Professional Documents
Culture Documents
1 مقدمة
61 الخلصة
1
مقدمة
ان فكرة الدارة و ما ينتظمها من مبادئ و ما يتخللها من مشاكل قد
عرفت منذ قدم التاريخ ذاته .ففي العهد البدائي عرفت الجماعات الولى
نوعا من الدارة و ذلك عندما شعرت كل جماعة بضرورة التعاون لتحقيق
المصالح المشتركة بين افرادها ،و ادى ذلك بطبيعة الحال الى ان يختص
شخص بينهم يكون بمثابة القائد يتولى تسيير امورهم و تنظيم شؤونهم و
القيام بالتنسيق و التوفيق بين مصالحهم و رغباتهم و كان من الطبيعي ان
يثبت لهذا القائد سلطة المر و النهي على جميع افراد الجماعة التي ينتمي
اليها ،و يكون له حق تمثيلها مع الجماعات المماثلة و حق القضاء فيما
ينشأ بينهم من منازعات.
و في العصر الحديث ارتبط ظهور بعض التعبيرات كتعبير "الصلح
الداري" و "التنمية الدراية" و "الثورة الدراية" و غير ذلك من التعبيرات
بطهور التجاه المتزايد صوب الهتمام بدراسة المشاكل الدارية ،و ذلك
نتيجة ما اصاب الجهزة القائمة بمهام الدارة من انحراف و تعقيد في
ادائها لوظائفها.
ان السلم يحض على اتخاذ جميع الوسائل و احدنها لنجاح المشروعات
الخاصة ما دامت غير خبيثة ،و ما دام صاحبها يعرف حق الله و العبد فيها.
و المال في السلم مال الله و استعمالنا لهذا المال مشروط بما شرطه
المالك الحقيقي للمال و هو الله و من هذه الشروط عدم كنز الموال و
انما اطلقه للستثمار الخلل و الكسب المشروع.
يتضمن هذا البحث عرض مقارن لمبادئ الدارة الحديثة و مبادئ الدارة
السلمية عبر عرض متسلسل لكل النظامين كل من وجهة نطره ،مع
العلم ان النظامين يشتركان في كثير من العناوين العامة ال ان فلسفة
كل منهما تتميز عن الخر .
نتناول في هذه الدراسة مميزات الدارة و تعريفها و ماهيتها لننتقل الى
علقة الدارة بالعلوم الخرى ،ليأتي لحقا ً مبادئ الدرة الحديثة من مختلف
الجوانب و ذلك بطريقة موضوعية تعرض آراء مختلف المدارس و
2
النظريات للنتهاء بمبادئ الدراة السلمية و ذلك من وجهة نظر اسلمية
بحتة.
نخلص في نهاية هذه الدراسة و من وجهة النظر الشخصية الى اننا لو
امعنا النظر في الفكر السلمي نجد منهاجا ً متكامل للحياة يحتوي على كل
الخير و الميزات التي جاءت بها النطريات المعاصرة و نحن ل نهدف من
وراء ذلك ان نبخس فكرا معاصرا حقه في التيان برأي اقتصادي او اداري
صائب.
الدارة ،تعريفها و ماهيتها الفصل الول
مميزات الدارة
ان النشاط البشري على اختلف صوره يحتاج الى الدارة ،اذ ل بد من
ايجاد التعاون و التنسيق بين الجهود توصل الى الهدف المحدد ،و هذا
المعنى ينطبق على كل النتظيمات الدارية مثل الوزارات و الهييئات و
3
المؤسسات الحكومية او الخاصة مثل الشركات التجارية و الصناعية و
الجمعيات الخيرية.
تتميز الدارة بانها انسانية و ضرورية و تسعى نحو هدف معين و من
ميزات الدارة:
انسانية الدارة ،الدارة تنصب على الجهد البشري و ترتكز
على العلقات النسانية و التعاون الجماعي ،فهي تتميز بالطابع
النساني و لهذا فان نجاح الدارة بتوقف على العنصر البشري فيها.
ان اعتماد النسان في عمله الداري على الجهزة اللكترونية
الحديثة و على الحاسب اللي ليس من شانه ان يغير من الطابع
النساني للدارة ذلك ان النسان هو الذي بتولى ادارة اللة و لهذا
فان نجاح اي ادارة يعتمد في المقام الول على ما يبذله افرادها
من جهد.
ضرورة الدارة ،ان لكل نشاط بشري هدفا محددا يسعى
تعددت تعريفات الدارة باختلف المجتمعات و عليه نعرض فيما يلي الى
بعض تلك التعاريف ،حيث عرفت في الوليات المتحدة بانها "تتكون من
جميع العمليات التي تهدف الى تنفيذ السياسة العامة" ،1و في اتكلترا بانها
4
"تتضمن كل انواع النشاط الذي يباشره الرؤوساء الداريون في الدارة
العامة التي تغطي النشاط الداري للحكومة".1
كما عّرفت الدارة على انها "عملية ذهنية وسلوكية تسعى إلى الستخدام
المثل للموارد البشرية والمادية لبلوغ أهداف المنظمة والعاملين بها بأقل
تكلفة وأعلى جودة" و على انها " النشاط المسؤول عن اتخاذ القرارات
وصياغة الهداف ،وتجميع الموارد المطلوبة واستخدامها بكفاءة ،لتحقيق
نمو المنظمة واستقرارها ،عن طريق مجموعة من الوظائف أهمها:
م التأكيد على أن الدارة
التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة والتقويم .وت ّ
"مجموعة متكاملة من الخبرات والمهارات والقدرات أغلبها مكتسب
بالتعليم والتدريب والمران العملي ،وقليل منها فطري موروث .وهي إلى
جانب ذلك علم وتقنية" و هناك من قال انها "الستخدام الفعال والكفء
للموارد البشرية والمادية والمالية والمعلومات والفكار والوقت من خلل
العمليات الدارية المتمثلة في التخطيط ،والتنظيم والتوجيه والرقابة
بغرض تحقيق الهداف ".
5
ماهية الدارة و طبيعتها
الدارة فن
الدارة علم
6
بالعلوم التطبيقية حتى و لو لجأت الى المعادلت الرياضية و الساليب
الحصائية و الدوات التحليلية لبحوث العمليات.
ال ان هناك اتجاه يرى ان الدارة الحديثة اصبح لها صفات و خصائص
العلم الحقيقي ،فهي تحتوي على موضوعات محددة تقوم بدراستها
بالسلوب و المنهج العلمي ،من استنباط المبادئ و القواعد العلمية التي
تحكم نشاط المنظمات الدارية ،الى وضع هذه القواعد و تلك السس في
اطار علمي سليم للستعانة بها في تطوير و ترشيد النظم الدارية
المختلفة.
"ان الجانب الفني في الدارة يقودنا الى البحث عما يجب عمله في كل
ظرف ،و ازاء كل حالة على حدة .ان النظرة الى تكوين الدارة على
اساس ان اهم مقوماتها هو العنصر البشري ل بد و ان تملي علينا انواعا
مختلفة من التصرفات ،و طالما انه ل يوجد شخصان متماثلن تماما ،او
بعبارة اخرى ،ل يوجد موقفان انسانيان متماثلن تماما ،و يصبح الفن او
المهارة في فهم المواقف النسانية و التصرف حيالها عنصرا حيويا و
ضروريا للدارة ،و بذلك تصبح الدارة الحسنة هي فن استخدام العلم في
1
العملية الدارية"
8
علقة الدارة بالعلوم الخرى و نظرية الدارة الفصل الثاني
لذلك كان من الواجب بحث العلقة القائمة بين علم الدارة و هذه العلوم
بغية ابراز مكانة علم الدارة بين هذه العلوم و بيان ما اذا كانت هناك
مجالت اتفاق او تنافس بين هذه العلوم وتلك العلوم.
9
بصورة اساسية بدراسة النشاط الداري بمراحله الدارية
1
المتعددة.
ال ان اوجه الخلف هذه ل تعني ان هناك فصل تاما بين العلمين بل
ان دراسات و ابحاث كل علم تلقي الضوء علي ميادين البحث و
الدراسة في العلم الخر.
يهتم القانون الداري اساسا بدراسة الجوانب القانونية المتصلة بالدارة اذ
يحتوي على القواعد القانونية المختلفة التي تحكم نشاط الدارة ،و يحكم
القانون الداري كذلك العلقة بين الدارة و الفراد موضحا حقوق و
واجبات كل منهما فهو يتضمن القواعد التي تحدد تركيب المنظمات و
علقة المنظمات فيما بينها و من ناحية اخرى القواعد الخاصة بانشطة
هذه المنظمات و علقتها من الفراد.
اما الدارة فانها تعنى بدراسة الجهاز الداري بما يشتمله من منظمات
ادارية متعددة كما تعنى بدراسة نشاط هذه المنظمات الدارية من الناحية
2
الفنية.
و لقد توطدت الصلة بين الدارة و العلوم القتصادية نتيجة التداخل في
العديد من المجالت القتصادية فنشأت الحاجة الى الخذ بمبادئ القتصاد
في المنظمات الدارية.
و كما هو معلوم فان علم الدارة يهدف الى تحقيق الهداف باعلى
مستوى من الكفاية ،اي باقل التكاليف و بادنى جهد بشري ،و باقصر وقت
زمني ،و من هنا يشترك علم الدارة في الجانب القتصادي من تلك
الهداف مع علم القتصاد الذي يستخدم مبدأ الكفاية القتصادية ،اي
استخدام الموارد المتاحة في سبيل تحقيق اعلى انتاج ممكن.
و الفقه يبحث في افعال العباد الحسية و ذلك ببيان احكامها الشرعية التي
كلف الله بها عباده و على هذا تكون افعال العباد الحسية هي موضوع علم
4
الفقه الذي به نعرف الحكام الشرعية التكليفية.
1ماجد الحلو :علم الدارة العامة.
2عاطف صدقي :مبادئ المالية العامة.
3ابراهيم سلقيني :اصل الفقه السلمي.
4محمود محمد طنطاوي :المدخل الى الفقه السلمي.
11
لن ان معنى الشريعة اعم من معنى الفقه ،لن الشريعة تشتمل على
العقائد و الخلق و اعمال العباد ،و الفقه خاص باعمال العباد فقط.
و لما كان علم الدارة السلمي هو تنظيم و ادارة القوى البشرية لتحقيق
الهداف في اطار احكام الشرع ،كانت اذا العلقة ما بين الشريعة و
الدارة وثيقة و هي علقة بمثابة الصل بالنسبة للفرع.
12
الدارة الحديثة الفصل الثالث
أهمية الدارة
يعود تقدم المم إلى الدارة الموجودة فيها ،فالدارة هي المسئولة عن
نجاح المنظمات داخل المجتمع ،لنها قادرة على استغلل الموارد البشرية
والمادية بكفاءة عالية وفاعلية .فهناك العديد من الدول التي تملك الموارد
المالية والبشرية ولكن لنقص الخبرة الدارية بقيت في موقع متخلف.كما
يمكن أن يقال :إن نجاح خطة التنمية القتصادية والجتماعية وتحقيقها
لهدافها ل يمكن أن يتم إل بحسن استخدام الموارد المتاحة المادية
والبشرية .وكذلك نجاح المشروعات المختلفة في جميع النشطة
القتصادية الزراعية والصناعية الخدماتية .ول شك بأن استخدام الموارد
المتاحة دون إسراف أو تقصير يتوقف أساسا على كفاية الدارة في
مجالت النشاط المختلفة ،كما أن نجاح المشروعات و تحقيقها لهدافها
الموضحة في خطة عملها يتوقف على كفاية إدارتها ،ومن هنا نجد أن نجاح
خطط التنمية القتصادية والجتماعية مرتبط بمستوى الكفاية الدارية في
13
المشروعات المختلفة داخل الدول .وخلل الحديث عن التنمية والدارة
فإن البلدان النامية تواجه كثيرا من المشكلت الدارية التي تحتاج إلى
قدرة و كفاءة إدارية لمواجهتها والتصدي لها وحلها ،حتى يمكن أن تحقق
أهداف التنمية المرغوبة.
الدارة عنصر من عناصر النتاج ،اذ يقع على عاتق الدارة
14
زيادة الكفاءة القتصادية من خلل خلق مزايا جديدة o
لدى الفراد.
زيادة القدرة على البتكار والختراع. o
زيادة الخبرة العميقة لدى الفراد. o
اما تقسيم العمل فيقصد به أن ينقسم إنتاج السلعة الواحدة إلى
عدد من المراحل لكل مرحلة جزئية عامل ،أي أن تقسيم العمل يتم
داخل المهنة الواحدة بقصد إنتاج سلعة واحدة أو خدمة واحدة ،ولقد
ارتبط تقسيم العمل بإدخال اللة في عمليات النتاج .حيث أن
تقسيم العملية النتاجية إلى عمليات جزئية سّهل استخدام اللة
لتقوم بها بدل ً من أن يقوم بها الحرفي .مزايا تقسيم العمل :
زيادة المهارة في أداء العمال ،وذلك لتبسيط العمال o
المطلوبمة .
تنظيم العمل بشكل أكفأ من حيث التوقيت والتتابمع o
والشراف .
توفير الوقت أثناء انتقال العامل من عملية إلى أخرى. o
15
القدرة النتاجية لبعض هذه الموارد .بل وقد يكف بعضها عن
العطاء ،ولذلك ل مفر أمام هذه الدول من بذل قصارى جهدها في
محاولة البحث عن موارد جديدة تستطيع أن تسهم في الرتفاع
بمستويات إشباعها أو على القل تحافظ عليها .ليس هذا فحسب،
وإنما يتعين عليها أول وقبل كل شيء أن تحاول استخدام المتاح
لديها من الموارد بأكثر الطرق كفاءة من الناحية القتصادية بمعنى
وصولها إلى التخصيص المثل لمواردها يعني تخصيص الموارد،
عمومًا ،تلك الطريقة التي يتم بها توزيعها على استخداماتها البديلة
المختلفة بحيث يتحقق في النهاية قدر معين من النتاج.
إذا افترضنا مبدئيا ً أن هناك نمطا ً توزيعيا ً )تخصيصًا( معينا ً للموارد
يؤدي إلى تحقيق حجم معين من النتاج ،وأمكن مع ذلك إعادة
تخصيص نفس هذا القدر من الموارد بطريقة مختلفة تولد عنها قدر
اكبر من النتاج فمعنى ذلك أن هذا التخصيص المبدئي لم يكن يمثل
أفضل طريقة لستخدام هذه الموارد ومن هنا يتضح انه من الممكن
تخصيص نفس القدر من الموارد بطرق مختلفة يحقق كل منها
حجما ً مختلفا ً من النتاج .فإذا ما وجد ثمة تخصيص معين يحقق اكبر
قدر ممكن من النتاج ،فإن أي تخصيص آخر غيره لبد وأن يؤدي
إلى انخفاض حجم النتاج .ومن ثم يمكن تعريف التخصيص المثل
للموارد بأنه تلك الطريقة التي يتم بها استخدام الموارد المتاحة
بحيث يتولد عن هذا الستخدام اكبر قدر ممكن من النتاج .وبتعبير
أكثر دقة ،فإن التخصيص المثل للموارد هو ذلك الستخدام الذي
يترتب على أي تغير في انخفاض حجم النتاج.
العمل في ظروف بيئية سريعة التغير ،سواء كان ذلك على
16
نشأة علم الدارة وتطوره
وُتعرف بأنها الدارة التي ترتكز على إدارة المنشأة ككل ،أي
أنها تسعى إلى إيجاد مبادئ إدارية عامة على المستوى
النظري لتكون أساسا ً لعمليات التنظيم والتصميم الداري
للمنشأة .ومن أهم روادها هنري فويل Henry - fayol
ولوترجليوك .Luther Gulickهذا وقد قام Fayolبتقسيم
17
نشاط المنظمة إلى ستة أنشطة رئيسية ركز فيها على
النشاط الداري وقام بتقسيمه إلى ستة أنشطة وقام بوضع
أربعة عشر مبدأ إداريا ً توصل إليها من خلل بحثه.
المدرسة الكلسيكية الحديثة Neoclassic – Schoolاو
18
نظرية العلقات النسانية وأسماها ) . . (Yوذلك كما هو مبين
في الجدول التالي:
نظرية X نظرية Y
كراهية النسان العادي للعمل حب النسان العادي للعمل
الحاجة إلى إجبار الفرد للقيام يسعى برغبته ودون إكراه
بالعمل ،أما إذا ترك لوحده للقيام بعمله نظرا ً للمكافأة
فلن يعمل. التي يتوقعها
التخطيط
20
مواجهة التغيرات الطارئة ،فيساعد التخطيط
الجيد على التعرف و تحديد المشكلت المستقبلية
المتوقع حدوثها و بالتالي الستعداد لمواجهة هذه
الحداث و العمل على تلفيها قبل وقوعها.
مواجهة المنافسة فيساعد التخطيط السليم
المنشأة على المنافسة مع المنشأة الخرى في مركز
تنافسي قوي في السوق.
يساعد التخطيط على التنسيق بين النشطة
الرئيسية و الفرعية في المنظمة حيث انه يحدد الوقت
اللزم لداء كل مرحلة من مراحل العمل و بالتالي
يمكن من عملية ربط النشطة و اجزاء العمل مع
بعضها البعض و يمنع التداخل و الزدواجية في العمل.
يساهم التخطيط في استغلل الموارد المالية و
المادية و البشرية بالشكل المثل و بالتالي يخفض
التكاليف الى اقل حد ممكن.
يؤدي التخطيط الجيد الى الشعور بالمن
الوظيفي للعاملين حيث ان التخطيط الجيد يقلل من
الخطاء الى حد كبير مما يؤدي الى الرتياح النفسي
لدى العاملين و بالتالي يحفزهم الى العمل و يرفع من
انتاجيتهم.
رفع كفاءة عملية الرقابة .يوفر التخطيط وسائل
الرقابة و المتابعة على التنفيذ فالهداف التي يتم
تحديدها في الخطة هي عبارة عن معايير رقابية يقاس
بموجبها نتائج العمال و تصحيح النحرافات حين
حدوثها.
21
المشاكل التي تعترض عملية التخطيط ،بالرغم من o
22
تعتبر عملية اتخاذ القرارات الدارية هي جوهر العملية الدارية .حيث
ان جميع العمليات الدارية من تخطيط و تنظيم و توجيه و رقابة
تحتاج الى قرار لتنفيذ هذه الوظائف ،فعلى سبيل المثال عندما
تمارس الدارة وظيفة التخطيط فانها تتخذ قرارات معينة في كل
مرحلة من مراحل التخطيط و عندما تضع الدارة التنظيم المناسب
للمنشأة فانها تتخذ مجموعة من القرارات بشأن الهيكل التنظيمي و
كذلك بالنسبة لوظيفة التوجيه فان الدارة تتخذ مجموعة من
القرارات التي تعمل على تنسيق مجهوداتهم و خثهم الى العمل و
حل مشاكلهم.
23
المرحلة يجب ان يؤخذ في عين العتبار عند جمع
المعلومات و البيانات عنصران هما التكلفة بحيث ل
تكون تكاليف جمع البيانات كبيرة و ايضا ً الوقت الماح
لتخاذ القرار.
مرحلة تفسير المعلومات ،و يقصد بهذه المرحلة
رفض او قبول مصداقية المعلومات و ربطها ببعض .
مرحلة البحث عن البدائل ،و قد تأخذ مرحلة
البحث عن البدائل احدى الطريقتين:
البحث عن البدائل المتاحة و تحديد النتائج •
المحتمل ترتبها على كل بديل مع تقدير احتمال
حدوث كل من تلك النتائج و مراجعة تلك
التقديرات.
البحث عن البدائل المتفقة مع النسق لصانع •
القرار و مع خبراته و تصوراته المسبقة ،و لذلك
ترفض البدائل التي تتناقض مع هذا النسق او التي
اثبتت الخبرة
24
درجة المشورة في اتخاذ القرار ،هل اتخذ القرار •
بعد مشاورات و دراسة؟
اثار القرار و نتائجه ،و يضمن هذا البحث ما اذا •
كان الغرض من القرار قد تحقق و بأية درجة.
عوائق اتخاذ القرار ،تنقسم العوائق الى داخلية و خارجية. o
تتضمن الداخلية :عوائق مالية ،عوائق بشريةو عوائق
فنية .و هذه العوائق يمكن ان تؤثر على القرار من حيث
ان الدارة قد تصل الى ان الحل الول افضل من الحل
الثاني و لكن الحل الول بتطلب تحقيق بعض المتطلبات
التي ل تتوفر لدى المنظمة الن و من ثم يجبرها على
اختيار الحل الثاني .فالنقص في االموال او عدم قدرة
الموظفين الفنية او ضرورة الستعانة بالت انتاجية
متقدمة ،كل هذه العوائق قد تحتم على ادارة المنظمة
صرف النظر عن حل يعتبر هو الفضل لتختار الحل الخر
الذي يجنبها هذه المشاق و او كان هذا الحل ل يحقق
الهداف المطلوبة بشكل فعال.
العوائق الخارجية :حيث ان المنظمة خلية من خليا
المجتمع الناشطة فان قراراتها ل بد ان تؤثر بصورة
مباشرة او غير مباشرة على هذا المجتمع .و من ثم قد
تعارض بعض وحدات المجتمع اتخاذ اية قرارات قد تعود
عليه بالضرار حتى لو كانت بسيطة و امثلة العوائق
الخارجية ،الدولة ،الراي العام ،المنافسين ،المستهلكين،
الموزعين ...،فقد يقابل جماهير المستهلكين و الرأي
العام القرار الخاص برفع سعر المنتجات بمعارضة
شديدة .كذلك قد تعترض الدولة على بعض القرارات
الدارية اذا كانت تتعارض مع السياسات العامة للدولة.
عوامل ينبغي اخذها بالحسبان عند اتخاذ القرارات o
25
تنطوي عملية اتخاذ القرارات على مواقف و مشكلت متنوعة قد
تتفاوت مضاعفاتها من البساطة الى التعقيد الشديد .و حتى بالنسبة
لفضل المديرين فانهم احيانا يقابلون صعوبات في الستقرار على
قرار معين .فاتخاذ القرارت يعتبر من العمليات الصعبة المعقدة .و
عند القيام بعملية اتخاذ القرارات توجد عوامل من المفيد جذا ً اخذها
في الحسبان و تذكرها اذا اريد لهذه العملية الهامة ان تتم بطريقة
رشيدة .و هذه العوامل هي:
26
وضع نظام لمتابعة كل قرار ،و اهمه وضع نظام
المتابعة ل تقتصر على التأكد من تنفيذ القرار بل ايضا ً
لتقييم نتائج القرار .و عادة تقوم الرقابة بالجابة على
السؤال التي :هل كان القرار سليما او خاطئًا؟ و ينبغي
توقع بعض القرارات الخاظئة لنه من المعروف ان من ل
يخطئ لن يتقدم.
التنظيم
27
والتنظيم وإن كان مفهوما إداريا إل انه أيضا يتمشى مع توجهات
النظمة التي تهدف الى ضرورة القيام بالواجبات وحماية
الحقوق ،وفق تنظيم دقيق يتماشى مع القواعد الدارية الحديثة،
ذلك ان التنظيم يعتبر وسيلة لتحقيق النسجام وتلفي الزدواجية
والستفادة من القدرات والطاقات وتحديد العلقات بين الفراد
وبين الدارات والمساعدة على نقل المعلومات وتوحيد الجهود
وترشيد النفاق وتوزيع الصلحيات.
إن التنظيم الداري يعد وسيلة المدير لتسير تعامله مع مهام
ومتطلبات دوره وتفعيل المصادر كافة ،فمن خلل التنظيم يمكن
أن ينسق المدير المكانات المتوافرة كافة لدى العاملين معه
ويوظف مختلف المكانات بحيث تتوجه هذه الطاقات نحو تحقيق
الهداف ،ولكي يطور المدير تنظيما إداريا فاعل عليه أن يدرك
وبعمق الوظائف المطلوب القيام بها وان يتفهم طموحات أعضاء
منظمته وما يتمتعون به من كفايات وخصائص.
فالبنية الدارية وما يصاحبها من خطط تنظيمية وإجراءات
لتفعيلها ليست غاية بحد ذاتها إذ أن قيمتها تكمن فيمقدرتها على
زيادة فاعلية تنسيق جهود العاملين واستخدام التسهيلت الخدمة
العملية الدارية في الوقت والمكان المناسبين .بقدر ما يساعد
التنظيم على إنجاز الهداف و الغايات يكون هذا التنظيم مناسبًا.
انشطة التنظيم ،هناك اربعة انشطة بارزة: o
تحديد أنشطة العمل التي يجب أن تنجز لتحقيق
الهداف التنظيمية.
تصنيف أنواع العمل المطلوبة ومجموعات العمل إلى
وحدات عمل إدارية.
تفويض العمل إلى أشخاص آخرين مع إعطائهم قدر
مناسب من السلطة.
تصميم مستويات اتخاذ القرارات.
28
المحصلة النهائية من عملية التنظيم في المنظمة :كل
الوحدات التي يتألف منها النظام تعمل بتآلف لتنفيذ المهام
لتحقيق الهداف بكفاءة وفاعلية.
العلقات .
التنظيمي .
29
تصميم مستويات العلقات ،هذه الخطوة تحدد
العلقات الرأسية والعرضية )الفقية( في المنظمة ككل.
الهيكل الفقي يبين من هو المسؤول عن كل مهمة .أما
الهيكل الرأسي فيقوم بالتالي:
يعرف علقات العمل بين الدارات العاملة . •
30
الهيكل القطاعي ،وفية يتم تجميع العاملين المختصين
بمنتج معين أو خدمة معينة في قطاع واحد .مثال :مصنع
ينتج منتجين أو له مصنعين )أ( و )ب( يتم تقسيم الشركة
إلى قطاعين )أ( و )ب( و كل قطاع يتبعه كل خدماته -
تقريبًا -من إنتاج و صيانة و مالي ومخازن….يلحظ أنه مع
استخدام هذا النظام فإنه قد يتم أحيانا البقاء على بعض
الدارات مركزية مثل إدارة الموارد البشرية.
31
كذلك يمكن ان يكون الهيكل القطاعي مقسما بناء
على المناطق الجغرافية
32
و ككل شيء في الدارة كل نظام له ما يميزه و له كذلك نقاط
ضعف .فكيف نختار النظام المناسب؟ يتوقف ذلك على أربعة
أشياءأساسية:
فمثل إن كانت متغيرات السوق سريعة جدا فمعنى هذا أننا في
حاجة إلى مرونة أكثر مما يحبذ الهيكل القطاعي .إن كانت
طبيعة العمل بسيطة و مكررة فقد يكون الهيكل الوظائفي
أفضل .إن كانت استراتيجية المؤسسة تركز على التميز و
بالتالي تشجع البداع فتكون المرونة عامل أساسي و بالتالي
يفضل الهيكل القطاعي .إذا كان حجم المؤسسة كبير فإنها
تحتاج إلى قدر من الرسمية في التعامل و في نفس الوقت
33
تحتاج إلى المرونة التي تمكنها من المنافسة مع الشركات
الصغر حجمًا .قد يحدث أن تتعارض هذه المحددات الربعة و
هذايحتاج بعض الفكر لختيار الهيكل المناسب .أما بالنسبة
للهيكل المصفوفي فتظهر أهميته في الشركات الكبيرة التي
تعمل في أكثر من منطقة في العالم أو تنتج العديد من
المنتجات.
34
مدير له ميزانية محددة و لكنه يتحكم فيها بما يراه
مناسبًا .اللمركزية تجعل القرارات سريعة و لكنها تجعل
الرقابة أقل شدة .غالبا ما يوجد هذا النوع في الهيكل
القطاعي.
الرسمية ،تعني أن هناك قواعد دقيقة لكل عمل و
القيادة
35
تعريف القيادة o
يعرف كونتر و دنيل القيادة بانها قدرة المدير على التأثير في
المزؤوسين للعمل بحماسة و ثقة لنجاز العمال المكلفين بها.
36
قوة المكافأة ،تعتمد هذه القوة على حفز الخرين ماديا
مثل الرواتب و المكافأة و العلوات اذا قام تعمله على
الوجه المطلوب.
قوة الخبرة ،مصدر هذه القوة الخبرة التي يمتلكها
القائد و التي من خللها يستطيع التأثير على الخرين.
قوة العجاب ،و يحصل عليها القائد نتيجة اعجاب
تابعيه ببعض صفاته الشخصية.
انواع القيادة o
37
التحفيز شخصيا ً من القائد ،و هذا النوع شائع و يمتاز
بالبساطة و الفاعلية.
القيادة البوية ،يتميز هذا النوع من القيادة بالعلقة
38
ان الصفات الشخصية ل تضمن في الغالب •
النجاح في القيادة.
اهملت دور المرؤوسين في انجاح عملية •
القيادة.
اهمال العوامل الجتماعية و السياسية و •
التكنولوجية التي تساعد القائد على النجاح و
الفشل.
39
يرى فيدلر انه ل يوجد نمط واحد من القيادة يصلح لكل زمان
و مكان كما انه ليس هناك صفات معينة يجب توافرها في
كل قائد و ليس هناك قائد يمكن وصفه بأنه ناجح او فاشل
في كل الوقات.
اتخاذ القرارات.
المهارة في التصال ،التصال مهم في عملية •
ث الفراد و تشجيعهم و حفزهم للعمل.
ح ّ
الدافع الشخصي ،الرغبة النابعة من شخص •
القائد في المثابرة على العمل و الستعداد للعمل
ساعات طويلة.
40
المهارة الجتماعية ،قدرة القائد على العمل مع •
المرؤوسين و المستفيدين من المنظمة بالطريقة
التي تمكنه من كسب ثقتهم و ولئهم.
المقدرة الفنية ،مقدرة القائد على التخطيط و •
التنظيم و التفويض و اتخاذ القرارات و الرقابة و
المعرفة بكل العمليات التي تكون تحت اشرافه.
التحفيز
41
القائم سواء على المستوى البيولوجي او النفسي او الجتماعي
فالدافع لتحريك سلوك النسان للبحث عن الطعام او الشراب
دافع فيزيولوجي.
42
فالحاجات غير المشبعة هي التي تؤثر على سلوك الفرد و
ان الحاجات في اسفل الهرم يجب ان تشبع اول .صنف
ماسلو الحاجات النسانية في خمس فئات بحسب اولويتها
من السفل الى العلى كما يلي:
43
عومل وقائية ،يؤدي عدم وجود هذه العوامل الى •
حالت عدم رضا الفراد بينما ل يعني وجودها حفز
الفراد للعمل و تتمثل هذه العوامل باساسيات
الشركة و اداراتها و العلقات المتبادلة بين الرئيس
و المرؤوسين و الشعور بالمان و الستقرار في
العمل.
عوامل حافزة ،تنتمي هذه العوامل الى طبيعة •
العمل و محتواه كالنجاز في العمل و المسؤولية و
الترقي في العمل و اذا توافرت للفرد فانها تحفزه
و تجعله راضيا عن العمل.
الرقابة
44
تعتبر الرقابة الدارية عنصرا رئيسيا و هاما من عناصر العملية الدارية
التي يقوم بها الداري في اي مستوى اداري .و تظهر اهميتها في كونها
اداة تعمل على تحديد و قياس درجة اداء النشاطات التي تتم في
المنظمات من اجل تحقيق اهدافها .و الرقابة عملية مخططة و منظمة
تهدف الى وضع معايير للداء يفترض ان تكون موضوعة سلفا لوجه
النشاطات المختلفة ،و تتفق كذلك مع الهداف المنشودة .فهي الجهاز
العصبي للتنظيم لكونها تتعرض لكل خلية من خلياه تتأثر بها و تؤثر
فيها.
45
القصور و ان يكشف عن اسبابها ما لم تكن
وحدات الدارة نفسها منظمة بالشكل الذي
يمكنها من ذلك.
رقابة خارجية ،تمارس هذه الرقابة عبر •
هيئات و اجهزة رقابية متخصصة تتبع مستوى
الدارة العليا و عادة تعطى هذه الجهزة الرقابية
الضمانات التي تمكنها من اداء وظيفتها.
حسب توقيت الرقابة:
رقابة سابقة ،تخضع الرقابة السابقة •
47
تكاليف الرقابة اكبر من الفوائد التي تعود عيى المشروع
منها.
48
الرقابة التي تميز بين الخطاء ،و تركز على
معرفة اسباب الخطاء المعنوية او الجسمية غير
المقبولة و كيفية معالجتها.
الرقابة المرنة ،فالمعايير المستخدمة في
الرقابة يجب ان تتميز بالمرونة الكافية بحيث تتغير اذا
تغيرت ظروف التنفيذ بشكل لم يكن متوقعا عند
التخطيط ووضع المعايير.
هناك دراسات كثيرة كتبت عن التجربة اليابانية ابرزها دراسة بيتر داركر
حيث ذكر في دراسته اربعة خصائص للدارة اليابانية هي سبب التقدم
الذي احرزه اليابانيون.
49
اغلب الموظفين و العاملين في اليابان يعّينون في وظائفهم مدى
العمر كما و ان مرتباتهم الشهرية تعطى لهم على اساس سنين الخبرة
كما و انهم يصلون سن التقاعد عندما يبلغون الخامسة و الخمسين من
العمر و عندما تكون المؤسسة في حاجة الى خدماتهم فانهم يبقون
في الخدمة فيمنح حينذاك ثلثا راتبه الشهري .فالوصول الى درجة مدير
ل تحصل ال لمن بلغ الم 45من العمر.
و عندما يدخل الوظيفة يشعر بأنه باق فيها الى اخر حياته العملية و
لهذه الحالة الدارية تأثيرا كبيرا على عمله و حياته في داخل المؤسسة
فهي تزيل عنه مخاوف البطالة ،كما و ان ج ّ
ل تفكيره و عبقريته
سيصبه في عمله الذي سيستمر معه فينجم عن ذلك تفاعل العامل في
عمله و ايداعه فيه و تخزين تجربته في الميدان الذي يعمل فيه .فل
يحدث مثل انتقال المدير من مكان لخر ال في النادر لن ما يحصل
عليه في المؤسسة من مكافآت يبرر عدم انتقاله الى مكان اخر.
50
الدارة السلمية الفصل الثالث
لفظ الدارة ليس بقديم فلم يرد هذا اللفظ بالمفهوم المتعارف عليه في
الكتب الترائية السلمية ذات الشأن بالمور الدارية .فاللفظ الذي
استخدمه المسلمون و العرب على معنى الدارة هو لفظ التدبير .اذ ورد
هذا اللفظ للدللة على مفهوم الدارة في امهات مصادر الفكر الداري و
در
السياسي عند المسلمين كالحكام السلطانية للماوردي ،فالماوردي يص ّ
51
كتابه بهذه العبارات ":و لما كانت الجكام السلطانية بولة المور اخق و
كان امتزاجها بجميع الحكام يقطهم عن تصفحها مع تشاغلهم بالسياسة و
التدبير ،افردت لها كتابًا".1
و هناك كتب تحمل هذا اللفظ و هي تتناول موضوعات ادارية بحتة مثل
كتاب " تدابير المنازل او السياسات الهلية" لبن سينا ،و الكتاب يتضمن
قواعد ادارية انطلقا من ادارة العائلة حتى ادارة المملكة.
التدبير
ان التدبير عنصر يدخل في ادارة العائلة بحيث يقي افرادها من مآسي
الفقر ،و هو ايضا عنصر مهم من عناصر ادارة الدولة و حكم الشعب لنه
مظهر من مظاهر السياسة المثلى كذلك هو ركيزة من ركائز التنمية
القتصادية لنه ينمي المال القليل ،و تنمية المال هو عصب التنمية
القتصادية .و التدبير هو صفة ذاتية قبل ان يكون مظهرا ً خارجيًا ،فاللجوج
المتسرع في اموره ل يعرف شماله عن يمينه فهو ل يحظى بملكة التدبير،
اما نتائج التدبير فتنعكس على ازدهار العمل الذي يقوم به ،اما اذا افتقر
المدير الى التدبير فسينتهي عمله الى الدمار ،دمار المجتمع اذا كانت
الدارة هي ادارة المجتمع ،و دمار القتصاد اذا كانت الدارة ادارة
القتصاد.
52
من هنا كان المدير الحكيم هو الذي يجعل التدبير من اوائل ملزوماته عند
ادارة العمل الذي يقوم به ،فكان " حسن التدبير هو اد ّ
ل شيئ على غزارة
العقل" كما يقول امير المؤمنين على بن ابي طالب.2
استنادا الى هذه الرؤية الشمولية فان الدارة هي كيان حي ينبض بالحياة
فهي موصوفة و متصفة بالصفة النسانية و الصفة التنظيمية و الصفة
الجماعية و الصفة الهدفية.
الصفة النسانية
ان المدير الجيد هو الذي يعرف طبيعة الناس الذين يتعامل معهم و
يعلم ما الذي يحركهم و ماذا يثبطهم ،يعرف متى يتقدمون و متى
يتأخرون و ما من نظرية ادارية ال و هي قائمة على رؤية اصحاب هذه
النظرية الى النسان.
53
يرى السلم ان النسان عقل و هوى و منتهى كمال النسان عندما
يكتمل عنده العقل و كان من مسؤولية النسان ان ينشط عقله و اذا
غاب العقل استولى مكانه الهوى .
الصفة التنظيمية
54
لتأسيس التنظيمات الجتماعية .فالمجتمع الذي تنمو فيه الخلق
هو القدر على تنظيم نفسه و تشكيل اعضائه ،كما ان القانون
يحافظ على العلقات التي تجمع افراد التنظيم و يحافظ على
ديمومتها و تقويتها .و المجتمعات التي يسود فيها القانون
يسودها الضبط الجتماعي ايضًا.
الصفة الجماعية
ان حاجة الفرد الى الجماعة كحاجته الى الهواء فهو ل يستطيع
الستمرار في الحياة بدون الجماعة ،لن تعقيدات الحياة تحتم عليه ان
يعاشر الفراد و يرتبط بهم برباط الخوة ،لذا امر السلم ابناءه بحسن
العشرة .و اذا كان للمجتمع تلك الهمية حيث ل تستقيم حياة النسان
و ل تصلح اخلقه ال من خلله فقد وردت النصوص الكثيرة و هي تحث
على اللتزام بالجماعة ،فالحفاظ على المجتمع مسؤولية شرعية و هو
امانة في عنق كل مسلم.
55
هذه الجماعة ل بد و ان تقوم على اسس متينة وهي:
الحياة لم تخلق عبثا فمن الخطأ ان يعتقد المرء بان لهذا الوجود خالق
ثم يقول باللهدفية ،فأينما رميت بصرك فثمة دليل قاطع على هدفية
الكون و الحياة .فلبد ان يكون للدارة هدف و ان يكون هذا الهدف
منسجما مع اهداف النسان في الحياة ،و بالتالي يجب ان تكون هذه
الهداف منصبة في بناء الدارة القوية ،و هنا نجد انفسنا امام دائرة
متكاملة شاملة و هي المعبرة عن الفضائل النسانية و الساعية ايضا
الى تحقيقها في الحياة.
56
نظرية الدارة في السلم
يحدد السلم الغاية من الوجود ،و يوجد التوازن بين الفرد و الوجود و
المجتمع ،باعتبار ان الفرد هو جزء من الكون .و نلحظ في كثير من
اليات القرانية هذا الربط بين الفرد و الكون" ،و ما خلقت الجن و
النس ال ليعبدون* ما اريد منهم من رزق و ما اريد ان يطعمون".1
57
ان اللتزام الخلقي التعبدي العقائدي هو الذي يوجه سلوك العاملين
في المجتمع المسلم في المنطمة الدارية في الدولة السلمية ،ما
يعني وجود ارتباط خلقي وئيق بين المجتمع المسلم و بين المنظمة
الدارية التي تعتبر جزءا ً ل يتجزء منه ،تهتدي باخلق المجتمع و بمبادئ
الشريعة السلمية.
ان روح العداء و النقسام الطبقي بين اصحاب العمل من جهة و بين
العامل من الجهة الخرى غير موجود في السلم .و الحقوق الفردية
الممنوحة للموظف و الواجب الملقى على عاتق الدولة السلمية لجهة
حماية الفراد من الظلم ل يترك مجال للنزاع بين العامل و صاحب
العمل.
58
ان مبدأ الشورى هو علمة بارزة في الدارة ،فمن شأن هذا المبدأ ان
يجعل العامل ايجابيا و فعال مساهما بدور بارز في ادرة مؤسسته ،كما
يجعل المسؤولين في ادارة المنظمات الدارية السلمية ملتزمين به
كفرضية فرضها الله في المجتمع المسلم ،و كأسلوب يشرك الفراد
العمالين في تحمل المسؤولية الدارية مما يشجعهم على العمل و
البذل و العطاء.
لقد ترك السلم كيفية تحديد اسلوب المشاركة من جانب العاملين في
الحكم و الدارة لجماعة المسلمين ،بما يتناسب مع طبيعة العمل و
حجمه و الظروف المحيطة بالمنظمة الدارية.
59
حقا معلوما و ان للعامل حقا معلوما ،و الدولة السلمية ترعى و تنظم
1
هذه العلقة باستمرار
60
ان القيادة في السلم ليست تسلطية تنفرد باتخاذ القرارات و ل
تتركها لمن هم دونها من ذوي الخبرة ،بل ألزم المسلم بالشورى مبدأ ً
ان التدرج الرئاسي للسلطة ل يستند الى وضع طبقي تسلطي في
المجتمع السلمي بل يستند الى درجة المعرفة و مدى فنية العمل .و
لما كان الفراد بتفاوتون بالتالي في مستويات العمل و المقدرة على
ادائه ،فالتدرج الرئاسي في السلم يستند الى تدرج العمال و تفاوتها
في العلم و الدراك و المعرفة.
التخطيط في السلم
61
لقد اهتم بعض المفكرين في مجال الدارة السلمية بالتخطيط ،و يم
يكتف بعضهم باباحته او الحض عليه ،بل اعتبروه فريضة ايمانية ،لن
التفكير عماد التخطيط ،و الفكر مصدر المعرفة ،و المعرفة اساس
1
السلوك السوي في غلقة النسان بالخالق و المخلوق.
يلحظ ان صيغة الخطاب في اليات تحض على العمل ،ان اغلب هذه
اليات قد وردت بصيغة الجمع ،قال تعالى" :و قل اعملوا فسيرى الله
عملكم و رسوله و المؤمنون" 2فالمر عنا جاء بصيغة الجمع.
ان جوهر التخطيط يكمن في الستعداد للمستقبل ،قال الله تعالى " و
اعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل ترهبون به عدو الله
و عدوكم و اخرين من دونهم ل تعلمونهم الله يعلمهم".3
و يعتبر السبتعداد للعمل دليل قويا على ارادة العمل ،كما يعتبر عدم
الستعداد للعمل ،دليل على التخاذل و عدم الرغبة في اداء العمل.
62
التخطيط السلمي يعتمد على منهج عقائدي
ان اسلوب العمل ليس اسلوبا مطلقا ،و انما هو اسلوب مرتبط بارادة
الله ،و اساس هذا المنهج مستمد من قول الله تعالى" :و ل بقولن
لشيئ اني فاعل ذلك غدا ً * اّل ان يشآء الله" 1و المقصود من هاتين
اليتين ،ال يقول النسان عن شيئ اراد عمله اني فاعله غدًا ،بل يحب
ان يربط بين نية العمل و بين ارادة الله ،فل يقول سافعل ذلك غدا ال
في حالة اقترانه بمشيئة الله.2
التنظيم في السلم
1سورة الكهف :اليتان 23،24
2محمد محمود حجازي :التفسير الواضح.
63
خصائص التنظيم الداري السلمي
ان اهم ما يميز هذا البناء التنظيمي هو انه ل يبقيد بنمط محدد،
او هيكلية تنظيمية معينة اذ ان هذا البناء التنظيمي مرن بحيث
انه يمكن ان يتغير بتغير الظروف .ال ان هذه المرونة ل تعني
النفلت من الضوابط ،بل انها مشروطة بعدم تجاوزها او
تعارضها مع المبادئ و السس السلمية العامة.
64
المعيار الثاني هو ارتباط البناء التنظيمي بالبيئة
السلمية.
مبدأ المساواة ،قال الله تعالى " يا ايها الناس انا o
65
1
من هنا نرى ان النسان قد اقر اكرمكم عند الله اتقاكم"
بمبدأ المساواة ،و هذه المساواة ترتكز على مبدأ اخر هو
مبدأ الخوة و قد بّين السلم ان اساس التمييز بين البشر هو
التقوى.
مبدأ العدل ،قال الله تعلى " و اذا حكمتم بين الناس o
2
و لم يقف المر لدى المدرسة السلمية ان تحكموا بالعدل"
في التنظيم الداري عند حد ّ اقرار المبدأ و تطبيقه و انما
بلغت هذه المدرسة حدا ً ابعد من ذلك اذ اعتبرت ان مخالفة
مبدأ العدل ظلم ينبغي تحاشي الوقوع فيه.
ضوابط التنظيم
66
لقد وضح المسلمون عدة ضوابط للتنظيم الداري السلمي تكفل
تحقيق الهدف بكفاءة تامة ،و هذه الضوابط ل تصل الى درجة المبادئ
التي ل يمكن مخالفتها و انما هي جزئيات غير منصوص عليها في كتاب
الله عز و جل و ل في سنة رسوله )ص( ،و الغرض منها هو تحقيق
حسن اداء العمل .بغض هذه الضوابط على سبيل المثال ل الحصر:
ان الله يأمركم ان تؤدوا المانات الى اهلها و اذا حكمتم بين
الناس ان تحكموا بالعدل" 1يعتبر السلم السلطة امانة
استودعها الله عز و جل لدى بعض الناس ،هذه المانة
تقتضى مسؤولية الداء.
67
البناء ليتغير الشكل و تتطور اللية مع المحافظة على
المضمون.
و اطمئنانه الكامل اليها ،و ثقته فيها و تصديقه بها ،و كذلك
ايمانه بالمنهج و بالهداف و الغاية التي يسعى اليها ذلك
المنهج.
68
مجرد القراءة و الكتابة .فتدبير المور و تفهم الحداث و
الوقوف على حقيقة المجتمع الذي يحيط به و الهتداء للخق،
كل ذلك من العلم المفيد.
و هذه الشروط تتعلق بذات القائد مباشرة و لكنها تعد شرطا للقيادة
السلمية و هي:
69
العداد ،ان عملية العداد تستمر من المهد الى اللحد، o
التصالت في السلم
مما ل شك فيه انه كان للتصالت اهمية كبرى في النظام السلمي ،و قد
برزت اهمية التصالت في شتى مجالت الدارة السلمية.
فرناس عبد الباسط البنا :التنظيم بين الدارة السلمية و الدارة العامة. 2
70
الساس الفلسفي للرقابة الدارية في السلم ينبع من مفهوم المسؤولية
الفردية و المانة و العدل ،فالسلم يأمر العامل بأداء المانة ،و الوظيفة
امانة ،و ان اداء المانة يفرض على المسلم العامل بن يتقي الله في عمله
و ان يحاسب نفسه قبل ان يحاسب غيره.
إن عملية الدارة ككل ،سواء كانت الدارة عامة أو خاصة ،تتكون من
عمليات التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والرقابة ،وهذا يقّلل من
قيمة الفروق الموجودة.
إن أسلوب الدارة الذي كان يتبعه علي بن أبي طالب )ع( نابع من فلسفة
السلم التي تختلف في نظرتها إلى الكون والحياة عن نظرة العلوم
المعاصرة ،كما أن المستوى التنظيمي الذي بلغه المسلمون في العهد
الول لدخول السلم كان متقدما ً جدا ً إذا ما أخذنا في العتبار مقدار حاجة
71
ذلك العصر ،الذي كان يتمّيز بالبساطة والخلو من التعقيدات التي نشهدها
في عالم اليوم ،إلى التنظيمات.
إن الوقوف على أرضية لفهم ابعاد حكومة المام علي)ع( ورصد
استراتيجيته وايديولوجيته وفق المعطيات التاريخية يوقفنا على حقيقة أن
الحكومة في عهده كانت حكومة دينية متكاملة تعتمد على الرؤية اللهية
الشمولية لبعاد الكون والنسان والحياة وانه ل مجال لحكم العقل النظري
والعملي بدون الرجوع إلى النص القرآني والنص النبوي وهذا ل يعني
بالضرورة عدم إعمال الستشارة والخبروية البشرية من قبل المتخصصين
في تلك الدولة وخصوصا ً في المجال العسكري والداري حممميث تضمنت
الوثيقة التي بعث بها المام علي)ع( إلى مالك الشتر )رض( والي مصر
أهم الفكار والمفاهيم السياسية والقتصادية وشؤون الحكم والدارة بل
من أهم الركائز الفكرية والسياسية والدارية التي بعث بها رئيس دولة إلى
أحد ولته .والمام )ع( وإن خاطب واليه الشتر بهذا العهد وبّين له الطار
فل بإرساء حكومة العدل اللهي في ظ ّ
ل القوانين السلمي الذي يتك ّ
والنظم السلمّية ،إل ّ أ ّ
ن الواقع يفيد شمول هذا العهد لكاّفة الفراد وفي
ك ّ
ل عصر ومصر .وقد تضمن هذا العهد رسم الخطوط العريضة للسياسة
العامة التي يجب أن ينتهجها الحكام في كل عصر على أساس المنطلقات
النسانية السلمية التي تهدف إلى تنظيم الحياة السياسية والجتماعية
والقتصادية تنظيما ً دقيقا ً وبناء العلقات الداخلية في المجتمع السلمي
على أساس العدل والحرية والمساواة سواءا ً كان تعامل الحاكم مع
الشعب أو مع رجال السلطة وفق سياسة تكفل للجميع الستقرار
والتقدم ،وكما يوضح أسس العلقات الخارجية مع العدو والصديق بشكل
يحفظ للمة كرامتها وعزتها واستقللها التام .والذي يمكن ملحظته في
الدولة التي تشكلت في عهد المام علي)ع( هي دولة قائمة على النظام
المركزي وهو خضوع المرؤوس للرئيس وتلقي تعليماته وتنفيذها من جهة
أخرى لكن طبيعة الدولة في ذلك الوقت لم يكن يشبه الدولة كما هي
عليه الن نظرا ً لن القليم الممتد عبر مئات أو آلف الكيلومترات لم يكن
من السهل إيجاد وحدة متماسكة في الدولة الكبيرة ولن النظام الجديد
72
والتصالت وانعدام الوسائل المطلوبة كان أحد السباب الرئيسية مما لم
يم ّ
كن الحكومة من إعطاء تعليماتها في كل لحظة للمرؤوسين والولة
والموظفين الحكوميين ،لذا فقد كانت الدولة السلمية تعتمد نظام
اللحصرية أو عدم التمركز بحيث يتمتعون العمال الموظفون بصلحيات
واسعة جدا ً تخولهم اتخاذ القرار السياسي ولكن الخليفة يستطيع أن
يتدخل في كل وقت في هذه الصلحيات ومن هنا فهي -الدولة -تختلف
عن نظام الل حصرية الحديثة تكون صلحيات السلطة المحلية أوسع بكثير
مما هي عليه اليوم ثم هي غير ثابتة لن الخليفة يستطيع التدخل فيها
عندما يشاء .فالدولة كانت أشبه بالكونفدرالية لكنها وحدوية تخضع لنظام
تشريعي مركزي من قبل الحكومة الموجودة في العاصمة ،وكذلك يوجد
تراتب هرمي تسلسلي فالسلطة تتمثل في خليفة المسلمين وهو المام
علي)ع( الذي يصدر القرارات التشريعية ثم تنزل إلى السلطة التنفيذية
والقضائية ثم إلى بقية المؤسسات والدنى فالدنى.
وإن من أهم الصعوبات التي تواجه الحاكم بعد توليه زمام المور هي
مسألة تشكيل الوزارة وتوزيع الحقائب الوزارية في الدولة وتطعيم
مؤسسات الدولة بالعناصر الكفوءة المختلفة والقادرة على تصريف المور
لذلك كان على المام علي)ع( أن يغير البناء السياسي والتشكيلة الوزارية
التي كانت من قبله .فاعتمد على عزل العناصر الفاسدة واستبدل مكانها
العناصر المؤمنة واصحاب السمعة الجيدة في الوسط الجتماعي
والسياسي والذين كان لهم بعد ذلك دور كبير في دولته وحكومته أمثال
مالك الشتر ،ثم انه من الركائز الخرى التي انتهجها هو عدم انحجابه عن
الناس والمؤمنين والجلوس لسماع مشاكلهم مع السلطة والموظفين مما
يكون ذلك سببا ً للمتابعة فضل ً عن وضع شرطه سرية ترصد حركات
الموظفين والعمال الحكوميين مما يساعد المام على سياسة العزل
والتنصيب وأيضا التأمين الجتماعي للعاطلين والعاجزين عن العمل بحيث
يصرف لهم من بيت المال راتبا ً شهريا ً وانعاش القتصاد عبر نظام
اقتصادي يتيح للفرد التملك ضمن سياسة إحياء الراضي فكان المام
علي)ع( يشجع على التنمية القتصادية والزراعية فضل ً عن إلغاء
73
المحسوبية والرشوة والطرق الملتوية في نظام الحكم الجديد واعتماده
على المساواة وإلغاء الحواجز العنصرية في سبيل مجتمع متكامل.
74
الخلصة
اذا ما اغنانا ان نضع السلم و الفكر السلمي امام فكر معاصر من اجتهاد
البشر لنقارنه به ،ذلك لن معنى جعل الفكر البشري مقابل ً للسلم لنقيم
مقارونه بينهما هو اننا رفعنا الفكر البشري الى مرتبة الفكر الرباني و ل
نرى نصرا و سعادة في هذه المقارنة بأن يفوز الفكر البشري لن فوزه
على فكر بشري ل يعطيه ميزة جديدة كان يفتقدها.
ال ان واقع الحياة التي نعيشها و النظم التي تحكمنا و الفكار الغربية التي
غزتنا و وسائل اعلمها و دعايتها و نشرها التي تهيأت لها من جهة ،و خلو
اذهان و نفوس المسلمين من معرفة حقيقة الفكر السلمي من جهة
اخرى ،هي التي اضطرتنا الى ان نقارن بين السلم و الفكر المعاصر ،ثم
ننعت الفكر السلمي بنعوت هي في الواقع من صميم معدنه ،و لكننا
نعزوها للفكار المعاصرة ،فنقول مثل ان السلم اشتراكي القتصاد او ان
السلم ديمقراطي الحكم او ان الدارة في السلم اقرب الى حركة
العلقات النسانية منها الى حركة الدارة العلمية .و يجب ان نتنبه الى
امرين:
75
ان كل اجتهاد هو جزء من الشريعة التي تتسع باستمرار لكل ما
يصلح شؤون المسلمين في الدنيا و الخرة.
76