مباشرة أو من خلل سسار أو وكيل بعمولة ‪.‬‬
‫وإذا أردت الوصول للحكم الشرعي ف هذا القسم فإن باجة لتقرير مسلّمات شرعيّة توصلنا للنتيجة‬
‫‪ :‬فالصل جواز التعامل مع الكفار ولو كانوا من أهل الرب ‪ ،‬وأن وسائل الرام حرام ‪ .‬ول يكم‬
‫على فع ٍل حت ُينْظر ف مآله وعاقبته ‪.‬‬
‫ول يباح ما يفضي إل مفسدة إل ما كانت مصلحته أرجح ‪ .‬ول يرم ما يفضي إل مصلحة إل ما‬
‫كانت مفسدته أرجح ‪ .‬ول مانع من استعمال الضرار الال جهادا لعداء ال ولو ل يأذن به المام‬
‫‪.‬‬
‫وعليه فإن كان ف القاطعة والال ما ذكر مصلحة فإنه ُينْدب إليها على أنه يراعى مدى الاجة‬
‫للبضائع كما سبق ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬أن يتم الشراء من مسلم اشترى البضاعة أو صاحب امتياز ‪ .‬ولبيان الكم فإن مع تذكيي با‬
‫سبق من مسلّمات فإن أذكر بأن النتج الكافر يأخذ مقابل منحه امتياز التصنيع ‪ ،‬وهو يأخذه سواء‬
‫ق ّل البيع أو كثر ‪ ،‬فالقاطعة إضرار به وبعمالته وبالساهي معه ف رأس ماله ‪ ،‬وكذا الال بالنسبة لن‬
‫اشترى بضاعة من الكافر وصارت من ماله فالقاطعة إضرار به ‪.‬‬
‫ولذا فإن القول بندب القاطعة فيه ِثقَل لوجود الفسدة والضرر الكبيين ‪ ،‬ول يقال فيها إن الفسدة‬
‫خاصة والصلحة عامة ؛ وذلك لن السلم سيكون هو التضرر ‪ ،‬ولنّ نفع القاطعة مظنون وتضرر‬
‫الشركة مقطوع به ‪ ،‬والقطوع يقدم على الظنون ‪.‬‬
‫وعلى ك ّل فاعتراض الفسدة قد ينع القول بندب القاطعة ف هذا القسم ‪ ،‬وال تعال أعلم ‪.‬‬
‫وأنبّه هنا إل أن من قاطع البضائع والسلع النتجة من دول الكفار بنيّة حسنة كتقدي البديل السلمي‬
‫أو زيادة ف بغض الكفار فإنه إن شاء ال مدوح على فعله مثاب ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ « :‬الباح بالنيّة السنة يكون خيا ‪ ،‬وبالنيّة السّيئة يكون شرا ‪ ،‬ول‬
‫يكون فعل اختياري إل بإرادة ‪ ..‬فإذا فعل شيئا من الباحات فل بد له من غاية ينتهي إليها قصده ‪،‬‬
‫وكل مقصود إما أن يقصد لنفسه وإما أن يقصد لغيه فإن كان منتهى مقصوده ومراده عبادة ال‬
‫وحده ل شريك له وهو إله الذي يعبده ل يعبد شيئا سواه وهو أحب إليه من كل ما سواه ؛ فإن‬
‫إرادته تنتهي إل إرادته وجه ال ‪ ،‬فيثاب على مباحاته الت يقصد الستعانة با على الطاعة ‪ ،‬كما ف‬
‫الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ « :‬نفقة الرجل على أهله يتسبها صدقة [‪]64‬‬
‫» [‪. ]65‬‬

‫‪585‬‬
‫وبعد ! فإن جيع ما سبق إنا هو نظر فقهي مرد يتاج تنيله على وقائعه إل نظرين ‪ :‬فقهي يقق‬
‫الناط ‪ ،‬وواقعي يعرف الال ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ « :‬الواجب أن يعتب ف أمور الهاد برأي أهل الدين الصحيح الذين لم‬
‫خبة با عليه أهل الدنيا دون أهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر ف ظاهر الدين ؛ فل يؤخذ رأيهم ‪،‬‬
‫ول برأي أهل الدين الذين ل خبة لم ف الدنيا » [‪. ]66‬‬
‫اللهم ألمنا رشدنا ‪ ،‬وقنا شر أنفسنا ‪ ،‬وهب لنا من لدنك رحة إنك أنت الوهاب ‪.‬‬
‫=======================================================‬
‫(*) القاضي بالحكمة الكبى بدة ‪.‬‬
‫(‪ )1‬تضمي من (الثقة بال أولً) ‪ ،‬للدكتور عبد السلم الراس ‪ ،‬ص ‪. 3‬‬
‫(‪ )2‬تذكي النفس بديث القدس (‪. )514/ 3‬‬
‫(‪ )3‬انظر ‪ :‬ملة القدس ‪ ،‬العدد ‪ ، 24 ،‬ص ‪. 18‬‬
‫(‪ )4‬مموع الفتاوى ‪. )18/295( ،‬‬
‫(‪ )5‬لسان العرب ‪ )276/ 8( ،‬؛ القاموس الحيط ‪ ،‬ص ‪. 971‬‬
‫(‪ )6‬لسان العرب ‪. )8/280( ،‬‬
‫(‪ )7‬لسان العرب ‪ )8/15( ،‬؛ القاموس الحيط ‪. 942 ،‬‬
‫(‪ )8‬لسان العرب ‪ : )8/160( ،‬القاموس الفقهي ‪. 180 ،‬‬
‫(‪ )9‬النجد البدي ‪. 987 ،‬‬
‫(‪ )10‬العجم الوسيط (‪ )2/746‬ورمز لا بحدثة ‪ ،‬والراد أنا لفظ استعمله الحدثون ف العصر‬
‫الديث ‪ ،‬وشاع ف لغة الياة العامة ‪.‬‬
‫(‪ )11‬أهل الذمة ‪ :‬هم الكفار الذين يقيمون ف دار السلم إقامة دائمة بأما ٍن مؤبّد ‪ ،‬والعهد هو‬
‫عقد بي السلمي وأهل الرب على ترك القتال مدة معلومة ‪ ،‬والعاهدون هم أهل البلد التعاقد معهم‬
‫‪ ،‬وأهل الرب هم أهل البلد الت غلب عليها أحكام الكفر ول ير بينهم وبي السلمي عهد ‪ ،‬وأما‬
‫الستأمِن فهو الرب الذي يدخل دار السلم بأمانٍ مؤقت لمرٍ يقتضيه ‪ ،‬انظر ‪ :‬الدر النقي ‪ ،‬لبن‬
‫عبد الادي (‪ )1/290‬؛ البدع (‪ )398 ، 3/313‬؛ كشاف القناع (‪. )3/100‬‬
‫(‪ )12‬انظر ‪ :‬الولء والباء ف السلم ‪ ،‬ممد سعيد القحطان ‪. 356 ،‬‬
‫(‪ )13‬صحيح البخاري ‪. 2216 ،‬‬
‫(‪ )14‬أخرجه البخاري ف صحيحه معلقا مزوما به ف باب شراء الملوك من الرب ف كتاب‬
‫البيوع ‪ ،‬وقد وصله أحد ف مسنده (‪ )5/443‬؛ وانظر ‪ :‬فتح الباري (‪ )4/480‬؛ وممع الزوائد (‬
‫‪. )335 / 9‬‬
‫(‪ )15‬أحد ف مسنده (‪ )137 / 5‬؛ الدارمي (‪ )2582‬؛ الترمذي (‪ )1214‬؛ النسائي (‪)4651‬‬
‫؛ ابن ماجه (‪ )2439‬بإسناد على شرط البخاري ‪ ،‬إرواء الغليل (‪. )5/231‬‬

‫‪586‬‬
‫(‪ )16‬صحيح البخاري (‪ )2068‬؛ صحيح مسلم (‪. )1603‬‬
‫(‪ )17‬اقتضاء الصراط الستقيم (‪. )2/15‬‬
‫(‪ )18‬سنن البيهقي كتاب الزية ‪ ،‬باب ما يؤخذ من الذمي ومن الرب إذا دخل بلد السلم بأمان‬
‫‪ ،‬برقم ‪. 19283‬‬
‫(‪ )19‬فتح الباري (‪. )9/280‬‬
‫(‪ )20‬فتح الباري (‪. )4/410‬‬
‫(‪ )21‬أحد (‪ )2/71‬؛ البيهقي (‪ )8/287‬؛ الاكم (‪ ، )4/144‬وحسنه اللبان ف إرواء الغليل ‪،‬‬
‫‪. 1529‬‬
‫(‪ )22‬مموع الفتاوى (‪. )29/275‬‬
‫(‪ )23‬اسمٌ للخيل ‪.‬‬
‫(‪ )24‬البسوط (‪ )89 ، 10/88‬وانظر القدمات لبن رشد (‪ ، )2/154‬ناية الحتاج (‬
‫‪ ، )3/390‬والحلى لبن حزم (‪ )9/65‬؛ فتح القدير ‪ ،‬لبن كمال المام (‪. )5/461‬‬
‫(‪ )25‬انظر ‪ :‬الوساطة التجارية ف العاملت الالية ‪ ،‬الدكتور الطرم ‪. 484 ،‬‬
‫(‪ )26‬انظر ‪ :‬النظام التجاري بالملكة السعودية ‪ ،‬الادة ‪ 18‬؛ معجم الصطلحات القانونية ‪ ،‬لليل‬
‫شيبوب ‪ ،‬مادة ‪ :‬كمسيون ‪ ،‬وكالة ‪.‬‬
‫(‪ )27‬الضروري هو ما يسبب فواته اختلل نظام الياة ‪ ،‬والاجي هو ما يسبب فواته الضيق‬
‫والرج على الناس ‪ ،‬وأما التحسين فهو ما يسبب فواته خروج حياة الناس عن العادات الكرية ‪،‬‬
‫الوافقات ‪ ،‬للشاطب (‪. )11 ، 2/8‬‬
‫(‪ )28‬الشباه والنظائر ‪ ،‬للسيوطي ‪ ، 93‬وابن نيم ‪. 85‬‬
‫(‪ )29‬الشباه والنظائر ‪ ،‬للسيوطي ‪ ، 97‬وابن نيم ‪. 91‬‬
‫(‪ )30‬موطأ المام مالك ‪ ،‬كتاب الزكاة برقم ‪ 621‬؛ السنن الكبى ‪ ،‬للبيهقي ‪ ،‬كتاب الزية ‪،‬‬
‫باب ما يؤخذ من الذمي إذا تر ف غي بلده ‪ ،‬برقم ‪ 19279‬؛ مصنف عبد الرزاق ‪ ،‬كتاب أهل‬
‫الكتاب ‪ ،‬باب ‪ :‬ف صدقة أهل الكتاب (‪ ، )6/99‬وانظر ف هذه السألة ‪ :‬الغن (‪)13/235‬‬
‫والقِطْنيّة بكسر القاف والتشديد واحدة القطان كالعدس والمص ونوها ‪ ،‬انظر ‪ :‬النهاية ف غريب‬
‫الديث (‪. )4/85‬‬
‫(‪ )31‬الوافقات (‪. )4/210‬‬
‫(‪ )32‬الوافقات ‪ ،‬للشاطب ‪. )3/257( ،‬‬
‫(‪ )33‬الوافقات (‪ ، )4/200‬وانظر تفصيل ذلك ف قواعد الوسائل ف الشريعة السلمية ‪ ،‬لصطفى‬
‫مدوم ‪ 370 ،‬فما بعدها ‪.‬‬
‫(‪ )34‬إحكام الفصول ‪ ،‬للباجي ‪ 690 ،‬؛ شرح الكوكب الني ‪ ،‬للفتوحي (‪. )4/434‬‬
‫(‪ )35‬إعلم الوقعي (‪. )159 - 3/137‬‬

‫‪587‬‬
‫(‪ )36‬الفتاوى الكبى ‪. )3/257( ،‬‬
‫(‪ )37‬إعلم الوقعي ‪ )3/135( ،‬؛ القواعد والصول الامعة ‪ ،‬لبن سعدي ‪ ،‬ص ‪. 14‬‬
‫(‪ )38‬انظر ‪ :‬الوافقات (‪. )4/194‬‬
‫(‪ )39‬تفسي القرآن العظيم (‪. )3/351‬‬
‫(‪ )40‬تضمي من مموع الفتاوى (‪. )20/48‬‬
‫(‪ )41‬الوافقات (‪ ، )2/364‬ومن المثلة الت ذكرها ‪ :‬النهي عن البناء على القبور ‪ ،‬وسفر الرأة‬
‫بل مرم ‪ ،‬واللوة بالجنبية ‪ ،‬وتري الزينة على الرأة ف عدة الوفاة ‪ ،‬ومياث القاتل ‪ ،‬وغي ذلك ‪.‬‬
‫(‪ )42‬مموع الفتاوى (‪. )1/164‬‬
‫(‪ )43‬الفروق ‪ ،‬للقراف ‪ ، )2/62( ،‬الفرق الثامن والمسون ‪.‬‬
‫(‪ )44‬القواعد الصغرى ‪ ،‬ص ‪. 100‬‬
‫(‪ )45‬الوافقات ‪. )360 /2( ،‬‬
‫(‪ )46‬مغازي الواقدي ‪ )1/11( ،‬؛ السية لبن هشام (‪ )2/287‬؛ طبقات ابن سعد (‪. )2/7‬‬
‫(‪ )47‬السية لبن هشام ‪ )2/284( ،‬؛ طبقات ابن سعد (‪. )2/908‬‬
‫(‪ )48‬السية لبن هشام ‪ )2/284( ،‬؛ طبقات ابن سعد (‪. )2/9‬‬
‫(‪ )49‬صحيح مسلم ‪ ، 1901‬عن أنس بن مالك رضي ال عنه ‪.‬‬
‫(‪ )50‬السية لبن هشام ‪ )2/284( ،‬وصرح فيه ابن إسحاق بالسماع ؛ والبيهقي ف الدلئل (‬
‫‪ )3/31‬؛ وذكره الافظ ف فتح الباري (‪ )6/334‬وسكت عنه ‪.‬‬
‫(‪ )51‬صحيح البخاري ‪. 7231 ،‬‬
‫(‪ )52‬صحيح البخاري ‪ 4823‬؛ صحيح مسلم ‪. 2798‬‬
‫(‪ )53‬صحيح البخاري ‪ 4372 ،‬؛ صحيح مسلم ‪. 1764 ،‬‬
‫(‪ )54‬السية النبوية ‪ ،‬لبن هشام (‪ )2/381‬معلقا ‪ ،‬وذكره ابن القيم ف زاد العاد (‪. )3/277‬‬
‫(‪ )55‬صحيح البخاري ‪. 7142 ،‬‬
‫(‪ )56‬الدخل الفقهي العام ‪ ،‬للزرقا (‪. )2/1050‬‬
‫(‪ )57‬الشباه والنظائر ‪ ،‬للسيوطي ‪ 134‬؛ وابن نيم ‪. 124 ،‬‬
‫(‪ )58‬صحيح البخاري ‪ 4418 ،‬؛ صحيح مسلم ‪. 2769 ،‬‬
‫(‪ )59‬ناية التدريب نظم غاية التقريب ‪. 104 ،‬‬
‫(‪ )60‬بواسطة اقتضاء الصراط الستقيم (‪. )2/19‬‬
‫(‪ )61‬اقتضاء الصراط الستقيم (‪. )2/10‬‬
‫(‪ )62‬هو عبد اللطيف بن عبد الرحن بن حسن بن ممد بن عبد الوهاب رحهم ال جيعا ‪ ،‬ولد‬
‫عام ‪1225‬هـ سكن مصر وأخذ عن علمائها وعلماء الدعوة السلفية ‪ ،‬له عدة مؤلفات ‪ ،‬من تلقى‬
‫عنه الشيخ حد بن عتيق ‪ ،‬والشيخ سليمان بن سحمان ‪ ،‬توف سنة ‪1292‬هـ ‪.‬‬

‫‪588‬‬
‫(‪ )63‬الدرر السنيّة (‪. )8/340‬‬
‫(‪ )64‬صحيح البخاري ‪ 5351‬؛ صحيح مسلم ‪. 1002‬‬
‫(‪ )65‬مموع الفتاوى (‪. )7/43‬‬
‫(‪ )66‬الختيارات الفقهية ‪. 311‬‬
‫========================‬
‫الغرب والسلم‬
‫(‪)1‬‬
‫أحقاد وافتراءات‪ ..‬لا تاريخ‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫مشكلتنا‪ ،‬ف مواجهة الجوم على السلم‪ ،‬والساءة إل رسولنا {‪ ،‬وخاصة تلك الت تتكرر من‬
‫دوائر سياسية ودينية وإعلمية ف الغرب‪ ..‬أننا نتعامل مع هذه الجمات والساءات تعاملً غي‬
‫صحي‪ ،‬يتسم ف أغلب الحيان‪ ،‬بالتجزيئية والوسية والنفعالت‪ ،‬الت سرعان ما تتبخر‪ ،‬مع بقاء‬
‫الواقف العادية على حالا‪ ..‬بل ربا هي ف تصاعد وازدياد‪..‬‬
‫ل لذه الشكلة‪ ،‬فإن العقل السلم‪ ،‬ومؤسسات العلم والعلم السلمية‪ ،‬عليها أن تعي عددا من‬ ‫وح ً‬
‫القائق‪ ،‬الت تثل ثوابت حاكمة أو يب أن تكون حاكمة لواقفنا إزاء هذه الجمات‪.‬‬
‫وأول هذه القائق‪ :‬هي إدراك الذور العميقة للعداء للسلم عند الخرين‪ ..‬فمنذ ظهور السلم‬
‫بدأ العداء له‪ ،‬والتهجم عليه‪ ،‬والفتراء على رسوله {‪ .‬ولقد سجل القرآن الكري‪ ،‬وسجلت السية‬
‫النبوية‪ ،‬هذه القيقة‪ ،‬باعتبارها سنة من سنن التدافع بي الق والباطل‪ :‬ول يزالون يقاتلونكم حت"‬
‫يردوكم عن دينكم إن استطاعوا (البقرة‪ ،)217:‬ود كثي من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد‬
‫إيانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبي لم الق فاعفوا واصفحوا حت" يأت ال بأمره‬
‫إن ال على" كل شيء قدير ‪( 109‬البقرة)‪ ،‬يريدون ليطفئوا نور ال بأفواههم وال متم نوره ولو كره‬
‫الكافرون (‪( )8‬الصف)‪ ،‬إن الذين كفروا ينفقون أموالم ليصدوا عن سبيل ال فسينفقونا ث تكون‬
‫عليهم حسرة ث يغلبون والذين كفروا إل" جهنم يشرون ‪( 36‬النفال)‪ ...‬ولقد اعترف كثي من‬
‫الغربيي بقدم العداء الغرب للسلم‪ ،‬حت قال القائد والكاتب النليزي "جلوب باشا" (‪1897‬‬
‫‪1986‬م)‪" :‬إن تاريخ مشكلة الشرق الوسط أي مشكلة الغرب مع الشرق السلمي إنا يعود إل‬
‫القرن السابع اليلدي"! أي إل ظهور السلم!!‬
‫فنحن إذن أمام موقف ثابت وقدي‪ ..‬ولسنا أمام مقال هنا ورسم "كاريكاتوري" هناك‪ ..‬ومن ثّ‬
‫فنحن ف حاجة إل استراتيجية ثابتة ودائمة لواجهة هذا العداء وهذه الجمات‪.‬‬

‫‪589‬‬
‫والقيقة الثانية‪ :‬هي أن هذا الغرب الذي تأت منه أغلب هذه الجمات ليس كتلة واحدة ول موقفا‬
‫واحدا إزاء السلم‪ ..‬صحيح أن الكاذيب والفتراءات تل الكتب الدرسية الغربية حت لقد‬
‫رُصدت هذه الكاذيب ف مشروع بثي أنز ف ألانيا‪ ،‬فبلغت ثانية ملدات!!‪ ..‬وصحيح أن هذه‬
‫الكاذيب تنتشر ف الثقافة الشعبية الغربية الت تصور السلمي عبدة للثالوث!!‪ ..‬وتصور رسول‬
‫السلم { كاردينا ًل كاثوليكيا رشح نفسه ف انتخابات البابوية‪ ،‬فلما رسب أحدث انشقاقا هو‬
‫الكب والخطر ف تاريخ النصرانية!!‪ ..‬إل آخر مزون ثقافة الكراهية السوداء ف الجتمعات الغربية‬
‫إن كان له آخر! ‪ ...‬لكن‪ ..‬ومع هذا‪ ..‬فإن هناك عددا كبيا من علماء الغرب ومفكريه قد قادتم‬
‫عقولم إل احترام السلم والثناء على حضارته‪ ،‬والنصاف لتاريخ المة السلمية‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فعلينا أن نواجه الفتراءات الغربية بشروع فكري نقدم فيه للغرب وعلى نطاق واسع‪...‬‬
‫شهادات هؤلء العلماء والفكرين الغربيي‪ ،‬النصفة للسلم‪ ،‬وذلك من باب "وشهد شاهد من‬
‫أهلها"‪ ..‬فالمر الؤكد أن هذه الشهادات ستكون أجدى وأفعل ف كشف الزيف الذي تثله حلت‬
‫العداء والتشويه للسلم‪..‬‬
‫والقيقة الثالثة‪ :‬هي أن أفكار المود والتقليد والغضب والعنف‪ ،‬الت ل تلو منها متمعاتنا‬
‫السلمية‪ ،‬يسلط أعداؤنا عليها كل الضواء‪ ،‬بل ويبالغون ف تصويرها حت تغطي على تيار الوسطية‬
‫والستنارة والعتدال ف الفكر السلمي وهو التيار الوسع والعرض والعمق وذلك لتشويه كامل‬
‫الصورة السلمية‪ ،‬ولخافة الشعوب الغربية من السلم‪ ،‬فتنخرط وراء حكوماتا الستعمارية ف‬
‫الرب على عال السلم‪ ..‬وف مواجهة ذلك علينا أن نقدم للنسان الغرب مشروعا للتعريف‬
‫بالسلم نترجم فيه الفكر الوسطي السلمي‪ ،‬وأن تقدم هذا الشروع الؤسسات السلمية العروفة‬
‫بالوسطية والتاريخ العريق مثل الزهر الشريف وذلك لنقول لؤلء الخرين‪ :‬هذا هو السلم‪ ،‬لن‬
‫أراد أن يعرف حقيقة السلم‪.‬‬
‫هناك علقة جدلية بي "الدفاع" و"الجوم"‪ ،‬وإذا كان "الدفاع" غي "العتذار"‪ ..‬فإن علينا ونن‬
‫ندافع عن السلم إزاء التهجمات الت توجه إليه‪ ،‬والساءات الت توجه إل رسولنا {‪ ،‬وخاصة من‬
‫دوائر اليمنة السياسية والعلمية الغربية‪ ..‬علينا ونن نعرف الخرين بقائق ساحة السلم وعدالته‬
‫أن نتخذ موقف الجوم على الفكر العنصري والدموي الذي تزخر به الواريث الدينية والضارية‬
‫لدى هؤلء الغربيي الذين يهاجون السلم والذين يبصرون "القشة" ف عيون غيهم‪ ،‬ويتعامون عن‬
‫"الخشاب والشواك" الت تتلئ با عيونم!‪ ..‬وعلى الذين ينتقدون "الطاب الدين السلمي" أن‬
‫ينظروا أولً إل خطاباتم الدينية والثقافية‪ ،‬الطافحة بالعنصرية والدموية والستعلء والتمركز حول‬
‫الذات وإنكار العتراف بالخرين‪...‬‬

‫‪590‬‬
‫كذلك‪ ،‬يب علينا ونن ندافع عن السلم‪ ،‬ونرد سهام خصومه‪ ،‬أن نستخدم سلح الوعي بقائق‬
‫التاريخ‪ ..‬والوعي بقائق الواقع الذي نعيش فيه‪ ..‬فنذّكر الذين يتهمون السلمي بالعدوانية‬
‫والرهاب‪ :‬أن الشرق قد تعرض لعدوان الغرب واستعماره وقهره ونبه منذ ما قبل السلم‪ ..‬وبعد‬
‫ظهور السلم‪ ..‬فالقضية أقدم حت من السلم!‪..‬‬
‫فالغريق والرومان والبيزنطيون قد احتلوا الشرق وقهروه حضاريا ودينيا وثقافيا ولغويا عشرة قرون‬
‫من "السكندر الكب" (‪324 356‬ق‪.‬م) ف القرن الرابع قبل اليلد وحت "هرقل" (‪641 610‬م) ف‬
‫القرن السابع للميلد‪...‬‬
‫لا حررت الفتوحات السلمية أوطان الشرق وضمائر شعوبه من هذا القهر الستعماري‪ ...‬عاد‬
‫الغرب ليختطف الشرق من التحرير السلمي‪ ،‬فشن عليه حلته الصليبية الت دامت قرني من الزمان‬
‫(‪1291 1096‬م)‪ ،‬ول يتورع الغرب إبان هذه الروب الصليبية الت رفع فيها أعلم النصرانية عن أن‬
‫يتحالف مع التتر الوثنيي ضد السلم!‬
‫ولا حررت دول الفروسية السلمية الشرق من جيوش الصليبيي وأزالت قلعهم وكياناتم‬
‫الستيطانية‪ ..‬عاد هذا الغرب الستعماري منذ إسقاط غرناطة (‪1492‬م) إل القيام بغزوته الديثة‪،‬‬
‫فالتف حول العال السلمي‪ ،‬ث أخذ بغزوة بونابرت سنة ‪1798‬م ف ضرب قلب العال السلمي‪،‬‬
‫ومازلنا نعال آثار هذه الغزوة‪ ،‬الت مضى على بدايتها خسة قرون‪ ..‬والت ل يتورع فيها الغرب‬
‫الستعماري الديث عن التحالف مع أعدائه التارييي اليهود الصهاينة ضد السلم والسلمي كما‬
‫سبق وصنع الغرب الصليب بتحالفه مع الوثنية التترية ف العصر الوسيط!‬
‫ث‪ ...‬على الغرب الستعماري أن ينظر قبل اتامه السلم وأمته بالعدوانية والرهاب!‪ -‬أن ينظر إل‬
‫خريطة الواقع الذي نعيش فيه‪..‬‬
‫فشركات الغرب العابرة للقارات والنسيات‪ ،‬تنهب ثروات العال السلمي وموارده الام بأرخص‬
‫السعار‪ ،‬ف الوقت الذي يصدرون فيه إلينا سلع الستهلك الترف والترف الستهلكي بأغلى‬
‫السعار‪ ..‬ويعملون على حرماننا من التنمية والتقنية وامتلك أدوات القوة الصناعية!‬
‫والقواعد العسكرية الغربية تغطي أغلب بلد العال السلمي‪ ..‬حت لقد تولت بلد عربية وإسلمية‬
‫إل قواعد عسكرية!!‪ ..‬ول شيء غي القواعد!!‪ ..‬وذلك لراسة النهب القتصادي‪ ،‬والعدوان على‬
‫سيادة الدول السلمية!‬
‫والساطيل الربية الغربية غدت تتل بارنا وميطاتنا‪ ..‬بل وتولت مناطق من عال السلم إل‬
‫مدافن للنفايات القاتلة‪ ..‬بعد أن تولت شعوبنا وزراعاتنا إل حقول تارب للفاسد والضار من‬
‫السدة والبيدات والدوية!!‬

‫‪591‬‬
‫والغرب‪ ،‬الذي يرم شعوب السلم دون غيها من حق تقرير الصي‪ ..‬هو الذي يعطي هذا الق‬
‫للقليات الت هي جزء أصيل من الشعوب السلمية‪ ،‬حت غدا هذا الق لول مرة ف تاريخ الشرعية‬
‫الدولية‪ ..‬أداة تفتيت للدول ذات السيادة بدلً من أن يكون أداة لتحرير الشعوب من الستعمار‪ ،‬ما‬
‫حدث ويدث ف "تيمور الشرقية" وف جنوب السودان‪.‬‬
‫يدث ذلك ف واقعنا السلمي‪ ..‬بينما ل تد ف الغرب جنديا مسلما‪ ..‬ول شركة إسلمية‪ ،‬ول‬
‫حت سفينة إسلمية لصيد الساك!! ومع ذلك يتحدثون عن عدوانيتنا وإرهابنا‪ ..‬غافلي ومتغافلي‬
‫عن حقائق التاريخ‪ ،‬وحقائق الواقع الذي نعيش فيه‪ ..‬فهل نعي نن دور هذا الوعي بالتاريخ الواقع ف‬
‫هذا الصراع؟!‬
‫فصل جديد‪ ..‬وليس الخي!‬
‫ف ‪ 30‬سبتمب سنة ‪2005‬م نشرت إحدى الصحف الداناركية "بولندس بوسطن" رسوما‬
‫كاريكاتورية مسيئة إل رسول ال {‪ ..‬وكانت هذه الرسوم ثرة "لسابقة" أجرتا الصحيفة بي‬
‫رسامي "الكاريكاتور" ليتخيلوا ويرسوا رسول السلم‪ ،‬ف الصورة الت رستها ف ميلتهم ثقافتهم‬
‫الغربية وتراثهم عن رسول السلم‪ ..‬وكانت الصيلة اثن عشر رسا‪ ،‬منها ذلك الرسم الذي يصور‬
‫رسول السلم { معتمرا عمامة ف شكل قنبلة!!‬
‫نعم‪ ..‬فرسول السلم العادل‪ ،‬والتوحيد الالص‪ ،‬والرفق بالطبيعة والمال‪ ،‬فضلً عن النسان‬
‫واليوان والنبات‪ ،‬قد صورته الثقافة السائدة ف التراث الغرب "إرهابيا"‪ ،‬نشر دينه بالسيف والدم‪..‬‬
‫وها هي تعاليمه الن السلم قد غدت "الرهاب" الذي يشيعه ف العال أتباعه "الرهابيون"!!‬
‫وعندما استفزت هذه الرسوم سفراء الدول العربية والسلمية ف "كوبنهاجن" عاصمة الدانارك‬
‫ودعتهم السفية الصرية للجتماع والحتجاج‪ ..‬وطلبوا مقابلة رئيس الوزراء الداناركي‪ ،‬رفض‬
‫مقابلتهم‪ ،‬قائلً‪ :‬إن ما نشرته الصحيفة ل يرج عن حدود القانون‪ ..‬وإن الكومة الداناركية ل‬
‫تتدخل فيما هو من حرية التعبي!‬
‫ومع تسرب أنباء هذه الرسوم إل أجهزة العلم ف البلد السلمية‪ ،‬غضبت الماهي لرسولا‬
‫الكري‪ ،‬ولقدسات دينها النيف‪ ،‬فعقدت الؤترات‪ ،‬وصدرت البيانات‪ ،‬واندلعت الظاهرات‪ ،‬وسقط‬
‫الشهداء‪ ..‬وبدأ جهور الناس ف مقاطعة البضائع الداناركية‪ ..‬وانرطت قطاعات من النخبة ف‬
‫الكتابة والطابة دفاعا عن العقائد والقدسات‪.‬‬
‫لكن رد الفعل الغرب ف العلم وف مؤسسات التاد الوروب والكومات الغربية‪ ،‬كان ف ممله‬
‫سلبيا‪ ..‬بل ومعاديا‪ ..‬فصحف كثية ف فرنسا وإيطاليا وألانيا وهولندا وإسبانيا واستراليا والنرويج‬
‫وروسيا فضلً عن إسرائيل قد أعادت نشر الرسوم السيئة إل رسول السلم‪ ..‬ومفوضية التاد‬
‫الوروب تضامنت مع الدانارك‪ ،‬بجة أن حرية التعبي يب أل تتقيد برمات مقدسات السلم‪ ..‬بل‬

‫‪592‬‬
‫وهددت هذه الفوضية الدول السلمية الت تقاطع البضائع الداناركية بتطبيق العقوبات عليها‪ ،‬لن‬
‫مقاطعة الدانارك هي مقاطعة لكل دول التاد الوروب المس والعشرين!!‪ ..‬ووصل المر إل حد‬
‫أن أحد الوزراء ف إيطاليا دعا إل شن حرب صليبية ضد السلم والسلمي‪ ..‬وإل طبع هذه الرسوم‬
‫السيئة إل رسول السلم على القمصان ليتديها ويتزين با الوروبيون!!‬
‫وهكذا انشغل العال بوقائع أحدث فصول الهانات الغربية لقدسات السلم!‬
‫* * * *وف الساحة السلمية‪ ..‬ظن كثيون أن هذا الادث الغريب هو حادث مفاجئ‪ ..‬وشاذ‪..‬‬
‫وليست له سابقة ول نظي ف التاريخ‪ ..‬بينما ظن آخرون أن هذا الوقف الغرب‪ ،‬الذي يستبيح إهانة‬
‫العقائد والقدسات الدينية السلمية‪ ،‬بدعوى حرية التعبي الت يراها "قيمة مطلقة" تعلو على غيها‬
‫من القيم حت إنا غي قابلة للنقاش!‪ ...‬ظنوا أن ذلك الوقف الغرب هو موقف حديث‪ ،‬أثرته‬
‫العلمانية الغربية الت سادت ف السياسة والدولة والجتمعات الغربية منذ القرن الثامن عشر والت‬
‫نزعت القداسة عن كل مقدسات الديان‪ ..‬والت تطورت ف ما بعد الداثة إل نزع القداسة حت‬
‫عن منظومة القيم والخلق‪.‬‬
‫لكن الذي تريد أن تقدمه هذه الدراسة‪ ،‬من خلل "الوقائع‪ ..‬والوثائق‪ ..‬والشهادات الغربية ذاتا" هو‬
‫البهنة على أن عداء الغرب للسلم‪ ،‬وتعمده إهانة مقدساته وف القدمة منها رسوله العظيم‪ ..‬وقرآنه‬
‫الكري هو عداء وافتراء له تاريخ!‪ ..‬وأن تاريخ الغرب ف اقتراف هذه الرائم سابق حت على علمنة‬
‫الفكر الغرب والجتمعات الغربية‪ ..‬بل إن هذا الوقف الغرب من السلم إنا يعود إل ظهور‬
‫السلم!!‬
‫لقد قالا النرال النليزي "جلوب باشا" اللفتنانت جنرال جون باجوت (‪1986 1897‬م) والذي‬
‫سبق أن عمل قائدا للجيش الردن حت سنة ‪1956‬م‪ ..‬قالا ف لظة صدق فجاءت معبة أصدق‬
‫التعبي عن تاريخ الغرب ف العداء للسلم‪ ..‬لقد قال‪" :‬إن تاريخ مشكلة الشرق الوسط أي مشكلة‬
‫الغرب مع الشرق السلمي إنا يعود إل القرن السابع للميلد"!! أي إل ظهور السلم‪.‬‬
‫ليس غربا واحدا‬
‫وقد حرصنا دائما‪ ،‬وف كل ما كتبناه عن مواقف الغرب من السلم وحضارته وأمته‪ ،‬على ضرورة‬
‫التمييز ف الغرب بي‪:‬‬
‫‪ 1‬النسان الغرب‪ :‬الذي ل مشكلة له مع السلم وأمته وحضارته‪ ..‬والذي يتفهم ديننا وقضايانا‬
‫عندما تعرض عليه بنطق وموضوعية‪ ..‬والذي لنا من بي علمائه ومفكريه العشرات‪ ،‬بل والئات‬
‫الذين تدثوا عن السلم وحضارته بوضوعية وإنصاف حت إننا نتعلم من كتاباتم‪ ..‬نن السلمي‬
‫الكثي‪..‬‬

‫‪593‬‬
‫‪ 2‬والعلم الغرب‪ :‬الذي هو مشترَك إنسان عام‪ ،‬استفادت فيه النهضة الوروبية الديثة من تراث‬
‫السلم العلمي والضاري‪ ،‬كما سبق واستفاد السلمون فيه من تراث الضارات القدية الغريقية‪..‬‬
‫والندية‪ ..‬والفارسية الت أحيا مواريثها السلم‪..‬‬
‫‪ 3‬ومؤسسات اليمنة الغربية‪ :‬تلك الت تتركز مشكلة السلم والسلمي معها‪ ،‬ل لنا غربية‪ ،‬وإنا‬
‫لنا "إمبيالية"‪ ،‬سبق لا أن استعمرت الشرق ونبته اقتصاديا‪ ،‬وقهرته دينيا وسياسيا وثقافيا لدة‬
‫عشرة قرون من "السكندر الكب" (‪323 356‬ق‪.‬م) ف القرن الرابع قبل اليلد وحت "هرقل" (‪610‬‬
‫‪641‬م) ف القرن السابع للميلد!‬
‫فلما ظهر السلم‪ ،‬وحررت فتوحاته أوطان الشرق من هذا الستعمار والقهر الغرب الغريقي‪..‬‬
‫الرومان‪ ..‬البيزنطي عاد هذا الغرب تت أعلم الصليب‪ ،‬و"بأيديولوجية" الرب الدينية القدسة‬
‫ليحارب الشرق‪ ،‬ويشن عليه العديد من الملت العسكرية‪ ،‬الت شاركت فيها دول الغرب وإماراته‬
‫وفرسان إقطاعه‪ ،‬بقيادة الكنيسة الكاثوليكية‪ ..‬ولقد استمرت هذه الملت الصليبية‪ ،‬والكيانات‬
‫الستيطانية والحللية الت أقامتها ف قلب العال السلمي قرني من الزمان (‪690 489‬ه ‪1096‬‬
‫‪1291‬م)‪.‬‬
‫وعندما نضت دول الفروسية السلمية الدولة "الزنكية النورية" (‪648 521‬ه ‪1250 1127‬م)‪..‬‬
‫والدولة "اليوبية" (‪648 567‬ه ‪1250 1171‬م)‪ ..‬والدولة "الملوكية" (‪784 648‬ه ‪1382 1250‬م)‪..‬‬
‫عندما نضت دول الفروسية السلمية هذه فحررت عال السلم من آثار هذه الملت الصليبية‬
‫الغربية‪ ..‬بدأ الغرب دورة جديدة من دورات صراعه التاريي ضد السلم والسلمي‪ ،‬وذلك لعادة‬
‫اختطاف الشرق من التحرير السلمي‪ ..‬فكانت الروب الت أسقطت "غرناطة"‪ ،‬واقتلعت السلم‬
‫من الندلس (‪897‬ه ‪1492‬م) لتبدأ غزوة المسمائة عام!‪ ..‬الغزوة الغربية الديثة للشرق السلمي‪،‬‬
‫الت ل تزال وقائعها قائمة حت هذه اللحظات!‪.‬‬
‫لقد بدأت هذه الغزوة الغربية الديثة باللتفاف حول العال السلمي حول إفريقيا (‪902‬ه ‪1497‬م)‬
‫واحتلل الكثي من البلد السلمية ف شرقي آسيا الند ‪ ..‬والفلبي‪ ..‬وإندونيسيا‪ ..‬ث استدارت‬
‫لضرب قلب العال السلمي العال العرب ابتداء من حلة "بونابرت" (‪1821 1769‬م) على مصر‬
‫والشام (‪1213‬ه ‪1798‬م)‪.‬‬
‫ولكي يدرك الذين ل يدركون وعي الغرب بذا التاريخ‪ ..‬بل واحتفاله بذكرياته‪ ..‬يكفي أن نعلم أن‬
‫الغرب قد احتفل برور خسمائة عام على إسقاطه "غرناطة" واقتلعه السلم من غرب أوروبا‬
‫الندلس احتفل بذلك سنة ‪1992‬م‪ ،‬وذلك بإقامة "دورة أولبية" ف "برشلونة" سنة ‪1992‬م أي ف‬
‫مكان الدث!! وذهب العال بن فيه السلمون! ليلعبوا على أنغام الذكريات الغربية بالنتصار على‬
‫السلم‪ ..‬وببدء الغزوة الغربية الديثة لعال السلم من ذات الكان أيضا البتغال ! وليشاهدوا مع‬

‫‪594‬‬
‫اللعاب الفلم والسرحيات الت تتحدث عن هذه الحداث‪ ،‬ف مسلسل الصراع الغرب ضد‬
‫السلم!‪ ..‬بل وف العام نفسه (‪1992‬م) شن الغرب حربه بقيادة الصرب ضد البوسنة والرسك‪،‬‬
‫لقتلع السلم من وسط أوروبا‪ ،‬ف الذكرى المسمائة لقتلعه من غرب أوروبا‪.‬‬
‫إذن‪ ..‬فمع هذه الؤسسات الستعمارية الغربية‪ ،‬ومع هذا الشروع "المبيال" الغرب‪ ،‬الطامع ف‬
‫اغتصاب الشرق ونب ثرواته وتغريب ثقافته وقهر حضارته ومسخ هويته‪ ،‬تتركز مشكلتنا ف العلقة‬
‫بالغرب‪ ..‬وليس مع النسان الغرب أو العلم الغرب‪.‬‬
‫وذلك حت ل نضع الميع ف "سلة واحدة"‪ ،‬غافلي عن النهج القرآن ف التعامل مع الخرين كل‬
‫الخرين‪ :‬ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات ال آناء الليل وهم يسجدون ‪( 113‬آل‬
‫عمران)‪.‬‬
‫وإذا كنا قد نشرنا العديد من الكتب الكبية والتوسطة‪ ..‬والصغية عن تاريخ الغرب معنا نن‬
‫السلمي ‪ ..‬على امتداد قرون هذا الصراع الذي فرضوه علينا‪ ..‬فإن هدف هذه الدراسة الوجزة هو‪:‬‬
‫‪ 1‬إيراد الوقائع والشهادات الغربية‪ ،‬والقائق التاريية‪ ،‬الت تكي تاريخ الفتراءات الغربية على‬
‫السلم‪ ،‬والعداء والعدوان على مقدساته‪..‬‬
‫‪ 2‬ولتكون هذه الوقائع والشهادات والقائق التاريية ف صدر جداول أعمال أية حوارات بي‬
‫السلمي والغربيي‪ ..‬وذلك لتكون هذه الوارات علجا "للمرض" وليست وقوفا عند العرض‪..‬‬
‫فضلً عن أن تكون كحالا اليوم "علقات عامة" و"ماملت"‪.‬‬
‫إن التناول الشجاع لقائق العلقات بي الغرب والشرق‪ ،‬هو الكفيل بفتح البواب ولو ببطء وتدرج‬
‫لتصحيح مسارات هذه العلقات‪ ..‬وهو وحده الكفيل بتصحيح الفاهيم الاطئة‪ ،‬وإعادة بناء الصور‬
‫لدى الفرقاء الختلفي‪.‬‬
‫الغرب والسلم ‪ ..‬افتراءات لا تاريخ (‪ )2‬القرآن والرسول صلى ال عليه وسلم ف الخزون الثقاف‬
‫الغرب د‪.‬ممد عمارة‬
‫‪"=FPRIVATE "TYPE=PICT;ALT‬‬
‫ممد عمارة‬
‫ف كتاب مترجم عن اللانية‪ ،‬كتبه عالان سويسريان ها "هوبرت هيكومر" و"جينوت روتر"‬
‫يقولن عن الصورة الغربية‪ ،‬الشائعة والستكنة ف التراث الغرب‪ ،‬عن رسول السلم صلى ال عليه‬
‫وسلم‪:‬‬
‫"لقد اعتب السيحيون الوروبيون ممدا رجلً عاش حياة داعرة‪ ،‬وتاوز خبثه كل حدود الدناءة‬
‫والنطاط‪ ..‬ول يتورع خيالم عن الدعاء بأن رسول السلم كان ف الصل كاردينالً كاثوليكيا‪،‬‬
‫تاهلته الكنيسة ف انتخابات البابا‪ ،‬فقام بتأسيس طائفة ملحدة ف الشرق انتقاما من الكنيسة‪..‬‬

‫‪595‬‬
‫واعتبت أوروبا السيحية‪ ،‬ف القرون الوسطى‪ ،‬ممدا الرتد الكب عن السيحية‪ ،‬الذي يمل وزر‬
‫انقسام نصف البشرية عن الديانة السيحية‪)1(!!"...‬‬
‫وبشهادة الستشرق الفرنسي الشهي "مكسيم رودنسون" (‪2004 1915‬م)‪:‬‬
‫"فلقد حدث أن الكتاب اللتي‪ ،‬الذين أخذوا بي سنة ‪1100‬م وسنة ‪1140‬م على عاتقهم إشباع‬
‫الاجة لدى النسان العامي‪ ،‬أخذوا يوجهون اهتمامهم نو حياة ممد‪ ،‬دون أي اعتبار للدقة‪،‬‬
‫فأطلقوا العنان "لهل اليال النتصر"‪ ...‬فكان ممد "ف عرفهم"‪ :‬ساحرا‪ ،‬هدم الكنيسة ف إفريقيا‬
‫والشرق عن طريق السحر والديعة‪ ،‬وضمن ناحه بأن أباح التصالت النسية‪ ..‬وكان ممد "ف‬
‫عرف تلك اللحم"‪ :‬هو صنمهم الرئيس‪ ،‬وكان معظم الشعراء الوالة يعتبونه كبي آلة "السراسنة"‬
‫(البدو)‪ ،‬وكانت تاثيله "حسب أقوالم" تصنع من مواد غنية‪ ،‬وذات أحجام هائلة‪!!..‬‬
‫لقد اعتُب السلم‪ ،‬ف العصور الوسطى نوعا من النشقاق الدين‪ ،‬أو هرطقة ضمن السيحية‪ .‬وهكذا‬
‫رآه "دانت" (‪1321 1295‬م)‪)2(...‬‬
‫تلك هي صورة السلم ورسوله ف الثفافة الشعبية الوروبية‪ ،‬الت تبلورت وشاعت منذ العصور‬
‫الوسطى‪ ..‬قبل العلمانية‪ ..‬وقبل أن يعرف الغرب شيئا اسه "حرية التعبي"!‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وإذا كانت اللحم الشعبية إنا تثل أكب الكونات لثقافة جهور أية أمة من المم أو حضارة من‬
‫الضارات‪ ،‬فإن "ملحمة رولند" الشعبية حوال سنة ‪1000‬م تصور السلمي الذين يبلغ التوحيد‬
‫الدين لللوهية عندهم أرقى درجات التنيه والتجريد‪ ،‬فكل ما خطر على بالك‪ ،‬فال ليس كذلك!‬
‫تصورهم هذه اللحمة الشعرية الشعبية الوروبية وثنيي‪ ،‬يعبدون ثالوث‪:‬‬
‫‪ 1‬أبولي ‪...Apollin‬‬
‫‪ 2‬تي فاجانت ‪...Tervagant‬‬
‫‪ 3‬ممد ‪)mahamed.(3‬‬
‫* * *(‪)3‬‬
‫وإذا كان الدين واللهوت والفلسفة الدينية قد لعبت دورا بارزا ف تكوين العقل الغرب والثقافة‬
‫الوروبية ف عصورها الوسطى‪ ..‬فإن "القديس الفيلسوف" "توما الكوين" (‪1274 1225‬م) وهو‬
‫أكب فلسفة الكاثوليكية عب تاريها قد صور لقومه رسول السلم صلى ال عليه وسلم فقال‪:‬‬
‫"لقد أغوى ممد الشعوب من خلل وعوده لا بالتع الشهوانية‪ ..‬وحرّف جيع الدلة الواردة ف‬
‫التوراة والناجيل من خلل الساطي والرافات الت كان يتلوها على أصحابه‪ ،‬ول يؤمن برسالته إل‬
‫التوحشون من البشر الذين كانوا يعيشون ف البادية"‪)4(.‬‬

‫‪596‬‬
‫أما رأس البوتستانتية "مارتن لوثر" (‪1546 1483‬م) فلقد قال عن رسول السلم الذي جعل الياء‬
‫شعبة من شعب اليان‪ ..‬والعفة ثابتا من ثوابت القيم السلمية‪ ..‬قال "مارتن لوثر" عن هذا الرسول‬
‫الكري‪:‬‬
‫"إن ممدا هو خادم العاهرات‪ ،‬وصائد الومسات"!!!(‪)5‬‬
‫* * *(‪)4‬‬
‫وإذا كانت "الكوميديا اللية" الت كتبها الشاعر اليطال الشهر "دانت" (‪1321 1295‬م) قد غدت‬
‫معلما من معال ثقافة أوروبا منذ عصر النهضة وحت هذه اللحظات‪ ..‬ونصا يدرسه الطلب ف‬
‫الدارس والامعات‪ ..‬فإن هذه (الكوميديا اللية) قد وضعت رسول السلم صلى ال عليه وسلم‬
‫وعلي ابن أب طالب كرّم ال وجهه‪:‬‬
‫"ف الفرة التاسعة‪ ،‬ف ثامن حلقة من حلقات جهنم‪ ..‬لنم بنظر "دانت" من أهل الشجار والنفاق‪،‬‬
‫الذين تقطعت أجسادهم ف سعي الكوميديا اللية"!!(‪)6‬‬
‫* * *(‪)5‬‬
‫وإذا كانت هذه الشارات وهي مرد إشارات تفصح عن عناوين الصورة الشعبية والدينية لرسول‬
‫السلم صلى ال عليه وسلم ف ثقافة أوروبا العصور الوسطى‪ ..‬وبدايات عصر النهضة فإن هذه‬
‫الصورة ل تتبدل ول تتعدل ف فكر "التنوير الغرب"‪.‬‬
‫ففيلسوف التنوير الغرب "فولتي" (‪1778 1694‬م) الذي قدمه الغرب‪ ..‬وقدمه الثقفون العلمانيون ف‬
‫بلدنا‪ ..‬باعتباره نوذج الشجاعة "الفكرية"‪ ..‬الستعد للموت ف سبيل حرية الخرين هو الذي كتب‬
‫عن رسول السلم صلى ال عليه وسلم مسرحيته "التعصب أو ممد الرسول"‪ ،‬فجعل فيها من‬
‫رسول ال نوذجا للتعصب!! رغم اعتراف الرسول بكل الخرين‪ ،‬حت الذين ينكرون نبوته‬
‫ويكفرون بدينه! وتقنينه‪" :‬أن لم ما للمسلمي‪ ،‬وعليهم ما على السلمي‪ ،‬وعلى السلمي ما عليهم‪،‬‬
‫حت يكونوا للمسلمي شركاء فيما لم وفيما عليهم"‪.‬‬
‫كما أخفى "فولتي" ف هذه السرحية جبنه أمام الكنيسة ‪ ،‬وخوفه من مهاجة السيحية أو نقدها‪،‬‬
‫بالجوم على السلم ورسول السلم!‬
‫ول يكشف حقيقة هذا الذي جعلوه فيلسوفا للحرية والتنوير سوى رائد اليقظة السلمية الديثة‬
‫جال الدين الفغان (‪1314 1254‬ه ‪1897 1838‬م)‪ ..‬الذي كتب عن "فولتي" و"روسو" (‪1712‬‬
‫‪1778‬م) فقال‪:‬‬
‫"لقد زعما حاية العدل ومغالبة الظلم والقيام بإنارة الفكار وهداية العقول‪ ،‬فنبشا قب "أبيقور الكلب"‬
‫(‪270 341‬ق‪.‬م) وأحييا ما بلي من عظام الدهريي‪ ،‬ونبذا كل تكليف دين‪ ،‬وغرسا بذور الباحية‬
‫والشتراك‪ ،‬وزعما أن الداب اللية جعليات خرافية‪ ،‬كما زعما أن الديان مترعات أحدثها نقص‬

‫‪597‬‬
‫العقل النسان‪ .‬وجهر كلها بإنكار اللوهية‪ ،‬ورفع كل عقيته بالتشنيع على النبياء (برأهم ال ما‬
‫قال) وكثيا ما ألف "فولتي" من الكتب ف تطئة النبياء والسخرية بم والقدح ف أنسابم وعيب ما‬
‫جاؤوا به"!(‪)7‬‬
‫* * *(‪)6‬‬
‫وإذا كان القرآن الكري قد أخب السلمي أنه جاء مصدقا لا بي يديه من الكتب السماوية الت نزلت‬
‫على سائر النبياء والرسلي‪ ..‬وتدث عن صحف إبراهيم‪ ..‬وزبور داود عليهما السلم وقال عن‬
‫توراة موسى عليه السلم إن فيها هدى ونور (الائدة‪ ،)44:‬وعن إنيل عيسى عليه السلم‪ :‬إن فيه‬
‫هدى ونور (الائدة‪.)46:‬‬
‫فقد قال "مارتن لوثر" (‪1546 1483‬م) رأس البوتستانتية الغربية وزعيمها عن القرآن الكري‪:‬‬
‫"أي كتاب بغيض وفظيع وملعون هذا القرآن‪ ..‬مليء بالكاذيب والرافات والفظائع‪ ..‬وإن إزعاج‬
‫ممد‪ ،‬والضرار بالسلمي‪ ،‬يب أن تكون هي القاصد من وراء ترجة القرآن وتعرف السيحيي‬
‫عليه"‪!!)8(.‬‬
‫وقال الشاعر اللان الشهي "جوته" (‪ )1832 1749‬عن هذا القرآن الكري‪:‬‬
‫"إنه الكتاب الذي يكرر نفسه تكرارات ل تنتهي‪ ،‬فيثي اشئزازنا دائما‪ ،‬كلما شرعنا ف قراءته"!!(‪)9‬‬
‫وحت الرجل الذي أنصف نب السلم‪ ،‬وجعله أعظم العظماء "توماس كارليل" (‪1881 1795‬م)‬
‫رأيناه يقول عن القرآن الكري‪:‬‬
‫"إن ممدا شيء والقرآن شيء آخر‪ ،‬فالقرآن هو خليط طويل ومل ومشوش‪ ..‬جاف‪ ..‬وغليظ‪..‬‬
‫باختصار‪ ،‬هو غباء ل يُحتمل"!!(‪)10‬‬
‫فنحن إذن بإزاء عداء لقدس أقداس السلم رسول السلم صلى ال عليه وسلم‪ ...‬وقرآنه الكري ‪...‬‬
‫وهو عداء له تاريخ قدي‪ ..‬وثابت‪ ..‬وطويل‪..‬‬
‫* * *(‪)7‬‬
‫وإذا كنا نكتب اليوم بناسبة إهانة الغرب غرب القرن الادي والعشرين لقدسات السلم‪ ..‬فإن‬
‫الوقائع والمارسات الغربية الت تي وتتهن هذه القدسات هي وقائع ومارسات لا تاريخ قدي‪ ..‬بل‬
‫وسابق حت على ظهور السلم!‪..‬‬
‫فالغرب الذي يهي اليوم مقدسات السلم على الرغم من احترام السلم وتقديسه لكل مقدسات‬
‫جيع الديان‪ ..‬هذا الغرب الستعماري ف طوره الغريقي الرومان البيزنطي هو الذي امتهن‬
‫مقدسات النصرانية الشرقية‪ ،‬واتم عقائدها‪ ،‬واغتصب كنائسها وأديرتا ولقرون عديدة حت جاءت‬
‫الفتوحات السلمية فحررت هذه العقائد والقدسات مع تريرها لوطان أصحابا‪ ..‬وعلى هذه‬
‫القيقة‪ ،‬شهد السقف "ميخائيل السريان" فقال‪:‬‬

‫‪598‬‬
‫"لقد نب الرومان الشرار كنائسنا وأديرتنا بقسوة بالغة‪ ،‬واتمونا دون شفقة‪ ،‬ولذا جاء إلينا من‬
‫النوب أبناء إساعيل لينقذونا من أيدي الرومان‪ .‬وتركنا العرب نارس عقائدنا برية وعشنا ف‬
‫سلم"‪)11(.‬‬
‫وقبل "ميخائيل السريان" شهد السقف "يوحنا النقيوسي" الذي كان شاهد عيان على الفتح‬
‫السلمي لصر‪ ..‬بأن هذا الفتح الذي حرر مصر من الستعمار البيزنطي‪ ،‬إنا كان بثابة العدل اللي‬
‫الذي انتقم ال به من ظلم الرومان‪ ..‬فقال‪:‬‬
‫"إن ال‪ ،‬الذي يصون الق‪ ،‬ل يهمل العال‪ ،‬وحكم على الظالي‪ ،‬ول يرحهم لتجرئهم عليه‪ ،‬وردهم‬
‫إل أيدي الساعيليي (العرب السلمي) ث نض السلمون وحازوا كل مصر‪ ،‬وكان عمرو بن العاص‬
‫يقوى كل يوم ف عمله ويأخذ الضرائب الت حددها‪ ،‬ول يأخذ شيئا من مال الكنائس‪ ،‬ول يرتكب‬
‫شيئا ما سلبا أو نبا‪ ،‬وحافظ على الكنائس طوال اليام‪ ،‬ودخل النبا بنيامي بطرك الصريي مدينة‬
‫السكندرية‪ ،‬بعد هربه من الرومان ثلثة عشر عاما‪ ،‬وسار إل كنائسه‪ ،‬وزارها كلها‪ ،‬وكان كل‬
‫الناس يقولون‪ :‬هذا النفي‪ ،‬وانتصار السلم كان بسبب ظلم هرقل اللك‪ ،‬وبسبب اضطهاد‬
‫الرثوذكس‪ ..‬وهلك الروم لذا السبب‪ ،‬وساد السلمون مصر‪ ..‬وخطب النبا بنيامي (‪39‬ه ‪659‬م)‬
‫ف دير مقاريوس‪ ،‬فقال‪ :‬لقد وجدت ف السكندرية زمن النجاة والطمأنينة اللتي كنت أنشدها‪ ،‬بعد‬
‫الضطهادات والظال الت قام بتمثيلها الظلمة الارقون"‪)12(.‬‬
‫* * *(‪)8‬‬
‫وبعد هذا النقاذ والتحرير "والنجاة والطمأنينة والسلم"‪ ،‬الت حققها السلم لكل عقائد أصحاب‬
‫الديانات ولميع القدسات‪ ..‬جاءت الملت الصليبية الغربية (‪690 489‬ه ‪1291 1096‬م) لتحول‬
‫السجد القصى إل اصطبل خيل وكنيسة لتينية‪ ،‬منتهكة حرمة هذا الرم القدسي الشريف‪ ،‬الذي‬
‫هو عند السلمي أول القبلتي‪ ،‬وثالث الرمي‪ ،‬وأحد الساجد الثلثة الت تنفرد بأن تشد إليها‬
‫الرحال‪ ..‬جاء الصليبيون فحولوه إل اصطبل خيل وكنيس لتين لا يقرب من تسعي عاما (‪492‬‬
‫‪583‬ه ‪1187 1099‬م)‪ ..‬حت حرره صلح الدين اليوب (‪589 532‬ه ‪1193 1137‬م)‪.‬‬
‫* * *(‪)9‬‬
‫وإبان الملة الفرنسية‪ ،‬الت قادها "بونابرت" (‪1821 1769‬م) على مصر (‪1213‬ه ‪1798‬م) دنست‬
‫جيوشه جيوش الثورة الفرنسية الرافعة لعلم الرية والخاء والساواة دنست الزهر الشريف أقدم‬
‫وأعرق الامعات الكبى وأحد الساجد الشهية ف تاريخ السلم ومزقت وداست النود واليول‬
‫‪ ..‬القرآن الكري وكتب السنة النبوية الطهرة‪ ..‬وسكر النود‪ ..‬وبالوا وتغوطوا على هذه القدسات‪،‬‬
‫ف الزهر الشريف‪ ..‬ولقد وصف مؤرخ العصر الشيخ عبدالرحن البت (‪1237 1167‬ه ‪1754‬‬
‫‪1822‬م) هذا الذي اقترفه جنود الملة الفرنسية‪ ،‬فقال‪:‬‬

‫‪599‬‬
‫"لقد دخل أولئك الوعول التيوس إل الامع الزهر وهم راكبون اليل‪ ..‬وداس فيه الشاة بالنعالت‬
‫وهم يملون السلح والبندقيات‪ ،‬وتفرقوا ف صحنه ومقصوراته‪ ،‬وربطوا خيولم بقبلته‪ ،‬وعاثوا ف‬
‫الروقة والجرات وكسروا القناديل والسهارات‪ ،‬وهشّموا خزائن الطلبة‪ ،‬والجاورين والكتبة‪ ،‬ونبوا‬
‫ما وجدوه من التاع والوان والقصاع‪ ،‬والودائع والخبآت‪ ،‬بالدواليب والزانات وشتتوا الكتب‬
‫والصاحف‪ ،‬وعلى الرض طرحوها‪ ،‬وبأرجلهم ونعالم داسوها‪ ،‬وأحدثوا بالسجد وتخطوا‪ ،‬وبالوا‬
‫وتغوطوا‪ ،‬وشربوا الشراب وكسروا أوانيه‪ ،‬وألقوها بصحنه ونواحيه‪ ،‬وكل من صادفوه به عروه‪،‬‬
‫ومن ثيابه أخرجوه‪ ،‬ووجدوا ف بعض الروقة إنسانا فذبوه‪ ،‬ومن الياة أعدموه‪ ،‬وفعلوا بالامع‬
‫الزهر‪ ،‬ما ليس عليهم بستنكر‪ ،‬لنم أعداء الدين وأخصام متغلبون‪ ،‬وغرماء متشمتون‪ ،‬وضباع‬
‫متكالبون‪ ،‬وأجناس متباينون‪ ،‬وأشكال متعاندون‪.‬‬
‫وأعطى تلك الليلة جيش الرحن‪ ،‬فسحة جيش الشيطان"‪)13(.‬‬
‫* * *(‪)10‬‬
‫وتتكرر ذات الفعلة تدنيس الزهر الشريف والقرآن الكري‪ ..‬وكتب السنة النبوية الطهرة على يد‬
‫الستعمار النليزي (‪1338‬ه ‪1919‬م)‪ ..‬فلقد حاول النليز إبان ثورة الشعب الصري ‪1919‬م‬
‫إغلق الامع الزهر ف ‪ 2‬أبريل سنة ‪1919‬م لكن شيخه الشيخ ممد أبوالفضل اليزاوي (‪1263‬‬
‫‪1346‬ه ‪1927 1847‬م) رفض‪ ..‬فاقتحموه ودنسوه ف ‪ 11‬ديسمب سنة ‪1919‬م‪ ..‬ولقد وصف ذلك‬
‫الؤرخ الجة عبدالرحن الرافعي (‪1386 1306‬ه ‪1966 1889‬م) فقال‪:‬‬
‫"لقد وقف ف يوم ‪ 11‬ديسمب سنة ‪1919‬م ‪ 18‬ربيع الول سنة ‪ 1338‬حادث اهتزت له أرجاء‬
‫القاهرة‪ ،‬وأثار عاصفة من السخط والستنكار ف أناء البلد‪ ،‬وهو اقتحام النود النليزية للجامع‬
‫الزهر‪ ،‬لقد دخلوه بنعالم وأسلحتهم مطاردين للمتظاهرين واعتدوا على من صادفوه بالضرب‬
‫واليذاء‪ ،‬فحدث هرج ومرج ف الامع واقتحم النود مكاتب الدارة‪ ،‬وحاولوا كسر البواب ففزع‬
‫الوظفون وحدثت ضجة داخل الامع وخارجه‪)14("...‬‬
‫* * *(‪)11‬‬
‫وإذا كانت الديانات السماوية‪ ،‬وكذلك القواني الوضعية‪ ،‬عب التاريخ النسان‪ ،‬قد تعارفت‬
‫وتوافقت على احترام العهود وتقديس عقود المان وخاصة للسرى الذين يعانون وطأة الزية‬
‫والستضعاف فإن الغرب الستعماري قد احترف نقض عهود المان الت قطعها للسرى السلمي‪..‬‬
‫وذبهم‪ ،‬رغم ما أعطى لم من عهود المان!!"‪.‬‬
‫ففي الروب الصليبية الغربية على السلم والسلمي‪ ،‬رأينا ملكهم الذي يباهون به "ريتشارد قلب‬
‫السد" (‪1199 1189‬م) بذبح ثلثة آلف جندي من أسرى السلمي بعد أن قطع لم عهد المان!‪..‬‬
‫وبشهادة وعبارة الستشرقة اللانية الدكتورة "سيجريد هونكه"‪:‬‬

‫‪600‬‬
‫"فعلى العكس من السلمي الذين شلوا أسرى الصليبيي بروءتم‪ ،‬وأسبغوا عليهم من الود والرحة‬
‫ما صار مضربا للمثل ف التخلق بروح الفروسية العالية ل تعرف الفروسية النصرانية أي التزام خُلقي‬
‫تاه كلمة الشرف أو السرى‪ ،‬فاللك "ريتشارد قلب السد" الذي أقسم بشرفه لثلثة آلف أسي‬
‫عرب أن حياتم آمنة! إذ هو فجأة متقلب الزاج‪ ،‬فيأمر بذبهم جيعا"(‪!!!)15‬‬
‫وف العصر الديث‪ ،‬رأينا "بونابرت" (‪ )1821 1769‬يقترف ذات الرية‪ ،‬جرية الغدر بعهد المان‬
‫الذي قطعه لسرى معركة "يافا" (‪1214‬ه ‪1799‬م)‪ ..‬فلقد ذبح آلف النود السلمي الذين‬
‫استسلموا‪ ،‬والذين أعطاهم عهد المان!!‪ ..‬ولقد وصف الؤرخ الجة عبدالرحن الرافعي هذا الغدر‪،‬‬
‫والنتهاك لقداسة عهود المان‪ ،‬فقال‪ :‬نقلً عن الؤخرين الفرنسيي‪:‬‬
‫"لقد وصل نابليون بيشه تاه يافا يوم ‪ 3‬مارس ‪1799‬م‪ ،‬وكان اليش العثمان بقيادة عبدال باشا‬
‫الزار (‪1219 1132‬ه ‪1804 1720‬م) متنعا با‪ ،‬فحاصرها نابليون بنوده واستول عليها يوم ‪7‬‬
‫مارس‪ ،‬بعد معركة شديدة‪ ،‬قتل فيها من النود العثمانية ‪ 2000‬قتيل‪ ،‬ودخل الفرنسيون الدينة‪،‬‬
‫وأعملوا فيها السيف والنار‪.‬‬
‫لقد نب النود الفرنسيون يافا وارتكبوا فيها من الفظائع ما تقشعر منه البدان باعتراف الؤرخي‬
‫الفرنسيي واستمر النهب والقتل يومي متواليي‪ ،‬واضطر النرال "روبان" ‪ robin‬الذي عينه نابليون‬
‫قائدا للمدينة أن يقتل بعض النود لعادة النظام‪ ،‬فذهب جهده عبثا‪ ،‬ول ينقطع النهب إل بعد أن‬
‫كلّ النود من العتداء وسفك الدماء!!‪.‬‬
‫ول يكد ينقطع النهب لدينة يافا‪ ،‬حت أعقبته مأساة أخرى أشد هولً وفظاعة‪ ،‬ذلك أنه بعد انتهاء‬
‫العركة ودخول الفرنسيي الدينة‪ ،‬كان با من النود العثمانية نو ثلثة آلف مقاتل‪ ،‬آثروا التسليم‬
‫وإلقاء السلح ف يد الفرنسيي بشروط اتفقوا عليها مع اثني من ياوران نابليون‪ ،‬وها "بورها رنيه"‬
‫‪ bearha ranis‬و"كروازييه" ‪ ...Croisier‬ومن هذه الشروط‪ :‬أن تُضمن لم أرواحهم بعد التسليم‪،‬‬
‫وتعهد الياوران بذلك باسم القائد العام "نابليون" وتلقاهم الفرنسيون كأسرى حرب‪ ،‬ولكن نابليون‪،‬‬
‫ل ف أسرهم‪ ،‬وتردد ف شأنم‪ ،‬أمر بإعدامهم جيعا رميا بالرصاص‪ ..‬فسيق أولئك‬ ‫بعد أن فكر طوي ً‬
‫السرى إل شاطئ البحر وأعدموا جيعا رميا بالرصاص"!!(‪)16‬‬
‫* * *(‪)12‬‬
‫وعندما احتلت فرنسا الزائر (‪1346‬ه ‪1830‬م)‪ ...‬ل تنسها علمانيتها التوحشة القد النصران‬
‫الصليب على السلم والسلمي‪ ،‬فاعتبت انتصارها هذا انتصارا للمسيحية على السلم!‪ ..‬وسجل‬
‫رفاعة الطهطاوي (‪1290 1216‬ه ‪1873 1801‬م) هذه القيقة وكان شاهد عيان عليها يومئذ بباريس‬
‫فقال‪:‬‬

‫‪601‬‬
‫"إن الطران الكبي بباريس لا سع بأخذ الزائر‪ ،‬ودخل اللك "شارل العاشر (‪1830 1824‬م) الكنيسة‬
‫يشكر ال على ذلك‪ ،‬جاء إليه الطران ليهنئه على هذه النصرة‪ ،‬فقال‪ :‬إنه يمد ال على كون اللة‬
‫السيحية انتصرت نصرة عظيمة على اللة السلمية ول زالت كذلك"(‪!!)17‬‬
‫وعندما احتفل الفرنسيون العلمانيون برور مائة عام على احتللم للجزائر (‪1349‬ه ‪1930‬م) ماذا‬
‫قالوا ف الطب والكلمات الت عبت عن حقدهم الصليب على السلم‪...‬؟ لقد خطب أحد كبار‬
‫ساستهم فقال‪:‬‬
‫"إننا لن ننتصر على الزائريي ماداموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية‪ ،‬فيجب أن نزيل القرآن من‬
‫وجودهم‪ ،‬وأن نقتلع العربية من ألسنتهم"!!‬
‫وخطب سياسي آخر فقال‪:‬‬
‫"ل تظنوا أن هذه الهرجانات من أجل بلوغنا مائة سنة ف هذا الوطن‪ ،‬فلقد أقام الرومان قبلنا فيه‬
‫ثلثة قرون‪ ،‬ومع ذلك خرجوا منه‪ ،‬أل فلتعلموا أن مغزى هذه الهرجانات هو تشييع جنازة السلم‬
‫بذه الديار‪!!"...‬‬
‫وخطب أحد كرادلة الكنيسة الفرنسية‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"إن عهد اللل ف الزائر قد غب‪ ،‬وإن عهد الصليب قد بدأ‪ ،‬وإنه سيستمر إل البد‪ ..‬وإن علينا أن‬
‫نعل أرض الزائر مهدا لدولة مسيحية مضاءة أرجاؤها بنور مدنية منبع وحيها النيل‪!!"...‬‬
‫* * *(‪)13‬‬
‫وف القرن الادي والعشرين‪ ..‬وبعد احتلل أمريكا للعراق سنة ‪2003‬م بواسطة تالف صليب غرب‬
‫يضاهي الملت الصليبية الول وجدنا رعاة البقر يتعمدون انتهاك كل حرمات السلمي‪ ،‬مركزين‬
‫على حرمت "العرض" و"الدين"‪.‬‬
‫صنعوا ذلك عندما انتهكوا مقدسات العراض للنساء والرجال ومقدسات العقائد ف سجن "أبو‬
‫غريب" وغيه من السجون على النحو الذي سجلت ناذجه الصور الت شاهدها الناس عب‬
‫الفضائيات والصحف والجلت‪...‬‬
‫وصنعوا ذلك ف مدينة "الفالوجة" العراقية ف أكتوبر ‪ -‬نوفمب سنة ‪2004‬م ففي مدينة تعدادها‬
‫‪ 300.000‬ألف أي نو ثلث مليون ومساحتها أربعة كيلومترات ف الطول والعرض‪:‬‬
‫دمر المريكيون ‪ 40‬مسجدا من جلة مساجدها السبعي!‬
‫وأجهزوا على الرحى ف الساجد‪ ..‬ورأى الناس ذلك عب الصور ف الفضائيات!‬
‫ودنسوا ودمروا متويات الساجد با ف ذلك الصاحف وكتب السنة النبوية الطهرة!‬
‫كما استخدموا السلحة الحرمة دوليا مثل الفوسفور البيض‪ ..‬والقنابل العنقودية ضد الدنيي‬
‫البرياء‪ ،‬بن فيهم الطفال والنساء!!‬

‫‪602‬‬
‫وصنع المريكيون ذلك أيضا ف معتقل "جوانتانامو"‪ ..‬حيث دنسوا القرآن الكري‪ ،‬ووضعوا‬
‫صحائفه ف الراحيض!! ليهينوا السرى والعتقلي الذين يقدسون هذا القرآن الكري!‬
‫وصنعوا ذلك ببغداد ف يناير ‪2006‬م عندما اقتحم اليش المريكي مسجد "أم القرى" مقر "هيئة‬
‫علماء السلمي" بالعراق‪ ...‬ودمروا ودنسوا القدسات السلمية با فيها القرآن الكري‪ ...‬وكتب‬
‫السنة النبوية الطهرة‪ ..‬ث رسوا الصليب على جدران هذا السجد!!‬
‫* * *(‪)14‬‬
‫ول يسب أحد أن هذه النماذج وهي مرد ناذج من الوقائع والقائق‪ ،‬قد كانت هي الذروة الت‬
‫توقفت عندها المارسات الغربية ف انتهاك حرمات السلم ومقدساته‪ ..‬فلقد رأينا من القادة‬
‫والسؤولي نعم القادة والسؤولي من يتجاوزون إهانة رسول السلم‪ ..‬والقرآن الكري‪ ..‬وغيها من‬
‫الرموز والقدسات إل حيث الهانة حت للذات اللية!!‬
‫فوزير العدل نعم العدل!! المريكي السابق "جون أشكروفت" يهي رب العالي‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫"إن السيحية دين أرسل الرب فيه ابنه ليموت من أجل الناس‪ ،‬أما السلم‪ ،‬فهو دين يطلب ال فيه‬
‫من الشخص إرسال ابنه ليموت من أجل هذا الله"!(‪)18‬‬
‫والنرال المريكي "ويليام‪ .‬ج‪ .‬بويكن" نائب وزير الدفاع المريكي يطب ف إحدى الكنائس‬
‫وهو بزيه العسكري فيقول‪:‬‬
‫"إن إلنا أكب من إلهم‪ ..‬إن إلنا إله حقيقي‪ ،‬وإله السلمي صنم‪ ..‬وإنم يكرهون الوليات التحدة‬
‫المريكية‪ ،‬لنا أمة مسيحية ‪ -‬يهودية‪ ،‬وحربنا معهم هي حرب على الشيطان‪ ..‬وإن دين السلم‬
‫دين شيطان شرير‪ ..‬وممد هو الشيطان نفسه‪!!)19("...‬‬
‫* * *الوامش‬
‫(‪ )1‬هوبرت هيكومر‪ ،‬جينوت روتر (صورة السلم ف التراث الغرب) ص ‪ ،24 ،23‬ترجة‪ :‬ثابت‬
‫عيد‪ ،‬وتقدي‪ :‬د‪.‬ممد عمارة‪ .‬طبعة دار نضة مصر القاهرة سنة ‪1999‬م‪ ،‬سلسلة "ف التنوير‬
‫السلمي"‪.‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬ممد عمارة (السلم ف عيون غربية‪ :‬بي افتراء الهلء وإنصاف العلماء) ص ‪ ،64‬طبعة دار‬
‫الشروق القاهرة سنة ‪2005‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬صورة السلم ف التراث الغرب‪ ،‬ص ‪.26 ،25‬‬
‫(‪ )4‬الرجع السابق‪ ،‬ص ‪.33 ،32‬‬
‫(‪ )5‬الرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )6‬الرجع السابق‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪603‬‬
‫(‪ )7‬جال الدين الفغان (العمال الكاملة) ص ‪ ،161‬دراسة وتقيق‪ :‬د‪.‬ممد عمارة‪ ،‬طبعة القاهرة‬
‫سنة ‪1968‬م‪.‬‬
‫(‪ )8‬صورة السلم ف التراث الغرب ص ‪.21‬‬
‫(‪ )9‬من نصوص تت الطبع‪ ،‬ترجها الباحث ثابت عيد‪ ،‬مترجم (صورة السلم ف التراث الغرب)‪.‬‬
‫(‪ )10‬الرجع السابق‪.‬‬
‫(‪ )11‬د‪ .‬صبي أبوالي سليم (تاريخ مصر ف العصر البيزنطي) ص ‪ ،62‬طبعة القاهرة‪ ،‬دار عي‪ ،‬سنة‬
‫‪2001‬م‪.‬‬
‫(‪ )12‬السقف يوحنا النقيوسي (تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي‪ :‬رؤية قبطية للفتح السلمي) ص‬
‫‪ ،220 ،202 ،201‬ترجة ودراسة‪ :‬د‪ .‬عمر صابر عبدالليل‪ ،‬طبعة القاهرة دار عي‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫(‪ )13‬البت (مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس" ص ‪ ،72‬تقيق‪ :‬د‪ .‬عبدالرحيم عبدالرحن‬
‫عبدالرحيم‪ .‬طبعة القاهرة‪ ،‬دار الكتب سنة ‪.1998‬‬
‫(‪ )14‬عبدالرحن الرافعي (ثورة سنة ‪1919‬م) ص ‪ ،78 76‬طبعة دار الشعب القاهرة‪.‬‬
‫(‪ )15‬د‪ .‬سيجريد هونكة (ال ليس كذلك) ص ‪ ،34‬طبعة دار الشروق‪ ،‬القاهرة سنة ‪1995‬م‪.‬‬
‫(‪ )16‬عبدالرحن الرافعي (تاريخ الركة القومية) ج‪ ،‬ص ‪ ،30 ،29‬طبعة القاهرة سنة ‪1958‬م‪.‬‬
‫(‪ )17‬رفاعة الطهطاوي (العمال الكاملة) ج ‪ ،2‬ص ‪ ،219‬دراسة وتقيق‪ :‬د‪ .‬ممد عمارة‪ ،‬طبعة‬
‫بيوت‪ ،‬سنة ‪1973‬م‪.‬‬
‫(‪ )18‬صحيفة (الشرق الوسط) لندن ف ‪2002-2-21‬م‪.‬‬
‫(‪ )19‬صحيفة (الياة) لندن ف ‪2003-10-17‬م‪ ،‬وصحيفة (الهرام) القاهرة‪ ،‬ف ‪2003-10-18‬م‪.‬‬
‫الغرب والسلم ‪ ..‬افتراءات لا تاريخ (‪ )3‬الهانات الصهيونية لقدسات السلم د‪.‬ممد عمارة‬
‫ممد عمارة‬
‫(‪)15‬‬
‫أما الهانات الصهيونية لقدسات السلم‪ ،‬فحدث عنها ول حرج!‪..‬‬
‫لقد بدأت مع بداية جرية إقامة الكيان الصهيون على أرض فلسطي سنة ‪1948‬م‪ ،‬وذلك بدم‬
‫خسمائة قرية فلسطينية وتدمي مساجدها‪ ..‬وحت مقابر الموات فيها!!‪ ..‬ث استمرت هذه الهانات‬
‫لتأخذ الن صورة تويد مدينة الرم القدسي الشريف‪ ..‬وتديد السجد القصى‪ ،‬وذلك بالفر تت‬
‫أساساته‪ ،‬وبناء متحف وكنيس يهودي أسفل ساحاته‪ ،‬والتجهيز لدمه‪ ،‬وإقامة هيكل يهودي على‬
‫أنقاضه!!‬
‫وبي هذا الذي بدأ سنة ‪1948‬م وهذا الذي يدث اليوم‪ ،‬كان مسلسل الهانات الت اقترفها‬
‫الستوطنون الصهاينة الدعومون من أمريكا والغرب بق القرآن الكري تزيقا وتدنيسا وبق الساجد‬

‫‪604‬‬
‫بكتابة الشعارات الهينة للسلم والسلمي على جدرانا‪ ...‬وباغتصاب الزء الكب من "الرم‬
‫البراهيمي" بدينة الليل‪ ...‬وحت برسم رسول السلم صلى ال عليه وسلم ف صورة خنير!!‪.‬‬
‫@@@‬
‫(‪)16‬‬
‫ومع كل هذا الذي مثل ويثل "مزونا لثقافة الكراهية السوداء"‪ ،‬تاه السلم ومقدساته وأمته‬
‫وحضارته‪ ..‬ندهم يصدعون رؤوسنا ومعهم العلمانيون والعملء ف بلدنا عن عيوب "الطاب‬
‫السلمي" وعن رفض السلمي للخر!‪ ..‬وتعصبهم إزاء الخرين!!‪ ..‬وندهم يعتمدون اليزانيات‪،‬‬
‫ويارسون الضغوط لتغيي مناهج التعليم ف البلد السلمية‪ ،‬وذلك لتحويل السلم عن طبيعته وجعله‬
‫كما قال "فوكوياما"‪" :‬دينا حداثيا‪ ..‬ليباليا‪ ..‬علمانيا‪ ..‬يقبل البدأ السيحي‪ :‬دع ما لقيصر لقيصر‬
‫وما ل ل"!‬
‫لقد كتب الصحفي المريكي "توماس فريدمان" إبان الرب المريكية على أفغانستان سنة ‪2001‬م‬
‫يقول‪:‬‬
‫"إن الرب القيقية ف النطقة السلمية هي ف الدارس‪ ،‬لذلك يب أن نفرغ من حلتنا العسكرية‬
‫(على أفغانستان) بسرعة‪ ..‬لنعود مسلحي بالكتب‪ ..‬لينمو جيل جديد‪ ،‬يقبل سياساتنا‪ ،‬كما يقبل‬
‫شطائرنا‪)1("...‬‬
‫ول يقل أحد بضرورة أن يبصر الغرب هذا القذى ف عيونه الثقافية الت ينظر با إل السلم!‬
‫إن الكاذيب والغالطات والفتريات ضد السلم ف الكتب الدرسية الغربية الت تكون عقول‬
‫الناشئة ف البلد الغربية قد ملت صفحات ثانية ملدات أنزها مشروع بثي جاد‪ ،‬أشرف عليه‬
‫البوفيسور عبدالواد فلتوري‪ ..‬وطبعتها جامعة "كولن" بألانيا ف أواخر الثمانينيات وأوائل‬
‫التسعينيات من القرن العشرين‪ ..‬فلم ل يتحدث أحد عن ضرورة الراجعة لذا "الطاب التعليمي"‬
‫الليء بالفتريات ضد السلم والسلمي؟!‬
‫وإن الغربيي الذين يناصبون السلم العداء‪ ..‬يتحدثون عن الصول "اليهودية السيحية" لضارتم‬
‫الغربية فلم ل ينظرون إل العنصرية الدموية الت يطفح با الطاب اليهودي ضد جيع الغيار‪ ..‬ذلك‬
‫الذي توله الفتاوى الاخامية على أرض فلسطي إل سياسات للبادة‪ ..‬والغتيالت‪ ..‬والتطهي‬
‫العرقي‪ ..‬والحلل الستيطان على حساب العزل والبرياء من الفلسطينيي؟!‬
‫أل يقرأوا ف أسفار العهد القدي‪:‬‬
‫"وكلم الرب موسى ف عربات موآب على أردنّ أريا قائلً‪ :‬كلم إسرائيل وقل لم‪ :‬إنكم عابرون‬
‫الردن إل أرض كنعان‪ ،‬فتطردون كل سكان الرض من أمامكم‪ ..‬تلكون الرض وتسكنون فيها‪..‬‬
‫وإن ل تطردوا سكان الرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا ف أعينكم ومناخس ف‬

‫‪605‬‬
‫جوانبكم ويضايقونكم ف الرض الت أنتم ساكنون فيها‪ ،‬فيكون أن أفعل بكم كما همت أن أفعل‬
‫بم‪.‬‬
‫سبع شعوب دفعهم الرب إلك أمامك وضربتهم‪ ،‬فإنك ترمهم "تلكهم" ل تقطع لم عهدا ول‬
‫تشفق عليهم‪ ..‬ول تصاهرهم‪ ..‬لنك أنت شعب مقدس للرب إلك‪ .‬إياك قد اختار الرب إلك‬
‫لتكون له شعبا أخص من جيع الشعوب الذين على وجه الرض‪ ..‬مباركا تكون فوق جيع‬
‫الشعوب‪ ..‬وتأكل كل الشعوب الذين الرب إلك يدفع إليك‪ .‬ل تشفق عيناك عليهم‪)2("...‬‬
‫أل يقرأ أحد من هؤلء الذين يبتزون السلمي بالديث عن عيوب خطابم الدين نصوص هذه‬
‫"العنصرية الدموية القدسة"!! الت تولت إل فتاوى حاخامية معاصرة‪ ،‬يقول فيها الاخام العقيد‬
‫أ‪.‬فيدان "زييل"‪" :‬إن الالكاه "الشريعة" تض على قتل حت الدنيي الطيبي"!!(‪)3‬‬
‫أل يبصر أحد شيئا من هذا القذى الذي تطفح به عيون الغرب العنصري "الصليب الصهيون" تاه‬
‫الغيار‪ ..‬وتاه السلم والسلمي على وجه الصوص؟!‬
‫@@@‬
‫(‪)17‬‬
‫ث‪ ..‬هل يكن أن يدخل شيء من هذه الفتراءات والكاذيب والعنصرية ف باب "حرية التعبي"؟!‬
‫إن هذا الفتراء الغرب على السلم ورموزه ومقدساته سابق بقرون طوال على معرفة الغرب لرية‬
‫التعبي!‬
‫وهذه الفلسفة الوضعية العلمانية الت أسس عليها الغرب منذ عصر النهضة حريته ف التعبي‪ ،‬إنا تقوم‬
‫على "نسبية الفكر النسان"‪ ..‬ورفض "الطلقات"‪ ..‬فلم تكن حرية التعبي الاصة بإهانة رموز‬
‫السلم ومقدساته وهي موقف وفكر إنسان من "الطلقات"‪ ،‬الت ل تقبل النقاش؟!‬
‫ول ل يستخدم الغرب كل الغرب هذه الرية ف التعبي عندما يكون المر خاصا بنقد اليهود‪ ..‬أو‬
‫الصهيونية‪ ...‬أو حت السياسات الستعمارية السرائيلية؟!‪ ..‬فهنا وهنا فقط ينسى الغرب حقه ف‬
‫حرية التعبي‪ ..‬ويول المارسات اليهودية والصهيونية والسرائيلية إل "مطلقات معصومة" تتحول‬
‫انتقاداتا إل جرائم يعاقب عليها القانون؟!‬
‫ث‪ ..‬هل ييز الغرب بجة حرية التعبي إعلن الواطن الغرب كراهيته لوطنه‪ ،‬وازدراءه لرموزه‪،‬‬
‫وافتراءه على تاريه‪ ..‬فضلً عن حرية اليانة لذا الوطن؟!‬
‫ول تكون حرية التعبي "مطلقة‪ ..‬ومقدسة‪ ..‬ول يوز النقاش فيها" عندما تكون خاصة بالفتراء على‬
‫السلم ومقدسات السلمي؟!‪.‬‬
‫@@@‬
‫(‪)18‬‬

‫‪606‬‬
‫لقد نى السلم أهله حت عن سب الصنام الت يعبدها الشركون‪ ،‬وذلك صيانة للمعبود الق عن‬
‫سب الوثنيي‪ ..‬فقال سبحانه وتعال ف القرآن الكري‪ :‬ول تسبوا الذين يدعون من دون ال فيسبوا‬
‫ال عدوا بغي علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ث إل" ربم مرجعهم فينبئهم با كانوا يعملون (‪)108‬‬
‫(النعام)‪.‬‬
‫ولقد آمن السلمون ويؤمنون‪ ..‬وصلوا ويصلون على كل أنبياء ال ورسله‪ ..‬كما آمنوا وصدقوا بكل‬
‫الكتب السماوية‪ ..‬وليس فقط بالقرآن الكري الذي جاء مصدقا لا سبقه من مطلق الذكر والوحي‬
‫والكتاب‪ :‬آمن الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ل نفرق‬
‫بي أحد من رسله وقالوا سعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك الصي ‪( 285‬البقرة)‪.‬‬
‫ول يكتمل إيان السلم إل إذا اعترف بكل ألوان الخرين‪ ..‬وساوى بي كل الخرين ف القوق‬
‫والواجبات‪ ..‬إذ التكري اللي ف السلم هو لطلق نفس النسانية‪ ،‬لن البشر‪ ،‬على اختلف‬
‫الشعوب والقوميات والجناس واللوان والثقافات والضارات‪ ،‬هم من نفس واحدة‪ ،‬تنوعت‬
‫توجهاتم وتايزت شرائعهم وثقافاتم وحضاراتم ليتعارفوا ويتعايشوا يا أيها الناس إنا خلقناكم من‬
‫ذكر وأنثى" وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند ال أتقاكم إن ال عليم خبي ‪13‬‬
‫(الجرات)‪.‬‬
‫والسلمون مطالبون ف الدولة السلمية بتمكي غي السلمي من إقامة عقائدهم الت تكفر بالسلم!‬
‫وتكينهم من المن والمان على سائر مقدساتم وهكذا صنعت الدولة السلمية‪ ،‬منذ عهد النبوة‬
‫وعلى امتداد التاريخ‪ ،‬فعاشت فيها جيع ألوان الشرائع والديانات السماوية والوضعية ول يعرف‬
‫تاريخ السلمي حربا دينية للكراه على العتقاد‪ ..‬وبنص العهد الذي قطعه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لعموم النصارى‪:‬‬
‫"أن أحي جانبهم‪ ،‬وأذب عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتم ومواضع الرهبان ومواطن‬
‫السياح‪ ..‬وأن أحرس دينهم وملتهم أين كانوا با أحفظ به نفسي وخاصت وأهل السلم من ملت‪..‬‬
‫لن أعطيتهم عهد ال على أن لم ما للمسلمي‪ ،‬وعليهم ما على السلمي‪ ،‬وعلى السلمي ما‬
‫عليهم‪ ..‬حت يكونوا للمسلمي شركاء فيما لم وفيما عليهم‪)4("...‬‬
‫لكن غي السلمي وخاصة ف الضارة الغربية ومؤسساتا الدينية والسياسية ل يعترفون بالخر‪...‬‬
‫أي آخر وخاصة إذا كان هذا الخر هو السلم والسلمي‪.‬‬
‫إن الضارة الغربية بشهادة العلماء النصفي من أبنائها تتمحور حول ذاتا‪ ،‬ول تعترف بالخرين‪...‬‬
‫وبعبارة الستشرق الفرنسي "مكسيم رودنسون" (‪2004 1915‬م)‪:‬‬

‫‪607‬‬
‫"فإن الظاهرة الت لعبت الدور الكب ف تديد طبيعة النظرة الوروبية إل الشرق‪ ..‬هي التمركز‬
‫حول الذات‪ ،‬وهي صفة طبيعية ف الوروبيي‪ ،‬كانت موجودة دائما‪ ،‬ولكنها اتذت الن ف ظل‬
‫المبيالية الوروبية صبغة تتسم بالزدراء الواضح للخرين"(‪)5‬‬
‫أما عن إنكار الؤسسات الدينية الغربية للسلم الذي يعترف بكل الكتب‪ ...‬والشرائع‪ ..‬والديانات‬
‫فيكفي أنا ل تزال حت هذه اللحظات تنكر أن يكون السلم دينا ساويا‪ ..‬وأن يكون القرآن وحيا‬
‫إليا‪ ..‬وأن يكون رسول السلم صلى ال عليه وسلم نبيا ورسولً‪ ،‬وهي بذلك الحود والنكار‬
‫تؤسس لذه الفتراءات الت توالت وتتوال على السلم منذ ظهوره وحت هذه اللحظات!‬
‫لقد عقد بالقاهرة ف فندق "شياتون الطار" مؤتر للحوار السلمي السيحي‪ ،‬ف ‪ 29 ،28‬أكتوبر‬
‫سنة ‪2001‬م‪ ..‬ولا جاءت لظة التوقيع على "البيان التامي" ورأى فيه مندوب الفاتيكان القس خالد‬
‫أكشه ومندوب ملس الكنائس العالي الدكتور طارق متري عبارة‪" :‬الديانات السماوية‪ ..‬والقيم‬
‫الربانية" رفضا التوقيع على البيان وقال‪ :‬إننا ل نعترف بالسلم دينا ساويا‪ ..‬ول بالقيم السلمية‬
‫قيما ربانية!!‬
‫وساعتها تساءل الدكتور يوسف القرضاوي وكان مشاركا ف الوار‪ :‬عن جدوى اللوس معا‪ ..‬مع‬
‫عدم العتراف التبادل‪ ،‬والقبول التبادل؟!(‪)6‬‬
‫وهكذا‪ ..‬وحت هذه اللحظات‪ ..‬يرفض الغرب الضاري‪ ..‬والدين العتراف بالخر السلمي الذي‬
‫يعترف بكل ألوان الخرين‪...‬‬
‫تلك إشارات مرد إشارات لبعض الوقائع والقائق التاريية الشاهدة على أن ما نواجهه نن السلمي‬
‫من إهانات غربية موجهة إل مقدسات السلم والسلمي‪ ...‬ليست أحداثا عارضة‪ ..‬ول منفردة‪..‬‬
‫ول معزولة‪ ..‬ول حديثة الوقوع‪ ..‬وأن القضية ليست رسا "كاريكاتوريا" نشرته صحيفة "بولندس‬
‫بوست" الداناركية ف ‪ 30‬سبتمب سنة ‪2005‬م‪ ..‬وتناقلته عنها بعد ذلك‪ ،‬العديد من الصحف‬
‫الوروبية‪ ..‬وطبعته على القمصان وارتدته دوائر صليبية!!‪ ..‬وإنا نن أمام موقف معاد لقدسات‬
‫السلم‪ ..‬قدي‪ ..‬وثابت‪ ..‬وله تاريخ!‬
‫لكنهم ليسوا سواءً‬
‫وإذا كنا قد أشرنا ف بداية هذه الدراسة إل أن الغرب ليس موقفا واحدا‪ ..‬وأن عداءه للسلم ليس‬
‫شاملً‪ ..‬وأن الشكلة هي مع مشروع اليمنة الغرب‪ ،‬ومؤسساته الدينية‪ ..‬والسياسية‪ ..‬والعلمية‪،‬‬
‫وأن هناك من علماء الغرب ومفكريه من أنصفوا السلم إنصافا متميزا ومتازا‪ ..‬فيكفي‪ ،‬للبهنة‬
‫على هذه القيقة‪ ،‬أن نقدم ثلث شهادات غربية‪ ..‬أولها تعترف بافتراء الغرب على السلم‪،‬‬
‫وجحوده له وإنكاره إياه‪ ،‬وثانيتها تنصف القرآن الكري‪ ،‬ورسول السلم صلى ال عليه وسلم وهي‬
‫ترد على افتراءات الغربيي‪ ..‬وثالثتها تضع السلم ف الكانة العليا الت ل تدانيها مكانة بي الديانات‪.‬‬

‫‪608‬‬
‫‪ 1‬لقد كتب الستشرق الفرنسي الجة "جاك بيك" (‪1995 1910‬م) وهو أحد أعمدة الثقافة‬
‫الفرنسية الوروبية‪ ..‬كتب يقول عن موقف الغرب من السلم‪:‬‬
‫"إن السلم" الذي هو آخر الديانات السماوية الثلث‪ ،‬والذي يدين به أزيد من مليار نسمة ف‬
‫العال‪ ،‬والذي هو قريب من الغرب جغرافيا‪ ،‬وتارييا‪ ،‬وحت من ناحية القيم والفاهيم‪ ..‬قد ظل‪،‬‬
‫ويظل حت هذه الساعة‪ ،‬بالنسبة للغرب‪ :‬ابن العم الجهول‪ ،‬والخ الرفوض‪ ..‬والنكر البدي‪..‬‬
‫والبعد البدي‪ ..‬والتهم البدي‪ ..‬والشتبه فيه البدي"!!(‪)7‬‬
‫‪ 2‬وكتب العال النليزي "مونتجمري وات" وهو أحد أعمدة الثقافة النليزية والوروبية‪ ..‬والذي‬
‫أنفق من عمره أكثر من ثلث قرن ف دراسة السلم كتب يقول عن صدق القرآن الكري‪ ..‬وصدق‬
‫رسول السلم صلى ال عليه وسلم‪ :‬ردا على افتراءات الوروبيي‪:‬‬
‫"إن القرآن ليس بأي حال من الحوال كلم ممد‪ ،‬ول هو نتاج تفكيه‪ ،‬وإنا هو كلم ال وحده‪،‬‬
‫وقصد به ماطبة ممد ومعاصريه‪ ،‬ومن هنا فإن ممدا ليس أكثر من رسول اختاره ال لمل هذه‬
‫الرسالة‪ ،‬إل أهل مكة أولً‪ ،‬ث لكل العرب‪ ،‬ومن هنا فهو قرآن عرب مبي‪.‬‬
‫إنن أعتقد أن القرآن‪ ،‬بعن من العان‪ ،‬صادر عن ال وبالتال فهو وحي‪..‬‬
‫إننا نؤمن بصدق ممد وإخلصه عندما يقول‪ :‬إن كلمات ال ليست نتيجة أي تفكي واع منه‪..‬‬
‫وربا كانت اللمح الساسية للوحي يكن اختصارها ف العناصر الثلثة التية‪:‬‬
‫‪ 1‬أن الكلمات النلة على ممد كانت تضر ف عقله الواعي‪.‬‬
‫‪ 2‬وأن تفكيه الشخصي ل يكن له دور ف ذلك‪.‬‬
‫‪ 3‬وأن يقينا جازما كان يتملك فؤاده أن هذه الكلمات هي من عند ال‪.‬‬
‫لقد وجد ممد الكلمات‪ ،‬أو الحتوى الشفهي حاضرا ف وعيه‪ ،‬فلما تت كتابته شكّل النص القرآن‬
‫الذي بي أيدينا‪ ،‬وكان ممد واعيا تاما بأنه ل دخل لتفكيه الواعي ف هذه الرسالة القرآنية الت‬
‫تصله‪ ،‬وبتعبي آخر فقد كان يعتقد أنه يكنه أن يفصل بي هذه الرسالة القرآنية وبي تفكيه الواعي‪،‬‬
‫المر الذي يعن أن القرآن ل يكن بأية حال من الحوال نتاج تفكي ممد‪ ..‬إنه ل ينبغي النظر إليه‬
‫باعتباره نتاج عبقرية بشرية‪.‬‬
‫وف الوار مع السلم‪ ،‬يب أن يتخلى السيحيون عن فكرة أن ممدا ل يتلق وحيا‪ ،‬وعن الفكار‬
‫الشبيهة‪ ...‬وإذا ل يكن ممد هو الذي رتب القرآن بناء على وحي نزل عليه‪ ،‬فمن الصعب أن‬
‫نتصور "زيد بن ثابت" (‪ 11‬ق‪.‬ه ‪45‬ه ‪665 611‬م) أو أي مسلم آخر يقوم بذا العمل‪ ..‬ومن هنا فإن‬
‫كثيا من السور قد اتذت شكلها الذي هي عليه منذ أيام ممد نفسه‪ ..‬والقرآن كان يُسجل فور‬
‫نزوله‪.‬‬

‫‪609‬‬
‫وعندما تدى ممد أعداءه بأن يأتوا بسورة من مثل السور الت أوحيت إليه‪ ،‬كان من الفترض أنم‬
‫لن يستطيعوا مواجهة التحدي‪ ،‬لن السور الت تلها ممد هي من عند ال‪ ،‬وما كان لبشر أن‬
‫يتحدى ال‪ .‬وليس من شك ف أنه ليس من قبيل الصدفة أيضا أن كلمة "آية" تعن علمة على القدرة‬
‫اللية‪ ،‬وتعن أيضا فقرة من الوحي"‪)8(.‬‬
‫‪ 3‬أما الستشرقة اللانية الدكتورة "سيجريد هونكة" فلقد كتبت تقول‪:‬‬
‫"إن السلم هو ول شك أعظم ديانة على ظهر الرض ساحة وإنصافا‪ .‬نقولا بل تيز‪ ،‬ودون أن‬
‫نسمح للحكام الظالة أن تلطخه بالسواد‪ ،‬وإذا ما نينا هذه الغالطات التاريية الثة ف حقه‪،‬‬
‫والهل البحت به‪ ،‬فإن علينا أن نتقبل هذا الشريك والصديق‪ ،‬مع ضمان حقه ف أن يكون كما‬
‫هو‪)9("...‬‬
‫هكذا شهد ويشهد كثي من علماء الغرب‪ ،‬فينصفون السلم إنصافا يب أن يتعلم منه السلمون‪..‬‬
‫ويتسلحوا به ف الوار مع الفترين من الغربيي على السلم!‬
‫وبعد‪...‬‬
‫إنا إذن معركة لا تاريخ‪..‬‬
‫وإذا كانت الماهي تغضب عندما تُهان مقدساتا‪ ..‬فإن هذا الغضب مع مشروعيته‪ ..‬وأهيته‪ ..‬بل‬
‫ووجوبه ليس هو الل‪ ..‬وليس هو العلج للمرض الستكن ف الثقافة الغربية تاه السلم‪.‬‬
‫وإنا الل والعلج لدى‪:‬‬
‫‪ 1‬النخبة الفكرية‪ ،‬الت يب عليها أن "ترتب العقل السلمي"‪ ..‬وأن تقدم للنسان الغرب مشروعا‬
‫فكريا يعرفه بقائق السلم الدين‪ ...‬والضارة‪ ..‬والتاريخ لتحرر عقل هذا النسان من مزون ثقافة‬
‫الكراهية السوداء الوروث والستكن ف التراث الغرب عن السلم ومقدسات السلمي وليكن ذلك‬
‫ف صورة مشروع "ألف كتاب إسلمي" تعرف بقيقة السلم‪ ،‬تترجم إل متلف اللغات الغربية‬
‫الية والهمة‪.‬‬
‫وأيضا من خلل الوار الاد مع مؤسسات العلم والفكر والتعليم والثقافة الغربية‪ ..‬الوار الذي يب‬
‫أن نعد له أهله القادرين عليه‪ ،‬والخلصي له‪ ..‬والذي يكشف للغرب من خلل حقائق السلم‪...‬‬
‫وشهادات النصفي من علماء الغرب عن الكاذيب والغاليط والخطاء الت تراكمت ف التراث‬
‫الغرب والثقافة الغربية عن السلم والسلمي‪ ...‬فبمنهاج‪" :‬وشهد شاهد من أهلها" نستطيع أن نفتح‬
‫عيون الغربيي على حقائق السلم‪ ،‬وعلى الفتراءات الغربية التاريية‪ ..‬والديثة‪ ..‬والعاصرة على‬
‫السلم‪..‬‬
‫وبذلك وحده ناصر الهود النظمة لؤسسات اليمنة الغربية ف الفتراء على السلم‪ ..‬ويكون‬
‫العلج "للمرض"‪ ...‬وليس الوقوف فقط عند "ال َعرَض"‪.‬‬

‫‪610‬‬
‫‪ 2‬ولدى النخبة الاكمة ف ديار السلم الت يب عليها أن تسعى ف المعية العامة للمم التحدة‬
‫وللشعوب فيها أغلبية مضمونة لستصدار قرار ملزم يوافق عليه ملس المن الدول باحترام جيع‬
‫القدسات الدينية‪ ،‬لكل الديان الت تؤمن با المم والشعوب‪.‬‬
‫كما يب على هذه النخبة الاكمة أن "ترتب البيت السلمي"‪ ...‬وذلك بتحرير ديار السلم من‬
‫القواعد العسكرية الغربية الت تنتقص سيادتنا وحريتنا وكرامتنا‪ ..‬وترير البحار والحيطات ف عال‬
‫السلم من الساطيل الغربية‪ ..‬وترير ثروات العال السلمي من النهب الستعماري الغرب‪ ..‬فبدون‬
‫"ترتيب البيت السلمي" وتعظيم إمكانات و"أوراق الضغط" الت تلكها المة السلمية لن يترمنا‬
‫الخرون بأي حال من الحوال‪.‬‬
‫@@@‬
‫تلك هي "الشكلة‪ ..‬والداء"‪ ..‬وهذا هو "الل والدواء"‪..‬‬
‫وصدق ال العظيم‪ :‬ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات ال آناء الليل وهم يسجدون‬
‫‪ 113‬يؤمنون بال واليوم الخر ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر ويسارعون ف اليات وأولئك‬
‫من الصالي ‪ 114‬وما يفعلوا من خي فلن يكفروه وال عليم بالتقي ‪( 115‬آل عمران)‪ ،‬إن‬
‫الذين كفروا ينفقون أموالم ليصدوا عن سبيل ال فسينفقونا ث تكون عليهم حسرة ث يغلبون والذين‬
‫كفروا إل" جهنم يشرون ‪( 36‬النفال)‪ ،‬ومن أظلم من افترى" على ال الكذب وهو يدعى" إل‬
‫السلم وال ل يهدي القوم الظالي (‪ )7‬يريدون ليطفئوا نور ال بأفواههم وال متم نوره ولو كره‬
‫الكافرون (‪ )8‬هو الذي أرسل رسوله بالدى" ودين الق ليظهره على الدين كله ولو كره الشركون‬
‫(‪( )9‬الصف)‪ .‬أنتهى‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬صحيفة (وطن) ف ‪2001-11-25‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬سفر التثنية‪ ،‬إصحاح ‪ .56 ،55 ،53 50 :23‬وإصحاح ‪.16 14 ،3 1 :7‬‬
‫(‪ )3‬إسرائيل شاحاك (الديانة اليهودية وموقفها من غي اليهود) ص ‪ ،133‬وما بعدها ترجة حسن‬
‫خضر‪ .‬طبعة القاهرة دار سينا‪ ،‬سنة ‪1994‬م‪.‬‬
‫(‪( )4‬مموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي واللفة الراشدة) ص ‪ 11‬وما بعدها‪ .‬تقيق‪ :‬د‪ .‬ممد‬
‫حيد ال اليدرأبادي‪ ،‬طبعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪1956‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬ممد عمارة (السلم ف عيون غربية‪ :‬بي افتراء الهلء وإنصاف العلماء) ص ‪،65 ،64‬‬
‫طبعة دار الشروق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬سنة ‪2005‬م‪.‬‬
‫(‪ )6‬صحيفة (السبوع) القاهرة ف ‪ 5‬نوفمب سنة ‪2001‬م‪ ،‬وصحيفة "عقيدت" القاهرة ف ‪ 6‬نوفمب‬
‫سنة ‪ ،2001‬وصحيفة "العال السلمي" مكة الكرمة‪ ،‬ف ‪ 16‬نوفمب سنة ‪2001‬م‪.‬‬

‫‪611‬‬
‫(‪ )7‬من حديث جاك بيك ف ‪1995-6-27‬م‪ ،‬مع حسونة الصباحي‪ ،‬حول "العرب والسلم ف نظر‬
‫الستشرق الفرنسي جاك بيك"‪ ،‬صحيفة (الشرق الوسط) لندن ف ‪2000-11-1‬م‪.‬‬
‫(‪ )8‬مونتجمري وات (السلم والسيحية ف العال العاصر) ص ‪،54 52 ،206 ،39 ،106 ،36 ،35‬‬
‫‪ ،83 ،131 ،63 ،128 ،61 ،23 ،71‬ترجة‪ :‬د‪ .‬عبدالرحن عبدال الشيخ‪ ،‬طبعة القاهرة مكتبة السرة‬
‫سنة ‪2001‬م‪.‬‬
‫(‪ )9‬سيجريد هونكه (ال ليس كذلك) ص ‪.101‬‬
‫======================‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب‬
‫(‪)1‬‬
‫د‪.‬ممد عمارة(*‬
‫ف الديث عن "صورة السلم" وأمته وحضارته ف الطاب الغرب‪ ،‬لبد من التقدي بي يدي هذا‬
‫الديث بعدد من القدمات‪:‬‬
‫أولها‪ :‬أننا لسنا بإزاء "صورة" واحدة‪ ،‬لن الغرب ليس كتلة واحدة صماء‪ ،‬ومن ث فإننا لسنا بإزاء‬
‫خطاب غرب واحد فيما يتعلق بالسلم‪.‬‬
‫وهذا الوقف الذي ييّز بي القوى والتيارات وألوان الطاب‪ ،‬عن السلم‪ ،‬ف الضارة الغربية‪ ،‬ليس‬
‫مرد "ضرورة مصلحية" يقتضيها البحث عن الصدقاء‪ ،‬لتجنب تكثي العداء‪ ،‬ولكن ضرورة‬
‫مشروعة ومطلوبة‪ ،‬وهو موقف نابع من "العدل" الذي يعلمنا إياه ويفرضه علينا القرآن الكري‪.‬‬
‫ونن نقول للذين يسطحون أيضا القضايا العميقة‪ ،‬ويبسّطون المور العقدة والركبة‪ ،‬عندما يرددون‬
‫عبارة‪" :‬إن الكفر ملة واحدة"‪ ..‬نقول لم‪ :‬ولكن السلم ل يضع كل عال الكفر ف سلة واحدة‪،‬‬
‫ول ف مرتبة واحدة‪ ،‬وإنا ميّز السلم بي الشركي وبي الكتابيي‪ ...‬بل إن السلم ل يضع‬
‫الشركي جيعا ف سلة واحدة‪ ،‬وإنا ميّز بي الحاربي منهم والعاهدين الذين ل ينقصوا السلمي‬
‫شيئا من العهود الت تعاهدوا معهم عليها‪ ،‬فدعا إل قتال القاتلي من الشركي‪ ،‬ودعا إل الوفاء‬
‫بعهود العاهدين منهم‪ ...‬بل ميّز السلم بي شرك الاحد للحق الذي يعرفه وشرك الاهل‪ ،‬فإذا‬
‫استجار هذا الشرك الباحث عن العرفة‪ ،‬فعلى السلمي إجارته‪ ،‬وتقدي العرفة إليه‪ ،‬ث إيصاله آمنا إل‬
‫مأمنه‪ ،‬وتركه لضميه‪ ،‬دونا إكراه وإن أحد من الشركي استجارك فأجره حت" يسمع كلم ال ث‬
‫أبلغه مأمنه ذلك بأنم قوم ل يعلمون (‪( )6‬التوبة)‪.‬‬
‫بل لقد ميّز السلم بي الدهريي‪ ،‬الذين استبدلوا الدهر بالالق‪ ،‬سبحانه وتعال‪ ،‬وبي الشركي‬
‫الذين ل يحدوا وجود الالق وخلقه للخلق‪ ،‬لكنهم أشركوا مع الالق الوسائط الت زعموا أنا‬
‫تقربم إليه زلفى!‪ ...‬وتدثت آيات القرآن الكري عن هذا التنوع ف أصناف الشركي‪ ،‬فصاغت‬
‫النهاج العلمي ف دراسة الواقع‪ ،‬والوقف العادل ف التعامل مع الخرين‪.‬‬

‫‪612‬‬
‫وكذلك صنع النهاج السلمي ف التعامل مع الكتابيي‪ ،‬فميز بي اليهود الذين هم أشد الناس عداوة‬
‫للذين آمنوا وبي النصارى الذين هم أقرب مودة للمؤمني ث هو ل يضع جيع النصارى ف سلة‬
‫واحدة‪ ،‬وإنا ميّز بي الوحدين منهم "الذين يتعبدون على شريعة عيسى عليه السلم‪ ،‬وإذا سعوا ما‬
‫أُنزل إل الرسول { ترى أعينهم تفيض من الدمع ما عرفوا من الق‪ ...‬ميّز السلم بي هؤلء‬
‫النصارى‪ ،‬وبي النصارى الذين عبدوا السيح وأمه والحبار والرهبان من دون ال‪ ،‬فوُصفوا ف القرآن‬
‫بصفات الكفر‪ ،‬بل وبالشرك أيضا‪.‬‬
‫وكذلك صنع النهاج القرآن مع فصائل ومذاهب اليهود‪ ...‬فمع حديثه عن عداوتم الشد‬
‫للمؤمني‪ ،‬ند القرآن يبلغ قمة العدل عندما يقول إنم ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون‬
‫آيات ال آناء الليل وهم يسجدون ‪ 113‬يؤمنون بال واليوم الخر ويأمرون بالعروف وينهون عن‬
‫النكر ويسارعون ف اليات وأولئك من الصالي ‪ 114‬وما يفعلوا من خي فلن يكفروه وال عليم‬
‫بالتقي ‪( 115‬آل عمران)‪ ،‬بينما منهم الذين ل يتناهون عن منكر فعلوه لعن الذين كفروا من بن‬
‫إسرائيل على" لسان داوود وعيسى \بن مري ذلك با عصوا وكانوا يعتدون ‪ 78‬كانوا ل يتناهون‬
‫عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون ‪( 79‬الائدة)‪.‬‬
‫ويؤكد القرآن الكري هذا النهاج العادل ف التعامل مع الخر الكتاب عندما يستخدم التبعيض "من"‬
‫للتمييز بي فرقائهم ومذاهبهم‪ ،‬فيقول‪ :‬من أهل الكتاب (آل عمران‪ ،)113:‬وعندما يتحدث عن‬
‫طائفة من أهل الكتاب (آل عمران‪ ،)69:‬أو كثي من أهل الكتاب (البقرة‪ ،)109:‬دونا إطلق أو‬
‫تعميم‪.‬‬
‫ومع اشتراك الفرس والروم يوم ظهر السلم ف التجب والظلم واليمنة والستعمار‪ ،‬وإعلن السلم‬
‫عن سعيه لتحرير الرض من استعمارهم وترير الضمائر من تبهم وإكراههم‪ ،‬إل أن السلم ل‬
‫يسوّ بي هذين الطاغوتي الفرس والروم فميز القرآن بي الكتابيي منهم (الروم) وبي الجوس‬
‫(الفرس) عندما تدث عن حزن السلمي لتغلب الفرس على الروم‪ ،‬وفرحهم يوم يأذن ال بانتصار‬
‫الروم النصارى على الفرس الجوس‪ :‬الم" (‪ )1‬غلبت الروم (‪ )2‬ف أدن الرض وهم من بعد غلبهم‬
‫سيغلبون (‪ )3‬ف بضع سني ل المر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح الؤمنون (‪ )4‬بنصر ال ينصر‬
‫من يشاء وهو العزيز الرحيم (‪( )5‬الروم)‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫ف إطار قوى التجب واليمنة هناك أيضا فروق‪ ،‬ل يغفلها منهاج السلم ف رؤية الخرين‪ ،‬وف‬
‫العلقات مع هؤلء الخرين‪ ..‬ولقد ميّز فقهاء السلم وفلسفته انطلقا من هذا النهاج القرآن‬
‫ميّزوا أصناف الكفر ودرجاته‪ ..‬فهناك كفر جحود للحق الذي عرفه الاحدون‪ ..‬وهناك كفر جهل‬
‫وتقصي‪ ..‬وهناك كفر من بلغته الدعوة‪ ..‬وكفر من ل تبلغه الدعوة‪ ..‬أو بلغته مشوهة‪ ،‬ودون إقامة‬
‫الجة عليها وإزالة الشبهات عنها‪ ..‬وف ذلك يقول حجة السلم أبوحامد الغزال (‪505 450‬ه ‪-‬‬

‫‪613‬‬
‫‪1111 1058‬م)‪" :‬إن أكثر نصارى الروم والترك ف هذا الزمان تشملهم الرحة إن شاء ال تعال‪،‬‬
‫أعن الذين هم ف أقاصي الروم والترك‪ ،‬ول تبلغهم الدعوة‪ ،‬فإنم ثلثة أصناف‪:‬‬
‫صنف ل يبلغهم اسم ممد {‪ ،‬أصلً‪ ،‬فهم معذورون‪.‬‬
‫وصنف بلغهم اسه ونعته وما ظهر عليه من العجزات‪ ،‬وهم الجاورون لبلد السلم والخالطون‬
‫لم‪ ،‬وهم الكفار اللحدون‪.‬‬
‫وصنف ثالث بي الدرجتي‪ ،‬بلغهم اسم ممد {‪ ،‬ول يبلغهم نعته وصفته‪ ،‬بل سعوا أيضا منذ الصبا‬
‫أن كذابا متلبسا اسه ممدا ادعى النبوة‪ ،‬كما سع صبياننا أن كذابا يقال له القفع(‪ )1‬بعثه ال‪،‬‬
‫تدى بالنبوة كاذبا‪ ،‬فهؤلء عندي ف معن الصنف الول "الذين ل يبلغهم اسم الرسول"‪ ،‬فإنم مع‬
‫أنم سعوا اسه‪ ،‬سعوا ضد أوصافه‪ ،‬وهذا ل يرك داعية النظر ف الطلب"‪)2(.‬‬
‫بل تدث الفقهاء أيضا‪ ،‬عن "كفر النعمة" الذي هو مغاير "لكفر العتقاد"‪ ..‬وقالوا بوجود "كفر‬
‫دون كفر"‪ ..‬وبكفر "القولة" دون كفر "القائل"‪ ،‬الذي قد يكون لديه تأويل حت ولو كان فاسدا‪...‬‬
‫فلم يضعوا كل ألوان الكفر ف سلة واحدة‪ ،‬ول ف فسطاط واحد‪ ..‬كما يصنع الذين يبسّطون أمور‬
‫التعامل مع الخرين‪.‬‬
‫ولقد وضع علماء مدرسة الحياء والتجديد الديثة‪ ،‬ف بلدنا‪ ،‬وقادة التحرر الوطن‪ ،‬الذين انطلقوا‬
‫عن هذا النهاج السلمي‪ ،‬لتحرير بلدنا من الغزوة الستعمارية الغربية الديثة‪ ...‬وضعوا هذا‬
‫النهاج السلمي الذي ل يضع كل الخر ف سلة واحدة ف المارسة والتطبيق‪ ،‬وهم يتعاملون مع‬
‫الستعمار الغرب لعال السلم‪ ،‬ومع الطاب الغرب الذي كان يهد ويبر لذا الستعمار‪.‬‬
‫فجمال الدين الفغان (‪1314 1254‬ه‪1897 1838 -‬م) تدث عن هذا النهاج ف القال‬
‫الفتتاحي لجلة "العروة الوثقى" الت صدرت (سنة ‪1300‬ه ‪1883‬م) لسان حال جعية العروة‬
‫الوثقى الت تكوّنت عقودها وخلياها ف الشرق السلمي وذلك عندما تدث عن تالف هذه‬
‫المعية مع الحرار الوروبيي ف البلد الستعمارية ذاتا‪ ..‬فقال‪" :‬ولا كانت بدايتهم تستدعي‬
‫مساعدة من يضارعهم ف مثل حالم‪ ،‬رأوا أن يعقدوا الروابط الكيدة مع الذين يتململون من‬
‫مصابم‪ ،‬ويبون العدالة العامة‪ ،‬ويامون عنها من أهل أوروبا"(‪.)3‬‬
‫ولقد سارت الركات الوطنية ف بلدنا على هذا النهاج‪ ..‬فوجدنا مصطفى كامل باشا (‪1291‬‬
‫‪1326‬ه ‪1908 1874 -‬م)‪ ،‬باعث الوطنية الصرية ضد الحتلل النليزي‪ ،‬وداعية الامعة‬
‫السلمية‪ ،‬وزعيم الزب الوطن يتحالف مع القوى الرة والليبالية ف فرنسا‪ ،‬وأوروبا‪ ،‬بل ويراهن‬
‫على التناقضات بي الستعمار الفرنسي‪ ،‬والستعمار النليزي ف جلب التأييد لجلء النليز عن‬
‫مصر‪.‬‬
‫وعلى درب مصطفى كامل باشا‪ ،‬سار خليفته ف زعامة الزب الوطن بصر ممد بك فريد (‪1284‬‬
‫‪1338‬ه ‪1919 1868 -‬م) الذي ل يكتف بالتحالف مع الدولة العثمانية‪ ،‬والركات الوطنية‬

‫‪614‬‬
‫السلمية‪ ،‬وإنا تالف أيضا مع الشتراكيي الوروبيي وشارك ف الؤترات الت عقدوها‪ ،‬بل وراهن‬
‫على التناقضات بي اللان وبي النليز ف هذا اليدان‪.‬‬
‫وعلى الدرب نفسه سارت حركات التحرر الوطن العاصرة ف بلدنا‪ ،‬عندما استفاد كثي منها من‬
‫التناقضات الت قامت إبان الرب الباردة بي العسكر الشتراكي والعسكر الرأسال‪ ،‬سواء أكانت‬
‫هذه الستفادة ف التسليح‪ ..‬أم التصنيع‪ ..‬أم ف دعم قضايانا بالحافل الدولية‪.‬‬
‫ذلك هو النهاج السلمي ف النظر إل الخر كل آخر وف التعامل معه‪ ،‬ومع الطاب الصادر عنه‪..‬‬
‫فالبلغ القرآن القائل‪ :‬ليسوا سواء هو عنوان النهاج السلمي ف هذا القام‪.‬‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬الشارة إل عبدال بن القفع (‪142 106‬ه ‪759 724‬م) كان ف الصل موسيا مزدكيا‬
‫فأسلم‪ ،‬وألف وترجم ف الفلسفة‪ ..‬وقتل بتهمة الزندقة‪.‬‬
‫(‪( )2‬فيصل التفرقة بي السلم والزندقة) ص ‪ 23‬طبعة القاهرة سنة ‪1907‬م‪.‬‬
‫(‪( )3‬العمال الكاملة) ج ‪ 2‬ص ‪ 342‬دراسة وتقيق‪ :‬د‪.‬ممد عمارة‪ .‬طبعة بيوت سنة ‪1981‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫ف الديث عن صورة السلم ف الطاب الغرب‪ ..‬أشرنا إل القدمة الول‪ ،‬الت تؤكد أن الغرب‬
‫ليس واحدا‪ ...‬وأن خطابه من ث ليس واحدا‪.‬‬
‫أما القدمة الثانية‪ :‬فهي أن الطاب الغرب عن السلم وأمته وحضارته‪ ،‬ليس مرد "مقولت نظرية"‬
‫أو تعبيات عن صور ذهنية مردة‪ ،‬وإنا هو بناء فكري مركب‪ ،‬نا عب تاريخ الحتكاك العنيف بي‬
‫الغرب والشرق‪ ،‬ل ليقف عند أفكار الفكرين وكتابات الكاتبي ونظريات النظّرين‪ ،‬وإنا ليكون‬
‫التبير السوّغ ليمنة الغرب على الشرق‪ ،‬واحتلل أرضه‪ ،‬ونب ما فيها من ثروات‪ ..‬فهو خطاب‬
‫تبيري لتسويغ مارسات ل أخلقية‪ ،‬تسدها المبيالية والستعمار ف أرض الواقع‪ ..‬وهذا الطاب‬
‫الغرب عن السلم وأمته وحضارته‪ ،‬تتوجه به الدوائر الستعمارية الغربية إل العقل الشرقي‪ ،‬لتغريب‬
‫عقول شرية من نب مفكرينا ومثقفينا‪ ،‬الذين يتبنون هذه الصورة الغريبة عن السلم وحضارته‪،‬‬
‫فيصبحون بيننا عملء حضاريي للغرب‪ ،‬يبشرون بالتبعية للمركز الغرب‪ ..‬على النحو الذي تدث‬
‫عنه جال الدين الفغان عندما قال‪" :‬إن القلدين لتمدن المم الخرى ليسوا أرباب تلك العلوم الت‬
‫ينقلونا‪ ...‬ولقد علمتنا التجارب أن القلدين من كل أمة‪ ،‬النتحلي أطوار غيها‪ ،‬يكونون فيها منافذ‬
‫لتطرق العداء إليها‪ ،‬وطلئع ليوش الغالبي وأرباب الغارات‪ ،‬يهدون لم السبيل‪ ،‬ويفتحون لم‬
‫البواب‪ ،‬ث يثبتون أقدامهم"(‪.)1‬‬
‫كما يتوجه الغرب الستعماري بذه الصورة الت صنعها ويصنعها للسلم وحضارته إل شعوبه هو‪،‬‬
‫كي يبر أمامها سلوكه العدوان الستعماري ضد الشعوب الت يستعمرها‪ ،‬وكي ييف شعوبه من‬
‫السلم‪ ،‬فيجرها إل التضحية ف معاركه الفكرية‪ ..‬والقتالية ضد السلم وعاله‪.‬‬

‫‪615‬‬
‫والن‪ ..‬وبعد نو الوجود السلمي ف الجتمعات الغربية بأوروبا‪ ..‬وأمريكا‪ ..‬وأستراليا غدا‬
‫السلمون ف تلك البلد يعانون معاناة مضاعفة من آثار ذلك الطاب‪ ،‬حت لقد أصبحوا مرومي من‬
‫ميزات الليبالية الغربية‪ ،‬وامتيازات الريات والقوق الدنية‪ ،‬وغدوا متهمي لجرد أنم مسلمون‪،‬‬
‫ومرومي من أبسط ثوابت وضوابط وشروط العدالة ف الحاكمات أمام القضاء إذ ياكمون‬
‫ويدانون "بأدلة سرية" ل يعلمون عنها شيئا!! بل وغدوا ضحايا اعتداءات وإيذاءات مادية ومعنوية‪،‬‬
‫زادت ف أمريكا بعد قارعة ‪ 11‬سبتمب سنة ‪2001‬م‪ ،‬أكثر من ‪ %1700‬عما كانت عليه قبل‬
‫هذه القارعة كما رصدت ذلك منظمات أمريكية لقوق النسان(‪ ..)2‬حت يوشك الطاب الغرب‪،‬‬
‫والمارسات الغربية أن تدخل السلمي لجرد أنم مسلمون ف دورة جديدة من دورات "ماكم‬
‫التفتيش" الت نصبها الغرب للسلم والسلمي عقب سقوط "غرناطة"‪ ،‬واقتلع السلم من الندلس‬
‫(‪897‬ه ‪1492‬م)!‪.‬‬
‫فنحن إذن بإزاء خطاب غرب عن السلم‪ ،‬له آثار كارثية ف أرض الواقع‪ ..‬ولسنا بإزاء مرد أفكار‬
‫نظرية وصور ذهنية سلبية عن السلم‪.‬‬
‫@@@‬
‫والقدمة الثالثة‪ :‬هي أن نزعة "الركزية الغربية"‪ ،‬الت ل تعترف بالخر غي الغرب الدين منه والثقاف‬
‫والضاري بل ول تعترف بالغرب البيض إذا كان مسلما‪ ،‬كما هو حالا إزاء الوروبيي السلمي‬
‫ف ألبانيا والبوسنة والسنجق‪ ..‬وكوسوفا‪ ..‬ومقدونيا‪ ..‬وتركيا‪ ...‬إن هذه "النعة الركزية الغربية"‬
‫تلعب دورا موريا وكبيا ف تراكم ثقافة هذا الطاب الغرب عن الخر السلمي‪ ،‬فعدم العتراف‬
‫بالخر فيه التبير للغاء هذا الخر!‪ ..‬وحت إذا كان هناك اعتراف بالخر "كأمر واقع"‪ ،‬فإن عدم‬
‫العتراف بشرعيته ومشروعيته وحقه ف الوجود التميز والستقل‪ ،‬يذكي دائما وأبدا السعي إل إلغائه‬
‫وطي صفحته من الوجود‪ ...‬فالغرب الليبال الرأسال ظل لكثر من سبعي عاما يعترف بالشمولية‬
‫الشيوعية "كأمر واقع"‪ ،‬ولكنه ل يعترف أبدا بشرعيتها ومشروعيتها وحقها ف الوجود الستقل‬
‫والتميز‪ ..‬ولذلك‪ ،‬ظل موقفه الدائم منها موقف الساعي إل إسقاطها وطي صفحتها من الوجود‪،‬‬
‫وعندما تقق له ذلك اعتب هذا النتصار "ناية التاريخ"!‪.‬‬
‫ولقد لعبت هذه النعة الركزية نزعة عدم العتراف بشرعية ومشروعية الوجود الر والستقل‬
‫والتميز للخر لعبت الدور الحوري ف التعبئة الفكرية والادية للغاء وجود هذا الخر‪ ،‬ولتبير وراثة‬
‫ما ف حوزته من أوطان وثروات!!‪.‬‬
‫بل لقد استعان الغرب ف سبيل تأكيد "نزعته الركزية" هذه بالنظريات العلمية الزائفة‪ ،‬مثل‬
‫"الداروينية"‪ ،‬الت زعمت أن الصراع هو قانون العلقة بي الحياء‪ ،‬وأن البقاء للقوى‪ ،‬لن القوى‬
‫هو الصلح‪ ...‬فانطلق الغرب الستعماري من هذا الزيف لتبير إلغائه لثقافات وحضارات المم‬
‫والشعوب الت ابتليت باستعماره لبلدها‪ ،‬بجة أنا الضعيفة‪ ،‬وأنه القوى‪ ...‬فلها الفناء‪ ،‬وله وحده‬
‫ولضارته البقاء!‪ ...‬وف سبيل تكريس هذا الزيف الغرب‪ ،‬بلور الغرب علما ساه "علم‬

‫‪616‬‬
‫النثروبولوجيا الجتماعية" الاص بدراسات "الجتمعات البدائية" الت هي ف عرف الغرب‬
‫الجتمعات غي الغربية‪ ..‬فهي بدائية‪ ..‬وهو التقدم‪ ..‬وهي الضعيفة‪ ..‬وهو القوى‪ ..‬فلها البادة‪ ،‬وله‬
‫البقاء بكم هذا الزيف الذي جعله الغرب "علما"!!‪ ..‬والذي توجه "بطابه" إل شعوبه‪ ..‬وإل‬
‫شعوبنا أيضا!‪.‬‬
‫الوامش‬
‫(‪( )1‬العمال الكاملة) ص ‪ ،197 195‬دراسة وتقيق‪ :‬د‪.‬ممد عمارة‪ .‬طبعة القاهرة سنة‬
‫‪1998‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬ف التقرير السنوي لكتب التحقيقات الفيدرالية بالوليات التحدة المريكية أن العتداءات على‬
‫السلمي ف أمريكا كانت سنة ‪2000‬م ‪ 28‬حالة‪ ،‬وارتفعت سنة ‪2001‬م إل ‪ 2000‬جرية‪ ،‬أي‬
‫بنسبة ‪ ،%1600‬صحيفة "الهرام" القاهرة‪ :‬ف ‪2002-11-27‬م‪ ...‬وف تقرير النظمة المريكية‬
‫لقوق النسان‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬

‫إرادة الصمود‬
‫ونن أمام هذا "الكابوس" بإزاء عدد من اليارات‪:‬‬
‫أولا‪ :‬خيار الستسلم‪ ،‬يأسا وقنوطا من روح ال ونصره‪ ..‬وهو خيار بائس‪ ،‬ينسى أصحابه أننا‬
‫لسنا بإزاء شيء جديد غي مسبوق ف تاريخ السلم والسلمي‪ ،‬وإنا أمام "دورة" من دورات التدافع‬
‫والصراع‪ ،‬واجهت أمتنا أسوأ منها‪ ،‬وتعاملت مع ما هو أشد قسوة منها‪ ،‬فكان تاريخ الشرق‬
‫السلمي‪ ،‬دائما وأبدا‪ ،‬مقبة الغزاة والمباطوريات‪ ..‬من الرومان‪ ..‬وحت المباطوريات الغربية‬
‫الديثة‪.‬‬
‫وذلك فضلً عن أن هذا اليأس الذي ل يقرأ أهله ول يعون سنن التاريخ يرجهم والعياذ بال من‬
‫حظية اليان بقيقة السلم‪ :‬إنه ل ييأس من روح ال إل القوم الكافرون (‪( )87‬يوسف)‪.‬‬
‫واليار الثان‪ :‬هو خيار "العنف العشوائي"‪ ...‬وهو خيار يرم قضايانا العادلة من أصدقاء كثيين حت‬
‫ف إطار الشعوب الغربية وتيارات الفكر الغرب‪ ...‬فضلً عن أنه يسيء إل حقيقة الهاد السلمي‪...‬‬
‫ناهيكم عن عدم جدواه أمام شراسة التحديات الت تواجهها أمتنا ف هذا النعطف من منعطفات‬
‫الواجهة بي الفرعونية والقارونية المريكية وبي السلم‪ ...‬بل لربا أعطى هذا "العنف العشوائي"‬
‫بعض الذرائع لذه الفرعونية كي تستر بعضا من مقاصدها الكالة واستبدادها القبيح‪.‬‬
‫أما اليار الثالث‪ :‬فهو خيار القاومة السلمية لذه التحديات الغربية بالعن الشامل للمقاومة‪.‬‬
‫ونقطة البداية ف هذه القاومة هي "إرادة الصمود"‪ ،‬الت هي العيار القيقي والفارق الوهري بي‬
‫النصر والزية‪ ...‬فهناك أمم انكسرت إرادتا ف الروب والواجهات‪ ،‬فلم يعوضها عن انكسار‬

‫‪617‬‬
‫الرادة وفرة أسباب القوة الادية كاليابان مثلً وهناك حالت تتعاظم فيها إرادة الصمود كلما‬
‫تعاظمت شراسة التحديات والالة السلمية نوذج جيد لذا النوع والمد ل‪.‬‬
‫وبعد "إرادة الصمود" تلزمنا "الدارة" الت ترمم وترتب "البيت العرب والسلمي" ف إطار الد‬
‫الدن الذي يعظّم المكانات العقدية والفكرية والبشرية والادية الائلة الت تلكها أمتنا‪.‬‬
‫وهذا الجتماع العرب السلمي على هذا الد الدن من التضامن‪ ،‬ليس لحاربة أمريكا والغرب‪..‬‬
‫فنحن ل نريد ذلك‪ ،‬ول قِبل لمكاناتنا بثل ذلك‪ ..‬وإنا نريد هذا الد الدن من التضامن لتحسي‬
‫أوراقنا ومواقع أقدامنا أمام هذه التحديات‪ ...‬ولتمكيننا من التدافع‪ ،‬الذي هو حراك يعدل الوازين‪،‬‬
‫ويغي الواقف‪ ،‬ويسّن الوضاع‪ ،‬ويزيل اللل الفاحش‪ ،‬ويكثّر الصدقاء‪ ،‬ويقلل العداء‪ ،‬أو ييد‬
‫بعضهم‪ ،‬دون أن يبلغ حد الصراع والقتال‪\ :‬دفع بالت هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه‬
‫ول حيم ‪( 34‬فصلت)‪.‬‬
‫إننا نريد القاومة‪ ،‬بعناها العام‪ ،‬والهاد بعناه الشامل‪ ...‬وليس القتال أو الرب‪ ،‬بعناها الاص‪...‬‬
‫وصدق رسول ال {‪ ،‬إذ يقول‪" :‬ل تتمنوا لقاء العدو‪ ،‬واسألوا ال العافية‪ ،‬فإذا لقيتموهم فاثبتوا‪،‬‬
‫وأكثروا من ذكر ال" (رواه الدارمي)‪.‬‬
‫وإن تقيق الد الدن من التضامن والتكامل والتكاتف والتساند بي دول وإمكانات العال السلمي‬
‫بدءا ببعض الدول الحورية هو العداد والستعداد الذي يقق الردع للعداء فل يطمعون ف أن يبلغ‬
‫الغي والتجب الدود القصوى‪ ...‬وف ذلك بداية التغيي لتاه الط البيان ف معادلة العلقة بي‬
‫السلم وأمته وحضارته وبي التحديات الشرسة الت فرضها ويفرضها علينا مشروع اليمنة الغربية‬
‫هذه اليام‪.‬‬
‫@@@‬
‫تلك هي جذور الواجهة الت تعيشها أمتنا الن‪ ...‬وهذه هي حقيقة صورة السلم ف الطاب‬
‫الغرب‪ ...‬وهذا هو الخرج من الأزق الذي يأخذ منا بالناق‪ ...‬والذي تزيغ منه البصار‪ .‬وتبلغ‬
‫القلوب الناجر‪ ..‬ويزلزل الكثيين منا زلزالً شديدا‪.‬‬
‫وعلينا أن نتذكر دائما وأبدا‪ ،‬أننا إذا قصرت بنا المم عن التأسي بصحابة رسول ال {‪ ،‬يوم‬
‫الحزاب فحرام أن تقصر بنا المم عن التأسي بالماليك أمام التتار‬
‫الدل بي "الواقع" و"الفكر"‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)4‬‬
‫النفي الغرب للسلم‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫وف الوقف الغرب من الخر السلمي تنهض هذه "النعة الركزية" بالدور الحوري ف اختراع‬
‫الصور الغربية عن السلم‪ ،‬وف إذكاء روح العداء الغرب للحضارة السلمية‪ ،‬وف التبير لروب‬
‫الغرب الفكرية والقتالية ضد عال السلم وأمته وحضارته‪.‬‬

‫‪618‬‬
‫وإذا كانت الواجهة التاريية والديثة والعاصرة قائمة بي "الشروع الغرب" الذي ينفي "الشروع‬
‫السلمي"‪ ،‬فإن هذا النفي الغرب للسلم وحضارته‪ ،‬له جذور عميقة ف تصورات الثقافة الغربية عن‬
‫السلم‪ ،‬وهذه الذور الرافضة والنافية للخر السلمي حية وفاعلة بل ونامية حت هذه اللحظات‪.‬‬
‫ند ذلك ف "الشروع الكنسي" الذي أعلن بلسان البوتستانت ف "مؤتر كولورادو" سنة ‪1978‬م‬
‫ضرورة اختراق السلم لتنصي كل السلمي!‪ ،‬كما أعلن هذا "الشروع الكنسي" بلسان الكاثوليك‬
‫ضرورة أن تصبح إفريقيا نصرانية سنة ‪2000‬م‪ ،‬فلما خاب الرجاء غي الصال‪ ،‬أجلوا التاريخ إل‬
‫سنة ‪2025‬م!‪ ..‬وتعب عن هذا "الشروع الكنسي" حت فرنسا العلمانية بلسان رئيسها السبق‬
‫"فاليي جيسكار ديستان" عندما أعلن استحالة قبول تركيا ف التاد الوروب‪ ،‬لنا مسلمة‪،‬‬
‫والتاد الوروب "نا ٍد مسيحي"!‪.‬‬
‫أما "لسان" الغرب الرثوذكسي‪ ،‬فلقد مارس هذا النفي للسلم‪ ،‬بالجازر والقابر الماعية‪ ،‬على‬
‫أرض البلقان والشيشان‪ ..‬كما تارسه الصهيونية وهي امتداد غرب متحالفة مع الصليبية الغربية على‬
‫أرض فلسطي!‪.‬‬
‫بل إن كنائس الغرب الت خانت نصرانيتها ل تستحي عندما تعلن هذا النفي للسلم‪ ،‬حت ف‬
‫الؤترات الت "تاور" فيها رموز السلم‪ ،‬ف عقر دار السلم!!‪ ..‬ففي "مؤتر الوار السلمي‬
‫السيحي"‪ ،‬الذي عقد بالقاهرة بدعوة من "النتدى العالي للحوار" بدة و"مؤتر العال السلمي"‬
‫والذي انعقدت جلساته ف فندق "شياتون هليوبولس" ف ‪ 29 ،28‬أكتوبر سنة ‪2001‬م رفض‬
‫مثل الفاتيكان‪ ،‬نائب المي العام للمجلس البابوي للحوار بي الديان‪ ،‬القس "خالد أكاش"‪...‬‬
‫ومثل "ملس الكنائس العالي" الدكتور "طارق متري"‪ ..‬رفضا التوقيع على البيان التامي للمؤتر‪،‬‬
‫لنه وضع السلم مع اليهودية والنصرانية‪ ،‬تت وصف "الديان السماوية الربانية"‪ ،‬وقال‪" :‬إن‬
‫وصف السلم كدين ساوي وربان ل يزال مل خلف ل يُحسم بعد"!!‪.‬‬
‫ولقد علق الدكتور يوسف القرضاوي وكان مشاركا مع شيخ الزهر ف هذا الؤتر على هذا الوقف‬
‫فقال‪" :‬إنن أستغرب من توجس بعض رجال الدين السيحي من وصف السلم بالربانية والسماوية‪،‬‬
‫وإذا كان الفاتيكان والكنائس العالية لتعترف بالسلم كدين ساوي فلماذا نتمع إذن؟! وإذا ل‬
‫يقرر رجال الدين السيحي والفاتيكان بأن السلم دين ربان فل داعي للقاء والوار‪.)1("...‬‬
‫إنم يعترفون بالسلم "كأمر واقع"‪ ،‬ويصنفونه ضمن "الديانات الوضعية"‪ ،‬غي السماوية وغي‬
‫الربانية‪ ،‬وذلك لتبير السعي الكنسي الدائب والدائم لتنصي السلمي‪ ،‬وطي صفحة السلم من‬
‫الوجود انطلقا من "النعة الركزية" الت ل تعترف بالخرين‪ ...‬فتسعى إل إلغائهم‪ ،‬بضمي‬
‫مستريح!‪.‬‬
‫كذلك ند هذا النفي للخر‪ ،‬والرفض لشروعية وجوده التميز والستقل‪ ،‬ف "الشروع الضاري"‬
‫الغرب‪ ،‬الذي ل يعترف بالتعددية الضارية العالية‪ ..‬وإن اعترف بالضارات غي العربية "كأمر واقع"‬
‫فهو يسعى بالتغريب وعولة نوذجه الضاري إل إلغاء هذه التعددية الضارية‪ ،‬والنفراد الغرب‬

‫‪619‬‬
‫بالعال كله‪ ..‬وف سبيل ذلك يستخدم "نزعة صدام الضارات‪ ..‬وصراع الثقافات" كحتمية مزعومة‬
‫لتبير سيادة هذه النعة الركزية على النطاق العالي‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بالنفي الغرب للسلم على وجه الصوص يكفي أن نشي إل كلمات الستشرق‬
‫الفرنسي "جاك بيك" (‪1995 1910‬م) الت يقول فيها‪" :‬إن السلم‪ ،‬الذي هو آخر الديانات‬
‫السماوية الثلث‪ ،‬والذي يدين به أكثر من مليار نسمة ف العال‪ ،‬والذي هو قريب من الغرب‬
‫جغرافيا‪ ،‬وتارييا‪ ،‬وحت من ناحية القيم والفاهيم‪ ..‬قد ظل‪ ،‬ويظل حت هذه الساعة‪ ،‬بالنسبة‬
‫للغرب‪ :‬ابن العم الجهول‪ ،‬والخ الرفوض‪ ..‬والنكور البدي‪ ..‬والبعد البدي‪ ..‬والتهم البدي‪..‬‬
‫والشتبه فيه البدي"(‪.)2‬‬
‫لقد قال "جاك بيك" هذا الكلم‪ ،‬العب وهو البي ف الثقافة الغربية وف السلم معا عن نفي الغرب‬
‫للسلم وحضارته وأمته‪ ،‬كموقف ثابت ودائم‪ ..‬وقدّم هذه الصورة للسلم ف الثقافة الغربية‬
‫والضارة الغربية والمارسات الغربية‪ ،‬قبل "قارعة سبتمب سنة ‪ "2001‬بسبع سنوات!‪ ...‬وكأنه‬
‫كان يصف "طوفان" ثقافة الكراهية السوداء الت انالت على السلم وأمته وحضارته عقب سبتمب‬
‫سنة ‪2001‬م!‪.‬‬
‫فنحن أمام موقف ثابت ودائم من قبل الشروع الكنسي الغرب‪ ..‬والشروع السياسي والضاري‬
‫الغرب‪ ..‬وهو موقف ينفي الخر السلمي‪ ،‬ليبر العدوان الستعماري واليمنة الضارية على عال‬
‫السلم‪.‬‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬صحيفة "السبوع" القاهرة ف ‪2001-11-5‬م‪ ،‬وصحيفة "العال السلمي" مكة ف ‪-16‬‬
‫‪2001-11‬م‪ ،‬وصحيفة "عقيدت" القاهرة ف ‪2001-11-6‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬من حديث جال بيك ف ‪1995-6-27‬م‪ .‬انظر‪ :‬حسونة الصباحي "العرب والسلم ف نظر‬
‫الستشرق الفرنسي جاك بيك"‪ ،‬صحيفة "الشرق الوسط" لندن ف ‪2000-11-1‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)5‬‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫إن "الدل" بي "الواقع" و"الفكر" هو حقيقة علمية‪ ،‬ل تنفرد با بعض الفلسفات الجتماعية‬
‫الغربية‪ ..‬بل لقد سبق السلم إل تقرير هذه القيقة فيما عرفناه من العلقة بي آيات القرآن الكري‬
‫"ومناسبات" نزولا‪ ..‬والعلقة‪ ،‬بي الحاديث النبوية و"أسباب ورود" هذه الحاديث‪ ..‬وهذا‬
‫"الدل" بي "الواقع" و"الفكر" هو ما تكاد تلمسه العقول ف الدراسات الجتماعية لنشأة الفكار‬
‫وتطورها‪.‬‬
‫ل لكثي من الصور الزائفة الت صنعها الغرب‬‫ولقد كان "واقع" الستعمار الغرب للشرق منبعا أصي ً‬
‫للشرق وهي الصور الت عادت لتزكي ولتبر‪ ،‬ف الخيلة الغربية‪ ،‬نزعة الستعمار والستعلء‬
‫والحتواء والستغلل‪.‬‬

‫‪620‬‬
‫ولن تاريخ الستعمار الغرب للشرق سابق على ظهور السلم‪ ،‬فلقد صنع الغرب الرومان والبيزنطي‬
‫للنصرانية الصرية والشرقية‪ ،‬ولثقافة الشرق وحضارته الصور الزائفة الت بررت القهر والضطهاد‬
‫والبادة الت مارسها الرومان والبيزنطيون عشرة قرون ضد الشرق والشرقيي من "السكندر الكب"‬
‫(‪323 356‬ق م) ف القرن الرابع قبل اليلد وحت "هرقل" (‪641 610‬م) ف القرن السابع‬
‫للميلد‪.‬‬
‫ولن السلم هو الذي حرر بفتوحاته أرض الشرق من الستعمار والستغلل الرومان البيزنطي‪،‬‬
‫وحرر ضمائر الشرقيي من الضطهاد والقهر الدين والضاري‪ ،‬فلقد بدأت الصورة الغربية العادية‬
‫للسلم وحضارته وأمته ودولته وعاله تتبلور ف الثقافة الغربية الدينية‪ ..‬والدنية منذ ذلك التاريخ‪..‬‬
‫لقد كانت الضارة الشرقية‪ ،‬بنصرانيتها اليعقوبية‪ ،‬هي "العدو الببري المجي" بنظر الرومان‬
‫البيزنطيي ‪ ..‬فلما أصبحت الضارة الشرقية إسلمية‪ ،‬أصبحت هي العدو الديد‪ ،‬الذي حلت‬
‫صورته مل صورة العدو القدي‪ ..‬تاما كما صنع العلم الغرب عقب سقوط الشيوعية ف العقد‬
‫الخي من القرن العشرين ورسخ أن السلم هو العدو الذي حل مل إمباطورية الشر الشيوعية!‪.‬‬
‫لقد بدأ العداء الغرب للسلم منذ ظهور السلم وتريره الشرق والشرقيي من هيمنة الرومان‪ ..‬وف‬
‫هذا القام يقول الكاتب والقائد النليزي "جلوب باشا" (‪1986 1897‬م) كلمته الت توقظ‬
‫النيام!‪:‬‬
‫"إن تاريخ مشكلة الشرق الوسط إنا يعود إل القرن السابع للميلد"!!‪.‬‬
‫ومنذ ذلك التاريخ توالت ماولت الغرب إعادة اختطاف الشرق من السلم‪:‬‬
‫فكانت الوجة الستعمارية الصليبية‪ ،‬الت دامت قرني (‪690 489‬ه ‪1291 1096‬م) والت شارك‬
‫فيها الغرب كله‪ ،‬بقيادة الكنيسة الكاثوليكية‪ ،‬وتويل الدن التجارية الوروبية وسيوف أمراء القطاع‬
‫الوروبيي‪ ..‬ولقد انتهت هذه الوجة بالزية على يد الفروسية السلمية‪ ،‬الت اقتلعت قلعها‪،‬‬
‫وهدمت حصونا‪ ،‬وأزالت كل آثارها‪.‬‬
‫ث جاءت الوجة التترية زاحفة على الشرق السلمي‪ ،‬بدعوة من الصليبيي الوروبيي الذين تالفوا‬
‫مع الوثنية التترية ضد التوحيد السلمي!‪ ...‬ولقد هددت هذه الوجة التترية الت كان يقود جيوشها‬
‫نصارى نساطرة! هددت الوجود السلمي ذاته‪ ..‬ث كانت هزيتها الساحقة على يدي الفروسية‬
‫السلمية ف "عي جالوت" (‪658‬ه ‪1260‬م)‪ ..‬ث انتهت بانتصار السلم ف عقول وقلوب التتار‪،‬‬
‫فدخلوا السلم‪ ،‬وتولوا إل سيوف ف معارك هذا الدين!‪..‬‬
‫ومنذ سقوط "غرناطة" (‪897‬ه ‪1492‬م) وناح الصليبية الوروبية ف اقتلع السلم وحضارته‬
‫الشرقة وثقافته السمحة من الندلس‪ ،‬بدأت مرحلة جديدة ف هذه الرب الغربية على السلم وأمته‬
‫وحضارته وعاله‪ ...‬بدأت مرحلة اللتفاف حول العال السلمي مرحلة التطويق مرورا بسواحل‬
‫إفريقيا الغربية والنوبية‪ ..‬ووصولً إل الطراف السلمية ف النوب الشرقي لسيا الفلبي‪..‬‬

‫‪621‬‬
‫والند‪ ..‬وإندونيسيا ‪ ..‬وذلك تهيدا لضرب قلب العال السلمي الوطن العرب بملة "بونابرت" (‬
‫‪1821 1769‬م) على مصر (‪1213‬ه ‪1798‬م)‪.‬‬
‫وإبان هذه الرحلة مرحلة الغزوة الستعمارية الديثة تيز التحدي الغرب عن القبة الصليبية الول‬
‫بالغزو الفكري‪ ،‬الصاحب لحتلل الرض ونب الثروات‪ ...‬أي بصناعة الصورة الغربية للسلم‬
‫وحضارته وأمته‪ ،‬تلك الصورة الت نت مكوناتا لتزكي وتبر للغرب نفي الخر السلمي‪ ،‬ولتشحن‬
‫الشعوب الوروبية بالعداء للسلم‪ ،‬حفزا لا على مواصلة الغزو والحتلل لبلد السلم‪.‬‬
‫وخلل هذه القرون من طمع الغرب باستعادة الشرق من السلم تبلور الطاب الغرب حول الشرق‪،‬‬
‫على النحو الذي يدم تقيق هذه الستراتيجية الستعمارية الغربية‪ ..‬وهو خطاب متنوع ومتكامل ف‬
‫ذات الوقت‪ ..‬متنوع بتنوع الدوائر الصادر منها‪ ..‬ومتكامل لتحقيق هذه الستراتيجية الغربية‬
‫الواحدة‪ ..‬ومتنوع كذلك بتنوع المهور الذي يتوجه إليه هذا الطاب السلمي‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)6‬‬
‫اختطاف الشرق من السلم‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬

‫ذكرنا ف ختام القال السابق‪ ،‬أن الطاب الغرب حول الشرق تنوع بسبب عدة عوامل‪ ،‬منها تنوع‬
‫المهور الذي يتوجه إليه ذلك الطاب‪ ،‬ونفصل ذلك كالت‪:‬‬
‫‪ 1‬الغرب الكنسي اللهوت‪ ،‬له خطاب دين يسعى به إل تنصي السلمي‪ ..‬وحت الدوائر العلمانية ف‬
‫النظم السياسية الغربية با فيها العلمانية الفرنسية التطرفة تدعم هذا الشروع الكنسي التنصيي‬
‫وخطابه اللهوت‪ ،‬لنه يصب ف النهاية ف تقيق استراتيجية إلاق الشرق بالغرب‪ ،‬وهيمنة الضارة‬
‫الغربية السيحية بعن من العان على حضارة السلم‪ ..‬ومن هنا كان دعم حكومات فرنسا العلمانية‬
‫لدارس الرساليات التنصيية ف الشرق العرب لنا وفق عبارة قناصل الكومة الفرنسية "تستهدف‬
‫جعل سورية (أي الشام الكبي) حليفا أكثر أهية من مستعمرة! وتأمي هيمنة فرنسا على منطقة‬
‫خصبة ومنتجة! وتويل الوارنة إل جيش متفان لفرنسا ف كل وقت!‪ ...‬وجعل الببرية العربية‬
‫"كذا" تنحن ل إراديا أمام الضارة السيحية لوروبا"!!(‪.)1‬‬
‫فالدف الستراتيجي‪ ،‬الذي يتمع عليه الغرب الستعماري الكنسي منه والسياسي هو إعادة‬
‫اختطاف الشرق من السلم‪ ،‬والتوسل إل ذلك بتشويه صورة السلم‪ ،‬أو طي صفحة وجود هذا‬
‫السلم!‬
‫‪ 2‬والغرب السياسي القائد لذه الواجهة بعد إزاحة الكنيسة عن مركز القيادة له خطاب سياسي‬
‫وثقاف وحضاري‪ ،‬يسعى إل تغريب الشرق‪ ،‬واحتلل عقل النخب من أبنائه‪ ،‬لتأييد احتلل الرض‬
‫ونب الثروات عندما يصبح الغرب ونوذجه الضاري والقيمي هو قبلة عقول هذه النخب من‬
‫الفكرين والثقفي‪.‬‬

‫‪622‬‬
‫ومع توجيه هذا الطاب الغرب الثقاف منه واللهوت ف الساس‪ ...‬إل عقول السلمي الشرقيي‪..‬‬
‫فلقد توجهوا به كذلك إل الرأي العام الغرب‪ ،‬لقناعه بضرورته‪ ،‬ولكسب تأييده لراميه‪ ..‬ولشراكه‬
‫ف النفاق عليه‪ ،‬والنهوض بتبعاته‪ ،‬والرب ف سبيله‪.‬‬
‫وإذا كان طمع الغرب الستعماري السياسي والكنسي قد شل العال كله‪ ،‬وليس فقط عال السلم‪،‬‬
‫فلقد تيّز الطاب الغرب للعال السلمي عن خطابه للحضارات غي السلمية‪ ،‬بسبب تيز السلم‬
‫ودوره ف هذه الواجهة التاريية بي الغرب والسلم‪ ...‬فالسلم ليس مرد حضارة متميزة عن‬
‫الضارة الغربية كما هو الال مع الضارات الخرى‪ :‬الصينية والندية واليابانية وإنا هو مع هذا‬
‫التميز حضارة عالية‪ ،‬وليست ملية كتلك الضارات‪ ،‬ومن ث فهو النافس الول والخطر للحضارة‬
‫الغربية على النطاق العالي‪ ،‬بل وف عقر دار الضارة الغربية ذاتا!‬
‫ومن هنا كان إحياء الغرب وإنعاشه لذاكرة شعوبه بذكريات‪:‬‬
‫الفتوحات السلمية الول الت حررت الشرق من هيمنة الغرب ف القرن السابع اليلدي بعد عشرة‬
‫قرون من القهر الضاري‪ ،‬الغريقي والرومان‪ ..‬والبيزنطي للشرق‪..‬‬
‫وذكريات الوجود السلمي ف الندلس الذي استمر ثانية قرون (‪897 92‬ه ‪1492 711‬م) وهو‬
‫الوجود الذي كاد يدخل جنوب أوروبا ووسطها ف دائرة السلم‪ ،‬لول الزية السلمية ف معركة‬
‫"بلط الشهداء" (‪114‬ه ‪732‬م)‪.‬‬
‫وذكريات الزية الصليبية أمام الفروسية السلمية‪ ،‬وفشل الملت الصليبية ف إعادة اختطاف‬
‫الشرق والقدس من السلم‪ ،‬رغم استمرار هذه الملت قرني من الزمان (‪690 489‬ه ‪1096‬‬
‫‪1291‬م)‪.‬‬
‫وذكريات الطاردة العثمانية للتحدي الوروب على أرضه‪ ...‬وفيها ت فتح القسطنطينية (‪857‬ه‬
‫‪1453‬م)‪ ،‬ث أوغلت هذه الطاردة على أرض البلقان‪ ..‬حت وصلت إل أسوار "فيينا" ف (‪935‬ه‬
‫‪1529‬م) وف (‪1094‬ه ‪1683‬م)‪.‬‬
‫وذكريات السيطرة السلمية على البحار الكبى للكرة الرضية البيض والحر والعرب‪ ..‬والسود‬
‫لكثر من عشرة قرون‪ ،‬كان السلمون فيها هم "العال الول" على ظهر هذا الكوكب‪.‬‬
‫كان الشروع الغرب السياسي منه والكنسي حريصا دائما وأبدا‪ ،‬على إنعاش ذاكرة الشعوب الغربية‬
‫بذكريات و"خطر العالية السلمية"‪ ،‬على استراتيجيته‪ ،‬وذلك لتأجيج حاس تلك الشعوب ف‬
‫معركة الغرب لستعادة الشرق مرة أخرى من السلم‪.‬‬
‫وف كل مفردات هذا الطاب الغرب اللهوت منه والسياسي والثقاف والتعليمي والعلمي كان‬
‫الغرب حريصا على توجيه أمضى أسلحته وأخطرها إل السلم الدين والثقافة والضارة باعتباره‬
‫النموذج الذي يرر الشرق من الرومان ومن الصليبيي‪ ،‬والطاقة القاومة لكل ماولت هيمنة الغرب‬
‫على الشرق من جديد‪.‬‬
‫الوامش‬

‫‪623‬‬
‫(‪ )1‬من مراسلت القناصل أرشيف وزارة الارجية الفرنسية باريس سنوات ‪1842 1840‬‬
‫‪1898 1897 1848‬م‪ .‬انظر كتابنا‪( :‬هل السلم هو الل؟) ص ‪ 22‬طبعة القاهرة سنة‬
‫‪1995‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)7‬‬
‫ثقافة الكراهية ‪ ..‬الصول والذور‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬

‫أثرت تراكمات مفردات الطاب الغرب‪ ،‬الاص بالشرق السلمي‪ ،‬أثرت مزونا من "ثقافة‬
‫الكراهية السوداء"‪ ،‬الت شاعت وترسبت‪ ،‬بل وتكلّست‪ ،‬ف كثي من ميادين الثقافة واللهوت‬
‫والتعليم والعلم بأوروبا وأمريكا‪ ..‬وهو الخزون الداعم للمشاريع الغربية لستعمار الشرق‪ ،‬والذي‬
‫تطفح به منابر الثقافة والعلم والتنصي الغربية إبان الزمات الادة ف علقة الغرب بالسلم‪ ،‬على‬
‫النحو الذي رأيناه ونراه بعد "قارعة ‪ 11‬سبتمب ‪2001‬م" ف الوليات التحدة المريكية‪.‬‬
‫وف هذا اليدان يستطيع العقل السلم أن يتابع ويعي دللت الواقف والفكار‪ ،‬الت غدت مكونات‬
‫أساسية ف ثقافة الطاب الغرب حول السلم والضارة السلمية ‪ ...‬وهي مواقف وأفكار رصدها‬
‫وانتقدها علماء غربيون منصفون‪ ..‬وذلك من مثل‪:‬‬
‫تصوير نب السلم صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬باعتباره النشق الكاثوليكي الكب‪ ،‬الذي اختطف الشرق‬
‫من الغرب الرومان‪ ،‬ومن الكاثوليكية!!‪ ..‬وكما يقول الفكر اللان "هوبرت هيكومر" ف دراسته‬
‫عن "صورة السلم ف الدب الوسيط" ‪" :‬فإن الوروبيي ادّعوا أن رسول السلم كان ف الصل‬
‫كاردينالً كاثوليكيا‪ ،‬تاهلته الكنيسة ف انتخابات البابا‪ ،‬فقام بتأسيس طائفة ملحدة ف الشرق‪،‬‬
‫انتقاما من الكنيسة‪ ،‬واعتبت أوروبا السيحية ف القرون الوسطى ممدا الرتد الكب عن السيحية‬
‫الذي يتحمل وزر انقسام نصف البشرية عن الديانة السيحية"(‪!!)1‬‬
‫وتصوير الكاثوليكية الوروبية بلسان فيلسوفها الكب "توما الكوين" (‪1274 1225‬م) رسول‬
‫السلم صلى ال عليه وسلم بأنه "الذي أغوى الشعوب من خلل وعوده الشهوانية‪ ...‬وقام‬
‫بتحريف جيع الدلة الواردة ف التوراة والناجيل من خلل الساطي والرافات الت كان يتلوها على‬
‫أصحابه‪ ،‬ول يؤمن برسالة ممد إل التوحشون من البشر‪ ،‬الذين كانوا يعيشون ف البادية‪!!)2("...‬‬
‫وتصوير البوتستانتية الوروبية بلسان رائدها الول "مارتن لوثر" (‪1546 1483‬م) للقرآن الكري‬
‫"بأنه كتاب بغيض وفظيع وملعون‪ ،‬ومليء بالكاذيب والرافات والفظائع"‪ ...‬وحديثه عن أن‬
‫"إزعاج ممد‪ ،‬والضرار بالسلمي‪ ،‬يب أن تكون هي القاصد من وراء ترجة القرآن‪ ،‬وتعرف‬
‫السيحيي عليه!"‪ ،‬وأن "على القساوسة أن يطبوا أمام الشعب عن فظائع ممد‪ ،‬حت يزداد‬
‫السيحيون عداوة له‪ ،‬وأيضا ليقوى إيانم بالسيحية‪ ،‬ولتتضاعف جسارتم وبسالتهم ف الرب ضد‬
‫التراك السلمي‪ ،‬وليضحوا بأموالم وأنفسهم" ف هذه الروب!!(‪.)3‬‬

‫‪624‬‬
‫وتصوير الغرب للمسلمي ف الثقافة الشعبية الوروبية‪ ،‬ومن خلل اللحم الشعبية‪ ،‬مثل "ملحمة‬
‫رولند" سنة ‪1100‬م‪ ،‬بأنم "النس اليوان القي‪ ..‬والكلب والنازير"!!‪ ..‬وأنم "يعبدون أصنام‬
‫الثالوث‪" :‬أبوللي" ‪ ،Apollin‬و"تيفاجانت" ‪ Tervagant‬و"حوميت ممد"‬
‫‪.)Mahamet!!(4‬‬
‫وهي الوصاف الزيفة والكاذبة‪ ،‬الت ل تزال تترها حت الن "أفلم هوليود"‪ ،‬والعمال "الدبية"‬
‫الت يفوز أصحابا بوائز "نوبل" ف هذه العوام!!‬
‫ووضع "دانت" (‪1321 1295‬م) صاحب "الكوميديا اللية" رسول السلم صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وعلي بن أب طالب كرم ال وجهه "ف الفرة التاسعة ف ثامن حلقة من حلقات جهنم‪ ،‬وقد‬
‫قطعت أجسامهم وشوهت ف دار السعي‪ ،‬لنم كانوا ف الياة الدنيا "بكذبه وافترائه" أهل شجار‬
‫وشقاق"!!(‪.)5‬‬
‫وحديث "جوته" (‪1832 1749‬م) عن القرآن الكري‪ ،‬باعتباره "الكتاب الذي يكرر نفسه‬
‫تكرارات ل تنتهي فيثي اشئزازنا دائما‪ ،‬كلما شرعنا ف قراءته"!!‬
‫وحديث الستشرق اللان "تيودور نولدكه" (‪1930 1836‬م) ف كتابه "من تاريخ القرآن" عن‬
‫"لغة القرآن التراخية والركيكة ‪ ..‬وتكراراته الت ل تنتهي‪ ،‬والت ل يستحي الرسول من استخدام‬
‫الكلمات نفسها فيها‪ ...‬والباهي الت تعوزها الدقة والوضوح‪ ،‬والت ل تقنع إل الؤمني من البداية‬
‫بالعاقبة النهائية‪ .‬والقصص الت ل تقدم إل قليلً من التنوع‪ ،‬والت كثيا ما تعل آيات الوحي أقرب‬
‫إل اللل والسآمة‪ ..‬فأسلوب القرآن فيه عيوب كثية‪ ،‬عيوب غي موجودة ف القصائد العربية القدية‬
‫ول ف أخبار العرب‪ ..‬وأفكاره ضحلة‪ ،‬وساذجة‪ ،‬وبدائية"!!‬
‫أما "توماس كارليل" (‪1881 1795‬م) الذي تدث عن رسول السلم صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫حديثا إيابيا‪ ،‬حت جعله كزعيم مصلح‪ ،‬وليس كنب ورسول أول العظماء الائة فإنه هو القائل‪:‬‬
‫"ممد شيء‪ ،‬والقرآن شيء آخر متلف تاما‪ ..‬ول يوجد شيء غي الشعور بالواجب يكن أن يمل‬
‫أي أوروب على قراءة القرآن‪ ...‬إإنه خليط طويل‪ ،‬ومل ومشوش‪ ..‬جاف‪ ..‬وغليظ‪ ..‬باختصار‪ ،‬هو‬
‫غباء ل يتمل"(‪.)6‬‬
‫هذه هي صورة السلم‪ ..‬وقرآنه‪ ..‬ورسوله‪ ..‬وصورة السلمي وحضارتم‪ ،‬الت شاعت ف الثقافة‬
‫الغربية‪ ،‬وف الطاب الغرب عن الشرق السلمي‪ ،‬منذ ظهور السلم‪ ،‬وحت العصر الديث‪ ...‬والت‬
‫كوّنت الصول والذور لثقافة الكراهية السوداء‪ ،‬الت تستكي حينا‪ ،‬وتطفو أحيانا‪ ،‬إبان الزمات‬
‫بي الغرب والسلم‪.‬‬
‫حدث هذا ويدث‪ ،‬بينما يؤمن السلمون ويقدسون كل الكتب والشرائع والنبوات والرسالت‪ ،‬ول‬
‫يفرقون بي أحد من رسل ال‪ ،‬ويتلون آيات القرآن الت تقول عن التوراة والنيل إن فيهما هدى‬
‫ونورا!‬
‫الوامش‬

‫‪625‬‬
‫(‪( )1‬صورة السلم ف التراث الغرب) ص ‪ ،24 ،23‬ترجة‪ :‬ثابت عيد‪ ،‬طبعة القاهرة سنة‬
‫‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬الرجع السابق‪ :‬ص ‪ )3(.33 ،32‬الرجع السابق‪ :‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )4‬الرجع السابق‪ :‬ص ‪ )5( .25 ،18‬الرجع السابق‪ :‬ص ‪.24‬‬
‫(‪ )6‬ترجم هذه النصوص عن اللانية‪ :‬ثابت عيد‪ ،‬ضمن ملف تت الطبع عن "تقييمات غربية‬
‫لسلوب القرآن"‪.‬‬
‫(* كاتب ومفكر إسلمي مصر‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)8‬‬
‫تريد السلم من خصوصياته‬

‫&&د‪.‬ممد عمارة&&‬

‫كاتب ومفكر إسلمي مصر‬

‫سعت الغزوة الستعمارية الوروبية الديثة كي تؤبد احتللا لعال السلم‪ ،‬ونبها لثرواته إل تريد‬
‫السلم من شوله للدنيا مع الخرة‪ ،‬ومن مرجعيته للدولة والسياسة والجتماع مع منظومة القيم‬
‫والخلق الاكمة لسلوك الفراد‪ ...‬سعت إل فك الرتباط بي شريعته اللية وحركة الواقع ف‬
‫الجتمعات السلمية الت استعمرتا هذه الغزوة‪ ،‬وذلك لتُلحق هذا الواقع بالقانون الوضعي الغرب‬
‫العلمان‪ ،‬حت ل يبقى للسلم إل ملكوت السماء والغيب والدار الخرة كما هو حال النصرانية‬
‫الهزومة أمام العلمانية الغربية وسعت هذه الغزوة الستعمارية كذلك إل فك الرتباط بي السلم‬
‫والعربية لغة القرآن الكري وذلك لتغريب اللسان‪ ،‬مع تغريب الفقه والقانون‪ ...‬وكان خطاب‬
‫الستعمار الفرنسي ف هذا اليدان نوذجيا‪ ،‬فلقد أعلن فلسفته ومنظروه‪:‬‬
‫"أن السلحة الفرنسية هي الت فتحت البلد العربية‪ ،‬وهذا يوّلنا اختيار التشريع الذي يب تطبيقه ف‬
‫هذه البلد!‪ ...‬ويب فصل الدين السلمي عن القانون الدن‪ ...‬وحصر السلم ف العتقاد وحده‬
‫"واليلولة دون اندماج العادات والعراف ف الشرع السلمي‪ ،‬ليتيسر دمها ف القانون الفرنسي‬
‫بدلً من القانون السلمي"!‬
‫"كذلك يب الفصل بي السلم والستعراب‪ ..‬فالعربية هي رائد السلم‪ ،‬لنا تُعلّم من القرآن‪،‬‬
‫وإذا سادت الفرنسية بدلً من العربية‪ ،‬وأصبحت لغة التفاهم‪ ،‬فلن يهمنا كثيا أن تضم الديانة‬
‫السلمية الشعب كله‪ ،‬أو أن آيات من القرآن يتلوها رجال بلغة ل يفهمونا‪ ،‬كما يقيم الكاثوليك‬
‫القداديس باللغات اللتينية والغريقية والعبانية"!!(‪.)1‬‬

‫‪626‬‬
‫فالطلوب ف خطاب الغزوة الستعمارية الغربية الديثة تريد السلم من خصوصياته ومقومات تيزه‬
‫عن النموذج الضاري الغرب‪ ،‬وذلك بتغريب الفقه والقانون بالعلمانية بعد تغريب الواقع‪ ،‬لعزل‬
‫الشريعة عن الياة‪ ...‬وتغريب اللسان ف بلد السلم‪ ،‬لعزل القرآن عن الياة‪ ،‬وإلاق السلمي‬
‫بالثقافة الغربية‪ ،‬ومنظومة قيمها‪.‬‬
‫والدارس لواقع بلد الغرب العرب تونس والزائر والغرب حت بعد ما يقرب من نصف قرن من‬
‫الستقلل السياسي يدرك حجم الكارثة الت أحدثها "التغريب الفرنكفون" ف ميادين اللغة والثقافة‬
‫والتعليم والعلم‪ ،‬بل والقيم أيضا‪ ،‬حت هذه اللحظات‪.‬‬
‫فالنخبة الفرنكفونية التغربة تسيطر على ميادين الفكر والثقافة والعلم‪.‬‬
‫والصحافة الفرنكفونية الناطقة بالفرنسية تثل الجم الكب والهم ف اليدان الصحفي‪.‬‬
‫وطغيان الفرنسية ف ميدان التربية والتعليم ظاهر للعيان‪.‬‬
‫وحركة النشر وسوق الكتاب تغالب فيه الفرنسية العربية فتغلبها‪.‬‬
‫وحت النعات العنصرية الت تريد إحلل الببرية المازيغية مل العربية‪ ،‬ما هي إل ستار لحلل‬
‫الفرنسية ومن ثّ الفكر الفرنكفون مل الوية العربية والسلمية‪.‬‬
‫بل لقد بلغت كارثة التبعية والتغريب والستلب الضاري ف تلك البقعة العزيزة على أرض السلم‬
‫وأمته إل الد الذي زادت فيه معدلت التغريب والفرنكفونية ف عهد "الستقلل" عنه ف عهد‬
‫الحتلل والقاومة الوطنية لذا الحتلل!!‪.‬‬
‫ويكفي أن نعلم أن الفرنسية هي لغة التخاطب والتعامل‪ ،‬ليس فقط ف إدارات الشركات‬
‫والؤسسات‪ ،‬وإنا أيضا ف مداولت ودوائر الكم ومالس الوزارات! المر الذي يعل من أوليات‬
‫تيار السلم والعروبة‪ ..‬الهاد لتحرير العقل العرب والسلم من هذا الحتلل!‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬ممد السماك (القليات بي العروبة والسلم) ص ‪ ،59 57‬طبعة بيوت سنة ‪1990‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)9‬‬
‫الطاب التنصيي يكشف حقيقة حوار الديان‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬

‫ل تكن مقاصد الطاب الغرب خطاب اليمنة الوجه إل العال السلمي العاصر‪ ،‬بأفضل كثيا من‬
‫خطاب الغزوة الستعمارية ف العصر الديث‪ ...‬بل ربا كان المر أسوأ ف كثي من مفردات هذا‬
‫الطاب‪..‬‬
‫فالطاب الكنسي اللهوت‪ ،‬الذي طمح بل وطمع إل تنصي كل السلمي‪ ،‬قد تدث عن السلم ف‬
‫وثائق "مؤتر كولواردو سنة ‪1978‬م" فقال‪:‬‬

‫‪627‬‬
‫"إن السلم هو الدين الوحيد الذي تناقض مصادره الصلية أسس النصرانية‪ ..‬والنظام السلمي هو‬
‫أكثر النظم الدينية التناسقة اجتماعيا وسياسيا‪ ...‬ونن باجة إل مئات الراكز‪ ،‬لفهم السلم‪،‬‬
‫ولختراقه ف صدق ودهاء! ولذلك‪ ،‬ل يوجد لدينا أمر أكثر أهية وأولوية من موضوع تنصي‬
‫السلمي‪.‬‬
‫لقد وطدنا العزم على العمل بالعتماد التبادل مع كل النصارى والكنائس الوجودة ف العال‬
‫السلمي‪ ...‬إن نصارى البوتستانت ف الشرق الوسط وإفريقيا وآسيا منهمكون بصورة عميقة ف‬
‫عملية تنصي السلمي‪ ..‬وعلى الواطني النصارى ف البلدان السلمية وإرساليات التنصي الجنبية‬
‫العمل معا‪ ،‬بروح تامة‪ ،‬من أجل العتماد التبادل والتعاون الشترك لتنصي السلمي‪ ..‬إذ يب أن يتم‬
‫كسب السلمي عن طريق منصرين مقبولي من داخل متمعاتم‪ ..‬ويفضّل النصارى العرب ف عملية‬
‫التنصي‪ .‬إن تنصي هذه البلد سوف يتم من خلل النصارى النتمي إل الكنيسة الحلية‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫بعد تكوين جالية ملية نصرانية قوية"(‪.)1‬‬
‫وبعد هذا التخطيط لختراق السلم ف "صدق‪ ..‬ودهاء!" تدث قساوسة وبروتوكولت التنصي‬
‫هذه عن ضرورة صناعة الكوارث ف بلد السلم‪ ،‬لحداث اللل ف توازن وضحايا هذه الكوارث‪،‬‬
‫باعتبار ذلك هو الشرط الضروري لتحول هؤلء الضحايا من السلم إل النصرانية!‪ ..‬معتبين ذلك‬
‫"نعمة" كبى و"معجزة" تيئ لم تنصي السلمي!! فقالوا‪" :‬لكي يكون هناك تول إل النصرانية‪،‬‬
‫فلبد من وجود أزمات ومشكلت وعوامل تدفع الناس أفرادا وجاعات خارج حالة التوازن الت‬
‫اعتادوها!‪ ..‬وقد تأت هذه المور على شكل عوامل طبيعية‪ ،‬كالفقر والرض والكوارث والروب‪،‬‬
‫وقد تكون معنوية‪ ،‬كالتفرقة العنصرية‪ ،‬أو الوضع الجتماعي التدن‪ ..‬وف غياب مثل هذه الوضاع‬
‫الهيئة فلن تكون هناك تولت كبية إل النصرانية!"(‪.)2‬‬
‫ولقد كشف هذا الطاب التنصيي عن "القاصد القيقية من وراء ما يسمونه "الوار بي الديان"‬
‫فإذا بذه القاصد هي التمهيد للتحول القسري نعم القسري إل النصرانية‪ ..‬وبنص عباراتم يقولون‪:‬‬
‫"إن بيانات ملس الكنائس العالي‪ ،‬الت تشدد على "حرية القناع والقتناع" ل تلزم الجلس!!‪..‬‬
‫فالوار‪ ..‬عند ملس الكنائس العالي‪ ..‬ليس بديلً عن تويل غي النصارى إل النصرانية‪ ..‬وهذه‬
‫البيانات عن "حرية القناع والقتناع" لتعن تلي الجلس عن مواقفه الناصرة "للجهود القسرية‬
‫والواعية والتعمدة والتكتيكية لذب الناس من متمع دين ما إل آخر‪"..‬؟!(‪.)3‬‬
‫وإذا كان هذا هو الطاب الكنسي البوتستانت‪ ،‬إزاء السلم والسلمي‪ ،‬فإن خطاب الكاثوليكية‬
‫الغربية يقطر‪ ،‬هو الخر‪ ،‬بالعداء للسلم‪.‬‬
‫فالونسنيور "جوزيب برناردين" يصرح بضرة بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثان ف ‪1999‬م فيقول‪:‬‬
‫"إن العال السلمي سبق أن بدأ يبسط سيطرته بفضل دولرات النفط‪ ..‬وهو يبن الساجد والراكز‬
‫الثقافية للمسلمي الهاجرين ف الدول السيحية‪ ،‬با ف ذلك روما عاصمة السيحية‪ ،‬فكيف يكننا أل‬
‫نرى ف ذلك برناما واضحا للتوسع‪ ،‬وفتحا جديدا"؟!(‪.)4‬‬

‫‪628‬‬
‫وف نفس التاريخ‪ ،‬يتحدث الكاردينال "بول بوباز" مساعد بابا الفاتيكان‪ ..‬ومسؤول الجلس‬
‫الفاتيكان للثقافة إل صحيفة "الفيجارو" الفرنسية‪ ،‬فيقول‪" :‬إن السلم يشكل تديا بالنسبة لوروبا‬
‫وللغرب عموما‪ ..‬وإن الرء ل يتاج إل أن يكون خبيا ضليعا لكي يلحظ تفاوتا متزايدا بي‬
‫معدلت النمو السكان ف أناء معينة من العال‪ ،‬ففي البلدان ذات الثقافة السيحية يتراجع النمو‬
‫السكان بشكل تدريي‪ ،‬بينما يدث العكس ف البلدان السلمية النامية‪.‬‬
‫إن التحدي الذي يشكله السلم يكمن ف أنه دين وثقافة‪ ،‬ومتمع وأسلوب حياة وتفكي وتصرف‪،‬‬
‫ف حي أن السيحيي ف أوروبا ييلون إل تميش الكنيسة أمام الجتمع‪ ،‬ويتناسون الصيام الذي‬
‫يفرضه عليهم دينهم‪ ،‬وف الوقت نفسه ينبهرون بصيام السلمي ف شهر رمضان"(‪.)5‬‬
‫ويضي هذا الطاب الكنسي الكاثوليكي ليفض التعايش بي السلم والسيحية ف أوروبا‪ ..‬فيقول‬
‫الكاردينال "جاكومو بيفي" أسقف مدينة "بولونيا" بإيطاليا ف رسالته يوم ‪2000-9-13‬م داعيا‬
‫إل استئصال السلمي من أوروبا‪" :‬فإما أن تتحول أوروبا إل مسيحية فورا‪ ،‬وإل ستكون إسلمية‬
‫مؤكدا"(‪!)6‬‬
‫هذا هو الطاب الكنسي الغرب إزاء السلم‪ ،‬وتلك هي صورة السلم ف هذا الطاب البوتستانت‬
‫منه والكاثوليكي ف الواقع العاصر الذي نعيش فيه‪ ..‬والسابق على "قارعة سبتمب لسنة ‪2001‬م"‬
‫الت ألت بأمريكا‪.‬‬
‫الوامش‬
‫(‪( )1‬التنصي‪ :‬خطة لغزو العال السلمي) الترجة العربية لوثائق مؤتر كولورادو ص ‪،22 ،452‬‬
‫‪ .845 ،383 ،630 ،627 ،5 ،4 ،56 ،53 ،79 .789 ،23‬طبعة مركز دراسات العال‬
‫السلمي‪ ...‬مالطا سنة ‪1991‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬الصدر السابق‪ ،‬ص ‪ )3(.147 ،364 ،469 ،287 ،827 ،242‬الصدر السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.770‬‬
‫(‪ )4‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪1999-10-13‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪1999-10-1‬م‪.‬‬
‫(‪ )6‬صحيفة "العال السلمي" ف ‪2000-10-6‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)10‬‬
‫دعوة نيكسون لواجهة الصحوة‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬

‫أما خطاب الشروع السياسي والضاري الغرب العاصر إزاء السلم‪ ،‬فلقد بدأته أمريكا عقب‬
‫الرب العالية الثانية عندما ورثت المباطوريات الستعمارية القدية‪ :‬النليزية والفرنسية بحاولة‬
‫"استغلل" السلم ف حربا الباردة ضد الشيوعية‪ ..‬وبعبارات الشهيد سيد قطب (‪1386 1324‬‬

‫‪629‬‬
‫ه‪1966 1906 -‬م)‪" :‬إن السلم الذي يريده المريكان‪ ،‬وحلفاؤهم ف الشرق‪ ،‬ليس هو السلم‬
‫الذي يقاوم الستعمار‪ ،‬وليس هو السلم الذي يقاوم الطغيان‪ ،‬ولكنه فقط السلم الذي يقاوم‬
‫الشيوعية‪ ،‬إنم ل يريدون للسلم أن يكم‪ ،‬ول يطيقون من السلم أن يكم‪ ،‬لن السلم حي‬
‫يكم سينشئ الشعوب نشأة أخرى‪ ،‬وسيعلم الشعوب أن إعداد القوة فريضة‪ ،‬وأن طرد الستعمر‬
‫فريضة‪ ،‬وأن الشيوعية كالستعمار وباء‪ ،‬فكلها عدو‪ ،‬وكلها اعتداء‪ ..‬المريكان وحلفاؤهم إذن‬
‫يريدون للشرق إسلما أمريكانيا يوز أن يستفت ف منع المل‪ ،‬ويوز أن يستفت ف دخول الرأة‬
‫البلان‪ ،‬ويوز أن يستفت ف نواقض الوضوء‪ ،‬ولكنه ل يستفت أبدا ف أوضاعنا الجتماعية أو‬
‫القتصادية أو نظامنا الال‪ ،‬ول يُستفت أبدا ف أوضاعنا السياسية والقومية‪ ،‬وفيما يربطنا بالستعمار‬
‫من صلت‪ ،‬فالكم بالسلم‪ ،‬والتشريع بالسلم‪ ،‬والنتصار للسلم ليوز أن يسها قلم‪ ،‬ول‬
‫حديث‪ ،‬ول استفتاء‪ )1("..‬ف السلم المريكان!‬
‫هذا هو نوع "السلم المريكان" الذي أرادت أمريكا "استغلله" ف حربا الباردة ضد الشيوعية‬
‫كما استغلت النصرانية أيضا‪ .‬وأنشأت‪ ،‬لذلك‪" ،‬ملس الكنائس العالي" ف ذات التاريخ‪..‬‬
‫فلما تعاظم مد اليقظة السلمية ف سبعينيات القرن العشرين عقب سقوط ناذج التحديث على‬
‫النمط الغرب‪ ..‬اتذت أمريكا ومن ورائها الغرب من السلم الجاهد‪ ..‬إسلم اليقظة والصحوة‬
‫عدوا‪ ،‬حت قبل "قارعة سبتمب عام ‪2001‬م" وحت عندما كانت كل الركات السلمية الت‬
‫يسمونا "أصولية ومتطرفة" تقف مع أمريكا ف خندق واحد إبان الهاد الفغان ضد التاد السوفيت‬
‫والشيوعية ف ثانينيات القرن العشرين!‪.‬‬
‫وف ذلك التاريخ‪ ،‬كتب الرئيس المريكي "ريتشارد نيكسون" وهو مفكر استراتيجي عن هذه اليقظة‬
‫السلمية‪ ،‬الت يقودها من أساهم "الصوليون السلميون" الذين هم كما يقول "مصممون على‬
‫استرجاع الضارة السلمية السابقة عن طريق بعث الاضي‪ ،‬ويهدفون إل تطبيق الشريعة السلمية‪،‬‬
‫وينادون بأن السلم دين ودولة‪ ،‬وعلى الرغم من أنم ينظرون إل الاضي فإنم يتخذون منه هداية‬
‫للمستقبل‪ ،‬فهم ليسوا مافظي‪ ،‬ولكنهم ثوار"!!‬
‫ودعا "نيكسون" إل اتاد الغرب المريكي والوروب‪ ..‬والروسي لواجهة هذا البعث السلمي‪،‬‬
‫وإل‪" :‬تديد اليار الذي تتاره الشعوب السلمة"!! ليكون "نوذج تركيا العلمانية النحازة نو‬
‫الغرب والساعية إل ربط السلمي بالغرب سياسيا واقتصاديا‪ ..‬وذلك حفاظا على مصال الغرب ف‬
‫الشرق‪ ..‬لن أكثر ما يهمنا ف الشرق الوسط هو النفط وإسرائيل‪ ..‬وإن التزامنا نو إسرائيل عميق‬
‫جدا‪ ،‬فنحن لسنا مرد حلفاء‪ ،‬ولكننا مرتبطون ببعضنا بأكثر ما يعنيه الورق‪ ،‬نن مرتبطون معهم‬
‫ارتباطا أخلقيا‪ ..‬ولن يستطيع أي رئيس أمريكي أو كونرس أن يسمح بتدمي إسرائيل"!‬
‫ولقد أفصح "نيكسون" عن الوقف المريكي والغرب الذي اتذ السلم والسلمي عدوا‪ ،‬عندما‬
‫قال‪" :‬إن الكثيين من المريكيي قد أصبحوا ينظرون إل كل السلمي كأعداء‪ ..‬ويتصور كثي من‬
‫المريكيي أن السلمي هم شعوب غي متحضرة‪ ،‬ودمويون‪ ،‬وغي منطقيي‪ ..‬وليس هناك صورة‬

‫‪630‬‬
‫أسوأ من هذه الصورة حت بالنسبة للصي الشيوعية‪ ..‬ف ذهن وضمي الواطن المريكي عن العال‬
‫السلمي‪ ..‬ويذر بعض الراقبي من أن السلم والغرب متضامنان‪ ..‬وأن السلم سوف يصبح قوة‬
‫جيبوليتيكية متطرفة‪ ..‬وأنه مع التزايد السكان والمكانات الادية التاحة‪ ،‬سوف يؤلف السلمون‬
‫أخطارا كبية‪ ..‬وأنم يوحدون صفوفهم للقيام بثورة ضد الغرب‪ ..‬وسوف يضطر الغرب إل أن‬
‫يتحد مع موسكو ليواجه الطر العدوان للعال السلمي"(‪!!)2‬‬
‫تلك هي صورة السلم ف الطاب الستراتيجي المريكي والغرب ف ثانينيات القرن العشرين‪..‬‬
‫إبان "شهر العسل" بي أمريكا والغرب من ناحية‪ ،‬وكل الركات السلمية‪ .‬والدول السلمية من‬
‫ناحية أخرى إبان الهاد الشترك ضد الشيوعية ف أفغانستان‪ ..‬وقبل "قارعة سبتمب ‪ "2001‬بنحو‬
‫خسة عشر عاما!‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬من كتاب (أمريكا من الداخل) والنقل عن‪ :‬د‪.‬جابر قميحة "سيد قطب والسلم المريكان"‬
‫صحيفة "آفاق عربية" القاهرة ف ‪2001-12-27‬م والدكتور جابر ينقل عن ملة "الرسالة" سنة‬
‫‪1951‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬ريتشارد نيكسون‪( :‬الفرصة السانة) ص ‪،138 ،135 ،153 ،152 ،141 ،140 ،28‬‬
‫‪ ،139‬ترجة‪ :‬أحد صدقي مراد‪ .‬طبعة القاهرة سنة ‪1992‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)12‬‬
‫حرب الشروع الغرب‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬

‫إذا كان استعراض وقائع هذا الطوفان بل البكان الذي تفجرت حمه ف وجه السلم وأمته‬
‫وحضارته وعاله‪ :‬سلحا يقتل‪ ..‬وحصارا ينق‪ ..‬وحلت نفسية وفكرية وثقافية ودينية وإعلمية‪..‬‬
‫وتديدا ووعيدا إذا كان استعراض وقائع هذا الطوفان والبكان يتاج إل دراسة مطولة ومتخصصة‬
‫(‪ ..)1‬فإننا نتار ناذج شاهدة على أن هذه الرب الت أعلنها الغرب على السلم تت اسم‬
‫"الصولية السلمية" أو "الراديكالية السلمية" أو "الرهاب السلمي" وف بعض الحيان على‬
‫السلم وقرآنه ورسوله صلى ال عليه وسلم مباشرة وف صراحة ووقاحة إنا هي حرب الشروع‬
‫الغرب السياسي والضاري والكنسي وليست مرد تعصب كاتب هنا أو حاقة أديب هناك‪ ..‬نتار‬
‫ناذج شاهدة من كلمات القيادات السؤولة‪ ،‬العبة عن أركان النظام المريكي والغرب‪ ،‬ومشروع‬
‫اليمنة الذي يعلنون عنه الن عندما يكتبون ويقولون‪ :‬إن القرن الواحد والعشرين إنا هو قرن‬
‫المبيالية المريكية والمباطورية المريكية دونا منافس أو شريك!!‬
‫إنا حرب معلنة وليست مؤامرة سرية تدبر ف الفاء على "السلم القاوم" لشروع اليمنة المريكي‬
‫‪ -‬الغرب وليست حربا على السلم الذي يقف عند الشعائر والعبادات‪ ،‬وتقصي الثياب‪ ،‬وإطالة‬

‫‪631‬‬
‫اللحى‪ ،‬وفقه الغناء والوسيقى والدخان والتصوير!‪ ...‬ول السلم الذي يغرق ف بار الدروشات‬
‫والشعوذات والرافات!‬
‫وهذا السلم القاوم للهيمنة هو الذي يسمونه "الصولية الثورية"‪ ..‬وتعريفهم لا حت ل يدعنا‬
‫مادع قد حدده الرئيس المريكي السبق ورجل الستراتيجية "ريتشارد نيكسون" عندما وصف‬
‫هؤلء الصوليي السلميي الثوار بأنم "هم الصممون على‪:‬‬
‫استرجاع الضارة السلمية السابقة عن طريق بعث الاضي‪.‬‬
‫والذين يهدفون إل تطبيق الشريعة السلمية‪..‬‬
‫وينادون بأن السلم دين ودولة‪..‬‬
‫وعلى الرغم من أنم ينظرون إل الاضي‪ ،‬فإنم يتخذون منه هداية للمستقبل‪ ،‬فهم ليسوا مافظي‪،‬‬
‫ولكنهم ثوار"(‪.)2‬‬
‫وإذا كانت هذه هي "الصولية السلمية الثورية"‪ ،‬الت أعلنت أمريكا والغرب الرب عليها ‪ ،‬عقب‬
‫"قارعة سبتمب"‪ ،‬فإنا هي بعينها السلم الشامل والقاوم لشروع اليمنة المريكي ‪ -‬الغرب‪ ..‬وهي‬
‫البعث السلمي‪ ،‬على وجه الدقة والتحديد‪ ...‬وليست "جاعات العنف العشوائي" بال من‬
‫الحوال‪.‬‬
‫وإذا نن تاوزنا ماراةً لبعض الناس عن دللت وصف الرئيس المريكي "بوش الصغي" هذه الرب‬
‫بأنا "حلة صليبية"‪ ..‬وقبلنا تاوزا ما يقوله هؤلء من أن هذه العبارة هي "زلة لسان"! فإننا نقدم هنا‬
‫ناذج "للتصريات اليثيات" الصادرة من أعمدة السياسة والدارة والفكر الستراتيجي‪ ،‬للمشروع‬
‫المريكي والغرب‪ ،‬والت تشهد على أن هذه الرب إنا هي معلنة ضد السلم‪ ،‬أو داخل السلم‪...‬‬
‫والسلم القاوم للهيمنة على وجه الصوص والتحديد‪.‬‬
‫فوزير العدل نعم العدل! المريكي "جون أشكروفت"‪ ،‬ل يكتف بالديث عن حرب الضارة ضد‬
‫الببرية‪ ،‬والي ضد الشر‪ ،‬والدنية ضد التخلف كما صنع آخرون وإنا ذهب ليتفوق على غلة‬
‫القساوسة النصّرين‪ ،‬فسب إله العالي‪ ،‬الذي يؤمن به مليار ونصف الليار من السلمي‪ ...‬فقال‪" :‬إن‬
‫السيحية دين أرسل الرب فيه ابنه ليموت من أجل الناس‪ ،‬أما السلم فهو دين يطلب ال فيه من‬
‫الشخص إرسال ابنه ليموت من أجل هذا الله"!(‪.)3‬‬
‫والسيناتور المريكي "جوزيف ليبمان" الذي كان مرشحا ديقراطيا لنصب نائب الرئيس ف‬
‫النتخابات المريكية سنة ‪2000‬م يعلن‪" :‬أنه ل حل مع الدول العربية والسلمية إل أن تفرض‬
‫عليها أمريكا القيم والنظم والسياسات الت نراها ضرورية‪ ...‬فالشعارات الت أعلنتها أمريكا عند‬
‫استقللا ل تنتهي عند الدود المريكية بل تتعدادها إل الدول الخرى"(‪.)4‬‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬انظر دراستنا عن "الجمة المريكية على السلم" بكتابنا "ف فقه الواجهة بي الغرب‬
‫والسلم" طبعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪2003‬م‪.‬‬

‫‪632‬‬
‫(‪" )2‬الفرصة السانة" ص ‪.140‬‬
‫(‪ )3‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪2002-2-21‬م‪.‬‬
‫(‪ )4‬صحيفة "الهرام" ف ‪2002-1-16‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)13‬‬
‫قوارع الادي عشر من سبتمب‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫وتتوال بعد قارعة سبتمب سنة ‪2001‬م الجمات المريكية والغربية على السلم‪..‬‬
‫فوزيرة الارجية المريكية السابقة "مادلي أولبايت" تعلن‪" :‬إننا معشر المريكيي أمة ترتفع قامتها‬
‫فوق جيع الشعوب‪ ،‬وتتد رؤيتها أبعد من جيع الشعوب"(‪ ..!)1‬فتتحدث إل الشعوب السلمية‬
‫بلغة النازية الت سبق وعانت منها!‬
‫الزعيم "الدين السياسي" "بات روبرتسون" مؤسس جاعة التحالف السياسي السيحي الت تسيطر‬
‫على الكونرس المريكي‪ ،‬والزب المهوري‪ ،‬والدارة المريكية وهو مرشح أسبق للرئاسة‬
‫المريكية‪ ،‬والب الروحي للرئيس "بوش الصغي" الذي ولد بوش على يديه ولدته السيحية الديدة‪،‬‬
‫بعد انرافه الذي استمر من التاسعة والثلثي‪ ...‬يعلن "بات روبرتسون"‪" :‬أن الدين السلمي دعا‬
‫إل العنف‪ ...‬وأنه بالنظر إل العن القيقي ليات قرآنية‪ ،‬فإن أسامة بن لدن أكثر وفاءً لدينه‬
‫السلمي من آخرين‪ ..‬وأن أمريكا باجة إل إنذار ضد خطر السلمي الذين يكرهون أمريكا‬
‫وياولون تدمي إسرائيل‪ ..‬وإننا ف هذه الرب إنا نعلي كلمة ال الذي يقف معنا‪ ،‬مع الق ف هذا‬
‫الصراع الدين الذي نوضه‪ ،‬وييطنا بعنايته"!(‪.)2‬‬
‫والستشرق المريكي الصهيون "برنارد لويس" وهو من أعمدة الشيين على صانع القرار المريكي‬
‫يقول‪ ،‬ف كتابه الذي أصدره بعد "قارعة سبتمب" بعنوان "ما هو الطأ ف العلقة بي السلم‬
‫والغرب؟"‪" :‬إن إرهاب اليوم هو جزء من كفاح طويل بي السلم والغرب‪ ..‬فالنظام الخلقي‬
‫الذي يستند إليه السلم متلف عما هو ف الضارة اليهودية السيحية "الغربية" وآيات القرآن تصدق‬
‫على مارسة العنف ضد غي السلمي‪ ...‬وهذه الرب هي حرب بي الديان"(‪.)3‬‬
‫و"تون بلي" رئيس وزراء إنلترا‪ ،‬يعلن ف ‪ 17‬سبتمب سنة ‪2001‬م أي بعد ستة أيام من "قارعة‬
‫سبتمب" أن هذه الرب الت أعلنها الغرب على السلم "هي حرب الدنية والضارة "ف الغرب" ضد‬
‫الببرية "ف الشرق"!!‬
‫"أما "مارجريت تاتشر" رئيسة وزراء إنلترا السبق‪ ،‬فإنا تكتب عن "تدي الرهاب السلمي‬
‫الفريد‪ ،‬الذي ل يقف عند أسامة بن لدن‪ ،‬بل يشمل حت الذين أدانوا هجمات الادي عشر من‬
‫سبتمب على أمريكا والذين انتقدوا بشدة أسامة بن لدن وطالبان"‪ ،‬ولكنهم "يرفضون القيم الغربية‪،‬‬
‫وتتعارض مصالهم مع مصال الغرب"‪ ...‬فالذين يرفضون القيم الغربية وتتعارض مصالهم مع‬

‫‪633‬‬
‫الصال الغربية تصفهم "تاتشر" بأنم "أعداء أمريكا وأعداؤنا"‪ ،‬وتشبههم بالشيوعية‪ ،‬وتدعو الغرب‬
‫إل معاملتهم كما عامل الشيوعية"!(‪.)4‬‬
‫رئيس وزراء إيطاليا "سيلفيو بيلسكون" يعلن ف ‪ 29‬سبتمب سنة ‪2001‬م أن الضارة الغربية أرقى‬
‫من الضارة السلمية‪ ..‬ولبد من انتصار الضارة الغربية على السلم‪ ،‬الذي يب أن يُهزم‪ ،‬لنه ل‬
‫يعرف الرية والتعددية ول حقوق النسان‪ ..‬وأن الغرب سيواصل تعميم حضارته‪ ،‬وفرض نفسه‬
‫على الشعوب‪ ..‬وأنه قد نح حت الن ف تعميم حضارته وفرض نفسه على العال الشيوعي وقسم‬
‫من العال السلمي"(‪.)5‬‬
‫وغي أعمدة النظم والسياسة والدارة ف أمريكا وإنلترا وإيطاليا‪ ،‬ند وزير الداخلية ف ألانيا‬
‫"أوتوشيلي"‪ ،‬يبلغ الد الذي يصف فيه "عقيدة السلم بأنا هرطقة وضلل"(‪.)6‬‬
‫أما وزير خارجية ألانيا "يوشكا فيشر" فإنه يعلن ف ماضرة "حول آفاق السياسة الدولية إثر‬
‫اعتداءات ‪ 11‬سبتمب" أمام طلبة جامعة "فراي" ببلي فيعلن شكوكه ف "قدرة السلم على‬
‫التطور"! ويتساءل‪" :‬هل يوجد طريق إسلمي إل الداثة"؟ بعناها الغرب! ث يصف الصولية‬
‫السلمية الرافضة للحداثة والقيم الغربية بأنا "التوتاليتارية الديدة"(‪ )7‬أي الديكتاتورية والشمولية‬
‫الديدة!‬
‫أما أساطي الفكر الستراتيجي المريكي الشيون على صانع القرار‪ ،‬والذين توضع نظرياتم ف‬
‫المارسة والتطبيق من مثل "فرانسوا فوكوياما" الذي أعلن أن "الليبالية الرأسالية النتصرة على‬
‫الشيوعية هي ناية التاريخ الت يب تعميمها وقبولا ف كل الفضاءات العالية"‪ ...‬ومن مثل "صموئيل‬
‫هنتنجتون"‪ ،‬الكاشف عن الوقف الغرب ف نزعة صدام الضارات‪ ..‬والذي أشار على صانع القرار‬
‫المريكي بتحييد الضارات العالية حت يفرغ من مصادمة ومصارعة السلم‪.‬‬
‫أما هؤلء الفكرون فإن الشروع الغرب للهيمنة يضع نظرياتم ف المارسة والتطبيق‪ ،‬ونراها رأي‬
‫العي‪ ،‬وتلمسها حواسنا ف طوفان التصريات والقراءات الت توالت وانالت عقب "قارعة‬
‫سبتمب"‪ ...‬وف الواجهة الادة الت قام با الغرب ضد السلم‪ ،‬والروب‪ ،‬والحاصرات‪ ..‬والتهديد‬
‫والوعيد‪ ..‬الذي يثل هذا "الكابوس" القائم ف عال السلم‪.‬‬
‫أما أساطي الفكر الستراتيجي هؤلء‪ ...‬فلقد كانت لم فضيلة "الصراحة العارية" ف التعبي عن‬
‫حقيقة هذه الرب ومقاصدها‪.‬‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬صحيفة "الهرام" ف ‪2001-10-30‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪2002-2-3‬م‪ ،‬و"الياة" لندن ف ‪2002-2-26‬م‪،‬‬
‫و"الهرام" ف ‪2002-12-11‬م‪.‬‬
‫(‪" )3‬صحيفة الهرام" ‪2002-3-2‬م‪2002-3-3 ،‬م‪ ،‬والهرام ينقل عن مقال "زخاري‬
‫كاربيل" ف "النيوزويك" المريكية بتاريخ ‪2002-1-14‬م‪.‬‬

‫‪634‬‬
‫(‪ )4‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪2002-2-14‬م‪.‬‬
‫(‪ )5‬صحيفة "الياة" ف ‪2001-9-3‬م‪.‬‬
‫(‪ )6‬صحيفة "الهرام" ف ‪2002-3-2‬م‪.‬‬
‫(‪ )7‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪2002-2-26‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)14‬‬
‫حرب لتغيي طبيعة السلم!‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫إن الرب ضد السلم ليست حربا على "جاعات العنف العشوائي" السلمية ول على ما يسمى‬
‫"بالرهاب"‪ ،‬وإنا هي "حرب داخل السلم"‪ ،‬لتغيي طبيعته وخصوصيته "وحت يقبل الداثة بعناها‬
‫الغرب"‪ ،‬أي القطيعة مع خصوصيته وماضيه "فيصبح علمانيا‪ ،‬يقبل البدأ السيحي‪ :‬دع ما لقيصر‬
‫لقيصر وما ل ل"‪ ،‬فيقف عند ما ل ف ملكوت السماء والدار الخرة‪ ،‬وخلص الروح‪ ،‬ويترك دنيا‬
‫العال السلمي وثرواته للهيمنة المريكية والغربية!‬
‫وبعبارات "فوكوياما"‪" :‬فإن الداثة الت تثلها أمريكا وغيها من الديقراطيات التطورة ستبقى القوة‬
‫السيطرة ف السياسة الدولية‪ ،‬والؤسسات الت تسد مبادئ الغرب الساسية ستستمر ف النتشار عب‬
‫العال‪ ...‬وهذه القيم والؤسسات تلقى قبولً لدى الكثي من شعوب العال غي الغربية‪ ،‬إن ل نقل‬
‫جيعها‪ ...‬لكن السؤال الذي نتاج إل طرحه هو‪ :‬هل هناك ثقافات أو مناطق ف العال ستقاوم‪ ،‬أو‬
‫تثبت أنا منيعة على عملية التحديث" بذا العن المريكي والغرب؟‬
‫ث ييب "فوكوياما" على هذا التساؤل الذي طرحه فيقول‪:‬‬
‫"إن السلم هو الضارة الرئيسة الوحيدة ف العال الت يكن الدال بأن لديها بعض الشكلت‬
‫الساسية مع الداثة‪ ..‬فالعال السلمي يتلف عن غيه من الضارات ف وجه واحد مهم‪ ،‬فهو‬
‫وحده قد ولّد تكرارا خلل العوام الخية حركات أصولية مهمة‪ ،‬ترفض ليس السياسات الغربية‬
‫فحسب‪ ،‬وإنا البدأ الكثر أساسية للحداثة‪ :‬التسامح الدين‪ ..‬والعلمانية نفسها‪ ..‬وإنه بينما ند‬
‫شعوب آسيا وأمريكا اللتينية‪ ،‬ودول العسكر الشتراكي السابق وإفريقيا الستهلكية الغربية مغربة‪،‬‬
‫وتود تقليدها‪ ،‬لو أنا فقط استطاعت ذلك‪ ،‬فإن الصوليي السلمي يرون ف هذه الستهلكية دليلً‬
‫على النلل الغرب"‪.‬‬
‫فالرفض السلمي ليس فقط لظلم السياسات المريكية والغربية‪ ..‬وإنا هو رفض للتبعية لنظومة القيم‬
‫الغربية‪ ..‬ولذلك يعلن "فوكوياما" أن هذه الرب الت أعلنتها أمريكا والغرب على السلم القاوم‪،‬‬
‫ليست حربا على "جاعات العنف العشوائي" ول على هذا الذي سوه "إرهابا" وإنا هي حرب على‬
‫السلم الرافض للحداثة الغربية والعلمانية الغربية والستهلكية الغربية‪ ..‬يعلن ذلك ف "صراحة‬
‫عارية" يمد عليها فيقول‪:‬‬

‫‪635‬‬
‫"إن السألة ليست ببساطة حربا على الرهاب‪ ،‬كما تظهرها الكومة المريكية بشكل مفهوم (؟!)‬
‫وليست السألة القيقية كما يادل الكثي من السلمي هي السياسة الارجية المريكية ف فلسطي‬
‫أو نو العراق‪ .‬إن الصراع الساسي الذي نواجهه لسوء الظ‪ ،‬أوسع بكثي‪ ،‬وهو مهم‪ ،‬ليس بالنسبة‬
‫إل مموعة صغية من الرهابيي‪ ،‬بل لجموعة أكب من الراديكاليي السلميي‪ ،‬ومن السلمي الذين‬
‫يتجاوز انتماؤهم الدين جيع القيم السياسية الخرى‪ ...‬إن الصراع الال ليس ببساطة معركة ضد‬
‫الرهاب‪ ،‬ول ضد السلم كدين أو حضارة‪ ،‬ولكنه صراع ضد العقيدة السلمية الصولية الت‬
‫تقف ضد الداثة الغربية‪ ..‬وإن التحدي الذي يواجه الوليات التحدة‪ ،‬اليوم هو أكثر من مرد‬
‫معركة مع مموعة صغية من الرهابيي‪ ،‬فبحر الغاشية السلمية الذي يسبح فيه الرهابيون يشكل‬
‫تديا أيديولوجيا هو ف بعض جوانبه‪ ،‬أكثر أساسية من الطر الذي شكلته الشيوعية"!‬
‫ث يتحدث "فوكوياما" عن "التطور الهم" الذي يب أن يدث للسلم ذاته والذي يب أن يتم‬
‫ل للحداثة الغربية والعلمانية الغربية والستهلكية‬
‫داخل السلم‪ ،‬لتعديل السلم حت يصبح قاب ً‬
‫الغربية‪ ،‬فيقول‪" :‬إن التطور الهم ينبغي أن يأت من داخل السلم نفسه‪ ،‬فعلى الجتمع السلمي أن‬
‫يقرر فيما إذا كان يريد أن يصل إل وضع سلمي مع الداثة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بالبدأ الساسي حول‬
‫الدولة العلمانية"؟‪ ..‬أم ل؟!(‪.)1‬‬
‫فالقضية ف التحليل العمق ليست "إرهاب" جاعات العنف العشوائي‪ ..‬ول هي "قارعة سبتمب سنة‬
‫‪2001‬م" ول حت السياسة الارجية المريكية العادية لقضايا السلمي العادلة‪ ...‬فكل ذلك تليات‬
‫للصراع بي الشروع الغرب وبي النوع السلمي إل التمايز الضاري والستقلل القيمي والثقاف‪،‬‬
‫والذي يرفض اليمنة الغربية الت تفرض حداثتها وعلمانيتها على العال‪ ،‬با ف ذلك عال السلم‪.‬‬
‫الوامش‬
‫(‪" )1‬النيوزويك" العدد السنوي ديسمب سنة ‪2001‬م فباير سنة ‪2002‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)15‬‬
‫"الداثة"والوروث الدين‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬
‫وحت ل يلط الوهم بي هذه "الداثة الغربية"‪ ..‬الت تقيم قطيعة معرفية كبى مع الوروث الدين‪،‬‬
‫وبي "التجديد السلمي"‪ ،‬الذي يستصحب الثوابت ويطور ف التغيات‪ ...‬نسوق كلمتي لثني‬
‫من دعاة هذه الداثة ف بلدنا‪.‬‬
‫أولها كلمة "هاشم صال"‪ ،‬التخصص ف ترجة وتسويق الشروع الداثي للدكتور ممد أركون‪..‬‬
‫فلقد كتب عقب قارعة سبتمب داعيا إل انتهاز فرصة الجمة الغربية على السلم‪ ،‬لتبن الداثة‬
‫الغربية الت أحلت وتل "الدين الطبيعي" مل "الدين اللي"!! فقال‪" :‬إننا يب أن نلتحق بفولتي (‬
‫‪1778 1734‬م) وتصوره الطبيعي عن الدين والخلق‪ ،‬فالدين القيقي هو الدين الطبيعي‪ ..‬وإن‬
‫العبة هي بأعمال النسان وليست بعتقداته‪ ،‬أو حت صلواته وعباداته‪ ..‬ولبد من تأويل جديد لتراثنا‬

‫‪636‬‬
‫يتلف عن تأويل الصولية‪ ،‬بل وينقضه‪ ..‬تأويل يكشف عن تاريية النصوص التأسيسية‪ ،‬ويل‬
‫القراءة التاريية مل القراءة التبجيلية لذا التراث"!(‪.)1‬‬
‫أما الكلمة الثانية فهي للدكتور على حرب‪ ،‬والذي قال عن حداثة مشروع أركون وهاشم صال‪:‬‬
‫"إنا القول برجعية العقل وحاكميته‪ ..‬وإحلل سيادة النسان وسيطرته على الطبيعة مكان إمبيالية‬
‫الذات اللية وهيمنتها على الكون‪.)2("...‬‬
‫فالعدو عند الشروع المريكي هو السلم القاوم للعلمانية الغربية والداثة الغربية والستهلكية‬
‫الغربية‪ .‬أي السلم القاوم للمسخ الغرب والمريكي‪.‬‬
‫والعدو عند الداثيي الذين يملون الساء السلمة ليس المبيالية المريكية وهيمنتها‪ ،‬وإنا "إمبيالية‬
‫الذات اللية وهيمنتها على الكون"‪ ...‬ول حول ول قوة إل بال!!‬
‫@@@‬
‫هذه هي حقيقة الوقف الذي نن فيه‪ ..‬وحقيقة التحدي الذي نواجهه الن‪...‬‬
‫صحيح أنه يشبه "الكابوس" خصوصا إذا رأيناه ف ضوء حال المة حكاما ومكومي وف ضوء ناح‬
‫الغرب ف استغلل مشكلة الرثوذكسية الروسية مع السلمي الشيشان‪ ..‬ومشكلة الندوسية الندية‬
‫مع السلمي ف كشمي ومشكلة "الكونفشيوسية الصينية مع السلمي ف تركستان الشرقية‪ ...‬ناح‬
‫الغرب ف استغلل هذه الشكلت لقامة تالفات بعض أطرافها متعاون وبعضها صامت ف هذه‬
‫الرب الغربية على السلم‪ ،‬حت ليتذكر الحلل للموقف الراهن مشورة "صموئيل هنتنجتون" سنة‬
‫‪1993‬م‪ ،‬على صانع القرار المريكي‪ ،‬بتحييد الضارات الخرى‪ ،‬وبدء صدام الضارات‪ ،‬أولً‬
‫بالسلم!"‪.‬‬
‫إننا‪ ،‬أمام هذا "الكابوس" ف موقف شبيه بوقف السلمي يوم غزوة الحزاب‪ ...‬عندما تالفت كل‬
‫أطراف الشرك‪ ..‬رغم ما بينها من تناقضات مع اليهود رغم ما بينهم وبي الشرك والوثنية من‬
‫تناقضات تالفوا جيعا ضد الدولة السلمية الوليدة‪ ،‬والدين السلمي الديد‪ ...‬حت لقد زاغت من‬
‫الصحابة البصار‪ ،‬وبلغت القلوب الناجر‪ ،‬وزلزل السلمون زلزالً شديدا من هول هذا "التحالف‬
‫الكابوس"‪ ...‬بل وظنوا بال الظنون!‪ ...‬إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت البصار‬
‫وبلغت القلوب الناجر وتظنون بال الظنونا (‪ )10‬هنالك ابتلي الؤمنون وزلزلوا زلزال شديدا (‬
‫‪()11‬الحزاب)‪.‬‬
‫أو لكأننا أمام اللف "الصليب التتري"‪ ،‬الذي اجتاح فيه التتر ودمروا مشرق العال السلمي‪،‬‬
‫وهددوا بقية الوجود السلمي ف مصر والغرب‪ ...‬يوم أعلنوا بعد دمارهم لبغداد والشرق ‪:‬‬
‫"لقد فتحنا بغداد‪ ،‬وقتلنا فرسانا‪ ،‬وهدمنا بنينانا‪ ،‬وأسرنا سكانا"‪ ..‬ث وجهوا التهديد لن بصر‪،‬‬
‫قائلي‪" :‬إنم إن كانوا ف البال نسفناها‪ ،‬وإن كانوا ف الرض خسفناها"!!‪ ...‬وأرسل "هولكو" (‬
‫‪1265 1217‬م) إنذاره إل اللك الظفر "قطز" (‪658‬ه‪1260 -‬م) قائلً‪ :‬فيه‪" :‬لقد فتحنا البلد‪،‬‬
‫وقتلنا معظم العباد‪ ..‬فأي أرض تؤويكم‪ ،‬وأي طريق تنجيكم‪ ،‬وأي بلد تميكم؟! فما لكم من‬

‫‪637‬‬
‫سيوفنا خلص‪ ،‬ول من مهابتنا مناص‪ ،‬ونن ما نرحم من بكى‪ ،‬ول نرق لن اشتكى! فخيولنا‬
‫سوابق‪ ،‬وسهامنا خوارق‪ ،‬وسيوفنا صواعق‪ ،‬وقلوبنا كالبال‪ ،‬وعدونا كالرمال‪ ،‬فمن طلب حربنا‬
‫ندم‪ ،‬فاتعظوا بغيكم‪ ،‬وسلموا إلينا أمركم‪ ،‬وعليكم بالرب‪ ،‬وعلينا بالطلب‪ ..‬ولقد أعذر من‬
‫أنذر"!!‪ ..‬حت لقد حسب الناس يومئذ "أن القيامة قد قامت"!!(‪.)3‬‬
‫فما كان من العلماء والمراء والاصة والعامة إل أن نفروا للجهاد‪ ،‬فكان نصر ال ف "عي جالوت"‬
‫(‪658‬ه‪1260-‬م)‪ ...‬وانزم التتار لول مرة ف تاريهم‪ ...‬ث دخلت دولتهم وقبائلهم بعد ذلك ف‬
‫السلم‪.‬‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪2001-12-26‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيفة "الياة" ف ‪1996-11-18‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬القريزي "كتاب السلوك لعرفة دول اللوك" ج ‪ ،1‬ق ‪ ،1‬ص ‪ ،428 ،427‬تقيق‪ :‬د‪.‬ممد‬
‫مصطفى زيادة‪ ،‬طبعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪1956‬م‪.‬‬
‫صورة السلم ف الطاب الغرب(‪)15‬‬
‫"الداثة"والوروث الدين‬
‫د‪.‬ممد عمارة‬

‫وحت ل يلط الوهم بي هذه "الداثة الغربية"‪ ..‬الت تقيم قطيعة معرفية كبى مع الوروث الدين‪،‬‬
‫وبي "التجديد السلمي"‪ ،‬الذي يستصحب الثوابت ويطور ف التغيات‪ ...‬نسوق كلمتي لثني‬
‫من دعاة هذه الداثة ف بلدنا‪.‬‬
‫أولها كلمة "هاشم صال"‪ ،‬التخصص ف ترجة وتسويق الشروع الداثي للدكتور ممد أركون‪..‬‬
‫فلقد كتب عقب قارعة سبتمب داعيا إل انتهاز فرصة الجمة الغربية على السلم‪ ،‬لتبن الداثة‬
‫الغربية الت أحلت وتل "الدين الطبيعي" مل "الدين اللي"!! فقال‪" :‬إننا يب أن نلتحق بفولتي (‬
‫‪1778 1734‬م) وتصوره الطبيعي عن الدين والخلق‪ ،‬فالدين القيقي هو الدين الطبيعي‪ ..‬وإن‬
‫العبة هي بأعمال النسان وليست بعتقداته‪ ،‬أو حت صلواته وعباداته‪ ..‬ولبد من تأويل جديد لتراثنا‬
‫يتلف عن تأويل الصولية‪ ،‬بل وينقضه‪ ..‬تأويل يكشف عن تاريية النصوص التأسيسية‪ ،‬ويل‬
‫القراءة التاريية مل القراءة التبجيلية لذا التراث"!(‪.)1‬‬
‫أما الكلمة الثانية فهي للدكتور على حرب‪ ،‬والذي قال عن حداثة مشروع أركون وهاشم صال‪:‬‬
‫"إنا القول برجعية العقل وحاكميته‪ ..‬وإحلل سيادة النسان وسيطرته على الطبيعة مكان إمبيالية‬
‫الذات اللية وهيمنتها على الكون‪.)2("...‬‬
‫فالعدو عند الشروع المريكي هو السلم القاوم للعلمانية الغربية والداثة الغربية والستهلكية‬
‫الغربية‪ .‬أي السلم القاوم للمسخ الغرب والمريكي‪.‬‬

‫‪638‬‬
‫والعدو عند الداثيي الذين يملون الساء السلمة ليس المبيالية المريكية وهيمنتها‪ ،‬وإنا "إمبيالية‬
‫الذات اللية وهيمنتها على الكون"‪ ...‬ول حول ول قوة إل بال!!‬
‫@@@‬
‫هذه هي حقيقة الوقف الذي نن فيه‪ ..‬وحقيقة التحدي الذي نواجهه الن‪...‬‬
‫صحيح أنه يشبه "الكابوس" خصوصا إذا رأيناه ف ضوء حال المة حكاما ومكومي وف ضوء ناح‬
‫الغرب ف استغلل مشكلة الرثوذكسية الروسية مع السلمي الشيشان‪ ..‬ومشكلة الندوسية الندية‬
‫مع السلمي ف كشمي ومشكلة "الكونفشيوسية الصينية مع السلمي ف تركستان الشرقية‪ ...‬ناح‬
‫الغرب ف استغلل هذه الشكلت لقامة تالفات بعض أطرافها متعاون وبعضها صامت ف هذه‬
‫الرب الغربية على السلم‪ ،‬حت ليتذكر الحلل للموقف الراهن مشورة "صموئيل هنتنجتون" سنة‬
‫‪1993‬م‪ ،‬على صانع القرار المريكي‪ ،‬بتحييد الضارات الخرى‪ ،‬وبدء صدام الضارات‪ ،‬أولً‬
‫بالسلم!"‪.‬‬
‫إننا‪ ،‬أمام هذا "الكابوس" ف موقف شبيه بوقف السلمي يوم غزوة الحزاب‪ ...‬عندما تالفت كل‬
‫أطراف الشرك‪ ..‬رغم ما بينها من تناقضات مع اليهود رغم ما بينهم وبي الشرك والوثنية من‬
‫تناقضات تالفوا جيعا ضد الدولة السلمية الوليدة‪ ،‬والدين السلمي الديد‪ ...‬حت لقد زاغت من‬
‫الصحابة البصار‪ ،‬وبلغت القلوب الناجر‪ ،‬وزلزل السلمون زلزالً شديدا من هول هذا "التحالف‬
‫الكابوس"‪ ...‬بل وظنوا بال الظنون!‪ ...‬إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت البصار‬
‫وبلغت القلوب الناجر وتظنون بال الظنونا (‪ )10‬هنالك ابتلي الؤمنون وزلزلوا زلزال شديدا (‬
‫‪()11‬الحزاب)‪.‬‬
‫أو لكأننا أمام اللف "الصليب التتري"‪ ،‬الذي اجتاح فيه التتر ودمروا مشرق العال السلمي‪،‬‬
‫وهددوا بقية الوجود السلمي ف مصر والغرب‪ ...‬يوم أعلنوا بعد دمارهم لبغداد والشرق ‪:‬‬
‫"لقد فتحنا بغداد‪ ،‬وقتلنا فرسانا‪ ،‬وهدمنا بنينانا‪ ،‬وأسرنا سكانا"‪ ..‬ث وجهوا التهديد لن بصر‪،‬‬
‫قائلي‪" :‬إنم إن كانوا ف البال نسفناها‪ ،‬وإن كانوا ف الرض خسفناها"!!‪ ...‬وأرسل "هولكو" (‬
‫‪1265 1217‬م) إنذاره إل اللك الظفر "قطز" (‪658‬ه‪1260 -‬م) قائلً‪ :‬فيه‪" :‬لقد فتحنا البلد‪،‬‬
‫وقتلنا معظم العباد‪ ..‬فأي أرض تؤويكم‪ ،‬وأي طريق تنجيكم‪ ،‬وأي بلد تميكم؟! فما لكم من‬
‫سيوفنا خلص‪ ،‬ول من مهابتنا مناص‪ ،‬ونن ما نرحم من بكى‪ ،‬ول نرق لن اشتكى! فخيولنا‬
‫سوابق‪ ،‬وسهامنا خوارق‪ ،‬وسيوفنا صواعق‪ ،‬وقلوبنا كالبال‪ ،‬وعدونا كالرمال‪ ،‬فمن طلب حربنا‬
‫ندم‪ ،‬فاتعظوا بغيكم‪ ،‬وسلموا إلينا أمركم‪ ،‬وعليكم بالرب‪ ،‬وعلينا بالطلب‪ ..‬ولقد أعذر من‬
‫أنذر"!!‪ ..‬حت لقد حسب الناس يومئذ "أن القيامة قد قامت"!!(‪.)3‬‬
‫فما كان من العلماء والمراء والاصة والعامة إل أن نفروا للجهاد‪ ،‬فكان نصر ال ف "عي جالوت"‬
‫(‪658‬ه‪1260-‬م)‪ ...‬وانزم التتار لول مرة ف تاريهم‪ ...‬ث دخلت دولتهم وقبائلهم بعد ذلك ف‬
‫السلم‪.‬‬

‫‪639‬‬
‫الوامش‬
‫(‪ )1‬صحيفة "الشرق الوسط" ف ‪2001-12-26‬م‪.‬‬
‫(‪ )2‬صحيفة "الياة" ف ‪1996-11-18‬م‪.‬‬
‫(‪ )3‬القريزي "كتاب السلوك لعرفة دول اللوك" ج ‪ ،1‬ق ‪ ،1‬ص ‪ ،428 ،427‬تقيق‪ :‬د‪.‬ممد‬
‫مصطفى زيادة‪ ،‬طبعة القاهرة‪ ،‬سنة ‪1956‬م‪.‬‬
‫=======================‬

‫الفهرس العام ‪:‬‬


‫تابع الباب الادي عشر – مقالت وخطب حول ردود فعل السلمي ‪1‬‬
‫‪1‬‬ ‫بي الدفاع عن السامية والتطاول على رسول النسانية‬
‫بي السنة والسية‪2‬‬
‫‪5‬‬ ‫بي ثقافت التسامح والكراهية‬
‫‪ ..‬بي مطم الصنام‪ ،‬والباكي عليها‪7 ..‬‬
‫‪9‬‬ ‫تبونم ول يبونكم‬
‫تت ستار حرية الرأي ‪15 ..‬‬
‫‪21‬‬ ‫تعليقا على الدراسة الت أدانت أداء الكومة الدانركية‬
‫تنبيه هام جدا ‪23‬‬
‫‪24‬‬ ‫ثورة طلبة الخوان دفاعًا عن الرسول القدوة [‪]1938‬صفحة من تاريخ الخوان‬
‫"جهود العلماء ف مقاومة الوضع" ‪30‬‬
‫‪44‬‬ ‫حادثة وحديث حول نصرة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪46‬‬ ‫حدود حرية التعبي‬
‫‪50‬‬ ‫حديث عن الصطفى الختار‬
‫حرية التعبي أم كل القوق لكل الناس ‪57‬‬
‫‪60‬‬ ‫حرية التعبي بي القانون الدول والعايي الغربية الزدوجة‬
‫‪64‬‬ ‫حرية الرأي‬
‫حقائق كشفها الزور ‪71‬‬
‫‪78‬‬ ‫حقا‪ ..‬إنّ شانئك هو البتر!‬
‫حلة للفاتيكان شعارها مليون ضد ممد ‪80‬‬
‫حول الرسول صلى ال عليه وسلم ‪84‬‬
‫خصوصيات الر سول صلى ال عليه وسلم ‪88‬‬
‫‪90‬‬ ‫خطوات عملية للنتصار لي البشرية‬

‫‪640‬‬
‫خطيب العال ‪93‬‬
‫درس ف النصرة من سلمة بن الكوع رضي ال عنه ‪102‬‬
‫دروس الرسوم الدناركية ‪104‬‬
‫‪106‬‬ ‫دفاعا عن نب الرحة‬
‫‪108‬‬ ‫دور الرأة وفقه السنّة‪ ..‬قبل الدفاع عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ذكر النب الات ووصف أمته ومكان دعوته ما زال بي سطور التوراة ‪111‬‬
‫رؤية النب صلى ال عليه وسلم ف النام ‪121‬‬
‫رب ضارة ناجعة ‪122‬‬
‫ربيع التطرفي ‪124‬‬
‫ردع التطاول على النب‪ ..‬أسبقية عقدية ودبلوماسية وإعلمية ‪128‬‬
‫رسول ا ُلمّيّي ‪131‬‬
‫رسومات شيطانية ‪134 ...‬‬
‫سب النب صلى ال عليه وسلم فرصة لريدي الي ‪139‬‬
‫سلح القاطعة وأثره ف نصرة السلمي ‪141‬‬
‫سلح حضاري لنصرة البيب صلى ال عليه وسلم ‪143‬‬
‫سليمان البطحي نبذل ما نستطيع وأي عمل يتاج إل دعم ‪148‬‬
‫‪150‬‬ ‫سنة النبياء‬
‫شواهد ربانية تلهم التغيي ‪153‬‬
‫شيء من عبق الرسول ‪156‬‬
‫صب النب عليه الصلة والسلم على الدعوة ‪160‬‬
‫‪163‬‬ ‫صراع الكاريكاتورات أم صراع الصطلحات؟‬
‫صرخ ٌة دوّت فضجَت منها مسامعي ‪166 ...‬‬
‫‪170‬‬ ‫صفة مزاح النب صلى ال عليه وسلم‬
‫‪175‬‬ ‫صمت القبور على أفعال الفاتيكان!‬
‫طبت حيا وميتا ‪177‬‬
‫عدوان على الذاكرة‪ ...‬الط الول ف الدفاع عن الوية ‪179‬‬
‫عذرا ‪ ...‬بأب أنت وأمي يا رسول ال ‪181‬‬
‫عذرا‪ ..‬يا رسول ال ‪184‬‬
‫‪193‬‬ ‫على من يقع اللوم؟‬
‫عودة ال قضايا اسلمية ‪195‬‬
‫فتوى فضيلة الشيخ عبد الرحن بن ناصر بن سعدي عن القاطعة القتصادية ‪197‬‬

‫‪641‬‬
‫فخر لذه المة وقفتها الشريفة ‪200‬‬
‫‪202‬‬ ‫فداك أب وأمي يا رسول ال‬
‫‪203‬‬ ‫فداك نفسي وأمي بل فــداك أب‬
‫فداك أب وأمي يا أعز الناس ‪ [ -‬كيف تنصر نبيك فعل ؟] ‪204‬‬
‫فدتك نفسي يا رسول ال ‪208 ...‬‬
‫فضل اتباع السنة ‪210‬‬
‫‪229‬‬ ‫فل تلوموهم ولوموا أنفسكم‬
‫‪232‬‬ ‫ب سيد البشر‬ ‫فليسقط من س ّ‬
‫ف ُخلُق النب صلى ال عليه وسلم ‪234‬‬
‫ف عيشه صلى ال عليه وسلم ف الأكل والشرب و الياة ‪242‬‬
‫فيا عمي البصائر والعيونا ‪249‬‬
‫‪250‬‬ ‫قاطعوهم‪ ..‬يرتدعوا صاغرين‬
‫قوائم القاطعة ضوابط وأحكام ‪252‬‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم ‪253‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫قبسات من الرسول صلى ال عليه وسلم فليغرسها ‪258‬‬
‫‪268‬‬ ‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ 2‬طلب العلم فريضة‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫‪276‬‬ ‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )3‬قبل أن تدعوا فل أجيب‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )4‬ل تفكروا ف ذات ال ‪283‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )5‬تعبد ال كأنك تراه ‪293‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )6‬وليح ذبيحته ‪300‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )7‬وتبسمك ف وجه أخيك صدقة ‪308‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪ )8‬ما أسكر كثيه فقليله حرام ‪315‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪)9‬ادرءوا الدود بالشبهات ‪325‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪)10‬سفينة الجتمع ‪334‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫ت مِنَ الرسول صلى ال عليه وسلم(‪)11‬أنتم أعلم بأمور دنياكم ‪343‬‬ ‫َقبَسَا ٌ‬
‫{ُقلْ َكفَى بِالّلهِ َشهِيدًا بَْينِي وَبَْينَكُ ْم َومَنْ عِن َد ُه عِلْمُ الْكِتَابِ} ‪355‬‬
‫كفر سابّ ال ورسوله –صلى ال عليه وسلم‪360 -‬‬
‫كيف ننصر الرسول عليه الصلة والسلم ‪362‬‬
‫كيف يستطيع السلم أن ينمّي داخله مبة النب صلى ال عليه وسلم ‪366‬‬
‫كيفية الستفادة من كتب الديث الستة ‪368‬‬
‫ل أعتقد ذلك يا ولدي ‪376‬‬

‫‪642‬‬
‫ل تسبوه شرا لكم بل هو خي لكم ‪377 ...‬‬
‫‪380‬‬ ‫ل تلومونا على حب النب صلى ال عليه وسلم‬
‫ل تولوهم الدبار ‪383‬‬
‫‪385‬‬ ‫لاذا أساؤوا إلينا‪..‬؟‬
‫‪389‬‬ ‫لاذا ل توجد أي صورة للنب ممد صلى ال عليه وسلم ف أي مكان ف العال ؟‪.‬‬
‫لاذا يب علينا أن نب رسولنا ممّدا صلى ال عليه وسلم؟ ‪391‬‬
‫لن نرضى بأقل من العتذار ومعاقبة السيئي للرسول صلى ال عليه وسلم ‪393‬‬
‫لن نوت إذا خلت موائدنا من خيات البقرات الدناركية ‪396‬‬
‫لنتحاور مع أنفسنا‪ ..‬ث نتحاور مع الخرين ‪396‬‬
‫ليس فقط نبينا صلى ال عليه وسلم‪400‬‬
‫‪402‬‬ ‫مؤتر الدانارك‪ ..‬فشل متوقع‬
‫ما هي أُسس الوار مع الغرب؟! ‪405‬‬
‫‪412‬‬ ‫مائة وسيلة لنصرة الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫ماذا فعلت للدفاع عن السلم ؟ ‪419‬‬
‫مثيو الكراهية ‪423‬‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ف الكتب السماوية العهد الديد ‪425‬‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ف الكتب السماوية القرآن والسنة ‪434‬‬
‫( أعظم إنسان ف العال ف القرآن والسنة ) ‪436‬‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم ف القرآن والسنة ‪436‬‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم هو أفضل الرسل عليهم السلم ‪447‬‬
‫‪449‬‬ ‫مدخل لفهم السية‬
‫‪484‬‬ ‫مدير مركز التنوير لبد من وقف الوار مع الفاتيكان‬
‫مزيدا من التفاعل للدفاع عن رسولنا صلى ال عليه وسلم ‪487‬‬
‫‪495‬‬ ‫مسلمو الدنارك وأزمة الرسوم السيئة‬
‫‪499‬‬ ‫مشكلت الوار الثقاف بي الغرب والسلم‬
‫‪503‬‬ ‫مصطلح الديث ف سؤال وجواب‬
‫‪539‬‬ ‫مفاهيم أساسية لدراسة السية النبوية‬
‫‪568‬‬ ‫مقاطعة البضائع المريكية واليهودية‬
‫‪570‬‬ ‫مقاطعة السلع الجنبية‪ :‬رؤية فقهية‬
‫‪572‬‬ ‫مقاطعة السلع والصنوعات الجنبية‬
‫‪573‬‬ ‫مقاطعة النتجات الصينية لضطهادهم السلمي‬

‫‪643‬‬
‫‪574‬‬ ‫مقاطعة بضائع الكفار نظرة شرعية‬
‫‪588‬‬ ‫الغرب والسلم‬
‫‪611‬‬ ‫صورة السلم ف الطاب الغرب‬

‫‪644‬‬

You might also like