Professional Documents
Culture Documents
بقلم الدكتور محمييد تقيييي الديييين الهللي المدرس بكلييية الدعوة وأصيييول الديييين
بالجامعة.
اعلم أن علماء اللغفة اتفقوا على أن كفل لغفة عظيمفة تنسفب إلى أمفة عظيمففة لبففد أن توجففد ففي
مفرداتهفا كلمات وردت عليهفا مفن أمفة أخرى ،لن المفة العظيمفة ل بفد أن تخالط غيرهفا مفن المفم ،وتتبادل
معهفا المناففع مفن أغذيفة ،وأدويفة ومصفنوعات ،وتعلم وتعليفم ،فل بفد حينئذ مفن تداخفل اللغات ،ول يمكفن أن
تستقل وتستغني عن جميع المم ،فل تستورد منها شيئا ول تورد عليها شيئا ،والقرآن نفسه يثبت هذا ،قال
َ
ح َّ ِ
رم م َ ك ال ْ ُ عنْدَ بَيْت ِ َ ع ِ ر ِذي َزْر ٍ غي ْ ِ واٍد َ ريَّت ِي ب ِ َ ن ذُ ِّ م ْ ت ِ سكَن ْ ُ تعالى في سورة إبراهيم َ{ 37ربَّن َا إِن ِّي أ ْ
َ َ َ ل أَ ْ
م ه ْي عل ّ ُ ت لَ َ مَرا ِي ن الث ّ َ م َي م ِ ه ْي ق ُواْرُز ْ م َ ه ْي وي إِلَي ْ ِ ه ِس تَ ْ ن الن ّا ِي م َي فئِدَةً ِ ع ْ ج َ
فا ْ صلةَ َ موا ال َّي قي ُ َربَّن َيا لِي ُ ِ
ن}.ذكر إبراهيم في دعائه انه أسكن ذريته يعنى اسماعيل وآله بواد غير ذي زرع وهو وادي مكة شكُُرو َ يَ ْ
وإذا لم يكن فيه زرع لم تكن فيه ثمرات ،وذكر في أثناء دعائه ومناجاته لربه ،أنه أسكن ذريته بذلك الوادي
المقففر ليقيموا الصفلة أي يؤدوهفا قائمفة كاملة عنفد بيفت الله ،ويعبدوه ,فسفأل الله أن يجعفل قلوب الناس
تهوي إلى ذريتفه ،أي تسفرع إليهفم شوقفا ومحبفة ،وتمدهفم بمفا يحتاجون إليفه وأن يرزقهفم مفن الثمرات التفي
تجلب إليهففم مففن الفاق والقطار المختلفففة ليشكروا الله على ذلك فيزيدهففم ،وقففد اسففتجاب الله دعوتففه
فصارت أنواع الحبوب والثمرات و التوابل والدوات والثياب والتحف ،و الطرائف تجلب إلى مكة من جميع
أنحاء المعمور.
وهذه المورالتفي تجلب إليهاكثيرمنهفا وضعفت أسفماؤها ففي البلدان التفي تصفدر منفه ،فإذاجاءت إلى
أهفل مكفة يسفمونها بالسفم الذي جاءت بفه فتندمفج ففي تغتهفم وتصفير جزءا ً منهفا ,والصفل ففي اللغات أن
الشياء العامة توجد لها أسماء في كل لغة ،أما الشياء الخاصة التي خص الله بها قطرا بعينه فإن السم
الذي سماها به أهل ذلك القطر الذي خلقت فيه يبقى في الغالب ملزما ولنضرب لذلك مثل ،الجوز الهندي
والنخيففل الذي يثمره وهففو((نار جيففل))ويسففمى بالهنديففة((ناريففل))فهففو يجلب إلى غيففر الهنففد ،دون أن يبدل
اسمه ،وثمر((المبة))وهو أحسن الفواكه في الهند وقد يكون أحسن الفواكه مطلقا ،يوجد دائما في مكة
شرفهففا الله فففي أحقاق ،إذا أكلتففه تظففن أنففك أكلتففه تحففت شجرتففه وهذه الفاكهففة موجودة فففي مصففر
وتسمو((مانكة))وتنقل إلى بلدان أخرى ويبقى اسمها ملزما لها.
وكذلك ثمر((أناناس))يجلب من أندونيسيا ويبقى اسمه ملزما له وقس على ذلك.
وقففد قال أحففد علماء الفيلولوجييففن أي علماء اللغات :إن لغففة سففكان أوسففتراليا الصففليين ل تزيففد
مفرداتها على مائة لنهم أبعد الناس على المدنية التي تستلزم مخالطة المم الخرى وتبادل المنافع معها،
فكلما عظمت اللغة دلت عظمتها وثروتها ووفرة ألفاظها على مخالفة أهلها لشعوب أخرى واقتباسها منهم
فهفي تعطفي وتأخفذ ..وقفد أخبرنفا القرآن أن قريشفا كانفت لهفم رحلتان رحلة ففي الشتاء إلى جنوب الجزيرة
العربيففة اليمففن ،ورحلة فففي الصففيف إلى الشام وكانوا تجارا ينقلون البضائع مففن بلد إلى بلد ،وكانففت مكففة
شرفهففا الله تعالى مركزا عظيمففا للتجارة قبففل السففلم فكانففت تنقففل إليهففا البضائع مففن الشرق والغرب
والجنوب والشمال فكيفف يتصفور أن لغفة العرب تبقفى مغلقفة مختومفا عليهفا ل تخرج منهفا كلمفة ول تدخلهفا
كلمفة.والئمفة الذيفن أنكروا وجود كلمات غيففر عربيفة فففي القرآن تمسففكوا بظاهففر قوله تعالى فففي صفورة
َ قرآنا ً عربيا ً ل َ َ َ
ذي ن ال ّ ِ سا ُن}وقوله تعالى في سورة النحل { :1.3ل ِ َ قلُو َ ع ِ م تَ ْ عل ّك ُ ْ َ َ َ ِ ّ يوسف{ :إِن َّا أنَْزلْن َا هُ ُ ْ
َ
ن} ،وما أشبه ذلك وهم على حق فيما قالوا ,فليس في مبِي ٌ ي ُ عَرب ِ ٌّ ن َ سا ٌ هذَا ل ِ َ و َ ي َ م ٌّج ِ ع َ هأ ْ ن إِلَي ْ ِ حدُو َ يُل ْ ِ
القرآن كلمفة أعجميفة باقيفة على عجمتهفا البتفة ،فكفل مفا ففي القرآن مفن الكلمات كانفت تنطفق بفه العرب
وتفهمفه وهفو جار على سفنن كلمهفا ل خلف ففي ذلك نعلمفه ،إنمفا الخلف ففي المعرب هفل هفو موجود ففي
القرآن أم ل؟
قال السفيوطي ففي التقان:قفد أفردت ففي هذا النوع كتابفا سفميته(المهذب فيمفا وقفع ففي القرآن من
المعرب)وأنفا ألخفص هنفا فوائد فأقول:اختلف الئمفة ففي وقوع المعرب ففي القرآن فالكثرون ومنهفم المام
قْرآناً الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة والقاضي أبو بكر وابن فارس على عدم وقوعه فيه لقوله تعالىُ { :
ي}وقد عَرب ِ ٌّ و َي َ م ٌّ ج ِ ع َ ه أَأ َ ْ ت آيَات ُ ُ صل َ ْ ف ِّ ول ُ قالُوا ل َ ْ ميّا ً ل َ َ ج ِ ع َ قْرآنا ً أ َ ْ علْن َا هُ ُ ج َ و َ ول َ ْ عَربِيّاً},وقوله تعالىَ { : َ
شدد الشافعي النكير على القائل بذلك.
وقال أبفو عفبيدة" :إنمفا أنزل القرآن بلسفان عربفي مفبين فمفن زعفم أن فيفه غيفر العربيفة فقفد أعظفم
القول ومن زعم أن(لدا)بالنبطية فقد أكبر القول" ،وقال ابن فارس":لو كان فيه من لغة غير العرب شئ
لتوهم متوهم أن العرب انما عجزت عن التيان بمثله لنه أتى بلغات ل يعرفونها".اهف .
قال محمد تقي الدين":إنما يمكن أن يقال ذلك إذا كان في القرآن تراكيب أعجمية ،أو كلمات باقية
على عجمتها ،أما وجود كلمات قد صقلتها العرب بألسنتها ونحت بها مناحي كلماتها ودخلت في أوزانها فل
يمكفن أحدا أن يدعفي ذلك فيهفا ،وقفد رد القرآن نفسفه على مفن زعفم ذلك مفن أعداء السفلم الوليفن ،فقال
َ قد ن َعل َي َ
ن
حدُو َي ذي يُل ْ ِ ن ال ّ ِ سا ُ شٌر ل ِي َ م ُهي ب َ َ عل ِّ ُ
ما ي ُ َ ن إِن َّي َ قولُو َي م يَ ُ ه ْي م أن َّ ُ ول َ َ ْ ْ ُ تعالى:ففي سفورة النحفل َ { :1.3
ن} وتحداهفم أن يأتوا بسفورة مثله بأشفد أسفاليب التحدي ،فقال مبِي ٌي ي ُ عَرب ِي ٌّ ن َ سا ٌ هذَا ل ِي َ و َي َ م ٌّي ج ِ ع َه أَ ْ إِلَي ْي ِ
ن ْ َ َ ْ َ َ ُ
م ْي ة ِّ سوَر ٍ دن َيا فأت ُوا ب ِي ُ عب ْ ِعلى َ ما ن َ ّزلن َيا َ م ّي ب ِ في َري ْي ٍ م ِي ن َ كنْت ُي ْ وإ ِي ْ تعالى ففي سفورة البقرة 23فف َ { :34
قوا فات َّ ُ علُوا َ ف َ ن تَ ْ ول َي ْ علُوا َ ف َ م تَ ْ ن ل َي ْ فإ ِي ْ ن َ قي َ صاِد ِ م َي ن كُنْت ُي ْ ه إ ِي ْ ن الل ّي ِ ن دُو ِي م ْي م ِ هدَاءَك ُي ْ ش َ عوا ُ وادْ ُ ه َ مثْل ِي ِ ِ
ُ َ ال َّ
ل ق ْ ن}وقال تعالى ففي سفورة السفراء ُ { :88 ري
ِ ِ َي ف ا َ ك ْ ِل ل ت َ د ع
ُي َ ِ َ َ ُ ِ ّي ْ أ ة ر جا ح ْ وال س ا ّ ن ال هاُي َ د قو ُ و َ ِيي ت النَّاَر
ْ ن يَأْت ُوا ب ِ ِ َ
م ه ْ ض ُ ع ُ ن بَ ْ و كَا َ ول َ ْ ه َ مثْل ِ ِن بِ ِ ن ل يَأت ُو َ قْرآ ِ هذَا ال ْ ُ ل َ مث ْ ِ علَى أ ْ ن َ ج ُّ وال ْ ِ س َ ت اْلِن ْ ُ ع ِ م َ جت َ َ نا ْ لَئ ِ ِ
هيراً}فأي عدو يسفمع مثفل هذا التحدي ل يبذل قصفارى جهده ففي معارضفة عدوه وإبطال تحديفه ِ َ ظ ع ٍي
ض لِب َ ْ
ولو أن إحدى الدولتين لمتعارضتين اليوم وهما الوليات المتحدة والتحاد السوفياتي صنعت إحداهما سفينة
فضائيفة مثل وقالت للخرى:انفك لن تسفتطيعي أن تصفنعي مثلهفا لغضبفت الدولة المتحداة ولم يقفر لهفا قرار،
حتى تصنع سفينة مماثلة أو فائقة لما صنعته الدولة المتحدية.
و هفا نحفن اليوم نرى الصفين الشيوعيفة لمفا رأت عدوتهفا الوليات المتحدة متفوقفة ففي صفنع القنابفل
الذرية والهيدروجينية فقدت عقلها حنقا وغيظا وهي جادة في صنع هاتين القنبلتين ،وزادتها غيظا أن أختها
في الشيوعية دولة التحاد السوفياتي ضنت عليها بالمساعدة على التوصل إلى هذا الغرض مع أن الوليات
المتحدة لم تتحفد الصفين إل بلسفان الحال ،بفل هذه فرنسفة قلبفت ظهفر المجفن لحليفتهفا الوليات المتحدة
وبريطانيا لنهما لم يشركاها فيما وصلتا إليه من صنع القنبلتين المذكورتين إل بقدر ضئيل ل يشبع نهمتها.
ولم يقفل أحفد مفن العرب المعاديفن للسفلم:إن الذي منعهفم مفن معارضفة القرآن هفو وجود كلمات فيفه غيفر
عربية بل سلموا أنه كله عربي.
أما كتاب السيوطي الذي سماه( :المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب)فل نعلم أنه موجود في
هذا الزمان ،لكن الملخص الذي نقله منه مؤلفه في كتاب التقان ل يدل على أن المؤلف -مع غزارة علمه-
كان أهل أن يؤلف في هذا الباب لنه فيما يظهر لم يكن يعرف إل اللغة العربية والمؤلف في هذا الموضوع
يحتاج إلى إلمام باللغات التي قيل أن بعض مفرداتها قد عرب ودخل في القرآن ،فان لم يعلم بها كلها فل
أقفل مفن اللمام ببعضهفا ،وأكثفر علماء العرب مقصفرون ففي علم اللغات ,الذيفن يعرفون شيئا ً مفن اللغات
الخرى منهم قليل .وقد كان عمر رضي الله عنه يعرف اللغة العبرانية ويقرأ التوراة ويفهمها.
وقال الترمذي ففي جامعفة(باب تعليفم السفريانية)ثفم روى بسفنده إلى زيفد بفن ثابفت قال" :أمرنفي
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كلمات من كتاب يهود وقال إني والله ما آمن يهود على كتابي،
قال فمفا مربفي نصفف شهفر حتفى تعلمتفه له ،قال فلمفا تعلمتفه كان إذا كتفب إلى يهود كتبفت إليهفم وإذا كتبوا
إليه قرأت له كتابهم" ،هذا حديث حسن صحيح.
قال العالم الربانفي أسفتاذي عبفد الرحمفن بفن عبفد الرحيفم المبار كفوري الهندي رحمفه الله رحمفة
واسففعة فففي شرح هذا الحديففث مففن كتابففه( .تحفففة ال حوذي فففي شرح جامففع الترمذي ج 3ص )392مففا
نصفه":قال القاري:قيفل فيفه دليفل على جواز تعلم مفا هفو حرام ففي شرعنفا للتوقفي والحذر عفن الوقوع ففي
الشفر كذا ،ذكره الطيفبي ففي ذيفل كلم مظهري وهفو غيفر ظاهفر إذ ل يعرف ففي الشرع تحريفم تعلم مفن
خل ْ ي ُ
ق ه َ
ن آيَات ِ ي ِم ْي
و ِ
اللغات سففريانية أو عبرانيففة هنديففة أو تركيففة أو فارسففية وقففد قال تعالى 30ففف َ { :32
م}أي لغاتكم بل هو من جملة المباحات.اهف. ف أَل ْ ِ
سنَتِك ُ ْ خت ِل ُ
وا ْ َ
والْر ِ
ض َ ت َ
وا ِما َ ال َّ
س َ
وهذا الحديفث رواه أيضفا أحمفد وأبفو داود والبخاري ففي تاريخفه وذكره ففي صفحيحه تعليقفا ،ومعنفى
الحديفث أن النفبي صفلى الله عليفه وسفلم أمفر الصفحابي الجليفل كاتفب الوحفي زيفد بفن ثابفت أن يتعلم كتابفة
اليهود وفي رواية "أمره أن يتعلم السريانية" وعلل ذلك بأنه عليه الصلة والسلم ل يأمن اليهود أن يقرءوا
له كتابفا يأتيفه منهفم لئل يزيدوا فيه و ينقصوا أو يبدلوا ويغيروا ،فتعلم زيد ما أمره به النفبي صفلى الله عليفه
وسلم في نصف شهر .وقد يشكل فهم هذا من وجهين:
الول:أن المعهود من اليهود أن يتكلموا ويكتبوا بالعبرانية ل بالسريانية.
الثاني:كيف يستطيع متعلم أن يتعلم لغة أجنبية في ن صف شهر؟والجواب عن الول أن اليهود في
زمان النفبي صفلى الله عليفه وسفلم بفل ففي زمان عيسفى بفن مريفم وقبله بزمفن لم يكونوا يتكلمون ويكتبون
بالعبرانيفة لنهفا كانفت قفد انقرضفت ولم يبفق منهفا إل كلمات قليلة تردد ففي الصفلوات ،وكان اليهود يكتبون
علومهففم الدينيففة والدنيويففة ويتخاطبون بالسففريانية ،وإنمففا جددوا العبرانيففة وأحيوهففا وبذلوا فففي ذلك جهودا
عظيمفة ففي هذا العصفر الخيفر .والجواب عفن الثانفي:أن زيدا لم يتعلم اللغفة ففي نصفف شهفر وإنمفا تعلم
الكتابفة والقراءة ،أمفا معانفي لغفة اليهود فكان يفهمهفا لنهفا كانفت ل تزال قريبفة جدا مفن لغفة العرب ،ولن
قبائل مفن اليهود كانفت مسففاكنة للنصفار وتعلم اللغات الجنبيففة للنتفاع بهففا فففي أمور الديفن والدنيففا أمفر
محمود إذا لم يكن على حساب لغة القرآن كما يفعل سكان المستعمرات المتهوكون في زمان الستعمار
وبعده فيحقرون لغفة القرآن وهفي لغفة دينهفم وتاريخهفم ومجدهفم ويتعلمون لغفة المسفتعمر ويتطاولون بهفا
ويشمخون بأنوفهم ويتراطنون بها بغير ضرورة ويحتقرون شعوبهم لعدم استعمال تلك اللغة الجنبية فهؤلء
أعضاء مجذومة في جسم المة يجب قطعها وهم يعلمون أن جميع المم تحتقرهم لنه ل يكون لهم فضل
بتعلمهم تلك اللغة الجنبية إل إذا أتقنوا لغتهم وكانوا أعضاء نافعين في أمتهم ،ولكن..
ما لجرح بميت إيلم. من يهن يسهل الهوان عليه
ثم قال السيوطي":قال ابن جرير :ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ القرآن أنها بالفارسية أو
الحبشيفة أو النبطيفة أو نحفو ذلك إنمفا اتففق فيهفا توارد اللغات فتكلمفت بهفا العرب والفرس والحبشفة بلففظ
واحد".اهف.
قال محمد تقي الدين:ابن جرير إمام المفسرين في زمانه وما بعده وفد أخطأ في هذا الرأي إذ ل
يمكفن أن تتكلم هذه الشعوب المتباينفة ففي أنسفابها ولغتهفا المتباعدة ففي أوطانهفا على سفبيل المصفادفة
والتفاق وتوارد الخواطففر بتلك الكلمات الكثيرة العدد على أن الذيففن قالوا فففي القرآن كلمات كانففت فففي
الصل غيفر عربية ثم صارت بالستعمال عربيفة لم ي قل أحفد منهم أن الكلمة التي أصفلها فارسفى قفد اتففق
فيهفا الفرس مفع العرب والنبفط والحبشفة ،بفل إذا كانفت الكلمفة فارسفية كالباريفق مثل لم تكفن حبشيفة ول
ك} لم يقل أحد أنها ض ابْل َ ِ َ
ماء َ ِ
عي َ نبطية والكلمة التي قيل إنها حبشية(كابلعي)من قوله تعالى{ :ي َا أْر ُ
توافق الفارسية والنبطية ..وهكذا يقال في سائر الكلمات كما سيأتي في ذكر الكلمات التي نسب أصلها
إلى غيففر العربيففة.ثففم قال السففيوطي": ،قال غيره بففل كان للعرب العاربففة التففي نزل القرآن بلغتهففم بعففض
مخالطففة لسففائر اللسففنة فففي أسفففارهم فعلقففت مففن لغاتهففم ألفاظففا غيرت بعضهففا بالنقففص مففن حروفهففا
واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الفصيح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل
بهفا القرآن".انتهفى .هذا هفو الحفق الذي ل ريفب فيفه ثفم ذكفر السفيوطي آراء أخرى يظهفر زيفهفا عنفد المتحان
فأعرضفت عفن نقلهفا .ثفم نقفل عفن الجفو ينفي مفا معناه ففي القرآن وعفد ووعيفد ،والوعفد يذكفر فيفه ثواب
المطيعيفن ومفا أعفد الله لهفم ففي الداريفن ممفا تشتهيفه أنفسفهم ويرغبهفم ففي فعفل الطاعات وذلك يتضمفن
مآكل ومشارب وثيابا ومساكن طيبة وحورا عينا وفرشا طيبة وغلمانا للخدمة وبعض تلك المور صنعته أمم
غيفر عربيفة وسفمته بكلمات مفن لغاتهفا فنقله العرب عنهفا فصفار ذكره ففي وصفف النعيفم و العيشفة الراضيفة
لبفد منفه وهفو مفا غلظ مفن ثياب الحريفر,وضرب لذلك كلمفة اسفتبرق مثلً,وهفو مفا غلظ مفن ثياب الحريفر,
والسففندس مارق منففه .قال البيضاوي وهففو معرب(اسففتبره)بالفارسففية فلو أريففد التجنففب اسففتعمال كلمففة
إستبرق ،فأما أن يترك ذكر هذا النوع من الثياب أصل فل يتم المقصود وهو وصف العيشة الراضية ،واما أن
يعبر عنه بكلمتين أو أكثر كثياب الحرير الغليظة فتفوت البلغة إذن فلبد من التعبير به ليكون الكلم بليغا.
ثم قال السيوطي":قال أبو عبيد القاسم بن سلم بعد أن حكى هذا القول بالوقوع عن الفقهاء والمنع عن
أهل العربية ،والصواب عندي ما ذهب فيه تصديق القولين جميعا وذلك أن هذه الحرف أصولها أعجمية كما
قال الفقهاء لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفظها ،فصارت عربية ثم
نزل القرآن بهففا وقففد اختلطففت هذه الحروف بكلم العرب فمففن قال إنهففا عربيففة فهففو صففادق ،ومففن قال
أعجمية فصادق ،ومال إلى هذا القول الجواليقي وابن الجوزي وآخرون".اهف.
الكلمات المشتركة
َ
حيم يِ} اشتملت على أربففع كلمات اسففم ،الله ،الرحمففن، ن الَّر ِ م ِي ح َه الَّر ْ سم ِ الل ّ ي ِ
أول القرآن {ب ِ ي ْ
الرحيفم ،ابدأ بالكلم على الرحمفن .قال السفيوطي ففي كتاب التقان" ذهفب المفبرد وثعلب إلى أنفه عفبراني
ماو َيي قالُوا َ وأصفففله بالخاء المعجمففة .قال البيضاوي ففففي تفسفففير قوله تعالى ففففي سففورة الفرقان َ { .6
ن} الية .لنهم ما كانوا يطلقونه على الله أو لنهم ظنوا أنه أراد به غيره ولذلك قالوا:أنسجد لما م ُ الَّر ْ
ح َ
بسفجوده أو لمرك لنفا مفن غيفر عرفان وقيفل لنفه كان معربفا لم تأمرنفا؟أي للذي تأمرنفا يعنفي تأمرنفا
يسمعوه".اهف..
وهذا يدل على مففا قلتففه سففابقا مففن جهففل علماء العرب باللغات حتففى أخوات لغتهففم كالعبرانيففة
والسففريانية ،فالرحمففن كلمففة عربيففة خالصففة مففن الرحمففة بزيادة اللف والنون كظمآن وعطشان ،وكانففت
العرب تعرففه وتفهم معناه وقد سموا به مسفيلمة الكذاب فكانوا يدعونه (رحمان اليمامة) ولكنهفم لجهلهم
لم يكونوا يعلمون أنه من أسماء الله.
ومفن أعجفب العجفب قولهفم انفه عفبراني وان أصفله بالخاء المعجمفة ،والخاء المعجمفة لوجود لهفا ففي
العبرانية استقلل وإنما تنطق الكاف بها إذا جاءت قبلها حركة مثل (هبراخا) البركة ومثل باروخ ،أي مبارك
ومعناه بالعبرانيفة هفو معناه بالعربيفة ،إل أنفه ففي اللغفة العبرانيفة ،صففة عامفة لكفل مفن ففي قلبفه رحمفة ليفس
خاصفا بالله تعالى ،إذن فهفو مفن الكلمات المشتركفة بيفن العبرانيفة والعربيفة وهفي كثيرة تعفد باللف ،وهذه
الكلمات الربفع التفي ففي البسفملة كلهفا مشتركفة بيفن اللغتيفن ،فالسفم(شفم) بإبدال السفين شينفا وذلك كثيفر
ففي العبرانيفة ،والله (الوهيفم) والرحمفن الرحمفن لفظفه بالعبرانيفة كلفظفه بالعربيفة إل أداة التعريفف فإنهفا
بالعبرانية هارحمان والرحيم بالعبرانية هارحوم ..وهذه الكلمات الكثيرة المشتركة بين اللغات السامية هي
أصفلية ففي كفل واحدة منهفا ،ل يقال إن إحداهفن أخذتهفا مفن الخرى وهذا هفو الشأن ففي كفل مجموعفة مفن
اللغات ترجفع إلى أصفل واحففد كاللغات اللتينيفة كاليطاليفة والسفبانية والفرنسفية والرومانيفة والبرتكاليفة,
ومجموعة اللغات الجرمانية كاللمانية و الهولندية و الفلمنكية والسويدية والنرويجية والدانماركية.
لفظ الجللة(الله)هل هو مشتق أو مرتجل؟
ومففن دلك المعركففة الكففبرى التففي خاضهففا علماء العربيففة فففي لفففظ الجللة (الله) أهففو مرتجففل أم
مشتفق؟وان كان مشتقفا فهفل اشتقاقفه مفن (اله) أو مفن وله أو مفن (له) ومفا هفو أصفله على كفل مفن هذه
الوجفه وماذا جرى عليفه مفن الحذف والدغام حتفى بلغ صفورته التفي هفو عليهفا؟ ومفن تعلم شيئا مفن اللغات
السامية أخوات اللغة العربية ل ينقضي عجبه من الخائضين في تلك المعركة ويرى جهودهم ضائعة ويحكم
يقينفا أن السم الكر يم مرت جل بل مرية وهو بعيد كل البعفد من الشتقاق ،فانه ثابت بهذا اللففظ في جميع
اللغات السامية ففي السريانية (الها) والشرقيون منهم ينطقون به (الهو) وهو كذلك في الشورية بفتح
الهمزة فففي اللغات الثلث وبالعبرانيففة (الوهيففم).ول تختلف الشعوب السففامية فيمففا أعلم فففي هذا السففم
الكريم و كذلك في مجموعة اللغات اللتينية ،وفي مجموعة اللغات الجرمانية السم الكريم عندهم واحد
مهما اختلفت لغاتهم في الكلمات الخرى ل تختلف فيه.
مثال يدل على تقارب اللغتين العربية والعبرانية
جاء في ترجمة يوسف رو فلين للقرآن الكريم بالعبرانية في أول سورة الصف ما نصه مع استبدال
الحروف العبرانيفة بحروف عربيفة (باراششفت همعراخفا) سفورة المعركفة (بشفم الوهيفم هارحمان هارحوم)
يشبفح اث الوهيفم كفل أشربشاميفم وغفل أشفر باآرص وهفو هكبورو هحاخام همأمنيفم ل ماتوا مروات أثفر لو
َ َ
زيُز ع ِ و ال ْ َ
ه َو ُ ض َ في الْر ِي ما ِيو َي
ت َ وا ِما َ في ال َّي
س َ ما ِي ه َي ح ل ِل ّي ِ سب َّ َتعسفوا)بسفم الله الرحمفن الرحيفم { َي
ُ َ َ
ن} .فأنفت ترى أن اللفاظ كلهفا مشتركفة مفن علو َي ما ل ت َ ْ
ف َ ن َي قولُو َي م تَ ُ
من ُوا ل ِي َنآ َ ذي َي ها ال ّ ِ
م ي َيا أي ُّي َ
حكِي ُيال ْ َ
أول البسملة إلي قوله تعالى( :لم) إل أن لفظ(سبح) أبدلت سينه شينا وحل المضارع محل الماضي ،وهذا
َ
ه
ح ُسب ِّ ْ ف َ ل َ ن الل ّي ْ ِم َ و ِالفعل في العبرانية متعد بنفسه وكذلك في العربية قال تعالى في سورة قَ { :40.
جوِد} وإلترجمة (ما) الموصولة باشر وزيادة (كل) لن الترجمة إنما هي تفسير و إبدال سين س ُوأَدْبَاَر ال ُّ َ
السفماوات شينفا وجمعهفا بالياء والميفم واسفتعمال (باء) الجفر ففي موضفع (ففي) وهفو جائز ففي العربيفة قال
ل أَ َ َ
ن} و قلُو َ ع ِفل ت َ ْ وبِالل ّي ْ ِن َ
حي َ صب ِ ِم ْ
م ُ علَي ْ ِ
ه ْي ن َ مُّرو َي م لَت َ ُ وإِنَّك ُي ْ
تعالى ففي سفورة الصفافات 137فف َ {138
إبدال ضاد الرض صفففادا و إبدال العزيفففز بالجبار (هكبور) وهمفففا متقاربان ففففي المعنفففى و إبدال الحكيفففم
(هحاخام) وهما شئ واحد إل أن الكاف أبدلت خاء.
َ َ
من ُوا} بفف (همأمينيفم) يعنفي المؤمنيفن.ترجمفت (لم) بفف (لمفا) وتقولون نآ َ ها ال ّ ِ
ذي َي وترجمفت {ي َيا أي ُّي َ
بف(تومرو) وترجمت (ل) بف(لو)وهما شئ واحد بإمالة اللف إلى الواو وترجمت تفعلون بف(تعسوا) الواو في
(تومور وتعسو) واو الجماعة وحذفت النون فيهما بل ناصب ول جازم كما تحذف في العمليات العربية وهذه
النون هفي نون الرففع وهفي ثابتفة ففي التوراة ففي مواضفع تفوق الحصفر وليفس كمفا قال بعفض المسفتشرقين
في خمسة مواضع فقط.
أمثلة من الكلمات التي قيل إنها وقعت في القرآن من غير العربية
1ي أباريق
قال السففيوطي فففي التقان":حكففى الثعالبففي فففي فقففه اللغففة أنهففا فارسففية ،وقال الجففو القففي
البريفق فارسفي معرب ومعناه طريفق الماء أو صفب الماء على هينفة .قال ففي لسفان العرب والبريفق إناء
وجمعه أباريق فارسي معرب ،قال ابن بري شاهده قول عدي ابن زيد:
قينفففففففة ففففففففي يمينهفففففففا إبريفففففففق ودعا بالصبوح يوما فجاءت
وقال كراع هو الكوز وقال أبو حنيفة مرة هو الكوز وقال مرة هو مثل الكوز وهو في كل ذلك فارسي وفي
خلَّدون بأَك ْواب َ
ق}وأنشد أبو حنيفة لشبرمة الضبي: ري َ وأبَا ِم َ ُ َ ِ َ ٍ َ ن ُولْدَا ٌ م ِ ه ْ علَي ْ ِف َ التنزيل {يَطُو ُ
أوز بأعلى الطف عوج الحناجر كأن أباريق الشمول عشية
وقال الفيروز أبادي في القاموس" :البريق معرب (ا ب ر ي ) جمع أباريق".اهف.
قال بعفض العلماء هفو مركفب مفن كلمتيفن (آب) وهفو الماء و (راه) وهفو الطريفق ،وقيفل مركفب مفن
(آب) وهو الماء و (ريختن) وهو الصب على مهل قاله أرثر جفري:
Arthur Jeffery by
:the foreign vocabulary of the quranفي كتابه اللفاظ الجنبية في القرآن
2ي الب
قال السفيوطي" (آب) قال بعضهفم وهفو الحشيفش بلغفة أهفل الغرب حكاه شيدلة ".اهفف .ونقله عنفه
جفري وفسر لغة أهل الغرب بالبربرية .أقول وهذا من أعجب العجب ول نعلم أن العرب كانت لهم علقة
بالبربر قبفل السفلم حتفى تقتبفس العربيفة مفن لغتهفم ثفم إن هذه الكلمفة يبعفد أن تكون بربريفة لنهفا ل تشبفه
الكلمات البربرية وإنما تشبه العربية والسريانية والعبرانية .وقال جفري أنه مأخوذ من (أبا) الرامية ومعناه
الخضرة.
و قال في لسان العرب":الب الكل وعبر بعضهم عنه بأنه المرعى ،وقال الزجاج:الب ،جميع الكل
وأَبّاً},قال أبفو حنيففة سفمى الله تعالى المرعفى كله ة َ ه ًفاك ِ َو َ الذي تعتلففه الماشيفة ،وففي التنزيفل العزيفز { َ
أبا .قال الفراء الب ما يأكله النعام ،وقال مجاهد:الفاكهة ما أكله الناس ،والب ما أكلت النعام ،فالب من
المرعى للدواب كالفاكهة للنسان .وقال الشاعر:
ولنا الب به والمكرع جذ منا قيس ونجد دارنا
قال ثعلب:الب كفل مفا أخرجفت الرض مفن النبات ،وقال عطاء كفل شفئ ينبفت على وجفه الرض فهفو الب
وأَبّاً} وقال فمفا الب؟ثفم قال مفا كلفنفا ة َه ًفاك ِ َو َوففي حديفث أن عمفر بفن الخطاب "قرأ قوله عفز و جلَ { :
وما أمرنا بهذا".اهف.
ولَّى}فلما أتى َ ت
َ َ َ و س َ عب
َ { الخطاب بن عمر قرأ قال أنس إلي بسنده جرير ابن عن كثير وقال ابن
وأَبّاً} قال قفد عرفناهفا الفاكهفة فمفا الب؟فقال لعمرك يفا ابفن الخطاب إن هذا َ ة
ً ه
َ ِ ك فاَ و
َ { على هذه اليفة:
لهو التكلّف" فهو إسناد صحيح رواه غير واحد عن أنس به .وهذا محمول على أنه أراد يعرف شكله وجنسه
عن َباً حبّا ً َ
و ِ ها َ
في َي فأَنْبَتْن َيا ِ وعينفه وإل فهفو وكفل مفن قرأ هذه اليفة يعلم أنفه مفن نبات الرض لقوله تعالىَ {:
وأَبّاً}ة َه ً فاك ِ َ غلْباً َ
و َ ق ُحدَائ ِ َ و َ خل ً َ ون َ ْ وَزيْت ُونا ً َ
ضبا ً َ
ق ْ و ََ
3ي ابلعي
قال السفيوطي ففي التقان "أخرج ابفن أبفي حاتفم عفن وهفب بفن منبفه ففي قوله تعالى 11فف {:44
ك} ،قال بالحبشية ازدرديه ،وأخرج أبو الشيخ من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال اشربي ماء َ ِ
عي َ ابْل َ ِ
بلغة الهند".اهف.
وان تعجفب فعجفب قولهفم إن (ابلعفي) بلغفة أهفل الهنفد وهذا القول إلى الهزل أقرب منفه إلى الجفد
وقائله ليفس أهل أن يؤخفذ عنفه العلم و إنمفا هفو يهرف بمفا ل يعرف وأهفل الهنفد أجناس كثيرة لهفم مئات مفن
اللغات ول تكاد تسفير مسفافة يوم إل وجدت جنسفا آخفر له لغفة أخرى .وففي زماننفا هذا نرى الدماء تسففك
بينهفم بسفبب اللغات فل يرضفى جنفس أن تكون لغفة الدولة لغفة أخرى غيفر لغتفه ،وففي زمان السفتعمار لم
تكفن ففي الهنفد لغفة يسفتطيع المسفافر أن يتكلم بهفا ويجفد مفن يفهفم كلمفه ففي جميفع أنحاء الهنفد إل لغتيفن
إحداهما النكليزية وهي لغة الدولة الحاكمة ،والثانية لغة المسلمين وهي لغة أوردو ،على أن (بلغ) كلمة
عربية سامية أصيلة عريقة في عروبتها وساميتها وترفع راية اللغات السامية وهي حرف العين.
ومففن المعلوم عنففد علماء اللغات أن العيففن والحاء ل توجدان إل فففي اللغات السففامية ،فان وجدت
إحداهما في كلمة من لغة غير سامية فتلك الكلمة طارئة واردة على تلك اللغة وبهذا يستدل الفيولوجيون
على أن البربر مفن جزيرة العرب قبفل خروجفم البابلييفن والشورييفن والكنعانييفن والفينيقييفن كمفا هفو مفبين
في موضعه.
ونحفن نرى إخواننفا عامفة المسفلمين مفن أهفل الهنفد يبذلون جهودهفم ففي النطفق بقوله تعالى{ :إياك
نعبفد وإياك تسفتعين}فل يتمون النطفق بالعينيفن حتفى تغففر ذنوبهفم مفن مشقفة النطفق بهمفا .و لذلك نرى
السفيوطي ففي كتاب التقان كحاطفب ليفل وليفس عنده تحقيفق ول إتقان وهذا شأنفه ففي علوم المنقول ،أمفا
في علوم المعقول كعلوم العربية فهو فارس ل يشق له غبار .وقد تحامل عليه الحافظ السخاوي في كتابه
(الضوء اللمع في أعيان القرن التاسع) فا لله يغفر لهما جميعا.
4ي أخلد
قال السيوطي في التقان قال الواسطي في الرشاد أخلد إلى الرض ركن بالعبرية.اهف.
أقول:هذا القول ل يقوله إل جاهفل باللغات السفامية فإن أخلد وخلد موجودتان ففي اللغتيفن كلتيهمفا
ومتفقتان في معانيهما في الجملة فمن قال اتهما عبريتان وليستا عربيتين لقد قفاما لعلم له به ومن قال
العكفس فهفو مثله ،غيفر أن(أخلد)ففي العبرانيفة بالحاء المهملة ،وكذلك(خلد)وقفد تقدم أن الخاء المعجمفة ل
توجد بالصالة في العبرانية و إنما توجد بالعرض في حرف الكاف إذا جاءت بعد حركة ،ولم نر أحدا علماء
اللغفة العربيفة أشار إلى أن(أخلد)عبرانيفة كمفا ادعفى هذا المدعفي .قال ففي لسفان العرب وخلد إلى الرض
واه ُي} أن ركفن إليهفا وسفكن ه َ
ع َواتَّب َي َض َ
َ
خلَدَ إِلَى الْر ِي ه أَ ْ ولَكِن َّي ُوأخلد أقام فيهفا وففي التنزيفل العزيفزَ { :
وأخلد إلى الرض وإلى فلن أي ركففن إليففه ومال إليففه ورضففي بففه ،ويقال خلد إلى الرض بغيففر ألف وهففى
قليلة.اهف.
خلَدَ إلَى ال َ وقال البيضاوي ففي تفسفيره {ولَكِن َّيه أ َ
واتَّب َي َ
ع َ { السففالة إلى أو الدنيفا إلى مال ض}
ْ ِير ِ ْ ُ َ
واهُ} في إيثار الدنيا واسترضاء قومه وأعرض عن مقتضى اليات.اهف. ه َ َ
5ي الرائك
قال السفيوطي ففي التقان":حكفى ابفن الجوزي ففي فنون الفنان أنهفا السفرر بالحبشيفة" .اهفف .قال
الراغب ":الريكة حجلة على سرير جمعها(أرائك وتسميتها لذلك إما لكونها في الرض متخذة من أراك وهو
شجرة أو لكونهفا مكانفا للقامفة مفن قولهفم أرك بالمكان أروكفا وأصفل الروك القامفة على رعفي الراك ثفم
تجوز بفه ففي غيره مفن القامات" اهفف .و قال ففي لسفان العرب والريكفة سفرير ففي حجلة والجمفع أريفك
ن}قال المفسففرون:الرائك السففرر فففي الحجال ،وقال متَّكِئُو َيي ك ُ علَى الََرائ ِيي ِ
وأرائك ،وفففي التنزيففل { َ
الزجاج:الرائك الفرش في الحجال ،وقيل :هي السرة وهي في الحقيقة الفرش كانت في الحجال أو في
غيفر الحجال ،وقيفل الريكفة سفرير منجفد مزيفن ففي قبفة أو بيفت فإذا لم يكفن فيفه سفرير فهفو حجلة .وففي
الحديفث "ألهفل عسفى رجفل يبلغفه الحديفث عنفي وهفو متكفئ على أريكتفه فيقول بيننفا وبينكفم كتاب الله" ،
الريكة السرير في الحجلة من دونه ستر ،و ل يسمى منفردا أريكة ".اهف .قال في اللسان":والحجلة مثل
القبفة وحجلة العروس معروففة وهفي بيفت يزيفن بالثياب و السفرة و السفتور" ،فقفد رأيفت أن الرائك كلمفة
عربية خالصة ،وبطل ما ادعاه السيوطي ومن نقل عنه.
6ي أسباط
قال السيوطي في التقان" :حكى أبو الليث في تفسيره أنها بلغتهم كالقبائل بلغة الغرب" .اهف.
وفي هذا الكلم شئ ساقط لن الضمير في لغتهم لم يذكروا ما يعود عليه وهذا الساقط يحتمل أن
يكون يدل على بني إسرائيل وكلم جفري يؤيد هذا الحتمال وهذا نص ترجمته بالعربية..
اضطفر أبفو الليفث أن يعترف أنفه أي السفبط لففظ عفبراني مسفتعار ،قاله السفيوطي ففي التقان .وقفد
أطال جفري البحث في هذا اللفظ وادعى أنه لم يستعمل في كلم العرب قبل استعماله في القرآن وربما
يكون أول من استعمله محمد.
ونحن نقول لجفري وأمثاله من الذين أعمى التعصب بصائرهم وأفقدهم صوابهم:إن الله الذي أنزل
التوراة و النجيل اللذين تؤمن بهما أنت هو الذي أنزل القرآن على عبده ورسوله محمد بن عبد الله خاتم
النفبيين على رغفم أنففك ول ضيفر على القرآن أن يوجفد فيفه لففظ شاع اسفتعماله ففي العبرانيفة لن هاتيفن
اللغتيفن نشأتفا مفن أصفل واحفد وإذا جاز أن يكون ففي القرآن ألفاظ هفي ففي الصفل فارسفية مفع أن لغفة
الفرس بعيدة من لغة العرب فما المانع أن توجد فيه ألفاظ عبرانية أو سريانية؟وإذا اعتبرنا السبط اسما
لقبيلة من قبائل بتي إسرائيل فالتعبير به طبيعي وهو أولى من التعبير عنه بالقبيلة لنه صار شبيها بالعلم
التي يجب ذكرها بلفظها.
قال ففي لسفان العرب ":والسفبط مفن اليهود كالقفبيلة مفن العرب وهفم الذيفن يرجعون إلى أب واحفد،
سمي سبطا ليفرق بين ولد إسماعيل وولد إسحاق وجمعه أسباط .وقوله عز وجل{ :و َ َ
ي م اثْنَت َ ْ
ه ُ قطّ ْ
عن َا ُ َ
ُ َي
يمماً},ليفس أسفباطا بتمييفز للن المميفز إنمفا يكون واحدا لكنفه بدل مفن قوله {اثْنَت َي ْ سبَاطا ً أ َ
شَرةَ أ ْ ع ْ َ
شَرةَ} كأنه قال:جعلناهم أسباطا والسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب".اهف. ع ْ َ
واصله بالعبرانية (شبط)على وزن ابل ومعناه القضيب والعصا والقبيلة.
7ي إستبرق
قال السفيوطي التقان":أخرج ابفن أبفي حاتفم أنفه الديباج بلغفة العجفم".اهفف .وقال البيضاوي ففي قوله
ن}.السندس مارق من الحرير مت َ َ
قابِل ِي َ ق ُ
ستَبَْر ٍ
وإ ِ ْ
س َ
سنْدُ ٍ
ن ُ م ْن ِسو َتعالى في سورة الدخان { :53يَلْب َ ُ
و الستبرق ما غلظ منه معرب استبره" .اهف.
قال جفري وهذا مفن اللفاظ القليلة التفي اعترف المسفلمون أنهفا مأخوذة مفن الفارسفية وعزاه إلى
السفيوطي ففي التقان وففي المزهفر حكاه فيفه عفن الصفمعي وإلى السفجستاني ففي غريفب القرآن وإلى
الجوهري ففي الصفحاح وإلى كتاب الرسفالة للكندي وإلى ابفن الثيفر ففي النها ية قال وبعضهفم يقول انه لففظ
عربي مأخوذ من البرق ".اهف.
8ي السندس
قال في القاموس":ضرب من رقيق الديباج معرب بل خلف".اهف .وقال في لسان العرب السندس
البزيون.
وفي الحديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عمر بجبة سندس".
قال المفسرون في السندس أنه رقيق الديباج ورفيعه وفي تفسير الستبرق أنه غليظ الديباج ولم
يختلفوا فيفه ،الليفث ،السفندس ضرب مفن البزيون يتخفذ مفن المفر عزى ولم يختلف أهفل اللغفة فيهمفا أنهمفا
معربان" .اهف.
9ي أسفار
قال السيوطي في التقان "قال الواسطي في الرشاد هي الكتب بالسريانية وأخرج ابن أبي حاتم
عن الضحاك قال:هي الكتب بالنبطية" .اهف.
قال محمد تقي الدين:يا لله للعجب؟كيف يقال:إن السفار جمع سفر -بكسر فسكون-ليس بعربي و
إنمفا هوسفرياني أونبطفي ،لجرم ل يقول ذلك إلجاهفل باللغات السفامية ،والحفق الذي لشفك فيفه أن السففر
كلمة عربية خالصة وهي في الوقت نفسه عبرانية وسريانية ونبطية فهي من اللفاظ المشتركة بين اللغات
السامية ليست واحدة منها أولى بها من غيرها.