Professional Documents
Culture Documents
النقدية
مـؤتمـــر
"مستجدات العمل المصرفي في سورية
في ضوء التجارب العربية والعالمية"
2-3تمـــوز 2005
4
ثالثا :تجربة البنك المركزي الردنــي فــي إدارة السياســة
النقدية
كما هو الحــال لــدى البنــوك المركزيــة فــي العــالم ،فقــد أصــبح
تحقيـق السـتقرار النقـدي يعتلـي سـلم أولويـات السياسـة النقديـة
للبنك المركزي الردني فــي المرحلــة الحاليــة .ونقصــد بالســتقرار
النقدي هنا ،استقرار المستوى العام للسعار ،واستقرار سعر صرف
الدينار وتوفير هيكل أسعار فــائدة ملئم .فالســتقرار النقــدي يعتــبر
أحد أهم أركان الــبيئة الجاذبــة للســتثمارات ســواًء كــانت محليــة أم
أجنبية ،وهذه الستثمارات هي المحرك الرئيس للنشاط القتصادي.
وبهذا يكون الدور الذي يلعبه البنك المركــزي فــي النمــو القتصــادي
دورا ً غير مباشر.
وإذا كــان تحقيــق الســتقرار النقــدي يمثــل المرتكــز الرئيــس
للسياسة النقدية في الوقت الراهن ،فان البنك المركــزي لــم يغفــل
الجانب التمويلي للنشطة القتصادية وإنما غير من منهجية التعامــل
معه .فبــدل ً مــن الــتركيز علــى تــوفير التمويــل اللزم للســتثمارات
بأسعار فائدة تفضيلية ،والتي غالبا ً ما كانت تتم مــن خلل إجــراءات
إدارية تحد من كفاءة تخصيص الموارد ،أصـبح الهتمـام فـي الـوقت
الراهن يرتكز على تــوفير الــبيئة المصــرفية المناســبة الــتي تســاعد
على تسهيل عمليات الوساطة المالية.
فالبنــك المركــزي يــؤمن بــأن الــبيئة المصــرفية الــتي تمكــن
المؤسسات المصرفية المختلفة من التنــافس بحريــة وعلــى أســس
توفر التمويــل للنشــاط القتصــادي متكافئة هي البيئة المناسبة التي
بالحجم والكلفة المناسـبين اسـتنادا ً إلـى قـوى السـوق ،وهـي الـتي
ترفع من كفاءة استخدام الموارد المالية .وعلى عكــس ذلــك ،فقــد
أثبتــت التجربــة العمليــة علــى مــدى عقــدين ونيــف مــن الزمــن أن
الجــراءات الداريــة لــم تــؤد إلــى حفــز الســتثمار فــي المجــالت
المرغوبة ومن ثم تشجيع النمو القتصادي بقدر ما أدت إلــى إســاءة
استخدام الموارد وتكريــس بعــض السياســات القتصــادية الخــاطئة.
وعليــه فــان البنــك المركــزي تخلــى نهائي ـا ً عــن التــدخل فــي إدارة
المحــافظ الماليــة للبنــوك وقصــر دوره التنظيمــي علــى الجــراءات
التنظيميــة الــتي تضــمن ســلمة الوضــع المــالي لمؤسســات الجهــاز
المصرفي وتعزيــز منعتهــا لتمكينهــا مــن المنافســة علــى الصــعيدين
المحلي والخارجي .والى جانب ذلك ،فان البنك يولي أهمية خاصــة
لتطوير القطاع المصرفي من الناحيتين المؤسسية والنوعية لتمكينه
من القيام بدوره المناسب في خدمة القتصاد الوطني.
وبعد هذه المقدمة الموجزة ،سأسـتعرض بشـيء مـن التفصـيل
جهود البنك المركزي الرامية لتعزيــز دوره فــي النشــاط القتصــادي
وعلى وجه التحديد ،سيتركز الحديث على المحاور الثلثة التالية:
–1تحقيق الستقرار النقدي.
–2تهيئة البيئة المصرفية المناسبة.
–3تطوير سوق رأس المال.
تحقيق الستقرار النقدي
تتمثل عناصر الستقرار النقدي التي يســتهدف البنــك المركــزي
الردني تحقيقها فــي اســتقرار المســتوى العــام للســعار واســتقرار
سعر صرف الدينار وخلق هيكل أسعار فائدة ينســجم مــع الظــروف
القتصادية المحلية والتطورات الدولية .ويسعى البنك المركزي إلــى
تحقيق ذلك مــن خلل تنظيــم نمــو الســيولة المحليــة فــي القتصــاد
الوطني بما يتناسب وتمويل النشاط القتصادي الحقيقي.
وحتى أوائل التسعينات ،دأب البنك المركزي على ضبط نمو
السيولة في القتصاد الوطني من خلل استخدام أدوات السياسة
النقدية التقليدية ،والمتمثلة في سعر إعادة الخصم ونسب
الحتياطي النقدي اللزامي ،علوة على السقوف المباشرة على
5
التوسع الئتماني في حالت معينة .والى جانب ذلك لجأ البنك خلل
تلك الفترة إلى الجراءات الدارية للتأثير على هيكل الئتمان
المصرفي وكلفته ،وذلك من خلل تحديد أسعار الفائدة على
القروض والودائع وإلزام البنوك بتوجيه جزء من محفظتها المالية
نحو استثمارات بعينها .وقد أثبتت التجربة ،أن هذه الدوات لم تكن
بالفعالية المطلوبة للتأثير على حجم السيولة في القتصاد الوطني،
فضل ً عن أنها أدت إلى تشوهات سعريه وهيكلية في القطاع
المصرفي ،وبالتالي إلى تقليل كفاءة تخصيص الموارد في القتصاد
الوطني.
ومنذ نهاية عام ،1993أخذ البنك المركزي يتبــع الســلوب غيــر
ـة مــن خلل عمليــات الســوق المباشــر فــي إدارة السياســة النقديـ
المفتوحة ،وهو السلوب الكثر شــيوعا ً فــي إدارة السياســة النقديــة
ـوم عند البنوك المركزية للدول المتقدمة .وضمن هــذا الســلوب يقـ
خصيصـا ً البنك المركزي باســتخدام شــهادات اليــداع الــتي أصــدرها
لهذه الغاية كأداة رئيسة لمتصــاص الســيولة الــزائدة فــي القتصــاد
وبالتالي منعها من التأثير على مستوى السعار بشكل عام من جهة،
وعلى سعر الصرف من جهة أخرى .وقــد لجـأ البنــك المركــزي إلــى
استحداث أداة شهادات اليداع في ظل عدم كفاية إصدارات أدوات
الدين العام الحكومي والتي ترتبط مباشــرة بتمويــل عجــز الموازنــة
العامة من جهة ،وضعف السوق الثانوي لتلك الدوات من جهة ثانية.
وفي المقابل ،تساعد عمليات إعــادة شــراء شــهادات اليــداع لجــل
أسبوع في ضخ السيولة إلى القتصاد الوطني عند اللزوم فضل ً عــن
دورها فــي تســهيل مهمــة البنــوك فــي إدارة محافظهــا الماليــة فــي
الجل القصير .والى جانب شهادات اليداع ،يستخدم البنك المركزي
أيضا ً أدوات ســعر إعــادة الخصــم ونافــذة اليــداع لليلــة واحــدة فــي
إدارته للسياسة النقدية.
ولقد اتخذت السياسة النقدية للبنك المركــزي اتجاهــات متباينــة
بيــن التشــدد والتســاهل فــي ضــوء التطــورات القتصــادية المحليــة
وتطورات أسعار الفائدة في السواق المالية الدولية .فقــد تميــزت
فترة التسعينات بشكل عام بسياســة نقديــة متشــددة ســواء بهــدف
تخفيض معدلت التضخم كما حدث في أوائل التســعينات ،أو بهــدف
تعزيــز اســتقرار ســعر الصــرف كمــا حــدث فــي أواســط وأواخــر
التسعينات ،عندما ارتفع الطلب علــى العملت الجنبيــة بشــكل حــاد
ومفاجئ .وقد ترتب على ذلك في حينه ارتفاع أسعار الفـائدة علــى
مختلف أدوات السياسة النقدية لدى البنك المركزي إلــى مســتويات
قياسية.
أم ًــا بعــد ترســخ الســتقرار النقــدي ،ومنــذ أواســط عــام 1999
تحديدا ،فقد تميزت السياسة النقدية باليسر ،وقد أمكن خلل هــذه
الفترة تخفيض سعر الفائدة علــى مختلــف أدوات السياســة النقديــة
إلى أدنى مستوى لها منذ إتباع السلوب الجديد في إدارة السياســة
النقدية .غير أن البنك اتجه منذ أواسط عــام ً 2004لبعــض التشــدد
مــن خلل رفــع أســعار الفــائدة ،وذلــك تجنب ـا للضــغوط التضــخمية
المحتملة جراء تزايد الطلب المحلي.
في ول بد من التنويه بأن سياسة سعر الصرف الحالية المتمثلة
ربط الدينار بالدولر الميركــي قــد خــدمت القتصــاد الردنــي جيــدًا،
حيث ساهمت بإحراز معدلت النمــو القتصــادي اليجابيــة وتخفيــض
معــدلت التضــخم إلــى مســتوى مماثــل لمــا هــو ســائد فــي الــدول
الصناعية ،فضل ً عن تعزيز الثقة العامة بالدينار الردني .وقــد ســاعد
على ذلــك ارتفــاع الحتياطيــات الجنبيــة لــدى البنــك المركــزي إلــى
مستوى مريح إذ تبلغ تلك الحتياطيات حاليا ً 4.6مليار دولر أميركي
)ما يكفي لتغطية مــا يزيــد علــى ثمانيــة أشــهر مــن المســتوردات(.
ويتوفر لدى البنك المركزي حاليا ً قناعة تامــة بــأن هــذه السياســة ل
زالت في صالح القتصاد الوطني .وليس أدل على ذلــك مــن تزايــد
القدرة التنافسية للقتصاد الردني ،حيــث نمــت الصــادرات الوطنيــة
بشكل ملحوظ خلل السنوات الخيرة.
أما على صعيد سياسة أسعار الفائدة ،فقد أدخل البنك المركزي
فائدة إصلحات متعددة على هذه السياسة بهدف خلق هيكل أسعار
مــرن وملئم ينســجم مــع الوضــاع القتصــادية الســائدة محليــا ً و
تطورات أسعار الفائدة في الســواق العالميــة .فمنــذ بدايــة تطــبيق
6
الصلحات القتصادية ،قام البنك المركــزي بتحريــر أســعار الفــائدة
السوق المصرفية وترك تحديــد مســتوياتها إلــى الدائنة والمدينة في
قوى السوق مستخدما ً السلوب غير المباشر لتوجيه تلك السعار.
ويعمل البنك المركزي للتأثير على أســعار الفــائدة فــي الســوق
المصرفي بشكل غير مباشر ،وذلك من خلل تعديل أســعار الفــائدة
الرئيسة على أدوات سياســته النقديــة )ســعر إعــادة الخصــم ،ســعر
نافــذة اليــداع ،وســعر إعــادة شــراء شــهادات اليــداع( ومــن خلل
عمليات السوق المفتوحة المتمثلة في بيع شهادات اليداع بالدينار.
وبالنظر إلى مدى تجاوب البنوك مع إجــراءات البنــك المركــزي،
يلحظ عندما كان البنك المركـزي يســعى لتخفيــض أسـعار الفـائدة،
فإن البنوك كانت تخفض أسعار الفائدة على الــودائع بســرعة أعلــى
من تخفيضها لسعار الفائدة على التسهيلت ،المر الذي يــؤدي إلــى
اتساع الهامش بين أسعار الفائدة المدينة والدائنة .ولكن الملحظة
الجديرة بالهتمام ،أن البنوك لم تبادر إلى رفع أسعار الفــائدة علــى
التسهيلت عندما بدأ البنك المركزي برفع أسعار الفائدة على أدوات
سياسته النقدية خلل فترة الثنــي عشــر شــهرا ً الخيــرة .بـل علــى
العكس مالت أسعار الفائدة على التسهيلت نحو النخفاض مما أدى
إلى تقلص الهامش بين الفائدة الدائنة والمدينة بشكل واضــح ليبلــغ
4.73نقطة مئوية .ويعكس هذا التجاه ارتفــاع مســتوى التنافســية
في الجهاز المصرفي الردني ،وخاصة في أعقاب دخول ثلثــة بنــوك
عربية كبيرة إلى السوق الردني.
7
الودائع لدى البنوك
نيسان
2005
0.36 0.36 0.50 1.35 0.88 تحت الطلب