You are on page 1of 184

‫مَنهج أَهْل السّنّةِ والَماعةِ‬

‫ف نَ ْقدِ الرّجال والكُتُبِ والطّوائِف‬

‫تأليف‬
‫د‪ .‬ربيع بن هادي عمي الدخلي‬
‫مقدمة الطبعة الثانية‬

‫ال مد ل‪ ،‬وال صلة وال سلم على ر سول ال وعلى آله و صحبه و من‬
‫اتبع هداه ‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فيعلم رب أنن ما قصدت بكتاب هذا "منهج أهل السنة والماعة ف‬
‫نقد الرجال والكتب والطوائف "؛ إل بيان الق والعدل والنصاف‪،‬‬
‫التمثل ف هذا النهج العظيم‪ ،‬وقد تريت جهد طاقت ف إبرازهذا الق‬
‫ودحض ما يالفه ويضاده‪.‬‬
‫فأسأل ال الكري‪ ،‬رب العرش العظيم‪ ،‬أن يعله خالصا لوجهه ولنصرة‬
‫دينه‪ ،‬وأن يعله ف ميزان حسنات‪.‬‬
‫وإن من شكر ال وحده أن أبي أن الكتاب قد لقي قبول عظيما لدى‬
‫أهل الق والنصاف والنهج السلفي‪ ،‬وهم كثي وكثي ف هذا البلد‬
‫وخارجه‪ ،‬والشيء من معدنه ل يستغرب‪.‬‬
‫وأسأل ال الكري أن يوفق إخواننا الذين خدعوا بذلكم النهج الخادع‬
‫الغالط‪ ،‬الذي يلبس ظاهرا لباس العدل والنصاف‪ ،‬وينطوي على هدم‬
‫منهج السلف الذي ل يوجد العدل القيقي والنصاف إل فيه‪ :‬أن‬
‫يوفقهم إل الرجوع إل الق‪ ،‬وأن ينبهم سبل أهل الباطل‪ ،‬والعناد‬
‫والكابرة‪ ،‬وأن يقينا وإياهم كيد الشياطي‪ -‬شياطي النس والن‪،-‬‬

‫‪-3-‬‬
‫وأن يرج الميع من دوامة الوى والية الت حطمت رحاها القلوب‬
‫والنفوس والعقيدة والخلق‪ ،‬إن رب لسميع الدعاء‪.‬‬
‫ول يفوتن أن أذكر للقراء الكرام‪ :‬أنن بعد أن فرغت من تأليف كتاب‬
‫((منهج أهل السنة والماعة ف النقد))‪ ،‬أرسلت منه نسخة لسماحة‬
‫شيخنا العلمة الشيخ عبدالعزيز بن عبدال بن باز رئيس إدارات البحوث‬
‫العلمية والفتاء والدعوة والرشاد‪ ،‬فتفضل ساحته بإحالته إل صاحب‬
‫الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدال الراجحي ف خطاب (رقم ‪/488‬‬
‫خ)‪ ،‬وتأريخ (‪ 1412 /3 /13‬هـ)‪ ،‬فامتثل صاحب الفضيلة الشيخ‬
‫عبدالعزيز بن عبدال الراجحي أمر شيخه العلمة عبدالعزيز بن عبدال‬
‫بن باز‪ ،‬فقام بدراسة الكتاب‪ ،‬ث تلخيصه تلخيصا جيدا‪ ،‬أضاف إليه‬
‫خلصة الؤلف‪ ،‬وأرفقه بذا الطاب إل ساحة العلمة الشيخ عبدالعزيز‬
‫بن عبدال بن باز‪:‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‪.‬‬
‫من عبدالعزيز بن عبدال الراجحي إل ساحة شيخنا ووالدنا عبدالعزيز‬
‫بن عبدال بن باز حفظه ال ووفقه ومتعه متاعا حسنا آمي‪ .‬السلم‬
‫عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فقد وصلن خطابكم (رقم ‪ /488‬خ) ف (‪3/1412 /13‬هـ) مشفوعا‬
‫بؤلف للشيخ ربيع بن هادي مدخلي الدرس ف الامعة السلمية‬

‫‪-4-‬‬
‫بالدينة النورة بعنوان‪" :‬منهج أهل السنة والماعة ف نقد الرجال‬
‫والكتب والطوائف "؟ لغرض مراجعته والفادة‪.‬‬
‫وعليه تدون ساحتكم برفقه الفادة عنه‪.‬‬
‫وال يفظكم ويرعاكم‪ ،‬وال الوفق‪ ،‬وصلى ال على ممد وآله‬
‫وصحبه‪.‬‬
‫إبنكم‪ :‬عبدالعزيز بن عبدال الراجحي ‪.‬‬
‫وبعد قراءة الشيخ العلمة ابن باز إفادة الشيخ عبدالعزيز الراجحي‪،‬‬
‫وجه إل خطابه الت‪ -‬ليبشرن بأنه قد سره جواب الشيخ الراجحي‪،‬‬
‫وداعيا ل با أرجو من ال أن يستجيبه ‪:-‬‬
‫(( الرقم‪ /1673 :‬خ‪ .‬التاريخ‪ .1412 /9 /8 :‬الرفقات ‪))7 :‬‬
‫من عبدالعزيز بن عبدال بن باز إل حضرة الخ الكرم صاحب‬
‫الفضيلة الدكتور ربيع بن هادي بن عمي مدخلي‪ ،‬وفقه ال لا فيه‬
‫رضاه‪ ،‬وزاده من العلم واليان‪ ،‬آمي‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فأشفع لكم رسالة جوابية من صاحب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن‬
‫عبدال الراجحي حول كتابكم ((منهج أهل السنة والماعة ف نقد‬
‫الرجال والكتب والطوائف ))‪ ،‬لن قد أحلته إليه‪ ،‬لعدم تكن من‬
‫مراجعته‪ ،‬فأجاب با رآه حوله‪ ،‬وقد سرن جوابه والمد ل‪ ،‬وأحببت‬
‫اطلعكم عليه‪.‬‬

‫‪-5-‬‬
‫وأسأل ال أن يعلنا وإياكم وسائر إخواننا من دعاة الدى وأنصار‬
‫الق‪ ،‬إنه جواد كري‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحة ال وبركاته‪.‬‬
‫الرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد))‪.‬‬
‫بارك ال ف عمر شيخنا‪ ،‬وشكر ال له هذا التشجيع والتجاوب‬
‫الطيب‪ ،‬وجعلنا وإياه وكل السلمي من الدعاة إل الق والسنة والذابي‬
‫عن حياضهما‪ ،‬إن رب لسميع الدعاء‪.‬‬
‫وقد بدا ل أن أتف القراء الكرام بإرداف كلم آخر لشيخنا‪ ،‬وبكلم‬
‫صاحب السماحة الشيخ عبدالعزيز الحمد السلمان‪ ،‬وبكلم صاحب‬
‫السماحة الدكتور الشيخ صال الفوزان عضو هيئة كبار العلماء‪ ،‬إذ كل‬
‫ذلك بؤيد موضوع الكتاب ويصب ف نره‪.‬‬
‫‪ -‬سئل ساحة الشيخ عبدالعزيز بن باز حفظه ال ووفقه السؤال التال‪:‬‬
‫بالنسبة لنهج أهل السنة ف نقد أهل البدع وكتبهم‪ ،‬هل من الواجب‬
‫ذكر ماسنهم ومساوئهم‪ ،‬أم فقط مساوئهم؟‬
‫فأجاب وفقه ال‪:‬‬
‫((العروف ف كلم أهل العلم نقد الساوىء للتحذير‪ ،‬وبيان الخطاء‬
‫الت أخطؤوا فيها للتحذير منها‪ ،‬أما الطيب معروف‪ ،‬مقبول الطيب‪،‬‬
‫لكن القصود التحذير من أخطائهم‪ ،‬الهمية‪ ...‬العتزلة‪ ...‬الرافضة‪...‬‬
‫وما أشبه ذلك‪.‬‬

‫‪-6-‬‬
‫فإذا دعت الاجة إل بيان ما عندهم من حق‪ ،‬يبي‪ ،‬وإذا سأل السائل‪:‬‬
‫ماذا عندهم من الق؟ ماذا وافقوا فيه أهل السنة؟ والسؤول يعلم ذلك‪،‬‬
‫يبي‪ ،‬لكن القصود العظم والهم بيان ما عندهم من الباطل‪ ،‬ليحذره‬
‫السائل‪ ،‬ولئل ييل إليهم )) ‪.‬‬
‫‪ -‬فسأله آخر‪ :‬فيه أناس يوجبون الوازنة‪ :‬أنك إذا انتقدت مبتدعا‬
‫ببدعته لتحذر الناس منه يب أن تذكر حسناته حت ل تظلمه؟‬
‫فأجاب الشيخ رعاه ال‪:‬‬
‫((ل ‪ ،‬ما هو بلزم‪ ،‬ما هو بلزم‪ ،‬ولذا إذا قرأت كتب أهل السنة‪،‬‬
‫وجدت الراد التحذير‪ ،‬اقرأ ف كتب البخاري ((خلق أفعال العباد))‪ ،‬ف‬
‫كتاب الدب ف "الصحيح "‪ ،‬كتاب "السنة" لعبد ال بن أحد‪ ،‬كتاب‬
‫"التوحيد" لبن خزية‪" ،‬رد عثمان بن سعيد الدارمي على أهل‬
‫البدع"‪ ...‬إل غي ذلك‪.‬‬
‫يوردونه للتحذير من باطلهم‪ ،‬ما هو القصود تعديد ماسنهم‪...‬‬
‫القصود التحذير من باطلهم‪ ،‬وماسنهم ل قيمة لا بالنسبة لن كفر‪ ،‬إذا‬
‫كانت بدعته تكفره‪ ،‬بطلت حسناته‪ ،‬وإذا كانت ل تكفره‪ ،‬فهو على‬
‫خطر‪ ،‬فالقصود هو بيان الخطاء والغلط الت يب الذر منها" اهـ‪.‬‬
‫من شريط مسجل لدرس من دروس الشيخ حفظه ال الت ألقاها ف‬
‫صيف عام ‪ 1413‬هـ ف الطائف بعد صلة الفجر‪.‬‬

‫‪-7-‬‬
‫شريط ‪ 855‬من سلسلة الدى والنور للعلمة الحدث الشيخ ممد‬
‫ناصر الدين اللبان حفظه ال عن منهج الوازنات فكانت السئلة‬
‫والجوبة هي ما يأت‪:‬‬
‫"س‪ :‬القيقة يا شيخنا إخواننا هؤلء أو الشباب هؤلء جعوا أشياء‬
‫كثية‪ ،‬من ذلك قولم‪ :‬ل بد لن أراد أن يتكلم ف رجل مبتدع قد بان‬
‫ابتداعه وحربه للسنة أو ل يكن كذلك لكنه أخطأ ف مسائل تتصل‬
‫بنهج أهل السنة والماعة ل يتكلم ف ذلك أحد إل من ذكر بقية‬
‫حسناته‪ ،‬وما يسمونه بالقاعدة ف الوازنة بي السنات والسيئات‪،‬‬
‫وألفت كتب ف هذا الباب ورسائل من بعض الذين يرون هذا الرأي‪،‬‬
‫بأنه ل بد ؟؟؟ منهج الولي ف النقد ول بد من ذكر السنات وذكر‬
‫السيئات‪ ،‬هل هذه القاعدة على إطلقها أو هناك مواضع ل يطلق فيها‬
‫هذا المر؟ نريد منكم بارك ال فيكم التفصيل ف هذا المر‪.‬‬
‫ج ‪ :‬التفصيل هو‪ :‬وكل خي من اتباع من سلف‪ ،‬هل كان السلف‬
‫يفعلون ذلك؟ هم يستدلون حفظك ال شيخنا ببعض الواضع‪ ،‬مثل‬
‫كلم الئمة ف الشيعة مثل‪ ،‬فلن ثقة ف الديث‪ ،‬رافضي‪ ،‬خبيث‪،‬‬
‫يستدلون ببعض هذه الواضع‪ ،‬ويريدون أن يقيموا عليها القاعدة بكاملها‬
‫دون النظر إل آلف النصوص الت فيها كذاب‪ ،‬متروك‪ ،‬خبيث؟‬
‫ج‪ :‬هذه طريقة البتدعة حينما يتكلم العال بالديث برجل صال وعال‬
‫وفقيه‪ ،‬فيقول عنه‪ :‬سيء الفظ‪ ،‬هل يقول إنه مسلم‪ ،‬وإنه صال‪ ،‬وإنه‬

‫‪-8-‬‬
‫فقيه‪ ،‬وإنه يرجع إليه ف استنباط الحكام الشرعية‪ ،‬ال أكب‪ ،‬القيقة‬
‫القاعدة السابقة مهمة جدا‪ ،‬تشتمل فرعيات عديدة خاصة ف هذا‬
‫الزمان‪.‬‬
‫من أين لم أن النسان إذا جاءت مناسبة لبيان خطأ مسلم‪ ،‬إن كان‬
‫داعية أو غي داعية؟ لزم ما يعمل ماضرة ويذكر ماسنه من أولا إل‬
‫آخرها‪ ،‬ال أكب‪ ،‬شيء عجيب وال‪ ،‬شيء عجيب‪ ،‬وضحك الشيخ هنا‬
‫تعجبا‪.‬‬
‫س‪ :‬وبعض الواضع الت يستدلونا مثل‪ :‬من كلم الذهب ف "سي‬
‫أعلم النبلء" أو ف غيها‪ ،‬تمل شيخنا على فوائد أن يكون عند الرجل‬
‫فوائد يتاج إليها السلمون‪ ،‬مثل الديث؟‬
‫ج‪ :‬هذا تأديب يا أستاذ مش قضية إنكار منكر‪ ،‬أو أمر بعروف يعن‬
‫الرسول عندما يقول‪" :‬من رأى منكم منكرا فليغيه " هل تنكر النكر‬
‫على النكر هذا‪ ،‬وتكي إيش ماسنه؟‬
‫س‪ :‬أو عندما قال‪ :‬بئس الطيب أنت‪ ،‬ولكنك تفعل وتفعل‪ ،‬ومن‬
‫العجائب ف هذا قالوا‪ :‬ربنا عز وجل عندما ذكر المر ذكر فوائدها؟‬
‫ج‪ :‬ال أكب‪ ،‬هؤلء يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله‪،‬‬
‫سبحان ال‪ ،‬أنا شايف ف عندهم أشياء ما عندنا نن ))‪.‬‬

‫‪-9-‬‬
‫‪ -‬سئل فضيلة الشيخ صال بن فوزان الفوزان حفظه ال ورعاه السؤال‬
‫التال‪ -‬بعد أن سئل قبله عدة أسئلة حول الماعات ‪ :-‬طيب يا شيخ !‬
‫تذر منهم دون أن تذكر ماسنهم مثلً؟ أو تذكر ماسنهم ومساوئهم؟‬
‫فأجاب حفظه ال‪:‬‬
‫"إذا ذكرت ماسنهم ‪ ،‬معناه‪ :‬دعوت لم ‪ ،‬ل‪ ،‬ل تذكر‪ ،‬اذكر الطأ‬
‫الذي هم عليه فقط‪ ،‬لنه ما هو موكول لك أن تدرس وضعهم‬
‫وتقوم‪ ...‬أنت موكول لك بيان الطأ الذي عندهم من أجل أن يتوبوا‬
‫منه‪ ،‬ومن أجل أن يذره غيهم‪ ،‬أما إذا ذكرت ماسنهم‪ ،‬قالوا‪ :‬ال‬
‫يزاك خي‪ ،‬نن هذا الذي نبغيه‪ " ...‬اهـ‪.‬‬
‫من شريط مسجل للدرس الثالث من دروس كتاب "التوحيد" الت‬
‫ألقاها فضيلته ف صيف عام ‪413‬ا هـ ف الطائف‪.‬‬

‫‪ -‬سئل فضيلة الشيخ عبدالعزيز الحمد السلمان حفظه ال ورعاه‬


‫السؤال التال‪ :‬هل تشترط الوازنة بي السنات والسيئات ف الكلم عن‬
‫البتدعة ف منهج السلف؟‬
‫فأجاب حفظه ال‪:‬‬
‫((علم وفقنا ال وإياك وجيع السلمي أنه ل يؤثر عن أحد من السلف‬
‫الصال من الصحابة وتابعيهم بإحسان تعظيم أحد من أهل البدع‬
‫والوالي لهل البدع والنادين بوالتم؟ لن أهل البدع مرضى قلوب‪،‬‬
‫ويشى على من خالطهم أو اتصل بم أن يصل إليه ما بم من هذا الداء‬
‫العضال؟ لن الريض يعدي الصحيح‪ ،‬ول عكس؟ فالذر الذر من‬
‫‪-10-‬‬
‫جيع أهل البدع‪ ،‬ومن أهل البدع الذين يب البعد عنهم وهجرانم‪:‬‬
‫الهمية‪ ،‬والرافضة‪ ،‬والعتزلة‪ ،‬والاتريدية‪ ،‬والوارج‪ ،‬والصوفية‪،‬‬
‫والشاعرة‪ ،‬ومن على طريقتهم من الطوائف النحرفة عن طريقة‬
‫السلف‪ ،‬فينبغي للمسلم أن يذرهم ويذر عنهم‪.‬‬
‫وصلى ال على ممد وآله وسلم))‪.‬‬

‫‪-11-‬‬
‫كلمــة‬
‫المد ل وكفى‪ ،‬والصلة والسلم على عباده الذين اصطفى‪،‬‬
‫وخاتهم ممد صلى ال عليه وسلم الذي وف‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن الرد على أهل الهواء باب شريف من أبواب الهاد‪ ،‬وكيف ل‬
‫يكون كذلك وأهله ف موقع الراسة لذا الدين‪ :‬يذبون عنه تريف‬
‫الغالي‪ ،‬وانتحال البطلي‪ ،‬وتأويل الاهلي‪ ،‬قد تسنموا غارب الق‪،‬‬
‫وامتشقوا حسام العلم‪ ،‬ليبقى السلم صافيا نقيا يتلل بالة الرسالة الت‬
‫أنزلت على خات النبيي صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومن استقرأ حالم ف حلهم وترحالم‪ ،‬وجد أنم قد رفعوا قواعد الرد‬
‫على الخالف على أصل النصيحة ل ولرسوله ولئمة السلمي وعامتهم‪.‬‬
‫وهذا القام الذي يعدّ عليه مدار السلم‪ ،‬يتطلب إحكام الدراك لآخذ‬
‫الخالفة ومداركها‪ ،‬الذي هو أساس ف ترتيب النقض الحصور ف‬
‫ذكرها والتحذير منها‪ ،‬دون اللتفات إل ماسن أهل الهواء الت‬
‫يصفونا على أقوالم الكاسية العارية‪ ،‬ليجمّلوها ف أبصار وبصائر‬
‫الناظرين إليهم‪.‬‬
‫وبي يديك أخي القارىء بوث ف نفائس العلم وغواليه‪ ،‬اتصلت‬
‫بسلك طرفه الول‪ ،‬منهج السلف الصال من أهل السنة والماعة ف‬
‫نقد الرجال والفرق والكتب‪ ،‬كتبها أخ فاضل حريص على بقاء النهج‬
‫السلفي ناصعا كما عرفه الراسخون من أهل العلم‪ ،‬وحريص على‬

‫‪-12-‬‬
‫الشباب السلم أل ينخدع بسراب أهل البدع وهالت التقديس الت‬
‫يلعونا على رؤوسهم ودعاتم‪ ،‬ودعاويهم العريضة الت يتمون وراء‬
‫جدرها‪ ،‬حيث يزعمون أنم أرادوا إحسانا وتوفيقا‪ ،‬أحسبه كذلك‪،‬‬
‫وال حسيبه‪ ،‬ول أزكي على ال أحدا‪.‬‬
‫وينبغي الهتمام ف هذا القام بأمر‪ ،‬وهو أن اللتفات إل ماسن أهل‬
‫الهواء ف باب النصيحة مَطيّة مَ ِظنّة للخطر‪ ،‬وما تت قدم الداعي إل‬
‫ذلك دحض‪ ،‬فليحذر من الزلل‪ ،‬وليسلك منه الدد الذي يؤمن معه‬
‫العثار‪.‬‬
‫إن نسبة هذا النهج للسلف الصال نسبة منكودة جديرة أن تفتح باب‬
‫الفتنة على مصراعيه‪ ،‬حيث ُتلقي بعدة الستقبل ف أحضان الدعياء‪ ،‬لن‬
‫ماسنهم ستطغى على بدعهم‪ ،‬فيلقون إليهم بالودة‪ ،‬وقد أمروا أن‬
‫يشردوا بم من خلفهم‪ ،‬وأن يضربوا منهم كل بنان‪.‬‬
‫وقد حذر العلماء السابقون من خطورة ذلك‪:‬‬
‫قال الافظ النفاد مؤرخ السلم الذهب معقبا على اغترار الليفة‬
‫العباسي النصور بكبي العتزلة عمرو بن عبيد‪ ،‬حيث كان يعظمه‬
‫ويقول‪:‬‬
‫كلكم يطلب صيد‬ ‫كلكم يشي رويد‬
‫غي عمرو بن عبيد‬
‫قال الذهب‪(( :‬اغتر بزهده وإخلصه وأغفل بدعته)) (‪. )1‬‬

‫() (( سي أعلم النبلء )) (‪. )6/105‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-13-‬‬
‫قلت‪ :‬هذا ديدن أهل البدع‪ ،‬يظهرون خلف ما يبطنون‪ ،‬ويتغنون با‬
‫ل يعتقدون (‪ ، )1‬فقد وصفهم الذي ل ينطق عن الوى ممد صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪(( :‬يكون بعدي أئمة ل يهتدون بداي‪ ،‬ول يستنون بسنت ‪،‬‬
‫وسيقوم فيهم رجال ‪ ،‬قلوب الشياطي ف جثمان إنس)) (‪.)2‬‬
‫ولكن‪ ،‬ل تغرنكم البقة‪ ،‬فإنا فجر كاذب‪.‬‬
‫ول تولنكم الفاجأة‪ ،‬فإن الهابذة ينخلونم نلً‪.‬‬
‫وكل يقوم حسب وسعه وطاقته على منهاج النبوة ‪ ،‬فإن النصح لكل‬
‫مسلم ميثاق نبوي‪.‬‬
‫وعلى ال قصد السبيل‪.‬‬
‫وكتبه‬
‫أبو أسامة سليم بن عيد اللل‬

‫() وقد بلونا ذلك على بعضهم‪ ،‬فهو يقق وينشر كتب السلف‪ ،‬ويظهر مبتهم‪ ،‬حت‬ ‫‪1‬‬

‫إذا تكن من قلوب بعض الشباب السلم‪ ،‬كشف لم عن دخيلة نفسه‪ ،‬فتراه يرد‬
‫الديث بالعقل‪ ،‬ويطعن ف أئمة السلف عياذا بال‪.‬‬
‫() أخرجه مسلم (‪ -237 -236 /1 2‬نووي) من حديث حذيفة رضي ال عنه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-14-‬‬
‫مقدمة الطبعة الول‬

‫إن المد ل‪ ،‬نمده‪ ،‬ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور‬


‫أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال‪ ،‬فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل‪ ،‬فل‬
‫هادي له‪.‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فإن أصدق الديث كلم ال‪ ،‬وخي الدي هدي ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬وشر المور مدثاتا‪ ،‬وكل مدثة بدعة‪ ،‬وكل بدعة ضللة‪.‬‬
‫وبعد‪ ،‬فإن ال بعث ممدا بالدى ودين الق ليظهره على الدين كله‬
‫ولو كره الشركون‪.‬‬
‫وقد أمر ال رسوله بالدعوة إليه بالكمة والوعظة السنة والدال‬
‫بالت هي أحسن‪ ،‬كما أمره بالصدع بالق‪ :‬فاصدع با تؤمر وأعرض‬
‫عن الشركي (‪ ، )1‬وأمره ال بهاد الشركي والكافرين والنافقي‬
‫بالقرآن والسيف والسنان‪ ،‬حت ل تكون فتنة ويكون الدين كله ل‪،‬‬
‫ولتكون كلمة الذين كفروا السفلى‪ ،‬وكلمة ال هي العليا‪.‬‬
‫فقام رسول ال صلى ال عليه وسلم بذا الواجب العظيم من الصدع‬
‫بالق والهاد ف ال حق جهاده‪ ،‬حت أتاه اليقي‪.‬‬
‫() الجر ‪. 94 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-15-‬‬
‫وسار على نجه خلفاؤه الراشدون‪ ،‬فجاهدوا الرتدين ف جزيرة‬
‫العرب‪ ،‬حت قضوا على حركة الردة الطية‪ ،‬ث حلوا لواء الهاد إل‬
‫أناء العمورة‪ ،‬حت نصرهم ال على أعت قوى الكفر آنذاك‪ -‬الفرس‬
‫والرومان وغيها‪ ،-‬وتقق لم وعد ال‪ :‬وعد ال الذين آمنوا منكم‬
‫وعملوا الصالات ليستخلفنهم ف الرض كما استخلف الذين من‬
‫قبلهم وليمكنن لم دينهم الذي ارتضى لم وليبدلنهم من بعد خوفهم‬
‫أمنا يعبدونن ل يشركون ب شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم‬
‫الفاسقون (‪.)1‬‬
‫وكان أمي الؤمني عمر بن الطاب‪ -‬العبقري الذي أعز ال به‬
‫السلم‪ -‬سدا منيعا وبابا مغلقا ف وجه الفت والفساد والشر‪ ،‬فتآمر‬
‫عليه الزنادقة والجوس‪ ،‬ونفذوا تلك الؤامرة باغتياله رضي ال عنه‬
‫وأرضاه‪ ،‬فلقي ربه شهيدا بعد أن مل الرض عدلً وإيانا ونورا‪،‬‬
‫فانكسر بقتله ذلك الباب الحكم‪ ،‬فدبت الفت‪ ،‬وتسربت إل صفوف‬
‫السلمي ف عهد الليفة الراشد عثمان بن عفان رضي ال عنه‪،‬‬
‫واستفحل أمرها‪ ،‬حت أدت إل قتل هذا الليفة‪ ،‬فلقي ربه شهيدا‬
‫مظلوما‪.‬‬
‫وجرى بسبب هذه الفت ما جرى بي الليفة الراشد علي رضي ال‬
‫عنه وبي معاوية بن أب سفيان رضي ال عنه‪ ،‬وكلهم متهد‪ ،‬فللمصيب‬
‫أجران‪ ،‬وللمخطىء أجر واحد‪.‬‬

‫() النور ‪. 55‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-16-‬‬
‫ث تركت فتنة أهل البدع الوارج‪ ،‬الذين وصفهم رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم على اجتهادهم ف العبادة ‪ -‬بأنم ((يرقون من الدين‬
‫كما يرق السهم من الرمية))‪ ،‬وبأنم ((شر اللق والليقة))‪ ،‬وبأنم‬
‫((شر من تت أدي السماء)) ‪ ،‬وقال فيهم‪(( :‬اقتلوهم حيث وجدتوهم‪،‬‬
‫فإن لن قتلهم أجرا عند ال )) (‪ ،)1‬ما فيه أعظم عبة لولئك الدعاة إل‬
‫التقارب والتعاطف مع أهل بدع شر منهم وأخبث وأشد كيدا ومكرا‪،‬‬
‫فقتل علي هؤلء كما أمره رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ث ظهرت فتنة الرفض والزندقة‪ ،‬فلم ير علي رضي ال عنه أشفى‬
‫لقلوب الؤمني من إحراقهم بالنار‪ ،‬يشاركه ف ذلك من يشاركه من‬
‫الصحابة الكرام‪.‬‬
‫وهكذا يسن لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته الكرام هذا‬
‫الزم وهذا السم ف التعامل مع أهل البدع والزنادقة‪.‬‬
‫ث على مرور الزمن‪ ،‬وانقراض خي القرون‪ ،‬استشرت البدع‪ ،‬واتسعت‬
‫دائرتا‪ ،‬وكثرت فرقها‪ ،‬فتحقق فيهم ما أخب به رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم وأنذر‪:‬‬
‫من قوله‪(( :‬لتتبعن سنن من كان قبلكم شبا بشب وذراعا بذراع‪ ،‬حت‬
‫لو دخلوا جحر ضب‪ ،‬تبعتموهم ))‪ .‬قلنا‪ :‬يا رسول ال ! اليهود‬
‫والنصارى؟ قال‪(( :‬فمن؟! )) (‪. )2‬‬

‫() متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صحيح البخاري )) (كتاب العتصام ‪ ،‬باب قول النب صلى ال عليه وسلم‬ ‫‪2‬‬

‫((لتتبعن سنن من كان قبلكم ))‪ ،‬رقم (‪(( )7320‬صحيح مسلم)) (كتاب العلم باب‬
‫‪-17-‬‬
‫وقوله صلى ال عليه وسلم ((افترقت اليهود إل إحدى وسبعي فرقة‪،‬‬
‫وافترقت النصارى إل اثنتي وسبعي فرقة‪ ،‬وستفترق أمت إل ثلث‬
‫وسبعي فرقة‪ ،‬كلها ف النار إل واحدة)) قالوا‪ :‬من هي يا رسول ال؟‬
‫قال‪(( :‬من كان على ما أنا عليه وأصحاب)) ‪.‬‬
‫وف لفظ‪(( :‬هي الماعة)) (‪.)1‬‬
‫وقد فسر أئمة السلم ‪ -‬كابن البارك‪ ،‬ويزيد بن هارون‪ ،‬وابن‬
‫الدين‪ ،‬وأحد بن حنبل‪ ،‬والبخاري‪ ،‬وأئمة آخرون‪ ،‬منهم‪ :‬الطيب‬
‫البغدادي‪ ،‬وابن تيمية‪ ،‬وابن رجب ‪ -‬هذه الفرقة الناجية والفرقة‬
‫النصورة بأنم أهل الديث ومن دان بنهجهم‪ ،‬وأكثر تفسياتم وردت‬
‫عند قوله صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬ل تزال طائفة من أمت علي الق‬
‫ظاهرين‪ ،‬ل يضرهم من خذلم‪ ،‬ول من خالفهم‪ ،‬حت يأت أمر ال وهم‬
‫على ذلك )) (‪.)2‬‬
‫فما زالت هذه الطائفة منذ حدثت الفت وتشعبت الهواء بالمة إل‬
‫أن بلغوا العدد الذكور‪ ،‬ما زالوا قائمي بأمر ال‪ ،‬يدعون إل الق‪،‬‬
‫وينشرون علوم النبوة‪ ،‬ويافظون عليها‪ ،‬ويدافعون عنها‪ ،‬ويردون كيد‬
‫الكائدين وانتحال البطلي وتريف الاهلي‪ ،‬ل يثنيهم عن ذلك أذى‬
‫ول كيد الكائدين ول تدابي التآمرين‪ ،‬ول تزيدهم الشدائد إل ثباتا على‬

‫اتباع سنن اليهود والنصارى ‪ ،‬رقم ‪.)2669‬‬


‫() أخرجه أحد ‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬والدارمي ‪ ،‬والطبان ‪ ،‬وغيهم ‪ ،‬وهو صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-18-‬‬
‫الق وصمودا ف وجه الباطل‪ ،‬كما حصل ف عهد المام أحد‬
‫وعبدالغن القدسي وعهد ابن تيمية‪.‬‬
‫ث هيأ ال للجزيرة العربية مهبط الوحي ومنطلق الرسالة دعوة المام‬
‫الجدد الشيخ ممد بن عبدالوهاب ‪ -‬بعد أن خيمت عليها ظلمات‬
‫الهل والضلل والفوضى قرونا ‪ ،-‬فرفع للتوحيد رايته‪ ،‬وللسلم‬
‫أعلمه‪ ،‬فقامت بهوده وجهود إخوانه أهل التوحيد والسنة دولة‬
‫التوحيد والسنة‪ ،‬وصارت الرب سجالً بينهم وبي أهل الباطل‪ ،‬إل أن‬
‫استقرت دولة التوحيد والسنة وثبتت قواعدها على يد اللك عبدالعزيز‬
‫وإخوانه من أهل التوحيد‪ ،‬جنودا ملصي‪ ،‬وعلماء صادقي‪.‬‬
‫وشع نور التوحيد واليان ف العال‪ ،‬يبدد ظلمات الشرك والبدع هنا‬
‫وهناك‪ ،‬ينشر كتب السلف الصال‪ ،‬من حديث‪ ،‬وتفسي‪ ،‬وتوحيد‪،‬‬
‫وبالخص كتب شيخ السلم ابن تيمية وابن القيم‪ ،‬وبتأسيس الدارس‬
‫على متلف الراحل‪ ،‬بدءا من البتدائيات‪ ،‬ومرورا بالامعات‬
‫والدراسات العليا التخصصة‪ ،‬إضافة إل مراكز الدعوة الت انتشرت ف‬
‫الداخل والارج لمل رسالة التوحيد والسنة‪ ،‬ما أقض مضاجع كل‬
‫خصوم الق والتوحيد‪ ،‬من علمانيي‪ ،‬ويهود‪ ،‬ونصارى وشيوعيي‪،‬‬
‫وأهل البدع الضالي من خرافيي وحزبيي وحركيي‪.‬‬
‫وكان أنكاهم وأشدهم تأثيا أهل البدع الاقدون‪ ،‬إذ استطاعوا‬
‫بكرهم وكيدهم وتلفعهم بلباس السنة أن يقتحموا كل معقل‪ ،‬ويتسللوا‬
‫إل كل منفذ من الدارس والامعات والساجد وغيها‪ ،‬فاستطاعوا أن‬
‫يكونوا جيل يمل فكرهم‪ ،‬كلً أو جزءا‪ ،‬عن قصد وعن غي قصد ‪.‬‬
‫‪-19-‬‬
‫فتحرك هذا اليل الذي دربوه وصنعوه على أعينهم‪ ،‬يدعو إل‬
‫فكرهم‪ ،‬ويدافع عنه بنشاط هنا وهناك‪ ،‬ف الامعات والدارس وغيها‪،‬‬
‫ف هذه الظروف العصيبة‪ ،‬الت تتاج فيها دعوة ال إل رجال غيورين‪،‬‬
‫يرفعون رايتها بقوة وعزم‪ ،‬فيهاجون جحافل الباطل والكيد والكر‪،‬‬
‫فيدونم على أعقابم خاسئي‪.‬‬
‫وإذا بأصوات ترتفع باسم السلفية وباسم العدالة والنصاف لن‬
‫يتصورونم مظلومي من أهل البدع الذين غزوا أهل السنة والتوحيد ف‬
‫عقر دارهم‪ ،‬وأفسدوا عقول وعقائد الكثي من أبنائهم‪ ،‬وشوهوا صورة‬
‫النهج السلفي وأهله ف أعي أبنائهم‪ ،‬فشرع البارزون من هذا اليل‬
‫يدعون إل منهج جديد ف نقد الناهج والدعوات والكتب والشخاص‪،‬‬
‫ويدعون أنه منهج وسط‪ ،‬فظن كثي من الشباب وكثي من يكتب لم‬
‫أنه كذلك‪ ،‬بل يدعي أنه منهج أهل السنة والماعة‪ ،‬وشاع وذاع ف‬
‫كتابات بعض النتسبي إل السلف‪ ،‬وتأثر به وقَبِله وتعلق به كثي من‬
‫الشباب‪ ،‬ظاني أنه الق والعدل‪ ،‬وبدأ يترسخ ف نفوسهم مع السف‪،‬‬
‫وما علموا أنه مذهب غريب على السلم والسلمي‪ ،‬تسرب إليهم من‬
‫أعدائهم كما تسرب غيه من الفكار إل الجتمعات السلمية‪.‬‬
‫ولقد برزت آثار هذا النهج واضحة ف ماورات ومناقشات وكتابات‬
‫ومواقف كثية من الشباب والساتذة‪.‬‬
‫وبدأ هذا النهج يترسخ ف النفوس‪ ،‬فكان من نتائجه أن أضعف مبدأ‬
‫الولء والباء ل وف ال ولنهج ال وأهله الذين يب حبهم وولؤهم ف‬
‫ال‪ ،‬وبدا واضحا الولء والب والتقدير لدعاة وكتب وأفكار ومناهج‬
‫‪-20-‬‬
‫كلها بعيدة عن النهج السلفي(‪ ،)1‬وأهلها غي أهله‪ ،‬بل هي جادة ف‬
‫ماصمة النهج السلفي‪ ،‬وتاول بد أن تزيه عن مواقعه‪ ،‬وتط رحالا‬
‫ف منازله‪ ،‬بعد أن يتم ترحيله‪.‬‬
‫لقد أثر هذا النهج على كتاب نسبهم من خيار السلفيي‪ ،‬ومن‬
‫الطاقات والنوعيات والشخصيات اليدة‪ ،‬الت نسأل ال أن يوفقها لن‬
‫تسلك مسلك ومنهج سلفهم الصال‪ ،‬ف الدعوة إل النهج السلفي‬
‫الواضح‪ ،‬والتربية الادة للشباب عليه‪ ،‬وغرس حبه وحب أهله أحياء‬
‫وأمواتا‪ ،‬والسي ف ركابم‪ ،‬والعتزاز بالنتماء إليهم‪.‬‬
‫لقد أثر هذا النهج الذي يدعى له الوسطية والعدل على شباب كنا ول‬
‫نزال نأمل فيهم أن يأخذوا النهج السلفي بد‪ ،‬ويملوا رايته بقوة‪،‬‬
‫ويدعوا إليه باعتزاز‪ ،‬ويضحوا من أجله بكل غال ورخيص‪ ،‬من مال‪،‬‬
‫وجاه‪ ،‬ونشاط‪ ،‬وعمل‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬مع السف‪ ،‬فإن الواقع غي هذا‪.‬‬
‫ولذلك‪ ،‬فإن القلوب لترتف خوفا عليهم أن تتلط عليهم الناهج‬
‫وتتشابه‪ ،‬وتتلط عليهم الرايات وتتشابه ‪ -‬وليس بعد الق إل‬
‫الضلل‪ ،-‬فيتراءى لم أن الميع حق ‪ ،‬أو أنا إخوة لعلت‪ ،‬ويكن أن‬

‫() وسبب ذلك أن هؤلء قد نشؤوا ف جو مكفهر يسوده تشويه النهج السلفي‬ ‫‪1‬‬

‫بأساليب ماكرة من فئات معادية للمنهج السلفي تلبس مسوحه ف الظاهر بأن تتظاهر‬
‫باحترامه وهي تكن له العداء ف الباطن‪ ،‬فكان لذلك آثاره ف عقول هؤلء‪ ،‬حيث ل‬
‫يستطيعوا ف هذا الو أن يروه ف صورته الميلة الناصعة‪ ،‬ول يستطيعوا أن يتصوروا‬
‫أهله على حقيقتهم‪ ،‬وأنم هم الناس حقا دينا وخلقا عقيدة والتزاما بالسلم‪.‬‬
‫‪-21-‬‬
‫يتخذ بعضها بديل للمنهج السلفي‪ ،‬وإيثار رايته على رايته‪ ،‬لنه كثي‬
‫البيق والضجيج والتلميع‪ ،‬وإن كان أجوف خال من أصل من أصول‬
‫السلم‪ ،‬وأعمى ف باب العتصام بالكتاب والسنة‪.‬‬
‫ولذا النهج الشار إليه آثار أخرى ل أرى ذكرها الن‪.‬‬
‫وإن لرجو أن يوفقن ال لعرض النهج السلمي السلفي‪ ،‬ف نقد‬
‫الشخاص‪ ،‬والطوائف‪ ،‬والكتب‪ ،‬والدعوات‪ ،‬من خلل نصوص‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬ونصوص ومواقف علماء المة العتبين وأئمتهم‬
‫الرضيي‪ ،‬ومن تصرفاتم ف كتب الرح والتعديل‪ ،‬وكتب السنة‬
‫والعقائد السلمية‪.‬‬
‫قمت بذلك بدافع حب لذا الشباب الؤمن الذي أعده‪ -‬وال‪ -‬أعظم‬
‫ثروة ف هذه الياة‪ ،‬ونفديه بالرواح والهج‪ ،‬ونرص أشد الرص على‬
‫سداد سيه ف دروب ومسالك الياة وغياهبها‪ ،‬فإن حنت نفوسهم‬
‫وعقولم وأرواحهم إل ديار مبوبم الول(‪ ، )1‬فذلك ما يبه ال‬
‫ويرضاه‪.‬‬
‫نقل فؤادك حيث شئت من الوى‬
‫ما الب إل للحبيب الول‬
‫كم منل ف الرض يعشقه الفت‬
‫وحنينه أبدا لول منل‬

‫() أعن منهج السلف ف التوحيد والعتصام بالكتاب والسنة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-22-‬‬
‫وإن أب بعضهم إل التأرجح واللط والتناقض والضطراب‪ ،‬فالقلوب‬
‫بي أصبعي من أصابع الرحن‪ ،‬يقلبها كيف يشاء ‪.‬‬
‫ول المر من قبل ومن بعد ‪.‬‬

‫‪-23-‬‬
‫منهج السلم وأئمته ف نقد القوال والشخاص وتقويها‬
‫وبيان أن العدل القيقي إنا هو ف هذا النهج‬

‫•القرآن الكري يدح الؤمني دون ذكر أخطائهم ويذم‬


‫الكفار والنافقي دون ذكر ماسنهم‪:‬‬
‫مدح ال الؤمني ف كثي من اليات القرآنية‪ ،‬وذكر ما أعد لم من‬
‫الزاء العظيم‪ ،‬ول يذكر شيئا من أخطائهم من باب الوازنة ‪ -‬و((كل‬
‫ابن آدم خطاء ‪ ،‬وخي الطائي التوابون)) ‪ ،‬وف ذلك مصلحة عظيمة‪،‬‬
‫هي أن تتحرك النفوس إل التشبه بم والسي على منوالم‪.‬‬
‫وذم ال الكفار والنافقي والفاسقي ف آيات كثية‪ ،‬ووصفهم با فيهم‬
‫من الكفر والنفاق والفسق‪ ،‬ووصفهم بأنم صم بكم عمي‪ ،‬ووصفهم‬
‫بالضلل والهل‪ ،‬من غي أن يذكر شيئا من ماسنهم‪ ،‬لنا ل تستحق‬
‫أن تذكر‪ ،‬لن كفرهم وضللم قد أفسدا وشوها تلك الحاسن‬
‫وصياها هباء منثورا‪.‬‬
‫قال تعال ‪ :‬وقدمنا إل ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا‬
‫(‪)1‬‬
‫وقال تعال ‪ :‬قل هل ننبئكم بالخسرين أعمال‪ ،‬الذين ضل سعيهم‬
‫ف اليواة الدنيا وهم يسبون أنم يسنون صنعا (‪.)2‬‬

‫() الفرقان‪.23 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الكهف ‪. 104-103 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-24-‬‬
‫(‪.)1‬‬ ‫وقال‪ :‬وما ظلمهم ال ولكن أنفسهم يظلمون‬
‫وقد قص ال علينا مواقف المم الكافرة الت كذبت رسله‪ ،‬فذكر من‬
‫كفرهم وتكذيبهم ومازيهم ث إهلكهم وتدميهم ما زخر به القرآن‪،‬‬
‫ول يذكر شيئا من ماسنهم‪ ،‬لن الدف الساسي من ذكر ذلك هو‬
‫التعاظ والزدجار عما ارتكبوه ف حق رسلهم‪ ،‬من كفر‪ ،‬وتكذيب‪،‬‬
‫لئل يكون مصي من فعل فعلهم مثل مصائرهم‪ ،‬ومصرعه مثل‬
‫مصارعهم‪.‬‬
‫ووصف ال اليهود والنصارى بأقبح صفاتم‪ ،‬وتوعدهم أشد الوعيد‪،‬‬
‫ول يذكر شيئا من ماسنهم الت أهدروها بكفرهم وتكذيبهم لحمد‬
‫صلى ال عليه وسلم وما ارتكبوه من كفر وتريف لكتبهم‪.‬‬
‫وكانت لقريش ماسن دنسوها وأهدروها بكفرهم وتكذيبهم لعظم‬
‫الرسل صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ولا أسر منهم من أسر يوم بدر‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬لو كان‬
‫الطعم بن عدي حيا‪ ،‬ث سألن هؤلء النتن‪ ،‬لعطيته إياهم"‪.‬‬
‫وقال تعال‪ :‬تبت يدا أب لب وتب‪ ،‬ما أغن عنه ماله وما كسب‪،‬‬
‫سيصلى نارا ذات لب‪ ،‬وامرأته حالة الطب‪ ،‬ف جيدها حبل من مسد‬
‫()‬
‫‪. 2‬‬

‫() آل عمران‪.117 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() السند ‪. 5-1 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-25-‬‬
‫ول شك أن لب لب وزوجه ماسن‪ ،‬وها من بيوتات الشرف‬
‫والجد‪ ،‬لكنهما أهدرا كل ذلك بكفرها ومواقفهما الشينة من رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وذلك الن هج الاطىء قد يؤدي إل أن هذا الن هج الربا ن قد جا نب‬
‫العدل‪ ،‬تعال ال عن ذلك علوا كبيا‪.‬‬
‫•تذير النب صلى ال عليه وسلم أمته من أهل الهواء‪:‬‬
‫وقد حذر النب صلى ال عليه وسلم أمته من أهل الهواء دون التفات‬
‫إل ماسنهم‪ ،‬لن ماسنهم مرجوحة‪ ،‬وخطرهم أشد وأعظم من‬
‫الصلحة الرجوة من ماسنهم‪.‬‬
‫عن عائشة أم الؤمني رضي ال عنها‪ ،‬قالت‪ :‬تل رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم هذه الية‪ :‬هو الذي أنزل عليك الكتب منه ءايات‬
‫مكمات هن أم الكتاب وأخر متشابات فأما الذين ف قلوبم زيغ‬
‫فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ‪ ،‬وما يعلم تأويله إل ال‬
‫والراسخون ف العلم يقولون ءامنا به‪ ،‬كل من عند ربنا وما يذكر إل‬
‫()‬
‫‪ 1‬قالت‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم "فإذا‬ ‫أولوا اللباب‬
‫رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه‪ ،‬فأولئك الذين سى ال‪ ،‬فاحذروهم "‬
‫(‪. )2‬‬

‫() آل عمران ‪.7 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() رواه‪ :‬البخاري ف " صحيحه " (تفسي سورة آل عمران‪ ،‬حديث ‪ ،)4547‬ومسلم‬ ‫‪2‬‬

‫ف "صحيحه " (كتاب العلم‪ ،‬حديث ‪ ،2665‬باب النهي عن اتباع التشابه من‬
‫القرآن)‪.‬‬
‫‪-26-‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال تعال عنه‪ ،‬عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه قال‪(( :‬سيكون ف آخر أمت أناس يدثونكم با ل تسمعوا‬
‫()‬
‫أنتم ول آباؤكم‪ ،‬فإياكم وإياهم )) ‪. 1‬‬
‫ومعلوم أن أهل البدع ل يلون من ماسن‪ ،‬فلم يلتفت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إليها‪ ،‬ول يذكرها‪ ،‬ول يقل‪ :‬استفيدوا من‬
‫ماسنهم‪ ،‬وأشيدوا بذكرها‪.‬‬
‫ومع السف‪ ،‬فإن المر قد انقلب رأسا على عقب‪ ،‬فنجد كثيا من‬
‫النتسبي إل النهج السلفي‪ ،‬يوالون أهل البدع‪ ،‬ويتولونم ومناهجهم‬
‫وكتبهم‪ ،‬ويدافعون عن ذلك كله‪ ،‬وينفرون وينفرون‪ .،‬ويذرون من‬
‫أهل الق والسنة! فإنا ل وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫قال البغوي ف شرح هذين الديثي‪(( :‬قد أخب النب صلى ال عليه‬
‫وسلم عن افتراق هذه المة‪ ،‬وظهور الهواء والبدع فيهم‪ ،‬وحكم‬
‫بالنجاة لن اتبع سنته وسنة أصحابه رضي ال عنهم‪ ،‬فعلى الرء السلم‬
‫إذا رأى رجل يتعاطى شيئا من الهواء والبدع معتقدا‪ ،‬أو يتهاون بشيء‬
‫من السنن‪ :‬أن يهجره ويتبأ منه ويتركه حيا وميتا‪ ،‬فل يسلم عليه إذا‬
‫لقيه‪ ،‬ول ييبه إذا ابتدأ‪ ،‬إل أن يترك بدعته ويراجع الق‪.‬‬
‫والنهي عن الجران فوق الثلث فيما يقع بي الرجلي من التقصي ف‬
‫حقوق الصحبة والعشرة‪ ،‬دون ما كان ف حق الدين‪ ،‬فإن هجرة أهل‬
‫الهواء والبدع دائمة إل أن يتوبوا)) (‪ )2‬اهـ‪.‬‬
‫() مقدمة ((صحيح مسلم)) (‪.)1/12‬‬ ‫‪1‬‬

‫() شرح السنة (‪. )1/227‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-27-‬‬
‫وساق حديث كعب بن مالك ف تلف الثلثة عن غزوة تبوك‪ ،‬وفيه‬
‫قال‪(( :‬ونى رسول ال صلى ال عليه وسلم السلمي عن كلمنا أيها‬
‫الثلثة‪ ،‬فاجتنبنا الناس‪ ،‬وتغيوا لنا‪ ،‬حت تنكرت ف نفسي الرض‪ ،‬فما‬
‫هي بالت أعرف )) ‪ ،‬وذكر هجران السلمي لم جيعا ‪ ،‬إل أن‬
‫اكتملت لم خسون ليلة‪.‬‬
‫قال البغوي‪(( :‬وفيه دليل على هجران أهل البدع‪ ،‬وكأن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم خاف على كعب وإخوانه النفاق حي تلفوا عن‬
‫الروج معه‪ ،‬فأمر بجرانم‪ ،‬إل أن أنزل ال توبتهم‪ ،‬وعرف رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم براءتم‪ ،‬وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم‬
‫وعلماء السنة على هذا‪ ،‬ممعي متفقي على معاداة أهل البدعة‬
‫ومهاجرتم )) (‪ )1‬اهـ‪.‬‬
‫•موقف الصحابة والتابعي من أهل البدع‪:‬‬
‫قال ابن عمر رضي ال عنهما ف أهل القدر‪(( :‬أخبهم أن بريء‬
‫منهم‪ ،‬وأنم من برآء))‪.‬‬
‫وقال أبو قلبة‪(( :‬ل تالسوا أصحاب الهواء‪ -‬أو قال‪ :‬أصحاب‬
‫الصومات‪ ، -‬فإن ل آمن أن يغمسوكم ف ضللتهم‪ ،‬ويلبسوا عليكم‬
‫بعض ما تعرفونه))‪.‬‬
‫وقال رجل من أهل البدع ليوب السختيان‪ :‬يا أبا بكر! أسألك عن‬
‫كلمة؟ فول وهو يقول‪(( :‬ول نصف كلمة)) (‪.)2‬‬
‫() شرح السنة للمام البغوي رحه ال تعال (‪.)1/227‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ((شرح السنة)) للمام البغوي رحه ال تعال (‪27 .)227 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-28-‬‬
‫هذا وال هو الولء الصادق ل وللسلم‪.‬‬
‫ولو عامل علماء السنة ف هذا الزمن أهل البدع هذه العاملة الازمة‪،‬‬
‫لاتت البدع ف جحورها‪ ،‬ولا استطاعت الطابع أن تطبع كتبهم‪ ،‬لنا‬
‫ل يوجد لا زبائن‪ ،‬ول سعت صوتا يهر بالدفاع عن أهل البدع‪ ،‬فضل‬
‫أن تؤلف الكتب للدفاع عنهم‪ ،‬فيتهافت الشباب السلفي عليها تافت‬
‫الفراش على النار!!‬
‫فإنا ل وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫ترى كيف كان يتعامل الصحابة والتابعون وأئمة السلم مع أهل‬
‫البدع ول يلتفتون إل شيء من ماسنهم ؟!‬
‫ذلك من حزمهم وصرامتهم ف حسم الباطل‪ ،‬ومن فقههم لقاصد‬
‫السلم‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫((درء الفاسد مقدم على جلب الصال )) ‪.‬‬
‫•ذكر النب صلى ال عليه وسلم عيوب أشخاص معيني‬
‫دون ذكر ماسنهم من باب النصيحة‪:‬‬
‫‪ -1‬عن عائشة رضي ال عنها‪ :‬أن رجل استأذن على النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فلما رآه‪ ،‬قال‪(( :‬بئس أخو العشية‪ ،‬وبئس ابن العشية))‪،‬‬
‫فلما جلس‪ ،‬تطلق النب صلى ال عليه وسلم ف وجهه‪ ،‬وانبسط إليه‪،‬‬
‫فلما انطلق الرجل‪ ،‬قالت له عائشة‪ :‬يا رسول ال! حي رأيت الرجل‪،‬‬
‫قلت كذا وكذا‪ ،‬ث تطلقت ف وجهه وانبسطت إليه! فقال رسول ال‬

‫‪-29-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ((يا عائشة! مت عهدتن فاحشا؟ إن شر الناس عند‬
‫ال منلة من تركه الناس اتقاء شره))(‪.)1‬‬
‫قال الافظ‪" :‬قال القرطب‪ :‬ف الديث جواز غيبة العلن بالفسق أو‬
‫الفحش أو نو ذلك من الور ف الكم والدعاء إل البدعة‪ ،‬مع جواز‬
‫مداراتم واتقاء شرهم‪ ،‬ما ل يؤد ذلك إل الداهنة ف دين ال)) (‪.)2‬‬
‫‪ -2‬لا انتهت فاطمة بنت قيس من عدة طلقها من زوجها أب عمرو‬
‫ابن حفص‪ ،‬ذكرت للنب صلى ال عليه وسلم أن معاوية بن أب سفيان‬
‫وأبا جهم خطباها‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم (مشيا‬
‫ناصحا)‪(( :)3( ،‬أما أبو جهم‪ ،‬فل يضع عصاه عن عاتقه‪ ،‬وأما معاوية‪،‬‬
‫فصعلوك ل مال له‪ ،‬انكحي أسامة بن زيد))‪ ،‬قالت‪ :‬فكرهته‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫((انكحي أسامة))‪ .‬فنكحته‪ ،‬فجعل ال فيه خيا‪ ،‬واغتبطت(‪.)4‬‬
‫ول شك أن للرجلي فضائل وماسن‪ ،‬ولكن القام مقام نصيحة‬
‫ومشورة‪ ،‬ل يتطلب أكثر من ذلك‪ ،‬ولو كان ذكر الحاسن لزما ف‬
‫مثل هذا القام ‪ -‬مقام النصيحة والشورة‪ ،-‬لشرع لنا ذلك رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ولقام به على الوجه الكمل‪.‬‬
‫أما النهج الديد‪ ،‬فيحتم ف مثل هذا القام ذكر الحاسن‪ ،‬ول يدري‬
‫أهله أن النصوح له يصبح ف حية وبلبلة‪ ،‬وقد يقع فيما يضره‪ ،‬فتضيع‬

‫(( صحيح البخاري (كتاب الدب حديث ‪.)6032‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الفتح (‪.)10/452‬‬ ‫‪2‬‬

‫() من كلم الشيخ ربيع‪ ،‬وليست من الديث‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() صحيح مسلم (‪ -18‬كتاب الطلق ‪.)1480 ،‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-30-‬‬
‫جدوى النصيحة وفائدتا‪ ،‬وما أصبح الناصح ناصحا ومذرا‪ ،‬بل قد‬
‫يكون مغريا با يضر‪ ،‬مرضا عليه‪.‬‬
‫‪ -3‬وعن عائشة رضي ال عنها‪ :‬أن هند بنت عتبة‪ ،‬قالت‪ :‬يارسول‬
‫ال ! إن أبا سفيان رجل شحيح‪ ،‬وليس يعطين ما يكفين وولدي‪ ،‬إل‬
‫ما أخذت منه وهو ل يعلم ؟ فقال‪(( :‬خذي ما يكفيك وولدك‬
‫بالعروف)) (‪.)1‬‬
‫قال الافظ ابن حجر‪(( :‬واستدل بذا الديث على جواز ذكر‬
‫النسان با ل يعجبه إذا كان على وجه الستفتاء والشتكاء ونو ذلك‪،‬‬
‫وهو أحد الواضع الت تباح فيها الغيبة)) (‪.)2‬‬
‫فلم ينكر عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم ذكرها للجانب الظلم‪،‬‬
‫ول يكلفها بذكر ماسن أب سفيان‪ ،‬وإنه لذو ماسن‪.‬‬
‫‪ -4‬قول النب صلى ال عليه وسلم ف أعراب قال اللهم ارحن وممدا‬
‫ول تشرك ف رحتنا أحدا فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ما‬
‫(‪)3‬‬
‫تقولون أهو أضل أم بعيه ‪)...‬‬
‫وأصحاب النهج الديد ل يراعوا مثل هذه المور‪ ،‬ول يفرقوا بي‬
‫الصال والفاسد‪ ،‬بل أهدروا جانب الصلحة‪ ،‬واستهانوا بطورة البدع‬
‫وأضرارها‪ ،‬ول يدركوا فوائد النصيحة الت أدركها السلم وأدركها‬

‫() صحيح البخاري (‪ -69‬كتاب النفقات‪ ،‬حديث ‪ ،3564‬و((صحيح مسلم)) ‪( ،‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ - 30‬القضية‪.)1714 ،‬‬
‫() الفتح (‪.)9/509‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الديث رواه أحد (‪ )4/312‬وأبوداود (‪)4/271‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-31-‬‬
‫أئمة السلف‪ ،‬فلما أهدروا ذلك‪ ،‬خيل إليهم أن من ذكر عيوب أو بدع‬
‫شخص أو جاعة تذيرا للمة ونصحا لا قد جانب العدل ووقع ف هوة‬
‫اليانة !!‬
‫•تذير النب صلى ال عليه وسلم من الوارج‪:‬‬
‫‪ -4‬وعن علي رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬إذا حدثتكم عن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬فلن أخر من السماء أحب إل من أن أقول عليه ما ل‬
‫يقل‪ ،‬وإذا حدثتكم فيما بين وبينكم‪ ،‬فإن الرب خدعة‪ ،‬سعت رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم يقول‪(( :‬سيخرج ف آخر الزمان قوم أحداث‬
‫السنان‪ ،‬سفهاء الحلم‪ ،‬يقولون من خي قول البية‪ ،‬يقرؤون القرآن ل‬
‫ياوز حناجرهم‪ ،‬يرقون من الدين كما يرق السهم من الرمية‪ ،‬فإذا‬
‫لقيتموهم‪ ،‬فاقتلوهم‪ ،‬فإن ف قتلهم أجرا لن قتلهم عند ال يوم القيامة))‬
‫(‪. )1‬‬
‫وعن عبيد ال بن أب رافع مول رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أن‬
‫الرورية لا خرجت وهو مع علي بن أب طالب رضي ال عنه‪ ،‬قالوا‪ :‬ل‬
‫حكم إل ل‪ .‬قال علي‪ :‬كلمة حق أريد با باطل‪ ،‬إن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وصف ناسا إن لعرف صفتهم ف هؤلء‪ ،‬يقولون الق‬
‫بألسنتهم‪ ،‬ل ياوز هذا منهم ‪ -‬وأشار إل حلقه ‪ ،-‬من أبغض خلق ال‬
‫إليه‪ ،‬منهم أسود إحدى يديه طب شاة أو حلمة ثدي‪ ...‬فلما قتلهم علي‬
‫بن أب طالب رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬انظروا! فنظروا‪ ،‬فلم يدوا شيئا‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ارجعوا! فوال ما كذبت ول كذبت‪ ،‬مرتي أو ثلثا‪ .‬ث وجدوه‬
‫() صحيح مسلم (كتاب الزكاة ‪ ،‬حديث ‪.)1066‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-32-‬‬
‫ف خربة‪ ،‬فأتوا به حت وضعوه بي يديه‪ .‬قال عبيدال‪ :‬وأنا حاضر ذلك‬
‫من أمرهم وقول علي فيهم (‪. )1‬‬
‫وف حديث أب سعيد ف شأن ذي الويصرة‪(( :‬إنه يرج من ضئضىء‬
‫هذا قوم يتلون كتاب ال رطبا‪ ،‬ل ياوز حناجرهم‪ ،‬يرقون من الدين‬
‫كما يرق السهم من الرمية‪( ،‬قال‪ :‬أظنه قال‪ ):‬لئن أدركتهم‪ ،‬لقتلنهم‬
‫قتل ثود)) (‪.)2‬‬
‫وعن أب ذر رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪(( :‬إن بعدي من أمت (أو‪ :‬سيكون بعدي من أمت) قوم يقرؤون‬
‫القرآن‪ ،‬ل ياوز حلقيمهم ‪ ،‬يرجون من الدين كما يرج السهم من‬
‫الرمية‪ ،‬ث ل يعودون فيه ‪ ،‬هم شر اللق والليقة)) (‪.)3‬‬
‫وف حديث علي ف وصفهم ‪(( :‬ليس قراءتكم إل قراءتم بشيء‪ ،‬ول‬
‫صلتكم إل صلتم بشيء‪ ،‬ول صيامكم إل صيامهم بشيء‪ ،‬يقرؤون‬
‫القرآن‪ ،‬يسبون أنه لم وهو عليهم‪ ،‬ل تاوز صلتم تراقيهم‪ ،‬يرقون‬
‫من السلم كما يرق السهم من الرمية‪ ،‬لو يعلم اليش الذين يصيبونم‬
‫ما قيل لم على لسان نبيهم صلى ال عليه وسلم ل تكلوا على‬
‫العمل )) (‪.)4‬‬
‫اللهم! إنا نعوذ بك من الوى والضلل‪.‬‬

‫() صحيح مسلم (كتاب الزكاة ‪ ،‬حديث ‪.)1066‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صحيح مسلم (كتاب الزكاة ‪ ،‬حديث ‪.)1066‬‬ ‫‪2‬‬

‫() صحيح مسلم (‪ - 13‬كتاب الزكاة ‪ ،‬حديث ‪.)1067‬‬ ‫‪3‬‬

‫(( تابع (رقم ‪ )1066‬من حديث علي‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-33-‬‬
‫عباد قد يكونون ملصي ف قراءتم وصلتم وصيامهم‪ ،‬الت ل‬
‫يلحقهم فيها أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬انقلبت ذما‬
‫لم‪ ،‬وعلمة على ضللم‪ ،‬وهم مع ذلك عند ال ورسوله سفهاء‬
‫الحلم‪ ،‬ل تشفع لم هذه العبادة الضنية‪ ،‬الت أنصبتهم وأسهرتم‪،‬‬
‫وتملوا فيها حر العطش ومعاناة السهر والوف من ال‪ ،‬ل تشفع لم‬
‫عند ال‪ ،‬فهم شر اللق والليقة‪ ،‬ويرقون من الدين مروق السهم من‬
‫الرمية‪ ،‬ولو أدركهم رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬لقتلهم قتل عاد‬
‫وإرم‪.‬‬
‫أين الدافعون عن أهل البدع الذين قد يكونون أضل من هؤلء؟!‬
‫أين الدافعون عنهم ف ظل ذلك النهج الغريب الخالف لنهج ال‬
‫ورسوله ؟!‬
‫أين الدافعون عن الروافض والقبوريي والصوفيي والشاعرة‬
‫والزبيي ؟!‬
‫أين الدافعون والنافحون عن العقلنيي العصريي والهمية العطلي ؟!‬
‫بل الدافعون عن أهل بدع قد ضموا إل هذه البدع بدعة الوارج؟!‬
‫من بال على الق والعدل ؟! أمن يذر من أهل البدع نصحا ل ودينه‬
‫والسلمي ؟! أم هؤلء ؟!‬

‫‪-34-‬‬
‫ضوابط يب مراعاتا بالنسبة للفراد والماعات‬

‫وهذه ضوابط تدد من يب احترامهم واكرامهم من البشر فل يوز‬


‫أن تس كرامتهم‪ ،‬وتدد من يوز الكلم فيهم ونقدهم‪ ،‬بل يب عند‬
‫الاجة والصلحة ‪ ،‬دون تعريج على ماسنهم‪.‬‬
‫•من يب تكريهم‪:‬‬
‫أولً‪ :‬الرسل والنبياء صلوات ال وسلمه عليهم أجعي‪:‬‬
‫وقد ذكر ال قصصهم وجهادهم وصبهم‪ ،‬وذم من كذبم وخالفهم‪،‬‬
‫وأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم وأمته بالقتداء بم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصحابة الكرام رضوان ال عليهم‪:‬‬
‫فليس لم من المة إل الب والتوقي‪.‬‬
‫وقد أثن ال عليهم ف كتابه الثناء العاطر‪ ،‬وتدث عن منازلم‬
‫وجهادهم وبذلم ف سبيل ال الال والنفس‪.‬‬
‫وأثن عليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم الثناء العاطر أفرادا‬
‫وجاعة‪.‬‬
‫واعتن بفضائلهم ومكارمهم أئمة السلم‪ ،‬فألفوا ف فضائلهم ومناقبهم‬
‫الؤلفات الكثية‪.‬‬

‫‪-35-‬‬
‫ضوابط يب مراعاتا بالنسبة للفراد والماعات‬

‫وهذه ضوابط تدد من يب احترامهم وإكرامهم من البشر فل يوز‬


‫أن تس كرامتهم‪ ،‬وتدد من يوز الكلم فيهم ونقدهم‪ ،‬بل يب عند‬
‫الاجة والصلحة ‪ ،‬دون تعريج على ماسنهم‪.‬‬
‫•من يب تكريهم‪:‬‬
‫أولً‪ :‬الرسل والنبياء صلوات ال وسلمه عليهم أجعي‪:‬‬
‫وقد ذكر ال قصصهم وجهادهم وصبهم‪ ،‬وذم من كذبم وخالفهم‪،‬‬
‫وأمر رسول ال صلى ال عليه وسلم وأمته بالقتداء بم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصحابة الكرام رضوان ال عليهم‪:‬‬
‫فليس لم من المة إل الب والتوقي‪.‬‬
‫وقد أثن ال عليهم ف كتابه الثناء العاطر‪ ،‬وتدث عن منازلم‬
‫وجهادهم وبذلم ف سبيل ال الال والنفس‪.‬‬
‫وأثن عليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم الثناء العاطر أفرادا‬
‫وجاعة‪.‬‬
‫واعتن بفضائلهم ومكارمهم أئمة السلم‪ ،‬فألفوا ف فضائلهم ومناقبهم‬
‫الؤلفات الكثية‪.‬‬

‫‪-36-‬‬
‫وقد نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن سبهم‪ ،‬فقال‪" .:‬ل تسبوا‬
‫أصحاب‪ ،‬فوالذي نفسي بيده‪ ،‬لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا‪ ،‬ما بلغ‬
‫مد أحدهم ول نصيفه " (‪.)1‬‬
‫ولقد عرف منلتهم أهل السنة والماعة‪ ،‬فحافظوا عليها أيا حفاظ‪،‬‬
‫ونوا عن الوض فيما شجر بي علي ومعاوية ومن معهما من بقية‬
‫الصحابة‪ ،‬وأثبتوا لم أجر الجتهدين‪ ،‬وحكموا على من يتكلم فيهم أو‬
‫ف أحد منهم بالزيغ والضلل والزندقة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التابعون لم بإحسان‪:‬‬
‫من التابعي الذين أدركوا صحابة رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫واهتدوا بديهم‪ ،‬مثل فقهاء الدينة السبعة‪ ،‬ومن جرى على منهجهم ف‬
‫سائر المصار‪ ،‬ث من بعدهم أئمة الديث والفقه والتفسي‪ ،‬الذين‬
‫سلكوا مسلك الصحابة والتابعي الكرام‪ ،‬ومن سار على منهجهم ف‬
‫العتقاد والعتصام بالكتاب والسنة‪ ،‬ومانبة البدع والهواء وأهلها‪،‬‬
‫والدفاع عن الق وأهله إل يومنا هذا وبعده إل أن يأت أمر ال‪.‬‬
‫وهؤلء هم الذين عناهم رسول ال صلى ال عليه وسلم بقوله‪" :‬ل‬
‫تزال طائفة من أمت على الق ظاهرين‪ ،‬ل يضرهم من خذلم ول من‬
‫خالفهم‪ ،‬حت يأت أمر ال عز وجل "‪.‬‬

‫() متفق عليه من حديث أب سعيد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-37-‬‬
‫وهم العروفون بأهل الديث‪ ،‬كما قرر ذلك أئمة السلم وأعلم‬
‫الدى‪ ،‬ول يالفهم فيما قرروه إل من ل يعتد به‪ ،‬ول يلتفت إليه‪ ،‬من‬
‫أهل الهواء والهل والضلل‪.‬‬
‫وقد رمى المام أحد والاكم وابن القيم من يطعن فيهم بالزندقة‪،‬‬
‫وطعن فيمن يتكلم فيهم أشد الطعن ابن قتيبة والرامهرمزي والطيب‬
‫وغيهم‪.‬‬
‫ول شك أنه ل يطعن فيهم إل من أضله ال وأعمى بصيته‪ ،‬فإن أخطأ‬
‫أحد من هؤلء ف مسألة من مسائل الجتهاد وغيها‪ ،‬وجب بيانا ل‬
‫على وجه الذم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ف أمثال هؤلء‪" :‬ومن علم منه الجتهاد‬
‫السائغ‪ ،‬فل يوز أن يذكر على وجه الذم والتأثيم له‪ ،‬فإن ال غفر له‬
‫ومبته‪ ،‬والقيام با‬
‫خطأه‪ ،‬بل يب لا فيه من اليان والتقوى موالته ( )‬
‫أوجب ال من حقوقه من ثناء ودعاء وغي ذلك " ‪. 1‬‬
‫•من يوز نقدهم وتريهم وتذير الناس من‬
‫ضررهم‪:‬‬
‫أول‪ :‬أهل البدع‪:‬‬
‫ويوز‪ -‬بل يب‪ -‬الكلم ف أهل البدع‪ ،‬والتحذير منهم ومن بدعهم‬
‫أفرادا وجاعات‪ ،‬الاضون منهم والاضرون‪ ،‬من الوارج والروافض‬

‫() مموع الفتاوى (‪.)28/234‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-38-‬‬
‫جرهم) علم الكلم إل‬
‫والرجئة والكرامية وأهل الكلم الذين (‬
‫والهمية ( )‬
‫عقائد فاسدة ‪ 1‬مثل‪ :‬تعطيل صفات ال أو بعضها ‪. 2‬‬
‫فهؤلء يب التحذير منهم ومن كتبهم وطرقهم الضالة‪ ،‬وما أكثرها!‬
‫وكذلك من سار على نجهم من الفرق (الماعات) العاصرة من باين‬
‫أهل التوحيد والسنة‪ ،‬ونابذهم‪ ،‬وجانب مناهجهم‪ ،‬بل حاربا‪ ،‬ونفر‬
‫عنها وعن أهلها‪ ،‬ويلحق بم من يناصرهم ويدافع عنهم‪ ،‬ويذكر‬
‫ماسنهم ويشيد با‪ ،‬ويشيد بشخصياتم وزعمائهم‪ ،‬وقد يفضل‬
‫مناهجهم على منهج أهل التوحيد والسنة والماعة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرواة والشهود إذا كانوا مروحي‪:‬‬
‫()‬
‫فهؤلء يوز جرحهم بإجاع السلمي‪ ،‬بل هو واجب ‪. 3‬‬
‫قال ذلك وحكاه النووي وابن تيمية رحهما ال‪.‬‬
‫‪ -1‬فإذا اتفق أئمة الرح والتعديل على جرح راو بالكذب‪ ،‬أو فحش‬
‫الغلط‪ ،‬أو قالوا‪ :‬متروك الديث‪ ،‬واهي الديث‪ ،‬أو ما شاكل ذلك‪،‬‬
‫جاز لكل باحث وناقل أن ينقل ذلك ويرويه‪ ،‬ول يلزمه‪ -‬من قريب ول‬
‫من بعيد‪ -‬ذكر شيء من ماسنه‪ ،‬فضل عن البحث عن كل ماسنه ث‬
‫ذكرها‪.‬‬

‫() وحكى شيخ السلم ابن تيمية اتفاق السلمي عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() وكذلك أهل التصوف؟ إل من نسب إليهم وهوف حقيقته ومنهجه ليس منهم‪ ،‬من‬ ‫‪2‬‬

‫الذين شهد لم أئمة السلم بالفضل والستقامة والتمسك بالكتاب والسنة‪.‬‬


‫() رياض الصالي " (باب ما يباح من الغيبة‪ ،‬ص ‪ )539 -538‬نشر الكتب‬ ‫‪3‬‬

‫السلمي‪ ،‬و" مموع الرسائل والسائل" لبن تيمية (‪.)110 /5‬‬


‫‪-39-‬‬
‫‪ -2‬وأما الرواة الختلف ف تعديلهم وتريهم‪ ،‬أو الرواة البتدعون‪:‬‬
‫فالنوع الول يترتب على تقدي جرحه والخذ به دون التفات إل قول‬
‫من عدله إسقاط شيء من الدين وما ثبت عن سيد الرسلي‪ ،‬وهذا‬
‫إفساد عظيم‪ ،‬وتضييع شيء من الدين يب علينا حفظه وهو أمانة ف‬
‫أعناق العلماء‪ ،‬فيجب حينئذ لصلحة الدين وحفظه‪ ،‬ولجل الصلحة‬
‫العامة للمسلمي‪ :‬أن نتحرى القيقة‪ ،‬وندرس أقوال أئمة الرح‬
‫والتعديل‪ ،‬ونأخذ بالراجح من الرح أو التعديل‪ ،‬كل ذلك لجل هذه‬
‫الصلحة‪ ،‬ل من أجل وجوب الوازنة لذات ذلك الرجل الجروح‪ ،‬فإذا‬
‫ثبت جرحه بعد الدراسة‪ ،‬جاز حكاية جرحه دون موازنة‪ ،‬ول يقول‬
‫عال بوجوبا‪.‬‬
‫وأما البتدع‪ ،‬فإذا كنا ف مقام التحذير من البدع‪ ،‬حذرنا منه‪ ،‬ذاكرين‬
‫بدعته فقط‪ ،‬ول يب علينا ذكر شيء من ماسنه‪ ،‬وإذا كنا ف باب‬
‫الرواية‪ ،‬فيجب ذكر عدالته وصدقه إذا كان عدل صادقا‪ ،‬لجل مصلحة‬
‫الرواية وتصيلها والفاظ عليها‪ ،‬ل من أجل شيء آخر‪ ،‬كوجوب‬
‫الوازنة بي الحاسن والثالب كما يزعم من يزعمه‪ ،‬فل يلزمنا ذكر‬
‫جوده وعلمه وشجاعته وجهاده وأخلقه وغي ذلك ما ل علقة له‬
‫بالرواية‪.‬‬
‫ولقد كان من السلف من يانب الرواية عن أهل البدع وعن أهل‬
‫التهم‪.‬‬
‫قال ابن عباس رضي ال عنه‪" :‬إنا كنا مرة إذا سعنا رجل يقول‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ابتدرته أبصارنا‪ ،‬وأصغينا إليه آذاننا‪،‬‬
‫‪-40-‬‬
‫فلما ركب الناس الصعب والذلول‪ ،‬ل نأخذ من الناس إل ما نعرف "‬ ‫()‬
‫‪. 1‬‬
‫وقال ابن سيين‪" :‬ل يكونوا يسألون عن السناد‪ ،‬فلما وقعت الفتنة‪،‬‬
‫أهل) السنة‪ ،‬فيؤخذ حديثهم‪ ،‬وينظر‬‫قالوا‪ :‬سوا لنا رجالكم‪ ،‬فينظر إل (‬
‫إل أهل البدع‪ ،‬فل يؤخذ حديثهم " ‪. 2‬‬
‫وكلم ابن عباس وابن سيين يتمل أن هذا كان مذهبا عاما للسلف‬
‫ف عهد بقية الصحابة ومن بعدهم من التابعي‪.‬‬
‫ولعل هذا كان منهم بسبب إدراكهم بأنم ف غنية عن الرواية عن‬
‫البتدعي‪ ،‬فوقفوا منهم هذا الوقف الازم الاسم‪ ،‬فلما اضطر من‬
‫بعدهم إل الرواية عن الصادقي من أهل البدع‪ ،‬أخذوها عنهم بشروط‬
‫وتفظات تضمن أخذ السوي منها ورد معوجها ومدسوسها‪.‬‬
‫قال المام أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الوزجان رحه ال‪:‬‬
‫"ومنهم زائغ عن الق‪ ،‬صدوق اللهجة‪ ،‬قد جرى ف الناس حديثه‪ ،‬إذ‬
‫ليس فيهم حيلة‪،‬‬‫كان مذول ف بدعته‪ ،‬مأمونا ف روايته‪ ،‬فهؤلء عندي ( )‬
‫إل أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف إذا ل يقو به بدعته ‪. " 3‬‬
‫ثالثا‪ :‬من تباح غيبتهم‪:‬‬
‫()‬
‫قال النووي ‪ 4‬رحه ال‪" :‬باب ما يباح من الغيبة‪:‬‬

‫() مقدمة صحيح مسلم! (‪.)15 -13 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مقدمة صحيح مسلم! (‪.)15 -13 /1‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أحوال الرجال (ص‪.)32‬‬ ‫‪3‬‬

‫() رياض الصالي (ص‪ )489‬تقيق اللبان‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-41-‬‬
‫اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي‪ ،‬ل يكن الوصول إليه إل‬
‫با‪ ،‬وهو بستة أسباب‪:‬‬
‫الول‪ :‬التظلم‪.‬‬
‫الثان‪ :‬الستعانة علي تغيي النكر ورد العاصي إل الصواب‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الستفتاء‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬تذير السلمي من الشر ونصيحتهم‪ ،‬وذلك من وجوه‪:‬‬
‫‪ -1‬منها جرح الجروحي من الرواة والشهود‪:‬‬
‫وذلك جائز بإجاع السلمي‪ ،‬بل واجب للحاجة"‪.‬‬
‫إل أن يقول‪" :‬ومنها إذا رأى متفقها يتردد إل مبتدع فاسق‪ ،‬يأخذ عنه‬
‫العلم‪ ،‬وخاف أن يتضرر التفقه بذلك‪ ،‬فعليه نصيحته ببيان حاله‪ ،‬بشرط‬
‫أن يقصد النصيحة‪." ...‬‬
‫وسيأت كلمه كامل ف موضعه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فأنت ترى أنه ل يشترط إل قصد النصيحة‪ ،‬ول يشترط ذكر‬
‫حسنات الحذر منه‪ ،‬ول يوجب الوازنات الت يوجبها هؤلء‪ ،‬ويرون‬
‫أن تركها يناف المانة وياف النصاف والعدل‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال‪" :‬وقال بعضهم لحد بن حنبل‪:‬‬
‫إنه يثقل علي أن أقول‪ :‬فلن كذا‪ ،‬فلن كذا؟ فقال‪ :‬إذا سكت أنت‬
‫وسكت أنا‪ ،‬فمت يعرف الاهل الصحيح من السقيم ؟ إ"‪.‬‬
‫وإذا كان النصح واجبا ف الصال الدينية الاصة والعامة‪:‬‬

‫‪-42-‬‬
‫مثل نقلة الديث الذين يغلطون أو يكذبون‪ ،‬كما قال يي بن سعيد‪:‬‬
‫"سألت مالكا والثوري والليث بن سعد‪ -‬أظنه‪ -‬والوزاعي عن الرجل‬
‫يتهم ف الديث؟ فقالوا‪ :‬بي أمره "‪.‬‬
‫ومثل أئمة البدع من أهل القالت الخالفة للكتاب والسنة والعبادات‬
‫الخالفة للكتاب والسنة‪.‬‬
‫فإن بيان حالم وتذير المة منهم واجب باتفاق السلمي‪ ،‬حت قيل‬
‫لحد بن حنبل‪ :‬الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب إليك أو يتكلم ف‬
‫أهل البدع؟ فقال‪" :‬إذا قام وصلى واعتكف‪ ،‬فإنا هو لنفسه‪ ،‬وإذا تكلم‬
‫ف أهل البدع‪ ،‬فإنا هو للمسلمي‪ ،‬هذا أفضل "‪.‬‬
‫قال ابن تيمية شيخ السلم‪" :‬فبي أن نفع هذا عام للمسلمي ف‬
‫دينهم‪ ،‬من جنس الهاد ف سبيل ال‪ ،‬إذ تطهي سبيل ال ودينه ومنهاجه‬
‫وشرعه ودفع بغي هؤلء وعدوانم على ذلك واجب على الكفاية‬
‫باتفاق السلمي‪.‬‬
‫ولو ل من يقيمه ال لدفع ضرر هؤلء‪ ،‬لفسد الدين‪ ،‬وكان فساده‬
‫أعظم من فساد استيلء العدو من أهل الرب‪.‬‬
‫وما فيها من الدين‪ ،‬إل تبعا‪،‬‬
‫فإن هؤلء إذا استولوا ل يفسدوا القلوب ( )‬
‫وأما أولئك‪ ،‬فهم يفسدون القلوب ابتداء" ‪ 1‬اهـ‪.‬‬
‫وله كلم طويل سيأت‪.‬‬

‫() مموع الرسائل (‪.)5/110‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-43-‬‬
‫فهذا هو منهج السلف حقا ل ادعاء‪ ،‬وهو الذي يسي عليه ابن تيمية‬
‫وغيه من الجاهدين الخلصي الصادقي‪ ،‬ول تأخذهم ف ال لومة لئم‪.‬‬
‫فأين اشتراط الوازنات ؟!‬
‫وأين إياب ذكر الوانب الشرقة الت طالا سعنا تردادها حفاظا ظالا‬
‫على مكانة دعاة الضلل ؟!‬
‫بل ترى ابن تيمية يرى أن الرد على أهل الهواء واجب‪ ،‬ومن جنس‬
‫الهاد ف سبيل ال‪ ،‬لنه تطهي لدين ال ومنهاجه وشرعته‪.‬‬
‫•كلم الئمة ف أهل البدع والرواة‪:‬‬
‫ث إن أئمة السلم تكلموا ف أهل البدع وف الرواة‪ ،‬ول يشيوا من‬
‫قريب ول من بعيد إل وجوب أو اشتراط هذه الوازنة‪ .،‬وألفوا كتبا ف‬
‫الرح والتعديل‪ ،‬وكتبا ف نصر السنة والرد على أهل البدع وجرحهم‪،‬‬
‫وكتبا ف العلل‪ ،‬وكتبا ف الوضوعات‪ ،‬ول يوجبوا هذه الوازنة ل من‬
‫قريب ول من بعيد‪ ،‬بل ألفوا كتبا خاصة بالرح‪ ،‬وخصصوها‬
‫بالجروحي أو بن تكلم فيهم برح‪ ،‬ول يشترطوا هذا الشرط ل من‬
‫قريب ول من بعيد‪.‬‬
‫فقد ألف المام البخاري‪ -‬وهو من هو إمامة ودينا وخلقا وورعا‪-‬‬
‫كتابي ف الضعفاء‪" :‬الكبي"‪ ،‬و"الصغي"‪.‬‬
‫وألف المام النسائي كتابا ف "الضعفاء والتروكي "‪.‬‬
‫وألف العقيلي كتابا ف "الضعفاء"‪.‬‬
‫وألف ابن عدي كتابه "الكامل " ف من تكلم فيهم‪.‬‬

‫‪-44-‬‬
‫وألف ابن حبان كتابا خاصا بالجروحي‪.‬‬
‫وللدارقطن وابن معي عدد من الكتب أجابا فيها على أسئلة عن‬
‫الضعفاء والتروكي‪.‬‬
‫وألف الاكم كتاب "الضعفاء"‪ ،‬وهو جزء من "الدخل "‪.‬‬
‫وألف أبو نعيم وابن الوزي ف ذلك‪.‬‬
‫وألف الذهب ثلثة كتب ف الجروحي ومن تكلم فيهم‪" :‬اليزان " و‬
‫" الغن " و "ديوان الضعفاء"‪.‬‬
‫وألف الافظ ابن حجر‪" :‬لسان اليزان "‪.‬‬
‫وكتب الرح والتعديل الشتركة مليئة بالطعن ف الجروحي‪ ،‬وخاصة‬
‫كتب المام يي بن معي‪ ،‬فلم يشترطوا هذه الوازنة‪.‬‬
‫إن هذا النهج الذي يشترط الوازنة‪ ،‬لما يعود على أئمة السلم‬
‫بالطعن‪ ،‬وإيقاعهم ف شبك التام بالظلم واليانة‪ ،‬ونعوذ بال من منهج‬
‫هذه من نتائجه‪.‬‬
‫ومن الناسب هنا أن أذكر أمثلة لرح أئمة لناس‪ ،‬مقتصرين على ذكر‬
‫الرح‪ ،‬دون التفات إل ما فيهم من ماسن‪.‬‬
‫المام أحد رحه ال‪:‬‬
‫"حارث‬
‫‪ -1‬قال الروذي‪ :‬إن أبا عبدال ذكر حارثا الحاسب‪ ،‬وقال‪) ( :‬‬
‫أصل البلية‪ -‬يعن ‪ :‬حوادث كلم جهم ‪ ،-‬ما الفة إل حارث " ‪. 1‬‬

‫() "بر الدم " (ص ‪.)99‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-45-‬‬
‫()‬
‫‪ -2‬حبيب بن أب هلل‪ :‬قال أحد‪" :‬متروك " ‪. 2‬‬
‫()‬
‫‪ -3‬حبيب بن جحدر‪ :‬كذبه أحد ‪. 2‬‬
‫‪ -4‬السن بن ذكوان‪ :‬قال أحد‪" :‬أحاديثه أباطيل "‪ ،‬وف رواية‪":‬ليس‬
‫بذاك "(‪.)3‬‬
‫( )‪ -5‬خالد بن يزيد بن عبدالرحن المدان‪ :‬قال أحد‪" :‬ليس بشيء"‬
‫‪.4‬‬
‫المام البخاري رحه ال تعال‪:‬‬
‫قال‪" :‬جسر بن فرقد يروي عنه يي بن الضريس وغيه‪ :‬ليس‬ ‫‪) ( -1‬‬
‫بذاك" ‪. 5‬‬
‫()‬
‫‪ -2‬خالد بن إياس القرشي العدوي الدن‪" :‬ليس بشيء" ‪. 6‬‬
‫()‬
‫‪ -3‬داود بن الحب‪" :‬منكر الديث‪ ،‬شبه ل شيء" ‪. 7‬‬
‫عطاء‪) ،‬أبو سليمان الدن‪" :‬منكر الديث‪ .‬قال أحد‪:‬‬
‫(‬ ‫‪ -4‬داود بن‬
‫رأيته وليس بشيء" ‪. 8‬‬

‫() "بر الدم " (ص ‪.)113‬‬ ‫‪2‬‬

‫() "بر الدم " (ص ‪.)106‬‬ ‫‪2‬‬

‫()"بر الدم " (ص‪. )133‬‬ ‫‪3‬‬

‫()"بر الدم " (ص‪.)133‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الضعفاء الصغي (ص‪ )418‬تقيق الضناوي‬ ‫‪5‬‬

‫()الضعفاء الصغي (ص‪. )18‬‬ ‫‪6‬‬

‫() الضعفاء الصغي (ص‪)87‬‬ ‫‪7‬‬

‫() الضعفاء الصغي (ص ‪.)87‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪-46-‬‬
‫المام النسائي رحه ال تعال‪:.‬‬
‫()‬
‫‪ -1‬إبراهيم بن عثمان أبو شيبة‪" :‬متروك الديث‪ ،‬كوف" ‪. 1‬‬
‫()‬
‫‪ -2‬إبراهيم بن الكم بن أبان‪" :‬متروك الديث‪ ،‬عدن " ‪. 2‬‬
‫()‬
‫‪ -3‬إبراهيم بن خثيم‪" :‬متروك الديث‪ ،‬بغدادي " ‪. 3‬‬
‫()‬
‫‪ -4‬إبراهيم بن يزيد الوزي‪" :‬متروك الديث‪ ،‬بغدادي " ‪. 4‬‬
‫()‬
‫‪ -5‬أشعث بن سعيد السمان‪" :‬ليس بشيء" ‪. 5‬‬

‫() الضعفاء والتروكي (ص‪.)42‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الضعفاء والتروكي (ص‪.)42‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الضعفاء والتروكي (ص‪.)42‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الضعفاء والتروكي (ص‪.)42‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الضعفاء والتروكي (ص‪.)56‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪-47-‬‬
‫•مناقشة أدلة من يرى وجوب الوازنة‬
‫بي اليابيات والسلبيات خصوصا ف‬
‫أهل البدع‬
‫قال سلمان العودة وهو يتحدث عن العدل‪:‬‬
‫"العدل ف تقوي الكتب‪ :‬فحينما تقوم كتابا‪ ،‬فليس من العدل أن‬
‫تقول‪ :‬إنه يوي أحاديث موضوعة أو ضعيفة مثل أو آراء شاذة‪ ،‬فتذكر‬
‫الانب الظلم وتنسى جانبا آخر موجودا ف الكتاب‪ ،‬وهو أنه يوي‬
‫توجيهات مفيدة أو أباثا علمية‪.‬‬
‫إن ذكرك لنصف القيقة وإهال النصف الخر منها ليس من المانة‪،‬‬
‫والكثي من الناس بجرد أن يرى خطأ ف كتاب ما يذره ويذر منه‪،‬‬
‫لنه ساق حديثا ضعيفا‪ ،‬أو أخطأ( )ف مسألة‪ ،‬ولو عاملنا كتب أهل العلم‬
‫بذا القياس‪ ،‬ما بقي لنا كتاب " ‪. 1‬‬
‫أقول‪ :‬العدل هو ضد الور‪ ،‬وإذا كان ف كتاب ما بدع وانرافات‪ ،‬ث‬
‫ذكرها مسلم ناصح تذيرا للمسلمي ونصحا لم‪ ،‬فليس هذا من الظلم‬
‫ف شيء‪ ،‬مثله مثل الشخص فيه عيب أو بدعة‪ ،‬فذكرت ما فيه قصدا‬
‫للنصيحة‪ ،‬فليس ذكر ذلك بظلم ول غيبة‪ ،‬بل هو من باب النصيحة‪،‬‬
‫وهذا أمر مقرر عند علماء السلم‪ ،‬وستأت أقوال العلماء ف هذه‬
‫القضايا‪ ،‬وقدمنا منها شيئا‪.‬‬

‫()"من أخلق الداعية" (ص ‪ ،)40‬وهذا الكلم ف الفقرة الخية منه مبالغة عظيمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-48-‬‬
‫ث إن الظلم إنا هو وضع الشيء ف غي موضعه‪ ،‬وذكر العيوب والبدع‬
‫ف الكتب والشخاص نصحا للمسلمي أمر مطلوب شرعا‪ ،‬ويقق‬
‫مصال‪ ،‬وتدرأ به مفاسد‪.‬‬
‫()‬
‫* وقال سلمان أيضا ‪" : 1‬والعدل أن نأخذ بذا وذاك‪ ،‬ونضع هذه ف‬
‫كفة وتلك ف أخرى‪ ،‬حت يعتدل اليزان ويستقيم "‪.‬‬
‫* قال هذا ف العدل بي النصوص‪ ،‬ويظهر ل من تصرفاته أنه يعمم‬
‫هذا العدل ف الشخاص والكتب‪ .‬والعدل مطلوب‪ ،‬ول بد منه‪ ،‬ولكن‬
‫ذكر العيوب والبدع لجل نصح السلمي ل يلزم معه ذكر الحاسن‪،‬‬
‫لنه يفوت مقصود النصيحة‪ ،‬ويبلبل النصوح‪ ،‬ث ل تر عليه النصوص‪،‬‬
‫ول عمل السلف‪.‬‬
‫قال أحد بن عبدالرحن الصويان‪" :‬خامسا‪ :‬الوازنة بي اليابيات‬
‫والسلبيات‪ :‬إذا تبي أن النسان‪ -‬مهما كانت منلته‪ -‬معرض للصواب‬
‫والطأ‪ ،‬فل يوز لنا أن نطرح جيع اجتهاداته‪ ،‬بل ننظر إل أقواله‬
‫الوافقة للحق ونلتزمها‪ ،‬ونعرض عن أخطائه‪ ،‬فالوازنة بي اليابيات‬
‫هو )عي العدل والنصاف‪ ،‬وإليك بيان هذه السألة بالدلة‬ ‫والسلبيات (‬
‫والشواهد " ‪ 2‬ا هـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ل كلم ف الئمة الجتهدين الذين اجتهدوا ف طاعة ال‬
‫ورسوله باطنا وظاهرا‪ ،‬وهم ف ذلك يطلبون الق باجتهادهم‪ ،‬كما‬

‫() (ص ‪.)47‬‬ ‫‪1‬‬

‫() منهج أهل السنة والماعة ف تقوي الرجال ومؤلفاتم)) (ص‪.)27‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-49-‬‬
‫()‬
‫أمرهم ال ورسوله ‪ 1‬فإن لم فيما أصابوا فيه أجرين‪ ،‬وفيما أخطؤوا فيه‬
‫أجرا واحدا‪ ،‬وقد تقدم الكلم عنهم‪.‬‬
‫لكن الكلم ف أهل البدع والضلل والهل‪ ،‬الذين قال (ال) ف شأنم‪:‬‬
‫{أم لم شركاء شرعوا لم من الدين ما ل يأذن به ال } ‪. 2‬‬
‫ويقول ال ف شأنم‪{ :‬قل إنا حرم رب الفواحش ما ظهر منها وما‬
‫بطن والث والبغي بغي الق وأن تشركوا بال ما ل ينل به سلطانا وأن‬
‫ولكل) أمة أجل فإذا جاء أجلهم ل‬
‫تقولوا على ال ما ل تعلمون * (‬
‫يستأخرون ساعة ول يستقدمون } ‪. 3‬‬
‫والكلم على الذين يتجرؤون على الفتوى والفتاء بغي علم‪ ،‬والذين‬
‫يضعون الناهج‪ ،‬ويقعدون القواعد‪ ،‬ويؤصلون أصول كلها بعيدة عن‬
‫منهج السلم‪ ،‬ويفتقدون الدلة والباهي‪ ،‬والذين قال ال فيهم‪{ :‬ول‬
‫لتفتروا على ال‬
‫تقولوا لا تصف ألسنتكم الكذب هذا حلل وهذا حرام ( )‬
‫الكذب إن الذين يفترون على ال الكذب ل يفلحون } ‪. 4‬‬
‫والكلم ف أتباع هؤلء الذين( )قال ال ف أشباههم‪{ :‬اتذوا أحبارهم‬
‫ورهبانم أربابا من دون ال } ‪. 5‬‬

‫() انظر‪ :‬الفتاوى (‪.)3/317‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الشوري‪.21 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() العراف‪.33 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() النحل ‪.116 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫() التوبة ‪. 31 :‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪-50-‬‬
‫والذين ورد ف أمثالم قوله صلى ال عليه وسلم جوابا على قول عدي‬
‫بن حات‪ :‬وال ما نعبدهم! فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫فتحلونه‪ ،‬ويرمون اللل فتحرمونه؟ "‪ .‬قال‪ :‬بلى‪.‬‬‫"أليس يلون الرام ( )‬
‫قال‪" :‬فتلك عبادتم ‪. 1‬‬
‫كما يب أن يفرق بي الجتهدين وهذه الصناف‪.‬‬
‫كما يب أن يفرق بي من يتحرى الق‪ ،‬ويأخذ من أقوال الجتهدين‬
‫ما يوافق ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ويرد ما خالفه‪ ،‬وبي‬
‫أولئك الذين ل يتحرون هذا التمييز بي الصواب والطأ ف حق‬
‫الجتهدين‪ ،‬ول يتورعون عن تقديس أهل البدع والهل‪ ،‬والخذ‬
‫بأقوالم الباطلة‪ ،‬ومناهجهم الفاسدة‪ ،‬وأصولم الضالة‪.‬‬
‫ول أر الخ الصويان يفرق بي هذه النواع‪ ،‬وكان يب عليه التفريق‬
‫الواضح‪ ،‬والهتمام بإبراز خطورة البدع والتحذير القوي منها ومن‬
‫أهلها‪.‬‬
‫وهذا أسلوب‪ -‬أعن‪ :‬ضعف البالة بالبدع‪ -‬أصبح متبعا عند كثي من‬
‫الدعاة الدد‪ ،‬بل تد عندهم الحاماة عن أهل البدع بل الشادة بم!!‬
‫والتنويه بذكرهم!! بل يعتبون بعض رؤوس أهل البدع مددين وأئمة‬
‫تديد!! بل هناك كتب وضعت للدفاع عن هذه النواع‪ ،‬وليس عندهم‬

‫() سنن الترمذي " (‪" ،)278 /5‬تفسي ابن جرير" (‪" ،)8 1 -80 /1 0‬سنن البيهقي‬ ‫‪1‬‬

‫" (‪.)116 /10‬‬


‫‪-51-‬‬
‫روح التحري للحق‪ ،‬ول الستعداد للتمييز بي الق والباطل‪ ،‬ولسان( )‬
‫حالم يقول‪{ :‬إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون} ‪. 1‬‬
‫ولسان حالم يقول‪:‬‬
‫وهل أنا إل من غزية إن غوت‬
‫()‬
‫غويت وإن ترشد غزية أرشد ‪. 2‬‬
‫ث شرع الصويان ف إيراد الدلة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"الول‪ :‬قال تعال‪{ :‬ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك‬
‫ومنهم من إن تأمنه بدينار ل يؤده إليك إل ما دمت عليه قائما ذلك‬
‫بأنم قالوا( )ليس علينا ف الميي سبيل وبقولون على ال الكذب وهم‬
‫يعلمون} ‪. 3‬‬
‫فال جل وعل يذم اليهود من حيث العموم‪ ،‬ولكنه ف الوقت ذاته يبي‬
‫بأن بعضهم يلتزم بأداء المانة ول يونا‪.‬‬

‫() الزخرف ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫() والسبب ف ذلك هو هذه التربية الطية‪ ،‬الت يرب عليها الشباب الغرر بم‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وتلقينهم هذا النهج النحرف على أنه منهج الق والعدل والسلف!! والت من آثارها‪:‬‬
‫التبعية العمياء لولئك الدعاة‪ ،‬وإن خالفوا الق ومنهج السلف‪.‬‬
‫تضليل شباب السلم وتغريرهم بأن هذا النهج الذي يربونم عليه هو منهج السلف‪.‬‬
‫تييع وإماتة جانب الولء والباء والب ف ال والبغض فيه‪ ،‬فيوالون أهل البدع من‬
‫القبوريي والصوفيي والزبيي‪ ،‬وينافحون عن قاداتم‪ ،‬بجة العدل وذكر السنات‪،‬‬
‫ويطعنون ف السلفيي والنهج السلفي‪ ،‬ويرمونم بالمود والتشدد والتنطع‪ ...‬فيا ل‬
‫العجب!‬
‫() آل عمران ‪.75‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-52-‬‬
‫ولذا قال تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي ل شهداء بالقسط‬
‫أل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا‬
‫ول يرمنكم شنئان قوم على ( )‬
‫ال إن ال خبي با تعملون} ‪. 1‬‬
‫قلت‪:‬‬
‫أول‪ :‬ل يقل أحد‪ -‬ف حدود علمي‪ -‬ل من الصحابة‪ -‬ومنهم البحر‬
‫الب ابن عباس‪ -‬ول من الفسرين‪ :‬إن هذه الية تدل على الوازنة بي‬
‫اليابيات والسلبيات‪ ،‬ول ما ف معن هذه العبارة‪ ،‬ول ينبغي الروج‬
‫عن فقه السلف وفهمهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الذي فهمه علماء التفسي من الية إنا هو التحذير‪:‬‬
‫إما عموما‪ ،‬كالقرطب رحه ال‪ ،‬قال‪" :‬الثانية‪ :‬أخب ال تعال أن ف‬
‫أهل الكتاب الائن والمي‪ ،‬والؤمنون ل ييزون ذلك‪ ،‬فينبغي اجتناب‬
‫كذلك‪ ،‬لن‬
‫جيعهم‪ ،‬وخص أهل الكتاب بالذكر‪ ،‬وإن كان الؤمنون ( )‬
‫اليانة فيهم أكثر‪ ،‬فخرج الكلم على الغالب‪ ،‬وال أعلم " ‪. 2‬‬
‫()‬
‫وإما خصوصا‪ ،‬كما يفهم من كلم ابن كثي ‪. 3‬‬
‫ويبدو ل أن تفسي القرطب هو الول بالصواب‪.‬‬

‫() الائدة ‪.8 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() تفسي القرطب (‪.)4/116‬‬ ‫‪2‬‬

‫() تفسي ابن كثي! (‪ ،)374 /1‬وانظر‪" :‬تفسي ابن جرير" (‪ ،)317 /3‬وكلمه‬ ‫‪3‬‬

‫يتمل إرادة العموم‪.‬‬


‫‪-53-‬‬
‫ثالثا‪ :‬ف الكتاب والسنة نصوص كثية تطلق ذم اليهود والنصارى‪،‬‬
‫وليس فيها هذه الوازنات‪ ،‬مثل قول ال تعال ف (بن) إسرائيل‪{:‬ول‬
‫تلبسوا الق بالباطل وتكتموا الق وانتم تعلمون} ‪. 1‬‬
‫{أتامرون) الناس بالب وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفل‬
‫(‬
‫تعقلون} ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫{وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتاذكم العجل‬
‫أنفسكم )ذلكم خي لكم عند بارئكم فتاب‬
‫(‬ ‫فتوبوا إل بارئكم فاقتلوا‬
‫عليكم إنه هو التواب الرحيم } ‪. 3‬‬
‫وما‬
‫{اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال والسيح ابن مري ( )‬
‫أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون} ‪. 4‬‬
‫فأين الوازنات بي اليابيات والسلبيات ؟!‬
‫إن تقرير هذا البدأ الحدث والخذ به سيفتح الباب لليهود والنصارى‬
‫والشيوعيي والعلمانيي على مصراعيه‪ ،‬للطعن ف ال ورسوله وكتابه‬
‫وسنة نبيه وف علماء السلمي ف كل ماكتبوه ودونوه فيما يتعلق بنقد‬
‫الفرق‪ ،‬وف أبواب الرح والتعديل‪ ،‬وف هذا دللة واضحة وبرهان ني‬
‫على بطلن هذا النهج الغريب‪.‬‬

‫() البقرة ‪.42 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البقرة ‪.44‬‬ ‫‪2‬‬

‫() البقرة ‪.54 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() التوبة‪.31 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-54-‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬لعنة ال على اليهود والنصارى‪،‬‬
‫)‬
‫اتذوا قبور أنبيائهم مساجد"‪ ،‬يذر ما صنعوا (‪. 1‬‬
‫وقال البخاري‪ :‬حدثنا علي بن عبدال‪ :‬حدثنا سفيان عن عمرو عن‬
‫طاوس عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬سعت عمر بن الطاب رضي ال عنه‬
‫يقول‪ :‬قاتل ال فلنا‪ ،‬أل يعلم أن النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬قال‪" :‬لعن‬
‫ال اليهود‪ ،‬حرمت عليهم الشحوم‪ ،‬فجملوها‪ ،‬فباعوها" ؟‬
‫قال البخاري‪" :‬تابعه جابر وأبو هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم "‬
‫)‬
‫(‪. 2‬‬
‫وف مسلم‪" :‬بلغ عمر أن سرة باع خرا‪ ،‬فقال‪ :‬قاتل ال سرة! أل‬
‫يعلم‪ " ...‬الديث‪.‬‬
‫)‬
‫وحديث جابر وأب هريرة رواها مسلم (‪. 3‬‬
‫فأين الوازنات ف كلم رسول ال صلى ال عليه وسلم وكلم عمر‬
‫رضي ال عنه ؟!‬
‫أل يتضمن مبدأ الوازنات طعنا ف هذه الواقف من رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وصاحبه الذي مل الدنيا عدل؟!‬
‫إنن ل أقول‪ :‬إن هؤلء يدركون نتائج القول بذا البدأ أو اليزان‬
‫الطائش‪ ،‬ولكنن أرجو أن يدركوا من الن أبعاده وأخطاره الت نوهت‬

‫() صحيح البخاري ‪-60( :‬النبياء‪ ،‬حديث ‪.)3454‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صحيح البخاري " (‪ -65‬النبياء‪ ،‬حديث ‪ ،)3460‬و"صحيح مسلم " (‪-22‬‬ ‫‪2‬‬

‫الساقاة‪ ،‬حديث ‪.)1582‬‬


‫() (باب تري بيع المر والنير والصنام‪ /‬حديث ‪.)1583- 1581‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-55-‬‬
‫عنها وأن يعودوا إل الصواب والق والعدل الذي تضمنه السلم‪ ،‬وأن‬
‫يدركوا أن الظلم أن تقول ف الشخص أو الكتاب أو الماعات ما ليس‬
‫فيها‪ ،‬فإن ذكرت ما فيها وكتبته ونشرته للنصح للسلم والسلمي‪،‬‬
‫فذلكم هو عي العدل والنصاف والقيام بواجب من واجبات الهاد‬
‫والذود عن حياض السلم‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬إن الية تدل على عكس ما يدعيه هؤلء‪ ،‬فإن الية ذكرت‬
‫أناسا من أهل الكتاب يتسمون بالمانة‪ ،‬وأناسا يتسمون باليانة‪ ،‬ولو‬
‫كان القصد منها تقرير مبدأ الوازنة بي اليابيات والسلبيات‪ ،‬لذكرت‬
‫إيابيات من وصفوا باليانة‪ ،‬وسلبيات من وصفوا بالمانة‪ ،‬إذ هم‬
‫كفار‪ ،‬ولم سلبيات فظيعة تبط عند ال ما لم من إيابيات(‪.)1‬‬
‫فأين الوازنات بي إيابيات هؤلء الذين وصفوا باليانة ؟! وأين‬
‫سلبيات من وصف منهم بالمانة؟!‬
‫فيلزم على تميلكم هذا النص القرآن مبدأ الوازنة‪ :‬أنه يشرع لنا أن‬
‫نتحدث ونكتب عن إيابيات الكفار ونسكت عن سلبياتم ؟ لنه ل‬
‫يذكر سلبيات هذا الصنف من اليهود‪ ،‬وهذا‪ -‬لو ذهب إليه أحد‪ -‬هو‬
‫عي الضلل والضلل‪.‬‬
‫إن الوازنة ليست بواجبة‪ ،‬ول لزمة‪ ،‬لن ال يريد أن يذر الؤمني‬
‫من شر وخيانة هؤلء اليهود‪ ،‬وهو مقصود عظيم‪ ،‬تتحقق به مصال‬
‫عظيمة‪ ،‬وتدفع به مفاسد عظيمة‪ ،‬وهو المر الذي تترمه العقول‬

‫() هذا على أحد وجوه تفسي هذه الية ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-56-‬‬
‫السليمة والشرائع السلمية العظيمة‪ ،‬وهذا البدأ ل يقق هذه القاصد‪،‬‬
‫أعن‪ :‬مبدأ الوازنات‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬هذا البدأ يقتضي أن التكلم أو الكاتب إذا ذكر أحدا من أهل‬
‫الكتاب‪ -‬اليهود أو النصارى‪ ،-‬أو انتقد كتابا من كتبهم‪ ،‬أو ذكرهم‬
‫على العموم‪ :‬أنه ل يوز أن يكون قوله أو عمله ف مال من هذه‬
‫الجالت إل مقرونا بذكر حسناتم‪ ،‬وقد يب أن نبدأ بذكر ماسنهم‬
‫قبل مساوئهم‪ ،‬لن الية نزلت ف أهل الكتاب‪ ،‬والسبب يدخل ف‬
‫عموم النص دخول أوليا‪ ،‬كما هو مقرر عند أهل العلم بالصول‬
‫والتفسي والديث‪ ،‬وكذلك يب أن ل نذكر عيب أحد من الوثنيي أو‬
‫اللحدين أو فساده‪ ،‬إل مقرونا بحاسنه‪ ،‬لنكم استدللتم على وجوب‬
‫الوازنة بعد الية السابقة‪:‬‬
‫بقول ال تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامي ل شهداء بالقسط‬
‫ول يرمنكم شنئان قوم على أل تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا‬
‫)‬
‫ال إن ال خبي با تعملون}(‪. 1‬‬
‫ومثلها قوله تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تلوا شعائر ال ول الشهر‬
‫الرام ول الدي ول القلئد ول آمي البيت الرام يبتغون فضل من‬
‫ربم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ول يرمنكم شنئان قوم أن‬
‫صدوكم عن السجد الرام أن تعتدوا وتعاونوا على الب والتقوى ول‬
‫)‬
‫تعاونوا على الث والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب }(‪. 2‬‬
‫() الائدة ‪.8 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الائدة ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-57-‬‬
‫فإن هذه الية ف الشركي‪.‬‬
‫فمبدؤكم هذا مبدأ الوازنة بي السلبيات واليابيات يتم علينا أل‬
‫نذكر أبا جهل وأبا لب والزنادقة والعلمانيي العاصرين وف كل زمان‬
‫ومكان بسوء‪ ،‬إل مقرونا بذكر حسناتم!‬
‫فيكون قول ال تبارك وتعال‪{ :‬تبت يدا أب لب وتب * ما أغن عنه‬
‫ما له وما كسب * سيصلى نارا ذات لب * وامراته حالة الطب * ف‬
‫)‬
‫جيدها حبل من مسد}(‪ 1‬قد ظلم فيه أبو لب وزوجته‪ ،‬لنه ل يقم‬
‫على مبدأ الوازنات‪.‬‬
‫وقل مثل ذلك ف فرعون وهامان وسائر الكفرة واللحدين‪ ،‬الذين‬
‫ذكرهم القرآن‪ ،‬وذكرهم السلمون ف تواريهم‪ ،‬وكتب نقدهم‬
‫وجرحهم‪ ،‬وكتب تفسيهم وشروحهم للسنة‪ ...‬إل‪.‬‬
‫فهذا مقتضى منهجكم ومبدئكم‪ ،‬نسأل ال العافية‪ ،‬ورزقنا وإياكم‬
‫التوبة من الزلل والقول على ال بل علم ول هدى ول كتاب مني‪.‬‬
‫قال أحد الصويان وفقنا ال وإياه‪" :‬وقال تعال‪{ :‬يسألونك عن المر‬
‫)‬
‫واليسر قل فيهما إث كبي ومنافع للناس } (‪ ، 2‬فال سبحانه وتعال‬
‫)‬
‫أثبت النفع ف المر واليسر‪ ،‬ولكنه حرمهما لغلبة الفاسد"(‪. 3‬‬
‫الواب‪:‬‬

‫() سورة السد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البقرة ‪.219 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() منهج أهل السنة والماعة (ص ‪.)29-28‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-58-‬‬
‫أول‪ :‬فهل ترى ف ضوء هذا البدأ الذي تقرره وتستشهد له بذه الية‪:‬‬
‫أنه ل يوز ذكر المر واليسر ومفاسدها إل مقرونا بذكر ماسنهما‬
‫ومنافعهما؟!‬
‫ومعلوم أن هذه الية أول آية نزلت ف المر‪.‬‬
‫ث نزلت ف المر آية النساء‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تقربوا الصلة‬
‫)‬
‫وانتم سكارى حت تعلموا ما تقولون }(‪. 1‬‬
‫ث نزلت ف المر واليسر وغيها آيتا الائدة‪ ،‬قال تعال‪{ :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب والزلم رجس من عمل‬
‫الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون‪ .‬إنا يريد الشيطان أن يوقع بينكم‬
‫العداوة والبغضاء ف المر واليسر ويصدكم عن ذكر ال وعن الصلة‬
‫)‬
‫فهل أنتم منتهون }(‪. 2‬‬
‫فكيف أطلق ال عليهما الرجس وقرنما بالنصاب والزلم‪ ،‬وأضاف‬
‫إل ذلك قوله‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا إنا المر واليسر والنصاب‬
‫والزلم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون‪ .‬إنا يريد‬
‫الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء ف المر واليسر ويصدكم عن‬
‫)‬
‫ذكر ال وعن الصلة فهل أنتم منتهون }(‪ 3‬؟!‬
‫كيف اقتصر هنا على وصفهما بأخبث الصفات‪ ،‬ول يذكر شيئا من‬
‫منافعهما؟!‬
‫() النساء ‪.43 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الائدة ‪.91-90‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الائدة ‪.91-90‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-59-‬‬
‫ث ل يذكرها رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد ذلك إل بقوله‪:‬‬
‫)‬
‫"كل مسكر حرام "(‪. 1‬‬
‫وينهى عن المر‪ ،‬ويذر منها ف أحاديث كثية ‪ ،‬كما ف كتب‬
‫الشربة ف كتب "السنن "‪ ،‬ول يذكر شيئا من منافعها‪.‬‬
‫)‬
‫ث ساها عثمان بـ (أم البائث) (‪ ، 2‬واشتهرت عند عموم السلمي‪.‬‬
‫وعن أب الويرية‪ ،‬قال‪ :‬سألت ابن عباس عن الباذق؟ فقال‪" :‬سبق‬
‫ممد صلى ال عليه وسلم الباذق‪ ،‬فما أسكر‪ ،‬فهو حرام "‪ .‬قال‪" :‬‬
‫الشراب اللل الطيب "‪ .‬قال‪" :‬ليس بعد اللل الطيب إل الرام‬
‫)‬
‫البيث "(‪. 3‬‬
‫فهل تواطأت المة على ظلم المر ودفن ماسنها‪ ،‬فل يذكرون منها‬
‫إل الانب السلب أو الظلم‪ ،‬ول يذكرون ماسنها ومنافعها؟!‬
‫أين الوازنات إذن ؟!‬
‫الواب‪ :‬ل ظلم ول حيف‪ ،‬بل هو النصح للمة السلمية‪ ،‬وتذيرها‪،‬‬
‫والبتعاد با عن الشرور والفاسد‪.‬‬
‫وكذلك يتعاملون مع البتدعي وبدعهم‪ ،‬فإنا أخطر من المر وأشد‪،‬‬
‫لنا تلبس لباس الدين‪ ،‬فلهذا كان تذير رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وعلماء المة منها أشد‪ ،‬فليت التساهلي بالبدع يدركون هذا‪ ،‬وال‬

‫() متفق عليه‪ ،‬من حديث أب موسى‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() سنن النسائي (‪ ، 316-8/315‬حديث ‪ 5666‬إل ‪)5668-‬‬ ‫‪2‬‬

‫() صحيح البخاري (‪-74‬كتاب الشربة حديث ‪.5598‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-60-‬‬
‫الستعان‪ .‬وف أب داود‪" :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الدواء‬
‫)‬
‫البيث "(‪. 1‬‬
‫وفسر الطاب ذلك بالمر ولوم اليوان غي مأكولة اللحم‪.‬‬
‫وعن أب مسعود النصاري‪" :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن‬
‫)‬
‫ثن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن (‪. 2‬‬
‫وفيه‪" :‬شر الكسب‪ :‬مهر البغي‪ ،‬وثن الكلب‪ ،‬وكسب الجام "‪.‬‬
‫وفيه‪" :‬ثن الكلب خبيث‪ ،‬ومهر البغي خبيث‪ ،‬وكسب الجام خبيث‬
‫"‪.‬‬
‫فأين الوازنة ف كسب الجام؟!‬
‫وقد يكون مهر البغي وثن الكلب عسل وثرا وفضة وذهبا !!‬
‫بل أطلق النت والبث على بعض أنواع اللل‪.‬‬
‫فعن جابر رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن‬
‫أكل البصل والكراث‪ ،‬فغلبتنا الاجة‪ ،‬فأكلنا منها‪ ،‬فقال‪" :‬من أكل من‬
‫هذه الشجرة النتنة‪ ،‬فل يقربن مسجدنا‪ ،‬فإن اللئكة تتأذى ما يتأذى‬
‫)‬
‫منه النس(‪. 3‬‬
‫وف خطبة أمي الؤمني عمر الشهية‪ ..." :‬ث إنكم أيها الناس تأكلون‬
‫شجرتي‪ ،‬ل أراها إل خبيثتي‪ ،‬هذا البصل والثوم‪ ،‬ولقد رأيت رسول‬

‫() سنن أب داود (حديث ‪.)3870‬‬ ‫‪1‬‬

‫() متفق عليه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أخرجه مسلم ف صحيحه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-61-‬‬
‫ال صلى ال عليه وسلم إذا وجد ريهما من الرجل ف السجد‪ ،‬أمر به‪،‬‬
‫)‬
‫فاخرج إل البقيع‪ ،‬فمن أكلهما‪ ،‬فليمتهما طبخا" (‪. 1‬‬
‫)‬
‫وف "سنن الترمذي (‪ 2‬من حديث الباء رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬كنا‬
‫أصحاب نل‪ ،‬فكان الرجل يأت من نله على قدر قلته وكثرته‪ ،‬وكان‬
‫الرجل يأت بالقنو والقنوين‪ ،‬فيعلقه ف السجد‪ ،‬وكان أهل الصفة ليس‬
‫لم طعام‪ ،‬فكان أحدهم إذا جاع‪ ،‬أتى القنو فضربه بعصاه‪ ،‬فيسقط من‬
‫البسر والتمر‪ ،‬فيأكل‪ ،‬وكان ناس من ل يرغب ف الي يأت للرجل‬
‫بالقنو فيه الشيص والشف وبالقنو قد انكسر‪ ،‬فيعلقه‪ ،‬فأنزل ال تعال‪:‬‬
‫{يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم وما أخرجنا لكم من‬
‫الرض ول تيمموا البيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إل أن تغمضوا فيه‬
‫)‬
‫واعلموا أن ال غن حيد}(‪. 3‬‬
‫قال الترمذي‪" :‬هذا حديث حسن غريب صحيح "‪.‬‬
‫فأين الوازنات الت يريدها بعض الناس حت ف الشياء الحرمة‪ ،‬ويتج‬
‫بذكر منافع المر واليسر‪ ،‬ويرى أن ذكرها من باب الوازنة بي‬
‫السلبيات واليابيات ؟!‬
‫اللهم فقهنا جيعا ف الدين‪ ،‬واجعلنا سائرين على نج الفاهي للعدل‬
‫حق الفهم‪ ،‬إنك أنت النعم التفضل‪.‬‬

‫() صحيح مسلم (‪ -5‬كتاب الساجد ‪ ،‬حديث ‪.)567‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪،1/219‬حديث ‪.)2987‬‬ ‫‪2‬‬

‫() البقرة ‪.268 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-62-‬‬
‫وقال أحد الصويان‪" :‬قال حذيفة بن اليمان رضي ال عنه‪ :‬كان الناس‬
‫يسألون رسول ال عن الي‪ ،‬وكنت أسأله عن الشر‪ ،‬مافة أن يدركن‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬يا رسول ال! إنا كنا ف جاهلية وشر‪ ،‬فجاءنا ال بذا الي‪،‬‬
‫فهل بعد هذا الي من شر؟ قال‪" :‬نعم "‪ .‬قلت‪ :‬وهل بعد ذلك الشر من‬
‫خي؟ قال‪" :‬نعم‪ ،‬وفيه دخن "‪ .‬قلت‪ :‬وما دخنه؟ قال‪" :‬قوم يهدون بغي‬
‫)‬
‫هديي‪ ،‬تعرف منهم وتنكر‪ " ...‬الديث (‪ 1‬فالنب صلى ال عليه وسلم‬
‫أثبت اليية لبعض القوم على الرغم من وجود الدخن بينهم‪ ،‬فالعبة‬
‫بكثرة الحاسن " اهـ‪.‬‬
‫أقول‪:‬‬
‫أول‪ :‬أسوق بقية الديث‪ ،‬ث أعقبه بشرح العلماء له‪ ،‬ث أقوم بناقشة‬
‫استنتاج الباحث‪.‬‬
‫بقية الديث‪ :‬قلت‪ :‬فهل بعد ذلك الي من شر؟ قال‪" :‬نعم؟ دعاة‬
‫على أبواب جهنم‪ ،‬من أجابم إليها‪ ،‬قذفوه فيها "‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول ال!‬
‫صفهم لنا‪ .‬قال‪" :‬هم من جلدتنا‪ ،‬ويتكلمون بألسنتنا "‪ .‬قلت‪ :‬فما‬
‫تأمرن إن أدركن ذلك؟ قال‪" :‬تلزم جاعة السلمي وإمامهم "‪ .‬قلت‪:‬‬
‫فإن ل يكن لم جاعة ول إمام؟ قال‪ " :‬فاعتزل تلك الفرق كلها‪ ،‬ولو‬
‫)‬
‫أن تعض بأصل شجرة‪ ،‬حت يدركك الوت وأنت على ذلك " (‪. 2‬‬
‫شرح الديث‪ :‬قال الافظ ابن حجر‪:‬‬

‫() أخرجه البخاري (كتاب الفت‪ ،‬رقم ‪ ،7084‬الفتح ‪ ،)35 /13‬ومسلم (كتاب‬ ‫‪1‬‬

‫المارة‪ ،‬باب وجوب ملزمة جاعة السلمي‪ ،1475 /3 ،‬رقم ‪.)1847‬‬


‫() متفق عليه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-63-‬‬
‫((قوله‪" :‬ف جاهلية وشر"‪ :‬يشي إل ما كان قبل السلم من الكفر‪،‬‬
‫وقتل بعضهم بعضا‪ ،‬ونب بعضهم بعضا‪ ،‬وإتيان الفواحش‪.‬‬
‫قوله‪" :‬فجاءنا ال بذا الي"‪ ،‬يعن‪ :‬اليان والمن وصلح الال‬
‫واجتناب الفواحش‪.‬‬
‫قوله‪" :‬فهل بعد هذا الي من شر؟ قال‪ :‬نعم‪ ،" ...‬فالراد بالشر ما يقع‬
‫من الفت بعد قتل عثمان وهلم جرا وما يترتب على ذلك من عقوبات‬
‫الخرة‪.‬‬
‫قوله‪" :‬نعم‪ ،‬وفيه دخن‪ :" ...‬وهو القد‪ ،‬وقيل‪ :‬الدغل‪ ،‬وقيل‪ :‬فساد‬
‫القلب‪ ،‬ومعن الثلثة متقارب‪ ...‬يشي إل أن الي الذي ييء بعد الشر‬
‫ل يكون خيا خالصا‪ ،‬بل فيه " كدر‪...‬‬
‫قال عياض‪ :‬الراد بالشر الول‪ :‬الفت الت وقعت بعد عثمان‪ ،‬والراد‬
‫بالي الذي بعده‪ :‬ما وقع ف خلفة عمر بن عبدالعزيز‪ ،‬والراد بالذين‬
‫تعرف منهم وتنكر‪ :‬المراء بعده‪ ،‬فكان فيهم من يتمسك بالسنة‬
‫والعدل‪ ،‬وفيهم من يدعو إل البدعة ويعمل بالور"‪.‬‬
‫قال الافظ‪" :‬قلت‪ :‬والذي يظهر ل أن الراد بالشر الول ما أشار إليه‬
‫)‬
‫من الفت الول‪ ،‬وبالي ما وقع من الجتماع مع علي (‪ 1‬ومعاوية‪،‬‬
‫وبالدخن ما كان ف زمنهما من بعض المراء‪ ،‬كزياد بالعراق‪ ،‬وخلف‬
‫من خالف عليه من الوارج‪ ،‬وبالدعاة على أبواب جهنم من قام ف‬
‫طلب اللك من الوارج وغيهم‪ ،‬وإل ذلك الشارة بقوله"‪" :‬إلزم‬
‫() كذا‪ ،‬والصواب أن الجتماع ت بي السن ومعاوية رضي ال عنهما‪ ،‬فسمي ذلك‬ ‫‪1‬‬

‫العام الذي ت فيه الجتماع عام الماعة‪.‬‬


‫‪-64-‬‬
‫جاعة السلمي وإمامهم "‪ ،‬يعن‪ :‬ولو جار‪ ،‬ويوضح ذلك رواية أب‬
‫السود‪" :‬ولو ضرب ظهرك‪ ،‬وأخذ مالك "‪ ،‬وكان مثل ذلك كثيا ف‬
‫)‬
‫إمارة الجاج " (‪. 1‬‬
‫الناقشة‪:‬‬
‫أول‪ :‬ذكر ف الديث خسة عهود‪...‬‬
‫‪ -1‬العهد الاهلي وما فيه من شر‪.‬‬
‫‪ -2‬العهد الذي كان يعيشه رسول ال صلى ال عليه وسلم وصحابته‬
‫الكرام‪ ،‬ويتد إل قيام الفتنة على عثمان‪ ،‬وقد أطلق عليه الي فقط‪.‬‬
‫‪ -3‬عهد الفت الت وقعت بعد قتل عثمان‪ ،‬وهو الذي أطلق عليه الشر‬
‫فحسب‪.‬‬
‫‪ -4‬أطلق عليه الي‪ ،‬وفيه دخن‪ ،‬وهو عهد عمر بن عبدالعزيز؟ كما‬
‫ف "شرح القاضي عياض "‪ ،‬أو عهد الجتماع بي السن ومعاوية‪،‬‬
‫والدخن إما أن يكون عهد المراء بعد عمر بن عبد العزيز‪ ،‬وإما أن‬
‫يكون الراد به ما أشار اليه الافظ‪ ،‬مثل ولية زياد وابنه‪ ،‬وولية‬
‫الجاج وأمثاله‪ ،‬ويكن أن يكون معن الديث أوسع ما صوره الافظ‬
‫والقاضي عياض‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬يرى الخ أحد الصويان أن هذا الديث من الدلة الت تتم‬
‫الوازنة بي الي والشر ف حق الفراد والماعات والكتب‪ ،‬فعلى‬
‫منهجه كان يب عليه أن يستخرج الوازنات ف هذه العهود كلها‪،‬‬

‫() الفتح (‪.)13/36‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-65-‬‬
‫لكنه ل يفعل ذلك‪ ،‬بل استخرج الوازنة من عهد واحد فحسب؟ فلماذا‬
‫؟!‬
‫والواب أنه ل يفعل ذلك‪ :‬إما لنه حاول ذلك فاستعصى عليه‬
‫الديث‪ ،‬لنه ل دللة فيه على هذا النهج‪ ،‬وإما لنه ل يفهم الديث‬
‫حق الفهم‪ ،‬ول يكن واسع النظر إل معناه‪ ،‬وعلى كل الالي‪ ،‬فالديث‬
‫حجة عليه ل له‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وبيان ذلك أنه يوجب على مذهبه التعامل بالنصاف والعدل‪،‬‬
‫وإجراء الوازنات ف حق الؤمن والكافر‪ ،‬والسن والبتدع‪ ،‬فأسأله‪ :‬أين‬
‫الوازنات ف العهود الربعة الت ل تر فيها موازنات ؟!‬
‫وهذا يذكرن با ينعاه ابن القيم وغيه على التعصبي من أهل‬
‫الذاهب‪ ،‬حيث يتجون ف كثي من الحاديث بأجزاء منها‪ ،‬وهي الت‬
‫توافق مذهبهم‪ ،‬ول يتجون با يغفلونه‪ ،‬لنا حجج عليهم‪ ،‬تضاد ما‬
‫يتعصبون له من الراء‪ ،‬على أن الزء الذي استدللت به ل دللة فيه على‬
‫مذهبك‪:‬‬
‫‪ -1‬فالعهد الول‪ -‬وهو العهد الاهلي‪ -‬اقتصر ف الديث على ذكر‬
‫الاهلية والشر‪ ،‬مع أنه كان يوجد فيه خي‪ ،‬مثل‪ :‬الب بالوالدين‪ ،‬وصلة‬
‫الرحام‪ ،‬وإكرام الضيف‪ ،‬والدفاع عن الذمار‪ ،‬وحسن الوار‪ ،‬والقيام‬
‫ببعض شعائر الدين الت ورثوها عن إبراهيم عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫كالج‪ ،‬وصيام عاشوراء‪ ،‬وغي ذلك من أنواع الي‪.‬‬

‫‪-66-‬‬
‫وكان فيهم حنفاء‪ ،‬مثل‪ :‬ورقة بن نوفل‪ ،‬وزيد بن عمرو بن نفيل‪ ،‬وأب‬
‫ذر‪ ،‬وعمرو بن عبسة‪ ،‬وبعض بقايا بن إسرائيل ف الصوامع‪.‬‬
‫فلو كانت الوازنات واجبة‪ ،‬والديث من أدلة الوازنات‪ ،‬لا أغفل‬
‫ذلك رسول الدى والعدل صلوات ال وسلمه عليه!‬
‫‪ -2‬والعهد الثان‪ -‬وهو عهده عليه الصلة والسلم‪ -‬كان فيه الي‬
‫العظيم الذي ل تعرف النسانية مثله‪ ،‬من الوحي النل كتابا وسنة‪،‬‬
‫ووجوده ووجود أصحابه‪ ،‬وما ف ذلك من المن واليان ف أيامه وأيام‬
‫خلفائه الراشدين‪.‬‬
‫ولكنه‪ -‬مع كل هذا‪ -‬ل يل من الشر‪ ،‬فكان هناك النافقون‪ ،‬وكان‬
‫اليهود ف خيب وتيماء‪ ،‬وف الزيرة نصارى نران وموس هجر‪ ،‬ولا‬
‫امتدت الفتوحات خارج الزيرة العربية‪ ،‬كان هناك أهل ذمة من اليهود‬
‫والنصارى ف الشام ومصر والعراق‪ ،‬وهناك بقايا موس ف فارس‬
‫أجريت عليهم الزية‪ ،‬فلو كان القصود من الديث الوازنات بي الي‬
‫والشر ف هذه العهود‪ ،‬لا أغفلها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ -3‬والعهد الثالث اقتصر فيه الديث على ذكر الشر فقط‪ ،‬فهل كان‬
‫خاليا من الي؟! كل ث كل‪ ،‬بل كان فيه الي الكثي والكثي‪ ،‬بل كان‬
‫من خي القرون‪ ،‬ولكن الديث ل يذكر هذا الي العظيم ‪ ،‬لنه شر‬
‫نسب بالنسبة لا قبله‪ ،‬لنه حصلت فيه فت عصفت بيار السلمي مع‬
‫إيانم وكونم من خي القرون‪.‬‬

‫‪-67-‬‬
‫ول أسترسل‪ ،‬فقد وضح المر لذي عيني‪ ،‬ول يفى عليه معان باقي‬
‫الديث ف باقي العهود‪.‬‬
‫لكن سأضيف بعض الحاديث الت تدل على ما سبق‪ ،‬أنه ل علقة‬
‫للرسول صلى ال عليه وسلم والقرآن والسنة وعلماء المة بذا النهج‪،‬‬
‫فمنها‪:‬‬
‫‪ -1‬حديث عمران بن حصي رضي ال عنهما‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪" :‬خي أمت قرن‪ ،‬ث الذين يلونم‪ ،‬ث الذين يلونم‬
‫(قال عمران‪ :‬فل أدري أذكر بعد قرنه قرني أو ثلثة ؟)‪ ،‬ث إن بعدكم‬
‫قوما يشهدون ول يستشهدون‪ ،‬ويونون ول يؤتنون‪ ،‬وينذرون ول‬
‫)‬
‫يوفون‪ ،‬ويظهر فيهم السمن " (‪. 1‬‬
‫‪ -2‬حديث عبدال بن مسعود رضي ال عنه‪ :‬أن النب صلى ال عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬خي الناس قرن‪ ،‬ث الذين يلونم‪ ،‬ث الذين يلونم‪ ،‬ث ييء‬
‫)‬
‫قوم تسبق شهادة أحدهم يينه‪ ،‬ويينه شهادته " (‪. 2‬‬
‫ففي هذين الديثي اقتصر النب صلى ال عليه وسلم على ذكر الي‬
‫فقط‪ ،‬ف القرون الثلثة‪ ،‬ول يذكر ما فيها من شر‪ ،‬ث اقتصر على ذكر‬
‫الشر فيما بعد ذلك من القرون‪ ،‬ول يذكر ما فيهم من خي‪ ،‬مع أن فيهم‬
‫خيا كثيا‪ ،‬ولو ل يكن فيهم إل الطائفة النصورة‪ ،‬لكفى ذلك دللة‬
‫على وجود الي‪.‬‬

‫() صحيح البخاري (كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب فضائل أصحاب النب صلى ال‬ ‫‪1‬‬

‫عليه وسلم رقم ‪.)3650‬‬


‫() صحيح البخاري (كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬رقم ‪.)3651‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-68-‬‬
‫‪ -3‬حديث‪" :‬ستفترق أمت إل ثلث وسبعي فرقة‪ ،‬كلها ف النار إل‬
‫واحدة"‪.‬‬
‫فلم يذكر خيا‪ ،‬ف الثنتي وسبعي فرقة الت ف النار‪ ،‬مع أن فيهم‬
‫خيا‪.‬‬
‫)‬
‫‪ -4‬حديث‪" :‬تقتل عمارا الفئة الباغية" (‪. 1‬‬
‫فلم يذكرهم إل بالبغي‪ ،‬مع أن فيهم خيا كثيا‪.‬‬
‫فهذه الحاديث الت تقدمت ليس فيها موازنات‪ ،‬ولو كانت واجبة‪ ،‬لا‬
‫أغفلها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫والدلة من هذا النوع كثية‪ ،‬نكتفي با أوردنا منها‪.‬‬
‫قال الخ أحد الصويان‪" :‬عن عمر بن الطاب رضي ال عنه‪ :‬أن‬
‫رجل كان على عهد النب صلى ال عليه وسلم كان اسه عبدال‪ ،‬وكان‬
‫يلقب حارا‪ ،‬وكان يضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان قد‬
‫جلده ف الشراب‪ ،‬فأتى به يوما‪ ،‬فأمر به‪ ،‬فجلد‪ ،‬فقال رجل من القوم‪:‬‬
‫اللهم العنه‪ ،‬ما أكثر ما يؤتى به! فقال‪" :‬ل تلعنوه‪ ،‬فوال ما علمت إنه‬
‫)‬
‫يب ال ورسوله " (‪. 2‬‬
‫فهذا الصحاب الليل رضي ال تعال عنه زلت قدمه‪ ،‬وتكرر منه‬
‫شرب المر‪ ،‬وهذا ل يعن أنه فاسد بالكلية‪ ،‬بل إن فيه من الصفات‬
‫الميدة الخرى ما توجب مبته وموالته‪ ،‬فيعرف للمحسن إحسانه‪،‬‬
‫وللمسيء إساءته‪ ،‬إتاما للعدل والنصاف‪ ،‬ول يوز بال أن يغلب‬
‫() أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صحيح البخاري (‪-86‬الدود ‪.)6780 ،‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-69-‬‬
‫جانب النظر إل العصية دون النظر إل بقية السنات والفضائل‪ ،‬وهذا‬
‫)‬
‫هو الد الفاصل بي أهل السنة والوارج"(‪. 1‬‬
‫أقول‪:‬‬
‫أول‪ :‬إن هذا الرجل صحاب‪ ،.‬ومنلة الصحبة ل يعدلا شيء من‬
‫أعمال خيار الصالي الجاهدين بعدهم‪ ،‬فكيف بالفاسقي ؟!‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ل تسبوا أصحاب‪ ،‬فلو أن‬
‫)‬
‫أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا؟ ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه " (‪. 2‬‬
‫فمن يلحق أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم ف هذه الفضيلة‬
‫العظيمة من خيار الناس ؟! فكيف يقاس عليهم المارون؟!‬
‫ثانيا‪ :‬ف حديث أب هريرة رضي ال عنه‪ :‬فلما انصرف؟ قال رجل‪ :‬ما‬
‫له أخزاه ال؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ل تقولوا هكذا‪،‬‬
‫ل تعينوا عليه الشيطان "‪ ،‬وف لفظ‪" :‬ل تكونوا عون الشيطان على‬
‫)‬
‫أخيكم " (‪. 3‬‬
‫ثالثا‪ :‬ليس ف هذا ول ذاك موازنة‪ ،‬بل فيه النهي عن لعن العي؟ فإن‬
‫كثيا من العلماء ل ييزون لعن العي‪ ،‬ولو كان كافرا‪ ،‬بل يكون اللعن‬

‫() منهج أهل السنة (ص‪.)30-29‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجه البخاري (‪ -62‬فضائل الصحابة‪ ،‬حديث ‪ ،)3673‬ومسلم (‪ -4 4‬فضائل‬ ‫‪2‬‬

‫الصحابة‪.)2541 -2545 ،‬‬


‫() صحيح البخاري (حديث ‪.6781 ،6777‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-70-‬‬
‫بالوصاف؟ كما ف قوله صلى ال عليه وسلم ‪" :‬لعن ال السارق‬
‫)‬
‫يسرق البيضة فتقطع يده‪ ،‬ويسرق البل فتقطع يده " (‪. 1‬‬
‫يوضح ذلك أن اللعن الذي قصده به الصحاب ليس من سلبياته حت‬
‫يقال‪ :‬إنه قد وقعت مقارنة بي السلبيات واليابيات‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن الرجل لعن بعد أن أقيم عليه الد‪ ،‬وف إقامة الد كفارة‬
‫لذنبه‪ ،‬فل يوز لعن من هذا حاله؟ ل معينا‪ ،‬ول ف حالة العموم‪.‬‬
‫قال المام البخاري رحه ال‪" :‬باب الدود كفارة"‪ ،‬ث ساق حديث‬
‫عبادة بن الصامت رضي ال عنه‪:‬‬
‫كنا عند النب صلى ال عليه وسلم ف ملس‪ ،‬فقال‪" :‬بايعون على أن‬
‫)‬
‫ل تشركوا بال شيئا ول تسرقوا ول تزنوا (وقرأ هذه الية كلها (‪، 2‬‬
‫فمن وف؟ فأجره على ال‪ ،‬ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به‪ ،‬فهو‬
‫كفارته‪ ،‬ومن أصاب من ذلك شيئا فستره ال عليه‪ ،‬إن شاء غفر له‪،‬‬
‫وإن شاء عذبه "‪.‬‬
‫فجعل صلى ال عليه وسلم العقوبة ف الدنيا كفارة‪ ،‬وهي إقامة الد‪،‬‬
‫فليس لحد أن يلعن أو يعي مسلما أذنب فأقيم عليه الد‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬هناك أحاديث ذكرت فيها سلبيات أشخاص‪ ،‬ول يذكر فيها‬
‫شيء من ماسنهم ‪ ،‬منها‪:‬‬

‫() صحيح البخاري (حديث ‪ 6783‬و‪.)6784‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (يا أيها النب إذا جاءك الؤمنات يبايعنك على أن ل يشركن بال شيئا‪! ...‬‬ ‫‪2‬‬

‫المتحنة‪.،12 :‬‬
‫‪-71-‬‬
‫‪" -1‬بئس أخو العشية"‪ ،‬ف رجل استأذن على النب صلى ال عليه‬
‫)‬
‫وسلم(‪. 1‬‬
‫‪ -2‬خطب رجل عند النب صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬من يطع ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬فقد رشد‪ ،‬ومن يعصهما‪ ،‬فقد غوى‪ .‬فقال له رسول ال‬
‫)‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بئس خطيب القوم أنت " (‪. 2‬‬
‫‪ -3‬استشارت فاطمة بنت قيس رسول ال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫رجلي خطباها‪ ،‬ها معاوية وأبو الهم‪ ،‬فقال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫"أما معاوية‪ ،‬فصعلوك ل مال له‪ ،‬وأما أبو الهم‪ ،‬فل يضع عصاه عن‬
‫)‬
‫عاتقه " (‪. 3‬‬
‫‪ -4‬قالت هند بنت عتبة‪ :‬يا رسول ال! إن أبا سفيان رجل مسيك‬
‫(وف لفظ‪ :‬رجل شحيح)‪ ،‬ل يعطين ما يكفين وولدي‪ .‬فقال لا صلى‬
‫)‬
‫ال عليه وسلم‪" :‬خذي ما يكفيك وولدك " (‪ ، 4‬ول ينكر عليها قولا‪:‬‬
‫"شحيح "‪.‬‬
‫ول شك أن لكل من هؤلء فضائل وحسنات‪ ،‬فلو كانت الوازنة‬
‫واجبة‪ ،‬فكيف يغفلها الرسول الكري إمام العادلي‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬قال الصويان تعليقا على هذا الديث‪ " :‬فهذا الصحاب الليل‬
‫رضي ال تعال عنه زلت به قدمه‪ ،‬وتكرر منه شرب المر‪ ،‬ولكن هذا‬

‫() صحيح مسلم " (كتاب المعة‪ ،‬حديث ‪.)870‬‬ ‫‪1‬‬

‫() أخرجه مسلم ف "الصحيح‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫() أخرجه مسلم ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫() متفق عليه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-72-‬‬
‫ل يعن أنه فاسد بالكلية‪ ،‬بل إن فيه من الصفات الميدة ما يوجب مبته‬
‫وموالته‪ ،‬فيعرف للمحسن إحسانه‪ ،‬وللمسيء إساءته‪ ،‬إتاما للعدل‬
‫والنصاف‪ ،‬ول يوز بال تغليب جانب النظر إل العصية دون النظر‬
‫إل بقية السنات والفضائل‪ ،‬وهذا هو الد الفاصل بي أهل السنة‬
‫والوارج "‪ ،‬وأشار إل "مموع الفتاوى" (‪ 151 /3‬و‪)152‬‬
‫وعلى هذا الكلم مآخذ‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -‬قوله‪" :‬فيه (يعن‪ :‬الصحاب الذي أقيم عليه الد) من الصفات‬
‫الميدة ما يوجب مبته وموالته ‪ ،‬ماذا يريد به؟‬
‫هل يريد مبة وموالة هذا الصحاب ؟ فنعم‪.‬‬
‫أو يريد مبة وموالة البتدعي والفجار من المارين والرابي وغيهم‬
‫هكذا على الطلق‪ ،‬تابوا أو ل يتوبوا‪ ،‬فهذا ليس من مذهب أهل السنة‬
‫والماعة‪ ،‬بل من مذهبهم التقرب إل ال ببغض هذه الصناف‬
‫ومعاداتم وهجرانم‪.‬‬
‫قال المام البغوي رحه ال‪" :‬وقد مضت الصحابة والتابعون وأتباعهم‬
‫وعلماء السنة على هذا ممعي متفقي على معاداة أهل البدعة‬
‫ومهاجرتم‪.‬‬
‫قال ابن عمر ف أهل القدر‪ :‬أخبهم أن بريء منهم‪ ،‬وأنم من‬
‫)‬
‫برآء‪. 1(" ...‬‬
‫ث ساق كلم بعض السلف‪.‬‬

‫() انظر‪ :‬شرح السنة (‪.)1/227‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-73-‬‬
‫وعن أب فراس‪ ،‬قال‪" :‬خطب عمر بن الطاب‪ ،‬فقال‪ :‬يا أيها الناس!‬
‫أل إنا كنا نعرفكم إذ بي ظهرينا النب صلى ال عليه وسلم وإذ ينل‬
‫الوحي‪ ،‬وإذ ينبئنا ال من أخباركم‪ ،‬أل وإن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قد انطلق‪ ،‬وقد انقطع الوحي‪ ،‬وإنا نعرفكم با نقول لكم‪ :‬من أظهر‬
‫منكم خيا‪ ،‬ظننا به خيا وأحببناه‪ ،‬ومن أظهر لنا منكم شرا‪ ،‬ظننا به‬
‫)‬
‫شرا وأبغضناه عليه‪ ،‬سرائركم بينكم وبي ال‪ 1( " ...‬اهـ‪.‬‬
‫حسنه الشيخ أحد شاكر‪ ،‬وف تسينه نظر‪ ،‬لكن يستأنس به وعليه‬
‫عمل السلف‪.‬‬
‫)‬
‫وقال البخاري ف "صحيحه " (‪" : 2‬حدثنا الكم بن نافع‪ :‬أخبنا‬
‫شعيب عن الزهري‪ ،‬قال‪ :‬حدثن حيد بن عبدالرحن بن عوف‪ :‬أن‬
‫عبدال بن عتبة‪ ،‬قال‪ :‬سعت عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول‪ :‬إن‬
‫ناسا كانوا يؤخذون بالوحي ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وإن الوحي قد انقطع‪ ،‬وإنا نأخذكم الن با ظهر لنا من أعمالكم‪ ،‬فمن‬
‫أظهر لنا خيا‪ ،‬أمناه وقربناه‪ ،‬وليس لنا من سريرته شيء‪ ،‬ال ياسب‬
‫سريرته‪ ،‬ومن أظهر لنا سوءا‪ ،‬ل نأمنه‪ ،‬ول نصدقه‪ ،‬وإن قال‪ :‬ان سريرته‬
‫حسنة"‪.‬‬
‫فقد يكون معن الديثي واحدا بعد التأمل والفهم‪ ،‬فما قاله الصويان‬
‫بذا الطلق يالف ما عليه كل السلف‪.‬‬

‫() مسند أحد (‪.)1/41‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪ -25‬كتاب الشهادات‪ ،‬حديث ‪68 .)2641‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-74-‬‬
‫وقوله‪" :‬وهذا هو الد الفاصل بي أهل السنة والوارج "‪ ،‬وإشارته‬
‫إل "الجموع " لبن تيمية‪ ،‬يفيد أن من ل يوازن بي اليابيات‬
‫والسلبيات ف حق الشخاص مثل‪ ،‬فهو من الوارج‪ ،‬وأن هذا العمل‬
‫من عمل الوارج‪ ،‬ل من عمل أهل السنة‪ ،‬الذين أقاموا منهجهم على‬
‫الوازنات‪.‬‬
‫وهذا الذي عمله الخ الصويان فيه خطأ وخطر من جهتي‪:‬‬
‫الول‪ :‬التعريض بن ل يلتزمون منهج الوازنة بأنم ف عملهم هذا‬
‫يسلكون مسلك الوارج‪ ،‬وقد علمت‪ -‬وستعلم با سيأت ف هذا‬
‫البحث إن شاء ال‪ -‬أن هذا النهج‪ -‬منهج الوازنة‪ -‬غي لزم‪ ،‬بل هو‬
‫منهج فاسد‪ ،‬ل يعرفه السلف‪ ،‬وعملهم يري على خلفه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن الذي قرره الصويان شيء‪ ،‬وكلم شيخ السلم الذي أحال‬
‫عليه شيء آخر‪.‬‬
‫قال شيخ السلم رحه ال‪" :‬ومن أصول أهل السنة‪ :‬أن الدين واليان‬
‫قول وعمل‪ ،‬قول القلب واللسان‪ ،‬وعمل القلب واللسان والوارح‪،‬‬
‫وأن اليان يزيد بالطاعة‪ ،‬وينقص بالعصية‪.‬‬
‫وهم مع ذلك ل يكفرون أهل القبلة بالعاصي والكبائر‪ ،‬كما يفعله‬
‫الوارج‪ ،‬بل الخوة اليانية ثابتة مع العاصي‪:‬‬
‫كما قال سبحانه وتعال ف آية القصاص‪{ :‬فمن عفي له من أخيه‬
‫)‬
‫شيء فاتباع بالعروف} (‪. 1‬‬

‫() البقرة ‪.178‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-75-‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬وإن طائفتان من الؤمني اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن‬
‫بغت إحداها على الخرى فقاتلوا الت تبغي حت تفيء إل أمر ال فإن‬
‫فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن ال يب القسطي * إنا‬
‫)‬
‫الؤمنون إخوة فأصلحوا بي أخويكم واتقوا ال لعلكم ترحون }(‪. 1‬‬
‫ول يسلبون الفاسق اللي اسم اليان بالكلية‪ ،‬ول يلدونه ف النار كما‬
‫تقوله العتزلة‪.‬‬
‫بل الفاسق يدخل ف اسم اليان ف مثل قوله تعال‪{ :‬فتحرير رقبة‬
‫)‬
‫مؤمنة} (‪. 2‬‬
‫وقد ل يدخل ف اسم اليان الطلق‪ ،‬كما ف قوله تعال‪{ :‬إنا الؤمنون‬
‫الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا}‬
‫)‬
‫(‪. 3‬‬
‫وقوله صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن‪ ،‬ول‬
‫يسرق السارق حي يسرق وهو مؤمن‪ ،‬ول يشرب المر حي يشربا‬
‫وهو مؤمن‪ " ...‬الديث‪.‬‬
‫ويقولون‪ :‬هو مؤمن ناقص اليان‪ ،‬أو مؤمن بإيانه فاسق بكبيته‪ ،‬فل‬
‫)‬
‫يعطى السم الطلق‪ ،‬ول يسلب مطلق السم " (‪. 4‬‬

‫() الجرات‪.10 -9 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() النساء ‪.92 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() النفال ‪.2 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() مموع الفتاوى (‪.)152-3/151‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-76-‬‬
‫فهذا هو كلم شيخ السلم الذي أحال عليه الخ أحد الصويان‪،‬‬
‫وهو يتضمن بيان مالفة الوارج لهل السنة ف عصاة الؤمني؟ فأهل‬
‫السنة ل يكفرونم بارتكاب كبائر الذنوب والوارج يكفرونم‪ ،‬وأهل‬
‫السنة ل يكمون على مرتكب الكبائر الصرين عليها باللود ف النار ‪،‬‬
‫والوارج والعتزلة يكمون عليهم باللود ف النار وها أمران ل علقة‬
‫لما بالنهج الذي يقرره الصويان وشتان بينهما وبينه شتان ‪ ،‬ول‬
‫يسلبونم اسم اليان بل يدخلون عندهم ف مسمى مطلق اليان ول‬
‫يعطونم اسم اليان الطلق بسبب نقصان إيانم بالعاصي الت ارتكبوها‬
‫‪ ،‬وهذا الذهب الذي يريد الصويان أن ينسبه إل أهل السنة إنا هو‬
‫مذهب كثي من يتولهم الصويان ويدافع عنهم من أمثال سيد قطب‬
‫وأتباعه ‪ ،‬والوارج والعتزلة يكمون عليهم باللود ف النار‪ ،‬وها أمران‬
‫ل علقة لما بالنهج الذي يقرره الصويان‪ ،‬وشتان بينهما وبينه شتان‪.‬‬
‫قال الصويان‪ -5" :‬قال النب صلى ال عليه وسلم لب هريرة رضي‬
‫ال عنه عن الشيطان الذي علمه آية الكرسي لتحفظه من الشيطان‪" :‬أما‬
‫إنه صدقك وهو كذوب "؟ فالنب صلى ال عليه وسلم أثبت الصدق‬
‫للشيطان الذي ديدنه الكذب‪ ،‬فلم ينع ذلك من تقبل الي الذي دل‬
‫عليه‪.‬‬
‫وذكر ابن حجر العسقلن من فوائد هذا الديث أن الكمة قد‬
‫يتلقاها الفاجر‪ ،‬فل ينتفع با‪ ،‬وتؤخذ عنه‪ ،‬فينتفع با‪ ،‬وبأن الكذاب قد‬
‫يصدق " اهـ‪.‬‬
‫والواب‪:‬‬
‫‪-77-‬‬
‫أول‪ :‬ل يكتف الخ الصويان بادعاء الوازنات فيما يتعلق باليهود‪ ،‬بل‬
‫تعدى ذلك إل الوازنات ف أشخاص الشياطي!‬
‫فهل‪ -‬بال‪ -‬يب أن نري الوازنات ف سية الشيطان الكب ورؤساء‬
‫الردة وكبار الشياطي؟!‬
‫وهل سيحاسبنا ال يوم القيامة على التقصي ف هذه الوازنات لننا‬
‫ظلمنا الشياطي فلم ننصفهم؟!‬
‫"إن من الورع لقتا"‪ ،‬كما يقال!‬
‫ثانيا‪ :‬ف الديث أن أبا هريرة لا أخب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بقصة الشيطان وسرقته‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬أما إنه‬
‫كذبك وسيعود"‪ ،‬فعاد الشيطان إل السرقة‪ ،‬فقبض عليه أبو هريرة‪،‬‬
‫فأخب رسول ال صلى ال عليه وسلم بذلك‪ ،‬فقال له رسول ال صلى‬
‫)‬
‫ال عليه وسلم مرة ثانية‪" :‬أما إنه كذبك وسيعود" (‪. 1‬‬
‫فلم يقم رسول ال صلى ال عليه وسلم بإجراء الوازنة بي مثالب هذا‬
‫الشيطان وبي ماسنه ف الرتي الوليي‪ ،‬ول يأمر أبا هريرة ول غيه من‬
‫الصحابة بالقيام بشيء من ذلك للتربية على الوازنات العادلة الت قد‬
‫تواجه المة فيها مشاكل مع اللصوص والجرمي والقتلة‪ ،‬فتقوم المة‬
‫عندها بوازنات بي مثالبهم وماسنهم‪ ،‬قد تسقط ف كثي من الحيان‬
‫عنهم الدود والقصاص والديات‪.‬‬

‫() رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-78-‬‬
‫ثالثا‪ :‬قوله صلى ال عليه وسلم ف الرة الثالثة‪" :‬أما إنه صدقك وهو‬
‫كذوب "‪ ،‬ليس فيه ذرة من الوازنات بي الحاسن والساوىء‬
‫الشيطانية‪ ،‬وإنا فيه قبول الق والصدق من أي أحد كائنا من كان‪،‬‬
‫يهوديا‪ ،‬أو نصرانيا‪ ،‬أو وثنيا‪ ،‬أو علمانيا‪ ،‬أو شيطانا كذابا رجيما‪ ،‬فهذا‬
‫فيه تربية على احترام الق والصدق‪ ،‬وقبوله‪ ،‬ولو جاء عن طريق مصدر‬
‫خبيث‪ ،‬خصوصا إذا ل ند طريقا إل الق‪ ،‬إل من جهته‪.‬‬
‫وهذا بلف ما عليه الكفرة والبتدعون العاندون والتحزبون‬
‫التهوكون‪ ،‬الذين يردون الق والصدق‪ ،‬ولو جاء به الصادقون العادلون‪،‬‬
‫)‬
‫بل لو جاء به النبيون والرسلون (‪. 1‬‬
‫قال تعال‪{ :‬فمن أظلم من كذب على ال وكذب بالصدق إذ جاءه‬
‫أليس ف جهنم مثوى للكافرين‪ .‬والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك‬
‫()‬
‫هم التقون} ‪. 2‬‬
‫بل ترى هذه الصناف تصدق الكذب والشائعات الباطلة وتلتهمها‪،‬‬
‫وتكذب بالصدق والق وترفضه إذا خالف أهواءهم‪.‬‬
‫قال الصويان‪" :‬وقد ورد ف "صحيح البخاري " ف حديث طويل ف‬
‫رجل من بن إسرائيل استقرض من صاحب له ألف دينار إل أجل‬
‫مسمى‪ ،.‬فلما جاء الجل‪ ،‬التمس مركبا يركبها يقدم عليه للجل الذي‬

‫() هذا راجع بالدرجة الول إل الكفار ‪ ،‬وقد يوجد معن التكذيب ف البتدعي‬ ‫‪1‬‬

‫والزبيي ف رفضهم للحق ف كثي من المور الت جاء با رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فيجادلون فيها‪ ،‬ويعاندون أهل الق‪.‬‬
‫() الرمز‪.33-32 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-79-‬‬
‫أجله‪ ،‬فلم يد مركبا‪ ،‬فأخذ خشبة‪ ،‬فنقرها‪ ،‬فأدخل فيها ألف دينار‪،‬‬
‫وصحيفة منه إل صاحبه‪ ،‬ث زجّج موضعها‪ ،‬ورمى با ف البحر‪ ،‬حت‬
‫ولت فيه‪ ،‬ث انصرف‪ ،‬وهو ف ذلك يلتمس مركبا يرج إل بلده‪،‬‬
‫فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء باله‪ ،‬فإذا‬
‫بالشبة الت فيها الال‪ ،‬فأخذها لهله حطبا‪ ،‬فلما نشرها‪ ،‬وجد الال‬
‫والصحيفة‪ ،‬ث قدم الذي كان أسلفه‪ ،‬فأتى باللف دينار‪ ،‬فقال‪ :‬وال‪ ،‬ما‬
‫زلت جاهدا ف طلب مركب لتيك بالك‪ ،‬فما وجدت مركبا قبل‬
‫الذي جئت فيه‪ .‬قال‪ :‬فإن ال قد أدى عنك الذي بعثت ف الشبة‪،‬‬
‫فانصرف باللف دينار راشدا" اهـ‪.‬‬
‫* أقول‪ :‬ليس ف قصة هذا الرجل‪ ،‬أي‪ :‬موازنة‪ ،‬إنه رجل مؤمن‪،‬‬
‫ضرب أروع المثلة للوفاء بالوعد‪ ،‬وحسن اللجوء إل ال‪ ،‬ث ف‬
‫العتماد على ال والتوكل عليه‪ ،‬وكذلك صاحبه‪ ،‬اقرأ هذين القطعي‬
‫من قصته‪:‬‬
‫الول‪ :‬عن أب هريرة رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪" :‬أنه ذكر رجل من بن إسرائيل‪ ،‬سأل بعض بن إسرائيل أن‬
‫يسلفه ألف دينار‪ ،‬فقال‪ :‬ائتن بالشهداء أشهدهم‪ .‬فقال‪ :‬كفى بال‬
‫شهيدا‪ .‬قال‪ :‬فائتن بالكفيل‪ .‬قال‪ :‬كفى بال كفيل‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪ .‬قال‪:‬‬
‫)‬
‫فدفعها إليه " (‪. 1‬‬
‫الثان‪ :‬فقال‪" :‬اللهم إنك تعلم أن كنت تسلفت فلنا ألف دينار‪،‬‬
‫فسألن كفيل‪ ،‬فقلت‪ :‬كفى بال كفيل‪ ،‬فرضي بك‪ ،‬وسألن شهيدا‬
‫() انظرها ف "الفتح " (‪ /469 /4‬حديث رقم ‪.)2291‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-80-‬‬
‫فقلت‪ :‬كفى بال شهيدا‪ ،‬فرضي بذلك‪ ،‬وأن جهدت أن أجد مركبا‬
‫)‬
‫أبعث إليه الذي له‪ ،‬فلم أقدر‪ ،‬وإن أستودعكها" (‪. 1‬‬
‫إنا قصة عجيبة‪ ،‬أراد رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أن يأخذ‬
‫أصحابه وأمته منها العبة والقدوة‪ ،‬وليس فيها شيء من السلبيات‪.‬‬
‫وف القرآن والسنة قصص كثية لتؤخذ منها العبة‪ ،‬كقصص النبياء‪،‬‬
‫وأهل الكهف‪ ،‬وذي القرني‪ ،‬وغيها‪ ،‬وف السنة‪ ،‬كقصة الثلثة‬
‫أصحاب الغار الذين توسلوا بأعمالم الصالة‪ ،‬وجريج وأمه‪ ،‬والطفل‬
‫الذي تكلم ف الهد‪ ،‬وغيها‪ ،‬وكلها مليئة باليابيات‪ ،‬وليس فيها‬
‫سلبيات‪ ،‬وكلها تدف إل غايات نبيلة ومقاصد عظيمة‪ ،‬نسأل ال أن‬
‫يعلنا من يستفيد منها ويأخذ منها العب‪.‬‬
‫والقصود أن القصة هذه ليس فيها موازنات‪ ،‬لنه ل وجود فيها‬
‫للسلبيات كما هي واضحة‪.‬‬
‫ومن دراسة النصوص الت تعلق با الصويان‪ ،‬ظانا أنا أدلة على ما‬
‫ذهب إليه هو وغيه من وجوب العادلت‪ ،‬يتبي أنه ل دللة ف أي‬
‫منها على وجوب هذه الوازنات‪ ،‬وأنا حجج عليه ل له‪.‬‬
‫‪ -1‬قال المام البخاري رحه ال‪" :‬وحدثنا آدم بن أب إياس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثنا سليمان بن الغية‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا حيد بن هلل‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبو‬
‫صال السمان‪ ،‬قال‪ :‬رأيت أبا سعيد الدري ف يوم جعة يصلي إل‬
‫شيء يستره من الناس‪ ،‬فأراد شاب من بن أب معيط أن يتاز بي يديه‪،‬‬

‫() انظرها ف "الفتح " (‪ /469 /4‬حديث رقم ‪.)2291‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-81-‬‬
‫فدفع أبو سعيد ف صدره‪ ،‬فنظر الشاب‪ ،‬فلم يد مساغا إل بي يديه‪،‬‬
‫فعاد ليجتاز‪ ،‬فدفعه أبو سعيد أشد من الول‪ ،‬فنال من أب سعيد‪ ،‬ث‬
‫دخل على مروان‪ ،‬فشكا إليه ما لقي من أب سعيد‪ ،‬ودخل أبوسعيد‬
‫خلفه على مروان‪ ،‬فقال‪ :‬مالك ولبن أخيك يا أبا سعيد ؟! قال‪ :‬سعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬اذا صلى أحدكم إل شيء‬
‫يستره من الناس‪ ،‬فأراد أحد أن يتاز بي يديه؟ فليدفعه‪ ،‬فإن أب‪،‬‬
‫)‬
‫فليقاتله‪ ،‬فإنا هو شيطان " (‪. 1‬‬
‫أين الوازنات ف هذا الديث ؟!‬
‫كلمة شيطان أطلقها رسول ال صلى ال عليه وسلم على الار بي‬
‫يدي الصلي الذي اتذ ستره‪ ،‬ولو كان الار مسلما‪.‬‬
‫وطبقها أبوسعيد على شاب مسلم من قريش‪.‬‬
‫‪ -2‬روى البخاري ف "الدب الفرد" (‪ ،)119‬وابن حبان (‪،)2554‬‬
‫والاكم (‪ ،)166 /4‬وأحد (‪ ،)445 /2‬وأبو بكر ممد بن أحد العدل‬
‫ف " المال " (‪ )201 /6‬من طريق العمش‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبويي مول‬
‫جعدة بن هبية‪ ،‬قال‪ :‬سعت أبا هريرة يقول‪ :‬قيل للنب صلى ال عليه‬
‫وسلم يا رسول ال! إن فلنة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق‬
‫وتؤذي جيانا بلسانا‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم "ل خي‬
‫فيها‪ ،‬هي من أهل النار"‪ .‬قال‪ :‬وفلنة تصلي الكتوبة وتصدق بأتوار من‬

‫() البخاري ‪ ( ،‬الصلة ‪ ،‬حديث ‪ ) 509‬ومسلم (الصلة حديث ‪) 505‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-82-‬‬
‫القط ول تؤذي أحدا‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم "هي من‬
‫)‬
‫أهل النة" (‪. 1‬‬
‫هكذا ييب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ " :‬ل خي فيها‪ ،‬هي من‬
‫أهل النار"‪.‬‬
‫وهذا منطق ل يتمشى مع مذهب الوازنات‪.‬‬
‫فهل يلتزم بذا النطق الدافعون عن أهل البدع ؟!‬
‫‪ -3‬روى البخاري ف " الدب الفرد" (ص ‪ )56‬عن أب هريرة رضي‬
‫ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رجل‪ :‬يا رسول ال ! إن ل جارا يؤذين‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"انطلق‪ ،‬فأخرج متاعك إل الطريق "‪ .‬فانطلق‪ ،‬فأخرج متاعه‪ ،‬فاجتمع‬
‫الناس عليه‪ ،‬فقالوا‪ :‬ما شأنك ؟ قال‪ :‬ل جار يؤذين‪ ،‬فذكرت للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال‪" :‬انطلق‪ ،‬فأخرج متاعك إل الطريق "‪.‬‬
‫فجعلوا يقولون‪ :‬اللهم العنه‪ ،‬اللهم أخزه‪ ،‬فبلغه‪ ،‬فأتاه‪ ،‬فقال‪ :‬ارجع إل‬
‫منلك‪ ،‬فوال ل أوذيك‪.‬‬
‫وهكذا تل هذه الشكلة على هذه الصورة‪ ،‬وهو حل حكيم وعادل‪،‬‬
‫ولكنه على منهج الصوفية العصرية‪ ،‬وعلى منهج الوازنات يعتب حل‬
‫خشنا وغي عادل‪.‬‬
‫)‬
‫‪ -4‬قال المام البخاري (‪ 2‬رحه ال‪" :‬حدثنا الميدي‪ :‬حدثنا‬
‫سفيان‪ :‬حدثنا عمرو بن دينار‪ ،‬قال‪ :‬أخبن سعيد بن جبي‪ ،‬قال‪" :‬قلت‬
‫لبن عباس‪ :‬إن نوفا البكال يزعم أن موسى صاحب الضر ليس هو‬
‫() سلسلة الحاديث الصحيحة (رقم ‪.)190‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (كتاب العلم‪ ،‬حديث ‪( ،)122‬كتاب التفسي‪ ،‬حديث ‪.)4725‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-83-‬‬
‫موسى صاحب بن إسرائيل‪ .‬فقال ابن عباس‪ :‬كذب عدو ال‪ ،‬حدثن‬
‫أب بن كعب‪ :‬أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬إن موسى‬
‫قام خطيبا ف بن إسرائيل‪ ،‬فسئل‪ :‬أي الناس أعلم‪ ،‬فقال‪ :‬أنا‪ ،‬فعتب ال‬
‫عليه‪ ،‬إذ ل يرد العلم إليه‪ ،‬فأوحى ال إليه‪ :‬إن ل عبدا بجمع البحرين‬
‫هو أعلم منك‪ .‬قال‪ :‬يا رب! وكيف به‪." ...‬‬
‫قال الافظ ابن حجر‪" :‬قوله‪" :‬كذب عدو ال "‪ :‬قال ابن التي‪ :‬ل يرد‬
‫ابن عباس إخراج نوف عن ولية ال‪ ،‬ولكن قلوب العلماء تنفر إذا‬
‫سعت غي الق‪ ،‬فيطلقون أمثال هذا الكلم‪ ،‬لقصد الزجر والتحذير‬
‫منه‪ ،‬وحقيقته غي مرادة"‪.‬‬
‫قال الافظ‪" :‬قلت‪ :‬ويوز أن يكون ابن عباس اتم نوفا ف صحة‬
‫إسلمه‪ ،‬فلهذا ل يقل ف حق الر بن قيس هذه القالة‪ ،‬مع تواردها‬
‫عليها‪.‬‬
‫وأما تكذيبه‪ ،‬فيستفاد أن للعال إذا كان عنده علم بشيء‪ ،‬فسمع غيه‬
‫يذكر فيه شيئا بغي علم‪ :‬أن يكذبه‪ ،‬ونظيه قوله صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫)‬
‫"كذب أبو السنابل "‪ ،‬أي‪ :‬أخب با هو باطل ف نفس المر"(‪. 1‬‬
‫‪ -5‬عن مالك‪ ،‬عن يي بن سعيد‪ ،‬عن ممد بن يي بن حبان‪ ،‬عن‬
‫ابن مييز‪ :‬أن رجل من بن كنانة يدعى الخدجي سع رجل بالشام‬
‫يكن أبا ممد يقول‪ :‬إن الوتر واجب‪ .‬فقال الخدجي‪ :‬فرحت إل عبادة‬
‫بن الصامت‪ ،‬فاعترضت له وهو رائح إل السجد‪ ،‬فأخبته بالذي قال‬
‫أبو ممد‪ ،‬فقال عبادة‪ :‬كذب أبو ممد؟ سعت رسول ال صلى ال عليه‬
‫() الفتح (‪.)1/219‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-84-‬‬
‫وسلم يقول‪" :‬خس صلوات كتبهن ال عز وجل على العباد‪ ،‬فمن جاء‬
‫بن‪ ،‬ل يضيع منهن شيئا استخفافا بقهن‪ ،‬كان له عند ال عهد أن‬
‫يدخله النة‪ ،‬ومن ل يأت بن‪ ،‬فليس له عند ال عهد‪ ،‬إن شاء عذبه‪،‬‬
‫وإن شاء أدخله النة"‪.‬‬
‫)‬ ‫()‬
‫‪ -6‬وقال المام مسلم ‪" : 1‬وحدثناه(‪ 2‬قتيبة بن سعيد‪ :‬حدثنا حات‬
‫(يعن‪ :‬ابن إساعيل) عن موسى بن عقبة عن سال‪ ،‬قال‪ :‬كان ابن عمر‬
‫رضي ال عنهما إذا قيل له‪ :‬الحرام من البيداء‪ .‬قال‪ :‬البيداء الت‬
‫تكذبون فيها على رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ما أهل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إل من عند الشجرة حي قام به بعيه"‪.‬‬
‫فهؤلء الذين كذبم عبدال بن عمر من خيار التابعي‪.‬‬
‫فأين الوازنات من قوم هم خي أمة أخرجت للناس‪ ،‬وهم أصدق‬
‫الناس‪ ،‬وأعدلم‪ ،‬وأورعهم‪ ،‬وأتقاهم‪ ،‬وأخشاهم ل؟!‬
‫أل إن منهج الوازنات ل يوضع إل لسكات صوت الق ضد أهل‬
‫البدع والباطل‪.‬‬
‫ومن أوضح الدلة على ما أقوله أن دعاته وحاملي رايته إذا هجموا‬
‫على أهل الق والتوحيد والسنة ‪ ،‬ل يلوون على هذا النهج‪ ،‬ول يلتفتون‬
‫إليه‪ ،‬ويا ليتهم ينسبون إليهم سلبيات واقعة فيهم‪ ،‬بل يقذفونم بالطوام‬
‫والدواهي العظام‪ ،‬ظلما وزورا وبتانا! وليتهم يقولون هذا عند خواصهم‬

‫() ف صحيحة‪( ،‬الج ‪ ،‬حديث ‪.)1186‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الضمي راجع إل حديث سابق رواه من طريق مالك رحه ال‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-85-‬‬
‫وسرا ف بيوتم‪ ،‬بل يعلنونه على النابر ف بيوت ال‪ ،‬وف كل الوسائل‪،‬‬
‫وف كل اليادين‪ ،‬ويشيعونه ويبثونه ف متمعات العوام والطغام!‬
‫)‬
‫{كب مقتا عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون }(‪. 1‬‬
‫وال إنا لكارثة نزلت بالمة ف دينها وأخلقها‪ ،‬فإل ال الشتكى‪،‬‬
‫وهو الستعان‪.‬‬
‫‪ -7‬قال الافظ ابن رجب ف كتابه "شرح علل الترمذي " (‪-43 /1‬‬
‫‪ " : )44‬قال أبو عيسى رحه ال‪ :‬وقد عاب بعض من ل يفهم على‬
‫أصحاب الديث الكلم ف الرجال‪ ،‬وقد وجدنا غي واحد من الئمة‬
‫من التابعي قد تكلموا ف الرجال‪ ،‬منهم‪ :‬السن البصري‪ ،‬وطاووس‪ ،‬قد‬
‫تكلما ف معبد الهن‪ ،‬وتكلم سعيد بن جبي ف طلق بن حبيب‪ ،‬وتكلم‬
‫إبراهيم النخعي وعامر الشعب ف الارث العور‪ ،‬وهكذا روي عن‬
‫أيوب السختيان وعبدال بن عون وسليمان التيمي وشعبة بن الجاج‬
‫وسفيان الثوري ومالك ابن أنس والوزاعي " وعبدال بن البارك ويي‬
‫بن سعيد القطان ووكيع بن الراح وعبدالرحن بن مهدي وغيهم من‬
‫أهل العلم أنم تكلموا ف الرجال وضعفوا‪.‬‬
‫فما حلهم على ذلك عندنا‪ -‬وال أعلم‪ -‬إل النصيحة للمسلمي‪ ،‬ل‬
‫نظن أنم أرادوا الطعن على الناس أو الغيبة‪ ،‬إنا أرادوا عندنا أن يبينوا‬
‫ضعف هؤلء‪ ،‬لكي يعرفوا‪ ،‬لن بعضهم‪ -‬من الذين ضعفوا‪ -‬كان‬
‫صاحب بدعة‪ ،‬وبضعهم كان متهما ف الديث‪ ،‬وبعضهم كانوا‬
‫أصحاب غفلة وكثرة خطأ‪ ،‬فأراد هؤلء الئمة أن يبينوا أحوالم‪ ،‬شفقة‬
‫() الصف ‪3 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-86-‬‬
‫على الدين‪ ،‬وتبيينا‪ ،‬لن الشهادة ف الدين أحق أن يتثبت فيها من‬
‫الشهادة ف القوق والموال "‪.‬‬
‫قال الافظ ابن رجب‪" :‬مقصود الترمذي رحه ال أن يبي أن الكلم‬
‫ف الرح والتعديل جائز‪ ،‬قد أجع عليه سلف المة وأئمتها‪ ،‬لا فيه من‬
‫تييز ما يب قبوله ما ل يوز قبوله‪ ،‬وقد ظن بعض من ل علم عنده أن‬
‫ذلك من باب الغيبة‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬فإن ذكر عيب الرجل‪ ،‬إذا كان فيه‬
‫مصلحة‪ -‬ولو كانت خاصة‪ ،‬كالقدح ف شاهد‪ -‬الزور‪ -‬جائز بغي‬
‫نزاع‪ ،‬فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمي أول‪.‬‬
‫وروى ابن أب حات بإسناده عن بز بن أسد قال‪ :‬لو أن لرجل على‬
‫رجل عشرة دراهم‪ ،‬ث جحده‪ ،‬ل يستطع أخذها منه إل بشاهدين‬
‫عدلي‪ ،‬فدين ال أحق أن يؤخذ فيه العدول‪.‬‬
‫وكذلك يوز ذكر العيب إذا كان فيه مصلحة خاصة‪ ،‬كمن يستشي‬
‫ف نكاح أو معاملة‪ ،‬وقد دل عليه قول النب صلى ال عليه وسلم لفاطمة‬
‫بنت قيس‪" :‬أما معاوية فصعلوك ل مال له‪ ،‬وأما أبو الهم‪ ،‬فل يضع‬
‫عصاه عن عاتقه "‪ ." ...‬واستمر ابن رجب ف كلم يطول نقله‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد أورد الخ أحد الصويان أقوال بعض العلماء‪ ،‬متجا با على‬
‫منهج الوازنات‪ ،‬وليس فيها ما يدل على ذلك‪ ،‬وتعلق بابن تيمية‬
‫والذهب‪ ،‬وف تصرفهما ومواقفهما الكثية البعيدة عن منهج الوازنات ما‬
‫يقطع علئق هذا التعلق‪.‬‬
‫وأقول‪:‬‬

‫‪-87-‬‬
‫أول‪ :‬إن للمام ابن تيمية مؤلفات كثية يذكر فيها فرقا وأشخاصا‬
‫وجاعات ل وجود فيها لذه القارنات بي اليابيات والسلبيات‪،‬‬
‫ولوكانت هذه الوازنة واجبة‪ ،‬لرأيته من أقوم الناس با‪ ،‬وكذلك كتبه‬
‫مليئة بنقد الكتب والرجال والذاهب والعقائد‪ ،‬فل يوجد فيها هذه‬
‫الوازنات‪ ،‬اللهم إل بعض النتف ف نادر من الحوال‪ ،‬وليس سببها إيانه‬
‫بوجوب هذه الوازنات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬لو فرضنا أن شيخ السلم رأى ذلك واجبا‪ -‬وهو بعيد جدا‪،-‬‬
‫لكان لزاما أن نرد ذلك إل ال والرسول‪ ،‬كما قال تعال‪{ :‬فإن تنازعتم‬
‫ف شيء فردوه إل ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك‬
‫)‬
‫خي وأحسن تأويل}(‪. 1‬‬
‫ث هذه مؤلفات تلميذ هذا المام‪ ،‬وعلى رأسهم ابن القيم‪ ،‬ل يوجد‬
‫فيها شيء‪ -‬حسب علمي‪ -‬من الوازنات‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬للحافظ الذهب ثلثة مؤلفات ف الجروحي‪ ،‬وهي‪ " :‬اليزان "‪،‬‬
‫و " الغن "‪ ،‬و "ديوان الضعفاء"‪ ،‬فلو كانت الوازنات واجبة عنده‪،‬‬
‫فلماذا خصص هذه الكتب للجرح فقط ول يلتزم إل جانبه ذكر‬
‫الحاسن؟!‬
‫وقد سبقه إل هذا أئمة كبار‪ ،‬فهل كانوا يؤمنون بنهج الوازنات ث‬
‫ييدون عنه‪ ،‬حاشا وكل‪ ،‬فإنم على الصراط الستقيم‪ ،‬والنهج القوي‪،‬‬
‫وأقوم الناس بالعدل والنصح لمة السلم‪.‬‬

‫() النساء ‪.59 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-88-‬‬
‫وأضيف متوجعا متحسرا فأقول‪ :‬إن من الضحكات البكيات إذن أن‬
‫تؤلف كتب باسم السلف‪ ،‬وباسم منهج أهل السنة والماعة‪ ،‬وباسم‬
‫العدالة السلمية‪ ،‬وتنشر أشرطة‪ ،‬يشاد فيها بأهل البدع وقادتم‪ ،‬فهم‬
‫الدعاة‪ ،‬وهم الفكرون‪ ،‬وهم الطباء الصقعون‪ ،‬وهم الجاهدون‬
‫الناضلون‪ ...‬والسلفيون ليسوا من هذه الجالت ف قبيل ول دبي‪ ،‬ول‬
‫ف العي ول ف النفي‪ ،‬وليت المر يقف عند هذا الد‪ ،‬بل يتجاوزه إل‬
‫الطعن والتحقي والتشهي‪.‬‬
‫يا قوم ! مهل مهل!!‬
‫أخبون ما هي الهود الت بذلتموها ف قمع أهل البدع وصد ظلمهم‬
‫وعدوانم على الق وأهله ؟!‬
‫هل أنتم على طريقة أهل السنة والماعة ف هجران أهل البدع‬
‫ومقاطعتهم ومنابذتم والباءة منهم ومن بدعهم وضللم ؟!‬
‫هل أنتم سائرون على صراطهم ف التعامل معهم مواقف وتآليف‬
‫تدحض باطلهم ؟!‬
‫هل أنتم على طريقة الصحابة والتابعي وأتباع التابعي؟!‬
‫هل أنتم على طريقة حاد بن زيد‪ ،‬وحاد بن سلمة‪ ،‬والوزاعي‪،‬‬
‫والثوري‪ ،‬والمام مالك‪ ،‬وأب إسحاق الفزاري‪ ،‬وأحد بن حنبل‪،‬‬
‫وأقرانه‪ ،‬ومدرسته‪ ،‬وعلى طريقة البخاري‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وأب داود‪،‬‬
‫وإخوانم ؟!‬

‫‪-89-‬‬
‫هل أنتم على طريقة عبدال بن أحد‪ ،‬وابن خزية‪ ،‬وابن بطة‪،‬‬
‫والللكائي‪ ،‬وقوام السنة النصاري ؟!‬
‫هل أنتم على طريقة القادسة عبد الغن والضياء وابن قدامة ؟ أ‬
‫هل أنتم على طريقة ابن تيمية وابن القيم وابن عبدالادي ؟!‬
‫هل أنتم على طريقة المام ممد بن عبدالوهاب وتلميذه وأبنائه‬
‫وأحفاده؟!‬
‫هل أنتم على طريقة هؤلء جيعا مواقف ومؤلفات وماضرات‬
‫وندوات ف قمع البدع ودحضها وفضحها‪ ،‬والتحذير والتنفي منها ومن‬
‫أهلها ؟! فالواقع يشهد بعكس هذا كله‪.‬‬
‫لقد ذهبتم تفتشون ف تراث السلف‪ ،‬علكم تدون فيه من كلمهم‬
‫ومواقفهم ما توقفون به السلفيي الظالي ف نظركم عند حدهم‪ ،‬فلم‬
‫تدوا من كلم ول مواقف أحد منهم‪ ،‬من الصحابة‪ ،‬من القرن الول‬
‫للتاريخ السلمي إل القرن الثامن‪ ،‬ل تدوا شيئا ‪ ،‬إل نتفا من كلم ابن‬
‫تيمية‪ ،‬الذي كانت حياته كلها جهادا ونضال وهجوما على أهل البدع‪،‬‬
‫فإذا أدرك أنه قد دمر معاقلهم‪ ،‬وثلّ عروشهم‪ ،‬أدركته رقة تشبه رقة أب‬
‫بكر على أسرى قريش يوم بدر‪ ،‬فيقول كلمات ف قوم قد يكونون‬
‫قريبي إل السنة‪ ،‬ولم مع ذلك جهاد يدافعون فيه عن السنة وعن‬
‫وأهلها‪ ،‬فتأخذون تلك النتف‪ ،‬وتسمونا‪ :‬منهج أهل السنة والماعة!‬
‫وتشنون با الغارة على البقية من الجتهدين من أهل السنة‪ ،‬الذين‬
‫تكالبت عليهم فرق الضلل والبدع‪.‬‬

‫‪-90-‬‬
‫إن هذه النتف الت تدونا ف كلم ابن تيمية‪ ،‬ل يوز أن نسميها‬
‫منهج ابن تيمية‪ ،‬فضل عن أن نسميها منهج أهل السنة والماعة ‪ ،‬لن‬
‫ابن تيمية ل يكن دافعه فيها اليان بذه الوازنات الزعومة‪.‬‬
‫ث إن العمود الفقري ف منهجهم‪ -‬والذي ينسبونه إل أهل السنة‬
‫والماعة‪ -‬هو قولم بوجوب الوازنة بي اليابيات والسلبيات ف‬
‫الرجال ومؤلفاتم‪ ،‬وبعضهم يعمم ذلك ف الماعات‪ ،‬وقد هدمناه‬
‫بعاول الق‪ ،‬فصار عليهم ل لم‪ ،‬ول المد‪.‬‬
‫وف النقول التية عن ابن تيمية وغيه من أئمة السلف ما يدعم هذا‪:‬‬

‫‪-91-‬‬
‫موقف شيخ السلم من البدع وأهلها وبيان عدم التزامه‬
‫بذكر ماسنهم‬
‫وها أنا ذا أقدم لكم ناذج ما امتلت به كتب شيخ السلم‪ -‬وما‬
‫أكثرها‪ -‬بنقد الرجال وذكر مثالبهم‪ ،‬ل يلتزم ف شيء منها بذكر‬
‫ماسنهم‪ ،‬لن ذلك ل يلزمه‪.‬‬
‫خذ بعض جولته الت هي قطرة من جهاده العظيم الذي واجه فيه‬
‫البدع والضللت بكل شجاعة وصراحة وعدل وإنصاف للسلم وذود‬
‫عن حياضه‪:‬‬
‫)‬
‫‪ -1‬قال شيخ السلم ف "نقض النطق " (‪" : 1‬الراد على أهل البدع‬
‫ماهد‪ ،‬حت كان يي بن يي يقول‪ :‬الذب عن السنة أفضل من الهاد"‬
‫اهـ‪.‬‬
‫‪ -2‬وقال شيخ السلم‪" :‬فمن كان ماهدا ف سبيل ال‪ :‬باللسان‪،‬‬
‫بالمر بالعروف‪ ،‬والنهي عن النكر‪ ،‬وبيان الدين‪ ،‬وتبليغ ما ف الكتاب‬
‫والسنة من المر والنهي والي‪ ،‬وبيان القوال الخالفة لتلك‪ ،‬والرد على‬
‫من خالف الكتاب والسنة‪.‬‬
‫أو باليد‪ ،‬كقتال الكفار‪.‬‬
‫فإذا أوذي ف جهاده بيد غيه أو لسانه‪ ،‬فأجره ف ذلك على ال‪ ،‬ل‬
‫يطلب من الظال عوض مظلمته‪ ،‬بل هذا الظال إن تاب وقبل الق الذي‬
‫جوهد عليه‪ ،‬فالتوبة تب ما قبلها‪{ :‬قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لم‬

‫() (ص ‪.)12‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-92-‬‬
‫)‬
‫ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الولي }(‪ ، 1‬وإن ل يتب‪،‬‬
‫بل أصر على مالفة الكتاب والسنة‪ ،‬فهو مالف ل ورسوله‪ ،‬وان كان‪-‬‬
‫أيضا‪ -‬للمؤمني حق تبعا لق ال‪ ،‬وهذا إذا عوقب‪ ،‬لق ال‪ ،‬ولتكون‬
‫كلمة ال هي العليا‪ ،‬ويكون الدين كله ل‪ ،‬ل لجل القصاص فقط "‬
‫)‬
‫(‪ 2‬اهـ‪.‬‬
‫ومن هذا النطلق قضى جل حياته ف جهاد أهل الباطل والبدع‪ ،‬ببيانه‬
‫الواضح‪ ،‬وقلمه السيال‪ ،‬وإمكاناته العقلية الائلة‪ ،‬وشجاعته النادرة‪،‬‬
‫فأنتج كل ذلك هذه الثروة العظيمة من الؤلفات الت أعلى ال با منار‬
‫الق‪ ،‬ودمغ با الباطل‪..‬‬
‫وكان يركز ف أكثرها على أولئك البتدعة ‪ -‬من صوفية وأشعرية‪-‬‬
‫والذين يصرون على النتساب إل أهل السنة والماعة‪ ،‬ذلك السلوب‬
‫الذي خدعوا به المة السلمية‪ ،‬فأوقعوا أجيال منهم ف أحضان البدع‬
‫والرافات الشينة‪ ،‬المر الذي يري مثله اليوم ف الساحات السلفية‪،‬‬
‫لرهم إل حأة البدع وأوحالا مرة أخرى‪ ،‬بعد أن أنقذهم ال منها‬
‫بهود الخلصي الرتكزة على كتاب ال وسنة رسوله وهدي السلف‬
‫الصال من هذه المة‪.‬‬
‫لقد كانت كتابات وجهاد ومؤلفات شيخ السلم تركز على فكر‬
‫ومناهج وعقائد تلك الطوائف العتزية إل السنة والماعة‪ -‬وهي بعيدة‬
‫عنها‪ ،-‬لن خطرها أشد على المة السلمية‪ ،‬فألف ف هذا اليدان‬
‫() النفال ‪.38 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الحتجاج بالقدر" (ص ‪ )50‬نشر مكتبة أنصار السنة‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-93-‬‬
‫الكثي والكثي‪ ،‬مثل‪" :‬درء تعارض العقل والنقل "‪ ،‬و"بيان تلبيس‬
‫الهمية"‪ ،‬وجانب كبي من فتاواه‪ ،‬وجانب كبي من كتابه "منهاج‬
‫السنة" الذي ألفه ردا على الروافض‪ ،‬ومثل " الموية" و " الواسطية" و‬
‫" التدمرية" و " التوسل والوسيلة" و " الرد على البكري " و"الرد على‬
‫الخنائي "‪ ،‬وغي هذه‪ ،‬ما صبّه حما على هذه الصناف الطية‪ ،‬الت‬
‫يدافع عن أمثالا اليوم كثي من ينتمي إل النهج السلفي‪ ،‬قبل أن يقدموا‬
‫أي جهد لتحذير المة من خطرهم‪ ،‬وفضح عقائدهم وأساليبهم الت‬
‫يتذرعون با إل مادعة الشباب السلفي‪.‬‬
‫يا ليت هؤلء يعلمون أي جناية يرتكبونا ف حق السلم بأسلوبم‬
‫اليادي هذا‪.‬‬
‫إنم ل يوجد لديهم أي استعداد للذود عن عرين النهج السلفي‪،‬‬
‫والذود عن حياضه‪ ،‬لذا تراهم يبدؤون حياتم برحلة سلم مع أهل‬
‫البدع والباطل‪ ،‬ويسمون أسلوبم ومنهجهم هذا بنهج أهل السنة‬
‫والماعة !!‬
‫يا قوم! اقرؤوا ما كتبه أئمة الديث أهل السنة والماعة‪ ،‬اقرؤوا ما‬
‫كتبه البخاري ف "خلق أفعال العباد"‪ ،‬وما كتبه المام أحد وابنه‬
‫عبدال‪ ،‬وما كتبه اللل وابن خزية ف كتب "السنة" و " التوحيد"‪،‬‬
‫واقرؤوا " البانة" لبن بطة و"الشرح والبانة" له‪ ،‬و"شرح اعتقاد إهل‬
‫السنة والماعة" لللكائي‪ ،‬ومقدمة "شرح السنة" للبغوي‪ ،‬ومقدمة "‬
‫ابن ماجه "‪ ،‬و (السنة) لب داود ف كتابه "السنن "‪ ،‬و"الجة ف بيان‬
‫الحجّة" لب القاسم التيمي الصبهان‪ ،‬ومؤلفات ابن تيمية وابن القيم‪،‬‬
‫‪-94-‬‬
‫كـ "الصواعق الرسلة" و " النونية"‪ ،‬ومدرسة المام ممد بن‬
‫عبدالوهاب‪ ،‬وانظروا مواقفهم وتعاملهم مع أهل البدع‪.‬‬
‫هل تدونم ل يذكرون شخصا إل مقرونة حسناته بسيئاته وبدعه ؟!‬
‫وهل ل يذكرون مثالب كتاب إل وبعدها أو قبلها حسناته ؟!‬
‫ل نعرف قط ذلك‪ ،‬ول نسمع به‪.‬‬
‫أل تدركون أن دعائم النهج السلفي ستقوض بذا السلوب‪ ،‬وأن‬
‫قضية الولء والباء الت هي أوثق عرى اليان ستدمر ؟!‬
‫يا إخوتاه! إن كنتم حقا تترمون النهج السلفي وأهله‪ ،‬فانشروا‬
‫كتبهم‪ ،‬ودرسوها‪ ،‬واشحنوا كتاباتكم وماضراتكم ومقالتكم بأقوالم‬
‫ف أهل البدع وتذيرهم منهم‪ ،‬ودرسوا الشباب مواقفهم من أهل‬
‫البدع‪ ،‬وحثوا الشباب على دراستها والحتفاء با والعتزاز با‪ ،‬فبهذه‬
‫الساليب تيا عقيدة ومنهج السلف‪ ،‬وتتألق ف نفوسهم‪ ،‬وترتفع با‬
‫رؤوسهم تباهيا واعتزازا‪.‬‬
‫‪ -3‬قال رحه ال تعال ف نقد أئمة الشاعرة ومنهجهم وأصلهم الذي‬
‫بنوا عليه اعتقادهم الخالف لكتاب ال وسنة رسوله ومنهج السلف‬
‫الصال‪ ،‬الذي تتشد كل الدعوات غي السلفية لتسريبه إل عقول‬
‫الشباب السلفي ف غمرة الهادنات‪ ،‬والغالطات‪ ،‬يرافقه الترويض على‬
‫التودد إل الصوفية‪ ،‬والقبورية‪ ،‬اللذين لبن تيمية معهما معارك ومعارك‪.‬‬

‫‪-95-‬‬
‫قال‪" :‬وهذه الطريقة الت سلكها من وافق العتزلة ف ذلك ‪ -‬كصاحب‬
‫)‬
‫"الرشاد" (‪ 1‬وأتباعه‪ ،-‬هؤلء يردون دللة الكتاب والسنة‪ :‬تارة‬
‫يصرحون بأنا وإن علمنا مراد الرسول‪ ،‬فليس قوله ما يوز أن يتج به‬
‫ف مسائل الصفات‪ ،‬لن قوله إنا يدل بعد صدقه الوقوف على مسائل‬
‫الصفات‪ ،‬وتارة يقولون‪ :‬إنا ل يدل لنا ل نعلم مراده‪ ،‬لتطرق‬
‫الحتمالت إل الدلة السمعية‪ ،‬وتارة يطعنون ف الخبار‪.‬‬
‫فهذه الطرق الثلث الت وافقوا فيها الهمية ونوهم من البتدعة‪،‬‬
‫أسقطوا با حرمة الكتاب والرسول عندهم‪ ،‬وحرمة الصحابة والتابعي‬
‫لم بإحسان‪ ،‬حت يقولوا‪ :‬إنم ل يققوا أصول الدين كما حققناها!‬
‫وربا اعتذروا عنهم بأنم كانوا مشتغلي بالهاد! ولم من جنس هذا‬
‫الكلم الذي يوافقون به الرافضة ونوهم من أهل البدع‪ ،‬ويالفون به‬
‫الكتاب والسنة والجاع‪ ،‬ما ليس هذا موضع بسطه‪ ،‬وإنا نبهنا على‬
‫أصول دينهم وحقائق أقوالم‪ ،‬وغايتهم أنم يدعون ف أصول الدين‬
‫الخالفة للكتاب والسنة العقول والكلم‪ ،‬وكلمهم فيه من التناقض‬
‫والفساد ما ضارعوا به أهل اللاد‪ ،‬فهم من جنس الرافضة‪ :‬ل عقل‬
‫صريح‪ ،‬ول نقل صحيح‪ ،‬بل منتهاهم السفسطة ف العقليات‪ ،‬والقرمطة‬
‫ف السمعيات‪ ،‬وهذا منتهى كل مبتدع خالف شيئا من الكتاب والسنة‪،‬‬
‫)‬
‫حت ف السائل العملية والقضايا الفقهية" (‪ 2‬اهـ‪.‬‬
‫فهذا كلمه ف صاحب "الرشاد" وأتباعه من الشاعرة‪.‬‬
‫() يعن ‪ :‬إمام الرمي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() درء تعارض العقل والنقل (‪.)15-2/14‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-96-‬‬
‫فأي مواجهة للباطل أقوى من هذه الواجهة الصادعة بالق‪ ،‬البعيدة‬
‫كل البعد عن الجاملت والتمويهات والتملق لهل البدع والضلل‬
‫الذين ل نسبة بينهم وبي الوين وأتباعه ف سعة العلم وف الدين‬
‫والورع ؟!‬
‫‪ -4‬وقال ف الرد على الرازي‪" :‬فقوله‪" :‬خصومنا ف هذا الباب إما‬
‫الكرامية وإما النابلة"‪ ،‬ليس بسديد‪ ،‬ل سيما وهؤلء النابلة الذين‬
‫وصفهم ‪ -‬إن كان لم وجود‪ -‬فهم صنف من النابلة الوجودين ف‬
‫وقته أو قبله بأرض خراسان وغيها‪ ،‬ليسوا من أئمة علماء النابلة ول‬
‫أفاضلهم‪ ،‬فإن هذه اللفاظ الت حكاها عن النابلة ل نعرفها عن أحد‬
‫منهم كما سنذكره‪.‬‬
‫وكذلك هؤلء الكرامية الذين حكى قولم هم بعض الكرامية‪ ،‬وإل‬
‫فكثي من الكرامية قد يالفونه فيما حكاه عنهم‪.‬‬
‫بل خصومه ف هذا الباب جيع النبياء والرسلي وجيع الصحابة‬
‫والتابعي‪ ،‬وجيع أئمة الدين من الولي والخرين‪ ،‬وجيع الؤمني‬
‫الباقي على الفطرة الصحيحة‪ -‬دع ما قد تنازع فيه من ذلك‪ ،-‬فإنم ل‬
‫يطلقون على ال هذا الطلق الذي ذكره‪ ،‬وإن كان فيهم وف سائر‬
‫الطوائف من نصّ بالصفات الت يطلق عليها هو وأمثاله أنا أجزاء أو‬
‫أبعاض‪ ،‬لكنهم ل يطلقون اللفاظ الوهة الحتملة‪ ،‬إل إذا نص الشرع‪،‬‬
‫فأما ما ل يرد به الشرع‪ ،‬فل يطلقونه‪ ،‬إل إذا تبي معناه الصحيح الوافق‬
‫)‬
‫للشرع " (‪ 1‬اهـ‪.‬‬
‫() تلبيس الهمية (‪.)1/21‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-97-‬‬
‫)‬
‫‪ -5‬قال رحه ال ف "درء تعارض العقل والنقل " (‪ 1‬مبينا أن عامة‬
‫من ضل عن الق إنا سبب ضللم هو إعراضهم وتفريطهم ف اتباع ما‬
‫جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ول يعذرهم‪" :‬لكن ينبغي أن‬
‫يعرف أن عامة من ضل ف هذا الباب أو عجز فيه عن معرفة الق‪ ،‬فإنا‬
‫هو لتفريطه ف اتباع ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم وترك النظر‬
‫والستدلل الوصل إل معرفته‪ ،‬فلما أعرضوا عن كتاب ال ضلوا‪:‬‬
‫كما قال تعال‪{ :‬يا بن آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم‬
‫)‬
‫آيات فمن اتقى وأصلح فل خوف عليهم ول هم يزنون }(‪. 2‬‬
‫{قال اهبطا منها جيعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم من هدى‬
‫فمن اتبع هداي فل يضل ول يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له‬
‫(‪)3‬‬
‫معيشة ضنكا ونشره يوم القيامة أعمى} ‪.‬‬
‫قال ابن عباس‪" :‬تكفل ال لن قرأ القرآن وعمل با فيه أن ل يضل ف‬
‫الدنيا‪ ،‬ول يشقى ف الخرة"‪ ،‬ث قرأ هذه الية‪.‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬الص * كتاب أنزل إليك فل يكن ف صدرك حرج منه‬
‫لتنذر به وذكرى للمؤمني * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا‬
‫)‬
‫من دونه أولياء قليل ما تذكرون } (‪. 4‬‬

‫() (‪.)1/54-59‬‬ ‫‪1‬‬

‫() العراف‪.35 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() طه‪.124-123 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() العراف ‪.3-1‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-98-‬‬
‫وقال‪{ :‬وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحون * أن‬
‫تقولوا إنا أنزل الكتاب على طائفتي من قبلنا وإن كنا عن دراستهم‬
‫لغافلي * أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد‬
‫جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحة فمن أظلم من كذب بآيات ال‬
‫وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب با كانوا‬
‫)‬
‫يصدفون}(‪. 1‬‬
‫فذكر سبحانه أنه يزي الصادف عن آياته مطلقا‪ -‬سواء كان مكذبا‬
‫أم ل يكن‪ -‬سوء العذاب با كانوا يصدفون‪.‬‬
‫يبي ذلك أن كل من ل يقر با جاء به الرسول‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬سواء‬
‫اعتقد كذبه‪ ،‬أو استكب عن اليان به‪ ،‬أو أعرض عنه اتباعا لا يهواه‪ ،‬أو‬
‫ارتاب فيما جاء به‪ ،‬فكل مكذب با جاء به‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬وقد يكون‬
‫كافرا من ليكذبه إذا ل يؤمن به‪.‬‬
‫ولذا أخب ال ف غي موضع ف كتابه بالضلل والعذاب لن ترك اتباع‬
‫مـا أنزله‪ ،‬وإن كان له نظـر وجدل واجتهاد فـ عقليات وأمور وغيـ‬
‫ذلك‪ ،‬وجعل ذلك من نعوت الكفار والنافقي‪.‬‬
‫قال تعال‪( :‬ولقد مكناهم فيما إن مكنكم فيه وجعلنا لم سعا وأبصارا‬
‫وأفئدة فما أغن عنهم سعهم ول أبصارهم ول أفئدتم من شيء إذ‬
‫)‬
‫كانوا يحدون بآيات ال وحاق بم ما كانوا به يستهزئون}(‪. 2‬‬

‫() النعام ‪.157-155 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الحقاف‪.26 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-99-‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬فلما جاءتم رسلهم بالبينات فرحوا با عندهم من العلم‬
‫وحاق بم ما كانوا به يستهزئون * فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بال وحده‬
‫وكفرنا با كنا به مشركي * فلم يك ينفعهم إيانم لا رأوا بأسنا سنة‬
‫)‬
‫ال الت قد خلت ف عباده وخسر هنالك الكافرون }(‪. 1‬‬
‫وقال‪( :‬الذين يادلون ف آيات ال بغي سلطان أتاهم كب مقتا عند ال‬
‫)‬
‫وعند الذين آمنوا كذلك يطبع ال على كل قلب متكب جبار}(‪. 2‬‬
‫وف الية الخرى‪( :‬أم لكم سلطان مبي فأتوا بكتابكم إن كنتم‬
‫)‬
‫صادقي}(‪. 3‬‬
‫والسلطان‪ :‬هو الجة النلة من عند ال‪ ،‬كما قال تعال‪{ :‬أَمْ أَن َزْلنَا‬
‫عَلَْي ِهمْ سُ ْلطَانًا َف ُهوَ َيتَكَّلمُ ِبمَا كَانُوا ِبهِ ُيشْ ِركُونَ}(‪ )4‬وقال تعال‪ { :‬أَمْ‬
‫لَ ُكمْ ُسلْطَانٌ ُمبِيٌ * فَأْتُوا ِبكِتَابِ ُكمْ ِإنْ كُنُتمْ صَادِقِيَ}(‪ )5‬وقال تعال‪{:‬إن‬
‫هي إل أساء سيتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل ال با من سلطان إن‬
‫)‬
‫يتبعون إل الظن وما توى النفس ولقد جاءهم من ربم الدى}(‪. 6‬‬
‫وقد قال تعال ف نعت النافقي‪{ :‬أل تر إل الذين يزعمون انم آمنوا‬
‫با أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إل الطاغوت‬
‫وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلل بعيدا * وإذا‬
‫() غافر‪.85-83 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() غافر ‪.35 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() الصافات‪.57-56 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() الروم ‪35‬‬ ‫‪4‬‬

‫() الصافات ‪157-156‬‬ ‫‪5‬‬

‫() النجم ‪.23 :‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪-100-‬‬
‫قيل لم تعالوا إل ما أنزل ال وإل الرسول رأيت النافقي يصدون عنك‬
‫صدودا * فكيف إذا أصابتهم مصيبة با قدمت أيديهم ث جاؤوك يلفون‬
‫بال إن أردنا إل إحسانا وتوفيقا * أولئك الذين يعلم ال ما ف قلوبم‬
‫)‬
‫فأعرض عنهم وعظهم وقل لم ف أنفسهم قول بليغا}(‪. 1‬‬
‫وف هذه اليات أنواع من العب الدالة على ضلل من تاكم إل غي‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وعلى نفاقه‪ ،‬وإن زعم أنه يريد التوفيق بي الدلة‬
‫الشرعية وبي ما يسميه هو عقليات من المور الأخوذة عن بعض‬
‫الطواغيت من الشركي وأهل الكتاب‪ ،‬وغي ذلك من أنواع العتبار‪.‬‬
‫فمن كان خطؤه‪:‬‬
‫‪ -1‬لتفريطه فيما يب عليه من اتباع القرآن واليان مثل‪.‬‬
‫‪ -2‬أو لتعديه حدود ال بسلوك السبيل الت ني عنها‪.‬‬
‫‪ -3‬أو لتباع هواه بغي هدى من ال‪.‬‬
‫فهو الظال لنفسه‪ ،‬وهو من أهل الوعيد‪.‬‬
‫بلف الجتهد ف طاعة ال ورسوله باطنا وظاهرا‪ ،‬الذي يطلب الق‬
‫باجتهاده‪ ،‬كما أمره ال ورسوله‪ ،‬فهذا مغفور له خطؤه‪ ،‬كما قال تعال‪:‬‬
‫{آمن الرسول با أنزل إليه من ربه والؤمنون كل آمن بال وملئكته‬
‫وكتبه ورسله ل نفرق بي أحد من رسله وقالوا سعنا وأطعنا} إل قوله‪:‬‬
‫)‬
‫{ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطانا} (‪. 2‬‬

‫() النساء‪.63-60 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() البقرة ‪.286-285‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-101-‬‬
‫وقد ثبت ف "صحيح مسلم " عن النب صلى ال عليه وسلم‪ :‬أن ال‬
‫تعال قال‪" :‬قد فعلت "‪.‬‬
‫وكذلك ثبت فيه من حديث ابن عباس‪ :‬أن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫ل يقرأ برف من هاتي اليتي ومن سورة الفاتة إل أعطي ذلك‪.‬‬
‫فهذا يبي استجابة هذا الدعاء للنب والؤمني‪ ،‬وأن ال ل يؤاخذهم إن‬
‫نسوا أو أخطؤوا" اهـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن كثيا من الناس‪ ،‬بل من الدعاة‪ ،‬من ينل الناس غي منازلم‪،‬‬
‫فيجعل من رؤساء البدع الهلة أئمة متهدين‪ ،‬لم أجر الجتهدين ف‬
‫صوابم وخطئهم‪.‬‬
‫وينسى أن هؤلء من أهل الهواء‪ ،‬الذين يملون بدعواتم الضالة‬
‫أوزارهم وأوزار من تبعهم ل ينقص ذلك من أوزارهم شيئا‪.‬‬
‫اعرف أيها الؤمن النصف منلة هؤلء من كلم شيخ السلم الت ف‬
‫من هو أعلم وأفضل منهم‪.‬‬
‫‪" -6‬ونقل هذا العارض عن الواب ما ليس فيه‪ ،‬بل العروف التواتر‬
‫ف جيع كتبه وكلمه بلفه‪ ،‬وليس ف الواب ما يدل عليه‪ ،‬بل على‬
‫نقيض ما قاله‪ ،‬وهذا إما أن يكون عن تعمد‪ ،‬أو عن سوء فهم مقرون‬
‫بسوء الظن وما توى النفس‪ ،‬وهذا أشبه المرين به‪ ،‬فإن من الناس من‬
‫يكون عنده نوع من الدين مع جهل عظيم‪ ،‬فهؤلء يتكلم أحدهم بل‬
‫علم فيخطىء‪ ،‬ويب عن المور بلف ما هي عليه خبا غي مطابق‪،‬‬
‫ومن تكلم ف الدين بغي الجتهاد السوّغ له الكلم وأخطأ‪ ،‬فإنه كاذب‬

‫‪-102-‬‬
‫آث‪ ،‬كما قاله النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الذي ف "السنن "‬
‫عن بريدة عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أنه قال‪" :‬القضاة ثلثة‪:‬‬
‫قاضيان ف النار‪ ،‬وقاض ف النة"‪ :‬رجل قضى للناس على جهل؟ فهو ف‬
‫النار‪ ،‬ورجل عرف الق وقضى بلفه‪ ،‬فهو ف النار‪ ،‬ورجل علم الق‬
‫فقضى به‪ ،‬فهو ف النة‪.‬‬
‫فالذي يهل‪ ،‬وإن ل يتعمد خلف الق‪ ،‬فهو ف النار‪ ،‬بلف الجتهد‬
‫الذي قال فيه النب صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬إذا اجتهد الاكم فأصاب‪ ،‬فله‬
‫أجران‪ ،‬وإن اجتهد الاكم فأخطأ‪ ،‬فله أجر))‪.‬‬
‫فهذا جعل له أجرا مع خطئه‪ ،‬لنه اجتهد فاتقى ال ما استطاع‪ ،‬بلف من‬
‫قضى با ليس له به علم‪ ،‬وتكلم بدون الجتهاد السوغ له الكلم‪ ،‬فإن هذا‬
‫كما ف الديث عن ابن عباس عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أنه قال‪" :‬من‬
‫قال ف القرآن برأيه‪ ،‬فليتبوأ مقعده من النار"‪ .‬وف رواية‪(( :‬بغي علم )) ‪.‬‬
‫وف حديث جندب عن النب صلى ال عليه وسلم ‪(( :‬من قال ف القرآن‬
‫برأيه‪ ،‬فأصاب‪ ،‬فقد أخطأ‪ ،‬ومن أخطأ‪ ،‬فليتبوأ مقعده من النار))‪.‬‬
‫وف "الصحيحي " عن عبدال بن عمرو عن النب صلى ال عليه وسلم ‪ :‬أنه‬
‫قال‪(( :‬إن ال ل يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس‪ ،‬ولكن يقبضه بقبض‬
‫العلماء‪ ،‬فإذا ل يبق عالا‪ ،‬اتذ الناس رؤوسا جهال‪ ،‬فسئلوا‪ ،‬فأفتوا بغي علم‪،‬‬
‫فضلوا وأضلوا ))(‪.)1‬‬
‫وف رواية للبخاري ‪ (( :‬فأفتوا برأيهم ))‪.‬‬

‫() البخاري‪ ،‬كتاب العلم ‪ ،‬حديث ‪ ، 100‬ومسلم‪ ،‬كتاب العلم ‪ ،‬حديث ‪2673‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-103-‬‬
‫وهذا بلف الجتهد الذي اتقى ال ما استطاع‪ ،‬وابتغى طلب العلم بسب‬
‫المكان‪ ،‬وتكلم ابتغاء وجه ال‪ ،‬وعلم رجحان دليل على دليل‪ ،‬فقال بوجب‬
‫الراجح‪ ،‬فهذا مطيع ل‪ ،‬مأجور أجرين إن أصاب‪ ،‬وإن أخطأ أجرا واحدا‪.‬‬
‫ومن قال‪(( :‬كل متهد مصيب ))‪ ،‬بعن أنه مطيع ل‪ ،‬فقد صدق‪ ،‬ومن‬
‫قال‪(( :‬الصيب ل يكون إل واحدا‪ ،‬وإن الق ل يكون إل واحدا‪ ،‬ومن ل‬
‫يعلمه‪ ،‬فقد أخطأ‪ ،‬بعن أنه ل يعلم الق ف نفس المر‪ ،‬فقد صدق‪ ،‬كما‬
‫بسط هذا ف مواضع ‪.‬‬
‫والقصود أن من تكلم بل علم يسوغ‪ ،‬وقال غي الق‪ ،‬فإنه يسمى كاذبا‪،‬‬
‫فكيف بن ينقل من كلم موجود خلف ما هو فيه ما يعرف كل من تدبر‬
‫الكلم أن هذا نقل باطل؟! فإن مثل هذا كذب ظاهر‪ ،‬والول على صاحبه‬
‫الكذب‪ ،‬كما قال النب صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬ ‫إث الكذب‪ ،‬ويطلق عليه ( )‬
‫((كذب أبو السنابل )) ‪ ، 1‬وكما قال لا قيل له‪ :‬إنم يقولون‪ :‬إن عامرا‬
‫بطل عمله‪ ،‬قتل نفسه‪ .‬فقال‪(( :‬كذب من قال ذلك ))‪ ،‬وكما قال عبادة‪:‬‬
‫((كذب أبو ممد))‪ ،‬لا قال‪ :‬الوتر واجب‪ .‬وقال ابن عباس‪(( :‬كذب‬
‫نوف ))‪ ،‬لا قال‪ :‬إن موسى صاحب بن إسرائيل ليس هو موسى صاحب‬
‫الضر‪ ،‬ومثل هذا كثي‪.‬‬
‫() ف قصة سبيعة السلمية لا مات زوجها فوضعت حلها وتيأت للخاطبي فأنكر عليها أبو‬ ‫‪1‬‬

‫السنابل وقال‪ :‬حت تعتدي أربعة أشهر وعشرا‪ .‬فسألت النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫كذب أبو السنابل !‪.‬‬
‫والقصة ف " الصحيحي " وغيها‪.‬‬
‫وأبو السنابل هو ابن بعكك ‪ ،‬اسه حبة أو عمرو‪ ،‬وقيل غي ذلك‪ .‬اهـ من الصابة ف‬
‫معرفة الصحابة" ف (ترجة أب السنابل)‪.‬‬
‫‪-104-‬‬
‫فإذا كان هذا الب الذي ليس بطابق يسمى كذبا‪ ،‬فما هو كذب ظاهر‬
‫أول‪.‬‬
‫ومثل هذا إذا حكم بي الناس بالهل‪ ،‬فهو أحد القضاة الثلثة الذين قال‬
‫فيهم النب صلى ال عليه وسلم ((القضاة ثلثة ‪ :‬قاضيان ف النار‪ ،‬وقاض ف‬
‫النة‪ :‬رجل علم الق وقضى به‪ ،‬فهو ف النة‪ ،‬ورجل علم الق وقضى‬
‫بلفه‪ ،‬فهو ف النار‪ ،‬ورجل قضى للناس على جهل‪ ،‬فهو ف النار))‪.‬‬
‫وان قيل فيه‪ :‬قد يكون متهدا مطئا مغفورا له‪ ،‬فحكمه الذي أخطأ فيه‬
‫وخالف فيه النص والجاع باطل باتفاق العلماء‪ ،‬وكذلك حكم من شاركه‬
‫ف ذلك‪.‬‬
‫وكلم هذا وأمثاله يدل على أنم بعيدون عن معرفة الصواب ف هذا الباب‪،‬‬
‫كأنم غرباء عن دين السلم ف مثل هذه السائل‪ ،‬ل يتدبروا القرآن‪ ،‬ول‬
‫عرفوا السنن‪ ،‬ول آثار الصحابة‪ ،‬ول التابعي‪ ،‬ول كلم أئمة السلمي‪.‬‬
‫وف مثل هؤلء قال النب صلى ال عليه وسلم ف الديث الصحيح‪(( :‬بدأ‬
‫السلم غريبا‪ ،‬وسيعود غريبا كما بدأ))‪ ،‬فشريعة السلم ف هذا الباب غريبة‬
‫عند هؤلء ل يعرفونا‪ ،‬فإن هذا وأمثاله لو كان عندهم علم بنوع من أنواع‬
‫الدلة الشرعية ف هذا الباب‪ ،‬لوزعهم ذلك عما وقعوا فيه من الضلل‪،‬‬
‫والبتداع‪ ،‬ومالفة دين الرسلي‪ ،‬والروج عما عليه جيع أئمة الدين‪ ،‬مع ما‬
‫فيه من الفتراء على) ال ورسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وعلى علماء السلمي‪،‬‬
‫وعلى الجيب ))(‪ 1‬اهـ‪.‬‬
‫() (ص ‪ )11 -9‬من كتاب "الرد على الخنائي واستحباب زيارة خي البية الزيارة‬ ‫‪1‬‬

‫الشرعية" لبن تيمية‪ ،‬تقيق عبدالرحن بن يي العلمي اليمان‪ ،‬طبع الرئاسة العامة لدارات‬
‫‪-105-‬‬
‫()‬
‫ف‬ ‫‪2‬‬
‫‪ -7‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف "مموع الفتاوى"‬
‫أصناف الهمية‪ -‬وعد منهم الشاعرة ‪:-‬‬
‫((ومن قال‪ (( :‬الظاهر غي مراد))‪ ،‬بالتفسي الثان‪ -‬وهومراد الهمية ومن‬
‫تبعهم من العتزلة وبعض الشعرية وغيهم‪ ،-‬فقد أخطأ‪.‬‬
‫ث أقرب هؤلء ‪ -‬الهمية ‪ -‬الشعرية ‪ ،‬يقولون‪ :‬إن له صفات سبعا‪:‬‬
‫الياة‪ ،‬والعلم‪ ،‬والقدرة‪ ،‬والرادة‪ ،‬والكلم‪ ،‬والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬وينفون ما‬
‫عداها‪ ،‬وفيهم من يضم إل ذلك اليد فقط‪ ،‬ومنهم من يتوقف ف نفي ما‬
‫سواها‪ ،‬وغلتم يقطعون بنفي ما سواها‪.‬‬
‫وأما العتزلة‪ ،‬فإنم ينفون الصفات مطلقا‪ ،‬ويثبتون أحكامها‪ ،‬وهي ترجع‬
‫عند أكثرهم إل أنه عليم قدير‪ ،‬وأما كونه مريدا متكلما‪ ،‬فعندهم أنا صفات‬
‫حادثة أو إضافية أو عدمية‪ ،‬وهم أقرب الناس إل الصابئي الفلسفة من الروم‬
‫ومن سلك سبيلهم من العرب والفرس‪ ،‬حيث زعموا أن الصفات كلها ترجع‬
‫إل سلب أو إضافة أو مركب من سلب وإضافة‪ ،‬فهؤلء كلهم ضلل‬
‫مكذبون للرسل‪.‬‬
‫ومن رزقه ال معرفة ما جاءت به الرسل‪ ،‬وبصرا نافذا‪ ،‬وعرف حقيقة‬
‫مأخذ هؤلء‪ ،‬علم قطعا أنم يلحدون ف أسائه وآياته‪ ،‬وأنم كذبوا بالرسل‬
‫وبالكتاب وبا أرسل به رسله‪ ،‬ولذا كانوا يقولون‪ :‬إن البدع مشتقة من‬
‫الكفر‪ ،‬وآيلة إليه‪ ،‬ويقولون‪ :‬إن العتزلة مانيث الفلسفة‪ ،‬والشعرية مانيث‬
‫العتزلة‪.‬‬
‫البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد الرياض‪ ،‬سنة ‪ 1404‬هـ‪.‬‬
‫() ( ‪.)36 0 -358 /6‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-106-‬‬
‫وكان يي بن عمار يقول‪ .:‬العتزلة الهمية الذكور‪ ،‬والشعرية الهمية‬
‫الناث‪ ،‬ومرادهم الشعرية الذين ينفون الصفات البية‪ ،‬وأما من قال منهم‬
‫بكتاب "البانة" الذي صنفه الشعري ف آخر عمره‪ ،‬ول يظهر مقالة تناقض‬
‫ذلك‪ ،‬فهذا يعد من أهل السنة‪ ،‬لكن مرد النتساب إل الشعري بدعة‪ ،‬ل‬
‫سيما وأنه بذلك يوهم حسنا بكل من انتسب هذه النسبة‪ ،‬وينفتح بذلك‬
‫أبواب شر‪ ،‬والكلم مع هؤلء الذين ينفون ظاهرها بذا التفسي"‪.‬‬
‫فهذا كلم فصل ف الشعرية‪ ،‬وأنم من فصائل الهمية‪ ،‬إل من التزم با ف‬
‫كتاب "البانة" لب السن الشعري‪ ،‬فإنه يعد من أهل السنة‪ ،‬شريطة أن ل‬
‫ينتسب إل الشعري‪.‬‬
‫وهذا يدفع الاكرين الذين ياولون إقناع الشباب السلفي بأن الشاعرة من‬
‫أهل السنة‪ ،‬ودافع ذلك أسباب عقدية فاسدة‪ ،‬وأغراض سياسية متلعبة‪.‬‬
‫•قول شيخ السلم ف الطوائف والكتب‬
‫والذاهب‪:‬‬
‫‪ -8‬قال شيخ السلم بعد أن ذكر اليات الت تذم أهل الكتاب على‬
‫اختلفهم‪ ،‬وبعد أن بي أنواع الختلف بينهم‪:‬‬
‫قال رحه ال‪" :‬واختلف أهل البدع هو من هذا النمط‪ ،‬فالارجي يقول‪:‬‬
‫ليس الشيعي على شيء‪ ،‬والشيعي يقول‪ :‬ليس الارجي على شيء‪ ،‬والقدري‬
‫الناف يقول‪ :‬ليس الثبت على شيء‪ ،‬والقدري البي الثبت يقول‪ :‬ليس الناف‬
‫على شيء‪ ،‬والوعيدية تقول‪ :‬ليست الرجئة على شيء‪ ،‬والرجئة تقول‪:‬‬
‫ليست الوعيدية على شيء‪.‬‬

‫‪-107-‬‬
‫بل ويوجد شيء من هذا بي أهل الذاهب الصولية والفروعية النتسبي إل‬
‫السنة‪ ،‬فالكلب يقول‪ :‬ليس الكرامي على شيء‪ ،‬والكرامي يقول‪ :‬ليس‬
‫الكلب على شيء‪ ،‬والشعري يقول‪ :‬ليس السالي على شيء‪ ،‬والسالي‬
‫يقول‪ :‬ليس الشعري على شيء‪ ،‬ويصنف السالي كأب علي الهوازي كتابا‬
‫ف مثالب الشعري‪ ،‬ويصنف الشعري كابن عساكر كتابا يناقض ذلك ف‬
‫كل وجه‪ ،‬وذكر فيه مثالب السالية‪.‬‬
‫وكذلك أهل الذاهب الربعة وغيها‪ ،‬ل سيما وكثي منهم قد تلبس ببعض‬
‫القالت الصولية‪ ،‬وخلط هذا بذا‪ ،‬فالنبلي والشافعي والالكي يلط بذهب‬
‫مالك والشافعي وأحد شيئا من الصول الشعرية والسالية ‪ ،‬وغي ذلك‪،‬‬
‫ويضيفه إل مذهب مالك والشافعي وأحد‪ ،‬وكذلك النفي يلط‬
‫بذهب أب حنيفة شيئا من أصول العتزلة والكرامية والكلبية‪ ،‬ويضيفه‬
‫إل مذهب أب حنيفة‪.‬‬
‫وهذا من جنس الرفض والتشيع‪ ،‬لكنه تشيع ف تفضيل بعض الطوائف‬
‫والعلماء‪ ،‬ل تشيع ف تفضيل بعض الصحابة‪.‬‬
‫والواجب على كل مسلم يشهد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول‬
‫ال‪ :‬أن يكون أصل قصده توحيد ال بعبادته وحده ل شريك له ‪،‬‬
‫وطاعة رسوله‪ ،‬يدور على ذلك ويتبعه أين وجده‪ ،‬ويعلم أن أفضل اللق‬
‫بعد النبياء هم الصحابة‪ ،‬فل ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما ؟ إل‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬ول لطائفة انتصارا عاما مطلقا؟ إل‬
‫للصحابة رضي ال عنهم أجعي؟ فإن الدى يدور مع رسول ال حيث‬
‫دار‪ ،‬ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيه حيثما داروا فإذا أجعوا ل‬
‫‪-108-‬‬
‫يمعوا على خطأ قط بلف عال من العلماء فإنم قد يمعون على‬
‫خطأ"( ) ‪.‬‬
‫‪1‬‬

‫فهذا كلم شيخ السلم عن الطوائف‪ ،‬سواء من انتسب إل السنة أو‬


‫غيها‪ ،‬وسواء انتسب إل الذاهب الربعة أو غيها‪.‬‬
‫وهذا كلمه فيما دسّوه ف مذاهب أهل السنة وكتبهم‪ ،‬فلم يذكر‬
‫ماسن أي منهم؟ لن الدف أن يضع يده على مكمن الداء؟ لعل‬
‫العقلء النصفي ينتبهون لذلك‪ ،‬فيستأصلوه من كتب العقائد والكتب‬
‫الفقهية‪ ،‬فتعود للمة صحتها وسلمتها وقوتا وتاسكها‪.‬‬
‫ولكن؟ مع السف ذهبت صيحته ف واد وسع الرجاء‪:‬‬
‫لقد أسعت لو ناديت حيا ولكن ل حياة لن تنادي ‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫"والقصود هنا أن ال ذكر أن الختلفي جاءتم البينة‪،‬‬
‫وجاءهم العلم‪ ،‬وإنا اختلفوا بغيا‪ ،‬ولذا ذمهم ال وعاقبهم؟ فإنم ل‬
‫يكونوا متهدين مطئي‪ ،‬بل كانوا قاصدين البغي‪ ،‬عالي بالق‪،‬‬
‫معرضي عن القول وعن العمل به‪.‬‬
‫ونظي هذا قول ال‪{ :‬إن الدين عند ال السلم وما اختلف الذين‬
‫أوتوا الكتاب إل من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم}( ) ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫قال الزجاج‪" :‬اختلفوا للبغي ل لقصد البهان "‪.‬‬

‫() (منهاج السنة) (‪.)262-260 /5‬‬ ‫‪1‬‬

‫() آل عمران‪.19 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-109-‬‬
‫ث ساق آيات ف هذا العن‪ ...‬ث قال‪" :‬فهذه الواضع من القرآن تبي‬
‫أن الختلفي ما اختلفوا حت جاءهم العلم والبينات‪ ،‬فاختلفوا للبغي‬
‫والظلم‪ ،‬ل لجل اشتباه الق بالباطل عليهم‪.‬‬
‫وهذا حال أهل الختلف الذموم من أهل الهواء‪ ،‬كلهم ل يتلفون‬
‫إل من بعد أن يظهر لم الق وييئهم العلم‪ ،‬فيبغي بعضهم على بعض‪،‬‬
‫ث الختلفون الذمومون كل منهم يبغي على الخر‪ ،‬فيكذب با معه من‬
‫الق مع علمه أنه حق‪ ،‬ويصدق با مع نفسه من الباطل مع العلم ( ) بأنه‬
‫‪1‬‬

‫باطل‪ ،‬وهؤلء كلهم مذمومون‪.‬‬


‫ولذا كان أهل الختلف الطلق كلهم مذمومي ف الكتاب والسنة؟‬
‫فإنه ما منهم إل من خالف حقا واتبع باطل‪.‬‬
‫ولذا؟ أمر ال الرسل أن تدعوا إل دين واحد‪ ،‬هو دين السلم‪ ،‬ول‬
‫يتفرقوا فيه‪ ،‬وهو دين الولي والخرين من الرسل وأتباعهم‪ .‬قال‬
‫تعال‪ {:‬شَ َرعَ لَ ُكمْ مِنْ الدّينِ مَا َوصّى ِبهِ نُوحًا وَاّلذِي َأ ْو َحْينَا ِإلَيْكَ وَمَا‬
‫َوصّيْنَا بِهِ ِإْبرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ َأقِيمُوا الدّينَ َولَا َتتَ َف ّرقُوا فِيهِ َكُبرَ‬
‫(‪)2‬‬
‫عَلَى اْل ُمشْرِكِيَ مَا تَدْعُو ُهمْ ِإلَْيهِ}‬
‫وساق آيات وبعض الحاديث ف هذا العن‪ ،‬ث قال‪" :‬وقد تدبرت كتب‬
‫الختلف الت تذكر فيها مقالت الناس‪ :‬إما نقل مردا مثل كتاب ((القالت‬
‫)) لب السن الشعري‪ ،‬وكتاب ((اللل والنحل)) للشهرستان ولب عيسى‬
‫الوراق‪ ،‬أو مع انتصار لبعض القوال‪ ،‬كسائر ما صنفه أهل الكلم على‬
‫() قال الحقق ف الاشية‪ " :‬إنه ف نسخة‪" :‬مع علمه "‪ ،‬وهو أنسب‬ ‫‪1‬‬

‫() الشورى ‪13 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-110-‬‬
‫اختلف طبقاتم‪ ،‬فرأيت عامة الختلف الذي فيها من الختلف الذموم‪،‬‬
‫وأما الق الذي بعث ال به رسوله وأنزل به كتابه وكان عليه سلف المة‪،‬‬
‫فل يوجد فيها ف جيع مسائل الختلف‪ ،‬بل يذكر أحدهم ف السألة عدة‬
‫أقوال‪ ،‬والقول الذي جاء به الكتاب والسنة ل يذكرونه‪ ،‬وليس ذلك لنم‬
‫يعرفونه ول يذكرونه‪ ،‬بل ل يعرفونه‪ ،‬ولذا كان السلف والئمة يذمون هذا‬
‫الكلم ))‪.‬‬
‫ث (‪ )1‬ذكر أبا العال والغزال والمدي والرازي وما كانوا فيه من حية‬
‫وشكوك ورجوع بعضهم عند موته‪.‬‬
‫ث قال‪(( :‬وأما الرازي‪ ،‬فهو ف الكتاب الواحد‪ ،‬بل ف الوضع الواحد منه‬
‫ينصر قول‪ ،‬وف موضع آخر منه أو من كتاب آخر ينصر نقيضه‪ ،‬ولذا استقر‬
‫أمره على الية والشك‪...‬‬
‫ولذا‪ ،‬لا ذكر أكمل العلوم‪ :‬العلم بال وبصفاته وأفعاله‪ ،‬ذكر أن على كل‬
‫منها إشكال‪.‬‬
‫وقد ذكرت كلمه‪ ،‬وبينت ما أشكل عليه وعلى هؤلء ف مواضع‪ ،‬فإن ال‬
‫قد أرسل رسله بالق‪ ،‬وخلق عباده على الفطرة‪ ،‬فمن كمل فطرته با أرسل‬
‫ال به رسله‪ ،‬وجد الدى واليقي الذي ل ريب فيه ل يتناقض‪ ،‬لكن هؤلء‬
‫أفسدوا فطرتم العقلية‪ ،‬وشرعتهم السمعية‪ ،‬با حصل لم من الشبهات‬
‫والختلف الذي ل يهتدوا معه إل الق‪ ،‬كما قد ذكر تفصيل ذلك ف‬
‫موضع غي هذا))‪...‬‬

‫() الكلم للمؤلف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-111-‬‬
‫ث قال ف شأن الرازي‪(( :‬فإن من تدبركتبه كلها‪ ،‬ل يد فيها مسألة واحدة‬
‫من مساثل أصول الدين موافقة للحق الذي يدل عليه النقول والعقول‪ ،‬بل‬
‫يذكر ف السألة عدة أقوال‪ ،‬والقول الق ل يعرفه فل يذكره‪ ،‬وهكذا غيه‬
‫من أهل الكلم والفلسفة‪ ،‬ليس هذا من خصائصه‪ ،‬فإن الق واحد‪ ،‬ول‬
‫يرج عما جاءت به الرسل‪ ،‬وهو الوافق لصريح العقل‪ ،‬فطرة ال الت فطر‬
‫الناس عليها‪.‬‬
‫وهؤلء ل يعرفون ذلك‪ ،‬بل هم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا‪ ،‬وهم‬
‫متلفون ف الكتاب‪{ :‬ذلك بان ال نزل الكتاب بالق وإن الذين اختلفوا ف‬
‫الكتاب لفي شقاق بعيد} (‪. )1‬‬
‫ث قال‪(( :‬قال المام أحد ف خطبة مصنفه الذي صنفه ف مبسه ف الرد‬
‫على الزنادقة والهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غي‬
‫تأويله‪ ،‬وفيها الثناء على أهل الق والسنة واجتهادهم ف بيان الق ودعوة‬
‫الناس وهدايتهم إل الق‪ ،‬وفيها‪ :‬ينفون عن كتاب ال تريف الغالي‪،‬‬
‫وانتحال البطلي‪ ،‬وتأويل الاهلي‪ ،‬الذين عقدوا ألوية البدعة‪ ،‬وأطلقوا عنان‬
‫الفتنة‪ ،‬فهم متلفون ف الكتاب‪ ،‬مالفون للكتاب‪ ،‬متفقون على مالفة‬
‫الكتاب‪ ،‬يقولون على ال وف ال وف كتاب ال بغي علم‪ ،‬يتكلمون بالتشابه‬
‫من الكلم‪ ،‬يدعون الهال با يلبسون عليهم "‪.‬‬
‫ث قال‪" :‬وهم كما وصفهم رحه ال‪ ،‬فإن الختلفي أهل القالت الذكورة‬
‫ف كتب الكلم ‪ -‬إما نقل مردا للقوال‪ ،‬وإما نقل وبثا وذكرا للجدال ‪-‬‬
‫متلفون ف الكتاب‪ ،‬كل منهم يوافق بعضا ‪ ،‬ويعل ما يوافق رأيه هو الحكم‬
‫() البقرة ‪. 176 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-112-‬‬
‫الذي يب اتباعه‪ ،‬وما يالفه هو التشابه الذي يب تأويله أو تفويضه‪ ،‬وهذا‬
‫موجود ف كل من صنف ف الكلم‪ ،‬وذكر النصوص الت يتج با ويتج با‬
‫عليه‪ ،‬تده يتأول النصوص الت تالف قوله تأويلت‪ ،‬لو فعلها غيه‪ ،‬لقام‬
‫القيامة عليه‪ ،‬ويتأول اليات با يعلم بالضطرار أن الرسول ل يرده‪ ،‬وبا ل‬
‫يدل عليه اللفظ أصل‪ ،‬وبا هو خلف التفسي العروف عن الصحابة‬
‫والتابعي وخلف نصوص أخرى‪.‬‬
‫ولو ذكرت ما أعرفه من ذلك‪ ،‬لذكرت خلقا‪ ،‬ول أستثن أحدا من أهل‬
‫البدع‪ ،‬ل من الشهورين بالبدع الكبار من معتزل ورافضي ونو ذلك‪ ،‬ول‬
‫من النتسبي إل السنة والماعة من كرامي وأشعري وسالي ونو ذلك‪،‬‬
‫وكذلك من صنف على طريقهم من أهل الذاهب الربعة وغيها‪.‬‬
‫هذا كله رأيته ف كتبهم‪ ،‬وهذا موجود ف بثهم ف مسائل الصفات‬
‫والقرآن ومسائل القدر ومسائل الحكام والساء واليان والسلم ومسائل‬
‫الوعد والوعيد وغي ذلك‪ ،‬وقد بسطنا الكلم على ذلك ف مواضع من كتبنا‬
‫غي هذا الكتاب‪" :‬درء تعارض النقل والعقل " وغيه(‪ )1‬اهـ‪.‬‬
‫فهل من ذكرهم شيخ السلم من الطوائف وأهل الذاهب قد جردوا كلهم‬
‫من السنات والحاسن‪ ،‬وهل كتبهم تلو خلوا كامل من الفوائد والعلم‬
‫والحاسن‪ ،‬فأين ذكرها؟!‬
‫الواب‪ :‬إن ذكرها غي لزم‪ ،‬ول واجب‪ ،‬وليس إهالا ما يناف المانة‪ ،‬بل‬
‫الواجب واللزم فقط هو بيان ضللم وبدعهم وتصرفاتم وتأويلتم وتذير‬
‫الناس من خطرها وشرها‪.‬‬
‫() منهاج السنة" ( ‪102 .)275-260 /5‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-113-‬‬
‫وذلك هو غاية النصح الطلوب من علماء السلم‪ ،‬وعلى هذا النهج‬
‫ساروا‪ ،‬وبه نضوا‪ ،‬فلهم منا الذكر الميل وحسن الثناء‪ ،‬ونسأل ال أن يزل‬
‫لم الثواب والعطاء على ما بذلوا من نصح‪ ،‬وما قدموا من جهد وجهاد‪.‬‬
‫•كلمه على الشعرية والعطلة ومن جرى مراها‪:‬‬
‫‪ -9‬وقال شيخ السلم ف الكلم على حديث الصورة وميء الرب تبارك‬
‫وتعال من كتابه "تلبيس الهمية"(‪:)1‬‬
‫"ول ريب أن عند الهمية متنع أن يكونوا متبعي ل كما يتنع أن يكون هو‬
‫الت‪ ،‬وكما يتنع أن يكون قد أتاهم ف صورة‪ ،‬وكما يتنع أن يتجلى‬
‫ضاحكا‪ ،‬وكما يتنع أن يكشف عن ساقه‪.‬‬
‫فأحد المرين لزم‪ ...‬إما أن يكون ما أخب به الرسول هو الق‪ ،‬أو ما‬
‫يقوله هؤلء الهمية‪ ،‬وها متناقضان غاية التناقض‪.‬‬
‫ومن عرف ما جاء به الرسول‪ ،‬ث وافقهم‪ ،‬فل ريب أنه منافق " اهـ‪.‬‬
‫مراده بالهمية هنا هم الشعرية وغيهم من العطلة‪ ،‬والشعرية مقصودون‬
‫بالقصد الول‪ ،‬ول شك أن كثيا منهم عرف ما جاء به الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ث وافقهم‪.‬‬
‫فأين ذكر الحاسن إن كان من العدل ذكرها ؟!‬

‫() ( ‪ -373 /3‬القسم الخطوط)‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-114-‬‬
‫•نقده لطوائف النظار‪:‬‬
‫‪ - 10‬قال شيخ السلم ف "تلبيس الهمية" (‪" : )1‬وإنا القصود هنا إبطال‬
‫كل تأويل فيه تريف للكلم عن مواضعه‪ ،‬وإلاد فيه‪ ،‬ورد لا قصد بالنص‪،‬‬
‫فيد ما كذبوا به من الق‪ ،‬فإن هذا شأن الحرفي لنصوص الصفات‪ ،‬إذا‬
‫حلوا الديث على ما هو ثابت ف نفس المر‪ ،‬ل تنازع ف ذلك العن‬
‫الصحيح‪ ،‬ول ف دللة الديث عليه إذا احتمل ذلك‪ ،‬وقد ل يكون ف هذا‬
‫القام ناظرين ف دللة الديث عليه نفيا وإثباتا‪ ،‬ولكن تنازعهم ف تريف‬
‫الكلم عن مواضعه‪ ،‬واللاد ف أساء ال وآياته‪ ،‬وهو ما أبطلوه وعطلوه‬
‫وكذبوا به من الق‪ ،‬فإن خطأ النظار فيما كذبوا به ونفوه أكب من خطئهم‬
‫فيما صدقوا به وعلموه " اهـ‪.‬‬
‫كلم شيخ السلم هنا على النظار من متلف الطوائف جهمية ومعتزلة‬
‫وأشعرية بالدرجة الول‪.‬‬
‫ومقصوده ينصب فقط على إبطال تأويلتم وتريفهم وإلادهم‪ ،‬وهو قصد‬
‫شرعي جهادي‪ ،‬يظهر به الق على الباطل ويدفعه‪ ،‬ول يلزم الجاهد الناضل‬
‫عن الق الناصر لدين ال التشاغل بتعداد ماسن أهل الباطل والبدع‪.‬‬
‫•رأي شيخ السلم ف الوارج‪:‬‬
‫‪ -11‬ف "الصحيحي " (‪ )2‬عن علي رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬سعت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يقول‪" :‬سيخرج قوم ف آخر الزمان‪ ،‬أحداث السنان‪،‬‬
‫() ( ‪.)306 -305 /3‬‬ ‫‪1‬‬

‫() صحيح البخاري (‪-61‬كتاب الناقب حديث رقم ‪ )3611‬ومسلم (‪-12‬كتاب‬ ‫‪2‬‬

‫الزكاة ‪ ،‬حديث رقم ‪. 1066‬‬


‫‪-115-‬‬
‫سفهاء الحلم‪ ،‬يقولون من قول خي البية‪ ،‬ل ياوز إيانم حناجرهم‪،‬‬
‫يرقون من الدين كما يرق السهم من الرمية‪ ،‬فأينما لقيتموهم‪ ،‬فاقتلوهم‪ ،‬فإن‬
‫ف قتلهم أجرا لن قتلهم يوم القيامة"‪.‬‬
‫وروى النسائي(‪ )1‬عن أب برزة‪ ،‬قال‪ :‬أت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بال‪ ،‬فقسم‪ ،‬فأعطى من عن يينه ومن عن شاله‪ ،‬ول يعط من وراءه شيئا‪،‬‬
‫فقام رجل من ورائه‪ ،‬فقال‪ :‬يا ممد! ما عدلت ف القسمة! رجل أسود‪،‬‬
‫مطموم الشعر‪ ،‬عليه ثوبان أبيضان‪ ،‬فغضب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫غضبا شديدا‪ ،‬وقال‪" :‬وال ل يدون بعدي رجل هو أعدل من "‪ ،‬ث قال‪:‬‬
‫"يرج ف آخر الزمان قوم كأن هذا منهم‪ ،‬يقرؤون القرآن‪ ،‬ل ياوز تراقيهم‪،‬‬
‫يرقون من السلم كما يرق السهم من الرمية‪ ،‬سيماهم التحليق‪ ،‬ل يزالون‬
‫يرجون‪ ،‬حت يرج آخرهم مع السيح الدجال‪ ،‬فإذا لقيتموهم‪ ،‬فاقتلوهم‪،‬‬
‫هم شر اللق والليقة"‪.‬‬
‫وفيما رواه الترمذي وغيه عن أب أمامة‪ :‬أنه قال‪" :‬هم شر قتلى تت أدي‬
‫السماء‪ ،‬خي قتلى من قتلوه "‪.‬‬
‫وذكر أنه سع النب صلى ال عليه وسلم يقول ذلك مرات متعددة‪ ،‬وتل‬
‫فيهم قول ال تعال‪ { :‬يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت‬
‫وجوههم أكفرت بعد إيانكم }(‪.)2‬‬

‫() (‪.)7/119-121‬‬ ‫‪1‬‬

‫() آل عمران‪.106 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-116-‬‬
‫وقال‪ :‬هؤلء الذين كفروا بعد إيانم‪ ،‬وتل قوله تعال‪{ :‬فأما الذين ف‬
‫قلوبم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}(‪.)3‬‬
‫وقال‪ :‬زاغوا فزيغ بم‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ف "الصارم السلول " (ص ‪ )183 -182‬بعد أن ذكر‬
‫هذه الحاديث وغيها ف شأن الوارج‪:‬‬
‫"فهذه الحاديث كلها دليل على أن النب صلى ال عليه وسلم أمر بقتل‬
‫طائفة هذا الرجل العاتب عليه‪ ،‬وأخب أن ف قتلهم أجرا لن قتلهم‪ ،‬وقال‪ :‬لئن‬
‫أدركتهم لقتلنهم قتل عاد وارم‪ ،‬وذكر أنم شر اللق والليقة"‪.‬‬
‫وقال‪" :‬ول يوز أن يكون أمر بقتلهم بجرد قتالم الناس كما يقاتل الصائل‬
‫من قاطع الطريق ونوه كما يقاتل البغاة‪ ،‬لن أولئك إنا يشرع قتالم حت‬
‫تنكسر شوكتهم‪ ،‬فيكفوا عن الفساد‪ ،‬ويدخلوا ف الطاعة‪ ،‬ول يقتلون أينما‬
‫لقوا‪ ،‬ول يقتلون قتل عاد‪ ،‬وليسوا بشر قتلى تت أدي السماء‪ ،‬ول يؤمر‬
‫بقتلهم‪ ،‬وإنا يؤمر ف آخر المر بقتالم‪ ،‬فعلم أن هؤلء أوجب قتلهم مروقهم‬
‫من الدين‪ ،‬لا غلوا فيه حت مرقوا منه‪ ،‬كما دل عليه قوله ف حديث علي‪:‬‬
‫"يرقون من الدين كما يرق السهم من الرمية‪ ،‬فأينما لقيتموهم‪ ،‬فاقتلوهم "‪،‬‬
‫فرتب المر بالقتل على مروقهم‪ ،‬فعلم أنه الوجب له‪.‬‬
‫ولذا وصف النب صلى ال عليه وسلم الطائفة الارجة‪ ،‬وقال‪" :‬لو يعلم‬
‫اليش الذين يصيبونم ما قضي لم على لسان ممد‪ ،‬لنكلوا عن العمل‪ ،‬وآية‬

‫() آل عمران ‪.7‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-117-‬‬
‫ذلك أن فيهم رجل له عضد ليس له ذراع‪ ،‬على رأس عضده مثل حلمة‬
‫الثدي‪ ،‬عليه شعرات بيض "‪.‬‬
‫وقال‪" :‬إنم يرجون على حي فرقة من الناس‪ ،‬يقتلهم أدن الطائفتي إل‬
‫الق "‪.‬‬
‫وهذا كله ف "الصحيح "‪.‬‬
‫فثبت أن قتلهم لصوص صفتهم ل لعموم كونم بغاة ماربي‪.‬‬
‫وهذا القدر موجود ف الواحد منهم كوجوده ف العدد منهم‪ ،‬و إنا ل‬
‫يقتلهم علي رضي ال عنه أول ما ظهروا‪ ،‬لنه ل يب له أنم الطائفة النعوتة‪،‬‬
‫حت سفكوا دم ابن خباب‪ ،‬وأغاروا على سرح الناس‪ ،‬فظهر فيهم قوله‪:‬‬
‫"يقتلون أهل السلم‪ ،‬وبدعون أهل الديان "‪ ،‬فعلم أنم الارقون‪ ،‬ولنه لو‬
‫قتلهم قبل الحاربة‪ ،‬لربا غضبت لم قبائلهم‪ ،‬وتفرقوا على علي رضي ال‬
‫عنه‪ ،‬وقد كان حاجته إل مداراة عسكره واستئلفهم كحال النب صلى ال‬
‫عليه وسلم ف حاجته ف أول المر إل استئلف النافقي " اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فأين ذكر ماسنهم مع أنم خي من كثي من مبتدعة زماننا‪ ،‬إذ‬
‫كانوا بعيدين عن الشرك ف العبادة‪ ،‬وبعيدين عن تعطيل أساء ال وصفاته‪،‬‬
‫المر الذي غلب على مبتدعة زماننا ؟!‬

‫‪-118-‬‬
‫•تذير شيخ السلم من البدع وأهلها‪ ،‬ونقله‬
‫اتفاق السلمي على وجوب ذلك ‪:‬‬
‫‪ -12‬قال شيخ السلم ابن تيمية(‪" :)1‬ذكر الناس با يكرهون هو ف الصل‬
‫على وجهي‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬ذكر النوع‪.‬‬
‫والثان‪ :‬ذكر الشخص العي الي أو اليت‪.‬‬
‫أما الول‪ ،‬فكل صنف ذمه ال ورسوله يب ذمه‪ ،‬وليس ذلك من الغيبة‪،‬‬
‫كما أن كل صنف مدحه ال ورسوله يب مدحه‪ ،‬وما لعنه ال ورسوله لعن‪،‬‬
‫كما أن من صلى ال عليه وملئكته يصلى عليه‪.‬‬
‫فال ذم الكافر والفاجر والفاسق والظال والغوي والضال والاسد والبخيل‬
‫والساحر وآكل الربا وموكله والسارق والزان والختال والفخور والتكب‬
‫البار وأمثال هؤلء‪.‬‬
‫كما حد الؤمن التقي والصادق والبار والعادل والهتدي والراشد والكري‬
‫والتصدق والرحيم وأمثال هؤلء‪.‬‬
‫ولعن رسول ال صلى ال عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه‪،‬‬
‫والحلل والحلل له‪ ،‬ولعن من عمل عمل قوم لوط‪ ،‬ولعن من أحدث حدثا‬
‫أو آوى مدثا‪ ،‬ولعن المر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والحمولة إليه‬
‫وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربا وآكل ثنها‪ ،‬ولعن اليهود والنصارى حيث‬

‫() مموع الفتاوى (‪.)232-28/225‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-119-‬‬
‫حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثنها‪ ،‬ولعن ال الذين‬
‫يكتمون ما أنزل ال من البينات والدى من بعد ما بينه للناس‪." ...‬‬
‫قال‪" :‬وأما الشخص العي فيذكر ما فيه من الشر ف مواضع منها‪:‬‬
‫‪ -‬الظلوم‪ :‬له أن يذكر ظاله با فيه‪:‬‬
‫إما على وجه دفع ظلمه واستيفاء حقه‪ ،‬كما قالت هند‪ :‬يا رسول ال! إن‬
‫أبا سفيان رجل شحيح‪ ،‬وليس يعطين من النفقة ما يكفين وولدي‪ ،‬فقال لا‬
‫النب صلى ال عليه وسلم "خذي ما يكفيك وولدك بالعروف "‪.‬‬
‫وكما قال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬ل الواجد يل عرضه وعقوبته "‪ .‬قال‬
‫وكيع‪" :‬عرضه شكايته‪ ،‬وعقوبته حبسه "‪.‬‬
‫وقال ال تعال‪{ :‬ل يب ال الهر بالسوء من القول إل من ظلم وكان ال‬
‫سيعا عليما}(‪. )1‬‬
‫وقد روي أنا نزلت ف رجل نزل ف قوم‪ ،‬فلم يقروه‪ ،‬فإن كان هذا فيمن‬
‫ظلم بترك قراه الذي تنازع الناس ف وجوبه ‪ -‬وإن كان الصحيح أنه واجب‬
‫‪-‬؟ فكيف بن ظلم بنع حقه الذي اتفق السلمون على استحقاقه إياه ؟!‬
‫أو يذكر ظاله على وجه القصاص‪ ،‬من غي عدوان‪ ،‬ول دخول ف كذب‪،‬‬
‫ول ظلم الغي‪ ،‬وترك ذلك أفضل‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬أن يكون على سبيل النصيحة للمسلمي ف دينهم ودنياهم‪.‬‬
‫كما ف الديث الصحيح عن فاطمة بنت قيس‪ :‬لا استشارت النب صلى ال‬
‫عليه وسلم من تنكح؟ قالت‪ :‬إنه خطبن معاوية وأبو جهم‪ .‬فقال‪" :‬أما‬

‫() النساء ‪.148 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-120-‬‬
‫معاوية‪ ،‬فصعلوك ل مال له‪ ،‬وأما أبو جهم‪ ،‬فرجل ضراب للنساء"‪ ،‬وروي‪:‬‬
‫"ل يضع عصاه عن عاتقه "‪ ،‬فبي لا أن هذا فقي قد يعجز عن حقك‪ ،‬وهذا‬
‫يؤذيك بالضرب‪ ،‬وإن هذا كان نصحا لا‪ ،‬وإن تضمن ذكر عيب الاطب‪.‬‬
‫وف معن هذا نصح الرجل فيمن يعامله‪ ،‬ومن يوكله‪ ،‬ويوصي إليه‪ ،‬ومن‬
‫يستشهده‪ ،‬بل ومن يتحاكم إليه‪ ،‬وأمثال ذلك‪.‬‬
‫وإذا كان هذا ف مصلحة خاصة‪ ،‬فكيف بالنصح فيما يتعلق به حقوق‬
‫عموم السلمي من المراء‪ ،‬والكام‪ ،‬والشهود‪ ،‬والعمال أهل الديوان‪،‬‬
‫وغيها ؟!‬
‫فل ريب أن النصح ف ذلك أعظم‪ ،‬كما قال النب صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"الدين النصيحة‪ ،‬الدين النصيحة"‪ .‬قالوا‪ :‬لن يا رسول ال؟ قال‪" :‬ل‪ ،‬ولكتابه‪،‬‬
‫ولرسوله‪ ،‬ولئمة السلمي وعامتهم "‪.‬‬
‫وقد قالوا لعمر بن الطاب ف أهل الشورى‪ :‬أمر فلنا وفلنا‪ ،‬فجعل يذكر‬
‫ف حق كل واحد من الستة ‪ -‬وهم أفضل المة ‪ -‬أمرا جعله مانعا له من‬
‫تعيينه‪.‬‬
‫وإذا كان النصح واجبا ف الصال الدينية الاصة والعامة‪ ،‬مثل نقلة الديث‬
‫الذين يغلطون أو يكذبون‪ ،‬كما قال يى بن سعيد‪ :‬سألت مالكا والثوري‬
‫والليث بن سعد ‪ -‬أظنه ‪ -‬والوزاعي عن الرجل يتهم ف الديث أو ل يفظ‬
‫؟ فقالوا‪ :‬بي أمره‪.‬‬

‫‪-121-‬‬
‫وقال بعضهم لحد بن حنبل‪ :‬إنه يثقل علي أن أقول‪ :‬فلن كذا وفلن كذا‬
‫وفلن كذا‪ ،‬فقال‪ :‬إذا سكت أنت وسكت أنا‪ ،‬فمت يعرف الاهل الصحيح‬
‫من السقيم ؟‬
‫ومثل أئمة البدع من أهل القالت الخالفة للكتاب والسنة أو العبادات‬
‫الخالفة للكتاب والسنة‪ ،‬فإن بيان حالم وتذير المة منهم واجب باتفاق‬
‫السلمي‪ ،‬حت قيل لحد بن حنبل‪ :‬الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب‬
‫إليك أو يتكلم ف أهل البدع؟ فقال‪ :‬إذا صام وصلى واعتكف‪ ،‬فإنا هو‬
‫لنفسه‪ ،‬وإذا تكلم ف أهل البدع فإنا هو للمسلمي‪ ،‬هذا أفضل‪.‬‬
‫فبي أن نفع هذا عام للمسلمي ف دينهم‪ ،‬من جنس الهاد ف سبيل ال‪ ،‬إذ‬
‫تطهي سبيل ال ودينه ومنهاجه وشرعته ودفع بغي هؤلء وعدوانم على ذلك‬
‫واجب على الكفاية باتفاق السلمي‪ ،‬ولول من يقيمه ال لدفع ضرر هؤلء ‪،‬‬
‫لفسد الدين‪ ،‬وكان فساده أعظم من فساد استيلء العدو من أهل الرب‪،‬‬
‫فإن هؤلء إذا استولوا ل يفسدوا القلوب وما فيها من الدين إل تبعا‪ ،‬وأما‬
‫أولئك فهم يفسدون القلوب ابتداء" اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬لينظر الرء الفرق الائل بي موقف السلمي الذي ينقله شيخ السلم‬
‫وغيه بأن القالت الخالفة وبيان حال أهلها وتذير المة منهم واجب‬
‫باتفاق السلمي‪ ،‬وبي واقع كثي من ينتسب إل السلفية والنهج السلفي‬
‫فضل عن غيهم كيف يعدون التحذير من البدع وأهلها شغبا وتشددا ؟! فيا‬
‫بعد ما بي الوقفي! ويا لغربة الدين! ويا لغربة النافحي عنه !‬
‫ووال إن لوقفهم هذا لثارا وآثارا‪ :‬فمن شباب السلف من يلتحق‬
‫بطائفة ضالة‪ ،‬ويدافع عنها‪ ،‬ويوال ويعادي من أجلها‪ ،‬ومنهم من يلتحق‬
‫‪-122-‬‬
‫بطائفة أخرى‪ ،‬ويفعل مثل ما فعل غيه‪ ،‬ومنهم من يعيش مايدا‪ ،‬وقد يغار‬
‫على أهل البدع وبدعهم أكثر ما يغار على النهج السلفي وأهله‪.‬‬
‫اللهم أنقذ دينك ودعوتك وانصره إنك ميب الدعاء‪ ،‬فإن دينك وأنصاره‬
‫ف غربة شديدة‪ ،‬قد خذلم من ترجى منه النصرة‪ ،‬واشتد بم ساعد أهل‬
‫البدع‪ ،‬ول ناصر إل أنت‪ ،‬فنعم الول أنت ونعم النصي‪.‬‬
‫‪ -13‬وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف "منهاج السنة"‪" :‬ومن قال‬
‫عن متهد‪ :‬إنه تعمد الظلم وتعمد معصية ال ورسوله ومالفة الكتاب والسنة‪،‬‬
‫ول يكن كذلك‪ ،‬فقد بته‪ ،‬وإذا كان فيه ذلك‪ ،‬فقد اغتابه‪ ،‬لكن يباح من‬
‫ذلك ما أباحه ال ورسوله‪ ،‬وهو ما يكون على وجه القصاص والعدل‪ ،‬وما‬
‫يتاج إليه لصلحة الدين ونصيحة السلمي(‪.)1‬‬
‫‪ -1‬فالول كقول الشتكي الظلوم‪ :‬فلن ضربن وأخذ مال ومنعن حقي‬
‫ونو ذلك‪ ،‬قال تعال‪{ :‬ل يب ال الهر بالسوء من القول إل من ظلم }‬
‫(‪. )2‬‬
‫وقد نزلت فيمن ضاف قوما فلم يقروه‪ -‬لن قرى الضيف واجب كما‬
‫دلت عليه الحاديث الصحيحة ‪ ،-‬فلما منعوه حقه‪ ،‬كان له ذكر ذلك‪ ،‬وقد‬
‫أذن له النب صلى ال عليه وسلم أن يعاقبهم بثل قراه ف زرعهم ومالم‪،‬‬
‫وقال‪" :‬نصره واجب على كل مسلم "‪ ،‬لنه قد ثبت ف الصحيح أنه قال‪:‬‬
‫"انصر أخاك ظالا أو مظلوما"‪ .‬قلت‪ :‬يا رسول ال! أنصره مظلوما‪ ،‬فكيف‬
‫أنصره ظالا؟ قال‪" :‬تنعه من الظلم‪ ،‬فذلك نصرك إياه "‪.‬‬
‫() (‪.)5/143-146‬‬ ‫‪1‬‬

‫() النساء‪.148 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-123-‬‬
‫‪ )2‬وأما الاجة‪ ،‬فمثل استفتاء هند بنت عتبة‪ ،‬كما ثبت ف الصحيح أنا‬
‫قالت‪ :‬يا رسول ال! إن أبا سفيان رجل شحيح‪ ،‬ل يعطين وبن ما يكفين‬
‫بالعروف‪ .‬فقال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬خذي ما يكفيك وولدك بالعروف "‬
‫أخرجاه ف الصحيحي‪ ،‬من حديث عائشة‪ ،‬فلم ينكر عليها قولا‪ ،‬وهو من‬
‫جنس قول الظلوم‪.‬‬
‫‪ )3‬وأما النصيحة‪ ،‬فمثل قوله صلى ال عليه وسلم لفاطمة بنت قيس لا‬
‫استشارته فيمن خطبها‪ ،‬فقالت‪ :‬خطبن أبوجهم ومعاوية‪ .‬فقال‪" :‬أما معاوية‪،‬‬
‫فصعلوك ل مال له‪ ،‬وأما أبو جهم‪ ،‬فل يضع عصاه عن عاتقه (وف لفظ‪:‬‬
‫يضرب النساء)‪ ،‬انكحي أسامة"‪ .‬فلما استشارته فيمن تتزوج‪ ،‬ذكر ما تتاج‬
‫إليه‪ ،‬وكذلك من استشار رجل فيمن يعامله‪.‬‬
‫والنصيحة مأمور با‪ ،‬ولو ل يشاوره‪ ،‬فقد قال صلى ال عليه وسلم ف‬
‫الديث الصحيح‪" :‬الدين النصيحة‪ ،‬الدين النصيحة"‪ ،‬ثلثا‪ .‬قالوا‪ :‬لن يا‬
‫رسول ال؟ قال‪" :‬ل‪ ،‬ولكتابه‪ ،‬ولرسوله‪ ،‬ولئمة السلمي وعامتهم "‪.‬‬
‫وكذلك بيان أهل العلم لن غلط ف رواية عن النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أو‬
‫تعمد الكذب عليه أو على من ينقل عنه العلم‪ ،‬وكذلك بيان من غلط ف‬
‫رأي رآه ف أمر الدين من السائل العلمية والعملية‪ ،‬فهذا إذا تكلم فيه النسان‬
‫بعلم وعدل وقصد النصيحة‪ ،‬فال تعال يثيبه على ذلك‪ ،‬ل سيما إذا كان‬
‫التكلم فيه داعيا إل بدعة‪ ،‬فهذا يب بيان أمره للناس‪ ،‬فإن دفع شره عنهم‬
‫أعظم من دفع شر قاطع الطريق " اهـ‪.‬‬

‫‪-124-‬‬
‫‪ -14‬وقال شيخ السلم(‪" :)1‬فصل‪ :‬فالرسول صلى ال عليه وسلم بي‬
‫الصول الوصلة إل الق أحسن بيان‪ ،‬وبي اليات الدالة على الالق سبحانه‬
‫وأسائه السن وصفاته العليا ووحدانيته على أحسن وجه‪ ،‬كما قد بسط ف‬
‫مواضع‪.‬‬
‫وأما أهل البدع من أهل الكلم والفلسفة ونوهم‪ ،‬فهم ل يثبتوا الق‪ ،‬بل‬
‫أصلوا أصول تناقض الق‪ ،‬فلم يكفهم أنم ل يهتدوا ول يدلوا على الق‪،‬‬
‫حت أصلوا أصول تناقض الق‪ ،‬ورأوا أنا تناقض ما جاء به الرسول يه‪،‬‬
‫فقدموها على ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ث تارة يقولون‪:‬‬
‫الرسول جاء بالتخييل‪ ،‬وتارة يقولون‪ :‬جاء بالتأويل‪ ،‬وتارة يقولون‪ :‬جاء‬
‫بالتجهيل‪...‬‬
‫وأما أكثر التكلمي‪ ،‬فيقولون‪ :‬بل ل يقصد أن يب إل بالق‪ ،‬لكن بعبارات‬
‫ل تدل وحدها عليه‪ ،‬بل تتاج إل التأويل‪ ،‬ليبعث المم على معرفته بالنظر‬
‫والعقل‪ ،‬ويبعثها على تأويل كلمه‪ ،‬ليعظم أجرها‪.‬‬
‫واللحدة يسلكون مسلك التأويل‪ ،‬ويفتحون باب القرمطة‪ ،‬وهؤلء‬
‫يوزون التأويل مع الاصة‪.‬‬
‫وأما أهل التخييل‪ ،‬فيقولون‪ :‬الاصة قد عرفوا أن مراده التخييل للعامة‪،‬‬
‫فالتأويل متنع‪.‬‬
‫والفريقان يسلكون مسلك إلام العوام عن التأويل‪ ،‬لكن أولئك يقولون‪ :‬لا‬
‫تأويل يفهمه الاصة‪ ،‬وهي طريقة الغزال ف إللام‪ ،‬استقبح أن يقال‪ :‬كذبوا‬

‫() ((مموع الفتاوى)) (‪.)443-16/439‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-125-‬‬
‫للمصلحة‪ ،‬وهو أيضا ل يرى تأويل العمال كالقرامطة‪ ،‬بل تأويل الب عن‬
‫اللئكة واليوم الخر‪.‬‬
‫وكذلك طائفة من الفلسفة ترى التأويل ف ذلك‪ ،‬وهذا مالف لطريقة أهل‬
‫التخييل‪.‬‬
‫وقد ذكر الغزال هذا عنهم ف "الحياء" لا ذكر إسرافهم ف التأويل‪ ،‬وذكره‬
‫ف مواضع‪ ،‬كما حكى كلمه ف "السبعينية" وغيها‪.‬‬
‫والقسم الثالث‪ :‬الذين يقولون‪ :‬هذا ل يعلم معناه إل ال‪ ،‬أو له تأويل يالف‬
‫ظاهره‪ ،‬ل يعلمه ال ال‪ ،‬فهؤلء يعلون الرسول وغيه غي عالي با أنزل ال‪،‬‬
‫فل يسوغون التأويل‪ ،‬لن العلم بالراد عندهم متنع‪ ،‬ول يستجيزون القول‬
‫بطريقة التخييل‪ ،‬لا فيها من التصريح بكذب الرسول‪ ،‬بل يقولون‪ :‬خوطبوا با‬
‫ل يفهمونه‪ ،‬ليثابوا على تلوته‪ ،‬واليان بألفاظه‪ ،‬وإن ل يفهموا معناه‪ ،‬يعلون‬
‫ذلك تعبدا مضا على رأي الجبة الذين يوزون التعبد با ل نفع فيه للعامل‪،‬‬
‫بل يؤجر عليه‪.‬‬
‫والكلم على هؤلء وفساد قولم مذكور ف مواضع‪ ،‬والقصود هنا أن الذي‬
‫دعاهم إل ذلك ظنهم أن العقول يناقض ما أخب به الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬أو ظاهر ما أخب به الرسول‪ ،‬وقد بسط الكلم على رد هذا ف‬
‫مواضع‪ ،‬وبي أن العقل ل يناقض السمع‪ ،‬وأن ما ناقضه فهو فاسد‪ ،‬وبي بعد‬
‫هذا أن العقل موافق لا جاء به الرسول‪ ،‬شاهد له‪ ،‬ومصدق له‪ ،‬ل يقال‪ :‬إنه‬
‫غي معارض فقط‪ ،‬بل هو موافق مصدق‪ ،‬فأولئك كانوا يقولون‪ :‬هو مكذب‬
‫مناقض‪.‬‬

‫‪-126-‬‬
‫بي أول‪ :‬أنه ل يكذب ول يناقض‪.‬‬
‫ث بي ثانيا‪ :‬أنه مصدق موافق‪.‬‬
‫وأما هؤلء‪ ،‬فبي أن كلمهم الذي يعارضون به الرسول باطل ل تعارض‬
‫فيه‪ ،‬ول يكفي كونه باطل ل يعارض‪ ،‬بل هو أيضا مالف لصريح العقل‪،‬‬
‫فهم كانوا يدعون أن العقل يناقض النقل‪ ،‬فبي أربع مقامات‪:‬‬
‫‪ -1‬أن العقل ل يناقضه‪.‬‬
‫‪ -2‬ث يبي أن العقل يوافقه‪.‬‬
‫‪ -3‬ويبي أن عقلياتم الت عارضوا با النقل باطلة‪.‬‬
‫‪ -4‬ويبي أيضا أن العقل الصريح يالفهم‪.‬‬
‫ث ل يكفي أن العقل يبطل ما عارضوا به الرسول‪ ،‬بل يبي أن ما جعلوه‬
‫دليل على إثبات الصانع إنا يدل على نفيه‪ ،‬فهم أقاموا حجة تستلزم نفي‬
‫الصانع‪ ،‬وإن كانوا يظنون أنم يثبتون با الصانع‪.‬‬
‫والقصود هنا أن كلمهم الذي زعموا أنم أثبتوا به الصانع إنا يدل على‬
‫نفي الصانع وتعطيله‪ ،‬فل يكفي فيه أنه باطل ل يدل على الق‪ ،‬بل دل على‬
‫الباطل الذي يعلمون هم وسائر العقلء أنه باطل‪.‬‬
‫ولذا كان يقال ف أصولم‪" :‬ترتيب الصول ف تكذيب الرسول"‪ ،‬ويقال‬
‫أيضا هي‪" :‬ترتيب الصول ف مالفة الرسول والعقول "‪ ،‬جعلوها أصول‬
‫للعلم بالالق‪ ،‬وهي أصول تناقض العلم به‪ ،‬فل يتم العلم بالالق إل مع اعتقاد‬
‫نقيضها‪.‬‬

‫‪-127-‬‬
‫وفرق بي الصل والدليل الستلزم للعلم بالرب‪ ،‬وبي الناقض العارض للعلم‬
‫بالرب " اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أيها الشاب السلفي! هل تد أسلوبا كهذا ف الصدع بالق ودحض‬
‫الباطل ؟!‬
‫إن هذا الكلم موجه إل طوائف ومدارس كانت ول تزال قائمة‪ ،‬ولا جنود‬
‫وكتاب على متلف البهات‪ ،‬ولم خطوط هجوم وخطوط دفاع وأجهزة‬
‫سرية‪ ،‬تبث ف صفوف شبابنا النومات العقلية والفكرية والعاطفية العمياء‪،‬‬
‫فينتج عن كل هذه العمال شباب وكتاب يدافعون عن هذه الدارس أكثر ما‬
‫يدافعون عن مدرستهم ومنهجهم السلفي‪ ،‬ويصدرون بذلك كتبا ومقالت‬
‫تضع مناهج للعدل‪ -‬على حد زعمهم‪ -‬ومناهج للحكمة‪.‬‬
‫ومت صدرت هذه الكتب؟!‬
‫حينما كان الجوم كاسحا على النهج السلفي من العقلنيي وتلميذ‬
‫الكوثري الاقدين على النهج السلفي وعلى أهله؟ ل نسمع صوتا ول نر‬
‫مقالة ول كتابا إل ف أندر النادر(‪ !! )1‬واستمر المر على ذلك سني وسني‪،‬‬
‫فلما هب الغيورون للدفاع عن الق ولقمع الباطل وأهله؟ هبت القلم‪،‬‬
‫وارتفعت الصوات؟ تطالب بالعدل والعتدال والتوسط والوسطية‪.‬‬
‫يا قوم! إن الظلم كل الظلم أن تفسحوا الجال للباطل يغزو الق ف عقر‬
‫داره وف بلده الذي طهره ال على أيدي الدعاة الخلصي والجاهدين‬
‫الصادقي‪.‬‬

‫() وحت هذا النادر كان ضعيفا ول يتفق مع حجم النراف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-128-‬‬
‫فإذا هب الضعفاء الساكي‪ ،‬يذرون وينذرون خطر البدع وأهلها‪،‬‬
‫ويكشفون عن عوار مناهجهم وبدعهم‪ ،‬رميتموهم بالتشدد والور والظلم‪،‬‬
‫رغم عجزهم عن نصرة الق‪ ،‬والدفع عنه‪ ،‬ورغم ضآلة ما قدموه للذياد عن‬
‫الق‪ ،‬وبدل أن ترفعوا راية الق‪ ،‬وثبتم مذعورين ترفعون عقيتكم بالتباكي‬
‫على أهل البدع‪ ،‬الذين ظلمهم التشددون الذين يذكرون بعض بدعهم ول‬
‫يشيدون بحاسنهم‪.‬‬
‫فعلى منطقكم هذا يكون سلفنا الصال الذين تصدوا لنقد أهل البدع‪،‬‬
‫فيذكرون بدعهم فقط‪ ،‬وينفرون ويذرون منها‪ ،‬ويأمرون بقاطعتهم‬
‫وهجرانم‪ ،‬يكون هؤلء السلف الصال‪ ،‬وعلى رأسهم أحد بن حنبل ف‬
‫زمانه‪ ،‬وابن تيمية ف زمانه‪ ،‬وابن عبدالوهاب ف زمانه‪ ،‬على منطقكم يكون‬
‫هؤلء من أظلم الظالي‪.‬‬
‫فيا للداهية الدهياء! ويا للجهل بالسلم! إن كان هؤلء ل يعرفوا العدل‬
‫الذي عرفتموه واهتديتم إليه !!‬
‫‪ -15‬وقال شيخ السلم وهو يقرر اشتمال الكتاب والسنة على جيع‬
‫الدى وينقد الراء الحدثة ف الصول والفروع؟ قال‪:‬‬
‫"وأين هذا من أهل الكلم الذين يقولون‪ :‬إن الكتاب والسنة ل يدلن على‬
‫أصول الدين بال‪ ،‬وإن أصول الدين تستفاد بقياس العقل العلوم من غيها ؟‬
‫وكذلك المور العملية الت يتكلم فيها الفقهاء ‪ ،‬فإن من الناس من يقول‪:‬‬
‫إن القياس يتاج إليه ف معظم الشريعة‪ ،‬لقلة النصوص الدالة على الحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬كما يقول ذلك أبو العال وأمثاله من الفقهاء‪ ،‬مع انتسابم إل‬

‫‪-129-‬‬
‫مذهب الشافعي ونوه من فقهاء الديث‪ ،‬فكيف بن كان من أهل رأي‬
‫الكوفة ونوهم‪ ،‬فإنه عندهم ل يثبت من الفقه بالنصوص إل أقل من ذلك‪،‬‬
‫وإنا العمدة على" الرأي والقياس ؟! حت إن الراسانيي من أصحاب‬
‫الشافعي‪ -‬بسبب مالطتهم لم‪ -‬غلب عليهم استعمال الرأي وقلة العرفة‬
‫بالنصوص‪.‬‬
‫وبإزاء هؤلء أهل الظاهر‪ ،‬كابن حزم ونوه من يدعي أن النصوص‬
‫تستوعب جيع الوادث بالساء اللغوية الت ل تتاج إل استنباط واستخراج‬
‫أكثر من جع النصوص‪ ،‬حت تنفي دللة فحوى الطاب‪ ،‬وتثبته ف معن‬
‫الصل ونو ذلك من الواضع الت يدل فيها اللفظ الاص على العن العام‪.‬‬
‫والتوسط ف ذلك طريقة فقهاء الديث‪ ،‬وهي إثبات النصوص والثار‬
‫الصحابية على جهور الوادث‪ ،‬وما خرج عن ذلك‪ ،‬كان ف معن الصل‬
‫وفحوى الطاب‪ ،‬إذ ذلك من جلة دللت اللفظ‪.‬‬
‫وأيضا‪ ،‬فالرأي كثيا ما يكون ف تقيق الناط الذي ل خلف بي الناس ف‬
‫استعمال الرأي والقياس فيه‪ ،‬فإن ال أمر بالعدل ف الكم‪ ،‬والعدل قد يعرف‬
‫بالرأي وقد يعرف بالنص‪.‬‬
‫وقد قال النب صلى ال عليه وسلم‪" :‬إذا اجتهد الاكم فأصاب فله أجران‪،‬‬
‫وإذا اجتهد فأخطأ‪ ،‬فله أجر"‪.‬‬
‫إذ الاكم مقصوده الكم بالعدل بسب المكان‪ ،‬فحيث تعذر العدل‬
‫القيقي للتعذر أو التعسر ف علمه أو عمله‪ ،‬كان الواجب ما كان به أشبه‬

‫‪-130-‬‬
‫وأمثل‪ ،‬وهو العدل القدور‪ ،‬وهذا باب واسع ف الكم ف الدماء والموال‪،‬‬
‫وغي ذلك من أنواع القضاء‪ ،‬وفيها يتهد القضاة‪.‬‬
‫وإنا ظن كثي من الناس الاجة إل الرأي الحدث‪ ،‬لنم يدون مسائل‬
‫كثية‪ ،‬وفروعا عظيمة‪ ،‬ل يكنهم إدخالا تت النصوص‪ ،‬كما يوجد ف‬
‫فروع من ولد الفروع من فقهاء الكوفة ومن أخذ عنهم‪.‬‬
‫وهذا جوابه من وجوه‪:‬‬
‫‪ -1‬أحدها‪ :‬أن كثيا من تلك الفروع الولدة القدرة ل تقع أصل‪،‬‬
‫وما كان كذلك‪ ،‬ل يب أن تدل عليه النصوص‪ ،‬ومن تدبر ما فرعه‬
‫الولدون من الفروع من باب الوصايا والطلق واليان وغي ذلك‪ ،‬علم‬
‫صحة هذا‪.‬‬
‫‪ -2‬الوجه الثان‪ :‬أن تكون تلك الفروع والسائل مبنية على أصول فاسدة‪،‬‬
‫فمن عرف السنة‪ ،‬بي حكم ذلك الصل‪ ،‬فسقطت تلك الفروع الولدة‬
‫كلها‪.‬‬
‫وهذا كما فرعه صاحب "الامع الكبي"‪ ،‬فإن غالب فروعه كما بلغنا عن‬
‫المام أب ممد القدسي أنه كان يقول‪ :‬مثله مثل من بن دارا حسنة على‬
‫أساس مغصوب‪ ،‬فلما جاء صاحب الساس‪ ،‬نازعه ف الساس‪ ،‬وقلعه‪،‬‬
‫اندمت تلك الدار" (‪ )1‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ث ذكر وجها ثالثا وأطال النفس فيه‪.‬‬

‫()" الستقامة" ( ‪.)15 -6 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-131-‬‬
‫فقد تدث شيخ السلم عن أهل الكلم‪ ،‬وبي ما عندهم من العقائد‬
‫الفاسدة‪ ،‬وما عندهم من فروع فقهية وأصول فاسدة‪ ،‬ونص على أشخاص‬
‫بأعيانم‪ ،‬كما نص على كتب وبي عيوبا‪ ،‬وواصل نقده لتلك التاهات‬
‫وأهلها وأصولا وفروعها‪ ،‬ول يعرج على شيء من ماسن الطوائف‬
‫والذاهب والشخاص‪.‬‬
‫وكل ما قاله حق وعدل ونصيحة صادرة عن رجل ماهد‪ ،‬وهب نفسه ل‪،‬‬
‫فل يداهن ول ياب ول يشى ف ال لومة لئم‪.‬‬
‫‪ -16‬قال شيخ السلم‪( " :‬فصل) ‪ :‬وأهل الضلل الذين فرقوا دينهم‬
‫وكانوا شيعا‪ -‬وهم كما قال ماهد‪ :‬أهل البدع والشبهات ‪ -‬يتمسكون با‬
‫هو بدعة ف الشرع ومشتبه ف العقل‪ ،‬كما قال فيهم المام أحد‪ ،‬قال‪ :‬هم‬
‫متلفون ف الكتاب‪ ،‬مالفون للكتاب‪ ،‬متفقون على مالفة الكتاب‪ ،‬يتجون‬
‫بالتشابه من الكلم‪ ،‬ويضلون الناس با يشبهون عليهم‪.‬‬
‫والوفّقة من أهل الضلل تعل لا دينا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم‪ ،‬ث‬
‫يعرضون على ذلك القرآن والديث‪ .،‬فإن وافقه‪ ،‬احتجوا به اعتقادا ل‬
‫اعتمادا‪ ،‬وان خالفه‪ ،‬فتارة يرفون الكلم عن مواضعه ويتأولونه على غي‬
‫تأويله‪ ،‬وهذا فعل أئمتهم‪ ،‬وتارة يعرضون عنه‪ ،‬ويقولون‪ :‬نفوض معناه إل‬
‫ال‪ ،‬وهذا فعل عامتهم‪.‬‬
‫وعمدة الطائفتي ف الباطن غي ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫يعلون أقوالم البدعية مكمة يب اتباعها واعتقاد موجبها‪ ،‬والخالف إما‬
‫كافر وإما جاهل ل يعرف هذا الباب‪ ،‬وليس له علم بالعقول ول بالصول‪،‬‬
‫ويعلون كلم ال ورسوله الذي يالفها من التشابه الذي ل يعرف معناه إل‬
‫‪-132-‬‬
‫ال‪ ،‬أو ل يعرف معناه إل الراسخون ف العلم‪ ،‬والراسخون عندهم من كان‬
‫موافقا لم على ذلك القول‪.‬‬
‫وهؤلء أضل من تسك با تشابه عليه من آيات الكتاب ويترك الحكم‪-‬‬
‫كالنصارى والوارج وغيهم‪ ، -‬إذ كان هؤلء أخذوا بالتشابه من كلم ال‬
‫وجعلوه مكما‪ ،‬وجعلوا الحكم متشابا‪ ،‬وأما أولئك‪ -‬كنفاة الصفات من‬
‫الهمية ومن وافقهم من العتزلة وغيهم وكالفلسفة‪ ،-‬فيجعلون ما ابتدعوه‬
‫هم برأيهم هو الحكم الذي يب اتباعه‪ ،‬وإن ل يكن معهم من النبياء‬
‫والكتاب والسنة ما يوافقه‪ ،‬ويعلونه من التشابه‪ ،‬ولذا كان هؤلء أعظم‬
‫مالفة للنبياء من جيع أهل البدع‪ ،‬حت قال يوسف بن أسباط وعبدال بن‬
‫البارك وغيها كطائفة من أصحاب أحد‪ :‬إن الهمية نفاة الصفات‬
‫خارجون عن الثنتي وسبعي فرقة‪ .‬قالوا‪ :‬وأصولا أربعة‪ :‬الشيعة‪ ،‬والوارج‪،‬‬
‫والرجئة‪ ،‬والقدرية " (‪. )1‬‬
‫وقال‪" :‬والقصود هنا أن العطلة‪ -‬نفاة الصفات أو نفاة بعضها‪ -‬ل يعتمدون‬
‫ف ذلك على ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم إذ كان ما جاء به‬
‫الرسول إنا يتضمن الثبات ل النفي‪ ،‬لكن يعتمدون ف ذلك على ما يظنونه‬
‫أدلة عقلية‪ ،‬ويعارضون بذلك ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ‪،‬‬
‫وحقيقة قولم أن الرسول ل يذكر ف ذلك ما يرجع إليه ل من سع ول عقل‪،‬‬
‫فلم يب بذلك خبا بي به الق على زعمهم‪ ،‬ول ذكر أدلة عقلية تبي‬
‫الصواب ف ذلك على زعمهم‪ ،‬بلف غي هذا‪ ،‬فإنم معترفون بأن الرسول‬
‫ذكر ف القرآن أدلة عقلية على ثبوت الرب وعلى صدق الرسول‪ ،‬وقد‬
‫() مموع الرسائل الكبى (‪.)107-1/106‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-133-‬‬
‫يقولون أيضا‪ :‬انه أخب بالعاد‪ ،‬لكن نفوا الصفات لا رأوا أن ما ذكروه من‬
‫النفي ل يذكره الرسول‪ ،‬فلم يب به‪ ،‬ول ذكر دليل عقليا عليه‪ ،‬بل إنا ذكر‬
‫الثبات وليس هو نفس المر حقا‪ ،‬فأحوج الناس إل التأويل أو التفويض‪.‬‬
‫فلما نسبوا ما جاء به الرسول إل أنه ليس فيه ل دليل سعي ول عقلي‪ ،‬ل‬
‫خب يبي الق‪ ،‬ول دليل يدل عليه‪ ،‬عاقبهم ال بنس ذنوبم‪ ،‬فكان ما يقولونه‬
‫ف هذا الباب خارجا عن العقل والسمع‪ ،‬مع دعواهم أنه من العقليات‬
‫البهانية‪ ،‬فإذا اختبه العارف‪ ،‬وجده من الشبهات الشيطانية‪ ،‬من جنس‬
‫شبهات أهل السفسطة واللاد‪ ،‬الذين يقدحون ف العقليات والسمعيات‪،‬‬
‫وأما السمع‪ ،‬فخلفهم له ظاهر لكل أحد‪ ،‬وإنا يظن من يعظمهم ويتبعهم‬
‫أنم أحكموا العقليات‪ ،‬فإذا حقق المر‪ ،‬وجدهم كما قال أهل النار‪{ :‬وقالوا‬
‫لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا ف أصحاب السعي} (‪ ، )1‬وكما قال تعال‪:‬‬
‫{والذين كفروا أعمالم كسراب بقيعة يسبه الظمآن ماء حت إذا جاءه ل‬
‫يده شيئا ووجد ال عنده فوفاه حسابه وال سريع الساب‪ .‬أو كظلمات‬
‫ف بر لي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها‬
‫فوق بعض إذا أخرج يده ل يكد يراها ومن ل يعل ال له نورا فما له من‬
‫نور}(‪.)2‬‬
‫فلما كان حقيقة قولم أن القرآن والديث ليس فيه ف هذا الباب دليل‬
‫سعي ول عقلي‪ ،‬سلبهم ال ف هذا الباب معرفة الدلة السمعية والعقلية‪ ،‬حت‬
‫كانوا من أضل البية‪ ،‬مع دعواهم أنم أعلم من الصحابة والتابعي وأئمة‬
‫() اللك ‪.10 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() النور ‪40-39‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-134-‬‬
‫السلمي‪ ،‬بل قد يدعون أنم أعلم من النبيي‪ ،‬وهذا مياث من فرعون وحزبه‬
‫اللعي "(‪ )1‬اهـ‪.‬‬

‫() مموع الرسائل الكبى ( ‪.)132 -1/131‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-135-‬‬
‫البواب الت توز فيها الغيبة‬
‫قال النووي رحه ال ف "رياض الصالي " (‪" :)1‬باب ما يباح من الغيبة‪:‬‬
‫اعلم أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي‪ ،‬ل يكن الوصول إليه إل با‪،‬‬
‫وهو ستة أسباب ‪:‬‬
‫الول‪ :‬التظلم‪:‬‬
‫فيجوز للمظلوم أن يتظلم إل السلطان والقاضي وغيها من له ولية أو‬
‫قدرة على إنصافه من ظاله‪ ،‬فيقول‪ :‬ظلمن فلن كذا‪.‬‬
‫الثان‪ :‬الستعانة على تغيي النكر ورد العاصي إل الصواب‪ :‬فيقول لن يرجو‬
‫قدرته على إزالة النكر‪ :‬فلن يعمل كذا‪ ،‬فازجره عنه‪ ،‬ونو ذلك‪ ،‬ويكون‬
‫مقصوده التوصل إل إزالة النكر‪ ،‬فإن ل يقصد ذلك‪ ،‬كان حراما‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الستفتاء‪:‬‬
‫فيقول للمفت‪ :‬ظلمن أب أو أخي أو زوجي أو فلن بكذا‪ ،‬فهل له ذلك؟‬
‫وما طريقي ف اللص منه‪ ،‬وتصيل حقي‪ ،‬ودفع الظلم؟ ونو ذلك‪ ،‬فهذا‬
‫جائز للحاجة‪ ،‬ولكن الحوط والفضل أن يقول‪ :‬ما تقول ف رجل أو‬
‫شخص أو زوج كان من أمره كذا؟ فإنه يصل به الغرض من غي تعيي ومع‬
‫ذلك فالتعيي جائز كما سنذكره ف حديث هند إن شاء ال تعال‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬تذير السلمي من الشر ونصيحتهم‪:‬‬
‫وذلك من وجوه‪:‬‬

‫() (ص‪ )519‬وانظر كلمه أيضا ف هذا الوضوع ف كتاب صحيح الذكار وضعيفه‬ ‫‪1‬‬

‫(‪ )836-2/834‬تقيق سليم اللل ‪.‬‬


‫‪-136-‬‬
‫منها‪ :‬جرح الجروحي من الرواة والشهود‪ ،‬وذلك جائز بإجاع السلمي‪،‬‬
‫بل واجب للحاجة‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬الشاورة ف مصاهرة إنسان‪ ،‬أو مشاركته‪ ،‬أو إيداعه‪ ،‬أو معاملته‪ ،‬أو‬
‫غي ذلك‪ ،‬أو ماورته‪ ،‬ويب على الشاور أنه ل يفي حاله‪ ،‬بل يذكر‬
‫(‪) 1‬‬
‫الساوىء الت فيه بنية النصيحة‪.‬‬
‫ومنها‪ :‬إذا رأى متفقها يتردد إل مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم‪ ،‬وخاف‬
‫(‬
‫أن يتضرر التفقه بذلك‪ ،‬فعليه نصيحته‪ ،‬ببيان حاله‪ ،‬بشرط أن يقصد النصيحة‬
‫‪ ،)1‬وهذا ما يغلط فيه‪ ،‬وقد يمل التكلم بذلك السد‪ ،‬ويلبس الشيطان عليه‬
‫ذلك‪ ،‬وييل إليه أنه نصيحة‪ ،‬فليتفطن لذلك‪.‬‬
‫ومنها أن يكون له ولية ل يقوم با على وجهها‪ ،‬إما أن ل يكون صالا‬
‫لا‪ ،‬وإما أن يكون فاسقا ومغفل ونو ذلك‪ ،‬فيجب ذكر ذلك لن له عليه‬
‫ولية عامة‪ ،‬ليزيله ويول من يصلح أو يعلم ذلك منه‪ ،‬ليعامله بقتضى حاله‪،‬‬
‫(‪) 2‬‬
‫ول يغتر به‪ ،‬وأن يسعى ف أن يثه على الستقامة أو يستبدل به‪.‬‬
‫الامس‪ :‬أن يكون ماهرا بفسقه أو بدعته‪:‬‬

‫() إن الزبيات الديدة قد طمست معال هذه البواب العظيمة وشوهت كل من‬ ‫‪1‬‬

‫يقوم با نصيحة ل ولكتابه ورسوله والسلمي ‪ ،‬فجنت بذلك على السلم والسلمي‬
‫جنايات عظيمة لخالفتهم لكتاب ال وسنة رسوله وإجاع المة ‪ ،‬ولا فيها من‬
‫الفاسد العظيمة ‪.‬‬
‫) ) وهذا الباب أحكم إغلقه أهل الهواء والتحزبات السياسية فكم جنوا على‬ ‫‪2‬‬

‫السلم والسلمي‪.‬‬
‫‪-137-‬‬
‫كالجاهر بشرب المر‪ ،‬ومصادرة الناس‪ ،‬وأخذ الكس‪ ،‬وجباية الموال‬
‫ظلما‪ ،‬وتول المور الباطلة‪ ،‬فيجوز ذكره با ياهر به‪ ،‬ويرم ذكره بغيه من‬
‫العيوب‪ ،‬إل أن يكون لوازه سبب آخر ما ذكرنا‪.‬‬
‫السادس‪ :‬التعر يف‪:‬‬
‫فإن كان النسان معروفا بلقب ‪ -‬كالعمش والعرج والصم والعمى‬
‫والحول وغيهم‪ -‬؟ جاز تعريفهم بذلك‪ ،‬ويرم إطلقه على وجه التنقيص‪،‬‬
‫ولو أمكن تعريفه بغي ذلك‪ ،‬كان أول‪.‬‬
‫فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء‪ ،‬وأكثرها ممع عليها‪ ،‬دلئلها من‬
‫الحاديث الصحيحة الشهورة" اهـ‪.‬‬
‫وقد نظمها بعض العلماء ف قوله‪:‬‬
‫متظلم ومعرف ومذر‬ ‫القدح ليس بغيبة ف ستة‬
‫وماهر فسقا ومستفت ومن طلب إلعانة ف إزالة منكر‬
‫قال ابن رجب النبلي رحه ال تعال‪" :‬اعلم أن ذكر النسان با يكره مرم‬
‫إذا كان القصود منه مرد الذم والعيب والنقص‪.‬‬
‫فأما إن كان فيه مصلحة لعامة السلمي أو خاصة لبعضهم‪ ،‬وكان القصود‬
‫منه تصيل تلك الصلحة‪ ،‬فليس بحرم‪ ،‬بل مندوب إليه‪.‬‬
‫وقد قرر علماء الديث هذا ف كتبهم ف الرح والتعديل‪ ،‬وذكروا الفرق‬
‫بي جرح الرواة وبي الغيبة‪ ،‬وردوا على من سوى بينهما من التعبدين‬
‫وغيهم من ل يتسع علمه ول فرق بي الطعن ف رواة ألفاظ الديث ول‬
‫التمييز بي من تقبل روايته منهم ومن ل تقبل‪ ،‬وبي تبيي خطأ من أخطأ ف‬

‫‪-138-‬‬
‫فهم معان الكتاب والسنة‪ ،‬وتأول شيئا منها على غي تأويله‪ ،‬وتسك با ل‬
‫يتمسك به‪ ،‬ليحذر من القتداء به فيما أخطأ فيه‪.‬‬
‫وقد أجع العلماء على جواز ذلك أيضا‪ ،‬ولذا ند ف كتبهم الصنفة ف‬
‫أنواع العلوم الشرعية من التفسي‪ ،‬وشروح الديث‪ ،‬والفقه‪ ،‬واختلف‬
‫العلماء‪ ،‬وغي ذلك‪ ،‬متلئة من الناظرات‪ ،‬وردوا أقوال من تضعف أقواله من‬
‫أئمة السلف واللف من الصحابة والتابعي ومن بعدهم‪.‬‬
‫ول يترك ذلك أحد من أهل العلم‪ ،‬ول ادعى فيه طعنا على من رد عليه‬
‫قوله‪ ،‬ول ذما‪ ،‬ول نقصا‪ ...‬اللهم إل أن يكون الصنف من يفحش ف‬
‫الكلم‪ ،‬ويسيء الدب ف العبارة‪ ،‬فينكر عليه فحاشته وإساءته‪ ،‬دون أصل‬
‫رده ومالفته إقامة بالجج الشرعية‪ ،‬والدلة العتبة‪.‬‬
‫وسبب ذلك أن علماء الدين كلهم ممعون على قصد إظهار الق الذي‬
‫بعث ال به رسوله صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وأن يكون الدين كله ل‪ ،‬وأن‬
‫تكون كلمته هي العليا‪ ،‬وكلهم معترفون بأن الحاطة بالعلم كله من غي‬
‫شذوذ شيء منه ليس هو مرتبة أحد منهم‪ ،‬ول ادعاه أحد من التقدمي ول‬
‫من التأخرين‪ ،‬فلهذا كان أئمة السلف الجمع على علمهم وفضلهم يقبلون‬
‫الق من أورده عليهم‪ ،‬وإن كان صغيا‪ ،‬ويوصون أصحابم وأتباعهم بقبول‬
‫الق إذا ظهر ف غي قولم(‪ ")1‬اهـ‪.‬‬

‫() "الفرق بي النصيحة والتعيي)) (ص ‪ )26 -25‬تقيق نم عبدالرحن خلف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-139-‬‬
‫منهج أهل السنة والماعة قاطبة ف التحذير من أهل البدع ومن‬
‫كتبهم وحكمهم ف الداعية إل البدع‬
‫‪123‬‬ ‫‪ -1‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ف "السياسة الشرعية" (ص‬
‫)‪" :‬وجوز طائفة من أصحاب الشافعي وأحد وغيها قتل الداعية إل البدع‬
‫الخالفة للكتاب والسنة‪ ،‬وكذلك كثي من أصحاب مالك‪ ،‬وقالوا‪ :‬إنا جوز‬
‫مالك وغيه قتل القدرية لجل الفساد ف الرض‪ ،‬ل لجل الردة" اهـ‪.‬‬
‫‪ -2‬وقال شيخ السلم رحه ال تعال‪" :‬من قامت عليه الجة من أهل‬
‫البدع ‪ ،‬استحق العقوبة‪ ،‬وإل‪ ،‬كانت أعماله البدعية النهي عنها باطلة ل‬
‫ثواب فيها‪ ،‬وكانت منقصة له‪ ،‬خافضة له‪ ،‬مسقطة لرمته ودرجته‪ ،‬فإن هذا‬
‫حكم أهل الضلل وجزاؤهم‪ ،‬وال حكم عدل‪ ،‬ل يظلم مثقال ذرة‪ ،‬وهو‬
‫عليم حكيم "(‪ )1‬اهـ‪.‬‬
‫الافظ )تقي الدين أب ممد عبدالغن بن عبدالواحد القدسي رحه‬ ‫‪ -3‬رأي (‬
‫ال ف الطوائف ‪. 2‬‬
‫قال رحه ال‪" :‬واعلم رحك ال أن السلم وأهله أتوا من طوائف ثلثة‪:‬‬
‫ا) فطائفة ردت أحاديث الصفات‪ ،‬وكذبوا رواتا‪ ،‬فهؤلء أشد ضررا على‬
‫السلم وأهله من الكفار‪.‬‬
‫‪ )2‬وطائفة قالوا بصحتها وقبولا‪ ،‬ث تأولوها؟ فهؤلء أعظم ضررا من‬
‫الطائفة الول‪.‬‬

‫() ف الرد على الخنائي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() ((عقيدة الافظ عبد الغن )) (ص ‪.)121‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-140-‬‬
‫‪ )3‬والثالثة‪ :‬جانبوا القولي الولي‪ ،‬وأخذوا‪ -‬بزعمهم ‪ -‬ينهون وهم‬
‫يكذبون‪ ،‬فأداهم ذلك إل القولي الولي‪ ،‬وكانوا أعظم ضررا من الطائفتي‬
‫الوليي " ا هـ‪.‬‬
‫()‬
‫‪ -4‬وقال ابن الوزي ‪" : 1‬قال أبو الوفاء علي بن عقيل الفقيه‪ :‬قال‬
‫شيخنا أبو الفضل المذان‪ :‬مبتدعة السلم والواضعي للحاديث أشد من‬
‫اللحدين‪ ،‬لن اللحدين قصدوا (فساد الدين من خارج‪ ،‬وهؤلء قصدوا‬
‫إفساده من داخل‪ ،‬فهم كأهل بلد سعوا ف إفساد أحواله‪ ،‬واللحدون‬
‫كالحاصرين من خارج‪ ،‬فالدخلء يفتحون الصن‪ ،‬فهو(‪ )2‬شر على السلم‬
‫من غي اللبسي له "‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فهذا كلم ف طوائف تنتمي إل السلم‪ ،‬ول شك أن لم ماسن‪،‬‬
‫فلم يذكرها هؤلء العلماء العظماء‪ ،‬لن ذكرها غي واجب‪.‬‬
‫ث منهج السلف الصال هو التحذير من الكتب الت فيها بدع‪ ،‬صيانة لنهج‬
‫السلمي من ضررها وخطرها‪ ،‬وليس من الظلم أن يذكر السلم الناصح من‬
‫كتاب مثالب موجودة فيه‪ ،‬تذيرا للمسلمي من ضرره‪ ،‬ولو ل يذكر ماسنه‪،‬‬
‫ب با ليس فيه‪ ،‬ولو كان كاتبه كافرا‪.‬‬
‫بل من الظلم أن ُيْثَل َ‬
‫‪ -5‬وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال‪" :‬فالكذب على الشخص حرام‬
‫كله ‪ ،‬سواء كان الرجل مسلما أو كافرا أو فاجرا‪ ،‬لكن الفتراء على الؤمن‬

‫() الوضوعات (‪.)1/51‬‬ ‫‪1‬‬

‫() كذا ف الصل ولعله (فهم)‬ ‫‪2‬‬

‫‪-141-‬‬
‫()‬
‫‪3‬‬
‫أشد‪ ،‬بل الكذب كله حرام‪ ،‬ولكن يباح عند الاجة الشرعية العاريض‬
‫اهـ‪.‬‬
‫ولقد حذر رسول ال صلى ال عليه وسلم من قراءة كتب أهل الكتاب‪،‬‬
‫فعن جابر بن عبدال رضي ال عنه‪ :‬أن عمر بن الطاب رضي ال عنه أتى‬
‫النب صلى ال عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب‪ ،‬فغضب‪،‬‬
‫فقال‪" :‬أمتهوكون يا ابن الطاب؟! والذي نفسي بيده‪ ،‬لقد جئتكم با نقية‪،‬‬
‫ل تسألوهم عن شيء فيخبوكم بق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به‪،‬‬
‫نفسي بيده‪ ،‬لو أن موسى عليه السلم كان حيا ‪ ،‬ما وسعه إل أن‬
‫والذي ( )‬
‫يتبعن " ‪. 1‬‬
‫‪ -6‬وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال‪" :‬وهذه حقيقة قول من قال من‬
‫السلف والئمة‪ :‬إن الدعاة إل البدع ل تقبل شهادتم‪ ،‬ول يصلى خلفهم‪،‬‬
‫ول يؤخذ عنهم العلم‪ ،‬ول يناكحون‪.‬‬
‫فهذه عقوبة لم حت ينتهوا‪ ،‬ولذا يفرقون بي الداعية وغي الداعية‪ ،‬لن‬
‫الداعية أظهر النكرات‪ ،‬فاستحق العقوبة‪ ،‬بلف الكات‪ ،‬فإنه ليس شرا من‬
‫عليه وسلم يقبل علنيتهم ويكل سرائرهم‬ ‫النافقي‪ ،‬الذين كان النب صلى ال ( )‬
‫إل ال‪ ،‬مع علمه بال كثي منهم " ‪ 2‬اهـ‪.‬‬

‫() مموع الرسائل والسائل (‪.)5/105‬‬ ‫‪3‬‬

‫() أخرجه‪ :‬المام أحد ( ‪ ،)387 /3‬والدارمي ( ‪ ،)1 1 5 /1‬وابن عبدالب ف "جامع بيان‬‫‪1‬‬

‫العلم ( ‪ ،)42 /2‬وابن أب عاصم ف "السنة" ( ‪.)2 /5‬‬


‫وهو حديث حسن‪ .‬وانظر‪ :‬الرواء " ( ‪.)34 0 -338 /6‬‬
‫() مموع الفتاوى (‪.)28/520‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-142-‬‬
‫تفسي قوله تعال‪{ :‬الزانية‬
‫‪ -7‬وقال شيخ السلم رحه ال تعال عند ( )‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫والزان فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة}‬
‫"فأمر بعقوبتهما وعذابما بضور طائفة من الؤمني‪ ،‬وذلك بشهادته على‬
‫نفسه‪ ،‬أو بشهادة الؤمني عليه‪ ،‬لن العصية إذا كانت ظاهرة‪ ،‬كانت عقوبتها‬
‫ظاهرة‪ ،‬كما جاء ف الثر‪" :‬من أذنب سرا‪ ،‬ليتب سرا‪ ،‬ومن أذنب علنية‪،‬‬
‫فليتب علنية"‪ ،‬وليس من الستر الذي يبه ال تعال‪ ،‬كما ف الديث‪" :‬من‬
‫ستر مسلما‪ ،‬ستره ال "‪ ،‬بل ذلك إذا ستر‪ ،‬كان ذلك إقرارا لنكر ظاهر‪ ،‬وف‬
‫الديث‪" :‬إن الطيئة إذا خفيت‪ ،‬ل تضر إل صاحبها‪ ،‬وإذا أعلنت فلم تنكر‪،‬‬
‫ضرت العامة"‪ ،‬فإذا أعلنت‪ ،‬أعلنت عقوبتها‪ ،‬بسب العدل المكن‪.‬‬
‫ولذا ل يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة‪ ،‬كما روي ذلك عن السن‬
‫البصري وغيه‪ ،‬لنه لا أعلن ذلك‪ ،‬استحق عقوبة السلمي له‪ ،‬وأدن ذلك أن‬
‫يذم عليه‪ ،‬لينجر ويكف الناس عنه وعن مالطته‪ ،‬ولو ل يذم ويذكر با فيه‬
‫من الفجور والعصية أو البدعة‪ ،‬لغتر به الناس‪ ،‬وربا حل بعضهم على أن‬
‫يرتكب ما هو عليه‪ ،‬ويزداد أيضا هو جرأة وفجورا ومعاصي‪ ،‬فإذا ذكر با‬
‫فيه‪ ،‬انكف وانكف غيه عن ذلك وعن صحبته ومالطته‪.‬‬
‫قال السن البصري‪ :‬أترغبون عن ذكر الفاجر؟! اذكروه با فيه كي يذره‬
‫الناس‪ ،‬وقد روي مرفوعا‪.‬‬
‫والفجور اسم جامع لكل متجاهر بعصية أو كلم قبيح يدل السامع له على‬
‫فجور قلب قائله‪ ،‬ولذا كان مستحقا للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو‬

‫() النور ‪.2 :‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-143-‬‬
‫فجورا أوتتكا أومالطة لن هذا حاله‪ ،‬بيث ل يبال بطعن الناس عليه‪ ،‬فإن‬
‫هجره نوع تعزير له‪.‬‬
‫فإذا أعلن السيئات‪ ،‬أعلن هجره‪ ،‬وإذا أسر‪ ،‬اسر هجره‪ ،‬إذ الجرة هي‬
‫قال)‬
‫وهجرة السيئات هجرة ما نى ال عنه‪ ،‬كما (‬
‫الجرة على السيئات‪) ( ،‬‬
‫تعال‪{ :‬والرجز فاهجر} ‪ ، 1‬وقال تعال‪{ :‬واهجرهم هجرا جيل} ‪، 2‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬وقد نزل عليكم ف الكتاب أن إذا سعتم آيات ال يكفر با‬
‫تقعدوا معهم حت يوضوا ف حديث غيه إنكم إذا مثلهم }‬ ‫ويستهزأ با فل ( )‬
‫()‬
‫‪ 000 3‬إل " اهـ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫()‬
‫‪ -8‬وقال ابن عبد الب ف كتابه "جامع بيان العلم " ‪" : 5‬أخبنا إساعيل بن‬
‫عبدالرحن‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا إبراهيم بن بكر‪ ،‬قال‪ :‬سعت أبا عبدال ممد بن أحد‬
‫بن إسحاق بن خويز منداد الصري الالكي‪ ،‬قال ف (كتاب الجارات) من‬
‫كتابه ف اللف‪ :‬قال مالك‪ :‬ل توز الجارات ف شيء من كتب الهواء‬
‫والبدع والتنجيم‪ ،‬وذكر كتبا‪ ،‬ث قال‪ :‬وكتب أهل الهواء والبدع عند‬
‫أصحابنا هي كتب أصحاب الكلم من العتزلة وغيهم‪ ،‬وتفسخ الجارة ف‬
‫ذلك‪ .‬قال‪ :‬وكذلك كتاب القضاء بالنجوم وعزائم الن وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫وقال ف (كتاب الشهادات) ف تأويل قول مالك‪" :‬ل توز شهادة أهل البدع‬
‫والهواء"‪ ،‬قال‪ :‬أهل الهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلم‪ ،‬فكل‬
‫() الدثر ‪.5 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الزمل ‪.10 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() النساء ‪.140 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() تفسي سورة النور" لبن تيمية‪ ،‬تقيق علي العلي عبدالميد حامد‪( .‬ص ‪.)33-31‬‬ ‫‪4‬‬

‫() (‪.)2-117‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪-144-‬‬
‫متكلم‪ ،‬فهو من أهل الهواء والبدع‪ ،‬أشعريا كان أو غي أشعري‪ ،‬ول تقبل‬
‫له شهادة ف السلم أبدا‪ ،‬ويهجر‪ ،‬ويؤدب على بدعته‪ ،‬فإن تادى عليها‪،‬‬
‫استتيب منها" اهـ‪.‬‬
‫‪ -9‬وقال ابن عبدالب ف كتابه "التمهيد" عقب حديث كعب بن مالك ف‬
‫قصة الثلثة الذين خلفوا‪" :‬وف حديث كعب هذا دليل على أنه جائز أن‬
‫أخاه )إذا بدت منه بدعة أو فاحشة يرجو أن يكون هجرانه تأديبا له‬
‫يهجر الرء (‬
‫وزجرا عنه)) ‪1 1‬هـ‪.‬‬
‫()‬
‫‪ - 10‬وروى الطيب البغدادي ‪ 2‬بإسناده إل الفضل بن زياد‪ ،‬قال‪:‬‬
‫"وسألت أبا عبدال عن الكرابيسي وما أظهر‪ ،‬فكلح وجهه‪ ،‬ث أطرق‪ ،‬ث‬
‫تعال‪{ :‬وإن أحد من الشركي‬‫قال‪ :‬هذا قد أظهر رأي جهم‪ ،‬قال ال ( )‬
‫استجارك فاجره حت يسمع كلم ال } ‪ ، 3‬فممن يسمع‪ ،‬وقال النب صلى‬
‫ال عليه وسلم "فله المان حت يسمع كلم ال "‪ ،‬إنا جاء بلؤهم من هذه‬
‫الكتب الت وضعوها‪ ،‬تركوا آثار رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪،‬‬
‫وأقبلوا على هذه الكتب " اهـ‪.‬‬
‫قال )الشيخ شس الدين أبوعبدال ممد بن مفلح ف كتابه "الداب‬ ‫‪( -11‬‬
‫الشرعية" ‪" : 4‬وذكر الشيخ موفق الدين رحه ال ف النع من النظر ف كتب‬

‫() (‪.)6/118‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪.)1/232‬‬ ‫‪2‬‬

‫() التوبة ‪.6 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() (‪.)1/232‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-145-‬‬
‫البتدعة‪ ،‬قال‪ :‬وكان السلف ينهون عن مالسة أهل البدع‪ ،‬والنظر ف كتبهم‪،‬‬
‫والستماع لكلمهم " اهـ‪.‬‬
‫‪ -1 2‬انظر كلم المام البغوي التقدم ف (ص ‪.)27 -26‬‬
‫‪ -13‬قال الشاطب رحه ال‪" :‬فإن فرقة النجاة ‪ -‬وهم أهل السنة ‪-‬‬
‫مأمورون بعداوة أهل البدع‪ ،‬والتشريد بم‪ ،‬والتنكيل بن اناش إل جهتهم‪،‬‬
‫بالقتل فما دونه‪ ،‬وقد حذر العلماء من مصاحبتهم ومالستهم‪ ،‬وذلك مظنة‬
‫إلقاء العداوة والبغضاء‪ ،‬لكن الدرك فيها على من تسبب ف الروج عن‬
‫كيف)‬
‫الماعة با أحدثه من اتباع غي سبيل الؤمني‪ ،‬ل على التعادي مطلقا‪( ،‬‬
‫‪1‬‬
‫ونن مأمورون بعاداتم وهم مأمورون بوالتنا والرجوع إل الماعة ؟)‬
‫اهـ‬
‫()‬
‫‪ -14‬وقال الشاطب أيضا رحه ال ‪" : 2‬حي تكون الفرقة تدعو إل‬
‫ضللتها وتزينها ف قلوب العوام ومن ل علم عنده‪ ،‬فإن ضرر هؤلء على‬
‫السلمي كضرر إبليس‪ ،‬وهم من شياطي النس‪ ،‬فل بد من التصريح بأنم‬
‫من أهل البدع والضللة‪ ،‬ونسبتهم إل الفرق إذا قامت له الشهود على أنم‬
‫منهم‪.‬‬
‫فمثل هؤلء ل بد من ذكرهم والتشريد بم‪ ،‬لن ما يعود على السلمي من‬
‫ضررهم إذا تركوا أعظم من الضرر الاصل بذكرهم والتنفي عنهم إذا كان‬
‫سبب ترك التعيي الوف من التفرق والعداوة‪ ،‬ول شك أن التفرق بي‬
‫السلمي وبي الداعي للبدعة وحدهم إذا أقيم عليهم أسهل من التفرق بي‬
‫() العتصام (‪.)1/120‬‬ ‫‪1‬‬

‫() العتصام (‪.)229-2/228‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-146-‬‬
‫السلمي وبي الداعي ومن شايعهم واتبعهم‪ ،‬وإذا تعارض الضرران‪،‬‬
‫فالرتكب أخفهما وأسهلهما‪ ،‬وبعض الشر أهون من جيعه كقطع اليد‬
‫التأكله‪ ،‬إتلفها أسهل من إتلف النفس‪ ،‬وهذا شأن الشرع أبدا‪ ،‬يطرح‬
‫حكم الخف وقاية من الثقل "‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فهذا هو مذهب السلف‪ ،‬وهذه هي أحكامهم‪ ،‬وهذا هو تعاملهم مع‬
‫الكتب ومع أهلها أهل البدع‪ ،‬كما ترى ف كلم ابن تيمية والبغوي‬
‫والشاطب‪ ،‬وف كلم ابن عبدالب عن مالك وأصحابه‪ ،‬وكما ف كلم‬
‫الطيب والوفق ابن قدامة عن المام أحد والسلف قاطبة‪.‬‬
‫()‬
‫‪ -15‬وقال ابن القيم ف "الطرق الكمية" ‪( " : 1‬فصل)‪ :‬وكذلك ل‬
‫ضمان ف تريق الكتب الضلة وإتلفها‪ :‬قال الروذي‪ :‬قلت لحد‪ :‬استعرت‬
‫كتابا فيه أشياء رديئة‪ ،‬ترى أن أخرقه أو أحرقه‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬فأحرقه‪.‬‬
‫وقد رأى النب صلى ال عليه وسلم بيد عمر كتابا اكتتبه من التوراة‪،‬‬
‫وأعجبه موافقته للقرآن‪ ،‬فتمعر وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬حت‬
‫ذهب به عمر إل التنور‪ ،‬فألقاه فيه‪.‬‬
‫فكيف لو رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم ما صنف بعده من الكتب‬
‫الت يعارض با ما ف القرآن والسنة ؟! وال الستعان‪.‬‬
‫وقد أمر النب صلى ال عليه وسلم من كتب عنه شيئا غي القرآن أن يحوه‪،‬‬
‫ث أذن ف كتابة سنته‪ ،‬ول يأذن ف غي ذلك‪.‬‬

‫() (ص‪.)282‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-147-‬‬
‫وكل هذه الكتب التضمنة لخالفة السنة غي مأذون فيها‪ ،‬بل مأذون ف‬
‫موها وإتلفها‪ ،‬وما على المة أضر منها‪ ،‬وقد حرق الصحابة جيع الصاحف‬
‫الخالفة لصحف عثمان لا خافوا على المة من الختلف‪ ،‬فكيف لو رأوا‬
‫هذه الكتب الت أوقعت اللف والتفرق بي المة‪." ...‬‬
‫ث قال ابن القيم‪" :‬والقصود أن هذه الكتب الشتملة على الكذب والبدعة‬
‫يب إتلفها وإعدامها‪ ،‬وهي أول بذلك من إتلف آلت اللهو والعازف‪،‬‬
‫وإتلف آنية المر‪ ،‬فإن ضررها أعظم من ضرر هذه‪ ،‬ول ضمان فيها‪ ،‬كما‬
‫ل ضمان ف كسر أوان المر وشق الزقاق " اهـ‪.‬‬
‫‪ -16‬وقال الذهب‪" :‬قال الافظ سعيد بن عمرو البدعي‪ :‬شهدت أبا زرعة‬
‫‪ -‬وقد سئل عن الارث الحاسب وكتبه‪ -‬فقال للسائل‪ :‬إياك وهذه الكتب‪،‬‬
‫هذه كتب بدع وضللت‪ ،‬عليك بالثر‪ ،‬فإنك تد فيه ما يغنيك‪ .‬قيل له‪ :‬ف‬
‫هذه الكتب عبة‪ .‬فقال‪ :‬من ل يكن له ف كتاب ال عبة‪ ،‬فليس له ف هذه‬
‫الكتب عبة‪ ،‬بلغكم أن سفيان ومالكا والوزاعي صنفوا هذه الكتب ف‬
‫الطرات والوساوس؟! ما أسرع الناس إل البدع!‬
‫مات الارث سنة ثلث وأربعي ومائتي‪.‬‬
‫وأين مثل الارث؟! فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف التأخرين‪ ،‬كـ "‬
‫القوت " لب طالب؟! وأين مثل " القوت " ؟! كيف لو رأى "بجة‬
‫السرار" لبن جهضم و"حقائق التفسي" للسلمي‪ ،‬لطار لبه؟! كيف لو رأى‬
‫تصانيف أب حامد الطوسي ف ذلك على كثرة ما ف "الحياء" من‬
‫الوضوعات؟! كيف لو رأى "الغنية" للشيخ عبدالقادر؟! كيف لو رأى‬
‫"فصوص الكم " و " الفتوحات الكية"؟!‬
‫‪-148-‬‬
‫بلى؟ لا كان الارث لسان القوم ف ذاك العصر‪ ،‬كان معاصره ألف إمام ف‬
‫الديث‪ ،‬فيهم مثل أحد بن حنبل وابن راهويه‪ ،‬ولا صار أئمة الديث مثل‬
‫العارفي كصاحب "الفصوص " وابن‬ ‫ابن الدخيسي وابن شحانة‪ ،‬كان قطب ( )‬
‫سبعي‪ ،‬نسأل ال العفو والسامة آمي" ‪ 1‬اهـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬رحم ال المام الذهب‪ ،‬كيف لو رأى مثل "الطبقات " للشعران‪،‬‬
‫و"جواهر العان " و"بلوغ المان ف فيض أب العباس التيجان " لعلي بن‬
‫حرازم الفاسي؟! كيف لو رأى "خزينة السرار" لحمد حقي النازل؟! كيف‬
‫لو رأى " نور البصار" للشبلنجي؟! كيف لو رأى "شواهد الق ف جواز‬
‫الستغاثة بسيد اللق " و"جامع كرامات الولياء" للنبهان ؟! كيف لو رأى "‬
‫تبليغي نصاب " وأمثاله من مؤلفات أصحاب الطرق الصوفية ؟! كيف لو‬
‫رأى مؤلفات غزال هذا العصر وهي تاجم السنة النبوية وتسخر من حلتها‬
‫والتمسكي با من الشباب السلفي وتقذفهم بأشنع التهم وأفظع اللقاب؟!‬
‫كيف لو رأى مؤلفات الودودي وما فيها من انراف عقدي وعقلي‬
‫وسلوكي؟! كيف لو رأى مصنفات القرضاوي وهي تدافع عن أهل البدع‬
‫وتنتصر لا‪ ،‬بل تشرح أصولا‪ ،‬والذي ينحى منحى غزال هذا العصر‪ ،‬بل هو‬
‫أخطر؟! كيف لو رأى دعاة زماننا وقد أقبلوا على هذه الكتب النحرفة‪ ،‬وهم‬
‫يسيون ويسيون شبابم وأتباعهم على مناهج الفرق النحرفة الضالة‪ ،‬بل‬
‫وينافحون عنها وعن قاداتا البتدعي؟! كيف لو رأى مصنفات سعيد حوى‬
‫الصوفية والسياسية النحرفة؟! كيف لو رأى مصنفات الكوثري وتلميذه أب‬
‫غدة وإخوانه من كبار متعصب الصوفية والذهبية؟! كيف لو رأى مصنفات‬
‫() اليزان (‪.)431-1/430‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-149-‬‬
‫البوطي وأمثاله من خصوم السنة وخصوم مدرسة التوحيد ومدرسة ابن‬
‫منهج‬
‫تيمية؟! كيف لو رأى شباب المة بل شباب التوحيد وقد جهلوا ( )‬
‫السلف بل جهلوا الكتاب والسنة وأقبلوا على هذه الكتب الهلكة ‪ 1‬؟!‬
‫ويا ويل من يتعرض لنقدها ويريد حاية دينهم وعقائدهم من ضللتا!‬
‫يا ويله! من يميه من سهامهم واتاماتم الريئة؟! فإنا ل وإنا إليه راجعون!‬
‫()‬
‫‪ -17‬قال الافظ ابن رجب رحه ال ف "شرح علل الترمذي " ‪" : 2‬وقد‬
‫تسلط كثي من يطعن ف أهل الديث عليهم بذكر شيء من هذه العلل‪،‬‬
‫وكان مقصوده بذلك الطعن ف الديث جلة والتشكيك فيه‪ ،‬أو الطعن ف‬
‫غي حديث أهل الجاز‪ ،‬كما فعله حسي الكرابيسي ف كتابه الذي ساه بـ‬
‫"كتاب الدلسي "‪ ،‬وقد ذكر كتابه هذا للمام أحد‪ ،‬فذمه ذما شديدا‪،‬‬
‫وكذلك أنكره عليه أبو ثور وغيه من العلماء‪.‬‬
‫قال الروزي‪ :‬مضيت إل الكرابيسي‪ ،‬وهو إذ ذاك مستور‪ ،‬يذب عن السنة‪،‬‬
‫ويظهر نصرة أب عبدال‪ ،‬فقلت له‪ :‬إن كتاب "الدلسي" يريدون أن يعرضوه‬
‫على أب عبدال‪ ،‬فأظهر أنك ندمت حت أخب أبا عبدال‪ .‬فقال ل‪ :‬إن أبا‬
‫عبدال رجل صال‪ ،‬مثله يوفق لصابة الق‪ ،‬وقد رضيت أن يعرض كتاب‬
‫عليه‪ ،‬وقد سألن أبو ثور وابن عقيل وحبيش أن أضرب على هذا الكتاب‪،‬‬
‫فأبيت عليهم‪ ،‬وقلت‪ :‬بل أزيد فيه‪ ،‬ول ف ذلك‪ ،‬وأب أن يرجع عنه‪ ،‬فجيء‬
‫بالكتاب إل أب عبدال وهو ل يدري من وضع الكتاب‪ ،‬وكان ف الكتاب‬
‫الطعن على العمش والنصرة للحسن بن صال‪ ،‬وكان ف الكتاب‪" :‬إن قلتم‪:‬‬
‫() أعن‪ :‬كتب تلميذ الكوثري وغيهم من البتدعة الذين تستروا بدعوة الخوان السلمي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪.)2/806-808‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-150-‬‬
‫إن السن بن صال كان يرى رأي الوارج‪ ،‬فهذا ابن الزبي قد خرج "‪ ،‬فلما‬
‫قرىء على أب عبدال‪ ،‬قال‪" :‬هذا قد جع للمخالفي ما ل يسنوا أن يتجوا‬
‫به‪ ،‬حذروا عن هذا"‪ ،‬ونى عنه "‪.‬‬
‫قال ابن رجب رحه ال‪" :‬وقد تسلط بذا الكتاب طوائف من أهل البدع‬
‫من العتزلة وغيهم ف الطعن على أهل الديث‪ ،‬كابن عباد الصاحب ونوه‪،‬‬
‫وكذلك بعض أهل الديث ينقل منه دسائس‪ ،‬إما أنه يفى عليه أمرها‪ ،‬أو ل‬
‫يفى عليه‪ ،‬ف الطعن ف العمش ونوه‪ ،‬كيعقوب الفسوي وغيه‪.‬‬
‫وأما أهل العلم والعرفة والسنة والماعة‪ ،‬فإنا يذكرون علل الديث نصيحة‬
‫للدين‪ ،‬وحفظا لسنة النب صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬وصيانة لا‪ ،‬وتييزا ما يدخل‬
‫على رواتا من الغلط والسهو والوهم‪ ،‬ول يوجب ذلك طعنا ف غي‬
‫الحاديث العللة‪ ،‬بل تقوى بذلك الحاديث السليمة عندهم‪ ،‬لباءتا من‬
‫العلل‪ ،‬وسلمتها من الفات‪ ،‬فهؤلء هم العارفون بسنة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم حقا‪ ،‬وهم النقاد الهابذة الذين ينتقدون الديث انتقاد الصيف‬
‫الاذق للنقد البهرج من الالص‪ ،‬وانتقاد الوهري الاذق للجوهر ما دلس‬
‫به " اهـ‪.‬‬
‫()‬
‫‪ -18‬قال الافظ ابن رجب رحه ال ‪" : 1‬وقد كان بعض السلف إذا‬
‫بلغه قول ينكره على قائله يقول‪" :‬كذب فلن "‪ ،‬ومن هذا قول النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪" :‬كذب أبو السنابل "‪ ،‬لا بلغه أنه أفت أن التوف عنها زوجها‬
‫إذا كانت حامل ل تل بوضع المل حت تأت عليها أربعة أشهر وعشرا‪.‬‬

‫() الفرق بي النصيحة والتعيي (ص‪.)33-30‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-151-‬‬
‫وقد بالغ الئمة الورعون ف إنكار مقالت ضعيفة لبعض العلماء‪ ،‬وردها‬
‫أبلغ الرد‪ ،‬كما كان المام أحد ( ‪ 241 -164‬هـ) ينكر على أب ثور (‬
‫‪ 240‬هـ) وغيه مقالت ضعيفة تفردوا با‪ ،‬ويبالغ ف ردها عليهم‪.‬‬
‫هذا كله حكم الظاهر‪ ،‬وأما ف باطن المر‪ ،‬فإن كان مقصوده ف ذلك‬
‫مرد تبيي الق ولئل يغتر الناس بقالت من أخطأ ف مقالته‪ ،‬فل ريب أنه‬
‫مثاب على قصده‪ ،‬ودخل بفعله هذا بذه النية ف النصح ل ورسوله وأئمة‬
‫السلمي وعامتهم‪.‬‬
‫وسواء كان الذي بي الطأ صغيا أم كبيا‪ ،‬فله أسوة بن رد من العلماء‬
‫مقالت ابن عباس "‪.‬‬
‫ث ذكر سعيد بن السيب والسن وعطاء وطاوس وغيهم "من أجع‬
‫السلمون على هدايتهم ودرايتهم ومبتهم والثناء عليهم‪ ،‬ول يعد أحد منهم ما‬
‫خالفوه ف هذه السائل ونوها طعنا ف هؤلء الئمة ول عيبا لم‪ ،‬وقد‬
‫امتلت كتب أئمة السلمي من السلف واللف بتبيي هذه القالت وما‬
‫أشبهها مثل كتب الشافعي وإسحاق وأب عبيد وأب ثور ومن بعدهم من أئمة‬
‫الفقه والديث وغيها من ادعوا هذه القالت ما كان بثابتها شيء كثي‪،‬‬
‫ولو ذكرنا ذلك بروفه لطال المر جدا‪.‬‬
‫وأما إن كان مراد الراد بذلك إظهار عيب من رد عليه‪ ،‬وتنقصه‪ ،‬وتبيي‬
‫جهله وقصوره ف العلم‪ ،‬ونو ذلك‪ ،‬كان مرما‪ ،‬سواء كان رده لذلك ف‬
‫وجه من رد عليه أو ف غيبته‪ ،‬وسواء كان ف حياته أو بعد موته‪ ،‬وهذا داخل‬
‫فيما ذمه ال تعال ف كتابه‪ ،‬وتوعد عليه ف المز واللمز‪ ،‬وداخل أيضا ف‬
‫قول النب صلى ال عليه وسلم "يا معشر من آمن بلسانه ول يؤمن بقلبه! ل‬
‫‪-152-‬‬
‫تؤذوا السلمي‪ ،‬ول تتبعوا عوراتم‪ ،‬فإنه من يتبع عوراتم‪ ،‬يتبع ال عورته‪،‬‬
‫ومن يتبع ال عورته‪ ،‬يفضحه‪ ،‬ولو ف جوف بيته "‪.‬‬
‫وهذا كله ف حق العلماء القتدى بم ف الدين‪ ،‬فأما أهل البدع والضللة‬
‫ومن تشبه بالعلماء وليس منهم‪ ،‬فيجوز بيان جهلهم‪ ،‬وإظهار عيوبم‪ ،‬تذيرا‬
‫من القتداء بم‪ ،‬وليس كلمنا الن ف هذا القبيل‪ ،‬وال أعلم"‪.‬‬
‫()‬
‫‪ -19‬وقال الافظ ابن رجب أيضا رحه ال ف "شرح علل الترمذي ‪: " 1‬‬
‫"قال ابن أب الدنيا‪ :‬نا أبو صال الروزي‪ :‬سعت رافع بن أشرس‪ ،‬قال‪ :‬كان‬
‫يقال‪" :‬من عقوبة الكذاب أن ل يقبل صدقه "‪ .‬وأنا أقول‪ :‬من عقوبة الفاسق‬
‫البتدع أن ل تذكر ماسنه "‪.‬‬
‫قال الحقق‪" :‬قال الكنكوهي ف " الكوكب الدري " ( ‪ :)347 /1‬إنه‬
‫صاحب بدعة‪ ،‬ل ينبغي أن يأخذ العلماء منه‪ ،‬ول أن يتركوا العامة يسألون‬
‫عنه ويلسون إليه‪ ،‬فلما كان كذلك‪ ،‬ل يتحدث عنه أحد فيموت ذكره‪ ،‬ول‬
‫يشتهر أمره‪ ،‬فعلم أن العلماء يوز لم بل يب أن يظهروا للناس عيبه‬
‫وينعوهم عن الخذ عنه "‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وما أشبه الليلة بالبارحة! فخصوم السنة والتوحيد يستغلون اليوم‬
‫كتابات وأشرطة بعض من ينتسبون إل السنة والتوحيد ف الطعن ف أعلم‬
‫السنة والتوحيد ودعاتما‪ ،‬بل الشد نكاية وفجيعة أن يتأثر بذه الشرطة‬
‫والكتابات والدعايات كثي من أبناء التوحيد والسنة‪ ،‬فيسددون سهام‬
‫التجريح والتهم الظالة إل أعلم التوحيد والسنة وحلة راياتما والدافعي عن‬
‫حياضهما‪ ،‬والشد من ذلك أسفا وفواجع أن يتعاطفوا ويتضامنوا مع أهل‬
‫() (‪.)1/50‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-153-‬‬
‫البدع والضلل ف تسديد السهام السمومة الت يعدها أعداء السنة والتوحيد‬
‫السهام الخية للجهاز على البقية الباقية من السنة والتوحيد‪.‬‬
‫وظلم ذوي القرب أشد مضاضة‬
‫على النفس من وقع السام الهند‬
‫فإنا ل وانا إليه راجعون‪.‬‬
‫انظر أخي واعتب! كيف وقف المام أحد ومن وراءه من أهل السنة من‬
‫كتاب "الدلسي " للكرابيسي‪ ،‬ولعله خي آلف الرات وأقل خطرا آلف‬
‫الرات من كتب يدافع عنها أبناء السنة والتوحيد لهل البدع والضلل‪ ،‬فإنا‬
‫ل وانا إليه راجعون مرات ومرات أخرى !‬
‫‪ -20‬قال السبكي بعد أن ذكر طعن الازري ف الغزال‪" :‬وقد سبقه إل‬
‫قريب منه من الالكية أبو الوليد الطرطوشي‪ ،‬فذكر ف "رسالة إل ابن مظفر"‪:‬‬
‫فأما ما ذكرت من أمر الغزال‪ ،‬فرأيت الرجل وكلمته‪ ،‬فرأيته رجل من أهل‬
‫العلم‪ ،‬قد نضت به فضائله‪ ،‬واجتمع فيه العقل والفهم ومارسة العلوم طول‬
‫زمانه‪ ،‬ث بدا له النصراف عن طريق العلماء‪ ،‬ودخل غمر العمال‪ ،‬ث‬
‫تصوف‪ ،‬فهجر العلوم وأهلها‪ ،‬ودخل ف علم الواطر وأرباب القلوب‬
‫ووساوس الشيطان‪ ،‬ث شابا باراء الفلسفة ورموز اللج‪ ،‬وجعل يطعن‬
‫على الفقهاء والتكلمي‪ ،‬ولقد كاد ينسلخ من الدين‪ ،‬فلما عمل "الحياء" ‪،‬‬
‫أنيس )با‪ ،‬ول خبي‬
‫عمد يتكلم ف علوم الحوال ومرامز الصوفية‪ ،‬وكان غي (‬
‫بعرفتها‪ ،‬فسقط على أم رأسه‪ ،‬وشحن كتابه بالوضوعات " ‪ 1‬اهـ‪.‬‬
‫() "طبقات الشافعية" للسبكي ( ‪ ،)243 /6‬ودافع السبكي عن الغزال دفاع عميان التعصبي‬ ‫‪1‬‬

‫القاث على التمويهات والغالطات‪.‬‬


‫‪-154-‬‬
‫()‬
‫‪ -21‬قال الونشريسي ف "اِلعْيار اُلعْرب " ‪" : 1‬قال ابن القطان‪ :‬لا وصل‬
‫"إحياء علوم الدين " إل قرطبة‪ ،‬تكلموا فيه بالسوء‪ ،‬وأنكروا عليه أشياء‪ ،‬ل‬
‫سيما قاضيهم ابن أحدين‪ ،‬فإنه أبلغ ف ذلك‪ ،‬حت كفر مؤلفه‪ ،‬وأغرى‬
‫السلطان به‪ ،‬واستشهد بفقهائه‪ ،‬فأجع هو وهم على حرقه‪ ،‬فأمر علي بن‬
‫يوسف بذلك بفتياهم‪ ،‬فأحرق بقرطبة على الباب الغرب ف رحبة السجد‬
‫بلوده بعد إشباعه زيتا بحضر جاعة من أعيان الناس‪ ،‬ووجه إل جيع بلده‬
‫يأمر بإحراقه‪ ،‬وتوال الحراق على ما اشتهر عنه ببلد الغرب ف ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬فكان إحراقه سببا لزوال ملكهم وانتشار سلكهم؟ وتوال الزائم‬
‫عليهم " اهـ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬والربط بي زوال ملكهم وبي إحراق "الحياء" غي صحيح‪،‬‬
‫فإن الصحابة أحرقوا الصاحف تنيبا للمة فتنة الضلل والختلف أيضا‪،‬‬
‫اللك )تؤت اللك من تشاء وتنع اللك‬
‫والصواب أن يقال‪{ :‬قل اللهم مالك (‬
‫من تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء} ‪ ، 2‬ث يقال‪ :‬السبب ف زوال‬
‫ملكهم كثرة ذنوبم ومعاصيهم‪.‬‬
‫()‬
‫قال الذهب ف العب ‪ 3‬ف وفيات سنة سبع وثلثي وخس مائة‪":‬وعلي بن‬
‫يوسف بن تاشفي أمي السلمي وصاحب الغرب‪ ،‬كان يرجع إل عدل‬
‫ودين وتعبد وحسن طوية وشدة إيثار لهل العلم وذم للكلم وأهله‪ ،‬لا‬
‫وصلت إليه كتب أب حامد‪ ،‬أمر بإحراقها وشدد ف ذلك‪ ،‬ولكنه كان‬

‫() (‪.)21/185‬‬ ‫‪1‬‬

‫() آل عمران‪.26 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫() (‪.)2/452‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-155-‬‬
‫مستضعفا مع رؤوس أمرائه‪ ،‬فلذلك ظهرت مناكي خور ف دولته‪ ،‬فتغافل‪،‬‬
‫وعكف عن العبادة‪ ،‬وتوثب عليه ابن تومرت‪ ،‬ث صاحبه عبد الؤمن " اهـ‪.‬‬
‫فهذا سبب زوال ملكهم‪ :‬ظهور النكرات والمور‪ ،‬وضعف علي بن‬
‫يوسف‪.‬‬
‫()‬
‫‪ -22‬وقال ابن الوزي ف "تلبيس إبليس " ‪" : 1‬ث جاء أقوام‪ -‬يعن‪ :‬من‬
‫الصوفية ‪ -‬فتكلموا لم ف الوع والفقر والوساوس والطرات‪ ،‬وصنفوا ف‬
‫ذلك‪ ،‬مثل الارث الحاسب‪.‬‬
‫وجاء آخرون فهذبوا مذهب التصوف وأفردوه بصفات ميزوه با من‬
‫الختصاص بالرقعة والسماع والوجد والرقص والتصفيق‪ ،‬وتيزوا بزيادة‬
‫النظافة والطهارة‪.‬‬
‫ث ما زال المر ينمو والشياخ يضعون لم أوضاعا ويتكلمون بواقعاتم‪،‬‬
‫ويتفق بعدهم عن العلماء‪ ،‬ل بل رؤيتهم ما هم فيه أوف العلوم‪ ،‬حت َسمّوُه‬
‫العلم الباطن‪ ،‬وجعلوا علم الشريعة العلم الظاهر‪.‬‬
‫ومنهم من خرج به الوع إل اليالت الفاسدة‪ ،‬فادعى عشق الق‬
‫واليمان فيه‪ ،‬فكأنم تايلوا شخصا مستحسن الصورة‪ ،‬فهاموا به‪ ،‬وهؤلء‬
‫بي الكفر والبدعة‪.‬‬
‫ث تشعبت بأقوام منهم الطرق‪ ،.‬ففسدت عقائدهم‪ ،‬فمن هؤلء من قالوا‬
‫باللول‪ ،‬ومنهم من قال بالتاد‪.‬‬
‫وما زال إبليس يبطهم بفنون البدع حت جعلوا لنفسهم سننا‪.‬‬

‫() (ص‪ )162‬بتحقيق ممود مهدي إستامبول‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-156-‬‬
‫وجاء أبوعبدالرحن السلمي فصنف لم كتاب "السنن "‪ ،‬وجع لم "حقائق‬
‫التفسي"‪ ،‬فذكر عنهم فيه العجب ف تفسيهم القرآن با يقع لم‪ ،‬من غي‬
‫إسناد ذلك إل أصل من أصول العلم‪ ،‬وإنا حلوه على مذاهبهم‪ ،‬والعجب‬
‫من ورعهم ف الطعام وانبساطهم ف القرآن‪.‬‬
‫وقد أخبنا أبو منصور عبدالرحن القزاز‪ ،‬قال‪ :‬أخبنا أبو بكر الطيب‪ :‬قال‬
‫ل ممد بن يوسف القطان النيسابوري‪ ،‬قال‪ :‬كان أبو عبدالرحن السلمي‬
‫غي ثقة‪ ،‬ول يكن سع من الصم إل شيئا يسيا‪ ،‬فلما مات الاكم أبوعبدال‬
‫بن البيع‪ ،‬حدث عن الصم؟ بـ "تاريخ يي بن معي " وبأشياء كثية سواه‪،‬‬
‫وكان يضع للصوفية الحاديث‪.‬‬
‫()‬
‫قال الصنف ‪ : 1‬وصنف لم أبو نصر السراج كتابا ساه "لع الصوفية"‪،‬‬
‫ذكر فيه من العتقاد القبيح والكلم الرذول ما سنذكر منه جلة إن شاء ال‬
‫تعال‪.‬‬
‫وصنف لم أبو طالب الكي "قوت القلوب "‪ ،‬فذكر فيه الحاديث الباطلة‬
‫وما ل يستند فيه إل أصل‪ ،‬من صلوات اليام والليال وغي ذلك من‬
‫الوضوعات‪ ،‬وذكر فيه العتقاد الفاسد‪ ،‬وردد فيه قول‪" :‬قال بعض‬
‫الكاشفي "‪ ،‬وهذا كلم فارغ‪ ،‬وذكر فيه عن بعض الصوفية أن ال عز وجل‬
‫يتجلى ف الدنيا لوليائه‪.‬‬
‫أخبنا أبو منصور القزاز‪ :‬أخبنا أبو بكر الطيب‪ ،‬قال‪ :‬قال أبو طاهر ممد‬
‫بن العلف‪ ،‬قال‪ :‬دخل أبو طالب الكي إل البصرة بعد وفاة أب السي بن‬
‫سال‪ ،‬فانتمى إل مقالته‪ ،‬وقدم بغداد‪ ،‬فاجتمع الناس عليه ف ملس الوعظ‪،‬‬
‫() أي‪ :‬ابن الوزي ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-157-‬‬
‫فخلط ف كلمه‪ ،‬فحفظ عنه أنه قال‪" :‬ليس على الخلوق أضر من الالق "‪،‬‬
‫فبدعه الناس‪ ،‬وهجروه‪ ،‬فامتنع من الكلم على الناس بعد ذلك‪.‬‬
‫قال الطيب‪ :‬وصنف أبو طالب الكي كتابا ساه "قوت القلوب "على‬
‫لسان الصوفية‪ ،‬وذكرفيه أشياء منكرة مستبشعة ف الصفات‪.‬‬
‫()‬
‫قال الصنف ‪ : 1‬وجاء أبو نعيم الصبهان‪ ،‬فصنف لم كتاب "اللية"‪،‬‬
‫وذكر ف حدود التصوف أشياء منكرة قبيحة‪ ،‬ول يستح أن يذكر ف الصوفية‬
‫أبا بكر وعمر وعثمانا؟ وعليا وسادات الصحابة رضي ال عنهم‪ ،‬فذكر عنهم‬
‫فيه العجب‪ ،‬وذكر منهم شريا القاضي والسن البصري وسفيان الثوري‬
‫وأحد بن حنبل‪ ،‬وكذلك ذكر السلمي ف "طبقات الصوفية" الفضيل‬
‫وإبراهيم بن أدهم ومعروفا الكرخي‪ ،‬وجعلهم من الصوفية‪ ،‬بأن أشار إل أنم‬
‫من الزهاد‪.‬‬
‫فالتصوف مذهب معروف يزيد على الزهد‪ ،‬ويدل على الفرق بينهم أن‬
‫الزهد ل يذمه أحد‪ ،‬وقد ذموا التصوف على ما سيأت ذكره‪.‬‬
‫وصنف لم عبدالكري بن هوازن القشيي كتاب "الرسالة"‪ ،‬فذكر فيها‬
‫العجائب من الكلم ف الفناء والبقاء‪ ،‬والقبض والمع والتفرقة‪ ،‬والصحو‬
‫والسكر‪ ،‬والذوق والشرب‪ ،‬والحو والثبات‪ ،‬والتجلي والحاضرة‬
‫والكاشفة‪ ،‬واللوائح والطوالع واللوامع‪ ،‬والتكوين والتمكي‪ ،‬والشريعة‬
‫والقيقة‪ ...‬إل غي ذلك من التخليط الذي ليس بشيء‪ ،‬وتفسيه أعجب‬
‫منه‪.‬‬

‫() أي ‪ :‬ابن الوزي ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-158-‬‬
‫وجاء ممد بن طاهر القدسي‪ ،‬فصنف لم صفوة التصوف‪ ،‬فذكر فيه أشياء‬
‫يستحي العاقل من ذكرها‪ ،‬نذكر ما يصلح ذكره ف مواضعه إن شاء ال‬
‫تعال‪.‬‬
‫وجاء أبو حامد الغزال‪ ،‬فصنف لم كتاب "الحياء" على طريقة القوم‪،‬‬
‫ومله بالحاديث الباطلة وهو يعلم بطلنا‪ ،‬وتكلم ف علم الكاشفة‪ ،‬وخرج‬
‫عن قانون الفقه‪ ،‬وقال‪ :‬إن الراد بالكواكب والشمس والقمر اللوات رآهن‬
‫ابراهيم صلوات ال عليه‪ :‬أنوار هي حجب ال عز وجل‪ ،‬ول يرد هذا ف‬
‫العروفات‪ ،‬وهذا من جنس كلم الباطنية‪.‬‬
‫وقال ف كتاب "الفصح بالحوال "‪ :‬إن الصوفية ف يقظتهم يشاهدون‬
‫اللئكة وأرواح النبياء‪ ،‬ويسمعون منهم أصواتا‪ ،‬ويقتبسون منهم فوائد‪ ،‬ث‬
‫يرتقي الال من مشاهدة الصور ال درجات يضيق عنها نطاق النطق‪.‬‬
‫()‬
‫قال الصنف ‪ 1‬وكان السبب ف تصنيف هؤلء مثل هذه الشياء‪ :‬قلة‬
‫علمهم بالسنن والسلم والثار‪ ،‬وإقبالم على ما استحسنوه من طريقة القوم‪،‬‬
‫وإنا استحسنوها‪ ،‬لنه قد ثبت ف النفوس مدح الزهد‪ ،‬وما رأوا حالة أحسن‬
‫من حالة هؤلء القوم ف الصورة‪ ،‬ول كلما أرق من كلمهم‪ ،‬وف سي‬
‫السلف نوع خشونة‪ ،‬ث إن ميل الناس إل هؤلء القوم شديد‪ ،‬لا ذكرنا من‬
‫أنا طريقة ظاهرها النظافة والتعبد‪ ،‬وف ضمنها الراحة والسماع‪ ،‬والطباع تيل‬
‫إليهما‪ ،‬وقد كان أوائل الصوفية ينفرون من السلطي والمراء‪ ،‬فصاروا‬
‫أصدقاء‪.‬‬

‫()أي ‪ :‬ابن الوزي ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-159-‬‬
‫وجهور هذه التصانيف الت صنفت لم ل تستند إل أصل‪ ،‬وإنا هي‬
‫واقعات تلقفها بعضهم عن بعض ودونا‪ ،‬وقد سوها بالعلم الباطن‪ ،‬والديث‬
‫بإسناد إل أب يعقوب إسحاق بن حية‪ ،‬قال‪ :‬سعت أحد بن حنبل وقد سئل‬
‫عن الوساوس والطرات؟ فقال‪ :‬ما تكلم فيها الصحابة ول التابعون " ا هـ‪.‬‬
‫‪ -23‬قال الافظ ابن الصلح رحه ال‪" :‬قلت‪ :‬ولقائل أن يقول‪ :‬إنا يعتمد‬
‫الناس ف جرح الرواة ورد حديثهم على الكتب الت صنفها أئمة الديث ف‬
‫الرح والتعديل‪ ،‬وقل ما يتعرضون فيها لبيان السبب‪ ،‬بل يقتصرون على مرد‬
‫قولم‪ :‬فلن ضعيف‪ ،‬وفلن ليس بشيء‪ ،‬ونو ذلك‪ ،‬أو هذا حديث ضعيف‪،‬‬
‫وهذا حديث غي ثابت‪ ،‬ونو ذلك‪.‬‬
‫فاشتراط بيان السبب يفضي إل تعطيل ذلك‪ ،‬وسد باب الرح ف الغلب‬
‫الكثر‪ ،‬وجوابه أن ذلك‪ ،‬وإن ل نعتمده ف إثبات الرح والكم به؟ فقد‬
‫اعتمدناه ف أن توقفنا ف قبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك؟ بناء على أن‬
‫ذلك أوقع عندنا فيهم ريبة قوية يوجب مثلها التوقف"‪.‬‬
‫قال العراقي متعقبا ابن الصلح‪" :‬وما يدفع هذا السؤال رأسأ أو يكون‬
‫جوابا عنه‪ :‬أن المهور إنا يوجبون البيان ف جرح من ليس عالا بأسباب‬
‫الرح والتعديل‪ ،‬وأما العال بأسبابما‪ ،‬فيقبلون جرحه من غي تفسي‪ ،‬وبيان‬
‫ذلك أن الطيب حكى ف "الكفاية" عن القاضي أب بكر الباقلن أنه حكى‬
‫عن جهور أهل العلم‪ :‬إذا جرح من ل يعرف الرح‪ ،‬يب الكشف عن‬
‫ذلك‪ .‬قال‪ :‬ول يوجبوا ذلك على أهل العلم بذا الشأن‪ .‬قال القاضي‪ :‬والذي‬
‫يقوي عندنا ترك الكشف عن ذلك إذا كان الارح عالا كما ل يب‬

‫‪-160-‬‬
‫الزكي عدل إل آخر كلمه‪ ،‬وما حكيناه عن‬
‫استفسار العدل عما به صار ( )‬
‫القاضي أب بكر هو الصواب " ‪ 1‬اهـ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فأنت ترى أنم ل يشترطون ف الارح أن يذكر الوانب الشرقة ف‬
‫الجروح‪ ،‬وأن العال بأسباب الرح والتعديل يؤخذ كلمه مسلما عند جهور‬
‫العلماء‪ ،‬ويب الكشف عن جرح غي العال بأسباب الرح والتعديل‪ ،‬ول‬
‫يتهمون أحدا بأنه ظال إذا اقتصر على الوانب الظلمة‪.‬‬
‫هذا هو النهج الرشيد الذي يب أن يعرفه الشباب السلفي‪ ،‬النهج الذي دل‬
‫عليه الكتاب والسنة‪ ،‬وسلكه خيار المة‪ -‬مدثوها وفقهاؤها‪ ،-‬ومن شرط‬
‫تطبيق هذا النهج أن يكون الناقد مريدا بذلك وجه ال والنصيحة ل ولكتابه‬
‫وصيانة دين ال وما حواه من عقائد وشرائع وعبادات‪.‬‬
‫وما يؤسف له أشد السف أن أهل الباطل والبدع قد خدعوا كثيأ من‬
‫أذكياء طلب العلم‪ -‬فضل عن غيهم‪ -‬بأنه ل يوز الكلم ف الدعاة‪،‬‬
‫يريدون بذلك دعاة البدعة والضلل‪ ،‬يريدون بذلك إفساح الجال لنتشار‬
‫خدعهم الدامة‪ ،‬يريدون القضاء على دعوة التوحيد والسنة ومنهج السلف‬
‫الصال‪.‬‬
‫ومن فروع هذا الذهب الداع هذه الشروط الت يشترطها بعض أبناء‬
‫التوحيد‪ :‬أنه ل بد ف نقد أهل البدع ‪ -‬أو من يسمون بالدعاة من ذكر‬
‫الوانب الشرقة إل جانب ذكر الوانب الظلمة‪...‬‬

‫() مقدمة ابن الصلح مع التقييد واليضاح)) ص ‪.141‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-161-‬‬
‫‪ -24‬وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال‪ :‬ف الكلم على حديث رواه‬
‫عبداللك بن هارون‪" :‬لكنه قد رواه من صنف ف عمل اليوم والليلة كابن‬
‫السن وأب نعيم‪ ،‬وف مثل هذه الكتب أحاديث كثية موضوعة‪ ،‬ل يوز‬
‫العتماد عليها ف الشريعة باتفاق العلماء‪ ،‬ورواه أبو الشيخ الصبهان ف‬
‫"فضائل العمال "‪ ،‬وف هذا الكتاب أحاديث كثية كذب‬ ‫كتاب ( )‬
‫موضوعة ‪" 1‬اهـ‬
‫فترى شيخ السلم قد اقتصر على ذكر الانب الظلم ول يذكر الوانب‬
‫الشرقة‪ ،‬فلو كان إهال الحاسن ظلما‪ ،‬فكيف يقدم على هذا الظلم؟! ولو‬
‫كان من منهج السلف ضرورة ذكر الحاسن إذا ذكرت الثالب‪ ،‬فكيف‬
‫يفسر معظم نقدهم الذي ل يذكرون فيه الجروحي والبتدعي إل بالرح‬
‫والطعن دون أن يعرجوا على جوانب الدح والحاسن‪ ،‬كيف يفسر هذا‬
‫التصرف؟!‬
‫‪ -25‬قال شيـخ السـلم فـ"شرح الصـفهانية"‪" :‬ومـا فـهذا العتقاد‬
‫الشروح هو موا فق لقول الواق فة الذ ين ل يقولون بقول الشعري وغيه من‬
‫متكلمة أهل الثبات وأهل السنة والديث والسلف‪ ،‬بل يثبتون ما وافقه‬
‫عليه العتزلة البصريون‪ ،‬فإن العتزلة البصريي يثبتون ما ف هذا العتقاد‪،‬‬
‫ول كن الشعري و سائر متكل مة أ هل الثبات مع أئ مة ال سنة والما عة‬
‫يثبتون الرؤية‪ ،‬ويقولون‪ :‬القرآن غي ملوق‪.‬‬
‫وقد رأيت اعتقادا متصرا لصاحب مصنف هذا العتقاد الشروح‪،‬‬
‫وهو مشهور بالعلم والديث‪ ،‬وهو ف الظاهر أشعري عند الناس‪ ،‬رأيت‬
‫() التوسل والوسيلة (ص‪/164‬فقرة ‪ )489‬تقيق الؤلف‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-162-‬‬
‫اعتقاده على هدا النمط‪ ،‬ذكر فيه أن ال متكلم آمر ناه كما يوافق عليه‬
‫العتزلة‪ ،‬ول يذكر أن القرآن غي ملوق‪ ،‬ول أثبت الروية‪ ،‬بل جعلها ما‬
‫تتأول‪ ،‬وكان ييل إل الهمية الذين ناظروا أحد بن حنبل وسائر أئمة‬
‫السنة ف مسألة القرآن‪ ،‬ويرجح جانبهم‪ ،‬وحكى عنهم ذما وسبا لحد‬
‫بن حنبل‪ ،‬وهو بن اعتقاده وركبه من قول الهمية ومن قول الفلسفة‬
‫القائلي بِ ِقدَم العقول والنفوس‪ ،‬وهو من جنس القول الضاف إل‬
‫ديقراطيس‪ ،‬وليس هذا مذهب الشعرية‪ ،‬بل هم متفقون على أن القرآن‬
‫غي ملوق‪ ،‬وعلى أن ال يرى ف الخرة"‪.‬‬
‫‪ -26‬وقال شيخ السلم‪" :‬ث هذا العتقاد الشروح‪ ،‬مع أنه ليس فيه‬
‫زيادة على اعتقاد العتزلة البصريي‪ ،‬فاعتقاد العتزلة البصريي خي منه‬
‫فإن ف هذا العتقد من اعتقاد التفلسفة ف التوحيد ما ل يرضاه العتزلة‪،‬‬
‫كما نبهنا عليه فيما تقدم‪ ،‬وبينا أن ما ذكره من التوحيد ودليله هو‬
‫مأخوذ من أصول الفلسفة وأنه من أبطل الكلم‪.‬‬
‫()‬
‫وكان قد طلب منه ‪ 1‬شرح "العقيدة الصفهانية"‪ ،‬فأجاب إل ذلك ‪،‬‬
‫واعتذر بأنه ل بد عند شرح ذلك الكلم من مالفة بعض مقاصده لا‬
‫توجبه قواعد السلم‪ ،‬فإن الق أحق أن يتبع " اهـ‪.‬‬
‫فأنت ترى أنه يذكر مثالب الكتاب‪ ،‬ول يعرج على ذكر ماسنه‪ ،‬بل‬
‫ذكر كتابه الخر مقتصرا على ذكر الثالب‪ ،‬أفلو كان ذكر الحاسن‬
‫واجبا‪ ،‬أفتراه يسكت عن ماسن الكتابي؟!‬

‫() أي‪ :‬شيخ السلم ابن تيمية‪ .‬انظر شرح العقيدة الصفهانية ص ‪3‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-163-‬‬
‫حكم من يتول أهل البدع وينصرهم على أهل السنة‬
‫قال تعال‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا بطانة من دونكم ل يألونكم‬
‫خبال ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تفي صدورهم‬
‫(‪)1‬‬
‫أكب قد بينا لكم اليات إن كنتم تعقلون} ‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قال القرطب رحه ال ف تفسي هذه الية من "تفسيه " ‪:‬‬
‫هذه الية فيها ست مسائل‪:‬‬
‫الول‪ :‬أكد ال الزجر عن الركون إل الكفار‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬نى ال عز وجل الؤمني بذه الية أن يتخذوا من الكفار‬
‫واليهود وأهل الهواء دخلء وولاء يفاوضونم ف الراء‪ ،‬ويسندون‬
‫إليهم أمورهم‪ ،‬ويقال‪ :‬كل من كان على خلف مذهبك ودينك‪ ،‬فل‬
‫ينبغي أن تادثه‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫عن الرء ل تسأل وسل عن قرينه‬
‫فكل قرين بالقارن يقتدي‬
‫وف "سنن أب داود" عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم قال‪":‬الرء على دين خليله‪ ،‬فلينظر أحدكم من يالل "‪.‬‬

‫() آل عمران ‪.118 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫() (‪)4/178-179‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-164-‬‬
‫أقول هذا كله ف اتاذهم بطانة أو أصدقاء‪ ،‬فكيف إذا تردت ببعض‬
‫الناس الحوال إل أن ينصروهم ويذلوا الوحدين أهل السنة ف الشدائد‬
‫والكوارث‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال خلل كلمه على أهل وحدة‬
‫الوجود وأئمتهم‪ ،‬كابن سبعي وابن الفارض وابن حويه‪ ،‬قال‪" :‬ومن ل‬
‫يوافقهم‪ ،‬أكثرهم يسلمون لم أقوالم‪ ،‬أو يقولون‪ :‬نن ل نفهم هذا‪ ،‬أو‬
‫يقولون‪ :‬هذا ظاهره كفر‪ ،‬ولكن قد تكون له أسرار وحقائق يعرفها‬
‫أصحابا‪.‬‬
‫ومن هؤلء من يعاونم وينصرهم على أهل اليان النكرين للحلول‬
‫والتاد‪ ،‬وهو شر من ينصر النصارى على السلمي‪ ،‬فإن قول هؤلء‬
‫شر من قول النصارى‪ ،‬بل هو شر من ينصر الشركي على السلمي‪،‬‬
‫()‬
‫فإن الشركي يقولون‪{ :‬ما نعبدهم إل ليقربونا إل ال زلفى} ‪ 1‬خي‬
‫من قول هؤلء ‪ ،‬فإن هؤلء أثبتوا خالقا وملوقا غيه يتقربون به إليه‪،‬‬
‫وهؤلء يعلون وجود الالق وجود الخلوق‪.‬‬
‫()‬
‫ولا وقعت منة هؤلء اللحدة الشهورة ‪ ، 2‬وجرى فيها ما جرى من‬
‫الحوال‪ ،‬ونصر ال السلم عليهم‪ ،‬طلبنا شيوخهم لنتوبم‪ ،‬فجاء من‬
‫كان من شيوخهم‪ ،‬وقد استعد لن يظهر عندنا غاية ما يكنه أن يقوله‬
‫لنا‪ ،‬ليسلم من العقاب‪ ،‬فقلنا له ‪ :‬العال هو ال أو غيه‪ ،‬فقال‪ :‬ل هو ال‬

‫() الزمر ‪ .3 :‬ف أب داود‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫() الظاهر أن شيخ السلم يريد بم الطائفة الصوفية الرفاعية‪ ،‬وهي اليوم وأمثالا من‬ ‫‪2‬‬

‫فرق الصوفية اللحدة داخلة ف تنظيم الخوان السلمي!‬


‫‪-165-‬‬
‫ول غيه! وهذا كان عنده هو القول الذي ل يكن أحدا أن يالف فيه‪،‬‬
‫ولو علم أننا ننكره‪ ،‬لا قاله لنا‪ ،‬وكان من أعيان شيوخهم ومققيهم‪،‬‬
‫ومن له أتباع ومريدون‪ ،‬وله ولصحابه سلطان ودولة ومعرفة ولسان‬
‫وبيان‪ ،‬حت أدخلوا معهم من ذوي السلطان والقضاة والشيوخ والعامة‬
‫ما كان دخولم ف ذلك سببا لنتقاص السلم ومصيه أسوأ من دين‬
‫النصارى والشركي‪ ،‬لو ل ما من ال به من نصر السلم عليهم‪ ،‬وبيان‬
‫فساد أقاويلهم‪ ،‬وإقامة الجة عليهم‪ ،‬وكشف حقائق ما ف أقوالم من‬
‫()‬
‫التلبيس الذي باطنه كفر والاد‪ ،‬ل يفهمه إل خواص العباد" ‪. 1‬‬
‫انتبه أيها السلفي الصادق! واحذر أن تقاد إل نصرة أهل البدع‬
‫والضلل واللاد‪ ،‬الت تضمها التنظيمات الزبية والسياسية‪ ،‬فإن كثيا‬
‫من أدعياء السلفية ل هم لم اليوم إل نصرة أهل البدع الشكلة من‬
‫أصناف الروافض والوارج والصوفية القبورية أهل اللول والتاد‪،‬‬
‫الذين يقول شيخ السلم‪" :‬إن من ينصرهم شر من ينصر النصارى‬
‫والشركي "‪ ،‬ول تنس مناصرة أدعياء السلفية لهل البدع ف قضية كنر‬
‫وف أزمة الليج ضد أهل التوحيد ف الزيرة‪ ،‬فإن كنت خدعت بم‬
‫وقتا ما‪ ،‬فأفق‪" ،‬ول يلدغ الؤمن من جحر مرتي "‪.‬‬

‫() درء تعارض العقل والنقل " (‪.)173 -171 /6‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-166-‬‬
‫خاتـة‬
‫لقد تبي للقارىء النصف‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ما يدعى من وجوب الوازنة بي الثالب والحاسن ف نقد‬
‫الشخاص والكتب والماعات دعوى ل دليل عليها من الكتاب‬
‫والسنة‪ ،‬وهو منهج غريب مدث‪.‬‬
‫‪ -2‬وأن السلف ل يرون هذا الوجوب الدعى‪.‬‬
‫‪ -3‬وأنه يب التحذير من البدع وأهلها باتفاق السلمي‪ ،‬وأنه يوز‬
‫بل يب ذكر بدعهم والتحذير والتنفي منها‪.‬‬
‫‪ -4‬وأنه يوز‪ -‬بل يب‪ -‬جرح الرواة والشهود إذا كان فيهم جرح‬
‫يسقط شهادتم أو روايتهم أو يضعفها‪.‬‬
‫‪ -5‬وقد نقل ابن عبدالب عن المام مالك وأصحابه أنه ل يوز‬
‫الجارات ف شيء من كتب أهل الهواء والبدع‪ ،‬وتفسخ الجارة فيها‪،‬‬
‫وأن علماء قرطبة منهم أحرقوا كتبا من كتب أهل البدع‪.‬‬
‫‪ -6‬ونقل ابن مفلح عن ابن قدامة وغيه أن السلف كانوا ينهون عن‬
‫مالسة أهل البدع والنظر ف كتبهم‪.‬‬
‫‪ -7‬نقل ابن القيم عن المام أحد أنه سئل عن كتاب فيه أشياء رديئة‪،‬‬
‫فأمر برقه أو خرقه‪.‬‬
‫‪ -8‬وأن ابن القيم يرى وجوب إتلف كتب البدع والكذب‬
‫وإعدامها‪ ،‬وأنا أول بذلك من إتلف آلت اللهو والعازف وإتلف‬
‫آنية المر‪ ،‬لن ضررها أعظم من ضرر هذه المور الذكورة‪.‬‬
‫‪-167-‬‬
‫‪ -9‬نقل الذهب رحه ال تعال عن أب زرعة عندما سئل عن الارث‬
‫الحاسب وكتبه‪ ،‬فحذر السائل منها وذمها‪ ...‬واعتب التأليف ف ذلك‬
‫من البدع‪ ،‬وتعليق الذهب على ذلك‪.‬‬
‫‪ -10‬وأن كتب المام ابن تيمية معظمها ف الرد على أهل البدع‪،‬‬
‫وفيها نقد مر لهل الهواء ولكتبهم ولطوائفهم‪ ،‬وليس فيها موازنات‪،‬‬
‫وأن ما يذكره ف أندر من النادر ليس انطلقا من قناعته بوجوب‬
‫الوازنات الزعومة‪.‬‬
‫‪ -11‬وأن السلف قد ألفوا كتبا ف الرح والتعديل‪ ،‬وكتبا ف الرح‬
‫خاصة‪ ،‬وهي كثية‪ ،‬ول يذهب أحد منهم إل وجوب ول استحباب‬
‫الوازنات‪ ،‬بل يرون وجوب الرح ليس إل‪.‬‬
‫‪ -12‬وأنم ألفوا كتبا ف بيان السنن‪ ،‬ودحض البدع‪ ،‬والتحذير من‬
‫أهلها‪ ،‬ول يلتزموا هذه الوازنات‪ ،‬بل عملهم على نقيض ما يدعى منها‪.‬‬
‫‪ -13‬وأن كل ذلك قائم على مراعاة الصلحة للمة‪ ،‬والنصح لا‪،‬‬
‫ويلزم ف ذلك الخلص ل وحده‪.‬‬
‫‪ -14‬وأن الرد على أهل البدع والتحذير منهم جهاد ف سبيل ال‪.‬‬
‫‪ -15‬ولقد تبي للعاقل من الواقع‪ ،‬ودللة التاريخ‪ :‬أن ف منهج السلف‬
‫سدا منيعا وحاية عظيمة للمسلمي من غوائل أهل الهواء والبدع‬
‫ومكايدهم‪.‬‬
‫‪ -16‬وأن التساهل معهم فتح ويفتح الطريق أمامهم‪ ،‬لفساد عقائد‬
‫السلمي‪ ،‬وخصوصا شبابم‪ ،‬ويفتح باب الفت على مصراعيه‪ ،‬لياد‬

‫‪-168-‬‬
‫صراعات بي شباب السنة والتوحيد‪ ،‬تضر بالسلم وبم‪ ،‬ول يستفيد‬
‫منها ويسر با إل أهل الهواء الاقدون‪.‬‬
‫‪ -17‬وأن على الشباب السلفي أن يكون يقظا لا ياك ضده وضد‬
‫عقيدته ومنهجه‪ ،‬فل يليق به أن ينساق وراء الشعارات الطنانة‪ ،‬ول وراء‬
‫العواطف العمياء‪ ،‬الت تؤدي إل تضييع أعظم نعمة وأعظم أمانة ف‬
‫عنقه‪ ،‬وهي الثبات على منهج أهل الديث والسنة‪ ،‬وحايته من غوائل‬
‫خصومه ومكايدهم وألعيبهم‪ ،‬الت ظهرت آثارها على كثي من‬
‫الساتذة وطلب العلم والثقفي‪ ،‬الذين كان ينتظر منهم تربية الجيال‬
‫على منهج السلف الصال‪ ،‬وتثبيتهم عليه‪ ،‬والعتزاز برفع لوائه‪.‬‬
‫ومن الناسب هنا أن أتف شباب السنة والتوحيد بذه القوال التية‬
‫لبعض أئمة السلم‪:‬‬
‫‪ -1‬قال ابن القيم رحه ال ف سياق كلمه على بعض التكلمي‬
‫العطلي لصفات ال‪" :‬فما أعظم الصيبة بذا وأمثاله على اليان! وما‬
‫أشد الناية به على السنة والقرآن! وما أحب جهاده بالقلب واليد‬
‫واللسان إل الرحن! وما أثقل أجر ذلك الهاد ف اليزان! والهاد‬
‫بالجة واللسان مقدم على الهاد بالسيف والسنان‪ ،‬ولذا أمر به تعال‬
‫ف السور الكية حيث ل جهاد باليد؟ إنذارا وتعذيرا‪ ،‬فقال تعال‪{ :‬فل‬
‫(‪)1‬‬
‫تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيا} ‪.‬‬
‫فالهاد بالعلم والجة جهاد أنبيائه ورسله وخاصته من عباده‬
‫الخصوصي بالداية والتوفيق والنفاق‪ ،‬ومن مات ول يغز ول يدث‬
‫() الفرقان‪.52 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-169-‬‬
‫نفسه بالغزو؟ مات على شعبة من النفاق‪ ،‬وكفى بالعبد عمى وخذلنا‬
‫أن يرى عساكر اليان وجنود السنة والقرآن وقد لبسوا للحرب لمته‪،‬‬
‫وأعدوا له عدته‪ ،‬وأخذوا مصافهم‪ ،‬ووقفوا مواقفهم‪ ،‬وقد حي الوطيس‪،‬‬
‫ودارت رحى الرب‪ ،‬واشتد القتال‪ ،‬وتنادت القران‪ :‬النال ! النال!‬
‫وهو ف اللجأ والغارات والدخل‪ ،‬مع الوالف كمي‪ ،‬وإذا ساعد القدر‬
‫وعزم على الروج‪ ،‬قعد فوق التل مع الناظرين‪ ،‬ينظر لن الدائرة‪ ،‬ليكون‬
‫إليهم من التحيزين‪ ،‬ث يأتيهم وهو يقسم بال جهد أيانه أن كنت‬
‫()‬
‫معكم وكنت أتن أن تكونوا أنتم الغالبي " ‪ 1‬اهـ‪.‬‬
‫‪ -2‬وقال أبو عبيد القاسم بن سلم‪" :‬التبع للسنة كالقابض على‬
‫(‪)2‬‬
‫المر‪ ،‬وهو اليوم عندي أفضل من الضرب بالسيوف ف سبيل ال " ‪.‬‬
‫‪ -3‬قال الفضيل بن عياض‪" :‬الرواح جنود مندة‪ ،‬فما تعارف منها‬
‫ائتلف‪ ،‬وما تناكر منها اختلف‪ ،‬ول يكن أن يكون صاحب سنة يالء‬
‫(‪)3‬‬
‫صاحب بدعة‪ ،‬إل من نفاق " ‪.‬‬
‫‪ -4‬وقال المام يي بن يي النيسابوري‪" :‬الذب عن السنة أفضل من‬
‫()‬
‫الهاد" ‪. 4‬‬
‫وصلى ال على نبينا ممد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيا‪.‬‬

‫()"شرح القصيدة النونية ا للشيخ ممد خليل هراس (‪.)8 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫() "تاريخ بغداد (‪.)410 /12‬‬ ‫‪2‬‬

‫()"شرح أصول اعتقاد أهل السنة والماعة (‪.)138 /1‬‬ ‫‪3‬‬

‫()"نقد النطق " (ص ‪.)12‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-170-‬‬
‫فهرس الحاديث النبوية‬

‫((إذا اجتهد الاكم فأصاب‪ ،‬فله أجران‪ ،‬واذا‪)) ...." ...‬‬


‫((إذا صلى أحدكم إل شيء يستره من الناس‪))....." ...‬‬
‫((افترقت اليهود إل‪)) ...................." ...‬‬
‫((أليس يلون الرام فتحلونه ويرمون اللل فتحرمونه ))‬
‫((أما أبوجهم‪ ،‬فل يضع عصاه‪ ،‬وأما معاوية‪ ،‬فصعلوك‪)) ...‬‬
‫((أما إنه صدقك وهو كذوب‪))..............." ...‬‬
‫((أما إنه كذبك وسيعود‪)) ...‬‬
‫((أمتهوكون يا ابن الطاب‪ ،‬والذي نفسي بيده‪)) ...‬‬
‫((إن بعدي من أمت قوم يقرؤون القرآن ل ياوز‪)) ...‬‬
‫((إن موسى قام خطيبا ف بن اسرائيل‪ ،‬فسئل‪ :‬أى الناس‪)) ..‬‬
‫((إن الطيئة إذا خفيت ل تضر إل صاحبها‪)) ...‬‬
‫((إن ال ل يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس‪)) ...‬‬
‫((أنصر أخاك ظالا أو‪.................. )) ...‬‬
‫((إنه يرج من ضئضىء هذا قوم يتلون كتاب ال‪..)) ...‬‬
‫((بئس أخو العشية‪)) ...‬‬
‫((بئس خطيب القوم أنت‪)) ...‬‬
‫((بايعون على أن ل تشركوا بال شيئا‪)) ...‬‬
‫‪-171-‬‬
‫((بدأ السلم غريبا وسيعود غريبا كما بدأ))‬
‫((تقتل عمارا الفئة الباغية‪)) ...‬‬
‫((ثن الكلب خبيث‪ ،‬ومهر البغي خبيث‪ ،‬وكسب‪.. ))...‬‬
‫((حديث حذيفة ف سؤال الرسول صلى ال عليه وسلم عن الي‬
‫والشر))‬
‫((حديث الذي اذاه جاره فأمره صلى ال عليه وسلم أن يضع متاعه‬
‫خارج البيص‪. ،‬‬
‫((حديث الذي استقرض من بن إسرائيل وجعل ال وكيل وكفيل))‬
‫((خذي ما يكفيك وولدك ))‪. . . . . . ،. . .‬‬
‫((خس صلوات كتبهن ال عزوجل على العباد))‪" ...‬‬
‫((خي أمت قرن‪ ،‬ث الذين يلونم‪ ،‬ث الذين يلونم‪)) ...‬‬
‫((خي الناس قرن‪ ،‬ث الذين يلونم‪ ،‬ث الذين يلونم ))‪،...‬‬
‫((الدين النصيحة‪،............................ )) ...‬‬
‫((ستفترق أمت إل ثلث وسبعي فرقة ‪،...‬‬
‫((سيخرج ف آخر الزمان قوم أحداث السنان سفهاء الحلم‪...‬‬
‫((سيخرج قوم ف آخر الزمان أحداث السنان صفهاء الحلم‪...‬‬
‫((سيكون ف آخر أمت ناس يدثونكم‪........،.....)) ...‬‬
‫((فإذا رأيت الذين يتبعون ‪. ،...‬‬
‫((فله المان حت يسمع‪.. ))...‬‬
‫((قد فعلت )) جوابا على قولم‪{ :‬ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا‪ } ...‬الية‬
‫‪-172-‬‬
‫((القضا ثلثة‪.............................)) ...‬‬
‫((كذب أبو السنابل‪)) ...‬‬
‫((كذب من قال ذلك‪.....)).......،...‬‬
‫((كل ابن آدم خطاء ‪...........)) ...‬‬
‫((كل مسكر حرام‪)) ...‬‬
‫((ل تزال طائفة من أمت ))‪...........‬‬
‫((ل تسبوا أصحاب‪ ،‬فلو أن أحدكم أنفق‪...)) ...‬‬
‫((ل تسبوا أصحاب‪ ،‬فوالذي نفسي بيده لو أنفق‪" ...‬‬
‫((ل تقولوا هكذا‪ ،‬ل تعينوا عليه‪...................)) ...‬‬
‫((ل تكونوا عون الشيطان على‪. ،..............)) ...‬‬
‫((ل تلعنوه‪ ،‬فوال ما علمت إنه يب ال ورسوله‪" ...‬‬
‫((ل خي فيها‪ ،‬هي من أهل النار)) ‪................‬‬
‫((ل يزن الزان حي يزن‪....)) ...‬‬
‫((لتتبعن سنن من كان‪......))...‬‬
‫((لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه‪)) ...‬‬
‫((لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم المر وعاصرها‪))....‬‬
‫((لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم من أحدث حدثا‪... )) ...‬؟‬
‫((لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم من عمل عمل قوم لوط‪)) ...‬‬
‫‪.‬‬

‫‪-173-‬‬
‫((لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم الحلل والحلل‪. )) ...‬‬
‫((لعن ال السارق يسرق البيضة ‪. ))...‬‬
‫((لعن ال اليهود‪ ،‬حرمت عليهم‪......)) ...‬‬
‫((لعنة ال على اليهود والنصارى‪.....)).. .‬‬
‫((لو كان الطعم ابن عدي حيا‪.....)) ...‬‬
‫((لو يعلم اليش الذين يصيبونم‪. )) ...‬‬
‫ل الواجد يل عرضه وعقوبته‪......)).. .‬‬
‫((ليس قراءتكم إل قراءتم بشيء‪ ،‬ول صلتكم‪. )) ...‬‬
‫((ما أهل رسول ال صلى ال عليه وسلم إل من عند الشجرة‪. )) ...‬‬
‫((من أكل من هذه الشجرة النتنة‪. " ...‬‬
‫((من ستر مسلما ستر ال‪. .....))...‬‬
‫((من قال ف القرآن برأيه‪. ...)) ...‬‬
‫(نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن ثن الكلب ومهر‪. )) ...‬‬
‫((نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الدواء البيث )) ‪......‬‬
‫((هم شر قتلى تت أدي السماء‪................)) ...‬‬
‫((هي من أهل النة‪.......))....‬‬
‫((ولقد رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا وجد ريهما من‬
‫الرجل))‬
‫((وال‪ ،‬ل يدون بعدي رجل هو أعدل من‪. .......)) ...‬‬

‫‪-174-‬‬
‫((ونى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن كلمنا‪. )) ...‬‬
‫((يا معشر من آمن بلسانه ول يؤمن بقلبه! ل تؤذوا‪. )) ...‬‬
‫((يرج ف آخر الزمان قوم كأن هذا منهم‪ ،‬يقرؤون القرآن‪. )) ...‬‬
‫((يكون بعدي أئمة ل يهتدون بداي‪. .....))...‬‬

‫‪-175-‬‬
‫فهرس الوضوعات والفوائد‬
‫مقدمة الطبعة الثالية ‪.5.........................‬‬
‫نقل خطاب من ساحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ف تقييم الكتاب‪.....‬‬
‫‪.6‬‬
‫نقل كلم للشيخ عبدالعزيز بن باز ف مسألة الوازنات‪...............‬‬
‫‪.8‬‬
‫نقل كلم للشيخ ناصر الدين اللبان ف مسألة الوازنات‬
‫‪.............‬‬
‫نقل كلم للشيخ عبدالعزيز الحمد السلمان ف مسألة الوازنات‪......‬‬
‫‪.9‬‬
‫نقل كلم للشيخ صال بن فوزان الفوزان ف مسألة الوازنات‪.........‬‬
‫نقل كلم للشيخ صال بن ممد اللحيدان ‪.......................‬‬
‫نقل كلم للشيخ عبدالحسن بن حد العباد ‪..............‬‬
‫كلمة بقلم الشيخ سليم اللل ‪..................‬‬
‫مقدمة الطبعة الول‪.15 .............................‬‬
‫خطبة الاجة ‪.15.....................‬‬
‫القصد من بعثة النب صلى ال عليه وسلم ‪.15 ..........‬‬
‫اللفاء الراشدون يسيون على منهج الن صلى ال عليه وسلم‬
‫‪........‬‬

‫‪-176-‬‬
‫ظهور الفت وما جرى بي الليفة الراشد علي ومعاوية رضي ال‬
‫عنهما ‪.16‬‬
‫ظهور بدع الوارج والروافض والزنادقة‪.17 ..........‬‬
‫استشراء البدع وافتراق المة ‪.17........‬‬
‫ظهور أئمة يقومون بأمر ال ويدعون إل الق‪-.................‬‬
‫‪.18‬‬
‫ظهور الشيخ ممد بن عبدالوهاب ف الزيرة بعد قرون من‬
‫الظلم‪.....‬‬
‫أهل البدع يكونون جيل جديدا لعادة كرتم وإظهار بدعتهم‪.....‬‬
‫‪.19‬‬
‫أثر منهج الوازنات الزعوم وشيوعه بي أوساط الشباب السلفي‪.....‬‬
‫سعي الؤلف ف هذا الكتاب لعرض النهج الصحيح ف النقد ‪.21‬‬
‫منهج السلم وأئمته ف نقد القوال والشخاص وتقويها‬
‫وبيان أن العدل القيقي إنا هو ف هذا النهج‬
‫القرآن الكري يذكر الكفار والنافقي والفاسقي دون ذكر‬
‫ماسنهم‪......‬‬
‫تذير النب صلى ال عليه وسلم أمته من أهل‬
‫الهواء‪....................‬‬
‫موقف الصحابة والتابعي من أهل البدع‪......................‬‬

‫‪-177-‬‬
‫ذكر النب صلى ال عليه وسلم عيوب أشخاص معيني دون ذكر‬
‫ماسنهم‬
‫‪ -1‬حديث ((بئس أخو العشية‪ ،‬وبئس ابن العشية))‪...............‬‬
‫‪ -2‬نصيحة فاطمة بنت قيس بعدم الزواج من معاوية وأب‬
‫الهم‪.......‬‬
‫‪ -3‬قول هند بنت عتبة للنب صلى ال عليه وسلم إن أبا سفيان رجل‬
‫شحيح))‬
‫تذير النب صلى ال عليه وسلم من الوارج‪.......................‬‬
‫‪ -4‬حديث علي رضي ال عنه ف ذلك‪......................‬‬
‫‪ -5‬قصة علي رضي ال عنه مع الرورية‪.....................‬‬
‫‪ -6‬حديث أب سعيد رضي ال عنه ف شأن ذي الويصرة‪.........‬‬
‫وصف علي وأب ذر رضي ال عنهما للخوارج‪..................‬‬
‫ضوابط يب مراعاتا بالنسبة للفراد والماعات‬
‫من يب تكريهم‪..................................‬‬
‫أول‪ :‬الرسل والنبياء صلوات ال عليهم أجعي‪...............‬‬
‫ثانيا‪ :‬الصحابة الكرام رضوان ال عليهم أجعي‪..............‬‬
‫ثالثا‪ :‬التابعون لم بإحسان عليه رحات ال‪.................‬‬
‫من يوز نقدهم وتريهم وتذير الناس من ضررهم‪.............‬‬
‫أول‪ :‬أهل البدع ‪.................................‬‬
‫ثانيا‪ :‬الرواة والشهود إذا كانوا مروحي‪....................‬‬
‫‪-178-‬‬
‫ا) الرواة التفق على جرحهم‪......................‬‬
‫‪ )2‬الرواة الختلف ف تعديلهم وجرحهم وأهل البدع‪...........‬‬
‫ثالثا‪ :‬من تباح غيبتهم‪.............................‬‬
‫كلم الئمة ف أهل البدع والرواة‪..........،..............‬‬
‫الئمة تكلموا ف أهل البدع وف الرواة ول يشترطوا الوازنة‪.....‬‬
‫الئمة ألفوا كتبا خاصة بالرح والجروحي ‪....‬‬
‫ذكر بعض الكتب ف الجروحي والضعفاء ‪............‬‬
‫المام أحد يرح بعض الرواة دون التفات إل ماسنهم‪.41......‬‬
‫المام البخاري يرح بعض الرواة دون التفات إل ماسنهم‪.42......‬‬
‫المام النسائي يرح بعض الرواة دون التفات إل ماسنهم‪........‬‬
‫‪.42‬‬
‫مناقشة أدلة من يرى وجوب الوازنة بي اليابيات والسلبيات‬
‫خصوصا ف أهل البدع‬
‫نقل نص من كلم سلمان العودة والرد عليه ‪.45.............‬‬
‫نقل نص آخر من كلم سلمان العودة والرد عليه‪.46 .........‬‬
‫نقل نص من كلم أحد الصويان والرد عليه‪.46 .........‬‬
‫نقل أدلة أحد الصويان وتفنيدها والرد عليها من خسة وجوه‪.......‬‬
‫‪.49‬‬
‫نقل كلم أحد الصويان ف شأن المر ‪.54..............‬‬
‫الرد على ذلك بأدلة من القرآن والحاديث والثار‪.54 ............‬‬
‫‪-179-‬‬
‫إيراد أمثلة أخرى ف عدم الوازنات ‪.56 ،......................‬‬
‫نقل كلم أحد الصويان ف سؤال حذيفة النب صلى ال عليه وسلم‬
‫عن الشر والي ‪.58 ..........‬‬
‫تفنيد ذلك والرد عليه‪58 .............‬‬
‫ذكر بقية الديث وشرحه ومناقشته من ثلثة وجوه ‪58 ...........‬‬
‫إيراد أربعة أحاديث تدل على عدم اعتماد منهج الوازنات‪62 ........‬‬
‫نقل كلم أحد الصويان ف لعن الصحاب الذي شرب‬
‫المر‪..........‬‬
‫الرد على ذلك من ستة وجوه ‪64.............‬‬
‫الرد على اتام أحد الصويان مالفيه بأنم يسلكون مسلك الوارج ‪..‬‬
‫بيان مالفة أحد الصويان لكلم شيخ السلم ابن تيمية ‪............‬‬
‫نقل كلم أحد الصويان ف تعليم الشيطان لب هريرة آية الكرسي ‪..‬‬
‫الرد على كلمه هذا من ثلثة وجوه ‪.71...........‬‬
‫نقل كلم أحد الصويان ف السرائيلي الذي استقرض اللف دينار‬
‫‪.72‬‬
‫الرد على كلمه هذا وإبطاله‪.73 ............‬‬
‫إيراد ستة أحاديث ترد كلم أحد الصويان جلة وتفصيل‪..........‬‬
‫‪.74‬‬
‫إيراد كلم للترمذي وابن رجب ينقض كلم أحد الصويان‪..........‬‬
‫‪.78‬‬
‫‪-180-‬‬
‫احتجاج أحد الصويان بأقوال لبعض العلماء ورد ذلك ‪...........‬‬
‫‪.79‬‬
‫موقف شيخ السلم من البدع وأهلها‬
‫وعدم التزامه بذكر ماسنهم‬
‫‪ -1‬إيراد نص من "نقض النطق " ف تفضيل الرد على أهل البدع على‬
‫الهاد ‪.83...............‬‬
‫‪ -2‬إيراد نص من "الحتجاج بالقدر" ف أن الرد على أهل البدع‬
‫جهاد‬
‫‪ -3‬إيراد نص من "العقل والنقل‪ ،‬ف نقد أئمة الشاعرة‪. .........‬‬
‫‪ -4‬إيراد نص من "تلبس الهمية ف الرد على الرازي‪.87 ........‬‬
‫‪ -5‬إيراد نص من "العقل والنقل‪ ،‬ف بيان سبيل من ضل عن الق‪.....‬‬
‫‪ -6‬إيراد نص من "الرد على الخنائي " فيمن يتكلم بغيعلم‪.......‬‬
‫‪.92‬‬
‫‪ -7‬إيراد نص من (الفتاوى ف الشاعرة وغيهم من الهمية‪......‬‬
‫‪ -8‬إيراد نص من (منهاج السنة) ف اختلف البتدعة والذهبية‬
‫واضطراب أقوالم ‪............‬‬
‫‪ -9‬إيراد نص من "تلبيس الهمية" ف الشعرية والعطلة وأشباههم‬
‫‪ -10‬إيراد نص من " تلبيس الهمية" ف نقد طوائف النظار ‪.1.4‬‬
‫‪ -11‬إيراد نص من ((الصارم السلول )) ف شأن الوارج‪.1.4 ......‬‬

‫‪-181-‬‬
‫‪ -12‬إيراد نص من "الفتاوى" ف التفاق على التحذير من أهل‬
‫البدع‪.....‬‬
‫‪ -13‬إيراد نص من "منهاج السنة" فيمن تباح غيبته‪..........‬‬
‫‪ -14‬إيراد نص من "الفتاوى" ف أهل الكلم والفلسفة ومن بينهم‬
‫الغزال‬
‫‪ -15‬إيراد نص من "الستقامة" ف نقد الراء الحدثة ف الصول‬
‫والفروع‬
‫‪ -16‬إيراد نص من "الرسائل" ف فساد منهج أهل البدع وضلله ‪....‬‬
‫البواب الت يوز فيها الغيبة‬
‫نقل كلم النووي فيما يباح من الغيبة ‪.123.............‬‬
‫الول‪ :‬التظلم ‪.123...............‬‬
‫الثان‪ :‬الستعانة على تغي النكر ورد العاصي‪.123 ........‬‬
‫الثالث‪ :‬الستفتاء‪.123........................‬‬
‫الرابع‪ :‬تذير السلمي من الشر ونصيحتهم‪124 ............‬‬
‫الامس ‪ :‬أن يكون ماهرا بفسقه أو بدعته ‪.124............‬‬
‫السادس‪ :‬التعريف‪.125 ......................‬‬
‫نقل كلم لبن رجب النبلي فيما يباح من الغيبة‪.126 ............‬‬
‫منهج أهل السنة والماعة قاطبة ف التحذير من أهل البدع‬
‫‪ -1‬إيراد نص لبن تيمية ف جواز قتل الداعي إل البدع‬
‫‪ -2‬إيراد نص آخر لبن تيمية ف عقوبة أهل البدع‬
‫‪-182-‬‬
‫‪ -3‬إيراد نص لتقي الدين القدسي ف الطوائف‬
‫‪ -4‬إيراد نص لبن الوزي ف أن البتدعة شر من اللحدين‬
‫‪ -5‬ايراد نص لبن تيمية ف حرمة الكذب كله‬
‫‪ -6‬إيراد نص لبن تيمية ف رد شهادة الدعاة إل البدع‬
‫‪ -7‬إيراد نص لبن تيمية ف أنه ليس للمعلن بالبدع والفجور غيبة‬
‫‪ -8‬إيراد نص لبن عبدالب ف عدم جواز الجارات ف شيء من كتب‬
‫أهل البدع والهواء وعدم جواز شهادتم‬
‫‪ -9‬إيراد نص لبن عبدالب ف جواز هجر البتدع‬
‫‪ -10‬إيراد نص للخطيب البغدادي ف الكرابيسي‬
‫‪ -11‬إيراد نص لبن مفلح ف النع من النظر ف كتب البتدعة‬
‫‪ -12‬الحالة إل كلم للمام البغوي تقدم ذكره ف (ص ‪. )27 -26‬‬
‫‪ -13‬إيلراد نص للشاطب ف المر بعداوة أهل البدع‬
‫‪ -14‬إيراد نص للشاطب ف ضرر أهل البدع وضرورة التشريد بم‬
‫‪ -15‬إيراد نص لبن القيم ف تريق كتب أهل البدع والضللت‬
‫‪ -16‬إيراد نص للذهب ف التحذير من الصوفية وكتبهم‬
‫‪ -17‬إيراد نص لبن رجب فيمن طعن ف أهل الديث‬
‫‪ -18‬إيراد نص لبن رجب ف إنكار السلف على القالت الضعيفة‬
‫وردها‬
‫‪ -19‬إيراد نص لبن رجب ف أن من عقوبة الفاسق والبتدع أن ل‬
‫تذكر ماسنه‬
‫‪-183-‬‬
‫‪ -20‬إيراد نص للسبكي ف بعض من طعن ف الغزال و"إحيائه"‬
‫‪ -21‬إيراد نص للونشريسي ف إحراق "إحياء علوم الدين "‬
‫‪ -22‬إيراد نص لبن الوزي ف بعض ضللت الصوفية ومؤلفاتم‬
‫القبيحة‬
‫‪ 23‬إيراد نصي لبن الصلح والعراقي ف عدم ضرورة بيان سبب‬
‫الرح‬
‫‪ -24‬إيراد نص لبن تيمية ف عدم العتماد على بعض كتب الديث‬
‫‪ -25‬إيراد نص لبن تيمية ف نقد "العقيدة الصفهانية"‬
‫‪ -26‬إيراد نص آخر لبن تيمية ف نقد "العقيدة الصفهانية"‬
‫حكم من يتول أهل البدع وينصرهم على أهل السنة‬
‫كلم للقرطب ف تفسي قوله تعال‪{ :‬ل تتخذوا بطانة من دونكم‪}...‬‬
‫كلم لشيخ السلم فيمن يعاون أهل البدع من أهل اللول والتاد‬
‫الاتة‬
‫ذكر سبعة عشرة مسألة مستفادة من الفصول السابقة‬
‫نقل أقوال عظيمة لعدد من أئمة السلمي وعلمائهم‬
‫‪ -1‬كلم لبن القيم ف جهاد أهل البدع بالعلم والجج‬
‫‪157 ................‬‬
‫‪ -2‬كلم لب عبيد القاسم بن سلم ف اتباع السنة ‪.................‬‬
‫‪158‬‬

‫‪-184-‬‬
‫‪ -3‬كلم للفضيل بن عياض ف نفاق من يصاحب أهل البدع ‪......‬‬
‫‪158‬‬
‫‪ -4‬كلم ليحي بن يي النيسابوري ف الذب عن السنة‬
‫فرس اليات القرآنية‬
‫فهرس الحـاديث النبوية‬
‫فهرس الفوائد والوضوعات‬

‫‪-185-‬‬

You might also like