You are on page 1of 13

‫جامعة الملك سعود‬

‫كلية التربية‬
‫برنامج الدكتوراة في المناهج العامة‬

‫الورقة األولى‬
‫حول ‪ :‬ماهية العلم ومفهومه‬
‫جماالت العلم ‪ -‬طبيعة املعرفة العلمية ‪ -‬خصائص املعرفة العلمية‬ ‫‪-‬‬

‫ضمن متطلبات مقرر طبيعة العلم و فلسفته‬


‫نهج ‪644‬‬

‫الطالبة‪ :‬بتول بنت عبدالعزيز السعدون‬


‫إشراف دكتوره ‪ /‬حصه بنت عبدالرحمن الصغير‬
‫ماهية العلم ومفهومه‬
‫جماالت العلم ‪ -‬طبيعة املعرفة العلمية ‪ -‬خصائص املعرفة العلمية‬ ‫‪-‬‬

‫‪Science concept‬‬ ‫مفهوم العلم ‪:‬‬

‫كبريا بني معان عديدة ومصادر خمتلفة‪:‬ا‬ ‫ِ‬


‫مل تعريف العلم (بكسر العني) يف اللّغة العربية اختالفا ً‬ ‫حَي ُ‬
‫لعِلم كم ;;رادف للمعرف ;;ة‪ ،‬أي إدراك الش ;;يء حبقيقت ;;ه‪ ،‬ونقيض ;;ه اجله ;;ل‪ .‬فيق ;;ال فالن على ِع ْل ٍم ب ;;األمر أي يَعرفُ ;;ه‪ .‬ويف‬
‫قول اهلل تعاىل " أ َِعْن َدهُ ِع ْلم الْغَْي ِ‬
‫ب َف ُه َو َيَرى " ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫‪ .1‬طريق;;ة التفك;;ري العلمي;;ة (مش;;اهدة‪ ،‬فرض;;ية‪ ،‬جترب;;ة‪،‬ص;;ياغة) واملنظوم;;ة الفكري;;ة ال;;يت تنتج عنه;;ا و تش;;تمل على‬
‫جمموع;;ة الفرض;;يات و النظري;;ات والق;;وانني و االكتش;;افات املتس;;قة و املتناس;;قة ال;;يت تص;;ف الطبيع;;ة و تس;;عى‬
‫لبلوغ حقيقة األشياء‪.‬‬
‫‪ .2‬كل منظم من املعرفة اليت تتضمن احلقائق واملفاهيم والقوانني والنظريات واملبادئ وهذا التعريف يؤكد‬
‫على اجلانب املعريف للعلم وينظر إىل العلم بكونه مادة ‪.‬‬
‫طريقة للبحث والتفكري وهذا التعريف يؤكد على الطريقة العلمية يف البحث يف تعريف العلم وينظر إىل‬ ‫‪.3‬‬
‫العلم بكونه طريقة ‪.‬‬
‫تنظيم املعرفة واملعلومات اليت مت إجيادها عن طريق البحث والتفكري وفقاً ألسس وقواعد معتمدة وهذا‬ ‫‪.4‬‬
‫( البحث العلمي ) أي ينظر إىل‬ ‫التعريف يؤكد على التكامل بني املادة ( املعرفة العلمية ) والطريقة‬
‫العلم بكونه مادة وطريقة ‪.‬‬
‫كل نوع من املعارف أو التطبيقات‪ .‬و هو جمموع مسائل و أصول كليّة تدور حول موضوع أو‬ ‫‪.5‬‬
‫ظاهرةحمددة و تعاجل مبنهج معني و ينتهي إىل النظريات و القوانني‪.‬‬
‫االعتقاد اجلازم املطابق للواقع و حصول صورة الشيء يف العقل وعندما نقول أن العلم هو مبدأ املعرفة‪،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫اجازما يشمل هذا املصطلح‪ ،‬يف استعماله العام أو‬ ‫ِ‬
‫وعكسه اجلَهـْ ُل أو إدراك الشيء على ما هو عليه إدرا ًك ً‬
‫التارخيي‪ ،‬جماالت متنوعةللمعرفة‪ ،‬ذات مناهج خمتلفة مثل الدين (علوم الدين) و املوسيقى (علم املوسيقى)‬
‫والفلك (علم الفلك) و النحو (علم النحو) ‪;.....‬‬
‫منظومة من املعارف املتناسقة اليت يعتمد يف حتصيلها على منهج علمي دون سواه‪ ،‬أوجمموعة املفاهيم املرتابطة‬ ‫‪.7‬‬
‫اليت نبحث عنها و نتوصل إليها بواسطة هذه الطريقة‪.‬‬
‫عرب التاريخ انفصل مفهوم العِلم تدرجييا عن مفهوم; الفلسفة‪ ،‬اليت تعتمد أساسا على التفكري و التأمل و التدبر‬
‫يف الكون و الوجود عن طريق العقل‪ ،‬ليتميز يف منهجه باختاذ املالحظة و التجربة و القياسات الكمية و‬
‫الرباهني الرياضية وسيلة لدراسةالطبيعة‪ ،‬و صياغة فرضيات و تأسيس قوانني و نظريات لوصفها‪)( .‬‬
‫فاملناقش;;ة احلرة ت;;بني أن;;ه عن;;دما يس;;تمع بعض العلم;;اء إىل بعض‪ ,‬وينتق;;د يعض;;هم بعض;;ا آخ;;ر‪ ,‬ف;;إن احلظ يس;;عدهم أن‬
‫يقرتبوا من احلقيقة أكثر‪ ,‬ذلك أن العلم ينبت يف أرض ثقافية‪ ,‬واملعارف مرتبط بعضها ببعض‪ ,‬كما ي;;رى أب;;و حام;;د‬
‫الغ;;زايل‪ ,‬واألفك;ار ترح;ل وتس;ري‪ ,‬والعق;;ول تتالقح‪ ,‬والنظم النظري;ة مفتوح;ة‪ ,‬وه;;ذا م;;ا يكف;ل هلا ه;;ذا الل;ون من الغ;ىن‬
‫الذي ينشأ عن لقائها وتفاعلها وتقاطعها‪ ,‬وعن انتقاهلا من حدودها إىل حدود معارف أخرى من عل;وم الطبيع;ة إىل‬
‫علوم اإلنسان يف نسيج الثقافة العلمية اإلنسانية‪.‬‬

‫فالعلم البشري ليس علما مطلقا‪ ,‬إن الذي يشتغل بالعلم ـ كما أش;ار بعض العلم;اء إىل ذل;ك ـ ال يش;عر بوج;ود ع;امل‬
‫من النظريات املؤكدات متام التأكي;;د‪ ,‬وال حبق;;ائق مؤسس;ة تأسيس;ا هنائي;ا‪ ,‬وال ي;رى العلم;اء أهنا تتمت;;ع ب;رباهني قاطع;;ة‬
‫مطلق;;ة ح;;ىت تبل;;غ ب;;ذلك مبل;;غ اليقني‪ ,‬فهم يتص;;ورون العلم باعتب;;اره جمموع;;ة من افرتاض;;ات هلا ش;;يء من ال;;دعائم‪,‬‬
‫قلت أو كثرت يف شكل نظريات موضعية ال تتخذ صيغة وحدة كاملة‪.‬‬

‫هلذا نرى رشارد فريدمن احلاصل على ج;ائزة نوب;ل يف الفيزي;اء س;نة ‪ 1966‬يق;ف موقف;ا ص;رحيا من غم;وض مفه;وم‬
‫العلم ومعناه فيقول‪ :‬اشتغلت بالعلم طوال حيايت عارفا متاما م;ا ه;و‪ ,‬ولكن اإلجاب;ة عن الس;;ؤال‪ :‬م;ا ه;;و العلم? ه;و‬
‫األمر الذي أشعر أين عاجز عنه! ‪.‬‬

‫وه ;;ذا م ;;ا جع ;;ل املفه ;;وم النس ;;يب للعلم يس ;;ود الي ;;وم ل ;;دى فالس ;;فة العلم‪ ,‬وعن ;;د العلم ;;اء أنفس ;;هم إىل ح ;;د أن ادعى‬
‫أح;;دهم‪ ,‬وه;;و ب;;ول فرايرابن;;د أن ك;;ل ش;;يء يف العلم ج;;ائز‪ ,‬وص;;نع لنفس;;ه نظري;;ة الفوض;;ى يف نظري;;ة املعرف;;ة ‪ ,‬وأعلن‬
‫إنك;;اره ملا يس;;مى ب;املنهج يف العلم‪ ,‬وكتب كتاب;;ا عنوان;;ه "ض;;د املنهج"‪ ,‬واعتق;;د بأن;;ه ال ميكن الق;;ول ب;;أن العق;;ل يص;;ل‬
‫يف العلم إىل م ;;ا ه ;;و كلي‪ ,‬كم ;;ا ال ميكن أن يس ;;تبعد الالمعق ;;ول من العلم‪ ,‬وه ;;ذا م ;;ا جعل ;;ه معجب ;;ا بالص ;;ني عن ;;دما‬
‫رفضت مجاعة ماوتسي تونغ العلم الغريب املهيمن يف ثورته الثقافية‪.‬‬
‫وأغ ;;رب من ذل ;;ك ف ;;إن ب ;;ول فراي ;;راب ن ;;د دع ;;ا إىل إع ;;ادة االعتب ;;ار للس ;;حر والتنجيم والكهان ;;ة واألس ;;اطري ال ;;يت ع ;;زم‬
‫العقليون على حموها من األرض‪ ,‬ورمبا كان هذا إش;ارة إىل ع;رض من أع;راض أزم;ة العق;ل الغ;ريب‪ ,‬وم;ا ع;زمت علي;ه‬
‫مجاعة ما بعد احلداثة من فك الثوابت‪ ,‬وهدم ما تعارف عليه أهل الغرب من العقالنية وصرامة املنهج والثقنية‪.‬‬
‫وال ينفي هذا أن للعلم عموما وللمعرفة منطق;ا تنظيمي;ا فيم;ا ي;ذهب إلي;ه فيلس;وف العل;وم وم;ؤرخ اللس;انيات س;لفان‬
‫أورو‪ ,‬فالعلم ميلك نظاما ما يتكون من ثالثة عناصر على األقل ضرورية‪:‬‬
‫‪1‬ـعناصر نظرية (مفاهيم‪;.)...‬‬
‫‪2‬ـعناصر اجتماعية (مؤسسات سياسية‪ ,‬علمية‪;.)...,‬‬
‫‪3‬ـعناصر نفعية عملية (تقدم اقتصادي وتقين‪;.)...‬‬
‫ومن وسائل فهم العلم وتارخيه االعتماد على دراسة العالق;ات بني ه;ذه املكون;ات الثالث;ة‪ ,‬ف;العلم ال يلخص يف جمرد‬
‫النظريات واملعطيات والتجارب‪ ,‬ألن األفكار ينتجها بشر ومؤسسات‪ ,‬ويأخذ هبا علماء من البشر‪.‬‬
‫ومن أج;;ل ه;;ذه النس;;بية وه;;ذا القص;;ور يف العلم جلأ العلم;;اء والب;;احثون إىل طريق;;ة جدي;;دة (موض;;ة العص;;ر) وهي م;;ا‬
‫نسميه ما بني التخصصات ‪ ,‬وهي وسيلة تكمل النقص الذي يعاين منه التخص;;ص الواح;;د‪ ,‬وذل;;ك لض;;رورة وج;;ود‬
‫تفك ;;ري كلي ج ;;امع‪ ,‬أو نظ ;;رة ش ;;املة‪ ,‬وه ;;ذا م ;;ا أمثر س ;;ببا من أس ;;باب التجدي ;;د يف العل ;;وم االجتماعي ;;ة‪ ,‬حيث أثبتت‬
‫بعض الدراس ;;ات أن معظم التجدي ;;د النظ ;;ري انبث ;;ق من احلدود واهلوامش ال ;;يت تلتقي فيه ;;ا ه ;;ذه العل ;;وم‪ ,‬مث ;;ل اللق ;;اء‬
‫األخري بني البيولوجيا وعلم األجناس (األنرتوبولوجيا)‪ ,‬ففتح بذلك حق;;ل خص;ب الكتش;افات عن أص;ول الس;كان‪,‬‬
‫فتيسرت معرفة األنساب بواسطة خصائص الدم‪.‬‬
‫ه ;;ذا‪ ,‬وق ;;د أعجب ;;ين هبذا الص ;;دد م ;;ا أش ;;ار إلي ;;ه أب ;;و بك ;;ر بن الع ;;ريب من ض ;;رر التخص ;;ص الض ;;يق‪ ,‬ق ;;ال‪" :‬وال يف ;;رد‬
‫[اإلنسان] نفسه ببعض العلوم‪ ,‬فيكون إنسانا يف الذي يعلم‪ ,‬هبيمة فيما ال يعلم‪ ,‬وال سيما من أق;;ام عم;;ره حس اب;;ا‬
‫أو حنويا فقد هلك‪ ,‬فإنه مبنزلة من أراد صنعة شيء فحشد اآللة عمره‪ ,‬مث مات قبل عمل صنعته ‪.‬‬

‫وينبغي هاهن;;ا أن نش;;ري إىل ظ;;اهرة أزم;;ة األس;;س‪ ,‬وأزم;;ة الثق;;ة بالعق;;ل والعلم عن;;د الغرب;;يني‪ ,‬ح;;ىت ظن بعض;;هم أهنم‬
‫س;يعلنون عن م;;وت العلم‪ ,‬وفعال فإن;;ه أعلن بعض;هم عن أزم;ة العل;;وم األوروبي;ة‪ ,‬ووض;عت; العقالني;ة األوروبي;ة عام;ة‪,‬‬
‫ووجهه;;ا الب;;ارز امليتافيزيق;;ا موض;;ع تس;;اؤل‪ ,‬وأص;;بح الش;;عار‪ :‬ك;;ل حقيق;;ة هي خط;;أ مل يبت في;;ه بع;;د ‪ ,‬معلن;;ا وأن;;ه ال‬
‫يتصور مستقبل للعلم إال يف حدود قطيعة ابستمولوجية‪ ,‬وإعادة تنظيمه تنظيما جذريا ففي ك;ل مرحل;ة من مراح;ل‬
‫الت;اريخ يش;;كل العلم في;;ه بن;;اء مس;تقال‪ ,‬باعتب;;اره منوذج;;ا جدي;;دا منقط;;ع الص;لة مبا قبل;;ه من النم;;اذج فيم;;ا ي;;رى توم;;اس‬
‫كون كما أشرنا إىل ذلك‪.‬‬
‫وبع;;د م;;ا انقطعت ص;;لة العلم ب;;األخالق يف الغ;;رب ن;;رى ل;;دى بعض الفالس;;فة الي;;وم مب;;دأ االل;;تزام اخللقي‪ ,‬كم;;ا جند‬
‫ذلك عند الفيلسوف "روريت" حيث بني أنه مع مجاع;;ة من الربامجاتيني اجلدد ال ميلك;;ون نظري;ة يف احلقيق;ة‪ ,‬ألهنم من‬
‫أنص ;;ار التض ;;امن‪ ,‬ويق ;;وم تفس ;;ريهم لقيم ;;ة العلم والبحث اإلنس ;;اين على قاع;;دة أخالقي ;;ة‪ ,‬ال على نظري ;;ة املعرف;;ة‪ ,‬وال‬
‫على امليتافيزيق ;;ا‪ ,‬وه ;;ذا العنص ;;ر األخالقي ه ;;و ال ;;ذي فق ;;ده العلم الغ ;;ريب الي ;;وم‪ ,‬ول ;;ذلك نش ;;أت أزم ;;ة العق ;;ل وأس ;;س‬
‫املعرف;;ة‪ ,‬فك;;اد الن;;اس يف الغ;;رب ييأس;;ون من العق;;ل‪ ,‬والعلم‪ ,‬والتق;;دم‪ ,‬لفق;;دان عنص;;ر آخ;;ر ي;;دعم ه;;ذا العلم اإلنس;;اين‬
‫ويغذي;;ه‪ ,‬ويربط;;ه بوج;;ود آخ;;ر غ;;ري الوج;;ود املش;;اهد احملس;;وس‪ ,‬وه;;و األم;;ر ال;;ذي يض;;منه اإلس;;الم يف احرتام;;ه لعق;;ل‬
‫اإلنسان وكرامته‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ هل العقل من شأنه الوصول إىل العلم?‬
‫وص;;ف بعض أئم;;ة املس;;لمني العق;;ل بأن;;ه أم العل;;وم ‪ ,‬وعرف;;ه احملاس;;يب (ت‪243‬هـ ) بأن;;ه غري;;زة‪ ,‬وش;;بهه بالبص;;ر‪ ;,‬كم;;ا‬
‫ش;;به العلم بالس;;راج‪ ,‬فه;;و عن;;ده‪ :‬غري;;زة يول;;د العب;;د هبا‪ ,‬مث يزي;;د في;;ه مع;;ىن بع;;د مع;;ىن‪ ,‬باملعرف;;ة باألس;;باب الدال;;ة على‬
‫املعقول ‪.‬‬
‫ومن وظائف ;;ه الفهم والبي ;;ان‪ ,‬ويس ;;مى ذل ;;ك عقال أيض ;;ا‪ ,‬ألن ;;ه من العق ;;ل ك ;;ان‪ ,‬وأدخ ;;ل املع ;;ىن األخالقي يف وظيف ;;ة‬
‫العق ;;ل‪ ,‬فه ;;و ال ;;ذي ال مييز بني احلق والباط ;;ل فحس ;;ب‪ ,‬ولكن ;;ه مييز بني اخلري والش ;;ر‪ ,‬والعاق ;;ل ه ;;و ال ;;ذي يل ;;تزم اخلري‬
‫ويبتعد عن الشر‪.‬‬
‫وأش;;ار أب;;و حام;;د الغ;;زايل إىل مع;;ىن اتف;;ق في;;ه م;;ع رأي احملاس;;يب‪ ,‬فالعق;;ل عن;;ده أيض;;ا‪ :‬غري;;زة يتهي;;أ هبا إدراك العل;;وم‬
‫النظري ;;ة (‪ )...‬فنس ;;بة ه ;;ذه الغري ;;زة إىل العل ;;وم املكتس ;;بة كنس ;;بة العني إىل الرؤي ;;ة‪ ,‬ونس ;;بة الق ;;رآن والش ;;رع إىل ه ;;ذه‬
‫الغريزة يف سياقها إىل انكشاف العلوم هلا كنسبة الشمس إىل البصر ‪.‬‬
‫وسوى األشعري; بني العقل والعلم‪ ,‬وال فرق عند العرب بني عقلت وعلمت وعرفت عن;د أيب بك;ر بن الع;ريب‪ ,‬أم;ا‬
‫ال;;راغب األص;;فهاين (ت‪503‬هـ ) فع;;ر ف;;ه تعريف;;ا لطيف;;ا وق;;ال إمنا‪ :‬مسي العق;;ل عقال من حيث إن;;ه م;;انع لص;;احبه أن‬
‫تقع أفعاله على غري نظام‪ ,‬ومسي علما من حيث إنه عالمة على الشيء ‪.‬‬
‫وي;;ذهب بعض علم;;اء املس;;لمني إىل أن العق;;ل ليس ج;;وهرا كم;;ا يعتق;;د فالس;;فة اليون;;ان‪ ,‬وإمنا ه;;و فع;;ل وفاعلي;;ة‪ ,‬وإن‬
‫أنك;;ر الص;;رييف ه;;ذا‪ ,‬وبني أن‪ :‬العق;;ل مع;;ىن ركب;;ه اهلل يف اإلنس;;ان‪ ,‬ال أن;;ه فع;;ل كم;;ا زعم بعض الن;;اس ‪ .‬وأك;;د بعض‬
‫املعاصرين لنا أن العقل يف مفهومه القرآين فعالية‪ ,‬وليس جوهرا‪ ,‬وصيغ العقل يف الق;رآن فيم;ا نعتق;د ت;دل على ه;ذا‪,‬‬
‫ألهنا يف أغلبها صيغ فعلية‪ ,‬ويف صيغة املضارع الدالة على التجدد واالستمرار‪.‬‬
‫جع;;ل أب;;و حام;;د الغ;;زايل للعق;;ل مكان;;ة متم;;يزة على غ;;ري م;;ا يعتق;;د بعض الب;;احثني‪ ,‬فه;;و عن;;ده‪ :‬منب;;ع العلم‪ ,‬ومطلع;;ه‪,‬‬
‫وأساس ;;ه‪ ,‬والعلم جيري من ;;ه جمرى الثم ;;رة من الش ;;جرة‪ ,‬والن ;;ور من الش ;;مس‪ ,‬والرؤي ;;ة من العني ‪ ,‬إال أن طائف ;;ة من‬
‫احملدثني فيم; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;ا ي; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;ذكر أب; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;و إس; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;حاق اإلس; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;فراييين أنك; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;رت أن يك; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;ون العق; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;ل طريق; ; ; ; ; ; ;;ا للعلم‪.‬‬
‫أما العالق;ة بني العق;ل والعلم ال;ديين فق;د ص;ورها أب;و حام;د الغ;زايل على ه;ذا النح;و‪ :‬وليس خيفى أن العل;وم الديني;ة‪,‬‬
‫وهي فقه اآلخرة‪ ,‬إمنا تدرك بكمال العقل‪ ,‬وصفاء الذكاء‪ ,‬والعق;ل أش;رف ص;;فات اإلنس;ان ‪ .‬ورأى اإلم;ام املازري‬
‫أن صحة الشرع إمنا تعرف بالعقل‪ ,‬ورد على طائفة من احملدثني تنكر العلم العقلي‪ ,‬فقال‪ :‬وأما من قص;;ر العلم على‬
‫الشرع فظاهر البطالن‪ ,‬ألن صحة الشرع إمنا تعرف بالعقل ‪.‬‬
‫ومن األلفاظ القرآنية العربية اليت هلا عالقة بالعقل والعلم لفظ الفك;;ر‪ ,‬داللته;;ا اللغوي;ة إعم;;ال العق;;ل يف ح;ل مش;كلة‪,‬‬
‫ويرى بعض األدباء أهنا مقلوب كلمة "فرك"‪ ,‬إال أن الفرك يستعمل يف فحص احملسوسات‪ ,‬والفكر يف املعاين‪.‬‬
‫ويرى الغزايل أن معىن الفكر‪ :‬إحضار معرفتني يف القلب ليستثمر منهما معرفة ثالثة‪ .‬والتفك;;ري والتأم;;ل والت;;دبر عن;;ده‬
‫كلم;;ات مرتادف;;ة‪ ,‬أم;;ا الت;;ذكر والنظ;;ر واالعتب;;ار فهي خمتلف;;ة‪ ,‬ومثرة الفك;;ر إمنا هي تكث;;ري العلم واس;;تجالب مع;;ارف‬
‫جديدة‪ ,‬ويتمادى الفكر يف نظر الغزايل إىل غري هناية‪ ,‬فالعلوم ال هناية هلا‪ ,‬وجماري الفكر غري حمصورة‪ ,‬ومثراته غ;;ري‬
‫متناهي;;ة ‪ ,‬وه;;و يف اآلن نفس;;ه ش;;بكة العل;;وم ومص;;يدة املع;;ارف والفه;;وم ‪ ,‬وجيري الفك;;ر فيم;;ا يتعل;;ق بال;;دين وفيم;;ا‬
‫يتعلق بغري الدين‪.‬‬
‫وأم;;ا النظ;;ر فه;;و طلب الص;;واب‪ ,‬ويقتص;;ر اجلدل على جمرد نص;;رة ل;;ه‪ ,‬وللح;;ق إن ك;;ان م;;ا جيادل عن;;ه حق;;ا يف واق;;ع‬
‫األمر‪.‬‬
‫بيد أن ثقة الصوفية يف العقل وعلومه غري وثيقة‪ ,‬وإن متتع بعضهم بتحليالت عقلية بديعة‪ ,‬وأحسب أن العق;;ل ال;;ذي‬
‫ينف;;رون من;;ه ه;;و العق;;ل اجلديل واملماحك;;ات ال;;يت ال ت;;ؤدي إىل اليقني‪ ,‬أم;;ا العق;;ل مبعن;;اه احلقيقي فال ميكن إلنس;;ان أن‬
‫يف ;;رط في ;;ه‪ ,‬إال إذا فق ;;د إنس ;;انيته‪ ,‬وال ت ن ايف يف نظرن ;;ا بني ال ;;ذوق العقالين وال ;;ذوق الوج ;;داين تن ;;ايف تن ;;اقض أو‬
‫تضاد‪.‬‬
‫ويالحظ الراغب األصفهاين ما للعلم يف اإلسالم من صلة وثيق;;ة بالعم;;ل‪ ,‬فيش;;ري إىل تل;;ك العالق;ة اللغوي;ة بني "علم "‬
‫و"عم ;;ل "‪ ,‬ف ;;العلم مقل ;;وب العم ;;ل‪ ,‬وه ;;ذا ي ;;ومئ إىل ه ;;ذه العالق ;;ة املتين ;;ة يف العقلي ;;ة العربي ;;ة ذات الوجه ;;ة العملي ;;ة يف‬
‫احلياة‪ ,‬ولذلك فسر املفس;رون احلكم;ة يف العربي;ة بأهنا إحك;ام للعلم‪ ,‬وإحك;ام للعم;ل مع;ا‪ ,‬فهي حتقي;ق العلم‪ ,‬وإتق;ان‬
‫العمل‪.‬‬
‫والحظ الراغب مالحظته يبدو أنه انفرد هبا يف تفسري قوله تعاىل‪":‬ويعلمهم الكتاب واحلكمة ‪ ,‬وهي أنه‪ " :‬قد أف;;رد‬
‫ذك;;ر احلكم;;ة يف عام;;ة الق;;رآن عن الكت;;اب‪ ,‬فجع;;ل الكت;;اب رمسا ل م;;ا ال ي;;درك إال من جه;;ة النب;;وات‪ ,‬واحلكم;;ة ملا‬
‫ي;;درك من جه;;ة العق;;ل‪ ,‬وجعال م;;نز لني (‪ )...‬ومجع بينهم;;ا يف ال;;ذكر حلاج;;ة ك;;ل واح;;د منهم;;ا إىل اآلخ;;ر ‪ .‬وفس;;ر‬
‫امليزان باحلكمة يف قوله تعاىل‪" :‬اهلل الذي أنزل الكتاب باحلق وامليزان " ‪.‬‬
‫ف;;العلم‪ ,‬واحلكم;;ة‪ ,‬والعق;;ل‪ ,‬والعم;;ل مع;;ان متش;;ابكة ي;;ؤدي بعض;;ها إىل بعض‪ ,‬وق;;د أش;;ار أب;;و بك;;ر بن الع;;ريب إىل ه;;ذا‬
‫التداخل بني هذه املعاين يف صورة واضحة رائعة يف مبناها ومعناها‪ ,‬فقال‪ :‬وليس للحكمة مع;;ىن إال العلم‪ ,‬وال للعلم‬
‫مع ;;ىن إال العق ;;ل‪ ,‬إال أن يف احلكم ;;ة إش ;;ارة إىل مثرة العلم وفائدت ;;ه‪ ,‬ولف ;;ظ العلم جمرد من دالل ;;ة على غ ;;ري ذات ;;ه‪ ,‬ومثرة‬
‫العلم العم;;ل مبوجب;;ه‪ ,‬والتص;;رف حبكم;;ه‪ ,‬واجلري على مقتض;;اه يف مجي;;ع األق;;وال واألفع;;ال‪ ,‬وبن;;اء "عق;;ل" يقتض;;ي أن‬
‫جتري األفعال واألقوال على قانون فال يسرتسل يف املمكنات‪ ,‬وكذلك بناء "حكم" مثله يف اقتضاء ذلك ‪.‬‬
‫وهذا التفسري للعقل بالقانون الضابط لألقوال واألفعال يف غاية األمهية‪ ,‬وكذلك اقتضاء احلكمة هلذا القانون‪.‬‬
‫وفسر الغزايل احلكمة بأهنا يف بعض مواضعها من الق;;رآن الفهم يف كت;اب اهلل ‪ ,‬ومن زعم أن;;ه اس;توىف مع;;اين الق;;رآن‪,‬‬
‫فإمنا يعرب عن نفسه‪ ,‬وعن حده يف الفهم‪ ,‬فالقرآن أعطى لإلنسان ثقة يف عقله إذا وفق يف استعماله‪ ,‬ومل يستهن به‪,‬‬
‫ومل يس ;;تبعده مما جع ;;ل ل ;;ه‪ ,‬ومل يقل ;;ل من ش ;;أنه‪ ,‬ب ;;ل دع ;;ا إىل الربه ;;ان ال ;;ذي يقيم ;;ه العق ;;ل وجعل ;;ه حج ;;ة داخلي ;;ة يف‬
‫اإلنسان باإلضافة إىل احلجة اخلارجية وهي الوحي‪.‬‬
‫وحنن نق;;رأ الي;;وم يف فلس;;فة العل;;وم الغربي;;ة م;;ا جيع;;ل الق;;رن العش;;رين يوس;;م بأن;;ه ق;;رن أزم;;ة العق;;ل يف نظ;;ر بعض كت;;اب‬
‫الغ;;رب وفالس;;فته‪ ,‬وذل;;ك بع;;د أن ظه;;رت نظرية‪ Kurt Godel‬يف ع;;دم التكام;;ل بني الرياض;;يات ال;;يت ك;;ان يظن‬
‫فيها أهنا معيار اليقني والدقة‪ ,‬مما أدى إىل هدم فكرة بناء لغة منطقية مغلقة كاملة‪.‬‬
‫وأك ;;د ه ;;ذا ك ;;ارل ب ;;وبر حني انتهى إىل أن النظري ;;ة العلمي ;;ة ليس ;;ت هي ال ;;يت تع ;;رب عن حقيق ;;ة حمددة حتدي ;;دا هنائي ;;ا‪,‬‬
‫ولكنها على العكس هي اليت ميكن أن توضع موضع النقد والنقض على ضوء مبدأ النقض‪.‬‬
‫فنقاد العلم اليوم يريدون أن يهدموا م;;ا ك;ان حيلم ب;ه العلم;;اء من إمك;ان الوص;ول إىل لغ;ة علمي;ة عاملي;ة موح;دة‪ ,‬فق;د‬
‫حارب فريابان;د ب;ول يف كتاب;ه "وداع;ا للعق;ل" حمارب;ة ال ه;وادة فيه;ا فك;رتني رئيس;تني‪ ,‬ومها العق;ل واملوض;وعية اللت;ان‬
‫ي ;;زعم العلم أن ;;ه يت ;;وفر عليهم ;;ا‪ ,‬ويقيس العلم على الفن‪ ,‬ف ;;العلم عن ;;ده ليس أدق وال أنف ;;ذ من األس ;;طورة! وه ;;ذا مل‬
‫يذهب إليه حىت غالة املتصوفة عندنا‪ .‬فهل من منقذ للعقل والعلم بعد هذا‪.‬‬
‫خصائص العلم ‪:‬‬

‫حقائق العلم قابلة للتعديل أو التغيري ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬


‫العلم يصحح نفسه بنفسه ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫العلم تراكمي البناء ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫العلم يتصف بالشمولية والتعميم ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫العلم نشاط أنساين عاملي ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫العلم ميتاز بالدقة والتجريد ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫العلم له أدواته اخلاصة به ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫العلم يؤثر باجملتمع ويؤثر به ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫أهداف العلم ‪:‬‬

‫الوصف والتفسري‬ ‫‪-1‬‬


‫التنبوء‬ ‫‪-2‬‬
‫الضبط والتحكم‬ ‫‪-3‬‬
‫مهارات التفكري العلمي ‪:‬‬

‫وتسمى أيضاً ( عمليات العلم ) وهي جمموعة من العمليات العقلية الالزمة لتطبيق املعرفة العلمية وهي ‪.‬‬

‫املالحظة ‪ :‬انتباه مقصود; ومنظم للظواهر من اجل اكتشاف أسباهبا وقوانينها ‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫القياس ‪ :‬عملية استخدام األدوات لتقدير األشياء املختلفة ‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫التصنيف ‪ :‬تصنيف املعلومات والبيانات إىل فئات أو جمموعات اعتماداً على خواص مشرتكة ‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫التفسري ‪ :‬تفسري البيانات والنتائج يف ضوء املعلومات املتوافرة ‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫االستنتاج ‪ :‬الوصول إىل أفكار معينة اعتمادا على ما متوفر من بيانات ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫االستنباط ‪ :‬االنتقال من العام إىل اخلاص ومن اجلزء إىل األجزاء ‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫االستقراء ‪ :‬االنتقال من اخلاص إىل العام ومن اجلزء إىل الكل ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫االتصال ‪ :‬نقل األفكار واملعلومات ونتائج البحوث إىل اآلخرين ‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫التنبوء ‪ :‬استخدام معلومات سابقة لتوقع حدوث نتائج أو ظواهر مستقبلية ‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫وضع الفروض ‪ :‬وضع حل مبدئي ملشكلة ما ويشرتط فيه أن يكون قابل لالختبار ‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫التجريب‪ :‬يتضمن القدرة على القيام باألنشطة العلمية باستخدام األجهزة واألدوات‪.‬‬ ‫‪-11‬‬

‫يتطابق ظه;ور العِلم م;ع نش;أة اإلنس;انية‪ ،‬و ق;د ش;هد خالل تارخيه سلس;لة من الث;ورات و التط;ورات خالاللعدي;د من‬
‫احلقبات‪ ،‬لعل أبرزها تلك اليت تلت احلرب العاملية الثانية‪ ،‬مما جعل العلمينقسم لع;;دة ف;روع أو عُلُ;;وم‪ .‬تص;نف العل;;وم‬
‫حسب العديد من املعايري‪ ،‬فهي تتميزبأهدافها و مناهجها و املواضيع اليت تدرسها‪:‬‬
‫‪‬حسب األهداف‪:‬‬
‫منيز العلوماألساسية (مثل الفيزياء) و العلوم التطبيقية (مثل الطب)‬
‫‪‬حسب املناهج‪:‬‬
‫منيزالعلوم التجريبية (أي تلك اليت تعتمد على الظواهر القابلة للمالحظ;ة و ال;يت ميكناختب;ار ص;حة نظرياهتا عن طري;ق‬
‫التجرب ;;ة) و العل; ;;وم التجريدي; ;;ة أو الص; ;;حيحة (املعتم; ;;دة علىمف; ;;اهيم و كمي; ;;ات جمردة‪ ،‬واالس; ;;تدالل فيه ;;ا رياض ;;ي‪-‬‬
‫منطقي)‪.‬‬
‫‪‬حسب املواضيع‪:‬‬
‫منيزالعلوم الطبيعية (الشاملة كالفيزياء و الكيمياء أو املتخصصة كعلم األحياء أو‪‬علم األرض‪.‬‬
‫) العلوم اإلنسانية أو البشرية وهي اليت تدرس اإلنسان و جمتمعاته‪( ‬علوم إجتماعية) و اإلقتصاد و النفس‪;...‬‬
‫العلوم اإلدراكية مثل العلوم العصبية‪‬و اللسانيات و املعلوماتية‪ ...‬العلوم اهلندسية)‬

‫يتضمن العلم مكونات ثالثة رئيسة وهي‪:‬‬


‫العمليات‬
‫يتضمن الطرق واألساليب والوسائل اليت يتبعها العلماء فيالتوصل إىل نتائج العلم‪.‬‬
‫األخالقيات‬
‫يتض;;من جمموع;;ة املع;;ايري والض;;وابط ال;;تيتحكم املنش;;ط العلمي‪ ،‬وك;;ذلك جمموع;;ة اخلص;;ائص ال;;يت جيب أن يتص;;ف هبا‬
‫العلماء‪ .‬و تسمىبنية العلم‪.‬‬
‫النتائج‬
‫يتضمن احلقائق واملفاهيم والقوانني والنظريات اليت مت التوصل إليها يف هناية العلم‪.‬‬
‫إن االتجاه الفلسفي أو العقلي في تعريف العلم أوتفسيره يعتمد أساسا على مبادئ أربعة‪:‬‬
‫الصرامة يف املنهج‪ ،‬حبيث جيب على كألنواع البحث أن حترتم املع;;ايري العلمي;ة‪ ،‬ول;;و يف ح;دودها ال;;دنيا من الص;;رامة‪،‬‬
‫مثاللتماس;;ك املنطقي ال;داخلي بني األفك;ار‪ ،‬والتط;ابق بني النظري;ة والظ;;واهر ال;يت حتكمه;;ا‪،‬باس;تثناء ب;;ول فراين;د ال;ذي‬
‫يرى أن كل شيء مسموح به‪ ،‬فيما يتعلق باملنهج‪.‬‬
‫املوض ;;وعية والتعميم‪ ،‬فاخلط ;;اب تف ;;رتض في ;;ه املوض ;;وعية‪ ،‬فاملعادل ;;ة‪ E = MC2 :‬مثال ص ;;حيحةيف مك ;;ة وطوكي ;;و‬
‫وواشنطن‪ ،‬عند املسلم والنصراين والبوذي‪.‬‬
‫ت ;;راكم املعرف ;;ة وتق ;;دمها‪ ،‬حبيث تض ;;اف معرف ;;ة جدي ;;دة إىل مع ;;ارف قبله ;;ا باس ;;تمرار‪ ،‬فيك ;;ون ت ;;اريخ العل ;;وم فيتط ;;ور‬
‫مستمر‪.‬‬
‫التحق;;ق وال;;دحض‪ ،‬فك;;ل علم ج;;دير ب;;ه أن ي;;راقب خطاب;;ه بنق;;ده ومناقش;;تهومواجهته بالوق;;ائع بالربهن;;ة على نتائج;;ه‪،‬‬
‫ووضع قاعدة هلا موثوق هبا مؤقتا على األقل‪،‬وإن كانت هذه النتائج ذات صبغة احتمالية‪ ،‬ومع ذل;ك فاخلط;أ يكمن‬
‫يف قلب املنهج ; ;;العلمي‪ ،‬ويف لب ال ; ;;روح العلمي ; ;;ة من الص ; ;;عب تفادي ; ;;ه دائم ; ;;ا‪ ،‬وهلذا ف ; ;;إن وظيف ; ;;ة املنهج; ;;العلمي هي‬
‫الكشف عن األخطاء اليت تعاين منها احلقائق العلمية‪ ،‬فالروح العلمية إن هيإال مقاوم;;ة متواص;لة للض;;الل‪ ،‬وال يتق;دم‬
‫العلم إال بالنقد واملعارضة‪ ،‬إذ إنه ال يقومعلى أرض مضمونة دائما‪.‬‬

‫طبيعة العلم‪:‬‬
‫ليست العلوم جمرد جمموعة من احلقائق املرتاكمة؛ بالرغم من أمهية معرفة حقائق علمية كثرية مثل زمن دوران‬
‫األرض حول نفسهاودوراهنا حول الشمس وأن املاء يغلي عند مائة درجة مئوية ويتجمد عند درجةالصفر‪...‬اخل‪.‬‬
‫إن طبيعة العلم ليس تعلم العلوم بل يشمل على أكثر من ذلك بكثري من معرفة ما يلي‪:‬‬
‫• العلم نشاط إنساين عاملي‪.‬‬
‫• العلم مادة وطريقة‪.‬‬
‫• للمفاهيم العلمية دور يف منو املعرفة العلمية وتطورها‪.‬‬
‫• القانون العلمي ثابتنسبيا‪.‬‬
‫• مالحظة األشياء وما حيدث هلا أو بينها‪.‬‬
‫• تصنيف وترتيب األشياءواملعلومات‪.‬‬
‫• توقع ما سوف حيدث ووضع االفرتاضات‪.‬‬
‫• التأكد من صحة التوقعاتواالفرتاضات بالتجريب العملي حتت ظروف ثابتة‪.‬‬
‫• اخلروج باالستنتاجات‪ .‬وتثبيتاحلقائق‪.‬‬
‫• ال ميكن للعامل أن يبدأ من الصفر عند دراسة ظاهرة ما‪.‬‬
‫• يطلق علىاحلقيقة العلمية هواء العلم‪.‬‬
‫• النظرية العلمية خاضعة للتعديل والتغيري‪.‬‬
‫• توضع النظريات العلمية يف قمة هرم املعرفة‪.‬‬
‫• تتكون املفاهيم من خالل التجريدوالتعميم‪.‬‬
‫• تكون املفاهيم متمركزة حول الذات مث تتسع اخلربات لتضم املفاهيموالعالقات بني األشياء األخرى‪.‬‬
‫• اللغة تدعم املفاهيم ألهنا جتعل الكلمات رموزاللمعاين‪.‬‬
‫• املعرفة العلمية خربة حسية إدراكية‪.‬‬
‫• املعرفة العلمية احلسيةيقابلها املعرفة العلمية اجملردة (غري احلسية)‬
‫• املعرفة يف املقاربة اإلدراكيةيقابلها اإلمكانية أو القدرة يف املقاربة احلالية ‪.‬‬
‫• مفهوم املشكلة أو املسألةيقابله مفهوم; األنشطة‪.‬‬
‫• مفهوم التعريف يقابله مفهوم; احلدود ‪.‬‬
‫• مفهوم حالملسألة يقابله مفهوم ختطي تعارضات ظاهرية‪.‬‬
‫• مفهوم االستقراء يقابله مفهوماالستنباط‪.‬‬
‫• إن العلم يف مفهومه احلايل يتمثٌل باملعارف العالية الدقة‪،‬واملتوضعة يف الكتب والوثائق وغريها‪.‬‬

‫ف;;العلم ه;;و كمي;;ة هائل;;ة من املع;;ارف املرتابط;;ة يف سالس;;ل وأنس;;اق‪ ،‬ومنتظم;;ة يف بني;;ة واح;;دة تقريب;اً‪ .‬وه;;ذه املع;;ارف‬
‫عالي ; ; ; ; ;;ة الدق ; ; ; ; ; ; ;;ة وتنطبقبدرج ; ; ; ; ; ; ;;ة عالي ; ; ; ; ; ; ;;ة على الواق ; ; ; ; ; ; ;;ع ال ; ; ; ; ; ; ;;ذي نعيش ; ; ; ; ; ; ;;ه‪ .‬وهي خاض ; ; ; ; ; ; ;;عة لالختب ; ; ; ; ; ;;ار دوم ; ; ; ; ;اٌ‪.‬‬
‫• الذي مييز املعارف العلمية عن باقي املعارف‪ ،‬مثل املعارف العادية‪ ،‬كاألمثال واملعارف الشعبية والعقائدي;ة والفني;;ة‬
‫والفلسفية وغريها هو‪:‬‬
‫أوالً‪ :‬درجة دقة تنبؤاهتا العالية وانطباقها على الواقع بشكل كبري‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ترتابط هذه املعارف مع بعضها يف سالسل وأنساق‪ ،‬فهي مرتابطة بشكل كبري يف بنية واحدة متماسكة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬اعتمادها من قبألغلبيةً كب;رية‪ ،‬ومنتش;رة يف كاف;ة البل;دان‪ .‬أي عموميته;ا وتوحي;دها الكب;ري‪ .‬وه;ذا جيع;ل ت;داوهلا‬
‫بني الش;;عوب املختلف;;ة س;;هالً‪ ،‬إذا مل تص;;طدم م;;ع املع;;ارف العقائدي;;ة – املق;;دس ‪ -‬املعتم;;دة‪ .‬وه;;ذا بعكس املع;;ارف‬
‫الشعبية والعقائدية وباقي املعارف‪ ،‬اليت يصعب تداوهلابني اجلماعات اليت تتبىن ك;ل واح;دة منه;ا مع;ارف خاص;ة هبا‪.‬‬
‫واملعارف غري العلمية هائلةجداً وهي يف ك;ل اجملاالت‪ ،‬ولق;;د تن;وعت وتع;;ددت مص;ادرها وأص;;وهلا‪ ،‬وه;ذا م;ا جعله;;ا‬
‫غريمنسقة ومتناقضة مع بعضها يف أغلب األحيان‪.‬‬
‫رابع; ;اً‪ :‬املع ;;ارف العلمي ;;ة ال حتم ;;ل قيم ;;ة إال مق ;;دار دق ;;ة انطباقه ;;ا على الواق ;;ع‪ ،‬فه ;;ذا ال ;;ذي يعطيه ;;ا قيمته ;;ا‪ ،‬مث ;;ال‪:‬‬
‫كالملع;;ادن تتم;;دد ب;;احلرارة ‪ ،‬فليس املهم أن يك;;ون هن;;اك فائ;;دة أو ض;;رراً هلذا التم;;دد‪ ،‬املهم ه;;و أهنا تتم;;دد باحتم;;ال‬
‫شبه مطلق‪ .‬فالقيمة للمعارف العلمية تأيت من دقة تنبؤها العالية بانطباقها على الواقع‪.‬‬
‫خامس ;اً‪ :‬ه;;ذه املع;;ارف متسلس;;لة يف درج;;ةدقتها‪ ،‬فاملع;;ارف الرياض;;ية اهلندس;;ة واحلس;;اب واجلرب والتفاض;;ل‪ ..‬ت;;أيت يف‬
‫القمة ودقتهاتامة أي مطلقة‪ ،‬تليه;ا املع;ارف الفيزيائي;ة ودرج;ة دقته;ا تتج;اوز ‪ 10‬ق;وة ‪ 12‬تليه;ا املع;ارف الكيميائي;ة‪،‬‬
‫مث املعارف البيولوجية‪ ،‬مث املعارف االجتماعية‪ ...‬واملعارفالعلمية تنمو وتتوسع وتزداد دقة باستمرار‪.‬‬

‫من أين تأيت دقة املعارف العلمية‪:‬‬


‫• إن كاف;;ة معارفن;;ا يتم بناؤه;;ا باالعتم;;ادعلى التعميم أواالس;;تقراء (أواالس;;تنتاجوالتنبؤ) إنطالق;اً من ع;;دد من احلاالت‬
‫اليت مت رصدها أو مشاهدهتا واعتمدت كأساسلالستقراء يتم االعتماد عليه يف بناء استنتاجات هي مبثابة تعميم;;ات‪،‬‬
‫وامليزةاألساسية للمعارف العلمية هي أهنا تعتمد استقراء واسع جداً يف بناء التعميم‪ ،‬وه;;ذاالتعميم يك;;ون على ش;;كل‬
‫ق;;وانني أو نظري;;ات‪ ،‬فاالس;;تقراءات ال;;يت يعتم;;دها العلم تش;;ملماليني أو ملي;;ارات من احلاالت ال;;يت يتم رص;;دها وبن;;اء‬
‫االستقراء باالعتماد عليها‪.‬‬
‫وه;;ذا ال حيدث يف ب;;اقي املع;;ارف‪ ،‬ف;;أغلب املع;;ارف غ;;ري العلمي;;ة تعتم;;د بض;;عة ح;;االت فيتعميماهتا‪ ،‬وبعض;;ها يطل;;ق‬
‫التعميم باالعتم; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;اد على حادث; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;ة واح; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;دة أحيان; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ;اً‪ ،‬من قص; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;ة مروي; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ; ;;ةويبىن التعميم عليه; ; ; ; ; ; ; ; ;;ا‪.‬‬
‫وغالبي ;;ة املع ;;ارف العلمي ;;ة أو غ ;;ري العلمي ;;ة‪ ،‬مبا فيه ;;االقوانني والنظري ;;ات العلمي ;;ة‪ ،‬نأخ ;;ذها من اآلخ ;;رين وال نق ;;وم حنن‬
‫ببنائها بعد التجريبواالختبار فهذا مستحيل‪.‬‬

‫م ;;ا مييز املع ;;ارف العلمي ;;ة ه ;;و قابليته ;;ا للتك ;;ذيب‪ ،‬فنحن نس ;;تطيع أن خنت ;;رب أي ق;;انون (أو نظري;;ة) علمي;;ة‪ ،‬وإذا كذب ;;ه‬
‫اختب;;ار واح;;د‪ ،‬عن;;دها س;;وف نس;;عى لتغي;;ريه أو تعديل;;ه‪ ،‬وك;;ذلك إذا تن;;اقض ق;;انون يف جمال معني م;;ع ق;;انون آخ;;ر‪،‬‬
‫عن;;دها نس;;عى ألزال;;ة ه;;ذا التن;;اقض‪ ،‬إم;;ا بإلغ;;اء أح;;دهم أو كالهم‪ ،‬أو تع;;ديل أح;;دهم أوكالهم‪ .‬فيجب أنال تتن;;اقض‬
‫القوانني والنظريات العلمية مع بعضها‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬
‫باتريك هيلي‪ ،‬صور املعرفة ‪ :‬مقدمة لفلسفة العلم املعاصرة ‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪.2008 ،‬‬
‫ميىن اخلويل‪ ،‬فلسفة العلم يف القرن العشرين ‪ :‬عامل املعرفة‪ ،‬الكويت‪ 2000 ،‬م ‪.‬‬
‫رودرك تشيزهومل‪ ،‬احلصادي جنيب‪ ،‬نظرية املعرفة ‪ ،‬الدار الدولية ‪1994 ،‬‬
‫اآلن شاملرز ‪ ،‬نظريات العلم ‪ ،‬دار توبقال ‪1991 ،‬‬

You might also like