You are on page 1of 22

‫د‪ .

‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫تاريخ الصلب‬

‫(اليوم والشهر والسنة)‬

‫التجسد والصلب والقيامة أىم ثبلثة حوادث يف حياة الرب يسوع لو اجملد على األرض ويف‬
‫التاريخ اخلبلصي‪ .‬ذلذا من الطبيعي أن يسارع الناس إىل ربديد تأريخ ىذه احلوادث‬
‫اخلبلصية‪ .‬يف ىذه الدراسة ادلختصرة سنناقش تاريخ الصلب‪ :‬يوم الصلب وساعتو‪ ،‬تارؼلو من‬
‫الشهر والسنة‪ .‬ىذه ادلناقشة تتناول تاريخ العشاء األخَت ومعناه‪ ،‬ألن تاريخ الصلب مرتبط‬
‫بتاريخ العشاء األخَت‪ .‬لقد وضعنا ىذه الدراسة يف اجلزء الثالث من شرح مىت بسبب ضيق‬
‫اجملال يف اجلزء الرابع‪.‬‬

‫كان للعشاء األخَت للرب يسوع مع تبلميذه‪ ،‬قبل الصلب بساعات أعلية خاصة جداً‪ .‬ففيو‬
‫سر الشكر (أو الفخارستيا باليونانية) وىو السر الذي ستمارسو الكنيسة حىت‬
‫أسس الرب ّ‬
‫يوم ادللكوت‪ .‬يف ىذا العشاء احتفل الرب يسوع بالفصح اليهودي احتفاالً خاصاً بو من‬
‫حيث التوقيت والشكل وألغاه ليؤسس يف الوقت نفسو فصحو ىو‪ ،‬الفصح ادلسيحي‪ ،‬الذي‬
‫كان يسوع فيو ىو احلمل الفصحي‪ ،‬محبلً إذلياً‪-‬بشرياً‪ ،‬محبلً قُدِّم مرة وإىل األبد عن خطايا‬
‫البشرية كلها‪ ،‬محبلً ؽللك قوة األبدية‪ ،‬محبلً يُقدِّم ىو ىو نفسو إىل ادلؤمنُت يف كل قداس إذلي‬
‫ليدفع إليهم طعاماً وشراباً روحيُت‪ ،‬علا جسد ادلسيح احلق ودمو احلق‪ ،‬ليكونا للمتناولُت منها‬
‫حياة فيهم‪.‬‬

‫دبا أن خصائص العشاء األخَت الفصحية ىي أساسية لتأريخ الصلب‪ ،‬ذلذا سأستعرض‬
‫باختصار ىذه اخلصائص قبل احلديث عن تاريخ الصلب‪.‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫الخصائص الفصحية للعشاء األخير‪:‬‬


‫توجد خصائص فصحية واضحة يف العشاء األخَت‪ .1‬من ىذه اخلصائص باختصار‪:‬‬

‫‪ -1‬حدث العشاء األخير في أورشليم (مر ‪ 13 :14‬وموازياتو؛ يو ‪ .)1 :18‬كانت‬


‫باحلجاج أثناء موسم الفصح‪ .‬كان عدد سكان أورشليم ‪ 30-25‬ألف‬
‫أورشليم مزدمحة جداً ّ‬
‫نسمة تقريباً‪ .‬بينما يُقدَّر عدد احلجاج أثناء الفصح ‪ 135-85‬ألف نسمة‪ .‬ذلذا قُدِّر عدد‬
‫الناس الكلي أثناء موسم الفصح أكثر من ‪ 100,000‬نسمة‪ .‬كان يسوع ؽلضي ليلتو يف‬
‫األسبوع األخَت يف بيت عنيا (مر ‪ 11 :11‬وموازياتو‪ ،27 :11 ،19 :11 ،‬مر ‪3 :14‬؛‬
‫غَت يسوع‬
‫لو ‪ 37 :21‬و‪ 39 :22‬وموازياتو)‪ ،‬بينما تناول العشاء األخَت يف أورشليم‪ .‬دلاذا ّ‬
‫عادتو مساء اخلميس وتناول العشا األخَت يف ادلدينة ادلزدمحة؟ على األرجح كي ػلافظ على‬
‫قاعدة الفصح القائلة أنو غلب تناول الفصح يف أورشليم‪.‬‬
‫‪ -2‬حدث ليلا (‪1‬كو ‪23 :11‬؛ يو ‪30 :13‬؛ مر ‪17 :14‬؛ مت ‪.)20 :26‬‬
‫عاد ًة كانت توجد وجبتان‪ :‬األوىل بُت الساعة ‪ 10‬و‪ 11‬صباحاً‪ ،‬والثانية بعد الظهر‪ .‬ذلذا‬
‫فتوقيت العشاء األخَت ال يتفق مع العادة الدارجة إال إذا كان عشاءً فصحياً ألن الفصح‬
‫وحده ؽلكن أن يؤكل ليبلً‪.‬‬
‫‪ -3‬حدث مع االثني عشر (مر ‪17 :14‬؛ مت ‪ :)20 :26‬كان عدد ادلشاركُت يف‬
‫العشاء األخَت أثٍت عشر حىت يتفق مع قاعدة الفصح يف أنو على األقل عشرة اشخاص غلب‬
‫أن يشاركوا فيو‪.‬‬
‫‪ -4‬اتكئوا إلى المائدة (مر ‪18 :14‬؛ مت ‪22 :26‬؛ لو ‪14 :22‬؛ يو ‪21 :3‬‬
‫و‪ .)23‬يف أيام يسوع كان اآلكلون غللسون يف الوجبات العادية‪ .‬بينما يتكأ اآلكلون يف‬
‫مناسبات معينة مثل تناول وجبة يف العراء (إطعام اجلموع)‪ ،‬أو يف حفلة (مر ‪39 :12‬‬

‫‪1‬‬
‫—‪Joachim Jeremias: The Eucharistic Words of Jesus. The MacMillan Company‬‬
‫‪New York, 1955. P, 14.‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫وموازياتو؛ مر ‪ 3 :14‬وموازياتو؛ لو ‪ 37-36 :7‬و‪49‬؛ ‪37 :11‬؛ ‪15 :14‬؛ يو ‪:12‬‬


‫‪ ،)2‬أو يف عيد (مر ‪ 15 :2‬وموازياتو خاصة لو ‪ ،)29 :5‬أو يف عيد ملكي (مر ‪26 :6‬‬
‫موازياتو)‪ ،‬أو يف زفاف (مت ‪11-10 :22‬؛ لو ‪ 8 :14‬و‪ ،)10‬أو يف عيد ادللكوت‬
‫(مت ‪11 :8‬؛ لو ‪ .)29 :13‬من غَت ادلمكن ليسوع وتبلميذه أن يتكئوا إىل ادلائدة يف‬
‫العشاء األخَت ما مل يكن عشاءً فصحياً حيث يتكأ ادلشاركون داللة على التحرر من العبودية‬
‫(احتفاالً)‪.‬‬
‫‪ -5‬كسر الخبز (مر ‪22 :14‬؛ مت ‪ .)26 :26‬يسوع كسر اخلبز خبلل العشاء‪ .‬من‬
‫ادلعروف أن الوجبة تبدأ بكسر اخلبز‪ .‬إظلا من غَت ادلألوف ىنا أن مر ‪ 22 :14‬يذكر وجبة‬
‫فيها ُكسر اخلبز بعد تقدمي صحن (مر ‪ .)20 :14‬عاد ًة الفصح ىو الوجبة الوحيدة يف‬
‫السنة اليت يُقدم فيها صحن يسبق كسر اخلبز‪.‬‬
‫‪ -6‬شرب الخمر‪ :‬يسوع وتبلميذه شربوا مخراً (مر ‪ ،23 :14‬و‪ 25‬وموازياتو)‪ .‬ىذه‬
‫ليست عادة شائعة قط ألن شرب اخلمر ػلدث فقط يف ادلناسبات (االحتفال بالضيوف‪،‬‬
‫ختان‪ ،‬خطبة‪ ،‬العنصرة‪ ،‬عيد ادلظال)‪ .‬شرب اخلمر يف العشاء األخَت ىو إشارة إىل أنو كان‬
‫عشاءً فصحياً حيث كان على كل واحد أن يشرب من اخلمر‪ ،‬على االقل من أربعة كؤوس‪.‬‬
‫‪ -7‬توكيل يهوذا بالتبرع للفقراء‪ :‬حبسب يو ‪ 29 :13‬افًتض التبلميذ أن يسوع قد‬
‫َّفوض يهوذا‪-‬الذي ترك العشاء ليبلً (يو ‪ -)26 :13‬بإعطاء شيء للفقراء‪ ،‬و"كان ليبلً"‬
‫(يو ‪ .)30 :13‬من الصعب االفًتاض أن يسوع قد اعتاد على التص ّدق للفقراء ليبلً إال إذا‬
‫كان العشاء األخَت عشاءً فصحياً حيث كان من ادلعتاد القيام هبذا‪.‬‬
‫‪ -8‬اختتام العشاء األخير بالتسبيح (مر ‪ ،26 :14‬مت ‪ .)30 :26‬التسبيح ؼلص‬
‫العشاء الفصحي وىو سلتلف عن الشكر يف هناية كل وجبة‪.‬‬
‫‪ -9‬عدم العودة إلى بيت عنيا بعد العشاء‪ :‬عاد يسوع إىل جبل الزيتون (مر ‪26 :14‬‬
‫وموازياتو)‪ ،‬إىل بستان شرقي وادي قدرون (يو ‪ ،)1 :18‬ومل يعد إىل بيت عنيا مثلما فعل يف‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫الليايل السابقة‪ .‬دلاذا؟ ألنو غلب سبضية ليلة الفصح يف أورشليم‪ .‬وحىت يستطيع الناس االلتزام‬
‫هبذه القاعدة مت توسيع حدود مدينة أورشليم لتشمل ‪-‬أيام يسوع‪ -‬بيت فاجي وبيت عنيا‬
‫(باإلضافة إىل وادي قدرون والسفح الغريب جلبل الزيتون وبستان جثسيماين)‪.‬‬

‫‪ -10‬تفسير الخبز والخمر‪ّ :‬‬


‫فسر يسوع معٌت اخلبز واخلمر يف العشاء األخَت رابطاً إياعلا‬
‫بآالمو‪ .‬أي سبب وراء ىذه الطريقة الغريبة إلعبلن آالمو؟ إن تفسَت عناصر الوجبة جزء‬
‫رب العائلة عناصر الوجبة الفصحية (خاصة احلمل‪،‬‬
‫راسخ من الطقس الفصحي‪ .‬إذ يفسر ّ‬
‫ادلرة)‪ .2‬أيضاً يف تلمود أورشليم يوجد ذكر لتفسَت رلازي للكؤوس األربع‪.‬‬
‫الفطَت‪ ،‬األعشاب ّ‬
‫وباإلضافة إىل التفسَت التارؼلي للفطَت يوجد تفسَت أخروي (متعلِّق باآلخرة)‪ .‬ينعكس ىذا‬
‫التفسَت األخروي للفطَت ادلوجود يف ‪1‬كو ‪ .8-7 :5‬ىنا أعطى يسوع تفسَتاً جديداً‪،‬‬
‫تفسَته ىو‪ ،‬لعناصر العشاء األخَت بطريقة جديدة تشَت إىل ذبيحتو وإىل كونو احلمل‬
‫الفصحي‪.‬‬

‫ىكذا كان العشاء األخَت عشاءً فصحياً‪ ،‬كان يسوع فيو ىو احلمل الفصحي‪ ،‬إذ قدم‬
‫جسده ودمو للمؤمنُت بو لينالوا اخلبلص‪ .‬واألناجيل اإلزائية فهمت ىذا العشاء كعشاء‬
‫فحصي كما سنرى الحقاً‪ .‬يف ىذا العشاء األخَت أو الفصحي أقام يسوع فصحو اخلاص بو‪،‬‬
‫فصحاً جديداً‪ ،‬لكي يل ِغ الفصح اليهودي‪ .‬ىكذا بدأ الرب بإقامة الفصح اليهودي‪ ،‬ومن مث‬
‫دشن بالوقت نفسو فصحو اخلاص اجلديد حيث كان فيو يسوع ىو احلمل الفصحي الذي‬
‫ّ‬
‫قدم حلمو ودمو للمؤمنُت بو حياةً وخبلصاً للمتناولُت منهما‪ .‬مشهد العشاء األخَت ىذا‬
‫يذكرنا دبعمودية الرب يف هنر األردن‪ ،‬حيث بدأت ادلعمودية بإطار يهودي فأكملها ادلسيح‬

‫‪ 2‬تبدأ وجبة الفصح بالقدوش وهً بركة الكأس وبالصحن األول‪ .‬بعد هذا ٌُقدم الحمل الفصحً و ُتمزج الكأس الثانٌة‪ .‬وقبل‬
‫الوجبة الخاصة أخذ ٌسوع هنا النذور الفصحٌة التً ذروتها تفسٌر عناصر الوجبة بالحوادث التً تمت فً الخروج من‬
‫مصر‪ :‬فالفطٌر ٌرمز إلى بؤس الماضً‪ ،‬واألعشاب المرّة ترمز إلى العبودٌة‪ ،‬ومسحوق الفاكهة له لون الطٌن وقوامه‬
‫وٌرمز إلى عمل العبودٌة‪ ،‬والحمل الفصحً ٌرمز إلى رحمة هللا التً فشخت (أي عبرت‪ :‬من عنا كلمة فصح) بإسرائٌل‬
‫من العبودٌة إلى الحرٌة‪.‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫ليؤسس بالوقت نفسو ادلعمودية ادلسيحية اليت فيها تنفتح السموات دائماً‪،‬‬
‫وأهناىا إىل األبد ِّ‬
‫بشكل غَت منظور‪ ،‬وربل نعمة الروح القدس على ادلعتمد باسم الثالوث القدوس‪.‬‬

‫‪ -1‬يوم الصلب‬
‫صلب فيو ربنا‪ .‬ػلدد مرقس ‪ 42 :15‬اليوم الذي‬
‫ال صلد صعوبة كبَتة يف ربديد اليوم الذي ُ‬
‫مات فيو يسوع أنو "ما قبل السبت"‪ .‬ويف حُت مل يذكر مىت يوم السبت يف الصلب إال أنو‬
‫يشَت بوضوح إىل أن اليوم بعد موت يسوع (‪ )62 :27‬ىو السبت‪ .‬وعندما ينتهي نأيت إىل‬
‫أول يوم من األسبوع (‪ .)1 :28‬وبعد دفن يسوع مباشرةً يقول لوقا ‪ 54 :23‬إن السبت‬
‫كان على وشك االنقضاء‪ .‬أما يوحنا ‪ 31 :19‬فيذكر االستعدادات ادلأخوذة لئبل تبقى‬
‫األجساد على الصليب يوم السبت اآليت‪ .‬ذلذا يتفق اجلميع حبسب الكتاب بأن يسوع قد‬
‫ودفن يوم اجلمعة‪ ،‬يف فًتة بعد الظهر منو‪ .‬بالطبع الكنيسة األرثوذكسية تؤمن‬
‫صلب ومات ُ‬ ‫ُ‬
‫صلب يوم اجلمعة‪ ،‬وتعكس ىذا اإلؽلان وربياه يف الليتورجيا‪.‬‬
‫أن يسوع قد ُ‬

‫‪ -2‬ساعة الصلب‬
‫األناجيل اإلزائية (مرقس‪ ،‬مىت ولوقا) تتفق على أن يسوع كان على الصليب بُت الساعة‬
‫السادسة (الثانية عشرة ظهراً) إىل الساعة التاسعة (الثالثة بعد الظهر)‪ .‬وأن الرب أسلم الروح‬
‫ضلو الساعة التاسعة‪ .‬وتتفق أيضاً على أن الظبلم قد غطى األرض كلها بُت الساعة السادسة‬
‫والتاسعة‪ .3‬أما إصليل يوحنا فبل يذكر كثَتاً مؤشرات زمنية وإظلا يؤكد أن يسوع كان مثبلً أمام‬
‫بيبلطس الساعة السادسة (الثانية عشر ظهراً) عندما ُحكم عليو بالصلب (يو ‪-13 :19‬‬
‫‪ .)14‬ىذا بالطبع ال يتناقض مع األناجيل اإلزائية‪.‬‬

‫‪ 3‬راجع مر ‪ ،33-33 :51‬و‪22-24‬؛ مت ‪15-21 :42‬؛ ولو ‪.23-22 :43‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫تنشأ صعوبة ىنا يف مرقس عندما يذكر‪" :‬وكانت الساعة الثالثة فصلبوه" (مر ‪.)25 :15‬‬
‫ىذه اإلشارة الزمنية إىل الصلب ادلبكر ال تتفق مع األناجيل الثبلثة األُخرى‪ .‬مرقس يذكر‬
‫الساعة الثالثة (الصلب) فالسادسة (حلول الظبلم) فالتاسعة (صراخ يسوع)‪ .‬مىت ولوقا‬
‫يأخذان اإلشارتُت الزمنيتُت األخَتتُت ويهمبلن األوىل (الساعة الثالثة)‪ ،‬وبالتايل ال يعطيان‬
‫ب باكراً (التاسعة صباحاً)‪.‬‬ ‫انطباع مرقس بأن يسوع قد ِ‬
‫صل َ‬
‫ُ‬
‫وجدت عدة زلاوالت للتوفيق بُت األناجيل األربعة إظلا مجيعها غَت مرضية‪ .‬ركزت ىذه‬
‫احملاوالت على التوفيق بُت إشارة مرقس (الصلب الساعة الثالثة) وبُت إشارة يوحنا (مثول‬
‫يسوع أمام بيبلطس الساعة السادسة)‪ .‬إما أن تكون ىاتان اإلشارتان الزمنيتان الىوتيتُت‪،‬‬
‫وإما أن تكون إحداعلا الىوتية واألُخرى زمنية‪ ،‬إظلا ال ؽلكن أن تكون كلتا اإلشارتان زمنيتُت‪.‬‬
‫اإلشارة الزمنية الوحيدة ادلشًتكة يف األناجيل األربعة يف قصة الصلب ىي الساعة السادسة‬
‫رجح بأهنا مأخوذة من تقليد ما قبل األناجيل وقد استُعملت بصورة‬ ‫(‪ 12‬ظهراً)‪ .‬ىذا يُ ِّ‬
‫سلتلفة من قبل اإلصليليُت (بدء الظبلم يف اإلزائية واحلكم على يسوع بالصلب يف يوحنا)‪ .‬أما‬
‫صلِب يف الساعة الثالثة (‪ 9‬صباحاً) فهي مستبعدة كإشارة‬ ‫إشارة مرقس من أن يسوع قد ُ‬
‫لمح بأن يسوع مل يُصلب باكراً جداً (كما توحي الساعة الثالثة) عندما‬
‫زمنية‪ .‬مرقس نفسو يُ ِّ‬
‫يذكر تعجب بيبلطس بأن يسوع قد مات سريعاً (مر ‪.)44 :15‬‬

‫سياق الروايات اإلصليلية متفق‪ .‬إال أن اآلية ‪ 25 :15‬من مرقس تش ّذ على السياق‪ .‬تذكر‬
‫أن الصلب وقع يف الساعة الثالثة‪ ،‬بينما يلتقي مرقس مع زمبلئو على انتشار الظلمة من‬
‫الساعة السادسة حىت التاسعة‪ .‬فهل قصد مرقس هبا االستعدادات يف تقليد الكنيسة؟‬
‫ليتورجياً الكنيسة األرثوذكسية تعترب الساعة السادسة ىي ساعة الصلب وتربطها باليوم‬
‫السادس أو يوم اجلمعة العظيم‪ ،‬مشَتة إىل ادلسيح قد خلق اإلنسان (أو آدم) جديداً يف اليوم‬
‫السادس (يوم اجلمعة العظيمة) وىو بعد على الصليب‪ .‬نرتل يف خدمة الساعة السادسة‪:‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫"يا من يف اليوم السادس ويف الساعة السادسة ََسَّرت على الصليب اخلطيئة اليت ذبرأ عليها‬
‫مزق صق ىفواتنا‪ ،‬أيها ادلسيح إذلنا‪ ،‬وخلصنا"‪.‬‬
‫آدم يف الفردوس‪ّ .‬‬
‫أيضاً تعترب ليتورجيا الكنيسة األرثوذكسية الساعة التاسعة ىي ساعة موت يسوع باجلسد‬
‫على الصليب وتنشد يف خدمة الساعة التاسعة‪:‬‬

‫"يا من ذاق ادلوت باجلسد يف الساعة التاسعة ألجلنا‪ِ ،‬أمت أىواء أجسادنا أيها ادلسيح اإللو‬
‫وخلِّصنا"‪.‬‬

‫‪ -3‬شهر الصلب‬
‫صلب فيو الرب يثَت مشكلة لدى دراسة الكتاب ادلقدس‪ .‬فاألناجيل‬ ‫ربديد الشهر الذي ُ‬
‫صلب ادلسيح‪ .‬إظلا ؽلكننا أن نستنتج ىذا‬
‫األربعة مل ربدد تارؼلاً معيناً من الشهر عندما ُ‬
‫التاريخ من اإلشارات اإلصليلية إىل الفصح اليهودي‪ .‬قبل الكبلم عن تاريخ الشهر غلب‬
‫الكبلم عن عيد الفصح اليهودي أوالً‪.‬‬

‫تحديد الفصح اليهودي‪:‬‬


‫إن تأريخ الفصح اليهودي حسب النصوص الكتابية (خر ‪2-1 :12‬؛ الو ‪8-5 :23‬؛‬
‫تثنية ‪5 :23‬؛ عدد ‪ )25-16 :28‬مبٍت على رؤية بدر شهر نيسان‪ .4‬عند الشفق الذي‬
‫يُنهي ‪ 14‬نيسان (أبيب العريب) ويبدأ معو ‪ 15‬نيسان يُذبح احلمل الفصحي ويُرش دمو‬
‫على عتبات ادلنازل‪ .‬خبلل ىذا الشفق (الذي ينتمي إىل ‪ 15‬نيسان) ُػل َّمص احلمل ويؤكل‬
‫كامل من عيد الفطَت‪ .‬قبل‬
‫خببز فطَت وأعشاب مرة‪ .‬مع بداية ‪ 15‬نيسان يبدأ ايضاً أسبوعٌ ٌ‬
‫أيام يسوع بستمائة سنة مت دمج ىذين العيدين معاً (الفصح والفطَت) كفًتة احتفالية واحدة‪.‬‬
‫فكرة الدمج ىذه مهمة لنا لفهم اإلشارات اإلصليلية لعيدي الفصح والفطَت كما سنرى‪.‬‬

‫‪ 4‬بداٌة غروب الشمس وأفولها‪ .‬الٌوم الجدٌد حسب التقوٌم الٌهودي ٌبدأ بالشفق‪.‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫كان ذبح احلمبلن يتم يف البداية من قبل رب العائلة‪ ،‬مث صار مهمة الكهنة يف ىيكل‬
‫أورشليم‪ .‬وبسبب وجود آالف احلمبلن يف فًتة الفصح كان الذبح يبدأ يف أول فًتة بعد‬
‫الظهر يوم ‪ 14‬نيسان‪ ،‬وردبا قبل بدء الشفق بست ساعات‪ ،‬ومن مث تؤكل الوجبة الفصحية‬
‫مع بداية ‪ 15‬نيسان‪ .‬رئيس العائلة يًتأس العشاء‪.‬‬

‫حىت نفهم موقع الصلب من الفصح اليهودي غلب أن نُلِ َّم بطريقة ذكر فًتة الفصح‪/‬الفطَت‪،‬‬
‫ادلؤرخُت اليهوديُت يوسيفوس وفيلون‪ .‬ليست‬
‫ّ‬ ‫سواء يف العهدين القدمي واجلديد أو يف كتابات‬
‫اإلشارات إىل فًتة الفصح دقيقة دائماً يف ربديد اي يوم ىو ادلقصود (‪ 14‬أو ‪ 15‬نيسان)‬
‫ألن كلمة الفصح كانت تُستعمل لئلشارة إىل العيد أو الذبح أو الوجبة الفصحية‪ .‬فسفر‬
‫البلويُت يقول‪" :‬يف الشهر األول يف الرابع عشر من الشهر بُت العشائُت فصح للرب‪ .‬ويف‬
‫اليوم اخلامس عشر من ىذا الشهر عيد الفطَت للرب" (الو ‪ .)6-5 :23‬وسفر العدد ‪:28‬‬
‫فصح‬
‫‪ 17-16‬واضح ودقيق أيضاً‪" :‬ويف الشهر األول يف الروم الرابع عشر من الشهر ٌ‬
‫للرب؛ ويف اليوم اخلامس عشر من ىذا الشهر عي ٌد سبعة ايام يؤكل فطَتٌ"‪.‬‬

‫أيضاً يؤكد يوسيفوس (تاريخ اليهود ‪ 5 :10 :3‬رقم ‪ )249-248‬أنو يف ‪ 14‬نيسان‬


‫"نقدم ذبيحة تدعى فصحاً‪ ...‬يف اليوم اخلامس عشر يلي الفصح عيد الفطَت"‪ .‬أيضاً يتكلم‬
‫فيلون (الشرائع اخلاصة ‪28-27 :2‬؛ رقم ‪ )155 ،150 ،149-145‬عن الفصح‬
‫كحادث يف ‪ 14‬الشهر وعن عيد الفطَت بأنو يبدأ يف اخلامس عشر من الشهر‪.‬‬

‫من جهة أُخرى يبدو يوسيفوس غامضاً أحياناً إذ يقول‪" :‬عندما أتى عيد الفطَت ذحبوا‬
‫الفصح"‪ ،5‬و"عندما أتى يوم الفطَت‪ ،‬يف الرابع عشر من الشهر"‪ ،6‬بينما ذبح الفصح يتم قبل‬
‫عيد الفطَت‪ ،‬وعيد الفطَت يبدأ يف ‪ 15‬ال ‪ 14‬نيسان‪ .‬نستنج من ىنا أن اإلشارات الزمنية‬
‫إىل عيد الفصح أو إىل الوليمة الفصحية أو إىل عيد الفطَت ىي إشارات غَت دقيقة زمنياً‬
‫‪ 5‬تارٌخ ‪ 3 :53 :9‬رقم ‪.425‬‬
‫‪ 6‬حرب الٌهود ‪ 5 :3 :1‬رقم ‪.99‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫دائماً‪ ،‬وال ؽلكن أن نبٍت عليها دائماً نظرية متماسكة من تسلسل األحداث التارؼلية بدون‬
‫األخذ بعُت االعتبار طريقة تدوين الكتبة ذلذه األحداث بطريقة غَت دقيقة زمنياً‪ ،‬وأقرب إىل‬
‫األسلوب الشعيب ادلتداول‪ ،‬خاصةً إذا كان الكاتب غَت مهتم بالناحية الزمنية قدر اىتمامو‬
‫بالنواحي األُخرى كما يف األناجيل مثبلً‪.‬‬

‫يف ىذا اإلطار غَت الدقيق زمنياً ردبا تنتمي إشارة مرقس ‪" 12 :14‬ويف اليوم األول من‬
‫الفطَت حُت كانوا يذحبون الفصح"‪ ،‬ألن اليهود عملياً يذحبون احلمل يف ‪ 14‬نيسان (اليوم‬
‫السابق للفصح)‪ ،‬أما يف اليوم األول من الفطَت (عندما يأكلون احلمل) فهو ‪ 15‬نيسان‪.‬‬
‫أيضاً يف مىت ‪" 17 :26‬ويف أول ايام الفطَت تقدم التبلميذ إىل يسوع قائلُت لو‪ :‬اين تريد أن‬
‫نع ّد لك لتأكل الفصح؟"‪ .‬فاإلشارة غَت دقيقة زمنياً ىنا ألن أول أيام الفطَت يأيت بعد ذبح‬
‫الفصح وأكلو‪ .‬من الواضح إذن أنو يف القرن األول ادليبلدي كان العيدان (الفصح والفطَت)‬
‫مندرلُت لدرجة مل ُؽليَّز بينهما يف الكبلم العادي عنهما‪.‬‬

‫حسب األناجيل اإلزائية كان العشاء األخَت وليمة فصحية كما رأينا وقد مت يف ليلة اخلميس‪.‬‬
‫يوحنا أيضاً (‪ )31 :19‬يذكر أنو حدث ليلة اخلميس‪ .‬دبا أن العشاء األخَت ىو عشاء‬
‫فحصي يف اإلزائية وقد حدث ليلة اخلميس فهذا يعٍت أن هنار اخلميس كان ‪ 14‬نيسان‬
‫وعند غروبو الذي بدأ معو ‪ 15‬نيسان بدأ الفصح وأول يوم من أيام الفطَت‪ .‬لكن الصورة‬
‫سلتلفة لدى يوحنا إذ حدث العشاء األخَت ليلة اخلميس إظلا بدأ الفصح اليهودي مع غروب‬
‫يوم اجلمعة وبالتايل كان هنار اجلمعة ‪ 14‬نيسان وبدأ الفصح مع غروبو‪ .‬ففي يوحنا ‪:18‬‬
‫‪ ،28‬صباح يوم اجلمعة عندما كان يسوع ماثبلً أمام بيبلطس‪ ،‬فإن السلطات اليهودية‬
‫والشعب رفضوا أن يدخلوا دار الوالية لئبل يتنجسوا فبل يأكلون الفصح‪ .‬ىذا العيد بدأ‬
‫حبسب يو ‪ 14 :19‬يوم السبت (مع شفق اجلمعة)‪ .‬ىكذا كانت الوجبة الفصحية يف‬
‫األناجيل اإلزائية مساء اخلميس (‪ 14‬نيسان) ويسوع مات هنار اجلمعة (وىو عيد الفصح‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫واول أيام الفطَت أي ‪ 15‬نيسان)‪ ،‬بينما يف يوحنا كانت الوجبة الفصحية (ال العشاء األخَت)‬
‫مساء اجلمعة (‪ 15‬نيسان) ويسوع مات هنار اجلمعة (قبل بدء الفصح وقبل بدء الفطَت اي‬
‫يوم ‪ 14‬نيسان)‪.‬‬

‫بسبب السمات الفصحية للعشاء األخَت‪ ،‬كما رأينا سابقاً‪ ،‬استنتجنا استنتاجاً أن عيد‬
‫الفصح يف اإلزائية بدأ مع غروب اخلميس وأن اإلزائية تشَت إىل أن يسوع قد مات يوم‬
‫الفصح ويف أول أيام الفطَت (بعد ظهر اجلمعة الواقع يف ‪ 15‬نيسان حبسب اإلزائية)‪ ،‬وذلك‬
‫ألن العشاء األخَت (الذي حدث يوم اخلميس) كان عشاءً فصحياً‪ .‬لكن األصح ىو القول‬
‫إن اإلزائية ال تذكر أبداً الفصح أو الفطَت يف عبلقتهما مع ساعات القبض على يسوع‬
‫واحملاكمة والصلب وادلوت والدفن‪ .‬وبكلمة أُخرى‪ ،‬ال ربدد األناجيل اإلزائية مىت كان الفصح‬
‫اليهودي بدقة‪ .‬ففي وصف الفًتة اليت مات فيها يسوع اإلشارات الفصحية اإلزائية ىي‬
‫إشارات عن التهيئة للعشاء األخَت أو ألكل العشاء (باستثناء مر ‪ 2-1 :14‬الذي سيُناقش‬
‫الحقاً)‪ .‬إن تعبَت "العيد" (مر ‪6 :15‬؛ مت ‪15 :27‬؛ لو ‪ )17 :23‬يشَت إىل عيد‬
‫الفصح إظلا ال ػلدد أي يوم من فًتة االحتفال ذات الثمانية األيام (فًتة الفصح‪/‬الفطَت)‪.‬‬
‫وكما وجدنا سابقاً فإن عدم الدقة الزمنية ىذا ىو أمر شائع نسبياً‪.‬‬

‫نلخص يف اجلدول التايل تاريخ الفصح يف اإلزائية (استنتاجاً) ويف يوحنا‪:‬‬

‫السبت‬ ‫اجلمعة (الصلب)‬ ‫اخلميس (العشاء األخَت)‬ ‫اليوم‬


‫‪ 14‬نيسان (الفصح اليهودي) ‪ 15‬نيسان (الفطَت) ‪16‬نيسان‬ ‫اإلزائية‬
‫‪ 14‬نيسان (الفصح) ‪ 15‬نيسان (الفطَت)‬ ‫‪ 13‬نيسان‬ ‫إصليل يوحنا‬

‫ىكذا يف اإلزائية كان العشاء األخَت عشاءً فصحياً (من حيث موقعو الزمٍت يف ‪ 14‬نيسان‬
‫وصلب الرب يف اليوم التايل (اي يف أول أيام الفطَت أي يف‬
‫ومن حيث خصائصو الفصحية)‪ُ ،‬‬
‫‪ 15‬نيسان)‪ .‬بينما يف يوحنا يُصلب يسوع أثناء ذبح احلمبلن يف اذليكل (شلا ينسجم مع‬
‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬
‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫الىوت يوحنا‪ :‬يسوع ىو محل اهلل الذي يرفع خطية العامل)‪ 7‬أي يوم ‪ 14‬نيسان وقبل أكل‬
‫احلمل الفصحي وقبل بدء الفصح اليهودي مع شفق اجلمعة وبداية ‪ 15‬نيسان‪.‬‬

‫محاوالت التوفيق بين اإلزائية ويوحنا‪:‬‬


‫إذاً كل األناجيل تشَت إىل أن صلب ادلسيح كان يوم اجلمعة‪ .‬وبسبب اإلشارات إىل العشاء‬
‫األخَت على أنو عشاء فصحي فإن اإلزائية تفًتض أن ‪ 15‬نيسان قد بدأ مع شفق‬
‫(اخلميس‪/‬اجلمعة) وبالتايل كان هنار اجلمعة ىو ‪ 15‬نيسان‪ .‬بينما يبدأ الفصح اليهودي يف‬
‫يوحنا مع شفق اجلمعة (‪ 14‬نيسان) وبداية يوم السب (‪ 15‬نيسان)‪.‬‬

‫بالطبع بُ ِذلت زلاوالت مجة للتوفيق بُت اإلزائية ويوحنا‪ .‬افًتض بعض ىذه احملاوالت أن أحد‬
‫التأرؼلُت ىو الصحيح‪ ،‬وافًتضت بعد احملاوالت األُخرى أن األناجيل األربعة غلب أن تكون‬
‫تارؼلية الطابع وبالتايل فاإلزائية ويوحنا صحيحة معاً‪ .‬من مجلة ىذه احملاوالت األخَتة‬
‫التوفيقية‪:‬‬

‫‪ -1‬اإلزائية ويوحنا صحيحة‪ :‬التوفيق بينهما مبٍت على إعادة ترتيب تسلسل احلوادث‪.‬‬
‫أخرت االحتفال بالوجبة الفصحية حىت التخلّص من يسوع‪.‬‬
‫مثبلً السلطات اليهودية َّ‬
‫القديس يوحنا الذىيب الفم اقرب إىل ىذا االفًتاض‪ .‬إذ يقول إن الرب يسوع أكل الفصح يف‬
‫العشاء األخَت ليلة اخلميس بينما كسر اليهود ىذه القاعدة وأكلوا الفصح يف يوم آخر‬
‫بسبب رغبتهم ادلسعورة بالقبض على يسوع وقتلو‪ .‬ذلذا يف تفسَت الذىيب الفم إلصليل مىت‬
‫(ادلوعظة ‪ 8)2 :84‬وقع الفصح اليهودي عشية اخلميس وكان هنار اجلمعة واقعاً يف ‪15‬‬
‫نيسان‪ .‬لكن الذىيب الفم من جهة أُخرى يفسح اجملال لتأريخ آخر للفصح يبدأ مع شفق يوم‬
‫اجلمعة (ادلوعظة ‪ 3 :83‬على إصليل يوحنا)‪.‬‬

‫‪ٌ 7‬و ‪.49 :5‬‬


‫‪ 8‬راجع الجزء الرابع من هذه السلسلة‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫‪ -2‬اإلزائية ويوحنا صحيحة معا‪ :‬ألنو كان يوجد احتفاالن للفصح بينهما ٌ‬
‫يوم واحداً‪.‬‬
‫مثبلً‪ :‬احتفل يهود الشتات على مدى يومُت‪ .‬يدعم البعض ىذا االفًتاض على أساس ما‬
‫جاء يف الناموس من أن الذين مل يستطيعوا االحتفال يوم ‪ 14‬نيسان ؽلكنهم االحتفال يوم‬
‫‪ 14‬نيسان من الشهر التايل (العدد ‪ .)11-10 :9‬يبٍت البعض ىذه الفرضية أيضاً على‬
‫أساس أن حساب الفصح يعتمد على رؤية البدر يف ‪ 14‬نيسان‪ ،‬وبالتايل ؽلكن لرؤية البدر‬
‫أن زبتلف يف مناطق سلتلفة‪ .‬فاحلسابات الزمنية اختلفت يف الشتات حيث كان اليهود‬
‫متفرقُت على مدى أكثر من ألف ميل عن أورشليم‪ ،‬وردبا كانت توجد سياسة فصح ذات‬
‫يومُت للتأكد من تغطية اليوم الصحيح‪ .‬افًتض أحدىم أن يهود الشتات قد استعملوا‬
‫حسابات فلكية ثابتة حبسبها كان اخلميس‪/‬اجلمعة واقعاً يف ‪ 15‬نيسان‪ ،‬بينما اعتمد‬
‫الفلسطينيون على رؤية البدر وبالتايل كان اجلمعة ىو ‪ 15‬نيسان بالنسبة ذلم‪ .‬ىكذا فإن‬
‫يسوع وىو عامل أنو سيكون ميتاً يف ثاين اليومُت اختار اليوم األول منهما (وإن مل يكن من‬
‫يهود الشتات) فاحتفل بالوجبة الفصحية يوم ‪ 14‬نيسان بينما أكلت بقية اليهود الفصح‬
‫يوم ‪ 15‬نيسان (اجلمعة‪/‬السبت)‪.‬‬
‫‪ -3‬أيضاً من الفرضيات األُخرى ادلبنية على تأرؼلُت للفصح ىو أن اىل اجلليل اعتادوا‬
‫على االحتفال بالفصح يوماً قبل االحتفال بالفصح يف أورشليم‪ ،‬ذلذا احتفل يسوع وتبلميذه‬
‫(وىم من اجلليل) بالفصح كما ىو موصوف يف اإلزائية‪ ،‬بينما عكس يوحنا احتفال أىل‬
‫أورشليم بالفصح يف اليوم التايل‪.‬‬
‫‪ -4‬أيضاً يفًتض البعض أنو ردبا اتبع الفريسيّون (يسوع أقرب إليهم) حساباً معيناً بينما‬
‫اتبع الصدوقيّون (الكهنة) حساباً آخر رب ّكم باحلياة العامة (وىو ما أشار إليو يوحنا)‪ .‬مثبلً‬
‫عندما يقع أكل الفصح يوم سبت (كما يف حساب يوحنا) فإن القيود ادلوضوعة على العمل‬
‫مساء اجلمعة سبنع الكهنة من ذبح العدد ادلطلوب من احلمبلن‪ .‬ذلذا كان عليهم أن يبدأوا‬
‫بالذبح قبل يوم أي ظهر يوم اخلميس‪.‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫‪ -5‬اإلزائية ويوحنا صحيحة معاً ألن اإلزائية مل تكن تصف وجبة فصحية بل كانت‬
‫تصف وجبة غَت فصحية أكلها يسوع مع تبلميذه يوم ‪ 14‬نيسان‪ .‬افًتض البعض أن يسوع‬
‫أكل وجبة مباركة خاصة‪ ،‬وافًتض البعض أيضاً أنو يف األمسية اليت انتهت يوم ‪ 13‬نيسان‬
‫وبدأ معها يوم ‪ 14‬نيسان فإنو حبسب اإلزائيُت ويوحنا أكل يسوع وجبة قبل فصحية‪ ،‬وجبة‬
‫خصصها لنفسو لكي يسبق الوجبة الفصحية االعتيادية اليت تؤكل يف اليوم التايل واليت كان‬
‫ّ‬
‫يعرف أنو لن يستطيع أكلها ألنو سيكون ميتاً‪ .‬إن اإلشارات الفصحية ادلوجودة يف العشاء‬
‫األخَت تناسب ىذه الفرضية‪ ،‬فرضية الوجبة ما قبل الفصح‪ :‬فادلأدبة كانت فصحية يف كل‬
‫شيء إال يف احلمل (مل ؽلكن احلصول عليو ألنو مل يكن قد ذبح بعد إال ظهر اليوم التايل)‪.‬‬
‫‪ -6‬اإلزائية ويوحنا صحيحة معاً ألهنما ػلتفظان بذكرى التأريخ حبسب التقومي القمراين‬
‫الذي اتبعو يسوع يف أيامو األخَتة‪ .‬حبسب التقومي القمراين الشمسي فإن األعياد تقع يف‬
‫األيام نفسها من األسبوع كل سنة‪ .‬ىكذا فإن ‪ 15‬نيسان (تاريخ الوجبة الفصحية) سيقع‬
‫دائماً مساء الثبلثاء ويستمر طوال هنار األربعاء‪.9‬‬

‫مقارنة تأريخ الصلب بين اإلزائية ويوحنا‪:‬‬


‫بدالً من احملاوالت التوفيقية السابقة توجد قراءة أُخرى لؤلناجيل األربعة تشرح سبب اخلبلف‬
‫الظاىري فيما بينها خبصوص تاريخ العشاء األخَت والفصح اليهودي‪ .‬سأستعرض ىذه‬
‫ادلقارنة بأفكار متسلسلة لتسهيل األمر‪.‬‬

‫‪ 9‬الدارسون الغربٌون ٌسرفون فً التحلٌل واالفتراض‪ .‬األناجٌل األربعة متفقة فً جعل العشاء ٌوم الخمٌس والصلب ٌوم‬
‫الجمعة والقٌامة ٌوم األحد‪ .‬وٌسوع قال حرفٌاً‪" :‬شهوة اشتهٌت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم" (‪.)53-51 :44‬‬
‫والغربٌون منهمكون فً دراسة العهد القدٌم والتراث الٌهودي مع محاوالت الربط بٌنها وبٌن العهد الجدٌد‪ .‬هذا منزلق‬
‫خطٌر‪ .‬العبارات جمٌعا ً تشٌر إلى أن ٌسوع أكل الفصح أي الخروف‪ .‬الحل الذي ال ٌع ِّقد األمور هو القول أن ٌسوع قدم‬
‫تارٌخ الفصح بما أنه قادم على اآلالم عداً‪ .‬عبارة لوقا‪" :‬شهوة اشتهٌت" تعنً اشتها ًء شدٌداً‪ .‬وهو الفصح الوداعً‪ .‬والمهم‬
‫فً ذلك الٌوم لٌس الفصح الٌهودي بل العشاء الوداعً‪ .‬والمهم فً ذلك لٌس الفصح الٌهودي بل العشاء السري المسٌحً‬
‫الذي طوى إلى األبد الفصح الٌهودي‪ .‬فلماذا ٌهتم الغربٌون بإخضاع ٌسوع لحرفٌة الفصح الٌهودي وهو رب الفصح؟ كل‬
‫العهد القدٌم خٌال للعهد الجدٌد‪ .‬نشده إلى العهد الجدٌد‪( .‬أ‪.‬ج‪).‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫الفكرة األوىل‪:‬‬
‫قبل كتابة األناجيل ذكر بولس الرسول تقليداً‪ُ 10‬م َسلَّماً (ردبا يعود تارؼلو إىل الثبلثينات‬
‫عندما صار تلميذاً للمسيح) أنو يف الليلة اليت أعطى فيها يسوع خبزاً قال‪" :‬ىذا ىو جسدي‬
‫ادلكسور ألجلكم"‪ .‬وبعد العشاء قال‪" :‬ىذه الكأس ىي العهد اجلديد بدمي" (‪ 1‬كور ‪:11‬‬
‫‪ .)25-23‬وبكلمة أُخرى‪ ،‬كان بولس الرسول يعرف تقليداً باكراً لعشاء أخَت قبل موت‬
‫يسوع‪ ،‬ػلتوي على كلمات ليتورجية بشكل أقرب إىل قصة لوقا‪ .‬يف الرسالة نفسها يطلب‬
‫بولس من قُّرائو أو مستمعيو أن ين ّقوا اخلمَتة العتيقة دبقدار ما ىم فطَت جديد "ألن فحصنا‬
‫أيضاً ادلسيح قد ذُبِ َح ألجلنا" (‪ 1‬كور ‪.)1 :5‬‬

‫ويقول إن ادلسيح قد قام من األموات وصار "باكورة الراقدين" (‪ .)20 :15‬من الواضح إذاً‬
‫أن موت يسوع وقيامتو مرتبطان يف ذىن بولس وتبلميذه رلتمعُت يف أورشليم فيمكن اعتبار‬
‫أن أخر عشاء ليسوع وأن صلبو قد سبا قبل أو عند عيد الفصح‪ ،‬وىي حقيقة يفهمها‬
‫ادلسيحيون الىوتياً بربط موت ادلسيح بتضحية احلمل الفصحي‪ .‬على كل حال مل يكن‬
‫بولس ىو الشاىد الوحيد قبل األناجيل على ىذا‪ .‬فإن ‪1‬بطر ‪ 19 :1‬يتكلم عن "دم كرمي‬
‫كما من محل ببل عيب وال دنس‪ ،‬دم ادلسيح"‪ ،‬بشكل يوازي خروج ‪ .5 :12‬ورغم أن رؤيا‬
‫‪ 14-6 :5‬تستعمل كلمة يونانية موازية للحمل ‪ arnion‬مل تستعملها السبعينية للحمل‬
‫الفصحي‪ ،‬فإن مطابقة كهذه ردبا تكون ادلسؤولة عن صورة ادلسيح يف الرؤيا (يف إطار‬
‫ليتورجي من البخور والصلوات والًتتيل) والواقف كحمل مذبوح دمو قد اشًتى الناس من‬
‫كل قبيلة هلل‪ .‬إذاً لدينا ىنا أيضاً تطابق الىويت قبل كتابة األناجيل ليسوع على أنو احلمل‬
‫الفصحي‪.‬‬

‫‪ 10‬بولس ٌقول‪ :‬إنه تقلّد من الرب ٌسوع خدمة العشاء السرّي (‪ 5‬كور ‪ )43 :55‬ال من الناس‪ .‬وهو قد اهتدى فً دمشق‬
‫وب ّشر فٌها ثم انتقل إلى حوران‪ ،‬ثم عاد إلى دمشق‪ .‬فال عالقة له بتقلٌد أورشلٌم إال إذا افترضنا أنه لم ٌقم سر االفخارستٌا‬
‫فً دمشق وحوران (أ‪.‬ج‪).‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫إذاً الفكرة األوىل ىي أن ادلسيحيُت قبل كتابة األناجيل كانوا يؤمنون أن ادلسيح ىو احلمل‬
‫ِّم على الصليب مذبوحاً من أجل مجيع الناس‪ .‬وبالتايل فالعشاء األخَت‬‫الفصحي الذي قُد َ‬
‫ليسوع كان عشاءً فصحياً‪ ،‬على األقل من الناحية البلىوتية‪ .‬يف ىذا العشاء ػلل يسوع زلل‬
‫احلمل الفصحي‪.‬‬

‫الفكرة الثانية‪:‬‬
‫يف مرقس ‪ 14‬يقدَّم العشاء األخَت ليسوع مع تبلميذه كعشاء فصحي‪ .‬ىذا واضح من‬
‫مرقس ‪ 16-12 :14‬من االستعداد للعشاء‪ .‬وردبا فسر لوقا ‪ 15 :22‬بصورة صحيحة‬
‫مرقس عندما يبدأ يسوع يف لوقا بالعشاء بالقول إنو اشتهى أن يأكل ىذا الفصح مع‬
‫تبلميذه‪ .‬من الواضح أنو يف ىذا العشاء الفصحي أن الكلمات ادللفوظة على اخلبز واخلمر‬
‫ادلضحى بو يف‬
‫ّ‬ ‫ص للحمل‬ ‫سلص ٌ‬
‫تعطي جسد يسوع ادلكان الرئيسي ادلركزي الذي ىو عادة ّ‬
‫اذليكل‪ ،‬للحمل الذي مل يُذكر قط يف العشاء األخَت‪ .‬أي لدينا ىنا تفسَتٌ الىويت وىو تقدمي‬
‫العشاء األخَت على أنو عشاء فصحي بناء على اإلعبلن ما قبل األناجيل بأن يسوع ىو‬
‫احلمل الفصحي‪ .‬إظلا السؤال ىنا ىل كان مرقس نفسو ادلسؤول عن ىذه الظاىرة أو أن‬
‫ادلسيحيُت قد بدأوا سلفاً بتصوير "عشاء الرب" (‪1‬كور ‪ )20 :11‬مأكوالً "يف الليلة اليت‬
‫أُسلِ َم فيها" (‪ )23 :11‬كوجبة فصحية؟ على األرجح أن اجلواب الثاين ىو األصح‪.‬‬

‫إذاً إن الفكرة الثانية ىي أن مرقس (ومن بعده مىت ولوقا) قد ق ّدم العشاء األخَت على أنو‬
‫فصحي بناءً على التقليد ما قبل األناجيل‪.‬‬

‫الفكرة الثالثة‪:‬‬
‫إن اليوم الذي بدأ يف الغروب مع الوجبة الفصحية ىو ‪ 15‬نيسان وىو أول أيام الفطَت‬
‫أيضاً‪ .‬وقد الحظنا أنو ليس لدى مرقس أيّة إشارة لتأريخ يوم الفطَت يف أي ذكر آلالم‬
‫ادلسيح بعد العشاء‪ .‬فإذا استنتجنا من كون العشاء األخَت عشاءً فصحياً يف مرقس بأن عيد‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫الفصح قد بدأ مع غروب اخلميس وبالتايل كان هنار اجلمعة أول أيام الفطَت (‪ 15‬نيسان)‬
‫فإن مرقس يذكر أنشطة وأعماالً من الصعوبة جداً مصاحلتها مع يوم عيد‪ .‬أيضاً مل يع ّدل‬
‫مرقس من التناقض بُت تأريخ يوم عيد كهذا والقبض والصلب ادلؤشَّر إليهما يف ‪ 2 :14‬يف‬
‫اإلشارة إىل مؤامرة رؤساء الكهنة والكتبة يف أن ال ؽلسكوا بيسوع ويقتلوه "يف العيد"‪ .‬إن كان‬
‫مرقس قد خلق تاريخ الوجبة الفصحية‪ ،‬عندئذ يتوقعو ادلرء أنو قد ف ّكر بالنتائج وأنو خلق‬
‫انسجاماً أكرب يف قصتو‪ .‬من الواضح إذن أن مرقس قَبِ َل فهماً للعشاء األخَت كوجبة فصحية‬
‫ومل ػلاول تغيَت القصة األساسية لآلالم على ضوء ىذه ادلعرفة ألنو كان يفكر بالصفات‬
‫الفصحية للعشاء من مفهوم الىويت ليتورجي ال من حيث التاريخ (موقع العشاء الزمٍت يف‬
‫سلسلة األحداث)‪ .‬إذاً رغم أن ادلسيحيُت قد بدأوا باكراً بالظن بأن العشاء األخَت ىو عشاء‬
‫فصحي‪ ،‬إال أن ىذه الصورة ال تعطينا معلومات تارؼلية بأن يسوع مات يوم ‪ 15‬نيسان‪.‬‬
‫ويف احلقيقة غلب أن هنجر ما يُدعى بالتأريخ اإلزائي للصلب على أنو يوم ‪ 15‬نيسان وىو‬
‫تاريخ مل تطبقو اإلزائية قط على اي شيء اكثر من العشاء األخَت‪ .‬اإلشارة الوحيدة يف مرقس‬
‫تقع ضمن ما ذكرناه سابقاً من أن فًتة العيد كانت تذكر كفًتة احتفالية واحدة بصورة ال‬
‫ؽلكن معها معرفة أي يوم من ىذه الفًتة االحتفالية ىو ادلقصود‪ .‬إن طبيعة ادلواد اليت تلي يف‬
‫‪ 11-1 :14‬تعٍت أنو بدون اإلشارات الفصحية ادلهيئة للعشاء يف ‪ 14-12 :14‬فإننا لن‬
‫نستطيع أن طلرب بدقة من مرقس عن اليوم الذي مات فيو يسوع (‪ 14‬أو ‪ 15‬نيسان)‪.‬‬
‫الشيء نفسو ينطبق على مىت ولوقا ادلتمدين على مرقس‪.‬‬

‫إذاً الفكر الثالثة ىي أن مرقس قدم العشاء األخَت كعشاء فصحي (بناء على رؤية مسيحية‬
‫قبل األناجيل) ودونو ضمن سلسلة احلوادث يومي اخلميس واجلمعة إظلا مل ػلاول أن غلانس‬
‫بُت موقع ىذا العشاء الزمٍت وبُت الفعاليات األُخرى اليت تشَت إىل العيد‪ .‬وبالتايل‪ ،‬مل يذكر‬
‫مرقس قط أن عيد الفصح اليهودي قد بدأ مع غروب اخلميس‪ ،‬إظلا ضلن الذين استنتجنا أن‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫هنار اجلمة كان واقعاً يف ‪ 15‬نيسان‪ ،‬لكن مرقس نفسو ال يشَت إىل ىذا بصورة مباشرة أبداً‪.‬‬
‫بل على العكس‪ ،‬إن األنشطة اليت يذكرىا مرقس واحلادثة هنار اجلمعة (احملاكمة‪ ،‬محل‬
‫الصليب‪ ،‬أناس قادمون من احلقل‪ ،‬الصلب‪ ،‬شراء الطيب‪ ،‬فتح القرب‪ ،‬دفن يسوع) ال تتفق‬
‫مع يوم عيد‪ ،‬لو كان هنار اجلمعة واقعاً يف ‪ 15‬نيسان‪ .‬أيضاً إشارات مرقس إىل "العيد" ىي‬
‫إشارات غَت دقيقة زمنياً أسوًة ببقية ادلؤرخُت كما وجدنا وال تفيدنا دبعرفة فيما إذا كانت تعٍت‬
‫اليوم السابق لعيد الفطَت (‪ 14‬نيسان) أو اليوم األول منو (‪ 15‬نيسان)‪.‬‬

‫الفكرة الرابعة‪:‬‬
‫يف يوحنا ‪ )36 :1( 29 :1‬الرؤية البلىوتية ليسوع على أنو احلمل ذبد تعبَتاً مباشراً عندما‬
‫ػلييو ادلعمدان على أنو "محل اهلل الذي يرفع خطيئة العامل"‪ .‬إصليل يوحنا ال يذكر أبداً كيف‬
‫ؽلحو يسوع احلمل خطية العامل‪ ،‬لكن ‪ 1‬يو ‪ 7 :1‬و‪ 2 :2‬يقوالن‪" :‬ودم يسوع ابنو يطهرنا‬
‫من كل خطية" و"ىو كفارة خطايانا‪ ،‬ليس خلطايانا فقط بل خلطايا كل العامل أيضاً"‪ .‬ىذه‬
‫اإلشارة إىل أن محل اهلل دبوتو ؽلحو خطايا العامل ذبد تأكيداً ذلا يف صورة احلمل الفصحي‬
‫مكملُت‬
‫ادلتكررة يف قصة اآلالم يف يوحنا‪ .‬فاجلنود ال يكسرون عظماً ليسوع (يو ‪ِّ )33 :19‬‬
‫"عظم ال يكسر منو" (خر ‪46 ،10 :12‬؛ العدد ‪:9‬‬ ‫ٌ‬ ‫وصفاً كتابياً للحمل الفصحي‪:‬‬
‫‪ .)12‬أيضاً يُستعمل الزوىف لرفع اسفنجة شللوءة خبلً إىل شفيت يسوع‪ ،‬كما أن الزوىف قد‬
‫اُستعمل لرش دم احلمل الفصحي على عتبات بيوت اإلسرائيليُت (خر ‪ .)22 :12‬ردبا أيضاً‬
‫باستعمال "الساعة السادسة" للحظة "استعداد الفصح" عندما ػلكم بيبلطس على يسوع‬
‫بادلوت فإن يوحنا ‪ 14 :19‬يشَت إىل يسوع كحمل فصحي؛ إذ يف ذلك احلُت بدأ الكهنة‬
‫يذبح احلمبلن يوم ‪ 14‬نيسان استعداداً للوجبة الفصحية يوم ‪ 15‬نيسان‪ .‬وبكلمة أُخرى‪،‬‬
‫فإن يوحنا قد حبك‪ ،‬مثل مرقس‪ ،‬رؤية ما قبل إصليلية ليسوع على أنو محل فصحي يف قصتو‪.‬‬
‫إظلا عكس مرقس مل يفعل ىذا باإلشارة إىل العشاء األخَت‪ ،‬ألنو يف قصة يوحنا ال يوجد‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫شيء صريح يشَت إليو كوجبة فصحية‪ ،‬وال توجد إشارة إىل جسد يسوع ودمو اإلفخارستيُت‬
‫حبل زلل احلمل الناقص‪.‬‬
‫اللذين ّ‬

‫يصور اخلميس‪/‬اجلمعة للعشاء األخَت ليسوع‪ ،‬واحملاكمة وادلوت على أهنا حدثت يف‬
‫يوحنا ّ‬
‫‪ 14‬نيسان (من غروف اخلميس إىل غروب اجلمعة)‪ ،‬عشية الفصح الواقع يف ‪ 15‬نيسان‬
‫(البادئ مع شفق اجلمعة)‪ .‬توجد إشارة واحدة فقط ىي يو ‪ 14 :19‬تتكلم بصورة خاصة‬
‫عن "استعداد الفصح"‪ ،‬وتتعلق بيسوع ككونو احلمل الفصحي‪ ،‬وىذه إشارة ضمنية خفيفة‪.‬‬
‫كل ىذا ال ػلبّذ فكرة أن يوحنا قد ألّف تسلسلو التارؼلي حبيث يوافق رؤيتو البلىوتية (بل‬
‫كان تسلسلو التارؼلي مطابقاً للتاريخ الفعلي للحوادث)‪.‬‬

‫إذاً الفكر الرابعة ىي أن تأريخ يوحنا للفصح اليهودي ىو أوضح من تأريخ اإلزائية ألن‬
‫إشارات يوحنا للفصح غَت مرتبطة بالعشاء األخَت بل بصلب يسوع (احلمل الفصحي) نفسو‬
‫من جهة ويذكر يوم االستعداد للفصح قبل أن يأكلوه (يو ‪:19 ،14 :19 ،28 :18‬‬
‫‪ )553 :19 ،31‬من جهة أُخرى‪.‬‬

‫ذلذا توجد أسباب قوية للحكم تارؼلياً بأن تأريخ يوحنا للفصح ىو األصح وأن يسوع قد‬
‫مات يوم ‪ 14‬نيسان (بعد ظهر اجلمعة)‪ ،‬يوم كانت احلمبلن الفصحية تُذبح يف اذليكل‪ .‬ويف‬
‫العشية ‪ 15‬نيسان (يدعو يوحنا ‪ 14 :19‬استعداد الفصح) بدأت الوجبة الفصحية‪.‬‬
‫ليتورجية الكنيسة األرثوذكسية تتبٌت تأريخ يوحنا‪.‬‬

‫‪ -4‬تاريخ سنة صلب المسيح‬


‫مات يسوع خبلل حكم بونتيوس بيبلطس الذي امت ّد من السنة ‪26‬م إىل ‪36‬م‪ .‬اإلصليليون‬
‫عدا مرقس يذكرون أن قيافا كان رئيس الكهنة إظلا ال يساعدنا ىذا على التحديد ألن قيافا‬
‫كان رئيس كهنة قبل والية بيبلطس وبعدىا من ‪ 18‬إىل ‪ .37/36‬كيف نضيّق ىذه الفًتة‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫الزمنية دلعرفة سنة صلب ادلسيح؟ مىت ولوقا يشَتان إىل والدة يسوع قبل موت ىَتودس الكبَت‬
‫الذي تاريخ موتو سلتلف عليو إال أن الغالبية يقبلون سنة ‪ 4‬ق‪.‬م‪ .‬ال نعرف بالضبط كم من‬
‫الزمان قبل موت ىرودس الكبَت ولد يسوع‪ ،‬إال أن الكثَتين يلجأون إىل مىت ‪ 16 :2‬حيث‬
‫قتل ىَتودس األطفال من عمر سنتُت فما دون ذلك‪ ،‬وبالتايل يقبلون بأن ادلسيح قد ولد‬
‫سنة ‪ 6‬ق‪.‬م‪.‬‬

‫خبلل فًتة بشارة يسوع يقول اليهود لو‪" :‬ليس لك مخسون سنة بعد" (يو ‪ .)57 :8‬إذا‬
‫أخذ ادلرء بعُت االعتبار صفة ادلبالغة يف ىذا القول مع وصف الوالدة لدى مىت ولوقا‪ ،‬نستنتج‬
‫أن يسوع كان يبشر علنياً قبل العام ‪ .44‬يقول لوقا‪" :‬ودلا ابتدأ يسوع كان لو ضلو ثبلثُت‬
‫سنة" (ردبا ‪ 24‬م)‪ .‬يف لوقا ‪ 2-1 :3‬أتت كلمة اهلل على يوحنا بن زكريا يف السنة اخلامسة‬
‫عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر؛ إظلا ىذا التأريخ ال ؼللو من صعوبات‪ .‬لكن الكثَتون‬
‫يقبلون ىذا التأريخ على أنو آب‪/‬أيلول سنة ‪ 29/28‬م‪ .‬أحياناً حسابات لوقا التارؼلية غَت‬
‫دقيقة (مثبلً اإلحصاء ايام كَتينيوس)‪ ،‬فضبلً عن أننا ال نعرف كم من الوقت انقضى بُت‬
‫الكلمة اليت استلمها ادلعمدان وبُت بشارة يسوع‪ :‬شهور أم سنوات؟ إن حقيقة كون لوقا بعد‬
‫عشرين آية يتحول إىل يسوع قد أدت بالعديد من الدارسُت إىل ازباذ اجملال الزمٍت األصغر‬
‫و ّأرخوا بداية بشارة يسوع يف آواخر ‪ 28‬م؛ إظلا ىذا ال ينسجم سباماً مع فكرة لوقا‪ :‬عمر‬
‫يسوع كان ضلو ثبلثُت سنة‪.‬‬

‫طهر يسوع اذليكل وتنبأ خبرابو ػلتج ادلعارضون اليهود بأن اذليكل‬
‫يف يو ‪ 20 :2‬عندما ّ‬
‫استغرق ‪ 46‬سنة لبنائو‪ .‬يوسيفوس‪ 11‬يعطي تارؼلُت سلتلفُت لبداية إعادة بناء اذليكل علا‬
‫‪ 22/23‬ق‪.‬م‪ .‬و‪ 19/20‬ق‪.‬م‪ ،‬شلا يعٍت (بعد إضافة ‪ 46‬سنة) ‪ 25/24‬م و‪.28/27‬‬
‫ورغم أن يوحنا يضع تطهَت اذليكل يف بداية بشارة يسوع بينما يضعو اإلزائيون يف هناية حياة‬

‫‪ 11‬تارٌخ الٌهود ‪ 5 :55 :51‬رقم ‪ 385‬وخرب الٌهود ‪ 5 :45 :5‬رقم ‪.255‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫يسوع على األرض‪ ،‬إال أن الغالبية تقبل بتأريخ اإلزائيُت شلا يشَت إىل سنة ‪ 28‬كبداية لبشارة‬
‫يسوع العلنية‪.‬‬

‫فإذا بدأ يسوع بشارتو عندئذ (وتوجد "إذا" كبَتة ىنا)‪ ،‬فكم دامت بشارتو قبل صلبو؟‬
‫اإلزائيون ال يقدمون ما يساعد على حسبان طول بشارتو‪ ،‬إظلا من مرقس نفًتض أهنا دامت‬
‫فًتة قصَتة‪.‬‬

‫يوحنا يذكر ثبلثة أعياد فصح قبل موت يسوع‪ :‬يذكر فصحاً يف ‪ 13 :2‬وأخر يف ‪4 :6‬‬
‫وثالثاً قبل موت يسوع يف ‪ .55 :11‬ىل ىذه اإلشارات إىل الفصح ىي إشارات تارؼلية يف‬
‫يوحنا أم أهنا ذكرت بسبب احلوافز الفصحية يف الىوت يوحنا؟ إن كانت تارؼلية فهل ىذه‬
‫الفصوح الثبلثة ىي الفصوح الوحيدة أثناء بشارة يسوع العلنية؟ إن كان اجلواب نعم‪ ،‬فكم‬
‫من الزمان كان يسوع نشيطاً قبل الفصح األول ادلذكور؟ اجلواب يقرر فيما إذا كان علينا أن‬
‫نفكر دبدة سنتُت أو ثبلث سنوات لبشارتو‪ .‬إذا أضفنا سنتُت أو ثبلث إىل ‪،29/28‬‬
‫حبسب الشهر الذي بدأ فيو يسوع بشارتو يف تلك السنوات‪ ،‬فإننا طلرج بفًتة زمنية بُت ‪30‬‬
‫و‪ 33‬دلوت يسوع‪ .‬يف كل مرحلة من مراحل احلسابات السابقة توجد درجة من االرتياب‪.‬‬
‫‪ Blinzler‬ذكر اختيار مائة من علماء الكتاب ادلقدس للسنة اليت مات فيها يسوع‪ .‬مل‬
‫ؼلًت أي واحد سنة ‪ 34‬أو ‪ .35‬بينما عامل إىل ثبلثة علماء اختاروا سنوات ‪ 26‬أو ‪ 27‬أو‬
‫‪ 28‬أو ‪ 31‬أو ‪ 32‬أو ‪ .36‬ثبلثة عشر عادلاً اختاروا سنة ‪ ،29‬و‪ 53‬عادلاً اختاروا سنة‬
‫‪ ،30‬و‪ 24‬عادلاً اختاروا سنة ‪.33‬‬

‫صلب فيها يسوع‪ .‬إن كان‬


‫لعب علم الفلك دوراً مهماً يف تضييق السنوات احملتملة اليت ُ‬
‫يسوع قد مات يوم ‪ 14‬نيسان ففي أية سنة خبلل والية بيبلطس وقع ‪ 14‬نيسان يوم‬
‫مخيس‪/‬مجعة؟ اإلجابة على ىذا السؤال ليست سهلة‪ .‬فرؤية البدر مهمة لتقرير شهر نيسان‪.‬‬
‫وإظلا رؤية البدر تتأثر بأحوال الطقس أيضاً‪ .‬ودبا أن التقومي اليهودي ىو تقومي قمري فيجب‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫د‪ .‬عدنان طرابلسي‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫أن يُضاف إليو شهور منقضية لكي يتطابق مع التقومي الشمس‪ .‬ػلذرنا العامل الكبَت جَتؽلايا‬
‫‪ Jeremias‬بأننا ال ظللك سجبلت تارؼلية عن إضافة الشهور ادلقتضبة يف ‪ 30-27‬م‪.‬‬
‫ولًتمجة التأريخ إىل شهورنا احلالية غلب أن نستعمل التقومي اجلولياين (األرثوذكسي) ال التقومي‬
‫الغريغوري (الكاثوليكي)‪ .‬ذلذا من غَت ادلستغرب أن يواجو علماء الفلك صعوبات‪ .‬إظلا‬
‫حبسب دراسة جَتؽلايا لدينا ما يلي‪ :‬وقع ‪ 14‬نيسان‬

‫يف سنة ‪ 27‬م يوم أربعاء‪/‬مخيس واألقل احتماالً يوم مخيس‪/‬مجعة‬

‫يف سنة ‪ 30‬م يوم مخيس‪/‬مجعة‪ ،‬واألقل احتماالً يوم أربعاء‪/‬مخيس‬

‫يف سنة ‪ 33‬م يوم مخيس‪/‬مجعة‬

‫إذا استثنينا سنة ‪ 27‬م كاحتمال ضعيف فلكياً وباكراً جداً دلوت يسوع بناء على إشارات‬
‫األناجيل‪ ،‬كان لدينا إذن احتماالن لوقوع ‪ 14‬نيسان يوم مخيس‪/‬مجعة علا حبسب التقومي‬
‫اجلولياين سنة ‪30‬م وسنة ‪33‬م‪ .‬بشكل عام يوجد ميل لرفض سنة ‪33‬م إذ هبا سيكون‬
‫يسوع بعمر أكرب وتكون بشارتو أطول‪ ،‬ألنو هبا سيكون بعمر ‪ 40‬سنة عند موتو وستكون‬
‫مدة بشارتو ضلو ‪ 4‬سنوات‪.‬‬

‫إذا مات يسوع سنة ‪ 30‬م سيكون لو من العمر آنئذ ‪ 36‬سنة‪ ،‬وتكون مدة بشارتو تقل‬
‫قليبلً عن سنتُت‪ .‬ال يوجد تاريخ من التواريخ السابقة يليب كل تفصيل يف األناجيل‪ .‬إذاً‬
‫صلِب الساعة الثانية عشر‬
‫نستطيع أن نقول بدرجة عالية من اليقُت نسبياً إن الرب يسوع قد ُ‬
‫ظهراً وأسلم الروح الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم اجلمعة الواقف يف ‪ 14‬أبيب من العام‬
‫‪ .1230‬فاجملد لطول أناتك يارب!‬

‫‪ 12‬مع احترامً للتدقٌق فإن اإلنجٌلٌٌن أهملوا أموراً كثٌرة بسبب حرصهم القاطع على حصرنا بأمور الخالص بٌسوع‬
‫المسٌح‪ .‬ما اهتموا بإرواء عطش فضولنا‪ .‬ولكن العلم هو العلم إن لم ٌتطرّف (أ‪.‬ج‪.).‬‬

‫ىذه الدراسة وردت يف‪:‬‬


‫ادللحق الرابع‪ ،‬ص‪ ،279-261‬اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‪ ،‬للقديس يوحنا الذىيب الفم‪ .‬ترمجة‪ :‬د‪ .‬عدنان طرابلسي‬
‫ عدنان طرابلسي‬.‫د‬ ‫اليوم والشهر والسنة‬ ‫تاريخ الصلب‬

‫مراجع دراسة تاريخ الصلب‬


Raymond E. Brown: The Death of the Messiah.
Doubleday, 1994.

Joachim Jeremias: The Eucharistic Words of Jesus. The


MacMillan Company, New York, 1655.

‫تفضل بزيارة الشبكة األرثوذكسية العربية األنطاكية‬

WebSite: http://www.orthodoxonline.org

Forum: http://vb.orthodoxonline.org

Facebook: https://www.facebook.com/orthodoxonline.org

Twitter: https://twitter.com/orthodoxonline

YouTube: http://www.youtube.com/orthodoxonline

:‫ىذه الدراسة وردت يف‬


‫ عدنان طرابلسي‬.‫ د‬:‫ ترمجة‬.‫ للقديس يوحنا الذىيب الفم‬،‫ اجلزء الثالث من شرح إصليل مىت البشَت‬،279-261‫ ص‬،‫ادللحق الرابع‬

You might also like