بالرغم من أن الكثرة الغالبللة مللن علمللاء الغللرب قللد أعماهللا التعصلب والحقللد ،فللم تعترف للعلماء العرب بأي إنتاج ،بل منهم مللن اسللتعمل اللفللاظ النابيللة فللي وصللف النتللاج العلمي العربي والعلماء العرب ،فرماهم بالبربرية والجهالة ،ومنهللم مللن تجاهللل إطلقلا ً هللذه الحقبة الوضاءة في تاريخ العلم العربي ،إل أن قلة من علماء الغرب اعترفوا بفضل العلمللاء العرب في حفظ التراث العلمي النساني من الضياع ،وفي متابعة التفكير العلمي الصللحيح ، فنقلوا العلم الغريقي والعلم البطلمي إلى اللغة العربية ،بعد أن فهموه وحذقوه ،ثم أضافوا إليه وزادوا عليه ،وكان لهم أعظم الفضل في خلود هذا التراث. وكللان مللن هللذه القلللة مللن علمللاء الغللرب الللذين اعللترفوا بفضللل العلمللاء العللرب المستشرقة الدكتورة )سيجريد هونكه( مؤلفة كتاب ) شمس العرب تسطع على الغرب ل أثر الحضارة العربية في أوروبا( حيث تقول :لقد شللاء الللله أن يظهللر مللن الوربييللن مللن ينللادي بالحقيقة ول يغمط العرب حقهم ،في أنهم حملوا رسالة عالمية ،وأدوا خدمة إنسانية للثقافللة البشرية قديما وحديثا .إن هذا النفر من الوربييللن المنصللفين ،ل يللأبه مللن تحللدي المتعصللبين الذين حاولوا جهد طاقتهم طمس معالم هذه الحضارة العربية والتقليل من شأنها . " إن أوروبا تدين للعرب وللحضارة العربية .وإن الدين الذي في عنق أوروبللا وسللائر القللارات الخرى للعرب كبير جدا ً ،وكان يجب على أوروبا أن تعترف بهذا الصنيع منذ زمن بعيد ،ولكن التعصب واختلف العقائد أعمى عيوننا ،وترك عليها غشاوة حتى إننا نقرأ ثمانية وتسعين كتابا ً من مائة ،فل نجد فيها إشارة إلى فضل العرب وما أسدوه إلينللا مللن عللم ومعرفلة ،اللهللم إل هذه الشارة العابرة إلى أن دور العرب ،ل يتعدى دور ساعي البريد ،الذي نقل إليهللم الللتراث اليوناني ". وتقول " إنها سبه أن يعلم أهل العلللم مللن الوربييللن ،أن العللرب أصللحاب نهضللة علميللة لللم تعرفها النسانية من قبللل ،وأن هللذه النهضللة فللاقت كللثيرا ً مللا تركلله اليونللان أو الرومللان ول يقدرون هذا .إن العللرب ظلللوا ثمانيللة قللرون طللوال ،يشللعون علللى العللالم علملا ً وفنلا ً وأدبلا ً وحضارة ،كما أخذوا بيد أوروبا وأخرجوها من الظلمات إلى النور ،ونشللروا لللواء المدنيللة ،إن هم ذهبوا في أقاصي البلد ودانيها ،سواء في آسيا أو إفريقيا أو أوروبا ،ثم تنكر أوروبا علللى العرب العتراف بهذا الفضل ". " أن هذه النظرة الوربية دليل على ضيق أفق الغربييللن ،وخشلليتهم قللول الحللق والعللتراف للعرب بفضلهم ،وخاصة أنهم قد غيروا وجه العالم الذي نعيش فيه ". " أن هذا الكتاب يهدف أيضا إلى تقديم شكر ،كلان يجلب أن يقلدم إللى العلرب منلذ عصلور قديمة". وممن أنصفوا الحضارة العربية السلمية فرانتزرزنتال في كتللابه )مناهللج العلمللاء المسلللمين في البحث العلمي( وهو يصللف النشللاط العلمللي عنللد علمللاء المسلللمين :إن أعظللم نشللاط فكري قام به العرب ،يبدو لنا جليللا فللي حقللل المعرفللة التجريبيللة ،ضللمن دائرة ملحظللاتهم واختباراتهم ،فللإنهم كللان يبللدو نشللاطا ً واجتهللادا ً عجيللبين حيللن يلحظللون ويفحصللون ،وحيللن يجمعون ويرتبون ما تعلموه من التجربة أو أخذوه من الرواية والتقاليد ،وكذلك فإن أسلوبهم في البحث أكبر ما يكون تأثيرا ً ،عندما يكون المر في نطاق الرواية والوصف. وممن أنصفوا العرب أيضا العالم المستشرق برنال حيث يقللول :إن الفضللل أعظللم الفضللل للعلماء العرب في الحفاظ على هذا التراث ،وتكوينه ونقله والتأليف فيه ،وإن العلماء العرب قد بلغوا في ذلك شأوا ،وأنهم تفوقوا على الغريق ،أن جعلوا العلم سهل ً مستساغا ً ،فأقبللل الناس على النهل منه ،وكانت ميزة تفرد بها العلم العربي. 2ـ الحضارة العربية السلمية في العصور الوسطى والتحدي المعاصر أ .د .مسلم شلتوت لقد رفع السلم الحنيف من قدر العلللم والعلمللاء ،وحللث علللى طلللب العلللم ،ثللم أن معجزته كتاب ،وهو القرآن الكريم ،ومن آياته )اقرأ باسم ربللك( .ونحللن العللرب والمسلللمين أهل أصالة وأثالة في العلم ،قدنا النسانية مللرة نحللو المجللد والقللوة بفضللل نفللر كريللم مللن العلماء العرب والمسلمين ،حملوا المشاعل وأضاءوا دياجير الجهل ،فلي اللوقت الللذي كلانت أوروبا غارفة في ظلماته ،لعلنا من الناحيللة العلميللة أغنللى المللم تراثللا ،وقللد تعللاقبت علينللا حضارات تمثلنها ورعيناها ،وقمنا بذلك الواجب العلمللي والنسللاني نحللو البشللرية كلهللا .لقللد كانت اللغة العربية في يوملا ً ملا هللي اللغللة العلميللة العالميللة ،وأنهلا كلانت تحتكللر المؤلفلات العلمية ،ل تكاد تنشر إل بها ،نعم لقد كانت العربية يوما ً هي اللغة الدولية في هللذا الميللدان. وأن الحضارة الغربية الحديثة لمدينة للحضللارة العربيللة السلللمية وهللي فللي أزهللى عصللورها بالسهامات القويللة فللي تطللوير الفكلر الغربللي علن طريللق ملا بللذله الوربييللن فللي العصللور الوسطى من ترجمة في اللغة العربية للغات الوروبية المختلفة وما نهلوه من معرفللة وعلللم في مراكز الشلعاع للحضلارة العربيللة السللمية فللي العصلور الوسلطى كالنلدلس وصللقلية وخلل الحروب الصليبية ،وفتح جنوب شرق أوروبللا علللى يللدي العثمللانيون .وإنهللا لمانللة فللي أعناقنا نحن أحفاد العرب المسلمين أن نحمل المشللعل مللرة أخللرى لنفللس الطريللق ،ونقللود النسانية كما فعل أسلفنا أول مرة . ولعل الهجمة الصليبية الغربية على الحضارة العربيللة السلللمية الحادثللة الن والمتزامنللة مللع اعتللداءات وحشللية بربريللة علللى الشللعوب العربيللة والسلللمية مللن دول التحللالف الغربللي والمسماة بحرب مكافحة الرهاب ...وهللي فللي حقيقتهللا حللرب صللليبية جديللدة ،لعلهللا تكللون درس وعظة وعبرة لنا نحن العرب والمسلمين ،أل نهفوا إلى الغفاء مرة أخللرى ،وأل نللترك قصب السبق من أيدينا ،وأن نجعل العلم وسيلتنا الولى والخيرة لنه سللبب القللوة والتقللدم ولتسلم ذرا المجد ،لنساير الركب ونحتذ به ،ولعلنا أن نقوده فللي مللدارج الرقللي والرفعللة ، كما فعل أسلفنا أول مرة . لقد اتفق علماء تاريخ العلم عند العرب على أن معلمي النسللانية الثلث الوائل هللم أرسلطو الغريقللي ،والفللارابي الللتركي المسلللم ،وابللن سللينا البخللاري المسلللم .الفللارابي ) 870ل ل 950م ( من أشهر الفلسفة السلميين ،وحجة من حجج الفكر النساني في الشرق والغرب على السواء .احتفلت المحافل العلمية في العالم بمرور ألف سنة على وفاته في خمسينيات القرن العشرين . ابن سينا ) 980ل 1036م ( رائد من رواد الفكر النساني في فللترة تعتللبر مللن أزهللى عصللور الحضارة العلمية السلمية ،سطع في سمائها ابن سينا ،وابن الهيثم ،والبيروني .ولقد أقبللل علماء الغرب على كتب ابن سينا يترجمونها إلى اللغة اللتينية ،بل لقد ترجمت كتبه إلى كللل لغة تقريبًا .وتأثرت الفلسفات الخرى بفلسفته ،واعتبره دانتي اليطالي في مصلاف أبقلراط وجالينوس في الطب .ويقول جورج سارتون في كتابه )العلم القديم والمدنيللة الحديثللة( عللن ابن الهيثم إنه أكبر عالم طبيعة مسلم ،ومللن أكللبر المشللتغلين بعلللم المنللاظير )الضللوء( فللي جميع الزمان .لقد كان أساس الخلق عند ابن الهيثم العربي المصري ) 965ل 1038م( إيثار الحق ل الميل مع الهوى .إنه خلق العالم الفاضل .ألسنا نرى أنه مثل يحتذى بعد عصره بنحللو ألف من العوام .وكذلك تميز أبو الريحان البيروني ) 963ل 1048م( الفغاني المسلم بعقلية نادرة المثال ،حيث يقول المستشرق "سللخاو" عللن الللبيروني :إنلله أكللبر عقليللة علميللة فللي التاريخ ،وإنه من أضخم العقول التي ظهرت في العالم ،وإنلله أعظللم علمللاء عصللره ،ومللن أعظم العلماء في كل العصور .ويقللول المستشللرق المريكللي " ايريوبللوب" فللي أيللة قائمللة تحوي أسماء أكابر العلماء يجب أن يكون لسم البيروني مكانة رفيعة . أما الفيلسوف العربي الندلسي ابلن رشلد ) 1126لل 1198م( واللذي عرفتله أوروبلا باسلم أفيروس ) (Averroesفيقول عنه "رام لندو" في كتاب )مآثر العرب فللي النهضللة الوربيللة( " : أن فلسفة الغرب ل يمكن أن يصلوا إلى مستواهم الذي نللراه اليللوم ،لللو لللم يحصلللوا علللى نتائج بحوث ابن رشد في الفلسفة ". 3ـ العلم الحديث نتاج للتفاعل بين الحضارات أ .د .مسلم شلتوت من الصعب وغير المألوف أن نجد باحثا أمريكيا متخصصا فللي تاريللخ العلللوم أن يكللون محايللدا ً ونزيها في حكمه على الدور الذي قام به العلم العربي السلللمي فللي تطللور العلللم الحللديث ، ولكن د .توبي هف بقسم تاريخ العلم بجامعة هارفارد كان باحثا أمينا فقد قام بتأليف كتللابه The Rise of Early Modern science - Islam, China and the Westوالذي تم ترجمته تحت عنوان " فجر العلم الحديث ،السلم ل الصين ل الغرب " بعد أن نشرته جامعة كمبردج عام .1993 يقول د .توبى هف :لعل أكثر ما يثير الدهشة هو أن الحضارة العربية السلللمية كللانت تملللك أكثر العلوم تقدما ً في العالم قبل القرنين الثالث عشر والرابع عشللر .فقللد تفللوقت منجزاتهللا في البصريات والفلك والطللب والعلميللن الرياضلليين الهندسللة والمثلثللات علللى مللا كللان عنللد الغرب أو الصين .ونعرف كللذلك أن العلمللاء فللي العللالم السلللمي كتبللوا رسللائل فللي العلللم التجريبي . يقرر د .توبي هف أن العلم نشاطا ً اجتماعيا ً مستمرا ً له أبعاد حضارية ل يمكن إنكارهللا ،فللإن الحديث عن البنى والمؤسسللات الموجهللة الللتي وجهللت الطللر الخلقيللة والدينيللة والقانونيللة للمفكرين من الحضارة السلمية في العصور الوسطى أو في الصين أو في الغرب الوروبي ،ل هو من قبيل العرقية ول النزعة الستشللراقية .ويشللير د .تللوبي هللوف هنللا إلللى مسللتوى الخطاب الرمزي والفكري الذي اكتسب الطابع المؤسسي وشارك فيه المثقفون في مناطق متناثرة على امتداد هذه الحضارات كلها بدرجات متباينة وبأشكال متفاوتللة .ولللذا فللإن العلللم الحديث ليس نتاجا حضاريا ً فقط ،بل هو نتاج للتفاعل بين الحضارات. لقد كانت مساهمات الحضارة العربية السلللمية فللي تطللور العلللم الحللديث بللادئ ذي بللدء ل ل ويقصد مساهماتها في إغناء مخزون المعرفة ،سواء منها المنطقية أو الرياضية أو المنهجية ل قبل اضمحللها بعد القرنين الثالث عشلر والرابلع عشلر كلانت هللذه المسلاهمات مسلاهمات مهمة .حيث يرى أن انتقال المعرفة العلمية والفلسفية التي تراكمت واختزنت فللي الحضللارة العربية السلمية إلى الغرب من خلل الجهود العظيمة للترجمة التي قام بها أوربيللو العصللور الوسطى ،كان له أثر عظيم في مسار التطور الفكري الغربي .وهذا يعني أن العلللم الحللديث هو نتاج صلت ما بين حضارات تضم التفاعل الذي جرى بين الغرب والمسلمين والمسلليحيين ول تنحصر فيهم ،ولكنها تضم أيضا "حوارات أخرى بين الحياء والموات " شللملت اليونللانيين والعرب والوربيين ". إن بعض الناس يقولون إن التراث الفكري اليوناني والتزامه بالحوار العقلي واتخاذ القللرارات من خلل المنطق وقرع الحجة بالحجة بوجه خاص ،هو الذي حدد مسار التطللور الفكللري فللي الغرب بعد ذلك .ويقول د .توبي هف أننا لسللنا ملزميللن بقبللول هلذا اللرأي للعللتراف بأهميللة التراث اليوناني للعمل الغربي ،فالمساهمة الهم هي أن العلللم الحللديث هللو حصلليلة لصلللت متعددة مستمرة بين الحضارات دامت على مدى قرون. إن العلم الحديث الذي نشأ في الغرب غدا علما عالميا بشكل متزايد من حيث أنه صار متاحا لشعوب العالم كلها .لقد غدا هذا العلللم ،بتعللبير جوزيللف ينللدام " علمللا بل هويللة طائفيللة " . وطبقت بهذه الصفة على الظروف والمعارف المناسبة في جميع أنحللاء العللالم .واليللوم فللإن عددا ً كبيرا ً في البلد العربية والسلمية يسعون سعيا ً حثيثا ً للحصول علللى المعرفللة والمنللافع التي يقدمها العلم الحديث مثلهم مثل غيرهم .ومهما تكن العيوب التي يجلبها العلللم الحللديث في مسيرته فإن فوائده من حيث مستويات المعيشة الحديثة ،ول سلليما فللي مجللال الصللحة )العقلية والجسمية على حد سواء( ما يشلليد بهللا ويطلبهللا الجميللع علللى أنهللا مللن حللق جميللع الشعوب ،بغض النظر عما إذا كانت قبائلها أو بلدها أو جماعتها قد قدمت شيئا لتلللك الللثروة من المعرفة التي ليست لها هوية طائفية.