Professional Documents
Culture Documents
تأليف
الشيخ ربيع بن هادي عمي الدخلي
1
حقيقة دعوة الخوان
المسلمين
القدمة
المد ل والصلة والسلم على رسول ال وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه
أما بعد:
فان من أشد الناس خطرا على السلم والسلمي أن يقودهم أئمة الضلل .
لقد خاف ذلك رسول ال صلى ال عليه وسلم على هذه المة وقد حصل
ما خافه الشئ الكثي ف تاريخ هذه المة فلقد قاد كثيا منهم رؤوس الهمية
ورؤوس العتزلة ورؤوس الوارج ورؤوس الرجئة ث رؤوس الصوفية القبورية،
من الزمن فأضلوا كثيا منهم وساروا بم ف متاهات الضلل ردحا طويلً
وكان لذلك آثارٌ سيئة وكبية ف حياة المة ف عقائدها وسلوكها
ث جاء هذا العصر الذي أفاقت فيه المة بسبب أضواء إسلمية وصيحات مدوية
سلفية صاخت لا آذان وامتدت إليها أبصار لول أن عاجلها أهل الكر والكيد
لكان لذلك شأن وأي شأن ولعادت المة إل سابق مدها بعودتا إل كتاب ربا
وسنة نبيها .
من أشد هذا الكيد والكر السود ما سترى بعضه ل كله ف هذه الوراق
وهو بعض ما طفح من الكيد الرافضي والصوف والسياسي ،هذا الثالوث البيث
وما يتبعه وقف سدا منيعا حائلً بي المة وبي عودتا القيقية الادة إل كتاب
2
ربا وسنة نبيها ومنهج السلف الصال ف عقيدتا وعبادتا وسياستها وأخلقها .
حال هذا الثالوث الاكر بي المة وبي ذلك وربطها بشعارات جوفاء تسمع لا
ل ول تد لا طحنا اللهم إل طحن الضلل والضياع .هذه الوراق دويا هائ ً
ستكشف للمسلمي جانبا مهما من ذلكم الكيد والكر ومنه التمييع البيث
الذي يعتب الرفض بل والتصوف وما فيهما من عقائد ملحدة بأنا هي السلم
الوحد للمة.
وكان من أدرك ماطر هذا الكيد والغش والتمييع الشيخُ :مب الدين
الطيب وبعض أفاضل السلمي الناصحي فكتبوا كتابات قيمة تبي ما ينطوي
عليه الرفض من كفريات وضللت تناف أصول السلم وفروعه ونقلوا ذلك من
أصول معتمدة عند الروافض مثل كتاب :الكاف للكلينـي والرشاد ف تاريخ
حجج ال على العباد للمفيد وتنقيح القال ف أحوال الرجال للمامقان وفصل
الطاب ف إثبات تريف كتاب رب الرباب للطبسي وتفسي القمي.
من الراجع العتبة عندهم وكانت التهم تكال لؤلء الفاضل الناصحي بثل
السلوب الت ":حارب هذه الفكرة ضيقوا الفق كما حاربا صنف آخر من
ذوي الغراض الاصة السيئة ول تلو إي أمة من هذا الصنف من الناس حاربا
من يدون ف التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم وحاربا ذوو النفوس الريضة
وأصحاب الهواء والنـزعات الاصة هؤلء وأولئك من يؤجرون أقلمهم
لسياسات مغرضة لا أساليبها الباشرة ف مقاومة أي حركة إصلحية والوقوف
ف سبيل كل عمل يضم شل السلمي ويمع كلمتهم"..
انظر لذا السلوب الاكر الذي يقلب المور والقائق ،فيجعل الخلصي
الناصحي مأجورين ومرضى نفوس وأصحاب أهواء مقاومي لي حركة
إصلحية ...إل آخر التامات .
3
وكل هذه الوصاف إنا تنطبق على دعاة التقريب بي الشرك والتوحيد والضلل
والدى إل آخر البليا الت ينطوي عليها الرفض والتصوف ما يبأ منه السلم
ويريدون إلصاقه بالسلم والسلم منه براء.
إنه وال الغش والكيد والكر الذي يقوده دهاة الرفض ويبذلون لتحقيقه كل غال
ورخيص وما أظنهم تعبوا كثيا ف البحث عن أبواق وطبول يملون اسم السلم
وألقابا إسلمية ضخمة ويرفعون شعارات براقة منها الوحدة السلمية والتقارب بي
السلمي والتاد لحاربة العداء.
وسوف يقف القاري على حقيقة دعوة الخوان السلمي وعلى مدى صدق
وإخلص ونصح قادة هذه الدعوة للسلم والسلمي أو أنه سيبهر بضد كل ذلك ما
يدفعه إل تأكيد القولة بأنم سدنة الرفض والروجون له ف العال .
اللهم رد كيد الكائدين ف نورهم وأنقذ دينك الق و أظهره على الديان كلها
ولو كره الشركون وأهل الهواء والضالون إنك على كل شيٍ قدير وبالجابة جدير
.
4
موقف علماء
المسلمين
من
الشيعة والثورة
السلمية
تأليف
الدكتور عز الدين
إبراهيم
5
وفي العصر الحديث كانت جماعة التقريب بين المذاهب السلمية
التي شارك فيها المام الشهيد حسن البنا وشيخ الزهر والمرجع
العلى للفتاء وقتها المام الكبر عبد المجيد سليم ،والمام
مصطفى عبد الرازق ،والشيخ محمود شلتوت ،يقول الستاذ سالم
البهنساوي – أحد مفكري الخوان المسلمين – في كتابــه ( السنة
المفترى عليها ) صـ " : 57منذ أن تكونت جماعة التقريب بين
المذاهب السلمية والتي ساهم فيها المام البنا والمام القمي
والتعاون قائم بين الخوان المسلمين والشيعة وقد أدى ذلك إلى
زيارة المام نواب صفوي سنة 1945م للقاهرة " ويقول في نفس
الصفحة ":ول غرو في ذلك فمناهج الجماعتين تؤدي إلى هذا
التعاون " .وفي كتابه ( الملهم الموهوب – حسن البنا ) يقول
الستاذ عمر التلمساني المرشد العام صـ :78
" وبلغ من حرصه ( حسن البنا ) على توحيد كلمة المسلمين أنه كان
يرمي إلى مؤتمر يجمع الفرق السلمية لعل ال يهديهم إلى الجماع
على أمر يحول بينهم وبين تكفير بعضهم خاصة وأن قرآننا واحد
وديننا واحد ورسولنا واحد وإلهنا واحد ولقد استضاف لهذا
الغرض فضيلة الشيخ محمد القمي أحد كبار علماء الشيعة
وزعمائهم في المركز العام فترة ليست بالقصيرة .كما أنه من
المعروف أن المام البنا قد قابل المرجع الشيعي آية ال الكاشاني
أثناء الحج عام 1948م وحدث بينهما تفاهم يشير إليه أحد
شخصيات الخوان المسلمين اليوم وأحد تلمذة المام الشهيد الستاذ
عبد المتعال الجبري في كتابه ( لماذا اغتيل حسن البنا ) ( طـ – 1
العتصام –صـ ) -32ينقل عن روبير جاكسون قوله " :ولو طال
عمر هذا الرجل ( يقصد حسن البنا ) لكان يمكن أن يتحقق الكثير
لهذه البلد خاصة لو اتفق حسن البنا وآية ال الكاشاني الزعيم
اليراني على أن يزيل الخلف بين الشيعة والسنة وقد التقى
الرجلن في الحجاز عام 48ويبدو أنهما تفاهما ووصل إلى نقطة
رئيسية لول أن عوجل حسن البنا بالغتيال " .ويعلق الستاذ
6
الجبري قائلً " :لقد صدق روبير وشم بحاسته السياسية جهد المام
في التقريب بين المذاهب السلمية فما له لو أدرك عن قرب دوره
الضخم في هذا المجال مما ل يتسع لذكره المقام " .
وفي كتابه الخير ( ذكريات ل مذكرات ) ط – 1دار العتصام
1985يقول الستاذ عمر التلمساني صـ 249و : 250
" وفي الربعينيات على ما أذكر كان السيد القمي – وهو شيعي
المذهب – ينزل ضيفًا على الخوان في المركز العام ،ووقتها كان
المام الشهيد يعمل جاداً على التقريب بين المذاهب ،حتى ل يتخذ
أعداء السلم الفرقة بني المذاهب منفذا يعملون من خلله على
تمزيق الوحدة السلمية ،وسألناه يوماً عن مدى الخلف بين أهل
السنة والشيعة ،فنهانا عن الدخول في مثل هذه المسائل الشائكة التي
ل يليق بالمسلمين أن يشغلوا أنفسهم بها والمسلمون على ما نرى من
تنابذ يعمل أعداء السلم على إشعال ناره ،قلنا لفضيلته :نحن ل
نسأل عن هذا للتعصب أو توسعة لهوة الخلف بين المسلمين ،
ولكننا نسأل للعلم ،لن ما بين السنة والشيعة مذكور في مؤلفات ل
حصر لها وليس لدينا من سعة الوقت ما يمكننا من البحث في تلك
المراجع .فقال رضوان ال عليه :اعلموا أن أهل السنة والشيعة
مسلمون تجمعهم كلمة ل إله إل ال وأن محمداً رسول ال وهذا
أصل العقيدة ،والسنة والشيعة فيه سواء وعلى التقاء أما الخلف
بينهما فهو في أمور من الممكن التقريب فيها بينهما " .
نستنتج من مواقف المام الشهيد هذه عدة حقائق مهمة منها :
.1ينظر كل من السني والشيعي إلى الخر على أنه مسلم .
.2اللقاء والتفاهم بينهما وتجاوز الخلفات ممكن ومطلوب وهو
مسؤولية الحركة السلمية الواعية والملتزمة .
.3قام المام الشهيد حسن البنا بجهد ضخم على هذا الطريق يؤكد
ذلك ما يرويه الدكتور إسحاق موسى الحسيني في كتابه
( الخوان المسلمون ..كبرى الحركات السلمية الحديثة ) من
أن بعض الطلب الشيعة الذين كانوا يدرسون في مصر قد
انضموا إلى جماعة الخوان .ومن المعروف أن صفوف
7
الخوان المسلمين في العراق كانت تضم الكثير من الشيعة
المامية الثنى عشرية – وعندما زار نواب صفوي سوريا وقابل
الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للخوان المسلمين
اشتكى إليه الخير ان بعض شباب الشيعة ينضمون إلى الحركات
العلمانية والقومية فصعد نواب إلى أحد المنابر وقال أمام حشد
من الشبان الشيعة والسنة " :من أراد أن يكون جعفرياً حقيقياً
فلينضم إلى صفوف الخوان المسلمين " .
ولكن من هو نواب صفوي ؟ زعيم منظمة ( فدائيان إسلم )
السلمية الشيعية ،ينقل الستاذ محمد علي الضناوي في كتابه
( كبرى الحركات السلمية في العصر الحديث ) صـ 150نقلً
عن برنارد لويس قوله:
" وبالرغم من مذهبهم الشيعي فإنهم يحملون فكرة عن الوحدة
السلمية تماثل إلى حد كبير فكرة الخوان المصريين ولقد كانت
بينهما اتصالت " ويلخص الستاذ الضناوي بعض مبادئ فدائيان
إسلم " أول :السلم نظام شامل للحياة .ثانياً :ل طائفية بين
المسلمين أي بين السنة الشيعة " ثم ينقل عن نواب قوله " :لنعمل
متحدين للسلم ولنَنْس كل ما عدا جهادنا في سبيل عز السلم ،ألم
يأن للمسلمين أن يفهموا ويدعوا النقسام إلى شيعة وسنة ؟ " .
وفي كتاب ( الموسوعة الحركية ) ج – 1صـ 163يتحدث الستاذ
فتحي يكن عن زيارة نواب صفوي للقاهرة والحماس الشديد الذي
قابله به الخوان المسلمون ثم يتكلم عن صدور حكم العدام عليه
من قبل الشاه قائلً " :كان لهذا الحكم الجائر صدى عنيف في البلد
السلمية وقد اهتزت الجماهير المسلمة التي تقدر بطولة نواب
صفوي وجهاده وثارت على هذا الحكم وطيرت آلف البرقيات من
أنحاء العالم السلمي تستنكر الحكم على المجاهد المؤمن البطل
الذي يعتبر القضاء عليه خسارة كبرى في العصر الحديث " وهكذا
يصبح مسلم شيعي في نظر فتحي يكن كأحد أعظم شهداء الخوان
إذ يعتبر أن نواب وصحبه باستشهادهم قد انضموا إلى قافلة الشهداء
الخالدين ،الذين سيكون دمهم الزكي طريق الحرية والفداء وهذا
8
الذي كان .فما أن دار الزمان دورته حتى قامت الثورة السلمية
في إيران ودكت عرش الطاغية الشاه الذي تشرد في الفاق وصدق
ال تعالى حيث يقول :ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين أنهم
لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون وفي كتابه ( السلم
فكرة وحركة وانقلب ) صـ 56يكرر الستاذ يكن نفس الموقف ،
وفي مجلة ( المسلمون ) التي كان يصدرها الخوان المسلمون
(المجلد الخامس – العدد الول إبريل 1956ص ) 73يقول تحت
عنوان " مع نواب صفوي " ":والشهيد العزيز – نضر ال ذكره –
وثيق الصلة بالمسلمين " وقد نزل ضيفاً في دارها بالقاهرة أيام
زيارته مصر في كانون الثاني سنة ، 1954ثم تنقل المجلة رأيه في
اعتقالت الخوان الذي يقول فيه " :إنه حين يضطهد الطغاة رجل
السلم في كل مكان يتسامى المسلمون فوق الخلفات المذهبية
ويشاطرون إخوانهم المضطهدين آلمهم وأحزانهم ول شلك أننا
بكفاحنا اليجابي السلمي نستطيع إحباط خطط العداء التي ترمي
إلى التفريق بين المسلمين أنه ل ضير في وجود الفرق المذهبية
وليس بوسعنا إلغاؤها إنما الذي يجب أن نعمل على إيقافه ومنعه هو
استغلل هذه الوضع لصالح المغرضين " .
وقبل أن نعود إلى جماعة التقريب مرة أخرى نشير إلى أن المراقب
العام للخوان المسلمين في اليمن وحتى سنوات قليلة كان شيعياً
زيدياً هو الستاذ عبد المجيد الزنداني والذي دعي إلى القاهرة في
شهر مايو 58 /للقاء بعض المحاضرات حول العجاز القرآني ،
ومن المعروف أيضًا أن عدداً كبيراً من الخوان المسلمين في اليمن
الشمالي هم من الشيعة .
بالنسبة لجماعة التقـريب يتحدث المام الكبر الشيخ محمود شلتوت
في كتاب ( الوحدة السلمية ) مجموعة من المقالت كانت تصدر
في مجلة "رسالة السلم" عن الزهر ص " : 20لقد آمنت بفكرة
التقريب كمنهج قويم وأسهمت منذ أول يوم في جماعتها " .ويقول
في ص " : 23وها هو الزهر الشريف ينزل على حكم المبدأ ،
مبدأ التقريب بين أرباب المذاهب المختلفة فيقرر دراسة فقه المذاهب
9
السلمية سنيها وشيعيها دراسة تعتمد على الدليل والبرهان وتخلو
من التعصب لفلن أو فلن " ويواصل الشيخ شلتوت حديثه ص 24
ت أود لو أستطيع أن أتحدث عن الجتماعات في دار " :وكن ُ
التقريب حيث يجلس المصري إلى جانب اليراني أو اللبناني أو
العراقي أو الباكستاني أو غير هؤلء من مختلف الشعوب السلمية
وحيث يجلس الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي بجانب المامي
والزيدي حول مائدة واحدة تدوي بأصوات فيها علم وفيها تصوف
وفيها فقه وفيها مع ذلك كله روح الخوة وذوق المودة والمحبة
وزمالة العلم والعرفان " .ويشير الشيخ إلى أن هناك من حارب
فكرة التقريب ظانين " :أنها تريد إلغاء المذاهب أو إدماج بعضها
في بعض " فيقول :
" حارب هذه الفكرة ضيقو الفق كما حاربها صنف آخر من ذوي
الغراض الخاصة السيئة ول تخلو أية أمة من هذا الصنف من
لناس .حاربها من يجدون في التفرق ضمانا لبقائهم وعيشهم
وحاربها ذوو النفوس المريضة وأصحاب الهواء والنزعات
الخاصة هؤلء وأولئك ممن يؤجرون أقلمهم لسياسات مغرضة ،
لها أساليبها المباشرة في مقاومة أي حركة إصلحية والوقوف في
سبيل كل عمل يضم شمل المسلمين ويجمع كلمتهم " وقبل أن نترك
الزهر نستمع إلى الفتوى التي أصدرها بخصوص المذهب الشيعي
وجاء فيها " :إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الثنى
عشرية ,مذهب يجوز التعبد به شرعاً كسائر مذاهب أهل السنة
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير
حق لمذاهب معينة فما كان دين ال وماكانت شريعته بتابع لمذهب
معين أو مقصورة على مذهب فالكل مجتهد مقبولون عند ال
تعالى )) .
بعد ذلك ننتقل إلى الموقف من الثورة السلمية ،الثورة التي
اشتعلت مع مطلع عام 1978وانتصرت مع مطلع عام 1979
فأيقظت روح المة المسلمة على طول المحور الممتد من طنجة إلى
جاكرتا ،ومع تقدم الثورة كان استقطابها للجماهير يزداد ..
10
الجماهير التي كانت تعبر عن بهجتها وفرحتها في شوارع قاهرة
المعز ودمشق الشام ..في كراتشي والخرطوم "..في استانبول ومن
حول بيت المقدس وفي كل مكان يوجد فيه المسلمون في ألمانيا
الغربية كان الستاذ عصام العطار أحد الزعماء التاريخيين لحركة
الخوان المسلمين يكتب كتاباً كاملً يتناول تاريخ الثورة وجذورها
ويقف بجانبها مؤيداً ويبرق أكثر من مرة للمام الخميني مهنئاً
ومباركاً وانتشرت أحاديثه المسجلة على أشرطة الكاسيت المؤيدة
للثورة بين الشباب المسلم ،كذلك قامت مجلة ( الرائد ) لسان حال
الطلئع السلمية بدور مهم في تأييد الثورة وشرح مواقفها .
وفي السودان كان موقف الخوان المسلمين وموقف شباب جامعة
الخرطوم السلميين من أروع المواقف التي شهدتها العواصم
السلمية حيث خرجوا بمظاهرات التأييد وسافر الدكتور الترابي
زعيم الخوان إلى إيران حيث قابل المام معلناً تأييده .ومن الجدير
بالذكر أن هذا الموقف مستمر حتى الن .في تونس كانت مجلة
الحركة السلمية ( المعرفة ) تقف بجانب الثورة تباركها وتدعو
المسلمين إلى مناصرتها ووصل المر أن كتب زعيم الحركة
السلمية والذي هو عضو التنظيم الدولي للخوان المسلمين :كتب
مرشحاً المام الخميني لمامة المسلمين ! مما أدى إلى إغلق
المجلة قبل اعتقال زعماء الحركة على يد نظام بورقيبة ،ويعتبر
الستاذ الغنوشي أن التجاه السلمي الحديث " تبلور وأخذ شكلً
واضحاً على يد المام البنا والمودودي وقطب والخميني ممثلي أهم
التجاهات السلمية في الحركة السلمية المعاصرة " ( كتاب
الحركة السلمية والتحديث – راشد الغنوشي ،وحسن الترابي ص
. ) 16
ويعتبر في ص 17من نفس الكتاب أنه بنجاح الثورة في إيران يبدأ
السلم دورة حضارية جديدة ثم يقول تحت عنوان ماذا نعني
بمصطلح الحركة السلمية .. " :ولكن الذي عنينا من بين
ذلكالتجاه الذي ينطلق من مفهوم السلم الشامل ،وهذا المفهوم
ينطبق على ثلثة اتجاهات كبرى :الخوان المسلمين ،الجماعة
11
السلمية بباكستان وحركة المام الخميني في إيران " وفي ص 24
يقول " :لقد بدأت إيران عملية لعلها من أهم ما يمكن أن يطرأ في
مسيرة حركات التحرر في المنطقة كلها وهي تحرر السلم من
هيمنة السلطات العاملة على استخدام في وجه المد الثوري في
المنطقة " وفي مقالة أخيرة للستاذ الغنوشي في الطليعة السلمية
عدد 26مارس 85/يعتبر أن الصراع بين السنة والشيعة من
المشكلت الوهمية التي تظهر مع سيادة التقليد ويستعاض بها عن
المشاكل الحقيقية الواقعية بعد أن تختفي الفكر ويختفي البداع .
أما في لبنان فقد كان تأييد الحركة السلمية للثورة من أكثر
المواقف وضوحاً وعمقاً فقد وقف الستاذ فتحي يكن ومجلة الحركة
( المان ) موقفاً إسلمياً مشرفاً وزار الستاذ يكن إيران أكثر من
مرة وشارك في احتفالتها وألقى المحاضرات في تأييدها ،وفي "
المان " وغيرها نشرت قصيدة الستاذ يوسف العظم ودعا فيها إلى
مبايعة الخميني !! فقال :
هدّ صرح الظلم ل يخشى بالخميني زعيمًا وإمـــــام
الحمــام قد منحناه وشاحًا ووســـام
من دمانا ومضيـنا للمــــام ندمر الشرك ونجتاح
ليعود الكون نورًا وســـــلم الظــلم
أما في مصر فقد وقفت مجلة ( الدعوة ) و ( العتصام ) و
( المختار السلمي ) إلى جانب الثورة مؤكدة إسلميتها ومدافعة
عنها في وجه العلم الساداتي المريكي ،كتبت العتصام على
غلف عدد ذي الحجة – 1400أكتوبر " : 1980الرفيق التكريتي
..تلميذ ميشيل عفلق الذي يريد أن يصنع قادسية جديدة في إيران
المسلمة " وفي ص 10من نفس العدد كتبت العتصام تحت عنوان
( أسباب المأساة ) :
" الخوف من انتشار الثورة السلمية في العراق " ثم قالت " :
ورأي صدام حسين إن فترة النتقال التي يمر بها جيش إيران
وتحوله من جيش إمبراطوري إلى جيش إسلمي هي فرصة ذهبية
ل تكرر للقضاء على هذا الجيش قبل أن يتحول إلى قـوة ل تقهر
12
بفضل العقيدة السلمية في نفوس ضباطه وجنوده " وفي عدد
( محرم 1401هـ ديسمبر /كانون أول ) 1980 /كتب الستاذ
جابر رزق أحد أبرز صحفيي الخوان المسلمين في العتصام ص
36معللً أسباب الحرب فقال " :إن الوقت الذي اندلعت فيه هذه
الحرب هو ذات الوقت الذي فشلت فيه كل الخطط المريكية
التآمرية على ثورة الشعب اليراني المسلم " .ويقول ص " : 37
وقد نسي صدام حسين أنه سيقاتل شعبًا تعداده أربعة أضعاف الشعب
العراقي وهذا الشعب هو الشعب المسلم الوحيد الذي استطاع أن
يتمرد على المبريالية الصليبية اليهودية " ثم يواصل حديثه "
والشعب اليراني بكامل هيئاته ومنظماته مصمم على مواصلة
الحرب حتى النصر وحتى إسقاط البعث الدموي ،كما أن التعبئة
الروحية والنفسية بين كل أفراد الشعب اليراني لم يسبق لها مثيل
والرغبة في الستشهاد تأخذ صورة التسابق والقدام والشعب
اليراني واثق تمامًا أن النصر في النهاية سيكون للثورة اليرانية
المسلمة " ثم يشرح الستاذ جابر رزق أن هدف الستعمار من
الحرب اسقاط الثورة فيقول :
" ..وبسقوط النظام الثوري اليراني يزول الخطر الذي يتهدد هذا
النوع من الطواغيت الذين يرتجفون من تصورهم احتمال ثورة
شعوبهم ضدهم واسقاطهم مثلما فعل الشعب اليراني المسلم ضد
الشاه العميل " وفي نهاية المقال يقول :
" ولكن حزب ال غالب ..ولكن لبد من الجهاد والستشهاد
ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوي عزيز " .
إذن هذا هو جوهر الحرب وليس ما يردده البعض من أن إيران
الشيعة تريد النقضاض على النظام السني في العراق ..يا إلهي كم
هو محزن هذا العمى وكم هو ..من يزرع الجهل والحقد في عقول
الناس وقلوبهم .
وفي عدد ( صفر – 1401يناير /كانون الثاني 1981م ) كتبت
العتصام على غلفها " :الثورة التي أعادت الحسابات وغيرت
الموازين " وفي ص 39تساءلت المجلة " لماذا تعتبر الثورة
13
اليرانية أعظم ثورة في العصر الحديث " وفي نهاية المقال الذي
كتب بمناسبة الذكرى الثانية لنتصار الثورة جاء فيه " :ومع ذلك
انتصرت الثورة اليرانية بعد أن سقط آلف الشهداء وكانت بذلك
أعظم ثورة في التاريخ الحديث بفعاليتها ونتائجها اليجابية وآثارها
التي أعادت الحسابات وغيرت الموازين " .
ومن مصر إلى موقف التنظيم الدولي للخوان المسلمين الذي وجه
بيانًا إلى المسؤولين عن الحركات السلمية في كافة أنحاء العالم
وذلك أثناء أزمة الرهائن جاء فيه " ولو كان المر يخص إيران
ل وسطًا بعد أن تبينت ما حولها ولكنه السلم وحدها لقبلت ح ً
وشعوبه في كل مكان وقد أصبحت أمانة في عنق الحكم السلمي
الوحيد في العالم الذي فرض نفسه بدماء شعبه في القرن العشرين
لتثبيت حكم ال فوق حكم الحكام وفوق حكم الستعمار والصهيونية
العالمية .
ويشير البيان إلى رؤية الثورة اليرانية لمن يحاول أن يفت في
عضدها على أنه واحد من أربعة " أما مسلم لم يستطع أن يستوعب
عصر الطوفان السلمي وما زال يعيش في زمن الستسلم فعليه
أن يستغفر ال ويحاول أن يستكمل فهمه بمعاني الجهاد والعزة في
السلم وال تعالى يقول :إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فل
تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين وأما عميل يتوسط لمصلحة
أعداء السلم على حساب السلم متشدقاً بالخوة والحرص عليها
كما في قوله تعالى:
وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك ال هو الذي أيدك بنصره
وبالمؤمنين وإما مسلم إمعة يحركه غيره بل رأي له ول إرادة
وال يقول يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على
أعقابكم فتنقلبوا خاسرين .وإما منافق يداهن بين هؤلء وهؤلء
. " ..
وعندما بدأ الغزو الصدامي ليران المسلمة أصدر التنظيم الدولي
للخوان المسلمين بيانًا وجهه إلى الشعب العراقي هاجم فيه حزب
البعث الملحد الكافر على حد تعبير البيان الذي قال أيضاً " :إن هذه
14
الحرب أيضاً ليست حرب تحرير للمستضعفين من الرجال والنساء
والولدان الذين ل يملكون حيلة ول يهتدون سبيلً .فشعب إيران
المسلم قد حرر نفسه من الظلم والستعمار المريكي الصهيوني في
جهاد بطولي خارق وبثورة إسلمية عارمة فريدة من نوعها في
التاريخ البشري وتحت قيادة إمام مسلم هو دون شك فخر للسلم
والمسلمين "
ثم يتكلم البيان عن أهداف العدوان الصدامي قائلً .. " :ضرب
الحركة السلمية وإطفاء شعلة التحرير السلمية التي انبعثت من
إيران " وفي نهاية البيان يقول مخاطباً الشعب العراقي … " :
اقتلوا جلّديكم فقد حانت الفرصة التي ما بعدها فرصة ،القوا
اسلحتكم وانضموا إلى معسكر الثورة ،الثورة السلمية ثورتكم".
أما موقف الجماعة السلمية في باكستان فقد تمثل في فتوى العلمة
أبي العلى المودودي التي نشرت في مجلة الدعوة – القاهرة – عدد
29أغسطس ( آب ) 1979رداً على سؤال وجهته إليه المجلة حول
الثورة السلمية في إيران أجاب العالم المجتهد الذي أجمعت
الحركة السلمية أنه واحد من أبرز روادها في هذا القرن " وثورة
الخميني ثورة إسلمية والقائمون عليها هم جماعة إسلمية وشباب
تلقوا التربية في الحركات السلمية وعلى جميع المسلمين عامة
والحركات السلمية خاصة أن تؤيد هذه الثورة وتتعاون معها في
جميع المجالت " .
إذن هذه هو الموقف الشرعي من الثورة السلمية كما يطرحه
المودودي وليس ما يطرحه وعاظ السلطين السعوديين وغيرهم
من آراء مخالفة لفتوى المجتهد الكبير فأيهم أولي بالتباع أيها
المسلمون مجاهد ورائد إسلمي عظيم كالمودودي أم يقدمون البيعة
والولء لفهد بن عبد العزيز ( إمام المسلمين وخادم الحرمين
الشريفين !!! ) .
أمام موقف الزهر فقد أعلنه شيخ الزهر السابق في وقته في حديث
مع صحيفة ( الشرق الوسط ) التي تصدر في السعودية ولندن (
) 79 /3/7قائلً " :المام الخميني أخ في في السلم ومسلم
15
صادق " .ثم قال " :إن المسلمين باختلف مذاهبهم أخوة في
السلم والخميني يقف تحت لواء السلم كما أقف أنا " .فهل كان
شيخ الزهر وقتها أيضاً جاهلً بعقائد الشيعة ؟ أيّ مصيبة هذه
إذن !!
وفي كتاب من كتب الستاذ فتحي يكن الخيرة ( :أبجديات التصور
الحركي للعمل السلمي ) يستعرض المؤلف مؤامرات الستعمار
والقوى الدولية ضد السلم فيقول ص " : 148وفي التاريخ
القريب شاهد على ما نقول إل وهو تجربة الثورة السلمية في
إيران ،هذه التجربة التي هبت لمحاربتها واجهاضها كل قوى
الرض الكافرة ول تزال بسبب أنها إسلمية وأنها ل شرقية ول
غربية " .
ترى في أي صف يقف هؤلء الذين يستغلون منبر رسول ال
ليصبوا حقدهم ضد الثورة السلمية ..في أي صف ؟ ..أجيبوا
..ردوا على الستاذ فتحي يكن إن كنتم تريدون وجه ال حقاً .
وجاء في مجلة ( الدعوة ) المهاجرة التي يصدرها الخوان في
النمسا العدد / 72رجب 1402هـ مايو /أيار 1982ص " : 20
وفي العالم اليوم اليقظة السلمية التي كان من آثارها الثورة
السلمية في إيران التي استطاعت ورغم عثراتها ..إن تقوض أكبر
المبراطوريات عراقة وأشدها عتواً وعدا ًء للسلم والمسلمين " .
هذا موقف الدعوة حول إسلمية الثورة أما العقبات فليست أكثر من
العقبات التي يحاول الستعمار إن يضعها في طريق الثورة للتأثير
على مسيرتها ،وواجب المسلمين الملتزمين أن يعوها ويبطلوها
بقدر استطاعتهم ،هذا هو موقف الدعوة الذي يؤكده الستاذ عمر
التلمساني في حديث له مع ( مسلم ميديا ) الذي نشرته مجلة
( الكرسنت ) السلمية التي تصدر في كندا ( ) 16/12/1984
وقال فيه بالحرف الواحد " :ل أعرف أحداً من الخوان المسلمين
في العالم يهاجم إيران " .
16
فمن هم هؤلء الذين يفعلونها ويزعمون أنهم ينتسبون للخوان هل
هم ….؟ وإل فكيف يخالفون حقيقة واضحة يعلنها المرشد العام
للخوان المسلمين .
وبعد هذه المواقف الواضحة لعلماء وقادة الحركات السلمية نستمع
إلى إجابة المام الخميني على سؤال يتعلق بأصول الثورة وجه له
عند وصوله إلى باريس " :أن السبب الذي قاد المسلمين إلى سنة
وشيعة يوماً ما لم يعد قائمًا ..كلنا مسلمون ..هذه ثورة إسلمية ..نحن
جميعًا أخوة في السلم " .
وفي كتاب ( الحركة السلمية والتحديث ) ينقل الستاذ الغنوشي
ص 21عن المام قوله " :إننا نريد أن نحكم بالسلم كما نزل
على محمد ل فرق بين السنة والشيعة لن المذاهب لم تكن
موجودة في عهد رسول ال " .
وفي الملتقى الرابع عشر للفكر السلمي – الجزائر – قال السيد
هادي خسروشاهي ممثل المام إلى المؤتمر " :العداء أيها الخوة
ل يفرقون بين سني وشيعي إنهم يريدون القضاء على السلم
كفكرة وكأيديولوجية عالمية ولذا فإن أي دعوة أو عمل لتفريق
الصفوف باسم السنة والشيعة تعني الوقوف إلى جانب الكفر وضد
السلم وهي بالتالي – كما أفتى المام الخميني – حرام شرعاً
وعلى المسلمين التصدي لها " .
وقبل أكثر من عشرين عاما وفي خطبة للمام – جمادى الول –
1384هـ كان يعلن " :اليدي القذرة التي تبث الفرقة بين الشيعي
والسني في العالم السلمي ل هي من الشيعة ول من السنة – إنها
أيدي الستعمار التي تريد أن تستولي على البلد السلمية من أيدينا
.والدول الستعمارية ،الدول التي تريد نهب ثرواتنا بوسائل مختلفة
وحيل متعددة هي التي توجد الفرقة باسم التشيع والتسنن " .
وبعد فإن تاريخ الحركة السلمية المعاصرة والممتد على مدى
القرن الخير لم يعرف إل الخاء والتعاون وروح التوحيد فلماذا
تنتشر بيننا اليوم كتب الفتنة والنقسام بدءاً من كتاب الكاذيب " :
موقف الخميني من الشيعة والتشيع " ومروراً بكتاب ( السراب )
17
وحتى كتاب الضاليل ( وجاء دور المجوس ) الذي نشرته نفس
الدار التي أصدرت كتاباً تهاجم فيه حركة جهيمان السلمية في
الجزيرة العربية وهو المسلم السلفي !!
والعجيب أن كتبة هذه الكتب من النكرات ل يكتبون عليها أسماءهم
الحقيقية رغم إنها تلقي كل الترحيب من أنظمة الطاغوت وتروج في
كل مكان بل الحقيقة أن ذلك ليس عجيباً لنهم أول من يدرون بأنها
صفحات من الكذب الرخيص ،أننا نصرخ بأعلى صوتنا …إل من
يفيق ؟ أليس هناك من رجل جيد ؟ إن المسألة ليست دفاعًا عن إيران
أو عن الخميني فنحن هنا كمسلمين سنة في وطن يسوده العلو
والفساد السرائيلي كنا نعتبر إيران ميداناً للنفوذ المريكي وحتى
سنوات قليلة ،ولم نكن نعرف الخميني ..ولكن المسألة دفاعٌ عن
السلم ومستقبله ..إنها المرة الولى منذ أكثر من مائة عام يملك
فيها السلم أرضًا وحكومة وشعباً يحمل مثل هذه الروح
الستشهادية …إنها فرصة السلم والمسلمين للنهوض ومواجهة
التحدي الغربي وتحطيم هجمته ومركزيته في فلسطين .وإذا حاولنا
إضاعة الفرصة وتدمير التجربة الوليدة فلن نجد أمام ال عز وجل
-يوم ل ظل إل ظلّه – ما نعتذر به .
اللهم إنا نحاول أن نبلغ ..اللهم فاشهد ..اللهم فاشهد .
18
الوحـــدة
السلمــية
والتقريب بين أهل المذاهب
محاضرة ألقيت في :مركز البيان
الثقافي
ويليها
السنة بين موازين الكتب الستة والصول الربعة ومجال التقارب
بقلم
زهير الشاويش
19
بسم ال الرحمن الرحيم
المد ل رب العالي ،والصلة والسلم على سيدنا ممد خي الرسلي ،
وعلى آله وأصحابه أجعي .
أما بعد ،فالسلم عليكم ورحمة ال وبركاته
نرحب بكم جميعا في " مركز البيان الثقافي " .
هذا الركز الذي فتح أبوابه وقلبه ليكون ساحة للحوار والتلقي بي ساحات
كَثُ َر فيها الصام والتباعد ،وما أحوجنا نن اليوم إل أن نكون متلقي متآلفي
ف هذا الوقت العصيب ،لنواجه جيعا خطرا ل يفرّق بي أبيض وأسود وعمر
وجعفر .
ويتوسد المركز لتحقيق ما يصبو إليه الوسائل التالية :
)1المحاضرات الشهرية التي تقام فيه .
)2الدورية التي يصدرها المركز واسمها ( :النسان
المعاصر ) .
محاولين في هذا كله أن نسد ثغرة من الثغرات ،أو نقدم حلّ
لبعض المشكلت ،أو وجهة نظر في بعض القضايا .
منطلقين أول من واقعنا اللبناني الذي نعيش فيه ،ثم المحيط
العربي والسلمي .
هذا ،ول ندعي أننا نملك الصواب كله في كل ما نذهب إليه من
حلول ومعالجات ونظرات ،بل نعتقد أننا نملك جزءاً من الصواب
ومع الخرين الجزء الخر لذا نحن نفتح الباب واسعاً لتلقي
الفكار وتزاوجها كي يجتمع لدينا الجزء الذي نفقد مع الجزء
الذي يفقده الخرون ،فيتولد من لقاءاتنا هذه الحقيقة القرب
للصواب ،وبهذا نصل للحق الذي ينشده الجميع .
وفي ساحة الحوار هذه نستضيف اليوم علمين بارزين :
العلم الول :هو تاريخ متنقل يحمل بين جنباته تجارب الماضين ،
وخبرة اليام ،والعلم والفكر والحكمة .
20
إنه شيخ ولكن بروح الشباب وهمتهم ،وأراني عاجزاً عن تعريفه
في هذه العجالة السريعة .محاضرنا هو :الشيخ زهير الشاويش
حفظه ال .
ُولِد في دمشق سنة 1925م ،من رجال العلم والجهاد والعمل
العام ،شارك في مؤتمرات وندوات كثيرة ،وله حضور في
القضايا العربية والسلمية ،وهو عضو مجلس أمناء " مركز
البيان الثقافي " ومؤسس المكتب السلمي للطباعة والنشر .له
العديد من المؤلفات والتحقيقات والمقالت .
أما العلم الثاني الذي نستضيف فهو :الدكتور سعود المولى ،
ونحن نسميه فيما بيننا الرجل الزئبقي ،لنك ل تستطيع أن تمسك
به لكثرة مشاغله وتنقلته ونشاطه الدائم .
ُوِلدَ ف بيوت سنة 1953م ،أستاذ ف الامعة اللبنانية ،معهد العلوم
الجتماعية وعضو لنـة الوار السلمي السيحي ،ومثل الجلس السلمي
الشيعي العلى وعضو المانة العامة الدائمة للقمة السلمية ،وعضو ملس
أمنـاء " مركز البيان الثقاف " .
أما موضوعنا اليوم فهو " :الوحدة السلمية والتقارب بين
المذاهب " .
وقد تم اختيارنا لهذا الموضوع انطلقا من أمر ال تعالى :
{آل عمران : واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا
} 103وقوله أيضاً :ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم
{النفال ، }46 :والتزامًا بقــول النبي :
"ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد ،إذا
اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحُمّى " {رواه
البخاري } 6011 :
ونبدأ موضوعنا مع الشيخ زهير الشاويش ،على أن ل يتجاوز في
إلقائه هذا خمساً وأربعين دقيقة ،ثم يعقب على الموضوع الدكتور
21
سعود المولى ،على أن ل يتجاوز تعقيبه ثلثين دقيقة ،ثم نبقى
ثلثين دقيقة لستلم أسئلتكم .
ونبقى الن مع كلمة الشيخ زهير الشاويش ،فليتفضل .
22
على هامش مؤتمر
الوحدة السلمية
والتقريب بين المذاهب
الشيخ زهير الشاويش
23
بسم ال الرحمن الرحيم
علينا فيها كيانان ماكان في سورية قبل ذلك .الول :الكيان الصهيوني ،وقد
عرفتم خطره ،وما وصلت حالنا معه الن .
والثاني :النتشار الثوري ( الشوري ) والرمني ،وتمكنت المة مع الزمن من
تطويق خطرهما الكبير ،والمطلع يعرف ما كان من آثاره في الجزيرة السورية
24
لقد حرمنا وحدة الوطن ،ووحدة القوم ،ووحدة الدين .
ودار الزمن دورته ،وقامت للعرب وحدات استمر بعضها كوحدات
شبه الجزيرة ،واتحادات المارات والعراق والردن ،والجمهورية
العربية المتحدة بين مصر وسورية ،وكانت المل الكبير .ولكن لم
يكتب لها البقاء ،فضلً عن وحدة مصر والسودان ،وقيام وحدات
المغرب العربية ،والوحدات الفورية عند بعضهم .واليوم توحدت
اليمن كتب ال لوحدتها البقاء .
ولست هنا لعدد دوافع قيام كل وحدة ،ول أسباب انهيار ما سقط
منها ،ول مخاوفي على القائم منها ،ول أنسى فشل وحدة باكستان
بعد أن انفصلت عن الهند وانقسمت إلى شطرين !! .
وإنما بقي لي -ولمثلي -آمال تراودني ،وأفكار تعاودني ،قبل نومي
حول وحدة الوطن ،والقوم ،والدين ..ول أجد لها تحقيقاً ،ول في
المنام ،بل أج ُد لها من نفسي لنفسي تأريقاً ..
وكم حضرت من مؤتمرات واجتماعات ،وسمعت عن ذلك ممن
سعى إليها غيري وبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس ،وبعضهم قدم
الرواح والمهج ،ولكن بقينا نسمع صوتاً ول نرى طِحنا .
وإنني مع علمي بأن الوفاء للقسم الول من العنوان الذي اختاره
الخوة الكارم لهذا اللقاء " الوحدة السلمية " الموافق لعنوان
ي أن أعرض مقومات موضوع هذه مؤتمر طهران .يوجبُ عل ّ
الوحدة . 1
ولكنني لن أتكلم فيه ،ليس لنه صعب أو بعيد المنال ..ل ! إنما
أردت الكلم عن جزئيات هي في حقيقتها مما يعوق دون وحدة
المسلمين .وأهمها – مع السف – يرجع إلى فهمنا أو تطبيقنا لهذا
وشمال العراق .
() وما ستحقق لنا يوم تحققها من سعة أرض ،وكثرة عدد ،وما ستتحكم به من 1
طرق العالم واتصالته براً وبحراً وجواً وهوا ًء ،وأهمية السوق التجاري لنا مع
بعضنا ومع غيرنا ،ول يخفى عليكم أننا أردنا إقامة سوق عربية قبل أوربا.
وقامت السوق الوربية ..ومازالت السوق العربية حبراً على ورق ..والتجارة
بين دول العرب .ودعونا من حديث النفط والمياه والمعادن ،ومالنا من مخزون
ذلك .
25
الدين الذي جعله ال رحمة لنا وللعالمين ،والذي نريد أن نتوحد به
وعليه اليوم .فإذا أزيلت تلك العقبات الجزئية ظاهراً ..والكؤود
حقيقة ،نمهد الطريق إلى الوحدة ..وأهم هذه العقبات في نظري .
الخلف بين :أهل السنة والجماعة من جهة .
وبين الشيعة الثنى عشرية من جهة أخرى .
ت الزيديين والعلويين والموحدين جانباً ،فلنهم تبع وإذا ترك ُ
للشيعة ،ولن وجودهم كان في مؤتمر طهران محدوداً – اللهم
سوى عالم زيدي واحد وما تكلم بكلمة .
وحتى هؤلء يكون البحث معهم – إن شاء ال – فيما بعد ،وهم في
النتيجة مع إخوانهم صف واحد في وجه اللحاد والكفر ..
ونحن في بلد الشام ما كنا في يوم ما متباعدين .بل كان التقارب
بيننا قديمًا ..ولعل وجود إخواننا من تلك المذاهب حتى اليوم ،
الدليل الواضح على روح التسامح الذي كان سائدًا ،وأما فترات
التشنج ،فقد كانت قليلة ومحدودة ،وكان يجري علجها من عقلء
أهل زمانها .
ومما أدركنا من التعاون السلمي العام – وخصوصاً أيام الجهاد –
بين الشيخ صالح العلي ( العلوي ) ،وإبراهيم هنانو ،والشيخ نافع
الشامي ،وسكان الساحل ،وجبل الزاوية في شمال وغرب سورية .
وكذا بين سكان جبل العرب من الدروز مع الميرين :شكيب
وعادل أرسلن ،والشيخ الهجري ،والقائد سلطان الطرش ،ومع
السنة مثل الزعيم عبد الرحمن الشهبندر ،والشيخ محمد الشمر ،
وأهل دمشق وحوران والغوطة ،وأهل الجولن ،وقرى وادي
العجم ،وعربان الجبل .
وتفصيل هذه المور يحتاج إلى أوقات طويلة ومعرفة في التاريخ
والجغرافية أكثر مما تعلم أبناؤنا في دروس التربية الوطنية وكتب
التاريخ المدرسي ،التي فرض مناهجها وكتبها المستعمر ومن تابعه
على ذلك من عبيد النظمة ..
وأعود إلى بحث التوافق بين السنة والشيعة على ضوء مؤتمر "
الوحدة السلمية " فإن اتفاقهما وتوافقهما هو الساس ..
26
ي أن أطرح سؤالً على نفسي وعلى من ينادي وبعد ذلك فأجد أن عل ّ
بالوحدة السلمية مثلي ،ويريدها بأقرب وقت .وهو :
كم هو المل عندك في حصول الوحدة ؟؟
فأقول :إن تفرقنا كان على مراحل ،وسوف نعود أيضاً على
مراحل وخطوات ..ويوم أن تفككت وحدتنا أصابتها عوامل متعددة
دينية ،وسياسية ،داخلية ،وخارجية ..واستمر النشقاق ،
وارتفعت الخصومات ،وأحياناً اشتعلت الحروب .
واليوم ورثنا هذا الركام من الخلفات المنوعة أيضاً .
كما ورثنا رغبات صادقة من الباء وممن سبقنا للوحدة والتقارب
بعد أن أحسوا جميعاً بالخسارة العامة ،وقد استجاب نفر كريم من
علماء المة ومفكريها إلى هذا المؤتمر ،الذي انعقد في إيران .
وكان قد سبقهم إلى الدعوة إلى تلك الوحدة بين المذهبين عدد كبير
من المصلحين في السير على هذا الطريق ،ومنهم المسرع ومنهم
المتئد ..مع اختلف الوسائل وسبل عرض الموضوع . 1
وأحب – الن – أن أُغلّب حسن الظن عندي على سواه ،حتى في
الذين كتبوا ودعوا إلى التقارب بأسلوب نبش الماضي ،وإثارة
الخلفات ..ظناً منهم أن ذلك من المر بالمعروف والنهي عن
المنكر ،وأن أقوالهم وكتبهم تجعل التقارب على قواعد سليمة مبنية
– على ما فهموا – من الكتاب والسنة وأقوال العترة ..أو ما تقتضيه
الحكمة والعقل والوحدة المتينة .
وقد كان في المؤتمر بعض هؤلء .
بل قد توسع بعضهم – في المؤتمر وقبله – إلى الدعوة لجعل
المسلمين كلهم مذهبًا واحداً في الدولة ،والحكم ،والعقائد ،والفقه ،
ومختلف المور .وكانت له حجته ،وهي حق في أصلها ،ولكنه
ابتعد عن الواقع .فذهبت دعوته مع الريح .
() وأنا وإن ذكرت المعوقات فإن وحدتنا قادمة ولن يقف في وجهها التعصب 1
27
ونحن اليوم ندعو إلى بقاء أصحاب كل مذهب على مذهبهم .
اللهم ! إل ما يجدوه هم بأنفسهم غير مبني على دليل شرعي ،
وليس فيه أي نفع حسي لهم في دينهم ودنياهم ،فيقلعوا عنه وهذا
عائد لهم ،وفيه الخير لهم .
وعلى هذا مشى الذين عرفناهم في مجال التقريب ودعاته السابقون
مع تعدد أقوالهم والختلف الجزئي فيها ،أمثال :
السيد محسن المين ،والسيد رشيد رضا ،والمجتهد الحكيم
النجفي ،الشيخ كامل القصاب ،والشهيد نواب صفوي ،والمرشد
حسن البنا ،والمشايخ :محمد التقي القمي ،وعبد المجيد سليم ،
وعلي المؤيد ،وأمجد الزهاوي ،والبشير إبراهيم ،والسيد موسى
الصدر ،والحاج أمين الحسيني – رحمهم ال .-
وذكر هؤلء مني على سبيل المثال ،وإل فهناك العشرات غيرهم .
وكلنا يعلم بأن المسلمين اختلفوا وتقاتلوا ،منذ عهد الصحابة رضي
ال عنهم جميعًا ،ولكن كانت دولتهم واحدة ،سوى فترات قصيرة ،
والفتوى بينهم على طريقة واحدة ،وهذه كتب الحديث والفقه
والتاريخ شاهدة على ذلك .
واليوم نحن ندعو ونكرر إلى عدم طلب :ذوبان فريق في الفريق
الخر ..لن هذا مستحيل الن ،وفي المستقبل المنظور .
ولكن الممكن :أن يترك كل فريق منا استفزاز الفريق الخر ،وأن
تكون دعوته بالحكمة وبالتي هي أحسن ..فل نرى – بعد الن –
التحرش من أحدنا بالخر ،ول نسمح بالطعن بمن يعظمه بعضنا ،
ول نبش الماضي .
وللصوفية كلمة جميلة نافعة :
" ذكر الجفا ،وقت الصفا ،من الجفا " .
وسؤال آخر أطرحه على نفسي وهو :
كيف يمكن توحيد المة ،وتقريب المذاهب ،وهذه الكتب والمقالت
،والمواقف تمل الساحة ،وفيها من عرض وجهات النظر المختلفة
ما فيها ..وأكثرها – إن لم أقل كلها – مشبعة بالمنفر من القول ؟؟
28
فأقول :والِ ! ما طرقت هذه الموضوع ،إل عندي منذ زمن بعيد
مئات الكتب – أو اللوف – من كتب الفريقين ..وفيها المكفر ،
والمضلل ،والمجهل ،والشاتم ،واللعن ،لكل ما عند الطرف
الخر ،أو بعض ما عنده من :رجال ،وكتب ،وحديث ،ومواقف
..إلخ .
وما اطلعت عليه منها وجدت في بعضه الحق ،أو شبهة حق تمسك
فيها من نقلها .بعد أن أضاف إليها مما عنده من موروثات ،وما
دفعته إليه العصبية والهوى . 1
ولكن هل تبقى المواقف البائدة تتحكم فينا ،فنكون أحياء يحكمهم
الموات والقبور .
ل وال !! ما هذا اللئق بالعقلء ،وأهل اليمان ،والغيرة على
السلم والمسلمين .
ومما شجعني على الدخول في هذا المشروع الخطير ما عرفته من
كلم ربنا جل شأنه ،وحديث رسولنا ،وكلم علمائنا من
الصحابة الكرام – ومنهم آل بيت النبي -ومن تبعهم بإحسان إلى
يومنا هذا .
وآخره ما سمعته من مرشد الجمهورية السلمية وقائدها الخامنئي
عقب المؤتمر من خطبته الوداعية للوفود .
فقد تكلم بما ماثل وشابه ما قدم للمؤتمر ،من دعاة التقريب ،وما
بحث وأقر في المؤتمر .
ولقوله أهمية كبرى عند أحد قسمي المة التي نريد توحيدها ،
وتقريب مذاهبها .
وفي كلم رئيس الجمهورية السلمية اليرانية الشيخ هاشمي
رفسنجاني في افتتاح المؤتمر .فقد كان كلمه عن الوحدة والشادة
بكل دول العالم السلمي ،وإعذاره لهم عن مواقفهم – مع
الختلف معهم – ودعوتهم للوحدة والتحاد ،كان كلم رجل
دولة ،يعرف ما يقول ،وكانت كلمته معبرة عما يجيش في صدر
كل مؤمن بوجوب وحدة المسلمين .
() وفي بعضه تحميل كلم الخصم ما ل يحمل ! ! إن لم أقل غير ذلك . 1
29
وأقول :بأن كل كلم يمكن أن يؤول أو يحمل على خلف ما يريد
صاحبه ..أو يحرف من الناقلين ،أو يساء فهمه من السامعين !
ولكن مالنا ولهذا ،نحن نريد دفن الماضي ..والبناء من جديد على
السليم من عقائدنا ،والمتفق عليه فيما بيننا .
والمؤتمر مع أنه مؤتمر شعبي فقد لقي التأييد الواضح من القائد
الخامنئي ،ومن رئيس جمهورية إيران ،وبعض الرسميين .
وقد حمل مندوب سورية الدكتور الشيخ إبراهيم حسن النقشبندي
تحيات سورية قيادة وحكومة وشعباً ،كما حضر حفل الفتتاح
السفير السوري .
وحضر ممثلون عن كبريات الجماعات السلمية في العالم مثل
الباكستان ،والهند ،والمملكة الردنية الهاشمية ،والمملكة المغربية
،والجاليات في أوروبة وأمريكا .
ومثل الجماعة السلمية في لبنان سعادة الدكتور النائب فتحي
يكن ،وكان لمذكرته ومداخلته وكلمته باسم كل المشاركين في
المؤتمر الثر الطيب النافع الهادف .كما حضر من لبنان القاضي
الدكتور مصطفى الرافعي ،وحال مرضه دون متابعة المناقشات
بما هو مأمول منه لعلمه واطلعه .
وفي المؤتمر جرت المداولت بحرية حول النقاط الكبرى ،ولم
يُدخل في التفاصيل لضيق الوقت ،وللرغبة في اللقاء على الهداف
ما أمكن ..غير أن بعض الحضور أدخل في كلمه جزئيات أوجبت
الرد عليها وتوضيح المواقف منها .
وهذه الجزئيات كانت -في حقيقتها -من التاريخ الماضي الذي كلنا
شكونا منه ،ونراه سبب تفرقنا وتقطيع إخوّتِنا الدهور الطويلة ! !
وكان في كلم ومداخلت الدكاترة فتحي يكن ،وفاروق النبهان ،
وعدنان البخيت ،محمد القيسي ،والشيخين النقشبندي والمدني ،1
وفي مشاركتي ردّ الحق إلى نصابه ،ووضع المور في مجراها
الطبيعي .
() وهو عالم متمكن من بلوخستان ،وهو موظف كبير في الرئاسة الدينية في 1
30
وكان الفضل في أكثر ذلك إلى القيادة الحكيمة التي تولها المين
العام لمجمع التقريب سماحة الشيخ محمد واعظ زاده الخراساني ،
وسماحة الشيخ التسخيري .
وقد لحظنا غياباً سنياً رسمياً ،وانعدام علماء وفقهاء المذاهب ،
المراد التقارب معها ! ! ،مما دعاني للبحث مع المسؤولين عن
المؤتمر في ذلك المر ،فتقرر إقامة مؤتمر فرعي في منطقة
أذربيجان الغربية في بلدة ( أورمية ) الحدودية .وضم هذا المؤتمر
عدداً كبيراً من علماء الكراد ( الشافعية ) والتراك ،
والبلوخستان ،والتتار ،والتركمان ( الحنفية ) والعجم ( الشيعة ) .
ووجدت هناك بين المشاركين والزوار بعض السلفيين الثريين من
1
خريجي المعاهد في سورية ،والجامعة السلمية بالمدينة المنورة
.
وفي هذا المؤتمر الفرعي كانت البحاث أوضح وأصرح لمشاركة
أهل البلد فيها ،ومعرفتهم بأمور بعضهم بعضاً .وكان من نتيجة
ذلك ،أن رافقنا إلى طهران عدد كبير من أهل السنة والجماعة ،
وشاركونا في جلسات المؤتمر .وفي نهاية المؤتمر استقبلهم مرشد
الجمهورية اليرانية بحضور رئيس الجمهورية ورئاسة القضاة
وعدد من القيادات ،وبحث معهم في شؤون مناطقهم ومذاهبهم .2
وكانت الرحلة إلى أذربيجان موفقة بفضل ال ،ذهبت إليها مع مفتي
الحسكة ،والشيخ آية ال معرفتي ،وهو من أعقل الناس ،ورغبته
في تقريب المذاهب واضحة جلية صادقة ،والدكتور محمد حسن
( عميد كليات اللهيات ) ،ومعنا الشيخ آية ال جنايتي وكانت
الراء التي طرحها – باللغة الفارسية وقصور في الترجمة ،مع أنه
() وقد نشرت الصحف أخبار تلك المقابلة ،وعلمت أن فخامة رئيس الجمهورية 2
زار منطقتهم بعد أسبوعين ،وافتتح في ( أورمية ) عددًا من المدارس الشرعية ،
وتم إصلح المطار ،واجتمع مع زعماء الكراد ،لتوحيد الجهود ومنع
القتتال ،وممن بحث معهم في (أورمية ) الزعيم البرزاني .وفي طهران الزعيم
الطالباني
31
ورفاقه يحسنون العربية – محل ردات فعل عاجلة وسريعة من
علماء تلك المناطق .
ثم كان في كلمي المتواضع تصويب المسار ،وتصحيح ما أثاره
والتقريب بين وجهات النظر ،ولكلمة فضيلة الشيخ النقشبندي
الصدى المستحسن ،والحمد ل .
وقد وجدنا من العلّمة الشيخ الموسوي مندوب القائد في المنطقة ،
ومن سعادة المحافظ وباقي علماء الشيعة ،التجاوب الكبير .
وحضر معنا نواب المنطقة في البرلمان اليراني ومجلس الشورى ،
من الكراد طوال الوقت ،وكان لهم المشاركة والرأي في كل
القضايا التي جرى تداولها .
المر الذي دعاني لعقد المل على تجمعهم ووحدتهم في تلك
المناطق التي أخرجت بطل السلم الفاتح صلح الدين اليوبي
الكردي الذي حرر القدس وأكثر فلسطين ،ووحد المة .وأستاذه
الممهد له الحاكم العادل التقي نور الدين محمود زنكي التركي
..لقول لهم من كلم طويل :
أنتم يا سكان هذه المنطقة عليكم المل معقود لنكون معكم في تحرير
فلسطين مجدداً ،كما حررت على أيديكم سابقاً .
ودعوتهم إلى التمسك بمذاهبهم ،والتعاون مع إخوانهم ،فإن الذوبان
يضيع المقومات .ودعوتهم إلى العلم والتعلم في العقائد والفقه ،
وجميع العلوم .1
بقي أن أقول لكم :بأن مناطقهم ما زالت مناطق حربية ،فالطرقات
مخربة ،والمطار منسوف ،والسلح ظاهر مكشوف ! !
وانتقلنا من طهران إلى مطار حربي قرب مدينة تبريز بطائرة
حربية من مطار حربي قريب من طهران ،ثم قطعنا مسافة 100
كيلومتر في سيارات وعبر طرقات شبه معبدة ،وركبنا بعد ذلك في
عبّارة بالبحيرة لمدة نصف ساعة ،وهي بحيرة كبيرة طولها ( 125
) كيلو متراً ،وماءها ملح أجاج ول حياة فيها ،تشبه البحر الميت .
وبعدها مشينا في طرق ترابية ( )60كيلو متراً .
ت معهم ومع الدارة سبيل مدهم بكتب العلم من الحديث والفقه .
() كما بحث ُ 1
32
ومن واجبي – الن – أن أشكر الحكومة اليرانية على ما أتاحته لنا
في هذه الزيارة من الجتماع بإخواننا أهل السنة والجماعة في
مناطقهم الصلية ،والحديث معهم بحرية وصراحة .
ثم كانت الجلسة الخاصة بالبوسنة الهرسك – في طهران – وكانت
أكثر دللة على الوحدة السلمية من كل الجلسات .
فقد كان اهتمام إخواننا في الجمهورية السلمية اليرانية بالبوسنة
والهرسك محل تقدير وإعجاب وشكر منا جميعاً ،حيث علمنا
بالمساعدات الكبيرة التي ترسل لتلك البلد مع الصعوبة في النقل
..ووقع في أذني :إن من جملة المساعدات شباب تطوعوا لمشاركة
إخوانهم هناك في الدفاع عن الرض والعرض وبقاء الدين في تلك
الديار .
وإذا علمتم أن ليس في البلقان أي شيعي ..فإن ذلك يصرف النظر
عن الظن المذهبي .
وقد شارك في الحفل أطفال من البوسنة أحضروا من بلدهم بعد أن
فقدوا الباء والمهات ،كما وجدنا مجموعة من الشبان اضطرتهم
الظروف للمغادرة للعلج أو التدريب ،وكان لناشيدهم الحماسية
الثر الكبير في الدموع التي انسكبت من كل العيون.
والمل كبير – إن شاء ال – في القيام بالواجب الملقى على عاتقنا
نحن العرب 1نحو هذه الجبهة المتقدمة من السلم في أوربا .
كما رأينا هناك في إيران وجوداً للحركة الفدائية الفلسطينية حماس ،
وللمقاومة السلمية في لبنان ،وبعض المنظمات الجهادية
المظلومة في بلدها ،وهذا كله يساعد على قيام الوحدة السلمية .
وأقول لكم إن المقررات ل تشمل تماما كل ما جرى في المؤتمر !
2
فإن بعض البحاث لم نتوصل فيها إلى نتائج تصاغ في فقرات
() أنا أعلم أن هناك مساعدات مالية تقدم من بعض البلد العربية ،ولكنني أرجو 1
أن ترفد بمقومات البقاء السلمي الصحيح والعقيدة السليمة في تلك البقعة التي لم
يبق للسلم وجود في سواها !
() ولعل أكبر سبب هو غياب فقهاء المذاهب السنية . 2
33
ولكنها بُحثت ،وسمع كل فريق ما عند الخر ،وما لم يقبله ويتفق
عليه أخذ بعين العتبار .
ووجدت آراء كل فريق مؤيدًا بل مؤيدين لها من الفريق الخر –
السني أو الشيعي – وهذه القضايا اجتمع لها مل يقل عن خمسين
عالماً إخصائياً بعلم ما من إخواننا الشيعة الكبار ،وكل واحد منهم
بمنزلة ( مجتهد ) و ( حجة ) في العلوم الشرعية . 1
() ومنهم على سبيل المثال الباحث الصلب الحجة مرتضى العسكري ،صاحب 1
34