You are on page 1of 18

‫‪ 1‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..

‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫أحد الكاتب‬

‫الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة‬


‫و نوذج للديوقراطية الشعبية‬ ‫‪..‬‬
‫عناوين جانبية‪:‬‬
‫مصدر قوة الرجعية‪ :‬العتماد على الشعب وتبن مطالبه العادلة‬
‫الرجعية لعبت دورا كبيا ف تذيب الدولة الصفوية و ألزمت اللوك بالتقيد بالشريعة السلمية‬
‫الوزة ساحة حرة ومفتوحة لطلب العلم ترفض النظام وترب من الدولة‬
‫الرجع العلى ينتخب من الشعب ول ير بؤسسة ول يعي بقرار‬
‫تبلورت ف القرون الخية أعراف وتقاليد حصرت عملية (التقليد) ف شخص واحد مدى الياة وأعطته نوعا من‬
‫الولء السياسي‬
‫تعاظم الدور السياسي للفقهاء ف ظل انعدام الدولة الشيعية الشرعية‬
‫استمد الفقهاء الشيعة شرعيتهم الروحية والسياسية من‬
‫نظرية النيابة العامة للمام الهدي‬
‫المام الصادق يأمر كبي الفقهاء الشيعة ببيع التمر على باب مسجد الكوفة‬
‫فقهاء كبار يفتون بعدم وجوب إخراج المس ف (عصر الغيبة)‬
‫ماهو دور بازار طهران ف عملية انتخاب الرجع العلى؟‬
‫الصادر الالية الجهولة تغطي اليادي الشبوهة ف حواشي بعض الراجع‬
‫الصلحيون يطالبون بتسجيل الوارد والصادر وتنظيم رواتب الطلبة والوكلء‬
‫تلعب الرجعية الدينية الشيعية دورا مهما ف الياة الثقافية والسياسية ف الجتمعات الشيعية ف أكثر من بلد ف‬
‫الشرق الوسط وف سائر أناء العال ‪ ،‬حيث أصبحت الرجعية الدينية دولة حاكمة ف ايران او دولة فوق الدولة‬
‫او داخل الدولة ‪،‬كما قد يلو للبعض وصفها ‪ ،‬ف بلد اخرى‪.‬‬
‫‪ 2‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫وقد اكتسبت قوتا من اعتمادها على الشعب ف مصادر تويلها وانتخابا وتناغمها مع الطالب الشعبية وماربتها‬
‫للديكتاتورية والستبداد‪ .‬ولعلها تشكل أفضل نوذج على الديوقراطية الشعبية والؤسسات الدنية الت كانت‬
‫تزخر با الياة السلمية قبل ان تطم موجة الداثة الغربية الت عمت العال السلمي ف القرن الاضي متلف‬
‫مؤسسات الجتمع الدن لصال قيام الدول العسكرية الستبدة‪.‬‬
‫صحيح ان الدول السلمية ل تعرف ف تاريها الطويل أنظمة ديوقراطية مشابة لا هو موجود ف الغرب ‪،‬‬
‫ولكنها عرفت ترك الجتمع على ضوء قيم العلم والتقوى بعيدا عن مور الال والقوة ‪ ،‬وانتاج قيادات شعبية تقوم‬
‫بدور الدولة او موازية للدولة ف الفهوم الديث ‪ ،‬وكانت الرجعية الدينية الشيعية واحدة من الؤسسات الت‬
‫أفرزها الجتمع السلمي ف مواجهة اليمنة السلطوية ومن أجل تديد طغيانا‪ .‬وقد لعبت الرجعية الشيعية دورا‬
‫كبيا ف تذيب الدولة الصفوية الت قامت ف ايران ف القرن الامس عشر ‪ ،‬وألزمت اللوك الصفويي الذين كانوا‬
‫يصطرعون على السلطة ‪ ،‬بالتقيد بالشريعة السلمية واحترام حقوق الناس ‪ ،‬وذلك عن طريق اعطائهم الجازة‬
‫للحكم بالنيابة عن الفقهاء‪.‬‬
‫وكان اللوك اليرانيون خلل القرون المسة الاضية يتدخلون أحيانا ف عملية تنصيب بعض الفقهاء كشيوخ‬
‫للسلم ويقدمون لم الدعم الال والوقاف الشرعية ‪ ،‬ولكن مسية الفقهاء عموما كانت مستقلة عن اللوك‬
‫بسبب طريقة انتخابم عب الناس وعدم اعتمادهم على تنصيب اللوك لم ‪ .‬ومن هنا كانت الرجعية الدينية ‪،‬‬
‫بصورة عامة ‪ ،‬مستقلة عن الؤسسات الرسية ورافضة ليمنتها الالية والدارية والثقافية والسياسية ‪.‬‬
‫كان طالب العلم الشيعي يفضل حياة التقشف وتمل الوع على حياة الدعة والرغد ف سبيل الحافظة على‬
‫استقلله الفكري والعملي ‪ ،‬ويتجنب جدا الدخول ف الوظائف الرسية ‪ ،‬وأخشى ما يشاه ان يسب على حاشية‬
‫أحد السلطي‪.‬‬
‫كيف يصبح طالب العلم مرجعا؟‬
‫يضي طالب العلم الدين ف الوزة بضع سنوات يتعلم فيها اللغة العربية والصول والفقه والديث ‪ ،‬حسب‬
‫الكتب القررة ‪ ،‬ث يدخل حلقة أحد الفقهاء الذين يدرسون (خارج الكتب) اي يلقون ماضرات متخصصة ف‬
‫الفقه والصول ‪ ،‬وبعد ان يدرس بضع سني اخرى يصبح متهدا ‪ ،‬ويعطيه استاذه (اجازة) ف الجتهاد ‪ ،‬فيبدأ‬
‫بتشكيل حلقة خاصة من الطلب الدد ‪ ،‬ويتدرج ف سلل التدريس ‪ ،‬فتشيع سعته وينتشر صيته ف الوساط‬
‫العلمية ث ف الوساط الشعبية عن طريق طلبه ‪ ،‬فيقبل عليه الؤمنون ويستفتونه ف مسائلهم الشرعية ويقدمون اليه‬
‫أخاسهم وزكواتم ليوزعها على طلبة العلوم الدينية والحتاجي والفقراء وسائر النشاطات التبليغية والثقافية ‪،‬‬
‫ويقوم الوكلء الذين ينتشرون ف الدن والقرى والرياف بالدعوة ال ذلك الراجع والشهادة بأعلميته وجدارته‬
‫‪ 3‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫للمرجعية ‪ ،‬وهكذا يصبح مرجعا دينيا لقطاعات واسعة من الشيعة عب الدود الدولية والقومية ‪ ،‬ويتمتع بكانة‬
‫روحية عالية تؤهله لتبوء منصب الرجع الدين العلى للطائفة الشيعية ف العال ‪ ،‬دون ان ير بؤسسة دينية خاصة‬
‫او يظى بقرار من رئيس معي او دائرة معينة ‪.‬‬
‫وعادة ما تبز أساء عدد من الراجع الشباب بعد وفاة الرجع العلى السابق ‪ ،‬وتتم عملية انتخاب الرجع‬
‫العلى الديد بصورة صامتة وهادئة وشعبية وعملية من دون صناديق اقتراع او ضجة إعلمية ‪ ،‬وانا من خلل‬
‫ترشيح الطلبة وعلماء الناطق الختلفة الذين يعلنون تأييدهم لرجع معي ويطلبون من عامة الناس تقليده‪ .‬ويدث‬
‫أحيانا كثية ان ينقسم العلماء وطلبة العلوم الدينية بي عدد من مراجع التقليد هنا وهناك ‪ ،‬وقد يلعب الوت‬
‫عامل حاسا ف تصفية الساحة وإبراز واحد معي يصبح الرجع العلى لبضع سنوات‪.‬‬
‫ويبدأ الرجع عادة بالنول ال الساحة بعد حل لقب (آية ال) ونشر فتاواه ف (رسالة عملية) والرسائل العملية‬
‫تضم الفتاوى الت يتاجها القلدون ف متلف البواب العبادية والعاملت والعقود ‪ ،‬وهي تتشابه ال حد كبي ول‬
‫تتلف ال ف أمور بسيطة من حيث شدة الحتياط او التساهل والتبسيط ‪ ،‬وعادة ما تدور حول أمور بثها‬
‫الجتهد مع تلمذته بشكل استدلل ولكنها تقدم لعامة الناس بصورة موجزة ومتصرة ومردة من الدلة‬
‫التفصيلية‪.‬‬
‫ويشترط ف مرجع التقليد أمور أبرزها الفقه والعدالة والياة ‪ ،‬وقد اضاف اليها القائلون بولية الفقيه شروطا‬
‫أخرى كالشجاعة والكفاءة والوعي السياسي والقدرة على الدارة والتدبي ‪ ،‬وهي شروط تتعلق بدور القائد‬
‫السياسي أكثر ما تتعلق بدور الفقيه‬
‫نواة الرجعية‬
‫لقد كان الشيعة ف القرون السلمية الول يرجعون ال أئمة أهل البيت يستفتونم ف مسائل اللل والرام ‪،‬‬
‫واشتهروا بالعفرية نسبة ال المام جعفر بن ممد الصادق الذي عاش ف النصف الول من القرن الثان‬
‫الجري ‪ ،‬وبعد حقبة أهل البيت كان الشيعة يأخذون العلم من أي فقيه او راو دون تديد او حصر ف شخص‬
‫معي قبل ان تتبلور ف القرون الخية أعراف وتقاليد قننت عملية (التقليد) وحصرته مدى الياة ف شخص معي‬
‫وأعطته نوعا من الولء السياسي والقيادة العامة‪ .‬وقد بدأت هذه الالة الديدة منذ قرني تقريبا عندما تكونت‬
‫(الرجعية) بشكلها العروف اليوم‪.‬‬
‫ل يكن (الراجع) قديا يقومون بباشرة العمل السياسي وانا كانوا يكتفون ببيان الحكام الشرعية فقط ‪،‬‬
‫ولكنهم تدرييا أخذوا ينغمسون ببعض العمال الجتماعية من باب السبة ‪ ،‬وقد تعاظم الدور السياسي‬
‫‪ 4‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫للفقهاء الشيعة ف ظل انعدام الدولة الشيعية الشرعية ‪ ،‬أو عدم اعتراف الرجعية الدينية بالدول القائمة‪ .‬وبرز لول‬
‫مرة الدور الؤثر للمراجع ف أواخر القرن التاسع عشر عندما قام الرجع الدين العلى اليزا ممد حسن الشيازي‬
‫الذي كان يقيم ف مدينة سامراء ف العراق ‪ ،‬بإصدار فتوى ترم استعمال التبغ (التنباك) بأي شكل من الشكال‬
‫زراعة وتارة واستعمال ‪ ،‬من أجل إلغاء اتفاقية تارية حصرية وقعها شاه ايران ناصر الدين القاجاري مع شركة‬
‫بريطانية عام ‪ .1890‬ث برز الدور الكبي لفقهاء النجف ف حركة الشروطة (الركة الدستورية الديوقراطية) الت‬
‫نحت ف فرض الدستور ف ايران عام ‪ ، 1906‬وقام علماء الشيعة بعد ذلك بقاومة الحتلل البيطان للعراق‬
‫ف الرب العالية الول وقيادة ثورة العشرين التحررية‪.‬‬
‫استمد الفقهاء الشيعة شرعيتهم الروحية والسياسية من كونم (نوابا عامي عن المام الغائب الهدي النتظر) وهو‬
‫ما سح لم بإعطاء الوكالة للملوك الصفويي للحكم باسهم منذ القرن الامس عشر ‪ ،‬ث سح لم بمارسة الولية‬
‫العامة وتنفيذ الدود وجباية الخاس والزكوات وتطبيق الشريعة السلمية وإعلن الثورة والهاد بصورة مستقلة‬
‫وبعيدا عن موقف الدول القائمة وإرادتا او ف مواجهتها ‪ ،‬المر الذي أعطى انطباعا خاصا عن الرجعية الدينية‬
‫الشيعية بأنا دولة فوق الدولة او داخل الدولة ‪ ،‬خلفا للمرجعية الدينية السنية الت اعتادت على أداء دور معي ال‬
‫جانب السلطة الدنية وضمن مؤسسة معترف با ومعترفة بالسلطة ‪ ،‬غي منافسة ول طامة للستيلء على السلطة‬
‫او الكم باسم الدين ‪.‬‬
‫وبالرغم من تطور الرجعية الدينية الشيعية وتأسيسها للجمهورية السلمية ف ايران ‪ ،‬ال انا ل تذب ف مؤسسات‬
‫الدولة حيث ظلت مافظة على استقللا وهيمنتها على مؤسسات الدولة ‪ ،‬وعلى استقللا السياسي ومواردها‬
‫الالية الشعبية الاصة‪ .‬وقد استمر المام الراحل المين وخليفته الامنئي بمارسة دور الرجعية ال جانب قيادة‬
‫الدولة ‪ ،‬وذلك بإصدار الفتاوى الشرعية واستلم الخاس والزكوات وتعيي الوكلء والندوبي داخل ايران‬
‫وخارجها ‪ ،‬وحافظت الوزة العلمية ف قم على استقللا الال والداري والعلمي ورفضت تدخل الدولة‬
‫واحتضنت عددا من الراجع العارضي لنظام الكم ف ايران ‪ ،‬أو على القل شهدت مرجعيات مستقلة تتعال‬
‫على الضوع لرئيس الدولة الاكم حت لو كان مرجعا دينيا كالمام المين او الامنئي‪.‬‬
‫وقد يستغرب البعض خارج ايران اذا عرف ان الدولة اليرانية تتوسل ال طلبة العلوم الدينية لكي يتبوءوا مراكز‬
‫القضاء وهم يهربون منها ‪ ،‬وقد وجه كل من المام المين والسيد الامنئي عدة مرات دعوات ملحة ال الطلبة‬
‫للتعاون وانتقدا حالة السلبية الت يلتزم با الكثي ف الوزة ‪ ،‬ولكنهما ل يستطيعا ان يكسرا الالة السلبية التقليدية‬
‫والتوارثة ‪ ،‬وهذا ما دفع الدولة اليرانية ال انشاء مدارس خاصة لتربية القضاة والبلغي‬
‫‪2‬‬
‫‪ 5‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫الارطة الرجعية‬
‫من النجف ال قم وبيوت‬
‫تركزت الرجعية الدينية الشيعية العليا منذ أكثر من قرني ف مدينة النجف ف العراق ‪ ،‬بعد رحلة طويلة تولت‬
‫فيها بي مدينة اللة وجبل عامل وأصفهان وقزوين وقم وسامراء وكر بلء والبحرين ‪ ،‬وعادت لتستقر ف النجف‬
‫ف أواخر القرن الثامن عشر ‪ ،‬بعد شق نر الندية الذي مون الدينة بالياه العذبة‪.‬‬
‫ونظرا لدور الرجعية السياسي ف العصور التأخرة كانت تتعرض لضغوط هائلة لتحجيمها او منعها من التدخل ف‬
‫الشؤون السياسية ‪ ،‬وقد تعرضت بعد فشل ثورة العشرين ف العراق ال ضربة قاصمة من قبل الكومة العراقية الت‬
‫سفرت ال ايران ثلثة من أكب الراجع آنذاك هم السيد أبو السن الصفهان والشيخ ممد حسي النائين‬
‫والشيخ مهدي الالصي ‪ ،‬ول تسمح لبعضهم بالعودة ال العراق ال بعد التعهد بعدم التدخل ف الشؤون الداخلية‬
‫العراقية‪ .‬وتعرضت الرجعية الدينية ف نفس الوقت ال ضربة اخرى من ايران ف أيام الشاه رضا بلوي عندما منع‬
‫إرسال الخاس والزكوات ال النجف وحال دون سفر اليرانيي ال العراق ‪ ،‬ما ساعد على بروز مرجعية دينية‬
‫ف قم بزعامة السيد حسي البوجردي ‪ .‬ولكن الشاه ممد رضا بلوي (البن) الذي كان ينوي اتاذ إجراءات‬
‫علمانية سياسية واقتصادية واجتماعية وجد من مصلحته إضعاف الرجعية ف ايران ودعم مرجعية النجف ف‬
‫الستينات ‪ ،‬حت تف معارضة رجال الدين اليرانيي له ‪ ،‬وهكذا أبعد المام المين ال العراق و أبقى على‬
‫مرجعية الشريعتمداري والكلبايكان والرعشي النجفي ف قم‪.‬‬
‫وفيما كان الشاه يرتاح لبعض الوقت من الرجعية الثورية ‪ ،‬كان النظام العراقي وخاصة نظام حزب البعث‬
‫‪ 1968‬يتضايق من نو الوزة ف النجف وياول تجيم مرجعية السيد مسن الكيم ‪ ،‬فقام بتهجي اللف من‬
‫طلبة العلوم الدينية ومنع وصول اليرانيي ال العراق وهجر الكثي منهم ‪ ،‬ولكن النظام العراقي وجد ف مرجعية‬
‫خليفته السيد أبو القاسم الوئي البعيد عن السياسية أفضل ضمانة لعدم تفجر الثورة ضده وابقاء الرجعية العليا‬
‫تت قبضته ف النجف‪ .‬وعندما قام التيار الثوري السلمي باللتفاف حول السيد ممد باقر الصدر ‪ ،‬الذي‬
‫تناغم مع الثورة السلمية ف ايران ودعا الشعب العراقي عام ‪ 1979‬ال الثورة ضد النظام العراقي ل يض بتأييد‬
‫الرجع العلى الوئي وجهازه الرجعي ‪ .‬ولذا ل يد النظام العراقي من مصلحته القضاء على مرجعية النجف‬
‫بالرة ‪ ،‬خاصة بعد قيام الثورة السلمية ف ايران واستقطاب المام المين لقطاعات واسعة من الشيعة ف العال ‪،‬‬
‫حيث ظلت النجف تشكل قطبا مرجعيا ف إزاء ايران وظل الوئي مقيما ف النجف حت وفاته عام ‪1992‬‬
‫‪ 6‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫وبالرغم من تقلص الوزة العلمية ف النجف خلل الثمانينات والتسعينات ال درجة كبية ‪ ،‬ال ان الرجعية‬
‫العليا ظلت تتخذ من النجف عاصمة لا ‪ ،‬ول يانع النظام العراقي من وجودها وتركها ونوها ف مواجهة‬
‫مرجعية قم ‪ ،‬وف مواجهة النظام اليران الذي بدأ يسعى ال مد نفوذه ف العراق‪.‬‬
‫وهكذا ظلت (الرجعية الدينية) ف العراق خلل الثمانينات والتسعينات بعيدة عن التأثر بالنظام اليران ‪،‬‬
‫وبالرغم من الشعبية الت كسبها المام المين كزعيم سياسي ثوري ‪ ،‬ال ان عملية (التقليد) ظلت مصورة ف‬
‫عدد من الراجع التواجدين ف العراق ‪ ،‬و ل يستطع النظام اليران وخاصة بعد وفاة المام المين تقيق اختراق‬
‫كبي او اكتساب شعبية ومقلدين ف العراق ‪ ،‬بل ان الركات السلمية العراقية الهاجرة ومعظم العراقيي‬
‫التواجدين ف ايران ( ماعدا السيد ممد باقر الكيم والشيخ ممد مهدي الصفي) رفضوا مبايعة السيد علي‬
‫الامنئي او العتراف برجعيته ‪ ،‬وتوزعوا على مرجعيات متلفة ف قم والنجف وبيوت‪.‬‬
‫من جهته ل يض الامنئي بنفوذ يذكر خارج ايران ال ف بعض الوساط الليجية واللبنانية ‪ ،‬وبالرغم من‬
‫الدعم الكبي الذي قدمته ايران ال (حزب ال) ف لبنان وتعيي الامنئي عددا من قادة الزب كالسيد حسن نصر‬
‫ال ‪ ،‬المي العام للحزب ‪ ،‬والشيخ ممد يزبك ‪ ،‬وكلء شرعيي له ‪ ،‬ال انه ل ينجح ف حل جيع أعضاء‬
‫الزب على تقليده ‪ ،‬حيث ل يزال الكثي منهم على ولئهم للسيد ممد حسي فضل ال ‪ ،‬وهذا ما أدى ال شن‬
‫أجهزة إيرانية خفية حلة إعلمية شعواء ضد السيد فضل ال من أجل إخراجه من ساحة النافسة الرجعية وقيادة‬
‫الساحة الشيعية ف لبنان‪ .‬ويقال ان السيد جعفر مرتضى ‪ ،‬الكاتب اللبنان القيم ف قم تلقى دعما من السيد‬
‫الامنئي لهاجة السيد فضل ال‪.‬‬
‫وكانت الساحة اللبنانية الشيعية قد شهدت تردا سابقا على مرجعية النجف عندما استقل السيد موسى الصدر ف‬
‫قيادة حركة أمل ف السبعينات وفرض نفسه "اماما" سياسيا عمليا ‪ ،‬وتفوق على مرجعية الفقهاء الكبار الذين‬
‫كانوا يعتزلون السياسة ويقتصرون على السائل الفقهية‪ .‬وكان للمجلس السلمي الشيعي العلى الذي أسسه‬
‫المام موسى الصدر دور كبي ف بروز قيادة مرجعية شيعية خاصة ف لبنان ‪ ،‬بالرغم من عدم تصدي الصدر‬
‫وخليفته الشيخ ممد مهدي شس الدين للمرجعية الدينية ‪ ،‬ال مؤخرا حيث طرح شس الدين نفسه مرجعا للتقليد‬
‫‪.‬‬
‫لذا كان من الطبيعي ان يدث نوع من الصراع الفي بي الشاريع الرجعية الختلفة ف لبنان ‪ ،‬خاصة ف ظل‬
‫غياب أية مؤسسة لتنظيم عملية انتخاب الرجع العلى ‪ ،‬وتديد العلم والقدر على قيادة الساحة‪.‬‬
‫وشكلت الرجعيات اللبنانية الديثة خطرا على الرجعية التقليدية ف النجف وقم ‪ ،‬بفضل ما تتمتع به من‬
‫حيوية وحرية سياسية وإعلمية وتنظيمية وتربوية وتعليمية‪.‬‬
‫‪ 7‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫وهنا أصبحت منطقة السيدة زينب ف ضاحية دمشق النوبية الت ضمت عددا من الوزات والعاهد ومثليات‬
‫الراجع وجاليات عراقية وإيرانية ولبنانية وخليجية ‪ ،‬مسرحا لواجهة شديدة بي مرجعية السيد علي السيستان‬
‫والسيد ممد سعيد الكيم (النجف) والشيخ جواد التبيزي والسيد ممد الشيازي (قم) ومرجعية السيد ممد‬
‫حسي فضل ال (لبنان)‪ .‬وساعد على اشتداد العركة انقسام حزب الدعوة العراقي بي تقليد الرشد اليران السيد‬
‫علي الامنئي وتقليد فضل ال ‪ ،‬حيث قاد الشيخ ممد مهدي الصفي جناحا من الزب يدعو ال الذوبان‬
‫والندماج ف القيادة اليرانية باعتبار الامنئي وليا لمر السلمي ف كل مكان ‪ ،‬وذهب غالبية كوادر الزب‬
‫الهاجرة ال سوريا والدول الوربية ال تأييد السيد ممد حسي فضل ال‪.‬‬
‫أما ف داخل العراق فقد نت بعد وفاة الوئي مرجعية كل من السيد علي السيستان والسيد ممد سعيد الكيم‬
‫والسيد ممد الصدر الذي اغتيل عام ‪ ، 1999‬وكان هناك مرجع آخر هو السيد ممد الشيازي الذي نشط ف‬
‫كربلء ف الستينات ث هاجر ال الكويت ف السبعينات واكتسب كثيا من القلدين ف الليج وخاصة ف الكويت‬
‫والبحرين والنطقة الشرقية ‪ ،‬وانتقل ال ايران بعد انتصار الثورة ‪ ،‬وكاد يتوسع ف منطقة نفوذ الشريعتمداري بعد‬
‫وفاته ‪ ،‬ف تبيز وف مناطق أخرى من ايران ‪ ،‬ولكن الخابرات اليرانية حالت دون توسع مرجعيته خوفا من قيامه‬
‫بعارضة النظام اليران والضغط عليه باتاه تقيق أطروحته ف (شورى الفقهاء) ‪ .‬ول يقق الشيازي نوا كبيا‬
‫ف عدد مقلديه منذ السبعينات بالرغم من وفاة عدد من الراجع الكبار خلل السنوات العشرين الاضية ‪ ،‬وذلك‬
‫بسبب اصطدامه بط النجف وخط ايران ‪ ،‬ما حال دون تقدمه نو سدة الرجعية العليا حت الن‪.‬‬
‫وخلل السنوات العشر الاضية حاولت السلطات اليرانية إغراء الكثي من طلبة العلوم الدينية وخاصة من غي‬
‫اليرانيي للعمل معها والدعوة ال تقليد الرشد الامنئي الذي ل يكن معروفا بالجتهاد من قبل ‪ ،‬ما أدى ببعض‬
‫الطلبة وخاصة العراقيي والليجيي ال الجرة من ايران ‪ ،‬ولا كانت النجف مغلقة حاليا ف وجه طلبة العلوم‬
‫الدينية ‪ ،‬فقد قرر كثي من الطلبة اتاذ قرية (السيدة زينب) ف ضاحية دمشق النوبية مقرا جديدا لوزة علمية‬
‫شابة أضحت تنافس حوزة قم والنجف وتضم الن حوال ثلثة آلف طالب وأستاذ ‪ ،‬وتشتمل على أكثر من‬
‫عشر مدارس ويوجد فيها مثلون لختلف الراجع العرب واليرانيي‪.‬‬
‫ومع ان السيد علي السيستان الذي يعتب (الرجع العلى ) الال يعيش ف مدينة النجف ف العراق ‪ ،‬ال ان‬
‫وكيله العام السيد جواد الشهرستان يعيش ف مدينة قم ‪ ،‬ولذا فانه يضطر للتنسيق مع الجهزة اليرانية التخصصة‬
‫ف شئون الرجعية ف كثي من المور داخل ايران وخارجها ‪ ،‬ويقال انه يول قسما من مرجعية الامنئي ويتكفل‬
‫برواتبه الشهرية ‪ ،‬كما يقال بأن الملة الت يشنها جهاز السيستان ضد السيد ممد حسي فضل ال موجهة ف‬
‫بعض جوانبها من قبل الستخبارات اليرانية ‪.‬‬
‫‪ 8‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫إضافة ال شبكة الرجعيات الختلفة المتدة من قم ال النجف وبيوت ‪ ،‬توجد ف الكويت مرجعية اخرى‬
‫خاصة لطائفة خاصة من الشيعة هي (الشيخية) الت تطورت عن مدرسة الخباريي الت انشقت ف وقت سابق‬
‫عن الدرسة الصولية ‪ ،‬وهي بزعامة الشيخ حسن الحقاقي الائري السكوئي ‪ ،‬وتتاز هذه الرجعية بانتقالا‬
‫بصورة وراثية من واحد ال آخر ‪ ،‬حيث ورث الشيخ حسن الرجعية من أخيه الشيخ علي الذي كان ورثها عن‬
‫أبيه عن جده ‪ ،‬بعد ان رفضها ابن أخيه (الدكتور جعفر رائد) ‪ ،‬ويتأهب الن لتوريثها ال ابنه الشيخ عبد‬
‫الرسول‪.‬‬
‫وبعيدا عن الشيخية يوجد الن ف الوزة عدد من الساتذة الذين يعدون أنفسهم للمرجعية ف الستقبل ‪،‬‬
‫كالشيخ جعفر السبحان والشيخ ناصر مكارم الشيازي والشيخ لطف ال الصاف والشيخ الوحيد الراسان‬
‫والشيخ جواد التبيزي وغيهم وغيهم ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫النابع الالية‬
‫يعتب الال عصب الرجعية الدينية الديثة ‪ ،‬وكما ف أية تربة ديوقراطية يلعب الال دورا كبيا ف عملية انتخاب‬
‫الرجع العلى ‪ ،‬ومع ان أساس الرجعية يفترض ان يقوم على العلم والتقوى ال ان الال هو الذي يسم عادة‬
‫انتخاب شخص معي من بي الفقهاء العدول التقياء ‪ ،‬ول يكفي ان يكون الشخص فقيها وعادل لكي يصبح‬
‫مرجعا ‪ ،‬اذا ل يكن يتلك قوة مالية ترشحه لسدة الرجعية وتلب الوكلء اليه ‪ ،‬ول يعن هذا ان شخصا جاهل‬
‫او فاسقا يستطيع بسهولة ان يرتقي سدة الرجعية الدينية ‪ ،‬ولكن ل يكن إغفال دور الال ف ارتقاء شخص او‬
‫سقوط شخص آخر ‪ .‬وهذا ما يفسر سيطرة العنصر الفارسي لعشرات السني على سدة الرجعية ‪ ،‬وذلك نظرا‬
‫لعلقات الراجع اليرانيي مع بن قومهم ف ايران الذين يقدمون التبعات السخية إليهم عادة ول يقدمونا ال‬
‫العرب او العراقيي حت لو كانوا أكثر علما وتقوى منهم ‪ ،‬بسبب عدم معرفتهم بم او عدم القدرة على التواصل‬
‫اللغوي معهم‪.‬‬

‫هناك مصادر عديدة لتمويل الرجعية ‪ ،‬كالدايا والنذور والوقاف وووصايا الوتى ولكن الصدر الرئيسي للتمويل‬
‫يقوم على المس ‪ ،‬وهي ضريبة طوعية يقدمها الؤمنون الشيعة بنسبة ‪ %20‬من أرباحهم السنوية ‪ ،‬بناء على‬
‫تفسي خاص لية الغنائم‪( :‬واعلموا أنا غنمتم من شيء فأن ل خسه وللرسول) الت توجب اخراج المس من‬
‫الغنيمة واعطائه ل والرسول ولذي القرب واليتامى والساكي‪ .‬وقد اعتاد بعض أئمة الشيعة من أهل البيت ف‬
‫‪ 9‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫القرن الثان الجري على مطالبة أتباعهم بتقدي المس اليهم باعتبارهم من ذوي القرب ‪ ،‬ولكن الراجع الشيعة‬
‫السابقي ل يكونوا يأخذون المس ‪ ،‬وينقل التاريخ ان المام الصادق أشار على كبي الفقهاء الشيعة (ممد بن‬
‫مسلم) بالتار فأخذ يبيع التمر على باب مسجد الكوفة ‪ .‬و قد روى الشيخ ممد بن علي الصدوق ف القرن‬
‫الرابع الجري) رواية عن إسحاق بن يعقوب عن المام الهدي الغائب يبيح فيها المس للشيعة ف عصر الغيبة ‪.‬‬
‫وبناء على ذلك أفت عدد كبي من علماء الشيعة لقرون طويلة بعدم وجوب إخراج المس ف (عصر الغيبة) او‬
‫دفنه او إيداعه حت خروج (المام الثان عشر ممد بن السن العسكري)‪.‬‬
‫وال وقت قريب ل يكن فقهاء الشيعة يقولون بوجوب المس ول بوجوب تسليمه إليهم ‪ ،‬وكانوا يعتمدون‬
‫على الوقاف بصورة رئيسية ‪ ،‬و كانت الوزة ف القرني الاضيي تعتمد ف جزء كبي من ميزانيتها لكثر من‬
‫مائة عام على تركة أحد ملوك (ملكة أودة) ف حيدر آباد الدكن ف الند ‪ ،‬وهو ما كان يعرف بـ‪( :‬خيية‬
‫أودة)‪ .‬وعندما نشأت نظرية (النيابة العامة وولية الفقيه) بدأ بعض العلماء يقول بوجوب اخراج المس وتسليمه‬
‫ال الفقهاء باعتبارهم (نوابا عامي) عن المام الغائب‪ .‬وربا كان الشيخ جعفر كاشف الغطاء أول من أوجب‬
‫أخراج المس وتسليمه ال العلماء ‪ ،‬وقد قام بملة عامة لباية المس دعما للدولة القاجارية (اليرانية) ف حربا‬
‫ضد الحتلل الروسي ف بداية القرن التاسع عشر‪.‬‬
‫أحدث هذا القول بوجوب المس ‪ ،‬تول كبيا ف تاريخ الرجعية وف بنيتها وتنظيمها‪.‬‬
‫ومنذ ذلك الي أصبح للمراجع ميزانيات ضخمة لدارة الوزات العلمية ف كل مكان و التصدق على‬
‫الفقراء والساكي وحت لتمويل بعض الشاريع البلدية‪ .‬ولعب بازار طهران دورا كبيا ف تويل الرجعية منذ القرن‬
‫التاسع عشر ‪ ،‬وكان العامل الضاغط على الرجع السيد ممد حسن الشيازي ف اصدار فتوى تري التنباك عام‬
‫‪ 1892‬الت ألغت اتفاقية حصر التنباك بالشركة البيطانية ‪ ،‬والت كان الشاه ناصر الدين القاجاري قد وقعها مع‬
‫بريطانيا ‪ ،‬لن البازار كان التضرر الرئيسي من تلك التفاقية ‪ .‬وظل البازار يشكل العامل الاسم ف ترجيح كفة‬
‫مرجعية أي فقيه ‪ ،‬وخاصة الراجع الفرس ف العراق ‪ ،‬فقد دعم البازار مرجعية السيد ابو السن الصفهان ف‬
‫مقابل مرجعية الشيخ ممد حسي كاشف الغطاء ‪ ،‬الرجع العراقي الشهي ف النصف الول من القرن العشرين ‪،‬‬
‫ولنه ل يد مصدرا تويليا كافيا فقد عجز عن اللول ف مركز الرجعية العليا بالرغم من علمه الواسع وقدراته‬
‫السياسية الفائقة ‪ ،‬وعندما أصبح السيد مسن الكيم مرجعا أعلى ف الستينات اضطر ال ان يبعد (جاعة العلماء)‬
‫العربية ويقرب الفرس من حاشيته لنم كانوا على علقة وثيقة ببازار طهران واقدر على توفي ميزانيته الالية الت‬
‫كانت تقدر بعشرة آلف دينار عراقي شهريا ‪ .‬وانطوى بازار طهران على خطر التغطية على مصادر مالية‬
‫‪ 10‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫مشبوهة (شاهنشاهية) كانت تتسلل بزي التجار لتحقيق مآرب خاصة وتشكيل (لوبيات) ف حواشي بعض‬
‫الراجع للضغط عليهم وتوجيههم الوجهة الطلوبة‪.‬‬
‫ونظرا لهية الال ف حركة الرجعية وقوتا ذهب بعض الراجع التأخرين ال وجوب تسليم المس اليهم شخصيا‬
‫‪ ،‬وعدم جواز تسليمه ال أي فقيه آخر ‪ ،‬بالرغم من عدم وجود أدلة شرعية تتم ذلك ‪ ،‬وذهب بعض آخر ال‬
‫كون المس مال خاصا للفقيه يوز له التصرف به كيف يشاء كما يوز له ايداعه ف البنوك وتوريثه ال البناء‬
‫وليس مال عاما كأموال الدولة ‪ ،‬يتوجب عليه ان يضع له سجل خاصا ويقيد الوارد والصادر ‪ ،‬ولذا ل يد ذلك‬
‫البعض ضرورة لتقدي كشف حساب للمقلدين الدافعي للخمس ‪ ،‬كما تقدم المعيات اليية كشفا بالموال‬
‫الواردة اليها والصادرة منها‪ .‬وهو ما سح ف القيقة بدوث تلعب كبي ف أموال المس وخاصة عند وفاة‬
‫الرجع واستيلء ورثته على أمواله واستملكها باعتبارها إرثا شخصيا لم ‪ ،‬وهناك أحاديث عن استيلء أبناء‬
‫مرجع معي توف ف التسعينات على أموال تقدر بئات الليي كانت مودعة ف بنوك أجنبية‪.‬‬
‫ويقال ان الكومة العراقية استولت على مليون دولر من حساب الوئي ف أواخر السبعينات‪.‬‬
‫وعندما تتكدس أموال هائلة لدى مرجع معي يستطيع ان يدد بواسطتها الرجع الذي يلفه ‪ ،‬وذلك بضمان‬
‫ضخ قدر كاف من الال لدارة مرجعية خليفته حت يشتهر ويستقطب الطلبة والوكلء الذين سوف ينهالون عليه‬
‫ويرشحونه لعامة الناس باعتباره الرجع الفقه والورع والتقى ‪ ،‬فتدور عندها عجلة الرجعية لذلك الرجع‬
‫ويقوم باستيفاء المس من الؤمني ‪ .‬وهذا ما يفسر بروز مراجع معينيي فجأة بعد وفاة مرجع سابق لجرد قدرتم‬
‫على توزيع الرواتب للطلبة والوكلء ف كل مكان ‪ ،‬من دون ان يعرفوا بنظريات فقهية معينة او يتفظوا بسجل‬
‫جهادي او يقوموا بأي دور قيادي ف المة ‪.‬‬
‫ومن العروف ف الوساط الوزوية ان درجة شعبية أي مرجع تعرف عادة من خلل حجم الراتب الشهري‬
‫الذي يوزعه على طلبة العلوم الدينية ف النجف وقم ومشهد ‪ ،‬فالرجع الذي يوزع أعلى راتب بعد وفاة الرجع‬
‫العلى السابق يعن انه أصبح الرجع العلى الديد ‪ ،‬وذلك لدللة كمية الال على حجم التقليد الشعب ‪ ،‬بالرغم‬
‫من عدم واقعية أو صحة هذا الؤشر مع احتمال حدوث تلعب او قيام جهات مشبوهة بضخ أموال هائلة‬
‫لغراض سياسية‪.‬‬
‫ولكن ذلك ‪ ،‬على أي حال ‪ ،‬يشد حركة الوكلء ال الرجع الديد لخذ الوكالة منه والدعوة ال تقليده وجباية‬
‫المس باسه وتسليمه اليه بعد أخذ حصتهم منه ‪ .‬وعادة ما تتراوح النسبة الت يأخذها الوكلء بي الربع‬
‫والثلث والنصف من المس‪.‬‬
‫‪ 11‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫وعندما يكون الرجع مبتدءا فانه ل ياسب وكلءه بشدة ويغض الطرف عن الموال الت يبونا من أجل تركيز‬
‫نفسه من خلل الدعاية الت يقومون با له ‪ ،‬ولكنه عندما يشتهر ويكثر تقليد الناس له ويأخذ الوكلء بالتهافت‬
‫عليه والتنافس فيما بينهم لخذ الوكالة منه ‪ ،‬يقوم بالتدقيق ف إعطاء الوكالت وف ماسبة الوكلء‪.‬‬
‫ومن هنا يدث التنافس وتتدم العارك بي الراجع أنفسهم ال من عصم ال ‪ ،‬وياول البعض منهم استغلل‬
‫نقاط الضعف والراء التجديدية او الخالفة للمشهور الت يقدمها أحد الفقهاء الدد النافسي ‪ ،‬للنتقاص منه‬
‫والتشكيك باجتهاده وتري تقليده وصرف الناس عنه ‪ ،‬ف حي يقوم بعض الراجع الخرين بسايرة العامة‬
‫والصادقة على الرافات والساطي والبدع الشعبية طمعا ف كسب الناس وجرهم اليه‪ .‬ويرضى بعض الراجع ‪،‬‬
‫ف الواقع ‪ ،‬بالسي وراء الناس وتقليد العوام بدل من هدايتهم وارشادهم وقول الق والمر بالعروف والنهي عن‬
‫النكر ما يلغي مهمته كفقيه او عال ربان‪.‬‬
‫وقد حدث قبل خسي عاما ان قام الشيخ ممد مهدي الالصي الذي كان يظى بشعبية واسعة جدا ف‬
‫العراق ‪ ،‬بكافحة بعض البدع والدعوة ال أحياء بعض السنن والحكام العطلة ‪ ،‬فتعرض ال ماربة مراجع‬
‫آخرين اتموه بشت التهم وصرفوا الناس عنه وأسقطوه من الرجعية‪.‬‬
‫ويكن تلمس أثر الال ف قيام كثي من الفقهاء بالفتوى حسب الشهور وليس وفقا لقناعاتم الاصة ‪ ،‬وذلك من‬
‫أجل تنب معارضة بقية العلماء لم وأمل ف كسب الناس ‪ ،‬ولو كانت الرجعية بعيدة عن الال لا وجد الفقهاء‬
‫صعوبة ف التعبي عن آرائهم برية والفتوى حسب الدلة والباهي التوفرة‪.‬‬
‫وبا ان الفقهاء الراجع يعتمدون ف تويلهم على الشعب فانم يصبحون أقرب ال تثيل الشعب والرتباط به‬
‫والتعبي عن مصاله والنضال من أجل قضاياه العادلة ‪ ،‬على العكس من الشيوخ الذين يرتبطون بالدولة ويقبضون‬
‫رواتبهم منها فيعبون عن مصال الدولة ف مقابل الشعب او يقعون أسرى للدارات الرسية فل يستطيعون‬
‫النفلت منها و اتاذ مواقف ثورية مضادة ‪ ،‬ال اذا قطعوا ارتباطهم با‪.‬‬
‫وقد انقسم رجال الدين الشيعة بعد قيام المهورية السلمية اليرانية ال فريقي فريق انغمس ف أجهزة الدولة‬
‫واصبح موظفا فيها ‪ ،‬ففقد استقلليته واصبح تابعا ف كل شيء ما أنتج حالة شبيهة بالة بقية الدول السلمية ‪،‬‬
‫وفريق آخر ابتعد عن الدولة و حافظ على علقاته الشعبية وبالتال على استقلله‪.‬‬
‫ونظرا لدوث بعض حالت التلعب بأموال المس وتوريث بعض الراجع الموال لولدهم أخذ كثي من‬
‫الؤمني الشيعة ينادون بضبط سجلت لتقييد الوارد والصادر ‪ ،‬أو يقومون بتوزيع (حقوقهم الشرعية) على الفقراء‬
‫والحتاجي والشاريع اليية بأنفسهم ‪ ،‬وذهب بعض منهم ال ضرورة تشكيل جعيات خيية تتكفل بباية‬
‫‪ 12‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫الخاس والزكوات وتوزيعها على الستحقي واعطاء قسط منها لرجال الدين العاملي او طلبة العلوم الدينية ‪،‬‬
‫وقد اعتمدوا على فتوى الرجع الراحل السيد مسن الكيم والعلماء السابقي الذين ل يكونوا يوجبون تسليم‬
‫الموال ال الراجع وكانوا ييزون إخراج صاحب المس للمال بنفسه وتوزيعه على الستحقي‪.‬‬
‫ملكة أودة‬
‫لعبت ملكة أودة الشيعية ( ‪ )1856 – 1720‬الت قامت ف حيدر آباد الدكن ف القرن الثامن عشر دورا كبيا‬
‫ف تعزيز الرجعية الدينية ‪ ،‬وذلك عن طريق شق أحد ملوكها لنهر (الندية ) ف العراق والذي مون مدينة النجف‬
‫بالاء وأحياها وحولا ال مدينة كبية بعد ان كانت قرية صغية ‪ ،‬أوصى أحد ملوكها (غازي الدين حيدر)‬
‫بأموال تدفع ال الوزة العلمية ف كربلء والنجف ‪ ،‬وهو ما عرف بيية أودة ‪ ،‬الت بدأت تصل ال الوزة ف‬
‫العراق منذ أواسط القرن التاسع عشر وحت منتصف القرن العشرين ‪ ،‬وكانت تشكل نصف ميزانية الوزة تقريبا(‬
‫عشرة آلف جنية سنويا)‪.‬‬
‫وبعد سيطرة بريطانيا على تلك الدولة ف منتصف القرن التاسع عشر بدأت سيطرتا على الموال اليية‬
‫الخصصة للحوزة ‪ ،‬وراحت تتلعب فيها وف طريقة توزيعها ف ماولة لد نفوذها ف الوزة والسيطرة على‬
‫الرجعية والتدخل عبها ف شئون العراق وإيران قبل الرب العالية الول وبعدها ‪ ،‬وهذا ما دفع الرجع العلى‬
‫يوم ذاك الشيخ مرتضى النصاري للمتناع عن تسلم تلك الموال الت هيمنت عليها بريطانيا ‪ ،‬ولكن مراجع‬
‫آخرين من الدرجة الثانية استمروا ف استلم (اليية) وتوزيعها على الطلبة‪.‬‬
‫وف بداية القرن العشرين حاول القيم البيطان العي ف بغداد ميجور نيو مارش استعمال (اليية) لغراض‬
‫سياسية ووسيلة لزيادة الحسوبية وتوسيع النفوذ والتأثي على انتخاب الرجع العلى ‪ .‬وحاول الوزير البيطان ف‬
‫ايران السي آرثر هاردنغ استخدام نفوذ بعض الراجع الذين يستلمون (اليية) للتأثي على الوضاع السياسية ف‬
‫ايران وقطع الطريق على السياسات الروسية ف ايران‪ .‬وهذا ما دفع عددا من الراجع الكبار كاليزا خليل والسيد‬
‫كاظم اليزدي والسيد ممد إساعيل الصدر عام ‪ 1908‬ال رفض قبول أي سهم من (اليية) والقتراح بتوزيعها‬
‫على الفقراء‪ .‬فاته القيمون البيطانيون ف بغداد للتفكي باستياد متهدين متعاطفي من الند يقبلون باستلم‬
‫(اليية ) وتوزيعها ف العراق‪.‬‬
‫وقد أثار تدخل القيم البيطان ف بغداد عام ‪ 1912‬لورير ف عملية توزيع (اليية) قلق السلطات العثمانية من‬
‫تزايد النفوذ البيطان ف العراق وخاصة ف صفوف الشيعة والرجعية ‪ ،‬وحاولت حل اللجان الت شكلها لورير‬
‫لتوزيع الال ‪ ،‬ومنعت الرعايا العثمانيي وخاصة العرب من النضمام ال عضوية اللجان ف كربلء والنجف ‪،‬‬
‫وطلبت من القنصل الفارسي ف بغداد ان يارس ضغطا على العضاء الفرس لتقدي استقالتم‪.‬‬
‫‪ 13‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫ولكن احتلل بريطانيا للعراق ف الرب العالية الول أتاح لا مرة أخرى إمكانية توسيع نفوذها ف صفوف‬
‫الوزة من خلل عملية توزيع الموال (اليية) الت استمرت با بعد الرب‪ .‬وأصبح البيطانيون أقدر على‬
‫التلعب بالنسيج القومي العرب الفارسي الندي ف الوزة وتفضيل قوم على قوم ‪ .‬وف عام ‪ 1933‬قرر‬
‫البيطانيون عدم إعطاء أية منحة لن شارك ف أي شكل من أشكال التحريض السياسي ضدهم واسقطوا ف ذلك‬
‫العام اسم الشيح ممد حسي كاشف الغطاء من قائمة التلقي بسبب نشاطاته العارضة للحكم الوال لم ف‬
‫العراق ‪ ،‬وجدوا عام ‪ 1934‬اللجنة الوزعة ف كربلء‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫ماولت إصلح الرجعية وتويلها ال مؤسسة‬
‫تنقسم الرجعية الدينية الشيعية ال تيارين رئيسيي ها الرجعية الفقهية البحتة (كمرجعية المام الوئي‬
‫والسيستان) والرجعية السياسية اللتزمة بنظرية (ولية الفقيه) ‪ ،‬ويكن اعتبار التيار الثان تطورا حديثا نشأ ف‬
‫الرجعية وأعطى لا صبغة سياسية ‪ ،‬وبينما ل يكن التيار الفقهي يشعر باجة كبية ال التنظيم والأسسة ما دام‬
‫المر يقتصر على عملية الفتوى والرشاد ‪ ،‬بدأ التيار الثان يشعر بضرورة التطور والترشيد‪ .‬من هنا دعا الفكر‬
‫الراحل السيد ممد باقر الصدر ف السبعينات ف مقال له تت عنوان (الرجعية الوضوعية) ال تأسيس أجهزة‬
‫علمية ومالية وإدارية وسياسية تابعة للمرجع من أجل تنظيم عمل الرجعية وعلقاتا العامة وتدقيق السابات الالية‬
‫ونقل البات للمراجع القادمي‪ .‬و أطلق على الرجعية القائمة اسم (الرجعية الذاتية) وطالب بتطوير شكل‬
‫المارسة للعمل الرجعي وتشكيل ملس يضم علماء الشيعة وربط الرجع بذا الجلس ‪ ،‬من أجل صون العمل‬
‫الرجعي من التأثر بالنفعالت الشخصية وتنفيذ سياسة الرجعية الصالة الت تقرر من خلل ذلك الجلس ‪،‬‬
‫واقترح ان يقوم الجلس بترشيح الرجع الديد بعد خلو الركز وإسناده وكسب ثقة المة ال جانبه‪ .‬كما انتقد‬
‫طريقة تعامل الوكلء مع (القوق الالية الشرعية ) وأخذ النسب الئوية من تلك الموال كالثلث او الربع " ما‬
‫يعل علقة الوكيل بالرجعية كعلقة عامل الضاربة بصاحب رأس الال " واقترح ان تسلم الموال كاملة ال‬
‫الرجعية وتقدي رواتب شهرية للوكلء ‪.‬‬
‫يقول الشيخ ممد رضا النعمان مؤلف كتاب (الشهيد الصدر سنوات الحنة وأيام الصار) ان السيد ممد باقر‬
‫الصدر كان يسعى لحداث تغيي ف كيان الوزة والرجعية من الساس ‪ ،‬با يلب الاجات الاضرة والستقبلية‬
‫وبا ينسجم مع متطلبات العصر والياة ‪.‬‬
‫ومنذ ذلك الي ل يزال الدل مستمرا ف صفوف الوزة والرجعية بي داع للتنظيم ورافض له ‪ ،‬خاصة بعد‬
‫بروز شخصيات مرجعية غامضة ومنعزلة ل تواكب حركة الجتمع أو ل تتمتع بواصفات قيادية عالية او‬
‫‪ 14‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫مشكوك ف علميتها او ف تقواها وحدوث صراعات سلبية بي أتباع عدد من الراجع ال درجة التشكيك باجتهاد‬
‫بعض الرشحي للمرجعية او سلمة عقيدتم ‪ ،‬إضافة ال ضياع كميات كبية من الال بعد وفاة عدد من الراجع‬
‫وانتقالا ال أولدهم وأقربائهم واعتبارها إرثا شخصيا وليس مال عاما يب نقله ال الراجع الدد ‪.‬‬
‫يقول السيد ممد حسي فضل ال ف كتابه‪( :‬آراء ف الرجعية الشيعية) ‪:‬ان مشكلة الرجعية ف كل تاريها‬
‫انا كانت شخصا ‪ ،‬و تعتمد على مستوى هذا الشخص وعلى مبادراته وعلى سعة أفقه والظروف والشخاص‬
‫الحيطي به ‪ ،‬ومن هنا فاننا ف الوقت الذي نؤكد ان الرجعية ف كل تاريها قامت ببادرات مهمة … لكنها ل‬
‫تفكر بأن تتحمل مسؤولية التشيع أمام كل التغيات الواقعية على الستوى السياسي والثقاف والجتماعي‬
‫والقتصادي وعلى مستوى التطورات الت انطلقت ف العال‪ .‬اننا نعتقد ان الرجعية ‪ ،‬مع كل احترامنا للشخاص‬
‫الذين يتحركون ف دائرتا او يشرفون عليها او يقودونا ‪ ،‬ل تستطيع ان تواجه تطورات العصر ‪ ،‬ولذا فهي تعيش‬
‫انكماشا ف دائرتا الاصة ف نطاق الفتاوى ‪ ،‬او ف نطاق بعض العمال الت تتحرك هنا وهناك‪ .‬لذا علينا ان‬
‫نفكر ف ضرورة ان تتحول الرجعية ال مؤسسة دون ان تفقد العناصر الذاتية الت تفرضها الطوط الشرعية فيمن‬
‫يب ان يكون الرجع وف طبيعة ارتباط المة بالرجع‪.‬‬
‫ويشتكي السيد فضل ال من وجود بعض الرجعيات النكمشة الت ييل للناس انا غائبة تاما عن كل شيء ف‬
‫الواقع ‪ ،‬فيما عدا العلقات الفقهية التقليدية ‪ ،‬لدرجة انا ل تشارك حت ف القضايا الثقافية العامة ‪ ،‬ويقول ‪ :‬ان‬
‫هذه هي الشكلة الت عاشها الواقع السلمي الشيعي ف الرتباكات الت كانت تدث بي الطلئع السلمية الت‬
‫تاول ان تنفتح على الواقع بطريقة حركية او ثقافية‪ ..‬فقد كانت تواجه من بعض الرجعيات إهال او سكوتا او‬
‫إبعادا او موقفا مضادا ف هذا الجال او ذاك‪.‬‬
‫ومن هنا ينطلق ليقول‪:‬اننا نلحظ ان العصر قد تطور ‪ ،‬وان الراكز الدينية ف العال سواء على مستوى السيحية او‬
‫على مستوى اليهودية او على مستوى السلمي من غي الشيعة ‪ ،‬أصبحت تلك مواقع ف الطللة على الواقع‬
‫الثقاف والجتماعي والسياسي ‪ ،‬كما ان الشيعة بفعل التطورات والتغيات الت حدثت ف مواقعهم أصبحوا يثلون‬
‫حجما كبيا ولم حاجات سياسية واقتصادية وثقافية ما يفرض على الرجعية ان تتطور ‪ ،‬ولكن الواقع الذي‬
‫نعيشه أصبح أكب من الرجعية بيث ان الرجع تول ال مرد شخص مفت ل يتصرف ال بطريقة حيية خجولة‬
‫متواضعة‪ .‬لذا ل بد من التفكي بذه السألة بكثي من الطورة‪.‬‬
‫ويقول‪ :‬ان الرجعية السلمية الشيعية تستبطن ف اللوعي الشيعي آفاقا واسعة جدا فالرجع هو نائب المام‬
‫ووجوده يسد فراغ المام ف متلف الوانب… فمن الطبيعي ان ل يكون الرجع مرجعا ف الفتيا أو القضاء أو‬
‫ف القضايا الامشية فقط‪.‬‬
‫‪ 15‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫ويرفض ان تكون الرجعية شخصية خاضعة لصوصيات الرجع ويطالب بأن تكون مؤسسة تتزن تارب‬
‫الراجع السابقي ليبدأ الرجع الديد من حيث انتهى الراجع السابق ‪ .‬ويقول‪ :‬ان الرجعية تتاج ال ذهنية‬
‫واسعة ‪ ،‬ول بد ان تنطلق من خلل مؤسسات تتحرك ف نطاق الؤسسة الكبى ‪ ،‬وهي ف ذلك يب ان تكون‬
‫مشابة للمنظمات القليمية والدولية وما ال ذلك‪.‬‬
‫وقد دعا السيد فضل ال مرارا ال بناء مؤسسة مرجعية منظمة تشبه الفاتيكان لنتخاب الرجع العلى وتقيق‬
‫أهداف الرجعية‪ .‬وكانت هناك ال جانبه عدة أصوات اخرى طالبت بإصلح الرجعية وتطويرها وتويل عملية‬
‫الجتهاد والفتيا من عملية شخصية ال لان متخصصة ومتعددة بيث تكون قادرة على متابعة التطورات الختلفة‬
‫ف جيع مالت الياة ودراستها بدقة وتكوين وجهات نظر قريبة من الواقع‪.‬‬
‫ومع ان التطور السياسي للمرجعية قبل تأسيس الدولة السلمية وبعدها كان يستلزم إحداث تطورات إدارية‬
‫ف هيكل الوزة والرجعية ‪ ،‬من حيث برامج التعليم او انتخاب الرجع العلى وإحداث مؤسسة للمرجعية ‪ ،‬ال‬
‫ان كثيا من الراجع عارضوا ويعارضون هذه الفكرة ورفضوا ويرفضون التحول ال مؤسسة رسية بسبب عدم‬
‫إيان كثي من الفقهاء الشيعة بنظرية ولية الفقيه او ضرورة تول الرجع للشؤون العامة ‪ ،‬حيث ل يزال البعض‬
‫يعتقد باقتصار دور الفقيه على المور الفقهية او السبية الضيقة ‪ ،‬بينما يتحفظ بعض الفقهاء الخرين من يؤمنون‬
‫بولية الفقيه على فكرة تويل الرجعية ال مؤسسة خوفا من تدخل السياسيي والكومات الختلفة ف الرجعية ‪،‬‬
‫او خوفا من القضاء على الرية والطريقة التقليدية الشعبية الت يتم فيها انتخاب الرجع ‪ ،‬وذلك بسحب سلطة‬
‫القرار بأهلية الرجع العلمية والروحية والدارية من الشعب واعطائها ال لنة او فئة خاصة‪.‬‬
‫ويقول بعض الطلعي ان اقتراح اقامة مؤسسة للمرجعية بعيد عن واقع الراجع الاليي الذين يتلفون ف‬
‫توجهاتم السياسية والثقافية ‪ ،‬ويرفضون حت تشكيل صندوق مشترك لدارة الوزة ماليا ‪ ،‬فكيف يكن ان‬
‫يتمعوا على انتخاب أحدهم مرجعا وحيدا ويلملموا بقية الرجعيات العاملة ف الساحة؟‬
‫الرجعية الرة‬
‫ففي سؤال للسيد ممد سعيد الطباطبائي الكيم (الذي يقيم ف النجف الشرف) عن تعدد الرجعية ‪ ،‬يقول ‪ :‬ل‬
‫ريب انا من الالت الطبيعية ‪ ،‬بعد ان كانت أهلية الرجع للتقليد وأعلميته من المور الدسية القابلة للختلف‬
‫‪ .‬ويرى ‪:‬ان ف تعدد الراجع بعض اليابيات أحيانا ‪ ،‬لن وحدة الرجع قد تعرضه للندفاع ف الري على قناعا‬
‫ته من دون ترو وتثبت بنحو قد ل تمد عواقبه ‪ ،‬كما انا قد تضفي عليه هالة من الللة والقدسية تعل من‬
‫سيته سنة ثابتة ل يكن الروج عنها وتنع من النظرة الوضوعية لا وإخضاعها للنقد والتعديل ‪ ،‬بل قد يتعدى‬
‫‪ 16‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫ذلك لرائه الفقهية بنحو يعيق عملية الجتهاد من بعده ‪ ،‬ويقول ‪ :‬على كل حال ان الرجعية بكل سلبياتا تبقى‬
‫هي الل الفضل بعد ان تعذرت الثالية الكاملة بفقد الرجعية العصومة‪.‬‬
‫وبناء على ذلك يرفض الكيم فكرة الؤسسة الرجعية بشدة ويعب عن خشيته من تدخل القوة ف انتخاب الرجع‬
‫كما حدث ف مؤسسة اللفة ويؤكد على ضرورة بقاء الرية لكل شخص ف اختيار الرجع الذي يقلده ‪،‬‬
‫ويقول ‪ :‬ل بد من ابتناء الرجعية على الدلة الشرعية الت تصلح حجة بي يدي ال‪ .‬أما الرجعية الؤسساتية –‬
‫حيث يفترض انصار الشرعية بن تتاره – فل يكن فاعليتها دينيا ال بإقامة الدليل الشرعي الكاف عليها وعلى‬
‫جيع أركانا ومقوماتا ‪ ،‬مثل من له حق تشكيل اللجنة ‪ ،‬وتديد صلحيتها من حيث نصب الرجع فقط أو‬
‫الرقابة عليه او عزله اذا فقد الهلية ‪ ،‬وتديد عدد أعضائها ومرتبتهم من العلم والتقوى ‪ ،‬وكيف يعرف ذلك‬
‫فيهم ‪ ،‬وما هو الوقف عند اختلفهم … ال غي ذلك‪ .‬ث اذا كان الغرض من الرجعية الذكورة (الؤسساتية)‬
‫رفع الختلف فل بد من كون تلك الدلة قطعية إجاعية غي قابلة للتشكيك واللف ‪ ،‬ول يظن بأحد توهم‬
‫إمكان ذلك بعد ان مضى على عصر بيان التشريع أكثر من ألف عام من حي غيبة المام (عجل ال فرجه) وهل‬
‫من العقول ان يغيب المام (ع) عن شيعته غيبة يتوقع طول أمدها ‪ ،‬كما يظهر من النصوص ‪ ،‬من دون ان تتضح‬
‫لم معال مرجعيتهم ف أحكامهم الشرعية الت يبتلون با كل يوم ‪ ،‬بانتظار مرجعية تقترح بعد أكثر من ألف عام‬
‫ل يعلم من يقترحها ول كيف يقترحها؟‬
‫نن ل ننكر السلبيات للمرجعية الفردية الناشئة من عدم الضابط للتصدي للمرجعية ‪ ،‬ومن تعدد الرجعيات‬
‫وتباين وجهات النظر وعدم استفادة الرجعيات اللحقة من إمكانات الرجعيات السابقة وغي ذلك ‪ ،‬ال ان ذلك‬
‫ل ينبغي ان يؤجج العاطفة نو التغيي من دون موازنة بي البديلي ومقارنة إيابياتما وسلبياتما والتدبر ف‬
‫الصلح منهما والجدى عمليا ‪ ،‬فكم جر الندفاع العاطفي ال مآس وفجائع ل تدارك لا ‪ ،‬وان هذه الرجعية مع‬
‫ما فيها من سلبيات قد أثبتت جدارتا ف قيادة التشيع وتكامل كيانه ورفع شأنه والفاظ على واقعيته من دون ان‬
‫يسي ف ركب القوى العالية الفاعلة ويضع لا او يتجمد أمامها‪.‬‬
‫ويقول‪ :‬ان الرجعية الؤسساتية ل تر حت الن بالتجربة على أرض الواقع الشيعي ‪ ،‬ول يكن ان تر با ‪ ،‬ال انا‬
‫تبقى فكرة وأمنية تثار بسن نية او بسوء نية ضد الرجعية الفردية عند ملحظة السلبيات الت سبقت الشارة اليها‬
‫والت قد تضخم من أجل تأجيج العواطف ضدها للقضاء عليها او اتعابا ف مسيتا مع الغفلة او التغافل عن‬
‫سلبيات الرجعية الؤسساتية ‪ ،‬وأهها‪ :‬ان حصر حق القرار بؤسسة خاصة يمل النحرفي للتسلل ال تلك‬
‫الؤسسة ‪ ،‬لنم وحدهم القادرون على سلوك الطرق اللتوية من الغش والرشوة والكذب والتهريج والتشنيع‬
‫والتخويف ‪ ،‬وغي ذلك ما يترفع عنه ذوو البادئ وأهل الستقامة ‪ ،‬فاذا تسللوا وسهل عليهم السيطرة على‬
‫‪ 17‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫الؤسسة واستحصال قراراتا لصالهم بطرقهم اللتوية … يستطيعون حينئذ حرف مسيتا والتخلي عن مبادئها‬
‫ول يشوا إنكار النكرين بعد ان كان القرار لم وحدهم ول شرعية لديث غيهم ‪ ،‬ومن هنا يسهل على العداء‬
‫التسلل للمؤسسة بأنفسهم او بن يتعاون معهم من النحرفي ومرضى القلوب ث السيطرة عليها وتسييها‬
‫لصالهم‪.‬‬
‫ويكفينا عبة ودليل على ذلك ان ننظر ال الؤسسات الدينية لختلف الديان والنسانية والكومية والدولية‬
‫لنجدها قد انرفت عن أهدافها النبيلة الت كان من الفروض انا قد أسست من أجلها ‪ ،‬بل تلت عنها لتكون من‬
‫مؤسسات الشرور والفساد‪.‬‬
‫ان الرجعية الؤسساتية تسد الطريق على الغي فل يعترف به ‪ ،‬وان كان مقا ف دعوته ملصا ف عمله مستقيما ف‬
‫سلوكه ‪ ،‬فاذا انرفت خفي على الناس انرافها لعدم وجود حق ظاهر ليقارن با ويفضحها ‪ ،‬ولو ظهر انرافها‬
‫لبعض أهل العرفة والتمييز ل يدوا حقا يلجئون اليه ويستضيئون بنوره ول يقبل منهم النكار لنه خروج على‬
‫الشرعية الفروضة‪ .‬وبدة قليلة تضيع معال الق وتندرس آثاره ويفرض الباطل نفسه على أرض الواقع ويتحرك‬
‫كيف يشاء مستغل شرعيته الفروضة وليس ل ف مقابله دعوة ظاهرة ول حجة ناطقة‪.‬‬
‫وحسب تقديرنا فان الدعوة للمرجعية الؤسساتية دعوة غي عملية بعد فقدها للدليل الشرعي القاطع ‪ ،‬ول أثر لا‬
‫ال اتعاب الرجعية الفردية الرة الت تلك وحدها الشرعية… وكان الول بن يدعو للمرجعية الؤسساتية الن ‪،‬‬
‫تنبا لسلبيات الرجعية الفردية الرة ان يدعو بدل ذلك للواقعية والخلص وقوة التدين ف الرجع وف اليئة‬
‫العاملة معه مع الهتمام براعاة الوازين الشرعية ف الدعوة لتقليد الرجع وف الستجابة لتلك الدعوة من قبل‬
‫الؤمني‪ (.‬لزيد من التفصيل راجع كتاب ‪ :‬الرجعية الدينية وقضايا أخرى ‪ ،‬للسيد ممد سعيد الكيم)‬
‫وإضافة ال موقف السيد الكيم هذا ‪ ،‬يتخوف بعض الهتمي بالشؤون الرجعية من تول الؤسسة الدينية‬
‫القترحة ال مؤسسة تشبه الكنيسة ف السلم وتتكر الجتهاد وتفسي النصوص الدينية ‪ ،‬وهي عملية حرة‬
‫ومفتوحة أساسا ف السلم وعند الشيعة بالصوص ‪ ،‬ول يعهد با ال أية جهة خاصة ‪ ،‬وانا هي من حق أي‬
‫مسلم يد ف نفسه القدرة على البحث والتمحيص والجتهاد ‪ ،‬ويشون من تول الؤسسة اذا أقيمت ال مؤسسة‬
‫للمحافظة على تقاليد سلبية موروثة وتكريس أعراف وأفكار طارئة ‪ ،‬ويقولون ان الرجعية نفسها ل تكن موجودة‬
‫سابقا بذا الشكل وانا ولدت ف غياب الدولة ف ظروف استثنائية ‪ ،‬ويكن ان تتفي مع قيام الدولة الشيعية‬
‫وتشكيل الحزاب السياسية والنظمات الهلية وان ل ضرورة لستمرار الرجعية الدينية مع قيام الدولة الديثة‬
‫وبناء الؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية وهو أفضل بكثي ما كان يطمح اليه الطالبون بترشيد الرجعية او‬
‫‪ 18‬الرجعية الدينية الشيعية‪..‬دولة ف الدولة ‪ ..‬و نوذج للديوقراطية الشعبية‬

‫تويلها ال مؤسسة ‪ .‬وان من الطأ الكبي تضخيم دور رجال الدين ف الجتمع والسماح لم باليمنة على كافة‬
‫مرافق الياة‪.‬‬
‫ويطالب فريق آخر بتحول الرجعيات الدينية ف ظل الدولة السلمية ال أحزاب منظمة ذات اجتهادات‬
‫متخصصة ف متلف جوانب الياة وترشيح قادتا (الراجع) ال منصب المامة العليا او مالس الشورى ‪ ،‬وعدم‬
‫مارسة أي دور سياسي خارج الطار الدستوري او تكوين دولة داخل الدولة‪.‬‬
‫أما خارج حدود الدولة السلمية ‪ ،‬وحيث توجد أنظمة ديوقراطية فيمكن ان تندمج الرجعيات الدينية ف الياة‬
‫السياسية كأي حزب آخر وتقدم مرشحها لوض الياة النيابية ‪ ،‬أو تبقى بعيدة عن التفاصيل السياسية وتقوم‬
‫برعاية الجتمع ككل وتوجيه المة وإرشادها‪.‬‬
‫واذا كانت الرجعية الدينية تارس ف بعض الحيان ‪ ،‬ف الدول الديكتاتورية او عدم وجود دولة تقوم بأعمالا ‪،‬‬
‫نوعا من القيادة السياسية وجباية الخاس والزكوات وتوزيعها ‪ ،‬او تشكل دولة داخل الدولة او فوق الدولة ول‬
‫تعترف با ‪ ،‬فلن الدولة ف تلك الالة (الديكتاتورية او الفوضوية) ل تتلك الشرعية الدستورية الكافية لمارسة‬
‫أعمالا ‪ ،‬وتكون الرجعية أشبه بزب يقود العارضة او ياول تأسيس الدولة على أسس شرعية‪.‬‬

You might also like