Professional Documents
Culture Documents
ورقة عمل
القاهرة
أكتوبر 2004
1
مع بداية القرن الواحد والعشرين وفى ضوء مفهوم جديد هو العولمة ,فإننا نجججد
أن تحقيججق التنميججة المسججتدامة أصججبح مؤشججرا رئيسججيا لسججتمرار البشججرية كمججا
أصبحت أبعاد التنمية المختلفة تمثل أولوية من أهم الولويات على جدول أعمال
معظم دول العالم التى تعمل من أجل إصلح وتحديث مجتمعاتها .وتشججمل أبعججاد
التنميججة المسججتدامة المختلفججة :البعججد القتصججادى ,والسياسججى والجتمججاعى,
والثقافى ,والبيئى.
ومن أهم التحديات التى يواجهها العججالم اليججوم هججى قضججية الحفججاظ علججى الججبيئة
وتنميتها من أجل تحقيق مفهوم التنمية المستدامة ,ولججو أمعنججا النظججر ,فسججوف
نكتشف أن الوجه النسانى يطل من وراء قضايا البيئة وأن منظومة القيججم الججتى
يضيفها النسان على نفسه وعلى حياته وعلى من يحيطون به مججن بنججى البشججر,
هى التى تجعل مججن هججذه الظججواهر الطبيعيججة قضججايا أو مشججكلت إنسججانية يبججذل
النسان جهودا مضنيا لحلها وينفق من جهده وفكره وطاقاته البداعية لكى يبججدع
حلول لها ,فموضوع البيئة باختصار هجو موضجوع الحيجاة علجى هجذا الكجوكب ,فجى
صورتيها الطبيعية والبشرية فالحياة تقوم على البيئة الطبيعية والجتماعيججة ,فججى
مقوماتها الذاتية وفى علقتها الوظيفية بصفة أساسية ذلججك أن مسججتوى العلقججة
بين البيئتين ,ونوع تلك العلقة هما اللذان اعطيا للحياة معناها الحضارى.
إن جميع القضايا البيئية مرتبطة ارتباطا وثيقا بسياسات وممارسات التنمية فلججم
يعد الدراك البيئى مسألة رفاهية وشروط لحياة مثلى ,بججل مسججألة حياتيججة هامججة
فى حياة النسججان لهججا بعججدها القتصججادى والجتمججاعى والججتربوى للسججكان .وهججذا
الموضوع ليس بجديد على النسان وذلك لن الحفاظ علجى الجبيئة كجان الشجغل
الشاغل للنسان منذ بداية الخليقة ولكن الظاهرة الجديججدة هججى اكتسججاب الججبيئة
مسميات لقضايا كانت موجودة بالفعججل مثججل الدارة المسججتدامة للججبيئة ,التنججوع
الججبيولوجى ,التصججحر ,التخلججص مججن النفايججات الكيماويججة ,إعججادة تججدوير النفايججات
الصلبة ,ارتفاع درجة حرارة الرض ,الطاقة المتجددة ,المحميات.
وإن نجاح التنمية المستدامة بيئيا يتطلب حسن الدارة البيئية للمشاريع النمائيججة
بحيث يدمج محور الحفاظ على البيئة فى هججذه المشججاريع وايضججا اجججراء التقييججم
البيئى المستمر للمشاريع التنموية كما يتطلججب وجججود قججانون بيئى رادع والعمججل
علججى إنشججاء مؤسسججات معنيججة بشججئون الججبيئة ونشججر الججوعى الججبيئى والتربيججة
والتدريب ,فالوعى بأهمية الحفاظ على البيئة والتثقيف البيئى يجب أن يتلقاهمججا
2
الطفل منذ الصغر عن كيفية حب وتقدير الججبيئة وجمالهججا والعنايججة بهججا والحفججاظ
على نظافتهجا وحمايجة مقوماتهجا بالضجافة إلجى ضجرورة إدمجاج مفهجوم التثقيجف
البيئى ضمن المناهج الدراسججية ,وهججو مفهججوم حججديث نسججبيا وبججرز نتيجججة تفاعججل
مفهومى التربية والبيئة وهو اليوم يشكل اتجاها وفكرا وفلسفة.
وهنجا نسجتطيع أن نؤكجد أن الجبيئة تعجد أكجثر محجاور التنميجة المسجتدامة ارتباطجا
بالعلم ,فللعلم دور مهم لتوعية القاعدة العريضة من الجماهير بمججا لهججم ومججا
عليهم فى هذا المجال ,لن دور المتفرج هنجا مججدمر وخطيججر فجى نفجس الججوقت,
فاذا لججم يكججن النسججان هججو الضججحية فججى بدايججة المججر فل منججاص مججن أن الضججرر
سيلحقه اجل أم عاجل.
والجدير بالذكر هنا أن العلم فى الماضى كان يلعب دورا تقليججديا يقتصججر فقججط
على نقل المعلومة أو إبراز القضية او تغطية الخججبر ,ولكننججا حيججن نتحججدث اليججوم
عن العلم ,فإننا نقصججد العلم بمفهججومه الحججديث أى العلم التنمججوى باعتبججاره
شريكا اساسيا فى تحقيق التنمية من خلل مشججاركته فججى وضججع وتنفيججذ وتقييججم
الخطط التنموية وذلك عن طريق ماتمثله وسائل العلم من ثقججل ومججا تسججتطيع
أن تقدمه وتقوم بتنفيذه من مبجادرات إعلميجة وحجوارات شجعبية مجن الممكجن
ليس فقط أن تجججذب انتبججاه أفججراد المجتمججع ,ولكججن ايضججا تنقججل اهتمامججات هججذا
المجتمع الى صانعى القرار وواضعى خطط التنميججة ,بحيججث يشججعر أفججراده أنهججم
مسئولون ومشاركون فى المشاريع التنمويججة ,وبججالطبع هججذا هججو أفضججل ضججمان
للتقدم ولستمرارية العمل الجدى ,بالضججافة الججى دور العلم فججى نشججر الدراك
والمعرفة وإبداء رأيه المحايد وإبراز التجججارب والممارسججات الناجحججة لخلججق رأى
عام واع يستطيع أن يتصدى لمختلف المشاكل التنموية ,ويسهم فى حلها على
أسس علميججة .فججالعلم التنمججوى هججو إعلم متخصججص يخججدم قضججايا بعينهججا مثججل
العلم القتصججادى ,العلم السياسججى ,العلم الخججاص بقضججايا تمكيججن المججرأة,
العلم البيئى وهو أكثر فروع العلم التنموى حاجة لللمام بكججل محججاور التنميججة
الخرى.
وإذا كنا بصدد العمل على إحداث إصلحا بيئيا والرتقاء بالمستوى البيئى وتعميق
أهداف التوعية البيئية من أجل زرعها فى سلوك عامة الناس ،فإن هججذا يقتضججى
تعزيز كفاءة العلم حتى يتسنى له القيام بهذا الدور على الوجه الكمل.
3
فإذا عمل التنمويون على تعزيز قدرات العلم لتقججديم تغطيججة أكججثر عمقجا ً وتحليل ً
لقضايا التنمية عامة وقضايا البيئة على وجججه الخصججوص ،يمكننججا نشججر قضججايا أكججثر
حساسية وطرحها لعامة الشعب ،ليستفيد منهججا ليججس فقججط المشججاهد والمسججتمع
والقارئ ،ولكن أيضا ً العلمييججن ،ومقججدموا البرامججج والصججحفيون ،حيججث تزيججد مججن
معرفتهم وتأثيرهم على المجتمع بشكل إيجابي.
وللوصول إلى هدفنا فإننا نقترح فى الجزء التالى بعض المقترحات الججتى تمكننججا
من تحقيق مجا نطمجح إليجه مجن خلل إتبجاع المنهجج السجابق والجذى يعتمجد علجى
الشراكة مع العلم.
إن الهدف من هذا النشاط هو تكوين شبكات إعلمية تعمل على نشججر وتطججوير
الوعى بالقضايا البيئية على المستوى الوطنى والقليمي وذلك عن طريججق رصججد
وتبادل المعلومات حول الدارة الجيدة للبيئة وتشجيع تبججادل الخججبرات والتجججارب
بين أعضاء الشبكات وتأهيل العاملين فى مجال العلم على إسججتخدام الوسججائل
التقنية الحديثة مثل النترنت وخلق كوادر إعلمية متميزة تستطيع المشاركة فى
النشاطات التنمويججة المختلفججة .بالضججافة إلججى تشجججيع العلمييججن الججبيئيين علججى
إعداد برامج علمية ودينية تحث على حماية البيئة والمحافظة عليها.
وتكوين هذه الشبكات يتم من خلل وضع عناصر تحدد معايير إختيار العلمييججن
الذين سوف ينضمون إليها مثججل )الخججبرة-السججن-التنججوع فججى التمثيججل العلمججى-
التوازن فى الختيار بين العلميين والعلميات 0000إلخ(
إن أحد وسائل تعزيجز قجدرات العلم هجو العمجل علجى تنظيجم الجدورات التدريبيجة
للعلميين للتعرف على القضايا والمصطلحات البيئية المختلفة مع التججدريب علججى
التحليل المتعمق لتلججك القضججايا وإقججتراح الحلججول لهججا .هججذا بالضججافة إلججى تنظيججم
المشاورات العلمية البيئية التى ترتكز على الحوار كوسيلة للتعلم ونقل المعرفججة
والتى يحضرها العلميون من جهة والعاملين فى مجالت التنمية من جهة أخججرى.
ولتلك المشاورات ثلث خصائص رئيسية ،هي :الحوار وتركيججز الفكججار والشججراكة،
بالضافة إلججى أن العلمييججن يمكنهججم التججدخل فججي الحججوار وفججي إقججتراح الحلججول
والربط بين الخبراء وصّناع السياسات البيئيين والمواطن العادي.
الهدف هنجا الجترابط والتواصجل بيجن العلم علجى المسجتوى الجوطنى والقليمجي
ومنظمات التنمية الدوليججة وفروعهججا القليميججة ومؤسسججات العلم الغربيججة ،مججن
أجل العمل على تبادل الفكجار علجى المسجتوى المحلجي ،حيجث يتجم الربجط بيجن
المنظمات من أجل تنسيق جهودهججا .ويهججدف هججذا المنهججج إلججى تشجججيع التعججاون
القليمي ،من خلل الربججط بيججن العلم والمنظمججات الحكوميججة وغيججر الحكوميججة
4
الناشطة في مجال قضججايا الججبيئة ،كمججا سجيعمل علججى التنسججيق بيججن جهججود هججذه
المنظمات ومسئولى إتخاذ القرار علججى المسججتوى الججوطنى والقليمججي والججدولى
من أجل الوصججول إلججى أفضججل النتججائج لتنفيججذ السججتراتيجيات العلميججة الخاصججة
بتفعيل الوعى البيئى.
فدور العلم فى خلق الوعى البيئى يرتكز أساسا :المسججتوى الفججردى )المججرأة-
الطفل -الشباب( عن طريق تغيير نمط السججلوك الفججردى وتطججبيع عججاداته تجججاه
البيئة والمجتمع ,وفى هذا الصدد ,تعد برامج التليفزيججون والراديججو بالضججافة إلججى
وسائل التقنية الحديثة )النترنت( من أكثر الوسائل فاعلية فى مخاطبججة وتوعيججة
هجذا القطجاع المسجتوى الجتمجاعى مجن خلل التجأثير علجى صجانعى السياسجات
ومخاطبتهم مع إبراز قضايا البيئة ومشاكلها والبحججث عججن الحلججول المناسججبة لهججا
وتعد الصحف من أكثر الوسائل نجاحا للتأثير على صانعى القرار من أجل العمل
على تغيير السياسجات ,رصجد ومراقبجة المشجاكل البيئيجة وتقييجم للعمجل الجبيئى
ككل.
ول جدال أن وسائل العلم المختلفة فى المنطقة العربية لعبت ومازالت تلعججب
دورا هاما فى نشر الدراك والمعرفة لتغييججر مفججاهيم المجتمججع وسججلوكياته تجججاه
قضايا البيئة من خلل المنابر والمنتديات المختلفة ومن خلل قطاعات المجتمججع
المدنى .وفججى هججذا الصججدد ,فقججد تججم تأسججيس المنتججدى العربججى العلمججى للججبيئة
والتنمية AMFEDفى عام 1998بهدف العمل على نشر وتطوير الججوعى الججبيئى
والتنموى ورصد وتبادل المعلومات حججول وضججع الججبيئة والتنميججة المسججتدامة فججى
الوطن العربججى ,كججذلك العمججل علججى تأهيججل العججاملين فججى مجججال العلم الججبيئى
والتنموى من خلل استخدام الوسائل التقنية الحديثة ,ودعم التعاون مججع الهيئات
والمنظمات والبرامج العربية والدولية المهتمة بقضايا الججبيئة والتنميججة ,بالضججافة
إلى العمل على تنسيق المواقف العربية فى اللقاءات والمجؤتمرات تججاه قضجايا
الججبيئة والتنميججة .ويعمججل المنتججدى مججن خلل أعضججائه مججن العلمييججن وجمعيججات
العلم الججبيئى والتنمجوى فجى المنطقججة العربيججة )مصجر ,الردن ,لبنجان ,سجوريا,
المغرب ,تونس ,اليمن ,فلسطين ,المارات( ,تضم هذه الجمعيات مجموعة مججن
العلميين المهتمين بخلق رأى عام حول أهمية تحقيق التنمية البيئية المتواصلة.
وخلصة المر ,إن البيئة والعلم هما وجهان لعملة واحدة ,فمنذ دخول مشكلت
البيئة قاموس التحديات التى يواجهها النسان المعاصر ,دخلتججه فججى وقججت واحججد
مع حقوق النسان حتى أصبح حق النسان فى بيئة نظيفة يساوى حقه فى حيججاة
حرة كريمة خالية من المرض والفقر والعوز ,وحقه فججى طعججام صججحى ومسججكن
نظيف.
ونظرا للتعقيد الشديد الججذى طججرأ علججى قضججايا الججبيئة نتيجججة التطججور القتصججادى
والجتماعى والصناعى الحالى فى المنطقة العربية وخطججورة المشججاكل البيئيججة
التى تعانى منها ,وفى ظل الرادة السياسججية العربيججة الججتى تهججدف الججى الصججلح
والتحديث ,فإن العلم العربى ينبغججى أن يعطججى المحججور الججبيئى أهميججة قصججوى.
فكلما أسهمت أجهزة العلم فى تأصيل دورها البيئى فى المجتمججع كججان حصججاد
ذلك مزيد من الحيطججة والحججذر والججوعى الجتمججاعى .فالرتقججاء بججالبيئة وحمايتهججا
أمرا لججن يتحقججق دون الججدعم الكامججل والتعججاون والشججراكة بيججن جميججع قطاعججات
المجتمع ول سيما العلم.
5
6