You are on page 1of 16

‫‪http://www.themwl.org/Subjects/default.aspx?

d=1&l=AR&cid=7&cidi=42‬‬
‫رابطه العالم السلمي‬
‫صدر في مكة المكرمة‬
‫‪6/12/1425‬هـ ‪17/1/2005 /‬م‬

‫يييييي ييييييي‬
‫يييييييي‪ :‬يييييي‬
‫يييييييي‬

‫الملخص‬
‫نننن ننننن ننن ننننننن نننننن نن ننننننن ننن ننن‬
‫ننننن ننن نننننن ننن ننننننننن ننن نننن ننننن‬
‫ننن نننن نننن نننن نن ننننننن نننننننن ننننننننن‬
‫ننننننن ننننن ننننننن ننننن نننننننننن ننننننن‬
‫ننن ننننننن ننن ننننن ننننن نن ننننننن ننننن‬
‫‪..‬نننننن‬

‫ألنـــــــص‬
‫الحوار الحضاري والثقافي‪ :‬أهدافه ومجالته‬

‫ذو الحجة ‪ 1425‬هـ ‪ /‬يناير ‪ 2005‬م‬

‫الحمد ل رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على خاتم النبياء والمرسلين ‪ ،‬نبينا محمد بن عبدال‬
‫شيرًا‬
‫س َب ِ‬
‫ك ِإل َكاّفًة ِللّنا ِ‬
‫سْلَنا َ‬
‫‪ ،‬الذي أرسله ال إلى العالمين هاديًا ومبشرًا ونذيـرًا‪َ) :‬وَما َأْر َ‬
‫َوَنِذيرًا) )سبأ‪ ،(28 :‬أما بعد‪:‬‬
‫فبعون من ال سبحانه وتعالى ‪ ،‬وتوفيقه عقدت رابطة العالم السلمي مؤتمر مكة المكرمة‬
‫الخامس ‪ ،‬برعاية صاحب السمو الملكي المير عبد المجيد بن عبد العزيز آل سعود ‪ ،‬أمير‬
‫منطقة مكة المكرمة ‪ ،‬بعنوان ‪ " :‬الحوار الحضاري والثقافي‪ :‬أهدافه ومجالته " في الفترة‬
‫من اليوم الرابع‪ ،‬إلى اليوم السادس من شهر ذي الحجة ‪ ،‬من العام الهجري ألف وأربع مائة‬
‫وخمسة وعشرين ‪ ،‬التي توافقها الفترة ‪ ،‬من الخامس عشر إلى السابع عشر من شهر كانون‬
‫الثاني‪ /‬يناير من العام الميلدي ألفين وخمسة‪.‬‬
‫وأخذ المشاركون في المؤتمر في العتبار ما جّد في الساحتين السلمية والدولية ‪ ،‬من‬
‫تحديات‪ ،‬وفي مقدمة ذلك ‪:‬‬
‫سيطرة العولمة بتياراتها الساعية لطمس الهويات والثقافات الوطنية للشعوب وتجاوز‬
‫خصوصياتها‪.‬‬
‫أوًل‪ :‬ظهور دعوات تؤكد على حتمية صدام الحضارات‪ ،‬والعلن عن نظريات متطرفة تؤكد‬
‫على ذلك‪ ،‬وتظهر السلم بصورة العدو الجديد‪ ،‬الذي حل محل الشيوعية‪.‬‬
‫ثانيًا ‪ :‬حدوث اضطراب في العلقات والموازين والقيم والمصالح الدولية والنسانية‪ ،‬بعد أحداث‬
‫الحادي عشر من سبتمبر في الوليات المتحدة المريكية‪.‬‬
‫ثالثًا ‪ :‬تصاعد الحملة العلمية في الغرب على السلم والمسلمين‪ ،‬وعلى المنظمات‬
‫السلمية‪ ،‬ومؤسسات العمل الخيري السلمي‪ ،‬وفق سياسة تتصل بدوافع الكراهية والتمييز‪،‬‬
‫وتفتقر إلى الموضوعية‪.‬‬

‫رابعًا ‪ :‬وقد ناقش أصحاب السماحة والفضيلة العلماء وأساتذة الجامعات والباحثون المشاركون‬
‫في المؤتمر عددًا من البحوث التي تناولت محاور المؤتمر‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫المحور الول ‪ :‬الحوار الحضاري والثقافي في السلم‪.‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬علقة الحضارة والثقافة السلمية بغيرها من الحضارات والثقافات‪.‬‬
‫الحوار الحضاري والثقافي في مواجهة التحديات‪.‬‬
‫المحور الثالث ‪ :‬آفاق الحوار بين الحضارات والثقافات‪.‬‬
‫المحور الرابع ‪ :‬المنظمات والقليات السلمية والحوار الحضاري والثقافي‪.‬‬

‫وتوصلوا في هذه المحاور إلى ما يلي ‪:‬‬

‫المحور الول‪ :‬الحوار الحضاري والثقافي في السلم‬

‫أوًل‪ :‬السلم دين الحوار ‪:‬‬


‫‪1‬ـ يؤكد مؤتمر مكة المكرمة الخامس أن السلم دعا منذ ظهوره إلى الحوار بين الحضارات‪،‬‬
‫وقد اتخذ النبي صلى ال عليه وسلم من العقــل والحكمة ‪ ،‬والمجادلة بالحسنى أساسًا ومنهاجًا‬
‫لحوار المخالفيـن ودعوتهم إلى السلم وفق ضوابط فريدة في التسامح وتقبل التنوع الثقافي‬
‫والحضاري‪.‬‬
‫‪2‬ـ خص السلم أهل الكتاب بالمزيد من الدعوة إلى الحوار )ُقْل َيا َأْهَل اْلِكَتابِ َتَعاَلْوا ِإَلى َكِلَمٍة‬
‫سَواٍء َبْيَنَنا َوَبْيَنُكْم ) )آل عمران‪.( 64 :‬‬ ‫َ‬
‫‪3‬ـ ل توجد في السلم مشكلة في التعامل مع الطراف الخرى ‪ ،‬فهو دين أنزله خالق الناس‪ ،‬ل‬
‫س ِإّنا خََلْقَناُكْم‬
‫يفــرق بينهم ول يميز أحدًا على أحـد إل بالتقوى ‪ ،‬والعمل الصالح ‪َ ) :‬يا َأّيَها الّنا ُ‬
‫ل َأْتَقاُكْم ) )الحجرات‪.(13 :‬‬ ‫عْنَد ا ِّ‬
‫ن َأْكَرَمُكْم ِ‬
‫شُعوبًا َوَقَباِئَل ِلَتَعاَرُفوا ِإ ّ‬
‫جَعْلَناُكْم ُ‬
‫ن ذََكٍر َوُأْنَثى َو َ‬
‫ِم ْ‬
‫ب ديني تمليه مهمة التعريف بالسلم والدعوة إليه‪ ،‬ويؤكده وجوب إزالة‬ ‫‪4‬ـ إن الحوار واج ٌ‬
‫سوء الفهم والتصورات الخاطئة التي تروج عن السلم‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬قواعد إسلمية للحوار والتعايش بين المم والشعوب المختلفة ‪:‬‬
‫يؤكد المؤتمر أن في السلم مبادئ عادلة في بناء العلقات الدولية ‪ ،‬ويدعو مؤسسات الحوار‬
‫والمهتمين به في العالم للطلع عليها ‪ ،‬والستفادة منها ‪ ،‬ومن أهمها ‪:‬‬
‫ن آَياِتِه خَْل ُ‬
‫ق‬ ‫‪ -1‬تمايز المم والشعوب واختلفها أمر طبعي ‪ ،‬وهو آية من آيات ال تعالى‪ ) :‬وَِم ْ‬
‫ن ) )الروم‪ (22 :‬وهذا‬ ‫ك لياتٍ ِلْلَعاِلِمي َ‬ ‫ن ِفي َذِل َ‬ ‫سَنِتُكْم َوَأْلَواِنُكْم ِإ ّ‬ ‫ف َأْل ِ‬
‫خِتل ُ‬ ‫ض َوا ْ‬ ‫ت َواَلْر ِ‬ ‫سَماَوا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫عًة َوِمْنَهاجًا َوَلْو‬ ‫شْر َ‬ ‫جَعْلَنا ِمْنُكْم ِ‬‫التمايز في الخلقة يستتبع اختلفًا في الثقافات والنظم ‪ِ) :‬لُكّل َ‬
‫ن ِلَيْبُلَوُكْم ِفي َما آَتاُكْم ( )المائدة‪.(48 :‬‬ ‫حَدةً َوَلِك ْ‬ ‫جَعَلُكْم ُأّمًة َوا ِ‬‫ل َل َ‬‫شاَء ا ُّ‬‫َ‬
‫ي ( )البقرة‪َ ) ،(256 :‬وَلْو‬ ‫ن اْلَغ ّ‬‫شُد ِم َ‬‫ن الّر ْ‬ ‫ن َقْد َتَبّي َ‬‫‪ -2‬عـدم الكراه في الدين ‪ ) :‬ل ِإْكَراهَ ِفي الّدي ِ‬
‫ن ) )يونس‪:‬‬ ‫حّتى َيُكوُنوا ُمْؤِمِني َ‬ ‫ت ُتْكِرُه الّناسَ َ‬ ‫جِميعًا َأَفَأْن َ‬ ‫ض ُكّلُهْم َ‬ ‫ن ِفي اَلْر ِ‬ ‫ن َم ْ‬
‫ك لَم َ‬‫شـَـاَء َرّب َ‬
‫‪.(99‬‬
‫‪ -3‬السلم والتعاون على البر هو الصل في العلقة بين المسلمين وغيرهم ‪ ،‬والترغيب في‬
‫عَلى‬ ‫ح لََها َوَتَوّكْل َ‬ ‫جَن ْ‬
‫سْلِم َفا ْ‬‫حوا ِلل ّ‬ ‫جَن ُ‬
‫ن َ‬ ‫السلم وتحقيق المن للناس غاية كبرى في السلم ‪َ) :‬وِإ ْ‬
‫ل ) )النفال‪.(61 :‬‬ ‫ا ِّ‬
‫سَواٍء َبْيَنَنا َوَبْيَنُكْم‬‫‪ -4‬الحوار يهدف إلى الوصول إلى الحق ‪ُ) :‬قْل َيا َأْهَل اْلِكَتابِ َتَعاَلْوا ِإَلى َكِلَمٍة َ‬
‫ن َتَوّلْوا َفُقوُلوا‬ ‫ل َفِإ ْ‬
‫ن ا ِّ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫ضَنا َبْعضًا َأْرَبابًا ِم ْ‬ ‫خذَ َبْع ُ‬ ‫شْيئًا َول َيّت ِ‬ ‫ك ِبِه َ‬ ‫شِر َ‬ ‫ل َول ُن ْ‬ ‫أل َنْعُبَد ِإل ا َّ‬
‫ن ) )آل عمران‪.(64 :‬‬ ‫سِلُمو َ‬ ‫شَهُدوا ِبَأّنا ُم ْ‬ ‫ا ْ‬
‫‪ -5‬الوفــاء بالعهود واللتزام بالعقود ‪ ،‬من القواعد السلمية التي يوجب السلم على‬
‫ن َبْعَد َتْوِكيدَِها َوَقْد جََعْلُتُم‬ ‫ضوا اَلْيَما َ‬ ‫عاَهدُْتْم َول َتْنُق ُ‬ ‫ل ِإَذا َ‬ ‫المسلمين التقيد بها‪َ) :‬وَأْوُفوا ِبَعْهدِ ا ِّ‬
‫ن ( )النحل‪.(91 :‬‬ ‫ل َيْعَلُم َما َتْفَعُلو َ‬ ‫ن ا َّ‬ ‫ل ِإ ّ‬
‫عَلْيُكْم َكِفي ً‬
‫ل َ‬ ‫ا َّ‬
‫ن(‬ ‫حَمًة ِلْلَعاَلِمي َ‬‫ك ِإل َر ْ‬ ‫سْلَنا َ‬
‫‪ -6‬رسالة السلم رسالة عالمية‪ ،‬تحمل الرحمة للنسانية ‪َ ) :‬وَما َأْر َ‬
‫)النبياء‪.(107 :‬‬

‫ثالثًا ‪ :‬ضوابط للمحاورين المسلمين‬


‫أوًل‪ :‬إن حوار المسلمين مع أتباع الحضارات ضرورة ملحة‪ ،‬إذا أريد تجنيب العالم أخطار‬
‫المجابهات والحروب‪ ،‬وهذه الضرورة لها ضوابط شرعية‪ ،‬وقواعد خلقية في السلم‪َ) ،‬ول‬
‫ظَلُموا ِمْنُهْم َوُقوُلوا آَمّنا ِباّلِذي ُأنِْزَل ِإَلْيَنا َوُأْنزَِل‬
‫ن َ‬ ‫ن َِإل اّلِذي َ‬
‫سُ‬‫ح َ‬ ‫ي َأ ْ‬
‫ب ِإل ِباّلِتي ِه َ‬ ‫جاِدُلوا َأْهَل اْلِكَتا ِ‬
‫ُت َ‬
‫ن ( )العنكبوت‪.(46 :‬‬ ‫سِلُمو َ‬
‫ن َلُه ُم ْ‬
‫حُ‬ ‫حدٌ َوَن ْ‬‫ِإَلْيُكْم َوِإَلُهَنا َوِإَلُهُكْم َوا ِ‬
‫ثانيًا‪ :‬ينبغي أن تكون للحوار أسس مشتركة لدى مختلف الطراف السلمية‪ ،‬تحدد أهدافه‬
‫ومراميه وضوابطه‪ ،‬حتى يحقق الغراض التي توخاها السلم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ينبغي أن يبدأ الحوار بالتركيز على التعاون في المجالت الجتماعية العامة كالعدل‪،‬‬
‫والسلم‪ ،‬والتضامن في محاربة الوبئة الجتماعية كالمخدرات والكحول‪ ،‬وضمان كيان السرة‪،‬‬
‫ومنع الفساد بكل أشكاله ‪ ،‬ويجب أن يكون الطرف السلمي في الحوار‪ ،‬قادرًا على إبراز وجهة‬
‫النظر السلمية‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬إن طغيان الحياة المادية وسيطرة اللة على النسان أفرز رد الفعل المتوقع‪ ،‬فاتجه‬
‫الناس إلى الفكار والنظريات الروحية الغالية كالبوذية والهندوكية والكابال‪ ،‬ويمكن للمحاور‬
‫ل‬
‫ك ا ُّ‬ ‫المسلم أن يقدم الصورة السلمية للتوازن والتكامل بين الروح والجسد‪َ) :‬واْبَتِغ ِفيَما آَتا َ‬
‫ض‬
‫ساَد ِفي اَلْر ِ‬
‫ك َول َتْبِغ اْلَف َ‬
‫ل ِإَلْي َ‬
‫ن ا ُّ‬
‫سَ‬
‫ح َ‬
‫ن َكَما َأ ْ‬
‫سْ‬ ‫ح ِ‬
‫ن الّدْنَيا َوَأ ْ‬
‫ك ِم َ‬ ‫صيَب َ‬
‫س َن ِ‬
‫خَرَة َول َتْن َ‬
‫لِ‬
‫الّداَر ا ْ‬
‫ن ( )القصص‪.(77 :‬‬ ‫سِدي َ‬
‫ب اْلُمْف ِ‬
‫ح ّ‬ ‫ل ل ُي ِ‬ ‫ن ا َّ‬‫ِإ ّ‬
‫خامسًا‪ :‬أن يتحقق الفهم الموضوعي لدى المحاور للنواحي القتصادية وإبراز مبادئ السلم‬
‫المتعلقة بالقتصاد والتجارة بين الناس‪ ،‬ومحاربة السيطرة والستغلل والحتكار وغيرها من‬
‫النحرافات التي تفسد حياة النسان وتقود للخلل والزمات‪.‬‬

‫وإذ يبين مؤتمر مكة المكرمة الخامس‪ ،‬موقف السلم من الحوار‪ ،‬وقواعده التي تضمن‬
‫التعاون والحرية والحسان إلى الناس والسلم والمن للبشرية‪ ،‬فإنه يوصي المانة العامة‬
‫لرابطة العالم السلمي وغيرها من المنظمات السلمية الرسمية والشعبية بما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ إعداد مشروع لميثاق إسلمي للحوار بين الحضارات والثقافات النسانية‪ ،‬يحدد مرجعية‬
‫إسلمية واحدة تكون مسؤولة عن الحوار وتتفق عليها المنظمات والهيئات الرسمية والشعبية‬
‫في المة السلمية‪ ،‬وعرضه على الملتقى الول لعلماء المسلمين والجتماع الول للهيئة العليا‬
‫للتنسيق بين المنظمات السلمية‪ ،‬اللذين ستعقدهما الرابطة في العام الهجري ‪1426‬هـ ‪ ،‬على‬
‫أن يتضمن‪:‬‬
‫× أهداف حوار المسلمين مع غيرهم‪.‬‬
‫× تكوين هيئة إسلمية مشتركة للحوار مع أتباع الحضارات والثقافات البشرية لمتابعة شؤون‬
‫الحوار وتنشيطه‪.‬‬
‫× تحقيق التعاون السلمي في نشر ثقافة الحوار ومبادئه وقواعده بين المم‪ ،‬كما جاءت بها‬
‫رسالة السلم‪ ،‬وذلك من خلل برامج وخطط إسلمية مشتركة‪.‬‬
‫‪2‬ـ دعوة وزارات الثقافة والعلم في البلدان السلمية لحث وسائلها المرئية والمسموعة‬
‫والمقروءة على خدمة الحوار‪ ،‬ونشر برامجه ومنجزاته الميدانية‪ ،‬والتعريف بقواعده‬
‫وضوابطه وأهدافه النسانية التي حث عليها السلم وتتولى الرابطة التنسيق في هذا الشأن‪.‬‬
‫‪ .3‬تخصيص جائزة سنوية تقدم لمن لهم إسهام متميز في الحوار بين الحضارات وجعله وسيلة‬
‫للتفاعل الحضاري بين الشعوب النسانية تقدمها رابطة العالم السلمي‪.‬‬
‫‪ .4‬إصدار كتاب شامل عن الحوار بين الحضارات من وجهة النظر السلمية ‪ ،‬وتعميمه بلغات‬
‫مختلفة على المنظمات واللجان والجامعات ومراكز البحوث المهتمة بالحوار في العالم‪.‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬علقة الحضارة والثقافة السلمية بغيرها من الحضارات والثقافات‬

‫أوًل‪ :‬الحوار في الحضارة السلمية‬


‫يؤكد المؤتمر في مجال العلقة بين الحضارة السلمية وغيرها من الحضارات على ما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن الحوار بين السلم والحضارات المختلفة لم ينقطع منذ فجر السلم‪ ،‬فقد حاور‬
‫المهاجرون المسلمون النصارى في الحبشة ‪ ،‬واستقبل الرسول عليه الصلة والسلم وفد‬
‫نصارى نجران في المدينة المنورة وحاورهم في أمور الدين‪ ،‬وكان الحوار وسيلة فعالة أدت‬
‫إلى إبرام العديد من العهود والتفاقات‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن من أوائل الخطوات التي اتخذها الرسول صلى ال عليه وسلم في إقامة الدولة السلمية‬
‫الولى إصدار ) وثيقة المدينة ( أو عهد المدينة‪ ،‬التي حددت لمجتمع المدينة رسالته في دعم‬
‫الحق والخير‪ ،‬فكانت أسبق في إنسانيتها العالمية من القوانين والمعاهدات العالمية‪.‬‬
‫‪3‬ـ عدم وجود عقبات عقدية تمنع المسلمين من الدخول في الحوار؛ لن القرآن الكريم يحث‬
‫ن(‬‫سُ‬
‫ي َأحْ َ‬
‫ب ِإل ِباّلِتي ِه َ‬
‫جادُِلوا َأْهَل اْلِكَتا ِ‬
‫على هذا الحوار ويضع له إطاره الخلقي ‪َ ) :‬ول ُت َ‬
‫)العنكبوت‪.(46 :‬‬
‫‪4‬ـ أن الحوار يتجه إلى تحقيق التعاون في تحقيق القيم والمصالح المشتركة ‪ ،‬ويحرص على‬
‫فتح قنوات التصال للفادة من التجربة النسانية في مجالتها الواسعة‪.‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الصول النسانية المشتركة للحوار‪:‬‬


‫‪ -1‬اليمان بأن أصل البشر واحد ‪ ،‬فكلهم يعودون إلى أب واحد ‪ ،‬وأم واحدة ‪ ،‬فل تفاضل بين‬
‫س َواحَِدٍة َوخََل َ‬
‫ق‬ ‫ن َنْف ٍ‬ ‫خَلَقُكْم ِم ْ‬
‫س اّتُقوا َرّبُكُم اّلِذي َ‬ ‫الجناس ‪ ،‬ول استعلء بالنساب ‪َ) :‬يا َأّيَها الّنا ُ‬
‫ساًء ( )النساء‪.(1 :‬‬ ‫جاًل َكِثيرًا َوِن َ‬‫ث ِمْنُهَما ِر َ‬ ‫جَها َوَب ّ‬‫ِمْنَها َزْو َ‬
‫‪ -2‬رفض العنصرية والعصبيــة وادعاء النقــاء العنصري ‪ .‬ففي الحديث الشريف ‪" :‬ل فضل‬
‫لعربي على عجمي إل بالتقوى " ‪.‬‬
‫‪ -3‬سلمـة الفطرة النسانية في أصلها ‪ ،‬وأن النسان خلق محبًا للخير مبغضًا للشر ‪ ،‬يركن إلى‬
‫ل ) )الروم‪.(30 :‬‬ ‫خْلقِ ا ِّ‬ ‫عَلْيَها ل َتْبِديَل ِل َ‬
‫س َ‬ ‫طَر الّنا َ‬ ‫ل اّلِتي َف َ‬‫ت ا ِّ‬‫طَر َ‬‫العدل‪ ،‬وينفر من الظلم ‪ِ) :‬ف ْ‬
‫عَلى اْلِبّر‬
‫‪ -4‬التعاون في مجالت الخير والبر والمصالح المشتركة المشروعة ‪َ ) :‬وَتَعاَوُنوا َ‬
‫ن ( )المائدة‪.(2 :‬‬ ‫عَلى اِلْثِم َواْلُعْدَوا ِ‬ ‫َوالّتْقَوى َول َتَعاَوُنوا َ‬

‫> وإذ لحظ المؤتمر حاجة العالم إلى الحوار من أجل التفاهم على صيغ تحول دون الصدام بين‬
‫الحضارات‪.‬‬
‫> وإذ تابع حملت الكراهية التي تشنها مؤسسات إعلمية وثقافية وسياسية غربية على‬
‫السلم‪.‬‬
‫> فإنه يوصي رابطة العالم السلمي والمنظمات السلمية الرسمية والشعبية بما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ دعوة مؤسسات الحوار الدولية ولجانه ومنتدياته للنطلق في الحوار من المبادئ التي‬
‫نصت عليها المواثيق والتفاقات الدولية لتحقيق التكافؤ بين الشعوب في الحقوق‪ ،‬وضمان‬
‫حرياتها‪ ،‬وحماية ثقافاتها‪.‬‬
‫‪2‬ـ مطالبة المؤسسات الغربية التي تمارس مناشط تبشيرية‪ ،‬بعدم التدخل في عقائد المسلمين‬
‫أو تشكيكهم بدينهم‪ ،‬ومنحهم الغراءات للتحول عنه‪ ،‬أو الستخفاف به‪.‬‬
‫‪3‬ـ مطالبة المؤسسات الدولية وفي مقدمتها هيئة المم المتحدة بالقيام بواجباتها‪ ،‬في منع‬
‫الترويج لكراهية الشعوب‪ ،‬وإبطال النظريات العنصرية والشعوبية الفاسدة التي تحض معتنقيها‬
‫وأتباعها على كراهية الخرين‪ .‬؟يطالب المؤتمر هيئة المم المتحدة ودول العالم بأن ل تسمح‬
‫لي دولة بأن تنفرد بإصدار قانون يمتد تطبيقه إلى مختلف أنحاء العالم‪ ،‬وذلك انسجامًا مع‬
‫القانون الدولي‪ ،‬وقوانين المنظمات الدولية التي ل تجيز لدولة أن تتدخل في شؤون الدول‬
‫الخرى‪ ،‬أو أن تسن قانونًا يتعدى تطبيقه دائرتها القليمية‪.‬‬

‫المحور الثالث‪ :‬الحوار الحضاري والثقافي في مواجهة التحديات‪:‬‬

‫تدارس المؤتمر واقع العلقات بين المم في عالمنا المعاصر ‪ ،‬وما برز من عقبات وتحديات‬
‫ضد التعايش ‪ ،‬وتوقف عند الكوارث التي حّلت بالنسانية في القرن العشرين ‪ ،‬ومنها كارثتا‬
‫الحربين العالميتين الولى والثانية ‪ ،‬اللتان أودتا بحياة المليين من بني النسان‪ ،‬وما يزال‬
‫الواقع الدولي ينذر بالمزيد من الشرور والحروب‪.‬‬
‫ويرجع أسباب ذلك إلى تغليب العتبارات المادية والمصلحية على حساب القيم والمبادئ‪ ،‬وأكد‬
‫أن حسابات المصالح والقيم الذرائعية غلبت المبادئ والقيم في الحضارة المعاصرة‪.‬؟وتوقف‬
‫المؤتمر عند المرحلة الستعمارية الغربية لمعظم البلدان السلمية ومحاولت طمس هوية‬
‫المسلمين‪ ،‬وخاصة في الجوانب التالية ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الجانب الديني‪ ،‬وهو ما عبر عنه قادة الستعمار في العصر الحديث بدءًا من حملة نابليون‬
‫بونابرت على مصر‪ ،‬وانتهاء بتصريحات عدد من المسؤولين الغربيين التي أساءت إلى السلم‬
‫والمسلمين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‪.‬‬
‫‪2‬ـ الجانب الثقافي‪ ،‬حيث عمل الغرب على فرض ثقافته ومناهجه‪ ،‬مقابل تقليص التعليم‬
‫السلمي‪،‬‬

‫وفتح مدارس التنصير‪ ،‬وإعداد مثقفين متغربين‪.‬‬


‫‪3‬ـ الجانب القتصادي‪ ،‬وذلك بالسيطرة على خيرات الشعوب ونهب ثرواتها‪.‬‬
‫وأعرب المؤتمر عن تخوفه على السلم العالمي في ظل هذه التحديات‪ ،‬والتي يأتي في مقدمتها‬
‫تأثر بعض الدوائر في الغرب بالمصالح المحلية المؤقتة‪ ،‬والصد عن التعاون مع الشعوب‬
‫الخرى‪ ،‬ومنها ما تتعرض له شعوب المة السلمية ودولها في حملت ثقافية وإعلمية‬
‫شرسة من مؤسسات غربية عديدة‪ ،‬دأبت على وسم السلم بالرهاب وشرائعه السمحة‬
‫بالتطرف والهمجية‪.‬‬
‫والمؤتمر إذ يشير إلى خطورة الحملت التي تسعى إلى الترويج للصدام بين الحضارات‬
‫المعاصرة والسلم‪ ،‬فإنه يعرب عن الستنكار البالغ تجاه تصاعد موجات العداء والكراهية‬
‫للسلم‬

‫والمسلمين في أنحاء عديدة من العالم‪.‬‬


‫ويؤكد ما أعلنته مجالس الرابطة ومؤتمراتها‪ ،‬وكذلك ما أعلنته الحكومات والمنظمات‬
‫السلمية من أن الرهاب ظاهرة عالمية تستوجب جهودًا دولية لحتوائها والتصدي لها بروح‬
‫الجدية والمسؤولية والنصاف من خلل عمل دولي متفق عليه في إطار المم المتحدة‪ ،‬يحدد‬
‫تعريف الرهاب تحديدًا سليمًا؛ ويعالج أسبابه ويكفل القضاء على هذه الظاهرة ويصون حياة‬
‫البريــاء‪ ،‬ويحفظ للدول سيادتها‪ ،‬وللشعوب استقرارها‪ ،‬وللعالم سلمته وأمنه‪.‬‬
‫> وإذ يؤكد المؤتمر أن الترويج للصدام بين الحضارات خطر على المن والسلم في العالم‪،‬‬
‫وأنه يتنافى مع مواثيق هيئة المم المتحدة فإنه يوصي رابطة العالم السلمي والمنظمات‬
‫السلمية الرسمية والشعبية بما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ الرد على مروجي نظريات الصدام بين الحضارات من خلل وسائل العلم المختلفة ونشر‬
‫الكتب في نقض تلك النظريات وبيان خطرها على المن والسلم في العالم وتوزيعها باللغات‬
‫العالمية‪.‬‬

‫‪2‬ـ الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي في إحدى العواصم الغربية حول ‪ ) :‬أخطار نظريات الصدام‬
‫بين الحضارات على المن والسلم في العالم ( وإشراك عدد من القيادات الدينية والثقافية‬
‫والسياسية وأساتذة الجامعات الغربيين في المؤتمر‪ ،‬بالضافة إلى إشراك ممثلين عن المنظمات‬
‫الدولية الكبرى‪.‬‬
‫‪3‬ـ دعوة حكومات العالم إلى التفاق على تعريف موحد للرهاب‪ ،‬وتطبيق برامج مكافحة هذه‬
‫الظاهرة من خلله‪ ،‬ضمانًا لعدم الخروج عن مقاصد هذه المكافحة‪.‬‬

‫المحور الرابع ‪ :‬آفاق الحوار الحضاري ومجالته ‪:‬‬

‫تدارس المؤتمر سبل التعاون بين الدول‪ ،‬ودعا إلى الستفادة مما قرره السلم بشأن إقامة‬
‫علقات دولية ترتكز على العدل ونشر السلم ‪ ،‬وتوفير السعادة للنسان ‪ ،‬وإذ يؤكد المؤتمر‬
‫أهمية مواجهة الخطار التي تهدد البشرية ‪ ،‬فإنه يؤكد على ما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ أن المن والرفاه للشعوب كافة‪ ،‬ل يتحقق إل بتعاون عالمي ‪ ،‬وبرنامج دولي تسهم في‬
‫إنجازه مختلف الدول والشعوب‪ ،‬والقوى المحبة للخير في العالم‪ ،‬بحيث تشارك في إيجاد صيغة‬
‫لتحقيق سلم ‪ ،‬واقتصاد عالميين عادلين متوازنين‪.‬‬
‫‪2‬ـ أن إيجاد نظام عالمي متوازن أساسه العدل وتحقيق المصالح المشتركة بين شعوب العالم‬
‫على نحو متكافئ‪ ،‬يستوجب احترام إرادة الشعوب‪ ،‬وحقها المشروع في الحرية والستقلل‬
‫والمن‪ ،‬وتقرير مصيرها‪.‬‬

‫‪3‬ـ أن تعاون الناس في مجالت الخير لبناء مجتمع عالمي تحكمه القيم الصحيحة‪ ،‬وتتحقق فيه‬
‫عَلى اْلِبـّر‬
‫تنمية شاملة يستفيد منها النسان‪ ،‬مما حث عليه دين السلم‪ ،‬قال تعالى‪َ ) :‬وَتَعاَوُنوا َ‬
‫ب) )المائدة‪.(2 :‬‬ ‫شِديُد اْلِعَقا ِ‬
‫ل َ‬
‫ن ا َّ‬
‫ن َواّتُقوا الَّ ِإ ّ‬
‫عَلى اِلْثِم َواْلُعدَْوا ِ‬
‫َوالّتْقـَوى َول َتَعاَوُنوا َ‬
‫‪4‬ـ أن بناء السرة السليمة وفق الروابط الشرعية في العلقات بين الجنسين‪ ،‬يعد أساسًا لبناء‬
‫مجتمعات إنسانية قوية وصحية ونظيفة‪ ،‬وهذا ينبغي أن يكون في مقدمة برامج التعاون‬
‫الدولي‪.‬‬
‫‪5‬ـ محاربــة الباحية والشذوذ والمخدرات والشرور والموبقات ‪ ،‬ومعالجة آثارها السلبية على‬
‫المجتمعات النسانية‪.‬‬

‫‪6‬ـ معالجة مشكلت الفقر والجهل والمرض والكوارث المختلفة‪ ،‬ومساعدة الشعوب المحتاجة‬
‫والتعاون في مجالت التنمية التي تهم النسان‪.‬‬

‫المحور الخامس‪ :‬المنظمات والقليات السلمية والحوار الحضاري والثقافي‬


‫نظرًا لهمية التنسيق لنجاز برامج الحوار الحضاري والثقافي وتحقيق أهدافه السلمية‪ ،‬فإن‬
‫المؤتمر يؤكد على أهمية التشاور والتعاون بين المنظمات السلمية الشعبية والرسمية‪،‬‬
‫والتنسيق فيما بينها في مجال الحوار والتواصل مع المنظمات والمنتديات الدولية المهتمة‬
‫بالحوار وبقضايا النسان‪ ،‬ويوصي بما يلي‪:‬‬
‫‪1‬ـ الدعوة إلى التعاون والحوار مع الجهات والمراكز الحضارية والثقافية السيوية والفريقية‪،‬‬
‫بغية تعزيز التفاهم والتعاون لصد نزعات السيطرة والتحكم بمقدرات الشعوب‬
‫الضعيفة‪.‬‬

‫‪2‬ـ أييد قيام المنتدى العالمي للحوار الحضاري‪ ،‬الذي أعدت رابطة العالم السلمي مشروعًا‬
‫لنشائه ودعوة الجهات السلمية المعنية بالحوار للتنسيق معها ‪ ،‬والحرص على وحدة‬
‫الموقف السلمي في القضايا التي تعالجها منتديات الحوار‪.‬‬

‫‪3‬ـ نظيم ندوات ودورات علمية وثقافية لعداد المحاورين المسلمين إعدادًا يجعلهم مؤهلين‬
‫لتحمل مسؤولياتهم‪ ،‬وقادرين على متابعة التطورات السياسية والثقافية‪ ،‬وعلى تقديم مقترحات‬
‫لتطوير العلقة بين المسلمين وبين غيرهم لما فيه مصلحة النسانية‪.‬‬
‫‪4‬ـ تعزيز التواصل مع المنظمات الدولية‪ ،‬والقليمية والمحلية‪ ،‬التي تؤمن بالقيم والداب‬
‫العامة‪ ،‬وذلك بهدف التعاون على صد تيار الفساد والنحراف الذي من شأنه أن يهدد مستقبل‬
‫البشرية‪.‬‬

‫‪5‬ـ تشجيع القليات السلمية في قارات العالم على العمل داخل مجتمعاتها على توضيح صورة‬
‫السلم الصحيحة‪ ،‬وتحقيق ذلك من خلل التواصل مع المؤسسات الثقافية والجتماعية في‬
‫بلدانها‪.‬‬
‫‪http://www.mafhoum.com/press3/90C31_files/22,3,2002,010.htm‬‬

‫موقع الشرق الوسط‬


‫جريده العرب الدوليه‬
‫الرأي‬
‫‪ 22‬مارس ‪2002‬‬

‫هل حوار الحضارات ممكن‪ ،‬وكيف؟‬


‫هاشم صالح‬

‫بعد تفجيرات ‪ 11‬سبتمبر اصبحت العلقة مع العالم العربي ـ‬


‫السلمي الشغل الشاغل لمثقفي فرنسا والغرب بشكل عام‪.‬‬
‫ويرى جان دانييل‪ ،‬رئيس تحرير مجلة »النوفيل اوبسرفاتور«‬
‫ان المثقفين اتخذوا مواقف متباينة من هذه المسألة ليس‬
‫فقط مؤخرا‪ ،‬وانما على مدار القرنين الماضيين ايضا‪ ،‬فمثل‬
‫كان فيكتور هيغو قد اطلق صرخته المدوية بعد استعمار‬
‫الجزائر قائل‪ :‬انها الحضارة تنتصر على البربرية‪ .‬نحن اغريق‬
‫العالم وعلينا تنويره! بالطبع ينبغي ان نموضع هذا التصريح‬
‫ضمن سياق تلك الفترة لكيل نظلم فيكتور هيغو اكثر مما‬
‫ينبغي‪ .‬ولكن في ذات الوقت كان عالم النثربولوجيا ليفي‬
‫بريل يبلور مصطلح العقلية البدائية لكي يبرر الستعمار بشكل‬
‫غير مباشر‪ .‬ففي رأيه ان الغرب هو وحده الذي توصل الى‬
‫الفكر العقلني او المنطقي‪ ،‬واما بقية الشعوب فل تزال‬
‫تعيش في مرحلة العقلية ما قبل المنطقية‪ .‬وبالتالي فما‬
‫عليها ال ان تمر بنفس المراحل التطورية لكي تلحق بالغرب‪.‬‬
‫وبما انها ل تستطيع ان تفعل ذلك لوحدها‪ ،‬فإنه ينبغي على‬
‫الغرب ان يساعدها اي ان يستعمرها!‪ .‬ولكن بعد الخمسينات‪،‬‬
‫وبعد ان ابتدأت الشعوب تتحرر من الستعمار‪ ،‬راح عالم‬
‫انثربولوجي آخر يقول العكس‪ .‬ففي رأي كلود ليفي ستروس‬
‫انه ل توجد ثقافة عليا وثقافة دنيا‪ ،‬وانما جميع الثقافات‬
‫متساوية وينبغي ان نحترم خصوصياتها واختلفها‪ .‬وكلها‬
‫تستحق لقب الحضارة‪ .‬ولكن يبدو ان ليفي ستروس غّير رأيه‬
‫مؤخرا عندما اعترف بمديونّيته ومديونية البشرية كلها‬
‫لمخترعي الفكر النقدي او العلمي في اوروبا‪ .‬وقال من‬
‫المستحب ان تتوصل جميع الشعوب الى مرحلة الفكر النقدي‬
‫او التنويري‪.‬‬

‫ولكن هل يعني ذلك انه يحق لمريكا او للغرب كله ان يدعي‬


‫امتلك الحقيقة المطلقة وان يتدخل في شؤون الشعوب‬
‫الخرى كما يشاء ويشتهي؟ على هذا السؤال يجيب جان‬
‫دانييل بالنفي‪ .‬واما فيليب رينو‪ ،‬استاذ العلوم السياسية في‬
‫جامعة باريس فيرى ما يلي‪ :‬ينبغي على الديمقراطيات الحديثة‬
‫ان تقبل بوجود صراع طويل المد مع القوى الماضوية التي‬
‫ترفض قيم الغرب بشكل مطلق‪ .‬ولكن في ذات الوقت ينبغي‬
‫علينا ان نقيم علقات ايجابية مع القوى الخرى الموجودة في‬
‫نفس المجتمعات والتي تقبل بالفكار الحديثة‪ .‬اما صوفي‬
‫بتييس المؤرخة والصحافية الفرنسية فترفض اطروحة‬
‫صموئيل هانتنغتون عن صراع الحضارات‪ .‬وهي تطرح التساؤل‬
‫التالي‪ :‬لماذا لقت اطروحته كل هذا النجاح والنتشار؟ فل‬
‫يوجد مثقف ال وناقشها او تحدث عنها‪ .‬في الواقع ان هذه‬
‫الطروحة رجعية وخطيرة لنها تغطي على المشاكل‬
‫الحقيقية‪ .‬فهي اذ تركز على التناقض الثقافي او الحضاري‬
‫بين الغرب والعالم السلمي تهمل السباب الفعلية للصراع‪.‬‬
‫ومن اهم هذه السباب التفاوت الهائل بين غنى الغرب‬
‫وثرواته وبحبوحة شعوبه‪ ،‬وبين فقر المجتمعات السلمية‬
‫والبؤس الذي تتخبط فيه شرائح واسعة من الشعوب العربية‪.‬‬
‫وهكذا يتملص الغرب من مسؤوليته عن طريق القول بأن‬
‫المسلمين معادون في جوهرهم لقيم الحداثة والحضارة!‬
‫وبالتالي فالصراع معهم اجباري ليس لن الكثيرين منهم‬
‫يعانون من مشاكل الفقر والكبت والقهر وانما ميلهم‬
‫الطبيعي الى العنف‪ ..‬وهذا يبرهن على ان الغرب ل يريد ان‬
‫يتحمل مسؤولية النظام العالمي الجائر الذي يقيم هوة‬
‫سحيقة بين الشمال والجنوب‪ .‬يضاف الى ذلك ان الغرب ل‬
‫يريد ان يعترف بأن للخرين الحق في بلورة القيم الحضارية‬
‫والكونية‪ ،‬وانما يحتكر هذا الحق لنفسه فقط‪ .‬واما فرانسوا‬
‫فوركيه استاذ القتصاد في جامعة السوربون فيرى العكس‪.‬‬

‫فهو يعتقد ان صموئيل هانتنغتون على حق عندما يتحدث عن‬


‫صراع الحضارات‬

‫فالتفجيرات التي حصلت في نيويورك وواشنطن كانت موجهة‬


‫فعل ضد حضارة الغرب‪ .‬وهي تهدف في ما وراء ضرب امريكا‬
‫الى انهاء الهيمنة الغربية على العالم‪ .‬ولكن هل الصراع أبدي‬
‫او محتوم بين عالم السلم وعالم الغرب؟ عن هذا السؤال‬
‫يجيب الباحث قائل بأنه توجد امكانية لتفادي ذلك‪ .‬وهي تتمثل‬
‫في بلورة قيم كونية مقبولة من قبل جميع شعوب الرض‬
‫وليس فقط من قبل الغرب‪ .‬ففلسفة الغرب المتمثلة‬
‫بالديمقراطية وحقوق النسان وقوانين السوق لم تعد قادرة‬
‫على فرض نفسها كفلسفة كونية تنطبق على العالم اجمع‪.‬‬
‫وانما ينبغي على البشرية ان تبلور فلسفة أوسع منها‬
‫واشمل‪ .‬ويرى هذا الباحث ان الفلسفة الجديدة يمكن ان‬
‫تستمد مبادئها من جميع التراثات الثقافية وليس فقط من‬
‫تراث الغرب‪ .‬فالسلم مثل يحتوي على تراث روحي عظيم‬
‫ونحن نجهله‪.‬‬
‫لماذا؟ لننا‪ ،‬اي الغربيين‪ ،‬ل نعرف ال التيار المتطرف ول‬
‫نتحدث ال عنه‪ .‬وهذا خطأ كبير يرتكبه الغرب في حق الثقافات‬
‫الخرى‪ ،‬خاصة السلم‪.‬‬

‫اما الباحثة ميشيل غيوم هوفنونغ‪ ،‬استاذة القانون العام في‬


‫جامعة السوربون فتطرح السؤال التالي‪ :‬هل حقوق النسان‬
‫كونية؟ بمعنى‪ :‬هل حقوق النسان كما بلورها الغرب منذ‬
‫قرنين تنطبق على جميع الشعوب ام انها خاصة بتاريخه فقط؟‬
‫هذا السؤال كان شبه ممنوع سابقا لن الغرب كان يفرض‬
‫حداثته وقيمه بصفتها ذات طابع كوني‪ .‬ونلحظ ان الباحثة‬
‫تجيب باليجاب عن هذا السؤال‪ ،‬وذلك على عكس ما فهمناه‬
‫من كلم الباحث السابق‪ .‬فحقوق النسان ل تنحصر بالعرقية‬
‫المركزية الوروبية كما يزعم البعض‪ ،‬لماذا؟ لنها ل تستمد‬
‫جميع مبادئها من تراث الغرب وانما استفادت ايضا من قيم‬
‫السلم‪ .‬وهذا ما برهن عليه العلن السلمي العالمي لحقوق‬
‫النسان والصادر عن اليونيسكو عام ‪ .1981‬يضاف الى ذلك ان‬
‫فلسفة حقوق النسان ل تتعارض مع الديان وانما فقط مع‬
‫التفسير المتعصب لها‪ .‬وترى الباحثة ان مبادئ الديان الكبرى‪،‬‬
‫كالسلم والمسيحية كانت قد نصت على كرامة النسان‬
‫ورفعة النسان لنه خليفة الله في الرض‪ .‬وبالتالي فل‬
‫تعارض بين حقوق الله وحقوق النسان اذا ما فهمنا الدين‬
‫بشكل صحيح وعقلني‪.‬‬
‫ماذا نستنتج من اقوال المثقفين التي استعرضناها حتى الن؟‬
‫نستنتج ان الهوة بين السلم والغرب ليست سحيقة الى‬
‫الدرجة التي كنا نتوهمها‪ .‬نقول ذلك بشرط ان يتوفر شرطان‬
‫اثنان‪ :‬الول هو ان يتراجع الغرب عن كرهه الشديد والمتأصل‬
‫للسلم‪ ،‬وان يعترف بالرث الحضاري العربي ـ السلمي‬
‫ومدى تغذيته للحضارة الوروبية‪ .‬وهذا الشيء ابتدأ يتحقق‬
‫أخيرا على يد بعض المفكرين المتحررين من الحكام المسبقة‬
‫والعدائية ضدنا‪ .‬وقد ذكرنا اسماء بعضهم في ما سبق‪ .‬ويمكن‬
‫ان نضيف اليهم على سبيل المثال ل الحصر اسم الباحث آلن‬
‫دوليبيرا المختص بالفلسفة العربية السلمية‪ .‬فقد كشف عن‬
‫الصفحات المضيئة لفلسفة السلم وبين كيف انهم كانوا‬
‫اساتذة لوروبا طيلة عدة قرون‪ ،‬ول يمكن فهم النهضة‬
‫الوروبية ال اذا موضعناها ضمن هذا المنظور التاريخي‬
‫العميق‪ .‬واما الشرط الثاني فهو ان يتغلب التيار العقلني في‬
‫العالم العربي على التيار المتطرف والمخطئ في فهمه‬
‫لرسالة السلم السمحة‪ .‬وهذه هي المهمة المطروحة على‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫‪http://www.islamtoday.net/W_E_di/P_13.htm‬‬
‫مؤتمر السلم والغرب في عالم متغير‬
‫موقع السلم اليوم‬

‫حوار الحضارات بين الحقيقة و الخداع‬


‫بقلم‪ /‬مجدي أحمد حسين‬
‫منذ انهيار المعسكر الشيوعي قفز إلى رأس جدول أعمال العالم موضوع الصراع بين الغرب و السلم وتحول الى‬
‫محور رئيسي للسياسات الدولية ‪ ,‬وفى المقابل بدأ الترويج لمقولة مضادة وهى حوار الحضارات بعيدا عن صراع‬
‫الحضارات ‪ ,‬وتشكلت من أجل ذلك العديد من المنتديات الدولية ‪.‬‬
‫في العالم السلمي ظن البعض أن مواجهة العداء الغربي للسلم تتم من خلل عدة محاور ‪ :‬إبراز شعار حوار‬
‫الحضارات – تحسين صورة السلم في الغرب – تغيير الخطاب الديني السلمي بحيث يكون مقبول على المستوى‬
‫الدولي عامة والغربي خاصة‪.‬‬
‫حول هذا الموضوع جرت الكثير من المساجلت اختلط فيها الثابت مع المتغير ‪ ,‬اختلط فيها تحديد من أين نشأت‬
‫المشكلة بين الشرق والغرب ‪ ,‬أو بالحرى أي جانب هو المسئول عن سوء التفاهم ‪ ,‬اختلط فيها ما هو عقائدي مع ما‬
‫هو سياسي ‪ ,‬ما هو مبدئي مع ما هو عملي ) براجماتي ( ‪ ,‬بل اختلط فيها كثير من الحقائق الساطعة ‪ ,‬من المسئول‬
‫عن أزمة الثقة ‪ ,‬من المعتدى ومن المعتدى عليه ‪ ,‬بل غلب على النخبة السلمية الرسمية وغير الرسمية الطابع‬
‫العتذاري عن جرائم لم نرتكبها ‪ ,‬وكأن ضعفنا المادي وتأخرنا عن مواكبة أسباب التكنولوجيا المتطورة سبب كاف‬
‫لخلط الوراق ‪ ,‬وعدم ذكر الحقائق التى جرت وتجرى على مشهد ومرأى من العالمين‪.‬‬
‫ولكل هذه السباب أرى أن أركز على الثوابت السلمية فيما يتعلق بهذا الموضوع ‪ :‬نحن والغرب أو بالحرى نحن‬
‫وكل الخرين من غير المسلمين ‪.‬‬
‫وسنجد فى إسلمنا كل ما يمكن أن نفاخر به ‪ ,‬بل ونتحدى اذا كان لدى الخرين ما هو أفضل وأكثر عدل ورقيا فإننا‬
‫على استعداد لن نأخذ به ‪).‬وإنا أوإياكم لعلى هدى أو في ضلل مبين( سبأ ‪.24‬‬

‫الحوار والتفاهم والتعارف‪:‬‬


‫لنبدأ بالنقطة الجوهرية التى أفاض فيها الكثيرون من النخبة الرسمية وغير الرسمية فى بلد المسلمين ‪ ,‬والتى‬
‫يركزون عليها دون باقى النقاط المكملة لها ‪ ,‬ولكننا نبدأ بها لنؤكد أنها فكرة صحيحة وأساسية بل خلف ‪ ,‬ولكنها‬
‫ليست كافية لعرض موقفنا كله ازاء المتغيرات المختلفة ‪.‬‬
‫ونقصد أن السلم يحض على الحوار والتفاهم والتعارف والتعايش السلمى ‪ ,‬ذلك أن الدين الحق ل يقوم ال على‬
‫القناع و القتناع ‪ ,‬ول يوجد ايمان بحد السيف ‪ ,‬فاليمان لغة هو التصديق)‪.(1‬‬
‫وآيات القرآن عديدة فى هذا المجال ‪) ..‬ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة‪ .‬وجادلهم بالتى هى‬
‫أحسن(النحل ‪) . 125‬ل إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى( البقرة ‪) .. 256‬أفأنت تكره الناس حتى يكونوا‬
‫مؤمنين(يونس ‪.99‬‬
‫ولن البشرية تنقسم الى شعوب و قبائل فان الدعوة تكون )يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا‬
‫وقبائل لتعارفوا ‪ ,‬إن أكرمكم عند ال أتقاكم(الحجرات ‪.13‬‬
‫وعندما تتمايز المم فان الهدف السمى هو التعايش والتعارف وعدم استعلء طائفة على أخرى‪ ,‬ول أمة على أمة‪ ,‬ثم‬
‫يكون الكرم عند ال هو الكثر تقوى‪ ,‬والحساب النهائى عند ال وليس على هذه الرض الفانية‪ .‬وحتى الخلف‬
‫العقائدى فهو متروك ل عز وجل كى يحكم فيه يوم القيامة )ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون(آل‬
‫عمران ‪.55‬‬
‫اذن من وجهة النظر السلمية الخالصة ‪ ,‬لتوجد أى مشكلة على الرض ‪ ,‬بسبب الخلف فى الرأى أو العقيدة أو‬
‫اللون أو العرق أو القومية‪ ,‬بل أن السلم يدعو الى مباراة سلمية فى إعمار الرض والتخلية بين النسان و‬
‫اختياراته العقائدية‪.‬‬
‫من أين يأتى الصدام؟!‬
‫من أين يأتى الصدام اذن ؟ من أين تنشأ المشكلة؟‬
‫تأتى من الطرف الذى يرفض المبادرة السلمية ويستخدم وسائل الكراه فى فرض هيمنته ورؤيته ومصالحه‪.‬‬
‫واذا افترضنا أن الكرة الرضية مسرح واحد متواصل فاننا كاسلميين نقبل منطق المباراة السلمية ‪ ,‬ولترفع العقبات‬
‫والروادع عن كل الرؤى واليديولوجيات ولنترك الحكم لجمهور البشرية ‪ ,‬ولكن الغرب لم يقبل بهذا المنهج ‪ ..‬بل‬
‫وصل المر الى حد التدخل فى شئون الدول العربية و السلمية ضد النظمة ذات التوجه القومى ‪ ,‬ثم ضد النظمة‬
‫ذات التوجه السلمى ‪ ,‬ثم انتقل الن الى النظمة الصديقة يريد أن يتدخل فى اسلوب حياة مجتمعاتها ومناهج التعليم‬
‫و الخطاب الدينى‪.‬‬
‫والن تتم عملية تعليق هذا التدخل على مشجب أحداث ‪ 11‬سبتمبر فى حين أن تاريخ التدخلت قديم ولم ينقطع بعد‬
‫فترة الستعمار التقليدى ‪ ,‬وكانت التدخلت الغربية متصاعدة فى العقدين الخيرين من القرن العشرين ‪ ,‬وعندما نشير‬
‫الى الغرب فإننا نشير بشكل خاص إلى الوليات المتحدة المريكية التى اتخذت السياسة الكثر غلوا ‪ ,‬ولكن أوروبا لم‬
‫تعارض هذا التوجه المريكى جذريا ولم تقدم بديل متماسكا للعلقات بين السلم و الغرب ‪ ,‬وكان خلفها مع الوليات‬
‫المتحدة تكتيكيا خاصة ألمانيا وفرنسا وبلجيكا ‪ .‬بل لقد عادت بنا الوليات المتحدة الى مرحلة الستعمار التقليدى مرة‬
‫أخرى باحتلل أفغانستان والعراق والتهديد باحتلل دول أخرى‪.‬‬
‫وبالتالى نحن أمام الوضع التالى‪:‬‬
‫العالم السلمى ل يتدخل )ول يقوى( فى الشئون الداخلية للعالم الغربى ‪ ,‬بينما يتعرض هو للعتداء والحتلل و‬
‫التدخل فى أخص شئونه الداخلية‪.‬‬
‫والعقيدة السلمية توفر أعدل منهج للتعايش السلمى بين الحضارات ‪ ,‬ولكننا ل يمكن أن نرفع شعار الحوار‬
‫الحضارى مع الجيوش الغازية لراضينا والمتواجدة فى عدد كبير من الدول العربية و السلمية‬
‫أما المنهج الذى نعتبره الكثر عدالة ‪ ,‬فقد نص عليه القرآن الكريم فى قواعد نعرضها للحتكام اليها ‪ ,‬وأين يمكن أن‬
‫نجد معيارا أكثر عدالة من ذلك؟! واذا زعم أحد أن هناك ما هو أفضل من ذلك‪ ,‬فنحن على استعداد لمناقشته باعتبار‬
‫أن الغرب فى مجموعه ل يؤمن بطبيعة الحال بقداسة ما ورد بالقرآن الكريم‪ ,‬ولكننا نعرضه للمناقشة العقلية البحتة‪.‬‬
‫) ل ينهاكم ال عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن ال يحب‬
‫المقسطين ‪ ,‬إنما ينهاكم ال عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم‬
‫ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون(الممتحنة ‪.9-8‬‬
‫من هاتين اليتين نستخرج مجموعة من القواعد الساسية التى تحكم علقة المسلمين بغيرهم سواء أكانوا أهل كتاب‬
‫أو مشركين أو غير مؤمنين بأى دين من الديان‪:‬‬
‫‪ -1‬أن المسلمين ملتزمون بحسن العلقة مع غيرهم من بنى البشر ‪ ,‬ذلك أن الصل فى السلم هو السلم والمحبة ‪,‬‬
‫ونشر البر والعدل بين الناس قاطبة على اختلف أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم)‪.(2‬‬
‫‪ -2‬أن عداوة المسلمين يجب أن تنصب حصرا على الذين يحاربونهم لتغيير دينهم ‪ ,‬أو يعتدون على حرماتهم ‪ :‬النفس‬
‫و الوطن‪.‬‬
‫‪ -3‬أن المسلمين ل يحاربون ول يعادون ول يعلنون الجهاد مع الخرين بسبب عقيدتهم ولكن دفاعا عن النفس‬
‫والعقيدة وهى ضرورة للمحافظة على الذات فاذا انتفى هذا المبرر فل مجال للحديث عن قطع كل صلت بالمخالفين‬
‫فى الرأى فضل عن قتالهم‪ ,‬فالنهى عن الصداقة والمحبة والتحالف منصب على الذين ما يزالون مستمرين فى حربهم‬
‫و عدوانهم‪.‬‬
‫نحن اذن أمام قاعدة أساسية واحدة تجمعها هذه البعاد الثلثة ‪.‬‬
‫ان العلة فى المقاطعة والقتال و العداوة ‪ ,‬هى الفعل الدفاعى ردا على العدوان وحماية النفس والوطن والعقيدة ‪,‬‬
‫وليس لنشر الدين بالقوة أو لبادة المخالفين فى الرأى والعقيدة‪.‬‬
‫وهذا أمر بديهى ل يمكن أن يرفضه أحد بأى منطق وبأى معيار ‪ ,‬فأنا باختصار أطالب من المخالف لى بالحد الدنى‬
‫الذى ل يمكن الهبوط عنه وهو ) أل يقتلنى ( و ) أل يخرجنى من وطنى ( هذا مطلب عادل لنه غريزى ‪ ,‬ولنه مطلب‬
‫لكل انسان على الرض ‪ ,‬وان التفريط فى هذا الحد الدنى معناه‪ :‬العدم!!‬
‫ربما يرد أحد الغربيين فيقول هذا كلم حسن ولكننا لم نراه فى التاريخ ‪ ,‬وما فائدة الكلم الحسن الذى ل يمكن أن‬
‫يطبق ‪.‬‬

‫****‬

‫المراجـــع‬

‫‪ -1‬مختار الصحاح للشيخ المام محمد بن أبى بكر عبد القادر الرازى – المكتبة العصرية –‬
‫صيدا بيروت ‪ ,‬الطبعة الرابعة ‪ – 1998‬ص ‪22‬‬
‫‪ -2‬تفسير القرآن الكريم من سورة الحقاف الى سورة المرسلت – أحمد حسين – المجلس‬
‫العلى للشئون السلمية – مصر ‪ – 1976‬ص ‪385‬‬
‫‪ -3‬السلم والحداثة – عبد السلم ياسين – دار الفاق – الطبعة الولى ‪– 2000‬ص ‪208‬‬
‫‪ -4‬هل تحتاج أمريكا الى سياسة خارجية؟ هنرى كيسنجر – دار الكتاب العربى – بيروت –‬
‫‪ – 2002‬ص ‪11‬‬
‫‪ -5‬الجهاد – د‪.‬أحمد محمد الحوفى – المجلس العلى للشئون السلمية – مصر – ‪ 1970‬ص‬
‫‪168‬‬
‫‪ -6‬السلم والحداثة – مرجع سابق – ص ‪78‬‬
‫‪ -7‬الغرب والسلم – مجموعة دراسات مترجمة – دار جهاد للنشر والتوزيع – القاهرة ‪,‬‬
‫الطبعة الولى ‪ – 1994‬ص ‪ 143‬ترجمة و تحليل منى ياسين ‪ ,‬مراجعة و تعقيب د‪.‬محجوب‬
‫عمر‬
‫‪ -8‬تاريخ الدولة العثمانية –يلماز أوزتونا – منشورات مؤسسة فيصل للتمويل – تركيا‪,‬‬
‫استانبول – ‪ – 1988‬الجزء الول – الطبعة الولى ص ‪102‬‬
‫‪ -9‬المسألة الشرقية – محمود ثابت الشاذلى – مكتبة وهبة – القاهرة ‪ 1989‬الطبعة الولى ص‬
‫‪ , 41‬ص ‪102‬‬
‫‪ -10‬السلم و المسلمون فى بلد البلقان – محمد خليفة – مركز دراسات العالم السلمى –‬
‫مالطة – الطبعة الولى – ‪ 1994‬ص ‪230‬و ‪ 231‬و ‪ 283‬و ‪284‬و ‪713‬‬
‫‪ -11‬موسوعة تاريخ مصر – أحمد حسين – دار الشعب – مصر – الجزء الثانى – الطبعة‬
‫الولى – ‪ 1973‬ص ‪500‬‬

You might also like