Professional Documents
Culture Documents
ن/..
حـَيـا ْ
ن َ
جــاب ُِر ب ِ ْ
َ
ة~:
م ْ
د ُ م َ
ق ِ ُ
ترتبط نشأة الكيمياء عند العرب بشخصية أسطورية
أحيانا ً وتاريخية حينا ً آخر ،هي شخصية جابر بن
حيان ،ونستنتج من خلل الكتب التي تحمل اسمه
أنه من أشهر الكيميائيين العرب ،ويعدّ الممثل
الول للكيمياء العربية.
وقد أّثر جابر في الكيمياء الوربية لظهور عدد ل
يستهان به من المخطوطات اللتينية في الكيمياء
منسوبة إلى جابر بن حيان.
ول ُدّ ِ
ه_: م ِ
َ
أبو عبد الله جابر بن حيان بن عبد الله الزدي ،ولد على
أشهر الروايات في سنة 101هـ 721/م وقيل أيضا ً
117هـ 737 /م عالم عربي وقد اختلفت الروايات
على تحديد مكان مولده فمن المؤرخين من يقول بأنه
من مواليد الجزيرة على الفرات شرق سوريا ،ومنهم من
يقول أن أصله من مدينة حران من أعمال بلد ما بين
النهرين في سوريا .ولعل هذا النتساب ناتج عن تشابه
في السماء فجابر المنسوب إلى الندلس هو العالم
الفلكي العربي جابر بن أفلح الذي ولد في إشبيلية
وعاش في القرن الثاني عشر الميلدي .ويذهب البعض
إلى أنه ولد في مدينة طوس من أعمال خراسان في
إيران.
وقد وصف بأنه كان طويل القامة ،كثيف اللحية مشتهرا
باليمان والورع وقد أطلق عليه العديد من اللقاب ومن
هذه اللقاب "الستاذ الكبير" و"شيخ الكيميائيين
المسلمين" و"أبو الكيمياء" و"القديس السامي التصوف"
و"ملك الهند".
و جابر بن حيان شخصية بارزة ،ومن أعظم علماء
القرون الوسطى .وهو أبو موسى جابر بن حيان الزدي.
ويلقب أحيانا ً بالحراني والصوفي .وعرف عند الوربيين
في القرون الوسطى باسم .ويقال إنه كان من الصابئة
ومن ثم جاء لقبه الحراني ،.ويذكر الب جورج قنواتي أن
جابرا ً أرسل إلى الجزيرة العربية بعد وفاة والده ،وهو
صغير حيث درس القرآن والرياضيات ،وذهب ابن النديم
في "الفهرست" إلى أن الناس اختلفوا في نسبة جابر
إلى جهة معينة كالشيعة والبرامكة والفلسفة ،بل هناك
ل ،لذلك يجب التحفظ بشأن نسبته من أنكر وجوده أص ً
إلى الصابئة .وإن كان أصله من خراسان فقد عاش
معظم حياته في الكوفة .ولد جابر في طوس حوالي
721/102م ،وتوفي حوالي 199هـ موافق سنة 815م
على اختلف بين المؤرخين.
مارس جابر الطب في بداية حياته تحت رعاية الوزير
جعفر البرمكي أيام الخليفة العباسي هارون الرشيد.
ه_: نَ ْ
شـأت ُ ْ
هاجر والده حيان بن عبد الله الزدي من اليمن إلى الكوفة في أواخر عصر
بني أمية ،وعمل في الكوفة صيدلنيا ً وبقي يمارس هذه المهنة مدة
طويلة )ولعل مهنة والده كانت سببا ً في بدايات جابر في الكيمياء وذلك
لرتباط سافر إلى حران أفي أعالي بلد ما بين النهرين ويقال خراسان،
وفي حران ولد النابغة جابر بن حيان المؤسس الحقيقي لعلم الكيمياء.
تعود إلى قبيلة الزد ،رجعت عائلة جابر بن حيان إلى الكوفة .وتعلم
هناك.
ه:
ست َ ِ
دُر ْ
م ِ
َ
نضم إلى حلقات المام جعفر الصادق ولذا نجد أن جابر بن حيان تلقى
علومه الشرعية واللغوية والكيميائية على يد المام جعفر الصادق .وذكر
أنه درس أيضا على يد الحميري .ومعظم مؤرخي العلوم يعتبرون جابر
بن حيان تلقى علومه من أستاذه الحقيقي المام جعفر الصادق .وان
كان من الثابت انه عربي مولود في جنوب العراق بناءا على المصادر
الموثوق بها مثل دائرة المعارف البريطانية والموسوعة السلمية وغيرها
ولم يذكر تاريخيا مذهب ما للكوفي حيث كانت المذاهب في ذلك الوقت
ليست إل موقفا سياسيا من الخلفة هذا بالضافة إلى أن التصنيف
.المذهبي ل يستخدم في تدوين شخصيات الديان الخرى
أخذ جابر مادته الكيمياء من مدرسة السكندرية التي كانت تؤمن بانقلب
العناصر ،وقد كان تطورها من النظريات إلى العمليات .وقد درس جابر
ما خّلفه القدمون ،فلم يَر من تراثهم من الناحية الكيميائية إل نظرية
أرسطو عن تكوين الفلزات ،وهي نظرية متفرعة عن نظريته الساسية
.في العناصر الربعة :الماء ،الهواء ،التراب ،النار
ولم يعرف فقط كبار مفكري وعلماء العالم اليوناني ،بل كان يعرف الكتب
ذات المحتوى السري جدا ً مثل كتب أبولينوس التيتاني .وزعم هولميارد
أن المصدر الذي استقى منه جابر علومه في الكيمياء هو الفلطونية
.الحديثة
الكيمياء في عصره~:
بدأت الكيمياء خرافية تستند على الساطير البالية ،حيث
سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن
نفيسة وذلك لن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة
السلمية كانوا يعتقدون المعادن المنطرقة مثل الذهب
والفضة والنحاس والحديث والرصاص والقصدير من نوع
واحد ،وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة والجفاف
والرطوبة الكامنة فيها وهي أعراض متغيرة )نسبة إلى
نظرية العناصر الربعة ،النار والهواء والماء والتراب(،
لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة
مادة ثالثة وهي الكسير .ومن هذا المنطلق تخيل بعض
علماء الحضارات السابقة للحضارة السلمية أنه
بالمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل
علل الحياة ويطيل العمر.
وقد تأثر بعض العلماء العرب والمسلمين الوائل كجابر
بن حيان وأبو بكر الرازي بنظرية العناصر الربعة التي
ورثها علماء العرب والمسلمين من اليونان .لكنهما قاما
بدراسة علمية دقيقة لها؛ أدت هذه الدراسة إلى وضع
وتطبيق المنهج العلمي التجريبي في حقل العلوم
التجريبية .فمحاولة معرفة مدى صحة نظرية العناصر
الربعة ساعدت علماء العرب والمسلمين في الوقوف
على عدد كبير جدا ً من المواد الكيماوية ،وكذلك معرفة
بعض التفاعلت الكيماوية ،لذا إلى علماء المسلمين
يرجع الفضل في تطوير اكتشاف بعض العمليات
الكيميائية البسيطة مثل :التقطير والتسامي والترشيح
والتبلور والملغمة والتأكسد .وبهذه العمليات البسيطة
استطاع جهابذة العلم في مجال علم الكيمياء اختراع
آلت متنوعة للتجارب العلمية التي قادت علماء العصر
الحديث إلى غزو الفضاء.
ي_: عل ُ َ
م ْ ه ال ْ ِ
ج ْ
ه ِ
من ِ ُ
َ
العلم عند جابر يسبق العمل ،فليس لحد أن يعمل ويجرب دون
أن يعلم أصول الصنعة ومجالت العلم بصورة كاملة وقد قال:
"إن كل صنعة لبد لها من سبوق العلم في طلبها للعمل" .
وقطع جابر كأحد رواد علماء العرب خطوة أبعد مما قطع
اليونان في وضع التجربة أساس العمل ل اعتمادا ً على التأمل
الساكن ،ولعله أسبق عالم عربي في هذا المضمار ،فنراه
يقول:
وملك هذه الصنعة العمل ،فمن لم يعمل ولم يجرب لم يظفر
بشيء أبدا ً .
وقد كان جابر انطلقا ً من قناعته بإمكانية قيام العلم الطبيعي
على قاعدة التقان المتين ،كان شجاعا ً بما فيه الكفاية ،فهو
يؤمن بأنه انتزع من الطبيعة آخر خفاياها ،سمة علمه أنه ل
يعترف بوجود أي حد للتفكير البشري.
تساءل جابر ؟! أل يمكن أن يكون التوليد ممكنًا ،فالكائن الحي
بالنسبة له بل النسان نفسه ،إنما هو نتيجة تفاعل قوى
الطبيعة ،فمن الممكن من الناحية النظرية على القل -محاكاة
تدبير الطبيعة بل تحسينه عند الحاجة .
ومهما يكن من أمر ،فإن قيام جابر كعالم كيميائي ابتكر المنهج
التجريبي في الكيمياء ،ل يعني أن هذا العالم قد تخلص من
الفكار القديمة ،وحّرر فكره ومذهبه منها ،إذ أن له بعض
الكتابات الغريبة والطلسمات ،لكن هذا ل يعني أيضا ً أنه لم يشق
طريقه في الظلمات عبر العصور المظلمة إلى النور .
ولجابر الكبير في تطور الكيمياء وانتقالها من صنعة الذهب
الخرافية إلى طور العلم التجريبي في المختبرات ،حيث أن
موضوع الحصول على الذهب لم يشغله عن غيره من النواحي
العلمية الخرى ،فشمل نشاطه المسائل النظرية والعلمية
العادية وغير العادية.
فقد عرف جابر الكثير من العمليات العلمية كالتقطير ،التبخير،
التكليس ،الذابة ،التبلور ،وغيرها .
كما شمل عمله الناحية التطبيقية للكيمياء ،من ذلك أنه أدخل
طريقة فصل الذهب عن الفضة بالحل بواسطة الحامض ،وهذه
طريقة ل زالت مستخدمة حتى الن ،ولها شأن في تقدير
عيارات الذهب في المشغولت والسبائك الذهبية .
فمن العلمات المميزة في الصنعة عند جابر تدبير الكاسير ل على أساس
معدني فحسب ،بل كذلك على أساس مواد حيوانية ونباتية ،بل إنه يفضل
الكسير الذي يرجع إلى مواد حيوانية ،لما لهذه المواد من فعل أقوى بكثير
.مما للكاسير الخرى
يرى جابر أنه يمكن عمل أكاسير مختلطة بهذه المواد المذكورة ،من ذلك
مثل ً إكسير نباتي – حيواني ،إكسير نباتي -معدني ،إكسير حيواني –
.معدني ،إكسير نباتي -حيواني – معدني
ول يمكن بلوغ هذه الكاسير المختلفة ،وكذا الكسير العظم ،أي العقار
.العام لكل المعادن
وما الصور المختلفة للكاسير إل مزائج تجانست قليل ً أو كثيرًا ،مع الطبائع
.أو الخواص الربع ،مزائج تتفق مع تركيب الجسام التي استعملت عليها
_:وها هو ذا تحديد عمل الكسير كما بّينه جابر نفسه في كتاب السبعين
وفي الواقع ليس هناك فعل واحد من هذه الثلثة أجناس إل بتلك العناصر
وي
الربعة .ولهذا ،كان معولنا في هذه الصناعة على تدبير هذه العناصر ،نق ّ
ضعيفها ،ونضّعف قويها ،ونصلح فاسدها .فمن وصل إلى عمل هذه
العناصر الربعة في هذه الثلثة أجناس ،فقد وصل إلى كل علم ،وإدراك
.علم الخليقة وصنعة الطبيعة
ويقال أن جابرا ً كان أكثر مقامة في الكوفة ،وبها كان يدبر الكسير لصحة
.هوائها
وذكر جابر في كتابه )الخواص الكبير( ،قصة اتصاله بيحيى البرمكي ،وعمل
ص به كثيرا ً من الناس وشفاهم
!.أكسيره ،وكيف خل ّ
تطلعنا قصته هذه ،على أن جابرا ً كان طبيبًا ،وكان يستخدم في العلج دواء
.يسميه الكسير ،يبدو أنه كان يشفي كثيرا ً من العلل
إذ أن أهم مصادر معرفته ،اللهامات الباطنية التي اقتبسها عن إمامه .
.جعفر الصادق ،فعلقته مع المام جعفر الصادق هي علقة فكرية فلسفية
والعلقة بين جابر وإمامه الصادق ل تقف عد حد واحد ،إنما تتعداه إلى أمر
!.كشف سر الله العظم أل وهو الكسير؟
ة عل ُ َ
مي َ ِ _:إسهاماته ال ْ ِ
كانت أهم السهامات العلمية لجابر في الكيمياء ،فهو
الذي أدخل المنهج التجريبي إلى الكيمياء ،وهو مخترع
القلويات المعروفة في مصطلحات الكيمياء الحديثة
باسمها العربي ،وماء الفضة .وهو كذلك صاحب الفضل
فيما عرفه الوربيون عن ملح النشادر ،وماء الذهب،
والبوتاس ،ومن أهم إسهاماته العلمية كذلك ،أنه أدخل
ي التجربة والمعمل في الكيمياء وأوصى بدقةعنصَر ْ
البحث والعتماد على التجربة والصبر على القيام بها.
عدّ من رواد العلوم التطبيقية .وتتجلى إسهاماتهفجابر ي ُ َ
في هذا الميدان في تكرير المعادن ،وتحضير الفولذ،
وصبغ القمشة ودبغ الجلود ،وطلء القماش المانع
لتسرب الماء ،واستعمال ثاني أكسيد المنغنيز في صنع
.الزجاج
وقد قسم جابر المواد حسب خصائصها إلى ثلثة أنواع
_ :مختلفة ،وهي
الكحوليات ،أي تلك المواد التي تتبخر عند تسخينها )1
.مثل الكافور ،وكلوريد اللمنيوم
.المعادن مثل الذهب ،والفضة ،والرصاص ،والحديد )2
.المركبات ،وهي التي يمكن تحويلها إلى مساحيق )3
وخلصة القول ،حسب "سارطون" ،إنه ل يمكن معرفة
القيمة الحقيقية لما قام به جابر إل إذا تم تحقيق
.وتحرير جميع مؤلفاته ونشرها
ه مؤل َ ً
فـات ُ ِ _ُ :
تعود شهرة جابر بن حيان إلى مؤلفاته العديدة ،ومنها
"كتاب الرسائل السبعين" ،ترجمه إلى اللتينية جيرار
الكريموني سنة 1187م وتضاف إلى هذه الكتب تصانيف
أخرى عديدة تتناول ،إلى جانب الكيمياء ،شروحا ً لكتب
أرسطو وأفلطون ؛ ورسائل في الفلسفة ،والتنجيم،
والرياضيات ،الطب ،والموسيقى .وجاء في "العلم"
للزركلي أن جابرا ً له تصانيف كثيرة تتراوح ما بين مائتين
واثنين وثلثين ) (232وخمسمائة ) (500كتاب ،لكن ضاع
أكثرها .وقد ترجمت بعض كتب جابر إلى اللغة اللتينية
في أوائل القرن الثاني عشر ،كما ترجم بعضها من
اللتينية إلى النجليزية عام .1678وظل الوربيون
يعتمدون على كتبه لعدة قرون ،وقد كان لها أثر كبير
في تطوير الكيمياء الحديثة .وفي هذا يقول ماكس
مايرهوف :يمكن إرجاع تطور الكيمياء في أوروبا إلى
جابر ابن حيان بصورة مباشرة .وأكبر دليل على ذلك أن
كثيرا ً من المصطلحات التي ابتكرها ما زالت مستعملة
.في مختلف اللغات الوربية
تمّيزت مخطوطاته وكتبه بوحدتها ،مما يدل على أنها
تابعة لمدرسة واحدة ،والكتب التي تغلب عليها نزعة
الكيمياء هي كتب السبعين والرحمة ،أما الكتب التي
.تغلب عليها النـزعة الطبية فهي رسائل السموم
ولجابر أسلوب ليشبه أسلوب باقي المؤلفين ،فأسلوبه
.يتميز بالجدية ،والفكرة الواحدة والتفكير العميق
وقد ذكر ابن النديم ما يزيد عن 360مؤلفا ً لجابر ،يمكن
الرجوع إليها في كتاب الفهرست ،وكذلك ذكرها كرواس
.في مؤلفه رسائل جابر
يمكن أن نعدّ رسائل جابر في الكيمياء أول مظهر من
مظاهر الكيمياء في المدنية السلمية ،على الرغم من
أن عددا ً عظميا ً من رسائله كان نصيبها الفناء ،بينما
.بقيت بعض الكتب اللتينية التي ُأخذت عنها
_:ك ُت ِب َ ِ
ه
*أسرار الكيمياء.
*.نهاية التقان
*أصول الكيمياء.
* علم الهيئة.
*الرحمة .
*المكتسب .
*الخمائر الصغيرة.
*صندوق الحكمة .
*كتاب الملك .
* .الخواص
*_:كتاب الرسائل السبعين
ويشمل سبعين مقالة حول أهم تجاربه في
الكيمياء والنتائج التي توصل إليها ويمكن اعتباره
خلصة ما وصل إليه علم الكيمياء عند العرب في
.عصره
*السموم ودفع مضارها_:
كتاب في خمسة فصول تبحث أسماء السموم و
أنواعها وتأثيراتها المختلفة على النسان
والحيوان .والعلمات والعلج والحذر من السموم
وفيه قسم السموم إلى سموم حيوانية ونباتية
وحجرية كالزئبق والزرنيخ والزاج .وهذا الكتاب
.يعتبر همزة وصل بين الطب والكيمياء
مي ُذّ ِ
ه ~َ:تل ِ
قال ابن النديم :أسماء تلمذته )الخرقي ( الذي ينسب
إليه سكة الخرقي بالمدينة) ،وابن عياض المصري (،
).و)الخميمي
~:ويقول الرازي في كتبه المؤلفة في الصنعة
قال أستاذنا أبو موسى جابر بن حيان [ ،ومراده بقوله[
أستاذنا ،أنه استفاد من مؤلفاته ،ل أنه تعلم منه ،لن
.عصر الرازي متأخر عنه كما هو معلوم
ه و َ
فـات ِ ُ _َ :
توفي في عام 815م في الكوفة بالعراق وهو في
.الخامسة والتسعين من عمره
ة
م ْ _:ال ْ َ
خـات ِ ُ
بعد هذا العرض البسيط والموجز جدا ً عن شخصية جابر بن حيان ،وعن
أفكاره وكتبه ،ينبغي أن نجيب عن تساؤل محتمل قد يدور في ذهن راء
_:والباحثين ،وهو
!كيف تمكن جابر من تأسيس مثل هذا العلم ؟
هذا التساؤل شغل أذهان الباحثين وجعلهم يقبلون بافتراض وجود
مدرسة للكيمياء تمكنت من القيام بمثل هذا العمل على مدى مائة عام،
.من أواسط القرن الثالث إلى أواسط القرن الرابع للهجرة
عانى جابر كما عانى الكيميائيون العرب في أول اشتغالهم بهذا العلم
من الضطهاد والمصاعب ،وذكر أن جابر خلص من الموت مرارًا ،كما أنه
قاسى من انتهاك الجهلء لحرمته ومكانته ،وأنه اضطر إلى الفضاء
ببعض أسرار الطبيعة إلى هارون الرشيد ،ويحيى البرمكي وابنيه ،وأن
.ذلك هو السبب في غناهم وثروتهم
وإذا رجعنا إلى رسائل جابر ،نجده يذكر معلومات سبقت عصره بقرون،
من ذلك تلك الفكرة الهائلة التي أيدتها التجارب اليوم ،من أن الجوهر
.البسيط يشبه العالم الشمسي
بالضافة إلى ذلك قد يكون الكسير الذي سعى جابر إلى التوصل إليه،
هو اليوم نفسه عنصر )الراديوم( ،أو احد الجسام المشعة ،نظرا ً لنص
وضعه البيروني – العالم السلمي الكبير في الطبيعة – كما بّين ذلك
إذاعة راديو لندن في 17نيسان عام ،1945ونشرته مجلة المستمع
العربي )سنة 6عدد ،( 6بعنوان )الراديوم وعلماء العرب ( ،وجريدة
.الكيمياء اللمانية في هيدلبرغ – آذار 1958
وهكذا نرى أن جابرا ً شخصية فذة ،جمعت بين الحكمة والفلسفة والطب
والمنطق والتصوف ،إلى جانب علم الصنعة ،وأن عالما ً مثله يؤلف أكثر
من 3900كتاب في علوم جّلها عقلية وفلسفية ،لهو حقا ً من عجائب
.الدهر
_:ولما توفي جابر ،قال أبو فراس يرثيه
تزول الجبال وليست تزول بنفسي على جابر حسرة
وحسـن الثناء وهذا قليل له ما بقيت طويل البكاء
ً:وقيل في جابر أيضا
غر الوائل والواخر هذا الذي بمقــاله
كذب الذي سماك جابر .ما كنت إل كاسرا ً
وأخيرا ً نقول … مما لشك فيه ،أن جابرا ً عبقرية علمية بارزة في علم
الكيمياء ،وكان تأثيره واضحا ً وكبيرا ً في أوربا في القرون الوسطى حتى
.القرن الثامن عشر ،عندما ظهر لفوازييه وغيره
ولم يقف جابر عند الراء النظرية فقط كما فعلت المم القديمة ،وإنما
دخل المختبر ،واجري التجارب وربط الملحظات على أسس علمية ،وهي
السس التي بنى عليها العلم الحديث منجزاته في هذا الميدان وفي
.غيره من الميادين الخرى
لكن على الرغم من هذه الجهود التي بذلها العلماء العرب ،والمواد التي
توصلوا إليها ،والعمليات التي مارسوها ،فإنهم لم يهتدوا إلى القوانين
التي تضبط العمليات الفيزيائية ،ولم يضعوا للكيمياء قوانين عامة ،أو
.رموزا ً تدل عليها ،فهذه أمور كانت وليدة الكيمياء الحديثة
ع
ج ْ
را ُ ||~ال ْ َ
م ِ
(1موسوعة ويكيبيديا الحرة~ :
http://ar.wikipedia.org/wiki