You are on page 1of 76

‫الستاذ محمد فائد‬

‫دكتوراه الدولة في الصناعات الغذائية‬


‫دكتوراه في علم الحياء الدقيقة بفرنسا‬
‫أستاذ باحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة‪،‬‬
‫قسم الصناعات الغذائية‪.‬‬

‫الدكتور بوعزة خراطي‬


‫دكتوراه في الطب البيطري‬
‫طبيب بيطري بمديرية تربية المواشي بوزارة‬
‫الفلحة والتنمية القروية والصيد البحري‪.‬‬
‫توطئة‬
‫إن المجتمعات ل ترقى ول تتقدم إل بقيمها وأصييولها‪ ،‬ونضيج أفرادهيا‪ ،‬ول تكتميل سييعادتها إل بيياحترام تراثهيا وتقالييدها‬
‫وقيمها‪ .‬وكلما ابتعدت عن حقيقتها‪ ،‬كلمييا ذلييت وذهبييت ريحهييا‪ .‬وقييد تنهييزم القييوة أمييام القيييم‪ ،‬كمييا قييد تقييوى الميية بقيمهييا‬
‫وحقيقتها‪ .‬فلن تنتصر أمة بسلح غيرها‪ ،‬ولن تركب سفينة التقدم إل بمكوناتها ورصيدها العلمي‪ .‬وبتخريييب القيييم وطمييس‬
‫الهوية‪ ،‬تصبح المة مهينة مترددة‪ ،‬فترجع إلى التقليييد والتبياع والخضيوع‪ ،‬وتتخيذ نميط عيشييها مين غيرهيا‪ ،‬فتبتعييد عيين‬
‫أصالتها وحقيقتها‪ ،‬وكلمييا ابتعييدت عيين حقيقتهييا كلمييا فقييدت القييدرة علييى الوجييود بنفسييها‪ ،‬وليين تعييود إلييى أصييلها لجهلهييا‬
‫بمكوناتها‪ ،‬فتهين وتذل ويكثر فيها الفساد والحزازات والصراعات‪ ،‬وتضطرب فيها الفكار‪ ،‬وتذوب فيها الهوية‪.‬‬

‫والفرق بين الدول المنتجة والدول المستهلكة‪ ،‬هو الفرق نفسه الذي نجده بين التقدم والتخلف‪ .‬وليس النتاج وحده هو الييذي‬
‫يجعل الدول المصنعة تزدهر‪ ،‬وإنما هناك عوامل اجتماعية محضة‪ ،‬ولو أن بعض المحللييين يييرون أنهييا سياسييية‪ .‬ذلييك أن‬
‫بقاء السيادة لهذه الدول المنتجة‪ ،‬يحتم عليها نهج سياسة قاسية‪ ،‬لجعل الطرف الخر يبقى ضعيفا في ميدان النتاج‪ ،‬فتحتكر‬
‫آنذاك السوق وتقطع الطريق على الدول الخرى‪ .‬وأصييبح السييلح القتصيادي أقييوى وأبشيع مين السيلح الحربيي‪ .‬حيييث‬
‫أصبح يستعمل من طرف الدول القوية للحصييول علييى كييل مييا تسييعى إليييه ميين بلييدان الشييرق وافريقييية وآسيييا‪ .‬ونييرى أن‬
‫العانات ليست إل تمهيدا لفرض التبعية‪ ،‬وليس الدعم المادي لبعض المشيياريع إل حييدا حيياجزا لتقييدم واسييتقلل الصييناعة‬
‫والتجارة في هذه البلدان‪ .‬وهو وجه آخر للستعمار الجديد أو الستعمار الحضاري‪.‬‬
‫مقدمة عامة‬

‫يتميز المجتمع المسلم عن سائر المجتمعات بمصدر الشرع‪ ،‬الذي يأتي من ال‪ .‬وقد جاء السلم بكل المقومات التي‬
‫ل يصيبها الخلل‪ ،‬لكونها من مصدر إلهي‪ .‬ولهذا فإن السلم لم يترك وقيعة من وقائع الحياة العاميية‪ ،‬ول حكمييا ميين‬
‫أحكام الناس‪ ،‬إل بينه بالتفصيل والتدقيق‪ .‬وقد أزاح العلماء في صدر السلم‪ ،‬كل الشبهات عن الحكام التي تخييص‬
‫القضاء‪ ،‬وتنظيم المجتمع‪ ،‬وحفظه من الشيوائب‪ ،‬وتحصيينه ضيد كيل فسيياد‪ ،‬اجتمياعي‪ ،‬أو أخلقييي‪ ،‬أو صيحي‪ ،‬أو‬
‫اقتصادي‪ .‬وقد بينت السنة النبوية الشريفة‪ ،‬كل المور التي من شأنها أن تكون موضوعا للخلف والفتن بين الناس‪،‬‬
‫لتجعلها واضحة‪ ،‬ولم تترك مجال لمن يريد التشكيك في شرع ال‪ ،‬أو يحاول النيل منه‪ .‬ومن بين هذه التنظيمييات مييا‬
‫يخص الخالق‪ ،‬وهو ما ل يجوز تركه‪ ،‬ول يقوم الدين إل به‪ ،‬كما أن منها ما يخص البشر‪ ،‬وهييي المييور الييتي تقييام‬
‫فيها الحجة بالحكام الشرعية‪ ،‬ويرجع فيها إلى القرآن والسنة‪ ،‬أو يترك فيها الجتهاد للعلماء‪.‬‬

‫ول يمكن أن نجد حالة أو وقيعة واحدة تركها الشييرع اللهييي بييدون بيييان أو توضيييح‪ .‬أمييا القييول بييأن هنيياك بعييض‬
‫الوقائع الجتماعية أو النوازل التي ظهرت في العصر الحديث‪ ،‬والتي ل تجد مييا يقابلهييا فييي الشييريعة السييلمية أو‬
‫تتجاوزها‪ ،‬فداك أمر مستبعد ومستحيل‪ ،‬لن الخطأ ليس في الشريعة‪ ،‬وإنما في تطبيق الشريعة‪ ،‬وهذا التطبيق يجب‬
‫أن يكون من لدن من يتصفون بالعلم والفقه في آن واحد‪ .‬ونضيف أنه من المستحيل أل يكون هناك في الشريعة‪ ،‬مييا‬
‫يتناسب مع العصر‪ ،‬لن الذي أنزل القرآن‪ ،‬كان يعلم أن هذا العصر سيحل‪ ،‬وقد أنزل الدين كامل‪.‬‬

‫وربما ل نجد مبررا لظهور الجمعيات الحقوقييية فييي المجتمييع السييلمي علييى الخصييوص‪ ،‬لن ظيياهرة الجمعيييات‬
‫الحقوقية تولدت على إثر ظهور الجور والظلم في المجتمعات الغربية‪ .‬ولذلك يعتبر ظهور الجمعيات الحقوقييية دليل‬
‫قاطعا على الفراغ الروحي‪ ،‬والفتقار إلى ما ينصف المة من الخطأ البشري‪ ،‬ودليل كذلك على أنها أصبحت غييير‬
‫محصنة ضد القهر والظلم والستعباد والجور‪ ،‬ولذلك يتحتييم ظهييور أسييلوب جديييد‪ ،‬يتناسييب مييع حضييارة العصيير‪،‬‬
‫بعدما تلشت المؤسسات الخرى كالحزاب‪ ،‬والمنظميات‪ ،‬والنقابيات‪ .‬أميا ظهيور الجمعييات الحقوقيية فيي البليدان‬
‫السلمية فيعتبر تناقضا واضييحا مييع الشييريعة السييلمية الكاملية‪ ،‬الييتي تضييمن حقييوق الفييرد والمجتميع‪ ،‬وتقيييدها‬
‫بضوابط شرعية‪ ،‬تابتة في الزمان والمكان‪.‬‬

‫وقد أصبحت قضية حماية المستهلك‪ ،‬من القضايا الشائكة والمستعصية في العصر الحاضيير‪ ،‬علييى كييل المؤسسييات‬
‫والجهزة المكلفة بالسهر على ضمان الحد الدنى لسلمة المواطن من الفات‪ ،‬وليس هناك ميين يقييوم بهييذه المهميية‬
‫على الوجه المثل كما هو الشأن بالنسبة لكل دول العالم‪ .‬ول يرتبط هذا العمييل النسيياني بالحضييارة والتقييدم‪ .‬وإنمييا‬
‫يرتبط بماهية المة وهويتها‪ .‬فالضمير البشري ل يراقب إل بييالتقوى‪ ،‬إذ فييي غيابهييا تظهيير الفوضييى والظلييم رغييم‬
‫وجود الترسانة القانونية الضخمة‪.‬‬
‫الكتاب الول‬

‫الوجهة الشرعية للعناية بالمستهلك‬


‫الفصل الول‪ :‬الحسبة‬

‫‪ - 1‬مقدمة‬

‫قد يغيب على المرء أن يتصور وجود نظام يعنى بحماية المستهلك في الشريعة السلمية في اليوقت الحاضير‪ .‬وقيد‬
‫استولت النظمة الجديدة في ميدان المراقبة على عقول النيياس‪ .‬بييل أكييثر ميين هييذا أن القييوانين الوضييعية‪ ،‬أصييبحت‬
‫ممنهجة ومتداولة بين الناس‪ ،‬في الوقت الذي تستبعد فيه الشريعة السيلمية‪ .‬ويمكين القيول أن هنياك انفصيام كيبير‬
‫فيمييا يخييص البحييث فييي هييذه المسييألة ميين الناحييية الكاديمييية‪ .‬فالمشييرفون علييى المراقبيية ميين النيياحيتين القانونييية‬
‫والعلمية يفتقرون إلى الشريعة السلمية‪ ،‬وبما أن فاقد الشيييء ل يعطيييه‪ ،‬فييإن الجهييل بالشييريعة يييؤدي إلييى تبنييي‬
‫القوانين الوضعية الغربية‪ ،‬والتي أخيذت منهيا جيل اليدول العربيية‪ ،‬وأصيبحت مرسيخة ليديهم إليى درجية القداسية‪.‬‬
‫ونلمس هده العقدة لما نتصفح كتب القانون لنجد أن كلمة فقيه تستعمل طول وعرضا‪ ،‬وأن القواعد القانونية أصبحت‬
‫تفوق بكثير القواعد الفقهية بالمعنى الصحيح عند دارسي القييانون‪ ،‬ونييرى أنييه آن الوان لتصييحيح هييذه الفييتراءات‬
‫والتضليلت قبل أن يصححها علماء الغرب‪.‬‬

‫ونحيل كل من يريد التعمق في النصوص‪ ،‬إلى نظام الحسبة في الشريعة السلمية‪ ،‬ليشييفي غليليه وليييتيقن أن الحييل‬
‫الخير لمراقبة وضبط المعاملت‪ ،‬يوجد في نظام الحسبة‪ .‬وأن هذه تحييول دون وقيوع كييل مييا مين شيأنه أن يحيدث‬
‫خلل ‪ ،‬أو يتسبب في أي ضرر للمجتمع والفرد على حد سواء‪.‬‬

‫‪ - 2‬تعريف الحسبة‬

‫لقد أدخل فقهاء السلم الوائل الحسبة ضمن النهي عن المنكر والميير بييالمعروف‪ .‬ويعرفهييا الميياوردي بأنهييا أميير‬
‫بالمعروف إذا ظهر تركه‪ ،‬ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله‪ .‬ونجد نفس التعريييف عنييد ابيين خلييدون حيييث يقييول أنهييا‬
‫وظيفة دينية‪ ،‬من باب المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ .‬ويركز ابن خلدون علييى أنهييا وظيفيية دينيية لنهييا تعمييل‬
‫بالشرع اللهي‪ ،‬وتشترط الحكم بالشريعة‪.‬‬

‫ول شك أن الطار العام للنهي عن المنكر والمر بالمعروف‪ ،‬هو القاعدة العامة لصلح المجتمع‪ .‬ونقييف عنييد هييذا‬
‫الطار الذي جعله السلم‪ ،‬من باب الصلح عن طريق المجتمع المدني‪ ،‬وليييس عيين طرييق السييلطة‪ .‬وقيد أصيبح‬
‫الن دور المجتمع المدني جليا في كل المور الخاصة بالحياة العامة‪ ،‬ونرى أن الخطاب القرآنييي خطيياب عييام لكييل‬
‫المة‪ ،‬ول يخص أولياء المور وحدهم‪ ،‬وهو الشيء الذي يجعل منه أسمى نص يراعي حقوق النسييان‪ ،‬والمجتمييع‬
‫المدني‪ ،‬ويعطيه الحق الشرعي في إصلح أحواله بنفسه‪ .‬يقول الجليل في محكم كتابه العظيم‬

‫آل عمران‪ ،‬الية‬

‫وجاء كذلك في صحيح مسلم الحديث ‪ 70‬من كتاب اليمان قول رسول ال صلى ال عليه وسلم "من رأى منكييم منكييرا‬
‫فليغيره بيده‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اليمان" ‪ .‬فالنهي عن المنكر الذي جاء في الية الكريمة‬
‫يدخل في باب منع وقوع الفعل‪ ،‬وهي أسمى حالت حفظ المجتمع من الخطاء البشرية‪ ،‬اليتي ترتبييت عنهيا شييوائب‬
‫في المجتمع‪ ،‬و تغيير المنكر الذي جاء في الحديث يغير إصلح الخطأ لما يقع‪ ،‬وهي الحالة الثانية لحفييظ المجتمييع‪،‬‬
‫من تماديه في المنكرات والنحرافات‪.‬‬

‫ونظام الحسبة وضع إلى جانب العلقات الخرى‪ ،‬التي تجمع بين أفييراد المجتمييع‪ ،‬كييالبيع والشييراء والقضيياء وكييل‬
‫الحكام الخرى‪ .‬ونرى أن هذه المور‪ ،‬التي تتجلى في الشرع‪ ،‬تجعل من المستحيل فصل الدين عن الحكم‪ .‬وقانون‬
‫الحسبة‪ ،‬يعتبر وظيفة المجتمع كله‪ ،‬وليس وظيفة المحتسب المكلييف‪ ،‬أو الهيييآت المشيرفة والمكلفية بييذلك‪ ،‬وهييذا مييا‬
‫يجعلنا نتناولها في إطار المجتمع المدني‪ .‬وقد شرع ال الحسبة‪ ،‬لنها تدخل في باب تغيير المنكر‪ ،‬وهو فرض كفاية‬
‫على المة المسلمة‪ .‬وقد فرق بعض العلماء‪ ،‬بين الحسييبة العاميية الموكوليية إلييى كييل فييرد مسييلم‪ ،‬والحسييبة الخاصيية‬
‫الموكولة إلى المحتسب‪ ،‬الذي يعين من لدن الحاكم‪.‬‬

‫ويدخل في الحسبة كل المور المتعلقة بالحياة العامة للناس‪ .‬فالمحتسب مصيلح اجتمياعي وأخلقيي‪ ،‬ولييس شيرطي‬
‫كما هو الشأن بالنسبة لرجال المراقبة‪ .‬ولكي يصلح المحتسب المجتمع‪ ،‬يجب أن يكون صالحا عارفا بأحوال الناس‪،‬‬
‫والحياة العامة‪ ،‬ومؤهل تأهيل أخلقيا ودينيا وعلميا واجتماعيا‪ .‬ولذلك ل تتوفر شييروط المحتسييب إل فييي قليييل ميين‬
‫الناس‪ ،‬لن المر يدعي اللمام بأحوال الناس وقضاياهم من مختلف المعيياملت‪ .‬ويقتضييي عمييل المحتسييب تجربيية‬
‫وأخلقا واستقامة‪ ،‬فوق المؤهلت المعرفية والعلمية المكتسبة‪.‬‬

‫ومن المور التي أشرنا إليها‪ ،‬والتي تدخل في الحسبة‪ ،‬يقول ابن تيمية‪" :‬يأمر المحتسب بالجمعة والجماعة وصييدق‬
‫الحديث وأداء المانة‪ ،‬وينهى عن المنكر من الكذب‪ ،‬والخيانة‪ ،‬وما يدخل فييي ذلييك‪ ،‬ميين تطفيييف المكيييال والميييزان‬
‫والغش في الصناعات والبياعات والديانات ونحو ذلك"‪.‬‬

‫وقد حفظتنا الشريعة السلمية وحصنتنا بنظام الحسبة‪ ،‬الذي يضمن للمستهلك كفرد في المجتمع‪ ،‬كل حقوقه‪ ،‬وليس‬
‫كفرد عادي فقط‪ ،‬وإنما كذلك التاجر والمنتج والصانع والمنقل للسلع والجالب الخ‪ .‬ولم تترك الشريعة مجال للشبهة‪،‬‬
‫فيما يخص الحكام المتعلقة بالمعاملت‪ .‬بل تظهر المور واضحة‪ ،‬لن الحكم جاء على أساس مبدئي‪ ،‬وليييس علييى‬
‫أساس الحالت الخاصة‪ ،‬أو الظرفية‪ ،‬أو المسائل الطارئة‪ ،‬كما هو الشييأن بالنسييبة للقييوانين الوضييعية‪ .‬وهنيياك فييرق‬
‫شاسع بين الحالتين‪ :‬ففي الحالة الولى يكون الحكم غير قابل للتغيييير‪ ،‬قياسييا علييى المبييدأ‪ ،‬بينمييا يكييون الحكييم قييابل‬
‫للتغيير في الحالة الثانية‪ ،‬لنه وضع على قياس متغير‪.‬‬

‫لنعطي مثال حيا على ذلك‪ :‬لقد حرم السلم الربا مبدئيا وليس ظرفيا أو نسبيا‪ .‬وبما أن مبدأ الربييا حييرام‪ ،‬فلييم تبقييى‬
‫شبهة في التطبيق أو التشريع‪ .‬وبهذا المبدأ ل يمكن أن نناقش النسبة المئوية‪ ،‬التي قد يرى البعض أنها مقبولة‪ ،‬أو ما‬
‫شابه هذه التخمينات‪ ،‬لن المبدأ حرام‪ .‬وهذه القوة في الحكم‪ ،‬تجعل المشرع ينظر إلى حل آخر وليس هناك حييل‪ ،‬إل‬
‫أن يدخل الممول كطرف في الصفقة‪ ،‬فيتحمل آنذاك الربح والخسارة‪ .‬وهذا هو الحل النسب والعادل‪ ،‬لن فييي هييذه‬
‫الحالة يتحمل صاحب رأس المال حقه في الربح‪ ،‬كما يتحمله في الخسييارة‪ ،‬بينمييا ل يتحمييل الخسييارة فييي المعامليية‬
‫بالربا‪ .‬ويبقى رابحا‪ ،‬سواء ربحت الصفقة أو فشلت‪ ،‬وهييو عييدم التكييافؤ‪ ،‬الييذي يييؤدي إلييى الفلس حتمييا عنييد جييل‬
‫المقترضين بالربا‪.‬‬
‫‪ - 3‬أركان الحسبة‬

‫أ‪ -‬المحتسب‬

‫حاول الماوردي توضيح بعض مهام المحتسب‪ ،‬فقسم الوظائف إلى قسمين‪:‬‬
‫المر بالمعروف‪ ،‬والنهي عن المنكر‪.‬‬

‫وقسم كذلك المر بالمعروف إلى ثلثة أقسام‪:‬‬


‫ي ما يتعلق بحقوق ال كترك صلة الجمعة‪ ،‬وكل تقصير قد يحدث في العبادات‪.‬‬
‫‪ -‬ما يتعلق بحقوق البشر‪ ،‬كبناء المساجد‪ ،‬وتحصين المدينة‪ ،‬وكمطل الحقوق‪،‬‬
‫وتأخير الديون‪.‬‬
‫‪ -‬المور المشتركة بين الفئتين‪ ،‬أي حقوق ال والبشر‪ ،‬وهي الحقوق المتداخلة‪.‬‬

‫وقسم النهي عن المنكر كذلك إلى ثلثة أقسام‪:‬‬


‫ي إنكار حقوق ال وفيها‪:‬‬
‫· ما تعلق بالعبادات كالبدع‪.‬‬
‫· ما تعلق بالمحظورات كالتعرض لمواقف الريب ومظان التهم‪.‬‬
‫· ما تعلق بالمعاملت كالبيوع الفاسدة والزنى‪.‬‬
‫ي إنكار حقوق البشر المختصة‪ ،‬كالتعدي على الجار‪ ،‬أو دويه‪ ،‬وكتقصير أهل الصيينائع فييي صيينعتهم‪ ،‬أو الغييش فييي‬
‫العمل بالنسبة للخدمات‪.‬‬
‫ي إنكار الحقوق المشتركة بين حقوق ال وحقوق البشر كالشراف على منازل الناس وإزعاج الجيران‪.‬‬

‫ب‪ -‬المحتسب عليه‬


‫وهو على ما جاء به الماوردي الدامي‪ ،‬سواء كان فردا‪ ،‬أو جماعة بدون أي شرط‪.‬‬

‫ج‪ -‬المحتسب فيه‬


‫يشترط في المحتسب فيه أربعة شروط‪:‬‬
‫ي أن يكون منكرا يخالف الشرع بوقوعه‪ ،‬فل يحتسب في ما ل منكر فيه‪.‬‬
‫ي أن يكون موجودا وجودا قطعيا تابتا‪.‬‬
‫ي أن يكون المنكيير ظيياهرا للمحتسييب‪ ،‬إمييا بييالفحص المباشيير‪ ،‬أو بييالطرق العلمييية الحديثيية‪ ،‬والييتي تشييمل التحاليييل‬
‫المخبرية‪ ،‬وتقارير الخبراء المحلفين من المسلمين‪ .‬وينظر في ما إذا كان المنكر مضرا بالشييخص معنويييا أو ماديييا‪.‬‬
‫وأنكر الفقهاء أن يكون تابتا بالطرق العلمية‪ ،‬وأوجبوا أن يظهر مباشييرة‪ ،‬بييدون تحليييل علمييي‪ ،‬أو اسييتعمال أدوات‪.‬‬
‫ونرى أن هذا المر أصبح متجاوزا‪ ،‬بل نشترط أن تستعمل الطرق العلمية والمخبرية لبيان المنكر‪ ،‬لن الغش حاليا‬
‫ل يمكن أن يظهر جليا للمحتسب‪ ،‬بل أصبح الغش بمستوى علمي عالي‪ ،‬من حيث إذا أنكرنا الطييرق العلمييية‪ ،‬تعييذر‬
‫علينا معرفة المنكر‪.‬‬

‫والحسبة مجال واسع‪ ،‬يتعدى الرقابة والمراقبة‪ ،‬كما يشمل مجالت ل يتطرق إليها القانون الوضعي‪ .‬فالحسبة ترجع‬
‫إلى أصل الشياء‪ ،‬لتجنيب ما قد يحدث‪ ،‬وليس انتظار الحادث لتنفيذ الجزاء‪ ،‬ولذلك فهي تستقصي وضع قانون ميين‬
‫ورائها أو من قبلها‪ .‬ول نريد أن نعرض كثيرا في سرد بعييض المهيام‪ ،‬اليتي تيدخل فييي اختصيياص الحسييبة‪ ،‬والييتي‬
‫يجب أن توكل إلى الشريعة‪ ،‬وأول ما تذهب إليه الحسبة التصدي لما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬الغش في صناعة الملبس والقمشة‪ ،‬وصناعة اللت والمعدات‪ ،‬والواني المنزلية‪ ،‬والدوية والمواد الغذائييية‪،‬‬
‫في السواق والمقاهي‪ ،‬ومواد التصبين والنظافة والتطهير‪ ،‬واللوازم الصناعية والورق والطبييع‪ ،‬والخشييب والجلييد‪،‬‬
‫ومواد البناء‪.‬‬
‫‪ - 2‬الغش في أداء كلفة بعض المصالح والخدمات‪.‬‬
‫‪ 3‬ي العقود المحرمة كعقود الربا والميسر‪ .‬وقد أصبحت الرهانات في العصيير الحييالي جييد شييائعة‪ ،‬وسييكوت العلميياء‬
‫عنها جعلهييا تأخييذ مأخييذ الجييواز‪ ،‬ونييرى أن المعيياملت البنكييية القائميية علييى الربييا‪ ،‬والرهانييات الغييير المشييروعة‬
‫كاليانصيب والقمار القائم بالمقاهي والملهي‪ ،‬تكاد تصبح عادية في المجتمع السلمي‪.‬‬
‫‪ 4‬ي احتكار السلع وحجبها عن الناس المحتاجين إليها‪ ،‬أو الرفع من سعرها‪.‬‬
‫‪ 5‬ي البدع المخالفة للشريعة‪ ،‬وإقامة طقوس منافية للشرع‪.‬‬
‫‪ -6‬محاربة الدعاية الخادعة في وسائل العلم‪ ،‬لنها إغراء وتيدليس واتسيام بالشييبهة‪ ،‬وهييي علييى أنيواع‪ :‬البرامييج‬
‫الذاعية‪ ،‬والصحافة القادحة في الدين‪ ،‬والعقيدة‪ ،‬والشخصيات الدينية‪ ،‬كالرسل والخلفاء والئمة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الجوانب القانونية للمراقبة‬

‫‪ -1‬مقدمة‬

‫لما نتكلم عن حماية المستهلك فييي المييدان الغييذائي‪ ،‬نخييص الحالية الصييحية للغذيية وسييلمتها‪ ،‬والجييودة والثميين‪.‬‬
‫وتتداخل هذه العوامل الظاهرة‪ ،‬مع عوامل أخرى‪ ،‬قد ل تعرف في أغلب الحيان‪ ،‬لتعطي عمليية فيي غايية التعقييد‪.‬‬
‫ولضبط هذه العوامل‪ ،‬التي أسلفنا‪ ،‬يتحتم علينييا ضييرورة المعرفيية التاميية للعلييوم الساسييية‪ ،‬والتطبيقييية فييي الميييدان‬
‫الغذائي‪ ،‬كما تستلزم مراقبة هذه العوامل‪ ،‬خبرة عالية وإلمام بالموضوع‪ ،‬من جانبيه العلمي المحييض‪ ،‬والتشييريعي‪،‬‬
‫والقانوني‪.‬‬

‫‪ -‬أما الجانب الول‪ ،‬فيعتمد البحث العلمي أساسا لمراقبة الغذية‪ ،‬ويييوجب إحييداث مختييبرات متخصصيية‪ ،‬وتكييوين‬
‫أشخاص على المستوى العالي‪ ،‬مع كسب الخبرة في ميدان إنتاج وتصنيع وتسيويق واسيتيراد الميواد الغذائيية‪ .‬وفيي‬
‫هذا الصدد ننبه ونشير إلى أن غياب هذا العنصر أو ضعفه‪ ،‬يجعل المراقبة صعبة أو منعدمة‪ ،‬من حيث يخلييو الجييو‬
‫للغش‪ ،‬والتدليس‪ ،‬والحتكار‪.‬‬

‫‪ -‬وأما الجانب الثاني‪ ،‬فيعتمد القانون والتشريع أساسا للحد ميين كييل مييا ميين شييأنه أن يضيير بالمسييتهلك‪ ،‬وهييو الداة‬
‫الفاعلة للضرب على أيدي كل المخالفين للشييروط الضييرورية فييي الميييدان الغييذائي‪ .‬ونييرى ميين خلل مييا سييبق أن‬
‫الكشف عن المخالفة في الميدان الغذائي‪ ،‬يتم بواسطة البحث العلمي‪ ،‬والذي بييدونه ل يمكيين للتشييريع الوصييول إلييى‬
‫منفذ المخالفة‪ .‬وبين المختبر والتشريع‪ ،‬يبقى دور الهيأة أو السلطة التي وكل لها أمر المراقبة الميدانية‪ ،‬هو السيياس‬
‫والمهم‪.‬‬

‫إن موقف المستهلك يضل ضعيفا‪ ،‬لقصور فهمه‪ ،‬وعدم توعيته أمام مضاربات السوق‪ ،‬وتلعب الصناع والمنتجين‪.‬‬
‫ولذلك حدث تطور هائل في هذا المضمار‪ ،‬تمثل في تكوين جمعيات دولية وجهوية‪ ،‬تعنى بشؤون المستهلك‪ ،‬والييتي‬
‫ينخرط فيها نخبة من الجهزة والفراد‪ ،‬الذين تهمهم قضية حماية المستهلك بجانبيها الفني والقانوني‪ ،‬لمواجهة قوى‬
‫النتاج‪ ،‬وللضغط على المنتجين في حالة عدم إرضاء المستهلك‪.‬‬
‫‪ - 2‬الرقابة على الغذية‬

‫أ‪ -‬المفهوم والهداف‬


‫تعتبر الرقابة كل نشاط يقوم به متخصصون لمراقبيية الخطييط والمواصييفات والقياسييات لهييذا الشييأن‪ ،‬والكشييف عيين‬
‫المخالفييات‪ ،‬والنحرافييات عيين هيذه الخطيط والقياسييات‪ .‬وتفييادي وقييوع أي ضييرر أو مشييكل‪ ،‬تتسييبب فيييه المييواد‬
‫الستهلكية بطريقة مقصودة أو غير مقصودة‪.‬‬

‫وتعتبر كذلك الرقابة‪ ،‬الداة التي تستخدمها السلطة‪ ،‬لضمان سلمة وصحة المواد الغذائية والخييدمات الييتي تعييرض‬
‫على المستهلك‪ ،‬وزجر كل العمال التي من شأنها أن تضر بالمستهلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة‪.‬‬

‫وتستلزم الرقابة إجراءات تنفيذية‪ ،‬للتأكد من توافر كل العناصر والشروط الييتي نصييت عليهييا القييوانين الموضييوعة‬
‫لهذا الشأن‪ ،‬والتي ترغم كل من له صلة بالمواد الغذائية اللتزام بالمحافظة على صحة وسييلمة المسييتهلك واحييترام‬
‫شعوره وهويته‪.‬‬

‫وتشمل الرقابة الغذائية‪ ،‬كل المييواد المحلييية والمسييتوردة والمتداوليية فييي السييواق والمحلت وغيرهييا‪ ،‬ميين أميياكن‬
‫عرض وتداول ونقل وخزن الغذية‪ .‬ويهدف دور الرقابة إلى ضمان أمن المستهلك على طعامه وشرابه‪ ،‬واطمئنانه‬
‫على جودتها وسلمتها‪ ،‬وكذا وجودها بأثمان تتناسب مع دخل الفرد )عدم الحتكار(‪.‬‬

‫ب‪ -‬الجهزة‬
‫تتعدد الجهزة لتنفيذ برنامج المراقبة عليى كييل المسيتويات‪ ،‬وتشيمل كيل الجهيات والهيييآت الييتي لهيا صييلة بييالمواد‬
‫الستهلكية‪ .‬وتختلف باختلف طبيعة المراقبة أو الرقابة‪ .‬ونجيد الجميارك بالنسيبة للميواد المسيتوردة‪ ،‬واليتي تقيوم‬
‫بالفحص المباشر وأخذ عينات للتحليل‪ ،‬وهناك مصلحة حماية النباتات‪ ،‬والمصلحة البيطرية‪ ،‬وكذلك أجهييزة أخييرى‬
‫داخل التراب الوطني‪ ،‬تشرف على المراقبة‪ ،‬ومنها الحسبة‪ ،‬ومصييالح الوليييات والعمييالت‪ ،‬والمصييالح البيطرييية‪،‬‬
‫ومصالح مراقبة الجودة وزجرالغش‪ ،‬والمكاتب الصحية‪ ،‬ومصالح الوزن‪.‬‬

‫وتتم المراقبة على مستويات وبشكل صارم‪ ،‬فهناك مراقبة المواصفات والقياسات وصحة وسييلمة المييواد الغذائييية‪،‬‬
‫ومراقبة التصريحات والوراق الرسمية‪ ،‬التي يسمح بموجبها السييتراد أو الييبيع أو النقييل أو التوزيييع أو الخييزن أو‬
‫الصنع‪ ،‬والثمان والفواتير والرقم الضريبي والملف التجيياري ودفييتر التحملت‪ ،‬ومييا إلييى ذلييك ميين الشييروط الييتي‬
‫ينص عليها القانون المنظم لرواج واستيراد السلع‪ ،‬ومع ذلييك نجييد عييدة مشيياكل كمييا لييو أن هييذه المراقبيية ليييس لهييا‬
‫وجود‪ ،‬لن طبيعة القانون الزجرية أو الجزائية‪ ،‬تكون متأخرة عن الوقيعة‪ ،‬بمعنى أن القانون ل يظهر إل فييي حاليية‬
‫عدم احترامه‪ ،‬وقد يتوهم الشخص أنه غير موجود‪ ،‬وأهدافه الزجرية أو الجزائية قد ل تدخل في أخلقيات خييارقيه‪،‬‬
‫ول يرجع له إل بعد وقوع الوقيعة‪ .‬أما الشريعة فتكون داخلة في أخلقيات الشخص‪ ،‬وتراعى في كل حين ولحظيية‪،‬‬
‫وتمنع من وقوع الوقيعة لنها ذاتية ومحصنة للشخص ضد ارتكاب الخطأ‪ .‬فالذي يراقب نفسه ل يمكيين أن يغييش أو‬
‫يتحايل أو يحتكر‪ ،‬وهذا هو الحل النسب والخير لجعل المور تسير بسهولة وبصدق وأمانة‪.‬‬

‫ج‪ -‬الوظائف‬
‫تعددت الوظائف حتى أصبحت ل تحصى‪ ،‬لكنها ترمي كلها إلى الرقابة على الغذية بكل الساليب‪ ،‬وحييتى ل يبقييى‬
‫أي شك لدى المستهلك‪ ،‬ربما نعطي بعضا منها‪ ،‬لنعرف بعض ما يمكن أن يفند المضاربات والنحرافات‪ .‬ونعني أن‬
‫الترتيبات والنصوص القانونية والجهزة موجودة‪ ،‬كباقي النصوص القانونية الخرى‪ .‬وتهم هذه الترتيبات‪:‬‬
‫‪ -‬الكشف على المواد الغذائية بكل الماكن التي توجد فيها‪ :‬السواق‪ ،‬المحلت والمطاعم والفنادق والمقاهي الخ‪.‬‬
‫‪ -‬مراقبة مخازن حفظ الغذية‪.‬‬
‫‪-‬المصانع وكل وحدات النتاج‪.‬‬
‫‪-‬الباعة بالجملة وبالتقسيط‪.‬‬
‫‪ -‬الباعة المتجولون‪.‬‬
‫‪ -‬صلحية الشهادات الصحية‪.‬‬
‫‪ -‬التفتيش الدوري والفجائي لمراقبة التدليس أو الغش أو عييدم تييوافر الشييروط الصييحية‪ ،‬وأخييذ عينييات للتحليييل فييي‬
‫المختبر‪ .‬ويتم ذلك وفق ما تقتضيه المصلحة العامة وبطريقة عادلة ومجردة‪ ،‬وإل كان هنيياك تجيياوز لييدى المراقييب‬
‫نفسه كيفما كانت مهمته‪.‬‬
‫‪ - 3‬المراقبة أو التفتيش الصحي‬

‫وتهدف إلى الحصول على المعطيات المتعلقة بكل الخفاقات والعيوب‪ ،‬وأخطاء الصناع‪ ،‬وكل ما من شأنه أن يحيييد‬
‫عن الوضع السوي‪ ،‬ليؤثر على إنتاج وتوزيع المواد الغذائية المأمونة للمستهلك‪.‬‬

‫ومما ل شك فيه‪ ،‬أن التفتيش الدوري على سلسلة الغذاء بكاملها‪ ،‬من إنتاج وتخزييين وتجهيييز وتوزيييع‪ ،‬يمثييل الييدور‬
‫السمى للرقابة الفعالة للغذية‪.‬‬

‫‪ - 4‬أساليب الرقابة‬

‫تكون الرقابة غالبا على ثلث مستويات‪ ،‬أو يجب أن تكون على ثلث مستويات‪:‬‬

‫أ‪ -‬الرقابة الروتينية أو الوقائية‬


‫تكون هذه الرقابة قبيل السييتهلك أو التسييليم‪ ،‬للتييوفر عليى معلومييات لزمية وضييرورية للرقابية بشييكل عييام‪ .‬كميا‬
‫تستوجب استحضار القياسات‪ ،‬والمواصفات لكل سلعة‪ ،‬وبدون تلبس أو شبهة في النصوص الجزائية‪.‬‬

‫‪ -‬المنتجات المستوردة‬

‫تؤخذ العينات من الجمارك للفحص والتحليل‪ ،‬بما في ذلك الفحص الكيماوي والمايكروبييايولوجي والشييعاعي‪ ،‬ميين‬
‫أجل التأكد من صلحيتها للستهلك البشري‪ ،‬ومطابقتها للمواصفات العالمية أو المحلية الموضوعة من طرف البلد‬
‫المستورد‪ ،‬وعلى ذكر هذه المواصفات فإن النقد الذي يوجه إلى الجهزة المكلفة بهذه المراقبة‪ ،‬هو انعدام مواصفات‬
‫وطنييية‪ .‬ويبقييى تبنييي المواصييفات والنصييوص الجنبييية نقطيية ضييعف للدارة المحلييية‪ ،‬لعييدم القييدرة علييى تحييدي‬
‫المنتوجات الجنبية وإخضاعها للقوانين المحلية‪ ،‬وعلى إثر هذه المعطيات فالتحفظ من جل المنتوجات الغذائييية بمييا‬
‫في ذلك المنكهات والحافظات والمحمضات وكل المضافات الغدائية‪ ،‬والمشروبات والمياه المستوردة يصبح هاجسييا‬
‫طبيعيا عند المستهلك‪ .‬ونؤكد على ضرورة هذا التحفظ‪ ،‬لنه سيجنبنا كل الفات‪ ،‬التي قد تنشييأ ميين جييراء اسييتهلك‬
‫بعض المواد الغذائية‪ ،‬والتي قد تؤدي إلى زرع البلبلة‪ ،‬وهذا ما وقع إثر التسممات بييالمواد اللحميية فيي سيينة ‪،1999‬‬
‫التي ذهب ضحيتها العديد من المغاربة‪.‬‬

‫‪ -‬المنتجات المحلية‬

‫التفتيش المبدئي‪ :‬تأخذ عينة من المييادة الغذائيية لدراسيية نظييام ضييبط الجييودة‪ ،‬وتبيييان مييدى مطابقتهييا للمواصييفات‬
‫القياسية المتبعة في البلييد‪ .‬ويتقييرر علييى ضييوء هييذا‪ ،‬منييح الييترخيص للوحييدة المنتجيية إذا كييانت الشييروط الصييحية‬
‫والمواصفات والقياسات متوفرة و محترمة‪.‬‬

‫التفتيش الدوري‪ :‬الكشف الفجائي لمراقبة الشروط الصحية‪ ،‬ورفع كل ما من شأنه أن يخل بالمادة‪ ،‬وكييل تييدليس أو‬
‫غش ربما يفلت للمراقبة عند الباعة‪.‬‬

‫التفتيش الذي يستهدف المنتوجات الحديثة‪ :‬حيث يجب أن تخضع أي مادة غذائية جديدة‪ ،‬للفحص في جميع أطوار‬
‫إنتاجها‪ .‬وقد ينعدم هذا التحليل لعييدة أسييباب معقييدة ومتداخليية تتعلييق إمييا بالشييرع‪ ،‬أو بطبيعيية المييادة‪ ،‬أو بالقياسييات‬
‫والمواصييفات المتعلقيية بطبيعيية المييادة الغذائييية‪ ،‬أو بظييروف صيينعها أو اسييتيرادها‪ .‬ويييدخل فييي هييذا البيياب بعييض‬
‫التحاضير الغذائية الطبيعية‪ ،‬وبعض المواد المنتوجة من مواد أولية حديثة‪ ،‬كالمواد العبر الجينية أو المييواد المغيييرة‬
‫وراثيا‪ ،‬أو كبعض المواد الغذائية الجرثومية أو المحتوية على مواد جرثومية ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الرقابة المتوقعة أو العلجية‬

‫وتعني دراسة سلسلة إنتاج المادة الغذائية‪ ،‬وتحديد سبل انتشار الملوثات حسب تصميم خاص‪ ،‬يوضع طبقييا للنميياذج‬
‫الوبائية والبيئية‪ .‬وتخص هذه الوقاية التأكييد ميين عيدم الضييرار الييتي قييد تلحقهييا وحييدات النتيياج الغذائييية بالسييكان‬
‫المجاورين‪ ،‬والناتجة عن النفايات السائلة والصلبة والغازات‪ ،‬وعن دخان الشيياحنات وأصييوات المعييدات الصيناعية‬
‫والشاحنات‪ ،‬كما تخص الضرار التي قد تنتج عن خلل في التصنيع‪ ،‬كالتسممات والتلوث بالشعاع وتسرب المييواد‬
‫الخطرة كالجراثيم والحياء المغيرة وراثيا‪ ،‬وكالمراض الزراعية التي تسببها المواد المستوردة والحيوانية وما إلى‬
‫ذلك‪ .‬ونضرب بعض المثلة‪ :‬فمجازر القنية التي ترمى بمياه ملوثيية بييالجراثيم‪ ،‬والمطيياحن الييتي قييد تصييلها حبييوب‬
‫ملوثة بجراثيم خطيرة تلوث التربة‪ ،‬ووحدات غسل وتنظيف المعاء التي قد تخلف طفيليات خطيرة بمعالجيية أمعيياء‬
‫مستوردة كأمعاء الخنزير‪.‬‬

‫ج ‪ -‬دور المختبر‬

‫ربما يتعذر على المستهلك العادي معرفة التزوير والتدليس أو الغش‪ ،‬فهناك بعض العوامل التي تساعد على اختيييار‬
‫منتوج ما‪ ،‬على أساس بعض الخصائص الظاهرة‪ ،‬لكن لما يجد نفسه أمام مادة غذائية مصنعة ومعلبة‪ ،‬أو تتسم بكييل‬
‫الخصائص النكهوية السائدة لتلك المادة‪ ،‬دون ظهور أية شائبة من شأنها أن تجعييل المسييتهلك يتسييائل‪ ،‬علييى القييل‪،‬‬
‫عن كنه المادة‪ ،‬أو الدسائس التي تخفى عليييه‪ ،‬فييإن المير يحتياج إلييى حماييية ميين طيرف المختصييين والخيبراء فييي‬
‫الميدان‪ ،‬قبل رجال القانون‪ ،‬ومما ل شك فيه أن كل القوانين الغذائية مبنية على نتائج البحث العلمييي‪ ،‬وتحويلهييا ميين‬
‫طرف الخبراء إلى قوانين تسمى بالتقييس والمواصفات‪ ،‬وفي هذا الصدد فإن الداة الفعاليية‪ ،‬والييتي بييدونها ل يمكيين‬
‫معرفة الخلل هي المختبر‪.‬‬

‫ويلعب المختبر الدور الطلئعي في الرقابة الغذائية بما يلي‪:‬‬


‫‪ -‬تحليل كيماوي‪ ،‬ومايكروبايولوجي وإشعاعي‪.‬‬
‫‪ -‬سلمة المادة من أثر التحوير الوراثي‪.‬‬
‫‪ -‬مراجعة المواصفات والقياسات‪.‬‬
‫‪ -‬فحص البيئة المحيطة بها‪.‬‬
‫‪ -‬تكوين معلومات عن المواد الغذائية لضرورة الحمية الطبية‪.‬‬

‫ويصطدم المختبر ببعض المشاكل التي قد تعرقل المراقبة‪ ،‬نذكر من بينها‪:‬‬


‫* انعدام نصوص قانونية تتعلق بالمواصفات والقياسات‪ ،‬بالنسبة للمواد المستوردة‪ ،‬والمواد التقليدية‪.‬‬
‫* صعوبة التحاليل‪ ،‬أو عجز المختبر على التوصل إلى نوعية الغش ومعرفة الضييرار‪ ،‬الييتي ميين شييأنها‬
‫أن تترتب على مادة مستوردة مغشوشة بالنسبة للمواد المستوردة‪ ،‬أو عدم بيان ما يجب مراقبته على العينة من لييدن‬
‫الطرف الذي يطلب التحليل وهذا أمر وارد ويكاد يكون المشكل الساسي للمراقبة‪ .‬فالتقني داخل المختبر ليس عليييه‬
‫أن يجتهد‪ ،‬لن القانون يتنافى مع ذلك‪ ،‬وفي حالة عدم بيان طبيعة التحاليل‪ ،‬يبقى الجتهاد هو السبيل الوحيد‪ ،‬وبيدلك‬
‫يلقي الطرف الذي أرسل العينة بالمسؤولية على الطرف الذي قام بالتحاليل‪.‬‬

‫ول يمكن إرسال العينات دون بيان ما يجب فحصييه فييي العينيية‪ ،‬إذ يجييب أن تصييحب العينييات بورقيية المعلومييات‪،‬‬
‫وطلب الفحوصات اللزمة‪ .‬ويتطلب هذا توفر الخبرة اللزمة لدى الشخاص الذين يقومون بييالتفتيش الييدوري‪ ،‬أو‬
‫الفجائي‪ ،‬وفي الجمارك‪ ،‬وكذلك في حالة إصابة المستهلك بضيرر ناتيج عين الغذيية‪ .‬ويتطليب هيذا التفيتيش خيبرة‬
‫عالية‪ ،‬تفوق بكثير الجانب التقني أو الفني‪ .‬بييل يجييب ويتحتييم علييى أجهييزة المراقبيية‪ ،‬أن تكلييف خييبراء بيياحثين فييي‬
‫الميدان‪ ،‬مميين مارسييوا البحييث حييول المييواد الغذائييية لمييدة سيينين بهييذه المهميية ليسيياعدوا التقنيييين والمهندسييين فييي‬
‫الصناعات الغذائية والبياطرة والطباء‪ ،‬على التدقيق في المراقبة‪ .‬فالتحاليل الروتينية ل تفضييي إلييى حقيقيية الميير‪،‬‬
‫وقد تكدس ملفات قضائية في المحاكم بسبب عدم تطابق التحاليل مييع المواصييفات والقياسييات المنصوصية‪ .‬وهييذا ل‬
‫يمثل المشكل الحقيقي‪ ،‬فربما كانت هناك أخطار أو أضرار أكثر من عيدم تطيابق المواصييفات والقياسيات ول ينتبييه‬
‫إليها‪.‬‬

‫‪ - 5‬القوانين والنظمة الغذائية‬

‫تمثل التشريعات الغذائية السلح الذي به يحتمي المستهلك‪ ،‬وبه تضييبط جييودة المييواد الغذائييية‪ ،‬وكلمييا زاد التصيينيع‬
‫الغذائي في التنويع‪ ،‬كلما زاد احتياج المستهلك إلى تشريعات وأنظمة‪ ،‬تحميه من كل ما ميين شييأنه أن يمييس بصييحته‬
‫وسلمته ولو بعد حين‪.‬‬

‫وتساعد هذه القوانين‪ ،‬كذلك على الرقابة الغذائية‪ ،‬ونذكر من ضمن أدوار هذه القوانين والتشريعات ما يلي‪:‬‬
‫المحافظة على صحة المستهلك‪ ،‬وصحة البيئة‪ ،‬بتطبيق الشروط الصحية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫التحفظ من حدوث التسممات أو أي تلوث غذائي‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫منع غش الغذية بكل مستوياتها بما في دلك الشهار المفرط أو الكاذب‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫منع استخدام دعايات خاطئة لبعض الغذية قصد الكسب اللمشروع‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫منع تقليد أي غذاء ما لم يوضح ذلك على البطاقة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫منع تقديم غذاء للبيع تحت اسم غذاء آخر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫سحب الغذية التي تم تصنيعها تحت شروط صحية غير مضبوطة‪ ،‬وإتلفها‪ ،‬بعد إجراء الخبرة‪ ،‬وبقرار‬ ‫‪‬‬
‫من المحكمة‪.‬‬
‫المساعدة على تحسين النتاج ورفع الجودة وحماية المنتوجات الوطنية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫وضع المواصفات القياسية بطرق معقولة لكل مادة غذائية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫العمل على حد الزالة أو الطمس أو التشويه‪ ،‬لكيل بطاقية غذائيية أو علمية تجاريية‪ ،‬أو إضيافة أي ميواد‬ ‫‪‬‬
‫أخرى لهذه البطاقة‪ ،‬إما لخدع المستهلك‪ ،‬أو لستغلل جهله بالمواد المستعملة‪.‬‬
‫منع إضافة مواد كيماوية قصد تحسين النكهة أو المذاق أو المنظيير‪ ،‬لتفييادي خطيير الضييرار والصييابات‬ ‫‪‬‬
‫البطيئة كالسرطان‪ ،‬أو بيانها على القل على مواد التعليب‪.‬‬

‫وتعتبر هذه المواد من أخطر ما عرفته البشرية على الطلق‪ ،‬وتوجييد لييوائح بأسييماء و تعريفييات هييذه المييواد الييتي‬
‫يطلق عليها اسم المضافات الغذائية‪.‬‬

‫‪ - 6‬صعوبة التقنين‬

‫قد تكلمنا عن الكيفية التي يتييم بهييا إصييدار القييرارات والنصييوص التشييريعية الخاصيية بييالمواد السييتهلكية عمومييا‬
‫والغذائية خاصة‪ .‬ذلك أن النتائج العلمية التي تسفر عنها التحليلت والفحوصاتبالمختبر‪ ،‬تترجم إلى نصوص قانونية‬
‫وتشريعات تتحول إلى مواد قضائية‪.‬‬

‫ويجب أن يمر وضع القوانين الغذائية الرقابية من المراحل التالية‪:‬‬


‫‪ -‬تدرس المادة الغذائية أول في المختبر‪ ،‬ثم تؤخذ النتائج لتصبح قياسييات ومواصييفات‪ ،‬وأخيييرا تتييوج بوضييع نييص‬
‫قانوني‪ ،‬يحميها من الغش والتدليس والتزوير‪ ،‬وخدع المستهلك بأي طريقة‪ ،‬سواء على مستوى العرض أو الييبيع أو‬
‫الجودة أو التسمم أو الثمن أو الكمية‪ .‬ونشير إلى ضرورة الختصاص والخبرة والمزاولة المهنية في الميدان‪.‬‬

‫‪ -‬يتحكم القانون كذلك في تفاصيل التصنيع والمكونات والشروط الصحية )القياسات والمواصييفات(‪ ،‬الييتي يجييب أن‬
‫يتم بموجبها إنتاج المادة‪ .‬وعند الكشف أو الفحص‪ ،‬فإن المختبر يقوم بالتحاليل ثم يعطي النتييائج للهيييأة أو المصييلحة‬
‫التي طلبت ذلك‪ ،‬إذ يحرر محضر بموجب هذه النتائج في حالة وجود مخالفة للقانون الذي يحدد خصائص كل مييادة‬
‫غذائية من قياسات ومواصفات‪.‬‬

‫ربما تستغل ثغرات القانون من لدن الصناع الملمين بمواده )النصوص(‪ ،‬أو بالشكل أو المصطلحات الييتي جيياء بهييا‬
‫النص‪ ،‬ويستوجب هذا التحايل‪ ،‬مراقبة وضبطا من قبل رجال القانون‪.‬‬

‫‪ -‬ضعف أو انعدام وسائل المراقبة كيالمختبر‪ ،‬أو عيدم تيوفر هيذا الخيير عليى المعيدات اللزمية‪ ،‬أو عيدم وجيود‬
‫خبراء في الميدان‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف أو انعدام النصوص القانونية التي تتعلق بخصائص بعض المواد الحديثة التصنيع‪ ،‬أو الغير معروفيية علييى‬
‫المستوى العلمي‪ ،‬كالمواد التقليدية المحلية‪ ،‬أو المواد المستوردة‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف أو عدم القدرة على التفتيش الدوري أو المفاجئ‪ ،‬لبعض وحييدات الصييناعات الغذائييية‪ ،‬أو وحييدات الخييزن‬
‫والتسويق‪ .‬ول يجب أن تتم المراقبة الفجائية بطريقة عشوائية‪ ،‬لتفادي استعمال النفوذ والنييل مين المنتيج‪ .‬بيل يجييب‬
‫إخبار المنتج‪ ،‬والحصول على أمر بالتفتيش من لدن الهيأة المسؤولة‪ ،‬وأن ينفذ التفتيش من طيرف السييلطة أو الجهية‬
‫المكلفة رسميا‪ ،‬وأن يرجح التخصص‪ ،‬لن الشبهة في هذه المور‪ ،‬قد تؤدي إلى ما ل يمكن تصوره‪ ،‬خصوصا لمييا‬
‫يتعلق المر بالمواد القانونية‪.‬‬

‫‪-‬التوزيع الجغرافي للمختبرات وأجهزة المراقبة وعدم التنسيق فيما بينها‪.‬‬


‫‪ - 7‬التثقيف الصحي الغذائي‬

‫يمكن أن تنتشر بعض الفتراضات الشخصية الغير الصحيحة‪ ،‬في مجييال الغييذاء والتغذييية‪ ،‬بسييبب قصييور التوعييية‬
‫الغذائية الصحية‪ ،‬ويترتب عن هذه الفتراضات بعض العتقادات‪ ،‬لتصبح سائدة‪ ،‬وتؤدي إلى مشاكل صييحية تكلفنييا‬
‫أموال طائلة للعلج بسبب مفاهيم خاطئة‪.‬‬

‫وبتفاقم مشكل البيئة وظهور أمراض ناتجة عن المواد الغذائية‪ ،‬وبظهور وحدات الصناعة الغذائية والتعليب‪ ،‬وتحت‬
‫وطأة المضاربة والغش‪ ،‬والجهل بمبادئ التصنيع والخزن‪ ،‬أو حييتى السييتعمال‪ ،‬تزيييد حاجيية المجتمييع إلييى برامييج‬
‫مكثفة للوعي الصحي والغذائي‪ .‬ولتفادي مشاكل قد تضني ميزانية الدولة في حالة ظهور أوبئة‪ ،‬أو حالت تسمم‪ ،‬أو‬
‫فساد الغذية بتلوثها‪ ،‬أو بإعدامها وما إلى ذلك‪ ،‬يتعين على كل مواطن أن يساهم بما لديه من قدرة وخبرة‪ ،‬لن هييذه‬
‫المور تهم كل أفراد المجتمع بدون استثناء‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬فإن الوعي الصحي‪ ،‬يبقى قيد برنامج وطني خاص لكل بلد‪ ،‬ول يمكيين أن يوضييع ميين قبييل هيييآت‬
‫دولية‪ ،‬وإنما من طرف الخبراء الذين يعيشون الواقع‪ .‬ويبقى هييذا البرنامييج مسييؤولية الجميييع ميين المسييتهلك نفسييه‪،‬‬
‫ورجال الخبرة في ميدان الصحة والبيئة والتغذية والتجهيييز‪ ،‬ورجييال السييلطة بييالدارات المركزييية والجهوييية‪ ،‬بييل‬
‫يجب أن ترتبط العمال كلها من الصدار إلى التطبيق لنشر الوعي الغذائي في المجتمعات‪.‬‬

‫إن أكبر برنامج اقتصادي يمكن أن يساهم فيه كل من المستهلك والصانع والسلطة‪ ،‬هو نشر الوعي الصحي الغييذائي‬
‫بجميع الطرق‪ .‬ذلك أن تطبيق الشروط الصحية فييي المصيينع‪ ،‬تحيد ميين فسيياد الغذييية‪ ،‬وتطييبيق الشييروط الصيحية‬
‫واستعمال الموارد من طرف المستهلك‪ ،‬يحد من ظهور أمراض ويجنب من وقوع خسائر في العلج وما إلى ذلييك‪،‬‬
‫ويتوج تطبيق الشروط الصحية المستوى الراقي للبلد وعدم حدوث مخالفات تنتهي بصاحبها إلى الضياع‪.‬‬

‫ويجب أن يؤخذ هذا التثقيف على عدة مستويات‪ ،‬منها على سبيل المثال ل القصر‪:‬‬

‫‪ -‬تثقيف المستهلك بدءا بالبرنامج المدرسي‪ ،‬أي إدخال دروس حول الغذية والنظميية الصييحية‪ ،‬والمبييادئ العلمييية‬
‫لتحضير الغذية‪ ،‬كما يجب أن تأخذ العناية الكاملة لدى هيأة التدريس‪ ،‬لتصبح مواد إجبارية ضمن المقرر‪.‬‬
‫‪-‬تثقيف المستهلك عبر البرامييج الذاعييية‪ ،‬والعلم‪ ،‬والمجلت‪ ،‬والصييحف‪ ،‬وحملت تثقيفييية فييي النييوادي‪ ،‬ودور‬
‫الشباب‪ ،‬والجمعيات الثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬التثقيف على المستوى الصحي العالي‪ ،‬بتكوين تقنيين وخبراء متخصصين في شؤون التغذية والبيئة‪ ،‬كييي يقومييوا‬
‫بدور الرشاد الغذائي‪ ،‬والوعي الصحي المتعلق بالغذية‪ ،‬التي من شأنها أن تسبب خطرا صحيا‪ ،‬كيفما كييان نييوعه‬
‫من التسمم الخفيف إلى السرطان‪ .‬كما يوكل إلى هذا المستوى وصفات غذائية‪ ،‬ونصائح للمرضى والطفال والنساء‬
‫الحوامل والشخاص المسنين‪ ،‬الذين تظهر عليهم أعراض بسبب الفراط في التغذية أو لسوء التغذية‪.‬‬

‫بعض الخطوط التي يجب على المستهلك أن يعلمها‬

‫نسمع حاليا كثرة الكلم عن الجودة والمواصفات والتقييس وما إلى ذلك‪ .‬ول تهمنا هذه المواضيييع فيي شييء‪ ،‬إل أن‬
‫نحفظ أغذيتنا التي هي جزء من تراثنا وتقاليدنا المجيدة‪.‬‬

‫إن المواصفات التي يتكلييم عنهييا الصييناع والمسييتوردون والباعيية والمروجييون للسييلع‪ ،‬ليسييت إل إشيياعات لضييرب‬
‫المنتوج الوطني وهو ما ينعكس على نمط العيش للمستهلك‪ ،‬ويؤدي إلى ظهور أعراض سلبية‪ .‬وقد سييقط المنتجييون‬
‫والمراقبون معا في هذا الفخ‪ ،‬الذي وارته الدول الغربية بتراب العلم والبحث العلمي والتقييدم الحضيياري‪ ،‬فكييان هييدا‬
‫الفخ منصوبا كذلك بطريقة حضارية‪ .‬وذهب مع هييذه الشيياعات كييل البيياحثين علييى الخصييوص‪ ،‬ولييم يستحضييروا‬
‫العامل السياسي الذي بدونه ل تتعامل الدول الغربية مع دول العييالم الثييالث‪ .‬ونقييول الفييخ لنييه تخطيييط ل يشييعر بييه‬
‫الناس‪ ،‬وهو يدخل في أدهانهم عبر المحاضييرات والزيييارات المتبادليية وبيييع المعييدات واللت للصييناع والمنتجييين‬
‫المغاربة‪ ،‬اقتناعا منهم أنهم سيحسنون جودة منتوجاتهم‪.‬‬

‫إن خطاب المواصفات والجودة ل يخصنا‪ ،‬بل ليس في صالحنا‪ ،‬وهو خطاب الدول المصنعة التي تريييد أن تسييتولي‬
‫به على السوق وعلى المستهلك‪ .‬فإذا نهجنا هذا النهج لن يكون لنا وزن ول وجود‪ ،‬لن هذه الدول تفوقنا فييي المييواد‬
‫الصناعية‪ .‬لكن يجب أن ننهج طريقا آخر في خطابنا‪ ،‬وهو خطاب المواد الخاميية والتقاليييد الغذائييية الوطنييية‪ ،‬لجعييل‬
‫الصانع الجنبي يستحيل عليه منافستها‪.‬‬
‫أما الرجوع إلى الصل‪ ،‬فيبقى هو السلح الوحيد الذي بدونه لن ننجو من التنظيم القتصادي العالمي الجديد‪ ،‬وننبييه‬
‫كما نحذر من استعمال أي خطة للقتصاد الوطني‪ ،‬ل تراعي المعطيات الجتماعييية المغربييية المحضيية‪ .‬والرجييوع‬
‫إلى الصل يعني‪:‬‬

‫أ‪ -‬تشجيع استهلك المواد الغذائية المغربية العتيقة‪ ،‬وعدم تغيير طبيعة أييية مييادة غذائيية مغربيية‪ ،‬لجعيل المسييتهلك‬
‫يحتمي من المواد الجنبية بأصالته وتقاليده‪.‬‬

‫ب‪ -‬استخدام العقيدة والشريعة‪ ،‬كخاصية أساسية إلييى جييانب القياسييات والمواصييفات‪ ،‬حييتى يسييتحيل علييى المنتييوج‬
‫الجنبي غزو أسواقنا‪ ،‬فل نستهلك المنتوجات المحرمة‪ ،‬أو المختلطة بحرام‪ ،‬ول المشبوهة‪ .‬مع وضع لئحة خاصة‬
‫للمنتوجات الغير الضرورية كالمنتوجات الترفيهية‪.‬‬

‫وليس لنا الختيار في هذه المور‪ ،‬لن عصر العولمة ستكون فيه الهيمنة للدول المنتجة‪ ،‬فيجب أن نسييعى بمييا لييدينا‬
‫من مقومات لنحصن المجتمع‪ .‬فطبيعة التنظيم العالمي الجديد تجعل من المستحيل وضييع أييية خطيية فييي غييياب نقييط‬
‫القوة‪ ،‬التي تعتمد على المستهلك وطبيعة الستهلك ونمط الستهلك‪ .‬ومن حسن حظنا أن لنا حماية ربانية إسلمية‬
‫على مستويين‪:‬‬

‫‪-‬المستوى الول يعني الحلل والحرام‪.‬‬


‫‪-‬المستوى الثاني عدم السراف والتبدير‪.‬‬
‫فحماية المستهلك‪ ،‬لن تكون في العصر المقبل القريب‪ ،‬حماية من التجاوزات والغش وما إلييى ذلييك‪ ،‬وإنمييا يجييب أن‬
‫تكون من غزو السوق بالمواد الجنبية‪ .‬ونقيف هنيا عليى الحيل الوحييد الجبياري اليذي ل ييترك لنيا الخييار‪ ،‬وهيو‬
‫الحماية الشرعية قبل الحماية القانونية‪ ،‬والتحفظ من الغيراءات والشياعات بميا فيي ذليك الشياعات ذات الصيبغة‬
‫الطبية المتعلقة ببعض الغذية‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الصحافة الغذائية‬

‫قد يتسائل المرء عن علقة الصحافة بالغذية‪ ،‬أو قد يظهر الموضييوع جديييدا علييى القييارئ‪ .‬إن فييي ذلييك تهميية ميين‬
‫الحقيقة‪ .‬وقد نطرح لول مرة هدا الموضوع‪ ،‬الذي يتناول دور الصحافة في الميادين الغذائية‪ ،‬كعامل أساسييي لنشيير‬
‫المعلومات وتوعية المستهلك‪ .‬والغاية من هذا الموضوع هو إعطاء الصحافة المكانة المنوطة بها وتزويدها بييالمواد‬
‫الصحفية النافعة بدل المواضيع العقيمية اليتي ل تيأتي بميا ينفيع النياس‪ .‬وإذا كيانت الصيحافة تعتيبر القيوة السياسيية‬
‫الرابعة إليى جيانب اليرأي العيام‪ ،‬فإننيا ل نتجاوزهيا ول نقصييها‪ ،‬بيل نييدعوها إلييى المشياركة فيي نقييل الخيبر إليى‬
‫المستهلك‪ ،‬والدود عن كرامته وقيمييه‪ .‬وفيي نفيس الييوقت نشيجعها عليى القيييام بواجبهييا‪ .‬كميا علييى كيل المسييتهلكين‬
‫والباحثين والصناع والمراقبين أن يجعلوا من الصحافة طريقييا إلييى رفييع مسييتوى الحماييية والتييوجيه‪ ،‬وحتهييم علييى‬
‫الحذر والدفاع عن مقومات المجتمع‪ .‬فالصحافة أصبحت استهلكا يوميا للمواطن‪ ،‬وأداة فاعلة بعييدما أتبتييت قييدرتها‬
‫على التصدي لكل ما يمس بالقيم الجتماعية في كل المجتمعييات‪ ،‬ولييذلك نعطيهييا أهميتهييا فييي هييذا المضييمار‪ ،‬وفييي‬
‫موضوع توعية المستهلك وإخباره على الخصوص‪.‬‬

‫وينبغي على الصحافة‪ ،‬أن تجعل بكل مقوماتها‪ ،‬من هذا الموضوع‪ ،‬شأنا وطنيييا هامييا‪ ،‬كمييا ل نخييص صييحافة دون‬
‫أخرى‪ ،‬بل المكتوبة‪ ،‬والمسموعة‪ ،‬والمرئية‪ ،‬والعلنات‪ ،‬والمناشير‪ ،‬والندوات‪ ،‬والمنتييديات‪ ،‬والملتقيييات ومييا إلييى‬
‫ذلك‪ .‬وإذا التزمت وسائل العلم ببعض القيود التي تتمثل في التجريد والحياد والتي تجعل منهييا أداة فاعليية‪ ،‬كمييا ل‬
‫ننسى أن نذكر أن التخصص واللمام عاملن أساسيان للوصول إلى نتيجة عالية ومرضية‪.‬‬

‫ربما تتعامل وسائل العلم مع الميدان الغذائي كباقي الميادين لتنقل الخبييار المتعلقيية بالتسييممات أو التجيياوزات أو‬
‫بعض الخروقات في القوانين من ليدن الفياعلين القتصياديين‪ ،‬لكين هيذا الهتميام يجعيل الموضيوع الغيذائي كبياقي‬
‫الحداث التي تجر القارئ ولذلك ل نقرأ في الصحف أو نسمع في الذاعييات خييبر الموضييوع الغييذائي أو الميياء‪ ،‬إل‬
‫لما يتعلق المر بالتسممات أو بعض العراض الناتجة عن المواد الغذائية‪ ،‬وهذا الخبار تصنف مع الحوادث تمامييا‬
‫كحوادث السير أو الحوادث الجرامية‪ .‬لكن ما نصبو إليه هو التعامل مع الموضوع الغذائي كشأن وطنييي لييه وزنييه‬
‫وتقله‪ ،‬ول نظن أن هناك أضخم من هذا الموضوع‪ ،‬ول نجد أييية وسيييلة إعلمييية تخصييص لييه جانبييا إعلميييا قييارا‬
‫وثابتا‪ ،‬من حيث الزميان والمكيان‪ ،‬ليعتياد علييه القيارئ كميا يعتياد عليى السيتهلكات الخيرى‪ ،‬وإذا تطرقنيا لهيذا‬
‫الموضوع‪ ،‬أي موضوع الصحافة الغذائية‪ ،‬فلننا نشعر أن هناك خصاصا وليس تقصيرا في إخبار المستهلك بشييتى‬
‫الطرق‪ ،‬بما يتهدده أو قد يتهدده في الميدان الغذائي‪ ،‬ونوجه المهتميين بالموضييوع إلييى إنشيياء منييبر صيحفي خياص‬
‫بالمواد الغذائييية‪ ،‬أو خلييق منتييدى غييدائي تكييون لييه الصييلحية المرجعييية والعتميياد والثقيية والموضييوعية‪ ،‬ليجعييل‬
‫المستهلك يرتاح إليه ويعتمد عليه ول شك في أن هناك طاقة وطنية فاعلة في هييدا الميييدان وبإمكانهييا أن تسيياهم فييي‬
‫رفاهية المجتمع وخدمة الوطن‪.‬‬

‫وقد يكون موضوع الصحافة الغذائية‪ ،‬أكبر بكثير من هذه المقدمة الصغيرة التي نخصصها له في هذا الكتيياب‪ .‬لكيين‬
‫إثارته هي التي تهمنا ونرى أن هناك فراغ شاسع وخصاص كبير‪:‬‬

‫‪ -‬على الصعيد العلمي بحيث ليس هناك دوريات أو مجلت علمية لنشر البحاث العلمية‪ ،‬وهو أميير يعلمييه السيياتذة‬
‫الباحثون‪ .‬وبحكم تجربتنا فإن مشكل النشر أصبح يضني البحت العلمي ببلدنييا‪ ،‬رغييم أن هنيياك أجهييزة بإمكانهييا أن‬
‫تأخذ البادرة‪ .‬كالمركز الوطني لتنسيق البحث العلمي والتقني‪.‬‬
‫‪ -‬على الصعيد الخباري للعموم إذ ليس هناك صحافة تهتم بييالمواد الغذائييية الوطنييية أو العربييية‪ ،‬إل البرامييج الييتي‬
‫تسير على المنحى أو المنهاج الوروبي ومنها البرامج التلفزيونية حول الطبخ‪ .‬وطبعا فإن هذه البرامج تكون ممولة‬
‫من طرف المنتجين لبعض المواد التي تستخدم في هيذه الطبياق وبالتيالي فهيي براميج إشيهارية وتسيويقية وليسيت‬
‫برامج ثقافية فل يمكن أن ترقى إلى المستوى العلمي‪ .‬وقد نستمع إلى بعض الندوات الداعية حييول موضييوع مييدقق‬
‫مع بعض الطباء أو البياطرة‪ ،‬لكن بطريقة عفوية ومتأثرة بنمط البرامج الوروبييية‪ .‬وربميا تكييون سيلبية كالبراميج‬
‫التي تداع في رمضان حول الصيام‪.‬‬
‫‪ -‬على الصيعيد القيانوني لييس هنياك دورييات أو مجلت أو يومييات‪ ،‬تعتنيي بيالمواد الصيحافية المتعلقية بالغذيية‬
‫والتغذية والقتصاد الغذائي‪.‬‬
‫الكتاب الثاني‬

‫المعاملت التجارية‬
‫الفصل الول‪ :‬الغش‬
‫‪ -1‬مقدمة‬

‫ظهر الغش في المعياملت التجاريية منيد زمين بعييد‪ ،‬وقيد يشيمل كيل مييادين السيتهلك‪ .‬ويتطيور هيدا التصيرف‬
‫والتفاعل‪ ،‬كلما ازدادت رغبة بعض الناس في جمع المال‪ ،‬وتحقيق الثراء بأي طريق‪ .‬ويكون نتيجة عادييية لنعييدام‬
‫الضابط الشرعي‪ ،‬الذي يحتييم علييى النسييان مراعيياة حقييوق الي وحقييوق البشيير‪ .‬ونقييف اليييوم أمييام تعييذر القييوانين‬
‫الوضعية عن الحد من الغش في كل بلدان العالم‪ ،‬وعن وجود حييل شييامل وكامييل للتلعييب بحييياة المسييتهلك‪ .‬وليييس‬
‫هناك حل ولو كان المجتمع يملك السلطة الدارية‪ ،‬وهو ما نلحظه فييي المجتمعييات الييتي توصييف بالمتقدميية كييدول‬
‫أمريكييا الشييمالية وأوروبييا‪ ،‬إل أن نرجييع إلييى الضييوابط الشييرعية‪ .‬فل نجييد حل آخيير ميين شييأنه أن يقضييي علييى‬
‫المضاربات التجارية والحتكار والغش والتدليس إل الشريعة‪ ،‬وتحتوي هذه الخيرة علييى قيانون الحسيبة الصييارم‪،‬‬
‫والذي يعتبر الطريقة المثلى لجتناب كل أوجه الفساد‪ ،‬التي سادت في كل المعاملت‪.‬‬

‫ولعل أسمى مراقبة هي أن يراقب النسان نفسه‪ ،‬وهو ما يتوخاه السلم بالعقيدة وضييبط النفييس وعييدم التعييدي‪ ،‬ول‬
‫يختلف اثنان في أن الغش أكبر تعدي على الناس‪ ،‬إن ماديا بأكل أموالهم‪ ،‬وإن معنويا بالضييرار الييتي تصيييبهم ميين‬
‫جراء هذا الغش‪ .‬والعقيدة الصحيحة هي الكفيلة بضمان سلمة الناس من الغش والتزوير‪.‬‬

‫‪ -2‬تعريف الغش في الشريعة‬

‫ويعرف علماء السلم الغش‪ ،‬بكل ما من شأنه أن ل ينتمي لطبيعة السلعة‪ ،‬أو التدليس الذي يرجع إلييى ذات المييبيع‪،‬‬
‫بإظهار حسن‪ ،‬أو إخفاء قبيح‪ ،‬أو تكثيره بما ليس فيه‪ ،‬أو إشهاره بما ليس مين خصائصيه ويفيوق هيدا التعرييف كيل‬
‫التعريفات التي جاء بها علماء التغذية‪ .‬ول يدخل الوزن في هذا التعريييف لن اليوزن والكييل والقييياس ييدخلون فيي‬
‫شرع آخر أكثر من الغش ونرى أن هذا هو التعريف الصائب للغش‪.‬‬

‫و حتى نكون على بينة من المر‪ ،‬فإن في الغش أحاديث عديدة‪ ،‬نأخذ منها حديثا يتطرق إلى الضمير البشري حيييث‬
‫يقول صلى ال عليه وسلم »المسلم أخو المسلم ل يحل لمسلللم بللاع مللن أخيلله بيعللا وفيلله عيللب إل بينلله للله« (سنن ابن ماجيية‬
‫الحديث ‪ 2237‬من كتاب التجارات)‪ .‬ونص الحديث صريح في عدم قبول كييل تصييرف يخييرج عيين الصييلح ويييأتي‬
‫التحريم في الحديث بصيغة »ل يحل« ول يسعنا الرجوع إلى ما على المسلم لخيه المسلم‪ ،‬لكن النييص يمنييع إخفيياء‬
‫العيب في المبيع وقد يشمل المواد الغذائية‪ ،‬كما قد يشمل سلعا أخرى ويرتكز الحديث على أخوة المسلم للمسلم‪.‬‬

‫ونصنف كذلك التحايل على الدارة من باب الغش‪ .‬ونجد هذا التحايل على الضرائب‪ ،‬ولو أنه قانونيا يدخل في بيياب‬
‫الغش‪ ،‬فل يوجد له أصل شرعي‪ ،‬لن الزكاة لها أركان وشروط‪ ،‬يجب أن تتوفر‪ ،‬كالنصاب وطبيعيية المييال )عييين‪،‬‬
‫حبوب‪ ،‬سلع‪ ،‬ماشية الخ( والمدة‪ ،‬ولمن تصرف‪ ،‬وكيف‪ ،‬ومن يشرف عليهييا‪ ،‬وطريقيية حسييابها ومييا إلييى ذلييك‪ ،‬أمييا‬
‫الضرائب فتقرر على أساس قانوني من تشريع بشري‪ ،‬والتشريع البشري في جميع الميادين يكون موضع الصييواب‬
‫كما يكون موضع الخطأ والتجاوز والفراط‪ ،‬وقد ل يعرف منه موضع الصواب أو الخطأ‪.‬‬

‫وأما الزكاة المفروضة الشرعية‪ ،‬فعدم أدائها يدخل في باب ترك الفرض‪ ،‬ويذهب بعض العلماء إلى حد الردة‪ ،‬قياسا‬
‫على ما طبقه سيدنا أبو بكر الصديق على أهل العراق‪ ،‬لما رفضييوا أداء الزكيياة‪ ،‬فييدعى إلييى قتييالهم‪ .‬ولييم يخييل أحييد‬
‫بفرض مباشرة بعد موت الرسول صلى ال عليه وسلم إل الزكاة‪ ،‬وقد حرص الخلفاء الراشدون على هييذا الفييرض‪،‬‬
‫لنه حيوي بالنسبة للمة‪ ،‬ومنه يقتات الضعيف والمحتاج وذو الحاجة وذو الدين وما إلى ذلك‪.‬‬

‫يقول صلى ال عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسييلم قييال » ميين حمييل‬
‫علينا السلح فليييس منييا وميين غشيينا فليللس منللا« (الحديث ‪ 146‬من كتياب اليميان)‪ .‬وهيذا الحيديث يجعيل كيل التحيايلت‬
‫والمحاولت للتدليس أو للغش‪ ،‬وكل الوسائل التي تجعل السلعة تحيد عن حقيقتها الطبيعية‪ ،‬تحييت حكييم واحييد لينكيير‬
‫الغاش ويرمى به خارج الجماعة‪ ،‬وهو أمر عسير‪ ،‬لن الذي لم يبق من الرسول صلى ال عليه وسلم فقد ضل‪.‬‬
‫‪ - 3‬تعريف الغش في القانون‬

‫ليس هناك تعريف واضح ومتفق عليه من الناحية القانونية لمفهوم الغش إل المحاولت العديدة لضبط التعريييف ميين‬
‫الناحية الصطلحية‪ .‬وتتراكم عدة حالت على هذا المصطلح ليصبح متجاوزا‪ .‬ونييرى أن هنيياك مسييتويات مختلفيية‬
‫في تعريف الغش‪ ،‬منها محاولة الغش‪ ،‬والغش‪.‬‬

‫وطبعا فإن التعريف يأخذ من الناحيية القانونييية عمقييا كييبيرا لن النصييوص تنطلييق ميين معنييى الغييش نفسيه‪ .‬ورغييم‬
‫محاولة ضبط المعنى الصطلحي للغش وتقنينه من الناحية الوضعية‪ ،‬فإن الثغرات التي قييد تحييدت فييي النصييوص‬
‫لقصورها أو لعدم تغطيتها للوقيعة‪ ،‬فإن المر يؤدي إلى بعض الخروقات بالعتماد على النص‪.‬‬

‫فمثل إذا أخذنا قانون كمية المواد الدهنية بالحليب المبستر نجد أنها محددة في ‪ 35‬غرام في اللتر الواحد‪ .‬فكييل نقييص‬
‫يعتبر غشا للحليب المبستر وهو ما يترتب عليه غرامة مالية‪ .‬لكن إذا تمعنا في هذا القانون نجد أنه يحدد كمية المواد‬
‫الدهنية ول يحدد طبيعتها‪ .‬من حيث إذا بدلنا المواد الدهنية الصييلية للحليييب بأييية مييادة دهنييية أخييرى بنفييس الكمييية‬
‫يكون المنتوج مطابقا للقانون ول تعد هذه العملية غشا‪.‬‬

‫ونعتبر أنه من الصعب ضبط كل الخروقات الحاصلة في المواد الغذائية‪ .‬وهدا ما حدا بالدول الوروبية والمريكييية‬
‫إلى التشديد في الحكام في حالة ضبط مخالفة‪ ،‬وخصوصا إذا كانت المخالفة تسبب ضررا للمستهلك‪ .‬وهذا التشييديد‬
‫جعل الصناع ل يفكرون في الغش‪ ،‬لنه أمر قد يؤدي إلى أقصى حكم ممكن وربما ينهي وجود المصنع‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬العلقات التجارية‬

‫وتحدد الشريعة السلمية العلقات التجارية‪ ،‬واقتناء السلع والخدمات‪ ،‬ميين الحكييام المتعلقيية بييالبيع والشييراء علييى‬
‫الخصوص‪ .‬ونتناول المواد الستهلكية من المبيعات‪ ،‬ونترك العقار والدور والدارة إلى إصدار آخر‪.‬‬

‫‪ - 1‬الحتكار‬

‫ونقتصر على التعريف الصطلحي للحتكار‪ ،‬بأنه حجب أو خزن السلع عيين النيياس أو عيين السييوق‪ ،‬حييتى يرتفييع‬
‫ثمنها أو تغلى قيمتها الشرائية‪ .‬وبما أن هذا المر ل يمكن أن يقوم به إل القوياء الراغبين في الكسييب علييى أقصييى‬
‫حد‪ ،‬فهو يخرج عن العادي والمتداول بين الناس‪ .‬والحتكار قد يكون على مستويين إما حبيس السيلعة ليوقت ينتظير‬
‫أن يغلى ثمنها‪ ،‬أو جمع السلعة كلها ميين السييوق ميين طييرف شييخص أو جماعيية‪ ،‬ليسييتبدوا بالسييوق‪ ،‬فتكييون عنييدهم‬
‫وحدهم‪ ،‬ليقهروا الناس في الثمان‪ ،‬وهنا نقف وقفة تأمل في الشريعة السلمية‪ ،‬التي ل يصيبها ضعف ول نقصييان‬
‫لنها من عند الخالق‪ ،‬ولنها شرع ال الذي يعلم السر وأخفى وليست تخمينات بشرية‪ .‬ولنقف عند التبادل الحيير فييي‬
‫السلم‪ ،‬وترك السعار للسوق فل تحدد السعار‪ ،‬ولو أن بعض العلماء ذهبوا إلى التسعير في كل ما يلزم من ميواد‬
‫ضرورية للعيش‪ .‬وربما يقول قائل أن هذا تقصير في حق النظمة التجارية‪ ،‬لكن هل يمكيين أن يقصيير ال ي سييبحانه‬
‫وتعالى في حق من حقوق البشر‪ .‬إن الذين رأوا أن يسعروا هم الذين قصروا في فهم نظرة السلم للشياء‪ .‬ولنييا أن‬
‫نرى المور بموضوعية‪ ،‬لنفهم حقا كيف يمكن أن نجعل التسعير ل يصل إلى حد التدخل من لدن الوساط المعنييية‪.‬‬
‫إن السلم لم يسعر لنه حرم الحتكار‪ ،‬ولما ننظر إلى واقع المر‪ ،‬نرى أن تحريييم الحتكييار أقييوى ميين التسييعير‪،‬‬
‫وفرض أثمنة محدودة على بعض السلع‪ .‬ففي هذه الحالة الخيرة‪ ،‬تفقد السوق قيمتها ومعناها‪ .‬ونجيد ميرة أخيرى أن‬
‫السلم يتناول المور من حيث اجتناب وقوعهييا وتفاديهييا‪ ،‬وتحييري التقييرب إلييى الي باتبيياع شييريعته‪ .‬أمييا القييانون‬
‫التجاري أو الزجري‪ ،‬فيتناول المور بعد وجودها ووقوعها ليفرض الجزاء أو العقوبة‪.‬‬

‫وفي الحتكار سنة حيث نجد حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي رواه مسلم » ل يحتكر إل خاطئ « (صييحيح‬
‫مسلم الحديث ‪ 3013‬من كتاب المساقاة‪ ).‬والتعبير بلفظ الخاطئ علييى المحتكيير‪ ،‬ووصييفه بهييذا الوصييف أميير كييبير‪.‬‬
‫ونجد كذلك حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي رواه ابن ماجة » من احتكر الطعام أربعين ليلة‪ ،‬فقييد بييرئ ميين الي‬
‫تعييالى وبييرئ اليي تعييالى منييه‪ ،‬و أيمييا أهييل عرصيية أصييبح فيهييم امييرأ جييائع فقييد بييرئت منهييم ذميية اليي « ( مسييند أحمييد‪،‬‬
‫الحديث ‪ 4248‬من كتاب المكثرين من الصحابة ) ‪ .‬ونجد كذلك في سنن ابيين ماجيية‪ ،‬أن رسييول الي صييلى الي عليييه‬
‫وسلم قال » الجالب مرزوق والمحتكر ملعون «( الحديث ‪ 2144‬من كتاب التجارات)‪.‬‬

‫وللحتكار ثلثة شروط‪:‬‬


‫ي أن يكون الطعام المحتكر فيما يفضل عن ذخيرة سنة وأن يكون للبيع‪.‬‬
‫ي أن يحتكر فيما يحتاجه الناس ويقصد من احتكاره الغلء‪.‬‬
‫ي أن يتزامن الحتكار مع ظروف أشد حاجة الناس إلى السلع‪.‬‬

‫‪ 2‬ي تلقي السلع قبل وصولها إلى السوق‬

‫إن اعتراض السلع قبل ولوجها السوق يقع في كثير من السواق بالبادية‪ ،‬ويتشدد الفقه المالكي في إنكار هييذا النييوع‬
‫من البيع‪ .‬ويقول ابن تيمية " ومن المنكرات تلقي السلع قبل أن تجيء إلى السوق‪ ،‬فإن النييبي صييلى الي عليييه وسييلم‬
‫نهى عن ذلك لما فيه من تغرير البائع وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬نهى رسول ال صلى ال عليييه وسييلم أن‬
‫يتلقى الجلب لقوله صلى ال عليه وسلم» ل تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيييده السييوق فهييو بالخيييار « (صحيح‬
‫مسلم الحديث ‪ 2796‬من كتاب البيوع) ‪.‬‬

‫‪ 3‬ي بيع الحاضر‬

‫واحتج العلماء على منعه باتفاق‪ ،‬لحديث رسول ال صلى ال عليه وسلم » لتلقوا الركبان ول يبع بعضكم على بيييع بعييض‬
‫ول تناجشوا ول يبع حاضر لباد ول تصروا الغنم وميين ابتاعهييا فهييو بخييير النظرييين بعييد أن يحتلبهييا إن رضيييها أمسييكها وإن سييخطها‬
‫ردها وصاعا من ثمر«( صحيح البخاري‪ ،‬الحديث ‪ 2006‬من كتاب البيوع‪).‬‬
‫والغرض من منع هذا البيع‪ ،‬هو حماية المستهلك وأصحاب السوق من التجار‪ ،‬وينص الحديث على أن يظل عرض‬
‫السلع في السوق حرا‪ ،‬ليحدد الثمن من قبل العرض والطلب‪.‬‬

‫‪ 4‬ي بيع النجش‬

‫النجش في الصطلح هو الزيادة في ثمن السلعة‪ ،‬ليس رغبة في الشيراء‪ ،‬وإنميا للخيدع حيتى ل تبيياع‪ ،‬وهييو حيرام‬
‫لعموم الحديث السابق‪ .‬وهنا يظهر التدقيق في التصيدي لكيل ميا مين شيأنه أن يفسيد عليى النياس معياملتهم‪ ،‬ويضير‬
‫بالطراف المتعاملة‪ ،‬إما المشتري أو البائع‪ ،‬وهو يدخل في باب الغش‪.‬‬

‫‪ 5‬ي الربا‬

‫والقصد من وراء تحريم الربا هو حماية المحتاج‪ ،‬ومن ل قوة له في رؤوس الموال والسييلع والخيدمات‪ ،‬و الحكمية‬
‫من تحريم الربا بالغة‪ ،‬ويراد بها‪:‬‬

‫ي التصدي لحتكار أقوات الناس‪.‬‬


‫ي الحد من التلعب بالعملة‪ ،‬حتى ل تصبح في ذاتها سلعة تباع وتشترى‪ ،‬وهو‬
‫ما وصل إليه المتحايلون على الشريعة في العصر الحاضر‪.‬‬
‫ي منع وقوع الغبن والستغلل من لدن التجار الغير القانعين‪.‬‬

‫ويعتبر تحريم الربا من الحكام الشرعية‪ ،‬التي يمتاز بها السلم‪ ،‬والتي تبين كييذلك عظميية هييذا الييدين‪ .‬وممييا يؤكييد‬
‫عالمية السلم ومسايرته لجميع العصور‪ ،‬منع كل أوجييه السييتغلل والقهيير‪ ،‬وليييس هنيياك قهيير يعييادل قهيير الفقيير‬
‫والديون‪ .‬هذه حالت حرمها ال سبحانه وتعالى‪ ،‬علما منه أن النسانية ستعيش زمن الربا‪ ،‬تماما كما كان الحال لمييا‬
‫نزل الوحي‪ .‬ول يزال الصراع على أشده مند أمد طويل‪ ،‬بين المسيتبدين والكييادحين‪ ،‬وتفرعييت كيل اليييديولوجيات‬
‫لتعبر كل واحدة عن وجهتها‪ ،‬ولتحاول كل واحدة أن تجعل شرعا لنبد الستغلل والسييتبداد‪ ،‬لكنهييا بقيييت تخمينييات‬
‫بشرية‪ ،‬ولو تمكن النسان من فهم مقاصد الحكام الشرعية في السلم‪ ،‬خصوصا المتعلقة منها بحياة البشر‪ ،‬لعيياش‬
‫سعيدا هنيئا‪ ،‬ولما كلفته الخطاء البشرية خسارة كبيرة‪.‬‬

‫يقول الجليل جل وعل في سورة البقرة‪:‬‬

‫ولنتذكر أن الربا نزل الوحي بشأن تحريمه‪ ،‬لما كان الناس ل يجدون ما يأكلون‪ ،‬وكانوا يقترضون المييد ميين الثميير‬
‫بأربعة أو بعشرة أمداد‪ ،‬ومع ذلك فقد حرمها المسلمون بدون أدنى صعوبة لما نزلت الية الكريميية الييتي تضييع حييدا‬
‫قاطعا لهده المعاملة‪ ،‬وليس من يجد ما يأكل‪ ،‬كمن ل يجد أين يسكن‪ .‬وهذا القهر الذي كان سائدا قبل مجيء السلم‪،‬‬
‫باعد بين الناس وضخم الفوارق الجتماعية‪ .‬وبما أن الناس ابتعدوا عن الشرع اللهي وجهلوه إلييى حييد كييبير‪ ،‬بييات‬
‫حريا بنا أن نجد القهر الذي كان في الجاهلية يخيم علينا في العصر الحاضر‪ .‬وهذه القييروض الييتي أصييبحت تشييمل‬
‫كل متطلبات الحياة اليومية‪ ،‬وأصبح الناس يقترضيون للدراسية وللتيأثيث وللسيفر ولليزواج ولبنياء المنيزل ولليدواء‬
‫ولشراء السيارة‪ ،‬والتلفزة والثلجيية والطباخيية والغسييالة‪ .‬بييل أصييبح ميين العسييير اقتنيياء هييذه المعييدات الييتي ليسييت‬
‫ضرورية‪ ،‬وهي السبب في تكليف المرء ما ل يطيق‪ .‬فهذا باب من أبواب الفتنة فتح‪ ،‬ولن يسهل على من ينهييج هييذا‬
‫النهج الخاطئ الرجوع إلى الصل أو الشرع‪ .‬ونلحظ الميوع الحاصل فييي هييذا المضييمار‪ ،‬وصييعوبة التنكيير لمبييدأ‬
‫الربا من لدن الناس‪ ،‬وأصبح موضوعا يناقش وكأنه نظرية اقتصادية أو فلسفية‪ ،‬وليس شرعا‪ .‬وقد ل يجدي الحييوار‬
‫حول موضوع ل تتكافئ أطرافه كيفما كانت طبيعته‪ .‬فالذي يريد مناقشة موضوع يهم الشرع بالدرجة الولى‪ ،‬يجب‬
‫أن يكون لديه بعض الدوات الفقهية‪ ،‬إن لم نقل ملما بالدوات الفقهية‪ ،‬وإل فييالحوار الجاهييل سييلح قاتييل وصيياحبه‬
‫متحجر وعنيد‪.‬‬

‫ونحن نطرح السؤال من جهة القوة‪ ،‬فنقول هل الذي خلق البشر غير قادر على أن يجعل له شييرعا؟ فالربييا واضييح‬
‫بالصطلح الفقهي وليس بالتعريف الضللي‪ .‬يقول الرسول صلى الي عليييه وسييلم » الييذهب بالييذهب وزنييا بييوزن مثل‬
‫بمثييل‪ ،‬والفضيية بالفضيية وزنييا بييوزن مثل بمثييل‪ ،‬فميين زاد أو اسييتزاد فهييو ربييا « (صييحيح مسييلم‪ ،‬حييديث ‪ 2973‬ميين كتيياب‬
‫المساقاة) والمراد بالزيادة أو الستزادة النسبة أو الربح من التسليف‪ ،‬أو بعبارة أدق ما يأتي به رأس المال من عملية‬
‫السلف‪ .‬وعن النسبة المئوية‪ ،‬فالسلم يحييرم المبيدأ ولييس الحالية أو الطريقيية‪ .‬فمبيدأ الربييا محييرم لييس لن النسيبة‬
‫كبيرة‪ .‬فهذا المنحى خطير‪ ،‬لنة يترك المجال للمضللين‪ ،‬من حيث قد يتصور أنه في حالة ما إذا تمكنا ميين تقليييص‬
‫النسبة تصبح الربا مقبولة‪.‬‬

‫إن السلم يحرم المبدأ )مبدأ الربا(‪ ،‬ليجعلنا نرتقي إلى حل آخر‪ ،‬ومعاملة أحسن وكأنه يصرفنا عن الهلك‪ .‬لماذا ل‬
‫تدخل البنوك في رؤوس الموال؟ فهذا أمر ل يناسبها‪ ،‬لن القييرض الربييوي يضييمن نسييبة للبنييك فييي حييالتي نجيياح‬
‫المشروع أو فشله‪ ،‬أما الدخول في رأس المال فيحتمل النجاح كما يحتمل الفلس‪.‬‬
‫الكتاب الثالث‬

‫الحماية الذاتية أو الوقاية‬


‫الفصل الول‪ :‬النظافة والتطهير‬

‫‪ - 1‬مقدمة‬

‫لو درسنا بعمق بعض القوانين الصحية‪ ،‬التي جاءت في القييرآن والسينة‪ ،‬لوجيدناها أكييثر دقية ومعنييى ميين الشييروط‬
‫الصحية التي جاءت بها الكتب العلمية‪ .‬ولو قارنييا النظييام الصييحي الغيذائي‪ ،‬اليذي وضييعه المختصييون فييي الميييدان‬
‫الغذائي‪ ،‬في العقد الخير‪ ،‬والذي أطلقييوا عليييه اسييم نظييام الهاسيييب )‪HACCP) Hazard Analysis Control of‬‬
‫‪ Critical Points‬والقاضي بمراعاة الشروط الصحية المتعلقة بسلمة تصنيع أو إنتاج المواد الغذائيية‪ ،‬مييع شييروط‬
‫النظافة والصحة في السييلم‪ ،‬لوجييدنا أن هييذه الخيييرة أصييح وأنسييب ميين نظييام الهاسيييب‪ .‬إن ميين مقومييات الييدين‬
‫السلمي‪ ،‬سلمة الجسم وطهارته‪ .‬وينفرد السلم بالغسل كفرض على المسلم‪ .‬ويسمو بهييذه الخاصييية علييى جميييع‬
‫القواعد الصحية‪.‬‬

‫‪ - 2‬الغسل‬

‫تدخل الطهارة في السيلم ضييمن العبيادة‪ ،‬لتصييبح خاصييية مميييزة للمسيلم ومرتبطية بييالواجب ميين حيييث ل يمكيين‬
‫إسقاطها‪ .‬ومما تؤكد عليه السنة النبوية الشريفة‪ ،‬غسل اليدين قبل وبعد الكل مباشييرة‪ .‬ويكييون المسييلم علييى طهييارة‬
‫دائمة لوجوب الوضوء‪ ،‬حيث يظل المسلم يحرص على الطهارة‪ .‬وهذه الحالة يحس بها المسلم طوال نهاره‪ ،‬لنه ل‬
‫يمكن أن ينجس وهو يصلي‪ .‬ومشروعية الوضوء تجعل المرء يتأدب مع ال سبحانه وتعييالى‪ .‬والمسييلم يتعييود علييى‬
‫هذه الحركة البسيطة التي تجعله يكون دائما نقيا وطاهرا‪.‬‬

‫يقول تعالى في سورة المائدة (الية ‪) 7‬‬

‫وهذا الوصف القرآني جاء لدوي العلم والمعرفيية‪ ،‬فل يمكيين أن نغسييل الييوجه بييدون أن نغسييل اليييدين‪ ،‬ولييذلك كييان‬
‫التعبير الرباني شامل ومجمل‪ .‬فكان أول من اتبع الوصف اللهي في الوضوء هو رسول ال صلى الي عليييه وسييلم‬
‫ليفهم ما يقوله العليم الخبير‪ .‬فكان من المسييتحيل أن يتوضييأ أحييد قبييل الرسييول صييلى الي عليييه وسييلم‪ ،‬لن الييوحي‬
‫المتعلق بالوضوء جاء منطوقا بالنسبة لربعة أعضاء‪ ،‬وهي غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل‬
‫الرجلين‪ .‬ومفهوم الموافقة في الية هو غسل اليدين إلى الكعييبين‪ ،‬لن غسييل الييوجه ل يمكيين أن يكييون بيدون غسييل‬
‫اليدين أول‪ .‬والغسل ليس أي غسل‪ ،‬فربما يختلف الناس في هذا الغسل‪ ،‬ولذلك تييداخلت السيينة مييع الفييرض‪ ،‬لييترتب‬
‫وتدقق الغسل‪ .‬فالمضمضة والستنشاق والستنثار وتخليل اللحية ورد مسح الييرأس ومسييح الذنييين والتثليييث‪ ،‬كلهييا‬
‫أمور تجعل الوضوء في حد ذاته عبادة لن المسلم يؤدي فيها فرضا‪ .‬ولذلك لييم يكيين ميين الممكيين أن يتوضييأ النيياس‬
‫توقفا على ما جاء في الية‪ ،‬دون أن يتدخل المعلم الول صلى ال عليه وسلم ليحدد طريقة الغسل ويوحدها‪.‬‬

‫إن طريقة الغسل في السلم موحدة‪ ،‬فكل المسلمين يغسلون بنفس التسلسل‪ ،‬وهو الشيييء الييذي ل يناقشييه أحييد‪ ،‬ول‬
‫يسأل عنه‪ ،‬وحتى ل يكون هناك اختلف في طريقيية الغسييل‪ ،‬أو تقيياعس‪ ،‬أو عجييز‪ ،‬أو تكاسييل‪ ،‬فييإن الي أنزلييه فييي‬
‫القرآن‪ ،‬وهو دليل على أهميته القصوى‪ ،‬ومقاصده الرامية إلى تطهير البشر نفسيا وجسديا‪.‬‬

‫ويذهب السلم إلى أكثر مين ذليك‪ ،‬حييث يييبين خصييائص المياء اليذي يجييب عليى المسيلم أن يتوضييأ بيه‪ ،‬ويصييفه‬
‫بأوصاف الماء الطهور‪ ،‬بمعنى أن يكون الماء بغييير لييون ول رائحيية ول طعييم ول عكييارة‪ ،‬وأن ل يكييون محتبسييا‪.‬‬
‫ونلحظ أن هذه الوصاف هي نفسها التي يعرف بها الخصائيون الميياء الشييروب‪ .‬ويجييوز الوضييوء بميياء البحيير‪،‬‬
‫وهو كذلك ماء طهور‪ ،‬ونعلم أن ماء البحر به تركيز مرتفع مين المليح‪ ،‬حييث ل يسييمح بوجييود جراثييم‪ .‬ول يجيوز‬
‫الوضوء بالماء الراكض أو المنحبس‪ ،‬كما ل يجوز الستحمام في المياه الراكضة‪ ،‬وقد تبين في هذا القرن أن هنيياك‬
‫بعض المراض الخطيرة‪ ،‬التي تأتي من المياه المنحبسة‪ ،‬وأشهرها مرض البلهارزيوز‪.‬‬

‫ونعلم كذلك أن قواعد التطهير ترتكز على خصائص الماء المستعمل للتطهير‪ ،‬وعدد المرات التي يطهر بهييا الوسييخ‬
‫أو العفن‪ .‬وتعتمد عملية التطهير‪ ،‬كما هو معروف في ميدان صناعة المواد الغذائية‪ ،‬على قانون رياضي يجمع بين‬
‫تركيز الوسخ المراد تنظيفه ونوعه )دسم‪ ،‬سكر‪ ،‬بروتينات الييخ(‪ ،‬ونييوع المسيياحة الييتي يلتصييق بهييا‪ ،‬وكمييية الميياء‬
‫المستعملة ووقت التنظيف‪ .‬وتعطي معالجة هذه المعادلة الرياضية حل دقيقا‪ ،‬يبين أن كلما زاد وقييت التنظيييف كلمييا‬
‫انخفض تركيز الوسخ‪ ،‬ولكي ننظف إلى حد إزالة الوسخ كليا‪ ،‬يجب أن ننظف لمدة ل متناهية‪ .‬ويكون عدد المييرات‬
‫التي ينظيف فيهيا الشييء الميراد تنظيفيه ذا أهميية قصيوى بالنسيبة لزالية الوسياخ‪ .‬وقيد تيبين بالدراسية أن غسيل‬
‫الصحون مرتين بالماء يكون أحسن من غسلها مرة واحدة‪ ،‬وغسلها ثلث مرات أحسيين ميين غسييلها مرتييين وهكييذا‪.‬‬
‫وللقتصاد في الماء‪ ،‬نكتفي ببضع مرات‪ ،‬ولو يبقى بعض الثر عليى المعيدات أو الشيياء اليتي ييراد تنظيفهيا‪ .‬أميا‬
‫الدراسة التي أجريت على غسل اليدين بالماء المقطر‪ ،‬فقد بينت أن الغسل ثلث مرات يكييون كافيييا لخفييض جراثيييم‬
‫الجلد‪.‬‬

‫توجد باكتيريات الكريات العنقودية على جلد النسان‪ ،‬وخاصة اليدين والفييم والنييف والذنييين‪ ،‬وهييذه الميياكن هييي‬
‫التي تغسل أتناء الوضوء‪ ،‬وتنص السنة على التثليث في الغسل‪ ،‬وهو المبدأ العلمي القاضي بإزالة أكبر عييدد ممكيين‬
‫من الجراثيم‪ .‬وهنا يتبين لنا حقا وبطريقة علمية جلية‪ ،‬صدق الرسالة المحمدية ومعجزة السلم القائمة على الحجة‪.‬‬
‫وهناك أشياء مدققة في الوضوء نتبينها من خلل الوحي اللهي‪ ،‬لنتعلم ولنرى أن السلم دين العلم‪.‬‬

‫ولنتفحص ماذا يقع أتناء الوضوء‪ ،‬حيث نبدأ بغسل اليدين إلى الكعين ثلث مرات‪ ،‬دون إدخال اليييد فييي إنيياء الميياء‪،‬‬
‫ويكون أخذ الماء باليمنى وغسل العضاء باليسرى‪ .‬ونبدأ بالمضمضية‪ ،‬حييث نزييل ميا فضيل مين الميواد الغذائيية‬
‫المتجمعة بين السنان‪ ،‬والتي قد تسبب تحمضا يصيب السنان أو الفم كله‪ ،‬وتكون المضمضة بفرك السيينان باليييد‪.‬‬
‫ثم الستنشاق‪ ،‬وهو إدخال الماء بالنف‪ ،‬ثم الستنثار وهو إخراج الماء باليد من النف‪ .‬والفائدة فيي الستنشياق هيو‬
‫تطهير المسالك التنفسية العليا‪ ،‬التي قد يتجمع بها الغبار وتتلوث‪ .‬ويجب أن يصل الماء كذلك إليى الحنجيرة للحيديث‬
‫الذي رواه الترمدي أن رسول ال صلى ال عليه وسييلم قييال » اسييبغ الوضييوء وخلييل بييين الصييابع وبييالغ فييي الستنشيياق‬
‫إل أن تكون صائما « (الحديث رقم ‪ 718‬من كتاب الصوم)‪ .‬ومعنى هذا أن الستنشاق يجييب أن يكييون مبالغييا فيييه‪ ،‬أي‬
‫أن يستنشق الماء حتى يخرج من الحنجرة‪ ،‬وهو الشيء الذي يحفييظ الحنجييرة ميين التلييوث الييدائم‪ ،‬وإرهاقهييا بقشييرة‬
‫تتكون من جراء الوساخ‪ ،‬وقد أشار بعض الباحثين أن هذه العملية قد تكون وقاية من سرطان الحنجرة‪ .‬والسييتنتار‬
‫هو إخراج الوساخ التي تتجمع في الخياشيم‪ ،‬من حيث تحول دون تكون نتونة فييي النييف‪ ،‬أو الصييابة بالتهيياب أو‬
‫حساسية‪ .‬ونعلم جيدا أن هناك من لهم حساسية لبعض الشياء‪ ،‬التي قد تتفيياقم وتضيير الشييخص المصيياب‪ ،‬وأكثرهييا‬
‫لقاحات النبات التي تتجمع وتلتصق بشعر النف‪ ،‬وتظل تسبب عطسا‪ ،‬وآلما في الرأس‪ ،‬وما إلييى ذلييك ممييا يييؤدي‬
‫في بعض الحالت إلى ملزمة الفراش‪ ،‬أو أخذ بعض المهدئات كحقنة الكورتيكويد‪.‬‬

‫بعد الستنشاق والستنتار نغسل الوجه‪ ،‬وهناك اتساق في غسل العضاء بالتتابع‪ ،‬وغسل الوجه يكون من الذقن إلى‬
‫شعر الرأس‪ ،‬وتخليل شعر اللحية‪ .‬وهنا نقف لنتساءل لماذا تخليل شعر اللحية وغسلها‪ ،‬ول نغسل شعر الرأس أتنيياء‬
‫الوضوء‪ ،‬بل نكتفي بالمسح‪ ،‬فالجواب هو الذي توصل إليه علم الجراثيييم الحييديث‪ .‬فاللحييية تكييون معرضيية لكييل مييا‬
‫يسيل عليها من سوائل أتناء الكل والشرب‪ ،‬فتكون وسطا غذائيا لبعض الجراثيم‪ ،‬ولييذا نصييت السيينة علييى تخليلهييا‬
‫وغسلها جيدا‪ .‬بعد غسل الوجه نرجع إلى غسل اليدين إلى المرفقين‪ ،‬ولماذا ل نغسل اليدين إلى المرفقين قبل الوجه؟‬
‫فل يجوز ذلك لن الية رتبت العضاء‪ ،‬وغسل اليدين إلى المرفقين‪ ،‬جاء بعد غسل الوجه‪ .‬فلييو غسييلنا اليييدين إلييى‬
‫المرفقين قبل الوجه‪ ،‬ربما يرجع عليهما الماء أثناء غسل الوجه‪ ،‬ول يستفاد من التطهير‪.‬‬

‫أما مسح الرأس‪ ،‬فيكون باليدين معا مبللتين بالماء‪ ،‬لن اتساخ شعر الرأس يكون بالغبار الجاف‪ ،‬أو قد تصيبه بعض‬
‫الملوثات الصلبة‪ ،‬لكن كل هذه العفونات تبقى فوق الشعر‪ ،‬ول تصل إلى جلد الرأس فالمسح قد يزيلها‪ .‬وطبعا غسييل‬
‫الرجلين إلى الكعبين‪ ،‬والذي يكمييل الطهييارة والنظافيية لكييل العضيياء البييارزة‪ ،‬الييتي تجمييع الوسيياخ والغبييار‪ .‬أمييا‬
‫الرجلين ففيهما سنة‪ ،‬فإن كانتا بدون جوارب تغسلن‪ ،‬وإن كانتا بالجوارب تمسحان فقط‪ .‬ففي الحالة الولى تلتصييق‬
‫الجراثيم الجلدية‪ ،‬كالكريات السبحية‪ ،‬بالجلد لنه مكشوف‪ ،‬أما في الحالة الثانية فيكون مغطى‪ ،‬ويكفي المسح لزاليية‬
‫ما قد يلتصق بالجوارب‪.‬‬
‫ونذهب إلى حد بعيد مع سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬حيث نجد أن هناك تدقيقا علميا بشكل معجز‪ ،‬وملفييت‬
‫للنظر‪ ،‬في ميدان علم الجراثيم‪ .‬فالسنة في المسح على الخف أن يكون من مادة سميكة كالجلد‪ ،‬أو أي ثوب آخر غير‬
‫شفاف‪ ،‬ثم يشترط أن ل يكون بها ثقب‪ ،‬أو بقع نافذة‪ ،‬ويشترط كييذلك أن يكييون ارتييدائهما علييى وضييوء‪ .‬ويظهيير أن‬
‫الذين درسوا علم الجراثيم يعلمون حق المعرفة‪ ،‬أن السماكة من جلد أو قميياش تحفييظ الجلييد ميين التلييوث بييالجراثيم‪،‬‬
‫وأن عدم وجود ثقب أو بقع نافذة قد تتسرب منها بعض الملوثييات‪ ،‬والميير المعجييز هنييا‪ ،‬هييو شييرط الرتييداء علييى‬
‫وضوء‪ ،‬أي بعد الغسل‪ ،‬حتى تبقى الرجل نقية طاهرة‪.‬‬

‫‪ - 3‬الطرح العلمي‬

‫وقد بينت بعض الدراسات كذلك‪ ،‬أن نمو الجراثيم الموجودة على الجلد يتبيع قانونيا رياضييا ميدققا‪ ،‬مين حييث كلميا‬
‫ارتفع العدد الصلي كلما تقلص وقت إفراز السموم عند الكريات العنقودية أو نييوع ‪ .Staphylococcus aureus‬كمييا‬
‫يبين ذلك الجدول التالي‪:‬‬
‫ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫الوقت الكافي لنتاج السموم‬ ‫عدد الخليا الباكتيرية‬
‫ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫‪ 7‬ساعات‬ ‫‪1‬‬
‫‪ 6‬ساعات‬ ‫‪10‬‬
‫‪ 5‬ساعات‬ ‫‪100‬‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬

‫ونرجع كذلك إلى تطابق النظافة‪ ،‬مع أوقات الوضوء‪ .‬فالمفروض أن يتوضأ المسلم لكل صلة‪ ،‬مييع العلييم أنييه ليييس‬
‫ضروريا‪ ،‬لن الوضوء إذا لم ينقض فل يلزم إعادته‪ .‬ومع ذلييك فالسيينة ترغييب فييي تجديييد الوضييوء‪ ،‬ولنييرى مييدى‬
‫أهمية هذا الترغيب في تجديد الوضوء من الناحية العلمية‪.‬‬

‫بين الصبح والظهر‪ :‬تكون الحرارة منخفضة مما يييؤثر سييلبيا علييى نمييو وتكيياثر الباكتيريييا‪ .‬وتمتييد هييذه المييدة إلييى‬
‫حوالي سبع ساعات‪ .‬وهذه الفترة تكون غالبا فترة عمل‪ ،‬إذ ل تجد الجراثيم استقرارا في النميو‪ .‬كمييا قيد يلجييأ المييرء‬
‫إلى غسل يديه أتناء عمله‪ .‬ونرى أن الوقت الفاصل بين الصبح والظهر‪ ،‬يكييون أطييول وقييت يفصييل بييين صييلتين‪،‬‬
‫والغالب أن جل الناس يجددون الوضوء للظهر‪.‬‬

‫الترتيب‬ ‫وجود ‪S.aureus‬‬ ‫العضاء‬

‫‪1‬‬ ‫‪+++++‬‬ ‫اليدين‬


‫‪2‬‬ ‫‪+++‬‬ ‫الفم‬
‫‪3‬‬ ‫‪+++‬‬ ‫النف‬
‫‪4‬‬ ‫‪++‬‬ ‫الوجه‬
‫‪5‬‬ ‫‪+‬‬ ‫الذنين‬

‫‪-‬بين الظهر والعصر‪ :‬تتقلص المييدة الفاصييلة بييين الصييلتين‪ ،‬ففييي هييذه الفييترة الزمنييية‪ ،‬تكييون الحييرارة مرتفعيية‪،‬‬
‫خصوصا في المنياطق المتوسيطية‪ .‬وحيييث أن هيذه الميدة تكيون غالبيا للراحية‪ ،‬فييإن الجراثييم تجيد الفرصية للنمييو‬
‫والتكاثر‪ ،‬لن طعام الغذاء قد يترك أثرا علييى اليييدي‪ ،‬ممييا يشييكل وسييطا غييذائيا بالضييافة إلييى الحييرارة المناسييبة‬
‫والراحة‪ ،‬من حيث ل تستعمل اليدي فتكون هذه الفترة فترة تحضين بالنسبة للجراثيييم‪ ،‬فتنمييو بسييرعة‪ ،‬فجيياء وقييت‬
‫الوضوء قصيرا بين الظهر والعصر‪.‬‬

‫‪ -‬بين العصر والمغرب‪ :‬تبدأ الحرارة في النخفاض‪ ،‬ويبدأ المرء في العمل‪ .‬وهو ما يجعل الحركة تنقييص ميين نمييو‬
‫وتكاثر الجراثيم‪ ،‬ونجد أن المدة ل تكون طويلة نسبيا‪ ،‬بالمقارنة مع المدة الفاصلة بين الظهر والعصيير‪ ،‬ممييا ينقييص‬
‫من نمو وتكاثر الباكتيريا‪.‬‬
‫‪-‬بين المغرب والعشاء‪ :‬فالفترة تكون قصيرة نظرا لنتهاء اليوم‪ ،‬وقد يصلي المييرء بوضييوء المغييرب‪ ،‬وهييو شيييء‬
‫جاري‪ ،‬وفي هذه الفترة ل تكون الكريات السبحية تكاثرت بشكل محسوس‪ ،‬نظرا لضيييق الييوقت‪ ،‬ولييو أن العوامييل‬
‫البيئية والغذائية تلعب لصالح نموها بسرعة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬الماء‬
‫‪ -1‬مقدمة‬

‫لقد عرف النسان قدر هذه المادة من القدم‪ ،‬خصوصا في المناطق الحارة والجافة‪ ،‬وكان الناس يتجمعون حول نقييط‬
‫الماء من مجاري وبحيرات ووديان وعيون وأنهار‪ .‬ول يمكن للنيياس أن يرابطييوا فييي الرض الجييذباء‪ .‬وإنمييا نجييد‬
‫أغلب المدن الكبرى عبر العالم‪ ،‬تكونت بسبب تجمع الناس حول مجاري المياه حتى نشأ هناك عمران‪.‬‬

‫ول يمكن أن نتصور حييياة بييدون ميياء‪ ،‬وقييد يييدرك النسييان مييدى هييذه الهمييية حييين يفقييد هييذه المييادة‪ .‬وقييد تييزداد‬
‫استعمالته بتزايد النشاطات اليومية والحتياجات الحيوية والقتصادية‪ ،‬والماء هو المادة الوحيييدة الييتي ليسييت ملكييا‬
‫لحد‪ ،‬ولم تكن في حوزة شخص أو بلد مند القدم‪ ،‬وإنما كانت المجاري تعتبر لكل الناس‪ ،‬والعيون والبييار تسييتعمل‬
‫بدون أداء ول ضريبة‪ ،‬لن الماء يعتبر من خيرات البلد الطبيعييية‪ ،‬وشيييئا فشيييئا بييدأ يقييل ويتلييوث حييتى أصييبح ل‬
‫يستعمل إلى بعد معالجته‪ .‬ونعلم جميعا أن توزيع الماء في القديم‪ ،‬بل فييي أوائل هييذا القييرن كييان يضييخ مباشييرة ميين‬
‫المجاري والعيون والبار‪ ،‬لكونه خاليا من الخطار‪ ،‬لكن مع تكاثر السكان والتقدم التكنولوجي في شتى الصييناعات‬
‫جعل الماء يتلوث‪ ،‬حتى أصبح من غير الممكن توزيعه مباشرة على السكان دون معالجة‪ ،‬والتي قييد تكييون صييناعة‬
‫ثقيلة في بعض الحيان‪ ،‬وتكلف أموال طائلة‪ ،‬وخبرة عالية ليكون الميياء صييالحا للشييرب‪ .‬وقييد طغييى كييذلك مشييكل‬
‫تحلية المياه الشروبة على الساحة حتى أصبح موضوع الساعة‪ ،‬وشأنا كبيرا من شؤون البلد‪.‬‬

‫ومن الجرائم التي جناها التقدم التكنولوجي على النسان‪ ،‬الخلل بالبيئة بصفة عامة‪ ،‬وتلوث المياه بصييفة خاصيية‪.‬‬
‫ولجعل المرء يشعر بمدى أهمية هذه المادة‪ ،‬التي لزال في غفلة عنها‪ ،‬نتساءل‪ :‬هل نستطيع أن نعيش بدون غسييل‪،‬‬
‫وهل يمكن للنسان أن يعيش بدون تنظيف المنزل والواني والثياب وما إلى ذلك؟ وكل هذه الوساخ التي تذهب مع‬
‫الماء ترمى في المجاري أو في البحييار‪ ،‬وميين تييم فكلمييا ازدادت اسييتعمالت الميياء ازداد التلييوث‪ ،‬وظهييرت بعييض‬
‫الحوادث المضرة‪.‬‬

‫ول يمكن أن نشرب أي ماء فييي الييوقت الحاضيير‪ ،‬إل لمييا يخضييع لمراقبيية الخصييائص والمواصييفات الييتي تضييمن‬
‫سلمته‪ ،‬وتجعله غير مضر بصحة النسان ‪.‬وهناك عدة أمراض وأوبئة قد تنقل عبر الميياء الملييوث‪ ،‬كمييا أن هنيياك‬
‫العديد من الصابات التي تأتي عبر الماء الملوث ونشير إلى أن المشكل سيزداد حدة‪ ،‬وسيكلف كييثيرا إذا لييم تعطيييه‬
‫الوساط المكلفة ما يستحقه من الهتمام‪.‬‬

‫‪ -2‬مواصفات الماء الصالح للشرب ‪Safe water standards‬‬

‫تتمثل الشروط الطبيعية للماء في اللون والرائحة والنكهة والتعكر‪ .‬وتتأثر هذه الصفات بوجييود عناصيير كيماوييية أو‬
‫عضوية‪ ،‬كالطين‪ ،‬والغازات الذائبة‪ ،‬والفضلت‪ ،‬والنفايييات العضييوية‪ ،‬أو قييد توجييد عناصيير حيوييية‪ ،‬كنمييو بعييض‬
‫الطحالب أو النباتييات أو الحيوانييات أو الجراثيييم‪ ،‬ولييذا وجييب وضيع قييانون صيحي‪ ،‬يشييرع المواصيفات الكيماوييية‬
‫والحيوية للماء الصالح للشرب‪.‬‬
‫ونعطي بعضا منها بصفة عامة دون التدقيق في الخصائص والمواصفات الحيوية للمياه الشروبة‪:‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون الماء خاليا من المواد المعكرة‪ ،‬وخاليا من الروائح‪ ،‬والطعم الغير العييادي‪ ،‬أو المقصييود وكييذا‬
‫اللون‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن ل يتعدى العسر قيمة ‪ 50‬جزء في المليون ( )‪Soft water‬‬
‫يجب أن يكون الماء خاليا من جميع الجراثيم المرضية‪ .‬ونذكر النواع المحتملة الوجود فييي الميياء والمضييرة‬ ‫‪-‬‬
‫بصحة النسان‪ .‬ومنها النواع التالييية‪ :‬جرثييوم حمييى التايفويييد )‪(S. typhosa‬والشييبيهة بالتايفويييد وتسييببها النييواع‬
‫الخييرى‪ .‬ثييم جرثييوم الكييوليرا السيييوية ‪ Vibrio comma‬وجرثييوم السييهال )‪Dysenterie) Shigella dysenteri‬‬
‫‪ a‬وبعض الطفيليات ‪ .(Entamoeba) hystolytica‬ويحتمل وجود هذه النييواع فييي المييياه الملوثيية بييبراز النسييان أو‬
‫فضلت الحيوانات‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون المياء خالييا مين الرصياص أو بمسيتوى مسيموح بيه‪ ،‬وكيذلك الملح الخيرى كالنيايترت‬
‫والمعادن الثقيلة‪.‬‬
‫‪ -‬يجب أن يكون الماء خاليا من المواد المشعة‪ ،‬والهرمونات والمبيدات‪.‬‬

‫‪ - 3‬تلوث المياه الشروبة‬


‫أ‪ -‬الرصاص‪:‬‬
‫يرجع خطر هده المادة لستهلكها بكمية قليلة جدا‪ ،‬لكن لمدة طويلة‪ ،‬حيث يتسبب هييذا الوضييع فييي ظهييور مييرض‬
‫مزمن ينتهي بالموت‪.‬‬
‫يستهلك النسان الرصاص بصفة طبيعية وفي كل يوم في المواد الغذائية والماء والغبار‪ .‬ويتخلص الجسد ميين هييذه‬
‫المادة عن طريق التبول‪ ،‬والبراز‪.‬‬

‫وحسب المنظمة العالمية للصحة‪ ،‬ومنظمة الغذية والزراعة‪ ،‬فإن تجاوز قيمة ‪ 1‬مغ في اليوم يثير النتباه‪ ،‬لن‬
‫قدر ‪ 2‬مغ في اليوم يؤدي إلى إصابة الشرايين والكليتين‪ .‬وتتلوث المواد الغذائية عن طرق عديدة منها‪:‬‬
‫‪ -‬الغبار المحمل بالرصاص الناتج عن المواد الصناعية‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال أدوات وأواني منزلية من الرصاص‪.‬‬
‫‪ -‬بعض المواد الغذائية المحضرة في أواني من الرصاص‪ ،‬أو معلبة في أواني من الرصاص‪.‬‬
‫‪ -‬قنوات المياه الصالح للشرب‪ .‬وهذا شيء جاري‪ ،‬لن توزيع المياه داخل المنازل‪ ،‬يتم بواسطة قنوات رصاصييية‪،‬‬
‫لتسهيل عملية الترصيص‪ .‬وليس هناك ما يمنع الشييركات وأصييحاب الحييرف ميين الرصاصييين‪ ،‬ميين اسييتعمال هييذه‬
‫القنوات داخل المنازل‪ .‬وبما أننا بصدد توجيه المستهلك‪ ،‬فإننا ننبه إلى ضرورة تفادي استعمال الرصياص‪ ،‬فيي كيل‬
‫ما يتصل بالغذية والماء‪.‬‬

‫‪ -‬استعمال بعض المبيدات المحتوية على الرصاص‪.‬‬


‫‪ -‬وجود الرصاص في بعض المواد البحرية إلى جانب بعض المعادن الثقيلة الخرى‪.‬‬
‫‪ -‬المنتوجات الزراعية والحيوانية كالعسل والمياه التي تقترب من الطرق الكبرى‪ .‬وتتلوث هذه المواد من جراء‬
‫دخان السيارات‪ .‬ومن المواد التي تتأثر كثيرا من جراء الرصاص الناتج عن دخان السيارات‪ ،‬الماء والعسل‪.‬‬

‫ب ‪ -‬السمدة الكيماوية‬

‫في سنة ‪ 1996‬حكمت المحكمة الفرنسية على شيركة ‪ La lyonnaise des eaux‬بتعييويض مييالي قيدره ‪ 1000‬فرنييك‬
‫فرنسي لمستهلكيها‪ ،‬على توزيع ماء ل يستجيب لمواصفات الماء الصالح للشرب‪ ،‬بسبب النترات التي كييانت تصييل‬
‫إلى مستوى عالي‪.‬‬

‫وحسب القانون الفرنسي دورية ‪ 90-7-9‬فإن مقاييس النايترايت محدد كالتالي‪:‬‬

‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫الجراء‬ ‫التركيز‬ ‫مصادر النايترايت‬
‫‪-------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫مقبول *‬ ‫‪ 100-50‬مغ‬ ‫البروتينات الحيوانية والنباتية‬
‫ممنوع‬ ‫فوق ‪ 100‬مغ‬ ‫السمدة‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫* ماعدا النساء الحوامل والصبيان دون السادسة)‬

‫لقد تبين أن استهلك النايترايت غير مضر للنسان بتاتا‪ ،‬وبدون تحديد الجرعة ولكن تحويل هذه المادة إلى نايتريت‬
‫بسبب بعض الجراثيم‪ ،‬هو الذي يضر بصحة المستهلك‪.‬‬

‫ج ‪ -‬تلوث المياه بالهرمونات‬


‫مع ازدياد وتفاقم استعمال الهرمونات المانعة للحمل على الخصوص وغيرها‪ ،‬أصبحت المياه مهييددة بييالتلوث بهييذه‬
‫المواد الخطيرة‪ .‬وبما أن المجاري يصعب مراقبتها لسباب عدة‪ ،‬وبما أن المياه المسييتعملة ومنهييا مييياه الصييرف ل‬
‫زالت ترمى في الطبيعة‪ ،‬وقد تصيب مجاري المياه بسهولة‪ ،‬فإن موارد المياه الصالحة للشرب باتت مهييددة‪ .‬وتأخييذ‬
‫جل محطات التحلية الماء من المجاري وهو ما يزيد في محنة أصحاب معالجة المياه‪ ،‬وللتذكير فقط فإن الهرمونات‬
‫ل يمكن إزالتها من المياه بييالطرق التقليدييية‪ ،‬كالترسييب‪ ،‬والتخييثر‪ ،‬والترشيييح باسييتعمال الفحييم المنشييط‪ ،‬واسييتعمال‬
‫الزون وماء جافيل وما إلى ذلك ميين العمليييات‪ ،‬الييتي تسييتعمل فييي معالجيية الميياء الشييروب بالمواصييفات الصييحية‬
‫المتعارف عليها‪.‬‬

‫د ‪ -‬الخطار المحتملة‬
‫ونود أن نشير إلى ضرورة مراقبة المياه الشروبة‪ ،‬فيما يخص بعض الملوثات الخطيرة‪ ،‬التي تسبب إصابات مزمنة‬
‫أو انعكاسات صحية خطيرة‪ ،‬والتي يحتمل أن تصيب الماء الشروب‪ .‬وليسييت الهرمونييات وحييدها هييي الييتي تشييكل‬
‫خطرا بل هناك العديد من الملوثات الحيوية والكيماوية والفيزيائية والنووية‪ ،‬التي يمكن أن تصيب الماء‪ .‬فالتحاليييل‬
‫التي تقوم بها المختبرات الن‪ ،‬ل تتطرق إل إلى التحاليل التقليدية ميين حيييث الملوثييات الجرثومييية والكيماوييية‪ ،‬ول‬
‫تغطي هذه التحاليل كل الملوثات‪ ،‬ول ترقى إلى درجة البحييث العلمييي حييول طييرق وتحاليييل جديييدة‪ ،‬ميين شييأنها أن‬
‫تجعييل المختييبر والبحييث العلمييي علييى الخصييوص فييي مسييتوى مراقبيية أي طييارئ قييد يحييدث بالميياء‪ .‬وكييون هييذه‬
‫المختبرات تابعة لمقاييس دولية‪ ،‬وتعتمد على طرق ومعدات أجنبية‪ ،‬فل يمكن أن تقوم بأشييياء خارجيية عيين الطييار‬
‫الذي رسمته لنفسها‪ ،‬وهو اتباع ما تنص عليه هذه المنظمات‪ ،‬وفي هيذه الحاليية فل يمكيين أن تكييون هنيياك اسييتقللية‬
‫وذاتية في تتبع المشاكل‪ ،‬التي يمكن أن تحدث في أي لحظة‪.‬‬
‫الفصل الثاني ‪:‬الحيوانات الليفة‬

‫‪ - 2‬الكلب‬

‫تعتبر الكلب من الحيوانات الليفة التي قد تبلغ درجة عالية في ألفتها مع النسان‪ ،‬وتحمييل هييذه الحيوانييات جراثيييم‬
‫وطفيليييات وفايروسييات متعييددة‪ .‬والكلب ينهييى السييلم عيين القييتراب منهييا‪ ،‬والكييل معهييا وإدخالهييا الييبيت‪ ،‬أو‬
‫الفراش‪ ،‬ويحذر من إعطائها الكل في الواني المنزلية التي يستعملها النسان لكله‪ .‬وتظهر السنة النبوية الشييريفة‬
‫واضحة بالنسبة لهذه الحيوانات‪ ،‬ول تجوز الصلة في ثوب مسه كلب بأنفه أو بلعابه‪ ،‬ول يجوز الكل فييي الوانييي‬
‫التي أكلت فيها الكلب‪ ،‬إل بعد غسلها سبع مرات كما جاء في صحيح مسلم (الحييديث ‪ 420‬ميين كتيياب الطهييارة) أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال » طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولهن بالتراب «‪.‬‬

‫ونركز على الساس العلمي للحديث‪ ،‬حيث نجد التركيز على عدة عوامل تدخل في التطهير‪:‬‬

‫العامل الول هو عدد مرات الغسل وهي سبعة‪ ،‬وقد تكلمنا عن القييانون الرياضييي اليذي تتبعيه سيرعة التطهييير فييي‬
‫إزالة الجراثيم‪ ،‬و قد بينا أن كلما ازداد عدد مرات الغسل كلما طهرنييا الوانييي بمييا فيييه الكفاييية‪ ،‬وغسييل إنيياء سييبعة‬
‫مرات يعني تطهيره تطهيرا تاما‪ ،‬وهو المر الذي يجب أن يتم بالنسبة للواني التي ولغت فيها الكلب‪.‬‬

‫أما العامل الثاني فهييو الييتراب‪ .‬ويشييتمل الييتراب علييى عنصييرين أساسييين يلعبييان دورا أساسيييا فييي التطهييير وهمييا‬
‫الكاتيونات والطين‪ .‬فالكاتيونات التي تعادل الصابون في التطهير وإذابة الوساخ خصوصا الييدهون‪ ،‬والطييين الييذي‬
‫يمتاز بخاصييية أخييذ الملوثييات حيييث تلتصييق علييى الحبيبييات الصييغيرة )‪ (adsorption‬وهييي كييذلك خاصييية تزيييل‬
‫المركبات من الواني‪ .‬وبما أن اختراع الصابون والمطهرات الخرى في العصر الحاضيير‪ ،‬جعلييت السييتغناء عيين‬
‫التراب بديهيا‪ ،‬فإن الشارة إلى تأكيد السنة على التطهير هيو ميا يهيم فيي هيدا الحيديث‪ ،‬فيالتراب والصيابون تكيون‬
‫الغاية منهم التطهير‪ .‬والعنصر الثاني يتجلى في المضادات الحيوية‪.‬‬

‫والعامل الثالث يخص المضاضات الحيوية الموجودة في التراب‪ .‬والمعروف أن التراب يحتييوي بيئيييا علييى جراثيييم‬
‫نافعة تنتج المضاضات الحيوية وتسمى الكتينوميسات‪.‬‬

‫وقد نجد أن بعض الناس‪ ،‬يجعلون من الكلب صديقا حميما‪ ،‬حيث تصل الحميمية درجة تقبيله‪ ،‬وإعطائه الطعييام فييي‬
‫نفس الصحون التي يأكل فيها‪ ،‬ونومه في الفراش‪ ،‬وجلوسه على الريكة وما إلى دلك‪ .‬ونلحظ أن بعض الناس فييي‬
‫المجتمعات الغير المسلمة يصاحبون الكلب وينييادونهم بأبنييائهم‪ .‬وهييذا التصييرف الخيياطئ ينقضييه السييلم‪ ،‬ويعيييد‬
‫المور إلى صوابها‪ ،‬فإن كانت العلوم ل تبالي بهذه الشياء‪ ،‬رغم ما توصلت إليييه ميين نتييائج فييي شييأن الكلب ومييا‬
‫تحدثه من مخاطر وأضرار للنسان‪ ،‬فإن السيلم ينفيرد ويمتياز بتصيديه لهيذه التصيرفات والنحرافيات البشيرية‪،‬‬
‫ويقطع العاطفة في مثل هذه الشياء‪ ،‬لن كل ما يضر ويزعج النسان فالسلم يمنعه‪.‬‬

‫ومن جملة تناقضات هذا العصر‪ ،‬وهو عصر العلم‪ ،‬هو أنه في الوقت الييذي كشييفت فيييه العلييوم الخطييار المرتبطيية‬
‫بالكلب‪ ،‬ازداد القتراب منها ومعاشرتها بشدة‪ ،‬وهذه الشياء تبين ضعف العلوم بجميع وسائلها على جعل النسييان‬
‫ينضبط ويعي كل مقومات الحياة‪ ،‬ويمشي على سراط سوي‪ .‬وفي هذا الصدد يظهيير إعجيياز القييرآن والسيينة النبوييية‬
‫الشريفة وانفرادهما ببيان الطريق الصحيح‪ ،‬الذي يجب على النسان اتباعه ليعيش حياة طيبة مطمئنة‪.‬‬

‫ونرى من جهة أخرى‪ ،‬أن السلم يوضح الحييالت الييتي يمكين التعامييل فيهييا ميع الكليب‪ ،‬ويبقيييه فييي حيدود معينيية‬
‫خارجة عن المعاشرة‪ ،‬والقتراب من هذا الحيوان أكتر مما يلزم‪ ،‬وقد حدد السلم ذلك من خلل السنة‪ ،‬حيييث نجييد‬
‫في صحيح البخاري (الحديث ‪ 5059‬من كتاب الذبائح)‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال » من اقتنى كلبا إل كلبا‬
‫ضاريا لصيد أو كلب ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قراطين « ويظهر كذلك في هذا الحديث استثناء نوعين ميين الكلب‬
‫والتي يمكن اقتنائها في حدود‪ ،‬ومنها كلب الصيد و كلب الحراسيية‪ ،‬وقييد نعلييم أن هييذا السييتثناء ل يعنييي معاشييرتها‬
‫وإدخالها إلى المنزل ونومها في الفراش وأكلها مع النسان‪ ،‬بل النوع الول يسيتعمل للصييد‪ ،‬وهيو خيارج المنيزل‪،‬‬
‫والنوع الثاني للحراسة‪ ،‬وهو كذلك خارج المنزل‪ .‬وكذلك نجد في البخاري الحديث ‪ 2986‬من كتيياب بييدء الخلييق أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قال » ل تدخل الملئكة بيتا فيه كلللب ول صللورة تماثيللل « وعلى ضوء الحديثي ي نييرى أن‬
‫التشديد على إبعاد الكلب عن البيت ما أمكن‪ ،‬لن الثلوث قد يصيب ما يستعمله النسان في حياته اليومييية خصوصييا‬
‫الكييل والشييرب‪ ،‬وقييد تنتقييل جراثيمييه عييبر الشييعر واللعيياب أو قييد يلييوث الرض ثييم تسييقط عليهييا مييأكولت ومييا‬
‫إلى ذلك‪.‬‬

‫ويؤكد العلم أن الكلب حامل لكثر من ستة وثلثييين جرثومييا كلهييا مضييرة للنسييان‪ .‬ويعتييبر داء الكلييب ميين أخطيير‬
‫المراض الفتاكة‪ ،‬التي يمكن أن تنتقل إلى النسان‪.‬‬

‫‪ -‬الكياس المائية‬
‫يحمل الكلب في أمعائه طفيليا يسييمى ‪ Echinococcus granulosus.‬ويرمييى بيييض هييذا الطفيلييي مييع بييراز الكلييب‪،‬‬
‫فيصيب العشاب‪ ،‬وحيث ترعى الحيوانات على هذا العشب الملوث‪ ،‬فإن البويضات تتحييول إليى أكيياس مائيية فيي‬
‫العضاء كالكبد والمعاء والرئة والقلب والمخ‪ .‬وربميا ييأتي التليوث مين شيعر الكليب كيذلك‪ .‬وتنقيل هيذه الكيياس‬
‫المائية إلى الحيوان عبر العشب الملوث‪ ،‬كمييا ينقييل الطفيلييي إلييى النسييان عنييد تنيياوله الخضيير الملوثيية‪ ،‬وقييد ينقييل‬
‫باللمس‪ ،‬خصوصا الطفال الذين يحبون اللعب مع الكلب‪ ،‬ول يبالون بغسل أيديهم جيدا قبل الكل‪.‬‬

‫ول ينمو الطفيلي المسبب للكيس المائي‪ ،‬إل في أمعاء الكلب‪ ،‬ليتسرب إلى النسييان عييبر الثلييوث‪ .‬والمعلييوم أن هييذا‬
‫المرض ليس له دواء إل الجراحة‪ ،‬وتبقى النتائج المتوخاة من علجه ضئيلة‪.‬‬

‫وتستمر الدورة الحيوية بتناول الكلب لعضاء الحيوانات المصابة بالكياس المائية‪ ،‬والتي لم يتييم إتلفهييا وحرقهييا‬
‫في المجازر‪ .‬وقد ترمى هذه الكياس المائية بدون شعور‪ ،‬لما يجييدها النسييان فييي ذبيحيية عيييد الضييحى‪ ،‬وهييو مييا‬
‫يساعد على انتشار هذا الطفيلي الخطير‪.‬‬

‫ومن عادة الكلب أنه يلهث دائما‪ ،‬خصوصا في المناطق الحييارة كالييدول الفريقييية والسيييوية وبعييض دول أمريكييا‪.‬‬
‫وهذه الخاصية توجد عند الدجاج والكلب‪ ،‬لن هذه الحيوانات ليست لها غيدد عرقيية‪ ،‬كميا هييو الشييأن عنيد النسييان‬
‫والحيوانات الخرى‪ .‬وليجعل الكلب حرارة جسمه قارة وثابتة ينهيج اللهيياث بفتيح فميه كليه‪ ،‬وإخيراج لسييانه ليبخير‬
‫الماء‪ ،‬حيث تقع عملية التبريد‪ .‬واللهاث عند الكلب ل يتوقف على جهد‪ ،‬بل يلهث في حالة راحته وفي حالة جهده أو‬
‫تعبه‪ .‬ونجد هذا‬
‫مبينا في قول ال عز وجل في سورة العراف‪.‬‬

‫وكون الكلب يلهث دائما‪ ،‬وخصوصا عند اشتداد الحر‪ ،‬فهو يلوث كل الشياء التي يمر بهييا بلعييابه‪ .‬ويجييب أن ننتبييه‬
‫إلى هذا المر‪ ،‬خصوصا بالنسبة للطفال الذين يلعبون مع الكلب‪ ،‬أو ربما يصيب لعاب الكلب أغذيتهم‪ ،‬خصوصييا‬
‫وأن بعض الطفال يتربى عندهم حب شديد للكلب‪.‬‬

‫وإذا كانت الشريعة السلمية أعطت اهتماما خاصا للكلييب ميين حيييث الخطيير الصييحي علييى النسييان‪ ،‬فييإن علميياء‬
‫الصحة الغذائية في البلدان المتقدمة‪ ،‬وضعوا قوانين صييارمة وقاسييية‪ ،‬فيمييا يخييص اقييتراب الحيوانييات ميين معامييل‬
‫الصناعات الغذائية والمطاعم العمومية‪.‬‬

‫وكتوجيه عام‪ ،‬فإن المرافق الغذائية يجب أل تدخلها حيوانييات كييالكلب والقطييط‪ .‬ويجييب كييذلك علييى المسييتهلك أل‬
‫يقتني أغذييية ميين المراكييز أو المحلت التجارييية الييتي تيدخلها الكلب‪ .‬وكييذلك أل يأكييل فييي المطيياعم الييتي تيدخلها‬
‫الكلب‪ .‬ونلحظ دخول الكلب إلى السواق في العالم القروي‪ ،‬وهو مييا يجعييل المييور تتعقييد إذا علمنييا أن البنيييات‬
‫الصحية بالعالم القروي جد متواضعة‪ .‬فيجب على القل أن تحظى السواق بالعناية الصحية‪.‬‬

‫‪ -2‬القطط‬
‫يختلف القط عن الكلب اختلفا بالغا في السلم‪ .‬ويحظى القط بمكانة متميزة عن الكلب كذلك‪ .‬ونرى أن القييط يمكيين‬
‫أن يدخل البيت أو أن ينام في الفراش وما إلى ذلك‪ ،‬وهي أشياء ل تجييوز مييع الكلييب‪ .‬ول يحمييل القييط نفييس الخطيير‬
‫الذي يحمله الكلب‪ ،‬رغم أن بعض الخطر غير مستبعد بالنسبة للقط‪ .‬فهناك بعض الجراثيم التي يحملها فييي أظييافره‪،‬‬
‫وعلى شعره‪ ،‬والتي قد تصيب الطفال أتناء اللعب مع القطط‪ .‬فكل خدش أو جرح بسيط من لدن القطط‪ ،‬قييد يتسييبب‬
‫في إصابة الطفال ببعض العراض‪ ،‬التي من شأنها أن تسبب تخمجا‪ ،‬ينتج عنه ارتفاع في الحييرارة‪ ،‬وربمييا يلزم‬
‫الطفللفراش على إثره‪ .‬والمشهور في علم الجراثيم هو أن القط يحمل جرثوم ‪ Eikenella‬بين أظافره وتصيب هييذه‬
‫الجراثيم الطفال أتناء اللعب مع القطط‪.‬‬

‫ويمكن للقط أن يصاب بداء الكلب‪ ،‬وينقله إلى النسان ويمكن أن يكييون حييامل لطفيلييي مييرض الطوكسييوبلزموز‪،‬‬
‫الذي يتسبب في الجهاض عند النساء الحوامل ونعلم أن النساء تخضع أول ما تخضع إلى إليه عنييد الحمييل الكشييف‬
‫بالتحليل عن الصابة بمرض الطوكسوبلزموز لن الصابة تكون خطيرة وقد ل تصل إلى الجهاض وإنما تييؤدي‬
‫إلى تشوه الجنين ‪ .‬ويظهر هذا المرض عند النسان نتيجة تناوله الغذية الملوثة بكيسات الطفيلي الساقطة مع بييراز‬
‫القطط المصابة‪ .‬وتحدث الصابة أعراضا مختلفة مثل الضطرابات العصبية‪ ،‬وكذلك تسبب الجهاض والعقم عنييد‬
‫النساء‪ .‬وقد تأتي العفونة من شعر القط‪ .‬وهده الصابة أصبحت جد محتملة خصوصا مع اقتناء القطط داخل المنازل‬
‫الضيقة‪.‬‬

‫ونرى أن الرسول صلى ال عليه وسلم فرق بين القط والكلب وأكد من جهيية علييى غسييل الوانييي الييتي ولغييت فيهييا‬
‫الكلب سبع مرات والولى بالتراب‪ .‬لكنه صلى ال عليه وسلم سمح باستعمال ما تبقى مين المياء اليذي يشيرب منيه‬
‫القط‪.‬‬

‫الكتاب الرابع‬

‫الخطار التي تهدد المستهلك‬


‫‪ -1‬مقدمة‬

‫تنشأ التسممات والتعفنات الغذائية إثر استهلك مواد غذائية ملوثة بالنواع الممرضة أو بالسمينات‪ ،‬وهييي مركبييات‬
‫كيماوية سامة‪ ،‬تفرزها الباكتيريا والفطريات على الخصوص في المواد الغذائية أثنيياء بقائهييا تحييت حييرارة مرتفعيية‬
‫لمدة طويلة‪.‬‬

‫وتأتي التعفنات من الحيوانات المصابة بالمراض التي يمكن أن تصيب النسان وقد تكون في أغلب الحيان مميتة‪.‬‬
‫وقييد يصييعب التشييخيص لمييا يتعلييق الميير بييالمراض الييتي ل تعطييي أعراضييا مباشييرة علييى المصيياب كالسييل‪.‬‬
‫وتختلف هذه لعراض عن العراض التي تنتج عن التسممات الغذائية‪.‬‬

‫وتتمثل العراض في القيء والسهال‪ ،‬والدوران‪ ،‬وآلم في البطن‪ ،‬والضعف‪ .‬وقد يكون السهال مصحوبا بالحمى‬
‫في بعض الحالت الخطيرة كحمى التايفويد‪ ،‬وتتميز تسممات الليستريا بآلم في البطن في الجهيية اليمنييى ميين حيييث‬
‫تشبه أعراض الزائدة‪ .‬وتظهر هذه العراض على المصاب ساعات قليلة بعد تناوله المواد الغذائيية المحتوييية علييى‬
‫الجراثيم أو السمينات‪ .‬وتأخذ هذه التسممات حالت خطيرة ومفزعة عند الطفال الصغار والشيييوخ‪ .‬وقييد ل يفضييي‬
‫العلج إلى أي شيء إذا كانت الكمية المستهلكة كبيرة‪ ،‬ووصل المصاب إلى المستشفى في وقت متأخر‪ ،‬بعد ظهييور‬
‫العراض الولية‪ .‬ولذلك نرى أن مشكل التسمم يزداد خطورة مع تهاون المصيياب‪ ،‬وهييو الشيييء الييذي يييؤدي إلييى‬
‫موته‪.‬‬

‫وتتعدد التسممات الغذائية فييي النييوع والخطييورة‪ ،‬ونييوع المييادة الغذائيية‪ .‬ويجييب أن نشييير إلييى المييواد الغنييية علييى‬
‫الخصييوص كيياللحم والسييمك والييدجاج والييبيض والحليييب وكييل المييواد الحيوانييية والمنحييدرة ميين الحيييوان‪ .‬وهييذه‬
‫التسممات تأتي من الباكتيريا‪ ،‬وتتردد حسييب الشييروط الصييحية لمكنيية التصيينيع‪ ،‬وصييحة المسييتخدمين فييي قطيياع‬
‫الصييناعات الغذائييية والجييودة الصييحية للمييواد الولييية‪ .‬كمييا أن هنيياك تسييممات ل تظهيير أعراضييها وهييي أخطيير‬
‫التسممات لمييا تسييببه علييى المييدى البعيييد‪ ،‬وهييو مييا نسييميه بييالموت البطيييء‪ ،‬وهييي سييمينات ميين إنتيياج الفطريييات‬
‫‪ ((Mycotoxine‬وتكون عادة في المواد النباتية كالحبوب والفييواكه الجافيية أو المجففيية والزيتييون والمييواد المرتبطيية‬
‫بالدقيق والسكريات‪ .‬وهذه السمينات هي التي تسييتحق الحييذر والحيطيية والمراقبيية‪ ،‬وليسييت التسييممات الناتجيية عيين‬
‫الباكتيريا‪.‬‬
‫‪ - 2‬المراض الناتجة عن الحيوانات المصابة‬

‫أ ‪ -‬داء السل عند البقار‬


‫يتسبب في هذا المرض باكتيريا من نوع ‪ Mycobacterium tuberculosis‬الذي يصيب البقار‪ .‬وعنييدما تدبييح هييذه‬
‫الحيوانات المصابة‪ ،‬و تباع اللحوم دون أن تخضع لي فحص بيطري‪ ،‬يمكن انتقال العدوى للنسييان‪ ،‬عيين طريييق‬
‫استهلك اللحوم واللبان الملوثية بهيذا النيوع‪ .‬ويعتيبر هيذا اليداء مين الميراض الواسيعة النتشيار‪ ،‬واليتي تصييب‬
‫النسان والحيوان على حد سييواء‪ ،‬والييتي تنتقيل مين الحييوان إلييى النسيان‪ .‬ويقيوم البيياطرة فييي المجيازر بفحيص‬
‫العضاء والجثة قبل البيع‪ ،‬وقد يصيب هذا المرض كل أطراف الجثة‪ ،‬لكن الغالب في الحييالت هييو سييل الرئتييين‪.‬‬
‫وتكون المراقبة صارمة في المجازر والمسالخ‪ ،‬من حيث مراقبة السل عند البقار والغنام‪ ،‬وهي أعراض مرضية‬
‫تظهيير عنييد الفحييص بسييهولة إل أن تصيييب بعييض الجهييات الخييرى ميين الجسييم كالنخيياع الشييوكي أو العظييم‪،‬‬
‫وفي هذا الحالت بالذات قد تتشابه على أصحاب المراقبة‪.‬‬

‫وعلى إثر انتقال السل من الحيوانات إلى النسان جاءت المراقبة البيطرية في المجازر‪ ،‬وتقنين الذبح من حيث منييع‬
‫الذبح خارج المجازر‪ ،‬ومنع بيع اللحوم الغير الخاضعة للمراقبة البيطرية‪ ،‬وكذلك مراقبة الحليب وبسترته أو تعقيمه‬
‫قبل البيع‪ ،‬وكان الهدف من البسترة القضاء على الجراثيم المضرة وميين جملتهيا جير ثييوم داء السيل اليذي ل يقيياوم‬
‫الحرارة‪ .‬وقد ظهرت حالت سييللت جديييدة لهييذا النييوع ‪ Mycobacterium pseudotuberculosis‬فييي فرنسييا فييي‬
‫أوائل التسعينات والتي تنتقل إلى النسان عبر الحليييب‪ ،‬وهييو أميير مييروع بالنسييبة للمسييتهلك لن القييانون الفرنسييي‬
‫يسمح ببيع الحليب الطازج الغير الخاضع للمبسترة لكن يكيون تحيت شييروط صيحية مراقبية مين طيرف المصييالح‬
‫البيطرية‪.‬‬

‫ب ‪ -‬البروسيل أو الحمى المالطية‬


‫تعتبر الحمى المالطية مرضا معييديا يسييبب إجهيياض البقييار والميياعز‪ ،‬وينتقييل إلييى النسييان عييبر اللبييان والقشييدة‬
‫والجبن‪ ،‬وكل المييواد الطازجيية‪ ،‬الييتي ل تعالييج بييالحرارة كالبسييترة أو التعقيييم‪ .‬إن الحمييى المالطييية ميين المييراض‬
‫الخطيرة على صحة النسان‪ ،‬وخاصة في بلدنا‪ ،‬حيث ل تزال اللبان تباع طازجيية دون مراقبيية الحيوانييات أو قييد‬
‫تعالج بالحرارة كالبسترة‪ ،‬لكن ل تتخلص من جميع الجراثيم المضرة نظرا لجودتها المتدنية‪.‬‬

‫ويتعرض النسان إلى سللت متعددة لنفس النوع‪ ،‬وهي السللت البقرية والغنمييية والماعزييية‪ .‬وتعطييي الصييابة‬
‫بهذه السللت نفس العراض تقريبا‪ ،‬إل أن السللة الماعزية تكون أشد ضراوة من السييللت الخييرى‪ .‬وتييتراوح‬
‫مدة الحضانة من ‪ 10‬إلى ‪ 30‬يوما‪ ،‬وقد تصل إلى عدة شهور‪.‬‬

‫وتعرف بالمرض المهني للجزارين والبيطريين ومربي البقار والماعز‪ .‬ولتفادي تسرب هذا المرض الخطير علييى‬
‫صحة النسان‪ ،‬فل بد من المعالجة للمواد الخامة أي الحليب بالحرارة‪ ،‬والفضل كذلك هو مراقبة القطيع ومحاربيية‬
‫هذا المرض عند الحيوان قبل مجيئه إلى المصنع أو المجزرة‪ .‬وكذلك اتباع بعد الجراءات للحد من هذا العراض‪.‬‬

‫ومن العراض التي قد تظهر عند النسان‪:‬‬


‫‪ -‬ارتفاع متقطع في درجة الحرارة‪ ،‬حيث ترتفع الحرارة لعدة أيام تم تنخفض مرة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬رعشة وعرق شديد‪.‬‬
‫‪ -‬صداع مستمر وآلم شديدة في المفاصل‪ ،‬وخاصة في أسفل الظهر‪ ،‬والعظام والعضلت عامة‪.‬‬
‫‪ -‬الخمول والشعور بالتعب والجهاد نتيجة القيام بأي عمل‪.‬‬
‫‪-‬مضاعفات أخرى في حالة إهمال العلج مثل ‪:‬‬
‫* تضخم الكبد والطحال والغدد اللمفاوية‪.‬‬
‫* ألم وتورم الخصيتين عند الذكور وأحيانا الجهاض عند النساء‪.‬‬
‫* التهاب المفاصل والعظام وصمامات القلب والمخ والعصاب وغيرها‪.‬‬

‫تعتبر الحمى المالطية كذلك من المراض التي أوجبييت المراقبيية البيطريية لنهييا تصيييب النسييان‪ ،‬وقييد كييانت هيده‬
‫الحيوانات تتلف كلما وجدت حالت من المراض الييتي تضيير بحييياة النسييان ومنهييا الحمييى المالطييية‪ .‬وميين جمليية‬
‫الجرآت التي يجب اتخاذها‪:‬‬
‫‪ -‬التخلص من الحيوانات المصابة‪.‬‬
‫‪ -‬الوعي الصحي من قبل المستهلك وخاصة مربي الحيوانات والجزارين وعمال المجييازر ومعرفتهييم بطبيعيية هييذا‬
‫المرض وخطورته وطرق انتقاله‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ الحتياطات الصحية اللزمة‪ ،‬من طرف مربي الحيوانات والبياطرة والجزارين‪.‬‬

‫ج‪ -‬جدري البقار‬


‫يعرف هذا المرض عند العموم بمرض » السينتة «‪ ،‬وهو طفيلي يعيش في أمعاء النسان )‪ ،(Tenia saginata‬وعند‬
‫التبرز يتلوث المحيط‪ ،‬وينتقل إلى البقييار أثنيياء رعيهييا علييى القيياذورات أو العشيياب الملوثيية‪ ،‬وتنقلييه البقييار إلييى‬
‫النسان عبر لحوم الحيوانات الملوثة بيرقات هذا الطفيلي والتي تتجمع على شكل كيسييات فييي العضييلت‪ .‬ونشييير‬
‫إلى أن الرعي في مراعي ملوثة لم يعد بنفس الخطر كما هييو الشييأن بالنسييبة لبقييار الحضيييرة‪ ،‬الييتي ل ترعييى فييي‬
‫المراعي وإنما تعلف وتظل محبوسة في الحضائر‪.‬‬

‫ولم يبقى إل خطر الثليوث بيالعلف اليتي تحتييوي عليى نفاييات الحيوانييات أو قياذورات‪ ،‬قييد تتسييبب فيي التعفيين‬
‫بالمرض‪ ،‬ويجب أن تراقب القطعان وكذلك المواد العلفية بصرامة للحد من وقوع وإنتشار المرض‪ ،‬وإذا دعونا إلى‬
‫مراقبة القطعان فأمر هين و سهل‪ ،‬لكين مراقبية العلف لين تكيون سيهلة‪ ،‬ليذا عليى المسيتهلك أن يتحيرى الجيودة‬
‫الصحية للحوم على مستوى المراقبة والعلف‪ ،‬وأن يتحرى معرفة اللحوم المنحدرة من حيوانات الرعي‪ ،‬واللحوم‬
‫المنحدرة من الحيوانات المعلوفة‪ ،‬وكذلك العلف هل هو خلئط تقليدية لمواد طبيعييية محلييية مثييل الحبييوب والنخاليية‬
‫وما إلى ذلك‪ ،‬أم هو خلئط صناعية لمواد مستوردة‪.‬‬

‫د‪ -‬الجمرة الخبيثة‬


‫ويعتبر من الميراض الخطييرة اليتي تنتقيل إليى النسيان عيبر اللحيم عليى الخصيوص‪ .‬ويتمركيز جرثيوم الجميرة‬
‫الخبيثة )‪(Bacillus anthracis‬في العضلت على شكل بقع أو حبوب سوداء تعرف بالفحم‪ .‬وقيد كيان هيذا الميرض‬
‫شائعا من ذي قبل‪ ،‬لكنه انخفض نسبيا حيث اندثر ولم يعد سائدا ولكن يبقيى محتمل‪ ،‬وتكيون المراقبية فيي المجيازر‬
‫سهلة لن أعراض التفحم تظهر في اللحم‪ .‬وفي حالة ما إذا تبين أن الجثة مصابة بهذا المرض‪ ،‬فإنها تتلف مباشييرة‪،‬‬
‫ويشرف على عملية التلف الطبيب البيطري المكلف بالمراقبة‪.‬‬

‫من خصائص الجمرة الخبيثة أنه متبوغ‪ ،‬ومقاوم للحرارة من حيث يمكن أن يفلت للطهي بسهولة‪ ،‬وممكن كييذلك أن‬
‫يفلت للتعقيم الحراري أثناء تصنيع المواد اللحمية‪ ،‬إذا كانت اللحوم ملوثة‪ .‬وبما أنه ينتمي لمجموعة الباكتيريا القابلة‬
‫لصيبغة اغيرام ( )‪ ،+Gram‬فيإنه ل يقياوم المضيادات الحيويية‪ ،‬مثيل البنيسييلينات والمضيادات المقترنية بهيا‪ .‬لكين‬
‫المضادات ل يمكن أن يعتمد عليها‪ ،‬نظرا لحتمييال ظهييور بعييض السييللت المقاوميية للمضييادات‪ ،‬أو نظييرا كييذلك‬
‫لحساسية بعض الشخاص للبنيسلين‪.‬‬

‫وفي حالة ظهور تعفنات بهذا الجراثيم‪ ،‬فإن الفحص الييبيطري للجثييث فييي المجييازر جييد كييافي لمعرفيية وتشييخيص‬
‫المرض‪ ،‬حيث تتلف الجثث لكن بالنسبة للصابة العادية الطبيعية‪ ،‬أما وجود جرثييوم الجمييرة الخبيثيية خييارج نطيياق‬
‫تعفن الحيوانات في الطبيعة فالمر يختلف تماما ويصييبح بأهميية قصيوى‪ ،‬مين حييث المراقبيية والتشيخيص‪ .‬وككيل‬
‫الجراثيم الخبيثة التي تسبب المراض بيالتعفن المباشير‪ ،‬مثيل جرثيوم السيل و جرثيوم الطياعون وجرثيوم الجميرة‬
‫الخبيثة‪ ،‬فإن طرق البحث والتحاليل المخبرية تكون على أشد مستوى من الحذر‪ ،‬من حيييث يشييترط أن تكييون هنيياك‬
‫بعض القواعد الصحية التي تساعد على رفع الخوف على القل عن التقنيين الدين يقومون بالفحص‪.‬‬

‫ه ‪ -‬اللحوم الملوثة بالهرمونات‬


‫في إطار الصراع الدائر بين الوليات المتحدة والسوق الوروبية المشييتركة حييول سييلمة لحييوم العجييول الييتي يتييم‬
‫تسمينها باستعمال بالهرمونات‪ ،‬قررت اللجنة العلمية للبيطرة سيينة ‪ ،1999‬عييدم صييلحية لحييوم العجييول المعالجيية‬
‫بالهرمونات‪ ،‬حيث تبت وجود علقة وطيدة بييين تنيياول هييذه اللحييوم والمييراض العصييبية والسييرطانية والمناعييية‪.‬‬
‫ويتحتم على المصالح والوساط المسؤولة أن تراقب تربية المواشي وتقنيات التسمين‪ ،‬وكذلك مراقبة الحيوانات فييي‬
‫المجازر لتحري عدم استعمال الهرمونات في التسمين بالنسبة للبقر والغنم والدجاج‪ .‬وطبعا يستحسيين وضييع قييانون‬
‫ينظم تربية المواشي في الوقت الحاضر لن العلييف أصيبح موضييوعا موضيع الشيبهة عليى إثيير ظهييور الميراض‬
‫الخطيرة مثل داء جنون البقار والحمى المالطية والتلوث بالدايوكسين‪.‬‬

‫و‪ -‬الرانب‬
‫من المعروف أن الرانب تتسييبب فييي نقييل مييرض التولريميييا بحملهييا لجيير ثييوم ‪ ،) (Francisella tularensis‬وقييد‬
‫يصاب الشخاص أتناء حملهم للحوم‪ ،‬أو أثناء استهلكها‪ ،‬كما قد تتلييوث اللحييوم‪ ،‬والوانييي بهييذا الجيير ثييوم‪ .‬ويييأتي‬
‫التعفن أو الصابة كذلك من الماء المعفن‪ ،‬كماء الغسل الذي تخلفييه الميياكن الييتي تذبييح فيهييا الرانييب‪ .‬وقييد يصيياب‬
‫النسان كذلك عبر لسعات الحشرات الناقلة للجرثوم كالذباب‪ ،‬وينتقل هذا المرض إلى الحيوانات التي تتغييدي علييى‬
‫الرانب‪ ،‬ثم ينتقل إلى النسان‪ .‬وعلى أي حال فالرانب أو القنية على الخصوص‪ ،‬أصبحت تربييى بكييثرة وبطريقيية‬
‫عصرية صناعية‪ ،‬مما أدى إلى ظهور مساليخ تعاليج عيددا كيبيرا مين القنييية لتصيبح جياهزة للتصييدير أو التصيينيع‬
‫بكميات هائلة‪ ،‬وهناك أشخاص يعملون في هذا الميدان‪ ،‬كما أن هناك وحدات تنتج مياه ملوثة‪ ،‬والتي يجب مراقبتهييا‬
‫بحزم وصرامة‪ ،‬حتى ل نتوقع حدوث أي خطر من شأنه أن يتسبب فييي أضييرار للمسييتهلك‪ .‬وكييون الخطيير ينتشيير‬
‫عبر الماء‪ ،‬يعقد المشكل‪ ،‬لن مياه الغسل المنحدرة من مساليخ القنية‪ ،‬يجب أن تصنف مييع النفايييات الخطييرة‪ ،‬كمييا‬
‫يجييب أن تراقييب مراقبيية شييديدة‪ ،‬وأن ل يسييمح لي وحييدة أن تقييوم بسييلخ القنييية إل إذا تييوفرت علييى الشييروط‬
‫الصحية لذلك‪ ،‬وعلى دكاكين السلخ التقليدية أل يرموا بالمياه الخرى قبييل معالجتهييا بييالحرارة علييى القييل أو بميياء‬
‫جافيل‪.‬‬

‫‪ - 3‬التسممات الناتجة عن الباكتيريا‬

‫أ‪ -‬الكريات العنقودية ‪Staphylococci‬‬


‫تعتبر هذه الباكتيريات من النواع الطبيعية‪ ،‬التي قد توجد على الغطية والماء وفي الهواء والتربة‪ ،‬كما قد تأتي من‬
‫جلد الحيوان والنسان‪ .‬ولكون هيذه الجراثييم بيئيية )موجيودة فييي الطبيعيية(‪ ،‬فييإن تليوث المييواد الغذائيية يكيون جيد‬
‫محتمل‪ ،‬ولذلك يجب مراعاة الشروط الصحية‪ ،‬التي تحول دون وجود هذه الباكتيريات في المواد الغذائية‪ ،‬كالبسترة‬
‫أو الحد من نموها كالتبريد أو التجميد‪ .‬ويجب عدم لمس الغذية باليد‪ ،‬خصوصا المواد التي تستهلك مباشييرة‪ .‬ولعييل‬
‫ما يستحق الذكر لتنبيه المسييتهلك‪ ،‬هييو أن تسييمم ‪ staphylococcus‬يتعلييق بييالمواد الخامية‪ ،‬أكييثر مييا يتعلييق بييالمواد‬
‫المصبرة والمعلبة‪ .‬ولذلك فإن بقاء المواد الخامة تحت حرارة بيئية‪ ،‬لمدة طويلة قبل المعالجة‪ ،‬يفضي إلى تسمم ولييو‬
‫تعالج هذه المادة بالحرارة‪ .‬لن الجراثيم تنمو بكثرة وتفرز السمين بقدر كبير‪ ،‬وحيث تعالج المادة تتم إبادة الجراثيييم‬
‫الحية‪ ،‬بينما تبقى السمينات لن الحرارة ل تؤثر على هذه المركبات‪ ،‬ونشير إلى أن التحاليل الخاصة بهذه السمينات‬
‫تتطلب وقتا وخييبرة‪ ،‬ول تتطلييب معييدات متقدميية‪ .‬ويجييري هييذا علييى الحليييب ومشييتقاته واللحييم والسييمك والييدجاج‬
‫والبيض والكسكس والسجق والنقانق والخبائز‪ .‬وأكثر هيذه المييواد احتمييال للخطيير اللحيم‪ ،‬وكييل المييواد الييتي يييدخل‬
‫الحليب أو اللحم أو البيض أو السمك في تركيبها ولو جزئيا‪.‬‬

‫‪Salmonella‬‬ ‫ب ‪ -‬عصيات حمى التايفويد‬


‫تتسبب هذه الجراثيم في إصابة حمى التايفويد )‪(Typhoid‬وبما أن هذه الجراثيم توجد كذلك في البيئة‪ ،‬فييإن الخطيير‬
‫جد محتمل‪ .‬ويزداد هذا الخطر مع وجود الحاملين لهذا الجرثوم‪ ،‬وهم الشخاص الييذين أصيييبوا بييالمرض ثييم شييفوا‬
‫منه بدون علج‪ ،‬حيث يصبح الجرثوم رميا بالنسبة لهم‪ ،‬لنهم اكتسبوا المناعة ضده‪ ،‬لكنهم يشييكلون خطييرا موقوتييا‬
‫على المجتمع بكونهم يحملون جرثوم التايفويد‪ .‬ولهذا يجب مراقبة كل الشخاص اليذين لهيم صيلة بيالمواد الغذائيية‪،‬‬
‫ونخص العاملين في الوحدات الصناعية للمواد الغذائية‪ ،‬والعاملين في المطابخ كيفما كان نوع المطبخ وحجمه‪ ،‬ولييو‬
‫في الدار‪ ،‬وكل الباعة وخصوصا الجزارون وأصحاب المحلبات وما إلى ذلك‪ ،‬للحد من وقوع الخطر‪ ،‬وإل فسيينظل‬
‫ضحايا محتملون‪ .‬ويكفي استعمال الحرارة للحد من خطر التلوث بعصيات حمى التايفويد‪ ،‬ولذلك يبستر الحليب لن‬
‫احتمال وجود هذه الجراثيم فيه أمر طبيعي‪.‬‬

‫وتختلف العلمات الحادة‪ ،‬التي قد تظهر على المصاب‪ ،‬حسب العمر والقوة والبنية وحالة الجهد أو العياء أو التعب‪،‬‬
‫وهي القيء والسهال الحاد والتشنج في البطن‪ ،‬والعلمة المميزة لهذا الميرض هييي الحمييى اليتي تنشييأ عيين ارتفيياع‬
‫الحرارة‪ ،‬وقد يحس المصاب ببعض الدوران أو آلم في الرأس والعضلت‪ .‬وحسب الحصائيات فييإن الييوقت الييذي‬
‫تقضيه الجراثيم في الجسم بعد تناول الطعام قبل التفاعل وظهور العراض‪ ،‬يتراوح بين ‪ 6‬إليى ‪ 48‬سياعة ول ميانع‬
‫في أن تظهر بعد أكثر من ‪ 48‬ساعة‪ .‬بعد هذه المرحليية وهييي مرحليية دخييول الجرثييوم للجسييم‪ ،‬يييدخل المريييض فييي‬
‫مرحلة صعبة وحاسمة‪ ،‬تتراوح بين أسبوع وأسبوعين يلييزم فيهييا المريييض الفييراش‪ .‬ويقتحييم الجرثييوم الييدم‪ ،‬حيييث‬
‫نلحظ إما موت المصاب‪ ،‬أو قد ينجو من المرض‪ ،‬لكن يضل حامل للجرثييوم فييي جهييازه الهضييمي وبالتييدقيق فييي‬
‫المرارة وهو ما يسمى بالحامل السليم‪.‬‬

‫ومن أخطر الخصائص لمرض حمى التايفويد‪ ،‬هييو كييون الشييخاص الييذين أصيييبوا إذا لييم يموتييوا‪ ،‬يبقييون حيياملين‬
‫للجرثوم‪ ،‬ويشكلون مصدرا لهذا الجرثوم من حيث يلوثون جميع الماكن التي يمرون بها‪ ،‬وهو المر العجيييب عنييد‬
‫جرثوم التايفويد‪ ،‬فقسط يموت وقسط يضل حامل للجرثوم‪ ،‬حيث يتخذ من النسان خزانا طبيعيا‪.‬‬

‫وحسب النواع التي تنتمي لصنف ‪ ،Salmonella‬فإن هناك مرض حمى التايفويد ويشيكل أخطير الحيالت‪ ،‬وهنياك‬
‫بعض الحالت الخرى التي قد تنتج عن سللت من نفس الفصيلة‪ ،‬ومنها الصابات المعوية أو السهالت الحادة‪،‬‬
‫دون أي تشعب للمرض‪ ،‬وتبقى حالت الموت جد نادرة ومرتبطة على الخصوص بالحالة الصييحية والقييوة البدنييية‬
‫للمريض ومناعته‪.‬‬

‫أما الغذية التي من شأنها أن تتسبب فييي الصييابة بحمييى التايفويييد‪ ،‬فمتعييددة وكييثيرة ومختلفيية‪ .‬ومنهييا علييى وجييه‬
‫الخصوص‪ ،‬كل المواد الحيوانية‪ ،‬أو الناتجة عن الحيييوان‪ ،‬ميين لحييوم وأسييماك وبيييض وصيييد‪ ،‬واللبييان‪ ،‬والمييياه‪.‬‬
‫وتتميز هذه الغذية‪ ،‬بكونها تتصييل مباشييرة مييع الطبيعيية والعنصيير البشييري‪ ،‬الييذي يكييون الخييزان الرئيسييي لهييذه‬
‫الجراثيم‪ .‬وتشمل هذه الغذية كل المأكولت التي تحضر باليد لحتمال أن يكون الشييخص الييذي يحضييرها حييامل‬
‫سليما للجرثوم‪ ،‬ونذكر من بين هذه المأكولت كل الطباق التي تحضر في المقاهي والمطاعم العمومية أو الفنادق‪،‬‬
‫أو المطاعم الجماعية في الثانويات‪ ،‬والحياء الجامعية والداخليات والتكنات العسكرية وما إلى ذلك‪.‬‬

‫وقد يتعقد الموضوع‪ ،‬ليصبح في بعض الحيان متشعبا‪ ،‬كيياختلط المييواد الغذائييية مثل ببعضييها‪ ،‬ونجييد مثل‬
‫القشدة التي تدخل في العديد من الخبائز والحلويات والمثلجات‪ ،‬وكل هذه النيواع مين الغذيية غنيية وتسيمح‬
‫بنمو وتكاثر الجراثيم إذا ميا أصيابتها أتنيياء التحضيير‪ .‬وكيذلك الييبيض اليذي ييدخل فييي تحضييير العدييد ميين‬
‫المأكولت‪ .‬وحتى لو لم تكن المواد الغذائية محتوية علييى ميواد حيوانييية‪ ،‬فيإن التحضييير قيد يلوثهيا‪ ،‬إذا كيان‬
‫الشخص الذي يحضرها مصابا‪ .‬وهناك العديد من الحالت التي وجدت بسبب نساء كيين يعمليين فييي المطيياعم‬
‫العمومييية وهيين حيياملت لجرثييوم سييالمونيل‪ .‬وقييد عييثر البيياحثون علييى جرثييوم حمييى التايفويييد فييي التييوت‬
‫الرضي‪ ،‬وفسروا هذا الحادث بأن الثلوث أتى من السماد الذي خصبت به الرض لزراعة التوت الرضي‪،‬‬
‫بينما قد يكون ذلك أثناء الجني‪ ،‬حيث يتم جمع الثمار باليدي من لدن أشخاص مصابين بالجرثوم‪.‬‬

‫ج‪ -‬الصابات المعوية عند الطفال‬


‫هناك بعض النواع من الجراثيم‪ ،‬التي ل تعتبر مضرة على العموم‪ ،‬لكيين بعييض السييللت قييد يحييدث فييي بعييض‬
‫الحيان إصابات معوية لدى الطفال على الخصوص‪ ،‬وهذه السللت تنتمي لنوع ‪ E. coli‬والمعروفيية بالسييللت‬
‫المضرة بالطفال ‪ (EEC (Escherichia Coli Enfantil‬وهي جد مترددة وتقع بكثرة‪ .‬وتتخصص هذه الجراثيم في‬
‫اللتصاق بالخميلة المعوية للمعي الدقيق‪ ،‬وتفرز بعض السمينات التي تحدث بدورها توقف امتصيياص الصييوديوم‪،‬‬
‫وهو ما يؤدي إلى خلل في التوازن المائي‪ ،‬فيقع السهال الحاد‪ .‬إذ أنه يكون بنفس حدة إسهال الكوليرا‪ .‬لكنييه يييزول‬
‫عادة بعد مضي ‪ 30‬ساعة تقريبا وقد ينهييك صيياحبه‪ .‬ورغييم أن هييذا السييهال ل يعتييبر عييادة خطيييرا فييي الوسيياط‬
‫الطبية‪ ،‬فإن حالت من الوفيات عند الطفال قد سجلت في بعض البلدان بسبب هذا الجرثوم‪.‬‬

‫د‪ -‬تسممات أو التهابات ‪Campylobacter‬‬


‫كان يعرف نوع )‪ (Campylobacter‬قديما بتسببه للحالت البيطرية المزمنة‪ ،‬التي تشمل كل من البقييار والغنييام‬
‫والدجاج‪ ،‬لكن تم العثور حديثا على هذا النوع في الغذيية المسييببة للحييالت المرضييية عنيد النسييان‪ ،‬ومنهييا علييى‬
‫الخصييوص النييزلت السييهالية‪ ،‬وقييد يصييحب هييذا النييوع كييل ميين عصيييات حمييى التايفويييد وجرثييوم ‪Shigella‬‬
‫‪ dysenteria‬وقد اتضح الن‪ ،‬أن هذا الجرثوم يأتي من الغذية‪ ،‬ويوجد بيئيا في الجهيياز الهضييمي للحيوانييات مثييل‬
‫الغنام والدجاج‪ ،‬وقد يوجد كذلك في البيض والحليب‪.‬‬

‫ينتمي نوع ‪Campylobacter jejuni‬وهو النوع الشائع‪ ،‬إلى مجموعة العصويات‪ ،‬وهي نفس المجموعة التي تضييم‬
‫جرثوم حمى التايفويد‪ ،‬ويتطلب قدرا ضعيفا من الوكسايجين في الوسيط اليذي يييزرع فييه‪ .‬ويتطلييب هيذا الجرثييوم‬
‫مستوى جد ضعيف من الوكسايجين لستنباته‪ ،‬أما مستوى الوكساجين الموجود في الهواء فيعتبر مبطل لنموه ‪.‬‬

‫ويصيب جرثوم ‪ Campylobacter‬الطفال على الخصوص‪ ،‬البالغين سن العاشرة فما أكثر‪ ،‬مع احتمال إصييابة كييل‬
‫العمار‪ ،‬وهو أميير ممكيين‪ .‬أمييا النزليية فتصيييب المعييي الييدقيق‪ ،‬والغليييظ علييى حييد سييواء‪ ،‬وتحييدث إسييهال يظهيير‬
‫بعد ‪ 3‬إلى ‪ 5‬أيام من تناول الطعام الملوث‪ ،‬وقد ل يظهر إل بعد ‪ 11‬يوما‪ .‬ومع السهال يظهر كذلك آلم في البطيين‪،‬‬
‫مع تشنج المعاء‪ ،‬وحمى خفيفة‪ ،‬وقد يظهر أثر الدم في البراز بعد ‪ 3‬أيام‪ ،‬وهناك بعض العراض الثانوية‪ ،‬التي قد‬
‫تظهر على المصاب مثل الدوران والصداع في الرأس وآلم في العضلت‪.‬‬

‫ه‪ -‬الليستيريا ‪Listeria‬‬


‫يرجيييع تارييييخ الليسيييتيريا إليييى سييينة ‪ 1926‬حييييث تيييم عزليييه مييين الفئران‪ ،‬وأطليييق علييييه اسيييم ‪Bacterium‬‬
‫‪ monocytogenes‬وهيييييو جرثيييييوم يظهييييير عليييييى شيييييكل عصيييييية صيييييغيرة‪ ،‬وأعطيييييي اسيييييم ‪Listeria‬‬
‫‪ monocytogenes‬سنة ‪ 1940‬وضل هيذا الجرثيوم غيير معيروف عليى الصيعيد الطيبي والعلميي إليى غايية ‪.1960‬‬
‫وظهرت أول حالة لمرض الليسييتيريا عنييد النسييان بسييبب الغذييية فييي سينة ‪ 1986‬ومنييد هييذا التاريييخ أصييبح هيذا‬
‫الجرثوم شائعا ومترددا في الحالت المرضية الناشئة عن الغذية‪.‬‬

‫ومن خصائص الليستيريا أنه جرثوم بيئي‪ ،‬بمعنى أنه يوجييد فييي الطبيعيية‪ ،‬ويمكيين أن يصيييب النسييان عيين طريييق‬
‫الغذية‪ .‬ومن الخصائص التي لها انعكاس خطير‪ ،‬كونه ينمو تحت مستويات واسعة ميين الحييرارة ميين ‪ 1‬إلييى ‪°45‬م‬
‫وهو ما يسبب انزعاجا للصناع‪ ،‬لن التحفيظ تحت البرودة سوف ل ينفع مع هذا الجرثوم الذي ل يتأثر بالحرارة‪.‬‬

‫يعتبر كذلك نوع )‪ (Listeria monocytogenes‬العنصر البيطري الممرض‪ ،‬والمعروف عند الحيوانات‪ ،‬ويبدو أن‬
‫هذا المرض ليس نادرا لكن غالبا ما يفلت للتشخيص لعدم معرفته من جهة‪ ،‬وللخطأ المحتمل في المختبر ميين جهيية‬
‫أخرى‪ ،‬حتى أنه في بعض الحالت الخفيفة قد يفلت تماما من التشخيص‪.‬‬

‫وقد يوجد جرثوم ليستيريا بالحليب‪ ،‬والكرنب المسمد ببراز الحيوانات‪ ،‬والجبان‪ ،‬بمييا فيهييا الطرييية والمسييواة‪ .‬أمييا‬
‫المرض‪ ،‬فيصيب عليى الخصيوص الموالييد والشييوخ اليذين تتعيدى أعميارهم الخمسيين سينة‪ ،‬والنسياء الحواميل‪،‬‬
‫والمصابين بالسكري والمراض القلبية‪.‬‬

‫ومن العراض التي تظهر على المصاب التهاب الغشاء السحائي‪ ،‬وهو الغشاء الذي يحيط بالمخ والنخاع الشييوكي‪،‬‬
‫ويظهر هذا عند البييالغين‪ ،‬أمييا عنييد الشييخاص المنهييوكين فقييد يحييدث تسييمم دمييوي كمضيياعفة للمييرض‪ .‬أمييا عنييد‬
‫الشخاص العاديين‪ ،‬والمتمتعين بصحة جيدة‪ ،‬فيؤدي المرض إلى ظهور إصابة خفيفيية‪ ،‬مييع احتمييال حمييى ويييؤدي‬
‫تسرب الجرثوم عند النساء الحوامل إلى إصابة الجنين وتوقف الحمل حيث يولد المولود مصابا بتسمم دموي‪ ،‬أو قييد‬
‫يظهر عليه التهاب الغشاء السحائي في الفترة الولى بعد الولدة‪ ،‬ولو أن الم تظهر سليمة‪ ،‬وتصل الحالت المؤدية‬
‫للموت عند المواليد إلى ‪.% 30‬‬

‫و‪ -‬إصابة اليرسينيا‬


‫يوجد بيئيا نوع يرسينيا )‪ (Yersinia enterocolitica‬في الجهاز الهضمي عند الحيوانات الليفيية مثييل الكلب‪ ،‬وقييد‬
‫يأتي هذا النوع من الغذية المعفنة‪ ،‬أو من الماء‪ .‬وتشمل الغذية المحتمليية للتلييوث بهييذا الجرثييوم‪ ،‬اللحييوم بجميييع‬
‫أنواعها‪ ،‬والخضر‪ ،‬الطازجة‪ ،‬والفواكه‪ ،‬واللبان‪ ،‬والجبن‪ ،‬وينتمي هذا النوع إلى نفس المجموعة التي تنتمييي إليهييا‬
‫عصيات حمى التايفويد‪ ،‬وهناك بعض الشياء التي لزالت لم تعرف عن هذا الجرثوم‪ ،‬وتخص السللت من نفييس‬
‫النوع‪ ،‬التي تسبب المرض عند بعض الشخاص‪ ،‬أو في بعض الحييالت عنييد تسييربها عييبر الغذييية‪ ،‬وفييي بعييض‬
‫الحالت الخرى‪ ،‬يمكن أن تتسرب للجسم‪ ،‬دون أن تحدث أي مرض‪ .‬أما العييراض الييتي تظهيير علييى المصيياب‪،‬‬
‫فمنها السهال والحمى وطفح في الجلد مع احتمال القيء‪ ،‬لكن مييا يميييز هييذا المييرض‪ ،‬هييو اللييم الحيياد فييي الجهيية‬
‫اليمنى من أسفل البطن‪ ،‬وهو شبيه بألم الزائدة‪ ،‬حتى أن بعض الطباء كانوا يظنون أنه التهاب الييزائدة قبييل ظهييور‬
‫هذا المرض‪ ،‬وهناك حالت تمت إزالة الزائدة وتبين أخيرا أنها إصابة اليرسينيا وليست الزائدة‪.‬‬

‫لم يكن هدا النوع ذا أهمية من قبل إل في السنوات الخيرة‪ ،‬حيث أصبحت إصييابات اليرسييينيا تشييكل إصييابات جيد‬
‫مترددة ومحتملة تتسبب فيها الغذية الطازجة على الخصوص‪.‬‬

‫ز‪ -‬الصابة بجرثوم الديساتيريا ‪Shigella dysenteria‬‬


‫يكون انتقال داء الديساتيريا من شخص لخر أكثر احتمال لنتقاله عبر المواد الغذائية والماء‪ ،‬ولكن ل نعرف ما إذا‬
‫كانت هذه الطريقة معهودة في انتشار هذا المرض‪ ،‬ونلحظ أن الظروف الصحية وشروط النظافة والتطهييير تلعييب‬
‫دورا مهما في انتشار العدوى‪ .‬وقد يرتفع هذا الداء نسبيا فييي الثكنييات وخصوصييا فييي فصييل الصيييف‪ ،‬حيييث تكييثر‬
‫الفواكه الطرية وترتفع الحرارة‪ .‬وينتمي جرثوم ‪ Shigella dysenteria‬إلييى مجموعيية الباكتيريييا العصييوية السييالبة‬
‫لصبغة اغرام‪ ،‬وهي نفس المجموعة التي تضم جرثوم حمى التايفويد‪ ،‬وتسييمى هييذه المجموعيية بمجموعيية باكتيريييا‬
‫المعاء‪ .‬وهي النواع التي تنمو بسهولة على الغذية‪ ،‬وقد تكون هذه الخيرة إما أداة نقل للمكروب‪ ،‬حيييث يلتصييق‬
‫بها‪ ،‬أو وسط غدائي له‪ ،‬حيث ينمو عليها ويتكاثر وفي كلتي الحالتين‪ ،‬فالخطر موجود وانتقال المرض محتمل‪ .‬أمييا‬
‫الغذية التي تتسبب في نقل الجرثوم إلى النسان‪ ،‬فتشمل كل الغذية التي تروج بكثرة‪ ،‬وبواسطة العنصر البشييري‬
‫كالخضر والبطاطس والكرنب والجزر والسمك والقواقع والدجاج والفواكه الطرية والماء‪.‬‬

‫وبما أن الجراثيم تأتي من النسان‪ ،‬فإن الشخاص المصابين هم الييدين يوزعييونه عييبر الغذييية الييتي يتصييلون بهييا‬
‫باللمس والحمل وتحضير الوجبات‪ .‬وتستغرق الصابة مدة تتراوح بين ‪ 12‬سيياعة و ‪3‬أسييابيع‪ ،‬لكيين المييدة المعهييودة‬
‫تتراوح بين ‪ 5‬و ‪ 6‬أيام‪ ،‬وتظهر على المصاب أعراض تتمثل فييي السييهال الحيياد مييع وجييود أثيير الييدم فييي الييبراز‪،‬‬
‫وكذلك تشنج وآلم في البطن وعلى عكيس إصييابة حميى التايفويييد‪ ،‬فييإن الحيرارة ل تعييرف أي ارتفياع بيل يصياب‬
‫المريض برعشة باردة‪ ،‬وقد يحيس المصياب بيآلم فيي اليرأس‪ ،‬وضيعف فيي العضيلت ميع القييء أحيانيا‪ ،‬ومميا‬
‫يميز هذا المرض‪ ،‬أنه يبقى لمدة تفوق أربع مرات المدة التي يقتضيها ظهوره‪.‬‬

‫ح‪ -‬وباء الكوليرا ‪Vibrio cholerae‬‬


‫إن وباء الكوليرا يقترن بالهلع في الميدان الطبي‪ ،‬وهييو وبيياء تيياريخي‪ ،‬لمييا أحييدثه فييي الجيييال السييابقة‪ .‬ول يييزال‬
‫يصيب بعض الجهات من المعمور‪ ،‬خصوصا تلك التي تنعدم أو تتدنى فيها الشروط الصحية للغذية والماء‪ .‬ولعل‬
‫هذا الخير هو الذي يمثل المشكلة الكيبيرة للصييابة بوبيياء الكيوليرا‪ .‬ونتكليم عيين الوبيياء وليييس الميرض‪ ،‬لن هيذا‬
‫الجرثوم ينتقل من شخص لخر وبسرعة‪ ،‬حتى أنه قد يأتي على قرية أو مدينة بكاملها‪ .‬ول يظهر هييذا الجرثييوم إل‬
‫في النواحي أو المناطق المزدحمة والملوثة أو الوسيخة‪ ،‬وهيي الشيروط اليتي تسياعد عليى انتشيار وانيدلع الوبياء‬
‫بسرعة‪.‬‬

‫والسائد أن جرثوم الكوليرا أو ‪ Vibrio cholerae‬قد يوجيد فييي المييواد الغذائييية الطازجيية‪ ،‬ومنهييا علييى الخصييوص‬
‫الخضر والفواكه‪ ،‬وهي المواد التي تتصل مباشرة بالبيئة والمياه‪ ،‬وقد يتسبب الماء في حمل الجرثوم إلييى النسييان‪،‬‬
‫إما مباشرة عن طريق الشرب‪ ،‬أو بطريقة غير مباشرة عن طريق غسل الفواكه والخضر الطازجة بالماء الملوث‪.‬‬

‫ينتمي جرثوم ‪ Viobrio cholerae‬إلى مجموعة الباكتيريا العصوية السالبة لصبغة اغرام‪ ،‬وهييي نفييس العائليية الييتي‬
‫تضم عصيات حمى التايفويد‪ .‬ويعتبر وباء الكوليرا من الحالت الستعجالية التي تهز الميييدان الطييبي بييالرغم ميين‬
‫أنه مشكل ل يهم المييدان الطيبي أكيثر ميا يهيم مييدان التجهييز‪ ،‬وييثير هيذا الجرثيوم انتبياه كيل العياملين بالقطياع‬
‫الصحي‪ ،‬من حيث الحذر والحيطة لظهور حالة ما‪.‬‬

‫ومن العراض التي تظهر على المصاب‪ ،‬والتي تميز هذا الوباء‪ ،‬السييهال الحيياد مييع بعييض الشييارات الخييرى‪،‬‬
‫والتي تظهر حسب ظروف معينة كتشنج المعاء والقيء وآلم فيي اليرأس‪ ،‬ميع رعشية بياردة أو حميى بياردة‪ .‬ول‬
‫يتعدى الوقت الذي تقتضيه هذه العراض‪ ،‬مدة ‪ 12‬ساعة بعد تناول طعام أو ماء ملييوث بجرثييوم الكييوليرا‪ .‬ويييؤدي‬
‫السهال إلى ضياع كمية هائلة من الماء‪ ،‬وهو الشيء الذي يرهق الجسم بالجفاف‪ ،‬وطبعا يؤدي إلى الموت‪.‬‬

‫وهناك نوع آخر لنفس الصنف‪ ،‬والذي يسبب نفس العراض أي السهال‪ ،‬لكين لييس بنفيس الحيدة‪ .‬ول ييؤدي إليى‬
‫الموت ويسمى هذا النوع )‪ (Vibrio eltor‬ويكنى على قرية آل ثور الموجودة على حدود الحجاز‪ ،‬وقد كانت نقطيية‬
‫ممر إلى الحج‪ .‬وكانت تمثل هذه النقطة محطة للمراقبة بالنسبة للحجاج الوافدين من بلييدان أخييرى‪ ،‬وكييان ل يسييمح‬
‫بدخول الشخاص المصابين بالمراض المعدية‪ ،‬مثل الطاعون وعلى إثيير وجييود أعييراض عنييد شييخص ميين دوي‬
‫النفوذ في بلده‪ ،‬من حيث كان قائدا أو ضابطا في الجيش‪ ،‬وتحييرج المراقبييون ميين عييدم السييماح لييه بالييدخول إلييى‬
‫الحجاز لداء فريضة الحج‪ .‬وأخذت عينات للتأكد من المرض‪ ،‬وتبين أخيرا أن العراض السهالية لم تكيين بسييبب‬
‫وباء الكوليرا‪ ،‬وإنما كانت بسبب جرثوم من نفس الصنف وأطلق عليه اسم ‪.Vibrio eltor‬‬

‫وهناك أنواع أخرى تسبب نفس السهالت‪ ،‬وقد تكون حادة فييي معظييم الحيييان‪ ،‬وتييأتي ميين نفييس المييواد الغذائييية‬
‫والماء مثل نوع ‪ Vibrio foetus‬الذي أصبح ‪ Campylobacter foetus‬وأنواع أخرى من نفس الصنف‪ ،‬التي تسبب‬
‫نزلت مرتبطة بالمعدة والمعاء‪ ،‬خصوصا اللتهابات المعوية والمعدية‪.‬‬

‫ط‪ -‬الباكتيريا المتبوغة ‪Clostridium‬‬


‫يعتبر التسمم الناتج عن سمينات نوع ‪ Clostridium‬من أخطر التسممات الغذائية‪ ،‬والتي قد تسبب الموت فييي وقييت‬
‫قصير‪ ،‬من حيث يمكن للمصاب بهذا التسمم‪ ،‬أن يفارق الحياة ساعات قليلية بعييد تنيياول الغييذاء الملييوث بسييمين هيذا‬
‫النوع‪ .‬ولعطاء فكرة عن هذا السمين‪ ،‬ويسمى كذلك سمين البوتلين‪ ،‬فيإن كميية قليلية تعيد بيالغرام قيد تقضيي عليى‬
‫مجموع سكان المعمور‪.‬‬

‫وينمو نييوع ‪ Clostridium‬علييى المييواد الغنييية كيياللحوم والسييماك والييدجاج‪ ،‬وميين خاصييية هيذا النييوع أنييه مقيياوم‬
‫للحرارة‪ ،‬من حيث ل تتأثر بوغاته بالحرارة العادية‪ ،‬كما أن بعض البوغات قد تفلت لحرارة التعقيم التي تصييل إلييى‬
‫حدود ‪°120‬م‪ ،‬وهي الدرجة الحرارية التي تعقم بها المصبرات الحيوانييية كالسييماك والمصييبرات اللحمييية‪ .‬وحيييث‬
‫تبقى بوغات قليلة في المادة الغذائية تنمو أتناء الخييزن وتفييرز سييمينات بكميييات مميتيية‪ .‬ويسيياعد إخلء الهييواء ميين‬
‫العلب كما هو الشأن‪ ،‬على نمو هذه الجراثيم لنها أنواع لهوائية‪.‬‬
‫ومما يشكل خطورة قصوى عند هذا الجرثوم هو كونه يتبوغ‪ ،‬بمعنى أنه تحت الشروط الغييير الملئميية للنمييو‪ ،‬فييإنه‬
‫يتحول إلى بوغة مقاومة لجميع المتبطات من حرارة ومبيدات وحموضة‪ ،‬وهييو الشيييء الييذي يشييكل خطييرا كييبيرا‪،‬‬
‫وهلعا بالنسبة لصناعة المصبرات الغذائية‪ .‬أما تصبير السمك‪ ،‬فإن الصييناع قييد يلجييؤون إلييى إضييافة بعييض المييواد‬
‫الكابحة للنمو‪ ،‬واستعمال حرارة عالية لمدة طويلة‪ ،‬وهو الشيييء الييذي قييد يفقييد المييادة جودتهييا الغذائييية‪ .‬أمييا المييواد‬
‫اللحمية ومنها السجق والنقانق والمصبرات الخرى‪ ،‬فإن المشكل يبقى دون خطييورة إذا مييا تمييت مراعيياة الشييروط‬
‫الساسية‪ ،‬التي من شأنها أن تحد من الخطر‪ ،‬وهو أمر بسيط وسهل‪ ،‬لكن يتطلب خبرة في الميدان‪.‬‬

‫ونظرا لعدم وجود خطورة بنفس الحدة بالنسبة للسماك‪ ،‬فإن التسممات الناتجة عيين المييواد اللحمييية )سييجق(‪ ،‬تبقييى‬
‫هي الكثر احتمال للحدوث‪ .‬وإذا وقعت حالت تسممية بسبب اللحوم المصييبرة‪ ،‬فإنهييا غالبييا مييا تييؤدي إلييي المييوت‬
‫ومنتشرة نظرا للكمية التي تم تصنيعها من نفس العينة‪ ،‬والتي توزع في أماكن مختلفة من الوطن أو في دول أخييرى‬
‫عبر التصدير‪ .‬ويبين وقوع هذا التسمم بسبب اللحوم مدى غياب التخصص في المييدان‪ ،‬وهيو للسييف الشيديد لييس‬
‫من اختصاص الطب البشري‪ ،‬أو الطب البيطري‪ ،‬وإنميا هيو مين اختصياص مهندسيي الصيناعات الغذائيية‪ .‬وليدينا‬
‫بعض المؤشرات التي نشخص بها المشكل‪ ،‬وبإمكاننا تفادي مثل هذه الشياء البسيطة التي تؤدي إلييى كارثيية إذا مييا‬
‫تهور أصحابها‪.‬‬

‫ونحن في ميدان علم الجراثيم الغذائية‪ ،‬يمكننا أن نعرف حقيقة المييادة الييتي سييببت التسييمم‪ ،‬والشييروط الييتي تييم فيهييا‬
‫التصنيع‪ .‬ومن العراض التي تظهر على المصاب يمكن أن نشك في نييوع ميين التسييمم‪ ،‬لكيين يجييب فحييص الوحييدة‬
‫الصناعية من طرف المختصين لمعرفة الخطر‪ ،‬وهو أمر في صالح الصناع‪ ،‬لنيه يسياعد عليى استئصيال المشيكل‬
‫وعدم السقوط فيه ثانية‪.‬‬

‫العراض الظاهرة حسب التسمم الغذائي‬

‫للللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل‬
‫عصيات حمى‬ ‫‪Clostridium‬‬ ‫الكريات‬ ‫الباكتيرا‬
‫التيفويد‬ ‫‪perfringens‬‬ ‫العنقودية‬
‫ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫‪ 24‬ساعة‬ ‫‪ 12‬ساعة‬ ‫‪ 3‬ساعات‬ ‫مدة الحضانة‬
‫( ‪ 24 -6‬ساعة) (‪ 48 -12‬ساعة)‬ ‫(‪ 5 -1‬ساعات)‬
‫ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫القيء‬
‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‪+‬‬ ‫السهال‬
‫خطير‬ ‫‪+++‬‬ ‫‪+++‬‬ ‫آلم في البطن ‪+‬‬
‫‪+‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪39,5 - 38,5‬‬ ‫ارتفاع الحرارة‬
‫‪+++‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫حالة تعب‬
‫محتمل‬ ‫دوران‬
‫بضعة أيام‬ ‫بضع ساعات‬ ‫وجيزة‬ ‫مدة العراض‬
‫للللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل‬

‫وهناك نوع آخر من الجراثيم المضرة وهو ‪ Clostridium perfringens‬يسبب كذلك إصابات إسهالية وآلم بطنييية‪،‬‬
‫وهييي إصييابات كييثيرة النتشييار‪ ،‬حيييث تييأتي بعييد الصييابة بالتايفويييد وتسييممات الكريييات العنقودييية‪ .‬ويوجييد‬
‫نييوع ‪ Clostridium perfringens‬بكييثرة علييى المييواد الغذائييية وفييي الييبيئة‪ ،‬وهييو جرثييوم كمييا أسييلفنا الييذكر‪،‬‬
‫متبوغ ويقاوم الحرارة‪ .‬ويوجد على المواد الغنية بالبروتينات كاللحوم واللبان والسمك والدجاج‪ ،‬وتييبين أخيييرا أن‬
‫الطباق الجاهزة للكل والكلت السريعة‪ ،‬تمثل الغذية الكثر احتمال لحمل هذا الجرثيوم خصوصيا إذا بقييت أو‬
‫تركت لوقت طويل تحت حرارة بيئية أو عادية‪.‬‬

‫عند تسرب الجرثوم إلى النسان يلتصق بالخميلة المعوية للمعي الدقيق حيث تتبوغ الخليا‪ ،‬ويصييحب هييذا التبييوغ‬
‫تكيييوين أو إفيييراز سيييمينات تسيييبب الصيييابة بتسيييمم هيييذا النيييوع‪ .‬وتظهييير العيييراض عليييى المصييياب فيييي‬
‫ظرف ‪ 7‬إلى ‪ 24‬ساعة‪ ،‬مع احتمال ظهورها بعد ‪ 8‬إلى ‪ 12‬ساعة في أغلييب الحيييان‪ ،‬بعييد تنيياول الطعييام الملييوث‬
‫بهذا النوع‪ ،‬ومن بين هذه العراض‪ :‬السهال مع آلم في البطن واضطرابات هضمية‪ ،‬وفي بعض الحيييان يظهيير‬
‫صداع في الرأس‪ .‬وتكون هذه الصابة بحدة أقل من حدة التسمم بالكريات العنقودية من حيث ل تتضاعف بل تبقييى‬
‫خفيفة إلى أن تزول‪ ،‬بعد مضي ‪ 12‬أو ‪ 24‬ساعة‪ ،‬حسب تحمل الشخص المصاب‪.‬‬
‫ك‪ -‬تسممات الهيسطامين‬
‫تتردد كثيرا تسممات الهيسطامين المعروفة لدى المستهلك‪ ،‬خصوصييا بعييد اسييتهلك السييماك المصييبرة أو اللحييوم‬
‫المصبرة‪ ،‬وتظهر تسممات الهيسطامين في بعض الحيان مباشرة بعد أخد مادة غذائييية ملوثيية‪ ،‬وتتمثييل فييي ظهييور‬
‫حبوب أو بقع حمراء على الجلد‪ .‬ويحك المصاب هييذه الحبييوب والبقييع الحمييراء‪ ،‬الييتي تتحييول إلييى جيييوب مملييوءة‬
‫بسائل‪ .‬وحسب حساسية الشخص والكمية المستهلكة‪ ،‬فإن حدتها قد تكون شديدة كما قد يلجييأ صيياحبها إلييى الفييراش‪.‬‬
‫وتعالج بالمركبات المضادة للهيسطامين‪ .‬ويتسبب نوع ‪ Proteus‬وهي باكتيريا من عائلة عصيات حمى التايفويد فييي‬
‫الصابة بتسممات الهيسطامين‪ .‬وتكون مادة الهيسطامين غالبا في المواد الحيوانية على الخصوص‪ ،‬ونخص السمك‬
‫والجبان واللحوم المصبرة وأشهرها السجق‪ ،‬كما قد تأتي من بعض المواد النباتية‪.‬‬

‫يتخصص نوع ‪ Proteus‬بتحليل حمض أميني هو حمض الهيستيدين الموجيود فيي البروتينيات الحيوانيية كالسيمك‬
‫واللحم على الخصوص‪ .‬وبتحلل هذا الحمض الميني يصبح مركبا أمينيا يسييمى الهيسييطامين‪ ،‬بعييدما كييان حمييض‬
‫أميني يسمى الهيستيدين‪ ،‬وقد أزيلت له وظيفة الحمض والمتمثلة في المجموعة ‪ .COOH‬ويتسبب هذا المركييب فييي‬
‫الحساسية عند تسربه للجسم عبر المواد الغذائية‪.‬‬

‫وينتمي نوع ‪ Proteus‬إلييى المجموعيية السييابقة أي العصيييات السييالبة لصييبغة اغييرام‪ ،‬وهييي المجموعيية الييتي تضييم‬
‫عصيات حمى التايفويد‪ ،‬ويوجد بيئيا كما ذكرنييا علييى المييواد الغذائييية الغنييية بالبروتينييات الحيوانيية مثييل السييماك‬
‫واللحوم والجبان‪ ،‬وكل المواد التي تحتوي على المواد اللحمية‪ ،‬من أطباق جاهزة للكل‪ ،‬ومن وجبات محفظة في‬
‫علب أو في أكياس بلستيكية‪ .‬ونشير إلى أن مشكل الهيسطامين ل يرجع إلى الشروط الصحية التي يتم فيها تصنيع‬
‫المواد الغذائية‪ ،‬أو التي يتم فيها تحضير الوجبات‪ ،‬وإنما يرجع إلى المادة الخامة التي تستعمل في هذا التصنيع‪ .‬ميين‬
‫حيث أن الهيسطامين تنتج في المواد الخامة أتناء النتظار تحت حرارة عادية‪ ،‬وكلما تقادمت هذه المييواد الخاميية أو‬
‫كلما انتظرت كلما ازداد المشييكل حيدة‪ ،‬لن التصيينيع ل يزيييل الخطيير‪ ،‬بييل يمكيين أن يقضييي علييى الجرثييوم الحييي‬
‫الموجود في المادة الخامة كالسمك أو اللحم أثناء التعقيم‪ ،‬لكن ل يقضي على الهيسطامين‪ ،‬لن هذا المركب ل يتأثر‬
‫بالحرارة‪ ،‬وهذا هو المر الذي يجب على الصناع أن ينتبهوا إليه‪.‬‬

‫ل‪ -‬التسممات الناتجة عن الفطريات‬


‫وهذه التسممات في نظرنا‪ ،‬هي الخطر لنها ل تسفر عن أعراض يمكن للطبيب بموجبهييا أن يعرفهييا‪ .‬بييل يسييتمر‬
‫تناولها ولو بكميات ضئيلة في المواد الغذائية إلى أن تصل إلى الكمية القاتلة‪ ،‬فتسبب أنواعا ميين السييرطان أشييهرها‬
‫سرطان الكبد‪ ،‬وبعض العراض الخرى في العضاء الداخلية للجسم كالكلية والطحال‪ .‬وقد توجد هييذه السييمينات‬
‫بالمواد الجافة علييى الخصييوص‪ ،‬ومنهييا الفييواكه والحبييوب والثميير والييتين والزيتييون السييود والتوابييل المغشوشيية‬
‫والدقيق والمواد المنبثقة عنه كالكسكس ومساحيق الطفال الرضع ومسحوق الحليب‪ .‬وقد تنمو الفطريات على هييذه‬
‫المواد أثناء الخزن تحت شروط غير ملئمة‪ ،‬وتصيب أكثر ما تصيييب الحبييوب‪ ،‬ول يمكيين إزالتهييا ميين الييدقيق إذا‬
‫وجدت بالحبوب‪ ،‬ول تؤثر عليها حرارة الفرن وتبقى في الخبز أخيرا لتمر إلى المستهلك‪.‬‬

‫ولهذا نشير إلى أن الحبوب يجب أن تغسل قبل الطحن‪ ،‬وهو المر الذي يجب على المراقبة أن تكون صييارمة فيييه‪،‬‬
‫لن الخسارة التي تؤدي إليها المايكوطوكسينات كبيرة وجسيمة‪ ،‬ول أحد يجهل ما يتطلبه علج السييرطان‪ .‬ونظيييف‬
‫إلى أن هذا المرض‪ ،‬ولو يعتبره الناس أكثر احتمال في الدول الغربية‪ ،‬فإننا نقول العكس‪ ،‬بل يمكيين أن يكييون أكييثر‬
‫احتمال في المغرب إذا ما لم نراعي الشروط الصحية للمواد الستهلكية‪ .‬ويجييب أل ننتظيير وقييوع حيالت خطيييرة‬
‫للقيام بالحملة‪ ،‬وإنما يجب أن تكون المراقبة دائمة وبنفس الوثيرة‪.‬‬

‫وهناك العديد من المسببات‪ ،‬أو المواد المحتملة لحمل المايكوطوكسينات إلى النسيان‪ .‬ومين جملية هيذه الميواد نجييد‬
‫الزيت‪ ،‬والزيتون السود‪ ،‬لن الزيتون قد يييترك لمييدة طويليية قبييل الطحيين‪ ،‬فتنمييو الفطريييات عليييه داخييل الكييوام‪،‬‬
‫وتحرر السمينات فيمر قسم منها إلى الزيت‪ ،‬ويبقى القسم الخر مع النفايات الصلبة‪ ،‬أو في المياه المستعملة‪ .‬وكذلك‬
‫الزيتون السود لما يعالج بالملح‪ ،‬فيبقى لمدة طويلة حتى يجف ويتشرب الملح‪ ،‬حيث يمكن للفطريات أن تنمييو عليييه‬
‫فتصيبه السمينات بمقاييس مرتفعة‪ ،‬حسب الظروف التي يتييم فيهييا تمليحييه‪ .‬ولتفييادي هييذه الفييات‪ ،‬وضييعنا شيروطا‬
‫وأساليب حديثة وعملية ترتكز على الدراسة العلمية‪ ،‬لكي نأتي بالحل ونجنب المستهلك كييل مييا ميين شييأنه أن يييؤديه‬
‫عبر تأطير المنتج‪ ،‬واستئصال كل الفات التي قد تطرأ على النتاج ‪.‬‬

‫ومن المواد التي تنمو عليها الفطريات بسرعة‪ ،‬نجد الفواكه والخضر وتنمو على الفواكه الطرية والصييلبة أكييثر مييا‬
‫تنمو على الخضر‪ ،‬نظرا لوجود المغذيات ميين السييكريات‪ ،‬ونظييرا للحموضيية المناسييبة‪ ،‬لن الفطريييات تعتييبر ميين‬
‫الجراثيم المحبة للحموضة‪ .‬وقد ل تصل إلى مستوى يذكر في الفواكه الطرية‪ ،‬بينما تشييكل خطييرا صييحيا بالغييا‪ ،‬إذا‬
‫بقيت الفواكه لمدة طويلة كالعنب الذي يستعمل في تصنيع الخمور‪ .‬فقبل أن يعصر العنب تكييون الفطريييات وصييلت‬
‫إلى حد كبير من النمو‪ ،‬حيث تفرز السمينات التي تمر إلى العصير وتبقى في الخمور لنها مواد تذوب في العصييير‬
‫ول تتأثر بالتخمر‪.‬‬

‫‪ -4‬التسممات الكيماوية‬

‫ل شك أن التسممات الكيماوية الناتجة عن المواد الغذائية‪ ،‬أصبحت تطفو على السيياحة الطبييية والعلمييية‪ .‬ويييزداد‬
‫المشكل تعقيدا وخطرا‪ ،‬مع تضخم النتاج الزراعي والحيواني مين جهية‪ ،‬وميع تقيدم الصيناعات الغذائيية مين جهية‬
‫أخرى‪ .‬ونشير إلى أن المشكل ليس سهل لنحيط بكل جوانبه وإنما سنعمل على إلقاء نظييرة شييمولية لكيين تحسيسييية‪،‬‬
‫حتى يعي المستهلك بعض الخطار التي بإمكانه تجنبها‪ .‬وتختلف المواد الكيماوية التي تستعمل في الميييدان الغييذائي‬
‫والزراعي والبيئي وتطهير الماء والتعليب والنقل والستعمالت اليومية كالواني وما إلى ذلك‪ .‬وربما نوجز بعضييا‬
‫من هذه المركبات لخطورتها ولصعوبة تفاديها‪.‬‬

‫أ‪ -‬المبيدات‬
‫تعتبر هذه المركبات الكيماوية من المركبات الخطيرة على صحة النسان‪ ،‬وتتسييبب فييي أغلييب الصييابات المزمنيية‬
‫التي تذهب بحياة البشر كالسرطان والحساسية وبعض الصابات التي تؤدي إلى الموت دون ظهور أعراض طبية‪.‬‬

‫وتنقسم المبيدات إلى ثمانية أقسام كالتالي‪:‬‬


‫المبيدات الحشرية‬
‫مبيدات العشاب الضارة‬
‫مبيدات أو متبطات الفطريات‬
‫مبيدات الديدان‬
‫مبيدات الحلزونيات‬
‫مبيدات أو مبعدات القوارض‬
‫مبيدات أو مبعدات العصافير‬
‫المركبات الطاردة للحيوانات التديية‬

‫المبيدات الحشرية‬
‫رغم تسميتها بقاتلت الحشرات‪ ،‬فهذه المركبات تقضي على الحشرات في جميع أطوارهييا بمييا فييي ذلييك المركبييات‬
‫التي تحول دون نمو اليرقات‪ ،‬أو تفقس البيض‪ ،‬أو التي تحول دون التقاء أو تناسل الحشرات‪ .‬وتمتص المزروعييات‬
‫قدرا كبيرا من هده المركبات وتستعمل للفواكه والخضر وبعض المزروعات الخرى‪ .‬وأصيبحت تسييتعمل بطريقية‬
‫جد مكثفة لمعالجة الطماطم ضد الذبابة البيضاء داخل الدور الزجاجية‪.‬‬

‫مبيدات العشاب‬
‫تستعمل هذه المركبات للقضاء على العشاب الضارة للمزروعات‪ ،‬وتييرش فييي الحقييول علييى المزروعييات المييراد‬
‫معالجتها فتصيب العشاب الضارة حيت تقتلها‪ ،‬وفي نفس الوقت تمتص المزروعات كمية هائلة أتناء الرش‪ ،‬والتي‬
‫تمر إلى الحبوب أو الثمار بصفة هامة وتبقى هناك‪ .‬ولذلك تكون كل المواد الغدائية المصنعة من مييواد أولييية ملوثيية‬
‫بالمبيدات‪ ،‬حاملة لقدر كبير منها‪.‬‬

‫مبيدات الفطريات‬
‫وهي مركبات كيماوية تستعمل على الخصوص لمعالجة بعض الشجار ضد الفطريات التي تفسد المردودية‪ .‬ومنها‬
‫كروم العنب والليمون ونخيل التمييور ومييا إلييى ذلييك ميين الشييجار المثمييرة‪ .‬وتأخييذ الثمييار كميييات كييبيرة ميين هييذه‬
‫المركبات الخطيرة وقد تصل بمستوى مرتفع إلى المستهلك إذا لم يحترم المنتج قواعد الرش‪.‬‬

‫مبيدات الديدان‬

‫توضع غالبا هذه المركبات في التربة للقضاء على الديدان واليرقات‪ ،‬التي تفسد المنتوجات أثناء النمييو كالبطيياطس‪،‬‬
‫أو التي تأكل الجدور وتقضي على المزروعات فييي غييالب الحيييان‪ ،‬وأشييهرها الكاربامييات الييتي تسييتعمل لمعالجيية‬
‫أشجار الموز‪.‬‬
‫مبيدات الحلزونيات‬
‫وهييي مركبييات كيماوييية خطيييرة تسييتعمل خصيصييا للقضيياء علييى الحلزونيييات‪ ،‬الييتي تتسييبب فييي إتلف بعييض‬
‫المزروعات‪ .‬وربما ل تخطر هذه الشياء علييى دهيين المسييتهلك‪ ،‬ولييذلك نسييوق هييذه المعلومييات للتعريييف بوسييائل‬
‫النتاج الحديثة‪ ،‬وكذلك ليعمل كل شخص على مراعاة بعض الشروط الصحية في المنزل‪ ،‬لتفادي بعض الحييوادث‪،‬‬
‫ولتجنب الصابات السامة المباشرة‪.‬‬

‫مبيدات ومبعدات القوارض‬


‫وهي المركبات الكيماوية التي تقضي أو تبعد القوارض‪ ،‬وتسبب القوارض خسيائر كيبيرة بالمزروعيات فيي بعيض‬
‫الحيان‪ .‬وقد عرف المغرب إصابة الفئران لبعض المزروعات كالدرة‪.‬‬

‫مبيدات ومبعدات العصافير‬


‫وهي مركبات تقضي أو تبعد العصافير من الحقول لتفادي الضياع‪ ،‬وقد تحطم العصافير النتاج تماما فل يبقى منييه‬
‫شيء كالحبوب والفواكه ونوار الشمس وما إلى ذلك‪.‬‬

‫المركبات الطاردة لبعض ا لحيوانات الثديية‬


‫هناك بعض الحيوانات الثدية مثل الخنازير الوخشية والثعلب واليدب‪ ،‬اليتي تتليف المزروعيات إميا مباشيرة بيالحفر‬
‫كالخنازير أو المشي أو اتخاد ممرات ‪ .‬وتستعمل بعض المركبات الكيماوية لستجلئها‪.‬‬

‫ب ‪ -‬المعادن الثقيلة‬

‫سبق أن تكلمنا عن الرصاص في الفقرة المخصصة للميياء‪ ،‬ول نجهييل بعييض المعييادن الثقيليية الخييرى الييتي تلييوث‬
‫الغذية والتي تصيب النسان بالطريقيية الغييير مباشييرة بتنيياوله لهييذه الغذييية‪ .‬ويضيياف إلييى الرصيياص الكييادميوم‬
‫والزئبييق وهمييا المعييدنان اللييذان يشييكلن أكييبر الخطييار علييى صييحة النسييان‪ .‬ويصيييب الكييادميوم الكليييتين علييى‬
‫الخصوص‪ ،‬ويأتي من الغذية والمشروبات الملوثة‪.‬‬

‫ويمتاز الزئبق بخاصية التسمم المزمن عند النسان‪ ،‬من حيث ل تظهر العييراض ويكييون المييوت سيياكتا‪ ،‬ويييتركز‬
‫الزئبق في الدهون عند النسان والحيوان‪ .‬ويتجمع شيئا فشيئا إلى أن يصييل إلييى الحييد القاتييل فيسييقط الشييخص ميتييا‬
‫بدون أعراض‪ .‬ونشير إلى أن الزئبق المعدني يتحول‪ ،‬في قاع الميياه كالبحيار والمسيتنقعات والودييان‪ ،‬إليى الزئبيق‬
‫العضوي )‪ (Mercury dimethyl‬بواسطة الجراثيم اللهوائية‪ ،‬وهذا الشكل العضوي هو الييذي يتجمييع فييي الييدهون‬
‫عند السمك والحيوانات البحرية الخرى‪ ،‬وعند استهلك هذه المواد ينتقل الزئبق إلى دهون النسان‪.‬‬

‫ويضاف إلى هذه المعادن الليمنيوم كذلك والذي يشكل خطرا مزمنا ل يمكن التغاضي عنه‪ .‬ونرى أن بعض الييدول‬
‫المصنعة تمنع الواني المصنوعة من اللومنيوم‪ .‬ويجب تفيادي ميا أمكين كيل المعيدات المصينوعة مين اللومنييوم‬
‫والتي تتصل بالغذية أو الماء‪.‬‬

‫ج ‪ -‬المواد الكيماوية الممتصة من مواد التعليب‬

‫ونخص في هذا الصدد المواد البلستيكية بكل أنواعها‪ ،‬وما يمكن أن تسببه للمستهلك من أخطار ناتجة عيين إفراطييه‬
‫في استعمال نوع البلستيك الغير الصالح للف الغذية‪ ،‬إما لثمنيه الرخييص أو لعيدم شيعوره بالموضيوع‪ .‬إن هنياك‬
‫مواد بلستيكية ل يجب أن تستعمل لتعليب المواد الغذائية‪ ،‬ومع ذلك نجييدها تسييتعمل بييدون أدنييى تخييوف‪ ،‬أو بييدون‬
‫أدنى شعور بالخطر‪ .‬وطبعا فإن هذه الشياء تنعكس على الحياة العاميية للمجتمييع‪ ،‬وحيييث تكييثر المييراض المزمنيية‬
‫كالسرطان والحساسية والربو‪ ،‬يصبح المجتمع في محنة من الناحية الصحية‪ .‬ولذلك يبيدو أن المسيؤولية تحتيم عليى‬
‫أصحاب التدبير العام أن يتخذوا البادرة الحسنة لحفظ الوطن من المراض والكوارث بالتصدي لكييل مييا ميين شييأنه‬
‫أن يمس بصحة المواطن‪ ،‬علما منا أن الكل يعيش تحت هذه الخطار وعلما منا أن ليييس هنيياك ميين ل يحتمييل أن ل‬
‫يصاب بهذه الخطار‪.‬‬

‫تأثير الطهي على الجراثيم‬


‫تهدف عملية الطهي أو الطبخ للمواد الغذائية‪ ،‬إلى جعلها سليمة من كل خطيير إل مييا سيينبينه‪ .‬ويسيياعد الطبييخ الجيييد‬
‫للغذية على اكتساب مذاق وخصائص تتعلق بالطبيخ‪ .‬وهناك عدة مزايا للطبخ الجيد‪ ،‬تتعلييق أساسييا بالقضيياء علييى‬
‫الجراثيييم المضييرة‪ ،‬وبعييض الطوكسييينات أو السييمينات كسييمين البييوتلين المفييرز ميين طييرف نييوع ميين الباكتيريييا‬
‫المتبوغية ‪ .Clostridium botulinum‬لكين تبقيى بعيض السيمينات الخيرى سيارية المفعيول‪ ،‬إذ ل تتيأثر بيالحرارة‬
‫كطوكسين الكريات العنقودييية وسييمينات الفطريييات )‪ .(mycotoxins‬ويعتييبر الطهييي الوسيييلة المثلييى للتخلييص ميين‬
‫الجراثيم المضرة‪ ،‬كما نلحظ من خلل الجدول التالي‪:‬‬

‫تأثير الطهي على اللحوم وتلوثها‬


‫لللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل‬
‫التأثير على الجراثيم‬ ‫سلم الذوق الفرنسي‬ ‫الحرارة‬
‫لللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل‬
‫‪40‬درجة‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫إبادة جراثيم الثلجة‬ ‫لحم أزرق ‪Bleu‬‬ ‫‪50‬‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫طراوة مثلى ‪Tendreté max‬‬ ‫بالدم ‪saignante‬‬ ‫‪60‬‬
‫ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫إبادة جرثوم التايفويد والعنقوديات‬ ‫طهي جيد ‪Bien cuit‬‬ ‫‪70‬‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫إبادة جميع الجراثيم‬ ‫‪80‬‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫‪90‬‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫تبدأ إبادة الباكتيريا المتبوغة‬ ‫‪100‬‬
‫لللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللل‬
‫الكتاب الخامس‬
‫المواد المحرمة‬
‫الفصل الول‪ :‬الغذية‬

‫‪ - 1‬مقدمة‬

‫إن العلوم تسهل الطريق في التقنين الغذائي‪ ،‬رغم أنها ل تصل إلى حد المنع أو الحجز للمواد الغذائية‪ ،‬ومهما تصييل‬
‫الدراسات والبحاث العلمية‪ ،‬فلن تتعدى أن توصي باجتناب أو عدم استعمال مادة ما‪ .‬وتبقى كل القرارات الصييادرة‬
‫على إثيير النتييائج العلمييية‪ ،‬ظرفييية ويطبعهييا الحييذر‪ ،‬وبهييذه الطريقيية‪ ،‬تبقييى الوسيياط المعنييية بالتشييريع بعيييدة عيين‬
‫المسؤولية‪ ،‬رغم أن هناك حالت معروفة على المستوى العلمي بضررها‪ ،‬وربما قد تكون مخربة‪ .‬وحيثمييا توصييي‬
‫العلوم بتحريات أو تحفظات من حيت الضرار التي قد تحدثها بعض المواد الغذائية‪ ،‬تصطدم بالنصوص القانونييية‪،‬‬
‫إما لعدم وجودها‪ ،‬أو لوجود نصوص قديمة ل تستجيب للملبسات والمخالفييات الحديثية‪ .‬لكيين القييرآن الكرييم ينفييرد‬
‫بنصوص قطعية ثابتة وواضحة‪ ،‬من شأنها أن تساير كييل العصييور‪ .‬وتتجلييى هيده النصييوص فييي الحكييام المتعلقيية‬
‫بتحريم بعض المواد الغذائية قطعا‪ ،‬وبتحرييم الغييش والتيدليس‪ ،‬وبتحرييم الحتكيار‪ ،‬واغتصيياب الميوال والربياح‬
‫الغير المشروعة‪ .‬ول يمكن للبشر أن يضع قانونا يصل إلى هذا المستوى‪.‬‬

‫وبما أن التحريم يقطع الطريق أمام التشريع البشري‪ ،‬من حيث ل قانون مع وجود الشرع‪ ،‬فقد أصبح المجتمع الغير‬
‫السلمي‪ ،‬والذين لم يدرسوا الشريعة في حرج كبير‪ ،‬وفي تخبط عظيم‪ .‬ول غرابيية فييي ذلييك فلنرجييع إلييى المرجييع‬
‫الصحيح‪ ،‬لنجد وصفا دقيقا لهدا الحرج‪ ،‬الذي وضع فيه هؤلء‪ ،‬حيث نجد في سورة المائدة (الية ‪. ) 3‬‬

‫فبعدما بيين الي سيبحانه وتعيالى‬


‫الحرام بكل وضوح كما سنعود إلى ذلك فيما بعد‪ ،‬بين الحالة التي سيكون عليها الكفييار‪ ،‬معنويييا ونفسيييا وهييم يييرون‬
‫الشرع اللهي يبين المور بتدقيق‪ ،‬من حيث لم يبق لهم أي شيء‪ ،‬يخوضوا فيه ليضلوا الناس وحالة اليييأس لييم تكيين‬
‫بالشكل الذي أصبحت علييه الن‪ .‬فرغييم التقييدم التكنولييوجي والتقييدم المييدني‪ ،‬كمييا قييد يتييوهم بعييض النيياس‪ ،‬ورغييم‬
‫الوصول إلى درجة من العلم قد تغري‪ ،‬فل يزال الشرع اللهي فوق القيوانين البشييرية‪ ،‬ولزال المسييلمون يتشيبثون‬
‫بالقيم السلمية‪ ،‬وهذا ما يجعل المجتمع المدني الغير المسلم ييأس من هذا الدين‪ .‬واليأس تعييبير دقيييق عيين الشييعور‬
‫بالرتجال والشك وضعف الحجة‪ .‬وحتى ل يترك ال أي شبهة في صحة الشرع وتمييامه وصييوابه‪ ،‬وحييتى ل يقييول‬
‫المضللون أن الحياة تطورت‪ ،‬ويجب أن يكون هناك ما يناسبها للتشكيك‪ ،‬جاء التعبير بالقطع وهو قوله سبحانه‬

‫ويجيييب أن نقيييرأ اليييية بإمعيييان‬


‫وتدبر وتبصر لنستنبط المقاصد الشرعية‪ ،‬ونتبين قوة الوحي وعظمة القرآن‪ .‬ولعل ما يخبر عن النعكاسات النفسية‬
‫التي يحدثها القرآن لما يتعلق المر بتنظيم حياة الناس‪ ،‬يعتبر أهم من التحريم نفسه ولو أن هذا التحريم ل رجعة فيييه‬
‫ول يقوم الدين إل به‪.‬‬

‫ونرى في العصر الحاضر أن الذين ل يدينون بدين السلم‪ ،‬يئسوا أيما يأس من الدين السلمي‪ ،‬ويزداد يأسهم لمييا‬
‫يروا أن المسلم ل يقهر رغم الظروف القاسية‪ ،‬التي قييد يميير بهييا‪ ،‬فالمهيياجرون ميين البلييدان السييلمية إلييى البلييدان‬
‫الغربية ل يتناولون لحم الخنزير‪ ،‬ول يقتنون اللحم المييذبوح علييى الطريقيية الوروبييية‪ ،‬لعلمهييم أنهييا غييير شييرعية‪،‬‬
‫وتوصلوا إلى ذبح ذبائحهم في المزارع رغم صرامة القوانين الخاصة بالذبح في هذه البلدان‪ ،‬لكنها تحترم المستهلك‬
‫وتحترم حقوق النسان‪ .‬فالحلل والحرام ل يتقيد بالزمان والمكييان‪ ،‬ول يتقيييد بحاليية الشييخص‪ ،‬بييل ل يتغييير طالمييا‬
‫الشخص مسلما عاقل غير مكره ول مضطر‪ .‬ولما رأى الناس‪ ،‬بما في ذلك الدارة‪ ،‬فييي البلييدان الغربييية مييدى قييوة‬
‫وصبر المسلم‪ ،‬وحرصه على تحري الحلل ومراعاته لحدود ال‪ ،‬ازداد يأسهم من الدين السلمي‪ ،‬وقد تجلييى هييذا‬
‫اليأس عبر الوساط العلمية‪ ،‬ول يزال كذلك لكن في نفس الوقت‪ ،‬ازداد العجاب بهذا الدين حتى إنه ليييدخل الن‬
‫كل البيوت ‪.‬‬

‫‪ - 2‬النصوص المتعلقة بالتحريم‬

‫أما العلة التي يحرم من أجلها الحرام‪ ،‬فتنطلق من عموم الية لقوله سبحانه وتعالى في سورة العراف (الية )‪157‬‬

‫وتعتبر هييذه الييية قاعييدة عاميية‬


‫لكل حلل أو حرام‪ ،‬قبل أن نصل إلى اليات التي تفيد التفصيل‪ ،‬وتزكي كل العلل‪ ،‬التي يحييرم ميين أجلهييا حييرام أو‬
‫يحل من أجلها حلل‪ ،‬وتعتبر كذلك هذه الية علمية من حيث المقصود والغاية‪ ،‬لن القواعد الصييحية الحديثيية تمنييع‬
‫كل ما يؤذي المستهلك وهو الخبيث‪ ،‬وتوصي بكل ما ينفعه وهو الطيب‪ .‬وإذا انطلقنا من هذه القاعدة فل نختلف فييي‬
‫الحلل والحرام من حيث العلل‪ ،‬إذا كان من الممكن أن تبين العلييوم ذلييك‪ ،‬وإل فيجييب أن نأخييذ بالشييرع فييي الحلل‬
‫والحرام‪ ،‬لتعذر المر على العلوم ونقصييها وضييعفها وعجزهييا‪ ،‬علييى تبيييان الضييرر والمنفعيية فييي المييواد الغذائييية‬
‫والمشروبات‪ .‬وقد تكون النتائج العلمية غير واضحة في بعض الوقييائع‪ ،‬وليذلك فالمسيلم يطمئن لشيرع الي ويمتثييل‬
‫لمره سبحانه‪ ،‬فل يقرب الحرام لنه خبيث ومضر‪ ،‬ول يقرب إل الحلل لنه طيب من الرزق‪ ،‬ول يسأل عن هييذه‬
‫الشياء لن المتثال طاعة ل ورسوله ‪ ،‬والطاعة درجة عليا في العبادة ‪.‬‬

‫إن بعضا من النعام كان محرما في الجاهلية بزعم الكفار‪ ،‬وكان هذا التحريم حسييب شييرع النسييان وهييواه‪ ،‬وليييس‬
‫من عند ال‪ .‬ونجد أن هذا الموضوع‪ ،‬الذي يهتم بتحريم الحلل وإباحة الحرام‪،‬يتناوله القرآن ميين نيياحيته العضييوية‪،‬‬
‫وكذلك من ناحيته الروحية‪ ،‬أو الجتماعية‪ ،‬حيث يرفع ال سبحانه وتعالى التحريم عن النواع التي حرمها الشييارع‬
‫الجاهلي‪ ،‬بزعمه وظنه ووهمه‪ .‬ومن المعجزات الكبيرة للقرآن‪ ،‬صحة علمه‪ ،‬وبيان حجته‪ ،‬مين حييث تظيل الحقيقية‬
‫القرآنية ثابتة‪ ،‬والتي تظهر عبر العصور‪ ،‬وعبر التقدم العلمي والكشوفات‪ ،‬ولو يطول المييد‪ .‬وكلمييا ظهييرت حقيقيية‬
‫علمية زادت حجة القرآن‪ ،‬وتأكدت صحته‪ ،‬مما يجعل المضللين في حرج‪ .‬ونييرى الن أن هييذه الكتشييافات العلمييية‬
‫الحديثة أخذت تزيح الضباب عن الحقيقة القرآنية‪ ،‬وبعدما استخدم المضللون والملحدون العلوم لضييرب الييدين‪ ،‬فييإن‬
‫هذه العلوم نفسيها هيي اليتي تقيود الن اليدعوة إليى الي‪ ،‬و هيذا المكير قيد رجيع لصيحابه‪ ،‬والي يقيول فيي سيورة‬
‫النفال (الية ‪)30‬‬

‫فهل ستخالف الحقيقة العلمية‪ ،‬سنة ال يوما؟‬

‫أ‪ -‬نقض الشرع الجاهلي في التحريم‬


‫وكان أول حلل هو نقض الحرام الذي كان في الجاهلية‪ ،‬حيث أخد النسان يشرع فييي الجاهلييية علييى هييواه‪ ،‬فحييرم‬
‫بعض الغذية وأحل أخرى‪ ،‬وجعل بعض القواعد البشرية التي تشبه إلى حد كبير القواعييد القانونييية الحاليية‪ ،‬وكييان‬
‫هذا الحيف والتحريف والتضليل من لدن رجال الدين في الديانات السابقة على السلم‪ ،‬ولذلك كييانت العصييور قبييل‬
‫السلم تسمى بالجاهلية أو البدائية أو العصبية‪ ،‬حتى أشرق نييور السييلم‪ ،‬وميين ضييمن مييا حيرم رجييال اليدين فييي‬
‫الجاهلية‪ :‬السائبة والبحيرة والوصيلة والحام‪ .‬وقد نقض السلم هذا التحريم لن العلة غير موجودة‪ ،‬ولن البشيير ل‬
‫يعلم ما ينفع وما يضر‪ ،‬فجاء النقض في سورة المائدة (الية ‪ )105‬حيث يقول الجليل جل جلله‬

‫وهو افتراء حقا ل يقوم على حجة ول برهان ‪.‬‬

‫وقد نقضت هذه الية‪ ،‬الشرع أو الظلم الجاهلي‪ ،‬فأحل ال سبحانه وتعالى الحيوانات التي ل علة في تحريمها‪ .‬وبييين‬
‫سبحانه وتعالى هذه السامي التي كييانوا يسييمون بهييا النعييام )البحيييرة والسييائبة والوصيييلة والحييام( الييتي حرموهييا‬
‫بزعمهم انطلقا من ظنهم ووهمهم‪ .‬ونجد في كتب التفسير عدة أقوال في موضوع هذه التسميات‪ ،‬ولم نجد ماذا كييان‬
‫كفار الجاهلية يعنون بها حقا‪ ،‬إل بعض المعلومات القليلة والمترددة بشأن المعنييى الحقيقييي لهييذه التسييميات‪ .‬وكيفمييا‬
‫كان الحال نأخذ بما جاءت به أغلب الكتب قول ونقل‪.‬‬

‫جاء في الجامع لحكام القرآن للقرطبي‪ ،‬أن البحيرة على قول الزهري‪ ،‬عن سييعيد ابيين المسيييب‪ ،‬تكييون ميين البييل‪،‬‬
‫وهي النثى التي يمنع درها أي لبنها ليعطى للطواغيث أو اللهة‪ ،‬فل يطعمهييا النيياس العيياديين‪ .‬والسييائبة هييي الييتي‬
‫يسيبونها للهتهم‪ ،‬فيتركونها تذهب حيييث تشيياء‪ ،‬فل يعييترض طريقهييا أحييد‪ ،‬وإل كييان موضييع العقيياب ميين اللهيية‪.‬‬
‫والوصيلة كانت الناقة تبكر بالنثى‪ ،‬وتثني بالنثى‪ ،‬فيسمونها الوصيلة‪ ،‬لكونها وصلت بين إثتنين ميين جنييس واحييد‪،‬‬
‫فكانت تعطى للطواغيث‪ .‬والحام هو الفحل من البل إذا ضرب عددا من الضراب‪ ،‬فيحمى ظهره أي ل يركييب‪ ،‬ول‬
‫يؤكل لحمه‪ ،‬ول يمنع من الكل أو المرعى أو المورد حيثما يذهب‪ .‬ونلحظ مدى الستخفاف من ليدن أصييحاب هيذا‬
‫الشرع‪ ،‬بل يحس فيه المرء بتلعب وبسخافة ل حد لها‪ .‬ولزالت بعض العادات التي تشبه هذا الشرع جارية وربما‬
‫تأخذ شكل أخطر من هذا بكثير‪.‬‬

‫أما المعنى عند أصحاب اللغة‪ ،‬فيختلف عن هذه العراف الجاهلية‪ ،‬ويقال البحيرة هي الناقة التي تبحر بشييق أذنهييا‪.‬‬
‫وكانت تشق أذن كل ناقة نتجت خمسة أبطن يكون آخرها ذكرا‪ ،‬فكانوا يحرمونها‪ ،‬فل تركييب ول يؤكييل لحمهييا ول‬
‫يشرب لبنها‪ .‬والسائبة هي المخلة السبيل أو المسيييبة‪ ،‬أي تطلييق هكييذا تأكييل حيثمييا أرادت‪ ،‬وتمشييي حيثمييا أرادت‪.‬‬
‫وتسبى السائبة لنذر أو لقسم فيقول الرجل‪ ،‬إذا خرجييت ميين أزمييتي فنيياقتي سيائبة‪ ،‬أو إذا شييفي ابنييي فنيياقتي سييائبة‪.‬‬
‫والسائبة كالبحيرة في التحريم والتخلية كما ذكرنا‪ .‬والوصيلة فقد ذكر بعض أهل اللغة أنهييا تكييون ميين الغنييم‪ ،‬حيييث‬
‫يجعلون الذكر لللهة والنثى لهم فإذا ولدت ذكرا وأنثى‪ ،‬فيقولون وصلت فل يييذبحوه‪ .‬وهنيياك روايييات متعييددة فييي‬
‫شأن هذه التسميات‪ ،‬ول نعلم عنها شيئا إل أن ذكرها في القرآن فيه تنكر من ال لهده الشييياء‪ ،‬لنييه لييم يجعييل منهييا‬
‫شيء في الكتب السابقة وكل هذه التعريفات‪ ،‬وكيفما كانت من اللغة‪ ،‬أو من العرف‪ ،‬فهييي أوهييام ميين ظلم الوثنييية‪،‬‬
‫والجهل الذي كان يخيم على النسان قبل مجيء السلم‪.‬‬

‫وحين تكون الوهام والهواء هي الحكم‪ ،‬فل يمكن أن يكيون هنيياك أي ضيابط أو فاصيل‪ ،‬ول أي ميييزان تقيياس بيه‬
‫الشياء‪ ،‬أو ترجع إليه‪ ،‬وهكذا نجد العديد من هذه الطقيوس‪ ،‬اليتي تنطليق مين اليوهم البشيري‪ ،‬وميا أكثرهيا‪ ،‬واليتي‬
‫أعطيت شحنة جديدة عبر العلم‪ ،‬لكن الغريب‪ ،‬هييو أن هييذا الضييلل ل يييروج لييه إل فييي البلييدان السييلمية‪ .‬وقييد‬
‫تصييدى القييرآن لعييدة أنميياط منهييا‪ :‬الخبييائث واجتنيياب الطيياغوث‪ ،‬والظهييار‪ ،‬والربييى‪ ،‬وعبييادة الوثييان والزلم‪،‬‬
‫والقرابين‪ ،‬والخمر والميسر‪ ،‬والزنى‪ ،‬والوأد‪ ،‬والرق‪ ،‬والجاه‪ ،‬وما إلى ذلك من أوجيه الحيياة العامية للبشير‪ .‬وشيرع‬
‫كل مستلزمات الحياة البشرية من مصدر إلهي ل يحتمل الخطأ أو النقصان‪.‬‬

‫و تمادى كذلك الناس في الجاهلية بشرعهم الخاطئ الظالم‪ ،‬إلى حد جعل النصيب ل لخذ أموال النيياس ظلميا‪ ،‬و قيد‬
‫فضح السلم هذا الشرع لما جاء في سورة النعام (الية ‪ )137‬لقوله تعالى‪:‬‬
‫وما إلى ذلك من الكاذيب على ال وعلى البشر‪.‬‬

‫ب‪ -‬الحلل‬
‫وجاء شرع الحلل والحرام من المأكولت والمشروبات مدققا في سورة المائدة ‪ ،‬ليؤكد أن الحلل هو مييا أحلييه ال ي‬
‫وأن الحرام هو ما حرمه ال‪ .‬والشرع ل يخضع للدراسة والبحث‪ ،‬ول يقبل التشكيك‪ ،‬ول يقبل المناقشيية‪ ،‬لنييه ليييس‬
‫فكرا‪ ،‬وإنما وحيا من الذي يعلم السر وأخفى‪.‬‬

‫يقول تعالى في سورة المائدة‬

‫إن الستثناء الذي جاء في هذه الية )إل ما يتلى عليكم( يخص الذي فصله ال عز وجل فييي الييية الثالثيية ميين نفييس‬
‫السورة‪ ،‬والتي سيأتي ذكرها‪.‬‬

‫»أحلت لكم بهيمة النعام « تعبير قرآني مدقق جدا‪ ،‬وهذا المعنى يأتي بالفعيل المبنيي للمجهيول‪،‬‬
‫وهذا يعني أن النعام لم تكن حرام قبل مجيء السييلم فأحلهييا اليي‪ ،‬وإنمييا كييانت حلل منييد أن خليق الي النسييان‪،‬‬
‫وليس مقتصرا على السلم‪ .‬لكن مع اختلف التشريعات‪ ،‬ومع تحريف الكتب‪ ،‬وبعدما أخذ رجييال الييدين يتفضييلون‬
‫على الناس بشرع من عندهم ومن زعمهم‪ ،‬جاء الحد الفاصل‪ ،‬والنهاية لهذه الفتراءات علييى اليي‪ ،‬وميين جملتهييا مييا‬
‫جاء في سورة المائدة بشأن السييائبة والبحييرة والوصيييلة والحييام‪ ،‬وكيذلك مييا جياء فييي سيورة النعييام بشييأن جعييل‬
‫النصيب ل‪ ،‬وتحريم بعض الشياء على النساء دون الذكور‪.‬‬

‫والتعبير بالمجهول يعني أن المر مقضي للناس‪ ،‬وليس فيه أي تراجع أو أخذ ورد‪ .‬ونجد المبني للمجهول في آيييات‬
‫عديدة ‪ :‬حرمت عليكم‪ ،‬أحلت لكم‪ ،‬غلبت الروم‪ ،‬كتب عليكم‪ ،‬أذن للذين آمنييوا ومييا إلييى ذلييك‪ ».‬أحلت لكم‬
‫بهيمة النعام « وهذا التعبير بكلمة البهيمة ل يدرك لغويا‪ ،‬وإنما يييدرك علميييا‪ .‬فلييو قييال ال ي عييز وجييل‬
‫أحلت لكم النعام يكون المعنى اللغوي واحد‪ ،‬لكن المعنييى العلمييي يختلييف تمامييا لن كلميية بهيميية تعنييي التصيينيف)‬
‫‪ (Taxonomy‬في علم الحياء‪ ،‬ونعطي بعض المعلومات‪ ،‬ليزداد رجال الفقه استنباطا‪.‬‬

‫يصنف العلماء النعام مع التييديات العاشييبة‪ ،‬ذوات الصييبوعين‪ .‬وهييذا التصيينيف يجمييع البييل مييع الغييزال‪ ،‬والبقيير‬
‫والضأن والمعز وعدة حيوانات أخرى منهيا اللمية والزرافية‪ .‬ومين بيين هيذه الحيوانيات‪ ،‬النعيام الربعية‪ :‬البقير‪،‬‬
‫والبل والضأن‪ ،‬والمعز‪ ،‬وهي ما يكسب‪ ،‬والغزال والزرافة وبعض ذوات الصبوعين الخرى‪ ،‬وهو ما ل يكسييب‬
‫ول يتحكم فيه النسان‪ ،‬وهذا يسمى وحشا وليس بهيمة‪ ،‬وهو كذلك حلل ولهييذا اسييتعمل العلييي القييدير كلميية بهيميية‬
‫لفرز النعام عن الوحش‪ ،‬فنقول بهيمة النعام على النعام الربعة الييتي تكسييب و تملييك‪ ،‬ووحييش الصيييد وهييو مييا‬
‫يكسب ول يتحكم فيه‪ .‬ونضيف بالمناسبة أن ليس هناك تصنيف للنعييام كمجموعيية لهييا خصائصييها ومميزاتهييا فييي‬
‫الكتب العلمية المعروضة إلى حد الن‪ ،‬ويبقى القرآن الكريييم هييو الكتيياب الوحيييد الييذي يجمييع هييذه الحيوانييات فييي‬
‫مجموعة تسمى النعام لن الكتب العلمية ل تصنف البل مع الغنم‪.‬‬
‫» إل ما يتلى عليكم « وهو ما سيتليه الجليل جل جلله في الية الثالثة بالتفصيل‪ ،‬والمستثنى من هذه‬
‫النعام‪ ،‬هي النواع التي سيبينها ال عز وجل بالعلة‪ ،‬ويضيف إليهييا أشييياء أخييرى معنوييية كمييا سيينبين‪ » .‬غير‬
‫محلي الصيد وأنتم حرم « وهنا ييأتي شيرع الي ليضيع حيدا يجيب أن يراعيى‪ ،‬ل لعلية‪ ،‬وإنميا‬
‫تطوعا وعبادة ل سبحانه وتعالى‪ ،‬وقد جاء هذا الحد لما نهى سبحانه وتعالى آدم عن الكل من الشجرة‪ ،‬وكييذلك لمييا‬
‫أمر سيدنا زكرياء أل يكلم الناس ثلثة أيام‪ ،‬وهو نفس الحيد اليذي جعييل لسيييدنا لييوط أل يلتفييت‪ ،‬ومييا إلييى ذلييك ميين‬
‫المور المعنوية التي تجعل المرء يذكر ال‪ ،‬ويتغلب عن الشهوات والهوى‪ .‬ل يحل صييد اليبر للمحيرم‪ ،‬لنيه جعليه‬
‫ال حدا من حدوده سبحانه وتعالى‪ ،‬وهو ل يسأل عما يفعل‪ .‬وربميا تكيون الييية دالية عليى أشييياء علميية عاليية‪ ،‬ليم‬
‫نتوصل إليها بعد لن الدراسات في هدا الميدان ل زال في مرحلتها البتدائييية بالضييافة إلييى أن ليييس هنيياك منهيياج‬
‫علمي للبحث في هده الشيياء‪ ،‬للخصيياص الحاصييل فييي صيفوف العلمياء الفقهياء‪ ،‬لن تيوجيه البحييث العلمييي فييي‬
‫المختبرات يجب أن يكون من لدن الساتذة الملمين بالفقه والعلم في آن واحد‪.‬‬

‫وكما حرم ال سبحانه وتعالى الحرام أحل الحلل‪ ،‬فل ينبغي لحلل أحله ال أن يكون حراما‪ ،‬ول ينبغي لحرام أحله‬
‫ال أن يكون حلل‪ .‬وننطلق من عموم الية لقوله سبحانه وتعالى في سورة البقرة‬

‫ل ينبغي أن يحييرم الطيييب كمييا‬


‫تفعل بعض الطوائف أو الجمعيات التي تطلق على نفسها جمعية النباتيين فل يجوز شرعا أن يحرم طيب أحله ال‪.‬‬

‫ج ‪ -‬الحرام‬
‫وقد شرع ال سبحانه وتعالى تحريم المأكولت لعلة يعلمها‪ ،‬وهو أعلم بنا من أنفسنا‪ ،‬وقد فصييل التحريييم فييي سييورة‬
‫المائدة (الية ‪ )4‬حيث قال‬

‫ويأتي التحريم على مستويين‪:‬‬


‫‪ -‬المستوى الول‪ :‬ويخص المأكولت التي تحرم في جميع الحوال‪ ،‬ولييو كييان الذبييح مشييروعا‪ ،‬وهييي اليدم‪ ،‬ولحييم‬
‫الخنزير‪ ،‬وما أهل لغير الي بيه‪ ،‬ومييا ليم ييذكر اسيم الي علييه‪ ،‬والحيوانيات ذوات النياب وذوات المخليب والجللية‬
‫ويضيف بعض العلماء الحلزون والضفادع‪ .‬وجاء هذا التحريم في الكتاب بالنسبة للخنزير والدم والهلل لغييير ال ي‬
‫والمذبوح بدون تسمية كالتالي‪:‬‬
‫‪ -‬يقول تعالى في سورة المائدة‬
‫فالتحريم هنا جاء واضحا بالصيغة » حرمت عليكم « وهي التي تدل على الحرام باللفظ نطقا وليس فهما‪.‬‬

‫ويقول تعالى في سورة النعام الية‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬كما جاء التحريم بالنسبة لكل الحيوانات ذوات الناب والمخلب فييي الحييديث الصييحيح‪ ،‬ونأخييذ النييص ميين صييحيح‬
‫مسلم الحديث ‪ 3575‬من كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان‪ ،‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم » نهييى عيين‬
‫كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير « ‪ ،‬والتحريم في الحديث جاء بصيغة النهي كذلك وهو لفظي‪.‬‬

‫المستوى الثللاني‪ :‬ويخص الحيوانييات الييتي ليسييت حرامييا‪ ،‬لكنهييا تصييبح حرامييا‪ ،‬إذا مييا لييم تييذكى‪ ،‬وهييي‬ ‫‪-‬‬
‫الحيوانات الميتة بدون تذكية‪ ،‬وتعتبر ميتة‪ ،‬وهي الميتة والمنخنقة والمتردية والموقودة والنطيحة ومييا أكييل‬
‫السبع‪.‬‬

‫‪ -3‬الطرح العلمي لخطر هذه اللحوم‬

‫أ ‪ -‬الميتة‬
‫قال جماعة من اللغويين الميت والميت بالتشديد والتسكين لغتان‪ ،‬و يقال ميت بتسكين الييياء لميين فييارقته الييروح أي‬
‫مات فعل‪ ،‬وميت بالتشديد لما لم يمت بعد‪ ،‬لقوله تعالى في سورة الزمر (الية)‪ » 29‬إنك ميييت وإنهييم ميتييون « فل زال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لم يمت لما نزلت هذه الية‪ ،‬وليم يقيرأ العيرب المييت بيالتخفيف عليى مين ليم يميت‪.‬‬
‫والقراءة في الية الكريمة بالتخفيف يعنيالحيوان بعدما تفارقه الروح‪ ،‬ويطلق اسم الميتة عند الصطلحيين على كل‬
‫حيوان مات بدون تذكية‪ ،‬أي بدون ذبح وتكبير كما سنعرف ذلك فيما بعد‪ .‬وهذه الحيوانات التي فصييلها ال ي سييبحانه‬
‫وتعالى في هذه الية تتشابه فيما بينها‪ ،‬من حيث الخصائص الكيماوية والفايزيولوجييية‪ .‬ولييم يقتصيير قييول ال ي علييى‬
‫ذكر الميتة‪ ،‬بل بين كذلك كل الشبهات التي كان من شأنها أن تضل الناس‪ ،‬وبييين كييل أوجييه الميتيية‪ ،‬فييذكر المنخنقيية‬
‫والمتردية والنطيحة والموقودة‪ ،‬وهي الوجه التي قد يقول قائل أنها ليست ميتة‪ ،‬وشمولية الييدين‪ ،‬وكميياله أنييه بينهييا‬
‫ووصفها بالتدقيق‪ ،‬لنقيس عليها كل الحيوانات التي ل تفرغ من دمها بطريقة التذكية‪.‬‬

‫فالمنخنقة تموت بانحباس الدم داخلها‪ ،‬وتكون بنفس الخطر‪ ،‬أو أكثر من الميتة‪ ،‬وكذلك المتردية‪ ،‬وهي الييتي تسييقط‬
‫من مكان عال فتموت رغم أنفها‪ ،‬وهي ميتة والنطيحة هي البهيمة التي تنطحها بهيمة أخرى فتقتلهييا‪ ،‬ونقيييس عليهييا‬
‫كل حيوان مات بحادثة )الضرب بشيء كالتي اصطدمت بسيارة أو التي سقط عليها حائط وما إلى ذلك(‪ .‬والموقييودة‬
‫هي التي اشتعلت فيها نار‪ ،‬وهي حية فماتت‪ ،‬ولو لم يبينها القرآن الكريم‪ ،‬لقال قائل بأنها مشييوية ل ضييرر فيهييا ول‬
‫بأس من أكلها‪.‬‬

‫تمر العضلت بعد الذبح‪ ،‬بعدة تطورات كيماوية على الخصوص‪ ،‬لتصبح لحمييا‪ ،‬وهييذه التطييورات تقييع فييي بضييعة‬
‫مراحل‪ .‬ومما ل شك فيه أن بيئة اللحم والعوامل الداخلية والخارجية‪ ،‬تساعد على اقتحامه من لدن بعض النواع من‬
‫الجسام الحية الدقيقة أو المجهرية )‪ ،(microorganisms‬والتي تنقسم إلى قسمين‪ :‬النواع المفسدة للحم والتي تبخس‬
‫الجودة‪ ،‬والنواع المضرة بصحة النسان‪ ،‬والتي تسبب تسمما أو التهابا‪.‬‬
‫وهناك نوع آخر من الجسام الحية الدقيقة‪ ،‬كالطفيليات وما أكثرهييا فييي اللحييم‪ ،‬خصوصييا إذا كييان الحيييوان مصييابا‬
‫ببعض المراض‪ ،‬التي من شأنها أن تصيييب النسييان‪ .‬وتبقييى الفايروسييات ميين أصييعب الحييياء الدقيقيية ميين حيييث‬
‫الدراسة‪ ،‬لنها كائنات حية ل تنمو في الوساط الغذائية والمستنبتات الصطناعية‪ ،‬ولذلك ل يمكن عزلها‪ ،‬وقد تييأتي‬
‫كذلك من اللحم‪ ،‬خصوصا لحم الخنزير‪.‬‬

‫بعد ذبح الحيوان‪ ،‬تتوقف الدورة الدموية‪ ،‬ويتوقف تزويد الخليييا بالسييكريات والوكسييايجين‪ .‬وحيييث يتوقييف إمييداد‬
‫الخليا بالوقود أو القتياتيات‪ ،‬فإن النشاط الفايزيولوجي يتوقف‪ ،‬بينما تبقى بعض التفاعلت‪ ،‬جارية لييوقت قصييير‪،‬‬
‫لوجود كمية من السكر داخييل الخليييا‪ .‬وميين جملية هيذه التفيياعلت إسيتقلب السييكر البياقي‪ ،‬واسييتنفاذ كميية ثلثييي‬
‫فوسفاط الدنوزين )‪ (ATP‬داخل العضلت‪ ،‬ويترتب على هييذا التفاعييل وقييوع عييدة ظييواهر كيماوييية‪ ،‬تعمييل علييى‬
‫تحويل العضلت إلى لحم‪ .‬ومن بين هذه الظواهر؛ السييتقلب اللهييوائي الييذي يبييدأ تحييت تييأثير النزيمييات‪ ،‬لعييدم‬
‫وجييود الوكسييايجين‪ ،‬بتحويييل السييكريات إلييى الحمييض اللبنييي‪ ،‬الييذي يييتراكم داخييل العضييلت ويخفييض الرقييم‬
‫الهيدروجيني من ‪ pH 7‬إلى ‪ ،pH 5.4‬وتلعب هذه الحموضة دورا إيجابيا في الحيد ميين تلييوث اللحييم‪ ،‬خلل البضييع‬
‫ساعات الولى التي تلي الذبح‪.‬‬

‫إن اللحوم بجميع أنواعها محملة بالجراثيم‪ .‬وتتجلى مصادر هذه الجراثيم في النواع العادية الموجودة بيئيا على هذه‬
‫المواد‪ .‬ونجد كذلك النواع المنحدرة من بعض المصادر الخارجية‪ ،‬لتصييال اللحييوم بهييا أثنيياء الذبييح‪ ،‬أو النقييل‪ ،‬أو‬
‫الخزن‪ ،‬أو أثناء البيع‪ ،‬من هواء وأماكن الذبح‪ ،‬والدوات‪ ،‬والمعدات المستخدمة للذبح والتقطيع‪ ،‬وأيييدي الشييخاص‬
‫العاملين في المجازر‪ ،‬والباعة‪ ،‬وبعض المشترين الذين يلمسون اللحم بأيديهم الخ‪.‬‬

‫ويلحظ عامة الناس‪ ،‬أن اللحم يخم أو ينتن بسرعة‪ ،‬إذا ترك لمدة طويلة تحت حرارة عادية‪ ،‬ويشتد هييذا خصوصييا‬
‫في فصل الصيف‪ ،‬إذ ترتفع الحرارة ويأتي ذلك نتيجية للجراثييم الموجيودة علييه بعيدد كيبير‪ ،‬ولكيونه غنييا بيالمواد‬
‫القتياتية‪ .‬وتسيياعد الحييرارة المرتفعيية علييى نمييو وتكيياثر الجراثييم فييي اللحيم‪ ،‬وتظهيير روائح كريهيية بسييبب تحلييل‬
‫البروتيدات والدهنيات من جهة‪ ،‬وبسبب النزيمات‪ ،‬وبعض التفاعلت الكيماوية من جهة أخرى‪ .‬وتدل هذه الروائح‬
‫وتغيير اللون وما إلى ذلك‪ ،‬من علمات إتلف الجودة على ضياع الخصائص والمميزات الحيوية للحم‪.‬‬

‫يشكل اللحم وسطا غذائيا مناسييبا‪ ،‬لنمييو الجراثييم البيئييية‪ .‬ويشييهد الييتركيب الكيميياوي للحيم‪ ،‬علييى غنييائه بالعناصيير‬
‫الضرورية لنمو الجراثيم‪ ،‬علوة على البيئة المناسبة )تركيز أيون الهايدروجين حوالي ‪). 7‬‬

‫تنقسم الجراثيم الموجودة في اللحم‪ ،‬إلى جراثيم التلوث الظاهري‪ ،‬وجراثيييم التلييوث البيياطني‪ ،‬وتضييم أنواعييا عديييدة‬
‫ومتنوعة على الطلق‪ .‬وتنتمي النواع التي عزلت من اللحم إليى عييدة أجنياس منهيا‪Moraxella Acinetobacter, :‬‬
‫‪Klebsiella, Pseudomonas, Lactobacillus, Yersinia, Micrococcus, Brochotrix, Serratia Proteus, Bacillus,‬‬
‫‪Achromobacter, Flavobacter, Alcaligenes, Vibrio, Aeromonas, Arthrobacter, Corynebacterium,‬‬
‫‪ . ,Staphylococcus, Salmonella, Clostridium‬بالضافة إلى بعض النواع من الخمييائر والفطريييات‪ .‬ونجييد أن‬
‫من أخطر هذه النواع‪ ،‬تلك التي تنمو تحيت حيرارة منخفضية )‪ 4‬درجييات(‪ ،‬وتتخصيص هيذه الجراثيييم فييي تحليييل‬
‫الدهنيات والبروتينات على حد سواء‪ ،‬فيظهر طعم الزنخ المنبتق عن تحليل الدهنيات‪ ،‬كما يظهيير ليون داكين بسيبب‬
‫انطلق غاز الكبريتور )‪ ، (H2S‬حيث يتفاعل مع الحديد الموجييود فييي الهيموكلييوبين‪ ،‬ويعطييي ناتييج أسييود‪ .‬وتنفييرد‬
‫أنواع بعض الجراثيم ومنها ‪ Pseudomonas‬في إنتاج مركيب أخضير‪ ،‬غالبيا ميا يظهير عليى سيطح اللحيم‪ ،‬ويمثيل‬
‫شائبة من الشوائب التي تجعل المستهلك يرفض هذا النوع من اللحم عند الشراء‪.‬‬

‫أما الباكتيريا اللهوائية من نوع ‪ Clostridium‬فتنمو بداخل اللحم‪ ،‬حيث ينعدم وجود الهواء‪ ،‬أو الوكسايجين‪ ،‬وهييو‬
‫ما يسمى بالفساد الباطني للحم‪ ،‬وتتكاثر هذه النواع لتصل إلى حد قد يصيييب اللحييم والمسييتهلك معييا‪ .‬وتتسييبب هييذه‬
‫الباكتيريا في النتان الداخلي للحم‪ ،‬حيث تبدأ نشاطها في غياب الوكسايجين‪ ،‬وتفييرز غييازات نتنيية تجعييل الحيييوان‬
‫ينتفخ‪.‬‬

‫ب‪ -‬طريقة الذبح‬


‫يصف السلم الكيفية التي يجب أن تتبع في الذبح بتدقيق‪ ،‬للحصول على لحم بجودة مرتفعية‪ .‬وهيذا الوصيف يفيوق‬
‫التجارب العلمية والنتائج المنشورة إلى حد الن فييي ميييدان البحييث حييول اللحييم ومشييتقاته‪ .‬ول نجييد أنسييب وصييف‬
‫لطريقة الذبح‪ ،‬إل الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه صلى ال عليه وسلم » إن ال كتب الحسان على كل شيء فإذا‬
‫قتلتللم فأحسللنوا القتلللة وإذا ذبحتللم فأحسللنوا الذبللح وليحللد أحللدكم شللفرته وليللرح ذبيحتلله« صييحيح مسييلم‪ ،‬كتيياب اليمييان‪،‬‬
‫الحديث ‪.46‬‬
‫ومن المعروف أن الطريقة السلمية المتبعة في الذبح‪ ،‬هي إراحة الحيوان بإلقائه على جنبه‪ ،‬وشيد اليرأس للخلييف‪،‬‬
‫والذبح بشفرة حادة‪ ،‬ليتم قطع الربعة في أسرع وقت ممكن‪ .‬وتشمل الربعة ما يلي‪:‬‬
‫الشريان السباتي‬ ‫الوريد الوداجي‬
‫القصبة الهوائية‬ ‫المريء‬
‫وقد تبت علميا في دراسة المركبات الكيماوية‪ ،‬التي يتم إفرازها من قبل الجسم أثناء الذبييح‪ ،‬وترتبييط بمييدى الشييعور‬
‫باللم عند الحيوان‪ .‬حيث تبين أن هذا المركبات تكون بتركيزات مختلفة حسب الطريقة المتبعة في الذبح كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬طريقة تخريب المخ والضييرب علييى الييرأس‪ :‬يفييوق تركيييز المركبييات الكيماوييية بحييوالي ‪ 2400‬ضييعف الييتركيز‬
‫الموجود في الذبح بالطريقة السلمية‪.‬‬
‫‪ -‬طريقة الصعق الكهربائي‪ :‬وقد تبين أن تركيز هذه المركبييات هييو ‪ 600‬مييرة ضييعف الييتركيز الموجييود فييي الذبييح‬
‫بالطريقة السلمية‪ .‬ويسبب الصعق الكهربائي تشنج العضلت لتضعف حركة الحيوان‪ ،‬مما يييؤدي إلييى نزيييف‪ ،‬أو‬
‫رشاش دموي داخل العضلت‪ ،‬وفي بعض الجهزة مما يؤدي إلى تعرضها إلى التلف بسرعة‪.‬‬

‫وللتذكية مزايا صحية ووقائية ل مجال لحصرها‪ ،‬ونذكر منها بعض المثلة التي يسهل فهمها‪ .‬فخروج الدم من جسم‬
‫الحيوان‪ ،‬يساعد على انخفاض النشاط المائي باللحم)‪ ، (Activity of water‬حيث يكون جافا نسبيا‪ ،‬وهو عامل ييدل‬
‫علييى الجييودة العالييية للحييم لن اللحييوم الغييير مييذكاة‪ ،‬يتخللهييا سييائل أحميير فيييه أثيير الييدم يبخييس جييودة اللحييم‪ ،‬ميين‬
‫حيث تشمئز النفس منه‪ .‬ولما يكون اللحم جافا‪ ،‬ل يصيبه تعفن بالسهولة التي يصيب بها اللحوم الخرى‪ .‬وبخييروج‬
‫الدم تقل المواد الغذائية داخل الخليا‪ ،‬حيث يعمل فقر الوسط على حفظ اللحم لمدة معينة‪ ،‬ولذلك يبقى اللحم المييذكى‬
‫لمدة تحت الحرارة البيئية دون أن يصيبه إنتان‪ .‬وتمثل إزالة الدم من جسم الحيوان عيين طريييق التذكييية‪ ،‬قاعييدة ميين‬
‫القواعد الصحية التي تساعد على انخفاض حجم التلوث‪ ،‬لن الكتلة الجرثومية تفرغ عييبر الييدم خصوصييا الجراثيييم‬
‫اللهوائية‪ ،‬التي تتسبب في الفساد الداخلي للحم‪ ،‬والذي يؤدي إلى النتفاخ‪ .‬ولهذا السبب تنتفخ جثة الميتيية ول تنتفييخ‬
‫الجثث المذكاة‪.‬‬

‫ويلحظ أن الحيوان المذبوح على الطريقة السلمية الصحيحة ‪-‬التذكية‪ -‬ل ينتفخ‪ ،‬بينما تنتفيخ جثية الحييوان المييت‬
‫بدون ذبح بسرعة‪ .‬وهذا أمر معلوم عنييد عاميية النيياس‪ ،‬ول يتطلييب علومييا توضيييحية‪ .‬لكيين التفسييير الصييحيح لهييذا‬
‫الحدث‪ ،‬يتطلب علوما‪ ،‬لكي يأتي بما ل يرضى الجدال‪ ،‬وكذلك ليستفيد منه الباحث والصانع على حد سواء‪.‬‬

‫حالما يذبح الحيوان كيفما كان نوعه‪ ،‬يخرج الدم بقوة أول المر‪ ،‬ثم يستمر في الخروج إلى الموت النهائي للحيوان‪.‬‬
‫ويلحظ كذلك أثنيياء الذبيح أن الحيييوان ل يحييرك رأسيه مباشيرة بعييد الذبيح‪ ،‬وإنمييا يضيطرب ويأخيذ فيي الحركية‪،‬‬
‫وأعضاؤه هي التي تتحرك فقط‪ ،‬وتستمر في الحركة إلى أن يخرج أكبر قدر من الدم‬
‫(الموت النهائي)‪.‬‬

‫ويجب أن يترك الحيوان حرا يضطرب إلى أن يهدأ‪ ،‬ويصبح جثة هامدة تماما‪ ،‬لن هذه الحركات هييي الييتي تسيياعد‬
‫على خروج الدم من الجسم‪ ،‬والذي يجب أن يخرج بأقصى حد‪ .‬ويعزى هذا الحادث إلى أن الخليا الدماغييية‪ ،‬حالمييا‬
‫تتوقف الدورة الدموية بسبب الذبح‪ ،‬ينقطع عنها سكر العنب ) جليكوز( فتأخييذ فييي طلبييه حيييث تضييطرب التيييارات‬
‫العصبية‪ ،‬لتصل إلى العضلت أخيرا فتحييدث هييذا التخبييط‪ ،‬ولمييا تمييوت هييذه الخليييا تمامييا‪ ،‬تنعييدم التموجييات فييي‬
‫العصاب المكلفة بتحريك العضلت فتهمد الجثة‪.‬‬

‫ونجد في السنة‪ ،‬أن الطريقة التي تذكى بها الحيوانات‪ ،‬يجب أن تكون بقوة وبسرعة‪ ،‬ويتييم هييذا بشييفرة حييادة ‪ ،‬ميين‬
‫حيث إذا مرت على العنق مرة واحدة كفت الذبح‪ ،‬وتساعد الحركة السريعة فييي الذبييح التييام‪ ،‬علييى خييروج اليدم ميين‬
‫الجسم بأكبر قدر ممكن‪ .‬وكل هذه الشياء العلمية يجدها القارئ في السنة النبوية الشريفة لمن أراد التطلع والتدقيق‪.‬‬

‫وبعدما يهدأ الحيوان‪ ،‬يأخذ الجزار في السلخ مباشرة‪ ،‬وهو كذلك أمر يساعد على الحد مين التليوث إذ ينيزع الجليد‪،‬‬
‫وتستخرج المعاء‪ ،‬والكرش‪ ،‬والكبد وكل الجزاء التي توجد داخل الجثة‪ ،‬ويجب أن تبقى هذه تحت الحرارة العادية‬
‫إلى أن تدخل في الطييور الجيفييي )‪ (Rigor Mortis‬وإن بقيييت أكييثر فمستحسيين لن التسييوية )‪ (Maturation‬تكييون‬
‫أسرع عند حرارة بيئية‪ .‬وتدخل الجثة إلى الييبرودة مباشيير بعيد غسييلها‪ ،‬ول يبيياع اللحيم إل بعيد مضييي وقييت تحيت‬
‫البرودة ‪.‬‬
‫ومع خروج الدم يصبح الوسط الداخلي جافا نسبيا‪ ،‬وتقل المواد المغذية داخل الخليا أو قد تنعدم‪ .‬ويترتب علييى إثيير‬
‫هذه التقلبات الفايزيوكيماوية تصلب الجثة‪ ،‬ويطلق على هذا الحادث اسم الطييور الجيفييي )‪ .(Rigor mortis‬ويرجييع‬
‫هذا التصلب إلى ارتباط وحدات الكتين بوحدات المييايوزين وهييو مركييب صييلب ممييا يسييبب تصييلب الجثيية‪ ،‬وعنييد‬
‫استنفاد الطاقة المتجسمة في وحدات ثلثي فوسفاطالدنوزين ‪ ، ATP‬فإن تحرير هذا الرتباط يتعذر‪ ،‬حيييث يتوقييف‬
‫النشاط الفايزيولوجي والنزيمي‪ ،‬لتبقى البنيية الييتي تكييونت جاميدة‪ ،‬وليذلك نلحيظ تصييلب العضيلت‪ .‬وأتنياء هيذه‬
‫المرحلة يتم إستقلب وحييدات ثلثييي فوسييفاط الدنييوزين )‪ (ATP‬حيييث يييتراكم الحمييض اللبنييي داخييل العضييلت‪،‬‬
‫فينخفض الرقم الهايدروجيني إلى مستوى ‪ ،5.4‬وهذا ما يطبع حدوث الطور الجيفييي فييي أحسيين الظييروف ‪Set of).‬‬
‫‪(Rigor Mortis‬‬

‫وفيما يخص الجراثيم فهناك أغلب النواع‪ ،‬التي ترمى مع الدم‪ ،‬كما ل يمكيين أن تصيييب النييواع الخارجييية اللحييم‪،‬‬
‫وبما أن التذكية تزيل الدم من جميع الشرايين داخل الجسم‪ ،‬فإن المواد القتياتية مثل سكر العنب‪ ،‬والذي يمثل المييادة‬
‫الساسية التي تعيش عليها الجراثيم تنخفض وهكذا تكون هذه الخيرة على أدنى مستوى في اللحم المذكى‪ ،‬حيييث ل‬
‫تنمو الجراثيم بالسرعة الفائقة التي تنميو بهيا عليى اللحيوم الخيرى‪ .‬ول يتعيرض لحيم اليذبائح الميذكاة إلييى الفسياد‬
‫بسرعة‪ ،‬كما تمتد مدة صلحيته‪ ،‬أكثر من لحوم الحيوانات الغير مذبوحة أو الغير مذكاة‪.‬‬

‫إن موت الحيوان قبل تذكيته يجعل الدم ل يخرج‪ ،‬وقد يتجلط داخل الشرايين الدموية‪ ،‬فيكون جيوبا حاوية للجراثيييم‪،‬‬
‫فتتكاثر بسرعة لكون الوسط غني‪ ،‬فتحدث تفاعلت تسفر عن ظهور الروائح الكريهة نتيجة الغازات المنحييدرة ميين‬
‫تحلل البروتينات والدهنيات‪ .‬وتحدث الغازات التي تنتجها الجراثيم بداخل الجيوب أو الخليا انتفاخا‪ ،‬لكونهييا تحبييس‬
‫داخل الخليا‪ ،‬وهو ما نلحظه عند الميتة‪ ،‬ويستوي في هذا المر كل أنواع الميتة‪ ،‬لن كييل هييذه الييذبائح لييم يخييرج‬
‫دمهيا بطريقية التذكيية‪ .‬ونلحيظ أن هيذا ميا يقيع فيي جثية الحيوانيات‪ ،‬اليتي تعاليج بعمليية تخرييب الميخ والصيعقة‬
‫الكهربائية‪ ،‬وهما الطريقتان المعتمدتان في الذبح في الدول الغييير السييلمية‪ .‬فهييذه النيواع مين الميتية تكييون غالبيا‬
‫خطيرة على المستهلك من الناحية الصحية‪ ،‬لنها محملة بالنواع الجرثومية الممرضة‪ ،‬والييتي قييد تتكيياثر‪ ،‬ويصييبح‬
‫القضاء عليها صعب المنال‪ ،‬ويستوي في ذلك كل الحيوانات التي يجوز أكلها من الطير والصيد والنعام‪.‬‬

‫وقد فصل العليم الخبير‪ ،‬كل أنواع الدايات الناتجة عن استهلك اللحوم الضارة في سورة المائدة بالتدقيق‪ .‬ول نجييد‬
‫هذا التفصيل في الكتب العلمية‪ ،‬إل بعض المزاعم على ضوء البصيص العلمي‪ ،‬الذي توصيل إلييه البيياحثون‪ ،‬وهيذا‬
‫أمر طبيعي‪ ،‬لن مبلغ النسان من العلم محدود‪ ،‬كما قال عز وجل في سورة النجم (الية ‪)29‬‬

‫ج‪ -‬الدم‬
‫أما الدم فمن الناحية الكيماوية يكون جد غني بالعناصر المغذية‪ ،‬ولذلك فهو صالح لنمو الجراثيم‪ ،‬التي قد تكييون فيييه‬
‫أصل ‪،‬أو قد يصاب بها أثناء أخذه من الحيوان‪ ،‬وهنياك العدييد مين النيواع الجرثوميية اليتي تفتيك بحيياة النسيان‪،‬‬
‫والتي قد تأتي من تناول الدم‪ .‬ويعتبر الدم كذلك من الوساط التي تحفظ كل أنواع الجراثيم‪ ،‬من باكتيريا وفايروسات‬
‫وطفيليات‪ .‬كما يمكن أن يأتي بالنواع التي ل يمكن أن نجدها في المواد الغذائية العادية‪ ،‬كالحليب واللحم والسمك‪.‬‬

‫ولذلك فإن المقياس عند علماء المسلمين‪ ،‬يكون بموافقة السنن الكونية للسنن الشرعية‪ ،‬فإذا حصل هناك اختلل‪ ،‬فإن‬
‫السنن الكونية هي التي تحتمل هذا الخلل‪ ،‬إما لجهل أو إما لعجز هذه العلوم على بيان البرهان والتوضيح‪ .‬ويجب أن‬
‫ننطلق من السنن الشرعية لفحص السنن الكونية‪ ،‬وليس العكس‪ .‬ويتحتم علينا بحكم اليمان بال ورسييوله‪ ،‬واليمييان‬
‫بالغيب كله‪ ،‬أن تحريم الحرام يكون لعلة يعلمها ال سبحانه وتعالى‪ ،‬ول ننتظر العلوم لتبرر لنا هذا التحريم‪.‬‬

‫ونعلم في ميدان علييوم التغذييية‪ ،‬أن المييواد المينييية تتحييول بعييد مييوت الحيييوان إلييى مييواد سييامة قاتليية )‪Putrescin,‬‬
‫‪ (..cadaverin etc‬والدم هو الوسط الذي تلتقي فيه كل المواد الغذائية‪ ،‬ومن بين هذه المواد ما هو نافع كالقتياتيات‪،‬‬
‫ومنها ما هو ضار كالسموم والسمينات التي تتكون عبر المفاعلت الكيماوية‪ ،‬أو التي تفرزها الكائنات الحية الدقيقة‬
‫الموجودة داخل اللحم كالنواع المتطفلة‪ ،‬ويساعد الدم في الحيوان الغير المذبوح على هذه التحولت ‪ .‬ولهذا نجد أن‬
‫تناول الدم كمادة غذائية‪ ،‬ل يصح بتاتا‪ ،‬ول يتفق مع القواعد العلمية فييي الميييدان الغييدائي وخصوصييا ميييدان صييحة‬
‫وسلمة الغذية‪.‬‬
‫د ‪ -‬لحم الخنزير ‪Pork meat‬‬
‫أما لحم الخنزير‪ ،‬فمن الناحية الصحية‪ ،‬ل يمكن أن ينكر أحد ميين أصييحاب الميييدان مييدى خطييورته‪ ،‬كمييا أن هنيياك‬
‫أشياء أخرى ل زالت العلوم بصددها‪ ،‬ولو أننا ل نحتاج علوما فيما يخص هييذه المييادة‪ .‬فييالتحريم يعتييبر شييرعا‪ ،‬ول‬
‫يتطلب علوما‪ ،‬ول توضيحا لتطبيقه‪ ،‬لنه يتعلق بالعبادة وليس بالتربييية الصييحية‪ ،‬والعبييادة ل يمكيين مخالفتهييا بينمييا‬
‫التربية الصحية يمكن مخالفتها‪ .‬ولبد من الناحية العلمية‪ ،‬أن توافق السنن الشرعية السنن الكونية‪ ،‬فبمييا أن ال ي عييز‬
‫وجل حرمه‪ ،‬فتحريمه رحمة للبشرية‪ ،‬والعلة في تحريمه موجودة وواضحة‪ .‬ولحم الخنزير يمثل خطرا على صييحة‬
‫النسان وسلوكه‪ ،‬كما سنتطرق إلى ذلك بالتفصيل‪.‬‬

‫يعتبر الخنزير مين الحيوانيات ذوات المعيدة الواحيدة )‪ (Monogastric‬وهيو أيضيا قيارت التغذيية بمعنيى كليي فيي‬
‫التغذية ‪ (omnivore).‬وهذا النوع من الحيوانات ل يجتر‪ ،‬وبالتيالي فطبيعية تغيذيته تكيون غالبيا متنوعية‪ ،‬ومختلفية‪،‬‬
‫وغير معروفة‪ .‬والخنزير على الخصوص‪ ،‬يتغذى على كل مييا هييو عفيين‪ ،‬ويأكييل كييل مييا يصييادفه فييي طريقييه ميين‬
‫القاذورات‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬من المواد المحملة بالجراثيم والسمينات‪ .‬ويتغذى على ما هيو قيدر ووسيخ ونجيس‪ ،‬وميع‬
‫ذلك فهو يحظى بإقبال بالغ رغم تلوثه وقذارته‪ ،‬ورغم المراض التي يتسبب فيها‪ .‬وبينت بعض البحيياث الخييرى‪،‬‬
‫أن أكل لحم الخنزير له تأثير بالغ على نفسية الشخص‪ ،‬وقد أجريت بعض التجارب في هذا الصدد‪.‬‬

‫ولكون الخنزير حيوان قارت‪ ،‬رمام التغذية‪ ،‬فإن اللحم يتأثر مباشييرة بمييا يييأكله‪ .‬ونعلييم جميعييا أن الخنزييير‪ ،‬يتميييز‬
‫بأكل القاذورات والعفونيات‪ ،‬وكيل ميا هيو وسيخ‪ ،‬لتترشيح كيل السيموم الموجيودة فيي هيذه القياذورات‪ ،‬وتمير إليى‬
‫اللحم والشحم‪ .‬وقد سجلت عدة وفايات بفرنسا سنة ‪ ،1935‬كيان السيبب فيهيا تنياول لحيم الخنزيير المصياب بطفيليي‬
‫الخنزير‪ ،‬أو الدودة الحلزونية ‪ (Trichinosis).‬إن يرقات هذا الطفيلييي الخطييير‪ ،‬تسييتعمر عضيلت الخنزييير‪ ،‬وعنيد‬
‫تناول لحم هذا الحيوان‪ ،‬يصاب النسان بهذا المرض الخطير‪ ،‬والذي تكون أعراضه كالتالي‪:‬‬

‫‪ -‬التهابات المفاصيل‬
‫‪ -‬أوجاع في العضلت و المفاصل‬
‫‪ -‬الوفاة بين السبوع الرابع والسادس‬

‫ونضيف إلى أن هناك عدة تأثيرات سلبية على صحة النسان الجسدية والعقلية‪ .‬فدهن أو شحم الخنزير يختلف تماما‬
‫عين دهيون الحيوانييات الخيرى‪ ،‬ودهييون النباتيات‪ ،‬ميين حيييث اليتركيب وتشييبع الحمضييات الدهنيية‪ .‬وهييذا يجعيل‬
‫صلحيته للتغذية في شك كبير‪ .‬وينصح الستاذ رام عالم الكيمياء الحيوية‪ ،‬الدانماركي الحاصل علييى جييائزة نوبييل‪،‬‬
‫بعدم استهلك دهون الخنزير لنها تتسبب في ظهور حصى المرارة‪ ،‬وانسداد قنواتها‪ ،‬وتصييلب الشييرايين‪ ،‬وبعييض‬
‫أمراض القلب الخرى‪.‬‬

‫وربما يقول قائل أن الجراثيم المضرة والطفيليات‪ ،‬التي توجد في لحم الخنزير قد نجد لها حل بتعقيمهييا‪ ،‬لكيين هنيياك‬
‫بعض المواد الكيماوية التي ل تتأثر بالحرارة‪ ،‬وأخرى تدخل فيي اليتركيب الكيمياوي كيتركيب الشيحوم‪ .‬وقيد بينيت‬
‫التجارب العلمية بأن للحم الخنزير تأثير بالغ على عقل النسان‪ .‬وهناك بعض التجارب التي تجرى على الحيوانييات‬
‫لمتابعة سلوكها والخروج بالنتائج العلمية التي تتبت ذلك‪.‬‬

‫وينفرد الخنزييير بتغييذيته القارتيية أو الرماميية القييذرة‪ ،‬وهييي طريقيية ل نجييدها عنيد أي حيييوان آخيير‪ ،‬بمييا فييي ذلييك‬
‫الوحوش‪ ،‬ومن ضمن الحيوانات الييتي يقتييات عليهييا النسييان‪ ،‬نجييد أن النعييام حيوانييات عاشييبة وكييذلك المجييترات‬
‫الصغيرة كالرانب والقنية وما إلى ذلك‪ ،‬والدجاج‪ ،‬والسماك‪ ،‬وكل هذه الحيوانات تختلف في تغذيتها عن الخنزير‪،‬‬
‫اليذي يجمييع بييين القيياذورات والزبييال وكييل النفايييات العفنيية‪ ،‬والملوثيية واليييدايات ليجمييع فييي لحمييه بييين السييموم‬
‫الكيماوية‪ ،‬والجراثيم المضرة‪.‬‬

‫فكل ما حرمه السلم فهو خبيث‪ ،‬وكل ما أحله فهو طيب‪ .‬ونضيف إلى هذه القاعدة العامة ما جاءت بييه العلييوم فييي‬
‫هذا الشأن‪ ،‬ول يزال العلماء يطلعون على أحكام القرآن حتى يقروا بشرع ال‪.‬‬

‫هي ‪ -‬الجللة‬
‫إن العلوم الحديثة‪ ،‬بينت أن هناك أشياء أخرى أكثر دقة وأكثر أهمية‪ ،‬لييم تكيين معروفيية إل فييي النصييف الثيياني ميين‬
‫القييرن الخييير‪ ،‬وقييد تطرقييت اليهييا السيينة النبوييية الشييريفة‪ .‬ونجييد عنييد ابيين ماجيية الحييديث ‪ 3180‬ميين كتيياب‬
‫الذبائح » أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نهى عن لحوم الجللة وألبانها «‪.‬‬

‫وجاء كذلك في النسائي الحديث ‪ 4372‬من كتاب الضحايا » أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نهى عن المجثمة ولبن الجللة‬
‫والشرب من في السقاء «‪.‬‬

‫والجللة هي كل حيوان داجن‪ ،‬أو من النعام‪ ،‬التي تأكل العذرة )البراز(‪ .‬وهذا الحيوان يعيش عييادة داخييل المنيزل‪،‬‬
‫ول يسرح في المراعي‪ .‬وقيل هي الشاة التي ل ترعى في المرعى‪ ،‬كأن تكون واحيدة فل يمكيين أن تسييرح‪ ،‬أو كييأن‬
‫تكون غير قادرة على ذلك‪ ،‬فتبقى في المنزل‪ .‬وتأكل هذه الشاة ما يفضل من بقايا المأكولت‪ ،‬وقييد تأكييل القيياذورات‬
‫التي تصادفها وأشياء نجسة‪ .‬ومن أخطر هذه القاذورات براز القطييط والكلب والنسييان‪ ،‬الييذي ربمييا تصييادفه هييذه‬
‫الحيوانات فتأكله‪ .‬ونعلم في ميدان علم صحة الغذية أن المواد البرازية ‪ -‬على العموم‪ -‬جييد خطيييرة إذا مييا أصييابت‬
‫المواد الغذائية من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فهي محملة ببعض المييواد السييامة‪ ،‬الييتي تترشييح فييي المعيياء وتميير إلييى‬
‫البراز بل وتتركز فيه‪ .‬كما تجمع الطفيليات والباكتيريا والفايروسات الخطيرة‪.‬‬

‫وتوجد مركبات خطيرة‪ ،‬تنحدر من الستقلبات العضوية‪ ،‬لتخلف إما سمينات )‪ (Toxins‬أو مييواد كيماوييية ناتجيية‬
‫عن الهضم لها طبيعة تسممية‪ ،‬وحيث تتغذى الحيوانات علييى هيذه القيياذورات‪ ،‬فييإن المييواد الخطيييرة تصيييب اللحييم‬
‫واللبن على حد سواء‪ ،‬وهنا نرى المعجزة في حديث رسول اله صلى ال عليه وسلم حيث يدقق شيئا علميا بيأوج ميا‬
‫وصلت إليه علوم الغذية‪ ،‬وربما لم تصل بعد إلى حقيقة المر بالنسبة للخطر الحقيقي لهذه المادة الغذائية‪ ،‬ذلييك أن‬
‫الحديث يذكر اللحم واللبن‪ ،‬وهي المواد التي تأتي من الحيوانات المجترة أو النعام‪ ،‬ولم يقتصر على اللحم فحسييب‪،‬‬
‫بل تطرق كذلك إلى اللبن‪ ،‬لن الفراز والتمثيل يكون بنفس التفاعلت داخل الجسم وهو تمثيل البروتينات‪ .‬وتييذهب‬
‫المواد السامة عند هذه الحيوانات إلى اللحم والحليييب‪ ،‬وهييي المكونييات الغذائييية الييتي يحتاجهييا النسييان‪ ،‬وقييد تييأتي‬
‫ببعض الضرار في غاية الخطورة‪ .‬ومن أشهر الخطار مرور سمينات إلى الجنييين عنييد المييرأة الحامييل‪ ،‬فيصيياب‬
‫المولود بالعمى‪ .‬وهذه أشياء أخبر بها سيد البشرية واكتشفها الطب الحديث‪.‬‬

‫ويكون الحديث كذلك شامل‪ ،‬فيما يخص نوع التغذية‪ ،‬التي يتغذى عليها الحيوان ليكون ضارا‪ .‬ولم تنتبه العلييوم إلييى‬
‫هذه الشياء إل مؤخرا‪ ،‬حيث تم ربط جودة اللحوم والحليب بنوع التغذية التي يتغذى عليها الحيييوان‪ .‬ويييدخل تحييت‬
‫هذا القانون كل الحيوانات التي تقتات على البقايا والقاذورات‪ ،‬وبعض الفضلت الملوثة‪ .‬وليس هناك أدنى شييك‪ ،‬أن‬
‫الحيوانات التي تقتات على القاذورات‪ ،‬تعطي لحما أو لبنا بجودة منخفضة‪ ،‬وقد يكون ضييارا تمامييا كمييا هييو الشييأن‬
‫بالنسبة للجللة‪ .‬لن التسمية التي جاءت في الحديث الشريف‪ ،‬إنما تعني حالة غير أصلية في تغذية الحييوان‪ ،‬ونعلييم‬
‫بيئيا أن الحيوانات ل تقرب القاذورات في المرعى‪ .‬لكن هناك نوعا من الحيوان أصبح يتغذى بالطرق الحديثة علييى‬
‫القاذورات والفضلت‪ ،‬وربما على مساحيق الحيوانات الميتة‪ ،‬وهو ما حدث في بعض الدول الوروبية‪ ،‬فتسبب في‬
‫ظهور داء جنون البقار وهو ليس حديثا‪ ،‬لكن الشكل الذي ظهر به هو الذي أثار ثائرة العلماء‪.‬‬

‫ولو أن بعض العلماء يظنون أن بعض الشياء أصبحت مضبوطة من الناحية العلمية‪ ،‬فنحن نقول أن الشيريعة تبقيى‬
‫بمستواها العالي الذي ل يعلى عليه أبدا‪ ،‬ولو أن بعض الدارسين يبررون تقنيات تربية المواشي‪ ،‬بالنتاج‪ ،‬والكتفاء‬
‫الذاتي‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬فكل الحيوانات التي تتغذى على النفايات والقاذورات والنجائس من أصل حيييواني أو إنسيياني‪،‬‬
‫توضع موضع الجللة لعموم الحديث‪ .‬ومييا يجييب الن علييى العلميياء فييي ميييدان التغذييية‪ ،‬هييو تحييري حقيقيية المييواد‬
‫والمكونات العلفية‪ ،‬والبحث عن مصدرها والتأكييد ميين سييلمتها‪ .‬وإن كييان بهييا أثيير نجاسيية أو أثيير خنزييير أو ميتيية‬
‫كبعض المساحيق المستوردة‪ ،‬أن يتخذوا موقفا شرعيا واضحا تجاه هذه الخطار‪.‬‬

‫والمعلوم أن الجللة تتسبب في نقل بعض الطفيليات الخطيرة إلى النسان‪ ،‬ومنها الديييدان الحلزونييية والييترايكينيل‪،‬‬
‫زيادة على باكتيريا حمى التايفويد‪ ،‬وباكتيريا الليستيريا‪ ،‬ويلحظ أن هذه الحيوانات الييتي تتغييذى علييى العييذرة تنقييل‬
‫الطفيليات على الخصوص‪ ،‬لن هذه الخيرة لها دورة الحياة في الجهاز الهضمي عند الحيوان أو النسييان‪ ،‬وتكييون‬
‫هذه الطفيليات في طور الكياس أو التكيس في البراز‪ ،‬وهو الطور الخطير الذي ل يمكن فيه القضاء على الطفيلي‪،‬‬
‫بل يجب أن يمر إلى الطور الموالي وهو طييور التكيياثر لمحاوليية القضيياء عليييه‪ .‬ول تتييأثر هييذه الطفيليييات بالجهيياز‬
‫الهضمي عند الحيوانات المجترة‪ ،‬كما قد تصيب اللحم بسهولة ويبقى نقلها إلى النسان أمر وارد‪.‬‬
‫فالمسيتهلك يتحتيم علييه فيي اليوقت الحاضير‪ ،‬أن يسياهم فيي اليدفاع عين مقوميات المجتميع‪ ،‬وأن يتعاميل ميع هيذه‬
‫المستجدات بكل تحفظ على الصعيد الفيردي‪ ،‬وفييي إطيار الجمعيييات المدنيية‪ ،‬ويجيب أن يخييرج مين اللمبيالة إليى‬
‫مشاركة فعالة‪ ،‬ودور إيجابي في المجتمع الذي يعيش فيه وأن يتصف بالوطنية والغيرة على هذه المقومات‪.‬‬

‫و‪ -‬داء جنون البقار ‪Bovine Spongiform Encephalite‬‬


‫تعتبر العوامل المسببة لمراض العتلل الييدماغي السييفنجي (مييرض جنييون البقييار) أو )‪Bovine Spongiform‬‬
‫‪ ،(Encephalite BSE‬من أغرب العوامل المسببة للمراض عند النسان والحيوان‪ ،‬وأحدثها اكتشافا‪ .‬و هذا ما يبين‬
‫قطعا النعمة التي من ال بها علينا في القرآن‪ .‬ففي سورة المائدة يقول الجليل جل جلله في أول آية التحريم‪:‬‬

‫ويقول في آخر الية‪:‬‬

‫إنها إتمام نعمة حقا أن يبين لنا ال عز وجل كل ما يضر بصحتنا‪ ،‬لكن النسان خلق ظلوما جهول‪.‬‬

‫والعوامل الحيائية التي تتسبب في ظهور داء جنون البقار‪ ،‬ليست مخلوقات‪ ،‬حية دقيقة‪ ،‬وليست فايروسييات‪ ،‬وهيو‬
‫ما حال دون دراستها بالتدقيق‪ ،‬لنها ل تنمو على الوسط الغذائي العادي‪ .‬ول تحتوي على الحماض النووية لتكييون‬
‫قابليية للتكيياثر أو النمييو‪ ،‬وإنمييا هييي جييزيئات حييية تييدعى بالبرايونييات ) ‪ (Prions‬اختصييارا للتسييمية الكامليية )‬
‫‪ (Proteinaceous infection particles‬أو الجييزيئات البروتينييية المعدييية‪ .‬تتخييذ هييذه الجييزيئات النسييجة العصييبية‬
‫واللمفاوية خصوصا في الدماغ مكانا لنشاطها‪ ،‬حيث تؤدي في النهاية إلى ظهور المرض‪ ،‬الذي يختلف في ظواهره‬
‫عند النسان المصاب به بعد تناول لحم البقر المصاب بهذا اليداء‪ .‬ولهييذا تييبين أن هيذا الميرض الجدييد يتقيارب فييي‬
‫ظواهره مع المراض التي تسبب العتلل الدماغي كما يبين ذلك الجدول التالي‪.‬‬

‫أهم المراض المسببة للعتلل الدماغي السفنجي‬


‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‪----‬ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫المرض الجديد‬ ‫كريستنفيلد جاكوب‬ ‫مرض الكورو‬
‫يييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬
‫إصابة أعمار متوسطة‬ ‫يصيب العمار بعد ‪60‬‬ ‫يصيب كل العمار‬
‫سنة ويعرف بفقدان الذاكرة وظهور العراض بشكل‬
‫بطيء ولعدة سنوات‬ ‫وتصرفات غير طبيعية‬ ‫لكلة‬
‫ظهور المرض نتيجة‬ ‫وتظهر العراض خلل‬ ‫لحوم البشر‬
‫تناول لحوم بقر مصاب‬ ‫‪ 6‬أشهر من الصابة‬ ‫ويتصف‬
‫تعتمد الصابة على‬ ‫ويمكن تشخيصه بفحص‬ ‫بالجنون‬
‫عدد البقار المصابة‬ ‫الدماغ بعد الموت‬ ‫والموت‬
‫ييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي‬

‫لقد جاء هذا المرض الجديد نتيجية لتنيياول لحييوم أبقييار مصييابة بهيذا المييرض‪ ،‬والييتي أخيذت المييرض بيدورها مين‬
‫العلف المحتوية على مسحوق مصنوع من جثث الخرفان الميتة المصابة بمرض ‪ .Scarpy‬ولقد كان هذا المييرض‬
‫المعدي للغنم معروفا مند زمن طويل‪ ،‬لكنه تفاقم في إنكلترا في العقد الخير بشييكل غريييب‪ ،‬حيييث أدى قييرار إبييادة‬
‫الحيوانات المصابة‪ ،‬إلى ظهور صناعة إنتاج مسحوق بروتيني من جثييت هييذه الحيوانييات‪ .‬وأصييبح هييذا المسييحوق‬
‫يستعمل في أعلف خاصة بالبقار‪.‬‬
‫ومن الرغم أن هذه التوضييحات تظهير مقنعية‪ ،‬فيإن داء جنيون البقيار يبقيى لغيزا يجيب توضييحه أكيثر بالشيفافية‬
‫العلمية‪ ،‬لن الشكل الذي ظهر به‪ ،‬والحالت التي ظهر فيها يجعل أصحاب الميدان يشكون في هذا التفسير‪ .‬ولييو أن‬
‫التغذية يرجح أن يكون لها سبب‪ ،‬فإن هناك عوامل أخرى قد تساعد على ظهور هذا المرض‪.‬‬

‫ول يوجد حاليا‪ ،‬أي دليل على انتقال هذا المييرض إلييى النسييان‪ ،‬عيين طريييق تنيياوله لحييوم الغنييم المصييابة بمييرض‬
‫‪ ، Scarpy‬وهذا يدل ويزكي تجنب الميتة في الطعمة سواء للحيوان أو النسان على حد سواء‪.‬‬

‫ولما ظهر داء جنون البقار‪ ،‬لم نفاجأ لن التغيير الذي طرأ على السنن الكونية كفيل بأن يجعل المور تمشييي علييى‬
‫عكس ما أراده ال‪ .‬وهذا ما يجعل النعمة تصبح نقمة‪ ،‬لن النسان يتدخل في أشياء تعاكس المجرى الطبيعي للخلييق‬
‫نفسه‪ .‬فالحيوانات العاشبة خلقها ال سبحانه وتعالى لتكون عاشبة‪ ،‬فإذا غيرنا هذه السنة الكونية بطريقة البشر لنغذي‬
‫الحيوان على اللحم‪ ،‬وليس اللحم الجيد أو الطبيعي‪ ،‬وإنما اللحم الميت‪ ،‬فهذا ل يؤدي إليى صيلح‪ ،‬وإنميا إليى فسياد‪،‬‬
‫وهو ما وقع حقا‪ ،‬وقد وقف العلماء على النتائج المرئية‪ .‬وليس النسان وحده هو الذي جعل لييه الي سييبحانه وتعييالى‬
‫نظاما غذائيا مدققا‪ ،‬وإنما الحيوان كذلك‪ ،‬وليس أي حيوان بل النعام بالتدقيق لها تغذية ونظام مضبوط‪ ،‬كما جاء في‬
‫سورة عبس (من الية ‪ 24‬إلى الية ‪ )32‬لقوله جل وعل‬

‫وما نخشاه هو انزلقنا مع التقنيات الغربية في تربية المواشي والدجاج والرانب والنعييام ومييا إلييى دلييك‪ ،‬وأصييبحنا‬
‫ننهج نفس الساليب وتنتج بنفس الطرق المتبعة في البلدان الغربية‪ ،‬واستيراد المواد الغذائية والنواع الحيوانييية ميين‬
‫هذه الدول‪ ،‬كالبقار والكتاكيت‪ ،‬وهذا الميير قييد يييؤدي بنييا إلييى نفييس الكييوارث‪ ،‬وقييد يضيييع تجربتنييا وخبرتنييا فييي‬
‫الميدان‪.‬‬

‫ز‪ -‬التلوث بالدايوكسين ‪Dioxin‬‬


‫وجييييدت مييييادة الدايوكسييييين الكيماوييييية مييييع مييييواد أخييييرى مثييييل مركييييب ‪ PCB‬المعييييروف بييييي ‪Biphenyl‬‬
‫‪ Polychlorinates‬ومركيييب ‪ PBB‬المعيييروف كيييذلك بيييي ‪ Biphenyl Polybrominates‬وهيييي مركبيييات ملوثييية‬
‫وخطيرة‪ ،‬تتركز في الييدهون الحيوانييية خاصيية‪ ،‬والجلييد‪ ،‬وتصيييب الحيييوان بإحييدى الطريقييتين‪ ،‬إمييا بإضييافتها فييي‬
‫العلف‪ ،‬وإما عيين طريييق غييير معييروف‪ .‬وتظهيير هييذه المييادة أيضييا بسييبب التعييرض لبعييض مبيييدات العشيياب‬
‫مثل ‪ Pentachlorophenol‬و ‪ Chlorophenoxyl‬بدرجة مرتفعة أتناء التصنيع‪.‬‬

‫وقييد عييرف اسييتخدام هييذه المييواد إقبييال كييبيرا‪ ،‬علييى إثيير وصييول المريكيييين إلييى إنتيياج الكلوروفينوكسيييل‬
‫‪ ، Chlorophenoxyl‬الذي استخدم في الحرب ضد الفيتنام من طرف القوات المريكية‪ ،‬للقضاء علييى مييزارع الرز‬
‫والغابات الكثيفة‪ .‬وقد تم العثور على بعض العينات من المركب‪ ،‬والتي تحتوي على مادة سييامة للنسييان والحيييوان‬
‫تسمى الدايوكسين‪ ،‬وكانت من أسباب منع استيراد بعد الدول للرز من الفيتنام‪.‬‬

‫ومن الناحية الكيماوية‪ ،‬فالدايوكسين يمثل مجموعة من المتناظرات الكيماوية ‪ Isomers‬والييتي تتكييون ميين حلقييتي‬
‫بنزين‪ ،‬ترتبطان بذرتي أوكسايجين‪ .‬وتكون تركيبتها الكيماوية هي ‪ Dioxin-2,3,7,8-tetrachlorodibenzo-p‬والييتي‬
‫يرمز لها ب ‪ TCDD‬وهي مادة جد قارة )‪ (stable‬وتذوب في الدهون‪ .‬وتتكون هذه الجييزيئة‪ ،‬كناتييج عرضييي أثنيياء‬
‫تصنيع المواد العضوية‪ ،‬التي تشتمل على الكلوروفينيلت‪ ،‬وينتج كذلك أثناء حييرق القمامييات المحتوييية علييى مييواد‬
‫بلستيكية‪ ،‬وقد تظهر الدايوكسين أثناء صناعة الورق ولحام المعادن‪.‬‬

‫وتنتقل الدايكوسين إلى الحيوان عبر التغذية على مواد محتوية على الدايوكسين‪ ،‬فتتركز في الدهون أو الشحم لتميير‬
‫إلى النسان عند الستهلك‪ ،‬حيث تظهر علمات التسمم‪ .‬والمعروف عن الدايوكسييين أنهييا مييادة سييرطانية بامتييياز‬
‫زيادة على تأثيرها على المناعة‪.‬‬
‫وتختلف أعراض التسمم بالدايوكسين عند النسان والحيوان‪ ،‬حسب النوع‪ ،‬والسن‪ ،‬والجنس‪ ،‬والجرعيية‪ ،‬وميين أهييم‬
‫هذه العراض‪:‬‬
‫‪ -‬تأخر في النمو‪.‬‬
‫‪ -‬اضطرابات جلدية‪.‬‬
‫‪ -‬تساقط الشعر‪.‬‬
‫‪ -‬زيادة تقرن الجلد‪.‬‬
‫‪ -‬ضمور في غدة التيموس والطحال ‪.‬‬
‫‪ -‬نقص في عدد الكريات اللمفاوية‪.‬‬
‫‪ -‬نقص معدل الخصاب‪.‬‬
‫‪ -‬اضطرابات تناسلية‪.‬‬
‫‪ -‬تضخم الكبد وإصابته بالسرطان‪.‬‬
‫‪ -‬صعوبة في التنفس وترنح عند الحيوان‪.‬‬

‫ول توجد علجات طبية ناجحة بعد حدوث التسمم‪ ،‬ويبقى اتخاذ الحتياطات الوقائييية لمنييع وصييول هييذه المركبييات‬
‫إلى النسان‪ ،‬ووقوع التسمم‪ ،‬الوسيلة الوحيدة التي تحفظ المستهلك من الخطر‪.‬‬

‫ك‪ -‬الطيور اللحمة‬


‫نتكلم في هدا الصدد عن الطيور المتوحشة والعصافير‪ ،‬وفيها بعض النواع التي قد تتسبب في نقل بعييض الجراثيييم‬
‫والفايروسات والطفيليات للنسان أو الحيوان‪ ،‬على حد سواء‪ .‬ونشير إلى أن الطيييور ذات المخييالب كالبيياز والنسيير‬
‫والحدأة والصقر محرمة‪ ،‬كما سنتطرق ل لذلك في فقرة خاصة بالغذية المحرمة‪.‬‬

‫و إذا كانت البحاث العلمية قد بينت خطر بعض احيوانات أو الدواب مثل الكلب العقييور والفئران مثل‪ ،‬فييإن بعييض‬
‫الحيوانات الخرى والطيور ل تزال غير معروفة من حيت الخطر المحتمل الييذي يمكيين أن تتسييبب فيييه‪ .‬وفييي هييذا‬
‫الصدد تظهر السنة النبوية الشريفة بوجهها العجازي‪ ،‬فتسمو على العلوم الكونية‪ ،‬بشييأن بعييض الحيوانييات‪ ،‬لتييبين‬
‫الخطر وتجنب النسان من بعض الكوارث على مستوى المراض الجرثومية‪ .‬ونجد حديثا من الصحاح يبين خطيير‬
‫هذه الحيوانات‪ ،‬ومنها بعييض الطيييور الييتي لزالييت العلييوم لييم تتناولهييا بعييد‪ .‬ولنييرى الحييديث الصييحيح الييذي رواه‬
‫البخاري‪» :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم خمس من الداوب لحرج على من قتلهن الغراب والحييدأة والفييأرة والعقييرب والكلييب‬
‫العقور «‪ ( .‬صحيح البخاري‪ ،‬الحديث ‪ 1697‬من كتاب الحج )‪.‬‬

‫وتعرف هذه الدواب عند الفقهاء بالفواسق الخمس‪ ،‬وهي مصنفة تصنيفا قرآنيا خارقا من حيث الموضوعية العلميية‪.‬‬
‫وإذا كانت العلوم قد توصلت إلى معرفة الخطر الكييامن فيي الفيأرة والكلييب العقييور‪ ،‬ميين نقيل للجراثييم والميراض‬
‫والوبئة‪ ،‬فإن الخطار التي تسببها الطيور‪ ،‬مثل الغيراب والحيدأة ل تيزال غامضية‪ .‬ول نشيك فيي أن هنياك خطير‬
‫يتصل مباشرة مع هذه الطيور‪ ،‬وما نريد أن نلفت النظر إليه هو الحذر وقتل هذه الدواب كلما استطاع المرء‪ .‬ونعلييم‬
‫أن هده الحيوانات موجودة بالمغرب‪ ،‬وقد يتهاون المستهلك في البادية ول يبالي بالخطر‪.‬‬

‫وقد بينت العلوم في أواخر القرن العشرين بعض الخطار التي تحملها الطيور اللحمة مثل الصييقر والنسيير والبيياز‬
‫والحدأة‪ .‬ويتجلى الخطر الرئيسي عند هذه الطيور في كونها حاملة لنواع من الطفيليات الخطيرة ومنها الييترايكنيل‪.‬‬
‫ويؤكد عالم الطفيليات الدكتور نلسن أن اسيتهلك لحيوم هيذه الحيوانيات ييؤدي اليى الصيابة بهيده الطفيلييات‪ ،‬كميا‬
‫يضيف الى أن هناك أنواع أخرى اكتشفت وأنواع لزالت لم تمتكشف بعد في لخوم هذه الطيور‪.‬‬

‫تكاد تتركز حماية المستهلك حول تقييدير صييلحية أو عييدم صييلحية المييادة الغذائييية المعروضيية للييبيع‪ ،‬ميين حيييث‬
‫مواصفاتها الغذائية )القيمة(‪ ،‬ومن حيث عدم شمولها على مسييببات الخطيير كيفمييا كييانت‪ ،‬جرثومييية‪ ،‬أو طفيلييية‪ ،‬أو‬
‫فيروسية‪ ،‬أو كيماوية‪ ،‬أو إشعاعية‪ ،‬أو غير ذلك‪ .‬ولهييذا الغييرض‪ ،‬ل بييد للمصييالح المختصيية‪ ،‬أن تبييدأ المراقبيية ميين‬
‫الضيعة حيث يعيش الحيوان‪ ،‬وتنتهي إلى صحن المستهلك‪.‬‬

‫ح ‪ -‬المواد الناشئة عن المواد المحرمة‬


‫لقد أصبحت السواق تعج بالمواد الغذائييية المعلبيية‪ ،‬والييتي نصييت عليهييا القييوانين المنظميية للمراقبيية وزجيير الغييش‬
‫والصحة وما إلى ذلك من الجراءات‪ ،‬التي ترمي إلى الحد من التلعب والغش والتحايل على المستهلك‪ .‬ورغم كييل‬
‫هذه الجراءات‪ ،‬فل يمكن أن نتصور أن هناك طرفا ما يمكن أن يضييمن سييلمة المييور‪ ،‬لن القييانون يعجييز علييى‬
‫الحل الجدري‪ ،‬و يبقى زجري أو رقابي‪ ،‬ربما ييتربص بيه بعيض عيديمي الضيمائر‪ .‬ولين يكيون هنياك حيل شيامل‬
‫جدري مستأصل لهذه المشاكل‪ ،‬إل بالرجوع إلى الصل‪ .‬وهذا الصل يتجلييى فيي حقيقية المجتميع وهيويته وتحدييد‬
‫موقفه‪ .‬فإما أن يكون مجتمعا يأخذ بالقانون في غياب الشريعة وفي هذه الحالة‪ ،‬ربما ينقص ميين حييدة المشييكل‪ ،‬لكيين‬
‫الفساد سيظل يراقب الفجوات والخفاء‪ ،‬كما هو الحال في البلدان الغربية‪ ،‬وقد نعلم أن المراقبة هناك قاهرة ومع ذلك‬
‫فالتزوير والغش يكاد يعصف بهذه البلدان‪ .‬وإما أن يكون مجتمعا يأخييذ بالشييرع‪ ،‬وفييي هييذه الحاليية فالشييريعة كفيليية‬
‫بالحل الجدري النهائي‪ ،‬الذي ل يترك مجال لمن به دخن أو نية غش أو تدليس أو محاولة تزييف‪.‬‬

‫إن التشريع السلمي يأخذ المور بوضوح وبالحل النهائي‪ ،‬فالشريعة فيهييا الحلل الييذي أحلييه اليي‪ ،‬والحييرام الييذي‬
‫حرمه ال‪ ،‬وليس فيها حرف لبشر إل اجتهاد العلماء الصائب‪ ،‬واستنباط الحكام من لييدن أصييحاب العلييم والمعرفيية‬
‫من العلماء‪ .‬وتبدأ الشريعة بالشرط الساسي أن يكون المجتمع مسلما‪ .‬وإذا كان كذلك‪ ،‬فالشريعة تطبييق بسييهولة لن‬
‫الحكام لن تجد من يخالفها في المجتمع الذي يبني أساسه على الشرع‪.‬‬

‫هناك مواد عديدة منحدرة من الخنزير تدخل في تركيب بعض المواد الغذائييية‪ ،‬إمييا لتنكيههييا كمييا يزعيم‪ ،‬أولتحسييين‬
‫جودتها وما إلى ذلك‪ .‬وهذه المواد تكون عادة معروفة خصوصا في البلدان الغربية‪ ،‬لن أكل الخنزير مباح‪ .‬أما فييي‬
‫البلدان السلمية‪ ،‬ول نخص بلد دون آخر‪ ،‬فغالبا ما تخفى لمر تجاري‪ .‬ول يمكن أن يجهل أصحاب المراقبيية هييذه‬
‫المواد‪ ،‬ومع ذلك فهم يغضون الطرف عنها‪ ،‬أو ل يبالون بها‪.‬‬

‫الجيلتين ‪Gelatin‬‬

‫الجيلتين هيو مركيب ليزج ييذوب تحيت حيرارة متوسيطة‪ ،‬ويتماسيك ليصيبح صيلبا عنيد درجية حراريية عاديية )‬
‫‪ 20 -18‬درجة مئوية(‪ .‬ويساعد على إعطاء المواد الغذائييية صييلبة وتماسييكا‪ ،‬ليضييفي ‪ -‬كمييا يزعييم‪ -‬علييى جودتهييا‬
‫تحسنا‪ .‬وتستخرج مادة الجيلتين من غضاريف الخنازير‪ ،‬وقد كانت تستخرج كذلك من غضاريف البقار لكيين مييع‬
‫ظهور داء جنون البقار‪ ،‬لم يعد مسموحا بصناعة الجيلتين من البقار‪ .‬وبما أنها مادة ل تصنع بالبلدان السييلمية‪،‬‬
‫فهي تستخرج من الحيوانات إما المحرمة كالخنازير أو الغير مذكاة كالبقار‪ .‬وتبقى كل المييواد الغذائييية الييتي تييدخل‬
‫الجيلتين في تركيبها موضوعة موضع الشبهة أو التحريم‪ .‬ول توجد صناعة الجيلتين إل في الدول المصنعة‪ ،‬لن‬
‫هذه الصناعة تدخل ضمن الصناعات الستراتيجية‪ ،‬وتتطلب معدات وأدوات ل تتوفر عليهييا الييدول النامييية‪ .‬وربمييا‬
‫تسيياهل بعييض الفقهيياء فييي هييذه الشييياء‪ ،‬لكيين علميياء الميييدان فييي الصييناعات الغذائييية والعلييوم البيطرييية‪ ،‬يييرون‬
‫أن المصدر الحيد الذي تأتي منه مادة الجيلتين هو الخنزير وليس هناك أية شبهة في هذا المر‪ ،‬ويجب على الفقهاء‬
‫أن يجتنبوا الخوض في مثل هذه الشياء‪ ،‬لن فيها اختصاص علمي‪.‬‬

‫وقد تضاف الجيلتين إلى بعض المواد الغذائية‪ ،‬لتحسين اللزوجيية والتماسييك كييالمربى والحلويييات‪ ،‬وبعييض المييواد‬
‫الغذائية الخرى‪ ،‬بما في دلك المواد اللبنية كاليوغورت والجبان‪ .‬ونجد أن بعييض المنتوجييات الغذائييية الييتي تييدخل‬
‫الجيلتين في تركيبها‪ ،‬قد ل تبين على الوصفة أو التركيبة كما قد تييبين ول ينتبييه إليهييا المسييتهلك‪ .‬وربمييا نشييك فييي‬
‫منتوج ما باحتوائه على مادة الجيلتين ونضعه موضع الباحيية لن الصييل فييي ال\ييياء الباحيية‪ ،‬لكيين لمييا تشييتري‬
‫النساء الجيلتين لتحضر بها الحلويات وهي تعلم أنها من الخنزير فهنا يصبح الميير غييير ذلييك‪ .‬وقييد تأسييفنا لفتييوى‬
‫جواز استعمال الجيلتين في الدوية لنها تحولت وفقه الستحالة واضح وليس في شبهة والجيلتييين الييذي يسييتعمل‬
‫في الدوية لم يحول ولم يطرأ عليه أي تغيير‪ ،‬قربما يصبغ أو يعجن لكنه جيلتين ولم يحول إلى مادة أخرى وبييذلك‬
‫يكون فقه الستحالة في غير موضعه‪ ،‬ولما نتكلم عن الستحالة )ونحيل القارئ على فقه الستحالة عند شيخ السلم‬
‫ابن تيمية رحمه ال( فإننا نتكلم عن مادة تحولت من حالة إلى حالة كحرق عظام الخنزير لتصبح رمادا واستعمالها‪،‬‬
‫وكتحويل شحوم الخنزير إلى صابون مثل‪ ،‬لكن الجيلتين التي تسييتعمل فييي الدوييية أو لتعليييب الدوييية لييم تتحييول‬
‫ومن قال أنها تحولت كذب على المة‪ ،‬وبحث عن الحيل علييى حسيياب الشييرع‪ ،‬ونعتيبر هيذا الميير جيرأة عليى الي‬
‫سبحانه وتعالى وليس هناك من هو أكثر منا اختصاصا في الموضوع‪ ،‬وتخصص الصناعات الغذائية تخصص ميين‬
‫مستوى عالي جدا‪ ،‬ول يمكيين أن يخييوض فيييه أي عييابث‪ .‬ولييذلك فنحيين نعييارض فتييوى جيواز اسييتعمال الجيلتييين‬
‫للدوية بالرتكاز على فقه الستحالة‪ ،‬فربما ارتكز الفقهاء على الضرورة ليكونوا على بينة كنييا نقبييل بالنقيياش لكيين‬
‫الرتكاز على الستحالة غير جائز وغير مقبول‪.‬‬

‫الليسيتين ‪Lecithin‬‬

‫الليسيتين مادة دسمة توجد طبيعيا في المواد الدهنية الحيوانية )الشحوم( وتوجد في أصفر البيض علييى الخصييوص‪،‬‬
‫وتوجد كذلك في بعض النباتات كالصويا‪ .‬واللسيييتين مركييب لييه خاصييية فيزيائييية وكيماوييية تجعييل السييتغناء عنييه‬
‫صعبا‪ ،‬أو مستحيل في بعض الحالت‪ .‬ويتكون الليسيتين من جزيئة دهنية مركبة تشمل الفوسييفاتيديل )دهنييي ثنييائي‬
‫يشمل جزيئة فوسفاط( مرتبطة بجزيئة الكولين )‪ (Phosphatidyl choline‬وهو ما يجعل الليسيييتين يسييتحلب بعييض‬
‫المواد الدهنية‪ .‬ويستعمل كذلك في الشكلطة والحلويات بجميع أنواعها والعلك والقشدة وما إلى ذلك‪ .‬وقييد يسييتخرج‬
‫مركب الليسيتين من الخنازير بالطريقة الصناعية‪ ،‬وهو ما يجعل الثمن مقبول من لدن الصناع والمنتجين‪ ،‬وقد يأتي‬
‫من مصادر أخرى‪ .‬ولو يكون الليسيتين من مصادر غير الخنزير‪ ،‬فكل المواد المحتويية عليى هيذا المركيب توضيع‬
‫موضع الشبهة‪ ،‬لن الصانع قد يستعمل ليسيتين الخنزير‪ ،‬ويصرح بليسيتين من مصدر آخر‪ .‬وكل هذه المواد يسييهل‬
‫مراقبتها لنها تستورد كليا‪ ،‬ول توجد صناعة لهذه المواد بالبلدان الجنوبية‪ ،‬لن المواد الخامة غييير موجييودة‪ ،‬ولن‬
‫الصناعات ذات الهمية القتصادية‪ ،‬أو ذات الهمية التنافسية‪ ،‬ل تسمح الدول المصنعة بوجودها في البلييدان الييتي‬
‫تعتبرها سوقا لها‪.‬‬

‫المنفحة ‪Rennet‬‬
‫المنفحة هي المادة المجبنيية أو المخييثرة للحليييب )‪ .(Curdling‬وتسييتخرج ميين الخنزييير أو الحيوانييات الخييرى لكيين‬
‫المنفحة الخنزيرية تعتبر ذات نشاط وقوة مجبنة أقوى من المنفحات الخرى كما توجد بكييثرة وتعطييي حسييب زعييم‬
‫بعض الصناع أو الباحثين نكهة ومذاق أحسن من المنفحة الحيوانية الخرى أو الجرثومية‪ .‬وتقتنى هذه المنفحيية ميين‬
‫الصيدليات وقد يبين المصدر أنها من الخنزير كما قد يخفى‪ .‬وتوجد على الشكلين الصلب والسائل‪.‬‬

‫وتوجد المنفحة في السوق بوفرة وتكون جد متنوعة كذلك وبما أن صناعتها تكييون فييي البليدان الغربيية فييإن الشييبهة‬
‫موجودة ويجب أن يتبين أصحاب الجمارك والمراقبية مين صيحة مصيدر المنفحية المسيتوردة‪ .‬وفيي حالية اسيتيراد‬
‫أجبان كاملة الصنع بالخارج فيجب أل تقبل الجبان التي تدخل المنفحة الخنزيريية فييي تصينيعها‪ ،‬وبميا أن التحاليييل‬
‫يصعب عليها معرفة طبيعة المنفحة المستعملة في الجبان فالمر يبقى مشتبها‪.‬‬

‫الدسم أو المواد الدهنية‬

‫هناك بعد المواد الدهنية أو الدسم‪ ،‬والتي تستعمل للطبخ في المطاعم وفي المعامل‪ .‬وتكون بأثمان منخفضة بالمقارنة‬
‫مع الدهون الخرى‪ .‬وتستعمل كثيرا في شي البطاطس ومنها )‪ (Frites and ships‬وتباع هده المنتوجات بكثرة في‬
‫السواق الوطنية وقد تصنع محليا كما قد تستورد‪ .‬وتستعمل هذه المواد كذلك في الطبخ ببعض المطيياعم‪ ،‬وقييد تبيياع‬
‫للستعمال المنزلي كشي البطاطس‪ .‬وكل المييواد الدسييمة الييتي تسييتعمل فييي المييواد الغذائيية ميين ذبييائح غييير مييذكاة‬
‫ويستعمل الدسم ضد اللتصاق وتسهيل الطبخ كالبطاطس ويتم حاليا استيراد البطاطس جاهزة للشي‪ ،‬وهي بطيياطس‬
‫مدهونة بالدسم الحيواني‪.‬‬

‫الفحم المنشط = الفحم الحيواني‬

‫يطلق تعريف الفحم المنشط‪ ،‬على الفحم الذي يستخرج من عظام الحيوانات‪ .‬وقييد ترجيم هييذا المصييطلح حرفيييا إلييى‬
‫العربية‪ ،‬ليفقد معناه ولتخفى حقيقته‪ .‬وطريقة صناعته تتبع تقريبا نفس الطريقة التي يصنع بها الفحم الخشبي‪ ،‬حيييث‬
‫تحرق العظام تماما كما تحرق الخشاب لصناعة الفحم الخشبي في غياب الهواء‪ ،‬تم يسييحق هييذا الفحييم ويعلييب فييي‬
‫أكياس ويباع‪ .‬وينتج الفحم المنشط بكثرة في البلدان المصنعة‪ ،‬نظرا لوجود المواد الخامة‪ ،‬ونظرا للتقييدم الصييناعي‪.‬‬
‫ولذلك لم نعد قادرين على مقاومة الغزو التجاري‪ ،‬لن نمط العيش وكل الساليب المستعملة‪ ،‬جعلييت ميين المسييتحيل‬
‫رفض هذه المواد‪ .‬فالفحم الحيواني يستعمل في معالجة المياه الشروبة‪ ،‬ويسييتعمل فييي معالجيية زيييوت المييائدة‪ ،‬وقييد‬
‫يستعمل في معالجة السكر‪ ،‬وبصفة عامة كل المواد التي تستوجب في صناعتها تصيفية أو تكريير‪ .‬ويسيتعمل الفحيم‬
‫الحيواني لزالة المواد العالقة أو المواد الملونة من بعض السوائل‪.‬‬

‫وبما أن المنتجين والصناع في البلدان النامية‪ ،‬يستعملون أساليب أجنبية ويتبعييون المرشييدين والمييؤطرين الجييانب‪،‬‬
‫فاستعمال هذه المواد ل يجد بديل‪ ،‬ولن يجد هذا البديل‪ ،‬بدون خطة استراتيجية في النتاج‪ .‬ونوجه المسييتعملين لهييذه‬
‫المادة‪ ،‬إلى النظر في البديل لنهج استقلل وذاتية النتاج من الناحية القتصييادية‪ ،‬والتفكييير فييي السييتغناء عيين هييذه‬
‫المادة المستوردة‪ ،‬واستبدالها بمادة محلية أو صناعتها‪ ،‬لن الوقت قد حيان‪ ،‬ونحيين علييى أبييواب العولميية والتنييافس‪.‬‬
‫وعلوة على أن المنتوج ينحدر من مواد محرمة شرعا‪ ،‬فهناك دوافع اقتصادية واجتماعية تدعو إلى تجنبه‪ ،‬وهنيياك‬
‫مواد كثيرة تؤدي نفس المهمة وتستعمل لنفس الغرض الذي يستعمل له الفحم الحيواني‪.‬‬

‫ز ‪ -‬المضافات الغدائية ‪Food additives‬‬


‫ وتعني هذه الحروف والرقييام مصييدر‬،‫ متبوع بثلثة أرقام‬E ‫ تبتدأ غالبا بحرف‬،‫وتحمل هذه المواد بعض الشفرات‬
‫ أدى إلى وجييود‬،‫ فإن جهل حقيقتها الشرعية‬،‫ وبما أن هذه المور تتطلب خبرة في الميدان‬.‫المادة بالتدقيق وتصنيفها‬
‫ أو مين التمثييل‬،‫ رغيم بييان هيذه الميواد المنحيدرة مين الخنزيير‬،‫بعض المعلبات اليتي تبياع فيي البليدان السيلمية‬
‫ حيول بييان‬،‫ ونيثير انتبياه المسيتهلك‬.‫ أو مين عقياقير خطييرة‬،‫ أو مين حشيرات‬،‫ أو من الهندسة الوراثيية‬،‫الكيماوي‬
‫ ومواقييع علييى النييترنيت يمكيين‬،‫ وهنيياك جمعيييات إسييلمية عديييدة فييي أوروبييا وأمريكييا‬.‫التركيبة لكل مادة غذائييية‬
.‫ لمعرفة طبيعتها وخطرها على صحة المستهلك‬،‫استعمالها لهدا الغرض‬

E100: Curcumine
E101: Riboflavine
E102: Tartrazine
E104: Jaune de quinoleine
E110: Jaune orangé (colorant synthetique
E122: Azorubine (carmoisine)
E123: Amarante (plante)
E127: Erythrosine
E131: Bleu patente V (colorant synthétique
E132: Iindigotine (plante)
E140: Chlorophylle et chlorophylines (plante)
E141: Complexes cuivriques des chlorophylles et des chlorophyllines
E142: Vert acide brillant BS
E150: Caramel normal
E151: Noir brillant BN
E153: Carbo medicinalis vegitalis
E161: Xanthophylles (plante)
E162: Rouge de betterave
E163: Anthocyanes
E170: Carbonate de calcium
E171: Bioxyde de titane
E172: Oxydes et hydroxydes de fer
E173: Aluminium
E174: Argent
E175: Or
E180: Pigment rubis BK
E200: Acide scorbique
E201: Sorbates de sodium
E202: Sorbate de potassium
E203: Sorbate de calcium
E210: Acide benzoique (végétal)
E211: Benzoate de sodium
E212: Benzoate de potassium
E213: Benzoate de calcium
E214: P.hydroxybenzoate d’éthyle
E215: Dérivé sodique de l’ester éthylique de l’acide p.hydroxybenzoique
E216: p.hydroxybenzoate de propyl
E217: Drivé de l’ester propylique de l’acide p.hydroxybenzoide
E220: Ahydride sulfureux
E221: Slfite de sodium
E222: Bisulfite de sodium
E223: Bisulfite de sodium
E224: Bisulfite de potassium
E226: Sulfite de calcium
E230: Diphényle (hydrocarbure)
E231: Orthophénylphénol
E232: Orthophénylphénate de sodium
E233: 2- (4thiazolyl) benzimidazole( thiabendazole)
E239: Hexaméthylène- tétramine
E240: Acide borique (métal)
E241: Tétraborate de sodium
E250: Nitrite de sodium (sel)
E251: Nitrate de soidum (sel)
E252: Nitrate de potassium (sel)
E260: Acide acétique (sel)
E261: Acétate de potassium
E262: Diacétate de sodium
E263: Acétate de calcium
E270: Acide lactique (lait)
E280: acide propionique
E281: Propionate de sodium
E282: Propionate de calcium
E290: Anhydride carbonique
E300: Acide L- ascorbique (vitamine C)
E301: L ascorbate de sodium
E302: L ascorbate de calcium
E303: Acide diacetyl 5-6 ascorbique
E304: Acide palmityl 6-L- ascorbique
E306: Extraits d’origine naturelle riches en tocophérols
E307: Alpha tocophérol de synthèse
E308: Gamma tocophérol de synthèse
E309: Delta tocophérol de synthèse
E311: Gallate d’octyle
E312: Gallate de dodécyle
E320: Butylhydroxyanisol (BHA)
E321: Butylhydrotoluène (BHT)
E322: Lécithine (jaune d’oeuf)
E325: Lactate de sodium
E326: Lactate de potassium
E327: Lactate de calcium
E330: Acide citrique (fruit)
E331: Citrates de sodium
E332: Citrates de potassium
E333: Citrates de calcium
E338: Acide orthophosphorique
E339: Orthophosphate de sodium
E340: Orthophosphate de potassium
E341: Orthophosphate de calcium
E400: Acide alginique (algues)
E401: Alginate de sodium (algues)
E402: Alginate de potassium (algues)
E403: Alginate d’ammonium (algues)
E404: Alginate de calcium (algues)
E405: Alginate de propylèneglycol (algues)
E406: Agar-agar (gélifiant végétal)
E407: Carraghénanes (algues marines)
E408: Furcelleran
E410: Farine de graines de caroube (fruits)
E411: Farine de graines de guar
E412: Gomme de guar
E413: Gomme adragante (matière végétale)
E414: Gomme arabique (substance végétale)
E420: Sorbitol (plante)
E421: Mannihol (frêne)
E440: Pectines (végétale)
E450:
E450i : diphosphate disodique
E450ii : diphosphate trisodique
E450iii :diphosphate tetrasodique
E450iv :diphosphate tetrapotassique
E460: Cellulose microcristaline et cellulose en poudre
E461: Méthylcellulose
E462: Ethylcellulose
E463: Hydroxy-propyl-cellulose
E465: Méthy-ethyl-cellulose
E466: Carboxy-méthyl-cellulose
E470: Sel de sodium, de potassium de calcium des acides gras alimentaires
E473: Sucroesters esters de saccharose et des acide gras alimentaires
E474: Sucroglycérides, mélange d’esters et de saccharose et de mono et diglycerides d’acides gras
alimentaires non polymérisés
E475: Ester polyglycériques des acides alimentaires non polymérisés
E480: Aacide stéaroyl 2 lactylique
E120: Cochenille (insecte acide carminique)
E124: Rouge cochenille A (insecte)
E160: Caroténoides (pigment végétal et animal)
E236: Acide formique (acides corps des fourmis)
E237: Formiate de sodium
E238: Formiate de calcium
E334: Acide tartrique (alcool vin; produit organique que l’on trouve à l’état naturel dans un nombre de
fruits (raisin, ananas mûres etc..)).
E335: Tartrate de sodium
E336: Bitartrate de potassium (crème de tartre; produit organique que l’on trouve à l’état naturel dans
le tartre: dépôt qui se forme dans le vin et qui se dépose contre les parois des récipients).
E337: Bitartarte de sodium et de potassium
E422: Glycérol
E471: Mono et diglycérides d’acides gras alimentaires
E472: Esters acétiques, lactique citrique, tartrique mono-acyl tartrique et diacetyltartrique des mono et
diglycérides gras alimentaires
E472 C: Ester citrique des mono et diglycérides d’acides gras alimentaires
E477: Mono ester du propylène-glycol des acides gras alimentaires seuls ou en mélange avec des
diesters.

‫ لكن ل يييبين مصييدرها هييل هييو حيييواني أو نبيياتي أو‬،‫تكون هذه المضافات مبينة على العلب بالنسبة للمواد الغدائية‬
‫ وفييي هييذه الحاليية يصييبح الصييانع مخالفييا للقييوانين المنظميية لمراقبيية‬،‫ وقد ل تبين هذه المواد على العلييب‬.‫جرثومي‬
‫ وإنما هييل يسييمح بهييا أو ل يسييمح‬،‫ ول ينحصر المشكل في بيانها أو عدم بيانها على المواد الغذائية‬.‫المواد الغذائية‬
،‫ هل التحاليل المخبرية قادرة على تشخيصييها والبحييث عنهييا فييي الغذييية‬،‫ وفي حالة ما إذا لم تبين على العلب‬،‫بها‬
‫ول يمكن أن نتغاضى عن هذه المضييافات الييتي تشييكل حاليييا موضييوع جييدال بييين أصييحاب المراقبيية والصييناع أو‬
.‫المنتجين‬
‫الفصل الثاني ‪ :‬الشربة‬

‫وما يحرم كذلك من المشروبات‪ ،‬يقتصر على الخمر الذي جاء تحريمه في سورة المائدة (اليتان ‪(93، 92‬‬

‫ونشير إلى أننييا ليين نتطييرق إلييى‬


‫الجانب الفقهي للية‪ ،‬لننا لسنا بصدد الحديث عن الجانب الفقهي المحض‪ ،‬وإنما نحاول أن نقارب بين العلوم الحقيية‬
‫والفقه‪ ،‬لنتبين الغاية والعلة من التحريم بطريقة علمية فيسهل القتناع‪.‬‬

‫ونسمع من حين لخر بعض الشاعات‪ ،‬حييول ضييرورة تنيياول الخميير‪ ،‬لنييه نييافع‪ .‬وتييبرر هييذه الشيياعات ببعييض‬
‫الستنتاجات العلمية‪ ،‬حول الدور الذي قد يلعبه الخمر في مساعدة أصحاب أمراض القلب والشييرايين‪ ،‬ونحيين نقييول‬
‫أن هذه التضليلت لها هدف معين‪ ،‬وأصحابها يبحثون عن كل ما من شأنه أن يخالف العقيييدة‪ .‬ويكيياد يجمييع العلميياء‬
‫على ضرر الخمر‪ ،‬وعلى العيواقب اليتي تيترتب علييه‪ ،‬وقيد تكيونت جمعييات مدنيية لمكافحية التخيدير فيي البليدان‬
‫الغربية‪ .‬والغريب في المر أن الذين كان عليهم أن يبينوا للناس ضرر الخمر‪ ،‬من أصحاب علوم الحياء‪ ،‬والتغذية‪،‬‬
‫والطب‪ ،‬هم الذين يتغاضيون عين تناولهيا‪ ،‬وهيم يعلميون ميدى تأثيرهيا عليى جسيم وعقيل النسيان‪ ،‬وعليى سيلوكه‬
‫وشخصيته ومعنوياته في المجتمع‪.‬‬

‫ونود بقدر ما نستطيع‪ ،‬أن نحت الناس على تحري الحقيقة‪ ،‬قبل الخذ بما تتداوله الوساط العلمية مين حيبر عليى‬
‫ورق‪ .‬نتحرى الحقيقية‪ ،‬لنجنيب أنفسينا ويلت الخمير والتخيدير‪ ،‬وويلت الشيوائب المجتمعيية‪ ،‬اليتي مين شيأنها أن‬
‫تصيب العالم‪ ،‬وقد ل يجد لها الحل‪ .‬ونحن نسلم أن ال سبحانه وتعالي لما يقول أن الخمر رجس‪ ،‬فل يمكن أن تكون‬
‫إل مضرة ومهلكة‪ ،‬ول نحتاج إلى علوم في هذا الصدد‪ .‬وبما أن السنن الكونية ل تخالف السنن الشرعية‪ ،‬فإن العلوم‬
‫الحديثة أظهرت صدق الرسالة‪ ،‬ونرى أن كل العلماء يتجهون إليى تحرييم الخمير‪ ،‬وكيل المخيدرات لميا تسيببه مين‬
‫ضرر للجسم وللمجتمع‪.‬‬

‫وجاء في دراسة أجريت بالوليييات المتحييدة )‪ (Havard University‬عيين السييتاذ ‪ ، Elioriboli‬أن سييرطان الثييدي‪،‬‬
‫يظهر عند النساء بتناول ‪ 12‬غرام من الكحول في اليوم‪ ،‬وهو ما يعادل كأسا من الخمر في اليوم‪ .‬وقييد أجريييت هييذه‬
‫الدراسة على ‪ 90.000‬امرأة‪.‬‬

‫وقد لوحظ نفس التكاثر أثناء دراسة أجريت بإيطاليا‪ ،‬حيث تبين أن تناول ‪ 25‬غرام في اليوم ميين الكحييول‪ ،‬وهييو مييا‬
‫يعادل كأسين من الخمر‪ ،‬يفضي إلى نفس النتيجة‪ .‬وعلى إثر هذه النتائج العلمية‪ ،‬نضيف أن تناول الخميير‪ ،‬ل يكييون‬
‫بمعدل كأس في اليوم‪ ،‬وإنما أكثر بكثير من ذلييك‪ ،‬لن النسيياء علييى الخصييوص‪ ،‬أصييبحن يعييانين ميين حييياة العزليية‬
‫والوحدة‪ ،‬وتزيد تعاستهن كلما خرجن من بيوتهن‪ ،‬وتعاطين لملذات الحياة‪ .‬وقييد نعلييم أن تنيياول الخميير‪ ،‬ولييو يكييون‬
‫بمستوى منخفض إلى درجة الكأس الواحد‪ ،‬فالضرر يبقى موجود وبنفس الحييدة‪ .‬وهنيياك ميين يريييد أن يضييفي علييى‬
‫تناول الخمر بعض التزيين‪ ،‬فيقول يمكن تناول الخمر بقدر بسيط فيكون كغذاء وليس كمسييكر‪ .‬ومييا هييذه إل طريقيية‬
‫علمية للتضليل لننا نتكلم عن الضرر الذي يسببه الحد المغذي‪ ،‬أما ضرر الحد المسكر فل يحتياج إليى بييان‪ .‬وهيذه‬
‫البحاث إنما تخص المجتمع الغير المسلم‪ ،‬الذي ل شييرع لييه‪ ،‬أمييا بالنسييبة للمجتمييع السييلمي‪ ،‬فمنييد أن نزلييت آييية‬
‫التحريم‪ ،‬لم يعد للخمر حديث‪ ،‬بل يجب أن ل يوجد في المجتمع السلمي‪ .‬لن صناعته محرمة وبيعه محييرم وأكييل‬
‫ثمنه محرم وحمله محرم‪.‬‬
‫أما بعض المزاعم التي روج لها بعيض المغرريين‪ ،‬واليتي كيان مفادهيا أن الخمير يحتيوي عليى ميادة تسياعد عليى‬
‫التخلص من الكوليستيرول‪ ،‬فليس لها أي أساس‪ .‬والتوضيح هو أن مادة ‪ Resveratrol‬ل تخص الخمر بصفة عاميية‪،‬‬
‫وإنما خمور العنب‪ ،‬ول تتكون أثناء التخمر ليقتصر وجودها على الخمور الحمراء وإنما توجد في العنب‪ ،‬وتسيياعده‬
‫على مقاومة الصابة بفطر ‪Botrytis cineria‬الذي يصيب العنب‪ ،‬ويسبب تعفنه أثناء الخزن‪ .‬وهذه المادة تعتبر ميين‬
‫المضادات للكسدة ‪ Antioxidant‬وقد تفوق الفايتمين ‪ E‬في النشاط ب ‪ 25‬إلى ‪ 50‬مرة‪ .‬وتجعلها هذه الخاصية‪ ،‬ميين‬
‫المركبات التي تسهل جريان الدم واستخراج الكوليستيرول من الجسم‪ ،‬لتحد من خطر المراض القلبية والشرايين‪.‬‬

‫وقد جرب العلماء مادة ‪ Resveratrol‬على السرطان عند الفئران‪ ،‬فأعطت نتائج قيمة‪ .‬وهييذا مييا يفسيير قييول البيياري‬
‫سييييييييييييييييييييييييبحانه فييييييييييييييييييييييييي سييييييييييييييييييييييييورة البقييييييييييييييييييييييييرة (الييييييييييييييييييييييييية ‪217‬‬

‫‪ .‬ولم نجد تفسيرا‪ ،‬قبل ظهور هذه‬


‫النتائج‪ ،‬لثم ومنافع الخمر الذي جاء في القرآن بالطريقة الشافية‪ .‬فالية تضمنت خبرين متقابلين الثييم والنفييع‪ ،‬وقييد‬
‫فسر العلماء النفع بما يكسبه الناس ببيعها‪ ،‬لكن الثمن ليس من نفس جنس الضرر اليذي تسيببه‪ .‬وليذلك بقينيا نتحيرى‬
‫الحقيقة العلمية‪ ،‬التي تجعل من القرآن العلم الكامل‪ ،‬الذي يفوق بكثير هذه النتائج العلمية الطفيفة‪ .‬أما الثم فقييد شييمل‬
‫كل الخبائث والضرار التي يسببها الخمر‪ ،‬ويدخل من جملتها الضرار الصييحية كسييرطان الكبييد‪ .‬والنفييع هييو هييذه‬
‫المادة التي وجدت في الخمر‪ ،‬والتي تبين أنها مضادة للكوليستيرول‪ ،‬وهي مادة توجييد أصييل فييي العنييب وليييس فييي‬
‫الخمور الحمراء‪ .‬ويرجح القرآن الثم على النفع بقوله إثم كبير ومنافع‪ .‬وبذلك يكون الضييرر أكييبر ميين المنفعيية‪ ،‬أو‬
‫بقول آخر فإن الضرر محقق والنفع غير محقق‪.‬‬

‫وقد نشرت أبحاث عديدة في الثلث سنوات الخيرة‪ ،‬حول المركبات الكيماوية التي تمنع من ظهور أمييراض القلييب‬
‫والشرايين‪ .‬وتبين من خلل هذه البحاث أن من بين المركبات النشيطة بعييض البوليفينييولت الموجييودة فييي العنييب‬
‫والزيتون‪ .‬وهذه البوليفينولت موجودة في العنب ‪ ،‬ول تأتي من التخمر‪ ،‬وإنما هي مواد موجودة طبيعيا في العنييب‪،‬‬
‫وتمر إلى الخمر أثناء العتصار‪ .‬وتوجد كذلك بوليفينولت في الشعير وهي مواد تبين نفعها علميا‪.‬‬

‫وهناك تبريرات أخرى‪ ،‬تجعل البعض‪ ،‬يسييلم بييأن صييناعة الخمييور‪ ،‬تييدعم القتصيياد القييومي‪ ،‬مسييتدلين علييى ذلييك‬
‫ببعض المعطيات الخاطئة‪ ،‬كتشغيل اليد العاملة‪ ،‬أو جلب العملة الصعبة‪ ،‬أو التبادل التجاري‪ ،‬وما إلى ذلك‪ ،‬ونسوق‬
‫بعض المثلة من أخطار الخمر على صحة النسان‪ ،‬للرد على أصحاب هذه التحليلت الواهية‪ ،‬والنظييرة السييطحية‬
‫للشياء‪.‬‬

‫فإذا استخدمنا العمليات الرياضية‪ ،‬أو الحساب الدقيق‪ ،‬نجد أن الخمر هو سبب كل كارثة وهلك للفييرد والميية معييا‪.‬‬
‫فالرد على أن الخمر نافعة للجسم‪ ،‬هو سببها المباشر فييي ظهييور بعييض أنييواع السييرطان‪ ،‬ومنهييا علييى الخصييوص‬
‫سرطان الكبد‪ .‬ويجمع العلماء على أن الكحول سام للجسم ولمن درس الكيمياء الفايزيولوجية يعلم هذا جيييدا‪ .‬ويييدمر‬
‫الكحول خليا المخ كما يصيب العقل بعدم الستقرار والتركيز الطويل‪ ،‬وهذا يتنافى تماما من الناحييية الغذائييية‪ ،‬مييع‬
‫الذين يتناولون الكحول بعد عناء أو تركيز‪ ،‬وهو أمر شائع في العالم الغربي‪ ،‬حيث يتنيياول النيياس كأسييا ميين الخميير‬
‫بعد الدخول إلى المنزل عند الرجوع من العمل‪ .‬وقد ل ترى العراض المتعلقة بالقدرة العقلية‪ ،‬إل بعييد تقييدم السيين‪،‬‬
‫حيث يلحظ أن الشخاص الذين يتناولون الخمر يصبحون مشلولين فكريا‪.‬‬

‫وأثبتت الدراسييات العلميية‪ ،‬أن تنيياول الخمير يسياعد عليى ظهيور الكييثير مين العييراض الخطييرة‪ ،‬بييل ويسيرعها‬
‫خصوصا السرطان‪ ،‬كما أن للخمر تأثير بالغ على القوة الجنسية تتجلى فييي فقييدان الرادة كمييا يييأتي النسييل ضييعيفا‬
‫ومتلشيا‪ .‬وليست العراض العضوية هي الخطيرة‪ ،‬بل هناك ما هو أخطر بكييثير‪ ،‬لمييا نتطييرق إلييى الدمييان علييى‬
‫الخمر‪ ،‬حيث يصبح الشخص خطرا على المجتمع‪ ،‬لنه ميين شييأنه أن يسييرق أو يقتييل أو يخييون وطنييه أو يفعييل أي‬
‫شيء‪ ،‬وهذا المرض ل تقدر خسارته‪ ،‬لنه يتعلق بالمجتمع‪ ،‬ول علج ليه‪ ،‬وهنييا ل مجييال للحسياب الرياضييي‪ ،‬لن‬
‫التقدير غير ممكن‪ ،‬والخسييارة معنوييية ومادييية‪ .‬أمييا مييا يتطلبييه علج السييرطان‪ ،‬فل حييرج إن حييدثنا عيين المييوال‬
‫الطائلة‪ ،‬التي تصرف على المصابين بدون جدوى‪ ،‬ونعلم أن الدوية باهظة الثمن وفي هييذه الحاليية يمكيين للعمليييات‬
‫الرياضية أن تبين هل الخمر تدعم القتصاد الوطني أم تخربه‪.‬‬

‫ونسوق بعض المثلية حيول الضييرار اليتي يمكين أن تسييببها الخمييور‪ .‬ففيي فرنسيا‪ ،‬وهييو البلييد اليذي يتييوفر عليى‬
‫إحصائيات دقيقة في كل المجالت‪ ،‬سجل عدد الوفيات في سنة ‪ 1995‬والذي وصل إلى ‪ 23513‬حالة بسبب الصابة‬
‫بالتهاب الكبد‪ ،‬والتسممات‪ ،‬والسرطان‪ ،‬مقارنة مع ‪ 737‬حالة بأسباب مختلفة‪.‬‬

‫ولنعطي فكرة واضحة عن الدمار الذي تتسبب فيه الخمور‪ .‬وبعيييدا عيين تكلفيية الدوييية وضييياع الخلق‪ ،‬وضييعف‬
‫المة‪ ،‬وذهاب قوتها الفكرية والعلمية‪ ،‬لن ل قوة بدون العقل‪ ،‬وبذهابه تذهب قوة المة‪ .‬فهناك بعض الحالت‪ ،‬التي‬
‫كثيرا ما تقع والتي تجعل المرء حقييا يقييف وقفيية تأمييل‪ ،‬وهييذه المييور تتجلييى فييي حييوادث السييير‪ .‬وتقييارير شييرطة‬
‫المرور‪ ،‬تبين ذلك ونجد أن الضربة القاضية للمة هي اليتي تيأتي مين الحيوادث‪ .‬وحيوادث السيير ييذهب ضيحيتها‬
‫العديد من الرواح التي ل تقدر بمال‪ ،‬وهنا يعجييز الحسيياب الرياضييي عيين التقييدير ومعالجيية المسييألة لن المعادليية‬
‫ليست متجانسة‪ .‬ونطرحها على الذين يقتنعييون بمييدخول صييناعات الخمييور هييل تعييادل الرواح مييا تيدخله صييناعة‬
‫الخمور‪ .‬أما الضياع المادي فل مجال لتقديره‪ ،‬لما تصطدم السيارة الفخميية المسييتوردة بأشييجار الطريييق أو بسيييارة‬
‫أخرى‪ ،‬أو ربمييا بشيخص‪ .‬فالمعادلية سيهلة المعالجية‪ ،‬ويمكيين لصيحاب المييدان أن يجيدوا الحييل‪ ،‬لن فيي طيرف‬
‫المعادلة الول سنجد ثمن الجعة أو النبيييذ الييذي ل يتعييدى بضييعة دراهييم‪ ،‬وفييي طييرف المعادليية الثيياني سيينجد ثميين‬
‫السيارة الفخمة المستوردة‪ ،‬والذي قد يتعدى الراتب الشهري لحوالي أربعين طبيبا‪ .‬فالمعادلة غير متكافئة وإذا وجييد‬
‫الحل المادي نضيف إليه الرواح التي ذهبت مع السيارة‪ .‬وبهذا الحساب الرياضي‪ ،‬ل نظين أن تيدبير الشيأن العييام‪،‬‬
‫يكون صائبا بدون عقيدة‪ .‬ول نظن أن تدبير الشأن العام يتم حاليا بطريقة عقلنية ومعقوليية وصييائبة‪ ،‬والييدليل علييى‬
‫ذلك ميزان الداءات‪.‬‬
‫الكتاب السادس‪:‬‬

‫الغذية المغيرة جينيا‬

‫إن يدعون من دونه إل إناثا وإن يدعون إل شيطانا مريدا لعنه ال وقال‬
‫لتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولضلنهم ولمنينهم ولمرنهم فليبتكن آدان‬
‫النعام ولمرنهم فليغيرن خلق ال ومن يتخذ الشيطان وليا من دون ال فقد‬
‫خسر خسرانا مبينا‬

‫سورة النساء اليات ‪)116،117،118‬‬ ‫(‬


‫‪ -1‬مصطلحات جديدة في ميدان التغذية‬
‫‪ -‬البايوتيكنولوجيا‬

‫هو لفظ عام للتعريف بالتقنيات الييتي تطبييق وتلزم الجسييام الحييية‪ ،‬ميين جراثيييم ومتعضيييات‪ ،‬وحشييرات‪ ،‬ونبييات‪،‬‬
‫وحيوانات‪ ،‬وما إلى ذلك من الحياء‪ ،‬لنتاج مواد غذائية‪ ،‬أو مواد كيماوية ذات أهمية طبية أو فلحييية‪ .‬ويييدخل فييي‬
‫هييذا التعريييف‪ ،‬الجسييام الحييية المغيييرة أو المحييورة وراثيييا‪ ،‬ميين حيوانييات ونباتييات وجراثيييم علييى حييد سييواء‪.‬‬
‫والبايوتكنولوجيا مصطلح يهم الصناعة والنتاج وتطبيق الساليب‪ ،‬أكثر مييا يهييم المييادة نفسييها‪ ،‬ولييدلك أصييبح هييذا‬
‫المصطلح واسع النطاق‪ ،‬من حيث يهم كل استعمال أو إنتاج تدخل فيه الحياء أو النزيمات من المصدر الحيائي‪.‬‬
‫وقد اعتقد بعض الناس أن هذا المصطلح يخص علم الحياء الجزيئي ‪. Molecular biology‬‬

‫‪ -‬البياست )‪(BST‬‬
‫أو هرمون النمو‪ ،‬ويعتبر هذا الهرمون أول منتوج بطريقة الهندسة الوراثية‪ ،‬والذي اعترفت بييه الوليييات المتحييدة‪،‬‬
‫واستخدم في إنتاج الحليب عند البقر‪ .‬بيد أن هدا الهرمون ل يسوق حاليا في أوروبا‪.‬‬

‫‪ -‬الباءات )‪BT) Bacillus turingiensis‬‬


‫إشارة مختزلة تحمل الحروف الولى لجرثوم )‪ (Bacillus turingiensis‬وتتكون البيياءات ميين أبييواغ جرثوميية‬
‫قاتلة للحشرات‪ ،‬تستعمل لمقاومة الحشرات المضرة للنبات‪.‬‬

‫‪ -‬الجينات ‪Genes‬‬
‫وهي جزء يمثل صفة وراثية عند الكائنات الحية‪ ،‬وقد تكون هذه الصفة وظيفة‪ ،‬كتمثيل بعض الجزيئات الكيماوييية‪.‬‬
‫وهذا الجزء هو الذي ينقل عبر الهندسة الجينية‪ ،‬لتغيير أو تكسيب أي صفة وراثية عند الكائن الحيي نباتيا أو حيوانيا‬
‫أو جرثوما‪ .‬والجينات هي الوحدات الوراثية إذ ل يمكن نقل أقل من مورثة لن كل مورثة تقابلها صفة وراثية‪.‬‬

‫الهندسة الجينية‪ ،‬ولو أن التعريف يصعب شيئا ما‪ ،‬لتشعب الختصاصات والميادين‪ ،‬فيمكن حصر التعريف في مبدأ‬
‫هذا العلم‪ ،‬وهو إدخال صفة وراثية ما‪ ،‬ثابتة أو متنقلة‪ ،‬إلى كائن حي‪ .‬وقد نعرفها بإعادة تركيييب الحييامض الحييياتي‬
‫أو النووي‪ ،‬بأخذ جزء من حامض نووي لكائن حي ما‪ ،‬وإضافتها للحامض النووي عند كائن آخيير‪ ،‬لكسييابه صييفة‬
‫وراثية جديدة أو خاصية جديدة‪ .‬والحياء المغيرة وراثيا هي التي طرأ على تركيب خلقها تغيير‪ ،‬عبر إدخال صفات‬
‫وراثية جديدة‪ .‬وما يعبر عنه بالحياء العبر جينية‪ ،‬هييي الحييياء الييتي طييرأ علييى تركيييب صييفاتها الوراثييية‪ ،‬تغيييير‬
‫اصطناعي أو مفتعل‪ ،‬فتكون البنية الصلية للتركيب الوراثي‪ ،‬أو النوع الصلي تغير تلقائيا‪ .‬وقد تكييون العييودة إلييى‬
‫النوع الصلي مستحيلة‪ ،‬نظرا لما يقع في التركيب الجزيئي للحامض النووي‪ ،‬الذي كلما كان كييبيرا ليشييكل صييبغية‬
‫عند الكائنات الكبيرة‪ ،‬كلما ازدادت عملية تغيير النوع تعقيدا‪.‬‬

‫الكائنات المغيرة وراثيا ‪ GMO Genetically modified organisms‬وهو كيل كيائن حيي مين نبيات أو حييوان أو‬
‫جرثوم‪ ،‬وقعت في حامضه النووي تدخلت وعمليات‪ ،‬قصد إكسابه خاصية أو خاصيات زائدة‪ .‬وتقع هذه التدخلت‬
‫بواسطة التقنيات المختلفة‪ ،‬التي تعتمد على خصائص النزيمات المختزلة للحماض النووييية‪ ،‬والييتي تتنييوع بتنييوع‬
‫الجزاء والجهات التي يراد تقطيع الحامض منها‪ .‬ومن هنا يظهر أن التدخل فييي الصييل الييوراثي للكائنييات الحييية‪،‬‬
‫يقضي بشكل جدري ونهائي على الكائنات الحية الصلية أو الم التي تم تغييرها بالتقنيات الجينية‪.‬‬

‫الغذية المغيرة جينيا‬


‫نعني بهييذه الغذييية كييل المييواد السييتهلكية ميين أصييل حيييواني‪ ،‬أو نبيياتي‪ ،‬أو جرثييومي‪ ،‬المنحييدرة أو المنتجيية أو‬
‫المصنعة من الكائنات الحية‪ ،‬التي تم تغييرها أو مس مكوناتها الوراثية أو الجينية‪ .‬وقد أصييبحت هييذه المييواد تغييزوا‬
‫السواق لجودتها المتدنية من جهة‪ ،‬وكثرتها من جهة أخرى‪ .‬ول نقتصر على ذكر فول الصوجا والذرة والطميياطم‪،‬‬
‫بل كل الكائنات التي تم مسها والقتراب من مكوناتها الوراثية الصلية‪ ،‬تدخل في هذا الباب‪ .‬وقد تكييون هيذه المييواد‬
‫معروضة للبيع مباشرة كالخضر والفواكه وبعض الحيوانات مثل السمك واللحم والحليب‪ .‬كمييا قييد تكييون معروضيية‬
‫بطريقة غير مباشرة كالمواد المصنعة المعلبة أو المخمرة‪ ،‬والتي تم تصنيعها من مييواد مغيييرة وراثيييا‪ .‬وتضييم هييذه‬
‫المواد المصنعة كل من المواد اللبنية كاللبييان المخمييرة والجبييان‪ ،‬والمييواد اللحمييية كالسييجقات والنقييانق‪ ،‬والمييواد‬
‫البحرية كالسمك وبعض العقاقير‪ ،‬والمواد النباتية‪ ،‬والمواد الجرثومية‪.‬‬
‫وهناك أسباب سياسية تتعدى المدبرين للشأن العام إلى حد بعيد‪ ،‬وقد تظهيير بعييض السييباب فييي الصييدام الحاصييل‬
‫الن في أوروبا بين المنتجين والباحثين والجمعيات المدنية‪ ،‬ومنها جمعيات حماية المستهلك من جهة‪ ،‬والمستوردين‬
‫والصناع من جهة ثانية‪ ،‬خصوصا وأن القتصاد في هذه الدول ينبني على العرض والطلب والمنافسة الحرة‪.‬‬
‫وليس من السهل معرفة المنتوجات المحتوية على مكونات من مخلوقات مغيرة وراثيا‪ ،‬لعدة أسباب‪ ،‬منها عدم بيييان‬
‫أصل المواد الولية على السلع‪ ،‬وعدم الهتمام بالتحليل الجيني من لدن المختبرات‪ ،‬وهو أمر جد مكلف وسيزيد من‬
‫محنة الدول النامية على الخصوص‪ ،‬لن أوروبا الن تشتكي من قصورفي الطييرق المسييتعملة فييي التحاليييل فكيييف‬
‫بالدول الفقيرة‪.‬‬

‫التنقيل الجيني‬
‫أخذت ظاهرة التنقيل الجيني أو ميا يسيمى ب ‪ Transgeny‬حييزا نافيذا فيي المييدان العلميي فيي أواخير القيرن اليذي‬
‫ودعناه‪ .‬وقد سلبت عقول الباحثين واسترعت انتباههم‪ ،‬من حيييث أن البحيياث العلمييية تنيياولت هييذا الموضييوع إلييى‬
‫درجة لم يعد الباحثون يهتمون إل بالمورثات‪ .‬والتنقيل الجيني تتداوله المقالت العربييية بمصييطلح العييبرجيني‪ ،‬ففييي‬
‫ذلك مغالطة لن الذي استعمل الترجمة المحضة‪ ،‬لم يفكر في إيصال الخبر إلى القييارئ العربييي بطريقيية تتلءم مييع‬
‫الصل في الشياء‪ ،‬وإنما جاء ذلك عفويا للخروج بنص عربي دون أن نقحم الحقيقة العلمية فييي النييص‪ .‬ومصييطلح‬
‫"تنقيل جيني" هو المصطلح الصحيح الذي يعكس الحقيقة العلمية من حيث المبدأ‪ ،‬لن هذه المخلوقات ميين نبييات أو‬
‫حيوان أو جراثيم‪ ،‬تنقل إليها صفات وراثية خارجية أو أجنبية عنها‪ .‬أما مصطلح "عبر جينية" فيعنييي تهجييير صييفة‬
‫أو صفات من جانب لخر ول يتناسب مع الحقيقة العلمية‪.‬‬

‫تكنولوجيا التيرميناتور ‪ Terminator‬وهي التجارب التي تجرى على النباتات‪ ،‬لتصبح الحبييوب عقيميية فل تنبييث إذا‬
‫زرعت مرة ثانية‪ .‬وهذا هو الخراب بنفسه‪ ،‬خصوصا إذا كان من لدن القوياء في الميدان النتيياجي‪ .‬فهييذه التقنيييات‬
‫تعطي التفوق للبلدان المتقدمة علميا‪ ،‬والتي تمسك بزمام الميور إليى درجيية أنهييا أصيبحت تيوجه النتياج وتفييرض‬
‫خطتها في التنمية‪ ،‬وهي الن تقول بشتى الوسائل ل ترينا إل ما ترى ول تهدينا إل سبيل الرشاد‪ ،‬وكل ما يؤسف له‬
‫أن هدا التخريب‪ ،‬يمر عبر البحث العلمي‪ ،‬وبإقناع الباحثين في الدول التي ل حول لها ول قوة ‪.‬‬

‫‪ - 2‬أخطار التغيير الوراثي للمخلوقات‬


‫ل شك أن الصناعات الحيائية )‪ (Biotechnology‬وصلت إلى تخمة علمية هائلة‪ ،‬وقييد صيياحب هيذه التخمية تزكيية‬
‫الطب لكل المواد الستهلكية‪ ،‬وهي تبريرات خاطئة ول يعرف مآلها إلى حد الن‪ ،‬و استعمال التغيير الوراثي فييي‬
‫ميدان النتاج‪ ،‬لن يكون إل سيف قهر جديد على رقاب دول العالم الثالث‪ ،‬وهذا الخطر من المستوى العالي ليس في‬
‫صالح البشرية‪.‬‬

‫ونظرا لوجود عاملين أساسيين‪:‬‬


‫‪-‬العامل الول‪ :‬السرية واستبداد الغرب بهذه التقنيات جعل المور تتعقد‪ ،‬لن البحث أصييبح اسييتراتيجية‪ .‬وهييذا مييا‬
‫يجعل النتائج تستعمل لغراض مادية وسياسية صرفة‪ ،‬وليست إنسانية رغم أكذوبيية تكييثير وتحسييين النتيياج‪ ،‬الييتي‬
‫تستعمل في الخطابات الرسمية‪ ،‬ونحن نقول تخريب النتاج وليس تحسين النتاج‪.‬‬

‫‪-‬العامل الثاني‪ :‬التسابق نحو البراءات المسجلة‪ ،‬تماما كما يقع بالنسبة لصناعة السلحة‪ ،‬مما أعطييى التفييوق للييدول‬
‫الغنية‪ ،‬وزاد من حدة الزمة في البلدان النامية وبلدان العالم الثالث على الخصوص‪.‬‬

‫تكمن أهداف التغييرالوراثي في حقيقيات النوى المتكاملة )‪ (Eucaryots‬في مجالين‪:‬‬

‫‪ .1‬إدخال الحمض النووي المؤشيب‪ ،‬إليى خلييا النبيات والحييوان‪ ،‬ضيمن مزرعية نسييجية لدراسية أسيس التعيبير‬
‫الجيني‪ ،‬لنتيياج مييواد مفيييدة كالبروتينييات لمقاوميية مييرض مييا‪ ،‬أو للنمييو السييريع‪ ،‬أو للتكيييف مييع الظييروف البيئييية‬
‫الصحية‪ ،‬وما إلى دلك من الخصائص للزيادة في المردودية‪.‬‬

‫‪ .2‬إدخال بنية وراثية لكائن حي‪ ،‬لتنمية كائنات حية متطورة عن طريق التحوير الجيني ‪ transgenic‬ولهييذا الغييرض‬
‫الخير مشاكل تقنية‪ ،‬مثل صعوبة الدخال المبكر للحمض النيووي المؤشيب‪ ،‬ضييمن تطيور الناقيل‪ ،‬ويمكين إدخيال‬
‫النواقل المستخدمة لخليا النبات والحيوان مباشرة‪ ،‬بواسطة التقنيات الجديدة‪ ،‬أو باستخدام آلية حيوية‪ ،‬حينمييا تكييون‬
‫النواقل على شكل فيروسات‪ ،‬أو عوامل إصابة أخرى كالباكتيريا مثل ‪ .Agrobacteria‬تكمن فعالية إيصال الحمض‬
‫النووي إلى الخليا المستهدفة‪ ،‬في كونها عامل حاسم لتحدييد أي نجيياح لييية تجربية تنسيييل‪ ،‬وبشييكل خيياص عنيدما‬
‫يكون هناك عدد كبير من الكائنات الحية المراد الضم فيها‪.‬‬
‫ومن النباتات التي أجري عليها التغييير الييوراثي‪ ،‬نجيد فيول الصييوجا والقطين واليدرة والطمياطم والبطيياطس‪ .‬ولييم‬
‫يعرف المستهلك‪ ،‬ولو في البلدان التي قامت بهذه التغييرات‪ ،‬ما هي الجينات التي تم إدخالهييا فييي النباتييات المغيييرة‬
‫وراثيا‪ ،‬وهكذا يبقى المستهلك في غفلة‪ ،‬إلى أن يصعب عليه التدخل للتصدي لهذه التقنيات الهدامة‪ ،‬الييتي ميين شييأنها‬
‫أن تأتي على الخضر واليابس‪.‬‬

‫وقد تم تحوير هذه النباتات‪ ،‬بدعوى تحسين المرد ودية‪ ،‬ومقاومة المراض‪ ،‬والفساد الدي قييد يتعييرض لييه المنتييوج‬
‫أثناء الخزن‪ .‬لكن المر يختلف في حقيقته‪ ،‬لن الشركات التي تعمل علييى هييذه التقنيييات تسييتبد تمييام السييتبداد بكييل‬
‫قرار‪ ،‬وترفييض وضييع بيانييات علييى المنتوجييات المنحييدرة ميين النباتييات المحييورة‪ .‬ول يهمهييا فييي الييوقت الحييالي‪،‬‬
‫الضرار التي قد تنتج عن هذه النباتات أكثر ما يهمها المدخول والموال‪ ،‬التي ستكسبها فييي السييواق العالمييية‪ .‬ول‬
‫نظن أن العلماء الذين عملوا في ميدان الهندسة الجينية أو البايوتيكنولوجية‪ ،‬يتفقون مييع الشييركات الييتي تسييتغل هييذه‬
‫العلوم لهدف مادي محض‪ .‬ومن جملة الهوال التي قد تتسبب فيها الهندسة الجينية‪:‬‬

‫ي القضاء على النباتات الصلية أو الطبيعية‪ ،‬مع عدم التمكن من الرجوع إلى السللت الطبيعية‪.‬‬
‫ي انخفاض الجودة الغذائية للمخلوقات الجديدة‪ ،‬ولو يزعم أصحابها أنها بجودة أحسن‪.‬‬
‫ي عدم التأكد من حمل جينات خطيرة من لدن النباتات المغيرة ومرورها أو تمريرها إلى النسان‪.‬‬
‫ي عدم التحكم في هذه النباتات وما قد تحدته بالبيئة‪ ،‬وعدم الرجوع إلى الييوراء فييي حاليية ظهييور كارثية طبيعيية ميين‬
‫جراء هذه المخلوقات الجديدة‪.‬‬
‫ي تعميم تقنيات التحوير الوراثي‪ ،‬والعبث بالنواع والسللت النباتية‪.‬‬
‫ي احتمال فقدان السيطرة على النباتات العبر جينية‪ ،‬وخطر التناسل مع النباتييات العادييية‪ .‬ول نعلييم مييا قييد يحييدث‪ ،‬أو‬
‫يمكن أن يطرأ على العالم الحي بأكمله‪ ،‬من جراء الجينات أو المورثات المنقولة إلى الكائنات المغيرة‪.‬‬

‫إن إنتاج الزراعات المغيرة وراثيا على مستوى شاسع‪ ،‬يمكن أن يكون له انعكاسات علييى المحيييط الييبيئي المتنييوع‪،‬‬
‫وعلى توازن الطبيعة‪ ،‬وعلى الحيوان والبيئة‪ .‬ول نعلم إلى حد الن كيف ستتعامل الحشرات والحيوانييات الصييغيرة‬
‫والزواحف‪ ،‬والجراثيم وما إلى ذلك‪ ،‬مع هذه النباتات‪ ،‬إذا علمنا أن الجردان مثل‪ ،‬ل تقرب النباتات المغيييرة جينيييا‪،‬‬
‫ومعلوم أن الجردان تقدم بشراسة على النباتات الطبيعية‪ .‬فهذا يعني أن النباتات الجديدة بها خطر‪ ،‬وهو أمر منطقييي‬
‫لن هذه النباتات بمجرد تغيير التركيب الوراثي لم تعد طبيعية‪.‬‬

‫إن الجينات الناجميية عيين الزراعييات المغييرة وراثيييا‪ ،‬يمكين أن تنتقييل إلييى الزراعيات التقليديية وإليى كيل النباتييات‬
‫المحيطة بها‪ ،‬لتنتقل بعدها إلى كل أنحاء المعمور‪ .‬وبالنسبة للجراثيم المغيرة وراثيا‪ ،‬يمكن أن يقع اضطراب بالنسبة‬
‫للمضادات الحيوية‪ ،‬كما يمكن أن تظهر أنواع خطيرة‪ ،‬أو أن تكتسب بعض النواع قوة مرضية فوق العادة‪.‬‬

‫إن استعمال الهندسة الجينية أصيبح علمييا قائميا بيذاته‪ ،‬وليديه كمييا لجميييع العلييوم إيجابيييات وسيلبيات‪ .‬ول يمكيين أن‬
‫نتجاهل الدور الذي قد تلعبه هذه العلوم في الميدان الفلحي والبيطري والصحي والغذائي والصيييدلي ومجييال الييبيئة‬
‫وما إلى ذلك‪ .‬وتتجه كل العمال والبحاث والمضياربات إليي هيذه المييادين وإليى النتياج وتحسيين الميرد وديية‪،‬‬
‫والتحكم ظاهرا في بعض الساليب المغرية والتي تحتل موضعا حساسا‪ ،‬ل يقبل النقاش كإنتاج المضييادات الحيوييية‬
‫والهرمونات كالنسولين ‪.‬‬

‫أ‪ -‬النباتات المغيرة جينيا‬


‫يتضمن إنتاج الكائن الحي المتطور بالتنقيل الجيني ‪ organisms transgenic‬أو تبديل بنيتيه الوراثيية‪ ،‬وعليى هيذا‬
‫الساس‪ ،‬أصبح هذا المجال سببا للقلق فييي اسيتخدامات الهندسية الوراثييية‪ .‬وبييالرغم ميين ذلييك‪ ،‬فقيد وضييعت بعيض‬
‫الهداف لتحسين المحاصيل الزراعية‪ ،‬وقد تم التوصل إلى نجاحات مؤكدة‪ ،‬وتحتاج المعالجيية الجينييية فييي النباتييات‬
‫إلى طرق جيدة‪ ،‬لدخال الجينات المرغوبة والفهم الجيد للوراثة الجزيئية للكائن الحي المراد معييالجته‪ .‬إن الهييداف‬
‫المطروحة لتحسين المحاصيل الزراعية عبر الهندسية الوراثيية‪ ،‬تتضيمن مقاومية الميراض‪ ،‬والقيدرة عليى تحميل‬
‫الظروف البيئية‪ ،‬وزيادة فعالية تحويل الطاقة‪ ،‬والقيمة الغذائية‪ ،‬وتثيبيت الزوت وغيرهيا‪ .‬وقيد نعميل عليى تحسيين‬
‫هذه الشياء‪ ،‬بدون اللجوء إلى التنقيل الوراثي )‪(Transgeny‬كما كييان سييائدا فييي كييل العصييور‪ ،‬و نعلييم أن التنقيييح‬
‫الطبيعي ربما يلعب دورا أضمن وأصح من التحوير الجيني‪.‬‬

‫ويعد إدخال الحمض النووي المنسل للخليا النباتية‪ ،‬تطبيقا روتينيا في العديد ميين المختييبرات المنتشييرة فييي العييالم‪.‬‬
‫ويمكن استخدام عدة طرق مثل الحقن الدقيق‪ ،‬أو قاذفة إطلق الحمض النووي‪ ،‬أو الطريقة الحيوية‪ ،‬والتي يتييم فيهييا‬
‫دمج هذا الحمض مع الخليا البنات من خلل الناقل‪ ،‬وتعد بلزميدات ‪ Ti‬من أهم النواقييل الشييائعة‪ ،‬لحتوائهييا علييى‬
‫جينات مسؤولة عن وظائف محددة‪ ،‬ولمكانيتها التكامل مع الذخيرة الوراثية النباتية‪ .‬وقيد حيددت الخريطية الجينييية‬
‫لهذه البلزميدات بشكل دقيق ومفصل‪.‬‬

‫وهناك عيدة تطبيقييات فييي شيتى الميييادين‪ ،‬وميين بينهييا الميييدان الفلحييي والييبيطري علييى الخصييوص‪ ،‬إذ أصييبحت‬
‫المزروعات العبرجينية )‪ (transgenic cultures‬سائدة في أمريكا وأوروبا ونظرا لمردوديتها المرتفعة‪ ،‬فييإن هييذه‬
‫المنتوجات‪ ،‬أصبحت تغزو السواق الوروبية‪ ،‬بل أصبح القرار السياسي بأيدي المنتجييين‪ ،‬وليييس بأييدي البياحثين‪.‬‬
‫وهذا ما يبين خطر الفلسفة العلمية‪ ،‬والغاية من البحييث العلمييي بشييكل عييام‪ .‬فلربمييا كييان البحييث بييدأ بتجييارب علييى‬
‫الفئران للمعرفة العلمية المحضة‪ ،‬ثم تعممت النتائج على مخلوقات أخرى من بينها النبات‪ ،‬وآل المآل إلييى اسييتعمال‬
‫تقنيات الهندسة الجينية لغرض النتاج‪ ،‬وهو ما تصبو إليه العلوم‪ .‬لكن هذه العلييوم تتحييول كسييابقاتها إلييى الحتكييار‬
‫والكسب‪ ،‬ثم التفوق وتنتقل تلقائيا إلى غاية مادية محضة‪ ،‬لتصبح أخيرا سلحا استراتيجيا في أيدي الدول القوية ‪.‬‬

‫ب ‪ -‬الحيوانات المغيرة جينيا‬


‫تعد تنمية الحيوانات المتطورة عبر الجينات‪ ،‬من أحد المجالت الكثر تعقيدا في الهندسة الوراثية‪ ،‬ويكمن ذلك فييي‬
‫المصاعب التقنية‪ ،‬بالضافة للقضايا الخلقية‪ ،‬وبالرغم ميين ذلييك تمتلييك الهندسيية الوراثييية حاليييا تييأثيرا هييائل فييي‬
‫دراسة تركيب الجين‪ ،‬وإظهار تعبيره فييي الخلييا الحيوانييية‪ .‬إن أفضيل المثلية ليذلك هيو البحييث المتواصيل حيول‬
‫مرض السرطان‪ ،‬والمراض الوراثية الخرى‪ ،‬ويحتاج البحث في الوراثة الجزيئية للمراض‪ ،‬إلى استخدام واسييع‬
‫لتقنية المعالجة الجينية‪ .‬وفي مجال النتاج البروتيني‪ ،‬فإنه من الفضل‪ ،‬أن يتييم بنيياء البروتينييات المركبيية والمشييتقة‬
‫باستخدام الخليا المزروعة في الثدييات‪ ،‬وقد توسعت دراسة تطور الجنين‪ ،‬من خلل إمكانييية إدخييال الجينييات إلييى‬
‫البويضات‪ ،‬أو الجنة المبكرة التطور‪ ،‬وهناك مجال آخر للمعالجة الجينية للحيوانات الحقلية‪ ،‬وذلك عن طريق دمج‬
‫الصفات المرغوبة‪.‬‬

‫ولتوليد الحيوانات المتطورة عبر الجينات‪ ،‬يفضل أن تسييتلم جميييع خليييا الكييائن الحييي المنقوليية‪ ،‬وإن إدخييال هييذه‬
‫الجينات فييي الخليييا المولييدة ‪ germ cells‬يتيييح لهييا المييرور إلييى ولدات جدييدة ناجحيية‪ ،‬وإذا لييم يكيين بالمسييتطاع‬
‫الوصول إلى ذلك‪ ،‬فإنه من الممكن تطوير بما يدعى بالجنين الفسيفسائي‪.‬‬

‫إن من جملة التطبيقات التي عرفتها الهندسة الوراثية‪ ،‬تقنيات البقار والغنام العييبر جينييية‪ ،‬حيييث ثييم انتقيياء بعييض‬
‫السللت‪ ،‬عبر المعالجة الجينية والتخصيب أو التلقيح الصطناعي‪ .‬لقد بدأت البحاث فييي هييذا الميييدان أول الميير‬
‫بتقنيات تجميد الخليا المنوية للثيران‪ ،‬حيث يمكين خزنهيا لميدة تعيد بالسينوات‪ .‬ووضيعت هيذه الخلييا فيي أنيابيب‬
‫بلستيكية‪ ،‬حيث يمكن خزنها في قييوارير معدنييية تحييت بييرودة ‪ 73‬درجيية تحييت الصييفر‪ .‬وعنييد الحاجيية‪ ،‬فييإن هييذه‬
‫النابيب تلقح بها البقار بسهولة‪ ،‬حيث تتم عملية التلقيح بدون ثور أو ما يسمى بالتلقيح الصناعي‪ .‬ويمكين نقيل هيذه‬
‫الخليا من بلد لخر‪ ،‬ويمكن كذلك التحكم في السللت‪ ،‬حيث يمكن اختيار أحسن سللة لنتيياج الحليييب‪ ،‬أو أحسيين‬
‫سللة لنتاج اللحم وما إلي ذلك‪.‬‬

‫وانتقلت البحاث إلى زراعة الجنة‪ ،‬حيث تمكن العلماء من تخصيب الخليا خارج الرحم وزرعها بعد ذلييك‪ .‬وأدت‬
‫هذه التقنية إلى إمكانية تخصيب الخليا إلى طور الجنين‪ ،‬ثم تجميده وخزنه تحت نفس الشييروط الييتي بيناهييا سييابقا‪.‬‬
‫وتعطي هذه التقنيات مردودية عالية من حيث النتاج‪ ،‬ومراقبة السللت‪ ،‬وزرع أكثر من جنين عنييد الغنييام علييى‬
‫الخصوص‪ .‬وأدت البحاث في هذا الميدان إلى أكثر من ذلك‪ ،‬حيث تم إنتاج البقار والغنام والخنازير العبرجينية‪.‬‬

‫وبنفس المسار والفكرة عرف ميدان النبات هذه التقنيييات‪ ،‬حيييث تييم إنتيياج مييا يسييمى بالنباتييات العييبر جينييية‪ ،‬وهييي‬
‫سللت نباتية تمت معالجتها بالهندسة الوراثية‪ ،‬لتصبح ذات خصائص جديييدة تكييون أحسيين فييي الغييالب ميين حيييث‬
‫المردودية‪ ،‬لكن ليست بنفس الجودة الصلية‪ .‬ويتم إدخال بعض الصفات الوراثية الجنبييية علييى السييللة الصييلية‪،‬‬
‫لتعطي سللة مختلفة من حيث الصفات‪.‬‬

‫وأصبحت تقنيات زراعة النسجة سائدة وجارية في العالم‪ ،‬بل تكاد تندثر السييللت التقليدييية للمزروعييات العادييية‪،‬‬
‫كالطماطم‪ ،‬وفول الصوجا‪ ،‬وعدد من النباتييات ذات الهمييية الغذائييية والصييناعية‪ .‬ونييرى أن كييل الشييياء الطبيعييية‬
‫أصبحت تتغير من حولنا ول نعي ما يقع‪ ،‬خصوصا المسييتهلك العييادي‪ ،‬وقييد يقبييل النيياس هييذا الشييياء تحييت تييأثير‬
‫العلم والترويج لها عبر وسائل العلم‪ ،‬والبحاث العلمية‪ ،‬والندوات وكذلك الفاعلون التقنيون‪ ،‬الذين تأطروا فييي‬
‫هذا الدول ورجعوا مقتنعين بهذه التقنيات‪.‬‬
‫الكتاب السابع‬

‫توصيات عامة لتوجيه المستهلك‬

‫(سورة آل عمران‪ ،‬الية ‪)110‬‬


‫‪ - 1‬مقدمة‬

‫إن العناية التي يجييب أن يحظييى بهييا المسييتهلك‪ ،‬أو الميواطن بصيفة عاميية‪ ،‬ل يمكين أن تأخيذ مكانهيا المنييوط بهيا‪،‬‬
‫خصوصا وأن التنويع في الميدان الستهلكي‪ ،‬جعل المستهلك في محنة كبيرة من ناحية الثمنيية والجييودة‪ ،‬ولييو أن‬
‫هذه المور تكون عادة مراقبة من طرف المصالح المختصة‪ ،‬التي تنشئها الحكومة لضبط كل المخالفييات‪ ،‬الييتي ميين‬
‫شأنها أن تقود البلد إلى بعض الكوارث‪ ،‬والتي ل ينفع معها دواء‪ ،‬ول استعجال طييبي‪ ،‬ول أي حييل‪ ،‬لمييا يتعييرض‬
‫الشخاص أو الحيوانات إلى تسمم أو وباء وما إلى ذلك من المخاطر‪.‬‬

‫وبما أن المستهلك أصبح عرضة للمضاربات التجارية والمغالطات‪ ،‬من حيث نوعية المواد المسييتهلكة‪ ،‬بييات واجبييا‬
‫على الختصاصيين‪ ،‬والمراقبين‪ ،‬والمفتشين‪ ،‬والمواطنين أن يكونوا على وعي تام‪ ،‬وعلى حذر‪ ،‬ميين كييل المشيياكل‬
‫التي قد تسببها السلع المعروضة للبيع‪ .‬وبشكل خاص أصبح من مهمة الجمعيات الغير الحكومية لحماييية المسييتهلك‪،‬‬
‫أن يبادروا إلى توعية المسييتهلك أو المييواطن‪ ،‬بتييوجيهه التييوجيه الصييحيح والصييائب‪ ،‬ليتجنييب بعييض الكييوارث أو‬
‫لتفادي الخسارة المالية من جهة والخسارة البشرية من جهة أخرى‪ .‬وإن كانت الخسارة المالية تعوض فإن الخسييارة‬
‫البشييرية ل تعييوض‪ .‬وتعتييبر هييذه الحماييية ميين مقومييات البلد القتصييادية والذاتييية‪ ،‬و كييذلك وجهييا ميين أوجييه‬
‫الديموقراطية الراقية‪.‬‬

‫ليس من السهل تدوين جميع المواد الستهلكية‪ ،‬لجعل المستهلك يعي كل ما يمكيين أن تسييببه بعييض الخروقييات فييي‬
‫صناعة وتحضير المواد الغذائية‪ ،‬لكن ارتأينا أن نبادر أول بإلقاء نظرة شاملة على عرض السلع في السوق‪ ،‬وكيفية‬
‫شرائها‪ ،‬وما هي المعايير التي يمكن أن تستعمل لتفادي بعض الخطار‪ .‬وسننهج هذا التوجيه في إطار التوعية على‬
‫صعيد المنتج وكذلك الصانع والمواطنين‪.‬‬

‫‪ - 2‬توصيات عامة لتوجيه المستهلك‬

‫يجب على المستهلك أن يتحرى كل ما من شييأنه أن يسييبب لييه أي ضييرر معنييوي أو مييادي‪ ،‬باقتنيياء سييلع معروفيية‪،‬‬
‫وتحمل كل البيانات التي تخص التصنيع‪ ،‬والجودة‪ ،‬والثمن‪ ،‬وطبيعة المواد المستعملة‪ ،‬والتعليب‪ ،‬وطريقة التصبير‪،‬‬
‫والبلد وما إلى ذلك كما سنوجز في هذا الدليل‪.‬‬

‫كل المبيعات والسلع المعروضة في السواق أو على الرصفة‪ ،‬يجب أن تعرف ولييو عيين طريقيية غييير مباشييرة‪ ،‬ل‬
‫لضبط الشخاص الذين يبيعونها‪ ،‬وإنما لضبط المشكل في حالة وقوع ضرر‪ ،‬حيث يسييهل علييى المراقبيية استقصيياء‬
‫بعض المراض أو بعض الخطار‪ ،‬التي من شأنها أن تهدد صحة المواطنين أو حالتهم المادية‪ .‬ويجب النتبيياه إلييى‬
‫الوصاف التالية‪:‬‬

‫‪ -‬اسم المادة باللغة العربية‪ :‬كل المواد التي تخفى حقيقتها بعدم بيان اسمها كما هو معهود يجب أن تجنب‪.‬‬
‫‪ -‬اسم الصانع للمواد المحلية‪.‬‬
‫‪ -‬اسم المستورد للمواد المستوردة‪.‬‬
‫‪ -‬نوع المادة و مصدرها نباتي‪ ،‬حيواني‪ ،‬جرثومي أو كيماوي‪.‬‬
‫‪ -‬طريقة التصبير‪.‬‬
‫‪ -‬التركيب العام للمواد الساسية‪.‬‬
‫‪ -‬المواد الحافظة والمواد المنكهة والملونات بالتعريف الدولي‪.‬‬
‫‪ -‬مدة الصلحية‪.‬‬
‫‪ -‬التعليب هل هو محلي أو مستورد ومادة التعليب‪.‬‬
‫‪ -‬الوزن أو السعة‪.‬‬

‫كيف تراقب هذه المعلومات أو البيانات؟‬

‫اسم المادة‬
‫يجب أن يكون بأحرف بارزة‪ ،‬وبالتسمية الييتي يفهمهييا المسييتهلك‪ ،‬أو إعطيياء معلومييات عيين طبيعيية المييادة‪ ،‬لجعييل‬
‫المقتني يفهم ما يشتري‪ .‬ول يجب إدخال أو إقحام هذه التسمية‪ ،‬بأي وصييف‪ ،‬ميين شييأنه‪ ،‬أن يلعييب دور الشييهار أو‬
‫التمييز‪ .‬ويجب أن يكتب على الصناديق‪ ،‬وعلى الغلف الخييارجي )ورق مقييوى أو بلسييتيك(‪ ،‬ويحفيير علييى العلييب‬
‫المعدنية والبلستيكية والزجاجية‪ ،‬لتفييادي وضيع سيلع مين صيينع آخير‪ ،‬أو مشيبوهة داخيل علييب اليورق‪ ،‬أو داخييل‬
‫الصناديق‪ ،‬من حيث ل يبالي بها المستهلك وفي بعض الحيان ليبالي المراقب أتناء الفحص السريع‪.‬‬

‫النوع أو طبيعة المادة‪:‬‬


‫يتبع التسمية‪ ،‬ويقرأ معها لمعرفة المادة مباشرة‪ .‬ول يجب ترجمة بعييض التسييميات المعروفيية والشييائعة فييي البلد‪.‬‬
‫كترجمة لبن الخض أو السمن أو الخليع أو الجبن وما إلى ذلك كما سنرى فيما بعد‪ .‬ويجب كذلك إجبار المنتج‪ ،‬علييى‬
‫تبيان هل المادة المعروضة من أصل نباتي‪ ،‬أو حيواني‪ ،‬إذا دعت الضرورة إلى ذلك‪ ،‬لن بعض المواد الييتي تكييون‬
‫غالبا من أصل نباتي ربما تشتبه على المستهلك‪ ،‬فيحسبها حيوانييية كالزبييدة‪ ،‬مثل والدسييم النبيياتي )المارغييارين( أو‬
‫الحليب البقري‪ ،‬وحليب الصوجا‪ ،‬الذي أصبح الن معروضا في السواق‪ ،‬وما إلى ذلك من المييور الييتي قييد تشييتبه‬
‫على المستهلك‪.‬‬

‫اسم الصانع ‪):‬المعمل أو الشركة التي قامت بالنتاج(‬


‫يجب بيان اسم الوحدة أو الشركة علييى كييل المبيعييات‪ ،‬بمييا فييي ذلييك المييواد السييتهلكية غييير الغذييية مييع عنييوان‬
‫المعمل‪ ،‬لتسهيل عملية المراقبة‪ ،‬التي قد ل تكون في جميع الحيان لغرض زجري‪ ،‬وإنمييا لسييتمرار النتيياج علييى‬
‫حالته السليمة‪ ،‬الموجودة في السوق‪ ،‬خوف أن تنتابها بعض التغييرات التي ربمييا ل تكييون عيين قصيد‪ ،‬والييتي ربمييا‬
‫يستفيد منها المنتج‪ .‬فلنفرض مثل أن بعض المستخدمين أخطأ في شيء‪ ،‬أو تعمد ذلك‪ ،‬والصييانع ل يعلييم وخرجييت‬
‫السلعة بدون المواصفات المبينة أو المصادق عليها‪ ،‬فهناك يتوصل الصانع نفسه إلى معرفة منتوجه عييبر المراقبيية‪،‬‬
‫وهذا ما يجري الن في البلدان المتقدمية‪ ،‬وهييو المراقبية للصييالح العيام بميا فييي ذلييك صيالح الصييانع‪ ،‬وليييس جعييل‬
‫المراقبة زجرية مطلقة‪.‬‬

‫اسم المستورد ‪:‬‬


‫إذا كان المنتوج مستوردا كامل الصنع والتعليب‪ ،‬يجب بيان البلد الذي تم الستراد منه‪ ،‬وهل تم التصنيع به‪ ،‬أو ببلييد‬
‫آخر‪ ،‬ويبين أصل المادة الخامة بالنسبة للمنتوجييات المصيينعة ميين مييواد مسييتوردة‪ ،‬خصوصييا إذا كييانت ميين أصييل‬
‫حيواني‪.‬‬

‫التركيب والتركيز‪:‬‬
‫يعتبر التركيب من المور المعقدة‪ ،‬والتي تجعل كل من الصانع ومصالح المراقبة في حرج‪ .‬ذلك أن تركيييب المييواد‬
‫الغذائية‪ ،‬أو المواد الستهلكية الخرى‪ ،‬يكون دائما معرضا لتغييرات أتناء الخزن أو العرض‪ .‬كما أن هناك بعييض‬
‫المشاكل الخارجة عن نطاق التصنيع‪ ،‬كالمفاعلت التي قد تحدت أتناء الخزن والعرض‪ ،‬أو كالتحليلت التي قد تقع‬
‫من جراء العوامل الخارجية‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬لكن هذا ل يمنع من وضع بيانات عامة حول الييتركيب‪ ،‬وطبيعيية المييواد‬
‫التي يحتوي عليها المنتوج‪ .‬ولكل منتوج خصائص في إعطاء هذه المعلومات على العلب‪ ،‬أو الكياس أو الزجاجات‬
‫أو القطع وما إلى ذلك‪.‬‬

‫مكان التصنيع أو النتاج‪:‬‬


‫ليس بالضرورة إعطاء العنوان كامل‪ ،‬وإنما يكتفي بإعطاء معلوميات عين التصيينيع المحليي أو المسييتورد‪ ،‬والجهية‬
‫التي تم فيها التصنيع‪.‬‬

‫طريقة التصبير‪:‬‬
‫ينبغي وضع معلومات موجزة حول الطريقة التي تم بها تصبير المادة‪ .‬في أغلب الحيان‪ ،‬ل يستدعي الميير وضييع‬
‫هذه المعلومات‪ ،‬لكن لما يتعلق الموضوع بالتحفيظ عن طريق التشعيع‪ ،‬فهنا يجب وضييع بيانييات علييى المييواد الييتي‬
‫تمت معالجتها بالتشعيع‪ .‬وكذلك المواد الحافظة التي تضاف إلى المواد الغذائية لتأمين التحفيظ لمدة طويلة‪ .‬ومنها ما‬
‫هو مسموح به‪ ،‬كما أن أغلبها ليس مسموحا بييه‪ ،‬وربمييا ل تجييد المصييالح المكلفيية بالمراقبيية أي قييانون يخييص هييذه‬
‫المواد‪.‬‬

‫المواد الحافظة والملونات والمنكهات والمحمضات‪:‬‬


‫إن من أخطر المواد التي يمكن أن تشكل ضررا صحيا على المستهلك‪ ،‬هي هذه المواد التي بييدونها ل يمكيين للمنتييج‬
‫أن يضمن سلمة أو جودة منتوجه‪ .‬وقد يصل المر إلييى أخطييار ل يمكيين للمنتييج أن ينتبييه إليهييا‪ ،‬وقييد ل يقبييل فيهييا‬
‫جدال‪ ،‬وربما يستشهد باستعمالها بدول أخرى لهيا ميا لهيا مين المراقبية وميا إليى ذليك‪ .‬ول نرييد أن نيدخل فيي كيل‬
‫التشعبات التي من شأنها أن تجعل هذا المشكل موضوعا‪ ،‬وإنما نوصي بوضع بيانات عيين طبيعيية المييواد الحافظيية‪،‬‬
‫والمنكهات والملونات‪ ،‬والمحمضات‪ ،‬حتى يمكن أن نعرف بكل شفافية كنه المنتوج‪ ،‬وإل فالمستهلك هو الذي يجييب‬
‫عليه أن يحمي نفسه من هيذه الخطيار بتجنبيه اقتنياء الميادة المحتويية عليى هيذه الميواد‪ ،‬اليتي يشيهد كيل البياحثين‬
‫بخطورتها خصوصا في الوقت الحالي‪ ،‬نظرا لتفاقم التلوث واضمحلل الحالة الصحية‪.‬‬

‫مدة الصلحية‪:‬‬
‫تبين مدة الصلحية على المواد القابلة للفساد‪ ،‬والمواد الطرية‪ .‬وقد يستغنى عنها بالنسبة للمواد التي ل تتحول بشكل‬
‫ملحوظ‪ .‬ويجب وضع تاريخ النتاج‪ ،‬ومدة الصلحية مع بيان ما يمكن فعله‪ ،‬بعد انتهيياء المييدة المبينيية علييى المييادة‪.‬‬
‫لن هناك بعض المواد التي تنقضي مدة صلحيتها‪ ،‬وهي لزالت صالحة كليا أو جزئيا‪ .‬ولذا يجب أن ل تضيع هذه‬
‫السلع إذا كانت لزالت صالحة‪.‬‬

‫الوزن والسعة‪:‬‬
‫إن بيان السعة أو الوزن يعتبر من أقصى ما يتطلب الحماية والتوجيه‪ .‬لن أي نقصان في الكمية يعنييي سييرقة وهييذا‬
‫ما يجب أن يتحرى المستهلك عموما‪ .‬إن وضع كلمة "عند التعبئة" بعد الوزن‪ ،‬على بعض المييواد ل يعنييي شيييئا إل‬
‫التهرب من القانون‪ .‬ول يهمنا هل المادة تزيد أو تنقص وإنما يهمنييا الكمييية الييتي نشييتري حييال القتنيياء‪ .‬فييإذا كييانت‬
‫المواد العلفية تنقص بسبب جفافها أتناء الخزن‪ ،‬فلن نسبة الماء بالمنتوج غير مضبوطة‪ .‬ولذلك يجييب علييى المنتييج‬
‫أن يراقب طريقة التصنيع ليجعل المنتوج يصل إلى المستهلك بالوزن الصحيح‪ .‬وإذا كان الملييح ينقييص وزنييه أتنيياء‬
‫العرض فلن التعبئة تمت على مستوى مرتفع من الماء‪ ،‬لرفع الوزن عند البيع بالجملة‪ ،‬وهو أميير يجييب أن يراقييب‬
‫ويزجر‪ .‬ونعلم أن الملح يمكن أن يباع بكمية من الماء مضبوطة‪ .‬لكن المنتجين يبحثون دائما عن الكسب اللمشروع‬
‫بإضافة كمية من الماء لرفع الوزن‪ ،‬ويلحظ مثل أن ملح الطعام تباع على شكل عجييين بييدل مسييحوق‪ ،‬وهنييا يجييب‬
‫على المستهلك أن يكون حذرا‪ ،‬وصارما في هذه الشياء‪ ،‬فل يقتني الملح المشبوه في تعليبييه أو بجييودة متدنييية‪ ،‬وأن‬
‫ل يشجع على السرقة والغش والتحايل‪.‬‬

‫‪ - 3‬بعض التحريات لتفادي التسممات والضرار الناتجة عن المواد الغذائية‬

‫أ‪ -‬المتناع عن تناول المواد الغير حاملة لمدة الصلحية‪ ،‬والمواد التي انقضت مدة صلحيتها‪.‬‬
‫يستحسن فحص العلب قبل اقتنائها من الباعة أو السواق الممتازة لتجنب ما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬العلب المصبرة القصديرية التي يظهر عليها تأكسد‪.‬‬


‫‪ -‬العلب المصبرة القصديرية أو البلستيكية التي يظهر فيها انتفاخ‪.‬‬
‫‪ -‬المواد المصبرة التي ل تحمل اسم الصانع أو المستورد‪.‬‬
‫‪ -‬العلب التي تحتوي على مواد مركبة وليس عليها بيان التركيبة‪.‬‬

‫ج ‪ -‬عدم اقتناء كل المواد التي يشتبه فيها‪:‬‬


‫‪ -‬زيتون مخمر في الشهر التي تلي الجني وهي غالبييا ميا تكييون مين شييهر نونييبر إليى شييهر ينيياير‪ .‬لن التخميير‬
‫يقتضي وقتا طويل‪ ،‬ونعلم أن الزيتون يمكن معالجته بالصودا ثم التحميض الكيماوي ليصبح جاهزا للكييل فييي أقييل‬
‫من أسبوع‪ .‬وهذا الغش المحتمييل يمكيين ضييبطه مخبريييا‪ ،‬وهييو أميير سييهل وبإمكاننييا أن نعييرف الزيتييون المحمييض‬
‫كيماويا‪ ،‬من الزيتون المخمر طبيعيا‪.‬‬
‫‪ -‬أجبان مسواة غير مصنوعة بالمغرب ول تحمل اسم المستورد ول تاريخ الصلحية‪.‬‬
‫‪ -‬مواد لحمية )معلبة( مصنوعة من لحوم مستوردة غير حاملة لترخيص وزارة الفلحة‪.‬‬
‫‪ -‬دجاج مذبوح معلب ل يحمل طابع المراقبة‪.‬‬
‫‪ -‬سقائط اللحم التي ل تحمل طابع المراقبة‪.‬‬
‫‪-‬سمك يباع على الرصفة أو في الزقة دون مراعاة البرودة أو الشروط الصحية‪.‬‬
‫‪-‬توابل ل تحمل عنوان الصانع‪.‬‬
‫‪ -‬مواد لبنية مخمرة غير مخزونة تحت البرودة يوغورت‪ -‬رايبي‪ -‬لبن‪ -‬جبن طري‪.‬‬

‫‪ - 4‬تجنب بقدر ما يستطيع المستهلك كل المواد التي تدخل القشدة أو الحليب أو اليبيض فيي تركيبهيا‪ ،‬واليتي تبياع‬
‫بالعرض حيث تبقى تحت الحرارة البيئية المرتفعة‪ ،‬ويدخل فييي هييذا النييوع كييل الخبييائز الييتي تبيياع فييي الفييران أو‬
‫المحلبات‪.‬‬

‫العراض عن اقتناء كل المواد التي تدخل في تركيبتها المواد الكيماوية‪ .‬ومنها المحمضييات )‪ (acids‬ماعييدا بعييض‬
‫المحمضات المسموح بها كحمض السيتريك )‪.(ctric acid‬‬

You might also like